الكتاب: كشف اللثام (ط.ج)
المؤلف: الفاضل الهندي
الجزء: ٥
الوفاة: ١١٣٧
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٦
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

كشف اللثام
عن قواعد الأحكام
تأليف
الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني
المعروف ب‍ (الفاضل الهندي)
1062 - 1137 ه‍
الجزء الخامس
تحقيق
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

كشف اللثام عن قواعد الأحكام
(ج 5)
تأليف: محمد بن الحسن الأصفهاني المعروف ب‍ (الفاضل الهندي)
تحقيق: مؤسسة النشر الاسلامي
الموضوع: فقه
عدد الأجزاء: 15 جزء
الطبعة: الأولى
المطبوع: 1000 نسخة
التاريخ: 1416 ه‍
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

بسم الله الرحمن الرحيم
(كتاب الحج)
ويتبعه العمرة، كما يرشد إليه إيرادها في التوابع،
أو يدخل (1) فيه، لما ورد أنها الحج الأصغر،
وأدخل فيه الزيارة حثا عليها، وتنبيها على أنه
بدونها غير كامل، للأخبار بأن تمام الحج لقاء
الإمام (2)، وأنه قضاء التفث (3).
(وفيه مقاصد) ثلاثة:
.

(1) في خ " دخل ".
(2) رسائل الشيعة: ج 2 ص 253 ب 2 من أبواب المزار وما يناسبه.
(3) في خ " الشريف "
3

(الأول)
(في المقدمات)
أي المقاصد التي ينبغي تقديمها
على غيرها من المقاصد
(وفيه مطالب) ستة:
5

(الأول)
(في حقيقته)
ويندرج فيها انقسامه إلى واجب وندب، لاختلاف الحقيقة شرعا بالاختلاف
وجوبا وندبا، ويذكر فيه شروط كل من واجبه وندبه.
(الحج) بفتح الحاء، وتكسر.
أو (لغة: القصد) أو الكثير منه.
(وشرعا القصد إلى بيت الله تعالى بمكة، مع أداء مناسك مخصوصة
عنده) أي قريبا (1) منه إلى أربعة فراسخ، وهو بعد عرفات منه، وهو أولى مما في
المنتهى من جعل الوقوفين من الشروط (2)، وهذا التفسير أولى من تفسيره بنفس
المناسك.
وزاد الشيخ تعلق المناسك بزمان مخصوص (3) و (4) إدخاله في الشروط، كما
فعله المصنف أولى، مع إمكان اندراجه في مخصوصة.
(وهو من أعظم أركان الاسلام) ففي التنزيل: " ولله على الناس حج
البنت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين) (5) وفي كثير من

(1) في خ " قربها ".
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 642 س 8.
(3) المبسوط. ج 1 ص 296.
(4) في خ " أو ".
(5) آل عمران. 97.
7

الأخبار: بني الاسلام على خمسة أشياء: على الصلاة، والزكاة، والحج،
والصوم، والولاية (1).
وفي صحيح ذريح، عن الصادق (ع): من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم
يمنعه عن ذلك حاجة تجحف به ولا مرض لا يطيق فيه الحج ولا سلطان يمنعه،
فليمت إن شاء يهوديا أو نصرانيا (2). إلى غير ذلك.
(وهو) بالذات نوعان. (واجب، وندب) وإن جاز أن يعرض له
الكراهية أو الحرمة، لأسباب خارجة.
(فالواجب إما) واجب (بأصل الشرع، وهو حجة الاسلام، أي التي
هي أحد أركان الاسلام الخمسة وقضية من قضاياه. وإنما يجب (مرة واحدة في
العمر) للأصل، والأخبار كقوله (ص) للأقرع بن حابس إذ سأله في كل سنة أم
مرة واحدة؟: بل مرة واحدة، ومن زاد فهو تطوع (3).
وقول الصادق (ع) في خبر هشام (4) بن سالم المروي في المحاسن (5)
والخصال (6): وكلفهم حجة واحدة، وهم يطيقون أكثر من ذلك. وقول الرضا (ع)
في علل الفضل: إنما أمروا بحجة واحدة لا أكثر من ذلك، لأن الله وضع الفرائض
على أدنى القوة (7). ونحوه في علل ابن سنان (8).
وفي التهذيب: لا خلاف فيه بين المسلمين (9). وفي المنتهى: إن عليه إجماع
المسلمين، قال. وقد حكي عن بعض الناس أنه يقول: يجب في كل سنة مرة،
وهذه حكاية لا تثبت، وهي مخالفة للاجماع والسنة (10).
(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 7 ب 1 من أبواب مقدمة العبادات ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 19 ب 7 من أبواب الحج وشرائطه ح 1.
(3) سنن أبي داود: ج 2 ص 139 ح 1721.
(4) في خ " هاشم ".
(5) المحاسن: ج 1 ص 296 ح 465.
(6) الخصال: ج 2 ص 531 ح 9.
(7) علل الشرائع: ج 1 ص 273 ح 9.
(8) علل الشرائع. ج 2 ص 405 ح 5.
(9) تهذيب الأحكام. ج 5 ص 16 ذيل الحديث 45.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 643 س 17.
8

قلت: وأوجبه الصدوق في العلل على المستطيع كل عام، لقول الصادق (ع)
في مرفوع الميثمي: إن في كتاب الله عز وجل فيما أنزل: " ولله على الناس حج
البيت - في كل عام - من استطاع إليه سبيلا " (1).
وفي خبر أبي جرير القمي: الحج فرض على أهل الجدة في كل عام (2).
ونحوه قوله (ع) في خبر حذيفة بن منصور (3)، وقول أبي الحسن (ع) في صحيح
أخيه علي بن جعفر (ع): إن الله عز وجل فرض الحج على أهل الجدة في كل
عام (4).
ويحتمل تأكد الاستحباب والفرض الكفائي، أي: لا يجوز لأهل الاستطاعة
أن يتركوا الحج عاما، بل للحاكم أن يجبرهم عليه إن أرادوا الاخلال.
وحمله الشيخ (5) والمصنف في التذكرة على أنه فرض عليهم في كل عام
بدلا (6)، بمعنى: أنهم إذا أدوه كان فرضا في أي عام أدوه وإن لم يفرض إلا مرة.
ويجب (على الفور) اتفاقا كما في الناصريات (7) والخلاف (8) وشرح
الجمل للقاضي (9) والتذكرة (10) والمنتهى (11). ويدل عليه أيضا ما نص من الأخبار
على نهي المستطيع عن الحج نيابة (12)، وسأل الشحام الصادق (ع) التاجر
يسوف الحج؟ قال: ليس [له عذر (13)] (14). وقال (ع) في صحيح الحلبي. إذا قدر

(1) علل الشرائع: ج 2 ص 405 ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 11 ب 2 من أبواب وجوب الحج ح 4 و 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 11 ب 2 من أبواب وجوب الحج ح 4 و 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 10 ب 2 من أبواب وجوب الحج و... ح 1.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 16 ذيل الحديث 48.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 296 س 27.
(7) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 244 س 13.
(8) الخلاف: ج 2 ص 257 المسألة 22.
(9) شرح جمل العلم والعمل: ص 205.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 296 س 33.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 642 السطر الأخير.
(12) وسائل الشيعة: ج 8 ص 121 ب 5 من أبواب النيابة في الحج.
(13) في خ " عليه رد " وفي ط " عليه عذر ".
(14) وسائل الشيعة: ج 8 ص 18 ب 6 من أبواب وجوب الحج ح 6.
9

الرجل على ما يحج به ثم دفع ذلك وليس له شغل يعذره (1) به، فقد ترك شريعة من
شرائع الاسلام (2).
وفي الشرائع: والتأخير مع الشرائط كبيرة موبقة (3).
(وإما) واجب (بسبب كالنذر وشبهه) من العهد واليمين، وكالشروع
في الندب ودخول مكة.
(أو بالافساد) للندب أو الواجب، كان الفاسد هو الواجب أم لا.
(أو بالاستئجار، ولو للندب، وهما من الأسباب، كما قد يرشد إليه تأخير
قوله:
(ويتكرر، أي وجوبه (بتكرار (4) السبب) أي تعدده من جنس واحد،
أو أجناس مختلفة، فكأنه أراد بالسبب ما يتسبب به لوجوبه ابتداء من غير منشأ
له، فيمكن كون قوله: " كالنذر " صفة لسبب.
(والمندوب ما عداه، إن لم يعرض محرم أو مكروه (كفاقد
الشروط) الآتية للوجوب، وواجدها (6) (المتبرع به، بعد أداء الواجب.
(وإنما يجب بشروط، وهي خمسة في حجة الاسلام: التكليف)
المتضمن للبلوغ، والعقل، والقدرة على الأفعال (والحرية، والاستطاعة)
بمعنى تملك الزاد والراحلة على الوجه الآتي فعلا أو قوة (و) وجدان ما يكفي
في (مؤنة عياله) فعلا أو قوة، وسيدخله في الاستطاعة ولا ضير.
(وإمكان المسير، بالمعنى الآتي، وهو أيضا من الاستطاعة، وإنما
أفردهما تنصيصا وإشارة إلى النصوص عليهما بخصوصهما، وسيأتي الكلام في
الاشتراط بالرجوع إلى الكفاية وبالمحرم في حق المرأة، وهذه كما أنها شروط

(1) في خ " يقدر ".
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 17 ب 6 من أبواب وجوب الحج ح 3.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 223.
(4) في ط " بتكرر ".
(5) في خ " مكره ".
(6) في خ " وواجدهما ".
10

الوجوب شروط الاجزاء، إلا الصحة، وسعة الوقت، وتخلية السرب على وجه.
(وشرائط النذر وشبهه) أي انعقاده أو لزومه (أربعة: التكليف،
والحرية، إلا مع إذن المولى (وإذن الزوج) لا الأب في وجه إلا في اليمين.
والإذن يشمل الإجازة، ولو زالت الولاية قبل المحل (1) والإجازة فاللزوم أو
عدمه مبني على الانعقاد أو عدمه، وعلى كل لا قصور في العبارة.
(والإسلام) (2) عند النذر وشبهه لعدم انعقاده من الكافر، ويأتي في الايمان
اختيار صحتها منه، ويعلم جميع ذلك في كتاب الايمان وتوابعها.
(وشرائط) صحة (النيابة ثلاثة: الاسلام) أي إسلام (3) النائب
والمنوب عنه، أو الأول خاصة. والاقتصار عليه لإرادته ذكر ما فيه من الشروط
(والتكليف) خلافا لمن اكتفى با لتميز، وسيأتي.
(وأن لا يكون عليه حج واجب بالأصالة، أو بالنذر المضيق، أو
الافساد، أو الاستئجار المضيق) أو المطلق إن انصرف إلى الفور، وكذا النذر،
وإلا لزم التكليف بما لا يطاق. وسأل سعيد الأعرج الصادق (ع) عن الصرورة
أيحج عن الميت؟ قال: نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به، فإن كان له مال فليس
له ذلك حتى يحج من ماله (4). ونحوه صحيح سعد بن أبي خلف (5) عن الكاظم (ع).
(و) لكن (لو عجز - من استقر عليه وجوب الحج - عنه ولو مشيا
صحت نيابته) كما في الشرائع (6)، لانتفاء التكليف به الآن وإن لم يسقط عنه
لاستحالة التكليف بما لا يطاق، وقد يتوصل بذلك إلى إبراء ذمته في القابل،
وليتخير (7) أضيق الأوقات حتى لا يتوقع تجدد التمكن قبل النيابة. ولو تجدد بعد
الاستنابة قبل الفعل أتى بما استنيب فيه، ثم أتى بفرضه.
.

(1) في خ " الحل ".
(2) في القواعد " والإسلام وإذن الزوج ".
(3) في خ " الاسلام ".
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 121 ب 5 من أبواب النيابة في الحج ح 3 و 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 121 ب 5 من أبواب النيابة في الحج ح 3 و 1.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 232.
(7) في ط " وليختر "
11

وفي التذكرة بعد موافقة الكتاب: لو كان الحج قد استقر في ذمته، بأن فرط فيه
لم يجز أن يحج عن غيره، سواء عجز فيما بعد أو لم يعجز، تمكن من المضي أو لم
يتمكن (1). وظاهره الرجوع، ويمكن بعيدا أن يريد " لم يجز أن يحج عن غيره "،
مع التمكن وإن كان زال عنه التمكن قبل ذلك بعد الاستقرار.
(وشروط المندوب) اثنان:
الأول: (أن لا يكون عليه حج واجب) في عامه ذلك، للتنافي، ويأتي
على قول من صرف في رمضان (2) كل صوم إلى صومه، صرف الحج هنا (3) إلى
الواجب وإن نوى الندب، وهو فتوى المبسوط (4)، ولا يخالف كلام المصنف هذا،
وهو ظاهر، واستشكل في المختلف (5)، وهو في مكانه.
ويحتمل اشتراطه بخلو الذمة عن الواجب مطلقا، كمن نذر الحج ناصا على
التوسعة، أو استنيب كذلك حملا على التنفل بالصلاة مع اشتغال الذمة بالفريضة
الموسعة، أما ناذر الحج في القابل والنائب كذلك فليس الآن ممن عليه الحج.
وفي الخلاف مع النص على فورية حجة الاسلام، وأنه مجمع عليه أنه:
يجوز التطوع بالحج وعليه فرض نفسه (6)، لقوله (ع): الأعمال بالنيات ولكل
امرئ ما نوى. قال: وهذا نوى التطوع، فيجب أن يقع عما نوى عنه (7). واعترضه
ابن إدريس (8) والفاضلان بمنافاته الفورية (9).
قلت: غايته (10) الإثم بالتأخير، وأما الفساد فإنما يتم على اقتضاء الأمر
بالمبادرة النهي عن ضدها، واقتضاء هذا النهي الفساد، وقد يمنعهما أو أحدهما،
.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 310 س 9.
(2) في ط " زمان ".
(3) في ط " هذا ".
(4) المبسوط: ج 1 ص 302.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 333.
(6) في خ " بنفسه ".
(7) الخلاف: ج 2 ص 256 المسألة 19.
(8) السرائر: ج 1 ص 519.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 232، وتذكرة الفقهاء: ج 1 ص 296 س 33.
(10) في خ " غاية "
12

والصرف إلى الواجب - كما في المبسوط (1) - بعيد.
(و) الثاني: (إذن الولي (2) على من له عليه ولاية، كالزوج والمولى
والأب (3)، أما الأولان فلملكهما الاستمتاع والاستخدام. وينفي الأول الاحرام،
وينفيهما (4) الطواف وصلاته والسعي والمفارقة وإن لم يصاحبا الزوجة
والمملوك، وينقصهما (5) السفر إن صاحباهما، ولأن المملوك لا يقدر على شئ،
وقد يراد منه خدمة ينافيها السفر.
وعلى الزوجة الكون فيما يسكنها الزوج فيه، ولخبر إسحاق: سأل
الكاظم (ع) عن المرأة الموسرة قد حجت حجة الاسلام فتقول لزوجها: أحجني
مرة أخرى، له أن يمنعها من ذلك؟ قال: نعم، ويقول لها: حقي عليك أعظم من
حقك علي في هذا (6). وقوله أو قول الرضا (ع) في خبر آدم بن علي: ليس على
المملوك حج ولا جهاد ولا يسافر إلا بإذن مالكه (7). ولعل عليهما الاجماع كما في
التذكرة (8).
ولكن توقف سفرها على إذن الزوج يحتمل أن يكون لعلقة الزوجية الموجبة
للسلطنة، وأن يكون لحق الاسكان الذي تعينه إلى الزوج، وأن يكون لحق
الاستمتاع.
فعلى الأولين له منعها من مصاحبته في السفر، واحتمل على الثالث أيضا،
لتطرق النقص، إليه في السفر، وعليه دون الثاني له منع المتمتع بها، وعلى
الاحتمال قيل: لو سافر للحج ففي منع المتمتع بها ضعف، لبقاء التمكن، وتحقق

(1) لم نعثر عليه.
(2) في ط " الوالي ".
(3) في خ " أو الأب ".
(4) في خ " أو ينفيهما ".
(5) في خ " وينقصها ".
(6) رسائل الشيعة: ج 8 ص 110 ب 59 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 32 ب 15 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 4.
(8) تذكرة الفشاء: ج 1 ص 306 س 13.
13

بذل (1) العوض.
قيل: فهل له منعها حينئذ من الاحرام ندبا؟ ينظر فإن كان غير محرم فالظاهر
أن له منعها تحصيلا لغرضه، وإن كان محرما فالظاهر لا، لتحقق المنع من طرفه.
ويستحب (2) في المريض المدنف على ضعف لامكان إفاقته، مع تخيل (3) مثل
ذلك في المحرم لامكان صده أو حصره فيتحلل، فينبغي أن يحرما معا، أو تحرم
بعده، وأما الاحلال فيجوز تقدمها قطعا، والظاهر جواز المقارنة.
وهل لها تأخيره بتأخير المحلل أو المعد للتحلل؟ وجهان: من فوات حق
الزوج، ومن ارتفاع حقه بإحرامها الصحيح.
وأما الأب فإن نهى عن الحج ندبا، ففعله عصيان له وعقوق، كما ورد في
الصوم، وقد يكون هذا هو المراد.
وإن كان الولد صبيا فإن لم يكن مميزا أحرم به الولي، وإن كان مميزا فلا بد
من إذنه في الحج لاستلزامه زيادة مؤونة. كذا في التذكرة (4) والمنتهى (5)
والمعتبر (6)، وهو ممنوع.
وأما البالغ فاشتراط حجه المندوب بالإذن غير معلوم، ونص الصدوق في
العلل (7) والشيخ في الخلاف على العدم، ولكن في الخلاف: إن الأفضل عندنا
استئذان الأبوين (8).
وقال النبي (ص) فيما رواه الصدوق في العلل عن هشام بن الحكم: إن من بر
الولد أن لا يصوم تطوعا، ولا يحج تطوعا، ولا يصلي تطوعا إلا بإذن أبويه
وأمرهما، وإلا كان الولد عاقا قاطعا للرحم (9) ولكنه ضعيف.

(1) في خ " بدل ".
(2) في خ " وينسحب ".
(3) في خ " تحيل ".
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 297 س 32.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 648 السطر الأخير.
(6) المعتبر: ج 2 ص 747.
(7) علل الشرائع: ج 2 ص 385 ذيل الحديث 4.
(8) الخلاف: ج 2 ص 432 المسألة 327.
(9) علل الشرائع: ج 2 ص 385 ح 4.
14

(المطلب الثاني)
(في أنواع الحج)
(وهي ثلاثة): بالنصوص (1) والاجماع (تمتع، وقران، وإفراد)،.
(أما التمتع: فهو فرض) من استطاع من (من نأى عن مكة) لا يجزئه
غيره اختيارا للأخبار، وهي كثيرة، والاجماع كما في الإنتصار (2) والخلاف (3)
والغنية (4) والتذكرة (5) والمنتهى (6) وظاهر المعتبر (7)، وحكى القاضي في شرح
الجمل (8) خلافه عن نفر من الأصحاب.
وحد النائي، البعد عنها (باثني عشر ميلا من كل جانب) كما في
المبسوط (9) والاقتصاد (10) والتبيان (11) ومجمع البيان (12) وفقه القرآن (13) وروض

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 148 ب 1 من أبواب أقسام الحج.
(2) الإنتصار: ص 93.
(3) الخلاف: ج 2 ص 272 المسألة 43.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص (51 س 27.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 317 س 38.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 659 السطر الأخير.
(7) المعتبر: ج 2 ص 783.
(8) شرح جمل العلم والعمل. ص 211.
(9) المبسوط. ج (ص 306.
(10) الإقتصاد: ص 298.
(11) التبيان: ج 2 ص 158.
(12) مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 291.
(13) فقه القرآن: ج 1 ص 266.
15

الجنان (1) والجمل والعقود (2) والغنية (3) والكافي (4) والوسيلة (51) والسرائر (6)
والشرائع (7) والجامع (8) والإصباح (9) والإشارة (10)، لنص الآية، على أنه فرض من
لم يكن حاضر المسجد الحرام، ومقابل الحاضر هو المسافر.
وحد السفر أربعة فراسخ، وحده علي بن إبراهيم في التفسير (11)
والصدوقان (12) والشيخ في النهاية (13) والمحقق في النافع (14) وشرحه (15)
والمصنف في المختلف (16) والتذكرة (17) والمنتهى (18) والتحرير (19) بثمانية وأربعين
ميلا، لقول أبي جعفر (ع) لزرارة في الصحيح: كل من كان أهله دون ثمانية
وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكة فهو ممن دخل في هذه
الآية، وكل من كان أهله وراء ذلك فعليهم المتعة (20). وفي خبر آخر: ثمانية
وأربعون ميلا من جميع نواحي مكة من دون عسفان ودون ذات عرق (21). وقول
الصادق (ع) في خبر عبيد الله الحلبي، وسليمان بن خالد، وأبي بصير: ليس

(1) روض الجنان (تفسير أبو الفتوح): ج 2 ص 102.
(2) الجمل والعقود: ص 129.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 511 س 27.
(4) الكافي في الفقه: ص 191.
(5) الوسيلة: ص 157.
(6) السرائر: ج 1 ص 519.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 237.
(8) الجامع للشرائع. ص 177.
(9) إصباح الشيعة (ضمن سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 457.
(10) إشارة السبق: ص 124.
(11) تفسير القمي: ج 1 ص 69.
(12) المقنع. ص 67، ونقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 25.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 461.
(14) المختصر النافع: ص 78.
(15) المعتبر: ج 2 ص 784.
(16) مختلف الشيعة: ج 4 ص 25.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 317 س 41.
(18) منتهى المطلب: ج 2 ص 661 س 7.
(19) تحرير الأحكام: ج 1 ص 93 س 27.
(20) وسائل الشيعة: ج 8 ص 187 ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 3.
(21) المصدر السابق ح 7.
16

لأهل مكة، ولا لأهل مر، ولا لأهل سرف متعة (1)، ونحوه في خبر سعيد
الأعرج (2).
قال المحقق: إن هذه المواضع أكثر من اثني عشر ميلا (3).
وفي خبر الحلبي: ما دون المواقيت إلى مكة فهو من حاضري المسجد
الحرام، وليس لهم متعة (4). ونحوه صحيح حماد بن عثمان (5).
وحاول ابن إدريس رفع الخلاف بتقسيط (6) الثمانية والأربعين على
الجوانب، فقال: وحده من كان بينه وبين المسجد الحرام ثمانية وأربعون ميلا من
أربع جوانب البيت، من كل جانب اثني عشر ميلا (7). وكأنه نزل على الإشارة إليه
قول الشيخ في المبسوط. وهو كل من كان بينه وبين المسجد الحرام من أربع
جوانبه اثني عشر ميلا فما دونه (8).
وفي الجمل: من كان بينه وبين المسجد الحرام اثنا عشر ميلا من جوانب
البيت (9). وفي الإقتصاد: من كان بينه وبين المسجد الحرام من كل جانب اثنا
عشر ميلا (10).
وقول الحلبي فأما الاقران والافراد ففرض أهل مكة وحاضريها، ومن كانت
داره اثنا عشر ميلا من أي جهاتها كان (11). وينص عليه قول الشيخ في التبيان (12):
ففرض المتمتع (13) عندنا هو اللازم لكل من لم يكن من حاضري المسجد الحرام،

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 186 ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(2) المصدر السابق ح 6.
(3) المعتبر: ج 2 ص 785.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 187 ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(5) المصدر السابق: ح 5.
(6) في خ " بتقسطه ".
(7) السرائر: ج 1 ص 519.
(8) المبسوط: ج 1 ص 306.
(9) الجمل والعقود: ص 129.
(10) الإقتصاد: ص 298.
(11) الكافي في الفقه: ص 191.
(12) في خ " البيان ".
(13) في خ " التمتع ".
17

وهو من كان على اثني عشر ميلا من كل جانب إلى مكة ثمانية وأربعين ميلا (1).
ووافقه في رفع الخلاف بالتنزيل المذكور ابن الربيب، وجعل من الصريح فيه
قول الصدوق في الفقيه: وحد حاضري المسجد الحرام أهل مكة وحواليها على
ثمانية وأربعبن ميلا (2)، ونحوه كلامه في الهداية (3) والأمالي (4) والمقنع (5).
ولا أعرف له وجها، ولا أرى لتنزيل الأخبار على هذا المعنى جهة، لأن
عسفان على مرحلتين من مكة، وكذا ذات عرق وبطن مرو. وقول الواقدي بين
مكة وخمسة أميال (6) سهو.
وقال الصادق (ع) في حسن حريز: من كان منزله على ثمانية عشر ميلا من
بين يديها، وثمانية عشر ميلا من خلفها، وثمانية عشر ميلا عن يمينها، وثمانية
عشر ميلا عن يسارها فلا متعة له، مثل مرو وأشباهه (7). وهو أيضا ينافي
التنزيل، ونفي المتعة عن هذا المقدار لا ينافي انتفاؤها عن أزيد منه.
(و) التمتع (صورته أن يحرم من الميقات) إلا في صور يأتي استثناؤها
(بالعمرة المتمتع (8) بها) أي المنوي بها عمرة التمتع، أي عمرة يتمتع بها إلى
الحج، أي يتوصل إليه من قولهم: حبل ماتع أي طويل. ومتع النهار أي طال وارتفع
لا مفردة، أو اسم التمتع للانتفاع بفعلها في أشهر الحج، لما يقال. لم يكن يفعل
العمرة في الجاهلية في أشهر الحج أو للانتفاع والاستمتاع بما (9) يحرم على
المحرم بعد الاحلال منها قبل الاحرام بالحج، ولكن المأخوذ في النية إنما هو
المعنى الأول أو عمرة هذا النوع من الحج مجملا (في وقته) أي التمتع، وهو

(1) تفسير التبيان: ج 2 ص 158.
(2) كشف الرموز: ج 1 ص 337.
(3) الهداية: ص 54.
(4) أمالي الصدوق: ص 518.
(5) المقنع: ص 67.
(6) حكاه عنه النووي في تهذيب الأسماء ج 2 القسم الثاني من ص 150.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 188 ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 10.
(8) في خ " التمتع ".
(9) في ط " بها ".
18

شهر الحج.
ويتضمن الاحرام لبس ثوبيه والتلبية، وأما قطعها فليس من الأفعال (ثم
يطوف لها) بالبيت، (ثم يصلي ركعتيه ثم يسعى) لها بين الصفا والمروة (ثم
يقصر).
وأركان العمرة من هذه الاحرام والطواف والسعي بمعنى البطلان بترك أحدها
عمدا لا سهوا، وفي التلبية خلاف، والخلاف في ركنية النية أو شرطيتها معروف.
(ثم يحرم من مكة) إلا عند النسيان، وتعذر الرجوع (للحج) وتدخل
فيه التلبية ولبس الثوبين، (ثم يمضي إلى عرفة فيقف بها إلى الغروب يوم
عرفة) إلا اضطرارا.
(ثم يفيض) منها (إلى المشعر، فيبيت به. وفي التذكرة: إنا لا نوجب
المبيت (1)، فإما أن يكون أدرجه في الإفاضة إليه، أو تركه لاستحبابه له.
(فيقف به بعد الفجر) إلا اضطرارا، (ثم يمضي إلى منى فيرمي جمرة
العقبة يوم النحر) إلا إذا اضطر (2) إلى التقديم، (ثم يذبح) أو ينحر (هديه)
إلا إذا فقده.
(ثم يحلق) أو يقصر أو يمر الموسى على رأسه إن لم يكن عليه شعر.
(ثم يمضي فيه أو في غده) لعذر أو مطلقا على الخلاف الآتي لا بعده (إلى
مكة) ويأتي الاجزاء إن مضى بعده وإن أثم مع التأخير اختيارا.
(فيطوف للحج ويصلي ركعتيه ويسعى للحج ويطوف للنساء ويصلي
ركعتيه) ويأتي تأخير الذبح أو الحلق عن الطواف والسعي ضرورة أو نسيانا
وتقديم الطواف والسعي على الوقوفين ضرورة.
(ثم يمضي إلى منى فيبيت بها ليالي التشريق، وهي ليلة الحادي عشر
والثاني عشر والثالث عشر، إلا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة، أو يجبر كل ليلة

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 375 س 1.
(2) في ط " اضطرارا ".
19

بشاة، وسميت هذه الأيام أيام التشريق لتشريقهم فيها اللحوم أي تقديدهم.
(ويرمي في هذه الأيام الجمار الثلاث) إلا إذا اضطر إلى رميها ليلا
(ولمن اتق النساء والصيد أن ينفر في الثاني عشر فيسقط) عنه (رمي
الثالث) والمبيت ليلته.
وأركان الحج من هذه: الاحرام والوقوفان وطواف الحج وسعيه. ويختص
الوقوفان منها بالبطلان بفواتهما سهوا.
ثم ظاهر العبارة أن حج التمتع عبارة عن مجموع هذه الأفعال التي بعضها
عمرة وبعضها حج، وليس بعيدا، لأن المجموع قد يسمى حجا كما يخص أيضا ما
عدا العمرة باسم الحج، مع أن العمرة أيضا حج لغة، وفي الأخبار أنه الحج الأصغر (1).
ويجوز أن يكون إنما أراد أن حج التمتع هو ما بعد أفعال العمرة بشرط
تأخيره عنها، ولا تأبى عنه العبارة.
(وأما القران والافراد فهما فرض أهل مكة وحاضريها، وهو من كان
بينه وبين مكة دون اثني عشر ميلا من كل جانب) أو ثمانية وأربعين، وهو
تنصيص على أن فرض من على رأس اثني عشر ميلا هو التمتع كما في
الإقتصاد (2) والسرائر (3) والشرائع (4) وظاهر التبيان (5) وهو الوجه. خلافا
للمبسوط (6) والغنية (7) والإصباح (8) وفقه القرآن (9) ومجمع البيان (10) وفي بعض
شروح الشرائع: إن فرضه التمتع قولا واحدا (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 237 ب 1 من أبواب العمرة ح 10 - 2 1.
(2) الإقتصاد: ص 298.
(3) السرائر: ج 1 ص 520.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 239.
(5) التبيان: ج 2 ص 159.
(6) المبسوط: ج 1 ص 306.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 511 س 7 2
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 457.
(9) فقه القرآن. ج 1 ص 265.
(10) مجمع البيان: ج 1 - 2 ص 291.
(11) مسالك الأفهام: ج 1 ص 100 س 14.
20

(وصورتهما واحدة، وإنما يفترقان بسياق الهدي وعدمه) وفاقا
للمشهور، لنحو قول الصادق (ع) في خبر منصور الصيقل: الحاج عندنا على ثلاثة
أوجه: حاج متمتع، وحاج مفرد (1) للحج، وسائق للهدي (2).
والسائق: هو القارن. وفي خبر معاوية: لا يكون قران إلا بسياق الهدي
وعليه طواف بالبيت، وركعتان عند مقام إبراهيم، وسعي بين الصفا والمروة،
وطواف بعد الحج وهو طواف النساء [- إلى قوله: - وأما المفرد للحج فعليه طواف
بالبيت وركعتان عند مقام إبراهيم وسعي بين الصفا والمروة وطواف الزيارة وهو
طواف النساء] (3) وليس عليه هدي ولا أضحية (4).
وفي صحيح الحلبي: إنما نسك الذي يقرن بين الصفا والمروة مثل نسك
المفرد، وليس بأفضل منه إلا بسياق الهدي (5). ويحتمل المماثلة في الفضل.
وخلافا للحسن، فزعم أن القارن يعتمر أولا، ولا يحل من العمرة حتى يفرغ
من الحج (6)، ونزل عليه أخبار حج النبي (ص) فإنه قدم مكة فطاف وصلى ركعتيه
وسعى. وكذا الصحابة ولم يحل، وأمرهم بالاحلال وقال: لو استقبلت من أمري ما
استدبرت لفعلت كما أمرتكم ولكني سقت الهدي، وليس لسائق الهدي أن يحل
حتى يبلغ الهدي محله، وشبك أصابعه بعضها إلى بعض، وقال: دخلت العمرة في
الحج إلى يوم القيامة (7).
والمعظم نزلوها (8) على أنه (ص) إنما طاف طواف الحج وسعى سعيه مقدما

(1) في خ " منفرد ".
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 149 ب 1 من أبواب أقسام الحج ح 2. وفيه: " وحاج مفرد
سائق للهدي، وحاج مفرد للحج ".
(3) ما بين المعقوفين ساقط من " ط ".
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 149 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 1 و 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 154 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 6.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 24.
(7) علل الشرائع. ج 2 ص 414 ح 3.
(8) في خ " نزولها ".
21

على الوقوفين، وأمر الأصحاب بالعدول إلى العمرة، وقال: دخلت العمرة في
الحج، أي حج التمتع وفقهه، أن الناس لم يكونوا يعتمرون في أيام الحج،
والأخبار الناطقة بأنه (ص) أحرم بالحج وحده كثيرة.
ومما يصرح بجميع ذلك ما رواه الصدوق في العلل بإسناده عن فضيل بن
عياض أنه سأل الصادق (ع) عن اختلاف الناس في الحج، فبعضهم يقول: خرج
رسول الله (ص) مهلا بالحج. وقال بعضهم: مهلا بالعمرة، وقال بعضهم: خرج قارنا،
وقال بعضهم: خرج ينتظر أمر الله عز وجل، فقال أبو عبد الله (ع): علم الله عز وجل
أنها حجة لا يحج رسول الله (ص) بعدها أبدا، فجمع الله عز وجل له ذلك كله في
سفرة واحدة ليكون جميع ذلك سنة لأمته، فلما طاف بالبيت وبالصفا والمروة أمره
جبرئيل أن يجعلها عمرة إلا من كان معه هدي، فهو محبوس على هديه لا يحل،
لقوله عز وجل: " حتى يبلغ الهدي محله " فجمعت له العمرة والحج.
وكان خرج على خروج العرب الأول، لأن العرب كانت لا تعرف إلا الحج
وهو في ذلك ينتظر أمر الله عز وجل وهو (ع) يقول: الناس على أمر جاهليتهم
إلا ما غيره الاسلام، وكانوا لا يرون العمرة في أشهر الحج، وهذا الكلام من رسول
الله (ص) إنما كان في الوقت الذي أمرهم بفسخ الحج، فقال: دخلت العمرة في
الحج إلى يوم القيامة، وشبك بين أصابعه - يعني في أشهر الحج - قال فضيل: قلت:
أفنتعبد (1) بشئ من الجاهلية؟ فقال: إن أهل الجاهلية ضيعوا كل شئ من دين
إبراهيم (ع) إلا الختان والتزويج والحج، فإنهم تمسكوا بها ولم يضيعوها (2).
وفي الصحيح عن الحلبي عنه (ع): إنه (ص) أهل بالحج وساق مائة بدنة
وأحرم الناس كلهم بالحج لا يريدون العمرة، ولا يدرون ما المتعة حتى إذا قدم
رسول الله (ص) مكة طاف بالبيت وطاف الناس معه، ثم صلى ركعتين عند مقام
إبراهيم (ع) واستلم الحجر، ثم أتى زمزم فشرب منها وقال: لولا أن أشق على

(1) في ط " أفيعتد ".
(2) علل الشرائع: ج 2 ص 414 ح 3.
22

أمتي لاستقيت منها ذنوبا أو ذنوبين، ثم قال: ابدأوا بما بداء الله عز وجل به، فأتى
الصفا ثم بداء به، ثم طاف بين الصفا والمروة سبعا، فلما قضى طوافه عند المروة قام
فخطب أصحابه وأمرهم أن يحلوا ويجعلوها عمرة، وهو شئ أمر الله عز وجل به
فأحل الناس، وقال رسول الله (ص): لو كنت استقبلت من أمري ما استدبرت
لفعلت كما أمرتكم... الخبر (1).
وروى الكليني نحوه في الحسن والصحيح عن الحلبي (2).
وعن أبي علي: إن القارن يجمع بين النسكين بنية واحدة، فإن ساق الهدي
طاف وسعي قبل الخروج إلى عرفات، ولا يتحلل، وإن لم يسق جدد الاحرام بعد
الطواف، ولا يحل له النساء وإن قصر (3). وكأنه نزل عليه نحو قول الصادق (ع)
في صحيح الحلبي: أيما رجل قرن بين الحج والعمرة، فلا يصلح إلا أن يسوق
الهدي، قد أشعره وقلده (4).
والاشعار: أن يطعن في سنامها بحديدة حتى يدميها، وإن لم يسق الهدي
فليجعلها متعة.
ونزله الشيخ على قوله: " إن لم يكن حجة فعمرة " قال. ويكون الفرق بينه
وبين المتمتع أن المتمتع يقول هذا القول وينوي [العمرة قبل الحج، ثم يحل بعد
ذلك ويحرم بالحج، فيكون متمتعا، والسائق يقول هذا القول وينوي] (5) الحج، فإن
لم يتم له الحج فيجعله عمرة مبتولة (6). وبعده ظاهر.
والأظهر في معناه أن القران لا يكون إلا بالسياق، أو أنه (ع) نهى عن الجمع
بين الحج والعمرة وقال: إنه لا يصلح. وأن قوله: " إلا أن يسوق " [استثناء من

(1) علل الشرائع: ج 2 ص 412 ح 1.
(2) الكافي: ج 4 ص 248 ح 6.
(3) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 329 درس 86.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 183 ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 42 ذيل الحديث 124.
23

مقدر، كأنه قال: ليس القران إلا أن يسوق] (1) فإن لم يسق فليجعلها متعة فإنها
أفضل من الافراد.
ويدل عليه قوله (ع) أول الخبر متصلا بما ذكر: إنما نسك الذي يقرن بين
الصفا والمروة مثل نسك المفرد، ليس بأفضل منه إلا بسياق الهدي، وعليه طواف
بالبيت، وصلاة ركعتين خلف المقام، وسعي واحد بين الصفا والمروة، وطواف
بالبيت بعد الحج.
ولعل قوله: " بين الصفا والمروة " متعلق بالنسك، أي إنما نسك القارن، أي
سعيه بين الصفا والمروة، أو سعيه وطوافه، لأن الكعبة محاذية لما بينهما كنسك
المفرد بينهما، وإنما عليه طوافان بالبيت وسعي واحد، كل ذلك بعد الحج، أي
الوقوفين أو الطواف الثاني، وهو طواف النساء بعده. ثم صرح (ع) بأنه لا قران بلا
سياق، وبأن القران بين النسكين غير صالح.
(وصورة الافراد أن يحرم) بالحج في أشهر (من الميقات) إن كان
أقرب إلى مكة من منزله (أو من حيث يجوز له) الاحرام وهو منزله إن كان
أقرب إلى مكة.
إثم يمضي إلى عرفة) للوقوف بها يوم عرفة (ثم) إلى (المشعر)
للوقوف به يوم النحر إلا عند الضرورة فيؤخر الأول أو يقدم الثاني.
(ثم يقضي مناسكه يوم النحر بمنى ثم يأتي مكة) فيه أو بعده إلى آخر
ذي الحجة (فيطوف للحج ويصلي ركعتيه، ثم يسعى، ثم يطوف للنساء
ويصلي ركعتيه) ويجوز له تقديم الطواف والسعي على الموقفين على كراهية.
(ثم يأتي بعمرة مفردة) إن وجبت عليه أو شاء (بعد الاحلال) من
الحج (من أدق الحل) أو أحد المواقيت، وبينهما إشكال.
(وإن لم يكن في أشهر الحج) وإن وجب المبادرة إلى عمرة الاسلام.

(1) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
24

وهل يجوز إيقاعها بعد الاحلال بلا فصل، أو لا بد من تأخيرها عن أيام
التشريق؟ ظاهر ما يأتي الثاني، ويأتي الكلام فيه إن شاء الله.
(ولو أحرم بها من دون ذلك ثم خرج إلى أدنى الحل لم يجزئه الاحرام
الأول) فكيف إذا لم يخرج إليه (واستأنفه) منه وجوبا؟ ويأتي تفصيل الكلام
في جميع ذلك إن شاء الله.
(ولو عدل هؤلاء) الذين فرضهم القران أو الافراد (إلى التمتع) ابتداء أو
بعد الاحرام (اختيارا لم يجزئ) ولم يجز بهم عن فرضهم كما في المبسوط (1)
والخلاف (2) والجامع (3)، وفاقا للمشهور، لمفهوم الآية.
وفيه احتمال الإشارة إلى الهدي وإلى تفصيل بدله إلى ثلاثة في الحج وسبعة
إذا رجع إلى أهله.
ولكن الأخبار نصت على أن الإشارة إلى التمتع، وللأخبار - وهي كثيرة -
كما مر من قول الصادق (ع): ليس لأهل مكة، ولا لأهل مر، ولا لأهل سرف
متعة (4). وصحيح علي بن جعفر سأل أخاه (ع) لأهل مكة أن يتمتعوا بالعمرة إلى
الحج؟ فقال: لا يصلح أن يتمتعوا (5). وخبر زرارة سأل أبا جعفر (ع) عن الآية؟
فقال: ذلك أهل مكة ليس لهم متعة ولا عليهم عمرة (6).
وفي الغنية: الاجماع عليه (7) ولعل ما في خبر زرارة من العمرة المنفية العمرة
التي في الآية وهي عمرة التمتع. واحتج الشيخ بأن من تمتع أتى بما عليه من
الحج (8)، ولا ينافيه زيادة العمرة قبله. وهو يتم في أهل مكة دون غيرهم، فإن

(1) المبسوط: ج 1 ص 306.
(2) الخلاف. ج 2 ص 272 المسألة 42.
(3) الجامع للشرائع. ص 178.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 186 ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 186 ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 187 ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 511 س 30.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 43 ذيل الحديث 124، نقلا بالمعنى.
25

عليهم الاحرام بالحج من الميقات أو منازلهم، والمتمتع يحرم به من مكة.
وفي المعتبر (1) والتهذيب (2) والاستبصار (3) والمنتهى (4) والتذكرة (5) والنهاية (6)
والتحرير (7) والمبسوط (8) جواز التمتع لهم إذا كانوا خرجوا إلى بعض الأمصار، ثم
رجعوا فمروا ببعض المواقيت، لصحيح عبد الرحمن بن الحجاج وعبد الرحمن بن
أعين: سألا الكاظم (ع) عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار ثم رجع
فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول الله (ص) أن يتمتع منها، فقال: ما أزعم أن
ذلك ليس له، والاهلال بالحج أحب إلي (9). ونحوه صحيح عبد الرحمن بن
الحجاج، عن الصادق (ع) (10). وليس نصا في حجة الاسلام، فإن تمسك بأنه لو
لم يكن في حجة الاسلام لم يكن الاهلال بالحج أحب لفضل التمتع مطلقا في
التطوع
قلنا: جاز كونه أحب للتقية، بل يجوز أن يهل بالحج تقية وينوي العمرة، كما
قال أبو الحسن (ع) للبزنطي في الصحيح: ينوي العمرة ويحرم بالحج (11). إلى غيره
من الأخبار.
ونص الحسن على العدم (12). وفي المختلف احتمل الجمع بين القولين - مجمل
الأول - على من خرج من مكة يريد استيطان غيرها، والثاني على غيره قال: لكن
هذا الجمع يحتاج إلى دليل (13).

(1) المعتبر: ج 2 ص 798.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 33.
(3) الإستبصار: ج 2 ص 159.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 664 س 7.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 319 س 13.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 463.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 93 س 33.
(8) المبسوط: ج 1 ص 308.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 189 ب 7 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(10) وسانل الشيعة: ج 8 ص 190 ب 7 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 217 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 16.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 33.
(13) مختلف الشيعة: ج 4 ص 34.
26

ثم العدول بعد الاحرام إن جاز فعن الافراد، لتظافر النصوص بمنع السوق عن
التمتع، حتى أن في الخلاف. إن المتمتع إذا ساق الهدي لم يتحلل إذا أتى بالعمرة؟
لأنه يصير قارنا (1).
(ويجوز) عدولهم إلى التمتع (اضطرارا) كما في الشرائع (2) والنافع (3)،
لأنه إذا جاز العكس فهو أر لي، لفضل التمتع، ولا طلاق نحو صحيح معاوية بن
عمار: سأل الصادق (ع) عن رجل لبى بالحج مفردا ثم دخل مكة فطاف بالبيت
وسعى بين الصفا والمروة، قال: فليحل وليجعلها متعة، إلا أن يكون ساق الهدي
فلا يستطيع أن يحل حتى يبلغ الهدي محله (4). وفي الكل نظر.
وظاهر التبيان (5) والاقتصاد (6) والغنية (7) والسرائر (8) العدم.
ولو قيل: بتقديمهم العمرة على الحج للضرورة مع إفرادهما والاحرام بالحج
من المنزل أو الميقات [إن تمكن] (9) منه كان أولى، إذ لا نعرف دليلا على وجوب
تأخيرهم العمرة. وسئل الصادق (ع) في خبر إبراهيم بن عمر اليماني عن رجل
خرج في أشهر الحج معتمرا ثم خرج إلى بلاده، قال: لا بأس، وإن حج من عامه
ذلك وأفرد الحج فليس عليه دم (10). وظاهره الاتيان بعمرة مفردة ثم حج مفرد.
(وكذا من فرضه التمتع يعدل إلى الافراد) والقران بعد الاحرام أو قبله
(اضطرارا لضيق الوقت) عن العمرة (وحصول) مانع من أفعالها، نحو
(الحيض. والنفاس) لنحو صحيح جميل: سأل الصادق (ع) عن المرأة
الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية، قال: تمضي إلى عرفات لتجعلها حجة ثم

(1) الخلاف. ج 2 ص 282 المسألة 57.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 239.
(3) المختصر النافع: ص 79.
(4) وسائل الشيعة. ج 9 ص 32 ب 22 من أبواب الاحرام ح 5.
(5) التبيان: ج 2 ص 159.
(6) الإقتصاد: ص 298.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 511 س 30.
(8) السرائر: ج 1 ص 520.
(9) في خ " فيمن يمكن ".
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 246 ب 7 من أبواب العمرة ح 2.
27

تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم وتجعلها عمرة (1). ولاطلاق الأمر
بالتسكين، ولزوم الحرج لو لم تخرج (2).
وفي المعتبر: الاتفاق على جواز الانتقال من التمتع إلى الافراد للضرورة،
قال: كما فعلته عائشة (3).
قلت: ليس في الخبر أنها إذ حجت مع النبي (ص) قالت: يا رسول الله ترجع
نساؤك بحجة وعمرة معا وأرجع بحجة، فأقام (ع) بالأبطح وبعث معها
عبد الرحمن بن أبي بكر إلى التنعيم فأهلت بعمرة (4). وليس فيه أنها كانت متمتعة،
ومعلوم أنها كانت مفردة كغيرها، وحين أمر الناس بانتقالهم إلى التمتع يجوز أن
تكون بقيت على حجها المفرد لعذر من حيض أو غيره.
وعن جماعة من الأصحاب العدم، ولعل منهم الحلبي، فإنه أطلق أنه لا
يجزئ النائي سوى التمتع، وأن المرأة إذا حاضت قبل الاحرام أو بعده ولم تطهر
للطواف سعت، فإذا قضت مناسك الحج قضت الطواف (5). ولم يذكر أن لها العدول
كما خيرها أبو علي (6).
(ولو طافت) المرأة المتمتعة من طواف العمرة (أربعا فحاضت) قطعت
الطواف قطعا و (سعت، وقصرت، وصحت متعتها، وقضت) أي أدت (باقي
المناسك) وهو الحج بجميع أفعاله إلى المنفرد (وأتمت، الطواف بانية على ما
فعلته (بعد الطهر) أي وقت شاءت، والأحوط تقديمه على طواف الحج لتقدم
سببه.
وفي الوسيلة: قضت مناسك الحج ثم أتمت الطواف، (7)، ونحو منه في النهاية (8)

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 214 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(2) في خ: " يجز ".
(3) المعتبر: ج 2 ص 789.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 153 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(5) الكافي في الفقه: ص 191.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 340.
(7) الوسيلة: ص 192.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 548.
28

والمبسوط (1) والتذكرة (2) والمنتهى (3) والتحرير (4)، والظاهر أنه تجويز لهم
تأخيرها الاتمام، والحكم موافق للمشهور.
ويدل عليه عموم نصوص البناء عند مجاوزة النصف، وخصوص خبر سعيد
الأعرج أن الصادق (ع) سئل عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط وهي معتمرة
ثم طمثت، فقال: تتم طوافها، وليس عليها غيره، ومتعتها تامة، فلها أن تطوف
بين الصفا والمروة، وذلك لأنها زادت على النصف، وقد مضت متعتها، ولتستأنف
بعد الحج (5).
وقوله (ع) في مرسل أبي إسحاق بياع اللؤلؤ: المرأة المتمتعة إذا طافت
بالبيت أربعة أشواط ثم رأت الدم فمتعتها تامة، وتقضي ما فاتها من الطواف
بالبيت وبين الصفا والمروة، وتخرج إلى منى قبل أن تطوف الطواف الآخر (6).
وفيه أن ظاهره أنها طهرت قبل الاحرام بالحج فأتمت الطواف.
وخالف ابن إدريس فأبطل متعتها، وذكر أنه الذي تقتضيه الأدلة (7). قال في
المختلف: وما أدري الأدلة التي قادته إلى ما ذهب إليه أيها هي (8).
قلت: وكأنها عموم ما دل على وجوب تقديم أفعال العمرة على أفعال الحج
في التمتع، وصحيح ابن بزيع: سأل الرضا (ع) عن المرأة تدخل مكة متمتعة
فتحيض قبل أن تحل متى تذهب متعتها؟ قال: كان جعفر (ع) يقول: زوال الشمس
من يوم التروية، وكان موسى (ع) يقول: صلاة الصبح من يوم التروية، فقال:
جعلت فداك عامة مواليك يدخلون يوم التروية ويطوفون ويسعون ثم يحرمون
بالحج، فقال، زوال الشمس، فذكرت له رواية عجلان أبي صالح فقال: لا، إذا

(1) المبسوط: ج 1 ص 331.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 399 س 29.
(3) منتهى المطلب. ج 2 ص 698 س 30.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 124 س 31.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 502 ب 86 من أبواب الطواف ح 1.
(6) وسائل الشيعة. ج 9 ص 503 ب 86 من أبواب الطواف ح 2.
(7) السرائر: ج 1 ص 623.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 339.
29

زالت الشمس ذهبت المتعة، قال: فهي على إحرامها أو تجدد إحرامها للحج؟
فقال: لا هي على إحرامها، قال: فعليها هدي؟ قال: لا، إلا أن تحب أن تطوع، ثم
قال: أما نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجة قبل أن نحرم فاتتنا المتعة (1).
واختلاف قولي الإمامين لاختلاف الزمان في ذهاب الرفقة إلى منى، أو في
التقية. وخبر عجلان هو الذي تضمن أنها إذا حاضت قبل الطواف سعت وشهدت
المناسك، فإذا طهرت وانصرفت من الحج قضت طواف العمرة وطواف الحج
وطواف النساء (2).
وأما فوات المتعة برؤية الهلال فلكونه (ع) بالمدينة، وهي من مكة اثني
عشرة مرحلة، فلا يسع الوقت للعمرة قبل الحج، أو للتقية؟ لكون العامة لا يعتمرون
قبل الحج.
(ولو كان) ما فعلته من الأشواط قبل الحيض (أقل) من أربعة
(فحكمها حكم من لم يطف) لما يأتي من بطلان الطواف إذا قطع قبل النصف،
ولكن ما دون الأربعة أعم مما دون النصف، ويأتي الكلام فيه إن شاء الله.
وإذا كانت كذلك فهي (تنتظر الطهر، فإن حضر وقت الوقوف) المضيق
الاضطراري (ولم تطهر) عدلت إلى الحج و (خرجت إلى عرفة، وصارت
حجتها مفردة) وفاقا للشيخ (3) والقاضي (4) وابني حمزة (5) وإدريس (6) وابن
سعيد (7) لصحيح ابن بزيع المتقدم، ولقول الصادق (ع) في خبر الأعرج المتقدم.
وإن هي لم تطف إلا ثلاثة أشواط فلتستأنف الحج، فإن أقام بها جمالها بعد
الحج فلتخرج إلى الجعرانة أو إلى التنعيم فلتعتمر.

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 216 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 14.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 498 ب 84 من أبواب الطواف ح 3.
(3) المبسوط: ج 1 ص 331.
(4) المهذب: ج 1 ص 232.
(5) الوسيلة: ص 192.
(6) السرائر: ج 1 ص 623.
(7) الجامع للشرائع: ص 221.
30

وصحيح جميل سأله (ع) عن الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية، قال:
تمضي كما هي إلى عرفات، فتجعلها حجة ثم تقيم حتى تطهر، فتخرج إلى التنعيم
فتجعلها عمرة (1).
وخبر إسحاق بن عمار: سأل أبا الحسن (ع) عن المرأة تجئ متمتعة فتطمث
قبل أن تطوف بالبيت حتى تخرج إلى عرفات، قال: تصير حجة مفردة (2). وفي
المنتهى: الاجماع عليه (3).
وذهب الحلبيان (4) وجماعة (5) إلى أنها على متعتها وإن فاتها الطواف
للعمرة قبل الحج، بل تقضيه بعده، لقول الصادق (ع) في خبر العلاء بن صبيح
وعبد الرحمن بن الحجاج، وعلي بن رئاب، وعبد الله بن صالح: المرأة المتمتعة إذا
قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها وبين التروية، فإن طهرت طافت بالبيت
وسعت بين الصفا والمروة، وإن لم تطهر إلى يوم التروية اغتسلت واحتشت ثم
سعت بين الصفا والمروة ثم خرجت إلى منى، فإذا قضت المناسك وزارت البيت
طافت بالبيت طوافا لعمرتها ثم طافت طوافا للحج ثم خرجت فسعت، فإذا فعلت
ذلك فقد أحلت من كل شئ يحل منه المحرم إلا فراش زوجها، فإذا طافت طوافا
آخر حل لها فراش زوجها (6).
وفي خبر عجلان: إذا اعتمرت المرأة ثم اعتلت قبل أن تطوف قدمت السعي
وشهدت المناسك، فإذا طهرت وانصرفت من الحج قضت طواف العمرة وطواف
الحج وطواف النساء ثم أحلت من كل شئ (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 214 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 216 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 13.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 855 السطر الأخير.
(4) الكافي في الفقه: ص 218، والغنية (الجوامع الفقهية). ص 520 س 32.
(5) منهم الشهيد في الدروس الشرعية: ج 1 ص 406 درس 105.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 497 ب 84 من أبواب الطواف ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 498 ب 84 من أبواب الطواف ح 3.
31

وفي مرسل يونس بن يعقوب، إذ سئل عن امرأة متمتعة طمثت قبل أن
تطوف، فخرجت مع الناس إلى منى وليس هي على عمرتها وحجتها؟: فلتطف
طوافا للعمرة وطوافا للحج (1).
في الغنية: الاجماع على ذلك (2)، ونحن نحمل هذه الأخبار - بعد التسليم
على أنها طافت أربعة أشواط - قبل الحيض جمعا.
وجمع أبو علي بالتخيير (3). وقيل: تستنيب من يطوف عنها (4).
وفي الفقيه: وروى حريز، عن محمد بن مسلم قال: سألت أبا عبد الله (ع) عن
امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقل من ذلك ثم رأت دما، فقال: تحفظ مكانها، فإذا
طهرت طافت منه واعتدت بما مضى وروى العلاء، عن محمد بن مسلم، عن
أحدهما (ع) مثله. قال الصدوق: وبهذا الحديث أفتي دون الحديث الذي رواه
ابن مسكان عن إبراهيم بن إسحاق عمن سأل أبا عبد الله (ع)، وذكر حديث
الأعرج وقال: لأن هذا الحديث إسناده منقطع، والحديث الأول رخصة ورحمة،
واسناده متصل (5). ومال المصنف إلى وفاقه في التحرير (6).
وفي المقنع وافق المشهور من الفرق بين مجاوزة النصف وعدمها، في النصف
وعدمها، بالبناء وعدمه، وحكى البناء مطلقا رواية (7).
ثم خبرا ابن مسلم ليسا نصين في الفريضة، ولا في الاعتداد بهذا الطواف في
المتعة.
(وإن طهرت وتمكنت من طواف العمرة و) سائر (أفعالها) قبل
الوقوف أتمت العمرة ثم أحرمت بالحج و (صحت متعتها وإلا) تتمكن من

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 499 ب 84 من أبواب الطواف ح 8.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية). ص 520 س 32.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 340.
(4) لم نعثر على هذا القول.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 383 ذيل الحديث 2766 وذيل الحديث 2767.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 س 4.
(7) المقنع: ص 84.
32

الجميع (صارت) هي (مفردة) أو حجتها مفردة، أو انقلبت متعتها مفردة وإن
تمكنت من السعي خاصة، أو الطواف خاصة.
أما الأول فعرضت الخلاف فيه، وأما الثاني فعن عمر بن يزيد أنه سأل
الصادق (ع) عن الطامث؟ فقال: تقضي المناسك كلها غير أنها لا تطوف بين الصفا
والمروة، قال: قلت: فإن بعض ما تقضي من المناسك أعظم من الصفا والمروة
الموقف، فما بالها تقضي المناسك ولا تطوف بين الصفا والمروة؟ فقال (ع): لأن
الصفا والمروة تطوف بهما إذا شاءت، وأن هذه المواقف لا تقدر أن تقضيها إذا
فاتتها (1). وقد يتوهم أنها متمتعة تؤخر سعيها عن الحج، وليس نصا أو ظاهرا في
سعي عمرة التمتع، ولا في بقائها مع تركها السعي على المتعة، ولا ظفرت به قولا.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 503 ب 87 من أبواب الطواف ح 1.
33

(المطلب الثالث)
(في شرائط) صحة (أنواع الحج)
نوع نوع منها:
(و) أما (شروط) صحة (التمتع) فهي (أربعة):
الأول: (النية)، لكل من العمرة والحج، وكل من أفعالهما المتفرقة من
الاحرام والطواف والسعي ونحوها، كما يأتي تفصيلها في مواضعها [لا نية] (1)
الاحرام وحده، كما في الدروس (2)، ولا نية المجموع جملة غير لكل، كما
استظهر في المسالك من الأصحاب (3)، ثم في الدروس (4). ويظهر من سلار أنها نية
الخروج إلى مكة (5).
ولا أرى لظهوره جهة، إلا أنه قدمها على الدعاء للخروج من المنزل،
وركوب الراحلة، والمسير، وإن كان لا شبهة في اشتراط استحقاق الثواب على
المسير بهذه النية، وكذا في وجوبها إن وجبت المقدمة إصالة باستئجار ونحوه.
(و) الثاني: (وقوعه) بأجمعه (في أشهر الحج) أي: الاهلال بكل من

(1) في خ " الآتية ".
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 339 درس 89.
(3) مسالك الأفهام: ج 1 ص 100 س 19.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 339 درس 89.
(5) المراسم: ص 104.
34

العمرة والحج فيها عندنا، والنصوص ناطقة به، وإن وقع الاحلال من الحج وبعض
أفعاله في غيرها. واكتفى مالك في عمرة التمتع بوقوع الاحلال منها فيها (1).
وأبو حنيفة بوقوع أكثر أفعالها فيها (2). والشافعي في أحد قوليه بوقوع أفعالها غير
الاحرام فيها (3).
(و) أشهر الحج (هي: شوال، وذو القعدة، وذو الحجة على رأي)
وفاقا للشيخين في الأركان (4) والنهاية (5) وابنى إدريس (6) والجنيد (7) والمحقق (8)
والقاضي في شرح الجمل (9).
واحتمله الشيخ (10) والشيخ أبو الفتوح في تفسيريهما (11)، وحكى رواية في
مجمع البيان (12) وفقه القران (13) لظاهر الأشهر في الآية (14)، ولصحيح معاوية بن
عمار عن الصادق (ع) (15)، وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج عن
الكاظم (ع) (16)، وحسن زرارة عن الباقر (ع) (17)، وإجزاء الهدي وبدله طول
ذي الحجة، بل الطواف والسعي كما يأتي.
وفي التبيان (18) والجواهر (19) وروض الجنان: إنها شوال، وذو القعدة،

(1) المدونة الكبرى: ج 1 ص 383.
(2) أحكام القرآن للجصاص: ج 1 ص 300.
(3) المجموع: ج 7 ص 144.
(4) لا يوجد لدينا.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 464.
(6) السرائر: ج 1 ص 539.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 27.
(8) المعتبر: ج 2 ص 780.
(9) شرح جمل العلم والعمل: ص 206.
(10) التبيان: ج 2 ص 162 - 163.
(11) تفسير أبو الفتوح الرازي: ج 2 ص 114.
(12) مجمع البيان: ج 1 ص 293.
(13) فقه القرآن: ج 1 ص 268.
(14) البقرة: 197.
(15) وسائل الشيعة: ج 8 ص 196 ب 11 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(16) تفسير العياشي: ج 1 ص 92 ذيل الحديث 236.
(17) وسائل الشيعة: ج 8 ص 196 ب 11 من أبواب أقسام الحج ح 5.
(18) التبيان: ج 2 ص 162.
(19) جواهر الفقه: ص 41 المسألة 141.
35

وعشرة أيام من ذي الحجة (1)، لأن أفعال الحج بأصل الشرع تنتهي بانتهاء
العاشر، وإن رخص في تأخير بعضها، وخروج ما بعده من الرمي والمبيت عنها،
ولذا لا يفسد بالاخلال (2) بها، وللخبر عن أبي جعفر (ع) كما في التبيان (3)
وروض الجنان (4)، وظاهرهما اتفاقنا عليه (5).
وفي المبسوط (6) والخلاف (7) والوسيلة (8) والجامع (9) وحل المعقود من الجمل
والعقود (10) إلى طلوع الفجر يوم النحر، لأنه لا يجوز الاحرام بالحج بعده، لفوات
اضطراري عرفة، ولكنه يدرك اختيار المشعر إلى طلوع شمسه، ولذا اختاره ابن
إدريس في موضع (11)، وهو ظاهر جمل العلم والعمل (12) والمصباح (13)
ومختصره (14) ومجمع البيان (15) ومتشابه القرآن (16)، لأن فيها: إنها شوال، وذو
القعدة، وعشر من ذي الحجة بتأنيث العشرة. ويحتمل التوسع، وكذا المراسم -
وفي بعض نسخها زيادة - أو تسع (17).
وفي الإقتصاد (18) والجمل والعقود (19) والمهذب: الشهران الأولان وتسعة
أيام من ذي الحجة (20)، لأن اختياري الموقوف بعرفات في التاسع.

(1) تفسير أبو الفتوح الرازي: ج 2 ص 114.
(2) في خ " بالاحلال ".
(3) التبيان. ج 2 ص 162.
(4) تفسير أبو الفتوح الرازي: ج 2 ص 114.
(5) زيادة من ط.
(6) المبسوط: ج 1 ص 308.
(7) الخلاف: ج 1 ص 258 المسألة 23.
(8) الوسيلة: ص 158. (91) الجامع للشرائع. ص 177.
(10) لا يوجد لدينا.
(11) السرائر: ج 1 ص 524.
(12) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 62 وفيه " وعشرون من ذي
الحجة " وفي الهامش " وعشر ".
(13) مصباح المتهجد: ص 643.
(14) لا يوجد لدينا.
(15) مجمع البيان: ج 1 ص 293.
(16) متشابه القرآن: ج 2 ص 180.
(17) المراسم: ص 104.
(18) الإقتصاد: ص 300.
(19) الجمل والعقود: ص 131.
(20) المهذب: ج 1 ص 213.
36

وفي الغنية: وتسع من ذي الحجة (1) أي تسع ليال، فيخرج اليوم التاسع.
ويمكن أن يكون توسع فأراد تسعة أيام.
وفي الكافي: وثمان منه (2) أي ثمان ليال، فيخرج الثامن إلا أن يكون توسع،
وقد يكون ختمها بالثامن، لأنه آخر ما شرع في الأصل للاحرام بالحج، وإن
جاز التأخير رخصة.
ويظهر من هذه الوجوه أن النزاع لفظي كما في المنتهى (3) والمختلف (4)
للاتفاق على أن الاحرام بالحج لا يتأتى (5) بعد عاشر ذي الحجة، وكذا عمرة
التمتع، وعلى إجزاء الهدي وبدله طول ذي الحجة، وأفعال أيام منى ولياليها.
وفي الدروس: إن الخلاف فيها لعله مبني على الخلاف الآتي في وقت فوات المتعة (6).
(و) الشرط الثالث: (إتيان الحج والعمرة في سنة واحدة) كما في
المبسوط (7) والجامع (8) وكتب المحقق (9)، لما مر من قوله (ص): دخلت العمرة في
الحج إلى يوم القيامة (10)، ونحوه عن الأئمة (ع) (11)، والأخبار (12) الناصة على
ارتباط عمره التمتع بحجه، وارتهان المعتمر عمرة التمتع بحجة، وأنه لا يجوز له
الخروج من مكة حتى يقضي حجه، كقول الصادق (ع) لمعاوية بن عمار: إن
المتمتع مرتبط بالحج، والمعتمر إذا فرغ منها ذهب حيث شاء (13). وفي حسن

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 8.
(2) الكافي في الفقه: ص 201.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 665 س 6.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 28.
(5) ليس في ط.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 335 درس 87.
(7) المبسوط: ج 1 ص 307.
(8) الجامع للشرائع: ص 176.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 237، والمختصر النافع: 79، والمعتبر: ج 2 ص 1 78.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 151 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 172 ب 3 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 8 ص 171 ب 3 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 246 ب 7 من أبواب العمرة ح 3.
37

حماد ابن عيسى: من دخل مكة متمتعا في أشهر الحج لم يكن له أن يخرج حتى
يقضي الحج (1) الخبر.
وفي المعتبر: لما روى سعيد بن المسيب قال: كان أصحاب رسول الله (ص)
يعتمرون في أشهر الحج، فإذا لم يحجوا من عامهم ذلك لم يهدوا (2).
ودلالة الجميع (3) ظاهرة الضعف، ولكن ظاهر التذكرة الاتفاق (4)، قال
الشهيد: نعم لو بقي على إحرامه بالعمرة من غير إتمام الأفعال إلى القابل احتمل
الاجزاء، ولو قلنا إنه صار معتمرا بمفردة بعد خروج أشهر الحج ولما يحل لم
يجزئ (5).
(و) الشرط الرابع: (الاحرام بالحج من بطن مكة) بالأخبار (6)
والاجماع، إلا أن في التهذيب: إن المتمتع إذا خرج من مكة بعد إحلاله من
عمرته، فإن عاد في غير شهر خروجه أحرم بعمرة أخرى، وتكون هي المتمتع
بها، وإن عاد في شهره استحب له الاحرام بالحج (7). وتبعه المصنف في
التذكرة (8)، واستشكله في التحرير (9) والمنتهى (10)، وسيأتي الكلام فيه.
(وأفضلها المسجد) لكونه أشرف أماكنها، ولاستحباب الاحرام عقيب
الصلاة، وهي في المسجد أفضل، ولنحو قول الصادق (ع) في حسن معاوية بن
عمار: إذا كان يوم التروية إن شاء الله فاغتسل ثم البس ثوبيك، وادخل المسجد
حافيا، وعليك السكينة والوقار، ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم أو في الحجر،
ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة، ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 219 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 6.
(2) المعتبر: ج 2 ص 781.
(3) في ط " المجموع ".
(4) راجع التذكرة: ج 1 ص 323 س 19.
(5) الدروس الشرعية. ج 1 ص 339.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 246 ب 21 من أبواب المواقيت.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 163 ذيل الحديث 545.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 368 س 35.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 101 س 8.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 711 س 24.
38

إحرامك من الشجرة وأحرم بالحج (1). وفي خبر أبي بصير: إذا أردت أن تحرم يوم
التروية فاصنع كما صنعت حين أردت أن تحرم - إلى قوله: - ثم ائت المسجد
فصل فيه ست ركعات (2) الخبر.
ولا يتعين المسجد اتفاقا كما في التذكرة (3) وإن أوهم تعينه بعض العبارات.
وسأل عمرو بن حريث الصادق (ع) من أين أهل بالحج؟ فقال: إن شئت من
رحلك، وإن شئت من الكعبة، وإن شئت من الطريق (4) كذا في الكافي (5) وفي
التهذيب (6) مكان " من الكعبة " " من المسجد ".
(وأفضله المقام) كما في النهاية (7) والمبسوط (8) والمصباح (9)
ومختصره (10) والمهذب (11) والسرائر (12) والشرائع (13) لقول الصادق (ع) في خبر
عمرو بن يزيد: إذا كان يوم التروية فاصنع كما صنعت بالشجرة، ثم صل ركعتين
خلف المقام، ثم أهل بالحج، فإن كنت ماشيا فلب عند المقام، وإن كنت راكبا فإذا
نهض بك بعيرك (14).
وفي الهداية (15) والمقنع (16) والفقيه: التخيير بينه وبين الحجر (17)، وفي

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 71 ب 52 من أبواب الاحرام ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 247 ب 52 من أبواب أقسام الاحرام ح 4.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 370 س 8.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 246 ب 21 من أبواب المواقيت ح 2.
(5) الكافي ج 4 ص 455 ح 4.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 477 ح 1684.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 517.
(8) المبسوط: ج 1 ص 364.
(9) مصباح المتهجد: ص 627.
(10) لا يوجد لدينا.
(11) المهذب: ج 1 ص 144.
(12) السرائر: ج 1 ص 583.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 237.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 63 ب 46 من أبواب الاحرام ح 2.
(15) الهداية: ص 60.
(16) المقنع: ص 85.
(17) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 537.
39

الكافي (1) والغنية (2) والجامع (3) والنافع (4) وشرحه (5) والتحرير (6) والمنتهى (7)
والتذكرة (8) والدروس: إن الأفضل المقام، أو تحت الميزاب (9). وكأن المعنى
واحد، والمستند ما مر من حسن معاوية (10).
وفي المختلف: إن التخيير بينهما لا ينافي أفضلية أحدهما (11).
قلت: ولذا خير الشيخ في النهاية (12) والمبسوط (13) أولا بينهما، ثم ذكر أن
الأفضل المقام، ثم كان حكمهم بكونه أفضل لتعدد الخبرية، ولموافقته الآية
والآمرة باتخاذه مصلى.
واقتصر في الإرشاد (14) والتلخيص (15) والتبصرة (16) على فضل ما تحت
الميزاب ولم يذكر المقام، ولا يتعين شئ منهما للأصل، وخبر يونس بن يعقوب
سأل الصادق (ع) من أي المسجد أحرم يوم التروية؟ فقال: من أي المسجد
شئت (17). وكأنه إجماع وإن أوهم خلافه بعض العبارات.
(ولا يجوز) عندنا (الاحرام لعمرة التمتع قبل أشهر الحج) لدخولها في
الحج (ولا) الاحرام (لحجة من غير مكة) اختيارا (فلو أحرم بها قبل
الأشهر لم يصح له التمتع بها وإن وقع بعض أفعالها (18) في الأشهر) خلافا

(1) الكافي في الفقه: ص 212.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 32.
(3) الجامع للشرائع: ص 204.
(4) المختصر النافع: ص 79.
(5) المعتبر: ج 2 ص 781.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 101 س 14
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 714 س 18.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 370 س 8.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 341 درس 89
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 71 ب 71 من أبواب الاحرام ح 1.
(11) مختلف الشيعة: ج 4 ص 229.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 517.
(13) المبسوط: ج 1 ص 364.
(14) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 328.
(15) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 329.
(16) تبصرة المتعلمين: ص 70.
(17) وسائل الشيعة: ج 8 ص 246 ب 21 من أبواب المواقيت ح 3.
(18) في خ " أحوالها ".
40

للعامة (1) كما سمعت.
وهل يصح عمرة مفردة أي ينقلب إليها؟ قطع به في المنتهى (2) والتذكرة (3)،
واستشكله في التحرير (4)، وهو في محله.
ولو أحرم لحجة في غير أشهره لم ينعقد قطعا، وهل ينعقد عمرة؟ قطع به في
التذكرة (5) والمنتهى (6) لخبر مؤمن الطاق عن الصادق (ع) في رجل فرض الحج
في غير أشهر الحج، قال: يجعلها عمرة (7). وفي الدلالة نظر، ولذا تردد فيه في
التحرير (8).
(ولو أحرم لحجة) اختيارا (من غير مكة لم يجزئه) عندنا، وقال
أحمد: بل يحرم من أحد المواقيت (9)، وجوزه الشافعي (10).
(وإن دخل به) أي مع احرامه بحجة (مكة) لم يكفه في تصحيحه كما
قاله الشافعي (11).
(و) لكن (يجب عليه استئنافه منها) لأنها ميقاته، فلا يصح (12)
إلا منها، ولا يجوز (13) دخولها بدون الاحرام منها، كالمرور على سائر المواقيت
من غير إحرام منها.
وقد يوهم عبارة الشرائع (14) الخلاف فيه، وسمعت ما في التهذيب (15)

(1) المجموع: ج 7 ص 174.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 665 س 4.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 319 س 38.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 94 س 34.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 319 س 34.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 665 س 34.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 197 ب 10 من أقسام الحج ح 7.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 94 س 6.
(9) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 211.
(10) المجموع: ج 7 ص 209.
(11) المجموع: ج 7 ص 209.
(12) في خ " يصلح ".
(13) في خ " يجزي ".
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 237.
(15) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 163 ذيل الحديث 545.
41

والتذكرة (1).
(فإن تعذر) ولو بضيق الوقت (استأنف حيث أمكن ولو بعرفة إن لم
يتعمد) الاحرام من غير مكة، كما أن من ترك الاحرام من أحد المواقيت يحرم
من حيث أمكنه، لصحيح علي بن جعفر سأل أخاه (ع) عن رجل نسي الاحرام
بالحج فذكر وهو بعرفات ما حاله؟ قال: يقول: اللهم على كتابك وسنة نبيك (ص)،
فقد تم إحرامه (2).
وأما استئناف إحرام آخر من غير مكة فهو خيرة المحقق (3)، ولعله لفساد
إحرامه الأول لوقوعه من غير ميقاته لا لعذر، وهو ممنوع.
واجتزأ الشيخ بإحرامه الأول (4)، للأصل، ومساواة ما فعله لما يستأنفه في
الكون من غير مكة وفي العذر لأن النسيان عذر، وهو الأقوى (5)، وخيرة
التذكرة (6).
وأما إن تعمد الاحرام من غير مكة فإن أمكنه استئنافه منها استأنف، وإلا بطل
حجه، ولم يفده الاستئناف من غيرها، جهل الحكم أو لا، كما يقتضيه الاطلاق.
والظاهر أن الجاهل معذور؟ لتظافر الأخبار بعذره إذا أخر الاحرام عن سائر
المواقيت، ثم لا دم على المحرم بالحج من غير مكة لعذر هذه المخالفة للأصل،
خلافا للشافعي فأوجبه إن أحرم من (7) الحرم في وجه (8).
(ولا يسقط الدم) أي دم المتعة عمن أحرم بالحج من غير مكة، ولو من
الميقات، ولا عمن أحرم من مكة ولو مر على الميقات بعده قبل الوقوف، لأن الدم

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 368 س 37.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 245 ب 20 من أبواب المواقيت ح 3.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 237، والمختصر النافع: ص 79، والمعتبر: ج 2 ص 782.
(4) المبسوط: ج 1 ص 309.
(5) في خ " أقوى ".
(6) تذكرة الفقهاء: 1 ص 320 س 37.
(7) في خ " من لكل قطعا وإن أحرم من ".
(8) المجموع: ج 7 ص 209.
42

عندنا نسك لا جبران عن الاحرام من الميقات كما قاله الشافعي (1)، ولذا أسقطه
عن الأول قطعا، وعن الثاني في وجه. وهو خيرة المبسوط (2)، وهو يعطي كما في
الدروس (3) سقوطه عن الأول بطريق الأولى مع نصه (4).
ونص الخلاف (5) على أنه نسك، ونص الخلاف على عدم سقوطه عنهما (6).
وتردد المحقق في الشرائع (7) والمصنف في المختلف (8).
(وإذا أحرم بعمرة التمتع ارتبط بالحج، فلا يجوز له الخروج) إذا أتم
أفعال العمرة (من مكة إلى حيث يفتقر إلى تجديد عمرة قبله) أي الحج، بأن
يخرج من الحرم محلا غير محرم بالحج، ولا يعود إلا بعد شهر وفاقا للشرائع (9)،
لنحو قول أبي جعفر (ع) لزرارة في الصحيح إذ سأله كيف أتمتع؟ - إلى أن قال: -
وليس لك أن تخرج من مكة حتى تحج (10).
وفي صحيح آخر له وهو محتبس: ليس له أن يخرج من مكة حتى يحج (11).
وقول الصادق (ع) في صحيح معاوية بن عمار: أوليس هو مرتبطا بالحج؟ لا
يخرج حتى يقضيه (12).
وفي حسن حماد بن عيسى: من دخل مكة متمتعا في أشهر الحج لم يكن له
أن يخرج حتى يقضي الحج (13).

(1) المجموع: ج 7 ص 176، والتفسير الكبير: ج 5 ص 154.
(2) المبسوط: ج 1 ص 309.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 240 درس 89.
(4) المبسوط: ج 1 ص 310.
(5) الخلاف: ج 1 ص 369 المسألة 35.
(6) الخلاف: ج 1 ص 269 المسألة 36.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 238.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 46.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 238.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 31 ب 22 من أبواب الاحرام ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 219 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 5.
(12) وسائل الشيعة: ج 8 ص 218 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(13) وسائل الشيعة: ج 8 ص 219 ب 22 من أبواب أقسام الحج 6.
43

وخبر علي بن جعفر المروي في قرب الإسناد للحميري أنه سأل أخاه (ع)
عن رجل قدم مكة متمتعا، ثم أحل قبل يوم التروية، أله الخروج؟ قال: لا يخرج
حتى يحرم بالحج (1). وسأله أيضا: عن رجل قدم مكة متمتعا فأحل، أيرجع؟ قال:
لا يرجع حتى يحرم بالحج (2).
ولا طلاق هذه الأخبار أطلق المنع في الوسيلة (3) والمهذب (4) والإصباح (5)
وموضع من النهاية (6) والمبسوط (7) وإن استثنى ابن حمزة الاضطرار (8).
قال الشهيد: ولعلهم أرادوا الخروج المحوج إلى عمرة أخرى، كما قاله في
المبسوط، يعني في الموضع الذي ظاهره الكراهة كما سنحكيه، أو الخروج لا بنية
العود (9).
قلت: بناء على وجوب حج التمتع بالشروع في عمرته ويأتي.
ويدل على استثناء الضرورة على احتمال نحو خبر موسى بن القاسم عن
بعض أصحابنا أنه سأل أبا جعفر (ع) في عشر من شوال، فقال: إني أريد أن أفرد
عمرة هذا الشهر، فقال: أنت مرتهن بالحج، فقال له الرجل: إن المدينة منزلي،
ومكة منزلي، ولي بينهما أهل وبينهما أموال، فقال: أنت مرتهن بالحج، فقال له
الرجل: فإن لي ضياعا حول مكة وأريد الخروج إليها، فقال: تخرج حلالا وترجع
حلالا إلى الحج (10). ولما علم بالدليل أنه لا بد من الاحرام إذا مضى شهر، قيدنا
هذا الخبر بما إذا رجع قبل الشهر.

(1) قرب الإسناد: ص 106.
(2) قرب الإسناد: ص 107.
(3) الوسيلة: ص 176.
(4) المهذب: ج 1 ص 2 27.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 469.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 554.
(7) المبسوط: ج 1 ص 304.
(8) الوسيلة: ص 176.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 336 درس 87.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 218 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 3.
44

وينص عليه خصوص خبر إسحاق بن عمار سأل أبا الحسن (ع) عن المتمتع
يجئ فيقضي متعته، ثم تبدوا له الحاجة، فيخرج إلى المدينة وإلى ذات عرق،
وإلى بعض المعادن، قال: يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتع
فيه، لأن لكل شهر عمرة، وهو مرتهن بالحج (1).
وقول الصادق (ع) في مرسل الصدوق: إذا أراد المتمتع الخروج من مكة إلى
بعض المواضع فليس له ذلك، لأنه مرتبط بالحج حتى يقضيه، إلا أن يعلم أنه لا
يفوته الحج، وإن علم وخرج وعاد في الشهر الذي خرج فيه دخل مكة محلا، وإن
دخلها في غير ذلك الشهر دخل محرما (2). ونحوه في حسن حماد الآتي.
ولهذه الأخبار قيد الفاضلان حرمة الخروج بالافتقار إلى تجديد العمرة (3) مع
أن الظاهر إن حرمة الخروج لارتباط العمرة بالحج، واتصالها به من غير تخلل
عمرة أخرى بينهما، فإذا لم يفتقر إليه لم يحرم الخروج.
والأحوط القصر على الضرورة، وأن لا يخرج معها إلا محرما بالحج، إلا أن
يتضرر كثيرا بالبقاء على الاحرام لطول الزمان، خروجا عن مخالفة الأخبار
المطلقة، ولاحتمال أن لا يمكنه العود إلى مكة للاحرام به. ولنحو ما مر من خبري
علي بن جعفر (4) وخبر حفص بن البختري عن الصادق (ع) في رجل قضى متعته
وعرضت له حاجة أراد أن يمضي إليها، قال: فليغتسل، وليهل بالاحرام بالحج،
وليمض في حاجته، فإن لم يقدر على الرجوع إلى مكة مضى إلى عرفات (5).
وللحلبي في الحسن إذ سأله عن متمتع يريد الخروج إلى الطائف، قال: يهل
بالحج من مكة، وما أحب أن يخرج منها إلا محرما، ولا يتجاوز الطائف، أنها

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 220 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 8
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 378 ح 2752.
(3) الشرائع: ج 1 ص 238، وتذكرة الفقهاء: ج 1 ص 402 س 7.
(4) تقدم سابقا.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 218 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 4.
45

قريبة من مكة (1).
وفي مرسل أبان: المتمتع محتبس لا يخرج من مكة حتى يخرج إلى الحج
إلا أن يأبق غلامه، أو تضل راحلته، فيخرج محرما، ولا يجاوز إلا على قدر ما
لا تفوته عرفة (2).
وفي حسن حماد بن عيسى: من دخل مكة متمتعا في أشهر الحج لم يكن له
أن يخرج حتى يقضي الحج، فإن عرضت له حاجة إلى عسفان، أو إلى الطائف،
أو إلى ذات عرق خرج محرما، ودخل ملبيا بالحج، فلا يزال على إحرامه، فإن
رجع إلى مكة رجع محرما ولم يقرب البيت حتى يخرج مع الناس إلى منى، قال:
فإن جهل فخرج إلى المدينة أو إلى نحوها بغير إحرام ثم رجع في أبان الحج في
أشهر الحج يريد الحج فيدخلها محرما أو بغير إحرام؟ فقال (ع): إن رجع في
شهره دخل مكة بغير إحرام، وإن دخل في غير الشهر دخل محرما. قلت: فأي
الاحرامين والمتعتين متعته الأولى أو الأخيرة؟ قال: الأخيرة هي عمرته، وهي
المحتبس بها التي وصلت بحجته (3).
ويدل على جواز الخروج محلا مع التضرر كثيرا بالبقاء على الاحرام الأصل
وانتفاء الحرج في الدين، [ومرسل موسى بن القاسم على الوجه المتقدم] (4)
ومرسل الصدوق يحتمله (5) والجهل.
وفي السرائر (6) والنافع (7) والمنتهى (8) والتذكرة (9) وموضع من التحرير (10)

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 219 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 220 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 9.
(3) وسانل الشيعة: ج 8 ص 219 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 6.
(4) ما بين المعقوفين زيادة من خ.
(5) تقدم سابقا.
(6) السرائر: ج 1 ص 633.
(7) المختصر النافع: ص 99.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 711 س 24.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 368 س 35.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 101 س 4.
46

كراهية الخروج، وهو ظاهر التهذيب (1)، وموضع من النهاية (2) والمبسوط (3)،
للأصل، والجمع بين حسن الحلبي (4) ومرسل موسى بن القاسم (5) والصدوق (6)
وغيرها.
(و) على كل حال (لو) خرج محلا و (جدد) الاحرام بعمرة أخرى
لما رجع لرجوعه في شهر آخر (تمتع بالأخيرة) وانقلبت الأولى مفردة، لما
سمعته الآن من حسن حماد، ولارتباط عمرة التمتع بحجه، وظهور الآية (7) في
الاتصال، ولعله اتفاقي.
وهل عليه حينئذ طواف النساء للأولى؟ احتمال كما في الدروس من انقلابها
مفردة، ومن إخلاله منها بالتقصير (8). وربما أتى النساء قبل الخروج، ومن البعيد
جدا حرمتهن عليه بعده من غير موجب، وهو أقوى، وإن رجع في شهر الخروج
دخل محلا.
وفي التهذيب (9) والتذكرة: إن الأفضل أن يدخل محرما بالحج (10)، لأن
إسحاق ابن عمار سأل أبا الحسن (ع) - بعد ما مر - فإنه دخل في الشهر الذي
خرج فيه، فقال (ع): كان أبي مجاورا هاهنا، فخرج يتلقى بعض هؤلاء، فلما
رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحج، ودخل وهو محرم بالحج (11).

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 163 ذيل الحديث 545.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 514.
(3) المبسوط: ج 1 ص 363.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 219 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 218 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(6) تقدم سابقا.
(7) البقرة: 196.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 335 درس 87.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 164 ذيل الحديث 548.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 368 س 41.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 220 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 8.
47

وفيه نظر كما في التحرير (1) والمنتهى (2)، لوجوب الاحرام بحج التمتع من مكة.
والخبر ليس نصا في ذلك، لجواز حج الصادق (ع) مفردا أو قارنا، وكلام
الشيخ يحتمله بعيدا، وإعراض الكاظم (ع) عن الجواب وجواز صورة الاحرام
تقية، وأمر الكاظم (ع) أيضا بها تقية. ويمكن القول باستحبابه أو وجوبه بعيدا وإن
وجب تجديده بمكة، ويجوز كون الحج بمعنى عمرة التمتع، بل العمرة مطلقا.
ويأتي بسط الكلام فيه في أحكام الاحرام إن شاء الله.
(وعمرة التمتع تكني عن المفردة) الواجبة بأصل الشرع، بنحو قوله تعالى:
" وأتموا الحج والعمرة لله " (3) فإذا تمتع خرج عن عهدتهما، ولا يجب عليه عمرة
أخرى، للأصل، والأخبار (4)، والاجماع.
وفي المنتهى: إجماع العلماء كافة (5). وكذا إذا وجبت عليه عمرة بنذر ونحوه
فتمتع برءت ذمته.
(ويحصل التمتع بإدراك مناسك العمرة وتجديد إحرام الحج وإن كان بعد
زوال الشمس يوم عرفة إذا علم إدراكها) أي الوقوف بعرفة وفاقا للحلبيين (6)
وابني إدريس (7) وسعيد (8)، للامتثال المقتضي للأجزاء، وقول الصادق (ع) في
خبر يعقوب بن شعيب: لا بأس للمتمتع إن لم يحرم ليلة التروية متى ما تيسر له ما
لم يخف فوت الموقفين (9).
وعن المفيد: فوات المتعة بزوال الشمس يوم التروية قبل الاحلال من

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 101 س 8.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 712 س 4، وفيه: " وفيه اشكال ".
(3) البقرة: 196.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 243 ب 5 من أبواب العمرة.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 876 س 35.
(6) الكافي في الفقه: ص 194، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 32.
(7) السرائر: ج 1 ص 581 - 582.
(8) الجامع للشرائع: ص 204.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 211 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 5.
48

العمرة (1). وعن علي بن بابويه: فواتها بالزوال منه قبل طهر الحائض (2)، لما تقدم
من صحيح ابن بزيع عن الرضا (ع) (3)، وكان مثل ذلك مراد المفيد (4).
وهذا الخبر معارض بما فيه من قول الكاظم (ع) (5) وبما مر. وما يأتي من
الأخبار.
وفي المقنع (6) والمقنعة: الفوات بغروب شمس التروية قبل الطواف والسعي (7)
وبه أخبار كثيرة، كصحيح العيص سأل الصادق (ع) عن المتمتع يقدم مكة يوم
التروية بعد صلاة العصر تفوته المتعة؟ فقال: له ما بينه وبين غروب الشمس (8).
وقوله (ع) لعمر بن يزيد: إذا قدمت مكة يوم التروية وأنت متمتع فلك ما بينك
وبين الليل أن تطوف بالبيت وتسعى وتجعلها متعة (9). وخبر موسى بن عبد الله
سأله (ع) عن المتمتع يقدم مكة ليلة عرفة، فقال: لا متعة له، يجعلها حجة
مفردة (10).
ويعارضها مع ما مر وما يأتي نحو خبر محمد بن مسلم سأل الصادق (ع) إلى
متى يكون للحاج عمرة؟ فقال: إلى السحر من ليلة عرفة (11). وخبر مرازم بن
حكيم سأله (ع) المتمتع يدخل ليلة عرفة مكة والمرأة الحائض متى يكون لهما
المتعة؟ فقال: ما أدركوا الناس بمنى (12). وحسن هشام بن سالم ومرازم وشعيب

(1) نقله عنه في السرائر: ج 1 ص 582.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 218.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 216 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 14.
(4) المقنعة: ص 431.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 215 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 9.
(6) المقنع: ص 85 (7) المقنعة: ص 431.
(8) وسائل الشيعة: ج 8 ص 212 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 10.
(9) المصدر السابق ح 12.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 216 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 10.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 212 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 9.
(12) وسائل الشيعة: ج 8 ص 213 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 14.
49

عنه (ع) في المتمتع دخل ليلة عرفة فيطوف ويسعى ثم يحل ثم يحرم ويأتي منى،
قال: لا بأس (1).
وخبر محمد بن ميمون قال: قدم أبو الحسن متمتعا ليلة عرفة، فطاف
وأحل، وأتى بعض جواريه، ثم أهل بالحج وخرج (2).
وفي النهاية (3) والمبسوط (4) والوسيلة (5) والمهذب الفوات بزوال الشمس يوم
عرفة قبل إتمام العمرة (6) لقول الصادق (ع) في صحيح جميل: المتمتع له المتعة
إلى زوال الشمس من يوم عرفة، وله الحج إلى زوال الشمس من يوم النحر (7).
وعلل الشيخ ذلك في كتابي الأخبار بأنه لا يدرك الموقفين بعد الزوال (8) كما
نطق به صحيح الحلبي: سأل الصادق (ع) عن رجل أهل بالحج والعمرة جميعا ثم
قدم مكة والناس بعرفات، فخشى إن هو طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يفوته
الموقف، فقال: يدع العمرة، فإذا أتم حجه صنع كما صنعت عائشة (9).
وسأل علي بن يقطين الكاظم (ع) عن الرجل والمرأة يتمتعان بالعمرة إلى
الحج ثم يدخلان مكة يوم عرفة كيف يصنعان؟ قال: يجعلانها حجة مفردة وحد
المتعة إلى يوم التروية (10).
وسأله (ع) زكريا بن عمران عن المتمتع إذا دخل يوم عرفة، فقال: لا متعة

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 210 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 516.
(4) المبسوط. ج 1 ص 364.
(5) الوسيلة: ص 176.
(6) المهذب: ج 1 ص 243.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 213 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 15.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 170 ذيل الحديث 564، والاستبصار: ج 2 ص 249 ذيل
الحديث 878.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 215 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 6.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 266 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 11.
50

له، يجعلها عمرة مفردة (1). وفي صحيح زرارة أنه سأل أبا جعفر (ع) عن الرجل
يكون في يوم عرفة بينه وبين مكة ثلاثة أميال وهو متمتع بالعمرة إلى الحج، فقال:
يقطع التلبية تلبية المتعة، ويهل بالحج بالتلبية إذا صلى الفجر، ويمضي إلى عرفات
فيقف مع الناس ويقضي جميع المناسك، ويقيم بمكة حتى يعتمر عمرة المحرم،
ولا شئ عليه (2).
وأجاد الشيخ حيث جمع بين الأخبار بحملها على مراتب الفضل (3). فالأفضل
الاحرام بالحج بعد الفراغ من العمرة عند الزوال يوم التروية، فإن لم يفرغ عنده من
العمرة كان الأفضل له العدول إلى الحج، ثم ليلة عرفة، ثم يومها إلى الزوال، وعند
الزوال منه يتعين العدول لفوات الموقف غالبا.
وينبغي أن يخص ذلك بغير حجة الاسلام ونحوها في تعين المتعة، وإلا لم
يجز العدول ما لم يخف فواتها بفوات اضطراري عرفة كما هو ظاهر ابن
إدريس (4)، ويحتمله كلام أبي الصلاح (5)، أو بفوات اختياريها كما في الغنية (6)
والمختلف (7) والدروس (8)، لصحيح زرارة المتقدم آنفا، وليس نصا في المتعة
المتعينة.
(وشروط الافراد ثلاثة: النية) كما عرفتها في التمتع (ووقوع الحج)
بجميع أفعاله (في أشهره) خلافا لأبي حنيفة وأحمد والثوري، فأجازوا
الاحرام به قبلها (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 215 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 8، وفيه " عن زكريا بن آدم ".
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 215 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 170 ذيل الحديث 564، والاستبصار: ج 2 ص 249 ذيل
الحديث 878.
(4) السرائر: ج 1 ص 582.
(5) الكافي في الفقه: ص 194.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 34.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 221.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 335 درس 87.
(9) المجموع: ج 7 ص 144.
51

(وعقد الاحرام من ميقاته، الذي يمر عليه إن كان أقرب إلى مكة من
منزله (أو) من (دويرة أهله إن كانت أقرب) إلى مكة، خلافا لمجاهد، فإنه
قال: يهل من مكة (1). وزاد الشيخ في المبسوط رابعا: هو الحج من سنته (2).
قال الشهيد: وفيه إيماء إلى أنه لو فاته الحج انقلب إلى العمرة، فلا يحتاج
إلى قلبه عمرة في صورة الفوات (3).
(وكذا القارن، ويستحب له بعد التلبية) إن عقد إحرامه بها أحد أمرين
وإن عقده بأحد الأمرين استحبت التلبية، كما يأتي، والأمران (الاشعار)
والتقليد.
فالاشعار يختص بالبدن، وهو (بشق) الجانب (الأيمن من سنام
البدنة) التي يسوقها (وتلطيخ صفحته) تلك (بالدم) السائل بشقها ليشعر
بكونها هديا.
ومن العامة من يشق الأيسر (4)، وينبغي أن تشعر باركة للأخبار، وقال
الصادق (ع) ليونس بن يعقوب: فاستقبل بها القبلة وأنخها، ثم ادخل المسجد
فصل ركعتين، ثم أخرج إليها فأشعرها في الجانب الأيمن، ثم قل: بسم الله، اللهم
منك ولك، اللهم تقبل مني (5).
وفي حسن معاوية بن عمار: البدن يشعر من الجانب الأيمن ويقوم الرجل في
الجانب الأيسر (6).
(ولو تكثرت) البدن (دخل بينها وأشعرها يمينا وشمالا) فقد رخص
له ذلك تخفيفا، فقال الصادق (ع) في صحيح حريز: إذا كانت بدن كثيرة فأردت

(1) المجموع: ج 7 ص 103.
(2) المبسوط: ج 1 ص 307.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 340 درس 79.
(4) المجموع: ج 8 ص 360، والمحلى: ج 7 ص 112.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 199 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 2، مع تفاوت يسير.
(6) المصدر السابق ح 4.
52

أن تشعرها، دخل الرجل بين بدنتين فيشعر هذه من الشق الأيمن ويشعر هذه من
الشق الأيسر (1). وفي خبر جميل: إذا كانت البدن كثيرة قام بين ثنتين ثم أشعر
اليمنى ثم اليسرى (2).
وقال (ع) في خبر جابر: إنما استحسن إشعار البدن، لأن أول قطرة تقطر من
دمها يغفر الله عز وجل له على ذلك (3).
وبالجملة، فيستحب له الاشعار أو التقليد والجمع أفضل، لنحو قول
الصادق (ع) في حسن معاوية: البدن تشعر في الجانب الأيمن ويقوم الرجل في
الجانب الأيسر، ثم يقلدها بنعل قد صلى فيها (4). وفي صحيحه: البدنة يشعرها من
جانبها الأيمن ثم يقلدها بنعل قد صلى فيها (5).
ولا يتعين الجمع وإن اقتصر عليه في النهاية (6) والمبسوط (7) والتهذيب (8)
والاقتصاد (9) للأصل، ونحو قوله (ع) في صحيح معاوية: يوجب الاحرام ثلاثة
أشياء: التلبية والاشعار والتقليد، فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم (10).
(أو التقليد: بأن يعلق في رقبته نعلا صلى) هو (فيه) لخبري معاوية
المتقدمين، وصحيح آخر له عنه (ع): تقلدها نعلا خلقا قد صليت فيه (11). ونص

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 201 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 19.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 200 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 201 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 15.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 199 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 201 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 17.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 464.
(7) المبسوط: ج 1 ص 311.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 43 ذيل الحديث 125.
(9) الإقتصاد: ص 301.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 202 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 20.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 200 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 11.
53

القاضي على أن الأفضل أن يكون صلى فيه (1). وقال ابن زهرة: يعلق عليه نعل
أو مزادة (2).
وفي المنتهى (3) والتذكرة: أن يعلق في رقبته نعلا صلى فيه أو خيطا، أو سيرا
أو ما أشبهما (4) لقول أبي جعفر في في صحيح زرارة: كان الناس يقلدون الغنم
والبقر وإنما تركه الناس حديثا ويقلدون بخيط وسير (5). وفي الدلالة نظر. ولذا
قال الشيخ في النهاية (6) وابن إدريس: والتقليد يكون بنعل قد صلى فيه لا يجوز
غيره (7).
وفي التحرير: يجعل في رقبة الهدي نعلا أو خيطا أو سيرا أو ما أشبههما قد
صلى فيه (8). وكذا الدروس (9).
(وهو) أي التقليد (مشترك [بين البدن وغيرها] (10)) لما سمعته الآن
من الأخبار، وقال أبو حنيفة ومالك: لا يقلد الغنم (11)، وقال أبو حنيفة: الاشعار
مثلة وبدعة (12).
ولا يجب عليه شئ من الأمرين اتفاقا، للأصل، وصحيح معاوية بن عمار
عن الصادق (ع): في رجل ساق هديا ولم يقلده ولم يشعره، قال: قد أجزاء عنه،
ما أكثر ما لا يقلد ولا يشعر ولا يحلل (13).
(وللقارن والمنفرد الطواف إذا دخلا مكة قبل الوقوف) بعرفات،
واجبا ومندوبا دون المتمتع بعد إحرام الحج، كما يأتي.

(1) المهذب: ج 1 ص 209.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 5.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 679 س 9.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 328 س 9.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 200 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 9.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 470.
(7) السرائر: ج 1 ص 524.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 13.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 349 درس 91.
(10) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(11) المجموع: ج 8 ص 360.
(12) المجموع: ج 8 ص 358.
(13) وسائل الشيعة: ج 8 ص 200 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 10.
54

أما الواجب - أعني طواف الحج - فيأتي، وأما المندوب وكأنه المراد هنا
فالظاهر الاتفاق على جوازه كما في الإيضاح (1)، ولعل مثله الواجب بنذر وشبهه
غير طواف الحج.
(لكنهما يجددان التلبية استحبابا) كما في السرائر (2)، وظاهر إطلاق
الجمل والعقود (3) والجامع (4).
(عقيب صلاة الطواف) لصحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال
للصادق (ع): إني أريد الجواز بمكة فكيف أصنع؟ قال: إذا رأيت الهلال هلال ذي
الحجة فاخرج إلى الجعرانة فاحرم منها بالحج، فقال: كيف أصنع إذا دخلت مكة
أقيم إلى التروية لأطوف بالبيت؟ قال: تقيم عشرا لا تأتي الكعبة، أن عشرا لكثير
إن البيت ليس بمهجور ولكن إذا دخلت مكة فطف بالبيت، واسع بين الصفا
والمروة، فقال: أليس كل من طاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل؟ فقال: إنك
تعقد بالتلبية، ثم قال: كلما طفت طوافا وصليت ركعتين فاعقد طوافا بالتلبية (5).
وحسن معاوية بن عمار سأل الصادق (ع) عن المفرد للحج هل يطوف
بالبيت بعد طواف الفريضة؟ قال: نعم ما شاء، ويجدد التلبية بعد الركعتين، والقارن
بتلك المنزلة يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية (6).
والظاهر ما ذكره الشيخ من الطواف مندوبا بعد طواف الفريضة مقدما على
الوقوف ولا يجب، كما هو ظاهر جمل العلم والعمل (7)، وظاهر المقنعة (8)
والمراسم على القارن (9).

(1) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 262.
(2) السرائر: ج 1 ص 522.
(3) الجمل والعقود: ص 131.
(4) الجامع للشرائع: ص 180.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 206 ب 16 من أقسام الحج ح 1.
(6) المصدر السابق ح 2.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 64.
(8) المقنعة: ص 391.
(9) المراسم: ص 103.
55

(ولا يحلان لو تركاها) كما في النهاية (1) والمبسوط (2)، لظاهر الخبرين،
وما رواه الفضل عن الرضا (ع) في العلل من أنهم أمروا بالتمتع إلى الحج لأنه
تخفيف - إلى قوله -: وأن لا يكون الطواف بالبيت محظورا، لأن المحرم إذا طاف
بالبيت أحل إلا لعلة، فلولا التمتع لم يكن للحاج أن يطوف، لأنه إن طاف أحل
وأفسد إحرامه، وخرج منه قبل أداء الحج (3).
وصحيح زرارة: سأل أبا جعفر (ع) ما أفضل ما حج الناس؟ قال: عمرة في
رجب، وحجة مفردة في عامها، قال: فالذي يلي هذا؟ قال: المتعة، قال: فما الذي
يلي هذا؟ قال: القران، والقران أن يسوق الهدي، قال: فما الذي يلي هذا؟ قال:
عمرة مفردة ويذهب حيث شاء، فإن أقام بمكة إلى الحج فعمرته تامة وحجته
ناقصة مكية، قال: فما الذي يلي هذا؟ قال: ما يفعله الناس اليوم يفردون الحج،
فإذا قدموا مكة وطافوا بالبيت أحلوا، وإذا لبوا أحرموا، فلا يزال يحل ويعقد حتى
يخرج إلى منى بلا حج ولا عمرة (4).
(على رأي) وفاقا لابن إدريس (5)، وللشرائع (6) على احتمال، للأصل
والاتفاق على أن القارن لا يمكنه العدول إلى التمتع والاحلال ما لم يبلغ الهدي
محله، وتظافر الأخبار به، ولأن الاحرام عبادة لا ينفسخ إلا بعد الاتيان بأفعال ما
أحرم له، أو ما عدل إليه.
وإن نوى الانفساخ فالمعتبر لا يحل ما لم يأت بطواف العمرة وسعيه، والحاج
ما لم يأت بالوقوفين والطوافين للحج، وإنما الأعمال بالنيات، فلا ينصرف
للطواف المندوب إلى طواف الحج، ولا ينقلب الحج عمرة بلا نية، بل حج القارن
لا ينقلب عمرة مع النية أيضا.

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 464.
(2) المبسوط: ج 1 ص 311.
(3) علل الشرائع. ص 274.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 181 ب 4 من أبواب أقسام الحج ح 23.
(5) السرائر: ج 1 ص 524 - 525.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 240.
56

وأما قول الباقر (ع) في خبر زرارة: من طاف بالصفا والمروة أحل أحب أو
كره (1). فظاهره المفروض من الطوافين في العمرة أو في الحج بعد الوقوفين.
فظهر ضعف قول الشهيد، دليل التحلل ظاهر، والفتوى مشهورة، والمعارض
منتف. وقولهم: " لكل امرئ ما نوى " إن أرادوا به أن التحلل لا يكون بغير نية منع،
وسنده قوله (ع): " أحب أو كره " ولأن ما يجعله الشارع سببا مستقلا أقوى من
منوي العبد، ولهذا يتحلل المصلي بالحدث وتعمد الكلام ولو نوى التحريم،
ويتحلل الصائم بالافطار ولو نوى الصوم، ولأن النسك إذا انعقد بنوع من الأنواع
متعين بالأصالة لا يجوز العدول منه إلى غيره في الأقوى. وقد أفتى به بعض
هؤلاء، فإذا حرم العدول لم يؤثر نية التحلل أصلا، فإن تمسكوا بالأحاديث
المتلوة في التحلل، فليس فيها إشارة إلى النية فضلا عن التصريح (2) إنتهى.
وأجاد المحقق حيث جعل الأولى تجديد التلبية (3)، خروجا من خلاف
الأصحاب، وظاهر الأخبار، وينبغي المبادرة بها.
وهل يجب مقارنتها بنية الاحرام، فلا يعتد بما يخلو منها عن ذلك؟ وجهان
مبنيان على أن التلبية كتكبيرة الاحرام أو لا.
(وقيل) في التهذيب، يحل (المفرد خاصة (4)، إن لم يجدد التلبية، لما
عرفت من أن السائق لا يحل ما لم (5) يبلغ الهدي محله، ولنصوص صحيح زرارة
أن رجلا جاء أبا جعفر (ع) وهو خلف المقام فقال: إني قرنت بين حج وعمرة،
فقال له: هل طفت بالبيت؟ فقال: نعم، فقال: هل سقت الهدي؟ فقال: لا، فأخذ أبو
جعفر (ع) بشعره ثم قال: أحللت والله (6).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 184 ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 5.
(2) غاية المراد: ص 32 (مخطوط).
(3) المعتبر: ج 2 ص 796.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 44 ذيل الحديث 131.
(5) في خ " بما لا ".
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 184 ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 7.
57

وقول أبي جعفر (ع) في خبر زرارة: من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل
أحب أو كره، إلا من اعتمر في عامه ذلك، أو ساق الهدي وأشعره وقلده (1). وخبر
أبي بصير سأل الصادق (ع) رجل يفرد بالحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا
والمروة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة، فقال: إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا
متعة له (2).
وقول أبي الحسن (ع) في مرسل يونس بن يعقوب: ما طاف بين هذين
الحجرين - الصفا والمروة - أحد إلا أحل إلا سائق الهدي (3).
وكان معناه أن سائق الهدي لا يحل ما لم يذبحه أو ينحره ساقه في حج أو
عمرة، قدم طوافه وسعيه على الوقوفين أو أخر، أما المفرد فلا هدي عليه. وأما
المتمتع [فلا يسعى إلا بعد، وأما المتمتع] (4) فإنما يسعى اختيارا بعد سائر المناسك.
وعكس المفيد (5) والسيد (6) وسلار (7) والقاضي فأوجبوا التجديد على القارن
دون المفرد. لكن القاضي صرح بالطواف المندوب في القارن، فقال فيه: فإذا
وصل إلى مكة وأراد دخولها جاز له إلا أنه لا يقطع التلبية بها، ولا يقطعها إلى زوال
الشمس من يوم عرفة، وهو التاسع من ذي الحجة. وإن أراد أن يطوف بالبيت
تطوعا جاز له ذلك، إلا أنه كلما طاف جدد التلبية ليعقد بها إحرامه، لأنه لو ترك
ذلك لدخل في كونه محلا وبطلت حجته وصارت عمرة. وقال في الافراد:
ويستحب للمفرد تجديد التلبية عند كل طواف (8). وهو ليس نصا في المندوب.
وأما الآخرون فظاهرهم الطواف لواجب النسك كما ذكره الشهيد (9)، فإن

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 184 ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 5.
(2) المصدر السابق ح 9.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 185 ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 6.
(4) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(5) المقنعة: ص 391.
(6) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 64.
(7) الراسم: ص 103.
(8) المهذب: ج 1 ص 211.
(9) غاية المراد: ص 32 (مخطوط).
58

عبارة المفيد كذا: وعليه في قرانه طوافان بالبيت وسعي واحد بين الصفا والمروة،
ويجدد التلبية عند كل طواف. [وقال في الافراد: وليس عليه هدي، ولا تجديد
للتلبية عند كل طواف (1)] (2). ومثلها عبارة السيد فيهما (3)، وعبارة سلار في
القران (4)، ولم يتعرض في الافراد بشئ.
وكان مراد الجميع الطواف المندوب، وكأنهم استندوا إلى أن انقلاب حج
المفرد إلى العمرة جائز دون حج القارن، وأن الطواف المندوب قبل الموقفين
يوجب الاحلال [إذ لم يجدد] (5) التلبية بعده، فالمفرد لا بأس عليه إن لم يجددها،
فإن غاية أمره انقلاب حجته عمرة وهو جائز بخلاف القارن فإنه إن لم يجددها
لزم انقلاب حجته عمرة، ولا يجوز.
وأما ما ذكره القاضي من استحباب التجديد للمفرد، فإن أراد بعد الطواف
المندوب، فعسى يكون للاحتراز عن الانقلاب إلى العمرة، لكن فيه أن الافراد إن
لم يتعين، فأخبار حجة الوداع ناطقة باستحباب العدول إلى التمتع، وإن تعين
وجب التجديد بناء على ذلك. ويحتمل أن يريد استحبابه له عقيب طوافه الواجب،
واستند فيه إلى ما لا نعرفه.
وفي موضع من المبسوط استحبابه لهما عند كل طواف (6). والظاهر الواجب
النسك، لتصريحه في المندوب بما مر، ولا كثير فصل بين الموضعين.
(والحق) أنهما إنما يحلان (بشرط النية) أي نية الاحلال، بأن ينوي
بالطواف أنه طواف الحج أو ينوي العدول إلى العمرة وبالطواف أنه طوافها.
(وللمفرد - بعد دخول مكة - العدول إلى التمتع) إن لم يتعين عليه
الافراد على المختار، ومطلقا على قول مضى اختيارا فضلا عن الاضطرار

(1) المقنعة: ص 391.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(3) جمل العمل والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 64.
(4) المراسم: ص 103.
(5) في خ " إن لم يتجدد ".
(6) المبسوط: ج 1 ص 308.
59

بالاجماع كما في الخلاف (1) والمعتبر (2) والمنتهى (3)، ولما تظافرت به الأخبار من
أمر النبي (ص) الأصحاب بالعدول، بل ظاهرها وغيرها استحباب العدول إلى
المتعة إذا أتى مكة.
وعن أبي علي اشتراط العدول [بالجهل بوجوب العمرة (4).
وهل له العدول] (5) إلى عمرة مفردة اختيارا؟ احتمال، والأحوط العدم،
لكن إذا عدل إلى عمرة التمتع فأحل منها جاز أن لا يأتي بالحج إذا لم يجب عليه،
ولم نقل بوجوبه بالشروع في عمرة التمتع.
ويأتي اشتراط صحة العدول، بأن لا يلبي بعد الطواف أو السعي، والخلاف
فيه.
و (لا) يمكن (للقارن) العدول والاضطرار، كما يقتضيه إطلاق الأخبار
للأصل والاجماع، والأخبار، تعين عليه القران قبل الاحرام به أم لا، لتعينه
بالسياق. وإذا عطب هديه قبل مكة ولم يجب عليه الابدال، فهل يصير كالمفرد في
جواز العدول احتمال، لتعليل منعه منه في الأخبار بأنه لا يحل حتى يبلغ الهدي
محله (6).
(ولا يخرج) النائي المستوطن بغير مكة وحواليها إلى اثني عشر ميلا أو
ثمانية أو أربعين (المجاور) بمكة (عن فرضه) المستقر عليه قبل، أي التمتع،
نوى استيطانها أبدا أو لا، كأن نوى استيطان غيرها أولى وإن أقام ما أقام، لأن
الذمة إذا اشتغلت به لم تبرأ منه إلا بفعله أو بفعل بدله الشرعي، ولا دليل شرعيا هنا
على بدله، وكذا لا يخرج عن فرض النائي إذا لم يكن مستقرا عليه، بل تجددت له

(1) الخلاف: ج 2 ص 269 المسألة 37.
(2) المعتبر: ج 2 ص 7 79.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 663 س 25.
(4) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 333 درس 86.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من خ.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 49 و ص 183 ب 2 و ب 5 من أبواب أقسام الحج.
60

الاستطاعة بعد المجاورة، وكأن نوى استيطان غير مكة، أو انتسب إلى غيرها وإن
لم يكن ناويا للاستيطان إذا لم ينو الآن استيطان مكة أبدا. وقيل مطلقا (1).
(بل يخرج إلى الميقات) أي ميقات عمرة التمتع، أي المواقيت شاء كما
يعمه الاطلاق هنا، وفي النهاية (2) والمقنع (3) والمبسوط (4) والشرائع (5) والارشاد (6)
ويقتضيه الدليل. إذ لا خلاف في أن من مر على ميقات أحرم منه وإن لم يكن من
أهله.
وما في الخلاف (7) والمقنعة (8) والكافي (9) والجامع (10) والنافع (1 1) والمعتبر (12)
والتحرير (13) والمنتهى (14) والتذكرة (15) وموضع من النهاية (16) وبعض الأخبار (17) من
إحرامه من ميقات أهله أو بلده، فالظاهر الاحتراز عن مكة.
(ويحرم لتمتع حجة الاسلام) بعمرتها من الميقات - مع الامكان - لا من
غيره وفاقا للمعظم، لعموم أدلة الاحرام منه بعمرة التمتع، وخصوص نحو خبر
سماعة سأل أبا الحسن (ع) عن المجاور أله أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال: نعم،
يخرج إلى مهل أرضه فيلبي إن شاء (18). وقول أبي جعفر (ع) في مرسل حريز:
من دخل مكة بحجة عن غيره ثم أقام سنة فهو مكي، فإذا، أراد أن يحج عن

(1) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: ج 7 ص 207.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 466.
(3) المقنع: ص 85.
(4) المبسوط: ج 1 ص 313.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 240.
(6) إرصاد الأذهان: ج 1 ص 309.
(7) الخلاف: ج 1 ص 285 المسألة 60.
(8) المقنعة: ص 396.
(9) الكافي في الفقه: ص 202.
(10) الجامع للشرائع: ص 178.
(11) المختصر النافع: 80.
(12) المعتبر: ج 2 ص 799.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 93 س 34.
(14) منتهى المطلب: ج 2 ص 664 س 16.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 319 س 17.
(16) النهاية ونكتها: ج 1 ص 467.
(17) وسائل الشيعة: ج 8 ص 238 ب 14 من أبواب المواقيت.
(18) وسائل الشيعة: ج 8 ص 190 ب 8 من أبواب أقسام الحج ح 1.
61

نفسه، أو أراد أن يعتمر بعدما انصرف من عرفة، فليس له أن يحرم من مكة، ولكن
يخرج إلى الوقت، وكلما حول خرج إلى الوقت (1).
وقال الحلبي: يجوز له أن يحرم من الجعرانة (2)، لقول الصادق (ع) في خبر
سماعة: ومن دخلها بعمرة في غير أشهر الحج، ثم أراد أن يحرم، فليخرج إلى
الجعرانة فيحرم منها، ثم يأتي مكة ولا يقطع التلبية حتى ينظر إلى البيت، ثم
يطوف بالبيت ويصلي الركعتين عند مقام إبراهيم، ثم يخرج إلى الصفا والمروة
ويطوف بينهما، ثم يقصر ويحل، ثم يعقد التلبية يوم التروية (3).
(فإن تعذر) خروجه إلى الميقات (خرج إلى خارج الحرم) فأحرم
منه كغيره، وسأل الحلبي الصادق (ع) في الصحيح عن القاطنين بمكة، فقال: إذا
أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة، فإذا أقاموا شهرا فإن لهم أن
يتمتعوا، قال: من أين؟ قال: يخرجون من الحرم (4). وسأله (ع) حماد عن القاطن
بها؟ فقال: إذا أقام بها سنة أو سنتين صنع كما يصنع أهل مكة، قال: فإن مكث
الشهر، قال: يتمتع، قال: من أين؟ قال: يخرج من الحرم (5).
(فإن تعذر أحرم من موضعه) كغيره، وأجازه الشافعي اختيارا (6) (إلا
إذا أقام) بها (ثلاث سنين، فيصير في الثالثة) لا الرابعة، كما يظهر من
المبسوط (7) والنهاية (8) والسرائر (9) (كالمقيم) بها أبدا (في نوع الحج) إذا

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 194 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 9.
(2) الكافي في الفقه: ص 202.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 190 ب 8 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 192 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 194 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(6) المجموع: ج 7 ص 203.
(7) المبسوط. ج 1 ص 308.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 463.
(9) السرائر: ج 1 ص 522.
62

استطاع فيها، وفاقا لكتابي (1) الأخبار وكتب المحقق (2) والجامع (3) لقول أبي
جعفر (ع) في صحيح زرارة: من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة، لا متعة له (4).
وفي صحيح عمر بن يزيد: المجاور بمكة يتمتع بالعمرة إلى الحج إلى سنين،
فإذا جاوز سنتين كان قاطنا، وليس له أن يتمتع (5). وما مر من خبري الحلبي
وحماد وما فيهما من إقامة سنة، فلعله كما في المختلف (6) مبني على أن القاطن
من أقام بها سنة، فإذا أقام سنة أخرى أقام سنتين.
ويجوز بناؤه على التقية كقول الصادق (ع) أيضا في خبر حفص بن البختري:
إن كان مقامه بمكة أكثر من ستة أشهر فلا يتمتع، وإن كان أقل من ستة أشهر فله أن
يتمتع (7).
وفي مرسل الحسين بن عثمان وغيره: من أقام بمكة خمسة أشهر فليس له أن
يتمتع (8). وقول أحدهما (ع) في خبر ابن مسلم: من أقام بمكة ستة أشهر فهو
بمنزلة أهل مكة (9). بناء على اكتفاء العامة في صيرورته من حاضري المسجد
الحرام بالاستيطان ستة أشهر أو الدخول في الشهر السادس (10).
وأما اشتراط الإقامة ثلاث سنين كاملة، ففي المنتهى: إنه لا دليل له (11)،

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 34 ذيل الحديث 100، والاستبصار: ج 2 ص 159 ذيل
الحديث 518.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 240، والمعتبر: ج 2 ص 799، والمختصر النافع: ص 80.
(3) الجامع للشرائع: ص 178.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 191 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 192 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 33.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 191 ب 8 من أبواب أقسام الحج ح 3.
(8) المصدر السابق ح 5.
(9) المصدر السابق ح 4.
(10) الحاوي الكبير: ج 4 ص 62.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 664 س 21.
63

واستدل له في المختلف بالاستصحاب إلى الدخول في أهل مكة إجماعا (1).
ويمكن أن تكون عبارة الكتاب إشارة إلى رفع الخلاف بتأويل الإقامة ثلاثا
إلى الدخول في الثالثة، وهو تأويل قريب جدا، قطع به الشهيد (2). ثم إنه استظهر
من أكثر الروايات انتقال الفرض في السنة الثانية، والأمر كذلك، فقد سمعت
خبري الحلبي وحماد عن الصادق (ع)، وقال (ع) في خبر عبد الله بن سنان:
المجاور بمكة سنة يعمل عمل أهل مكة - قال الراوي: - يعني يفرد الحج مع أهل
مكة، وما كان دون السنة فله أن يتمتع (3).
وقال الباقر (ع) في مرسل حريز: من دخل مكة بحجة عن غيره ثم أقام سنة
فهو مكي (4). وأفتى بهذا الخبر الصدوق في المقنع (5)، ولا يعارضها غيرها
لاحتمال صحيحي زرارة (6) وعمر بن يزيد: الدخول في الثانية (7)، وسنتي الحج
بمعنى زمان يسع حجتين، وهو سنة، كما أن شهر الحيض ثلاثة عشر يوما.
وفي كون الإقامة في أقل من اثني عشر ميلا أو ثمانية وأربعين ميلا إلى مكة
كالإقامة بها، احتمال قريب، ثم صيرورة المجاور كالمكي في نوع الحج لا خلاف
فيه، وفي بعض القيود إذا أريد المقام بها أبدا. وفي المسالك: إنه مخالف للنص
والاجماع (8).
(ويحتمل العموم) أي صيرورته مثله فيه وفي غيره من أحكام الحج
خاصة أو وغيرها، حتى في الوقوف والنذر وغيرهما (فلا يشترط) في
وجوب الحج عليه (الاستطاعة) المشروطة له من بلده، من الزاد الذي يكفي

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 32.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 331 درس 86.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 194 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 8.
(4) المصدر السابق ح 9.
(5) المقنع: ص 85.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 191 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(7) المصدر السابق ح 2.
(8) مسالك الأفهام: ج 1 ص 102 س 21.
64

بمؤونة منه إلى الرجوع، والراحلة كذلك.
بل يكفي استطاعته كاستطاعة أهل مكة، وذلك من عموم الآية، وكثير من
الأخبار، وقول الباقر (ع) في صحيح زرارة: فهو من أهل مكة (1). وفي مرسل
حريز: فهو مكي (2). وقول أحدهما (ع): فهو بمنزلة أهل مكة (3).
وكون تلك الاستطاعة شرطا للتمتع ولا تمتع هنا، وهو ممنوع، بل هي شرط
وجوب الحج على النائي مطلقا، وتعين المتعة أمر آخر، مع أنه قد يجب عليه
الافراد والقران، ومن عموم أدلة استطاعة النائي، والاستصحاب، وأصل
البراءة.
وقد يفرع هذا إلى الكلام على قوله: " فيصير كالمقيم في نوع الحج "، ويجعل
قوله: " ويحتمل العموم " اعتراضا، بناء على عدم احتمال شرائط الاستطاعة
المشروطة للنائي هنا، ومعلوم أنها لا يشترط إذا نوى استيطان مكة أبدا.
(وذو المنزلين) منزل (بمكة) أو حواليها إلى اثني عشر ميلا أو ثمانية
وأربعين ميلا، (و) منزل (ناء) بحيث لا يريد الاستيطان أحدهما دائما، بل
إنما يريد استيطانهما معا، اختيارا أو اضطرارا إليهما أو إلى أحدهما، لخوف مثلا.
(يلحق بأغلبهما إقامة) كما في المبسوط (4) والجامع (5) وكتب المحقق، فإن
كان الأغلب مكة قبل استطاعته الحج كان عليه الافراد والقران، وإن لم يقم بها
سنة أو أقل، وإن كان غيرها فعليه التمتع، إلا أن يجاور بمكة المدة المقدمة متصلة
بالاستطاعة للعرف (6). وصحيح زرارة: سأل الباقر (ع): أرأيت إن كان له أهل
بالعراق وأهل بمكة؟ قال: فلينظر أيهما الغالب عليه فهو من أهله (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 191 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 194 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 9.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 191 ب 8 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(4) المبسوط: ج 1 ص 308.
(5) الجامع للشرائع: ص 178.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 240، والمختصر النافع: ص 80، والمعتبر ج 2: ص 799.
(7) وسائل الشيعة. ج 8 ص 191 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 1.
65

ويحتمله ما مر من قول الصادق (ع) في خبر حفص: إن كان مقامه بمكة أكثر
من ستة أشهر فلا يتمتع، وإن كان أقل من ستة أشهر فله أن يتمتع (1).
وقول أحدهما (ع) في خبر ابن مسلم: من أقام بمكة ستة أشهر فهو بمنزلة
أهل مكة (2). على أن يراد إقامته في كل سنة ستة أشهر، أو أكثر، أو أقل. وكذا إذا
لم يرد استيطان شئ من المنزلين ولا اضطرارا، بل كان أبدا مترددا أو محبوسا
فيهما، ولو كان محبوسا في أحدهما من دون إرادة لاستيطانه مستوطنا للآخر ولو
اضطرارا. فالظاهر أنه من أهل الآخر.
وصحيح زرارة إنما يتناول بظاهره الاستيطان بل الاختياري، كما أن
الأخيرين يشملان الحبس، وحكم المنازل النائية حكم واحد.
(فإن تساويا) واستطاع منهما (تخير) كان في أحدهما أو في غيرهما
للانتفاء المرجح، والأحوط غير التمتع، لصدق كونه من أهل مكة أو حواليهما
وحاضري المسجد الحرام، مع دلالة النصوص على اختصاص التمتع بغيرهم.
وإذا تمتع فليحرم بالعمرة من أحد المواقيت التي للنائي، وظاهر المبسوط
جوازه من منزله بمكة، قال: غير أنه لا يلزمه دم (3). وإن استطاع من أحدهما
خاصة وجب عليه فرضه، لعموم الآية (4) والأخبار (5).
وفي بعض القيود: إنما يتخير إذا استطاع في غيرهما، ولو استطاع في
أحدهما لزمه فرضه، ولا دليل عليه.
وإن اشتبه الأمر قيل: يتخير أيضا، والأحوط غير التمتع، لما عرفت وعلى
القول بجوازه لأهل مكة، فهو الأحوط (6).
ولا فرق في المنزلين بين أن يسكن فيهما أو في أحدهما، مكانا مغصوبا أو

(1) المصدر السابق ح 3.
(2) المصدر السابق ح 4.
(3) المبسوط: ج 1 ص 308.
(4) آل عمران: 97.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 28 ب 11 من أبواب وجوب الحج.
(6) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: ج 7 ص 211.
66

لا. نعم لو كان جميع الصقع الذي يريد استيطانه مغصوبا احتمل عدم اعتبار كونه
فيه ولا بين أن يكون بينهما مسافة القصر أو أقل.
والظاهر احتساب أيام عدم التكليف، وإرادة الاستيطان حينئذ يتعلق بالولي
قبل التميز، وبه أو بنفسه بعده، كما أن إرادة استيطان الزوجة والمملوك تتعلق
بالزوج والمالك.
وهل يطرح أيام السفر بينهما من البين أو يحسب أيام التوجه إلى كل من
الإقامة؟ فيه وجهان، ويجوز أن يكون لأحدهما. قال أحدهما (ع): من أقام
بمكة ستة أشهر فهو بمنزلة أهل مكة (1).
وإن كان المجاور الذي ينتقل فرضه بالمجاورة يعم من يريد الاستيطان بمكة
أبدا [كما قيل أو يخص به لم يناف ما هنا لأنه لما كان أولا يريد الاستيطان بغير
مكة أبدا] (2) جاز أن لا ينتقل فرضه ما لم يقم بمكة سنتين وإن لم يكن قام بغيرها
إلا أياما قليلة [ولما كان أخيرا يريد الاستيطان بمكة أبدا، جاز أن ينتقل فرضه إذا
أقام بها سنتين، وإن كان أقام بغيرها سنتين] (3) ولما كان هذا من أول الأمر يريد
الاستيطان تارة بمكة وتارة بغيرها أو مترددا اعتبر الأغلب مع استثناء المجاورة
الناقلة كما نقلناه، إلا على اختصاصهما بمريد استيطان مكة أبدا فلا استثناء.
فإن قلت: على المختار من اختصاص هذه المسألة بمن ذكره، وما تقدمها
بمن لم يرد استيطان مكة، ما حكم من يريد استيطانها أبدا بعد أن كان مستوطنا
لغيرها، أو لم يكن مستوطنا لمكان.
قلت: كأنه بإرادة استيطانها أبدا يجب عليه فرض أهل مكة في العام الأول،
ويحتمل أن يكون معنى هذه المسألة أن من كان مستوطنا لغير مكة أبدا فبدأ له
استيطانها أبدا لحق بالأغلب، وتخير مع التساوي إن تحقق الغلبة، أو التساوي قبل

(1) تقدم سابقا.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(3) ما بين المعقوفين ساقط من " خ ".
67

سنتين والاستطاعة بعدهما، ولكنه خلاف ظاهر صحيح زرارة (1).
(والمكي المسافر إذا جاء) من سفره (على ميقات) من المواقيت
الخمسة التي للآفاق (أحرم منه للاسلام) بفرضه إن كان في أشهر الحج وضاق
الوقت (وجوبا) وإن كان ميقاته دويرة أهله، لأنها مواقيت لكل من مر بها، ولا
يجوز مجاوزتها بلا إحرام إذا أريد دخول مكة كما نطقت به الأخبار (2)
والأصحاب، ومر القول بجواز التمتع له حينئذ.
فإن لم يحرم منه أساء وأجزأه الاحرام من دويرة أهله، كمن مر على ذي
الحليفة فلم يحرم حتى أتى الجحفة.
وأما إذا كانت ذمته بريئة من حجة الاسلام، أو لم يكن في أشهر الحج، أو
اتسع الوقت كأول شوال، فلا يجب عليه الاحرام منه، إلا إذا أراد دخول مكة وقد
مضى شهر من سفره، فيجب الاحرام بنسك لذلك. وعبارات الإرشاد (3) والنافع (4)
والتحرير (5) وغيرها أوضح من هذه العبارة، ففي الإرشاد: ولو حج المكي على
ميقات أحرم منه وجوبا، ونحوه غيره.
(ولا هدي على القارن والمفرد وجوبا) للأصل، والاجماع،
والأخبار (6)، ومفهوم الآية (7). نعم على القارن ما ساقه فقط، فإن عطب في
الطريق لم يكن عليه غيره. (وتستحب) لهما (الأضحية) كغيرهما.
(ويحرم قران نسكين) العمرة والحج (بنية واحدة) وفاقا للمعظم،
لأنهما عبادتان متباينتان لا يجوز الاتيان بأحدهما إلا مع الفراغ من الأخرى.

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 191 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 240 ب 15 من أبواب المواقيت.
(3) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 309.
(4) المختصر النافع: ص 80.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 93 س 33.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 85 ب 1 من أبواب الذبح.
(7) البقرة: 96.
68

ولا بد في النية من مقارنتها المنوي، فهو كنية صلاتي الظهر والعصر دفعة. خلافا
لأبي علي (1) والحسن (2).
قال الشهيد: وظاهر الصدوقين لقول أمير المؤمنين (ع) في صحيح الحلبي:
لبيك بحجة وعمرة معا لبيك (3). وقول الصادق (ع) في صحيح يعقوب بن شعيب:
أجمعهما فأقول: لبيك بحجة وعمرة معا (4). وليسا صريحين في الجمع بينهما في
النية، بمعنى الاكتفاء بها لهما، وعدم الاحتياج إلى إحرام آخر، بل ولا إحلال في
البين، وإنما جاز الجمع بينهما في التلبية، لأن عمرة التمتع منوية، ومعناها العمرة
التي بعدها الحج، فاجتمعا في النية بهذا المعنى (5).
وعلى المختار هل يبطل لو فعل؟ قطع به في المختلف (6) واللمعة (7)
والدروس (8) لفساد النية لكونها غير مشروعة، وهو يستلزم فساد العمل،
وخصوصا الاحرام الذي عمدته النية.
والتحقيق أنه إن جمع في النية على أنه محرم بهما الآن وأن ما يفعله من
الأفعال أفعال لهما، أو على أنه محرم بهما الآن ولكن الأفعال متمايزة، إلا أنه لا
يحل إلا بعد إتمام مناسكهما جميعا، أو على أنه محرم بالعمرة أولا - مثلا - ثم
بالحج بعد إتمام أفعالها من غير إحلال في البين، فهو فاسد مع احتمال صحة
الأخير، بناء على أن عدم تخلل التحلل غير مبطل، بل يقلب العمرة حجا.
وإن جمع، بمعنى أن قصد من أول الأمر الاتيان بالعمرة ثم الاهلال بالحج أو
بالعكس فلا شبهة في صحة النية [وأول النسكين إلا من جهة مقارنة النية للتلبية إن

(1) نقله عنه الشهيد في الدروس الشرعية: ج 1 ص 329 درس 86.
(2) نقله عنه الشهيد في الدروس الشرعية: ج 1 ص 329 درس 86.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 30 ب 21 من أبواب الاحرام ح 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 25 ب 17 من أبواب الاحرام ح 3.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 229 درس 86.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 24.
(7) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 219.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 334 درس 87.
69

كانت كتكبيرة الاحرام بالصلاة، صحت] (1). فإن جدد للنسك الآخر نية صح أيضا
وإلا فلا.
وفي الخلاف: إذا قرن بين العمرة والحج في إحرامه لم ينعقد إحرامه
إلا بالحج، فإن أتى بأفعال الحج لم يلزمه دم، وإن أراد أن يأتي بأفعال العمرة
ويحل ويجعلها متعة جاز ذلك ويلزمه الدم (2). وبمعناه ما في المبسوط من أنه متى
أحرم بهما يمضي في أيهما شاء (3).
وما في الجامع من أنه إن كان فرضه المتعة قضى العمرة ثم حج وعليه دم،
وإن كان فرضه الحج فعله ولا دم عليه (4). وكأنهما أرادا المعنى الأخير، وإن قصد
إلى ثاني النسكين عزم لا نية، ولا ينافي صحة الأول ونيته. وإن أرادا أحد
المعنيين الأوليين - بناء على أن الاحرام بهما إحرام بأحدهما وزيادة - فغاية الأمر
إلغاء الزائد لا إبطالهما جميعا.
فيرد عليهما أنه حينئذ نوى عبادة مبتدعة، كما إذا نوى بركعة من صلاته
أنها من صلاتي الظهر والعصر جميعا، وإن أراد المعنى الباقي احتمل البطلان، لأن
الذي قصده من عدم التحلل في البين مخالف للشرع والصحة، بناء على أنه أمر
خارج عن النسك، والواجب إنما هو نيته، ولا ينافيها نية خارج مخالف للشرع،
بل غايتها اللغو، مع أن عدم التحلل في البين مشروع في الجملة، لأنه لا تبطل
العمرة بل يقلبها حجة.
(و) يحرم (إدخال أحدها على الآخر) بأن ينويه قبل الاحلال من
الآخر وإتمام أفعاله، أتم الأفعال بعد ذلك أو لا، لأنه بدعة وإن جاز نقل النية من
أحدهما إلى الآخر اضطرارا أو اختيارا، وحكمنا بانقلاب العمرة حجة مفردة إن
أحرم بالحج قبل التقصير وكأن الحكم إجماعي كما في الخلاف (5) والسرائر (6)،

(1) ما بين المعقوفين ساقط من " خ ".
(2) الخلاف: ج 2 ص 3 26 المسألة 30.
(3) المبسوط: ج 1 ص 317.
(4) الجامع للشرائع: ص 179.
(5) الخلاف: ج 2 ص 261 المسألة 27.
(6) السرائر: ج 1 ص 541.
70

ويعضده صحيح معاوية بن عمار سأل الصادق (ع) عن رجل أهل بالعمرة ونسي
أن يقصر حتى دخل في الحج، قال: يستغفر الله (1).
وأجمع الجمهور على جواز إدخال الحج على العمرة، واختلفوا في
العكس (2).
(و) يحرم (نية حجتين أو عمرتين) فصاعدا في إحرام واحد، فإنه
بدعة كنية صلاتين دفعة، فإن فعل بطل لذلك كما في التذكرة (3) والمختلف (4)
والمنتهى (5).
وفي الخلاف: يصح إحداهما ويلغو الأخرى، وبه قال الشافعي. قال الشيخ:
وإنما قلنا ذلك، لأن انعقاد واحده مجمع عليه، وما زاد عليها فلا دلالة عليه،
والأصل براءة الذمة (6).
وتردد المحقق (7) وصححهما أبو حنيفة، وأوجب عليه قضاء الثانية (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 73 ب 54 من أبواب الاحرام ح 3.
(2) المجموع: ج 7 ص 182.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 319 س 12.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 63.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 676 س 3.
(6) الخلاف: ج 2 ص 383 - 384 المسألة 235.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 240.
(8) المبسوط: للسرخسي: ج 4 ص 177.
71

(المطلب الرابع)
(في تفصيل شرائط الحج)
وجوب حج الاسلام (وفيه مباحث) أربعة، لكون الشروط أربعة:
(الأول):
التكليف
الذي يتضمن (البلوغ والعقل، فلا يجب على الصبي [ولا المجنون] (1)
الحج، بالاجماع والنصوص (2) (فلو حج عنهما) الولي إن لم يكونا مميزين،
أي جعلهما محرمين بنية (3)، وجنبهما ما يحرم على المحرم (أو) حج (بهما
الولي) أي أحجهما وأمرهما بالحج إن كانا مميزين فحجا (صح).
أما الصبي، فلا نعرف فيه خلافا، والأخبار فيه كثيرة، قال الصادق (ع) في
صحيح معاوية بن عمار: انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموهم إلى الجحفة
أو إلى بطن مرو، يصنع بهم ما يصنع بالمحرم، ويطاف بهم ويرمى عنهم، ومن لا
يجد الهدي فليصم عنه وليه (4).
وسأله (ع) عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح أن معنا صبيا مولودا،

(1) في القواعد المطبوعة " والمجنون ".
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 29 ب 12 و 13 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(3) في ط " بنيته ".
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 207 ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 3.
72

فقال (ع): مر أمه تلقى حميدة فتسألها كيف تصنع بصبيانها، فأتتها فسألتها،
فقالت: إذا كان يوم التروية فأحرموا عنه وجردوه وغسلوه كما يجرد المحرم،
وقفوا به المواقف، فإذا كان يوم النحر فارموا عنه واحلقوا رأسه، ثم زوروا به
البيت، ومري الجارية أن تطوف به بالبيت وبين الصفا والمروة (1).
وقال أحدهما (ع) في خبر زرارة: إذا حج الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره
أن يلبي ويفرض الحج، فإن لم يحسن أن يلبي لبوا عنه، ويطاف به ويصلى عنه.
قال زرارة: ليس لهم ما يذبحون، فقال (ع): يذبح عن الصغار ويصوم الكبار
ويتقى عليهم ما يتقى من الثياب والطيب، وإن قتل صيدا فعلى أبيه (2).
وأما المجنون فذكره المحقق في كتبه، واستدل له بأنه ليس أخفض حالا من
الصبي (3) وكذا المصنف في المنتهى (4)، وذكر الشيخ: إن من أتى الميقات ولم
يتمكن من الاحرام لمرض أو غيره أحرم عنه وليه وجنبه ما يتجنبه المحرم (5).
ويأتي الكلام فيه إن شاء الله.
ومعنى الصحة، إما حج المميز فكسائر عباداته، وإما حج الولي عن غيره
فاستحقاقه الثواب ولزوم الأفعال والتروك والكفارات عليه.
(ولم يجزء عن حجة الاسلام) إذا وجبت اتفاقا (بل يجب عليهما مع
الكمال الاستئناف) إن تحققت باقي الشروط، كما قال الصادق (ع) في خبر
مسمع: لو أن غلاما حج عشر حجج ثم احتلم كانت عليه فريضة الاسلام (6).
(و) لكن (لو أدركا) اختياري (المشعر كاملين أجزأها) عن

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 207 ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 208 ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 5.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 225، والمعتبر: ج 2 ص 748، والمختصر النافع: ص 75.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 649 س 2.
(5) المبسوط: ج 1 ص 313.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 30 ب 13 من أبواب وجوب الحج و.. ح 2.
73

حجهما للاسلام كما في المبسوط (1). وفي الخلاف (2) والوسيلة (3) في الصبي،
لتظافر الأخبار (4) بأن من أدرك المشعر أدرك الحج. وسيأتي مع ما يأتي من أن
من لم يحرم من مكة أحرم من حيث أمكنه، فالوقت صالح لإنشاء الاحرام. فكذا
لانقلابه أو قلبه مع أنهما قد أحرما من مكة وأتيا بما على الحاج من الأفعال، فلا
يكونان أسواء حالا ممن أحرم من عرفات - مثلا - ولم يدرك إلا المشعر.
وفي الخلاف (5) والتذكرة: الاجماع عليه في الصبي (6).
فإن كملا قبل فجر النحر، أو أمكنهما إدراك اضطراري عرفة، مضيا إليها، وإن
كانا وقفا بالمشعر قبل الكمال ثم كملا والوقت باق [وجب عليهم العود ما بقي وقت
اختياري المشعر، ومن العامة من لم يوجب العود واجتزأ بالكمال والوقت باق (7)] (8).
ولو قدما الطواف والسعي فهل يعيدانهما؟ الظاهر لا، للأصل. وقطع به في
التذكرة (9)، وللشافعية فيه وجهان (10).
وهل يجب تجديدهما النية كما في الخلاف (11) والمعتبر (12) والمنتهى (13)
والدروس (14)، بمعنى تجديد نية الاحرام كما في الخلاف، بمعنى أن ينوي أنه
من الآن محرم بحجة الاسلام؟ وجهان، من أن الأعمال بالنيات، ولا عبرة بنية
غير المكلف، مع أنه لم ينو حجة الاسلام، وخصوصا إذا اعتبر في النيات
التعرض للوجوب أو الندب، فلا ينقلب إلى الفرض إلا بنيه، وهو الأحوط. ومن

(1) المبسوط: ج 1 ص 297.
(2) الخلاف: ج 2 ص 378 المسألة 226.
(3) الوسيلة: ص 195.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(5) الخلاف: ج 2 ص 379 المسألة 227.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 299 س 18.
(7) المجموع: ج 7 ص 62 وفتح العزيز: ج 7 ص 429.
(8) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 299 س 24.
(10) المجموع: ج 7 ص 59.
(11) الخلاف: ج 2 ص 378 المسألة 226.
(12) المعتبر: ج 2 ص 749.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 649 س 27.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 306 درس 80.
74

الأصل، وانعقاد الاحرام، وانصراف الفعل (1) إلى ما في الذمة إذا نوى عينه وإن غفل عن
خصوصيته، ولم يتعرض لها في النية ولا للوجه، وكذا في نية الوقوف وما بعده هل
يجب عليه أن ينوي وجوبه، وكونه لحجة الاسلام؟
وأطلق في المعتبر والمنتهى تجديد نية الوجوب، وفي الدروس تجديد النية.
ويبتني (2) على الوجهين في النيتين أنه إن تبين بلوغه قبل فوت اختياري المشعر
بعده، بل بعد الفراغ من المناسك فهل يجزئ عن حجة الاسلام؟
ثم من المعلوم أن الأجزاء عن حجة الاسلام مشروط بالاستطاعة عند
الكمال، لكن الاتمام لما جامع الاستطاعة - التي للمكي غالبا - وكانت كافية في
الوجوب هنا وإن كانا نائيين (3) - كما مرت الإشارة إليه - لم يشرطوها. ولذا قال
في التذكرة: لو بلغ الصبي أو أعتق العبد قبل الوقوف أو في وقته وأمكنهما الاتيان
بالحج وجب عليهما ذلك، لأن الحج واجب على الفور، فلا يجوز لهما تأخيره مع
إمكانه كالبالغ الحر، خلافا للشافعي.
ومتى لم يفعلا الحج مع إمكانه فقد استقر الوجوب عليهما، سواء كانا
موسرين أو معسرين، لأن ذلك وجب عليهما بإمكانه في موضعه، فلم يسقط
بفوات القدرة بعده (4)، انتهى.
ومن اشترط استطاعة النائي لمجاور مكة اشترطها هنا في الاجزاء، ولا فرق
في الاجزاء بين أن يكون الفرض التمتع أو أحد الآخرين. لكن إن كان اعتمر
عمرة التمتع ثم أتى بحجه، وكان فرضه عند الكمال التمتع، فهل يبقى على التمتع
ويكفيه لعمرته ما فعله منها قبل الكمال؟ كلام الخلاف نص فيه، لقوله: كل موضع
قلنا إنه يجزيهما - أي الصبي والعبد - عن حجة الاسلام فإن كانا متمتعين لزمهما
الدم للتمتع (5).

(1) في خ " العقل ".
(2) في خ " ويتبني ".
(3) في ط " نائبين ".
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 299 س 29.
(5) الخلاف: ج 2 ص 380 المسألة 228.
75

وكذا قول المصنف في التذكرة: إذا أجزاء حجهما عن حجة الاسلام، بأن يدركا
أحد [الموقفين كاملين لم يكن عليهما دم مغاير لدم الهدي (1). ولا يساعده الدليل،
ولم يكن عليه إجماع، فإن إدراك أحد] (2) الاختيارين بعد صحة الحج والعمرة
فعل آخر مفصول منه، وقعت بتمامها في الصغر أو الجنون، كعمرة أوقعها في عام
آخر، فلا جهة للاكتفاء بها، ولذا قيل بالعدم (3)، فيكون كمن عدل اضطرارا إلى
الافراد، فإذا أتم المناسك أتى بعمرة مفردة في عامه ذلك أو بعده.
ومن القريب (4) ما قيل: إنه يأتي إذا أتمها بعمرة أخرى للتمتع في ذلك العام إن
كانت أشهر الحج باقية (5). ويسقط الترتيب بين عمرة التمتع وحجه للضرورة،
وإن لم يبق أشهر الحج أتى بالعمرة في القابل.
وهل عليه فيه حجة أخرى؟ وجهان، من الأصل، ومن دخول العمرة في
الحج، ووجوب الاتيان بهما في عام واحد على المتمتع.
وأما إن كان فرضه الافراد أو التمتع وكان الذي أتى به الافراد فالأمر واضح
ويأتي بعد الاتمام بعمرة مفردة، وعلى الأخير يكون عادلا عن فرضه إلى الافراد
ضرورة.
وإن كان فرضه الافراد والذي أتى به التمتع، فهل يبقى عليه ويجزئ عن
الافراد كمن عدل عن الافراد إلى التمتع ضرورة، أو يعدل بنيته إلى الافراد، أو
ينقلب حجه مفردا.
وإن لم ينوه، وجوه، أوجهها أحد الأخيرين، فعليه عمرة. وعلى ما في
الخلاف (6) والتذكرة (7) الظاهر الأول، وتردد في المنتهى (8) كالشرائع (9) والمعتبر

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 299 س 26.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(3) إيضاح ترددات الشرائع: ج 1 ص 136.
(4) في ط " الغريب ".
(5) إيضاح ترددات الشرائع: ج 1 ص 136.
(6) الخلاف: ج 2 ص 378 المسألة 226.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 299 س 18.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 649 س 26.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 225.
76

في الاجزاء عن حجة الاسلام (1). وظاهر النافع (2) كصريح الجامع (3) العدم، للأصل
ومنع الاجماع، ودلالة الأخبار (4) فإنها إنما دلت على إدراك الحج بإدراك
المشعر، ولكن إنما يدرك الحج الذي نواه وأحرم به، وصلاحية الوقت للاحرام لا
تفيد إلا إذا لم يكن محرما.
أما المحرم فليس له الاحرام ثانيا إلا بعد الاحلال، ولا العدول إلا إلى ما دل
عليه دليل، ولا دليل هنا، والاستطاعة ملجئة إليه ولا بعيدة (5)، للانصراف إلى ما
في الذمة، فإنا نمنع وجوب الحج عليه بهذه الاستطاعة؟ لاشتغال ذمته بإتمام ما
أحرم له مع أن صلاحية الوقت إذا فاتت عرفة ممنوعة، والحمل على العبد إذا
أعتق قياس.
(ويصح من المميز مباشرة الحج) بنفسه كسائر عباداته عندنا كما في
الخلاف (6)، والأخبار (7) ناطقة به، وأبطله أبو حنيفة (8)، واشترط في المعتبر (9)
والمنتهى (10) والتذكرة (11) والتحرير (12) والدروس (13) إذن الولي، وقد يظهر من
الخلاف (14) والمبسوط (15).
واستدل عليه الفاضلان بتضمنه غرامة مال، ولا يجوز له التصرف في ماله
بدون إذن الولي، وورود المنع عليه ظاهر. والصحة بمعنى أنه مرغب إليه في

(1) المعتبر: ج 2 ص 749.
(2) المختصر النافع: ص 75.
(3) الجامع للشرائع: ص 173.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(5) في ط " مفيدة ".
(6) الخلاف: ج 2 ص 378 المسألة 226.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 37 ب 20 من أبواب وجوب الحج وشرائطه و ب 17 من أبواب
أقسام الحج ج 8 ص 207.
(8) المجموع: ج 7 ص 58.
(9) المعتبر: ج 2 ص 747.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 648 س 36.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 297 س 31.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 90 س 15.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 306 درس 80.
(14) الخلاف: ج 2 ص 359 المسألة 192.
(15) المبسوط: ج 1 ص 328.
77

الشرع، يترتب عليه الكفارات والهدي أو بدله.
ويستحب للولي الإذن فيه، بل الأمر به (وإن لم يجزئه) عن حجة الاسلام
إلا على الوجه المتقدم.
(وللولي أن يحرم) أي ينوي (عن الذي لا يميز) الاحرام فينوي:
" أحرم بهذه العمرة أو الحج " إلى آخر النية. لا أن ينوب عنه، وينوي إحرام نفسه
نيابة عنه، فإذا أتم النية لبى، وإن أمكن الطفل التلفظ بالتلبية أمره بها، ويجنبه ما
يحرم على المحرم.
(ويحضره المواقف) من المطاف والسعي وعرفة وغيرها، وكأنه لا خلاف
عندنا في ذلك، والأخبار تساعده (1)، وتقدم بعضها، وأنكره أبو حنيفة (2). ولا
فرق بين أن يكون الولي محلا أو محرما، فإنه يحرم به لا عنه بنفسه، خلافا
للشافعية في وجه (3).
(وكل ما يتمكن الصبي من فعله) من التلبية والطواف وسائر الأفعال
(فعله، وغيره على وليه أن ينوبه (4) فيه) كما نطقت به ما مر من الأخبار،
وقول الصادق (ع) في صحيح معاوية بن عمار: انظروا من كان معكم من
الصبيان، فقدموهم إلى الجحفة أو إلى بطن مرو، يصنع بهم ما يصنع بالمحرم،
ويطاف بهم ويرمى عنهم، ومن لا يجد منهم الهدي فليصم عنه وليه (5).
وهل يجوز لغير الولي أن ينوبه فيه مع إحرام الولي به ويمكنه من فعله؟
وجهان، وعليه أن يحضره المطاف والسعي والموقفين والجمار فيطوف به [إن لم
يقدر على المشي] (6) بأن يحمله بنفسه ويطوف به ناويا لذلك، أو يحمله على دابة

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 207 ب 17 من أبواب أقسام الحج.
(2) المجموع: ج 7 ص 39.
(3) المجموع. ج 7 ص 23.
(4) في نسخة القواعد (الطبعة الحجرية) ونسخة ط من الكشف " ينويه ".
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 207 ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 3.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
78

يسوقها أو يقودها ناويا.
قال في التذكرة: إن لم يقدر على المشي، لأن الصبي غير مميز ولا قاصد،
والدابة لا يصح منها عبادة (1). أو يحمله غيره من الناس كما في المنتهى (2)، فإن
جازت نيابة غير الولي نوى هو الطواف به، وإلا فالولي، ويكون الحامل كالدابة،
وعلى من طاف به الطهارة، كما قطع به في التذكرة (3) والدروس (4).
وهل يجب إيقاع صورتها بالطفل أو المجنون؟ وجهان، كما في الدروس (5)
وظاهر التذكرة من أنها ليست طهارة (6) مع الأصل، ومن أنه طوافه لا طواف
الحامل، فطهارته أولى بالوجوب. وإن كان على نفسه طواف كان له أن ينويه مع
الطواف بالمحمول قطع به الشيخ (7) والمصنف وغيرهما.
وفي الخلاف الاجماع عليه (8)، وفي صحيح حفص بن البختري عن
الصادق (ع) في المرأة تطوف بالصبي وتسعى به هل يجزئ ذلك عنها وعن
الصبي؟ فقال: نعم (9).
ويأتي الكلام في إجزاء طواف الحامل لنفسه وللمحمول، والأخبار ناصة (10)
به (11)، لكنها في المحمول ينوي هو طواف نفسه ثم يصلي عنه صلاة الطواف.
قال الشهيد: وعلى ما قال الأصحاب من أمر ابن ست بالصلاة يشترط نقصه
عنها، ولو قيل: يأتي بصورة الصلاة كما يأتي بصورة الطواف أمكن (12) إنتهى.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 298 س 21 باختلاف يسير.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 649 س 9.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 298 س 18.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 307 درس 80.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 307 درس 80.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 298 س 18.
(7) المبسوط: ج 1 ص 329.
(8) الخلاف: ج 2 ص 361 المسألة 196.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 460 ب 50 من أبواب الطواف ح 3.
(10) في خ، " خاصة ".
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 460 ب 50 من أبواب الطواف.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 307 درس 80.
79

ثم يسعى به كذلك، ومر قول حميدة في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج
ومري الجارية: أن تطوف به بين الصفا والمروة (1). وهو نص في حمل غير من
أحرم به ثم يحلله.
وإن أحرم به بالحج، ذهب به إلى الموقفين ونوى الوقوف به، ثم يحضره
الجمار ويرمي عنه، وهكذا إلى آخر الأفعال.
(ويستحب له ترك الحصى في كف غير المميز، ثم يرمي الولي) بعد
أخذها من يده كما في المبسوط (2)، ولم أظفر له بسند. قال في المنتهى: وإن
وضعها في يد الصغير ورمى بها فجعل يده كالآلة كان حسنا (3).
(ولوازم المحظورات) إن فعلها (والهدي على الولي) أما الهدي فوجوبه
في حج التمتع ظاهر، ولزومه على الولي من ماله أيضا ظاهر كالنفقة الزائدة، فإن
فقده صام أو أمر الصبي بالصوم، وقد نطقت الأخبار بجميع ذلك (4).
وأما المحظورات، فإن عقد له على امرأة كان باطلا، فإن جامعها بهذا العقد
حرمت كما في المختلف (5)، وإن فعل هو ما يوجب الكفارة أو [الفداء على] (6)
الكامل ففيه أوجه:
أحدها: أن يجب على الولي في ماله ما يجب عليه لو كان في إحرام نفسه
مطلقا، لعموم أدلة وجوبها، وإنما وجبا في مال الولي دون المولى عليه، لأنه عزم
أدخله الولي عليه بإذنه، أو الاحرام به كالنفقة الزائدة، ولقوله (ع) فيما مر من
خبر زرارة: من قتل صيدا فعلى أبيه (7). وهو خيرة الكتاب والكافي (8) والنهاية (9)

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 207 ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(2) المبسوط: ج 1 ص 329.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 649 س 8.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 207 ب 17 من أبواب أقسام الحج.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 337.
(6) في خ " الغد أعطى ".
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 208 ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 5.
(8) الكافي في الفقه: ص 205.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 472.
80

والتهذيب (1) على ما يقال، وهو غير ظاهر، لأن عبارته كذا: وإذا فعل ما يلزمه فيه
الكفارة فعلى وليه أن يقضي عنه، وكلامنا فيما يلزمه فيه الكفارة فهي مجملة.
والثاني: عدم الوجوب مطلقا، أما ما لا يجب إلا على العامل كالطيب
واللبس، فلأن عمد الصبي خطأ عندنا، لكنه إنما يسلم في الجنايات. وأما ما
يجب على العامد والناسي كالصيد، فلأن الوجوب على الناسي خلاف الأصل،
وإنما وجب هنا بالنص والاجماع، والخطاب الشرعي إنما يتوجه إلى المكلفين،
فوجوبها عليهم هو اليقين (2) فليقصر عليه، وهو خيرة ابن إدريس (3).
والثالث: التفصيل بايجاب الثاني على الولي دون الأول لما عرفت، وهو
خيرة التحرير (4) والمنتهى (5) والمختلف (6)، والشيخ في الخلاف (7) والمبسوط (8)
متردد بينه وبين الأول، وهو ظاهر المعتبر (9).
والرابع والخامس: التفصيل بإيجاب الثاني في مال المولى عليه، لأن الفداء
مال وجب بجنايته كما لو أتلف مال غيره، وهو خيرة التذكرة (10)، ويحتمله
المبسوط (11)، وإيجاب الأول على الولي، أو عدم إيجابه على أحد، والتردد بينهما
صريح المبسوط (12) وظاهر التذكرة (13).
ومن المحظورات الجماع قبل التحلل، فيلزم الولي لوازمه (إلا القضاء لو
جامع في الفرج) عمدا (قبل الوقوف، فإن الوجوب عليه دون الولي) أما
عدم الوجوب على الولي فلأصل من غير معارض، وكأنه لا خلاف فيه.

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 409 ذيل الحديث 1423.
(2) في خ " التعين ".
(3) السرائر: ج 1 ص 637.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 90 س 22.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 649 س 5 1.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 336.
(7) الخلاف: ج 2 ص 361 المسألة 197.
(8) المبسوط: ج 1 ص 329.
(9) المعتبر: ج 2 ص 748.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 298 س 32.
(11) المبسوط: ج 1 ص 329.
(12) المبسوط: ج 1 ص 329.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 298 س 36.
81

وأما الوجوب عليه فلعموم دليله، وخيرة المبسوط (1) والخلاف (2) والجواهر (3)
والسرائر العدم (4). أفسدنا به حجه! لتعمده الجماع كما في الجواهر، وفيه: إنه
لا خلاف فيه، أو لا لكون عمده خطأ، واحتجوا بأنه إنما يتوجه إلى المكلف.
(و) الجواب: إنا (لا) نقول أنه يجب عليه و (يصح) منه (في الصبا،
بل) إنما عليه (بعد بلوغه) وكذا على المجنون بعد إفاقته (5)، وهو قول
مالك (6)، وأحد قولي الشافعي، وقوله الآخر: إنه يصح منه في الصبي كالأداء (7).
قال الشهيد: وفي وجوب مؤونة القضاء على الولي نظر، أقربه الوجوب (8).
قلت: لأنه تسبب لوجوبه عليه، ووجه العدم أنه حين القضاء كامل وجب
عليه كحجة الاسلام وتسبب الولي لوجوبه [كتسبب باذل] (9) الزاد والراحلة، مع
أنه الذي باشر موجبه.
(و) إذا قضى لم يجزئه القضاء عن حجة الاسلام، بل عليه (أداء حجة
الاسلام) أيضا (مع وجوبها) عليه، إلا إذا كان كمل في الفاسد قبل المشعر،
وإذا وجب القضاء وحجة الاسلام أخر القضاء على ما سيأتي، فلو نواه بما قدمه
بطل أو انصرف إلى حجة الاسلام، وعلى الانصراف إن جوزنا القضاء في الصغر
فشرع فيه وبلغ قبل الوقوف انصرف إلى حجة الاسلام.
(ويجب) مع القدرة (أن يذبح عن الصبي المتمتع الصغير) الغير
المميز، أو العاجز عن الصوم.

(1) المبسوط: ج 1 ص 329.
(2) الخلاف: ج 2 ص 361 المسألة 197.
(3) جواهر الفقه: ص 45 المسألة 158.
(4) السرائر: ج 1 ص 637.
(5) في خ " إفاضته ".
(6) لم نعثر عليه ونقله عنه في تذكره الفقهاء: ج 1 ص 299 س 3.
(7) المجموع: ج 7 ص 35.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 307 درس 80.
(9) في خ " كسب بأول ".
82

(ويجوز أمر الكبير) المطيق له (بالصيام) لا إجباره عليه، بل بمعنى
أنه إذا صام أجزاء عن الهدي، فإن الصوم بدل منه لمن لم يقدر عليه، والصبي
كالمملوك لا يقدر عليه وإن ملك ما ملك للحج (1)، والأصل براءة ذمة الولي.
والأحوط الهدي كما أشار إليه الشهيد.
ويؤيده إطلاق قول الصادق (ع) لإسحاق: واذبحوا عنهم كما تذبحون عن
أنفسكم (2). وأنه لو جاز صومه مع قدرة الولي على الهدي جاز صوم الولي عن
الصغير مع قدرته على الهدي، مع أن الأخبار اشترطت صومه عنه بالعجز.
(فإن لم يوجد هدي ولا قدر الصبي على الصوم، وجب على الولي
الصوم عنه) كسائر ما لا يمكنه فعله، والنصوص به كثيرة.
(والولي) الذي له الاحرام بالصبي أو المجنون أو أمرهما بالاحرام (هو
ولي المال) كما في السرائر (3) والشرائع (4) وظاهر النهاية (5)، إذ لا عبرة بإذن
غيره، والاحرام بهما خلاف الأصل فيقصر على المتيقن، مع نطق الأخبار بأنه
يصوم عن الصبي وليه إذا لم يوجد الهدي، ومضى قوله (ع): إن قتل صيدا فعلى
أبيه (6). وهو يشمل الأب، والجد له، والوصي، والحاكم.
أما الأولان ففي التذكرة: إن فيهما الاجماع (7) ولا يشترط في ولاية الجد
فقدان الأب، خلافا لأحد وجهي الشافعية (8).
وأما غيرهما، ففي المبسوط: إن الأخ وابن الأخ والعم وابن العم إن كان وصيا
أو له ولاية عليه وليها فهو بمنزلة الأب، وإن لم يكن أحدهم وليا ولا وصيا كانوا

(1) في خ " للحجر ".
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 207 ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(3) السرائر: ج 1 ص 636.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 225.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 472.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 208 ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 5.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 297 س 36.
(8) المجموع: ج 7 ص 24.
83

كسائر الأجانب (1)، ونحوه في السرائر (2).
قال في التذكرة: وهذا القول يعطي أن لأمين الحاكم الولاية كما في الحاكم،
لأن قوله: " أو له ولاية عليه وليها " لا مصرف له إلا ذلك (3).
وحكي عن الشافعية في كل من الوصي وأمين الحاكم وجهين (4). ثم ذكر
الشيخ أن غير الولي إن تبرع عن الصبي انعقد إحرامه، ولعله لا طلاق أكثر
الأخبار، واحتمال الولي فيما تضمنه المولى لاحرامه، واحتماله كأبيه الجريان (5)
على الغالب أو التمثيل.
(وقيل) في المبسوط (6) والخلاف (7) والمعتبر (8) (للأم ولاية الاحرام
بالطفل) وهو خيرة المنتهى (9) والتحرير (10) والمختلف (11) والدروس (12)، لما عرفت
في المتبرع، وخصوص خبر عبد الله بن سنان عن الصادق (ع): إن امرأة قامت
إلى رسول الله (ص) ومعها صبي لها، فقالت: يا رسول الله أيحج عن مثل هذا؟ قال:
نعم، ولك أجره (13). فحكمه (ص) بأن لها أجره، فإما أن تكون هي المحرمة به،
أو [أمره لغيرها و] (14) لغير وليه أن يحرم به وتلزم هي لوازم الاحرام.
وحكم في التحرير (15) والتذكرة (16) والمنتهى (17) والمختلف (18) بصحة الخبر،
وفي طريقه الوشاء، وقوى الموضح العدم (19)، وهو ظاهر السرائر (20) والكتاب

(1) المبسوط: ج 1 ص 328.
(2) السرائر: ج 1 ص 636.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 297 س 40.
(4) المجموع: ج 7 ص 24 و 25.
(5) في نسخة بدل " بجريان ".
(6) المبسوط: ج 1 ص 329.
(7) الخلاف: ج 2 ص 360 المسألة 194.
(8) المعتبر: ج 2 ص 748.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 649 س 4.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 90 س 16.
(11) مختلف الشيعة: ج 4 ص 15.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 306 درس 80.
(13) وسائل الشيعة: ج 8 ص 37 ب 20 من أبواب وجوب الحج و... ح 1.
(14) في ط " امرأة ".
(15) تحرير الأحكام: ج 1 ص 90 س 17.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 297 س 23.
(17) منتهى المطلب: ج 2 ص 648 س 33.
(18) مختلف الشيعة: ج 4 ص 15.
(19) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 264.
(20) السرائر: ج 1 ص 636.
84

والشرائع (1) للأصل والاحتياط.
(والنفقة الزائدة) على نفقة الحضر (على الولي) في ماله كما في
المبسوط (2) والجواهر (3) والسرائر (4) والشرائع (5) والمعتبر (6)، لأنه عزم أدخله
عليه، ولأنها أولى من فداء الصيد الذي نص على كونه عليه.
وللعامة قول: بكونها في مال الصبي كأجرة معلمه (7) والفرق أن التعلم في
الصغر يغنيه عنه في الكبر، ولو فاته لم يدركه، بخلاف الحج والعمرة.
(الثاني:)
(الحرية)
وهي شرط الوجوب للأصل، والأخبار، وانتفاء استطاعة العبد لأنه لا يملك
شيئا، ولا يقدر على شئ، وإجماع علماء الاسلام كما في المعتبر (8) والتذكرة (9)
والمنتهى (10).
(فالعبد) بل المملوك (لا يجب عليه الحج) ولا العمرة (وإن أذن
مولاه) وبذل له الزاد والراحلة (ولو تكلفه بإذن) صح إجماعا (ولم يجزئه
عن حجة الاسلام) إن استطاع بعد العتق (إلا أن يدرك عرفة أو) اختياري
(المشعر معتقا) مستطيعا. أما عدم الاجزاء فعليه الاجماع والأخبار (11)
والاعتبار. وأما الاجزاء إذا أدرك المشعر فيدل عليه ما مر والأخبار (12). وفي

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 225.
(2) المبسوط: ج 1 ص 329.
(3) جواهر الفقه: ص 44 المسألة 156.
(4) السرائر: ج 1 ص 636.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 225.
(6) المعتبر: ج 2 ص 748.
(7) المجموع: ج 7 ص 30 و 31.
(8) المعتبر: ج 2 ص 749.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 299 س 41.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 650 س 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 33 ب 16 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(12) وسائل الشيعة: ج 8 ص 35 ب 17 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
85

الخلاف (1) والمنتهى: الاجماع عليه (2)، والكلام في تجديد النية والاستطاعة ما مر.
(ولو أفسد) حجه بالجماع قبل الوقوف (وأعتق بعد الموقفين وجبت
البدنة) أو بدلها (والاكمال والقضاء) كالحجر (3) (وحجة الاسلام) إن كان
مستطيعا لها إذا أعتق أو استطاع بعد، وعلى ما سنذكره لا عبرة بالاستطاعة إلا بعد
القضاء، ولا يجزئه القضاء عن حجة الاسلام، لعتقه بعد الوقوفين.
(و) إذا اشتغلت ذمته بالقضاء وحجة الاسلام فعليه أن (يقدمها) على
القضاء، كما في الخلاف (4) والمبسوط (5) وكأنه للاجماع والنص على فوريتها (6)
دون القضاء.
واحتج في المعتبر (7) والمنتهى (8) بأنها آكد، لوجوبها بنص القرآن (9).
والأظهر عندي تقديم القضاء لسبق سببه، وعدم الاستطاعة لحجة الاسلام إلا
بعده. وعلى ما قاله (فلو قدم القضاء لم يجزء عن إحداهما).
أما القضاء فلكونه قبل وقته، وأما حجة الاسلام فلأنه لم ينوها، خلافا
للشيخ (10) وصرفه إلى حجة الاسلام وفاقا للشافعية (11)، لكن احتمل البطلان في
المبسوط قويا (12).
(ولو أعتق قبل المشعر) بعد الافساد (فكذلك، إلا أن القضاء) حينئذ
(يجزئ عن حجة الاسلام) مع الاستطاعة، كما لو لم يكن أفسده. ثم إن كان
القضاء هو الفرض والاتمام (13) عقوبة لم يجدد النية بعد العتق،

(1) الخلاف: ج 2 ص 379 المسألة 227.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 650 س 31.
(3) في ط " كالحر ".
(4) الخلاف: ج 2 ص 382 المسألة 232.
(5) المبسوط: ج 1 ص 327.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 16 ب 6 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(7) المعتبر: ج 2 ص 751.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 651 س 27.
(9) آل عمران: 97.
(10) الخلاف: ج 2 ص 382 المسألة 232.
(11) المجموع: ج 7 ص 60.
(12) المبسوط: ج 1 ص 328.
(13) في خ " الأقسام ".
86

(وللمولى الرجوع في الإذن قبل التلبس) بالاحرام، وهو ظاهر،
و (لا) يجوز (بعده) لأنه إحرام انعقد صحيحا، فلا ينحل إلا بمحلل شرعي،
وأجازه أبو حنيفة (1).
(فلو) رجع في الإذن قبل التلبس و (لم يعلم العبد صح حجه) في
الخلاف (2) والمبسوط (3) والوسيلة (4)، لأن الأصل في التكاليف اعتقاد المكلف
لاستحالة تكليف الغافل.
(و) لكن (للمولى أن يحلله) متى شاء كما في المبسوط (5)، خلافا
للخلاف (6) (على إشكال) من عموم حق المولى، وعدم لزوم الإذن، خصوصا
وقد رجع قبل التلبس، وهو خيرة المختلف (7). ومن انعقاد الاحرام صحيحا، فلا
ينحل إلا بمحلل شرعي مع عموم. " أتموا الحج والعمرة لله " (8)، ولزوم الإذن
بصحة الاحرام، كما أنه ليس له إفساد صلاته إذا عقدها، وبطلان حكم الرجوع
لغفلة العبد، وهو الأقوى بناء على الصحة.
لكن فيها تردد كما في المعتبر (9) والخلاف (10)، ويومئ إليه المبسوط (11) من
الشك في أن الشرط الإذن كالوضوء للصلاة، أو اعتقاده كطهارة الثوب فيها،
ويجوز تعليق الاشكال عليها أيضا.
(والفائدة) في الصحة (تظهر) في لوازم المحظورات و (في العتق قبل
المشعر) فإنه على الصحة يجزئ عن حجة الاسلام.
(و) تظهر فائدة جواز تحليل المولى متى شاء في (إباحة التحلل) للعبد

(1) المجموع: ج 7 ص 45.
(2) الخلاف: ج 2 ص 383 المسألة 3 23.
(3) المبسوط: ج 1 ص 327.
(4) الوسيلة: ص 194.
(5) المبسوط: ج 1 ص 327.
(6) الخلاف: ج 2 ص 383 المسألة 234.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 334.
(8) البقرة: 196.
(9) المعتبر: ج 2 ص 750.
(10) الخلاف: ج 2 ص 383 المسألة 234.
(11) المبسوط: ج 1 ص 327.
87

قبل إتمام المناسك (للمولى) كإباحة التحلل بالصيد، والإباحة بالمعنى العام،
فإنه يجب إذا حلل المولى وأجزناه بل يقع (1) اضطرارا.
(وحكم المدبر والمكاتب والمعتق بعضه، وأم الولد حكم القن) لعموم
الأدلة، وخصوص خبر إسحاق بن عمار سأل الكاظم (ع) عن أم الولد يكون
للرجل ويكون قد أحجها أيجزئ ذلك عنها من حجة الاسلام؟ قال: لا (2). ونحوه
خبر شهاب عن الصادق (ع) (3).
(وللزوج والمولى معا منع الأمة المزوجة عن الحج) ما لم يجب عليها
بنذر وشبهه بإذنهما، أو قبل التزويج بإذن المولى؟ لأن لكل منهما عليها حقا يفوت
بالاحرام.
(ولو هاياه) المولى (وأحرم في نوبته فالأقوى الصحة) كما احتملها
الشيخ (4) والمحقق (5)، وقطع بها ابن حمزة (6)، لانتفاء المانع الذي هو تفويت حق
المولى، ولأن المهاياة إذن له في نوبته.
(و) لكن (للمولى التحليل مع قصورها عن أفعال الحج) كانت
قاصرة عنها وهو عالم به، أو جاهل، أو تجدد القصور بتأخير الأفعال لمانع أو
غيره، إلا إذا أمكن تأخيرها إلى نوبة أخرى أو لم يفت باستمرار إحرامه إليها حق
للمولى. فالظاهر أنه ليس له التحليل، لأنه احرام انعقد صحيحا من غير تجدد
معارض، ويمكن أن لا يكون له إذا تجدد القصور لمانع من الأفعال.
ولا يبعد صحة الاحرام مع العلم بالقصور، لأن غاية التحلل إذا حبس، [ومن
الحبس] (7) تحليل المولى، ويشترط في الصحة انتفاء الحظر والضرر على المولى

(1) في خ " يقطع ".
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 34 ب 16 من أبواب وجوب الحج و... ح 6.
(3) المصدر السابق ح 8.
(4) المبسوط: ج 1 ص 327.
(5) المعتبر: ج 2 ص 750.
(6) الوسيلة: ص 194.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من خ.
88

كما في الدروس (1)، ومن الحظر والضرر السفر إن افتقر إليه ولم يأذن له فيه.
واشترط الموضح أن لا يستلزم الإذن وجوب التمكين من القضاء، ومن
الصوم في الكفارات، لانتفاء اللازم حينئذ (2)، يعني إن لم تسع النوبة جميع ذلك،
ولم تتفق في نوبة أخرى.
وأما احتمال الفساد مطلقا فلعموم قول الصادق (ع) ليونس بن يعقوب: إن
المملوك لا حج له ولا عمرة ولا شئ (3).
(و) عموم فتوى الأصحاب بالاشتراط بالإذن والصحة يوجب (الاجزاء
عن حجة الاسلام إن أعتق قبل أحد الموقفين) وعدمها عدمه.
(ولو أحرم القن بدون إذن) أو المبعض من غيره مهاياة، أو في غير نوبته
(وأعتق قبل المشعر) واستطاع لم يجزئه عن حجة الاسلام لفساده، بل
(وجب) عليه (تجديد الاحرام من الميقات، فإن تعذر فن موضعه).
(ولو أفسد غير المأذون) أي أتى بصورة ما يفسد الحج (لم يتعلق به
حكم) إذ لا حج له ليفسده إجماعا كما في الخلاف (4)، خلافا للعامة (5).
(ولو أفسد المأذون وجب القضاء) لعموم أدلته، خلافا لبعض
الشافعية (6)، ويجزئه حين الرق، خلافا لبعضهم (7).
(وعلى السيد التمكين) منه كما في الخلاف (8) والمبسوط (9) والسرائر (10)
(على إشكال) من أنه حج مباين للمأذون وجب بأمر جديد، فلا يتناوله
الإذن ولا يستلزمه، ولأنه إنما لزمه عن معصية لم يؤذن فيها، وإنما أذن له في

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 308 درس 80.
(2) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 266.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 32 ب 15 من أبواب وجوب الحج و... ح 3.
(4) الخلاف: ج 2 ص 381 المسألة 230.
(5) المجموع: ج 7 ص 43 و 51.
(6) المجموع: ج 7 ص 51.
(7) المجموع: ج 7 ص 51.
(8) الخلاف: ج 2 ص 381 المسألة 231.
(9) المبسوط: ج 1 ص 327.
(10) السرائر: ج 1 ص 635.
89

الطاعة، ومن أن الإذن في الحج إذن في لوازمه، ومنها القضاء إذا فسد.
وينص عليه قول الصادق (ع) في صحيح حريز: كل ما أصاب العبد المحرم
في إحرامه فهو على السيد إذا أذن له في الاحرام (1). بل الإذن فيه عين (2) الإذن
في القضاء، بناء على كونه الفرض أو الإذن إنما يفتقر إليه فيما لم يجب على
المملوك، والقضاء وجب عليه، فهو كقضاء الصلاة والصوم وأدائهما، ولا يفيد عدم
وجوب الفورية، لأن في التأخير تغريرا به.
(ولو تطيب المأذون) أو صاد (أو لبس) المخيط مثلا (فعليه
الصوم) كفارة، إلا أن يفدي السيد عنه، وألزمه عليه المفيد في الصيد (3)، لظاهر
صحيح حريز.
ويحتمل أن عليه الفداء أو (4) الأمر بالصيام، مع أن ابن أبي نجران سأل أبا
الحسن (ع) عن عبد أصاب صيدا وهو محرم هل على مولاه شئ من الفداء؟
فقال: لا شئ على مولاه (5).
وفي التحرير: إن كانت الجناية بإذنه لزمه الفداء، ومع العجز يأمره بالصيام (6)،
وإلا فلا. واحتمل في المنتهى (7)، وبه وبما احتملناه يحصل الجمع بين الخبرين.
وقال الحلبيان: إن أحرم بإذن السيد فعليه الكفارة، وإلا فعلى العبد الصوم (8).
والمعروف الفساد إذا لم يأذن السيد، لأنه عبد مملوك لا يقدر على شئ،
وكان عليه إجماعنا كما عرفت، وقد يريد عن نحو إحرام المهاياة في نوبته، أو

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 251 ب 56 من أبواب كفارات الصيد و.. ح 1.
(2) في خ " غير ".
(3) المقنعة: ص 439.
(4) في خ " و ".
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 252 ب 56 من أبواب كفارات الصيد و.. ح 3.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 91 س 14.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 651 السطر الأخير.
(8) الكافي في الفقه: ص 205، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 32.
90

بعد ما أذن السيد ثم رجع وهو لا يعلم.
(وللمولى منعه) منه أي الصوم ما دام في ملكه كما في المبسوط (1) (لأنه
لم يأذن فيه) أي فيما ذكر من التطيب ونحوه، لأن الإذن في الحج ليس إذنا
فيما يوجب الكفارة، ولا متضمنا له، ولا مستلزما بل قد ينافيه، فلا يلزمه الإذن
فيها خلافا للسرائر (2) والمعتبر (3) لصحيح حريز، ولأن الكفارات من لوازم
المأذون فيه إذا حصل موجبها، ولأن الإذن إنما يعتبر فيما لم يجب.
وتردد في المختلف، وكان الفارق بين هذه المسألة وما قبلها حتى خص
الأولى بالاشكال احتمال كون القضاء هو الفرض (4).
(إنما بدل الهدي) الواجب في التمتع إذا لم يهد عنه (فليس له منعه
منه) لدخوله في المأذون فيه، وخصوصا الأخبار الناصة على أمره بالصوم أو
الذبح عنه، وسيأتي إن شاء الله تعالى.
(البحث الثالث)
في (الاستطاعة)
وهي شرط بالاجماع، والنصوص (5) والأصل.
(والمراد بها) عندنا (الزاد والراحلة) إن لم يكن من أهل مكة، ولا بها،
بالاجماع كما في الناصريات (6) والغنية (7) والمنتهى (8) والتذكرة (9)، والنصوص.
وكقول الصادق (ع) في خبر السكوني: إنما يعني بالاستطاعة الزاد والراحلة (10).

(1) المبسوط: ج 1 ص 328.
(2) السرائر: ج 1 ص 636.
(3) المعتبر: ج 2 ص 752.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 335.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 22 ب 8 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 243 المسألة 136.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 511 س 36.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 652 س 8.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 23 ب 8 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 5.
91

وما في توحيد الصدوق من حسن هشام بن الحكم عنه (ع): في قوله تعالى:
" ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " (1) ما يعني بذلك؟ قال: من
كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة (2). وما في عيون الأخبار من
قول الرضا (ع) فيما كتبه إلى المأمون: وحج البيت فريضة على من استطاع إليه
سبيلا، والسبيل الزاد والراحلة مع الصحة (3).
وأما صحيح معاوية بن عمار: سأل الصادق (ع) عن رجل عليه دين أعليه أن
يحج؟ فقال: نعم، إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين،
ولقد كان من حج مع النبي (ص) مشاة، ولقد مر رسول الله (ص) بكراع الغميم
فشكوا إليه الجهد والعناء، فقال: شدوا أزركم واستبطنوا، ففعلوا ذلك فذهب
عنهم (4).
وخبر أبي بصير: سأله (ع) عن قوله عز وجل: " ولله على الناس " الآية، قال:
يخرج ويمشي إن لم يكن عنده، قال: لا يقدر على المشي، قال: يمشي ويركب،
قال: لا يقدر على ذلك - يعني المشي - قال: يخدم القوم ويخرج معهم (5).
فيحملان على من استقر عليه فأخره. وحملهما الشيخ على تأكد الاستحباب، أو
التقية (6).
(أما الزاد: فهو أن يملك ما يمونه من القوت والمشروب) والكسوة
(بقدر حاله) من حيث حاجته، أو عادته على ما في التذكرة (7).
(إلى الحج وإلى الإياب إلى وطنه) إن أراده، (وإن لم يكن له) به

(1) آل عمران: 97.
(2) التوحيد: ص 350 ح 14.
(3) عيون أخبار الرضا (ع): ج 1 ص 122 ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 29 ب 11 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 29 ب 11 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
(6) الإستبصار: ج 2 ص 141 ذيل الحديث 6.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 19.
92

(أهل) ولا مسكن مملوك له.
وللشافعية (1) قول بعدم اعتبار الإياب مطلقا، وآخر: بعدمه إن لم يملك به
مسكنا، وآخر: إن لم يكن له به أهل.
ويشترط أن يملكه (فاضلا عن حاجته) بحسب حاله حل في ذلك ما لا
بدل منه من الأوعية، وعادة مثله (من المسكن وعبد الخدمة وثياب البذلة
و) ثياب (التجمل ونفقة عياله) الواجبي النفقة، أو المحتاج إليهم كما يأتي.
(إلى الإياب) وفرس ركوبه على ما في التذكرة (2) والدروس (3)، وكتب
علمه كما فيهما أيضا.
أما استثناء نفقة العيال فيه خبر أبي الربيع الشامي قال: سئل أبو عبد الله (ع)
عن قول الله عز وجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا "، فقال:
ما يقول الناس؟ قال: فقلت له: الزاد والراحلة، فقال (ع): قد سئل أبو جعفر (ع)
عن هذا، فقال: هلك الناس إذا، لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت به
عياله ويستغني به عن الناس ينطلق إليه فيسلبهم إياه، لقد هلكوا إذا، فقيل له: فما
السبيل؟ فقال: السعة في المال، إذا كان يحج ببعض ويبقي بعضا لقوت عياله،
أليس قد فرض الله الزكاة فلم يجعلها إلا على من ملك مائتي درهم (4)؟!.
وقول الصادق (ع) في خبر الأعمش المروي في الخصال: وحج البيت
واجب على من استطاع إليه سبيلا، وهو الزاد والراحلة مع صحة البدن، وأن يكون
للانسان ما يخلفه على عياله وما يرجع إليه من حجه (5).
وفي الغنية: الاجماع (6)، وفي المنتهى: لا نعرف في ذلك خلافا (7). مع أنه

(1) المجموع: ج 7 ص 67 - 68.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 1 30 س 15.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 311 درس 81.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 24 ب 9 من أبواب وجوب الحج و... ح 1 و 2.
(5) الخصال: ج 2 ص 606 ضمن ح 9.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 1 51 س 37.
(7) منتهى المطلب ج 2 ص 653 س 26.
93

ليس في النهاية، ولا في الجمل والعقود، ولا في المبسوط، ولا في الوسيلة، ولا
في روض الجنان. ونسب اشتراطه في الناصريات إلى كثير من أصحابنا (1).
وأما استثناء المسكن والخادم والثياب، ففي المعتبر (2) والمنتهى (3) وموضع
من التذكرة الاجماع عليه (4)، ويعضده انتفاء العسر والحرج في الدين.
واقتصر فيها من الثياب على دست ثوب، وأحمل في المعتبر (5) والمنتهى (6)
والتحرير ثياب بدنه (7)، واقتصر في الشرائع على ثياب المهنة (8)، وربما جعل من
الثياب المستثناة على المرأة بحسب حالها في زمانها ومكانها.
وكذا في التذكرة الاجماع على استثناء فرس الركوب (9)، ولا أرى له وجها،
فإن فرسه إن صلح لركوبه إلى الحج فهو من الراحلة، وإلا فهو في مسيره إلى الحج
لا يفتقر إليه وإنما يفتقر إلى غيره، ولا دليل على أن له حينئذ أن لا يبيعه في نفقة
الحج إذا لم يتم إلا بثمنه.
وأما كتب العلم التي لا بد له منها فيما يجب عليه تحصيله أو العمل به فحسن،
لأن الضرورة الدينية أعظم من الدنيوية.
وقال ابن سعيد: ولا يعد في الاستطاعة - لحديث الاسلام وعمرته - دار السكنى
والخادم، ويعتبر ما عدا ذلك، من ضياع وعقار وكتب وغير ذلك (10). فأطلق
الكتب وغيرها. وكذا أطلق في التحرير ببيع ما عدا المسكن والخادم والثياب من
ضياع أو عقار أو غيرهما من الذخائر (11).

(1) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 243 المسألة 136.
(2) المعتبر: ج 2 ص 753.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 653 س 1.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 سطر ما قبل الأخير.
(5) المعتبر: ج 2 ص 753.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 653 س 1.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 91 س 24.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 225.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 س 1.
(10) الجامع للشرائع: ص 174.
(11) تحرير الأحكام. ج 1 ص 91 س 23.
94

وقيد في المبسوط (1) والمنتهى (2) والتذكرة (3) بما له منه بد، وهو حسن، إذ
لا حرج في الدين، ويريد الله اليسر ولا يريد العسر، وتردد الشهيد (4).
ولو كان له شئ من المذكورات زائد عن حاجته لزمه صرفه في نفقة الحج إذا
تحقق معه الاستطاعة، قال في التذكرة: ولو كان له دار نفيسة أو عبد نفيس أو كتب
نفيسة وأمكنه بيعها وشراء أقل من ثمنها وكان مسكن مثله أو عبد مثله والحج
بالفاضل عن مؤونته من ثمنها، فالأقرب وجوب البيع وشراء الأدون مما يقوم به
كفايته (5). قلت: لتحقق الاستطاعة حينئذ.
ويحتمل العدم كالكفارة، لأن أعيانها لا يزيد عن الحاجة، والأصل عدم
وجوب الاعتياض، وقد يوجب الحرج العظيم.
وفي موضع آخر منها احتمل الوجهين، ثم قال: وربما يفرق بين الحج
والكفارة، بأن الحج لا بدل له، والعتق في الكفارة له بدل (6)..
وقال الشهيد: ولا يجب بيعها لو كان يعتاض عنها بالوقوف العامة وشبهها
قطعا (7). قلت: لو فعل احتمل تحقق الاستطاعة.
(وأما الراحلة: فتعتبر في حق من يفتقر) في حجته وعمرته (إلى قطع
المسافة) إلى مكة (وإن قصرت عن مسافة القصر) لعموم الأدلة، خلافا
للعامة فشرطوا مسافة القصر (8).
وفي المبسوط: إن أهل مكة ومن قرب منها لا راحلة في حقه إذا قدر على
المشي لأنه لا مشقة عليه (9). وكأنه بمعنى ما في التذكرة (10) من لا يحتاج إلى

(1) المبسوط: ج 1 ص 298.
(2) منتهى المطلب ج 2 ص 653 س 3.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 السطر الأخير.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 311 درس 81.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 س 13.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 27.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 311 درس 81.
(8) المجموع: ج 7 ص 90.
(9) المبسوط: ج 1 ص 298.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 9.
95

الراحلة لسهولة المشي عادة، لشدة القرب.
وفي موضع من المنتهى: من كان من مكة على مسافة قصيرة لا يقصر إليها
الصلاة وأمكنه المشي لم يعتبر الراحلة في حقه (1). ويجوز أن يريد بإمكان المشي
سهولته عادة، لشدة القرب كما في التذكرة (2).
وقطع الشيخ في المبسوط (3) والمحقق (4) والمصنف في التحرير (5) والتذكرة (6)
والمنتهى (7) بعدم اشتراط الراحلة للمكي. ويعطيه كلامه هنا.
ويقوى عندي اعتبارها للمضي إلى عرفات إلى أدنى الحل والعود، ولذا أطلق
الأكثر ومنهم الشيخ (8) في غير المبسوط والمصنف في الإرشاد (9) والتبصرة (10)
والتلخيص (11) والمحقق في النافع (12).
(ويشترط راحلة) يفتقر إليها (مثله) قوة وضعفا لا شرفا وضعة؟ لعموم
الآية (13) والأخبار (14)، وخصوص قول الصادق (ع) في صحيح أبي بصير: من
عرض عليه الحج ولو على حمار أجدع مقطوع الذنب فأبى فهو مستطيع
للحج (15). ونحوه أخبار، ولأنهم (ع) ركبوا الحمير والزوامل.
(وإن قدر على المشي) لم يستطع إلا بالقدرة على الراحلة وإن سهل عليه
المشي. والعبارة توهم اشتراط راحلة مثله شرفا وضعة.
(و) يشترط القدرة على (المحمل إن افتقر إليه) لضعف أو حر أو برد،

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 653 س 19.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 10.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 653 س 19.
(4) المبسوط: ج 1 ص 298.
(5) المعتبر: ج 2 ص 752.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 91 س 31.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 15.
(8) الجمل والعقود: ص 127.
(9) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 309.
(10) تبصرة المتعلمين: ص 59.
(11) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 327.
(12) المختصر النافع: ص 75.
(13) آل عمران: 97.
(14) وسائل الشيعة: ج 8 ص 22 ب 8 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(15) وسائل الشيعة: ج 8 ص 27 ب 10 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 7.
96

ولا يشترط مع الغنى عنه ولو كانت امرأة، خلافا لبعض الشافعية (1) فاشترط لها
مطلقا. قال في التذكرة: وليس بمعتمد، والستر يحصل بالملحفة (2).
والمعتبر القدرة على المحمل بشقيه إن لم يوجد شريك، ولا أمكن الركوب
بدونه بوضع شئ يعادله في الشق الآخر، (أو شق محمل مع) وجود
(شريك) للشق الآخر، أو إمكان حمله على ظهر المطية وحده.
وفي التذكرة أنه: إن لم يجد شريكا وتمكن من المحمل بتمامه احتمل
الوجوب للاستطاعة والعدم، لأن بذل الزيادة خسران لا مقابل له (3).
(ولو تعذر الشريك سقط) الحج (إن تعذر الركوب بدونه). وإن لم
يكفه المحمل اعتبر في حقه الكنيسة، فإن تعذرت سقط.
(و) لا يشترط وجود عين الزاد والراحلة، بل (لو لم يجد) عين (الزاد
والراحلة وأمكنه الشراء وجب) بما يمكنه (وإن زاد عن ثمن المثل)
أضعافا (على رأي) وفاقا للشرائع (4) لصدق الاستطاعة، وخلافا للمبسوط (5)
للضرر، وللسقوط لا مع الخوف على المال، وضعف الفرق بأن العوض هنا على
الناس وهناك على الله. وفي التذكرة: إن كانت الزيادة تجحف بماله لم يجب
الشراء على إشكال، كشراء الماء للوضوء (6).
(ولو) كان له على غيره دين و (منع من دينه) لاعسار أو تأجيل أو
غيرهما (وليس) له (غيره) بقدر الاستطاعة (فعاجز)، ولا يجب عليه
الاستدانة للحج، إلا أن يرضى الدائن بالحوالة على مديونه، لأنه تحصيل
للاستطاعة، وهو غير واجب، ولو فعل حصلت الاستطاعة.
وقد احتمل وجوب الاستدانة، إذ أوثق بالأداء بعد الحج، (وإلا) يمنع منه
(فقادر) يجب عليه الأخذ، وإن بذله المديون قبل الأجل وإن لم يملك ما لم

(1) مغني المحتاج: ج 1 ص 464.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 14.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 16.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 226.
(5) المبسوط: ج 1 ص 300.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 29.
97

يأخذ، لأنه لثبوته في الذمة وبذل المديون له بمنزلة المأخوذ، وصدق الاستطاعة
ووجدان الزاد والراحلة بذلك عرفا.
(والمديون يجب عليه الحج إن فضل ماله عما عليه) من زكاة، أو
خمس، أو كفارة، أو دين لآدمي، أو نذر وشبهه. (وإن كان) ما عليه
(مؤجلا بقدر الاستطاعة) والشرطية قيد لاشتراط الوجوب بالفضل، ولو
أخرها عن الشرطية الآتية كان أوضح كما نقوله.
(وإلا) يفضل (فلا) يجب عليه الحج وإن كان ما عليه مؤجلا إلى أجل
مؤخر عن الحج، لتعلق الوجوب به قبل وجوب الحج وإن وجب أو جاز التأخير
إلى أجله.
وللشافعية في المؤجل بأجل مؤجل (1) وجه بالوجوب (2)، ولا يخلو من قوة
كان ما عليه من حقوق الله - كالمنذور وشبهه - أو من حقوق الناس لأنه قبل
الأجل غير مستحق عليه، وعند حلوله إن وجد ما يفي به أداه، وإلا سقط عنه
مطلقا أو إلى ميسرة.
وكما يحتمل التضييع بالصرف في الحج، يحتمل فوت الأمرين جميعا باهماله
خصوصا، والأخبار وردت بأن الحج أقضى للديون، ويؤيده ما مر من صحيح
معاوية بن عمار سأل الصادق (ع) عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال: نعم،
إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين (3). إن لم نحمله على
ما ذكرناه من استقرار الحج عليه سابقا.
ورد في التذكرة بمنع عدم الاستحقاق عليه قبل الأجل (4)، وكأنه يعني ما
ذكرناه من تعلق الوجوب به وإن وجب، أو جاز التأخير.
(ويصرف المال) الكافي لمؤونة الحج (إلى الحج لا إلى النكاح) عند

(1) في خ: " مؤخر ".
(2) المجموع: ج 7 ص 68.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 29 ب 11 من أبواب وجوب الحج و... ح 1.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 س 2.
98

خروج الوفد، (وإن احتاج إليه وشق) عليه (تركه) كما في المبسوط (1)
والخلاف (2) والشرائع (3) وفي الأولين والتحرير: وإن خاف العنت (4)، وذلك
لوجوب الحج واستحباب النكاح، خلافا لبعض العامة إذا خاف العنت (5).
وفي التحرير: أما لو حصلت المشقة العظيمة، فالوجه عندي تقديم النكاح (6)،
ونحوه في المنتهى (7) والدروس (8).
(ويصرف رأس ماله الذي لا يقدر على التجارة إلا به إلى الحج) وإن
لم يكن له ما يتعيش به سواه، إلا على القول باشتراط الرجوع إلى كفاية في
الاستطاعة.
(ولا يجب الاقتراض للحج) ولو فعل لم يجب عليه إلا على وجه تقدم
(إلا أن يفضل ماله بقدر الحاجة المستثناة) من المسكن وغيره (عن)
مقدار (القرض) ولكن لا يمكنه صرفه في الزاد والراحلة فيقترض ثم يؤدي
منه، لصدق الاستطاعة حينئذ. وقول الصادق (ع) لحفية: ما لك لا تحج؟ استقرض
وحج (9).
(وفاقد الاستطاعة لو قدر على التكسب) المحصل لها (أو وهب
قدرها أو بعضها وبيده الباقي لم يجب) عليه الحج، (إلا مع) التكسب أو
(القبول) للهبة والقبض، ولا يجب شئ منهما، لعدم وجوب تحصيل الاستطاعة.
(و) لكن (لو بذلت له) الاستطاعة، بأن استصحب في الحج وأعطى
لعياله إن كانوا نفقتهم، أو يقال له: حج وعلي نفقتك ذهابا وإيابا ونفقة عيالك، أو

(1) المبسوط: ج 1 ص 298.
(2) الخلاف: ج 2 ص 248 المسألة 5.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 226.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 91 س 27.
(5) المجموع: ج 7 ص 71.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 91 س 28.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 653 س 13.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 311 درس 81.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 99 ب 50 من أبواب وجوب الحج و.. ح 3.
99

لك هذا تحج به وهذا لنفقة عيالك، أو أبذل لك استطاعة الحج أو نفقتك للحج (1)
وللإياب ولعيالك إلى إيابك، أو لك هذا لتحج بما يكفيك منه وتنفق بالباقي على
عيالك.
ونحو ذلك مما يخص الهبة بالحج، (أو استؤجر للمعونة) في سفر الحج أو
غيره، أو في الحضر (بها) أي بما يستطيع به فأجر نفسه لذلك (أو شرطت)
الاستطاعة (له في الإجارة) وإن قصر مال الإجارة عنها كان استؤجر لعمل
بألف بشرط أن يحج به، أو يعطى ما يستطيع به مما نذر، أو أوصى به لنفقة الحاج،
أو من غيره (أو) بذل له (بعضها) أي الاستطاعة بأحد هذ ه الوجوه (وبيده
الباقي وجب) عليه الحج.
أما الأول فعليه الوفاق كما في الخلاف (2) والغنية (3) وظاهر التذكرة (4)
والمنتهى (5)، والأخبار كصحيح ابن مسلم سأل أبا جعفر (ع): فإن عرض عليه
الحج فاستحيى؟ قال: هو ممن يستطيع الحج ولم يستحي ولو على حمار أجدع
أبتر. قال: فإن كان من يستطيع أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليفعل (6).
وحسن الحلبي سأل الصادق (ع) فإن عرض عليه ما يحج به فاستحيى من
ذلك، أهو ممن يستطيع إليه سبيلا؟ فقال: نعم، ما شأنه يستحيي ولو يحج على
حمار أجدع أبتر، فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا ويركب بعضا فليحج (7). وكان
ما فيهما من الأمر بمشي بمشي بعض وركوب بعض أمر بهما بعد ما استحيى فلم يحج،
أي لما استطاع بالبذل فلم يقبل ولم يحج استقر عليه فعليه أن يحج ولو مشيا،
فضلا عن مشي بعض وركوب بعض، أو المعنى إن بذل له حمار أجدع أو أبتر

(1) ليس في خ.
(2) الخلاف: ج 2 ص 251 المسألة 9.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 1.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 س 23.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 652 س 28.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 26 ب 10 من أبواب وجوب الحج و... ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 27 ب 10 من أبواب وجوب الحج و... ح 5.
100

فيستحيي أن يركبه فليمش، وليركبه إذا اضطر إلى ركوبه.
وصحيح معاوية بن عمار: سأل (ع) عن رجل لم يكن له مال فحج به رجل
من إخوانه، أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام، أم هي ناقصة؟ قال: لا بل هي حجة
تامة (1).
واشترط ابن إدريس في الوجوب التمليك (2)، ولم يكتف بالقول والوعد،
ورد في المختلف بإطلاق الأخبار والفتاوى (3).
وفي التذكرة بعد حكاية قوله: " إن التحقيق " أن البحث هنا في أمرين:
الأول: هل يجب على الباذل بالبذل بالشئ المبذول أم لا؟ فإن قلناه:
بالوجوب أمكن وجوب الحج على المبذول له، لكن في إيجاب المبذول بالبذل
إشكال، أقربه عدم الوجوب (4).
قلت: للأصل، ويحتمل الوجوب إذا شرع المبذول له في المسير، لأن في
تركه تعريضا له للخطر والحرج.
قال: وإن قلنا: بعدم وجوبه ففي ايجاب الحج اشكال، أقربه العدم، لما فيه من
تعليق الواجب بغير الواجب (5).
قلت: ويحتمل الوجوب غايته عدم الاستقرار، كما إذا استطاع بنفسه، فإنه
يجب عليه المسير، مع احتمال زوال الاستطاعة في الطريق.
قال: والثاني: هل بين بذل المال وبذل الزاد والراحلة ومؤونته ومؤونة عياله
فرق أم لا؟ الأقرب عدم الفرق، لعدم جريان العادة بالمسامحة في بذل الزاد
والراحلة والمؤن بغير منة كالمال (6)، يعني فإذا استثنى بذل الزاد والراحلة للحج
فكذا بذل أثمانهما له.

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 26 ب 10 من أبواب وجوب الحج و... ح 2.
(2) السرائر: ج 1 ص 517.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 11.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 س 33.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 س 34.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 س 35.
101

وبالجملة، فمناط الاستثناء ووجوب القبول هو الاختصاص بالمسير إلى
الحج، لا خصوصه للزاد والراحلة؟ لاطلاق نحو الخبرين الأولين (1).
وقيل (2): باشتراط بذل عين الزاد والراحلة قصرا على اليقين، وظاهر نحو
الخبر الثالث.
ثم قال: لو وهب المال، فإن قبل وجب الحج، وإلا فلا، ولا يجب عليه قبول
الايهاب، وكذا الزاد والراحلة، لأن في قبول عقد الهبة تحصيل شرط الوجوب
وليس واجبا (3). يعني كما أنه لا فرق بين الزاد والراحلة وأثمانهما عند البذل
للحج في وجوب القبول، كذا لا فرق بينهما عند هبتهما مطلقا في عدم وجوب
القبول.
وفي الدروس: يكفي البذل في الوجوب مع التمليك أو الوثوق به (4). يعني
لا يشترط التمليك، كما قاله ابن إدريس، ولا وجوب البذل، بل يكفي الوثوق به
كما يكفي في وجوب المسير عند الاستطاعة بنفس الوثوق ببقائها إلى أداء الحج
وإن اتفق زوالها قبله، وقد لا (5) يعتبر الوثوق أيضا عملا بالاطلاق، وقد يعتبر
وجوب البذل بنذر ونحوه.
قال: وهل يستقر الوجوب بمجرد البذل من غير قبول؟ إشكال من ظاهر
النقل، وعدم وجوب تحصيل الشرط (6).
يعني فهل يجب القبول إذا بذل حتى أنه إذا لم يقبله استقر الحج في ذمته؟
وجهان، من ظاهر الفتاوى والأخبار وسمعت بعضها، وهو الأقوى. ومن أن القبول
ايهاب واكتساب، ولا يجب، وعدم الوجوب ممنوع لاستثنائه بالنصوص

(1) في خ: " الأوليين ".
(2) مسالك الأفهام: ج 1 ص 89 س 1 1.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 س 36.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 310 درس 81.
(5) ليس في خ.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 310 درس 81.
102

والاجماع، وكأن السر فيه أن الهبات تشتمل على المنة، فلا يجب قبولها إلا ما
أريد به خصوص الصرف في الحج فإنه أريد به وجه الله خاصة. وقد يقال بوجوب
القبول إذا وجب البذل، وقد يقال بوجوبه إذا وجب عينا لا تخييرا، حتى لو نذر أو
أوصى به لمن يحج مطلقا فبذل له لم يجب القبول.
واعلم أن الدين لا ينفي الوجوب بالبذل كما ينفيه بايهاب ما لا يفي (1) به مع
نفقة الحج والاياب والعيال.
وأن الحج بالبذل مجزئ عن حجة الاسلام كما يظهر من صحيح معاوية بن
عمار (2) للأصل، واتفاق من عدا الصدوق على أن الحج إنما يجب - بأصل الشرع -
في العمر مرة (3)، خلافا للاستبصار فأوجب فيه الإعادة إذا أيسر (4)، لخبر الفضل
بن عبد الملك سأل الصادق (ع) عن رجل لم يكن له مال فحج به أناس من
أصحابه أقضى حجة الاسلام؟ قال: نعم، فإن أيسر بعد ذلك فعليه أن يحج، قال:
قلت: هل يكون حجته تلك تامة أو ناقصة إذا لم يكن حج من ماله؟ قال: نعم قضى
عنه حجة الاسلام وتكون تامة ليست بناقصة، وإن أيسر فليحج (5).
وحمل في التهذيب (6) والنهاية (7) والمهذب (8) والجامع (9) والمعتبر (10) وغيرها
على الاستحباب، ويحتمل الحج عن غيره وعدم بذل الاستطاعة، فإن الحج به إنما
يستلزم استصحابه وإرساله في الحج، وهو أعم، ولا يأبى عنه تسمية حجة الاسلام.
وأما الثاني والثالث - أعني إذا استؤجر بالاستطاعة أو بشرطها فقبل -:

(1) في خ: " نفي ".
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 26 ب 10 من أبواب وجوب الحج و... ح 2.
(3) علل الشرائع: ج 2 ص 405 ذيل الحديث 5.
(4) الإستبصار: ج 2 ص 144 ذيل الحديث 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 27 ب 10 من أبواب وجوب الحج و... ح 6.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 7 ذيل الحديث 18.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 459.
(8) المهذب: ج 1 ص 268.
(9) الجامع للشرائع: ص 174.
(10) المعتبر: ج 2 ص 753.
103

فوجوب الحج عليه ظاهرا إذا وفي المستأجر بقية العقد. لكن قد يستشكل إذا
استؤجر للمعونة في سفر مكة بأنه لم يسافر للحج، بل لما وجب عليه بالإجارة
وهي متقدمة على الاستطاعة الموجبة للحج، وهو ضعيف. فإن غايته وقوع السفر
خاليا عن إرادة الحج أو الاخلاص له، وهو غير لازم في صحة الحج.
قلنا: بوجوب المقدمة أو لا، فإن غاية ما يلزم من وجوب المقدمة وجوب
المسير (1)، وقد حصل وإن قصد به غير الحج، حتى أنه لو سار لغيره إلى مكة
اختيارا ثم حج صح وأجزاء مع تحقق الشرائط، وإن سار المحرم من قطع طريق
ونحوه.
وفي الصحيح والحسن: إن معاوية بن عمار سأل الصادق (ع) الرجل يمر
مجتازا يريد اليمن أو غيرها من البلدان وطريقه بمكة فيدرك الناس وهم
يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى المشاهد أيجزئه ذلك عن حجة الاسلام؟
فقال: نعم (2).
وإنه سأله (ع) حجة الجمال تامة أو ناقصة؟ قال: تامة، وسأله: حجة الأجير
تامة أو ناقصة؟ قال: تامة (3). وسئل (ع) في خبر الفضل بن عبد الملك عن الرجل
يكون له الإبل يكريها فيصيب عليها فيحج وهو كرى، تغني عنه حجته؟ أو يكون
يحمل التجارة إلى مكة فيحج فيصيب المال في تجارته، أو يضع تكون حجته
تامة أو ناقصة، أو لا يكون حتى يذهب به إلى الحج ولا ينوي غيره، أو يكون
ينويهما جميعا أيقضي ذلك حجته؟ قال: نعم حجته تامة (4).
ولا فرق بين المسير إلى الميقات ومنه إلى مكة، ومنها إلى عرفات، ومنها إلى
مكة، في كون الجميع مقدمات.

(1) في خ: " السير ".
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 40 ب 22 من أبواب وجوب الحج ح 2.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
104

(ولو حج الفاقد) للاستطاعة متسكعا لم يجزئه عن حجة الاسلام إن
استطاع بالاجماع والنص والاعتبار، وسيأتي.
وكذا لو حج (نائبا) عن غيره (لم يجزء عنه لو استطاع) وهو أولى.
وأما صحيح جميل، عن الصادق (ع) في رجل ليس له مال، حج عن رجل
أو أحجه غيره ثم أصاب مالا، هل عليه الحج؟ قال: يجزئ عنهما جميعا (1).
فيجوز عود الضمير إلى المنوب عنهما، وهما من حج عنه تبرعا ومن أحجه غيره
عنه، وغرض السائل، السؤال عن إجزاء حج الصرورة نيابة. ويجوز عود الضمير
إلى النائب والمنوب، والاجزاء عن النائب فيما عليه من النيابة. وكذا قوله (ع)
في صحيح معاوية بن عمار: حج الصرورة يجزئ عنه وعمن حج عنه (2).
وأما حسنه سأله (ع) عن رجل حج عن غيره، يجزئه عن حجة الاسلام؟
قال: نعم (3). فيحتمل الاجزاء عن المنوب عنه.
(وليس الرجوع إلى كفاية) للمعيشة أبدا، أو سنة أو دونها (من صناعة
أو حرفة) أو ضيعة أو نحوها (شرطا) في الاستطاعة، كما اشترطه
الشيخان (4) والحلبيان (5) وابنا حمزة وسعيد (6) وجماعة (على رأي) وفاقا
للمحقق (7) وابن إدريس (8)، وظاهر السيد (9) وابني الجنيد وأبي عقيل (10)، ونسب

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 39 ب 21 من أبواب وجوب الحج و... ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 38 ب 21 من أبواب وجوب الحج و... ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 39 ب 21 من أبواب وجوب الحج و... ح 4.
(4) المقنعة: ص 384، المبسوط: ج 1 ص 297.
(5) الكافي في الفقه: ص 192، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 511 س 36.
(6) الوسيلة: ص 155، والجامع للشرائع: ص 173.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 228.
(8) السرائر: ج 1 ص 508.
(9) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 243 المسألة 136.
(10) نقله عنهما في مختلف الشيعة: ج 4 ص 6.
105

في المعتبر (1) والتذكرة (2) إلى الأكثر، لاطلاق الآية (3) والأخبار (4).
ودليل الأولين أصل البراءة والاجماع على ما في الخلاف (5) والغنية (6)،
ولزوم الحرج العظيم إن كان له مشتغل (7) فيلزمه بيعه في مؤونة الحج. ولما مر من
قول الصادق أعير في خبر الأعمش: وهو الزاد والراحلة مع صحة البدن، وأن
يكون للانسان ما يخلفه على عياله وما يرجع إليه من حجه (8).
ولقوله عليه السلام في خبر أبي الربيع، المروي في المقنعة: هلك الناس إذا كان من له
زاد وراحلة لا يملك غيرهما أو مقدار ذلك مما يقوت به عياله ويستغني به عن
الناس، فقد وجب عليه أن يحج بذلك، ثم يرجع فيسأل الناس بكفه لقد هلك إذا،
فقيل له عليه السلام: فما السبيل عندك؟ فقال: السعة في المال، وهو أن يكون معه ما
يحج ببعضه ويبقى بعض يقوت به نفسه وعياله (9).
والأصل معارض بعموم النصوص، وكذا الحرج، مع أنه ممنوع! لأن الله هو
الرزاق، والاجماع ممنوع، والخبران ضعيفان سندا ودلالة.
وعلى المختار لو كان له رأس مال يتجر به، وينفق من ربحه، ولو صرفه في
الحج كفاه لنفقته ذهابا وإيابا ولعياله، لكن تبطل تجارته، يجب عليه الحج وصرفه
فيه كما في التذكرة (10) والمنتهى (11) وتقدم.
وكذا لو كان له ضيعة يكفيه غلتها لمعاشه، ولو باعها للحج كفاه ثمنها لكن

(1) المعتبر: ج 2 ص 0756
(2) تذكرة الفقهاء: ج (ص 302 س 9.
(3) آل عمران: 97.
(4) وسائل: الشيعة. ج 8 ص 21 ب 8 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
منتهى المطلب: ج 2 ص 654 س 1.
(5) الخلاف: ج 2 ص 246 المسألة 02
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص ((5 س 36.
(7) في ط.، مستقبل ".
(8) وسانل الشيعة: ج 8 ص 25 ب 9 من أبواب وجوب الحج وشرائطه 4.
(9) المقنعة: ص 384 - 5 38.
(10) تذكرة الفقهاء: ج (ص 2 30 س 5 1.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 654 س 1.
106

يبقى بلا مشتغل (1) كما في المنتهى (2)، خلافا للتذكرة (3) لقوله: لو كان له عقار
يحتاج إليه لسكناه أو سكنى عياله أو يحتاج إلى أجرته لنفقة نفسه أو نفقة عياله أو
سائمة يحتاجون إليها، لم يلزمه الحج، ولو كان له شئ من ذلك فاضل عن
حاجته لزمه بيعه وصرفه في الحج إذا كان بقدر الاستطاعة (4).
(وأوعية الزاد والماء) إذا افتقر إلى حملهما (داخلة في الاستطاعة، فإن
تعذرت مع الحاجة سقط الوجوب، ويجب شراؤها مع وجود) الباذل لها
و (الثمن وإن كثر) على المختار ما لم يجحف على ما في التذكرة (5).
(وعلف) ما يستصحبه أو يخلفه، مما يفتقر إليه لنفقة عياله من (البهائم
المملوكة) والمستأجرة المشروط (6) عليه علفها إذا لم يتمكن من استيجار غيرهما
(ومشروبها كالزاد والراحلة)، وإن احتاج إلى الخادم دخل التمكن منه في
الاستطاعة كما في المنتهى (7) والتذكرة (8)، ويأتي الإشارة إليه في الكتاب.
ثم في المبسوط والمنتهى والتذكرة والتحرير فرق بين المأكول وبين الماء
وعلف الدواب، بجريان العادة بحمل المأكول طول الطريق وإن بعد ما بعد، بخلاف
غيره.
قال الشيخ: أما الزاد والراحلة إن وجده في أقرب البلدان إلى البر فهو واجد،
وكذلك إن لم يجده إلا في بلده، فيجب عليه حمله معه ما يكفيه لطول طريقه إذا
كان معه ما يحمل عليه، فأما الماء فإن كان يجده في كل منزل أو في كل منزلين
فهو واجد، فإن لم يجده إلا في أقرب البلدان إلى البر أو في بلده فهو غير واجد.
قال: والمعتبر في جميع ذلك العادة، فما جرت العادة بحمل مثله وجب حمله، وما

(1) في ط: " مستقبل ".
(2)؟؟
(3) في خ: " لظاهر التذكرة "
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 س 11
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 29.
(6) في خ: " المشروطة ".
(7) منتهى المطلب ج 2 ص 653 س 36
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 36.
107

لم تجر سقط وجوب حمله. قال: وأما علف البهائم ومشروبها فهو كماء الرجل إن
وجده في كل منزل أو منزلين لزمه، وإن لم يجده إلا في أقرب البلاد إلى البر أو في
بلده سقط الفرض لاعتبار العادة. قال: هذا كله إذا كانت المسافة بعيدة، فأما إن
كان بلده بالقرب من الحرم على منزلين أو نحو عشرين فرسخا أو ثلاثين فرسخا
فمتى لم يجد كل ذلك إلا في أقرب البلاد إلى البر من ناحية بلده فهو واجد، لأنه
يمكنه نقله (1). ونحو من ذلك في المنتهى (2) وأخويه (3).
وقال الشهيد: ويجب حمل الزاد والعلف ولو كان طول الطريق، ولم يوجب
الشيخ حمل الماء زيادة على مناهله المعتادة (4)، انتهى.
(وليس ملك عين الراحلة، والأوعية أو أثمانها (شرطا) في
الاستطاعة (بل) يكفي (ملك منافعها) ولو مجردة عن الأعيان بإجارة أو
إعارة، وفي الأجرة من الكلام مثل ما في الثمن.
(ولو وجد الزاد والراحلة، وقصر ماله عن نفقة عياله الواجبي النفقة
و) نفقة (المحتاج إليهم) في سفره وعند عياله وضياعه، أو أجرتهم (ذهابا
وعودا) إذا أراده (سقط الحج).
(ولو تكلف الحج مع فقد الاستطاعة) رأسا (أو حج عنه) في حياته
(من يطيق الحج مع الاستطاعة) أي استطاعة النائب أو المنوب (وبدونها لم
يجزئه) عن حجة الاسلام إن وجبت عندنا.
فأما (5) الأول: فلأنه قبل الوجوب، فهو كالصلاة قبل وقت الفريضة،

(1) المبسوط: ج 1 ص 300 س 301، وفيه: " سواء ".
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 653.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 301 س 30، تحرير الأحكام: ج 1 ص 91 - 92 السطر الأخير.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 312 درس 81.
(5) في خ: " أما ".
108

والتصدق قبل وجوب الزكاة، مع عموم نصوص الوجوب إذا استطاع، وأصل
عدم إجزاء المندوب والمتبرع به قبل الوجوب عن الواجب، ونحو قول
الصادق عليه والسلام في خبر مسمع: لو أن عبدا حج عشر حجج كانت عليه حجة الاسلام
أيضا إذا استطاع إلى ذلك سبيلا (1). واجتزأت (2) العامة به (3).
وأما الثاني: فلأن الحج عبادة بدنية لا يقبل النيابة إلا فيما دل عليه دليل
وسمعت خبر جميل (4) ومعناه.
(ولا يجب على الولد بذل الاستطاعة للأب، ولا على الوالد أخذ ما
يستطيع به من مال ولده الصغير، ولا يجوز له ذلك، ولا عليه اتهابه من الكبير وفاقا
للأكثر، ومنهم الشيخ في الإستبصار (5) للأصل. ونحو قول أبي جعفر عليه السلام في خبر
الثمالي: لا يجب أن يأخذ من مال ابنه إلا ما يحتاج إليه مما لا بد منه (6)
وخبر الحسين بن أبي العلاء سأل الصادق عليه السلام ما يحل للرجل من مال ولده؟
قال: قوته بنير سرف إذا اضطر إليه. قال: فقلت له. فقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل
الذي أتاه فقدم أباه فقال: أنت ومالك لأبيك، فقال: إنما جاء بأبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال له: يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أبي قد ظلمني ميراثي عن أمي، فأخبره الأب أنه
قد أنفقه عليه وعلى نفسه، فقال: أنت ومالك لأبيك، ولم يكن عند الرجل شئ،
إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبس الأب للابن (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 36 ب 19 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح (1.
(2) في خ: " وأجزأت ".
(3) فتاوى قاضيخان (بهامش الفتاوى الهندية): ج 1 ص 281 - 2 28، المغني لابن قدامة: ج
3 ص 162.
(4) رسائل الشيعة: ج 8 ص 239 ب 21 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 6.
(5) الإستبصار: ج 3 ص 50 ذيل الحديث 165.
(6) وسائل الشيعة: ج 12 ص 195 ب 78 من أبواب ما يكتسب به ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 12 ص 197 ب 78 من أبواب ما يكتسب به ح 8.
109

وخبر علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يأكل من مال ولده، قال: لا
إلا أن يضطر إليه فليأكل منه بالمعروف (1). وخلافا للنهاية (2) والخلاف (3)
والتهذيب (4) والمهذب (5)، إلا أن في الأولين النص على الوجوب، وفي الأخير
على الجواز. وأجمل في التهذيب أنه يأخذ من مال الولد.
وفي المبسوط: وقد روي أصحابنا أنه إذا كان له ولد وله مال وجب عليه أن
يأخذ من ماله ما يحج به، ويجب عليه إعطائه (6).
والرواية صحيح سعيد بن يسار سأل الصادق عليه السلام الرجل يحج من مال ابنه
وهو صغير؟ قال: نعم، يحج منه حجة الاسلام، قال: وينفق منه؟ قال: نعم، ثم قال:
إن مال الولد لوالده، أن رجلا اختصم هو ووالده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى أن
المال والولد للوالد (7).
وهو يحتمل الاقتراض كما في الإستبصار (8)، واجبا أو مستحبا كما في
التحرير (9) والتذكرة (10)، إذا كان مستطيعا بغيره، ومساواة نفقته في الحج لها في
غيره مع وجوب نفقته على الولد.
وآلى ابن إدريس أن يكون الشيخ أفتى بالوجوب وقال: إنه إنما أورده في
النهاية إيرادا لا اعتقادا (11). لكنه قال في الخلاف: إذا كان لولده مال، روى
أصحابنا أنه يجب عليه الحج ويأخذ منه قدر كفايته ويحج به، وليس للابن

(1) وسائل الشيعة: ج 12 ص 196 ب 78 من أبواب ما يكتسب به ح 6.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 458.
(3) الخلاف: ج 2 ص 250 مسألة 8.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 15 ذيل الحديث 43.
(5) المهذب: ج 1 ص 267.
(6) المبسوط: ج 1 ص 299.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 63 ب 36 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(8) الإستبصار: ج 3 ص 50 ذيل الحديث 165.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 91 س 26.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 302 س 40.
(11) السرائر: ج 1 ص 517.
110

الامتناع منه، وخالف جميع الفقهاء في ذلك. دليلنا: الأخبار المروية في هذا
المعنى من جهة الخاصة قد ذكرناها في الكتاب الكبير، وليس فيها ما يخالفها،
فدل على إجماعهم على ذلك، وأيضا قوله عليه وسلم: أنت ومالك لأبيك، فحكم بأن مال
الابن مال الأب، وإذا كان له فقد وجد الاستطاعة فوجب عليه الحج (1) إنتهى.
ولعله أراد بالأخبار المروية في التهذيب خبر سعيد وحده (2)، لأنه رواه فيه
بطرق ثلاثة، في الحج بطريقين: أحدهما طريق موسى بن القاسم، والآخر طريق
أحمد بن محمد بن عيسى (3)، وفي المكاسب من طريق ثالث، وهو طريق الحسين
بن سعيد (4). وإذا اعتبرت طرق (5) الشيخ إلى كل عن موسى وأحمد والحسين
تضاعف.
ويجوز أن تضم إليها قول أبي جعفر عليه وسلم في خبر ابن مسلم: إن في كتاب
علي عليه وسلم: إن الولد لا يأخذ من مال والده شيئا إلا بإذنه، والوالد يأخذ من مال ابنه
ما شاء (6). وخبر ابن سنان سأل الصادق عليه وسلم عن الوالد أيزد من مال ولده شيئا؟
قال: نعم، ولا يزد الولد من مال والده شيئا إلا بإذنه (7). لكنهما مخصوصان، نحو
ما مر من الأخبار بقدر الحاجة.
(البحث الرابع:)
(إمكان المسير)
قال في المنتهى: قد اتفق علماؤنا على اشتراط ذلك، وخالف فيه بعض

(1) الخلاف: ج 2 ص 250 المسألة 8.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 15 ح 44.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 16 ح 45.
(4) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 345 ح 967.
(5) في خ: " طريق ".
(6) وسائل الشيعة: ج 12 ص 194 - 195 ب 78 من أبواب ما يكتسب به ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 12 ص 195 ب 78، من أبواب ما يكتسب به وفيه: " أيزرأ من مال ولده
... قال: نعم ولا يزرأ... " ح 3.
111

الجمهور (1)، وأشار به إلى خلاف أحمد في رواية (2) في السعة وأمن الطريق.
(ويشتمل على أربعة مباحث:)
(الأول: الصحة) والقوة (فلا يجب على المريض) أو الضعيف لكبر أو
غيره (المتضرر) شديدا كما في المنتهى (3) (بالركوب والسفر) وإن أمكنه
المشي، فإن تضرر بالركوب رأسا سقط رأسا، وإن لم يتضرر بالمحمل والكنيسة
أو نحوهما اعتبر استطاعته لذلك، فإن لم يستطع سقط، والسقوط لذلك كأنه
إجماعي كما في المنتهى (4)، وفي المعتبر: اتفاق العلماء عليه (5).
ويدل عليه انتفاء العسر والحرج في الدين، وينبه عليه نحو قول الصادق عليه والسلام
في خبر ذريح: من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يمنعه من ذلك حاجة
تجحف به أو مرض لا يطيق معه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو
نصرانيا (6).
(ولو لم يتضرر) ضررا شديدا (وجب) اتفاقا للعمومات، وأما الضرر
اليسير فلا يخلو المسافر منه غالبا.
(وهل يجب على المتضرر الاستنابة؟ الأقرب العدم) كما في السرائر (7)
والجامع (8) وظاهر المقنعة (9)، كان راجيا لزوال العذر أو مأيوسا للأصل، وما مر
من الخبرين الناصين على دخول الصحة في الاستطاعة.
وصحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه والسلام في قوله عز وجل: " ولله على

(1) منتهى المطلب: ج ص 654 السطر الأخير.
(2) الشرح الكبير: ج 3 ص 187، المغني لابن قدامة: ج 3 ص 164.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 654 السطر الأخير.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 655 س 1.
(5) المعتبر: ج 2 ص 754.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 19 ب 7 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(7) السرائر: ج 1 ص 516.
(8) الجامع للشرائع. ص 173.
(9) المقنعة: 442.
112

الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " قال: هذه لمن كان عنده مال وصحة (1).
وخبر سلمة أبي حفص، عن الصادق عليه والسلام: إن رجلا أتى عليا عليه والسلام ولم يحج قط،
فقال: إني كنت كثير المال وفرطت في الحج حتى كبرت سني، فقال: تستطيع الحج
؟ فقال: لا، فقال له علي عليه والسلام: إن شئت فجهز رجلا ثم أبعثه يحج عنك (2).
والمقنعة (3) والجامع (4) يحتملان الاختصاص بعذر يرجى زواله.
وأوجبها أبو علي (5) والشيخ (6) والقاضي (7) والحلبي (8) والحسن (9) في
ظاهريهما، وهو خيرة التحرير (10)، وإليه أجنح في المنتهى (11) كالمحقق (12)، لقول
الصادق عليه والسلام في صحيح الحلبي وحسنه: وإن كان موسرا وحال بينه وبين الحج
مرض أو حصر أو أمر يعذره الله فيه فإن عليه أن يحج من ماله صرورة لا مال
له (13). ونحوه مضمر ابن أبي حمزة (14). وقول أمير المؤمنين عليه والسلام في صحيح ابن
مسلم: لو أن رجلا أراد الحج فعرض له مرض أو خالطه سقم فلم يستطع
الخروج فليجهز رجلا من ماله ثم ليبعثه مكانه (15). ولأنه يقبل النيابة اتفاقا
فيجوز الاستنابة، فإذا أجازت وجبت للدخول في الاستطاعة الموجبة للحج، إذ
ليس في الآية إلا أن على المستطيع الحج، وهو أعم من الحج بنفسه أو بغيره،
وضعفه ظاهر، فإنه لا يستطيع إليه سبيلا.

(1) وسائل الشيعة: 8 ج 8 ص 16 ب 6 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 44 ب 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 3.
(3) المقنعة: ص 442.
(4) الجامع للشرائع: ص 173.
(5) نقله عنه في المختلف: ج 4 ص 11.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 457.
(7) المهذب: ج 1 ص 267.
(8) الكافي في الفقه: ص 219.
(9) مختلف الشيعة: ج 4 ص 11.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 92 س 21.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 655 س 19.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 227.
(13) وسائل الشيعة: ج 8 ص 44 ب 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
(14) وسائل الشيعة: ج 8 ص 45 ب 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 7.
(15) وسائل الشيعة: ج 8 ص 44 ب 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 5.
113

وفي الخلاف: الاجماع عليه (1)، وتردد في التذكرة (2). لم الشيخ نص في
الخلاف (3) والمبسوط على اختصاص الوجوب بمن لا يرجو زوال عذره، وفي
المبسوط على استحباب الاستنابة لمن رجا الزوال (4)، وفي المنتهى: الاجماع
على عدم وجوبها عليه (5).
وفي الدروس: الأقرب أن وجوب الاستنابة فوري إن يئس من البرء، وإلا
استحب الفور (6). وهو يعطي الوجوب مطلقا.
وإذا استناب المعذور ثم برأ وجب أن يحج بنفسه إن بقيت (7) الاستطاعة، قاله
الشيخان (8) والحلبي (9) والقاضي (10) وابن سعيد (11) والمصنف في التحرير (12)، وهو
ظاهر أبي علي، لوجوب الحج في البدن والمال، فإذا استطاع فيهما وجب بنفسه
وبماله، وإذا استطاع بماله خاصة وجب فيه، ثم إذا استطاع في بدنه لزمه بنفسه،
كان العذر يرجى زواله أولا، كما نص عليه الشيخ والمصنف.
(والدواء في حق غير المتضرر، بالركوب والسفر (مع الحاجة إليه
كالزاد) وهو ظاهر، وكذا الطبيب إذا احتاج إلى استصحابه كالخادم، وإن لم
يرض إلا بمال فهو كأجرة الخادم.
(ويجب على الأعمى) عندنا، خلافا لأبي حنيفة في رواية (13)، لعموم
الأدلة، حتى نصوص الصحة، فإنه في العرف لا يسمي مريضا، ولو اعتبرت
الحقيقة لم يجب على الأصم أو الأعرج أو من دونهما، ولذا ورد: من مات ولم

(1) الخلاف: ج 2 ص 249 المسألة 6.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 303 س 39.
(3) الخلاف: ج 2 ص 248 المسألة 6.
(4) المبسوط: ج 1 ص 299.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 655 س 23.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 2 31 درس 81.
(7) في خ: " تعينت ".
(8) المبسوط: ج 1 ص 299، المقنعة: ص 442.
(9) الكافي في الفقه: ص 219.
(10) المهذب: ج 1 ص 267.
(11) الجامع للشرائع: ص 173.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 92 س 22.
(13) الهداية للمرغياني: ج 1 ص 134، المجموع: ج 7 ص 85.
114

يحج حجة الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق معه
الحج، أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو نصرانيا (1).
(فإن افتقر إلى قائد وتعذر لفقده، أو فقد مؤونته سقط، وإلا فلا)
والكلام فيما يرضى به - سوى مؤونته - كالكلام في أجرة الخادم والراحلة وثمن
الزاد وأوعيته.
(ويجب) الحج والعمرة (على المحجور المبذر) أي المحجور للتبذير مع
الاستطاعة (وعلى الولي أن يبعث معه حافظا) له عن التبذير إن لم يصحبه
نفسه، إلا أن يأمن التبذير إلى الإياب، أو لا يجد حافظا متبرعا ويعلم أن أجرته أو
مؤونته تزيد على ما يبذره.
(والنفقة الزائدة، للسفر إلى الإياب (في مال المبذر وأجرة الحافظ
جزء من الاستطاعة إن لم يجد متبرعا) والكل واضح.
المبحث (الثاني: التثبت على الراحلة) التي يستطيعها (فالمعضوب)
أي الضعيف (غير المستمسك عليها) لضعفه (والمحتاج إلى الزميل مع فقده،
لا حج عليهما، وهما أولى بذلك من المتضرر بالمسير وإن لم يكونا مريضين.
(ولو لم يستمسك خلقة) لا لمرض أو نقاهة، بل لكبر أو لا له (لم يجب،
عليه (الاستنابة على رأي) كما تقدم، وهو أولى منه، لانتفاء القدرة هنا رأسا،
كان استقر عليه أو لا.
وصحيح معاوية بن عمار (2) وحسن ابن سنان (3) عن الصادق عليه السلام: إن
عليا عليه والسلام رأى شيخا لم يحج قط، ولم يطق الحج من كبره، فأمره أن يجهز رجلا
فيحج عنه. غير صريحين في الوجوب. وخبر سلمة المتقدم صريح في العدم وإن

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 19 - 20 ب 7 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 43 - 44 ب 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 45 ب 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 6.
115

استدل به الشيخ (1) على الوجوب، ثم إنها يحتمل استقرار الحج عليه قبل.
وأما خبر ابن عباس: إن امرأة من خثعم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إن
فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك
على راحلته، فهل ترى أن أحج عنه؟ فقال عليه السلام: نعم. فقالت: هل ينفعه ذلك؟
قال: نعم، كما لو كان على أبيك دين فقضيته عنه نفعه (2). فمع التسليم ظاهره عدم
الاستقرار، لكن لا يدل على الوجوب، ولا على حياة أبيها حينئذ.
(ولو احتاج) المسير إلى الحج في عام الاستطاعة بالمال (إلى حركة
عنيفة) لضيق الوقت ونحوه، وهو (يعجز عنها) خلقة أو لمرض ونحوه
(سقط) عنه (في عامه) ذلك، فإن بقي مستطيعا إلى القابل، ويمكن من الحج
حج، (فإن مات قبل التمكن سقط).
ومن العجز المشقة العظيمة، وعلى القول المتقدم يجب الاستنابة إن آيس من
إمكان المسير بحركة يمكنه - لانحصار الطريق فيما لا بد في قطعه من حركة
عنيفة - لخوف أو بعد منازله من الماء أو نحو ذلك لا يستطيعها خلقة، أو لعارض
آيس من برئة. ولعله لا يدخل في مراده من هذا الكلام.
المبحث (الثالث: أمن الطريق) بل خلوه مما يمنع من سلوكه عندنا،
للكتاب والسنة.
ومن الموانع الخوف، فلا بد من أمنه (في النفس والبضع والمال).
وروي عن أحمد الوجوب على واجد الزاد والراحلة وإن لم يأمن (3)، بمعنى
أنه إن مات وجب أن يحج عنه وإن افتقر، ثم إن من وجب أن يحج متسكعا
لزعمه استقراره عليه لوجدانه الزاد والراحلة، وإن لم يجب، أو لم يجز حجه بنفسه

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 44 ب 24 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 3.
(2) صحيح مسلم: ج 2 ص 973 ح 1334، السنن الكبرى: ج 4 ص 328.
(3) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 164، الشرح الكبير: ج 3 ص 187.
116

(فيسقط الحج، عندنا عنه (مع الخوف على النفس) قتلا أو جرحا (من
عدو أو سبع، أو غيرهما، (ولا يجب) عليه (الاستنابة على رأي) والكلام
فيه كالكلام في المريض.
(ولو كان هناك طريق غيره) أو من (سلكه واجبا وإن كان أبعد مع
سعة النفقة) وسائر الشروط.
(والبحر كالبر) عندنا (إن ظن السلامة به وجب، وإلا فلا) خلافا
للشافعي (1) في قول، لزعمه أن في ركوبه تعزيرا، لأن عوارضه لا يمكن الاحتراز
منها.
(والمرأة كالرجل في الاستطاعة) عندنا، لعموم الأدلة، وخصوص قول
الصادق عليه السلام لصفوان الجمال في الصحيح: إذا جاءت المرأة المسلمة فاحملها،
فإن المؤمن محرم المؤمن (2). وخبر سليمان بن خالد سأله عليه السلام عن المرأة تريد
الحج ليس معها محرم هل يصلح لها الحج؟ فقال: نعم، إذا كانت مأمونة (3). إلى
غيرهما من الأخبار، وهي كثيرة.
(ولو خافت المكابرة) على بضعها (أو احتاجت) في حفظ نفسها أو
بضعها أو في خدمتها (إلى) زوج أو (محرم وتعذر سقط) الحج، (وليس
المحرم) عندنا (مع الغنى) عنه (شرطا) خلافا لأحمد في رواية (4).
(ولو تعذر) المحرم (إلا بمال مع الحاجة) إليه (وجب، أداء المال
(مع المكنة) والكلام فيه كالكلام في أجرة الراحلة.
(ولو خاف) بالمسير (على) جميع (ماله، الذي يملكه أو بعضه مما

(1) الأم: ج 2 ص 120، المجموع: ج 7 ص 83.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 108 ب 58 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 108 - 109 ب 58 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
(4) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 190، الشرح الكبير: ج 3 ص 190.
117

يتضرر به كما في التحرير (1)، وفي التذكرة احتمالا (2) (سقط) للحرج وعدم
تخلية السرب، وقد يؤدي إلى تلف النفس بأن يؤخذ في الطريق حيث لا يبقي معه
راحلة، ولا ما يتقوت (3) به، وأطلق في المنتهى (4) كما هنا.
وفي التذكرة قبل الاحتمال: لو كان في الطريق عدو يخاف منه على ماله سقط
فرض الحج عند علمائنا، وبه قال الشافعي وأحمد في إحدى الروايتين، لأن بذل
المال تحصيل لشرط الوجوب، وهو غير واجب، فلا يجب ما يتوقف عليه. وفي
الرواية الأخرى عن أحمد أنه لا يسقط فرض الحج، ويجب أن يستنيب، وليس
بمعتمد، ولا فرق بين أن يكون المال قليلا أو كثيرا، ويحتمل أن يقال بالوجوب
مع القلة إذا لم يتضرر (5) انتهى.
والحق أنه إن أدى تلف المال إلى الضرر في النفس أو البضع، سقط لذلك، وإن
كان الخوف على شئ قليل من المال وإن لم يؤد إليه فلا أعرف للسقوط وجها،
وإن خاف على كل ما يملكه إذا لم نشترط الرجوع إلى كفاية ولم ينال بزيادة
أثمان الزاد (6) والآلات وأجرة الراحلة والخادم ونحوهما ولو أضعافا مضاعفة،
وعلى اشتراط الرجوع إلى كفاية وعدم الزيادة على ثمن المثل وأجرة المثل أيضا
نقول: إذا تحققت الاستطاعة المالية، وأمن في المسير على النفس والعرض، أمكن
أن لا يسقطه خوفه على جميع ما يملكه، فضلا عن بعضه، لدخوله بالاستطاعة في
العمومات وخوف التلف غير التلف، ولم أر من نص على اشتراط الأمن على
المال قبل المصنف وغاية ما يلزمه أن يؤخذ ماله فيرجع.
(ولو كان العدو لا يندفع إلا بمال) أي كان (7) له عدو لا يأخذ ماله قهرا،
ولكن لا يخلي له الطريق إلا بمال، ووثق بقوله: (وتمكن من التحمل به ففي
(7) في خ: " أي لو كان ".

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 92 س 31.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 306 س 24.
(3) في خ: " يقوت ".
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 656 س 30.
(5) تذكره الفقهاء: ج 1 ص 306 س 22.
(6) في خ: " الرداء ".
118

سقوط الحج) كما في المبسوط (1) (نظر) من تحقق الاستطاعة، لأنه بمنزلة
الأجرة وثمن الزاد، ومن أن العدو مانع يتوقف الحج على ارتفاعه، ولا يجب عليه
رفعه، كما لا يجب عليه تحصيل شروطه، وإن أخذه ظالم (2) لا يجوز الإعانة
عليه (3)، وأنه يسقط عمن خاف على ماله وإن قل ولا فرق، وهو خيرة
الإرشاد (4) والايضاح (5). وفي الأدلة نظر إن رفع هذا المانع، كشراء الزاد والراحلة
مع ملك الثمن لا كالتكسب.
وقد يجب تحمل الظلم لأداء الواجب ومنع السقوط بالخوف، قال الشيخ في
المبسوط: فإن لم يندفع العدو إلا بمال يبذله أو خفارة (6) فهو غير واجد، لأن
التخلية لم تحصل، فإن تحمل ذلك كان حسنا (7).
وفي فصل الحصر والصد: فإن طلب العدو على تخلية الطريق مالا، لم يجب
على الحاج بذله، قليلا كان أو كثيرا، ويكره بذله لهم إذا كانوا مشركين، لأن فيه
تقوية المشركين. وإن كان العدو مسلما لا يجب البذل، لكن يجوز أن يبذلوا
ولا يكون مكروها (8) إنتهى.
وكره الشافعية البذل (9)، لأنهم يحرضون به على التعرض للناس.
وفي المعتبر: والأقرب إن كان المطلوب مجحفا لم يجب، وإن كان يسيرا وجب
بذله، وكان كأثمان الآلات (10) إنتهى. ونحوه في الشرائع، ولم يفرقا بين المشرك
والمسلم، واستحسن نحوه في التحرير (11) والمنتهى (12)، واحتمل في التذكرة (13).

(1) المبسوط: ج 1 ص 301.
(2) في خ: " ظلم ".
(3) في خ: " فيه عليه ".
(4) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 311.
(5) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 271.
(6) في خ: " حفازة ".
(7) المبسوط: ج 1 ص 301.
(8) المبسوط: ج 1 ص 334.
(9) الأم: ج 2 ص 161، الحاوي الكبير: ج 4 ص 356.
(10) المعتبر: ج 2 ص 755.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 92 س 32.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 656 س 31.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 397 س 11.
119

وفي الشرائع: ولو كان في الطريق عدو لا يندفع إلا بمال، قيل: يسقط وإن
قل، ولو قيل: يجب التحمل مع المكنة كان حسنا (1)، وهو يحتمل الاختصاص
بالقليل فيوافق المعتبر، والعموم فيوافق الكتاب، ويمكن أن يكون في التمكن
احترازا عن الاجحاف والمناسب، لعدم اشتراط الرجوع إلى كفايته عدم الفرق
بين المجحف وغيره، إلا الاجحاف الرافع للاستطاعة.
هذا قبل الاحرام، وأما بعده فهو من الصد الذي يأتي.
(ولو بذل له) عدوه المال (باذل) فاندفع (وجب) الحج، لارتفاع
المانع، وليس له منع الباذل (ولا يجب)، إذ لا يجب القبول (لو قال) الباذل:
(اقبل المال) مني (وادفع أنت) لأنه هبة، لا (2) يجب عليه القبول، لأنه
تكسب وتحصيل لشرط (3) الوجوب، ولما فيه من المنة وللأصل، ولو حمل على
بذل الزاد والراحلة كان قياسا، ويظهر من الدروس توقف فيه (4).
(ولو وجد بذرقة) أي مجيرا من العدو - هو معرب يجوز إهمال داله
واعجامها - (بأجرة وتمكن منها، فالأقرب عدم الوجوب) كما في
المبسوط (5)، كما لا يجب بذل المال للعدو الذي لا يندفع إلا به، مثل (6) ما له من
الأدلة مع احتمال الوجوب، لأنه أجرة بإزاء عمل، فهي كأجرة الخادم والجمال
والراحلة. أما على وجوب بذل العدو المال فهنا الوجوب أولى.
وفرق في التذكرة (7) بين أن يطلب العدو مالا، وأن يكون على المراصد من
يطلب مالا فقطع بسقوط الحج في الثاني، وأطلق، وحكاه في الأول عن الشيخ،
واحتمل ما عرفت.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 228.
(2) في خ: " ألا ".
(3) في خ: " لشروط ".
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 314 درس 82.
(5) المبسوط: ج 1 ص 301.
(6) في خ: " لمثل ".
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 306 س 29.
120

(ولو افتقر) في المسير (إلى القتال، فإن خاف منه تلفا أو جرحا (1) أو
مرضا أو شيئا سقط، لأنه غير مخلى السرب (2)، وإلا (فالأقرب السقوط)
أيضا كما في المبسوط (3).
وبالجملة: الأقرب وفاقا للمبسوط والشرائع (4) سقوط الحج إن علم الافتقار
إلى القتال (مع ظن السلامة) أي العلم العادي بها وعدمه، كان العدو مسلمين
أو كفارا للأصل، وصدق علم (5) تخلي السرب (6)، وعدم وجوب قتال الكفار إلا
للدفع أو للدعاء إلى الاسلام بإذن الإمام، والمسلمين إلا للدفع أو النهي عن المنكر
ولم يفعلوا منكرا.
نعم، يجوز بل يستحب مع كفر العدو كما في التذكرة (7) لتضمنه الجهاد وقهر
الكفار ودفعهم عن الطريق، وإقامة ركن من أركان الاسلام، ويمكن استحبابه
مطلقا. لا يقال: مجوز القتال موجب له فإذا لم يجب لم يجز، لأن ما يجيزه (8) الآن
هو السير (9) المؤدي إلى القتال إن منعوا إلا نفسه (10).
وقطع في التحرير (11) والمنتهى (12) بعدم السقوط إذا لم يلحقه ضرر ولا
خوف، واحتمله في التذكرة (13)، وكأنه لصدق الاستطاعة ومنع عدم تخلية
السرب (14) حينئذ مع تضمن المسير أمرا بمعروف ونهيا عن منكر، وإقامة لركن
من أركان الاسلام.
وفي الإيضاح: إن المصنف أراد بالظن هنا العلم العادي الذي لا يعد العقلاء

(1) في خ: " جرما ".
(2) في خ: " الشرب ".
(3) المبسوط: ج 1 ص 334.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 282.
(5) في خ: " عدم ".
(6) في خ: " الشرب ".
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 306 س 28.
(8) في خ: " يجزه ".
(9) في خ: " المسير ".
(10) في خ: " إلا نفسه ".
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 92 س 31.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 656 س 30.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 306 س 27.
(14) في خ: " الشرب ".
121

نقيضه من المخوفات، كإمكان سقوط جدار سليم قعد تحته، لأنه مع الظن بالمعنى
المصطلح عليه يسقط إجماعا (1).
قلت: لبقاء الخوف معه.
قال: ويريد بالسلامة هنا السلامة من القتل والجرح والمرض والشين، لأنه
مع ظن أحدهما بالمعنى المصطلح عليه في لسان أهل الشرع والأصول يسقط
بإجماع المسلمين (2).
(ولو تعددت الطرق، تخير مع التساوي في الأمن) وإدراك النسك
واتساع النفقة (وإلا تعين المختص به) أي بالأمن (وإن بعد) إن اتسع الوقت
والنفقة، إلا أن يختص الخوف بالمال، وخصوصا غير المجحف.
وللشافعية وجه بعدم لزوم سلوك الأبعد ولو تساوت في الخوف المسقط (3)،
وإن كان بعضها أخوف سقط، وكذا لو كان بعضها مخوفا وبعضها لا يفي لسلوكه
الوقت أو النفقة.
(ولو افتقر) المسير (إلى الرفقة) للخوف أو جهل الطريق (وتعذرت
سقط) ولو تكلفه مع أحد هذه الأعذار - من الخوف أو المرض أو ضيق الوقت
المفتقر إلى حركة عنيفة - فالأقرب الاجزاء كما في الدروس (4)، وإن أطلق
الأصحاب: إن حج غير مستكمل الشرائط لا يجوز (5)، لأن ذلك من باب تحصيل
الشرط، فإن شرط وجوب الحج الزاد والراحلة وإمكان المسير، وإذا تكلف
المسير فقد حصله، وإذا حصله حصل إمكانه، وإذا حصل الشرط حصل الوجوب
كما إذا حصل الزاد والراحلة، بخلاف ما لو تكلف المسير وهو لا يملك الزاد
والراحلة، فإنه لم يحصل الشرط.

(1) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 272.
(2) المصدر السابق.
(3) الحاوي الكبير: ج 4 ص 347، المجموع: ج 7 ص 296.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 364 درس 82.
(5) في خ: " لا يجزئ ".
122

نعم، إن كان الخوف أو المشقة المسقطة مقارنا لشئ من الأفعال من الطواف
والوقوف ونحوهما، اتجه عدم الاجزاء للنهي المفسد، فليحمل عليه إطلاق
الأصحاب، واحتمال الاجزاء لتعلق النهي بوصف خارج عن النسك ضعيف جدا،
ويحتمل عدم الاجزاء مطلقا بناء على أن شرط (1) الوجوب انتفاء الخوف والمشقة
عند المسير، ولم ينتفيا إلا بعده، مع عموم النصوص على الوجوب على من استطاع.
(الرابع: اتساع الوقت لقطع المسافة، فأداء المناسك.
(فلو استطاع وقد بقي من الوقت ما لا يتسع لادراك المناسك، عادة
(سقط) عنه (في عامه) إجماعا، (ولو مات حينئذ لم يقض عنه) عندنا،
خلافا لأحمد في رواية (2)، بناء على زعمه الاستقرار بالزاد والراحلة حسب.
(وكذا لو علم الادراك لكن بعد طي المنازل، يجعل منزلين أو منازل
منزلا (وعجزه عن ذلك، أصلا أو بلا مشقة شديدة عليه، (ولو قدر) على
الطي ومن غير مشقة شديدة (وجب، فإن أهمل استقر عليه، فإن مات قبل
الأداء قضى عنه.
(مسائل) سبع:
(أ: إذا اجتمعت الشرائط وأهمل أثم) لوجوب المبادرة كما مر
(واستقر الحج في ذمته، والمراد بالحج ما يعم النسكين أو أحدهما، فقد
تستقر العمرة وحدها، وقد يستقر الحج وحده، وقد يستقران.
(و) معنى الاستقرار أنه (يجب عليه) حينئذ (قضاؤه " أي فعله
(متى تمكن منه على الفور ولو) لم يتمكن إلا (مشيا) بأن لا يتمكن من

(1) في خ: " شروط ".
(2) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 164، الشرح الكبير: ج 3 ص 187.
123

الراحلة، أو لم يتمكن من الزاد إلا بإجارة نفسه ونحو ذلك.
وكأنه المراد بما نص على وجوبه على من أطاق المشي، كخبر أبي بصير سأل
الصادق عليه السلام عن قوله عز وجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه
سبيلا "، قال: يخرج ويمشي إن لم يكن عنده. قال: لا يقدر على المشي. قال:
يمشي ويركب. قال: لا يقدر على ذلك - يعني المشي - قال: يخدم القوم ويخرج
معهم (1).
(فإن مات حينئذ) ولم يحج (وجب أن يحج عنه، عند علمائنا
أجمع، كما في الخلاف (2) والتذكرة (3) والمنتهى (4) والأخبار (5) به كثيرة، خلافا
لأبي حنيفة ومالك والشعبي والنخعي (6).
ويحج عنه (من صلب تركته) كسائر الديون لا من الثلث، وينص عليه
بنحو قول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: تقضي عن الرجل حجة الاسلام من
جميع ماله (7). وخبر سماعة سأله عن أرجل يموت ولم يحج حجة الاسلام ولم
يوص بها وهو موسر، قال: يحج عنه من صلب ماله، لا يجوز غير ذلك (8). ومن
أسقطه بالموت من العامة، إنما يخرجه بالوصية من الثلث (9).
وإنما يجب (من أقرب الأماكن) إلى مكة من بلده (إلى الميقات) فإن
أمكن من الميقات لم يجب إلا منه، وإلا فمن الأقرب إليه فالأقرب.
ولا يجب من بلد موته أو بلد استقراره عليه (على رأي) وفاقا للخلاف (10)

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 29 ب 11 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
(2) الخلاف: ج 2 ص 253 المسألة 16.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 307 س 20.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 871 س 12.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 49 ب 28 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(6) المعني لابن قدامة: ج 3 ص 196.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 50 ب 28 من أبواب الحج ح 3 و 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 8 ص 50 ب 28 من أبواب الحج ح 3 و 4.
(9) عمدة القاري: ج 10 ص 213.
(10) الخلاف: ج 2 ص 255 المسألة 18.
124

والمبسوط (1) والوسيلة (2)، وقضية وصايا الغنية (3)، وكتب المحقق (4) للأصل،
وعدم اشتراط الحج بالمسير إلا عقلا، فهو على تقدير وجوبه واجب آخر، لا
دليل على وجوب قضائه، كيف ولو سار أحد إلى الميقات لا بنية الحج ثم أراده
فأحرم، صح وإن كان استطاع في بلده، وإن أساء بتأخير النية. على أن الظاهر أنه
لا يأثم به.
ويؤيده صحيح حريز سأل الصادق عليه السلام عن رجل أعطى رجلا حجة يحج
عنه من الكوفة، فحج عنه من البصرة، قال: لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم
حجة (5). وفي الغنية الاجماع عليه (6)، وخلافا للنهاية (7) والسرائر (8) لم والجامع (9)
وقضية (10) وصايا المقنع (11) والمهذب (12)، فأوجبوا الاخراج من بلده، إلا أن لا
يخلف (13) إلا ما يقضى به من الميقات ليخرج منه، لأنه لو كان حيا كان يجب عليه
في ماله نفقة الطريق من بلده، فاستقر هذا الحق في ماله.
فإن قيل: كان يجوز أن لا ينفق على نفسه من ماله في الطريق شيئا، بأن يكون
في نفقة غيره.
قلنا: كذلك هنا لو تبرع أحد بالمسير عنه لم يجب له النفقة، وفيه ما عرفت من
أنه لو كان سار إلى الميقات لا بنية الحج بل ولا مكلفا ولا مستطيعا، ثم حج منه
مع الكمال والاستطاعة أجزاء عنه، فكذا ينبغي الاجزاء هنا.

(1) المبسوط: ج 1 ص 303.
(2) الوسيلة: ص 157.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 542 س 30.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 229، مختصر النافع: ص 76، المعتبر: ج 2 ص 760.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 127 ب 11 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 542 س 30.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 557.
(8) السرائر: ج 1 ص 516.
(9) الجامع للشرائع: ص 174.
(10) في خ: " ووصية ".
(11) المقنع: ص 164: (12) المهذب: ج 2 ص 113.
(13) في خ: " يخالف ".
125

قال ابن إدريس: وبه تواترت أخبارنا وروايات أصحابنا (1). قال المحقق: إن
هذه الدعوى غلط، فإنا لم نقف بذلك على خبر شاذ، فكيف دعوى التواتر (2)؟!
ونحوه في المختلف (3).
قلت: نعم، روى البزنطي عن محمد بن عبد الله أنه سأل الرضا عليه السلام عن
الرجل يموت فيوصي بالحج، من أين يحج عنه؟ قال: على قدر ماله، إن وسعه
ماله فمن منزله، وإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة (4). ويحتمل " ماله " ما وصى
بالحج به.
وحكى المحقق قولا ثالثا بالاخراج من البلد مطلقا (5)، ولا يكون ثالثا إلا إذا
سقط إذا ضاق عنه المال.
(ولو لم يكن له مال، يحج به عنه (أصلا، استحب لوليه) خصوصا
ولغيره الحج (أي عنه) (6) للأخبار (7) والاعتبار. ولا يجب وفاقا للمشهور للأصل،
وقد يستظهر الوجوب من كلام أبي علي (8)، وليس فيه إلا أن الولي يقضي عنه إن
لم يكن ذا مال.
(ولو) كان عليه دين و (ضاقت التركة عن الدين وأجرة المثل) للحج
(من أقرب الأماكن قسطت عليهما بالنسبة) لتساويهما في الاخراج من
الأصل، ونص الأخبار بكون الحج دينا أو بمنزلته (9). وللشافعي قول بتقديم

(1) السرائر: ج 1 ص 516.
(2) المعتبر: ج 2 ص 760.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 15.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 117 ب 2 من أبواب النيابة في الحج ح 3.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 229.
(6) ما بين المعقوفين ليس في خ.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 138 ب 25 من أبواب النيابة في الحج.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 21.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 99 ب 50 من أبواب وجوب الحج.
126

الحج (1)، واحتمل في الجواهر (2). وآخر بتقديم الدين (3).
(فإن قصر نصيب الحج) عن قضائه، فإن كان المستقر عليه كلا النسكين
ووسع النصيب أحدهما خاصة صرف فيه فإن وسع كلا منهما احتمل التخير
للتساوي في الاستقرار، وتقديم الحج لكونه أقدم في نظر الشارع، وتقديمه
عمن عليه الافراد أو القران خاصة، وتقديم العمرة عمن عليه المتعة، والتخير
عمن عليه أحد الأنواع مخيرا. وقد يحتمل سقوطهما عمن عليه التمتع لدخول
العمرة في حجه (4).
وإن لم يف النصيب بشئ من النسكين (صرف في الدين) لا فيما يفي به
من الأفعال - من طواف أو وقوف - لعدم التعبد بشئ منها وحدها، وهو مسلم في
غير الطواف.
(ب: لو مات الحاج) أو المعتمر (بعد الاحرام ودخول الحرم أجزاء
عنه) كما في النهاية (5) والمبسوط (6) والجامع (7) والشرائع (8). وإن كان استقر عليه
ومات في الحل أو في الحرم، محرما أو محلا بين النسكين كما في الدروس (9)
ويقتضيه الاطلاق لصحيح خبر ضريس عن أبي جعفر عليه السلام في رجل خرج حاجا
حجة الاسلام فمات في الطريق، فقال: إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة
الاسلام، وإن كان مات دون الحرم فليقض عنه وليه حجة الاسلام (10).
وصحيح بريد سأله عليه السلام عن رجل خرج حاجا ومعه جمل، وله نفقة وزاد،
فمات في الطريق، فقال: إن كان صرورة ثم مات في الحرم أجزاء عنه حجة

(1) المجموع: ج 7 ص 110.
(2) جواهر الفقه: ص 40 المسألة 138.
(3) المجموع: ج 7 ص 110.
(4) في خ: " على الحج ".
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 557.
(6) المبسوط: ج 1 ص 306.
(7) الجامع للشرائع: ص 176.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 228.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 316 درس 82.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 47 ب 26 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
127

الاسلام، وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل حمله وزاده ونفقته وما
معه في حجة الاسلام (1) الخبر.
وهما مع اختصاصهما بالموت في الحرم يحتملان المسير أول عام الوجوب،
وقضاء الولي عنه على الندب أو على الوجوب كما هو ظاهر النهاية (2)
والمبسوط (3)، وإن اعترضه المصنف في المنتهى (4) كابن إدريس (5) بأنه إذا لم
يجب عليه، لم يجب القضاء عنه، وإذا احتملا ذلك بقي الاجزاء عمن استقر عليه
بلا دليل، إلا أن يرشد إليه حكم النائب.
واكتفى ابن إدريس بالاحرام وإن كان استقر عليه (6)، وهو ضعيف، لوجوب
قصر خلاف الأصل على اليقين.
(ولو كان نائبا) عن غيره فمات بعد الاحرام ودخول الحرم برئت ذمته
(وتبرأ ذمة المنوب) عنه أيضا، لتساوي النائب والمنوب حكما. وخبر إسحاق
ابن عمار سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يموت فيوصي بحجة، فيعطي رجل دراهم
ليحج بها عنه، فيموت قبل أن يحج ثم أعطى الدراهم غيره، قال: إن مات في
الطريق أو بمكة قبل أن يقضي مناسكه فإنه يجزئ عن الأول (7). وفي المنتهى:
الاجماع عليه (8).
واكتفى الشيخ في الخلاف (9) والمبسوط (10) بالاحرام، والخبر يعمه، لكن لم
يذكر في الخلاف إلا براءة النائب، وذكر فيه: إنه منصوص للأصحاب لا يختلفون
فيه (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 47 ب 26 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 557.
(3) المبسوط. ج 1 ص 306.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 872 س 18.
(5) السرائر: ج 1 ص 649 - 650.
(6) السرائر: ج 1 ص 650.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 130 ب 15 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 863 س 28.
(9) الخلاف: ج 2 ص 390 المسألة 244.
(10) المبسوط: ج 1 ص 323.
(11) الخلاف: ج 2 ص 390 المسألة 244.
128

ويحتمل الاحرام في كلامه دخول الحرم، فقد جاء بمعناه كالاتهام والانجاد.
وعن عمار، عن الصادق عليه السلام في رجل حج عن آخر ومات في الطريق، قال: وقد
وقع أجره على الله، ولكن يوصي، فإن قدر على رجل يركب في رحله ويأكل
زاده فعل (1). يعني - والله يعلم - يركب في رحله ويأكل زاده ويأتي المناسك عن
المنوب، وهذه الوصية مندوبة. وقد يجب إن مات في الطريق قبل الاحرام.
بقي في النفس شئ، إذا مات النائب أو الحاج لنفسه بين النسكين بعد
استقرارهما عليه، خصوصا في الافراد والقران، لاحتمال الخبرين الأولين ما
سمعت، والأخير الاجزاء عن النسك الذي أحرم به، وعدم العلم بالاجماع على
الاجزاء عن النسكين جميعا. لكن الشهيد قطع بذلك (2).
(ولو مات قبل ذلك) أي الاحرام أو دخول الحرم (قضيت عنه)
الحجة بالمعنى العام للعمرة، ولهما وجوبا (إن كانت قد استقرت) عليه،
(وإلا فلا) وجوب.
(والاستقرار) يحصل (بالاهمال بعد اجماع الشرائط) للوجوب
والصحة، ومنها الاسلام (ومضي زمان) يسع (جميع أفعال الحج) الأركان
وغيرها كما هو ظاهر المبسوط (3) والشرائع 4)، لاستحالة التكليف بما يقصر عنه
زمانه، فإذا لم يمض هذا الزمان لم يتحقق الوجوب.
(أو) زمان يسع (دخول الحرم) خاصة (على إشكال) من (5) تنزله
مع الاحرام منزلة جميع الأفعال، فإدراكه بمنزلة إدراك ركعة من الصلاة، ومن كون
التنزل خلاف الأصل فيقصر على اليقين (6)، وهو إذا مات.

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 131 ب 15 من أبواب النيابة في الحج ح 5.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 316.
(3) المبسوط: ج 1 ص 300.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 227.
(5) في خ: " لم ".
(6) في خ: " التعين ".
129

وعن التذكرة اعتبار زمان يسع الأركان (1)، وليس فيما عندنا من نسخها وإن
كان محتملا.
(ج: الكافر يجب عليه) الحج عندنا إذا استجمع شرائط الوجوب (ولا
يصح منه) كسائر العبادات، وإن اعتقد وجوبه وفعله كما نفعل.
(فإن أسلم وجوب الاتيان به إن استمرت الاستطاعة، وإلا) يستمر
(فلا) يجب عليه، فإنه لا يستقر عليه وإن مضت على استطاعته في الكفر
أعوام عندنا، فإن الاسلام يجب ما قبله.
(و) كذا (لو فقد الاستطاعة، قبل الاسلام أو (بعد الاسلام) قبل
وقته (ومات قبل عودها لم يقض عنه، ولو أحرم حال كفره لم يعتد به)
كما لا يعتد بغيره من عباداته.
(و) إن أسلم في الأثناء (أعاده) أي الاحرام (بعد الاسلام) فإن
أمكن العود إلى الميقات أو مكة للاحرام عاد له.
(فإن تعذر الميقات) ومنه مكة (أحرم من موضعه ولو بالمشعر) وتم
حجة بإدراكه اختياري المشعر. وفي الشرائع: ولو بعرفات (2)، وكأنه اقتصار على
حال من يدرك جميع الأفعال.
وفي الخلاف: إن عليه الرجوع إلى الميقات والاحرام منه، فإن لم يفعل
وأحرم من موضعه وحج، تم حجه (3). وكأنه يريد إذا تعذر عليه الرجوع.
(د: لو ارتد بعد إحرامه لم يجدده لو عاد) إلى الاسلام، كما قوي في
المبسوط (4)، بناء على أن الارتداد يكشف عن انتفاء الاسلام أولا، لأنه ممنوع
لظاهر النصوص، وظهور الوقوع والتحقيق في الكلام.
(وكذا الحج) لو أتى به مسلما ثم ارتد لم يجب إعادته، كما قوى (5) في

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 306 س 38.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 228.
(3) الخلاف: ج 2 ص 378 المسألة 225.
(4) المبسوط: ج 1 ص 305.
(5) ليس في خ.
130

المبسوط (1)، وأفتى به في الجواهر (2)، والكلام فيه كسابقه.
وأما قوله تعالى: " ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله " (3) فإنما يدل على أن
الكافر لا يقبل عمله، وأما إحباط الارتداد ما عمله في الاسلام فليس من الدلالة
عليه في شئ، ولو سلم فبشرط الموافاة. وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر زرارة: من
كان مؤمنا فحج ثم أصابته فتنة فكفر ثم تاب يحسب له كل عمل صالح عمله، ولا
يبطل منه شئ (4).
(ولو استطاع في حال الردة) لا عن فطرة أو عنها، بأن استصحبه غيره
وحمله إلى مكة والمواقف (وجب عليه) الحج لاجتماع الشرائط (وصح منه
إن تاب) قبله، وأجزأه عن حجة الاسلام وإن لم تستمر استطاعته إلى التوبة،
إجراء له مجرى المسلم في ذلك، لتشرفه بالاسلام أولا، ومعرفة أحكامه التي منها
الحج، وفيه ما فيه.
وهذه العبارة ليست نصا فيه، لكن يرشد إليه قوله (5): (ولو مات) بعد
الاستطاعة (أخرج من صلب تركته) إن لم يحج (وإن لم يتب على
إشكال) من عموم أدلة الاخراج والتعلق بماله كبدنه، فهو كسائر الديون ومن
الأصل، وأن القضاء لابراء الميت وإكرامه، ولذا لا يقضى عن الكافر الأصلي،
وعموم الأدلة ممنوع، فإن ظاهرها الاختصاص بالمسلم، وإن كان الارتداد عن
فطرة فلا تركة له عند الموت، إلا أن يقال: يعزل للحج أجرته في حياته.
وكذا الاشكال إن استطاع قبل الارتداد فأهمل، ثم ارتد فمات ولم يتب، وإن
قلنا بمقالة الشيخ من كشف الارتداد عن الكفر الأصلي لم يجب الافراد في شئ
من المسألتين.

(1) المبسوط: ج 1 ص 305.
(2) جواهر الفقه: ص 39 المسألة 132.
(3) المائدة: 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 96 ب 30 من أبواب مقدمة العبادات ح 1.
(5) في خ: " قويا ".
131

(ه‍: المخالف لا يعيد حجه) ولا عمرته (بعد استبصاره واجبا)
للأصل والأخبار (1)، وصحة أفعاله ونياته لصحة القربة منه، (إلا أن يخل بركن)
عندنا كما في المعتبر (2) والمنتهى (3) والتحرير (4) والدروس (5)، فإنه لم يأت حينئذ
بالحج مع بقاء وقت أدائه بخلاف الصلاة، لخروج وقتها.
ولا يجب القضاء إلا بأمر جديد مع احتمال اعتبار الركن عنده، لا طلاق
الأخبار المنصرف إليه ظاهرا، (بل يستحب) الإعادة إن لم يخل بركن
للأخبار (6) خلافا للقاضي (7) وأبي علي فأوجباها (8)، لقول الصادق عليه السلام في خبر
أبي بصير: أن رجلا معسرا أحجه رجل كانت له حجة، فإن أيسر بعد ذلك كان
عليه الحج، وكذلك الناصب إذا عرف فعليه الحج وإن كان قد حج (9).
ولأن إبراهيم بن محمد بن عمران الهمداني كتب إلى أبي جعفر عليه السلام إني
حججت وأنا مخالف وكنت صرورة، فدخلت متمتعا بالعمرة إلي الحج، فكتب
إليه: أعد حجك (10). ويحملان على الاستحباب جمعا مع ضعفهما، واختصاص
الأول بالناصب، وهو كافر، واحتمال (11) الثاني الاخلال بركن.
(و: ليس للمرأة ولا للعبد) بل المملوك (الحج تطوعا بدون إذن
الزوج والمولى) وإن صحباهما فيه، وتقدم.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 97 ب 31 من أبواب مقدمة العبادات و ج 8 ص 42 ب 23 من
أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(2) المعتبر: ج 2 ص 765.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 860 س 2.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 125 س 18.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 315 درس 82.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 42 ب 23 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(7) المهذب: ج 1 ص 268.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 19.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 39 ب 21 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 5 و ص 43 ب
23 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 5.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 43 ب 23 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 6.
(11) في خ: " واحتمل ".
132

(ولا يشترط) عندنا (إذن الزوج في الواجب) إذ لا طاعة لمخلوق في
معصية الخالق. وسأل زرارة أبا جعفر عليه السلام في الصحيح عن امرأة لها زوج وهي
صرورة ولا يأذن لها في الحج، قال: تحج وإن لم يأذن لها (1).
وقال لابن مسلم في الصحيح: لا إطاعة له عليها في حجة الاسلام (2). وقال
الصادق عليه السلام في صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله: تحج وإن رغم أنفه (3).
ولمعاوية بن وهب: لا طاعة له عليها في حجة الاسلام ولا كرامة، لتحج إن شاءت (4).
وعن الشافعي اشتراط إذنه (5).
(وفي حكم الزوجة المطلقة رجعية) لكونها في حكم الزوجة، ولحرمة
خروجها من منزلها في العدة، ونحو قول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن
عمار: لا تحج المطلقة في عدتها (6). ولمنصور بن حازم إذ سأله في الصحيح عنها:
وإن كانت حجت فلا تحج حتى تقضي عدتها (7).
(لا) المطلقة (بائنة) وإن كانت معتدة، لانقطاع عصمة الزوجية،
واختصاص النهي عن الخروج بالرجعية. وكذا المتوفى عنها زوجها، خلافا
لأحمد (8)، وقال الصادق عليه السلام في خبر أبي هلال فيها: تخرج إلى الحج والعمرة،
ولا تخرج التي تطلق، لأن الله تعالى يقول: " ولا يخرجن " إلا أن تكون طلقت في
سفر (9). ولداود بن الحصين: حج وإن كانت في عدتها (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 111 ب 59 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 110 ب 59 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 111 ب 59 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 5.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) الأم: ج 2 ص 117، المجموع: ج 8 ص 327، الحاوي الكبير: ج 4 ص 363.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 112 ب 60 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 3.
(7) المصدر السابق ح 2.
(8) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 195.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 112 ب 60 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 113 ب 61 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
133

(ز: المشي للمستطيع) في حج الاسلام وعمرته وغيرهما (أفضل من
الركوب) لأنه أحمز، وإلى الخضوع أقرب، ونحو قول الصادق عليه السلام في صحيح
ابن سنان: ما عبد الله بشئ أشد من المشي ولا أفضل (1). وللحلبي إذ سأله عن
فضل المشي: إن الحسن بن علي عليهما السلام حج عشرين حجة ماشيا على قدميه (2).
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في خبر ابن عباس: للحاج الراكب بكل خطوة تخطوها
راحلته سبعون حسنة، وللحاج الماشي بكل خطوة يخطوها سبعمائة حسنة من
حسنات الحرم، قيل. وما حسنات الحرم، فقال: حسنة بمائة ألف (3). وفي خبر
آخر له رواه البرقي في المحاسن: من حج بيت الله ماشيا كتب الله له سبعة آلاف
حسنة من حسنات الحرم، قيل: وما حسنات الحرم؟ قال صلى الله عليه وسلم: حسنة ألف ألف
حسنة، قال: وفضل المشاة في الحج كفضل القمر ليلة البدر على سائر النجوم (4).
ولكن (مع عدم الضعف) عن العادة (5) كما أو كيفا (ومعه الركوب
أفضل، لنحو قول الصادق عليه السلام لسيف التمار في الصحيح: تركبون أحب إلي،
فإن ذلك أقوى على الدعاء والعبادة (6).
وخبر هشام بن سالم سأله عليه السلام أيهما أفضل المشي أو الركوب؟ فقال: ما
عبد الله بشئ أفضل من المشي (7). قال: فقال (8) - يعني هو وأصحابه -: أيما أفضل
نركب إلى مكة فنعجل فنقيم بها إلى أن يقدم الماشي أو نمشي؟ فقال: الركوب
أفضل (9). وكذا الركوب أفضل إذا كان تركه للشيخ، كما قال الصادق عليه السلام لأبي

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 54 ب 32 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 55 ب 32 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 3.
(3) عوالي اللئالي. ج 4 ص 29 ح 96 وفيه: " الحسنة ثمانمائة حسنة ".
(4) المحاسن: ج 1 ص 70 ح 139.
(5) في خ: " العبارة ".
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 58 ب 33 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 54 - 55 ب 32 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(8) في خ: " فقلنا ".
(9) وسائل الشيعة ز ج 8 ص 57 ب 33 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 3.
134

بصير: إذا كان الرجل موسرا فمشى ليكون أقل النفقة فالركوب أفضل (1).
ولعله لأحد هذين الأمرين وردت عدة أخبار بأن الركوب أفضل. وورد عن
ابن بكير: أنه سأل الصادق عليه السلام إنا نريد الخروج إلى مكة مشاة، فقال: لا تمشوا
واركبوا. فقال: أصلحك الله إنه بلغنا أن الحسن بن علي عليه السلام حج عشرين حجة
ماشيا، فقال: إن الحسن بن علي عليه السلام كان يمشي وتساق معه محامله ورحاله (2).
ونحوه عن سليمان عنه عليه السلام (3).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 59 ب 33 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 58 ب 33 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 58 ب 33 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 7.
135

(المطلب الخامس)
(في) تفصيل (شرائط النذر وشبهه)
وما (يترتب عليه) (1) الصحة.
(قد بينا اشتراط التكليف، والحرية، والإسلام، وإذن الزوج خاصة)
دون الأب، بناء على أن إذنه ليس بشرط للانعقاد وإن كان له الحل، (فلا ينعقد
نذر الصبي) وإن بلغ عشرا (ولا المجنون) حين النذر (ولا السكران) فإنه
كالمجنون والغافل، ومؤاخذته بما يجنيه أو يتركه إنما هي لمؤاخذته على اختياره
شرب المسكر.
(ولا المغمى عليه ولا الساهي ولا الغافل ولا النائم ولا العبد إلا بإذن
المولى) لأنه مملوك المنافع لا يقدر على شئ، فالمراد بالحرية ما يشتمل (2)
حكمها (ومعه) أي إذنه (ليس له منعه) بعد، كما ليس له منعه من سائر
الواجبات.
وفي التحرير (3) والمنتهى: إنه يجب عليه إعانته بالحمولة مع الحاجة، لأنه
السبب في شغل ذمته (4)، وفيه نظر، وإذا اتسع الوقت فهل له المنع من مبادرة

(1) في خ: " ترتب على ".
(2) في خ: " يشمل ".
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 128 س 28.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 875 س 4.
136

إشكال يأتي في كتاب الأيمان.
(وكذا الزوجة (1)) لا ينعقد نذرها إلا بإذن الزوج، ومعه ليس له منعها، فلو
نذرت أمة مزوجة، اشترط إذن المولى والزوج جميعا، والإذن يعم المتقدم
والمتأخر، والأظهر الأول.
(وللأب حل يمين الولد) ما لم يأذن من غير اشتراط للانعقاد بإذنه، لما
يأتي في كتاب الأيمان، ويأتي استقرا به عدم اشتراط انعقاد نذر أحد من الولد
والمملوك والزوجة بإذن أوليائهم متقدما أو متأخرا، وإنما لهم الحل متى شاؤوا،
وأما لم يأذنوا فإن زالت الولاية عنهم قبل الحل استقر المنذور في ذمتهم (2).
ووجه فرقه هنا بين الأب والباقين ملكهما منافع المملوك، والزوجة دونه،
لكن غايته الكون بمنزلة التصرف الفضولي.
(وحكم النذر واليمين والعهد (3) في الوجوب، والشرط واحد) إلا في
اشتراط إذن الأب، فيحتمل اشتراطه في اليمين خاصة كما في يمين الدروس (4)،
لاختصاص النظر (5) بها. وفي الدروس هنا: اشتراطه في اليمين والعهد، والنظر في
النذر (6).
(ولو نذر الكافر) أو عاهد (لم ينعقد) لتعذر نية القربة منه، وإن استحب
له الوفاء إذا أسلم. ولو حلف انعقد على رأي، ويأتي الكلام في جميع ذلك (ومع
صحة النذر) أو شبهه (يجب الوفاء به عند وقته إن قيده بوقت، وإلا لم يجب
الفور) ما لم يظن الموت للأصل وإن استحب.

(1) في جامع المقاصد وبعض نسخ القواعد زيادة " والولد ".
(2) في خ: " ذممهم ".
(3) في بعض نسخ القواعد تقديم وتأخير في النذر واليمين والعهد فلاحظ.
(4) الدروس الشرعية: ج 2 ص 166 درس 152.
(5) في خ: " النص ".
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 317 درس 83.
137

وفي التذكرة إن عدم الفورية أقوى (1)، فاحتمل الفورية إما لانصراف المطلق
إليها - كما قيل - في الأوامر المطلقة، أو لأنا إن لم نقل بها لم يتحقق الوجوب،
لجواز الترك ما دام حيا، أو لضعف ظن الحياة هنا، لأنه إذا لم يأت به في عام لم
يمكنه الاتيان به إلا في عام آخر، أو لاطلاق بعض الأخبار الناهية عن تسويف
الحج (2)، وإذا لم يجب الفور لم يأثم بالتأخير تمام عمره.
(نعم لو تمكن) منه (بعد وجوبه ومات، قبل فعله فهو وإن (لم يأثم)
(و) لكنه (يقضى) عنه وجوبا كما قطع به الأصحاب، وإن كان للنظر فيه
مجال للأصل، وافتقار وجوبه إلى أمر جديد (من صلب التركة) كما في
السرائر (3) والشرائع (4) وقضية إطلاق المقنعة (5) والخلاف (6)، لأنه دين كحجة
الاسلام، وعليه منع ظاهر خلافا لأبي علي (7) والشيخ في النهاية (8) والتهذيب (9)
والمبسوط (10) وابني سعيد في المعتبر (11) والجامع (12) فجعلوه من الثلث للأصل،
وكونه كالمتبرع به.
وصحيح ضريس: سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل عليه حجة الاسلام نذر نذرا
في شكر ليحجن رجلا إلى مكة فمات الذي نذر قبل أن يحج حجة الاسلام ومن
قبل أن يفي بنذره الذي نذر، قال: إن ترك ما لا يحج عنه حجة الاسلام من جميع
المال وأخرج من ثلثه ما يحج به رجلا لنذره وقد وفى بالنذر، وإن لم يكن ترك
مالا إلا بقدر ما يحج به حجة الاسلام حج عنه بما ترك ويحج عنه وليه حجة النذر

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 309 س 18.
(2) في خ: " الجمع ".
(3) السرائر: ج 1 ص 649.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 230.
(5) المقنعة: ص 385.
(6) الخلاف: ج 1 ص 253 المسألة 16.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 371.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 557.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 405 ذيل الحديث 1417.
(10) المبسوط: ج 1 ص 306.
(11) المعتبر: ج 2 ص 759.
(12) الجامع للشرائع: ص 176.
138

إنما هو مثل دين عليه (1).
وصحيح ابن أبي يعفور: سأل الصادق عليه السلام رجل نذر لله إن عافى الله ابنه من
وجعه ليحجنه إلى بيت الله الحرام فعافى الله الابن ومات الأب، فقال: الحجة على
الأب يؤديها عنه بعض ولده. قلت: هي واجبة على ابنه الذي نذر فيه؟ فقال: هي
واجبة على الأب من ثلثه، أو يتطوع ابنه فيحج عن أبيه (2). فإن احجاج الغير ليس
إلا بذل المال لحجه، فهو دين مال محض بلا شبهة، فإذا لم يجب إلا من الثلث،
فحج نفسه أولى، ولما خالف ذلك الأصول حمل في المختلف على النذر في
مرض الموت (3) فيسقط الاحتجاج.
(لو كان عليه حجة الاسلام) أيضا (قسمت التركة بينهما) إن لم
يترك إلا ما يفي بهما، أو قسمت بينهما وبين غيرهما إن ترك أزيد بمعنى التسوية
بينهما في الاخراج من الأصل، أو قسمت التركة كلها أو بعضها بينهما بالسوية.
ثم إن خلت نية الناذر عن النذر عن إدخال المسير إلى الميقات في المنذور أو
عدمه أو اشتبه الحال، فهل يدخل حتى يجب من التركة أخذ ما يفي به، أو يكفي
من الميقات؟ وجهان، كما في حجة الاسلام.
(ولو اتسعت) التركة (لأحدكما خاصة قدمت حجة الاسلام، كما
في النهاية (4) والمبسوط (5) والسرائر (6) والجامع (7) والشرائع (8) والإصباح (9)،
لوجوبها بأصل الشرع، والتفريط بتأخيرها، لوجوب المبادرة بها، وما سمعته من
صحيح ضريس.

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 51 ب 29 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 52 ب 29 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 371.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 557.
(5) المبسوط: ج 1 ص 306.
(6) السرائر: ج 1 ص 649.
(7) الجامع للشرائع: ص 176.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 235.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 478.
139

ويستحب للولي قضاء المنذورة عنه للخبرين، وعن ظاهر أبي علي
الوجوب (1). ولا فرق بين تقدم النذر على استقرار حجة الاسلام وتأخره عنه،
وكذا إن وجبتا من البلد واتسعت التركة لإحداهما منه وللأخرى من الميقات،
أخرجت حجة الاسلام من البلد والمنذورة من الميقات، إلا أن يدخل المسير من
البلد في النذر، فيقوى العكس لأصالة وجوبه حينئذ فيها وفي حجة الاسلام من
باب المقدمة.
(ولو لم يتمكن ومات سقط) القضاء للأصل، ولعدم وجوب الأداء
وتحقق متعلق النذر، فإن من البين عدم تعلقه بغير المقدور، ويشكل الفرق بينه
وبين الصوم المنذور إذا عجز عنه مع حكمه بقضائه في الايمان، وإن فرق بوجود
النص على قضائه إذا اتفق عيدا لزمه القول بقضائه حينئذ، مع أنه يقوى عدمه.
(ولو قيده بالوقت فأخل به مع القدرة) عليه أثم ووجب عليه القضاء،
فإن مات قبله (قضى عنه) من الأصل أو الثلث على الخلاف، وإن كانت عليه
حجة الاسلام أيضا قضيت عنه الحجتان إن اتسعت التركة، وإلا فحجة الاسلام،
تأخرت استطاعتها عن النذر ووقته أو تقدمت.
(و) إن أخل به (لا معها لمرض وعدو وشبههما يسقط) لما عرفت،
وقطع في الأيمان بسقوط القضاء إذا صد، واستشكله إذا تعذر بمرض. وفي العبارة
إيماء إلى أن استطاعة الحج المنذور عقلية كما نص عليه في التذكرة (2)
والمبسوط (3) والسرائر (4) والجامع (5) ودل عليه حصر شروطه فيما مر (مثل الحرية
والتكليف وإذن الزوج والمولى) (6)، ووجهه ظاهر، إذ لا دليل على اشتراطه بما
يشترط في حجة الاسلام.

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 371.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 308 س 40.
(3) المبسوط: ج 1 ص 297.
(4) السرائر: ج 1 ص 516.
(5) الجامع للشرائع: ص 174.
(6) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
140

واستظهر الشهيد كونها شرعية كحجة الاسلام، قال: فلو نذر الحج ثم استطاع
صرف ذلك إلى النذر، فإن أهمل واستمرت الاستطاعة إلى القابل وجبت حجة
الاسلام أيضا (1).
(ولو نذر أو أفسد) حجه (وهو) الآن (معضوب) لا يمكنه الحجة
بنفسه (قيل) في المبسوط (2): (وجبت الاستنابة).
قال المحقق: وهو حسن (3)، وهو مقرب موضع من التذكرة (4). قال الشيخ: فإن
برأ فيما بعد تولاها - أي الحجة - بنفسه (5).
ولعل دليله أنه حج واجب عليه في بدنه وماله، يستناب عنه بعد الممات،
فإذا تعذر في بدنه وجب في ماله كحجة الاسلام وأولى لوجوبها وإن لم يستقر،
وهذا قد استقر عليه إذا نذر وهو متمكن مطلقا، أو مؤقتا (6) بأعوام فانقضى عام
وهو متمكن، أو موقتا بعام أو أعوام ففرط في التأخير، وفي الافساد ظاهر وإن
كان حينه أو قبله بعد الشروع في الحج معضوبا.
وإذا أفسد حجة الاسلام وكان الثاني فرضه فهو عين الاستنابة في حجة
الاسلام، وإذا تكلف المعضوب المسير لحجة الاسلام فشرع فيها فهل ينويها
وتجزئه إن أتمها، ويستقر إذا أفسد؟ احتمال قوي، لأنها إنما أسقطت عنه نظرا له
ورخصة، فإذا تكلفها كانت أولى بالاجزاء من فعل النائب. ويحتمل العدم، لأن
فرضه الاستنابة، فحجه كحج غير المستطيع، وإنما نسب وجوب الاستنابة إلى
القيل لاختياره العدم في حجة الاسلام، ولو سلمه فيها فللنص، وحمل غيرها
عليها قياس.
وإنما شرحنا العبارة بما شرحنا، لأن عبارة المبسوط ليست نصا ولا ظاهرة

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 318 درس 83.
(2) المبسوط: ج 1 ص 299.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 230.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 308 س 43.
(5) المبسوط: ج 1 ص 299.
(6) ليس في خ.
141

في وجوبها على من نذر معضوبا، لأنها كذا: المعضوب إذا وجبت عليه حجة
بالنذر أو بافساد وجب عليه أن يحج عن نفسه رجلا، فإذا فعل فقد أجزأه (1) إنتهى.
مع أنه إن نذر معضوبا فإن نوى الحج إذا تمكن أو الاحجاج، فلا إشكال في
الاستنابة عدما ووجودا، وإذا غفل فالظاهر توقع المكنة. ويحتمل الاستنابة حملا
على حجة الاسلام، لوجوب الاستنابة فيها بوجدان الزاد والراحلة وإن لم يستقر
في الذمة، ولكنه ضعيف جدا.
(ولو قيد النذر بالمشي وجب) لرجحانه كما عرفت، وخصوص الأخبار
فيه كصحيح رفاعة سأل الصادق عليه السلام رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله، قال:
فليمش، قال: فإنه تعب، قال: إذا تعب ركب (2). وفي المعتبر: إن عليه اتفاق
العلماء (3).
ولما كان الركوب أفضل لأحد الأمور المتقدمة قال في كتاب الأيمان: لو نذر
الحج ماشيا وقلنا المشي أفضل، انعقد الوصف، وإلا فلا (4).
وأما خبر الحذاء سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل نذر أن يمشي إلى مكة حافيا،
فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حاجا فنظر إلى امرأة تمشي بين الإبل، فقال: من
هذه؟ فقالوا: أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى مكة حافية، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: يا عقبة انطلق إلى أختك فمرها فلتركب، فإن الله غني عن مشيها
وحفاها (5).
وحمل في الدروس (6) والمحرر (7) على عدم انعقاد نذر الحفاة، وفي المعتبر (8)

(1) المبسوط: ج 1 ص 299.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 59 ب 34 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(3) المعتبر: ج 2 ص 763.
(4) قواعد الأحكام: ج 2 ص 142 س 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 60 ب 34 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 4.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 317 درس 83.
(7) المحرر (الرسائل العشر): ص 196.
(8) المعتبر: ج 2 ص 763.
142

والمنتهى (1) إنه حكاية حال، فلعله صلى الله عليه وسلم علم منها العجز، أو فضل الركوب لها،
ويفهم منه جواب السائل بأنه قد لا يجب الوفاء بهذا النذر، كما لم يجب وفاء
أخت عقبة.
وإذا انعقد النذر، فإن أراد المشي من الميقات أو البلد لزم ما نوى، وإن لم ينو
شيئا فيأتي الخلاف فيه أنه من أيهما.
(و) إن كان في الطريق نهر أو بحر لا يعبر إلا بسفينة ونحوها وجب أن
(يقف) في (موضع العبور) في وجه احتمل في المعتبر (2) والمنتهى (3).
ويحتمله كلام الأكثر، لخبر السكوني عن الصادق آبائه عليهم السلام: إن عليا عليه السلام
سئل عن رجل نذر أن يمشي إلى البيت فمر في المعبر، قال: فليقم في المعبر قائما
حتى يجوز (4). ولأن المشي يتضمن القيام والحركة، فإذا تعذر أحد الجزءين لم
يسقط الآخر.
وخيرة المعتبر (5) والتحرير (6) والتذكرة (7) والمنتهى (8) وأيمان الكتاب (9)
والشرائع (10) الاستحباب، لضعف الخبر، وانصراف نذر المشي إلى ما يمكن فيه،
فاستثناء ما لا يمكن فيه معلوم مع الأصل، ومنع دخول القيام في المشي، لأنه
السير راجلا - أي قطع المسافة راجلا - ومنع تعذر الحركة، وانتفاء الفائدة مشترك،
إلا أن يتخيل في القيام تعظيم للمشاعر وطريقها.
وإذا تعارض العبور في زورق وعلى جسر تعين الثاني، وإذا اضطر إلى
ركوب البحر من بلده إلى مكة سقط القيام قطعا للحرج، والخروج عن ألفاظ النص

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 875 س 28.
(2) المعتبر: ج 2 ص 763.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 875 س 29.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 64 ب 37 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(5) المعتبر: ج 2 ص 763.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 129 س 1.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 308 س 22.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 875 س 30.
(9) قواعد الأحكام: ج 2 ص 142 س 10.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 231.
143

والأصحاب. ويمكن القول به إن أمكن الارساء عند الاعياء، ونحوه ركوبه أو
ركوب نهر أياما.
(فإن ركب، ناذر المشي جميع (طريقه) مختارا (قضاه) أي الحج
ماشيا، أو المشي في الحج أي فعله قضاء إن كان موقتا وقد انقضى، وإلا فأداء
وفاقا لا طلاق الأكثر، لأنه لم يأت بالمنذور، لانتفاء المركب بانتفاء أحد أجزائه.
واحتمل في المعتبر (1) والمنتهى (2) والتحرير (3) والمختلف (4) سقوط قضاء
المعين، ولأن المشي ليس من أجزاء الحج ولا صفاته ولا شروطه وقد أتى به،
وإنما عليه لاخلاله بالمشي الكفارة، كما قد يظهر مما يأتي في أيمان الكتاب (5)
والتحرير (6) والارشاد (7)، وهو قوي، إلا أن يجعل المشي في عقد النذر شرطا كما
فصل في المختلف (8).
ويجري ما ذكر في المطلق كما قد يرشد إليه المختلف، فإنه لما نوى بحجه
المنذور وقع عنه، وإنما أخل بالمشي قبله وبين أفعاله، فلم يبق محل للمشي
المنذور ليقضي، إلا أن يطوف أو يسعى راكبا فيمكن بطلانهما، فبطلان الحج إن
تناول النذر المشي فيهما.
(ولو ركب) من الطريق (البعض فكذلك) يقضيه ماشيا في جميع
الطريق إن وجب القضاء (على رأي) وفاقا لابن إدريس (9) والمحقق (10)، ولا
يجزئه القضاء مع ركوب ما مشي فيه والمشي فيما يركب فيه كما ذكره الشيخان (11)

(1) المعتبر: ج 2 ص 764.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 875 س 31.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 129 س 4.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 378.
(5) قواعد الأحكام: ج 2 ص 142 س 8.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 129 س 3.
(7) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 312، وليس فيه: " كفارة ".
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 378.
(9) السرائر: كتاب الأيمان ج 3 ص 62.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 231.
(11) المقنعة: كتاب الأيمان ص 565، المبسوط: ج 1 ص 303.
144

وجماعة، فإنه بالتلفيق لم يحج ماشيا، وكأنهم نظروا إلى أنه إنما أخل بالمنذور
فيما ركب فيه، فإنما يجب قضاء المشي فيه، وإنما نذر حجا يكون بعد المشي في
جميع طريقه، وقد حصل. وفيه أنه نذر المشي إلى الحج في جميع طريقه ولم
يحصل في شئ من الحجين.
وفي خبر إبراهيم بن عبد الحميد: إن عباد بن عبد الله البصري سأل
الكاظم عليه السلام عن رجل جعل لله نذرا على نفسه المشي إلى بيته الحرام فمشى نصف
الطريق أو أقل أو أكثر، قال: ينظر ما كان ينفق من ذلك الموضع فليتصدق به (1).
ولعله فيمن عجز فانقطع عن الطريق.
(ولو عجز) عن المشي (فإن كان) النذر (مطلقا توقع المكنة، وإلا)
يكن مطلقا أو آيس من المكنة (سقط) المشي (على رأي) بمعنى أنه يحج
راكبا، وهو إجماع كما في المعتبر (2) والتحرير (3) والمنتهى (4)، ولأنه لا تكليف إلا
بمقدور، وللأخبار كما مر من صحيح رفاعة (5)، وما سيأتي، والاجماع على جواز
حجه راكبا.
وأما الوجوب ففيه خلاف ستعرفه، ولا جبران عليه وفاقا لابني سعيد (6)
ونذور الخلاف (7) ويحتمله كلام الشيخين والقاضي في نذور النهاية (8) والمقنعة (9)
والمهذب (10) للأصل، وانتفاء القدرة على المنذور (رأسا، وخبر عنبسة أنه نذر أن
يحج ماشيا فمشى حتى بلغ العقبة فاشتكى فركب، فسأل الصادق عليه السلام فقال: إني

(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 204 ب 21 من أبواب النذر والعهد ح 2.
(2) المعتبر: ج 2 ص 764.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 129 س 2.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 875 س 34.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 59 ب 34 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 1.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 231، الجامع للشرائع: ص 176.
(7) الخلاف ج 6 كتاب النذور المسألة 2.
(8) النهاية ونكتها: ج 2 ص 57.
(9) المقنعة: ص 441.
(10) المهذب: ج 2 ص 411.
145

أحب إن كنت موسرا أن تذبح بقرة، فقال: معي نفقة ولو شئت أن أذبح لفعلت وعلي
دين، فقال: إني أحب إن كنت موسرا أن تذبح بقرة، فقال: أشئ واجب فعله؟
فقال: لا، من جعل لله شيئا فبلغ جهده فليس عليه شئ (1). ولا يسقط الحج لما
عرفت من أنه واجب آخر وهو قادر عليه.
وصحيح ابن مسلم سأل أحدهما عليه السلام عن رجل جعل عليه مشيا إلى بيت الله
فلم يستطع، قال: يحج راكبا (2). وفي أيمان الخلاف: لزمه دم (3). وفي حج النهاية:
فليسق بدنة وليركب (4)، لصحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن رجل نذر أن
يمشي إلى بيت الله وعجز أن يمشي، قال: فليركب وليسق بدنة (5). وصحيح ذريح
سأله عليه السلام عن ذلك، فقال: فليركب وليسق الهدي (6).
واستدل في الخلاف بالاحتياط وإجماع الطائفة وأخبارهم (7). لكن كلامه
يحتمل الموجوب على من ركب قادرا على المشي لم عجز عن القضاء. وفي
السرائر: سقوط الحج) (8) رأسا (9)، لأنه كان مشروطا بالمشي فيعذر بتعذر
الشرط. ويحتمله عبارة الكتاب كما فهمه الموضح (10)، لكن يخالف اختياره في
الأيمان، وهو حسن مع عقد النذر كذلك.
(ولو نذر حجة الاسلام لم يجب غيرها) اتفاقا، وهل ينعقد فيفيد وجوب
الكفارة بالترك؟ فيه الخلاف المعروف، وإن لم يكن حين النذر مستطيعا استطاعة
شرعة توقعها فات وقته ولم يستطع حتى انقضى انحل، ولو نذر غيرها لم يتداخلا

(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 193 ب 8 من أبواب النذر والعهد ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 192 ب 8 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(3) الخلاف: ج 6 كتاب النذور المسألة 2.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 460.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 60 ب 34 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 3.
(6) المصدر السابق ح 2.
(7) الخلاف: ج 6 كتاب النذور ذيل المسألة 2.
(8) ما بين المعقوفين زيادة من خ.
(9) السرائر: ج 3 ص 61 - 62.
(10) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 276.
146

اتفاقا. نعم إن كان مستطيعا لحجة الاسلام ونذر غيرها في عامه لغا، إلا أن يقصد
الفعل إن زالت الاستطاعة فزالت.
(ولو أطلق) النذر (فكذلك) لا يداخل حجة الاسلام (على رأي)
وفاقا للخلاف (1) والمهذب (2) والناصريات (3) والغنية (4) والسرائر (5) وكتب
المحقق (6)، ويحتمله الجمل والعقود (7) والجواهر (8) والجامع، لاختلاف السببين
الموجب لاختلاف الفرضين وأصل عدم التداخل (9)، وظاهر الناصريات
الاجماع (10)، وخلاف للنهاية (11) والاقتصاد (12) والتهذيب (13) لصحيح رفاعة:
سأل الصادق عليه السلام عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام أيجزئه ذلك عن
حجة الاسلام قال: نعم (14) ونحوه صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (15)، وإنما
يدلان على نذر المشي، وهو لا يستلزم نذر حج فيمشي إليه للطواف والصلاة
وغيرهما.
فكأنهما سألا أن هذا المشي إذا يعقبه حج الاسلام فهل يجزئ أم لا بد له من
المشي ثانيا؟ وظاهر أنه مجزئ. أو سألا أنه إذا نذر المشي مطلقا في حج أو في

(1) الخلاف: ج 2 ص 256 المسألة 20.
(2) المهذب: ج 1 ص 268.
(3) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 245 المسألة 146.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 20.
(5) السرائر: ج 1 ص 518.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 231، المختصر النافع: ص 76، المعتبر: ج 2 ص 762.
(7) الجمل والعقود: ص 128.
(8) جواهر الفقه: ص 41 المسألة 139.
(9) الجامع للشرائع: ص 174.
(10) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 245 المسألة 147.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 460.
(12) الإقتصاد: ص 298.
(13) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 406 ذيل الحديث 1414.
(14) وسائل الشيعة: ج 8 ص 49 ب 27 من أبواب وجوب الحج شرائطه ح 2.
(15) المصدر السابق ح 1.
147

حجة الاسلام فمشى فهل يجزئه أم لا بد من الركوب فيها؟ أو سألا أنه إذا نذر
حجة الاسلام فنوى بحجة المنذور دون حجة الاسلام، فهل يجزئ عنها؟ ثم
اشترط في النهاية (1) في الأجزاء نية حج النذر دون حج الاسلام، وكأنه لرعاية
ظاهر الخبرين، ولأن العام لما كان عام حج الاسلام انصرفت إليه النية ولو نوى
النذر، بخلاف حج النذر، فلا دليل على انصراف نية غيره إليه إلا أن يتعين في
عامه.

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 460.
148

(المطلب السادس)
(في شرائط النيابة)
وهي قسمان:
أحدهما: ما يتعلق بالنائب أو المنوب (وهي ثلاثة: كمال النائب) بالعقل
والبلوغ والتميز (وإسلامهما، وعدم شغل ذمته بحج واجب) في عام النيابة.
(فلا يصح نيابة المجنون، ولا الصبي غير المميز) اتفاقا وإن أحرم به
الولي قصرا للنص على اليقين، وهو حجة به هن نفسه.
(ولا المميز) بمعنى أله لا يبرئ فعله ذمة المنوب عن الواجب، ولا ذمة
الولي والوصي (على رأي) وفاقا للمشهور، لخروج عباداته عن الشرعية، وإنما
هي تمرينية، فلا يجزئ عمن يجب عليه أو يندب إليها، لأن التمرينية وإن استحق
الثواب عليها ليست بواجبة ولا مندوبة؟ لاختصاصهما بالمكلف، ولا ثقة بقوله إذا
أخبر عن الأفعال أو نياتها. نعم، إن حج عن غيره استحق الثواب عليه، وحكي
في الشرائع (1) والتذكرة (2) قول بالصحة، لصحة عباداته، ويدفعه أن الصحة
تمرينية.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 232.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 309 س 23.
149

(ولا الكافر) لعدم صحة عباداته ونية القربة منه (ولا نيابة المسلم عنه)
لأنه لا يستحق الثواب، ولأن فعل النائب تابع لفعل المنوب في الصحة، لقيامه
مقامه، فكما لا يصح منه لا يصح من نائبه.
(ولا عن الخالف، للحق وفاقا للنهاية (1) والمبسوط (2) والتهذيب (3). وفي
السرائر (4) والمهذب (5) والإصباح (6) والنافع (7) والشرائع (8)، لأنه كالكافر في عدم
استحقاق الثواب، وعدم صحة عباداته بمعنى إيجابها الثواب، لتظافر الأخبار بأنه
لا ينتفع بأعماله الصالحة، ودلالة الأدلة عقلا ونقلا على أن غير الإمامية الاثني
عشرية كفار، لكن أجري عليهم أحكام المسلمين تفضلا علينا كالمنافقين، ولا
ينافي ذلك صحة عباداته، بمعنى عدم وجوب الإعادة إذا استبصر، فإنه فضل من
الله، وغايته الصحة بشرط موافاة الايمان.
وإن قيل: إنه وإن لم يستحق الجنة بشئ من الأفعال لكن يجوز أن يستحق
ثوابا أخرويا أو دنيويا أو خفة عقاب وخزي، كان ذلك محتملا في الكافر، كما
ورد أن إبليس مثاب بانظاره على ما أسلفه ونحو ذلك. وفي مضمر علي بن
مهزيار: لا يحج عن الناصب، ولا يحج به (9).
(إلا أن يكون بالنائب) فالشيخ على صحة النيابة عنه، لصحيح وهب بن
عبد ربه وحسنه سأل الصادق عليه السلام أيحج الرجل عن الناصب؟ فقال: لا، قال: فإن
كان أبي؟ قال: إن كان أباك فنعم (10). وأنكره ابنا إدريس (11) والبراج (12)، لشذوذ

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 553.
(2) المبسوط: ج 1 ص 326.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 414 ذيل الحديث 1440.
(4) السرائر: ج 1 ص 632.
(5) المهذب: ج 1 ص 269.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 477.
(7) المختصر النافع: ص 77.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 232.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 135 ب 20 من أبواب النيابة في الحج ح 2.
(10) المصدر السابق ح 1.
(11) السرائر: ج 1 ص 632.
(12) المهذب: ج 1 ص 269.
150

الخبر والاجماع على المنع مطلقا، ومنع الفاضلان الاجماع (1).
أقول: ولم أظفر في كلامهما بدعواه، وذكرا أن مستند الجواز والمنع ليس إلا
هذا الخبر الشاذ، فالعمل بأحدهما دون الآخر تحكم، واختيارا في المعتبر (2)
والمنتهى (3) والمختلف (4) الصحة من غير الناصب مطلقا، كما هو ظاهر
الجامع (5) لاختصاص النص به وإن أطلق على العامة أيضا، ولكفره واسلام غيره
وصحة عباداته، ولذا لا يعيدها إذا استبصر، وفيه ما عرفت. وتبعهم الشهيد في
الدروس (6)، وفي حاشية الكتاب: اقتصر على الجواز عن المستضعف (7).
ثم استشكل في المختلف الصحة عن غير الناصب مطلقا، والعدم عنه مطلقا
للفرق الوارد في الخبر، قال: فإن أريد بالناصب فيه المخالف ثبت قول الشيخ، وإن
أريد المعلن بعداوة أهل البيت عليهم السلام يظهر جهة للفرق. ثم قال: ولو قيل بقول
الشيخ كان قويا (8).
قلت: وإنما خص الاستشكال في الفرق بالناصب، لعدم صحة عباداته
وصحتها من غيره، وعلى ما قلناه يشكل الفرق فيهما. ويمكن أن يكون لتعلق
الحج بماله، فيجب على الولي الاخراج عنه والحج عنه بنفسه، ولفظ الخبر لا يأتي
الشمول لهما وبالجملة فليس لإثابة (9) المنوب عنه، ويمكن أن يكون سببا لخفة
عقابه، وإنما خص الأب به مراعاة لحقه.
وعن إسحاق بن عمار أنه سأل الكاظم عليه السلام عن الرجل يحج فيجعل حجته
وعمرته أو بعض طوافه لبعض أهله وهو عنه غائب ببلد آخر، فينقص ذلك من

(1) المعتبر: ج 2 ص 766، منتهى المطلب: ج 2 ص 863 س 8.
(2) المعتبر: ج 2 ص 766.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 863 س 9.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 322.
(5) الجامع للشرائع: ص 226.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 319 درس 84.
(7) لم نعثر عليه.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 322.
(9) في خ: " لإنابة ".
151

أجره؟ قال: لا هي له ولصاحبه وله أجر سوى ذلك بما وصل. قلت: وهو ميت هل
يدخل ذلك عليه؟ قال: نعم حتى يكون مسخوطا عليه فيغفر له أو يكون مضيقا
عليه فيوسع عليه. قلت: فيعلم هو في مكانه أن عمل ذلك لحقه؟ قال: نعم. قلت:
وإن كان ناصبا ينفعه ذلك؟ قال: نعم يخفف عنه (1). ويجوز أن لا يكون أبو وهب
ناصبا، وكان زعمه ناصبا.
(والأقرب اشتراط العدالة) في النائب كما في الكافي (2) (لا بمعنى عدم
الاجزاء لو حج الفاسق) بل بمعنى عدم براءة ذمة الولي أو الوصي أو المنوب
باستنابته لعدم الوثوق بقوله، وإن شوهد أتيا بالأفعال لاحتمال نيتها عن نفسه أو
غير المنوب وإيقاعها بلا نية. ويحتمل عدم الاشتراط لأصل صدق المؤمن.
(ولا) يصح (نيابة من عليه حج واجب) مضيق عليه في عام النيابة
(من أي أنواع الحج كان) حجة الاسلام أو منذورة أو واجبة بالافساد أو
الاستئجار (مع تمكنه) منه للنهي عن ضده الموجب للفساد والأخبار، خلافا
لمالك (3) وأبي حنيفة (4).
(فإن حج عن غيره لم يجزئ عن أحدهما) لفساد المنوي وانتفاء نية
غيره، ولصحيح سعد بن أبي خلف أنه سأل الكاظم عليه السلام عن الرجل الصرورة
يحج عن الميت؟ قال: نعم إذا لم يجد الصرورة ما يحج به عن نفسه، فإن كان له ما
يحج به عن نفسه، فليس يجزئ عنه حتى يحج من ماله (5). فإن " يحج " الأخيرة
من الاحجاج مبنية للفاعل أو للمفعول لا من الحج.
خلافا للتهذيب، ففيه: أن من عليه حجة منذورة فحج عن غيره أجزأه عن

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 139 ب 25 من أبواب النيابة في الحج ح 5.
(2) الكافي في الفقه: ص 219.
(3) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 198.
(4) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 198.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 121 ب 5 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
152

النذر (1)، لصحيح رفاعة سأل الصادق عليه السلام أرأيت إن حج عن غيره ولم يكن له
مال قد نذر أن يحج ماشيا، أيجزئ ذلك من مشيه؟ قال: نعم (2). ويحمل على نذر
المشي في حج ما ولو عن غيره.
وللشافعي فأوقعه عما وجب عليه بالنذر أو الاستطاعة (3)، وإن لم يتمكن منه
صحت نيابته، سواء كان قبل الاستقرار للكشف عن عدم الوجوب، وبعده
لاستحالة التكليف بغير المقدور وفاقا للمحقق (4)، وخلافا لابن إدريس (5) فيمن
استقر عليه فأبطل نيابته وإن لم يتمكن ولعله لاطلاق الأكثر، ولصحيح البزنطي
سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل أخذ حجة من رجل فقطع عليه الطريق فأعطاه
رجل آخر حجة أخرى يجوز له ذلك؟ فقال. جائز له ذلك، محسوب للأول
والآخر، وما كان يسعه غير الذي فعل إذا وجد من يعطيه الحجة (6).
فيجوز اختلاف عامي الحجتين وإطلاقهما أو إطلاق أحدهما، والذي يحسب
لهما هو الطريق، أي لا يجب عليه أن يعود بعد الحجة الأولى ليسير ثانيا للثانية، أو
المعنى يحسب الحجتان لهما كل لواحد منهما. ويجوز أن تكون الحجتان عبارتين
عن الزاد والراحلة ليحج لنفسه. ويجوز أن يكونا دفعا إليه ما دفعاه تبرعا ليحج
عنهما تبرعا.
ويجوز أن يكون قطع بصيغة المعلوم، وفاعله ضمير الرجل الثاني، أي إذا
وجب عليه الطريق في استنابته إما طريقا معينا أو مطلقا، بمعنى أنه لم يستنبه من
الميقات فأعطاه آخر حجة أخرى وأطلق، أو من الميقات وأطلق العام، أو قيده
بما بعد الأول جاز، وكان المسير في الطريق مرة محسوبا لهما، أو قطع الطريق،

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 406 ذيل الحديث 1415.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 49 ب 27 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 3 وليس فيه:
" أرأيت ".
(3) المجموع: ج 7 ص 117.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 232.
(5) السرائر: ج 1 ص 626.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 134 ب 19 من أبواب النيابة في الحج ح 2.
153

بمعنى اخراجه عما استؤجر له، أي استأجره الأول للحج من الميقات وآخر
كذلك، أو من الطريق في عامين مختلفين أو مطلقين، أو فاعله ضمير الرجل
الأول، والقطع بمعنى السير، وضمير عليه للحج، أي قطع الطريق للحج الذي أخذه.
وصحيح ابن بزيع قال: أمرت رجلا أن يسأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل
يأخذ من رجل حجة فلا يكفيه، أله أن يأخذ من رجل آخر حجة أخرى ويتسع بها
ويجزئ عنهما جميعا إن لم يكفه إحداهما، فذكر أنه قال: أحب إلي أن تكون
خالصة لواحد، فإن كانت لا تكفيه فلا يأخذ (1). يحتمل النيابة عنهما في حجة
واحدة، أي إن اكتفى بأجرة واحدة لم يكفه، فهل له أن يؤجر نفسه من رجلين
ليحج عنهما معا في عام واحد. ويحتمل اختلاف الحجتين زمانا، والخلوص الذي
أحبه عليه السلام خلوص المسير.
(ويجوز لمن عليه حج أن يعتمر عن غيره، ولمن عليه عمرة أن يحج
نيابة، عن غيره (إذا لم يجب عليه النسك الآخر) ولم يناف ما وجب.
(ولو استأجره اثنان) للحج أو العمرة أولهما أو مختلفين (واتفق زمان
الايقاع، المستأجر عليه (والعقد بطلا) لخروج فعلهما عن القدرة وعدم
المرجح.
(ولو اختلف زمان العقد خاصة بطل المتأخر) لاشتغال الذمة بالأول،
(ولو انعكس) كأن استأجراه للحج عامين مختلفين (صحا) إن لم يجب
المبادرة إلى الأخير لندبه، أو تقييد وجوبه بالعام المتأخر، أو اتساعه أو فقد أجير
غيره، وإلا فالأقرب بطلان المتأخر كما في الدروس (2).
والقسم الثاني من الشروط: ما يتعلق بفعل، النائب (و) هو اثنان:
(يشترط نية النيابة) في الاحرام وجميع ما بعده من الأفعال التي ينويها،

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 134 ب 19 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 321 درس 84.
154

(وتعيين الأصل) أي المنوب، والمناقشة بإغنائه عن النيابة بارزة، إذ يكفي
عدم إغناء النيابة عنه، ونية الاحرام أو الطواف عن فلان - مثلا - هي نية النيابة
عنه، وكذا الاحرام بحج فلان - مثلا -.
وإنما يجب تعيينه (قصدا، ويستحب) تعيين المنوب (لفظا عند كل
فعل) لصحيح ابن مسلم سأل أبا جعفر عليه السلام ما يجب على الذي يحج عن الرجل،
قال: يسميه في المواطن والمواقف (1).
والوجوب بمعنى الاستحباب لعدم وجوبه اتفاقا، لصحيح البزنطي إن رجلا
سأل الكاظم عليه السلام عن الرجل يحج عن الرجل يسميه باسمه، فقال: إن الله لا تخفى
عليه خافية (2). وخبر المثنى بن عبد السلام، عن الصادق عليه السلام في الرجل يحج عن
الانسان يذكره في جميع المواطن كلها، فقال: إن شاء فعل وإن شاء لم يفعل، الله
يعلم أنه قد حج عنه، ولكن يذكره عند الأضحية إذا ذبحها (3). وفي حسن معاوية
ابن عمار إنه قيل للصادق عليه السلام أرأيت الذي يقضي عن أبيه أو أمه أو أخيه. أو
غيرهم أيتكلم بشئ؟ قال: نعم يقول عند إحرامه: اللهم ما أصابني من نصب أو
شعث أو شدة فآجر فلانا فيه وآجرني في قضائي عنه (4). وسأله الحلبي عن مثل
ذلك، فقال: نعم، يقول بعد ما يحرم: اللهم ما أصابني في سفري هذا من تعب أو بلاء
أو شعث فآجر فلانا فيه وآجرني في قضائي عنه (5).
(ويصح نيابة فاقد شرائط حجة الاسلام وإن كان صرورة) خلافا
للشافعي (6) (أو امرأة) وإن كانت صرورة (عن رجل وبالعكس) للأصل،
والأخبار والاجماع إلا في المرأة الصرورة. ففي النهاية (7) والتهذيب (8) والمهذب:

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 131 ب 16 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 132 ب 16 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(3) المصدر السابق ح 4.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 131 ب 16 من أبواب النيابة في الحج ح 2.
(6) الأم: ج 2 ص 122.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 553.
155

إنه لا يجوز لها الحج عن غيرها (9) وفي المبسوط: إنه لا يجوز حجها عن الرجال
ولا عن النساء (10). وفي الإستبصار: إنه لا يجوز حجها عن الرجل (11)، لخبر
مصادف سأل الصادق عليه السلام: تحج المرأة عن الرجل؟ فقال: نعم إذا كانت فقيهة
مسلمة، وكانت قد حجت، رب امرأة خير من رجل (12). وقوله عليه السلام في خبر
الشحام: يحج الرجل الصرورة عن الرجل الصرورة، ولا تحج المرأة الصرورة عن
الرجل الصرورة (13).
والجواب مع الضعف الحمل على الكراهية، لخبر سليمان بن جعفر سأل
الرضا عليه السلام عن امرأة صرورة حجت عن امرأة صرورة، قال: لا ينبغي (14). وعن
بكر بن صالح: أنه كتب إلى أبي جعفر عليه السلام أن ابني معي وقد أمرته أن يحج عن
أمي أيجزئ عنها حجة الاسلام؟ فقال: لا، وكان ابنه صرورة (15).
وعن إبراهيم بن عقبة: أنه قال: كتبت إليه أسأله عن رجل صرورة لم يحج
قط، حج عن صرورة لم يحج قط يجزئ كل واحد منهما تلك الحجة عن حجة
الاسلام أو لا؟ بين لي ذلك يا سيدي إن شاء الله تعالى، فكتب: لا يجزئ ذلك (16).
ويجوز بعد تسليمها أن يكون الصرورة ممن عليه الحج، ويمكن الكراهية كما
في المعتبر (17).
وعن زرارة أنه سأل الصادق عليه السلام الرجل الصرورة يوصي أن يحج عنه، هل
تجزئ عنه امرأة؟ قال: لا، كيف يجزئ امرأة وشهادته شهادتان؟! قال: إنما ينبغي

(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 413 ذيل الحديث 1435.
(9) المهذب: ج 1 ص 269.
(10) المبسوط: ج 1 ص 326.
(11) الإستبصار: ج 2 ص 322 ذيل الحديث (114.
(12) وسائل الشيعة: ج 8 ص 125 ب 8 من أبواب النيابة في الحج ح 7.
(13) وسائل الشيعة: ج 8 ص 125 ب 9 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(14) المصدر السابق ح 3.
(15) وسائل الشيعة: ج 8 ص 122 ب 6 من أبواب النيابة في الحج ح 4.
(16) المصدر السابق ح 3.
(17) المعتبر: ج 2 ص 767.
156

أن تحج المرأة عن المرأة والرجل عن الرجل وقال: لا بأس أن يحج الرجل عن
المرأة (1). وعن بشير النبال: أنه سأل عليه السلام أن والدته توفيت ولم تحج، فقال: يحج
عنها رجل أو امرأة، قال: أيهما أحب إليك؟ قال: رجل أحب إلي (2). فدلا على أن
نيابة الرجل أفضل، والأول على كراهية نيابة المرأة. ولكن في التذكرة: إنه
لا يعرف قائلا بها غير الحسن بن صالح بن حي (3).
(ولو مات) النائب (بعد الاحرام ودخول الهرم أجزاء) عنه وعن
المنوب كما عرفت، ولذا لا يستعاد من تركته من الأجرة شئ، بلا خلاف عندنا
على ما في الغنية (4). وفي الخلاف: إجماع الأصحاب على أنه منصوص
لا يختلفون فيه (5)، وفي المعتبر: إنه المشهور بينهم (6). فإن ثبت عليه إجماع أو
نص، وإلا اتجهت استعادة ما بإزاء الباقي.
(وقبله يعيد) وليه من الأجرة (مقابل الباقي) من الأفعال (والعود)
كما في الشرائع (7)، وهو إنما يكون إذا كانت الأجرة بإزاء الذهاب والاياب
والأفعال جميعا؟ بأن استؤجر بها للجميع وإن بعد إدخال العود، فإن استؤجر
للأفعال خاصة فمات قبل الاحرام أعيدت الأجرة كاملة إذ لم يأت بشئ مما
استؤجر له.
وإن استؤجر للذهاب والأفعال لم يكن في مقابل العود شئ، وهو الموافق
للمختلف (8) والتذكرة (9) والمبسوط (10) والسرائر (11) والإصباح (12) وإن لم يذكروا

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 126 ب 9 من أبواب النيابة في الحج ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 125 ب 8 من أبواب النيابة في الحج ح 8.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص. 31 س 35.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 22.
(5) الخلاف: ج 2 ص 390 المسألة 244.
(6) المعتبر: ج 2 ص 768.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 132.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 327.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 315 س 33.
(10) المبسوط: ج 1 ص 323.
(11) السرائر: ج 1 ص 628.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 477.
157

العود، وأطلق في النهاية (1) والكافي (2) والمهذب (3) والغنية (4) والمقنعة (5) كما هنا
ولم يذكروا العود. وقوى في الخلاف تضمن الاستئجار للحج الاستئجار لقطع
المسافة (6)، وقطع به القاضي في الجواهر (7).
وعندي أنه وإن لم يتضمنه، لكنه في حكم المتضمن، لأن أجرة الحج يتفاوت
بتفاوت مسافة الذهاب وبالاختلاف بالإياب وعدمه وبمسافته، فإن من المعلوم
أن السائر من بغداد المريد للعود يأخذ من الأجرة ما يفي له بذهابه وإيابه وأفعاله.
وإن مات بعد الاحرام استحق أجرة إحرام مثله إذا سار من بغداد وإن لم
يدخل المسير في المستأجر له، وعلى الورثة رد ما بإزاء الباقي، ومنه الإياب وإن
لم يدخل في المستأجر له. وإن مات قبل الاحرام فهو وإن لم يفعل شيئا مما
استؤجر له لكنه فعل فعلا له أجرة بإذن المستأجر ولمصلحته فيستحق له أجرة
مثله، كمن استأجر رجلا لبناء فنقل الآلة ثم مات قبل الشروع فيه فإنه يستحق
أجرة مثل النقل قطعا، فيصح ما في الكتاب على إطلاقه.
(وكذا لو صد) أو أحصر (قبل دخول الحرم محرما) صد محرما أو
محلا أعاد مقابل الباقي، والعود إن اشترط عليه الحج في ذلك العام، لانفساخ
الإجارة وعدم الاتيان بما استؤجر له، إلا أن يضمنه في القابل ويرضى به
المستأجر.
(ولا يجب) عليه (إجابته لو ضمنه في المستقبل) كما قد يظهر من
المقنعة (8) والنهاية (9) والمهذب (10) والسرائر (11)، ويمكن حملها على ما ذكرناه من

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 552.
(2) الكافي في الفقه: ص 220.
(3) المهذب: ج 1 ص 268 - 269.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 22.
(5) المقنعة: ص 443.
(6) الخلاف: ج 2 ص 389 المسألة 243.
(7) جواهر الفقه: ص 45 المسألة 162.
(8) المقنعة: ص 442.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 552.
(10) المهذب: ج 1 ص 268.
(11) السرائر: ج 1 ص 629.
158

التراضي أو عدم تمكنه من الرد. ووجه عدم الوجوب ظاهر، ولا قضاء على
الأجير، ولا على المستأجر الاستئجار ثانيا إن كان الحج واجبا.
لكن إن كان وجب من البلد وكان صد الأجير أو حصره بعد الميقات، فقد
قيل: لا يجب الاستئجار ثانيا إلا من الميقات، وإن لم يتعين الزمان لم ينفسخ
الإجارة ولم يعد شيئا ووجب عليه الاتيان به في قابل كما في التذكرة (1)
والمنتهى (2) وغيرهما وعليه يحمل إطلاق الشيخين (3) وغيرهما الإعادة.
ولو صد أو أحصر بعد الاحرام ودخول الحرم فكذلك، خلافا للخلاف (4) ففيه:
إن الاحصار بعد الاحرام كالموت بعده في خروج الأجير عن العهدة، وعدم
وجوب رد شئ عليه. وليس بجيد لعدم الدليل، والاتفاق على عدم الاجزاء إذا
حج عن نفسه، فكيف أجزاء عن غيره؟! واختصاص نص الاجزاء بالموت، وحمله
عليه قياس مخالف للاجماع، ولكنه رحمه الله نظمه مع الموت في سلك. واستدل
بإجماع الفرقة على أن هذه المسألة منصوص لهم لا يختلفون فيه (5)، فظني أن ذكر
الاحصار من سهو قلمه أو قلم غيره.
(ولا) يجب على المستأجر (إكمال) نفقة الأجير زيادة على (الأجرة
لو قصرت) ولا أعرف فيه خلافا. ويستحب كما في النهاية (6) والمبسوط (7)
والمنتهى (8) وغيرها؟ لكونه برا ومساعدة على الخير والتقوى.
(ولا) على الأجير (دفع الفاضل إلى المستأجر لو فضلت عن النفقة)
للأصل، والأخبار (9)، وإن لم يكن قبضها أو بعضها طالب بها، وكان على المستأجر

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 316 س 16.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 864 س 35.
(3) المقنعة: ص 443، النهاية ونكتها: ج 1 ص 552.
(4) الخلاف: ج 2 ص 390 المسألة 244.
(5) الخلاف: ج 2 ص 390 المسألة 244.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 552.
(7) المبسوط: ج 1 ص 322.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 869 س 9.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 126 ب 10 من أبواب النيابة في الحج.
159

الدفع خلافا لأبي حنيفة (1) بناء على زعمه بطلان الإجارة.
وفي المقنعة: وقد جاءت رواية أنه إن فضل مما أخذه فإنه يرده إن كانت
نفقته واسعة، وإن كان قتر على نفسه لم يرده، قال: وعلى الأول العمل وهو أفقه (2)
انتهى.
ويمكن أن يشير به إلى خبر مسمع قال للصادق عليه السلام: أعطيت الرجل دراهم
يحج بها عني، ففضل منها شئ فلم يرده علي؟ فقال: هوله (3). ولعله ضيق على
نفسه في النفقة لحاجته إلى النفقة، ولكن دلالته على ذلك ضعيفة جدا.
وفي التذكرة (4) والمنتهى (5) والتحرير (6) وكتب المحقق (7) استحباب الرد
ليكون قصده بالحج القربة لا العوض. وإن شرطا في العقد الاكمال أو الرد لزم.
(وتبرع الحي) بحج أو عمرة عن ميت (يبرئ الميت) لأنهما مما
يقبلان النيابة، ولا دليل على الاشتراط بالعوض وغيره. وفي خبر عمار بن عمير،
عن الصادق عليه السلام: إن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي مات ولم يحج حجة
الاسلام، فقال: حج عنه، فإن ذلك يجزئ عنه (8). وظاهره التبرع
وفي التذكرة: إنه لا يعرف فيه خلافا (9)، فلا يتوهمن عدم الاجزاء من تعلق
الحج بالمال فليس إلا كالدين يتبرع الغير أو الدائن بالاجزاء (10)، ولا من بعض
العبارات الحاكية بالاستنابة أو الاستئجار فهي كآية الوضوء.
(ويجب) على النائب (امتثال الشرط) بمعنى توقف براءة ذمته
واستحقاقه المسمى كاملا على امتثاله (وإن كان طريقا مع) تعلق (الغرض)

(1) المجموع: ج 7 ص 139.
(2) المقنعة: ص 442.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 126 ب 10 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 316 س 40.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 869 س 6.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 127 س 11.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 234، المختصر: ص 78، المعتبر: ج 2 ص 773.
(8) وسائل الشيعة: ج 8 ص 54 ب 31 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 310 س 42.
(10) في خ: " بالابراء ".
160

الصحيح به كما في الشرائع (1) والمعتبر (2)، لعموم: " المؤمنون عند شروطهم " (3)،
ولأن تعلق الغرض به قرينة على تعلق القصد بخصوصه في العقد ودخوله في
المستأجر له.
(و) لذلك كان (عليه رد التفاوت) بين الطريقين (لا معه) أي لا مع
الامتثال إن كان ما سلكه أسهل، أو التفاوت بين الحج من الميقات ومن الطريق
المشروط حتى لا يكون له بإزاء الطريق شئ كان كالمشروط، أو أسهل أو أصعب
لخروجه عما وقع عليه العقد، وسلوكه بدون إذن المستأجر. وإن سلك من
المشروط بعضه ومن غيره بعضا رد ما بإزاء الثاني، وهو أولى.
والمعتبر (4) والتحرير (5) والمنتهى (6) يحتملها أيضا، لأن فيها رد تفاوت الطريق
أو التفاوت من الطريق، وتبرأ ذمته من الحج، ولا يفسد الأجرة المسماة بالنسبة
إليه، لأنه أتى بالحج المستأجر له، وإنما خالف في غيره. خلافا للتذكرة (7)
فاستقرب فساد المسمى والرجوع إلى أجرة المثل - يعني إذا كانت أقل من
المسمى - قال: ويجزئ الحج عن المستأجر، سواء سلك الأصعب أو الأسهل،
لأنه استؤجر على فعل وأتى ببعضه، يغني فعل ما له أجرة بإذن المستأجر،
ولأجله فاستحق أجرة المثل.
ويحتمله عبارة الكتاب بأن يكون المراد بالتفاوت التفاوت بين المسمى
وأجرة المثل، ومبنى الوجهين في المسمى من الصحة والفساد أن الطريق والحج
فعلان متباينان سمي لهما المسمى وقد أتى بأحدهما، أو إنما سمى ما سمى للحج
له مشروطا بالطريق، أو أن المسمى إذا فسد بالنسبة إلى بعض ما استؤجر له فهل
يفسد في الباقي أم لا؟.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 233.
(2) المعتبر: ج 2 ص 770.
(3) وسائل الشيعة: ج 15 ص 30 ب 10 من أبواب المهور ح 4.
(4) المعتبر: ج 2 ص 770.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 22.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 866 س 24.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 313 س 32.
161

ويدل أيضا على إجزاء الحج صحيح حريز سأل الصادق عليه السلام عن رجل
أعطى رجلا حجة يحج عنه من الكوفة، فحج عنه من البصرة، فقال: لا بأس إذا
قضى جميع المناسك فقد تم حجه (1). لكن ظاهره عدم تعلق الغرض بالطريق.
ويحتمل كون من الكوفة صفة لأحد الرجلين، فلا يكون شرطا. ويحتمل عود
ضمير " (معه " في عبارة الكتاب على الغرض، أي إن لم يتعلق بالطريق المشروط
غرض فسلك غيره لم يكن عليه إلا رد تفاوت الطريق بأحد المعنيين، وأما إن
تعلق به غرض فيفسد المسمى، وإنما له أجرة المثل، وهو الموافق للتذكرة، ونص
فيها على المعنى الأول لتفاوت الطريق.
وما ذكرناه أولا يوافق المعتبر والتحرير والمنتهى، فنص فيها على اختصاص
رد التفاوت بفرض الغرض واستحقاق جميع الأجرة مع المخالفة إذا لم يتعلق
بالطريق غرض لاتيانه بالمقصود كاملا. وساوى في المختلف بين الفرضين في رد
التفاوت بين الميقاتين (2)، ولم يتعرض لغير الميقاتين من الطريق.
وفي المبسوط: فإن استأجره ليحرم عنه من ميقات بلده، فسلك طريقا آخر
فأحرم من ميقاته أجزأه، ولا يلزمه أن يرد من الأجرة ما بين الميقاتين، ولا أن
يطالب بالنقصان، لأنه لا دليل عليه (3) انتهى.
وإذا لم يلزم رد التفاوت بين الميقاتين فغيره أولى، فظاهره التسوية بين
الفرض في الطريق وعدمه في ذلك، وفي التحرير: فيه نظر (4)، وفي المنتهى: فيه
تردد (5)، وفي المعتمر: ليس بجيد (6). وفي التلخيص: ويأتي بالشرط عدا الطريق
إلا مع الغرض، فلو أمر بالاحرام من طريق معين فمضى بغير طريقه وأحرم من

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 127 ب 11 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(2) مختلف الشيعة - ج 4 ص 328.
(3) المبسوط: ج 2 ص 325.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 24.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 866 س 29.
(6) المعتبر: ج 2 ص 770.
162

آخر صح، وليس له عوده بأجرة ولا تفاوت (1).
والظاهر أن المعنى ليس للمستأجر العود عليه بأجرة أو تفاوت، فإن أراد ذلك
مطلقا وافق المبسوط، ويجوز أن يريده مع عدم الغرض، ويجوز أن يختص بذي
الغرض، ويكون المعنى صح حجه، ولكن ليس له أجرة ولا تفاوت، أي لا الأجرة
المسماة ولا أجرة المثل، أوليس له أجرة الحجة ولا تفاوت الطريق إن كان
أصعب.
وأطلق في التهذيب الاجزاء إذا استؤجر ليحج من بلد فحج من آخر (2). وفي
النهاية (3) والمهذب (4) والسرائر (5) جواز العدول من طريق استؤجر ليحج عنه.
وفي الجامع: نفي البأس عنه (6). وفي التذكرة: الأقرب أن الرواية تضمنت
مساواة الطريقين إذا كان الاحرام من ميقات واحد، أما مع اختلاف الميقاتين
فالأقرب المنع، لاختلافهما قربا وبعدا، واختلاف الأغراض وتفاوت الأجر
بسبب تفاوتهما، وإطلاق الأصحاب ينبغي أن يقيد بما دل مفهوم الرواية عليه (7).
قلت: وما ذكره من اتحاد الميقات لاتحاد الكوفة والبصرة في الميقات،
واعلم أن الطريق إما من الميقات فمخالفة الاحرام من ميقات آخر أو مما قبله
كالبلد الفلاني، وكل منهما إما أن يجعل المسير منه عين المستأجر له أو جزئه، أو
شرطه في نفس العقد أو خارجه.
أما الميقات فكأن يقول: آجرت نفسي لأعتمر أو أحرم بالعمرة من العقيق،
فإذا أحرم بها من غيره لم يأت بما استؤجر له ولا فعل فعلا بإذن المستأجر فلا
يستحق شيئا، وإن جعله جزء كأن قال: آجرت نفسي لأحرم بالعمرة من العقيق

(1) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 س 341.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 415 ذيل الحديث 1444.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 551.
(4) المهذب: ج 1 ص 268.
(5) السرائر: ج 1 ص 627.
(6) الجامع للشرائع: ص 226.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 313 س 33.
163

وبالحج. من مكة، فخالف في العمرة، استحق أجرة العج خاصة إن لم يكن حج
التمتع، وإلا فالظاهر أنه لا يستحق شيئا لارتباط عمرته به، وإن جعله شرطا كأن
قال: آجرت نفسي لأعتمر محرما بها من العقيق، أو أحرم بها منه، أو بشرط أن
أحرم بها منه، أو قال الأجير: آجرت نفسي لأعتمر، فقال: المستأجر استأجرتك
بشرط أن تحرم بها منه من العقيق، فإن أريد نفي استحقاق شئ مع المخالفة: أو
صرح بذلك، فلا إشكال أنه مع المخالفة لا يستحق شيئا، وإن لم يصرح بذلك ولا
أريد أو لم يعلم الحال فهو من مسألة الكتاب، وفيه الأوجه التي، عرفتها:
أحدها: استحقاق جميع الأجرة مطلقا، لأنها بإزاء العمرة مثلا وقد فعلها.
والثاني والثالث: استحقاقه إن لم يتعلق بالميقات المشروط غرض، فإن تعلق
كمسجد الشجرة رد التفاوت، أو بطل المسمى، وله أجرة المثل.
والرابع: رد التفاوت مع عدم الفرض وأجرة المثل معه، وفيه وجهان آخران:
عدم استحقاق شئ مطلقا، لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه، أو مع الفرض
خاصة بناء على شاهد الحال بدونه، بأنه إنما أريد بذكره التمثيل دون الشرط وإن
اشترط الميقات قبل العقد وتواضعا على قصده فيه، فهو كذلك فيه، ولا عبرة بما
بعده.
وأما الطريق قبل الميقات، فالأول: وهو أن يجعل المسير منه عين المستأجر
له فيه، كأن يقول: آجرت نفسي لأسير من بغداد إلى مكة معتمرا أو حاجا مطلقا،
أو قال: من الميقات. أو لأسير من بغداد للحج أو للعمرة مطلقا أو من الميقات
ويريد الايجار على المسير لا الحج أو العمرة وإن جعلهما شرطه، فإن خالف لم
يستحق شيئا مطلقا لما عرفت.
والثاني: كأن يقول: آجرت نفسي لا حج من بلد كذا، أو لأسير من بلد كذا، أو
أعتمر من الميقات، أو فأعتمر منه، أو لأسير من البلد الفلاني، فإذا وصلت
الميقات اعتمرت على نية كون الأجرة بإزاء السير والعمرة جميعا. وحينئذ لا
إشكال في سقوط ما بإزاء السير إذا أخل به، وعدم استحقاق شئ بإزاء السير
164

الذي اختاره، لا المسمى ولا أجرة المثل، تعلق بالطريق غرض أو لا، لما عرفت.
وأما الحج والعمرة، فلما لم يعين ميقاتهما أجزاء واستحق من الأجرة ما
بأزائهما وإن أحرم من ميقات آخر، لكن يرد تفاوت الميقاتين إن تفاضلا وكان ما
يؤدي إليه الطريق المذكور أفضل كمسجد الشجرة، فإن الحال يشهد بأنه إنما
رضي بتلك الأجرة لذلك الميقات.
والوجه العدم للأصل، ولأنه إما أن يعتبر شهادة الحال فيؤدي إلى دخول
خصوصية الميقات في المستأجر له فيلزم أن لا يستحق بما فعله شيئا، أو لا يعتبر
إلا لفظ العقد، فينبغي استحقاق ما بإزائه كاملا وإن انعكس الأمر لم يطالب
بالتفاوت قطعا وإن اتحد الميقات أو تساويا فلا رد ولا طالبة أيضا.
والثالث: كأن يقول بنية الشرطية لا الجزئية: آجرت نفسي لأعتمر إذا سرت
من بلد كذا إلى الميقات، أو بشرط أن أسير من بلد كذا، أو اشترطت أو التزمت (1)
أن أسير من بلد كذا، أو لا حج من بلد كذا إلى الميقات. أو قال الأجير: آجرت
نفسي لأعتمر، فقال المستأجر: استأجرتك وشرطت عليه أن تسير من بلد كذا.
أو بشرط أن تسير منه. فإن نوى الشرطية بمعنى عدم استحقاق الأجرة على الحج
والعمرة إذا خالف الشرط لم يستحق شيئا بالمخالفة قطعا، اتحد الميقات أو لا
تعلق بالطريق غرض أم لا، وإلا فهو من مسألة الكتاب.
فنقول: إن تعلق بالطريق غرض، فإما أن يتحقق الغرض أو أفضل منه من
المخالفة، كأن يكون الغرض التأدي إلى ميقات مخصوص فخالف الطريق وسار
إلى ذلك الميقات أو أفضل فيجزئه ما فعله، ويستحق به الأجرة كاملة، ولا يطالب
في الثاني بفضل، وكذا إذا تأدى إلى ما يساوي ذلك الميقات. وأما أن يفوف
الغرض، ففيه الأوجه التي عرفتها من فساد المسمى، واستحقاق أجرة المثل
وعدم الفساد مع رد التفاوت أولا معه.

(1) في خ: " ألزمت ".
165

ووجه رابع: هو عدم استحقاق شئ لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه.
وخامس: هو التفصيل بأنه إن كان الغرض شيئا متعلقا بما استؤجر له
- كالميقات والاحتياط للوجوب من باب المقدمة - لم يستحق شيئا، أو استحق
أجرة المثل، أو المسمى مع الرد، وإلا كالمرور على أخ أو ضيعة استحق المسمى
كاملا، وإن لم يتعلق به غرض استحق المسمى كاملا، أو مع الرد، وحكم الشرط
قبل العقد وبعده كما تقدم.
(ولو عدل) النائب (إلى التمتع عن قسميه و) علم أنه (تعلق
الغرض) أي غرض المستنيب (بالأفضل) بأن يكون مندوبا أو منذورا مطلقا
أو كان المنوب ذا منزلين متساويين فيتخير، أي علم أن الأفضل مطلوب له أيضا.
وبالجملة التخيير كما في التحرير (1) (أجزاء) وفاقا للمعظم، إذ ما على
المحسنين من سبيل. ولخبر أبي بصير، عن أحدهما عليه السلام في رجل أعطى رجلا
دراهم يحج بها عنه حجة مفردة، فيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال: نعم
إنما خالف إلى الفضل (2) الخبر. وخلافا لظاهر الجامع (3) والنافع (4) والتلخيص (5)
وعلي ابن رئاب (6) قصرا على النوع المأذون.
والجواب: أن غيره في حكم المأذون لفرض العلم بقصد التخيير وإن ذكر ما
ذكر، إنما هو للرخصة في الأدنى، (وإلا) يعلم تعلق الغرض بالأفضل (فلا)
يجزئ وفاقا للمعتبر (7) والسرائر (8)، لأنه غير ما استنيب فيه حقيقة وحكما.

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 26.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 128 ب 12 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(3) الجامع للشرائع: ص 226.
(4) المختصر النافع: 77.
(5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 341.
(6) نقله عنه في تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 25.
(7) المعتبر: ج 2 ص 769.
(8) السرائر: ج 1 ص 627.
166

خلافا لظاهر أبي علي (1) والشيخ (2) والقاضي (3) فأطلقوا جواز العدول إلى
لأفضل، ويمكن إرادتهم التفصيل، ويؤيده أن غيره إنما يكون أفضل إذا جاز فعله
للمنوب والنائب.
(و) متى لم يجزئ ما فعله (لا يستحق) عليه (أجرا) إلا المسمى ولا
غيره وإن وقع عن المنوب لنية النيابة، وهو ظاهر. وفي التحرير (4) والمنتهى (5)
في الاستحقاق إشكال، وغاية ما يمكن للاستحقاق أن يقال: إنه أتى بالعمرة
والحج وقد استنيب فيهما، وإنما زادهما كمالا وفضلا، وخص في المعتبر (6)
والمختلف (7) جواز العدول بالمندوب وأطلق.
وفي المنتهى (8) والتحرير (9) به مع العلم بقصد المستنيب الأفضل، ولعلهما إنما
أطلقا في الأولين لظهور القصد فيه، ولذا قال في الشرائع: يصح - يعني العدول - إذا
كان الحج مندوبا، أو قصد المستأجر الاتيان بالأفضل (10)، فعطف ب " أو ". نعم أطلق
في المعتبر بعد ذلك جواز العدول إذا علم من المستنيب التخيير (11)، وتردد في
المختلف في الواجب المخير وعلى الاجزاء فيه في استحقاق شئ من الأجرة (12).
وفي الإستبصار - بعد خبر أبي بصير - فأما ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى،
عن الهيثم بن النهدي، عن الحسن بن محبوب، عن علي في رجل أعطى رجلا
دراهم يحج بها عنه حجة مفردة، قال: ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج لا يخالف
صاحب الدراهم. فالوجه في هذا الخبر أحد شيئين.

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 323.
(2) الخلاف: ج 2 ص 392 المسألة 248.
(3) المهذب: ج 1 ص 268.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 29.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 867 س 6.
(6) المعتبر: ج 2 ص 769.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 324.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 867 س 3.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 28.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 232.
(11) المعتبر: ج 2 ص 769.
(12) مختلف الشيعة: ج 4 ص 325.
167

أحدهما: أن يكون مخيرا جائزا له أي الحجتين حج، ولا يجب عليه أحدهما
دون الآخر، كما يجب عليه التمتع إذا حج عن نفسه.
والآخر: أن يكون الخبر الأخير مختصا بمن كان فرضه الافراد لم يجز أن
يحج عنه متمتعا، لأن ذلك لا يجزئ عنه، والأول أن يكون متناولا لمن فرضه
التمتع، فإذا أعطى الافراد وخولف إلى التمتع الذي هو فرضه أجزاء عنه، على أن
الخبر الأخير موقوف غير مسند (1). ونحوه في التهذيب (2)، إلا في الوجه الأول.
ولعله أراد به أن الخبرين إذا سلم تعارضهما قلنا بالتخيير، لأنه الوجه إذا
تعارضت الأدلة. أو أراد أن المراد بقوله: " ليس له أن يتمتع " ليس عليه، فإن
حروف الجر يتناوب، فيكون المعنى أن المستنيب إذا جاز له الافراد لم يجب عليه
التمتع كما يجب عليه إذا حج عن نفسه، فهو أولى. ولعله أراد في الوجه الثاني بمن
فرضه التمتع على التخيير.
(وتجوز النيابة في الطواف عن الغائب و) الحاضر (المعذور كالمغمى
عليه والمبطون) كما في الجامع (3) والشرائع (4) والمعتبر (5).
أما الغائب فكأنه لا خلاف فيه حيا كان أو ميتا، والأخبار به متظافرة،
ويؤيده جواز الحج والعمرة عنه. وحد الغيبة ابن سعيد بعشرة أميال (6) لمرسل ابن
أبي نجران عن الصادق عليه السلام سئل كم قدر الغيبة؟ فقال: عشرة أميال (7).
وأما المبطون الذي لا يستمسك الطهارة بقدر الطواف، فذكره الشيخ (8) وبنو

(1) الإستبصار: ج 2 ص 323 ح 1145 و 1146 وذيله.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 416 ح 1447 وذيله.
(3) الجامع للشرائع: ص 200.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 233.
(5) المعتبر: ج 2 ص 771.
(6) الجامع للشرائع: ص 200.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 134 ب 18 من أبواب النيابة في الحج ح 3.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 552.
168

حمزة (1) وإدريس (2) والبراج (3) وغيرهم الأخبار له كثيرة، كقول الصادق عليه السلام
في صحيح معاوية بن عمار وحسنه: المبطون والكسير يطاف عنهما ويرمى
عنهما (4). وإنما يطاف عنه وعن مثله إذا لم يرج البرء وضاق الوقت، وإلا أنتظر
البرء، كما سأل يونس أبا الحسن عليه السلام عن سعيد بن يسار: إنه سقط من جمله فلا
يستمسك بطنه، أطوف عنه وأسعى؟ فقال: لا، ولكن دعه فإن برئ قضى هو، وإلا
فاقض أنت عنه (5).
وأما المغمى عليه فبه صحيح حريز، عن الصادق عليه السلام قال: المريض المغلوب
والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف عنه (6). ولم أر من تعرض له بخصوصه ممن قبل
المصنف وسعيد. نعم أطلقوا النيابة عمن لا يستمسك الطهارة، والظاهر عدم
اشتراط إذنه واستنابته كما يشترط في سائر الأحياء، إلا أن يستنيب قبل الاغماء
لظهور أما رأته.
ومن أصحاب الأعذار أو الغيبة الحائض إذا ضاق الوقت أو لم يمكنها المقام
حتى تطهر، ولا يكون لها العدول إلى ما يتأخر طوافه، كما يحمل عليه صحيح أبي
أيوب الخراز قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل فقال: أصلحك الله
إن معنا امرأة حائضا ولم تطف طواف النساء ويأبى الجمال أن يقيم عليها، قال:
فأطرق وهو يقول: لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها ولا يقيم عليها جمالها، ثم
رفع رأسه إليه فقال: تمضي فقد تم حجها (7). وهي داخلة فيمن لا يستمسك
الطهارة إذا ضاق الوقت، وإلا لم يستنب للطواف، إلا إذا غابت فلا يطاف عنها ما

(1) الوسيلة: ص 174.
(2) السرائر: ج 1 ص 629.
(3) المهذب: ج 1 ص 231.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 458 ب 49 من أبواب الطواف ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 453 ب 45 من أبواب الطواف ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 58 4 ب 49 من أبواب الطواف ح 1.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 390 ح 2787.
169

دامت حاضرة وإن علمت مسيرها قبل الطهر. وفي الدروس: وفي استنابة
الحائض عندي تردد (1).
و (لا) يجوز النيابة (عمن انتفى عنه الوصفان) أي الغيبة والعذر
للأصل، ونحو مرسل ابن أبي نجران عن الصادق عليه السلام سئل الرجل يطوف عن
الرجل وهما مقيمان بمكة؟ قال: لا ولكن يطوف عن الرجل وهو غائب (2). وما مر
من خبر يونس، وكأنه اتفاقي، حتى أن المريض المستمسك طهارته إذا لم يستقل
بالمسير حمل وطيف به، كما قال الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: الكسير
يحمل فيطاف به، والمبطون يرمى ويطاف عنه ويصلى عنه (3).
وسأل صفوان في الصحيح أبا الحسن عليه السلام عن المريض يقدم مكة، فلا
يستطيع أن يطوف بالبيت ولا يأتي بين الصفا والمروة، قال: يطاف به محمولا
يخط الأرض برجليه حتى تمس الأرض قدميه في الطواف ثم يوقف به في أصل
الصفا والمروة إذا كان معتلا (4). وسأله إسحاق بن عمار عن المريض يطاف عنه
بالكعبة؟ فقال: لا ولكن يطاف به (5). وقال الصادق عليه السلام في صحيح حريز:
المريض المغلوب والمغمى عليه يرمى عنه ويطاف به (6).
قال المفيد والفرق بينهما أن الطواف فريضة والرمي سنة (7).
(والحامل والمحمول وإن تعدد) بأن حمل اثنين فصاعدا (يحتسبان)
أي لهما أي يحتسبا فينوي الحامل بحركته الذاتية الطواف لنفسه، والمحمول

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 322 درس 84
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 134 ب 18 من أبواب النيابة في الحج ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 459 ب 49 من أبواب الطواف ح 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 455 ب 47 من أبواب الطواف ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 456 ب 47 من أبواب الطواف ح 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 458 ب 49 من أبواب الطواف ح 1.
(7) المقنعة: ص 447.
170

بحركته العرضية الطواف لنفسه كما في النهاية (1) والمبسوط (2) والوسيلة (3)
والشرائع (4) والتهذيب (5) وغيرها، لصحيح الهيثم بن عروة التميمي قال
للصادق عليه السلام: إني حملت امرأتي ثم طفت بها وكانت مريضة، وقال: إني طفت بها
بالبيت في طواف الفريضة وبالصفا والمروة واحتسبت بذلك لنفسي فهل يجزئني؟
فقال: نعم (6). ولانتفاء المانع، فإنهما شخصان مختلفان ينوي كل بحركته طوافه،
ولا يفتقر المحمول إلى نية الحامل طوافه وإن لم يكن المتحرك حقيقة وبالذات، إلا
الحامل كراكب البهيمة. وفي المنتهى (7) والتذكرة: وكما يحمل في الوقوف بعرفات،
وفيه نظر (8).
وخالف الشافعي، بناء على استلزامه النية بفعل واحد طواف شخصين (9).
وفيه أولا: منع الملازمة لما عرفت، لم منع بطلان اللازم، لأنه إن حمل اثنين
فصاعدا جاز، وبه يظهر أن المحمول إذا كان مغمى عليه أو صبيا جاز للحامل نية
طوافه مع طواف نفسه، كما نطق به صحيح حفص بن البختري عن الصادق عليه السلام:
في المرأة تطوف بالصبي وتسعى به هل يجزئ ذلك عنها وعن الصبي؟ فقال:
نعم (10). والايضاح: إنه إنما على القول بجواز ضم التبرد في نية
الوضوء (11).
(وإن كان الحمل بأجرة) فكذلك يجوز الاحتساب كان الاستئجار
للحمل أو للطواف، كما قد يقتضيه الاطلاق (على إشكال) من أن الحمل غير

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 505 - 506.
(2) المبسوط: ج 1 ص 358.
(3) الوسيلة: ص 174.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 233.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 125 ذيل الحديث 409.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 460 ب 50 من أبواب الطواف ح 2.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 702 س 13.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 365 س 33.
(9) الأم: ج 2 ص 211.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 460 ب 50 من أبواب الطواف ح 3.
(11) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 278.
171

الطواف، فهو كما لو استؤجر لحمل متاع فطاف وهو يحمله، والطواف به لا معنى له
إلا الحمل في الطواف. ومن اقتضاء (1) الاستئجار استحقاق هذه الحركة عليه
لغيره، فلا يجوز له صرفها إلى نفسه، كما إذا استؤجر للحج، وهو خيرة أبي علي (2)،
واستحسنه في المختلف ثم قال: والتحقيق أنه إن استؤجر للحمل في الطواف
أجزاء عنهما، وإن استؤجر للطواف لم يجزئ عن الحامل (3).
قلت: والفرق ظاهر لأنه على الثاني كالاستئجار للحج، ولكن الظاهر
انحصاره في الطواف بالصبي أو المغمى عليه، فإن الطواف بغيرهما إنما هو بمعنى
الحمل. نعم إن استأجره غيرهما للحمل في غير طوافه لم يجز الاحتساب.
(وكفارة الجناية والمدي في التمتع والقران على النائب) لدخول الهدي
في الأعمال المستأجر لها، وكون الكفارة لجناية اكتسبها، كما إذا خرق أجير ثوبه
أو قتل نفسا ولا نعرف في شئ منهما خلافا. وفي الغنية: الاجماع على حكم
الكفارة (4).
(ولو أحصر) أو صد (تحلل بالهدي، ولا قضاء عليه) للأصل
والحرج، (وإن كانت الإجارة مطلقة على إشكال) من ذلك، وهو قضية كلام
الأكثر. ومن وجوبه عليه مطلقا كحجة الاسلام وإن لم يجب على المستأجر، فلا
يبرأ إلا بفعله، وهو خيرة المنتهى (5) والتذكرة (6).
(فإن كان) هذا (الحج ندبا عن المستأجر تخير) في الاستئجار ثانيا،
(وإلا وجب الاستئجار، وعلى الأجير) حينئذ (رد الباقي من) أجرة
(الطريق) وهو ما بإزاء الباقي من الأفعال، وهو من بقية الطواف إلى آخر
الأفعال.

(1) في خ: " الاقتضاء ".
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 185.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 185 - 186.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 25.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 865 س 3.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 316 س 16.
172

(ولمن عليه حجة الاسلام و) حجة (منذورة أو غيرها) واجبين أو
مندوبين أو مختلفين (أن يستأجر اثنين لهما في عام واحد مع العذر) المانع
لحجه بنفسه، لأنهما فعلان متباينان غير مترتبين. وفي الخلاف: الاجماع عليه (1)
خلافا لبعض الشافعية (2).
ويصح الحجان، تقدم الاحرام بحجة الاسلام أو غيرها ولو مندوبا، لوقوعهما
في عام واحد، وإنما يبطل المندوب أو المنذور، أي ينصرف. إلى الغرض إذا أخل
به، خلافا لأحمد فصرف السابق إلى حجة الاسلام وإن نوى الندب أو النذر (3).
واحتمل الشهيد (4) وجوب تقديم حجة الاسلام إن أوجبناه على الحاج عن
نفسه ونسب انصراف غيرها إليها إن قدم إلى قضية كلام الشيخ (5) مع نصه على
العدم. وعلى الانصراف فهل له المسمى؟ قال) لشهيد: أقر به ذلك، لاتيانه بما
استؤجر له والقلب من فعل الشارع، قال: وحينئذ ينفسخ إجارة الأجر (6).
(ولو نقل النائب بعد التلبس عن المنوب النية إلى نفسه لم يجزئ عن
أحدها و، لذلك) لا أجرة له، وفاقا للشرائع (7)، فإنما الأعمال بالنيات (8)،
فإذا نوى بإحرامه النيابة لم يقع ولا ما بعده عن نفسه، وإن نوى بالباقي عن نفسه لم
يقع عن المنوب.
خلافا للخلاف (9) والمبسوط (10) والجواهر (11) والمعتبر (12) والجامع (13)

(1) الخلاف: ج 2 ص 395 المسألة 256.
(2) المجموع: ج 7 ص 117.
(3) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 199.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 322 درس 84.
(5) المبسوط: ج 1 ص 325.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 322 درس 84.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 235.
(8) وسائل الشيعة: ج 7 ص 7 ب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته ح 12.
(9) الخلاف: ج 2 ص 252 المسألة 13.
(10) المبسوط: ج 1 ص 299.
(11) جواهر الفقه: ص 39 المسألة 131.
(12) المعتبر: ج 2 ص 777.
(13) الجامع للشرائع: ص 226.
173

والمنتهي (1) والتحرير (2) فألغوا النقل وأوقعوه عن المنوب وأعطوا النائب المسمى
كاملا، لأن الأفعال كلها استحقت للمنوب بالاحرام عنه، فلا يؤثر العدول، كما لا
يؤثر فيه نية الاحلال، بل تبعت الاحرام، وهو مجرد دعوى، كمن يدعي أنه لا
يؤثر العدول في النية في الصلاة. ولخبر ابن أبي حمزة، عن الصادق عليه السلام في رجل
أعطى مالا يحج به عنه فحج عن نفسه، فقال: هي عن صاحب المال (3). وهو مع
الضعف يحتمل أن ثوابه له، ولما فسدت الأفعال، فالظاهر أنه لا يحل إلا بفعلها
ثانيا.
(مسائل) خمس عشرة:
(أ: لو أوصى بحج واجب أخرج من الأصل) إن كان حج الاسلام
فاتفاقا، وإن كان غيره فعلى الخلاف الماضي، (فإن لم يعين القدر) للأجرة
(أخرج أقل ما يستأجر به من أقرب الأماكن) إلى مكة من الميقات فما
قبله مما يمكن الاستئجار منه على المختار، وعلى القول الآخر من بلد الموت،
وإن عين الأجير دون الأجرة فمن حيث يرضى بأي قدر يرضى إن خرج من
الثلث، وإلا استؤجر غيره.
(وإن كان) الموصى به (ندبا فكذلك) يخرج أقل ما يستأجر به من
أقرب الأماكن (من الثلث) وإن شهد الحال بالاخراج من بلد اتبع إن وفى
الثلث.
(ولو عينه) أي القدر (فإن زاد) على أقل ما يستأجر به ولم يجز
الوارث (أخرج الزائد من الثلث في الواجب والجميع منه في الندب)،
والواجب غير حجة الاسلام على قول.

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 870 س 4.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 127 س 20.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 136 ب 22 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
174

(ولو اتسع المعين للحج من بلده) وخرج من الثلث أو أجاز الوارث
(وجب) الاخراج منه، واجبا كان أو مندوبا، (وإلا) يتسع له (فمن أقرب
الأماكن) من البلد، فالأقرب إلى (1) الميقات ومنه مكة.
(ولو قصر عن الأقل عاد ميراثا على رأي) وفاقا للمبسوط (2)
والسرائر (3)، لانكشاف بطلان الوصية.
وفي النهاية (4) والشرائع (5) والجامع (6) والتحرير (7) والتذكرة (8) والمنتهى: إنه
يصرف في وجوه البر (9)، وخص التصدق بالذكر في وصايا الجامع (10)، لخروجه
عن الإرث بالوصية واختصاصه بالميت فيصرف فيما يجد به، وللمنع مجال.
وخبر علي بن مزيد صاحب السابري: سأل الصادق عليه السلام رجل مات وأوصى
بتركته أن أحج بها عنه، فنظرت في ذلك فلم يكف للحج، فسألت من عندنا من
الفقهاء فقالوا: تصدق بها، فقال عليه السلام: ما صنعت؟ فقال: تصدقت بها، فقال: ضمنت
إلا أن لا يكون يبلغ ما يحج به من مكة، فإن كان لا يبلغ ما يحج به من مكة فليس
عليك ضمان 11). وتردد في المختلف (12).
وقيل: إن كان قاصرا ابتداء كان ميراثا، وإن طراء القصور فلا (13)، وهو وجيه.
وقيل: إن كان الحج واجبا عاد ميراثا وإلا صرف في البر (14)، ولعله لتساوي
الميراث المندوبة. وشهادة الحال بأن الوصية بالحج المندوب إنما هو لادراك

(1) في خ: " من ".
(2) المبسوط: كتاب الوصايا ج 4 ص 25.
(3) السرائر: ج 3 ص 214.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 557.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 235.
(6) الجامع للشرائع: ص 174.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 128 س 23.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 307 س 42.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 874 س 32.
(10) الجامع للشرائع: ص 499.
(11) وسائل الشيعة: ج 13 ص 419 ب 37 من أبواب الوصايا ح 2.
(12) مختلف الشيعة: ج 4 ص 379.
(13) قاله الشهيد في الروضة البهية: ج 2 ص 189 و 199.
(14) قاله الشهيد في الروضة البهية: ج 2 ص 189 و 199.
175

الفضل، نظيره ما قيل في العدول إلى النوع الأفضل (1)، والواجب لما وجب
اخراجه، وإن لم يوص به لم يكن للتعيين مدخل فيه، بل إن لم يف به الثلث أو
التركة على الخلاف عاد ميراثا.
وقيل: إن أمكن استنمائه حتى يكفي للحج لم يبعد جوازه (2)، وفيه نظر.
ثم الظاهر ما في الدروس: إنه إن وسع أحد النسكين وجب، وكذا إن وسع
بعض الأفعال (3) مما تعبد به وحده كالطواف والهدي.
(ب: يستحق الأجير الأجرة بالعقد) وإن لم يجب تسليمها إليه قبل
الفعل بل لا يجوز للوصي إلا مع إذن الميت أو شهادة الحال، قال الشهيد: إذا توقف
الحج على تسليم الأجرة فامتنع المستأجر، فالأقرب أن له الفسخ (4).
(فإن خالف) الأجير (ما شرط) عليه (فلا أجرة) له على المخالف،
لأنه فعل بغير إذن المستأجر، إلا النوع إذا كان أفضل، وليس النوع في الحقيقة
شرطا، فيصح بلا استثناء. وأما الطريق وغيره فلا أجرة له على ما خالف الشرط
منه، لا المسمى ولا أجرة المثل لما عرفت، وإنما له أحدهما على ما عداه.
وفي المنتهى عن الشيخ: إن له أجرة المثل إن خالف الشرط (5)، وذلك لقوله
في المبسوط: فإن تعدى الواجب رد إلى أجرة المثل (6).
قلت: ويجوز أن يريد الرد في المشروط الذي ترك شرطه لا الشرط، فلا
خلاف.
(ج: لو أوس بحج وغيره قدم الواجب " اخراجه هن التركة، وهو كل
مالي محض كالزكاة والخمس والصدقات المنذورة والديون، أو بدني مالي
- كالحج - أي أخرج من الأصل (7) كما يأتي في الوصايا، بخلاف غيره، فإنه من

(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 326 درس 85، وفيه: " ولا كذا لو وسع بعض الأفعال ".
(4) مسالك الأفهام: ج 1 ص 98 س 35.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 874 س 35.
(6) المبسوط: ج 1 ص 299.
(7) في خ: " أصله ".
176

الثلث. ولو عينه من الثلث لم ينحصر فيه، وإنما يفيد تعيينه أن لا يخرج غيره إلا
من بقية الثلث لا من جميعه.
نعم إذا جمع بينه وبين غيره وعين الكل من الثلث اختلف، هل يقدم الواجب
جميعه من الثلث فما بقي منه كان لغيره وإن لم يبق بطلت الوصية فيه؟ أم يقسم
الثلث مع القصور عليهما بالحصص ويكمل للواجب من الأصل.
(ولو وجب الكل قسمت التركة) عليها (بالحصص مع القصور) كما
في الشرائع (1) والمبسوط (2) لانتفاء الرجحان وإن رتب بينهما في الوصية، إذ لا
عبرة بالوصية فيها لوجوب اخراجها بدونها، ويتحقق القصور بأن لا يمكن الحج
بما يصيبه ولا من مكة، أولا يمكن إلا أحد النسكين فما يصيبه من الحصة يصرف
في أحد النسكين إن أمكن، أو في بعض الأفعال، أو يعود ميراثا. وعلى القول
بالصرف في وجوه البر فباقي الوصايا أولى به.
وفي التذكرة عن بعض الأصحاب تقديم الحج (3)، وهو خيرة المنتهى (4)
وقضية إطلاق كلام ابني إدريس (5) وسعيد (6)، لحكمهما بأن من عليه زكاة واجبة
وحجة الاسلام فأوصى بها وليست له تركة تفي بهما أخرجت عنه حجة الاسلام
من أقرب المواضع والباقي من الزكاة، وكان دليله ما روي أن رجلا أتى النبي
صلى الله عليه وآله فقال: إن أختي نذرت أن تحج وأنها ماتت، فقال صلى الله عليه وآله: وكان عليها دين
أكنت قاضيه؟ قال: نعم، قال: فاقض دين الله فهو أحق بالقضاء (7). وهو ضعيف
سندا ودلالة.
وزاد في التذكرة (8) الأولوية، وهي ممنوعة، ويمكن أن يكون إشارة إلى
مضمون الرواية.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 229.
(2) المبسوط: كتاب الوصايا ج 4 ص 24.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 308 س 33.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 873 س 24.
(5) السرائر: ج 3 ص 221.
(6) الجامع للشرائع: ص 499.
(7) سنن البيهقي: ج 6 ص 277.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 308 س 22.
177

وزاد في المنتهى خبر معاوية بن عمار: إن امرأة أوصت بثلثها يتصدق به عنها
ويحج عنها ويعتق عنها فلم يسع المال، قال: فسألت أبا حنيفة وسفيان الثوري
فقال: كل واحد منهما انظر إلى رجل قد حج فقطع به فيقوى، ورجل قد سعى في
فكاك رقبة فبقي عليه شئ يعتق ويتصدق بالبقية، فأعجبني هذا القول، وقلت
للقوم - يعني أهل المرأة -: إني قد سألت فتريدون أن أسأل لكم من هو أوثق من
هؤلاء، قالوا: نعم، فسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك، فقال: إبداء بالحج، فإن الحج
فريضة وما بقي فضه في النوافل (1).
(د: لو لم يعين الموصي) بالحج (العدد اكتفي بالمرة) كما في السرائر (2)
وكتب المحقق (3)، لأصل البراءة. (ولو علم قصد التكرار) لا إلى حلا، كأن قال:
حجوا عني كل سنة أو أبدا أو كثيرا (كرر حتى يستوفي الثلث) وعليه يحمل
خبر محمد بن الحسين بن أبي خالد: سألت أبا جعفر عليه السلام عن رجل أوصى أن
يحج عنه مبهما عنه فيهما، فقال: يحج عنه ما بقي من ثلثه شئ (4). وخبر محمد بن
الحسن: قال له عليه وسلم سعد بن سعد: أوصى حجوا عني مبهما ولم يسم شيئا ولا
يدري كيف ذلك، فقال: يحج عنه ما دام له مال (5).
فالابهام فيهما بمعنى إبهام العدد، والمال في الأخير بمعنى الثلث، لأنه دون
ما زاد عليه مال الميت، بمعنى نفوذ وصيته (6) فيه، وعمل باطلاقهما الشيخ (7)
وجماعة فحكموا بالحج عنه ما بقي من الثلث، علم قصد التكرار أو لا.
ويمكن أن يكون الخبران بمعنى أنه يحج عنه إن بقي من ثلثه شئ بعد وصية
مقدمة عليه، بمعنى أنه يخرج من الثلث، فلا يفهم التكرار أصلا.

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 873 س 34.
(2) السرائر: ج 1 ص 650.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 234، والمختصر النافع: ص 78، والمعتبر: ج 2 ص 773.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 120 ب 4 من أبواب النيابة في الحج ح 2.
(5) المصدر السابق ح 1.
(6) في خ: " تعود وصية ".
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 557.
178

(ولو نص على التكرار) كل عام (والقدر، فقال: أحجوا عني كل عام
حجة أو أزيد بغلة البستان الفلاني، أو بعشرة دنانير أبدا، أو مطلقا، أو إلى عشرة
أعوام مثلا (فقصر) القدر عن وظيفة السنة (جعل ما لسنتين وأزيد) أو ما
(لسنة) وبعض ما لسنة أخرى لسنة، بل ما لحجتين أو أزيد ما لحجة وبعض ما
لأخرى لحجة، لخروج الأقدار عن الميراث، ووجوب صرفها في الحج بالوصية،
ووجوب العمل بالوصية بقدر الامكان، وكان الوصية وصية بأمرين الحج وصرف
القدر المخصوص فيه، فإذا تعذر الثاني لم تسقط الأول.
ولخبر علي بن محمد الحصيني: كتب إلى أبي محمد عليه السلام أن ابن عمي أوصى
أن يحج عنه بخمسة عشر دينارا في كل سنة، وليس تكفي، ما تأمرني في ذلك،
فكتب عليه السلام: تجعل حجتين في حجة، فإن الله تعالى عالم بذلك (1). وخبر إبراهيم
بن مهزيار كتب إليه عليه السلام أعلمك يا مولاي أن مولاك علي بن مهزيار أوصى أن
يحج عنه من ضيعة صير ربعها لك في كل سنة حجة بعشرين دينارا، وأنه قد انقطع
طريق البصرة، فتضاعف المؤن على الناس فليس يكتفون بعشرين دينارا وكذلك
أوصى عدة من مواليك في حجهم، فكتب عليه السلام: يجعل ثلاث حجج حجتين إن
شاء الله (2).
والخبران وإن ضعفا لكن عمل الأصحاب بهما، وأيدهما الاعتبار وإن أمكن
أن يقال بالعود ميراثا (بناء عليه في المسألة السابقة.
نعم، إن فضل من الجميع إن حصر السنين في عدد فضلة لا تفي بالحج عاد
ميراثا) (3)، أو صرف في غيره من الميراث. ثم الظاهر أنه إن لم يكف نصيب حجة
لها من البلد وكفى لها من غيره استؤجر من حيث يمكن ولا يصرف فيها ما لأخرى
وإن نص في الوصية على الاستئجار من البلد، ولكن الخبر الأخير قد يوهم

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 119 ب 3 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) ما بين المعقوفين زيادة من خ.
179

الخلاف، ويمكن تنزيله على عدم إمكانه من الميقات.
(ه‍: للمستودع) وفي المهذب عليه (1) (بعد موت المودع المشغول
بحجة واجبة، حجة الاسلام أو غيرها (2) كما يقتضيه إطلاقه وإطلاق النافع (3)
وشرحه (4)، واقتصر في غيرها على حجة الاسلام، لاختصاص النص (5) بها.
(اقتطاع الأجرة) من الوديعة أجرة المثل من البلد، أو الميقات إن لم يوص
والمسمى إن أوصى، وخرج الزائد من الثلث أو أجاز الوارث.
(و) يحج عنه بنفسه أو (يستأجر) عنه بما اقتطعه (مع علمه بمنع
الوارث) بل ظنه الغالب كما في النهاية (6) والمبسوط (7) والجامع (8) والمهذب (9)
والسرائر (10)، ويمكن شمول العلم له، أما جواز ذلك فقطع به الشيخ وكثير، لصحيح
بريد: سأل الصادق عليه السلام عن رجل استودعه مالا فهلك وليس لولده شئ ولم يحج
حجة الاسلام، قال: حج عنه وما فضل فاعطهم (1). ولخروج هذا المقدار من
الميراث، فلا يجب تسليمه الوارث.
وهذا الدليل يعم الحكم لغير حجة الاسلام، بل غير الحج من الحقوق المالية
كالديون والزكاة وغيرها. وأما الوجوب فلظاهر الأمر، ولتضمن خلافه تضييع حق
واجب على الميت، وتضييع حق المستحق للمال، ولانحصار حق المستحق لذلك
القدر من المال فيما بيده مع العلم بعدم أداء الوارث، فيجب تسليمه إليه دون غيره
ويضمن إن خالف وامتنع الوارث، وإنما قيدوا بعلم منع الوارث أو ظنه لعدم
انحصار حق غير الوارث فيه بدونه، لجواز أداء الوارث له من غيره، فلا يجب

(1) المهذب: ج 1 ص 269.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 234 - 235.
(3) المختصر النافع: ص 78.
(4) المعتبر: ج 2 ص 774.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 128 ب 13 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 53 5.
(7) المبسوط: ج 1 ص 326.
(8) الجامع للشرائع: ص 226 - 227.
(9) المهذب: ج 1 ص 269.
(10) السرائر: ج 1 ص 630.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 128 ب 13 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
180

عليه الأداء، ومساواة الوارث صاحب الحق في التعلق بما عنده، فلا يجوز له
الأداء منه بدون إذنه، وقد يرشد إليه قوله: " وليس لولده شئ ".
واشترط في التذكرة أمن الضرر، فلو خاف على نفسه أو ماله لم يجز (1)، وهو
ظاهر، وإن لا يتمكن من الحاكم، فإن تمكن منه. وكأن يشهد عدلان بثبوت الحج
أو نحوه من الحقوق المالية في ذمته لم يجز له الاستقلال به، وهو حسن.
ولعل في حكم الوديعة غيرها كالدين والنصب والأمانة الشرعية كما في
الدروس (2)، وإن امتنع بعض الورثة دون بعض استأذن غير الممتنع، ولو تعدد
الودعي، وعلموا بالحق، وعلم بعضهم ببعض، توازعوا أو وجب القضاء عليهم
كفاية، ولو قضوا جميعا قدم السابق وغرم الباقون. وتردد فيه الشهيد مع
الاجتهاد (3)، لعدم التفريط، ولو اتفقوا سقط عن كل منهم ما يخصه خاصة، قال
الشهيد: ولو علموا بعد الاحرام أقرع بينهم وتحلل من لم يخرج له القرعة (4).
(و: تجوز الاستنابة) اتفاقا (في جميع أنواع الحج الواجب) والعمرة
الواجبة تمتعا وقرانا وإفرادا إسلاميا ومنذورا وشبهه، أصالة ونيابة مع الإذن (مع
العجز بموت أو زمن) أو غيرهما.
(وفي التطوع مع القدرة) عندنا خلافا للشافعي (5) ولأحمد في رواية (6)،
ومع العجز إجماعا، وسواء كان عليه حج واجب مستقر أو غيره أو لم يكن، تمكن
من أدائه ففرط أو لم يفرط، بل يحج الآن بنفسه واجبا ويستنيب غيره في التطوع
خلافا لأحمد (7) فلم يجز الاستنابة فيه ما اشتغلت ذمته بالواجب، إذ لا يجوز له
فعله بنفسه، فالاستنابة أولى.
والجواب: المنع، فإنه إنما لا يجوز له فعله لاخلاله بالواجب. نعم إن أخلت به

(1) تذكر ة الفقهاء: ج 1 ص 308 س 38.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 327 درس 85.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 327 درس 85.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 327 درس 85.
(5) المغني للابن قدامة: ج 3 ص 180.
(6) المغني للابن قدامة: ج 3 ص 180.
(7) المغني للابن قدامة: ج 3 ص 180.
181

الاستنابة به لقصور النفقة ونحوه لم يجز عندنا أيضا، وقد أحصى عن علي بن
يقطين في عام واحد ثلاثمائة ملب أو مائتان وخمسون ملب (1) وخمسمائة
وخمسون (2). وعن محمد بن عيسى اليقطيني أنه بعث إليه الرضا عليه السلام بحجة له
وحجة لأخيه وحجة ليونس بن عبد الرحمن كلها نيابة عنه عليه السلام (3).
(ولا يجوز الحج عن المعضوب) ونحوه من الأحياء (بغير إذنه) لأنه
عبادة يفتقر إلى نية النيابة عنه كالزكاة، فلا تصح بلا استنابة، ولما في قرب الإسناد
للحميري عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن جعفر من أنه سأل أخاه عليه السلام
عن رجل جعل ثلث حجته لميت وثلثيها لحي، فقال: للميت، فأما للحي فلا (4).
ولوجوب الواجب منه عليه أصالة، وعدم العلم ببراءة ذمته إلا بالاستنابة
لأصل بقاء اشتغال الذمة به، ولوجوب الاستنابة عليه، وعدم الدليل على سقوطها
عنه، ونص على تعميم الحكم في المنتهى (5) للفرض والنفل.
وفي الدروس: لو كان النسك ندبا لم يشترط إذن الحي على الأشبه (6). وفي
التذكرة: وأما الحي فمنع بعض العامة من الحج عنه إلا بإذنه، فرضا كان أو تطوعا،
لأنها عبادة تدخلها النيابة، فلم تجز عن البالغ العاقل إلا بإذنه كالزكاة، وعليه
المشترك، وثبوت الحكم في الأصل ممنوعان (7). وهو يعطي جواز الفرض أيضا.
(ويجوز عن الميت) فرضا ونفلا (من غير وصية) بالاجماع
والنصوص، ولتعذر الإذن من قبله وأصل عدم اشتراط الإذن حيا، وتعلق الفرض

(1) ليس في خ.
(2) لم نعثر عليه في الكتب الروائية، ونقل عنه في رجال الكشي: ص 434 الرقم 820.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 147 ب 34 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(4) قرب الإسناد: ص 104.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 863 س 18.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 324 درس 85.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 310 س 43.
182

منه بما بإزائه من ماله خلافا لمالك (1) وأبي حنيفة (2) فأسقطا فرضه إن مات بلا
وصية، وأخرجاه من الثلث إن وصى.
(ز: يشترط قدرة الأجير) على ما استؤجر له في وقته إن استؤجر،
لايقاعه بنفسه (وعلمه بأفعال) ما استؤجر له من (الحج) أو العمرة عند
ايقاعها استدلالا أو تقليدا، وكذا يشترط علم المتعاقدين بها عند الاستئجار كما
في التذكرة، لبطلان العقد على المجهول (3).
واحتمل الشهيد الاكتفاء بالعلم الاجمالي (4)، كأن لا يعلم من الاحرام سوى
النية. ومن الطواف سوى الحركة حول الكعبة من إمكان التعلم بعد، وهو في قوة
العلم وحصول العلم بوجه مميز من الغير وإن لم يبلغ الكنه كالاسترضاع
والاستئجار للخدمة، فإن التفاصيل غير معلومة قطعا. ومن جهالته له المنفعة وعدم
الوثوق بالتعلم وإمكانه مع وجوب الايقاع ولا يعلق الواجب بالممكن. قال: نعم لو
حج مع مرشد عدل أجزاء (5).
قلت: لعله للوثوق بالتعلم، واحتمال الخلاف باق أيضا للجهالة عند العقد.
(و) يشترط (اتساع الوقت) لما استؤجر والميسر إليه، أي عدم القصور عنه.
(ولا يلزمه المبادرة) إليه في العام المعين له أو في العام الأول إذا وجب
الفور (وحده، بل) إنما يلزمه المبادرة (مع أول رفقة) احتاج في المسير
إليهم أو خاف الاحتياج إليهم أولا وإن ظن رفقة آخرين أو عدم الحاجة إليهم بعد
لاحتمال الخلاف فيفوت، فلو أخر وأدرك الأفعال فلا كلام، وإلا فلا أجرة له
للتفريط.
والأقرب ما في التذكرة (6) من عدم الوجوب إذا ظن رفقة آخرين أو عدم

(1) الشرح الكبير (المغني لابن قدامة): ج 3 ص 188.
(2) الشرح الكبير (المغني لابن قدامة): ج 3 ص 188.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 313 س 16.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 320 درس 84.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 320 درس 84.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 313 س 8.
183

الحاجة إليهم للأصل واتساع الوقت، فلا يضر احتمال الفوات كسائر الموسعات.
نعم يتجه الوجوب مع ظن الخلاف، بل وجوب المسير الممكن إما وحده أو
مع الغير إذا ظن التعذر مع التأخير حتى إذا أمكنه المسير أول المحرم - مثلا - في
البر أو البحر وظن التعذر بعده لعادة أو غيرها وجبت المبادرة وإن طالت المسافة
أو سبق وصول مكة على ذي الحجة بأشهر.
(ح: لو عقد) الاستنابة (بصيغة الجعالة ك‍ " من حج عني " فله كذا
صح) كما في المبسوط (1) والخلاف (2) والجواهر (3) لاجتماع شروط الجعالة،
وعموم: " المؤمنون عند شروطهم " (4).
(وليس للأجير) أي النائب (زيادة) على المجعول، ولا يجوز نقصه
منه وإن زادت أجرة المثل أو نقصت. وللشافعية قول بفساد المسمى واستحقاق
أجرة المثل للإذن، وآخر بعدم استحقاق شئ لفساد الإذن (5) لعدم تعيين المأذون.
(ولو قال: حج عني بما شئت) فعين النائب دون الأجرة فسدت الإجارة
عندنا، خلافا لأبي حنيفة (6)، ولكنه إن حج (فله أجرة المثل) لفعله بإذنه.
(ولو قال: حج أو اعتمر بمائة صح جعالة) لا إجارة كما في الخلاف (7)،
واحتمل في المبسوط لجهل العمل (8)، فإذا حج - مثلا - كان له المسمى، وأبطله
الشافعي وقال: له أجرة المثل (9).
(ط: لو لم يحج) الأجير (في) السنة (المعينة) في متن العقد
(انفسخت الإجارة) لانتفاء الكل بانتفاء جزئه، ويخير المستأجر في استئجاره

(1) المبسوط: ج 1 ص، 32.
(2) الخلاف: ج 2 ص 393 المسألة 251.
(3) جواهر الفقه: ص 46 المسألة 165.
(4) وسائل الشيعة: ج 15 ص 30 ب 20 من أبواب المهور ذيل الحديث 4.
(5) المجموع: ج 7 ص 122، وفتح العزيز (بهامش المجموع): ج 7 ص 51.
(6) المبسوط: ج 4 ص 162.
(7) الخلاف: ج 2 ص 393 المسألة 252.
(8) المبسوط: ج 1 ص 325.
(9) الحاوي الكبير: ج 4 ص 276.
184

لعام آخر وعدمه، ولو ضمن الأداء في القابل لم يجب عليه إجابته، ولو أجاب
افتقر إلى عقد آخر، وللشافعية وجهان (1) أصحهما أنها لا تنفسخ.
(ولو كانت) الإجارة (في الذمة) من غير تعيين لعام (لم تنفسخ)
وإن وجب التعجيل، لعدم الانحصار في عام بالعقد، ولا للمستأجر الخيار
في الفسخ، خلافا لبعض الشافعية (2)، واحتمله الشهيد له إن أهمل الأجير لا لعذر،
ولهما إن أهمل لعذر (3).
(ي: لو استأجره للحج خاصة، فأحرم من الميقات بعمرة) لا تخل
بالحج (عن نفسه وأكملها ثم أحرم بحج عن المستأجر من الميقات أجزاء)
بلا إشكال، ولكن إن وزعنا الأجرة على الحج والمسافة وأسقطنا المسافة لقصده
الاعتماد عن نفسه أول مسيره حط من الأجرة التفاوت. وفي صحة عمرته إن
كانت في أشهر الحج كلام لاشتغال ذمته بالحج، واحتمال عدم التمكن من العود.
(ولو لم يعد) له (إلى الميقات لم يجزء) حجة (مع المكنة، وفاقا
للخلاف (4) والمبسوط (5)، لأنه غير ما استؤجر له، فإنه استؤجر للحج من ميقات
بلده، وخلافا للتحرير (6) والمنتهى (7)، لأن المستأجر له هو الحج مطلقا وقد أتى به،
والانصراف إلى ميقات بلده ممنوع. ومع التسليم أو التصريح بالتعيين، فالمستأجر
له كفعلين أتى بأحدهما فإنما عليه رد التفاوت الآتي، وفيه أنه إنما استؤجر لحجة
مفردة وميقاتها أحد المواقيت أو المنزل، ولا يجوز الاحرام بها من غيرها لنفسه
مع التمكن من أحدها، فكيف يجزئ عن غيره؟!
(ولو لم يتمكن) من العود (أحرم) حيث يمكن ولو (من مكة)

(1) المجموع: ج 7 ص 126.
(2) المجموع: ج 7 ص 126.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 323 درس 84.
(4) الخلاف: ج 2 ص 391 المسألة 246.
(5) المبسوط: ج 1 ص 323 - 324.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 33.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 867 س 36.
185

وأجزأه كما في المبسوط (1) والخلاف، ونفى فيه الخلاف (2).
قلت: ولعدم الخروج عن المستأجر له حينئذ، لأنه الحج من ميقاته، وذلك
ميقاته حينئذ، فلا يرد عليه ما في المنتهى من أنه إن تم دليل عدم الاجزاء في
المسألة الأولى لزم هنا أيضا.
فالمحصل أنه استؤجر لحجة مفردة من ميقاتها، أو ميقاتها مع الامكان أحد
المواقيت، أو منزل المنوب، وبدونه حيث يمكن.
وفي الدروس: يشكل صحة الحج إذا تعمد النائب الاعتماد عن نفسه ولما
بعده (3) إلى الميقات، سواء تعذر عليه العود أو لا إلا أن يظن إمكان العود، أو يفرق
بين المعتمر عن نفسه وغيره (4).
قلت: لأن المعتمر من الميقات لم يتجاوزه بلا إحرام، وقد يفرق بين أن يصل
الميقات في أحد أشهر الحج أو في غيرها، ويندفع الاشكال بما ذكرناه.
(وفي احتساب المسافة) عن المنوب على الاجزاء كما في المبسوط
(نظر ينشأ) من أنه استؤجر للحج من ميقاته أي ميقات كان، وميقاته مكة لمن
لا يتمكن من العود وخروج المسافة عنه، ولا يقدح ظهور الغالب وهو من غير
مكة، كما لا يقدح عدم إدراك اختياري الوقوف.
و (من صرفه) لها (إلى نفسه فيحط من أجرته قدر التفاوت بين
حجة من بلده وحجة من مكة). ومن أنه إنما صرف إلى نفسه ما بين الميقات
ومكة، فإنما يحط منها ما بإزائه، وأن الإجارة على نفس الحج والمسافة خارجة
فيحط من الأجرة ما بين الحج من الميقات والحج من مكة من غير اعتبار المسافة
قبل الميقات، ولكن مال هذين الوجهين والحكم المترتب عليهما هو المترتب
على الآتي.

(1) المبسوط: ج 1 ص 324.
(2) الخلاف: ج 2 ص 391 المسألة 246.
(3) في خ: " يعد ".
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 324 درس 85.
186

(ومن أنه قصد بالمسافة الحج الملتزم) بالاستنابة (إلا أنه أراد أن
يربح في سفره عمرة) خصوصا إذا بلغ الميقات في غير أشهر الحج.
(فتوزع الأجرة) على موضعي الاحرامين مع احتساب المسافة جميعها:
فتوزع (على حجة من بلده إحرامها من الميقات وعلى حجة من بلده)
ذلك (إحرامها من مكة، فيسقط من المسمى بنسبة التفاوت، وهو خيرة
التحرير (1) والمنتهى (2). وفيه أنه لم يقصد من الميقات إلى مكة الحج، إلا أن يقال:
قصده إن لم يتمكن من العود، أو يقال: إنه قصد من أول مسيره من العراق - مثلا -
الحج عن المنوب، واعتماده من الميقات، كتجارته (3) من بغداد إلى الكوفة.
(و) الآخر (هو الوجه أن قصد بقطع المسافة) من أوله (الحج، وإن
قصد) به (الاعتمار فالأول) الوجه، كما أن من قصد بمسيره التجارة أو قطع
الطريق ثم بدا له في النسك لما بلغ مكة أو الميقات لم يثبت على الطريق، فكذا هنا
لم يؤجر عليها، هذا إن قصد الاعتمار وحده، لكنه إن ضمه إلى الحج كان كضم
التبرد إلى القربة في نية الطهارة.
(يا: لو فاته الحج) بعد الاحرام به (بتفريط تحلل بعمرة عن نفسه)
كما في المعتبر (4)، (لانقلابه) أي إحرامه أو عمله أو حجه المنقلب عمرة
(إليه) فإنه لم يستأجر لعمرة، إلا أن يتبرع بإيقاعه عنه.
(ولا أجرة) له، بل يستعاد منه ما أخذه إن تعين الزمان.
(ولو كان) الفوت (بغير تفريط فله أجرة مثله) من ابتدائه في المسير
أو الحج (إلى حين الفوات، قاله الشيخ) في المبسوط (5)، لأنه فعل له أجرة،
فعله بالإذن، فيستحق عليه أجرة، وإذا لم يتم بطلت الإجارة، والمسمى فيها
بالنسبة إلى الكل والجزء إنما قصد بالإجارة تبعا للكل، فلا يتوزع على الأجزاء.

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 24.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 867 س 37.
(3) في خ: " كتجارة ".
(4) المعتبر: ج 2 ص 779.
(5) المبسوط: ج 1 ص 325 - 326.
187

(والأقرب) كما في المعتبر (1) (إن له من المسمى بنسبة ما فعل) إلى
الجميع، لأن المستأجر له أفعال متعددة وإن كان لمجموعها اسم واحد، فإذا بطلت
الإجارة والتسمية بالنسبة إلى بعض لم يلزم البطلان بالنسبة إلى الجميع، والأصل
الصحة، وللزوم الضرر على المستأجر إن زادت أجرة المثل على المسمى، وعلى
الأجير إن نقصت.
(يب: لو أفسد النائب الحج فعليه القضاء) كما لو أفسد حج نفسه، خلافا
للمزني (2)، وكان القضاء (عن نفسه) كما في الخلاف (3) والمبسوط (4)
والسرائر (5)، لانقلاب الفاسد إلى نفسه، كما إذا اشترى الوكيل في شراء شئ بصفته
على خلاف الصفة.
والقضاء قضاء لهذا الواجب عليه عن نفسه (لا عن المنوب، والفاسد أيضا إنما
يقع عن نفسه) (6) أو عقوبة له على الافساد. ولأن سبب وجوده فعله الذي هو
الافساد دون الاستئجار، والأصل عدم تداخل الأسباب، خصوصا إذا كان عقوبة،
إذ لا عقوبة على المنوب وإذا كان الزمان معينا فمع ذلك وقع في غيره، فإذا ثبت
أنه عن نفسه لا عن المنوب، والفاسد أيضا إنما يقع عن نفسه كان فرضا أو عقوبة.
أما إذا كان عقوبة كما في السرائر (7) فلمباينة المستأجر له ذاتا فإنه ليس حجا
شرعيا، وأما إذا كان فرضا كما في النهاية (8) فلمخالفة له في الصفة.
(فإن كانت) النيابة والحجة (معينة انفسخت، وعلى المستأجر) إن
كان وجب عليه الحج (استئجاره) ثانيا إن تاب وعرف منه الصلاح، (أو)
استئجار (غيره، وإن كانت مطلقة في الذمة لم تنفسخ) وإن اقتضى الاطلاق

(1) المعتبر: ج 2 ص 779.
(2) المجموع: ج 7 ص 134.
(3) الخلاف: ج 2 ص 388 المسألة 239.
(4) المبسوط: ج 1 ص 322.
(5) السرائر: ج 1 ص 632.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(7) السرائر: ج 1 ص 550.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 494.
188

التعجيل لما عرفت، خلافا لظاهر الشرائع (1) إن كان الثاني فرضه.
(و) كان (عليه بعد القضاء حجة النيابة) كما في المبسوط (2)
والخلاف (3) والسرائر (4) قطعا والمعتبر (5) احتمالا، وهو واضح.
(وليس للمستأجر الفسخ) وإن اقتضى الاطلاق التعجيل، وكان الأجير
هنا مفرطا في التأخير للأصل، ومضى أن الشهيد احتمله واختار هنا الاكتفاء
باتمام الفاسد والقضاء، تعين الزمان أو لا (6)، وهو خيرة المعتبر (7) والجامع (8)
ومستحسن المنتهى (9) ومحتمل التحرير (10)، ولكن لم يصرح فيها بالتعميم.
ودليله أن حكم النائب حكم المنوب، والمنوب إن كان فعل ذلك كان مجزئا
له، وضعفه في المعينة ظاهر. ومضمر إسحاق بن عمار قال: فإن ابتلى بشئ يفسد
عليه حجه حتى يصير عليه الحج من قابل، أيجزئ عن الأول؟ قال: نعم، قلت:
لأن الأجير هنا من الحج، قال: نعم.
(11) وأن القضاء عقوبة، فالفاسد حج أوقعه عن
المنوب، وإنما وقعت فيه جناية أوجبت كفارة كسائر الجنايات، ولكن من كفارة
الحج ثانيا، كما يظهر من خبر إسحاق بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن رجل حج
عن رجل فاجترح في حجة شيئا يلزم فيه الحج من قابل وكفارة، قال: هي للأول
تامة، وعلى هذا ما اجترح (12).
وإن كان الثاني هو الفرض فهو الفرض الذي كان وجب عليه إذا لم يختص
بوقت، كما إذا أفسد حجة الاسلام عن نفسه فسبب وجوبه هو الاستئجار إن كان

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 233.
(2) المبسوط: ج 1 ص 322.
(3) الخلاف: ج 2 ص 388 المسألة 239.
(4) السرائر: ج 1 ص 632.
(5) المعتبر: ج 2 ص 776.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 323 درس 84.
(7) المعتبر: ج 2 ص 776.
(8) الجامع للشرائع: ص 225.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 865 س 17.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 18.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 130 ب 15 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(12) المصدر السابق ح 2.
189

مطلقا لا الافساد، كما أن سبب الوجوب إذا كان في حج نفسه الاستطاعة أو النذر
أو نحوهما. ويمكن أن يقال بعيدا في النيابة المعينة: إن السبب هو الاستنابة أيضا،
وإنما أخر عن وقته لعارض كقضاء الموقتات.
والمحصل أن في المسألة وجوها:
أحدها: انفساخ الإجارة مطلقا إن كان الثاني فرضه، وهو ظاهر الشرائع (1).
والثاني: انفساخها مع التعيين دون الاطلاق ووجوب حجة ثالثة مع الاطلاق
نيابة، وهو خيرة الشيخ (2) وابن إدريس (3) والمصنف هنا.
والثالث كذلك، ولا يجب حجة ثالثة.
والرابع: عدم الانفساخ مطلقا، ولا تجب حجة ثالثة، وهو خيرة الشهيد (4).
والخامس: إن كان الثاني عقوبة لم ينفسخ مطلقا، ولا عليه حجة ثالثة، وإن
كان فرضه انفسخ في المعينة دون المطلقة وعليه حجة ثالثة، وهو خيرة التذكرة (5)
وأحد وجهي المعتبر (6) والمنتهى (7) والتحرير (8).
والسادس: كذلك، وليس عليه حجة ثالثة مطلقا، وهو محتمل المعتبر والمنتهى.
والسابع: إن أطلقت الاستنابة لم ينفسخ، ولا عليه حجة ثالثة، وإن وقتت فإن
كان الثاني فرضه انفسخت، وإلا فلا، وهو محتمل المختلف (9).
والثامن: انفساخها مطلقا، مطلقة كانت أو معينة كان الثاني عقوبة أولا،
لانصراف الاطلاق إلى العام الأول، وفساد الحج الأول وإن كان فرضه.
والتاسع: عدم انفساخها مطلقا كذلك، ويحتمله الجامع (10) والمعتبر (11)

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 233.
(2) المبسوط: ج 1 ص 322.
(3) السرائر: ج 1 ص 632.
(4) لم نعثر عليه
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 315 س 20.
(6) المعتبر: ج 2 ص 776.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 865 س 17.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 16.
(9) مختلف الشيعة: ج 4 ص 329.
(10) الجامع للشرائع: ص 225.
(11) المعتبر: ج 2 ص 776.
190

والمنتهى (1) والتحرير (2) لمضمر إسحاق (3)، وإجراء له مجرى الحج عن نفسه.
(يج: إن عين المستأجر الزمان في العقد تعين، فإن فات انفسخت،
الإجارة فات بتفريط أو بغيره، خلافا لأحد وجهي الشافعية (4) بناء على كونه،
كتأخير الدين عن محله وإن قدمه. وفي التذكرة: الأقرب الجواز، لأنه قد زاده
خيرا (5)، وبه قال الشافعي (6).
(ولو أطلق اقتضى التعجيل) كما في المبسوط (7) والسرائر (8)
والشرائع (9) والجامع (10)، وعن الشهيد تعميم ذلك لكل إجارة مطلقة (11)، ودليله
غير واضح إلا على القول باقتضاء إطلاق الأمر المبادرة فأدلته أدلته، وهي إن
سلمت فجريانها هنا ممنوع، وكلام المعتبر (12) يقتضي العدم لتجويزه أن يؤجر
الأجير نفسه لآخر إن استأجره الأول مطلقا. واحتمله المصنف في المنتهى وقطع
بالجواز إذا أطلقت الإجارتان (13)، وكأنه لدلالة سبق الأولى على تأخير الثانية،
والتعجيل على القول به ليس للتوقيت.
(فإن أهمل لم تنفسخ) الإجارة، قبض الأجير مال الإجارة أو لا، كان
المستأجر استأجر لنفسه أو لميت، ولا للمستأجر خيار الفسخ إلا على ما احتمله
الشهيد (14)، وأجازه بعض الشافعية (15) مع قوله بعدم اقتضاء المطلق التعجيل، ولو

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 865 س 15.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 126 س 16.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 130 ب 15 أن النائب إذا مات بعد الاحرام وإذا أفسد الحج ح 1.
(4) المجموع: ج 7 ص 126.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 314 س 10.
(6) المجموع: ج 7 ص 134.
(7) المبسوط: ج 1 ص 323.
(8) السرائر: ج 1 ص 628.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 234.
(10) الجامع للشرائع: ص 225.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 323 درس 84.
(12) المعتبر: ج 2 ص 770.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 868 س 21.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 323 درس 84
(15) الحاوي الكبير: ج 4 ص 269.
191

كان المستأجر حيا معضوبا فزال عذره اتجه الانفساخ إذا كان استأجره لواجب.
(ولو شرط التأجيل عامين أو أزيد جاز) عندنا، خلافا للشافعي (1) إلا
في الواجب المضيق مع إمكان استئجار من يبادر إليه.
(يد: لو عين الموصي النائب والقدر تعينا) لوجوب العمل بالوصية، ولا
يجب على النائب القبول للأصل، (فإن زاد) القدر (عن) أجرة (المثل) له
من الميقات أو البلد على الخلاف.
(أو كان الحج ندبا ولم يخرج من الثلث أخرج ما يحتمله الثلث) إن لم
يجز الوارث، فإن كان ندبا اعتبر الجميع منه، وإن كان واجبا فالزائد خاصة، ولا
يعطى غير النائب المعين عملا بالوصية فيما يمكن.
(فإن رضي النائب به) فلا كلام، (وإلا استؤجر به غيره) عملا
بالوصية بقدر الامكان.
(ويحتمل) استئجاره (بأجرة المثل) إن نقصت عما أوصى به كما في
التحرير (2) والمنتهى (3)، لأن الزائد عليها مال أوصى به لمورده - كما في
المبسوط (4) - فعاد ميراثا، وهو مستوجه التحرير (5) والمنتهى (6)، فإن زادت أجرة
المثل، ووجد من يرضى بالموصى به (لمن رده) (7) فلا كلام، وإن لم يوجد فالوجه
اخراج الواجب بأجرة المثل. وفي الدروس عند امتناع النائب من المضي
استئجار الغير بالموصي به إن علم أن الغرض تحصيل الحج به، وإن تعلق الغرض
فيه بالنائب المعين استؤجر غيره بأجرة المثل (8).
(ولو) عين النائب و (أطلق القدر استؤجر) النائب المعين (بأقل ما
يوجد أن يحج عنه) به (مثله إن لم يزد على الثلث)، وليس في المبسوط

(1) الحاوي الكبير: ج 4 ص 258.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 128 س 16.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 874 س 23.
(4) المبسوط: ج 1 ص 324.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 128 س 16.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 874 س 23.
(7) ما بين المعقوفين ليس في ط.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 325 درس 85.
192

مثله ولا في التحرير ولا في المنتهى. ويمكن إرادتهما القيد، وإن زاد فيما يرضى
إلى الثلث كما احتمل في التحرير (1)، أو بما يحتمله الثلث، أو بأقل ما يوجد من
يحج عنه به.
(فإن لم يرض المعين استؤجر غيره) بأقل ما يمكن أن يحج به عنه عملا
بالوصية بقدر الامكان، ويأتي في الوصايا احتمال البطلان في المندوب، ويأتي
على ما مر عن الدروس (2) البطلان إن تعلق الغرض بخصوص النائب، والصحة
إن تعلق بتحصيل الحج.
(يه: لو نص) الأجير أو (المستأجر على المباشرة) أي مباشرة النائب
الحج بنفسه، كأن قال: آجرتك نفسي للحج أو استأجرتك لتحج، (أو أطلق)
نحو آجرتك نفسي أو استأجرتك الحج (لم يجز للنائب الاستنابة).
أما في الأول فظاهر، وأما في الثاني فينصرف إلى الأول، لأنه المتبادر،
ولشهادة الحال غالبا بكون الأجرة المسماة في مقابلة أفعال الحج لا الاستنابة لها،
ولو استناب فحج النائب أجزاء عن المنوب الميت، ولا يستحق أحد منهما أجرة
على ماله أو مال المستنيب إن علم نائبه الحال.
(ولو فوض) الأمر (إليه) كأن يقول الأجير: آجرتك نفسي لا وقع الحج
عنك بنفسي أو بغيري. أو المستأجر: استأجرتك لتوقع الحج عني بنفسك أو بغيرك
جازت الاستنابة. وعليه يحمل خبر عثمان بن عيسى أنه قال للرضا عليه السلام: ما تقول
في الرجل يعطى الحجة فيدفعها إلى غيره، قال: لا بأس (3). ولو أمره (4) بالاستنابة
لم يجز أن يحج بنفسه إلا أن يعلم أنه أولى برضاه به، فيحتمل الجواز كما تقدم من
الاتيان بأفضل مما اشترط عليه.

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 128 سر 19.
(2) تقدم آنفا.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 129 ب 14 من أبواب النيابة في الحج ح 1.
(4) في خ: " أجره ".
193

(المقصد الثاني)
(في أفعال التمتع)
وهي أفعال الآخرين بأعيانها وإن
امتاز عنه بما عرفت، ويأتي، وإنما
خصه بالذكر لتضمنه النسكين.
(وفيه فصول) سبعة:
195

(مقدمة:)
(الواجب منها ستة عشر) ويدخل فيها نياتها، فإنما الأعمال بالنيات (1)،
كما يدخل في الاحرام التلبية. وصرح به الشيخان (2) وجماعة، ولبس الثوبين
وصرح به سلار (3) وجماعة لا ونزول منى إنما يجب لناسكها فليس واجبا أصليا
وعد (4) في الشرائع (5)، وكذا المسير إنما يجب من باب المقدمة، وعده سلار (6).
ومن رأى طواف النساء في عمرة التمتع زاده وركعتيه، ومن أراد التصريح بالنيات
زادها كالشيخ (7) ومن تبعه، لكنهم اكتفوا بنية الاحرام أو أطلقوها وعدوها واحدا،
وعدت في الشرائع (8) في أفعال العمرة دون الحج، وزاد سلار لثم الحجر واستلام
الركن اليماني ونزول المزدلفة (9)، ولم يعد الشيخان الرمي والحلق والتقصير من
المفروضات، وجعلاهما في المقنعة (10) والتبيان من السنن (11)، وكذا الشيخ أبو

(1) وسائل الشيعة: ج 7 ص 7 ب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته ح 12.
(2) المبسوط: ج 1 ص 307، المقنعة: ص 407.
(3) المراسم: ص 105.
(4) كذا في خ و ط، والظاهر أنه: " وعده ".
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 237.
(6) المراسم: ص 105.
(7) المبسوط: ج 1 ص 307.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 301.
(9) المراسم: ص 105.
(10) المقنعة: ص 431.
(11) التبيان: ج 2 ص 154.
197

الفتوح في روض الجنان (1)، وفي الجمل والعقود (2) وكتابي الأخبار (3): إن الرمي
مسنون، ففهم ابن حمزة (4) والمصنف في المنتهى (5) والمختلف (6) والشهيد (7)
الاستحباب.
وحمله ابن إدريس على مقابل الفرض، بمعنى ما ثبت وجوبه بنص القرآن،
ونفى الخلاف بين أصحابنا في وجوب الرمي، وقال: ولا أظن أحدا من المسلمين
يخالف فيه، ولكنه إنما ذكره في الرمي أيام التشريق (8).
وفي النافع: وفي وجوب رمي الجمار والحلق أو التقصير تردد، أشبهه
الوجوب (9). وليس في المقنعة ذكر صلاة الطواف في فروض الحج، وإنما دخلت
في عموم السنن، وأدخلها سلار (10) في المندوبات.
وحكاه الشيخ في الخلاف عن بعض الأصحاب (11). ولم يذكرها ابن زهرة في
الأفعال أصلا، ولكنه نص بعد ذلك وفي الصلاة على وجوبها، وأنه مجمع عليه،
فكأنه أدخلها في الطواف أو جعلها واجبا برأسه لا من أفعال الحج.
وعلى الجملة فالمشهور أن الواجب هذه الستة عشر (الاحرام) بعمرة
التمتع (والطواف) لها (وركعتاه والسعي) لها (والتقصير والاحرام
للحج) حج التمتع، (والوقوف بعرفات، و) الوقوف (بالمشعر، و، مناسك
منى بعد (نزول منى و) هي (الرمي) يوم النحر وأيام التشريق أو الأول
وحده لتأخير غيره عن الاحلال، (والذبح) أو النحر، (والحلق بها أو
التقصير، والطواف) للحج، (وركعتاه والسعي) له، (وطواف النساء

(1) روض الجنان. ج 2 ص 103.
(2) الجمل والعقود: ص 145.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 286 ح 11، الإستبصار: ج 2 ص 297 ذيل الحديث 4.
(4) الوسيلة: ص 180.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 771 س 14.
(6) مختلف الشيعة: ج 2 ص 257.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 435 درس 110.
(8) السرائر: ج 1 ص 606.
(9) المختصر النافع: ص 81.
(10) المراسم: ص 105.
(11) الخلاف: ج 2 ص 327 المسألة 138.
198

وركعتاه)، وفي كل منها واجبات ومندوبات كما سنفصل.
(ثم) هي بأعيانها واجبات القران والافراد كما ذكرنا، إلا أن (القارن
والمفرد يعتمران عمرة مفردة متأخرة) عن الحج، فيلزمهما طواف آخر للنساء
وركعتان له.
(والمتمتع يقدم عمرة التمتع) على حجه والاشعار، والتقليد للقارن كالتلبية
لغيره، فيدخلان في الاحرام، والأركان منها ما عدا مناسك منى وصلاة الطواف
وطواف النساء والتقصير بين النسكين والنيات كنيات سائر العبادات في الركنية
أو الشرطية أو التردد بينهما، ولا ثمرة لهذا الخلاف هنا، لبطلان النسك بانتفائها
عمدا أو سهوا اتفاقا.
وفي ركنية التلبية خلاف، ففي المبسوط (1) وجمل العلم والعمل (2) وشرحه
للقاضي (3) والجمل والعقود (4) والمهذب (5) والوسيلة (6) العدم، وفي النهاية (7)
والمراسم (8) والكافي (9) والسرائر (10) والمختلف (11) والدروس (12) الركنية، وحكاه
السيد في الجمل عن بعض الأصحاب (13).
ولا يتوهم من أنه إذا لم ينعقد الاحرام إلا بها كانت ركنا البتة، لكن الشيخ في
المبسوط (14) والجمل (10) والقاضي في المهذب (16) وشرح الجمل (17) نصا على

(1) المبسوط: ج 1 ص 308.
(2) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 63.
(3) شرح جمل العلم والعمل: ص 208.
(4) الجمل والعقود: ص 130.
(5) المهذب: ج 1 ص 208.
(6) الوسيلة: ص 158.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 544.
(8) المراسم: ص 105.
(9) الكافي في الفقه: ص 193.
(10) السرائر: ج 1 ص 617.
(11) مختلف الشيعة: ج 4 ص 53.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 328 درس 86.
(13) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 63.
(14) المبسوط: ج 1 ص 311.
(15) الجمل والعقود: ص 132.
(16) المهذب: ج 1 ص 208.
(17) شرح جمل العلم والعمل: ص 209.
199

عقده بها ويأتي الاجماع عليه، فكيف ذهبا إلى عدم ركنيته؟! لأنا سنعرفك معنى
عقده بها، والركن هنا ما يبطل النسك بتركه عمدا، والوقوفان يبطله تركهما مطلقا،
وكذا النية والتلبية إن لم ينعقد بغيرها الاحرام، وكان عقده بها كعقد الصلاة
بالتكبيرة.
(ويستحب أمام التوجه) إلى سفر الحج أمور:
(الصدقة) فقال الصادق عليه السلام لحماد بن عثمان: افتتح سفرك بالصدقة،
وأخرج إذا بدا لك (1). وفي خبر كردين: من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله عنه
نحس ذلك اليوم (2). وقال الباقر عليه السلام في خبر ابن مسلم: كان علي بن الحسين عليه السلام
إذا أراد الخروج إلى بعض أمواله اشترى السلامة من الله عز وجل بما تيسر له،
ويكون ذلك إذا وضع رجله في الركاب (3).
(وصلاة ركعتين) فعن النبي صلى الله عليه وسلم في خبر السكوني: ما استخلف رجل
على أهله بخلافة أفضل من ركعتين يركعهما إذا أراد الخروج إلى سفر، ويقول:
اللهم إني أستودعك نفسي وأهلي ومالي وذريتي ودنياي وآخرتي وأمانتي
وخاتمة عملي إلا أعطاه الله عز وجل ما سأل (4). وعنه صلى الله عليه وسلم: ما استخلف عبد في
أهله من خليفة إذا هو شد ثياب سفره خير من أربع ركعات يصليهن في بيته، يقرأ
في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد، ويقول: اللهم إني أتقرب إليك بهن
فاجعلهن خليفتي في أهلي ومالي (5).
والوقوف على باب داره، وإن كان في مفازة فمن حيث يريد السفر منه
قارئا فاتحة الكتاب أمامه وعن جانبيه، وآية الكرسي، وكلا من

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 2 27 ب، (" ت أبواب آداب السفر إلى الحج ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 273 ب 5 (من أبواب آداب السفر إلى الحج ح 6.
(3) المصدر السابق ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص، 27 ب 8 (من أبواب آداب السفر إلى الحج ح (.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 276 ب 8 (من أبواب آداب السنر إلى الحج ح 3.
200

المعوذتين والتوحيد.
* (كذلك) *، فعن صباح الحذاء، عن أبي الحسن عليه السلام: لو أن الرجل منكم إذا
أراد السفر قام على باب داره تلقاء وجهه الذي يتوجه له فقراء الحمد أمامه وعن
يمينه وعن شماله، والمعوذتين أمامه وعن يمينه وعن شماله، وقل هو الله أحد
أمامه وعن يمينه وعن شماله، وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله، ثم
قال: اللهم احفظني واحفظ ما معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي
ببلاغك الحسن الجميل ليحفظه الله وحفظ ما معه وبلغه وبلغ ما معه (1). وليس في
الفقيه إلا الفاتحة وآية الكرسي (2)، وكذا في موضع من الكافي (3).
* (وكلمات الفرج) * فعن معاوية بن عمار، عن الصادق أعم: إذا خرجت من
بيتك تريد الحج والعمرة إن شاء الله فادع دعاء الفرج، وهو: لا إله إلا الله الحليم
الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين
السبع ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين، ثم قل: اللهم كن لي جارا من
كل جبار عنيد ومن كل شيطان مريد بسم الله دخلت وبسم الله خرجت وفي سبيل
الله، اللهم إني أقدم بين يدي نسياني وعجلتي بسم الله ما شاء الله في سفري هذا
ذكرته أو نسيته، اللهم أنت المستعان على الأمور كلها وأنت الصاحب في السفر
والخليفة في الأهل، اللهم هون علينا سفرنا واطو لنا الأرض وسيرنا فيها بطاعتك
وطاعة رسولك، اللهم أصلح لنا ظهرنا وبارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار،
اللهم إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال
والولد، اللهم أنت عضدي وناصري، بك أحل وبك أسير، اللهم إني أسألك في
سفري هذا السرور والعمل بما يرضيك عني، اللهم اقطع عني بعده ومشقته
واصحبني فيه واخلفني في أهلي بخير لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 277 ب 19 من أبواب آداب السفر إلى الحج ح 1.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 271 ح 2414.
(3) الكافي: ج 2 ص 543 ح 11.
201

إني عبدك وهذا حملانك والوجه وجهك والسفر إليك وقد اطلعت على ما لم يطلع
عليه أحد فاجعل سفري هذا كفارة لما قبله من ذنوبي وكن عونا لي عليه واكفني
وعثه ومشقته ولقني من القول والعمل رضاك فإنما أنا عبدك وبك ولك (1).
* (وغيرها من المأثور) * من الأذكار كبعض ما بعد كلمات الفرج. وكما في
حسن الثمالي، عن الصادق عليه السلام قال: إن الانسان إذا خرج من منزله قال حين
يريد أن يخرج: الله أكبر ثلاثا، بالله أخرج وبالله أدخل وعلى الله أتوكل ثلاث
مرات، اللهم افتح لي في وجهي هذا بخير واختم لي بخير وقني شر كل دابة أنت
آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم، لم يزل في ضمان الله عز وجل حتى
يرده إلى المكان الذي كان فيه (2)..
وعن علي بن الحسين عليهما السلام: إن العبد إذا خرج من منزله عرض له الشيطان
فإذا قال: بسم الله قال له الملكان: كفيت، فإذا قال: آمنت بالله قالا: هديت، فإذا
قال: توكلت على الله قالا: وقيت، فتتنحى الشياطين فيقول بعضهم لبعض: كيف لنا
بمن كفي وهدي ووقي (3).
وعن الحلبي قال: كان أبو جعفر عليه السلام إذا خرج من بيته يقول: بسم الله خرجت
وبسم الله ولجت وعلى الله توكلت ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم (4). وعن
النبي صلى الله عليه وآله: إذا خرج الرجل من بيته فقال: بسم الله قالت الملائكة له: سلمت، فإذا
قال: لا حول ولا قوة إلا بالله قالت الملائكة له: كفيت، فإذا قال: توكلت على الله
قالت الملائكة له: وقيت (5).
* (والبسملة عند وضع رجله في الركاب) * فعنه صلى الله عليه وآله: إذا ركب الرجل

(1) الكافي: ج 4 ص 284 ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 277 ب 19 من أبواب آداب السفر إلى الحج ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 278 ب 19 من أبواب آداب السفر إلى الحج ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 280 ب 19 من أبواب آداب السفر إلى الحج ح 10.
(5) سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1278 ح 3884.
202

الدابة فسمى ردفه ملك يحفظه حتى ينزل، وإن ركب ولم يسم ردفه شيطان فيقول
له: تغن، فإن قال: لا أحسن قال له: تمن، فلا يزال يتمنى حتى ينزل (1). وعن
الصادق عليه السلام: فإذا جعلت رجلك في الركاب فقل: بسم الله الرحمن الرحيم بسم
الله والله أكبر.
* (والدعاء بالمأثور) * بما مر، و * (عند الاستواء على الراحلة) * والذكر
المأثور عنده، فعن الصادق عليه السلام: فإذا استويت على راحلتك واستوى بك محملك
فقل: الحمد لله الذي هدانا للاسلام ومن علينا بمحمد صلى الله عليه وآله سبحان الذي سخر لنا هذا
وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون والحمد لله رب العالمين، اللهم أنت الحامل
على الظهر والمستعان على الأمر، اللهم بلغنا بلاغا يبلغ إلى خير، بلاغا يبلغ إلى
رضوانك ومغفرتك، اللهم لا طير إلا طيرك ولا خير إلا خيرك ولا حافظ غيرك (2).
وعن النبي صلى الله عليه وآله: يا علي أنه ليس من أحد يركب الدابة فيذكر ما أنعم الله به
عليه، ثم يقرأ آية السخرة، ثم يقول: استنفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم،
اللهم اغفر لي ذنوبي إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، إلا قال السيد الكريم: يا
ملائكتي عبدي يعلم أنه لا ينفر الذنوب غيري اشهدوا أني قد غفرت له ذنوبه (3).
وعن علي بن ربيعة الأسدي قال: ركب علي بن أبي طالب عليه السلام فلما وضع
رجله في الركاب قال: بسم الله، فلما استوى على الدابة قال: الحمد لله الذي أكرمنا
وحملنا في البر والبحر، ورزقنا من الطيبات، وفضلنا على كثير ممن خلق تفضيلا،
سبحان الذي سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين، ثم سبح الله ثلاثا، وحمد الله ثلاثا ثم
قال: رب اغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، لم قال: كذا فعل رسول الله صلى الله عليه وآله
وأنا رديفه (4).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 2 28 ب 20 من أبواب آداب السفر إلى الحج ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 281 ب 20 من أبواب آداب السفر إلى الحج ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 282 ب 20 من أبواب آداب السفر إلى الحج ح 3 و 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 283 ب 20 من أبواب آداب السفر إلى الحج ح 6.
203

(الفصل الأول)
(في الاحرام)
(وفيه مطالب) ستة:
(الأول:)
(في تعيين المواقيت)
أي الأمكنة المحدودة شرعا للاحرام منها (1).
(إنما يجوز الاحرام) اختيارا (من المواقيت) إلا إذا لم يؤد الطريق إليها،
(وهي ستة) فإن المنزل الأقرب غير محدود، فالميقات (لأهل العراق
العقيق) بالاجماع والنصوص، وكذا الباقية.
وهو في اللغة: كل واد عقه السيل - أي شقه - فأنهره ووسعه، وسمي به أربعة
أودية في بلاد العرب أحدها الميقات، وهو واد يتدفق سيله في غوري تهامة كما
في تهذيب اللغة (2).
وفي صحيح عمر بن يزيد، عن الصادق عليه السلام: إنه نحو من بريدين ما بين بريد
البعث إلى غمرة (3). وفي الفقيه عنه عليه السلام: أول العقيق بريد البعث، وهو بريد دون

(1) في خ: " هاهنا ".
(2) تهذيب اللغة: ج 1 ص 59 مادة " عق ".
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 223 ب 4 من أبواب المواقيت ح 6.
204

بريد غمرة (1). وفي حسن معاوية بن عمار عنه عليه السلام: أول العقيق بريد البعث - إلى
أن قال: - بينه وبين غمرة أربعة وعشرون ميلا بريدان (2). وفي حسنه أيضا
عنه عليه السلام: آخر العقيق بريد أوطاس (3). وفي مرسل ابن فضال عنه عليه السلام: أوطاس
ليس من العقيق (4).
وكتب يونس بن عبد الرحمن إلى أبي الحسن عليه السلام: إنا نحرم من طريق
البصرة، ولسنا نعرف حد عرض العقيق. فكتب: أحرم من وجرة (5).
وعن الأصمعي: وجرة بين مكة والبصرة، وهي أربعون ميلا، ليس فيها منزل،
وهي التي ذكرها الشاعر في قوله:
تصد وتبدي عن أسيل وتتقي * بناظرة عن وحش وجرة مطفل (6).
وقال الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: يجزئك إذا لم تعرف العقيق
أن تسأل الناس والأعراب عن ذلك (7).
وبالجملة فالعقيق كله ميقاتهم، لا يجوز التجاوز عنه محلا، ويجوز الاحرام
في أي بقعة أريد منها.
(وأفضله) أوله، وهو كما في خبري أبي بصير، أحدهما عن
الصادق عليه السلام (8)، والآخر عن أحدهما عليه السلام (9).
(المسلح) بضم الميم وكسرها كما في السرائر (10)، وإهمال الحاء كما في

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 304 ح 2525.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 225 ب 2 من أبواب المواقيت ح 2.
(3) المصدر المسابق ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 226 ب 2 من أبواب المواقيت ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 225 ب 2 من أبواب المواقيت ح 4.
(6) الصحاح: ج 2 ص 844 مادة (وجر).
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 228 ب 5 من أبواب المواقيت ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 8 ص 226 ب 2 من أبواب المواقيت ح 7.
(9) المصدر السابق ح 5.
(10) السرائر: ج 1 ص 528.
205

التنقيح (1) وشرح الإرشاد لفخر الاسلام (2)، على أن يكون واحد المسالح، وهي
الثغور والمراقب، وكأنها مأخوذة من السلاح لآلة الحرب. قالوا: ومنها ما روي:
كان أدنى مسالح فارس إلى العرب العذيب، ولكن المعروف في مفردها المسلحة،
ويمكن أن يكون المسلح من السلح محركة، وهو ماء السماء في الغدران كما قال
ابن شميل وإن أنكره الأزهري (3).
وقيل: إنه بإعجام الحاء لنزع الثياب فيه للاحرام (4).
ودليل الأفضلية الأخبار والاجماع كما هو الظاهر، وأنه إذا أحرم منه طال
زمان إحرامه، فعظم أجره وكثر ثوابه. لكن قال الصادق عليه السلام في حسن معاوية بن
عمار: أول العقيق بريد البعث، وهو دون المسلخ بستة أميال مما يلي العراق وبينه
وبين غمرة أربعة وعشرون ميلا بريدان (5). يعني عليه السلام بين بريد البعث وبين غمرة
كما ينطق به حسن آخر له عنه عليه السلام (6).
وما مر من صحيح عمر بن يزيد (7) ومرسل الصدوق (8) عنه عليه السلام، ولا ينافي
ذلك أفضلية الاحرام من المسلخ، لكن الأخبار نصت على أفضلية من أول
العقيق (9).
ويجوز اختلاف المسالخ باختلاف الأزمنة، وكذا بريد البعث، ثم لا خفاء في
أن الاحتياط في التأخير هذا القدر جمعا بين الأخبار والاحتمالات، وتحصيلا
ليقين البراءة، ولذا قطع به الأصحاب.

(1) التنقيح الرائع: ج 1 ص 0446 (2) لا يوجد لدينا.
(3) تهذيب اللغة: ج 4 ص 311 مادة " سلح ".
(4) الظاهر أنه في مسالك الأفهام: ج 1 ص 103 س 34.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 225 ب 2 من أبواب المواقيت ح 2.
(6) المصدر السابق ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 223 ب 1 من أبواب المواقيت ح 6.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 304 ح 2526.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 227 ب 2 من أبواب المواقيت.
206

(ثم نمرة) فما قبلها يلي المسلخ في الفضل، وهي بإعجام العين وفتحها
وإهمال الراء وإسكان الميم. قال الأزهري: منهلة من مناهل طريق مكة، وهي
فصل ما بين نجد وتهامة (1)، إنتهى. وجهة التسمية حينئذ ظاهرة.
وفي شرح الإرشاد لفخر الاسلام والتنقيح: إنها سميت به لزحمة الناس
فيها (2). والمعروف عند الأصحاب أنه أوسط العقيق.
ويؤيده قول الصادق عيه السلام في حسن معاوية بن عمار: آخر العقيق بريد
أوطاس (3). وفي خبر أبي بصير: أوله المسلخ وآخره ذات عرق (4). ولكن قال عليه السلام
في صحيح عمر بن يزيد: وقت رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل المشرق العقيق نحوا من
بريدين ما بين بريد البعث إلى غمرة (5). وقال أحدهما عليهما السلام في خبر أبي بصير حد
العقيق ما بين المسلخ إلى عقبة غمرة (6). ويمكن الحمل على شدة كراهية تأخير
الاحرام عن غمرة، وليس الأول نصا في كون البريدين جميع العقيق.
(ثم ذات عرق) وهي آخره، والعرق بعين مهملة مكسورة فراء مهملة
ساكنة، هو الجبل الصغير، وبه سميت كما في النهاية الأثيرية، قال: وقيل: العرق
من الأرض سبخة تنبت الطرفاء (7).
وفي شرح الإرشاد لفخر الاسلام (8) والتنقيح: إنها سميت بذلك لأنه كان بها
عرق من الماء أي قليل (9). وفي تحرير النووي (10) والمصباح المنير: إنها عن مكة

(1) تهذيب اللغة: ج 8 ص 129 مادة " غمر ".
(2) التنقيح الرائع: ج 1 ص 446.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 225 ب 2 من أبواب المواقيت ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 226 ب 2 من أبواب المواقيت ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 223 ب 1 من أبواب المواقيت ح 6.
(6) رسائل الشيعة: ج 8 ص 26 2 ب 2 من أبواب المواقيت ح 5.
(7) النهاية لابن الأثير: ج 3 ص 219 مادة " عرف ".
(8) لا يوجد لدينا.
(9) التنقيح الرائع: ج 1 ص 447.
(10) لا يوجد لدينا.
207

نحو مرحلتين، وفي الثاني: ويقال هو من نجد الحجاز (1). وفي فتح الباري: إنها
الحد الفاصل بين نجد وتهامة (2) وأن بينها وبين مكة اثنين وأربعين ميلا. وقد
سمعت قول الصادق عليه السلام في حسن معاوية: إن آخر العقيق بريد أو طاس وفي
مرسل ابن فضال أو طاس ليس من العقيق (3).
وفي المصباح المنير: إنها موضع جنوبي مكة بنحو ثلاث مراحل (4)، وكذا في
المعرب والمغرب: أو طاس موضع على ثلاث مراحل من مكة.
وفي المنتهى (5) والتذكرة: إن المواقيت الثلاثة - يعني يلملم وقرن المنازل
والعقيق - على مسافة واحدة بينها وبين مكة ليلتان قاصدتان (6)، فإن أراد من
العقيق ذات عرق وافق كتابي النووي (7) والفيومي (8)، ولا بد من إرادته، فإن ما بين
أول العقيق إلى غمرة بريدان كما نطقت به الأخبار.
وأما أو طاس فهي كما في القاموس واد بديار هوازن (9)، فيجوز أن يكون
مبدأها آخر العقيق شمالي مكة، ويكون ممتدة إلى ثلاث مراحل فصاعدا في
جنوبيها. فلم يكن الفيومي (10) والمطرزي (11) يعرفان منها إلا من ثلاث مراحل،
كما أن المطرزي لم يكن يعرف من العقيق إلا موضعا بحذاء ذات عرق.
وقال الفيومي: إن أوسطه بحذاء ذات عرق (12)، وقال الجزري إنه موضع قريب

(1) المصباح المنير: ج 1 - 2 ص 405 مادة " عرف ".
(2) فتح الباري: ج 3 ص 389 ح 1531.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 226 ب 2 من أبواب المواقيت ح 6.
(4) المصباح المنير: ج 1 - 2 ص 663، مادة " الوطيس ".
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 667 س 5.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 320 س 27.
(7) لا يوجد لدينا.
(8) المصباح المنير: ج 1 - 2 ص 422، مادة " عق ".
(9) القاموس المحيط: ج 2 ص 257، مادة " الوطس ".
(10) المصباح المنير: ج 1 - 2 ص 422 مادة " عق ".
(11) لا يوجد لدينا كتابه.
(12) المصباح المنير: ج 1 - 2 ص 422 مادة " عق ".
208

من ذات عرق، قبلها بمرحلة أو مرحلتين (1). وقال النووي (2): هو أبعد من ذات
عرق بقليل، وقيل: إن ذات عرق كانت قرية فخربت (3).
وفي المنتهى (4) والتذكرة: عن سعيد بن جبير أنه رأى رجلا يريد أن يحرم
بذات عرق، فأخذ يده حتى أخرجه من البيوت وقطع به الوادي فأتى به المقابر،
ثم قال: هذه ذات عرق الأولى.
وإذا كانت آخر الميقات (فلا يجوز الخروج منها بغير إحرام) وجواز
الاحرام من ذات عرق هو المعروف بين الأصحاب. ويؤيده ما مر من خبر أبي
بصير عن الصادق عليه السلام (5)، وقول الكاظم عليه السلام لإسحاق بن عمار: كان أبي عليه السلام
مجاورا هاهنا، فخرج يتلقى بعض هؤلاء فلما رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات
عرق بالحج (6).
وفي النهاية: ولا يجعل إحرامه من ذات عرق إلا عند الضرورة والتقية (7)،
وفي المقنع (8) والهداية: ولا يؤخر الاحرام إلى آخر الوقت إلا من علة (9).
وظاهرها المنع من التأخير اختيارا.
ويؤيده ما مر من خبري عمر بن يزيد (10) وأبي بصير (11). وما في الإحتجاج للطبرسي، عن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري: إنه كتب إلى صاحب
الأمر عليه السلام يسأله عن الرجل يكون مع بعض هؤلاء، ويكون متصلا بهم يحج
ويأخذ عن الجادة، ولا يحرم هؤلاء من المسلخ، فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخر

(1) النهاية لابن الأثير: ج 3 ص 278.
(2) لا يوجد لدينا كتابه
(3) معجم البلدان: ج 2 ص 111.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 671 س 1 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 226 ب 2 من أبواب المواقيت ح 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 220 ب 22 من أبواب أقسام الحج ذيل الحديث 8.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 466.
(8) المقنع: ص 69.
(9) الهداية: ص 55.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 223 ب 4 من أبواب المواقيت ح 6.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 226 ب 2 من أبواب المواقيت ح 5.
209

إحرامه إلى ذات عرق فيحرم معهم لما يخاف الشهرة أم لا يجوز إلا أن يحرم من
المسلخ؟ فكتب إليه في الجواب: يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب ويلبي في
نفسه، فإذا بلغ إلى ميقاتهم أظهر (1). ولا ريب أن ذلك أحوط.
(و) الميقات (لأهل المدينة مسجد الشجرة) كما في النافع (2)
والجامع (3) والشرائع (4) وفي المقنعة (5) والناصريات (6) وجمل العلم والعمل (7)
والكافي (8) والإشارة (9)، وفيها أنه ذو الحليفة.
وفي المعتبر (10) والمهذب (11) وكتب الشيخ (12) والصدوق (13) والقاضي (14)
وسلار (15) وابني إدريس (16) وزهرة (17) والتذكرة (18) والمنتهى (19) والتحرير: إن
ميقاتهم ذو الحليفة، وأنه مسجد الشجرة (20)، كما في حسن الحلبي (21) عن
الصادق عليه السلام.
ويوافقه صحيح ابن رئاب الذي رواه الحميري في قرب الإسناد عنه عليه السلام،
وفيه: عن علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام قال: وقت رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل العراق

(1) الإحتجاج: ج 1 - 2 ص 484 - 485.
(2) المختصر النافع: ص 80
(3) الجامع للشرائع: ص 178.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 241.
(5) المقنعة: ص 394.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 244 المسألة 140.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 64.
(8) الكافي في الفقه: ص 312.
(9) إشارة السبق: ص 125.
(10) المعتبر: ج 2 ص 802.
(11) المهذب البارع: ج 2 ص 157.
(12) المبسوط: ج 1 ص 312، الجمل والعقود: ص 132، النهاية ونكتها: ج 1 ص 466.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 302 ح 2522.
(14) المهذب: ج 1 ص 213.
(15) المراسم: ص 107.
(16) السرائر: ج 1 ص 528.
(17) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 13.
(18) تذكرة الفشاء: ج 1 ص 320 س 21.
(19) منتهى المطلب: ج 2 ص 665 س 24.
(20) تحرير الأحكام: ج 1 ص 94.
(21) وسائل الشيعة: ج 8 ص 222 باب 4 من أبواب المواقيت ح 3.
210

العقيق، ولأهل المدينة ومن يليها من الشجرة (1).
وفي علل الصدوق مسندا عن الحسين بن الوليد عمن ذكره سأل الصادق عليه السلام
لأي علة أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله من مسجد الشجرة ولم يحرم من موضع دونه؟
فقال: لأنه لما أسري به إلى السماء وصار بحذاء الشجرة نودي يا محمد، قال:
لبيك، قال: ألم أجدك يتيما فآويتك ووجدتك ضالا فهديتك، فقال النبي صلى الله عليه وآله: إن
الحمد والنعمة والملك لك لا شريك لك، فلذلك أحرم من الشجرة دون المواضع
كلها (2).
وفي الوسيلة (3) واللمعة: إن الميقات ذو الحليفة (4)، ولم يزيدا عليه شيئا،
ونحوه عدة أخبار. وفي الدروس: إنه ذو الحليفة وأفضله مسجد الشجرة، قال:
والأحوط الاحرام منه (5).
وفي الصحاح: ذو الحليفة موضع (6)، وفي القاموس: موضع على ستة أميال
من المدينة، وهو ماء لبني جشم (7)، وفي تحرير النووي: بضم الحاء المهملة وفتح
اللام وبالفاء على نحو ستة أميال من المدينة (8)، وقيل: سبعة (9)، وقيل: أربعة ومن
مكة نحو عشر مراحل (10)، ونحو منه في تهذيبه (11).
وفي المصباح المنير: ماء من مياه بني جشم، ثم سمي به الموضع، وهو ميقات
أهل المدينة نحو مرحلة عنها، ويقال: على ستة أميال (12). قلمت: ويقال على ثلاثة

(1) قرب الإسناد: ص 108.
(2) علل الشرائع: ص 433 ح 1.
(3) الوسيلة: ص 160 وفية: " أولهم ميقاتان ذو الحليفة، والجحفة ".
(4) اللمعة الدمشقية: ج 2 ص 224.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 340 درس 89
(6) الصحاح: ج 4 ص 1347، مادة " حلف ".
(7) القاموس المحيط: ج 3 ص 129، مادة للم حلف لما.
(8) لا يوجد لدينا كتابه.
(9) معجم البلدان: ج 2 ص 295، مادة " حليفة ".
(10) معجم البلدان: ج 2 ص 295، مادة " حليفة ".
(11) تهذيب الأسماء واللغات: القسم الثاني ص 114.
(12) المصباح المنير: ج 1 - 2 ص 146، مادة " حلف ".
211

ويقال على خمسة ونصف.
وفي المبسوط (1) والتذكرة (2): إنه مسجد الشجرة، وأنه على عشرة مراحل
من مكة، وعن المدينة ميل. ووجه بأنه ميل إلى منتهى العمارات في وادي العقيق
التي ألحقت بالمدينة.
وقال فخر الاسلام في شرح الإرشاد (3): ويقال لمسجد الشجرة ذو الحليفة،
وكان قبل الاسلام اجتمع فيه ناس وتحالفوا، ونحوه في التنقيح (4). وقيل: الحليفة
تصغير الحلفة بفتحات واحدة الحلفاء، وهو النبات المعروف.
وينص على ستة أميال صحيح ابن سنان، عن الصادق عليه السلام قال: من أقام
بالمدينة شهرا وهو يريد الحج ثم بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي
يأخذونه، فليكن إحرامه من مسيره ستة أميال (5) فيكون حذاء الشجرة من السداء.
وما في معاني الأخيار من قول أبي جعفر عليه السلام لعبد الله بن عطاء: إن رسول
الله صلى الله عليه وآله كان من أهل المدينة ووقته من ذي الحليفة، وإنما كان بينهما ستة أميال (6).
وقال السمهودي في خلاصة الوفاء (7): قد اختبرت فكان من عتبة باب
المسجد النبوي - المعروف بباب السلام - إلى عتبة مسجد الشجرة بذي الحليفة
تسعة عشر ألف ذراع وسبعمائة ذراع واثنان وثلاثون ذراعا ونصف ذراع.
هذا ميقاتهم (اختيارا) وميقاتهم (اضطرارا الجحفة) بجيم مضمومة
فحاء مهملة ففاء، على سبع مراحل من المدينة وثلاث من مكة كذا في تحرير
النووي وتهذيبه وفي تهذيبه بينهما وبين البحر نحو ستة أميال (8)، وقيل: بينهما

(1) المبسوط: ج 1 ص 312 وفيه: " ووقت لأهل المدينة الحليفة وهو مسجد الشجرة مع
الاختيار وعند الضرورة الجحفة ".
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 320 س 21.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) التنقيح الرائع: ج 1 ص 447.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 230 ب 7 من أبواب المواقيت ح 1.
(6) معاني الأخبار: ص 382 ح 12.
(7) لا يوجد لدينا كتابه.
(8) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 58.
212

وبين البحر ميلان (1). ولا تناقض لاختلاف البحر باختلاف الأزمنة. وفي
القاموس: كانت قرية جامعة على اثنين وثلاثين ميلا من مكة (2). وفي المصباح
المنير: منزل بين مكة والمدينة قريب من رابغ بين بدر وخليص (3).
(وهي) كما في أخبار الخراز (4) ومعاوية بن عمار (5) ورفاعة بن موسى (6)
عن الصادق عليه السلام (المهيعة) بفتح الميم وإسكان الهاء وفتح الياء المثناة التحتانية.
قيل: ويقال: كمعيشة من الهيع وهو السيلان (7)، ويقال: أرض هيعة أي واسعة
مبسوطة، وطريق مهيع أي واسع بين، وإنما سميت الجحفة لأن السيل أجحف بها
وبأهلها.
وجواز تأخيرهم الاحرام إليها اضطرارا مما نص عليه في النهاية (8)
والكافي (9) والجامع (10) والنافع (11) وغيرها، لأنها أحد المواقيت مع انتفاء الحرج
والعسر في الدين، وللأخبار كخبر أبي بكر الحضرمي عن الصادق عليه السلام قال: إني
خرجت بأهلي ماشيا فلم أهل حتى أتيت الجحفة وقد كنت شاكيا، فجعل أهل
المدينة يسألون عني فيقولون: لقيناه وعليه ثيابه وهم لا يعلمون، وقد رخص
رسول الله صلى الله عليه وآله لمن كان مريضا أو ضعيفا أن يحرم الجحفة (12).
وخبر أبي بصير قال له خصال عابها عليك أهل مكة، قال: وما هي؟ قال،

(1) معجم البلدان: ج 2 ص 111 وفيه: " بينها وبين ختم ميلان ".
(2) القاموس المحيط: ج 3 ص 121، مادة " جحفة ".
(3) المصباح المنير: ج 1 - 2 ص 91، مادة " أجحف ".
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 221 ب 1 من أبواب المواقيت ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 222 ب 1 من أبواب المواقيت ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 224 ب 1 من أبواب المواقيت ح 10.
(7) معجم البلدان: ج 2 ص 111.
(8) ما النهاية ونكتها: ج 1 ص 467.
(9) الكافي في الفقه: ص 202.
(10) الجامع للشرائع: ص 178.
(11) المختصر النافع: ص 80
(12) وسائل الشيعة: ج 8 ص 229 ب 6 من أبواب المواقيت ح 5.
213

قالوا: أحرم من الجحفة ورسول الله صلى الله عليه وآله أجرم من الشجرة، قال: الجحفة أحد
الوقتين فأخذت بأدناهما وكنت عليلا (1).
ويجوز لهم التأخير اضطرارا إلى ذات عرق أيضا كما في الدروس (2)، ولو
أخروا اختيارا عن مسجد الشجرة أساؤوا، لقول الرضا عليه السلام في جواب مكتوب
صفوان بن يحيى الصحيح: فلا يجاوز الميقات إلا من علة (3). وخبر إبراهيم بن عبد
الحميد سأل الكاظم عليه السلام عن قوم قدموا المدينة فخافوا كثرة البرد وكثرة الأيام،
وأرادوا أن يأخذوا منها إلى ذات عرق فيحرموا منهاة فقال: لا - وهو مغضب - من
دخل المدينة فليس له أن يحرم إلا من المدينة (4).
ولكن الظاهر أنه يجزئهم الاحرام من أي ميقات فعلوه كما قوى في
الدروس (5)، لأنه إحرام من الميقات، مع أن المواقيت مواقيت لكل من يمر بها
كما نطق به الأصحاب. ونحو صحيح صفوان بن يحيى، عن الرضا عليه السلام إذ كتب: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله وقت المواقيت لأهلها ومن أتى عليها من غير إحرام أهلها 6).
ويحتمل العدم للمرور بميقات كان يجب الاحرام منه.
وقد يظهر من الوسيلة جواز تأخيرهم إلى الجحفة اختيارا، لقوله: ولهم
ميقاتان ذو الحليفة والجحفة (7). وحكي عن ظاهر الجعفي (8)، ولعله للأصل،
وظاهر نحو صحيح معاوية بن عمار: سأل الصادق عليه السلام عن رجل من أهل المدينة

(1) رسائل الشيعة: ج 8 ص 229 ب 6 من أبواب المواقيت ح 4.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 341 درس 89.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 240 ب 15 من أبواب المواقيت ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 230 ب 8 من أبواب المواقيت ح 1.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 340 درس 89.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 240 ب 15 من أبواب المواقيت ح 1.
(7) الوسيلة: ص 160.
(8) نقل عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 493 درس 12.
214

أحرم من الجحفة، فقال: لا بأس (1). وليس فيه أنه خرج من المدينة، فلعله من
أهلها وقد خرج من الشام، ولأنه مر بذي الحليفة، فلعله سلك طريقا آخر [مع
احتمال الضرورة] (2) والاجزاء.
وهل يجوز للمدني اختيار سلوك طريق لا يؤديه إلى ذي الحليفة؟ الأقرب
كما في الدروس الجواز للأصل على كراهية (3)، لأن فيه رغبة عن ميقاته صلى الله عليه وآله
مطلقا. وقال الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: لا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت
رسول الله صلى الله عليه وآله (4)، وما مر آنفا من خبر إبراهيم بن عبد الحميد. ويحتمل المنع لهذا
الخبر واطلاق ما نطق من الأخبار بأن ميقاتهم ذو الحليفة أو مسجد الشجرة،
وعليه فالكلام في الصحة وعدمها ما مر.
(وهي) أي الجحفة (ميقات أهل الشام) ومصر والمغرب (اختيارا)
إن لم يمروا بذي الحليفة.
(ولليمن جبل يقال له: يلملم) وألاملم كما في السرائر (5)، وكذا في
القاموس (6) والمصباح المنير (7).. قيل: الأصل ألملم فخففت الهمزة، وقد يقال:
يرمرم (8). وفي إصلاح المنطق: إنه واد (9)، وكذا في شرح الإرشاد لفخر الاسلام
وعلى كل فهو من اللم بمعنى الجمع، وهو على مرحلتين من مكة بينهما ثلاثون
ميلا.

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 229 ب 6 من أبواب المواقيت ح 1.
(2) في خ: " مع احتماله بالضرورة ".
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 341 درس 89.
(4) وسائل الشيعة 4 ج 8 ص 233 ب 11 من أبواب المواقيت ح 1.
(5) السرائر: ج 1 ص 529.
(6) القاموس المحيط: ج 4 ص 177، مادة " لمه ".
(7) المصباح المنير: ج 1 - 2 ص 19. مادة " ألم ".
(8) القاموس المحيط: ج 4 ص 177، مادة " لمه ".
(9) إصلاح المنطق: ص 160.
215

(وللطائف) وأهل نجد أي نجد الحجاز (قرن المنازل) بفتح القاف
وسكون الراء، خلافا للجوهري (1) فإنه فتحها، وزعم أن أويسا القرني - بفتح
الراء - منسوب إليه، واتفق العلماء على تغليطه فيهما، وإنما أويس من بني قرن
بطن من مراد. ويقال له: قرن الثعالب (2)، وقرن - بلا إضافة - وهو جبل مشرف
على عرفات على مرحلتين من مكة. وقيل: إن قرن الثعالب غيره، وأنه جبل
مشرف على أسفل منى بينه وبين مسجدها ألف وخمسمائة ذراع، والقرن الجبل
الصغير أو قطعة منفردة من الجبل. وفي القاموس: إنه قرية عند الطائف أو اسم
الوادي كله (3). وقيل: القرن بالاسكان اسم الجبل وبالفتح الطريق.
(و) ميقات (من منزله أقرب) إلى مكة كما في النهاية (4) والمبسوط (5)
والمهذب (6) والجمل والعقود (7) والسرائر (8) وشرح القاضي لجمل العلم والعمل (9)
(من الميقات منزله) للأخبار، وهي ناصة على القرب إلى مكة، والاجماع كما
في التذكرة (10) والتحرير (11) والمنتهى (12) وفي موضع من المعتبر (13) اعتبر القرب
إلى عرفات.
وأجاد صاحب المسالك حيث قال: إنه لولا نطق الأخبار بالقرب من مكة
أمكن اختصاص القرب من العمرة بمكة وفي الحج بعرفه، إذ لا يجب المرور على

(1) الصحاح: ج 6 ص 2181 مادة " قرن ".
(2) النهاية لابن الأثير: ج 4 ص 54، مادة " قرن ".
(3) القاموس المحيط: ج 4 ص 258 مادة " قرن ".
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 467.
(5) المبسوط: ج 1 ص 313.
(6) المهذب: ج 1 ص 214.
(7) الجمل والعقود: ص 132.
(8) السرائر: ج 1 ص 529.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 65.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 320 س 18.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 4 9 س 16.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 667 س 12.
(13) المعتبر: ج 2 ص 786.
216

مكة في احرام الحج من المواقيت (1). وقطع الشهيد في اللمعة (2) باعتبار القرب من
عرفات في الحج.
واقتصر الشيخ في المصباح (3) ومختصره على أن من كان ساكن الحرم أحرم
من منزله. وفي الكافي (4) والغنية (5) والإصباح: إن الأفضل لمن منزله أقرب
الاحرام من الميقات. ووجهه ظاهر لبعد المسافة وطول الزمان (6).
ومن كان منزله مكة فمن أين يحرم؟ صريح ابني حمزة (7) وسعيد (8) وظاهر
الأكثر الاحرام منها بالحج لاطلاقهم الاحرام من المنزل لمن كان منزله دون
الميقات أو ورائه.
ويؤيده ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله: فمن كان دونهن من أهله (9)، ولكن
أخبارنا لا تدل عليه. وفي صحيح عبد الرحمن بن الحجاج (10) وأبي الفضل
الحناط (11) عن الصادق عليه السلام: أمر المجاور بالاحرام للحج من الجعرانة، وأما
العمرة فلا يحرم بها من الحرم.
(و) الميقات (لحج التمتع مكة) لساكنيها وغيرهم، وللحجين الباقيين
لساكنيها خاصة.
(وهذه المواقيت) مواقيت (للحج) فالأخير لحج التمتع إلا لساكني مكة
فهي ميقات حجهم مطلقا، والباقية لحج الافراد والقران.
(و) مواقيت (العمرة المتمتع بها والمفردة) إلا المفردة بعد الحج

(1) مسالك الأفهام: ج 1 ص 104 س 10.
(2) اللمعة الدمشقية: ج 2 ص 226.
(3) مصباح المتهجد: ص 617.
(4) الكافي في الفقه: ص 202.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 17.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 458.
(7) الوسيلة: ص 160.
(8) الجامع للشرائع: ص 178.
(9) صحيح البخاري: ج 2 ص 166.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 192 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 193 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 6.
217

فميقاتها أدنى الحل كما سيأتي، وسيأتي جواز إيقاعها منها بل فضله، فلا كثير
احتياج إلى استثنائها.
(و) يجوز أن (يجرد الصبيان) إذا أريد الاحرام بهم بحج أو عمرة (من
فخ) كما في المقنعة (1) والمبسوط (2) وغيرهما، وهو بفتح الفاء وتشديد الخاء
المعجمة بئر معروف على نحو فرسخ من مكة كذا قيل. وفي القاموس: موضع بمكة
دفن بها ابن عمر (3)، وفي النهاية الأثيرية: موضع عند مكة (4). وقيل: وأب دفن به
عبد الله بن عمر (5).
وفي السرائر: إنه موضع على رأس فرسخ من مكة، قتل به الحسين بن علي
ابن أمير المؤمنين، يعني الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن بن الحسن بن أمير
المؤمنين عليهما السلام (6)، وذلك لقول الصادق عليه السلام والكاظم عليه السلام لأيوب بن الحر وعلي
ابن جعفر في الصحيح: كان أبي يجردهم من فخ (7).
وهل يؤخر الاحرام بهم إليه أو يحرم بهم من الميمات ولا يجردون؟ وجهان،
من عموم نصوص المواقيت، والنهي عن تأخير الاحرام عنها، وعدم تضمن
الخبرين سوى التجريد، فالتأخير تشريع، وهو خيرة السرائر (8) والمحقق الثاني (9)
والشارح المقداد (10)، ومن عموم لزوم الكفارة على الولي إذا لم يجتنبوا ما يوجبها
ومنه لبس المخيط. وقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: قدموا من
معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مر، ثم يصنع بهم ما يصنع بالمحرم (11)).

(1) المقنعة: ص 442.
(2) المبسوط: ج 1 ص 313.
(3) التنقيح الرائع: ج 1 ص 448.
(4) النهاية لابن الأثير: ج 3 ص 418، مادة " فخخ ".
(5) لسان العرب: ج 3 ص 42 مادة " فخخ ".
(6) السرائر: ج 1 ص 537.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 243 ب 18 من أبواب المواقيت ح 1.
(8) السرائر: ج 1 ص 537.
(9) جامع المقاصد: ج 3 ص 160.
(10) التنقيح الرائع: ج 1 ص 448.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 207 ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 3.
218

وفي الدلالة نظر ظاهر، ولأن الاحرام بهم مندوب، فلا يلزم من الميقات
لطول المسافة وصعوبة تجنيبهم عن المحرمات، كما لا يلزم من أصله، وضعفه
أيضا ظاهر، وهو خيرة المعتبر (1) والمنتهى (2) والتحرير (3) والتذكرة (4).
ثم إن التأخير إلى فخ (إن حجوا) أو اعتمروا (على طريق المدينة، وإلا
فن موضع الاحرام) لا بد من تجريدهم. وقد يشعر ظاهر هذه العبارة بالاحرام
بهم من الميقات، وإنما المؤخر التجريد، ولكن يجوز أن يريد لا بد من الاحرام بهم
من موضع احرام غيرهم. وهذا التفصيل مما تعرض له ابن إدريس (5)، ووجهه
ظاهر، فإن فخ إنما هو في طريق السالك من المدينة وغيره داخل في العمومات،
ويمكن حمل أدنى الحل في سائر الطرق على فخ الذي هو أدناه في طريقها، وقد
يعطيه كلام التذكرة (6).
(والقارن والمفرد) من أهل مكة كانا أو من غيرهم (إذا اعتمرا) أي
أرادا الاعتمار (بعد الحج وجب أن يخرجا إلى خارج الحرم ويحرما منه)
كما في الخلاف (7) والمبسوط (8) والسرائر (9).
(ويستحب) أن يحرما (من الجعرانة) بكسر الجيم والعين المهملة
وتشديد الراء المهملة المفتوحة كما في الجمهرة (10)، وعن الأصمعي (11) والشافعي (12)
بكسر الجيم وإسكان العين وتخفيف الراء، قيل: العراقيون يثقلونه والحجازيون
يخففونه. وحكى ابن إدريس بفتح الجيم وكسر العين وتشديد الراء أيضا (13). وهي

(1) المعتبر: ج 2 ص 804.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 667 س 21.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 94 س 16.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 320 س 30.
(5) السرائر: ج 1 ص 537.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 320 س 30.
(7) الخلاف: ج 2 ص 266 المسألة 32.
(8) المبسوط: ج 1 ص 309.
(9) السرائر: ج 1 ص 528.
(10) جمهرة اللغة: ج 2 ص 79، مادة " ج رع ".
(11) نقل عنه في تهذيب اللغة: ج 1 ص 362 مادة " جعر ".
(12) المجموع: ج 7 ص 204.
(13) السرائر: ج 1 ص 541.
219

موضع بين مكة والطائف من الحل بينها وبين حرم مكة ثمانية عشر ميلا على
ما ذكره الباجي سميت بريطه (1) بنت سعد بن زيد مناة، من تميم أو قريش، كانت
تلقب بالجعرانة، ويقال: إنها المرادة بالتي نقضت غزلها. قال الفيومي: إنها على
سبعة أميال من مكة (2)، وهو سهو في سهو، فإن الحرم من جهته تسعة أميال أو بريد
كما يأتي.
(أو) يحرما من (الحديبية) بضم الحاء المهملة ففتح الدال المهملة، ثم
ياء مثناة تحتانية، ثم باء موحدة تحتانية، ثم ياء مثناة تحتانية ساكنة، ثم تاء
تأنيث (وهي) في الأصل (اسم بئر خارج الحرم) على طريق جدة عند
مسجد الشجرة التي كانت عندنا بيعة الرضوان، قال الفيومي: دون مرحلتين (3)،
وقال النووي: على نحو مرحلة من مكة (4)، وعن الواقدي: إنها على تسعة أميال
من المسجد الحرام (5)، وقيل: اسم شجرة حدباء ثم سميت ببئر (6) هناك ليست
بالكبيرة (7)، قيل: إنها من الحل، وقيل: من الحرم، وقيل: بعضها في الحل وبعضها
في الحرم (8)، ويقال: إنه أبعد أطراف الحل إلى الكعبة (9).
(يخفف) يائها الثانية (ويثقل) فيكون منسوبة إلى المخففة. وفي تهذيب
الأسماء، عن مطالع الأنوار: ضبطناها بالتخفيف عن المتقنين، وأما عامة الفقهاء
والمحدثين فيشددونها (10) إنتهى.
وقال السهيلي: التخفيف أعرف عند أهل العربية (11). وقال أحمد بن يحيى: لا

(1) في خ: " بربطة ".
(2) المصباح المنير: ج 1 ص 141 مادة " جعر ".
(3) المصباح المنير: ج 1 ص 169 مادة " حدب ".
(4) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 81.
(5) نقله عنه في مصباح المنير: ج 1 ص 169 مادة " حدب ".
(6) في خ: " بها قرية ".
(7) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 81.
(8) المصباح المنير: ج 169 مادة " حدب ".
(9) المصدر السابق.
(10) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 81.
(11) نقله عنه في مصباح المنير: ج 1 ص 170 مادة " حدب ".
220

يجوز فيها غيره (1)، وكذا عن الشافعي (2). وقال أبو جعفر النحاس: سألت كل من
لقيت ممن أثق بعلمه من أهل العربية عن الحديبية فلم يختلفوا علي في أنها
مخففة (3). وقيل: إن التثقيل لم يسمع من فصيح (4).
(أو) يحرما من (التنعم) على لفظ المصدر، سمي به موضع على ثلاثة
أميال من مكة أو أربعة (5). وقيل: على فرسخين على طريق المدينة، به مسجد أمير
المؤمنين ومسجد زين العابدين عليهما السلام ومسجد عائشة، وسمي به لأن عن يمينه
جبلا اسمه نعيم، وعن شماله جبلا اسمه ناعم، واسم الوادي نعمان (6). ويقال: هو
أقرب أطراف الحل إلى مكة (7).
أما وجوب إحرامهما من خارج الحرم فهو منصوص الخلاف (8)
والمبسوط (9) والسرائر (10)، وفي التذكرة: لا نعلم فيه خلافا (11)، وفي المنتهى: لا
خلاف في ذلك (12)، واقتصر ابن حمزة على التنعيم (13)، وكأنه تمثيل بأقرب
أطراف الحرم إلى مكة.
(فإن أحرما) بالعمرة (من مكة) أو الحرم (لم يجزئهما) لأنه لا بد في
الشك من الجمع بين الحل والحرم، وفي الحج يجمع بينهما بالخروج إلى عرفات.
وأما استحباب إحرامهما من أحد المواضع الثلاثة فلاعتماره صلى الله عليه وآله من
الجعرانة، وأمر عائشة بالاعتمار من التنعيم. وقول الصادق عليه السلام في صحيح عمر
بن يزيد: من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحراء من الجعرانة أو الحديبية أو ما

(1) - (4) نقله عنه في مصباح المنير: ج 1 ص 170 مادة " حدب ".
(5) القاموس المحيط: ج 4 ص 182 مادة " النعيم ".
(6) معجم البلدان: ج 2 ص 49 مادة " التنعيم "، وليس فيه: " مسجد أمير المؤمنين ومسجد
زين العابدين ".
(7) المصباح المنير: ج 1 ص 843 مادة " نعم ".
(8) الخلاف: ج 2 ص 285 مسألة 60.
(9) المبسوط: ج 1 ص 312.
(10) السرائر: ج 1 ص 541.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 322 س 9.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 670 س 28.
(13) الوسيلة: ص 160.
221

أشبههما (1).
وفي التذكرة: ينبغي الاحرام من الجعرانة، فإن النبي صلى الله عليه وآله اعتمر منها، فإن
فاتته فمن التنعيم، لأنه صلى الله عليه وآله أمر عائشة بالاحرام منه، فإن فإنه فمن الحديبية،
لأنه صلى الله عليه وآله لما قفل من خيبر أحرم بالجعرانة (2). ولعل هذا دليل تأخر الحديبية
والتنعيم عن الجعرانة فضلا، وتفصيل لما ذكره أولا عن اعتماده منه.
وفي الدروس نحو ذلك، لكن فيه ثم الحديبية، لاهتمامه به (3). وكأنه أراد
الاهتمام بذكرها حيث اختصت بالذكر في خبر عمر بن يزيد مع الجعرانة. وفي
المحرر: الأفضل الجعرانة ثم الحديبية ثم التنعيم (4).
وفي الفقيه: إنه صلى الله عليه وآله اعتمر ثلاث عمر متفرقات كلها في ذي القعدة، عمرة
أهل بها من عسفان وهي عمرة الحديبية، وعمرة القضاء أحرم بها من الجحفة
وعمرة أهل بها من الجعرانة وهي بعد أن رجع من الطائف من غزاة حنين (5).
قلت: المعروف في التواريخ إنه صلى الله عليه وآله أحرم بالعمرتين الأولتين من ذي
الخليفة (6). وما في صحيح البخاري عن همام: إن إحدى عمره صلى الله عليه وآله من
الحديبية (7)، فكأنه مسامحة، وهذه الثلاثة بعد الهجرة، وأما قبلها فاعتمر أخرى
حين قفل من الطائف، إذ ذهب يعرض نفسه على قبائل العرب، وأما عدم وجوب
اعتمادها من أحد هذه الثلاثة، فللأصل من غير معارض، وكذا لا يجب من أحد
المواقيت كما قد يتوهم من المراسم (8)، ولو فعلاه جاز. وقد يكون أفضل لطول
المسافة والزمان، وإنما أجيز لهما أدنى الحل رخصة، وهل يجوز بينه وبين

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 247 ب 23 من أبواب المواقيت ح 1.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 320 س 41.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 338 درس 88.
(4) المحرر في الفتوى (الرسائل العشرة): ص 203.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 450 ح 2943.
(6) بحار الأنوار: ج 20 ص 327 - 330، وفيه " بالعمرة ".
(7) صحيح البخاري: ج 2 ص 3.
(8) المراسم: ص 107.
222

الميقات، قيل: لا. اقتصارا على اليقين.
(ومن حج)، أو اعتمر (على ميقات وجب أن يحرم منه وإن لم يكن
من أهله) بالاجماع كما هو الظاهر والنصوص، كقوله صلى الله عليه وآله: لهن هو ولمن أتى
عليهن من غير أهلهن (1). وقول الرضا عليه السلام فيما كتب إلى صفوان بن يحيى في
الصحيح: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وقت المواقيت لأهلها ومن أتى عليها من غير
أهلها (2). ولانتفاء الحرج والعسر.
(ولو لم يؤد الطريق إليه) أي ميقات منها (أحرم) بما كان يجب
الاحرام به من الميقات لو كان يمر به (عند محاذاة أقرب المواقيت إلى مكة)
كما حكى في الشرائع (3)، لأصل البراءة من المسير إلى الميقات، والاحرام من
محاذاة الأبعد، واختصاص نصوص المواقيت في غير أهلها بمن أتاها (4)، وما مر
من صحيح ابن سنان.
وأطلق ابن إدريس أنه: إذا حاذى أحد المواقيت أحرم من المحاذاة (5)، وابن
سعيد: إن من قطع بين الميقاتين أحرم بحذاء الميقات (6).
واعتبر في المبسوط أقرب المواقيت إليه (7)، وهو خيرة المنتهى قال: والأولى
أن يكون إحرامه بحذاء الأبعد من المواقيت من مكة، قال: فإن كان بين ميقاتين
متساويين في القرب إليه، أحرم من حذو أيهما شاء (8)، وكلام أبي علي (9) يحتمل
القرب إليه وإلى مكة.

(1) صحيح مسلم: ج 2 ص 839 ح 11 وفيه: " فهن لهن ولمن ".
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 240 ب 15 من أبواب المواقيت ح 1.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 241.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 240 ب 15 من أبواب المواقيت ح 1.
(5) السرائر: ج 1 ص 529.
(6) الجامع للشرائع: ص 181.
(7) المبسوط: ج 1 ص 313.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 671 س 19.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 43.
223

ويكفي الظن كما في المبسوط (1) والجامع (2) والتحرير (3) والمنتهى (4)
والتذكرة (5) والدروس (6) للحرج والأصل، فإن ظهر التقدم أعاد كما في الأخير
لعدم جوازه طلقا، وإن ظهر التأخير فالأقرب الاجزاء كما في غير الأوليين
للحرج وأصل البراءة، لأنه كلف باتباع ظنه، وإن لم يكن له طريق إلى علم أو ظن
أحرم من بعد، بحيث يعلم أنه لم يجاوز من الميقات إلا محرما، كذا في
التحرير (7) والمنتهى (8)، وفيه نظر ظاهر.
وفي الشرائع: قيل: يحرم إذا غلب على ظنه محاذاة أقرب المواقيت إلى
مكة (9)، وهو مشعر لتمريضه أو توقفه في اعتبارها أو توقفه في اعتبار المحاذاة
أو الظن أو القرب إلى مكة، ولا ريب أن الاحتياط الاحرام من الميقات ما أمكن
خصوصا. وقال الكليني رحمه الله بعد ما مر من صحيح ابن سنان وفي رواية: يحرم من
الشجرة ثم يأخذ أي طريق شاء (10).
(وكذا من حج) أو اعتمر (في البحر) أحرم عند المحاذاة كما في
الأحمدي (11) والجامع (12) لعموم الأدلة. خلافا لابن إدريس، لقوله: وميقات أهل
مصر ومن صعد البحر جدة (13). وهي بجيم مضمومة فدال مهملة مشددة، بلدة على
ساحل البحر على نحو مرحلتين من مكة، والجدة في الأصل شاطئ النهر. وحكى
الأزهري عن أبي حاتم: إن أصلها كد بالنبطي فعربت (14)، وكأنه أراد أهل مصر إذا
أتوا من البحر.

(1) المبسوط: ج 1 ص 313.
(2) الجامع للشرائع: ص 181.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 4.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 671 س 17.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 322 س 6.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 1 34 درس 89.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 4.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 671 س 16.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 241.
(10) الكافي: ج 4 ص 321 ذيل الحديث 9.
(11) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 43.
(12) الجامع للشرائع: ص 181.
(13) السرائر: ج 1 ص 529.
(14) تهذيب اللغة: ج 10 ص 459 مادة " جد ".
224

قال في المختلف: فإن كان الموضع الذي ذكره ابن إدريس يحاذي أقرب
المواقيت صح، وإلا؟ فلا، فإنه ليس في شئ من الأحاديث، والذي ورد في ميقات
أهل مصر الجحفة، وأهل السند من ميقات أهل البصرة (1).
(ولو لم يؤد الطريق إلى المحاذاة) لشئ من المواقيت قبل دخول الحرم
(فالأقرب انشاء الاحرام من أدفى الحل) لأنه أحد المواقيت في الجملة،
وأصل البراءة من الاحرام قبله، وخروج ما قبله عن المواقيت ومحاذاة أحدها،
فيكون الاحرام فيه بمنزلته قبل الميقات.
(ويحتمل) اعتبار (مساواة) مسافة (أقرب المواقيت) إلى مكة، وهو
مرحلتان، كما قاله بعض العامة (2) لاشتراك المواقيت في حرمة قطع المار بها مثل
تلك المسافة أو بعضها محلا، وضعفه ظاهر. قيل: إن المواقيت محيطة بالحرم، فذو
الحليفة شامية، ويلملم يمانية، وقرن شرقية، والعقيق غربية، فلا طريق لا يؤدي
إلى الميقات ولا إلى المحاذاة إلا أن يراد الجهل بالمحاذاة.
(ولا يجوز، عندنا) الاحرام قبل هذه المواقيت، للنصوص (3) والأصل
والاجماع خلافا للعامة، (إلا لناذر) الاحرام من مكان قبل الميقات، فعليه
الاحرام منه كما في النهاية (4) والمبسوط (5) والخلاف (6) والتهذيب (7) والمراسم (8)
والمهذب (9) والوسيلة (10) والنافع (11) والشرائع (12) والجامع (13) وحكي عن

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 43.
(2) المجموع: ج 7 ص 99 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 236 ب 12 من أبواب المواقيت.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 465.
(5) المبسوط: ج 1 ص 311.
(6) الخلاف: ج 2 ص 286 المسألة 62.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 53 ذيل الحديث 161.
(8) المراسم: ص 108.
(9) المهذب: ج 1 ص 214.
(10) الوسيلة: ص 159.
(11) المختصر النافع: ص 81.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 242.
(13) الجامع للشرائع: ص 178.
225

المفيد رحمه الله (1) لأن الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن رجل جعل لله شكرا أن يحرم من
الكوفة، فقال: فليحرم من الكوفة وليف لله بما قال (2)، ونحوه خبر ابن أبي حمزة
عنه عليه السلام (3). وسمعه عليه السلام أبو بصير يقول: لو أن عبدا أنعم الله عليه نعمة أو ابتلاه
ببلية فعافاه من تلك البلية فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان كان عليه أن
يتم (4).
ونص المحقق في كتبه على أنه يجب أن (يوقع الحج في أشهره) (5) إن
كان هو المندوب، وكذا عمرة التمتع، وينبغي أن يريده غيره. لاتفاقنا على عدم
جواز إيقاعهما في غيرها.
وهذه النصوص إنما جوزت الايقاع قبل المواقيت، فلو بعدت المسافة بحيث
لو أحرم في أشهر الحج لم يمكنه إتمام النسك، لم ينعقد النذر بالنسبة إلى المهل،
وإن نذر الحج ذلك العام. وإن عرض مانع من الاسراع في المسير انحل بالنسبة إليه
حينئذ.
وخالف ابن إدريس فلم يعتبر هذا النذر، لأنه نذر غير مشروع (6) كنذر
الصلاة في غير وقتها أو إيقاع المناسك في غير مواضعها، مع ضعف الأخبار، وإن
حكم في المنتهى بصحة الأول (7)، وظهور احتمالها ما يأتي بحث المحصور من
بعث الرجل من منزله الهدي واجتناب ما يجتنبه المحرم، واحتمالها المسير
للاحرام من الكوفة أو خراسان، وهو الأقوى، وخيرة المختلف (8)، وإليه مال

(1) الحاكي هو العلامة في المنتهى: ج 2 ص 669 س 22.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 236 ب 13 من أبواب المواقيت ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 237 ب 13 من أبواب المواقيت ح 2.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 242، المعتبر: ج 2 ص 805 والمختصر النافع: ص 81.
(6) السرائر: ج 1 ص 527.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 669 س 21.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 42.
226

المحقق في المعتبر (1)، وتوقف المصنف في المنتهى، ثم اختار الأول (2)، لصحة
الخبر الأول.
وفيه: أن أكثر نسخ التهذيب (3) بل قيل: جميعها متفقة على أن السائل فيه علي،
والظاهر أنه ابن حمزة، فإن السند كذا: الحسين بن سعيد، عن حماد، عن علي،
وأنما الحلبي في نسخ الإستبصار (4).
والمعروف في مطلقة عبيد الله وأخوه محمد، ويبعد رواية حماد بن عيسى
عن عبيد الله بلا واسطة، ورواية الحسين بن سعيد عن حماد بن عثمان بلا واسطة،
وإرادة عمران من إطلاق الحلبي، وطريق الاحتياط واضح، وهو ما في المراسم (5).
وحكي عن الراوندي (6) من الاحرام مرتين في المنذور، وفي الميقات، وفي
بعض القيود أن من نذر إحراما واجبا وجب تجديده في الميقات، وإلا استحب.
(أو معتمر) عمرة (مفردة في رجب مع خوف تقضيه) قبل الاحرام
ففي النهاية (7) والجامع (8) والوسيلة (9) وكتب المحقق (10) جواز الاحرام بها حينئذ إن
كان لخبر إسحاق بن عمار سأل الكاظم عليه السلام عن الرجل يجئ معتمرا ينوي عمرة
رجب فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق فيحرم قبل الوقت ويجعلها لرجب أم
يؤخر الاحرام إلى العقيق ويجعلها لشعبان، قال: يحرم قبل الوقت لرجب، فإن
لرجب فضلا وهو الذي نوى (11).

(1) المعتبر: ج 2 ص 805.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 669 س 21.
(3) الموجود في التهذيب " عن الحلبي " وليس " عن علي " راجع تهذيب الأحكام: ج 5 ص
ص 5 ح 162.
(4) الإستبصار: ج 2 ص 163 ح 8.
(5) المراسم: ص 108.
(6) حكاه الشهيد في الدروس الشرعية: ج 1 ص 341 درس 9 م.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 554.
(8) الجامع للشرائع: ص 179.
(9) الوسيلة: ص 196.
(10) المختصر النافع: ص 99، المعتبر: ج 2 ص 806، شرائع الاسلام: ج 1 ص 242.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 236 ب 12 من أبواب المواقيت ح 2.
227

وصحيح معاوية بن عمار وحسنه (1) عن الصادق عليه السلام سمعه يقول: ليس ينبغي
أن يحرم دون الوقت الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله إلا أن يخاف فوت الشهر في
العمرة (2).
وفي المعتبر: وعليه اتفاق علمائنا (3)، وفي المنتهى: وعلى ذلك فتوى
علمائنا (4).
وفي المبسوط (5) والتهذيب (6) نسب ذلك إلى الرواية، ولم يتعرض له كثير
من الأصحاب، والاحتياط تجديد الاحرام في الميقات.
(ولو أحرم) قبل الميقات (غيرها لم ينعقد) عندنا (وإن مر بالميقات
ما لم يجدده فيه) ولذا قال أبو جعفر عليه السلام في مرسل حريز: من أحرم من دون
الميقات الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله فأصاب من النساء والصيد فلا شئ عليه (7).
(ولا يجوز تأخيره) أي الاحرام (عنها) أي المواقيت، للنصوص
والاجماع. وفي المعتبر (8) والمنتهى (9) إجماع العلماء كافة عليه (إلا لعذر)
فجوز الشيخ التأخير له إلى زوال العذر (10). أو الاشراف على الحرم لانتفاء العسر
والحرج. وقول أحدهم عليهم السلام في مرسل المحاملي: إذا خاف الرجل على نفسه
أخر إحرامه إلى الحرم (11). وما مر من قول الرضا عليه السلام في الصحيح لصفوان بن

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 53 ح 161.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 236 ب 12 من أبواب المواقيت ح 1.
(3) المعتبر: ج 2 ص 806.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 669 س 9.
(5) المبسوط: ج 1 ص 311.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 53 ذيل الحديث 161.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 233 ب 10 من أبواب المواقيت ح 1.
(8) المعتبر: ج 2 ص 805.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 669 س 30.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 466.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 241 ب 16 من أبواب المواقيت ح 3.
228

يحيى: فلا تجاوز الميقات إلا من علة (1).
وحمله ابن إدريس (2) على تأخير الصورة الظاهرة للاحرام من التعري ولبس
الثوبين، فإن المرض والتقية ونحوهما لا يمنع النية والتلبية، وإن منعت التلبية كان
كالأخرس، وإن أغمي عليه لم يكن هو المؤخر، وارتضاه المصنف في المختلف (3)
والتحرير (4) والمنتهى (5).
وفيه: أنه إلزام لكفارة أو كفارات عليه، ولكنه الاحتياط. نعم إن أخر من
ميقات إلى آخر فكأنه لا شبهة في جوازه، لتحقق الاحرام من ميقاته الشرعي،
وما سمعته من الأخبار بتأخير المدني إلى الجحفة (6).
لم إذا أخره عن الميقات لعذر (فيجب الرجوع) إليه أو إلى ميقات آخر
كما استقر به الشهيد (7) (مع) زوال العذر. و (المكنة) من الرجوع، ومنها سعة
الوقت وفاقا للشرائع (8) والمعتبر (9)، لتمكنه حينئذ من الاحرام من الميقات، وما
يأتي في الناسي وغيره. والظاهر أنهما إنما يوجبانه إذا أراد الاحرام بعمرة التمتع
أو حج مفرد، لا لعمرة مفردة، ودليل جواز المضي إلى ميقات آخر هو الأصل،
وأنه كان له ابتداء، ولكن في خبري الحلبي الآتيين الرجوع إلى ميقات أهل
أرضه وميقات أهل بلاده، وكذا خبر علي بن جعفر (10).
وأكثر العبارات كما في الكتاب وظاهر الشيخ (11) وابن حمزة (12) عدم وجوب

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 240 ب 15 من أبواب المواقيت ح 1.
(2) السرائر: ج 1 ص 527.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 43.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 94 س 35.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 671 س 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 229 ب 6 من أبواب المواقيت ح 1.
(7) اللمعة الدمشقية: ج 2 ص 223.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 242.
(9) المعتبر: ج 2 ص 807.
(10) وسائل الشيعة: ج 8 ص 239 ب 14 من أبواب المواقيت ح 8.
(11) المبسوط: ج 1 ص 311.
(12) الوسيلة: ص 160.
229

الرجوع، بل يحرم حيث زال (1) العذر لأصل البراءة، وقد اضمحل بأدلة وجوب
الاحرام من الميقات، ولدلالة التأخير على الاحرام بعد الميقات. وفيه: أنه كذلك
إذا ضاق الوقت.
(ولا معها) أي المكنة لا يجب الرجوع، ولا يشترط في صحة الاحرام
اتفاقا، وللنصوص وانتفاء العسر والحرج، بل (يحرم حيث زال المانع، من
الحل كما في النهاية (2) والمبسوط (3) وغيرهما وإن أمكنه الرجوع بعض الطريق
للأصل ودلالة التأخير، وتساوي ما بين الميقات والحرم، وإطلاق نحو ما يأتي
من الأخبار.
وأوجب الشهيد الرجوع إلى حيث يمكن اتيانا بالواجب بقدر الامكان (4).
ولصحيح معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن امرأة كانت مع قوم فطمثت،
فأرسلت إليهم فسألتهم فقالوا: ما ندري أعليك إحرام أم لا وأنت حائض، فتركوها
حتى دخلت الحرم، فقال عليه السلام: إن كان عليها مهلة فترجع إلى الوقت فلتحرم منه،
فإن لم يكن عليها وقت فلترجع إلى ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر
ما لا يفوتها (5).
ويحتمل جواز التأخر إلى أدنى الحل لتساوي ما بينه وبين الميقات، وهو
مطلقا ممنوع معارض بوجوب قطع المسافة محرما، وإنما سقط ما سقط منها لعذر
فيبقى الباقي.
(ولو) كان يريد دخول مكة بنسك وأخر الاحرام عن الميقات حتى
(دخل مكة) أو الحرم بغير إحرام. لعذر كإغماء أو نوم أو جهل بالميقات أو
الحرم أو المسألة أو دخل محرما فأحل ثم أراد الاحرام بحج مفرد أو بعمرة تمتع.

(1) في خ: " زوال ".
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 466.
(3) المبسوط: ج 1 ص 311.
(4) الدروس الشرعية: ج ص 341 درس 89.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 238 ب 14 من أبواب المواقيت ح 4.
230

(خرج إلى الميقات) أي ميقات أراده، أو الذي مر عليه وجوبا، وأما
الأخير فظاهر، ولكنه خارج عن مساق الكلام، وكذا الأول إذا أراد الاحرام
بأحدهما، والظاهر أن وجوبه عليهما اجماعي. وأما إذا لم يرده بل أراد الاحرام
بعمرة مفردة أو فسخ عزم الاتيان بنسك أصلا فوجهان، من الأصل مع عدم التفريط
وهو الظاهر، ومن إطلاق ما في قرب الإسناد للحميري من خبر علي بن جعفر
سأل أخاه عليه السلام عن رجل ترك الاحرام حتى انتهى إلى الحرم كيف يصنع؟ فقال
عليه السلام: يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون به فيحرم (1). وهو الاحتياط.
(فإن تعذر) المسير إلى الميقات (فإلى خارج الحرم) من أي جهة أراد
أو جهة الميقات الذي مر عليه، (فإن تعذر فنها) أي من مكة.
وإن أمكنه الخروج منها إلى بعض الحرم فهل يجب؟ فيه الوجهان، والعدم هنا
أقوى منه هناك. لانتفاء النص، ودليل الاجتزاء بالاحرام من الحرم أو خارجه
على حسب حاله مع الأصل، وعدم التفريط، وانتفاء العسر والحرج، والأخبار.
كصحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن رجل ترك الاحرام حتى دخل الحرم،
فقال: يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم، وإن خشي أن يفوته
الحج فليحرم من مكانه، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج (2).
وخبر الكناني سأله عليه السلام عن رجل جهل أن يحرم حتى دخل الحرم كيف
يصنع؟ قال: يخرج من الحرم ثم يهل بالحج (3). وخبر سورة بن كليب قال
للباقر عليه السلام: خرجت معنا امرأة من أهلنا، فجهلت الاحرام فلم تحرم حتى دخلنا
مكة، ونسينا أن نأمرها بذلك، قال: فمروها فلتحرم من مكانها من مكة أو من
المسجد (4).

(1) قرب الإسناد: ص 106.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 239 ب 14 من أبواب المواقيت ح 7.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 238 ب 14 من أبواب المواقيت ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 239 ب 14 من أبواب المواقيت ح 5.
231

وهما دليلا كون الجهل عذرا، والظاهر الجهل بالحكم، ويحتملانه بالميقات
والحرم، ويعم الأول الغفلة من غير سؤال، والجهل مع السؤال، أو الأول ظاهر
الثاني، وما مر من صحيح معاوية بن عمار وهو ظاهر في الجهل بالمسألة مع
السؤال] (1).
وإذن كان الجهل بالحكم عذرا فبالميقات والحرم أولى، ولكن الظاهر أنهما
إنما يكونان من الأعذار مع الغفلة أو الاجتهاد في السؤال، والتعرف مع فقدان من
يعرف.
وروى الحميري في قرب الإسناد عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن
رجل ترك الاحرام حتى انتهى إلى الحرم فأحرم تبل أن يدخله، فقال عليه السلام: إن
كان فعل ذلك جاهلا فليبن مكانه ليقضي، فإن ذلك يجزئه إن شاء الله، وإن رجع
إلى الميقات الذي يحرم منه أهل بلده فإنه أفضل (2).
(وكذا الناسي) لكون النسيان كسائر الأعذار، وللأخبار كحسن الحلبي
سأل الصادق عليه السلام عن رجل نسي أن يحرم حتى دخل الحرم، قال: قال أبي:
يخرج إلى ميقات أهل أرضه، فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه، فإن
استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثم ليحرم (3). وصحيح ابن سنان سأله عليه السلام
عن رجل مر على الوقت الذي يحرم الناس منه فنسي أو جهل فلم يحرم حتى أتى
مكة، فخاف إن رجع إلى الوقت أن يفوته الحج، قال: يخرج من الحرم ويحرم
ويجزئه ذلك (4).
وفي المعتبر (5) والتذكرة (6) والمنتهى: الاجماع على إجزاء إحرامه وإحرام
الجاهل من موضعهما إذا لم يتمكنا من الخروج، ولا يجب عليهما وعلى غيرهما

(1) ما بين المعقوفين ليس في خ.
(2) قرب الإسناد: ص 106.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 238 ب 14 من أبواب المواقيت ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) المعتبر: ج 2 ص 808.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 321 س 36.
232

من ذوي الأعذار لذلك دم (1). خلافا للشافعي (2).
(و) كذا (من) تجاوز الميقات اختيارا، لأنه (لا يريد النسك) شيئا
منه لا حجا ولا عمرة مفردة أو غيرها لكونه لا يريد دخول الحرم، أو كافرا أو
فاسقا، أو يجوز له دخوله بلا إحرام كالحطاب والطفل والمملوك، فدخل مكة أو
الحرم محلا لجوازه أو لا حد ما ذكر أو غافلا لم تجدد له العزم عليه أو وجوبه
وجب عليه الخروج إلى الميقات إن أراد الحج أو عمرة التمتع، فإن لم يمكن فإلى
خارج الحرم، وإلا فمن موضعه، وإن أراد عمرة مفردة فليخرج من الحرم، فإن لم
يمكنه أحرم من مكانه، ولا يجب عليه الخروج إلى الميقات إلا على ظاهر إطلاق
ما مر عن قرب الإسناد من خبر علي بن جعفر عن أخيه.
أما وجوب خروجه إلى الميقات إذا أمكن وأراد الحج أو عرة التمتع فظاهر،
وأطلق الشافعي إحرامه من موضعه (3). وأما إجزاء إحرامه من موضعه أو أدنى
الحل إذا لم يمكن فلان مجاوزته الميقات بلا إحرام كانت تجوز له إذا لم يكن
يريد النسك.
أما نحو الحطاب فظاهر، وأما غيره ممن لا يريد الحرم فللأصل،
ومروره صلى الله عليه وآله بذي الحليفة مرتين لغزوتي بدر محلا هو وأصحابه، وكأنه لا
خلاف فيه كما في التذكرة (4).
وأما الكافر فلان الاسلام يجب ما قبله، ويحتمل إدخاله فيمن أخر الاحرام
اختيارا إلا لعذر. وأطلق في الخلاف أنه إن حج من موضعه أجزأه (5)، ولعله يعني
حال الضرورة.
ولا يجب على من دخل الحرم محلا خطأ أو عمدا لعذر أو لآلة إيقاع نسك
وإن أثم بتركه أولا إلا أن يجب عليه بسبب آخرة لأصل البراءة. وقد نص عليه في

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 670 س 32.
(2) المغني لابن قدامة ج 3 ص 221.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 322 س 16.
(3) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 217.
(5) الخلاف: ج 2 ص 284 المسألة 59.
233

الخلاف (1) والمنتهى (2)، ولذا قيدنا بقولنا: ثم تجدد له العزم كما في المبسوط (3)
والخلاف (4) والتحرير (5) والتذكرة (6) والمنتهى (7). وعبارة الكتاب قد تقتضي
الوجوب كالجامع (8) وكتب المحقق (9) وخصوصا المعتبر (10)، ونحوه التذكرة (11)
والدروس (12)، ويحتمله ما مر عن قرب الإسناد (13).
(و) كذا (المجاور بمكة مع وجوب التمتع عليه) أو إرادته يلزمه لعمرته
المضي إلى ميقاته أو أحد المواقيت إن أمكن إجماعا كما في الخلاف (14)، وإلا
خرج من الحرم والاحرام من موضعه كما في النهاية (15) والسرائر (16) والنافع (17)
والشرائع (18) والمهذب (19) والغنية (20)، وفي الأخير الاجماع، وليس في المقنعة
والمبسوط والكافي وجمل السيد والخلاف الاحرام من موضعه، وإنما ذكر في
الأخير عن الشافعي (21).
وينص على الميقات نحو خبر سماعة سأل الكاظم عليه السلام عن المجاور أله أن
يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال: نعم يخرج إلى مهل أرضه فيلبي إن شاء (22). وخبره
عن الصادق عليه السلام في المجاور: فإن هو أحب أن يتمتع في أشهر الحج بالعمرة إلى

(1) الخلاف: ج 2 ص 284 المسألة 59.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 670 س 16.
(3) المبسوط: ج 1 ص 313.
(4) الخلاف: ج 2 ص 284 المسألة 59.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 94 س 31.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 321 س 29.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 670 س 16.
(8) الجامع للشرائع: ص 178.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 242، المختصر النافع: ص 81.
(10) المعتبر: ج 2 ص 807.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 321 س 30.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 342 درس 89.
(13) قرب الإسناد: ص 160.
(14) الخلاف: ج 2 ص 285 المسألة 60.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 467.
(16) السرائر: ج 1 ص 529.
(17) المختصر النافع: ص 80.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 242.
(19) المهذب: ج 1 ص 214.
(20) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 18.
(21) الخلاف: ج 2 ص 285 مسألة 60.
(22) وسائل الشيعة: ج 8 ص 244 ب 19 من أبواب المواقيت ح 1.
234

الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق أو يجاوز عسفان فيدخل متمتعا
بالعمرة إلى الحج (1). وبمعناهما خبر إسحاق بن عبد الله سأل الكاظم عليه السلام عن
المعتمر بمكة مجرد أيحج أو يتمتع مرة أخرى فقال: يتمتع أحب إلي، وليكن
إحرامه من مسيرة ليلة أو ليلتين (2).
وعلى أدنى الحل نحو صحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن القاطنين بمكة،
فقال: إذا قاموا شهرا فإن لهم أن يتمتعوا، قال: من أين؟ قال: يخرجون من
الحرم (3). وخبر حماد (4) عنه عليه السلام مثل ذلك، وقوله عليه السلام في فبر سماعة: المجاور
بمكة إذا دخلها بعمرة في غير أشهر الحج في رجب أو شعبان أو شهر رمضان أو
غير ذلك من الشهر إلا أشهر الحج، فإن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة،
ومن دخلها بعمرة في غير أشهر الحج ثم أراد أن يحرم فليخرج إلى الجعرانة
فيحرم منها، ثم يأتي مكة ولا يقطع التلبية حتى ينظر إلى البيت، ثم يطوف بالبيت
ويصلي الركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام، ثم يخرج إلى الصفا والمروة فيطوف
بينهما، ثم يقضي ويحل، لم يعقد التلبية يوم التروية (5). وأجاز الحلبي (6) إحرامه
من الجعرانة اختيارا، لظاهر إطلاق هذا الخبر.
(ولو تعمد التأخير) للاحرام من الميقات لغير ضرورة مع إرادته النسك
(لم يصح إحرامه) بعمرة التمتع أو حج الافراد أو القران (إلا من الميقات وإن
تعذر) العود إليه كما في النهاية (7) والاقتصاد (8) والوسيلة (9) والسرائر (10)

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 195 ب 10 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 181 ب 4 من أبواب أقسام الحج ح 20، وفيه: " يجرد الحج أو يتمتع ".
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 192 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 194 ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 190 ب 8 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(6) الكافي في الفقه: ص 202.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 466.
(8) الإقتصاد: ص 300.
(9) الوسيلة: ص 159.
(10) السرائر: ج 1 ص 528.
235

والجامع (1) وكتب المحقق (2) والمهذب (3) والغنية (4)، كان العذر مرضا أو عدوا أو
ضيق الوقت أو غيرها، لعموم قول الصادق عليه السلام في حسن ابن أذينة: من أحرم
دون الميقات فلا إحرام له (5).
وقول الرضا عليه السلام فيما كتبه إلى المأمون: لا يجوز الاحرام دون الميقات، قال
الله تعالى: " وأتموا الحج والعمرة لله " (6). فإنه إذا أراد لم يجز كان فاسدا، لأنه
عبادة منهي عنها، ولكنهما يحتملان التقدم على الميقات، ولأن الاحرام من غير
الميقات خلاف ما أمر الشارع، فلا يصح إلا فيما أذن فيه، وهو هنا مفقود.
والظاهر أن الاحرام من ميقات آخر كالعود في الأجزاء، فإن أمكنه مضى إليه
وأحرم منه وأجزأه، وإذا لم يمكنه شئ من ذلك وأراد دخول الحرم أحرم بعمرة
مفردة ودخلها، فإن أدنى الحل ميقات اختياري لها، غاية الأمر إثمه بتركه مما مر
عليه من المواقيت، وكذا إذا كان في الحرم وأراد الاعتمار من أدنى الحل مفردة فعل.
ومنه من لم يجز له دخول الحرم حتى يتمكن من الميقات، وليس بجيد، ولا
موافق لكلام الأصحاب، فإنهم إنما صرحوا ببطلان الحج أو وجوب إعادته، إلا
المصنف هنا وفي الإرشاد (7) فكلامه فيهما مجمل، والمحقق في الشرائع (8) فهو
كالكتاب، والشهيد في الدروس ففيه بطلان النسك (9)، واللمعة ففيها بطلان
الاحرام (10). والكل يحتمل ما صرح به غيرهم.

(1) الجامع للشرائع: ص 178.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 242، المعتبر: ج 2 ص 807، المختصر النافع: ص 81.
(3) المهذب: ج 1 ص 214.
(4) الغنية: (الجوامع الفقهية): ص 512 س 16.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 232 ب 9 من أبواب المواقيت ح 3.
(6) المصدر السابق ح 4.
(7) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 314.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 242.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 341 درس 89.
(10) اللمعة الدمشقية: ج 2 ص 223.
236

واحتمل صحة الاحرام بعمرة التمتع أو الحج من حيث يمكنه كالمعذور إذا
وجب عليه مضيقا، وهو قوي يؤيده عموم صحيح الحلبي المتقدم، ويحتمله
إطلاق المبسوط (1) والمصباح (2) ومختصره (3).
ولا بد من معرفة مقدار الحرم، وحدوده من الجوانب، أما مقداره فكأنه
لا خلاف في كونه بريدا في بريد كما قال أبو جعفر عليه السلام في خبر زرارة: حرم الله
حرمه بريدا في بريد أن يختلى خلاه أو يعضده شجره، إلا الإذخر أو يصاد طيره (4).
وأما مقاديره من الأطراف فقال الصادق عليه السلام للمفضل بن عمر: إن الحجر
الأسود لما أنزل من الجنة ووضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه
النور نور الحجر، فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال، وعن يسارها ثمانية أميال،
كله اثنا عشر ميلا (5).
وفي المهذب: إن حده من جهة المدينة على ثلاثة أميال، ومن طريق اليمن
على سبعة، وكذا من طريق العراق أو من طريق جدة على عشرة أميال، ومن
طريق الطائف على عرفة أحد عشر ميلا من بطن نمرة (6). وكذا في روض الجنان
وزيد فيه: إنه من طريق المعرة تسعة أميال (7). وكأنه طريق الجعرانة كما في
تهذيب الأسماء للنووي (8). وقيل إنه من جهتها بريد (9). وفي تهذيب الأسماء عن
الجمهور: أنه من طريق الطائف على سبعة أميال، وأن أبا الوليد الأزرقي انفرد
بقوله إنه من طريقه على أحد عشر ميلا وقيل تسعة وقيل سبعة (10).

(1) المبسوط: ج 1 ص 313.
(2) مصباح المتهجد: ص 617.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 174 ب 87 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 272 ح 845.
(6) المهذب: ج 1 ص 273.
(7) لم نعثر عليه.
(8) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 82 (مادة حرم).
(9) لم نعثر عليه.
(10) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 82 (مادة حرم).
237

وفي روض الجنان عن الحسين بن القاسم عن بعض العلماء: إن آدم عليه السلام لما
أهبط إلى الأرض لم يأمن مكر الشيطان، فبعث الله له ملائكة فأحاطوا بمكة من
جوانبها يحرسونه فمواضعهم حدود الحرم.
ثم لما بنى إبراهيم عليه السلام الكعبة علمه جبرئيل عليه السلام المناسك وحدود الحرم التي
كانت على عهد آدم عليه السلام فأعلمت بالعلائم حتى جددها قصي، ثم هدم بعضها
قريش، فاهتم لذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فأتاه جبرئيل عليه السلام وقال له: لا تحزن فإنهم
سيعيدونها، ثم أتاهم فنادى فيهم أما تستحون من الله أنه تعالى أكرمكم ببيته
وحرمه وها أنتم أزلتم حدوده فستذلون وتخطفون فخافوا، فأعادوها فأتى
النبي صلى الله عليه وآله فأخبره وأخبر أنها لم يوضع إلا والملائكة معهم حتى لم يخطئوا
مواضعها حتى كان عام الفتح فجددها تميم بن أسد الخزاعي، ثم جددت في زمن
عمر، ثم في زمن عثمان (1).
وذكر تقي الدين محمد بن شهاب الدين أحمد الحسيني (2) الفاسي المكي
المالكي في مختصر تاريخه أنه اعتبر الأطراف بالأذرع، فوجد المسافة من جهة
اليمن من باب إبراهيم إلى الأعلام التي على حد الحرم خمسة وعشرين ألف ذراع
وأربعمائة وثمانية وثمانين وسدس ذراع وسبعه (3)، ومن باب الماخن إليها ثلاثة
وعشرين [ألف وثمانمائة وثمانية] (4) وستين وسدس (5) ذراع وسبعه، ومن جهة
التنعيم من باب العمرة إلى أول الأعلام التي على الأرض لا التي على الجبل اثني
عشر ألف وسبعمائة وتسعة، ومن باب الشبيكة إليها عشرة آلاف وسبعمائة
وأربعين، ومن جهة العراق من باب بني شيبة إلى الأعلام بطريق جادة عدي (6)
محله أحدا أو ثلاثين ألفا وأربعة وسبعين ونصفا، ومن باب المعلاة إليها تسعة
وعشرين ألفا وثمانين، ومن جهة الطائف على طريق عرفة من باب بني شيبة إلى

(1) لم نعثر عليه.
(2) في هدية العارفين 2: 187 " الحسني ".
(3) في خ: " ثلثين ".
(4) في خ " ألفا وثمان ".
(5) في خ: " ثلثين ".
(6) في ط: " وادى ".
238

العلمين الذين على حد الحرم تسعة وثلاثين ألفا وأربعة وستين وخمسة أسداس،
ومن باب المعلاة إليهما سبعة وثلاثين ألفا وسبعين وثلثا (1).
لا يقال: الحدود المذكورة لا يطابق بريدا في بريد، إذ لا بد على وفقه أن
يكون بإزاء كل سبعة أميال خمسة، وبإزاء أحد عشر ميلا، لأنا نقول: الأمر
كذلك، ولكن لا في الطريق بل فيما لا يسلك من الجبال.
(وناسي الاحرام إذا أكمل المناسك يجزئه على رأي) وفاقا للنهاية (2)
والمبسوط (3) والجمل والعقود (4) والاقتصاد (5) والتهذيب (6) والوسيلة (7)
والمهذب (8) والمعتبر (9) والجامع (10)، لصحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن
رجل كان متمتعا خرج إلى عرفات وجهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع
إلى بلده ما حاله؟ قال: إذا قضي المناسك كلها فقد تم حجه (11).
والجهل يعم النسيان، على أن الناسي أولى بالعذر من الجاهل، وكان المراد
نفس الاحرام الذي هو الاجتناب عن المخيط وستر الرأس ونحو ذلك، فإنه
الاحرام حقيقة لا بنيته، فإنما الأعمال بالنيات، فكيف يصح النسك بدونها؟! ولذا
قال في التهذيب: وقد أجزأته نيته.
واستدل عليه بمرسل جميل بن دراج عن أحدهما عليهما السلام: في رجل نسي أن
يحرم أو جهل وقد شهد المناسك كلها وطاف وسعى، قال: يجزيه نيته إذا كان قد
نوى ذلك، فقد تم حجه وإن لم يهل (12).

(1) لا يوجد لدينا.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 466.
(3) المبسوط: ج 1 ص 312.
(4) الجمل والعقود: ص 143.
(5) الإقتصاد: ص 305.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 60 ذيل الحديث 191.
(7) الوسيلة: ص 177.
(8) المهذب: ج 1 ص 243.
(9) المعتبر: ج 2 ص 810.
(10) الجامع للشرائع: ص 178.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 245 ب 20 من أبواب المواقيت ح 2.
(12) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 61 ح 192.
239

وقال في النهاية: فقد تم حجه ولا شئ عليه إذا كان قد سبق في عزمه
الاحرام (1). ونحوه في فصل ذكر كيفية الاحرام من المبسوط (2)، وفي فصل
فرائض الحج منه، ذكر النية من الفرائض وذكر: أنها إن تركها عمدا أو نسيانا
مبطل، ثم ذكر الاحرام وأنه ركن يبطل النسك بتركه عمدا، وأنه إن نسيه حتى
أكمل المناسك فروى أصحابنا أنه لا شئ عليه وتم حجة (3). فلا يرد عليه ما في
السرائر (4) من أن الأعمال إنما هي بالنيات فكيف يصح بلا نية؟! فإنه لا عمل هنا
بلا نية كما في المختلف (5) والمنتهى. واستغرب فيه كلامه وقال: إنه لا توجيه فيه
البتة، والظاهر أنه قد وهم في ذلك، لأن الشيخ اجتزأ بالنية عن الفعل، فتوهم أنه
قد اجتزأ بالفعل بغير نية، وهذا الغلط من باب إبهام العكس (6)، إنتهى.
وذكر الشهيد: إن حقيقة الاحرام هي النية، أي توطين النفس على الاجتناب
عن المنهيات المعهودة (7). فالتجرد والتلبية من الشروط، أو صار اسم الاحرام
للمركب منهما ومن النية، وعلى التقديرين إذا نسي أحدهما جاز أن يقال: إنه نسي
الاحرام وإن كان نواه.
وقال المحقق: احتج المنكر - يعني للصحة - بقوله صلى الله عليه وآله: إنما الأعمال
بالنيات، ولست أدري كيف يحل له هذا الاستدلال، ولا كيف يوجهه، فإن كان
يقول: إن الاخلال بالاحرام اخلال بالنية في بقية المناسك، فنحن نتكلم على
تقدير إيقاع نية كل منسك، على وجهه ظانا أنه أحرم أو جاهلا بالاحرام، فالنية
حاصلة مع إيقاع كل منسك، فلا وجه لما قاله (ما، انتهى.
وهو أيضا ناظر إلى ما قلناه، وكأنه لم يخطر بباله احتمال كلام الشيخ (9)

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 467.
(2) المبسوط: ج 1 ص 314.
(3) المبسوط: ج 1 ص 382.
(4) السرائر: ج 1 ص 685 س 3.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 231.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 685 س 3.
(7) اللمعة الدمشقية: ج 2 ص 210.
(8) المعتبر: ج 2 ص 810.
(9) المبسوط: ج 1 ص 382.
240

الصحة (1) مع نسيان نية الاحرام، فلا يرد عليه ما ذكره الشهيد من أن نسيان نية
الاحرام يبطل سائر الأفعال لعدم صحة نياتها محلا.
ولا يبعد أن يكون ناظرا إلى أن الأصل في التروك عدم وجوب النية لها، فإن
غرض الشارع فيها أن لا يتحقق متعلقاتها، فلولا ما يوجب النية في بعضها
- كالصوم والاحرام - لم يتجه القول بوجوبها، وإنما دل الدليل في الاحرام على
وجوب نيته مع العلم والعمد، فإذا أدى المناسك بنياتها مجتنبا عما يحرم على
المحرم ولكن بلا نية صح أنه أتى بالمناسك بنياتها وانتهى عن المحرمات، فينبغي
أن لا يكون عليه شئ.
فإذا تأيد بالنص من غير معارض، ولزوم الحرج والعسر وعدم المؤاخذة
على النسيان والغفلة لامتناع تكليف الغافل وأصل البراءة من الإعادة والقضاء إلا
بأمر جديد، تعين القول به. وكذا إذا نسي الاحرام ونيته حتى أنه لم ينوه ولا
اجتنب المحرمات أو نوى ولم يجتنب فإن النسك صحيح بالاتفاق مع تعمد
المحرمات، إلا الجماع قبل الوقوف، فكيف مع النسيان أو الجهل، غايته لزوم
كفاراتها، ودعوى اشتراط صحة المناسك بنية الاحرام بلا نية.
(ولو لم يتمكن من) نية (الاحرام لمرض) أوجب اغماءه أو جنونه
(وغيره) كسكر أو نوم (أحرم عنه) أي يجوز أن ينوي الاحرام به (وليه)
أي من يتولى ذلك منه من أصحابه كما يحر عن الصبي غير المميز.
(وجنبه ما) يجب أن (يجتنبه المحرم) كما في الأحمدي (2) والنهاية (3)
والمبسوط (4) والتهذيب (5) والمهذب (6) والجامع (7) والمعتبر (8) لقول أحدهما عليهما السلام

(1) في خ: " للصحة ".
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 45.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 467.
(4) المبسوط: ج 1 ص 313.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 60 ذيل الحديث 190.
(6) المهذب: ج 1 ص 214.
(7) الجامع للشرائع: ص 180.
(8) المعتبر: ج 2 ص 809.
241

في مرسل جميل: في مريض أغمي عليه حتى أتى الموقف: يحرم عنه رجل (1).
وهل يجزئه هذا الاحرام شيئا؟ ففي النهاية (2) والجامع تم إحرامه (3)، وفي
المبسوط ينعقد (4)، وظاهر هما أنه يصير بذلك محرما.
ونص المعتبر (5) والمختلف (6) والتحرير (7) والتذكرة (8) والمنتهى (9) أنه إن لم
يفق حتى فاته الموقفان انكشف أنه لم يكن وجب عليه، وإن أفاق قبل الوقوف
أجزأه عن حجة الاسلام، لأنه يقبل النيابة وتعذر عنه بنفسه.
وفيه: أن النيابة خلاف الأصل، فإنما تثبت في موضع اليقين، وقد مر أن النيابة
عن الحي إنما يصح بإذنه، على أن هذا ليس نيابة إلا في النية، والاحرام بالغير إنما
ثبت في الصبي. وهذا الخبر واحد مرسل، غايته مشروعية هذا الاحرام، وأما
الأجزاء فكلا، على أنه إنما تضمن الاحرام عنه، وهو يحتمل النيابة عنه كما يحرم
عن الميت وهو غير الاحرام به.
وأنكر ابن إدريس هذا الاحرام، لأن الاغماء أسقط عنه النسك، واستحسن
تجنبه المحرمات (10).
والأولى عندي أن يحرم به ويجتنب من المحرمات، فإن أفاق في الحج قبل
الوقوف فأمكنه الرجوع إلى الميقات رجع فأحرم منه، وإلا فمن أدنى الحل إن
أمكنه، وإلا فمن موضعه، وإن كان ميقات حجه مكة رجع إليها إن أمكنه، وإلا فمن
موضعه، كل ذلك إن كان وجب عليه، وإلا فوجوبه بالمرور على الميقات
وخصوصا مع الاغماء غير معلوم. وكذا بهذا الاحرام.

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 245 ب 20 من أبواب المواقيت ح 4.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 467.
(3) الجامع للشرائع: ص 180.
(4) المبسوط: ج 1 ص 313.
(5) المعتبر: ج 2 ص 809.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 45.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 1.
(8) تذكرة الفشاء: ج 1 ص 321 س 41.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 671 س 5.
(10) السرائر: ج 1 ص 529.
242

وإن أحرم به في العمرة فإن كانت مفردة انتظر به حتى يفيق، فإذا أفاق وقد
أدخل الحرم رجع إلى أدنى الحل أو الميقات إن أمكنه فأحرم إن كانت وجبت
عليه وأمكنه الرجوع، ومن موضعه إن لم يمكنه وضاق وقته، بأن اضطر إلى
الخروج وإن كانت عمرة التمتع فأفاق حيث يمكنه ادراكها مع الحج فعلها بإحرام
نفسه، وإلا حج مفردا بإحرام نفسه كما قلنا. إن كان وجب عليه حج الاسلام أو
لغيره ثم اعتمر إن وجبت عليه وإن لم يكن وجب عليه شئ منهما تخير بينه وبين
إفراد العمرة كذلك.
وظاهر كلامهم أنه إن كان ممن عليه حج التمتع حج الاسلام فلم يفق من
الميقات إلى الموقف، أحرم به، وجنب المحرمات، وطيف به وسعي به، ثم بعد
التقصير أحرم به للحج وأجزأه ذلك، ولم يجب عليه بعد الإفاقة عمرة، كما ليس
عليه إحرام بنفسه. وقد مر الكلام فيمن بلغ أو أعتق قبل الوقوف.
ويمكن تنزيل كلامهم على أنه ليس عليه شئ فيما فاته من الاحرام من
الميقات وإن وجب عليه بعد الإفاقة الاحرام بنفسه، وعلى ما عرفت آنفا من أن
الغرض إيقاع المناسك والاجتناب من المحرمات، وأن النية في الاحرام إنما
وجبت بدليل فتقصر على ما دل عليه فيه يكفي التجنيب، ثم إيقاعه المناسك بنفسه
إذا أفاق فيتجه ظاهر كلامهم، إلا ما يعطيه ظاهر كلام الفاضلين من ايقاع أفعال
عمرة التمتع به واجزائه عنه (1).
(والحيض والنفاس لا يمنعان الاحرام) للأصل والأخبار، ولا نعرف فيه
خلافا، فإن كان الميقات مسجدا أحرمت مجتازة (2)، وإن كان لها مقام فالأولى
التأخير إلى الطهر كما في التذكرة (3)، وكذا الجنابة، وإنما خصا بالذكر للغسل.

(1) المعتبر: ج 2 ص 809، مختلف الشيعة: ج 4 ص 45.
(2) في خ: " مختارة ".
(3) تذكرة النشاء: ج 1 ص 324 س 11 - 12.
243

(ولا غسله) كما في الإقتصاد (1) وفاقا للسرائر (2) والكافي (3) والجامع (4)
للأصل، وعموم أدلته، وخصوص الأخبار هنا، وكونه للتنظيف. وقال الصادق عليه السلام
في خبر يونس بن يعقوب: تغتسل وتستثفر وتحتشي بالكرسف، وتلبس ثوبا دون
ثياب إحرامها، وتستقبل القبلة، ولا تدخل المسجد، وتهل بالحج بغير صلاة (5).
وفي خبر الشحام: تغتسل وتحتشي بكرسف، وتلبس ثياب الاحرام وتحرم، فإذا
كان الليل خلعتها ولبست ثيابها الأخرى (6).
وزاد الشيخ (7) وابن إدريس (8) والمصنف في التحرير (9) والتذكرة (10)
والمنتهى أنها تتوضأ (11).
(المطلب الثاني)
(في مقدمات الاحرام)
(يستحب توفير شعر الرأس من أول ذي القعدة للمتمتع) كما في
المصباح (12) ومختصره والسرائر (13) والوسيلة (14) والمهذب (15) والجمل والعقود (16)
والنافع (17) والشرائع (18) والجامع (19).

(1) الإقتصاد: ص 311.
(2) السرائر: ج 1 ص 622.
(3) الكافي في الفقه: ص 218.
(4) الجامع للشرائع: ص 221.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 65 ب 48 من أبواب الاحرام ح 2.
(6) المصدر السابق ح 3.
(7) المبسوط: ج 1 ص 330.
(8) السرائر: ج 1 ص 622.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 124 س 25.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 399 س 13.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 855 س 19.
(12) مصباح المتهجد: ص 617 س 6.
(13) السرائر: ج 1 ص 522.
(14) الوسيلة: ص 160.
(15) المهذب: ج 1 ص 215.
(16) الجمل والعقود: ص 133.
(17) المختصر النافع: ص 81.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 244.
(19) الجامع للشرائع: ص 181.
244

وشهرا للمعتمر كما في الجامع (1) والتحرير (2) والمنتهى (3) والتذكرة (4)
والدروس (5)، للأخبار كقول الصادق عليه السلام في حسن معاوية بن عمار وصحيحه:
فمن أراد الحج وفر شعر رأسه إذا نظر إلى هلال ذي القعدة، ومن أراد العمرة وفر
شعره شهرا (6).
وزاد الشيخ في المصباح (7) ومختصره وبنو إدريس (8) وسعيد (9)
والبراج (10) اللحية، وكذا المصنف في التحرير (11) والتذكرة (12) والمنتهى (13) لاطلاق
الشعر في أكثر الأخبار، وخصوص قول الصادق عليه السلام في خبر سعيد الأعرج: لا
يأخذ الرجل إذا رأى هلال ذي القعدة وأراد الخروج من رأسه ولا من لحيته (14).
والرأس قد يشمل الوجه فشعره يشمل شعره ولا يجب للأصل، وخبر علي بن
جعفر في مسائله عن أخيه عليه السلام سأله عن الرجل إذا هم بالحج يأخذ من شعر رأسه
ولحيته وشاربه ما لم يحرم، قال: لا بأس (15). وقول الصادق عليه السلام في صحيح هشام
بن الحكم وإسماعيل بن جابر: يجزئ الحاج أن يوفر شعره شهرا (16).
وظاهر النهاية (17) والاستبصار (18) والمقنعة الوجوب (19)، وليس في المقنعة

(1) الجامع للشرائع: ص 181.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 9.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 672 س 4.
(4) تذكرة النشاء: ج 1 ص 324 س 1.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 343 درس 90.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 4 ب 2 من أبواب الاحرام ح 4.
(7) مصباح المتهجد: ص 617 س 6.
(8) السرائر: ج 1 ص 522.
(9) الجامع للشرائع: ص 181.
(10) المهذب: ج 1 ص 215.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 7.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 323 س 2 4 - 43.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 671 س 27.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 5 باب 2 من أبواب الاحرام ح 6..
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 7 ب 4 من أبواب الاحرام ح 6.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 4 ب 2 من أبواب الاحرام ح 3.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 463.
(18) الإستبصار: ج 2 ص 160 ذيل الحديث 3.
(19) المقنعة: ص 391.
245

والنهاية إلا. شعر الرأس، وذلك لظاهر الأخبار.
(ويتأكد) الاستحباب (عند هلال ذي الحجة) لصحيح جميل، سأل
الصادق عليه السلام عن متمتع حلق رأسه بمكة، قال: إن كان جاهلا فليس عليه شئ،
وإن تعمد ذلك في أول الشهور للحج بثلاثين يوما فليس عليه شئ، وإن تعمد بعد
الثلاثين التي يوفر فيها الشعر للحج فإن عليه دما يهريقه (1). ويحتمل اختصاصه
بمتمتع دخل مكة وهو حينئذ محرم.
وألزمه المفيد الدم بالحلق بعد هلال ذي القعدة (2)، وهو الذي أوجب نسبة
وجوب التوفير إليه، لكن ابن سعيد وافقه فيه مع أنه قال: ينبني لمن أراد الحج
. توفير شعر رأسه ولحيته (3). ثم الأخبار يعم المتمتع وغيره، فالتقييد به كما في
الكتاب والنهاية (4) والمبسوط (5) والوسيلة (6) والسرائر (7) والتحرير (8) والتذكرة (9)
والارشاد (10) والمنتهى (11) والتبصرة (12) غير جيد.
(و) يستحب (تنظيف الجسد عند الاحرام) لاستحبابه مطلقا،
واختصاص الاحرام باستحباب الغسل له المرشد إليه، ومنعه منه مدة طويلة،
والمنصوص منه نتف الإبطين.
(وقص الأظفار، وأخذ الشارب، والاطلاء) والأنسب الطلي، ونحوه
الحلق، ولكنه أفضل، والأخبار بها كثيرة، وقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية
بن عمار: إذا انتهيت إلى بعض المواقيت التي وقت رسول الله صلى الله عليه وآله فانتف إبطيك،

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 8 ب 5 من أبواب الاحرام ح 1.
(2) المقنعة:. ص 391.
(3) الجامع للشرائع: ص 181.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 467.
(5) المبسوط: ج 1 ص 309.
(6) الوسيلة: ص 160.
(7) السرائر: ج 1 ص 522.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 7.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 323 س 1 4.
(10) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 316.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 671 س 27.
(12) تبصرة المتعلمين: ص 62.
246

واحلق عانتك، وقلم أظفارك، وقص شاربك، ولا يضرك أي ذلك بدأت (1).
(ولو تقدم) الاطلاء على الاحرام (بأقل من نهسة عشر يوما أجزاء)
لعموم أخبار تجديد ما بين الطليتين بها، وخصوص نحو قول الصادق عليه السلام لأبي
سعيد المكاري: لا بأس بأن تطلي قبل الاحرام بخمسة عشر يوما (2). ولكن
الأفضل الإعادة كما في المنتهى (3) والمبسوط (4) والنهاية (5)، لنحو قوله عليه السلام.
لزرارة وابن أبي يعفور: اطليا، قالا، فقلنا: فعلنا منذ ثلاثة، فقال: أعيدا، فإن
الاطلاء طهور (6). ولأبي بصير: تنور، فقال: إنما تنورت أول من أمس واليوم
الثالث، فقال: أما علمت أنها طهور فتنور (7).
(والغسل) للأخبار والاجماع كما في التذكرة (8) وقد مضى القول
بالوجوب في الطهارة، وفي التحرير: ليس بواجب إجماعا (9)، وفي المنتهى: إنه
لا يعرف فيه خلافا (10)، وحكى الخلاف في المختلف عن الحسن (11).
(فإن تعذر فالتيمم) كما في المبسوط (12) والمهذب (13). قال في التذكرة:
لأنه غسل مشروع، فناب عنه التيمم كالواجب (14)، وضعفه ظاهر.
ولو أكل بعده أو لبس ما يمنع منه، بعد الاحرام (أعاد الغسل
استحبابا) لقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: إذا لبست ثوبا لا

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 9 ب 6 من أبواب الاحرام ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 11 ب 7 من أبواب الاحرام ح 5.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 672 س 13.
(4) المبسوط: ج 1 ص 314.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 684.
(6) الكافي: ج 4 ص 327 ذيل الحديث 6.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 389 ب 32 من أبواب آداب الحمام ح 4.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 324 س 7.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 1 1.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 672 س 20.
(11) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 50.
(12) المبسوط: ج 1 ص 314.
(13) المهذب: ج 1 ص 219.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 324 س 12.
247

ينبغي لك لبسه، أو أكلت طعاما لا ينبني لك أكله، فأعد الغسل (1). وقول
الباقر عليه السلام لابن مسلم: إذا اغتسل الرجل وهو يريد أن يحرم، فلبس قميصا قبل أن
يلبي فعليه الغسل (2).
وكذا إذا تطيب، لقول الصادق عليه السلام في صحيح عمر بن يزيد: إذا اغتسلت
للاحرام فلا تقنع ولا تطيب ولا تأكل طعاما فيه طيب فتعيد الغسل (3). ولا يعيده
إن قلم أظفاره أو أدهن، للأصل، لقول الصادق عليه السلام في مرسل جميل بن دراج،
في رجل اغتسل لاحرامه ثم قلم أظفاره، قال: يمسحها بالماء ولا يعيد الغسل (4).
ولأن ابن أبي يعفور سأله عليه السلام ما تقول في دهنه بعد الغسل للاحرام؟ فقال: قبل
وبعد ومع، ليس به بأس (5).
(ويقدم) الغسل قبل الميقات (لو خاف فقد الماء) فيه، وفاقا للمشهور،
ولنحو صحيح هشام بن سالم قال: أرسلنا إلى أبي عبد الله عليه السلام ونحن جماعة
ونحن بالمدينة إنا نريد أن نودعك، فأرسل إلينا أن اغتسلوا بالمدينة، فإني أخاف
أن يعز عليكم الماء بذي الحليفة، فاغتسلوا بالمدينة، والبسوا ثيابكم التي تحرمون
فيها، ثم تعالوا فرادى أو مثاني (6).
ولذا الخبر وما مر من استحباب الإعادة إذا لبس ما يحرم على المحرم
استحب التجرد ولبس ثوبي الاحرام إذا اغتسل، وإن أخر ذلك إلى الميقات جاز
كما في النهاية (7) والمبسوط (8)، لقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن وهب:

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 16 باب 13 من أبواب الاحرام ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 15 ب 11 من أبواب الاحرام ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 16 ب 13 من أبواب الاحرام ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 16 ب 12 من أبواب الاحرام ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 106 ب 30 من أبواب تروك الاحرام ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 11 ب 8 من أبواب الاحرام ح 1.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 468.
(8) المبسوط: ج 1 ص 314.
248

أطل بالمدينة وتجهز بكل ما تريد واغتسل، وإن شئت استمتعت بقميصك حتى
تأتي مسجد الشجرة (1).
ولا يبعد القول بجواز تقديم الغسل وإن لم يخف عوز الماء. لاطلاق الأخبار
هنا وفي أصل استحباب غسل الاحرام، ثم قيد التقديم في التحرير (2) والتذكرة (3)
والمنتهى (4) بأن لا يمضي عليه يوم وليلة، ولا بأس به.
(فإن) اغتسل قبله ثم (وجده) أي الماء فيه (استحب إعادته) كان
تجرد من عند الاغتسال أو لا، كما يقتضيه الاطلاق هنا وفي غيره. أما على الثاني
فظاهر، وأما على الأول فلقول الصادق عليه السلام في ساقه (5) ما سمعته آنفا من صحيح
هشام بن سالم لما أرادوا أن يخرجوا: لا عليكم أن تغتسلوا إن وجدتم إذا بلغتم
ذي الحليفة (6). فإنه إذا لم يكن به بأس وقع راجحا. وفي المنتهى: لأن المقتضي
للتقديم وهو عوز الماء فائت (7)، ونسب التقديم في النافع إلى القيل (8).
(ويجزئ غسل أول النهار لباقيه، وكذا غسل أول الليلة لآخرها) كما
في النهاية (9) والمقنع (10) والمبسوط (11) والمهذب (12) والنافع (13) والجامع (14)
والشرائع (15) للأخبار. وفي صحيح جميل، عن الصادق أعير: غسل يومك يجزئك
لليلتك، وغسل ليلتك يجزئك ليومك (16)، وهو فتوى المقنع (17)، وذلك (ما لم ينم).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 10 ب 7 من أبواب الاحرام ح 1.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 13.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 324 س 14.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 672 س 34.
(5) أي ذيله.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 12 ب 7 من أبواب الاحرام ح 4.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 673 س 2.
(8) المختصر النافع: ص 82.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 468.
(10) المقنع: ص 70.
(11) المبسوط: ج 1 ص 314.
(12) المهذب: ج 1 ص 219.
(13) المختصر النافع: ص 82. (4 1) الجامع للشرائع: ص 182.
(15) شرائع الاسلام: ج 1 ص 244.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 13 ب 9 من أبواب الاحرام ح 1.
(17) المقنع: ص 70.
249

فإن نام استحب له الإعادة، لصحيح النضر بن سويد: سأل أبا الحسن عليه السلام عن
الرجل يغتسل للاحرام، ثم ينام قبل أن يحرم، قال: عليه إعادة الغسل (1). وقد يرشد
إليه ما دل على مثله لمن اغتسل لدخول مكة أو الطواف، ويأتي إن شاء الله تعالى.
ولا بأس إن لم يعد لصحيح العيص: سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يغتسل
للاحرام بالمدينة ويلبس ثوبين ثم ينام قبل أن يحرم، قال: ليس عليه غسل (2).
ولم يستحب ابن إدريس الإعادة (3)، لاطلاق الأخبار بإجزاء غسل اليوم ليومه
وغسل الليل لليلته.
(ولو أحدث) بعد الغسل قبل الاحرام بغير النوم (فاشكال، ينشأ من
التنبيه بالأدنى) وهو النوم (على الأعلى) وهو سائر الأحداث، فإنها تلوث
البدن دونه، والظاهر أن النوم إنما صار حدثا، لأن معه مظنة الأحداث، فحقائقها
أولى، وهو خيرة الدروس (4)، وقد يرشد إليه أخبار إعادة غسل الطواف إذا أحدث.
(ومن عدم النص عليه) ومنع الأولوية، وإطلاق الأخبار بالاجزاء لبقية
اليوم أو الليل، بل إجزاء ما في اليوم لليلته وبالعكس، مع أن الغالب عدم الخلو من
الحدث في مثل تلك المدة، وهو أقوى، وخيرة الإيضاح (5).
(ولو أحرم من غير غسل أو صلاة) يأتي استحباب الايقاع عقيبها
(ناسيا) أو عامدا أو جاهلا أو عالما (تدارك وأعاد الاحرام) كما في
النهاية (6) والمبسوط (7) والتهذيب (8) والنافع (9) والشرائع (10) أي استحبابا، إلا أن

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 14 ب 10 من أبواب الاحرام ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 15 ب 10 من أبواب الاحرام ح 3.
(3) السرائر: ج 1 ص 530.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 343 درس 90.
(5) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 285.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 469.
(7) المبسوط: ج 1 ص 315.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 78 ذيل الحديث 67.
(9) المختصر النافع: ص 82 (10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 244.
250

الصلاة لم يذكر في الأخير.
وعطف عليها الغسل في الأول بالواو، وذلك لخبر الحسن بن سعيد قال: كتبت
إلى العبد الصالح أبي الحسن عليه السلام: رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل جاهلا أو
عالما ما عليه في ذلك، كيف ينبغي له أن يصنع؟ فكتب: يعيده (1)
وأنكره ابن إدريس (2)، إلا أن يراد صورة الاحرام من التجرد ولبس الثوبين
من غير نيته، فإنه إذا نواه انعقد ولم يمكنه الاخلال إلا بالاتمام، أو ما يقوم مقامه
إذا صد أو أحصر، وليس كالصلاة التي يبطل بمنافياتها وبالنية، فلا يتجه ما في
المختلف من أنه كالصلاة التي يستحب إعادتها إذا نسي الأذان والإقامة (3).
والجواب: إن الإعادة لا تفتقر إلى الابطال، لم لا يجوز أن يستحب تجديد
النية وتأكيدها للخبر، وقد ينزل عليه ما في المختلف.
(و) لكن لا يبقى حينئذ في أن (أيهما) أي الاحرامين (المعتبر
إشكال) بل الأول متعين لذلك.
(و) لذا (تجب الكفارة بالمتخلل بينهما) من موجباتها، ولعل استشكاله
هنا لاحتماله الاحلال هنا بخصوصه، للنص، وأما وجوب الكفارة بالمتخلل
فلاعتبار الأول ما لم يحل.
وقال أبو علي: ثم اغتسل ولبس ثوبي الاحرام، ويصلي لاحرامه، لا يجزئه
غير ذلك إلا الحائض، فإنها تحرم بغير صلاة، قال: ولا ينعقد الاحرام إلا في
الميقات بعد الغسل والتجرد والصلاة (4).
(و) يستحب إيقاع (الاحرام عقيب) صلاة للنصوص، ولا يجب كما
يظهر من أبي علي وفاقا للمشهور للأصل، ولاستلزامه وجوب نافلة الاحرام إذا لم
يتفق في وقت فريضة.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 28 ب 20 من أبواب الاحرام ح 1.
(2) السرائر: ج 1 ص 530.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 50.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 51.
251

ويستحب إيقاعه عقيب (فريضة الظهر) إن تيسر له للأخبار المتضافرة،
(وإلا ففريضة) أخرى للنصوص، وهي تعم الأداء والقضاء كما في الدروس (1).
(وإلا) تيسر فريضة (فست ركعات) إن وسع الوقت، لقول
الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: تصلي للاحرام ست ركعات تحرم في دبرها (2).
والخبر ضعيف، لكن الأصحاب عملوا به، ولم يذكرها الصدوق في الهداية والمقنع
ولا السيد في الجمل، وإلا فأربع كما في الدروس (3)، لخبر إدريس بن عبد الله سأل
الصادق عليه السلام عن الرجل يأتي بعض المواقيت بعد العصر كيف يصنع؟ قال: يقيم إلى
المغرب، قال: فإن أبى جماله أن يقيم، قال: ليس له أن يخالف السنة، قال: له أن
يتطوع بعد العصر؟ قال: لا بأس به، ولكني أكرهه للشهرة، وتأخير ذلك أحب إلي،
قال: كم أصلي إذا تطوعت؟ قال: أربع ركعات (4).
(وإلا فركعتان) لنحو قوله عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: إذا أردت
الاحرام في غير وقت فريضة فصل ركعتين ثم أحرم في دبرهما (5). وليكن الصلاة
(عقيب الغسل) كما في المراسم (6) والاقتصاد (7) والكافي (8)، لأن الصلاة بعد
الطهور أفضل.
(ويقدم نافلة الاحرام على الفريضة مع السعة) وفاقا للمشهور، فكذلك
روي فيما ينسب إلى الرضا عليه السلام، وفيه: أنه روي أن أفضل ما يحرم الانسان في دبر
صلاة الفريضة (9). وقال الصادق عليه السلام في حسن معاوية بن عمار: لا يكون إحرام

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 343 درس 90.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 26 ب 18 من أبواب الأحكام ح 4.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 343 درس 90.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 27 ب 19 من أبواب الاحرام ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 26 ب 18 من أبواب الاحرام ح 5.
(6) المراسم: ص 108.
(7) الإقتصاد: ص 300.
(8) الكافي في الفقه: ص 207.
(9) فقه الرضا عليه السلام: ص 216.
252

إلا في دبر صلاة مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم (1).
وفي الجمل والعقود (2) والمهذب (3) والإشارة (4) والغنية (5) والوسيلة (6)
العكس، ويشعر به كلام الحسن، وهو أظهر ولأن الفرائض يقدم على النوافل إلا
الراتبة قبلها، إذ لا نافلة في وقت فريضة ولم أظفر بما يدل على استحباب نافلة
الاحرام مع إيقاعه بعد فريضة إلا الذي سمعته الآن عن الرضا عليه السلام ولذا قال في
التذكرة: وهل يكفي الفريضة عن ركعتي الاحرام؟ يحتمل ذلك، وهو قول
الشافعي (7).
(المطلب الثالث)
(في كيفيته) الباطنة والظاهرة
(ويجب فيه ثلاثة:)
(أ: النية) ولا خلاف عندنا في وجوبها، وللشافعي وجهان (8). وفي
المبسوط: الأفضل أن تكون مقارنة للاحرام، فإن فاتت جاز تجديدها إلى وقت
التحلل (9). وفي المختلف: فيه نظر، فإن الأولى إبطال ما لم يقع بنية لفوات
الشرط (10).
وحمله الشهيد (11) على نية خصوص التمتع بعد نية الاحرام المطلق بناء على
ما يأتي، والاحرام بعمرة مفردة أو حج مفرد بناء على جواز العدول عنهما إلى

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 22 ب 16 من أبواب الاحرام ح 1.
(2) الجمل والعقود: ص 133.
(3) المهذب: ج 1 ص 219.
(4) إشارة السبق: ص 126.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 20.
(6) الوسيلة: ص 161.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 325 س 8.
(8) المجموع: ج 7 ص 224 - 225.
(9) المبسوط: ج 1 ص 307.
(10) مختلف الشيعة: ج 4 ص 34.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 339 درس 89.
253

التمتع. قال: وعقل بعضهم من قوله ذلك، تأخير النية عن التلبية (1).
قلت: وقد يكون النظر إلى ما أمضيناه من أن التروك لا يفتقر إلى النية، ولما
أجمع على اشتراط الاحرام بها كالصوم قلنا بها بالجملة، ولو قيل: التحلل بلحظة،
إذ لا دليل على أزيد من ذلك ولو لم يكن في الصوم، نحو قوله عليه السلام: لا صيام لمن
لم يبيت الصيام (2)، قلنا فيه بمثل ذلك، وإنما كان الأفضل المقارنة، لأن النية شرط
في ترتب الثواب على الترك.
(وهي القصد إلى ما يحرم له من) عمرة (حج الاسلام) أو حجه
(أو) عمرة (غيره) من نذر ونحوه أو حجه (متمتعا) أو غيره لوجوبه، أو
ندبه قربة إلى الله تعالى، كما في الشرائع (3) والنافع (4).
أما القربة فلا شك فيها، وأما الوجه ففيه الكلام المعروف، وأما الباقي فلتعيين
المنوي وتمييزه عن غيره، وسيأتي الكلام فيه.
(ويبطل الاحرام) عندنا (بتركها) أي النية (عمدا وسهوا) فما لم
يكن ينو لم يكن محرما، فلا يلزمه كفارة بفعل شئ من المحرمات، ولا يصح منه
سائر الأفعال من الطواف وغيره بنية النسك، إلا إذا تركها سوا على ما مر.
(ولا اعتبار بالنطق) كسائر النيات للأصل من غير معارض، فلو لم ينطق
بشئ من متعلق النية صحت وصح الاحرام، ولم يكن عليه شئ كما نص عليه
نحو صحيح حماد بن عثمان عن الصادق: قلت له: أريد أن أتمتع بالعمرة إلى
الحج كيف أقول؟ فقال: تقول: اللهم إني أريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج على
كتابك وسنة نبيك، وإن شئت أضمرت الذي تريد (5). نعم يستحب الدعاء المنقول
المتضمن للمنوي.

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 347 درس 90.
(2) عوالي اللآلي: ج 3 ص 132 ح 5.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 245.
(4) المختصر النافع: ص 82.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 24 ب 17 من أبواب الاحرام ح 1.
254

(فلو نوى نوعا ونطق بغيره) عمدا أو سهوا (صح المنوي) كما نص
عليه نحو قول الرضا عليه السلام في صحيح البزنطي: ينوي العمرة ويحرم بالحج (1). وما
رواه الحميري في قرب الإسناد عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن رجل
أحرم قبل التروية فأراد الاحرام بالحج يوم التروية فأخطاء فذكر العمرة،
فقال عليه السلام ثم: ليس عليه شئ فليعيد بالاحرام بالحج (2).
(ولو نطق من غير نية لم يصح احرامه) وهو ظاهر، وفي الحسن عن
الحلبي إنه سأل الصادق عليه السلام عن رجل لبى بحجة وعمرة وليس يريد الحج، قال:
ليس بشئ، ولا ينبغي له أن يفعل (3).
(ولو نوى الاحرام ولم يعين لا حجا ولا عمرة أو نواها معا فالأقرب
البطلان) أما الأول فلأنه لا بد في نية كل فعل تمييزه من الأغيار، وإلا لم يكن
نية، ولو جاز الابهام جاز للمصلي - مثلا - أن ينوي فعلا ما قربه إلى الله، إذ لا
فارق بين مراتب الابهام.
ولتضمن الأخبار التعيين كما سمعته الآن من خبري علي بن جعفر والبزنطي،
وأخبار الدعاء المتضمن لذكر المنوي، ولأنه لو جاز كان هو الأحوط لئلا يفتقر
إلى العدول إذا اضطر إليه، ولا يحتاج إلى اشتراط إن لم يكن حجة فعمرة. خلافا
للمبسوط (4) والمهذب (5) والوسيلة (6) ففيهما: إنه يصح، فإن لم يكن في أشهر الحج
انصرف إلى عمرة مفردة.
(وإن كان في أشهر الحج) تخير بينهما، وهو خيرة التذكرة (7) والمنتهى (8)،

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 29 ب 21 من أبواب الاحرام ح 2.
(2) قرب الإسناد: ص 104 مع اختلاف يسير.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 25 ب 17 من أبواب الاحرام ح 4.
(4) المبسوط: ج 1 ص 316.
(5) المهذب: ج 1 ص 219.
(6) الوسيلة: ص 161.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 5 32 س 18.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 675 س 4.
255

ولعله أقوى، لأن النسكين في الحقيقة غايتان للاحرام غير داخلين في حقيقته،
ولا يختلف حقيقة الاحرام نوعا ولا صنفا باختلاف غاياته، فالأصل عدم وجوب
التعيين، وأخبار التعيين مبنية على الغالب الفضل، وكذا العدول والاشتراط.
قال في المنتهى والتذكرة: ولأن الاحرام بالحج يخالف غيره من إحرام سائر
العبادات، لأنه لا يخرج منه بالفساد وإذا عقد عن غيره أو تطوعا وقع عن فرضه
فجاز أن ينعقد طلقا (1).
وفيهما أيضا الاستدلال بما يأتي عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه أهل إهلالا
كاهلال النبي صلى الله عليه وآله. ولم يكن يعرف إهلاله (2)، وما روته العامة أنه صلى الله عليه وآله خرج من
المدينة لا يسمى حجا ولا عمرة، ينتظر القضاء، فنزل عليه القضاء بين الصفا
والمروة (3)، وهو ممنوع، ولو سلم (4) جاز الاختصاص به صلى الله عليه وآله وبما قبل نزول
القضاء. ومنع في المختلف أن أمير المؤمنين عليه السلام لم يكن يعرف ما أهل به
النبي صلى الله عليه وآله، وتردد فيه (5).
وفي التحرير: إن كان عليه أحد الأنساك معينا انصرف إليه (6)، كما استقر به في
المنتهى (7) والتذكرة إما ولا إشكال فيه على ما قلناه. وفيهما أن التعيين أولى من
الابهام (9)، خلافا لأحد قولي الشافعي، لأن علمه تعيين ما هو متلبس به أولى.
قلت: وللخروج من الخلاف ومخالفة ظاهر الأخبار.
وفيهما أيضا عن العامة قول بأنه مع إبهام الاحرام - بأن طاف مبهما - ينعقد
حجا ويكون طوافه طواف القدوم، لأنه لا يفتقر إلى نية، وطواف العمرة لا يصح

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 675 س 12، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 325 س 23.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 675 س 8 تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 325 س 20.
(3) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 230.
(4) في ط: " علم ".
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 51.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 34.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 675 س 37.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 325 س 37.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 675 س 28، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 325 س 9 2.
256

بلا نية، ثم احتمل نفسه عدم الاعتداد بهذا الطواف، لأنه لم يقع في حج ولا
عمرة (1)، وهو الوجه عندي.
وأما الثاني: فلما مر من أنهما لا يقعان بنية واحدة في إحرام واحد، خلافا
لمن تقدم، فالنية فاسدة لفساد المنوي وإن كان في أشهر الحج. خلافا للخلاف (2)
والمبسوط ففيهما الصحة والتخيير بين النسكين (3)، وهو قوي على ما ذكرناه.
فإنهما إذا لم يدخلا في حقيقة الاحرام فكأنه نوى أن يحرم ليوقع بعد ذلك
النسكين، وليس فيه شئ.
وإن عزم على ايقاعهما في هذا الاحرام وإن لم يكن في أشهر الحج. وقصر
المحقق البطلان على أشهر الحج (4). ولعله مبني على أن الحج لما لم يكن في غيرها
لم يكن التعرض له، إلا لغوا محضا، بل خطأ.
ويجوز تعلق قوله: " وإن كان في أشهر الحج " بالمسألتين إشارة إلى خبري
إحرامي النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام، لوقوعهما فيها، ولأنه قد يضطر فيهما (5)
إلى الابهام، لأنه لا يدري بأيهما يأتي.
(ولو) عين لكن (نسي ما عينه تخير) كما في المبسوط (6) (إذا لم
يلزمه أحدها) وإلا أنصرف إليه، لأنه كان له الاحرام بأيهما شاء إذا لم يتعين
عليه أحدهما، فله صرف إحرامه إلى أيهما شاء لعدم الرجحان، وعدم جواز
الاحلال بدون النسك إلا إذا صد أو أحصر، ولا جمع بين النسكين في إحرام.
وفي الخلاف: يتعين العمرة (7)، وهو قول أحمد (8) لجواز العدول من الحج إلى
العمرة، ولا يجوز العكس إذا تمكن من أفعال العمرة، واستحسنه في المنتهى (9)

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 675 س 26، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 325 س 28.
(2) الخلاف: ج 1 ص 259 المسألة 24.
(3) المبسوط: ج 1 ص 316.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 245.
(5) في خ: " فيها ".
(6) المبسوط: ج 1 ص 317.
(7) الخلاف: ج 2 ص 290 المسألة 68.
(8) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 252.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 676 س 3.
257

والتحرير (1) وقال الشافعي في القديم: يتحرى، لأنه اشتباه في شرط العبادة
كالإناءين (2).
وفي التذكرة والتحرير: أنه لو تجدد الشك بعد الطواف جعلها عمرة متمتعا بها
إلى الحج (3). قال الشهيد: وهو حسن إن لم يتعين عليه غيره، وإلا صرف إليه (4).
(وكذا لو شك هل أحرم بهما) أو أحدهما معينا انصرف إلى ما عليه إن
كان عليه أحدهما، وإلا تخير بينهما ولزمه أحدهما. وإن كان الأصل البراءة وكان
الاحرام بهما فاسدا، فإن الأصل في الأفعال الصحة.
وكذا لو شك هل أحرم بهما (أو بأحدهما) معينا أو مبهما، أما إذا علم أنه
أحرم بهما أو بأحدهما مبهما فهو باطل على مختاره. وفي المبسوط: إن شك
هل أحرم بهما أو بأحدهما فعل أيهما شاء (5)، وهو أعم على مختاره من
أحدهما معينا ومبهما.
(ولو قال:) أي نوى إحراما (كإحرام فلان صح إن علم حال النية
صفته) حقيقة، (وإلا فلا) لما عرفت من وجوب تمييز المنوي من غيره،
خلافا للخلاف (6) والمبسوط (7) والشرائع (8) والمنتهى (9) والتذكرة (10).
أما بناء على أن الابهام لا يبطله أو على صحيح الحلبي وحسنه عن
الصادق عليه السلام في حجة الوداع أنه صلى الله عليه وآله قال: يا علي بأي شئ أهللت؟ فقال:
أهللت بما أهل النبي صلى الله عليه وآله (11). وصحيح معاوية بن عمار عنه عليه السلام أنه عليه السلام قال:

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 34.
(2) المجموع: ج 7 ص 233.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 325 س 38، تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 السطر الأخير.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 346 درس 90.
(5) المبسوط: ج 1 ص 317.
(6) الخلاف: ج 2 ص 290 المسألة 67.
(7) المبسوط: ج 1 ص 316.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 10245.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 675 س 22 - 24.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 325 س 26 - 27.
(11) وسائل الشيعة: ج 8 ص 157 ب 2 من أبواب أقسام الحج قطعة من حديث 14.
258

قلت: إهلال كاهلال النبي صلى الله عليه وآله (1). وليسا صريحين ولا ظاهرين في جهله عليه السلام
بما أحرم به النبي صلى الله عليه وآله، ولا في أنه نوى كذلك لاحتمالهما أن يكون قد نوى حج
القران كما نواه النبي صلى الله عليه وآله، كأن قلت في الأخير: بمعنى " لفظت " أو " نويت ".
ويؤيد الأخير أن الظاهر " إهلالا " مفعوله، ولكن في إعلام الورى للطبرسي
أنه عليه السلام قال: يا رسول الله لم تكتب إلي باهلالك، وقلت: إهلالا كاهلال
نبيك (2). ونحوه في روض الجنان للرازي (3)، وأيضا في خبري الحلبي: إن
النبي صلى الله عليه وآله كان ساق مائة بدنة فأشركه عليه السلام في الهدي، وجعل له سبعا
وثلاثين (4). وهو يطي أن لا يكون عليه السلام قد ساق، فكيف يكون نوى القران؟ بل
لعل " قلت " في الأخير بمعنى " لفظت " أو " نويت ".
قال الشيخ في المبسوط: وإن بان له أن فلانا ما أحرم أصلا، كان إحرامه
موقوفا، إن شاء حج وإن شاء اعتمر (5)، لأنه لو ذكر أنه أحرم بالحج جاز له أن
يفسخ ويجعله عمرة. وفي التذكرة: وكذا لو لم يعلم هل أحرم فلان أم لا لأصالة
عدم إحرامه (6) ونحوه في التحرير (7) والمنتهى (8).
وفي الخلاف: إذا أحرم كاحرام فلان وتعين له ما أحرم به عمل عليه، وإن لم
يعلم حج متمتعا، وقال الشافعي: يحج قارنا على ما يقولونه في القران، قال: دليلنا
أنا قد بينا أن ما يدعونه من القران لا يجوز، فإذا بطل ذلك يقتضي أن يأتي بالحج
متمتعا، لأنه يأتي بالحج والعمرة، وتبرأ ذمته بيقين بلا خلاف (9) انتهى.
يعني: إن لم يمكنه أن يعلم لموته أو غيبته أو نحوهما، وما ذكره هو الاحتياط.

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 152 ب 2 من أبواب أقسام الحج قطعة من حديث 4.
(2) إعلام الورى: ص 138.
(3) تفسير روح الجنان: ج 1 ص 317.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 157 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 14.
(5) المبسوط: ج 1 ص 317.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 5 32 س 27.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 30.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 675 س 25.
(9) الخلاف: ج 2 ص 290 المسألة 67.
259

فظاهر الشرائع (1) والتحرير (2) والتذكرة (3) والمنتهى (4) التوقف في لزومه عليه
لأصل البراءة، فيتخير بين الأنساك.
قال في التحرير: ولو لم يعين ثم شرع في الطواف قبل التعيين، فالأقوى أنه
لا يعتد بطوافه (5). وجعله في التذكرة والمنتهى احتمالا، لأنه لم يطف في حج ولا
عمرة (6). وحكي عن العامة قولا بأنه ينعقد حجا وينصرف طوافه إلى طواف
القدوم (7) لعدم افتقاره إلى نية.
(ب: التلبيات الأربع) لا أعرف خلافا في وجوبها، وفي الغنية: الاجماع
عليه (8).
(وصورتها) كما في الجامع (لبيك اللهم لبيك، لبيك إن الحمد والنعمة
والملك لك، لا شريك لك لبيك) (9)، وكذا في جمل السيد (10) وشرحه (11)
والمبسوط (12) والسرائر (13) والكافي (14) والغنية (15) والوسيلة (16) والمهذب (17)، ولكن
بتقديم " لك " على " الملك "، ويوافقه الأخبار (18)، وفي الأخبار (19) وفي

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 245.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 30.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 325 س 27.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 67 س 26.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 95 س 32.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 325 س 29. منتهى المطلب: ج 2 ص 675 س 27 - 28.
(7) المجموع: ج 7 ص 227.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 27.
(9) الجامع للشرائع: ص 182، وفيه: " لبيك ثلاث مرات ".
(10) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 67، رفيه: " لبيك
ثلاث مرات ".
(11) شرح جمل العلم والعمل: ص 217.
(12) المبسوط: ج 1 ص 316 وفيه: " لبيك ثلاث مرات ".
(3 1) السرائر: ج 1 ص 536.
(14) الكافي في الفقه: ص 193.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 25.
(16) الوسيلة: ص 161.
(17) المهذب: ج 1 ص 215.
(18) وسائل الشيعة: ج 9 ص 52 ب 40 من أبواب الاحرام.
(19) لم نظفر له برواية وكما أشار إلى ذلك أيضا صاحب الجواهر في جواهر الكلام ج 18 ص
231. وقال: لم أظفر له بخبر، فلاحظ.
260

النهاية (1) والإصباح (2) ذكره قبله وبعده جميعا.
وفي الفقيه: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك
والملك، لا شريك لك (3). وكذا في مقنع (4) والهداية (5) والأمالي (6) والمراسم (7).
وفي رسالة علي بن بابويه والمقنعة على ما حكي عنهما في المختلف، وكذا
عن القديمين (8). ويوافقه صحيح معاوية بن عمار، عن الصادق عليه السلام (9).
وصحيح عاصم بن حميد المروي في قرب الإسناد للحميري عنه عليه السلام (10).
وفي النافع (11) والشرائع: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك (2 1)، وكذا
فيما عندنا من نسخ المقنعة (13)، ويظهر الميل إليه من التحرير (14) والمنتهى (15).
قال المحقق: وقيل: يضيف إلى ذلك: أن الحمد والنعمة لك والملك لك لا
شريك لك. وقيل: بل يقول: لبيك اللهم لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك
لك لبيك، والأول أظهر (16).
قلت: لقول الصادق عليه السلام في حسن معاوية بن عمار: والتلبية أن تقول: لبيك
اللهم، لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك،

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 471 " وفي هامشه والنعمة والملك لك ".
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 459.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 326 ح 2585.
(4) المقنع: ص 69.
(5) الهداية: ص 55 وفيها: " اللهم لبيك لبيك وأن الحمد والملك لك.. ".
(6) الأمالي: ص 518.
(7) المراسم: ص 108.
(8) نقل عنهما في مختلف الشيعة: ج 4 ص 54.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 53 ب 40 من أبواب الاحرام ح 2.
(10) قرب الإسناد: ص 59.
(11) المختصر النافع: ص 82.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 246.
(13) المقنعة: ص 397.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 5.
(15) منتهى المطلب: ج 2 ص 676 س 34، وليس فيه: " اللهم ".
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 246.
261

لبيك ذا المعارج لبيك - إلى قوله عليه السلام: - واعلم أنه لا بد لك من التلبيات الأربع
التي كن أول الكلام، وهي الفريضة وهي التوحيد، وبها لبى المرسلون (1). فإنه إنما
أوجب التلبيات الأربع، وهي تتم بلفظ " لبيك " الرابع.
وفي صحيح عمر بن يزيد: إذا أحرمت من مسجد الشجرة فإن كنت ماشيا
لبيت من مكانك من المسجد تقول: لبيك لهم لبيك لا شريك لك لبيك لبيك ذا
المعارج لبيك لبيك بحجة تمامها عليك. واجهر بها كلما ركبت وكلما نزلت وكلما
هبطت واديا أو علوت أكمة، أو لقيت راكبا، وبالأسحار (2).
وأصحاب القول الثاني جعلوا الإشارة بالتلبيات. الأربع إلى ما قبل الخامسة،
وهو ظاهر المختلف (8). ويؤيده قول الرضا عليه السلام فيما نسب إليه بعد الدعاء: ثم يلبي
سرا بالتلبية - وهي المفترضات - تقول: لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك إن
الحمد والنعمة لك لا شريك لك، هذه الأربعة مفروضات (4).
وقول الصادق عليه السلام في خبر شرائع الدين الذي رواه الصدوق في الخصال عن
الأعمش: وفرائض الحج الاحرام والتلبيات الأربع وهي: لبيك للهم لبيك لبيك لا
شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك (5).
وقوله عليه السلام في صحيح عاصم بن حميد المروي في قرب الإسناد للحميري: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله لما انتهى إلى البيداء حيث الميل، قربت له ناقته فركبها، فلما
انبعثت به لبى بالأربع، فقال: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد
والنعمة والملك لك لا شريك لك، ثم قال: هاهنا يخسف بالأخابث، ثم قال: إن
الناس زادوا بعد، وهو حسن (6). انتهى.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 53 ب 40 من أبواب الاحرام ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 53 ب 40 من أبواب الاحرام ح 3.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 54.
(4) فقه الإمام الرضا: ص 216.
(5) الخصال: ج 2 ص 606.
(6) قرب الإسناد: ص 59.
262

ولا يعينه، ولا يعارض الأصل وصريح صحيح عمر بن يزيد (1). ولكن
الاحتياط الإضافة، إما كذلك كما في هذه الأخبار وصحيح ابن سنان عن
الصادق أعير (2)، أو بتأخير لبيك الثالثة كما قال صلى الله عليه وآله في خبر يوسف بن محمد
بن زياد وعلي بن محمد بن سيار، عن أبويهما، عن الحسن العسكري عليه السلام:
فنادى ربنا عز وجل يا أمة محمد فأجابوه كلهم وهم في أصلاب آبائهم
وأرحام أمهاتهم: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك
والملك لا شريك لك لبيك، فجعل الله عز وجل تلك الإجابة شعار الحج (3).
ومرسل الصدوق عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: جاء جبرئيل عليه السلام إلى
النبي صلى الله عليه وآله أنه فقال له: إن التلبية شعار المحرم فارفع صوتك بالتلبية: لبيك اللهم
لبيك (4)، إلى آخر ما في ذلك الخبر.
وأما القول الثالث - الذي قال به المصنف هنا وفي الإرشاد (5) والتبصرة (6)
وجعله الشهيد (7) أتم الصور الواجبة - فلم أظفر له بخبر لا بتقديم " لك " على
" الملك " ولا تأخيره، ولا ذكره مرتين قبله وبعده.
وفي الإقتصاد: يلبي فرضا واجبا فيقول: لبيك اللهم لبيك لبيك لبيك، إن الحمد
والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك، بحجة أو عمرة أو بحجة مفردة تمامها عليك
لبيك. وإن أضاف إلى ذلك ألفاظا مروية عن التلبيات كان أفضل (8). وقد يوهم
وجوب ما بعد الرابعة، ولم يقل به أحد.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 53 ب 40 من أبواب الاحرام ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 54 ب 40 من أبواب الاحرام ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 54 ب 40 من أبواب الاحرام ح 5.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 326 ح 2585.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 315.
(6) تبصرة المتعلمين: ص 62.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 347 درس 90.
(8) الإقتصاد: ص 301.
263

وفي التذكرة الاجماع على العدم (1)، وفي المنتهى إجماع أهل العلم عليه (2).
وفي المصباح ومختصره: لم يلبي: لبيك الله اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك إن
الحمد والنعمة لك والملك لك لا شريك لك، لبيك بمتعة إلى الحج لبيك. هذا إذا كان
متمتعا، فإن كان مفردا أو قارنا قال: لبيك بحجة تمامها عليك. فهذه التلبيات
الأربع لا بد من ذكرها وهي فرض، وإن أراد الفضل أضاف إلى ذلك لبيك ذا
المعارج (3)، إلى آخر ما ذكرناه.
وقال الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن وهب تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك
لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك لبيك بمتعة بعمرة إلى
الحج (4).
(ولا ينعقد إحرام) عمرة (التمتع و) عمرة (المفرد) وحجه (إلا
بها) بالاجماع كما في الإنتصار (5) والخلاف (6) والجواهر (7) والغنية (ما
والتذكرة (9) والمنتهى (10) بمعنى أنه ما لم يلب كان له ارتكاب المحرمات على
المحرم، ولا كفارة عليه، كما نطق به صحيح عبد الرحمن بن الحجاج وحفص عن
الصادق عليه السلام إنه صلى ركعتين في مسجد الشجرة، وعقد الاحرام، ثم خرج فأتى
بخبيص فيه زعفران فأكل منه (11).
وصحيح ابن الحجاج عنه عليه السلام في الرجل يقع على أهله بعد ما يعقد الاحرام

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 327 س 8 (2) منتهى المطلب: ج 2 ص 677 س 7.
(3) مصباح المتهجد: ص 619.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 52 ب 40 من أبواب الاحرام ح 1.
(5) الإنتصار: ص 102.
(6) الخلاف: ج 2 ص 289 المسألة 66.
(7) جواهر الفقه: ص 41 المسألة 143.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 25 و 27.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 327 س 4.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 676 س 28 - 29.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 17 ب 14 من أبواب الاحرام ح 3.
264

ولم يلب، قالي: ليس عليه شئ (1). وحسن حريز عنه عليه السلام: في الرجل إذا تهيأ
للاحرام فله أن يأتي النساء ما لم يعقد التلبية أو يلب (2). ومرسل الصدوق
عنه عليه السلام: إذا وقعت على أهلك بعد ما تعقد الاحرام وقبل أن تلبي فلا شئ
عليك (3). وخبره عن حفص بن البختري عنه عليه السلام فيمن عقد الاحرام في مسجد
الشجرة ثم وقع على أهله قبل أن يلبي، قال: ليس عليه شئ (4). ومرسل جميل
عن أحدهما عليهما السلام في رجل صلى الظهر في مسجد الشجرة وعقد الاحرام ثم مس
طيبا أو صاد صيدا أو واقع أهله، قال: ليس عليه شئ ما لم يلب (5). وما مر من
الأخبار الناصة على العقد بالتلبية في المطلب الثالث من المقصد الأول في تقديم
القارن والمفرد طوافهما على الوقوف.
وخبر زياد بن مروان سأل الكاظم أعير ما تقول في رجل تهيأ للاحرام وفرغ
من كل شئ الصلاة وجميع الشروط إلا أنه لم يلب آله أن ينقض ذلك ويواقع
النساء؟ فقال: نعم (6).
وجوز القاضي عقد المفرد وإحرامه بالاشعار أو التقليد (7)، وهو كما في
المختلف غريب (8)، إلا أن يريد بالقران الاحرام بالنسكين دفعة، وبالافراد الحج
عن العمرة قرنه بالسياق أولا.
وهل يجب مقارنة النية لها كمقارنة نية الصلاة للتكبير فلا يكون قبلها محرما
ولا بعدها بدون المقارنة، فلو أخرها عن الميقات وجب العود إليه؟ فيه خلاف،
وهو نص ابن إدريس على أنها كتكبيرة الصلاة (9) وابن حمزة على أنه إذا نوى

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 17 ب 14 من أبواب الاحرام ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 19 ب 14 من أبواب الاحرام ح 8.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 330 ح 2588.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 20 ب 14 من أبواب الاحرام ح 13.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 19 ب 14 من أبواب الاحرام ح 9.
(6) المصدر السابق ح 10.
(7) المهذب: ج 1 ص 214 - 215.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 51.
(9) السرائر: ج 1 ص 527.
265

ولم يلب، أو لبى ولم ينو لم يصح الاحرام (1) وابن سعيد على أنه يصير محرما
بالنية والتلبية أو ما قام مقامها (2).
وكأن هذه العبارات نصوص على الوجوب، وكأنهم استندوا إلى الاتفاق
على أن الاحرام إنما ينعقد بها لنير القارن، ولا معنى للانعقاد إلا التحقق
والحصول، ودلالة النصوص على لزوم الكفارات بموجباتها على المحرم مع
دلالتها على عدم اللزوم قبل التلبية، وإذا عرفت معنى الانعقاد بها ظهر لك اندفاع
الوجهين، فإن المعلوم من النصوص والفتاوى إنما هو توقف وجوب الكفارات
على التلبية، وهو المخصص لاطلاق وجوبها على المحرم.
وفي الخلاف: يجوز أن يلبي عقيب إحرامه، والأفضل أن يلبي إذا علت به
راحلته البيداء (3). وهو كالنص في العدم في النهاية، ولا بأس أن يأكل الانسان لحم
الصيد وينال النساء ويشم الطيب بعد عقد الاحرام ما لم يلب، فإذا لبى حرم عليه
جميع ذلك (4). ونحو منه في النافع (5) والمبسوط (6)، وكأنهما يريدان عقد نية
الاحرام كما في الشرائع (7).
ثم في النهاية: فمن ترك الاحرام متعمدا فلا حج له، وإن تركه ناسيا حتى
يجوز الميقات كان عليه أن يرجع إليه ويحرم منه إذا تمكن منه، فإن لم يتمكن
لضيق الوقت أو الخوف أو ما جرى مجراهما من أسباب الضرورات أحرم من
موضعه وقد أجزاه، فإن كان قد دخل مكة وأمكنه الخروج إلى خارج الحرم
فليخرج وليحرم منه، فإن لم يستطع ذلك أحرم من موضعه، ومن ترك التلبية
متعمدا فلا حج له، وإن تركها ناسيا ثم ذكر فليجدد التلبية وليس عليه شئ (8).

(1) الوسيلة: ص 161.
(2) الجامع للشرائع: ص 180.
(3) الخلاف: ج 2 ص 289 المسألة 65.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 470.
(5) المختصر النافع: ص 82.
(6) المبسوط: ج 1 ص 315.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 246.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 544.
266

ونحوه في المبسوط، بل قال فيه: لبى حين ذكر (1). وظهور عدم وجوب المقارنة
من هذه العبارات واضح.
وفي المصباح ومختصره بعد الدعاء الذي ساقته لفظ النية: لينهض من موضعه
ويمشي خطى ثم يلبي (2). وظاهره أيضا ذلك، وإن احتمل أن يؤخر النية إلى
التلبية كما فعله الحلبيان، فقال بعد ذلك ابن زهرة: ثم يجب عليه أن ينوي نية
الاحرام على الوجه الذي قدمناه ويعقده بالتلبية الواجبة (3). وقال أبو الصلاح بعد
ذلك: ثم يعقد احرامه بالتلبية الواجبة، أو باشعار هديه أو تقليده إن كان قارنا،
وليفتح ذلك بالنية (4). وفي المهذب: ويجوز لمن أحرم أن يأكل لحم الصيد، وينال
النساء، ويشم الطيب ما لم يعقد الاحرام بالتلبية، أو سياق الهدي واشعاره أو
تقليده (5).
وقد يظهر منه أيضا عدم المقارنة، ويحتمل هو وما تقدم أن لا يكون بالاحرام
قبل التلبية اعتبار، ولا له انعقاد وإن نواه وظن الانعقاد.
ويؤيد عدم الوجوب الأصل بلا معارض، فإن الفتاوى والأخبار إنما دلت
على توقف وجوب التكفير على التلبية.
وأما أخبار تأخيرها عن موضع صلاة الاحرام والألفاظ التي في آخرها لفظ
النية فلا يدل تأخيرها عن النية لجواز أن يراد تأخير النية أيضا، ويكون الألفاظ
ألفاظ العزم على الاحرام دون نية وهذا التوجيه في غاية البعد.
وفي التهذيب: ولا بأس. للمحرم باستعمال ما يجب عليه اجتنابه بعد الاحرام
قبل التلبية من النساء والصيد والطيب وما أشبه ذلك، فإذا لبى حرم عليه ذلك
كله، وإن فعل لزمته الكفارة (6). روى ذلك موسى بن القاسم عن ابن أبي عمير،

(1) المبسوط: ج 1 ص 382.
(2) مصباح المتهجد: ص 619.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 25.
(4) الكافي في الفقه: ص 208.
(5) المهذب: ج 1 ص 219.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 82 ذيل الحديث 271.
267

وصفوان عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا بأس أن يصلي
الرجل في مسجد الشجرة ويقول الذي يريد أن يقوله فلا يلبي، ثم يخرج
فيصيب من الصيد وغيره فليس عليه شئ (1). وعنه عن صفوان عن جميل بن
دراج عن بعض أصحابنا (2) إلى آخره ما سمعته من صحيح ابن الحجاج وصحيحه
مع حفص.
وعنه عن صفوان وابن أبي عمير، عن عبد الله بن مسكان، عن علي بن عبد
العزيز قال: اغتسل أبو عبد الله عليه السلام للاحرام بذي الحليفة، ثم قال لغلمانه: هاتوا ما
عندكم من الصيد حتى نأكله فأتي بحجلتين فأكلهما (3).
قال: والمعنى في هذه الأحاديث إن من اغتسل للاحرام وصلى وقال ما أراد
من القول بعد الصلاة لم يكن في الحقيقة محرما، وإنما يكون عاقدا للحج والعمرة،
وإنما يدخل في أن يكون محرما إذا لبى.
والذي يدل على هذا المعنى ما رواه موسى بن القاسم، عن صفوان، عن
معاوية بن عمار وغير معاوية ممن روى صفوان عنه هذه الأحاديث - يعني
الأحاديث المتقدمة - وقال: هي عندنا مستفيضة عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام
أنهما قالا: إذا صلى الرجل ركعتين وقال الذي يريد أن يقول من حج أو عمرة في
مقامه ذلك، فإنه إنما فرض على نفسه الحج، وعقد عقد الحج، وقالا: إن رسول الله
صلى الله عليه وآله حيث صلى في مسجد الشجرة صلى وعقد الحج، ولم يقولا صلى وعقد
الاحرام، فلذلك صار عندنا أن لا يكون عليه فيما أكل مما يحرم على المحرم،
لأنه قد جاء في الرجل يأكل الصيد قبل أن يلبي وقد صلى وقد قال الذي يريد أن
يقول ولكن لم يلب.
وقالوا: قال أبان بن تغلب، عن أبي عبد الله عليه السلام: يأكل الصيد وغيره، فإنما

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 82 ذيل الحديث 272.
(2) المصدر السابق ح 274.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 53 ح 276.
268

فرض على نفسه الذي قال، فليس له عندنا أن يرجع حتى يتم إحرامه، فإنما
فرضه عندنا عزيمة حين فعل ما فعل، لا يكون له أن يرجع إلى أهله حتى يمضي
وهو مباح له قبل ذلك، وله أن يرجع متى شاء، وإذا فرض على نفسه الحج ثم أتم
بالتلبية فقد حرم عليه الصيد وغيره ووجب عليه في فعله ما يجب على المحرم،
لأنه قد يوجب الاحرام أشياء ثلاثة: الاشعار والتلبية والتقليد، فإذا فعل شيئا من
هذه الثلاثة فقد أحرم، وإذا فعل الوجه الآخر قبل أن يلبي فقد فرض (1)، انتهى.
ونحوه الإستبصار (2)، وهو عين ما قلناه في معنى أن الاحرام إنما ينعقد
بالتلبية أو ما يقوم مقامها، وظاهر في أنه قبل التلبية محرم بمعنى " أنه نوى
الاحرام وأعقد " أي " نوى " ووجب على نفسه الاجتناب عن المحرمات،
والاتيان بالمناسك ومنها التلبية، ولذا ليس له نقضه والاحلال منه إلا بالاتمام أو
ما يجري مجراه، ولكن لا يلزمه شئ ما لم يلب، وظاهره أنه ليس عليه في العقد
تجديد النية عند التلبية، فلا يجب المقارنة.
(والأخرس يشير) بإصبعه ولسانه كما قال أمير المؤمنين عليه السلام في خبر
السكوني: تلبية الأخرس، وتشهده، وقراءة القرآن في الصلاة تحريك لسانه
وإشارته بإصبعه (3).
وليكن (مج عقد قلبه بها) كما في الشرائع (4)، لأنها بدونه لا يكون إشارة
إليها، ولذا لم يتعرض له الأكثر ولا ذكر في الخبر. وتعرض له أبو علي، ولم
يتعرض للإشارة، بل قال: يجزئه تحريك لسانه مع عقده إياها بقلبه، ثم قال:
ويلبي عن الصبي والأخرس وعن المغمى عليه (5). استنادا إلى خبر زرارة: إن

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 83 ذيل الحديث 276.
(2) الإستبصار: ج 2 ص 189 ذيل الحديث 634.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 52 ب 39 من أبواب الاحرام ح 1.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 245.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 56.
269

رجلا قدم حاجا لا يحسن أن يلبي، فاستفتى له أبو عبد الله عليه السلام فأمر أن يلبى
عنه (1). ولأن أفعال الحج والعمرة تقبل النيابة ولا تبرئ الذمة عنها بيقين ما لم
يوقعها بنفسه أو بنائبه.
وكما يجب تحريك اللسان للتلبية يجب التلفظ بها، فيوقع الأول بنفسه
والثاني بنائبه، ولا دلالة لكلامه، ولا للخبر على الاجتزاء بالتلبية عنه، وعدم
وجوب الإشارة ليخالف الخبر الأول، وعمل الأصحاب به، بل الأولى الجمع بين
الأمرين ولا ينافيه قوله أولا: " يجزئه تحريك لسانه مع عقده إياها بقلبه " فلعله
أراد أنه يجزئه فيما يلزمه مباشرته، فلا يرد عليه ما في المختلف من أنه يشعر
بعدم وجوب التلبية عليه، وأنه يجزئه النيابة مع أنه متمكن من الاتيان بها على
الهيئة الواجبة عليه مباشرته، فكيف يجوز له الاستنابة فيها (2).
ويحتمل أن يكون الإشارة للأخرس الذي يعرف التلبية والنيابة عن الأصم
الأبكم الذي لا يسمعها ولا يعرفها، فلا يمكنه الإشارة.
قال الشهيد: ولو تعذر على الأعجمي التلبية ففي ترجمتها نظر، وروي أن
غيره يلبي عنه (3). ولا يبعد عندي وجوب الأمرين، فالترجمة لكونها كإشارة
الأخرس وأوضح، والنيابة لمثل ما عرفت.
وأطلق في التحرير أنها لا تجوز بغير العربية (4)، وفي المنتهى (5) والتذكرة (6)
أنها لا تجوز بغيرها مع القدرة خلافا لأبي حنيفة (7) فأجازها بغيرها كتكبير الصلاة.
وقال ابن سعيد: من لم يتأت له التلبية لبى عنه غيره (8)، وهو يشمل
الأخرس والأعجمي.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 52 ب 39 من أبواب الاحرام ح 2.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 56.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 347 درس 90.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 7.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 677 س 4 3.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 327 س 23.
(7) الفتاوى الهندية: ج 1 ص 222.
(8) الجامع للشرائع: ص 180.
270

(ويتخير القارن في عقد إحرامه جمها) أي التلبية (أو بالاشعار المختص
بالبدن أو تقليد المشترك بينها) وبين غيرها من أنواع الهدي وفاقا للأكثر، لنحو
قول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: يوجب الاحرام ثلاثة أشياء التلبية
والاشعار والتقليد، فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم (1). وفي صحيحه أيضا:
والاشعار والتقليد بمنزلة التلبية (2). ونحوه في صحيح عمر بن يزيد: من أشعر بدنته
فقد أحرم وأن لم يتكلم بقليل ولا كثير (3).
وفي خبر جميل: ولا يشعر أبدا حتى يتهيأ للاحرام، لأنه إذا أشعر وقلد
وجلل وجب عليه الاحرام وهي منزلة التلبية (4). ونحوه صحيح حريز عنه عليه السلام (5).
وخلافا للسيد (6) وابن إدريس (7) فلم يعقد الاحرام إلا بالتلبية؟ للاحتياط
للاجماع عليها دون غيرها والتأسي، فإنه صلى الله عليه وآله لبى بالاتفاق، مع قوله: " خذوا
عني مناسككم " (8) وفيه: أنه إنما يطي الوجوب، وأصل البراءة ما لم يلب،
والأصل عدم قيام غير التلبية مقامها، واشتراط الشيخ في الجمل (9) والمبسوط (10)
وابنا حمزة (11) والبراج (12) الانعقاد بالاشعار أو التقليد ما يعجز عن التلبية، وكأنهم
به جمعوا بين هذه الأخبار عمومات نصوص الانعقاد بالتلبية.
(ولو جمع بين التلبية وأحدهما كان الثاني مستحبا) كما في الشرائع (13)
والأقوى الوجوب لاطلاق الأوامر والتأسي، وهو ظاهر من قبلهما. وأما السيد

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 202 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 20.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 200 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 11.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 202 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 21.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 200 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 201 ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 19.
(6) الإنتصار: ص 102.
(7) السرائر: ج 1 ص 532.
(8) عوالي اللآلي: ج 1 ص 215 ح 73.
(9) الجمل والعقود: ص 131.
(10) المبسوط: ج 1 ص 315.
(11) الوسيلة: ص 158.
(12) المهذب: ج 1 ص 214 - 215.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 239.
271

وبنو حمزة وإدريس والبراج والشيخ في المبسوط والجمل فحالهم ظاهرة مما
عرفت.
وفي المبسوط أيضا: ولا يجوز لهما - يعني القارن والمفرد - قطع التلبية إلا
بعد الزوال من يوم عرفة (1) ونحوه في النهاية (2). وفي النهاية أيضا: فرائض الحج
الاحرام من الميقات (3).
والتلبيات الأربع والطواف بالبيت إن كان متمتعا ثلاثة أطواف: طواف للعمرة
وطواف للزيارة وطواف للنساء، وإن كان قارنا أو مفردا طوافان. وفي المقنعة (4)
والمراسم: فأما القران فهو أن يهل الحاج من الميقات (5)، إلى آخر كلامهما.
والاهلال: هو رفع الصوت بالتلبية إلا أن يريد به الاحرام، ثم إنهما في باب
صفة الاحرام ذكر الدعاء الذي بعده النية وعقبها بالتلبيات، ثم قالا: وإن كان يريد
الاقران يقول: اللهم إني أريد الحج قارنا فسلم لي هديي وأعني على مناسكي
الحرم لك جسدي (6)، إلى آخر الكلام. وظاهره دخول التلبيات ووجوبها.
ثم ذكر سلار مراسم الحج، وأنها فعل وترك، وعدد الأفعال، ثم قال: وهذه
الأفعال على ضربين: واجب وندب، فالواجب: النية والمسير والاحرام ولبس
ثيابه والطواف والسعي والتلبية وسياق الهدي للمقرن والمتمتع (7). وهو صريح في
وجوب التلبية.
(ولو نوى ولبس الثوبين من غير تلبية لم يلزمه كفارة بفعل المحرم،
وكذا القارن إذا لم يلب ولم يشر ولم يقلد) كما اتضح لك مما مر.
(ج: لبس ثوبي الاحرام) كما في الشرائع (8) والمراسم (9) والنافع (10)

(1) المبسوط: ج 1 ص 317.
(2) النهاية: ج 1 ص 465.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 544.
(4) المقنعة: ص 390.
(5) المراسم: ص 103.
(6) المقنعة: ص 397، المراسم: ص 109.
(7) المراسم: ص 105.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 246.
(9) المراسم ص 105.
(10) مختصر النافع: ص 83.
272

والجمل والعقود (1) والوسيلة (2) والمهذب (3) والغنية (4) والجامع (5) وشرح القاضي
لجمل العلم والعمل (6) وظاهر غيرها، وهو ما عدا الثلاثة الأول أصرح فيه لقصرها
الاحرام في ثوب على الضرورة.
ونص القاضي على أنه لا يجوز الاحرام في ثوب إلا لضرورة (7)، وفي
التحرير: الاجماع عليه (8)، وفي المنتهى: لا نعلم في ذلك خلافا (9). وزاد قول
الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: ثم استك واغتسل والبس ثوبيك (10).
قلت: أما التجرد من المحرمات على المحرم، فوجوبه ظاهر، وأما لبس
الثوبين فإن كان على وجوبه إجماع كان هو الدليل، وإلا فالأخبار التي ظفرت بها
لا تصلح مستندا له، مع أن الأصل العدم، وكلام التحرير والمنتهى يحتمل الاتفاق
على حرمة ما يخالفها، والتمسك بالتأسي أيضا ضعيف، فإن اللبس من العادات
إلى أن يثبت كونه من العبادات، وفيه الكلام.
والشهيد مع قطعه بالوجوب، قال: لو كان الثوب طويلا فاتزر ببعضه وارتدى
بالباقي أو توشح أجزاء (11). وفيه نظر.
ثم قال: وهل اللبس من شرائط الصحة، حتى لو أحرم عاريا أو لابسا مخيطا
لم ينعقد نفع وظاهر الأصحاب انعقاده حيث قالوا: لو أحرم وعليه قميص نزعه
ولا يشقه، ولو لبسه بعد الاحرام وجب شقه واخراجه من تحت كما هو مروي (12).

(1) الجمل والعقود: ص 132.
(2) الوسيلة: ص 160.
(3) المهذب: ج 1 ص 219.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 19.
(5) الجامع للشرائع: ص 182.
(6) شرح جمل العلم والعمل: ص 217.
(7) المهذب: ج 1 ص 212. (ما تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 26.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص الملاس 34.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 9 ب 6 من أبواب الاحرام ح 4.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 344 درس 90.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 345 درس 90.
273

قلت: كلامهم هذا قد يدل على عدم الانعقاد به، فإن الشق والاخراج من
تحت للتحرز عن ستر الرأس، فلعلهم لم يوجبوه أولا لعدم الانعقاد. نعم الأصل
عدم اشتراط الانعقاد به، وقد يفهم من خبري عبد الصمد بن بشير (1) وخالد بن
محمد الأصم (2) الفارقين بين جاهل الحكم وعالمه إذا لبسه قبل التلبية.
وقال أبو علي: وليس ينعقد الاحرام إلا من الميقات بعد الغسل والتجرد
والصلاة (3).
وطريق لبس الثوبين أن (يأتزر بأحدها) كيف شاء، لكن خبر أبي سعيد
الأعرج عن الصادق عليه السلام نهى عن عقده في عنقه (4). وكذا خبر علي بن جعفر
المروي في مسائله (5). وفي قرب الإسناد للحميري عن أخيه عليه السلام قال: المحرم لا
يصلح له أن يعقد إزاره على رقبته، ولكن يثبته على عنقه ولا يعقده (6).
وفي الإحتجاج للطبرسي: إن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري كتب إلى
صاحب الأمر عليه السلام يسأله هل يجوز أن يشد عليه مكان العقد تكة؟ فأجاب: لا
يجوز شد المئزر بشئ سواه من تكة أو غيرها. وكتب أيضا يسأله يجوز له أن يشد
المئزر على عنقه بالطول أو يرفع من طرفيه إلى حقويه ويجمعهما في خاصرته
ويعقد هما ويخرج الطرفين الأخيرين بين رجلين ويرفعهما إلى خاصرته ويشد
طرفه إلى وركه فيكون مثل السراويل يستر ما هناك، فإن المئزر الأول كنا نتزر به
إذا ركب الرجل جمله انكشف ما هناك وهذا أستر؟ فأجاب عليه السلام: جائز أن يتزر
الانسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثا بمقراض ولا إبرة يخرجه من حد

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 125 ب 45 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 126 ب 45 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(3) نقل عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 51.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 135 ب 53 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(5) مسائل علي بن جعفر: ص 273 ح 678.
(6) قرب الإسناد: ص 106.
274

المئزر وغرزه غرزا ولم يعقده، ولم يشد بعضه ببعض، وإذا غطى السرة والركبتين
كليهما فإن السنة الجمع عليهما بغير خلاف في تغطية السرة والركبتين، والأحب
إلينا والأكمل لكل أحد شده على السبيل المألوفة المعروفة جميعا إن شاء الله (1).
(ويتوشح بالآخر) أي يدخل طرفه تحت إبطه الأيمن ويلقيه على عاتقه
الأيسر كالتوشح بالسيف كما ذكره الأزهري (2) وغيره، (أو يرتدي به) فيلقيه
على عاتقيه جميعا ويسترهما به، ولا يتعين عليه شئ من الهيئتين للأصل من غير
معارض، بل يجوز التوشح بالعكس أي إدخال طرفه تحت الإبط الأيسر وإلقاءه
على الأيمن، بل حقيقته يشملهما كما في حاشية الكتاب للشهيد (3)، لاشتقاقه من
الوشاح، وإنما اقتصروا على الأول تمثيلا لكثرته، ولعل من اقتصر على الرداء أو
الارتداء أو الاتشاح فإنما أراد الأعم أو التمثيل.
(وتجوز الزيادة) عليهما كما في حسن الحلبي: سأل الصادق عليه السلام عن
المحرم يرتدي بالثوبين؟ قال: نعم، والثلاثة إن شاء، يتقي بها البرد والحر (4).
واقتصر الشيخ (5) وجماعة على نحو مضمونه، ومنهم المصنف في التذكرة (6)
والمنتهى (7) والتحرير (8) ولكن الأصل الإباحة مطلقا، ولا ينافيه الخبر. وسأله
معاوية بن عمار في الحسن عن المحرم يقارن بين ثيابه وغيرها التي أحرم فيها،
قال: لا بأس بذلك إذا كانت طاهرة (9)، ولذا أطلق المصنف كالمحقق (10).

(1) الإحتجاج للطبرسي: توقيعات الناحية المقدسة ص 485 - 86 4.
(2) تهذيب اللغة: ج 5 ص 146 (مادة وشح).
(3) قواعد الأحكام (حاشية الشهيد): ج 1 ص 80.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 39 ب 30 من أبواب الاحرام ح 1.
(5) المبسوط: ج 1 ص 314.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 326 س 37.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 684 س 8.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 97 س 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 39 ب 30 من أبواب الاحرام ح 2.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 246.
275

(و) يجوز (الابدال) كما قال عليه السلام في حسنه أيضا: ولا بأس أن يحول
المحرم ثيابه (1)، (لكن الأفضل الطواف فيما أحرم فيه) لقول الصادق عليه السلام في
صحيح معاوية بن عمار: لا بأس بأن يغير المحرم ثيابه، لكن إذا دخل مكة لبس
ثوبي إحرامه اللذين أحرم فيهما، وكره أن يبيعهما (2). ولا يجب كما قد توهمه
عبارات الشيخ (3) وجماعة للأصل وعدم نصوصية هذا الخبر في الوجوب.
(وشرطهما جواز الصلاة في جنسهما) للمحرم كما في المبسوط (4)
والنهاية (5) والمصباح (6) ومختصره، والاقتصاد (7) والمراسم (8) والكافي (9)
والغنية (10) والنافع (11) والشرائع (12)، لقول الصادق أعين في حسن (13) حريز
وصحيحه (14): كل ثوب يصلي فيه فلا بأس أن يحرم فيه، وما سمعته الآن من
حسن (15) معاوية بن عمار وصحيحه (16) أيضا سأله عليه السلام عن المحرم يصيب ثوبه
الجنابة، قال: لا يلبسه حتى يغسله وإحرامه تام، ولنحو هذين الخبرين نص ابن
حمزة على عدم جواز الاحرام في الثوب النجس (17).
وقال الشيخ في المبسوط: ولا ينبغي أن يحرم إلا في ثياب طاهرة نظيفة (18).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 117 ب 38 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 39 ب 31 من أبواب الاحرام ح 1.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475.
(4) المبسوط: ج 1 ص 319.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 474.
(6) مصباح المتهجد: ص 618.
(7) الإقتصاد: ص 301.
(8) المراسم: ص 108.
(9) الكافي في الفقه: ص 207.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 19.
(11) المختصر النافع: ص 83.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 246.
(13) الكافي: ج 4 ص 9 33 ح 3.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 36 ب 27 من أبواب الاحرام ح 1.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 117 ب 37 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(16) المصدر السابق ح 1.
(17) الوسيلة: ص 163.
(18) المبسوط: ج 1 ص 319.
276

وفي النهاية: ولا يحرم إلا في ثياب طاهرة نظيفة (1)، ونحوه السرائر (2)، ولما
يأتي في الحرير للنساء.
ولخبر أبي بصير أنه سأل الصادق عليه السلام عن الخميصة سداها إبريسم ولحمتها
من غزل، قال: لا بأس أن يحرم فيها إنما يكره الخالص منه (3). ونحوه خبر
الصدوق بإسناده عن أبي الحسن النهدي (4).
قال في المنتهى: المراد بالكراهية هنا التحريم، لأن ليس الحرير محرم على
الرجال (5). واستدل في التذكرة على حرمة الاحرام في الحرير بأن لبسه محرم فلا
يكون عبادة (6)، وهو مبني على ما مر من وجوب لبس الثوبين مع اقتضاء النهي
الفساد.
والمحصل أنه إن كان اتفاق على وجوب جواز الصلاة فيهما فلا إشكال، وإلا
فإن اشترط الاحرام بلبس الثوبين اشترط إباحة لبسهما، فلا يجوز للرجال في
الحرير ولا في جلد الميت ولا في المغصوب، وكذا إذا أوجب، وإن لم يكن شرطا
لم يحصل الامتثال إلا بما يحل لبسه، إلا إذا لم يقتض النهي الفساد.
وأما سائر ما يشترط في ثوب الصلاة فلا أعرف الآن دليلا عليه إلا الخبرين
في الطهارة، وظاهرهما مبادرة المحرم إلى التطهير كلما تنجس وجوبا أو
استحبابا. ومفهوم خبر حريز (7) وهو بعد التسليم لا ينص على الحرمة، ولو سلمت
لم يفهم العموم وخصوصا للنجس الذي عرضه المانع من الصلاة.
وقد يقال: إن الجلود لا يدخل في الثوب عرفا، فلا يجوز الاحرام فيها مطلقا،
وخصوصا ما لا تصح الصلاة فيها، وإن لم يجب اللبس لا شرطا ولا غيره فحرمة

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 474.
(2) السرائر: ج 1 ص 2 54.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 38 ب 29 من أبواب الاحرام ح 1.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 337 ح 2611.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 682 س 2.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 326 س 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 36 ب 27 من أبواب الاحرام ح 1.
277

الحرير والمغصوب والميتة عامة للمحرم وغيره، لا يفتقر إلى دليل خاص، وما
عداها كما عرفت، وكثير من الأصحاب لم يتعرضوا لذلك كالشيخ في الجمل
وابني إدريس وسعيد.
ولم يذكر السيد في الجمل إلا الحرير، فقال: ولا يحرم في إبريسم (1)، وابن
حمزة إلا النجس، فقال: ولا يجوز الاحرام في الثوب النجس (2).
وقال المفيد: ولا يحرم في ديباج ولا حرير ولا خز مغشوش بوبر الأرانب أو
الثعالب (3)، ولم يذكر سوى ذلك. واقتصر الصدوق في المقنع (4) والفقيه (5) على
متون الأخبار التي سمعتها.
(والأقرب جواز الحرير للنساء) وفاقا لكتاب أحكام النساء للمفيد (6)
والسرائر (7) للأصل، وما مر من خبر حريز عن الصادق عليه السلام وفيه منع جواز
صلاتهن فيه. وخبر نضر بن سويد سأل الكاظم عليه السلام عن المحرمة أي شئ تلبس
من الثياب؟ قال: تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران والورس ولا تلبس
القفازين (8) الخبر.
وخلافا للشيخ (9) والصدوق (10)، وظاهر إطلاق عبارة السيد والمفيد اللتين
سمعتهما آنفا، وهو أحوط كما في الشرائع (11) للأخبار، كخبر أبي عيينة سأل
الصادق عليه السلام ما تحل للمرأة أن تلبس وهي محرمة؟ فقال: الثياب كلها ما خلا
القفازين والبرقع والحرير. قال: أتلبس الخز؟ قال: نعم. قال: فإن سداه إبريسم

(1) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 66.
(2) الوسيلة: ص 163.
(3) المقنعة: ص 396.
(4) المقنع: ص 72.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 338.
(6) أحكام النساء (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 35.
(7) السرائر: ج 1 ص 531.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 131 ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(9) المبسوط: ج 1 ص 319.
(10) المقنع: ص 71.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 246.
278

وهو حرير، فقال: ما لم يكن حريرا خالصا فلا بأس (1).
وخبر سماعة: سأله عليه السلام عن المحرمة تلبس الحريرة فقال: لا يصلح أن
تلبس حريرا محضا لا خلط فيه (2). وقوله في صحيح العيص: المرأة المحرمة تلبس
ما شاءت غير الحرير والقفازين (3). وفي مرسل ابن بكير: النساء تلبس الحرير
والديباج إلا في الاحرام (4). ولإسماعيل بن الفضل إذ سأله هل يصلح لها أن تلبس
ثوبا حريرا وهي محرمة؟ (5)
وما رواه البزنطي في نوادره عن جميل أنه سأله عليه السلام عن المتمتع كم يجزئه
قال: شاة، وعن المرأة تلبس الحريرة قال: لا (6). وما رواه الصدوق في الخصال
عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام من قوله: ويجوز للمرأة لبس الحرير والديباج في
غير صلاة وإحرام (7).
(ويلبس القباء منكوسا لو فقدهما) كما في السرائر (8)، لقول
الصادق عليه السلام في صحيح عمر بن يزيد: وإن لم يكن له رداء طرح قميصه على
عاتقه أو قباء بعد أن ينكسه (9). وفي خبر المثنى الحناط: من اضطر إلى ثوب وهو
محرم وليس معه إلا قباء فلينكسه، وليجعل أعلاه أسفله ويلبسه (10). ونحوه عن
نوادر البزنطي عن جميل عنه عليه السلام (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 42 ب 33 من أبواب الاحرام ح 3.
(2) المصدر السابق ح 7.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 43 ب 33 من أبواب الاحرام ح 9.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 275 ب 16 من أبواب لباس المصلي ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 43 ب 33 من أبواب الاحرام ح 10.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 43 ب 33 من أبواب الاحرام ح 8.
(7) الخصال: ص 588 ذيل الحديث 12.
(8) السرائر: ج 1 ص 543.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 124 ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(10) المصدر السابق ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 125 ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 8.
279

وفي النهاية (1) والتهذيب (2) والمبسوط (3) والوسيلة (4) والمهذب (5)
والنافع (6) والارشاد (7) مقلوبا كما في عدة أخبار، وهو يحتمل النكس، كما
حمله عليه ابن إدريس (8)، ويظهر من التهذيب وجعل الباطن ظاهرا، كما في خبر
ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء ويقلب
ظهره لباطنه (9). ولا يدخل يديه في الكمين كما نصت به الأخبار والأصحاب.
وفي الخلاف: يتوشح به ولا يدخل كتفيه فيه للاحتياط (10)، خلافا لأبي
حنيفة (11). وقطع ابن إدريس والشهيد (12) والمصنف هنا بالنكس، واستحسنه في
التذكرة (13)، لأنه أبعد من شبه لبس المخيط.
وخير في المختلف (14) والمنتهى (15) بين الأمرين كابن سعيد (16)، والأولى
الجمع كما يحتمله الشرائع (17) ثم الفتاوى، وإنما جوزت لبسه مع فقد الثوبين،
وظاهره أن لا يكون له أحد منهما كما هو نص كثير منهم، ومن الأخبار، وزادت
الاضطرار، إلا ما سمعته من خبري عمر بن يزيد (18) ومحمد بن مسلم (19) فليس
فيهما اضطرار ولا فقد غير الرداء، ووافقهما الشهيد (20)، وهو غير بعيد على القول

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 70 ح 228.
(3) المبسوط: ج 1 ص 320.
(4) الوسيلة: ص 162.
(5) المهذب: ج 1 ص 212.
(6) المختصر النافع: ص 83.
(7) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 316.
(8) السرائر: ج 1 ص 543.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 124 ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 7.
(10) الخلاف: ج 2 ص 297 المسألة 79.
(11) المجموع: ج 7 ص 266.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 344 درس 90.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 326 س 29.
(14) مختلف الشيعة: ج 4 ص 67.
(15) منتهى المطلب: ج 2 ص 683 س 26.
(16) الجامع للشرائع: ص 184.
(17) شرائع الاسلام: ج 1 ص 246.
(18) وسائل الشيعة: ج 9 ص 124 ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(19) المصدر السابق ح 7.
(20) الدروس الشرعية: ج 1 ص 344 درس 90.
280

بوجوب لبس الثوبين مع الامكان، مع احتمال أن لا يكون الواجب إلا الثوبين
المعهودين، وهما غير المخيطين، إذ لو سلم الاتفاق فعليهما.
والأحوط عندي التجنب لنير ضرورة، ومنها أن لا يكون له ثوب إلا رداء
لا يمكنه الاتزار به فيتزر إما بقباء أو سراويل أو نحوهما، فهذه المسألة وما يأتي
من فقد الإزار مسألة واحدة. ثم الظاهر أنه لا فدية عليه بلبس القباء على الوجه
المرخص له وإن لم ينص عليه في الأخبار، وإلا لم يجز النكس أو القلب وعدم
إدخال اليدين في الكمين، وصرح بذلك المصنف في التذكرة (1) والمنتهى (2)
والتحرير (3) والشيخ في الخلاف، ونفى عنه الخلاف إذا توشح به (4).
(المطلب الرابع)
(في المندوبات والمكروهات)
في الاحرام (و) بعده (يستحب رفع الصوت بالتلبية للرجل) وفاقا
للمشهور للأخبار والاجماع كما هو الظاهر، ولا يجب كما في التهذيب (5) للأصل،
وفي الخلاف ولم أجد من ذكر كونه فرضا (6)، وفي المصباح (7) ومختصره، وفي
أصحابنا من قال: الاجهار فرض.
قلت: ودليله ظاهر الأمر في الأخبار، وجوابه الحمل على الندب، خصوصا
نحو قول الصادق عليه السلام في صحيح عمر بن يزيد: واجهر بها كلما ركبت، وكلما
نزلت، وكلما هبطت واديا أو علوت اكمة أو لقيت راكبا وبالأسحار (8) وإلا وجب

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 326 س 24.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 683 س 19.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 32.
(4) الخلاف: ج 2 ص 297 المسألة 79.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 92 ذيل الحديث 300.
(6) الخلاف: ج 2 ص 291 المسألة 69.
(7) مصباح المتهجد: ص 620.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 54 ب 40 من أبواب الاحرام ح 3.
281

تكريرها في كل ذلك، وهو مشكل، فإن الأخبار الآمرة كثيرة ولا معارض.
(و) يستحب (تجديدها) لأنها شعار المحرم، وإجابة لندائه تعالى،
وذكر وتذكير، مع تضمنها في البين أذكار آخر، وللأخبار كقوله صلى الله عليه وآله في مرسل ابن
فضال: من لبى في احرامه سبعين مرة ايمانا واحتسابا أشهد الله له ألف ملك براءة
من النار وبراءة من النفاق (1). وفي مرسل الصدوق: ما من محرم يضحي ملبيا حتى
تزول الشمس إلا غابت ذنوبه معها (2)، وللتأسي قال جابر بن عبد الله في مرفوع،
ما بلغنا الروحاء حتى بحت أصواتنا (3).
وخصوصا (عند كل صعود وهبوط) على أكمة أو في واد أو على دابة أو
منها، كما في المقنعة (4) والمقنع (5) والمراسم (6) والفقيه (7).
(وحدوث حادث كنوم واستيقاظ وملاقاة غيره) وصلاة (وغير
ذلك) من الأحوال، لصحيح عمر بن يزيد الذي سمعته الآن، وخبر عبد الله بن
سنان عنه عليه السلام: إن النبي صلى الله عليه السلام كان يلبي كلما لقي راكبا أو على أكمة أو هبط واديا
ومن آخر الليل وفي أدبار الصلاة (8). وقوله صلى الله عليه وآله في صحيح معاوية بن عمار:
يقول ذلك في دبر كل صلاة مكتوبة ونافلة، وحين ينهض بك بعيرك، وإذا علوت
شرفا أو هبطت واديا أو لقيت راكبا أو استيقظت من منامك وبالأسحار أكثر ما
استطعت (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 56 ب 41 من أبواب الاحرام ح 1.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 222 ح 2238.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 50 ب 37 من أبواب الاحرام ح 1.
(4) المقنعة: ص 398.
(5) المقنع: ص 70.
(6) المراسم: ص 109.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 325 ح 2578.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 54 ب 40 من أبواب الاحرام ح 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 53 ب 40 من أبواب الاحرام ح 2.
282

وفي التذكرة (1) والمنتهى (2): إن استحباب ذلك بإجماع العلماء إلا مالكا فلا
يستحبه عند اصطدام الرفاق، ولم أر لمن قبل الفاضلين التعرض للنوم ولمن قبل
المصنف التعميم لكل حال.
وينتهي استحباب التكرير (إلى الزوال يوم عرفة للحاج) مطلقا وجوبا
كما هو نص الخلاف (3) والوسيلة (4)، وحكي عن الشيخ (5) وعلي بن بابويه (6)، لقول
أبي جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: الحاج يقطع التلبية يوم عرفة عند زوال
الشمس (7). وقول الصادق عليه السلام في خبر معاوية بن عمار: إذا زالت الشمس يوم
عرفة فاقطع التلبية عند زوال الشمس (8)، وظاهرهما الوجوب، وهو الاحتياط.
(و) إلى (مشاهدة بيوت مكة للمتمتع) في عمرته، لنحو قول
الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: المتمتع إذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية (9)،
وقولهما عليهما السلام في خبر سدير: إذا رأيت أبيات مكة فاقطع التلبية (10). وفي الخلاف:
الاجماع على وجوبه (11).
وعن زرارة أنه سأله غير أين يمسك المتمتع عن التلبية؟ فقال: إذا دخل
البيوت بيوت مكة لا بيوت الأبطح (12). وهو مع الضعف يحتمل الاشراف،
كقوله عليه السلام في حسن معاوية بن عمار: إذا دخلت مكة وأنت متمتع فنظرت إلى

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 327 س 32.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 678 س 16.
(3) الخلاف: ج 2 ص 292 المسألة 70.
(4) الوسيلة: ص 177.
(5) المبسوط: ج 1 ص 317.
(6) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 348 درس 90.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 59 ب 44 من أبواب الاحرام ح 1.
(8) المصدر السابق ح 5.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 57 ب 43 من أبواب الاحرام ح 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 58 ب 43 من أبواب الاحرام ح 5.
(11) الخلاف: ج 2 ص 292 المسألة 71.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 58 ب 43 من أبواب الاحرام ح 7.
283

بيوت مكة فاقطع التلبية (1).
وعن الشحام أنه سأله عليه السلام عن تلبية المتمتع متى يقطع؟ قال: حين يدخل
الحرم (2). وهو مع الضعف يحتمل الجواز كما في الفقيه (3) والاستبصار (4)، بمعنى
أنه إذا دخله لم يتأكد استحبابها كما هي قبله.
وفي حسن أبان بن تغلب أنه كان مع أبي جعفر عليه السلام في ناجية من المسجد
وقوم يلبون فقال: أترى هؤلاء الذين يلبون والله أبغض إلى الله من أصوات
الحمير (5). ثم في حسن معاوية بن عمار الذي سمعته الآن عقيب ما سمعته: وحد
بيوت مكة التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيين، فإن الناس قد أحدثوا بمكة ما لم
يكن، فاقطع التلبية، وعليك بالتكبير والتهليل والتحميد والثناء على الله عز وجل
بما استطعت (6).
وعن الفضيل أنه سأله عليه السلام أين عقبة المدنيين؟ فقال: بحيال القصارين (7).
وفي صحيح البزنطي أنه سأل الرضا عليه السلام عن المتمتع متى يقطع التلبية؟
قال: إذا نظر إلى عراش مكة ذي طوى، قال: قلت: بيوت مكة؟ قال نعم (8).
وجمع السيد (9) والشيخ بينهما بأن الأول لمن أتى على طريق المدينة
والثاني بطريق العراق (10)، وتبعهما سلار (11) وابن إدريس (12). وجمع

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 57 ب 43 من أبواب الاحرام ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 58 ب 43 من أبواب الاحرام ح 9.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 456 ذيل الحديث 2958.
(4) الإستبصار: ج 2 ص 177 ذيل الحديث 585.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 57 ب 43 من أبواب الاحرام ح 3.
(6) المصدر السابق ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 62 ب 45 من أبواب الاحرام ح 11.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 57 ب 43 من أبواب الاحرام ح 4.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 67.
(10) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 96 ذيل الحديث 316.
(11) المراسم: ص 109.
(12) السرائر: ج 1 ص 520.
284

الصدوقان. (1) والمفيد (2) بتخصيص الثاني بطريق المدينة. قال في المختلف: ولم
نقف لأحدهم على دليل (3)، وفي الغنية (4) والمهذب (5): حد بيوت مكة من عقبة
المدنيين إلى عقبة ذي طوى، وعن الحسن: وحد بيوت مكة عقبة المدنيين
والأبطح (6).
قلت: وذي طوى على ما في المصباح المنير: واد بقرب مكة على نحو فرسخ
في طريق التنعيم، ويعرف الآن بالزاهر (7). ونحو منه في تهذيب الأسماء، إلا أنه
قال موضع: بأسفل مكة (8)، ولم يحدد ما بينهما بفرسخ أو غيره.
(و) إلى (مشاهدة الكعبة للمعتمر افرادا إن كان قد خرج من مكة)
ليعتمر (وإلا فعند دخول الحرم) كما هو المشهور، لقول الصادق عليه السلام في
صحيح عمر بن يزيد: من خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع
التلبية حتى ينظر إلى الكعبة (9). ومرسل المفيد أنه عليه السلام سئل عن الملبي بالعمرة
المفردة بعد فراغه من الحج متى يقطع التلبية؟ قال: إذا رأى البيت (10). ونحو
قوله عليه السلام في حسن مرازم: يقطع صاحب العمرة المفردة التلبية إذا وضعت الإبل
أخفافها في الحرم (11). وهو كثير.
وأطلق الشيخ في الجمل (12) والاقتصاد (13) والمصباح (14) ومختصره قطعه

(1) المقنع: ص 80 ونقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 60.
(2) المقنعة: ص 398 - 9 39.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 60.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 1.
(5) المهذب: ج 1 ص 217.
(6) نقل عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 60.
(7) المصباح المنير: ج 2 ص 382 مادة " طوى ".
(8) تهذيب الأسماء واللغات: ج 2 ص 115 مادة " طوى ".
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 61 ب 45 من أبواب الاحرام ح 8.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 62 ب 45 من أبواب الاحرام ح 13.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 61 ب 45 من أبواب الاحرام ذيل الحديث 9.
(12) الجمل والعقود: ص 134.
(13) الإقتصاد: ص 301.
(14) مصباح المتهجد: ص 620.
285

عند دخول الحرم، لكن ظاهر سياق كلامه في الأخيرين في غير من خرج من
مكة، وأطلق الحلبي قطعه إذا عاين البيت (1).
وعن أبي خالد مولى علي بن يقطين أنه سأله عليه السلام عمن أحرم من حوالي
مكة من الجعرانة والشجرة من أين يقطع التلبية؟ قال: يقطع التلبية عند عروش
مكة وعروش مكة ذي طوى (2) ويحتمل التمتع.
وعن يونس بن يعقوب أنه سأله عليه السلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة من أين
يقطع التلبية؟ فقال: إذا رأيت بيوت ذي طوى فاقطع التلبية (3).
وقال عليه السلام في حسن معاوية بن عمار: من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية
حتى ينظر إلى المسجد (4). وعن الفضيل بن يسار أنه سأله عليه السلام دخل بعمرة فأين
يقطع التلبية؟ فقال: حيال العقبة عقبة المدنيين، فقال: أين عقبة المدنيين؟ قال:
حيال القصارين (5). ويحتمل عمرة التمتع، لكن الصدوق حمله على المفردة
وجمع بينه وبين ما تقدم بالتخيير (6). وفي النافع: أنه أشبه (7)، ولا بد منه للجمع بين
خبر المسجد وغيره.
وظاهر التهذيب (8) والاستبصار أنه إن خرج من مكة ليعتمر قطعها إذا رأى
الكعبة، وإلا فإن جاء من العراق فعند ذي طوى، وإن جاء من المدينة فعند عقبة
المدنيين، وإلا فعند دخول الحرم (9).

(1) الكافي في الفقه: ص 208.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 58 ب 43 من أبواب الاحرام ح 8.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 61 ب 45 من أبواب الاحرام ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 61 ب 45 من أبواب الاحرام ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 62 ب 45 من أبواب الاحرام ح 11.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 456 ذيل الحديث 2958.
(7) المختصر النافع: ص 83.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 93 ذيل الحديث 306.
(9) الإستبصار: ج 2 ص 177 ذيل الحديث 589.
286

(و) يستحب (الجهر بالتلبية للحاج) أي الناسك (على طريق المدينة
حيت يحرم للراجل و) تأخيره إلى (عند علو راحلته البيداء للراكب كما
في النافع (1) والشرائع (2) وفي الإستبصار في وجه (3).
ويحتمل الجملة الاسمية، وذلك لقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح عمر بن
يزيد: إن كنت ماشيا فاجهر بإهلالك وتلبيتك من المسجد، وإن كنت راكبا فإذا
علت بك راحلتك البيداء (4). وبه يجمع من نحو قول الصادق عليه السلام في صحيح
منصور بن حازم: إذا صليت عند مسجد الشجرة فلا تلب حتى تأتي البيداء
حيث يقول الناس: يخسف بالجيش (5). وما مر من الاتفاق على أن الاحرام
إنما ينعقد بالتلبية.
وخبر إسحاق عن الكاظم عليه السلام سأله إذا أحرم الرجل في دبر المكتوبة، أيلبي
حين ينهض به بعيره أو جالسا في دبر الصلاة؟ قال: أي ذلك شاء صنع (6). ودليل
جواز الجهر حيث يحرم وإن كان راكبا مع الأصل أن عبد الله بن سنان سأل
الصادق عليه السلام هل يجوز للمتمتع بالعمرة إلى الحج أن يظهر التلبية، في مسجد
الشجرة؟ فقال: نعم، إنما لبى النبي صلى الله عليه وآله في البيداء، لأن الناس لم يعرفوا التلبية
فأحب أن يعلمهم كيف التلبية (7).
ولم يفرق الصدوق في الفقيه (8) والهداية (9) وابن إدريس (10) بين المشي
والركوب، فاستحبا الاسرار قبل البيداء والجهر فيها مطلقا.

(1) المختصر النافع: ص 83.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 248.
(3) الإستبصار: ج 2 ص 170 ذيل الحديث 562.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 44 ب 34 من أبواب الاحرام ح 1 وفيه: " عن أبي عبد الله عليه السلام ".
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 44 ب 34 من أبواب الاحرام ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 46 ب 35 من أبواب الاحرام ح 4.
(7) المصدر السابق ح 2.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 528.
(9) الهداية: ص 55.
(10) السرائر: ج 1 ص 5035.
287

واستحب الشيخ (1) وبنو حمزة (2) والبراج (3) وسعيد (4) تأخير التلبية إلى
البيداء، بناء على ظاهر الأخبار، وأصل عدم اشتراط انعقاد الاحرام بها خرج ما
أجمع عليه من اشتراط الانعقاد بالمعنى الذي عرفته وبقي الباقي. وصحيح عمر بن
يزيد (5) لا ينافيه، إذ ليس فيه الاسرار قبل البيداء، والبيداء على ميل من ذي
الحليفة على ما في السرائر (6) والتحرير (7) والتذكرة (8) والمنتهى (9)...
ثم الشيخ (10) وابن سعيد (11) قيدا استحباب التأخير في غير أحد وجهي
الإستبصار بالركوب (12)، وأطلق الباقيان. ويؤيده قول الصادق عليه السلام في حسن
معاوية بن عمار: صل المكتوبة ثم أحرم بالحج أو بالمتعة وأخرج بغير تلبية حتى
تصعد إلى أول البيداء إلى أول ميل عن يسارك، فإذا استوت بك الأرض راكبا
كنت أو ماشيا فلب (13).
ثم الشيخ استحب في الإقتصاد تأخير الجهر مطلقا لا التلبية (14)، وفي
المصباح (15) ومختصره تأخير التلبية مطلقا حتى يمشي خطوات. واستحبه في
النهاية (16) والمبسوط (17) لمن أتى من غير طريق المدينة، فقد ذكر فيهما لطريق
المدينة ما سمعت. وكذا ابن سعيد (18) والمصنف في التحرير (19) والمنتهى (20)

(1) المبسوط: ج 1 ص 5 36.
(2) الوسيلة: ص 177.
(3) المهذب: ج 1 ص 216.
(4) الجامع للشرائع: ص 205.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 44 ب 34 من أبواب الاحرام ح 1.
(6) السرائر: ج 1 ص 535.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 16.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 328 س 3.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 679 س 31.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 470.
(11) الجامع للشرائع: ص 183.
(12) الإستبصار: ج 2 ص 170.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 44 ب 34 من أبواب الاحرام ح 6.
(14) الإقتصاد: ص 301.
(15) مصباح المتهجد: ص 619.
(16) النهاية ونكتها: ج 1 ص 471.
(17) المبسوط: ج 1 ص 316.
(18) الجامع للشرائع: ص 183.
(19) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 6 1.
(20) منتهى المطلب: ج 2 ص 679 س 19.
288

والتذكرة (1) لكن كلامه في الأخيرين قد يعطي إرادة تأخير الجهر، كما هو نص
السرائر (2).
ونهى القاضي عن الاعلان حتى يستوي على مركوبه (3)، وأمر الصدوق في
المقنع بالمضي هنيئة حتى تستوي به الأرض ثم يلبي ماشيا أو راكبا (4). واستحب
ابن حمزة تأخير جهر الماشي إلى أن يمشي خطوات، والراكب حتى ينهض به
بعيره (5).
ودليل التأخير قول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: إذا فرغت من
صلاتك، وعقدت ما تريد، فقم وامش هنيئة، فإذا استوت بك الأرض ماشيا كنت
أو راكبا فلب (6).
وفي صحيح هشام: إن أحرمت من غمرة أو من بريد البعث، صليت وقلت كما
يقول المحرم في دبر صلاتك، وإن شئت لبيت من موضعك، والفضل أن تمشي
قلبلا ثم تلبي (7).
وصحيح البزنطي المروي في قرب الإسناد للحميري عن الرضا عليه السلام سأله
كيف أصنع إذا أردت الاحرام؟ فقال: اعقد الاحرام في دبر الفريضة حتى إذا
استوت بك البيداء فلب، قال: أرأيت إذا كنت محرما من طريق العراق، قال: لب
إذا استوت بك بعيرك (8).
ووجه الحمل على الجهر ما عرفت مع تضمن الأخبار الاتيان بما يقوله
المحرم في موضعه، ومنه لفظ النية، وفيه مع ما عرفت احتمال استحباب تأخير

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 327 س 41.
(2) السرائر: ج 1 ص 536.
(3) المهذب: ج 1 ص 218.
(4) المقنع: ص 69.
(5) الوسيلة: ص 161.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 44 ب 34 من أبواب الاحرام ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 46 ب 35 من أبواب الاحرام ح 1.
(8) قرب الإسناد: ص 168.
289

النية أيضا، وكون ذلك لفظ العزم دون النية، ثم ما عدا حسن معاوية تعم الحج
والعمرة المفردة وغيرهما كما ترى.
(و) يستحب تأخير الجهر (للحاج من مكة) حتى (إذا أشرف على
الأبطح) أجهر، ويحتمل الجملة الاسمية، وهو موافق للنافع (1) والشرائع (2)
والمهذب (3) والغنية (4) والإصباح (5) والإشارة (6) والفقيه (7) والمقنع (8).
ودليله قول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي وعبد الرحمن بن الحجاج
ومعاوية بن عمار وحفص بن البختري جميعا: إن أهللت من المسجد الحرام
للحج، فإن شئت خلف المقام، وأفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء وتلبي
قبل أن تصير إلى الأبطح (9).
وفي حسن معاوية بن عمار: إذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح
فارفع صوتك بالتلبية (10).
وفي الهداية: ثم صل ركعتين لطوافك عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر ثم
اقعد حتى تزول الشمس، فإذا زالت فصل المكتوبة وقل مثل ما قلت يوم أحرمت
بالعقيق، ثم أخرج وعليك السكينة والوقار، فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون الردم
فلب فإذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية (11).
وفي المقنعة بعد الدعاء ولفظ النية: ثم ليلب حين ينهض به بعيره ويستوي به
قائما، وإن كان ماشيا فليلب من عند الحجر الأسود ويقول: لبيك لبيك بحجة

(1) المختصر النافع: ص 83 (2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 248.
(3) المهذب: ج 1 ص 217.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 34.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 463.
(6) إشارة السبق: ص 134.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 538.
(8) المقنع: ص 6 لمه.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 63 ب 46 من أبواب الاحرام ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 63 ب 46 من أبواب الاحرام ح 4.
(11) الهداية: ص 60.
290

تمامها عليك، ويقول وهو متوجه إلى منى: اللهم إياك أرجو وإياك أدعو فبلغني
أملي وأصلح لي عملي، فإذا انتهى الرقطاء دون الردم وأشرف على الأبطح فليرفع
صوته بالتلبية حتى يأتي منى (1). وفي شرح القاضي لجمل العلم والعمل: وإذا
أحرم بالحج يوم التروية فلا يلبي بعد عقد احرامه حتى ينتهي إلى الردم (2).
وفي النهاية: فإن كان ماشيا لبى من موضعه الذي صلى فيه، وإن كان راكبا
لبى إذا نهض به بعيره، فإذا انتهى إلى الردم وأشرف على الأبطح رفع صوته
بالتلبية (3). ونحوه المبسوط (4) والسرائر (5) والوسيلة (6) والجامع (7) والتحرير (8)
والمنتهى (9) والتذكرة (10) وروض الجنان، إلا أنه زاد قوله: ويسر بالتلبيات الأربع
المفروضة قائما أو قاعدا على باب المسجد أو خارجه مستقبل الحجر الأسود.
وفي التهذيب (91) والاستبصار (12) الماشي يلبي من الموضع الذي يصلي فيه،
والراكب يلبي عند الرقطاء أو عند شعب الدب، ولا يجهران بالتلبية إلا عند
الاشراف على الأبطح، وبه جمع بين خبري زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام متى يلبي
بالحج؟ قال: إذا خرجت إلى منى، ثم قال: إذا جعلت شعب الدب عن يمينك
والعقبة عن يسارك (13). وأبي بصير، عن الصادق عليه السلام قال: لم تلبي من المسجد
الحرام كما لبيت حين أحرمت (14).
واستدل عليه بقوله عليه السلام في خبر عمر بن يزيد: فإن كنت ماشيا فلب عند

(1) المقنعة: ص 407 - 408.
(2) شرح جمل العلم والعمل: ص 225.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 517.
(4) المبسوط: ج 1 ص 365.
(5) السرائر: ج 1 ص 584.
(6) الوسيلة: ص 177.
(7) الجامع للشرائع: ص 204.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 101 س 18.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 686 س 33.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 370 س 14.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 168 ذيل الحديث 560.
(12) الإستبصار: ج 2 ص 252 ذيل الحديث 885.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 63 ب 46 من أبواب الاحرام ح 5.
(14) المصدر السابق ح 3.
291

المقام وإن كنت راكبا فإذا نهض بك بعيرك (1). ونحوهما المصباح (2) ومختصره،
لكن ليس فيهما شعب الدب.
وفي الكافي: ثم يلبي مستمرا، فإذا نهض به بعيره أعلا بالتلبية، وإن كان
ماشيا فليجهر بها من عند الحجر الأسود (3).
قلت: أوضح ما وقفت عليه من الأخبار ما قدمتهما أولا فعليهما العمل،
ويحتملان تأخير نفس التلبية والجهر بها، والثاني أحوط، والردم موضع بمكة
ترى منه الكعبة، كذا في تهذيب الأسماء (4) مضاف إلى بني جمح وهو لبني فزارة،
كذا في القاموس (5).
(و) يستحب (التلفظ بالمنوي) من حج مفرد أو متمتع (به) أو عمرة
مفردة أو متمتع بها كما في النافع (6) والجامع (7) والشرائع (8) بأن يقول: لبيك بعمرة
أو بحج أو بعمرة إلى الحج أو بحج متعة أو عمرة متعة أو نحو ذلك؟ لقول
الصادق عليه السلام يم في صحيح معاوية بن وهب تقول: لبيك اللهم لبيك - إلى قوله: - لبيك
بمتعة بعمرة إلى الحج (9). وهذا الذي ذكره ابن حمزة، لكنه زاد بعد ذلك: لبيك (10).
وفي صحيح عمر بن يزيد: يقول: لبيك - إلى قوله: - لبيك بحجة تمامها
عليك (11). وصحيح يعقوب بن شعيب: سأله الجيم كيف ترى أن أهل؟ فقال: إن
شئت سميت وإن شئت لم تسم شيئا، فقال: كيف تصنع أنت؟ فقال: أجمعهما فأقول:

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 63 ب 46 من أبواب الاحرام ح 5. ح 2.
(2) مصباح المتهجد: ص 627.
(3) الكافي في الفقه: ص 212.
(4) تهذيب الأسماء: ج 2 ص 132 مادة " ردم ".
(5) القاموس المحيط: ج 4 ص 119 مادة " ردم ".
(6) المختصر النافع: ص 2 8.
(7) الجامع للشرائع: ص 182.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 245 - 246.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 52 ب 40 من أبواب الاحرام ح 1.
(10) الوسيلة: ص 161 - 162.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 53 ب 40 من أبواب الاحرام ح 3.
292

لبيك بحجة وعمرة معا (1). وما مر من قول أمير المؤمنين عليه السلام: بحجة وعمرة معا
لبيك (2). وهذا الذي ذكره القاضي (3)، ونهى عنه الحلبيان (4)، والمصنف في
المختلف (5)، لأن الاحرام لا تعلق بهما معا. وهو الوجه إن أريد ذلك، وإن أريد
التمتع بالعمرة إلى الحج جاز، وذكروا: لبيك متمتعا بالعمرة إلى الحج لبيك.
. وفي الفقيه (6) والمقنع (7) والهداية (8): لبيك بحجة وعمرة معا لبيك لبيك،
هذه عمرة متعة إلى الحج لبيك.
وفي النهاية (9) والمبسوط: إن أفضل ما يذكره في التلبية الحج والعمرة
معا (10)، إلا أن في الفقيه: والمراد بالعمرة المتمتع بها إلى الحج كما عرفت، وتفصح
عنه عبارة التهذيب (11) وكلام الصدوق هذا وهو معنى قول المصنف في التذكرة بعد
ما ذكر مثل ما في الكتاب: إذا عرفت هذا فيستحب أن يذكر في تلبيته الحج
والعمرة معا، فإن لم يمكنه للتقية أو غيرها اقتصر على ذكر الحج (12) انتهى.
ولا يجب شئ من ذلك كما توهمه عبارة المصباح ومختصره، فإنه ذكر
عقيب التلبيات الأربع: لبيك بمتعة وعمرة إلى الحج لبيك، ثم ذكر أنه إن أراد
الفضل أضاف إلى ذلك: لبيك ذا المعارج إلى آخر المندوبات، وقال: هذا إذا كان
متمتعا، فإن كان مفردا أو قارنا قال: لبيك بحجة تمامها عليك (13). وكذا الإقتصاد
ففيه: ثم يلبي فرضا واجبا فتقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك إن الحمد والنعمة لك
والملك لا شريك لك لبيك، بحجة وعمرة أو حجة تمامها عليك لبيك، ثم ذكر

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 30 ب 21 من أبواب الاحرام ح 6.
(2) المصدر السابق ح 7.
(3) المهذب: ج 1 ص 216.
(4) الكافي في الفقه: ص 208، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 512 س 34 - 35.
(5) مختلف المشيعة: ج 4 ص 24.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 529.
(7) المقنع: ص 69 - 70.
(8) الهداية: ص 56.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 471.
(10) المبسوط: ج 1 ص 316.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 53 ذيل الحديث 124.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 327 س 29.
(13) مصباح المتهجد: ص 9 61.
293

استحباب سائر التلبيات (1).
ويدل عليه الأصل وخلو أكثر الأخبار عنه، وما سمعته من صحيح يعقوب بن
شعيب (2)، ولم يستحبه الشافعي (3).
وقد يجب أو يستحب الترك للتقية ونحوها كما نطقت به الأخبار (4)
والأصحاب واقتضاء الاعتبار، وكما يستحب التلفظ بالمنوي في التلبية يستحب
قبلها بقوله: اللهم إني أريد التمتع باسرة إلى الحج على كتابك وسنة نبيك صلى الله عليه وآله إن
أراد التمتع، وبقوله: أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخي
وعصبي من النساء والثياب والطيب ابتغي بذلك وجهك والدار الآخرة، لورود هما
في الأخبار (5)، وقد تشملهما العبارة.
(و) يستحب الاشتراط، على الله (بأن يحله حيت حبسه) عن
الاتمام بأي نسك أحرم (و) في خصوص الحج يشترط (إن لم تكن حجة
فعمرة) خلافا لمالك والزهري وسعيد بن جبير وابن عمر وطاووس (6) للأخبار
وهي كثيرة جدا، لقول الصادق عليه السلام في خبر فضيل بن يسار: المعتمر عمرة مفردة
يشترط على ربه أن يحله حيث حبسه، ومفرد الحج يشترط على ربه إن لم يكن
حجة فعمرة (7).
وفي صحيح ابن بشأن: إذا أردت الاحرام بالتمتع فقل: اللهم إني أريد ما أمرت
به من التمتع بالعمرة إلى الحج فيسر ذلك وتقبله وأعني عليه، وحلني حيث

(1) الإقتصاد: ص 301.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 25 ب 17 من أبواب الاحرام ح 3.
(3) الأم: ج 2 ص 204.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 24 ب 17 من أبواب الاحرام.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 23 ب 16 من أبواب الاحرام ح 1.
(6) نقل عنهم ابن قدامة في المغني: ج 3 ص 231.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 33 ب 23 من أبواب الاحرام ح 2.
294

حبستني بقدرك الذي قدرت علي (1)، وفي صحيح معاوية بن عمار: تقول: اللهم
إني أسألك - إلى قوله: - فإن عرض لي شئ يحبسني فحلني حيث حبستني
لقدرتك الذي قدرت علي، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة (2). والظاهر الاتفاق عليه.
قال في المنتهى: الاشتراط مستحب بأي لفظ كان إذا أدى المعنى الذي نقلناه،
وإن أتى باللفظ المنقول كان أولى (3).
ولو نوى الاشتراط لم يتلفظ به، ففي التحرير: الوجه عدم الاعتداد به (4).
وتردد في المنتهى من أنه تابع للاحرام، وهو ينعقد بالنية، ومن أنه اشتراط فلا بد
فيه من القول كالنذر والاعتكاف، وهو أحق، فإن الأصل في الاحرام أن لا ينحل
إلا بإكمال الأفعال. قال: وتمنع انعقاد الاحرام بالنية لا غير، بل من شرطه عندنا
التلبية أيضا (5).
(و) يستحب (الاحرام في القطن) قطع به الأصحاب، ولعله للتأسي، لما
روي من إحرامه صلى الله عليه وآله في ثوبي كرسف (6)، وقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية
بن عمار: كان ثوبا رسول الله صلى الله عليه وآله اللذان أحرم فيهما يمانيين عبري وأظفار (7).
ولقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر أبي بصير: البسوا القطن، فإنه لباس رسول
الله صلى الله عليه وآله وهو لباسنا (8). وفي خبر أبي بصير وابن مسلم المروي في خصال
الصدوق: ألبسوا ثياب القطن فإنها لباس رسول الله صلى الله عليه وآله وهو لباسنا، ولم يكن
يلبس الشعر والصوف إلا من علة (9).
(9) الخصال 1 ص 61.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 23 ب 16 من أبواب الاحرام ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 22 ب 16 من أبواب الاحرام ج 1.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 680 س 16.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 19.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 680 س 17.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 37 ب 27 من أبواب الاحرام ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 36 ب 27 من أبواب الاحرام ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 357 ب 15 من أبواب أحكام الملابس ح 1.
(9) الخصال 1 ص 61.
295

(خصوصا البيض) لتظافر الأخبار بالأمر بلبسها، وكونها خير الثياب
وأحسنها أو أطهرها وأطيبها.
(ويكره الاحرام في المصبوغة بالسواد) لنحو قول الصادق عليه السلام للحسين
ابن المختار: لا يحرم في الثوب الأسود (1) وظاهر الأخبار بكراهية لبس الثوب
السواد مطلقا، كقول أمير المؤمنين عليه السلام: لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون (2).
وقول الصادق عليه السلام: يكره السواد إلا في ثلاثة الخف والعمامة والكساء (3).
وفي النهاية (4) والمبسوط (5) وفي الخلاف (6) والمقنعة (7) والوسيلة (8): لا
يجوز. وحمله ابن إدريس على شدة الكراهية (9) للأصل، وقول الصادق عليه السلام في
حسن حريز: كل ثوب يصلي فيه فلا بأس بأن يحرم فيه (10). مع الاجماع على
جواز الصلاة في الثياب السود.
(و) كذا مصبوغ (المعصفر) المشبع به كما في التحرير (11) والتذكرة (12)
والمنتهى (13). وهو نور معروف يقال لسلافته: الجربال.
(وشبهه) في الشهرة كالزعفران والورس بعد زوال ريحهما، لنحو خبر أبان
بن تغلب قال: سأل أبا عبد الله عليه السلام أخي وأنا حاضر عن الثوب يكون
مصبوغا بالعصفر لم يغسل، ألبسه وأنا محرم؟ فقال: نعم، ليس العصفر من الطيب،

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 36 ب 26 من أبواب الاحرام ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 278 ب 19 من أبواب لباس المصلي ح 5.
(3) المصدر السابق ح 1.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 474.
(5) المبسوط: ج 1 ص 319.
(6) الخلاف: ج 2 ص 298 المسألة 80.
(7) المقنعة: ص 396.
(8) الوسيلة: ص 168.
(9) السرائر: ج 1 ص 542.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 36 ب 27 من أبواب الاحرام ح 1.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 28.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 26 3 س 9.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 682 س 24.
296

ولكن أكره أن تلبس ما يشهرك به الناس (1). ونحو خبر عبد الله بن هلال
عنه عليه السلام (2).
وخبر عامر بن جذاعة سأله عليه السلام عن مصبغات الثياب يلبسها المحرم، قال: لا
بأس به إلا المقدمة المشهورة (3). وقوله عليه السلام في حسن الحلبي: لا تلبس المحرمة
الحلي، ولا الثياب المصبغات إلا ثوبا لا يردع (4). وصحيح الحسين بن أبي العلاء
سأله عليه السلام عن الثوب يصيبه الزعفران ثم يغسل فلا يذهب أيحرم فيه؟ فقال: لا
بأس به إذا ذهب ريحه، ولو كان مصبوغا كله إذا ضرب إلى البياض وغسل فلا
بأس (5). وحرم أبو حنيفة المعصفر لزعمه كون العصفر طيبا (6).
وكره ابن حمزة الثياب المقدمة والمصبوغة بطيب غير محرم عليه (7)، أي. غير
الزعفران والورس والمسك والعنبر والعود والكافور والأدهان الطيبة.
(و) يكره له (النوم عليها) أي على الثياب المصبوغة بما ذكر، ويقرب
منه كلام ابن حمزة حيث كره النوم على ما كره الاحرام فيه (8)، وأطلق في
النهاية (9) والمبسوط (10) والتهذيب (11) والجامع (12) والتذكرة (13) والتحرير (14)
والمنتهى (15) النوم على الفرش المصبوغة، ولم أظفر إلا بقول أبي جعفر عليه السلام لأبي

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 120 ب 40 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 119 ب 40 من أبواب ترك الاحرام ح 2.
(3) المصدر السابق ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 123 ب 43 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 122 ب 43 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(6) المجموع: ج 7 ص 282.
(7) الوسيلة: ص 164.
(8) الوسيلة: ص 164.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475.
(10) المبسوط: ج 1 ص 320.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 68 ذيل الحديث 220.
(12) الجامع للشرائع: ص 185.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 326 س 6 1.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 30.
(15) منتهى المطلب: ج 2 ص 3 68 س 4.
297

بصير في الصحيح: يكره للمحرم أن ينام على الفراش الأصفر والمرفقة الصفراء (1).
وقول أبي عبد الله عليه السلام مثله للمعلى بن خنيس (2). والأولى القصر عليه كما في
المقنع (3)، وكره في الدروس النوم على المصبوغ وخصوصا الأسود (4).
(و) يكره الاحرام في (الوسخة) لاستحباب النظافة، وصحيح ابن
مسلم: سأل أحدهما لجون عن الرجل يحرم في ثوب وسخ؟ قال: لا، ولا أقول: إنه
حرام، ولكن تطهيره أحب إلي، وطهوره غسله (5).
(و) في (المعلمة) لقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: لا بأس أن
يحرم الرجل في الثوب المعلم، وتركه أحب إلي إذا قدر على غيره (6). ولخروجها
عن خلوص البياض.
وقيدت في المبسوط بالإبريسم (7)، ولعله تبنيه بالأعلى على الأدنى لامكان
توهم حرمة المعلم به.
(و) يكره (النقاب للمرأة) كما في المقنع (8) والجمل والعقود (9) لقول
الصادق عليه السلام في صحيح العيص: كره النقاب للمرأة المحرمة (10). وخبر يحيى بن
أبي العلاء عنه عليه السلام: إنه كره للمحرمة البرقع والقفازين (11). ولعل المراد النقاب الذي
يسدل على الوجه من غير أن يمسه، لنقله في التذكرة (12) والمنتهى (13) إجماع

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 104 ب 28 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 104 ب 28 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(3) المقنع: ص 72.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 388 درس 102.
(5) وسلك الشيعة: ج 9 ص 117 ب 38 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 118 ب 39 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(7) المبسوط: ج 1 ص 320.
(8) المقنع: ص 72.
(9) الجمل والعقود: ص 136.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 129 ب 48 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 42 ب 33 من أبواب الاحرام ح 6.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 16.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 7 68 س 17.
298

العلماء كافة على حرمة تغطيتها وجهها، يعني بحيث يمس الغطاء الوجه، ويأتي
افتائه بذلك، والأخبار بالنهي كثيرة (1)، والخبران يحتملان الحرمة، فثبوت
الكراهية مشكل، وقد يكون سبب ذلك التردد في التذكرة (2) والشرائع (3). ويمكن
أن يوجه الكراهية بأنه في معرض الإصابة للوجه، وهي محرمة.
وقد يرشدك إلى ما ذكرناه من المعنى المقنع فإن فيه: ويكره النقاب، وبعده
بعدة أسطر: ولا يجوز للمرأة أن تتنقب، لأن إحرام المرأة في وجها وإحرام
الرجل في رأسه (4).
والتذكرة ففيها ما عرفت من التردد مع نقل الاجماع على حرمة تغطيتها
وجهها، وفي موضع آخر منها القطع بحرمة النقاب عليها (5)، ولكن شراح
الشرائع (6) حملوا التردد عليه في النقاب المصيب للوجه من الخبرين والأخبار
الناهية (7).
(و) يكره استعمال (الحناء قبله بما يبقى) أثره (معه) كما في النهاية (8)
والمبسوط (9) والسرائر (10) والشرائع (11) والجامع (12)، لخبر الكناني: سأل
الصادق عليه السلام عن امرأة خافت الشقاق فأرادت أن تحرم هل تخضب يدها بالحناء
قبل ذلك؟ قال: ما يعجبني أن تفعل (13). وهو نص في كراهيته لا للزينة.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 129 ب 48 من أبواب تروك الاحرام.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 344 س 11.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251.
(4) المقنع: ص 72.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 21.
(6) مسالك الأفهام: ج 1 ص 112 س 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 129 ب 48 من أبواب تروك الاحرام.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 477.
(9) المبسوط: ج 1 ص 321.
(10) السرائر: ج 1 ص 546.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251.
(12) الجامع للشرائع: ص 185.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 100 ب 23 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
299

وقيدت بها في الخلاف (1) والشرائع (2) والتذكرة (3) وخصت في غير الكتاب
والشرائع والجامع بالمرأة؟ لاختصاص النص بها. وكذا استعماله غالبا وتهيجه
الشهوة فيها أقوى وأغلب. واستحبه الشافعي لها مطلقا من غير قيد الزينة، وعدمها
مع قوله بكراهية لها بعد الاحرام (4). وعمم غير الفاضلين الخضاب، ولا بأس به.
ويأتي تحريم الحناء للزينة على رأي، وظاهره أنه رأيه، فإما أنه رجع عن
الكراهية إلى الحرمة، أوليس رأيه، أو فرق بين ما قبل الاحرام وما بعده للنص
وأصل الإباحة قبل تحقق المحرم، ويحتمل الأثر الذي لا يعد طيبا ولا زينة.
(و) يكره دخول (الحمام) بعد الاحرام، لخبر عقبة بن خالد سأل
الصادق عليه السلام عن المحرم يدخل الحمام؟ قال: لا يدخل (5). وزاد في التذكرة: إنه
نوع من الترفه (6) ولا يحرم للأصل والأخبار (7).
(و) يكره إن دخله (دلك الجسد فيه) لا بحيث يدمي أو يسقط الشعر،
لنحو قول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: لا بأس أن يدخل المحرم
الحمام، ولكن لا يتدلك (8). ولما فيه من الترفه والتعرض للادماء. وأجاز الشهيد (9)
حيث كرهه فيه وفي غيره ولو في الطهارة.
(و) يكره له (تلبية المنادي) كما هو المشهور، لنحو قول الصادق عليه السلام
في صحيح حماد بن عيسى: ليس للمحرم أن يلبي من دعاه حتى يقضي
إحرامه (10). ولأنه في مقام تلبية الله تعالى. ولا يحرم كما هو ظاهر

(1) الخلاف: ج 2 ص 295 المسألة 74.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 333 س 39.
(4) الأم: ج 2 ص 150.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 161 ب 76 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 340 س 15.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 161 ب 76 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 161 ب 76 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(9) اللمعة الدمشقية: ص 34.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 178 ب 91 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
300

التهذيب (1). للأصل، وظاهر مرسل الصدوق عن الصادق عليه السلام: يكره للرجل أن
يجيب بالتلبية إذا نودي وهو محرم (2).
(بل) ينبغي له أن (يقول، لمناديه: (يا سعد) كما في صحيح حماد بن
عيسى عن الصادق عليه السلام أو غير ذلك كما في التهذيب (3) والمبسوط (4) وغيرهما.
(و) يكره له (شم الرياحين) كما في الوسيلة (5) والشرائع (6) والنافع (7)
والريحان، كما في العين: اسم جامع للرياحين الطيبة الريح، قال: والريحان
أطراف كل بقلة طيبة الريح إذا خرج عليه أوائل النور (8). وفي النهاية الأثيرية:
هو كل نبت طيب الريح من أنواع المشموم (9).
وقال الطرزي في كتابيه: عند الفقهاء الريحان ما لساقه رائحة طيبة كالوردة،
والورد ما لورقه رائحة طيبة كالياسمين. وفي القاموس: نبت طيب الرائحة أو كل
نبت كذلك أو أطرافه أو ورقه (10) وأصله ذو الرائحة، وخص بذي الرائحة الطيبة، ثم
بالنبت الطيب الرائحة، ثم بما عدا الفواكه والأبازير، نم بما عداها ونبات
الصحراء، ومن الأبازير الزعفران، وهو المراد هنا، ثم بالمعروف باسيرم، وهو
الذي أراده صاحب القاموس أولا.
والكراهية لأنه ترفه وتلذذ، ونحو قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: لا
تمس ريحانا وأنت محرم (11)، وفي حسن معاوية بن عمار: لا ينبغي للمحرم أن

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 386 ذيل الحديث 1348.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 326 ح 2583.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 386 ح 1348.
(4) المبسوط: ج 1 ص 322.
(5) الوسيلة: ص 164.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 252.
(7) المختصر النافع: ص 85.
(8) كتاب العين: ج 3 ص 294 مادة " ريح ".
(9) النهاية: ج 2 ص 288 مادة " روح ".
(10) القاموس المحيط: ج 1 ص 224 مادة " روح ".
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 93 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
301

يتلذذ بريح طيبة (1).
ولا يحرم كما في المنتهى (2) والتحرير (3) والمختلف (4) والتذكرة (5)، وينسب
إلى المفيد وابن إدريس، ويحتمله عبارة المقنعة (6) والسرائر (7) للأصل وحصر
المحرم في خبر معاوية بن عمار (8) الآتي إن شاء الله تعالى في أربعة.
ودليل التحريم ظواهر النهي في الأخبار عن مطلق الطيب إن شمل الرياحين،
ونحو صحيح ابن سنان (9)، وقول الصادق عليه السلام في صحيح حريز: لا يمس المحرم
شيئا من الطيب ولا الريحان ولا يتلذذ به، فمن ابتلى بشئ من ذلك فليتصدق بقدر
ما صنع بقدر شبعه يعني من الطعام (10). ونحو منه حسنه (11). وزيد في المختلف
الاحتياط وكونه ترفها (12).
وفي التذكرة: إن النبات الطيب ثلاثة أقسام:
الأول: ما لا ينبت للطيب ولا يتخذ منه كنبات الصحراء من الشيح والقيصوم
والخزامي والإذخر والدار صيني والمصطكي والزنجبيل والسعد وحبق الماء
- بالحاء المفتوحة غير المعجمة والباء المنقطة تحتها نقطة المفتوحة والقاف - وهو
الحند قوقي، وقيل: الفوذبح. والفواكه كالتفاح والسفرجل والنارنج والأترج، وهذا
كله ليس بمحرم، ولا تتعلق به كفارة إجماعا، وكذا ما ينبته الآدميون لغير قصد
الطيب كالحناء والعصفر، لما روي أن أزواج رسول الله صلى الله عليه وآله كن يحرمن في

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 940 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 784 س 9.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 113 س 21.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 72.
(5) تذكرة الفشاء: ج 1 ص 333 س 26.
(6) المقنعة: ص 432.
(7) السرائر: ج 1 ص 545.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 94 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 93 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 95 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 11.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 94 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 6.
(12) مختلف الشيعة: ج 4 ص 72.
302

المعصفرات. ومن طريق الخاصة قول الصادق عليه السلام يعني في صحيح معاوية بن
عمار: لا بأس أن تشم الإذخر والقيصوم الخزامي والشيح وأشباهه وأنت محرم،
وسأل عمار الساباطي الصادق عليه السلام عن المحرم أياكل الأترج؟ قال: نعم، قال:
قلت: فإن ريحه طيبة، فقال: إن الأترج طعام ليس هو من الطيب، وسأل عبد الله
بن سنان الصادق عليه السلام عن الحناء، فقال: إن المحرم ليمسه ويداوي به بعيره وما هو
بطيب وما به بأس.
الثاني: ما ينبته الآدميون للطيب، ولا يتخذ منه طيب كالريحان الفارسي
والمرزجوش والنرجس والبرم قال الشيخ عليه السلام: فهذا لا يتعلق به كفارة ويكره
استعماله، وبه قال ابن عباس وعثمان بن عفان والحسن ومجاهد وإسحاق ومالك
وأبو حنيفة، لأنه لا يتخذ للطيب فأشبه العصفر، وقال الشافعي في الجديد: يجب
به الفدية ويكون محرما، وبه قال جابر وابن عمر وأبو ثور. وفي القديم: لا يتعلق
به الفدية، لأنه لا يبقى لها رائحة إذا جفت، وعن أحمد روايتان، لأنه يتخذ
للطيب فأشبه الورد.
الثالث: ما يقصد شمه ويتخذ منه الطيب كالياسمين والورد والنيلوفر، والظاهر
أن هذا يحرم شمه ويجب فيه الفدية، وبه قال الشافعي، لأن الفدية يجب فيما يتخذ
منه فكذا في أصله، وقال مالك وأبو حنيفة لا يجب (1).
ونحو ذلك في المنتهى، إلا أن فيه القطع بعدم الفدية في الثاني (2)، ولم يتعرض
فيه بحرمة أو كراهية. وكذا في التحرير، لكنه استقرب فيه تحريم الثاني أيضا،
ونص على عدم الفدية في الريحان الفارسي (3). وحرم في المختلف (4) شم
الرياحين إلا نبت الحرم؟ لعسر الاحتراس عنه كخلوق الكعبة وما بين الصفا

(1) تذكرة الفقهاء: خ 1 ص 333 س 26 - 35.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 784 س 9 - 20.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 113 س 21 - 23.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 72.
303

والمروة من الأعطار، ويأتي استحباب مضغ الإذخر، وبه الأخبار (1).
وفي الفقيه: عن إبراهيم بن أبي سفيان أنه كتب إلى أبي الحسن عليه السلام المحرم
يغسل يده بأشنان فيه الإذخر، فكتب: لا أحبه لك (2). وعن أبي علي أنه نفى
البأس عن شم الإذخر والقيصوم والخزامي والشيح وأشباهها ما لم يعتمد إليه (3).
(المطلب الخامس)
(في أحكامه)
أي الأحكام الشرعية التي له أو يترتب عليه (يجب على كل داخل مكة
الاحرام) للأخبار والاجماع على ما في الخلاف (4) وإن دخل في السنة مرتين أو
ثلاث كما في المقنع (5)، وخبر علي بن أبي حمزة عن الكاظم عليه السلام (6)، وفي
الجامع (7) والتذكرة (8) يجب على كل داخل الجرم، وبه صحيح عاصم حميد
سأل الصادق عليه السلام أيدخل الحرم أحد إلا محرما قال: لا، إلا مريض أو مبطون (9).
(إلا المتكرر) دخوله كل شهر بحيث يدخل في الشهر الذي خرج،
(كالحطاب) والحشاش والراعي وناقل الميرة ومن له ضيعة يتكرر لها دخوله
وخروجه إليها للحرج. وقول الصادق عليه السلام في صحيح رفاعة: إن الحطابة
والمجتلبة أتوا النبي صلى الله عليه وآله فسألوه فأذن لهم أن يدخلوا حلالا (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 316 ب 3 من أبواب مقدمات الطواف وما يتبعها.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 351 ح 2665.
(3) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 86.
(4) الخلاف: ج 2 ص 376 المسألة 222.
(5) المقنع: ص 84.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 69 ب 50 من أبواب الاحرام ح 10.
(7) الجامع للشرائع: ص 176.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 322 س 25.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 67 ب 50 من أبواب الاحرام ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 70 ب 51 من أبواب الاحرام ح 2.
304

وفي مرسل حفص بن البختري وأبان بن عثمان: إن رجع في الشهر الذي
خرج فيه دخل بغير إحرام، وإن دخل في غيره دخل بإحرام (1). وفي صحيح
جميل فيمن خرج إلى جدة: يدخل مكة بغير إحرام (2). وفي حسن حماد بن عيسى
في متمتع أتى بعمرته ثم خرج غير محرم بالحج ثم عاد في أبان الحج: إن رجع في
شهره دخل بغير إحرام، وإن دخل في غير الشهر دخل محرما (3). وفي مرسل
الصدوق نحو ذلك (4). وفيه النص على شهر الخروج.
وفي مرسل ابن بكير: إنه عليه السلام خرج إلى الربذة يشيع أبا جعفر، ثم دخل مكة
حلالا (5). وخبر ميمون القداح: إنه خرج مع أبي جعفر عليه السلام ومعه عمر بن دينا
وأناس من أصحابه إلى أرض بطيبة ثم دخل مكة ودخلوا معه بغير إحرام (6)
وظاهر المبسوط (7) والسرائر (8) الاتفاق عليه، ولم يذكر في النهاية (9) سوى
الحطابة، لكن ذكر فيها أن المتمتع إذا خرج بعد الفراغ من عمرته ثم عاد في شهر
خروجه جاز دخوله محلا وللعامة (10) قول بوجوب الاحرام على المتكررين كل
مرة وآخر بوجوبه عليهم كل سنة مرة، والظاهر من الشهر هنا العددي.
(و) إلا (من سبق له الاحرام قبل مضي شهر) كما في الشرائع (11)
والجامع (12) لعموم الأخبار بفصل شهر بين عمرتين (13)، ويعارضه عموم النهي عن

(1) المصدر السابق ح 4.
(2) المصدر السابق ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 219 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 6.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 378 ح 2752.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 70 ب 51 من أبواب الاحرام ح 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 69 ب 51 من أبواب الاحرام ح 1.
(7) المبسوط: ج 2 ص 361.
(8) السرائر: ج 1 ص 577.
(9) النهاية ونكتها: ج 2 ص 515.
(10) الأم: ج 2 ص 141، المجموع: ج 7 ص 11.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 252.
(12) الجامع للشرائع: ص 176.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 244 ب 6 من أبواب العمرة.
305

الدخول محلا، ولما سمعته آنفا من حسن حماد إن أريد بشهره شهر العمرة.
ولخبر إسحاق سأل الكاظم عليه السلام عن المتمتع يقضي متعة، ثم يبدو له الحاجة
فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض المعادن، قال: يرجع إلى مكة
بعمرة إن كان في غير الشهر الذي تمتع فيه، لأن لكل شهر عمرة وهو مرتهن
بالحج، قال: فإنه دخل في الشهر الذي خرج فيه، فقال: كان أبي عليه السلام مجاورا
هاهنا فخرج يتلقى بعض هؤلاء، فلما رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق
بالحج ودخل وهو محرم بالحج (1). لأن مفهومه أن لا يرجع بعمرة إن كان في شهر
العمرة.
وقد عرفت أن الاحرام بحج التمتع إنما يكون بمكة، فلم يبق إلا أن يدخله
محلا. والسؤال الثاني عن الدخول في شهر الخروج، على أنهم حملوا جوابه على
الفضل. وقوله عليه السلام: " وهو مرتهن بالحج لما يحتمل تعليل المفهوم بإنه لما كان مرتهنا
بالحج لم يكن عليه إحرام بعمرة إلا بعد مضي شهر فيعتمر ويجعل الأخيرة عمرة
التمتع.
وتعليل المنطوق بأنه لما ارتهن بالحج فمه البقاء على حكم عمرته بأن لا
يخرج من مكة أو يجددها إذا دخل، وظاهر السؤال الثاني السؤال عن دخول
المتمتع في شهر خروجه من مكة، أما في غير شهر عمرته أو طلقا فأجاب عليه السلام
بأن أباه يرجع في شهر خروجه محرما، فليرجع هذا أيضا إذا رجع في شهر خروجه
محرما بعمرة وإن كان عليه السلام أحرم بالحج.
وحينئذ لا إشكال مع جواز إرادته عليه السلام نجا لحج عمرة التمتع، بل مطلقا،
ويحتمل بعيدا احرامه أيضا بالحج، ولكن يشكل ما مر من أن ميقات حج التمتع
مكة، ويفتقر في الجواب إلى ما مر سابقا من العدول إلى الافراد أو القران أو من
التعبد هنا بالاحرام به من غيرها ثم تجديده بها، وهو ضعيف في الغاية، إذ لا مانع

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 220 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 8
306

من احرام بالعمرة إذا لم يكن في شهرها.
ويجوز أن لا يكون السؤال عن المتمتع، بل عن خرج فعاد في شهر خروجه
بأن يعود ضمير " فإنه " إلى الرجل ونحوه. ويجوز أن يريد بشهر الخروج شهر
العمرة الذي خرج فيه للعمرة أو بعدها، فإما أن يكون عليه السلام أعرض عن الجواب أو
أجاب بأن له الاحرام بعمرة بناء على جواز عمرتين في شهر وإن كان أبوه عليه السلام
أحرم بحج، أو أحرم عليه السلام أيضا بعمرة تمتع أو غيره، فعبر عنها بالحج أو له الاحرام
بحج التمتع وإن كان عليه التجديد بمكة، أو العدول إلى الافراد أو القران.
ثم التي دلت عليه الدلائل جواز الدخول محلا مع سبق الاحرام بعمرة قبل
مضي شهر، فالصواب القصر عليه كما في الجامع (1)، فلو كان سبق إحرامه بحج لم
يدخل إلا محرما بعمرة، وإن لم يمض شهر ففي الأخبار العمرة بعد الحج إذا أمكن
الموسى من الرأس.
وهل ابتداء الشهر! من إحرامه أو إحلاله على إشكال، من احتمال
الأخبار والفتاوى لهما، واقتضاء أصل البراءة الأول والاحتياط الثاني.
وقد يؤيد الأول بما في الأخبار من أن العمرة محسوبة لشهر لاهلال دون
الاحلال؟ ولذا شرع الاحرام، بها في رجب قبل الميقات.
والثاني بأنه لو بقي على إحرامه أزيد من شهر فخرج وهو محرم ثم عاد لم
يجب عليه تجديد إحرام، وضعفهما ظاهر.
وقوله: " على إشكال " يحتمل هذا الاشكال، والاشكال في استثناء من سبق
له إحرام لما أشرنا إليه من عموم النهي عن الدخول محلا، فيعارض عموم فصل
شهر بين عمرتين مع معارضته بأخبار فصل عشرة أيام وغيرها كما. يظهر إن شاء
الله تعالى، واحتمال شهره في خبر حماد لشهر الخروج (2)، وضعف خبر إسحاق (3)

(1) الجامع للشرائع: ص 179.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 219 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 220 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 8.
307

مع كون دلالته بالمفهوم، وخلو كلام أكثر الأصحاب عنه.
(و) إلا (الداخل بقتال مباح) كما في المبسوط (1) والسرائر (2)، قالا: كما
دخل النبي صلى الله عليه وآله عام الفتح وعليه المغفرة على رأسه بلا خلاف، ونفي الخلاف
يحتمل التعلق بالإباحة ويكون المغفر على رأسه صلى الله عليه وآله، وهو الوجه، لخلاف أبي
حنيفة (3)، قال في التذكرة: وكذا أصحابه (4).
وفي المنتهى: لأن النبي صلى الله عليه وآله دخلها عام الفتح وعليه عمامة سوداء. قال: لا
يقال: إنه كان مختصا بالنبي صلى الله عليه وآله لأنه قال عليه السلام: مكة حرام لم تحل لأحد قبلي،
ولا تحل لأحد بعدي، وإنما أحلت لي ساعة من نهار. لأنا نقول: يحتمل أن يكون
معناه أحلت لي ولمن هو في مثل حالي (5). قلت: لا يخفى ما فيه.
قال: لا يقال: إنه صلى الله عليه وآله دخل مكة مصالحا، وذلك ينافي أن يكون دخلها لقتال.
لأنا نقول: إنما كان وقع الصلح مع أبي سفيان ولم يثق بهم وخاف عذرهم، فلأجل
خوفه صلى الله عليه وآله ساغ له الدخول من غير إحرام (6). يعني إذا جاز لخوف القتال فله
أولى. والأقوى عدم الإباحة لعموم الأخبار الناهية (7)، ونطق أخبار دخوله صلى الله عليه وآله
محلا باختصاصه به، ولذا نسب الإباحة في الشرائع إلى القيل (8)، ولم يستثن
الشيخ إلا المرضى والحطابة (9).
وبقي مما يستثنى المريض كما في الإستبصار (10) والتهذيب (11) والنهاية (12)

(1) المبسوط: ج 1 ص 361.
(2) السرائر: ج 1 ص 577.
(3) المجموع: ج 7 ص 16.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 322 س 20.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 688 س 33.
(6) المصدر السابق س 35.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 67 ب 50 من أبواب الاحرام.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 252.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 515.
(10) الإستبصار: ج 2 ص 245 ح 855.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 165 ذيل الحديث 549.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 515.
308

والجامع (1) والمقنع (2) والنزهة (3)، لصحيح عاصم بن حميد سأل الصادق عليه السلام
أيدخل الحرم أحد إلا محرما، فقال: لا إلا مريض أو مبطون (4)، وما مر من صحيح
ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (5). ونسب في المنتهى إلى الرواية (6)
والأفضل الاحرام كما في التهذيب (7) والاستبصار متى أمكن (8)، لصحيح
رفاعة سأل الصادق عليه السلام عن رجل به بطن ووجع شديد، يدخل مكة حلالا؟ قال:
لا يدخلها إلا محرما (9). وبطريق آخر، سأله عليه السلام عن الرجل يعرض له المرض
الشديد قبل أن يدخل مكة، قال: لا يدخلها إلا بإحرام (10).
واستثنى العبيد أيضا في المنتهى قال: لأن السيد لم يأذن لهم في التشاغل
بالنسك عن خدمته، وإذا لم يجب عليهم حجة الاسلام لذلك فعدم وجوب الاحرام
لذلك أولى. قال: والبريد كذلك على إشكال (11).
قلت: من أنه أجير لعمل قد ينافيه الاحرام مع سبق حق المستأجر، ومن أنه
حر، وأدلة الاحرام عامة فهو مستثنى كالصلاة.
(ولو تركته الحائض ظنا أنه لا يجوز) منها (رجعت إلى الميقات
وأحرمت) منه كما في النهاية (12) والمبسوط (13) والتهذيب (14) والسرائر (15)

(1) الجامع للشرائع: ص 176.
(2) المقنع: ص 84.
(3) نزهة الناظر: ص 53.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 67 ب 50 من أبواب الاحرام ح 1.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 688 س 32.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 165 ذيل الحديث 552.
(8) الإستبصار: ج 2 ص 245 ح 867.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 67 ب 50 من أبواب الاحرام ح 3.
(10) المصدر السابق ح 8.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 689 س 9.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 547.
(13) المبسوط: ج 1 ص 313.
(14) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 389 ذيل الحديث 1361.
(15) السرائر: ج 1 ص 622.
309

والوسيلة (1) والجامع (2) والنافع (3) والشرائع (4)، وظاهر الجميع الوجوب كصريح
التذكرة (5) والمنتهى (6)، وظاهر عدة من الأخبار وقضية الاحتياط، وسمعت سابقا
من الأخبار ما نطق بعذر الجاهل، والنص على أن رجوعه إلى الميقات أفضل،
فإن تعذر الرجوع فمن موضعها ما لم يدخل الحرم.
(فإن) كانت (دخلت مكة) أو الحرم ولم يمكنها الرجوع إلى الميقات
(خرجت إلى أدق الحل) من المحرم وأحرمت منه.
(فإن تعذر فن مكة) أو موضعها - وقد مر الكلام في كل من أخر الاحرام
وما تخصها من الأخبار، وأن الميقات يعم المواقيت، وأنه إنما يقطع بوجوب العود
إليه إذا أرادت عرة تمتع أو حجا مفردا أو قرانا - وإلا فالظاهر، وخصوصا إذا لم
تكن أرادت دخول الحرم حين مرت بالميقات أنه يكفيها العود إلى أدنى الحل إن
دخلت الحرم، وإلا أحرمت من مكانها، أو أخرته إلى دون الحرم ولو اختيارا في
وجه.
(ولا يجوز للمحرم إنشاء) إحرام (آخر) بنسك آخر أو بمثله (قبل
إكمال لأول) إجماعا كما سبق، ويأتي الكلام في الاحرام بالحج قبل التقصير
المحلل (7) من العمرة ناسيا.
(ويجب إكمال ما أحرم له من حج أو عمرة) وإن أحرم له ندبا ما لم
يصد أو يحصر أو يعدل، بمعنى أنه لا يحل إلا بالاكمال أو حكمه إذا صد أو
أحصر أو إكمال المعدول إليه، أما لو لم يفعل شيئا من ذلك وبقي على إحرامه حتى
مات ولو سنين متعمدا لذلك لم يأثم ولم يكن عليه شئ، للأصل بلا معارض، إلا
قوله تعالى: " وأتموا الحج والعمرة لله " (8)، على وجه حكي عن مجاهد والمبرد

(1) الوسيلة: ص 192.
(2) الجامع للشرائع: ص 221.
(3) المختصر النافع: ص 86.
(4) شرائع الاسلام: 1 ص 252.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 399 س 15.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 855 س 30.
(7) في ط: " المحل ".
(8) البقرة: 196.
310

والجبائي وسعيد بن جبير وعطاء والسدي (1) واختاره الشيخ في التبيان (2)، ولا
يتعين لذلك.
(ولو أكمل عمرة التمتع المندوبة فني وجوب الحج) عليه كما في
النهاية (3) والمبسوط (4) والوسيلة (5) والمهذب (6) إشكال، من الأصل، وهو
خيرة السرائر من ارتباط عمرة التمتع بحجه (7) مع قوله: " أتموا الحج والعمرة "
والاحتياط والأخبار الناهية للمعتمر عمرة التمتع عمن يخرج من مكة إلا بعد
الاحرام بالحج (8)، وهي كثيرة، وهو خيرة المختلف (9) والايضاح (10).
(ويجوز لمن نوى الافراد " ولم يكن متعينا عليه (مع دخول مكة
الطواف والسعي والتقصير وجعلها عمرة التمتع) كما أمر به النبي صلى الله عليه وآله أصحابه
في حجة الوداع وقد سبق، وإنما يصح له العدول (ما لم يلعب) بعد الطواف
والسعي قبل التقصير.
(فإن لبى انعقد إحرامه) السابق وبقي على حجه المفرد كما في
التهذيب (11) والنهاية (12) والمبسوط (13) والوسيلة (14) والمهذب (15) والجامع (16)
والشرائع (17) لخبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام رجل يفرد الحج، فيطوف بالبيت
ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يبدو له أن يجعلها عمرة، فقال: إن كان لبى بعد ما

(1) الحاكي هو الشيخ في التبيان: ج 2 ص 154.
(2) التبيان: ج 2 ص 154.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 554.
(4 المبسوط: ج 1 ص 306.
(5) الوسيلة: ص 195.
(6) المهذب: ج 1 ص 272.
(7) السرائر: ج 1 ص 633.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 247 ب 7 من أبواب العمرة.
(9) مختلف الشيعة: ج 4 ص 362.
(10) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 321.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 90 ذيل الحديث 294.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 472.
(13) المبسوط: ج 1 ص 309.
(14) الوسيلة: ص 162.
(15) المهذب: ج 1 ص 217.
(16) الجامع للشرائع: ص 179.
(17) شرائع الاسلام: ج 1 ص 247.
311

سعى قبل أن يقصر فلا متعة له (1). وقد يؤيده الأمر بالتلبية إذا طاف قبل عرفات
لعقد الاحرام، ويأتي.
لم إن العدول يجوز قبل الطواف وبعده، قبل السعي وبعده، فإن الأخبار ناطقة
به بعد السعي، فقبله أولى، والتلبية المانعة منه بعد الطواف والسعي كما قلناه وفاقا
للتحرير (2) والمنتهى (3) والنافع (4) وفي النهاية (5) والمبسوط (6) والوسيلة (7)
والمهذب (8) والجامع (9) بعد الطواف والسعي، ويوافقه الخبر، ثم عبارة الكتاب
كالأكثر، والخبر إنما تمنع من العدول بعد التلبية، فإن عدل أولا قبل الطواف أو
السعي قبل التلبية ثم لبى فالظاهر أنه متمتع لبى تلبية في غير وقتها، ولا يضر ذلك
بعدوله ولا يقلب عمرته المعدول إليها حجة مفردة، خلافا لظاهر التحرير (10)
والمنتهى (11)، وتردد الشهيد (12).
(وقيل) في السرائر (13) (إنما الاعتبار بالقصد لا التلبية) فإنما الأعمال
بالنيات، مع ضعف الخبر ووحدته، وإليه مال المحقق في النافع (14) لنسبة الخبر
الأول إلى رواية، وبه أفتى فخر الاسلام مع حكمه بصحة الخبر، وقال: وهو اختيار
والدي (15).
وأقول: إنما يتم في العدول قبل الطواف، فإن العبرة بالنية في الأعمال، فإذا
عدل فطاف وسعى ناويا بهما عمرة التمتع لم يضر التلبية بعدهما شيئا. وقد سمعت

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 185 ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 9.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 93 س 30.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 663 س 25.
(4) المختصر النافع: ص 80.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 471.
(6) المبسوط: ج 1 ص 316 وفيه: " بعد الطواف فقط ".
(7) الوسيلة: ص 162، وفيه: " بعد الطواف فقط ".
(8) المهذب: ج 1 ص 216.
(9) الجامع للشرائع: ص 179.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 93 س 31.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 663 س 25.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 332.
(13) السرائر: ج 1 ص 536.
(14) مختصر النافع: ص 80.
(15) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 290.
312

أن كلامهم في العدول بعدهما، ولا يعمل حينئذ عملا يقرنه بهذه النية، ولا دليل
على اعتبار هذه النية بلا عمل، إلا أن يتمسك بأمر النبي صلى الله عليه وآله الصحابة بالعدول بعد
الفراغ من السعي من غير تفصيل.
(وللمشترط مع الحصر التحلل بالهدي) كما في المبسوط (1)
والخلاف (2) والشرائع (3) والنافع (4) لعموم الآية والأخبار والاحتياط.
وقول الصادق عليه السلام فيما حكاه ابن سعيد في الجامع عن كتاب المشيخة لابن
محبوب من خبر عامر بن عبد الله بن جداعة عنه عليه السلام في رجل خرج معتمرا
فاعتل في بعض الطريق وهو محرم، قال: ينحر بدنة ويحلق رأسه ويرجع إلى
رحله ولا يقرب النساء، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما، فإذا برئ من وجعه
اعتمر إن كان لم يشترط على ربه في إحرامه، وإن كان قد اشترط فليس عليه أن
يعتمر إلا أن يشاء فيعتمر. ويجب أن يعود للحج الواجب المستقر وللأداء إن
استمرت الاستطاعة في قابل، والعمرة الواجبة كذلك في الشهر الداخل، وإن كانا
متطوعين فهما بالخيار (5).
وقول الصادق عليه السلام في صحيحي ابن مسلم ورفاعة في القارن يحصر وقد
قال " واشترط فحلني حيث حبستني " قال: يبعث بهديه (6). لكنه إنما يفيد بعث
هدي السياق، ولا خلاف فيه. وفي الإيضاح: إجماع الأمة عليه (7).
(وفائدة الشرط جواز التحلل على رأي) وفاقا للمبسوط (8)
والخلاف (9) والمهذب في المحصور (10)، والوسيلة في المصدود (11)، أي عند

(1) المبسوط: ج 1 ص 334.
(2) الخلاف: ج 2 ص 431 المسألة 324.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 282.
(4) المختصر النافع: ص 100.
(5) الجامع للشرائع: ص 222.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 307 ب 4 من أبواب الاحصار والمهذب ح 1.
(7) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 290.
(8) المبسوط: ج 1 ص 334.
(9) الخلاف: ج 2 ص 431 المسألة 324.
(10) المهذب: ج 1 ص 270.
(11) الوسيلة: ص 194.
313

الاحصار كما في الشرائع (1) والتحرير (2) والتذكرة (3) والمنتهى (4)، أي من غير
تربص كما في النافع (5) وكشفه (6) وشرح إشكالات الشرائع (7)، لقول الصادق عليه السلام
في صحيح معاوية: إن الحسين بن علي عليه السلام خرج معتمرا فمرض في الطريق فبلغ
عليا عليه السلام وهو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا وهو مريض، فقال: يبني
ما تشتكي؟ قال: اشتكي رأسي، فدعا عليه السلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى
المدينة (8).
ونحوه صحيح رفاعة عنه عليه السلام كن فيه: إنه عليه السلام كان ساق بدنة فنحرها
وحلق رأسه (9). ويبعد حمل النحر على الارسال المنجر في محله والحلق على ما
بعده، نعم يمكن كون تعجيله الوجوه.
وهذه الإفادة متبادرة من صحيح المحاربي: سأل الصادق عليه السلام عن متمتع
بالعمرة إلى الحج، وأحصر بعد ما أحرم كيف يصنع؟ قال: أو ما اشترط على ربه
قبل أن يحرم أن يحله من إحرامه عند عارض عرض له من أمر الله؟ قال: بلى قد
اشترط ذلك، قال: فليرجع إلى أهله حلالا إحرام عليه، إن الله أحق من وفى بما
اشترط عليه (10).
وفي صحيح البزنطي سأل الرضا عليه السلام عن محرم انكسرت ساقه، أي شئ
يكون حاله وأي شئ عليه؟ قال: هو حلال من كل شئ، قال: من النساء والثياب
والطيب؟ قال: نعم، من جميع ما يحرم على المحرم، أما بلغك قول أبي عبد

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 282.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 123 س 10.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 397 س 2.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 680 س 25.
(5) مختصر النافع: ص 100.
(6) كشف الرموز: ج 1 ص 355.
(7) إيضاح ترددات الشرائع: ج 1 ص 208.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 302 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 309 ب 6 من أبواب الاحصار والصد ح 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 35 ب 24 من أبواب الاحرام ح 3.
314

الله عليه السلام: حلني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي (1).
أو طلقا كما يظهر من الوسيلة (2) والمهذب (3) والمبسوط (4) والخلاف (5)
وعبارة الكتاب، والأولان أظهر فيه نصا على أنه لا يتحلل إذا لم يشترط، وكان
دليله الاحتياط، وعموم الأمر بالتربص في الآية والأخبار، وهذان الصحيحان
لتعيينهما الاحلال لا تعجيله بالاشتراط. ويدفعه عموم الآية والأخبار في
الاحلال إذا بلغ الهدي محله.
لكن في صحيح ضريس: إنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل خرج متمتعا بعمرة
إلى الحج فلم يبلغ إلا يوم النحر، فقال: يقيم بمكة على إحرامه ويقطع التلبية حين
يدخل المحرم فيطوف بالبيت ويسعى ويحلق رأسه ويذبح ثم ينصرف إلى أهله،
فقال: هذا لمن اشترط على ربه حين إحرامه أن يحل حين حبسه، فإن لم يشترط
كان عليه الحج والعمرة من قابل (6). ومعناه أنه يبقى على إحرامه إلى قابل، لكن
يحتمل أن يكون القائل ضريسا.
وفي الإيضاح: إن معنى كلام المصنف ليس المنع من التحلل إذا لم يشترط،
بل معناه أن التحلل ممنوع منه، ومع العذر وعدم الاشتراط يكون جواز التحلل
رخصة، ومع الاشتراط يصير التحلل مباح الأصل، وسبب إباحته بالأصل
الاشتراط والعذر. قال: والفائدة تظهر فيما لو نذر أن يتصدق كلما فعل رخصة بكذا
وفي التعليق (7) انتهى. يعني وفي غير ما ذكر من تعليق كلما يقبل التعليق بالرخصة
أو مباح الأصل مطلقا أو باحلال مباح أصالة أو رخصة.
ولما ضعفت هذه الفائدة جدا ذكر أنه على فتوى المصنف لا أثر للاشتراط،

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 310 ب 8 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(2) الوسيلة: ص 194.
(3) المهذب: ج 1 ص 270.
(4) المبسوط: ج 1 ص 334.
(5) الخلاف: ج 2 ص 431 المسألة 324.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 65 ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(7) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 292.
315

بل يكون تعبدا محضا (1) كما ذهب إليه أكثر العامة (2). واستدل عليه بعموم الآية في
وجوب الهدي على المحصور وتربصه، وفعل النبي صلى الله عليه وآله في المصدود (3). وقد
يؤيده قول الصادق عليه السلام لحمزة بن حمران إذ سأله عن الذي يقول: حلني حيث
حبستني هو حل حيث حبسه، قال: أو لم يقل (4). ولزرارة في الحسن: هو حل إذا
حبسه اشترط أو لم يشترط (5).
ويمكن أن يراد أنه لا يفيد أصل التحلل، بل تعجيله أو سقوط الهدي. ويمكن
أن يريد أنه يفيد التحلل من كل شئ حتى النساء كما ينطق به صحيح البزنطي (6)
فإنما يظهر فائدته في الحصر.
لكن يدفعه صحيح معاوية بن عمار - المتقدم في حديث حصر الحسين عليه السلام نم:
سأل الصادق عليه السلام أرأيت حين برئ من وجعه أحل له النساء؟ فقال عليه السلام - لا
تحل له النساء حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، قال: فما بال النبي
صلى الله عليه وآله وسلم حين رجع إلى المدينة حل له النساء ولم يطف بالبيت؟ فقال: ليس هذا مثل
هذا، النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان مصدودا والحسين عليه السلام بم كان محصورا (7).
ويمكن قطع النظر فيه عن الشرط وكون السؤال عن المحصور إذا أحل هل
يحل له النساء كالمصدودة ويمكن بعيدا تقييد خبر البزنطي بما إذا طيف عنه.
وفي الإنتصار (8) والسرائر (9) والجامع (10) وحصر التحرير (11) والمنتهى (12)

(1) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 291.
(2) المجموع: ج 8 ص 353.
(3) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 291.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 35 ب 25 من أبواب الاحرام ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 35 ب 25 من أبواب الاحرام ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص. 31 ب 8 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 303 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 3.
(8) الإنتصار: ص 104.
(9) السرائر: ج 1 ص 640،
(10) الجامع للشرائع: ص 222.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 124 س 3.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 846 س 26.
316

والتذكرة (1). وصد الكتاب أنه يسقط الهدي؟ لظاهر صحيحي المحاربي (2)
والبزنطي (3). واستدل السيد بالاجماع على الاشتراط (4)، ولا فائدة له سواه، وهو
ممنوع لما عرفت، ولما يرى ابن إدريس على المصدود هديا (5)، فإنما يسقطه عن
المحصور.
وظاهر الوسيلة التردد في سقوطه عن المصدود (6) كحصر الكتاب وصد
التحرير (7) والتذكرة (8)، إلا أن في حصر الكتاب: وهل يسقط الهدي مع
الاشتراط في المحصور والمصدودة قولان، ويأتي له معنى آخر إن شاء الله
تعالى. وحكي في الإيضاح قول بأن فائدته سقوط الهدي عن المصدود وجواز
تحلل المحصور (9).
أما الأول: فلأنه يجوز له التحلل، اشترط أو لم يشترط، لخبري زرارة (10)
وحمزة بن حمران (11)، ولا يراد فيهما المحصور للآية، فلو لم يسقط الهدي لم يكن
له فائدة.
وأما الثاني: فلما روي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل على ضباعة بنت الزبير فقال لها:
لعلك أردت الحج؟ قالت: والله ما أجد بي إلا وجعة، فقال لها: حجي واشترطي
وقولي: اللهم تحلني حيث حبستني (12). وفي رواية قولي: لبيك اللهم لبيك، وتحلني

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 397 س 28.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 35 ب 24 من أبواب الاحرام ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 310 ب 8 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(4) الإنتصار: ص 105.
(5) السرائر: ج 1 ص 641.
(6) الوسيلة: ص 194.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 122 س 23.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 395 س 39.
(9) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 90 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 308 ب 5 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 34 ب 23 من أبواب الاحرام ح 4.
(12) سنن ابن ماجة: ج 2 ص 979 خ 2936.
317

من الأرض حيث حبستني، فإن لك على ربك ما استثنيت (1). ولكن إنما يتحلل
بهدي يبعثه ويتوقع بلوغه المحل للآية، وإن لم يشترط لم يحل حتى يدرك الحج
والعمرة. وفيه أن الآية مطلقة لم يقيد بالاشتراط، وسقوط التربص فائدة، ولا بأس
بانتفاء الفائدة في الصد.
(وإنما يصح الشرط) شرعا، ويترتب عليه أثر إذا قرن (مع) عذر
يتحقق معه (الفائدة) كما في المبسوط (2) (مثل) حلني (إن مرضت أو
منعني عدو أو قلت نفقتي أو ضاق الوقت) ذكرها كلها أو بعضها أو أجمل
كقوله: حيث حبستني، أو أن عرض لي شئ يحبسني) كما في الأخبار (3).
(ولو قال: أن تحلني حيث شئت) بضم التاء (فليس بشرط) مشروع
إذا لم يرد به خبر، فلا يفيد شيئا من إحلال أو تعجيل أو سقوط دم.
(ولا مع) حدوث (العذر) المسوغ للاحلال المفيد مع الشرط، لصحيح
أحد ما ذكر، وذلك لأن الاحلال وسقوط الدم خلاف الأصل، وكذا إفادة
الاشتراط، فيقصر على موضع النص والاجماع.
(ولا يسقط) الشرط (الحج) أو العمرة (عن المحصور) أو المصدود،
وكان المراد بالمحصور ما يعمه، وبالحج ما يعم العمرة (بالتحلل مع وجوبه)
أي الحج أو العمرة واستقراره أو وجود الاستطاعة الموجبة بعد التمكن للأصل
والأخبار، وكأنه لا خلاف فيه كما في المنتهى (4).
(ويسقط مع ندبه) كما في التهذيب (5) للأصل، وما سمعته عن كتاب
المشيخة لابن محبوب، وعموم قوله عليه السلام في صحيح ذريح المتقدم: فليرجع إلى

(1) كنز العمال: ج 5 ص 98 ح 12224.
(2) المبسوط: ج 1 ص 334.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 310 ب 8 من أبواب الاحصار والصد.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 680 س 19.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 295 ذيل الحديث 1000.
318

أهله حلالا إحرام عليه، ولا مدخل للشرط في سقوطه، بل ولا سقوط إلا باعتبار
ما يقال: يجب المضي في النسك إذا أحرم به، نعم يبقى حرمة النساء على
المحصور إلى أن يطاف عنه إلا مع الشرط في وجه عرفته.
(المطلب السادس)
(في تروكه) الواجبة
فقد مضت في المندوبة (والمحرم) من الأفعال على المحرم (عشرون)
لكن العاشر منها إنما يحرم عليه في الحرم، ولا مدخل للاحرام في حرمته.
وعد في التذكرة (1) والتحرير (2) منها عوض الحناء تغسيل المحرم الميت
بالكافور كالشرائع (3)، بناء على خروجه بالموت عن الاحرام. وحصرها في
التبصرة في أربعة عشر (4) كالنافع بإسقاط الحناء والسلاح، والنظر في المرآة،
واخراج الدم، والاكتحال بالسواد ولبس الخاتم (5). وأسقط في الإرشاد (6)
والمنتهى الحناء والسلاح فصارت ثمانية عشر (7). ولكل وجه كما سيظهر إن شاء
الله. ويأتي أن في قلع الضرس شاة، وهو لا يستلزم الحرمة.
وفي المنتهى: يجوز له أن يقطع ضرسه مع الحاجة إليه، لأنه تداو وليس بترفة
فكان سائغا كشرب الدواء. ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن الحسن الصيقل: إنه سأل
أبا عبد الله عليه السلام عن المحرم يؤذيه ضرسه أيقلعه؟ قال: نعم، لا بأس به (8)، انتهى.
وأفتى بمضمونه في المقنع (9)، وكذا عن أبي علي (10) ولم يوجبا شيئا.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 335 س 18.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 111 س 26.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251.
(4) تبصرة المتعلمين: ص 62.
(5) المختصر النافع: ص 84.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 318.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 784 س 25.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 795 س 33.
(9) المقنع: ص 74.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 177.
319

وحرم الحلبي الاغتسال للتبريد (1). قال في المختلف: وهو غريب، قال:
وربما احتج له بأن إفاضة الماء على الرأس يستلزم التغطية، وهو ممنوع منه، فإن
قصد ذلك فهو مسلم، وإلا فلا (2)، انتهى. يعني فلا يجوز الإفاضة لغير ضرورة من
رفع حدت وخبث أو غسل مستحب.
ويمكن أن يكون روى خبر زرارة سأل الصادق عليه السلام هل يغتسل المحرم
بالماء، قال: لا بأس أن يغتسل بالماء ويصب على رأسه ما لم يكن ملتذا، فلا
يفض على رأسه الماء إلا من الاحتلام (3). بإعجام الدال وتشديدها بعد التاء
الفوقانية من الالتذاذ.
(أ) من المحرمات: (الصيد) أي ما يتعلق به من الأفعال الآتية (وهو
الحيوان الممتنع بالأصالة) حلالا أو حراما، قال الراوندي: هو مذهبنا (4)
وأصله كما في المقاييس: ركوب الشئ رأسه ومضيه غير ملتفت (5). قال في
التحرير (6) والمنتهى (7) وقيل: يشترط أن يكون حلالا.
قلت: وهو قول المبسوط (8) والنافع (9) مع إيجابهما الكفارة في الثعلب
والأرنب والقنفذ واليربوع والضب، فكأنه لخصوص نصوصها لا لدخولها في
الصيد. ولكن لا يعرف دليل الاختصاص بالمحلل مع عموم اللغة، وقوله تعالى:
" لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم " (10). وما ينسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام من قوله:
صيد الملوك ثعالب وأرانب * وإذا ركبت فصيدي الأبطال (11)

(1) الكافي في الفقه: ص 203.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 83.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 160 ب 75 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(4) فقه القرآن: ج 1 ص 306.
(5) مقاييس اللغة: ج 3 ص 325 مادة " صيد ".
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 111 س 29.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 818 س 17.
(8) المبسوط: ج 1 ص 338.
(9) مختصر النافع: ص 101.
(10) المائدة: 95.
(11) لم نعثر عليه في ديوان علي عليه السلام المطبوع ونقله عنه عليه السلام الراوندي في فقه القرآن: ج 1 ص 306.
320

وقول الرب: سيد الصيد الأسد وقول شاعرهم:
ليث تزبى زبية فاصطيدا (1)
وقول الصادق عليه السلام في حسن معاوية بن عمار: إذا أحرمت فاتق قتل الدواب
كلها إلا الأفعى والعقرب والفأرة (2). وفي حسن الحلبي وصحيحه: لا تستحلن
شيئا من الصيد وأنت حرام ولا وأنت حلال في الحرم (3) وورود الأخبار
بالكفارات لأنواع من المحرمات كالثعلب والأرنب والضب والزنبور (4) كما
سيظهر.
إلا أن يقال: المتبادر من قوله تعالى: " حرم عليكم صيد البر ما دمتم
حرما " (5) حرمة أكله، ولا اختصاص لحرمة المحرم منه بالمحرم، وكذا قوله
تعالى: " فجزاء مثل ما قتل من النعم " (6) يفيد أن يكون له مثل من النعم،
والمحرمات ليست كذلك مع أصل الحل والبراءة.
وفي الدروس: إنه الحيوان المحلل، إلا أن يكون أسدا أو ثعلبا أو أرنبا أو ضبا
أو قنفذا أو يربوعا الممتنع بالأصالة البري، فلا يحرم قتل الضبع والنمر والصقر
وشبههما والفأرة والحية، ولا رمي الحدأة والغراب عن البعير، ولا الحيوان الأهلي
ولو صار وحشيا، ولا الدجاج وإن كان حبشيا، ولا يحل الممتنع بصيرورته
إنسيا (7).
وفي النهاية (8) والسرائر: لا يجوز له قتل شئ من الدواب (9)، ثم استثنيا ما

(1) تهذيب اللغة: ج 15 ص 40 مادة " ذا " ولسان العرب ج 6: 18 مادة " زبي ".
(2) الكافي: ج 4 ص 363 ح 2.
(3) وسائل الشيعة. ج 9 ص 74 ب 1 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(4) وسائل الشبعة: ج 9 ص 189 ب 4 من أبواب كفارات الصيد.
(5) المائدة: 96.
(6) المائدة: 96.
(7) الدروس: ج 1 ص 351 درس 92.
(8) النهاية: ج 1 ص 493.
(9) السرائر: ج 1 ص 567.
321

يخافه على نفسه كالسباع والهوام والحيات والعقارب. وفي الخلاف: إنه لا كفارة
في جوارح الطير والسباع صالت أم لا إلا الأسد، ففيه كبش على ما رواه بعض
أصحابنا (1).
وفي التهذيب: لا بأس بقتله جميع ما يخافه من السباع والهوام من الحيات
والعقارب وغيرها، ولا يلزمه شئ، ولا يقتل شيئا من ذلك إذا لم يرده (2).
قلت: وبه أخبار يحمل عليها ما أطلقت الرخصة في قتلها، ويأتي فيها وفي
جوارح الطير كلام آخر.
وفي المقنع: إذا أحرمت فاتق قتل الدواب كلها إلا الأفعى والعقرب والفأرة،
فأما الفأرة توهي السقاء وتضرم على أهل البيت، وأما العقرب فإن رسول الله
صلى الله عليه وله مد يده إلى جحر فلسعته العقرب، فقال: لعنك الله لا تذرين برا ولا فاجرا،
والحية إذا أراداك فاقتلها، فإن لم تردك فلا تردها، والكلب العقور والسبع إذا
أراداك فاقتلهما، وإن لم يريداك فلا تردهما، والأسود الغدر فاقتله على كل حال،
وارم الغراب والحداة رميا على ظهر بعيرك (3).
قلت: وهو خبر معاوية بن عمار، عن الصادق عليه السلام (4) وبمعناه غيره.
قال: والذئب إذا أراد قتلك فاقتله، ومتى عرض لك سبع فامتنع منه، فإن أبى
فاقتله إن استطعت (5).
وروي في الفقيه عن حنان بن سدير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمر رسول
الله صلى الله عليه وآله بقتل الفأرة في الحرم والأفعى والعقرب والغراب الأبقع ترميه، فإن أصبته
فأبعده الله عز وجل، وكان يسمي الفأرة الفويسقة، وقال: إنها توهي السقاء وتضرم

(1) الخلاف: ج 2 ص 420 المسألة 306.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 365 ذيل الحديث 1271.
(3) المقنع: ص 77.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 166 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(5) المقنع: ص 77.
322

البيت على أهله (1).
وعن محمد بن الفضيل: إنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن المحرم وما يقتل من
الدواب، فقال: يقتل الأسود والأفعى والفأرة والعقرب وكل حية، وإن أرادك السبع
فاقتله، وإن لم يردك فلا تقتله، والكلب العقور إن أرادك فاقتله (2). ولا بأس
للمحرم أن يرمي الحدأة.
وعد الحلبي مما يجتنبه المحرم الصيد، والدلالة عليه، وقتل شئ من الحيوان
عدا الحية والعقرب والفأرة والغراب ما لم يخف شيئا منه (3).
وفي المبسوط: الحيوان على ضربين: مأكول وغير مأكول، فالمأكول على
ضربين: أنسي ووحشي، فالأنسي هو النعم من الإبل والبقر والغنم فلا يجب الجزاء
بقتل شئ منه، والوحشي هو الصيود المأكولة مثل: الغزلان وحمر الوحش. وبقر
الوحش وغير ذلك فيجب الجزاء في جميع ذلك على ما نبينه بلا خلاف. وما ليس
بمأكول فعلى ثلاثة أضرب: أحدها لا جزاء فيه بالاتفاق، وذلك مثل الحية
والعقرب والفأرة والغراب والحدأة والكلب والذئب.
والثاني: فيه الجزاء عند من خالفنا، ولا نص لأصحابنا فيه. والأولى أن نقول:
لا جزاء فيه، لأنه لا دليل عليه، والأصل براءة الذمة، وذلك مثل المتولد بين ما
يجب الجزاء فيه وما لا يجب فيه ذلك فيه كالسبع، وهو المتولد بين الضبع والذئب
والمتولد بين الحمار الأهلي والحمار الوحشي.
والضرب الثالث: مختلف فيه، وهو الجوارح من الطير كالبازي والصقر
والشاهين والعقاب ونحو ذلك، والسباع من البهائم كالأسد والنمر والفهد وغير
ذلك، فلا يجب الجزاء عندنا في شئ منه، وقد روي أن في الأسد خاصة كبشا،

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 363 ح 2718.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 168 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 10.
(3) الكافي في الفقه: ص 203.
323

ويجوز للمحرم قتل جميع المؤذيات كالذئب والكلب العقور والفأر والعقارب
والحيات وما أشبه ذلك ولا جزاء عليه، وله أن يقتل صغار السباع وإن لم يكن
محذورا منها، ويجوز له قتل الزنابير والبراغيث والقمل، إلا أنه إذا قتل القمل
على بدنه لا شئ عليه، وإن أزاله عن جسمه فعليه الفداء، والأولى أن لا يعرض له
ما لم يؤذه (1).
لم ذكر أن من قتل زنبورا أو زنابير خطأ لا شئ عليه، فإن قتل عمدا تصدق
بما استطاع (2). قلت: ويأتي الكلام فيه.
وذكر أيضا: أن من أصاب ثعلبا أو أرنبا فكمن أصاب ظبيا، وإن أصاب
يربوعا أو قنفذا أو ضبا أو شبهه كان عليه جدي (3).
وفي الوسيلة: والصيد حلال اللحم وحرامه، والحرام اللحم مؤذ وغير مؤذ،
فالمؤذي لا يلزم بقتله شئ سوى الأسد إذا لم يرده، فإن قتله ولم يرده لزمه
كبش، وغير المؤذي جارحة وغير جارحة، فالجارحة جاز صيدها وبيعها في
الحرم وإخراجها منه، وغير الجارحة يحرم صيدها ويلزم بالجناية عليها الكفارة.
والحلال اللحم صيد بحر - ولا حرج فيه بوجه - وصيد بر، وخطأه في حكم العهد
في الكفارة (4).
ويحرم الصيد (اصطيادا) بإجماع المسلمين (وأكلا) خلافا للثوري (5)
وإسحاق.
(وإن ذبحه وصاده المحل) بلا أمر منه ولا دلالة ولا إعانة، خلافا لأبي
حنيفة (6) والشافعي (7). (وإشارة) لصائده إليه محلا كان الصائد أو محرما،

(1) المبسوط: ج 1 ص 338 - 339.
(2) المبسوط: ج 1 ص 349.
(3) المبسوط: ج 1 ص 340.
(4) الوسيلة: ص 164.
(5) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 290. الشرح الكبير (المغني لابن قدامة): ج 3 ص 290.
(6) المجموع: ج 7 ص 324.
(7) المجموع: ج 7 ص 324.
324

(ودلالة) له عليه بلفظ وكتابة وغيرهما (وإغلاقا) الباب عليه حتى يموت،
كل ذلك بالنصوص والاجماع.
وهل يحرم الإشارة والدلالة لمن يرى الصيد بحيث لا يفيده ذلك شيئا؟ الوجه
العدم، للأصل، واختصاصي الأخبار (1) بما تسبب للصيد والدلالة عرفا بما لا يعلمه
المدلول بنفسه، وإن ضحك أو تطلع إليه ففطن غيره فصاده، فإن تعمد ذلك للدلالة
عليه أثم، وإلا فلا.
وأشد حرمة من جميع ذلك أن يجرحه (و) يذبحه (ذبحا فيكون ميتة)
كما في الخلاف (2) والسرائر (3) والمهذب (4) والنافع (5) والشرائع (6) والجامع، وفيه:
أنه كذبيحة المجوس (7)، وبه خبر إسحاق عن الصادق عليه السلام: إن عليا عليه السلام كان
يقول: إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محل ولا محرم (8).
وفي التذكرة (9) والمنتهى الاجماع عليه (10)، وفي النهاية (11) والمبسوط (12)
والتهذيب (13) والوسيلة (14) والجواهر: إنه كالميتة (15)، وبه خبر وهب عن
الصادق عليه السلام (16) وفي الجواهر: الاجماع عليه (17).
ويؤيد أحدهما أخبار الأمر بدفنه (18) وأن التذكية إنما تتحقق بذكر الله على

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 74 ب 1 من أبواب تروك الاحرام.
(2) الخلاف: ج 2 ص 404 المسألة 272.
(3) السرائر: ج 2 ص 569.
(4) المهذب: ج 1 ص 230.
(5) المختصر النافع: ص 106.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 289.
(7) الجامع للشرائع: ص 183.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 86 ب 10 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 329 س 39.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 3 80 س 30.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 494.
(12) المبسوط: ج 1 ص 349.
(13) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 377 ذيل الحديث 1314.
(14) الوسيلة: ص 163.
(15) جواهر الفقه: ص 46 المسألة 167.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 86 ب 10 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(17) جواهر الفقه: ص 46 المسألة 167.
(18) وسائل الشيعة: ج 9 ص 78 ب 3 من أبواب تروك الاحرام.
325

ذبحه، ولا معنى لذكره على ما حرمه فيكون لغوا.
وفي الفقيه (1) والمقنع (2) والأحمدي: إنه إن ذبحه في الحل جاز للمحل أن
يأكله (3)، وبه قول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: المحرم إذا قتل الصيد فعليه
جزاؤه، ويتصدق بالصيد على مسكين (4). وفي حسن معاوية بن عمار: إذا أصاب
المحرم الصيد في الحرم وهو محرم فإنه ينبغي له أن يدفنه ولا يأكله أحد، وإذا
أصاب في الحل، فإن الحلال يأكله وعليه هو الفدا (5). فإن الدفن قرينة إرادة
القتل من الإصابة، ويعضده الأصل، وضعف الخبرين الأولين.
لكن يحتمل الباء في " بالصيد " السببية، والصيد المصدرية، أي يتصدق لفعله
الصيد على مسكين أو مساكين، والأفراد اقتصار على الأقل. واحتمل الشيخ أن
يكون بالصيد رمق فيتصدق به على المحل في الحل ليذبحه فيه (6). وارتضاه
المصنف في المنتهى واحتمل أيضا: أن يكون مقتوله بالذبح ميتة دون مقتوله
بالرمي (7).
وإذا كان ميتة فهو (يحرم على المحل والمحرم، والصلاة في جلده) وكذا
سائر استعمالاته وخصوصا في المائعات، واستشكل في التحرير كون جلده كجلد
الميتة ثم استقر به (8)، وذلك إما للاشكال في كونه ميتة أو كالميتة، أو لاحتمال أن
يكون لحمه كلحم الميتة لا جلده.
(والفرخ والبيض كالأصل) في حرمة الأكل والاتلاف مباشرة ودلالة
بالاجماع والنصوص، لكن لا يحرم البيض الذي أخذه المحرم أو كسره على

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 372 ذيل الحديث 2732.
(2) المقنع: ص 79.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 133.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 86 ب 10 من أبواب تروك الاحرام ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 78 ب 3 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 377 ذيل الحديث 1317.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 805 س 4.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 112 س 13.
326

المحل في الحل، كذا في المختلف (9) والتذكرة (2) والمنتهى (3) والتحرير (4) للأصل،
وعدم اشتراط حله بنحو تذكية أو بشئ فقد هنا، خلافا للمبسوط (5).
(والجراد صيد) بري عندنا، خلافا لأبي سعيد الخدري (6) والشافعي (7)
وأحمد في رواية (8). وفي التهذيب: إن منه بريا ومنه بحريا (9).
(و) كذا كل إما يبيض ويفرخ في البر، كما في صحيحي حريز (10)
ومعاوية (11) عن الصادق عليه السلام.
وفي المنتهى (12) والتذكرة: إنه لا يعلم فيه خلافا إلا من عطاء، فإنه حكي عنه
أن ما تعيش في البر كالسلحفاة والسرطان فيه الجزاء، لأنه يعيش في البر فأشبه
طير الماء. قال: وهو ممنوع،. لأنه يبيض ويفرخ في الماء فأشبه السمك، قال: وأما
طير الماء كالبط ونحوه فإنه من صيد البر، لأنه يبيض ويفرخ فيه، وهو قول عامة
أهل العلم (13).
وحكى عن عطاء أنه قال: حيث يكون أكثر فهو صيده، وليس بمعتمد، لأنه
يبيض ويفرخ في البر فكان كصيده، وإنما يقيم في الماء أحيانا لطلب الرزق
والمعيشة منه كالصائد. قال: ولو كان لجنس من الحيوان نوعان بحري وبري
كالسلحفاة؟ كان لكل نوع حكم نفسه (14).
(ولا بجرم صيد البحر وهو ما يبيض ويفرخ فيه) كما في صحيحي

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 132.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 347 س 40.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 827 س 31.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 10.
(5) المبسوط: ج 1 ص 348.
(6) الشرح الكبير (المغني لابن قدامة): ج 3 ص 309.
(7) المصدر السابق ص 310. (8 9 المصدر السابق.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 363 ذيل الحديث 1360.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 82 ب 6 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 81 ب 6 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 802 س 13.
(13) تذكرة الفقهاء: ص 331 س 3.
(14) تذكرة الفقهاء: ص 331 س 3.
327

حريز (1) ومعاوية (2) عن الصادق عليه السلام، وفي حكم البيض والفرخ التوالد، ثم
الاعتبار بذلك إنما يفتقر إليه فيما يعيش في البر والبحر جميعا، فإن ما يعيش في
الماء من البر البتة، كما في صحيح ابن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام: مر علي صلوات
الله عليه على قوم يأكلون جرادا، فقال: سبحان الله وأنتم محرمون، فقالوا: إنما هو
من صيد البحر، فقال لهم: ارمسوه في الماء إذن (3).
وما لا يعيش في البر من البحر البتة. والمراد بالبحر ما يعم النهر، قال الشيخ
في التبيان: لأن العرب تسمي النهر بحرا، ومنه قوله تعالى: " ظهر الفساد في البر
والبحر " والأغلب على البحر هو الذي يكون ماؤه ملحا، لكن إذا أطلق دخل فيه
الأنهار بلا خلاف (4).
(ولا) يحرم عليه (الدجاج الحبشي) عندنا، ويسمى السندي والغرغر
لخروجه عن الصيد، والأخبار الناطقة بذلك (5)، لأنه لا يستقل بالطيران.
وحرمه الشافعي قال: لأنه وحشي يمتنع بالطيران وإن كان ربما يألف
البيوت (6)، وهو الدجاج البري قريب من الأهلي في الشكل واللون يسكن في
الغالب سواحل البحر، وهو كثير ببلاد المغرب يأوي مواضع الطرفاء ويبيض فيها،
وتخرج فراخه كيسة كاسبة، يلقط الحب من ساعتها كفراخ الدجاج الأهلي.
وقال الزهري: كانت بنو إسرائيل من أهل تهامة أعتى الناس على الله تعالى،
فقالوا قولا لم يقله أحد، فعاقبهم الله بعقوبة ترونها الآن بأعينكم، جعل رجالهم
القردة، وبرهم الذرة، وكلابهم الأسود، ورمانهم الحنظل، وعنبهم الأراك،

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 82 ب 6 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 81 - 82 ب 6 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 83 ب 7 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(4) التبيان: ج 4 ص 28.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 234 ب 40 من أبواب كفارات الصيد.
(6) المجموع: ج 7 ص 296.
328

وجوزهم السرو، ودجاجهم الغرغر، وهو دجاج الحبش، لا ينتفع بلحمه
لرائحته (1). وقال في التهذيب: لاغتذائه بالعذرة (2).
(ولا فرق) في الصيد (بين المستأنس) منه (والوحشي) عندنا كما
في التذكرة (3)، لأن المعتبر هو الامتناع بالأصالة، ولم ير مالك في المستأنس منه
جزاء (4).
(ولا يحرم الإنسي بتوحشه) لأنه لا يدخل به في الصيد، والأصل بقاء
الإباحة.
(ولا) فرق (بين المملوك) منه (والمباح) والحرمة للعمومات، نعم في
المملوك إذا أتلفه مع الجزاء القيمة، أو ما بين قيمته حيا ومذبوحا، ولم ير المزني
في المملوك جزاء (5).
(ولا بين الجميع وأبعاضه) كما يحرم اتلافه يحرم اتلاف أبعاضه، ككسر
قرنه أو يده أو نحو ذلك للأخبار، ولحرمة تنفيره الذي هو دون ذلك، وفي حكم
الأبعاض اللبن كما يأتي.
(ولا يختص تحريمه بالاحرام، بل يحرم في الحرم) على المحل
(أيضا) بالنص والاجماع، فإن ذبح فيه كان ميتة، لقول أمير المؤمنين عليه السلام في
خبر وهب: وإذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام (6). وفي خبر
إسحاق: وإذا ذبح المحل الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محل بي لا
محرم (7). ولا مخالف هنا من خبر أو فتوى إلا من العامة (8).

(1) أنظر لسان العرب 1: 122 مادة " أرك "، وفيه حديث الزهري عن بني إسرائيل.
(2) تهذيب اللغة: ج 16 ص 86 مادة " غر ".
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 330 س 24.
(4) المجموع: ج 7 ص 330.
(5) المجموع: ج 7 ص 297.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 86 ب 10 من تروك الاحرام ح 4.
(7) المصدر السابق ح 5.
(8) المجموع: ج 7 ص 297.
329

(والاعتبار في المتولد) بين الصيد وغيره، أو بين البري والبحري، بل بين
المتفقين (بالاسم) فإنه الحكم في الشرع إن لم يعارضه غيره، (ولو انتفى)،
عنه (الاسمان) وكان له اسم آخر، كالسبع المتولد بين الذئب والضبع، والمتولد
بين الحمار الوحشي والأهلي (فإن) دخل فيما (امتنع جنسه) بالأصالة
كالسبع (حرم، وإلا)، دخل في غيره أم لم يعهد له جنس للأصل، وأطلق
الشيخ الإباحة، وسمعت عبارة المبسوط (1).
(ب: النساء وطئ ولمسا بشهوة) كما في النهاية (2) والمهذب (3) والغنية (4)
والجمل والعقود (5) وفي المبسوط (6) والمصباح (7) ومختصره، والوسيلة (8)
والجامع (9) وإن عبروا عنه بالمباشرة.
(لا بدونها) كما قد يعطيه إطلاق جمل العلم والعمل (10) والسرائر (11)
والكافي (12) ويحتمله النافع (13).
أما حرمة الأول فلعله لا خلاف فيه، وإن لم يذكر في الشرائع هنا، لأنه ذكر
في الكفارات: إن كفارته شاة وإن لم يمن (14).
وأما إباحة الثاني فللأصل، ويدل عليهما الأخبار كقول الصادق عليه السلام لمسمع:
من مس امرأته وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة، ومن نظر إلى امرأته نظر شهوة
فأمنى فعليه جزور، وإن مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شئ عليه (15).

(1) المبسوط: ج 1 ص 338.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 97 4.
(3) المهذب: ج 1 ص 220.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 14 س 22.
(5) الجمل والعقود: ص 134.
(6) المبسوط: ج 1 ص 317.
(7) مصباح المتهجد: ص 627.
(8) الوسيلة: ص 162.
(9) الجامع للشرائع: ص 184.
(10) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 65.
(11) السرائر: ج 1 ص 542.
(12) الكافي في الفقه: ص 202.
(13) المختمر النافع: ص 84 (14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 295.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 88 ب 12 من تروك الاحرام ح 3.
330

وحسن الحلبي سأله عليه السلام عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته؟
قال: نعم، يصلح عليها خمارها، ويصلح عليها ثوبها ويحملها، قال: أفيمسها وهي
محرمة؟ قال: نعم، قال: المحرم يضع يده بشهوة قال: يهريق دم شاة (1).
وخبر محمد سأله عليه السلام عن رجل حمل امرأته وهو محرم، فأمنى أو أمذى،
قال: إن كان حملها أو مسها بشئ من الشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ
فعليه دم يهريقه، فإن حملها أو مسها بغير شهوة فأمنى أو أمذى فليس غليه شئ (2).
(و) يحرمن (عقدا) عليهن (له) بنفسه أو بوكيله كما في المبسوط (3)
والتذكرة (4) والمنتهى (5).
(و) يحرم عقده عليهن (لغيره) فضولا أو وكالة أو ولاية عندنا
للنصوص (6)، والاجماع كما في الخلاف (7) والتذكرة (8) والغنية (9) والمنتهى (10)،
خلافا لأبي حنيفة والحكم والثوري (11) فأجازوه لنفسه فضلا عن غيره. ثم إن وقع
العقد وقع فاسدا عندنا بالنصوص والاجماع كما في الخلاف (12) والغنية (13)
والتذكرة (14).
(والأقرب جواز توكيل) الأب أو (الجد المحرم محلا) في تزويج
المولى عليه، وصحة عقده وإن أوقعه والولي محرم، لأنه والمولى عليه محلان،

(1) الكافي: ج 4 ص 375 خ 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 275 ب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 6.
(3) المبسوط: ج 1 ص 318.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 342 س 26.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 808 س 19.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 279 ب 21 من أبواب كفارات الاستمتاع.
(7) المخلاف: ج 2 ص 115 المسألة 111.
(8) تذكرة الفقهاء 4: ج 1 ص 343 س 5.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 4.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 808 س 20.
(11) المجموع: ج 7 ص مه 2.
(12) الخلاف: ج 2 ص 315 المسألة 111.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 4.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 342 س 37.
331

والوكيل نائب عنه، والتوكيل ليس من التزويج المحرم بالنص والاجماع.
ويحتمل البطلان إن أوقعه حال إحرام الولي بناء على كون الوكيل نائب
الموكل، ولا نيابة فيما ليس له فعله، وصدق تزويج الولي عن المولى عليه، فإن
التزويج والانكاح المنهي عنه في الأخبار والفتاوى يعم ما بالتوكيل كالنكاح
والتزويج، ولا عبارة ولا اختيار للمولى عليه، فتوكيل الولي في تزويجه كتوكيله
في التزويج لنفسه، وقطعوا بتحريمه وبطلان العقد المترتب عليه، وهو خيرة
الخلاف (1) وادعى الاجماع عليه. وحكي أنه سئل عن تخصيص الحد بالذكر، فلم
يعرف له وجها.
(و) يحرمن أيضا (شهادة عليه) أي على عقدهن محلات أو محرمات
لمحرم أو محل إجماعا على ما في الخلاف (2)، ويحتمله الغنية (3)، وبه مرسل ابن
فضال عن الصادق عليه السلام قال: المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يشهد (4). ومرسل ابن
أبي شجرة عنه عليه السلام في المحرم يشهد على نكاح محلين؟ قال: لا يشهد (5). وهما
ضعيفان، فإن لم يكن عليه اجماع قوى الجواز. والمقنع والمقنعة وجمل العلم
والعمل والكافي والاقتصاد والمصباح ومختصره والمراسم خالية عن ذكره.
والشهادة هو الحضور لغة، فيحتمل حرمته وإن لم يحضر للشهادة عليه كما في
الجامع (6).
(وإقامة) الشهادة عليه كما في المبسوط (7) والسرائر (8) والشرائع (9) (على
إشكال) من احتمال دخولها في الشهادة المنهية في الخبرين والفتاوى، ومن

(1) الخلاف: ج 2 ص 315 المسألة 111.
(2) الخلاف: ج 2 ص 317 المسألة 115.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 90 ب 14 في تروك الاحرام ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 76 ب 1 في تروك الاحرام ح 8.
(6) الجامع للشرائع: ص 184.
(7) المبسوط: ج 1 ص 317.
(8) السرائر: ج 1 ص 47 5.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 249.
332

عموم أدلة النهي عن الكتمان، وتوقف ثبوت النكاح شرعا عليها، ووقوع مفاسد
عظيمة إن لم يثبت بخلاف إيقاعه، إذ لا يتوقف عليها عندنا.
قيل: ولا إخبار (1) ولا إنشاء، والخبر إذا صدق ولم يستلزم ضررا لم يحسن
تحريمه، ولأنها أولى بالإباحة من الرجعة، فإن الرجعة إيجاد للنكاح في
الخارج، وهي إيجاد له في الذهن.
وعلى الحرمة فهي حرام (وإن تحمل محلا) كما في الشرائع (2) ويعطيه
إطلاق السرائر (3) لانتفاء المخصص، وإن تأكد المنع إذا تحملها محرما لخروجه
عن العدالة، فلا يثبت بشهادته، مع أنه ممنوع لجواز الجهل والغفلة والتوبة وسماع
العقد اتفاقا. قال في التذكرة: ولو قيل: إن التحريم مخصوص بالعقد الذي أوقعه
المحرم كان وجها (4).
قلت: خصوصا إذا أطلق الشهادة بوقوع العقدة لانصرافه إلى الصحيح.
وفي الكنز عن المصنف في حاشية الكتاب: وجه الاشكال من أن المقصود
من كلام الأصحاب في ظاهر النظر تحريم إقامة الشهادة التي وقعت على عقد بين
محل ومحرم أو محرمين. قال السيد الشارح: ومن عموم إطلاق المنع، ولظهور
هذا الاحتمال لم يذكره المصنف في بقية الحاشية (5).
قال الشهيد: فعلم أن الاشكال في التعميم (6) ثم قرب العموم وأجاد، وقطع به
في الدروس (7).
(ويجوز) الإقامة (بعد الاحلال وإن تحمل محرما) بمعنى أنه يثبت بها
النكاح وإن علم تحمله محرما كما نص عليه في التذكرة (8) والمنتهى (9) والتحرير (10)

(1) في خ: " ولا اختيار ".
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 249.
(3) السرائر: ج 1 ص 547.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 343 س 11.
(5) كنز الفوائد: ج 1 ص 277.
(6) لم نعثر عليه.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 368 درس 98.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 343 س. 1.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 810 س 5.
333

لما عرفت. خلافا للمبسوط، حيث لم يثبت النكاح بها إذا كان التحمل في
الاحرام (1)، إما لقدحه في العدالة وعرفت جوابه، أو لأن هذه الشهادة شهادة
مرغوب عنها شرعا، فلا يعتبر وإن وقعت جهلا أو سهوا أو اتفاقا.
ويحرمن عليه (تقبيلا) بشهوة أو لا بها إذا كانت محلا للشهوة لا كالأم
والبنت والأخت، فإن - تقبيلهن للرحمة.
وسأل الحسن بن حماد الصادق عليه السلام عن المحرم يقبل أمه، قال: لا بأس به،
هذه قبلة رحمة، إنما يكره قبلة الشهوة (12). وكان المراد إنما يكره ما يحتمل
الشهوة، لتشمل قبلة امرأته بلا شهوة. ثم الخبر وإن لم يتضمن سوى الأم، لكن
الأخبار الناهية إنما نهت عن قبلة امرأته مع أصل الإباحة، وعموم العلة المنصوصة
في الخبر.
(ونظرا بشهوة) كما في جمل العلم والعمل (13) والنافع (14) والجامع (5 1)
والشرائع (16) والإشارة (17) والكافي (18)، وأطلق فيه رؤيتهن، وكذا التلخيص خال عن
قيد الشهوة، وكتب الشيخ والأكثر خالية عن تحريمه طلقا. وفي الفقيه (19) والمقنع:
إذا نظر المحرم إلى المرأة نظر شهوة فليس عليه شئ (20).
ولا يدل على تحريمه نصوص وجوب الكفارة على من أمنى بالنظر، نعم إن
اعتاد الامناء به فتعمده حرم، وكذا إذا نظر إلى غير أهله حرم في نفسه لا للاحرام.

(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 113 س 8.
(11) المبسوط: ج 1 ص 317.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 277 ب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 5.
(13) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 65.
(14) المختصر النافع: ص 84.
(15) الجامع للشرائع: ص 184.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 249.
(17) إشارة السبق: ص 127.
(18) الكافي في الفقه: ص 202.
(19) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 331 ذيل الحديث 2589.
(20) المقنع: ص 76.
334

ويؤيد الإباحة مع الأصل إطلاق نحو حسن علي بن يقطين سأل الكاظم عليه السلام
عن رجل قال لامرأته أو جاريته بعدما حلق ولم يطف ولم يسع بين الصفا
والمروة: اطرحي ثوبك، ونظر إلى فرجها، قال: لا شئ عليه إذا لم يكن غير
النظر (1) وإن جاز أن يحرم ولا يكون عليه شئ.
وكلام السيد في الجمل كذا: على المحرم اجتناب الرفث وهو الجماع، وكل ما
يؤدي إلى نزول المني من قبلة وملامسة ونظر شهوة (2). وهو يحتمل القصر على ما
يعلم معه الامناء.
وقال القاضي في شرحه: فأما الواجب فهو أن لا يجامع ولا يستمني على أي
وجه كان من ملامسة أو نظر بشهوة أو غير ذلك (3). فلعله حمله على ما يقصد به
الامناء (4).
(وفي معناه) أي المحرم الثاني أو ما ذكر أو أحد ما ذكر الاستمتاع بالنساء
بما ذكر (الاستمناء) باليد أو الملاعبة أو التخيل له أو اللواط أو غيرها كما في
الكافي (5) والغنية (6) والوسيلة (7) والإصباح (8) والإشارة (9) والنافع (10) والشرائع (11)
وشرح القاضي للجمل (12) وسمعت عبارته، ويعطيه ما سمعته من عبارة الجمل.
أما اللواط ووطئ الدواب فيدخل في الرفث وإن لم ينزل. وأمها الباقي
فالأخبار نصت على وجوب الكفارة بالاستمناء بالملاعبة والمس أو الضم أو
النظر بشهوة أو التقبيل ويأتي إن شاء الله تعالى في الكفارات.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 275 ب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 4.
(2) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 65.
(3) شرح جمل العلم والعمل: ص 215.
(4) في خ: " الاستمناء ".
(5) الكافي في الفقه: ص 203.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 4.
(7) الوسيلة: ص 162.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 470.
(9) إشارة السبق: ص 127.
(10) المختصر النافع: ص 84.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 249.
(12) شرح جمل العلم والعمل: ص 15 2.
335

(ويقدم إنكار إيقاع العقد حالة الاحرام) منهما، أو من أحدهما (على
ادعائه) كما في المبسوط (1) والجواهر (2) والشرائع (3) علم المدعي فساد العقد
في الاحرام أو لا للأصل الصحة، فإن لم يكن لمدعيه بينة حكم بالصحة مع يمين
المنكر، وإن كان المدعي يدعي إحرام نفسه فإن نكل حلف المدعي. وكذا إن وجه
الدعوى إلى تاربخ الاحرام مع الاتفاق على تاريخ العقد، فادعى أحدهما تقدم
الاحرام عليه لذلك والأصل التأخر عليه. وإن ادعى إحرام نفسه إلا أن يتفقا على
زمان ومكان يمكن فيهما الاحرام، فيمكن أن يقال القول قوله، لأنه أبصر بأفعال
نفسه وأحواله.
أما إن اتفقا على تاريخ الاحرام ووجه الدعوى إلى تاريخ العقد فادعى
تأخره، أمكن أن يكون القول قوله للأصل، بل لتعارض أصلي الصحة والتأخر
الموجب للفساد وتساقطهما، ويبقى أصل عدم الزوجية بلا معارض.
(فإن كان المنكر) للفساد (المرأة) ولا بينة فحلفت (فالأقرب) ما
استحسنه المحقق (4) من (وجوب المهر) لها (كملا) دخل بها أو لا، إلا أن
يطلقها قبل الدخول باستدعائها، فإنه يلزم حينئذ، وإن كان بزعمه في الظاهر لغوا
ويكون طلاقا صحيحا شرعا، فإذا بعدم الدخول يتنصف المهر، وأما إذا لم تستدع
الطلاق وصبرت فلها المهر كاملا. وإن طلقها قبل الدخول فإنه بزعمه لغو، والعقد
الصحيح مملك لها كاملا.
وفي المبسوط: إن لها النصف إن لم يدخل بها (5)، وهو مبني على أن العقد إنما
يملك نصف المهر ومملك النصف الآخر هو الوطئ أو الموت، أو المراد بعد الطلاق
وأطلق بناء على الغالب. واستظهر الشهيد منه انفساخ العقد بادعاء أحدهما

(1) المبسوط: ج 1 ص 318.
(2) جواهر الفقه: ص 39 المسألة 134
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 249.
(4) المصدر السابق.
(5) المبسوط: ج 1 ص 318.
336

الفساد، فحمله قبل الدخول على الطلاق قبله (1).
(ويلزمها توابع الزوجية) من عدم التزوج بغيره، والمسافرة بدون إذنه
ونحو ذلك أخذا لها بإقرارها، ولكنها إن كانت كاذبة لم يكن عليها شئ منها فيما
بينها ويبن الله تعالى، ولا لها شئ من المهر إلا إذا وطأها مكرها لها، أو وهي
جاهلة بالفساد أو الاحرام. قيل: ويجوز له التزوج بأختها وخامسة.
قلت: نعم إن كان صادقا فيما بينه وبين الله، ولكن لا يمكن منه في الظاهر.
(وبالعكس) بأن كان المنكر للفساد الزوج (ليس لها المطالبة) بمهر ولا
شئ منه قبل الدخول (مع عدم القبض ولا له المطالبة) برد شئ مما أخذته
(معه) أخذا لهما بإقرارهما وأما بعد الدخول واكراهها أو جهلها فلها من
المسمى ومهر المثل الأقل وأطلق في خبر الصدوق عن سماعة أن لها المهر إن كان
دخل بها (2).
(ولو وكل) محرم أو محل محلا (فأوقع العقد فيه) في احرام الموكل
(بطل) لعموم الأخبار والفتاوى إنه لا يتزوج ولا ينكح (3) وصحيح محمد بن
قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال: قضى أمير المؤمنين عليه السلام في رجل ملك بضع امرأة
وهو محرم قبل أن يحل فقضى أن يخلي سبيلها ولم يجعل نكاحه شيئا حتى
يحل (4) [ولكنه يحتمل قضاء في واقعة كان الملك بنفسه لا بالتوكيل] (5).
وقول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما
وهو يعلم أنه لا يحل له قال: فإن فعل فدخل بها المحرم فقال: إن كانا عالمين فإن
على كل واحد منهما بدنة وعلى المرأة إن كانت محرمة وإن لم تكن محرمة بدنة

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 368 درس 98.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 362 ح 2712.
(3) وسائلي الشيعة: ج 9 ص 89 ب 14 من أبواب تروك الاحرام.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 92 ب 15 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(5) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
337

فلا شئ عليها إلا أن يكون قد علمت أن الذي تزوجها محرم فإن كانت علمت ثم
تزوجته فعليها بدنة (1).
(و) العقد الواقع (بعده) أي بعد انقضائه والاحلال منه (يصح) وإن
كانت الوكالة فيه إذ لا دليل على بطلان الوكالة إلا أن يكون في حال احرام الوكيل
بخلاف ما إذا وكل الصبي فعقد له الوكيل بعد بلوغه.
(ويجوز) للمحرم (الرجعة للرجعية) عندنا للأصل والحرج وعموم نحو
" بعولتهن أحق بردهن " خلافا لأحمد في رواية (2) ولا فرق بين المطلقة تبرعا
والمختلعة إذا رجعت في البدل.
(و) كذا يجوز له (شراء الإماء وإن قصد الشري) للأصل وصحيح
سعد بن سعد سأل الرضا عليه السلام عن المحرم يشتري الجواري ويبيع قال: نعم (3)
ونحوه خبر حماد بن عثمان عن الصادق عليه السلام (4).
وفي التذكرة (5) والمنتهى أنه لا يعرف فيه. خلافا (6)، لكنه احتمل في التذكرة
فساد عقد ابتياعهن إذا قصد التسري حال الاحرام لحرمة الغرض الذي وقع له
العقد (7)، كمن اشترى العنب لاتخاذه خمرا وهو إن تم ففيما إذا شرط ذلك في متن
العقد مع أن غايته الحرمة واقتضاء النهي في غير العبادات للفساد ممنوع.
(و) يجوز له (مفارقة النساء) بالطلاق أو الفسخ أو غيرهما للأصل
والأخبار (8) والاجماع وفي التذكرة.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 90 ب 14 في تروك الاحرام ح 10.
(2) المجموع: ج 7 ص 290.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 92 ب 16 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 93 ب 17 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(5) تذكرة الفشاء: ج 1 ص 343 س 24.
(6) المنتهى: ج 2 ص 810 س 4 1.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 343 س 26.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 92 ب 17 من أبواب تروك الاحرام.
338

(ويكره للمحرم الخطبة) (1) كما في المبسوط (2) والوسيلة (3) لقول
الصادق عليه السلام في مرسل الحسن بن علي: المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يشهد ولا
يخطب (4) وما روي عن النبي صلى الله عليه وله من قوله: لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا
يخطب (5) ولأنها تدعو إلى المحرم كالفرق الداعي إلى الربا، ولا يحرم للأصل
وضعف الخبرين قال في التذكرة بخلاف الخطبة في العدة فإنها محرمة لأنها
تكون داعية للمرأة، إلى أن تخبر بانقضاء العدة قبل انقضائها رغبة في النكاح
فكان حراما (6) ونحوه في المنتهى (7) وقد تظهر الحرمة من أبي علي (8).
ثم إنه عمم الخطبة في التحرير (9) والتذكرة (10) والمنتهى (11) لأن يكون لنفسه أو
لمحلين ويؤيده عموم الخبرين ولكنه إنما استند في الأخيرين في كراهيتها إلى
تسببها للحرام.
(ولو كانت المرأة محرمة والرجل محلا فالحكم كما تقدم، من حرمة
نكاحها وتلذذها بزوجها تقبيلا أو لمسا أو نظرا أو تمكينا له من وطئها وكراهية
خطبتها وجواز رجعتها وشرائها ومفارقتها اتفاقا ولعموم الأدلة.
(ج: الطيب) قال في التذكرة الطيب ما تطيب رائحته ويتخذ للشم
كالمسك والعنبر والكافور والزعفران وماء الورد والأدهان الطيبة كدهن البنفسج
والورس والمعتبر أن يكون معظم الغرض منه التطيب أو يظهر فيه هذا الغرض (12)
إنتهى وقالى الشهيد يعني به كل جسم ذي ريح طيب بالنسبة إلى معظم الأمزجة أو

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 342 س 39.
(2) المبسوط: ج 1 ص 318.
(3) الوسيلة: ص 164.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 90 ب 14 من أبواب تروك الاحرام ح 7.
(5) سنن النسائي: ج 5 ص 192.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 342 س 40.
(7) المنتهى: ج 2 ص 809 س 10.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 84.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 112 س 35.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 2 34 س 39.
(11) المنتهى: ج 2 ص 809 س 9.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 333 س 22.
339

إلى مزاج المستعمل له غير الرياحين (1).
ويحرم (مطلقا على رأي) وفاقا للمقنعة (2) وجمل العلم والعمل (3)
والمراسم (4) والسرائر (5) والمبسوط (6) والكافي (7) والنافع (8) والشرائع (9)
والمصباح (10) ومختصره، لكن استثنى فيهما الفواكه وفي المبسوط أنه لا خلاف
في إباحتها (11) وحكى التعميم عن الحسن (12) والاقتصاد (13) والمقنع (14) أيضا
وكلام الإقتصاد يحتمل الكراهية لائه كذا وينبغي أن يجتنب في إحرامه الطيب
كله وأكل طعام يكون فيه طيب. والمقنع وإن نص على النهي عن مس شئ من
الطيب لكنه عقبه بقوله وإنما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء المسك والعنبر
والورس والزعفران فهو إما تفسير للطيب أو تصريح بأن النهي قبله يعم
الكراهية.
ودليل هذا القول نحو قول الصادق عليه السلام في صحيح حريز: لا يمس المحرم
شيئا من الطيب ولا الريحان ولا يتلذذ به فمن ابتلى بشئ من ذلك فليتصدق بقدر
ما صنع بقدر شبعه من الطعام (15) وإنما يتم لو حرم الريحان وكرهه سابقا وقول
الكاظم عليه السلام في خبر نضر بن سويد: أن المرأة المحرمة لا تمس طيبا (16) وما نص
على أن الميت لا يمس شيئا من الطيب خصوصا ما روي أن محرما وقصت به

(1) لم نعثر عليه.
(2) المقنعة: ص 432.
(3) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 66.
(4) المراسم: ص 106.
(5) السرائر: ج 1 ص 545.
(6) المبسوط: ج 1 ص 319.
(7) الكافي في الفقه: ص 202 - 203.
(8) مختصر النافع: ص 84.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 249.
(10) مصباح المتهجد: ص 620.
(11) المبسوط: ج 1 ص 352.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 69.
(13) الإقتصاد: ص 301.
(14) المقنع: ص 72.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 95 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 11.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 94 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 7.
340

ناقته فقال: النبي صلى الله عليه وآله: لا تقربوه طيبا فإنه يحشر يوم القيامة ملبيا (1).
وخبر حماد ابن عثمان سأل الصادق عليه السلام إنه جعل ثوبي احرامه مع أثواب
جمرت فأخذ من ريحها فقال عليه السلام: فانشرها في الريح حتى يذهب ريحها (2) فإن
التجمر طلقا يعم العود وغيره وظاهر في غير المسك والعنبر والزعفران
وقوله عليه السلام في خبر الحلبي وابن مسلم: المحرم يمسك على أنفه من الريح الطيبة (3)
وفي مرسل ابن أبي عمير، وسئل عن التفاح والنبق والأترج وما طاب ريحه:
يمسك على أنفه ويأكله (4) وما في الفقيه من أن علي بن الحسين عليهما السلام كان إذا
تجهز إلى مكة قال لأهله: إياكم أن تجعلوا في زادنا شيئا مني الطيب ولا من
الزعفران نأكله أو نطعمه (5) والكل يحتمل الكراهية.
أما قول الصادق عليه السلام في حسن معاوية: لا تمس شيئا من الطيب ولا من الدهن
في احرامك والقاء الطيب في طعامك وامسك على أنفك من الرائحة الطيبة
ولا يمسك عليه من الرائحة المنتنة فإنه لا ينبغي للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة (6) فلا
ينبغي فيه قرينة الكراهية وسمعت عبارة المقنع الحاصرة للمحرم في الرابعة وهي
متن صحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام (7) ويعضده الأصل وخبر عبد الغفار
عنه عليه السلام: الطيب المسك والعنبر والزعفران والورس (8) وصحيح معاوية عنه عليه السلام:
الرجل يدهن بأي دهن شاء إذا لم يكن فيه مسك ولا عنبر ولا زعفران ولا ورس

(1) عوالي اللئالي: ج 4 ص 6 ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 94 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 100 ب 24 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 103 ب 26 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 350 ح 3660.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 94 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 94 - 5 9 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 8.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 96 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 16.
341

قبل أن يغتسل للاحرام (1) وهو خيرة ابن سعيد (2) وفتوى التهذيب، وزاد وقد
روى العود (3)، يعني مكان الورس وهو خبر ابن أبي يعفور عنه عليه السلام: الطيب
المسك والعنبر والزعفران والعود (4) وقد يؤيده خبر التجمير المتقدم ولا ينصان
على تحريمه ولا تعارضان صحيح معاوية.
وفي النهاية (5) والوسيلة (6) حصره في ستة، الأربعة والعود والكافور. وفي
الخلاف: الاجماع على أنه لا كفارة في غيرها (7). ودليل الكافور منع الميت
المحرم منه، فكان الحصر في غيره في الأخبار لقلة استعمال الأحياء له،
ويجوز أن يكون تبرك العود في الأخبار السابقة لاختصاصه غالبا بالتجمير،
وكونها فيما يستعمل بنفسه.
وفي الجمل والعقود (8) والمهذب (9) والإصباح (10) والإشارة في خمسة (11)
باسقاط الورس من الستة، وهي التي نفى ابن زهرة الخلاف عنها (12).
ثم عبارات المبسوط (13) والكتاب والنافع (14) والشرائع (15) والتبصرة (16)
تعطي ما ذكره الشهيد من خروج الرياحين عن مفهوم الطيب حيث حرموا الطيب
مطلقا، وكرهوا الرياحين. وكذا ظاهر المقنعة حيث نص أولا على وجوب اجتناب

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 105 ب 30 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(2) الجامع للشرائع: ص 183.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 299.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 96 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 15.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 476.
(6) الوسيلة: ص 162.
(7) الخلاف: ج 2 ص 303 المسألة 88.
(8) الجمل والعقود: ص 135.
(9) المهذب: ج 1 ص 220.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 459.
(11) إشارة السبق: ص 127.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 16.
(13) المبسوط: ج 1 ص 319.
(14) المختصر النافع: ص 85.
(15) شرائع الاسلام: ج 1 ص 252.
(16) تبصرة المتعلمين: ص 63.
342

الطيب كله إلا خلوق الكعبة، ثم قال: ولا يشم شيئا من الرياحين الطيبة (1)، وكذا
التذكرة (2) والمنتهى (3) والتحرير (4)، لائه بعد ما حرم فيها الطيب مطلقا قشم النبات
الطيب إلى ما عرفت سابقا من الأقسام الثلاثة التي أباح الأول منها (5)، وعد منه
الفواكه.
وقال الشيخ في المبسوط: الطيب على ضربين: أحدهما: يجب فيه الكفارة،
وهي الأجناس الستة التي ذكرناها: المسك والعنبر والكافور والزعفران والعود
والورس.
والضرب الآخر على ثلاثة أضرب:
أولها: ينبت للطيب، ويتخذ منه للطيب مثل الورد والياسمين والخبزي
والكاذي والنيلوفر فهذا يكره، ولا يتعلق باستعماله كفارة إلا أن يتخذ منه الأدهان
الطيبة فيدهن بها فيتعلق بها كفارة.
وثانيها: لا ينبت للطيب، ولا يتخذ منه الطيب مثل الفواكه كالتفاح والسفرجل
والنارنج والأترج والدار صيني والمصطكي والزنجبيل والشيح والقيصوم والإذخر
وحبق الماء والسعد، وكل ذلك لا يتعلق به كفارة، ولا هو محرم بلا خلاف، وكذلك
حكم أنوارها وأورادها، وكذلك ما يعتصر منها من المياه، والأولى تجنب ذلك
للمحرم.
الثالث: ما ينبت للطيب، ولا يتخذ منه الطيب مثل الريحان الفارسي، ولا
يتعلق به كفارة ويكره استعماله، وفيه خلاف (6)، انتهى.
وهو نحو مما مر عن التذكرة، ولكنه استظهر في أول الضرب الآخر حرمة
أصله كالطيب الذي يتخذ منه (7).

(1) المقنعة: ص 432.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 333 س 26.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 784 س 9.
(4) تحرير الأحكام: ج 113 س 18.
(5) في خ: " الطيب ".
(6) المبسوط: ج 1 ص 352.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 333 س 34.
343

وقال في المصباح (1) ومختصره: وحرم عليه لبس المخيط وشم الطيب على
اختلاف أجناسه، إلا ما كان فاكهة. وظاهره شمول اسم الطيب للفواكه. وكذا
الإرشاد (2) وكذا التلخيص، وفيه زيادة استثناء الرياحين (3). وهو مشعر بدخولها
أيضا في الطيب. واستدل به في المختلف على تحريم شمها (4).
ومما ينص على خروج الفواكه وما يقصد به الأكل والشرب عادة لا التطيب
خبر عمار سأل الصادق عليه السلام عن المحرم له أن يأكل الأترج؟ قال: نعم، قال: فإن
له رائحة طيبة، فقال: إن الأترج طعام ليس هو من الطيب (5). فمن أطلق تحريم
الطيب ولم يستثنها أمكن أن يكون ذلك. ويؤيده ما سمعته عن المبسوط من نفي
الخلاف، وسابقا عن التذكرة من الاجماع، ولكن حكى في الدروس الخلاف
فيها (6).
وبالجملة فلا كلام في حرمة الأربعة، والورس منها أظهر من العود. وفيما زاد
أقوال، منها حرمة خمسة، ومنها حرمة ستة، ومنها حرمة الطيب مطلقا، وفي
شموله الفواكه وجهان، وكذا في شموله الرياحين، وفي شموله الأبازير كالقرنفل
والدار صيني، وكذا في شموله أو شمول الرياحين لما لا ينبت للطيب، ولا يتخذ
منه الطيب كالحناء والعصفر ونبات البر كالا ذخر والشيح.
وسأل العلاء الصادق عليه السلام أنه حلق وذبح، أيطلي رأسه بالحناء وهو متمتع؟
فقال: نعم من غير أن يمس شيئا من الطيب (7). وسأله ابن سنان في الصحيح عن
الحناء، فقال: إن المحرم ليمسه ويداوي به بعيره، وما هو بطيب وما به بأس (8).

(1) مصباح المتهجد: ص 620.
(2) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 317.
(3) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 331.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 72.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 102 ب 26 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 373 درس 99.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 195 ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 100 ب 23 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
344

وقال الصدوق: وقد روي أنه يجوز أن يضع الحناء على رأسه، إنما يكره
السك (1) وضربه، أن الحناء ليس بطيب (2).
ففي الأجسام الطيبة الريح وجوه:
الأول: حرمتها مطلقا.
والثاني: حرمتها إلا الفواكه.
والثالث: حرمتها إلا الرياحين.
والرابع: حرمتها إلا الفواكه والرياحين.
والخامس: حرمتها إلا الفواكه والرياحين وما لا ينبت للطيب ولا يتخذ منها
الطيب والأبازير خلا الزعفران.
والسادس: حرمتها إلا الفواكه والأبازير غير الزعفران وما لا يقصد به الطيب
ولا يتخذ منه.
والسابع: إباحتها إلا ستة.
والثامن: إباحتها إلا أربعة.
والتاسع إباحتها إلا خمسة، وفي الأربعة وجهان.
وعلى كل فهي محرمة عليه (أكلا ولو مع الممازجة) للأخبار (3) وإجماع
علماء الأمصار كما في التذكرة (4) (مع بقاء كيفيته) التي هي الرائحة لا غيرها
من لون أو طعم أو غيرهما، لأنها المتبادرة هنا، ويحتمل العموم.
فلو لم يبق شئ من صفاته بل لو لم يبق رائحته لم يحرم لخروجه بذلك عن
اسم الطيب واستعماله، وأكله عن استعماله وأكله.
وقد يتأيد بصحيح عمران الحلبي عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن المحرم يكون

(1) السك - بالضم -: نوع من الطيب عربي (مجمع البحرين: ج 5 ص 270).
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 508 ذيل الحديث 3096.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 93 ب 18 من أبواب تروك الاحرام.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 20.
345

به الجرح فيتداوى بدوا، فيه الزعفران، فقال: إن كان الزعفران الغالب على الدواء
فلا، وإن كانت الأدوية الغالبة فلا بأس (1).
خلافا للخلاف (2) والتحرير (3) والمنتهى (4) وموضع من التذكرة (5) ففيها حرمة
أكل ما فيه طيب وإن زالت أوصافه، لعموم النفي عن أكل ما فيه طيب أو ما فيه
زعفران أو مسه. وفي الأول منع عمومه لما نحن فيه لخروجه عن الطيب، وفي
المنتهى إجماعنا عليه (6).
وقرب في موضع من التذكرة أن لا فدية إن استهلك الطيب فلم يبق له لون ولا
طعم ولا ريح، قال: وإن ظهرت هذه الأوصاف فيه وجبت الفدية قطعا، وإن بقيت
الرائحة وحدها فكذلك، لأنها الغرض الأعظم من الطيب وإن بقي اللون وحده.
وطريقان للشافعية، أحدهما: أن المسألة على قولين، أظهرهما أنه لا يجب
فدية، لأن اللون ليس بمقصود أصلي. الطريق الثاني: القطع بعدم وجوب الفدية،
ولو بقي الطعم وحده فطريقان أظهرهما أنه كالريح، والثاني إنه كاللون (7)، إنتهى.
ولا فرق عندنا بين ما مسته النار وغيره، خلافا لمالك وأصحاب الرأي،
فأباحوا ما مسته النار بقيت أوصافه أم لا (8).
(و) كذا يحرم عليه (لمسا) للأخبار (9) والاجماع ولو بالباطن، كباطن
الجرح، وكما في الاحتقان والاكتحال والاستعاط.
(وتطيبا) بالاستشمام أو التبخر أو لبس ثوب مطيب أو جلوس عليه أو في
حانوت عطار حتى تشبثت به الرائحة لذلك، حتى إن داس بنعله (10) طيبا عمدا

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 154 ب 69 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(2) الخلاف: ج 2 ص 304 المسألة 91.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 13 س 34.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 786 س 20.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 19.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 786 س 20.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 28.
(8) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 299، الشرح الكبير: ج 3 ص 280 - 281.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 93 ب 18 من أبواب تروك الاحرام.
(10) في ط: " بنعليه ".
346

فعلق بنعله أثم، وكفر على ما في التذكرة (1) والمنتهى (2) والتحرير (3). ولو فرش
فوق ثوب مطيب ثوبا يمنع رائحته، ثم جلس أو نام عليه لم يأثم، ولا يكفي
حيلولة ثياب بدنه.
وفي الخلاف: يكره للمحرم أن يجعل الطيب في خرقة ويشمها، فإن فعل
فعليه الفداء (4)، والظاهر كما في المنتهى (5) إرادته الحرمة كما في المبسوط (6). وفي
الخلاف (7) والتذكرة: إنه يكره للمحرم القعود عند العطار الذي يباشر العطر، فإن
جاز عليه أمسك على أنفه (8).
وزيد في المبسوط: وكذلك يكره الجلوس عند الرجل المتطيب إذا قصد ذلك
غير أنه لا يتعلق به فدية (9). ونحوه الوسيلة في الحكم بكراهية الجلوس إلى من
تطيب أو مباشر للطيب (10).
وفي التذكرة: ولا يجوز الجلوس عند رجل متطيب ولا في سوق العطارين،
لأنه يشم الطيب حينئذ (1) وهو الوجه، وكذا عند من يباشر العطر إذا شمه، ويأتي
الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
وفي الخلاف: إن كان الطيب يابسا مسحوقا فإن علق ببدنه منه شئ فعليه
الفدية، فإن لم يعلق بحال فلا فدية، وإن كان يابسا غير مسحوق كالعود والعنبر
والكافور، فإن علق ببدنه رائحته فعليه الفدية (12). ونحوه المبسوط، إلا أنه ليس
فيه ذكر المسحوق.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 35.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 786 س 15.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 113 س 32.
(4) الخلاف: ج 2 ص 307 المسألة 97.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 785 س 30.
(6) المبسوط: ج 1 ص 353.
(7) الخلاف: ج 2 ص 307 المسألة 96.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 12.
(9) المبسوط: ج 1 ص 353.
(10) الوسيلة: ص 164.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 13.
(12) الخلاف: ج 2 ص 306 المسألة 94.
347

وزاد في غيره: وإن لم يعلق فلا شئ عليه (1). ونحوهما الدروس (2) واقتصر
في التحرير (3) والمنتهى (4) على الحكاية عن الشيخ، ولعله لعموم مس الطيب
المنهي عنه في الأخبار لما لا يعلق من نفسه أو ريحه شئ.
وقال في التذكرة: استعمال الطيب عبارة عن شمه أو إلصاق الطيب للبدن أو
الثوب أو تشبث الرائحة بأحدهما قصدا للعرف، قال: فلو تحقق الريح دون العين
بجلوسه في حانوت عطار أو في بيت يجمره ساكنوه وجبت الفدية إن قصد تعلق
الرائحة به، وإلا فلا، والشافعي أطلق القول بعدم وجوب الفدية، ولو احتوى على
مجمرة لزمت الفدية عندنا وعنده أيضا. وقال أبو حنيفة: لا تجب الفدية، ولو مس
جرم العود فلم يعلق به رائحته فلا فدية، وللشافعي قولان، ولو حمل مسكا في
فأرة مضمومة الرأس فلا فدية إذا لم يشمها، وبه قال الشافعي، ولو كانت غير
مضمومة فللشافعية وجهان، وقال بعضهم: إن حمل الفأرة تطيب (5)، انتهى.
(وإن كان المحرم ميتا) لم يقرب طيبا، كافورا ولا غيره في غسله وحنوطه
أو غيرهما للأخبار (6)، والاجماع كما في التذكرة (7).
ثم الطيب كله محرم على المحرم عند المصنف (إلا خلوق الكعبة) لنحو
صحيح حماد بن عثمان سأل الصادق عليه السلام عن خلوق الكعبة وخلوق القبر يكون
في ثوب الاحرام، قال: لا بأس به هما طهوران (8). وصحيح ابن سنان سأله عليه السلام
عن خلوق الكعبة تصيب ثوب المحرم، قال: لا بأس، ولا يغسله فإنه طهور (9).

(1) المبسوط: ج 1 ص 353.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 375 درس 99.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 113 س 30.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 786 س 8.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 34.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 170 ب 83 من أبواب تروك الاحرام.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 335 س 19.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 98 ب 21 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 98 ب 21 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
348

وفي الخلاف (1) والمنتهى (2): الاجماع عليه، وزيد في التهذيب (3) والنهاية (4)
والسرائر (5) والتحرير (6) والمنتهى (7) والتذكرة زعفرانها (8) لاشتمال الخلوق عليه
كما سيظهر، ولذا أعرض عنه من أعرض.
ولصحيح يعقوب بن شعيب سأله عليه السلام المحرم يصيب ثيابه الزعفران [من
الكعبة، قال: لا يضره ولا يغسله (9) وصحيح حماد بن عثمان سأله عليه السلام عن
خلوق الكعبة] (10) و (11) وخلوق القبر يكون في ثوب الاحرام، فقال: لا بأس
بهما هما طهوران. وخبر سماعة: سأله عليه السلام عن الرجل يصيب توبة زعفران
الكعبة وهو محرم، فقال: لا بأس به وهو طهور، فلا تتقه أن يصيبك (12).
وأجاز ابن سعيد إذ زاد خلوق القبر (13) للخبرين، ولعل المراد به القبر المقدس
النبوي صلى الله عليه وآله.
والخلوق على ما في المغرب والمعرب ضرب من الطيب مائع فيه صفرة (14)
وقال الأثيري في نهايته: طيب معروف مركب من الزعفران وغيره من أنواع
الطيب، ويغلب عليه الحمرة والصفرة (15). وقال ابن جزلة المتطبب في منهاجه: إن
صفته زعفران ثلاثة دراهم قصب الذريرة، خمسة دراهم أشنه، درهمان قرنفل

(1) الخلاف: ج 2 ص 307 مسألة 95.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 785 س 1.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 69 ذيل الحديث 224.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475.
(5) السرائر: ج 1 ص 543.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 29.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 683 س 2.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 326 س 15.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 98 ب 21 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(10) ما بين المعقوفين ساقط من ط و خ.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 98 ب 21 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 99 ب 21 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(13) الجامع للشرائع: ص 186.
(14) لا يوجدان لدينا.
(15) النهاية في غريب الحديث والأثر: ج 2 ص 71 مادة " خلق ".
349

وقرفد من كل واحد درهم، يدق ناعما وينخل ويعجن بماء ورد ودهن ورد حتى
يصير كالرهشي في قوامه، والرهشي هو السمسم المطحون قبل أن يعصر
ويستخرج دهنه (1).
وأجاز في التذكرة (2) والمنتهى الجلوس عند الكعبة وهي تجمر (3) حملا على
الخلوق. وفي الدروس عن الشيخ؟ لو دخل الكعبة وهي تجمر أو تطيب لم يكن له
الشم (4). والذي ظفرت به حكايته له في الخلاف عن الشافعي (5).
وأجاد صاحب المسالك حيث حرم غير الخلوق إذا طيبت به الكعبة بالتجمير
أو غيره اقتصارا على المنصوص. قال: لكن لا يحرم عليه الجلوس فيها وعندها
حينئذ وإنما يحرم الشم، ولا كذلك الجلوس في سوق العطارين وعند المتطيب
فإنه يحرم (6)، إنتهى.
وقيل في الاحتجاج لجواز شم ما يجمر به الكعبة: إنه ورد نفي البأس عن
الرائحة الطيبة بين الصفا والمروة، وأن لا يمسك أنفه عنها، ورائحة الكعبة أولى
بذلك (7).
قلت: (و) يمكن إدخال جميع ذلك في الشم (اضطرارا) وهو جائز
اتفاقا لانتفاء العسر والحرج في الدين، وخصوص صحيح إسماعيل بن جابر
الآتي في السعوط، لكن يأتي أن عليه الفدية في الدهن الطيب.
(و) عليه أن (يقبض على أنفه) إن اضطر إليه في غير الاستعاط ما
أمكنه اقتصارا على الضرورة، وعملا بالنصوص.
(ويتأكد) حرمة (المسك والعنبر والكافور والزعفران والعود) كما في

(1) لا يوجد لدينا.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 13.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 786 س 4.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 373 درس 99.
(5) الخلاف: ج 2 ص 307 المسألة 96.
(6) مسالك الأفهام: ج 1 ص 109 س 34.
(7) مدارك الأحكام: ج 7 ص 325.
350

المبسوط، قال: وقد ألحق بذلك الورس (1). وهذا إشارة إلى تنزيل ما حصر
المحرم أو الطيب فيها على التغليظ، ولا أرى جهة لترك المصنف الورس.
وجعل الشيخ له ملحقا مع النص عليه فيما سمعته من الأخبار، وخلوها من
العود، وخلو ما تضمنه من التنصيص على التحريم.
(ويجوز السعوط) بما فيه طيب (مع الضرورة) لما عرفت مع صحيح
إسماعيل بن جابر: إنه عرضت له ريح في وجهه وهو محرم، فوصف له الطبيب
سعوطا فيه مسك، فسأل الصادق عليه السلام فقال: استعط به (2). وينبغي أن لا يكون فيه
إشكال، وإن نسبه في التحرير (3) إلى الصدوق، كما لا إشكال في حرمته إلا
لضرورة. وإن قال في التذكرة (4) والمنتهى: إن الوجه المنع منه (5)، وهو قد يشعر
باحتمال الجواز.
(و) يجوز (الاجتياز في موضع يباع فيه) الطيب إذا لم يكتسب جسده
ولا ثوبه من ريحه (و) كان (يقبض على أنفه) كما في الخلاف (6) والتذكرة (7)
والوسيلة (8)، لأنه لم يستعمل أطيب حينئذ، والأصل الإباحة. ولصحيح ابن بزيع
قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام كشف بين يديه طيب لينظر إليه وهو محرم، فأمسك
يبده على أنفه بثوبه من رائحته (9).
والقبض على الأنف - أي الكف عن الشم - واجب كما هو ظاهر الكتاب
والخلاف (10) والوسيلة (11) والتحرير (12) والتذكرة (13) والمنتهى (14)، لحرمة الشم إجماعا،

(1) المبسوط: ج 1 ص 319.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 97 ب 19 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 113 س 33.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 33 س 19.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 786 س 19.
(6) الخلاف: ج 2 ص 307 المسألة 96.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 12.
(8) الوسيلة: ص 163.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 93 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(10) الخلاف: ج 2 ص 307 المسألة 96.
(11) الوسيلة: ص 163.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 113 س 30.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 12.
(14) منتهى المطلب: ج 2 ص 785 س 35.
351

وخصوص هذا الخبر، وعموم ما أوجب الامساك عن الرائحة الطيبة. وظاهر
النهاية (1) والمبسوط (2) والسرائر (3) والجامع (4) العدم، وأظهر منها الإستبصار (5)
للأصل، والفرق بين تعمد الشم وما يؤدي إليه من المباشرة والأكل، وأن يصيبه
الرائحة في طريقه.
ولقول الصادق عليه السلام في خبر هشام بن الحكم: لا بأس بالريح الطيبة فيما بين
الصفا والمروة، من ريح العطارين ولا يمسك على أنفه (6). ويجوز اختصاصه
بما بينهما كما يظهر من التهذيب (7) والدروس (8)، ولعله للضرورة.
وتعمد الاجتياز في طريق يؤدي إلى الشم كتعمد المباشرة، ويجوز أن يريدوا
العدم إذا لم يؤد إلى الشم.
(ولا يقبض) على أنفه (من) الرائحة (الكريهة) وفاقا للمقنع (9)
والمقنعة (10) والنهاية (11) والمبسوط (12) والسرائر (13) وغيرها، أي يحرم كما
في الإقتصاد (14) والجمل والعقود (15) والوسيلة (16) والغنية (7 1) والمهذب (18)
والجامع (19) والإشارة (20) والدروس (21) لقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 477.
(2) المبسوط: ج 1 ص 9 31.
(3) السرائر: ج 1 ص 545.
(4) الجامع للشرائع: ص 186.
(5) الإستبصار: ج 2 ص 180 - 181 ذيل الحديث 599.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 98 ب 20 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 300 ذيل الحديث 1017.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 373 درس 99.
(9) المقنع: ص 72.
(10) المقنعة: ص 432.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 477.
(12) المبسوط: ج 1 ص 319.
(13) السرائر: ج 1 ص 546.
(14) الإقتصاد: ص 302.
(15) الجمل والعقود: ص 135.
(16) الوسيلة: ص 162.
(17) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 23.
(18) المهدب: ج 1 ص 221.
(19) الجامع للشرائع: ص 184.
(20) إشارة السبق (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 604.
(21) الدروس الشرعية: ج 1 ص 374 درس 99.
352

بن عمار: ولا يمسك عليها من الريح المنتنة (1).
وفي صحيح ابن سنان: المحرم إذا مر على جيفة فلا يمسك على أنفه (2). وفي
حسن الحلبي: ولا يمسك على أنفه من الريح المنتنة (3). وذكر ابن زهرة أنه لا
يعلم فيه خلافا (4).
(و) يجب أن (يزيل ما أصاب الثوب منه) أو نزعه فورا كما في
التحرير (5)، ويفهم من التذكرة (6) والمنتهى (7) لحرمة الاستدامة كالابتداء. وهل
يجب أمر الحلال با لإزالة أو يجوز بنفسه؟ نص التهذيب (8) والتحرير (9) والتذكرة (10)
والمنتهى (11) الثاني، لقول أحدهما عليهما السلام في مرسل ابن أبي عمير، في محرم
أصابه طيب: لا بأس أن يمسحه بيده أو يغسله (12). ولأنه مزيل للطيب تارك له
لا متطيب، كالغاصب إذا خرج من الدار المغصوبة بنية تركها.
ولظاهر قوله صلى الله عليه وآله لمن رأى عليه طيبا: إغسل عنك الطيب (13). والأحوط
الأول كما يظهر من الدروس (14) إذا أمكن، خصوصا إذا أمكن نزعه ليغسل، ولعل
المجوز إنما جوزه في غيره.
(د: الاكتحال بالسواد على رأي) وفاقا للمقنعة (15) والنهاية (16)

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 101 ب 24 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(2) المصدر السابق ح 3.
(3) المصدر السابق ح 1.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 24.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 121 س 3.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 33 س 11.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 785 س 25.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 299 ذيل الحديث 1016.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 121 س 3.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 11.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 785 س 25.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 99 ب 22 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(13) صحيح البخاري: ج 2 ص 167 ب 17، المغني لابن قدامة: ج 2 ص 227.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 374 درس 99.
(15) المقنعة: ص 432.
(16) النهاية ونكتها: ج 1 ص 477.
353

والمبسوط (1) والمراسم (2) والوسيلة (3) والسرائر (4) والجامع (5) للأخبار (6) وهي كثيرة.
وفي الإقتصاد (7) والجمل والعقود (8) والخلاف (9) والغنية (10) والنافع (11):
إنه مكروه للأصل، وقول الصادق عليه السلام في خبر هارون بن حمزة: لا يكحل المحرم
عينيه بكحل فيه زعفران، وليكحل بكحل فارسي (12). فإن الظاهر أن الكحل
الفارسي هو الأثمد الفارسي، وقد يمنع.
وفي صحيح فضالة وصفوان: لا بأس أن يكتحل وهو محرم بما لم يكن فيه
طيب يوجد ريحه، فأما للزينة فلا (13). لعموم ما لم يكن فيه طيب، وتخصيص النهي
بما للزينة، فلا يمنع الاكتحال لا بها ولا بالسواد، وإن احتمل النهي عما يتسبب
للزينة وإن لم يقصد به.
وفي خبر أبي بصير: تكتحل المرأة المحرمة بالكحل كله إلا كحل أسود
للزينة (14)، كذا في الفقيه (15) والمقنع (16) بلام واحدة، وهو أظهر في التخصيص، وما
في الخلاف من الكراهية يحتمل الحرمة.
(و) الاكتحال (بما فيه طيب) رائحته موجودة وفاقا للمشهورة،

(1) المبسوط: ج 1 ص 321.
(2) المراسم: ص 106.
(3) الوسيلة: ص 163.
(4) السرائر: ج 1 ص 546.
(5) الجامع للشرائع: ص 184.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 111 ب 33 من أبواب تروك الاحرام.
(7) الإقتصاد: ص 302.
(8) الجمل والعقود: ص 136.
(9) الخلاف: ج 2 ص 313 المسألة 106.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 15.
(11) مختصر النافع: ص 85.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 112 ب 33 من أبواب تروك الاحرام ح 6.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 111 ب 33 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 113 ب 33 من أبواب تروك الاحرام ح 13.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 347 ح 2647.
(16) المقنع: ص 73.
354

للعمومات والخصوصات وهي كثيرة، وفي التذكرة (1) والمنتهى: الاجماع عليه (2)،
وكرهه الشيخ في الجمل (3) والقاضي في المهذب (4) وشرح جمل العلم والعمل (5)،
ولعله للأصل، مع زعم خروجه عن استعمال الطيب عرفا لاختصاصه
بالظواهر، وقد تعطي عبارتا النهاية (6) والمبسوط (7) الحرمة وإن اضطر إليه.
(ه‍: النظر في المرآة على رأي) وفاقا للتهذيب (8) والمبسوط (9)
والنهاية (10) والمقنع (11) والكافي (12) والسرائر (13) والاقتصاد (4 1) والجامع (15)،
للأخبار الصحيحة (16). وفي حسن معاوية بن عمار، عن الصادق عليه السلام: فإن نظر
فليلب (17).
وفي الجمل والعقود (18) والوسيلة (19) والمهذب (20) والغنية (21) والنافع: إنه
مكروه (22)، وكذا الخلاف (23)، ولكنه يحتمل إرادة الحرمة.
(و: الادهان بالدهن مطلقا) كان فيه طيب أو لا (اختيارا) كما في

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 335 س 37.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 788 س 3.
(3) الجمل والعقود: ص 136.
(4) المهذب: ج 1 ص 221.
(5) شرح جمل العلم والعمل: ص 216.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 477.
(7) المبسوط: ج 1 ص 321.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 302 ذيل الحديث 1028.
(9) المبسوط: ج 1 ص 321.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 477.
(11) المقنع: ص 73.
(12) الكافي في الفقه: ص 203.
(13) السرائر: ج 1 ص 546.
(14) الإقتصاد: ص 302.
(15) الجامع للشرائع: ص 184.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 114 ب 34 من أبواب تروك الاحرام.
(17) المصدر السابق ح 4.
(18) الجمل والعقود: ص 136.
(19) الوسيلة: ص 164.
(20) المهذب: ج 1 ص 221.
(21) الغنية (الجوامع النشية): ص 515 س 25.
(22) المختصر النافع: ص 85
(23) الخلاف: ج 2 ص 319 المسألة 119.
355

ا لمقنع (1) والتهذيب (2) والخلاف (3) والنهاية (4) والمبسوط (5) والاقتصاد (6)
والمصباح (7) ومختصره والوسيلة (8).
والشرائع (9) والجامع (10)، لقوله صلى الله عليه وآله: الحاج أشعث أغبر (11)، وفي خبر آخر:
سئل عليه السلام ما الحاج؟ فقال: الشعث التفل (12).
وقول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن
حتى تحل (13). وفيما مر من حسن معاوية: لا تمس شيثا من الطيب وأنت محرم
ولا من الدهن (14)، وظاهر الخلاف الاجماع (15)، وصريح المفيد إباحة غير الطيب
من الأدهان (16)، وقد يظهر من الجمل والعقود (17) والكافي (18) وأمر اسم (19) للأصل،
واحتمال حسن معاوية الكراهية للفظ " لا ينبغي ".
ولما نص من الأخبار على جواز الادهان بها بعد الغسل قبل الاحرام،
كصحيح الحسين بن أبي العلاء سأل الصادق عليه السلام عن الرجل المحرم يدهن بعد
الغسل؟ قال: نعم. قال: فأدهنا عنده بسليخة بان (20)، وذكر أن أباه كان يدهن بعدما

(1) المقنع: ص 72.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 حس 302.
(3) الخلاف: ج 2 ص 303 المسألة 90.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 478.
(5) المبسوط: ج 1 ص 321.
(6) الإقتصاد: ص 301.
(7) مصباح المتهجد: ص 620.
(8) الوسيلة: ص 162.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(10) الجامع للشرائع: ص 184.
(11) الحاري الكبير: ج 4 ص 110.
(12) سنن ابن ماجة: ج 2 ص 967 ح 2896.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 104 ب 29 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 105 ب 29 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(15) الخلاف: ج 2 ص 303 المسألة 90.
(16) المقنعة: ص 432.
(17) الجمل والعقود: ص 136.
(18) الكافي في الفقه: ص 203.
(19) المراسم: ص 106.
(20) سليخة بان: " السليخة: نوع من العطر، كأنه قشر منسلخ. والبان: شجر، ولحب ثمره دهن
طيب " (مجمع البحرين: ج 2 ص 434).
356

يغتسل للاحرام، وأنه يدهن بالدهن ما لم يكن فيه غالية أو دهنا فيه مسك أو
عنبر (1).
وصحيح هشام بن سالم سأله عليه السلام عن الدهن بعد الغسل للاحرام، فقال: قبل
وبعد ومع، ليس به بأس (2). فإن الظاهر بقاؤه عليه إلى الاحرام وتساوي
الابتداء والاستدامة.
وقد يمنع الأمران، ويعضد منع الأول صحيح ابن مسلم قال: قال أبو عبد
الله عليه السلام: لا بأس بأن يدهن الرجل قبل أن يغتسل للاحرام أو بعده، وكان يكره
الدهن الخاثر الذي يبقى (3).
(و) الأدهان (بما فيه طيب وإن كان قبل الاحرام إذا كانت رائحته
تبقى إلى) ما (بعد الاحرام) كما في النهاية (4) والمبسوط (5) والسرائر (5)
والشرائع (7)، ويعطيه كلام الخلاف، لحرمة الطيب ابتداء واستدامة (8). ولنحو
قول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي وصحيحه: لا تدهن حين تريد أن تحرم
بدهن فيه مسك ولا عنبر من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم (9).
وفي الجمل العقود (10) والوسيلة (11) والمهذب (12) الكراهية، لجوازه ما دام
محلا، غايته وجوب الإزالة (13) فورا بعد الاحرام.
(ولو لم تبق) رائحته أو استعمل ما لا رائحة له (جاز) وإن بقيت عينه

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 106 ب 30 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(2) المصدر السابق ح 6.
(3) المصدر السابق ح 3.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 477.
(5) المبسوط: ج 1 ص 321.
(6) السرائر: ج 1 ص 546.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(8) الخلاف: ج 2 ص 301 المسألة 86.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 104 ب 29 من أبواب تروح الاحرام ح 1.
(10) الجمل والعقود: ص 136.
(11) الوسيلة: ص 164.
(12) المهذب: ج 1 ص 221.
(13) في خ: " إزالته ".
357

للأصل، واختصاص المنع من الأدهان بحال الاحرام، وإطلاق الأخبار باستعمالها
قبله، إلا ما سمعته الآن من خبر ابن مسلم مع تضمنه الكراهية واحتماله الدهن
الطيب.
وفي التذكرة (1) والمنتهى: الاجماع على الجواز من غير اشتراط، لزوال
عينه (2)، واشترطه بعضهم للخبر، والتسوية بين الابتداء والاستدامة.
(ويجوز) للمحرم (أكل ما ليس بطيب منه كالسمن والشيرج)
اختيارا: للأصل والاجماع كما في التذكرة (3)، ونفى عنه الخلاف في الخلاف (4)
والدروس (5).
(ز: اخراج الدم اختيارا على رأي) وفاقا للمقنعة (6) وجمل العلم
والعمل (7) والمراسم (8) والنهاية (9) والمبسوط (10) والاستبصار (11) والتهذيب (12)
والاقتصاد (13) والكافي (14) والغنية (15) والسرائر (16) والمهذب (7 1) والجامع (18)
لقول الباقر أعين في خبر زرارة: لا يحتجم المحرم إلا أن يخاف على نفسه أن لا

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 335 س 34.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 787 س 33.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 5 33 س 21.
(4) الخلاف: ج 2 ص 303 مسألة 90.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 375 درس 99.
(6) المقنعة: ص 432.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 66.
(8) المراسم: ص 106.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 479.
(10) المبسوط: ج 1 ص 321.
(11) الإستبصار: ج 2 ص 184 ذيل الحديث 610.
(12) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 313 ذيل الحديث 1046.
(13) الإقتصاد: ص 302.
(14) الكافي في الفقه: ص 203.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 23.
(16) السرائر: ج 1 ص 547.
(17) المهذب: ج 1 ص 221.
(18) الجامع للشرائع: ص 184.
358

يستطيع الصلاة (1).
وحسن الحلبي سأل الصادق عليه السلام غن المحرم يحتجم؟ فقال: لا، إلا أن لا
يجد بدا فليحتجم، ولا يحلق مكان المحاجم (2). وخبر الحسن الصيقل عنه عليه السلام
في المحرم يحتجم؟ قال: لا، إلا أن يخاف التلف، ولا يستطيع الصلاة، وقال:
إذا آذاه الدم فلا بأس به (3).
(وإن كان) الادماء (بحك الجلد) لقول الصادق عليه السلام في خبر عمر بن
يزيد: ويحك الجسد ما لم يدمه (4) وصحيح معاوية بن عمار: سأله عليه السلام عن
المحرم كيف يحك رأسه؟ قال: بأظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر (5). واقتصر
عليه في الإقتصاد (6) والكافي (7)، كما ليس في الإستبصار إلا الاحتجام (8).
(أو السواك) لحسن الحلبي سأله عليه السلام عن المحرم يستاك؟ قال: نعم، ولا
يدمي (9). وأقتصر عليهما القاضي (10)، وفي النهاية (11) والمبسوط (12) والسرائر (13)
والجامع (14) ذكرهما مع الاحتجام خاصة. وفي المقنعة معه والاقتصاد وفيها:
لا يحتجم ولا يفتصد إلا أن يخاف على نفسه التلف (15)، وفي جمل العلم والعمل ذكر
الاحتجام والافتصاد وحك الجلد حتى يدمي خاصة (16).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 143 ب 62 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(2) المصدر السابق ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 144 ب 62 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 159 ب 73 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(5) المصدر السابق ح 1.
(6) الإقتصاد: ص 302.
(7) الكافي في الفقه: ص 203.
(8) الإستبصار: ج 2 ص 183 باب 110.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 159 ب 73 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(10) المهذب: ج 1 ص 221.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 478 و 479.
(12) المبسوط: ج 1 ص 321.
(13) السرائر: ج 1 ص 546 و 547.
(14) الجامع للشرائع: ص 184.
(15) المقنعة: ص 432.
(16) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 66.
359

وفي الخلاف (1) والنافع: كراهية الاحتجام (2)، وفي المصباح (3) ومختصر
كراهيته والفصد، وفي الجمل والعقود (4) والوسيلة كراهية الادماء بالحك أو
السواك (5)، ولم يذكر فيهما غيرهما. والشرائع يحتمل كراهية اخراج الدم مطلقا،
وكراهية الادماء بالحك أو السواك خاصة (6)، كل ذلك للأصل، وإطلاق نحو قول
الصادق عليه السلام في صحيح حريز: لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع
الشعر (7).
وصحيح معاوية بن عمار سأله عليه السلام المحرم يستاك؟ قال: نعم، قال: فإن أدمى
يستاك؟ قال: نعم، هو (من) السنة (8). وخبر يونس بن يعقوب سأله عليه السلام عن
المحرم يحتجم؟ قال: لا أحبه (9).
(ح: قص الأظفار) للأخبار (10)، وإجماع علماء الأمصار كما في
التذكرة (11) والمنتهى (12)، إلا أن تؤذيه فيقص ويكفر، لقول الصادق عليه السلام لمعاوية بن
عمار في الصحيح إذ سأله عن المحرم تطول أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه: لا
يقص شيئا منها إن استطاع، فإن كانت تؤذيه فليقلمها، وليطعم مكان كل ظفر قبضة
من طعام (13).
وفي حكم القصر الإزالة بغيره، وفي حكم الكل البعض كما في التذكرة (14)

(1) الخلاف: ج 2 ص 315 المسألة 110.
(2) المختصر النافع: ص 85
(3) مصباح المتهجد: ص 620.
(4) الجمل والعقود: ص 136.
(5) الوسيلة: ص 164.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 144 ب 62 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 158 ب 71 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 144 ب 62 من أبواب تروك أفي حرام ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 161 ب 77 من أبواب تروك الاحرام ح 9.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 339 س 21.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 794 س 34.
(13) الكافي: ج 4 ص 360 ح 3، وسائل الشيعة: ج 9 ص 161 ب 77 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 339 س 27.
360

والمنتهى (1) وغيرهما. وفيهما: أنه لو انكسر ظفره كان له إزالته بلا خلاف بين
العلماء، لأنه يؤذيه ويؤلمه، واستشكل فيهما في الفدية حينئذ من الخبر، ومن
أصل البراءة، وكونه كالصيد الصائل. وقطع بأنه إن احتاج إلى مداراة قرحه ولا
يمكنه إلا بقص ظفره قصه وعليه الفدية، لأنه أزال ما منع من إزالته لضرر في غيره
كما لو حلق رأسه لضرر القمل (2).
وقال الحسن: من انكسر ظفره فلا يقصه، فإن فعل أطعم مسكينا في يده (3)،
وهو أقرب إلى الخبر.
(ط: إزالة الشر، عن الرأس أو اللحية أو غيرهما بالحلق أو القص أو
النورة أو غيرها للنصوص (4)، وإجماع العلماء كما في التذكرة (5) والمنتهى (6)
وكونها ترفها. (وإن قل) حتى شعرة أو جزء شعرة، لنطق الأخبار بلزوم الفدية
بسقوط شئ من الشعر. (ويجوز مع الضرورة) بالنصوص والاجماع، (كما
لو) آذاه القمل، أو القروح، أو نبت الشعر في عينيه، أو نزل شعر حاجبه فغطى
عينه، أو (احتاج إلى الحجامة المفتقرة إليه) أي الإزالة، ولكن لا يسقط
بشئ من ذلك الفدية للنصوص، إلا في الشعر النابت في العين والحاجب الذي
طال فغطى العين. ففي المنتهى (7) والتحرير (ما والتذكرة (9) والدروس: أن لا
فدية لإزالتهما، لأن الضرر بنفس الشعر فهو كالصيد الصائل (10).

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 795 س 3.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 339 س 29، منتهى المطلب: ج 2 ص 795 س 3.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 165.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 143 ب 62 من أبواب تروك الاحرام.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 338 س 11.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 93 7 س 1.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 793 س 27.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 14 1 س 25.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 338 س 32.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 383 درس 101.
361

ولو قطع عضوا كان عليه شعر أو ظفر لم يتعلق بزوالهما شئ، وفاقا للتذكرة (1)
والمنتهى (2) لخروجه عن مفهوم إزالتهما عرفا فضلا عن القص والقلم والحلق
والنتف.
(ي:) ولا اختصاص له بالمحرم (قطع الشجر والحشيش) النابتين في
الحرم بالنصوص (3) والاجماع، ولا خلاف في جواز قطعهما في الحل للمحرم
وغيره، ولا في عموم حرمة قطعهما في المحرم لهما، والنصوص ناطقة بالأمرين.
والقطع يعم القلع وقطع الغصن والورق والثمر، والأمر كذلك لعموم نحو خبر
ابن مسلم سأل أحدهما عليه السلام المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم؟ قال: نعم،
قال: فمن الحرم؟ قال: لا (4)، وقول الصادق عليه السلام في صحيح حريز: كل شئ ينبت
في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت وغرسته (5). وقوله صلى الله عليه وآله:
لا يختلي خلاها ولا يعضد شجرها (6).
وفي التذكرة (7) والتحرير (8) والدروس جواز قطع اليابس (9)، فإنه كقطع
أعضاء الميتة من الصيد.
قلمت: لكن النصوص عامة خلالا يختلي خلاها، قال في التذكرة: نعم لا يجوز
قلعه، فإن قلعه فعليه الضمان، لأنه لو لم يقلع لنبت ثانيا، ذكره بعض الشافعية، ولا
بأس (10)، انتهى.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 338 س 18.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 793 س 5 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 172 ب 86 من أبواب تروك الاحرام.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 172 ب 85 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 173 ب 86 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(6) عوالي اللآلي: ج 1 ص 44 ح 56.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 341 س 15.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 س 8.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 389 درس 102.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 341 س 1.
362

وقي المنتهى: لا بأس بقطع اليابس من الشجر والحشيش، لأنه ميت، فلم
يبق له حرمة (1)، انتهى. ولعل الأمر مختلف، فقد ينبت اليابس إن لم يقلع وقد لا
ينبت، ولا اختلاف بين قوليه. ثم فيهما (2) وفي التحرير: يجوز أخذ الكماة والفقع
من الحرم، لأنه لا أصل له، فهو كالثمرة الموضوعة على الأرض (3).
قلت: يمكن أن يقال: لا يشمله الشجر ولا الحشيش، وفيهما أيضا: أنه إن
انكسر غصن أو سقط ورق بغير فعل آدمي جاز الانتفاع به قطعا (4).
وفي التذكرة (5) والمنتهى (6) إجماعا، لأن المحرم عليه هو القطع، وإن كان
بفعل آدمي، فالأقرب ذلك وإن كان هو الجاني. ومن العامة من حرمه قياسا
على الصيد المذبوح في الحرم (7)، والفرق واضح لوجود النص في الصيد
وافتقار حله إلى أهلية الذابح وذبحه بشروط، وسمعت قوله عليه السلام في صحيح
حريز: كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين (8)، وكذلك
حسنه، فيحتمل حرمة استعمال مثل ذلك.
لم المحرم كل شئ وحشيش في الحرم (إلا أن ينبت في ملكه) كما في
المبسوط (9) والشرائع (10) والنافع (11)، لصحيح حماد بن عثمان سأل الصادق عليه السلام
عن الرجل يقلع الشجرة من مضر به أو داره في الحرم، فقال: إن كانت الشجرة لم
تزل قبل أن يبني الدار أو يتخذ المضرب فليس له أن يقلعها، وإن كانت طرأت

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 798 س 8.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 341 س 16، ومنتهى المطلب: ج 2 ص 798 س 9.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 س 9.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 341 س 16، منتهى المطلب: ج 2 ص 798 س 10.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 341 س 17.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 798 س 10.
(7) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 366، الشرح الكبير: ج 3 ص 366.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 172 ب 86 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(9) المبسوط: ج 1 ص 354.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251.
(11) المختصر النافع: ص 85.
363

عليه فله قلعها (1). وخبره أيضا عنه عليه السلام في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في
الحرم، قال: إن بنى المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها، وإن كانت نبتت في
منزله وهو له فليقلعها (2).
ولما اختص المنزل اقتصر عليه في التهذيب (3) والتحرير (4) والمنتهى (5)، كما
اختص الأول بالدار من مدر أو غيره وهي المنزل هنا، فاقتصر عليها في النهاية (6)
والمهذب (7) والسرائر (8) والجامع (9) والتلخيص (10) والنزهة (11).
ثم الخبران وهذه الفتاوى يعم ما أنبته الانسان في ملكه أو أنبته الله فيه، بل
الأخير ظهر منها. ونص في المبسوط (12) والتذكرة (13) على ما أنبته الله فيه، فغيره
أولى.
واقتصر في الغنية (14) والإصباح على ما غرسه الانسان في ملكه (15). وفي
الجمل والعقود: ولا يقلع شجرا نبت في الحرم إلا شجر الفواكه والإذخر، ولا
حشيشا إذا لم ينبت في ملك الانسان (16). وظاهره اختصاص ذلك بالحشيش.
وسمعت قول الصادق عليه السلام في صحيح حريز: إلا ما أنبته أنت وغرسته (17)، وهو

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 173 ب 87 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 174 ب 87 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 380 ذيل الحديث 1325.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 س 8.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 798 س 4.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 499.
(7) المهذب: ج 1 ص 220.
(8) السرائر: ج 1 ص 554.
(9) الجامع للشرائع: ص 185.
(10) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 332.
(11) نزهة الناظر: ص 61.
(12) المبسوط: ج 1 ص 354.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 341 س 9.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 21.
(15) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 460.
(16) الجمل والعقود: ص 134..
(17) وسائل الشيعة: ج 9 ص 173 ب 86 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
364

يعم ما أنبته في ملكه أو غيره، وهو فتوى النهاية (1) والمبسوط (2) والسرائر (3)
والنزهة (4) والمنتهى (5).
وقيده ابنا زهرة (6) والبراج (7) والكيدري (8) بملكه، ولا فرق بين أن يكون
من الجنس الذي من شأنه أن ينبته الآدميون - كشجر الفواكه - أو لا.
وإذا جعل " ملكه " في الكتاب مصدرا، وكان المعنى كون النبات في ملكه لما
ينبت، عم الأمرين، أعني: ما ينبت في أرض مملوكة له، وما أنبته في أرض
مباحة، فإنهما في ملكه أي مملوكان له.
والثاني: ما ينبت في الحل في ملكه أو أرض مباحة فقلعه أو قطعه وغرسه في
الحرم كما نص عليه في الخلاف (9) والمبسوط (10). وما نبت في ملكه من الحرم
فقلعه أو قطعه وغرسه في غيره منه وما كان بذرا فانبته في الحرم، وما غصبه أو
سرقه فغرسه في الحرم كذلك، لعموم الخبر والفتاوى، ولا يعمه النبات في ملكه.
(وإلا شجر الفواكه) لقول الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن خالد ومرسل
عبد الكريم: لا ينزع من شجر مكة إلا النخل وشجر الفاكهة (11). وقطع به الشيخ (12)
في كتبه والأكثر، ولم يستثن في الإقتصاد (13) سواه.
وفي الخلاف: الاجماع على نفي الضمان عما جرت العادة بغرس الآدمي له،
نبت لغرسه أو لا (14). وفي التذكرة: شجر الفواكه والنخل يجوز قلعه، سواء أنبته

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 499.
(2) المبسوط: ج 1 ص 354.
(3) السرائر: ج 1 ص 554.
(4) نزهة الناظر: ص 60.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 797 س 32.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 21.
(7) المهذب: ج 1 ص 223.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 1 ص 223.
(9) الخلاف: ج 2 ص 407 المسألة 280.
(10) المبسوط: ج 1 ص 354.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 173 ب 87 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(12) المبسوط: ج 1 ص 5354 الجمل والعقود: ص 134، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 499.
(13) الإقتصاد: ص 302.
(14) الخلاف: ج 2 ص 408 المسألة 280.
365

الله تعالى أو الآدميون، سواء كانت مثمرة كالنخل والكرم أو غير مثمرة
كالصنوبر والخلاف (1). فكأنه أراد بشجر الفواكه ما جرت العادة بغرسه توسعا.
(و) إلا (الإذخر، كما في النهاية (2) والمبسوط (3) والوسيلة (4)
والتهذيب (5) والمهذب (6) والغنية (7) والسرائر (8) والجامع (9) والنافع (10)
والشرائع (11) وغيرها، لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: رخص رسول الله صلى الله عليه وآله
في قطع عودي المحالة - وهي البكرة التي يستقى بها من شجرة الحرم -
والإذخر (12).
وفي خبر آخر له: حرم الله حرمه بريدا في بريد، أن يختلى خلاه، ويعضد
شجره إلا الإذخر (13).
وما روي أنه صلى الله عليه وآله قال لحرم مكة: لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا
ينفر صيدها ولا يلتقط لقطتها إلا المعرف، فقال العباس: يا رسول الله إلا الإذخر
فإنه للقبر ولسقوف بيوتنا. وفي خبر آخر: لصاغتنا وقبورنا. وفي خبر آخر: فإنه
لقينهم ولبيوتهم فقال صلى إليه عليه وآله: إلا الإذخر (14). وفي التذكرة (15) والمنتهى (16) الاجماع،
ويحتمله الغنية (17).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 341 س 6.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 499.
(3) المبسوط: ج 1 ص 354.
(4) الوسيلة: ص 162.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 381 ذيل الحديث 1329.
(6) المهذب: ج 1 ص 220.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 20.
(8) السرائر: ج 1 ص 554.
(9) الجامع للشرائع: ص 185.
(10) المختصر النافع: ص 85.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 174 ب 87 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 174 ب 87 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(14) أنظر صحيح مسلم: ج 2 ص 986 ومه 9 ح 1353 و 1355 باختلاف.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 341 س 13.
(16) منتهى المطلب: ج 2 ص 798 س 2.
(17) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 21.
366

(و) إلا (النخل) وإن خرجت عن شجر الفاكهة - كما قيل - لما سمعت
من النص.
(و) إلا (عودتي المحالة) كما في التهذيب (1) والجامع (2) لما سمعته، وفيه
جهل وإرسال. وأطلق الحلبي حرمة قطع شجر الحرم واختلاء خلاه (3) من
غير استثناء.
(يا: الفسوق) بالنصوص (4) والاجماع، وهو محرم على كل مكلف، وإنما
عد من محرمات الاحرام، لخصوص نهي المحرم عنه في الكتاب والسنة.
(وهو الكذب) كما في تفسير علي بن إبراهيم (5) والمقنع (6) والنهاية (7)
والمبسوط (8) والاقتصاد (9) والسرائر (10) والجامع (11) والنافع (12) والشرائع (13)
وظاهر المقنعة (14) والكافي (15). ورواه الصدوق في معاني الأخبار (16) مسندا عن زيد
الشحام عن الصادق عليه السلام، والعياشي (17) في تفسيره عن إبراهيم بن عبد الحميد عن
أبي الحسن عليه السلام وعن محمد بن مسلم. وفي التبيان (18) ومجمع البيان (19) وروض
الجنان: أنه رواية أصحابنا (20). وفي فقه القرآن للراوندي: أنه رواية بعض
أصحابنا (21).

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 381 ذيل الحديث 1329.
(2) الجامع للشرائع: ص 185.
(3) الكافي في الفقه: ص 203.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 108 ب 32 من أبواب تروك الاحرام.
(5) تفسير القمي: ج 1 ص 69.
(6) المقنع: ص 71.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 476.
(8) المبسوط: ج 1 ص 320.
(9) الإقتصاد: ص 302.
(10) السرائر: ج 1 ص 545.
(11) الجامع للشرائع: ص 184.
(12) المختصر النافع: ص 184.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(14) المقنعة: ص 398.
(15) الكافي في الفقه: ص 203.
(16) معاني الأخبار: ص 294.
(17) تفسير العياشي: ج 1 ص 95 ح 256.
(18) التبيان: ج 2 ص 164.
(19) مجمع البيان: ج 1 ص 294.
(20) تفسير روح الجنان: ج 2 ص 117.
(21) فقه القرآن: ج 1 ص 283.
367

وفي جمل العلم والعمل (1) والمختلف (2) والدروس: إنه الكذب
والسباب (3)، وحكي عن أبي علي (4)، وبه صحيح معاوية بن عمار عن
الصادق عليهم السلام (5). وفي الجمل والعقود: إنه الكذب على الله (6). وفي المهذب (7)
والغنية (8) والإصباح (9) والإشارة (10): أنه الكذب على الله ورسوله أو أحد
الأئمة عليه السلام. وفي الغنية: إنه عندنا كذلك (11).
وفي المختلف: أنه لا حجة عليه، وإن تمسكوا بالأصل، فلا عبرة به مع
المنافي، وإن تمسكوا بأنه المبطل للصوم فهو المحرم هنا، منعنا الملازمة (12).
وفي التبيان: الأولى أن نحمله على جميع المعاصي التي نهي المحرم عنها (13)،
وتبعه الراوندي في فقه القرآن (14). ثم غلط الشيخ من خصه بما يحرم على المحرم
لاحرامه ويحل له لو لم يكن محرما بأنه تخصيص بلا دليل (15).
وفي صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام: أنه الكذب والمفاخرة (16). وجعله
في المختلف دليل مختاره، لأن المفاخرة لا ينفك عن السباب، فإنها إنما تتم بذكر
فضائل نفسه وسلبها عن خصمه، وسلب رذائل عن نفسه وإثباتها لخصمه، وهو

(1) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 65.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 84.
(3) ا لدروس الشرعية: ج 1 ص 387 درس 101.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 84.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 108 ب 32 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(6) الجمل والعقود: ص 135.
(7) المهذب: ج 1 ص 221.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 17.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 460.
(10) إشارة السبق: ص 128.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 17.
(12) مختلف الشيعة: ج 4 ص 85.
(13) التبيان: ج 2 ص 164.
(14) فقه القرآن: ج 1 ص 283.
(15) التبيان: ج 2 ص 164.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 109 ب 32 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
368

معنى السباب (1). وقال الحسن: هو الكذب والبذاء واللفظ القبيح (2).
(يب: الجدال) بالنصوص (3) والاجماع، (وهو قول: لا والد وبلى
والله) كما في تفسير علي بن إبراهيم (4) والمقنع (5) والنهاية (6) والمبسوط (7)
والاقتصاد (8) والجمل والعقود (9) والمهذب (10) والسرائر (11) والغنية (12) والجامع (13)
والشرائع (14) والإصباح (15) والإشارة (16)، والأخبار به كثيرة (17).
والجدال في العرف: الخصومة، وهذه خصومة متأكدة باليمين، والأصل
البراءة من غيرها، وكأنه لا خلاف عندنا في اختصاص الحرمة بها، وحكى
السيدان الاجماع عليه (18).
(والأقرب اختصاص المنع بهذه الصيغة) كما هو ظاهر الأكثر للأصل،
والأخبار، كحسن معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقول: لا لعمري
وبلى لعمري، قال: ليس هذا من الجدال، وإنما الجدال: لا والله وبلى والله (19).
ونحوه صحيحه وزاد فيه: وأما قوله: لا ها فإنما طلب الاسم، وقوله: يا هناه فلا

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 85.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 84.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 108 ب 32 من أبواب تروك الاحرام.
(4) تفسير القمي: ج 1 ص 69.
(5) المقنع: ص 70.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 476.
(7) المبسوط: ج 1 ص 320.
(8) الإقتصاد: ص 302.
(9) الجمل والعقود ص 135.
(10) المهذب: ج 1 ص 221.
(11) السرائر: ج 1 ص 545.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 17.
(13) الجامع للشرائع: ص 184.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(15) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 460.
(16) إشارة السبق: ص 128.
(17) وسائل الشيعة: ج 9 ص 108 ب 32 من أبواب تروك الاحرام.
(18) الإنتصار: ص 95، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 17.
(19) وسائل الشيعة: ج 9 ص 109 ب 32 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
369

بأس به، وأما قوله: لا بل شانيك فإنه من قول الجاهلية (1).
وما رواه العياشي في تفسيره عن محمد بن مسلم إنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن
المحرم قال لأخيه: لا لعمري، قال: ليس هذا بجدال، إنما الجدال لا والله وبلى
والله (2). وعنه عن أحدهما عليهما السلام مثله (3).
ثم الأقرب كما في التذكرة (4) والمنتهى حصول الجدال بإحدى اللفظتين
وعدم التوقف عليهما (5)، وبه قطع في التحرير (6) وفي الإنتصار (7) وجمل العلم
والعمل: إنه الحلف بالله (8)، وهو أعم من الصيغتين، ويؤيده عموم لفظ الجدال،
لكن لا في خصومة، واحتمال الحصر في الأخبار الإضافية والتفسير باللفظين
التخصيص بالرد المؤكد بالحلف بالله لا بغيره.
وقول الصادق عليه السلام في حسن معاوية: واعلم أن الرجل إذا حلف بثلاثة
أيمان ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به،
وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به (9)، ونحوه
عدة أخبار (10). وهي تحتمل التقييد باليمين التي هي جدال، وإنما أطلقت، لأن
المقصود فيها بيان ما يوجب الكفارة منها، والفصل بين الصادقة والكاذبة.
ثم ظاهر الكتاب والدروس العموم لما يكون لخصومة وغيرها (11). وقال
الصادق عليه السلام لزيد الشحام فيما رواه الصدوق في معاني الأخبار: والجدال هو قول

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 109 ب 32 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(2) تفسير العياشي: ج 1 ص 96 ح 261.
(3) تفسير العياشي: ج 1 ص 95 ح 259.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 355 س 15.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 4 84 س 32.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 121 س 33.
(7) الإنتصار: ص 95.
(8) جمل العمل والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 66.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 281 ب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 280 ب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 386 درس 101.
370

الرجل:. لا والله وبلى والله وسباب الرجل الرجل (1).
(وفي دفع الدعوى الكاذبة) بالصيغتين (إشكال) من العمومات
والنصوص (2) على وجوب الكفارة في الصادق، ومن أنه لا ضرر ولا حرج
في الدين، وربما وجب عقلا وشرعا، وهو الأقوى، ولا ينافيه وجوب الكفارة.
وقال أبو علي: ما كان من يمين يريد بها طاعة الله وصلة رحمه فمعفو عنها
ما لم يدأب في ذلك، قال في المختلف: وهذا لا بأس به (3).
(يج: قتل هوام الجسد) كما في الشرائع (4) والنافع (5) (كالقمل وغيره)
كالصئبان والبرغوث والقراد والحلمة، لقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن
عمار: إذا أحرمت فاتق قتل الدواب كلها إلا الأفعى والعقرب والفأرة (6). وفي
صحيح زرارة: يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة (7). وأفتى الصدوق في المقنع
بمضمون الأول، وروى الثاني (8).
وفي النهاية (9) والسرائر: لا يجوز له قتل شئ من الدواب (10). وفي الكافي:
إن مما يجتنبه المحرم قتل شئ من الحيوان عدا الحية والعقرب والفأرة والغراب
ما لم يخف شيئا منه (11).
والدواب يشمل هوام الجسد، وكذا يشملها قول المبسوط: لا يجوز له قتل
شئ من القمل والبراغيث وما أشبههما (12). ونص الأكثر على خصوص القمل، وبه

(1) معاني الأخبار: ص 294 ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 280 ب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 87 (4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(5) المختصر النافع: ص 84.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 166 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 163 ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(8) المقنع: ص 75.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 476.
(10) السرائر: ج 1 ص 545.
(11) الكافي في الفقه: ص 203.
(12) المبسوط: ج 1 ص 203.
371

قول الصادق عليه السلام في خبر الحسين بن أبي العلاء: المحرم لا ينزع القمل من جسده
ولا من ثوبه متعمد، وإن قتل شيئا من ذلك خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضة
بيده (1). فإنه إذا لم يجز النزع فالقتل أولى، وإذا وجبت الكفارة بالقتل خطأ فعمدا
أولى.
وخبر أبي الجارود قال: سأل رجل أبا جعفر عليه السلام عن رجل قتل قملة وهو
محرم، قال: بئس ما صنع (2). وحسن معاوية بن عمار وصحيحه: سأل الصادق عليه السلام
ما تقول في محرم قتل قملة؟ قال: لا شئ عليه في القمل، ولا ينبغي أن يتعمد
قتلها (3). إن كان " لا ينبغي " للتحريم. وصحيحه: سأله عليه السلام لا لمحرم يحك رأسه
فيسقط منه القملة والثنتان، قال: لا شئ عليه ولا يعود (4).
وأجاز ابن حمزة قتل القمل على البدن مع تحريمه القاءه عنه (5)، ولعله
للأصل، وظهور " لا ينبغي " في الكراهية، وعموم لا شئ عليه للعقاب وقول
الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: لا بأس بقتل القملة في الحرم وغيره (6). وفي
مرسل ابن فضال: لا بأس بقتل البرغوث والقملة والبقة في الحرم (7). وليس فيهما
ذكر للمحرم.
وفي المبسوط: لا يجوز له قتل الزنابير والبراغيث والقمل إلا أنه إذا قتل
القمل على بدنه لا شئ عليه، وإن أزاله عن جسمه فعليه الفداء، والأولى أن
لا يعرض له ما لم يؤذه (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 297 ب 15 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 162 ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(3) المصدر السابق ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 298 ب 15 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 5.
(5) الوسيلة: ص 162 - 163.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 171 ب 84 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 164 ب 79 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(8) المبسوط: ج 1 ص 339.
372

قلت: وذلك لنص الأخبار على لزوم الفداء في إلقائه، كصحيح حماد بن
عيسى: سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يبين القملة عن جسده فيلقيها، قال: يطعم
مكانها طعاما (1) ونص بعضها على أنه لا شئ عليه في قتله، كصحيح معاوية
وحسنه المتقدمين، فليحمل خبر الحسين بن أبي العلاء على الاستحباب أو القتل
بالإزالة عن البدن أو بعدها (2) كما أشار إليه المفيد (3).
وأما خبر أبي الجارود أنه: حك رأسه وهو محرم فوقعت قملة فسأله عليه السلام
فقال: لا بأس، قال: أي شئ تجعل علي فيها؟ قال: وما أجعل عليك في قملة ليس
عليك فيها شئ (4). فمع الضعف لم يتعمد الالقاء. وليس في الإقتصاد (5) والجمل
والعقود (6) والمصباح (7) ومختصره والغنية (8) والمهذب إلا إزالة القمل عن نفسه
دون قتله. لكن زاد القاضي حرمة قتل البراغيث والبق وما أشبه ذلك إذا كان في
الحرم، وجوزه في غيره (9).
وقال ابن زهرة: يحرم عليه أن يقتل شيئا من الجراد والزنابير مع الاختيار،
فإما البق والبراغيث فلا بأس أن يقتل في غير الحرم (10). وكذا قال ابن سعيد: لا
يقتل المحرم البق والبرغوث في الحرم، ولا بأس به في الحل، مع إطلاقه قبل ذلك
حرمة قتل القمل والبرغوث عليه (11).
(ويجوز) له (النقل) لهوام الجسد من عضو إلى آخر للأصل، وقول
الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: وإن أراد أن يحول قملة من مكان إلى مكان فلا

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 297 ب 15 من أبواب بقيه كفارات الاحرام ح 1
(2) المصدر السابق ح 3.
(3) المقنعة: ص 435.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 298 ب 15 من أبواب بقين؟ كفارات الاحرام ح 7.
(5) الإقتصاد: ص 302.
(6) الجمل والعقود: ص 135.
(7) مصباح المتهجد: ص 620.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 13 5 س 23.
(9) المهذب: ج 1 ص 221.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 24.
(11) الجامع للشرائع: ص 184 و 193.
373

يضره (1). واشترط أن لا يكون النقل معرضا للسقوط، وأن يكون المنقول إليه
كالمنقول عنه أو أحرز.
و (لا) يجوز (الالقاء) للقمل عن الجسد، قال ابن زهرة: بلا خلاف
أعلمه (2) وينص عليه ما مر من خبر الحسين بن أبي العلاء، (3) وقول الصادق عليه السلام
في صحيح معاوية: المحرم يلقي عنه الدواب كلها إلا القملة فإنها من جسده (4).
ويعضده أخبار أخر، وما أوجب منها الفداء في إلقائه، كصحيح حماد (5) وابن
مسلم (6) المتقدمين.
وأما خبر مرة مولى خالد أنه سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يلقي القملة،
فقال: ألقوها أبعدها الله غير محمودة ولا مفقودة (7). فبعد التسليم يمكن تقييده
بالايذاء.
وأما إلقاء غيره من الهوام، فحرمه المصنف، لأن قتلها إنما حرم للترفه بفقدها
لا لحرمتها، وقد يمنع (إلا القراد والحلم) وهي كبار القردان، قيل: أو
صغارها، وعن الأصمعي: أول ما يكون القراد يكون قمقاما، ثم جمنانا، ثم
قرادا ثم حلما (8).
وأما جواز إلقائهما عن الجسد فللأصل والضرر، ولأنهما ليسا من هوامه،
وصحيح معاوية المتقدم، وصحيح ابن سنان سأل الصادق عليه السلام أرأيت إن
وجدت علي قرادا أو حلمة أطرحهما؟ فقال: نعم، وصغار لهما أنهما رقيا في

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 163 ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 24.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 297 ب 15 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 163 ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 297 ب 15 من أبواب بقية الكفارات ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 297 ب 15 من أبواب بقية الكفارات ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 163 ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 6.
(8) نقله عنه في تهذيب اللغة: ج 5 ص 108 مادة " حلم ".
374

غير مرقا هما (1). واستثناؤهما منقطع، فإنهما ليسا من هوام جسد الآدمي، إلا أن
يريد بالجسد أعم منه وبالقائهما القائهما عن البعير كما في السرائر (2)
والجامع (3)، ويحتمله كلام النافع (4) والشرائع (5)؟ للأصل وخبر أبي عبد الرحمن
سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يعالج وبر الجمل، فقال: يلقى عنه الدواب ولا
يدميه (6) وظاهره الدود.
والأقوى ما في التهذيب (7) من جواز القاء القراد عن البعير دون الحلم للأخبار
الكثيرة بلا معارض، كقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: إن ألقى المحرم
القراد عن بعيره فلا بأس، ولا يلقي الحلمة (8). وفي حسن حريز: إن القراد ليس
من البعير والحلمة من البعير بمنزلة القملة من جسدك، فلا يلقيها وألق القراد (9).
(يد: لبس الخيط للرجال) بلا خلاف كما في الغنية (10) والمنتهى (11) وفي
التذكرة عند علماء الأمصار (12)، وفي موضع آخر من المنتهى: أجمع العلماء
كافة على تحريم لبس المخيط للمحرم (13).
وقال الصادق عليه السلام في صحيح معاوية وحسنه: لا تلبس ثوبا له أزرار وأنت
محرم إلا أن تنكسه، ولا ثوبا تدرعه، ولا سراويل إلا أن لا يكون لك أزار، ولا
خفين إلا أن لا يكون لك نعل (14).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 164 ب 79 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(2) السرائر: ج 1 ص 554.
(3) الجامع للشرائع: ص 186.
(4) المختصر النافع: ص 84.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 166 ب 80. من أبواب تروك الاحرام ح 6.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 338 ذيل الحديث 79.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 165 ب 80 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(9) المصدر السابق ح 2.
(10) الغنية (الجوامع النشية): ص 513 س 10.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 781 س 032 (12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 332 س 28.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 681 س 29.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 114 - 115 ب 35 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 2.
375

وعن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل ما يلبس المحرم من الثياب، فقال: لا يلبس القميص
ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف إلا أحدا لا يجد نعلين
فليلبس الخفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين (1). وتقدم اشتراط لبس القباء
بالاضطرار والنكس وعدم إدخال اليدين في الكمين.
قال في التذكرة: وقد ألحق أهل العلم بما نص النبي صلى الله عليه وآله ما في معناه: فالجبة
والدراعة وشبها ملحق بالقميص، والتبان والران وشبها ملحق بالسراويل،
والقلنسوة وشبهها مساو للبرنس، والساعدان والقفازان وشبهها مساو للخفين.
قال: إذا عرفت هذا فيحرم لبس الثياب المخيطة وغيرها إذا شابها كالدرع
المنسوج والمعقود كجبة اللبد والملصق بعضه ببعض حملا على المخيط لمشابهته
إياه في المعنى من الترفه والتنعم (2).
قلت: بل لعموم لفظ الخبرين، إذ ليس فيهما اشتراط بالخياطة إلا فيما له إزرار.
قال الشهيد: يجب ترك المخيط على الرجال وإن قلت الخياطة في ظاهر كلام
الأصحاب ولا يشترط الإحاطة، ويظهر من كلام ابن الجنيد اشتراطها حيث قيد
المخيط بالضام للبدن، فعلى الأول يحرم التوشح بالمخيط والتدثر (3)، انتهى.
ويأتي في آخر الكتاب جواز التوشح به على إشكال.
ولا يتم الاستدلال على ما يظهر من كلام الأصحاب بالمنع مما له إزرار، لجواز
كونه للضم، كما يعطيه قول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي (4) ويعقوب بن
شعيب (5) وصحيح الحلبي (6) في الطيلسان المزرور: إنما كره ذلك مخافة أن
يزره الجاهل، فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه. ويرشد إليه ما مر من طرح

(1) صحيح البخاري: ج 2 ص 168.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 332 س 31.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 376 درس 99.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 116 ب 36 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 116 ب 36 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
376

القميص على العاتق إن لم يكن له رداء والقباء منكوسا من غير إدخال اليدين
في الكمين، وقال أحدهما عليهما السلام في صحيح زرارة: يلبس كل ثوب إلا ثوبا
يتدرعه (1).
والمشهور اختصاص الحرمة بالرجال. والنساء فيلبسن ما شئن من المخيط
عدا القفازين للأصل، والأخبار كصحيح يعقوب بن شعيب سأل الصادق عليه السلام
عن المرأة تلبس القميص، أيزره عليها وتلبس الحرير والخز والديباج؟ قال:
نعم، لا بأس به (2). وقوله عليه السلام في صحيح العيص: المرأة المحرمة تلبس ما
شاءت من الثياب غير الحرير والقفازين (3). ولأبي عيينة إذ سأله عما يحل
للمرأة المحرمة أن تلبس: الثياب كلها ما خلا القفازين والبرقع والحرير (4).
ولمحمد بن علي الحلبي إذ سأله عن لبسها السراويل؟ قال: نعم، إنما يريد بذلك
الستر (5). وفي صحيح ابن سنان: تلبس المحرمة الحائض تحت ثيابها غلالة (6).
وأما حرمة القفازين فللأخبار (7) والاجماع كما في الخلاف (8) والغنية (9)،
والقفاز كرمان، ضرب من الحلي تتخذه المرأة ليديها ورجليها، كذا قاله بنو
دريد (10) وفارس (11) وعباد.
وقال الأزهري:. قال شمر: القفازان شئ تلبسه نساء الأعراب في أيديهن

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 116 ب 36 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 41 ب 33 من أبواب الاحرام ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 43 ب 33 من أبواب الاحرام ح 9.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 42 ب 33 من أبواب الاحرام ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 133 ب 50 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 135 ب 52 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 41 ب 33 من أبواب الاحرام.
(8) الخلاف: ج 2 ص 294 المسألة 73.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 13 5 س 10.
(10) جمهرة اللغة: ج 3 ص 12 مادة " قفز ".
(11) معجم مقاييس اللغة: ج 5 ص 115 مادة " قفز ".
377

يغطي أصابعها وأيديها مع الكف [يعني كما يلبسه حملة الجوارح من البازي
ونحوه كما قاله النعودي وغيره] (1) وقال خالد بن جنبة: القفازان تقفزهما المرأة
إلى كعوب المرفقين، فهو سترة لها، وإذا لبست برقعها وقفازها وخفها فقد
تكننت، والقفاز يتخذ من القطن فيحشى له بطانة وظهارة من الجلود
واللبود (2)، انتهى.
وفي الصحاح: أنه شئ يعمل لليدين يحشى بقطن، ويكون له أزرار يزر على
الساعدين من البرد تلبسه المرأة في يديها (3).
وحرم في النهاية عليهن لبس المخيط عدا السراويل والغلالة إذا كانت
حائضا، قال: وقد وردت رواية بجواز لبس القميص للنساء، والأصل ما قدمناه (4).
وكذا المبسوط (5) في موضع إلا في القميص، وظاهره ارتضاء الرخصة فيه، ولم
ينص في الجامع إلا على جواز السراويل لهن والغلالة للحائض (6).
والمستند عموم المحرم في خبر النهي لهن، والخطاب لكل من يصلح له، وهو
ممنوع.
وفي الشرائع (7) والتذكرة (8) والمنتهى: الاجماع على جواز لبس الحائض
للغلالة (9). وفي المنتهى: أنه لا يعلم خلافا في جواز لبسهن السراويل (10). وفي
موضع آخر من المبسوط: جواز لبس المخيط لهن بلا تخصيص (11).
وقال ابن إدريس: والأظهر عند أصحابنا أن لبس الثياب المخيطة غير محرم

(1) ما بين المعقوفين زيادة من ط وجواهر الكلام والظاهر أنه من كلام المؤلف لخلو تهذيب
اللغة عنه.
(2) تهذيب اللغة: ج 8 ص 437 مادة " قفز ".
(3) الصحاح: ج 3 ص 892 مادة " قفز ".
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475 - 476.
(5) المبسوط: ج 1 ص 320.
(6) الجامع للشرائع: ص 186.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 249.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 333 س 13.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 783 س 14.
(10) منتهى المطلب ج 2 ص 782 س 15.
(11) المبسوط: ج 1 ص 331.
378

للنساء، بل عمل الطائفة وفتواهم وإجماعهم على ذلك، وكذلك عمل
المسلمين (1).
وفي التذكرة: يجوز للمرأة لبس المخيط إجماعا، لأنها عورة وليست
كالرجال (2). وكذا المنتهى (3)، وذلك لانعقاد الاجماع بعد الشيخ أو عدم
الاعتداد بخلافه، ولذا عقب ذلك في المنتهى بقوله: ولا نعلم فيه خلافا إلا قولا
شاذا للشيخ لا اعتداد به (4).
واستدل في المختلف على جوازه بالاجماع مع نقل خلافه (5). وفي موضع من
المنتهى، وقال بعض منا شاذ لا يلبس المخيط، وهو خطأ (6).
ثم المخيط كله حرام على الرجال موجب للفدية، ولو في الضرورة (إلا
السراويل، فيجوز لبسه (لفاقد الإزار، بإجماع العلماء كما في التذكرة (7)،
وللأخبار كخبري معاوية بن عمار (8) المتقدمين، وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر
حمران: المحرم يلبس السراويل إذا لم يكن معه أزار (9).
وفي المنتهى: لا نعلم فيه خلافا ولا فداء عليه فيه (10). قال في التذكرة عند
علمائنا (11)، وفي المنتهى: أنه اتفق عليه العلماء إلا مالكا وأبا حنيفة (12)، واستدل
عليه فيهما (13). مع ذلك بما في الخلاف من الأصل مع خلو الأخبار عن
الفدية (14).

(1) السرائر: ج 1 ص 544.
(2) تذكرة الفشاء: ج 1 ص 333 س 12.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 783 س 12.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 783 س 13.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 342.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 687 س 10.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 332 س 34.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 115 ب 35 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 133 ب 50 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 782 س 8.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 332 س 36.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 782 س 10.
(13) تذكرة الفشاء: ج 1 ص 2 33 س 37.
(14) الخلاف: ج 2 ص 297 المسألة 78.
379

قلت: إن ثبت الاجماع فهو الحجة، وإلا عمه دليل الوجوب، إلا في الكفارات
إن شاء الله.
وفي الغنية (1) والإصباح: أنه عند قوم من أصحابنا لا يلبس حتى يفتق ويجعل
كالمئزر، وأنه أحوط (2). وفي الخلاف: لا يلزمه فتقه للأصل وخلو الأخبار عنه (3).
قلت: وعلى الفتق يخرج عن المخيط، ولا يتقيد بالضرورة، ولا يحتمل أن
يكون فيه الفداء.
(و) يحرم على الرجل كل مخيط اختيارا وإن قلت خياطته (إلا الطيلسان
المزرر ولا يزره) فيجوز له لبسه كما في النهاية (4) والمبسوط (5) والشرائع (6)
والنافع (7) والمقنع (8) اختيارا، كما يظهر منها ومن الكتاب والتذكرة (9)
والمنتهى (10) والتحرير (11)، وأظهر منها الدروس (12) للأصل، وما مر من خبري
معاوية (13)، فإنهما جوزا لبس ما له أزرار إذا نكسه وأطلقا. وقول الصادق عليه السلام
في حسن الحلبي، في كتاب علي عليه السلام: لا يلبس طيلسانا حتى ينزع أزراره،
قال: إنما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل، فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه (14).
وفي الإرشاد: ولا يزر الطيلسان لو اضطر إليه (15). وقد يشر باشتراط

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 9.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 459.
(3) الخلاف: ج 2 ص 297 المسألة 78.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475.
(5) المبسوط: ج 1 ص 320.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(7) المختصر النافع: ص 84.
(8) المقنع: ص 71.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 326 س 19.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 683 س 9.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 31.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 344 درس 90.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 115 ب 35 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 2.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 116 ب 36 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(15) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 318.
380

الضرورة في لبسه.
والطيلسان: بفتح الطاء واللام، وأجيز في العين (1) والمحيط كسر اللام. وقال
الجوهري: والعامة تقول: الطيلسان بكسر اللام (2).
قلت: وحكي ضم اللام أيضا.
وقال الأزهري: لم أسمع الطيلسان بكسر اللام لغير اللبث - يعني ما في العين -
قال: ولم أسمع فيعلان بكسر العين، وإنما يكون مضموما كالخيزران والجيسمان،
ولكن لما صارت الكسرة والضمة أختين واشتركتا في مواضع كثيرة دخلت
الكسرة مدخل الضمة (3).
وفي العين أيضا: لم يجئ فيعلان مكسورة غيره، وأكثر ما يجئ فيعلان
مفتوحا أو مضموما، وفي مواضع دخلت الضمة مدخل الكسرة (4). وهو معرب
" تالشان " كما في مغرب المطرزي ومعربه وتهذيب الأزهري (5).
وقال المطرزي: وهو من لباس العجم مدور أسود، قال: وعن أبي يوسف في
قلب الرداء في الاستسقاء أن يجعل أسفله أعلاه، فإن كان طيلسانا لا أسفل له
أو خميصة أي كساء يثقل قلبها، حول يمينه على شماله. قال: وفي جمع
التفاريق الطيالسة لحمتها قطن وسداها صوف.
(يه: لبس الخفين و) كل (ما يستر ظهر القدم اختيارا) كما في
الإقتصاد (6) والجمل والعقود (7) والوسيلة (8) والمهذب (9) والنافع (10) والشرائع (11)،

(1) العين: ج 7 ص 214 مادة " طلس ".
(2) الصحاح ج 3 ص 944 مادة " طلس ".
(3) تهذيب اللغة: ج 12 ص 333 مادة " طلس ".
(4) العين: ج 7 ص 214 مادة " طلس ".
(5) تهذيب اللغة: ج 12 ص 333 مادة " طلس ".
(6) الإقتصاد: ص 302.
(7) الجمل والعقود: ص 135.
(8) الوسيلة: ص 162.
(9) المهذب: ج 1 ص 221.
(10) المختصر النافع: ص 84.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
381

لنحو قول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: ولا تلبس سراويل إلا أن يكون لك
إزار، ولا خفين إلا أن يكون لك نعلان (1).
وفي صحيح الحلبي: أي محرم هلكت نعلاه، فلم يكن له نعلان، فله أن يلبس
الخفين إذا اضطر إلى ذلك، والجوربين يلبسهما إذا اضطر إلى لبسهما (2)..
ولاختصاصهما وغيرهما بالخف والجورب اقتصر عليهما في المقنع (3)
والتهذيب (4)، وفي النهاية اقتصر على الخف (5). وفي المبسوط (6) والخلاف (7)
والجامع (8) على الخف والشمشك. ولم يتعرض لشئ، من ذلك في المصباح
ومختصره، ولا في الكافي، ولا في جمل العلم، والعمل ولا في المقنعة، ولا في
المراسم، ولا في الغنية.
ولا يحرم عندنا إلا ستر ظهر القدم بتمامه باللبس لا ستر بعضه، وإلا لم يجز
لبس النعل، وأوجب أحمد (9) قطع القيد منه والعقب، ولا الستر بغير اللبس
كالجلوس، والقاء طرف الإزار والجعل تحت ثوب عند النوم وغيره للأصل،
والخروج عن النصوص والفتاوى.
وهل يعم التحريم النساء ظاهر النهاية (10) والمبسوط العموم (11)، وأظهر منهما
الوسيلة (12) لعموم الأخبار (13) والفتاوى. وخيرة الشهيد العدم، وحكاه عن

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 134 ب 51 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) المقنع: ص 72.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 384 ذيل الحديث 253.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475.
(6) المبسوط: ج 1 ص 320.
(7) الخلاف: ج 2 ص 296 المسألة 76 و 77.
(8) الجامع للشرائع: ص 184.
(9) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 273.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475.
(11) المبسوط: ج 1 ص 320.
(12) الوسيلة: ص 162.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 134 ب 51 من أبواب تروك الاحرام.
382

الحسن (1) للأصل، وإرشاد إباحة السراويل وتعليلها بالستر إليه، ومما مر من
قوله عليه السلام في صحيح العيص: تلبس ما شاءت من الثياب (2)، إن دخل نحو
الخف في الثياب، والأخبار (3) بأن إحرامها في وجها.
ويجوز له لبس الخفين إذا اضطر إليه إجماعا وإن كان عليه الفدية كما يأتي،
وقد نص عليه الخبران وغيرهما، وإذا جاز لبسهما فالجورب والمداس
والشمشك أولى.
وفي المبسوط: لا يلبس الشمشك على حال (4) - يعني ولا ضرورة - فإنه ذكره
عندما ذكر لبس الخفين للضرورة، ونحوه الوسيلة (5)، وكأنهما يريدانه من
غير شق الظهر.
(ولا) يجب أن (يشقهما) في ظهر القدمين (لو اضطر) إليهما كما في
المبسوط (6) والوسيلة (7) والجامع (8) لقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: له أن
يلبس الخفين إذا اضطر إلى ذلك، وليشق عن ظهر القدم (9).
ولقول أبي جعفر عليه السلام في خبر ابن مسلم في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن
له نعل؟ قال: نعم، لكن يشق ظهر القدم (10)، وللاحتياط، وحرمة لبس ما يستر ظهر
القدم بلا ضرورة، ولا ضرورة إذا أمكن الشق، وهو خيرة المختلف (11).

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 377 درس 100.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 43 ب 33 من أبواب الاحرام ح 9.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 138 ب 55 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(4) المبسوط: ج 1 ص 320.
(5) الوسيلة: ص 163.
(6) المبسوط: ج 1 ص 320.
(7) الوسيلة: ص 163.
(8) الجامع للشرائع: ص 184.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 134 ب 51 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 135 ب 51 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(11) مختلف الشيعة: ج 4 ص 81.
383

(على رأي) وفاقا لاطلاق المقنع (1) والنهاية (2) والتهذيب (3) والمهذب (4)
وصريح السرائر (5) والشرائع (6) للأصل، وضعف الخبرين، وإطلاق صحيح
الحلبي المتقدم، وصحيح رفاعة سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يلبس
الجوربين؟ قال: نعم، والخفين إذا اضطر إليهما (7). وللإجماع على ما ادعاه
ابن إدريس (8)، ويظهر نحوه من الشرائع لقوله، وهو يعني القول بالشق
متروك (9)، وكذبه المصنف في المنتهى للخلاف والخبرين (10).
وفي الخلاف: من لا يجد النعلين لبس الخفين وقطعهما حتى يكونا من أسفل
الكعبين على جهتهما، وبه قال ابن عمر، والنخعي، وعروة بن الزبير،
والشافعي، وأبو حنيفة، وعليه أهل العراق، وقال عطاء وسعيد بن مسلم
القداح: يلبسهما غير مقطوعين ولا شئ عليه، وبه قال أحمد بن حنبل، وقد
رواه أيضا أصحابنا، وهو الأظهر، دليلنا أنه إذا لم يلبسهما إلا مقطوعين، فلا
خلاف في كمال احرامه، وإذا لبسهما كما هما فيه الخلاف، وروى ابن عمر أن
النبي صلى الله عليه وآله قال: فإن لم يجد نعلين فليلبس خفين وليقطعها حتى يكونا أسفل
من الكعبين، وهذا نص، وأما الرواية الأخرى فقد ذكرناها في الكتاب المقدم
ذكره (11) - يعني التهذيب - انتهى.
وقال أبو علي: لا يلبسهما إذا لم يجد نعلين حتى يقطعهما من أسفل

(1) المقنع: ص 72.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 384 ذيل الحديث 253.
(4) المهذب: ج 1 ص 212.
(5) السرائر: ج 1 ص 543.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 134 ب 51 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(8) السرائر: ج 1 ص 543.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 683 السطر الأخير.
(11) الخلاف: ج 2 ص 296 المسألة 75.
384

الكعبين (1). وقال ابن حمزة: شق ظاهر القدمين، وإن قطع الساقين كان
أفضل (2).
قلت: وأرسل في بعض الكتب عن أبي جعفر الباقر عليه السلام: لا بأس للمحرم إذا
لم يجد نعلا واحتاج إلى الخف أن يلبس خفا دون الكعبين (3). وكان الشيخ
أراد إهمال القطع في أخبارنا، وهو دليل عدم الوجوب إذا كان في مقام البيان.
وقطع المصنف في التحرير (4) وموضع من التذكرة (5) والمنتهى (6) بوجوب
هذا القطع، وجعله في موضع آخر من المنتهى أولى خروجا من الخلاف وأخذا
باليقين (7). وظاهر التذكرة والمنتهى أن الشق المتقدم هو هذا القطع.
فقال في المنتهى في تروك الاحرام: وهل يجب عليه شقهما أم لا ذهب
الشيخ إلى شقهما، وبه قال عروة بن الزبير ومالك والثوري والشافعي وإسحاق
وابن المنذر وأصحاب الرأي، وقال ابن إدريس: لا يشقهما، ورواه الجمهور
عن علي عليه السلام، وبه قال عطاء وعكرمة وسعيد بن سالم، وعن أحمد روايتان
كالقولين.
واحتج الشيخ بخبر ابن عمر وخبر ابن مسلم عن الباقر عليه السلام، واحتج ابن
إدريس، وأحمد بحديث ابن عباس وجابر: من لم يجد نعلين فليلبس خفين،
وفيه ما تعرض له في مسائل ثوبي الاحرام من أنه مطلق، والأولان مقيدان،
وبقول علي عليه السلام: قطع الخفين فساد يلبسهما كما هما رواه الجمهور، قال:
ولأنه ملبوس أبيح لعدم غيره، فلا يجب قطعه كالسراويل.
وفيه مع أنه قياسي ما ذكره في بحث ثوبي الاحرام من الافتراق بأن السراويل

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 81.
(2) الوسيلة: ص 163.
(3) دعائم الاسلام: ج 305.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 34.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 326 س 30.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 683 س 32.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 782 س 28.
385

لا يمكن لبسه بعد فتقه بخلاف الخفين. قال: ولأن قطعه لا يخرجه عن حالة
الخطر، فإن لبس المقطوع مع وجود النعل حرام كلبس الصحيح، ولأن فيه
اتلافا لماليته، وقد نهى النبي صلى الله عليه وآله عن إضاعة المال.
قال: وعن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وآله رخص للمحرم أن يلبس الخفين ولا يقطعهما،
وكان ابن عمر يفتي بقطعهما، قالت صفية: فلما أخرته بحديث عائشة رجع،
قال: قال بعضهم: والظاهر أن القطع منسوخ، فإن عمرو بن دينار روى
الحديثين معا، وقال: انظروا أيهما كان قبل، قال الدارقطني: قال أبو بكر
النيسابوري حديث ابن عمر: قيل لأنه قد جاء في بعض رواياته، قال: نادى
رجل يا رسول الله، وهو في المسجد - يعني بالمدينة - فكأنه كان قبل
الاحرام، وفي حديث ابن عباس يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب
بعرفات يقول: من لم يجد نعلين فليلبس خفين، فدل على تأخره عن حديث
ابن عمر فكان ناسخا (1)، انتهى.
وكذا في بحث لبس ثوبي الاحرام ذكر أنه يقطعهما إلى ظاهر القدم
كالشمشكين، واستدل عليه بالخبرين، وذكر خلاف ابن إدريس (2)، ونحو ذلك
التذكرة (3) في الموضعين وكلام ابن حمزة (4) صريح في المغايرة.
واعلم أنه مع وجود النعلين لا يجوز لبس الخفين ولا مقطوعين إلى ظهر
القدم كما نص عليه في الخلاف (5) والتذكرة (6) والمنتهى (7) والتحرير (8) لكونه

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 782 س 16.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 683 س 32.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 326 س 30 ص 332 س 40.
(4) الوسيلة: ص 163.
(5) الخلاف: ج 2 ص 295 - 296 المسألة 75 و 77.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 332 س 39 و 43.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 782 س 16 و 29.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 96 س 35.
386

حينئذ كالجورب والشمشك، وكذا إذ أوجب الشق فوجد نعلين لم يجز لبس خفين
مشقوقين، إذ لم يجوز في الشرع لبسهما إلا اضطرارا مع ايجاب الشق، نعم إن لم
يجب الشق كان النعل أولى، كما في الدروس (1) لا متعينة.
(يو: لبس الخاتم للزينة) كما قطع به الأكثر، لخبر مسمع: سأل الصادق عليه السلام
أيلبس المحرم الخاتم؟ قال: لا يلبسه للزينة (2). وللتعليل بالزينة في الاكتحال
بالسواد والنظر في المرآة، ولم يذكر في المقنع ولا الفقيه ولا في جمل العلم
والعمل ولا في المصباح ولا مختصره ولا في المراسم ولا الكافي. وكرهه ابنا
سعيد في النافع (3) والجامع (4).
و (لا) يحرم لبسها (للسنة) للأصل ومشوم الخبر، وصريح نحو صحيح
محمد بن إسماعيل، قال: رأيت العبد الصالح عليه السلام وهو محرم وعليه خاتم وهو
يطوف طواف الفريضة (5).
(و) نحوه (لبس الحلي للمرأة غير المعتاد) كما في النهاية (6)
والمبسوط (7) والسرائر (8)، لقول الصادق عليه السلام في صحيح حريز: إذا كان للمرأة
حلي لم تحدثه للاحرام لم تنزع حليها (9). وعليه يحمل قوله عليه السلام في حسن
الحلبي: المحرمة لا تلبس الحلي ولا المصبغات إلا صبغا لا تردع (10). وهذا
الخبر فتوى المقنع (11).

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 377 درس 100.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 127 ب 46 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(3) المختصر النافع: ص 85.
(4) الجامع للشرائع: ص 185.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 127 ب 46 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475.
(7) المبسوط: ج 1 ص 320.
(8) السرائر: ج 1 ص 544.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 132 ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 9.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 131 ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(11) المقنع: ص 72.
387

وفي الإقتصاد (1) والاستبصار (2) والتهذيب (3) والجمل والعقود (4) والنافع (5)
والجامع كراهيته (6). وفي الشرائع: إن الأولى ترى (7)، وذلك للأصل وإطلاق
نحو الأخبار الآتية في جواز لبسها الحلي، وضعف دلالة الخبرين، لكون دلالة
الأول بالمفهوم.
(أو) كراهية المصبغات ولبسها (للزينة) ولو ما اعتادته كما في النهاية (ها
والمبسوط (9) والسرائر (10) والمقنعة (11)، لنحو قول الصادق عليه السلام في صحيح
ابن مسلم: المحرمة تلبس الحلي كله إلا حليا مشهورا للزينة (12). وفي خبر
الكاهلي: تلبس المرأة المحرمة الحلي كله إلا القرط المشهور والقلادة
المشهورة (13). ولا رشاد ما مر إليه، وكرهه ابن سعيد (14) للأصل، وإطلاق نحو
قوله عليه السلام في خبر مصدق بن صدقة: تلبس المحرمة الخاتم من ذهب (15).
وليعقوب بن شعيب في الصحيح: تلبس المسك والخلخالين (16).
(ويجوز) لها لبس (المعتاد) من الحلي إذا لم تقصد الزينة اتفاقا،
وللأخبار (17) والأصل (و) لكن (يحرم) عليها (إظهاره المزوج) كما هو

(1) الإقتصاد: ص 302.
(2) الإستبصار: ج 2 ص 310 ذيل الحديث 2.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 75 ذيل الحديث 54.
(4) الجمل والعقود: ص 136.
(5) المختصر النافع: ص 95.
(6) الجامع للشرائع: ص 185.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(8) النهاية ونكتها: ج ص 476.
(9) المبسوط: ج 1 ص 320.
(10) السرائر: ج 1 ص 544.
(11) المقنعة: ص 432.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 132 ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 132 ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 6.
(14) الجامع للشرائع: ص 185.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 127 ب 46 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 132 ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 7.
(17) وسائل الشيعة: ج 9 ص 131 ب 49 من أبواب تروك الاحرام.
388

ظاهر النهاية (1) والمبسوط (2) والسرائر (3) وصريح الشرائع (4)، لأنه يهيج
الشهوة، فربما أدى إلى الفساد.
ولصحيح عبد الرحمن بن الحجاج: سأل أبا الحسن عليه السلام عن المرأة يكون
عليها الحلي والخلخال والمسكة والقرطان من الذهب والورق ويحرم فيه وهو
عليها وقد كانت تلبسه في بيتها قبل حجها انتزعه إذا أحرمت أو تتركه على
حاله؟ قال: تحرم فيه وتلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها وسيرها (5).
والخبر يعم الزوج وغيره، أقا الأجانب فهم أولى، وأما المحارم فالأولى
الستر عنهم عملا بعمومه.
(يز: الحناء للزينة على رأي) وفاقا للمقنعة (6) والاقتصاد (7) فحرم فيهما
الزينة مطلقا، لما مر من الأخبار، وخلافا للأكثر، ومنهم المصنف في الإرشاد (8)
والتحرير (9) والتذكرة (10) والمنتهى (11) بناء على الأصل. وصحيح ابن سنان سأل
الصادق عليه السلام عن الحناء، فقال: إن المحرم ليمسه ويداوي به بعيره، وما هو
بطيب، وما به بأس (12).
وأجاب في المختلف بمعارضة الأصل بالاحتياط، وكان الأولى المعارضة
بتلك الأخبار، والقول بموجب الخبر، فإنا لا نحرمه إلا للزينة (13). وقيل: الأحوط
الاجتناب مطلقا (14)، لحصول الزينة وتهيج الشهوة وإن لم يقصد.

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 475.
(2) المبسوط: ج 1 ص 320.
(3) السرائر: ج 1 ص 544.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 250.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 131 ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(6) المقنعة: ص 432.
(7) الإقتصاد: ص 301.
(8) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 318.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 113 س 22.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 333 س 39.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 784 س 25.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 100 ب 23 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(13) مختلف الشيعة: ج 4 ص 77.
(14) مدارك الأحكام: ج 7 ص 377.
389

(يح: تغطية الرأس) أي ما فوق الوجه (للرجل) بالنصوص (1) وإجماع
العلماء كما في التذكرة (2) والمنتهى (3) كلا أو بعضا كما فيهما (4) وفي
التحرير (5) والدروس (6)، لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر القداح: إحرام المرأة
في وجها وإحرام أرجل في رأسه (7).
ولصحيح عبد الرحمن سأل أبا الحسن عليه السلام عن المحرم يجد البرد في أذنيه
يغطيهما؟ قال: لا (8). وصحيح ابن سنان سمع أباه يسأل الصادق عليه السلام وقد آذاه
حر الشمس، ترى أن أستر بطرف ثوبي؟ فقال عليه السلام: لا بأس بذلك ما لم يصب رأسك (9).
نعم، رخص في عصابتي القربة والصداع. وسأل ابن مسلم الصادق عليه السلام في
الصحيح عن المحرم يضع عصابة القربة على رأسه إذا استسقى؟ قال: نعم (10).
وقال عليه السلام في صحيح معاوية بن وهب: لا بأس بأن يحصب المحرم رأسه من
الصداع (11). وعمل بهما الأصحاب، ففي المقنع تجويز عصابة القربة (12).
وفي التهذيب (13) والنهاية (14) والمبسوط (15) والسرائر (16) والجامع (17)

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 137 ب 55 من أبواب تروك الاحرام.
(2) تذكرة الفشاء: ج 1 ص 336 س 24.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 789 س 21.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 789 س 28، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 336 س 40.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 114 س 12.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 379 درس 100.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 138 ب 55 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(8) المصدر السابق ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 152 ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 140 ب 57 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 139 ب 56 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(12) المقنع: ص 74.
(13) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 308 ذيل الحديث 53.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 478.
(15) المبسوط: ج 1 ص 321.
(16) السرائر: ج 1 ص 547.
(17) الجامع للشرائع: ص 186.
390

والتحرير (1) والتذكرة (2) والمنتهى تجويز التعصب لحاجة (3)، وأطلق ابن حمزة
التعصب (4).
ويظهر من التذكرة (5) والمنتهى (6) التردد في دخول الأذنين في الرأس، وفي
التحرير: إن الوجه دخولهما (7).
والتغطية محرمة بأي شئ كان، بثوب أو عسل أو طين أو دواء أو حناء أو
حمل متاع أو نحو طبق أو غير ذلك (ولو بالارتماس) في الماء أو غيره
للعمومات، وخصوص نحو قول الصادق عليه السلام في صحيح حريز: لا يرتمس
المحرم في الماء (8)، وهو كثير، وللعامة خلاف في الخضاب الرقيق (9)، وآخر
في الطين (10)، وآخر في العسل واللبن الثخين (11)، وآخر فيما يحمله على رأسه
من متاع أو غيره (12).
وفي المبسوط: من خضب رأسه أو طينه لزمه الفداء كمن غطاه بثوب بلا
خلاف (13).
وأجاز في التحرير (14) والمنتهى التلبيد بأن يطلي رأسه بعسل أو صمغ ليجتمع
الشعر ويتلبد، ولا يتخلله الغبار، ولا يصيبه الشعث، ولا يقع فيه الدبيب. وقال:
روى ابن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل ملبدا (15). وحكاه في التذكرة عن

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 114 س 13.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 336 س 42.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 789 س 31.
(4) الوسيلة: ص 163.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 1.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 789 س 27.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 114 ص 12.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 141 ب 58 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(9) المجموع: ج 7 ص 253.
(10) المجموع: ج 7 ص 253.
(11) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 303، والحاوي الكبير: ج 4 ص 110.
(12) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 303.
(13) المبسوط: ج 1 ص 351.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 114 س 14.
(15) منتهى المطلب: ج 2 ص 790 س 6.
391

الحنابلة، وأجاز فيها (1) وفي المنتهى الستر باليد (2)، كما في المبسوط (3)، لأن
الستر بما هو متصل به لا يثبت له حكم الستر، ولذا لو وضع يديه على فرجه لم
يجزئه في الستر، ولأنه مأمور بمسح رأسه في الوضوء.
قلت: وللنص (4) على جواز حك الرأس، وقول الصادق عليه السلام في صحيح
معاوية: لا بأس أن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حر الشمس، وقال: لا بأس
أن يستر بعض جسده ببعض (5). قال الشهيد: وليس صريحا في الدلالة، فالأولى
المنع (6). وفي التحرير: إن فيه إشكالا (7).
وفي المنتهى: إنا لا نعلم خلافا في جواز غسل الرأس وإفاضة الماء عليه (8).
وفي التذكرة: الاجماع عليه، لخروجه عن مسمى التغطية عرفا (9)، ووجوب
الغسل عليه بموجبه واستحبابه له بأسبابه.
وقال الصادق عليه السلام في صحيح حريز: إذا اغتسل المحرم من الجنابة صب
على رأسه الماء يميز الشعر بأنامله بعضه من بعض (10).
وسأله زرارة في الصحيح هل يحك رأسه أو يغتسل بالماء؟ فقال: يحك رأسه
ما لم يتعمد قتل دابة، ولا بأس بأن يغتسل بالماء ويصب على رأسه ما لم يكن
ملبدا، فإن كان ملبدا فلا يفيض على رأسه الماء إلا من احتلام (11). ومضمونه

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 336 س 31 و 32.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 790 س 18.
(3) المبسوط: ج 1 ص 351.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 159 ب 73 من أبواب تروك الاحرام.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 152 ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 379 درس 100.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 114 س 16.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 790 س 1.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 336 س 34.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 160 ب 75 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 195 و 160 ب 73 و 75 من أبواب تروك الاحرام ح 3 و 4.
392

فتوى المقنع (1) والدروس (2).
قلت: ولعل منع الملبد من الصب للاحتراز عن سقوط الشعر، ولا يدل الخبر
على جواز التلبيد طلقا فضلا عنه اختيارا. وفي التذكرة (3) والدروس (4) القطع
بجواز التوسد، لأنه يصدق عليه عرفا أنه مكشوف الرأس.
(فإن غطاه) أي رأسه عمدا اختيارا أو اضطرارا أو سهوا (وجب) عليه
(الالقاء) للغطاء إذا زال العذر اتفاقا لحرمة التغطية استدامة كالابتداء.
(واستحب تجديد التلبية) حينئذ كما في السرائر (5) والنافع (6) والشرائع (7)،
لصحيح حريز سأل الصادق عليه السلام عن محرم غطى رأسه ناسيا، قال: يلقي القناع
عن رأسه ويلبي ولا شئ عليه (8). وصحيح الحلبي سأله عليه السلام عن المحرم
يغطي رأسه ناسيا أو نائما، فقال: يلبي إذا ذكر (9). ولا يجب كما هو ظاهر
الخبرين والشيخ (10) وابن حمزة (11) وسعيد (12) للأصل، وفيه ما فيه.
(ويجوز) تغطية الرأس (للمرأة) للأصل والأخبار (13) والاجماع،
(وعليها أن تسفر عن وجهها) بالاجماع والأخبار (14) (و) لكن (يجوز
لما) وقد يجب إذا زادت التستر عن الأجانب (سدل القناع) أي إرساله

(1) المقنع: ص 75.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 388 درس 102.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 336 س 27.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 379 درس 100.
(5) السرائر: ج 1 ص 547.
(6) المختصر النافع: ص 85.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 138 ب 55 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(9) المصدر السابق ح 6.
(10) المبسوط: ج 1 ص 321.
(11) الوسيلة: ص 163.
(12) الجامع للشرائع: ص 187.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 129 ب 48 من أبواب تروك الاحرام.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 129 ب 48 من أبواب تروك الاحرام.
393

(من رأسها إلى طرف أنفها) كما في النهاية (1) والشرائع (2) والنافع (3).
وفي التذكرة: عند علمائنا أجمع، وهو قول عامة أهل العلم (4). وفي المنتهى:
لا نعلم فيه خلافا (5) وأطلق في المبسوط (6) والوسيلة (7) والجامع (8)، فلم يفت
بطرف الأنف.
أما جواز السدل بل وجوبه فمع الاجماع، لأنها عورة يلزمها التستر من
الرجال الأجانب، وللأخبار كقول الصادق عليه السلام لسماعة: إن مر بها رجل استترت
منه بثوبها (9).
وأما إلى طرف الأنف فلصحيح العيص عنه عليه السلام: يسدل الثوب على وجهها،
قال، قلت: حد ذلك إلى أين؟ قال: إلى طرف الأنف قدر ما تبصر (10).
وعن الحلبي في الحسن: أنه مر أبو جعفر عليه السلام بامرأة متنقبة وهي محرمة، فقال:
إحرمي واسفري وأرخي ثوبك من فوق رأسك فإنك إن تنقبت لم يتغير لونك،
فقال له رجل: إلى أين ترخيه يغطي عينها؟ قال: نعم، قال، قلت: يبلغ فمها؟
قال: نعم (11). وقال عليه السلام في خبر حريز: المحرمة تسدل الثوب على وجهها إلى
الذقن (12) وفي صحيح زرارة: إن المحرمة تسدل ثوبها إلى نحرها (13).
وإنما يجوز السدل (إذا لم يصب) الثوب وجهها كما في المبسوط (14)
والجامع (15) بأن تمنعه بيدها أو بخشبة من أن يباشر (وجهها) قال الشيخ: فإن

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 478.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251.
(3) المختصر النافع: ص 85.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 17.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 791 س 6.
(6) المبسوط: ج 1 ص 320.
(7) الوسيلة: ص 163.
(8) الجامع للشرائع: ص 187.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 131 ب 48 من أبواب تروك الاحرام ح 10.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 129 ب 48 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 130 ب 48 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(12) المصدر السابق ح 6.
(13) المصدر السابق ح 7.
(14) المبسوط: ج 1 ص 320.
(15) الجامع للشرائع: ص 187.
394

باشر وجهها الثوب الذي أسدلته متعمدا كان عليها دم (1).
وفي التحرير (2) والتذكرة (3) والمنتهى: فإن أصابها ثم زال أو أزالته بسرعة فلا
شئ عليها وإلا وجب الدم (4). ثم في التحرير: وفيه نظر (5).
وفي التذكرة: ويشكل بأن السدل لا يكاد يسلم من إصابة البشرة، ولو كان
شرطا لتبين، لأنه موضع الحاجة (6). واختار العدم في المنتهى لذلك (7). وفي
موضع آخر منه: قال بعض الجمهور: إن أزالته في الحال فلا شئ عليهما، وإلا
وجب عليها دم، ولا أعرف فيه نصا لأصحابنا (8).
وفيه (9) وفي التذكرة (10) والدروس (11): أنه إذا تعارض فيهما وجوب ستر الرأس
للصلاة - مثلا - ووجوب كشف الوجه للاحرام لاقتضاء الأول ستر بشئ من
الوجه، والثاني كشف شئ من الوجه من باب المقدمة، سترت شيئا من
وجها، لأن الستر أحوط من الكشف لكونها عورة، ولأن المقصود إظهار شعار
الاحرام بكشف الوجه بما يسمى به مكشوفة الوجه، وهو حاصل مع ستر جزء
يسير منه كما يصدق كشف الرأس مع عصابة القربة.
قلت: إذا جاز السدل وخصوصا إلى الفم والذقن أو النحر فلا تعارض إن لم
يجب المجافاة، نعم إن وجبت تعسر الجمع في السجود.
وهل يجوز للرجل ستر الوجه؟ المشهور الجواز. حتى نسب في التذكرة (12)
والمنتهى (13) والخلاف (14) إلى علمائنا أجمع، ويدل عليه الأصل والأخبار (15) بأن

(1) المبسوط: ج 1 ص 320.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 114 س 19.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 20.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 791 س 13.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 114 س 19.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 20.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 791 س 13.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 687 س 29.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 791 س 15.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 14.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 380 درس 100.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 6.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 790 س 22.
(14) الخلاف: ج 2 ص 299 المسألة 81.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 129 ب 48 من أبواب تروك الاحرام.
395

إحرام الرجل في رأسه وإحرام المرأة في وجهها، ويتخير وجه المحرم إذا
مات دون رأسه.
وصحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن المحرم ينام على وجهه وهو على
راحلته؟ فقال: لا بأس بذلك (1). وخبر عبد الملك القمي سأله عليه السلام الرجل
المحرم يتوضأ ثم يخلل وجهه بالمنديل يخمره كله، قال: لا بأس (2).
وما في قرب الإسناد للحميري من قول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر البختري:
المحرم يغطي وجهه عند النوم والغبار إلى طرار شعره (3).
ولكن التغطية ليست نصا فيما يصيب الوجه، وكلام الحسن يحتمل الحرمة (4)،
وحرمه الشيخ في التهذيب إذا لم ينو الكفارة (5) لمضمر الحلبي: المحرم إذا
غطى وجهه فليطعم مسكينا في يده (6)، وهو مع التسليم لا يفيد الحرمة.
(يد: التظليل للرجل) فوق رأسه (سائرا) بأن يجلس في محمل أو
كنيسة أو عمارته مظللة أو شبها وفاقا للمشهورة للأخبار (7) وهي كثيرة.
وفي الخلاف (8) والتذكرة (9) والمنتهى: الاجماع عليه (10). وقال أبو علي:
يستحب للمحرم أن لا يظلل على نفسه، لأن السنة بذلك جرت (11).
وقال في المختلف: فإن أراد بذلك المتعارف من المستحب، وهو الذي يتعلق
بفعله مدح، ولا يتعلق بتركه ذم فهو ممنوع (12).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 142 ب 60 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 142 ب 59 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(3) قرب الإسناد: ص 65.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 171.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 308 ذيل الحديث 1052.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 138 ب 55 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 145 ب 64 من أبواب تروك الاحرام.
(8) الخلاف: ج 2 ص 318 المسألة 118.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 26.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 791 س 26.
(11) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 83.
(12) مختلف الشيعة: ج 4 ص 83.
396

قلت: إن أراده فلعله استند مع الأصل بنحو صحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام
عن المحرم يركب في القبة؟ قال: ما يعجبني إلا أن يكون مريضا (1)، وليس نصا
في الجواز. وقوله عليه السلام في صحيح جميل: لا بأس بالظلال للنساء، وقد رخص
فيه للرجال (2). وحمله الشيخ على الضرورة (3). وصحيح علي بن جعفر سأل
أخاه عليه السلام أظلل وأنا محرم؟ فقال: نعم (4). ويجوز اضطراره هذا إذا ظلل فوق
رأسه.
فأما الاستظلال بثوب ينصبه لا على رأسه ففي الخلاف (5) والمنتهى جوازه بلا
خلاف (6). وقال ابن زهرة: ويحرم عليه أن يستظل وهو سائر بحيث يكون
الظلال فوق رأسه كالقبة (7).
قلت: ويؤيده الأصل، وورود أكثر الأخبار بالجلوس في القبة أو الكنيسة أو
برفع ظلال المحمل أو بالتظليل عليه، ولكن يعارضها عموم نحو قول الصادق عليه السلام
في خبر المعلى بن خنيس: لا يستتر المحرم من الشمس بثوب، ولا بأس أن يستتر
بعضه ببعض (8).
وخبر إسماعيل بن عبد الخالق سأله عليه السلام هل يستتر المحرم من الشمس؟ فقال:
لا إلا أن يكون شيخا كبيرا، أو قال: ذا علة (9). وخبر سعيد الأعرج سأله عليه السلام
عن المحرم يستتر من الشمس بعود وبيده؟ قال: لا إلا من علة (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 146 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 147 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 10.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 312 ذيل الحديث 1074.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 287 ب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(5) الخلاف: ج 2 ص 318 المسألة 118.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 792 س 7.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 12.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 152 ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 147 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 9.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 152 ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
397

وحسن عبد الله بن المغيرة سأل الكاظم عليه السلام عن الظلال للمحرم، فقال: اضح
لمن أحرمت له، قال، قلت: إني محرور وأن الحر يشتد علي، فقال: أما علمت
أن الشمس تغرب بذنوب المجرمين (1). إذ لو جاز الاستتار بما لا يكون فوق
الرأس لبين له، وخبر قاسم الصيقل: إن أبا جعفر عليه السلام كان يأمر بقلع القبة
والحاجبين إذا أحرم (2)، وعموم الأخبار بتجويز التظليل مع التكفير إذا أضطر
لحر أو علة من غير تعرض للاستتار بما لا يكون فوق الرأس في شئ
منها (3)، ولو كان جائزا اختيارا وجب الاقتصار عليه إذا اندفعت به الضرورة.
وفي الدروس: هل التحريم في الظل لفوات الضحى ولمكان الستر؟ فيه نظر،
لقوله عليه السلام: اضح لمن أحرمت له، والفائدة فيمن جلس في المحمل بارزا للشمس
وفيمن تظلل، به وليس فيه - يعني يجوز الأول على الثاني دون الأول والثاني
بالعكس - قال: وفي الخلاف: إن للمحرم الاستظلال بثوب ينصبه ما لم يمسه
فوق رأسه، وقضيته اعتبار المعنى الثاني (4)، انتهى.
وسمعت الخبرين (5) المختلفين في الاستتار باليد، والأحوط العمل على خبر
أبي سعيد (6)، ولذا اقتصر الشهيد على حكايته (7)، ويعضد خبر المعلى (8).
وقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: لا بأس بأن يضع المحرم ذراعه على
وجهه من حر الشمس، ولا بأس أن يستتر بعض جسده ببعضه (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 148 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 11.
(2) المصدر السابق ح 12.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 286 ب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 378 درس 100.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 152 ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 2 و 3.
(6) المصدر السابق ح 5.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 378 درس 100.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 152 ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(9) المصدر السابق ح 3.
398

وخبر محمد بن الفضيل وبشير بن إسماعيل عن الكاظم عليه السلام: إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم كان يركب راحلته فلا يستظل عليها ويؤذيه الشمس فيستر بعض
جسده ببعض، وربما ستر وجهه بيده (1). وهذا فتوى المقنع (2).
وإنما يحرم التظليل (اختيارا) فلو اضطر جاز اتفاقا وفدى، وليس من
الضرورة مطلق الحر أو البرد أو المطر، بل التضرر لعلة أو كبر أو ضعف أو شدة
الحر أو برد لا يتحمل. وسمعت قول الكاظم عليه السلام لابن المغيرة (3). وسأله
إسحاق عن المحرم يظلل عليه وهو محرم؟ فقال: لا إلا مريض أو من به علة،
والذي لا يطيق الشمس (4). وعن أبان عن زرارة، قال: سألته عن المحرم
أيتغطى؟ فقال: أما من الحر والبرد فلا (5).
وسأل عبد الرحمن بن الحجاج الكاظم عليه السلام عن المحرم إذا أصابته الشمس
شنق عليه وصدع، فيستتر منها، فقال: هو أعلم بنفسه إذا علم أنه لا يستطيع أن
يصيبه الشمس فليستظل منها (6).
وسأله عليه السلام عثمان بن عيسى الكلابي، إن علي بن شهاب يشكو رأسه والبرد
شديد ويريد أن يحرم، فقال: إن كان كما زعموا فيظلل (7). فليحمل المطلقات
على هذه الخصوصيات حتى صحيح سعد بن سعد الأشعري سأل الرضا عليه السلام
عن المحرم يظلل على نفسه، فقال: أمن علة؟ فقال: يؤذيه حر الشمس وهو

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 149 ب 66 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(2) المقنع: ص 74.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 148 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 11.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 147 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 148 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 14.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 147 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 6.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 148 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 13.
399

محرم، فقال: هي علة يظلل ويفدي (1). ولذا قال الشيخان في المقنعة (2)
والنهاية: لا يظلل إلا إذا خاف الضرر العظيم (3)، وكذا ابن إدريس (4).
وقال في التذكرة (5) والمنتهى (6) وفاقا للتهذيب (7) والاستبصار: إنه لا يجوز
للمختار الاستظلال وإن التزم الكفارة (8)، لحسن عبد الله بن المغيرة قال
للكاظم عليه السلام أظلل وأنا محرم؟ قال: لا، قال: أفأظلل وأكفر قال: لا، قال: فإن
مرضت؟ قال: ظلل وكفر (9).
وفي المقنع: لا بأس أن يضرب على المحرم الظلال، ويتصدق بمد لكل
يوم (10). وظاهره الجواز اختيارا إذا التزم الفداء. وفي الدروس: وروى علي بن
جعفر جوازه مطلقا ويكفر (11).
قلت: إن أراد روايته أنه قال لأخيه عليه السلام: أظلل وأنا محرم؟ فقال: نعم،
وعليك الكفارة (12). فتحمل على الضرورة.
ويجوز اختيارا للمرأة كما نص عليه الصدوق (13) والشيخ (14) وابنا حمزة (15)
وإدريس (16) وابنا سعيد (17) وغيرهم للأصل، ومناسبة الاستتار لهن وضعفهن

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 287 ب 6. من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 4.
(2) المقنعة: ص 432.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 478.
(4) السرائر: ج 1 ص 547.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 40.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 792 س 20.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 312 ذيل الحديث 1074.
(8) الإستبصار: ج 2 ص 187 ذيل الحديث 626.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 146 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(10) المقنع: ص 74.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 377 درس 100.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 287 ب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(13) المقنع: ص 74.
(14) المبسوط: ج 1 ص 321.
(15) الوسيلة: ص 163.
(16) السرائر: ج 1 ص 547.
(17) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251، الجامع للشرائع: ص 187.
400

عن احتمال الحر والبرد والشمس، وللأخبار (1). وفي النهاية: إن اجتنابه
أفضل (2)، ويحتمله المبسوط (3)، وكأنه لاطلاق المحرم والحاج في كثير من
الأخبار، وبعض الفتاوى كفتوى المقنعة (4) وجمل العلم والعمل (5) وأطلق
الشيخ أيضا في جملة من كتبه (6) وجماعة كسلار (7) والقاضي (8) والحلبيين (9).
(ويختص المريض والمرأة به) أي التظليل (لو زاملهما) للأخبار (10)
والاعتبار، ولا يعرف فيه خلافا. وأما مرسل العباس بن معروف أنه سأل
الرضا عليه السلام عن المحرم له زميل فاعتل وظلل على رأسه له أن يستظل؟ قال:
نعم (11)، فيحتمل ما ذكره الشيخ من عود الضمير على العليل (12). وكأن الشهيد لم
يرتضه، فقال: وفي رواية مرسلة عن الرضا عليه السلام يجوز لشريك العليل، والأشهر
اختصاصه به (13). وكأنه يعني الأشهر في الرواية.
(ويجوز المشي تحت الظلال) كما في النهاية (14) والمبسوط (15)
والوسيلة (16) والسرائر (17) والجامع (18)، لصحيح ابن بزيع أنه كتب إلى الرضا عليه السلام

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 168 ب 65 من أبواب تروك الاحرام.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 478.
(3) المبسوط: ج 1 ص 321.
(4) المقنعة: ص 432.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 66.
(6) الخلاف: ج 2 ص 318 المسألة 118، النهاية ونكتها: ج 1 ص 478، المبسوط: ج 1 ص 321.
(7) المراسم: ص 106.
(8) المهذب: ج 1 ص 220.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 12، الكافي في الفقه: ص 203، إشارة السبق: ص 127.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 153 ب 68 من أبواب تروك الاحرام.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 154 ب 68 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(12) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 312 ذيل الحديث 1069.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 377 درس 100.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 478.
(15) المبسوط: ج 1 ص 321.
(16) الوسيلة: ص 163.
(17) السرائر: ج 1 ص 547.
(18) الجامع للشرائع: ص 187.
401

هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظل المحمل؟ فكتب: نعم (1). واقتصر عليه في
المقنع (2).
وما في احتجاج الطبرسي: إن محمد بن الحسن سأل موسى عليه السلام بمحضر من
الرشيد وهم بمكة: أيجوز للمحرم أن يظلل عليه محمله؟ فقال عليه السلام: لا يجوز
ذلك مع الاختيار، فقال: محمد أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختارا فقال
عليه السلام: نعم، فتضاحك محمد من ذلك فقال عليه السلام: أتعجب من سنة النبي صلى الله عليه وآله
وتستهزئ بها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف ظلاله في إحرامه ومشى تحت الظلال
وهو محرم، أن أحكام الله يا محمد لا تقاس، فمن قاس بعضها على بعض فقد
ضل سواء السبيل، فسكت محمد لا يرجع جوابا (3).
وهل معنى ذلك أنه إذا نزل المنزل جاز له ذلك كما جاز جلوسه في الخيمة
والبيت وغيرهما لا في سير، أو جوازه في السير أيضا حتى أن حرمة الاستظلال
بكون مخصوصا بالراكب كما يظهر من المسالك (4)، أو المعنى المشي في الظل
ساترا بحيث يكون ذو الظل فوق رأسه؟ أوجه.
ففي المنتهى: إذا نزل جاز أن يستظل بالسقف والحائط والشجرة والخباء
والخيمة، وأن ينزل تحت الشجرة ويطرح عليها ثوبا يستتر به، وأن يمشي
تحت الظلال (5). وهو يفيد الأول، وهو أحوط لاطلاق كثير من الأخبار في
النهي عن التظليل (6)، ثم الأحوط من الباقيين هو الأخير. وقطع فخر الاسلام
في شرح الإرشاد بأن المحرم عليه سائرا إنما هو الاستظلال بما ينتقل معه
كالمحمل، أما لو مشي تحت سقف أو ظل بيت أو سوق أو شبهه فلا بأس.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 152 ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(2) المقنع: ص 74.
(3) الإحتجاج: ج 2 ص 394.
(4) مسالك الأفهام: ج 1 ص 111 س 19.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 792 س 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 145 ب 64 من أبواب تروك الاحرام.
402

قلت: أكثر هذه يدخل في الضرورة، وأما جواز المشي في الطريق في ظل
الجمال والمحامل والأشجار اختيارا ففيه الكلام، خصوصا تحتها، ولم يتعرض
لذلك الأكثر، ومنهم المصنف في غير الكتاب، والمنتهى والشيخ في غير الكتابين،
بل أطلقوا (1) حرمة التظليل أو إلى النزول.
(و) يجوز (التظليل جالسا) في المنزل للأصل والأخبار (2) والاجماع،
وهل الجلوس في الطريق لقضاء حاجة أو إصلاح شئ أو انتظار رفيق أو
نحوها كذلك؟ احتمال.
(ك: لبس السلاح اختيارا على رأي) وفاقا للمشهور للاحتياط، لأنه
قول الأكثر، ولمفهوم قول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: لا بأس بأن يحرم
الرجل وعليه سلاحه إذا خاف العدو (3). وقول الصادق عليه السلام لابن سنان في
الصحيح إذ سأله أيحمل السلاح المحرم: إذا خاف المحرم عدوا أو سرقا
فليلبس السلاح (4).
وفي صحيح آخر له: المحرم إذا خاف العدو لبس السلاح (5). وفي صحيح
الحلبي: المحرم إذا خاف العدو فلبس فلا كفارة عليه (6). وفيه لزوم الكفارة بلبسه
إذا لم يخف، ولا قائل به إلا أن يغطي الرأس كالمغفر أو يحيط بالجسد كالدرع،
وهما إنما يحرمان لذلك لا لكونهما من السلاح.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 337 س 25، تحرير الأحكام: ج 1 ص 114 س 20، مختلف
الشيعة: ج 4 ص 83، إرشاد الأذهان: ج 1 ص 371، تبصرة المتعلمين: ص 63، الخلاف: ج
1 ص 318 المسألة 118، الجمل والعقود: ص 134، تهذيب الأحكام: ج 5 ص 312 ذيل
الحديث 1074، الإستبصار: ج 2 ص 187 ذيل الحديث 626.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 149 ب 66 من أبواب تروك الاحرام.
(3) المصدر السابق ح 4.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) المصدر السابق ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 137 ب 54 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
403

وخلافا للمحقق فكرهه (1)، وكذا المصنف في التحرير (2) والارشاد (3)
والمنتهى (4) للأصل وضعف دلالة المفهوم. وحرم الحلبيان إشهاره (5) أيضا،
والتقي منهما حمله، وكأنه لبسه.
وبالنهي من الاظهار قول الصادق في حسن حريز وصحيحه: لا ينبغي
أن يدخل الحرم بسلاح إلا أن يدخله في جوالق أو يغيبه (6). وفي خبر أبي بصير:
لا بأس بأن يخرج بالسلاح من بلده، ولكن إذا دخل مكة لم يظهره (7).
وبالنهي عن الحمل، قول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر الأربعمائة المروي في
الخصال: لا يخرجوا بالسيوف إلى الحرم (8).
(ويجوز له لبس المنطقة وشد الهميان) وهو وعاء الدراهم والدنانير
(على الوسط) كما في المقنع (9) والوسيلة (10) والجامع (11) للأصل وإن كانا
مخيطين، ونحو صحيح يعقوب بن شعيب سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يصر
الدراهم في ثوبه؟ فقال: نعم يلبس المنطقة والهميان (12). وقوله عليه السلام في صحيح
أبي بصير: كان أبي عليه السلام يشد على بطنه المنطقة التي فيها نفقته يستوثق منها،
فإنها من تمام حجه (13). وفي التذكرة والمنتهى (14): إن جواز لبس الهميان قول
جمهور العلماء، وكرهه ابن عمر ونافع وأنه يشتد الحاجة إليه، ولو لم يجز لزم
الحرج (15).

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 251.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 س 18.
(3) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 318.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 811 س 31.
(5) الكافي في الفقه: ص 203، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 24.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 359 ب 25 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
(7) المصدر السابق ح 2.
(8) الخصال: ج 2 ص 616 حديث الأربعمائة.
(9) المقنع: ص 74.
(10) الوسيلة: ص 163.
(11) الجامع للشرائع: ص 186.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 128 ب 47 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(13) المصدر السابق ح 2.
(14) منتهى المطلب: ج 2 ص 811 س 20.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 344 س 13.
404

(الفصل الثاني)
(في الطواف)
(قد بينا أن المتمتع يقدم عمرته، على حجه (فإذا أحرم من الميقات
دخل مكة لطواف العمرة واجبا، مقدما على حجه، فلذا قدمنا الكلام في
الطواف.
(أما القارن والمفرد فيقدمان الوقوف عليه) ولذا قدمه المحقق (وفي
الطواف مطالب) ثلاثة:
(الأول)
(في واجباته)
شرطا، أو جزاء، أو كيفية، أو غيرها.
(وهي أحد عشر (1)) أو أربعة عشر بعد الطهارتين واحدا أو اثنين، عقد لها
أحد عشر بحثا، ومنها الموالاة بين أربعة أشواط أشار إليها في العاشر.
(أ: طهارة الحدث) كبيره وصغيره (والخبث عن الثوب والبدن) أما

(1) في خ و ط ثلاثة عشر.
405

طهارة الحدث فللأخبار (1) والاجماع كما في الخلاف (2) والغنية (3) والمنتهى (4)،
وعن أحمد روايتان (5).
وهل يكفي التيمم إذا تعذرت المائية؟ سبق في أول الطهارة وجوبه له، وسبق
منا عن فخر الاسلام أن المصنف لا يرى إجزاءه للطواف بدلا من الغسل (6)،
والاجماع على إجزائه له بدلا من الوضوء.
وهل يكفي طهارة المستحاضة؟ قطع به الشيخان (7) وابنا حمزة (8) وإدريس (9)
والمصنف في التذكرة (10) والمنتهى (11) والتحرير (12)، وهو ظاهر غيرهم، لقول
الصادق عليه السلام في مرسل يونس بن يعقوب: المستحاضة تطوف بالبيت وتصلي، ولا
تدخل الكعبة (13).
وفي خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله: وكل شئ استحلت به الصلاة فليأتها
زوجها ولتطف بالبيت (14). وقول الباقر عليه السلام في حسن زرارة: إن رسول الله صلى الله عليه آلة
أمر أسماء بنت عميس أن تطوف بالبيت وتصلي ولم ينقطع عنها الدم ففعلت (15).
وتقدم أن المبطون يطاف عنه، فلا يجزئه طهارته، والأصحاب قاطعون به،
ولعل الفارق هو النص.
وأما طهارة الخبث فعلى اشتراطها الأكثر، ويدل عليه الخبر عنه صلى الله عليه وآله:

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 443 ب 38 من أبواب الطواف.
(2) الخلاف: ج 2 ص 322 المسألة 129.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 11.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 690 س 6.
(5) المجموع: ج 8 ص 17.
(6) الظاهر أن قوله في شرح الإرشاد كما في مفتاح الكرامة ج 1 ص 25.
(7) المقنعة: ص 441، النهاية ونكتها: ج 1 ص 549.
(8) الوسيلة: ص 193.
(9) السرائر: ج 1 ص 625.
(10) تذكرة النشاء: ج 1 ص 399 س 39.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 858 س 27.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 125 س 4.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 507 ب 91 من أبواب الطواف ح 2.
(14) المصدر السابق ح 3.
(15) المصدر السابق ح 1.
406

الطواف بالبيت صلاة (1)، وخبر يونس بن يعقوب سأل الصادق عليه السلام عن رجل
يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف؟ قال: ينظر الموضع الذي يرى فيه الدم
فيعرفه، ثم يخرج فيغسله، ثم يعود فيتم طوافه (2). وعلى تحريم إدخال النجاسة
وإن لم تسر، واسلتزام الأمر النهي عن ضد المأمور به فالاشتراط ظاهر، إلا أن لا
يعلم بالنجاسة عند الطواف، وإن كان لنسيانه لها عنه، فيصح كما سيصرح به.
وهل يعفى فيه عما يعفى عنه في الصلاة؟ الأقرب العدم كما في التذكرة (3)
والمنتهى (4) والتحرير (5) والسرائر (6) وظاهر غيرها لعموم خبر يونس وما بعده من
غير معارض. ويحتمل العفو للخبر الأول.
وكره ابن حمزة الطواف مع النجاسة في ثوبه أو بدنه (7)، وأبو علي في ثوب
أصابه دم لا يعفى عنه في الصلاة (8) للأصل، ومنع صحة الخبرين، وحرمة إدخال
النجاسة إذا لم تسر. وخبر مرسل البزنطي إنه سأل الصادق عليه السلام عن رجل في ثوبه
دم مما لا يجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه، فقال: أجزأه الطواف فيه، ثم
ينزعه ويصلي في ثوب طاهر (9). وهو مع الارسال يحتمل الجهل بالنجاسة عند
الطواف.
(و) يجب (ستر العورة) في الطواف كما في الخلاف (10) والغنية (11)
والإصباح (12)، لما مر من أنه صلاة (13)، ولقوله صلى الله عليه وآله: لا يحج بعد العام مشرك ولا

(1) سنن الدارمي: ج 2 ص 44.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 462 ب 52 من أبواب الطواف ح 2.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 361 س 15.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 690 س 16.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 97 س 31.
(6) السرائر: ج 1 ص 574.
(7) الوسيلة: ص 173.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 173.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 462 ب 52 من أبواب الطواف ح 3.
(10) الخلاف: ج 2 ص 322 المسألة 129.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 9.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 461.
(13) سنن الدارمي: ج 2 ص 44.
407

عريان (1).
وحكي في المختلف اشتراطه عن الخلاف والغنية، واحتج لهما بالخبر الأول،
ثم قال: وللمانع أن يمنعه، والرواية غير مسندة في طرقنا فلا حجة فيها (2).
قلت: ولكن الخبر الثاني يقرب من التواتر من طريقنا وطريق العامة. روى
علي بن إبراهيم في تفسيره، عن أبيه، عن محمد بن الفضيل، عن الرضا عليه السلام قال:
قال أمير المؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني عن الله أن لا يطوف بالبيت
عريان ولا يقرب المسجد الحرام مشرك بعد هذا العام (3).
وروى فرات في تفسيره معنعنا عن ابن عباس في قوله تعالى: " وأذان من الله
ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر ": إن المؤذن عن الله وعن رسوله علي بن أبي
طالب عليه السلام أذن بأربع كلمات: بأن لا يدخل المسجد إلا مؤمن، ولا يطوف بالبيت
عريان، ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وآله أجل فأجله إلى مدته، ولكم أن تسيحوا في
الأرض أربعة أشهر (4).
وروى الصدوق في العلل، عن محمد بن علي ماجيلويه، عن عمه، عن محمد
ابن أبي القاسم، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن خلف بن حماد
الأسدي، عن أبي الحسن العبدي، عن سليمان بن مهران، عن الحكيم بن مقسم
عن ابن عباس: إن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث عليا عليه السلام ينادي: لا يحج بعد هذا العام
مشرك ولا يطوف بالبيت عريان (5).
وروى العياشي في تفسيره بسنده عن حريز، عن الصادق عليه السلام: إن عليا عليه السلام
قال: لا يطوف بالبيت عريان ولا عريانة ولا مشرك (6). وبسنده عن محمد بن

(1) مستدرك الحاكم: ج 2 ص 331، سنن الترمذي: ج 5 ص 276 ح 3091.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 200.
(3) تفسير القمي: ج 1 ص 282.
(4) تفسير فرات الكوفي: ص 53.
(5) علل الشرائع: ج 1 ص 190 ح 2.
(6) تفسير العياشي: ج 2 ص 74 ح 4.
408

مسلم، عنه عليه السلام: إن عليا عليه السلام قال: ولا يطوفن بالبيت عريان (1). وبسنده عن أبي
بصير، عن أبي جعفر عليه السلام قال: خطب علي عليه السلام الناس وأخرط سيفه وقال: لا
يطوفن بالبيت عريان (2) الخبر. وبسنده عن حكيم بن الحسين، عن علي بن
الحسين عليه السلام قال: إن لعلي لأسماء في القرآن ما يعرفه الناس، قال: " وأذان من الله
ورسوله " إلى أن قال: فكان ما نادى به: ألا يطوف بعد هذا العام عريان، ولا يقرب
المسجد الحرام بعد هذا العام مشرك (3).
وروى الحاكم أبو القاسم الحسكاني بسنده عن عامر الشعبي، عن علي عليه السلام
لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وآله حين أذن في الناس بالحج الأكبر، قال: ألا لا يحج بعد هذا
العام مشرك، ألا ولا يطوف بالبيت عريان (4) الخبر. إلى غير ذلك مما يطلعك عليه
الاستقرار.
وكان ضم الستر إلى الطهارة في بحث، لأن الطهارة لما تضمنت الطهارة عن
الثوب أشعر وجوبها وجوب لبس الثوب، لانتفاء الصفة بانتفاء الموصوف، ولذا
جعله في المنتهى فرعا على الطهارة من الخبث (5).
(وإنما يشترط طهارة الحدث في) الطواف (الواجب) وفاقا لابني
سعيد (6) وظاهر الأكثر للأصل، والأخبار كقول الصادق عليه السلام في خبر عبيد بن
زرارة: لا بأس أن يطوف الرجل النافلة على غير وضوء (7). وصحيح ابن مسلم
سأل أحدهما عليهما السلام رجل طاف طواف الفريضة وهو على غير طهر، قال: يتوضأ
ويعيد طوافه، وإن كان تطوعا توضأ وصلى ركعتين (8).

(1) تفسير العياشي: ج 2 ص 74 ح 5.
(2) تفسير العياشي: ج 2 ص 74 ح 7.
(3) تفسير العياشي: ج 2 ص 76 ح 12.
(4) شواهد التنزيل: ج 1 ص 238 ح 320.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 690 س 20.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 267، الجامع للشرائع: ص 197.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 444 ب 38 من أبواب الطواف ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 444 ب 38 من أبواب الطواف ح 3.
409

وخلافا للحلبي فاشترطهما في النفل (1) أيضا، لما روي: أن الطواف صلاة (2).
ولاطلاق نحو صحيح علي بن جعفر سأل أخا عليه السلام عن رجل طاف ثم ذكر أنه
على غير وضوء، فقال: يقطع طوافه ولا يعتد به (3). وخبر زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام
عن الرجل يطوف على غير وضوء يعتد بذلك الطواف؟ قال: لا (4).
والجواب: واضح لضعف الأول، ومعارضة البواقي بالأخبار المؤيدة.
نعم (ويستحب في الندب) لاستحبابها على كل حال وورود الخبر بكونه
صلاة وإن كان عاميا، هذا في الحدث الأصغر. أما الطهارة من الأكبر فهو شرط
في المندوب أيضا لحرمة كون صاحبه في المسجد فضلا عن لبثه فيه. نعم، إن
طاف ندبا جنبا - مثلا - ناسيا صح طوافه، لامتناع تكليف الغافل، وهو معنى قول
الشيخ في التهذيب: من طاف على غير وضوء أو طاف جنبا، فإن كان طوافه
طواف الفريضة فليعده، وإن كان طواف السنة توضأ أو اغتسل فصلي ركعتين،
وليس عليه إعادة الطواف (5).
(ولو ذكر في الواجب عدم الطهارة استأنف معها) ولا استئناف عليه في
المندوب، بمعنى أنه يتطهر ويصلي صلاة طوافه المندوب الذي أوقعه بلا طهارة.
(و) إن صلى صلاة الطواف بلا طهارة فعليه أن (يعيد الصلاة واجبا مع
وجوبه) أي الطواف (وندبا مع ندبه) كل ذلك للأخبار (6) بلا معارض، ولعله
لا خلاف فيها، وإن أحدث في الأثناء فيأتي حكمه.
وإن شك في الطهارة ففي التحرير (7) والتذكرة (8) والمنتهى: إنه إن شك في أثناء

(1) الكافي في الفقه: ص 195.
(2) سنن الدارمي: ج 2 ص 44.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 444 ب 38 من أبواب الطواف ح 4.
(4) المصدر السابق ح 5.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 116 ذيل الحديث 377.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 443 ب 38 من أبواب الطواف.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 س 5.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 364 س 21.
410

الطواف استأنفه مع الطهارة، لأنه شك في العبادة قبل اتمامها، لأن الشك في
شرطها شك فيها، وإن شك بعد الفراغ لم يلتفت (1).
والوجه أنه إن شك في الطهارة بعد يقين الحدث فهو محدث يبطل طوافه،
شك قبله أو بعده أو فيه، وإن شك في نقضها بعد يقينها فهو متطهر يصح طوافه
مطلقا، وإن تيقن الحدث والطهارة وشك في المتأخر ففيه ما مر في كتاب الطهارة.
ولا يفترق الحال في شئ من الفروض بين الكون في الأثناء وبعده، وليس
ذلك من الشك في شئ، من الأفعال، ثم في يفرق الطهارتان بأن الحدث نفسه مانع من
صحة الطواف وإن لم يعلم به إلا بعده، بخلاف الخبث فالمانع إنما هو العلم به عند
الطواف، ولذا كان شرط الطواف الطهارة من الحدث شرعا وعدم العلم بالخبث.
(و) لذا (لو طاف الواجب مع العلم بنجاسة الثوب أو البدن) حينه
(أعاد) الطواف مع الطهارة، كما إذا صلى كذلك. (ولو علم في الاثنا، أزاله
وتمم) كما في خبر يونس (2) المتقدم، سواء كان علم بالنجاسة قبل الشروع فيه ثم
نسيها أو لا، ضاق الوقت أو لا، لعموم الخبر، ورفع النسيان عن الأمة وأصل البراءة.
نعم، إن اعتبرت مساواته للصلاة كان مثلها، واقتصر في التذكرة على صورة
النسيان (3)، ويأتي أن قطع الطواف قبل أربعة أشواط يوجب الاستئناف. فالمراد
هنا أنه إن أمكنت الإزالة بلا قطع تمم مطلقا، وإلا جاء التفصيل كما في
الدروس (4) إلا أن يستثني هذه الصورة، لخبر حبيب بن مظاهر، قال: ابتدأت في
طواف الفريضة وطفت شوطا، فإذا انسان قد أصاب أنفي فأدماه، فخرجت
فغسلته، ثم جئت فابتدأت الطواف، فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام فقال: بئس ما

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 697 س 23.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 462 ب 52 من أبواب الطواف ح 2.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 365 س 20.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 405 درس 105.
411

صنعت، بما ينبغي لك أن تبني على ما طفت، أما أنه ليس عليك شئ (1).
(ولو لم يعلم) بها (إلا بعده) فراغه (أجزاء) كما في مرسل البزنطي (2)،
ضاق الوقت أو لا، كان علم بها قبل ثم نسيها أو لا، وصرح في المنتهى بالنسيان في
الفرضين (3). وهل جاهل الحكم كالناسي؟ احتمله بعضهم، والأظهر العدم.
(ب: الختان وهو شرط في) الطواف يبطل بدونه، للنهي عنه، والأخبار (4)
المقتضي للفساد من غير فرق بين الفرض والنفل، وكذا الأصحاب نهوا عنه من
غير فرق وإن أعرض عن ذكره كثير. ونص الحلبي أنه شرط الحج بإجماع آل
محمد عليهم السلام (5) كما فيما سيأتي من خبر إبراهيم بن ميمون (6).
وإنما هو شرط في (الرجل المتمكن) منه (خاصة) فلا يشترط على
المرأة للأصل والاجماع، وقول الصادق عليه السلام في صحيح حريز (7) وإبراهيم بن
عمر: لا بأس أن تطوف المرأة غير المخفوضة (8). ولا الخنثى للأصل، مع احتماله
لوجوب تحصيل يقين الخروج عن العهدة، ولا الصبي للأصل وعدم توجه النهي
إليه، فإن أحرم وطاف أغلف لم يحرم عليه النساء بعد البلوغ مع احتماله، لعموم
قول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: الأغلف لا يطوف بالبيت (9). ولا
غير المتمكن، لاشتراط التكليف بالتمكن، كمن لم يتمكن من الطهارة مع عموم
أدلة وجوب الحج والعمرة.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 447 ب 41 من أبواب الطواف ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 462 ب 52 من أبواب الطواف ح 3.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 701 س 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 369 ب 33 من أبواب مقدمات الطواف.
(5) الكافي في الفقه: ص 193.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 369 ب 33 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(7) المصدر السابق ح 3.
(8) المصدر السابق ذيل الحديث 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 369 ب 33 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
412

وفيه أنه يجوز أن يكون كالمبطون في وجوب الاستنابة، وأن إبراهيم بن
ميمون روى عن الصادق عليه السلام في الرجل يسلم فيريد أن يحج وقد حضره الحج،
أيحج أم يختتن؟ قال: لا يحج حتى يختتن (1). ولكنه مجهول، وليس نصا في أنه
غير متمكن من الختان لضيق الوقت وأن عليه تأخير الحج عن عامه لذلك، فإن
الوقت إنما يضيق غالبا عن الاختتان مع الاندمال، فأوجب عليه السلام أن يختتن لم
يحج وإن لم يندمل.
(ج: النية) فإنما الأعمال بالنيات (2). وفي الدروس: ظاهر بعض القدماء
أن نية الاحرام كافية عن خصوصيات نيات الأفعال (3). (وهي أن يقصد إلى
إيقاع) شخص من نوع من الطواف متميز من غيره من (طواف عمرة التمتع أو
غيرها) من عمرة أو حج، حج التمتع أو غيره، طواف النساء أو غيره، طواف
عمرة الاسلام أو حجه، أو غيرهما من منذور أو غيره، (لوجوبه أو ندبه، إن
وجب التعرض للوجه (قربة إلى الله تعالى).
ولا بد من تصور معنى الطواف، وهو الحركة حول الكعبة سبعة أشواط، ومن
كون القصد (عند الشروع) فيه لا قبله بفصل ولا بعده، وإلا لم يكن نية.
(فلو أخل بها أو بشئ منها بظل) الطواف، ولا بد من استدامتها حكما
إلى أن يكمل، وإن فصل بين أجزائه فليجدد النية إذا شرع ثانيا فيما بعده.
(د: البدأة بالحجر الأسود) بالاجماع والنصوص (4)، وكان قول الشيخ
في الإقتصاد " ينبغي " (5) بمعنى الوجوب.
(فلو بداء بغيره) مما قبله أو بعده (لم يعتد بذلك الشوط إلى أن ينتهي

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 369 ب 33 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 7 ص 7 ب 2 من أبواب وجوب الصوم ونيته ح 12.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 394 درس 103.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 400 ب 12 من أبواب الطواف.
(5) الإقتصاد: ص 303.
413

إلى أول الحجر فمنه يبتدئ الاحتساب إن جدد النية عنده) لمجموع سبعة
أشواط، ألغى ما قبله أو لا، تذكره وزعم دخوله في الطواف واحتسابه منه أو لا،
فإنه الآن طواف مقرون بالنية من ابتدائه، فإذا أتمه سبعة أشواط غير ما قدمه صح
وإن كان ذلك سهوا، ولا يكفي استدامة حكم النية السابقة، لعدم مقارنتها لأول
الطواف، وكذا يصح الاحتساب منه إن جدد عنده النية.
(للاتمام) أي إتمامه سبعة أشواط بفعل ستة أخرى، أو ضمها إلى ما قدمه،
ولكن إنما يصح إذا أكمل سبعة أخرى، بأن علم في الأثناء كون المقدم لغوا
فأكملها بنية ثانية أو أكملها سهوا، وإنما يصح الأول بناء على جواز تفريق النية
على أجزاء المنوي، والثاني بناء على أن نية الاتمام يتضمن منه مجموع السبعة
أشواط، لكن سها أو جهل، فزعم أن منها ما قدمه، كما إذا نوى القضاء بفريضة
لزعمه خروج الوقت ولم يكن خرج.
(مع احتمال البطلان) لبطلان النية المفرقة على أجزاء المنوي، ومنافاة نية
إتمام السابق الفاسد بستة لنية مجموع السبعة، فإنه ينوي الآن ستة لا غير، وغايته
لو صح ما قدمه تفريق النية على الأجزاء، ويجوز أن يريد بالاتمام فعل مجموع
سبعة أشواط لا مع إلغاء ما قدمه ليحتمل البطلان، إذ لا شبهة في الصحة مع الالغاء.
ووجه الاحتمال حينئذ أنه وإن نوى مجموع السبعة نية مقارنة للمبدأ لكنه لما
اعتقد دخول ما قدمه منها كان بمنزلة نية ستة أشواط، هذا كله على كون اللام في
الاتمام لتقوية العامل، ويجوز كونها وقتية أي منه يحتسب إن أتم سبعة عدا ما
قدمه مع تجديد النية عنده بأحد المعنيين، ويحتمل التعليل أي منه يحتسب إن
جدد النية عنده بأحد المعنيين لأنه أتم حينئذ الطواف وشروطه وإن فعل قبله ما
يلغو، وأتم النية وأتى بها صحيحة مقارنة لما يجب مقارنتها له. ولا بد من الابتداء
بأول الحجر بحيث يمر كله على كله وإن لم يتعرض له من قبله، لأنه لازم من
وجوب الابتداء بالحجر، والبطلان بالزيادة على سبعة أشواط، والنقصان عنها ولو
خطوة أو أقل، فإنه إن ابتداء بجزء من وسطه لم يأمن الزيادة أو النقصان.
414

(ولو حاذى آخر الحجر ببعض بدنه في ابتداء الطواف لم، يكن ابتداء
فيه بأول الحجر بل بما بعده فلم (يصح)، فلا بد من أن يحاذي بأقدم عضو من
أعضائه أوله. نعم إن تيسر له تعيين موقفه بحذاء جزء من وسطه بحيث يأمن
الزيادة والنقصان جاز له الابتداء منه، لخلو الأخبار والفتاوى عن وجوب الابتداء،
بأوله. إلا أن يقال: الختم به يعطي الختم بأوله، وكذا إن أمكنه أن يحاذي بآخر
جزء من مآخيره أوله أو لم يكن بحيث يؤدي ذلك إلى خروج مقاديمه أو بعضها
عن المحاذاة كان جائزا، إن لم يناقش في صدق الختم به.
وقد يقال: إذا حوذي بأقدم الأعضاء لم يحصل الابتداء ولا الختم بالحجر
بالنسبة إلى غيرها، فيكون المحاذاة بالآخر أولى.
ويدفع بأن الواجب صدق ابتداءه وختمه به وهما صادقان وإن لم يحاذه إلا
الأقدم. نعم يرد أن المبطل بل المحرم إنما هو الزيادة بنية الكون من الطواف، فإن
زاد لغوا لم يكن عليه شئ، ولا يلزمه العلم بموضع إكمال الطواف والشروع
في الزيادة.
(ه‍: الختم بالحجر) كما في الغنية (1) والسرائر (2) والمهذب (3) والوسيلة (4)
والجامع (5) والنافع (6) والشرائع (7) وظاهر الخلاف (8) والمبسوط (9) وجمل العلم
والعمل (10) وغيرها، لوجوب إكمال سبعة أشواط من غير زيادة ولا نقصان،
وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: ثم ائت الحجر فاختم به (11). ويحتمل
الختم باستلامه.

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 10.
(2) السرائر: ج 1 ص 572.
(3) المذهب: ج 1 ص 233.
(4) الوسيلة: ص 172.
(5) الجامع للشرائع: ص 197.
(6) المختصر النافع: ص 93.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 267.
(8) الخلاف: ج 2 ص 325 المسألة 135.
(9) المبسوط: ج 1 ص 356.
(10) جمل العلم والعمل (وسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 67.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 423 ب 26 من أبواب الطواف ح 1.
415

وفي صحيح معاوية وحسنه: من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من
الحجر الأسود إلى الحجر الأسود (1). وللإجماع كما في الغنية (2). وكأن من لم
يتعرض له كالشيخين في المقنعة (3) وشرحها (4) والمصباح (5) والجمل (6) اكتفى
بالابتداء ووجوب سبعة أشواط، فإنهما يستلزمان وجوب الختم به، كما أن الظاهر
أن ينبغي في النهاية بمعنى الوجوب (7).
(فلو أبقى من الشوط) الأخير أو غيره (شيئا وإن قل لم يصح)
الشوط ولا الطواف (بل يجب أن ينتهي من حيث ابتداء) أي إلى حيث ابتداء
منه الاتفاق على وجوب سبعة أشواط.
(و: جعل البيت على يساره) للاجماع، والتأسي مع قوله صلى الله عليه وآله: خذوا
عني مناسككم (8)، (فلو جعله على يمينه أو استقبله بوجهه) أو استدبره
جهلا أو سهوا أو عمدا (لم يصح).
وقال أبو حنيفة: إن جعله على يمينه فإن أقام بمكة أعاده، وإن عاد إلى بلده
جبره بدم (9). وقال أصحاب الشافعي: لم يرد عنه نص في استدباره، والذي جئ
على مذهبه الاجزاء، وقالوا أيضا في وجه بالأجزاء إن استقبله أو مر القهقري نحو
الباب (10).
(ز: خروجه بجميع بدنه عن البيت، وإلا لم يكن طائفا بالبيت بل فيه،
(فلو مشى على شاذروان الكعبة) بفتح الذال المعجمة (لم يصح) كما نص

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 432 ب 31 من أبواب الطواف ح 3.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 11.
(3) المقنعة: ص 400.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 101 باب 9.
(5) مصباح المتهجد: ص 622.
(6) الجمل والعقود: ص 138.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 503.
(8) السنن الكبرى للبيهقي: ج 5 ص 125.
(9) المجموع: ج 8 ص 60، المبسوط للسرخسي: ج 4 ص 44.
(10) فتح العزيز: ج 7 ص 292.
416

عليه في المبسوط (1) والوسيلة (2) والجامع (3) والشرائع (4)، وهو بعص من أساسها
أبقته قريش خارجا منها شبه الدكات، لما كانت الأموال الطيبة قاصرة عن
بنائها كما كانت فضيقوها، معرب چادربند، أي الموضع الذي يشد فيه أستار
الكعبة بالأطناب، ويسمى التأزير، لأنه كالإزار لها.
وهل يحيط بالكعبة من جوانبها؟ فالذي في التذكرة (5) وتفسير النظام
للنيشابوري، والعرض للرافعي: أنه مختص بما بين الركن العراقي والشامي.
والذي في تاريخ تقي الدين الفاسي المالكي الإحاطة بجوانبها الثلاثة غير
الذي في الحجرة لكونه من الكعبة. والذي في تحرير النووي وتهذيبه (6)
الإحاطة أيضا، قال: لكن لا يظهر عند الحجر الأسود، وقد أحدث في هذه
الأزمان عنده شاذروان. قال في التحرير: قال أبو الوليد الأزرقي في تاريخ
مكة: طول الشاذروان في السماء ستة عشر إصبعا وعرضه ذراع (7). والذراع
أربع وعشرون إصبعا.
وقال في التهذيب: ارتفاعه من الأرض في بعض المواضع نحو شبرين، وفي
بعضها نحو شبر ونصف، وعرضه في بعضها نحو شبرين ونصف، وفي بعضها
نحو شبر ونصف (8).
(ولو كان يمس الجدار بيده في موازاة الشاذروان صح) طوافه، وهو
أحد وجهي الشافعية (9)، لصدق أنه طائف بالبيت، لخروج معظمه منه. ومنعه

(1) المبسوط: ج 1 ص 357.
(2) الوسيلة: ص 173.
(3) الجامع للشرائع: ص 197.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 267.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 361 س 21.
(6) تهذيب الأسماء واللغات: ج 2 ص 80 مادة " حجر ".
(7) أخبار مكة: ج 1 ص 310.
(8) تهذيب الأسماء واللغات: ج 2 ص 172 مادة " شذر "
(9) المجموع: ج 8 ص 24.
417

في التذكرة ورجح البطلان (1)، كما إذا وضع أحد رجليه على الشاذروان، وهو
خيرة الدروس (2). أما مسه لا في موازاته فلا بأس به، وهو مبني على
اختصاصه ببعض الجوانب كما عرفت.
(ح: إدخال الحجر) وهو في موضع من الركن الشامي إلى الغربي محوط
بجدار قصير بينه وبين كل من الركنين فتحة (في الطواف، للاجماع كما في
الخلاف (3) والغنية (4)، والأخبار كصحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام رجل طاف
بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر، فقال عليه السلام: يعيد ذلك الشوط (5). وزاد في
التذكرة (6) والمنتهى: أنه من البيت (7).
(فلو مشى) فيه لم يكن طاف بالبيت، وفي التذكرة: إن قريشا لما بنت
البيت قصرت الأموال الطيبة والهدايا والنذور عن عمارته فتركوا من جانب
الحجر بعض البيت، قال: روت عائشة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: ستة أذرع من الحجر إلى
البيت (8). وحكى في موضع آخر عن الشافي أنه ستة أذرع منه من البيت، وعن
بعض أصحابه أنه ستة أذرع أو سبعة منه من البيت وأنهم بنوا الأمر فيه على
التقريب وظاهره فيه (9). وفي المنتهى: إن جميعه من البيت (10). وفي الدروس: إنه
المشهور (11).
وجميع ذلك يخالف صحيح معاوية بن عمار أنه سأل الصادق عليه السلام أمن

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 362 س 9.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 395 درس 103.
(3) الخلاف: ج 2 ص 324 المسألة 132.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 11.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 431 ب 31 من أبواب الطواف ح 1.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 2 36 س 1.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 691 س 2.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 361 س 22.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 362 س 6.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 691 س 3.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 394 درس 103.
418

البيت هو أو فيه شئ من البيت؟ فقال: لا ولا قلامة ظفر، ولكن إسماعيل دفن أمه
فيه فكره أن توطأ، فجعل عليه حجرا وفيه قبور أنبياء (1).
وخبر يونس بن يعقوب قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام إني كنت أصلي في
الحجر، فقال لي رجل: لا تصل المكتوبة في هذا الموضع، فإن الحجر من البيت،
فقال: كذب صل فيه حيث شئت (2) وقال عليه السلام في خبر المفضل بن عمر: الحجر
بيت إسماعيل وفيه قبر هاجر وقبر إسماعيل (3). وعن نوادر البزنطي عن الحلبي
إنه سأله عليه السلام عن الحجر، فقال: إنكم تسمونه الحطيم وإنما كان لغنم إسماعيل
وإنما دفن فيه أمه وكره أن يوطأ قبرها فحجر عليه، وفيه قبور أنبياء (4).
ولكن في مرفوع علي بن إبراهيم وغيره: كان بنيان إبراهيم عليه السلام الطول
ثلاثين ذراعا والعرض اثنين وعشرين ذراعا والسمك تسعة أذرع. وهو يؤيد كون
نحو ستة أذرع (5) منه من البيت.
وعلى الجملة (فلو مشى على حائطه أو طاف بينه وبين البيت لم
يصح) شوطه الذي فعل فيه ذلك، أما الأخير فعليه الاجماع والأخبار (6)،
وخالف فيه أبو حنفية (7).
وأما الأول ففي المبسوط (8) والوسيلة (9) والجامع (10) أنه كذلك، وذلك
للتأسي ووجوب الطواف بالحجر مع البيت، ولا يصدق حينئذ، وإن كان من البيت

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 429 ب 30 من أبواب الطواف ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 540 ب 54 من أبواب أحكام المساجد ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 430 ب 30 من أبواب الطواف ح 3.
(4) السرائر: ج 3 ص 562. وسائل الشيعة: ج 9 ص 431 ب 30 من أبواب الطواف ح 10.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 331 ب 11 من أبواب مقدمات الطواف ح 14.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 431 ب 31 من أبواب الطواف.
(7) المجموع: ج 8 ص 26.
(8) المبسوط: ج 1 ص 357.
(9) الوسيلة: ص 173.
(10) الجامع للشرائع: ص 197.
419

فلا يكون طائفا بالبيت حينئذ، وجعل اليد فوق حائطه كمس جدار البيت بإزاء
الشاذروان. وجعل في التذكرة مثله إدخال اليد فيما هو من البيت من الحجر (1)،
أما مسه من الخارج فلا بأس به.
وهل يبطل الطواف كله بالسلوك في الحجر وما في حكمه؟ قال الشهيد:
روايتان، ويمكن اعتبار تجاوز النصف هنا، وحينئذ لو كان السابع كفى إتمام
الشوط من موضع سلوك الحجر (2) انتهى. وكأنه عنى ما مر من صحيحي الحلبي
ومعاوية بن عمار، ويحتمل الأخير الاختصار في جميع الأشواط وما قبل النصف
وكون الطواف بمعنى الشوط، والأول أظهر.
وفي التذكرة: ولو دخل إحدى الفتحتين وخرج من الأخرى لم يحسب له،
وبه قال الشافعي في أحد قوليه، ولا طوافه بعده حتى ينتهي إلى الفتحة التي دخل
منها (3). يعني فإن دخلها لم يحسب أيضا، وإن تجاوزها وطاف بالحجر احتسب
مطلقا أو بعد النصف، وكأن فيه إشارة إلى أنه لا يكفي إتمام الشوط من الفتحة، بل
يجب الاستئناف لظاهر الخبرين، فإن الإعادة ظاهرة فيه، ونص الثاني على
الإعادة من الحجر الأسود.
(ط: الطواف بين البيت والمقام) أي الحجر الذي عليه أثر القدم الشريفة
لا البناء اختيارا أو اضطرارا، ولا بد من اعتبار قدره من المسافة من الجوانب
كلها، وهي كما في تاريخ الأزرقي: إلى الشاذروان ست وعشرون ذراعا
ونصف (4).
(فلو أدخل المقام فيه) أو بعد من البيت مما في بعض جوانبه أزيد مما
بينهما (لم يصح) شوطه ذلك، لخبر حريز عن ابن مسلم، قال: سألته عن حد

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 362 س 9.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 394 درس 103.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 362 س 7.
(4) أخبار مكة: ج 1 ص 309.
420

الطواف الذي من خرج عنه لم يكن طائفا بالبيت، قال: كان الناس على عهد
رسول الله صلى الله عليه وآله يطوفون بالبيت والمقام، وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام وبين
البيت، فكان الحد موضع المقام اليوم، فمن جازه فليس بطائف، والحد قبل
اليوم واليوم واحد قدر ما بين المقام وبين البيت من نواحي البيت كلها، فمن
طاف فتباعد من نواحيه أبعد من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت بمنزلة من
طاف بالمسجد، لأنه طاف في غير حد ولا طواف له (1). وهو مضمر ضعيف،
لكنه مشهور.
وفي الغنية الاجماع عليه والاحتياط فيه (2). وما فيه من اختلاف الناس
اليوم، وعلى عهده صلى الله عليه وآله، لما روي أن المقام كان عند البيت فحولته قريش
حيث الآن، فأعاده النبي صلى الله عليه وآله مكانه، ثم رده عمر إلى حيث الآن (3)
وقال أبو علي: فإن اضطر أن يطوف خارج المقام أجزأه (4). ويدل عليه
الأصل، وخبر الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن الطواف خلف المقام، فقال: ما أحب
ذلك، وما أرى به بأسا، فلا تفعله إلا أن لا تجد منه بدا (5). وقد يظهر الميل إليه من
المختلف (6) والتذكرة (7) والمنتهى (8).
وقال الشافعي: لا بأس بالحائل بين الطائف والبيت كالسقاية والسواري، ولا
بكونه في آخر باب المسجد وتحت السقف وعلى الأروقة والسطوح إذا كان
البيت أرفع، بناء على ما هو اليوم، فإن جعل سقف المسجد أعلى لم يجز الطواف
على سطحه (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 427 ب 28 من أبواب الطواف ح 1.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 11.
(3) أخبار مكة: ج 2 ص 33.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 183.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 427 ب 28 من أبواب الطواف ح 2.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 183.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 362 س 16.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 691 س 11.
(9) المجموع: ج 8 ص 39.
421

قال في التذكرة: ويستلزم أنه لو انهدمت الكعبة والعياذ بالله لم يصح الطواف
حول عرضها، وهو بعيد (1). ولو اتسعت خطة المسجد اتسع المطاف، وقد جعلته
العباسية أوسع مما كان في عهد النبي صلى الله عليه وآله، وهذا كله عندنا باطل.
(ي: رعاية العدد، فلو نقص) عمدا أو سوا (عن سبعة) أشواط
(ولو شوطا أو بعضه ولو) كان (خطوة لم يصح) طوافه اتفاقا، لخروجه
عن المأمور به لما لو نقص من الصلاة والفريضة ركعة أو بعضها من واجباتها عمدا،
لكن يكفيه الاتيان بما ترى إن تجاوز النصف، ولو كان خطوة كما في التذكرة (2)
والمنتهى (3) والتحرير (4) وغيرها، وليس عليه استئناف الشوط الذي نقص منه
للأصل، بل يحرم لأنه زيادة، وإن احتمله ما مر من خبر معاوية (5) فيمن اختصر
في الحجر، وكان ظاهر صحيح الحلبي (6) المتقدم فيمن اختصر أيضا.
وخالف أبو حنيفة فقال: إن طاف أربعة أشواط فإن كان بمكة أتى بالباقي،
والأصح جبر النقص بدم (7).
(ولو زاد على طواف الفريضة عمدا بطل، الطواف كما هو المشهور ولو
خطوة، كما يقتضيه الاطلاق هنا، وفي الشرائع (8) والوسيلة (9) والاقتصاد (10)
والجمل والعقود (11) والمهذب (12).
أما إذا نوى الزيادة من أول الطواف أو في أثنائه على أن يكون من الطواف
فهو ظاهر، لأنه نوى ما لم يأمر به الشارع، كما لو نوى صوم يوم وليلة أو بعضها

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 362 س 18.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 361 س 33.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 691 س 13.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 98 س 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 429 ب 30 من أبواب الطواف ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 431 ب 31 من أبواب الطواف ح 1.
(7) المجموع: ج 8 ص 22.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 267.
(9) الوسيلة: ص 173.
(10) الإقتصاد: ص 303.
(11) الجمل والعقود: ص 139.
(12) المهذب: ج 1 ص 231.
422

فإن نواها من أول الأمر لم يشرع إلا في طواف غير مشروع بنية غير صحيحة،
وإن نواها في الأثناء فلم يستدم النية الصحيحة ولا حكمها.
وأما إذا لم يكن شئ من ذلك إنما تجدد له تعمد الزيادة بعد الاتمام، فإن
تعمد فعلها لا من هذا الطواف فعدم البطلان ظاهر، لأنها حينئذ فعل خارج وقع
لغوا أو جزء من طواف آخر. وإنما الكلام إذا تعمدها حينئذ من هذا الطواف،
فظاهر الأكثر البطلان، لأنه كزيادة ركعة في الصلاة، كما قال أبو الحسن عليه السلام في
خبر عبد الله بن محمد: الطواف المفروض إذا زدت عليه، مثل الصلاة
المفروضة إذا زدت عليها، فإذا زدت عليها فعليك الإعادة (1).
ولخروجه عن الهيئة التي فعلها النبي صلى الله عليه وآله مع وجوب التأسي، وقوله صلى الله عليه وآله:
خذوا عني مناسككم (2). ولخبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام عن رجل طاف
بالبيت ثمانية أشواط، قال: يعيد حتى يستتمه (3).
وفي الكل نظر، لأن الخبرين إن سلما يحتملان نية الزيادة أول الطواف أو
أثنائه، والخروج عن الهيئة المأثورة ممنوع، فإن ما قبلها كان على الهيئة، والزيادة
إنما لحقتها من بعد، وكذا كونها كزيادة ركعة، بل إنما هي كفعل ركعة بعد الفراغ من
الصلاة، ولذا لم يجزم المحقق بالحرمة فضلا عن الابطال (4).
وقد يؤيد الصحة مع الأصل إطلاق نحو صحيح ابن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام
سأله عن رجل طاف طواف الفريضة ثمانية أشواط، قال: يضيف إليها ستا (5). وهو
كثير، إلا أنه لا بد من أن يكون المراد السهو أو نية طواف ثاني أو تعمد الشوط من
طوافه الأول مع جهل الحكم أو الغفلة عنه. وعبارة الكتاب يحتمل بطلان الزائد

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 438 ب 34 من أبواب الطواف ح 11.
(2) عوالي اللآلي: ج 4 ص 34 صاح 118.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 436 ب 34 من أبواب الطواف ح 1.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 267.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 437 ب 34 من أبواب الطواف ح 8.
423

أي كان لغوا، والطواف صحيح، فيكون مخالفا للمشهور.
(ولو كان) الزيادة (سهوا قطع، فعلا أو نية (إن ذكر قبل بلوغه
الركن) العراقي (ولو كان، الذكر (بعده استحب) له (إكمال أسبوعين).
أما التفصيل بإلغاء الزائد إن لم يكمل شوطا وإكماله أسبوعا ثانيا إن كمل فعليه
الشيخ (1) وبنو حمزة (2) والبراج (3) وسعيد (4) والمحقق (5)، وهو نص خبر أبي كهمس
عن الصادق (6) عليه السلام.
وبالحكم الثاني أخبار كثيرة، ولم يتعرض المفيد إلا له (7). ولكن قال
الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: من طاف بالبيت. فوهم حتى يدخل في الثامن
فليتم أربعة عشر شوطا، ثم ليصل ركعتين (8).
ورجح عليه الشيخ (9) الخبر الأول مع ضعفه، وصحة هذا بإجماله وتفصيل
الأول، ولو قيل بالتخيير كان وجها.
وفي المقنع وإن طفت بالبيت الطواف المفروض ثمانية أشواط فأعد
الطواف، وروي يضيف إليها ستة فيجعل واحدا فريضة والآخر نافلة (10).
ودليله على الابطال عموم نحو ما تقدم، وخصوص خبر سماعة عن أبي
بصير، قال، قلت له: فإنه طاف وهو متطوع ثماني مرات وهو ناس، قال: فليتمه
طوافين ثم يصلي أربع ركعات، وأما الفريضة فليعد حتى يتم سبعة أشواط (11).

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 504.
(2) الوسيلة: ص 174.
(3) المهذب: ج 1 ص 238.
(4) الجامع للشرائع: ص 197.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 270.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 437 ب 34 من أبواب الطواف ح 3.
(7) المقنعة: ص 450.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 437 ب 34 من أبواب الطواف ح 5.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 112.
(10) المقنع: ص 85.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 436 ب 34 من أبواب الطواف ح 2.
424

وصحيح ابن سنان (1) المتقدم آنفا حيث اقتصر على ركعتين.
لكن ظاهر المقنع وخبر سماعة إلغاء الثمانية الأشواط واستئناف سبعة أخرى،
وخبر ابن سنان نص في الاكتفاء بأربعة عشر. وأما كون الاكمال على الثاني
مستحبا فما ذكره المصنف هنا وفي غيره لحصول البراءة بالطواف الأول وأصل
البراءة من الزيادة، بل الاتفاق على عدم وجوب الطوافين، بل إنما يجب الثاني إن
قلنا ببطلان الأول، وأدلته ضعيفة، ويوافقه السرائر حيث حكم فيه
بصحة الطواف (2)، ولم يتعرض لإكمال أسبوعين.
ولكن علي بن بابويه (3) وابني الجنيد (4) وسعيد جعلوا الفرض هو الثاني
والأول تطوعا (5)، وحكى الصدوق ذلك رواية (6).
قلت: ويدل عليه كل ما دل على بطلان الأول، ويوهمه صحيح زرارة عن أبي
جعفر عليه السلام قال: إن عليا عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية فترك سبعة وبنى على
واحد وأضاف إليه ستا (7). لكن لما امتنع السهو عليه لم يطف ثمانية إلا لعدوله في
الأول عن نية فرضه لموجب له فليس من المسألة.
(وصلى) للأسبوعين صلاتين كما نطقت به الأخبار (8)، ولا ينافيها ما
سمعته من صحيح ابن سنان، لجواز أن يراد بالركعتين صلاتان، وأن يراد صلاة
ركعتين لكل طواف، وأن يراد قبل السعي.
فإنه يصلي (للفريضة أولا) قبل السعي، (وللنافلة بعد السعي، كما في

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 437 ب 34 من أبواب الطواف ح 5.
(2) السرائر: ج ص 572.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 191.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 191:
(5) الجامع للشرائع: ص 197.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 396 ح 2801.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 437 ب 34 من أبواب الطواف ح 7.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 436 ب 34 من أبواب الطواف.
425

نوادر البزنطي عن جميل أنه سأل الصادق عليه السلام عمن طاف ثمانية أشواط وهو
يرى أنها سبعة، فقال: إن في كتاب علي عليه السلام أنه إذا طاف ثمانية أشواط يضم
إليها ستة أشواط لم يصلي الركعات بعد. قال: وسئل عن الركعات كيف يصليهن،
أيجمعهن أو ماذا؟ قال: يصلي ركعتين للفريضة، ثم يخرج إلى الصفا والمروة، فإذا
رجع من طوافه بينهما، رجع يصلي ركعتين للأسبوع الآخر (1).
وخبر علي بن أبي حمزة: أنه عليه السلام سئل وهو حاضر عمن طاف ثمانية
أشواط، فقال: نافلة أو فريضة؟ فقال: فريضة، فقال: يضيف إليها ستة، فإذا فرغ
صلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام، ثم خرج إلى الصفا والمروة فطاف بينهما،
فإذا فرغ صلى ركعتين أخراوين، فكان طواف نافلة وطواف فريضة (2).
وصحيح زرارة عن الباقر عليه السلام: إن عليا عليه السلام طاف طواف الفريضة ثمانية
فترك سبعة وبنى على واحد وأضاف إليها ستا، ثم صلى ركعتين خلف المقام، ثم
خرج إلى الصفا والمروة، فلما فرغ من السعي بينهما رجع فصلى الركعتين اللتين
ترك في المقام الأول (3).
وهل يجب تأخير صلاة النافلة؟ وجهان، من عدم وجوب المبادرة إلى
السعي، واحتمال أن لا يجوز الاتيان بالندب مع اشتغال الذمة بالواجب.
(ويكره الزيادة) على سبعة أشواط سبعة أخرى أو أقل أو أزيد (عمدا في
النافلة) لا بنية الدخول في الطواف الواحد فإنه بدعة. وبالجملة يكره القران بين
طوافين أو طواف وبعض في النافلة كما في النافع (4)، لقول أبي جعفر عليه السلام في
خبر زرارة الذي حكاه ابن إدريس عن كتاب حريز: لا قران بين أسبوعين في
فريضة ونافلة (5). وإطلاق خبر البزنطي أنه سأل رجل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل

(1) السرائر: ج 3 ص 560.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 439 ب 34 من أبواب الطواف ح 15.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 437 ب 34 من أبواب الطواف ح 7.
(4) المختصر النافع: ص 93.
(5) السرائر: ج 3 ص 587.
426

يطوف الاسباغ جميعا فيقرن؟ فقال: لا إلا أسبوع وركعتان (1). وقوله عليه السلام في خبر
علي بن أبي حمزة: لا تقرن بين أسبوعين (2). وفي النهاية (3) والاقتصاد (4)
والتهذيب (5) والاستبصار (6): إن الأفضل تركه.
(فإن فعل) القران في النافلة (استحب الانصراف على الوتر) فيقرن
بين ثلاثة أسابيع أو خمسة وهكذا كما في النهاية (7) والمبسوط (8) والجمل
والعقود (9) والجامع (10) والتهذيب (11)، وفيه وفي المنتهى كراهية الانصراف على
الشفع (12)، لخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهم السلام: أنه كان يكره أن ينصرف
في الطواف إلا على وتر من طوافه (13).
وأما القران في الفريضة بمعنى أن يقرن بها طوافا آخر فرضا أو نفلا قبل أن
يصلي صلاته، ففي النهاية (14) والمبسوط (15) والتهذيب (16) والجمل والعقود (17)
والمهذب (18) والجامع: أنه لا يجوز (19). ونسب في التذكرة إلى أكثر علمائنا (20)،
ودليله عموم نحو خبري البزنطي (21) وعلي بن أبي حمزة (22).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 441 ب 36 من أبواب الطواف ح 7.
(2) المصدر السابق ح 3.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 504.
(4) الإقتصاد: ص 304.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 114 ذيل الحديث 371.
(6) الإستبصار: ج 2 ص 221 ذيل الحديث 761.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 504.
(8) المبسوط: ج 1 ص 357.
(9) الجمل والعقود: ص 140.
(10) الجامع للشرائع: ص 198.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 116 ذيل الحديث 376.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 700 س 17.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 443 ب 37 من أبواب الطواف ح 1.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 504.
(15) المبسوط: ج 1 ص 357.
(16) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 114 ذيل الحديث 371.
(17) الجمل والعقود: ص 140.
(18) المهذب: ج 1 ص 232.
(19) الجامع للشرائع: ص 198.
(20) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 365 س 12.
(21) وسائل الشيعة: ج 9 ص 439 ب 34 من أبواب الطواف ح 16.
(22) المصدر السابق ح 15.
427

وفي التحرير: فيه إشكال (1)، وفي الإقتصاد (2) والسرائر: أنه مكروه (3)،
وهو خيرة المختلف (4) للأصل، وظاهر قول الصادق عليه السلام في صحيح زرارة: إنما
يكره أن يجمع الرجل بين الأسبوعين والطوافين في الفريضة، فأما في النافلة فلا
بأس (5). وفي خبر عمر بن يزيد: إنما يكره القران في الفريضة، فأما النافلة فلا
والله ما به بأس (6). وعلى هذا ينبغي نفي الكراهية عنه في النافلة.
وفي النافع: أنه مبطل في الأشهر (7)، فكأنه يريد الزيادة على السبعة شوطا
أو أزيد على نية الدخول في ذلك الطواف، لا استئناف آخر فإنه المبطل، وقد
أطلق على هذا المعنى في التذكرة والمنتهى وخلط فمما بينه وبين المعنى الأول.
ففي المنتهى: لا يجوز الزيادة على سبعة أشواط في الطواف الفريضة، فلو
طاف ثمانية عمدا أعاد، وإن كان سهوا استحب له أن يتم أربعة عشر شوطا،
وبالجملة القران في طواف الفريضة لا يجوز عند أكثر علمائنا (8).
نعم، استدل بأنه صلى الله عليه وآله لم يفعله، فلا يجوز فعله، لقوله: خذوا عني مناسككم،
وبأنها فريضة ذات عدد، فلا يجوز الزيادة عليها كالصلاة (9). وبما مر من قول
الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير فيمن طاف ثمانية: يعيد حتى يستتمه (10)
ثم قال: ويدل على المنع من القران، وذكر خبري البزنطي وعلي بن أبي
حمزة (11).
ثم قال في فروع المسألة: هل القران في طواف الفريضة محرم أم لا؟ قال

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 س 19.
(2) الإقتصاد: ص 304.
(3) السرائر: ج 1 ص 572.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 193.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 440 ب 36 من أبواب الطواف ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 441 ب 36 من أبواب الطواف ح 4.
(7) المختصر النافع: ص 93.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 699 س 36.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 700 س 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 437 ب 34 من أبواب الطواف ح 2.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 700 س 5.
428

الشيخ: لا يجوز، وهو كما يحتمل التحريم يحتمل الكراهية، لكنه احتمال بعيد.
وقال ابن إدريس: إنه مكروه شديد الكراهية، وقد يعبر عن مثل هذا لقولنا: لا
يجوز. وكلام الشيخ في الإستبصار يعطي الكراهية (1).
وفي التذكرة: لا يجوز القران في طواف الفريضة عند أكثر علمائنا، لأن
النبي صلى الله عليه وآله لم يفعله، فلا يجوز فعله، لقوله عليه السلام: خذوا عني مناسككم، ولأنها
فريضة ذات عدد، فلا يجوز الزيادة عليه كالصلاة. ولأن الكاظم عليه السلام سئل عن
الرجل يطوف، يقرن بين أسبوعين، فقال: كلما طفت أسبوعا فصل ركعتين (2).
(ولو نقص من طوافه ناسيا) شوطا أو أقل أو أزيد (أتمه إن كان في
الحال) أي في المطاف ولم يفعل المنافي، ومنه طول الفصل المنافي للموالاة إن
اشترطت.
(وإن انصرف فإن كان قد تجاوز النصف) أي طاف أربعة أشواط
(رجع فأتم) ما أمكن، (ولو) لم يمكنه كان (عاد إلى أهله استناب) في
الاتمام.
(ولو كان دون النصف) أو قبل إتمام الرابع (استأنف) إن أمكنه وإلا
استناب، كذا في المقنعة (3) والمراسم (4) والمبسوط (5) والشرائع (6) والنافع (7)، ونص
في هذه الثلاثة على الاستنابة إذا رجع إلى أهله، لكن ليس في الأخيرين التصريح
بالنسيان. وفي الكافي (8) والغنية (9) والنهاية (10) والوسيلة (11) والسرائر (12)

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 700 س 14.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 365 س 11.
(3) المقنعة: ص 440.
(4) المراسم: ص 123.
(5) المبسوط: ج 1 ص 357.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 268.
(7) المختصر النافع: ص 93.
(8) الكافي في الفقه: ص 195.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 11.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 503.
(11) الوسيلة: ص 173.
(12) السرائر: ج 1 ص 572.
429

والجامع (1) ونص في هذه الأربعة على الاستنابة بأن رجع إلى أهله وعلى اعتبار
أربعة أشواط.
وقد يعطيه عبارات ما خلا الشرائع (2) والنافع (3) لاقتصارهما على أكثر من
النصف، وأقل من النصف، ولم أظفر بمتمسك بهذا التفصيل هنا إلا الجمل (4) على ما
سيجئ، وفيه ضعف.
والذي في التحرير (5) والتذكرة (6) والمنتهى (7) والتهذيب: إن من طاف ستة
أشواط وانصرف فليضف إليها شوطا، ولا شئ عليه، فإن لم يذكر حتى يرجع إلى
أهله استناب، وإن ذكر في السعي أنه طاف بالبيت أقل من سبعة فليقطع السعي
وليتم الطواف، ثم ليرجع فليتم السعي (8). وسيأتي خبر المتذكر في السعي.
ومستند الأول مع ما مر من قول الصادق عليه السلام فيمن اختصر شوطا في الحجر:
يعيد ذلك الشوط. وقوله عليه السلام في خبر الحسن بن عطية فيمن طاف ستة أشواط:
يطوف شوطا. فقال له سليمان بن خالد: فإنه فاته ذلك حتى أتى أهله، قال: يأمر
من يطوف عنه (9). والخبر والفتوى يعمان من يمكنه الرجوع والقضاء بنفسه،
ويأتي مثله فيمن نسي الطواف رأسا حتى رجع إلى أهله.
(وكذا لو قطع طوافه) عمدا (لدخول البيت أو للسعي في حاجة)
كما في النهاية (10) والمبسوط (11) والتهذيب (12) والسرائر (13) والشرائع (14)

(1) الجامع للشرائع: ص 197.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 268.
(3) المختصر النافع: ص 93.
(4) الجمل والعقود: ص 139.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 ص 5.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 364 س 22.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 697 س 24.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 109 ذيل الحديث 352.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 432 ب 32 من أبواب الطواف ح 1.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 505.
(11) المبسوط: ج 1 ص 358.
(12) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 119 ذيل الحديث 390.
(13) السرائر: ج 1 ص 573.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 268.
430

والجامع (1)، وزيد فيه دخول الحجر، وفي الأربعة الأول تعميم الحاجة له ولغيره
(والتنصيص على البناء في الفعل مطلقا، وفي) (2) المهذب لغرض من دخول البيت
أو غيره (3)، وفي النافع: لحاجة (4).
(أو مرض في أثنائه) كما في النهاية (5) والمبسوط (6) والسرائر (7)
والمهذب (8) والشرائع (9).
أما دليل التفصيل في القطع لحاجة، فالأخبار كصحيح أبان بن تغلب عن
الصادق عليه السلام في رجل طاف شوطا أو شوطين ثم خرج مع رجل في حاجة؟ قال:
إن كان طواف نافلة بنى عليه، وإن كان طواف فريضة لم يبن (10). مع خبره، قال:
كنت مع أبي عبد الله عليه السلام: في الطواف فجاء رجل من إخواني فسألني أن أمشي
معه في حاجة، ففطن في أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا أبان من هذا الرجل؟ قلت:
رجل من مواليك سألني أن أذهب معه في حاجة، فقال: يا أبان أقطع طوافك
وانطلق معه في حاجته فاقضها له، فقلت: إني لم أتم طوافي، قال: احص ما طفت
وانطلق معه في حاجته، فقلت: وإن كان طواف فريضة؟ فقال: نعم وإن كان طواف
فريضة (11). وخبر أبي الفرج قال: طفت مع أبي عبد الله عليه السلام خمسة أشواط ثم
قلت: إني أريد أن أعود مريضا، فقال: إحفظ مكانك ثم اذهب فعده ثم ارجع فأتم
طوافك (12). لكنه ليس نصا في الفريضة.
وأما في القطع لدخول البيت فليس لنا إلا نصوص على الاستئناف، كصحيح
الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن رجل طاف بالبيت ثلاث أشواط لم وجد من البيت

(1) الجامع للشرائع: ص 198.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من خ.
(3) المهذب: ج 1 ص 232.
(4) المختصر النافع: ص 93.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 506.
(6) المبسوط: ج 1 ص 358.
(7) السرائر: ج 1 ص 573.
(8) المهذب: ج 1 ص 231.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 268.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 448 ب 41 من أبواب الطواف ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 448 ب 41 من أبواب الطواف ح 5.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 448 ب 41 من أبواب الطواف ح 5.
431

خلوة فدخله، قال: يقض طوافه وخالف السنة فليعد (1). وخبر حفص بن البختري
عنه عليه السلام فيمن كان يطوف بالبيت فيعرض له دخول الكعبة فدخلها، قال: يستقبل
طوافه (2).
وقال أحدهما عليهما السلام في مرسل ابن أبي عمير في الرجل يطوف ثم يعرض له
الحاجة، قال: لا بأس أن يذهب في حاجته أو حاجة غيره ويقطع الطواف، وإن
أراد أن يستريح ويقعد فلا بأس بذلك، فإذا رجع بنى على طوافه وإن كان أقل من
النصف. كذا في الفقيه (3).
وفي التهذيب: فإذا رجع بنى على طوافه، وإن كان نافلة بنى على الشوط
والشوطين، وإن كان طواف فريضة ثم خرج في حاجة مع رجل لم يبن ولا في
حاجة نفسه (4).
ويمكن حمل ما في الفقيه على النفل، والبناء فيه على الاستئناف، وتعليق
قوله: " وإن كان أقل من النصف " بنفي البأس.
وقال أبو علي: لو خرج الطائف لعارض عرض له في الطواف اضطره إلى
الخروج، جاز له أن يبني على ما مضى إذا لم يعمل غير دفع ذلك العارض فقط،
والابتداء بطواف الفريضة أحوط، ولو لم يمكنه العود وكان قد تجاوز النصف
أجزأه أن يأمر من يطوف عنه، فإن لم يكن تجاوز النصف وطمع في إمكان ذلك له
يوما أو يومين، أخر الاحلال، وإن تهيأ أن يطاف به طيف به، وإلا أمر من يطوف
عنه ويصلي الركعتين خلف المقام ويسعى عنه وقد خرج من إحرامه، وإن كان
صرورة أعاد الحج (5)، انتهى. وكان دليله لاستئناف الفريضة طلقا إطلاق صحيح
أبان، وعدم نصوصية خبره الآخر في البناء.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 449 ب 41 من أبواب الطواف ح 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 447 ب 41 من أبواب الطواف ح 1.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 393 ح 2795.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 121 ح 394.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 195.
432

وأما من عرضه المرض ففيه خبر إسحاق بن عمار عن أبي الحسن عليه السلام: في
رجل طاف طواف الفريضة ثم اعتل علة لا يقدر معها على إتمام الطواف، قال: إن
كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط وقد تم طوافه، وإن كان
قد طاف ثلاثة أشواط ولا يقدر على الطواف فإن هذا مما غلب الله عليه، فلا بأس
أن يؤخر الطواف يوما أو يومين، فإن خلته العلة عاد وطاف أسبوعا، وإن طالت
علته أمر من يطوف عنه أسبوعا ويصلي هو ركعتين ويسعى عنه وقد خرج من
إحرامه (1).
واختلف فيما إذا تعمد قطعه لا لحاجة من دخول الكعبة أو غيرها ولا
ضرورة، فالمفيد (2) وسلار على البناء إن تجاوز النصف (3)، والحلبيان على
الاستئناف (4). ويؤيده الأمر بالاستئناف إذا قطعه لدخول البيت من غير تفصيل.
وما مر في مرسل ابن أبي عمير (5) من الاستراحة يحتمل الضرورة، والنافلة كخبر
ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الرجل يستريح في طوافه؟ قال: نعم
أنا قد كانت توضع لي مرفقة فأجلس عليها (6).
وهل يجزئ الاستئناف كلما جاز البناء؟ يعطيه للجاهل خبر حبيب بن مظاهر
قال: ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا واحدا، فإذا انسان قد أصاب أنفي
فأدماه، فخرجت فغسلته ثم جئت فابتدأت الطواف، فذكرت ذلك لأبي عبد
الله عليه السلام فقال: بئسما صنعت، كان ينبغي لك أن تبني على ما طفت، ثم قال: أما
أنه ليس عليك شئ (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 453 ب 45 من أبواب الطواف ح 2.
(2) المقنعة: ص 440.
(3) المراسم: ص 123.
(4) الكافي في الفقه: ص 195، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 5.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 393 ح 2795.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 454 ب 46 من أبواب الطواف ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 447 ب 41 من أبواب الطواف ح 2.
433

وهل يبنى من موضع القطع أو من الركن؟ الأحوط الأول حذرا من الزيادة،
ولما سيأتي من حسن ابن سنان ولخبر أبي غرة قال: مربي أبو عبد الله عليه السلام وأنا
في الشوط الخامس من الطواف، فقال لي: انطلق حتى نعود هاهنا رجلا، فقلت له:
أنا في خمسة أشواط من أسبوعي فأتم أسبوعي، قال: اقطعه واحفظه من حيث
تقطعه حتى تعود إلى الموضع الذي قطعت منه فتبني عليه (1).
واحتاط في التحرير (2) والمنتهى (3) بالثاني مع اعترافه فيهما، وفي التذكرة (4)
بدلالة ظاهر الخبر على الأول. نعم ظاهر ما مر في صحيح معاوية (5) وحسنه (6)
فيمن اختصر شوطا، من الإعادة من الحجر إلى الحجر هو الثاني، وإذا شك في
موضع القطع أخذ بالاحتياط كما في الدروس (7).
ثم المريض إن برئ قبل أن يفوته وقت الطواف أتى به كلا أو بعضا على
التفصيل.
(فإن استمر مرضه) حتى يخاف الفوت، طيف به إن استمسك الطهارة ولم
يكن مغمى عليه، لنحو قول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: الكسير يحمل
فيطاف به (8). وخبر إسحاق سأل الكاظم عليه السلام عن المريض يطاف عنه بالكعبة؟
فقال: لا، ولكن يطاف به (9).
وقال: عليه السلام في صحيح صفوان بن يحيى: يطاف به محمولا يخط الأرض

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 449 ب 41 من أبواب الطواف ح 10.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 س 9.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 698 س 26.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 364 س 34.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 398 ح 2807.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 432 ب 31 من أبواب الطواف ح 3.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 396 درس 103.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 456 ب 47 من أبواب الطواف ح 6.
(9) المصدر السابق ح 5.
434

برجليه حتى تمس الأرض قدميه في الطواف (1). وعن أبي بصير: إن الصادق عليه السلام
مرض فأمر غلمانه أن يحملوه ويطوفوا به، وأمرهم أن يخطوا برجليه الأرض
حتى تمس الأرض قدماه في الطواف (2).
ولذا قال أبو علي: من طيف به فسحب رجليه على الأرض أو مسها بهما كان
أصلح (3). لم إنه أوجب عليه الإعادة إذا برئ، والأصل العدم.
وهل يصبر للطواف به إلى ضيق الوقت، أم يجوز المبادرة؟ ظاهر الأخبار
والأصحاب الجواز، وإذا جاز أمكن الوجوب إذا لم يجز القطع.
فإن استمر المرض حتى ضاق الوقت - وفي النهاية (4) والمبسوط (5)
والوسيلة (6) والسرائر (7) والتذكرة (8) والتحرير (9) والمنتهى: يوما أو يومين (10)،
لخبر إسحاق المتقدم - (وتعذر الطواف به) لاغماء يمنع من النية أو بطن
وشبهه يمنع من استمساك الطهارة أو فقد من يحمله أو ما يحمل فيه وانكسار أو
شدة مرض لا يمكن معه التحريك (طيف عنه) كله أو بعضه على التفصيل،
للأخبار كخبر إسحاق المتقدم عن أبي الحسن عليه السلام (11)، وخبر يونس أنه سأله عليه السلام
أو كتب إليه عن سعيد بن يسار أنه سقط من جمله، فلا يستمسك بطنه، أطوف عنه
وأسعى؟ قال: لا، ولكن دعه، فإن برئ قضى هو، وإلا فاقض أنت عنه (12).
وصحيح حبيب الخثعمي، عن الصادق عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر أن يطاف

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 455 ب 47 من أبواب الطواف ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 457 ب 47 من أبواب الطواف ح 10.
(3) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 401 درس 104.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 506.
(5) المبسوط: ج 1 ص 358.
(6) الوسيلة: ص 174.
(7) السرائر: ج 1 ص 573.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 365 س 25.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 س 28.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 701 س 16.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 456 ب 47 من أبواب الطواف ح 5.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 454 ب 45 من أبواب الطواف ح 3.
435

عن المبطون والكسير (1).
وخبر يونس صريح في النهي عن المبادرة إلى الطواف عنه ك‍ " لا ". وظاهر
خبر إسحاق جواز المبادرة إلى ثلاثة أشواط، وأنه بنفسه يصلي صلاة الطواف إذا
طيف عنه.
وبه أفتى في النهاية (2) والمبسوط (3) والوسيلة (4) والمهذب (5) والسرائر (6)
والجامع (7). وكذا في التهذيب أولا، ثم روى الخبر: آمر من يطوف عنه أسبوعا
ويصلي عنه، وقال وفي رواية محمد بن يعقوب: " ويصلي هو " والمعني به ما
ذكرناه من أنه متى استمسك طهارته صلى هو بنفسه، ومتى لم يقدر على
استمساكها صلي عنه وطيف عنه (8).
(وكذا لو أحدث في طواف الفريضة يتم مع تجاوز النصف بعد الطهارة
وإلا) يتجاوز النصف (استأنف) لقول أحدهما عليهما السلام في مرسل ابن أبي عمير،
في الرجل يحدث في طواف الفريضة وقد طاف بعضه: إنه يخرج ويتوضأ، فإن
كان جاز النصف بنى على طوافه، وإن كان أقل من النصف أعاد الطواف (9). ونحو
قول الرضا عليه السلام لأحمد بن عمر الحلال: إذا حاضت المرأة وهي في الطواف
بالبيت أو بالصفا والمروة وجاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت، فإذا
هي قطعت طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله (10). ولا
أعرف خلافا في البناء إذا جاوز النصف، إلا إذا تعمد الحدث فإنه تعمد للقطع ففيه

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 459 ب 49 من أبواب الطواف ح 5.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 506.
(3) المبسوط: ج 1 ص 358.
(4) الوسيلة: ص 174.
(5) المهذب: ج 1 ص 231.
(6) السرائر: ج 1 ص 573.
(7) الجامع للشرائع: ص 200.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 124 - 125 ح 407 وذيل الحديث 408.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 447 ب 40 من أبواب الطواف ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 501 ب 85 من أبواب الطواف ح 2.
436

الخلاف المتقدم.
وفي الخلاف الاجماع على الاستئناف قبله (1). وفي الفقيه: إن الحائض تبني
مطلقا، لصحيح ابن مسلم: سأل الصادق عليه السلام عن امرأة طافت ثلاثة أشواط أو أقل
من ذلك ثم رأت دما، قال: تحفظ مكانها، فإذا طهرت طافت واعتدت بما
مضى (2). وحمله الشيخ على النفل (3).
(ولو شرع في السعي فذكر نقصان الطواف) الواجب تقديمه عليه
(رجع إليه فأتمه مع تجاوز النصف، ثم أتم السعي) من موضعه وإن لم يتجاوز
نصفه إلا أن يكون نقصان الطواف بتعمد القطع لا لعذر على أحد الوجهين.
(ولو لم يتجاوز) نصف الطواف (استأنف الطواف ثم استأنف السعي)
كما في المبسوط (4)، وفي النهاية (5) والسرائر (6) والتحرير (7) والتذكرة (8)
والمنتهى: إتمام السعي على التقديرين (9)، وهو ظاهر التهذيب (10) والنافع (11)
والشرائع (12)، خبر إسحاق بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن رجل طاف بالبيت، ثم
خرج إلى الصفا والمروة فطاف به، ثم ذكر أنه قد بقي عليه من طوافه شئ، فأمره
أن يرجع إلى البيت فيتم ما بقي من طوافه، لم يرجع إلى الصفا فيتم ما بقي. قال:
فإنه طاف بالصفا وترك البيت؟ قال: يرجع إلى البيت فيطوف به ثم يستأنف طواف
السعي بصفا. قال: فما الفرق بين هذين؟ فقال عليه السلام: لأنه قد دخل في شئ من

(1) الخلاف: ج 2 ص 324 المسألة 130.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 383 ح 2766.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 397 ذيل الحديث 1380.
(4) المبسوط: ج 1 ص 358.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 503.
(6) السرائر: ج 1 ص 572.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 س 6.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 364 س 24.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 697 س 28.
(10) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 130 ذيل الحديث 427.
(11) المختصر النافع: ص 94.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 268.
437

الطواف، وهذا لم يدخل في شئ منه (1).
وكان دليل الاستئناف أنه قبل مجاوزة النصف، كمن لم يدخل في شئ من
الطواف لوجوب استئنافه عليه لعدم الموالاة، وقد يمنع لما عرفت من فقد المستند.
وما ذكره من استئناف الطواف إن لم يتجاوز النصف موافق للمبسوط (2)
والكافي (3) والسرائر (4) والجامع (5)، ويفهم من موضع من الشرائع (6)، وأطلق
الاتمام في النهاية (7) والتهذيب (8) والنافع (9) والتحرير (10) والتذكرة (11) والمنتهى (12).
وبقي ما لو قطع الطواف لصلاة فريضة أو للوتر ولصلاة جنازة ففي
الدروس (13) الاستئناف قبل النصف والبناء بعده، قال: وجوز الحلبي البناء على
شوط إذا قطعه لصلاة فريضة، وهو نادر، كما ندر فتوى النافع بذلك وإضافته
الوتر (14).
قلت: وما ذكره الحلبي (15) نص الغنية (16) والإصباح (17) والجامع (18) وظاهر
المهذب (19) والسرائر (20)، وما في النافع (21) ظاهر التهذيب (22) والنهاية (23)

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 472 ب 63 من أبواب الطواف ح 3.
(2) المبسوط: ج 1 ص 359.
(3) الكافي في الفقه: ص 195.
(4) السرائر: ج 1 ص 572.
(5) الجامع للشرائع: ص 198.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 268.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 503.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 130 ذيل الحديث 327.
(9) المختصر النافع: ص 94.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 س 6.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 364 س 25.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 697 س 28.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 395 درس 103.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 395 درس 103.
(15) الكافي في الفقه: ص 195.
(16) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 4.
(17) إصباح الشيعة (الينابيع الفقهية): ج 8 ص 461.
(18) الجامع للشرائع: ص 198.
(19) المهذب: ج 1 ص 232.
(20) السرائر: ج 1 ص 573.
(21) المختصر النافع: ص 93.
(22) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 121 ذيل الحديث 394.
(23) النهاية ونكتها: ج 1 ص 505.
438

والمبسوط (1) والتحرير (2) والتذكرة (3) والمنتهى، وزيد فيهما: صلاة الجنازة (4)،
ونسب ذلك فيهما إلى العلماء عدا الحسن البصري، والدليل مع الاجماع إن ثبت
إطلاق حسنة عبد الله بن سنان سأل الصادق عليه السلام عن رجل كان في طواف النساء
فأقيمت الصلاة، قال: يصلي - يعني الفريضة - فإذا فرغ بنى من حيث قطع (5).
وقوله عليه السلام في خبر هشام في رجل كان في طواف فريضة فأدركته صلاة
فريضة: يقطع طوافه ويصلي الفريضة، ثم يعود فيتم ما بقي عليه من طوافه (6).
وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج سأل الكاظم عليه السلام عن الرجل يكون في
الطواف، وقد طاف بعضه وبقي عليه بعضه فيطلع الفجر، فيخرج من الطواف إلى
الحجر أو إلى بعض المساجد إذا كان لم يوتر، فيوتر ثم يرجع فيتم طوافه، أفترى
ذلك أفضل أم يتم الطواف لم يوتر وإن أسفر بعض الأسفار؟ قال: ابدأ بالوتر واقطع
الطواف إذا خفت ذلك، ثم أتم الطواف بعد (7).
(ولو شك في العدد بعد الانصراف لم يلتفت) كسائر العبادات، لاشتراك
العلة، وهو الحرج. ونحو صحيح ابن حازم سأل الصادق عليه السلام عن رجل طاف
الفريضة فلم يدر ستة طاف أم سبعة؟ قال: فليعد طوافه. قال: ففاته، فقال: ما أرى
عليه شيئا، والإعادة أحب إلي وأفضل (8). ولعموم قول الباقر عليه السلام في خبر ابن
مسلم: كلما شككت فيه مما مضى فامضه (9). ولا أعرف فيه خلافا، والعبرة في
الانصراف بالنية.

(1) المبسوط: ج 1 ص 358.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 س 10.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 364 س 34.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 698 س 24.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 452 ب 43 من أبواب الطواف ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 451 ب 43 من أبواب الطواف ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 452 ب 44 من أبواب الطواف ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 435 ب 33 من أبواب الطواف ح 8
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 336 ب 23 من أبواب الخلل الواقع في الملاة ح 3.
439

فإذا اعتقد أنه أتم الطواف فهو منصرف عنه، وإن كان في المطاف ولم يفعل
المنافي، خصوصا إذا تجاوز الحجر، أما قبل اعتقاد الاتمام فهو غير منصرف، كان
عند الحجر أو بعده، أو خارجا عن المطاف لو فعل المنافي.
(وكذا) لا التفات إلى الشك (في الأثناء) بهذا المعنى (إن كان في
الزيادة) حسب، ولا يكون إلا عند الركن قبل نية الانصراف، لأنه قبله يستلزم
الشك في النقصان، وعدم الالتفات لأصلي عدم الزيادة والبراءة من الإعادة، ولا
أعرف فيه خلافا إلا ما يحتمله عبارات سلار والحلبي وابن حمزة وستسمعها.
(و) إذا لم يلتفت فإنه (يقطع) ويعمه وما قبله، نحو صحيح الحلبي سأل
الصادق عليه السلام. عن رجل طاف بالبيت طواف الفريضة فلم يدر أسبعة طاف أم
ثمانية، فقال عليه السلام: أما السبعة فقد استيقن، وإنما وقع وهمه على الثامن فليصل
ركعتين (1).
(وإن كان) الشك (في النقصان أعاد) الفريضة كما في النافع (2)
والشرائع (3) والمقنع (4) والنهاية (5) والمبسوط (6) والسرائر (7) والجامع (8) والغنية (9)
والمهذب (10) والجمل والعقود (11) والتهذيب (12).
وذلك (كمن) شك قبل الركن أنه السابع أو الثامن، أو (شك بين الستة
والسبعة) أو ما دونهما، اجتمع معها احتمال الثمانية فما فوقها أو لا كان عند
الركن أو لا للأخبار، وهي كثيرة.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 440 ب 35 من أبواب الطواف ح 1.
(2) المختصر النافع: ص 94.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 270.
(4) المقنع: ص 85.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 503.
(6) المبسوط: ج 1 ص 357.
(7) السرائر: ج 1 ص 572.
(8) الجامع للشرائع: ص 198.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 5.
(10) المهذب: ج 1 ص 238.
(11) الجمل والعقود: ص 139.
(12) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 110 ذيل الحديث 355.
440

منها ما مر من صحيح ابن حازم، ونحوه أخبار.
ومنها: خبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام عن رجل شك في طواف الفريضة،
قال: يعيد كلما شك (1).
ومنها: خبر سماعة عن أبي بصير قال، قلت له: رجل طاف بالبيت طواف
الفريضة، فلم يدر ستة طاف أم سبعة أم ثمانية. قال: يعيد طوافه حتى يحفظه (2).
ومنها: قول الصادق عليه السلام لحنان بن سدير فيمن طاف فأوهم، فقال: طفت
أربعة أو طفت ثلاثة، إن كان طواف فريضة فليلق ما في يديه وليستأنف، وإن كان
طواف نافلة فاستيقن ثلاثة وهو في شك من الرابع أنه طاف، فليبن على الثلاثة
فإنه يجوز له (3). وفي الغنية الاجماع عليه (4).
(وفي النافلة يبني على الأقل) للأصلين والأخبار، كخبر حنان هذا، وخبر
أحمد بن عمر المرهبي سأل أبا الحسن الثاني عليه السلام رجل شك في طوافه فلم يدر
ستة طاف أم سبعة، فقال: إن كان في فريضة أعاد كل ما شك فيه، وإن كان نافلة
بنى على ما هو أقل (5). وخبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام من شك في طواف
نافلة، قال: يبني على الأقل (6).
وفي التذكرة (7) والمنتهى (8) والتحرير: جواز بنائه على الأكثر (9)، يعني إن لم
يستلزم الزيادة على سبعة، لمرسل الصدوق في الفقيه (10) والمقنع (11) عن

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 435 ب 33 من أبواب الطواف ح 12.
(2) المصدر السابق ح 11.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 434 ب 33 من أبواب الطواف ح 7.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 434 ب 33 من أبواب الطواف ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 435 ب 33 من أبواب الطواف ح 11.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 365 س 4.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 699 س 30.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 س 15.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 397 ح 2805.
(11) المقنع: ص 85.
441

الصادق عليه السلام أنه سئل عن رجل لا يدري ثلاثة طاف أم أربعة، قال: طواف فريضة
أو نافلة؟ قيل: أجبني فيهما جميعا، فقال عليه السلام: إن كان طواف نافلة فابن على ما
شئت، وإن كان طواف فريضة فأعد الطواف.
وفي التذكرة (1) والمنتهى: إنه من خبر رفاعة عنه عليه السلام (2) فيكون صحيحا،
ولكنه غير معلوم.
وقال المفيد: من طاف بالبيت فلم يدر أستا طاف أو سبعا فليطف طوافا آخر
ليستيقن أنه طاف سبعا (3).
وفهم منه المصنف البناء على أن مراده بطواف آخر شوط آخر. وحكاه عن
علي بن بابويه والحلبي وأبي علي، واستدل له بصحيح ابن حازم قال
للصادق عليه السلام: إني طفت فلم أدر ستة طفت أم سبعة، فطفت طوافا آخر، فقال عليه السلام:
هلا استأنفت، قال: قلت: قد طفت وذهبت، قال: ليس عليك شئ. فلو كان الشك
موجبا للإعادة لأوجبها عليه. وبأصل البراءة وعدم الزيادة. وأجاب عنهما
بالمعارضة بالأخبار والاحتياط، وعن الخبر باحتماله النافلة، وكون الشك بعد
الانصراف، واحتمال قوله: " قد طفت " الإعادة، أي فعلت الأمرين الاكمال
والإعادة (4).
وزاد غيره الاستدلال بما مر عن صحيحه أيضا، وهو أيضا يحتمل الشك بعد
الانصراف. ولصحيح رفاعة عنه عليه السلام: في رجل لا يدري ستة طاف أو سبعة، قال:
يبني على يقينه (5). وهو يحتمل النفل، وكون الشك بعد الانصراف والبناء على
اليقين، بمعنى أنه حين انصرف أقرب إلى اليقين مما بعده، فلا يلتفت إلى الشك
بعده، وإرادة الإعادة أي يأتي بطواف يتيقن عدده.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 365 س 4.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 699 س 31.
(3) المقنعة: ص 440.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 187 و 189 - 190.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 434 ب 33 من أبواب الطواف ح 5.
442

ثم الحلبي قال: فإن كان شاكا فليبن على الأقل، وإن لم يحصل له شئ
أعاده (1). وكأنه أراد إن لم يتحصل له أنه طاف شيئا ولو شوطا واحدا.
وقال سلار: من طاف ولم يحصل كم طاف فعليه الإعادة (2). وعد ابن حمزة
من مبطلات الطواف الشك فيه من غير تحصيل عدد (3). فيحتمل أن يريد هذا
المعنى، وأن يريد الشك بين سبعة وما دونها أو ما فوقها.
(ويجوز الاخلاد إلى الغير في العدد) كما في النهاية (4) والمبسوط (5)
والسرائر (6) والجامع (7) والشرائع (8) لخبر سعيد الأعرج سأل الصادق عليه السلام أيكتفي
الرجل باحصاء صاحبه؟ قال: نعم (9). وخبر الهديل عنه عليه السلام في الرجل يتكل
على عدد صاحبه في الطواف أيجزئه عنها وعن الصبي؟ فقال: نعم، ألا ترى أنك
تأتم بالإمام إذا صليت خلفه فهو مثله (10).
وفي الشرائع: لأنه كالأمارة (11). وفي المنتهى: لأنه يثمر التذكر والظن مع
النسيان (12). وقد يفهم من العبارتين اشتراط العقل والبلوغ، إذ لا ظن بأخبار
غيرهما إلا في بعض المميزين.
وهل يشترط العدالة؟ احتمال للأصل والاحتياط، وظاهر التمثيل بالاقتداء
في الصلاة، والأولى الاقتصار على إخلاد الرجل إلى الرجل دون المرأة، وجواز
العكس اقتصارا على مضمون الخبرين، وما يشبه الائتمام في الصلاة.
والأحوط التجنب عن الاخلاد رأسا، لجهل سعيد وهذيل. نعم إن اكتفينا في

(1) الكافي في الفقه: ص 195.
(2) المراسم: ص 123.
(3) الوسيلة: ص 173.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 508.
(5) المبسوط: ج 1 ص 359.
(6) السرائر: ج 1 ص 576.
(7) الجامع للشرائع: ص 198.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 271.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 476 ب 66 من أبواب الطواف ح 1.
(10) المصدر السابق ح 3.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 271.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 699 س 34.
443

العبادات عند كل جزء بالظن بالاتيان بما قبله أخلد لذلك كما في الشرائع (1)
والمنتهى (2).
(فإن شكا معا فالحكم ما سبق) من البناء والاستئناف، وإن شك
أحدهما دون الآخر فلكل حكم نفسه، كما يرشد إليه خبر إبراهيم بن هاشم عن
صفوان سأله عن ثلاثة دخلوا في الطواف، فقال واحد منهم: احفظوا الطواف، فلما
ظنوا أنهم قد فرقوا، قال واحد منهم: معي ستة أشواط، فقال: إن شكوا كلهم
فليستأنفوا، وإن لم يشكوا وعلم كل واحد منهم ما في يديه فليبنوا (3). ولو صح
خبر هذيل، أمكن القول بأن لا يعتبر شكه إذا حفظ الآخر كصلاة الجماعة.
(يا: الركعتان، وتجبان في) الطواف (الواجب) إي لأجله أو فيما إذا
وجب، أو (بعده) وعلى وجوبهما المعظم للأخبار (4)، وهي كثيرة جدا، وظاهر
قوله تعالى: " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " (5).
وفي الخلاف (6) والسرائر (7) وعن بعض الأصحاب: الاستحباب للأصل،
وعدم تعيين الآية لهذا المعنى. فقيل إن المصلى موضع الدعاء، وقيل: القبلة، وأن
المقام هو الحرم كله أو مع سائر المشاعر (8). ولقوله صلى الله عليه وآله للأعرابي الذي قال له:
هل على غيرها - يعني الخمس الفرائض اليومية؟ -: لا إلا أن تطوع (9).
وقول أبي جعفر عليه السلام لزرارة في الحسن: فرض الله الصلاة وسن رسول
الله صلى الله عليه وآله عشرة أوجه: صلاة السفر، وصلاة الحضر، وصلاة الخوف على ثلاثة
أوجه، وصلاة كسوف الشمس والقمر وصلاة العيدين وصلاة الاستسقاء،

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 271.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 701 س 4 - 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 376 ب 66 من أبواب الطواف ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 478 ب 71 من أبواب الطواف.
(5) البقرة: 125.
(6) الخلاف: ج 2 ص 327 المسألة 138.
(7) السرائر: ج 1 ص 576.
(8) التفسير الكبير: ج 4 ص 48 - 49.
(9) السنن الكبرى: ج 3 ص 361.
444

والصلاة على الميت (1).
والأصل معارض، والآية ظاهرة في وجوب الصلاة في مقام إبراهيم أو
عنده، ولا صلاة تجب كذلك غير صلاة الطواف إجماعا. ويمكن أن لا يكون على
الأعرابي عمرة أو حج، وأن يكون المراد في الخبرين ما شرع من الصلاة بنفسها،
لا تابعة لطواف أو غيره.
ويجب إيقاعهما (في مقام إبراهيم عليه السلام حيث هو الآن، لا حيث كان على
عهد إبراهيم عليه السلام، ثم على عهد النبي صلى الله عليه وآله فالمعتبر في مكانهما خارج المطاف،
وهو مكان المقام حيث هو الآن.
وفي الصحيح: إن إبراهيم بن أبي محمود سأل الرضا عليه السلام أصلي ركعتين
طواف الفريضة خلف المقام حيث هو الساعة أو حيث كان على عهد رسول
الله صلى الله عليه وآله فقال: حيث الساعة (2).
(ولا تجوز) إيقاعهما (في غيره) اختيارا كما في الفقيه (3) والمقنع (4)
والهداية (5) ورسالة علي بن بابويه في طواف النساء (6). وفي الخلاف (7) والكافي (8)
مطلقا لا في سائر مواضع المسجد كما في غير الخلاف، ولا في غيرها كما أطلق
فيه وفاقا للأكثر للتأسي والآية (9) والاحتياط والأخبار، كقول الصادق عليه السلام في
مرسل صفوان بن يحيى: ليس لأحد أن يصلي ركعتي طواف الفريضة إلا خلف
المقام، لقول الله عز وجل: " واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " فإن صلاهما في

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 3 ب 1 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 478 ب 71 من أبواب الطواف ح 1
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 534.
(4) المقنع: ص 81.
(5) الهداية: ص 58.
(6) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 201.
(7) الخلاف: ج 2 ص 327 المسألة 139.
(8) الكافي في الفقه: ص 158.
(9) البقرة: 125.
445

غيره أعاد الصلاة (1).
وخبر أبي. عبد الله الابزاري سأله عليه السلام عمن نسي فصلى ركعتي طواف
الفريضة في الحجر، قال: يعيدهما خلف المقام، لأن الله يقول: " واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى " يعني ركعتي طواف الفريضة (2).
وقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: إنما نسك الذي يقرن بين الصفا
والمروة مثل نسك المفرد ليس بأفضل منه إلا بسياق الهدي، وعليه طواف بالبيت،
وصلاة ركعتين خلف المقام (3)، الخبر.
وصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهم السلام أنه سئل عن رجل طاف طواف الفريضة
ولم يصل الركعتين حتى طاف بين الصفا والمروة، ثم طاف طواف النساء ولم
يصل لذلك الطواف حتى ذكر وهو بالأبطح، قال: يرجع إلى المقام فيصلي
ركعتين (4). لا يحضرني صحيح سواهما، ويحتملان الفضل، لكن لا داعي إلى
الحمل عليه كما يظهر.
وكذا قول الصادق عليه السلام في حسن معاوية بن عمار: إذا فرغت من طوافك
فائت مقام إبراهيم عليه السلام فصل ركعتين واجعله إماما، وأقراء في الأولى منهما سورة
التوحيد " قل هو الله أحد " وفي الثانية " قل يا أيها الكافرون " ثم تشهد واحمد الله
واثن عليه، وصل على النبي صلى الله عليه وآله واسأله أن يتقبل منك (5). يحتمل الفضل،
خصوصا واقترن فيه بالمندوبات، ودليل العدم الأصل، وعدم نصوصية الآية فيه،
لأنها إن كانت من قبيل اتخاذ الخاتم من الفضة كما هو الظاهر، أو كانت " من "
فيها بمعنى " في " لزم أن يراد بالمقام المسجد أو الحرم، وإلا وجب فعل الصلاة

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 480 ب 72 من أبواب الطواف ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 154 ب 1 من أبواب أقسام الحج ح 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 482 ب 74 من أبواب الطواف ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 479 ب 71 من أبواب الطواف ح 3.
446

على الحجر نفسه، وإن أريد الاتصال والقرب وبالمقام الحجر فالمسجد كله بقربه،
وإن وجب الأقرب فالأقرب لزم أن يكون الواجب في عهده صلى الله عليه وآله عند الكعبة
لكون المقام عندها، وكذا في زمن ظهور إمام الزمان عليه السلام، وكذا كلما نقل إلى
مكان وجبت الصلاة فيه، ولعله لا قائل به.
وإطلاق بعض الأخبار لمن نسيهما في فعلهما في مكانه، كخبر هشام بن
المثنى قال: نسيت أن أصلي الركعتين للطواف خلف المقام حتى انتهيت إلى منى
فرجعت إلى مكة فصليتهما ثم عدت إلى منى فذكرنا ذلك لأبي عبد الله عليه السلام، فقال:
أفلا صلاهما حيثما ذكر (1). وفيه أن حمل غير الناس عليه قياس مع استلزامه
جواز فعلهما - اختيارا في غير المسجد.
وفي الخلاف لا خلاف أن الصلاة في غيره - يعني فيما عدا خلف المقام -
يجزئه، ولا يجب عليه الإعادة (2).
وأما الفرق بين طواف النساء وغيره فلم أظفر فيه إلا برواية عن الرضا عليه السلام (3)
هذا في صلاة طواف الفريضة.
وأما صلاة النافلة فيجوز إيقاعها في المسجد حيث أريد كما في الفقيه (4)
والتحرير (5) والدروس (6) وكتابي الأخبار (7) وغيرها للأصل والأخبار، كقول
أحدهما عليهم السلام في خبر زرارة: لا ينبغي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة إلا عند
مقام إبراهيم عليه السلام، وأما التطوع فحيث شئت من المسجد (8). وقول الباقر عليه السلام في
خبر إسحاق بن عمار: من طاف بهذا البيت أسبوعا وصلى ركعتين في أي جوانب

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 483 ب 74 من أبواب الطواف ح 9.
(2) الخلاف: ج 2 ص 28، 3 المسألة 139.
(3) فقه الرضا عليه السلام: ص 223.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 552.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 98 س 12.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 396 درس 103.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 137 ذيل الحديث 450.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 481 ب 73 من أبواب الطواف ح 1.
447

المسجد شاء، كتب الله له ستة آلاف حسنة (1).
ثم ما في الكتاب من إيقاع الركعتين في مقام إبراهيم عليه السلام يوافق النهاية (2)
والمبسوط (3) والوسيلة (4) والمراسم (5) والسرائر (6) والشرائع (7) والنافع (8)
والتذكرة (9) والتبصرة (10) والتحرير (11) والمنتهى (12) والارشاد (13).
والمراد عنده كما في خبر زرارة هذا، وأخبار عبيد بن زرارة (14) والكناني (15)
ومعاوية بن عمار (16) والتهذيب (17) والاقتصاد (18) والجمل والعقود (19) وجمل العلم
والعمل وشرحه والجامع. ويؤيده استدلاله عليه في التذكرة والمنتهى (20) بما نص
على فعلهما عنده أو خلفه.
قال الشهيد: وأما تعبير بعض الفقهاء بالصلاة في المقام فهو مجاز تسمية لما
حول المقام باسمه، إذ القطع بأن الصخرة التي فيها أثر قدم إبراهيم عليه السلام لا يصلى
عليها (21)، انتهى.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 481 ب 73 من أبواب الطواف ح 2.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 509.
(3) المبسوط: ج 1 ص 360.
(4) الوسيلة: ص 172.
(5) المراسم: ص 110.
(6) السرائر: ج 1 ص 577.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 268.
(8) المختصر النافع: ص 93.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 362 س 25.
(10) تبصرة المتعلمين: ص 67 - 68.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 98 س 5.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 691 س 31.
(13) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 324.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 483 ب 74 من أبواب الطواف ح 7.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 485 ب 74 من أبواب الطواف ح 16.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 479 ب 71 من أبواب الطواف ح 3.
(17) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 136 - 137 ذيل الحديث 450.
(18) الإقتصاد: ص 299.
(19) الجمل والعقود: ص 139.
(20) منتهى المطلب: ج 2 ص 691 س 31.
(21) الدروس الشرعية: ج 1 ص 397 درس 103.
448

والأحوط أن لا يصلى إلا خلفه كما نص عليه الصدوقان وأبو علي (1)
والشيخ في المصباح (2) ومختصره، والقاضي في المهذب (3) للأخبار، وقد
سمعت ثلاثة منها.
قال الشهيد: ولا خلاف في عدم جواز التقدم على الصخرة والمنع من
استدبارها (4). والتعبير نفي للدلالة على وجوب الاتصال والقرب منه بحيث يتجوز
عنه بالصلاة فيه لظاهر الآية.
(فإن زوحم صلى وراءه أو في أحد جانبيه) كما في الشرائع (5) وفي
الوسيلة لكن فيها أو بحذائه (6)، وفي النهاية (7) والمبسوط (8) والسرائر (9) والجامع
لكن فيها أو بحياله (10)، وفي التهذيب (11) والنافع (12): أنه إن زوحم صلى حياله، وفي
الإقتصاد: يصلي عند المقام أو حيث يقرب منه (13).
وعلى الجملة يجب تحري القرب منه ما أمكن، فإذا تعذر لزحام جاز البعد
بقدر الضرورة، لخبر الحسين بن عثمان قال: رأيت أبا الحسن موسى عليه السلام يصلي
ركعتي طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد (14). وفي التهذيب:
قريبا من الظلال لكثرة الناس (15). وللأصل، وإطلاق الأخبار بالصلاة خلفه،

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 534، ونقله عن علي بن بابويه وابن الجنيد في مختلف
الشيعة: ج 4 ص 201.
(2) مصباح المتهجد: ص 624.
(3) المهذب: ج 1 ص 237.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 397 درس 103.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 268.
(6) الوسيلة: ص 172.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 509.
(8) المبسوط: ج 1 ص 360.
(9) السرائر: ج 1 ص 577.
(10) الجامع للشرائع: ص 199.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 140 ذيل الحديث 463.
(12) المختصر النافع: ص 93.
(13) الإقتصاد: ص 303.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 486 ب 75 من أبواب الطواف ح 2.
(15) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 140 ح 464.
449

والآية (1) باتخاذ مصلى منه بمعنى ابتداء المصلي، أو اتخاذه منه بكونه بحياله.
وأما وجوب تحري القرب منه بقدر الامكان وعدم جواز البعد إلا بقدر
الضرورة فللأخبار الآمرة بفعلها عنده (2)، واحتمال " من " في الآية الاتصالية أو
الابتدائية التي في نحو اتخذت الخاتم من الفضة، وللاحتياط.
وأما جواز الصلاة إلى أحد الجانبين فللأصل، وإطلاق الآية، وأخبار الفعل
عنده، واحتمال هذا الخبر، والأحوط الخلف لما عرفت. وفي جواز التباعد لمجرد
الزحام أيضا نظر ما لم يتضيق الوقت، لضعف الخبر.
ويجوز أن يريد بالمقام هو ومن عبر بالصلاة فيه البناء الذي عنده، بل الذي
خلفه خاصة، ولا يبعده قوله: " حيث هو الآن " ولا كونه غير مراد في الآية
والأخبار. ولا بأس عندي بإرادة نفس الصخرة، وحقيقة الظرفية، بمعنى أنه إن
أمكن الصلاة على نفسها فعل لظاهر الآية، فإن لم يمكن - كما هو الواقع في هذه
الأزمنة - صلى خلفه أو إلى جانبه.
(ولو نسيهما وجب الرجوع) لفعلهما للأخبار (3)، وأصل عدم السقوط،
والاجماع كما هو الظاهر.
(فإن) تعذر الرجوع و (شق، قضاها موضع الذكر) كما في
التهذيب (4) والاستبصار (5) والنافع (6) والشرائع (7)، وفي النهاية (8) والمبسوط (9)

(1) البقرة: 125.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 483 ب 74 من أبواب الطواف ح 6 و 7 و 8.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 482 ب 74 من أبواب الطواف.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 137 ذيل الحديث 453.
(5) الإستبصار: ج 2 ص 235 ذيل الحديث 817.
(6) المختصر النافع: ص 93.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 267.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 509.
(9) المبسوط: ج 1 ص 360.
450

والوسيلة (1) والسرائر (2) والمهذب (3) والجامع (4) في المتعذر من غير فرق بين أن
يمكنه الرجوع إلى المسجد أو الحرم أو لا، لاطلاق الأخبار.
وفي الدروس: رجع إلى المقام، فإن تعذر فحيث شاء من الحرم، فإن تعذر
فحيث أمكن من البقاع (5). وهو أحوط، وأحوط منه الرجوع إلى المسجد إن
أمكن ولم يمكن إلى المقام.
وأما الاكتفاء بالمشقة فلانتفاء الحرج والعسر، واعتبار الوسع في التكليف،
وصحيح أبي بصير المرادي أو حسنه سأل الصادق عليه السلام عن رجل نسي أن يصلي
ركعتي طواف الفريضة خلف المقام، وقد قال الله تعالى: " واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى " حتى ارتحل قال: إن كان ارتحل فإني لا أشق عليه ولا آمره أن
يرجع ولكن يصلي حيث يذكر (6). وما مر من خبر هاشم بن المثنى لقوله عليه السلام فيه:
أفلا صلاهما حيث ما ذكر، بعد أن كان رجع فصلاهما (7).
وإطلاق حسن معاوية بن عمار سأله عليه السلام عن رجل نسي الركعتين خلف مقام
إبراهيم عليه السلام فلم يذكر حتى ارتحل من مكة، قال: فليصلهما حيث ذكر (8).
وقوله عليه السلام للكناني: وإن كان قد ارتحل فلا آمره أن يرجع (9)
وأجاز في التحرير الاستنابة فيهما إن خرج أو شق عليه الخروج (10).
وفي التذكرة: إن صلاهما في غير المقام ناسيا ثم لم يتمكن من الرجوع،
لجواز الاستنابة فيهما (11) تبعا للطواف، فكذا وحدهما.

(1) الوسيلة: ص 174.
(2) السرائر: ج 1 ص 577.
(3) المهذب: ج 1 ص 128.
(4) الجامع للشرائع: ص 199.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 396 درس 103.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 484 ب 74 من أبواب الطواف ح 10.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 483 ب 74 من أبواب الطواف ح 9.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 485 ب 74 من أبواب الطواف ح 18.
(9) المصدر السابق ح 16.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 98 س 6.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 362 س 37 و 39.
451

ولصحيح عمر بن يزيد عنه عليه السلام فيمن نسيهما حتى ارتحل من مكة، قال: إن
كان مضى قليلا فليرجع فليصلهما أو يأمر بعض الناس فليصلهما عنه (1).
وقوله عليه السلام في صحيحه أيضا: من نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة حتى
خرج من مكة فعليه أن يقضي، أو يقضي عنه وليه، أو رجل من المسلمين (2).
وخبر محمد بن مسلم سأل أحدهما عليهما السلام عمن نسي أن يصلي الركعتين، قال:
يصلى عنه (3).
وخبر محمد بن سنان عن ابن مسكان قال: حدثني من سأل عن الرجل ينسى
ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج، قال: يوكل (4). قال ابن مسكان - وفي حديث
آخر -: إن كان جاوز ميقات أهل أرضه فليرجع وليصلهما، فإن الله يقول:
" واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى " (5). وظاهر المبسوط الاستنابة إذا خرج مع
تعمد الترك (6).
وفي صحيح جميل بن دراج عن أحدهما عليهما السلام: إن الجاهل في ترك الركعتين
عند مقام إبراهيم أعم بمنزلة الناسي (7).
(ولو مات) ولم يصلهما (قضاهما الولي) عنه كما في النهاية (8)
والمبسوط (9) والوسيلة (10) والسرائر (11) والجامع (12) والنافع (13) والشرائع (14)، لعموم

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 482 ب 74 من أبواب الطواف ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 484 ب 74 من أبواب الطواف ح 13.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 482 ب 74 من أبواب الطواف ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 484 ب 74 من أبواب الطواف ح 14.
(5) المصدر السابق ح 15.
(6) المبسوط: ج 1 ص 383.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 482 ب 74 من أبواب الطواف ح 3.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 509.
(9) المبسوط: ج 1 ص 360.
(10) الوسيلة: ص 174.
(11) السرائر: ج 1 ص 577.
(12) الجامع للشرائع: ص 199.
(13) المختصر النافع: ص 93.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 267.
452

ما دل على قضائه الصلاة الفائتة، وهما أولى لشرع النهاية فيهما في حياة المنوب،
فعند الموت أولى، وعموم خبر ابن مسلم (1) وصحيح عمر بن يزيد (2)، وقد يفهم
منه إجزاء قضاء غير الولي مع وجوده، والأحوط أن لا يقضيهما غيره. وإن كان
بمكة.
وإن فاتتاه مع الطواف فهل على الولي قضاء الجميع بنفسه أو بالاستنابة؟
الأقوى الوجوب، لما يأتي من صحيح معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام فيمن
نسي طواف النساء حتى دخل أهله (3).
(المطلب الثاني)
(في سننه) المشروعة قبله وفيه
(يستحب الغسل لدخول مكة) كما مر في الطهارة، وقد أمضينا خلاف
الخلاف وأن فيه الاجماع على العدم (4)، ولم يذكر غسل دخول الحرم لاحتمال
الاتحاد، لمضمر ذريح سأله عن الغسل في الحرم قبل دخوله أو بعد دخوله؟ قال:
لا يضرك أي ذلك فعلت، وإن اغتسلت بمكة فلا بأس، وإن اغتسلت في بيتك حين
تنزل مكة فلا بأس (5). ولأن دخول الحرم قد يكون مقدمة للوقوف، والمستحب
إيقاعه قبل دخولها كما هو شأن كل غسل يستحب للمكان، كما قال الصادق عليه السلام
في خبر محمد الحلبي: إن الله عز وجل يقول في كتابه: و " طهرا بيتي للطائفين
والعاكفين والركع السجود " فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا وهو طاهر قد غسل

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 482 ب 74 من أبواب الطواف ح 4.
(2) المصدر السابق ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 467 ب 58 من أبواب الطواف ح 2.
(4) الخلاف: ج 2 ص 285 المسألة 63.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 316 ب 2 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
453

عرقه والأذى وتطهر (1).
(ولو تعذر) التقديم (فبعده) كما في خبر ذريح وإن لم يشترط العذر
(والأفضل) الاغتسال (من بئر ميمون بن) عبد الله بن حماد
(الحضرمي) الذي كان حليفا لبني أمية، وكان حفرها في الجاهلية، كذا في
السرائر (2). وفي القاموس: ميمون بن خالد الحضرمي (3).
(بأبطح مكة) لقول الصادق عليه السلام في خبر عجلان بن أبي صالح: إذا انتهيت
إلى بئر ميمون أو بئر عبد الصمد فاغتسل (4).
(أو) من (فخ) لحسن الحلبي قال: أمرنا أبو عبد الله عليه السلام أن نغتسل من
فخ قبل أن ندخل (5) (وهي على رأس فرسخ من مكة) والاغتسال من بئر
ميمون للقادم من العراق ونحوه، ومن فخ (للقادم من المدينة). وبالجملة فكل
من يمر عليه في قدومه فلا يكلف غيره بأن يدور حتى يرد أحد ذلك فيغتسل منه
للأصل، وعدم عموم الخبرين أو إطلاقهما.
(وإلا) يغتسل قبل دخول مكة (فمن منزله) بها كما في خبر ذريح (6)،
فهو تكرير لقوله: " فلو تعذر فبعده " إن لم يأت بالأفضل، لعدم مروره على أحد ما
ذكر، أو لغير ذلك فمن منزله خارج مكة أين كان.
(و) يستحب (مضغ) شئ من (الإذخر) كما في الشرائع (7)
والجامع (8) والجمل والعقود، وفيه: تطييب الفم بمضغ الإذخر أو غيره (9) عند

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 318 ب 5 من أبواب مقدمات الطواف ح 3.
(2) السرائر: ج 1 ص 569.
(3) القاموس المحيط: ج 4 ص 279 مادة " يمن ".
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 318 ب 5 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(5) المصدر السابق ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 316 ب 2 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 266.
(8) الجامع للشرائع: ص 196.
(9) الجمل والعقود: ص 138.
454

دخول مكة، كما في الوسيلة (1) والنافع (2) وظاهر الكتاب والمهذب (3)، وفيه
نحو ما في الجمل والعقود من تطييب الفم به أو بغيره، وعند دخول الحرم كما في
التهذيب (4) والنهاية (5) والمبسوط (6) والسرائر (7) والتحرير (8) والتذكرة (9)
والمنتهى (10) والاقتصاد (11) والمصباح (12) ومختصره.
وفي هذه الثلاثة التطييب بغيره أيضا كما في الكتابين، والأصل قول
الصادق عليه السلام في حسن معاوية بن عمار: إذا دخلت الحرم فخذ من الإذخر
فامضغه (13) وفي خبر أبي بصير: فتناول من الإذخر فامضغه (14). وهو يحتمل
التأخر عن دخول الحرم والتقدم.
وقال الكليني: سألت بعض أصحابنا عن هذا، فقال: يستحب ذلك ليطيب به
الفم لتقبيل الحجر (15)، وهو يؤيد استحبابه لدخول مكة، بل المسجد، وكونه من
سنن الطواف، وكأنه الذي حمل الشيخ حمل غيره عليه.
(و) يستحب (دخول مكة من أعلاها) كما في النهاية (16)
والمبسوط (17) والاقتصاد (18) والجمل والعقود (19) والمصباح (20) ومختصره

(1) الوسيلة: ص 172.
(2) المختصر النافع: ص 93.
(3) المهذب: ج 1 ص 233.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 98 ذيل الحديث 319.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 500.
(6) المبسوط: ج 1 ص 355.
(7) السرائر: ج 1 ص 570.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 97 س 22.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 360 س 34.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 688 س 11.
(11) الإقتصاد: ص 303.
(12) مصباح المتهجد: ص 621.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 316 ب 3 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 317 ب 3 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(15) الكافي: ج 4 ص 398 ذيل الحديث 4.
(16) النهاية ونكتها: ج 1 ص 501.
(17) المبسوط: ج 1 ص 355.
(18) الإقتصاد: ص 303.
(19) الجمل والعقود: ص 138.
(20) مصباح المتهجد: ص 621.
455

والكافي (1) والغنية (2) والجامع (3) والنافع (4) والشرائع (5) إذا أتاها من طريق
المدينة كما في المقنعة (6) والتهذيب (7) والمراسم (8) والوسيلة (9) والسرائر (10)
والتحرير (11) والمنتهى (12) والتذكرة، وفيه: والشام (13).
قلت: لاتحاد طريقهما بقربها، بل قبل ذلك.
قال: فأما الذين يجيئون من سائر الأقطار فلا يؤمرون بأن يدوروا ليدخلوا
من تلك الثنية - يعني الثنية العليا - قال، وقيل: بل هو عام ليحصل التأسي
بالنبي صلى الله عليه وآله (14).
قلت: واستظهره الشهيد، ونسب إلى المصنف اختصاصه بالمدني والشامي،
وتال: في رواية يونس إيماء إليه (15).
قلت: لأنه سأل الكاظم عليه السلام من أين أدخل مكة وقد جئت من المدينة؟
فقال: ادخل من أعلا مكة (16). وفيه أن القيد في كلام السائل.
نعم، لم نجد مسندا لاستحبابه إلا هذا الخبر وأخبار فعل النبي صلى الله عليه آله، وشئ
من ذلك لا يفيد العموم، والأصل العدم إلا أن يتمسك بالتأسي خصوصا والأعلى
ليس على جادة طريق المدينة، فقيل: إن النبي صلى الله عليه وآله عدل إليه من الجادة

(1) الكافي في الفقه: ص 208.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 19.
(3) الجامع للشرائع: ص 196.
(4) المختصر النافع: ص 93.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 266.
(6) المقنعة: ص 399.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 98 ذيل الحديث 320.
(8) المراسم: ص 109.
(9) الوسيلة: ص 172.
(10) السرائر: ج 1 ص 570.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 97 س 24.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 688 س 17.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 360 س 39.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 60 3 س 39.
(15) الدروس الشرعية: ج 1 ص 392 درس 103.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 317 ب 4 من أبواب مقدمات الطواف ح 2 وفيه: " عن أبي عبد
الله عليه السلام ".
456

والأعلى كما في الدروس وغيره: ثنية كداء - بالفتح والمد - وهي التي ينحدر
منها إلى الحجون مقبرة مكة (1).
ويستحب دخولها (حافيا) كما في المبسوط (2) والوسيلة (3) والنافع (4)
وظاهر الإقتصاد (5) والجمل والعقود (6) والمهذب (7) والسرائر (8) والجامع (9)
والشرائع (10)، ولم أظفر بنص عليه، وإنما ظفرت بنص (11) استحبابه لدخول الحرم
ودخول المسجد الحرام، ويدخل في الحفا المشي لغة أو عرفا.
ويستحب أن يدخلها (بسكينة ووقار) أخيرا ما لها وللبيت، ولنحو قول
الصادق عليه السلام في حسن معاوية: من دخلها بسكينة غفر له ذنبه، قال: كيف يدخله
بسكينة؟ قال: يدخلها غير متكبر ولا متجبر (12). والمراد بالسكينة والوقار واحد
أو أحدهما الخضوع الصوري، والآخر المعنوي.
(و) يستحب (الغسل لدخول المسجد الحرام) بالاجماع على ما في
الخلاف (13) والغنية (14)، ولم يذكره جماعة، ولم أظفر بنص عليه.
وعن الجعفي (15) (وجوبه ودخوله من باب بني شيبة) للتأسي، والخبر
عن الرضا عليه السلام (16).

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 392 درس 103.
(2) المبسوط: ج 1 ص 355.
(3) الوسيلة: ص 172.
(4) المختصر النافع: ص 93.
(5) الإقتصاد: ص 303.
(6) الجمل والعقود: ص 138.
(7) المهذب: ج 1 ص 233.
(8) السرائر: ج 1 ص 570.
(9) الجامع للشرائع: ص 196.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 266.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 318 ب 5 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 320 ب 7 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
(13) الخلاف: ج 2 ص 286 المسألة 63.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 30.
(15) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 392 درس 103.
(16) فقه الرضا عليه السلام: ص 218.
457

وقول الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن مهران في حديث المأزمين: إنه
موضع عبد فيه الأصنام، ومنه أخذ الحجر الذي نحت منه هبل الذي رمى به
علي عليه السلام من ظهر الكعبة لما علا ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله، فأمر به فدفن عند باب بني
شيبة، فصار الدخول إلى المسجد من باب بني شيبة سنة لأجل ذلك (1).
ولما وسع المسجد دخل الباب، ولذا قيل: فليدخل من باب السلام، وليأت
البيت على الاستقامة، فإنه بإزائه حتى يتجاوز الأساطين، فإن التوسعة من
عندها (2).
وليكن الدخول (بعد الوقوف عندها، والدعاء بالمأثور) بعد السلام على
الأنبياء وعلى نبينا صلى الله عليه وآله. فقال الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: يقول على باب
المسجد: بسم الله وبالله ومن الله وإلى الله وما شاء الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله
وخير الأسماء لله والحمد لله والسلام على رسول الله، السلام على محمد بن
عبد الله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته.
السلام على أنبياء الله ورسله، السلام على إبراهيم خليل الرحمن، السلام
على المرسلين، والحمد لله رب العالمين، والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين،
اللهم صل على محمد وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وارحم محمدا
وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد
مجيد، اللهم صل على محمد وآل محمد عبدك رسولك، وعلى إبراهيم خليلك،
وعلى أنبيائك ورسلك، وسلم عليهم، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب
العالمين.
اللهم افتح لي أبواب رحمتك، واستعملني في طاعتك ومرضاتك، واحفظني
بحفظ الايمان أبدا ما أبقيتني جل ثناء وجهك، الحمد لله الذي جعلني من وفده

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 323 ب 9 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
(2) مسالك الأفهام: ج 1 ص 120 س 30.
458

وزواره، وجعلني ممن يعمر مساجده، وجعلني ممن يناجيه.
اللهم إني عبدك وزائرك في بيتك، وعلى كل مأتي حق لمن أتاه وزاره، وأنت
خير مأتي وأكرم مزور، فأسألك يا لله يا رحمن، وبأنك أنت الله لا إله إلا أنت
وحدك لا شريك لك، وبأنك واحد أحد صمد لم تلد ولم تولد، ولم يكن لك كفوا
أحد، وأن محمدا صلى الله عليه وآله عبدك ورسولك وعلى أهل بيته، يا جواد يا ماجد يا جبار
يا كريم، أسألك أن تجعل تحفتك إياي من زيارتي إياك أول شئ أن تعطيني
فكاك رقبتي من النار. اللهم فك رقبتي من النار - تقولها ثلاثا - وأوسع علي من
رزقك الحلال الطيب، وأدرأ عني شر شياطين الجن والإنس، وشر فسقة العرب
والعجم (1).
وإن كان الدعاء مرفوعا شمل هذا الدعاء وما بعد الدخول، وهو ما رواه
معاوية بن عمار في الحسن عنه عليه السلام قال: فإذا دخلت المسجد فارفع يديك
واستقبل البيت، وقل: اللهم إني أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تقبل
توبتي وأن تجاوز عن خطيئتي، وتضع عني وزري. الحمد لله الذي بلغني بيته
الحرام، اللهم إني أشهد أن هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وأمنا ومباركا
وهدى للعالمين. اللهم إني عبدك، والبلد بلدك، والبيت بيتك، جئت أطلب
رحمتك، وأؤم طاعتك، مطيعا لأمرك، راضيا بقدرك أسألك مسألة المضطر إليك،
الخائف لعقوبتك، اللهم افتح لي أبواب رحمتك، واستعملني بطاعتك
ومرضاتك (2).
(و) يستحب قبل الشروع في الطواف (الوقوف عند الحجر) الأسود
(والدعاء) بعد الحمد والصلاة (رافعا يديه به) لقول الصادق عليه السلام في
حسن معاوية بن عمار: إذا دنوت من الحجر الأسود فارفع يديك، واحمد الله

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 321 ب 8 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(2) المصدر السابق ح 1.
459

واثن عليه، وصل على النبي صلى الله عليه وآله، واسأل الله أن يتقبل منك، ثم استلم الحجر
وقبله.
فإن لم تستطع أن تقبله فاستلمه بيدك، فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر
إليه، وقل: اللهم أمانتي أديتها وميثاقي تعاهدته لتشهد لي بالموافاة، اللهم تصديقا
بكتابك، وعلى سنة نبيك، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن
محمدا عبده ورسوله، آمنت بالله وكفرت بالجبت والطاغوت، وباللات والعزى
وعبادة الشيطان وعبادة كل ند يدعى من دون الله، فإن لم تستطع أن تقول هذا كله
فبعضه. وقل: اللهم إليك بسطت يدي، وفيما عندك عظمت رغبتي، فاقبل مسحتي،
واغفر لي وارحمني، اللهم إني أعوذ بك من الكفر ومواقف الفقر والخزي في الدنيا
والآخرة (1).
وزاد الحلبيان بعد شهادة الرسالة: وأن الأئمة من ذريته - ويسميهم - حججه
في أرضه، وشهداءه على عباده صلى الله عليه وعليهم (2).
ويستحب استلامه قبل الطواف كما في هذا الخبر وغيره، وفيه لقوله عليه السلام في
خبر الشحام: كنت أطوف مع أبي وكان إذا انتهى إلى الحجر مسحه بيده وقبله (3).
وظاهر قوله عليه السلام في حسن عبد الرحمن بن الحجاج: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يستلمه في كل طواف فريضة ونافلة (4). وأخبار طلقة كثيرة جدا، بل في كل شوط
كما في الإقتصاد (5) والجمل والعقود (6) والوسيلة (7) والغنية (8) والمهذب (9)

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 400 ب 12 من أبواب الطواف ح 1.
(2) الكافي في الفقه: ص 209، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 27.
(3) الكافي: ج 4 ص 408 ح 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 402 ب 13 من أبواب الطواف ح 2.
(5) الإقتصاد: ص 303.
(6) الجمل والعقود: ص 139.
(7) الوسيلة: ص 172.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 28.
(9) المهذب: ج 1 ص 233.
460

والجامع (1) والمنتهى (2) والتذكرة (3).
وفي الفقيه (4) والهداية (5)، بل يحتملان الوجوب، وذلك لثبوت أصل
الرجحان بلا مخصص، قال الصدوق في الكتابين: إن لم تقدر فافتح به واختم به (6).
قلت: يوافقه قول الصادق عليه السلام في خبر معاوية بن عمار: كنا نقول لا بد أن
نستفتح بالحجر ونختم به، فأما اليوم فقد كثر الناس (7).
وما في قرب الإسناد للحميري من خبر سعدان بن مسلم قال: رأيت أبا
الحسن موسى عليه السلام استلم الحجر، ثم طاف حتى إذا كان أسبوع التزم وسط البيت
وترك الملتزم الذي يلتزم أصحابنا، وبسط يده على الكعبة، ثم مكث ما شاء الله،
ثم مضى إلى الحجر فاستلمه، وصلى ركعتين خلف مقام إبراهيم، ثم استلم الحجر
فطاف حتى إذا كان في آخر السبوع استلم وسط البيت، ثم استلم الحجر وصلى
ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام، ثم عاد إلى الحجر فاستلم ما بين الحجر إلى
الباب (8).
واستلام الحجر كما في العين وغيره تناوله باليد أو القبلة (9). قال الجوهري:
ولا يهمز، لأنه مأخوذ من السلم، وهو الحجر، كما تقول: استنوق الجمل، وبعضهم
يهمزه (10). وقال الزمخشري ونظيره: استهم القوم إذا أجالوا السهام، واهتجم
الحالب إذا حلب في الهجم، وهو القدح الضخم (11).

(1) الجامع للشرائع: ص 197.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 695 س 7.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 363 س 30.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 531.
(5) الهداية: ص 57.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 531، الهداية: ص 57.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 409 ب 16 من أبواب الطواف ح 1.
(8) قرب الإسناد: ص 131.
(9) العين: ج 7 ص 266 مادة " سلم ".
(10) الصحاح: ج 5 ص 1952 مادة " سلم ".
(11) الفائق: ج 2 ص 192 مادة " سلم ".
461

قلت: وأقرب من ذلك اكتحلت وأدهنت إذا تناول الكحل والدهن وأصاب
منهما، وكان التمسح بالوجه والصدر والبطن وغيرها أيضا استلام كما يعطيه كلام
المصنف. وفي الخلاص: أنه التقبيل. وقال ابن سيده: استلم الحجر واستلامه قبله أو
اعتنقه، وليس أصله الهمزة (1). وقال ابن السكيت: همزته العرب على غير قياس،
لأنه من السلام وهي الحجارة (2).
وفي السرائر (3) والتحرير (4) والتذكرة (5) والمنتهى (6) عن تغلب: أنه بالهمزة
من اللامة أي الدرع، بمعنى اتخاذه جنة وسلاحا. وقال ابن الأعرابي: إن الأصل
الهمزة، وأنه من الملاءمة أي الاجتماع (7).
وقال الأزهري: إنه افتعال من السلام، وهو التحية، واستلامه لمسه باليد
تحريا لقبول السلام منه تبركا به، قال: وهذا كما يقال: افترأت منه السلام، قال:
وقد أملى علي أعرابي كتابا إلى بعض أهاليه فقال في آخره: اقترئ مني السلام،
قال: ومما يدلك على صحة هذا القول أن أهل اليمن يسمون الركن الأسود المحيا،
معناه أن الناس يحيونه بالسلام (8)، انتهى.
وفي المنتهى (9) والتذكرة (10): أنه قيل: إنه مأخوذ من السلام، بمعنى أنه يحيي
نفسه عن الحجر، إذ ليس للحجر من يحييه، كما يقال: اختدم إذا لم يكن له خادم
وإنما خدم نفسه.
وفي الصحيح: إن يعقوب بن شعيب سأل الصادق عليه السلام عن استلام الركن،
قال: استلامه أن تلصق بطنك به، والمسح أن يمسح بيدك (11). وهو يحتمل الهمز من

(1) المخصص: ج 4 ص 92.
(2) اصلاح المنطق: ص 157.
(3) السرائر: ج 1 ص 570.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 98 س 18.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 363 س 29.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 694 س 16.
(7) نقله عنه في المصباح المنير: ص 390.
(8) تهذيب اللغة: ج 12 ص 451 مادة " سلم ".
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 694 س 15.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 363 س 29.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 419 ب 22 من أبواب الطواف ح 4.
462

الالتئام المبني على الاعتناق والتلبس به كالتلبس باللامة، ثم الركن غير الحجر
وإن كان يطلق عليه توسعا، ويحتمل ركنه وغيره.
(و) استحب المصنف وفاقا للمبسوط (1) والخلاف (2) (استلامه ببدنه
أجمع) لأن أصله مشروع للتبرك به والتحبب إليه، فالتعميم أولى، لكن لما يناسب
التعظيم والتبرك والتحبب، وهو المراد بالجميع، والمراد به الاعتناق والالتزام، فهو
تناول له بجميع البدن وتلبس والتئام به.
(و) يستحب (تقبيله) بخصوصه وإن دخل في الاستلام للنصوص (3)
بخصوصه، ولم يذكر الحلبي سواه (4)، وأوجبه سلار (5)، ولعله لأن الأخبار بين آمر
به أو بالاستلام الذي هو أعم، ومقيد لتركه بالعذر وآمر للمعذور بالاستلام باليد أو
بالإشارة أو الإيماء، ولا يعارض ذلك أصل البراءة.
(فإن تعذر) الاستلام بجميع البدن فببعضه كما في المبسوط (6) والخلاف (7)،
وفيه الاجماع عليه، وأن الشافعي لم يختر به أي بما تيسر من بدنه.
(فإن تعذر) إلا بيده (فبيده) كما قال الصادق عليه السلام في حسن معاوية:
فإن لم تستطع أن تقبله فاستلمه بيدك (8). وفي خبر سعيد الأعرج: يجزئك حيث
نالت يدك (9)، إلى غيرهما.
وفي الفقيه (10) والمقنع (11) والمقنعة (12) والاقتصاد (13) والكافي (14) والجامع (15)

(1) المبسوط: ج 1 ص 356.
(2) الخلاف: ج 2 ص 320 المسألة 124.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 402 ب 13 من أبواب الطواف.
(4) الكافي في الفقه: ص 209.
(5) المراسم: ص 110.
(6) المبسوط: ج 1 ص 356.
(7) الخلاف: ج 2 ص 320 المسألة 124.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 402 ب 13 من أبواب الطواف ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 408 ب 15 من أبواب الطواف ح 1.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 531.
(11) المقنع: ص 80.
(12) المقنعة: ص 401.
(13) الإقتصاد: ص 303.
(14) الكافي في الفقه: ص 209.
(15) الجامع للشرائع: ص 197.
463

والتحرير (1) والتذكرة (2) والمنتهى (3) والدروس: أنه يقبل يده (4)، ويؤيده أنه
المناسب للتبرك والتعظيم والتحبب، وأنه روي أن النبي صلى الله عليه وآله يستلمه بمحجنه
ويقبل المحجن (5).
(ويستلم المقطوع، اليد (بموضع القطع) كما في خبر السكوني، عن
الصادق عليه السلام: إن عليا سئل كيف يستلم الأقطع؟ قال: يستلم الحجر من حيث
القطع، فإن كانت مقطوعة من المرفق استلم الحجر بشماله (6).
(وفاقد اليد) بل المتمكن من استلامه بها وبغيرها، ويجوز تعميم فقدان
اليد له (يشير). أما ذو اليد الفاقد للتمكن فيشير باليد كما نص عليه الأصحاب.
وخبر محمد بن عبيد الله: إن الرضا عليه السلام سئل عن الحجر ومقابلة الناس عليه فقال:
إذا كان كذلك فأوم إليه إيماء بيدك (7). وفي الفقيه (8) والمقنع (9) والجامع: ويقبل
اليد (10).
وأما فاقد اليد فبالوجه، ونص عليه المحقق (11)، ويشمله إطلاق الأكثر. وقول
الصادق عليه السلام في حسن معاوية بن عمار: فإن لم تستطع أن تستلمه بيدك فأشر
إليه (12). وقوله عليه السلام في صحيح سيف التمار: إن وجدته خاليا، وإلا فسلم من
بعيد (13).

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 98 س 17.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 363 س 17.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 694 س 5.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 398 درس 103.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 492 ب 81 من أبواب الطواف ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 422 ب 24 من أبواب الطواف ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 410 ب 16 من أبواب الطواف ح 5.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 531.
(9) المقنع: ص 92.
(10) الجامع للشرائع: ص 197.
(11) المختصر النافع: ص 94.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 402 ب 12 من أبواب الطواف ح 1.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 410 ب 16 من أبواب الطواف ح 4.
464

(و) يستحب (الدعاء في أثنائه) أي الطواف (والذكر) بالمأثور
وغيره، وعن عبد السلام بن عبد الرحمن بن نعيم: أنه قال للصادق عليه السلام: دخلت
الطواف فلم يفتح لي شئ، من الدعاء إلا الصلاة على محمد وآل محمد، وسعيت
فكان ذلك، فقال عليه السلام: ما أعطي أحد ممن سأل أفضل ممن أعطيت (1).
وقال الجواد عليه السلام في خبر محمد بن الفضيل: طواف الفريضة لا ينبغي أن
يتكلم فيه إلا بالدعاء وذكر الله وتلاوة القرآن، والنافلة يلقى الرجل أخاه فيسلم
عليه ويحدثه بالشئ من أمر الدنيا والآخرة لا بأس به (2). وعن أيوب أخي أديم
أنه قال للصادق عليه السلام: القراءة وأنا أطوف أفضل أو أذكر الله تبارك وتعالى؟ قال:
القراءة (3). والقراءة مكروهة عند مالك (4).
(و) يستحب (المشي) حالته، لأنه أحمز وأنسب بالخضوع والاستكانة،
وأبعد عن إيذاء الناس، ولا يجب اختيارا كما في الغنية (5) وفاقا للمعظم للأصل،
وثبوت ركوبه صلى الله عليه وآله فيه لغير عذر (6)، فإنه أمر بأخذ المناسك عنه، ونادى في
الناس ليحجوا لذلك، ولما حصل في حجه هذا من إكمال الدين وإتمام النعمة إن
كان هذا معنى الآية. وأوجبه ابن زهرة اختيارا وادعى الاجماع عليه (7)، وقد
يستدل له بما مر من قوله صلى الله عليه وآله أنه صلاة (8). وفي الخلاف: أنه لا خلاف عندنا في
كراهية الركوب اختيارا (9) وإن احتملت الحرمة.
(و) يستحب (الإقتصاد فيه) أي المشي بين المشيين (بالسكينة على

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 417 ب 21 من أبواب الطواف ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 465 ب 54 من أبواب الطواف ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 465 ب 55 من أبواب الطواف ح 1.
(4) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 391.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 8.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 492 ب 81 من أبواب الطواف ح 1 و 2.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 8.
(8) عوالي اللآلي: ج 2 ص 167 ح 3.
(9) الخلاف: ج 2 ص 326 المسألة 136.
465

رأي) وهو رأي الشيخ في النهاية (1) وابني الجنيد (2) وأبي عقيل (3) والحلبي (4)
وابني إدريس (5) وسعيد (6)، للأصل ومناسبة السكينة والخضوع، ولذا أدخل
المصنف قوله: " بالسكينة " في البين. وخبر عبد الرحمن بن سيابة سأل
الصادق عليه السلام عن الطواف، فقال: أسرع أكثر، أو أمشي وأبطئ، فقال: أمشي بين
المشيين (7).
(ويرمل ثلاثا، ويمشي أربعا في طواف القدوم) خاصة (على رأي)
وهو رأي الشيخ في المبسوط، قال: اقتداء بالنبي صلى الله عليه وآله لأنه كذلك فعل، رواه
جعفر بن محمد عن جابر (8)، وهو خيرة التحرير (9) والارشاد (10).
وقلت: وعن ثعلبة عن زرارة أو محمد الطيار قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
الطواف أيرمل فيه الرجل؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما أن قدم مكة وكان بينه
وبين المشركين الكتاب الذي قد علمتم أمر الناس أن يتجلدوا، وقال: أخرجوا
أعضادكم وأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم رمل بالبيت ليريهم أنه لم يصبهم جهد،
فمن أجل ذلك يرمل الناس، وأني لأمشي مشيا. وقد كان علي بن الحسين عليه السلام
يمشي مشيا (11).
واستحب ابن حمزة الرمل في الثلاثة أشواط الأول، والمشي في الباقي بين

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 503.
(2) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 183.
(3) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 182.
(4) الكافي في الفقه: ص 194.
(5) السرائر: ج 1 ص 572.
(6) الجامع للشرائع: ص 197.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 428 ب 29 من أبواب الطواف ح 4.
(8) المبسوط: ج 1 ص 356.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 98 س 28.
(10) إرشاد الأذهان: ص 325.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 428 ب 29 من أبواب الطواف ح 2، علل الشرائع: ص 412 ب
152 ح 1 وفيه: " وأخرج رسول الله صلى الله عليه وآله عضديه ".
466

السرع والابطاء، وخاصة في طواف الزيارة (1). ولا يجب شئ من الطريقين
للأصل، وخبر سعيد الأعرج سأل الصادق عليه السلام عن المسرع والمبطئ في الطواف،
فقال: كل واسع ما لم يؤذ أحدا (2). وكأنه لا خلاف فيه.
والرمل في المفصل (3): إنه العدو. وفي الديوان: إنه ضرب من العدو (4)، وفي
العين (5) والصحاح وغيرهما: إنه بين المشي والعدو (6) وقال الأزهري: يقال: رمل
الرجل يرمل رملا إذا أسرع في مشيه، وهو في ذلك ينزو، وقال النووي في
تحريره: الرمل بفتح الراء والميم إسراع المشي مع تقارب الخطى ولا يثب وثوبا.
ونحوه قول الشهيد: هو الاسراع في المشي مع تقارب الخطى دون الوثوب والعدو،
ويسمى الخبب (7).
والظاهر من طواف القدوم هو الذي يفعل أول ما تقدم مكة واجبا أو ندبا في
نسك أو لا، كان عقيبه سعي أو لا، فلا رمل في طواف النساء، والوداع، وطواف
الحج إن كان قدم مكة قبل الوقوف إلا أن يقدمه عليه، وإلا فهو قادم الآن، ولا على
المكي. خلافا للمنتهى (8) فاحتمله عليه، وهو ظاهر التذكرة (9) لنقله السقوط عنه
عن بعض العامة (10).
قال الشهيد: ويمكن أن يراد بطواف القدوم: الطواف المستحب للحاج مفردا
أو قارنا على المشهور إذا دخل مكة قبل الوقوف، كما هو مصطلح العامة، فلا
يتصور في حق المكي، ولا في المعتمر متعة أو إفرادا، ولا في الحاج مفردا إذا أخر

(1) الوسيلة: ص 172.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 428 ب 29 من أبواب الطواف ح 1.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) ديوان الأدب: ج 2 ص 129.
(5) العين: ج 8 ص 267 مادة " رمل ".
(6) الصحاح: ج 4 ص 1713.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 399 درس 104.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 696 س 26.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 364 س 4.
(10) المجموع: ج 8 ص 43.
467

دخول مكة عن الموقفين. قال: ولكن الأقرب الأول، لأن المعتمر قادم حقيقة إلى
مكة، وكذا الحاج إذا أخر دخولها، ويدخل طواف القدوم تحت طوافه (1)، انتهى.
ولا فرق عندنا بين أركان البيت وما بينها في استحباب الرمل وعدمه، ومن
العامة من خص استحبابه بما عدا اليمانيين وما بينهما (2)، ولا يقضيه في الأربعة
الأخيرة ولا في طواف آخر خلافا لبعض العامة (3)، ولا يستحب للنساء اتفاقا كما
في المنتهى (4).
(و) يستحب (التزام المستجار في) الشوط (السابع و) هو (بسط
اليد على حائطه وإلصاق البطن به والخد والدعاء) حينئذ بالمغفرة والإعاذة
من النار وغيرهما والاقرار عنده بالذنوب للأخبار وهي كثيرة. وروى الصدوق في
الخصال بسنده عن أمير المؤمنين عليه السلام: أقروا عند الملتزم بما حفظتم من ذنوبكم
وما لم تحفظوا، فقولوا: وما حفظته علينا حفظتك ونسيناه فاغفره لنا (5).
والمستجار وهو بحذاء الباب مؤخر الكعبة، وقد يطلق على الباب كما في
صحيح معاوية عن الصادق عليه السلام قال: إذا فرغت من طوافك وبلغت مؤخر الكعبة
- وهو بحذاء المستجار دون الركن اليماني - فابسط يديك (6)، الخبر. وعن سعدان
بن مسلم ما سمعته من أن أبا الحسن عليه السلام التزم وسط البيت وترك الملتزم
المعهود (7).
(فإن تجاوزه) ولم يلتزم (رجع) لالتزامه كما في النافع (8) لعموم قول
أمير المؤمنين عليه السلام في الخبر المتقدم، وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: إذا

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 400 درس 104.
(2) المجموع: ج 8 ص 58.
(3) المجموع: ج 8 ص 59.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 696 س 27.
(5) الخصال: ص 617 حديث الأربعمائة.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 424 ب 26 من أبواب الطواف ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 426 ب 26 من أبواب الطواف ح 10.
(8) المختصر النافع: ص 94.
468

كنت في الطواف السابع فائت المتعوذ (1).
وفي حسن معاوية: فإنه ليس من عبد مؤمن يقر لربه بذنوبه في هذا المكان
إلا غفر الله له إن شاء الله (2). ولا يلزم زيادة في الطواف، لأنه لا ينوي بما بعد ذلك
إلى موضع الرجوع طوافا، وإنما الأعمال بالنيات، ولذا لم ينه عنه الأصحاب،
وإنما ذكروا أنه ليس عليه.
وفي الدروس: رجع مستحبا ما لم يبلغ الركن (3). فإن أراد العراقي فلأنه إذا
بلغه تم الطواف، وإن أراد اليماني فلصحيح ابن يقطين: سأل أبا الحسن عليه السلام عمن
نسي أن يلتزم في آخر طوافه حتى جاز الركن اليماني أيصلح أن يلتزم بين الركن
اليماني وبين الحجر أو يدع ذلك؟ قال: يترك اللزوم ويمضي (4). ولكنه عقبه بقوله:
وقيل: لا يرجع مطلقا، وهو رواية علي بن يقطين (5). وهو يعطي المعنى الأول.
(و) يستحب (التزام الأركان) الأربعة كما في الشرائع (6) ونحوهما
الإرشاد (7) والتلخيص (8). والمعروف استلامها، وبه نطقت الأخبار، كقول جميل
في الصحيح: رأيت أبا عبد الله عليه السلام يستلم الأركان كلها (9).
وصحيح إبراهيم بن أبي محمود أنه سأل الرضا عليه السلام استلم اليماني والشامي
والغربي؟ فقال: نعم (10). فقد يكون هو المراد نظرا إلى صحيح يعقوب بن شعيب
سأل الصادق عليه السلام عن استلام الركن؟ فقال: استلامه أن تلصق بطنك به، والمسح

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 423 ب 26 من أبواب الطواف ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 425 ب 26 من أبواب الطواف ح 9.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 402 درس 104.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 426 ب 27 من أبواب الطواف ح 1.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 402 درس 104.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 269.
(7) إرشاد الأذهان: ص 325.
(8) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 335.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 418 ب 22 من أبواب الطواف ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 423 ب 25 من أبواب أطواف ح 2.
469

أن تمسحه بيدك (1).
(خصوصا العراقي واليماني) كقول الصادق عليه السلام في صحيح جميل: إن
رسول الله صلى الله عليه وآله استلم هذين ولم يعرض لهذين (2). وفي خبر غياث بن إبراهيم عن
جعفر عن أبيه عليهما السلام: كان رسولي الله صلى الله عليه وآله لا يستلم إلا الركن الأسود واليماني ثم
يقبلهما ويضع خده عليهما، ورأيت أبي يفعله (3).
وخبر يزيد بن معاوية: سأله عليه السلام كيف صار الناس يستلمون الحجر والركن
اليماني ولا يستلمون الركنين الآخرين؟ فقال: قد سألني عن ذلك عباد بن صهيب
البصري فقلت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله استلم هذين ولم يستلم هذين، فإنما على
الناس أن يفعلوا ما فعل رسول الله صلى الله عليه وآله، وسأخبرك بغير ما أخبرت به عبادا: إن
الحجر الأسود والركن اليماني عن يمين العرش، وإنما أمر الله أن يستلم ما عن
يمين عرشه (4). وفي الدروس: وإنهما على قواعد إبراهيم عليه السلام (5).
قلت: حكيت هذه العلة عن ابن عمر (6)، ولا يتم إلا على كون الحجر أو بعضه
من الكعبة، وسمعت أنا لا نقول به، وإنما هو قول للعامة (7)، فظاهر أبي علي كهذه
الأخبار نفي استلام الباقيين (8). وفي الخلاف: الاجماع على استلام الجميع (9).
وقال الصادق عليه السلام في خبر الشحام المرفوع: كنت أطوف مع أبي وكان إذا
انتهى إلى الحجر مسحه بيده وقبله، وإذا انتهى إلى الركن اليماني التزمه، فقلت:

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 408 ب 15 من أبواب الطواف ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 418 ب 22 من أبواب الطواف ح 1.
(3) والمصدر السابق ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 420 ب 22 من أبواب الطواف ح 12.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 398 درس 104.
(6) المجموع: ج 8 ص 34.
(7) المصدر السابق.
(8) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج ص 194.
(9) الخلاف: ج 2 ص 320 المسألة 125.
470

جعلت فداك تمسح الحجر بيدك وتلتزم اليماني، فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: ما
أتيت الركن اليماني إلا وجدت جبرئيل عليه السلام قد سبقني إليه يلتزمه (1).
وأوجب سلار استلام اليماني كلثم الحجر (2) للأمر به في الأخبار (3) من غير
معارض.
(و) يستحب (طواف ثلاثمائة وستين طوافا، بعدد أيام السنة،
للأخبار (4)، ثم إنها كعبارات الأصحاب مطلقة. نعم في بعضها التقييد بمدة مقامه
بمكة، والظاهر استحبابها لمن أراد الخروج في عامه أو في كل عام، وما في
الأخبار من كونها بعدد أيام السنة قرينة عليه.
(فإن عجز جعل العدة أشواطا) كما في الأخبار (5) والفتاوى، وقد
يستشكل بلزوم كونها أحدا وخمسين أسبوعا وثلاثة أشواط.
(فالأخير) أو غيره يكون (عشرة) أشواط، وتقدم كراهية الزيادة
وتخصيص الأخير للقصر على العدد واليقين، إذ قد يتجدد التمكن من الطواف
بالعدد، أو يكون الأخير أو غيره ثلاثة أشواط، ويجاب تارة باستثنائه من القران
المكروه، وأخرى بأن استحبابها لا ينفي الزائد فزاد على الثلاثة أربعة أخرى، بأنه
لا يعد في استحباب ثلاثة أشواط منفردة.
وفي الغنية: وقد روي أنه يستحب أن يطوف مدة بقائه بمكة ثلاثمائة وستين
أسبوعا أو ثلاثمائة وأربعة وستين شوطا (6). قال في المختلف: ولا بأس به (7)، وقال

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 419 ب 22 من أبواب الطواف ح 3.
(2) المراسم: ص 110.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 48 - 421 ب 22 و 23 من أبواب الطواف.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 396 ب 7 من أبواب الطواف.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 396 ب 7 من أبواب الطواف.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 32.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 203.
471

الشهيد: رواه البزنطي (1)، قال في حاشية الكتاب: إن في جامعه إشارة إليه، لأنه
ذكر في سياق أحاديثه عن الصادق عليه السلام أنها اثنان وخمسون طوافا (2). وزاد
الشهيد: إنها توافق أيام السنة الشمسية (3).
(و) يستحب (التداني من البيت) كما في الوسيلة (4) والجامع (5)
والشرائع (6). قال في المنتهى (7) والتذكرة: لأنه المقصود، فالدنو منه أولى (8)،
انتهى.
لا يقال: ورد أن في كل خطوة من الطواف سبعين ألف حسنة، فكلما كثرت
الخطى كان الطواف أفضل، والقرب يستلزم قلتها لجواز اتفاق الحسنات في العدد
دون الرتبة.
ثم إن استحب الرمل وامتنع الجمع بينه وبين التداني للزحام، وضاق الوقت
عن التربص إلى الخفة ففي التذكرة (9) والمنتهى (10) والتحرير ترجيح الرمل مع
البعد (11)، ولعله للنص عليه دون التداني.
(ويكره) فيه (الكلام بغير الدعاء والقرآن) لقول الجواد عليه السلام في خبر
محمد بن الفضيل: طواف الفريضة لا ينبغي أن يتكلم فيه إلا بالدعاء وذكر الله تعالى
وتلاوة القرآن، قال: والنافلة يلقى الرجل أخاه فيسلم عليه ويحدثه بالشئ من أمر
الدنيا والآخرة لا بأس به (12). وهو وإن اختص بالفريضة لكن العقل يحكم بمساواة

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 402 درس 104.
(2) حكاه عنه في جامع المقاصد: ج 3 ص 200.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 402 درس 104.
(4) الوسيلة: ص 172.
(5) الجامع للشرائع: ص 197.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 269.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 696 س 30.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 364 س 6.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 364 س 7.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 696 س 32.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 98 س 32.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 465 ب 54 من أبواب الطواف ح 2.
472

النافلة لها في أصل الكراهية وإن كانت أخف، والنهي عن كلام الدنيا في المسجد
معروف، ولذا أطلق المصنف وغيره. وقال الشهيد: ويتأكد الكراهية في الشعر (1).
قلت: سأل علي بن يقطين الكاظم عليه السلام في الصحيح عن الكلام في الطواف
وإنشاد الشعر والضحك في الفريضة أو غير الفريضة أيستقيم ذلك؟ قال: لا بأس
به، والشعر ما كان لا بأس به منه (2). نعم ورد النهي عن انشاده في المسجد مطلقا،
ففي الطواف أولى، إلا ما كان منه دعا أو حمدا أو مدحا للنبي صلى الله عليه وآله أو أمام أو
موعظة. وزاد الشهيد كراهية الأكل والشرب والتثاؤب والتمطي والفرقعة والعبث
ومدافعة الأخبثين، وكل ما يكره في الصلاة غالبا (3)، ولا بأس به.
(المطلب الثالث)
(في الأحكام)
(من ترك الطواف عمدا) فإن بقي وقته كطواف عمرة التمتع قبل أن يضيق
الوقت عنها وعن الحج وطواف الحج قبل انقضاء ذي الحجة والعمرة المفردة أبدا
أتى به وبما بعده من السعي وغيره. وما في المسالك وغيره من احتمال تحقق
الترك بنية الاعراض عنه ضعيف (4)، إلا أن ينوي عند نية النسك.
وإن لم يبق (بطل حجه) أو عمرته كما في النهاية (5) والمبسوط (6)
والسرائر (7) والشرائع (8) وغيرها للاجماع على ركنته كما في التحرير (9)، ولأنه

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 402 درس 104.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 464 ب 54 من أبواب الطواف ح 1.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 402 درس 104.
(4) مسالك الأفهام: ج 1 ص 123 س 25.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 545.
(6) المبسوط: ج 1 ص 383.
(7) السرائر: ج 1 ص 617.
(8) شرائع الاسلام: ص 270.
(9) تحرير الأحكام: ص 99 س 12.
473

من الأجزاء الواجبة، بل أقربها إلى حقيقة الحج والعمرة، والمركب منتف عند
انتفاء جزئه. ولصحيح علي بن يقطين سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل جهل أن
يطوف بالبيت طواف الفريضة، قال: إن كان على وجه الجهالة أعاد الحج وعليه
بدنة (1).
وخبر علي بن أبي حمزة، عن الكاظم عليه السلام أنه سئل عن رجل سها أن
يطوف بالبيت حتى رجع إلى أهله، قال: إذا كان على وجه الجهالة أعاد الحج
وعليه بدنة (2). قال الشهيد: وفي وجوب هذه البدنة على العالم نظر من
الأولوية (3).
قلت: ومن عدم النص وجواز منع الأولوية كمن عاد إلى تعمد الصيد، وقيل:
يجوز كون الكفارة للتقصير بعدم التعلم (4). هذا في غير طواف النساء، فإنه ليس
بركن، ولا يبطل بتركه النسك من غير خلاف كما في السرائر (5)، لأصل خروجه
عن حقيقة النسك، وقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: وعليه - يعني المفرد -
طواف بالبيت، وصلاة ركعتين خلف المقام، وسعي واحد بين الصفا والمروة،
وطواف بالبيت بعد الحج (6) ونحوه صحيح معاوية في القارن (7).
وصحيح الخزاز قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فدخل عليه رجل فقال:
أصلحك الله أن معنا امرأة حائضا ولم تطف طواف النساء ويأبى الجمال أن يقيم
عليها، قال: فأطرق وهو يقول: لا تستطيع أن تتخلف عن أصحابها ولا يقيم عليها
جمالها، ثم رفع رأسه إليه فقال: تمضي فقد تم حجها (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 466 ب 56 من أبواب الطواف ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 466 ب 6 5 من أبواب الطواف ح 2.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 403 درس 105.
(4) مدارك الأحكام: ج 8 ص 174.
(5) السرائر: ج 1 ص 617.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 154 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 6.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 156 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 12.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 470 ب 59 من أبواب الطواف ح 1، وفيه اختلاف يسير.
474

(و) من ترك الطواف (ناسيا يقضيه) متى ذكره، ولا يبطل النسك
(ولو) كان الطواف الركن وذكره (بعد المناسك) وانقضاء الوقت وفاقا لما
عدا التهذيب (1) والاستبصار (2) والكافي للحلبي (3) للأصل والحرج، ورفع الخطأ
والنسيان، وصحيح هشام بن سالم سأل الصادق عليه السلام عمن نسي طواف زيارة
البيت حتى يرجع إلى أهله، فقال: لا يضره إذا كان قد قضى مناسكه (4).
وإن حمله الشيخ على طواف الوداع (5)، وما سيأتي في الاستنابة، ولكن
الأكثر إنما نصوا عليه في طواف الزيارة الذي هو طواف الحج، وإنما ذكروا في
طواف العمرة أن من تركه مضطرا أتى به بعد الحج ولا شئ عليه. وممن نص على
تساويهما في ذلك الشيخ في المبسوط (6) وابن إدريس (7)، وأطلق ابنا سعيد (8)
كالمصنف. وهل يجب إعادة السعي إذا قضاه؟ قال الشهيد: الأقرب ذلك كما قاله
الشيخ في الخلاف، ولا يحصل التحلل بدونهما (9).
قلت: وسيأتي في الكتاب عن قريب وجوب إعادة السعي على من قدمه
سهوا على الطواف، ووجه العدم احتمال اختصاص ذلك بما قبل فوات الوقت
للأصل، والسكوت عنه في خبر الاستنابة (10).
وقال الشهيد: ولو شك في كون المتروك طواف الحج أو طواف العمرة

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 128 ذيل الحديث 421.
(2) الإستبصار: ج 2 ص 228 ذيل الحديث 788.
(3) الكافي في الفقه: ص 195.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 200 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 4.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 128 ذيل الحديث 421، الإستبصار: ج 2 ص 228 ذيل
الحديث 788.
(6) المبسوط: ج 1 ص 383.
(7) السرائر: ج 1 ص 617.
(8) الجامع للشرائع: ص 180، شرائع الاسلام: ج 1 ص 270.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 405 درس 105.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 467 ب 58 من أبواب الطواف.
475

أعادهما وسعيهما، ويحتمل إعادة واحد عما في ذمته (1).
قلت: والأول خيرة التذكرة (2). وقال الحلبي: في طواف المتعة إن كان فوته
لضرورة فحجه ماض على كل حال، وعليه قضاؤه بعد الفراغ من مناسك الحج،
وفي طواف الحج، فمن أخل به على حال بطل حجه ولزمه استئنافه من قابل (3).
ودليله ما مر في العمد حتى الخبران، فإن الجهالة تعم النسيان، والسؤال في الثاني
عن السهو وظاهره النسيان، وإنما رفع الإثم على الخطأ والنسيان، وإن سلم رفع
جميع أحكامهما، فهو أمر وراء الخروج عن عهدة النسك.
(و) على المشهور (يستنيب لو تعذر العود) للحرج وقبول الاستنابة،
فكذا الأبعاض، والاجماع على ما في الخلاف (4) والغنية (5). ولصحيح علي بن
جعفر سأل أخاه عليه السلام عن رجل نسي طواف الفريضة حتى قدم بلاده وواقع النساء
كيف يصنع؟ قال: يبعث بهدي إن كان تركه في حج يبعث به في حج، وإن كان تركه
في عمرة يبعث به في عمرة، وكل من يطوف عنه ما تركه من طواف (6). وهو نص
في تساوي العمرة والحج، كما يقتضيه إطلاق المصنف وابني سعيد (7).
واقتصر الأكثر عليه في طواف الحج، وحمله الشيخ في كتابي الأخبار (8) على
طواف النساء، كخبر معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن رجل نسي طواف
النساء حتى دخل أهله، فقال: لا يحل له النساء حتى يزور البيت، قال: يأمر أن
يقضى عنه إن لم يحج، فإن توفي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره (9).

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 405 درس 105.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 365 س 24.
(3) الكافي في الفقه: ص 195.
(4) الخلاف: ج 2 ص 363 المسألة 199.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 467 ب 58 من أبواب الطواف ح 1.
(7) الجامع للشرائع: ص 198، شرائع الاسلام: ج 1 ص 270.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 128 ذيل الحديث 421، الإستبصار: ج 2 ص 228 ذيل
الحديث 788.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 468 ب 58 من أبواب الطواف ح 6.
476

قال الشيخ: لأن من ترك طواف النساء ناسيا جاز له أن يستنيب غيره مقامه
في طوافه، ولا يجوز له ذلك في طواس الحج (1). وأوجب فمما إعادة الحج على
من نسي طوافه كالحلبي (2) للخبرين، فحملهما على النسيان، مع أن لفظ السائل في
ثانيهما: " رجل جهل أن يطوف بالبيت طواف الفريضة " والمراد بتعذر العود
امتناعه أو اشتماله على مشقة لا تتحمل عادة. قال الشهيد: ويحتمل أن يراد
بالقدرة استطاعة الحج المعهودة (3).
قلت: والخبر يعطي أن العود إلى بلاده يكفيه عذرا، ولكن الأصحاب اعتبروا
العذر احتياطا. هذا كله في الطواف كله.
أما إذا نسي بعضه حتى إذا رجع إلى بلده ففي الوسيلة (4) والجامع (5) أنه
يستنيب من يأتي به، وكذا النافع (6) والشرائع (7) والدروس (8) بشرط مجاوزة
النصف، ولم يشترط العذر أو مشقة الرجوع. وكذا الشيخ في النهاية (9)
والمبسوط (10) والجمل (11) والاقتصاد (92) والتهذيب (13) والصدوق في المقنع (14)
وابنا إدريس (15) والبراج (16) والمصنف في التحرير (17) والتذكرة (18) والمنتهى (19) في

(1) تهذيب الأحكام: ج چ 5 ص 128 ذيل الحديث 421، الإستبصار: ج 2 ص 228 ذيل الحديث 788.
(2) الكافي في الفقه: ص 195.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 404 درس 105.
(4) الوسيلة: ص 174.
(5) الجامع للشرائع: ص 198.
(6) المختصر النافع: ص 93.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 268.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 404 درس 105.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 503.
(10) المبسوط: ج 1 ص 357.
(11) الجمل والعقود (الرسائل العشر): ص 231.
(12) الإقتصاد: ص 303.
(13) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 109 ذيل الحديث 352.
(14) المقنع: ص 85.
(15) السرائر: ج 1 ص 572.
(16) المهذب: ج 1 ص 238.
(17) تحرير الأحكام: ج 1 ص 99 س 6.
(18) تذكرة الأحكام: ج 1 ص 364 س 22.
(19) منتهى الأحكام: ج 2 ص 697 س 25.
477

نسيان الشوط السابع خاصة، لصحيح الحسن بن عطية عن الصادق عليه السلام: إن
سليمان بن خالد سأله عمن طاف ستة أشواط، فقال: يطوف شوطا، قال سليمان:
فإن فاته ذلك حتى أتى أهله، قال: يأمر من يطوف عنه (1).
(ولو نسي طواف الزيارة) أي طواف الحج (وواقع بعد رجوعه إلى
أهله، فعليه بدنة والرجوع) إلى مكة (لأجله) كما في النهاية (2)
والمبسوط (3) والمهذب (4) والجامع (5)، لما مر من صحيح علي بن جعفر (6)، وهو يعم
طواف العمرة، ولذا أطلق ابن سعيد الطواف، ولكن لا يعين البدنة.
ولصحيح العيص سأل الصادق عليه السلام عن رجل واقع أهله حين ضحى قبل أن
يزور البيت، قال: يهريق دما (7). ولحسن معاوية بن عمار سأله عليه السلام عن متمتع وقع
على أهله ولم يزر، قال: ينحر جزورا، وقد خشيت أن يكون ثلم حجه إن كان
عالما، وإن كان جاهلا فلا بأس عليه (8)، لأنه بعمومه يشمل الناسي، فإن الظاهر
أن قوله عليه السلام: " إن كان عالما " قيد لثلم الحج، وأن البأس المنفي هو الثلم والإثم،
فإن النحر ليس من البأس في شئ.
وفي التهذيب (9) والتحرير (10) والمهذب (11) وجوب البدنة وإن لم يواقع،
لا طلاق ما مر من خبري علي بن يقطين وعلي بن أبي حمزة، وهذه الأخبار
الثلاثة تصلح مقيدة للهدي في صحيح علي بن جعفر.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 433 ب 32 من أبواب الطواف ح 1.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 506.
(3) المبسوط: ج 1 ص 359.
(4) المهذب: ج 1 ص 231.
(5) الجامع للشرائع: ص 198.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 467 ب 58 من أبواب الطواف ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 264 ب 9 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(8) المصدر السابق ح 1.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 127 ذيل الحديث 418.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 100 س 2.
(11) المهذب: ج 1 ص 223.
478

(وقيل) في النافع (1) والشرائع (2): (لا كفارة إلا على من واقع بعد
الذكر) وهو خيرة المختلف (3) والمنتهى (4) والدروس (5)، وهو عين ما في
السرائر (6) والتذكرة (7) من نفي الكفارة عن الناسي مطلقا لنصهما على
وجوبها بالوطئ قبل طواف الزيارة، وعبارات النهاية والمبسوط والجامع يمنع
عن الحمل على الوطئ بعد الذكر، ودليل هذا القول الأصل ورفع النسيان.
وقول الصادق عليه السلام في الخبر المتقدم: " لا بأس عليه " إن عممنا البأس وجعلنا
العلم قيد الجميع ما تقدمه.
وفي حسن معاوية بن عمار: ليس عليك فداء شئ أتيته وأنت جاهل به إذا
كنت محرما في حجك أو عمرتك إلا الصيد، فإن عليك الفداء بجهالة كان أو
عمدا (8). لكن صحيح علي بن جعفر المتقدم ظاهر في استمرار النسيان عند الوقاع.
(ولو نسي طواف النساء استناب) من يأتي به، أي يجوز له استنابة
اختيارا كما في الوسيلة (9) والجامع (10) والشرائع (11) والنافع (12) والتحرير (13)
والتذكرة (4 ا) والارشاد (15) والتلخيص (16)، يعنون إذا استمر النسيان إلى الرجوع إلى
أهله كما في النهاية (17) والسرائر (18) للحرج وصحيح معاوية بن عمار سأل

(1) المختصر النافع: ص 94.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 270.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 205.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 699 س 17.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 405 درس 105.
(6) السرائر: ج 1 ص 574.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 357 س 9.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 227 ب 31 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(9) الوسيلة: ص 174.
(10) الجامع للشرائع: ص 198.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 270.
(12) المختصر النافع: ص 95.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 100 س 3.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 366 س 5.
(15) إرشاد الأذهان: ص 326.
(16) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 335.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 506.
(18) السرائر: ج 1 ص 574.
479

الصادق عليه السلام عن رجل نسي طواف النساء حتى يرجع إلى أهله، قال: يرسل
فيطاف عنه (1). وصحيحه أيضا وحسنه سأله عليه السلام عن ذلك، فقال: يأمر من يقضي
عنه إن لم يحج (2). يعني عليه السلام - والله يعلم - أنه يستنيب إن لم يرد العود بنفسه.
وفي المنتهى المنع من الاستنابة إذا أمكنه الفعل بنفسه (3)، ويعطيه كلام
المبسوط (4) في موضع وكلامه قبله يعطي جواز اختيارا (5)، وكذا التذكرة (6)
والتحرير (7). والمنع أحوط وأقوى، لأصل عدم الانتقال إلى الغير وأصل بقاء
حرمة النساء.
وصحيح معاوية بن عمار: سأل الصادق عليه السلام عن رجل نسي طواف النساء
حتى أتى الكوفة، قال: لا يحل له النساء حتى يطوف بالبيت، قال: فإن لم
يقدر؟ قال: يأمر من يطوف عنه (8). وصحيحه أيضا: سأله عن رجل نسيه حتى
رجع إلى أهله، فقال عليه السلام: لا يحل له النساء حتى يزور البيت، فإن هو مات
فليقض عنه وليه أو غيره، فأما ما دام حيا فلا يصلح أن يقضى عنه، وإن نسي
الجمار فليسا بسواء، لأن الرمي سنة والطواف فريضة (9). والجمع بتقييد المطلق
أولى من حملها على الندب.
وقال الصادق عليه السلام في خبر إسحاق: لولا ما من الله به على الناس من طواف
الوداع لرجعوا إلى منازلهم، ولا ينبغي لهم أن يمسوا نسائهم (10). وقد يفهم منه
إغناء طواف الوداع عن طواف النساء، كما يحكى عن علي بن بابويه.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 468 ب 58 من أبواب الطواف ح 3.
(2) المصدر السابق ح 6.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 703 س 11.
(4) المبسوط: ج 1 ص 360.
(5) المبسوط: ج 1 ص 359.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 366 س 5.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 100 س 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 468 ب 58 من أبواب الطواف ح 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 467 ب 58 من أبواب الطواف ح 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 389 ب 2 من أبواب الطواف ح 3.
480

قال في المختلف: وفيه إشكال، فإن طواف الوداع عندنا مستحب، فكيف
يجزئ عن الواجب؟! قال: إن في إسحاق بن عمار قولا، ومع ذلك فهي - يعني
روايته - معارضة بغيرها من الروايات (1).
قلت: ويمكن اختصاصه بالعامة الذين لا يعرفون وجوب طواف النساء والمنة
على المؤمنين بالنسبة إلى نسائهم الغير العارفات، ويمكن أن يكون المراد أن
الاتفاق على فعل طواف الوداع سبب لتمكن الشيعة من طواف النساء، إذ لولاه
لزمتهم التقية بتركه غالبا.
(فإن مات) ولم يطف طواف النساء ولا استناب (قضاه) عنه (وليه)
بنفسه أو استناب عنه كما في النهاية (2) والسرائر (3) والجامع (4) والنافع (5)
(واجبا) كما هو ظاهر المبسوط (6)، لأنه أحد المناسك الواجبة التي تقبل
النيابة، وللأخبار كما مر. وقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: فإن هو مات
فليقض عنه وليه أو غيره (7). وللحلبي على ما في نوادر البزنطي: وإن مات قبل أن
يطاف عنه طاف عنه وليه (8).
(ويجب على المتمتع) في مجموع نسكيه (ثلاث طوافات: طواف عمرة
التمتع، وطواف الحج، وطواف النساء. وعلى القارن والمفرد) اللذين عليهما
النسكان (أربعة) طوافات، وهي هنا جمع طواف، وفيما قبله جمع طوافه
(طواف الحج وطواف النساء) فيه، (وطواف العمرة المفردة وطواف
النساء فيها، و) ذلك لأن (طواف النساء واجب في الحج والعمرة المبتولة)

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 203.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 506.
(3) السرائر: ج 1 ص 574.
(4) الجامع للشرائع: ص 198.
(5) المختصر النافع: ص 95.
(6) المبسوط: ج 1 ص 360.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 467 ب 5 من أبواب الطواف ح 2.
(8) السرائر (مستطرفات): ج 3 ص 562.
481

إجماعا كما في المنتهى (11) والتذكرة (2)، ولخبر إسماعيل بن رباح سأل أبا
الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة عليه طواف النساء؟ قال: نعم (3).
وصحيح محمد بن عيسى قال: كتب أبو القاسم مخلد بن موسى الرازي إلى
الرجل يسأله عن العمرة المبتولة هل على صاحبها طواف النساء؟ وعن التي يتمتع
بها إلى الحج، فكتب: أما العمرة المبتولة فعلى صاحبها طواف النساء، وأما التي
يتمتع بها إلى الحج فليس على صاحبها طواف النساء (4).
وخبر إبراهيم بن عبد الحميد، عن عمر أو غيره عن الصادق عليه السلام قال: المعتمر
يطوف ويسعى ويحلق، قال: ولا بد له من بعد الحلق من طواف آخر (5). وتوقيع
أبي الحسن موسى عليه السلام في الصحيح لإبراهيم بن أبي البلاد إذ سأله عن ذلك: نعم
هو واجب لا بد منه (6). وفي الدروس (7) وظاهر الجعفي: أن ليس في المنفرد طواف
النساء.
قلت: دليله الأصل، وضعف هذه الأخبار سندا، أو للكون توقيعا مع إضمار
الثاني. وصحيح صفوان بن يحيى قال: سأله أبو حارث عن رجل تمتع بالعمرة إلى
الحج وطاف وسعى وقصر هل عليه طواف النساء؟ قال: لا، إنما طواف النساء بعد
الرجوع من منى (8). ويجوز أن يراد إنما طواف النساء عليه.
وقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: إذا دخل المعتمر مكة من غير تمتع
وطاف بالبيت وصلى ركعتين عند مقام إبراهيم وسعى بين الصفا والمروة فليلحق

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 768 س 33.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 392 س 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 495 ب 82 من أبواب الطواف ح 8
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 493 ب 82 من أبواب الطواف ح 1.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 494 ب 82 من أبواب الطواف ح 5.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 408 درس 105.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 494 ب 82 من أبواب الطواف ح 6.
482

بأهله إن شاء (1). وليس نصا في وحدة الطواف، بل ظاهره طاف ما يجب عليه.
وخبر أبي خالد مولى علي بن يقطين إنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن مفرد العمرة
عليه طواف النساء؟ فقال: ليس عليه طواف النساء (2). وحمله الشيخ على من
اعتمر مفردا لم أراد التمتع بعمرة (3). وخبر يونس: ليس طواف النساء إلا على
الحاج (4). وهو مقطوع.
وطواف النساء واجب في الحج مطلقا والعمرة المبتولة (دون عمرة التمتع)
وفاقا للمشهور للأصل والأخبار، كصحيح محمد بن عيسى المتقدم.
وقول الصادق عليه السلام في صحيح منصور بن حازم: على المتمتع بالعمرة إلى
الحج ثلاثة أطواف بالبيت، ويصلي لكل طواف ركعتين وسعيان بين الصفا
والمروة (5). وعن بعض الأصحاب وجوبه فيها لاطلاق خبر إبراهيم بن عبد الحميد
المتقدم، ويقيده الأخبار.
ولقول الفقيه عليه السلام في خبر سليمان بن حفص المروزي: إذا حج الرجل فدخل
مكة متمتعا فطاف بالبيت وصلى ركعتين خلف المقام وسعى بين الصفا والمروة
وقصر فقد حل له كل شئ ما خلا النساء، لأن عليه لتحلة النساء طوافا وصلاة (6).
ويحتمله في حجه وإن أبعده الاقتصار على التقصير وذكره بعد السعي.
وفي المبسوط: وليس بواجب في العمرة، المتمتع بها إلى الحج على الأشهر
في الروايات (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 250 ب 9 من أبواب العمرة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 495 ب 82 من أبواب الطواف ح 9.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 254 ذيل الحديث 660.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 594 ب 82 من أبواب الطواف ح 10.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 156 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 9.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 495 ب 82 من أبواب الطواف ح 7.
(7) المبسوط: ج 1 ص 360.
483

وطواف النساء واجب (على الرجال والنساء) كما في النهاية (1)
والمبسوط (2) والنافع (3) والجامع (4) والشرائع (5) وغيرها، لعموم الأخبار،
وخصوص صحيح الحسين بن علي بن يقطين سأل أبا الحسن عليه السلام عن الخصيان
والمرأة الكبيرة أعليهم طواف النساء؟ قال: نعم عليهم الطواف كلهم (6). وقول
الصادق عليه السلام في خبر إسحاق بن عمار: لولا ما من الله به على الناس من طواف
الوداع لرجعوا إلى منازلهم، ولا ينبغي لهم أن يمسوا نساءهم، يعني لا تحل لهم
النساء حتى يرجع فيطوف بالبيت أسبوعا آخر بعد ما يسعى بين الصفا والمروة،
وذلك على النساء والرجال واجب (7). إن كان آخر الكلام من كلامه عليه السلام
ولاستصحاب الحرمة حتى يعلم المزيل.
وفي التذكرة (8) والمنتهى (9) الاجماع عليه، ولكن يأتي الاستشكال في توقف
حل الرجال لهن عليه.
(و) على (الصبيان) إجماعا كما في التذكرة (10) والمنتهى (11)، بمعنى أن
على الولي أمر المميز به والطواف بغير المميز، فإن لم يفعلوه حرم عليهم إذا بلغوا
حتى يفعلوه أو يستنيبوا فيه استصحابا إلا على عدم توقف حلهن عليه.
(و) على (الخناثى) لأنهم إما رجال أو نساء (والخصيان) إجماعا
كما في التذكرة والمنتهى، ولما سمعته من العموم، وصحيح ابن يقطين، ولأن من
شأنهم الاستمتاع بالنساء مع حرمته عليهم بالاحرام فيستصحب، مع أن وجوبه

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 536.
(2) المبسوط: ج 1 ص 360.
(3) المختصر النافع: ص 95.
(4) الجامع للشرائع: ص 201.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 271.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 389 ب 2 من أبواب الطواف ح 1.
(7) المصدر السابق ح 3.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 391 السطر الأخير.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 768 س 27.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 391.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 768 س 27.
484

غير معلل به، ولذا يجب قضاؤه عن الميت كما مر.
قال الشهيد: وليس طواف النساء مخصوصا بمن يغشى النساء إجماعا،
فيجب على الخصي والمرأة والهم ومن لا إربة له في النساء (1). والمراد ما يعم
المجبوب، بل المقصود أولا من عبارات الأصحاب والسائل في الخبر هو الذي لا
يتمكن من الوطئ (وهو) بأصل الشرع (متأخر عن السعي للمتمتع
وغيره) لا يعرف فيه خلافا، والنصوص ناطقة به.
(فإن قدمه) عليه (ساهيا أجزاء) كما في النهاية (2) والمبسوط (3)
والمهذب (4) والسرائر (5) والجامع (6) والنافع (7) والشرائع (8) والوسيلة (9) لأصل
البراءة، ويعارضه أصل البقاء على الذمة وحرمة النساء، ولخبر سماعة سأل
الكاظم عليه السلام عن الرجل طاف طواف الحج وطواف النساء قبل أن يسعى بين
الصفا والمروة، فقال: لا يضره، يطوف بين الصفا والمروة وقد فرغ من حجه (10).
وهو مع الضعف يحتمل أن يراد أن طواف النساء ليس من أجزاء الحج وإن وجب.
وفي الدروس: إنه مطلق لم يقيد بالسهو (11). وكأنه إشارة إلى احتمال الاجزاء
وإن تعمد التقديم، وإنما يتم مع الجهل.
(وإلا) يكن ساهيا في التقديم (فلا) يجزئ. أما العالم فلأنه لا يتصور
منه التعبد والتقرب به، وأما الجاهل فلما عرفت من أصلي البقاء على الذمة وبقاء
النساء على الحرمة.

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 457 درس 115.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 508.
(3) المبسوط: ج 1 ص 359.
(4) المهذب: ج 1 ص 239.
(5) السرائر: ج 1 ص 576.
(6) الجامع للشرائع: ص 199.
(7) المختصر النافع: ص 95.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 271.
(9) الوسيلة: ص 174.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 475 ب 65 من أبواب الطواف ح 2.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 408 درس 105.
485

(إلا مع الضرورة كالمرض وخوف الحيض) كما في الوسيلة (1)
والجامع (2) والشرائع (3) لانتفاء العسر والحرج، وخبر سماعة. ويؤيده جواز تقديمه
على الموقفين للضرورة، ويحتمل العدم لأصول عدم الاجزاء مع مخالفة الترتيب،
وبقائه على الذمة، وبقائهن على الحرمة، مع ضعف الخبر، واندفاع الحرج
بالاستنابة، وسكوت أكثر الأصحاب عنه. ومنع ابن إدريس من تقديمه على
الموقفين (4).
(وغير طواف النساء) وهو طواف العمرة والحج (متقدم على السعي)
بالاجماع والنصوص (5)، (فإن عكس) عمدا أو جهلا أو سهوا أو ضرورة
(أعاد سعيه) للأصول من غير معارض، والأخبار، كمن قدم في الوضوء غسل
الشمال على اليمين، كما نص عليه في خبر منصور عن الصادق عليه السلام (6)، فإن كان
العكس سهوا ولم يمكنه الإعادة استناب كما يأتي.
وأجاز الشهيد العكس ضرورة (7). وفي خبر منصور، عن الصادق عليه السلام: إن
عليه دما إذا فاته الإعادة (8)، وتقدم حكم تقديمه على بعض الطواف.
(ويجب على المتمتع تأخير طواف الحج وسعيه عن الموقفين ومناسك
منى يوم النحر) بالنصوص (9)، وإجماع العلماء كافة كما في المعتبر (10)
والمنتهى (11) والتذكرة (12)، وكذا طواف النساء لأنه بعدهما.

(1) الوسيلة: ص 174.
(2) الجامع للشرائع: ص 199.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 271.
(4) السرائر: ج 1 ص 575.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 472 ب 62 من أبواب الطواف.
(6) المصدر السابق ح 1.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 408 درس 105.
(8) وسائل الشيعة ج 9 ص 472 ب 63 من أبواب الطواف ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 202 ب 13 من أبواب أقسام الطواف.
(10) المعتبر: ج 2 ص 794.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 708 س 26.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 367 س 40.
486

(ولا يجوز له تقديمه، أي شئ من ذلك (إلا لعذر)، وفي موضع من
التذكرة: وردت رخصة في جواز تقديم الطواف والسعي على الخروج إلى منى
وعرفات، وبه قال الشافعي لما رواه العامة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: من قدم شيئا قبل
شئ فلا حرج. ومن طريق الخاصة رواية صفوان بن يحيى الأزرق أنه سأل أبا
الحسن عليه السلام عن امرأة تمتعت بالعمرة إلى الحج ففرغت من طواف العمرة وخافت
الطمث قبل يوم النحر يصلح لها أن تعجل طوافها طواف الحج قبل أن تأتي منى؟
قال: إذا خافت أن تضطر إلى منى فعلت. إذا ثبت هذا، فالأولى التقييد للجواز
بالعذر (1)، انتهى.
وهو يعطي احتمال جوازه مطلقا، وقول الشافعي به.
وقال الشيخ في الخلاف: روى أصحابنا رخصة في تقديم الطواف والسعي
قبل الخروج إلى منى وعرفات، والأفضل أن لا يطوف طواف الحج إلى يوم النحر
إن كان متمتعا (2). وهو أصرح في الجواز مع احتماله عند الضرورة، كما فهمه ابن
إدريس (3) أي الأفضل مع العذر التأخير.
وأما مع العذر (كالمرض) المضعف عن العود (وخوف الحيض والزحام
للشيخ العاجز) ومن بحكمه فيجوز تقديم طواف الحج وسعيه وفاقا للمشهور
للحرج والأخبار، كصحيح جميل وابن بكير سألا الصادق عليه السلام عن التمتع يقدم
طوافه وسعيه في الحج، فقال: هما سيان قدمت أو أخرت (4). وقوله عليه السلام في خبر
إسماعيل بن عبد الخالق: لا بأس أن يعجل الشيخ الكبير والمريض والمرأة
المعلول طواف الحج قبل أن يخرج إلى منى (5).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 391 س 27.
(2) الخلاف: ج 2 ص 350 المسألة 175.
(3) السرائر: ج 1 ص 575.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 202 ب 13 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 203 ب 13 من أبواب أقسام الحج ح 6.
487

وفي حسن الحلبي ومعاوية بن عمار: لا بأس بتعجيل الطواف للشيخ الكبير
والمرأة تخاف الحيض قبل أن تخرج إلى منى (1). وخبر إسحاق بن عمار: سأل أبا
الحسن عليه السلام عن المتمتع إذا كان شيخا كبيرا أو امرأة تخاف الحيض تعجل طواف
الحج قبل أن يأتي منى؟ فقال: نعم من كان هكذا يعجل (2).
وحكى ابن زهرة الاجماع على التقديم على الحلق يوم النحر للضرورة (3).
وخالف ابن إدريس فلم يجز التقديم مطلقا (4) للأصل، واندفاع الحرج بحكم
الاحصار، وهو إطراح للأخبار الكثيرة الخالية عن المعارض.
وهل يجوز تقديم طواف النساء للضرورة؟ في التحرير (5) والتذكرة (6)
والمنتهى (7) الجواز وفاقا للمشهور، لقول الكاظم عليه السلام في صحيح ابن يقطين: لا
بأس بتعجيل طواف الحج وطواف النساء قبل الحج يوم التروية قبل خروجه إلى
منى (8). وكذلك لا بأس لمن خاف أمر إلا تهيأ الانصراف إلى مكة أن يطوف
ويودع البيت ثم يمر كما هو من منى إذا كان خائفا.
وخلافا لابن إدريس (9) فلم يجزه للأصل واتساع وقته، وللرخصة في
الاستنابة فيه، وخروجه عن إجزاء المنسك.
وخبر علي بن أبي حمزة قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يدخل مكة
ومعه نساء وقد أمرهن فتمتعن قبل التروية بيوم أو يومين أو ثلاثة، فخشي على
بعضهن الحيض، فقال: إذا فرغن من متعتهن وأحللن فلينظر إلى التي يخاف عليها

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 203 ب 13 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 204 ب 13 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 4.
(4) السرائر: ج 1 ص 575.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 100 س 26.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 367 س 41.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 709 س 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 473 ب 64 من أبواب الطواف ح 1.
(9) السرائر: ج 1 ص 575.
488

الحيض فيأمرها فتغتسل وتهل بالحج من مكانها، ثم تطوف بالبيت وبالصفا
والمروة، فإن حدث بها شئ قضت بقية المناسك وهي طامث. قال، فقلت: أليس
قد بقي طواف النساء؟ قال: بلى. قلت: فهي مرتهنة حتى تفرغ منه؟ قال: نعم. قلت:
فلم لا يتركها حتى تقضي مناسكها؟ قال: يبقى عليها منسك واحد أهون عليها من
أن يبقى عليها المناسك كلها مخافة الحدثان. قلت: أبى الجمال أن يقيم عليها
والرفقة، قال: ليس لهم ذلك، تستعدي عليهم حتى يقيم عليها حتى تطهر وتقضي
مناسكها (1).
وعموم قوله عليه السلام لإسحاق بن عمار: إنما طواف النساء بعد أن يأتي منى (2).
وتردد المحقق في النافع فقال: إن فيه روايتين، أحدهما الجواز (3).
(ويكره) كما في الشرائع (4) تقديم طواف الحج وسعيه (للقارن
والمفرد) أما الجواز ففي المعتبر: إن عليه فتوى الأصحاب (5)، وفي الغنية:
الاجماع عليه (6)، ويؤيده الأصل والأخبار كأخبار حجة الوداع (7).
وخبر زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام عن المفرد للحج يدخل مكة يقدم طوافه أو
يؤخره؟ قال: سواء (8). وخبر حماد بن عثمان: سأل الصادق عليه السلام عن مفرد الحج
أيعجل طوافه أو يؤخره؟ فقال: هو والله سواء عجله أو أخره (9).
واعترض في المنتهى (10) كالمعتبر (11) باحتمال إرادة التعجيل بعد مناسك منى

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 474 ب 64 من أبواب الطواف ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 205 ب 14 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(3) المختصر النافع: ص 95.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 271.
(5) المعتبر: ج 2 ص 793.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 6.
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 157 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 14.
(8) وسائل الشيعة: ج 8 ص 204 ب 14 من أبواب أقسام الحج ح 2.
(9) المصدر السابق ح 1.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 709 س 11.
(11) المعتبر: ج 2 ص 794.
489

قبل انقضاء أيام التشريق وبعده. وأجابا بخبر البزنطي، عن عبد الكريم، عن أبي
بصير، عن الصادق عليه السلام قال: إن كنت أحرمت بالمتعة فقدمت يوم التروية فلا متعة
لك، فاجعلها حجة مفردة تطوف بالبيت وتسعى بين الصفا والمروة، ثم تخرج إلى
منى ولا هدي عليك. وخبر إسحاق بن عمار سأل الكاظم عليه السلام عن المفرد بالحج
إذا طاف بالبيت وبالصفا والمروة أيعجل طواف النساء؟ قال: لا، إنما طواف النساء
بعد أن يأتي منى.
قلت: وروى الشيخ نحوا من خبر البزنطي مسندا إلى موسى بن عبد الله: سأل
الصادق عليه السلام عن مثل ذلك، إلا أنه ذكر أنه قدم ليلة عرفة (1).
وأما الكراهية فلخبر زرارة قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن مفرد الحج يقدم.
طوافه أو يؤخره؟ قال: يقدمه، فقال رجل إلى جنبه: لكن شيخي لم يفعل ذلك، كان
إذا قدم أقام بفخ حتى إذا رجع الناس إلى منى راح معهم، فقلت له: من شيخك؟
فقال: علي بن الحسين عليه السلام، فسألت عن الرجل فإذا هو أخو علي بن
الحسين عليه السلام لأمه (2). ويشكل بحجة الوداع فإنها حجة عليها بناء المناسك، وفيها
قال النبي صلى الله عليه وآله: خذوا عني مناسككم، والاحتجاج بالخبر مع الضعف على عدم
الكراهية أوجه منه على الكراهية.
وفي الخلاف (3) والنهاية: إن لهما التأخير إلى أي وقت شاء والتعجيل
أفضل (4). وهو مطلق يحتمل التقديم على الوقوفين.
وأنكر ابن إدريس التقديم (5) للأصل، والاحتياط للاجماع على الصحة مع
التأخير، لا للاجماع على وجوب التأخير، كما في المنتهى (6)، ولأن الشيخ حكى

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 173 ح 581.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 204 ب 14 من أبواب أقسام الحج ح 3.
(3) الخلاف: ج 2 ص 350 المسألة 175.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 534.
(5) السرائر: ج 1 ص 575.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 709 س 8.
490

الاجماع على جوازه كما فيه. وفي المختلف (1) والمعتبر (2).
ثم في النافع (3) وشرحه أن عليهما إذا كان قدما الطواف التلبية بعده (4) قال في
النافع: وإلا أحلا (5). وفي شرحه: وإلا انقلبت حجتها عمرة (6). وبه قال الشيخ في
النهاية (7) والمبسوط (8)، وحكي ذلك في التذكرة (9) والمنتهى (10) أيضا عن الشيخ،
وليس في النهاية والمبسوط إلا أن المفرد إذا أراد العدول إلى التمتع فطاف قبل
الوقوف لم يلب، وإلا بقي على حجه، وقد مر تطوعا (11)، وهو غير ما حكي عنه.
نعم فيهما: أن القارن إذا دخل مكة فأراد الطواف تطوعا كان له ذلك، ولبى
عند فراغه من الطواف ليعقد إحرامه بالتلبية، وإلا أحل وصارت حجته عمرة، مع
أنه ليس له أن يحل حتى يبلغ الهدي محله. ونحوهما المهذب (12) إلا أن فيه:
ويستحب للمفرد تجديد التلبية عند كل طواف، وليس فيهما ذلك إثباتا ولا نفيا.
وإنما فيهما أنه كالقارن في المناسك (13)، وليس نصا في التلبية عند الطواف. ألا
ترى المفيد حكم به مع نصه على اختلافهما فيهما كما ستسمع كلامه. نعم فيهما
أنه لا يجوز لهما قطع التلبية إلى زوال عرفة (14).
وروى في التهذيب في الحسن، عن معاوية بن عمار أنه سأل الصادق عليه السلام
عن المفرد بالحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟ قال: نعم ما شاء، ويجدد
التلبية بعد الركعتين والقارن بتلك المنزلة يعقد أن ما أحلا من الطواف بالتلبية. ثم

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 35.
(2) المعتبر: ج 2 ص 795.
(3) المختصر النافع: ص 80.
(4) المعتبر: ج 2 ص 795.
(5) المختصر النافع: ص 80.
(6) المعتبر: ج 2 ص 795.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 464.
(8) المبسوط: ج 1 ص 311.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 368 س 4.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 709 س 15.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 464، والمبسوط: ج 1 ص 311.
(12) المهذب: ج 1 ص 210.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 465، والمبسوط: ج 1 ص 311.
(14) المبسوط: ج 1 ص 317، النهاية ونكتها: ج 1 ص 472.
491

قال: وفقه هذا الحديث أنه رخص للقارن والمفرد أن يقدما طواف الزيارة قبل
الوقوف بالموقفين، فمتى فعلا ذلك فإن لم تجدد التلبية يصيرا محلين ولا يجوز
ذلك، ولأجله أمر المفرد والسابق بتجديد التلبية عند الطواف، مع أن السابق لا
يحل وإن كان قد طاف لسياقه الهدي. روى ذلك محمد بن يعقوب، عن محمد بن
يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ابن بكير، عن
زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل
أحب أو كره. وعنه عن أحمد بن الحسن بن علي، عن يونس بن يعقوب، عمن
أخبره، عن أبي الحسن عليه السلام قال: ما طاف بين هذين الحجرين الصفا والمروة أحد
إلا أحل إلا سائق هدي (1).
قلت: وكأنه يريد بقوله: " مع أن السائق لا يحل " أنه لا يجوز له أن يحل، إذ
ليس له العدول إلى العمرة كالمفرد. ولقوله: " ولا يجوز ذلك " أنه لا يجوز لهما
الاحلال إذا لم يريدا العدول.
قال فخر الاسلام في شرح الإرشاد: حج القران يلزم بالشروع فيه، فلا يتحقق
الاحلال سواء لبى أو لا.
وقال ابن إدريس: كيف يدخل في كونه محلا، وكيف يبطل حجته وتصير
عمرة، ولا دليل على ذلك من كتاب ولا سنة مع قول الرسول صلى الله عليه وآله الأعمال
بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى (2).
قلت: السنة الدالة عليه ما سمعته وما تسمعه الآن، وهو صحيح.
ثم استدل الشيخ على جواز تقديم الطواف للمفرد بما مر من خبري زرارة
وخبر حماد بن عثمان. ثم قال: فأما الذي يدل على ما ذكرناه من أن تجديد التلبية
إنما أمر به لئلا يدخل الانسان في أن يكون محلا، ما رواه محمد بن يعقوب، عن

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 44 ذيل الحديث 131 و ح 132 و 133.
(2) السرائر: ج 1 ص 525.
492

أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن عبد الرحمن بن
الحجاج قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أريد الجواز بمكة فكيف أصنع؟ فقال:
إذا رأيت الهلال - هلال ذي الحجة - فاخرج إلى الجعرانة فاحرم منها بالحج. قلت:
فكيف أصنع إذا دخلت مكة أقيم إلى يوم التروية ولا أطوف بالبيت؟ فقال: تقيم
عشرا لا تأتي الكعبة، إن عشرا لكثير، إن البيت ليس بمهجور، ولكن إذا دخلت
فطف بالبيت واسع بين الصفا والمروة، فقلت له: أليس كل من طاف بالبيت وسعى
بين الصفا والمروة فقد أحل، فقال: إنك تعقد بالتلبية. ثم قال: كلما طفت طوافا
وصليت ركعتين فاعقد بالتلبية (1)، انتهى.
وفي المقنعة: وعليه - يعني القارن - طوافان بالبيت وسعي واحد بين الصفا
والمروة، ويجدد التلبية عند كل طواف. وأما الافراد فهو أن يهل الحاج من ميقات
أهله بالحج مفردا ذلك من السياق والعمرة أيضا، وليس عليه هدي ولا تجديد
التلبية عند كل طواف (2). ونحوها جمل العلم والعمل (3)، ونحوهما المراسم (4)، إلا
في النص على أنه لا تجديد على المفرد. ولم يقيد الطواف بالمندوب ولا بالمقدم
على الموقفين.
وفي موضع من المبسوط: ويستحب لهما تجديد التلبية عند كل طواف (5).
ونحوه الجمل والعقود (6) والجامع (7)، وفي السرائر عند كل طواف مندوب يفعلانه
قبل الوقوف (8).
(ولمن طاف) طواف حج أو عمرة (تأخير السعي ساعة) كما في

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 45 ذيل الحديث 133 و ح 134 - 137.
(2) المقنعة: ص 391.
(3) جمل العمل والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 64.
(4) المراسم: ص 103 و 104.
(5) المبسوط: ج 1 ص 308.
(6) الجمل والعقود: ص 131.
(7) الجامع للشرائع: ص 180.
(8) السرائر: ص 522.
493

النهاية (1) والمبسوط (2) والسرائر (3) والتهذيب (4) للأصل والأخبار، كصحيح ابن
مسلم سأل أحدهما عليه السلام عن رجل طاف بالبيت فأعيا، أيؤخر الطواف بين الصفا
والمروة؟ فقال: نعم (5). ولأنه لا يجب توالي أشواطه فبينه وبين الطواف أولى،
بل يجوز التأخير إلى الليل كما في صحيح ابن سنان سأل الصادق عليه السلام عن الرجل
يقدم مكة وقد اشتد عليه الحر فيطوف بالكعبة ويؤخر السعي إلى أن يبرد، فقال:
لا بأس به وربما فعلته، قال: وربما رأيته يؤخر السعي إلى الليل (6).
(ولا يجوز) تأخيره (إلى الغد) كما نص عليه في التهذيب (7)
والنهاية (8) والمبسوط (9) والسرائر (10) والوسيلة (11) والجامع (12) والنافع (13)، لصحيح
ابن مسلم سأل أحدهما عليه السلام عن رجل طاف بالبيت فأعيا أيؤخر الطواف بين
الصفا والمروة إلى غد؟ فقال: لا (14).
ثم إنهم وإن أطلقوا النهي عن التأخير إلى الغد ووافقهم المصنف في غيره،
لكنهم إنما يريدونه (مع القدرة) لاستحالة التكليف بما لا يطاق، ويجزئ مع
التأخير الجائز والمحرم ما كان في الوقت، للأصل بلا معارض.
وفي الشرائع: من طاف كان بالخيار في تأخير السعي إلى الغد، ثم لا يجوز مع
القدرة (15). وظاهره جواز تأخيره حتى يفعله في الغد اختيارا، وهو خلاف المشهور

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 507.
(2) المبسوط: ج 1 ص 359.
(3) السرائر: ج 1 ص 574.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 128 ذيل الحديث 422.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 471 ب 60 من أبواب الطواف ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 470 ب 60 من أبواب الطواف ح 1.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 128 ذيل الحديث 422.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 507.
(9) المبسوط: ج 1 ص 359.
(10) السرائر: ج 1 ص 574.
(11) الوسيلة: ص 174.
(12) الجامع للشرائع: ص 202.
(13) مختصر النافع: ص 92.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 471 ب 60 من أبواب الطواف ح 3.
(15) شرائع الاسلام: ج 1 ص 270.
494

المنصوص، ويمكن تنزيله عليه.
(ولا يجوز لبس البرطلة) بضم الموحدة والطاء المهملة وسكون الراء
المهملة بينهما ولام خفيفة أو شديدة، (في طواف العمرة ولا في طواف الحج مع
تقديمه) على الوقوف وفاقا لابن إدريس (1) وإن قصره على العمرة بناء على أنه
لا يجوز التقديم، وذلك لحرمة ستر الرأس على المحرم والطواف صحيح، للأصل،
وعدم توجه النهي إليه إلا في خبر الحنظلي الضعيف الآتي.
ويكره لبسها في طواف يخلو عن الاحرام كما في النافع (2) وفي السرائر (3)
والمنتهى (4) والمختلف (5) والتذكرة (6) وإن اقتصر منها على طواف الحج
المتأخر عن الوقوفين، وهي كما في العين (7) والمحيط والقاموس: المظلة
الصيفية (8).
قال الجوالقي: إنها كلمة نبطية وليست من كلام العرب، قال: قال أبو حاتم:
قال الأصمعي: البربر والنبط يجعلون الظاء طاء ألا تراهم يقولون: الناظور، وإنما
هو الناطور فكأنهم أرادوا ابن الظل.
وقال ابن جني في سر الصناعة: إن النبط يجعلون الظاء طاء، ولهذا قالوا:
البرطلة، وإنما هو ابن الظل. وحكى الأزهري في التهذيب (9) أيضا قولا بأنها ابن
الظلة، وفي بعض القيود والشروح أنها تلبس قديما.
وأطلق في المبسوط (10) والمهذب النهي عن لبسها (11)، وفي النهاية: إنه لا

(1) السرائر: ج 1 ص 576.
(2) المختصر النافع: ص 95.
(3) السرائر: ج 1 ص 576.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 702 س 34.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 186.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 365 س 40.
(7) العين: ج 7 ص 471 مادة " برطل ".
(8) قاموس المحيط: ج 3 ص 334 (مادة برطل).
(9) تهذيب اللغة: ج 14 ص 56 مادة " برطل ".
(10) المبسوط: ج 1 ص 359.
(11) المهذب: ج 1 ص 232.
495

يجوز (1)، لاطلاق قول الصادق عليه السلام في خبر زياد بن يحيى الحنظلي: لا تطوفن
بالبيت وعليك برطلة (2). وفي التهذيب إطلاق الكراهية (3) للأصل، وظاهر
قوله عليه السلام ليزيد بن خليفة: قد رأيتك تطوف حول الكعبة وعليك برطلة لا تلبسها
حول الكعبة فإنها من زي اليهود (4)، مع ضعف الخبر الأول واحتماله الكراهية.
(ولو نذر الطواف على أربع فالأقوى بطلان النذر) كما في السرائر (5)،
لأنه نذر هيئة غير مشروعة. وهل الباطل الهيئة خاصة أو الطواف رأسا؟ تحتملها
عبارة السرائر والكتاب وغيرهما، والأول الوجه كما في المنتهى (6)، فعليه طواف
واحد على رجليه، إلا أن ينوي عند النذر أنه لا يطوف إلا على هذه الهيئة فيبطل
رأسا.
وفي التهذيب (7) والنهاية (8) والمبسوط (9) والمهذب (10) والجامع: إن عليه
طوافين (11)، لقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر السكوني وأبي الجهم: في امرأة
نذرت كذلك أنها: تطوف أسبوعا ليديها وأسبوعا لرجليها (12). والخبران ضعيفان.
قال المحقق: وربما قيل بالأول - يعني هذا القول - إذا كان الناذر امرأة
اقتصارا على مورد النقل (13).

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 508.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 477 ب 67 من أبواب الطواف ح 1.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 134 ذيل الحديث 441.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 477 ب 67 من أبواب الطواف ح 2.
(5) السرائر: ج 1 ص 576.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 703 س 2.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 445135.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 508.
(9) المبسوط: ج 1 ص 360.
(10) المهذب: ج 1 ص 231.
(11) الجامع للشرائع: ص 200.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 478 ب 70 من أبواب الطواف ح 1 و 2.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 271.
496

وفي المنتهى: ومع سلامة هذين الحديثين من الطعن في السند ينبغي الاقتصار
على موردهما وهو المرأة، ولا يتعدى الرجل. وقول ابن إدريس أنه نذر في غير
مشروع ممنوع، إذ الطواف عبادة يصح نذرها. نعم الكيفية غير مشروعة، ونمنع
أنه يبطل نذر الفعل عند بطلان نذر الصفة. وبالجملة فالذي ينبغي الاعتماد عليه
بطلان النذر في حق الرجل والتوقف في حق المرأة، فإن صح سند هذين الخبرين
عمل بموجبهما، وإلا بطل كالرجل (1)، انتهى.
وفي الدروس: لو عجز عن المشي إلا على أربع فالأشبه فعله، ويمكن تعين
الركوب لثبوت التعبد به اختيارا (2)، انتهى. والظاهر فرضه في مطلق من عليه
طواف لا خصوص الناذر، ومنشأ التردد من إبانة الخبرين والفتاوى أن الهيئة غير
مشروعة والركوب مشروع اختيارا، ففي الضرورة أولى. ومن احتمال اختصاص
عدم مشروعيته بالمختار، ويحتمل فرضه في الناذر له على أربع، وبناء الوجهين
على بطلان الهيئة دون الطواف.
وفيه أيضا: ولو تعلق نذره بطواف النسك فالأقرب البطلان، وظاهر القاضي
الصحة، ويلزمه طوافان (3).

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 703 س 1.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 393 درس 103.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 393 درس 103.
497