الكتاب: كشف اللثام (ط.ج)
المؤلف: الفاضل الهندي
الجزء: ٣
الوفاة: ١١٣٧
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٦
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

كشف اللثام
عن قواعد الأحكام
تأليف
الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني
المعروف ب‍ (الفضل الهندي)
1062 - 1137 ه‍
الجزء الثالث
تحقيق
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

كشف اللثام عن قواعد الأحكام
(ج 3)
تأليف: محمد بن الحسن الأصفهاني المعروف ب‍ " الفاضل الهندي "
تحقيق: مؤسسة النشر الاسلامي
الموضوع: فقه
عدد الأجزاء 15 جزء
الطبعة: الأولى
المطبوع: 1000 نسخة
التاريخ: 1416 ه‍.
2

بسم الله الرحمن الرحيم
(كتاب الصلاة)
والمراد بها ذات الركوع والسجود والقراءة، ولذا لم
يذكر فيه صلاة الأموات وإن كانت من الصلاة لغة أو
شرعا أو اصطلاحا، فإن وقوع قولها عليها على كل إما
بالاشتراك أو التجوز.
(ومقاصده أربعة:
3

(الأول)
(في المقدمات)
أي الأمور التي يلائمها التقديم على ذكر أفعالها
(وفيه فصول) ستة:
5

(الأول)
(في أعدادها)
(الصلاة إما واجبة أو مندوبة) وكل منهما إما بأصل الشرع كاليومية -
فرائضها ونوافلها - والجمعة، والعيدين، وصلاة الطواف، أو بسبب من المكلف
كالملتزمات، وصلاة الاستخارات والحاجات، أو لا منه كصلاة الآيات، وصلاة
الشكر والاستسقاء، ويمكن إدخاله في الحاجات.
ومنها: ما تجب تارة وتستحب أخرى كصلاة العيدين وصلاة الطواف.
ومنها: ما تجب تارة وتحرم أخرى، أو تجب تارة عينا وأخرى تخييرا،
وهي الجمعة على الخلاف.
(فالواجبات) على الجملة [(تسع: الفرائض اليومية)] (1) أداء وقضاء،
ولو كان قضاء الولي عن الميت، وغلب اليوم على الليل، أو النسبة على النسبة.
(و) منها: (الجمعة) وهي خمس.
(و) السادسة: (العيدان) أي صلاتهما - بحذف المضاف - وتبعد تسمية
صلاتهما بهما (2)، ولذا تراه يقول

(1) ما بين المعقوفين ساقط من ع.
(2) في ب وع (بهما الطواف).
7

فيما بعد: [الفصل الثاني في صلاة العيدين، وكذا
صلاة الكسوف بخلاف الجمعة، فإن الظاهر تسمية الصلاة بها، ولذا تراه يقول
فيما بعد] (1): الأول في الجمعة.
(و) السابعة: صلاة (الكسوف، والزلزلة، والآيات).
(و) الثامنة: صلاة (الطواف [والأموات] (2)) الواجب.
(و) التاسعة: (المنذور وشبهه) منها، أو صلاة المنذور وشبهه، على أن
يكون المنذور مصدرا، أو الإضافة إضافة الخاص إلى العام، أو الصلاة المنذور،
والتذكير لكون الصلاة مصدرا.
وصلاة الاحتياط: إما من شبهة أو من اليومية، والواجبة بالاستئجار إما منه
أو من اليومية أو صلاة الآيات أو الطواف.
ثم ما فعلناه في جعل المذكورات تسعا هو الصواب، لكن لا يلائمه ظاهر ما
بعده، فإن ظاهره أن اليومية واحدة والثانية الجمعة، والكسوف والزلزلة والآيات
ثلاث، ثم العيدان اثنتان والمنذور وشبهه واحدة، أو بالعكس، ولا يخفى ما فيه.
(والمندوب ما عداه) خلافا لأبي حنيفة، فأوجب الوتر (3).
(والفرائض اليومية خمس:) أولاها (الظهر) كما نطقت به الأخبار،
وهي في غير الجمعة المستجمعة لشرائط وجوب صلاتها (أربع ركعات، ثم
العصر) وهي (كذلك) في كل يوم.
(ثم المغرب ثلاث ركعات، ثم العشاء كالظهر، ثم الصبح ركعتان) ثم
إنها إما بتقدير المضاف، أو اشتركت في الاصطلاح بين الأوقات وصلواتها.
(وتنتصف الرباعيات خاصة) اتفاقا وجوبا عندنا، ورخصة عند أكثر
العامة (في السفر) وفي الخوف على خلاف يأتي.
(والنوافل الراتبة) اليومية في الحضر (أربع وثلاثون ركعة)

(1) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من النسخ المعتمدة، وما أثبتناه من القواعد.
(3) الفتاوى الهندية: ج 1 ص 110.
8

بالنصوص والاجماع كما في الإنتصار (1) والخلاف (2).
وفي المختلف: أنه لم نقف فيه على خلاف (3). وفي الذكر: لا نعلم فيه مخالفا
من الأصحاب، وفيه أيضا: أن البزنطي لم يذكر الوتيرة (4). وفي الشرائع (5) والنافع:
أنه الأشهر (6)، وكأنه المراد في الرواية، فإنه بأقل منها أخبارا حملت
على الأفضل.
(ثمان للظهر بعد الزوال قبلها، وثمان للعصر قبلها) كما في المقنعة (7)
والمقنع (8) والمهذب (9) والإصباح (10) والإشارة (11) والنافع (12) لما في علل
الصدوق: إن عبد الله بن سنان سأل الصادق عليه السلام لأي علة أوجب رسول الله صلى الله عليه وآله
صلاة الزوال ثمان قبل الظهر، وثمان قبل العصر؟ فقال عليه السلام: لتأكيد الفرائض، لأن
الناس لو لم يكن إلا على أربع ركعات الظهر لكانوا مستخفين بها، حتى كان
يفوتهم الوقت، فلما كان شئ غير الفريضة أسرعوا إلى ذلك لكثرته، وكذلك
الذي من قبل العصر ليسرعوا (13) إلى ذلك لكثرته (14).
وقد يرشد إليه ما في العيون من قول الرضا عليه السلام فيما كتبه إلى المأمون: ثمان
ركعات قبل فريضة الظهر، وثمان ركعات قبل فريضة العصر (15).
ومعظم الأخبار في المصنفات خالية عن التعيين للصلاة، وإنما فيها ثمان قبل

(1) الإنتصار: ص 50.
(2) الخلاف: ج 1 ص 525 المسألة 226.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 325.
(4) ذكرى الشيعة: ص 112 س 26 و 33.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 60.
(6) المختصر النافع: ص 21.
(7) المقنعة: ص 90.
(8) المقنع: ص 27.
(9) المهذب: ج 1 ص 67 -.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 608.
(11) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 121 س 14.
(12) المختصر النافع: ص 21.
(13) في ب: (أسرعوا).
(14) علل الشرائع: ج 2 ص 8 32 ح 3.
(15) عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 121.
9

الظهر وثمان بعدها، ولعله لذلك قيل: إن الست عشرة كلها للظهر، كما حكاه
الراوندي (1)، وهو صريح الهداية (2)، وظاهر الجامع (3). وعن أبي علي: إن للعصر
منها ركعتين والباقية للظهر (4).
ويؤيده قول الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن خالد: صلاة النافلة ثمان ركعات
حين تزول الشمس قبل الظهر، وست ركعات بعد الظهر، وركعتان قبل العصر (5).
وفي خبر عمار: لكل صلاة مكتوبة ركعتان نافلة إلا العصر، فإنه يقدم نافلتها
وهي الركعتان اللتان تمت بهما الثماني بعد الظهر (6). وفي خبري زرارة (7) وأبي
بصير (8) عنه عليه السلام: بعد الظهر ركعتان وقبل العصر ركعتان. وقال الرضا عليه السلام
للبزنطي: أمسك، وعقد بيده، الزوال ثمانية، أربعا بعد الظهر وأربعا قبل العصر (9).
ثم أكثر الأخبار والعبارات تحتمل كون ما عدا صلاة الليل - أعني الإحدى
عشرة ركعة - نوافل للأوقات وللصلوات.
والثاني: ظاهر الكتاب والتبصرة (10) والنافع (11) ونهاية الإحكام (12)
والإشارة (13) والبيان (14) والكافي (15) وهو أظهر فيه. وكذا التذكرة (16) والمنتهى (17)

(1) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 112 س 26.
(2) الهداية: ص 30.
(3) الجامع للشرائع: ص 58.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 325.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 35 - 36 ب 13 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 16.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 207 ب 61 من أبواب المواقيت ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 43 ب 14 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 3.
(8) المصدر السابق ح 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 33 ب 13 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 7.
(10) 30 تبصرة المتعلمين: ص 19.
(11) المختصر النافع: ص 21.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 308.
(13) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 121 س 14.
(14) البيان: ص 48.
(15) الكافي في الفقه: ص 158.
(16) تذكرة الفقهاء: ص 70 س 41.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 194 س 30.
10

والخلاف (1) والمعتبر (2) ظاهرة فيه، لجعلها فيها تابعة للفرائض.
ويؤيده خبر عمار الذي سمعته. وكذا الفخرية ظاهرة (3) فيه، لكن اكتفى في
نياتها بصلاة ركعتين لندبهما قربة إلى الله.
وقال الصادق عليه السلام للقاسم بن الوليد الغفاري، إذ سأله عن نوافل النهار كم
هي؟ قال: ست عشرة ركعة أي ساعات النهار شئت أن تصليها صليتها، إلا أنك
إن صليتها في مواقيتها أفضل (4). وفي مرسل علي بن الحكم: صلاة النهار ست
عشرة ركعة صليتها أي النهار شئت في أوله، وإن شئت في وسطه، وإن شئت في
آخره (5). ونحو منهما أخبار كثيرة.
(وللمغرب أربع بعدها) وينبغي أن لا يتكلم قبلها، لقول الصادق عليه السلام في
خبر أبي العلاء الخفاف: من صلى المغرب ثم عقب ولم يتكلم حتى يصلي ركعتين
كتبتا له في عليين، فإن صلى أربعا كتبت له حجة مبرورة (6). ولا بينها، لخبر أبي
الفوارس قال: نهاني أبو عبد الله أن أتكلم بين الأربع ركعات التي بعد المغرب (7).
ويستحب تقديمها على سجدتي الشكر أيضا، كما في المصباح (8)
ومختصره (9) والتحرير (10) والتذكرة (11) والمنتهى (12) لضيق وقتها، ولخبر الجوهري: إن
الهادي عليه السلام قدمها وقال: ما كان أحد من آبائي يسجد إلا بعد السبعة (13).
ولا يعارضه خبر جهم: أن الكاظم عليه السلام سجد بعد الثلاث وقال: لا تدعها فإن

(1) الخلاف: ج 1 ص 525 المسألة 226.
(2) المعتبر: ج 2 ص 12.
(3) الرسالة الفخرية (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 579.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 36 ب 13 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 8.
(5) المصدر السابق: ح 17.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1057 ب 30 من أبواب التعقيب ح 2.
(7) المصدر السابق ح 1.
(8) مصباح المتهجد: ص 87 س 4.
(9) لا يوجد لدينا.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 26 السطر الأخير.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 72 س 17.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 196 س 15.
(13) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1058 ب 31 من أبواب التعقيب ح 1.
11

الدعاء فيها مستجاب (1) لعدم النصوصية في الكون بعدها بلا فصل، ولا في سجدة
الشكر، وإن استبعد غيرها الشهيد (2).
[ولكن محمد بن عبد الله الحميري سأل القائم عليه السلام عن سجدة الشكر بعد
الفريضة تكون فإن بعض أصحابنا ذكر أنها بدعة فهل يجوز أن يسجدها الرجل
بعد الفريضة؟ وإن جاز ففي صلاة المغرب يسجدها بعد الفريضة أو بعد أربع
ركعات النافلة؟ فأجاب عليه السلام: سجدة الشكر من ألزم السنن وأوجبها، ومن يقل:
إن هذه السجدة بدعة إلا من أراد أن يحدث في دين الله بدعة فأما الخبر المروي
فيها بعد صلاة المغرب، والاختلاف في أنها بعد الفريضة أو بعد النافلة فإن فضل
الدعاء والتسبيح بعد الفرائض على الدعاء بعد النوافل كفضل الفرائض على
النوافل، والسجدة دعاء وتسبيح، فالأفضل أن يكون بعد الفرض، وإن جعلت بعد
النوافل أيضا جاز (3)] (4).
(وللعشاء ركعتان من جلوس) بأصل الشرع، ويجوز القيام كما في
الجامع (5) والدروس (6) والبيان (7) واللمعة (8)، وفي الأفضل منهما وجهان:
من عموم ما دل على فضل القيام، وأن ركعتين من جلوس تعدان بركعة من
قيام، وخصوص قول الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن خالد: وركعتان بعد العشاء
الآخرة تقرأ فيهما مائة آية قائما أو قاعدا، والقيام أفضل (9).
وفي خبر الحارث بن المغيرة البصري: وركعتان بعد العشاء الآخرة، وكان

(1) المصدر السابق ح 2.
(2) ذكرى الشيعة: ص 113 س 18.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1058 ب 31 من أبواب التعقيب ح 3.
(4) ما بين المعقوفين زيادة من ع.
(5) الجامع للشرائع: ص 58.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 136.
(7) البيان: ص 49 س 1.
(8) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 136.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 35 - 36 ب 13 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 16.
12

أبي يصليهما وهو قاعد وأنا أصليهما وأنا قائم (1). مع خبر سدير بن حكيم سأل أبا
جعفر عليه السلام: أتصلي النوافل وأنت قاعد؟ قال: ما أصليها إلا وأنا قاعد منذ حملت
هذا اللحم، وبلغت هذا السن (2)، وهو خيرة الروضة البهية (3).
ومن أن الجلوس أصلها في الشرع، والقيام رخصة، والأخبار (4) الناطقة
باستحباب النوم على وتر، وهو خيرة الروض (5).
وهما (تعدان بركعة واحدة (6)) كما نطقت به الأخبار (7) والأصحاب، إذا
فعلتا من جلوس، وقيل: مطلقا، وهو بعيد.
ويفعلان (بعدها) اتفاقا (وبعد كل صلاة يريد فعلها) تلك الليلة عقيب
فرض العشاء كما في المقنعة (8) والنهاية (9) والجامع (10) والإصباح (11)
والسرائر (12)، ويحتمله المبسوط (13) للنصوص على استحباب البيتوتة بوتر (14).
ونسب في التحرير (15) إلى الشيخ، وفي السرائر (16) والمختلف (17) والذكرى
عن مصباح الشيخ: استحباب ركعتين بعد الوتيرة (18)، ونسبه ابن

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 33 ب 13 من أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ح 9، وفيه: (النصري).
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 696 ب 4 من أبواب القيام ح 1.
(3) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 470.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 69 ب 29 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 6.
(5) روض الجنان: ص 175.
(6) زيادة في النسخة المطبوعة من القواعد.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 31 ب 13 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها.
(8) المقنعة: ص 91.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 275.
(10) الجامع للشرائع: ص 58.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 608.
(12) السرائر: ج 1 ص 193.
(13) المبسوط: ج 1 ص 133.
(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 69 ب 29 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها.
() 15 تحرير الأحكام: ج 1 ص 27 س 17.
(16) السرائر: ج 1 ص 306.
(17) مختلف الشيعة: ج 2 ص 327.
(18) ذكرى الشيعة: ص 115 س 27.
13

إدريس (1) إلى الشذوذ.
وقال المصنف لا مشاحة في ذلك، لأن هذا وقت صالح للتنفل، فجاز
ايقاعهما قبل الوتيرة وبعدها.
قلت: وفيما عندنا من نسخ المصباح: إنه يستحب بعد العشاء الآخرة صلاة
ركعتين يقرأ في الأولى (الحمد) و (آية الكرسي) و (الجحد)، وفي الثانية (الحمد)
وثلاث عشرة مرة (التوحيد)، فإذا فرغ رفع يديه ودعا بدعاء ذكره. وصلاة أربع
ركعات أخر: يقرأ بعد الحمد في الأولى (الجحد) وفي الثانية (التوحيد)، وفي الثالثة
(ألم تنزيل)، وفي الرابعة (الملك) وليس فيها فعل شئ من ذلك بعد الوتيرة (2).
وعموم لفظ الكتاب يشمل نافلة شهر رمضان، فيستحب للمتنفل فيه أن يؤخر
الوتيرة عما يفعله منها بعد العشاء، كما هو المشهور. وفي النفلية تقديمها (3) لقول
الرضا عليه السلام لمحمد بن سليمان في صفة تنفل رسول الله صلى الله عليه وآله في شهر رمضان: فلما
صلى العشاء الآخرة، وصلى الركعتين اللتين كان يصليهما بعد العشاء الآخرة وهو
جالس في كل ليلة قام فصلى اثنتي عشرة ركعة (4).
وحكى في المختلف (5) والذكرى (6) والبيان (7) عن سلار، وما عندنا من نسخ
المراسم. موافقة للمشهور (8).
(وثمان ركعات صلاة الليل) اتفاقا، وقد تطلق صلاة الليل على إحدى
عشرة ركعة، هي هذه والثلاثة الآتية، وعلى ثلاث عشرة، هي تلك مع نافلة الفجر.

(1) السرائر: ج 1 ص 306.
(2) مصباح المتهجد: ص 105 - 106.
(3) الألفية والنفلية: ص 106.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 181 - 182 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 6.
(5) مختلف الشيعة: ج 1 ص 346.
(6) ذكرى الشيعة: ص 254 س 11.
(7) البيان: ص 121 س 8.
(8) المراسم: ص 82.
14

(وركعتا الشفع، وركعة واحدة للوتر) مفصولة عن الشفع، اتفاقا منا كما
هو الظاهر، وتضافرت به الاخبار (1). وربما تسمى الثلاث الوتر، ولا يفصل أبو
حنيفة بينهما (2).
وعن الصادق عليه السلام قال ليعقوب بن شعيب ومعاوية بن عمار في ركعتي الوتر:
إن شئت سلمت، وإن شئت لم تسلم (3). وغايته التخيير بين التسليم وعدمه، وهو
لا يقتضي الوصل، خصوصا على عدم وجوبه للخروج عن الفرائض.
وحمل أيضا على التقية، والتسليمة المستحبة، وما يستباح بالتسليم من
الكلام ونحوه كما قال أبو جعفر عليه السلام لمولى له: ركعتا الوتر إن شاء تكلم بينهما
وبين الثالثة، وإن شاء لم يفعل (4).
وأما خبر كردويه سأل العبد الصالح عليه السلام عن الوتر، فقال: صله (5)، فيحتمل
الأمر من الصلاة والتقية، والوصل الصوري تقية أو استحبابا.
(وركعتا الفجر) وتسميان الدساستين.
(وتسقط في السفر نوافل الظهرين) بالنصوص (6)، ولعله إجماع، (و)
نافلة (العشاء) وفاقا للأكثر، لنحو قول الصادقين عليهما السلام في صحيح حذيفة بن
منصور: الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعد هما شئ (7). وفي السرائر:
الاجماع عليه (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 31 ب 13 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها.
(2) المجموع: ج 4 ص 22.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 48 ب 15 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 16 و 17.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 48 ب 15 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 15.
(5) المصدر السابق ح 18.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 59 ب 21 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 60 ب 21 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 2.
(8) السرائر: ج 1 ص 194.
15

وفي النهاية جواز فعلها (1) لقول الرضا عليه السلام في خبر الفضل بن شاذان: فإن
قيل: فما بال العتمة مقصورة، وليس تترك ركعتاها؟ قيل: إن تينك الركعتين ليستا
من الخمسين، وإنما هي زيادة في الخمسين تطوعا، ليتم بدل كل ركعة من
الفريضة ركعتين من النوافل (2). وفي خبر آخر: والنوافل في السفر أربع ركعات بعد
المغرب، وركعتان بعد العشاء الآخرة من جلوس، وثلاث عشرة ركعة صلاة الليل
مع ركعتي الفجر (3).
قال الشهيد: هذا قوي، لأنه - أي خبر الفضل - خاص ومعلل، وما تقدم
خال منهما إلا أن ينعقد (4) الاجماع على خلافه (5).
وقد يفهم التردد عن النافع (6) والجامع (7) والتحرير (8) والتذكرة (9).
واحتمل ابن إدريس إرادة الشيخ جواز أن يتنفل المسافر بعد العشاء بركعتين
من جلوس لا على أنهما من النوافل المرتبة (10)، وهو بعيد عن عبارته.
(وكل النوافل) الراتبة وغيرها (ركعتان بتشهد وتسليم) لأنه المعروف
من فعله صلى الله عليه وآله، ولقول أبي جعفر عليه السلام في خبر أبي بصير المروي في كتاب حريز:
وافصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم (11)، وخبر علي بن جعفر المروي في قرب الإسناد للحميري سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يصلي النافلة، أيصلح له أن
يصلي أربع ركعات لا يسلم بينهن؟ قال: لا، إلا أن يسلم بين كل ركعتين (12).

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 276.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 70 ب 29 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 3.
(3) فقه الرضا عليه السلام: ص 100.
(4) في ب (يعتد).
(5) ذكرى الشيعة: ص 113 السطر الأخير.
(6) المختصر النافع: ص 21.
(7) الجامع: ص 59.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 26 س 33.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 72 س 10.
(10) السرائر: ج 1 ص 194.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 46 ب 15 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 3 نقلا من كتاب حريز.
(12) قرب الإسناد: ص 90 س 9
16

وهذه الأدلة تفيد حرمة الزيادة على ركعتين كما في المبسوط (1) والسرائر (2)
والمعتبر بمعنى عدم انعقاد الزائد (3) كما في البيان (4)، وفي السرائر: الاجماع
عليه (5).
وفي الخلاف: ينبغي أن لا يزاد عليهما، فإن زاد خالف السنة (6). وفي المنتهى:
الأفضل في النوافل أن تصلى كل ركعتين بتشهد واحد وبتسليم بعده، مع قوله
بعيده: إن الذي ثبت فعله من النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يصلي مثنى مثنى، فيجب اتباعه
فيه (7).
وهل يجوز الاقتصار على ركعة؟ الأشبه: لا، كما في المعتبر (8). قال: وبه قال
الشيخ في الخلاف (9)، وذلك للتأسي. وما رواه ابن مسعود من النهي عن
البتراء (10). واقتصر في التذكرة (11) والمنتهى (12) على نسبته إلى الخلاف، وما ذكر
حكم النوافل كلها. (عدا الوتر) فإنها عندنا ركعة واحدة كما عرفت.
(وصلاة الأعرابي) التي رواها الشيخ في المصباح عن زيد بن ثابت عن
النبي صلى الله عليه وآله وهي: عشر ركعات كالصبح والظهرين (13). قال ابن إدريس: فإن صحت هذه
الرواية وقف عليها ولا يتعداها، لأن الاجماع حاصل على ما قلناه (14).
وقال الشهيد: ولم يذكر - يعني الشيخ - سندها، ولا وقفت لها على سند من طرق
الأصحاب (15).

(1) المبسوط: ج 1 ص 71.
(2) السرائر: ج 1 ص 306.
(3) المعتبر: ج 2 ص 18.
(4) البيان: ص 49 س 4.
(5) السرائر: ج 1 ص 306.
(6) الخلاف: ج 1 ص 527 المسألة 267.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 196 س 20.
(8) المعتبر: ج 2 ص 18.
(9) الخلاف: ج 1 ص 527 المسألة 267.
(10) نيل الأوطار: ج 3 ص 39.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 72 س 29.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 196 س 31.
(13) مصباح المتهجد: ص 281.
(14) السرائر: ج 1 ص 193.
(15) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 474.
17

وفي قواعده: أن ظاهر الصدوق أن صلاة التسبيح أربع بتسليمة (1).
قلت: ونص الفقيه (2) والهداية (3) أنها بتسليمتين.
وعن علي بن بابويه: إن صلاة العيد بغير خطبة أربع بتسليمة (4). وفي مصباح
الشيخ عن أمير المؤمنين عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله: من صلى ليلة الجمعة أربع ركعات
لا يفرق بينهن (5)، الخبر. ويحتمل عدم الفرق بتعقيب أو غيره.

(1) القواعد والفوائد: ج 2 ص 317.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 553 ح 1533.
(3) الهداية: ص 37.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 114 س 12.
(5) مصباح المتهجد: ص 229 س 1.
18

(الفصل الثاني)
(في أوقاتها)
أي اليومية، فرائضها ونوافلها (وفيه مطلبان:)
(الأول)
(تعيينها)
(لكل صلاة) عندنا وعند كل من قال بالوجوب الموسع [من العامة (6)] (7)
(وقتان) إلا المغرب على قول، حكاه القاضي (8) وسيأتي إن شاء الله.
(أول) و (هو وقت الرفاهية) أي السعة، أي يجوز التأخير عنه،
(وآخر) و (هو وقت الاجزاء) الذي لا يجوز التأخير عنه. وهل يجزي
مطلقا؟ أو لأصحاب الأعذار خاصة؟ الظاهر الاتفاق عدا (9) الحلبي (10) على
الاجزاء مطلقا.
لكن هل يجوز التأخير عن الأول اختيارا؟ فيه خلاف، فالفاضلان (11)

(1) المجموع: ج 3 ص 19.
(2) ساقط من ع و ب.
(3) المهذب: ج 1 ص 69.
(4) في ط (ممن عدا).
(5) الكافي في الفقه: ص 138.
(6) المعتبر: ج 2 ص 29.
19

والسيدان (1) وبنو إدريس (2) والجنيد (3) وسعيد (4) على الأول، وهو الأقوى للأصل
وعموم (أقم الصلاة لدلوك الشمس) (5) الآية، ونحو قول الصادق عليه السلام لعبيد بن
زرارة: لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس، ولا صلاة الليل حتى يطلع
الفجر، ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس (6).
وفي خبره أيضا: إن الله فرض أربع صلوات، أول وقتها زوال الشمس إلى
انتصاف الليل، منها صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروب
الشمس (7). وفي خبره أيضا في الظهرين، ثم أنت في وقت بينهما حتى تغيب
الشمس (8).
وفي مرسل داود بن فرقد: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى
يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر
والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات، فإذا بقي مقدار ذلك
فقد خرج وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس (9).
وقال: إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلي
المصلي ثلاث ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة
حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي أربع ركعات (10).
وفي خبر معلى بن خنيس: آخر وقت العتمة نصف الليل (11). وفي خبر بكر بن

(1) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 229 المسألة 72، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 18.
(2) السرائر: ج 1 ص 198.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 43.
(4) الجامع للشرائع: ص 59.
(5) الإسراء: 78.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 116 ب 10 من أبواب المواقيت ح 9.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 115 ب 10 من أبواب المواقيت ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 92 ب 4 من أبواب المواقيت ح 5.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 92 ب 4 من أبواب المواقيت ح 7.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 134 ب 17 من أبواب المواقيت ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 135 ب 17 من أبواب المواقيت ح 8.
20

محمد: أول وقت العشاء ذهاب الحمرة وآخر وقتها إلى غسق الليل، يعني نصف
الليل (1). وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: وقت صلاة الغداة ما بين طلوع
الفجر إلى طلوع الشمس (2). وفي خبره أيضا: أحب الوقت إلى الله عز وجل أوله
حين يدخل وقت الصلاة فصل الفريضة، فإن لم تفعل فإنك في وقت منها حتى
تغيب الشمس (3).
وفي خبر معمر بن يحيى: وقت العصر إلى غروب الشمس (4). وظاهر قوله
تعالى (وأقم الصلاة طرفي النهار) (5).
والحسن (6) والشيخان (7) والحلبيان (8) (9) وابنا حمزة (10) والبراج على
الثاني (11)، لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان: لكل صلاة وقتان،
فأول الوقت أفضله، وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلا في عذر من غير
علة (12).
وفي صحيحه: لكل صلاة وقتان، وأول الوقتين أفضلهما، ووقت صلاة الفجر
حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء، ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا،
ولكنه وقت من شغل أو نسي أو سهى أو نام، ووقت المغرب حين تجب الشمس
إلى أن تشتبك النجوم، وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلا من عذر أو

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 135 ب 17 من أبواب المواقيت ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 152 ب 26 من أبواب المواقيت ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 87 ب 26 من أبواب المواقيت ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 113 ب 9 من أبواب المواقيت ح 13.
(5) هود: 114.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 12.
(7) المقنعة: ص 94، المبسوط: ج 1 ص 72.
(8) في ع (الحلبي).
(9) الكافي في الفقه: ص 138، الغنية (الجوامع الفقهية) ص 494 س 6 - 7.
(10) الوسيلة: ص 81.
(11) المهذب: ج 1 ص 69.
(12) وسائل الشيعة: ج 3 ص 89 ب 3 من أبواب المواقيت ح 13.
21

علة (1).
وفيما أرسل عنه في الفقيه: أوله رضوان الله، وآخره عفو الله، فإن العفو لا
يكون إلا عن ذنب (2). وفي حسن الحلبي: ووقت الفجر حين تنشق إلى أن يتجلل
الصبح السماء، ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا، ولكنه وقت لمن شغل أو نسي أو
نام (3). وصحيح أبي بصير المكفوف سأله عليه السلام عن الصائم متى يحرم عليه الطعام؟
قال: إذا كان الفجر كالقبطية البيضاء، قال: فمتى تحل الصلاة؟ قال: إذا كان كذلك،
قال: ألست في وقت من تلك الساعة إلى أن تطلع الشمس؟ فقال: لا، إنما نعدها
صلاة الصبيان (4).
وخبر ذريح، سأله عليه السلام: إن أناسا من أصحاب أبي الخطاب يمسون بالمغرب
حتى تشتبك النجوم، قال: أبرأ إلى الله ممن فعل ذلك متعمدا (5). وخبر جميل
سأله عليه السلام ما تقول في الرجل يصلي المغرب بعد ما يسقط الشفق؟ فقال: لعلة
لا بأس (6).
وخبر إبراهيم الكرخي سأل الكاظم عليه السلام لو أن رجلا صلى الظهر بعدما
يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام أكان عندك غير مؤد لها؟ فقال: إن كان تعمد
ذلك ليخالف السنة والوقت لم تقبل منه، كما لو أن رجلا أخر العصر إلى قرب أن
تغرب الشمس متعمدا من غير علة لم تقبل منه، إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد وقت
للصلوات المفروضات أوقاتا وحد لها حدودا في سنته للناس، فمن رغب عن
سنة من سننه الموجبات، كان مثل من رغب عن فرائض الله (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 151 ب 26 من أبواب المواقيت ح 5.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 217 ح 651.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 151 ب 26 من أبواب المواقيت ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 155 ب 28 من أبواب المواقيت ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 138 ب 18 من أبواب المواقيت ح 12.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 143 ب 19 من أبواب المواقيت ح 13.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 109 ب 8 من أبواب المواقيت ح 32.
22

وقول الرضا عليه السلام في مرسل سعيد بن جناح: إن أبا الخطاب كان أفسد عامة
أهل الكوفة، وكانوا لا يصلون المغرب حتى يغيب الشفق، وإنما ذلك للمسافر
والخائف ولصاحب الحاجة (1). والأخبار الناصة على التحديد بالأقدام، والقامة
والقامتين، والذراع والذراعين، وغيبوبة الشفق (2).
وليس شئ من ذلك نصا في حرمة التأخير لا لعذر، وغايتها تأكد فضل
التقديم وكراهية التأخير، والعفو يكون عن المكروه، والبرأة في خبر ذريح ممن
يزعم أن أول وقت المغرب الاشتباك، ونحوه خبر الكرخي، وهو واضح.
وأما قول الصادق عليه السلام في خبر ربعي: إنا لنقدم ونؤخر، وليس كما يقال: من
أخطاء وقت الصلاة فقد هلك، وإنما الرخصة للناسي والمريض والمدنف والمسافر
والنائم في تأخيرها (3). فهو إجازة التأخير لا لعذر أظهر.
وفي التهذيب: إذا كان أول الوقت أفضل، ولم يكن هناك منع ولا عذر، فإنه
يجب فعلها منه، ومتى لم يفعلها فيه استحق اللوم والتعنيف، وهو مرادنا بالوجوب
لا استحقاق العقاب (4).
وفي النهاية: لا يجوز لمن ليس له عذر أن يؤخر الصلاة من أول وقتها إلى
آخره مع الاختيار، فإن أخرها كان مهملا لفضيلة عظيمة وإن لم يستحق به
العقاب، لأن الله تعالى قد عفى له عن ذلك (5). ونحوه كلام القاضي في شرح
الجمل (6).
وفي المبسوط: إن الوقت الأول أفضل من الوسط والآخر، غير أنه لا

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 140 ب 18 من أبواب المواقيت ح 19.
(2) وسائل الشيعة: انظر ب 8 و 9 و 10 من أبواب مواقيت الصلاة.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 102 ب 7 من أبواب المواقيت ح 7.
(4) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 41 ذيل الحديث 83.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 277.
(6) شرح جمل العلم والعمل: ص 66.
23

يستحق عقابا ولا ذما وإن كان تاركا فضلا إذا كان لغير عذر (1).
وفي عمل يوم وليلة للشيخ: ولا ينبغي أن يصلي آخر الوقت إلا عند
الضرورة، لأن الوقت الأول أفضل مع الاختيار (2).
وهذه العبارات نصوص في موافقتنا، فيمكن إرادتهما ذلك في سائر كتبهما.
ويمكن تنزيل عبارات غيرهما أيضا عليه، وإن كان الحلبي جعل لغير صلاة
الصبح للمختار وقت فضيلة، ووقت إجزاء (3)، هو قبل وقت المضطر، لجواز إرادته
الاجزاء في إحراز الفضل، فيرتفع الخلاف.
والعجب، إن ابن إدريس نسب إلى كتب الشيخ إن المختار إن أخر الصلاة عن
وقتها الأول صارت قضاء (4).
(فأول وقت) صلاة (الظهر زوال الشمس) عن وسط السماء، بإجماع
المسلمين كما في الخلاف (5) والتذكرة (6) والمعتبر (7) والمنتهى (8) وإن حكي عن ابن
عباس (9) والشعبي (10) جواز تقديم المسافر لها قليلا.
(وهو) يعلم من (ظهور زيادة الظل) بعد انتهاء نقصه، أو ظهور نفسه
بعد انعدامه (لكل شخص في جانب المشرق) والاكتفاء بالأول لكونه أغلب
(إلى أن يصير ظل كل شئ مثله) كما في الخلاف (11) والمبسوط (12)
والجمل والعقود (13) والمهذب (14) والوسيلة (15) والغنية (16) والجامع (17)، لنحو قول

(1) المبسوط: ج 1 ص 77.
(2) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 143.
(3) الكافي في الفقه: ص 138.
(4) السرائر: ج 1 ص 196.
(5) الخلاف: ج 1 ص 256 المسألة 3.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 75 س 25.
(7) المعتبر: ج 2 ص 27.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 198 س 15.
(9) الحاوي الكبير: ج 2 ص 12.
(10) لم نعثر عليه.
(11) الخلاف: ج 1 ص 257 المسألة 4.
(12) المبسوط: ج 1 ص 72.
(13) الجمل والعقود: ص 59.
(14) المهذب: ج 1 ص 69.
(15) الوسيلة: ص 82.
(16) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 23.
(17) الجامع للشرائع: ص 60.
24

الصادق عليه السلام لعمر بن حنظلة: ثم لا تزال في وقت الظهر إلى أن يصير الظل قامة،
وهو آخر الوقت (1). ولزرارة: إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر (2)
وقول الكاظم عليه السلام لأحمد بن عمر: وقت الظهر إذا زاغت (3) الشمس إلى أن
يذهب الظل قامة (4). وفي خبر محمد بن حكيم: إن أول وقت الظهر زوال الشمس،
وآخر وقتها قامة من الزوال (5).
(والمماثلة بين ألفي الزائد والظل الأول) الباقي عند انتهاء النقصان
(على رأي) وفاقا للتهذيب في وجه (6)، وللشرائع (7)، لمرسل يونس عن
الصادق عليه السلام أنه سئل عما جاء في الحديث: إن صلى الظهر إذا كانت الشمس قامة
وقامتين، وذراعا وذراعين، وقدما وقدمين من هذا ومن هذا، فمتى هذا وكيف
هذا وقد يكون الظل في بعض الأوقات نصف قدم؟ قال: إنما قال ظل القامة، ولم
يقل قامة الظل، وذلك إن ظل القامة يختلف، مرة يكثر ومرة يقل، والقامة قامة
أبدا لا تختلف، ثم قال: ذراع وذراعان، وقدم وقدمان، فصار ذراع وذراعان
تفسير القامة والقامتين في الزمان الذي يكون فيه ظل القامة ذراعا، وظل
القامتين ذراعين، فيكون ظل القامة والقامتين والذراع والذراعين متفقين في كل
زمان معروفين مفسرا أحدهما بالآخر مسددا به.
فإذا كان الزمان يكون فيه ظل القامة ذراعا كان الوقت ذراعا من ظل القامة
وكانت القامة ذراعا من الظل، وإذا كان ظل القامة أقل أو أكثر كان الوقت

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 97 ب 5 من أبواب المواقيت ذيل الحديث 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 105 ب 8 من أبواب المواقيت ذيل الحديث 13.
(3) في ب (فرغت).
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 104 ب 8 من أبواب المواقيت: ح 9.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 108 ب 8 من أبواب المواقيت: ح 29.
(6) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 23 ذيل الحديث 66.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 61.
25

محصورا بالذراع والذراعين، فهذا تفسير القامة والقامتين والذراع والذراعين (1).
وهو مع الجهل والارسال إنما يدل عليه لو كان الكلام في آخر الوقت الأول،
والأظهر أنه في أوله، مع أن التوقيت بغير المنضبط لا معنى له.
وقد ينتفي الظل رأسا فتنعدم المماثلة، وقد لا تفي المماثلة بالصلاة،
والمشهور - رواية (2) وفتوى - مماثلة الظل للشخص.
وينبغي إرادة ألفي كما نص عليه في المصباح (3) ومختصره (4) والخلاف (5)
والوسيلة (6)، وإلا جاء الاضطراب أيضا، وفي الخلاف: أنه لا خلاف فيه (7)،
وفي عمل يوم وليلة (8) للشيخ ونهايته: أن الآخر زيادة ألفي أربعة أقدام، أي أربعة
أسباع للشاخص (9)، وحكاه في المبسوط رواية (10)، وتردد في الإقتصاد (11)
والمصباح بين الأمرين (12)، وذلك (13) لنحو خبر الكرخي، سأل الكاظم عليه السلام عن
الظهر متى يخرج وقتها؟ فقال عليه السلام: من بعد ما يمضي من زواله أربعة أقدام (14).
وقوله عليه السلام للفضل بن يونس: إذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة
أقدام فلا تصل إلا العصر، لأن وقت الظهر دخل عليها وهي في الدم، وخرج
الوقت وهي في الدم، فلم يجب عليها أن تصلي الظهر (15)، الخبر.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 110 ب 8 من أبواب المواقيت ح 34.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 105 ب 8 من أبواب المواقيت ذيل الحديث 13.
(3) المصباح المتهجد: ص 23 س 12.
(4) الكتاب غير موجود.
(5) الخلاف: ج 1 ص 257 المسألة 4.
(6) الوسيلة: ص 82.
(7) الخلاف: ج 1 ص 259 ذيل المسألة 4.
(8) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 143.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 278.
(10) المبسوط: ج 1 ص 72.
(11) الإقتصاد: ص 256.
(12) مصباح المتهجد: ص 23 س 12.
(13) ليس في ب.
(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 109 ب 8 من أبواب المواقيت ح 32.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 598 ب 49 من أبواب الحيض ح 2.
26

وفي المقنعة: أن الآخر زيادته قدمين (1)، وهو مروي عن الصادق (2)
عليه السلام (3). وكذا في الهداية عن الصادق عليه السلام (4) لنحو قول الصادقين عليهما السلام في خبر
الفضلاء وقت الظهر بعد الزوال قدمان (5). وفيه أن المراد أول وقته، كما نصت عليه
من الأخبار ما لا يحصى، وذلك لمكان النافلة. ويؤكده خبر عبيد بن زرارة سأل
الصادق عليه السلام عن أفضل وقت الظهر، فقال: ذراع بعد الزوال (6).
والظاهر أنه كما ينبغي التأخير إلى القدمين لفعل النافلة، ينبغي عدم التأخير
عنهما، لأخبار، ومواظبة النبي صلى الله عليه وآله، لقول الباقر عليه السلام في خبر زرارة: كان رسول
الله صلى الله عليه وآله لا يصلي من النهار شيئا حتى تزول الشمس، فإذا زالت قدر نصف
إصبع، صلى ثماني ركعات، فإذا فاء ألفي ذراعا صلى الظهر (7). وقول
الصادق عليه السلام في خبر الحلبي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الظهر على ذراع، والعصر
على نحو ذلك (8).
وفي خبر عبد الله بن سنان: كان جدار مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله قبل أن يظلل
قدر قامة، فكان إذا كان ألفي ذراعا، وهو قدر مربض عنز، صلى الظهر، فإذا
كان ألفي ذراعين وهو ضعف ذلك صلى العصر (9).
ولقول الباقر عليه السلام لزرارة: أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قال: لم جعل
ذلك؟ قال: لمكان (10) النافلة، لك أن تتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع،

(1) المقنعة: ص 92.
(2) في ع و ب (الرضا).
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 102 - 103 ب 8 من أبواب المواقيت ح 1 و 2.
(4) الهداية: ص 29.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 102 - 103 ب 8 من أبواب المواقيت ح 1 و 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 107 ب 8 من أبواب المواقيت ح 25.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 114 ب 10 من أبواب المواقيت ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 107 ب 8 من أبواب المواقيت ح 24.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 104 ب 8 من أبواب المواقيت ح 7.
(10) في ب (لمكاني).
27

فإذا بلغ فيؤك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة، وإذا بلغ فيؤك
ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة (1). ولإسماعيل الجعفي: إنما جعل الذراع
والذراعان، لئلا يكون تطوع في وقت فريضة (2). وهذا يحتمل ثلاثة أوجه:
أحدها: أنه أمر بفعل الفريضة دون النافلة أو من غير تأخير إذا بلغ ألفي
ذراعا أو ذراعين، لئلا يفعل النافلة (3) في وقت الفريضة.
والثاني: أنه أمر بتأخير الفريضة ذراعا أو ذراعين، لئلا يكون وقت النافلة
وقتا للفريضة، فيلزم فعلها في وقتها.
والثالث: الأمران جميعا، والأول أظهر.
وفي خبر آخر له: أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟ قال: لم؟ قال: لمكان
الفريضة، لئلا يؤخذ من وقت هذه ويدخل في وقت هذه (4). وهو أيضا يحتمل أوجها:
الأول: أن التحديدان لفريضتي الظهرين ليتمايزا، فلا يؤخذ من وقت
إحداهما ويدخل في وقت الأخرى.
والثاني: أنهما للفريضتين دون نوافلهما، أي لا يجوز تأخير نوافلهما إليهما،
لئلا يؤخذ من وقت الفريضة للنافلة، ولا (5) ينبغي تقديم الفريضتين لئلا تقعا في
وقت النافلة، أو آخر وقتهما المقدارين ليقع النوافل قبل وقتهما.
وعن أحمد بن محمد بن يحيى: إن بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن عليه السلام
يروى (6) عن آبائك القدم والقدمين والأربع، والقامة والقامتين، وظل مثلك،
والذراع والذراعين، فكتب عليه السلام: لا القدم ولا القدمين، إذا زالت الشمس فقد

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 103 ب 8 من أبواب المواقيت ح 3 و 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 108 ب 8 من أبواب المواقيت ذيل الحديث 28.
(3) ليس في ب.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 107 ب 8 من أبواب المواقيت ح 21.
(5) في ع و ب (أو لا).
(6) في ب (مروي).
28

دخل وقت الصلاتين، وبين يديها سبحة، وهي ثمان ركعات، فإن شئت طولت
وإن شئت قصرت، ثم صل الظهر، فإذا فرغت كان بين الظهر والعصر سبحة، وهي
ثمان ركعات، فإن شئت طولت وإن شئت قصرت، ثم صل العصر (1). وهو جمع
بين المقادير باختلاف النافلة طولا وقصرا، ويدل على كونها لبيان أول الوقت.
وفي عدة أخبار اتحاد معنى الذراع والقامة، وفي خبر أبي بصير، عن الصادق عليه السلام
تعليله بأن قامة رحل رسول الله صلى الله عليه وآله كانت ذراعا (2). والاتحاد يحتمل معنيين:
كون الذراع بمعنى القامة، والتعبير عنهما بالذراع، لكون الشاخص الذي
اعتبره ذراعا، وهو رحل رسول الله صلى الله عليه وآله، وهو أوفق بأخبار المثل والأقدام،
والعكس حتى تكون القامة بمعنى قامة الرحل التي هي ذراع، وهو أظهر من
ألفاظ الأخبار وأوفق، بنحو قول الصادقين عليهما السلام فيما مر من خبري زرارة (3) وابن
سنان (4). وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة أيضا: كان حائط مسجد رسول
الله صلى الله عليه وآله قامة، فإذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر (5) الخبر. ونحوه في خبر
إسماعيل الجعفي (6).
ثم من البين احتمال اختلاف التقديرات، أولا وآخرا باختلاف مراتب الفضل.
وفي الكافي أن أول وقت الظهر زوال الشمس، وآخر وقت المختار الأفضل
بلوغ الظل سبعي الشاخص، وآخر وقت الاجزاء بلوغه أربعة أسباعه، وآخر
وقت المضطر بلوغه مثله (7).
فجمع بين التقادير بذلك، ويطرح ما دل على البقاء مع العصر إلى الغروب

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 98 ب 5 من أبواب المواقيت ح 13.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 106 ب 8 من أبواب المواقيت ح 16.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 103 ب 8 من أبواب المواقيت ح 3 و 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 104 ب 8 من أبواب المواقيت ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 108 ب 8 من أبواب المواقيت ح 27.
(6) المصدر السابق ح 28.
(7) الكافي في الفقه: ص 137.
29

لظاهر إطلاق ما سمعته من الأخبار بكون القامة آخر الوقت (1)، وخبر معاوية بن
وهب عن الصادق عليه السلام: إن جبرئيل عليه السلام أتى رسول الله صلى الله عليه وآله حين زالت الشمس
فأمره فصلى الظهر ثم أتاه من الغد حين زاد الظل قامة فأمره فصلى الظهر، ثم قال:
ما بينهما وقت (2).
(و) وقت الظهر (للاجزاء) يمتد، مطلقا عند المصنف والسيدين (3)
وابني سعيد (4) وابني إدريس (5) والجنيد (6) وللمعذور والمضطر على ما في
المبسوط (7) والمراسم (8) والوسيلة (9)، والإصباح (10).
(إلى أن يبقى للغروب مقدار ثمان ركعات) كما في المراسم (11)
والوسيلة (12) اعتبارا بأول الصلاة أو مقدار أربع كما في الباقية، وباقي
كتب المصنف اعتبارا بآخرها للأخبار الناصة على امتداد الظهرين إلى الغروب، مع
ما سيأتي من النصوص على اختصاص العصر بمقدار أربعة.
وأما ما سيأتي من وجوب الفريضتين إذا بقي إلى الغروب مقدار خمس فلا
ينافي عدم الامتداد إلى ما بعد الثماني أصالة، كما أن مقدار أربع إلى الغروب آخر
وقت العصر أصالة، وإن وجب الاتيان بها إذا أدرك ركعة. وسمعت قول الحلبي،
بأن الآخر للمضطر صيرورة الظل مثل الشاخص (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 105 ب 8 أبواب المواقيت ح 12.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 115 ب 10 من أبواب المواقيت ح 5.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 7، الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 229 المسألة 72.
(4) الجامع للشرائع: ص 60.
(5) السرائر: ج 1 ص 195.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 9 - 10.
(7) المبسوط: ج 1 ص 77.
(8) المراسم: ص 62.
(9) الوسيلة: ص 82.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 608.
(11) المراسم: ص 62.
(12) الوسيلة: ص 82.
(13) الكافي في الفقه: ص 137.
30

وأطلق الشيخ في الخلاف كونه آخر الوقت (1)، وفي عمل يوم وليلة كون
الآخر أربعة أقدام (2)، وتردده بينهما في الإقتصاد (3) والمصباح (4) ومختصره (5).
وجعله في النهاية (6) والتهذيب (7) عند الضرورة اصفرار الشمس، لكنه احتج عليه
في التهذيب بأخبار امتداد وقت الظهرين إلى الغروب (8)، وأطلق المفيد كون
الآخر سبعي الشاخص (9).
(وأول وقت العصر) بناء على الاختصاص الآتي (من حين مضي
مقدار أداء الظهر) بالاجماع والنصوص (10)، وما في بعضها من أن أوله بعد
قدمين، أو ذراعين، أو نحو ذلك فللنوافل.
(إلى أن يصير ظل كل شئ مثليه) أي الظل، أي فيئه مثلي الباقي على
ما اختاره، ومثلي الشئ على المختار، واعتبار المثلين هو المشهور والأخبار به
كثيرة، كقول الصادق عليه السلام لعمر بن حنظلة: فلم تزل في وقت العصر حتى يصير
الظل قامتين (11). وقول الكاظم عليه السلام لأحمد بن عمر: وقت العصر قامة ونصف إلى
قامتين (12). وفي خبر محمد بن حكيم: أول وقت العصر قامة وآخر وقتها
قامتان (13).
وفي المقنعة: إن آخر وقته للمختار اصفرار الشمس، وللمضطر الغيبوبة (14)،

(1) الخلاف: ج 1 ص 257 المسألة 4.
(2) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 143.
(3) الإقتصاد: ص 256.
(4) مصباح المتهجد: ص 23.
(5) لا يوجد لدينا.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 278.
(7) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 18.
(8) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 26.
(9) المقنعة: ص 92.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 91 ب 4 من أبواب المواقيت.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 97 ب 5 من أبواب المواقيت ح 6.
(12) وسائل الشيعة: ج 3 ص 104 ب 8 من أبواب المواقيت ح 9.
(13) وسائل الشيعة: ج 3 ص 108 ب 8 من أبواب المواقيت ح 29.
(14) المقنعة: ص 93.
31

يعني قبلهما. وفي مضمر محمد بن الفرج: أحب أن يكون فراغك من العصر
والشمس على أربعة أقدام (1). وقال الفقيه عليه السلام في بسليمان بن جعفر: آخر
وقت العصر ستة أقدام ونصف (2).
وفي المختلف: وهو إشارة إلى الاصفرار، لأن الظل إلى آخر النهار يقسم سبعة
أقدام (3)، يعني كما يقسم الشاخص سبعة أقدام يقسم الظل كذلك، طال أو قصر،
فيحمل (4) عليه الخبر، فيكون ستة أقدام ونصف أكثر من مثلي الشاخص.
وقال الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن خالد: العصر على ذراعين فمن تركها
حتى يصير على ستة أقدام فذلك المضيع (5).
وحكي عن السيد انتهاء وقت المختار بستة أقدام (6). وعن الرضا عليه السلام: أول
وقت العصر الفراغ من الظهر إلى أن يبلغ الظل أربعة أقدام، وقد رخص للعليل
والمسافر منها إلى أن يبلغ ستة أقدام (7). وعنه عليه السلام: تصلي العصر إذا صلى في آخر
الوقت في استقبال القدم الخامس، فإذا صلى بعد ذلك فقد ضيع الصلاة، وهو
قاض للصلاة بعد الوقت (8).
وأخبار الأمر بايقاعها والشمس بيضاء نقية، وأن تأخيرها إلى الاصفرار
تضييع، كثيرة. ولم يذكر الشيخ في عمل يوم وليلة إلا أن آخره إذا بقي إلى الغروب
مقدار أربع (9).
وذكر في النهاية: أن المختار إذا صلى الظهر يوم الجمعة أو صلى بعدها النوافل
ثمان ركعات في غير الجمعة، صلى العصر بلا فصل (10) لنحو قول الصادق عليه السلام

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 109 ب 8 من أبواب المواقيت ح 31.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 111 ب 9 من أبواب المواقيت ح 6.
(3) المختلف: ج 2 ص 19.
(4) في ع (فليحمل) وفي ب (فاعمل).
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) حكاه عنه المحقق في المعتبر: ج 2 ص 30.
(7) فقه الرضا عليه السلام: ص 103.
(8) فقه الرضا عليه السلام: ص 73.
(9) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 143.
(10) النهاية ونكتها: ج 2781.
32

لسماعة: إذا زالت الشمس فصل ثمان ركعات، ثم صل الفريضة أربعا، فإذا فرغت
من سبحتك قصرت أو طولت فصل العصر (1).
وفي خبر فضيل: إن وقت العصر في الجمعة وقت الظهر في غيرها (2).
وليعقوب بن شعيب إذ سأله عن وقت الظهر، فقال: إذا كان ألفي ذراعا، قال:
فالعصر، قال: الشطر من ذلك، قال: هذا شبر، قال: أوليس شبر كثيرا (3). ولصفوان
الجمال إذ سأله عن العصر في غير سفر: على قدر ثلثي قدم بعد الظهر (4).
(و) يمتد وقت العصر (للاجزاء) مثله أصالة مطلقا، أو للمعذور (إلى
أن يبقى إلى الغروب مقدار أربع) للحاضر، بالنصوص (5) والاجماع كما هو
الظاهر، ولكن لم يذكر الشيخ في الجمل، بل أطلق أن آخره المثلان (6)، وكذا
القاضي في شرح الجمل (7).
ثم الغروب، هو المعلوم بذهاب الحمرة، والذي هو وقت صلاة المغرب.
ويظهر من المقنعة الانتهاء بسقوط القرص عن الأبصار (8).
(وأول وقت المغرب غيبوبة الشمس) اتفاقا (المعلومة) وفاقا
للمعظم (بذهاب الحمرة المشرقية) للاحتياط، وقول الصادق عليه السلام ليونس بن
يعقوب في الصحيح إذ سأله عن الإفاضة من عرفات: إذا ذهبت الحمرة من هاهنا،
وأشار بيده إلى المشرق وإلى مطلع الشمس (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 98 ب 5 من أبواب المواقيت ح 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 17 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 106 ب 8 من أبواب المواقيت ح 18.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 93 و ص 111 ب 4 و ب 9 من أبواب المواقيت ح 14 و ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 91 ب 4 من أبواب المواقيت.
(6) الجمل والعقود: ص 59.
(7) شرح جمل العلم والعمل: ص 66.
(8) المقنعة: ص 93.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 29 ب 22 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 2.
33

وفي مرسل ابن أشيم (1): وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق، قال:
لأن المشرق مطل على المغرب هكذا - ورفع يمينه فوق يساره - فإذا غابت
الشمس هاهنا، ذهبت الحمرة من هاهنا (2). وخبر عمار: إنما أمرت أبا الخطاب
أن يصلي المغرب حين زالت الحمرة، [فجعل هو الحمرة] (3) التي من قبل
المغرب (4). ولمحمد بن شريح إذ سأله عن وقت المغرب: إذا تغيرت الحمرة في
الأفق وذهبت الصفرة وقبل أن تشتبك النجوم (5).
وفي مرسل محمد بن سنان المروي في كتاب السياري إذ سئل عن قوله
تعالى: (ثم أتموا الصيام إلى الليل) سقوط الشفق (6). وخبر محمد بن علي قال:
صحبت الرضا عليه السلام في السفر فرأيته يصلي المغرب إذا أقبلت الفحمة من
المشرق (7). وفيه [أن بيانه] (8) ليس نصا في التعيين، ولا في مواظبته عليه السلام عليه.
وخبر عبد الله بن وضاح كتب إلى العبد الصالح عليه السلام يتوارى القرص، ويقبل
الليل، ثم يزيد الليل (9) ارتفاعا وتستر عنا الشمس، ويرتفع فوق الليل حمرة،
ويؤذن عندنا المؤذنون فأصلي حينئذ وأفطر إن كنت صائما، أو انتظر حتى
تذهب الحمرة التي فوق الليل؟ فكتب إليه: أرى لك أن تنتظر حتى تذهب الحمرة
وتأخذ بالحائط لدينك (10). وفيه احتمال العبد الصالح لغير الإمام، واحتمال جوابه
الفضل واستتار الشمس بغيم أو جبل.

(1) في ب (هاشم).
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 129 ب 16 من أبواب المواقيت ح 12.
(3) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 126 ب 16 من أبواب المواقيت ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 128 ب 16 من أبواب المواقيت ح 10.
(6) وسائل الشيعة: ج 7 ص 90 ب 52 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الامساك 8.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 128 ب 16 من أبواب المواقيت ح 8.
(8 في ع (أنه).
(9) ليس في ب.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 129 ب 16 من أبواب المواقيت ح 14.
34

قال المحقق: وعليه - يعني ذهاب الحمرة - عمل الأصحاب (1). وفي التذكرة:
وعليه العمل (2).
وينبغي التأخير إلى ذهاب الحمرة من ربع الفلك الشرقي، أي ذهابها عن
الأفق إلى أن يتجاوز سمت الرأس كما في الكافي للكليني (3) والمسالك (4)
والروض (5) والروضة البهية (6)، لقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: وقت سقوط القرص ووجوب الافطار أن يقوم بحذاء القبلة، وتتفقد (7) الحمرة التي ترتفع من المشرق، [فإذا جازت قمة] (8) الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب
الافطار وسقط القرص (9).
ولما روي عن الرضا عليه السلام من قوله: وقد كثرت الروايات في وقت المغرب
وسقوط القرص والعمل في ذلك على سواد المشرق إلى حد الرأس (10). ولخبر أبان
بن تغلب سأل الصادق عليه السلام أي ساعة كان رسول الله صلى الله عليه وآله يوتر؟ فقال: على مثل
مغيب الشمس إلى صلاة المغرب (11). وللاحتياط لاحتمال سائر الأخبار هذا
المعنى مع قضاء العقل والأخبار، بأن التأخير مبرئ للذمة دون التقديم.
وفي وجه في المبسوط: أن الغيبوبة هي غيبوبتها عن الحس بالغروب وإن لم
تزل (12) الحمرة (13)، وهو فتوى الصدوق في العلل (14). ويحتمله كلام سلار (15)

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 61.
(2) تذكرة الفقهاء: ص 76 س 38.
(3) الكافي: ج 3 ص 280.
(4) مسالك الأفهام: ج 1 ص 20.
(5) روض الجنان: ص 179 س 10.
(6) الروضة البهية: ج 1 ص 178.
(7) في ب (وتنعقد).
(8) في ب (إذا خارت فمنه).
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 127 ب 16 من أبواب المواقيت ح 4.
(10) مستدرك الوسائل: ج 3 ص 131 ب 13 ذيل الحديث 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 127 ب 16 من أبواب المواقيت ح 5.
(12) في ب (تنزل).
(13) المبسوط: ج 1 ص 74.
(14) علل الشرائع: ج 2 ص 350.
(15) المراسم: ص 62.
35

والسيد في الميافارقيات (1) والقاضي في المهذب (2) وشرح الجمل (3) لجعلهم
الوقت سقوط القرص وليس نصا فيه.
وأولى بذلك قول أبي علي: غروب الشمس وقوع اليقين بغيبوبة قرصها عن
البصر من غير حائل (4)، ودليله تلك الأخبار المطلقة بأن وقتها غيبوبة القرص أو
تواريه، أو غيبوبة الشمس، أو غروبها لانصرافها لغة وعرفا إلى القرص دون
الحمرة.
ومرسل علي بن الحكم عن أحدهما عليهما السلام سئل عن وقت المغرب، فقال: إذا
غاب كرسيها، قيل: وما كرسيها؟ قال: قرصها. قيل: متى يغيب قرصها؟ قال: إذا
نظرت إليه فلم تره (5).
وخبر صباح بن سيابة وأبي أسامة قالا: سألوا الشيخ عن المغرب فقال
بعضهم: جعلني الله فداك ننتظر حتى يطلع كوكب، فقال: خطابية، أن جبرئيل عليه السلام
نزل بها على محمد صلى الله عليه وآله حين سقط القرص (6)، لتقدم طلوع بعض الكواكب على
زوال الحمرة خصوصا عن سمت الرأس.
وخبر أبان بن تغلب والربيع بن سليمان وأبان بن أرقم وغيرهم قالوا: أقبلنا
من مكة حتى إذا كنا بوادي الأخضر، إذا نحن برجل يصلي ونحن ننظر إلى شعاع
الشمس فوجدنا في أنفسنا، فجعل يصلي ونحن ندعو عليه حتى صلى ركعة ونحن
ندعو عليه ونقول: هذا شباب من شباب أهل المدينة، فلما أتيناه إذا هو أبو عبد الله
جعفر بن محمد عليهما السلام فنزلنا فصلينا معه وقد فاتتنا ركعة، فلما قضينا الصلاة قمنا
إليه، فقلنا: جعلنا فداك هذه الساعة تصلي؟ فقال: إذا غابت الشمس فقد دخل

(1) الميافارقيات (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الأولى): المسألة 5 ص 274.
(2) المهذب: ج 1 ص 69.
(3) شرح جمل العلم والعمل: ص 66.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 40.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 132 ب 16 من أبواب المواقيت ح 25.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 139 ب 18 من أبواب المواقيت ح 16.
36

الوقت (1). وشعاع الشمس يجوز أن يكون في ناحية المغرب. وما قبله من الخبرين
يحتملان التقية.
والمطلقة نقول بموجبها، لكن نقول زوال الحمرة علامة الغروب وغيبوبة
القرص للأخبار المتقدمة، والاحتياط، والشهرة بين الأصحاب، ومخالفة العامة.
أما خبر جارود عن الصادق عليه السلام قال: يا جارود ينصحون فلا يقبلون، وإذا
سمعوا الشئ نادوا به، أو حدثوا بشئ أذاعوه، قلت لهم: مسوا بالمغرب قليلا،
فتركوها حتى اشتبكت النجوم، فأنا الآن أصليها إذا سقط القرص (2). فظاهر
في التقية.
وأما خبر أبي أسامة أو غيره قال: صعدت مرة جبل أبي قبيس والناس
يصلون المغرب فرأيت الشمس لم تغب إنما توارت خلف الجبل عن الناس،
فلقيت أبا عبد الله عليه السلام فأخبرته بذلك فقال لي: ولم فعلت ذلك؟ بئس ما صنعت
إنما تصليها إذا لم ترها خلف جبل غارت أو غابت ما لم يتجللها سحاب أو ظلمة
تظلها، فإنما عليك مشرقك ومغربك وليس على الناس أن يبحثوا (3). فلا دلالة
على شئ، فإنه عليه السلام إنما نهاه عن الصعود للبحث عن الغروب، لعدم توقف
علامته عليه، وإمكان تضرره من العامة بذلك.
ويحتمل قوله: (فرأيت الشمس لم تغب) معنى الزعم لا الأبصار احتمالا
ظاهرا إن لم يترجح، ويعينه إن انعطفت الجملة على ما اتصلت به، أعني قوله:
الناس يصلون المغرب لا ما قبله. وقوله عليه السلام: (إنما تصليها إذا لم ترها) إما مجمل
بينته الأخبار المتقدمة، أي لم ترها ولا حمرتها في المشرق، أو للتقية أي يجب
عليك الصلاة إذا لم ترها تقية.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 131 ب 16 من أبواب المواقيت ح 23.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 129 ب 16 من أبواب المواقيت ح 15.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 145 ب 21 من أبواب المواقيت ح 2.
37

وقال الحسن: أول وقت (1) المغرب سقوط القرص، وعلامة سقوط القرص أو
يسود أفق السماء من المشرق، وذلك [إقبال الليل] (2) وتقوية الظلمة في الجو
واشتباك النجوم (3)، وهو القول المشهور، يعني إذا لم يظهر الأفق للبصر فيقوى
اسوداده ظلمة الجو واشتباك النجوم، أي يؤخر الصلاة والافطار إلى حصول ذلك
ليعلم زوال الحمرة، كما في الكافي (4) والاستبصار (5) عن سهل بن زياد، عن علي
ابن الريان قال: كتبت إليه: الرجل يكون في الدار يمنعه حيطانها النظر إلى الحمرة
ومعرفة مغيب الشفق وقت صلاة العشاء الآخرة متى يصليها؟ وكيف يصنع؟
فوقع عليه السلام: يصليها إذا كان على هذه الصفة عند قصر النجوم، والمغرب عند
اشتباكها وبياض مغيب الشمس. ولكن في التهذيب والعشاء عند اشتباكها (6). فإن
صح كان العشاء بمعنى المغرب.
وفي السرائر عن كتاب مسائل الرجال رواية أحمد بن محمد بن عياش
الجوهري ورواية عبد الله بن جعفر الحميري عن علي بن الريان أنه كتب إلى أبي
الحسن عليه السلام، وأنه عليه السلام وقع: يصليها إذا كانت على هذه الصفة عند اشتباك
النجوم، والمغرب عند قصر النجوم وبياض مغيب الشفق (7).
وزعم المصنف في المختلف مخالفة الحسن للمشهور، وأنه يرى الاشتباك
وقت المغرب، واستدل له بخبر إسماعيل بن همام أنه رأى الرضا عليه السلام لم يصل
المغرب حتى ظهرت النجوم، وأجاب بأنه حكاية حال، فلعله عليه السلام أخرها
لعذر (8).

(1) ليس في ب.
(2) ليس في ب.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 40.
(4) الكافي: ج 3 ص 281 ح 15.
(5) الإستبصار: ج 1 ص 269 ح 33.
(6) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 261 ح 75.
(7) السرائر: (المستطرفات) ج 3 ص 582.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 41 - 42.
38

واعتبر الصدوقان في الرسالة (1) والمقنع ظهور ثلاثة أنجم (2)، لصحيح زرارة
سأل الباقر عليه السلام عن وقت إفطار الصائم، قال: حين تبدو ثلاثة أنجم (3). وقال
الشيخ: لا معتبر به، والمراعى ما قدمناه من سقوط القرص، وعلامته زوال الحمرة
من ناحية المشرق. وهذا كان يعتبره أصحاب أبي الخطاب (4).
قلت: مجاوزة الحمرة سمت الرأس - كما هو الاحتياط - يوافق ظهور ثلاثة
أنجم ظهورا بينا، وابيضاضها بياضا صافيا، وهو الذي أراده الشيخ، ولعله معنى
الخبر، أو الأنجم فيه أنجم صغار لا تظهر إلا بعد زوال الحمرة المشرقية، أو المراد:
أن ذلك وقته عند بعض العامة.
ويمتد هذا الوقت للمغرب (إلى أن يذهب الشفق) الأحمر المغربي كما
نطقت به النصوص (5)، وعليه المعظم. وفي المهذب عن بعض الأصحاب: إنه لا
وقت لها إلا واحد هو غروب القرص (6).
قلت: لنحو قول الصادق عليه السلام للشحام في الصحيح: إن جبرئيل أتى النبي صلى الله عليه وآله
لكل صلاة بوقتين غير صلاة المغرب، فإن وقتها واحد، فإن وقتها وجوبها (7).
والجواب: ما في كتب الأخبار الثلاثة الكافي (8) والتهذيب (9) والاستبصار (10) من
تأكد استحباب المبادرة إليها لأن ما بين زوال الحمرة عن سمت الرأس وزوالها
عن المغرب لا يسع أكثر من الفريضة والنافلة.

(1) حكاه عنه ولده في كتاب من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 129.
(2) المقنع: ص 65.
(3) وسائل الشيعة: ج 7 ص 89 ب 52 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ووقت الامساك ح 3.
(4) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 318 ذيل الحديث 968.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 136 و 141 ب 18 و ب 19 من أبواب مواقيت الصلاة.
(6) المهذب: ج 1 ص 69.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 136 ب 18 من أبواب المواقيت ح 1.
(8) الكافي ج 3 ص 278 - 282.
(9) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 27 - 33.
(10) الإستبصار: ج 1 ص 262 - 270.
39

(و) يمتد وقتها (للاجزاء إلى أن يبقى لاجزاء العشاء) أي إلى وقت
إجزائها أصالة (مقدار ثلاث) ركعات كما في جمل العلم والعمل (1) وفي
السرائر (2) والغنية (3) والإشارة (4) والجامع (5) والشرائع (6) والنافع (7) وشرحه (8) لقول
الصادق عليه السلام في مرسل داود بن فرقد: إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب
حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي ثلاث ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل
وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي
المصلي أربع ركعات، وإذا بقي بمقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقي وقت
العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل (9).
وفي خبر عبيد بن زرارة: إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى
نصف الليل، إلا أن هذه قبل هذه (10). وفي خبره أيضا: ومنها صلاتان أول وقتهما
من غروب الشمس إلى انتصاف الليل، إلا أن هذه قبل هذه (11). وفي خبره أيضا:
لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس، ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر (12).
وفي خبر ابن سنان: إن نام رجل أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الآخرة،
فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصليهما (13).

(1) حكاه عنه في المعتبر: ج 2 ص 40.
(2) السرائر: ج 1 ص 195.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 9.
(4) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 120 س 30.
(5) الجامع للشرائع: ص 60.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 60.
(7) المختصر النافع: ص 22.
(8) المعتبر في شرح المختصر: ج 2 ص 40.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 115 ب 17 من أبواب المواقيت ح 4 و ص 132 ب 16 ح 24 و ب 1 ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 132 ب 16 من أبواب المواقيت ح 24.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 115 ب 10 من أبواب المواقيت ح 4.
(12) وسائل الشيعة: ج 3 ص 116 ب 10 من أبواب المواقيت ح 9.
(13) وسائل الشيعة: ج 3 ص 209 ب 62 من أبواب المواقيت ذيل الحديث 4.
40

وفي المختلف: إن كل من قال بامتداد الظهر إلى أن يبقى للغروب قدر ثمان
ركعات، قال بامتداد المغرب كذلك، والفرق خرق للاجماع 1). وفي المعتبر (2)
والمنتهى (3) عن أبي علي ومصباح السيد (4) والمبسوط (5): إن هذا الامتداد
للمضطرين، وأن آخر الوقت للمختار غيبوبة الشرق المغربي.
ويؤيد جواز تأخير المختار إلى غيبوبة الشفق خبر داود الصرمي (6) قال: كنت عند أبي الحسن الثالث عليه السلام يوما، فجلس يحدث حتى غابت
الشمس، ثم دعا بشمع وهو جالس يتحدث، فلما خرجت من البيت نظرت وقد غاب الشفق قبل أن يصلي المغرب، ثم دعا بالماء فتوضأ وصلى (7).
وأطلق الصدوق في الهداية (8) والشيخ في المصباح (9) ومختصره (10)
والجمل (11) وعمل يوم وليلة (12) والخلاف: أن آخر وقت المغرب غيبوبة الشفق
المغربي (13)، لظاهر خبر إسماعيل بن جابر سأل الصادق عليه السلام عن وقت المغرب
فقال: ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق (14). وقوله عليه السلام في خبر بكر بن
محمد: إن الله يقول في كتابه لإبراهيم عليه السلام: (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال
هذا ربي) فهذا أول الوقت، وآخر ذلك غيبوبة الشفق (15). ولمحمد بن شريح إذ
سأله عن وقت المغرب: إذا تغيرت الحمرة في الأفق وذهبت الصفرة وقبل أن

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 27.
(2) المعتبر: ج 2 ص 40.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 205.
(4) حكاه عفن في المعتبر: ج 2 ص 40.
(5) المبسوط: ج 1 ص 74 - 75.
(6) في ب (الصيرمي).
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 143 ب 19 من أبواب المواقيت ح 10.
(8) الهداية: ص 29 - 30.
(9) مصباح المتهجد: ص 23 س 15.
(10) لا يوجد لدينا.
(11) الجمل والعقود: ص 59.
(12) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 143.
(13) الخلاف: ج 1 ص 261 المسألة 6.
(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 133 ب 16 من أبواب المواقيت ح 29.
(15) وسائل الشيعة: ج 3 ص 127 ب 16 من أبواب المواقيت ح 6.
41

تشتبك النجوم (1).
وفي خبر عبد الله بن سنان: وقت المغرب من حين تغيب الشمس إلى أن
تشتبك النجوم (2). وفي خبر الشحام من أخر المغرب حتى تشتبك النجوم من غير
علة فأنا إلى الله منه بري (3). ونحوها من الأخبار وهي كثيرة، وحملت على
الفضل جمعا، ويحتمله كلامهم.
وفي المبسوط (4) والاقتصاد (5) والتهذيب (6) والاستبصار (7) والكافي (8)
والإصباح (9) والوسيلة: وقت المختار إلى غيبوبة الشفق، ووقت المضطر إلى
ربع الليل (10).
وفي المقنعة (11) والنهاية (12) والمهذب: رخصة التأخير للمسافر إلى ربع
الليل (13). وفي المراسم (14) رواية ذلك، وذلك لقول الصادق عليه السلام في خبر عمر بن
يزيد: وقت المغرب في السفر إلى ربع الليل (15). قال الكليني: وروي أيضا إلى
نصف الليل (16). وخبره سأله عليه السلام عن وقت المغرب فقال: إذا كان أرفق بك،

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 129 ب 16 من أبواب المواقيت ح 12.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 132 ب 16 من أبواب المواقيت ح 26.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 138 ب 18 من أبواب المواقيت ح 8.
(4) المبسوط: ج 1 ص 74 - 75.
(5) الإقتصاد: ص 256.
(6) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 32 ذيل الحديث 97.
(7) الإستبصار: ج 1 ص 298 ذيل الحديث 967.
(8) الكافي في الفقه: ص 137.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 609.
(10) الوسيلة: ص 83.
(11) المقنعة: ص 95.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 279.
(13) المهذب: ج 1 ص 69.
(14) المراسم: ص 62.
(15) وسائل الشيعة: ج 3 ص 141 ب 19 من أبواب المواقيت ح 2.
(16) الكافي ج 3 ص 281 ذيل الحديث 13.
42

وأمكن لك في صلاتك وكنت في حوائجك، فلك أن تؤخرها إلى ربع الليل، قال:
قال لي: هذا وهو شاهد في بلده (1). وقوله عليه السلام في خبر أبي بصير: أنت في وقت
من المغرب في السفر إلى خمسة أميال من بعد غروب الشمس (2).
وخبر إسماعيل بن جابر، قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام حتى إذا بلغنا بين
العشائين قال: يا إسماعيل إمض مع الثقل والعيال حتى ألحقك، وكان ذلك عند
سقوط الشمس، فكرهت أن أنزل وأصلي وأدع العيال وقد أمرني أن أكون معهم
فسرت ثم لحقني أبو عبد الله عليه السلام فقال: يا إسماعيل هل صليت المغرب بعد؟
فقلت: لا، فنزل عن دابته وأذن وأقام وصلى المغرب وصليت معه، وكان من
الموضع الذي فارقته فيه إلى الموضع الذي لحقني ستة أميال (3).
ويدل على عموم الامتداد إلى الربع، خبر عمر بن يزيد سأل الصادق عليه السلام
أكون مع هؤلاء وأنصرف من عندهم عند المغرب فأمر بالمساجد، فأقيمت الصلاة
فإن أنا نزلت أصلي معهم لم أستمكن من الأذان والإقامة وافتتاح الصلاة، فقال:
ائت منزلك وانزع ثيابك، وإن أردت أن تتوضأ، فتوضأ وصل، فإنك في وقت إلى
ربع الليل (4). ولذا أطلق السيد في الناصريات قوله: آخر وقتها مغيب الشفق الذي
هو الحمرة، وروي ربع الليل (5).
وفي الهداية (6) والمراسم (7) والمصباح (8) ومختصره (9) والمقنعة (10) تأخيرها

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 142 ب 19 من أبواب المواقيت ح 8.
(2) المصدر السابق ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 142 ب 19 من أبواب المواقيت ح 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 143 ب 19 من أبواب المواقيت ح 11.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 229 المسألة 73.
(6) الهداية: ص 61.
(7) المراسم: ص 112.
(8) مصباح المتهجد: ص 640.
(9) لا يوجد لدينا.
(10) المقنعة: ص 416.
43

عند الإفاضة من عرفات إلى ربع الليل.
وفي النهاية (1) والمبسوط (2) والفقيه (3) والمقنع (4) والمهذب (5) والوسيلة (6) إلى
الثلث. وفي الخلاف إلى الربع، وروي إلى النصف (7) ويأتي إن شاء الله.
(وأول وقت العشاء من حين الفراغ من المغرب) كما في جمل العلم
والعمل (8) والجمل والعقود (9) والكافي (10) والوسيلة (11) والسرائر (12) والغنية (13)
والمهذب (14) والإشارة (15) والجامع (16) وكتب المحقق (17)، لمرسل داود المتقدم (18)
وقول الصادق عليه السلام خبر زرارة: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بالناس المغرب والعشاء
الآخرة قبل سقوط الشفق من غير علة في جماعة.
وإنما فعل ذلك ليتسع الوقت على أمته (19). وخبر الحلبيين سألاه عليه السلام عن
صلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق، فقال: لا بأس بذلك (20). وخبر إسحاق بن
عمار سأله عليه السلام يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل أن يغيب الشفق من
غير علة، قال: لا بأس (21). وخبر زرارة سأل الصادقين عليهما السلام عن الرجل يصلي

(1) النهاية ونكتها: ج 521.
(2) المبسوط: ج 1 ص 367.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 544 ذيل الحديث 3137.
(4) المقنع: ص 87.
(5) 386 المهذب: ج 1 ص 252.
(6) الوسيلة: ص 179.
(7) الخلاف: ج 2 ص 340 المسألة 160.
(8) لم نعثر عليه ونقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 42.
(9) الجمل والعقود: ص 59.
(10) الكافي في الفقه: ص 137.
(11) الوسيلة: ص 83.
(12) السرائر: ج 1 ص 196.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494.
(14) المهذب: ج 1 ص 69.
(15) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 120.
(16) الجامع للشرائع: ص 60.
(17) المعتبر: ج 2 ص 42، وشرائع الاسلام: ج 1 ص 60، والمختصر النافع: ص 21.
(18) وسائل الشيعة: ج 3 ص 134 ب 17 من أبواب المواقيت ح 4.
(19) وسائل الشيعة: ج 3 ص 162 ب 32 من أبواب المواقيت ح 8.
(20) وسائل الشيعة: ج 3 ص 148 ب 22 من أبواب المواقيت ح 6.
(21) وسائل الشيعة: ج 3 ص 162 ب 32 من أبواب المواقيت ح 10.
44

العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق، فقالا: لا بأس به (1).
وفي المختلف: لا فارق بين الظهرين والعشائين، فمن قال بالاشتراك عند
الفراغ من الظهر قال به عند الفراغ من المغرب، ثم اعتبار الفراغ من المغرب على
المختار من اختصاص المغرب بأول الغروب، وإلا فأوله الغروب (2)، كما في
خبري عبيد بن زرارة المتقدمين، وصحيح زرارة عن الباقر عليه السلام: إذا غابت
الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة (3).
وفي الهداية (4) والمبسوط (5) والخلاف (6) والاقتصاد (7) والمصباح (8)
ومختصره (9) وعمل يوم وليلة للشيخ (10) والمقنعة (11) والنهاية (12) والمراسم أن أوله
سقوط الشفق المغربي، لكن في الأخير أنه روى، جواز التقديم للمعذور (13).
وفي النهاية (14) والمقنعة (15) الفتوى بجوازه له. وفي التهذيب (16) احتماله،
وذلك لخبر جميل سأل الصادق عليه السلام الرجل يصلي العشاء قبل أن يسقط الشفق،
فقال: لعلة لا بأس (17). ويمكن كون (لعلة) مركبا من (لعل) والضمير. وصحيح
عمران الحلبي سأله عليه السلام: متى تجب العتمة؟ قال: إذا غاب الشفق (18). ويحتمل

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 148 ب 22 من أبواب المواقيت ح 5.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 21.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 135 ب 17 من أبواب المواقيت ح 11.
(4) الهداية: ص 30.
(5) المبسوط: ج 1 ص 75.
(6) الخلاف: ج 1 ص 262 المسألة 7.
(7) الإقتصاد: ص 256.
(8) مصباح المتهجد: ص 23.
(9) لا يوجد لدينا.
(10) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 143.
(11) المقنعة: ص 93.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 279.
(13) المراسم: ص 62.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 279.
(15) المقنعة: ص 95.
(16) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 34 ذيل الحديث 106.
(17) وسائل الشيعة: ج 3 ص 143 ب 19 من أبواب المواقيت ح 13.
(18) وسائل الشيعة: ج 3 ص 149 ب 23 من أبواب المواقيت ح 1.
45

الشفق المشرقي. وخبري ذريح ومعاوية بن وهب عنه عليه السلام الواردين الناطقين
لكل صلاة بوقتين (1)، فإن الوقت الأول للعشاء، فهما عند سقوط الشفق.
وقوله عليه السلام في خبر يزيد بن خليفة: وقت العشاء حين يغيب الشفق إلى ثلث
الليل (2). وقوله عليه السلام فيما رواه الحميري في قرب الإسناد لبكر بن محمد، إذ سأله
عن وقت عشاء الآخرة فقال: إذا غاب الشفق (3). وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر
زرارة: فإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء (4) (5).
ومما ينص على جواز التقديم للضرورة مع ما مر من قول الصادق عليه السلام في
صحيح الحلبي: لا بأس بأن تعجل العتمة في السفر قبل أن يغيب الشفق (6). وخبر
إسحاق البطيخي أنه رأى عليه السلام صلى العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق، ثم
ارتحل (7). ولكن الجمع يكون الفضل في التأخير كما في الإستبصار أوجه (8)
لخبري زرارة وإسحاق. ثم قد سمعت أن المصلي إذا صلى المغرب بعد مجاوزة
الحمرة قمة الرأس، ثم النوافل سقط الشفق.
واحتمل في التهذيب جواز الدخول في العشاء قبل سقوط الشفق إذا علم
سقوطه في الأثناء (9).
ويمتد هذا الوقت (إلى ثلث الليل) وفاقا للمشهور، لخبر يزيد بن خليفة (10)

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 115 و 116 ب 10 من أبواب المواقيت ح 5 و 8.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 114 ب 10 من أبواب المواقيت ح 2.
(3) قرب الإسناد: ص 18.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 114 ب 10 من أبواب المواقيت ح 3.
(5) ورد هنا في نسخة (ع) خبر يزيد بن خليفة المتقدم مع حذفه من الموضع المتقدم.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 147 ب 22 من أبواب المواقيت ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 148 ب 22 من أبواب المواقيت ح 7.
(8) الإستبصار: ج 1 ص 272 ذيل الحديث 43.
(9) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 35 ذيل الحديث 60.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 114 ب 10 من أبواب المواقيت ح 2.
46

وغيره (1)، ولقوله صلى الله عليه وآله في خبر أبي بصير: لولا أني أخاف أن أشق على أمتي
لأخرت العتمة إلى ثلث الليل (2). وقول الصادق عليه السلام في خبر الحلبي: العتمة إلى
ثلث الليل (3). وقول الباقر عليه السلام في خبر زرارة: وآخر وقت العشاء ثلث الليل (4).
وعن الحسن إلى الربع (5)، وهو اختيار الحلبي (6).
(و) روي عن الرضا عليه السلام وقت العشاء (للاجزاء) يمتد (إلى أن يبقى
لانتصافه) أي الليل (مقدار أربع) للحاضر (7)، كما في جمل السيد (8)
ومصباحه (9) والغنية (10) والسرائر (11) والإشارة (12) والمراسم (13) وكتب
المحقق (14)، لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: وأنت في رخصة إلى نصف
الليل وهو غسق الليل (15). وفي خبر معلى بن خنيس: آخر وقت العتمة نصف
الليل (16).
وفي المبسوط (17) والكافي (18) وكتابي الأخبار (19) والوسيلة (20) والإصباح (21)

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 135 ب 17 من أبواب المواقيت ح 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 114 ب 17 من أبواب المواقيت ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 135 ب 17 من أبواب المواقيت ح 9.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 114 ب 10 من أبواب المواقيت ح 3.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 28.
(6) الكافي في الفقه: ص 137.
(7) فقه الرضا عليه السلام: ص 103.
(8) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 42.
(9) نقله عنه في المصدر السابق.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 9.
(11) السرائر: ج 1 ص 195.
(12) إشارة السبق: ص 85.
(13) المراسم: ص 62.
(14) المعتبر: ج 1 ص 43، المختصر النافع: ص 22، وشرائع الاسلام: ج 1 ص 61.
(15) وسائل الشيعة: ج 3 ص 146 ب 21 من أبواب المواقيت ح 2.
(16) وسائل الشيعة: ج 3 ص 135 ب 17 من أبواب المواقيت ح 8.
(17) المبسوط: ج 1 ص 75.
(18) الكافي في الفقه: ص 137.
(19) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 33 ذيل الحديث 53، والاستبصار: ج 1 ص 270 ذيل الحديث 37.
(20) الوسيلة: ص 83. (21) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 609.
47

اختصاصه بالمضطر، لقول الصادق عليه السلام في خبر الحلبي: العتمة إلى ثلث الليل، أو
إلى نصف الليل، وذلك التضييع (1).
ولم يذكر في الهداية (2) والمقنعة (3) وعمل يوم وليلة (4) للشيخ سوى الثلث،
وجعل النصف في الخلاف (5) والاقتصاد (6) والجمل والعقود (7) والمصباح (8)
ومختصره (9) والجامع رواية (10)، وحكاه القاضي قولا (1).
ومضى قول الصادق عليه السلام في خبر عبيد بن زرارة: لا تفوت صلاة النهار حتى
تغيب الشمس ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر (12). وفي خبر ابن سنان إن نام
رجل أو نسي أن يصلي المغرب والعشاء الآخرة، فإن استيقظ قبل الفجر قدر ما
يصليهما كلتيهما فليصلهما (13).
وحكى الشيخ الامتداد إليه في المبسوط قولا للأصحاب (14)، وحملهما في
كتابي الأخبار (15) على الضرورة، وهو فتوى المعتبر (16). واحتمل في الأول في
الإستبصار (17) نوافل الليل، واحتمل في المنتهى (18) في الثاني الاستيقاظ قبل

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 135 ب 17 من أبواب المواقيت ح 9.
(2) الهداية: ص 30.
(3) المقنعة: ص 93.
(4) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 143.
(5) الخلاف: ج 1 ص 265 المسألة 8.
(6) الإقتصاد: ص 256.
(7) الجمل والعقود: ص 59.
(8) مصباح المتهجد: ص 23.
(9) لا يوجد لدينا.
(10) الجامع للشرائع: ص 60.
(11) المهذب: ج 1 ص 69.
(12) وسائل الشيعة: ج 3 ص 116 ب 10 من أبواب المواقيت ح 9.
(13) وسائل الشيعة: ج 3 ص 209 ب 62 من أبواب المواقيت ذيل الحديث 4.
(14) المبسوط: ج 1 ص 75.
(15) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 33 ذيل الحديث 53، والاستبصار: ج 1 ص 270 ذيل الحديث 37.
(16) المعتبر: ج 2 ص 43.
(7 1) الإستبصار: ج 1 ص 273 ذيل الحديث 50.
(18) منتهى المطلب: ج 1 ص 206 س 19.
48

الانتصاف، ولا ينص قول الصادق عليه السلام في مرفوع ابن مسكان: من نام قبل أن
يصلي العتمة فلم يستيقظ حتى يمضي نصف الليل، فليقض صلاته وليستغفر الله (1)
على فوات الوقت، لاحتمال قضاء الفعل.
(وأول وقت الصبح طلوع الفجر الثاني) وهو (المستطير) المنتشر
الذي لا يزال يزداد (في الأفق) لا المستطيل، بإجماع أهل العلم كما في
المعتبر (2) والتذكرة (3) والمنتهى (4) (إلى أن تظهر الحمرة المشرقية) كما في
المبسوط (5) والخلاف (6) والوسيلة (7) والإصباح (8) والشرائع (9)، لكن في غير
الأخير انتهاء وقت المختار بذلك، وفيه انتهاء الفضيلة، وهو فتوى المصنف في
كتبه (10) وكافة (11) الأسفار الذي في الخلاف أنه آخر وقت المختار عندنا (12).
والإضاءة في قول الصادق عليه السلام في خبر يزيد بن خليفة: وقت الفجر حين
يبدو حتى يضئ (13) وتجلل الصبح السماء في قوله عليه السلام في صحيح ابن سنان
وحسن الحلبي: وقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء،
ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا، ولكنه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام (14).
ويرشد إليه ما يأتي من انتهاء وقت النافلة بظهور الحمرة.

(1) وسائل الشيعة ج 3 ص 134 ب 17 من أبواب المواقيت ح 5.
(2) المعتبر: ج 2 ص 44.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 77 س 20.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 206 س 20.
(5) المبسوط: ج 1 ص 75.
(6) الخلاف: ج 1 ص 267 المسألة 10.
(7) الوسيلة: ص 83.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 609.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 61.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 77 س 23، ومنتهى المطلب: ج 1 ص 206 س 34، ومختلف
الشيعة: ج 2 ص 31، وتحرير الأحكام: ج 1 ص 27 س 14، ونهاية الإحكام: ج 1 ص 311.
(11) في ط وع و ب (وكأنه).
(12) الخلاف: ج 1 ص 267 المسألة 10.
(13) وسائل الشيعة: ج 3 ص 151 ب 26 من أبواب المواقيت ح 3.
(14) المصدر السابق ح 1 و 5.
49

(و) يمتد وقته (للاجزاء إلى أن يبقى لطلوع الشمس مقدار
ركعتين) مطلقا، كما في عمل يوم وليلة للشيخ (1) وجمله (2) واقتصاده (3)
ومصباحه (4) ومختصره (5) وكتب المحقق (6) والمقنعة (7) وجمل العلم والعمل (8)
وشرحه (9) والكافي (10) والمهذب (11) والسرائر (12) والمراسم (13) والغنية (14)
والجامع (15)، أو عند العذر كما في الخلاف (16) والنهاية (17) والمبسوط (18) وكتابي
الأخبار (19) والوسيلة (20) والإصباح (21)، لنحو قول الباقر عليه السلام في خبر زرارة: وقت
صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس (22). وقول الصادق عليه السلام في خبر
عبيد بن زرارة: لا تفوت صلاة الفجر حين تطلع الشمس (23). ولعله إجماع.
ودليل مرجوحية التأخير نحو ما سمعته من خبري الحلبيين (24) وابن

(1) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 134.
(2) الجمل والعقود: ص 59.
(3) الإقتصاد: ص 256.
(4) مصباح المتهجد: ص 23 - 24.
(5) لا يوجد لدينا.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 61، والمعتبر: ج 2 ص 45، والمختصر النافع: ص 22.
(7) المقنعة: ص 94.
(8) لم نعثر عليه في الجمل ونقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 45.
(9) شرح جمل العلم والعمل: ص 66.
(10) الكافي في الفقه: ص 138.
(11) المهذب: ج 1 ص 69.
(12) السرائر: ج ص 195.
(13) المراسم: ص 62.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 10.
(15) الجامع للشرائع: ص 61.
(16) الخلاف: ج 1 ص 267 المسألة 10.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 279.
(18) المبسوط: ج 1 ص 75.
(19) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 38 ذيل الحديث 70، والاستبصار: ج 1 ص 276 ذيل الحديث 10.
(20) الوسيلة: ص 83.
(21) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 609.
(22) وسائل الشيعة: ج 3 ص 152 ب 26 من أبواب المواقيت ح 6.
(23) المصدر السابق ح 8.
(24) وسائل الشيعة: ج 3 ص 151 ب 26 من أبواب المواقيت ح 1.
50

سنان (1)، وخبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام عن الصائم متى يحرم عليه الطعام؟
فقال: إذا كان الفجر كالقبطية البيضاء، قال: فمتى تحل الصلاة؟ قال: إذا كان
كذلك، قال: ألست في وقت من تلك الساعة إلى أن تطلع الشمس؟ فقال: لا إنما
نعدها صلاة الصبيان، ثم قال: إنه لم يكن يحمد الرجل أن يصلي في المسجد، ثم
يرجع فينبه أهله وصبيانه (2).
ثم إذا كان زوال الحمرة من المشرق علامة غروب الشمس، فالظاهر أن
ظهورها في المغرب علامة طلوعها، وقد روي ذلك عن الرضا عليه السلام (3).
(ووقت نافلة الظهر) في غير الجمعة (من حين الزوال) كما نطقت به
الأخبار والأصحاب.
ولكن قول الصادق عليه السلام لعمر بن يزيد: إعلم أن النافلة بمنزلة الهدية، متى ما
أتى بها قبلت (4).
وفي مرسل علي بن الحكم: صلاة النهار ست عشرة ركعة، أي النهار شئت،
إن شئت في أوله وإن شئت في وسطه، وإن شئت في آخره (5). ونحوهما عدة
أخبار (6).
ولعل المراد جواز التقديم متى خاف الفوات كما قاله الشيخ (7)، لما روي أن
أمير المؤمنين عليه السلام في صفين نزل فصلى أربع ركعات قبل الزوال (8) وقال

(1) المصدر السابق ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 155 ب 28 من أبواب المواقيت ح 2.
(3) فقه الرضا عليه السلام: ص 74.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 169 ب 37 من أبواب المواقيت ح 3.
(5) المصدر السابق ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 168 ب 37 من أبواب المواقيت.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 280.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 170 ب 37 من أبواب المواقيت ح 11.
51

إسماعيل بن جابر للصادق عليه السلام إني أشتغل، قال: فاصنع كما نصنع، صل ست
ركعات إذا كانت الشمس في مثل موضعها من صلاة العصر - يعني ارتفاع الضحى
الأكبر - واعتد بها من الزوال (1). وسأل ابن مسلم أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يشتغل
عن الزوال أيعجل من أول النهار؟ فقال: نعم إذا علم أنه يشتغل، فيعجلها في
صدر النهار كلها (2).
ويحتمل جواز التقديم مطلقا كما استوجهه الشهيد (3)، وقد يظهر من قول
الصادق عليه السلام للقاسم بن وليد الغساني: في أي ساعات النهار شئت أن تصليها
صليتها، إلا أنك إذا صليتها في مواقيتها أفضل (4).
ويمتد وقتها (إلى أن يزيد ألفي قدمين) أي سبعي الشاخص، كما في
النهاية (5) والوسيلة (6) والشرائع (7) والنافع (8) والمصباح (9) ومختصره (10)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر عمار: للرجل أن يصلي الزوال ما بين زوال الشمس إلى أن
يمضي قدمان، فإن كان قد بقي من الزوال ركعة واحدة، أو قبل أن يمضي قدمان
أتم الصلاة حتى يصلي تمام الركعات، وإن مضى قدمان قبل أن يصلي ركعة بداء
بالأولى ولم يصل الزوال إلا بعد ذلك (11).
وقريب منهما الذراع الواقع في أخبار زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال: إذا
دخل وقت الذراع والذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة (12). وفي حسن ابن

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 169 ب 37 من أبواب المواقيت ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 168 ب 37 من أبواب المواقيت ح 1.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 140 درس 26.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 169 ب 37 من أبواب المواقيت ح 5.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 279.
(6) الوسيلة: 83.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 62.
(8) المختصر النافع: ص 22.
(9) المصباح المتهجد: ص 24.
(10) لا يوجد لدينا.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 178 ب 40 من أبواب المواقيت ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 3 ص 167 ب 36 من أبواب المواقيت ح 1.
52

مسلم عن الصادق عليه السلام قال وإنما أخرت الظهر ذراعا من عند الزوال من أجل
صلاة الأوابين (1).
وأجاد أبو علي إذ جمع بينهما فقال: يستحب للحاضر أن يقدم بعد الزوال
وقبل فريضة الظهر شيئا من التطوع إلى أن تزول الشمس قدمين أو ذراعا من
وقت زوالها (2).
وفي السرائر (3) والمعتبر (4) والمنتهى (5) والتذكرة (6) والتحرير (7) والتبصرة (8) وفي
نهاية الإحكام مع تردد: الامتداد إلى المثل (9)، لما تقدم عن أحمد ابن محمد بن
يحيى: إن بعض أصحابنا كتب إلى أبي الحسن عليه السلام روي عن آبائك القدم،
والقدمين، والأربع، والقامة، والقامتين، وظل مثلك، والذراع، والذراعين.
فكتب عليه السلام: لا القدم ولا القدمين، إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين،
وبين يديها سبحة وهي ثماني ركعات فإن شئت طولت وإن شئت قصرت، ثم صل
الظهر، فإذا فرغت كان بين الظهر والعصر سبحة وهي ثماني ركعات إن شئت
طولت وإن شئت قصرت ثم صل العصر (10).
واستدل الفاضلان عليه بنحو قول أبي جعفر عليه السلام لزرارة: إن حائط مسجد
رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة فيئك، فكان إذا مضى في فيئه ذراع صلى الظهر، وإذا
مضى من فيئه ذراعان صلى العصر، ثم قال: أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟
قال: لم جعل ذلك؟ قال: لمكان الفريضة، فإن لك أن تتنفل من زوال الشمس إلى

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 167 ب 36 من أبواب المواقيت ح 3.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 33.
(3) السرائر: ج 1 ص 199.
(4) المعتبر: ج 2 ص 48.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 207 س 10.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 77 س 29.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 27 س 15.
(8) تبصرة المتعلمين: ص 20.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 311.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 98 ب 5 من أبواب المواقيت ح 13.
53

أن يمضي ألفي ذراعا، فإذا بلغ فيؤك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت
النافلة. قالا: إن الذراع هو المثل، لأن حائط المسجد كان ذراعا (1)، كما قال
الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير إذ سأله كم القامة؟ قال: ذراع، إن قامة رحل
رسول الله صلى الله عليه وآله كانت ذراعا (2).
وللأخبار الناطقة بأن القامة ذراع - غير هذا الخبر - كقوله عليه السلام لعلي بن
حنظلة: القامة والقامتين والذراع والذراعين في كتاب علي عليه السلام (3)، وفيه: إنك
عرفت احتمال هذه الأخبار كون القامة بمعنى الذراع، وأنه الظاهر من خبر
زرارة هذا وغيره (4).
وأظهر منه ما في الفقيه من أن زرارة سأل عليه السلام عن وقت الظهر، فقال: ذراع
من زوال الشمس، ووقت العصر ذراعان من وقت الظهر فذاك أربعة أقدام من
زوال الشمس، ثم قال: إن حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة، إلى آخر ما
مر. وزاد بعده: وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة (5).
وفي الجمل والعقود (6) والمهذب (7) والغنية (8) والجامع: الامتداد إلى بقاء وقت
أداء الفريضة من المثل (9).
وفي المبسوط (10) والإصباح: الامتداد إلى أن يبقى إلى آخر الوقت قدر أداء
الفريضة (11)، فإن أراد وقت المختار فهو المثل، وإن أراد وقت المضطر امتد إلى

(1) المعتبر: ج 2 ص 48، وفيه: (عن الصادق عليه السلام)، ومنتهى المطلب: ج 1 ص 207 س 21.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 106 ب 8 من أبواب المواقيت ح 16.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 105 ب 8 من أبواب المواقيت ح 14.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 106 ب 8 من أبواب المواقيت ح 15.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 217 ح 653.
(6) الجمل والعقود: ص 59.
(7) المهذب: ج 1 ص 70.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 24.
(9) الجامع للشرائع: ص 62.
(10) المبسوط: ج 1 ص 66.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 609.
54

قدر أربع ركعات إلى الغروب.
ولعل مستند استثناء قدر الفريضة من المثل أنه آخر وقت المختار، بمعنى أن
عليه أن لا يؤخر الصلاة عنه، كما نص عليه قول الصادق عليه السلام لعمر بن حنظلة:
فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر (1). ولكن قال عليه السلام لزرارة إذ سأله عن وقت
صلاة الظهر في القيظ: إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر (2). ويحتمل العذر.
وفي الكافي: امتداد وقت نوافل كل فريضة بامتداد وقتها (3). ويؤيده الأخبار
المخيرة لفعلها في أي وقت أريد (4)، وخبر عثمان بن عيسى عن سماعة سأله عن
الرجل يأتي المسجد وقد صلى أهله أيبتدئ بالمكتوبة أو يتطوع؟ فقال: إن كان
في وقت حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفريضة، وإن كان خاف الفوت من أجل ما
مضى من الوقت فليبدأ بالفريضة وهو حق الله، ثم ليتطوع ما شاء الأمر موسع أن
يصلي الانسان في أول دخول وقت الفريضة النوافل، إلا أن يخاف فوت الفريضة.
والفضل إذا صلى الانسان وحده أن يبدأ بالفريضة إذا دخل وقتها ليكون فضل أول
الوقت للفريضة، وليس بمحظور عليه أن يصلي النوافل من أول الوقت إلى قريب
من آخر الوقت (5).
لكن آخر وقت الظهر عن الحلبيين المثل للمضطر، وأربعة أقدام لغيره (6).
(و) وقت (نافلة العصر) مما بعد الظهر (إلى) أن يزيد ألفي

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 114 ب 10 من أبواب المواقيت ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 105 ب 8 من أبواب المواقيت ح 13.
(3) الكافي في الفقه: ص 158.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 102 ب 8 من أبواب المواقيت.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 164 ب 35 من أبواب المواقيت ح 1.
(6) الكافي في الفقه: ص 137، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 23 وفيه: (مقدار ما
تصلي فيه أربع ركعات).
55

(أربعة) أقدام، كما في النهاية (1) والوسيلة (2) والمصباح (3) ومختصره (4)
والنافع (5) والشرائع (6)، لأخبار الذراعين (7) والعلة في ذلك نحو قول الصادق عليه السلام
في خبر عمار: وللرجل أن يصلي من نوافل الأولى ما بين الأولى إلى أن يمضي
أربعة أقدام (8) الخبر.
ومن قال بامتداد نافلة الظهر إلى المثل، قال هنا بالمثلين، لمثل ما مر. ومن
استثنى هناك قدر إيقاع الفريضة استثناه هنا أيضا إلا الشيخ في الجمل (9) والمبسوط.
ونص في المبسوط على امتدادها إلى آخر وقت المختار الذي هو الزيادة
مثلين (10)، ونحوه الإصباح (11).
وسمعت عبارة الحلبي هنا، وأن عنده آخر وقت العصر للمختار المثلان،
وللمضطر الغروب (12).
(و) وقت (نافلة المغرب بعدها إلى ذهاب الشفق) المغربي، كما في
النهاية (13) والوسيلة (14) والغنية (15) والمهذب (16) والمصباح (17) ومختصره (18)
والإشارة (19) والشرائع (20) والنافع (21) وشرحه (22)، للنهي في الأخبار (23) عن

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 280.
(2) الوسيلة: ص 83.
(3) مصباح المتهجد: ص 24.
(4) لا يوجد لدينا.
(5) المختصر النافع: ص 22.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 62.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 167 ب 36 من أبواب المواقيت.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 178 ب 40 من أبواب المواقيت ح 1.
(9) الجمل والعقود: ص 60.
(10) المبسوط: ج 1 ص 7.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 609.
(12) الكافي في الفقه: ص 137.
(13) 566 النهاية ونكتها: ج 1 ص 281.
(14) الوسيلة: ص 83.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 26.
16) المهذب: ج 1 ص 70.
(17) مصباح المتهجد: ص 24.
(18) لا يوجد لدينا.
(19) إشارة السبق: ص 85.
(20) شرائع الاسلام: ج 1 ص 62.
(21) المختصر النافع: ص 22.
(22) المعتبر: ج 2 ص 53. (23) وسائل الشيعة: ج 3 ص 164 ب 35 من أبواب المواقيت.
56

التنفل وقت الفريضة، وفيه أن المراد وقت تضيقها.
وفي المعتبر: إنه مذهب علمائنا (1). وفي المنتهى: إن عليه اتفاقهم (2). وفي
الذكرى: لو قيل بامتداد وقت بوقت المغرب أمكن، لأنها تابعة لها، وإن كان
الأفضل المبادرة لها (3). ونحوه الدروس (4)، وهو جيد. وسمعت كلام الحلبيين (5).
(و) وقت (الوتيرة بعد العشاء، وتمتد كوقتها) اتفاقا كما في المنتهى (6)
وظاهر المعتبر (7)، لأصل بقاء الوقت وعمومات استحبابها بعدها من غيره معارض.
(و) وقت (صلاة الليل بعد انتصافه إلى طلوع الفجر) للنصوص (8)
والاجماع، كما في الخلاف (9) والمعتبر (10) والمنتهى (11).
ولا يخالفه ما في الغنية (12) والمهذب من امتداده إلى قبل الفجر (13)، فإنهما
اعتبرا الشروع فيها، وغيرهما الفراغ منها، ولا نحو قول الصادق عليه السلام في خبر
سماعة: لا بأس بصلاة الليل من أول الليل إلى آخره، إلا أن أفضل ذلك إذا انتصف
الليل (14)، لابتنائه على العذر، كما نطق به غيره من الأخبار (15).
والفجر هو الثاني كما هو ظاهر من أطلقه، وصريح المبسوط (16)

(1) المعتبر: ج 2 ص 53.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 207 س 34.
(3) ذكرى الشيعة: ص 124 س 32.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 141 درس 26.
(5) الكافي في الفقه: ص 158، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 26.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 208 س 2.
(7) المعتبر: ج 2 ص 54.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 180 ب 43 من أبواب المواقيت.
(9) الخلاف: ج 1 ص 533 المسألة 272.
(10) المعتبر: ج 2 ص 54.
(11) منتهى المطلب: ج 3 ص 208 س 3.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 26.
(13) المهذب: ج 1 ص 70.
(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 183 ب 44 من أبواب المواقيت ح 9.
(15) وسائل الشيعة: ج 3 ص 181 ب 44 من أبواب المواقيت.
(16) المبسوط: ج 1 ص 76.
57

والجامع (1)، ويؤيده الأصل. وقيده السيد في الجمل (2) بالأول. قال الشهيد: ولعله
نظر إلى جواز ركعتي الفجر، والغالب أن دخول وقت صلاة تكون بعد خروج
وقت أخرى، ودفعه بأنهما من صلاة الليل كما في الأخبار (3)، وسيأتي.
ويمكن أن يكون نزل عليه نحو خبر عمر بن يزيد سأل الصادق عليه السلام أقوم
وقد طلع الفجر، فإن أنا بدأت بالفجر صليتها في أول وقتها، وإن بدأت بصلاة
الليل والوتر صليت الفجر في وقت هؤلاء، فقال: إبداء بصلاة الليل والوتر ولا
تجعل ذلك عادة (4). وخبر سليمان بن خالد أنه قال له عليه السلام: ربما قمت وقد طلع
الفجر فأصلي صلاة الليل والوتر والركعتين قبل الفجر، ثم أصلي الفجر، قال قلت:
أفعل أنا ذا؟ قال: نعم، ولا يكون منك عادة (5).
وفي الهداية: أن وقت صلاة الليل الثلث الأخير منه (6)، وكأنه ذكر الأفضل.
(وكلما قرب من الفجر كان أفضل) كما في الناصريات (7) والنهاية (8)
والخلاف (9) وعمل يوم وليلة (10) والوسيلة (11) والسرائر (12) وكتب المحقق (13)، لأن
مرازما سأل الصادق عليه السلام متى نصلي صلاة الليل؟ قال: صلها في آخر الليل (14).
ولأن الحلبي سأل الصادق عليه السلام في الحسن عن رسول الله عليه السلام متى كان يقوم؟

(1) الجامع للشرائع: ص 62.
(2) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 125 س 23.
(3) ذكرى الشيعة: ص 125 س 23.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 190 ب 48 من أبواب المواقيت ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 190 ب 48 من أبواب المواقيت ح 3.
(6) الهداية: ص 35.
(7) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 76.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 281.
(9) الخلاف: ج 1 ص 533 المسألة 272.
(10) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 150.
(11) الوسيلة: ص 83.
(12) السرائر: ج 1 ص 196.
(13) المعتبر: ج 2 ص 54، شرائع الاسلام: ج 1 ص 62، المختصر النافع: ص 22.
(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 197 ب 54 من أبواب المواقيت ح 3.
58

قال: بعد ثلث الليل (1).
ولأخبار فضل الثلث الأخير واستجابة الدعاء فيه بالمغفرة وغيرها، كقول
الصادق عليه السلام في خبر حريز الذي رواه علي بن إبراهيم في تفسيره: إن الرب
تعالى ينزل أمره في كل ليلة جمعة من أول الليلة، وفي كل ليلة في الثلث الأخير،
وأمامه ملكان فيناديان هل من تائب فيتاب عليه؟ هل من مستغفر فيغفر له؟ هل
من سائل فيعطى سؤله؟ (2).
وخبر إسماعيل بن سعد الأشعري سأل الرضا عليه السلام عن أفضل ساعات الليل
فقال: الثلث الباقي (3). وقوله عليه السلام لإبراهيم بن أبي محمود: إن الله تعالى ينزل ملكا
إلى السماء الدنيا كل ليلة في الثلث الأخير، وليلة الجمعة في أول الليل، فيأمره
فينادي هل من سائل فاعطيه؟ هل من تائب فأتوب عليه؟ هل من مستغفر
فأغفر له؟ يا طالب الخير أقبل، ويا طالب الشر أقصر (4). ونصوص الاستغفار
بالأسحار من الكتاب (5) والأخبار (6) كثيرة.
وفي الخلاف (7) والمعتبر (8) والمنتهى (9) وظاهر التذكرة (10) الاجماع، فإن
صح كان هو العمدة.
وللوتر خاصة خبر معاوية بن وهب سأل الصادق عليه السلام عن أفضل ساعات
الوتر، فقال: الفجر أول ذلك (11). وخبر أبان بن تغلب سأله عليه السلام أي ساعة كان

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 196 ب 53 من أبواب المواقيت ح 2.
(2) تفسير القمي: ج 2 ص 204.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 197 ب 54 من أبواب المواقيت ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 72 ب 44 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 1.
(5) آل عمران: 17.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 72 ب 44 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.
(7) الخلاف: ج 1 ص 533 المسألة 272.
(8) المعتبر: ج 2 ص 54.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 208 س 4.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 77 س 36.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 197 ب 54 من أبواب المواقيت ح 1.
59

رسول الله صلى الله عليه وآله يوتر؟ فقال: على مثل مغيب الشمس إلى صلاة المغرب (1). وخبر
إسماعيل بن سعد الأشعري سأل الرضا عليه السلام عن ساعات الوتر فقال: أحبها إلي
الفجر الأول (2).
وخبر زرارة المروي في الذكرى: إنه لما كان بين الصبحين خرج أمير
المؤمنين عليه السلام إلى المسجد فنادى نعم ساعة الوتر هذه، ثم قام فأوتر (3) وفي
المقنعة: كلما قرب الوقت من الربع الأخير كانت الصلاة فيه أفضل (4).
وفي الكافي: أول وقت هذه الصلاة - يعني صلاة الليل - أول النصف الثاني،
وأفضله الربع الأخير (5). وفي الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام في كيفية قيام النبي صلى الله عليه وآله
وصلاته بالليل: وأوتر في الربع الأخير من الليل بثلاث ركعات (6) الخبر. وسأل
عبدة النيسابوري الصادق عليه السلام: إن الناس يروون عن النبي صلى الله عليه وآله: إن في الليل
ساعة لا يدعو فيها عبد مؤمن بدعوة إلا استجيب له، قال: نعم، قال: متى هي؟
قال: ما بين نصف الليل إلى الثلث الباقي في كل ليلة (7). ولعل الساعة ساعة وصول
كف الخضيب سمت الرأس، وكأن - في ليلة السؤال وما بعدها إلى آخر ليالي حياة
السائل - وصوله [سمت الرأس] (8) بين النصف الأول والثلث الباقي، فلا يخالف
ما مر من الأخبار.
(وركعتا الفجر) وقتهما (بعد الفجر الأول) كما في جمل العلم
والعمل (9) والمبسوط (10) والمراسم (11) والإصباح (12) والشرائع (13)، لقول الصادق عليه السلام

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 197 ب 54 من أبواب المواقيت ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 197 ب 54 من أبواب المواقيت ح 4.
(3) ذكرى الشيعة: ص 125 س 32.
(4) المقنعة: ص 141.
(5) الكافي في الفقه: ص 159.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 227 ح 679.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 118 ب 26 من أبواب الدعاء ح 3.
(8) ما بين المعقوفين ساقط من ع و ب.
(9) لم نعثر عليه في الجمل ونقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 126 س 8.
(10) المبسوط: ج 1 ص 76.
(11) المراسم: ص 63.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 610.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 63.
60

في صحيح عبد الرحمن بن الحجاج صلهما بعد ما يطلع الفجر (1)، وفي صحيح
يعقوب بن سالم صلهما بعد الفجر (2).
ويدل على إرادة الفجر الأول أخبار فعلهما قبل الفجر، وهي كثيرة، كصحيح
زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام عنهما قبل الفجر أو بعد الفجر؟ قال: قبل الفجر - إلى
قوله عليه السلام: - إذا دخل وقت الفريضة فابداء بالفريضة (3). وحسنه سأله عليه السلام أين
موضعهما؟ فقال: قبل طلوع الفجر، فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة (4).
وأما خبر أبي بكر الحضرمي سأل الصادق متى يصليهما؟ فقال: حين يعترض
الفجر، وهو الذي يسميه العرب الصديع (5)، فكأنه للتقية كما نص عليها خبر أبي
بصير أنه سأله عليه السلام متى تصليهما؟ فقال: بعد طلوع الفجر، فقال له: إن أبا جعفر
عليه السلام أمرني أن أصليهما قبل طلوع الفجر، فقال: يا أبا محمد إن الشيعة أتوا أبي
مسترشدين فأفتاهم بمر الحق، وأتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية (6).
وفي النافع (7) وشرحه (8): إن تأخيرهما إلى الفجر الأول أفضل، وهو قريب
مما في الكتاب.
وقال أبو علي: لا أستحب صلاة الركعتين قبل سدس الليل من آخره (9). قلت:

(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 193 ب 51 من أبواب المواقيت ح 5.
(15) وسائل الشيعة: ج 3 ص 194 ب 51 من أبواب المواقيت ح 6.
(16) وسائل الشيعة: ج 3 ص 192 ب 50 من أبواب المواقيت ح 3.
(17) وسائل الشيعة: ج 3 ص 192 ب 50 من أبواب المواقيت ح 7.
(18) وسائل الشيعة: ج 3 ص 194 ب 51 من أبواب المواقيت ح 10.
(19) وسائل الشيعة: ج 3 ص 191 ب 50 من أبواب المواقيت ح 2.
(20) المختصر النافع: ص 22.
(21) المعتبر: ج 2 ص 55.
(22) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 36.
61

لخبر محمد بن مسلم سأل أبا جعفر عليه السلام عن أول وقت ركعتي الفجر، فقال: سدس
الليل الباقي (1).
وفي المبسوط: وقت ركعتي الفجر عند الفراغ من صلاة الليل، بعد أن يكون
الفجر الأول قد طلع إلى طلوع الحمرة من ناحية المشرق، سواء طلع الفجر الثاني
أو لم يطلع، وإن تصلى مع صلاة الليل فهو أفضل (2). يعني أن الأفضل تقديمهما
على الفجر الثاني.
والمشهور امتداد وقتهما (إلى طلوع الحمرة المشرقية) لصحيح علي بن
يقطين سأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتى تصفر وتظهر الحمرة
ولم يركع ركعتي الفجر، أيركعهما أو يؤخرهما؟ قال: يؤخرهما (3).
وما نطقت من الأخبار بفعلهما بعد الفجر لظهوره في الثاني، كقول أبي
جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: صل ركعتي الفجر قبل الفجر وبعده وعنده (4).
وخبر إسحاق بن عمار سأل الصادق عليه السلام عنهما، فقال: قبيل الفجر ومعه وبعده،
قال: فمتى أدعهما حتى أقضيهما؟ قال: إذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة (5).
وظاهر الشيخ في كتابي الأخبار الامتداد إلى الفجر الثاني (6)، وهو خيرة أبي
علي (7)، لصحيح البزنطي سأل الرضا عليه السلام عنهما قبل الفجر أو بعده، فقال: قال أبو
جعفر عليه السلام: احش بهما صلاة الليل، وصلهما قبل الفجر (8). وحسن زرارة عن أبي

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 192 ب 50 من أبواب المواقيت ح 5.
(2) المبسوط: ج 1 ص 76.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 193 ب 51 من أبواب المواقيت ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 194 ب 52 من أبواب المواقيت ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 195 ب 52 من أبواب المواقيت ح 5.
(6) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 135 ذيل الحديث 253، والاستبصار: ج 1 ص 285 ذيل
الحديث 19.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 36.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 192 ب 50 من أبواب المواقيت ح 6.
62

جعفر عليه السلام سأله الركعتان اللتان قبل الغداة أين موضعهما؟ فقال: قبل طلوع الفجر،
فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة (1). وما مر من صحيحه عنه عليه السلام. ويحتمل
الكل الفضل.
وحمل الشيخ أخبار فعلهما بعد الفجر تارة على التقية، ولا يأباها تصريحها
بالفعل قبل الفجر، لأن مراده تقية السائل في فعلها بعده.
وأخرى: على أول ما يبدو الفجر استظهارا (2) ليتبين الوقت يقينا، لمرسل
إسحاق بن عمار المضمر قال: صل الركعتين ما بينك وبين أن يكون الضوء حذاء
رأسك، فإذا كان بعد ذلك فابداء بالفجر (3). وخبر الحسين بن أبي العلاء سأل
الصادق عليه السلام عن الرجل يقوم وقد نور بالغداة، قال: فليصل السجدتين اللتين قبل
الغداة، ثم ليصل الغداة (4). وموافقتهما للمشهور أظهر، وكان له الحمل على الفجر
الأول.
وقال الشهيد: روى سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين
قبل الفجر، قال: يتركهما. وفي خط الشيخ يركعهما حين يترك الغداة إنهما قبل
الغداة، وهذا يظهر منه امتدادهما بامتدادها، وليس ببعيد، وقد تقدم رواية فعل
النبي صلى الله عليه وآله إياهما قبل الغداة في قضاء الغداة، فالأداء أولى، والأمر بتأخيرهما
عن الإقامة أو عن الأسفار جاز كونه لمجرد الفضيلة لا توقيتا (5) انتهى.
ولا جهة عندي للأولوية، واستظهاره من خبر سليمان على لفظ (يتركهما)
ظاهر، فإن ظاهر معناه أنه إنما يتركهما حين يترك الفرض، أي إنما يصيران قضاء

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 192 ب 50 من أبواب المواقيت ح 7.
(2) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 135 ذيل الحديث 253.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 194 ب 51 من أبواب المواقيت ح 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 193 ب 51 من أبواب المواقيت ح 4.
(5) ذكرى الشيعة: ص 126 س 26.
63

إذا صار الفرض قضاء، وإنما يتركهما إذا أدى فعلهما إلى ترك الفرض.
ويحتمل النهي عن تأخيرهما عن الفجر الثاني، والأمر بتركهما إذا أدى
فعلهما إلى ترك الغداة في أول وقتها، أو وقت فضلها.
وأما على خط الشيخ، فالظاهر هو التقديم على الفجر الثاني، وكأنه يحمله
على أنه يركعهما إلى حين خروج وقت الفرض، واستظهاره مخصوص بالأول،
ثم استثناء مقدار أداء الفرض لظهوره لم يتعرض له.
(ويجوز تقديمها) أي نافلة الفجر على الفجر الأول (بعد صلاة الليل)
وفاقا للمشهور، لنحو صحيح البزنطي عن الرضا عليه السلام: أحشو بهما صلاة الليل (1).
وهو كثير. وإطلاق نحو قول الباقر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: صل ركعتي الفجر
قبل الفجر وبعده وعنده (2). وهو أيضا كثير.
لكن إذا قدمت (فتعاد) بعده (استحبابا) كما في الشرائع (3) والمعتبر (4)،
لقول الباقر عليه السلام في خبر زرارة: إني لأصلي صلاة الليل وأفرغ من صلاتي وأصلي
الركعتين فأنام ما شاء الله قبل أن يطلع الفجر، فإن استيقظت عند الفجر أعدتهما (5).
وقول الصادق عليه السلام لحماد بن عثمان في الصحيح: ربما صليتهما وعلي ليل،
فإن قمت ولم يطلع الفجر أعدتهما (6).
والمراد بالاستحباب الأولوية، بمعنى أنه يفعلهما أو لا فعل ما عليه من نافلة
الفجر، وهو ظاهر، ولاختصاص الخبرين - خصوصا الأول - بالنوم، بعدها
خصت الإعادة به في التحرير (6) (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 191 ب 50 من أبواب المواقيت ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 194 ب 52 من أبواب المواقيت ح 1.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 63.
(4) المعتبر: ج 2 ص 56.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 194 ب 51 من أبواب المواقيت ح 9.
(6) المصدر السابق ح 8.
(7) في ع و ب (المحرر).
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 27 س 19.
64

ثم ظاهرهما الإعادة وإن فعلتا بعد الفجر الأول، وهو خلاف ما في الكتاب
والشرائع (1) وظاهر المبسوط (2) وجمل العلم والعمل (3) والإصباح (4) والمراسم
أنهما قبل الفجر الأول لا تجزيان (5)، للأمر بفعلهما بعد الفجر فيما تقدم، وهو
يكفي لتخصص أخبار فعلهما قبل الفجر بما بعد الفجر الأول، وكذا أخبار
حشوهما في صلاة الليل.
(وتقضى فوائت الفرائض في كل وقت) من غير كراهية إجماعا (ما
لم يتضيق) وقت (الحاضرة) فلا يجوز اتفاقا. وعن النبي صلى الله عليه وآله: من فاتته
فريضة فليقضها إذا ذكرها ما لم يتضيق وقت حاضرة (6). وفي صحيحة (7) زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام: إذا دخل وقت صلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض، ما لم يتخوف
أن يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت، وهذا أحق بوقتها فليصلها، فإذا
قضاها فليصل ما فاته مما قد مضى (8).
وحرمها أصحاب الرأي عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها (9).
(و) تقضى (النوافل) في كل وقت من غير كراهية، للأصل
والأخبار (10)، وسيأتي الخلاف فيه (ما لم تدخل الفريضة (11)) وقت فريضة

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 63.
(2) المبسوط: ج 1 ص 76.
(3) لم نعثر عليه في الجمل، ونقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 126 س 8.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 610.
(5) المراسم: ص 63.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 359 نحوه ب 6 من أبواب قضاء الصلاة ح 1.
(7) في ع (صحيح).
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 208 ب 62 من أبواب المواقيت ح 1.
(9) المحلى: ج 3 ص 8.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 174 ب 39 من أبواب المواقيت.
(11) زيادة في النسخة المطبوعة من القواعد.
65

كما في المبسوط (1) والمقنعة (2) والنهاية (3) والاقتصاد (4) والجمل والعقود (5)
والسرائر (6) والوسيلة (7) والإصباح (8 والجامع (9) وكتب المحقق (10)
والمهذب، وظاهرهم عدم الانعقاد، إلا القاضي لقوله: فينبغي أن يصلي
الفريضة ثم يقضي النافلة بعد ذلك إذا أراد (11).
ونص المحقق في المعتبر على عدم جواز التنفل قبل المغرب (12). وفي
الدروس: إن الأشهر انعقاد النافلة في وقت الفريضة أداء كانت النافلة أو
قضاء (13)، وهو خيرة الذكرى (14).
ودليله الأصل، وجواز تأخيرها من غير صلاة، فمعها أولى، وحسن ابن
مسلم سأل الصادق عليه السلام: إذا دخل وقت الفريضة أتنفل أو أبدأ بالفريضة، فقال: إن
الفضل أن تبدأ بالفريضة (15).
وخبر سماعة سأله عليه السلام عن الرجل يأتي المسجد وقد صلى أهله، أيبتدئ
بالمكتوبة أو يتطوع؟ فقال: إن كان في وقت حسن فلا بأس بالتطوع قبل الفريضة،
وإن كان خاف الفوت من أجل ما مضى من الوقت فليبدأ بالفريضة، فهو حق الله،
ثم ليتطوع ما شاء. الأمر موسع أن يصلي الانسان - في أول دخول وقت الفريضة -
النوافل إلا أن يخاف فوت الفريضة، والفضل إذا صلى الانسان وحده أن يبدأ

(1) المبسوط: ج 1 ص 126.
(2) المقنعة: ص 212.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 367.
(4) الإقتصاد: ص 256.
(5) الجمل والعقود: ص 60.
(6) السرائر: ج 1 ص 203.
(7) الوسيلة: ص 84.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 610.
(9) الجامع للشرائع: كتاب الصلاة في قضاء الفوائت ص 89.
(10) المختصر النافع: ص 23، المعتبر: ج 2 ص 60، الشرائع: ج 1 ص 63.
(11) المهذب: ج 1 ص 127.
(12) المعتبر: ج 2 ص 60.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 142.
(14) ذكرى الشيعة: ص 126 س 32.
(15) وسائل الشيعة: ج 3 ص 167 ب 36 من أبواب المواقيت ح 2.
66

بالفريضة إذا دخل وقتها ليكون فضل أول الوقت للفريضة، وليس بمحظور عليه
أن يصلي النوافل من أول الوقت إلى قريب [من آخر الوقت (1)] (2).
وقوله عليه السلام في خبر عمار: إذا أردت أن تقضي شيئا من الصلاة مكتوبة أو
غيرها فلا تصل شيئا حتى تبدأ فتصلي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة
لها، ثم اقض ما شئت (3).
وفي صحيح ابن مسكان ومؤمن الطاق: إذا دخل المسافر مع أقوام حاضرين
في صلاتهم، فإن كانت الأولى فليجعل الفريضة الركعتين الأولتين، وإن كانت
العصر فليجعل الأولتين نافلة، والآخرتين فريضة (4). فإن هذه النافلة إما قضاء أو
ابتداء، وإذا جاز ابتداء النافلة وقت الفريضة فقضاؤها أولى، وفيه أنه لادراك
فضل الجماعة، مع التجنب عن التنفل بعد العصر لكراهيته، ثم النافلة هنا ليست إلا
الفريضة المعادة (5).
ودليل المنع الأخبار، كصحيح زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام أيصلي نافلة وعليه
فريضة - أو في وقت فريضة -؟ فقال: لا، إنه لا يصلي نافلة في وقت فريضة،
أرأيت لو كان عليك من شهر رمضان لكان لك أن تتطوع حتى تقضيه؟ قال: لا،
فقال: وكذلك الصلاة (6).
وقوله عليه السلام في خبره أيضا: لا تصل من النافلة شيئا وقت الفريضة، فإنه لا
تقضى نافلة في وقت فريضة، فإذا دخل وقت فريضة فابداء بالفريضة (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 164 ب 35 من أبواب المواقيت ح 1.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 207 ب 61 من أبواب المواقيت ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 403 ب 18 من أبواب صلاة الجماعة.
(5) في ط و ب (المعاودة).
(6) لم نعثر عليه في الكتب الروائية ونقله الشهيد في ذكرى الشيعة: ص 834 س 17.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 166 ب 35 من أبواب المواقيت ح 8.
67

وفي خبر ابن مسلم: إنا إذا أردنا أن نتطوع كان تطوعنا في غير وقت فريضة،
فإذا دخلت الفريضة فلا تطوع (1). وقول الصادق عليه السلام في خبر أديم بن الحر: لا
يتنفل الرجل إذا دخل وقت فريضة (2). وفي خبر أبي بكر: إذا دخل وقت فريضة
فلا تطوع (3).
وقد يحمل على الفضل، وظاهر ما عدا الأول كعبارة الكتاب، والأكثر وقت
الحاضرة.
ونص المصنف في النهاية (4) والمنتهى (5) والتذكرة (6) على المنع من التنفل لمن
عليه قضاء فريضة، وينص عليه نحو خبر يعقوب بن شعيب سأل الصادق عليه السلام عن
الرجل ينام عن الغداة حتى تبزغ الشمس، أيصلي حين يستيقظ، أو ينتظر حتى
تنبسط الشمس؟ فقال: يصلي حين يستيقظ، قال: يؤتر أو يصلي الركعتين؟ قال:
بل يبدأ بالفريضة (7).
وحكم الصدوق على من فاتته فريضة الغداة من نافلتها بقضاء النافلة ثم
الفريضة (8)، لخبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام عن رجل نام عن الصلاة حتى
طلعت الشمس، فقال: يصلي الركعتين ثم يصلي الغداة (9).
وصحيح ابن سنان سمعه عليه السلام يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله رقد فغلبته عيناه، فلم
يستيقظ حتى آذاه حر الشمس، ثم استيقظ فركع ركعتين ثم صلى الصبح (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 165 ب 35 من أبواب المواقيت ح 3.
(2) المصدر السابق ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 166 ب 35 من أبواب المواقيت ح 7.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 325.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 214 س 27.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 82 س 39.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 206 ب 61 من أبواب المواقيت ح 4.
(8) المقنع: ص 33.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 206 ب 61 من أبواب المواقيت ح 2.
(10) المصدر السابق ح 1.
68

وحملها الشيخ على منتظر الجماعة (1)، كما نص عليه في التنفل (2) في وقت
الحاضرة مضمر إسحاق، قال قلت: أصلي في وقت فريضة نافلة؟ قال: نعم، في
أول الوقت إذا كنت مع إمام يقتدى به، فإذا كنت وحدك فابداء بالمكتوبة (3).
(المطلب الثاني)
(في الأحكام)
(تختص الظهر من أول الزوال بقدر أدائها) تامة أو مقصورة، كما
يقتضيه الاطلاق كالأكثر. ونص عليه في التذكرة (4) والمنتهى (5) والمعتبر (6) حتى
القصر إلى تسبيحة كما في الأخيرين.
قيل: مستجمعة الشرائط أو فاقدة، حتى إن اقتضى تحصيل الشروط أكثر ما
بين الزوال والغروب إختصت الظهر بالكل، وفيه نظر.
(ثم تشترك مع العصر) في الوقت، واختصاص الأول (7) بالظهر هو
المشهور، ولترتيبهما (8) بأصل الشرع إجماعا.
فأجزاء العصر لو أوقعت في الأول ولو سهوا يفتقر إلى دليل واضح، ولعله
تمسك به من أدخل وقت تحصيل الشرائط في المختص، ولقول الصادق عليه السلام في
مرسل داود بن فرقد: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما
يصلي المصلي أربع ركعات، فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى
يبقى [من الشمس] (9) مقدار ما يصلى أربع ركعات، فإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج

(1) المبسوط: ج 1 ص 77.
(2) في ب (النقل).
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 165 ب 35 من أبواب المواقيت ح 2.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 75 س 25.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 201 س 15.
(6) المعتبر: ج 2 ص 27.
(7) ليس في ب.
(8) في ع (لترتبها).
(9) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
69

وقت الظهر وبقي وقت العصر حتى تغيب الشمس (1).
ولهذا الخبر اقتصر على الأربع في المبسوط (2) والخلاف (3) وجمل العلم
والعمل (4) والناصرية (5) والإصباح (6) والتبصرة (7) والارشاد (8) والسرائر (9) وفي
خبر الحسين بن أبي العلاء: لما هبط آدم عليه السلام من الجنة ظهرت به شامة سوداء من
قرنه إلى قدمه، فطال حزنه وبكاؤه على ما ظهر به، فأتاه جبرئيل عليه السلام قال: ما
يبكيك يا آدم؟ فقال: من هذه الشامة التي ظهرت بي، فقال: قم يا آدم فصل فهذا
وقت الصلاة الأولى فقام فصلى، فانحطت الشامة إلى عنقه، فجاءه في الصلاة
الثانية فقال: قم يا آدم فصل فهذا وقت الصلاة الثانية (10).
وقول النبي صلى الله عليه وآله لليهود: وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل فيها آدم عليه السلام
من الشجرة، فأخرجه الله عز وجل من الجنة (11). وقول الرضا عليه السلام في العلل التي
رواها الفضل: ولم يكن للعصر وقت معلوم مشهور، فجعل وقتها عند الفراغ من
الصلاة التي قبلها (12).
ولأن وقت العبادة ما يجوز إيقاعها فيه، ولا يجوز إيقاع العصر عند الزوال
اتفاقا. وقد يقال: إن معناه ما تجزي إذا وقعت فيه بشروطها، ومن شروط العصر
التأخر عن الظهر مع التذكر.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 92 ب 4 من أبواب المواقيت ح 7.
(2) المبسوط: ج 1 ص 72.
(3) الخلاف: ج 1 ص 257 المسألة 4.
(4) لم نعثر عليه في جمل العلم والعمل ونقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 30.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 229 المسألة 72.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 608.
(7) تبصرة المتعلمين: ص 20.
(8) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 243.
(9) السرائر: ج 1 ص 195.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 9 ب 2 من أبواب اعداد الفرائض ونوافلها ح 9.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 8 ب 2 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها ح 7.
(12) علل الشرائع: ص 263 ح 9.
70

وظاهر المقنع اشتراك الوقت من الزوال (1) كأكثر الأخبار، كقول أبي
جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر (2).
وقول أبي الحسن عليه السلام في صحيح محمد بن أحمد بن يحيى: إذا زالت الشمس فقد
دخل وقت الصلاتين (3). وقول الصادق عليه السلام لعبيد بن زرارة: إذا زالت الشمس
دخل وقت الظهر والعصر جميعا، إلا أن هذه قبل هذه (4). وهي تحتمل دخول وقت
مجموع الصلاتين المتحقق بدخول وقت إحداهما، كقول الصادق عليه السلام في خبر
عبيد بن زرارة: إن الله افترض أربع صلوات، أول وقتها زوال الشمس إلى
انتصاف الليل (5). وخبر عبيد بن زرارة وكلام الصدوق لما تضمنا الاستثناء احتملا
دخول وقتهما إلا في زمان صلاة الأولى.
وعلى كل فالكل موافق للمشهور كما في الناصريات (6)، فيرتفع الخلاف كما
في المختلف (7).
ثم يمتد الاشتراك بين الصلاتين (إلى أن يبقى للغروب قدر أدائها) أي
العصر، وفاقا للمشهور، وخبر ابن فرقد (8).
وقيل: إلى أن يبقى للغروب قدر أداء الصلاتين، فيختص نصفه بالظهر،
ويؤيده أول أدلة اختصاص الأول بها.
وإذا لم يبق للغروب إلا مقدار أداء العصر (فيختص بالعصر) وفاقا

(1) المقنع: ص 27.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 91 ب 4 من أبواب المواقيت ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 98 ب 5 من أبواب المواقيت ح 13.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 92 ب 4 من أبواب المواقيت ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 115 ب 10 من أبواب المواقيت ح 4.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية) ص 229 المسألة 72.
(7) مختلف الشيعة: ج 2 ص 6.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 92 ب 4 من أبواب المواقيت ح 7.
71

للمشهور، وخبر ابن فرقد، وخبر ابن مسكان عن الحلبي قال: سألته عن رجل
نسي الأولى والعصر جميعا، ثم ذكر ذلك عند غروب الشمس، فقال: إن كان في
وقت لا يخاف فوت أحدهما فليصل الظهر ثم يصل العصر، وإن هو خاف أن
تفوته فليبدأ بالعصر ولا يؤخرها فتفوته، فيكون قد فاتتاه جميعا، ولكن يصلي
العصر فيما قد بقي من وقتها، ثم ليصلي الأولى بعد ذلك على أثرها (1).
ويؤيده نحو أول أدلة اختصاص الأول بالظهر، وقول الصادق عليه السلام في خبر
عبيد بن زرارة: إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين الظهر والعصر، إلا أن
هذه قبل هذه، ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس (2).
ويحتمل امتداد وقت مجموعهما باعتبار العصر.
(ويختص المغرب من أول الغروب بقدر ثلاث، ثم تشترك مع
العشاء) كما في جمل العلم والعمل (3) والعقود (4) والكافي (5) والغنية (6)
والوسيلة (7) والمهذب (8) والسرائر (9) والجامع (10) والإشارة (11) وكتب المحقق (12) لمثل
ما عرفت. ولقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن فرقد: إذا غابت الشمس فقد دخل
وقت المغرب حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي ثلاث ركعات، فإذا مضى ذلك
فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما
يصلي المصلي أربع ركعات، وإذا بقي مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب، وبقي

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 94 ب 4 من أبواب المواقيت ح 18.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 92 ب 4 من أبواب المواقيت ح 5.
(3) لم نعثر عليه في جمل العلم والعمل، ونقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 40.
(4) الجمل والعقود: ص 59.
(5) الكافي في الفقه: ص 137.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 8.
(7) الوسيلة: ص 83.
(8) المهذب: ج 1 ص 69.
(9) السرائر: ج 1 ص 195.
(10) الجامع للشرائع: ص 60.
(11) إشارة السبق: ص 84.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 60، والمختصر النافع: ص 21، والمعتبر: ج 2 ص 40.
72

وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل (1). وفي مرسل الصدوق: إذا صليت
المغرب فقد دخل وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل (2).
قال في المختلف: ولأن القول باشتراك الوقت بعد الزوال بمقدار أداء الظهر
بينها وبين العصر إلى قبل الغيبوبة بمقدار أداء العصر، مع القول بعدم اشتراك الوقت
بين المغرب والعشاء بعد مضي وقت المغرب إلى قبل انتصاف الليل بمقدار
العشاء، مما لا يجتمعان، والأول ثابت، فينتفي الثاني. وبيان عدم الاجتماع أنه
خرق للاجماع، إذ كل من قال بالاشتراك قال به هنا (3).
قلت: لا تشريك في المقنعة (4) والمراسم (5) والإصباح (6) وما خلا الجمل من
كتب الشيخ (7)، ففيها: إن آخر وقت المغرب ذهاب الشفق الغربي، وإنه أول وقت
العشاء، وشركوا بين الظهرين.
لكن الشيخ نص في التهذيب (8) والاستبصار (9) والنهاية (10) والمبسوط (11)
والاقتصاد (12) على امتداد وقت المغرب لذي العذر إلى ربع الليل، [وكذا
الإصباح (13)] (14).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 134 ب 17 من أبواب المواقيت ح 4.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 221 ذيل الحديث 663.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 22.
(4) المقنعة: ص 93.
(5) المراسم: ص 62.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 609.
(7) المبسوط: ج 1 ص 74، النهاية ونكتها: ج 1 ص 279.
(8) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 32 ذيل الحديث 53.
(9) الإستبصار: ج 1 ص 269 ذيل الحديث 32.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 279.
(11) المبسوط: ج 1 ص 75.
(12) الإقتصاد: ص 256.
(13) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 609.
(14) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
73

وفي الهداية أيضا: إن آخر وقت المغرب ذهاب الشفق، وأنه أول وقت
العشاء (1)، لكن ليس فيها التشريك بين الظهرين. وهنا أيضا أخبار بدخول الوقتين
عند الغروب. وفي الخلاف عن بعض الأصحاب التشريك عنده (2).
ثم يمتد [الوقت المشترك] (3) (إلى أن يبقى للانتصاف قدر أدائها) أي
العشاء، تامة أو مقصورة، كما في جمل العلم والعمل (4) والغنية (5) والسرائر (6)
والجامع (7) وكتب المحقق (8) والإشارة (9) للخبرين، وما مر من خبري [عبيد
ابن] (10) زرارة في آخر وقت المغرب (11).
وفي الجمل والعقود إلى غيبوبة الشفق (12)، وكذا المهذب وزيد فيه: إنه رخص
للمسافر الذي يجد به السير تأخير المغرب إلى ربع الليل (13).
وفي الكافي: إن آخر وقت إجزاء المغرب للمختار ذهاب الشفق، وللمضطر
ربع الليل وآخر وقت إجزاء العشاء للمختار الربع، وللمضطر النصف (14). وقد
سبق جميع ذلك، والقول والخبر بالامتداد إلى الفجر.
وإذا لم يبق من آخر الوقت إلا قدر أداء العشاء (فيختص بها) كما في
مرسل ابن فرقد (15)، وفي خبر عبيد بن زرارة عن الصادق عليه السلام: إذا غربت

(1) الهداية: ص 30.
(2) الخلاف: ج 1 ص 262 المسألة 7.
(3) في ب (وقت التشريك).
(4) لم نعثر عليه في جمل العلم والعمل ونقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 40.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 9.
(6) السرائر: ص 195.
(7) الجامع للشرائع: ص 60.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 61، المختصر النافع: ص 22.
(9) إشارة السبق: ص 85.
(10) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 114 و ص 115 ب 10 و ب 16 من أبواب المواقيت ح 3 و 4
و 24 ج 3 ص 132.
(12) الجمل والعقود: ص 59.
(13) المهذب: ج 1 ص 69.
(14) الكافي في الفقه: ص 137.
(15) وسائل الشيعة: ج 3 ص 134 ب 17 من أبواب المواقيت ح 4.
74

الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل، إلا أن هذه قبل هذه (1). وهو
يحتمل الاشتراك في الجميع، وسيأتي احتمال بقاء الاشتراك بناء على إدراك
المغرب وركعة من العشاء.
(وأول الوقت أفضل) لعموم أدلة استحباب المسارعة إلى الطاعة،
وخصوص الأخبار هنا وهي مستفيضة أو متواترة، وفي بعضها النهي عن التأخير
لغير عذر (2) وأن قوله تعالى: (فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) (3)
في التأخير عن الأول لا لعذر.
(إلا المغرب والعشاء للمفيض من عرفات، فإن تأخيرهما (4) إلى
المزدلفة أفضل ولو تربع الليل) اتفاقا، كما يأتي في الحج.
(و) إلا (العشاء) فإنه (يستحب تأخيرها إلى ذهاب الشفق) كما
في الكافي (5) والشرائع (6) والمعتبر (7) للأخبار، حتى قيل بتحتمه كما عرفت. وعن
الصادقين عليهما السلام عن النبي صلى الله عليه وآله: لولا أن أشق على أمتي لأخرت العشاء إلى ثلث
الليل (8). وعن أبي بصير عن أبي جعفر عن النبي صلى الله عليه وآله: لولا أن أشق على أمتي
لأخرت العشاء إلى نصف الليل (9) وعن العمري عن صاحب الزمان عليه السلام: ملعون
ملعون من أخر العشاء إلى أن تشتبك النجوم (10). ويجوز أن يراد المغرب، ومن لا
يجوز التقديم عليه.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 132 ب 16 من أبواب المواقيت ح 24.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 78 ب 1 من أبواب المواقيت.
(3) الماعون: 4 - 5.
(4) في ب (تأخير).
(5) الكافي في الفقه: ص 137.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 61.
(7) المعتبر: ج 2 ص 42.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 146 ب 21 من أبواب المواقيت ح 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 146 ب 21 من أبواب المواقيت 5.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 147 ب 21 من أبواب المواقيت ح 7.
75

(و) إلا (المتنفل) فإنه (يؤخر) الصبح بقدر نافلته إن لم يقدمها،
والظهرين (بقدر نافلة الظهرين، والمستحاضة) الكثيرة فإنها (تؤخر الظهر
والمغرب للجمع) ولم يرد حصر الاستثناء فيما ذكره، فقد استثنى في غيره
تأخير ذوي الأعذار لرجاء زوالها، ومن عليه القضاء، ولشدة الحر للخبر (1).
ولكن احتمل في النهاية ما يعطيه الوسيلة والجامع من كون التأخير لها
رخصة، فإن احتملها وصلى في أول الوقت كان أفضل. وقال فيها: إن الأفضل يوم
الغيم تأخير الظهرين للاستظهار (2)، ونحوه في التذكرة (3).
وفي المنتهى: لو قيل بذلك كان وجها، وقال به بعض الجمهور (4)، وستسمع
احتماله الوجوب، وزيدت مواضع يمكن ارجاعها إلى المذكورات.
(ويحرم تأخير الفريضة) كلها أو بعضها (عن وقتها) وهو ظاهر،
لكنها تجزي إذا لم يتعمد بها الأداء، فإن تعمده بها وهو يعلم الخروج بطلت.
(و) يحرم (تقديمها عليه فتبطل) إن قدمها مختارا أو مضطرا (عالما
أو جاهلا) بالحكم أو الوقت (أو ناسيا) وعن ابن عباس في مسافر صلى
الظهر قبل الزوال أنه يجزيه (5)، ونحوه عن الحسن والشعبي (6) وهو متروك.
وقال سلا ر: لا يجوز تقديم شئ من الصلوات على وقتها إلا العشاء الآخرة،
فروي أنه يجوز للمعذور تقديمها على غيبوبة الشفق الأحمر (7)، وليس من
المخالفة في شئ.
(فإن ظن الدخول ولا طريق) له (إلى العلم صلى) فلم يجب التأخير
حتى يحصل العلم للأصل والحرج، وتعذر اليقين حينئذ، والخبر الآتي عن قريب.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 151 ب 26 من أبواب المواقيت ح 5.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 328.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 85 س 5.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 211 س 22.
(5) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 407.
(6) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 407.
(7) المراسم: ص 63.
76

وقول الصادق عليه السلام للحسين بن المختار - إذ قال له: إنه مؤذن، فإذا كان يوم غيم
لم يعرف الوقت -: إذا صاح الديك ثلاثة أصوات ولا فقد زالت الشمس ودخل
وقت الصلاة (1).
وفي خبر أبي عبد الله الفراء إذ قيل له: ربما اشتبه الوقت علينا في يوم الغيم،
فقال: تعرف هذه الطيور التي عندكم بالعراق يقال لها: الديكة؟ فقيل: نعم، فقال:
إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس، أو قال: فصله (2).
ويمكن أن يقال إنه علم. ومضمر سماعة في الصلاة بالليل والنهار إذا لم تر
الشمس ولا القمر ولا النجوم، قال: اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك (3).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر إسماعيل بن جابر، عن الصادق عليه السلام الذي
في تفسير النعماني: إن الله تعالى إذا حجب عن عباده عين الشمس التي جعلها
دليلا على أوقات الصلاة فموسع عليهم تأخير الصلوات ليتبين لهم الوقت
بظهورها، ويستيقنوا أنها قد زالت (4). حيث قال عليه السلام: (موسع) وقد يرشد إليه
اتباع الظن في القبلة.
وقال أبو علي: ليس للشاك يوم الغيم ولا غيره أن يصلي إلا بعد تيقنه
بالوقت (5).
واحتمله المصنف في النهاية للنهي عن اتباع الظن في الكتاب والسنة مع
تمكنه من تحصيل اليقين (6). ويدفعه ما مر [في التذكرة: أنه لا يجوز التعويل على

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 124 ب 14 من أبواب المواقيت ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 125 ب 14 من أبواب المواقيت ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 223 ب 6 من أبواب القبلة ح 2.
(4) رسالة المحكم والمتشابه (تفسير النعماني): ص 15.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 47.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 328.
77

أصوات الديكة (1). قال الشهيد: وهو محجوج بالخبرين المشهورين (2)] (3).
(فإن) صلى مع الظن و (ظهر الكذب استأنف) إن وقعت الصلاة بتمامها
قبل الوقت إجماعا ونصا.
(ولو دخل الوقت ولما يفرغ) منها (أجزاء) وفاقا للأكثر، لقول
الصادق عليه السلام في خبر إسماعيل بن رباح: إذا صليت وأنت ترى أنك في وقت ولم
يدخل الوقت فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك (4). ولأنه امتثل،
لأنه مأمور باتباع ظنه فيجزي، خرج [ما إذا] (5) وقعت الصلاة كلها خارج الوقت
بالاجماع والنص، فيبقى الباقي مع أصل البراءة من الإعادة.
وفي رسيات السيد: لا بد من أن تكون جميع الصلاة واقعة في الوقت
المضروب لها، فإن صادف شئ من أجزائها ما هو خارج الوقت لم تكن مجزية.
وبهذا يفتي محصلوا أصحابنا ومحققوهم، وقد وردت روايات به، وإن كان في
بعض كتب أصحابنا ما يخالف ذلك من الرواية (6)، وهو خيرة المختلف (7) وأبي
علي للاحتياط (8)، أي لوجوب تحصيل يقين الخروج عن العهدة، وإنما يحصل
إذا وقعت بتمامها في الوقت.
وفيه أنه تحصل إذا وقعت فيما يراه المكلف وقتا خرج منه ما إذا وقعت
بتمامها خارجه، وبعبارة أخرى: برئت الذمة مما اشتغلت به في زعمه، وتجدد
شغل الذمة بعد الوقت ممنوع، ولعدم الامتثال للأمر بايقاعها في الوقت، وللنهي
عنها قبل الوقت فيفسد وفيها مثل ذلك، وللزوم تبعية الوقت للأفعال، فإنما قد

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 85 س 31.
(2) ذكرى الشيعة: ص 128 س 23.
(3) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 150 ب 25 من أبواب المواقيت ح 1.
(5) في ع (إذا ما).
(6) جوابات المسائل الرسية الأولى (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثانية): ص 350.
(7) مختلف الشيعة: ج 2 ص 48.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 47.
78

يكون إذا اختصرت وقعت كلها قبل الوقت فيخرج الوقت عن كونه مضروبا لها،
وهو ممنوع بشهادة الصحة إذا أدرك في الآخر ركعة، ولعموم من صلى في غير
وقت فلا صلاة له (1).
وفيه أنه ليس (2) في وقته عند المكلف، ولما كان إسماعيل بن رباح مجهولا،
قال المحقق: قول الشيخ أوجه، بتقدير تسليم الرواية. وما ذكره المرتضى أوضح
بتقدير إطراحها (3)، وقال المصنف أخيرا في المختلف: لا يحضرني الآن حاله،
فإن كان ثقة فهي صحيحة ويتعين العمل بمضمونها، وإلا فلا (4)، انتهى.
وأما متعمد التقديم، فهل تصح صلاته إذا دخل الوقت وهو فيها؟ الصحيح لا،
لأنه منهي عن الشروع فيها، بل ليس ما شرع فيه ونواه من الصلاة المختصة بذلك
الوقت، ولا مما يمكن التقرب إلى الله بفعله، مع عموم من صلى في غير وقت فلا
صلاة له. وقد يوهم الصحة في النهاية (5) والمهذب (6) وليست مرادة.
وأما الناسي لمراعاة الوقت، أو للظهر مثلا، واختصاص الوقت بها، فالأصح
عدم الاجزاء أيضا وإن دخل الوقت وهو فيها، كما في المبسوط (7) والرسيات (8)
والشرائع (9) والارشاد (10) والتلخيص (11) والمختلف (12) والتحرير (13) ونهاية
الإحكام (14) والتذكرة (15)، وفيه الاجماع مع حكاية الخلاف عن النهاية (16)، وهو

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 123 ب 13 من أبواب المواقيت ح 7.
(2) ساقط من ع.
(3) المعتبر: ج 2 ص 63.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص 51.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 283.
(6) المهذب: ج 1 ص 72.
(7) المبسوط: ج 1 ص 77.
(8) جوابات المسائل الرسية الأولى (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثانية): ص 350.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 64.
(10) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 244.
(11) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 561.
(12) مختلف الشيعة: ج 2 ص 48.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 328.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 85 س 18.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 328.
(16) النهاية ونكتها: ج 1 ص 283.
79

نص الحسن (1) وظاهر أبي علي (2) لعموم الخبر وأصل عدم البراءة، وعدم متابعة
الكل أو بعض الأجزاء لبعض في الصحة.
قال في المختلف: ولأن النسيان غير عذر في الفوات، فلا يكون عذرا في
التقديم (3). خلافا للكافي (4) والبيان (5) وظاهر النهاية (6) والمهذب (7)، لرفع
النسيان، ومعناه رفع الإثم، وينزل إدراك الوقت في البعض منزلته في الكل، وهو
مطلقا ممنوع، ودخوله في خبر إسماعيل بن رباح، هو ممنوع، فإن (ترى) بمعنى
(تظن).
أما إن اتفقت بتمامها في الوقت، فالوجه الاجزاء كما في الدروس (8) لامتثال
أمر الصلاة مع وقوعها في الوقت، واستحالة (9) تكليف الغافل، وأصل البراءة من
الإعادة، خلافا للذكرى (10) بناء على عدم دخول الوقت شرعا، فإنما يدخل شرعا
إذا علم أو ظن مع تعذر العلم لا إذا غفل عنه، وهو ممنوع، بل إنما يعتبر العلم أو
الظن إذا لم يغفل عنه.
وأما الجاهل، ففي الرسيات (11) والشرائع (12) وكتب المصنف بطلان
صلاته (13)، لأن الوقت شرط، والجهل لا يخرجه عن الشرطية. ونص الكافي
الصحة إن صادف الوقت شيئا منها (14). قال الشهيد في الدروس: ويشكل إن كان

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 46.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 47.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 48.
(4) الكافي في الفقه: ص 138.
(5) البيان: ص 51.
(6) النهاية: ج 1 ص 283.
(7) المهذب: ج 1 ص 72.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 143 درس 27.
(9) في ع (ولاستحالة).
(10) ذكرى الشرعية: ص 129 س 2.
(11) جوابات المسائل الرسية الأولى (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثانية): ص 250.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 64.
(13) مختلف الشيعة: ج 2 ص 49، وإرشاد الأذهان: ج 1 ص 244، ونهاية الإحكام: ج 1 ص 328.
(14) الكافي في الفقه: ص 138.
80

جاهل الحكم، إذ الأقرب الإعادة، إلا أن يجهل المراعاة، ويصادف الوقت
بأسره (1).
وفي الذكرى: يمكن تفسيره بجاهل دخول الوقت، فيصلي لأمارة على
دخوله أو لا لأمارة، بل لتجويز الدخول، وبجاهل اعتبار الوقت في الصلاة،
وبجاهل حكم الصلاة قبل الوقت. فإن أريد الأول فهو معنى الظان وقد مر، وإن
أريد باقي التفسيرات فالأجود البطلان، لعدم الدخول الشرعي في الصلاة،
وتوجه الخطاب على المكلف بالعلم بالتكليف، فلا يكون جهله عذرا، وإلا
لارتفع المؤاخذة على الجاهل (2) انتهى.
ولو صادف الوقت جميع صلاته، فالوجه الاجزاء، إذ لا كمن دخل فيها
لمجرد التجويز مع علمه بوجود تحصيل العلم به أو الظن، فإنه دخول غير مشروع.
(ولا يجوز التعويل في الوقت على الظن مع إمكان العلم) اتفاقا،
لعموم النهي عن اتباع الظن في الكتاب والسنة.
(ولو ضاق الوقت) إلا عن ركعة وكان متطهرا، و (إلا عن الطهارة
وركعة) إن لم يكن متطهرا (صلى واجبا) استجمع سائر الشرائط مع الساتر
وإباحة المكان والطهارة من الخبث أو لا، لصحة الصلاة بدونها مع العذر، بخلاف
الطهارة.
وبالجملة: إذا أدرك من الوقت مقدار ركعة صحيحة وجبت عليه الصلاة،
لادراكها بإدراك ركعة منها، بلا خلاف على ما في التذكرة (3)، أي بين أهل العلم
كما في المنتهى (4)، وفي الخلاف إجماع الأمة (5) والأخبار به كثيرة.

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 143 درس 37.
(2) ذكرى الشيعة: ص 128 س 38.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 78 س 7.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 209 س 29.
(5) الخلاف: ج 1 ص 268 المسألة 11.
81

وفي الذكرى: المشهور الاكتفاء في آخر الوقت بإدراك الطهارة وركعة (1).
وسبق الكلام فيه في الطهارة.
وكان (مؤديا للجميع على رأي) وفاقا للشرائع (2) والمبسوط (3)
والخلاف وفيه الاجماع عليه، مع نقل خلافه عن السيد (4). ويؤيده [أمر
الحائض] (5) بالصلاة إذا أدركت ركعة، ونحو: من أدرك ركعة أدرك الصلاة، إذ
إدراك قضائها لا يشترط بادراك ركعة منها، فيكون ما يقع فيه باقي الصلاة من
الخارج وقتا اضطراريا لها.
وعن السيد أنه يكون قاضيا (6)، لأن خروج الجز يوجب خروج المجموع،
وصدق أنه لم يفعلها في وقتها.
[وقيل: تتركب] (7) هذه الصلاة من الأداء والقضاء (8)، وتظهر الفائدة فيما إذا
التزم إن لم تؤد الصلاة فعل كذا، أو إن أخرها حتى تصير قضاء، وفي ترتب الفائتة
عليها، وفي نية الأداء أو القضاء، أو تعدل إلى القضاء إذا خرج الوقت. والأولى أن
لا ينوي أداء ولا قضاء بل ينوي صلاة ذلك اليوم أو الليل.
ولا خلاف عندنا في كونها قضاء إذا أدرك أقل من ركعة. وللعامة فيه خلاف،
وقد مضى أن إدراك الركعة بإدراك الرفع من السجدة الثانية مع احتمال الركوع.
(ولو أهمل حينئذ) أدرك من الوقت مقدار ركعة بعد الشروط، ولم يطرأ
في الوقت ما يسقطها من جنون أو حيض أو غيرهما (قضى) واجبا، وإن
اخترنا فيها - لو فعلت - أنها قضاء أو مركبة للأخبار، وفي التذكرة بلا خلاف (9).

(1) ذكرى الشيعة: ص 122 س 8.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 63.
(3) المبسوط: ج 1 ص 73.
(4) الخلاف: ج 1 ص 268 المسألة 11.
(5) في ب (أمره الخالص).
(6) نقله عنه في الخلاف: ج 1 ص 268 المسألة 11.
(7) في ب (قبل تترك).
(8) مدارك الأحكام: ج 3 ص 94.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 78 س 7.
82

(ولو أدرك قبل الغروب مقدار أربع) ركعات خاصة في الحضر، أو
ركعتين في السفر (وجبت العصر خاصة) عندنا، وهو مع وضوحه منصوص
عن الصادقين عليهما السلام (1).
وللشافعي قول بوجوبهما إذا أدرك ركعة من العصر (2)، وآخر إذا أدرك ركعة
وتكبيرة، وآخر إذا أدرك أربعا وتكبيرة، وآخر إذا أدرك تكبيرة، وآخر إذا أدرك
الطهارة وركعة.
وبعض الأخبار توهم وجوبهما إذا أدرك شيئا من اليوم، وحملت على إدراك
وقتهما.
(ولو كان) الذي أدركه (مقدار خمس ركعات والطهارة وجب
الفرضان) لما عرفت.
(وهل) مقدار (الأربع) من الخمس في الأصل (للظهر أو) مقدار
ثلاث [من الأربع] (3) (للعصر) لكن يزاحمها الظهر؟ (فيه احتمال) من
الخلاف المتقدم، إذ على القول بأداء الجميع يكون مقدار ثلاث وقتا اضطراريا
للظهر وعلى الباقين للعصر، وأيضا من احتمال اختصاص الآخر بالعصر وعدمه.
(وتظهر الفائدة في المغرب والعشاء) إذا أخرهما إلى أن لم يبق من
الوقت إلا مقدار أربع، فعلى الأول يصليهما دون الثاني، وهو نص مرسل داود ابن
فرقد (4). وفي التذكرة: إنه الظاهر عندنا، المنصوص عن الأئمة عليهم السلام (5). وفي نهاية
الإحكام: إنه الحق للرواية (6)، وألحق ما في الكنز من أنه لا يترتب على احتمال

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 599 ب 49 من أبواب الحيض ح 6.
(2) الأم: ج 1 ص 73.
(3) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 134 ب 17 من أبواب المواقيت ح 4.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 78 س 29.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 315.
(7) كنز الفوائد في حل مشكلات القواعد: ج 1 ص 92.
83

فإن كون الأربع للظهر إنما احتمل البقاء مقدار ركعة من وقت الظهر، والتلبس
بها فيه، فاحتمل استتباعه مقدار ثلاث من وقت العصر وقبله وقتا للظهر، وهنا لم
يدرك من وقت المغرب شيئا إلا على احتمال بقاء الاشتراك، فهو الذي يترتب
عليه في المسألة وجوبهما في وجه.
والوجه الآخر: العدم وإن بقي الاشتراك، بناء على أنهما إن صليتا صار
العشاء قضاء، أو مركبة، وإن بقيت أداء لحرمة التأخير.
(وتترتب الفرائض اليومية أداء) بإجماع العلماء والنصوص (وقضاء)
بالنصوص، وإجماعنا كما في الخلاف (1) والمعتبر (2) والمنتهى (3) والتذكرة (4)
وغيرها.
وفي الذكرى عن بعض الأصحاب الميل إلى العدم، وحمل كلام الأصحاب
على الاستحباب، قال: وهو حمل بعيد مردود بما اشتهر بين الجماعة (5).
وهل تترتب الغير اليومية إذا ترتبت أسبابها إذا قضيت أو أديت، وبالنسبة إلى
اليومية إذا قضيت الجميع، أو اليومية دونها، أو العكس. ففي التذكرة لا ترتيب بين
الفوائت اليومية وغيرها من الواجبات، ولا بين الواجبات أنفسها، فلو فاته
كسوف وخسوف بداء بأيتهما شاء، مع احتمال تقديم السابق (6)، ونحوه النهاية (7).
وحكى الاحتمال في الذكرى قولا لبعض مشايخ ابن العلقمي الوزير قال: ولا
بأس به. قلت: لعموم قوله عليه السلام: من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته (8).
وفي الهادي: إن الخبر عام، فإن ثبت إجماع على عدم وجوب الترتيب كان
هو الحجة، والأقوى الوجوب (9).

(1) الخلاف: ج 1 ص 590 المسألة 352.
(2) المعتبر: ج 2 ص 405.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 421 س 18.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 81 س 34.
(5) ذكرى الشيعة: ص 136 س 14.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 82 س 37.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 325.
(8) ذكرى الشيعة: ص 136 س 37.
(9) الهادي إلى الرشاد: ص 81 (مخطوط).
84

قلت: الخبر ضعيف سندا ودلالة، والأصل العدم.
وفي شرح الإرشاد لفخر الاسلام: أنه لا خلاف بين فقهاء الاسلام في سقوط
الترتيب بين الفوائت الغير اليومية مع أنفسها (1)، وظاهره مع حواضرها، وكذا لا
ترتيب بين حواضرها، وبينها وبين اليومية مع سعة الجميع، ولا بين فوائتها
واليومية الحاضرة مع السعة، للأصل من غير معارض.
وإذا ترتبت الفرائض اليومية (فلو ذكر سابقة في أثناء لاحقة) أداءين
أو قضاءين، وكذا مختلفتين أداء أو قضاء مع وجوب الترتيب (عدل) بالنية
إليها وجوبا، وإن استحب الترتيب بين الفائتة والحاضرة فاستحبابا (مع
الامكان) بأن لم يركع في ركعة من اللاحقة تزيد على ركعات السابقة وتجزيه
للنصوص.
وفي المنتهى: لا نعلم خلافا بين أصحابنا في جواز العدول (2).
قلت: ولعل الجواز يوجب الوجوب إذا وجب الترتيب.
وأما خبر الصيقل سأل الصادق عليه السلام عن رجل نسي الأولى حتى صلى
ركعتين من العصر، قال: فليجعلها الأولى وليستأنف العصر، قال، قلت: فإنه نسي
المغرب حتى صلى ركعتين من العشاء ثم ذكر، قال: فليتم صلاته ثم ليقض بعد
المغرب، قال، قلت له: جعلت فداك قلت حين نسي الظهر ثم ذكر وهو في العصر:
يجعلها الأولى ثم يستأنف، وقلت لهذا: يتم صلاته بعد المغرب؟! فقال: ليس هذا
مثل هذا، إن العصر ليس بعدها صلاة والعشاء بعدها صلاة (3).
فلعل بعد المغرب بالنصب، أي فليتم صلاته التي هي المغرب بعد العدول إليها
ثم ليقض العشاء بعد المغرب، ولذا قال السائل: وقلت لهذا يتم صلاته بعد
المغرب، والسائل إنما سأل الوجه في التعبير بالقضاء هنا والاستئناف في العصر،

(1) لا يوجد لدينا.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 22 4 س 34.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 213 ب 63 من أبواب المواقيت ح 5.
85

فأجاب عليه السلام: بأن العصر صلاة منفردة لا تتبعها صلاة.
ويجوز ابتناء الخبر على خروج وقت المغرب إذا غاب الشفق، وعدم دخول
وقت العشاء قبله، فإذا شرع في العشاء لم يعدل إلى المغرب، بناء على عدم
وجوب العدول من الحاضرة إلى الفائتة، فيكون بعد مضموما والمغرب منصوبا
مفعولا ليقض، وكلام السائل: (قلت: لهذا يتم صلاته) وقلت: (بعد المغرب)
والجواب: بيان العلة في استمرار الظهر إلى قريب انقضاء وقت العصر دون
المغرب، إلى قريب انقضاء (1) وقت العشاء، والحمل على ضيق وقت العشاء بعيد
جدا، هذا مع جهل الصيقل.
(وإلا) يعدل مع الامكان (استأنف) الصلاتين بالترتيب، لفساد ما صلاه
للنهي عنها، وإلا يذكر السابقة حتى صلى اللاحقة أجزأت اللاحقة، وإلا يمكن
العدول لزيادة ما ركع فيها على ركعات السابقة أتم اللاحقة واستأنف السابقة على
التقديرين.
واغتفرت مخالفة الترتيب نسيانا بالنصوص والاجماع، وللأصل والحرج
ورفع النسيان، إلا أن يكون صلى اللاحقة في الوقت المختص بالسابقة.
ولا يجوز أن ينوي باللاحقة السابقة بعد إتمامها وإن تساوتا في الركعات،
فإن الصلاة على ما نويت لا تنقلب إلى غيرها بالنية بعد إكمالها، ولو لم تكن
النصوص والاجماع على انقلابها في الأثناء لم نقل به، ولا أعرف فيه خلافا إلا
ممن سأذكره.
ولذا حمل الشيخ وغيره قول أبي جعفر عليه السلام - في حسن زرارة: إذا نسيت
الظهر حتى صليت العصر، فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك، فانوها الأولى
ثم صل العصر، فإنما هي أربع مكان أربع - على القرب من الفراغ (2)، وضعفه ظاهر.
ويمكن حمله على كونه في نية الصلاة أو بعد فراغه من النية.

(1) ساقط من ب.
(2) الخلاف: ج 1 ص 386 المسألة 139.
86

ويقربه قوله عليه السلام متصلا به: وإن ذكرت أنك لم تصل الأولى وأنت في صلاة
العصر وقد صليت منها ركعتين فانوها الأولى ثم صل الركعتين الباقيتين، وقم
فصل العصر (1).
وكذا خبر ابن مسكان عن الحلبي سأله عن رجل نسي أن يصلي الأولى حتى
صلى العصر، قال: فليجعل صلاته التي صلى الأولى، ثم ليستأنف العصر (2). بمعنى
دخوله في صلاة العصر.
ويجوز فيهما أن يكون المصلي ابتداء بالظهر، ثم نسي في أثناء الصلاة أو بعد
الفراغ منها أنه نوى الظهر، ثم ذكر أنه كان ابتداء بالظهر، فليجعلها الظهر، فإنها
على ما ابتداء به، وكل من الظهر والعصر أربع، بخلاف ما إذا نسي أنه نوى المغرب
فذكر بعد الفراغ من العشاء، فإنها لا تكون إلا العشاء.
واحتمل بعض الأصحاب العمل على ظاهر الخبرين، ووقوع العصر عن
الظهر إذا لم يتذكر إلا بعد الفراغ، وهو نادر.
(ويكره ابتداء النوافل) أي الشروع فيها، فلا يكره اتمامها إذا ابتدأت
قبل، أو فعل نافلة غير الراتبة وقضائها، وما لها سبب من تحية المسجد أو حاجة
أو استخارة أو نحوها (عند طلوع الشمس) حتى تذهب حمرتها كما في
المقنعة (3).
(و) عند (غروبها) حتى تذهب صفرتها كما فيها. وفي الذكرى: حتى
يذهب الشفق المشرقي، ويراد به ميلها للغروب، وهو الاصفرار حتى يكمل
الغروب (4)، انتهى.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 211 ب 63 من أبواب المواقيت ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 213 ب 63 من أبواب المواقيت ح 4.
(3) المقنعة: ص 144.
(4) ذكرى الشيعة: ص 126 س 30.
87

وفي المهذب: عند غروب القرص (1)، واحترز به عن الغروب الشرعي الذي
يعلم بذهاب الحمرة المشرقية.
(و) عند (قيامها) وسط النهار (إلى أن تزول، إلا يوم الجمعة)
وفاقا للمعظم، للنهي عنها في خبر مناهي النبي صلى الله عليه وآله (2)، وقول الرضا عليه السلام في
خبر سليمان ابن جعفر الجعفري الذي رواه الصدوق في العلل: لا ينبغي لأحد أن
يصلي إذا طلعت الشمس، لأنها تطلع بقرني شيطان، فإذا ارتفعت وضعت (3)
فارقها، فيستحب الصلاة ذلك الوقت والقضاء وغير ذلك. فإذا انتصف النهار
قارنها، فلا ينبغي لأحد أن يصلي في ذلك الوقت، لأن أبواب السماء قد غلقت،
فإذا زالت الشمس وهبت الريح فارقها (4). وزيد عن النبي صلى الله عليه وآله: وإذا دنت للغروب
قارنها، [فإذا غربت فارقها (5)] (6).
وقول الصادق عليه السلام في مرفوع إبراهيم بن هاشم: إن إبليس اتخذ عرشا
بين السماء والأرض، فإذا طلعت الشمس، وسجد في ذلك الوقت الناس، قال
إبليس لشياطينه: إن بني آدم يصلون لي (7). وفي الغنية الاجماع (8)، وفي الإنتصار:
إن التنفل بالصلاة بعد طلوع الشمس إلى وقت زوالها محرم، إلا في يوم الجمعة
خاصة بالاجماع (9). وفي الناصرية أيضا: إنه لا يجوز عندنا التطوع بعد صلاة
الفجر إلى الزوال إلا يوم الجمعة، وأنه لا يجوز ابتداء النوافل في الأوقات
الثلاثة (10).
وفي علل الصدوق، باب العلة التي من أجلها لا تجوز الصلاة حين طلوع

(1) المهذب: ج 1 ص 71.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 10 ح 4968.
(3) في ع (وصفت).
(4) علل الشرائع: ص 343 ح 1.
(5) المحلى: ج 3 ص 13.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ب.
(7) الكافي: ج 3 ص 290 ح 8.
(8) الغنية: (الجوامع الفقهية): ص 494 س 29.
(9) الإنتصار: ص 50.
(10) الناصريات: (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 77 و 78.
88

الشمس وحين غروبها، وذكر خبر الجعفري عن الرضا (1) عليه السلام.
فيجوز أن يريد بعدم الجواز الكراهية، وكذا السيد في الناصرية (2)، وفي
المقنعة أيضا: عدم الجواز في هذين الوقتين (3).
قال في المختلف: وقول المرتضى، بالتحريم ضعيف، لمخالفته الاجماع، وإن
قصد به صلاة الضحى فهو حق، لأنها عندنا بدعة (4). وفي الذكرى: وكأنه عنى به
صلاة الضحى (5).
قلت: لما ورد النهي ولا معارض، كان الظاهر الحرمة، ولا نسلم مخالفته
الاجماع، ولا يعارض النهي استحباب الذكر والقراءة والركوع والسجود لله
مطلقا، لجواز حرمة الهيئة المخصوصة بنية الصلاة، مع حرمة السجود والركوع لله
تجاه صنم، وفي مكان مغصوب، فلا يستحبان مطلقا، وكذا كون الصلاة خير
موضوع، وقربان كل تقي.
وبالجملة: فعسى أن تكون الصلاة في هذه الأوقات كالحج في غير وقته،
فمن أتى بها بنية الصلاة كانت فاسدة محرمة.
وقد احتمل في الذكرى (6) والتذكرة (7) ونهاية الإحكام (8) عدم انعقادها للنهي.
نعم، يعارض النهي في ذوات الأسباب أسبابها، فهي صحيحة مستحبة غير
مكروهة، أو مكروهة بمعنى قلة الثواب.
وقال الحسن: لا نافلة بعد طلوع الشمس إلى الزوال وبعد العصر إلى أن تغيب
الشمس، إلا قضاء السنة فإنه جائز فيهما، وإلا يوم الجمعة (9).

(1) علل الشرائع: ص 343 باب 47 ح 1.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 78.
(3) المقنعة: ص 144.
(4) مختلف الشيعة: ج 1 ص 59.
(5) ذكرى الشيعة: ص 127 س 23.
(6) ذكرى الشيعة: ص 127 س 27.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 80 س 2.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 320.
(9) مختلف الشيعة: ج 2 ص 58.
89

وفي الخلاف عن بعض الأصحاب: جواز ابتداء النوافل في هذه الأوقات (1).
وفي المعتبر: وقد قال بعض فضلائنا: إن كان ما يقول الناس إنها تطلع بين قرني
الشيطان، فما أرغم أنف الشيطان بشئ أفضل من الصلاة، فصلها وارغم أنف
الشيطان (2).
ويعني به محمد بن عثمان العمري، لما في الفقيه (3) والتهذيب عن محمد بن
جعفر الأسدي، أنه ورد عليه فيما ورد من جواب مسائله، عن محمد بن عثمان
العمري قدس الله روحه: وأما ما سألت عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند
غروبها، فلئن كان كما يقول الناس: إن الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغرب
بين قرني الشيطان، فما أرغم أنف الشيطان بشئ أفضل من الصلاة، فصلها
وارغم أنف الشيطان (4). ولكنه في اكمال الدين وإتمام النعمة، أنه في جواب
مسائله إلى صاحب الدار عليه السلام (5).
ثم لا ينفي الخبر الكراهية - كما في التهذيب (6) وغيره - وإنما ينفي الطلوع
والغروب بين قرني الشيطان على ما يفهمه الناس مطلقا، والكراهية لأجل ذلك.
وعن المفيد أنه قال في الانكار على العامة: إنهم كثيرا ما يخبرون عن
النبي صلى الله عليه وآله بتحريم شئ وبعلة التحريم، وتلك العلة خطأ لا يجوز أن يتكلم بها
النبي صلى الله عليه وآله، ولا يحرم الله من قبلها شيئا، فمن ذلك ما أجمعوا عليه من النهي عن
الصلاة في وقتين، عند طلوع الشمس حتى يتم طلوعها، وعند غروبها، فلولا أن
علة النهي أنها تطلع بين قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان لكان ذلك جائزا،
فإذا كان آخر الحديث موصولا بأوله، وآخره فاسدا فسد الجميع، وهذا جهل من

(1) الخلاف: ج 1 ص 521 المسألة 263.
(2) المعتبر: ج 2 ص 62.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 498 ح 1427.
(4) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 175 ح 155.
(5) اكمال الدين واتمام النعمة: ج 2 ص 520 ح 49.
(6) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 175 ح 155.
90

قائله، والأنبياء لا تجهل، فلما بطلت هذه الرواية بفساد آخر الحديث، ثبت أن
التطوع جائز فيهما (1) انتهى.
وذكروا لهذه العلة معان:
أحدها: أنه يقوم في وجه الشمس حتى تطلع، أو تغرب بين قرنيه مستقبلا
لمن يسجد للشمس.
وثانيها: أن قرنيه: حزباه اللذان يبعثهما لاغواء الناس، أو حزباه المتبعون له
من عبدة الشمس من الأولين والآخرين، أو أهل المشرق والمغرب وأهل الشمال
والجنوب، أو عبر عن طلوعها وغروبها بين قرون عبدتها بهما بين قرني الشيطان.
وثالثها: أن القرن: القوة، والتثنية لتضعيفها، كما يقال: لا يدني له بهذا الأمر،
والقرنين واليدين جميعا بمعنى القوة، لأن قوة ذي القرن في قرنيه، وذي اليد في
يديه، ومنه: (وما كنا له مقرنين) (2) أي مطيقين.
ورابعها: تمثيل تسويل الشيطان لعبدة الشمس ودعائهم إلى مدافعة الحق
بمدافعة ذوات القرون ومعالجتها بقرونها.
وأما استثناء يوم الجمعة، فلنحو قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: لا
صلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة (3). وكأنه لا خلاف فيه إلا لبعض العامة (4). وفي
الناصرية: إجماعنا عليه (5)، وإنما يستثنى من يوم الجمعة هذه الساعة.
واستثنى بعض الشافعية جميعه (6)، لما في بعض الأخبار، وإن جهنم تسجر
في الأوقات الثلاثة إلا يوم الجمعة (7).

(1) نقله عنه في مدارك الأحكام: ج 3 ص 109.
(2) الزخرف: 13.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 18 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 6.
(4) الحاوي الكبير: ج 2 ص 275.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 78.
(6) الحاوي الكبير: ج 2 ص 271.
(7) سنن أبي داود: ج 1 ص 284.
91

وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر أبي بصير: صل صلاة جعفر في أي وقت شئت
من ليل أو نهار (1). وفي الإحتجاج للطبرسي: إن صاحب الزمان عليه السلام إذ سأله محمد
بن عبد الله بن جعفر الحميري عن أفضل أوقاتها، قال: أفضل أوقاتها صدر النهار
من يوم الجمعة، ثم في أي الأيام شئت، وفي أي وقت صليتها من ليل أو نهار فهو
جائز (2).
(و) يكره ابتداء النوافل (بعد صلاتي الصبح والعصر) وفاقا للمشهور،
لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر ابن عمار: لا صلاة بعد العصر حتى تصلي
المغرب، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس (3).
وفي خبر ابن مسكان: لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس، فإن رسول
الله صلى الله عليه وآله قال: إن الشمس تطلع بين قرني الشيطان وتغرب بين قرني الشيطان، ولا
صلاة بعد العصر حتى تصلي المغرب (4).
وما في (5) جامع البزنطي من خبر محمد بن الفضيل: إن أبا الحسن عليه السلام صلى
المغرب ليلة فوق سطح من السطوح، فقيل له: إن فلانا كان يفتي عن آبائك عليهم السلام أنه لا
بأس بالصلاة بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وبعد العصر إلى أن تغيب
الشمس، فقال: كذب - لعنه الله - على أبي، أو قال: على آبائي (6).
وفي الغنية: الاجماع (7). وفي الناصرية: عدم الجواز فيهما (8). وقال
الصادق عليه السلام في خبر عمار: لا تسجد سجدتي السهو حتى تطلع الشمس وتذهب

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 201 ب 5 من أبواب صلاة جعفر ح 5.
(2) الإحتجاج: ص 491.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 171 ب 38 من أبواب المواقيت ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 170 ب 38 من أبواب المواقيت ح 1 وفيه (عن الحلبي).
(5) في ب (ينافي).
(6) مستطرفات السرائر: ص 63 ح 44.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 30.
(8) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 78.
92

شعاعها (1).
قال الشهيد: وفيه إشعار بكراهة مطلق السجدات (2)، يعني سجدة الشكر
وللقرآن، وكأنه من باب الأولى والاشتراك في العلة.
وفي خبره أيضا عنه عليه السلام في الرجل يسمع السجدة في الساعة التي لا تستقيم
الصلاة فيها قبل غروب الشمس وبعد صلاة الفجر، قال: لا يسجد (3).
وروى الصدوق في الخصال مسندا عن عائشة: صلاتين لم يتركهما رسول
الله صلى الله عليه وآله سرا وعلانية، ركعتين بعد العصر، وركعتين قبل الفجر (4). وعنها أيضا:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي بعد العصر ركعتين (5).
وعن عبد الواحد بن أيمن عن أبيه أنه دخل على عائشة فسألها عن الركعتين
بعد العصر، فقالت: والذي ذهب بنفسه - تعني رسول الله صلى الله عليه وآله - ما تركهما حتى
لقي الله عز وجل، وحتى ثقل عن الصلاة، وكان يصلي كثيرا من صلاته وهو
قاعد، قال: قلت: إنه لما ولي عمر كان ينهى عنهما، قالت: صدقت، ولكن رسول
الله صلى الله عليه وآله كان لا يصليهما في المسجد مخافة أن تثقل على أمته، وكان يحب ما
خفف عليهم (6).
وعن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عن أبيه، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى
البردين دخل الجنة، يعني بعد الغداة وبعد العصر (7). ثم قال الصدوق: كان مرادي
بايراد هذه الأخبار، الرد على المخالفين، لأنهم لا يرون بعد الغداة وبعد العصر
صلاة، فأحببت أن أبين أنهم قد خالفوا النبي صلى الله عليه وآله في قوله وفعله (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 346، ب 32 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 2.
(2) ذكرى الشيعة: ص 128 س 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 779، ب 40 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(4) الخصال: ج 1 ص 69 ح 105.
(5) الخصال: ج 1 ص 71 ح 107.
(6) الخصال: ج 1 ص 70 ح 106.
(7) الخصال: ج 1 ص 71 ح 108.
(8) الخصال: ج 1 ص 71 ذيل الحديث 108.
93

وقلت: هذا الكلام منه ليس نصا في نفي الكراهية، وإنما هو احتجاج على
العامة بأخبارهم، ثم الأصحاب قطعوا بأن الكراهية هنا بعد الصلاتين، وإنها إنما
تتعلق بفعلهما لا بالوقتين، فمن لم يصلهما كان له التنفل إن شرعت النافلة في وقت
فريضة، وإن صليتا أول الوقت [طال الوقت] (1) الكراهية، أو آخره قصر.
ولا يتوهم (2) من الخبرين الأولين أن الكراهية تتعلق بالوقتين، إذ لو أريد
ذلك لزم النهي عن الفرضين أيضا، إلا أن يقدر استثناؤهما.
قال الشهيد: وبعض العامة يجعل النهي معلقا على طلوع الفجر، لما روي أن
النبي صلى الله عليه وآله قال: ليبلغ شاهدكم غائبكم لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين، ولعموم
قوله عليه السلام: لا صلاة بعد الفجر. والحديث الأول لم نستثبته، وأما الثاني فنقول
بموجبه، ويراد به صلاة الفجر توفيقا بينه وبين الأخبار (3).
والاستثناء في قوله (إلا ما له سبب) متصل، إن أراد بابتداء النوافل
الشروع فيها، وإلا فمنقطع.
وبالجملة: لا كراهية لما له سبب من الفرائض أو النوافل في شئ من هذه
الأوقات وفاقا للسيدين (4) والمبسوط (5) والاقتصاد (6) والمحقق (7) وابني
إدريس (8) والبراج (9).
أما الفرائض ففيها الاجماع، كما في الناصريات (10) والمنتهى (11)
والتحرير (12) وظاهر التذكرة (13). ويعضده الأصل، والأمر بقضاء الفرائض متى

(1) في ط و س (تتعلق).
(2) في ب وع (يتوهن).
(3) ذكرى الشيعة: ص 127 س 27.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 77، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494
س 28.
(5) المبسوط: ج 1 ص 76 - 77.
(6) الإقتصاد: ص 257.
(7) المعتبر: ج 2 ص 60.
(8) السرائر: ج 1 ص 201.
(9) المهذب: ج 1 ص 71.
(10) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 77.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 215 س 20.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 27 س 28.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 80 س 9.
94

ذكرها، والمسارعة إلى المغفرة، وإلى نقل الموتى إلى مضاجعهم، واحتمال فوت
الوقت إذا أخرت نحو صلاة الكسوف، وخصوص أخبار صلاة طواف الفريضة
وهي كثيرة: كحسن محمد بن مسلم سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل طاف طواف
الفريضة وفرغ من طوافه حين غربت الشمس، قال: وجبت عليه تلك الساعة
الركعتان، فيصليهما قبل المغرب (1).
وحسن رفاعة سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يطوف الطواف الواجب بعد
العصر، أيصلي الركعتين حين يفرغ من طوافه؟ قال: نعم، أما بلغك قول رسول
الله صلى الله عليه وآله: يا بني عبد المطلب، لا تمنعوا الناس من الصلاة بعد العصر، فتمنعوهم من
الطواف (2). ونحو خبر حماد بن عثمان سأل الصادق عليه السلام عن رجل فاته شئ من
الصلوات، فذكر عند طلوع الشمس وعند غروبها، قال: فليصل حين يذكر (3).
وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: أربع صلوات يصليها الرجل: في كل
ساعة صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها، وصلاة ركعتي طواف الفريضة، وصلاة
الكسوف، والصلاة على الميت، هذه يصليهن الرجل في الساعات كلها (4).
وفي صحيح ابن مسلم: تصلي على الجنازة في كل ساعة، إنها ليست بصلاة
ركوع ولا سجود، إنما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها
الخشوع والركوع والسجود، لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني
شيطان (5).

(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 486 ب 76 من أبواب الطواف ح 1.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 487 ب 76 من أبواب الطواف ح 2.
(16) وسائل الشيعة: ج 3 ص 174 ب 39 من أبواب المواقيت ح 2.
(17) المصدر السابق ح 1.
(18) وسائل الشيعة: ج 2 ص 797 ب 20 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
95

وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: خمس صلوات لا تترك على حال:
إذا طفت البيت، وإذا أردت أن تحرم، وصلاة الكسوف، وإذا نسيت فصل إذا
ذكرت، وصلاة الجنازة (1). وفي خبر أبي بصير خمس صلوات تصليهن في كل
وقت: صلاة الكسوف، والصلاة على الميت، وصلاة الاحرام، والصلاة التي
تفوت، وصلاة الطواف من الفجر فطلوع الشمس وبعد العصر إلى الليل (2).
وفي صحيح عبيد الله بن علي الحلبي: لا بأس بالصلاة على الجنائز حين
تغيب الشمس وحين تطلع، إنما هو استغفار (3). وقول الرضا عليه السلام في العلل التي
رواها الفضل: إنما جوزنا الصلاة على الميت قبل المغرب وبعد الفجر، لأن هذه
الصلاة إنما تجب في وقت الحضور والعلة، وليست هي موقتة كسائر الصلوات،
وإنما هي صلاة تجب في وقت حدث، والحدث ليس للانسان فيه اختيار، وإنما
هو حق يؤدى، وجائز أن يؤدى في أي وقت كان إذا لم يكن الحق مؤقتا (4).
وفي صحيح جميل: وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف عند طلوع
الشمس وعند غروبها (5).
وأما خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن الصادق عليه السلام: تكره الصلاة على
الجنائز حين تصفر الشمس وحين تطلع (6). فبعد التسليم محمول على التقية، أي
أنها تكره عند هم فتكره لنا بمرأى منهم موافقة لهم.
وكذا صحيح ابن مسلم سأل أبا جعفر عليه السلام عن ركعتي طواف الفريضة، قال:
وقتهما إذا فرغت من طوافك، والكراهة عند اصفرار الشمس وعند طلوعها (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 175 ب 39 من أبواب المواقيت ح 4.
(2) المصدر السابق ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 797 ب 20 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(4) علل الشرائع: ج 1 ص 268 ح 9.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 146 ب 4 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 798 ب 20 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 488 ب 76 من أبواب صلاة الطواف ح 7.
96

وصحيحه سأل أحدهما عليهما السلام عمن يدخل مكة بعد الغداة، قال: يطوف
ويصلي الركعتين ما لم يكن عند طلوع الشمس، أو عند احمرارها (1). مع
احتمالهما الندب.
وقال الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير فيمن فاتته العشائين: إن خاف أن تطلع
الشمس فتفوته إحدى الصلاتين فليصل المغرب، ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع
الشمس ويذهب شعاعها، ثم ليصلها (2). وحمله الشيخ أيضا على التقية (3).
وأما النوافل فكذلك، لا كراهية لما له سبب منها في شئ من الأوقات أداء
ولا قضاء، وفاقا للناصرية (4) والخلاف (5) والمبسوط (6) والاقتصاد (7) والغنية (8)
والمهذب (9) والسرائر (10) والإصباح (11) وكتب المحقق (12) للأصل والأخبار في
قضاء النوافل، ومطلق القضاء وهي كثيرة، وخبري الحسن المتضمنين لصلاة
الاحرام (13)، وقول الصادق عليه السلام فيما أرسله المفيد: الاحرام في كل وقت من ليل
أو نهار جائز (14).
وخبر إدريس بن عبد الله سأله عن الرجل يأتي بعض المواقيت بعد العصر،
كيف يصنع؟ قال: يقيم إلى المغرب، قال: فإن أبى جماله أن يقيم، قال: ليس له

(1) المصدر السابق ح 8.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 209 ب 62 من أبواب المواقيت ح 3.
(3) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 271 ذيل الحديث 1076.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 77.
(5) الخلاف: ج 1 ص 520 المسألة 263.
(6) المبسوط: ج 1 ص 76 - 77.
(7) الإقتصاد: ص 257.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 28.
(9) المهذب: ج 1 ص 71.
(10) السرائر: ج 1 ص 201.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 610.
(12) المعتبر: ج 2 ص 60، شرائع الاسلام: ج 1 ص 64.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 27 ب 19 من أبواب الاحرام ح 4 ولم نعثر على الخبر الآخر.
(14) المقنعة: ص 444.
97

أن يخالف السنة، قال: أله أن يتطوع بعد العصر؟ قال: لا بأس به ولكني أكرهه
للشهرة، وتأخير ذلك أحب إلي (1).
وقوله عليه السلام في خبر أبي هارون العبدي الذي رواه الشيخ في المصباح في يوم
الغدير: من صلى فيه ركعتين أي وقت شاء صلى (2)، الخبر. وقول النبي صلى الله عليه وآله: إذا
دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين (3).
وفي الناصرية (4) الاجماع، واقتصر في الفقيه (5) على صحيح زرارة في
الأربع، وفي الهداية (6) على الخمس التي في خبري ابن عمار وأبي بصير. وفي
الجمل والعقود (7) والوسيلة على استثناء الخمس التي في الخبرين (8)، وفيها النص
على تعميم القضاء لقضاء الفرض والنفل، والجامع مثلها، وزيد فيه
تحية المسجد (9).
والاقتصار عليها وعلى مثلها مما نص فيها على الجواز في تلك الأوقات
بخصوصها، أو بالنص على التعميم حسن، إلا أن يثبت الاجماع الذي في
الناصريات (10)، ولم أظفر بالنص إلا فيما ذكرت.
وقال الشهيد: ولو تطهر في هذه الأوقات جاز أن يصلي ركعتين، ولا يكون
هذا ابتداء للحث على الصلاة عقيب الطهارة، ولأن النبي صلى الله عليه وآله روي أنه قال
لبلال: حدثني بأرجى عمل عملته في الاسلام، فإني سمعت دق نعليك بين يدي
في الجنة، قال: ما عملت عملا أرجى عندي من أنني لم أتطهر طهورا في ساعة

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 27 ب 19 من أبواب الاحرام ح 3.
(2) مصباح المتهجد: ص 680 س 13.
(3) السنن الكبرى: ج 3 ص 194.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 77.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 566 ح 1563.
(6) الهداية: ص 38.
(7) الجمل والعقود: ص 60.
(8) الوسيلة: ص 84.
(9) الجامع للشرائع: ص 61.
(10) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 77.
98

من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور، ما كنت إلى أن أصلي، وأقره النبي صلى الله عليه وآله
على ذلك (1)، انتهى. وليسا من النص على ذلك في شئ، لاحتمالهما الانتظار إلى
زوال الكراهية.
وإن قيل: إن ذوات الأسباب إن كانت المبادرة إليها مطلوبة للشارع - كالقضاء
والتحية - لم تكره، وإلا كرهت، كان متجها.
وقال المفيد: لا بأس أن يقضي الانسان نوافله بعد صلاة الغداة إلى أن تطلع
الشمس، وبعد صلاة العصر إلى أن يتغير لونها بالاصفرار، ولا يجوز ابتداء
النوافل، ولا قضاء شئ منها عند طلوع الشمس، ولا عند غروبها. قال: ويقضي
فوائت النوافل في كل وقت ما لم تكن وقت فريضة أو عند طلوع الشمس أو عند
غروبها، وتكره قضاء النوافل عند اصفرار الشمس حتى تغيب. قال: ومن حضر
بعض المشاهد عند طلوع الشمس وغروبها فليزر، ويؤخر صلاة الزيارة حتى
تذهب حمرة الشمس عند طلوعها وصفرتها عند غروبها (2)، انتهى.
ففرق بين الأوقات الثلاثة وما بعد الصلاتين، لأن أكثر أخبار إطلاق قضاء
النافلة بخصوصها فيما بعد، مع إطلاق النهي في الأوقات الثلاثة، واشتراك العلة
المروية فيها بين الصلوات كلها، وضعف خبر محمد بن يحيى بن حبيب أنه كتب
إلى الرضا عليه السلام: تكون علي صلاة النافلة متى أقضيها؟ فكتب عليه السلام: في أي ساعة
شئت من ليل أو نهار (3)، وخبر سليمان بن هارون عن الصادق عليه السلام سأله عن
قضاء الصلاة بعد العصر، فقال: إنما هي النوافل فاقضها متى ما شئت (4).
واحتمال اختصاص قوله عليه السلام في صحيح ابن أبي يعفور: صلاة النهار يجوز
قضاؤها أي ساعة شئت من ليل أو نهار (5)، وفي حسن الحسين بن أبي العلاء:

(1) ذكرى الشيعة: ص 127 س 36.
(2) المقنعة: ص 143 - 144 و ص 212.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 175، ب 39 من أبواب المواقيت، ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 176، ب 39 من أبواب المواقيت، ح 11.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 176، ب 39 من أبواب المواقيت، ح 12.
99

إقض النهار أي ساعة من ليل أو نهار، كل ذلك سواء (1) بقضاء الفرائض، وكراهية
صلاة الزيارة، للعمومات من غير مخصص.
وفي النهاية بعد الإفتاء بفعل الخمس التي في خبري ابن عمار وأبي بصير
على كل حال، ما لم يتضيق وقت فريضة حاضرة: من فاته شئ من صلاة النوافل
فليقضها أي وقت شاء من ليل أو نهار ما لم يكن وقت فريضة أو عند طلوع
الشمس أو غروبها، فإنه تكره الصلاة النوافل وقضاؤها في هذين الوقتين.
وقد وردت رواية بجواز النوافل في الوقتين اللذين ذكرناهما، فمن عمل بها
لم يكن مخطئا، لكن الأحوط ما ذكرناه (2).
وفي الخلاف: والأول - يعني ما بعد الصلاتين - إنما تكره ابتداء الصلاة فيه
نافلة، فأما كل صلاة لها سبب من قضاء فريضة أو نافلة أو تحية مسجد أو صلاة
زيارة أو صلاة إحرام أو صلاة طواف أو نذر أو صلاة كسوف أو جنازة فإنه لا
بأس به ولا تكره.
وأما ما نهى عنه لأجل الوقت - يعني الأوقات الثلاثة - والأيام والبلاد
والصلوات فيها سواء إلا يوم الجمعة، فإن له أن يصلي عند قيامها النوافل.
ووافقنا الشافعي في جميع ذلك، واستثنى من البلدان مكة، فإنه أجاز الصلاة
فيها أي وقت شاء، ومن الصلاة ما لها سبب، وفي أصحابنا من قال: الصلوات التي
لها سبب مثل ذلك (3)، انتهى.
وعن محمد بن عيسى، عن علي بن بلال قال: كتبت إليه في قضاء النافلة من
طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن بعد العصر إلى أن تغيب الشمس، فكتب: لا
يجوز ذلك إلا للمقتضي، فأما لغيره فلا (4).
فإن كان المراد بالمقتضي القاضي وكانت الإشارة بذلك إلى فعل النافلة - كما

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 176، ب 39 من أبواب المواقيت، ح 13.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 282.
(3) الخلاف: ج 1 ص 520 المسألة 263.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 171، ب 38 من أبواب المواقيت ح 3.
100

يعطيه التهذيب (1) - وافق فتوى الأصحاب، وإن كان المراد الداعي المرجح لفعل
المكروه خالفها.
وروى السيد رضي الدين بن طاووس في كتاب الاستخارات (2) عن أحمد
ابن محمد بن يحيى، عن الصادق عليه السلام في الاستخارة بالرقاع: فتوقف إلى أن
تحضره صلاة مفروضة، ثم قم فصل ركعتين كما وصفت لك، ثم صل الصلاة
المفروضة، أو صليهما بعد الفرض ما لم يكن الفجر أو العصر، فأما الفجر فعليك
بالدعاء بعدها إلى أن تنبسط الشمس ثم صلها، وأما العصر فصلها قبلها ثم ادع الله
بالخيرة. فهذه ذات سبب لم تطلب المبادرة إليها شرعا، فكان الأولى تأخيرها.
ونحوها صلوات الاستسقاء، والحاجة، ويوم الغدير، ووداع المنزل،
والدخول بالزوجة، وعلى الزوج أن يمهلها.
(ويستحب تعجيل قضاء فائت النافلة) لأنه مسارعة إلى الخير،
ومبادرة إلى الطاعة.
(فتقضى نافلة النهار ليلا وبالعكس) كما في النهاية (3) والمبسوط (4)
والوسيلة (5) والمهذب (6) والسرائر (7) من غير انتظار للمماثلة كما في الأحمدي (8)
والأركان (9)، استنادا إلى نحو قول أبي جعفر عليه السلام في خبر إسماعيل الجعفي:
أفضل قضاء صلاة الليل بالليل، وصلاة النهار بالنهار، قال: فيكون وتران في
ليلة؟ قال: لا، قال: ولم تأمرني أن أوتر وترين في ليلة؟ فقال عليه السلام: أحدهما
قضاء (10).

(1) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 174 ذيل الحديث 695.
(2) لا يوجد لدينا.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 282.
(4) المبسوط: ج 1 ص 77.
(5) الوسيلة: ص 84.
(6) المهذب: ج 1 ص 127.
(7) السرائر: ج 1 ص 276.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 3 ص 27.
(9) لا يوجد لدينا.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 200، ب 57 من أبواب المواقيت، ح 7.
101

وخبر زرارة سأله عليه السلام عن قضاء صلاة الليل، فقال: اقضها في وقتها الذي
صليت فيه، قال: يكون وتران في ليلة؟ قال: ليس هو وتران في ليلة، أحدهما لما
فاتك (1). وقول الصادق عليه السلام في حسن ابن عمار: أقض ما فاتك من صلاة النهار
بالنهار، وما فاتك من صلاة الليل بالليل، قال: أقضي وترين في ليلة؟ قال: نعم،
إقض وترا أبدا (2).
وخبر إسماعيل بن عيسى سأل الرضا عليه السلام عن الرجل يصلي الأولى ثم يتنفل
فيدركه وقت العصر من قبل أن يفرغ من نافلته، فيبطئ بالعصر فيقضي نافلته بعد
العصر، أو يؤخرها حتى يصليها في وقت آخر، قال: يصلي العصر ويقضي نافلته
في يوم آخر (3).
وليس شئ مما سوى الأول نصا في الفضل، فيجوز إرادة الإباحة فيها،
لتوهم المخاطب أن لا وترين في ليلة، أو لزوم قضاء نافلة اليوم في يومه.
ويمكن أن يراد بالأول أن الأفضل قضاء صلاة الليل في ليلها وصلاة اليوم في
يومها، ولا يكون قول السائل: (فيكون وتران في ليلة) سؤالا متفرعا على قضاء
صلاة الليل بالليل، بل مبتدئا.
ويؤيد المختار مع ما سمعت خبر عنبسة، سأل الصادق عليه السلام عن قول الله
عز وجل: (هو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا)
قال: قضاء صلاة الليل بالنهار وصلاة النهار بالليل (4). وقوله عليه السلام في خبر إسحاق:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الله يباهي بالعبد يقضي صلاة الليل بالنهار (5). وما أرسله
الحسن عنهم عليهم السلام (والذين هم على صلاتهم دائمون) أي يديمون على أداء

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 201، ب 57 من أبواب المواقيت، ح 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 200، ب 57 من أبواب المواقيت، ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 177، ب 39 من أبواب المواقيت، ح 18.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 199، ب 57 من أبواب المواقيت، ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 202، ب 57 من أبواب المواقيت، ح 15.
102

السنة، فإن فاتتهم بالليل قضوها بالنهار، وإن فاتتهم بالنهار قضوها بالليل (1).
وعن عمار إنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل ينام عن الفجر حتى تطلع
الشمس وهو في سفر، كيف يصنع؟ أيجوز له أن يقضي بالنهار؟ قال: لا يقضي
صلاة نافلة ولا فريضة بالنهار، ولا يجوز له ولا يثبت له، ولكن يؤخرها فيقضيها
بالليل (2). وهو مخصوص بالمسافر، فعسى أن يكون الأفضل له التأخير إلى الليل،
خصوصا إذا لم يتيسر له القضاء نهارا إلا على الراحلة أو الدابة أو ماشيا، أو لم
يمكنه إلا الاتيان بأقل الواجب، أو مسمى النفل.
وحكم الشيخ بشذوذه، لمعارضته بالقرآن (3)، والأمر بالمسارعة والأخبار،
وعلى ما ذكرناه لا معارضة.
(فروع) ستة:
(أ: الصلاة) المفروضة اليومية وغيرها (تجب بأول الوقت) خلافا
لبعض الحنفية (4) في كل واجب موسع، ولكن وجوبا (موسعا) خلافا لجماعة
من الأشاعرة. (فلو أخر) عنه عمدا اختيارا إلى ضيق الوقت أو ظنه لم يكن
عاصيا.
فلو أخر (حتى مضى) وقت (إمكان الأداء ومات) قبل أن يضيق
الوقت أو يظنه (لم يكن عاصيا) وفاقا للمشهور، للأخبار المتضافرة (5)،

(1) مستدرك الوسائل: ج 3 ص 159، ب 45 من أبواب المواقيت، ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 202، ب 57 من أبواب المواقيت، ح 14، و ج 5 ص 351، ب 2 من
أبواب قضاء الصلوات، ح 6.
(3) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 272 ذيل الحديث 1081.
(4) المجموع: ج 3 ص 47.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 100، ب 7 من أبواب المواقيت.
103

وقوله تعالى: (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) (6) لظهور أن المراد
التوسيع لا التضييق ولا التكرير، وخلافا للمفيد فقال: إن أخرها ثم اخترم في
الوقت قبل أن يؤديها كان مضيعا لها، فإن بقي حتى يؤديها في آخر الوقت، أو
فيما بين الأول والآخر منه عفى عن ذنبه (7). وقال أيضا: إن أخرها لغير عذر كان
عاصيا، ويسقط عقابه لو فعلها في بقية الوقت (8). وظاهره موافق لما حكيناه عن
بعض الأشاعرة.
ودليله: ما روي أن: أول الوقت رضوان الله وآخره عفوه أو غفرانه (9). وما
أرسله علي بن إبراهيم في تفسيره، عن الصادق عليه السلام في قوله عز وجل: (فويل
للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون) قال: تأخير الصلاة عن أول وقتها لغير
عذر (10). وما رواه العياشي في تفسيره مسندا، عن يونس بن عمار، عنه عليه السلام في
هذه الآية: أن يغفلها ويدع أن يصلي في أول وقتها (11).
وقوله عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان: ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا
إلا في عذر من غير علة (12). وفي صحيحه: ليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا
إلا من عذر أو علة (13). وقول الرضا عليه السلام فيما روي عنه: ليس لأحد أن يتخذ آخر
الوقت وقتا، وإنما جعل آخر الوقت للمريض والمعتل والمسافر (14).
وما في خرائج الرواندي عن إبراهيم بن موسى القزاز أنه عليه السلام خرج يستقبل

(1) الإسراء: 78.
(2) المقنعة: ص 94.
(3) المقنعة: ص 94 نقلا بالمعنى.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 90، ب 3 من أبواب المواقيت، ح 16.
(5) تفسير القمي: ج 2 ص 444.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 83، ب 1 من أبواب المواقيت، ح 24.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 89، ب 3 من أبواب المواقيت، ح 13.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 87، ب 3 من أبواب المواقيت، ح 4.
(9) فقه الرضا عليه السلام: ص 71.
104

بعض الطالبيين وجاء وقت الصلاة، فمال إلى قصر هناك، فنزل تحت شجرة،
فقال: أذن، فقلت: ننتظر يلحق بنا أصحابنا، فقال: غفر الله لك، لا تؤخرن صلاة
عن أول وقتها إلى آخر وقتها من غير علة، عليك، إبداء بأول الوقت (1).
ويعارضها أخبار أكثر وأصح منها، مع احتمالها تأكيد الاستحباب وإيجاب
التأخير لوما لا عقابا، ويحتمله كلام المفيد كما حمله الشيخ عليه في التهذيب (2).
واحتمال آخر الوقتين في الأخبار وقت القضاء، والعفو عن مخالفة الأولى.
والشيخ في العدة أبقى كلام المفيد على ظاهره، وإن التأخير يوجب العقاب،
لكن الفعل فيما بعد الأول يسقطه. ثم إنه فيها شبه المتردد بين المذهبين، واحتمل
نصرة هذا المذهب بالاحتياط، وأن الأخبار إذا تقابلت في جواز التأخير وعدمه،
رجعنا إلى ظاهر الأمر من الوجوب أول الوقت. وفيه: أنها ليست متعارضة، ولا
ظاهر الأمر المبادرة. قال: فإن قيل: لو كانت الصلاة واجبة في أول الوقت لا
غير، لكان متى لم يفعل فيه استحق العقاب، وأجمعت الأمة على أنه لا يستحق
العقاب إن لم يفعلها في أول الوقت. فإن قلتم إنه سقط عقابه، قيل لكم: وهذا أيضا
باطل، لأنه يكون إغراء بالقبيح، لأنه إذا علم أنه متى لم يفعل الواجب في الأول
مع أنه يستحق العقاب عليه سقط عقابه كان ذلك إغراء. قيل له: ليس ذلك إغراء،
لأنه إنما علم اسقاط عقابه إذا بقي إلى الثاني وأداها وهو لا يعلم أنه يبقى إلى
الثاني حتى يؤديها، فلا يكون مغر بتركها. وليس لهم أن يقولوا: فعلى هذا لو مات
عقيب الوقت الأول ينبغي أن لا يقطع على أنه غير مستحق للعقاب، وذلك خلاف
الاجماع إن قلتموه، وذلك أن هذا الاجماع غير مسلم، بل الذي يذهب إليه أن من
مات في الثاني مستحق العقاب، وأمره إلى الله إن شاء عفى عنه وإن شاء عاقبه،
فادعاه الاجماع في ذلك لا يصح، انتهى (3).

(1) الخرائج والجرائح: ج 1 ص 337.
(2) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 39، ذيل الحديث 123.
(3) عدة الأصول: ص 93 الفصل 25 (الطبعة الحجرية).
105

(و) على كل يجب أن (يقضي) عنه (الولي) ويأتي تفسيره في
الصوم، ما أخره حتى مضى وقت إمكان الأداء، فمات ولم يؤدها لعذر أو غيره،
وفاقا للحسن (1) والشيخين في المقنعة (2) والنهاية (3) وبني زهرة (4) وحمزة (5)
والبراج (6) والمحقق في كتابيه (7)، لقول الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان:
الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميت يقضي عنه أولى أهله به (8).
وكل ما دل على استقرارها عليه بذلك، مع عمومات أخبار قضاء الولي عن
الميت، كقوله عليه السلام في خبر حفص بن البختري، ومرسل ابن أبي عمير: في الرجل
يموت وعليه صلاة أو صيام، قال: يقضي عنه أولى الناس به (9) ويدل على
الاستقرار قضاء، نحو الحائض إذا أدركت من الوقت هذا المقدار، وإتمام المسافر
إذا سافر بعده.
وخص في الأحمدي (10) والمبسوط (11) وجمل العلم والعمل (12) بالعليل، وفي
بغداديات المحقق بما فات لعذر من مرض أو حيض (13). وحكي عن السيد
العميد (14).
قال الشهيد: ولا بأس به، فإن الروايات تحمل على الغالب من الترك، وهو

(1) ذكرى الشيعة: ص 138 س 24.
(2) المقنعة: ص 684.
(3) النهاية ونكتها: ج 3 ص 197.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 2.
(5) الوسيلة: ص 387.
(6) المهذب: ج 2 ص 132.
(7) المختصر النافع: ص 260، شرائع الاسلام: ج 4 ص 25.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 368، ب 12 من أبواب قضاء الصلوات، ح 18.
(9) وسائل الشيعة: ج 7 ص 241، ب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان، ح 5.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 3 ص 26.
(11) المبسوط: ج 1 ص 127.
(12) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 39.
(13) الرسائل التسع (المسائل البغدادية): ص 258.
(14) الحاكي هو الشهيد في ذكرى الشيعة: ص 138 س 34.
106

إنما يكون على هذا الوجه، أما تعمد ترك الصلاة فإنه نادر (1).
قلت: ومن الغالب التأخير اختيارا عن أول الوقت.
قال: نعم، قد يتفق فعلها لا على وجه المبرئ للذمة، والظاهر أنه ملحق
بالتعمد للتفريط، ورواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سمعته يقول:
الصلاة التي دخل وقتها قبل أن يموت الميت يقضي عنه أولى أهله به. وردت
بطريقين وليس فيها نفي لما عداه، إلا أن يقال: قضية الأصل يقتضي عدم القضاء
إلا ما وقع الاتفاق عليه، أو المتعمد مؤاخذ بذنبه، فلا يناسب مؤاخذة الولي به،
لقوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (2) انتهى.
وفيه: أنه ليس من مؤاخذته وإنما هو تعبد له به قضاء لحق الأبوة. نعم،
ممكن أن يقال لما تركه الميت عمدا أو اختيارا عوقب، لعدم إيجاب القضاء عليه
على وليه، ويقال بإزائه: إنه بري الذمة عما فاته لعذر، والقضاء عنه لابراء ذمته،
فإنما يناسب ما فاته لغيره.
وقال ابن زهرة: وقوله: (وإن ليس للانسان إلا ما سعى) وما روي من
قوله عليه السلام: (إذا مات المؤمن انقطع عمله إلا من ثلاث)، لا ينافي ما ذكرناه، لأنا لا
نقول: إن الميت يثاب بفعل الولي، ولا أن عمله لم ينقطع، وإنما نقول: إن الله تعبد
الولي بذلك، والثواب له دون الميت، ويسمى قضاء عنه من حيث حصل عند
تفريطه (3).
قلت: على أن من الثلاث التي في الخبر ولدا صالحا يستغفر له أو يدعو له،
والقضاء من الاستغفار والدعاء، وما يفعله أخوه المؤمن عنه من سعيه في الايمان
وولده، وإيمان ولده من سعيه.
وفي الإصباح لا يقال: كيف يكون فعل الولي تلافيا لما فرط فيه المتوفى،
وكان متعلقا في ذمته، وليس للانسان إلا سعيه، وقد انقطع بموته عمله؟ لأنا نقول:

(1) ذكرى الشيعة: ص 138 س 35.
(2) ذكرى الشيعة: ص 138 س 35.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 4.
107

إن الله تعالى تعبد الولي له بذلك، والثواب له دون الميت، وسمي قضاء عنه من
حيث حصل عند تفريطه، وتعويلنا في ذلك على إجماع الفرقة المحقة وطريقة
الاحتياط، ومما يمكن التمسك به في ذلك عموم قول النبي صلى الله عليه وآله: فدين الله أحق
أن يقضى (1) انتهى.
قلت: عسى أن يكون هذا الخبر نصا في وقوع القضاء عن الميت وبراءة
ذمته، وإذا برئ الانسان من حقوق الناس بأداء غيره لها، فالله أولى بذلك، مع
تواتر الأخبار، وتحقق الاجماع على وصول الثواب إلى الميت، وغيره من كل
قربة وهب ثوابها، بل تظافر الأخبار بالتخفيف عن الميت، أو التوسع عليه، أو
الرضا عنه بعدما كان مسخوطا عليه بالصلاة عنه، كما يطلعك عليه الذكرى (2)
حكاية عن غياث سلطان الورى (3).
ولعلهما إنما يكلفا ذلك إسكاتا للعامة.
وخصه ابن إدريس بما فاته في مرض موته (4)، بناء على مذهبه من وجوب
المبادرة إلى قضاء الفوائت مع قصر وجوبه على الولي على ما فاته لعذر، فلا يرد
عليه ما في الذكرى من أنه خال عن المأخذ.
ويحتمل كلام ابن سعيد موافقته في هذا التخصيص (5)، كما قطع به الشهيد
لقوله: ويقضي الابن ما فات أباه من صلاة مرضه (6). مع أنه لم يقل بالمضايقة التي
يراها ابن إدريس في القضاء، فليحمل على مطلق المرض.
ثم الوجوب على الولي نص المبسوط (7) والغنية (8) وبغداديات المحقق (9)

(1) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 636.
(2) ذكرى الشيعة: ص 73 س 31.
(3) لمؤلفه السيد ابن طاووس علي بن موسى بن جعفر.
(4) السرائر: ج 1 ص 277.
(5) الجامع للشرائع: ص 89.
(6) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 746.
(7) المبسوط: ج 1 ص 127.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 2.
(9) نقله عنه في الذكرى: ص 138 س 33.
108

وشرح جمل العلم والعمل للقاضي (1) والدروس (2) واللمعة (3) والبيان (4)
والألفية (5)، وظاهر الباقين، بل ظاهر القاضي (6) في الشرح الاجماع عليه،
وخيره أبو علي (7) والسيدان (8) والقاضي في الشرح بين القضاء والتصدق عن كل
ركعتين بمد، فإن لم يقدر فعن كل أربع، فإن لم يقدر فعن صلاة النهار بمد، وعن
صلاة الليل بمد (9).
وادعى القاضي عليه الاجماع (10)، ويحتمل الغنية (11).
قال الشهيد: وأما الصدقة فلم نرها في غير النافلة (12) انتهى.
وهل يسقط عن الولي بتبرع الغير أو استئجاره عن وصية أو لا عنها؟ وجهان:
من التعلق بحي ولا صلاة عنه، ومن أن الفرض ابراء ذمة الميت وقد حصل،
وتعلقها بها أصالة.
(ولو ظن التضيق عصى لو أخر) إجماعا كما في المنتهى كان ظنه (13)
لظنه الهلاك، أو لظنه قرب انقضاء الوقت وإن ظهر الخلاف وأداها، وهو واضح
مما في نهاية الإحكام من قوله: فإن انكشف بطلانه فلا إثم (14)، بمعنى أنه لا إثم
بالتأخير بعد الانكشاف. لكن في التذكرة: فإن انكشف بطلانه فالوجه عدم
العصيان (15)، وهو مؤذن باحتمال العصيان، ولا وجه له بعد الانكشاف، كما لا
وجه لارتفاع العصيان بالتأخير السابق، إلا أن يدل دليل على العفو عنه.

(1) شرح جمل العلم والعمل: ص 115.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 146 درس 28.
(3) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 746.
(4) البيان: ص 154.
(5) الألفية: ص 75.
(6) شرح جمل العلم والعمل: ص 115.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 3 ص 26.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 3، جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى
المجموعة الثالثة): ص 39.
(9) شرح جمل العلم والعمل: ص 112.
(10) شرح جمل العلم والعمل: ص 115.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 3.
(12) ذكرى الشيعة: ص 138 س 38.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 209 س 23.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 331.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 86 س 28.
109

(ولو ظن الخروج صارت قضاء) إذا لم يمكنه العلم، لأنه متعبد بظنه
حينئذ كظن الدخول، فينوي لفعلها القضاء، ولا يتأتى هنا استحباب التأخير أو
وجوبه، حتى يحصل العلم لوجوب المبادرة هنا، لاحتمال بقاء الوقت وإن كان
مرجوحا.
ويقوى عندي أنه إن فعلها من غير تعرض للأداء والقضاء بل اكتفى في تعيينها
بالفرض الفلاني من هذا اليوم أو الليل أجزاء، فإن التعرض لهما إنما هو للتمييز وقد
حصل به، بل هو المتعين إذا تردد في الخروج من غير ظن، إلا أن يقال أصالة
العدم تمنع من التردد.
وإذا أراد الخروج من الخلاف في الأوقات، وفيما يأتي الآن من ظهور
الخلاف، (فلو) ظن الخروج ثم ظهر أنه (كذب ظنه فالأداء باق) فإن لم
يكن فعله، فعله الآن أداء لا قضاء، ودليله ظاهر خلافا لبعض العامة (1).
وإن كان فعله بنية القضاء، فهل يجزي؟ يأتي الكلام فيه في النية.
(ب: لو خرج وقت نافلة الظهر قبل الاشتغال) بها (بداء بالفرض)
فإن الفضل في المبادرة بها.
(ولو تلبس) منها (بركعة زاحم بها) الفرض، (وكذا نافلة العصر)
كما في النهاية (2) والمهذب (3) والسرائر (4) وكتب المحقق (5)، لقول الصادق عليه السلام في
خبر عمار: للرجل أن يصلي الزوال ما بين زوال الشمس إلى أن يمضي قدمان،
فإن كان قد بقي من الزوال ركعة واحدة أو قبل أن يمضي قدمان أتم الصلاة حتى
يصلي تمام الركعات، وإن مضى قدمان قبل أن يصلي ركعة بداء بالأولى ولم يصل
الزوال إلا بعد ذلك، وللرجل أن يصلي من نوافل الأولى [ما بين الأولى] (6) إلى أن

(1) لم نعثر عليه.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 280.
(3) المهذب: ج 1 ص 71.
(4) السرائر: ج 1 ص 199.
(5) المعتبر: ج 2 ص 58، المختصر النافع: ص 22، شرائع الاسلام: ج 1 ص 62.
(6) ما بين المعقوفين زيادة من ع.
110

تمضي أربعة أقدام، فإن مضت الأربعة أقدام ولم يصل شيئا من النوافل فلا يصلي
النوافل، وإن كان قد صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ منها، ثم يصلي العصر،
وقال: للرجل أن يصلي إن بقي عليه شئ من صلاة الزوال إلى أن يمضي بعد
حضور الأولى نصف قدم، وللرجل إذا صلى من نوافل الأولى شيئا قبل أن تحضر
العصر فله أن يتم نوافل الأولى إلى أن يمضي بعد حضور العصر قدم، وقال: القدم
بعد حضور العصر مثل نصف قدم بعد حضور الأولى في الوقت (1).
قال المحقق: وهذه الرواية في سندها جماعة من الفطحية، لكن يعضدها أنه
محافظة على سنة لم يتضيق وقت فريضتها (2)، انتهى. وهي تسمية ما قبل فرض
الظهر من النوافل بالزوال، وما بعدها بنوافل الأولى.
والظاهر من الأولى فرض الظهر، ثم اشتراط المزاحمة بأن لا يمضي بعد
القدمين أو الأربعة أقدام أزيد من نصف قدم أو قدم، بناء على أن حضور الأولى
عبارة عن القدمين وحضور العصر عن الأربعة بقرينة ما تقدم. ويجوز أن يراد بهما
المثل والمثلان.
ولعل معنى قوله عليه السلام: (فإن كان قد بقي من الزوال ركعة واحدة أو قبل أن
يمضي قدمان) أنه إن بقي من وقت الزوال أي ما قبل فرض الظهر من النوافل
قدر ركعة، أو الزوال هنا الوقت من الزوال إلى قدمين.
وعلى التقديرين قوله: (أو قبل أن يمضي قدمان) تعبير عنه. بعبارة أخرى
للتوضيح أو الترديد من الراوي، ومن الجائز أن يكون فيه سهو من الأقلام،
وتكون العبارة (صلى) مكان (بقي) ويكون (أو) سهوا.
وينبغي تخفيف ما بقي من النافلة مبادرة إلى الفريضة، حتى أنه إن ضاق وقت
فضيلة الفريضة جلس فيها، وهل هي أداء؟ الأقرب ذلك كما في الذكرى، تنزيلا

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 178، ب 40 من أبواب المواقيت، ح 1.
(2) المعتبر: ج 2 ص 58.
111

لها منزلة صلاة واحدة أدرك ركعة منها (1)، وإلا كان الظاهر أن لا يزاحم أداء
الفريضة. واستظهر الشهيد اختصاص المزاحمة بغير الجمعة، لكثرة الأخبار
بضيقها (2).
(ولو ذهب الشفق قبل إكمال نافلة المغرب بداء بالفرض) إن لم نقل
بامتدادها بامتداد وقت الفريضة، للأصل من غير معارض، وفي المعتبر (3)
والمنتهى: لأن النافلة لا تزاحم غير فريضتها (4)، ولعموم النهي عن التطوع في
وقت الفريضة من غير مخصص (5)، وأخباره مستفيضة.
وفي الذكرى الاعتراض بأن وقت العشاء يدخل بالفراغ من المغرب فينبغي
أن لا يتطوع بينهما (6)، وبورود الأخبار كثيرا بجواز التطوع في أوقات الفرائض
أداء وقضاء.
قلت: مع أن عمر بن يزيد في الصحيح سأل الصادق عليه السلام عن الرواية التي
يروون أنه لا يتطوع في وقت فريضة، ما حد هذا الوقت؟ قال: إذا أخذ المقيم في
الإقامة، فقال له: إن الناس يختلفون في الإقامة، فقال: المقيم الذي يصلى معه (7).
لكن عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال: قلت: أصلي في وقت فريضة نافلة؟
قال: نعم في أول الوقت إذا كنت مع إمام تقتدي به، فإذا كنت وحدك فابداء
بالمكتوبة (8).
وفي مضمر سماعة أيضا: والفضل إذا صلى الانسان وحده أن يبدأ بالفريضة

(1) ذكرى الشيعة: ص 124 س 22.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 140 درس 26.
(3) المعتبر: ج 2 ص 59.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 214 س 8.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 164، ب 35 من أبواب المواقيت.
(6) ذكرى الشيعة: ص 124 س 32.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 166، ب 35 من أبواب المواقيت، ح 9.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 165، ب 35 من أبواب المواقيت، ح 2 وفيه (عن إسحاق بن عمار).
112

إذا دخل وقتها، ليكون فضل أول الوقت للفريضة (1).
قال الشهيد: إلا أن يقال: إنه يستحب تأخير العشاء إلى ذهاب الشفق، فعنده
يتضيق وقتها فلا تطوع (2).
وإن كان قد شرع في ركعتين منها أتمهما، وإن زال الشفق كانتا الأولتين أو
الأخريين - كما في الذكرى (3) - للنهي عن إبطال العمل. وظاهر ابن إدريس إتمام
الأربع بالشروع في ركعة منها (4)، ولعله بناء على أنها صلاة واحدة، وهو ممنوع،
أو على فضل تأخير العشاء كما يعطيه بعض ما مر من الأخبار.
(ولو طلع الفجر وقد صلى) من صلاة الليل (أربعا زاحم) الفرض
(بصلاة الليل) فأتمها ثم صلى الفرض، وفاقا للمشهور، لقول الصادق عليه السلام في
خبر محمد بن النعمان: إذا كنت صليت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع
الفجر فأتم الصلاة، طلع أو لم يطلع (5).
ولا ينافيه خبر ابن مسكان عن يعقوب البزاز قال: قلت له: أقوم قبل الفجر
بقليل فأصلي أربع ركعات، ثم أتخوف أن ينفجر الفجر، أبدأ بالوتر أو أتم
الركعات؟ فقال: لا، بل أوتر وأخر الركعات حتى تقضيها في صدر النهار (6)، كما
في التهذيب (7) والاستبصار (8) والمنتهى (9).
فإنه إنما أمر فيه بتقديم الوتر ليدركه في الليل، لتظافر الأخبار بالاتيان في
الليل كما نطقت بأن: من قام آخر الليل ولم يصل صلاته وخاف أن يفاجأه الصبح

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 164، ب 35 من أبواب المواقيت، ح 1.
(2) ذكرى الشيعة: ص 124 س 28.
(3) ذكرى الشيعة: ص 124 س 34.
(4) السرائر: ج 1 ص 202.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 189، ب 47 من أبواب المواقيت، ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 189، ب 47 من أبواب المواقيت، ح 2.
(7) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 125 ح 476.
(8) الإستبصار: ج 1 ص 282 ح 1 و ح 2.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 214 س 10.
113

أوتر، والقضاء في صدر النهار أعم من فعلها قبل فريضة الصبح وبعدها. فلا
اضطرار إلى ما في التهذيب والاستبصار من (أن من أدرك أربعا من صلاة الليل
جاز له أن يتمها قبل فريضة الصبح) والأفضل التأخير. ولا إلى ما في المنتهى من
ترجيح الخبر الأول بعدم الاضمار، وباعتضاده بعمل الأصحاب، وبمناسبة الحكم
من حيث المحافظة على السنن.
(وإلا) يكن صلى منها أربعا (بداء بركعتي الفجر) إن أراد التنفل، لأنها
يزاحم بهما الفرض (إلى أن تظهر الحمرة) المشرقية، فإن ظهرت فلم يصلهما
(فيشتغل بالفرض).
ولعل قول الصادق عليه السلام للمفضل بن عمر: إذا أنت قمت وقد طلع الفجر، فابداء
بالفريضة ولا تصل غيرها (1). لخوف ظهور الحمرة. وسأله عليه السلام عمر بن يزيد عن
صلاة الليل والوتر بعد طلوع الفجر، فقال: صلها بعد الفجر حتى يكون في وقت
تصلي الغداة في آخر وقتها، ولا تعمد ذلك في كل ليلة (2). وفي خبر آخر أنه
سأله عليه السلام: أقوم وقد طلع الفجر، فإن أنا بدأت بالفجر صليتها في أول وقتها، وإن
بدأت بصلاة الليل والوتر صليت الفجر في وقت هؤلاء، فقال: إبداء بصلاة الليل
والوتر ولا تجعل ذلك عادة (3).
وقال عليه السلام لسليمان بن خالد: ربما قمت وقد طلع الفجر فأصلي صلاة الليل
والوتر والركعتين قبل الفجر ثم أصلي الفجر، قال: قلت: أفعل أنا ذا؟ قال: نعم،
ولا تكون منك عادة (4). وقال له عليه السلام إسحاق بن عمار: أقوم وقد طلع الفجر ولم
أصل صلاة الليل، فقال: صل صلاة الليل وأوتر وصل ركعتي الفجر (5). وسأل

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 190، ب 48 من أبواب المواقيت، ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 189، ب 48 من أبواب المواقيت، ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 190، ب 48 من أبواب المواقيت، ح 5.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) المصدر السابق ح 6.
114

إسماعيل ابن سعد الأشعري الرضا عليه السلام عن الوتر بعد الصبح؟ فقال: نعم، قد كان
أبي ربما أوتر بعدما انفجر الصبح (1).
وهذه الأخبار كما يحتمل - ما ذكره الشيخ - من الرخصة في تقديم قضائها
على فرض الصبح، يحتمل الفجر الأول وإدراك أربع في الليل (2).
(ولو ظن ضيق الوقت) لفريضة أو نافلة (خففت القراءة) وغيرها،
فاقتصر منها على ما يسعه الوقت (واقتصر على الحمد) إن ظن أنه لا يسع
السورة كما يأتي في القراءة، وفي النافلة عند الضيق بخصوصها نحو خبر
إسماعيل بن جابر، أو عبد الله بن سنان قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: إني أقوم
آخر الليل وأخاف الصبح، قال: اقرأ الحمد واعجل (3). مع أن السورة فيها مستحبة
مطلقا غير متعينة، كما يأتي.
(ولا يجوز تقديم نافلة الزوال) عليه (إلا يوم الجمعة) لأخبار
التوقيت، وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يصلي
من النهار شيئا حتى تزول الشمس (4). وفي خبر آخر له كان علي عليه السلام لا يصلي
من الليل شيئا إذا صلى العتمة حتى ينتصف الليل، ولا يصلي من النهار حتى تزول
الشمس (5). وفي مرسل ابن أذينة: كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلي من النهار حتى
تزول الشمس (6).
ولكن في صحيح زرارة عنه عليه السلام أنه قال: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الضحى
قط، فقال له: ألم تخبرني أنه كان يصلي في صدر النهار أربع ركعات؟ فقال: بلى،

(1) المصدر السابق ح 2.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 281 - 282 ذيل الحديث 1023 وذيل الحديث 1026.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 187، ب 46 من أبواب المواقيت، ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 168، ب 36 من أبواب المواقيت، ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 168 ب 36 من أبواب المواقيت ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 167، ب 36 من أبواب المواقيت، ح 5.
115

إنه كان يجعلها من الثمان التي بعد الظهر (1). وقال الصادق عليه السلام في مرسل علي بن
الحكم: صلاة النهار ست عشرة ركعة أي النهار شئت، إن شئت في أوله وإن شئت
في وسطه وإن شئت في آخره (2).
وسأله القاسم بن الوليد الغساني عن صلاة النهار والنافلة في كم هي؟ قال:
ست عشرة، أي ساعات النهار شئت أن تصليها صليتها، إلا أنك إن صليتها في
مواقيتها أفضل (3).
وسأله عبد الأعلى عن نافلة النهار، فقال: ست عشرة ركعة متى ما نشطت،
إن علي بن الحسين عليهما السلام كانت له ساعات من النهار يصلي فيها، فإذا شغله ضيفه
أو سلطان قضاها، إنما النافلة مثل الهدية، متى ما أتي بها قبلت (4).
وحملها الشيخ على من يشتغل عنها في وقتها (5)، كما قال له عليه السلام إسماعيل
بن جابر إني أشتغل، فقال: اصنع كما تصنع، صل ست ركعات إذا كانت الشمس
في مثلها صلاة العصر، يعني ارتفاع الضحى الأكبر، واعتد بها من الزوال (6).
وسأل ابن مسلم أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يشتغل عن الزوال، أيعجل من أول
النهار؟ فقال: نعم، إذا علم أنه يشتغل فيعجلها في صدر النهار كلها (7).
قال الشهيد: ولو قيل بجوازه مطلقا - كما دلت عليه الأخبار، غاية ما في
الباب أنه مرجوح - كان وجها، وحديث الاشتغال لامكان إدراك ثواب فعلها في

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 170، ب 37 من أبواب المواقيت، ح 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 169، ب 37 من أبواب المواقيت، ح 6.
(3) المصدر السابق ح 5، وفيه: (ست عشرة ركعة).
(4) المصدر السابق ح 7.
(5) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 267 ذيل الحديث 1066، الإستبصار: ج 1 ص 278 ذيل
الحديث 1010.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 169، ب 37 من أبواب المواقيت، ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 168، ب 37 من أبواب المواقيت، ح 1.
116

الوقت مع العذر لا مع عدمه (1)، انتهى.
وأما نحو قول الصادق عليه السلام في خبر عمر بن يزيد: إعلم أن النافلة بمنزلة
الهدية، متى ما أتي بها قبلت (2). وفي خبر محمد بن عذافر: صلاة التطوع بمنزلة
الهدية متى ما أتي بها قبلت فقدم منها ما شئت، وأخر منها ما شئت (3). فليس
بنص في الراتبة.
وإما استثناء يوم الجمعة، فلما يأتي من أن نوافله عشرون ركعة، يجوز أن
تصلى قبل الزوال، ومنها نوافل الظهرين.
(ولا) يجوز تقديم (صلاة الليل) في أوله (إلا للشاب) الذي تمنعه
رطوبة دماغه من التنبه آخر الليل (والمسافر) الذي يمنعه السفر من الصلاة
آخر الليل كما في المقنعة (4) والنهاية (5) وغيرهما، بل لكل معذور عن الاتيان
آخر الليل كما في المبسوط (6) وغيره.
أما عدم الجواز فلنحو قول الصادق عليه السلام لعبيد بن زرارة ومحمد بن مسلم:
كان رسول الله صلى الله عليه وآله: إذا صلى العشاء آوى إلى فراشه، فلم يصل شيئا حتى
ينتصف الليل (7). وخبر مرازم قال له عليه السلام: متى أصلي صلاة الليل؟ فقال: صلها
آخر الليل، قال: قلت: فإني لا أستنبه، فقال: تستنبه مرة فتصليها وتنام فتقضيها،
فإذا اهتممت بقضائها بالنهار استنبهت (8).
(و) أخبارها أن (قضاؤها لهما أفضل) من تقديمها، وللإجماع كما في

(1) ذكرى الشيعة: ص 123 س 33.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 169، ب 37 من أبواب المواقيت، ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 170، ب 37 من أبواب المواقيت، ح 8.
(4) المقنعة: ص 142.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 281.
(6) المبسوط: ج 1 ص 76.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 180، ب 43 من أبواب المواقيت، ح 1 و ح 4 مع اختلاف يسير.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 186، ب 45 من أبواب المواقيت، ح 6.
117

الخلاف (1) والمعتبر (2) والمنتهى (3) والتذكرة (4).
وأما تقديم الشاب فلنحو خبر ابن مسكان عن يعقوب الأحمر قال: سألته
عن صلاة الليل في الصيف في الليالي القصار في أول الليل؟ فقال: نعم، نعم ما
رأيت، ونعم ما صنعت، ثم قال: إن الشاب يكثر النوم فأنا آمرك به (5).
وأما تقديم المسافر فأخباره كثيرة، كخبر علي بن سعيد أنه سأل عليه السلام عن
صلاة الليل والوتر في السفر في أول الليل؟ قال: نعم (6). وخبر سماعة سأل
الكاظم عليه السلام عن وقت صلاة الليل في السفر، فقال: من حين تصلي العتمة إلى أن
ينفجر الصبح (7). وصحيح ابن أبي نجران سأله عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في
أول الليل، فقال: إذا خفت الفوت في آخره (8).
وقول أبي محمد عليه السلام فيما كتبه في جواب إبراهيم بن سيابة - المحكي في
الذكرى عن كتاب محمد بن أبي قرة -: فضل صلاة المسافر في أول الليل كفضل
صلاة المقيم في الحضر من آخر الليل (9).
ولكثرة هذه الأخبار دون غيرها قصر الحسن التقديم على المسافر (10)، ثم
قصره هو والمفيد على ما بعد العشاء الآخرة (11)، وهو حسن، وإن أطلقت
الأخبار.
وبسائر الأعذار أيضا صحيح ليث المرادي سأل الصادق عليه السلام عن الرجل

(1) الخلاف: ج 1 ص 537، المسألة 275.
(2) المعتبر: ج 2 ص 58.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 212 س 34.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 85 س 40.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 184، ب 44 من أبواب المواقيت، ح 17.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 182، ب 44 من أبواب المواقيت، ح 4.
(7) المصدر السابق ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 182، ب 44 من أبواب المواقيت، ح 7.
(9) ذكرى الشيعة: ص 125 س 21، وسائل الشيعة: ج 3 ص 184، ب 44 من أبواب المواقيت،
ح 19.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 51.
(11) المقنعة: ص 95.
118

يخاف الجنابة في السفر أو في البرد، فيعجل صلاة الليل والوتر في أول الليل؟
فقال: نعم (1). وقوله عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا خشيت أن لا تقوم آخر الليل أو
كانت بك علة أو أصابك برد فصل صلاتك، وأوتر في أول الليل (2).
وخبر أبان بن تغلب أنه خرج معه عليه السلام فيما بين مكة والمدينة، وكان عليه السلام
يقول: أما أنتم فشباب تؤخرون، وأما أنا فشيخ أعجل، وكان يصلي صلاة الليل
أول الليل (3). وقول الرضا عليه السلام في خبر الفضل بن شاذان: إنما جاز للمسافر
والمريض أن يصليا صلاة الليل في أول الليل لاشتغاله وضعفه (4).
وهنا أخبار مطلقة في تجويز التقديم كقول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: لا
بأس بصلاة الليل فيما بين أوله إلى آخره، إلا أن أفضل ذلك بعد انتصاف
الليل (5). فليحمل على العذر لما مر خصوصا أخبار ترجيح القضاء عليه، إذ لا
قضاء أفضل من الأداء.
وفي الذكرى: ليس ببعيد كون ذلك رخصة مرجوحة، ولم يجز ابن إدريس
التقديم مطلقا وحكى عن زرارة بن أعين (6)، وهو خيرة التذكرة (7)، وكذا
المختلف (8) والمنتهى (9) إذا تمكن من القضاء، عملا بعموم ما دل على عدم إجزاء
الصلاة، بل العبادة قبل وقتها.
قال في المنتهى: إلا أنا صرنا إلى التقديم في مواضع تعذر القضاء محافظة

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 181، ب 44 من أبواب المواقيت، ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 183، ب 44 من أبواب المواقيت، ح 12.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 184، ب 44 من أبواب المواقيت، ح 18.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 181، ب 44 من أبواب المواقيت، ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 183، ب 44 من أبواب المواقيت، ح 9.
(6) ذكرى الشيعة ص 125 س 16 و 19 و 20.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 85 س 38.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 52.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 212 س 34.
119

على فعل السنن، فيسقط في غيرها (1).
قلت: ويمكن اختصاص أخباره بهذه المواضع، ولا خصوصية في كون
القضاء أفضل على جواز التقديم.
ويؤيد المنع ما سمعته من خبر مرازم عن الصادق عليه السلام (2)، وخبر معاوية بن
وهب قال: إن رجلا من مواليك من صلحائهم شكى إلي ما يلقى من النوم وقال:
إني أريد القيام بالليل فيغلبني النوم حتى أصبح، فربما قضيت صلاتي الشهر
المتتابع والشهرين أصبر على ثقله، فقال عليه السلام: قرة عين والله، قرة عين والله، ولم
يرخص في النوافل أول الليل (3).
ويؤيد اختصاص جواز التقديم بمن يضيع القضاء خبر معاوية بن وهب عنه عليه السلام
قال: فإن من نسائنا أبكار، الجارية تحب الخير وأهله، وتحرص على الصلاة،
فيغلبها النوم حتى ربما قضت، وربما ضعفت عن قضائه وهي تقوى عليه أول
الليل، فرخص لهن في الصلاة أول الليل إذا ضعفن وضيعن القضاء (4).
وقضاؤها لهما ولأشباههما على جواز التقديم أفضل منه اتفاقا لهذه الأخبار.
ونحوه خبر عمر بن حنظلة عن الصادق عليه السلام قال له: إني مكثت ثمانية عشر
ليلة أنوي القيام فلا أقوم، أفأصلي أول الليل؟ فقال: لا، اقض بالنهار، فإني أكره
أن تتخذ ذلك خلقا (5). وصحيح محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام قال، قلت:
الرجل من أمره القيام بالليل يمضي عليه الليلة والليلتان والثلاث لا يقوم، فيقضي
أحب إليك أم يعجل الوتر أول الليل؟ فقال: لا بل يقضي، وإن كان ثلاثين ليلة (6).

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 213 س 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 186، ب 45 من أبواب المواقيت، ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 185، ب 45 من أبواب المواقيت، ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 185، ب 45 من أبواب المواقيت، ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 185، ب 45 من أبواب المواقيت، ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 185، ب 45 من أبواب المواقيت، ح 5.
120

وما في قرب الإسناد للحميري، عن خبر علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن
الرجل يتخوف أن لا يقوم من الليل، أيصلي صلاة الليل إذا انصرف من العشاء
الآخرة؟ وهل يجزيه ذلك أم عليه قضاء؟ قال: لا صلاة حتى يذهب الثلث الأول
من الليل، والقضاء بالنهار أفضل من تلك الساعة (1).
(ج: لو عجز عن تحصيل الوقت علما وظنا) مستندا إلى أمارة من
درس أو ورد أو نحوهما (صلى بالاجتهاد) والتحري والتخمين، فإنه يورث
ظنا ضعيفا لا يمكنه سواه، فإنما يكلف به. ولا يجوز له الصلاة مع الشك أو الوهم،
فعليه الصبر حتى يظن الدخول.
ففي الفقيه قال أبو جعفر عليه السلام لأن أصلي بعدما مضى الوقت أحب إلي من أن
أصلي وأنا في شك من الوقت وقبل الوقت (2). وقال الصادق عليه السلام في خبر عمر بن
يزيد: ليس لأحد أن يصلي صلاة إلا لوقتها (3).
فإن صلى مع الوهم أو الشك لم يجز وإن وافق الوقت أو تأخر عنه، كما في
التذكرة (4) والتحرير (5) والمنتهى (6) لعدم الامتثال.
وإن صلى مع الاجتهاد، حيث لا سبيل له غيره.
(فإن طابق فعله الوقت أو تأخر عنه) كلا أو بعضا (صح) وإن نوى
الأداء وكان قضاء على وجه (وإلا) بل وقع مقدما عليه (فلا) يصح (إلا أن
يدخل الوقت قبل فراغه) كما عرفت.
(د: لو ظن أنه صلى الظهر فاشتغل بالعصر عدل) إلى الظهر (مع
الذكر) في الأثناء (فإن ذكر بعد فراغه) منها (صحت العصر) خلافا

(1) قرب الإسناد: ص 91.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 223 ح 671.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 122، ب 13 من أبواب المواقيت، ح 1.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 85 س 18.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 28 س 2.
(6) منتهى المطلب: ص 213 س 7.
121

لزفر (1)، وهو مخالف للمسلمين كما في المعتبر (2).
(وأتى بالظهر أداء) لأن اختلال الترتيب لا ينافيه إذا فعلت في وقتها،
وإنما يصح العصر (إن كان) الاشتغال (في الوقت المشترك) أو دخل
المشترك قبل الفراغ (وإلا صلاهما معا) وقد عرفت جميع ذلك.
وإن القول بالاشتراك من أول الزوال يصح العصر مطلقا إذا لم يذكر الظهر
حتى فرغ، والعشاءان مثلهما، إلا أن الوقت المشترك لا بد من دخوله في الأثناء
للحاضر، إلا أن يسهو عن أفعال تكون بإزاء ركعة.
(ه‍: لو حصل حيض أو جنون أو إغماء في جميع الوقت، سقط
الفرض أداء وقضاء) اتفاقا في الحيض، وإن در بفعلها عمدا كما ستظهره إن
شاء الله، لاطلاق النصوص والفتاوى (3) وتوقف القضاء على أمر جديد، وليس
وفاقا للمعظم في الباقين، للأصل والأخبار، إلا إذا تعمد ما يؤدي إليها عالما به.
قال الشهيد: أفتى به الأصحاب (4)، وفرق بينه وبين شرب ما يدر الحيض أو
يسقط الولد، بأن سقوط الصلاة عن الحائض والنفساء عزيمة لا رخصة حتى
يغلظ عليهما (5).
قلت: ولجواز إدراء الحيض، وأما النفاس فليس مقصودا بالجنابة، وإنه هو
تابع للاسقاط كما في التذكرة (6). وذكر أنه إذا علم أن متناولة يغمى عليه في وقت
فيتناوله في غيره مما يظن إنه لا يغمى عليه فيه، لم يعذر لتعرضه للزوال.
وفي شرح الإرشاد لفخر الاسلام: أنه إذا علم أن هذا الغذاء يورث الجنون أو
الاغماء كان أكله حراما، لكن لا يجب القضاء عليه لما فاته (7). ودليله واضح،

(1) لم نعثر عليه.
(2) المعتبر: ج 2 ص 410.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 347، ب 1 من أبواب قضاء الصلاة.
(4) ذكرى الشيعة: ص 134 س 32.
(5) ذكرى الشيعة: ص 135 س 19.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 79 س 34.
(7) لا يوجد لدينا.
122

لكنه منقوض بشرب المسكر، خصوصا الجنون، فإن السكر جنون، والجنون
أقوى أفراد السكر. وعسى أن يأتي في القضاء بقية الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
وفي المقنع: إعلم أن المغمى عليه يقضي جميع ما فاته من الصلوات، وروي:
ليس عليه أن يقضي إلا صلاة اليوم الذي أفاق فيه، أو الليلة التي أفاق فيها،
وروي: أنه يقضي صلاة ثلاثة أيام، وروي. أنه يقضي الصلاة التي أفاق فيها في
وقتها (1)، انتهى.
وبقضاء الجميع أخبار، كصحيح رفاعة سأل الصادق عليه السلام عن المغمى عليه
شهرا، ما يقضي من الصلاة؟ قال: يقضيها كلها، إن أمر الصلاة شديد (2). وحملها
على الاستحباب طريق الجمع، مع احتمالها عدم الاستيعاب بأن يكون في الشهر
يغمى عليه كل يوم مرة أو مرارا إغماء غير مستوعب.
وبقضاء يوم الإفاقة توقيعان، وخبر في قرب الإسناد للحميري عن علي بن
جعفر عن أخيه عليه السلام (3)، والكل يحتمل الاستحباب.
والصلاة التي أفاق في وقتها كما في عدة أخبار (4).
وبثلاثة أيام خبر أبي بصير سأل أبا جعفر عليه السلام عمن أغمي عليه شهرا، قال:
يقضي صلاة ثلاثة أيام (5). وخبر حفص، عن الصادق عليه السلام قال في المغمى عليه:
يقضي صلاة ثلاثة أيام (6). ومضمر سماعة إذا جاز عليه ثلاثة أيام فليس عليه
قضاء، وإذا أغمي عليه ثلاثة أيام فعليه قضاء الصلاة فيهن (7).

(1) المقنع: ص 37، وفيه: (وروي أنه يقضي الصوم ثلاثة أيام).
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 356، ب 4 من أبواب قضاء الصلوات، ح 4.
(3) قرب الإسناد: ص 97.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 356، ب 4 من أبواب قضاء الصلوات.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 357، ب 4 من أبواب قضاء الصلوات، ح 11 مع اختلاف يسير.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 357، ب 4 من أبواب قضاء الصلوات، ح 7.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 357، ب 4 من أبواب قضاء الصلوات، ح 5.
123

وقال أبو علي: إنه إن أفاق في آخر نهار أو ليل إفاقة يتمكن معها من الصلاة
قضى صلاته ذلك النهار أو الليل (1).
قلت: وبه خبر العلاء بن الفضيل سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يغمى عليه يوما
إلى الليل ثم يفيق، فقال: إن أفاق قبل غروب الشمس فعليه قضاء يومه هذا، فإن
أغمي عليه أياما ذوات عذر فليس عليه أن يقضي إلا آخر أيامه إن أفاق قبل
غروب الشمس، وإلا فليس عليه قضاء (2).
ويجوز أن يكون الخبر وكلام أبي علي بمعنى فعل صلاة يومه التي أفاق في
وقتها أداء، فإن تركها قضاها.
(وإن خلا أول الوقت عنه) أي ما ذكر (بمقدار الطهارة) إن كان
محدثا (والفريضة كملا ثم تجدد) أحد ما ذكر (وجب القضاء مع
الاهمال) لما تقدم في الحيض، إلا على اطلاق المقنع: إن من حاضت بعد الزوال
لا تقضي الظهر (3)، ويكفي إدراك أقل الواجب كما في التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5)
والذكرى (6).
فإن طول الصلاة فطرأ العذر في الأثناء، وقد مضى وقت صلاة خفيفة، وجب
القضاء، وكذا إن كان فيما يتخير فيه بين القصر والاتمام يكفي مضي وقت
المقصورة وإن شرع فيها تامة.
واستشكل في موضع من نهاية الإحكام (7) في اعتبار مقدار الطهارة من
توقف الصلاة عليها، ومن إمكان تقديمها على الوقت إلا للمستحاضة والمتيمم.

(1) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 135 س 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 354، ب 3 من أبواب قضاء الصلوات، ح 19.
(3) المقنع: ج 1 ص 15.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 32.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 314.
(6) ذكرى الشيعة: ص 135 س 5.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 317.
124

وفيه: أن الطهارة لكل صلاة مؤقتة بوقتها ولا يعارضه إمكان كونه قد تطهر لغيرها،
نعم إن وجبنا التيمم - لضيق الوقت - عن الطهارة المائية، أمكن هنا اعتبار مقدار
التيمم والصلاة.
واعتبر الشهيد (1) مضي الوقت لكل شرط مفقود، ويدفعه العمومات والفرق
من وجهين، أحدهما: أن الصلاة لا تصح بدون الطهارة على حال وتصح بدون
سائر الشروط ضرورة، والثاني: توقيت الطهارة بوقت الصلاة دونها.
وفي نهاية الإحكام: لو كان الماضي من الوقت يسع لتلك الصلاة دون
الطهارة وهو متطهر، فالأقرب وجوب القضاء لو أهمل. وفي بعض النسخ:
فالوجه (2) وعلى كل يؤذن باحتمال العدم.
(ويستحب) القضاء (لو قصر) ما خلا من أول الوقت، عما ذكر عن
مقدار الطهارة والفريضة كملا، سواء وسع الفريضة كملا ولم تسع الطهارة، كان
متطهرا أو لا، أو لم تسع الفريضة أيضا، وسع أكثرها أو لا، على ما يعطيه ظاهر
الاطلاق، لاطلاق خبر يونس بن عبد الرحمن بن الحجاج سأله عن المرأة تطمث
بعدما تزول الشمس ولم تصل الظهر، هل عليها قضاء تلك الصلاة؟ قال: نعم (3).
وقول الصادق عليه السلام في خبر يونس بن يعقوب، في امرأة دخل عليها وقت
الصلاة وهي طاهر، فأخرت الصلاة حتى حاضت، قال: تقضي إذا طهرت (4). ولم
أرى الاستحباب في غير الكتاب. ولا تجب - وفاقا للمشهور - إلا إذا وسع الوقت
الصلاة دون الطهارة وهو متطهر، أو مطلقا ففيه ما عرفت.
وعدم الوجوب للأصل وعدم الفوت، فإنها إنما تفوت إذا وجبت، ولا يجب
فيما يقصر عن أدائها. وخبر سماعة سأل الصادق عليه السلام عن امرأة صلت من الظهر
ركعتين ثم إنها طمثت وهي في الصلاة، فقال: تقوم من مسجدها ولا تقضي تلك

(1) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 388.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 317.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 597، ب 48 من أبواب الحيض، ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 597، ب 48 من أبواب الحيض، ح 4.
125

الركعتين (1). ونحوه خبر أبي الورد عن أبي جعفر عليه السلام (2). وفي الخلاف: الاجماع
عليه (3).
ولكن السيد (4) وأبا علي (5) أوجبا القضاء إذا مضى وقت أكثر الصلاة، لقول
أبي جعفر عليه السلام في خبر أبي الورد: فإن رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد
صلت ركعتين فلتقم من مسجدها، فإذا طهرت فلتقض الركعة التي فاتتها من
المغرب (6). وأفتى بمضمونه الصدوق في الفقيه (7) والمقنع (8)، وأبو الورد مجهول.
(ولو زال) أحد ما ذكر (وقد بقي مقدار الطهارة وركعة وجب
الأداء) أي الفعل أداء وقضاء أو مركبا كما مر.
(و: لو بلغ الصبي في الأثناء بغير المبطل استأنف) الصلاة (إن) كان
الوقت باقيا كما في الخلاف (9) والشرائع (10)، وهو إذا (بقي من الوقت) مقدار
الطهارة و (ركعة) لأنه الآن خوطب بهما، وما فعله منهما قيل: لم يكن مكلفا به
فلا يجزي.
ولا بد من اعتبار وقت الطهارة - كما قلنا - وفاقا للبيان (11) والذكرى (12)
والتحرير (13) والمنتهى (14) فيمن بلغ بعد الفراغ من الصلاة. ونص في التذكرة فيمن

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 598، ب 48 من أبواب الحيض، ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 597، ب 48 من أبواب الحيض، ح 3.
(3) الخلاف: ج 1 ص 275 المسألة 16.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 38.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 3 ص 23.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 97 5، ب 48 من أبواب الحيض، ح 3.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 93 ذيل الحديث 198.
(8) المقنع: ص 17.
(9) الخلاف: ج 1 ص 306 المسألة 53.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 63.
(11) البيان: ص 51.
(12) ذكرى الشيعة: ص 122 س 6.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 28 س 1.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 210 س 28.
126

بلغ في الوقت على أن اعتبار الطهارة مقصور على ما إذا لم يكن متطهرا (1)، ولا
وجه له.
وأوجب الشيخ في المبسوط الاتمام على البالغ في الأثناء لغير المبطل (2)،
بناء على شرعية صلاته، ولذا يضرب عليها. واحتمله المصنف، في النهاية (3)،
وهو ضعيف.
والحمل على من بلغ في الحج قبل الموقف قياس مع الفارق، من النص (4)
والاجماع، والحرج، وانفراد كل من الأفعال في الحج، ولذا يجب انفراده بنيته.
(وإلا) يبقى من الوقت مقدار ركعة (أتم) الصلاة على قول المبسوط
وجوبا (5)، وعلى المختار (ندبا) كما كان عليه الاتمام تمرينا لو لم يبلغ، لأنه
صار أكمل، فصار بالاكمال أولى، وللاحتراز عن إبطال العمل.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 79 س 34.
(2) المبسوط: ج 1 ص 73.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 315.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 30، ب 12 من أبواب وجوب الحج، ح 1 و 2.
(5) المبسوط: ج 1 ص 73.
127

(الفصل الثالث)
(في القبلة)
وهي في اللغة: حالة المستقبل والاستقبال على هيئته، وفي الاصطلاح ما
يستقبل (ومطالبه ثلاثة):
المطلب (الأول)
(الماهية)
(وهي الكعبة للمشاهد لها و (1) حكمه) وهو كل من يتمكن من استقبالها
وهو أعمى أو من وراء ستر أو جدار أو ظلمة، كان في المسجد أو خارجه، في
الحرم أو خارجه وفاقا لمصباح السيد (2) وجمله (3) والعقود (4) والمبسوط (5)
والكافي (6) والغنية (7) والوسيلة (8) والمهذب (9) والإصباح (10) والسرائر (11)
والنافع (12)

(1) في نسخة جامع المقاصد (أو).
(2) لا يوجد لدينا.
(3) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 29.
(4) الجمل والعقود: ص 61.
(5) المبسوط: ج 1 ص 77.
(6) الكافي في الفقه: ص 138.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 1.
(8) الوسيلة: ص 85.
(9) المهذب: ج 1 ص 84.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 610.
(11) السرائر: ج 1 ص 20.
(12) المختصر النافع: ص 23.
128

وشرحه (1) لاجماع العلماء على أنها قبلة للمشاهد لها، كما في
المعتبر (2) والنصوص (3) على أنها قبلة، والاحتياط للاجماع على صحة الصلاة إليها.
والخلاف في الصلاة إلى المسجد أو الحرم، اختلاف المسجد صغرا وكبرا في
الأزمان وعدم انضباط ما كان مسجدا عند نزول الآية بيقين.
وما في قرب الإسناد للحميري من قول الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان:
إن لله عز وجل حرمات ثلاث ليس مثلهن شئ: كتابه وهو حكمة ونور، وبيته
الذي جعله قياما للناس لا يقبل من أحد توجها إلى غيره، وعترة نبيكم صلى الله عليه وآله (4).
قال في النهاية: ويجوز أن يستقبل الحجر، لأنه عندنا من الكعبة (5)، وكذا
في التذكرة (6).
وفي الذكرى: ظاهر كلام الأصحاب أن الحجر من الكعبة. وقد دل عليه النقل
أنه كان منها في زمن إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام إلى أن بنت قريش الكعبة،
فأعوزتهم الآلات فاختصروها بحذفه، وكان ذلك في عهد النبي صلى الله عليه وآله. ونقل
عنه صلى الله عليه وآله الاهتمام بإدخاله في بناء الكعبة، وبذلك احتج ابن الزبير حيث أدخله
فيها، ثم أخرجه الحجاج بعده ورده إلى مكانه، ولأن الطواف يجب خارجه.
وللعامة خلاف في كونه من الكعبة بأجمعه، أو بعضه، أوليس منها. وفي
الطواف خارجه، وبعض الأصحاب له فيه كلام أيضا من إجماعنا على وجوب
إدخاله في الطواف. وإنما الفائدة في جواز استقباله في الصلاة بمجرده، فعلى

(1) المهذب البارع: ج 1 ص 306 - 307.
(2) المعتبر: ج 2 ص 65.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 220، ب 3 من أبواب القبلة.
(4) لم نعثر عليه في قرب الإسناد ووجدناه في وسائل الشيعة: ج 3 ص 218، ب 2 من أبواب
القبلة، ح 10.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 392.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 21.
129

القطع بأنه من الكعبة يصح وإلا امتنع، لأنه عدول عن اليقين إلى الظن (1)، انتهى.
وما حكاه إنما رأيناه في كتب العامة (2) ويخالفه أخبارنا، ففي الصحيح أن
معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام عن الحجر أمن البيت هو؟ فقال: لا، ولا قلامة
ظفر، ولكن إسماعيل عليه السلام دفن أمه فيه، فكره أن توطأ، فجعل عليه حجرا، وفيه
قبور أنبياء (3). وقال عليه السلام في خبر آخر له: دفن في الحجر عذارى بنات
إسماعيل (4).
وفي خبر أبي بكر الحضرمي: إن إسماعيل دفن أمه في الحجر، وحجر عليها
لئلا يوطأ قبر أم إسماعيل (5).
وفي خبر المفضل بن عمر: الحجر بيت إسماعيل، وفيه قبر هاجر وقبر
إسماعيل عليه السلام (6). وسأله عليه السلام يونس بن يعقوب فقال: إني كنت أصلي في الحجر،
فقال رجل: لا تصل المكتوبة في هذا الموضع، فإن الحجر من البيت، فقال:
كذب، صل فيه حيث شئت (7).
وفي السرائر عن نوادر البزنطي: إن الحلبي سأله عليه السلام عن الحجر فقال: إنكم
تسمونه الحطيم، وإنما كان لغنم إسماعيل، وإنما دفن فيه أمه، وكره أن يوطأ
قبرها، فحجر عليه، وفيه قبور أنبياء عليهم السلام (8).
نعم أرسل في الكافي (9) والفقيه أنه كان طول بناء إبراهيم عليه السلام ثلاثين ذراعا،

(1) ذكرى الشيعة: ص 164 س 12.
(2) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 397.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 429، ب 30 من أبواب الطواف، ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 430، ب 30 من أبواب الطواف، ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 429، ب 30 من أبواب الطواف، ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 430، ب 30 من أبواب الطواف، ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 540، ب 54 من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 431، ب 30 من أبواب الطواف، ح 10.
(9) الكافي: ج 4 ص 217 ح 4.
130

وهو قد يعطي دخول شئ من الحجر فيها، لأن الطول الآن خمس وعشرون
ذراعا (1).
(وجهتها) أي السمت الذي هي فيه. ومحصله، السمت الذي يحتمل كل
جز منه اشتماله عليها، ويقطع بعدم خروجها عن جميع أجزائه (لمن بعد)
عنها، بحيث لا يمكنه تحصيل عينها، والتوجه إليها كما في مصباح السيد (2)
وجمله (3) والكافي (4) والسرائر (5) والنافع (6) وشرحه (7) للنصوص على أن الكعبة
قبلة (8) وعلى أنه صلى الله عليه وآله حول إليها، ولا يمكن تحصيل العين، فيتعين الجهة.
وأيضا فقال تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا
وجوهكم شطره) (9) والشطر النحو.
وأيضا: قولهم عليهم السلام: ما بين المشرق والمغرب قبلة (10).
وأيضا: لو اعتبرت العين لقطع ببطلان بعض الصف المتطاول زيادة على طول
الكعبة، للقطع بخروجه عن محاذاتها.
ويندفع بأنه يكفي احتمال كل محاذاته لها كما في الجهة، وأضعف منه ما
يقال: لو اعتبرت العين لبطلت صلاة العراقي والخراساني، لبعد ما بينهما مع
اتفاقهما في القبلة، فإن الاتفاق ممنوع.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 247 ح 2322.
(2) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 65.
(3) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 29.
(4) الكافي في الفقه: ص 138.
(5) السرائر: ج 1 ص 204.
(6) المختصر النافع: ص 23.
(7) المهذب البارع: ج 1 ص 306.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 215، ب 2 من أبواب القبلة.
(9) البقرة: 144.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 228، ب 10 من أبواب القبلة.
131

وفي أكثر كتب الشيخ (1) والوسيلة (2) والمهذب (3) والمراسم (4) والشرائع (5)
والإصباح (6) وروض الجنان: إن المسجد الحرام قبلة من في الحرم، والحرم قبلة
من خرج عنه (7)، للأخبار، وهي ضعيفة، والاجماع كما في الخلاف (8)، وهو كما
في المعتبر (9) وغيره ممنوع، ولأن إيجاب استقبال الكعبة يوجب بطلان صلاة
بعض من الصف المتطاول، للعلم بخروجه عن محاذاتها، بخلاف الحرم لطوله.
ويندفع بأنها كصلاة رجلين بينهما أزيد من طول الحرم، فكما يحكم بصحة
صلاتيهما لكونهما إلى سمت الحرم، فكذا صحة صلاة الصف لكونها إلى سمت الكعبة.
ثم الخلاف (10) والاقتصاد (11) والمصباح (12) ومختصره (13) والنهاية (14)
والمراسم (15) وروض الجنان مطلقة كما سمعت (16) وكالأخبار، فظاهرها جواز
صلاة من خرج من المسجد إليه منحرفا عن الكعبة، وإن شاهدها أو تمكن من
المشاهدة، ومن خر من الحرم إليه منحرفا عن الكعبة والمسجد.
وفي رسالة عمل يوم وليلة: إن الكعبة قبلة من يشاهدها ويكون في
المسجد (17)، واشترط في المبسوط (18) والجمل والعقود (19) والمهذب (20)

(1) المبسوط: ج 1 ص 77، النهاية ونكتها: ج 1 ص 285، الخلاف: ج 1 ص 295 المسألة 41،
الإقتصاد: ص 257، مصباح المتهجد: ص 24.
(2) الوسيلة: ص 85.
(3) المهذب: ج 1 ص 84.
(4) المراسم: ص 60.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 65.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 610.
(7) روض الجنان: ص 189 س 21.
(8) الخلاف: ج 1 ص 295 المسألة 41.
(9) المعتبر: ج 2 ص 65.
(10) الخلاف: ج 1 ص 295 المسألة 41.
(11) الإقتصاد: ص 257.
(12) مصباح المتهجد: ص 24.
(13) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 65.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 285.
(15) المراسم: ص 60.
(16) روض الجنان: ص 189 س 21.
(17) رسالة عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 144.
(18) المبسوط: ج 1 ص 77.
(19) الجمل والعقود: ص 61.
(20) المهذب: ج 1 ص 84.
132

والوسيلة (1) والإصباح (2) في استقبال المسجد أن لا يشاهد الكعبة، ولا يكون
بحكمه، وفي استقبال الحرم أن لا يشاهد المسجد ولا يكون بحكمه، وهو
الاحتياط. بل يمكن تنزيل الأخبار والفتاوى - ما عدا الخلاف من كتب
الأصحاب - على أن من خرج من المسجد ولم يمكنه تحصيل الكعبة والتوجه
إليها فليصل في سمتها، ولكن يتحرى المسجد فلا يخرجن عن محاذاته، لأنه
خروج عن سمت الكعبة يقينا. ولذا من خرج من الحرم ولم يمكنه تحري الكعبة
ولا المسجد فلا يخرجن عن سمت الحرم، لأنه خروج عن سمت الكعبة يقينا،
ولذا قال الصادق عليه السلام في مرسل الصدوق: إن الله تبارك وتعالى جعل الكعبة قبلة
لأهل الحرم، وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا (3).
وفيما أسنده في العلل عن أبي غرة: البيت قبلة المسجد، والمسجد قبلة مكة،
ومكة قبلة الحرم، والحرم قبلة الدنيا (4).
فيتفق الكل على أن القبلة هي الكعبة، واستقبال المسجد ومكة والحرم
لاستقبالها، لا أن يجوز استقبال جز منها يعلم خروجه عن سمت الكعبة، فيرتفع
الخلاف.
واقتصر المفيد (5) وابنا زهرة (6) وشهر آشوب على الكعبة والمسجد (7)،
واشترط المفيد في المسجد البعد عن الكعبة (8)، والباقيان أن لا يشاهدها، ولم
يذكروا الحرم اقتصارا على ما في الآية (9). ونفى ابن شهرآشوب الخلاف عن
استقبال المسجد على من بعد عنه (10).

(1) الوسيلة: ص 85.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 610.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 272 ح 844.
(4) علل الشرائع: ص 318 ح 2.
(5) المقنعة: ص 95.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494.
(7) لا يوجد لدينا كتابه.
(8) المقنعة: ص 95.
(9) البقرة: 144.
(10) لا يوجد لدينا.
133

(والمشاهد لها) ومن بحكمه (والمصلي في وسطها يستقبلان أي
جدرانها شاء). أما الأول فلا خلاف فيه، وأما الثاني فهو المشهور فيه لصدق
الاستقبال، فإن معناه استقبال جز من أجزائها، أو جهتها، فإن المصلي إليها لا
يستقبل منها إلا ما يحاذيه من أجزائها لا كلها. ولا شك من صدق الاستقبال
باستقبال جز منها، مع أصل البراءة من استقبال الكل، وقول أحدهما عليهما السلام في
خبر محمد بن مسلم: تصلح الصلاة المكتوبة في جوف الكعبة (1). وخبر يونس بن
يعقوب سأل الصادق عليه السلام حضرت الصلاة المكتوبة وأنا في الكعبة، أفأصلي فيها؟
قال: صل (2).
قال الصدوق: وأفضل ذلك أن تقف بين العمودين على البلاطة الحمراء
وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود (3).
ولم يجز الشيخ في الخلاف (4) وحج النهاية (5) والقاضي في المهذب (6)
الفريضة فيها. قال الشيخ: مع الاختيار، للاجماع وللأمر في الآية بأن يولي الوجه
شطره، أي نحوه، وإنما يمكن إذا كان خارجا عنه. ولقوله صلى الله عليه وآله مشيرا إلى الكعبة:
هذه القبلة، وإذا صلى فيها لم يصل إليها (7). ولقول أحدهما عليهما السلام في صحيح محمد
ابن مسلم: لا يصلي المكتوبة في الكعبة (8).
قلت: ولقول أحدهما عليهما السلام في صحيح العلاء: لا تصلح صلاة المكتوبة في
جوف الكعبة (1). ولقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: لا تصل المكتوبة في

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 246، ب 17 من أبواب القبلة، ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 246، ب 17 من أبواب القبلة، ح 6.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 274 ذيل الحديث 845.
(4) الخلاف: ج 1 ص 439 المسألة 186.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(6) المهذب: ج 1 ص 76.
(7) الخلاف: ج 1 ص 439 - 440 المسألة 186.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 245، ب 17 من أبواب القبلة، ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 246، ب 17 من أبواب القبلة، ح 4.
134

جوف الكعبة (2).
وزيد في المختلف: بأنه فيها مستدبر للقبلة (3).
والجواب: أن الاجماع على الكراهية دون التحريم، ولذا أفتى بها نفسه في
سائر كتبه (4)، وتولية الوجه إنما يمكن إلى بعضها - لما عرفت - وكونها القبلة أيضا
إنما يقتضي استقبالها، ولا يمكن الاستقبال بعضها، وفيها أنه إذا توجه إليها من
خارجها، صدق أنه ولى وجهه نحوها، وأنه استقبلها بجملتها وإن لم يحاذه إلا
بعض منها، بخلاف ما إذا صلى فيها.
والاستدبار إنما يصدق باستدبار الكل، مع أن الكتاب والسنة إنما نطقا
بالاستقبال، فإذا صدق صحة الصلاة كان استدبار أو لا، فإن منع الاستدبار من
الصحة إنما يثبت بالاجماع، ولا إجماع إلا على استدبار الكل.
وأما الأخبار فتحمل على الكراهية للأصل والمعارضة، وفيه أنها صحيحة
دون المعارض، مع احتمال المعارض الضرورة والنافلة المكتوبة. وتأيد تلك
بنهي النبي صلى الله عليه وآله في خبر الحسين بن زيد، عن الصادق عليه السلام نهى عن الصلاة على
ظهر الكعبة (5). وقول الرضا عليه السلام في خبر عبد السلام بن صالح فيمن تدركه الصلاة
وهو فوق الكعبة، قال: إن قام لم يكن له قبلة (6)، لما سيأتي من أن القبلة ليست
البنية، بل من موضعها إلى السماء وإلى الأرض السابعة السفلى قبلة، ولا فرق بين
جوفها وسطحها.
وقال الكليني بعدما روى أول خبري ابن مسلم: وروي في حديث آخر

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 246، ب 17 من أبواب القبلة، ح 3.
(2) مختلف الشيعة: ج 1 ص 107 - 108.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 345، تحرير الأحكام: ج 1 ص 28 س 20، إرشاد الأذهان: ج 1
ص 249، منتهى المطلب: ج 1 ص 318 س 13، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 100 س 35.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 248، ب 19 من أبواب القبلة، ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 248، ب 19 من أبواب القبلة، ح 2.
135

يصلي في أربع جوانبها إذا اضطر إلى ذلك (1).
قال الشهيد: هذا إشارة إلى أن القبلة هي جميع الكعبة (2)، فإذا صلى في
الأربع عند الضرورة فكأنه استقبل جميع الكعبة.
وعن محمد بن عبد الله بن مروان أنه رأى يونس بمنى يسأل أبا الحسن عليه السلام
عن الرجل تحضره صلاة الفريضة وهو في الكعبة فلم يمكنه الخروج منها، فقال:
ليستلقي على قفاه ويصلي إيماء، وذكر قوله عز وجل: (فأينما تولوا فثم وجه
الله) (3).
(ولو) صلى في وسطها (إلى الباب المفتوح من غير عتبة) صحت
صلاته، لما عرفت من أن القبلة موضع البيت لا البنية، ولذا لو نقلت آلاتها إلى غير
موضعه لم يجز الصلاة إليها. وقال شاذان بن جبرئيل - من أصحابنا - في رسالة
إزاحة العلة: لم يجز الصلاة إلى الباب المفتوح (4).
(ولو انهدمت الجدران - والعياذ بالله - استقبل الجهة) أي العرصة،
خلافا للشافعي (5) فأوجب أن تكون الصلاة إلى شئ من بنائها.
(والمصلي على سطحها كذلك) يصلي قائما ويستقبل الجهة (بعد إبراز
بعضها) حتى يكون مستقبلا لشئ منها، وفاقا للسرائر (6) وكتب المحقق (7).
والوجه ما عرفت من أن القبلة موضع البيت إلى السماء، مع وجوب القيام في
الصلاة والاستقبال فيها مع الامكان.
(ولا يفتقر إلى نصب شئ) بين يديه - بناء أو غيره - كما أوجبه
الشافعي (8)، لأن القبلة الجهة لا غير.

(1) الكافي: ج 3 ص 391 ح 18.
(2) ذكرى الشيعة: ص 151 س 14.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 246 ب 17 من أبواب القبلة ح 7.
(4) بحار الأنوار: ج 84 ص 99.
(5) الأم: ج 1 ص 99.
(6) السرائر: ج 1 ص 271.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 65، المختصر النافع: ص 23، المعتبر: ج 2 ص 68.
(8) الأم: ج 1 ص 99.
136

وفي النهاية (1) والخلاف (2) والفقيه (3) والجواهر (4) والمهذب (5) إنه يصلي
مستلقيا متوجها إلى البيت المعمور، للاجماع على ما في الخلاف (6)، وقول
الرضا عليه السلام في خبر عبد السلام بن صالح فيمن تدركه الصلاة وهو فوق الكعبة: إن
قام لم تكن له قبلة، ولكن يستلقي على قفاه ويفتح عينيه إلى السماء ويقصد بقلبه
القبلة في السماء البيت المعمور ويقرأ، فإذا أراد أن يركع غمض عينيه، وإذا أراد
أن يرفع رأسه عن الركوع فتح عينيه، والسجود على نحو ذلك (7).
وهو - مع احتمال اختصاصه بمن كان فوق حائط الكعبة، بحيث لا يمكنه
التأخر عنه ولا إبراز شئ منها أمامه - خبر واحد ضعيف، لا يصلح للتمسك به في
اسقاط القيام والركوع والسجود، والرفع منهما عن القادر عليها، مع ما عرفت من
أن القبلة هي الجهة، وموضع البيت من الأرض السابعة إلى السماء، وستسمع
النص عليه، والاجماع منعقد على استقبال الجهة في المواضع المنخفضة عن البنية
والمرتفعة عليها.
ويخدش الكل ما مر من احتمال كون القبلة مجموع الكعبة، والاجماع الذي
في الخلاف ممنوع، كيف وجوز نفسه في المبسوط: الصلاة قائما كالصلاة في
جوفها؟! (8)
قال المحقق: ويلزم منه وجوب أن يصلي قائما على السطح، لأن جواز
الصلاة قائما يستلزم الوجوب، لأن القيام شرط مع الامكان (9). وفيه: أنه إن كانت
القبلة مجموع الكعبة فعند القيام يفوته الاستقبال، وعند الاستلقاء القيام والركوع

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(2) الخلاف: ج 1 ص 441 المسألة 188.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 274 ذيل الحديث 845.
(4) جواهر الفقه: ص 20 المسألة 56.
(5) المهذب: ج 1 ص 85.
(6) الخلاف: ج 1 ص 441 المسألة 188.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 248، ب 19 من أبواب القبلة، ح 2.
(8) المبسوط: ج 1 ص 85.
(9) المعتبر: ج 2 ص 68.
137

والسجود والرفع منها، فيجوز عند الضرورة التخيير بينهما، وإن لا يتعين شئ
منهما لتضمن كل منهما فوات ركن.
وفي المهذب (1) والجامع: إنه لا يجوز الصلاة على سطحها إلا اضطرارا (2).
(وكذا المصلي على جبل أبي قبيس) ونحوه مما ارتفع عن الكعبة أو
انخفض عنها، إنما يستقبل جهتها لا بناءها، وهو إجماع من المسلمين.
وعن عبد الله بن سنان أنه سأل الصادق عليه السلام رجل فقال: صليت فوق أبي
قبيس العصر، فهل يجزي ذلك والكعبة تحتي؟ قال: نعم، أنها قبلة من موضعها
إلى السماء (3).
وعن خالد بن أبي إسماعيل أنه سأله عليه السلام الرجل يصلي على أبي قبيس
مستقبل القبلة، فقال: لا بأس (4).
وقال عليه السلام في مرسل الصدوق: أساس البيت من الأرض السابعة السفلى إلى
الأرض السابعة العليا (5).
(ولو خرج بعض بدنه عن جهة الكعبة) كإحدى يديه أو رجليه أو
بعض منها (بطلت صلاته) لوجوب الاستقبال بجميع البدن، فقطع به هنا وفي
التحرير (6) والنهاية (7) والتذكرة (8) وكذا الشهيد (9)، وهو أحد وجهي الشافعي (10)،
لأن المراد في الآية (11) - كما في المجمع (12) وروض الجنان (13)، بالوجه الذات، أو

(1) المهذب: ج 1 ص 85.
(2) الجامع للشرائع: ص 64.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 247، ب 18 من أبواب القبلة، ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 247، ب 18 من أبواب القبلة، ح 2 وفيه: (خالد بن أبي إسماعيل).
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 246 ح 2317.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 28 س 22.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 392.
(8) تذكرة الفقهاء: ص 100 س 40.
(9) ذكرى الشيعة: ص 164 س 16.
(10) المجموع: ج 3 ص 192، فتح العزيز: ج 3 ص 222.
(11) البقرة: 144.
(12) مجمع البيان: ج 1 ص 227 س 15.
(13) تفسير روح الجنان: ج 1 ص 364 - 365.
138

بتولية الوجه تولية جميع البدن، وتخصيص الوجه لمزيد خصوصية له في
الاستقبال واستتباعه سائر البدن.
ويؤيده قوله: (فلنولينك) (1). وقول الصادق عليه السلام فيما مر من خبر عبد الله بن
سنان: وبيته الذي جعله قياما للناس لا يقبل لأحد (2) توجها إلى غيره (3). وقول
حماد إنه عليه السلام في بيان الصلاة له: استقبل بأصابع رجليه جميعا لم يحرفهما عن
القبلة (4).
وثاني وجهي الشافعي الاجزاء بالاستقبال بالوجه (5).
(والصف المستطيل) في المسجد الحرام، أو حيث يشاهد الكعبة، أو
يكون بحكم المشاهد (إذا خرج بعضه عن سمت الكعبة) ومحاذاتها
(بطلت (6) صلاة ذلك البعض) عندنا، قربوا من الكعبة أم بعدوا، خلافا
للحنفية مطلقا (7)، والشافعية في الأخير (8).
(لأن الجهة) إنما هي (معتبرة مع البعد) الذي لا يتمكن معه من
استقبال العين (ومع المشاهدة) وحكمها القبلة هي (العين) كما عرفت،
فمن لم يحاذها لم يستقبل القبلة.
(والمصلي بالمدينة ينزل محراب رسول الله صلى الله عليه وآله) في مسجدها
(منزلة الكعبة) وكذا كل محراب نصبه أو صلى إليه هو أو أحد الأئمة عليهم السلام من
غير انحراف، لا بمعنى وجوب استقبالها حيث يشاهد، وبطلان صلاة من لم
يحاذها، لفساده ضرورة، وإن روي أنه زويت الأرض له صلى الله عليه وآله (9) حتى نصب

(1) البقرة: 144.
(2) في ع (من لحد).
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 218، ب 2 من أبواب القبلة، ح 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 673، ب 1 من أبواب أفعال الصلاة، ح 1.
(5) المجموع: ج 3 ص 192، فتح العزيز: ج 3 ص 222.
(6) في الإيضاح وجامع المقاصد (تبطل).
(7) فتح العزيز: ج 3 ص 222.
(8) فتح العزيز: ج 3 ص 222.
(9) صحيح مسلم: ج 4 ص 2215 ح 2889.
139

المحراب بإزاء الميزاب، فلاتفاق على أنه قبلة البعيد عن الكعبة إنما هي سمتها.
والخبر إن سلم فغايته علمه صلى الله عليه وآله بالعين، ولا يدل على وجوب توجهه إليها
فضلا عن غيره، بل بمعنى أنه لا شبهة في أنه مسدد لا يجوز الانحراف عنه
بالاجتهاد يمينا أو شمالا، وإن غلب على الظن وجوبه فهو وهم. وإنما خصص
محرابه صلى الله عليه وآله بالمدينة لأنه أقرب إلى الضبط من سائر المحاريب المنسوبة إليه، أو
إلى أحد الأئمة عليهم السلام نصبا أو صلاة إليها.
(وأهل كل إقليم) أي صقع من الأرض، قال ابن الجواليقي: ليس بعربي
محض (1)، وقال الأزهري: أحسبه عربيا، قال: كأنه سمي إقليما لأنه مقلوم من
الإقليم الذي يتاخمه، أي مقطوع عنه (2) (يتوجهون إلى ركنهم) من الكعبة،
وما يقرب منه من جدرانها.
(فالعراقي) من أركانها (وهو الذي فيه الحجر لأهل العراق ومن
والاهم) أي كان في جهتهم إلى أقصى المشرق وجنبيه مما بينه وبين الشمال
والجنوب.
ففي إزاحة العلة: إن أهل العراق وخراسان إلى جيلان وجبال الديلم، وما
كان في حدوده مثل الكوفة وبغداد وحلوان إلى الري، وطبرستان إلى جبل
سابور، وإلى ما وراء النهر إلى خوارزم إلى الشاش وإلى منتهى حدوده، ومن
يصلي إلى قبلتهم من أهل المشرق يتوجهون إلى المقام والباب (3)، وإن أهل
البصرة والبحرين واليمامة والأهواز وخوزستان وفارس وسجستان إلى التبت
إلى الصين يتوجهون إلى ما بين الباب والحجر الأسود (4).
قلت: ولا ينافي اتفاق هذه البلاد في جهة القبلة اختلافها في العروض

(1) حكاه عنه في مصباح المنير ج 2 ص 515 مادة (قلم).
(2) تهذيب اللغة: ج 9 ص 181 (مادة قلم).
(3) بحار الأنوار: 84 ص 77.
(4) بحار الأنوار: 84 ص 81، ذكرى الشيعة: ص 164 س 24.
140

والأقاليم، فإن الكل في سمت واحد من الكعبة.
نعم، أورد عليه بعض المعاصرين: إنها لو كانت كذلك لم يكن سمت قبلة
العراق أقرب إلى نقطة الجنوب منه إلى مغرب الاعتدال، بل كان الأمر بالعكس،
وهو إنما يرد لو كانت هذه البلاد أقل عرضا من مكة أو مساوية لها.
ثم إنه وضع آلة تستعلم بها نسبة البلاد إلى جهات الكعبة، فاستعلم منها أن
الحجر الأسود إلى الباب في جهة بعض بلاد الهند كبهلوازة، والباب في جهة
بعضها كدهلي، وأكرة، وباناس، والصين وتهامة ومنصورة سند. ومن الباب إلى
منتصف هذا الضلع في جهة الأحساء، والقطيف، والبحرين، وقندهار، وكشمير،
وملتان، وبست، وسجستان، وكرمان، وبدخشان، وتبت، وخان بالق،
وشيراز، وبلخ، وفارياب. ومنه إلى السدس الرابع جهة هرات، وختن، وپيش
بالق، ويزد، ومرو، وقراقرم، وترشيزونون، وسمرقند، وكاشغر، وسرخس،
وكش، وجنجدة، وبخاري، ورامهرمز، وطوس وبناكت، والمالقة، وسبزوار،
ومنه إلى السدس الخامس جهة إصبهان، والبصرة، وكاشان، والاستراباد،
وكركانج، وقم، والري، وساري، وقزوين وساوه، ولاهيجان، وهمدان.
والسدس الأخير المنتهى إلى الشامي جهة كرما مدينة روس، وشماخي، وبلغار،
وباب الأبواب، وبرذعة، وتفليس، وأردبيل، وتبريز، وبغداد، والكوفة، وسر
من رأى.
فخطأ الأصحاب قاطبة في قولهم: إن ركن الحجر قبلة أهل العراق، وزعم أن
قبلتهم الشامي وأنه العراقي أيضا.
والجواب: أن العراق وما والاه لما ازدادت على مكة طولا وعرضا فلهم أن
يتوجهوا إلى ما يقابل الركن الشامي إلى ركن الحجر. وبالجملة، إلى أي جز من
هذا الجدار من الكعبة، فبأدنى تياسر يتوجهون إلى ركن الحجر، وهو أولى بهم
من أن يشرفوا على الخروج عن سمت الكعبة، خصوصا وسيأتي أن الحرم في
141

اليسار أكثر.
ثم إن تقليل الانتشار مهم، فإذا وجدت علامة تعم جميع ما في هذا السمت
من الكعبة من البلاد، كانت أولى بالاعتبار من تمييز بعضها من بعض تيامنا
وتياسرا. فلذا اعتبروا علامة توجه الجميع إلى ركن الحجر، وإن كان يمكن اعتبار
علامة في بعضها تؤديه إلى الشامي أو ما يقرب منه.
واعلم إن ركن الحجر منحرف عن مشرق الاعتدال قليلا، فما بينه وبين
الباب يحاذي المشرق. فالمتوجهون إليه منهم من يتوجه إلى المغرب، ومنهم من
يتوجه إلى ما بينه وبين الشمال، ومنهم من يتوجه إلى ما بينه وبين الجنوب.
(و) هؤلاء قسمان: قسم (علامتهم جعل الفجر) فجر الاعتدال كما في
السرائر (1) وغيره (2) (على المنكب الأيسر) أي بإزاء خلفه (والمغرب)
مغرب الاعتدال أو غيره (على) المنكب (الأيمن) قدامه.
(و) العبرة بكون (الجدي) غاية ارتفاعه أو انحطاطه (بحذاء المنكب
الأيمن) أي خلفه، فبذلك يتقدر تأخر الفجر وتقدم المغرب، ولا يتفاوت في
الصحة أن يراد الاعتداليان منهما والأعم.
(وعين الشمس عند الزوال على طرف الحاجب الأيمن مما يلي
الأنف) فهذه أربع علامات ذكرها أكثر الأصحاب لأهل العراق.
وفي المقنعة (3) والمراسم (4) والنافع (5): إنها لأهل المشرق، وكأن المعنى
واحد. وفي النهاية (6) والسرائر: إنها للعراق، وفارس، وخراسان، وخوزستان
ومن والاهم (7). وفي إزاحة العلة: إنها للعراق (8).
وكل من حكينا عنها أنهم يتوجهون إلى المقام والباب، وليس منهم

(1) السرائر: ج 1 ص 208.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 285.
(3) المقنعة: ص 96.
(4) المراسم: ص 60 - 61.
(5) المختصر النافع: ص 23.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 285.
(7) السرائر: ج 1 ص 208.
(8) ذكرى الشيعة: ص 163 س 9.
142

خوزستان ولا فارس، ولا حاجة فيها إلى النص فيها عن الأئمة عليهم السلام، فإنا أمرنا
بأن نولي الوجوه شطر البيت، وهو محسوس لا يفتقر فيه إلى بيان وتعليم، إلا من
لا خبرة له بالبلاد والجهات مع التوسعة فيه، ولذا قال الصادق عليه السلام (1) فيمن رأى
بعد الصلاة أنه كان منحرفا يمينا أو شمالا: ما بين المشرق والمغرب قبلة (2). ولذا
خلت الأخبار عن العلامات إلا نادرا كهذا الذي سمعته.
وقول أحدهما عليهما السلام لابن مسلم: ضع الجدي في قفاك وصله (3).
وقول الصادق عليه السلام لرجل: أتعرف الكوكب الذي يقال له جدي؟ فقال: نعم،
قال: إجعله على يمينك، وإذا كنت في طريق الحج فاجعله. بين كتفيك (4).
وقول النبي صلى الله عليه وآله في خبر السكوني المروي في تفسير العياشي: (وبالنجم هم
يهتدون) هو الجدي، لأنه نجم لا يزول، وعليه بناء القبلة، وبه يهتدي أهل البر
والبحر (5).
وزاد شاذان بن جبرئيل في علامتهم أن بنات النعش (6) خلف الأذن اليمنى،
والهنعة (7) إذا طلعت بين الكتفين، والدبور (8) مقابله والصبا (9) خلفه، والشمال على

(1) في ع (الصادقان عليهما السلام).
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 228، ب 10 من أبواب القبلة، ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 222، ب 5 من أبواب القبلة، ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 222، ب 5 من أبواب القبلة، ح 2.
(5) تفسير العياشي: ج 2 ص 256 ح 12.
(6) بنات النعش: سبعة كواكب تشاهدها جهة القطب الشمالي، أربعة منها نعش لأنها مربعة
وثلاثة بنات نعش. اللسان والمنجد مادة (نعش).
(7) الهنعة: منكب الجوزاء الأيسر، وهو من منازل القمر، وقيل: هما كوكبان أبيضان بينهما قيد
سوط على أثر الهقعة في المجرة. اللسان مادة (هنع).
(8) الدبور: ريح تأتي من دبر الكعبة مما يذهب نحو المشرق، وقيل: هي التي تأتي من
خلفك إذا وقفت في القبلة وهي تقابل الصبا: وهي ريح تهب من نحو المشرق. اللسان مادة
(دبر).
(9) تقدم آنفا تحت رقم 8.
143

يمينه والجنوب على يساره.
وزاد المصنف في التحرير (1) والتذكرة: إن القمر ليلة السابع يكون في القبلة أو
قريبا منها، وكذا ليلة إحدى وعشرين عند الفجر (2).
وأوثق الجميع الجدي، وأوثق منه نجم خفي يسمى القطب، يدور حوله ولا
يظهر في الحس حركته، حوله أنجم دائرة، في أحد طرفيها الفرقدان وفي الآخر
الجدي، وبين ذلك أنجم صغار، ثلاثة من فوق وثلاثة من أسفل، يجعله العراقي
خلف الأذن اليمنى، لكنه لخفائه - بحيث لا يدركه إلا حديد النظر - لم يجعل في
الأخبار والفتاوى علامة.
بقي الكلام في رابعة ما في الكتاب من العلامات، فإن أريد بها أن الشمس
تكون عند الزوال على حاجبهم الأيمن كما هو نص الشيخين (3) وسلار (4) وبني
حمزة (5) وإدريس (6) والبراج (7) والشرائع (8)، فإن أريد أنها أول الزوال يكون
عليه كما هو نص المقنعة (9) والنهاية (10) والسرائر (11).
ورد عليه أن الشمس أول الزوال إنما تزول عن محاذاة القطب الجنوبي،
وحينئذ إنما يكون على الحاجب الأيمن أن تكون قبلته نقطة الجنوب، وهؤلاء
ليسوا كذلك وإلا لجعلوا (12) الجدي بين الكتفين، فإنما تصير الشمس على حاجبه
الأيمن بعد الزوال بمدة، فليحمل عليه كلام من لم ينص على أول الزوال.

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 28 س 27.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 101 س 14.
(3) المقنعة: ص 96 النهاية ونكتها: ج 1 ص 285.
(4) المراسم: ص 61.
(5) الوسيلة: ص 85.
(6) السرائر: ج 1 ص 208.
(7) المهذب: ج 1 ص 84.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 66.
(9) المقنعة: ص 96.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 285.
(11) السرائر: ج 1 ص 208.
(12) في ط (أن يجعلوا).
144

ويوجه كلام من نص عليه بأنه علامة لبعض أهل العراق كالموصل، والجدي
لبعض آخر. وأما عبارة الكتاب والنافع (1) وشرحه (2) وسائر كتب المصنف (3)
فيجوز أن يراد بها الطرف الأيمن من الحاجب الأيسر، فيوافق الجدي.
(ويستحب لهم التياسر قليلا) أي الميل (إلى يسار المصلي) منهم
كما في الجامع (4) والشرائع (5) ومختصر المراسم (6) وظاهر المصباح (7)
ومختصره (8).
وزاد ابن سعيد: المشرقيين (9)، لما روي أن المفضل بن عمر سأل
الصادق عليه السلام عن التحريف لأصحابنا ذات اليسار عن القبلة، وعن السبب فيه،
فقال عليه السلام: إن الحجر الأسود لما أنزل من الجنة ووضع في موضعه جعل أنصاب
الحرم من حيث يلحقه النور نور الحجر، فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال، وعن
يسارها ثمانية أميال، كله اثنا عشر ميلا، فإذا انحرف الانسان ذات اليمين خرج
عن حد القبلة لقلة أنصاب الحرم، وإذا انحرف الانسان ذات اليسار لم يكن
خارجا عن حد القبلة (10).
والمراد بيمين الكعبة ويسارها يمين مستقبلها ويساره.
وعن علي بن محمد رفعه قال: قيل له عليه السلام: لم صار الرجل ينحرف في
الصلاة إلى اليسار؟ فقال: لأن للكعبة ستة حدود، أربعة منها على يسارك، واثنان
منها على يمينك، فمن أجل ذلك وقع التحريف على اليسار (11). وعن الرضا عليه السلام:
إذا أردت توجه القبلة فتياسر مثلي ما تتيامن، فإن الحرم عن يمين الكعبة أربعة

(1) المختصر النافع: ص 23.
(2) المعتبر: ج 2 ص 69.
(3) نهاية الإحكام: ج ص 394، وإرشاد الأذهان: ج 1 ص 245.
(4) الجامع للشرائع: ص 63.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 66.
(6) لا يوجد لدينا.
(7) مصباح المتهجد: ص 24.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) الجامع للشرائع: 63.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 221، ب 4 من أبواب القبلة، ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 221، ب 4 من أبواب القبلة، 1.
145

أميال وعن يسارها ثمانية أميال (1). وما فيها من العلة تدل على أن المراد أهل
العراق، ومن في سمتهم.
وظاهر الشيخ في سائر كتبه (2) وابن حمزة (3) والشيخ أبي الفتوح (4) والشيخ
شاذان بن جبرئيل الوجوب (5)، وفي الخلاف: الاجماع (6)، وهو ظاهر روض
الجنان (7)، وهو ممنوع، والأخبار ضعيفة، ولذا أعرض عنها الصدوقان والحلبيان
وجماعة. وجعله المفيد استظهارا (8)، واستحبه من استحبه.
ولم يرتضه جماعة من وجهين:
أحدهما: أنه مبني على كون الحرم قبلة، وإلا لم يوجب التياسر اختلافه يمينا
ويسارا. وقد مر ضعفه. ومع التسليم إذا أدت (9) علامة القبلة إليه، فأدنى انحراف
يؤدي إلى الخروج عنه، كما يشهد به الحسن (10).
والثاني: أن غير المتياسر إن كان مستقبلا كان التياسر عن القبلة، وإلا كان
المعبر عنه بالتياسر هو القبلة، فلا معنى له.
ويندفعان بأن التياسر عن العلامة المنصوبة للقبلة أو عن المحاريب لكونها
على وفق العلامة، فالمعنى أن العلامة تقريبية لا تحقيقية، فإذا أريد التحقيق لزم
التياسر أو استحب. وإنما أطلقت في أخبارها لعلم السامع بالمراد بإشارة أو
غيرها، أو للتوسع في القبلة وجواز اكتفاء أكثر الناس بالسمت.
وإنما أوجبه اختلاف جهتي الحرم لما عرفت من أن الخارج لا يجوز له

(1) مستدرك الوسائل: ج 3 ص 180، ب 3 من أبواب القبلة، ح 1.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 286، المبسوط: ج 1 ص 78، الجمل والعقود: ص 62، الإقتصاد:
ص 257.
(3) الوسيلة: ص 85.
(4) تفسير أبو الفتوح الرازي: ج 1 ص 360.
(5) بحار الأنوار: ج 84 ص 77.
(6) الخلاف: ج 1 ص 297 المسألة 42.
(7) روض الجنان: ص 198 س 21.
(8) المقنعة: ص 96.
(9) في ب (أردت).
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 221، ب 4 من أبواب القبلة، ح 1.
146

التوجه إلى غيره، للعلم بخروجه عن سمت الكعبة حينئذ، لا لكون قبلته (1) الحرم.
وممن يتوجهون إلى هذا الركن أيضا من عرفتهم من أهل البصرة، والبحرين،
واليمامة، والأهواز، وخوزستان، وفارس، وسجستان إلى الصين، ويتوجهون
إلى ما بين المغرب والجنوب أيضا، ولكنهم إلى المغرب أميل منهم إلى الجنوب.
وعلامتهم كما في إزاحة العلة: جعل النسر الطائر إذا طلع بين الكتفين، والجدي
عند ارتفاعه على الأذن اليمنى، والشولة (2) إذا نزلت للمغيب بين عينيه، والمشرق
على أصل المنكب الأيمن، والصبا على الأذن اليمنى، والدبور على الخد
الأيسر، والجنوب بين الكتفين (3).
ويمكن تعميم كلام غيره من الأصحاب لهؤلاء، وكون الجدي على المنكب
الأيمن أو خلفه لكونه على الأذن اليمنى.
وممن يتوجهون إليه من قبلته أقرب إلى المغرب من أولئك، وهم: أهل السند
والهند، وملتان، وكابل، وقندهار، وجزيرة سيلان، وما وراء ذلك. وعلامتهم كما
في إزاحة العلة: جعل بنات النعش إذا طلعت على الخد الأيمن، وكذا الجدي إذا
ارتفع، والثريا إذا غابت على العين اليسرى، وسهيل (4) إذا طلع خلف الأذن
اليسرى، والمشرق على اليد اليمنى، والصبا على صفحة الخد الأيمن، والشمال
مستقبل الوجه، والدبور على المنكب الأيسر، والجنوب بين الكتفين (5).
وممن يتوجهون إليه، من قبلته المغرب، ولا أعرف من البلاد ما يكون كذلك.
ومنهم من قبلته ما بين المغرب والشمال وهم: أهل سومنات، وسرانديب وما

(1) في ب و ط (قبلة).
(2) الشولة: كوكبان نيران متقابلان ينزلهما القمر يقال لهما: حمة العقرب. اللسان مادة (شول).
(3) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 163 س 25.
(4) سهيل: كوكب يماني، قال الأزهري: هو كوكب لا يرى بخراسان ويرى بالعراق، وقال
الليث: بلغنا أن سهيلا كان عشارا على طريق اليمن فمسخه الله كوكبا. اللسان مادة (سهل).
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 163 س 23.
147

في جهتها، وهم يتوجهون إلى جنبة هذا الركن التي إلى اليماني. وعلامة هذين
القسمين أيضا كون الجدي وبنات نعش على الخد الأيمن لكنها على مقدمه، وفي
الثاني أقدم.
(و) الركن (الشامي) وهو ثاني ركني الجدار الذي فيه الباب (لأهل
الشام) ومن والاهم (وعلامتهم) كما في الوسيلة ست (1): (جعل) كل من
(بنات النعش) الكبرى (حال غيبوبتها خلف الأذن اليمنى، والجدي
خلف الكتف اليسرى إذا طلع) أي ارتفع (ومغيب سهيل على العين
اليمنى، وطلوعه بين العينين، و) مهب (الصبا) وهو ما بين المشرق إلى
الجدي، ويقال أن مبدأه من المشرق (على الخد الأيسر، و) مهب
(الشمال) وهو من الجدي إلى مغرب الاعتدال (على الكتف الأيمن).
وزاد شاذان بن جبرئيل: جعل المشرق على العين اليسرى، والدبور على
صفحة الخد الأيمن، والجنوب مستقبل الوجه، وذكر أنها علامات لعسفان،
وينبع، والمدينة، ودمشق، وحلب، وحمص، وحماة، وآمد، وميتافارقين،
وأفلاد وإلى الروم وسماوة، والحوران إلى مدين شعيب، وإلى الطور، وتبوك،
والدار أو بيت المقدس وبلاد الساحل كلها، وإن قبلتهم من الميزاب إلى الركن
الشامي، وأن التوجه من مالطة، وسمياط والجزيرة إلى الموصل، وما وراء ذلك
من بلاد آذربيجان.
والأبواب إلى حيث يقابل الركن الشامي إلى نحو المقام، وعلامتهم: جعل
بنات نعش خلف الأذن اليسرى، وسهيل إذا نزل للمغيب بين العينين، والجدي إذا
طلع بين الكتفين، والمشرق على اليد اليسرى، والمغرب على اليمنى، والعيوق (2)

(1) الوسيلة: ص 86.
(2) العيوق: كوكب أحمر مضي بحيال الثريا في ناحية الشمال ويطلع قبل الجوزاء، سمي
بذلك لأنه يعوق الدبران عن لقاء الثريا. لسان. مادة (عوق).
148

إذا طلع خلف الأذن اليسرى، والشمال على صفحة الخد الأيمن، والدبور على
العين اليمنى، والجنوب على العين اليسرى (1).
(و) الركن (الغربي) وهو ثاني ركني جدار الشامي، وهما على
بابي الحجر (لأهل المغرب، وعلامتهم) كما في الوسيلة (2) ثلاث (جعل
الثريا على اليمين، والعيوق على اليسار) عند طلوعهما كما في إزاحة (3) العلة
(والجدي) أين كان، لا إذا ارتفع أو انخفض خاصة (على صفحة الخد
الأيسر).
وزاد شاذان بن جبرئيل: جعل الشولة إذا غابت بين (4) الكتفين، والمشرق
بين العينين، والصبا على العين اليسرى والجنوب على اليمنى، والدبور على
المنكب الأيمن، وذكر أنها علامات للصعيد الأعلى من بلاد مصر، وبلاد الحبشة،
والنوبة، والبجة، والزغاوة والدمانس والتكرور، والزيلع وما ورائها من بلاد
السودان، وأنهم يتوجهون إلى حيث يقال: ما بين الركن الغربي واليماني، وأن
بلاد مصر، والإسكندرية، والقيروان إلى تاهرت إلى البربر إلى السوس الأعلى (5)
وإلى الروم، وإلى البحر الأسود يتوجهون إلى (6) ما بين الغربي والميزاب.
وعلامتهم: جعل الصلب إذا طلع بين العينين، وبنات نعش إذا غابت بين الكتفين،
والجدي إذا طلع على الأذن اليسرى، والصبا على المنكب الأيسر، والشمال بين
العينين، والدبور على اليد اليمنى، والجنوب على العين اليسرى (7).
(و) الركن (اليماني لأهل اليمن، وعلامتهم) كما في الوسيلة ثلاث (8):
(جعل الجدي وقت طلوعه) أي ارتفاعه (بين العينين، وسهيل وقت

(1) ذكرى الشيعة: ص 163 س 12.
(2) الوسيلة: ص 86.
(3) ذكرى الشيعة: ص 163 س 19.
(2) ذكرى الشيعة: ص 163 س 19.
(5) في ط و ب (بين اليسرى الجنوب).
(6) في ع (الأقصى).
(7) في ط (إلى حيث يقابل).
(8) الوسيلة: ص 86.
149

غيبوبته بين الكتفين) فإنه يغيب إذا بلغ نصف النهار، (و) مهب (الجنوب)
وهو ما بين مطلع سهيل إلى مشرق الاعتدال (على مرجع الكتف اليمنى) أي
أسفلها.
وزاد شاذان بن جبرئيل: جعل المشرق على الأذن اليمنى، والصبا على
صفحة الخد الأيمن، والشمال على العين اليسرى، والدبور على المنكب الأيسر،
وذكر أنها علامات نصيبين، واليمن، والتهائم، وصعدة إلى صنعاء، وعدن إلى
حضرموت، وكذلك إلى البحر الأسود، وإنهم يتوجهون إلى المستجار والركن
اليماني (1).
(المطلب الثاني)
(في المستقبل له)
(يجب الاستقبال) بالاجماع والنصوص (2) (في فرائض الصلوات مع
القدرة).
(و) هل يجب (في الندب) بمعنى اشتراطه به؟ (قولان) فالاشتراط
هو المشهور، إلا أن الحسن استثنى الحرب والسفر على الراحلة (3)، وكذا جمل
العلم والعمل (4) والمراسم (5) والنافع (6) والسرائر (7) والجامع (8)، لكن ليس فيها
الحرب، وفي الأخيرين: الاحرام بها مستقبلا، وفي الأولين: النص على أنه

(1) ذكرى الشيعة: ص 163 س 21.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 214، ب 1 من أبواب القبلة.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 73.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 49.
(5) المراسم: ص 75.
(6) المختصر النافع: ص 24.
(7) السرائر: ص 208.
(8) الجامع للشرائع: ص 64.
150

أولى، وعلي بن بابويه: الركوب (1)، والصدوق في المقنع: الركوب في سفينة أو
وحمل (2)، وظاهره السفر، وابن (3) مهدويه: ركوب سفينة أو راحلة بعد الاستقبال
بالتحريمة (4)، والشيخ في الجمل (5) والمصنف في التحرير (6) ركوب الراحلة،
ولولا ما في الخلاف (7) والمنتهى - وسيأتي - من أنه يجوز التنفل على الراحلة
حضرا جاز أن يستظهر منه السفر (8).
وفي الإقتصاد (8) والمصباح (10) ومختصره أيضا ركوب الراحلة واشتراط
الاحرام مستقبلا (11)، وفي المبسوط (12) والخلاف: السفر على الراحلة أو ماشيا
بعد الاحرام مستقبلا (13)، وكذا التذكرة، لكن فيها النص على عدم اشتراط
الاستقبال عند الاحرام أيضا (14).
وفي المختلف (15) عن الشيخ: استثناء الركوب والمشي سفرا وحضرا
واختياره (16)، والذي رأيناه في كتب الشيخ جواز التنفل راكبا وماشيا سفرا
وحضرا (17)، وفي الجامع: استثناء المشي مطلقا بعد الاستقبال بأولها (18)، وعدم
الاشتراط قول ابن حمزة (19) والمحقق في الشرائع (20).

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 279 ذيل الحديث 857.
(2) المقنع: ص 37.
(3) في ط و ب (وابن ناظم الجمل والعقود وابن).
(4) لا يوجد لدينا.
(5) الجمل والعقود: ص 62.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 29 س 22.
(7) الخلاف: ج 1 ص 299 المسألة 45.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 222 س 31.
(9) الإقتصاد: ص 257.
(10) مصباح المتهجد: ص 25.
(11) لا يوجد لدينا.
(12) المبسوط: ج 1 ص 79.
(13) الخلاف: ج 1 ص 299 المسألة 44.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 101 س 25.
(15) مختلف الشيعة: ج 2 ص 73.
(16) في ط و ب (اختاره).
(17) المبسوط: ج 1 ص 79، الخلاف: ج 1 ص 298 مسألة 43.
(18) الجامع للشرائع: ص 64.
(19) الوسيلة: ص 86.
(20) شرائع الاسلام: ج 1 ص 67.
151

وقد يعطيه تحريم الشيخ في الخلاف الفريضة في الكعبة للاستدبار (1)
واستحبابه التنفل فيها دليل اشتراط التأسي، وقوله صلى الله عليه وآله: صلوا كما رأيتموني
أصلي (2). إذ لم يعهد أنه صلى الله عليه وآله صلى نافلة إلى غير القبلة مستقرا على الأرض.
وقوله تعالى: (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) (3) لعمومه خرج ما أجمع
على عدم وجوب الاستقبال فيه، وكونه الفارق بين المسلم والكافر.
والصلاة إلى غير القبلة علامة للكفر يجب اجتنابها مطلقا، ومفهوم قول
الصادق عليه السلام كما في تفسير علي بن إبراهيم في قوله تعالى (فأينما تولوا فثم وجه
الله) أنها نزلت في صلاة النافلة فصلها حيث توجهت إذا كنت في سفر (4).
وقوله عليه السلام كما في النهاية (5)، والصادقين عليهما السلام كما في المجمع في الآية: هذا في
النوافل خاصة في حال السفر (6).
وما في مسائل علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يلتفت في صلاته
هل يقطع ذلك صلاته؟ فقال: إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته،
وإن كانت نافلة لم يقطع ذلك صلاته ولكن لا يعود (7).
ودليل استثناء الراكب، نحو خبر الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن صلاة النافلة
على البعير والدابة، فقال: نعم، حيث كان متوجها (8). وخبر إبراهيم الكرخي قال
له عليه السلام: إني أقدر أن أتوجه نحو القبلة في المحمل، فقال: هذا لضيق، أما لكم في
رسول الله صلى الله عليه وآله أسوة (9). وخبر [عبد الرحمن بن الحجاج] (10) سأله عن الرجل

(1) الخلاف: ج 1 ص 298 المسألة 43.
(2) السنن الكبرى: ج 2 ص 345.
(3) البقرة: 144.
(4) تفسير القمي: ج 1 ص 58، وفيه: (عن العالم 7).
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 286.
(6) مجمع البيان: ج 1 ص 228.
(7) مسائل علي بن جعفر: ص 243 المسألة 574.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 240، ب 15 من أبواب القبلة، ح 6.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 239، ب 15 من أبواب القبلة، ح 2.
(10) ما بين المعقوفين ساقط من ب وع.
152

يصلي النوافل في الأمصار وهو على دابته حيث ما توجهت به، قال: لا بأس (1).
وفي المنتهى (2) والمعتبر: الاجماع على استثنائه في السفر (3)، وفي الخلاف:
الاجماع على استثنائه والماشي في السفر (4).
ودليل الاستقبال بالتحريمة صحيحة عبد الرحمن بن أبي نجران سأل أبا
الحسن عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل، فقال: إذا كنت على غير
القبلة فاستقبل ثم كبر وصل حيث ذهب بك بعيرك (5).
وقال الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: لا بأس بأن يصلي الرجل صلاة
الليل في السفر وهو يمشي، ولا بأس إن فاتته صلاة الليل أن يقضيها بالنهار وهو
يمشي يتوجه إلى القبلة، ثم يمشي ويقرأ، فإذا أراد أن يركع حول وجهه إلى القبلة
وركع وسجد ثم مشى (6).
وهو دليل استثناء الماشي في السفر والاستقبال بالتحريمة مع زيادة
الاستقبال بالركوع والسجود، ولا شبهة في استحبابه.
نعم، لم يشترط أصحابنا، وإنما اشترطه الشافعي (7). ومن لم يشترط في
التحريمة، تمسك بالأصل وعموم الأخبار والأدلة.
ودليل عدم الاشتراط مطلقا، الأصل واستفاضة الأخبار، بأن قوله تعالى:
(أينما تولوا فثم وجه الله) (8) في النوافل، واستحباب التنفل في الكعبة مع النهي
عن الفريضة فيها للاستدبار كما مر، وما دل على اشتراطه للراكب والماشي من
غير ضرورة للاشتراك في الأخبار (9).

(1) المصدر السابق ح 1.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 221 س 16.
(3) المعتبر: ج 2 ص 76.
(4) الخلاف: ج 1 ص 298 المسألة 43.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 241، ب 15 من أبواب القبلة، ح 13.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 244، ب 16 من أبواب القبلة، ح 1.
(7) الأم: ج 1 ص 97، المجموع: 3 ص 237.
(8) البقرة: 115.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 239 و 244 ب 15 و 16 من أبواب القبلة.
153

وأولوية صلاة المستقر بالصحة لاستقراره وقد تدفع بأن الأصل في الصلاة
الاستقبال، لقوله صلى الله عليه وآله: صلوا كما رأيتموني أصلي (1)، وتحريم الفريضة في الكعبة
لاستدبار، إن سلم قائما يعطي جواز استدبار بعض القبلة، وما استفاض في معنى
الآية.
ويجوز أن يكون لجواز الاستدبار في النوافل لأدنى حاجة، فيختص بالسائر
في حاجة، راكبا أو ماشيا، وبه يفترق من المستقر.
(و) يجب الاستقبال بالذبيحة (عند الذبح) مع العلم بالجهة والامكان،
أي يشترط في التذكية بالاجماع والنصوص (2) (والميت في أحواله
السابقة).
(ويستحب للجلوس للقضاء) كما في المبسوط، لقوله صلى الله عليه وآله: خير
المجالس ما استقبل به القبلة (3). خلافا للأكثر، ومنهم المصنف في القضاء (4)
(وللدعاء) جالسا أو قائما أو غيرهما لهذا الخبر. بل يستحب في جميع
الأحوال إلا فيما يحرم أو يكره أو يجب فيه، ولا يكاد يتحقق فيه الإباحة بالمعنى
الأخص.
(ولا تجوز الفريضة على) الدابة و (الراحلة اختيارا) إن لم يتمكن
عليها من الاستقبال أو غيره من الواجبات قطعا سائرة أو واقفة.
(و) كذا (إن تمكن) منه و (من استيفاء) سائر (الأفعال على
إشكال) في الواقفة، من عموم النصوص (5) والفتاوى، مع انتفاء القرار المفهوم
عرفا فإنه الأرض وما في حكمها، مع أنه لا يؤمن الحركة على الواقفة ومن

(1) سنن الدارمي: ج 1 ص 286.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 324، ب 14 من أبواب الذبائح.
(3) المبسوط: ج 8 ص 90.
(4) قواعد الأحكام: ج 2 ص 203 س 19.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 236، ب 14 من أبواب القبلة.
154

الامتثال، وهو خيرته في النهاية (1).
وقد يمنع للنهي عن الصلاة على الراحلة إلا أن يقال: المتبادر منها السائرة.
وقد يستشكل في السائرة بناء على كونها كالسفينة في أن الراكب بنفسه ساكن
مستقر، وإنما يتحرك بالراحلة بالعرض. وحمل الأخبار والفتاوى - على الغالب -
من عدم التمكن من الاستيفاء.
(ولا) يجوز (صلاة جنازة) على الراحلة اختيارا، وإن تمكن من
الاستقبال، (لأن الركن الأظهر فيها القيام) حسا، لخفاء النية وجواز إخفاء
التكبيرات معنا، لكون النية شرطا أو شبيها به، والتكبير مشروطا بالقيام، ولا قيام
على الراحلة السائرة، ولا استقرار على الواقفة، لأنه في معرض الزوال،
ولاطلاق النهي عن الفريضة عليها.
(وفي صحة الفريضة على بعير معقول، أو أرجوحة معلقة بالحبال)
بحيث يتحرك بالركوع والسجود قليلا كبعض السرر، لا بحيث تعد مضطربة غير
مستقرة (نظر) من تحقق الاستقرار وغيره من الواجبات، وهو مختاره في
النهاية (2) والتذكرة (3).
ويؤيده إطلاق مضمر أحمد بن محمد في الرجل يصلي على السرير وهو
يقدر على الأرض، فكتب: هل فيه (4). وخبر إبراهيم بن أبي محمود عن
الرضا عليه السلام في الرجل يصلي على السرير من ساج ويسجد على الساج؟ قال:
نعم (5). ومن كونه في الأول بمعرض الزوال كالدابة الواقفة وإن كان أبعد، ولذا
أفرده عنها، والشك في تحققه في الثاني وخروجهما عن القرار المعهود، وهو

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 286.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 404.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 101 س 34.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 467، ب 36 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 467، ب 36 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
155

خيرة المنتهى (1).
وأما الرف، فالمعروف منه المسمر بالمسامير، إشكال في الصلاة عليه
كالعرف، وبه صحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن
يصلي على الرف المعلق بين نخلتين؟ فقال عليه السلام: إن كان مستويا يقدر على الصلاة
عليه فلا بأس (2).
(وتجوز) الصلاة (في السفينة السائرة والواقفة) تمكن من الأرض
أو لا، كما هو الظاهر منه، وصريح نهاية الإحكام (3) والمبسوط (4) والنهاية (5)
والوسيلة (6) والمهذب (7) والجامع (8) والمقنع (9)، ولكن لم يتعرضوا لوقوفها
وسيرها، وإن اقتضى المقنع (10) عمومهما، وذلك لصحيح جميل سأل الصادق عليه السلام
تكون السفينة قريبة من الجدد، فأخرج وأصلي؟ قال: صل فيها، أما ترضى بصلاة
نوح عليه السلام (11). وخبره سأله عن الصلاة في السفينة، فقال: إن رجلا أتى أبي فسأله
فقال: إني أكون في السفينة والجدد مني قريب، فأخرج فأصلي عليه، فقال أبو
جعفر عليه السلام: أما ترضى أن تصلي بصلاة و ح 7 (12). وهما قد يدلان على
السائرة.
وخبري المفضل بن صالح، ويونس بن يعقوب سألاه عليه السلام عن الصلاة في
الفرات وما هو أصغر منه من الأنهار في السفينة، فقال: إن صليت فحسن، وإن

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 223 س 29.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 467، ب 35 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 406.
(4) المبسوط: ج 1 ص 81.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 371.
(6) الوسيلة: ص 115.
(7) المهذب: ج 1 ص 118.
(8) الجامع للشرائع: ص 64.
(9) المقنع: ص 37.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 233، ب 13 من أبواب القبلة، ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 707، ب 14 من أبواب القيام، ح 11.
156

خرجت فحسن (1).
وما في قرب الإسناد للحميري من خبر علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن
الرجل، هل يصلح له أن يصلي في السفينة وهو يقدر على الجد؟ قال: نعم لا
بأس (2). وللأصل بحصول الامتثال باستيفاء الأفعال، والحركة بسير السفينة
عرضية لا تنافي الاستقرار الذاتي. هذا إن اشترطنا التمكن من استيفاء الأفعال في
صحة الصلاة فيها مع الاختيار، كما في الجامع (3)، وهو المختار.
ولكن ظاهر المبسوط (4) والنهاية (5) والوسيلة (6) والمهذب (7) ونهاية الإحكام
يعطي العدم (8)، وعبارة المبسوط كذا: وأما من كان في السفينة، فإن تمكن من
الخروج منها والصلاة على الأرض خرج فإنه أفضل، وإن لم يفعل أو لا يتمكن منه
جاز أن يصلي فيها الفرائض والنوافل، سواء كانت صغيرة أو كبيرة، وإذا صلى
فيها صلى قائما مستقبل القبلة، فإن لم يمكنه قائما صلى جالسا مستقبل القبلة،
فإن دارت السفينة دار معها كيف ما دارت واستقبل القبلة، فإن لم يمكنه استقبل
بأول تكبيرة القبلة ثم صلى كيف ما دارت، وقد روي أنه يصلي إلى صدر السفينة،
وذلك يختص النوافل، وإذا لم يجد فيها ما يسجد عليه سجد على خشبها، فإن
كان مقيرا غطاه بثوب ويسجد عليه، فإن لم يقدر عليه سجد على القير عند
الضرورة وأجزأه (9).
ونحوه الباقي مع إهمال الضرورة في السجود على القير، عدا الأخير، فليس
فيه حديث السجود، ولعله غير مراد لهم.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 233 و 235، ب 13 من أبواب القبلة، ح 5 و ح 11.
(2) قرب الإسناد: ص 98.
(3) الجامع للشرائع: ص 64.
(4) المبسوط: ج 1 ص 130.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 372.
(6) الوسيلة: ص 115.
(7) المهذب: ج 1 ص 118.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 406 - 407.
(9) المبسوط: ج 1 ص 130.
157

ولم يجز الشهيد الصلاة في السفينة السائرة اختيارا، لانتفاء الاستقرار ولزوم
الحركات الكثيرة الخارجة عن الصلاة (1). وبه حسن حماد بن عيسى أنه سمع
الصادق عليه السلام يسأل عن الصلاة في السفينة، فيقول: إن استطعتم أن تخرجوا إلى
الجدد فاخرجوا (2). ومضمرة علي بن أبي حمزة، عن علي بن إبراهيم، قال: لا
يصلي في السفينة وهو يقدر على الشط (3). قال الشهيد: وبما قلناه قال أبو الصلاح
وابن إدريس (4).
قلت: لم يصرحا بذلك، نعم إنما تعرضا للمضطر إلى الصلاة فيها، وكذا السيد
في الجمل (5).
وفي الدروس: وظاهر الأصحاب أن الصلاة في السفينة تقيد بالضرورة إلا أن
تكون مشدودة (6) انتهى. ولم يظهر لي ذلك إلا أن يستظهره من اشتراطهم
الاستقرار، ومنعهم من الفعل الكثير، وفيهما أن المصلي لا يفعل شيئا ولا يسيرا إلا
بالعرض.
(وتجوز النوافل سفرا) بإجماع أهل العلم كما في المنتهى (7)، طويلا كان
أم قصيرا، خلافا لمالك (8) حيث اشترط الطول (وحضرا) خلافا للحسن (9).
وفي الخلاف (10) الاجماع عليه.
(على الراحلة) اختيارا (وإن انحرفت الدابة) عن القبلة بعد الاستوبال

(1) ذكرى الشيعة: ص 168 س 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 235، ب 13 من أبواب القبلة، ح 14.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 234، ب 13 من أبواب القبلة، ح 8.
(4) ذكرى الشيعة: ص 168 س 12.
(5) رسائل الشريف المرتضى (جمل العلم والعمل المجموعة الثالثة): ص 47. في صلاة السفر
ج 3 ص 47.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 161 درس 35.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 221 س 16.
(8) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 451.
(9) مختلف الشيعة: ج 2 ص 73.
(10) الخلاف: ج 1 ص 299 المسألة 44.
158

بالتحريمة أو مطلقا، كما عرفت.
ثم إذا انحرفت، فهل عليه التوجه (1) إلى القبلة إذا أمكنه ولم يخل بشئ من
مقصده؟ ظاهر الاشتراط ذلك، وهل يجوز ماشيا غير مستقبل؟ أجازه الشيخ في
الخلاف (2) والمبسوط (3) سفرا بعد الاستقبال بالتحريمة، والمصنف في التذكرة
مطلقا (4)، وابن سعيد في الجامع سفرا وحضرا بعد الاستقبال بالتحريمة (5)، كما
مر، وسمعت النص عليه في السفر المتضمن للاستقبال في الركوع والسجود، ولم
أظفر بنص في الحضر.
(ولا فرق) في جوازها كذلك (بين راكب التعاسيف) وهو الهائم الذي
لا مقصد له، فيستقبل تارة ويستدبر أخرى (وغيره) لعموم الأدلة، خلافا
للشافعي (6).
(ولو اضطر في الفريضة) إلى الصلاة راكبا صلاها كذلك بالاجماع
والنصوص (7)، خلافا للعامة (8) إلا في شدة الخوف، فإن صلى (والدابة إلى
القبلة فحرفها) عنها (عمدا لا لحاجة بطلت صلاته) إلا أن لا ينحرف
نفسه.
(وإن كان لجماح الدابة لم تبطل وإن طال الانحراف، إذا لم يتمكن
من الاستقبال) بنفسه للضرورة، (و) عليه حينئذ أن (يستقبل بتكبيرة
الافتتاح وجوبا مع المكنة) اتفاقا منا، خلافا لأحمد في رواية (9). وكذا كل
جز أمكنه الاستقبال به لوجوبه في كل جز فلا يسقط عن جز لتعذره في آخر.
نعم، يسقط رأسا إن لم يتمكن رأسا، فإن لم يتمكن في التحريمة ثم تمكن
استقبل فيما يمكن، فذكر التحريمة هنا وفي غيره تمثيل، وكذا في قول أبي

(1) في ع (التوجيه).
(2) الخلاف: ج 1 ص 298 المسألة 43.
(3) المبسوط: ج 1 ص 79.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 5.
(5) الجامع للشرائع: ص 64.
(6) المجموع: ج 3 ص 234.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 236، ب 14 من أبواب القبلة.
(8) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 448.
(9) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 453.
159

جعفر عليه السلام لزرارة في الصحيح في صلاة المواقفة، غير أنه يستقبل القبلة بأول
تكبيرة حين يتوجه (1).
(وكذا لا تبطل) الصلاة لو حرفها عن القبلة (لو كان) ذلك، لأن
(مطلبه) المضطر إليه (يقتضي الاستدبار) وعليه الاستقبال بما أمكنه من
التحريمة أو غيرها، ويسقط مع التعذر رأسا (ويومئ بالركوع والسجود) إن
لم يتمكن من النزول لهما، ولا من السجود على نحو القربوس يمكن إدخاله في
الإيماء.
(ويجعل السجود أخفض) إن لم يتمكن إلا من الإيماء بتحريك الرأس
والعنق، فإن تمكن من الانحناء انحنى له إلى منتهى قدرته، فإن لم يتمكن إلا بقدر
الراكع أو دونه سوى بينهما، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور.
(والماشي كالراكب) في أنه أن لم يتمكن من الوقوف للصلاة صلى
الفريضة ماشيا، ويومئ للركوع والسجود إن تعذرا ويستقبل بالتحريمة أو بما أمكنه.
(ويسقط الاستقبال) رأسا (مع التعذر كالمطارد) الذي لا يمكنه
الاستقبال رأسا، وكل خائف من لص أو سبع، أو غريق أو موتحل كذلك.
(و) كذا يسقط الاستقبال في تذكية (الدابة الصائلة والمتردية) مع
التعذر، بالاجماع والنصوص (2) كما يأتي.
(المطلب الثالث)
في (المستقبل)
(و) إنما (يجب الاستقبال) لما ذكر (مع العلم بالجهة) التي يجب
التوجه إليها، أدت إلى عين الكعبة أو جهتها، أو تمكنه من العلم (فإن جهلها)

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 484، ب 3 من أبواب صلاة الخوف والمطاردة، ح 8.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 317، ب 10 من أبواب الذبائح.
160

وكان من النائين عن الكعبة الذين فرضهم التوجه إلى سمتها ولم يتمكن من العلم
بقول معصوم أو فعله.
(عول على ما وضعه الشرع أمارة) وهو ما اتفق عليه الأصحاب وإن
ضعف الخبر به، وهو الجدي، وهي أمارة لسمت من السمات، ولكنها تفيد
أمارات لسائر السمات بمعاونة الحس والقواعد الرياضية المستندة إلى الحس،
وسمعت تفصيلها.
(والقادر على العلم) الحسي أو الشرعي بالعين أو الجهة (لا يكفيه
الاجتهاد المفيد للظن) فإنه لا يغني من الحق شيئا، ومنه الصلاة إلى الحجر كما
في نهاية الإحكام، لأن كونه من الكعبة اجتهادي (1).
فإن توقف العلم على صعود سطح أو الخروج من بيت وجب، وكذا إن توقف
على صعود جبل كما في التذكرة (2) والدروس (3) وظاهر المبسوط (4).
وفي الذكرى: وهو بعيد، وإلا لم تجز الصلاة في الأبطح وشبهه من المنازل إلا
بعد مشاهدة الكعبة لأنه متمكن منه، ولعله أسهل من صعود الجبل. قال: من هو في
نواحي الحرم فلا يكلف الصعود إلى الجبال ليرى الكعبة، ولا الصلاة في المسجد
ليراها للحرج، بخلاف الصعود على السطح. قال: ولأن الغرض هنا - يعني إذا
افتقر إلى صعود السطح - المعاينة قبل حدوث الحائل، فلا يتغير بما طراء منه (5)،
يعني بخلاف ما إذا حال الجبل، أما إذا كان الحائل هو الحيطان وتوقفت المعاينة
على صعود الجبل، فهو كصعود السطح من هذه الجهة.
وجوز الشافعي الاجتهاد إذا كان الحائل أصليا كالجبل مع التمكن من
الصعود (6)، وله في الحادث قولان.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 396.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 20.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 158 درس 34.
(4) المبسوط: ج 1 ص 78.
(5) ذكرى الشيعة: ص 164 س 11 و 9.
(6) المجموع: ج 3 ص 212، فتح العزيز: ج 3 ص 228.
161

(والقادر على الاجتهاد) بالأمارات التي سمعتها أو غيرها (لا يكفيه
التقليد) أي الرجوع إلى اجتهاد غيره كما في نهاية الإحكام (1)، كما لا يجوز
في أصول الدين، ولا لمن يقدر على الاجتهاد في شئ من فروعه لوجوب
الاجتهاد عليه كوجوبه في أصول الدين وفروعه، كما في مضمر سماعة من
قوله: اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك (2).
فلا يجوز الاخلال به لوجود الدليل على الاجتهاد، لقوله تعالى: (والذين
جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) (3)، وإجماع العلماء كما في المعتبر (4) والمنتهى (5)
والتذكرة (6) والتحرير (7). وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: يجزي
التحري أبدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة (8). ولا دليل على التقليد كما هو نص
المبسوط (9).
وأما الرجوع إلى أخبار الغير عن مشاهدة الكعبة أو أمارة من أمارتها من
كوكب أو محراب أو قبر أو صلاة فهو من الاجتهاد، وكذا إذا اجتهد الغير
فاستخبره عن طريق اجتهاده، كان أيضا من الاجتهاد دون التقليد.
وهل له الاجتهاد إذا أمكنه الصلاة إلى أربع جهات؟ الظاهر إجماع المسلمين
على تقديمه وجوبا على الأربع قولا وفعلا، وإن فعل الأربع حينئذ كان بدعة،
فإن غير المشاهد للكعبة ومن بحكمه ليس إلا مجتهدا أو مقلدا، فلو تقدمت
الأربع على الاجتهاد لوجبت على عامة الناس، وهم غيرهما أبدا، ولا قائل به.
وأما خبر خراش عن بعض أصحابنا أنه قال للصادق عليه السلام: جعلت فداك، أن

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 396.
(2) وسئل الشيعة: ج 3 ص 223، ب 6 من أبواب القبلة، ح 2.
(3) العنكبوت: 69.
(4) المعتبر: ج 2 ص 70.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 220 س 11.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 22.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 28.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 223، ب 6 من أبواب القبلة، ح 1.
(9) المبسوط: ج 1 ص 79.
162

هؤلاء المخالفين علينا يقولون: إذا أطبقت السماء علينا أو اظلمت فلم نعرف
السماء، كنا وأنتم سواء في الاجتهاد، فقال: ليس كما يقولون، إذا كان ذلك
فليصل لأربع وجوه (1).
فلعل المراد بالاجتهاد فيه التحري لا المرجح بقرينة إطباق السماء، ولذا حمل
الشيخ قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: يجزي التحري أبدا إذا لم يعلم
أين وجه القبلة. ومضمري سماعة في الصلاة إذا لم تر الشمس ولا القمر ولا
النجوم، قال: اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك. على الضرورة التي لا يتمكن
معها من الأربع (2).
ويحتمل أن يكون الاجتهاد الجائز ما استند إلى رؤية الجدي أو المشرق
والمغرب أو العلم بها للنص عليها، فإذا فقد العلم بها تعين الصلاة أربعا مع
الامكان، ولم يجز الاجتهاد بوجه آخر. ولعله ظاهر قول الشيخين في
النهاية (3) والمقنعة (4) والمبسوط (5) والجمل (6) والاقتصاد (7) والمصباح بعد
ذكرهما الأمارات السماوية: إن من فقدها صلى أربعا (8)، ونحوهما ابن
سعيد (9).
وأظهر فيه قول ابن حمزة: إن فاقد الأمارات يصلي أربعا مع الاختيار، ومع
الضرورة يصلي إلى جهة تغلب على ظنه (10).
وأما السيد (11) والحلبيان (12) وسلار (13)
() المراسم: ص 61.
والقاضي (14) والفاضلان فأطلقوا أن

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 226، ب 8 من أبواب القبلة، ح 5.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 295 ح 1087 و 1088 و 089 وذيله.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 285 - 286.
(4) المقنعة: ص 6 9.
(5) المبسوط: ج 1 ص 78.
(6) الجمل والعقود: ص 62.
(7) الإقتصاد: ص 257.
(8) مصباح المتهجد: ص 24.
(9) الجامع للشرائع: ص 63.
(10) الوسيلة: ص 86.
(11) جمل العلم والعمل (الرسائل للشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 29.
(12) الكافي في الفقه: ص 139، الغنية (الجوامع الفقهية) ص 494 س 6.
(13) المراسم: ص 61.
(14) المهذب: ج 1 ص 85.
163

الأربع إذا لم يعلم القبلة ولا ظنت (1)، وكلام ابن إدريس يحتملهما (2).
واستظهر الشهيد العدم من الخلاف والتهذيب (3).
وإن ضاق الوقت عن الاجتهاد كان كفاقد الأمارات، ويأتي حكمه. فإن لم يجد
من يقلده صلى أربعا إن اتسع الوقت، وإلا فما وسعه. وإن وجد (4) من يقلده
فالاحتياط الجمع بين التقليد والأربع أو ما يسعه الوقت.
(ولو تعارض الاجتهاد وإخبار العارف) العدل لا اجتهاده (رجع إلى
الاجتهاد) لاستناده إلى حس نفسه، وهو أقوى عنده من حس غيره، وكذا
إن استند اجتهاده إلى برهان رياضي لانتهائه إلى المحسوس.
وفي الشرائع: يقوى عندي أنه إن كان ذلك الخبر أوثق في نفسه عول (5)
عليه (6).
قلت: والأمر كذلك، وذلك بأن يخبر عن محراب معصوم، أو عن صلاته، أو
عن محسوس سماوي من نجم أو غيره، يكون أقوى دلالة من دلالة ما استدل
نفسه به. فإن التعويل عليه حينئذ يكون اجتهادا رافعا لاجتهاده الأول. أما إذا
أخبر عن صلاة عامة العلماء أو أخبر عن اجتهاد نفسه أو غيره وكان أعلم
بطرق الاجتهاد والبراهين ففيه نظر.
(والأعمى) الذي لا طريق له إلى العلم من تواتر ونحوه، ولا إلى اجتهاد
مستنبط من العلم، وله أن (يقلد المسلم) العدل (العارف بأدلة القبلة)
كما في المعتبر (7) والجامع (8) والشرائع (9) والأحمدي (10) لانحصار طريقه
فيه، وأخبار

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 66، إرشاد الأذهان: ج 1 ص 245.
(2) السرائر: ج 1 ص 205.
(3) ذكرى الشيعة: ص 164 س 12.
(4) في ع و ب (وجده).
(5) في ب (محمول).
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 66.
(7) المعتبر: ج 2 ص 71.
(8) الجامع للشرائع: ص 64.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 66.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 66.
164

الاتمام به، إذا (1) وجه إلى القبلة، وأصل البراءة من الصلاة
أربعا، ولزوم الحرج لو وجبت عليه.
وهل يتعين عليه أو يتخير بينه وبين الصلاة أربعا؟ وجهان، وكلام أبني
الجنيد (2) وسعيد (3) يعطي التعين، وكذا الدروس (4)، وهو ظاهر الكتاب
والشرائع (5) والارشاد (6) والتحرير (7) والتلخيص (8)، وهو الأظهر لكثرة أخبار
التشديد، وضعف مستند الأربع.
وفي المبسوط (9) والمهذب (10) والإصباح الرجوع إلى قول الغير (11)، وهو أعم
من التقليد، ولعله المراد منه.
وفي الخلاف: إنه أعم، ومن لا يعرف أمارات القبلة يجب عليهما الصلاة أربعا
مع الاختيار، وعند الضرورة يصليان إلى أي جهة شاء، ونسب الرجوع إلى
الغير إلى الشافعي، ثم قال: وأما إذا كان الحال حال ضرورة، جاز لهما أن
يرجعا إلى غيرهما، لأنهما يخيران في ذلك وفي غيرها من الجهات، وإن
خالفاه كان لهما ذلك، لأنه لم يدل دليل على وجوب القبول من الغير (12).
قلت: دليله عدم جواز ترجيح المرجوح عقلا وشرعا.
وهذه الأخبار في الأعمى، ومفهوم قوله تعالى: (إن جاءكم فاسق بنبأ

(1) في ب و ط (إذ لا).
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 66.
(3) الجامع للشرائع: ص 64.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 159، درس 35.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 66.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 245.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 28 - 29 السطر الأخير.
(8) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 558.
(9) المبسوط: ج 1 ص 79.
(10) المهذب: ج 1 ص 88.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 611 س 9.
(12) الخلاف: ج 1 ص 302 المسألة 49.
165

فتبينوا) (1) ويشترط عدالة المخبر كما في الأحمدي (2) والمبسوط (3)
والمهذب (4) والإصباح (5) والتذكرة (6) ونهاية الإحكام (7) والذكرى (8)
والدروس (9) والبيان (10)، رجلا كان أو امرأة، حرا أو عبدا كما في المبسوط (11)
وكتب الشهيد (12) ونهاية الإحكام (13).
قال الشهيد: لأن المعتبر بالمعرفة والعدالة، وليس من الشهادة في شئ، فإن:
تعذر العدل فالمستور، فإن تعذر ففي جواز الركون إلى الفاسق مع ظن صدقه
تردد، من قوله تعالى: (فتبينوا)، ومن أصالة صحة أخبار المسلم (14).
قلت: وأطلق المصنف في النهاية (15) والتذكرة (16) النهي عن تقليده والكافر
كالمبسوط (17) والمهذب (18) والجامع (19)، قال في التذكرة: ولا يقبل قول
الكافر في شئ إلا في الإذن في دخول الدار وفي قبول الهدية (20).
وقال الشهيد: أما لو لم يجد سوى الكافر، ففيه وجهان مرتبان، يعني على
الوجهين في الفاسق. قال: وأولى بالمنع، لأن قبول قوله: ركون إليه، وهو منهي
عنه، قال: ويقوى فيهما بعينه، والفاسق الجواز، إذ رجحان الظن يقوم مقام العلم

(1) الحجرات: 6.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 66.
(3) المبسوط: ج 1 ص 79.
(4) المهذب: ج 1 ص 87.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 611.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 34.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 397.
(8) ذكرى الشيعة: ص 164 س 31.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 159 درس 35.
(10) البيان: ص 54.
(11) المبسوط: ج 1 ص 80.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 159 درس 35، اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 517 ذكرى
الشيعة: ص 164 س 31 - 32.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 397.
(14) ذكرى الشيعة: ص 164 س 32.
(15) نهاية الإحكام: ج 1 ص 397.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 202 س 36.
(17) المبسوط: ج 1 ص 80.
(18) المهذب: ج 1 ص 87.
(19) الجامع للشرائع: ص 64.
(20) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 36.
166

في العبادات (1).
قلت: نعم في ظن اعتبر طريقه شرعا أو انحصر الطريق فيه ولم يمكن أقوى
منه، فالاحتياط تقليدهما إذا لم يتمكن الصلاة أربعا، وإلا فالجمع بينهما.
وأجيز له في المبسوط تقليد الصبي (2) مع اشتراطه العدالة، وهو خيرة
المعتبر (3). والمختار العدم كما في نهاية الإحكام (4). والمختلف فظاهره نفي
تقليد المرأة أيضا، قال فيه: لنا أن الضابط في قبول خبر الواحد العدالة، فلا
يثبت القبول مع عدمها، ولأن مطلق الظن لا يجوز الرجوع إليه، أما أولا:
فلعدم انضباطه، وأما ثانيا: فلحصوله بالكافر، فلا بد من ضابط وليس إلا خبر
العدل، لأنه أصل ثبت في الشرع اعتباره في خبر الواحد (5).
والتقليد - كما عرفت - الرجوع إلى قول المخبر عن اجتهاد، فإن أخبر عن علم
كان أولى بالرجوع إليه كما في الذكرى (6).
ولو تعدد المخبر، رجع إلى الأعلم الأعدل كما في المنتهى (7) والتذكرة (8)
ونهاية الإحكام (9) والذكرى (10). وفي الدروس: إلى الأعلم (11)، وفي البيان: إلى
الأعلم فالأعدل (12). فلو رجع إلى المفضول بطلت صلاته، كما في المنتهى (13)
خلافا للشافعي (14).
وفيه أيضا أنه لا عبرة بظن المقلد هنا، فإن ظن إصابة المفضول لم يمنعه من

(1) ذكرى الشيعة: ص 164 س 33.
(2) المبسوط: ج 1 ص 80.
(3) المعتبر: ج 2 ص 71.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 397.
(5) مختلف الشيعة: ج 2 ص 72.
(6) ذكرى الشيعة: ص 164 س 35.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 221 س 8.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 103 س 7.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 398.
(10) ذكرى الشيعة: ص 164 س 36.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 159 درس 35.
(12) البيان: ص 54.
(13) منتهى المطلب: ص 221 س 8.
(14) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 473 - 474.
167

تقليد الأفضل، وإن تساويا قلد من شاء منهما كما في المنتهى (1) ونهاية
الإحكام، وفي الأخير (2): احتمال وجوب الأربع واثنتين (3).
(ولو فقد البصير العلم والظن) بنفسه، لكونه عاميا لا يعرف أمارات
القبلة، وإن عرف (قلد كالأعمى) لأن فقد البصيرة أشد من فقد البصر، مع
أصل البراءة من الأربع، ولزوم الحرج لو وجبت، أو وجب التعلم، كما يقلد
في جميع الأحكام. أما من لا يعرف لكنه إذا عرف فعليه التعلم كما في
التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5) والذكرى (6) والدروس (7) والبيان (8) لتمكنه من
العلم فلا يغنيه الظن بخلافه في سائر الأحكام، لما في تعلمها من المشقة وطول
الزمان، بخلاف أدلة القبلة.
قال الشهيد: سواء كان يريد السفر أو لا، لأن الحاجة قد تعرض بمجرد مفارقة
الوطن (9).
قلت: لا يقال إنما يسهل تعرف الجدي مثلا، وإن من وقف بحيث حاذى منكبه
الأيمن كان مستقبلا، ومعرفة مجرد ذلك تقليد. وأما دليل كونه مستقبلا إذا
حاذى منكبه الأيمن فهو إما الاجماع، أو الخبر، أو البرهان الرياضي. فهو
كسائر أدلة سائر الأحكام، مع أن النص إنما ورد بالجدي (10) على وجهين. وما
بين المشرق والمغرب قبلة كما مر، وهو مع ضعف الطريق مخصوص ببعض
الآفاق، ولا إجماع (11) على سائر العلامات، وإنما استنبطت بالبراهين
الرياضية.

(1) منتهى المطلب: ص 221 س 10.
(2) في ب (الآخر).
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 398.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 24.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 397.
(6) ذكرى الشيعة: ص 165 س 2.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 159 درس 35.
(8) البيان: ص 54.
(9) ذكرى الشيعة: ص 165 س 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 222، ب 5 من أبواب القبلة.
(11) في ط (والاجماع).
168

لأنا نقول: يكفي في الدليل مشاهدة المسلمين في بلدة متفقين على الصلاة إلى
جهة، إذ يكفي العامي حينئذ أن يريه بعلمه الجدي أو سائر العلامات، بحيث
يحصل له العلم. نعم، لا يكفيه إذا سافر إلى ما يقابل جهة قبلته وتلك الجهة، أو
ينحرف عنها، فإن تيسر له معرفة الانحراف أو المقابلة بجهة مسيره وما
يشاهده من الأمارات السماوية سهل عليه التعلم، وإلا كان من قبيل الأول.
قال الشهيد: ويحتمل كون ذلك من فروض الكفاية كالعلم بالأحكام الشرعية.
يعني كما أن معرفتها واجبة ولا يكفي التقليد وإنما يجب الاجتهاد فيها كفاية
إجماعا، لانتفاء الحرج والعسر في الدين.
قال: ولندور الاحتياج إلى مراعاة العلامات، فلا يكلف آحاد الناس بها.
يعني ما أسمعتكه من الاكتفاء بصلاة المسلمين إلى جهة، وبناء قبورهم
ومحاريبهم.
قال: ولأنه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام بعده إلزام آحاد الناس
بذلك.
قال: فإن قلنا بأنه من فروض الكفاية، فللعامي أن يقلد كالمكفوف، ولا
قضاء عليه، وإن قلنا بالأول وجب تعلم الأدلة ما دام الوقت، فإذا ضاق الوقت
ولم يستوف المحتاج إليه صلى إلى أربع أو قلد على الخلاف ولا قضاء.
قلت: فرط في التأخير أولا للأصل، إلا أن يظهر، أو (1) قلد الاستدبار أو
نحوه، ولا يأتي القضاء عليه مع الإصابة على ما يأتي من بطلان صلاة الأعمى
إذا صلى برأيه لا لأمارة وإن أصاب، لأنه خالف الواجب عليه عند الصلاة،
وهذا إنما يجب عليه التقليد عندها.
قال: ويحتمل قويا وجوب تعلم الأمارات عند عروض حاجته إليها عينا
بخلاف ما قبله، لأن توقع ذلك وإن كان حاصلا، لكنه نادر.

(1) في ع و ب (إذ).
169

قال: وعلى كل حال فصلاة غير المتعلم عند عدم الحاجة صحيحة. ولو قلنا
بالوجوب العيني، لأنه موسع على الاحتمال القوي إلى عروض الحاجة،
ويكفي في الحاجة إرادة السفر عن بلده ولو كان بقربه مما يخفى عليه فيه جهة
القبلة أو التيامن أو التياسر. ولو قلنا بأنه واجب مضيق عينا لم يقدح تركه في
صحة الصلاة، لأنه إخلال بواجب لم يثبت مشروطية الصلاة به (1).
قلت: لحصول العلم له بالقبلة بصلاة المسلمين ومساجدهم وقبورهم.
وفي الخلاف: إن الأعمى ومن لا يعرف أمارات القبلة، يجب عليهما أن يصليا
أربعا مع الاختيار (2). ولا يجوز لهما التقليد، إذ لا دليل عليه إلا عند الضرورة
لضيق الوقت عن الأربع، فيجوز لهما الرجوع إلى الغير، ويجوز لهما مخالفته
أيضا، إذ لا دليل على وجوب القبول عليهما.
ولعله يعني إذا لم يكن لهما طريق إلى العلم بصلاة المسلمين ومساجدهم، وإلا
فتكليفهما أبدا بالأربع مما لا قائل به، وكذا الأعمى إذا أمكنه الاجتهاد،
لحصول علمه بالأمارات بأخبار متواترة أو غيره، وفي جواز المخالفة ما عرفت.
وفي المبسوط: إن من لا يحسن أمارات القبلة، إذا أخبره عدل مسلم بكون
القبلة في جهة بعينها، جاز له الرجوع إليه (3). ونحوه في المهذب (4).
ففهم الفاضلان اختلاف قول الشيخ في الكتابين، حتى أنهما نصا في المعتبر (5)
والتذكرة على تجويزه التقليد في المبسوط (6)، واختاراه في كتبهما. لكن في
التذكرة (7) والنهاية: لمن لا يعرف، وإن عرف (8).
واحتجا له في المعتبر (9) والمنتهى بأن قول العدل (10) إحدى الأمارات المفيدة

(1) ذكرى الشيعة: ص 165.
(2) الخلاف: ج 1 ص 302 المسألة 49.
(3) المبسوط: ج 1 ص 79.
(4) المهذب: ج 1 ص 86.
(5) المعتبر: ج 2 ص 71.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 34.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 34.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 397.
(9) المعتبر: ج 2 ص 71.
(10) في ب (العدول).
170

للظن، فيجب العمل به مع فقد أقوى ومعارض. قال المصنف: لا يقال: إن له
عند التقليد مندوحة، فلا يجوز له فعله، لأن الوقت إن كان واسعا صلى إلى
أربع، وإن كان ضيقا تخير في الجهات. لأنا نقول: القول بالتخير مع حصول
الظن باطل، لأنه ترك للراجح وعمل بالمرجوح، وأنت تعلم اختصاص هذا
الدليل بمن لا يعرف إذا عرف (1).
وقال في المختلف: إن العمل به مع الضيق يوجبه في السعة، لأنه لكونه حجة،
وحجية الحجة لا تختلف. وفيه: إن الظن حجة إذا ضاق الوقت عن تحصيل
العلم لا في السعة.
وزاد فيه: في الدليل مفهوم: (إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا) وهو يعطي كون
المراد الرجوع إلى خبر العدل لا تقليده، وحينئذ لا اختلاف بين المبسوط
والخلاف للتصريح فيه بالتقليد (2).
وأما العارف الذي فقد الأمارات أو تعارضت عنده، فهل يقلد أو يصلي أربعا؟
قال الشيخ في المبسوط: متى فقد أمارات القبلة أو يكون ممن لا يحسن ذلك
وأخبره عدل مسلم بكون القبلة في جهة بعينها، جاز له الرجوع إليه. ثم قال
فيه: متى كان الانسان عالما بدليل القبلة غير أنه اشتبه عليه الأمر لم يجز له أن
يقلد غيره في الرجوع إلى إحدى الجهات، لأنه لا دليل عليه، بل يصلي إلى
أربع جهات مع الاختيار، ومع الضرورة يصلي إلى أي جهة شاء، وإن قلده في
حال الضرورة جازت صلاته، لأن الجهة التي قلده فيها هو مخير في الصلاة
إليها وإلى غيرها (3). ونحو هذه العبارة في المهذب (4) والجامع (5).

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 220 س 13.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 66.
(3) المبسوط: ج 1 ص 79 و 80.
(4) المهذب: ج 1 ص 87.
(5) الجامع للشرائع: ص 64.
171

وفهم المصنف في المختلف من العبارتين اختلاف المكلفين في التقليد
وعدمه، واختار تساويهما في جوازه. واستدل بأنه مع الاشتباه كالعامي، إذ لا
طريق على الاجتهاد، فيتعين إما التقليد أو الصلاة أربعا، والرجوع إلى العدل
أولى، لأنه يفيد الظن، والعمل بالظن واجب في الشرعيات (1).
والأقوى عندي وجوب الأربع عليهما كما في الذكرى (2)، وكما قال هنا.
(مع احتمال تعدد الصلاة) أي وجوبه على المبصر الفاقد للعلم والظن، أو
عليه وعلى الأعمى الذي كذلك، لأن العمل بالظن إنما يجوز إذا لم يكن العلم
أو أقوى منه.
وإذا صلى أحد هذين المكلفين أربعا، مقلد في إحداهما العدل تيقن براءة
ذمته، وعلم صلاته إلى القبلة أو ما لا يبلغ يمينها أو يسارها، خصوصا
والصلاة إلى الأربع مما قطع به الأصحاب وورد به النص (3)، ولا دليل هنا على
التقليد.
نعم، عليه الاحتياط في جعل إحدى الأربع إلى الجهة التي يخبر بها العدل أو
غيره وإن كان صبيا أو كافرا صدوقا. وإن ضاق الوقت إلا عن واحدة لم يصل
إلا إلى تلك الجهة، احترازا عن ترجيح المرجوح.
وما في الذكرى في نفي التقليد من أن القدرة على أصل الاجتهاد حاصلة،
والعارض سريع الزوال (4)، إنما يفيد التأخير إلى زوال العارض.
وأما إن أخبر أحد هذين المكلفين عدل بمشاهدته وأمارة القبلة من نجم أو
محراب أو صلاة، فالعمل على وفقه اجتهاد لا تقليد. وهل يجوز أم لا بد من
عدلين فصاعدا؟ وجهان مبنيان على أنه خبر أو شهادة، لم أر من اشترط
التعدد فهو خبر، أي يكتفي فيه بما يكتفي به في الأحكام الشرعية الكلية، وإلا
فكل خبر

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 71.
(2) ذكرى الشيعة: ص 164 س 26.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 225، ب 8 من أبواب القبلة.
(4) ذكرى الشيعة: ص 164 س 26.
172

شهادة، ولكن خص ما فيه زيادة تحقيق وتدقيق للنظر باسم
الشهادة، فلما كان الله لطيفا بعباده، حكم في حقوقهم بشاهدين فصاعدا،
واكتفى في حقوقه وأحكامه بالرواية، وهذا منه.
(ويعول على قبلة البلد) بلد الاسلام (مع انتفاء علم الغلط) كما في
الشرائع (1)، أو ظنه كما في المبسوط (2) والمهذب (3)، إجماعا كما في
التذكرة (4)، لأن استمرار عملهم من أقوى الأمارات المفيدة للعلم غالبا. ومنها
المحاريب المنصوبة في جوارهم التي يغلب مرورهم عليها، أو في قرية
صغيرة نشأت فيها قرون منهم.
قال الشهيد: ولا يجوز الاجتهاد في الجهة قطعا (5).
قلت: أي العمل على وفقه، لأنه عمل بالظن في مقابلة العلم، وهو غير ظن الغلط الذي حكيناه عن المبسوط (6) والمهذب (7) ولا مستلزم له، فإن استلزمه
انقلب (8) العلم وهما.
قال: وهل يجوز في التيامن والتياسر؟ الأقرب جوازه، لأن الخطأ في الجهة مع
استمرار الخلق واتفاقهم ممتنع. أما الخطأ في التيامن والتياسر فغير بعيد، وعن
عبد الله بن المبارك أنه أمر أهل مرو بالتياسر بعد رجوعه من الحج. يعني ولم
ينكر عليه أحد ولم يستبعد، واستمرارهم في القرون الخالية على التيامن عن
القبلة.
قال: ووجه المنع، إن احتمال إصابة الخلق الكثير أقرب من احتمال إصابة
الواحد، وقد وقع في زماننا اجتهاد بعض علماء الهيئة في قبلة مسجد دمشق،
وأن فيها تياسرا عن القبلة مع انطواء الأعصار الماضية على عدم ذلك. وجاز ترك

(1) شرائع الاسلام: ج 2 ص 66.
(2) المبسوط: ج 1 ص 79.
(3) المهذب: ج 1 ص 86.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 37.
(5) ذكرى الشيعة: ص 163 س 36.
(6) المبسوط: ج 1 ص 79.
(7) المهذب: ج 1 ص 86.
(8) في ب (من الغلط).
173

الخلق الكثير الاجتهاد في ذلك، لأنه غير واجب عليهم، فلا يدل مجرد
صلاتهم على تحريم اجتهاد غيرهم، وإنما يعارض اجتهاد العارف أن لو ثبت
وجوب الاجتهاد على الكثير أو ثبت وقوعه، وكلاهما في حيز المنع، بل لا
يجب الاجتهاد قطعا (1).
قلت: المنع خيرة نهاية الإحكام. قال: ولو اجتهد فأداه اجتهاده إلى خلافها -
يعني خلاف المحاريب المنصوبة في بلاد المسلمين، وفي الطريق التي هي
جادتهم - فإن كانت بنيت على القطع لم يجز العدول إلى الاجتهاد وإلا جاز (2).
قلت: لعل استمرار صلاة المسلمين إليها من غير معارض دليل البناء على
القطع، ولا عبرة بالعلائم في قرية خربة لا يعلم أنها قرية المسلمين أو غيرهم،
أو في طريق يندر مرور المسلمين بها.
(ولو فقد المقلد) إذ يجوز التقليد إن وجد (فإن اتسع الوقت صلى كل
صلاة أربع مرات إلى أربع جهات) وفاقا للمعظم، لما سمعته من مرسل
خراش (3) والاحتياط، وفي الغنية الاجماع عليه (4).
وهل يشترط تقابل الجهات؟ وجهان، من إطلاق النص والفتاوى وأصل
البراءة، ومن الاحتياط والتبادر، وهو خيرة المقنعة (5) والسرائر (6) وجمل
العلم والعمل (7).
نعم يشترط - كما في البيان (8) - أن لا يعد ما إليه جهتان أو أزيد قبلة واحدة

(1) ذكرى الشيعة: ص 163 س 36.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 393.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 226، ب 8 من أبواب القبلة، ح 5.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 6.
(5) المقنعة: ص 96.
(6) السرائر: ج 1 ص 205.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 29.
(8) البيان: ص 55.
174

لقلة الانحراف، وإلا لم [يعد التعدد] (1)، خلافا للحسن (2) وظاهر الصدوق (3)
فاجتزءا بصلاة واحدة، ولم يستبعده في المختلف (4).
وجنح إليه الشهيد في الذكرى لضعف الخبر (5)، وأصل البراءة ومرسل ابن أبي
عمير عن زرارة أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن قبلة المتحير، فقال: يصلي حيث
يشاء (6). وقوله عليه السلام في صحيح زرارة وابن مسلم: يجزي المتحير أبدا أينما
توجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة (7).
ولعلي بن طاووس في الأمان من الأخطار: فاجتزأ بالقرعة لكونها لكل أمر
مشكل (8).
قلت: والجمع بينهما وبين الصلاة أربعا نهاية في الاحتياط.
(فإن ضاق الوقت) عن الأربع (صلى المحتمل) ثلاثا أو اثنتين أو
واحدة واكتفى به، وإن كان الضيق لتأخره عمدا اختيارا، راجيا لحصول علمه
أو ظنه بالقبلة أو لا، وإن أثم به مطلقا أو في الأخير كما يعطيه إطلاقه كغيره
للأصل، فإن الواجب أصالة إنما هي صلاة واحدة وقد أتى بها، وإنما وجبت
الباقيات من باب المقدمة، فهو كما إذا سافر إلى الميقات لقطع الطريق مثلا، ثم
حج منه فأتي بما عليه، وإذا صلى ثلاثا احتاط بفعلها بحيث لا يصل الانحراف
عن القبلة إلى اليمين أو اليسار.
واحتمل في النهاية وجوب الأربع إن أخر اختيارا مطلقا (9)، أو مع ظهور
الخطأ، بناء على أن الواجب عليه الأربع، فعليه قضاء كل ما فاتته منها، إذ أن

(1) في ع (يفد التعدد و)
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 67.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 67.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص 67 - 68.
(5) ذكرى الشيعة: ص 66 1 س 27.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 226، ب 8 من أبواب القبلة، ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 226، ب 8 من أبواب القبلة، ح 2.
(8) الأمان من أخطار الأسفار والأزمان: ص 94.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 397.
175

ظهور الخطأ كاشف عن وجوب غيرها أصالة. واحتمل أيضا جواز التأخير
اختيارا، للأصل مع تقريبه المنع، وهو الوجه، رجاء زوال العذر أولا، وعلى
الجواز فالاكتفاء متعين.
(ويتخير في) كل من (الساقطة والمأتي بها) يأتي بأي جهة يريد، ويسقط
أيا يريد، إلا أن يترجح عنده بعض الجهات فيتعين الاتيان بها، أو يصلي ثلاثا
ويكتفي بها فعليه الاتيان بها على وجه لا يبلغ الانحراف يمينا أو شمالا، كما
ذكرنا.
وإن لم يبق للظهرين إلا مقدار أربع، فهل يختص بها العصر أو يصلي الظهر
ثلاثا؟ وجهان. وكذا إن بقي مقدار سبع أو أقل، فهل يصلي الظهر أربعا أو ثلاثا مثلا؟
(فروع) خمسة:
(أ: لو رجع الأعمى إلى رأيه مع وجود المبصر لأمارة حصلت له)
يصح التعويل عليها شرعا (صحت صلاته) إن كانت أقوى من أخباره أو
ساوته ولم تتقو به (1)، إلا أن يظهر الانحراف، فيأتي حكمه، (وإلا) يكن ذلك
الأمارة (أعاد) كما في الشرائع (2).
(وإن أصاب) كما في الجامع (3)، لأنه لم يأت بها على ما أمر به، خلافا
للخلاف (4) والمبسوط (5) مع الإصابة، بناء على أصل البراءة وتحقق الصلاة نحو
القبلة. واستشكل في المعتبر (6) والمنتهى (7) والتحرير (8).

(1) في ب و ط (تقويه).
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 67.
(3) الجامع للشرائع: ص 63.
(4) الخلاف: ج 1 ص 303 المسألة 50.
(5) المبسوط: ج 1 ص 80.
(6) المعتبر: ج 2 ص 71.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 220 س 26.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 29 س 2.
176

(ب: لو صلى بالظن) المعول عليه شرعا، والمراد به غير العلم وإن لم
يحتمل الخلاف (أو) صلى متحيرا دون الأربع (بضيق الوقت) عنها ولم
نوجب عليه التتميم (ثم تبين الخطأ) في الاستقبال (أجزاء إن كان
الانحراف يسيرا) كما في الشرائع (1)، أي لم يبلغ المشرق أو المغرب كما في
سائر كتبه (2) والنافع (3) وشرحه (4) والنكت (5)، لقول أبي جعفر عليه السلام لزرارة في
الصحيح: ما بين المشرق والمغرب قبلة فله (6).
وصحيح ابن عمار سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقوم في الصلاة، ثم ينظر
بعد ما فرغ، فيرى أنه قد انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا، فقال له: قد مضت
صلاته، وما بين المشرق والمغرب قبلة (7).
وخبر عمار عنه عليه السلام في رجل صلى على غير القبلة، فيعلم وهو في الصلاة
قبل أن يفرغ من صلاته، قال: إن كان متوجها فيما بين المشرق والمغرب فليحول
وجهه إلى القبلة ساعة يعلم، وإن كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة ثم
يحول وجهه إلى القبلة ثم يفتتح الصلاة (8).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر الحسن بن ظريف، المروي في قرب الإسناد للحميري: من صلى على غير القبلة، وهو يرى أنه على القبلة، ثم عرف
بعد ذلك، فلا إعادة عليه إذا كان فيما بين المشرق والمغرب (9).

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 67 - 68.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 223 س 34، نهاية الإحكام: ج 1 ص 399، إرشاد الأذهان: ج 1
ص 245، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 103 س 16، تحرير الأحكام: ج 1 ص 29 س 3.
(3) المختصر النافع: ص 24.
(4) المعتبر: ج 2 ص 74.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 315.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 227، ب 9 من أبواب القبلة، ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 228، ب 10 من أبواب القبلة، ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 229، ب 10 من أبواب القبلة، ح 4.
(9) قرب الإسناد: ص 54.
177

وفي خبر موسى بن إسماعيل بن موسى الذي رواه الراوندي في نوادره: من
صلى على غير القبلة فكان إلى غير المشرق والمغرب فلا يعيد الصلاة (1).
وفي المعتبر (2) والمنتهى: إنه قول أهل العلم (3)، ولعلهما يحملان إطلاق
الأصحاب الآتي على التقليد (4)، وإلا فلم أظفر بهذا القول صريحا لغيرهما.
ومن المعلوم اختصاصه بمن ليس قبلته المشرق أو المغرب، لكنك قد عرفت
أنه ليس في البلاد ما قبلته عين المشرق أو المغرب، فهو صحيح على عمومه.
نعم، يشترط أن لا يكون دبر القبلة، والمشهور الإعادة في الوقت، للأخبار
المطلقة وهي مستفيضة (5)، حملها الفاضلان على الانحراف الكثير جمعا (6). وفي
الخلاف الاجماع (7).
وفي السرائر: إنه لا خلاف فيها (8). وعن بعض الأصحاب الإعادة مطلقا (9).
واحتاط بها القاضي في شرح جمل العلم والعمل، لانتفاء المشروط بانتفاء
شرطه (10)، وهو معارض بالأخبار، ولخبر معمر بن يحيى سأل الصادق عليه السلام عن
رجل صلى على غير القبلة ثم تبينت القبلة وقد دخل وقت صلاة أخرى، قال:
يعيدها قبل أن يصلي هذه التي قد دخل وقتها (11). وهو بعد تسليم سنده محمول
على الاستدبار، أو دخول الوقت المشترك، أو الصلاة من غير اجتهاد مع سعة

(1) لم نعثر عليه ونقله عنه في بحار الأنوار: ج 84 ص 69 ح 26.
(2) المعتبر: ج 2 ص 72.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 223 السطر الأخير.
(4) في ع و ط (التقييد).
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 229، ب 11 من أبواب القبلة.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 68، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 103 س 16.
(7) الخلاف: ج 1 ص 304 المسألة 51.
(8) السرائر: ج 1 ص 205.
(9) المبسوط: ج 1 ص 80، المقنعة: ص 97، مختلف الشيعة: ج 2 ص 73، المراسم: ص 61،
الكافي في الفقه: ص 138 - 139.
(10) شرح جمل العلم والعمل: ص 78.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 228، ب 9 من أبواب القبلة، ح 5.
178

الوقت، للأخبار.
(وإلا) يكن الانحراف يسيرا، بل كان إلى المشرق أو المغرب (أعاد)
الصلاة (في الوقت) خاصة إن لم ينته إلى الاستدبار، للأخبار، وقوله تعالى:
(ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب) (1)، والاجماع على الإعادة
في الوقت كما هو الظاهر.
وأما في خارجه، ففيه ما سمعته من الخلاف (2). وفي التذكرة (3) ونهاية
الأحكام (4) أيضا احتمال الإعادة مطلقا.
وفي الذكرى: إن ظاهر كلام الأصحاب أن الانحراف الكثير ما كان إلى سمت
اليمين أو اليسار أو الاستدبار، لرواية عمار (5)، وذكر خبره الذي أسمعناكه، وهو
مبني على كون المشرق والمغرب يمين القبلة ويسارها، وإنما يتم بالمعنى الذي
أراده، وهو اليمين أو اليسار المقاطع بجهة القبلة على قوائم في بعض البلاد،
والأخبار مطلقة، وبلد الخبر والراوي فيها أيضا منحرف عن نقطة الجنوب إلى
المغرب، ولم أر ممن قبل الفاضلين اعتبار المشرق والمغرب، وليس في كلامهما
ما يدل على مرادفتهما لليمين واليسار.
وملاحظة الآية (6) والأخبار (7) يرفع استبعاد أن يكون الانحراف إليهما كثيرا
وإن لم يبلغا اليمين أو اليسار، والانحراف إليهما يسيرا وإن
تجاوز المشرق والمغرب.
وأما اليمين واليسار فهما مذكوران في الناصريات (8) والاقتصاد (9)

(1) البقرة: 177.
(2) الخلاف: ج 1 ص 303 المسألة 51.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 103 س 18.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 399.
(5) ذكرى الشيعة: ص 166 س 13.
(6) البقرة: 177.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 228، ب 10 من أبواب القبلة.
(8) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 80.
(9) الإقتصاد: ص 265.
179

والخلاف (1) والجمل والعقود (2) والمصباح (3) ومختصره (4) والوسيلة (5)، ولكن
لا يتعينان للجهتين المتقاطعتين للقبلة على قوائم، وإنما يظهر مباينتهما للاستدبار
وهي أعم.
ولكن الاستدبار يحتمل البالغ إلى مسامت القبلة، والأعم إلى اليمين أو
اليسار. فإن أرادوا الأول شمل اليمين واليسار في كلامهم كل انحراف إلى
الاستدبار الحقيقي المسامت، وإن أرادوا الثاني شملا كل انحراف إلى اليمين
واليسار المتقاطعتين على قوائم لا ما فوقهما، وذلك لأنهم لم يفصلوا الانحراف
إلا بالاستدبار واليمين أو اليسار.
(ولو بان الاستدبار أعاد مطلقا) في الوقت وخارجه، وفاقا
للشيخين (6) والحلبيين (7) وسلا (8) والقاضي (9)، لخبر معمر بن يحيى المتقدم
آنفا (10)، ولقول الشيخ في النهاية: وقد رويت رواية أنه إذا كان صلى إلى استدبار
القبلة ثم علم بعد خروج الوقت، وجب عليه إعادة الصلاة (11). ونحو ما من
الناصريات (12) وجمل العلم والعمل (13). ولكنه استدل عليه في الخلاف (14) وكتابي

(1) الخلاف: ج 1 ص 303 المسألة 51.
(2) الجمل والعقود: ص 76.
(3) مصباح المتهجد: ص 25.
(4) لا يوجد لدينا.
(5) الوسيلة: ص 99.
(6) المقنعة: ص 97، المبسوط: ج 1 ص 80.
(7) الكافي في الفقه: ص 139، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 5.
(8) المراسم: ص 61.
(9) المهذب: ج 1 ص 87.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 228، ب 9 من أبواب القبلة، ح 5.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 286.
(12) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 80.
(13) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ج 3 ص 29.
(14) الخلاف: ج 1 ص 303 المسألة 51.
180

الأخبار (1) بما مر من خبر عمار (2)، فإن أشير إليه بهذه الرواية كما يظهر من
النكت (3).
ورد عليه ما فيه وفي المعتبر من ضعف السند والدلالة (4)، ولقول أبي
جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: لا تعاد الصلاة إلا من خمسة: الطهور، والوقت،
والقبلة، والركوع، والسجود (5). فكما تعاد من الأربعة الباقية مطلقا فكذا القبلة،
خرج ما بين المشرق والمغرب وما إليهما بما تسمعه الآن، وهو أيضا ضعيف
الدلالة، ولاشتراطها بالقبلة بالنص (6) والاجماع، والمشروط منتفي عند انتفاء
الشرط، فهي إلى غير القبلة فائتة ومن فاتته صلاة وجب عليه القضاء إجماعا،
وإنما لم يجب إعادة ما بين المشرق والمغرب لتحقق الشرط فإنه قبلة
بالنصوص (7)، وإنما لم يجب قضاء ما لم يبلغ الاستدبار وإن بلغ المشرق أو
المغرب بالنصوص (8).
وعند السيد (9) وابني إدريس (10) وسعيد (11) والمصنف في المنتهى (12)
والمختلف (13) والتذكرة (14) والشهيد: إنه لا فاء (15)، وهو أقوى، للأصل وضعف

(1) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 47 ذيل الحديث 150، والاستبصار: ج 1 ص 299 ذيل الحديث
1103.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 229، ب 10 من أبواب القبلة، ح 4.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 315.
(4) المعتبر: ج 2 ص 75.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 227، ب 9 من أبواب القبلة، ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 228، ب 10 من أبواب القبلة، ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 228، ب 10 من أبواب القبلة.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 229، ب 10 من أبواب القبلة، ح 4.
(9) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 230 المسألة 80.
(10) السرائر: ج 1 ص 205.
(11) الجامع للشرائع: ص 63.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 223 السطر الأخير.
(13) مختلف الشيعة: ج 2 ص 69.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 103 س 22.
(15) البيان: ص 56، الدروس الشرعية: ج 1 ص 160 درس 35.
181

المعارض وإطلاق النصوص (1)، ومنع الاشتراط بالقبلة بل بظنها.
قال في نهاية الإحكام: والأصل أنه إن كلف بالاجتهاد لم يجب القضاء، وإن
كلف بالاستقبال وجب (2) انتهى. ولا يراد أنه لو كفى الاجتهاد لم يجب الإعادة
في الوقت للخروج بالنص (3) والاجماع.
وهل الاستدبار ما جاوز اليمين أو اليسار إن لم يبلغ مقابل القبلة؟ وجهان،
أجودهما ذلك، خلافا لثاني الشهيدين (4)، لصدق الخروج عن القبلة، والاستدبار
لغة وعرفا، وما سمعته من خبر عمار (5).
وهل الناسي كالظان في الإعادة وعدمها؟ نص على التساوي في المقنعة (6)
والنهاية (7) والنافع (8) والتبصرة (9) والتلخيص (10) والذكرى (11) والدروس (12)،
لعموم أكثر الأخبار، وفيه أن تنزيلها على الخطأ في الاجتهاد أولى، لكونه المتبادر
ولرفع النسيان، وفيه أن معناه: أن الإثم عليه مرفوع.
وخيرة المختلف (13) ونهاية الإحكام (14) العدم، وهو أقوى، لاشتراط الصلاة
باستقبال القبلة أو ما يعلمه أو يظنه قبلة ولم يفعل. واستشكل في المعتبر (15)

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 228، ب 10 من أبواب القبلة.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 399.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 230، ب 11 من أبواب القبلة، ح 2 و 6.
(4) مسالك الأفهام: ج 1 ص 23 س 15.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 229، ب 10 من أبواب القبلة، ح 4.
(6) المقنعة: ص 97.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 286 و ص 314 و 315.
(8) المختصر النافع: ص 24.
(9) تبصرة المتعلمين: ص 22.
(10) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 558.
(11) ذكرى الشيعة: ص 166 س 21.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 160 درس 35.
(13) مختلف الشيعة: ج 2 ص 73.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 399.
(15) المعتبر: ج 2 ص 74.
182

والمنتهى (1) والتحرير (2) والتذكرة (3) والبيان (4).
هذا كله إذا تبين الخطأ بعد الفراغ من الصلاة، وإن تبين في أثنائها فإن كان
مما يوجب الإعادة مطلقا استأنفها. وكذا إن كان يوجبها في الوقت وكان الوقت
باقيا، وإن كان لا يوجبها مطلقا استقام وأتمها، وإن كان لا يوجبها في الوقت
خاصة وقد خرج فوجهان، كما في الذكرى (5) من فحوى أخبار نفي القضاء،
ومن اطلاق خبر عمار (6)، وأنه لم يأت بها في الوقت. وقد يتأيد بكون نحو هذه
الصلاة أداء وإن كان الاستئناف قضاء، اتفاقا.
وفي المبسوط بعد ذكر الخلاف في قضاء المستدبر: هذا إذا خرج من صلاته،
فإن كان في حال الصلاة ثم ظن أن القبلة عن يمينه أو شماله بنى عليه واستقبل
القبلة وتممها، وإن كان مستدبر القبلة أعادها من أولها بلا خلاف (7). وهو يعطي
انتفاء الخلاف في ثاني الوجهين. وكذا الشرائع (8) والتحرير (9) والتذكرة (10)
والمعتبر (11) والمنتهى (12) يعطيان الأول.
وأطلق ابن سعيد أنه إن تبين الخطأ في الأثناء انحرف، وبعد الفراغ أعاد في
الوقت لا خارجه (13).
وعن عبد الله بن المغيرة، عن القاسم بن الوليد قال: سألته عن رجل تبين له

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 224 س 22.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 29 السطر الأخير.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 103 السطر الأخير.
(4) البيان: ص 56.
(5) ذكرى الشيعة: ص 166 س 21.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 229 ب 10 من أبواب القبلة ح 4.
(7) المبسوط: ج 1 ص 81.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 67 و 68.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 29 س 32.
(10) تذكرة الفقهاء: ص 103 س 18.
(11) المعتبر: ج 2 ص 72.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 223 س 37.
(13) الجامع للشرائع: ص 64.
183

وهو في الصلاة أنه على غير القبلة، قال: يستقبلها إذا ثبت ذلك، وإن كان فرغ
منها فلا يعيدها (1). وهو يحتمل استقبال القبلة والصلاة.
(ج: لا) يجب أن (يتكرر الاجتهاد بتعدد الصلاة) كما في المبسوط،
قال: اللهم إلا أن يكون قد علم أن القبلة في جهة بعينها أو ظن ذلك بأمارات صحيحة،
ثم علم أنها لم يتغير جاز حينئذ التوجه إليها من غير أن يجدد اجتهاده في طلب
الأمارات (2). وفاقا للمحقق للأصل (3)، وبقاء الظن الحاصل، واليأس من العلم.
واستدل الشيخ بوجوب السعي في طلب الحق مطلقا أبدا (4).
قلنا: نعم إذا لم يكن سعي، أو احتمل حصول العلم، أو ظن (5) أقوى مما قد
حصله، موافق أو مخالف له، وبأن الاجتهاد الثاني إن وافق الأول، تأكد الظن،
وطلب الأقوى واجب، وإن خالفه عدل إلى مقتضاه، لأنه إنما يكون لأمارة أقوى
عنده.
وبالجملة فهو أبدا متوقع لظن أقوى في غير الحالة التي استثناها الشيخ،
خصوصا إذا علم تغير الأمارات أو حدوث غيرها فعليه تحصيله، وهو يوجب
التكرير لصلاة واحدة إذا أخرها عن اجتهاده لها واحتمل تغير الأمارة أو حدوث
غيرها.
(إلا مع تجدد شك) فلا خلاف في وجوب الاجتهاد ثانيا. ولو تجددت
الصلاة ففي التذكرة (6) والمنتهى (7) والتحرير (8): إنه لا يلتفت، ولا بأس عندي
بتجديد الاجتهاد إن أمكنه من غير إبطال للصلاة.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 228، ب 10 من أبواب القبلة، ح 3.
(2) المبسوط: ج 1 ص 81.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 68.
(4) المبسوط: ج 1 ص 81.
(5) في ع (الظن).
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 103 س 29.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 220 س 16.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 29 س 6.
184

(د: لو ظهر خطأ الاجتهاد بالاجتهاد) مع الاختلاف الكثير، كأن رأى
نجما فظنه سهيلا ثم ظنه جديا، أو رأى قبرا فظن أحد طرفيه رأسه ثم ظنه رجله،
أو رأى محرابا فظنه كنيسة ثم ظنه بيعة أو محرابا لنا، أو هبت ريح فظنها صبا ثم
ظنها دبورا (ففي القضاء) أي إعادة ما صلاها بالأول مطلقا، أو في الوقت
خاصة على حسب ما مر من وجوه الخطأ (إشكال) من الأصل وحصول
الامتثال وانتفاء الرجحان، كما لا ينتقض ما أفتى به المجتهد لتغير اجتهاده، وهو
خيرة التحرير (1) والتذكرة، وفيه: إنه لا يعرف فيه خلافا (2).
وفي نهاية الإحكام: فلو صلى أربع صلوات بأربعة اجتهادات لم يجب عليه
قضاء واحدة، لأن كل واحدة قد صليت باجتهاد لم يتبين فيه الخطأ، ويحتمل
قضاء الجميع، لأن الخطأ متيقن في ثلاث صلوات منها، وإن لم يتعين، فأشبهه ما
لو فسدت صلاة من صلوات وقضاء ما سوى الأخيرة، ويجعل الاجتهاد الأخير
ناسخا لما قبله (3)، انتهى.
ومن احتمال أن يكون شرط الصلاة التوجه إلى القبلة لا ما ظنها قبلة، وقد
ظن اختلال الشرط فظن أنه لم يخرج عن العهدة، وعلى المكلف أن يعلم خروجه
عنها أو يظنه إن لم يمكنه العلم. أو نقول: شرط الصلاة استقبال ما يعلمه أو يظنه
قبلة بشرط استمراره، ولذا يعيد إذا علم الخطأ ولم يستمر الظن هنا، وأيضا
فتعارض الظنان، فيجب عليه الصلاة مرتين، وإن خرج الوقت لوجوب قضاء
الفائتة إجماعا، وقد فاتته إحدى الصلاتين الواجبتين عليه.
وفي الأول: أن على المكلف علم الخروج عن العهدة أو ظنه عند الفعل لا
أبدا، وخصوصا بعد خروج الوقت.
وفي الثاني: إنا إنما نسلم اشتراط عدم ظهور الخطأ أو العلم به خصوصا إذا

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 29 س 6.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 103 س 27.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 400.
185

خرج الوقت، وفي الأخير أن الصلاتين إنما تجبان لو تعارض الظنان في الوقت.
وإن علم خطأ اجتهاده في الوقت أو ظنه ولم يترجح عنده جهة، بل بقي متحيرا،
فعليه الإعادة ثلاث مرات إلى ثلاث جهات أخرى في الوقت، وفي خارجه
وجهان.
وإن شك في اجتهاده ضعف الإعادة جدا، وخصوصا القضاء.
وإن شك أو ظن الخطأ في أثناء الصلاة ولم يترجح عنده جهة وأمكنه
استئناف الاجتهاد في الصلاة استأنفه فإن وافق الأول استمر، وإن خالفه يسيرا
استقام وأتم، وإن خالفه كثيرا كان كظهور الخطأ بالاجتهاد بعد الفراغ، وإن لم
يمكنه استئناف الاجتهاد فيها، أتمها ولم يلتفت إلى شكه أو ظنه، فإذا فرغ
استأنف الاجتهاد.
وإن تيقن الخطأ في الأثناء ولم يترجح عنده جهة ولا يمكنه الاجتهاد وهو
في الصلاة، فإن ضاق الوقت أتمها، وإلا استأنف الصلاة إن علم أن له أن يجتهد أو
يحصل العلم إذا أبطل الصلاة، وإلا احتمل إتمامها ثم السعي في تحصيل القبلة،
فإن حصلها وإلا كانت هذه إحدى الأربع.
(ه‍: لو تضاد اجتهاد اثنين) (1) أو اختلفا (لم يأتم أحدهما بالآخر)
لحرمة التقليد مع الاجتهاد، وظن كل بطلان الصلاة إلى الجهة الأخرى، كذا قاله
الشيخ (2) وجماعة، وأجازه أبو ثور (3)، ولم يستبعده في التذكرة (4)، لقطع كل
بصحة صلاة الآخر، لأنه إنما كلف بها، فالجماعة هنا كالجماعة حول الكعبة أو
في شدة الخوف.
ولا يندفع بما في الذكرى من القطع فيهما بأن كل جهة جبلة (5)، ومنع وجوب

(1) في نسخة جامع المقاصد (الاثنين).
(2) المبسوط: ج 1 ص 79.
(3) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 470.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 س 38.
(5) ذكرى الشيعة: ص 165 س 24.
186

الاستقبال في شدة الخوف، لاشتراك الجميع فيما ذكرنا، فكما أن كل جهة من
الكعبة قبلة، فكذا قبلة كل مجتهد ما أداه إليه اجتهاده، فكما تصح صلاة كل ممن
حول الكعبة قطعا للاستقبال تصح صلوات هؤلاء قطعا، وكما يقطع بصحة صلوات
المصلين في شدة الخوف للاستقبال أو لعدم اشتراطه في حقهم، فكذا صلوات
هؤلاء، ولا يضر الافتراق بأن كل جهة من الكعبة قبلة على العموم. بخلاف ما أدى
إليه الاجتهاد، فإنما هي قبلة لهذا المجتهد.
وكذا الكلام إذا علم أحدهما واجتهد الآخر وتخالفا ولكن لم أرهم ذكروه،
واقتداء العالم أبعد، وإن كان الاختلاف في التيامن والتياسر، قال في التذكرة: لم
يكن له الائتمام، لاختلافهما في جهة القبلة، وهو أحد وجهي الشافعي، وفي
الثاني له ذلك لقلة الانحراف، وهما مبنيان على أن الواجب إصابة (1) العين أو
الجهة (2). ونحوه نهاية الإحكام (3)، مع أنه حكم فيهما بأن القبلة للبعيد الجهة لا
العين. ولذا قرب الشهيد جواز الاقتداء (4).
ولو كانا في ظلمة فصليا جماعة، فلما أصبحا علما الاختلاف، ففي قضاء
المأموم تردد.
وفي التذكرة إن صلى جماعة في ظلمة بالاجتهاد ثم أصبحوا فعلموا
اختلافهم ولم يعلموا جهة الإمام، فالوجه صحة صلاتهم إذا لم يعلم أحد منهم
مخالفته الإمام (5).
وفي الذكرى: إن الأقرب أنه إن كانت الصلاة مغنية عن القضاء بأن لم يكن
في الجهات استدبار، أو قلنا: إنه لا يوجب القضاء، فصلاتهم صحيحة، والتخالف

(1) في ط و ب (إصابته).
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 103 س 4.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 402.
(4) ذكرى الشيعة: ص 165 س 32.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 102 السطر الأخير.
187

هنا في الجهة مع الإمام غير ضائر، لأن غايته الصلاة خلف من صلاته فاسدة في
نفس الأمر وهو لا يعلم بالفساد (1). وإلا قضى كل من علم أنه صلى إلى جهة توجب
ذلك.
وكذا عليه الإعادة إن علم ما يوجبها والوقت باق دون من علم خلافه، أو
جهل الحال، أو جهلوا أجمع، فلا إعادة ولا قضاء.
ولو علموا أن فيهم من عليه القضاء أو الإعادة ولم يتعين، فالأقرب أن لا
قضاء ولا إعادة، كواجدي مني في ثوب مشترك بينهما، لأصل صحة الصلاة.
ويحتمل أن يكون عليهم الإعادة ليتيقنوا الخروج عن العهدة، وهذا موافق
للتذكرة في أن هذا التخالف لا يوجب القضاء ولا الإعادة (2)، لتخالف الإمام
والمأموم، وإنما وجب أحدهما فيما فرضه لسبب آخر.
واعلم أن امتناع اقتداء أحد المتخالفين بالآخر لا يقتضي امتناع اعتداده بقبلة
الآخر في كل أمر.
(بل تحل له ذبيحته) لأنا لا نعرف خلافا في أن من أخل بالاستقبال بها
ناسيا أو جاهلا بالجهة حلت ذبيحته، كما يأتي (ويجتزئ (3) بصلاته على
الميت) وإن كان مستدبرا، لأن المسقط لها عن سائر المكلفين إنما هي صلاة
صحيحة جامعة للشرائط عند مصليها لا مطلقا، وإلا وجب على كل من سمع
بموت مسلم أن يجتهد في تحصيل علمه بوقوع صلاة جامعة للشرائط عنده،
ليخرج عن العهدة، ولا قائل به.
(و) لما لم يجز اقتداء أحدهما بالآخر، كأن (لا يكمل عدده) أي
أحدهما (به) أي بالآخر (في) صلاة (الجمعة)، (و) لم يخبرهما أن
يصليا جمعة واحدة بل (يصليان جمعتين) من غير تباعد، لأصل البراءة منه

(1) ذكرى الشيعة: ص 165 س 27.
(2) تذكرة الفقهاء: ص 102 السطر الأخير.
(3) في النسخة المطبوعة من القواعد (ويجزئ).
188

مع اعتقاد كل بطلان صلاة الآخر، وفيه نظر ظاهر. نعم إن تعذر لضيق وقت أو
غيره، وجبت عليهما عينا، صليا كذلك، وإن وجبت تخييرا، احتمل عندي
ضعيفا.
وإذا صليا معا اكتفيا (بخطبة واحدة) يسمعها الجميع، وسواء في صلاتهما
معا واكتفائهما بخطبة واحدة (اتفقتا) (1) في الصلاة (أو سبق أحدهما) فلا
يتوهمن أن الخطبة واحدة، إنما يكفي مع اتفاقهما، خصوصا إذا طال الفصل، ولا
أن عليهما الاتفاق في الصلاة ليعقد كل منهما صلاته. [ولما تنعقد صلاة أخرى] (2)
صحيحة شرعا عند مصليها، لعموم الدليل والاحتياط. وعندي الاتفاق إن جازت
صلاتها، لما أشرت إليه من ضعف الدليل.
(و) يجب أن (يقلد العامي والأعمى الأعلم منهما) فإن تساويا
فالأعدل، لأنه إذا علم الاختلاف فاتبع المرجوح، فهو كمن يعمل بالظن وهو
قادر على العلم أو عالم بخلافه، ومن كان يصلي إلى جهة يظن أنها ليست قبلة ولا
شبهة في بطلانها. فإن اختلفا علما وعدالة قلد الأرجح عنده (3) قولا، فإن لم
يرجح كانا متساويين، ومضى أنه يتخير أو يصلي اثنتين أو أربعا.
وقرب في التحرير (4) جواز الرجوع إلى المرجوح كالشافعي (5)، لأنه أخذ بما
له الأخذ به. والجواب كما في التذكرة (6) والمنتهى: المنع (7)، إذ إنما له الأخذ به إذا
لم يعارضه غيره، وخصوصا الأقوى.

(1) في جامع المقاصد والايضاح (اتفقا).
(2) في ط (ولا تنعقد أخرى).
(3) في ط و ب (عندنا).
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 29 س 16.
(5) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 474.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 103 س 7.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 221 س 9.
189

(الفصل الرابع)
(في اللباس)
(وفيه مطلبان) وخاتمة:
(الأول)
(في جنسه)
المعتبر في الصلاة بحسب الذات والصفات (إنما تجوز الصلاة) عندنا
جوازا عاما لكل مكلف، وللاختيار والاضطرار (في الثياب المتخذة من
النبات) قطنا أو كتانا أو غيرهما، (أو جلد ما يؤكل لحمه) من الحيوان
(مع التذكية، أو صوفه، أو شعره، أو وبره، أو ريشه أو) وبر (الخز
الخالص، أو) الخز (الممتزج بالإبريسم) بفتح الهمزة فسكون الباء فكسر
الراء فسكون الياء ففتح السين أو ضمها، أو بشئ مما ذكر، أو الفضة. وكذا
الممتزج من سائر ما ذكر بالإبريسم أو الفضة.
ويمكن أن يريد المصنف الممتزج من كل ما ذكر (لا) بنحو (وبر الأرانب
والثعالب) والذهب مما لا يجوز الصلاة فيه.
والخز كما في خبر حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام: سبع يرعى في البر
ويأوي الماء (1). وفي خبر ابن أبي يعفور وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج، عن

(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 459، ب 39 من أبواب الأطعمة المحرمة، ح 2.
190

الصادق عليه السلام: كلب الماء (1).
وفي القانون: إن خصيته الجندبادستر (2)، وقيل: إن الذي يصلح من ذكره
الخصي ومن الأنثى الجلد والشعر والوبر.
وفي جامع الأدوية للمالقي عن البصري: إن الجندبادستر هيئته كهيئة الكلب
الصغير (3).
وفي السرائر: قال بعض أصحابنا المصنفين: إن الخز، وهي دابة صغيرة تطلع
من البحر تشبه الثعلب، ترعى في البر، وتنزل البحر، لها وبر يعمل منه ثياب يحل
فيها الصلاة، وصيدها ذكاتها مثل السمك. قال ابن إدريس: وكثير من أصحابنا
المحققين المسافرين يقولون: إنه القندس (4). ولا يبعد هذا القول من الصواب،
لقوله عليه السلام: لا بأس بالصلاة في الخز ما لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب والثعالب.
والقندس أشد شبها بالوبرين المذكورين (5).
وفي المعتبر: حدثني جماعة من التجار أنها القندس، ولم أتحققه (6).
وقال الشهيد في حاشية الكتاب: سمعت بعض مدمني السفر يقول: إن الخز
هو القندس، قال: وهو قسمان: ذو ألية، وذو ذنب، فذو الألية الخز، وذو الذنب
الكلب، ومرجعه تواتر الأخبار.
قلت: لعلها تسمى الآن بمصر وبر السمك، وهو مشهور (7)، انتهى.
وفي الذكرى: ومن الناس من زعم أنه كلب الماء، وعلى هذا يشكل ذكاته
بدون الذبح، لأن الظاهر أنه ذو نفس سائلة (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 459، ب 39 من أبواب الأطعمة المحرمة، ح 3، ومن أبواب لباس
المصلي، ج 3 ص 263، ب 10، ح 1.
(2) القانون في الطب: ج 1 ص 281.
(3) ليس لدينا كتابه.
(4) السرائر: ج 3 ص 102.
(5) السرائر: ج 3 ص 102.
(6) المعتبر: ج 2 ص 84.
(7) لا يوجد لدينا.
(8) ذكرى الشيعة: ص 144 س 17.
191

قلت: المعروف أنه لا نفس لأكثر حيوانات الماء، بل لغير التمساح والتنين،
مع أنك ستسمع الآن خبر ابن أبي يعفور على أن ذكاته كذكاة السمك (1). وقطع
بعضهم بأن القندس هو كلب الماء.
وفي المعتبر (2) والمنتهى (3) والتذكرة (4) ونهاية الإحكام (5): إن الخز دابة ذات
أربع، تموت إذا فقدت الماء، لخبر ابن أبي يعفور قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام
إذ دخل عليه رجل من الخزازين، فقال له: جعلت فداك ما تقول في الصلاة في
الخز؟ فقال: لا بأس بالصلاة فيه، فقال له الرجل: جعلت فداك أنه ميت وهو
علاجي وأنا أعرفه، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: أنا أعرف به منك، فقال له الرجل:
إنه علاجي وليس أحد أعرف به مني؟ فتبسم أبو عبد الله عليه السلام ثم قال له: أتقول إنه
دابة تخرج من الماء أو تصاد من الماء فتخرج، فإذا فقد الماء مات؟ فقال الرجل:
صدقت جعلت فداك هكذا هو، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فإنك تقول أنه دابة
تمشي على أربع، وليس هو في حد الحيتان فيكون ذكاته خروجه من الماء؟ فقال
له الرجل: أي والله هكذا أقول، فقال له أبو عبد الله عليه السلام: فإن الله تعالى أحله
وجعل ذكاته موته كما أحل الحيتان وجعل ذكاتها موتها (6).
قلت: ينافيه خبر ابن أعين، وذلك أرجح (7)، لأنه سأله عليه السلام عنه فأجابه بما
سمعت. وهنا إنما ذكر عليه السلام ما زعمه الرجل، مع تكافؤ الخبرين في الضعف.
وأما جواز الصلاة فيما ذكر من الثياب فعليه الأخبار (7) والاجماع إلا في

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 261، ب 8 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(2) المعتبر: ج 2 ص 84.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 1 23 س 8.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 س 16.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 374.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 261، ب 8 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 458، ب 39 من أبواب الأطعمة المحرمة، ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 260، ب 8 من أبواب لباس المصلي.
192

الخز. ففي المعتبر (1) والتذكرة (2) والذكرى (3) ونهاية الإحكام: الاجماع فيه (4)
أيضا، وفي المنتهى: إن عليه الأكثر (5)، والتحرير يحتمل نسبته إلى قول (5) ولم
يذكره الحلبي ولا الصدوق في الهداية، بل اقتصر فيها على رواية قول
الصادق عليه السلام: صل في شعر ووبر كل ما أكلت لحمه، وما لم تأكل لحمه فلا تصل في
شعره ووبره (7). ولا الشيخ في عمل يوم وليلة، بل اقتصر فيه على حرمة الصلاة
فيما لا يؤكل لحمه من الأرنب والثعلب وأشباههما (8)، وكذا المصنف في
التبصرة (9).
وفي أمالي الصدوق: الأولى ترك الصلاة فيه (10).
أما اشتراط خلوصه عما لا يجوز الصلاة فيه من ذهب أو شعر أو نحوه، ففي
الخلاف الاجماع على اشتراطه عن وبر الأرانب (11)، وفي الغنية عليه وعلى
الثعالب (12). وفي الذكرى: إنه الأشهر (13).
وقال الصادق عليه السلام في مرفوعي أحمد بن محمد وأيوب بن نوح: الصلاة في
الخز الخالص لا بأس به، فأما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه
هذا فلا تصل فيه (14).
ولا عبرة بخبر داود الصرمي، تارة قال بشير: سأل رجل أبا الحسن الثالث،

(1) المعتبر: ج 3 ص 84.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 س 15.
(3) ذكرى الشيعة: ص 144 س 7.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 373.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 231 س 8.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 33.
(7) الهداية: كتاب الصلاة، ص 33.
(8) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 144.
(9) التبصرة: ص 22.
(10) الأمالي: ص 513.
(11) الخلاف: ج 1 ص 512 المسألة 257.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 22.
(13) ذكرى الشيعة: ص 144 س 20.
(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 262، ب 9 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
193

وأخرى عن بشير بن بشار قال: سألته عن الصلاة في الخز يغش بوبر الأرانب،
فكتب: يجوز ذلك (1)، للضعف من وجوه ظاهرة، ودعوى الأكثر الاجماع على
مضمون الخبرين الأولين كما في المنتهى (2) والمعتبر (3). واحتمال (يجوز) كونه
من التجويز، أي تجوزه العامة.
وفي الفقيه: هذه رخصة، الأخذ بها مأجور، والراد لها مأثوم، والأصل ما
ذكره أبي، في رسالته إلي: وصل في الخز ما لم يكن مغشوشا بوبر الأرنب. أو
في التحرير - بعد القطع بالمنع من المغشوش بوبر الأرانب والثعالب -: والأقرب
المنع من الخز المغشوش بصوف ما لا يؤكل لحمه أو شعره (4).
وفي المنتهى بعد ذلك: وفي المغشوش بصوف ما لا يؤكل لحمه أو شعره
تردد، والأحوط فيه المنع، لأن الرخصة وردت في الخالص، ولا العموم الوارد
في المنع من الصلاة في شعر ما لا يؤكل لحمه وصوفه يتناول المغشوش بالخز
وغيره (5).
قلت: ولعموم أو غير ذلك مما يشبه هذا في الخبرين، فلعل فرقه في الكتابين
بين الوبرين وغيرهما بالنظر إلى فتاوى الأصحاب، لاقتصار أكثرهم عليهما،
وادعاء الاجماع عليهما نفي الكلام في جلده.
ففي السرائر (6) والتحرير (7) والمنتهى المنع (8)، لاختصاص الرخصة بالوبر،
ولما خرج من الناحية المقدسة كما في الاحتجاج من أنه سئل عليه السلام روي لنا عن
صاحب العسكري عليه السلام أنه سئل عن الصلاة في الخز الذي يغش بوبر الأرانب؟

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 262 ب 9 من أبواب لباس المصلي ح 2.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 231 س 14.
(3) المعتبر: ج 2 ص 85.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 263 ذيل الحديث 809.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 231 س 27.
(6) السرائر: ج 1 ص 262.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 13.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 231 س 28.
194

فوقع عليه السلام: يجوز، وروي عنه أيضا: لا يجوز، فأي الخبرين نعمل به؟
وأجاب عليه السلام: إنما حرم في هذه الأوبار والجلود، فأما الأوبار وحدها فكل
حلال (1).
وفي التذكرة (2) والمعتبر (3) ونهاية الإحكام (4) والمختلف (5) وكتب الشهيد:
الجواز (6) مع الكراهية في النفلية (7)، لصحيح سعد بن سعد سأل الرضا عليه السلام عن
جلود الخز، فقال: هو ذا نحن نلبس، قال: ذاك الوبر جعلت فداك! قال: إذا حل
وبره حل جلده (8). وفيه خلوه عن الصلاة، فقد يكون توهم السائل بنجاستها لكون
الخز كلبا.
وكذا صحيح عبد الرحمن بن الحجاج قال: سأل أبا عبد الله عليه السلام رجل وأنا
عنده عن جلود الخز، فقال: ليس بها بأس، فقال الرجل: جعلت فداك أنها
علاجي وإنما هي كلاب تخرج من الماء، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فإذا خرجت من
الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: لا، قال عليه السلام: ليس به بأس (9).
ولا وجه لما في الذكرى من: أن المنع لا وجه له (10)، لعدم افتراق الأوبار
والجلود غالبا، ولو استدلوا بخبر ابن أبي يعفور المتقدم كان أولى (11)، لأنه في
الصلاة والذكاة إنما يعتبر في الجلد، لكنه مجهول الرواة، فالاحتياط الاجتناب.

(1) الإحتجاج: ج 2 ص 492.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 س 18.
(3) المعتبر: ج 2 ص 83.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 374.
(5) مختلف الشيعة: ج 2 ص 77.
(6) ذكرى الشيعة: ص 144 س 7، الدروس الشرعية: ج 1 ص 150 درس 30، اللمعة
الدمشقية: ج 1 ص 528.
(7) الألفية والنفلية: ص 102.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 265، ب 10 من أبواب لباس المصلي، ح 14.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 263، ب 10 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(10) ذكرى الشيعة: ص 144 س 19.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 261، ب 8 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
195

وأما الكلام في غير ما ذكر من الثياب فيذكر الجميع إلا الممتزج بالذهب،
فإنما نذكر في القضاء حرمة لبسه على الرجال، ولا يلزم منه بطلان الصلاة فيه،
فإن كان هو الساتر إلا على استلزام الأمر بالشئ النهي عن ضده فإنه هنا مأمور
بالنزع، وكذا غير الساتر إذا استلزم نزعه ما يبطل الصلاة كالفعل الكثير، وزوال
الطمأنينة في الركوع.
وقال الحلبي: وتكره الصلاة في الثوب المصبوغ، وأشد كراهية الأسود، ثم
الأحمر المشبع، والمذهب، والموشح، والملحم بالحرير والذهب (1).
وفي الإشارة: وكما يستحب صلاة المصلي في الثياب البيض القطن أو
الكتان، كذلك تكره في المصبوغ منها، ويتأكد في السود والحمر، وفي الملحم
بذهب أو حرير (2).
وفي الغنية: وتكره في المذهب والملحم بالحرير أو الذهب (3).
وفي الوسيلة: والمموه من الخاتم، والمجري فيه من الذهب، والمصنوع من
الجنسين على وجه لا يتميز، والمدروس من الطراز مع بقاء أثره، حل للرجال (4).
وفي الذكرى: لو موه الخاتم بذهب، فالظاهر تحريمه لصدق اسم الذهب
عليه. نعم، لو تقادم عهده حتى اندرس وزال مسماه جاز، ومثله الأعلام على
الثياب من الذهب أو المموه به، في المنع من لبسه، والصلاة فيه (5).
ونص في الألفية على اشتراط الساتر بأن لا يكون ذهبا (6). وفي البيان:
ويحرم الصلاة في الذهب للرجال ولو خاتما أو مموها أو فراشا (7).
وفي الدروس: لا يجوز في الذهب للرجل ولو خاتما على الأقرب، ولو

(1) الكافي في الفقه: ص 140.
(2) إشارة السبق: ص 84.
(3) نقله عنه في الجوامع الفقهية: ص 493 س 25.
(4) الوسيلة: ص 368.
(5) ذكرى الشيعة: ص 146 س 3.
(6) الألفية والنفلية: ص 51.
(7) البيان: ص 58.
196

مموها به (1). وفي الإصباح أيضا: إنها لا يجوز فيما كان ذهبا طرازا كان، أو خاتما
أو غير ذلك (2).
وقطع في التذكرة (3) ونهاية الإحكام بحرمة الصلاة في الثوب المموه
بالذهب، والخاتم المموه به (4). قال في التذكرة: للنهي عن لبسه (5). وفي التحرير
ببطلانها في خاتم ذهب، والمنطقة منه، والثوب المنسوج بالذهب والمموه به (6).
وتردد في المنتهى فيها وفي خاتم ذهب - كالمعتبر (7) - وفي المنطقة والثوب
المنسوج به والمموه، ولكن قرب البطلان، لأن الصلاة فيه استعمال له، والنهي في
العبادة يدل على الفساد. ولقول الصادق عليه السلام في خبر موسى بن أكيل النميري:
جعل الله الذهب في الدنيا زينة للنساء، فحرم على الرجال لبسه والصلاة فيه (8).
قلت: ولقوله عليه السلام في خبر عمار: لا يصلى فيه لأنه لباس أهل الجنة (9). وما
روي عن الرضا عليه السلام: لا يصلى في جلد الميتة على كل حال، ولا في خاتم من
ذهب (10).
وأما ما ذكره من (أن الصلاة فيه استعمال له) ففيه أن الاستعمال إنما هو
لبسه، وليس من أجزاء الصلاة في شئ.
ووجه في المعتبر بأن الحركة فيه انتفاع به، والنهي عن الحركة نهي عن القيام
والقعود والسجود، وهو جز الصلاة. ثم اختير فيه أن كلا من ستر العورة به،
والقيام عليه، والسجود عليه جزؤها، وقد نهي عنه (11) والأمر كذلك، ولذا خص

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 150 درس 50.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 612.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 س 28.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 377.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 س 29.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 25.
(7) المعتبر: ج 2 ص 92.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 230 س 103.
(9) المصدر السابق ح 4.
(10) فقه الرضا: ص 157.
(11) المعتبر: ج 2 ص 92.
197

التردد في المنتهى بغير الساتر (1).
(وفي السنجاب قولان)، فبالجواز أفتى الصدوق في المقنع (2)، والشيخ
في صلاتي النهاية (3) والمبسوط ونفى فيه الخلاف (4)، واختاره المصنف في
الإرشاد (5) والتلخيص (6) والمنتهى (7) والمحقق في كتبه (8)، للأخبار، وهي كثيرة.
ثم المحقق نص على فرو السنجاب، وهو ظاهر الخبر الذي ستسمعه، وباقي
الأخبار والفتاوى يحتمله والوبر، إلا أن يستظهر الجلد من جمعه من الحواصل
في النهاية (9) والمبسوط (10) والتلخيص (11).
وبالمنع أفتى ابنا إدريس (12) والبراج (13)، والشيخ في أطعمة النهاية (14)،
واحتاط به في الخلاف (15)، وهو ظاهر جمله (16) واقتصاده (17) والمصباح (18)
ومختصره (19) والسيد (20) وأبي علي (21) والحلبيين (22) والمفيد (23) وخيرة

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 230 س 10.
(2) المقنع: ص 24.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 326.
(4) المبسوط: ج 1 ص 83.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 246.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 558.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 228 س 2، وفيه: نسبته إلى الأصحاب.
(8) المعتبر: ج 2 ص 86، شرائع الاسلام: ج 1 ص 69، المختصر النافع: ص 24.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 326.
(10) المبسوط: ج 1 ص 83.
(11) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 558.
(12) السرائر: ج 1 ص 262.
(13) المهذب: ج 3 ص 101.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 326.
(15) الخلاف: ج 1 ص 511 المسألة 256.
(16) الجمل والعقود: ص 63.
(17) الإقتصاد: ص 259.
(18) المصباح المتهجد: ص 25.
(19) لا يوجد لدينا.
(20) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 28.
(21) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 75.
(22) الكافي في الفقه: ص 140، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 22.
(23) المقنعة: ص 149 - 150.
198

المختلف (1) ونهاية الإحكام (3) لعموم ما نهي من الأخبار عن الصلاة فيما لا
يؤكل (2)، مع ضعف الأخبار الأولة، إلا صحيح علي بن راشد سأل أبا جعفر عليه السلام
عن الصلاة في الفراء، قال: أي الفراء؟ قال: الفنك والسنجاب والسمور، فقال:
فصل في الفنك والسنجاب، فأما السمور فلا تصل فيه (4).
وفيه تجويزها في الفنك، ولا يقولون به إلا الصدوق (5)، وما سيأتي من
صحيح الحلبي، وفيه الثعالب وأشباهه، ولا يقولون به، وكرهه ابن حمزة
جميعا (6).
وفي المراسم (7) والجامع (8) أنه رخص فيه، وما عدا السرائر (9)
والنهاية (10) يعم الجلد والوبر.
(وتصح الصلاة) عندنا (في صوف ما يؤكل لحمه، وشعره، ووبره
وريشه وإن كان ميتة مع الجز) أو النتف مع إزالة ما يستصحبه (أو غسل
موضع الاتصال) لأنها لا تنجس بالموت للأخبار (11)، خلافا للشافعي (12)
فاشترط التذكية والغسل، لأن باطن الجلد لا يخلو من رطوبة، مع أن المصنف
نجس الملاقي للميتة مطلقا، واحتمل العدم وإن كان الباطن رطبا كالأنفحة
لاطلاق الأخبار.
واشترط ابن حمزة أن لا يكون منتوفا من حي أو ميت (13)، وفي الصيد

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 76.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 373.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 250، ب 2 من أبواب لباس المصلي.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 253، ب 2 من أبواب لباس المصلي، ح 5.
(5) أمالي الصدوق: ص 513.
(6) الوسيلة: ص 87.
(7) المراسم: ص 64.
(8) الجامع للشرائع: ص 66.
(9) السرائر: ج 1 ص 262.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 326.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1088 ب 68 من أبواب النجاسات.
(12) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 66.
(13) الوسيلة: ص 87.
199

والذبائح من النهاية (1) والمهذب (2)، وكتاب المأكول والمشروب من الإصباح:
إنه لا يحل الصوف والشعر والوبر من الميتة إذا كان مقلوعا (3).
وحمل في السرائر (4) والمعتبر (5) والمنتهى على أن لا يزال ما يستصحبه، ولا
يغسل موضع الاتصال (6). وقد يقال إن: ما في باطن الجلد لم يتكون صوفا أو شعرا
أو وبرا فيكون نجسا، وضعفه ظاهر.
وما في الوسيلة من اشتراط أن لا ينتف من حي (7) مبني على استصحابها شيئا
من الأجزاء، والأجزاء المبانة من الحي كالمبانة من الميت، ولذا اشترط في
المنتهى (8) ونهاية الإحكام في المنتوف منه أيضا الإزالة والغسل، وذكر أنه لا بد
فيه من الاستصحاب شئ من مادته (9).
قلت: نعم، ولكن في كون مادته جز له نظر، بل الظاهر كونه فضلة إلا
أن يحس بانفصال شئ من الجلد أو اللحم معه، كيف ولو صح ذلك لم يصح
الوضوء غالبا؟! خصوصا في الأهوية اليابسة، لأنه لا يخلو عن انفصال من شعور
الحواجب واللحى.
(ولا تجوز الصلاة) عندنا (في جلد الميتة وإن كان من مأكول
اللحم دبغ أو لا) للاجماع والنصوص، إلا جلد سمك مات في الماء، فقيل
بجواز الصلاة فيه، والأخبار (10) والفتاوى وهي مطلقة.

(1) النهاية ونكتها: ج 3 ص 95 - 96 كتاب الصيد والذبائح.
(2) المهذب: ج 2 ص 441.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 21 ص 170 كتاب الأطعمة والأشربة.
(4) السرائر: ج 3 ص 111 كتاب الصيد والذبائح.
(5) المعتبر: ج 2 ص 84.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 231 س 4.
(7) الوسيلة: ص 88.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 231 س 5.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 374.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 249، ب 1 من أبواب لباس المصلي.
200

(ولا) تجوز (في جلد ما لا يؤكل لحمه وإن ذكي ودبغ) أما السباع
وهي كما في المعتبر (1) والمنتهى (2) ما لا يكتفى في الاغتذاء بغير اللحم ففيها
الاجماع، كما في الخلاف (3) والمعتبر (4) والمنتهى (5) والغنية (6) والتذكرة (7) ونهاية
الإحكام (8)، والأخبار وهي كثيرة مع عمومات أخبار ما لا يؤكل (9).
قال المحقق: ولأن خروج الروح من الحي سبب الحكم بموته، الذي هو
سبب المنع من الانتفاع بالجلد، ولا تنهض الذباحة مبيحة ما لم يكن المحل قابلا،
وإلا لكانت ذباحة الآدمي مطهرة جلده (10). يعني أنها بالموت تصير ميتة ذبحت
أو لا بالآدمي، فيعمها نصوص منع الصلاة في الميتة.
قال: لا يقال الذباحة هنا منهي عنها فيختلف الحكم لذلك، لأنا نقول: ينتقض
بذباحة الشاة المغصوبة، فإنها منهي عن ذباحتها. ثم الذباحة يفيد الحل والطهارة،
وكذا بالآلة المغصوبة، فبان أن الذباحة مجردة لا تقتضي زوال حكم الموت ما لم
يكن للمذبوح استعداد قبول أحكام الذباحة، وعند ذلك لا نسلم أن الاستعداد
التام موجود في السباع. لا يقال: فيلزم المنع من الانتفاع بها في غير الصلاة، لأنا
نقول: علم جواز استعمالها في غير الصلاة بما ليس موجودا في الصلاة، فثبت لها
هذا الاستعداد يصح معه الصلاة، فلا يلزم من الجواز هناك لوجود الدلالة الجواز
هنا مع عدمها (11) انتهى، ونحوه المنتهى (12).

(1) المعتبر: ج 2 ص 78.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 226 س 10.
(3) الخلاف: ج 1 ص 64، المسألة 11.
(4) المعتبر: ج 2 ص 78.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 226 س 11.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 22 - 23.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 94 س 40.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 373.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 257، ب 6 من أبواب لباس المصلي.
(10) المعتبر: ج 2 ص 79.
(11) المعتبر: ج 2 ص 79.
(12) منتهى المطلب.
201

وفي الذكرى: هذا تحكم محض، لأن الذكاة إن صدقت فيه أخرجته عن
الميتة، وإلا لم يجز الانتفاع، ولأن تمامية الاستعداد عنده بكونه مأكول اللحم،
فيتخلف عند انتفاء أكل لحمه، فليسند المنع من الصلاة فيه إلى عدم أكل لحمه من
غير توسط نقص الذكاة فيه (1).
قلت: الجواب عن الأول أنهما يقولان: إن الميت والميتة في اللغة ما خرجت
روحه، ثم الشرع فصل، فحكم في الانسان بعدم الانتفاع بجلده ذبح أم لا، وفي
ذبح مأكول اللحم الانتفاع بجلده في الصلاة وغيرها إن ذبح، وعدمه فيهما إن لم
يذبح، ولم يرد في الشرع في السباع إلا أنها إن ذبحت جاز الانتفاع بجلدها في
غير الصلاة، فخرجت عن عموم النصوص الناهية عن الانتفاع بالميتة، ولا يجوز
لنا الانتفاع بها في الصلاة، وإخراجها عن عموم النهي عن الصلاة في جلد الميتة،
لأن حملها على غيرها قياس، ولا بعد في أن يحل الذبح فيها انتفاعا دون انتفاع،
ولا يحكم في الاقتصار على مورد النص والكف عن القياس، وسواء في ذلك
سمينا ذبحها ذكاة ولا نسميها إذا ذبحت ميتة أم لا.
فإن قال: لا يخلو المذبوح منها، إما ميتة فيعمها نصوص النهي عن الانتفاع بها
أو لا، فلا يعمها نصوص النهي عن الصلاة في الميتة.
قلنا: ميتة خرجت عن النصوص الأولة بالنصوص المخصصة، ويؤيده حصر
المحرمات في الآية (2) في الميتة والدم ولحم الخنزير، وخبر علي بن أبي حمزة
أنه سأل الصادق عليه السلام عن لباس الفراء والصلاة فيها، فقال: لا تصل فيها إلا فيما
كان منه ذكيا، قال: أوليس الذكي ما ذكي بالحديد؟ فقال: بلى إذا كان مما يؤكل
لحمه (3).
وعن الثاني: إنهما إنما أرادا الاستدلال على بطلان الصلاة في جلود السباع

(1) ذكرى الشيعة: ص 143 س 30.
(2) المائدة: 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 251، ب 2 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
202

مع قطع النظر عن النصوص بخصوصها، والنصوص الناهية عما لا يؤكل عموما.
وتصحيح بطلانها فيها وإن فرضت صحتها في غيرها، على أن مما لا يؤكل الخز
والسنجاب ونحوهما مما اختلف فيها النص والفتوى، فليس المتمسك إلا النص لا
الأكل وعدمه.
وأما غير السباع فالخز والسنجاب مضى الكلام فيهما. وفي المقنع: لا بأس
بالصلاة في السنجاب والسمور والفنك (1). وهو استناد إلى نحو خبر الوليد بن أبان
سأل الرضا عليه السلام أصلي في الفنك والسنجاب؟ قال: نعم (2).
وخبر يحيى بن أبي عمران أنه كتب إلى الجواد عليه السلام في السنجاب والفنك
والخز، وكتب أن لا يجيبه فيها بالتقية، فكتب عليه السلام بخطه: صل فيها (3). ويحتملان
التقية وإن سأله عليه السلام يحيى أن لا يجيبه بها.
وما في قرب الإسناد للحميري، عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن
لبس السمور والسنجاب والفنك، قال: لا يلبس، ولا يصلى فيه إلا أن يكون
ذكيا (4). ويحتمل أن يراد إلا أن يكون ذكيا فيلبس.
وصحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن الفراء والسمور والسنجاب والثعالب
وأشباهه، قال: لا بأس بالصلاة فيه (5). وفيه (الثعالب) مع نص الصدوق في المقنع
بالنهي عن الصلاة فيها (6). ولفظ (أشباهه) وهو يقوي التقية مع أنه كالأولين ليس
نصا في جلودها، ولكن كلام الصدوق أيضا يحتمل الأوبار، ويحتمله الثالث
أيضا وإن كان يبعده قوله: (إلا أن يكون ذكيا) بحمل الذكاة على الطهارة.

(1) المقنع: ص 24.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 253، ب 3 من أبواب لباس المصلي، ح 7.
(3) المصدر السابق ح 6.
(4) قرب الإسناد: ص 118.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 254، ب 4 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(6) المقنع: ص 24.
203

وصحيح الحسن بن علي بن يقطين سأل أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء
والسمور والفنك والثعالب وجميع الجلود، قال: لا بأس بذلك (1). وليس فيه
الصلاة.
وخبر سفيان بن السمط أنه قراء في كتاب محمد بن إبراهيم إلى أبي
الحسن عليه السلام يسأله عن الفنك يصلى فيه، فكتب: لا بأس به (2).
والمعارض في السمور كثير، ولم أظفر به في الفنك، وأجاز المحقق العمل
بهذين الصحيحين لصحتهما (3)، واحتاط بالمنع عما عدا السنجاب ووبر الخز.
وفي المبسوط: إنه لا خلاف فيه (4). وفي الوسيلة: جوازها عما عدا السنجاب
ووبر الخز (5). وفي الوسيلة: جواز الصلاة في الفنك والسمور اضطرارا (6) إشارة إلى
حمل الأخبار على الضرورة، كما حملت في كتابي الأخبار على التقية (7).
وفي المبسوط: رويت رخصة في جواز الصلاة في الفنك والسمور، والأصل
ما قدمناه (8)، يعني المنع.
وفي الخلاف: إنه روي رخصة فيهما والأحوط المنع (9). وفي المراسم: ورد
الرخصة فيهما (10). وفي النهاية: جوازها في وبريهما اضطرارا (11).
ويؤيده ما في السرائر عن كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم، عن محمد بن
علي بن عيسى قال: كتبت إلى الشيخ - يعني الهادي عليه السلام - أسأله عن الصلاة في

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 256، ب 5 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 255، ب 4 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(3) المعتبر: ج 2 ص 87.
(4) المبسوط: ج 1 ص 82 - 83.
(5) الوسيلة: ص 87 - 88.
(6) الوسيلة: ص 87 - 88.
(7) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 211، ذيل الحديث 826، الإستبصار: ج 1 ص 385، ذيل
الحديث 1560.
(8) المبسوط: ج 1 ص 82.
(9) الخلاف: ج 1 ص 511 المسألة 256.
(10) المراسم: ص 64.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 326.
204

الوبر، أي أصنافه أصلح؟ فأجاب عليه السلام: لا أحب الصلاة في شئ منه، فرددت
الجواب أنا مع قوم في تقية وبلادنا لا يمكن أحد أن يسافر فيها بلا وبر، ولا يأمن
على نفسه إن هو نزع وبره، وليس يمكن الناس ما يمكن للأئمة، فما الذي ترى
أن نعمل به في هذا الباب، قال: فرجع الجواب إلي: تلبس الفنك والسمور (1).
وفي النهاية (2) والإصباح (3) والجامع: جواز الصلاة في الحواصل (4). وفي
المبسوط: إنه لا خلاف فيه. (5)
وفي الوسيلة: جوازها في الخوارزمية منها (6)، وهي طيور كبار لها حواصل
عظيمة تعرف بالبجع، وحمل الماء، والكي - بكاف مضمومة - فياء ساكنة،
طعامها اللحم والسمك - وبالصلاة فيها خبر بشير بن بشار المضمر في
التهذيب (7).
وفي السرائر عن كتاب المسائل أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في
الفنك والفراء والسمور والسنجاب والحواصل التي تصاد ببلاد الشرك وببلاد
الاسلام يصلى فيها بغير تقية؟ قال: يصلى في السنجاب والحواصل الخوارزمية،
ولا تصل في الثعالب والسمور (8).
وما في الخرائج من توقيع الناحية المقدسة لأحمد بن أبي روح، وسألت ما
يحل أن يصلى فيه من الوبر والسمور والسنجاب والفنك والدلق والحواصل: فأما
السمور والثعالب فحرام عليك وعلى غيرك الصلاة فيه، ويحل لك جلود المأكول
من اللحم إذا لم يكن فيه غيره، وإن لم يكن لك ما يصلى فيه فالحواصل جائز لك
أن تصلي فيه، وهو يخصه بالضرورة.

(1) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 583.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 326.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 612.
(4) الجامع للشرائع: ص 66.
(5) المبسوط: ج 1 ص 83.
(6) الوسيلة: ص 87.
(7) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 210 ح 823.
(8) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 582.
205

وفي الدروس (1) والبيان: إن رواية الجواز فيها مهجورة (2). وفي الشرائع: في
الثعالب والأرانب روايتان أصحهما المنع (3). وفي النافع: أشهرهما المنع (4).
وظاهرهما الفرو.
وفي التحرير: في وبر الثعالب والأرانب والفنك والسمور روايتان، الأقوى
المنع (5).
قلت: أما رواية الجواز فهي صحيح الحلبي المتقدم مع صحيح جميل، سأل
الصادق عليه السلام عن الصلاة في جلود الثعالب، فقال: إذا كانت ذكية فلا بأس (6).
واحتمل في التهذيب كون (في) بمعنى (على) واختصاصه بما لا يتم فيه
الصلاة (7).
وخبر الحسن بن شهاب سأله عليه السلام عن جلود الثعالب إذا كانت ذكية أيصلى
فيها؟ قال: نعم (8). ومضمر صفوان عن عبد الرحمن بن الحجاج سأله عن اللحاف
من الثعالب أو الخوارزمية أيصلى فيها أم لا؟ قال: إن كان ذكيا فلا بأس به (9)،
وليس نصا في الجلد.
وخبر محمد بن إبراهيم قال: كتبت إليه أسأله عن الصلاة في جلود الأرانب،
فكتب: مكروه (10). ويحتمل الحرمة، وأما روايات المنع فهي كثيرة جدا عموما
وخصوصا.

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 150 درس 30.
(2) البيان: ص 57.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 69.
(4) المختصر النافع: ص 24.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 13.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 259، ب 7 من أبواب لباس المصلي، ح 9.
(7) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 206 ذيل الحديث 809.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 260، ب 7 من أبواب لباس المصلي، ح 10.
(9) وسائل الشيعة، ج 3 ص 260، ب 7 من أبواب لباس المصلي، ح 11.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 258، ب 7 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
206

وفي الإنتصار: الاجماع عليه في الجلد والوبر جميعا (1). وفي المعتبر: تجويز
العمل على صحيح الحلبي (2) كما سمعت - يعني في غير السباع - لاعترافه
بالاجماع على المنع منها.
وقطع المصنف هنا بأنه لا يجوز الصلاة في جلد كل ما لا يؤكل لحمه (ولا
في شعره) وهو يشمل الوبر، (ولا في صوفه و) لا في (ريشه) يعني عدا
وبر الخز والسنجاب، وكذا الإرشاد (3) وكذا التلخيص (4)، مع استثناء الحواصل
أيضا كالإصباح (5) والمبسوط (6) والنهاية (7) وكذا التبصرة، بلا استثناء لغير وبر
الخز (8) كالغنية (9) والسرائر (10) والمهذب (11) وجمل العلم والعمل (12) والمصباح (13) ومختصره (14) وظاهر الإقتصاد (15) والجمل والعقود (16).
وكذا النافع (17) والشرائع فيما عدا وبر الخز، وفرو السنجاب والثعلب
والأرنب (18)، والجامع عدا وبر الخز وجلده والسنجاب والحواصل (19)،
والخلاف (20) والمراسم فيما عدا الفنك والسمور والسنجاب ووبر الخز (21)،
والتحريم فيما عدا الحواصل والسنجاب ووبر الخز ووبر الثعالب والأرانب والفنك
والسمور.

(1) الإنتصار: ص 38.
(2) المعتبر: ج 2 ص 87.
(3) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 246.
(4) تلخيص المرام: ج 27 ص 558.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 21 ص 612.
(6) المبسوط: ج 1 ص 82 - 83.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 326.
(8) تبصرة المتعلمين: ص 23.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 22.
(10) السرائر: ج 1 ص 262.
(11) المهذب: ج 1 ص 74.
(12) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 28.
(13) مصباح المتهجد: ص 25.
(14) لا يوجد لدينا.
(15) الإقتصاد: ص 259.
(16) الجمل والعقود: ص 63.
(17) المختصر النافع: ص 24.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 69.
(19) الجامع للشرائع: ص 66.
(20) الخلاف: ج 1 ص 511، المسألة 256.
(21) المراسم: ص 64.
207

والمنتهى في غير السمور والسنجاب والفنك والثعلب والأرنب ووبر الخز (1)،
والتذكرة (2) ونهاية الإحكام في غير السنجاب والفنك والسمور ووبر الخز
وجلده (3) وكتاب عمل يوم وليلة للشيخ بلا استثناء (4)، ولكن ليس في شئ منها
سوى الإرشاد.
والتذكرة، ونهاية الإحكام ذكر للريش، وكذا الكافي في الجلود بلا
استثناء (5).
ويدل على ما قطعوا به الاجماع كما في الخلاف (6) والغنية (7) والتذكرة (8)
والمنتهى (9)، والشك في وقوع الذكاة عليها، بل ظهور العدم كما في المعتبر (100)
والمنتهى (11) مع الاجماع على أن ما لا يجوز الصلاة في جلده لا يجوز في شعره
أو وبره أو صوفه كما فيهما، إلا في الخز والسنجاب والسمور والفنك والثعلب
والأرنب.
ونحو خبر علي بن أبي حمزة أنه سأل الصادق عليه السلام عن لباس الفراء والصلاة
فيها، فقال: لا تصل فيها إلا فيما كان منه ذكيا. قال: أوليس الذكي ما ذكي
بالحديد؟ فقال: بلى إذا كان مما يؤكل لحمه (12).
وقوله عليه السلام في مرفوع محمد بن إسماعيل الذي في علل الصدوق: ولا يجوز
الصلاة في شعر ووبر ما لا يؤكل لحمه، لأن أكثرها مسوخ (13). وقول النبي صلى الله عليه وآله:

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 227 س 13.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 س 24.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 375.
(4) الرسائل العشر: كتاب عمل يوم وليلة، ص 144.
(5) الكافي في الفقه: ص 140.
(6) الخلاف: ج 1 ص 511 المسألة 256.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 23.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 94 س 40.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 226 س 23، 35.
(10) المعتبر: ج 2 ص 81.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 226 س 24.
(12) وسائل الشيعة: ج 3 ص 251، ب 2 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(13) علل الشرائع: ص 342.
208

يا علي لا تصل في جلد ما لا يشرب لبنه ولا يؤكل لحمه (1).
وخبر أبي تمامة أنه قال لأبي جعفر الثاني عليه السلام: إن بلادنا بلاد باردة فما تقول
في لبس هذا الوبر؟ فقال: البس منها ما أكل وضمن (2). وخبر ابن بكير أن زرارة
سأل الصادق عليه السلام عن الصلاة في الثعالب والفنك والسنجاب وغيره من الوبر،
فأخرج كتابا زعم أنه إملاء رسول الله صلى الله عليه وآله: إن الصلاة في وبر كل شئ حرام أكله
فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شئ منه فاسد، لا تقبل تلك
الصلاة حتى تصلى في غيره مما أحل الله أكله، ثم قال: يا زرارة هذا عن رسول
الله صلى الله عليه وآله فاحفظ ذلك يا زرارة، فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وشعره
وروثه وألبانه وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكي قد ذكاه الذبح، وإن كان
غير ذلك مما قد نهيت عن أكله، وحرم عليك أكله فالصلاة في كل شئ منه فاسد،
ذكاه الذبح أو لم يذكه (3).
وذكر البول والروث والألبان يقتضي فساد الصلاة مع شئ من ذلك وإن لم
يكن لباسا ولا في لباس. ويؤيده خبر عمر بن يزيد، عن إبراهيم بن محمد
الهمداني أنه كتب إليه: يسقط على ثوبي الوبر والشعر مما لا يؤكل لحمه من غير
تقية ولا ضرورة، فكتب: لا تجوز الصلاة فيه (4).
وصحيح علي بن مهزيار أن رجلا سأل الماضي عليه السلام عن الصلاة في جلود
الثعالب، فنهى عن الصلاة فيها وفي الثوب الذي يليه فلم يدر أي الثوبين الذي
يلصق بالوبر أو الذي يلصق بالجلد، فسأله عليه السلام فقال: لا تصل في الذي فوقه ولا
في الذي تحته (5).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 251، ب 2 من أبواب لباس المصلي، ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 251، ب 2 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 250، ب 2 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(4) المصدر السابق ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 259، ب 7 من أبواب لباس المصلي، ح 8.
209

وقول أبي جعفر عليه السلام لعلي بن راشد في الصحيح إذ سأله عن الصلاة في
الثعالب، قال: لا، ولكن تلبس بعد الصلاة، قلت: أصلي في الثوب الذي يليه،
قال: لا (1).
ونص في الخلاف جواز صلاة من وصلت شعرها بشعر غيرها من رجل أو
امرأة (2)، وهو ظاهر المبسوط (3)، للأصل.
وصحيح محمد بن عبد الجبار أنه كتب إلى أبي محمد عليه السلام يسأله: هل يصلي
في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير أو تكة من وبر الأرانب؟
فكتب: لا تحل الصلاة في الحرير المحض وإن كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه إن
شاء الله (4)، وليس نصا.
وخبر علي بن الريان كتب إلى أبي الحسن عليه السلام هل تجوز الصلاة في ثوب
يكون فيه شعر من شعر الانسان وأظفاره قبل أن ينفضه ويلقيه عنه؟ فوقع:
يجوز (5). كما في خبر آخر له. [ويجوز أن يكون] (6) إنما سأله عن شعر المصلي
وأظفاره (7). وقول الصادق عليه السلام في خبر عمار: لا بأس أن تحمل المرأة صبيها
وهي تصل أو ترضعه وهي تتشهد (8).
وما في قرب الإسناد للحميري عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن
جعفر عليه السلام أنه سأل أخاه عليه السلام عن المرأة تكون في صلاة الفريضة وولدها إلى
جنبها يبكي، هل يصلح لها أن تتناوله فتقعده في حجرها وتسكته وترضعه؟ قال:

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 258، ب 2 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(2) الخلاف: ج 1 ص 492 المسألة 234.
(3) المبسوط: ج 1 ص 92.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 273، ب 14 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 277، ب 18 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(6) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(7) المصدر السابق ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1274، ب 24 من أبواب قواطع الصلاة، ح 1.
210

لا بأس (1).
وعموم خبر سعد الإسكاف أن أبا جعفر عليه السلام سئل عن القرامل التي تضعها
النساء في رؤوسهن يصلنه بشعورهن؟ قال: لا بأس به على المرأة ما تزينت به
لزوجها (2).
وما في مكارم الأخلاق: عن زرارة، عن الصادق عليه السلام قال: سأله أبي وأنا
حاضر عن الرجل يسقط سنه فيأخذ من سن انسان ميت فيجعله مكانه؟ قال:
لا بأس (3). وقد يخص الجواز بما للانسان من الشعر ونحوه لهذه الأخبار، ثم
الأخبار والفتاوى يشمل ما له نفس وما لا نفس له، لكن في الصحيح أن علي بن
جعفر سأل أخاه عليه السلام هل يصلح للرجل أن يصلي وفي فيه الخرز واللؤلؤ؟ قال: إن
كان يمنعه من قرائته فلا، وإن كان لا يمنعه فلا بأس (4).
واللؤلؤ: كغدة في الصدف، ويحتمل افتراق الظاهر والباطن، وأما الدواب
التي قلما ينفك الانسان عن أجزائها وفضلاتها من القمل والبرغوث والبق
والذباب فكأنه لا شبهة في جواز الصلاة معها.
ولم ينه الصدوق في المقنع إلا عن الصلاة في الثعلب وما يليه من فوق أو
تحت وخصص (5) الخز بما لم يغش بوبر الأرانب (6) وكذا الفقيه (7)، لكن سمعت
كلامه في الخز المغشوش به، وحكى عن أبيه قوله: لا بأس بالصلاة في شعر ووبر
كل ما أكلت لحمه، وإن كان عليه من سنجاب أو سمور أو فنك وأردت الصلاة

(1) قرب الإسناد: ص 101.
(2) وسائل الشيعة: ج 14 ص 135، ب 101 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه، ح 2.
(3) مكارم الأخلاق: ص 95.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 337، ب 60 من أبواب لباس المصلي، ح 2 و 3.
(5) في ع (خص).
(6) المقنع: ص 24.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 263، ذيل الحديث 809.
211

فانزعه، وقد روي في ذلك رخصة (1). وذكر خبر النهي عن لبس جلود السباع من
الطير أو غيره في الصلاة (2).
وقال في الأمالي: ما يؤكل لحمه فلا يجوز الصلاة في شعره ووبره إلا ما
خصته الرخصة، وهي الصلاة في السنجاب والسمور والفنك والخز، والأولى أن لا
تصلي فيها، ومن صلى فيها جازت صلاته، وأما الثعالب فلا رخصة فيها إلا في
حال التقية والضرورة (3).
وفي الهداية: قال الصادق عليه السلام: صل في شعر ووبر كلما أكلت لحمه، وما لم
تأكل لحمه فلا تصل في شعره ووبره (4).
وقال المفيد: لا يجوز الصلاة في جلود الميتة كلها، وإن كان مما لو لم يمت
لوقع عليه الذكاة، ولا يجوز في جلود سائر الأنجاس كالكلب والخنزير والثعلب
والأرنب وما أشبه ذلك، ولا يطهر بدباغ ولا يقع عليها ذكاة. ثم قال: لا يجوز
الصلاة في أوبار ما لا يؤكل لحمه، ولا بأس بالصلاة في الخز المحض، ولا يجوز
الصلاة فيه إذا كان مغشوشا بوبر الأرانب والثعالب وأشباهها (5). فيجوز أن يريد
بالأنجاس ما ينجس بالموت، فيشمل كل ذي نفس، وأن لا يريد إلا الأنجاس
مطلقا، بناء على نجاسة الثعالب والأرانب وغير هما من المسوخ.
وهل يصلى فيما لا يتم الصلاة فيه منفردا من جلد ما لا يؤكل لحمه أو وبره
ففي النهاية (6) والسرائر: لا يجوز الصلاة في القلنسوة والتكة إذا عملا من وبر
الأرانب (7)، وهو خيرة المختلف (8) والشرائع (9) والجامع وفيه: من وبر ما لا يؤكل

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 262 ذيل الحديث 805.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 261 ح 805.
(3) أمالي الصدوق: ص 513.
(4) الهداية: ص 33.
(5) المقنعة: ص 150.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 328.
(7) السرائر: ج 1 ص 264.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 81.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 69.
212

لحمه (1)، ونهاية الإحكام وفيه: من جلده أو صوفه أو شعره (2)، للعمومات.
وخصوص خبر علي بن مهزيار قال: كتب إليه إبراهيم بن عقبة عندنا جوراب
وتكك تعمل من وبر الأرانب فهل يجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة
ولا تقية؟ فكتب: لا تجوز الصلاة فيها (3). وخبر أحمد بن إسحاق الأبهري قال:
كتبت إليه، وذكر نحو ذلك (4).
وفي المبسوط (5) والمنتهى: وتكره الصلاة في القلنسوة والتكة إذا عملا من
وبر ما لا يؤكل لحمه (6). وقسم ابن حمزة ما لا يتم فيه الصلاة منفردا إلى ما تكره
فيه وعد منها التكة والجورب والقلنسوة المتخذات من شعر الثعلب أو الأرنب،
وما لا تكره فيه وعد منها الثلاثة من غير ما ذكر (7).
وفي الإصباح كراهيتها في الثلاثة (8) المعمولة من وبر ما لا يؤكل لحمه ما لم
يكن هو أو المصلى رطبا (9).
وفي التحرير: في التكة والقلنسوة من جلد ما لا يؤكل لحمه إشكال، أحوطه
المنع. ولو عملت القلنسوة من وبر ما لا يؤكل لحمه أو التكة منه أو من حرير
محض فللشيخ قولان (10).
وفي التذكرة: لو عمل من جلد ما لا يؤكل لحمه قلنسوة أو تكة، فالأحوط
المنع. واستدل بالعموم، وخبر إبراهيم بن عقبة، وذكر أنه أحد قولي الشيخ، وأن
له قولا بالكراهية. مع أنه إنما كره الوبر (11).

(1) الجامع للشرائع: ص 67.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 374.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 258، ب 7 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 259، ب 7 من أبواب لباب المصلي، ح 5.
(5) المبسوط: ج 1 ص 84.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 227 س 25.
(7) الوسيلة: ص 88.
(8) في ع (التكة).
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 612.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 14.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 س 11 و 3.
213

ودليلهم على الجواز خبر الريان بن الصلت أنه سأل الرضا عليه السلام عن أشياء
منها الخفاف من أصناف الجلود، فقال: لا بأس بهذا كله إلا الثعالب (1)، وليس فيه
ذكر للصلاة.
وصحيح محمد بن عبد الجبار أنه كتب إلى أبي محمد عليه السلام يسأله هل يصلى
في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير محض أو تكة من وبر
الأرانب؟ فكتب: لا تحل الصلاة في الحرير المحض وإن كان الوبر ذكيا حلت
الصلاة فيه إن شاء الله (2). والظاهر أن الذكي ما أكل لحمه.
وما في بعض الكتب عن الرضا عليه السلام: وقد تجوز الصلاة فيما لم تنبته الأرض
ولم يحل أكله مثل السنجاب والفنك والسمور والحواصل إذا كان فيما لا يجوز
في (3) مثله وحده الصلاة (4).
(وهل يفتقر استعمال جلده) أي ما لا يؤكل (في غير الصلاة مع
التذكية إلى الدبغ؟ فيه قولان)، فالعدم خيرة الشرائع (5) والارشاد (6)
والتحرير (7) والمختلف (8).
والاشتراط قول المرتضى (9) والشيخين (10) وبني إدريس (11) وسعيد (12)

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 256، ب 5 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 273، ب 14 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(3) ليست في ب.
(4) فقه الرضا: ص 302.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 68.
(6) إرشاد الأذهان، كتاب الصيد وتوابعه: ج 2 ص 107.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 26 س 15، كتاب الطهارة.
(8) مختلف الشيعة: ص 685 س 3، كتاب الصيد والذبائح.
(9) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 218 المسألة 18.
(10) النهاية ونكتها: ج 3 ص 99، كتاب الصيد والذبائح، ولم نعثر عليه في المقنعة كما في مفتاح
الكرامة: ج 2 ص 149.
(11) السرائر: ج 3 ص 114.
(12) الجامع للشرائع: ص 66.
214

والبراج (1)، وسيأتي في الصيد والذبائح.
(و) لبس (الحرير المحض محرم على الرجال خاصة) في الصلاة
وغيرها بإجماع علماء الاسلام كما في المعتبر (2) والتذكرة (3) والمنتهى (4)، وتبطل
عندنا الصلاة فيه، خلافا لأكثر العامة (5)، كان ساترا أو لا، كالتكة والقلنسوة كما
في المختلف (6) والمنتهى (7)، وفاقا لظاهر المفيد (8) وسلا ر (9) والسيدين (10) وابني
حمزة (11) والجنيد (12) وغيرهم، وصريح الغنية (13) والجامع (14).
قال الصدوق: لا يجوز الصلاة في تكة رأسها من إبريسم (15)، للعمومات.
وصحيح محمد بن عبد الجبار أنه كتب إلى أبي محمد عليه السلام يسأله هل يصلى
في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج؟ فكتب عليه السلام: لا تحل الصلاة في حرير
محض (16). واستحب في النفلية أن لا يجعل رأس التكة من الحرير (17).
وفي الإرشاد: جواز التكة والقلنسوة من الحرير (18). وفي التلخيص: جواز

(1) المهذب: ج 1 ص 31، كتاب الطهارة.
(2) المعتبر: ج 2 ص 87.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 س 25.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 228 س 12.
(5) المجموع: ج 3 ص 180.
(6) مختلف الشيعة: ج 2 ص 79.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 228 س 12، 19.
(8) المقنعة: ص 150.
(9) المراسم: ص 64.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 22، جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى
المجموعة الثالثة): ص 28.
(11) الوسيلة: ص 87.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 82.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 22.
(14) الجامع للشرائع: ص 65.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 264 ذيل الحديث 814.
(16) وسائل الشيعة: ج 3 ص 267، ب 11 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(17) النفلية: ص 102.
(18) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 246.
215

الصلاة فيهما (1)، وكأن المعنى واحد. وفي النهاية (2) والمبسوط (3) والنافع (4)
والسرائر (5) والتذكرة: كراهية الصلاة فيهما (6).
وفي الكافي فيهما وفي الجورب والنعلين والخفين (7). وفي الشرائع في كل
ما لا يتم الصلاة فيه منفردا (8)، لقول الصادق عليه السلام في خبر الحلبي: كل ما لا
يجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم والقلنسوة
والخف والزنار يكون في السراويل ويصلى فيه (9).
وإن قيل: إنه لضعف سنده لا يقاوم الأول المؤيد بالعمومات. قالوا: الأول وإن
صح لكنه مكاتبة، وقد يعارض الأصل العمومات فإنما يحرم ما عليه الاجماع.
(ويجوز) لبس (الممتزج) منه بما يجوز لبسه والصلاة في الممتزج منه
بما يجوز الصلاة فيه ساترا أو غيره، للأصل والاجماع والنصوص، كان الخليط
قطنا أو كتانا أو خزا أو غيرها من سائر ما يجوز الصلاة فيه، كما في السرائر (10)
والشرائع (11) والوسيلة (12) والمعتبر (13) والتذكرة (14) ونهاية الإحكام (15) وغيرها
للأصل.
واختصاص النهي بالحرير المحض لقول الصادق عليه السلام في خبر إسماعيل بن
الفضل: إن كان فيه خلط فلا بأس (16)، فيندرج فيه الفضة وأوبار ما يؤكل.

(1) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية) ج 27 ص 558.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 328.
(3) المبسوط: ج 1 ص 84.
(4) مختصر النافع: ص 24.
(5) السرائر: ج 1 ص 263.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 س 39.
(7) الكافي في الفقه: ص 140.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 69.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 273، ب 14 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(10) السرائر: ج 1 ص 263.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 69.
(12) الوسيلة: ص 87.
(13) المعتبر: ج 2 ص 90.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 س 42.
(15) نهاية الإحكام: ج 1 ص 376.
(16) وسائل الشيعة: ج 3 ص 271، ب 13 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
216

واقتصر في المقنع (1) والمراسم (2) والنهاية (3) والخلاف (4) والمهذب (5)
والجامع على القطن والكتان (6).
كما أن في توقيع الناحية المقدسة: لا يجوز الصلاة إلا في ثوب سداه أو لحمته
قطن أو كتان (7). وزاد الشيخان في المقنعة (8) والمبسوط (9): الخز، كما في
صحيح زرارة أنه سمع أبا جعفر عليه السلام ينهي عن لباس الحرير للرجال والنساء، إلا
ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز أو كتان أو قطن، وإنما يكره
الحرير المحض للرجال والنساء (10).
والممتزج (كالسداء أو اللحمة) لا المموه بالفضة أو المخيط بخيوط من نحو
القطن، أو المخيط مع ثوب من نحوه، أو الملصق به، أو المحشو بنحوه، أو
المنسوج من طرائق بعضها من الحرير المحض وبعضها من نحو القطن، كما هو
المتبادر من هذه العبارة الشائعة في الأخبار والفتاوى.

(1) المقنع: ص 25.
(2) المراسم: ص 63.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 325.
(4) الخلاف: ج 1 ص 505 المسألة 246.
(5) المهذب: ج 1 ص 74.
(6) الجامع للشرائع: ص 65.
(7) الإحتجاج: ج 2 ص 492.
(8) المقنعة: ص 150.
(9) المبسوط: ج 1 ص 82.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 271، ب 13 من أبواب لباس المصلي، ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 268، ب 11 من أبواب لباس المصلي، ح 8.
(12) وسائل الشيعة: ج 3 ص 271، ب 13 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
217

ويؤيده خبر عمار سأل الصادق عليه السلام عن الثوب يكون علمه ديباجا، قال: لا
يصلى فيه (1). نعم خبر إسماعيل بن الفضل (2) يشمل ما إذا كان الخليط بعضا من
السدا أو اللحمة، ويحتمله العبارة الشائعة أيضا.
ويؤيده أن المجمع على حرمته وفساد الصلاة فيه هو المحض، فيحل ما
خرج عن اسمه عرفا، ويصح الصلاة فيه.
ويؤيده قول الصادق عليه السلام في خبر يوسف بن إبراهيم: لا بأس بالثوب أن
يكون سداه وزره وعلمه حريرا، وإنما كره الحرير المبهم للرجال (3). وفي خبر
آخر له: لا تكره أن يكون سدا الثوب إبريسم ولا زره ولا علمه (4).
ويجوز الممتزج (وإن كان) أكثر من الخليط عندنا، للأصل والاجماع
والعموم. وصحيح البزنطي أن الحسين بن قياما سأل أبا الحسن عليه السلام عن الثوب
الملحم بالقز والقطن والقز أكثر من النصف أيصلى فيه؟ قال: لا بأس قد كان لأبي
الحسن عليه السلام منه جبات (5). ويحتمل أن يكون أكثر من نصف اللحمة خاصة.
قال المحقق: ولو كان - يعني الخليط - عشرا (6). وقال ابن إدريس: بعد أن
يكون ينسب إليه بالجزئية كعشر وتسع وثمن وسبع وأمثال ذلك (7). يعني ما لم
يكن مستهلكا حتى يسمى الثوب في العرف حريرا محضا، كما نص عليه
الفاضلان (8) وغير هما.
واشترط الشافعي (9) وأبو حنيفة أن لا يكون أكثر (10) وللشافعي (11) في
المتساويين وجهان، وله قول باعتبار الظهور، فحرم ما ظاهره الحرير دون غيره،
وسمعت قول الحلبيين بكراهية الصلاة في الملحم بالحرير (12).
(و) يجوز لبس الحرير (للنساء مطلقا) محضا، أو ممتزجا بأي خليط
امتزج، بإجماع أهل العلم كافة، كما في المعتبر (13) والمنتهى (14). وهل لهن الصلاة

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 272، ب 13 من أبواب لباس المصلي، ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 275، ب 16 من أبواب لباس المصلي، ذيل الحديث 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 271، ب 13 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(4) المعتبر: ج 2 ص 90.
(5) السرائر: ج 1 ص 263.
(6) المعتبر: ج 1 ص 90، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 95 السطر الأخير.
(7) المجموع: ج 4 ص 436.
(8) لم نعثر عليه.
(9) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 628.
(10) الكافي في الفقه: ص 140، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 25.
(11) المعتبر: ج 2 ص 90.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 229 س 13.
218

في المحض منه؟ المشهور نعم، للأصل، وقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن بكير:
النساء يلبسن الحرير والديباج إلا في الاحرام (1).
وفي الفقيه: المنع (2)، لما مر آنفا من صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام،
ولقول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة أيضا: إنما يكره الحرير المحض للرجال
والنساء (3)، ويجوز أن يراد الكراهية بالمعنى الأعم. وفي خبر جابر الجعفي
المروي في الخصال: يجوز للمرأة لبس الحرير والديباج في غير صلاة وإحرام (4).
وعموم توقيع الناحية المقدسة (5) المتقدم، وتوقيع أبي محمد عليه السلام لمحمد بن
عبد الجبار في الصحيح: لا تحل في حرير محض (6).
وإن كان السؤال عن قلنسوة حرير أو ديباج والقلنسوة من ملابس الرجال،
فإن السؤال لا يخصص عموم الجواب. وخبر عمار سأل الصادق عليه السلام عن الثوب
يكون علمه ديباجا؟ قال: لا يصلى فيه (7). إن كان (لا يصلي فيه) بصيغة الغيبة.
وتوقف في المنتهى (8) وفي الوسيلة (8) والنزهة كراهية صلاتهن فيه (10). وفي
المبسوط (11) والسرائر (12) والجامع (13): إن تنزيههن عنه أفضل.
(و) يجوز لبسه مطلقا (للمحارب) في سبيل الله كما في التهذيب (14)

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 275، ب 16 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 263 ذيل الحديث 811.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 271، ب 13 من أبواب لباس المصلي، ح 5.
(4) الخصال: ص 585 ح 12.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 272، ب 13 من أبواب لباس المصلي، ح 8.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 273، ب 14 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 268، ب 11 من أبواب لباس المصلي ح 8.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 229 س 1.
(9) الوسيلة: ص 87.
(10) نزهة الناظر: ص 24.
(11) المبسوط: ج 1 ص 83.
(12) السرائر: ج 1 ص 263.
(13) الجامع للشرائع: ص 65.
(14) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 208 ذيل الحديث 815.
219

والنهاية (1) والوسيلة (2) وكتب المحقق (3).
وفي المراسم (4) والجامع في الدرع (5)، أي بطانته، للأخبار (6)، والاجماع
على ما في المعتبر (7) والذكرى (8).
قال المحقق: ولأنه تحصل قوة القلب، ومنع لضرر الزرد عند حركته، فجرى
مجرى الضرورة (9).
وفي المبسوط: فإن فاجأته أمور لا يمكن معها نزعه في حالة الحرب لم يكن
به بأس (10).
(و) كذا (المضطر) يجوز له لبس الحرير مطلقا، لعموم أدلة إباحة
الضرورات المحظورات، وخصوص ما روي من رخصة عبد الرحمن بن عوف
في لبسه، لأنه كان قملا (11).
وهل فقدان الساتر لمريد الصلاة ضرورة تجوز لبسه لها؟ قطع المصنف بالعدم
في التحرير (12) والنهاية (13) والمنتهى (14) والتذكرة (15).
وفي الذكرى: صلى عاريا عندنا، لأن وجوده كعدمه مع تحقق النهي عنه،
وجوزه العامة - يعني لبسه فيها - بل أوجبوه (16)، لأن ذلك من الضرورات (17).
(و) يجوز (الركوب عليه والافتراش له) للرجال والنساء، للأصل.

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 325.
(2) الوسيلة: ص 89.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 69، المختصر النافع: ص 24، المعتبر: ج 2 ص 87.
(4) المراسم: 64.
(5) الجامع للشرائع: ص 65.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 269 و 270، ب 12 من أبواب لباس المصلي، ح 1 و 2 و 3.
(7) المعتبر: ج 2 ص 88.
(8) ذكرى الشيعة: ص 145 س 1.
(9) المعتبر: ج 2 ص 88.
(10) المبسوط: ج 1 ص 168.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 270، ب 12 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 32 س 11.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 370.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 240 س 1.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 94 س 7.
(16) المجموع: ج 4 ص 439.
(17) 830 ذكرى الشيعة: ص 145 س 37.
220

وصحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن الفراش الحرير ومثله من الديباج
والمصلى الحرير هل يصلح للرجل النوم عليه والتكاءة والصلاة؟ قال: يفترشه
ويقوم عليه، ولا يسجد عليه (1). وقول الصادق عليه السلام في خبر مسمع بن عبد الملك
البصري: لا بأس أن يأخذ من ديباج الكعبة فيجعله غلاف مصحف، أو يجعله
مصلى يصلي عليه (2) وإن احتملا الحرير الممتزج.
وفي المبسوط (3) والوسيلة حرمة افتراشه والاتكاء عليه على الرجال وأسباله
سترا (4). قال الشيخ: لعموم تناول النهي له (5). وفي النافع: هل يجوز الوقوف على
الحرير وافتراشه؟ فيه تردد، والمروي الجواز (6) وفي شرحه بعد ذكر رواية علي
بن جعفر، ومنشأ التردد عموم تحريمه على الرجال (7).
قال الشهيد: الخاص مقدم على العام مع اشتهار الرواية (8) قلت: وصحتها؟
قال: مع أن أكثر الأحاديث تتضمن اللبس (9) قلت: والذي لا يتضمن اللبس نحو
قوله صلى الله عليه وآله مشيرا إلى الذهب والحرير: هذان محرمان على ذكور أمتي دون
إناثهم (10)، وإذ لم يجده المصنف مسندا من طريقنا.
قال في المختلف: ومنع بعض المتأخرين من ذلك، لعموم المنع من لبس
الحرير، وليس بمعتمد، لأن منع اللبس لا يقتضي منع الافتراش، لافتراقهما في
المعنى (11).
(و) يجوز (الكف به) أي بالحرير المحض كما في المبسوط (12)

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 274، ب 15 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 274، ب 15 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(3) المبسوط: ج 1 ص 168.
(4) الوسيلة: ص 367.
(5) المبسوط: ج 1 ص 168.
(6) المختصر النافع: ص 24، وفيه: (الركوب بدل الوقوف).
(7) المعتبر: ج 2 ص 90.
(8 و 9) ذكرى الشيعة: ص 145 س 12.
(10) عوالي اللآلي: ج 2 ص 30 ح 74.
(11) مختلف الشيعة: ج 2 ص 82.
(12) المبسوط: ج 1 ص 168.
221

والجامع (1) والوسيلة (2) وكتب المحقق (3) وظاهر النهاية (4) والإصباح (5)،
لخبر جراح المدائني أن الصادق عليه السلام كان يكره أن يلبس القميص المكفوف
بالديباج، ويكره لباس الحرير ولباس الوشي، ويكره المثيرة الحمراء فإنها مثيرة
إبليس (6).
قال الشهيد: والأصل في الكراهية استعمالها في بابها، وبه أفتى الأصحاب (7).
قلت: الكراهية إنما اختصت بغير الحرام في عرف الفقهاء، مع اشتماله على
كراهية لباس الحرير، وكونها هنا لفظ جراح، وخبرا عن اجتنابه وتركه عليه السلام، فلا
دلالة على الجواز أصلا مع جهل حال جراح والقاسم بن سليمان الذي روى عنه
الخبر.
واحتمال الديباج أن لا يكون حريرا محضا كما احتمله الشيخ (8) في صحيح
ابن بزيع سأل أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في ثوب ديباج، فقال: ما لم يكن فيه
التماثيل فلا بأس (9)، ولما مر من قول الصادق عليه السلام في خبر يوسف بن إبراهيم: لا
بأس بالثوب أن يكون سداه وزره وعلمه حريرا (10).
ويوسف كالجراح، مع معارضتها في الصلاة بما مر من خبر عمار (11)، ولما
روته العامة عن أسماء: أنه كان للنبي صلى الله عليه وآله جبة كسروانية، لها لبسة ديباج،

(1) الجامع للشرائع: ص 65.
(2) الوسيلة: ص 87.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 69، المختصر النافع: ص 24، المعتبر: ج 2 ص 90.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 326.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 612.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 268، ب 11 من أبواب لباس المصلي، ح 9.
(7) ذكرى الشيعة: ص 145 س 9.
(8) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 208 ذيل الحديث 816.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 208، ب 11 من أبواب لباس المصلي، ح 23.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 272، ب 13 من أبواب لباس المصلي، ح 6.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 268، ب 11 من أبواب لباس المصلي، ح 8.
222

وفرجاها مكفوفان بالديباج، وكان صلى الله عليه وآله يلبسها (1). وفيه مع الضعف الاحتمال.
ولضعف هذه الأدلة نص القاضي على بطلان الصلاة في المدبج بالديباج، أو
الحرير المحض، والكف به، أن يجعل في الأطراف من الذيل ورؤوس الأكمام
ونحوها، ولم يقدروه. لكن الفاضلين استندا [لجوازه مع] (2) خبر جراح برواية
العامة عن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الحرير إلا موضع إصبعين أو ثلاث أو
أربع (3)، وهو قد يشعر بالتحديد (4).
(ويشترط في الثوب) الذي عرفت جنسه من الصفات (أمران):
الأول: (الملك أو حكمه) وبالجملة إباحة لبسه للمصلي شرعا، (فلو
صلى في المغصوب عالما) بالغصب حين الصلاة (بطلت صلاته)
إجماعا كما في الناصريات (5) والغنية (6) والتذكرة (7) والتحرير (8) ونهاية
الإحكام (9) والذكرى (10). وظاهر المنتهى (1).
ساترا كان أو غيره كما في التحرير (12) والتذكرة (13) ونهاية الإحكام (14)،
لأنه مأمور بالنزع للرد إلى المالك، أو الحفظ له، فهو منهي عن ضده الذي هو
الصلاة، والنهي يقتضي الفساد، [ولا يتم فيما يجب أن يحفظ، ولا يحفظ إلا
باللبس] (15)، وإنما يتم [فيما يفتقر نزعه] (16) إلى مناف للصلاة، من كشف عورة،

(1) مسند أحمد: ج 6 ص 347 - 348.
(2) في ع و ب (الجواز).
(3) المعتبر: ج 2 ص 91، نهاية الإحكام: ج 1 ص 377.
(4) المهذب: ج 1 ص 75.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 231 المسألة 81.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 23.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 96 س 8.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 20.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 378.
(10) ذكرى الشيعة: ص 146 س 6.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 229 س 33.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 21.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 96 س 12.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 378.
(15) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(16) في ب‍ (فيه يقتصر).
223

أو فعل كثير أو نحوهما.
وفي الناصريات (1) والخلاف: إن الذمة لا تبرأ من الصلاة إلا بيقين (2). وفي
الناصريات أيضا: إن أجزاء الصلاة وغيرها من العبادات إنما يكون بدليل شرعي
ولا دليل هنا عليه (3). وفي الخلاف أيضا: إن التصرف في الثوب المغصوب قبيح،
ولا يصح نية القربة فيما هو قبيح، ولا صلاة إلا بنية القربة (4)، وضعف هذه
الوجوب ظاهر.
وفي المعتبر (5) والمنتهى (6) والتذكرة: إن الكون فيه منهي عنه، ومن الأكوان
فيه القيام والقعود والركوع والسجود التي هي أجزاء الصلاة، فيكون منهيا عنها
فتبطل وتبطل (7) الصلاة (8).
وفي الكافي للكليني: عن الفضل بن شاذان ما يحتمل ذهابه إلى صحة
الصلاة (9).
وقال المحقق: ثم اعلم إني لم أقف على نص من أهل البيت: بإبطال
الصلاة، وإنما هو شئ ذهب إليه المشايخ الثلاثة وأتباعهم، والأقرب أنه إن ستر
به العورة، أو سجد عليه، أو قام فوقه، كانت الصلاة باطلة، لأن جز الصلاة
يكون منهيا عنه، وتبطل الصلاة بفواته. أما لو لم يكن كذلك لم تبطل، وكان كلبس
خاتم من ذهب (10) انتهى.
يعني جزؤها وما جرى مجرى الجز من الشرط المقارن، يعني أن النهي إنما

(1) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 231 المسألة 81.
(2) الخلاف: ج 1 ص 510 المسألة 253.
(3) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 231 المسألة 81.
(4) الخلاف: ج 1 ص 510 المسألة 253.
(5) المعتبر: ج 2 ص 92.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 229 س 27.
(7) ليس في ب.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 96 س 9.
(9) الكافي: ج 6 ص 94.
(10) المعتبر: ج 2 ص 92، وفيه: (خاتم مغصوب).
224

يقتضي الفساد إذا تعلق بالعبادة (1)، فإذا ستر بالمغصوب صدق أنه استتر استتارا
منهيا عنه، فإن الاستتار به عين لبسه والتصرف فيه، فلا يكون استتارا مأمورا به
في الصلاة، فقد صلى صلاة خالية عن شرطها الذي هو الاستتار المأمور به،
وليس هذا كالتطهر من الخبث بالمغصوب، فإنه وإن نهى عنه لكن تحصل الطهارة
وشرط الصلاة إنما هو الطهارة لا فعلها، لينتفي الشرط إذا نهى عنه.
وإذا سجد أو قام على المغصوب، فعل سجودا أو قياما منهيا عنه، لمثل ذلك،
بخلاف ما إذا قام وركع وسجد لا بسا للمغصوب، متحركا فيه، إذا لبس شئ من
ذلك عين التصرف فيه، وإنما هو مقرون به، والتصرف هو لبسه وتحريكه، وهو
كلام متين لا يخدشه شئ. وإن اتجه البطلان بغير الساتر، بل غير اللباس، وغير
المستصحب أيضا بناء على الأمر بالرد أو الحفظ مع منافاة الصلاة، وكون الأمر
نهيا عن الضد واقتضائه الفساد إن كان الضد عبادة. وفي المنتهى: الاستشكال في
غير الساتر (2).
(وإن جهل الحكم) بالبطلان أو نسيه لم يؤثر إذا علم الحرمة، فإن مناط
البطلان الحرمة، نعم يؤثر الجهل بالحرمة ونسيانها إذ لا حرمة عليه، لامتناع
تكليف الغافل، لكنه نص في التحرير (3) والمنتهى على أن جاهل التحريم لا يعذر
جاهله لأن التكليف لا يتوقف على العلم به وإلا لزم الدور (4)، يعني جاهله مع
التنبيه عليه لتقصيره لا الغافل.
(والأقوى إلحاق الناسي) للغصبية به، أي العالم في بطلان الصلاة في
الوقت وخارجه، لاطلاق الفتاوى، لأنه كالمصلي عاريا ناسيا، لأن هذا الستر
كالعري، كالستر بالظلمة وبالليل وبالنجس.

(1) في ب (بالعباد).
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 229 س 34.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 22.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 229 س 35.
225

وفي التذكرة: لتفريطه بالنسيان (1)، وضعفه ظاهر، ولم يبطلها ابن إدريس (2)،
لرفع النسيان عن الأمة، ومعناه رفع جميع أحكامه، لأنه أقرب المجازات إلى
الحقيقة من رفع بعضها كالعقاب عليه، ولأن الناسي لغفلته غير مأمور بالنزع، ولا
منهي عن التصرف فيه، والحمل على النجس قياس، وهو خيرة المنتهى (3)
والبيان (4).
ويمكن الفرق بين العالم بالغصب عند اللبس، والناسي له عند الصلاة،
والناسي له عند اللبس، لتفريط الأول ابتداء واستدامة دون الثاني.
واستوجب في المختلف الإعادة في الوقت (5)، لأنه لم يأت بالمأمور به على
وجهه، فلم يخرج عن العهدة لا خارجه، لأن القضاء بأمر جديد.
والأول إنما يتم لو اشترطت الصلاة بعدم الغصب، ويجوز اشتراطها بعدم العلم به.
وفي الثاني أنها إذا لم تكن على وجهها فهي فائتة، ومن فاتته فليقضها
إجماعا ونصا.
(و) الأقوى إلحاق (مستصحب) مغصوب (غيره) أي الثوب كدرهم
أو خاتم (به) أي المصلي في ثوب عالما بغصبه، لأنه منهي عن تحريكاته له،
الصادرة عنه في الصلاة.
وفيه ما مر من أن التحريكات ليست من أجزاء الصلاة، ولأنه مأمور برده
المنافي للصلاة، فلا يبطل إن أمكن الرد فيها، أو كان مأمورا بالحفظ لا الرد، ولذا
زاد في التذكرة (6) والنهاية غاصب ما لا يستصحبه، قال: إلا أنه هنا لو صلى آخر
الوقت صحت صلاته، بخلاف المصاحب (7).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 96 س 14.
(2) السرائر: ج 1 ص 271.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 230 س 3.
(4) البيان: ص 58.
(5) مختلف الشيعة: ج 2 ص 94.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 96 س 13.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 378.
226

(ولو أذن المالك للغاصب أو لغيره) في اللبس مطلقا، أو في الصلاة فيه
(صحت) (ولو أذن مطلقا جاز) اللبس والصلاة (لغير الغاصب) خاصة
(عملا بالظاهر) والأصل.
(و) الأمر الثاني: (الطهارة) إلا فيما لا يتم (1) فيه الصلاة، وما عفي عنه من
الدم، (وقد سبق).
(المطلب الثاني)
(في ستر العورة).
(وهو) عن الناظر المحترم (واجب في الصلاة وغيرها) إجماعا
ونصا.
(ولا يجب في الخلوة) أي حيث لا ناظر محترما، خلافا لأحد وجهي
الشافعية (2) (إلا في الصلاة) والطواف (وهو شرط فيها) وفيه اختيارا.
(فلو تركه مع القدرة) عليه (بطلت) صلاته إجماعا منا كما في
التذكرة (3) والمنتهى (4) ولو في ظلمة وللعامة قول بالعدم (5)، و (سواء) في
الاشتراط (كان منفردا أو لا) كان في الخلوة أو لا.
وهل الغفلة عن الستر عذر حتى تصح صلاة من نسيه فصلى مكشوف العورة
عالما به؟ في الدروس: إن الأصح بطلان صلاته والإعادة في الوقت وخارجه (6).
وقد يستظهر من إطلاقهم الفتوى بالاشتراط والبطلان وظاهر المعتبر (7)
والتذكرة (8) والمنتهى أنه لا خلاف فيه (9) إلا لبعض المالكية (10).

(1) ساقط من ب.
(2) المجموع: ج 3 ص 166 س 2.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 25.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 235 س 35.
(5) المجموع: ج 3 ص 167 س 4.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 148 درس 29.
(7) المعتبر: ج 2 ص 102.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 25.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 235 س 37.
(10) المجموع: ج 3 ص 167.
227

وهل الغفلة عن الانكشاف عذر حتى تصح صلاته (1) مكشوف العورة وهو
لا يعلم؟ اختاره في المختلف، فخصص الاشتراط به بحال التذكرة (2)، وكذا
المعتبر (3) والمنتهى (4) والتذكرة (5) ونهاية الإحكام (6)، فإذا علم به ستر وأتم
الصلاة.
ويدل عليه صحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يصلي وفرجه
خارج لا يعلم به، هل عليه إعادة أو ما حاله؟ قال: لا إعادة عليه، قد تمت
صلاته (7).
وفي التحرير: ولو قيل بعدم الاجتزاء بالستر كان وجها، لأن الستر شرط وقد
فات (8)، وهو مبني على الاشتراط به مطلقا كالطهارة والاستقبال.
وقال أبو علي بإعادته في الوقت خاصة (9). واستدل له في المختلف بنحو ما
احتج به لمثل خيرته في المصلي في المغصوب ناسيا. وأجاب: بمنع الاشتراط به
مطلقا (10). ومن الغفلة عندي الانكشاف ولا باختياره، وهو كما يفصح عنه
المختلف ما ذكره الشيخ في المبسوط فقال: فإن انكشفت عورتاه في الصلاة
وجب عليه سترهما، ولا تبطل صلاته، سواء كان ما انكشف عنه قليلا أو كثيرا،
بعضه أو كله (11).
قال الشهيد في البيان: ولو انكشف في الأثناء بغير قصد ولما يعلم صحت،
وإن علم تستر. وقيل: يبطل، لأن الشرط قد فات، والوجه عدمه، لامتناع تكليف
الغافل، وهو فتوى المبسوط (12).

(1) في ط (صلاة من نسيه فصلى).
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 100.
(3) المعتبر: ج 2 ص 102.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 238 س 33.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 30.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 369.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 293، ب 27 من أبواب لباس المصلي، ح 1
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 32 س 1.
(9) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 99.
(10) مختلف الشيعة: ج 2 ص 100.
(11) مختلف الشيعة: ج 2 ص 99.
(12) البيان: ص 60.
228

وفي المعتبر: تبطل الصلاة بظهور شئ من العورة مع العلم وإن قل لفوات
شرط الصلاة. وقال في المبسوط: لو انكشفت سترها ولم تبطل صلاته ولا تبطل
مع عدم العلم (1) انتهى.
فلم يجعل هذا الانكشاف من الغفلة، وكذا التذكرة (2) ونهاية الإحكام (3).
ففي الأول قال الشيخ في المبسوط، وذكر ما سمعته، ثم قال: وفيه نظر من
حيث أن ستر العورة شرط، وقد فات، فتبطل. أما لو لم يعلم به، فالوجه الصحة
للعذر، ونحو منه الثاني.
وفي التحرير: لو انكشفت عورته في الأثناء ولم يعلم صحت صلاته، ولو علم
في الأثناء سترها، سواء طالت المدة قبل علمه أو لم يطل، أدى ركنا أو لا، ولو
علم به ولم يستره أعاد، سواء انكشفت ربع العورة أو أقل أو أكثر. ولو قيل بعدم
الاجتزاء بالستر كان وجها، لأن الستر شرط وقد فات (4) انتهى.
ففرق بين استمرار الغفلة إلى إتمام الصلاة وعدمه، أو اكتفى باحتمال عدم
الاجتزاء بالستر عن احتمال البطلان مع استمرار الغفلة.
واحتمل في الذكرى أن يكون المبطل انكشاف جميع العورة في جميع
الصلاة، فلا تبطل بانكشاف البعض أو في بعض الصلاة - يعني غفلة أو نسيانا -
وأن يكون المصحح ستر الجميع في جميعها فتبطل (5).
وكلام أبي علي نص في انكشاف العورتين (6)، ولفظ الخبر فرجه، وهو يشمل
الكل أو البعض، والمعتبر في الصلاة والطواف الستر في غير جهة البحث: وإلا لم
يجوز في إزار بلا استشفار ونحوه، ولا في قميص، ولا فيهما. ولكنه إن قام
مؤتزرا على طرف سطح بحيث ترى عورته من أسفل ففي التذكرة لم تصح

(1) المعتبر: ج 2 ص 102.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 30.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 369.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 31 السطر الأخير.
(5) ذكرى الشيعة: ص 141 س 5.
(6) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: ج 2 ص 99.
229

صلاته، لعدم الستر (1). وفي نهاية الإحكام: وهل يصح لو لم يجد الناظر؟ الأقرب
المنع (2).
وفي الذكرى: التردد من أن الستر إنما يلزم من الجهة التي جرت العادي النظر
منها، ومن أن الستر من تحت إنما لا يراعى إذا كان على وجه الأرض، لعسر
التطلع حينئذ، أما في صورة الفرض فالأعين تبتدر لادراك العورة. قال: ولو قام
على محرم لا يتوقع ناظر تحته، فالأقرب أنه كالأرض، لعدم ابتدار الأعين (3).
(وعورة الرجل قبله ودبره خاصة) كما هو المشهور، للأصل، وخبر
الصدوق (4) ومحمد بن حكيم، عن الصادق عليه السلام: الفخذ ليس من العورة (5).
وقوله عليه السلام في خبر محمد بن حكيم: إن الركبة ليست من العورة (6).
وما في قرب الإسناد للحميري من خبر علي بن جعفر أنه سأل أخاه عن
الرجل بفخذه أو أليتيه الجرح، هل يصلح للمرأة أن تنظر إليه أو تداويه؟ قال: إذا
لم يكن عورة فلا بأس (7). وقوله في مرسل أبي يحيى الواسطي: العورة عورتان
القبل والدبر، والدبر مستورة بالأليتين، فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد ستر
العورة (8).
وفي السرائر الاجماع عليه (9)، وفي المعتبر الاجماع على أن الركبة ليست
من العورة (10).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 94 س 29.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 372.
(3) ذكرى الشيعة: ص 141 س 32.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 119 ح 253.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 364، ب 4 من أبواب آداب الحمام، ح 1.
(6) تهذيب الأحكام، ج 1 ص 374 ح 8 وفيه (الفخذ) بدل (الركبة).
(7) قرب الإسناد: ص 101 و 102.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 365، ب 4 من أبواب آداب الحمام، ح 2.
(9) السرائر: ج 1 ص 260.
(10) المعتبر: ج 2 ص 100.
230

والقبل: القضيب والبيضتان كما في خبر أبي يحيى الواسطي (1)، وقطع به ابن
سعيد (2)، وظاهر التحرير التردد فيه (3).
(ويتأكد استحباب ستر ما بين السرة والركبة) كما هو المشهور، وأوجبه
الحلبي (4)، واحتاط به القاضي (5)، لخبر بشير النبال أن أبا جعفر عليه السلام اتزر بأزار،
وغطى ركبتيه وسرته، ثم أمر صاحب الحمام فطلى ما كان خارجا من الإزار، ثم
قال: أخرج عني، ثم طلى هو ما تحته بيده، ثم قال: هكذا فافعل (6). ولهذا الخبر
نص ابن حمزة على استحباب ستر الركبة أيضا (7).
وما في قرب الإسناد للحميري من قول أبي جعفر عليه السلام في خبر الحسين بن
علوان: إذا زوج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها (8) والعورة ما بين السرة إلى
الركبة.
قال الحلبي: ولا يمكن ذلك في الصلاة إلا بساتر من السرة إلى نصف الساق،
ليصح سترها في حال الركوع والسجود (9).
وفي الأربعمائة من الخصال: عن أمير المؤمنين عليه السلام: ليس للرجل أن يكشف
ثيابه عن فخذه ويجلس بين قوم (10).
(وأقل) تأكدا (منه) أي ستر ما بين السرة والركبة (ستر جميع
البدن) الذي يعتاد ستره عمن يحترم، وهو الرأس وما تحت الرقبة إلى القدمين
خلا الكفين، فذلك لقوله تعالى: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) (11). وعن

(1) الجامع للشرائع: ص 65.
(2) الجامع للشرائع: ص 65.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 31 س 20.
(4) الكافي في الفقه: ص 139.
(5) المهذب: ج 1 ص 84.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 365، ب 5 من أبواب آداب الحمام، ح 1.
(7) الوسيلة: ص 89.
(8) قرب الإسناد: ص 49.
(9) الكافي في الفقه: ص 139.
(10) الخصال: ص 630.
(11) الأعراف: 31.
231

النبي صلى الله عليه وآله: إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه، فإن الله أحق أن يزين له (1). ولخبر
علي بن جعفر المروي في قرب الإسناد للحميري أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل
هل يصلح له أن يصلي في سراويل واحد وهو يصيب ثوبا؟ قال: لا يصلح (2).
وفي التذكرة ونهاية الإحكام: استحباب ستر جميع البدن بقميص وإزار
وسراويل (3). قال في النهاية: فإن اقتصر على ثوبين فالأفضل قميص ورداء، أو
قميص وسراويل، وإن اقتصر على واحد فالقميص أولى، ثم الإزار، ثم
السراويل. وكان الإزار أولى، لأنه يتجافى (4).
(ويكفيه ثوب واحد) يستر العورة للأصل، والنص والاجماع، ويكفي فيه
أن (يحول بين الناظر ولون البشرة) بشرة السوأتين وإن لم يستر الحجم كما
في المعتبر (5)، لحصول الستر، ولتجويز الصلاة في قميص واحد إذا كان كثيفا في
صحيح محمد بن مسلم (6) وحسنه (7).
والكثافة قد لا تفيد إلا ستر اللون، ولأن جسد المرأة كله عورة، فلو وجب (8)
ستر الحجم وجب فيه. ولقول أبي جعفر عليه السلام في خبر عبيد الله الوافقي إذا طلى
فقيل له: رأيت الذي تكره، فقال: كلا أن النورة سترة (9). وفيه أنه عليه السلام كان يطلي
عانته وما يليها ثم يلف إزاره على أطراف إحليله، ثم كان يدعو العامل فيطلي
سائر جسده، وظاهره أنه سترة للعانة، وإنما الكلام في حجم السوءة.

(1) سنن البيهقي: ج 2 ص 236.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 330، ب 53 من أبواب لباس المصلي، ح 7.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 15.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 367.
(5) المعتبر: ج 2 ص 101.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 282، ب 22 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 283، ب 22 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(8) ليس في ب.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 378، ب 18 من أبواب آداب الحمام، ح 1.
232

ولمرسل محمد بن عمر أن أبا جعفر عليه السلام تنور، فلما أن أطبقت النورة على
بدنه ألقى المئزر، فقيل له في ذلك، فقال: أما علمت أن النورة قد أطبقت العورة (1).
ويحتمل الالقاء عن العانة وما يليها مع ستر الإحليل وما تحته، كما في خبر
الوافقي، ولكن قال الصادق عليه السلام في مرفوع أحمد بن حماد: لا تصل فيما شف أو
وصف (2).
قال الشهيد: معنى (كشف) لاحت منه البشرة، و (وصف) حكى الحجم (3).
وفي خط الشيخ أبي جعفر في التهذيب أوصف (4) بواو واحدة، والمعروف بواوين
من الوصف.
أقول: يجوز أن يكون بإعجام الضاد من الضعف، أي الضيق كما في الصحاح
عن أبي زيد (5). وفي الفائق عن ابن الأعرابي: والضيق يؤدي إلى الوصف (6)،
ولكن في التهذيب يعني: الثوب المصقل (7). وهو إما كلام الشيخ أو أحد الرواة في
السند، وكذا في المقنع (8)، وهو المصقل، وهو يعطي إهمال الصاد إن كان تفسيرا
له، أو اللفظين كالقاع الصفصف أي الأملس.
وفي الوسيلة: كراهية الثوب الشاف (9). وفي المهذب: كراهية الشفاف (10). فإما
أن يريد الصقيل أو الرقيق كما في المبسوط (11) والنهاية (12) والنفلية (13)، أي رقيقا
لا يصف البشرة كما في المنتهى (14) والتحرير (15)، أو مع وجود ساتر غيره.

(1) المصدر السابق ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 282، ب 21 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
(3) ذكرى الشيعة: ص 146 س 21.
(4) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 214 ح 45.
(5) الصحاح: ج 4 ص 1391 مادة (ضفف).
(6) الفائق: ج 2 ص 342 مادة (صفف).
(7) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 214 ح 46.
(8) المقنع: ص 25.
(9) الوسيلة: ص 87.
(10) المهذب: ج 1 ص 74.
(11) المبسوط: ج 1 ص 88.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 327.
(13) الألفية والنفلية: ص 101.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 232 س 2.
(15) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 34.
233

(ولو وجد) الرجل ([ساترا لأحدهما] (1) خاصة، (فالأولى)
بالستر (القبل) كما في المعتبر (2)، لبروزه وكونه إلى القبلة واستتار الدبر
بالأليتين، كما في مرسل أبي يحيى (3). فلو ستر به الدبر فالأولى البطلان كما في
الذكرى (4)، ولا يسقط ستره بالعجز عن ستر الدبر، لعموم: (فافعلوا منه ما
استطعتم) (5)، وأصل عدم اشتراط شئ منها بالآخر. وكذا الخنثى المشكل إذا لم
يجد إلا ساتر القبلين سترهما، وإن لم يجد إلا ساتر أحدهما ستر القبل كما قرب
في الذكرى (6).
ومن العامة من قال: إن كان عنده رجل ستر آلة النساء وامرأة فالذكر (7). وإن
لم تجد المرأة إلا ما يستر السوءتين أو إحداهما فالأقرب الستر لمثل ما عرفت،
ولا أولوية لإحداهما.
(وبدن المرأة كله عورة) بلا خلاف بين كل من يحفظ عنه العلم، على ما
في المنتهى وإن قيدها فيه بالحرة (8). ولا يخالفه قوله في التذكرة (9) كالمعتبر (10):
عورة المرأة الحرة جميع بدنها إلا الوجه بإجماع علماء الأمصار. فالمراد به الذي
يجب ستره في الصلاة، و (يجب عليها (11) ستره) أي بدنها كله (في الصلاة
إلا الوجه والكفين وظهر القدمين) كما في المبسوط (12) والمعتبر (13)

(1) في النسخة المطبوعة من القواعد (ساتر أحدهما).
(2) المعتبر: ج 2 ص 106.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 365، ب 4 من أبواب آداب الحمام، ح 2.
(4) ذكرى الشيعة: ص 141 س 7.
(5) صحيح مسلم: ج 4 ص 1830 ح 130.
(6) ذكرى الشيعة: ص 141 س 8.
(7) المجموع: ج 3 ص 182.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 236 س 26.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 36.
(10) المعتبر: ج 2 ص 101.
(11) في ع و ط (عليها حرة).
(12) المبسوط: ج 1 ص 87.
(13) المعتبر: ج 2 ص 101.
234

والإصباح (1) والجامع (2)، للأصل، ولقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم:
المرأة تصلي في الدرع والمقنعة إذا كان الدرع كثيفا (3).
قال المحقق: وجه الدلالة أنه اجتزأ بالدرع - وهو القميص - والمقنعة وهي
للرأس (4).
وفي المنتهى: وليس القميص غالبا ساترا لظهر القدمين (5). وفي خبر الفضيل:
صلت فاطمة عليها السلام في درع وخمارها على رأسها، ليس عليها أكثر مما وارت به
شعرها وأذنيها (6).
وفي المنتهى: إجماع كل من يحفظ عنه العلم في الوجه (7)، ونحوه
التذكرة (8) والمختلف (9) والمعتبر (10)، وفي ظاهرها وصريح المنتهى إجماعنا
في الكفين وفيها أيضا: إن الحاجة ماسة إلى إظهار الوجه والكفين غالبا للأخذ
والاعطاء، فليست من العورة، وأن ابن عباس فسر بها قوله تعالى: (إلا ما ظهر
منها)، وإنه يحرم سترها بالنقاب والقفازين في الاحرام، وأن ظهر القدمين
كالكفين في الظهور غالبا (11).
وفي المنتهى: إنهما أولى بالترخص من الوجه (12)، وفي الذكرى: أجمع العلماء
على عدم وجوب ستر وجهها إلا أبا بكر بن هشام، وعلى عدم وجوب

(1) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 612.
(2) الجامع للشرائع: ص 65.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 281، ب 21 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(4) المعتبر: ج 2 ص 101.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 237 س 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 293، ب 28 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 236 س 29.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 36.
(9) مختلف الشيعة: ج 2 ص 98.
(10) المعتبر: ج 2 ص 101.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 46 س 31 مع اختلاف.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 236 س 25.
235

ستر الكفين إلا أحمد وداود (1).
وفي السرائر (2) والتذكرة (3) والتبصرة (4) والارشاد (5) والتلخيص (6) ونهاية
الإحكام: استثناء القدمين من غير تخصيص بظهريهما (7).
وفي الدروس النص على ظاهرهما وباطنهما (8)، وتردد المحقق في
النافع (8) والشرائع فيهما من الأصل وشيوع مشيهن حفاة في جميع الأعصار (10)،
وأولويتهما بالترخص من الوجه، ومن قلة الحاجة إلى إظهارهما خصوصا
باطنيهما، واستتارهما غالبا بالقميص إذا كان سائغا، كما روي أن فاطمة عليها السلام
كانت تجر إزارها وتطافي ذيولها (11).
وفي التذكرة: إن الدرع هو القميص السائغ الذي يغطي ظهور قدميها (12).
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: من جر ثوبه خيلا لم ينظر الله إليه يوم، القيامة
فقالت أم سلمة: فكيف تصنع النساء بذيولهن؟ قال: يرخين شبرا، قالت: إذن
تنكشف أقدامهن؟ قال: فيرخين ذراعا لا يزدن (13). واستتار باطنيهما عند السجود
والجلوس أظهر.
وحصر ابن عباس ما ظهر منها في غير هما (14)، مع إمكان أن يقال: الأصل
فيهما الستر، فإنما يستثنى من أعضائها ما علم.
وقد يؤيده صحيح علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن المرأة ليس لها إلا

(1) ذكرى الشيعة: ص 139 س 31.
(2) السرائر: ج 1 ص 260.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 40.
(4) تبصرة المتعلمين: ص 23.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 247.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 558.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 366.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 147 درس 29.
(9) المختصر النافع: ص 25.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 70.
(11) لم نعثر عليه.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 20.
(13) سنن النسائي: ج 8 ص 209.
(14) تفسير الطبري: ج 7 ص 93.
236

ملحفة واحدة كيف تصلي؟ قال: تلتف فيها وتغطي رأسها وتصلي، فإن خرجت
رجلها وليس تقدر على غير ذلك فلا بأس (1).
وقول الصادق عليه السلام في خبر ابن أبي يعفور: تصلي المرأة في ثلاثة أثواب أزار
ودرع وخمار، ولا يضرها أن تقنع بخمار، فإن لم تجد فثوبين، تتزر بأحدهما
وتقنع بالآخر (2). وخبر معلى بن خنيس أنه سأله عليه السلام عن المرأة تصلي في درع
وملحفة وليس عليها إزار ومقنعة، قال: لا بأس إذا التفت بها، وإن لم تكفيها عرضا
جعلتها طولا (3)، وإن احتملت الرجل ما فوق القدم والإزار سترته.
وأوجب ابن حمزة سترها جميع بدنها إلا موضع السجود (4). وظاهره الجبهة
وحدها، وكأنه لكون الستر الأصل فيها إلا ما تضطر إلى كشفه، وإنما هو الجبهة.
وفي الإشارة: كشف بعض وجهها وأطراف يديها وقدميها (5)، ويجوز أن يريد
ستر بعض الوجه من باب المقدمة، وبأطراف اليدين الكفين، وبأطراف القدمين ما
خلا العقبين.
وفي الإقتصاد: ولا يكشف غير الوجه فقط (6)، وفي الجمل والعقود (7) والغنية:
على الحرائر من النساء ستر جميع البدن (8). وكأنه لنحو قول الكاظم عليه السلام في
صحيح عبد الرحمن بن الحجاج: لا ينبغي للمرأة أن تصلي في درع وخمار، قال:
ويكون عليها ملحفة تضمها عليه (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 294، ب 28 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 295، ب 28 من أبواب لباس المصلي، ح 8.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 294، ب 28 من أبواب لباس المصلي، ح 5.
(4) الوسيلة: ص 89.
(5) إشارة السبق: ص 83.
(6) الإقتصاد: ص 258.
(7) الجمل والعقود: ص 63.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 19.
(9) كذا في النسخ المعتمدة، والظاهر من الحديث أن صحيح عبد الرحمن ينتهي إلى كلمة
(وخمار) انظره في التهذيب ج 2 ص 217 ح 854. وما بعده ذيل الحديث المروي عن جميل
ابن دراج عن الصادق عليه السلام انظر ذلك في التهذيب أيضا ج 2 ص 218 ح 860.
237

وفي خبر آخر المروي في قرب الإسناد للحميري سأله هل يصلح لها أن
تصلي في درع ومقنعة؟ قال: لا يصلح لها إلا في ملحفة إلا أن لا تجد بدا (1).
وسوى أبو علي (2) بينها وبين الرجل في أنه لا يجب ستر غير القبل والدبر،
للأصل، وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر زياد بن سوقة: لا بأس أن يصلي أحدكم في
الثوب الواحد وإزاره محللة أن دين محمد حنيف (3).
(ويجب على الحرة ستر رأسها إلا الصبية) بإجماع من عدا أبا علي (4)،
للأصل والأخبار. وأما خبر ابن بكير، عن الصادق عليه السلام: لا بأس بالمرأة المسلمة
الحرة أن تصلي وهي مكشوفة الرأس (5).
فمع الضعف يحتمل الضرورة، والنافلة، والتخلي عن الجلباب وإن كان عليها
خمار. قال الشيخ: والصغيرة، ويحتمل يراد أنه لا بأس بها أن تكون بين أيدينا
مكشوفة الرأس ونحن نصلي أو أنت تصلي (6).
وأما قوله عليه السلام في خبر آخر له: لا بأس أن تصلي المرأة المسلمة وليس على
رأسها قناع (7). فيحتمل مع أكثر ذلك الأمة، والتستر بغير القناع من ملحفة
ونحوها، كما في خبر علي بن جعفر ومعلى بن خنيس المتقدمين آنفا على أن في
العين (8) والمحيط (9) والمحكم (10) والصحاح (11) والنهاية الأثيرية: أن القناع أكبر من

(1) قرب الإسناد: ص 101.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 98.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 285، ب 23 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص 96.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 297، ب 29 من أبواب لباس المصلي، ح 5.
(6) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 218 ذيل الحديث 858.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 298، ب 29 من أبواب لباس المصلي، ح 6.
(8) العين: ج 1 ص 170 مادة (قنع).
(9) لا يوجد لدينا كتابه.
(10) لا يوجد لدينا كتابه.
(11) الصحاح: ج 3 ص 1273 مادة (قنع).
238

المقنعة (1) وإن أنكره الأزهري (2).
ومن الرأس الشعر والأذنان كما مر في خبر الفضل لما عرفت من أصل الستر
فيها. وجعله الشهيد في الألفية أولى (3).
وفي الذكرى (4): أقرب للخبر، مع أنه لا يدل على الوجوب، واحتمال العدم
لأصل البراءة وعدم الاشتراط، واحتمال دخول الأذنين في الوجه أو خروجهما
عن الرأس، وخروج ما طال من الشعر عنه.
وفي شرح جمل العلم والعمل للقاضي، عن بعض الأصحاب: إنه لا يجب ستر
الشعر (5). وفي الذكرى: وفي الصدغين وما لا يجب غسله من الوجه نظر، من
تعارض العرف اللغوي والشرعي (6). يعني في الوجه، فإنه لغة ما يواجه به شرعا
ما دارت عليه الإصبعان، لكنه إنما ثبت في الوجه المغسول في الوضوء خاصة أو
في الرأس، لدخول ما خرج من الوجه فيه، وهو إن سلم فالخروج في الوضوء
خاصة. قال: وأما العنق فلا شك في وجوب ستره من الحرة.
قلت: ويؤيده أصل الستر والخروج عما ظهر، وعدم الحاجة إلى كشفها.
وما في التذكرة من أن الخمار هو الجلباب، وهو ما يغطي رأسها وعنقها (7).
وجعل ستره في الألفية أولى (8).
وأما استثناء الصبية فظاهر، إذ لا وجوب عليها، مع اختصاص الأخبار هنا
بالمرأة والمدركة.
وما في العلل من صحيح عبد الرحمن بن الحجاج أنه سأل الصادق عليه السلام عن (1) النهاية: ج 4 ص 114 مادة (قنع).
(2) تهذيب اللغة: ج 1 ص 261 مادة (قنع).
(3) الألفية والنفلية: ص 50.
(4) ذكرى الشيعة: ص 140 س 17.
(5) شرح جمل العلم والعمل: ص 73، وفيه: (فقد اتفقوا في الجملة على وجوب سترها
لرأسها).
(6) ذكرى الشيعة: ص 140 س 18.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 20.
(8) الألفية والنفلية: ص 50.
239

الجارية التي لم تدرك متى ينبغي لها أن تغطي رأسها ممن ليس بينها وبينه محرم
ومتى يجب عليها أن تقنع رأسها للصلاة؟ قال: لا تغطي رأسها حتى تحرم عليها
الصلاة (1).
(و) كذا لا يجب ستر الرأس على (الأمة) ما لم ينعتق منها شئ
بالاجماع والنصوص، وإن كانت سرية أو مزوجة أو أم ولد.
وعن الحسن البصري وجوب الخمار على الأولتين (2). وعن محمد بن مسلم
أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الأمة إذا ولدت عليها الخمار، فقال: لو كانت عليها
لكانت عليها إذا هي حاضت، وليس عليها التقنع في الصلاة (3).
ولكن في الصحيح أنه سأل الصادق عليه السلام الأمة تغطي رأسها؟ قال: لا، ولا
على أم الولد أن تغطي رأسها إذا لم يكن لها ولد (4). وإنما يدل على أنها تغطي في
الجملة إذا كان لها ولد، فقد يكون بعد موت المولى، ولا ذكر فيه للصلاة.
والأقرب كما في الذكرى (5) أن الرقبة تتبع الرأس لعسر سترها (6) من دون
ستره، وهل يستحب ستر الرأس؟ نص ابني زهرة (7) وحمزة (8) والجامع (9)
والنافع (10) وشرحه (11) والتذكرة (12) والمنتهى (13) والتحرير (14) وظاهر المهذب (15)

(1) وسائل الشيعة: ج 14 ص 169، ب 126 من أبواب مقدمة النكاح وآدابه، ح 2.
(2) المجموع: ج 3 ص 169.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 298، ب 29 من أبواب لباس المصلي، ح 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 297، ب 29 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(5) ذكرى الشيعة: ص 140 س 19.
(6) في ب (سترهما).
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 19.
(8) الوسيلة: ص 89.
(9) الجامع للشرائع: ص 65.
(10) المختصر النافع: ص 25.
(11) المعتبر: ج 2 ص 103.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 1.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 237 س 18.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 31 س 22.
(15) المهذب: ج 1 ص 84.
240

والمراسم (1) الاستحباب، لأنه أنسب بالخفي، وهو مطلوب من الإماء كالحرائر.
وفي التحرير: إنه لم يقف فيه على نص (2). ونص الصدوق في العلل عدم
الجواز، لخبر حماد اللحام إنه سأل الصادق عليه السلام عن المملوكة تقنع رأسها في
الصلاة، قال: [لا، فقد] (3) كان أبي إذا رأى الخادم تصلي وهي مقنعة ضربها
لتعرف الحرة من المملوكة. وخبر آخر له أنه سأل عليه السلام عن ذلك، فقال: اضربوها
حتى تعرف الحرة من المملوكة (4).
ثم ظاهر المبسوط أنه يجب عليها ستر غير الرأس حتى الوجه والكفين
والقدمين، لقوله: وأما ما عدا الرأس فإنه يجب عليها تغطيته من جميع جسدها،
لأن الأخبار وردت بأنه لا يجب عليها ستر الرأس، ولم ترد بجواز كشف ما
عداه (5).
وفي المعتبر: ويقرب عندي جواز كشف وجهها وكفيها وقدميها كما قلناه في
الحرة (6).
قلت: لعموم الدليل، وكونها أولى بالستر.
وفي الذكرى: ليس هذا موضع التوقف، لأنه من باب كون المسكوت عنه
أولى بالحكم من المنطوق به، ولا نزاع في مثله (7).
قلت: فلعل الشيخ أشار إلى خلاف الشافعي (8) المسوي بينها وبين الرجل (9).
(فإن أعتقت) الأمة (في الأثناء) وهي مكشوفة الرأس فعلمت
(وجب) عليها (الستر) والاتمام كما في المبسوط (10) والإصباح (11)

(1) المراسم: ص 64.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 31 س 22.
(3) في ب (وقد).
(4) علل الشرائع: ص 345 ح 1 و 2.
(5) المبسوط: ج 1 ص 88.
(6) المعتبر: ج 2 ص 103.
(7) ذكرى الشيعة: ص 140 س 16.
(8) الخلاف: ج 1 ص 397 المسألة 147.
(9) المجموع: ج 3 ص 167 - 169.
(10) المبسوط: ج 1 ص 87.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 613.
241

والشرائع (1) والجامع (2) والمعتبر (3) لعموم الدليل، وزوال المسقط، وصحت
صلاتها، للامتثال وللأصل. وأبطلها ابن إدريس (4) بناء على أن انكشاف العورة
فيها كالحدث فيها، فإن لم تستر رأسها مع الامكان بطلت صلاتها وإن جهلت
الحكم.
وأطلق في الخلاف أنها إذا أعتقت فأتمت صلاتها لم تبطل صلاتها، فإن لم
تعلم العتق حتى أتمت الصلاة صحت (5) كما في التحرير (6) والمنتهى (7) ونهاية
الإحكام (8) والبيان (9) لامتناع تكليف الغافل.
قال في المنتهى: خلافا لبعض الجمهور (10)، وتردد في التذكرة من ذلك، ومن
كونها صلت جاهلة بوجوب الستر، فهي كما لو جهلت الحكم (11).
قلت: قد مر الكلام في الغفلة عن الستر، وعن الانكشاف، والأمران هنا
محتملان، وإن لم يمكنها التستر سقط إجماعا.
(فإن) أمكن لكن (افتقرت إلى المنافي) للصلاة (استأنفت) الصلاة
كما في الشرائع (12) والجامع (13) لانتفاء الشرط، والأولى ما في التذكرة (14)
والتحرير (15) ونهاية الإحكام (16) من الاستئناف إن اتسع الوقت ولو لركعة كما في
الأخير، وإلا استمرت.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 70.
(2) الجامع للشرائع: ص 65.
(3) المعتبر: ج 2 ص 103.
(4) السرائر: ج 1 ص 261.
(5) الخلاف: ج 1 ص 396 المسألة 146.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 31 س 25.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 237 س 35.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 368.
(9) البيان: ص 60.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 237 س 36.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 13.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 70.
(13) الجامع للشرائع: ص 65.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 10.
(15) تحرير الأحكام: ج 1 ص 31 س 25.
(16) نهاية الإحكام: ج 1 ص 368، وليس فيه (ولو لركعة).
242

وفي المبسوط (1) والمعتبر (2): الاستمرار مطلقا، وتردد فيه وفي المنتهى مع
السعة (3) من انتفاء الشرط مع إمكان تحصيله، ومن تساوى المانع الشرعي
والعقلي مع انعقاد الصلاة صحيحة، وعموم: (لا تبطلوا أعمالكم) (4) وأصل
البراءة.
(والصبية) إذا بلغت في الأثناء مكشوفة الرأس (تستأنف) الصلاة إن
اتسع الوقت للستر وركعة، وفاقا لأبيه، ولا تكتفي بالتستر والاتمام. وإن أمكنها
من غير فعل مناف كما في المبسوط (5) والسرائر (6) والشرائع (7) والمعتبر (8)
والمنتهى لوجوب الصلاة عليها حينئذ (9) مع عدم وجوب ما مضى من صلاتها.
وإن لم يتسع الوقت لذلك، فليس عليها شئ، لعدم وجوب الصلاة عليها،
لكن يستحب لها الاتمام مستترة وإن أمكنها بلا مناف.
وإن كان البلوغ بالحيض أو الجنابة بطلت صلاتها قطعا.
(ولو فقد الثوب) لستر العورة (ستر بغيره من ورق الشجر والطين
وغيرهما)، كما قال الكاظم عليه السلام لأخيه في الصحيح: إن أصاب حشيشا يستر به
عورته أتم صلاته بالركوع والسجود (10).
ويرشد إلى الطين ما مر من أن النورة سترة (11)، وأنكره بعض العامة لتناثره (12)،
ونحن نقول: إن أمكن التدارك كلما انتثر تداركه وإلا لم يسقط الوجوب قبله،
لوجوب الستر في كل جز من أجزاء الصلاة، ثم إن ستر اللون

(1) المبسوط: ج 1 ص 88.
(2) المعتبر: ج 2 ص 103.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 237 س 35.
(4) محمد: 33.
(5) المبسوط: ص 88.
(6) السرائر: ج 1 ص 261.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 70.
(8) المعتبر: ج 2 ص 103.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 238 س 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 26، ب 50 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 378 ب 18 من أبواب آداب الحمام، ح 1.
(12) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 467.
243

والحجم فلا كلام، وأن ستر اللون فقط. فكذلك بناء على ما مر، وخصوصا عند الضرورة، ولكن إن
لم يكف إلا عند الضرورة احتمل أن يجب عليه ما على العاري من الإيماء للركوع
والسجود، ثم الحشيش والورق ونحوهما مما (1) يجوز الاستتار بها اختيارا. وهل
يجوز بالطين ونحوه اختيارا مع استتار ما يستتر بالثوب؟ استشكل في نهاية
الإحكام (2)، وقرب الشهيد العدم (3)، لعدم انصراف اللفظ إليه - يعني لفظ الستر -
في فتاوي الأصحاب.
ولو وجد وحلا أو ماء كدرا يستر العورة إن نزله وجب إن لم يتضرر به كما في
التذكرة (4) والتحرير (5) ونهاية الإحكام (6) والمنتهى (7). وأطلق المحقق (8) أنه لا
يجب للمشقة والضرر.
وفي مرسل أيوب بن نوح عن الصادق عليه السلام: إذا وجد حفيرة دخلها ويسجد
فيها ويركع (9). وأفتى بمضمونه في المعتبر (10) والمنتهى (11) والتحرير (12)، وزيد
فيها أنه يصلي قائما.
وذكر الشيخ صلاته قائما (13) ولم يذكر الركوع والسجود. وفي التذكرة: صلى
قائما مع أمن المطلع، وهل يركع ويسجد؟ قال بعض فقهائنا: نعم، لأن الستر قد
حصل، وليس التصاقه بالبدن شرطا. ولقول الصادق (14) عليه السلام وذكر الخبر. قال
الشهيد: وأولى بالجواز الفسطاط الضيق الذي لا يمكن لبسه (15).

(1) زيادة من ط.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 383.
(3) ذكرى الشيعة: ص 141 س 13.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 36.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 32 س 3.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 367.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 239 س 8.
(8) المعتبر: ج 2 ص 106.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 326، ب 50 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(10) المعتبر: ج 2 ص 105.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 239 س 5.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 32 س 2.
(13) المبسوط: ج 1 ص 88.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 36.
(15) ذكرى الشيعة: ص 41 س 19.
244

قلت: الذي أفهمه من الحفرة حفرة ضيقة قريبة القرار، تواري العورة إذا قام
أو قعد فيها وسائر بدنه خارج، وقد يكون ملتصقة به فعليه ولوجها، والركوع
والسجود على الخارج وهو فيها. وأما حفيرة تسع سجوده فيها فهي كحجرة لا
يجدي ولوجها، ثم على ما سيأتي من وجوب قيام العاري إذا أمن إذا وجد حفرة
إن جلس فيها لاستتر فالظاهر وجوبه. وكذا إن وجد ثوبا أو حشيشا أو نحوا منهما
لا يمكنه الاستتار به إلا جالسا، لأن الظاهر أن الستر أهم من الركوع والسجود
فضلا عن القيام.
ثم قال الشهيد: أما الحب والتابوت فمرتب على الفسطاط والحفرة، لعدم
التمكن من الركوع والسجود، إلا أن تكون صلاة الجنازة أو الخوف (1) انتهى.
وفي التذكرة: لا يكفي في الستر إحاطة الفسطاط الضيق به، لأنه ليس
يلبس (2)، ونحوه في نهاية الإحكام (3) يعني اختيارا.
(ولو فقد الجميع صلى) عاريا إجماعا، رجلا كان أم امرأة (قائما،
مومئا) للركوع والسجود (مع أمن المطلع، وإلا) يأمنه صلى (جالسا مومئا)
لهما وفاقا للمشهور، لأصل وجوب القيام من غير معارض إذا أمن.
والاجماع على الجلوس إذا لم يأمن منه على ما في الخلاف (4). وقول
الكاظم عليه السلام لأخيه في الصحيح: وإن لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ وهو
قائم (5). وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: وإن كان معه سيف وليس معه
ثوب فليتقلد السيف ويصلي قائما (6).
وفي مرسل ابن مسكان: يصلي عريانا قائما إن لم يره أحد، فإن رآه أحد

(1) ذكرى الشيعة: ص 141 س 19.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 94 س 31.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 372.
(4) الخلاف: ج 1 ص 399 المسألة 151.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 326، ب 50 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 326، ب 50 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
245

صلى جالسا (1). وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسكان المروي في
المحاسن: إذا كان حيث لا يراه أحد فليصل قائما (2). لكن في روايته عنه عليه السلام من
غير إرسال غرابة.
وأوجب الصدوق في الفقيه (3) والمقنع (4) والسيد في الجمل (5) والمصباح (6)
والشيخان في المقنعة (7) والتهذيب الجلوس مطلقا، لقوله عليه السلام في حسن زرارة:
يصلي إيماء، وإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها، وإن كان رجلا وضع يده
على سؤته ثم يجلسان فيومئان إيماء، ولا يركعان ولا يسجدان فيبدو ما خلفهما
تكون صلاتهما إيماء برؤوسهما (8).
وفي خبر أبي البختري المروي في قرب الإسناد للحميري: صلى عريانا
جالسا يومئ إيماء، يجعل سجوده أخفض من ركوعه (9). وخبر محمد بن علي
الحلبي سأل الصادق عليه السلام عمن أصابته جنابة بالفلاة وليس عليه إلا ثوب واحد
أصابه المني، قال: يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا ويصلي فيومئ إيماء (10).
وخبر زرعة عن سماعة سأله عليه السلام عنه فقال: يتيمم ويصلي عريانا قاعدا
ويومئ (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 326، ب 50 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
(2) المحاسن: ص 372 ح 135.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 468.
(4) المقنع: ص 36.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 49.
(6) لا يوجد لدينا.
(7) المقنعة: ص 216.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 327 ب 50 من أبواب لباس المصلي ح 6
(9) قرب الإسناد: ص 66.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1068، ب 46 من أبواب النجاسات، ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1068، ب 46 من أبواب النجاسات، ح 1.
246

وأوجب ابن إدريس القيام مطلقا، وحكى الجلوس إذا لم يأمن رؤيته (1)،
وذلك لأن القيام من الأركان، ولا يقين بسقوطه، مع إطلاق صحيح علي بن
جعفر (2)، وأرسال خبر ابن مسكان (3) حتى الذي في المحاسن (4) لغرابة روايته عن
أبي جعفر عليه السلام بلا واسطة كما عرفت، واستتار الدبر بالأليتين، والقبل باليدين.
واحتمل المحقق التخيير، لتعارض خبري زرارة وعلي بن جعفر، وضعف
خبر ابن مسكان عن إثبات التفصيل.
قلت: على التخيير إذا انضم الاحتياط إلى خبره، وشهرة العمل به، تعين
العمل على وفقه، من غير احتياج إلى ما في الذكرى من أن المراسيل إذا تأيدت
بالشهرة صارت في قوة المسانيد وخصوصا مع ثقة المرسل (5) وابن مسكان من
أجل الثقات، مع أن حسن زرارة ليس نصا في الجلوس للصلاة، لاحتماله الإيماء
للسجود كما ستسمعه.
وأما الإيماء للركوع والسجود فذكره الصدوق (6) والمفيد (7) والسيد (8)، مع
نصهم على كونه للسجود أخفض، والحلبي (9) وابن إدريس (10) وكذا ابنا سعيد (11)
ناصين عليه في القيام والقعود جميعا.
ونص ابن زهرة على أن الإيماء إذا صلى جالسا، فإن صلى قائما ركع
وسجد (12).

(1) السرائر: ج 1 ص 260.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 326، ب 50 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 326، ب 50 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
(4) المحاسن: ص 372 ح 135.
(5) ذكرى الشيعة: ص 142 س 4.
(6) المقنع: ص 37.
(7) المقنعة: ص 216.
(8) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 49.
(9) الكافي في الفقه: ص 147.
(10) السرائر: ج 1 ص 260.
(11) الجامع للشرائع: ص 91، شرائع الاسلام: ج 1 ص 70.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 99 س 9.
247

وفي كتب المصنف الإيماء فيهما (1) سوى النهاية، ففيها: الإيماء جالسا، جعل
مع السجود أخفض، والتردد فيه قائما مع تقريب الإيماء من أنه أقرب إلى الستر
وأبعد عن الهيئة المستنكرة في الصلاة، ومن أنهما ركنان والستر زينة، وكمال
للأركان فلا يسقط الركن لسقوط الزينة (2).
قلت: وفرقهما بين الحالتين للأمن حال القيام ووحدة خبره، ولم يذكره سلار
أصلا، ولا الشيخ (3) وابنا حمزة (4) والبراج (5) إلا إذا صلى العراة جماعة،
فأوجبوا الإيماء على الإمام خاصة، وعليه الإصباح (6) والجامع (7)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر إسحاق: يتقدمهم إمامهم، فيجلس ويجلسون خلفه، فيومئ
بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم (8).
ورجحه الفاضلان في المعتبر (9) والمنتهى لقوة الخبر. قال في المنتهى: لا
يقال: إنه قد ثبت أن العاري مع وجود غيره يصلي بالإيماء، لأنا نقول إنما يثبت (10)
ذلك فيما إذا خاف من المطلع، وهو مفقود هاهنا، إذ كل واحد منهم مع سمت
صاحبه لا يمكنه أن ينظر إلى عورته حالتي الركوع والسجود (11).
وفي الذكرى: إن الظاهر اختصاص الحكم بأمنهم المطلع، وإلا فالإيماء لا

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 93 س 38، منتهى المطلب: ج 1 ص 238 س 14، تحرير الأحكام:
ج 1 ص 31 س 33، مختلف الشيعة: ج 2 ص 100.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 368 نقلا بالمضمون.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 369.
(4) الوسيلة: ص 107.
(5) المهذب: ج 1 ص 116.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 635.
(7) الجامع للشرائع: ص 91.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 328، ب 51 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(9) المعتبر: ج 2 ص 107.
(10) في ع (ثبت).
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 240، السطر الأخير.
248

غير. قال: واطلاع بعضهم على بعض غير ضائر، لأنهم في حيز التستر باعتبار
النظام واستواء الصف. قال: ولكن يشكل بأن المطلع هنا إن صدق، وجب
الإيماء، وإلا وجب القيام. قال: ويجاب بأن التلاصق في الجلوس أسقط اعتبار
الاطلاع، بخلاف القيام، فكان المطلع موجود حالة القيام، وغير معتد به حالة
الجلوس (1).
وأوجب المفيد (2) والسيد (3) وابن إدريس (4) الإيماء على الجميع، لعموم أدلته
مع كثرتها، ووحدة هذه الرواية، وفطحية إسحاق، ووقف الراوي عنه، وهو خيرة
نهاية الإحكام (5).
وفي الذكرى: إنه يلزم من العمل بها أحد أمرين: إما اختصاص المأمومين
بعدم الإيماء مع الأمن، أو عمومه لكل عار أمن ولا سبيل إلى الثاني، والأول
بعيد (6).
قلت: مع احتمالها إيمائهم لركوعهم وسجودهم بوجوههم وركوعهم
وسجودهم على الوجه الذي لهم، وهو الإيماء، ولذا قال في نهاية الإحكام: إنها
متأولة (7)، وظاهر المختلف (8) والتحرير (9) والتذكرة التردد (10). ثم الإيماء بالرأس
كما في خبر زرارة (11)، والأقرب كما في الذكرى اتباع غيره من الأعضاء في
الخفض إلى حد لو زاد عليه لبدت العورة إتيانا (12) بالمقدور من الواجب.

(1) ذكرى الشيعة: ص 142 س 28.
(2) المقنعة: ص 216.
(3) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى): ج 3 ص 49.
(4) السرائر: ج 1 ص 355.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 371.
(6) ذكرى الشيعة: ص 142 س 26.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 371.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 103.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 32 س 14.
(10) تذكرة الفقهاء: 1 ص 94 س 28.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 327، ب 50 من أبواب لبا س المصلي، ح 6.
(12) في ب (إثباتا).
249

قال الشهيد: ويمكن الاجتزاء بمسمى الإيماء بالرأس، لظاهر الرواية (1).
قلت: ويؤيده إيجاب كون السجود أخفض كما في خبر أبي البختري (2)،
ونص عليه من سمعته، إذ مع وجوب الخفض كذلك يجب فيهما، لأنه دون
الركوع قطعا. وكذا الأقرب وضع اليدين للنساء وإحداهما للرجال على الأرض
في إيماء السجود دون أطراف أصابع الرجلين إن كان يؤدي إلى انكشاف العورة.
وأما الركبتان فهما على الأرض إن كان جلس عليهما، وإلا وضعهما أيضا على
الأرض إن لم تؤد الحركة إلى انكشاف العورة.
واحتمل الشهيد العدم، لصدق مسمى الإيماء بدونه. وهل يجب الجلوس
لإيماء السجود؟
قال: كان شيخنا عميد الدين بيض الله وجهه: يقوي جلوسه، لأنه أقرب إلى
هيئة الساجد، فيدخل تحت: (فأتوا منه ما استطعتم). قال: ويشكل بأنه تقييد
للنص، ومستلزم للتعرض لكشف العورة في القيام والقعود، فإن الركوع والسجود
إنما سقطا لذلك، فيسقط الجلوس الذي هو ذريعة إلى السجود، ولأنه يلزم القول
بقيام المصلي جالسا ليومي للركوع لمثل ما ذكره، ولا أعلم قائلا به، فالتمسك
بالاطلاق أولى (3) انتهى.
وقد يجاب بأنه ليس من التقييد في شئ، وإنما هو إيجاب لما وجب بدليله
من غير علم بسقوطه، على أن الأخفض يحتمله، وكذا خبر زرارة كما أشرنا إليه،
والفرق بين القعود من قيام وعكسه ظاهر، فإن القعود أستر، ولذا وجب إذا لم
يأمن. ثم هل يجب رفع شئ إلى الجبهة إذا أو ماء للسجود؟
قال الشهيد: ولم يتعرض له الأصحاب هنا، فإن قلنا به وأمكن تقريب مرتفع

(1) ذكرى الشيعة: ص 142 س 13.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 328، ب 52 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(3) ذكرى الشيعة: ص 142 س 14 و 8.
250

إليه وجب وسجد عليه، وإن لم يمكن وكان هناك من يقرب إليه شيئا فعل، وإن
تعذر إلا بيده سقط السجود عليها وقرب المسجد بها، لأن الجبهة أشرف أعضاء
السجود. ثم ذكر أن النص والفتوى اتفقا على الرفع للمريض، فهنا أولى (1).
(ولو ستر العورتين أو [لم يجد] (2) الثوب) لسائر جسده (استحب أن
يجعل على عاتقه شيئا [ولو خيطا] (3)، لخبر جميل أن مرازما سأل
الصادق عليه السلام عن الرجل الحاضر يصلي في إزار مؤتزرا به؟ قال: يجعل على رقبته
منديلا أو عمامة يرتدي به ولو خيطا (4)، لصحيح ابن سنان أنه عليه السلام سئل عن
رجل ليس معه إلا سراويل، قال: يحل التكة منه فيطرحها على عاتقه (5).
وقوله عليه السلام في حسن ابن مسلم: إذا لبس السراويل فليجعل على عاتقه شيئا ولو
حبلا (6). ويكفي على حد عاتقيه كما في المنتهى (7).
(وليس الستر شرطا في صلاة الجنازة) للأصل السالم عن المعارض،
فإن المتبادر من الصلاة في الأخبار والفتاوى غيرها. قلنا بكونها صلاة حقيقة أو
لا، وعلى الأول قلنا بالاشتراك معنى أو لفظا، ولذا قطع الأصحاب بأن العراة
يصلون هذه الصلاة قياما. واختار الشهيد الاشتراط، للتأسي والعموم (8).
(ولو كان الثوب) الذي على المصلي (واسع الجيب تنكشف عورته
عند الركوع) لغيره (بطلت) صلاته (حينئذ) إن لم يتداركه (لا قبله)
لعدم الدليل. نعم إن كان حين ينوي الصلاة متذكرا لهذا الانكشاف عازما على
عدم التدارك، كان متذكرا لبطلان الصلاة حينئذ، فهو لم ينو الصلاة حقيقة.

(1) ذكرى الشيعة: ص 142 س 14.
(2) في النسخة المطبوعة من القواعد (فقد).
(3) زيادة من النسخة المطبوعة من القواعد.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 329، ب 53 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 329، ب 53 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 283، ب 22 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 240 س 13.
(8) ذكرى الشيعة: ص 141 س 19.
251

(وتظهر الفائدة) لصحتها قبله (في) صلاة (المأموم) فإنها تصح إذا
نوى الانفراد حينئذ.
قال في نهاية الإحكام: ولو كان شعر رأسه أو لحيته يمنع - يعني من
الانكشاف - عند الركوع، فالأقرب الجواز كما لو ستره بمنديل، ويحتمل المنع،
لأن الساتر تجب مغايرته للمستتر، ولا يجوز أن يكون بعضه لباسا له (1) انتهى.
أما إذا لم ينكشف إلا لنفسه ففي المعتبر (2) والمنتهى (3) والتحرير: إنه لا بأس به (4).
وفي الذكرى: الأقرب البطلان إذا قدر رؤية الغير إذا حاذى الموضع (5). يعني
إذا نظر الغير من حيث ينظر نفسه وإن كان حين ينظر نفسه مانعا من نظر الغير بناء
على أنه ستر عورته لعورته بوجهه مثلا، والستر يجب أن يكون بغيره لا بعضوه.
وأطلق في المبسوط: إنه لا بأس أن يصلي الرجل في قميص واحد وأزراره
محلولة، واسع الجيب كان أو ضيقه، رقيق الرقبة كان أو غليظه، كان تحته مئزر أو
لم يكن (6). ونحو منه في الخلاف (7). يعني إذا لم تنكشف العورة.
قال أبو جعفر عليه السلام في خبر زياد بن سوقة: لا بأس أن يصلي أحدكم في الثوب
الواحد وأزراره محللة، إن دين محمد صلى الله عليه وآله حنيف (8). وقيل للصادق عليه السلام في
مرسل ابن فضال: إن الناس يقولون: إن الرجل إذا صلى وأزراره محلولة ويداه
داخلة في القميص إنما يصلي عريانا، فقال: لا بأس (9).
وأما قوله عليه السلام في صحيح ابن مسلم: إذا كان عليه قميص صفيق أو قباء ليس

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 372.
(2) المعتبر: ج 2 ص 106.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 239 س 22.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 32 س 8.
(5) ذكرى الشيعة: ص 141 س 23.
(6) المبسوط: ج 1 ص 88، وفيه (أزاره) بدل (أزراره) و (دقيق) بدل (رقيق).
(7) الخلاف: ج 1 ص 401 المسألة 152.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 285، ب 23 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 286، ب 23 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
252

بطويل الفرج فلا بأس (1). وقول أبيه عليه السلام في خبر غياث: لا يصلي الرجل
محلول الأزرار إذا لم يكن عليه أزار (2). ففي صورة انكشاف العورة، أو
الاحتياط تحرزا عن التعرض له، أو على الكراهية، كما ورد: إن حل الأزرار
من عمل قوم لوط (3).
(خاتمة)
(لا يجوز الصلاة فيما يستر ظهر القدم) دون الساق (كالشمشك)
بالأولين وبكسر الثالث.
وقيل: بضم الأول وكسر الثاني. ولعله ليس بصواب، وهو كما في المعرب
المهمل: الصندلة كالتمشك والجمشك، وفاقا للمحقق. قال: ومستند ذلك فعل
النبي صلى الله عليه وآله وعمل الصحابة والتابعين (4). كما في المختلف أنه صلى الله عليه وآله قال: (صلوا كما
رأيتموني أصلي)، ولم ينقل أنه صلى الله عليه وآله صلى فيه.
قال: والجواب المراد المتابعة في الأفعال والأذكار لا في الجميع، إذ لا بد من
مفارقة بين المثلين وإلا اتحدا (5). يعني لا في التروك، وإلا لم تجز الصلاة إلا في
عين ما صلى فيه من اللباس والمكان والزمان، لأنه عليه السلام تارك للصلاة في غيرها.
قلت: وإن قال لا بد من المتابعة في ترك نوع ما تركه، لزم أن لا يجوز الصلاة
إلا في الأنواع التي صلى فيها من الألبسة فلم تجز في غيرها، ولا يقول به. وله أن
يقول: لا بد من المماثلة في كيفية الستر لا كيفيات الألبسة في أنفسها ولا في
أنواعها. نعم يتوجه أن يقال: إن المتبادر التماثل في أجزاء الصلاة وكيفياتها، لا
كيفيات شروطها.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 283، ب 22 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 286، ب 23 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
(3) المصدر السابق ح 6.
(4) المعتبر: ج 2 ص 93.
(5) مختلف الشيعة: ج 2 ص 88.
253

وفي الذكرى: إن المستند ضعيف، فإنه شهادة على النفي غير المحصور من
الذي أحاط (1) علما، بأنهم كانوا لا يصلون فيما هو كذلك (2) إنتهى.
وفيه: أنه يقول: إنه يجب أن تصلي كما رأوه صلى الله عليه وآله يصلي، فلا يجوز أن
تصلي إلا فيما رؤي يصلي فيه أو رأى غيره، فأقره عليه.
وبالجملة يكفي في المنع عنده عدم العلم بصلاتهم فيه.
وفي الشرح على أنه لو علم ذلك - يعني أنهم لم يكونوا يصلون فيه - لم يكن
دليلا على عدم الجواز، لامكان كونه غير معتاد لهم، بل الظاهر هو ذلك، فإنه ليس
لباس العرب وأهل الحجاز. ولو علم أنهم كانوا يلبسونه ثم ينزعونه في وقت
الصلاة لم يكن أيضا دليلا على تحريم الصلاة فيه، لأن نزعهم له أعم من كونه على
وجه التحريم والاستحباب (3) إنتهى.
واندفاعه عنده يظهر مما عرفت، وقد يستند إلى قول الصادق عليه السلام في خبر
سيف بن عميرة: لا تصل على جنازة بحذاء (4)، مع أن صلاتها أوسع من غيرها.
وفي النهاية (5) والمقنعة (6) والمراسم (7) والمهذب (8) والجامع: إنها لا يجوز في
الشمشك والنعل السندي (8).
وفي المراسم: إلا في الصلاة على الموتى (10)، ولا يظهر منها إلا النهي عن
الصلاة فيهما بخصوصهما، فقد لا يكون لسترهما ظهر القدم كما ظنه الفاضلان (11)

(1) في ب (أحاطه).
(2) ذكرى الشيعة: ص 146 س 16.
(3) جامع المقاصد: ج 2 ص 106.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 804، ب 26 من أبواب صلاة الجنازة، ح 1.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 328.
(6) المقنعة: ص 153.
(7) المراسم: ص 65.
(8) المهذب: ج 1 ص 75.
(9) الجامع للشرائع: ص 66.
(10) المراسم: ص 65.
(11) المعتبر: ج 2 ص 93 ومختلف الشيعة: ج 2 ص 88.
254

وابن إدريس (1)، بل لورود خبريهما كما في الوسيلة (2)، أو لأنه لا يمكن معهما
الاعتماد على الرجلين في القيام، أو على أصابعهما أو إبهامهما على الأرض عند
السجود.
وفي المبسوط (3) والوسيلة (4) والإصباح: كراهية الصلاة فيهما (5)، وفي التحرير (6)
والمنتهى (7) كراهيتها في كل ما يستر ظهر القدم خاصة، خروجا من خلاف المحرمين.
وفي احتجاج الطبرسي: إن محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري كتب إلى
صاحب الزمان عليه السلام يسأله: هل يجوز للرجل أن يصلي وفي رجليه بطيط لا يغطي
الكعبين أم لا يجوز؟ فوقع عليه السلام: جاز (8).
والبطيط كما في القاموس رأس الخف بلا ساق (9)، كأنه سمي به تشبيها له
بالبط، (ويجوز) الصلاة (فيما له ساق كالخف) بالاتفاق للأصل
والأخبار (10) والتأسي.
(ويستحب في) النعل (11) (العربية)، أي التي لا يغطي ظاهر القدم حتى
أنه يصح الوضوء وهي عليه كما في السرائر (12)، للأخبار (13)، حتى أن في الخبر
عن بعض الطالبيين - الذي يلقب برأس المذري - أنه سمع الرضا عليه السلام يقول:
أفضل موضع القدمين للصلاة النعلان (14). وفي المعتبر: إنه فتوى علمائنا (15).

(1) السرائر: ج 1 ص 263.
(2) الوسيلة: ص 88.
(3) المبسوط: ج 1 ص 83.
(4) الوسيلة: ص 88.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ص 612.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 28.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 33 س 16.
(8) الإحتجاج: ص 484.
(9) القاموس المحيط: ج 2 ص 351 مادة (بط).
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 310، ب 38 من أبواب لباس المصلي.
(11) ساقط من ط و ب.
(12) السرائر: ج 1 ص 263.
(13) وسائل الشيعة: ج 3 ص 308، ب 37 من أبواب لباس المصلي.
(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 309، ب 37 من أبواب لباس المصلي، ح 9.
(15) المعتبر: ج 2 ص 93.
255

(وتكره الصلاة في الثياب السود عدا العمامة والخف) للأخبار (1)
بكراهية لبسها، وخصوص الخبر بالنهي عن الصلاة في قلنسوة سوداء (2)، مع
استثناء المستثنين في الأخبار مع الكساء، ولكن لم يستثنه الأصحاب إلا ابن
سعيد (3).
واقتصر المفيد، وسلار، وابن حمزة على استثناء العمامة (4)، ونص المفيد
على أنها ليست من الثياب في شئ (5)، وكأنهم لم يتعرضوا للخف، لظهور أنه
ليس من الثياب بخلاف العمامة، وكأن إعراضهم جميعا عن الكساء لكونه من
الثياب مع إرسال أخبار الاستثناء، وعموم نحو قول أمير المؤمنين عليه السلام المروي
في الفقيه: لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون (6).
وروى الكشي في رجاله مسندا عن علي بن المغيرة، عن أبي جعفر عليه السلام أنه
قال: كأني بعبد الله بن شريك العامري عليه عمامة سوداء وذؤابتاها بين كتفيه،
مصعدا في لحف الجبل بين يدي قائمنا أهل البيت (7).
(و) يكره (في) الثوب الواحد (الرقيق) الذي لا يحكي كما في
النهاية (8) والمبسوط (9) والشرائع (10) والمعتبر (11)، وفي الإصباح (12) والوسيلة (13) إن
أريد بالشاف.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 280، ب 20 من أبواب لباس المصلي.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 281، ب 20 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(3) الجامع للشرائع: ص 65.
(4) الوسيلة: ص 87.
(5) المقنعة: ص 150.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 251 ح 767.
(7) رجال الكشي: ص 217 ح 390.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 327.
(9) المبسوط: ج 1 ص 83.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 70.
(11) المعتبر: ج 2 ص 95.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 612.
(13) الوسيلة ص 87.
256

وفي المهذب (1) والجامع (2): إن أريد بالشفاف لتعبيرهم باللفظين تحصيلا
لكمال الستر، وتوقيا عن حكاية الحجم، ولأن ابن مسلم في الصحيح سأل أبا
جعفر عليه السلام يصلي الرجل في قميص واحد؟ فقال: إذا كان كثيفا فلا بأس (3).
وسئل أحدهما عليهما السلام في الحسن يصلي الرجل في قميص واحد أو قباء طاق،
أو في قباء محشو وليس عليه إزار؟ فقال: إذا كان عليه قميص صفيق أو قباء ليس
بطويل الفرج فلا بأس (4).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الأربعمائة المروي في الخصال: عليكم
بالصفيق من الثياب، فإن من رق ثوبه رق دينه، لا يقومن أحدكم بين يدي الرب
جل جلاله وعليه ثوب كثيف (5).
وفي النافع: إنها تكره في ثوب واحد للرجال (6)، وهو خيرة الذكرى (7)،
لعموم: (خذوا زينتكم عند كل مسجد) (8)، ودلالة الأخبار على أن الله أحق أن
يتزين له، والاتفاق على أن الإمام يكره له ترك الرداء.
وما روي عنه صلى الله عليه وآله من قوله: إذا كان لأحدكم ثوبان فليصل فيهما (9).
قال: والظاهر أن القائل بثوب واحد من الأصحاب إنما يريد به الجواز
المطلق، أو يريد به أيضا على البدن، وإلا فالعمامة مستحبة مطلقا وكذا السراويل.
وقد روي تعدد الصلاة الواحدة بالتعمم والتسرول (10).
قلت: إنما يدل جميع ما ذكره خلا كراهية ترك الإمام الرداء على استحباب
التعدد، وهو غير كراهية الوحدة.

(1) المهذب: ج 1 ص 74.
(2) الجامع للشرائع: ص 66.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 281، ب 21 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 283، ب 22 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(5) الخصال: ص 623.
(6) المختصر النافع: ص 25.
(7) ذكرى الشيعة: ص 146 س 35.
(8) الأعراف: 30.
(9) سنن أبي داود: ج 1 ص 172 ح 635.
(10) ذكرى الشيعة: ص 147 س 3.
257

نعم، في قرب الإسناد للحميري، عن عبد الله بن الحسن، عن جده، عن
علي ابن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يصلي في سراويل
واحد وهو يصيب ثوبا؟ قال: لا يصلح (1).
(فإن) صلى في ثوب واحد (حكى) كون العورة (لم يجز).
(و) يكره (اشتمال الصماء) بإجماع أهل العلم كما في التحرير (2)
والمنتهى (3). قال أبو جعفر عليه السلام في صحيح زرارة وحسنه: إياك والتحاف الصماء،
قال: وما التحاف الصماء؟ قال: أن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على
منكب واحد (4)، وبه فسر في النهاية (5) والمبسوط (6) والوسيلة، وفيها: إنه فعل
اليهود (7).
وأما صحيح علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن
يجمع طرفي ردائه على يساره؟ قال: لا يصلح جمعهما على اليسار، ولكن
اجمعهما على يمينك أودعهما (8). فمعناه النهي عما يفعله أهل الهند من إلقاء طرف
الرداء على الأيسر، والأمر بالمسنون الذي هو إلقاؤه على الأيمن فهو جمع
الطرفين عليه.
وأما السدل الذي في صحيح زرارة، عن أبي جعفر: إن أمير المؤمنين عليه السلام
خرج على قوم يصلون في المسجد قد سدلوا أرديتهم، فقال لهم: ما لكم قد سدلتم
ثيابكم، كأنكم يهود قد خرجوا من فهرهم - يعني بيعهم - إياكم وسدل ثيابكم (9).

(1) قرب الإسناد: ص 89.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 31 س 1.
(3) منتهى المطلب: ص 233 س 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 290، ب 25 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 327.
(6) المبسوط: ج 1 ص 83.
(7) الوسيلة: ص 88.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 291، ب 25 من أبواب لباس المصلي، ح 7.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 290، ب 25 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
258

فهو مكروه آخر.
وهو إرسال طرفي الرداء كما هو من غير جمع، ولا رد لأحدهما على يمين
أو يسار، فإن السدل هو الارسال. ويقال: اشتمال الصماء على ما في الديوان (1)
وأدب الكاتب (2) وفقه اللغة للثعالبي (3) والفائق (4) والمعرب (5) والمغرب (6).
وفي تهذيب الأزهري، والغريبين، عن الأصمعي: من أن يتحلل الرجل
بثوبه، ولا يرفع منه جانبا، وهو على ما في الصحاح من أن يتخلل جسدك بثوبك
نحو شملة الأعراب بأكسيتهم، وهو أن يرد الكساء من قبل يمينه على يده اليسرى
وعاتقه الأيسر ثم يرده ثانية من خلفه على يده اليمنى وجانبه الأيمن، فيغطيهما
جميعا (7).
ونحوه المحيط للصاحب، قال الهروي: قال القتيبي: وإنما قيل لها: صماء،
لأنه إذا اشتمل به سد على يديه ورجليه المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس
فيها خرق ولا صدع (8).
وفي العين: إن الشملة أن يدير الثوب على جسده كله، ولا يخرج منه يده.
والشملة الصماء التي ليس تحتها قميص ولا سراويل (9).
وقال أبو عبيدة: إن الفقهاء فسروها بأن يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره،
ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبه فيبدو منه فرجه (10).
وقيل: غير ذلك، ولا طائل في استيفائه، فإنما العبرة عندنا بما نطق به

(1) ديوان الأدب: ج 2 ص 415 مادة (افتعل).
(2) أدب الكاتب: ص 204.
(3) فقه اللغة: ص 194.
(4) الفائق: ج 2 ص 315 مادة (الصاد مع الميم).
(5) لا يوجد لدينا.
(6) لا يوجد لدينا.
(7) الصحاح: ج 5 ص 1968 مادة (صمم).
(8) لا يوجد لدينا.
(9) كتاب العين: ج 6 ص 266 مادة (شمل).
(10) لسان العرب: ج 11 ص 368 مادة (شمل).
259

الخبران.
(و) يكره (اللثام) إذا لم يمنع القراءة والأذكار وفاقا للمشهور، لقول
الصادق عليه السلام لسماعة إذ سأله عنه: لا بأس به، وإن كشف عن فيه فهو مضل (1).
(و) يكره (النقاب للمرأة) لقوله عليه السلام له: إن كشفت عن موضع السجود
فلا بأس به، وإن أسفرت فهو أفضل (2).
(وإن منعا القراءة) أو شيئا من الواجبات (حرما) وهو ظاهر. ولعله
المراد بقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: لا بأس بذلك - يعني اللثام - إذا سمع
الهمهمة (3).
وفي صحيح آخر له: إذا سمع أذنيه الهمهمة (4) فإن القراءة إذا تحققت سمع
القاري الهمهمة إذا صح سمعه.
وتابع الشيخ في التهذيب (5) والفاضلان في المعتبر (6) والمنتهى (7) والتحرير (8)
لفظ الخبرين، فحرموه إذا منعا سماع القراءة.
لكن في التذكرة: حرمته إذا ماع القرااة أو سماعها، وكذا النقاب لها (9).
وأطلق المفيد: إنه لا يجوز اللثام حتى يكشف موضع السجود والفم
للقراءة (10).
وحمله المحقق على الكراهية (11)، ولا يخلو من بعد عن عبارته. وكذا أطلق
الشيخ في المبسوط (12) والنهاية (13) النهي عنه حتى يكشفهما.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 307، ب 35 من أبواب لباس المصلي، ح 6.
(2) المصدر السابق ذيل الحديث 6.
(3) المصدر السابق ح 3.
(4) المصدر السابق ذيل الحديث 3.
(5) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 229 ذيل الحديث 902.
(6) المعتبر: ج 2 ص 99.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 234 س 32.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 31 س 9.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 98 س 41.
(10) المقنعة: ص 152.
(11) المعتبر: ج 2 ص 99.
(12) المبسوط: ج 1 ص 83.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 327.
260

(و) يكره في (القباء المشدود في غير الحرب) كما في المراسم (1)
والمهذب (2) والإصباح (3) والجامع (4) والشرائع (5). قال في نهاية الإحكام (6)
[والمنتهى] (7) لمنافاته هيئة الخشوع، وقيل: الشبهة بالزنار (8).
ونسب في النافع إلى القيل (9)، وفي شرحه إلى الثلاثة، قال: وإنما حكاه قولا
لعدم الظفر بمستندهم (10).
قال الشهيد: قد روى العامة أن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا يصلي أحدكم وهو محزم،
وهو كناية عن شد الوسط (11).
وفي المقنعة (12) والوسيلة: إنه لا يجوز (13). وهو ظاهر النهاية (14)
والمبسوط (15).
وفي التهذيب: ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه وسمعناه من الشيوخ
مذاكرة، ولم أعرف به خبرا مسندا (16) انتهى.
والقباء، قيل: عربي من القبؤ، وهو: الضم والجمع (17) وقيل: معرب (18) قال
عيسى بن إبراهيم الربعي في نظام الغريب: إنه قميص ضيق الكمين، مفرج المقدم
والمؤخر (19).

(1) المراسم: ص 64.
(2) المهذب: ج 1 ص 74.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 612.
(4) الجامع للشرائع: ص 66.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 70.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 389.
(7) ما بين المعقوفين زيادة في ب.
(8) لم نعثر عليه.
(9) المختصر النافع: ص 25.
(10) المعتبر: ج 2 ص 99.
(11) ذكرى الشيعة: ص 148 س 22.
(12) المقنعة: ص 152.
(13) الوسيلة: ص 88.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 327.
(15) المبسوط: ج 1 ص 83.
(16) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 232 ذيل الحديث 913.
(17) المصباح المنير: ج 1 - 2 ص 489، ولسان العرب: ج 11 ص 27 مادة (قباء).
(18) لم نقف على هذا القول.
(19) لا يوجد لدينا كتابه.
261

وفي الخلاف: يكره أن يصلي وهو مشدود الوسط، ولم يكره ذلك أحد من
الفقهاء، دليلنا إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط (1).
(و) يكره (ترك التحنك) في الصلاة وغيرها، وهو إدارة كور من
العمامة تحت الحنك، لقوله صلى الله عليه وآله: من صلى مقتعطا فأصابه داء له فلا يلومن إلا
نفسه (2)، كذا في شرح الإرشاد لفخر الاسلام (3).
وقوله صلى الله عليه وآله على ما أرسل في الفقيه: الفرق بين المسلمين والمشركين التلحي
بالعمائم (4). وعلى ما روي في قرب الإسناد للحميري مسندا عن أبي البختري عن
الصادق عليه السلام: الفرق بيننا وبين المشركين في العمائم الالتحاء بالعمائم (5). وقول
الصادق عليه السلام في خبر عيسى بن حمزة: من اعتم، فلم يدر العمامة تحت حنكه،
فأصابه ألم لا دواء له، فلا يلومن إلا نفسه (6).
وفي مرسل ابن أبي عمير: من تعمم ولم يتحنك فأصابه داء لا دواء له فلا
يلومن إلا نفسه (7).
وفي المنتهى (8) وظاهر المعتبر: إجماعنا على كراهيته في الصلاة (9). وفي
الفقيه: سمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون: لا يجوز الصلاة في الطابقية، ولا
يجوز للمتعمم أن يصلي إلا وهو متحنك (10) إنتهى.
ولما كان التحنك والتلحي في اللغة والعرف إدارة العمامة - أي جز منها -
تحت الحنك، فالظاهر أنه لا يتأدى السنة بالتحنك بغيرها مع احتماله، خصوصا

(1) الخلاف: ج 1 ص 509 المسألة 253.
(2) عوالي اللآلي: ج 2 ص 214 ح 6.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 266 ح 821.
(5) قرب الإسناد: ص 71.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 291، ب 26 من أبواب لباس المصلي، ح 2.
(7) المصدر السابق ح 1.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 233 س 14.
(9) المعتبر: ج 2 ص 97.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 265 ذيل الحديث 817.
262

إوصله (1) بها، بحيث لا يتميز بها في الحسن (2) منها. وما سمعته من الأخبار سوى
الأولين (3) ليس نصا في دوام التحنك ما دام معتما، فيحتمل تأدي السنة بفعله.
ثم الاقتعاط أو السدل فلا ينافيه أخبار السدل وهي كثيرة، كقول أبي
الحسن عليه السلام في خبر أبي همام: اعتم رسول الله صلى الله عليه وآله فسدلها من بين يديه ومن
خلفه، واعتم جبرئيل عليه السلام فسدلها من بين يديه ومن خلفه (4). وقول أبي
جعفر عليه السلام في خبر جابر: كانت على الملائكة العمائم البيض المرسلة يوم بدر (5).
وقول الصادق عليه السلام في خبر علي بن أبي علي اللهبي: عمم رسول الله صلى الله عليه وآله
عليا عليه السلام بيده (6) فسدلها من بين يديه، وقصرها من خلفه قدر أربع أصابع، ثم
قال: أدبر فأدبر، ثم قال: أقبل فأقبل، ثم قال: هكذا تيجان الملائكة (7). مع احتمال
أن يكون السدل في الحروب.
ونحوها مما يراد فيها الترفع والاختبال والتلحي فيما يراد فيه التخشع
والسكينة، كما يرشد إليه ما ذكره الوزير السعيد أبو سعد منصور بن الحسين الأبي
في نثر الدرر، قال:
قالوا: قدم الزبير بن عبد المطلب من إحدى الرحلتين فبينا رأسه في حجر
وليدة له وهي تذري لمته، إذ قالت: ألم يرعك الخبر؟ قال: وما ذاك؟ قالت: زعم
سعيد بن العاص أنه ليس لأبطحي أن يعتم يوم عمته فقال: والله لقد كان عندي
ذا حجى، وقد يأجن حز القطر، وانتزع لمته من يدها وقال: يا رغاث علي
عمامتي الطولى، فأتي بها فلاثها على رأسه والقي ضيفها قدام وخلف حتى لطخا

(1) في ط وع (إذ أوصله).
(2) في ط وع (الحس).
(3) في ب (الأول).
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 377، ب 30 من أبواب أحكام الملابس، ح 1.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) زيادة من ط.
(7) المصدر السابق ح 3.
263

قدمه وعقبه، وقال: علي فرسي، فأتي به فاستوى على ظهره ومر يخرق الوادي
كأنه لهب عرفج، فلقيه سهل بن عمرو، فقال: بأبي أنت وأمي يا أبا الطاهر ما لي
أراك تغير وجهك؟ قال: أولم يبلغك الخبر؟! هذا سعيد بن العاص يزعم أنه ليس
لأبطحي أن يعتم يوم عمته، ولم فوالله لطولنا عليهم أوضح من وضح النهار وقمر
التمام ونجم الساري، والآن ننثل كنانتنا (1) فتعجم قريش عيدانها، فتعرف بازل
عامنا وثنياته، فقال له سهل: رفقا بأبي أنت وأمي فإنه ابن عمك ولم يعيك شاؤه
ولم يقصر عنه طولك، وبلغ الخبر سعيدا فرحل ناقته، واغترز رحله ونجا إلى
الطائف، على أن السدل والتلحي يجتمعان معا (2).
(و) يكره (ترك الرداء للإمام) كما في النهاية (3) والمبسوط (4)
والجامع (5) وكتب المحقق (6)، لخبر سليمان بن خالد أنه سأل الصادق عليه السلام عن
رجل أم قوما في قميص ليس عليه رداء، فقال: لا ينبغي إلا أن يكون عليه رداء أو
عمامة يرتدي بها (7).
وإنما تدل على الكراهية مطلقا إذا أراد السائل السؤال عن أن القميص يجزي
عن الرداء، ويجوز أن يريد السؤال عن إمامته إذا لم يكن عليه إلا قميص أو لم
يلبس فوق القميص شيئا، فلا يقيدها مطلقا.
وفي مسائل علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن
يصلي في قميص واحد أو قباء واحد؟ قال: ليطرح على ظهره شيئا (8). وسأله عن

(1) في ط و ب (كناستها).
(2) لا يوجد لدينا.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 328.
(4) المبسوط: ج 1 ص 83.
(5) الجامع للشرائع: ص 67.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 70 والمختصر النافع: ص 25 والمعتبر: ج 2 ص 97.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 329، ب 53 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(8) مسائل علي بن جعفر: ص 118 ح 57.
264

الرجل هل يصلح له أن يؤم في ممطر وحده أو جبة وحدها؟ قال: إذا كان تحتها قميص
فلا بأس (1). وسأله عن الرجل يؤم في قباء وقميص؟ قال: إذا كان ثوبين فلا بأس (2).
(و) يكره (استصحاب الحديد ظاهرا) كما في كتب المحقق (3)
والمبسوط (4) والسرائر (5) والجامع (6) وغيرها، لقوله صلى الله عليه وآله في خبر السكوني: لا
يصلي الرجل وفي يده خاتم حديد (7). وخبر عمار، عن الصادق عليه السلام في الرجل
يصلي وعليه خاتم حديد، قال: لا، ولا يتختم به الرجل، فإنه من لباس أهل
النار (8).
وقوله عليه السلام في مرسل أحمد بن محمد بن أبي الفضل المدائني: لا يصلي
الرجل، وفي تكته مفتاح حديد (9).
قال الكليني: وروي إذا كان المفتاح في غلاف فلا بأس (10).
وفي خبر موسى بن أكيل النميري: جعل الله الحديد في الدنيا زينة الجن
والشياطين، فحرم على الرجل المسلم أن يلبسه في الصلاة إلا أن يكون قبال
عدو فلا بأس به. قال: قلت: فالرجل يكون في السفر معه السكين في خفه لا
يستغني عنه أو في سراويله مشدودا ومفتاح يخشى إن وضعه ضاع، أو يكون في
وسطه المنطقة من حديد، قال: لا بأس بالسكين والمنطقة للمسافر في وقت
ضرورة، وكذلك المفتاح إذا خاف الضيعة والنسيان، ولا بأس بالسيف وكل آلة
السلاح في الحرب، وفي غير ذلك لا تجوز الصلاة في شئ من الحديد فإنه نجس

(1) المصدر السابق ح 58.
(2) مسائل علي بن جعفر: ص 119 ح 62.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 70، والمختصر النافع: ص 24، والمعتبر: ج 2 ص 98.
(4) المبسوط: ج 1 ص 84.
(5) السرائر: ج 1 ص 269.
(6) الجامع للشرائع: ص 66.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 303، ب 32 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(8) المصدر السابق ح 5.
(9) المصدر السابق ح 2.
(10) الكافي: ج 3 ص 404 ذيل الحديث 35.
265

ممسوخ (1).
قال في التهذيب: وقد قدمنا في رواية عمار أن الحديد متى كان في غلافه فلا
بأس بالصلاة فيه (2).
قال المحقق: ونحن نقول: قد بينا أن الحديد ليس بنجس بإجماع الطوائف،
فإذا ورد التنجيس حملناه على كراهية استصحابه، فإن النجاسة تطلق على ما
يستحب أن يجتنب عنه، وتسقط الكراهية على ستره وقوفا بالكراهية على موضع
الاتفاق ممن كرهه (3) انتهى.
وفي الإحتجاج للطبرسي عن الحميري أنه كتب إلى الناحية المقدسة
يسأله عليه السلام عن الرجل يصلي وفي كمه أو سراويله سكين أو مفتاح حديد، هل
يجوز ذلك؟ فوقع عليه السلام: جائز (4).
وفي المقنع: لا تصلي وفي يدك خاتم حديد، ولا يجوز الصلاة في شئ من
الحديد إلا إذا كان سلاحا (5).
وفي النهاية: لا يجوز الصلاة إذا كان مع الانسان شئ من الحديد مشهر مثل
السكين والسيف، فإن كان في غمد أو قراب فلا بأس بذلك، والمفتاح إذا كان مع
الانسان لفه في شئ، ولا يصلي وهو معه مشهر (6). وفي الخلاف: يكره التختم
بالحديد، خصوصا في حال الصلاة. واحتج بالاجماع، وذكر خبري السكوني
والنميري (7).
وفي المهذب: إن مما لا يصح فيه الصلاة على حال ثوب الانسان إذا كان

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 304، ب 32 من أبواب لباس المصلي، ح 6.
(2) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 227، ذيل الحديث 894.
(3) المعتبر: ج 2 ص 98.
(4) الإحتجاج: ج 2 ص 484.
(5) المقنع: ص 25.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 329.
(7) الخلاف: ج 1 ص 507 - 508 المسألة 250.
266

عليه سلاح مشهر مثل سيف أو سكين، وكذلك إذا كان في كمه مفتاح حديد إلا أن
يلفه بشئ (1).
(و) يكره الصلاة (في ثوب المتهم) بالنجاسة، أو الغصب احتياطا
للصلاة، ولنحو صحيح علي بن جعفر أنه سأله أخاه عليه السلام عن رجل اشترى ثوبا
من السوق للبس لا يدري لمن كان، هل تصلح الصلاة فيه؟ قال: إن كان اشتراه من
مسلم فليصل فيه، وإن اشتراه من نصراني فلا يصلي فيه حتى يغسله (2).
وصحيح عبد الله بن سنان، عن الصادق عليه السلام في الذي يعير ثوبه لمن يعلم أنه
يأكل الجري، ويشرب الخمر، فيرده، أفيصلي فيه قبل أن يغسله؟ قال: لا تصل
فيه حتى تغسله (3).
وصحيح العيص عنه عليه السلام في الرجل يصلي في أزار المرأة وفي ثوبها ويعتم
بخمارها؟ فقال: نعم إذا كانت مأمونة (4) (5).
ولا يحرم كما يظهر من الجامع (6) والمبسوط (7) والسرائر (8) والأحمدي (9)،
للأصل، وخبر عبد الله بن جميل بن عياش، عن أبيه أنه سأله عليه السلام عن الثوب
يعمله أهل الكتاب أصلي فيه قبل أن يغسل؟ قال: لا بأس، وإن تغسل أحب
إلي (10).
وصحيح ابن سنان عنه عليه السلام أنه سأل عن الذمي يعيره الثوب وهو يعلم أنه

(1) المهذب: ج 1 ص 75.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1071، ب 50 من أبواب النجاسات، ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1095، ب 74 من أبواب النجاسات، ح 2.
(4) زاد في ط وع (فلا بأس).
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 325، ب 49 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(6) الجامع للشرائع: ص 66.
(7) المبسوط: ج 1 ص 84.
(8) السرائر: ج 1 ص 269.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 92.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1093، ب 73 من أبواب النجاسات، ح 5.
267

يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرده عليه أيغسله؟ فقال عليه السلام: صل فيه ولا
تغسله، فإنك أعرته وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجسه، فلا بأس أن تصلي فيه
حتى تستيقن أنه نجسه (1).
وخبر ابن عمار سأله عليه السلام عن الثياب السابرية يعملها المجوس وهم أخباث
وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ألبسها ولا أغسلها وأصلي فيها؟
قال: نعم. قال: فقطعت له قميصا وخطته وفتلت له أزارا ورداء من السابري، ثم
بعثت بها إليه في يوم جمعة حين ارتفع النهار، فكأنه عرف ما أريد فخرج فيها
إلى الجمعة (2).
وعن عبيد الله بن علي الحلبي أنه سأله عليه السلام عن الصلاة في ثوب المجوسي؟
فقال: يرش بالماء (3).
(و) يكره في (الخلخال المصوت للمرأة) كما في المبسوط (4)
والجامع (5) وكتب المحقق في يدها أو رجلها (6) وما في النهاية (7) والسرائر (8).
وعلل المعتبر (9) والتذكرة (10) والمنتهى (11) ونهاية الإحكام بأنها تشتغل به،
فلا تقبل على الصلاة (12).
قلت: وقد يرشد إليه قوله تعالى: (ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من
زينتهن) (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1095، ب 74 من أبواب النجاسات، ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1093، ب 73 من أبواب النجاسات، ح 1.
(3) المصدر السابق ح 3.
(4) المبسوط: ج 1 ص 84.
(5) الجامع للشرائع: ص 66.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 70 والمختصر النافع: ص 25 والمعتبر: ج 2 ص 99.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 329.
(8) السرائر: ج 1 ص.
(9) المعتبر: ج 2 ص 99.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 99 س 30.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 234 س 32.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 389.
(13) النور: 30.
268

وفي نهاية الإحكام: وفي التعدية إلى الجلجل وكل ما فيه تصويت إشكال (1).
قلت: يقوي التعدية النهي عن اتخاذه [في خبر آخر (2)] (3).
وفي السرائر: إنه مروي (4). وفي الصحيح أن علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن
الخلاخل هل يصلح للنساء والصبيان لبسها؟ فقال: إذا كانت صماء فلا بأس، وإن
كان لها صوت فلا (5). وفي المهذب: إنها مما لا يصح فيها الصلاة بحال (6). وفي
النهاية: لا تصلي المرأة فيها (7). وفي الإصباح: الكراهية في خلاخل من ذهب لها
صوت (8).
(و) يكره (الصلاة في ثوب فيه تماثيل (9) أو خاتم فيه صورة) كما في
الشرائع (10) والمعتبر (11). وفي النافع: في قباء فيه تماثيل أو خاتم فيه صورة (12).
وفي السرائر: في ثوب أو خاتم فيه صورة حيوان (13). وفي الجامع: في خاتم
فيه تمثال (14). وفي المراسم: في ثوب فيه صور (15). وفي الوسيلة: في الثياب
المنقوشة بالتماثيل (16)، لصحيح ابن بزيع أنه سأل الرضا عليه السلام عن الصلاة في

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 389.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 338، ب 62 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(3) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(4) السرائر: ج 1 ص 270.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 338، ب 62 من أبواب لباس المصلي، ح 1.
(6) المهذب: ج 1 ص 75.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 329.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 612.
(9) في النسخة المطبوعة من القواعد (تمثال).
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 70.
(11) المعتبر: ج 2 ص 98.
(12) المختصر النافع: ص 25.
(13) السرائر: ج 1 ص 270.
(14) الجامع للشرائع: ص 66.
(15) المراسم: ص 64.
(16) الوسيلة: ص 87.
269

الثوب المعلم، فكره ما فيه التماثيل (1).
وخبر عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام أنه كره أن يصلي وعليه ثوب فيه
تماثيل (2). وخبر عمار عنه عليه السلام في الثوب يكون في علمه مثال الطير أو غير ذلك
أيصلى فيه؟ قال: لا، والرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك؟ قال:
لا يجوز الصلاة فيه (3).
ولا يحرم كما في النهاية (4) وظاهر المبسوط فيهما (5)، والمهذب (6). وظاهر
المقنع في الخاتم (7)، للأصل، وخبر علي بن جعفر المروي في قرب الإسناد
للحميري أنه سأل أخاه عليه السلام عن الخاتم يكون فيه نقش سبع أو طير أيصلى فيه؟
قال: لا بأس (8).
وفي المعتبر بعد ذكر خبري عمار وما ورد (9) إن معاشر الملائكة لا تدخل بيتا
فيه كلب أو تمثال جسد: وليست هذه مما يعتمد، لكن لا بأس باجتنابه كراهية لا
تحريما (10). وفي المنتهى بعد خبر عمار في الخاتم: ولا يعتمد على هذه الرواية في
الدلالة على التحريم، لقصور اللفظ عنه، ولضعف السند، فالأولى الكراهية (11).
قلت: لعل قصور اللفظ لكثرة استعماله لا يجوز في شدة الكراهية، ولاحتمال
نفي الجواز بالمعنى الخاص الذي هو الإباحة، ثم إن ابن إدريس خصص
الكراهية بصور الحيوانات (12).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 318، ب 45 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 317 ب 45 من أبواب لباس المصلي ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 320، ب 45 من أبواب لباس المصلي، ح 15.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 329.
(5) المبسوط: ج 1 ص 83.
(6) المهذب: ج 1 ص 75.
(7) المقنع: ص 25.
(8) قرب الإسناد: ص 97.
(9) في ع (روى).
(10) المعتبر: ج 2 ص 98 و 99.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 234 س 29.
(12) السرائر: ج 1 ص 270.
270

قال في المختلف: وباقي أصحابنا أطلقوا القول، وهو الوجه، لنا عموم النهي،
ولأن المراد بذلك ترك الاشتغال بالنظر إلى الصور والتماثيل حال الصلاة، وهو
شامل للحيوان وغيره (1) إنتهى.
وقول ابن إدريس عندي قوي، إذ لو عمت الكراهية لكرهت الثياب ذوات
الأعلام، لشبه ذوات الأعلام بالأخشاب والقصبات ونحوها، والثياب
المحشوة لشبه طرائقها المخيطة بها، بل الثياب قاطبة لشبه خيوطها
بالأخشاب ونحوها، ولأن الأخبار ناطقة بنفي الكراهية عن البسط وغيرها إذا
قطعت رؤوس التماثيل أو غيرت لو كان لها عين واحدة (2) وتفسير قوله تعالى
(يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل) (3) وتماثيل الشجر ونحوه.
وسأل محمد بن مسلم الصادق عليه السلام عن تماثيل الشجر والشمس والقمر،
فقال عليه السلام: لا بأس ما لم يكن شئ من الحيوان (4). وروي أن خاتم أبي
الحسن عليه السلام كان عليه حسبي الله وفوقه هلال وأسفله وردة (5).
ثم ظاهر الفرق بين الثوب والخاتم بالوصف والتماثيل والصور هنا.
وفي النهاية (6) والتحرير (7) والمنتهى (8) وكتب المحقق تغاير المعنى (9)، فقد
يكون المراد بالصور صور الحيوانات خاصة وبالتماثيل الأعم لتفسير الآية به كما

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 87.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 317، ب 45 من أبواب لباس المصلي.
(3) سباء: 12.
(4) وسائل الشيعة: 3 ص 563، ب 3 من أبواب، ح 17.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 409 - 10، ب 62 من أبواب أحكام الملابس، ح 2.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 390.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 31 س 8.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 234 س 10.
(9) المعتبر: ج 2 ص 98، المختصر النافع: ص 25، شرائع الاسلام: ج 1 ص 70.
271

سمعت، والفرق لو ورد خاتم فيه نقش هلال ووردة.
واحتمال ما فيه التماثيل في صحيح ابن بزيع: المعلم (1)، ولذا كرهه الشهيد في
الدروس (2)، لكن في المعرب (3) المهمل اختصاص التمثال بصور أولي
الأرواح، وعموم الصور حقيقة، قال: وأما تمثال شجر فمجاز إن صح.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 318، ب 45 من أبواب لباس المصلي، ح 4.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 147 درس 29.
(3) لا يوجد لدينا.
272

(الفصل الخامس)
(في المكان)
وهو ما يستقر عليه ولو بواسطة أو وسائط.
(وفيه مطالب) ثلاثة:
(الأول)
فيما يجب، أو يحرم، أو يستحب، أو يكره من أوصاف مكان المصلي على
الاطلاق.
(كل مكان مملوك) العين والمنفعة، أو المنفعة خاصة (أو في حكمه)
من موات، مباح أو مأذون فيه، صريحا أو فحوى، أو بشاهد الحال، أو وقف عام
(خال من نجاسة متعدية) إلى بدن المصلي وثوبه (تصح الصلاة فيه) وإن
لم يخل من نجاسة غير متعدية، وسيأتي الخلاف فيه.
(ولو صلى في) المكان (المغصوب) أي الذي لا تملك منفعته، ولا
مباح له، ولا له شئ من أقسام الإذن من مالكه (عالما بالغصب اختيارا،
بطلت) صلاته، لأن القيام فيه والركوع والسجود عليه تصرفات منهي عنها،
وهي أجزاء للصلاة، فتقع فاسدة غير مرادة للشارع.
273

وفي وصية أمير المؤمنين عليه السلام لكميل: يا كميل انظر فيما تصلي، وعلى ما
تصلي، إن لم يكن من وجهه وحله فلا قبول (1).
وفي الناصريات (2) ونهاية الإحكام (3) وظاهر التذكرة (4) والمنتهى (5):
الاجماع عليه، وظاهر ما حكاه ثقة الاسلام - في باب الفرق بين من طلق على
غير السنة، وبين المطلقة إذا خرجت وهي في عدتها أو أخرجها زوجها - عن
الفضل بن شاذان الصحة. ويحتمل كلامه الالزام.
وعن المحقق: صحة النافلة، لأن الكون ليس جز منها، ولا شرطا فيها (6)،
يعني إنها تصح ماشيا مومئا للركوع والسجود، فيجوز فعلها في ضمن الخروج
المأمور به.
والحق أنها تصح إن فعلها كذلك، لا أن قام وركع وسجد، فإن هذه الأفعال
وإن لم يتعين عليه فيها، لكنها أحد أفراد الواجب فيها.
وقطع في التذكرة (7) ونهاية الإحكام بتساوي الفرائض والنوافل في البطلان (8)،
وكأنه يريد إذا قام وركع وسجد، لا إذا مشى وأومأ وهو خارج.
وعن السيد (9) وأبي الفتح الكراچكي وجه بالصحة في الصحاري المغصوبة
استصحابا، لما كانت الحال تشهد به من الإذن (10)، وهو ليس خلافا فيما ذكرناه
من الحكم.
لكن في المبسوط: فإن صلى في مكان مغصوب مع الاختيار، لم تجز الصلاة

(1) تحف العقول: ص 174.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 231 المسألة 1.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 340.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 87 س 13.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 241 س 17.
(6) المعتبر: ج 2 ص 109.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 87 س 19.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 341
(9) نقله عنه في جامع المقاصد: ج 2 ص 116.
(10) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 152 درس 31.
274

فيه، ولا فرق بين أن يكون هو الغاصب أو غيره ممن أذن له في الصلاة فيه، لأنه
إذا كان الأصل مغصوبا لم يجز الصلاة فيه (1).
ففهم المحقق منه إذن المالك، وقال: الوجه الجواز لمن أذن له المالك، ولو
أذن للغاصب (2).
ووجهه الشهيد بأن المالك لما لم يكن متمكنا من التصرف فيه لم يفد إذنه
الإباحة، كما لو باعه، فإنه باطل لا يبيح المشتري التصرف فيه. واحتمل أن يريد
الإذن المستند إلى شاهد الحال، لأن طريان الغصب يمنع من استصحابه كما صرح
به ابن إدريس. قال: ويكون فيه التنبيه على مخالفة المرتضى، وتعليل الشيخ
مشعر بهذا (3) انتهى.
والظاهر اختلاف الأمكنة، والملاك، والمصلين، والأحوال، والأوقات في
منع الغصب من استصحاب الإذن الذي شهدت به الحال.
وفهم المصنف في كتبه إذن الغاصب (4)، واستبعده الشهيد (5)، لأنه لا يذهب
الوهم إلى احتماله، ولأن التعليل لا يطابقه، وهو ممنوع.
(وإن جهل) المصلي (الحكم) الوضعي أو الشرعي - أي التحريم - كانت
صلاته باطلة، لوجود العلة، لأنها صلاة لم يردها الشارع وإن لم يأثم إذا كان
غافلا.
(ولو جهل الغصب صحت صلاته) كما في كتب المحقق (6)، لأن النهي
إنما يتعلق بالتصرف فيما علم المكلف بغصبه، وإلا لزم الحرج. وفي المنتهى:

(1) المبسوط: ج 1 ص 84.
(2) المعتبر: ج 2 ص 109.
(3) ذكرى الشيعة: ص 150 س 10 - 12.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 341، تبصرة المتعلمين: ص 23، تحرير الأحكام: ج 1 ص 32
س 27، منتهى المطلب: ج 1 ص 241 س 33، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 87 س 20.
(5) ذكرى الشيعة: ص 150 س 9.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 71، المختصر النافع: ص 26، المعتبر: ج 2 ص 109.
275

الاجماع عليه (1).
(وفي الناسي) للغصب (إشكال) مما مر في اللباس، والأقوى الصحة،
لأن المنهي عنه إنما هو التصرف فيما علم غصبه لرفع النسيان، ولم يقو البطلان هنا
كما قواه، ثم لأنه نزل الناسي ثم منزلة العاري ناسيا، وهنا لا ينزل منزلة الناسي،
للكون.
ويمكن أن ينزل منزلة الناسي للقيام والركوع والسجود، لأن هذه الأفعال إنما
فعلت فيما لا يريد الشارع فعلها فيه وإن كان فيه مثل ما مر من أن الشارع إنما
أنكر فعلها في معلوم الغصبية.
(ولو أمره المالك الإذن) في الدخول، أو الكون (بالخروج) فورا
(تشاغل به) فورا وجوبا مع التمكن، (فإن ضاق) حينئذ (الوقت)
للصلاة (خرج مصليا) كما في المبسوط (2) والمهذب (3) وغيرهما مومئا
مستقبلا إن أمكن، وإلا فلا، جمعا بين الواجبين. ونسب ابن سعيد صحة هذه
الصلاة إلى القيل (4).
(ولو صلى) حينئذ (من غير خروج لم تصح) صلاته، لأن من
أجزائها القيام والركوع والسجود المحرمة.
(وكذا الغاصب) إذا ضاق الوقت وهو في مكان المغصوب صلى خارجا
وصحت صلاته وإن أثم بابتداء الكون واستدامته إلى الخروج. وقال أبو هاشم: إن
الخروج أيضا تصرف في المغصوب فيكون معصية، فلا تصح عنده الصلاة وهو
خارج (5).

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 241 س 29.
(2) المبسوط: ج 1 ص 85.
(3) المهذب: ج 1 ص 76.
(4) الجامع للشرائع: ص 68.
(5) نقله عنه في منتهى المطلب: ج 1 ص 242 س 7.
276

وفي التحرير: أطبق العقلاء كافة على تخطئة أبي هاشم في هذا المقام (1).
(ولو أمره) المالك الإذن في اللبث أو بالخروج (بعد التلبس) بالصلاة
(مع الاتساع احتمل الاتمام) لأن الصلاة على ما افتتحت عليه، والمانع
الشرعي كالعقلي، مع أن المالك إن علم بتلبسه بها فهو أمر بالمنكر، فلا ينفذ أمره.
(و) احتمل (القطع) لأن حق الآدمي مقدم، والإذن في اللبث ليس إذنا
في الصلاة، ولا بد من خلو العبادة من المفاسد والتصرف في ملك الغير بغير إذنه
مفسدة.
(و) احتمل (الخروج مصليا) جمعا بين الحقين. قال الشهيد: وهو
ضعيف، لأن فيه تغيير (2) هيئة الصلاة، يعني من غير ضرورة للاتساع، فقد أسقط
حق الله تعالى (3).
فإن قيل: الضرورة متحققة لحرمة القطع.
قلنا: قد انقطعت كما تنقطع بالحدث أو (4) انكشف الفساد لانكشاف أنه غير
متمكن من إتمامها على ما أمر به، ومع الضيق احتمل الاتمام والخروج مصليا.
(ولو كان الإذن) متعلقا (بالصلاة) فأمره بالخروج بعد التلبس
(فالاتمام) وجها واحدا، ضاق الوقت أم اتسع، لأن الإذن في اللازم شرعا
يفضي إلى اللزوم، كالإذن في الرهن، وفي دفن الميت.
واحتمل الوجهان الآخران في الذكرى من الأصل وإمكان الجمع بين الحقين (5).
(وفي جواز صلاته وإلى جانبه (6) أو أمامه امرأة تصلي قولان، سواء
صلت بصلاته أو منفردة) خلافا لأبي حنيفة، فلم يبطل الصلاة إذا انفردت.
(وسواء كانت زوجته، أو مملوكته، أو محرما، أو أجنبية) قيل:

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 32 س 32.
(2) في ع: (تغير).
(3) ذكرى الشيعة: ج 1 ص 150 س 17.
(4) في ط: (أو إذا).
(5) ذكرى الشيعة: ج 1 ص 150 س 16.
(6) في النسخة المطبوعة من القواعد (جانبيه).
277

ويقرب منه اجتماع الصبي والبالغ (1)، يعني من النساء. وفيه نظر.
فالشيخان (2) والحلبيان (3) وابنا حمزة (4) والبراج على المنع (5)، لكن غير
الشيخ وابن حمزة منهم لم يتعرضوا لتقدمها.
ونص الشيخان (6) وابن حمزة (7) على بطلان صلاتهما، وهو خيرة
التلخيص (8) والحلبيين (9) عليه مع التعمد.
واستندوا إلى نحو صحيح محمد بن مسلم، سأل أحدهما عليهما السلام عن المرأة
تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعا؟ فقال: لا، ولكن يصلي الرجل، فإذا
فرغ صلت المرأة (10). وخبر ابن إدريس بن عبد الله القمي أنه سأل الصادق عليه السلام
عن الرجل يصلي وبحياله امرأة قائمة على فراشها جنبه، فقال: إن كانت قاعدة
فلا يضرك، وإن كانت تصلي فلا (11).
وما سيأتي من الأخبار في اشتراط الحائل بينهما أو البعد، والاجماع على ما
في الخلاف (12) والغنية (40)، وقوله صلى الله عليه وآله: أخروهن حيث أخرهن الله (13).

(1) الظاهر أن القائل هو الشهيد في حواشيه كما في مفتاح الكرامة: ج 2 ص 202 س 13.
(2) المقنعة: ص 152، النهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(3) الكافي في الفقه: ص 120 والغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 السطر الأخير.
(4) الوسيلة: ص 89.
(5) المهذب: ج 1 ص 98.
(6) المقنعة: ص 152 والنهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(7) الوسيلة: ص 89.
(8) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 560.
(9) الكافي في الفقه: ص 120، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 السطر الأخير.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 427، ب 5 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 425، ب 4 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(12) الخلاف: ج 1 ص 424 ذيل المسألة 171.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496.
(14) مستدرك الوسائل: ج 3 ص 333، ب 5 من أبواب مكان المصلي، ح 1 نقلا عن درر اللآلي.
278

وفي كشف الرموز عن المقنع: إنها لا تبطل إلا أن تكون هي بين يديك، ولا
بأس لو كانت خلفك وعن يمينك وعن شمالك (1).
والذي فيما عندنا من نسخه: لا تصل وبين يديك امرأة تصلي، إلا أن يكون
بينكما بعد عشرة أذرع، ولا بأس بأن تصلي المرأة خلفك (2).
ثم ظاهر كلام الشيخين (3) والتلخيص بطلان الصلاتين، اقترنتا أم لا (4)،
ويبعد بطلان السابقة، خصوصا إذا لم يكن علم السابق بطريان اللاحقة إذا شرع.
وعن علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن إمام في الظهر قامت امرأته بحياله
تصلي، وهي تحسب أنها العصر، هل يفسد ذلك على القوم؟ وما حال المرأة في
صلاتها وقد كانت صلت الظهر؟ فقال عليه السلام: لا يفسد ذلك على القوم، وتعيد
المرأة (5). فإن كانت الإعادة لهذا الاجتماع دل على صحة السابقة كما في
الذكرى (6).
ثم في المبسوط بعد الحكم ببطلان الصلاتين: إنها إن صلت بجنب الإمام
بطلت صلاتها وصلاة الإمام، ولا تبطل صلاة من وراء الصف الأول (7).
واستشكل بأنه كيف يصح صلاتهم مع بطلان صلاة الإمام؟! ويجوز أن يريد
صحتها إذا نووا الانفراد، أو لم يعلموا بصلاتها إلى جنبه.
(والأقرب الكراهية) وفاقا للسيد (8) وابني إدريس (9) وسعيد (10)،
للأصل، واختلاف الأخبار في مقادير البعد، ومنع الاجماع، خصوصا مع خلاف
السيد، ولمرسل جميل، عن الصادق عليه السلام في الرجل يصلي والمرأة تصلي

(1) كشف الرموز: ج 1 ص 143.
(2) المقنع: ص 25.
(3) المقنعة: ص 152، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(4) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 560.
(5) مسائل علي بن جعفر: ص 256 ح 616.
(6) ذكرى الشيعة: ص 151 س 1.
(7) المبسوط: ج 1 ص 86.
(8) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 110.
(9) السرائر: ج 1 ص 267.
(10) 51 الجامع للشرائع: ص 69.
279

بحذائه، قال: لا بأس (1) وحمله الشيخ على القرب من المحاذاة مع تأخيرها (2)
يسيرا (3).
ومرسلة ابن بكير عنه في الرجل يصلي والمرأة تصلي بحذائه أو إلى جنبه،
فقال: إذا كان سجودها مع ركوعه فلا بأس (4).
ويحتمل أنها إذا سجدت حاذته إذا ركع، كما قال عليه السلام في صحيح هشام بن
سالم: الرجل إذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه (5).
وصحيح علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يصلي في مسجد
حيطانه كوى كله قبلته وجانباه وامرأته تصلي حياله يراها ولا تراه، قال: لا
بأس (6). وخبر عيسى بن عبد الله القمي أنه سأل الصادق عليه السلام عن امرأة صلت مع
الرجال وخلفها صفوف وقدامها صفوف، قال: مضت صلاتها، ولم تفسد على
أحد ولا تعيد (7).
وظاهر صحيح ابن مسلم أنه سأل أحدهما عليهما السلام عن الرجل يصلي في زاوية
الحجرة وامرأته أو بنته تصلي بحذائه في الزاوية الأخرى، قال: لا ينبغي ذلك،
فإن كان بينهما ستر أجزأه (8).
وأغفل الفريقان النص على فوقيتها وتحتيتها، والأصل وظاهرهم الإباحة،
والفوقية بخصوصها أشبه بالتأخر في أنه لا يراها الرجل.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 428، ب 5 من أبواب مكان المصلي، ح 6.
(2) في ع: (تأخرها).
(3) الإستبصار: ج 1 ص 400، ذيل الحديث 1527.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 430، ب 6 من أبواب مكان المصلي، ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 428، ب 5، من أبواب مكان المصلي، ح 9.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 431، ب 8 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(7) لم نقف على هذا الحديث في المصادر المتوفرة.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 427، ب 5 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
280

ولكن قال أبو جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: لا تصلي المرأة بحيال الرجل،
إلا أن يكون قدامها ولو بصدره (1).
قال الشهيد: إن من فحواه يظهر المنع من الجهتين (2).
وقال الصادق عليه السلام في خبر عمار: لا تصلي قدامه أو يمينه أو يساره حتى
يكون بينهما أكثر من عشرة أذرع، ولا بأس بها خلفه وإن أصابت ثوبه (3).
قال الشهيد: ومن هنا وقع الشك في الفوقية والتحتية (4).
قلت: من اختصاص اشتراط البعد بالجهات الثلاثة، ومن اختصاص نفي
البأس بالخلف.
(وينتفي التحريم أو الكراهية مع) الضرورة كما في الإيضاح (5) وكتب
الشهيد (6)، تنزيلا لاطلاق الأصحاب والأخبار على الاختيار المتبادر. وقد يرشد
إليه الصلاة في المغصوب.
وما في علل الصدوق من قول أبي جعفر عليه السلام في خبر الفضيل: إنما سميت
مكة بكة لأنها يبك بها الرجال والنساء، والمرأة تصلي بين يديك، وعن يمينك،
وعن يسارك، ومعك فلا بأس بذلك، وإنما يكره في سائر البلدان (7).
ومع (الحائل) كما في الشرائع (8) والتهذيب (9) والاستبصار (10)، لصحيح ابن
مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في المرأة تصلي عند الرجل، قال: إذا كان بينهما حاجز

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 430، ب 6 من أبواب مكان المصلي، ح 3.
(2) غاية المراد: ق 3 ص 12 س 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 430 - 431، ب 7 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(4) غاية المراد: ق 3 ص 11 السطر الأخير.
(5) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 89.
(6) ذكرى الشيعة: ص 150 س 37 والبيان: ص 65 السطر الأول.
(7) علل الشرائع: ص 397 - 398 ح 4.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 71.
(9) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 232 ذيل الحديث 912.
(10) الإستبصار: ج 2 ص ذيل الحديث 1526.
281

فلا بأس (1). وما سمعته آنفا (2) من صحيحه عن أحدهما عليهما السلام (3) إن كان لفظ
(ستر) باهمال السين وتثنية التاء من فوق.
وكذا ما عن نوادر البزنطي، عن المفضل، عن محمد الحلبي، عن
الصادق عليه السلام في الرجل يصلي في زاوية الحجرة وابنته أو امرأته تصلي بحذائه في
الزاوية الأخرى، قال: لا ينبغي ذلك إلا أن يكون بينهما ستر، فإن كان بينهما ستر
أجزأه (4).
وفي المعتبر: زوال المنع معه إجماعا (5). وفي المنتهى صحة صلاتهما
إجماعا (6). وفي النافع (7) والتذكرة (8) ونهاية الإحكام (9) أيضا صحة صلاتهما. وفي
التحرير صحة صلاته (10).
وفي المبسوط: وإن صلت خلفه في صف بطلت صلاة من عن يمينها وشمالها
ومن يحاذيها من خلفها، ولا تبطل صلاة غيرهم، وإن صلت بجنب الإمام بطلت
صلاتها وصلاة الإمام، ولا تبطل صلاة المأمومين الذين هم وراء الصف الأول (11).
ويحتمل قوله: (عن يمينها وشمالها) جميع من في صفها ورجلين منهم
خاصة. وكذا يحتمل من يحاذيها جميع من في الصف الثاني، ومن يحاذيها
حقيقة، ومن يحاذيها أو يراها.
وفي المقنعة: لا يجوز للرجل أن يصلي وامرأة تصلي إلى جانبه أو في صف
واحد معه (12). وروى الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن علي

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 431، ب 8 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
(2) في ط: (أيضا).
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 427 ب 5 من أبواب مكان المصلي ح 1.
(4) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 555.
(5) المعتبر: ج 2 ص 111.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 243 س 24.
(7) المختصر النافع: ص 26.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 89 س 28.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 349.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 س 3.
(11) المبسوط: ج 1 ص 86.
(12) المقنعة: ص 152.
282

بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يصلي في مسجد قصير
الحائط وامرأة قائمة تصلي وهو يراها وتراه؟ قال: إن كان بينهما حائط طويل أو
قصير فلا بأس (1).
وفي التحرير: لو كان الرجل أعمى فالوجه الصحة، ولو غمض الصحيح عينيه
فاشكال (2). وهذا مبني على أن موجب المنع النظر.
وفي نهاية الإحكام: وليس المقتضي للتحريم أو الكراهية النظر، لجواز الصلاة
وإن كانت قدامه عارية، ولمنع الأعمى ومن غمض عينيه (3). وهو الوجه، إلا أن
يعمم الحاجز والستر للأعمى، ولا يخلو من بعد، ويحتمل عمومها الظلمة.
(أو بعد عشرة أذرع) كما في المقنع (4) والسرائر (5) والإصباح (6) وكتب
المحقق (7)، لما في قرب الإسناد للحميري عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام
عن الرجل يصلي الضحى وأمامه امرأة تصلي بينهما عشرة أذرع، قال: لا بأس
ليمض في صلاته (8). وما مر من خبر عمار (9). ولعل الأكثر فيه لوجوب العشرة بين
موقفها ومسجده، فلا يكفي العشر بين الموقفين إذا تقدمت.
وفي المعتبر: الاجماع على زوال المنع بها (10). وفي المنتهى: الاجماع على

(1) قرب الإسناد: ص 95.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 س 3.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 350.
(4) المقنع: ص 25.
(5) السرائر: ج 1 ص 267.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 613.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 71 والمختصر النافع: ص 26 والمعتبر: ج 2 ص 111.
(8) قرب الإسناد: ص 94.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 430 - 431، ب 7 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(10) المعتبر: ج 2 ص 111.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 243 س 24.
(12) الجامع للشرائع: ص 69.
(13) المختصر النافع: ص 26.
(14) تذكرة الفقهاء: ص 89 س 28.
283

صحة صلاتهما (1). وكذا في الجامع (2) والنافع (3) والتذكرة (4) ونهاية الإحكام
صحة صلاتهما (5). وفي التحرير صحة صلاته (6).
وإن كانت على مرتفع أمامه، اعتبر كون ضلع المثلث الذي ساقاه من موقفه
إلى أصل ما هي عليه من البناء، ومن أصله إلى موقفها عشر. أو كذا إذا كانت بجنبه
وكان أحدهما كذلك كانت الزاوية التي هي بين البناء والأرض قائمة أو حادة أو
منفرجة.
واحتمل سقوط المنع حينئذ بناء على أنه لا يتبادر من الإمام والمحاذات
ونحوهما.
وفي الجامع: زوال الكراهية بذراع وشبر أيضا (7)، لما مر من صحيح ابن
مسلم، عن أحدهما عليهما السلام (8)، ولخبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام عن الرجل
والمرأة يصليان في بيت واحد، المرأة عن يمين الرجل بحذائه؟ قال: لا إلا أن
يكون بينهما شبر أو ذراع (9).
وخبر معاوية بن وهب أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل والمرأة يصليان في
بيت واحد؟ قال: إذا كان بينهما قدر شبر صلت بحذائه وحدها وهو وحده لا
بأس (10). وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا كان بينها وبينه ما لا يتخطى أو
قدر عظم الذراع فصاعدا فلا بأس (11).
وما في السرائر عن كتاب حريز، عن زرارة أنه سأله عليه السلام الرجل والمرأة
يصلي كل واحد منهما قبالة صاحبه؟ قال: نعم إذا كان بينهما قدر موضع رجل،
وأنه سأله عليه السلام المرأة تصلي حيال زوجها، فقال: تصلي بإزاء الرجل إذا كان

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 349.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 س 2 - 3.
(3) الجامع للشرائع: ص 69.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 427، ب 5 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 428، ب 5 من أبواب مكان المصلي، ح 4.
(6) المصدر السابق ح 7.
(7) المصدر السابق ح 8.
284

بينها وبينه قدر ما لا يتخطى أو قدر عظم الذراع فصاعدا (1).
وللخبرين قال الجعفي: من صلى وحياله امرأة ليس بينهما قدر عظم الذراع
فسدت صلاته (2).
ولاحتمال الأول (3) إهمال السين وتثنية التاء من فوق، وضعف الثاني (4)
واحتماله وما بعده أن لا يصليا معا، اقتصر الأولون على العشرة، مع أن الشيخ
حمل الفصل بالشبر على تقدمه عليها بشبر (5)، وكذا المحقق في المعتبر (6).
وأطلق الشيخان في غير كتابي الأخبار (7) والحلبيان (8) وابنا حمزة (9) والبراج
بالمنع (10) من غير استثناء للحائل والبعد (11).
(ولو كانت ورأه صحت صلاته) وصلاتها وإن أصابت ثوبه كما في
خبر عمار (12)، وفيما مر من صحيح زرارة تقدمه عليها بصدره (13)، فيحتمله وما
دونه. وكذا قول المفيد: يصلي بحيث يكون سجودها تجاه قدميه في سجوده (14).
وقول المحقق: بقدر ما يكون موضع سجودها محاذيا لقدمه (15). وسمعت خبر
هشام بن سالم. وما يحتمله قوله عليه السلام: إذا كان سجودها مع ركوعه (16).

(1) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 586 و 587.
(2) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 150 س 34.
(3) أي صحيح محمد بن مسلم.
(4) أي خبر أبي بصير.
(5) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 230 ذيل الحديث 905.
(6) المعتبر: ج 2 ص 111.
(7) المقنعة: ص 152 والنهاية ونكتها: ج 1 ص 331 والمبسوط: ج 1 ص 86.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 السطر الأخير والكافي في الفقه: ص 141.
(9) الوسيلة: ص 89.
(10) في ع: (المنع).
(11) المهذب: ج 1 ص 98.
(12) المصدر السابق ح 4.
(13) وسائل الشيعة: ج 3 ص 430، ب 6 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
(14) المقنعة: ص 152.
(15) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72.
(16) وسائل الشيعة: ج 3 ص 428، ب 5 من أبواب مكان المصلي، ح 9.
285

(ولو ضاق المكان عنهما) مع التباعد المعتبر أو تأخرها واتسع الوقت
صلى أحدهما قبل الآخر وجوبا أو استحبابا. ويحتمله خبر ابن أبي يعفور أنه
سأله عليه السلام أصلي والمرأة إلى جنبي تصلي؟ فقال: لا إلا أن تتقدم هي أو أنت (1).
وصحيح ابن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام (2).
(صلى الرجل أولا) وتقدم. ونحو منه خبر أبي بصير، عن
الصادق عليه السلام (3). هذا إذا لم يختص المكان بها عينا أو منفعة، بل تساويا فيه ملكا
أو إباحة فهو أولى.
وإن اختصت به احتمل أن يكون الأولى بها أن يأذن له في التقدم، وإن لم
يتسع الوقت صليا معا من غير حرمة ولا كراهية، لما في الإيضاح من
اختصاصهما بالاختيار واستشكل بعموم النصوص والفتاوي (4).
(والأقرب اشتراط صحة صلاة المرأة) بل الصلاتين (لولاه) أي أحد
ما ذكر من التحاذي وقدمها (في بطلان الصلاتين) لأن الفاسدة ليست بصلاة
حقيقة، فلا يفهم من لفظها إلا بقرينة مع أصل الإباحة.
ويحتمل العدم لشيوع استعمالها في صورة الصلاة، والامتناع عند بطلان
الصلاتين، ولا يجدي التخصيص بقيد (لولاه)، ويدفعه أنهما عند الصحة
(لولاه) تنعقدان ثم تبطلان، ولا تنعقدان عند البطلان، فلا تبطل الصحيحة منهما.
(فلو صلت الحائض أو غير المتطهرة) مثلا (وإن كان نسيانا لم
تبطل صلاته) مع الغفلة أو علمه بالبطلان، وكذا العكس.
(وفي الرجوع إليها) في الصحة والبطلان (حينئذ نظر) من أن من

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 428، ب 5 من أبواب مكان المصلي، ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 428، ب 5 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 433، ب 10 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(4) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 88 - 89.
286

أسباب الصحة والبطلان ما لا يعلم إلا من قبل المصلي مع أصالة صدقه، على أنه
إذا أخبر بالبطلان لم يتحقق شرط بطلان صلاة الآخر، والأصل الصحة. ومن أن
إخبارها بحال صلاتها بمنزلة الأخبار بحال صلاته، وهو غير مسموع، خصوصا
البطلان، لأصل الصحة، وانتفاء شرطه. والأقرب الأول خصوصا في البطلان.
وعن مقروءة على المصنف: الأقرب قبول إخبارها بعدم طهارتها، للاستناد إلى
أصلين: عدمها وصحة صلاة الرجل لا بطهارتها، استنادا إلى خلافهما طهارتها
وبطلان صلاته، إنتهى.
وعليه الاستفسار إذا احتملت الصحة، وكذا إذا فرغ من الصلاة. واحتمل
البطلان وقد شرع فيها غافلا أو مع زعم الفساد، ثم احتمل الصحة، فإن لم يمكن
لم يشرع فيها، وإن صلى مع الغفلة عن التحاذي أو الحكم أو الاستفسار وكان
الظاهر البطلان لم يعد.
(ولو لم يتعد نجاسة المكان إلى بدنه أو ثوبه، صحت صلاته إذا كان
موضع) القدر المعتبر من (الجبهة) في السجود (طاهرا على رأي) وفاقا
للأكثر، للأصل، ونحو صحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن البيت والدار
لا يصيبهما الشمس ويصيبهما البول، ويغتسل فيهما من الجنابة، أيصلى فيهما إذا
جفا؟ قال: نعم (1).
وخبر عمار سأل الصادق عليه السلام عن البارية يبل قصبها بماء قذر، هل يجوز
الصلاة عليها؟ فقال: إذا جفت فلا بأس بالصلاة عليها (2).
واشترط الحلبي طهارة مساقط الأعضاء السبعة (3). وعن السيد طهارة جميع
المصلى (4).

(1) مسائل علي بن جعفر: ص 221 ح 493.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1044، ب 30 من أبواب النجاسات، ح 5.
(3) الكافي في الفقه: ص 140 - 141.
(4) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 150 س 22.
287

ويستدل لهما بخبر ابن بكير، عن الصادق عليه السلام في الشاذ كونه يصيبها
الاحتلام أيصلى عليها؟ قال: لا (1). وهو مع التسليم يحتمل التعدي والكراهية.
ولخبر (2) عمار أنه سأله عليه السلام عن الموضع القذر يكون في البيت أو غيره، فلا
تصيبه الشمس ولكنه قد يبس الموضع القذر؟ قال: لا يصلى عليه، وأعلم موضعه
حتى تغسله (3). وهو مع التسليم يحتمل الكراهية، وموضع السجود، لقوله تعالى:
(والرجز فاهجر) (4). ولا هجر إذا صلى عليه.
وفيه: أن الرجز يحتمل العذاب والغضب، وبوجوب تجنب (5) المساجد
النجاسة، وإنما هو لكونها مواضع الصلاة، وهو ممنوع، مع احتمال المساجد في
أخباره مواضع السجود، واحتمال أن يكون العلة صلاحيتها للسجود على أي
موضع أريد منها.
قال الشهيد: وعلى قول المرتضى الظاهر أنه لا يشترط طهارة كل ما تحته،
فلو كان المكان نجسا ففرش عليه طاهر صحت الصلاة، وقد رواه عامر القمي،
عن الصادق عليه السلام (6).
قلت: ولنا عدة أخبار نطقت باتخاذ الحشو مسجدا إذا ألقي عليه من التراب ما
يواريه (7).
ثم إنه قال: الأقرب على قوله أن مكان المصلي ما لاصق أعضائه وثيابه (8).
وأنه لو سقط طرف ثوبه أو عمامته على نجاسة أمكن على قوله بطلان

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1044 - 1045، ب 30 من أبواب النجاسات، ح 6.
(2) في ع (وبخبر).
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1042، ب 29 من أبواب النجاسات، ح 4.
(4) المدثر: 5.
(5) في ع (تجنيب).
(6) ذكرى الشيعة: ص 150 س 28.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 490، ب 11 من أبواب أحكام المساجد.
(8) ذكرى الشيعة: ص 150 س 26.
288

الصلاة اعتدادا، بأن ذلك مكان الصلاة، وإن تعدت من المكان إلى البدن أو الثوب
الذي لا يعفى عن نجاسته نجاسة لا يعفى عنها بطلت الصلاة، وإن تعدى ما يعفى
عنه أو إلى ما يعفى عنه فيه فالظاهر العفو كما في الذكرى (1) لأنه لا يريد على ما هو
على المصلي.
وفي الإيضاح عن المصنف: الاجماع على العدم (2).
قال الشهيد: وعلى قول المرتضى لو كان على المكان - يعني ما يعفى عنه
كدون الدرهم دما - ولا يتعدى، فالأقرب أنه كذلك - يعني العفو - لما قلناه،
ويمكن البطلان، لعدم ثبوت العفو هنا (3). قلت: وهذا أقوى.
(وتكره الصلاة في الحمام) للأخبار، كقوله عليه السلام في خبر النوفلي:
الأرض كلها مسجد إلا الحمام والقبر (4).
وقول الصادق عليه السلام في مرسل عبد الله بن الفضل وابن أبي عمير: عشرة
مواضع لا تصلي فيها: الطين، والماء، والحمام، والقبور، وسيان الطرق، وقرى
النمل، ومعاطن الإبل، ومجرى الماء، والسبخ، والثلج (5).
وفي الفقيه: لأنه مأوى الشياطين (6)، وفي الغنية (7) والخلاف (8) الاجماع.
وعن عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن الصلاة في بيت الحمام، فقال: إذا كان
الموضع نظيفا فلا بأس (9).

(1) ذكرى الشيعة: ص 150 س 27.
(2) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 90.
(3) ذكرى الشيعة: ص 150 س 28.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 466، ب 34 من أبواب مكان المصلي، ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 441، ب 15 من أبواب مكان المصلي، ح 6 و 7.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 242 ذيل الحديث 726.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 35.
(8) الخلاف: ج 1 ص 498 - 499 المسألة 238.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 466، ب 34 من أبواب من مكان المصلي، ح 2.
289

وقال الحلبي: لا يحل للمصلي الوقوف في معاطن الإبل، ومرابط الخيل
والبغال والحمير والبقر، ومرابض الغنم، وبيوت النار، والمزابل، ومذابح الأنعام
والحمامات، وعلى البسط المصورة، وفي البيت المصور. ولنا في فسادها في
هذه الحال نظر (1) إنتهى.
وفي التحرير: يكره الصلاة في الحمام، ومنع أبي الصلاح ضعيف، لرواية
علي ابن جعفر، عن أخيه عليه السلام - يعني ما ستسمعه عن قريب - ورواية أبي الصلاح
ضعيفة (2).
قلت: وعلى التحريم يفسد بناء على فساد العبادة المنهية، لتوجه النهي في
الأخبار إلى الصلاة. ونظر الحلبي للتردد في فساد العبادة المنهية، ثم الحمام إنما
يتبادر منه المغتسل (لا المسلخ) بشهادة الاشتقاق كما في السرائر (3)، فلا
يكره فيه، كما قال الصدوق في الخصال: فأما مسلخ الحمام فلا بأس بالصلاة فيه،
لأنه ليس بحمام (4)، انتهى. ويؤيده الأصل، وخبر عمار، هذا وحمله الشيخ
عليه (5)، كما فسره به علي بن جعفر عليه السلام أنه سأل أخاه عليه السلام عن الصلاة في بيت
الحمام، فقال: إذا كان موضعا نظيفا فلا بأس. قال: يعني المسلخ (6).
وفي التذكرة (7) ونهاية الإحكام (8): إن علة الكراهية إن كانت نجاسة الأرض
لم يكره في المسلخ، وإن كانت كونه مأوى الشياطين لكشف العورة فيه كرهت فيه.
قال في النهاية: وهو أقرب، لأن دخول الناس يشغله (9). وحكى هذا الترديد
في المنتهى عن بعض الجمهور، وقطع فيه (10) كالتحرير بما هنا.

(1) الكافي في الفقه: ص 141.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 س 8.
(3) السرائر: ج 1 ص 266.
(4) الخصال: ص 435 ذيل الحديث 21.
(5) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 374 ذيل الحديث 1554.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 466، ب 34 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 88 س 16.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 344.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 344.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 244 س 20.
290

(و) يكره الصلاة في (بيوت الغائط) لنهي النبي صلى الله عليه وآله عن الصلاة في
سبعة مواطن: ظهر بيت الله، والمقبرة، والمزبلة، والمجزرة، والحمام، ومعطن
الإبل ومحجة الطريق (1).
وصحيح زرارة، وحديد بن حكيم الأزدي أنهما سألا الصادق عليه السلام عن
السطح يصيبه البول، ويبال عليه، أيصلى في ذلك الموضع؟ فقال: إن كان تصيبه
الشمس والريح فكان جافا فلا بأس به، إلا أن يكون يتخذ مبالا (2).
وقوله عليه السلام في خبر عبيد بن زرارة: الأرض كلها مسجد، إلا بئر غائط أو
مقبرة (3). ولفحوى النهي عنها إلى حائط ينز من البالوعة (4)، والنهي عنها إلى
عذرة (5)، وللأخبار بأن الملائكة لا يدخلون بيتا يبال فيه أو فيه بول في إناء (6).
وفي الغنية: الاجماع عليه (7)، وسمعت كلام الحلبي. وفي المقنعة أيضا: لا
يجوز فيها (8).
(و) يكره الصلاة في بيوت (النيران) وفاقا للمشهور، قالوا: لأنه تشبه
بعبادها.
قلت: ولذا خصها ابن زهرة في ظاهره بما تعبد فيه، لقوله: وبيوت النيران
وغيرها من معابد أهل الضلال، واحتج له بالاجماع والاحتياط (9). وكذا ظاهر
المعتبر لقوله: وفي بيوت النيران والمجوس، إلا أن يرش (10)، وسمعت كلام الحلبي. (1) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 9 ذيل الحديث 4968.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 1042، ب 29 من أبواب النجاسات، ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 461، ب 31 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 444، ب 18 من أبواب مكان المصلي.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 460، ب 31 من أبواب مكان المصلي.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 464، ب 33 من أبواب مكان المصلي.
(7) لم يذكر الاجماع عليه في الغنية كما في مفتاح الكرامة: ج 2 ص 208 س 13.
(8) المقنعة: ص 151.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 34.
(10) المعتبر: ج 2 ص 112.
291

وفي المقنعة (1) والنهاية (2): إنها لا يجوز فيهما. وفي المراسم: إنها فيهما
فاسدة (3).
(و) تكره في بيوت (الخمور) أي المسكرات (مع عدم التعدي) إلى
ما يشترط طهارته فيها كما في الوسيلة (4) والسرائر (5) وكتب المحقق (6)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر عمار: لا يصلى في بيت فيه خمر أو مسكر، لأن الملائكة لا
تدخله (7). وفي بيت الفقاع محتمل لما في الخبر أنه خمر مجهول (8).
وفي الفقيه (9) والمقنعة (10) والنهاية (11) والمراسم (12): إنها لا تجوز فيها. وفي
المقنع: إنها لا يجوز، وروي أنها تجوز (13). وفي المهذب: إنما تكره في بيت
شارب الخمر (14).
(و) يكره في (بيوت المجوس) كما في المقنع (15) والسرائر (16)
والنافع (17) والشرائع (18) والمبسوط (19) والجامع (20)، وفيهما: فإن فعل يرش
الموضع بالماء، فإذا جف صلى فيه. والمعتبر وفيه: إلا أن أرش (21). ونحوه

(1) المقنعة: ص 151.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 330.
(3) المراسم: ص 65.
(4) الوسيلة: ص 89.
(5) السرائر: ج 1 ص 270.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72 والمختصر النافع: ص 26 والمعتبر‍: ج 2 ص 111.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1056، ب 38 من أبواب النجاسات، ح 7.
(8) وسائل الشيعة: ج 17 ص 292، ب 28 من أبواب الأشربة المحرمة، ح 2.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 246 ذيل الحديث 743.
(10) المقنعة: ص 151.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 330.
(12) المراسم: ص 65.
(13) المقنع: ص 25.
(14) المهذب: ج 1 ص 76.
(15) المقنع: ص 24.
(16) السرائر: ج 1 ص 270.
(17) المختصر النافع: ص 26.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72.
(19) المبسوط: ج 1 ص 86.
(20) الجامع للشرائع: ص 69.
(21) المعتبر 2 ص 112.
292

التحرير (1) والتذكرة (2) ونهاية الإحكام (3) والإصباح وفيه: إلا إذا رش الموضع
بالماء وجف (4). والوسيلة وفيها: اختيارا وإن اضطر إلى ذلك رش الموضع أولا
بالماء (5). وأفسد سلار الصلاة فيها (6).
وفي المقنعة: لا تصلي في بيوت المجوس حتى يرش بالماء، ويجوز بعد
ذلك (7).
وفي النهاية: لا تصل في بيوت المجوس مع الاختيار، فإن اضطر إلى ذلك
رش الموضع بالماء، فإذا جف صلى فيه (8). وإنما ظفرت بأخبار سئل فيها
الصادق عليه السلام عن الصلاة فيها، فقال عليه السلام: رش وصل (9). واحتج في نهاية
الإحكام (10) والتذكرة (11) والتحرير (12) والذكرى بأنها لا تنفك عن النجاسة (13).
(ولا بأس بالبيع والكنائس) وفاقا للمقنعة (14) والنهاية (15)
والمبسوط (16) والنافع (17) والشرائع (18) والجامع (19)، للأصل والأخبار (20). ولكن
في صحيح ابن سنان، عن الصادق عليه السلام: رش وصل (21).

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 س 18.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 88 س 18.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 330.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 613.
(5) الوسيلة: ص 89.
(6) المراسم: ص 65.
(7) المقنعة: ص 151 وفيه: (ويجف بعد ذلك).
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 330.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 439، ب 14 من أبواب مكان المصلي، ح 3.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 346.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 88 س 18.
(12) تحرير الأحكام ج 1 ص 33 س 19.
(13) ذكرى الشيعة: ص 151 س 28.
(14) المقنعة: ص 151.
(15) النهاية ونكتها: ج 2 ص 330.
(16) المبسوط: ج 1 ص 86.
(17) المختصر النافع: ص 26.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72. (19) الجامع للشرائع: ص 68.
(20) وسائل الشيعة: ج 3 ص 438، ب 13 من أبواب مكان المصلي.
(21) وسائل الشيعة: ج 3 ص 493، ب 14 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
293

وخلافا للمراسم (1) والمهذب (2) والغنية (3) والسرائر (4) والإصباح (5)
والإشارة (6) والنزهة فكرهوها فيها (7)، ولم أظفر بمستند لهم سوى توهم النجاسة
والتشبه بأهلها في الجملة. وفي الغنية: الاجماع عليه (8).
(وتكره في معاطن الإبل) وفاقا للمشهور، للأخبار، وهي كثيرة، منها:
ما مر من مرسلي عبد الله بن الفضل (9) وابن أبي عمير (10)، ومن الخبر النبوي صلى الله عليه وآله
بالسبعة (11). وفي الغنية الاجماع (12).
وفي صحيح ابن مسلم، عن الصادق عليه السلام وغيره إن تخوفت الضيعة على
متاعك فاكنسه وانضحه (13).
وكذا في النزهة: فإن كنسها ورشها بالماء زالت الكراهة (14)، وقد يمنع،
والظاهر النهي فيه وفي غيره من غير معارض.
قال المفيد: إنها لا تجوز فيها (15)، وسمعت كلام الحلبي.
وفي التحرير (16) والمنتهى (17): لا تزول الكراهة بغيبوبة الإبل عنها حال
الصلاة، قال: لأنها بانتقالها عنها لا يخرج عن اسم المعطن إذا كانت تأوي إليها،
والمعاطن - على المشهور - مبارك الإبل عند الماء لتشرب عللا بعد نهل.

(1) المراسم: ص 65.
(2) المهذب: ج 1 ص 76.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 34.
(4) السرائر: ج 1 ص 270.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 613.
(6) إشارة السبق: ص 88.
(7) نزهة الناظر: ص 26.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 35.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 441، ب 15 من أبواب مكان المصلي، ح 6 و 7.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 441، ب 15 من أبواب مكان المصلي، ح 6 و 7.
(11) كنز العمال: ج 7 ص 339 ح 19166.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 35.
(13) وسائل الشيعة: ج 3 ص 443، ب 17 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(14) نزهة الناظر: ص 26.
(15) المقنعة: ص 151.
(16) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 س 14.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 246 س 18.
294

وفي التذكرة (1) ونهاية الإحكام (2): إنها مباركها. وفي المنتهى (3)
والتحرير (4): أن الفقهاء فسروها بمباركها. وعبر بها المحقق (5) كالقاضي
بالمرابط (6).
وفي السرائر: إلا أن أهل الشرع لم يخصصوا ذلك بمنزل دون منزل (7). واستوجه
في المنتهى عدم الكراهية فيما تناخ فيها لعلفها، أو وردها، أو تثبت في سيرها (8).
وفي العين بعد تفسير العطن بما حول الحوض والبئر من مباركها: ويقال: كل
مبرك يكون ماء للإبل فهو عطن بمنزلة الوطن للناس، وقيل: أعطان الإبل لا يكون
إلا على الماء، فأما مباركها في البرية فهي المأوى والمراح أيضا (9)، انتهى.
وقال ابن فارس في المقاييس: بالعين والطاء والنون أصل صحيح واحد يدل
على إقامة وثبات. من ذلك العطن والمعطن، وهو مبرك الإبل، ويقال: إن اعطانها
أن تحبس عند الماء بعد الورد قال لبيد:
عافتا الماء فلم نعطنهما إنما يعطن من يرجو العلل
ويقال كل منزل يكون مألفا للإبل فالمعطن ذلك الموضع قال:
ولا تكلفني نفسي ولا هلعي حرصا أقيم به في معطن الهون
وقال آخرون: لا يكون أعطان الإبل إلا على الماء، فأما مباركها في البرية
وعند الحي فهي المأوى، وهو المراح أيضا، وهذا البيت الذي ذكرناه في معطن
الهون يدل على أن المعطن يكون حيث تحبس الإبل في مباركها أين كانت، وبيت

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 88 س 3.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 345.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 245 س 32.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 س 13.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72.
(6) المهذب: ج 1 ص 75.
(7) السرائر: ج 1 ص 266.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 245 س 35.
(9) العين: ج 2 ص 14.
295

لبيد يدل على القول الآخر، والأمر قريب (1)، انتهى.
وروت العامة التعليل بأنها من الشياطين (2)، وهو كما في المنتهى يؤيد
التعميم.
(و) يكره في (مرابط الخيل والبغال والحمير) لمضمري سماعة (3)،
والاجماع على ما في الغنية (4) والاحتياط، لكراهية أرواثها وأبوالها.
وفي المنتهى (5) والتحرير (6): سواء كانت وحشية أو إنسية. وفي النهاية: فإن
خاف الانسان على رحله فلا بأس بأن يصلي فيها بعد أن يرشها بالماء (7)،
وسمعت كلام الحلبي.
(و) تكره في (قرى النمل) لما مر من مرسلي ابن أبي عمير (8) وعبد الله
ابن الفضل (9)، والاجماع على ما في الغنية (10)، وخبر عبد الله بن عطاء أنه سار مع
أبي جعفر عليه السلام حتى إذا بلغا موضعا قال له: الصلاة جعلت فداك، فقال: هذا وادي
النمل لا يصلى فيه (11).
وفي تفسير العياشي: هذه أودية النمال، وليس يصلى فيها (12).
ولأنها لا تخلو من التأذي بالنملة واشتغاله بذلك كما في الخصال
للصدوق (13).

(1) مقاييس اللغة: ج 4 ص 352 - 353 (مادة عطن).
(2) المجموع: ج 3 ص 159.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 443، ب 17 من أبواب مكان المصلي، ح 3 و 4.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 32 - 34.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 246 س 12.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 س 16.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(8 و 9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 441، ب 15 من أبواب مكان المصلي، ح 6 و 7.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 35.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 447 - 448، ب 20 من أبواب مكان المصلي، ح 5.
(12) تفسير العياشي: ج 2 ص 286.
(13) الخصال: ص 435.
296

وهي كما في القاموس: مجتمع ترابها (1). وفي المحيط (2) وفقه اللغة
للثعالبي (3) والسامي: مأواها (4). وفي الأساس (5) والصحاح (6) والشمس:
جراثيمها، أي مجتمعها ومجتمع (7) ترابها (8).
(و) تكره في (مجرى الماء) للمرسلين (9) وخبر المناهي (10).
وقال أبو الحسن عليه السلام في خبر أبي هاشم الجعفري: لا يصلى في بطن واد
جماعة (11).
ولا فرق بين أن يكون فيه ماء أو لا، توقع جريانه عن قريب أو لا، صلى
على الأرض أو في سفينة.
قال في المنتهى: وكذا لو صلى على ساباط تحته نهر يجري أو ساقية (12). ولي
فيه نظر، أقربه العدم، كما قطع به في التحرير (13).
وقال: هل يكره الصلاة على الماء الواقف؟ أقربه الكراهية (14) ونحوه
التحرير (15).

(1) القاموس المحيط: ج 4 ص 89 (مادة جرثومة).
(2) لا يوجد لدينا.
(3) فقه اللغة: ص 303.
(4) السامي في الأسامي لأحمد بن محمد الميداني النيسابوري المتوفى سنة 518 ه‍، ولم
يوجد لدينا.
(5) أساس البلاغة: ص 505 (مادة قرو).
(6) الصحاح: ج 5 ص 1886 مادة (جرثم).
(7) في ع (أو مجمع).
(8) هو شمس العلوم لنشوان بن سعيد الحميري اليمني المتوفى سنة 573 ه‍، ولم نقف عليه في
الوقت الحاضر.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 441 ب 15 من أبواب مكان المصلي ح 6 و 7.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 9 ذيل الحديث 4968.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 458، ب 29 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 249 السطر الأخير.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 السطر ما قبل الأخير.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 250 س 2.
(15) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 السطر الأخير.
297

(و) في (أرض السبخة) للاجماع على ما في الغنية (1)، وللأخبار (2)،
وفيها التعليل بأن الجبهة لا تقع عليها مستوية، وأنها إن استوت وتمكنت عليها
فلا بأس.
وقال الصدوق في الخصال: لا يصلي فيها نبي ولا وصي نبي، فأما غيرهما
فإنه متى دق مكان سجوده حتى تتمكن الجبهة فيه مستوية في سجوده فلا
بأس (3).
ولعله لما رواه في العلل مسندا عن أم المقدام الثقفية عن جويرية بن مسهر
أنه قال: قطعنا مع أمير المؤمنين عليه السلام جسر الصراط في وقت العصر، فقال: إن
هذه أرض معذبة لا ينبغي لنبي ولا وصي نبي أن يصلي فيها، فمن أراد منكم أن
يصلي فليصل (4). ونحوه بصائر الدرجات للصفار (5).
وفي الفقيه مرسلا عن جويرية: إن هذه أرض ملعونة، عذبت في الدهر ثلاث
مرات، قال: وفي خبر آخر: مرتين (6)، مع ورود الأخبار بأن الأرض كانت
سبخة، وخصوصا ما في أمالي الشيخ مسندا عن يحيى بن العلاء، عن أبي
جعفر عليه السلام من قول أمير المؤمنين عليه السلام: هذه أرض سبخة ولا تحل الصلاة فيها (7).
وقد يكون السبخة علامة لكونها معذبة، ولذا قال محمد بن علي بن إبراهيم
بن هاشم في علله: والعلة في السبخة أنها أرض مخسوف بها (8). ويحتمل أن يريد
أنه ينخسف، و [أن هذه أرض) (9) تنغمر فيها الجبهة وغيرها من الأعضاء فلا
يستقر.

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 34.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 446 ب 20 من أبواب مكان المصلي.
(3) الخصال: ص 435.
(4) علل الشرائع: ص 352 ح 4.
(5) بصائر الدرجات: ص 239 ح 4.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 204 ذيل الحديث 611.
(7) أمالي الشيخ الطوسي: ج 2 ص 284.
(8) لا يوجد لدينا كتابه.
(9) ما بين المعقوفين ليس في ع.
298

ويعارض ما في العلل خبر يحيى بن العلاء الذي في أمالي الشيخ قال:
سمعته عليه السلام يقول: لما خرج إلى نهروان، وطعنوا في أرض بابل حين دخل وقت
صلاة العصر، فلم يقطعوها حتى غابت الشمس، فنزل الناس يمينا وشمالا يصلون
إلا الأشتر وحده فإنه قال: لا أصلي حتى أرى أمير المؤمنين عليه السلام قد نزل يصلي،
قال: فلما نزل قال: يا مالك إن هذه أرض سبخة ولا تحل الصلاة فيها، فمن كان
صلى فليعد الصلاة (1). ولهذا الخبر وغيره مما فيه النهي أو التصريح بالتحريم.
قال الصدوق في العلل (2) والمفيد في المقنعة: إن الصلاة لا تجوز فيها، مع
احتمال الكراهية (3) التي في بعضها الحرمة (4).
ويجوز أن يراد بالسبخة في الأخبار وكلاميهما إلى ما لا يتمكن فيها الجبهة.
(و) يكره على (الثلج) للمرسلين (5). وما في مشكاة الأنوار للطبرسي:
أن رجلا كتب إلى أبي جعفر عليه السلام فقال له: أصلحك الله أني أتجر إلى هذه الجبال،
فتأتي أمكنة لا أستطيع أن أصلي إلا على الثلج، فقال عليه السلام: لا تكون مثل فلان
- يعني رجلا عنده - يرضى بالدون، ولا تطلب التجارة إلى أرض لا تستطيع أن
تصلي إلا على الثلج (6).
وما في كتاب محمد بن علي بن محبوب من صحيح هشام بن الحكم أنه سأل
الصادق عليه السلام عن الرجل يصلي على الثلج؟ فقال: لا، فإن لم يقدر على الأرض
بسط ثوبه وصلى عليه (7) ونحوه في التهذيب عن عمار (8).

(1) أمالي الشيخ الطوسي: ج 2 ص 284.
(2) علل الشرائع: ص 326 - 327.
(3) في ع: الكراهة.
(4) المقنعة: ص 151.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 441، ب 15 من أبواب مكان المصلي، ح 6 و 7.
(6) مشكاة الأنوار: ص 131.
(7) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 603.
(8) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 312 ح 1266.
299

(و) يكره (بين المقابر) وفاقا للمشهور للمرسلين (1) وخبر المناهي (2)
وغيرها، وفي الغنية الاجماع (3).
وأفسد سلار الصلاة في المقابر (4)، وحكاه الشيخ في الخلاف قولا لبعض
الأصحاب، ودليله ظاهر النهي (5). وما مر من خبري عبيد بن زرارة (6)
والنوفلي (7). وقول الصادق عليه السلام لعمار: لا يجوز ذلك (8).
ويعارضها قول الكاظم عليه السلام في صحيح أخيه (9)، وخبر علي بن يقطين: لا
بأس (10) وصحيح معمر الآتي.
وقال المفيد (11) والحلبي: إنها لا يجوز إلى القبور (12).
وقد يكونان حملا عليه، نحو قول الرضا عليه السلام في صحيح معمر بن خلاد: لا
بأس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ القبر قبلة (13).
ثم إنما يكره أو يحرم إذا كانت (من غير حائل) كما في النافع (14)
والجامع (15)، وفي المراسم: إذا صلى إلى قبر (16). إذ معه يخرج عن مفاهيم ألفاظ

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 441، ب 15 من أبواب مكان المصلي، ح 6 و 7.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 9 ذيل الحديث 4968.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 35.
(4) المراسم: ص 65.
(5) الخلاف: ج 1 ص 496 - 497 المسألة 237.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 423، ب 1 من أبواب مكان المصلي، ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 422، ب 1 من أبواب مكان المصلي، ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 453، ب 25 من أبواب مكان المصلي، ح 5.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 453، ب 25 من أبواب مكان المصلي، ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 453، ب 25 من أبواب مكان المصلي، ح 4.
(11) المقنعة: ص 151.
(12) الكافي في الفقه: ص 141.
(13) وسائل الشيعة: ج 3 ص 453، ب 25 من أبواب مكان المصلي، ح 3.
(14) المختصر النافع: ص 26.
(15) الجامع للشرائع: ص 68.
(16) المراسم: ص 65.
300

النصوص والفتاوى، وإلا لزمت الكراهية وإن حالت جدران.
(ولو) كان الحائل (عنزة) كما في الشرائع (1) والنهاية وزيد فيهما: ما
أشبهها (2) والمقنعة وزيد فيها: قدر لبنة أو ثوب موضوع (3)، لعموم نصوص
الحيلولة بها.
(أو بعد عشرة أذرع) كما في الشرائع (4) من كل جانب كما في الفقيه (5)
والنزهة (6)، لخبر عمار عن الصادق عليه السلام (7)، وفيما سوى الخلف كما في النهاية (8)
والمبسوط (9) والوسيلة (10) والجامع (11) والإصباح (12) والتذكرة (13) ونهاية
الإحكام (14)، ولا أعرف له وجها، إلا أنه إذا بعد من القبور عشرة أذرع في
الجهات الثلاث لم يكن بين القبور ولا إلى قبر، وهو إن سلم لم يختص الاغتفار
بالخلف.
ثم في المقنعة: وقد قيل: لا بأس بالصلاة إلى قبلة فيها قبر إمام، والأصل ما
ذكرناه، ويصلي الزائر مما يلي رأس الإمام، فهو أفضل من أن يصلي إلى القبر من
غير حائل بينه وبينه على حال (15) إنتهى.
وفي المبسوط (16) والنهاية (17) رواية الصلاة إلى قبره، وتخصيصها بالنوافل،

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 330.
(3) المقنعة: ص 151.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 243 ذيل حديث 727.
(6) نزهة الناظر: ص 26. (7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 454، ب 25 من أبواب مكان المصلي، ح 5.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 330.
(9) المبسوط: ج 1 ص 85.
(10) الوسيلة: ص 90.
(11) الجامع للشرائع: ص 68.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ص 613.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 88 س 10.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 346.
(15) المقنعة: ص 152.
(16) المبسوط: ج 1 ص 85.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 330.
301

ثم الاحتياط بتركها أيضا.
قلت: من الأخبار بها خبر محمد بن عبد الله الحميري أنه كتب إلى الفقيه عليه السلام
يسأله عن الرجل يزور قبور الأئمة عليهم السلام هل يجوز أن يسجد على القبر أم لا؟
وهل يجوز لمن صلى عند قبورهم أن يقوم وراء القبر ويجعل القبر قبلة، ويقوم
عند رأسه ورجليه، وهل يجوز أن يتقدم القبر ويصلي ويجعله خلفه أم لا؟ قال:
فأجاب، وقرأت التوقيع ومنه نسخت: أما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة
ولا فريضة ولا زيارة، بل يضع خده الأيمن على القبر، وأما الصلاة فإنها خلفه
يجعله الإمام، ولا يجوز أن يصلي بين يديه، لأن الإمام لا يتقدم، ويصلي عن
يمينه وشماله (1).
وحكم المحقق، بضعفه وشذوذه واضطراب لفظه (2)، ولعله الضعف لأن
الشيخ، رواه عن محمد بن أحمد بن داود، عن الحميري (3) ولم يبين طريقه إليه.
ورواه صاحب الإحتجاج مرسلا عن الحميري (4). والاضطراب لأنه في التهذيب
- كما سمعت - وفي الإحتجاج: ولا يجوز أن يصلي بين يديه، ولا عن يمينه، ولا
عن يساره، لأن الإمام لا يتقدم ولا يساوي، ولأنه في التهذيب مكتوب إلى
الفقيه عليه السلام، وفي الإحتجاج إلى صاحب الأمر عليه السلام.
والحق أنه ليس شئ منهما من الاضطراب في شئ، ومن الأخبار ما أسنده
ابن قولويه في مزاره عن هشام بن سالم أن الصادق عليه السلام سئل هل يزار والدك؟
قال: نعم ويصلى عنده، قال: ويصلى خلفه ولا يتقدم عليه (5).
وما أسنده عن محمد البصري، عنه عليه السلام عن أبيه عليه السلام في حديث زيارة

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 455، ب 26 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(2) المعتبر: ج 2 ص 115.
(3) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 228 ح 898.
(4) الإحتجاج: ص 490.
(5) كامل الزيارات: ص 123 ح 2.
302

الحسين عليه السلام قال: من صلى خلفه صلاة واحدة يريد بها الله تعالى لقي الله يوم يلقاه
وعليه من النور ما يغشى له لكل شئ يراه (1) الخبر.
وما أسنده عن الحسن بن عطية، عنه عليه السلام قال: إذا فرغت من التسليم على
الشهداء، أتيت قبر أبي عبد الله عليه السلام تجعله بين يديك، ثم تصلي ما بدا لك (2). وهو
مروي في الكافي أيضا (3).
ويعارضها ما أسنده عن أبي اليسع قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام وأنا أسمع
قال: إذا أتيت قبر الحسين عليه السلام أجعله قبلة إذا صليت، قال: تنح هكذا ناحية (4).
وما في الفقيه وغيره من قول النبي صلى الله عليه وآله: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا (5).
وما في علل الصدوق من حسن زرارة أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة بين
القبور؟ قال: بين خللها، ولا تتخذ شيئا منها قبلة، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن
ذلك، وقال: لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا، فإن الله عز وجل لعن الذين اتخذوا
قبور أنبيائهم مساجد (6). وإن احتمل اتخاذه قبلة اعتقاد كونه بمنزلة الكعبة في ذلك.
(و) تكره في (جواد الطرق) أي سوائها كما في الجمل (7) والمقاييس (8)
والشمس (9) والنهاية الجزرية (10)، أي الوسط المسلوك من الجد أي القطع،
لانقطاعه مما يليه، أو من الجدد أي الواضح كما في العين (11) والمحيط (12)
والسامي (13). والجادة معظم الطريق كما في الديوان (14) والقاموس (15)، أي الطريق

(1) كامل الزيارات: ص 122 - 123 ح 1.
(2) كامل الزيارات: ص 245 ح 4. (3) الكافي: ج 4 ص 578 ح 4.
(4) كامل الزيارات: ص 245 ح 2.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 178 ح 532.
(6) علل الشرائع: ص 358 ح 1.
(7) مجمل اللغة: ج 1 ص 169 (مادة جد).
(8) مقاييس اللغة: ج 1 ص 408 (مادة جد).
(9) لا يوجد لدينا.
(10) النهاية لابن الأثير: ج 1 ص 245 (مادة جدد).
(11) العين: ج 6 ص 9 (مادة جد).
(12) لا يوجد لدينا.
(13) لا يوجد لدينا.
(14) ديوان الأدب: ج 3 ص 59 (وزن فاعلة).
(15) القاموس المحيط: ج 1 ص 282 (مادة جد).
303

الأعظم المشتمل على جدد أي طرق كما حكاه الأزهري عن الأصمعي (1).
وفي المغرب المعجم (2): إنها معظم الطريق ووسطه، فيحتمل تفسيره المعظم
بالوسط، ونحو منه المصباح المنير (3). والكراهية هي المشهورة.
وفي الفقيه (4) والمقنعة (5) والنهاية (6): إنها لا تجوز عليها، لظواهر الأخبار،
وهي كثيرة لا يعارضها فيما ظفرت به، إلا ما تقدم من خبري النوفلي وعبيد بن
زرارة: إن الأرض كلها مسجد إلا القبر والحمام أو بيت الغائط. وأخبار النهي عنها
في الطرق أيضا كثيرة (7)، وهي أعم من الجادة بمعنى الواضحة أو المعظم، كما
في خبر محمد بن الفضيل عن الرضا عليه السلام قال: كل طريق يوطأ ويتطرق كانت فيه
جادة أم لم تكن لا ينبغي الصلاة فيه (8).
وفي الخصال للصدوق عن النبي صلى الله عليه وآله: ثلاثة لا يتقبل الله لهم بالحفظ: رجل
نزل في بيت خرب، ورجل صلى على قارعة الطريق، ورجل أرسل راحلته ولم
يستوثق منها (9).
والقارعة أعلى الطريق أي رأسها، هذا هو المعروف، وفسرها ابن الأثير
بوسطها (10)، وفسرها في خبر النهي عن الصلاة عليها بنفس الطريق (11)، وتقدم
النهي عنها في مسان الطرق، وهي ما يستطرق منها.
وبالجملة فالنهي إنما هو عنها في أنفس الطرق (دون الظواهر) أي

(16) تهذيب اللغة: ج 10 ص 458 (مادة جد).
(17) لا يوجد لدينا.
(18) المصباح المنير: ج 1 ص 92 (مادة جد).
(19) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 243 ذيل الحديث 727.
(20) المقنعة: ص 151.
(21) النهاية ونكتها: ج 1 ص 330.
(22) وسائل الشيعة: ج 3 ص 444 ب 19 من أبواب مكان المصلي.
(23) وسائل الشيعة: ج 3 ص 445، ب 19 من أبواب مكان المصلي، ح 3.
(24) الخصال: ج 1 ص 141 ح 161.
(25) النهاية لابن الأثير: ج 4 ص 45 (مادة قرع).
(26) النهاية لابن الأثير: ج 4 ص 45 (مادة قرع).
304

الأراضي المرتفعة بينها. قال الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: لا بأس أن تصلي في
الظواهر، وهي التي بين الجواد (1). وقال عليه السلام في خبر عمار: لا بأس أن تصلى بين
الظواهر، وهي الجواد جواد الطريق، ويكره أن تصلى في الجواد (2). والظواهر
بمعنى الطرق الواضحة.
(و) تكره (جوف الكعبة في الفريضة) وفاقا للأكثر، وسمعت
الخلاف، ولا تكره النافلة فيها إجماعا على ما في المنتهى (3)، بل يستحب كما في
النهاية (4) والمبسوط (5) وغيرهما إجماعا على ما في المعتبر (6) وظاهر التذكرة (7)،
ولم أظفر بخبر ينص على استحباب كل نافلة فيها، وإنما الأخبار (8) باستحباب
التنفل لمن دخلها في الأركان وبين الأسطوانتين، ولكنه يتأتى بفعل الرواتب
اليومية ونحوها فيها.
(و) يكره الصلاة مطلقا على (سطحها) لخبر المناهي (9)، وتحرزا عن
الخلاف في الجواز وفي كيفيتها، وعن الاستلقاء والايماء للركوع والسجود على
العمل بالخبر المتقدم، وسمعت القول بحرمة الفريضة عليه، وقد يظهر من الفقيه (10)
والخلاف (11) والنهاية (12) والجواهر (13) والسرائر (14)، لا يجابهم الاستلقاء والايماء،

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 445، ب 19 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 444، ب 19 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 218 س 18.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(5) المبسوط: ج 1 ص 85.
(6) المعتبر: ج 2 ص 67.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 88 س 42.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 245، ب 7 من أبواب القبلة.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 9.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 274 ذيل الحديث 845.
(11) الخلاف: ج 1 ص 441 المسألة 188.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(13) جواهر الفقه: ص 20 مسألة 56.
(14) السرائر: ج 1 ص 271.
305

ولذا فرضت في الثلاثة الأخيرة للمضطر وكراهيتها (1) عليه نص النهاية (2)
والنزهة (3) والشرائع (4).
(و) تكره (في بيت فيه مجوسي) كما في المبسوط (5) والوسيلة (6)
والشرائع (7) وغيرها، لقول الصادق عليه السلام في خبر الشحام: لا تصل في بيت فيه
مجوسي، ولا بأس بأن تصلي وفيه يهودي أو نصراني (8).
(أو بين يديه نار مضرمة) أي مشتعلة وفاقا للأكثر، للأخبار، وهي خالية
عن القيد، فالأولى الاطلاق كما في كتب الشيخ (9) والمقنعة (10) والوسيلة (11)
والكافي (12) والإصباح (13) والجامع (14) والنزهة (15) والتلخيص (16).
ولا تحرم كما في الكافي، للأصل، ومرفوع عمرو بن إبراهيم الهمداني، عن
الصادق عليه السلام قال: لا بأس أن يصلي الرجل والنار والسراج والصورة بين يديه، إن
الذي يصلي له أقرب إليه من الذي بين يديه (17). وهو للجهل والرفع لا يصلح

(1) في ع: كراهتها.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(3) نزهة الناظر: ص 27.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72.
(5) المبسوط: ج 1 ص 86. وفيه: (بيوت المجوس).
(6) الوسيلة: ص 90.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72. وفيه (بيوت المجوس).
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 442، ب 16 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(9) الخلاف: ج 1 ص 506 المسألة 249، النهاية ونكتها: ج 1 ص 330، المبسوط: ج 1 ص 86.
(10) المقنعة: ص 151.
(11) الوسيلة: ص 90.
(12) لم نعثر عليه في الكافي في الفقه والظاهر أنه سقط في جميع النسخ، راجع هامشه ص 141
ونقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 109.
(13) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 613.
(14) الجامع للشرائع: ص 69.
(15) نزهة الناظر: ص 27.
(16) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 559.
(17) وسائل الشيعة: ج 3 ص 459، ب 30 من أبواب مكان المصلي، ح 4.
306

لتنزيل النهي في غيره على الكراهية (1).
قال الصدوق: لكنها رخصة اقترنت بها علة صدرت عن ثقات، ثم اتصلت
بالمجهولين والانقطاع، فمن أخذ بها لم يكن مخطئا بعد أن يعلم أن الأصل هو
النهي، وأن الاطلاق هو رخصة، والرخصة رحمة (2).
وفي التهذيب: إنها رواية شاذة مقطوعة، وما يجري هذا المجرى لا يعدل إليه
عن أخبار كثيرة مستندة (3). ثم إن (4) في الكافي: إن في فساد الصلاة إليها نظر.
قلت: النهي في صحيح علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام عن الاستقبال، فإنه
قال: لا يصلح له أن يستقبل النار (5). وهو خارج عن الصلاة، فلا يقتضي
فسادها، والنهي عن الصلاة إليها ليس فيما علمناه، إلا في خبر عمار، عن
الصادق عليه السلام (6).
وليس لنا في الباب إلا الخبران والتوقيع الآتي، وهو يحتمل الأمرين، وهو
ما أرسله الطبرسي في الاحتجاج عن محمد بن جعفر الأسدي: إن فيما ورد عليه
من محمد بن عثمان في جواب مسائله عن الناحية المقدسة: وأما ما سألت عنه
من أمر المصلي والنار والصورة والسراج بين يديه، وأن الناس قد اختلفوا في
ذلك قبلك، فإنه جائز لمن لم يكن من أولاد عبدة الأصنام والنيران، ولا يجوز
ذلك لمن كان من أولاد عبدة الأوثان والنيران (7). وأسنده الصدوق إليه في
الاكمال والاتمام (8).

(1) في ع (الكراهة).
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 251 ذيل الحديث 765.
(3) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 226 ذيل الحديث 890.
(4) ليس في ع.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 459، ب 30 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 459، ب 30 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
(7) الإحتجاج: ج 2 ص 480.
(8) كمال الدين: ص 521 ح 49.
307

(أو) بين يديه (تصاوير) كما في الشرائع (1)، وفي المقنعة (2)
والخلاف: صورة (3)، وفي النزهة (4) والجامع: تماثيل (5)، وكذا الأخبار
إلا خبرا ستسمعه.
وفي النهاية (6) والمبسوط (7) والوسيلة (8) والإصباح (9): صور وتماثيل،
ونحوها التحرير (10) والتذكرة (11) والمنتهى (12) ونهاية الإحكام (13).
والمعروف كما (14) في اللغة: ترادف التماثيل والتصاوير والصور، بمعنى
التصاوير.
وادعى المطرزي في كتابيه: اختصاص التماثيل بتصاوير أولي الروح، قال:
وقوله عليه السلام: لا تدخل الملائكة بيتا فيه تماثيل أو تصاوير - كأنه شك من الراوي -
قال: وأما قولهم: تكره التصاوير والتماثيل، فالعطف للبيان، وأما تماثيل الشجر
فمجاز إن ج (15)، إنتهى.
وقال الصدوق في المقنع: لا تصل وقدامك تماثيل، ولا في بيت فيه تماثيل.
ثم قال: ولا بأس أن يصلي الرجل والنار والسراج والصورة بين يديه، لأن الذي
يصلي إليه أقرب إليه من الذي بين يديه (16).
فأما أنه يرى ما يراه المطرزي من الفرق، ويؤيده أن التشبه بعبادة الأوثان

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72.
(2) المقنعة: ص 151.
(3) الخلاف: ج 1 ص 506 المسألة 249.
(4) نزهة الناظر: ص 27.
(5) الجامع للشرائع: ص 67.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 330.
(7) المبسوط: ج 1 ص 86.
(8) الوسيلة: ص 90.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 614.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 33 س 29.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 88 س 35.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 249 س 5.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 348.
(14) ليس في ع.
(15) لا يوجد لدينا.
(16) المقنع: ص 25.
308

يختص بصور ذي الروح، وأنه لا يخلو بساط ولا وسادة ونحوهما عن اشتمال
على ما يشبه شيئا.
وقول جبرئيل عليه السلام في خبر محمد بن مروان: إنا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا
فيه كلب، ولا تمثال جسد، ولا إناء يبال فيه (1). وقول الصادق عليه السلام في مرسل بن
أبي عمير وقد سئل عن التمثال في البساط والمصلي ينظر إليه: إن كان بعين واحدة
فلا بأس، وإن كان له عينان فلا (2). فهو نص في تمثال ذي الروح وفي أن نقصان
عين يخرجه عن الكراهية (3).
وإما أن يرى الفرق بالتجسيم وعدمه، كما قال سلار: لا تجوز الصلاة في
مكان يكون في قبلته تصاوير مجسمة (4).
ويؤيده خبر الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن جده
علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن مسجد يكون فيه تصاوير وتماثيل يصلي
فيه؟ فقال: تكسر رؤوس التماثيل ويلطخ رؤوس التصاوير ويصلى فيه ولا
بأس (5). ويناسبه المثول بمعنى القيام.
ويؤيد أحد الفرقين قول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إن جبرئيل عليه السلام قال:
إنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا كلب ولا بيتا فيه تماثيل، ولكن فيه يعني صورة
انسان (6). وهو يحتمل كونه من كلامه عليه السلام، أو كونه من الراوي.
ورواه البرقي في المحاسن كذا: بيتا فيه صورة انسان (7). وكذلك خبر (8) عمرو

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 464، ب 33 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 462، ب 32 من أبواب مكان المصلي، ح 6.
(3) في ع: الكراهة.
(4) المراسم: ص 66.
(5) قرب الإسناد: ص 94.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 465، ب 33 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
(7) المحاسن: ج 2 ص 615 ح 38.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 465، ب 33 من أبواب مكان المصلي، ح 3.
309

بن خالد، عن أبي جعفر عليه السلام، والكراهة هي المشهورة، وأخبار النهي كثيرة (1).
وفي الخلاف (2) وظاهر المنتهى (3) الاجماع، وسمعت كلام الحلبي، ويؤيده
ظواهر الأخبار، وإنما يعارضها المرفوع المتقدم، ويؤيد الفساد توجه النهي فيها
إلى الصلاة.
نعم، روى البرقي في المحاسن، عن موسى بن القاسم، عن علي بن جعفر
أنه سأل أخاه عليه السلام عن بيت فيه صورة سمكة أو طير أو شبههما يعبث به أهل البيت
هل تصلح الصلاة فيه؟ فقال: لا حتى يقطع رأسه منه ويفسد، وإن كان قد صلى
فليست عليه إعادة (4).
فيمكن أن يكون علته (5) الجهل أو النسيان عذرا، وسمعت التوقيع الفارق بين
أولاد عبدة الأوثان وغيرهم.
وأما سلار فهو وإن قال ما سمعته لكنه صرح بعيده بالكراهية (6). وإنما خص
الحكم بالمجسمة، للأصل واحتمال اختصاص الأخبار بها، لأنها المشابهة
للأصنام، واحتمال الاشتقاق من المثول، وورود المرفوع المتقدم بلفظ الصور.
ولذا قال الصدوق في المقنع ما سمعته، وصحيح علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام
عن الدار والحجرة فيها التماثيل أيصلى فيها؟ فقال: لا يصل فيها وفيها شئ
يستقبلك، إلا أن لا تجد بدا فتقطع رؤوسها، وإلا فلا تصل فيها (7).
فإن القطع يعطي التجسيم ظاهرا، ولا ينفيه أخبار النهي عنها في البسط
والوسائد (8)، فإنها أيضا مجسمة إذا نسجت فيها.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 461 و 464، ب 32 و 33 من أبواب مكان المصلي.
(2) الخلاف: ج 1 ص 506 المسألة 249.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 249 س 6.
(4) المحاسن: ج 2 ص 620 ح 60.
(5) ليس في ع.
(6) المراسم: ص 66.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 462، ب 32 من أبواب مكان المصلي، ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 461، ب 32 من أبواب مكان المصلي.
310

واقتصر ابن زهرة على الكراهة على البسط المصورة (1). والمصنف في
التلخيص (2) والمختلف (3) عليها وفي البيت المصور. والصدوق في الهداية على
البيت ذي التماثيل (4). وهما يعمان ما إذا كانت الصورة خلفه أو تحت رجليه (5).
ويؤيده عموم كثير من الأخبار، كخبر سعد بن إسماعيل، عن أبيه أنه سأل
الرضا عليه السلام عن المصلى والبساط يكون عليه التماثيل، أيقوم عليه فيصلي أم لا؟
فقال: إني لأكره (6).
وخبر البرقي في المحاسن مسندا عن يحيى الكندي، عن رسول الله صلى الله عليه وآله إن
جبرئيل عليه السلام قال: إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا جنب ولا تمثال يوطأ (7).
كما يؤيد ما في المقنع من عموم الكراهة في بيت فيه تمثال خبر علي بن جعفر
أنه سأل أخاه عليه السلام يكون على بابه ستر فيه تماثيل أيصلى في ذلك البيت؟ قال:
لا. وسألته عن البيوت يكون فيها التماثيل أيصلى فيها؟ قال: لا (8).
لكن المخصص كثير، كصحيح ابن مسلم سأل أحدهما عليهما السلام عن التماثيل في
البيت، فقال: لا بأس إذا كانت عن يمينك وعن شمالك، وخلفك أو تحت رجليك،
وإن كانت في القبلة فالق عليها ثوبا (9)، ونحوه صحيحه (10) أيضا عن أبي جعفر عليه السلام

(1) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): ص 493 س 34.
(2) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 559.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 103.
(4) الهداية: ص 33.
(5) في ع و ب: رجله.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 462، ب 32 من أبواب مكان المصلي، ح 3.
(7) المحاسن: ج 2 ص 615 ح 41.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 464، ب 32 من أبواب مكان المصلي، ح 14.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 462، ب 32 من أبواب مكان المصلي، ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 461، ب 32 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
311

وفيه زيادة: نفي البأس إذا كانت فوق رأسك.
وفي المبسوط: لا يصلى وفي قبلته أو يمينه أو شماله صور وتماثيل، إلا أن
يغطيها، فإن كانت تحت رجله فلا بأس (1). ونحوه البيان (2) والإصباح (3).
ويدفعه الأصل والخبران [الصحيحان عن ابن مسلم] (4) وخبر ليث المرادي
أنه سأل الصادق عليه السلام عن الوسائد تكون في البيت فيها التماثيل عن يمين أو عن
شمال، فقال: لا بأس به ما لم يكن تجاه القبلة (5).
وكأنهم استندوا إلى الأخبار العامة مع قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح محمد
ابن مسلم: لا بأس بأن تصلي على كل التماثيل إذا جعلتها تحتك (6). ومرسل ابن
أبي عمير المتقدم فإنه نهى عنها حيث تقع عليها العين.
وقول الصادق عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن الحجاج في الدراهم ذوات
التماثيل، فإن صلى وهي معه فليكن من خلفه (7). وقول أمير المؤمنين عليه السلام في
خبر الأربعمائة المروي في الخصال في تلك الدراهم ويجعلها في ظهره (8) غاية
الأمر أن يكون استقبالها أشد.
(أو) بين يديه (مصحف أو باب مفتوحان) يعطي الباب كلام الحلبي (9)
حيث كره التوجه إلى الطريق.

(1) المبسوط: ج 1 ص 86.
(2) البيان: ص 65.
(3) إصباح الشيعة: ج 4 ص 614.
(4) ما بين المعقوفين ليس في ب و ط.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 463، ب 32 من أبواب مكان المصلي، ح 8.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 462، ب 32 من أبواب مكان المصلي، ح 7.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 317، ب 45 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
(8) الخصال: ص 627 - 628 حديث ا لأربعمائة.
(9) لم نعثر عليه. ونقله عنه المحقق في المعتبر: ج 2 ص 116.
312

أما إلى المصحف المفتوح ففيه (1) وفي النهاية (2) والمبسوط وغيرهما، وفي
الأخير: أو شئ مكتوب (3). وبه خبر عمار سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يصلي
وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته؟ قال: لا، قال: فإن كان في غلاف؟ قال:
نعم (4). ولظاهره حرمه الحلبي.
ويدفعه الأصل، وضعف الخبر، وخبر الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله
ابن الحسن، عن جده علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن
ينظر في خاتمة كأنه يريد قرائته أو في المصحف أو في كتاب في القبلة؟ فقال:
ذلك نقص في الصلاة وليس يقطعها (5).
والخبران يعمان القارئ وغيره، كفتاوى غير النزهة وفيها التخصيص به (6)،
لأنه الذي يشتغل به عن الصلاة، وهو ممنوع، كالتعليل به. وللحلبي في فساد
الصلاة إليه نظر (7).
وأما الباب المفتوح أو الطريق فلاستفاضة الأخبار (8) باستحباب الاستتار
ممن يمر بين يديه ولو بعنزة أو قصبة أو قلنسوة أو عود أو كومة من تراب. قال
الرضا عليه السلام في خبر محمد بن إسماعيل: يخط بين يديه أو بخط (9).
ويحتمل أن يريد إن لم يجد شيئا، كما قال صلى الله عليه وآله في خبر السكوني: إذا صلى
أحدكم بأرض فلاة فليجعل بين يديه مثل مؤخرة الرحل، فإن لم يجد فحجرا،

(1) لم نعثر عليه كتابه في الكافي في الفقه، والظاهر أنه سقط في جميع النسخ، راجع هامشه
ص 141، ونقله عنه العلامة في مختلف الشيعة: ج 2 ص 109.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(3) المبسوط: ج 1 ص 87.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 456، ب 27 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(5) قرب الإسناد: ص 89.
(6) نزهة الناظر: ص 27.
(7) لم نعثر عليه في كتابه الكافي في الفقه، والظاهر أنه سقط في جميع النسخ، راجع هامشه
ص 141، ونقله العلامة في مختلف الشيعة: ج 2 ص 109.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 436، ب 12 من أبواب مكان المصلي.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 437، ب 12 من أبواب مكان المصلي، ح 3.
313

فإن لم يجد فسهما، فإن لم يجد فليخط في الأرض بين يديه (1).
(أو) بين يديه (انسان مواجه) كما في المراسم (2) والنزهة (3) والكافي.
قال الحلبي: والمرأة نائمة أشد كراهية (4). ولعله للاشتغال وخصوصا غير المحرم
من المرأة إذا كان المصلي رجلا، وخصوصا إذا كانت نائمة (5)، أي اضطجعت أو
استلقت أو انبطحت، وللمشابهة بالسجود له، ولارشاد أخبار السترة إليه.
ولخبر علي بن جعفر عليه السلام الذي في قرب الإسناد للحميري أنه سأل أخاه عليه السلام
عن الرجل يكون في صلاته هل يصلح له أن يكون امرأة مقبلة بوجهها عليه
في القبلة قاعدة أو قائمة؟ قال: يدرأها عنه، فإن لم يفعل لم يقطع ذلك صلاته (6).
وعن عائشة: إن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي حذاء وسط السرير وأنا مضطجعة بينه
وبين القبلة يكون لي الحاجة، فأكره أن أقوم فاستقبله فانسل انسلالا (7).
ونسب المحقق الكراهة إليه وإلى باب مفتوح إلى الحلبي، وقال: وهو أحد
الأعيان، فلا بأس باتباع فتواه (8)، انتهى.
وعندنا الأخبار (9) بنفي البأس عن أن تكون المرأة بحذاء المصلي قائمة
وجالسة ومضطجعة كثيرة.
وكره ابن حمزة أن تكون بين يديه امرأة جالسة (10) فقط.
والأحسن عندي قول ابن إدريس، ولا بأس أن يصلي الرجل وفي جهة قبلته

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 437، ب 12 من أبواب مكان المصلي، ح 4.
(2) المراسم: ص 66.
(3) نزهة الناظر: ص 27.
(4) الكافي في الفقه: ص 141.
(5) في ع (نامت) بدل (كانت نائمة).
(6) قرب الإسناد: ص 94.
(7) صحيح مسلم: ج 1 ص 367 ح 271 مع اختلاف.
(8) المعتبر: ج 2 ص 116.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 25، ب 4 من أبواب مكان المصلي.
(10) الوسيلة: ص 90.
314

انسان قائم، ولا فرق بين أن يكون ذكرا أو أنثى، والأفضل أن يجعل بينه وبينه ما
يستر بعض المصلي من المواجهة (1).
(أو) بين يديه (حائط ينز من بالوعة البول) كما في النهاية (2)
والوسيلة (3) والنزهة (4) والشرائع (5)، لمرسل البزنطي أن الصادق عليه السلام سئل عن
المسجد ينز حائط قبلته من بالوعة يبال فيها، فقال: إن كان نزه من البالوعة فلا
تصل فيه (6). وقول الكاظم عليه السلام في خبر محمد بن أبي حمزة إذا ظهر النز من خلف
الكنيف وهو في القبلة يستره بشئ (7).
وزيد في المبسوط (8) والإصباح (9) والجامع (10): النز (11) من القذر. وأطلق
البالوعة في النافع (12).
(المطلب الثاني)
(في المساجد)
جمع مسجد بالكسر، الذي هو اسم للمكان، الموقوف على المسلمين للصلاة فيه.
(يستحب اتخاذ المساجد استحبابا مؤكدا) إجماعا (قال الصادق عليه السلام)
وأبو جعفر الباقر عليه السلام كما في الفقيه - وقد يكون وجده المصنف عن أبي عبد

(1) السرائر: ج 1 ص 267.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 331.
(3) الوسيلة: ص 90.
(4) نزهة الناظر: ص 27.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 72.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 444، ب 18 من أبواب مكان المصلي، ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 444، ب 18 من أبواب مكان المصلي، ح 1.
(8) المبسوط: ج 1 ص 86.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 613.
(10) الجامع للشرائع: ص 69.
(11) في ع (النز ما ظهر).
(12) النافع: ص 26.
315

الله عليه السلام أيضا -: (من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله تعالى له بيتا
في الجنة (1)) ومفحصها: الموضع الذي تفحص عنه التراب، أي تكشفه
لتبيض فيه، ولا استبعاد في بناء مسجد كذلك، بأن يزيد مثله في مسجد أو يقف
من أرض مثله للسجود فقط ولا تقف الباقي منها. أو المراد مسجد يكون
بالنسبة إلى المصلي كالمفحص بالنسبة إلى القطاة، بأن لا يسع غير واحد، أو
المشابهة بالتسوية والتهيئة، أي غير مشتمل على جدار ونحوه.
وبالجملة على غير التسوية والتهيئة كالمفحص، أو مشتمل على جدران
قصار أو نحو تحجير، ويقال: تخصيص مفحصها لمشابهته المحراب.
(وقصدها مستحب) لمن لا يمنعه منه مانع شرعا اتفاقا (قال أمير
المؤمنين عليه السلام) في خبر الأصبغ: (من اختلف) أي تردد (إلى المسجد
أصاب إحدى الثماني) خصال أن يستفيد: (أخا مستفادا في الله، أو علما
مستطرفا) ينفعه في الدين أو الدنيا أو فيهما (أو آية محكمة) لم يكن سمعها،
أو كان ذهل عنها أو نسيها (أو يسمع كلمة تدله على هدى) في الدين أو
الدنيا أو فيهما (أو رحمة منتظرة) بكسر الظاء أو فتحها (أو كلمة ترده عن
ردى) في الدارين أو إحداهما (أو يترك ذنبا خشية أو حياء (2)) من الله أو
من الناس.
والثماني، لانقسام ترك الذنب إلى هذين القسمين، أو المذكور سبع وترك
الثامنة، كما يقال في حديث: حبب إلي من دنياكم ثلاث (3)، أو لظهورها وهي
الصلاة والعبادة فيه، بل مجرد دخوله وقصده.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 235 ح 703.
(2) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب أحكام المساجد.
(3) مستدرك الوسائل: ج 16 ص 259، ب 33 من أبواب آداب المائدة، ح 12 (عن تفسير أبي
الفتوح الرازي).
316

وأسند البرقي في المحاسن عن الحسين بن علي عليهما السلام، عن جده صلى الله عليه وآله: من
أدمن إلى المسجد أصاب الخصال الثمانية: آية محكمة، أو فريضة مستعملة، أو
سنة قائمة، أو علم مستطرف، أو أخ مستفاد، أو كلمة تدل على هدى، أو ترده
عن ردى وترك الذنب خشية أو حياء (1). ولما عطف فيه ترك الذنب بالواو كان
الظاهر خروجه عن الثمانية والباقي سبعة، فيوجه بأحد الأخيرين.
(ويستحب الاسراج فيها ليلا) ليدل من يمر بها عليها، ويكون عونا لمن
بها، لما ورد عنه صلى الله عليه وآله: من أسرج في مسجد من مساجد الله سراجا لم تزل
الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك
السراج (2).
(وتعاهد النعل) عند الدخول للنص (3) والاعتبار (وتقديم اليمنى)
عنده للخبر والشرافة (4).
(و) يستحب (قول) حين الدخول (بسم الله وبالله) لقول أبي
جعفر عليه السلام في مرسل العلاء بن الفضيل: وسم حين تدخله (5). ومضمر سماعة: إذا
دخلت المسجد فقل: بسم الله (6). ثم قول: (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله
وبركاته) وقول: (اللهم صل على محمد وآل محمد) للأخبار بالصلاة
عليهم عنده (7) وفي مضمر سماعة: السلام على رسول الله صلى الله وملائكته على
محمد، وآل محمد والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته (8).

(1) المحاسن: ج 1 ص 48 ح 66.
(2) المحاسن: ج 1 ص 57 ح 88.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 504، ب 24 من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 517، ب 40 من أبواب أحكام المساجد، ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 516، ب 39 من أبواب أحكام المساجد، ح 2.
(6) المصدر السابق ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 515، ب 39، من أبواب أحكام المساجد.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 516 ب 39 من أبواب أحكام المساجد، ح 4.
317

وقول: (وافتح لنا باب رحمتك، واجعلنا من عمار مساجدك) لقول
أبي جعفر عليه السلام في المرسل المتقدم: ثم ادع الله واسأله (1). وفي مضمر عبد الله بن
الحسن: اللهم اغفر لي وافتح لي أبواب رحمتك (2). وفيما أسنده ابن الشيخ في
أماليه عن فاطمة عليها السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل المسجد صلى على النبي صلى الله عليه وآله
وقال: اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب رحمتك (3) وفي مضمر سماعة: رب
اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك (4).
وقوله: (5) (جل ثناء وجهك) لقول أبي جعفر عليه السلام في المرسل المتقدم،
وأحمد الله (6). وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا دخلت المسجد فاحمد
الله واثن عليه (7).
(وإذا خرج قدم اليسرى) للخبر (8) والشرف (وقال: اللهم صل على
محمد وآل محمد) لقول الصادق عليه السلام في حسن ابن سنان: إذا دخلت المسجد
فصل على النبي صلى الله عليه وآله، وإذا خرجت فافعل ذلك (9) (وافتح لنا باب فضلك)
لأن في مضمر سماعة: وإذا خرجت فقل مثل ذلك (10).
وفي مضمر عبد الله بن الحسن: إذا خرجت فقل اللهم اغفر لي وافتح لي
أبواب فضلك (11) وفيما أسنده ابن الشيخ عن فاطمة عليها السلام وإذا خرج من الباب صلى

(1) المصدر السابق ح 2.
(2) المصدر السابق ح 5.
(3) أمالي الطوسي: ج 2 ص 15.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 516، ب 39 من أبواب أحكام المساجد، ح 4.
(5) ب وع (وقول).
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 516، ب 39، من أبواب أحكام المساجد، ح 2.
(7) المصدر السابق ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 517، ب 40 من أبواب أحكام المساجد.
(9) المصدر السابق ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 516، ب 39 من أبواب أحكام المساجد، ح 4.
(11) أمالي الطوسي: ج 2 ص 15.
318

على النبي صلى الله عليه وآله وقال اللهم اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك (1).
(وصلاة) الفرائض (المكتوبة في المسجد أفضل من المنزل)
بالنصوص (2) والاجماع، (والنافلة بالعكس) كما في النهاية والمبسوط (3)
والمهذب (4) والجامع (5) والشرائع (6) والنافع (7) وشرحه (8)، وفيه وفي المنتهى إنه
فتوى علمائنا (9).
و (خصوصا نافلة الليل) كما في الأربعة (10) الأول تحرزا عن شوب
الرياء أو التهمة، ولذا كان الاسرار بالصدقات المندوبة وغيرها من المندوبات
أفضل. ولقوله صلى الله عليه وآله في خبر زيد بن ثابت: أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته
إلا المكتوبة (11).
وفيه أن المكتوبة قد تعم النوافل الراتبة، هذا مع أن الأخبار بفضل النوافل
فيها كثيرة، كمرسل ابن أبي عمير: إن الصادق عليه السلام قيل له: إني لأكره الصلاة في
مساجدهم، فقال: لا تكره، فما من مسجد بني إلا على قبر نبي أو وصي نبي قتل،
فأصاب تلك البقعة رشة من دمه، فأحب الله أن يذكر فيها فأد فيها الفريضة
والنوافل، واقض ما فاتك (12).
وما روي أن الفريضة في مسجد الكوفة بألف والنافلة بخمسمائة (13)، وأن

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 511، ب 33 من أبواب أحكام المساجد.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 343.
(3) المبسوط: ج 1 ص 162.
(4) المهذب: ج 1 ص 77.
(5) الجامع للشرائع: ص 103.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 128.
(7) المختصر النافع: ص 26.
(8) المعتبر: ج 2 ص 111 - 112.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 244 س 4.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 343، المبسوط: ج 1 ص 162، المهذب: ج 1 ص 77، الجامع
للشرائع: ص 103.
(11) سنن أبي داود: ج 2 ص 69 ح 1447.
(12) وسائل الشيعة: ج 3 ص 501، ب 21 من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(13) وسائل الشيعة: ج 3 ص 521، ب 44 من أبواب أحكام المساجد، ح 3.
319

الفريضة فيها تعدل حجة والنافلة عمرة (1).
نعم، في وصية أبي ذر: يا أبا ذر أيما رجل تطوع في يوم باثنتي عشرة ركعة
سوى المكتوبة كان له حقا واجبا بيت في الجنة، يا أبا ذر صلاة في مسجدي هذا
تعدل مائة ألف صلاة في غيره من المساجد إلا المسجد الحرام، وصلاة في
المسجد الحرام تعدل مائة ألف صلاة في غيره، وأفضل من هذا كله صلاة يصليها
الرجل في بيت حيث لا يراه إلا الله عز وجل يطلب بها وجه الله تعالى (2).
وفي السرائر: صلاة نافلة الليل خاصة في البيت أفضل منها في المسجد (3).
وفي فضل صلاة الجمعة من الكافي: يستحب لكل مسلم تقديم دخول
المسجد لصلاة النوافل بعد الغسل، وتغيير الثياب ومس النساء والطيب وقص
الشارب والأظافير، فإن اختل شرط من شروط الجمعة المذكورة سقط فرضها،
وكان حضور مسجد الجامع لصلاة النوافل، وفرضي الظهر والعصر مندوبا إليه (4)،
انتهى.
(و) في خبر السكوني عن الصادق عليه السلام، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير
المؤمنين عليهم السلام إن (الصلاة في بيت المقدس تعدل ألف صلاة، وفي المسجد
الأعظم) أي في البلد الذي يكثر اختلاف عامة أهل البلدان (5) إليه تعدل (مائة،
وفي مسجد القبيلة) الذي لا يأتيه غالبا إلا طائفة من الناس، كمساجد القرى
والبدو عند قبيلة قبيلة، والتي في بعض أطراف البلد بحيث لا يأتيها غالبا إلا من
قرب منها تعدل (خمسا وعشرين، وفي مسجد السوق) الذي لا يأتيه غالبا
إلا أهل ذلك السوق تعدل (اثنتي عشرة، وفي البيت صلاة واحدة (6).

(1) المصدر السابق ح 4.
(2) أمالي الشيخ الطوسي: ج 2 ص 141.
(3) السرائر: ج 1 ص 280.
(4) الكافي في الفقه: ص 152.
(5) في ع (أهله) بدل (أهل البلدان).
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 551، ب 64 من أبواب أحكام المساجد، ح 2.
320

واختار المصنف هذا الخبر، لاشتماله على مساجد سائر البلاد والقرى
والبوادي، وأغفل ذكر الحرمين ومسجد الكوفة وسائر المساجد المخصوصة
لشهرة أخبارها وخروج ذكرها عن غرض الكتاب.
(ويكره تعلية المساجد، بل يبني وسطا) كما في النهاية (1)
والمبسوط (2) والمهذب (3) والسرائر (4) والجامع (5) وكتب المحقق (6)، قال: لأنه
اتباع لسنة النبي صلى الله عليه وآله في مسجده، فقد روي أنه كان قامة (7)، يعني قبل أن يظلل.
قلت: ولأخبار النهي (8) عن رفع البناء أزيد من سبعة أذرع أو ثمانية (9)، وأن
الزائد مسكن الجن والشياطين.
(و) يكره (تظليلها) للأخبار (10)، (بل تكون مكشوفة) أو عرشا
كعريش موسى كما في أخبار المسجد النبوي (11)، وهي أن يقام فيها سواري، ثم
يطرح عليها نحو العوارض والخصف والإذخر من غير تطيين.
وأسند الشيخ في كتاب الغيبة عن أبي بصير قال: إذا قام القائم عليه السلام دخل
الكوفة وأمر بهدم المساجد الأربعة حتى يبلغ أساسها ويصيرها عريشا كعريش
موسى (12).
قال الشهيد: ولعل المراد به - يعني التظليل - تظليل جميع المسجد (13)، أو

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 340.
(2) المبسوط: ج 1 ص 160.
(3) المهذب: ج 1 ص 77.
(4) السرائر: ج 1 ص 278.
(5) الجامع للشرائع: ص 103.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 128، المختصر النافع: ص 49، المعتبر: ج 2 ص 452.
(7) المعتبر: ج 2 ص 452.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 505، ب 25 من أبواب أحكام المساجد.
(9) في ط: ثمانية أذرع.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 487، ب 9 من أبواب أحكام المساجد.
(11) المصدر السابق ح 1.
(12) الغيبة: ص 283.
(13) في ط و س (المساجد).
321

تظليل خاص، أو في بعض البلدان، وإلا فالحاجة ماسة إلى التظليل لدفع الحر
والقر (1).
(و) يكره (الشرف) للخبر (2)، وفي النهاية: لا يجوز (3)، (بل تبنى
جما)، ويكره (جعل المنارة في وسطها، بل) تجعل (مع الحائط) وفاقا
للمشهور، وفي النهاية: لا يجوز (4)، والأمر كذلك إن بنيت بعد بناء المسجد وجعله
مسجدا.
(و) يكره (تعليتها) على الحائط، بل تسوى معه، للخبر (5)، والتحرز
عن اشراف من يعلوها على الدور. وفي السرائر: على ما روي في الأخبار (6).
والذي ظفرت به خبر السكوني، عن الصادق عليه السلام: إن أمير المؤمنين عليه السلام مر
على منارة طويلة فأمر بهدمها، ثم قال: لا يرفع المنارة إلا مع سطح المسجد (7).
وهي دليل للحكمين. وما رواه الشيخ في كتاب الغيبة عن سعد بن عبد الله، عن
أبي هاشم الجعفري، عن أبي محمد عليه السلام قال: إذا خرج القائم يأمر بهدم المنائر
والمقاصير التي في المساجد (8).
(وجعلها طريقا) يقصد للمضي فيها إلى غيرها لا للتعبد فيها، لأنه هتك
لحرمتها، والأخبار شاهدة باحترامها (9)، وتجنبها (10) النخامة (11)، والتجارة، وسائر

(1) ذكرى الشيعة: ص 156 س 30.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 494، ب 15 من أبواب أحكام المساجد، ح 2 و 4.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 340.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 340.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 487، ب 9 من أبواب أحكام المساجد.
(6) السرائر: ج 1 ص 278.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 505، ب 25 من أبواب أحكام المساجد، ح 2.
(8) الغيبة: ص 123.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 485، ب 7 من أبواب أحكام المساجد.
(10) في ع (تجنيبها).
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 499، ب 20 من أبواب أحكام المساجد.
322

الصناعات، ورفع الصوت (1).
وقال الصادق عليه السلام في خبر يونس بن يعقوب: ملعون ملعون من لم يوقر
المسجد (2). ولقول النبي صلى الله عليه وآله في خبر المناهي: لا تجعلوا المساجد طرقا حتى
تصلوا فيها ركعتين (3).
(و) بناء (المحاريب الداخلة في) داخل (4) (الحائط) وهي كما
أحدثتها العامة في المسجد الحرام واحدا للحنفية، وآخر للمالكية، وثالث
للحنابلة، للأخبار (5)، والأمر بكسرها، واحداثها بعد المسجدية محرمة لشغلها
مواضع الصلاة.
(وجعل الميضاة) المعدة للاستنجاء عند بنائها قبل المسجدية (في
وسطها، بل) يجعل (خارجها) للخبر، وفيه على أبوابها (6). وفي السرائر:
ولا تجوز داخلها (7)، والأمر كذلك إن أحدثت بعد المسجدية أو بنيت قبلها بحيث
تسري النجاسة إليها.
(والنوم فيها) كما في كتب المحقق (8) والنهاية (9) والمبسوط (10) والسرائر (11)
وغيرها، لأنه هتك لحرمتها، ولا يؤمن معه من التنجس والتنجيس، ولذا ورد

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 495 و 507، ب 17 و 27 من أبواب أحكام المساجد.
(2) بحار الأنوار: ج 76 ص 354 ح 21.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 8 ح 4968.
(4) في ع (داخل حائط المسجد لا نفس).
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 510، ب 31 من أبواب أحكام المساجد.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 505، ب 25 من أبواب أحكام المساجد، ح 3.
(7) السرائر: ج 1 ص 279.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 128، المختصر النافع: ص 49، المعتبر: ج 2 ص 453.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 341.
(10) المبسوط: ج 1 ص 161.
(11) السرائر: ج 1 ص 279.
323

تجنبها (1) الصبيان والمجانين (2)، ولقوله تعالى: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى
حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) (3) مع تفسير
الصلاة بمواضعها والسكر بالنوم في الأخبار (4).
(خصوصا في المسجدين) الحرمين، لزيادة احترامهما. وقول أبي
جعفر عليه السلام في حسنة زرارة في النوم في المساجد: لا بأس، إلا في المسجدين
مسجد النبي صلى الله عليه وآله والمسجد الحرام (5).
ولا يحرم في شئ منهما للأصل والاجماع قولا وفعلا، كما هو الظاهر. وقول
زرارة في هذا الخبر: كان يأخذ بيدي في بعض الليل، فيتنحى ناحية، ثم يجلس
فيتحدث في المسجد الحرام فربما نام، فقلت له في ذلك، فقال: إنما يكره أن ينام
في المسجد الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، فأما في هذا الموضع فليس به
بأس (6).
وخبر معاوية بن وهب، عن الصادق عليه السلام في النوم في المسجد، ومسجد
الرسول صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم أين ينام الناس (7). وما رواه الحميري في قرب الإسناد
عن السندي بن محمد (8)، عن أبي البختري، عنه عن أبيه عليه السلام قال: إن المساكين
كانوا يبيتون في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله (9).
وعن محمد بن خالد الطيالسي، عن إسماعيل بن عبد الخالق أنه سأله عن
النوم في المسجد الحرام، فقال: لا بأس به (10). وعن عبد الله بن الحسن، عن جده

(1) في ب وع (تجنيبها).
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 507، ب 27 من أبواب أحكام المساجد.
(3) النساء: 43.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 496، ب 18 من أبواب أحكام المساجد.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 496، ب 18 من أبواب أحكام المساجد، ح 2.
(6) المصدر السابق.
(7) المصدر السابق.
(8) زاد في ط و س (بن علي).
(9) قرب الإسناد: ص 69.
(10) قرب الإسناد: ص 60.
324

علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن النوم في المسجد الحرام، فقال: لا بأس،
وعن النوم في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله، فقال: لا يصلح (1).
(و) يكره (اخراج الحصى منها) كما في النهاية (2) والمبسوط (3)
والجامع (4) والمعتبر (5)، للأمر في خبري الشحام (6) ووهب بن وهب (7)، بأنها إذا
أخرجت (فتعاد إليها أو إلى غيرها) من المساجد فإنه مرشد إلى مرجوحية
الاخراج، خصوصا وقد علل في الأخير بأنها تسبح (8). فإن الاخراج إما أن
يسلبها التسبيح أو يزيلها عن المكان الشريف اللائق بها إلى غيره.
ولا يحرم كما في النافع (9) والشرائع (10) والارشاد (11) والتبصرة (12)
والتلخيص (13)، للأصل من غير معارض، ولعل المحرم اخراج ما هي من أجزاء
أرض المسجد التي جرى عليها المسجدية والمكروه اخراج ما خصب به المسجد
بعد المسجدية، فلا خلاف. وأما الحصى الخارجة من القسمين فينبغي قمها
وإخراجها مع القمامة.
(و) يكره (البصاق فيها والتنخم) لأنه هتك لحرمتها، وتنفير للناس
عن الصلاة فيها والسجود على أرضها، وللأخبار. وعن النبي صلى الله عليه وآله: إن المسجد
لينزوي من النخامة كما ينزوي الجلدة من النار إذا انقبضت واجتمعت (14).

(1) قرب الإسناد: ص 120.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 342.
(3) المبسوط: ج 1 ص 161.
(4) الجامع للشرائع: ص 101.
(5) المعتبر: ج 2 ص 452.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 506، ب 26 من أبواب أحكام المساجد، ح 3.
(7) المصدر السابق ح 4.
(8) المصدر السابق.
(9) المختصر النافع: ص 49.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 128.
(11) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 250.
(12) تبصرة المتعلمين: ص 40.
(13) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 570.
(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 500، ب 20 من أبواب أحكام المساجد، ح 5.
325

وعنه صلى الله عليه وآله في ثواب الأعمال للصدوق: من رد ريقه تعظيما لحق المسجد، جعل
الله ريقه صحة في بدنه، وعوفي من بلوى في جسده (1).
وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر السكوني المروي في محاسن البرقي: جعل الله
ذلك قوة في بدنه، وكتب له بها حسنة، وحط عنه بها سيئة، وقال: لا تمر بداء في
جوفه إلا أبرأته (2). وقال الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان: من تنخع في
المسجد ثم ردها في جوفه لم يمر بداء في جوفه إلا أبرأته (3).
ولا يحرم، للأصل، ونحو خبر عبد الله بن سنان أنه سأل الصادق عليه السلام عن
الرجل يكون في المسجد في الصلاة فيريد أن يبزق، فقال: عن يساره، وإن كان
في غير الصلاة فلا يبزق حذاء القبلة، ويبزق عن يمينه ويساره (4).
فإن بصق أو تنخم (فيغطيه بالتراب) استحبابا دفعا للاستقذار، ولقول
أمير المؤمنين عليه السلام في خبر غياث: البزاق في المسجد خطيئة وكفارته دفنه (5).
وأسند البرقي في المحاسن عن ابن العسل رفعه قال: إنما جعل الحصى في
المسجد للنخامة (6).
ولا يجب، للأصل. وخبر عبيد بن زرارة، عن الصادق عليه السلام قال: كان أبو
جعفر عليه السلام يصلي في المسجد فيبصق أمامه، وعن يمينه، وعن شماله وخلفه على
الحصى، ولا يغطيه (7).
وخبر علي بن مهزيار: إنه رأى أبا جعفر الثاني عليه السلام يتفل في المسجد الحرام

(1) ثواب الأعمال: ص 35.
(2) المحاسن: ج 1 ص 54 ح 83.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 500 ب 20 من أبواب أحكام المساجد ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 498، ب 19 من أبواب أحكام المساجد، ح 2.
(5) المصدر السابق ح 4.
(6) المحاسن: ج 2 ص 320 ح 58.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 498، ب 19 من أبواب أحكام المساجد، ح 3.
326

فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود ولم يدفنه (1).
(وقصع القمل) كما في النهاية (2) والمبسوط (3) والإصباح (4) والشرائع (5)
والجامع (6)، أي قتله على أرضها للاستخفاف والاستقذار، ولم نجد به نصا، ولذا
قال الشهيد: قاله الجماعة (7). وإذا قصعه (فيدفنه) ليزول استنفار المصلين.
(وسل السيف) فيها للنهي (8) عنه في خبر المناهي (9). وفي خبر محمد بن
مسلم، عن أحدهما عليهما السلام (10).
(وبري النبل) للأخبار (11) (وسائر الصناعات فيها) كما في النهاية (12)
والمبسوط (13) وغيرهما، لتعليل أخبار النبل (14) وإنشاد الضالة بأنها إنما بنيت لغير
ذلك.
(وكشف العورة) فيها كما في السرائر (15) وكتب المحقق (16)، لأنه
استخفاف بها. وفي النهاية: لا يجوز كشف العورة ولا الركبة والفخذ والسرة، فإن
جميعه من العورة (17). وقال النبي صلى الله عليه وآله في خبر السكوني: كشف السرة والفخذ

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 498، ب 19 من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 342.
(3) المبسوط: ج 1 ص 161.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 628.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 128.
(6) الجامع للشرائع: ص 101.
(7) ذكرى الشيعة: ص 157 س 7.
(8) في ط و س و ك (المنهي.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 8 ح 4968.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 495، ب 17 من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(11) المصدر السابق، أحاديث الباب.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 342.
(13) المبسوط: ج 1 ص 161.
(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 495، ب 17 من أبواب أحكام المساجد.
(15) السرائر: ج 1 ص 280.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 128، المختصر النافع: ص 49، المعتبر: ج 2 ص 453.
(17) النهاية ونكتها ج 1 ص 342.
327

والركبة في المسجد من العورة (1). والذي أفهمه منه استحباب سترها وقبح كشفها
في المسجد، كما في الجامع (2) وإذا قبح كشفها فالعورة أولى.
(ورمي الحصى) فيها (خذفا) كما في الجامع (3)، لأنه استخفاف بها،
فإنه لعب. ولخبر السكوني، عن الصادق عليه السلام: إن النبي صلى الله عليه وآله أبصر رجلا يخذف
بحصاة في المسجد فقال: ما زالت تلعنه حتى وقعت، ثم قال: الخذف في النادي
من أخلاق قوم لوط (4). ولظاهره قال الشيخ في النهاية: لا يجوز (5). وأطلق في
الشرائع الرمي بها (6). واستيفاء القول في معنى الخذف باعجام الحروف في الحج.
(والبيع والشراء) فيها لأنها بنيت لغيرها، وللأخبار (7).
(وتمكين المجانين والصبيان) للأخبار (8)، تخوف التلويث.
قيل: هذا فيمن يخاف منه، فأما من يوثق به من الصبيان فيستحب تمرينهم
على إتيانها.
(وإنفاذ الأحكام) كما في كتب المحقق (9)، لأنها بنيت لغيرها، ولأن
الترافع يفضي إلى التشاجر ورفع الأصوات والتكاذب والخوض في الباطل، وقد
نهى عن جميع ذلك فيها بخصوصها. ولقول الصادق عليه السلام في مرسل علي بن
أسباط: جنبوا مساجدكم البيع والشراء والمجانين والصبيان والأحكام والضالة
والحدود ورفع الصوت (10). وللخبر عبر الشيخ في النهاية (11) والمبسوط (12)

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 515، ب 37 من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(2) الجامع للشرائع: ص 101.
(2) الجامع للشرائع: ص 101.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 514، ب 36 من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 342.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 128.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 507، ب 27 من أبواب أحكام المساجد.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 507، ب 27 من أبواب أحكام المساجد.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 128، المختصر النافع: ص 49، المعتبر: ج 2 ص 452.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 507، ب 27، من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 341.
(12) المبسوط: ج 1 ص 161.
328

بالأحكام، وكذا المصنف في النهاية (1) والتحرير (2) والمنتهى (3).
فإما المراد واحد كما يشعر به المعتبر (4)، وإما المراد بالانفاذ الاجراء،
والعمل بمقتضاه من الحبس والحد والتعزير ونحوها كما في المختلف (5)، ومنه
إقامة الحدود، لكنها خصت بالذكر للخبر (6).
وفي السرائر (7) والمختلف (8) وقضاء المبسوط (9) والخلاف: عدم كراهية
الأحكام فيها (10)، للأصل، وضعف الخبر.
وقال الشيخ: ولأن النبي صلى الله عليه وآله لا خلاف أنه كان يقضي في المسجد، ولو كان
مكروها ما فعله، وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام يقضي بالكوفة في الجامع ودكة
القضاء معروفة إلى يومنا هذا، وهو إجماع الصحابة (11)، انتهى.
وقد يتشكل في مواظبة أمير المؤمنين عليه السلام على القضاء في الجامع، ودكة
القضاء قد تكون لوقوع قضية غريبة من قضاياه عليه السلام فيها، كما أن دكة [القضاء قد
تكون] (12) المعراج لم تتشرف إلا مرة واحدة. أما النبي صلى الله عليه وآله فالظاهر أنه كان
يواظب عليه.
وفي المختلف: ولأن الحكم طاعة، فجاز إيقاعه في المساجد الموضوعة
للطاعات، ثم ذكر الاحتجاج بالخبر، وأجاب بالطعن في السند والارسال، وقال:
ويحتمل أن يكون المراد إنفاذ الأحكام كالحبس على الحقوق والملازمة فيها،
عليها والقصاص فيها، أو كما قال القطب الراوندي: إن المراد الحكومات الجدلية

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 356.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 54 س 23.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 388 س 10.
(4) المعتبر: ج 2 ص 452.
(5) مختلف الشيعة: ج 3 ص 92.
(6) في ب وع (كالخبر).
(7) السرائر: ج 11 ص 279.
(8) مختلف الشيعة: ج 3 ص 92.
(9) المبسوط: كتاب القضاء ج 8 ص 87.
(10) الخلاف: ج 6 المسألة 3 من كتاب القضاء.
(11) المصدر السابق.
(12) ما بين المعقوفين ليس في ب وع.
329

أو الخصومات (1).
قلت: والمواظبة والمداومة عليها كما في قضاء الكتاب القضاء، والشرائع (2)
والارشاد (3) والتلخيص (4).
وفي الكافي (5) وظاهر قضاء النهاية (6) والمقنعة (7) والكامل (8) والسرائر (9) استحبابها
فيها، ولعله لكونها طاعات تليق بأشرف البقاع، وخصوصا ما أعد منها للعبادات،
ولأن المترفعين كثيرا ما يحترزون عن الأكاذيب والأباطيل، مع ضعف الخبر.
وفي بعض الكتب أنه بلغ أمير المؤمنين عليه السلام أن شريحا يقضي في بيته فقال:
يا شريح إجلس في المسجد فإنه أعدل بين الناس، وأنه وهن بالقاضي أن
يجلس في بيته (10).
(و) يكره (تعريف الضالة) فيها كما في كتب المحقق (11) وسائر كتب
المصنف (12) سوى التحرير. وفي السرائر: إنشادها (13)، وهو تعريفها. وفي
النهاية (14) والمبسوط (15) والتحرير (16): الضالة. وفي الجامع (17) والبيان: إنشادا

(1) مختلف الشيعة: ج 3 ص 92 - 93.
(2) شرائع الاسلام: ج 4 ص 73.
(3) إرشاد الأذهان: كتاب القضاء ج 2 ص 146.
(4) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 33 ص 354.
(5) لم نعثر عليه. راجع مفتاح الكرامة: ج 2 ص 235.
(6) النهاية ونكتها: ج 2 ص 69.
(7) المقنعة: ص 722.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) السرائر: ج 2 ص 156.
(10) لم نعثر عليه.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 128، المختصر النافع: 49، المعتبر: ج 2 ص 452.
(12) تبصرة المتعلمين: ص 40، نهاية الإحكام: ج 1 ص 356، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 91 س 1،
منتهى المطلب: ج 1 ص 388 س 10.
(13) السرائر: ج 1 ص 279 وفيه (تجنب الضالة).
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 341.
(15) المبسوط: ج 1 ص 161.
(16) تحرير الأحكام: ج 1 ص 54 س 23.
(17) الجامع للشرائع: ص 101.
330

ونشدانا (1). وفي المهذب (2) والإصباح: أن تنشد (3)، كخبر المناهي (4)،
وهو يحتملهما كالضالة.
وفي الفقيه (5) وعلل الصدوق: إن النبي صلى الله عليه وآله سمع رجلا ينشد ضالة في
المسجد فقال: قولوا له لا رد الله عليك فإنها لغير هذا بنيت (6)، وهو نص في
النشدان، وقد يمنع عموم العلة، لأن الانشاد من أعظم العبادات، والأولى به
الجامع والمواضع التي يكثر اختلاف الناس إليها وأعظمها المساجد.
وعن علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الضالة أيصلح أن تنشد في
المسجد؟ فقال لا بأس (7). فيحتمل الانشاد.
(وإقامة الحدود) لخوف التلويث، ورفع الصوت، وخبر ابن إسباط
المتقدم، والاجماع على ما في الخلاف قال: وحكي عن أبي حنيفة جوازه، وقال:
يفرش نطع فإن كان منه حدث يكون عليه (8)، انتهى.
ولا يحرم، للأصل، وضعف الخبر، إلا ما تضمن تضمين المسجد نجاسة،
على القول بحرمته وإن لم يتلوث بها، كما ترى الشيخ في الخلاف يرد على أبي
حنيفة ما حكي عنه بأن من الحدود القتل، ولا يفيد فرش النطع لحرمة تحصيل
النجاسة فيه (9).
ولكن الشهيد استدل على جواز ما لا يتعدى إليه وإلى فرشه، بأن الأصحاب
جوزوا القصاص فيه مع فرش ما يمنع التلويث (10).

(1) البيان: ص 67.
(2) المهذب: ج 1 ص 77.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 628.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 8 ح 4968.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 237 ح 714.
(6) علل الشرائع: ص 319 ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 508 ب 28 من أبواب أحكام المساجد ح 1.
(8) الخلاف: ج 6 المسألة 4.
(9) المصدر السابق.
(10) ذكرى الشيعة: ص 157 س 17.
331

(وإنشاد الشعر) أي رفع الصوت به كما في تهذيب اللغة (1) والغريبين (2)
والمقاييس (3)، ويظهر من الأساس أو قراءة كما في غيرها، لخبر المناهي (4).
وقوله صلى الله عليه وآله في خبر جعفر بن محمد بن إبراهيم: من سمعتموه ينشد الشعر في
المسجد فقولوا: فض الله فاك، إنما نصبت المساجد للقرآن (5).
وقد يستثنى منه ما كان عبادة كمدحهم ومراثيهم: وهجاء أعدائهم،
وشواهد العربية. ويؤيده صحيح علي بن يقطين أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن
إنشاد الشعر في الطواف، فقال: ما كان من الشعر لا بأس به فلا بأس به (6).
وسأله عليه السلام علي بن جعفر عن الشعر أيصلح أن ينشد في المسجد؟ فقال: لا
بأس (7). فإما المراد نفي الحرمة، أو شعر لا بأس به.
(ورفع الصوت) للأخبار (8)، وشغله عن العبادة ومنافاته السكينة والوقار.
وقال ابنا إدريس (9) والجنيد: إلا بذكر الله (10)، والأخبار والفتاوى مطلقه مع
وجوب الجهر، أو استحبابه في بعض القراءة والأذكار والأذان والإقامة. فإما
المراد ما ذكراه أو ما تجاوز العادة في كل، فيختلف باختلاف الأنواع، فالعادة في
الأذان غيرها في القراءات، إلا أن الظاهر أن أذان الاعلام كلما كان أرفع كان أولى.
(والدخول) فيها (مع رائحة الثوم والبصل وشبهه) للأخبار (11).
(و) يكره (التنعل قائما بل قاعدا) في المساجد وغيرها، وإنما ذكر

(1) تهذيب اللغة: ج 11 ص 323 مادة (نشد).
(2) لم يوجد لدينا.
(3) مقاييس اللغة: ج 5 ص 430 مادة (نشد).
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 8 ح 4968.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 492 - 493، ب 14 من أبواب المساجد، ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 464، ب 54 من أبواب الطواف، ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 492 - 493، ب 14 من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 507، ب 27 من أبواب أحكام المساجد.
(9) السرائر: ج 1 ص 279.
(10) لم نعثر عليه.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 501 - 503، ب 22 من أبواب أحكام المساجد.
332

في أحكامها لاجتماعه مع تعاهد النعال، لدخولها في خبر القداح (1). وفصل بينهما
لئلا يتوهم اختصاصه بالمساجد، والأخبار بالنهي عنه، وكراهته كثيرة.
(ويحرم الزخرفة) وفاقا للمشهور، وهي التزيين كما في الجمهرة (2)
وتهذيب اللغة (3) والغريبين (4)، من الزخرف وهو كما في المحيط الزينة (5)، وحكاه
الأزهري عن أبي عبيدة قال: ويقال: الزخرف الذهب (6)، وقال الهروي: كمال
حسن الشئ (7)، ويقال للذهب الزخرف، وقال الراغب: الزخرف الزينة
المزوقة، ومنه قيل: الذهب زخرف (8). وفي العين (9) والمجمل (10) والمقاييس (11)
والصحاح: إنه الذهب (12).
(و) عليه يحتمل أن يريد بها (نقشها بالذهب) خاصة، والنهاية (13)
والمبسوط (14) والسرائر (15) والإصباح (16) صريحة في تحريم أن يكون مزخرفة
أو مذهبة، ولم أجد بتحريم التزيين بالذهب أو غيره نصا، ولعله للاسراف. وفي
المعتبر (17) وغيره الاستدلال بأنه بدعة، لم تكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 504، ب 24 من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(2) راجع جمهرة اللغة: ج 3 ص 332 وليس فيه: (التزيين).
(3) تهذيب اللغة: ج 7 ص 672 مادة (زخرف).
(4) لا يوجد لدينا.
(5) لا يوجد لدينا.
(6) تهذيب اللغة: ج 7 ص 672 مادة (زخرف).
(7) لا يوجد لدينا كتابه.
(8) المفردات: ص 212 مادة (زخرف).
(9) العين: ج 4 ص 338 مادة (زخرف).
(10) مجمل اللغة: ج 1 ص 452.
(11) المقاييس: ج 3 ص 55 مادة (زخرف).
(12) الصحاح: ج 4 ص 1369 مادة (زخرف).
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 340.
(14) المبسوط: ج 1 ص 160.
(15) السرائر: ج 1 ص 278.
(16) مصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 628.
(17) المعتبر: ج 2 ص 451.
333

والصحابة. نعم، في وصية ابن مسعود المروية في المكارم للطبرسي في مقام الذم:
يبنون الدور، ويشيدون القصور، ويزخرفون المساجد (1).
وروت العامة أن من اشتراط الساعة أن تتباهى الناس في المساجد (2). وعن
ابن عباس: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى (3). وعن الخدري: إياك أن
تحمر أو تصفر فتفتن الناس (4). ورووا أن عثمان غير المسجد فزاد فيه زيادة
كثيرة، وبنى جداره بحجارة منقوشة، وجعل عمده من حجارة منقوشة (5).
وروى الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن جعفر
أنه سأل أخاه عليه السلام عن المسجد ينقش في قبلته بجص أو أصباغ؟ فقال: لا بأس
به (6).
والنقش على ما حكاه الأزهري، عن المنذري، عن أبي الهيثم: الأثر (7)،
فمعناه المصدري هو التأثير. وفي القاموس: إنه تلوين الشئ بلونين أو ألوان (8).
وقال ابن فارس: النون والقاف والشين أصل صحيح يدل على استخراج
شئ واستيعابه حتى لا يترك منه شئ منه، نقش الشعر بالمنقاش، وهو نتفه. ومنه
المناقشة والاستقصاء في الحساب حتى لا يترك منه شئ، قال: ومن الباب نقش
الشئ تحسينه، كأنه ينقشه أي ينفي عنه معايبه ويحسنه (9).
وفي المهذب (10) والدروس (11) والنفلية (12) كراهية الزخرفة، وفي الجامع

(1) مكارم الأخلاق: ص 449.
(2) سنن النسائي: ج 2 ص 32.
(3) صحيح البخاري: ج 1 ص 121.
(4) المصدر السابق.
(5) المصدر السابق.
(6) قرب الإسناد: ص 121 وليس فيه (به).
(7) تهذيب اللغة: ج 8 ص 325 مادة (نقش).
(8) القاموس المحيط: ج 2 ص 291 مادة (نقش).
(9) مجمل اللغة: ج 4 ص 882 مادة (نقش).
(10) المهذب: ج 1 ص 77.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 156 درس 32.
(12) النفلية: ص 143.
334

كراهيتها (1).
والتذهيب (أو بشئ من الصور) كما هو المشهور، لتظافر النهي عن
التصوير والتمثيل وتصوير البيوت مطلقا، والأمر بمحو الصور، وأن الملائكة لا
تدخل بيتا فيه صورة.
وفي الجامع (2) والدروس (3) والذكرى (4) والنفلية (5) الكراهية. وفي البيان:
كراهية التصوير بمثل الشجر، وأن الأقرب تحريم الزخرفة والنقش والتصوير بما
فيه روح (6).
وعن عمرو بن جميع أنه سأل الصادق عليه السلام عن الصلاة في المساجد
المصورة، فقال: أكره ذلك، ولكن لا يضركم ذلك اليوم، ولو قد قام العدل لرأيتم
كيف يصنع في ذلك (7).
(و) يحرم (بيع آلتها) كما في المبسوط (8) والإصباح (9) والجامع (10)
والشرائع يعنون ما جرى عليه الوقف منها، إلا أن تقتضيه المصلحة كسائر
الوقوف (11).
(و) يحرم (اتخاذها) أي إدخالها وجعلها (أو بعضها في ملك أو
طريق) لأنها موقوفة مؤبد العبادة مخصوصة فلا تزال.
(و) كذا يحرم (اتخاذ البيع والكنايس فيهما) أي ملك أو طريق، أما
فيما بنى منها قبل مبعث النبي صلى الله عليه وآله ومبعث عيسى عليه السلام وبالجملة حيث يصح

(1) الجامع للشرائع: ص 101.
(2) الجامع للشرائع: ص 101.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 156 درس 32.
(4) ذكرى الشيعة: ص 156 س 21.
(5) النفلية: ص 143.
(6) البيان: ص 67 وليس فيه (وإن).
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 493 - 494، ب 15 من أبواب أحكام المساجد، ح 1.
(8) المبسوط: ج 1 ص 160.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 628.
(10) الجامع للشرائع: ص 102.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 127.
335

التقرب في وقفها فظاهر، وغيرها كذلك إن لم نشترط التقرب في الوقف.
ويشترطه المصنف في الكتاب: والبيع كما في التبيان (1) والمجمع (2) لليهود،
وحكي عن مجاهد (3) وأبي العالية (4)، وعليه خبر زرارة في سدل الرداء (5)، لكن
لا يعلم المفسر.
وفي العين: البيعة كنيسة النصارى (6)، ونحوه الصحاح (7) والمفردات
للراغب (8). وفي الديوان أيضا: إن الكنيسة للنصارى (9). والتهذيب للأزهري: إنها
لليهود (10). وفي فقه اللغة للثعالبي: إنها لليهود والبيعة للنصارى (11). وقال المطرزي:
وأما كنيسة اليهود والنصارى لمتعبدهم (12). وتعريب كنشت عن الأزهري، وهي
تقع على بيعة النصارى وصلاة اليهود (13). وقال النووي في التهذيب: الكنيسة
المتعبد للكفار (14). وقال الفيومي في المصباح: الكنيسة متعبد اليهود، ويطلق أيضا
على المتعبد النصارى (15).
(و) يحرم (إدخال النجاسة إليها) كما في كتب المحقق (16)،

(1) التبيان: ج 7 ص 321.
(2) مجمع البيان: ج 7 ص 87.
(3) الحاكي هو صاحب التبيان: ج 7 ص 321.
(4) لم نعثر عليه.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 290، ب 25 من أبواب لباس المصلي، ح 3.
(6) العين: ج 2 ص 265 مادة (بيع).
(7) الصحاح: ج 3 ص 1189 مادة (بيع) وليس فيه (كنيسة).
(8) لم نعثر عليه.
(9) ديوان الأدب: ج 1 ص 431 مادة (فعيلة).
(10) تهذيب اللغة: ج 3 ص 239 مادة (باع).
(11) فقه اللغة: ص 304.
(12) لا يوجد لدينا كتابه.
(13) تهذيب اللغة: ج 10 ص 64 مادة (كنس).
(14) تهذيب الأسماء واللغات: القسم الثاني ج 2 ص 120 مادة (كنس).
(15) المصباح المنير: ج 2 ص 744 مادة (كنس)
(16) المعتبر: ج 2 ص 451.
336

لقوله صلى الله عليه وآله: جنبوا مساجدكم النجاسة (1).
قال الشهيد: ولم أقف على إسناد هذا الحديث النبوي صلى الله عليه وآله (2).
قلت: وعلى الصحة يحتمل جمع المسجد بالفتح - أي محل السجود - مع
حصول التجنب بعدم التلويث (3).
قال، وأجاد: الأقرب عدم تحريم إدخال النجاسة غير ملوثة للمسجد وفرشه،
للاجماع على جواز دخول الصبيان والحيض من النساء جوازا مع عدم انفكاكهم
من نجاسته غالبا، وقد ذكر الأصحاب جواز دخول المجروح والسلس
والمستحاضة مع أمن التلويث، وجواز القصاص في المسجد للمصلحة مع فرش
ما يمنع من التلويث (4) انتهى.
(و) يحرم (إزالتها) أي النجاسة (فيها) بحيث يتلوث بها. قال الشهيد:
والظاهر أن المسألة إجماعية، ولأمر النبي صلى الله عليه وآله بتطهير مكان البول، ولظاهر: (فلا
تقربوا المسجد الحرام)، وللأمر بتعاهد النعل (5).
قلت: ضعف الكل ظاهر عدا الاجماع إن تم.
(و) يحرم (الدفن فيها) كما في النهاية (6) والسرائر (7) والجامع (8)
والإصباح (9) وظاهر المبسوط (10) والمهذب (11). قال في التذكرة: لأنه مناف لما
وضعت له (12). وفي المنتهى: لأنها جعلت للعبادة (13). وفي نهاية الإحكام: لما فيه

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 504 ب 24 من أحكام المساجد ح 2.
(2) ذكرى الشيعة: ص 157 س 14.
(3) في ع (التجنيب).
(4) ذكرى الشيعة: ص 157 س 15.
(5) ذكرى الشيعة: ص 157 س 14.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 343.
(7) السرائر: ج 1 ص 280.
(8) الجامع للشرائع: ص 102.
(9) مصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 628.
(10) المبسوط: ج 1 ص 162.
(11) المهذب: ج 1 ص 78.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 91 س 18.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 389 س 13.
337

من التضييق على المصلين (1).
قلت: إنما يتم المنافات والتضييق لو حرمت الصلاة على القبر أو عنده.
قال الشهيد: ودفن فاطمة عليها السلام في الروضة إن صح فهو من خصوصياتها كما
تقدم من نص النبي صلى الله عليه وآله (2) [واستيعاب المسجد الروضة ممنوع] (3).
(ويجوز نقض المستهدم منها) أي المشرف على الانهدام كما في
الإصباح (4) وكتب ابني سعيد (5)، بل يستحب كما في المبسوط (6) والنهاية (7)
والسرائر (8) والذكرى (9)، للإعادة، وحفظ الناس من السقوط عليهم.
(و) أما أنه (يستحب إعادته) فمن الوضوح بمكان.
(ويجوز استعمال آلته) أي مسجد أي نقضه وجذوعه ونحو حصره
وسرحه (في غيره من المساجد) لاتحاد المصلحة الموقوفة (10) عليها لكن في
الذكرى: إنما يجوز عند تعذر وضعها فيه، أو لكون المسجد الآخر أحوج إليها منه
لكثرة المصلين، أو لاستيلاء الخراب عليه (11) انتهى.
وفي المهذب: إذا استهدم المسجد، وصار مما لا يرجى فيه، الصلاة بخراب ما
حوله وانقطاع الطريق عنه، وكان له آلة، جاز أن يستعمل فيما عداه من
المساجد (12).
وفي السرائر: إذا استهدم مسجد فينبغي أن يعاد مع التمكن من ذلك، فإن لم

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 359.
(2) ذكرى الشيعة: ص 157 س 37.
(3) ما بين المعقوفين ليس في ب وع.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 628.
(5) الجامع للشرائع: ص 102، المعتبر: ج 2 ص 450.
(6) المبسوط: ج 1 ص 160.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 343.
(8) السرائر: ج 1 ص 279.
(9) ذكرى الشيعة: ص 157 س 25.
(10) في ع (الموقوف).
(11) ذكرى الشيعة: ص 157 س 23.
(12) المهذب: ج 1 ص 78.
338

يتمكن من إعادته فلا بأس باستعمال آلته في بناء غيره من المساجد (1). والآلة
هنا صريحة في النقض، وفي كلام القاضي يحتمله ونحو الحصر، كقول المحقق:
تستعمل آلته في غيره إذا تعذر إعادته أو فضل عن قدر حاجته (2)، ونحوه
التذكرة (3).
ولعل المراد الفضل عن الحاجة فعلا وقوة، ولعله يجوز الاستعمال في سائر
القرب إذا تعذر الاستعمال في المساجد رأسا وأدى التعطيل إلى التلف، ولا يجوز
نقض المساجد إلا للعمارة بحال وإن خرب ما حوله وباد أهله، للآية (4).
(ويجوز نقض البيع والكنائس) المحترمة (مع اندراس أهلها، أو إذا
كانت في دار الحرب و) لكن لأجل أن (تبنى مساجد حينئذ) فإنه إحسان
(وما على المحسنين من سبيل) وللخبر (5)، وإنما ينقض ما لا بد نقضه للمسجدية.
(ومن اتخذ في منزله مسجدا) أي مصلى (لنفسه) أو لنفسه
(وأهله) من غير أن يوقفه ويجري عليه المسجدية العامة، لم يكن بحكم
المساجد اتفاقا، ولذا (جاز له) نقضه للعمارة وإن لم يستهدم (6). و (توسيعه
وتضييقه وتغييره) أي جعله شيئا آخر حتى كنيفا كما نطقت بذلك الأخبار (7).
(ولا تثبت له الحرمة) التي للمساجد من تجنب (8) النجاسة وغيرها،
للأصل السالم عن معارض (9)، وفي التذكرة: إنه أقرب (10). (ولم يخرج عن
ملكه ما لم يجعله وقفا) للمسجدية أو غيرها، فلا يبقى على ملكه.

(1) السرائر: ج 1 ص 279.
(2) المعتبر: ج 2 ص 450.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 91 س 10.
(4) البقرة: 114.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 491، ب 12 من أبواب أحكام المساجد، ح 2.
(6) في ع (لا للعمارة).
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 488 - 489، ب 10 من أبواب المساجد.
(8) في ع (تجنيب).
(9) في ط (معارضته).
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 91 س 17.
339

(فلا يختص به حينئذ) وقفه، بل يصير كسائر المساجد إن جعله مسجدا،
وإلا فعلى ما وقفه، ولا يكفي نية المسجدية، للأصل من غير معارض.
وكذا إن بنى مسجدا خارج داره في ملكه ولم يقفه، نوى به المسجدية أم لا،
خلافا للمبسوط فاكتفى (1) فيه بالنية (2)، لزوال الملك عنه، ولا بأس بحمله على
إجراء الصيغة مع النية.
(ويجوز بناء المساجد على بئر الغائط) كما في خبر مضارب، عن
الصادق عليه السلام (3) (إذا) نظفت وأصلحت، كما في خبر علي بن جعفر، عن
أخيه عليه السلام المروي في قرب الإسناد للحميري (4) أو (طمت) كما في عدة
أخبار (5) (وانقطعت رائحته) كما في خبر مسعدة بن صدقة، عن
الصادق عليه السلام (6).
ولا ينافيه ما مر من: أن الأرض مسجد إلا بئر غائط أو مقبرة، لزوال الاسم
والصفات.
(المطلب الثالث)
(فيما) يجوز أن (يسجد عليه)
(وإنما يصح) السجود عندنا (على الأرض أو النابت منها) للاجماع
والنصوص (7)، وإنما يصح من النابت (8) على (غير المأكول عادة) للأخبار،

(1) في ع: واكتفى.
(2) المبسوط: ج 1 ص 162.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 491، ب 11 من أبواب أحكام المساجد، ح 6.
(4) قرب الإسناد: ص 120.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 490، ب 11 من أبواب أحكام المساجد.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 490، ب 11 من أبواب أحكام المساجد، ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 591، ب 1 من أبواب ما يسجد عليه.
(8) في ط (النبات).
340

ولا أعرف فيه خلافا.
لكن في التحرير (1) والتذكرة (2) والمنتهى (3) ونهاية الإحكام جوازه على
الحنطة والشعير، لحيلولة القشر، ولأنهما غير مأكولين كذلك (4).
قال الشهيد: ويشكل بجريان العادة بأكلهما غير منخولين، وخصوصا الحنطة،
وخصوصا في الصدر الأول، فالأقرب المنع (5).
قلت: هذا على أول الوجهين، وعلى الثاني أن المفهوم من المأكول ما من
شأنه أن يؤكل وإن احتاج إلى طبخ أو شئ أو نحوهما. ويؤيده تعليل
الصادق عليه السلام في صحيح هشام: إن أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون، والساجد
في سجوده في عبادة الله عز وجل، فلا ينبغي أن يضع جبهته على معبود أبناء الدنيا
الذين اغتروا بغرورها (6).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر الأربعمائة المروي في خصال الصدوق:
لا يسجد الرجل على كداس حنطة ولا شعير، ولا على لون مما يؤكل، ولا على
الخبز (7). ولو أكل شئ عند قوم دون قوم عم التحريم كما في التذكرة (8) ونهاية
الإحكام (9)، لدخوله في المأكول، وكذا ما يؤكل دواء خاصة على إشكال.
(ولا) بد من أن يكون النابت غير (الملبوس) عادة أيضا، وفاقا
للمشهور، للأخبار (10).
وفي المنتهى: هل يصح السجود على ما يكون من نبات الأرض إذا عمل ثوبا

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 34 س 10.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 2.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 251 س 6.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 362.
(5) ذكرى الشيعة: ص 161 س 17.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 591، ب 1 من أبواب ما يسجد عليه، ح 1.
(7) الخصال: ج 2 ص 628.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 2.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 362.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 591، ب 1 من أبواب ما يسجد عليه.
341

وإن لم يكن بمجرى العادة ملبوسا فيه تردد، أقربه الجواز (1). وجزم بما قربه فيه
في النهاية (2) والتذكرة قال: ولو مزج المعتاد بغيره، ففي السجود عليه إشكال (3).
وعن الموصليات (4) والمصريات الثانية للسيد جواز السجود على الثوب
المعمول من قطن أو كتان على كراهية (5)، مع موافقته المشهور في الجمل (6)
والمصباح (7) والانتصار (8) ونقل فيه الاجماع عليه. وفي الناصرية: الاجماع على
المنع من السجود على كور العمامة (9).
واختاره المحقق في المعتبر (10)، للجمع بين أخبار النهي وهي كثيرة، وخبر
ياسر الخادم، قال: مر بي أبو الحسن عليه السلام وأنا أصلي على الطبري وقد ألقيت عليه
شيئا (11) أسجد عليه، فقال لي: ما لك لا تسجد عليه؟ أليس هو من نبات الأرض (12).
وفيه بعد تسليم السند وكون الطبري مما يلبس احتمال التقية والالزام. والمقنع
صريح في كون الطبري مما لا يلبس (13).
وخبر داود الصرمي أنه سأل أبا الحسن الثالث عليه السلام هل يجوز السجود على
الكتان والقطن من غير تقية؟ فقال: جائز (14). وفيه بعد تسليم السند أن السجود
ليس منحصرا في سجود الصلاة، وأنه يجوز لضرورة غير التقية، واحتمال تعلق

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 251 س 18.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 363.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 5.
(4) الموصليات (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 174.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 115.
(6) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 29.
(7) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 119.
(8) الإنتصار: ص 38.
(9) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 234 المسألة 90.
(10) المعتبر: ج 2 ص 119.
(11) في ط (ثوبا).
(12) وسائل الشيعة: ج 3 ص 595، ب 2 من أبواب ما يسجد عليه، ح 5.
(13) المقنع: ص 26.
(14) وسائل الشيعة: ج 3 ص 595، ب 2 من أبواب ما يسجد عليه، ح 6.
342

من غير تقية بالسؤال. ولو سلم التعلق بالسجود فلا يلزم الإمام الجواب، إلا بما فيه
مصلحة السائل من التقية أو غيرها، وإن ألح عليه في سؤال الحكم من غير تقية إنه
ليس نصا في المنسوخ منهما.
وخبر الحسن بن علي بن كيسان الصنعاني أنه كتب إليه عليه السلام يسأله عن
السجود على القطن والكتان من غير تقية ولا ضرورة، فكتب إلي: جائز (1). وفيه
مع ما مر، احتمال الضرورة المهلكة.
والظاهر أن القطن والكتان قبل النسج كالمنسوج بعد الغزل وقبله، ويؤيده
قول الصادق عليه السلام في خبر أبي العباس: لا تسجد إلا على الأرض أو ما أنبتت
الأرض، إلا القطن والكتان (2). ونحوه في خبر الأعمش المروي في الخصال (3).
وفي التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5) الاستشكال بعد الغزل من أنه عين (6)
الملبوس، والزيادة في صفته ومن أنه حينئذ غير ملبوس، قال: أما الخرق
الصغيرة فإنه لا يجوز السجود عليها وإن صغرت جدا. وقرب في نهاية الإحكام
جواز السجود عليهما قبل الغزل (7)، وفي التذكرة عدمه (8).
وأرسل الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول، عن الصادق عليه السلام: كل شئ
يكون غذاء الانسان في مطعمه أو مشربه أو ملبسه فلا تجوز الصلاة عليه، ولا
السجود، إلا ما كان من نبات الأرض من غير ثمر قبل أن يصير مغزولا، فإذا صار
غزلا فلا تجوز الصلاة عليه إلا في حال الضرورة (9).
وإنما يسجد على الأرض (إذا لم يخرج بالاستحالة عنها) لخروجها

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 595، ب 2 من أبواب ما يسجد عليه، ح 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 592، ب 1 من أبواب ما يسجد عليه، ح 6.
(3) الخصال: ج 2 ص 604.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 4.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 362.
(6) في ط (غير).
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 362.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 3.
(9) تحف العقول: ص 338.
343

حينئذ عن المنصوص المجمع عليه، وكأنه لا خلاف فيه في أنه لا يسجد على
النبات إذا صار رمادا، كما في المبسوط (1) والمقنع (2) والسرائر (3) والجامع (4)
والفقيه عن علي بن بابويه (5) لأنه ليس بأرض ولا نبات. واقتصر في المعتبر (6)
والتذكرة (7) ونهاية الإحكام (8) على حكايته عن الشيخ، وفي الفحم تردد.
(فلا يجوز) السجود (على الجلود والصوف والشعر) والريش.
وبالجملة ما ليس أرضا ولا نباتا.
(و) لا على ما خرج عن الأرضية بالاستحالة من (المعادن كالعقيق
والذهب والملح والقير اختيارا)، فما تضمن من الأخبار (9) نفي البأس عن
السجود على القير مقصور على الضرورة من تقية أو غيرها.
(و) لا على (معتاد الأكل كالفاكهة) ولو للدواء على إشكال.
(و) لا على الثياب المعتادة اللبس، ويجوز كونه بالنون ثم الموحدة ثم
المثناة أخيرا عطفا على الفاكهة، أي سائر أنواع (النبات)، وإنما يصح السجود
على ما يتمكن عليه الجبهة معتمدة عليه.
(و) لذا (لا) يصح (على الوحل لعدم تمكن الجبهة) كما روي عن
عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن حد الطين الذي لا يسجد عليه، فقال: إذا غرقت
الجبهة ولم تثبت على الأرض (10).
(فإن اضطر) إلى الصلاة فيه (أومأ) للسجود، كما في خبره

(1) المبسوط: ج 1 ص 89.
(2) المقنع: ص 26.
(3) السرائر: ج 1 ص 268.
(4) الجامع للشرائع: ص 70.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 269 ذيل الحديث 831.
(6) المعتبر: ج 2 ص 120.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 13.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 363.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 599، ب 6 من أبواب ما يسجد عليه.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 442، ب 15 من أبواب مكان المصلي، ح 9.
344

عنه عليه السلام (1)، ولا بد من الانحناء إلى أن تصل الجبهة الوحل إن أمكنه، فإن الميسور
لا يسقط بالمعسور.
(ولا) يجوز أن يسجد (على) شئ من (يديه إلا مع الحر) ونحوه
مما يمنع السجود على الأرض، (ولا ثوب معه) يمكنه السجود، عليه فيسجد
حينئذ على ظهر كفه، كما في التهذيب عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام (2). وفي
العلل للصدوق عنه عن أبي عبد الله عليه السلام (3). وأما السجود على الثوب إذا وجد
حينئذ فالأخبار به كثيرة (4).
(ولا) يصح السجود (على النجس وإن لم يتعد إليه) إجماعا، كما في
المعتبر (5) والمختلف (6) والغنية (7) والمنتهى (8) والذكرى (9)، ويؤيده: جنبوا
مساجدكم النجاسة (10).
وصحيح ابن محبوب أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه العذرة
وعظام الموتى، ثم يجصص به المسجد، أيسجد عليه؟ فكتب عليه السلام بخطه: إن الماء
والنار قد طهراه (11). وأخبار اشتراط جعل الكنيف مسجدا بتطهيره بالتراب (12).
وفي نهاية الإحكام: لو سجد على دم أقل من درهم، أو كان على جبهته قدر
ذلك وسجد عليه خاصة، فالأقرب عدم الاجزاء مع تمكن الإزالة (13). يعني

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 440، ب 15 من أبواب مكان المصلي، ح 3.
(2) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 306 ح 1240.
(3) علل الشرائع: ص 340 - 341.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 569، ب 4 من أبواب ما يسجد عليه.
(5) المعتبر: ج 1 ص 433.
(6) مختلف الشيعة: ج 2 ص 114.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 28.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 253 س 13.
(9) ذكرى الشيعة: ص 160 س 37.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 504، ب 24 من أبواب أحكام المساجد، ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 099، ب 81 من أبواب النجاسات، ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 3 ص 490، ب 11 من أبواب أحكام المساجد.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 362.
345

المتنجس بذلك بعد زوال العين، وإلا فالسجدة على غير الأرض والنبات أو بغير
البشرة.
(ولا يشترط طهارة مساقط باقي الأعضاء) من المساجد وغيرها
(مع عدم التعدي على رأي) وفاقا للأكثر للأصل، وعموم خبر زرارة أنه
سأل أبا جعفر عليه السلام عن الشاذ كونه يكون عليها الجنابة أيصلى عليها في المحمل؟
فقال: لا بأس (1).
وصحيح علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن البواري يبل قصبها بماء قذر،
أيصلى عليها؟ قال: إذا يبست فلا بأس (2). وصحيحه أنه سأله عليه السلام عن البيت
والدار لا تصيبهما الشمس، ويصيبهما البول، ويغتسل فيهما من الجنابة، أيصلي
فيهما إذا جفا؟ قال: نعم (3).
وخبر ابن أبي عمير أنه سأل الصادق عليه السلام أصلي على الشاذكونة وقد أصابتها
الجنابة؟ فقال: لا بأس (4). واشترط الحلبي طهارة المساجد السبعة (5)، ولعله لعموم:
جنبوا مساجدكم النجاسة.
وخبر عبد الله بن بكير أنه سأل الصادق عليه السلام عن الشاذكونة يصيبها الاحتلام
أيصلح عليها الصلاة؟ فقال: لا (6). ولعمومه اشترط السيد طهارة جميع المصلى
على ما حكي عنه (7). وضعف الدليلين واضح.
أما مع التعدي ما لا يعفى عنه إلى ما لا يعفى فيه، فلا إشكال في اشتراط
الخلو، وتقدم الكلام فيما يعفى عنه.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1044، ب 30 من أبواب النجاسات، ح 3.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) المصدر السابق ح 1.
(4) المصدر السابق ح 4.
(5) الكافي في الفقه: ص 140 - 141.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1044، ب 30 من أبواب النجاسات، ح 6.
(7) الحاكي عنه الشهيد في ذكرى الشيعة: ص 150 س 22.
346

(ويشترط) في المسجد (الملك أو حكمه) كباقي المكان، ولا
يشترط الملك خاصة، ولا في حكمه الإذن الصريح، بل يكفي الفحوى وما يشهد
به الحال.
(ويجوز) السجود (على القرطاس) كما في النهاية (1) والمبسوط (2)
وغيرهما، لصحيح صفوان الجمال: إنه رأى الصادق عليه السلام في المحمل يسجد على
القرطاس (3). وخبر داود بن فرقد أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن القراطيس
والكواغد المكتوب عليها، هل يجوز السجود عليها أم لا؟ فكتب: يجوز (4).
وإنما يجوز (إن اتخذ من النبات) وإن أطلق الخبر (5). والأصحاب لما
عرفت من النص والاجماع على أنه لا يسجد إلا على الأرض أو نباتها، ولا
يصلح هذا الاطلاق لتخصيص القرطاس، بل الظاهر أن الاطلاق مبني على ظهور
الأمر، فلو اتخذ من الإبريسم لم يجز السجود عليه كما هو نص نهاية الإحكام (6)،
وفي التذكرة: الوجه المنع (7).
وفي الذكرى: الظاهر المنع، إلا أن يقال: ما اشتمل عليه من أخلاط النورة
مجوز له، وفيه بعد، لاستحالتها عن اسم الأرض (8)، انتهى.
ثم إن اتخذ مما لا يلبس ولا يؤكل من النبات فالجواز ظاهر، وإن اتخذ من
نحو القطن والكتان فإن جاز السجود عليهما قبل الغزل لكونهما لا يلبسان حينئذ
فالأمر ظاهر، وإلا أمكن أن يقال: إنهما خرجا في القرطاس عن صلاحية اللبس
بتأثير النورة فيهما (9) غير ملبوسين فعلا ولا قوة. وفي الدروس المنع مما اتخذ

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 332.
(2) المبسوط: ج 1 ص 90.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 600، ب 7 من أبواب ما يسجد عليه، ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 601، ب 7 من أبواب ما يسجد عليه، ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 591، ب 1 من أبواب ما يسجد عليه.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 362.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 6.
(8) ذكرى الشيعة: ص 160 س 6.
(9) في ع (فهما).
347

منهما (1).
وفي الذكرى: وفي النفس من القرطاس شئ، من حيث اشتماله على النورة
المستحيلة، إلا أن يكون الغالب جوهر القرطاس، أو نقول: جمود النورة يرد إليها
اسم الأرض (2).
قلت: المعروف أن النورة تجعل أولا في مادة القرطاس ثم تغسل حتى
لا يبقى فيها شئ منها.
(فإن كان مكتوبا كره) السجود عليه كما في النهاية (3) والمهذب (4)
والجامع (5) والنافع (6) والشرائع (7) والاستبصار (8) والتهذيب (9)، لصحيح جميل،
عن الصادق عليه السلام أنه كره أن يسجد على قرطاس عليه كتابة (10). وإنما كرهه الشيخ
في المبسوط (11) وابنا غمزة (12) وإدريس (13) إذا أبصره وأحسن القراءة. وفي نهاية
الإحكام: الأقرب الجواز في الأعمى (14).
وفي التذكرة: في زوال الكراهة عن الأعمى وشبهه إشكال، ينشأ من الاطلاق
من غير ذكر علة، ولو سلمت لكن الاعتبار بالضابط وإن خلا عن الحكمة نادرا (15).
(ويجتنب) السجود على (كل موضع فيه اشتباه بالنجس) كما في

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 157 درس 33.
(2) ذكرى الشيعة: ص 160 س 2.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 332.
(4) المهذب: ج 1 ص 6 7.
(5) الجامع للشرائع: ص 70.
(6) المختصر النافع: ص 27.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 73.
(8) الإستبصار: ج 1 ص 334 ذيل الحديث 1258.
(9) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 304 ح 1232.
(10) وسائل الشيعة: ج 3 ص 601 ب 7 من أبواب ما يسجد عليه ح 1.
(11) المبسوط: ج 1 ص 90.
(12) الوسيلة: ص 91.
(13) السرائر: ج 1 ص 268.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 362.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 92 س 7.
348

الشرائع (1)، لتوقف تعيين (2) الخروج عن عهدة الصلاة على العلم بتحقق شروطه،
ولوجوب الاجتناب عن السجود على النجس، ولا يتم إلا بالاجتناب عن الجميع.
ويرشد إليه ما ورد في المائين المشتبهين، والحلال المشتبه بالحرام. وإنما
يجتنب (إن كان محصورا) عرفا (كالبيت) والدار (وإلا) كالبلد
(فلا) للحرج والأداء إلى الترك.
ولعل الضابط أن ما يؤدي اجتنابه إلى ترك الصلاة غالبا فهو غير محصور، كما
أن اجتناب شاة أو مرأة مشتبهة في صقع من الأرض يؤدي إلى الترك غالبا.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 73.
(2) في ع (يقين).
349

(الفصل السادس)
(في الأذان والإقامة)
وفيه أربعة مطالب:
(الأول)
(المحل)
(يستحب الأذان والإقامة في) الصلوات (المفروضة اليومية)
الخمس بالنصوص (1) والاجماع إلا ممن أوجبهما لبعضها وسيأتي، وإلا من
الحسن (2) والسيد في الجمل (3) والمصباح (4) فإنهما أوجبا الإقامة في الخمس
كلها، لتظافر الأخبار بأنه لا بد منهما في الفجر والمغرب أو جماعة، ويجزئ (5)
الإقامة في غير ذلك، وبأنها تجزي في السفر، وليس نصا في الوجوب.
وأبطل الحسن صلاة من تركها متعمدا، وأوجب عليه الإعادة (6). وقصر السيد

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 612، ب 1 من أبواب الأذان والإقامة.
(2) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 132.
(3) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 29.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 132.
(5) في ب و ط (ويجوز).
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 120.
350

وجوبها على الرجال (1)، للأخبار بأنه ليس عليهن أذان ولا إقامة، وإنما يشرعان
لهذه الفرائض الخمس (خاصة) بإجماع أهل الاسلام كما في المعتبر (2).
(أداء وقضاء) عند علمائنا كما في التذكرة (3)، والأخبار ناطقة به، خلافا
لبعض العامة في القضاء (4).
وفي التذكرة: إن الأذان في الأداء أفضل منه في القضاء إجماعا (5).
ويستحبان (للمنفرد والجامع) وفاقا للخلاف (6) والناصريات (7) وابني
إدريس (8) وسعيد (9)، للأصل والعمومات، وظاهر قول الصادق عليه السلام في خبر
الحسن بن زياد: إذا كان القوم لا ينتظرون أحدا اكتفوا بإقامة واحدة (10).
وصحيح علي بن رئاب المروي في قرب الإسناد للحميري أنه سأله عليه السلام فقال:
تحضر الصلاة ونحن مجتمعون في مكان واحد، تجزئنا إقامة بغير أذان؟ قال: نعم (11).
مع ما في المختلف من الاجماع المركب على استحبابهما أو وجوبهما، وأن
القول بوجوب الإقامة خاصة خرق للاجماع (12) وخلافا لجمل العلم
والعمل (13) وشرحه (14) وسائر كتب الشيخ (15) والمقنعة (16) وكتاب أحكام

(1) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 29.
(2) المعتبر: ج 2 ص 135.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 106 س 22.
(4) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 429.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 106 س 29.
(6) الخلاف: ج 1 ص 282 المسألة 26.
(7) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 227 المسألة 65.
(8) السرائر: ج 1 ص 208.
(9) الجامع للشرائع: ص 71.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 622، ب 5 من أبواب الأذان والإقامة، ح 8.
(11) قرب الإسناد: ص 76.
(12) مختلف الشيعة: ج 2 ص 122.
(13) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 29.
(14) شرح جمل العلم والعمل: ص 79.
(15) المبسوط: ج 1 ص 95، النهاية ونكتها: ج 1 ص 287، الإقتصاد: ص 259، الجمل والعقود:
ص 65، الخلاف: ج 1 ص 284 المسألة 28 وفيه: الأذان والإقامة سنتان مؤكدتان في صلاة
الجماعة.
(16) المقنعة: ص 97.
351

النساء للمفيد (1) والمهذب (2) والوسيلة (3) والغنية (4) والكافي (5)
والإصباح (6) ففيها وجوبهما في الجماعة، وفي غير الأخيرين على الرجال فيها.
قال القاضي: إنه مذهب أكثر الأصحاب (7)، لقول أحدهما عليهما السلام في خبر أبي
بصير: إن صليت جماعة لم يجز إلا أذان وإقامة (8). وهو ضعيف، وإنما خص
بالرجال للخبر بأنه لا أذان ولا إقامة على النساء (9).
قال الشيخ في النهاية: فمن تركهما فلا جماعة له (10). وفي المبسوط: لم
يحصل فضيلة الجماعة والصلاة ماضية (11). وفي المصباح: إنها تنعقد بهما (12)،
وكذا الكافي (13).
و (الرجل والمرأة) يستويان في استحبابهما لهما للأصل، لكونهما أذكارا
وأوامر بالمعروف والعمومات. وصحيح ابن سنان أنه سأل الصادق عليه السلام عنها
تؤذن للصلاة، فقال: حسن إن فعلت، وإن لم تفعل أجزأها أن تكبر وتشهد أن لا إله
إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله (14). والظاهر الاتفاق عليه، لكنهما في الرجال
آكد للأخبار (15). وإنما يستحبان لها (بشرط أن تسر) أي لا تسمع الرجال
الأجانب.

(1) أحكام النساء (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 26.
(2) المهذب: ج 1 ص 89.
(3) الوسيلة: ص 91.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 31.
(5) الكافي في الفقه: ص 143.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 615.
(7) شرح جمل العلم والعمل: ص 79.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 624، ب 6 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 638، ب 14 من أبواب الأذان والإقامة، ح 6 و 7.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 287.
(11) المبسوط: ج 1 ص 95.
(12) مصباح المتهجد: ص 26.
(13) الكافي في الفقه: ص 143.
(14) وسائل الشيعة: ج 4 ص 637، ب 14 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(15) وسائل الشيعة: ج 4 ص 637، ب 14 من أبواب الأذان والإقامة.
352

(ويتأكدان في الجهرية) كما في المبسوط (1) والمصباح (2) ومختصره (3)
وجمل العلم والعمل (4) والجمل والعقود (5) والغنية (6) والمهذب (7) والوسيلة (8)
والجامع (9) والنافع (10) والشرائع (11).
وعلل في المعتبر (12) والمنتهى (13) بأن الجهر دليل اعتناء الشارع بالتنبيه
والاعلام وشرعهما لذلك. و (خصوصا الغداة والمغرب) للأخبار (14).
وأوجبهما الحسن فيهما، وأبطلهما بتركهما (15). وأبو علي (16) والسيد في جمل
العلم والعمل (17) على الرجال فيهما، وفي الجمعة لظواهرها.
ولكن سأل الحلبي الصادق عليه السلام في الصحيح عن الإقامة بغير أذان في
المغرب، فقال: ليس به بأس، وما أحب أن يعتاد (18). وروي أيضا في الصحيح
عنه عليه السلام: أن أباه عليه السلام كان إذا صلى وحده في البيت أقام إقامة ولم يؤذن (19).
وسأل زرارة في الصحيح أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي الأذان والإقامة حتى

(1) المبسوط: ج 1 ص 95.
(2) مصباح المتهجد: ص 26.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 29.
(5) الجمل والعقود: ص 65.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 494 س 31.
(7) المهذب: ج 1 ص 89.
(8) الوسيلة: ص 91.
(9) الجامع للشرائع: ص 71.
(10) المختصر النافع: ص 26.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 74.
(12) المعتبر: ج 2 ص 135.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 260 س 8.
(14) وسائل الشيعة: ج 4 ص 623، ب 6 من أبواب الأذان والإقامة.
(15) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 132.
(16) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 119.
(17) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 29.
(18) وسائل الشيعة: ج 4 ص 624، ب 6 من أبواب الأذان والإقامة، ح 6.
(19) وسائل الشيعة: ج 4 ص 622، ب 5 من أبواب الأذان والإقامة، ح 6.
353

دخل في الصلاة، قال: فليمض في صلاته، فإنما الأذان سنة (1). ولكن يحتمل السنة
الواجبة ويتلوه (2) الاكتفاء بأذان المؤذنين.
(ولا أذان) ولا إقامة بإجماع المسلمين كما سمعت، وقد يقال: الأذان
على ما يعمهما (في غيرها) أي المفروضة اليومية (كالكسوف والعيد
والنافلة) وإن صليت جماعة، (بل يقول المؤذن في المفروض غير
اليومية) إذا صليت جماعة: (الصلاة ثلاثا) كما في الشرائع (2)، لخبر
إسماعيل بن جابر، عن الصادق عليه السلام في العيدين (3)، ولاختصاصه بهما لم يعمه
غيرهما، ولا بأس بالتعميم، لأن النداء للاجتماع مندوب بأي لفظ كان، والمأثور
أفضل.
وفي التذكرة (3) ونهاية الإحكام: إن في الجنازة إشكالا من العموم، ومن
الاستغناء بحضور المشيعين (4)، [والعموم ما دل على عموم الاستحباب] (5)، ولم
نظفر بخبر عام، وقد لا يغني الحضور لغفلتهم.
وعن الحسن: إنه يقال في العيدين: الصلاة جامعة (6). ولم يذكر الصدوق
إلا قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: آذانهما طلوع الشمس (7).
(و) يستحب أن (يصلي عصر) يوم (الجمعة) مع صلاة الجمعة، من
غير تنفل للتأسي، وإدراكها مع من حضر لصلاة الجمعة، وإدراكهم لها جماعة، ولا
أذان حينئذ بينهما، بل يقتصر لها على الإقامة اتفاقا، كما في السرائر (8) والمنتهى (9)

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 656، ب 29 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(2) في ع (متلوه).
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 74.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 101، ب 1 من أبواب صلاة العيد، ح 1.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 160 س 20.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 417.
(7) ما بين المعقوفين ليس في ب وع.
(8) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 316.
(9) ثواب الأعمال: ص 103 - 104 ح 7.
(10) السرائر: ج 1 ص 304.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 261 س 12.
354

والذكرى (1).
وهل هو مكروه؟ كما في المبسوط (2) والمختلف (3) والتذكرة (4) ونهاية
الإحكام (5) والذكرى (6)، أو حرام؟ كما في النهاية (7) والبيان (8) وظاهر التلخيص،
الأقرب الثاني (9)، لأنه لم يعهد من الشارع، كما لو لم يعهد في غير الفرائض
اليومية.
ولقول أبي جعفر عليه السلام في خبر حفص بن غياث: الأذان الثالث يوم الجمعة
بدعة (10)، وإن احتمل الثاني للظهر دليل الجواز الأصل، وكونه ذكرا لله تعالى،
وحثا على عبادته، والكل حسن على كل حال، ولو تما استحب لغير اليومية،
وللاستصحاب (11) وعموم أدلة استحبابه، وهما أضعف من الأولين.
وفي المقنعة: وقت صلاة الظهر يوم الجمعة حين تزول الشمس، ووقت صلاة
العصر منه وقت الظهر في سائر الأيام، وذلك لما جاء عن الصادقين عليهما السلام أن
النبي صلى الله عليه وآله كان يخطب أصحابه في ألفي الأول، فإذا زالت الشمس نزل عليه
جبرئيل عليه السلام فقال له: يا محمد قد زالت الشمس فصل، فلا يلبث أن يصلي بالناس،
فإذا فرغ من صلاته أذن بلال للعصر، فجمع بهم العصر (12).
ويحتمل أن يريد بالتأذين الإقامة.
وهل يسقط مع التنفل بينهما؟ ظاهر النهاية ذلك، فإنه أجيز فيها التنفل بست
بين الفريضتين، وأطلق تحريم أذان العصر (13). وكذا البيان (14). ويقويه النظر إلى أن

(1) ذكرى الشيعة: ص 174 س 16.
(2) المبسوط: ج 1 ص 151.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 244.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 156 س 1.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 54.
(6) ذكرى الشيعة: ص 174 س 13.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 339.
(8) البيان: ص 106.
(9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 561.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 81، ب 49 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 1 و 2.
(11) في ب وع (والاستصحاب).
(12) المقنعة: ص 164.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 339.
(14) البيان: ص 106.
355

الأذان للاعلام والناس مجتمعون مع ضيق الوقت لئلا تنفض (1) الجماعة.
والمعتبر (2) والتذكرة (3) ونهاية الإحكام تعطي العدم (4)، لتعليل السقوط فيها
بالجمع.
وهل يسقط إذا صلى الظهر أربعا (5)؟ نص الكافي (6) والمختلف (7)
والمنتهى (8) وظاهر الكتاب وغيره السقوط، لقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح
الرهط: إن النبي صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين (9). وإنما يدل على
عدم الوجوب لا الكراهة كما في المنتهى والمختلف، أو الحرمة كما في النهاية.
ونص في المقنعة (10)، والأركان (11) والكامل (12) والسرائر (13) العدم، لعموم
أدلة الاستحباب من غير معارض، لاحتمال الثالث في خبر حفص الثاني للظهر.
ثم الحلبي نص على التعقيب والتعفير عقيب الجمعة، والظهر جميعا مع سقوط
الأذان (14). ولعل الأمر كذلك، ولكنه إن فات الجماعة أو بعضها بالتعقيب أو
التعفير (15) فلعل الأولى تركه (16).
وروى الشيخ في أماليه مسندا عن زريق، عن الصادق عليه السلام أنه ربما كان
يصلي يوم الجمعة ركعتين (17) إذا ارتفع النهار، وبعد ذلك ست ركعات أخر، وكان

(1) في ط و ب (تنقض).
(2) المعتبر: ج 2 ص 136.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 156 س 1.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 54.
(5) في ط (معا).
(6) الكافي في الفقه: ص 152.
(7) مختلف الشيعة: ج 2 ص 244.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 336 س 29.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 665، ب 36 من أبواب الأذان والإقامة، ح 2.
(10) المقنعة: ص 162.
(11) لا يوجد لدينا، ونقله عنه في السرائر: ج 1 ص 305.
(12) لا يوجد لدينا، ونقله عنه في السرائر: ج 1 ص 305.
(13) السرائر: ج 1 ص 305.
(14) الكافي في الفقه: ص 152.
(15) ليس في ع.
(16) في ع (الأول أن عليه تركه).
(17) في المصدر (ست ركعات).
356

إذا ركدت الشمس في السماء قبل الزوال أذن وصلى ركعتين، فما يفرغ إلا مع
الزوال، ثم يقيم للصلاة فيصلي الظهر، ويصلي بعد الظهر أربع ركعات، ثم يؤذن
ويصلي ركعتين، ثم يقيم فيصلي العصر (1).
(و) يستحب أن يصلي (العصر في عرفة) أي عرفات، ولذا فصله مع
الظهر من غير تنفل بينهما (بإقامة) من غير أذان، للتأسي والأخبار (2)
والاجماع، كما في الخلاف (3) والمنتهى (4) وظاهر التذكرة (5).
وهل يستحب ذلك يوم عرفة بغيرها؟ يحتمله الكتاب، ويفيده خبر ابن
سنان (6) والحلبي (7) وإن احتمل يوم عرفة فيهما يوم المضي إلى عرفات، وكذا
العشاءان بمزدلفة.
وهل الأذان فيهما بدعة؟ قال في التحرير: الأشبه ذلك (8).
وفي المنتهى: الأظهر أنه كذلك لرواية ابن سنان - يعني روايته - عن
الصادق عليه السلام قال: السنة في الأذان، يوم عرفة أن يؤذن ويقيم للظهر، ثم يصلي، ثم
يقوم فيقيم للعصر بغير أذان وكذلك في المغرب والعشاء بمزدلفة (9).
وفي الذكرى: هل يكره الأذان هنا؟ لم أقف فيه على نص ولا فتوى، ولا ريب
في استحباب ذكر الله على كل حال، فلو أذن من حيث إنه ذكر الله تعالى فلا
كراهية، والأصل فيه أن سقوط الأذان هنا هل هو رخصة وتخفيف أو هو لتحصيل
حقيقة الجمع؟ فعلى الأول لا يكره، وعلى الثاني يكره (10)، إنتهى.

(1) أمالي الشيخ الطوسي: ج 2 ص 306.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 665، ب 36 من أبواب الأذان والإقامة.
(3) الخلاف: ج 2 ص 334 المسألة 151.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 261 س 13.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 156 س 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 665، ب 36 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 10، ب 9 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة، ح 2.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 35 س 4.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 261 س 13.
(10) ذكرى الشيعة: ص 174 س 12.
357

وهل يسقط إن تنفل بين الفرضين؟ نص المعتبر (1) والتذكرة (2) ونهاية الإحكام
أنه يسقط لو جمع، وكذا يسقط بين كل صلاتين جمع بينهما (3)، أي لم يتنفل بينهما
كما قطع به الشيخ (4) وجماعة، لأنه المأثور عنهم عليهم السلام.
وفي الذكرى: أما لو اتفق الجمع مع عدم استحبابه فإنه يسقط أذان الاعلام
ويبقى أذان الذكر والاعظام (5).
ولما لم يعهد عنهم عليهم السلام إلا تركه أشكل الحكم باستحبابه وإن عمت أخباره
ولم يكن إلا ذكرا أو أمرا بالمعروف.
نعم الظاهر عدم السقوط بمجرد عدم التنفل وإن طال ما بينهما من الزمان
حتى أوقع الأولى في أول وقتها والثانية في آخر وقتها مثلا.
(والقاضي) للفرائض اليومية (إن أذن لأول ورده وأقام للبواقي) من
غير أذان (كان أدون فضلا) من أن يؤذن ويقيم لكل منها كما في المهذب (6)
وكتب المحقق (7) [والخلاف (8) والناصرية (9) مدعين عليها الاجماع] (10).
أما فضل الأذان لكل فللعمومات، ومنها فليقضها كما فاتته، وخصوص خبر
عمار أن الصادق عليه السلام سئل عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل يعيد الأذان والإقامة؟
قال نعم (11).
وأما الرخصة فلنحو قول أبي جعفر عليه السلام في حسن زرارة: إذا كان عليك قضاء

(1) المعتبر: ج 2 ص 136.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 106 س 34.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 419.
(4) النهاية: ص 107.
(5) ذكرى الشيعة: ص 174 س 17.
(6) المهذب: ج 1 ص 89.
(7) المعتبر: ج 2 ص 135، شرائع الاسلام: ج 1 ص 74، المختصر النافع: ص 27.
(8) الخلاف: ج 1 ص 282 و 284 المسألة 26.
(9) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 228 المسألة 71.
(10) ما بين المعقوفين ليس في ب وع.
(11) وسائل الشيعة: ج 5 ص 361، ب 8 من أبواب قضاء الصلوات، ح 2.
358

صلوات فابداء بأولهن فأذن لها وأقم ثم صلها، وما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة (1).
وفي صحيح ابن مسلم، في الرجل يغمى عليه ثم يفيق يقضي ما فاته: يؤذن
في الأولى ويقيم في البقية (2).
والفرق بينه وبين الأداء حتى احتملت (3) الكراهية، بل الحرمة ثانيا عند
الجمع (4) أنه عهد الجمع منهم عليهم السلام، ولم يعهد فيه الأذان ثانيا بخلاف القضاء، فإن
المعصوم عليه السلام لا تفوته صلاة، إلا ما روي أنه صلى الله عليه وآله شغل يوم الخندق عن الظهرين
والعشائين حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فصلا هن بأذان وأربع إقامات، ولذا
قيل: إنه الأفضل كما في الذكرى (5)، وهو إن صح فكما فيه لا ينافي العصمة إذا كان،
إذ ذاك يسقط أداء الصلاة عند الخوف، أو عدم التمكن من استيفاء الأفعال ولم
يكن شرعت صلاة الخوف.
واشترط ابن سعيد العجز، فقال: فإن عجز أذن للأولى وأقام للباقي إقامة إقامة (6).
(ويكره للجماعة الثانية الأذان والإقامة) لصلاة صلاها الأولى جماعة
(أن لم تتفرق الأولى) كما في الشرائع (7)، للنهي في خبر زيد، عن
آبائه عليهم السلام (8)، وكذا المنفرد. خلافا لابن حمزة على ما في الذكرى (9) بالأولى، وقد
يمنع، ولأخبار أبي بصير (10) وأبي علي الحراني (11) والسكوني (12).

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 211، ب 63 من أبواب المواقيت، ح 1، مع اختلاف.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 356، من أبواب قضاء الصلوات، ح 2.
(3) في ب و ط (احتمل).
(4) في ط (الجميع).
(5) ذكرى الشيعة: ص 174 س 5.
(6) الجامع للشرائع: ص 89.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 74 - 75.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 466، ب 65 من أبواب صلاة الجماعة، ح 3.
(9) ذكرى الشيعة: ص 173 س 24.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 653، ب 25 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1 و 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 5 ص 466، ب 65 من أبواب صلاة الجماعة، ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 654، ب 25 من أبواب الأذان والإقامة، ح 4.
359

واقتصر الفاضلان في غير الكتابين كغيرهما على السقوط (1).
نعم يعطي الخلاف (2) وموضع من المبسوط الكراهية (3)، ولم يجوزهما الشيخ
في التهذيب إذا أرادوا الصلاة جماعة (4)، لخبر زيد (5).
ودليل الجواز مع الأصل والعمومات قول الصادق عليه السلام في خبر معاوية بن
شريح: فيمن أدرك الإمام بعدما سلم، فعليه الأذان والإقامة (6)، وكذا خبر عمار (7)
ولكن ظاهرهما المنفرد واتحاد الصلاة. نص النهاية (8) والمبسوط (9) والمهذب (10)،
وهو المتبادر من الأخبار (11) والعبارات، ولاختصاص أكثر الأخبار بالمسجد،
ذكره الأكثر. ولعموم أحد خبري أبي بصير أطلق الفاضلان (12)، وقرب في الذكرى (13).
وهل يشترط اتحاد المكان ولو عرفا، أو يكفي بلوغ صوت المؤذن؟ وجهان،
وإلا يكن الأمر كذلك، بل تفرقت الأولى، (وإلا استحبا) للعمومات، والأصل،
وخبري أبي بصير (14) وإن أطلق خبرا زيد (15) والسكوني (16). قال الشهيد في

(1) المختصر النافع: 27، المعتبر: ج 2 ص 136 - 137، منتهى المطلب: ج 1 ص 260 س 15،
تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 106 السطر الأخير.
(2) الخلاف: ج 1 ص 542 و 543 المسألة 280.
(3) المبسوط: ج 1 ص 152.
(4) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 55 ذيل الحديث 189.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 466، ب 65 من أبواب صلاة الجماعة، ح 3.
(6) المصدر السابق ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 654، ب 25 من أبواب الأذان والإقامة، ح 5.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 353.
(9) المبسوط: ج 1 ص 152.
(10) 976 المهذب: ج 1 ص 91.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 653، ب 25 من أبواب الأذان والإقامة.
(12) المعتبر: ج 2 ص 137، منتهى المطلب: ج 1 ص 260 س 17.
(13) ذكرى الشيعة: ص 173 س 26.
(14) وسائل الشيعة: ج 4 ص 653، ب 25 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(15) وسائل الشيعة: ج 5 ص 466، ب 65 من أبواب صلاة الجماعة، ح 3.
(16) وسائل الشيعة: ج 4 ص 654، ب 25 من أبواب الأذان والإقامة، ح 4.
360

النفلية: ولو حكما (1). يعني لم يتفرقوا بأبدانهم، ولكن بقوا كلهم أو بعضهم ولو
واحد منهم غير معقب. ويحتمله ما في موضع من المهذب: من انصرافهم عن
الصلاة (2).
لكن عن الحسين بن سعيد، عن أبي علي قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فأتاه
رجل فقال: جعلت فداك صلينا في المسجد الفجر، وانصرف بعضنا وجلس بعض
في التسبيح، فدخل علينا رجل المسجد فأذن فمنعناه ودفعناه عن ذلك، فقال عليه السلام:
أحسنت، ادفعه عن ذلك وامنعه أشد المنع (3)، ونحوه عن ابن أبي عمير (4) عنه.
وهو يعطي الكراهية وإن بقي واحد معقب، ولذا حمل عليه بعضهم التفرق، يعني
التفرق عن المكان.
ولا يبعد من أحد خبري أبي بصير ففيه: (تفرقوا) كعبارة الكتاب
والارشاد (5) والتلخيص (6). وأولى منه ما سمعته عن المهذب وما في التذكرة (7)
ونهاية الإحكام (8) من تفرقهم عن المسجد. وفي الخبر الآخر لأبي بصير: (تفرق
الصف) وهو كأكثر عبارات الأصحاب بعيد عن هذا المعنى.
(ويعيدهما المنفرد لو أراد الجماعة) بعدما كان أراد الانفراد، لخبر
عمار، عن الصادق عليه السلام في الرجل يؤذن ويقيم ليصلي وحده فيجئ رجل آخر
فيقول له: نصلي جماعة هل يجوز أن يصليا بذلك الأذان والإقامة؟ قال: لا، ولكن
يؤذن ويقيم (9).

(1) النفلية: ص 108.
(2) المهذب: ج 1 ص 91.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 466، ب 65 من أبواب صلاة الجماعة، ح 2.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 408 ح 1217.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 250.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 561.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 106 السطر الأخير.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 419.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 655، ب 27 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
361

قال الشهيد: وبها أفتى الأصحاب، ولم أر لها رادا سوى الشيخ نجم الدين،
فإنه ضعف سندها، بأنهم فطحية، وقرب الاجتزاء بالأذان والإقامة أولا (1). يعني
سواه ومن تبعه، فإن المصنف تبعه في المنتهى (2) والتحرير (3)، واحتجا بأنه قد
ثبت جواز اجتزائه بأذان غيره مع الانفراد، فبأذان نفسه أولى.
ودليل الاجتزاء بأذان الغير خبر أبي مريم الأنصاري قال: صلى بنا أبو
جعفر عليه السلام في قميص بلا أزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة، فلما انصرف قلت له:
صليت بنا في قميص بلا أزار ولا رداء ولا أذان ولا إقامة، فقال: قميصي كثيف فهو
يجزي أن لا يكون علي أزار ولا رداء، وإني مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم
فأجزاني ذلك (4).
قال المصنف: والطريق ضعيف، إلا أنها تدل على إعادة ذكر الله تعالى، وهو
حسن، وليس النزاع فيه، بل في استحباب إعادة الأذان من حيث هو أذان لا من
حيث هو ذكر الله.
قال الشهيد: قلت: ضعف السند لا يضر مع الشهرة في العمل، والتلقي بالقبول
والاجتزاء بأذان غيره لكونه صادف نية السامع للجماعة فكأنه أذن للجماعة،
بخلاف الناوي بأذانه الانفراد (5).
قلت: مع أن الخبر لا يدل على انفراد جعفر عليه السلام.
(ولا يصح) الأذان فضلا عن الإقامة (إلا بعد دخول الوقت) وقت
الصلاة المؤداة إذا أذن لها بالاجماع والتأسي والأخبار (6)، والأصل لوضعه
للاعلام بوقت الصلاة والحث عليها.

(1) ذكرى الشيعة: ص 174 س 1.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 260 س 19.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 34 السطر الأخير.
(4) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 280 ح 1113.
(5) ذكرى الشيعة: ص 174 س 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 625، ب 8 من أبواب الأذان والإقامة.
362

(و) لكن (قد رخص في الصبح تقديمه) في خبر ابن سنان أنه قال
للصادق عليه السلام: إن لنا مؤذنا يؤذن بليل، فقال: أما أن ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى
الصلاة، وأما السنة فأن ينادي مع طلوع الفجر، ولا يكون بين الأذان والإقامة
إلا الركعتان (1).
وروي أنه كان لرسول الله صلى الله عليه وآله مؤذنان: أحدهما ابن أم مكتوم، وكان يؤذن
قبل الصبح (2). وعلى ذلك الأكثر، والحكمة فيه ظاهرة. إلا أن في الصحيح أن
عمران بن علي سأل الصادق عليه السلام عن الأذان قبل الفجر، فقال: إذا كان في جماعة
فلا، وإذا كان وحده فلا بأس (3).
(لكن يستحب) مع التقديم (إعادته عنده) كما كان يؤذن بلال بعد ابن
أم مكتوم (4). وروى أنه أذن قبل الفجر فأمر بإعادته (5) وللوقت أذان، والأصل
عدم سقوطه بما سبق.
وفي الناصريات (6) والسرائر تساوي الفجر وغيره في أنه لا يجوز تقديم
الأذان، للأصل (7)، وأمر صلى الله عليه وآله بلالا بالإعادة إذا أذن قبله، ونهيه له عن الأذان حتى
يستبين له الفجر (8)، والأصل معارض بالأخبار، والإعادة نقول بها، ونهي بلال إن
ثبت لما عرفت من أن ابن أم مكتوم كان يؤذن قبله.

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 626 ب 8 من أبواب الأذان والإقامة ح 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 625 ب 8 من أبواب الأذان والإقامة ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 626، ب 8 من أبواب الأذان والإقامة، ح 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 625، ب 8 من أبواب الأذان والإقامة، ح 2.
(5) سنن أبي داود: ج 1 ص 146 ح 532.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 228 المسألة 67.
(7) السرائر: ج 1 ص 211.
(8) سنن أبي داود: ج 1 ص 147 ح 534.
363

(المطلب الثاني)
(في المؤذن)
(وشرطه) أي شرط صحة أذانه والاعتداد به (الاسلام والعقل مطلقا)
أي للرجال كان الأذان أم للنساء إجماعا كما في التذكرة (1) والذكرى (2)
والمنتهى (3) والمعتبر (4)، ولأنه أمين وضامن. ولقوله صلى الله عليه وآله: يؤذن لكم خياركم (5).
قال الشهيد مفصلا لما في نهاية الإحكام: فإن قلت: التلفظ بالشهادتين إسلام
فلا يتصور أذان الكافر. قلت: قد يتلفظ بهما غير عارف بمعناهما كالأعجم أو
مستهزئا أو حاكيا أو غافلا أو متأولا عدم عموم النبوة كالعيسوية من اليهود، فلا
يوجب تلفظه بهما الحكم بالاسلام (6).
قلت: وأيضا جامع الكفر الاقرار بهما في النواصب والخوارج والغلاة، ولا
يقال: فلا يحكم بإسلام أحد بعد تلفظه بهما، لأنا نقول: المسألة مفروضة فيمن
يعلم كفره واستهزاؤه أو أحد ما ذكر.
قال: ولئن خلا عن العارض وحكم باسلامه لا يعتد بأذانه، لوقوع أوله في
الكفر (7)، إنتهى.
قلت: ويشترط الايمان، فلا عبرة بأذان غير الاثني عشري وإن وافق أذانهم،
لأنه ليس أمينا، ولا من الخيار، ولا من يصلي خلف من لا يقتدى به بالأذان
لنفسه.
وخبر عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن الأذان هل يجوز أن يكون من غير

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 107 س 14.
(2) ذكرى الشيعة: ص 172 س 2.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 257 س 9.
(4) المعتبر: ج 2 ص 125.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 640، ب 16 من أبواب الأذان والإقامة، ح 3.
(6) ذكرى الشيعة: ص 172 س 8.
(7) ذكرى الشيعة: ص 172 س 10.
364

عارف؟ قال: لا يستقيم الأذان، ولا يجوز أن يؤذن به إلا رجل مسلم عارف، فإن
علم الأذان وأذن به ولم يكن عارفا، لم يجز أذانه، ولا إقامته، ولا يقتدى به 1).
(و) يشترط (الذكورة) أيضا (إلا أن تؤذن المرأة لنفسها (2) أو
للمحارم) لهذا الخبر وإن لم يبقى على عمومه بجواز أذانها لهن، ولأنها إن
أسرت لم يسمعوا، ولا اعتداد إلا بما يسمع، وإن جهرت كان أذانا منهيا عنه،
فيفسد للنهي، فكيف يعتد به؟! كذا في المعتبر (3) والمنتهى (4) والتذكرة (5)
والمختلف (6).
وفيه أن النهي عن كيفيته وهو لا يقتضي فساده، وأيضا فلا يتم فيما إذا جهرت
وهي لا تعلم بسماع الأجانب فاتفق أن سمعوه. وأيضا فاشتراط السماع في
الاعتداد ممنوع، وإلا لم يكره للجماعة الثانية ما لم تتفرق الأولى.
وزاد في المختلف: إنه لا يستحب، فلا يسقط به المستحب لهم. وهو أيضا
ممنوع، وأطلق الشيخ في المبسوط اعتداد الرجال بأذانها (7).
قال الشهيد: إن أراد الاعتداد مع الاسرار فهو بعيد، لأن المقصود بالأذان
الابلاغ، وعليه دل قوله صلى الله عليه وآله: ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتا. وإن أراد مع
الجهر، فأبعد للنهي عن سماع صوت الأجنبية، إلا أن يقال ما كان من قبيل الأذكار
وتلاوة القرآن مستثنى كما استثني الاستفتاء من الرجال، وتعلمهن منهم،
والمحاورات الضرورية (8) انتهى. وأنت تعلم أن شيئا من ذلك لا ينبغي الاعتداد
وإن لم يستثن الأذكار.
ثم قال: ولعل الشيخ يجعل سماع الرجل صوت المرأة في الأذان كسماعها

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 654، ب 26 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(2) في النسخة المطبوعة من القواعد (لمثلها).
(3) المعتبر: ج 2 ص 127.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 257 س 33.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 107 س 9.
(6) مختلف الشيعة: ج 2 ص 124.
(7) المبسوط: ج 1 ص 97.
(8) ذكرى الشيعة: ص 172 س 16.
365

صوته فيه، فإن صوت كل منهما بالنسبة إلى الآخر عورة (1).
(ويكتفي) الرجال (بأذان المميز) إجماعا كما في الخلاف (2)
والمعتبر (3) والمنتهى (4) والتذكرة (5) والذكرى (6)، وللأخبار (7)، وليس فيها اشتراط
التميز (8) ولذا أطلق غير الفاضلين.
وفي نهاية الإحكام: أما غير المميز فلا عبرة بأذانه، لعدم رشده، فأشبه
المجنون (9).
(ويستحب كون المؤذن عدلا) ليكون من الخيار أمينا أهلا للضمان،
ويعتد بأذان الفاسق، للأصل والعمومات، خلافا لأبي علي (10). ويحتمل أن يريد
عدم الاعتداد به في دخول الوقت.
(مبصرا) ليتمكن من معرفة الوقت (بصيرا بالأوقات) التي يؤذن لها،
ولا خلاف في جواز أذان غيرهما، لأن ابن أم مكتوم كان يؤذن لرسول الله
صلى الله عليه وآله (11)، والجاهل بالأوقات ليس أسواء حالا من الأعمى، لكنهما إنما يجوز لهما
إذا سددا، أو لا يعتمد على أذانهما في دخول الوقت. نعم إذا علما الوقت وأذنا
اكتفى بأذانهما، للأصل والعمومات.
(صيتا) أي شديد الصوت كما في المحيط (12) والمجمل (13) والمقاييس (14)

(1) ذكرى الشيعة: ص 172 س 18.
(2) الخلاف: ج 1 ص 281 المسألة 23.
(3) المعتبر: ج 2 ص 125.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 257 س 14.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 107 س 16.
(6) ذكرى الشيعة: ص 172 س 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 661، ب 32 من أبواب الأذان والإقامة.
(8) في ع (التمييز).
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 421.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 136.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 625، ب 8 من أبواب الأذان والإقامة، ح 2.
(12) لا يوجد لدينا.
(13) المجمل: ج 1 - 2 ص 544 مادة (صوت).
(14) مقاييس اللغة: ج 3 ص 318 مادة (صوت).
366

والصحاح (1) وتهذيب الأزهري (2) ومفردات الراغب (3)، لما مر من قوله صلى الله عليه وآله:
ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتا (4)، ولأن إبلاغه أبلغ والمنتفعين بصوته أكثر.
(متطهرا) إجماعا إلا ممن أوجبه من العامة كما في المعتبر (5) والمنتهى (6)
والتذكرة (7). وقد روي: لا تؤذن إلا وأنت متطهر (8)، وروي: حق وسنة أن لا يؤذن
أحد إلا وهو طاهر (9). ولا يجب إجماعا، وللأصل والأخبار (10)، إلا في الإقامة.
فصريح المصباح (11) وجمل العلم والعمل (12) والمنتهى (13) وظاهر النهاية (14)
والمقنع (15) والمقنعة (16) والسرائر (17) والمهذب وجوبه فيها (18)، بمعنى اشتراطها به،
وهو الأقرب، للأخبار (19) من غير معارض.
(قائما) لقول أبي جعفر عليه السلام لحمران: لا يؤذن جالسا إلا راكب أو
مريض (20)، ولأنه أبلغ في الابلاغ. وفي المنتهى والتذكرة (21) ونهاية الإحكام (22)
الاجماع عليه. ولا يجب، للأصل والأخبار (23)، ولكنها في الأذان خاصة كما في

(1) الصحاح: ج 1 ص 257 مادة (صوت).
(2) تهذيب اللغة: ج 12 ص 223 مادة (صوت).
(3) مفردات الراغب: ص 288 مادة (صوت).
(4) سنن البيهقي: ج 1 ص 391.
(5) المعتبر: ج 2 ص 127.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 257 س 36.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 107 س 30.
(8) سنن البيهقي: ج 1 ص 397.
(9) سنن البيهقي: ج 1 ص 397.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 627، ب 9 من أبواب الأذان والإقامة.
(11) مصباح المتهجد: ص 27.
(12) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 30.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 258 س 4.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 289.
(15) المقنع: ص 27.
(16) المقنعة: ص 98.
(17) السرائر: ج 1 ص 211.
(18) المهذب: ج 1 ص 91.
(19) وسائل الشيعة: ج 4 ص 627، ب 9 من أبواب الأذان والإقامة.
(20) وسائل الشيعة: ج 4 ص 636، ب 13 من أبواب الأذان والإقامة، ح 11.
(21) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 107 س 42.
(22) نهاية الإحكام: ج 1 ص 423.
(23) وسائل الشيعة: ج 4 ص 634، ب 13 من أبواب الأذان والإقامة.
367

المراسم (1) والمعتبر (2)، ولذا قال الشيخ في النهاية: ولا يقيم إلا وهو قائم مع
الاختيار (3).
نعم، في خبر يونس الشيباني، عن الصادق عليه السلام: الرخصة في الإقامة وهو
ماش إلى الصلاة (4).
وفي المقنع: وإن كنت إماما فلا تؤذن إلا من قيام (5). وقال المفيد: لا بأس أن
يؤذن الانسان جالسا إذا كان ضعيفا في جسمه، وكان طول القيام يتعبه ويضره، أو
كان راكبا جادا في مسيره، ولمثل ذلك من الأسباب، ولا يجوز له الإقامة إلا وهو
قائم متوجه إلى القبلة مع الاختيار (6).
وفي المهذب: وجوب القيام والاستقبال فيهما على من صلى جماعة
إلا لضرورة (7).
ويستحب القيام (على علو) كما في المبسوط (8) وكتب المحقق (9)، لأنه
أبلغ في الابلاغ. ولقول الصادق عليه السلام في خبر ابن سنان وهو في المحاسن صحيح
عن رسول الله صلى الله عليه وآله إنه كان يقول: إذا دخل الوقت يا بلال اعل فوق الجدار وارفع
صوتك بالأذان (10). وفي نهاية الإحكام (11) والتذكرة الاجماع عليه (12).
(وتحرم الأجرة عليه) وفاقا للأكثر، لقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر
السكوني: آخر ما فارقت عليه حبيب قلبي أن قال: يا علي إذا صليت فصل صلاة

(1) المراسم: ص 68.
(2) 1059 المعتبر: ج 2 ص 128.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 289.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 635، ب 13 من أبواب الأذان والإقامة، ح 9.
(5) المقنع: ص 27.
(6) المقنعة: ص 99.
(7) المهذب: ج 1 ص 89.
(8) المبسوط: ج 1 ص 96.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 75، المختصر النافع: ص 27، المعتبر: ج 2 ص 128.
(10) المحاسن: ص 50 ح 67.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 424.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 107 السطر الأخير.
368

أضعف من خلفك، ولا تتخذن مؤذنا يأخذ على أذانه أجرا (1).
وما أرسله الصدوق من أنه أتى رجل أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا أمير
المؤمنين والله إني لأحبك، فقال له: ولكني أبغضك، قال: ولم؟ قال: لأنك تبغي
في الأذان كسبا، وتأخذ على تعليم القرآن أجرا (2).
وفي الخلاف: الاجماع عليه (3)، وكرهه السيد، للأصل وضعف الخبرين (4)،
واستوجهه الشهيد في الذكرى (5). ويحتمل إرادته التحريم كما في المختلف (6).
قال في نهاية الإحكام: فإذا استأجره افتقر إلى بيان المدة، ولا يكفي أن
يقول: استأجرتك لتؤذن في هذا المسجد في أوقات الصلاة كل شهر بكذا. قال: ولا
يدخل الإقامة في الاستئجار للأذان، ولا يجوز الاستئجار على الإقامة، إذ لا كلفة
فيها، بخلاف الأذان فإن فيه كلفة بمراعاة الوقت (7) انتهى.
(ويجوز الرزق من بيت المال) كما في الخلاف (8) (مع عدم
المتطوع) كما في المبسوط (9). قال في التذكرة: إجماعا لحاجة المسلمين إليه،
وقال: إذا وجد الأمين المتطوع لم يرزق - يعني الإمام - أحدا، ولو وجد الفاسق
قال الشافعي: جاز أن يرزق العدل، ولا بأس، ولو احتاج البلد إلى أكثر من مؤذن
واحد رزق ما تندفع به الحاجة (10).
وفي نهاية الإحكام بعد القطع برزق الأمين إذا لم يتطوع ووجد فاسق يتطوع:
ولو وجد أمينا متطوعا وهنا آخر أحسن صوتا منه، ففي جواز رزقه احتمال. قال:
ولو تعددت المساجد، ولم يمكن جمع الناس في واحد، رزق عددا من المؤذنين

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 666، ب 38 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 178 ح 3674.
(3) الخلاف: ج 1 ص 290 المسألة 36.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 134.
(5) ذكرى الشيعة: ص 173 س 4.
(6) مختلف الشيعة: ج 2 ص 134.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 428.
(8) الخلاف: ج 1 ص 290 المسألة 36.
(9) المبسوط: ج 1 ص 98.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 109 س 11.
369

يحصل بهم الكفاية ويتأدى الشعار، ولو أمكن احتمل الاقتصار على رزق واحد
نظرا لبيت المال، ورزق الكل لئلا تتعطل المساجد، ولو قصر بيت المال بداء بالأهم
وهو رزق مؤذن الجامع، وأذان صلاة الجمعة أهم من غيره (1)، انتهى.
وليكن الرزق من مال المصالح كما في المبسوط (2) والخلاف دون الأخماس
والصدقات. قال الشيخ: لأن لذلك أقواما مخصوصين (3).
وفي المنتهى: والأقرب أن أخذ الرزق عليه من بيت المال سائغ، وفي الأجرة
نظر (4). يعني من بيت المال.
وأجازها القاضي (5) والمحقق (6)، وعليها نزل ظاهر المبسوط في التحرير (7).
ونص القاضي على أنه لا يجوز له أخذ الأجرة عليه إلا من بيت المال (8). ولا
يظهر له وجه، فإنه إن جاز أخذ الأجرة منه فأولى أن يجوز من غيره، وإن لم يجز
من غيره فأولى أن لا يجوز منه.
وأما المبسوط والمنتهى والشرائع فليست نصا في تحريم الأجرة عليه من
غيره، ويمكن حمل كلام القاضي على الرزق منه.
(ولا اعتبار بأذان المجنون والسكران) لما عرفت من اشتراط العقل
فيه، ولعدم صحة عبادتهما. وفي نهاية الإحكام: أما السكران المخبط فالأقرب
إلحاقه بالمجنون تغليظا، للأمر عليه، ولو كان في أول النشوة ومبادئ النشاط صح
أذانه كسائر تصرفاته، لانتظام قصده (9).
(ولو تعددوا) في مكان واحد (أذنوا جميعا) أذان الاعلام بصلاة

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 127.
(2) المبسوط: ج 1 ص 98.
(3) الخلاف: ج 1 ص 290 المسألة 36.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 163 س 23.
(5) المهذب: ج 1 ص 91.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 75.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 36 س 10.
(8) المهذب: ج 1 ص 90.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 420.
370

واحدة جاز لهم ذلك كما في الشرائع (1) والمبسوط وفيه: كل في زاوية من
المسجد، لأنه لا مانع منه (2)، وكذا التذكرة (3) ونهاية الإحكام وفيهما: إنه لا
انحصار في أربعة، للعموم (4). وعن شرح النهاية لأبي علي الزائد على الاثنين بدعة
بإجماع أصحابنا (5).
وفي الخلاف: إجماع الفرقة على ما رووه من أن الأذان الثالث بدعة، قال:
فدل ذلك على جواز الاثنين، والمنع عما زاد على ذلك (6). لكن ما قبله يجوز أن
يريد المنع منه إذا ترتبوا. ثم في المبسوط: أذان اثنين اثنين في موضع واحد
وجماعة إذا أذن كل في زاوية من المسجد (7).
(ولو اتسع الوقت ترتبوا) بأن أذن واحد فصاعدا بعد آخر فصاعدا جاز،
وكأنه (8) أفضل كما في الشرائع (9)، لأنه تكرير للاعلام، وإعلام لمن لم يسمع
السابق.
وفي الخلاف: إن الاجتماع أفضل (10)، ولعله تكون الوحدة أظهر، وليجتمع
شهادة عدلين بالوقت، ولأن الترتيب ربما يشوش على السامعين.
وفي المبسوط: فأما إذا أذن واحد بعد الآخر فليس ذلك بمسنون ولا
مستحب (11).
قال في التذكرة: وهو جيد لما فيه من تأخير الصلاة عن وقتها. نعم، لو احتيج
إلى ذلك، لانتظار الإمام أو كثرة المأمومين، فالوجه الجواز (12). ونحوه نهاية

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 77.
(2) المبسوط: ج 1 ص 98.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 108 س 13.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 425.
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 172 س 29.
(6) الخلاف: ج 1 ص 290 المسألة 35.
(7) المبسوط: ج 1 ص 98 مع اختلاف.
(8) في ع (وكان).
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 77.
(10) الخلاف: ج 1 ص 290 المسألة 35.
(11) المبسوط: ج 1 ص 98.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 108 س 15.
371

الإحكام (1). وكذا إذا لم يكن اللاحق متطهرا أو متهيئا للصلاة عند أذان السابق، أو
أذن لمن لم يسمع السابق.
(ويكره التراسل) بأن يبني مؤذن على فصل آخر، وعليه حمل ما سمعته
عن المبسوط (2). وفي المعتبر (3) والمنتهى، وذلك لنقصان أذان كل (4).
(ولو) أراد الحاكم نصب مؤذن يرزقه من بيت المال، فحضرت جماعة
و (تشاحوا قدم الأعلم) كما في الشرائع (5) أي بالأوقات اتفقوا عدالة أو فسقا
أم اختلفوا لرجحان العلم.
والشهيد قدم العدل على غيره، ومع التساوي الأعلم. قال: لأمن الغلط معه
ولتقليد أرباب الأعذار له. قال: ومنه يعلم تقديم المبصر على المكفوف. قال: ثم
الأشد محافظة على الأذان في الوقت، ثم الأندى صوتا، ثم من يرتضيه الجماعة
والجيران (6).
وفي التذكرة (7) ونهاية الإحكام قدم من كان أعلى صوتا وأبلغ في معرفة
الوقت، وأشد محافظة عليه، ومن يرتضيه الجيران، والأعف عن النظر (8). وفي
التحرير (9) والمنتهى قدم من اجتمع فيه الصفات المرجحة (10)، والمعنى واضح.
(ومع التساوي القرعة) كما في المبسوط (11) والمهذب (12) والجامع (13)،
لأنها لكل مجهول ومشكل. ولما روي من قوله صلى الله عليه وآله: ثلاثة لو علمت أمتي ما فيها
لضربت عليها بالسهام: الأذان والغدو إلى الجمعة والصف الأول (14). وما روي من

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 425.
(2) المبسوط: ج 1 ص 98.
(3) المعتبر: ج 2 ص 133.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 259 س 13.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 77.
(6) ذكرى الشيعة: ص 172 س 21.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 108 س 13.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 425.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 35 س 32.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 259 س 10.
(11) المبسوط: ج 1 ص 98.
(12) 1112 المهذب: ج 1 ص 91.
(13) الجامع للشرائع: ص 72.
(14) مسند أحمد بن حنبل: ج 2 ص 303.
372

قوله صلى الله عليه وآله: لو يعلم الناس ما في الأذان وصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يسهموا
عليه لفعلوا (1).
(ويعتد بأذان من ارتد بعده) كما في المبسوط (2) والخلاف (3)
والمهذب (4) والجامع (5) والشرائع، للأصل من غير معارض (6)، خلافا
للشافعي (7) (8).
وفي نهاية الإحكام: لكن يستحب أن لا يعتد بأذانه وإقامته، بل يعيد غيره
الأذان والإقامة، لأن ردته تورث شبهة في حاله (9).
قلت: للقول بأن المؤمن لا يرتد.
(و) إن ارتد (في الأثناء يستأنف) الأذان غيره، أو هو إن عاد وفاقا
للمبسوط (10) والمهذب (11)، لأنه عبادة واحدة، فتبطل بعروض الردة فيه كالصلاة.
وخلافا للمنتهى (12) والتحرير (13) والتذكرة (14) ونهاية الإحكام (15) في وجه، وقضية
اعتراض المعتبر، بأن دليل الاعتداد إذا ارتد بعده جار فيه (16)، وهو بمعنى ما في
نهاية الإحكام من: أن الردة إنما تمنع العبادة كالصلاة وغيرها في الحال، ولا تبطل
ما مضى، إلا إذا اقترن بها الموت، والصلاة لا يقبل الفصل، وكل موضع لا يحكم
ببطلان الأذان فيه يجوز البناء على أذانه، ويجوز لغيره البناء عليه، لأنه يجوز
صلاة واحدة بإمامين، ففي الأذان أولى (17) انتهى. لكن بناء الغير عليه كالتراسل.

(1) سنن النسائي: ج 2 ص 23.
(2) المبسوط: ج 1 ص 96.
(3) الخلاف: ج 1 ص 282 المسألة 25.
(4) المهذب: ج 1 ص 90.
(5) الجامع للشرائع: ص 73.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 76.
(7) في ع (للشافعية).
(8) المجموع: ج 3 ص 99.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 414.
(10) المبسوط: ج 1 ص 96.
(11) المهذب: ج 1 ص 90.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 257 س 7.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 36 س 2.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 105 س 35.
(15) نهاية الإحكام: ج 1 ص 414.
(16) المعتبر: ج 1 ص 134.
(17) نهاية الإحكام: ج 1 ص 414.
373

(ولو نام أو أغمي عليه) في الأثناء (استحب له الاستئناف) كما في
المبسوط (1) والمهذب (2) والشرائع (3)، لخروجه عن التكليف، كذا في التذكرة (4)، ولا يجدي.
(ويجوز البناء) كما في الثلاثة (5) والجامع (6)، أي إن حصلت الموالاة
عادة كما في التحرير (7) والمنتهى (8) ونهاية الإحكام، أي لا يطول الفصل بحيث لا
يذكر، بأن الثاني مبني على الأول للأصل.
قال في نهاية الإحكام: ويحتمل في الاغماء الاستئناف وإن قصر،
لخروجه (9)، ولا يجدي عندي، خصوصا الفرق بينه وبين النوم، وكما يجوز له
البناء عليه يجوز لغيره كما في المبسوط (10).
(المطلب الثالث)
(في كيفيته)
أي كل من الأذان والإقامة أو الأذان بالمعنى أعم.
(الأذان ثمانية عشر فصلا) كما عليه معظم الأصحاب والأخبار (11)
(التكبير أربع مرات و) بعدها (كل واحد من الشهادة بالتوحيد
والرسالة) مع تقديم الأول، (ثم الدعاء إلى الصلاة، ثم إلى الفلاح، ثم إلى
خير العمل، ثم التكبير، ثم التهليل مرتان مرتان).

(1) المبسوط: ج 1 ص 96.
(2) المهذب: ج 1 ص 90.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 76.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 105 س 35.
(5) المبسوط: ج 1 ص 96، والمهذب: ج 1 ص 90، وفيه (استئنافه). وتذكرة الفقهاء: ج 1
ص 105 س 36.
(6) الجامع للشرائع: ص 73.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 36 س 2.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 257 س 7.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 414.
(10) المبسوط: ج 1 ص 96.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 642، ب 19 من أبواب الأذان والإقامة.
374

وفي الخلاف عن بعض الأصحاب: إنه عشرون كلمة، وإن التكبير في آخره
أربعة (1). وفي المصباح (2) ومختصره: إنه مروي (3)، وكذا النهاية وفيها: إن من
عمل به لا إثم عليه (4).
وفي الهداية: إن الأذان عشرون حرفا (5)، على وجه يحتمل الرواية عن
الصادق عليه السلام، وأن يكون من كلامه، وستسمع العبارة بكمالها.
وفي صحيح ابن سنان (6) عن الصادق عليه السلام، وخبر زرارة والفضيل عن
أبيه عليه السلام: التكبير في أوله مرتين (7)، وحملا على أنهما عليهما السلام إنما أرادا بيان كيفية
التلفظ بالتكبير لا عدده، والتزم بعض المتأخرين جواز التثنية، والأولى أن
التكبيرتين الأوليتين للاعلام بالأذان، كما روى الفضل عن الرضا عليه السلام: إن علة
تربيع التكبير في أوله أن أول الأذان إنما يبدأ غفلة، وليس قبله كلام ينبه المستمع
له، فجعل الأولان تنبيها على الأذان (8).
(والإقامة كذلك إلا التكبير في أولها فيسقط) فيها (مرتان منه و)
إلا (التهليل) فإنه (يسقط) منه (مرة في آخرها، و) إلا أن المقيم
(يزيد قد قامت الصلاة مرتين بعد حي على خير العمل) وفاقا للمشهور.
ويؤيده خبر إسماعيل الجعفي أنه سمع أبا جعفر عليه السلام يقول: الأذان والإقامة
خمسة وثلاثون حرفا، فعد ذلك بيده، الأذان ثمانية عشر حرفا، والإقامة سبعة
عشر حرفا (9). وصحيح ابن سنان المحكي في المعتبر عن كتاب البزنطي، عن

(1) الخلاف: ج 1 ص 278 المسألة 19.
(2) مصباح المتهجد: ص 26.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 293.
(5) الهداية: ص 30.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 643، ب 19 من أبواب الأذان والإقامة، ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 644، ب 19 من أبواب الأذان والإقامة، ح 8.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 646، ب 19 من أبواب الأذان والإقامة، ح 14 مع اختلاف.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 642، ب 19 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
375

الصادق عليه السلام أنه قال: الأذان الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا
إله إلا الله وقال في آخره: لا إله إلا الله مرة (1).
إن أريد بالأذان ما يعم الإقامة، للاجماع على تثنية التهليل آخر الأذان كما
في الناصريات (2) والمعتبر (3) والمنتهى (4) وغيرها. وفي خبر زرارة والفضيل بن
يسار أنهما سألا أبا جعفر عليه السلام كيف أذن جبرئيل عليه السلام في ليلة الاسراء؟ فقال عليه السلام:
قال: الله أكبر الله أكبر - إلى أن قال: - والإقامة مثلها، إلا أن فيها قد قامت الصلاة قد
قامت الصلاة بين حي على خير العمل وبين الله أكبر (5). وظاهره تثنية التهليل في
آخرها.
ويجوز أن يراد مثلها في الألفاظ دون الأعداد وإن لم (6) تنصب الإقامة، أي
قال: الإقامة كما أنه قال: الأذان، ثم صرح بقول: قد قامت الصلاة مرتين،
وأعرض عن وحدة التهليل. ويجوز أن يكون والإقامة مثلها إلى آخر الخبر من
كلامهما، أو كلام الراوي عنهما.
وفي خبر أبي بكر الحضرمي، وكليب الأسدي أن الصادق عليه السلام حكى لهما
الأذان، فقال: الله أكبر أربعا إلى آخره (7). ثم فيه: والإقامة كذلك ويجوز أن يكون
من كلامهما برفع (الإقامة) ونصبها.
وفي صحيح صفوان بن مهران، عنه عليه السلام: الأذان مثنى مثنى، والإقامة مثنى
مثنى (8). وفي خبر أبي همام، عن أبي الحسن عليه السلام: الأذان والإقامة مثنى

(1) المعتبر: ج 2 ص 145.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 228 المسألة 67.
(3) المعتبر: ج 2 ص 145.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 255 س 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 644، ب 19 من أبواب الأذان والإقامة، ح 8.
(6) ليس في ع.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 644، ب 19 من أبواب الأذان والإقامة، ح 9.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 643، ب 19 من أبواب الأذان والإقامة، ح 4.
376

مثنى (1). وفي خبر أبي الربيع، عن أبي جعفر عليه السلام: إن جبرئيل عليه السلام أذن شفعا وأقام
شفعا (2). وليس شئ من ذلك نصا في تثنية التهليل في الآخر، لأن الظاهر نفى
وحدة سائر الفصول، كما قال به جماعة من العامة (3).
وفي الهداية: قال الصادق عليه السلام: الأذان والإقامة مثنى مثنى، وهما اثنان
وأربعون حرفا، الأذان عشرون حرفا، والإقامة عشرون حرفا (4).
وفي الناصرية: إنا خصصنا لفظ التهليل من الإقامة بدليل وأخرجناه عن
التثنية بالاجماع، وإلا فلفظ الأخبار يقتضيه (5).
(والترتيب) بينهما وبين أجزاء كل منهما (شرط فيهما) بالاجماع
والنصوص (6)، فإن تعمد خلافه أثم، وإن سها أتى بما يحصل الترتيب.
(ويستحب الاستقبال) فيهما وفاقا للمعظم. وفي الذكرى: إجماعا (7)،
يعني الاجماع على فضله، لنقله القول بوجوبه في الإقامة، تأسيا بمؤذني رسول
الله صلى الله عليه وآله، ولأن خير المجالس ما استقبل فيه، ولا يجب للأصل، وخصوصا في
صفات المستحبات.
وما في قرب الإسناد للحميري عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن
رجل يفتتح الأذان والإقامة وهو على غير القبلة ثم استقبل القبلة، فقال: لا
بأس (8).
قال الشيخان: لكنه إذا انتهى إلى الشهادتين استقبل (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 649، ب 20 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 642، ب 19 من أبواب الأذان والإقامة، ح 3.
(3) مختصر المزني: ص 12.
(4) الهداية: ص 30.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 228 المسألة 67.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 662، ب 33 من أبواب الأذان والإقامة.
(7) ذكرى الشيعة: ص 170 س 29.
(8) قرب الإسناد: ص 86.
(9) المقنعة: ص 99، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 289.
377

قلت: لصحيح ابن مسلم أنه سأل أحدهما عليهما السلام عن الرجل يؤذن وهو
يمشي، أو على ظهر دابته، أو على غير طهور، فقال: نعم، إذا كان التشهد مستقبل
القبلة فلا بأس (1). وحسن الحلبي أنه سأل الصادق عليه السلام يؤذن الرجل وهو على
غير القبلة، قال: إذا كان التشهد مستقبل القبلة فلا بأس (2).
ولظاهرهما قال المفيد: إنه لا ينصرف فيهما عن القبلة مع الامكان (3).
واستثنى السيد في المصباح (4) الشهادتين من [جواز عدم] (5) الاستقبال،
وسيأتي القول بوجوبه للإقامة إن شاء الله تعالى. وأوجبه القاضي فيهما في
الجماعة (6)، ولم أعرف مستنده.
(و) يستحب (ترك الاعراب في الأواخر) أو آخر فصولها عند
علمائنا كما في المعتبر (6) والمنتهى (7) أجمع كما في التذكرة (8)، لنحو قول
الصادق عليه السلام في خبر خالد بن نجيح: الأذان والإقامة مجزومان (9)، وقول أبي
جعفر عليه السلام في حسن زرارة: الأذان جزم (10). وجعله الحلبي من شروطهما (11).
(و) يستحب (التأني في الأذان) بإطالة الوقوف (والحدر في
الإقامة)، لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر الحسن بن السري: الأذان ترتيل
والإقامة حدر (13)، وفي خبر معاوية بن وهب: أحدر إقامتك حدرا (14). وفي

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 635، ب 13 من أبواب الأذان والإقامة، ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 673، ب 47 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(3) المقنعة: ص 99.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 128.
(5) في ط (عدم جواز).
(6) المهذب: ج 1 ص 89.
(7) المعتبر: ج 2 ص 141.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 256 س 11.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 105 س 41.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 639، ب 15 من أبواب الأذان والإقامة، ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 639، ب 15 من أبواب الأذان والإقامة، ح 2.
(12) الكافي في الفقه: ص 121.
(13) وسائل الشيعة: ج 4 ص 653، ب 24 من أبواب الأذان والإقامة، ح 3.
(14) وسائل الشيعة: ج 4 ص 652، ب 24 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
378

التذكرة (1) والمنتهى: لا نعلم فيه خلافا (2).
(و) يستحب (الفصل بينهما) عند علمائنا كما في المعتبر (3) والتذكرة (4)
والمنتهى (5) (بسكتة) كما في خبر ابن فرقد في المغرب (6) (أو جلسة) كما
في كثير من الأخبار (7)، وفي المهذب: يمس فيها بيده الأرض، (أو سجدة أو
خطوة) (8). ولم أظفر بخصوصهما بنص، ولكن ذكرهما الشيخان (9) وغيرهما، إلا
أن السجدة جلسة وزيادة راجحة، (أو صلاة) من (ركعتين) من نوافل
الفرض أو غيرها كما في أخبار (10). أو كلام أو تسبيح كما في خبر عمار (11).
و (إلا) في (المغرب فيفصل بينهما بسكتة أو خطوة) لا غير، لقول
الصادق عليه السلام في خبر ابن فرقد: بين كل أذانين قعدة إلا المغرب فإن بينهما
نفسا (12). ولعل السر فيه ضيق الوقت بالنسبة إلى سائر الصلوات.
ولكن في خبر إسحاق الجريري، عن الصادق عليه السلام: من جلس فيما بين أذان
المغرب والإقامة كان كالمتشحط بدمه في سبيل الله (13). ولعل المراد جلسة خفيفة
كما في المقنعة (14) والنهاية (15) وغيرهما. وفي الاستبصار: إنه إن كان أول الوقت

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 106 س 1.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 256 س 16.
(3) المعتبر: ج 2 ص 142.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 106 س 1.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 256 س 20.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 632، ب 11 من أبواب الأذان والإقامة، ح 7.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 631، ب 11 من أبواب الأذان والإقامة.
(8) المهذب: ج 1 ص 91. وليس فيه (يمس فيها الأرض).
(9) المقنعة: ص 101، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 291.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 667، ب 39 من أبواب الأذان والإقامة.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 631، ب 11 من أبواب الأذان والإقامة، ح 4.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 632، ب 11 من أبواب الأذان والإقامة، ح 7.
(13) المصدر السابق ح 10.
(14) المقنعة: ص 101.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 291.
379

فصل بجلسة وإلا فبنفس (1).
(و) يستحب (رفع الصوت به إن كان ذكرا)، وكلما كان أرفع كان
أولى، لأنه للاعلام وللاخبار (2)، وفيها أنه يغفر له مد صوته، ويؤجر عليه، وإن له
حسنة بكل من صلى بصوته.
(وهذه) الأمور المشتركة بينهما المذكورة من أول الفصل (في الإقامة
آكد)، فاستحبابها آكد، ولذا لم يسقط في الجمع (3) وأكثر الضرورات (4).
وفي التذكرة: يؤيده تأكد الطهارة والاستقبال والقيام وترك الكلام وغير ذلك
في الإقامة على الأذان (5).
ويندرج في استحبابها استحباب إعادتها للمنفرد إذا أراد الجماعة،
واستئنافها إذا نام أو أغمي عليه. وكون المقيم عدلا، مبصرا، بصيرا بالوقت آكد
لاتصالها بالصلاة، حتى قال الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن صالح: إذا أخذ في
الإقامة فهو في صلاة (6). وفي خبر أبي هارون المكفوف: الإقامة من الصلاة (7).
وكذا الطهارة، والقيام، والاستقبال آكد فيها لذلك وللأخبار (8)، حتى قيل
بوجوبها فيها. وقد مضى الكلام في الطهارة والقيام.
وصريح المفيد (9) والسيد في المصباح (10) والجمل (11) وسلار (12) وابن

(1) الإستبصار: ج 1 ص 310 ذيل الحديث 1151.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 639، ب 16 من أبواب الأذان والإقامة.
(3) في ط (الجميع).
(4) في ط (الضروريات).
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 104 س 32.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 636، ب 13 من أبواب الأذان والإقامة، ح 12.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 630، ب 10 من أبواب الأذان والإقامة، ح 12.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 628، ب 10 من أبواب الأذان والإقامة.
(9) المقنعة: ص 99.
(10) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 128.
(11) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 30.
(12) 1209 المراسم: ص 68.
380

حمزة وجوب الاستقبال في الإقامة (1)، وهو ظاهر المقنع (2) والنهاية (3)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن صالح: وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في
الصلاة (4) فإنه إذا أخذ في الإقامة فهو في صلاة، ولكن الخبر ضعيف.
وكذا رفع الصوت فيها آكد كما يعطيه الكتاب والتحرير (5) والشرائع (6)
والجامع، لاتصالها بالصلاة (7)، ولأنها أفضل فيما يستحب فيها أقوى، فكون
المقيم صيتا آكد من كون المؤذن صيتا، ولا ينافيه استحباب كون الأذان أرفع،
للخبر (8)، ولأنه لاعلام الغائبين.
(ويكره الترجيع) كما في الشرائع (9) والنافع (10) وشرحه (11)، وفي التذكرة (12)
والمنتهى عند علمائنا (13)، وهو تكرير الشهادتين مرتين أخيرتين كما في
الخلاف (14) والجامع (15) والتحرير (16) والتذكرة (17) والمنتهى (18) ونهاية
الإحكام (19).
وفي المبسوط (20) والمهذب (21): إنه تكرير التكبير والشهادتين في أول

(1) الوسيلة: ص 92.
(2) المقنع: ص 27.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 289.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 636، ب 13 من أبواب الأذان والإقامة، ح 12.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 35 س 17.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 76.
(7) الجامع للشرائع: ص 71.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 639، ب 16 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 76.
(10) المختصر النافع: ص 28.
(11) المعتبر: ج 2 ص 143.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 105 س 7.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 254 س 28.
(14) الخلاف: ج 1 ص 288 المسألة 32.
(15) الجامع للشرائع: ص 71.
(16) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 8.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 105 س 8.
(18) منتهى المطلب: ج 1 ص 254 س 28.
(19) نهاية الإحكام: ج 1 ص 414.
(20) المبسوط: ج 1 ص 95، المهذب: ج 1 ص 89.
(21) المهذب: ج 1 ص 89.
381

الأذان، وفيهما (1) وفي الخلاف: إنه غير مسنون، وفيه الاجماع عليه (2).
قلت: وإذا لم يسن كان مكروها من وجوه:
منها: قلة الثواب عليه بالنسبة إلى أجزاء الأذان.
ومنها: إخلاله بنظامه وفصله بين أجزائه بأجنبي.
ومنها: أنه أشبه ابتداع.
وقال أبو حنيفة: إنه بدعة (3)، وفي التذكرة وهو جيد عندي (4)، وفي السرائر:
إنه لا يجوز تكرير الشهادتين دفعتين، ولا شبهة في أنه إن فعله زاعما لاستحبابه
كان بدعة (5). كل ذلك إذا كان (لغير الاشعار) والتنبيه، وإلا جاز كما في
المبسوط (6)، لأنه ذكر، وتنبيه على الصلاة، وحث على الخير، وإذا جاز الكلام
فجوازه أولى، وكذا يجوز له تكرير كل فصل بالتقريب المذكور.
وقال الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: لو أن مؤذنا أعاد في الشهادة أو في
حي على الصلاة أو حي على الفلاح المرتين والثلاث وأكثر من ذلك إذا كان إنما
يريد به جماعة القوم ليجمعهم لم يكن به بأس (7).
(و) يكره (الكلام في خلالهما) كما في كتب الشيخ (8) خلا الخلاف
وكتابي الأخبار والنهاية والسرائر (9) والجامع (10) والنافع (11) والشرائع (12). أما في

(1) المبسوط: ج 1 ص 95، المهذب: ج 1 ص 89.
(2) الخلاف: ج 1 ص 288 المسألة 32.
(3) المجموع: ج 3 ص 93 وليس فيه بدعة.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 105 س 8.
(5) السرائر: ج 1 ص 212.
(6) المبسوط: ج 1 ص 95.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 652، ب 23 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(8) المبسوط: ج 1 ص 099، النهاية ونكتها: ج 1 ص 0289، مصباح المتهجد: ص 27،
الإقتصاد: ص 260، الجمل والعقود: ص 67.
(9) السرائر: ج 1 ص 211.
(10) الجامع للشرائع: ص 71.
(11) المختصر النافع: ص 28.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 76.
382

الإقامة فللأخبار (1)، وفي المنتهى: إنه لا خلاف فيها بين أهل العلم (2).
وأما في الأذان ففي التذكرة (3) ونهاية الإحكام (4) لئلا ينقطع توالي ألفاظه،
وإنما كره القاضي في الإقامة (5). ولا يحرم في الإقامة كما في النهاية (6)
والمقنعة (7) وشرحها (8) والاستبصار (9) في وجه بناء على ظاهر الأخبار للأصل،
وخبر محمد الحلبي أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يتكلم في أذانه أو في
إقامته، قال: لا بأس (10).
وخبر الحسن بن شهاب أنه سمعه عليه السلام يقول: لا بأس أن يتكلم الرجل وهو
يقيم الصلاة وبعد ما يقيم إن شاء (11). ويبعد حمله على الضرورة قوله: (إن شاء)،
ومن البعيد أيضا أن يراد أنه لا بأس بقطعها وإبطالها بالكلام.
وحرمه ابن حمزة بعد قد قامت الصلاة بغير ما يتعلق بالصلاة من تقديم الإمام
أو تسوية الصف (12)، لكونه الظاهر من قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن مسلم: لا
تتكلم إذا أقمت الصلاة (13). وفي خبر سماعة: إذا أقام المؤذن الصلاة فقد حرم
الكلام، إلا أن يكون القوم ليس يعرف لهم إمام (14).
ولقوله عليه السلام في خبر ابن أبي عمير: فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة فقد حرم
الكلام على أهل المسجد، إلا أن يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام، فلا

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 628، ب 10 من أبواب الأذان والإقامة.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 256 س 33.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 105 س 31.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 415.
(5) المهذب: ج 1 ص 90.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 289.
(7) المقنعة: ص 98.
(8) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 54 ذيل الحديث 181.
(9) الإستبصار: ج 1 ص 301 ذيل الحديث 1115.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 629، ب 10 من أبواب الأذان والإقامة، ح 8.
(11) المصدر السابق ح 3.
(12) الوسيلة: ص 92.
(13) وسائل الشيعة: ج 4 ص 630، ب 10 من أبواب الأذان والإقامة، ح 10.
(14) وسائل الشيعة: ج 4 ص 629، ب 10 من أبواب الأذان والإقامة، ح 5.
383

بأس أن يقول بعضهم لبعض: تقدم يا فلان (1).
(ويحرم التثويب) كما في النهاية (2) والوسيلة (3) والسرائر بالاجماع كما
فيه (4)، واختلف في تفسيره الأصحاب وغيرهم كما فيه وفي الناصرية (5)
والانتصار (6) والخلاف (7).
فقيل: إنه قول: الصلاة خير من النوم بعد الدعاء إلى الفلاح، وقيل: إنه تكرير
الشهادتين، كذا في السرائر. قال: وهذا هو الأظهر، لأن التثويب مشتق من ثاب
الشئ إذا رجع. قال: وعلى القولين لا يجوز فعل ذلك، فمن فعله لغير تقية كان
مبدعا مأثوما. واستدل بالاجماع وبانتفاء الدليل على شرعيته وبالاحتياط،
ولأنه لا خلاف في أنه لا ذم على تركه، فإنه إما مسنون أو غيره مع احتمال كونه
بدعة (8).
وقيل: إنه قول (حي على الصلاة وحي على الفلاح) مرتين بين الأذان
والإقامة، كذا في الإنتصار (9) والناصرية (10)، قال السيد: واستدلوا عليه بأنه
مأخوذ من العود إلى شئ، ثم استدل فيهما على حرمته، يعني بهذا المعنى
وبالمعنى الأول بما في السرائر من الاجماع وتالييه، وكذا الخلاف ذكر فيه هذا
المعنى والأول، وحكم بحرمة الأول إجماعا وكراهية الثاني إجماعا (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 629، ب 10 من أبواب الأذان والإقامة، ح 7.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 290.
(3) الوسيلة: ص 92.
(4) السرائر: ج 1 ص 212.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 228 المسألة 69.
(6) الإنتصار: ص 39.
(7) الخلاف: ج 1 ص 286 المسألة 30.
(8) السرائر: ج 1 ص 212.
(9) الإنتصار: ص 39.
(10) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 228 المسألة 69.
(11) الخلاف: ج 1 ص 286 المسألة 30.
384

وفي المبسوط تفسيره بالأول، وأنه مكروه (1). وفي النافع (2) والشرائع (3)
أيضا كراهية الأول. وفي المهذب: إنه ليس بمسنون (4). ولا يذهب عليك أنه إذا لم
يكن مسنونا كان بدعة، وحراما إن فعل على اعتقاد شرعيته واستحبابه في
خصوص هذا الموضع، وإن فعل لا بنية ذلك كان مكروها.
وعن الجعفي: تقول في أذان صلاة الصبح بعد قولك (حي على خير العمل):
(الصلاة خير من النوم)، مرتين، وليستا من أصل الأذان (5). وعن أبي علي: لا
بأس به في أذان الفجر خاصة (6).
وفي الصحيح عن معاوية بن وهب أنه سأل الصادق عليه السلام عن التثويب الذي
يكون بين الأذان والإقامة، فقال: ما نعرفه (7).
وقال أبو جعفر عليه السلام في الصحيح لزرارة: إن شئت زدت على التثويب (حي
على الفلاح) مكان (الصلاة خير من النوم) (8).
قلت: لعل المعنى إنك إن أردت التثويب تكرر (حي على الفلاح) زائدا على
مرتين، ولا تقل له (الصلاة خير من النوم).
وقال عليه السلام في صحيح ابن مسلم: كان أبي ينادي في بيته بالصلاة خير من
النوم، ولو رددت ذلك لم يكن به بأس (9). وليس فيه أنه عليه السلام كان يقوله في الأذان.
وفي كتاب زيد النرسي عن الكاظم عليه السلام: الصلاة خير من النوم بدعة بني أمية،
وليس ذلك من أصل الأذان، ولا بأس إذا أراد الرجل أن ينبه الناس للصلاة أن

(1) المبسوط: ج 1 ص 95.
(2) المختصر النافع: ص 28.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 76.
(4) المهذب: ج 1 ص 89.
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 175 س 17.
(6) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 169 س 36.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 650، ب 22 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 651، ب 22 من أبواب الأذان والإقامة، ح 2.
(9) المصدر السابق ح 4.
385

ينادي بذلك، ولا يجعله من أصل الأذان، فإنا لا نراه أذانا (1). وفيه: أنه عليه السلام سئل
عن الأذان قبل طلوع الفجر، فقال: لا إنما الأذان عند طلوع الفجر أول ما يطلع،
قيل: فإن كان يريد أن يؤذن الناس بالصلاة وينبههم قال: فلا يؤذن، ولكن ليقل
وينادى بالصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، يقولها مرارا، فإذا طلع الفجر
أذن (2).
وقال الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: النداء والتثويب في الإقامة من السنة (3).
ولا نعلم معنى النداء والتثويب، وحمله الشيخ مع صحيح ابن مسلم على التقية،
للاجماع على ترك العمل بهما (4).
وفي المعتبر عن كتاب البزنطي، عن عبد الله بن سنان، عن الصادق عليه السلام قال:
إذا كنت في أذان الفجر فقل: (الصلاة خير من النوم) بعد (حي على خير العمل)
وقل بعد (الله أكبر الله أكبر): (لا إله إلا الله) ولا تقل في الإقامة: (الصلاة خير من
النوم) إنما هذا في الأذان (5).
واستبعد المحقق حمله على التقية لاشتماله على حي على خير العمل، وهو
انفراد الأصحاب. قال: لكن الوجه أن يقال فيه روايتان عن أهل البيت عليهم السلام
أشهرهما تركه (6).
قلت: اشتماله على حي على خير العمل لا يبعد التقية، لجواز الاسرار به.

(1) أصل زيد النرسي (الأصول الستة عشر): ص 54.
(2) أصل زيد النرسي (الأصول الستة عشر): ص 54.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 651، ب 22 من أبواب الأذان والإقامة، ح 3.
(4) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 63 ذيل الحديث 222.
(5) المعتبر: ج 2 ص 145.
(6) المعتبر: ج 2 ص 145.
386

(المطلب الرابع)
(في الأحكام)
وفيه مسائل:
الأولى: (يستحب الحكاية) للأذان بالاجماع والنصوص (1). وفي
النهاية (2) والمبسوط (3) والمهذب (4) للإقامة أيضا، ولم أجد به خبرا، واستحباب
حكاية الأذان ثابت على كل حال إلا في الصلاة، فريضة أو نافلة على ما في
المبسوط (5) والتذكرة (6) ونهاية الإحكام (7)، لأن الاقبال على الصلاة أهم، وإن
حكى فيها جاز، إلا أنه يبدل الحيعلات بالحولقات. وروي في المبسوط عن
النبي صلى الله عليه وآله: الحولقة عند حيعلة الصلاة مطلقا (8).
(و) يستحب عند الحكاية (قول ما يتركه المؤذن) من فصوله عمدا أو
سهوا تحصيلا للأذان الكامل، كما ورد أنك إذا أردت الصلاة بأذان غيرك فأتم ما
نقص هو من أذانه (9).
وفي نهاية الإحكام: إنه إنما يستحب حكاية الأذان المشروع، فلا يحكى
أذان عصر عرفة والجمعة وأذان المرأة - يعني التي تجهر به حتى تسمعه الأجانب
- قال: ويستحب حكاية أذان من أخذ عليه أجرة وإن حرمت، دون أذان المجنون
والكافر، لعدم العبرة به (10)، ونحوه التذكرة (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص ص 671، ب 45 من أبواب الأذان والإقامة.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 290.
(3) المبسوط: ج 1 ص 70.
(4) المهذب: ج 1 ص 90.
(5) المبسوط: ج 1 ص 97.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 109 س 15.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 429.
(8) المبسوط: ج 1 ص 97.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 659، ب 30 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 429 - 430.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 109.
387

(و) المسألة الثانية يجوز أن (يجتزئ الإمام بأذان المنفرد لو سمعه)
كما في كتب المحقق (1)، وإقامته، لما مر من اجتزاء أبي جعفر عليه السلام بأذان جعفر (2).
وفيه اشتراط أن لا يتكلم الإمام حتى يصلي.
ولخبر عمرو بن خالد، عنه عليه السلام قال: كنا معه فسمع إقامة جار له بالصلاة،
فقال: قوموا فقمنا، فصلينا معه بغير أذان ولا إقامة، وقال: ويجزئكم أذان
جاركم (3). وليس شئ منهما نصا في المنفرد.
وهل تجزئ بأذان المنفرد؟ قال الشهيد: نظر، أقربه ذلك، لأنه من باب التنبيه
بالأدنى على الأعلى، قال: وهل يستحب تكرار الأذان والإقامة للإمام السامع، أو
لمؤذنه، أو للمنفرد؟ ويحتمل ذلك، وخصوصا مع اتساع الوقت، أما المؤذن
للجماعة والمقيم لهم فلا يستحب معه الأذان والإقامة لهم قطعا (4).
(و) المسألة الثالثة (المحدث في أثناء الأذان والإقامة يبني) بعد
الطهارة وقبلها إذا لم يقع فصل فاحش، ولا يستأنف لما مر من عدم اشتراط
الطهارة فيهما.
(و) لكن (الأفضل) له (إعادة الإقامة) لما مر من تأكد استحباب
الطهارة فيها، ومن اشترطها في الإقامة أوجب استئنافها كالشيخ (5) والقاضي (6).
(ولو أحدث في) أثناء (7) (الصلاة لم يعد الإقامة إلا أن يتكلم)، وإن
أوجبنا الإعادة إن أحدث في الإقامة كما هو نص المبسوط (8)، والفرق ظاهر، وأما
الإعادة مع التكلم فلما مر من النهي عنه بين الإقامة والصلاة.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 77، المختصر النافع: ص 29، المعتبر: ج 2 ص 146.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 659، ب 30 من أبواب الأذان والإقامة، ح 2.
(3) المصدر السابق ح 3.
(4) ذكرى الشيعة: ص 173 س 37.
(5) المبسوط: ج 1 ص 98.
(6) المهذب: ج 1 ص 91.
(7) ليس في ب وع.
(8) المبسوط: ج 1 ص 98.
388

(و) المسألة الرابعة (المصلي خلف من لا يقتدى به) تقية (يؤذن
لنفسه ويقيم) كما في المبسوط وغيره للأخبار (1)، ولأنه لا عبرة بأذان
المخالف وإقامته، (فإن خشي فوات الصلاة) خلفه (اجتزأ بالتكبيرتين
وقد قامت الصلاة) كما في المبسوط (2) وغيره، لقول الصادق عليه السلام في خبر معاذ
ابن كثير: إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه، وقد بقي على الإمام آية
أو آيتان فخشي إن هو أذن وأقام أن يركع فليقل: قد قامت الصلاة، قد قامت
الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، وليدخل في الصلاة (3).
وفي المبسوط: وروي أنه يقول: حي على خير العمل دفعتين، لأنه لم يقل
ذلك (4).
(و) المسألة الخامسة (يكره الالتفات) في الأذان (يمينا وشمالا)
كما في الشرائع (5) والمبسوط (6) والوسيلة (7) والجامع بالبدن أو بالوجه
خاصة (8)، والأول آكد، لاستحباب الاستقبال، وفي الإقامة آكد.
واستحب أبو حنيفة أن يدور بالأذان في المئذنة ويلوي عنقه إن كان في
الأرض (9). والشافعي أن يلتفت يمينا إذا قال: حي على الصلاة، ويسارا إذا قال:
حي على الفلاح (10).
(و) المسألة السادسة يكره (الكلام بعد قد قامت الصلاة بغير ما
يتعلق بمصلحة الصلاة) كتقديم إمام أو تسوية صف، ولا يحرم كما في

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 664، ب 34 من أبواب الأذان والإقامة.
(2) المبسوط: ج 1 ص 99.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 663، ب 34 من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(4) المبسوط: ج 1 ص 99.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 76.
(6) 1307 المبسوط: ج 1 ص 97.
(7) الوسيلة: ص 92.
(8) الجامع للشرائع: ص 73.
(9) المجموع: ج 3 ص 107.
(10) المجموع: ج 3 ص 107.
389

الوسيلة (1). ومضى الكلام فيه، ولم نظفر في الأخبار إلا بتقديم إمام (2).
(و) المسألة السابعة (الساكت في خلاله) أي الأذان العام والإقامة
كالمتكلم (يعيد إن خرج) به لطوله (عن كونه مؤذنا) أو مقيما كما في
المبسوط (3) وغيره (وإلا فلا).
(و) المسألة الثامنة (الإقامة أفضل من التأذين) كما في المبسوط (4)
وغيره، ولأنهم عليهم السلام كانوا يختارونها، خصوصا النبي صلى الله عليه وآله، ولأن الإمام أكمل،
فالإمامة أكمل، ولأنه يقرأ، والقراءة أفضل، خصوصا الفرض منها. وفضل
الشافعي التأذين في أحد قوليه (5).
وفي المبسوط (6) والمنتهى (7) والتحرير: إن الجمع أفضل (8). وكذا السرائر
إلا أن يكون أمير جيش، أو أمير سرية، قال: فالمستحب أن يلي الأذان والإقامة
غيره، ويلي الإمامة هو على ما اختاره شيخنا المفيد في رسالته إلى ولده (9).
وفي الذكرى: في استحباب هذا الجمع نظر، لأنه لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله إلا نادرا،
ولا واظب عليه أمير المؤمنين عليه السلام ولا الصحابة والأئمة عليهم السلام بعدهم: إلا أن يقول:
هؤلاء أمراء جيوش أو في معناهم (10) انتهى.
وفي الشرح: هذا ليس بشئ لثبوت التأسي (11)، كأنه يعني الأئمة عليهم السلام كلهم
أن يتأسوا بهم أمراء الجيوش وغيرهم. وفيه أن التأسي وخصوصا في التروك إنما
يعتبر إذا لم يعارضه النصوص.

(1) الوسيلة: ص 92.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 628، ب 10 من أبواب الأذان والإقامة.
(3) المبسوط: ج 1 ص 96.
(4) المبسوط: ج ص 95.
(5) المجموع: ج 3 ص 78.
(6) المبسوط: ج 1 ص 98.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 263 س 15.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 36 س 24.
(9) السرائر: ج 1 ص 215.
(10) ذكرى الشيعة: ص 175 س 24.
(11) جامع المقاصد: ج 2 ص 169.
390

(و) المسألة التاسعة (المتعمد لترك الأذان والإقامة يمضي في
صلاته)، ولا يجوز له الرجوع لهما.
(والناسي) يستحب له أن (يرجع مستحبا ما لم يركع) كما في
مصباح السيد (1) والنافع (2) وشرحه (3).
أما رجوع الناسي فلقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: إذا افتتحت الصلاة
فنسيت أن تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل أن تركع فانصرف وأذن وأقم واستفتح
الصلاة، وإن كنت قد ركعت فأتم على صلاتك (4).
وقال عليه السلام في صحيح ابن مسلم (5) وخبر الشحام (6) في الرجل ينساهما إن
كان ذكر قبل أن يقرأ، فليصل على النبي صلى الله عليه وآله وليقم، وإن كان قد قراء فليتم صلاته.
ولعل الأمر بالإقامة لكونها آكدا، والمراد الأذان والإقامة.
ونحوه صحيح الحسين بن أبي العلاء فيمن نسي الإقامة (7)، ولكن فيه: السلام
على النبي صلى الله عليه وآله، وهي لا تنافي الأول، لجواز أن يكون الوجه أن الرجوع قبل
القراءة آكد منه بعدها. وأما اختصاص رجوعه بما قبل الركوع فللأصل
والأخبار (8).
ونسيان الإقامة وحدها كنسيانهما كما في المنتهى (9) وفاقا للحسن (10). وقال

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 129.
(2) المختصر النافع: ص 27.
(3) المعتبر: ج 2 ص 129.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 657، ب 29 من أبواب الأذان والإقامة، ح 3.
(5) المصدر السابق ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 658، ب 29 من أبواب الأذان والإقامة، ح 9.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 657، ب 29 من أبواب الأذان والإقامة، ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 656، ب 29 من أبواب الأذان والإقامة.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 261 س 29.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 127.
391

أبو علي: يرجع ما لم يقرأ عامة السورة (1)، لصحيح الحسين بن أبي العلاء (2). ولكنه
إنما تضمن بعض السورة في الصحيح، أن علي بن يقطين سأل أبا الحسن عليه السلام عن
الرجل ينسى أن يقيم الصلاة وقد افتتح الصلاة، فقال: إن كان فرغ من صلاته فقد
تمت صلاته، وإن لم يكن فرغ من صلاته فليعد (3).
وحمل في المختلف على ما قبل الركوع (4)، للاجماع على العدم بعده، وعمل
به الشيخ في كتابي الأخبار (5).
وأما نسيان الأذان وحده فذكره الحسن، وأنه يرجع له في الصبح والمغرب
ما لم يركع (6). ولم أظفر له بسند إلا وجوبه لهما، وليس في الشرائع (7) والتلخيص
إلا نسيانه والرجوع له ما لم يركع (8)، ويمكن أن يريد نسيانهما.
ثم اقتصر في الشرائع على نسيان المنفرد (9)، ولعل التخصيص لاكتفاء الجامع
بأذان غيره من الجماعة وبعد نسيان الجمع، أو للتنبيه بالأدنى على الأعلى كما في
الإيضاح (10).
وأما خبر زكريا بن آدم أنه سأل الرضا عليه السلام كنت في صلاتي، فذكرت في
الركعة الثانية وأنا في القراءة أني لم أقم، كيف أصنع؟ قال: اسكت موضع قراءتك،
وقل: قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، ثم امض في قراءتك وصلاتك، وقد تمت

(
) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 127.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 657، ب 29 من أبواب الأذان والإقامة، ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 656، ب 28 من أبواب الأذان والإقامة، ح 4.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص 128.
(5) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 278 ح 1103، الإستبصار: ج 1 ص 304 ح 1127.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 127.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 75.
(8) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 560.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 75.
(10) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 97.
392

صلاتك (1)، فشاذ مجهول الرواة ينبغي أن يطرح.
وعمل به الشيخ في كتابي الأخبار (2)، وهو كما في الذكرى مشكل (3)،
لاشتماله على كلام ليس من الصلاة ولا من الأذكار. وأما وجوب مضي العامد
فلحرمة إبطال الصلاة من غير معارض.
(وقيل) في النهاية (4) والسرائر: (بالعكس) (5) وكذا الجامع (6) في
الأذان، وقد يكون المراد كليهما، وكأنهم حملوا النسيان في صحيح الحلبي (7) على
الترك عمدا.
واستندوا في النسيان إلى الأصل مع النهي في نحو قول الصادق عليه السلام في خبر
نعمان الرازي: إن كان دخل المسجد ومن نيته أن يؤذن ويقيم، فليمض في صلاته
ولا ينصرف (8). وصحيح زرارة أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل نسي الأذان
والإقامة حتى دخل في الصلاة، فقال: فليمض في صلاته، فإنما الأذان سنة (9).
وأطلق في المبسوط (10) والمهذب أن تاركهما يرجع لهما ما لم يركع (11)، وخص
في المبسوط بالمنفرد (12).
وقال الحسن: إن من نسي الأذان في الصبح أو المغرب، قطع الصلاة وأذن
وأقام ما لم يركع، وكذا إن نسي الإقامة من الصلوات كلها رجع إلى الإقامة ما لم

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 658، ب 29 من أبواب الأذان والإقامة، ح 6.
(2) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 279، ح 1110، الإستبصار: ج 1 ص 303 ح 5.
(3) ذكرى الشيعة: ص 174 س 22.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 287.
(5) السرائر: ج 1 ص 209.
(6) الجامع للشرائع: ص 73.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 657، ب 29 من أبواب الأذان والإقامة، ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 658، ب 29 من أبواب الأذان والإقامة، ح 8.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 656، ب 29، من أبواب الأذان والإقامة، ح 1.
(10) المبسوط: ج 1 ص 95.
(11) المهذب: ج 1 ص 89.
(12) 1354 المبسوط: ج 1 ص 95.
393

يركع، قال: فإن كان قد ركع مضى في صلاته، ولا إعادة عليه، إلا أن يكون تركه
متعمدا استخفافا فعليه الإعادة (1). وهو ظاهر في الإقامة، ويحتمل الأذان أيضا.

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 127.
394

(المقصد الثاني)
(في أفعال الصلاة وتروكها)
ومن أفعالها النية، وإن كانت شرطا
لوجوب مقارنتها لجميعها حكما.
(وفيه فصول) ثمانية:
395

(الأول)
(القيام)
(وهو) قبل النية، مقدمة لها، وعندها، وفي التكبيرة، وقبل الركوع متصلا به
(ركن في الصلاة الواجبة) أي جز منها (لو أخل به عمدا) عالما أو
جاهلا (أو سهوا مع القدرة) عليه (بطلت صلاته) بالنصوص والاجماع،
إلا في بعض أجزاء النية على الشرطية.
وكذا إن زاده فإن الزيادة إنما تتحقق بزيادة النية أو التكبيرة أو الركوع، وما
يأتي في السهو من أن زيادته لا تبطل، تنبيه على تقسيمه إلى الركن وغيره.
(وحده الانتصاب) بنصب فقار الظهر، كما قال عليه السلام في صحيح زرارة
وحسنه: من لم يقم صلبه فلا صلاة له (1). وقال أبو جعفر عليه السلام في مرسل حريز، في
قوله تعالى: (فصل لربك وانحر)، النحر: الاعتدال في القيام، أن يقيم صلبه ونحره (2).
وفي نهاية الإحكام: لو انحنى ولم يبلغ حد الراكعين، فالأقرب عدم الجواز،
لعدم صدق اسم القيام (3). وفي التذكرة (4) والذكرى القطع بذلك (5).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 694، ب 2 من أبواب القيام، ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 694، ب 2 من أبواب القيام، ح 3.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 437.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 109 س 42.
(5) ذكرى الشيعة: ص 180 س 20.
397

(مع الاقلال) أي عدم الاعتماد على ما يزول بزواله، كما قال
الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: لا تمسك بخمرك وأنت تصلي، ولا تستند إلى
جدار وأنت تصلي، إلا أن تكون مريضا (1). وسأله ابن بكير عن الصلاة قاعدا أو
متوكئا على عصا أو حائط، فقال: لا (2).
والظاهر أن التفريق الفاحش بين الرجلين يخل بالقيام كما ذكره الشهيد (3)،
وذكر أنه عند تعارضه والانحناء يفرق لبقاء مسمى القيام والافتراق عن الراكع،
ولا يخل به إطراق الرأس.
والأقرب ما في الذكرى (4) والدروس (5) من وجوب الاعتماد على الرجلين
معا وإن صدق القائم بدونه للتأسي، وقوله صلى الله عليه وآله: صلوا كما رأيتموني أصلي (6).
(فإن عجز عن الاقلال) دون الانتصاب (انتصب معتمدا على
شئ) كما سمعته في صحيح ابن سنان، وللشافعي قول بسقوط القيام عنه (7).
(فإن عجز عن الانتصاب قام منحنيا ولو إلى حد الراكع)، لأن
الميسور لا يسقط بالمعسور، ولم يوجبه الشافعي في أحد قوليه (8) إذا لم يمكنه
إلا منحنيا إلى حد الراكع، لخروجه عن القيام.
(ولا يجوز الاعتماد) (مع القدرة) على الاستقلال (إلا على
رواية) علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يصلح له أن يستند إلى
حائط المسجد وهو يصلي، أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير مرض ولا

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 702، ب 10 من أبواب القيام، ح 2.
(2) المصدر السابق ح 4.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 169 درس 39.
(4) ذكرى الشيعة: ص 181 س 12.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 169 درس 39.
(6) عوالي اللآلي: ج 1 ص 198 ذيل الحديث 8.
(7) المجموع: ج 3 ص 260، فتح العزيز: ج 3 ص 284، مغني المحتاج: ج 1 ص 154.
(8) المجموع: ج 3 ص 261.
398

علة؟ فقال: لا بأس (1). وهي صحيحة عمل بها الحلبي فكرهه (2).
قال الشهيد: والخبر لا يدل على الاعتماد صريحا، إذ الاستناد يغايره، وليس
بمستلزم له (3).
قلت: لأن حقيقة الاستناد الانضمام والاعتماد المتعدي ب‍ (على) يفيد إلقاء
الثقل عليه بحيث يزول بزواله.
(ولو قدر على القيام في بعض الصلاة وجب بقدر مكنته)، فإن
الميسور لا يسقط بالمعسور، فيقوم عند النية والتكبيرة، ويستمر قائما إلى أن يعجز
فيجلس.
وأما خبرا عمار وأحمد بن الحسن، عن الصادق عليه السلام فيمن وجب عليه صلاة
من قعود، فنسي حتى قام وافتتح الصلاة قائما ثم ذكر، فقال عليه السلام: يقعد ويفتتح
الصلاة وهو قاعد، ولا يعتد بافتتاحه الصلاة وهو قائم (4) مفهما فيمن يجب عليه
القعود لا للعجز، بل للعدو وافتتحها قائما عمدا.
والنسيان إما بمعنى الترك أو نسيان القعود حتى قام، ثم تعمد الافتتاح قائما،
أو للعري وافتتحها قائما عمدا أو نسيانا.
وفي نهاية الإحكام: إنه إذا قدر على القيام زمانا لا يسع القراءة والركوع،
فالأولى القيام قارئا، ثم الركوع جالسا، لأنه حال القراءة غير عاجز عما يجب
عليه، فإذا انتهى إلى الركوع صار عاجزا (5). يعني ويحتمل الابتداء بالجلوس.
ثم القيام متى علم قدرته عليه إلى الركوع حتى يركع عن قيام، كما في

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 701، ب 10 من أبواب القيام، ح 1.
(2) الكافي في الفقه: ص 125.
(3) ذكرى الشيعة: ص 180 س 24.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 704، ب 13 من أبواب القيام، ح 1.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 439.
399

النهاية (1) والمبسوط (2) والسرائر (3) والمهذب (4) والوسيلة (5) والجامع (6)، لأنه
أهم من إدراك القراءة قائما مع ورود الأخبار بأن الجالس إذا قام في آخر السورة
فركع عن قيام يحسب له صلاة القائم، لكن الأخبار يحتمل اختصاصها بالجالس
في النوافل اختيارا. والمهذب وما بعده يحتمل تجدد القدرة كالمسألة الآتية.
(ولو عجز عن الركوع والسجود دون القيام) لم يسقط عنه القيام كما
قالت به الحنفية (7)، بل (قام وأومأ بهما) لأن كلا منهما واجب بانفراده، فلا
يسقط بتعذر غيره، وإن تعارض القيام والسجود والركوع، بأن يكون إذا قام لم
يمكنه الجلوس للسجود ولا الانحناء للركوع جلس وأتى بهما، لأنهما أهم. وكذا
إن تعارض القيام والسجود وحده، ويحتمل فيهما القيام لما سمعته عن نهاية
الإحكام، ويمكن التخيير.
(ولو عجز عن القيام أصلا) أي في جميع الصلاة لخوف مرض أو عدو
أو حصول مشقة شديدة (صلى قاعدا) في جميعها بالنصوص والاجماع
مستقلا، لعموم النهي عن الاستناد منتصبا لوجوبه قائما، والميسور لا يسقط
بالمعسور، قدر على المشي أو لا، كما يعطيه إطلاقه هنا وفي سائر كتبه (8) سوى
التذكرة، إذ لم يرد بالمشي قول ولا فعل، وكما أن فيه انتصابا ليس في القعود ففي
القعود استقرار ليس فيه.
وأما قول الفقيه عليه السلام في خبر سليمان بن حفص المروزي: المريض إنما
يصلي قاعدا إذا صار بالحال التي لا يقدر فيها على المشي مقدار صلاته إلى أن

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 368.
(2) المبسوط: ج 1 ص 129.
(3) السرائر: ج 1 ص 348.
(4) المهذب: ج 1 ص 111.
(5) الوسيلة: ص 114.
(6) الجامع للشرائع: ص 79.
(7) 1380 المبسوط للسرخسي: ج 1 ص 213.
(8) مختلف الشيعة: ج 3 ص 32، نهاية الإحكام: ج 1 ص 439، إرشاد الأذهان: ج 1 ص 252،
منتهى المطلب: ج 1 ص 265 س 7، 17، تبصرة المتعلمين: ص 26 - 27.
400

يفرغ قائما (1). فإنما يبين مقدار العجز المجوز للقعود، وإنه إذا عجز عن المشي
مقدار صلاته قائما فله أن يقعد فيها، وإن كان متمكنا من الصلاة قائما بمشقة فلم
يتلازم العجزان ولا القدرتان.
ولا ضرورة إلى التوجيه بتلازمهما غالبا كما في الذكرى (2)، ولا مخالفة له،
للأخبار التي سئل فيها عن الحد المجوز للقعود، فأجاب: بأن: الانسان أعلم بنفسه.
وفي الذكرى تقديم القعود على القيام مضطربا (3). وفي التذكرة تقديم المشي على
القعود (4)، وفيهما نظر.
(فإن تمكن) أي حدث تمكنه (حينئذ) عجز عن القيام أصلا (من
القيام للركوع) أو لما قبله (وجب) لارتفاع العذر المانع، ولا يجب استئناف
الصلاة كما قال به بعض العامة (5) للأصل. ويمكن أن يريد أنه إن كان من الابتداء
متمكنا من الركوع، قائما إلا من القيام من أول الصلاة إلى الركوع، جلس للقراءة،
ثم قام للركوع كما مر عن الشيخ وغيره. (وإلا) يتمكن من القيام للركوع (ركع
جالسا).
وأقله أن ينحني حتى يحاذي وجهه ما قدام ركبتيه، وأكمله الانحناء حتى
يحاذي وجهه موضع سجوده، وهل يجب رفع الفخذين عن الأرض والساقين؟
أوجبه الشهيد (6)، وفيه الاحتياط، لأن التذلل فيه أقوى، والهيئة عنده أقرب إلى
هيئة الراكع عن قيام. والظاهر وجوب تحري الأقرب إلى ذلك فالأقرب.
(ويقعد كيف شاء) للأصل والأخبار (لكن الأفضل التربع قارئا) كما
في المبسوط (7) والخلاف (8) وغيرهما، لقول أحدهما عليهما السلام في خبري حمران بن

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 699، ب 6 من أبواب القيام، ح 4.
(2) ذكرى الشيعة: ص 180 س 26.
(3) ذكرى الشيعة: ص 180 س 29.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 110 س 9.
(5) عمدة القارئ: ج 7 ص 162، الهداية: ج 1 ص 78.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 168 درس 39.
(7) المبسوط: ج 1 ص 100.
(8) الخلاف: ج 1 ص 418 المسألة 163.
401

أعين ومعاوية بن ميسرة: كان أبي إذا صلى جالسا تربع، فإذا ركع ثنى رجليه (1).
لأن ظاهره مواظبته عليه السلام، وهو يدل على فضله.
ثم المعروف من التربع ما صرح به الثعالبي في فقه اللغة من أنه: جمع القدمين
ووضع إحداهما تحت الأخرى (2). وذكر الأصحاب أن المراد هنا نصب الفخذين
والساقين، وهو القرفصاء، وهو الذي ينبغي فضله لقربه من القيام، ولا يأباه مادة
اللفظ ولا صورته، وإن لم أظفر له بنص من أهل اللغة.
(و) الأفضل (يثني الرجلين) وفرشهما (راكعا) إن لم يقم له،
للخبرين، وليتحقق أكمل الوجهين ورفع الفخذين للانحناء (والتورك متشهدا)
كما في المبسوط (3) والوسيلة (4) والإصباح (5)، لعموم دليل استحبابه، ويأتي إن
شاء الله.
ونسبه المحقق في كتبه إلى القيل (6). وفي الجامع التربع فيه أيضا (7)، ولا
أعرف وجهه.
(ولو عجز عن القعود) مستقلا قعد مستندا، فإن عجز عن الانتصاب فيه
صلى منحنيا حسب ما أمكنه، فإن عجز عنه أصلا (صلى مضطجعا)
بالنصوص والاجماع (على الجانب الأيمن) إن أمكنه كما عليه المعظم، فإن
لم يمكنه فالأيسر كما في السرائر (8) والجامع (9).
وأرسل في الفقيه (10) عن النبي صلى الله عليه وآله، وأفاده قول الصادق عليه السلام في خبر عمار:

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 703، ب 11 من أبواب القيام، ح 4.
(3) فقه اللغة: ص 193.
(3) المبسوط: ج 1 ص 100.
(4) الوسيلة: ص 114.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 621.
(6) المعتبر: ج 2 ص 163، شرائع الاسلام: ج 1 ص 81، المختصر النافع: ص 30.
(7) الجامع للشرائع: ص 76.
(8) السرائر: ج 1 ص 349.
(9) الجامع للشرائع: ص 79.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 362 ح 1037.
402

المريض إذا لم يقدر أن يصلي قاعدا كيف قدر صلى، أما أن يوجه فيومئ إيماء،
وقال: يوجه كما يوجه الرجل في لحده، وينام على جنبه الأيمن، ثم يومئ
بالصلاة إيماء، فإن لم يقدر أن ينام على جنبه الأيمن، فكيف ما قدر فإنه له جائز،
ويستقبل بوجهه القبلة ثم يومئ للصلاة إيماء (1). وفي الذكرى عن بعض الأصحاب
التخيير بين الجانبين (2).
قلت: وهو خيرة التذكرة (3) ونهاية الإحكام (4) قال فيه: والأفضل الأيمن.
يجب كونه حينئذ (مستقبلا بمقاديم بدنه القبلة كالموضوع في اللحد)
كما نطق به خبر عمار، ولبعض العامة (5) قول بكون رجليه إلى القبلة ليكون إيماؤه
إليها.
(فإن عجز) عن الاضطجاع رأسا (صلى مستلقيا يجعل وجهه
وباطن رجليه إلى القبلة) كالمحتضر، للنصوص والاجماع، ومن العامة من
قدمه على الاضطجاع (6).
(ويكبر ناويا ويقرأ) في الحالين كغيرهما (ثم) يومئ للركوع
والسجود بالرأس إن أمكنه، ويرفع ما يسجد عليه إن أمكنه كما يأتي، وإن لم
يمكنه شئ من ذلك (يجعل ركوعه تغميض عينيه ورفعه فتحهما،
وسجوده) الأول (تغميضهما ورفعه فتحهما، وسجوده الثاني تغميضهما
ورفعه فتحهما) صح كما أرسل في الفقيه (7) والكافي (8) عن الصادق عليه السلام، وفي

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 691، ب 1 من أبواب القيام، ح 10.
(2) ذكرى الشيعة: ص 181 س 10.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 110 س 17.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 440.
(5) المجموع: ج 4 ص 316، المبسوط للسرخسي: ج 1 ص 213.
(6) المجموع: ج 4 ص 315.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 361 ح 1033.
(8) الكافي: ج 3 ص 411 ح 12.
403

الوسيلة (1) والجامع (2) والمراسم جعل التغميض للسجود أكثر منه للركوع (3)، ولا
دليل عليه.
(ويجري الأفعال على قلبه) أي يقصد الركوع والسجود بالتغميضين
والرفع بالفتح، فبالقصد ينصرف كل إلى ما يقصد، ويترتب عليه حكم الركوع
والسجود في الزيادة والنقصان.
(و) يجري (الأذكار على لسانه) مع القدرة (فإن عجز) عنه
(أخطرها بالبال، والأعمى) الذي يعجز عن الفتح أو التغميض (أو وجع
العين) كذلك (يكتفي بالأذكار) وإجراء الأفعال بالبال.
(ويستحب وضع اليدين على فخذيه) مضمومتي الأصابع (بحذاء
ركبتيه، و) يستحب (النظر إلى موضع سجوده)، كل ذلك للسكون
والخشوع، ولقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة. وارسل يديك ولا تشبك
أصابعك، ولتكونا على فخذيك قبالة ركبتيك، وليكن نظرك إلى موضع سجودك (4).
ولأن الصادق عليه السلام في بيان الصلاة لحماد: أرسل يديه على فخذيه وقد ضم
أصابعه (5).
(فروع) أربعة:
(أ: لو كان به رمد لا يبرأ إلا بالاضطجاع اضطجع) أو بالاستلقاء
استلقى (وإن قدر على القيام) ولو كان لا يبرأ إلا بالايماء للركوع والسجود
أومأ وإن قدر عليهما، وكذا إن كان لا يبرأ إلا بترك الإيماء أيضا تركه، كل ذلك

(1) الوسيلة: ص 94.
(2) الجامع للشرائع: ص 79.
(3) المراسم: ص 77.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 710، ب 17 من أبواب القيام، ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 710، ب 17 من أبواب القيام، ح 1.
404

(للضرورة).
وفي صحيح ابن مسلم أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل والمرأة يذهب
بصره فيأتيه الأطباء فيقولون: نداويك شهرا أو أربعين ليلة مستلقيا كذلك تصلي،
فرخص في ذلك، وقال: فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه (1).
وفي طب الأئمة عن بزيع المؤذن أنه سأله عليه السلام أني أريد أن أقدح عيني،
فقال: استخر الله وافعل، فقال: هم يزعمون أنه ينبغي للرجل أن ينام على ظهره
كذا وكذا لا يصلي قاعدا، قال: إفعل (2).
وخالف الأوزاعي ومالك (3) لما روى أن ابن عباس لما كف أتاه رجل فقال:
إن صبرت سبعة أيام لا تصلي إلا مستلقيا داويت عينيك، فأرسل إلى جماعة من
الصحابة فقالوا له: إن مت في هذه الأيام فما الذي تصنع بالصلاة، فلم يفعل (4)، ولا
حجة فيه لوجوه ظاهرة.
(ب: ينتقل كل من العاجز إذا تجددت قدرته) في الصلاة (والقادر
إذا تجدد عجزه) فيها (إلى الطرفين) من غير استئناف لها كما زعمه بعض (5)
العامة للأصل، والنهي عن إبطال العمل، والامتثال المقتضي للاجزاء، والطرفان
هما القيام مستقلا والاستلقاء.
(وكذا المراتب بينهما) ينتقل من كل منها إلى ما يقدر عليه بعد العجز عنه،
أو عما فوقه من غير استئناف. قال في النهاية: نعم لو اتفقت المشقة فالأولى عندي
استحباب الاستئناف (6). يعني لو كان القعود - مثلا - للمشقة في القيام لا للعجز عنه
فانتفت في الأثناء.

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 699، ب 7 من أبواب القيام، ح 1.
(2) طب الأئمة: ص 87.
(3) المجموع: ج 4 ص 314.
(4) سنن البيهقي: ج 2 ص 309 مع نقصان.
(5) المجموع: ج 4 ص 321.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 442.
405

(ج: لو تجدد الخف حال القراءة قام تاركا لها، فإذا استقل) أي أتم
القيام وسكن قائما (أتم القراءة)، ولم تجز له القراءة منتقلا (وبالعكس) أي
تجدد الثقل حالها (يقرأ في هويه)، والفرق واضح، لكن يشكل كما في
الذكرى، بأن الاستقرار شرط مع القدرة، ولم يحصل في الهوي، فالقراءة فيه،
كتقديم المشي على القعود (1).
(ولو خف بعد القراءة، وجب القيام دون الطمأنينة للهوي إلى
الركوع)، أما وجوب القيام فظاهر، وأما عدم وجوب الطمأنينة فللأصل.
واحتمل الشهيد وجوبها، لأن الركوع القائم يجب أن يكون عن طمأنينة (2).
ولضرورة السكون بين الحركتين، وفيه أن الطمأنينة زائدة عليه.
(ولو خف في الركوع قبل الطمأنينة) بقدر الذكر الواجب أو بعدها قبله
(كفاه أن يرتفع منحنيا إلى حد الراكع) ولم يجز له الانتصاب، لاستلزامه
الزيادة في الركوع، وسكت عن الذكر إلى الارتفاع كالقراءة.
فلو كان شرع فيه، ولم يكمل كلمة (سبحان) أو (ربي) أو (العظيم) أو ما بعده
فالأولى إتمام الكلمة وعدم قطعها، بل عدم الوقف على (سبحان) ثم الاستئناف
عند تمام الارتفاع. وإن كان أكمل (سبحان ربي) أو (سبحان ربي العظيم) فهل
يجوز له البناء عليه؟ قال الشهيد: فإن اجتزأنا بالتسبيحة الواحدة لم يجز البناء هنا
لعدم سبق كلام تام، إلا أن نقول: هذا الفصل لا يقدح في الموالاة، وإن أوجبنا
التعدد أتى بما بقي قطعا (3) انتهى.
وإن خف بعد الذكر وجب القيام للاعتدال، وكذا إن خف في الاعتدال قبل
الطمأنينة فيه.
وإن خف بعد الطمأنينة فيه ففي التذكرة (4) ونهاية الإحكام في وجوب القيام

(1) ذكرى الشيعة: ص 182 س 6 - 13.
(2) ذكرى الشيعة: ص 182 س 6 - 13.
(3) ذكرى الشيعة: ص 182 س 6 - 13.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 110 س 42.
406

ليسجد عن قيام إشكال (1). وفي الذكرى: وفي وجوب الطمأنينة في هذا القيام
بعد (2).
وفي نهاية الإحكام: أما لو قلنا بالقنوت الثاني في الجمعة بعد الركوع احتمل
أن يقوم ليقنت، ولو قنت جالسا فاشكال، ينشأ من مخالفته الهيئة المطلوبة للشرع
مع القدرة عليها، ومن استحباب القنوت فجاز فعله جالسا للعذر (3)، انتهى.
وكان الأولى ترك قوله: (للعذر)، وإن تمكن من القيام للاعتدال من الركوع
دون الطمأنينة فيه وجب، والأولى الجلوس بعده مطمئنا فيه.
(د: لا يجب القيام في النافلة) ولا يشترط به (فيجوز أن يصليها
قاعدا) لا لعذر (لكن الأفضل القيام) كل ذلك بالاجماع والنصوص، (ثم)
الأفضل إن صلاها جالسا أن يقوم في آخر السورة، فيركع عن قيام أو
(احتساب ركعتين بركعة) للأخبار (4).
(وفي جواز الاضطجاع) والاستلقاء فيها اختيارا (نظر)، من عدم
النقل قولا أو فعلا، ومن أصل عدم الاشتراط، (ومعه) أي الجواز (الأقرب
جواز الإيماء للركوع والسجود) للأصل مع كونه الهيئة المعهودة للمضطجع
والمستلقي، ويحتمل العدم لخروجه عن حقيقتيهما، وإنما ثبتت بدليته منهما
ضرورة.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 443.
(2) ذكرى الشيعة: ص 182 س 15.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 443.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 697، ب 5 من أبواب القيام.
407

(الفصل الثاني)
(في النية)
(وهي ركن) أي (تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا) مع العلم
والجهل، فإنما الأعمال بالنيات، سواء جعلناها شرطا، أو شطرا والركنية ثابتة
(في الفرض والنفل)، فلا نفل بدونها، كما لا فرض بخلاف القيام.
(وهي القصد إلى إيقاع الصلاة المعينة كالظهر - مثلا - أو غيرها
لوجوبها أو ندبها أداء أو قضاء قربة إلى الله)، والوجوب أو الندب، والأداء
أو القضاء إنما يجبان لأنها إنما تتعين بهما، فيكفي قصد إيقاع فرض الظهر من هذا
اليوم - مثلا - ومضى (1) في الطهارة إيجابه والتعرض للوجه والكلام فيه.
(وتبطل) النية (لو أخل بإحدى هذه) النيات التي هي أجزاء لنية
الصلاة (والواجب القصد) فهو حقيقة النية (لا اللفظ) كما يتوهم وجوبه
بعض العامة (2)، بل التلفظ بآخر أجزائها مما يوقع الشك في قطع همزة (الله) من
التكبير أو الوصل، فالاحتياط تركه.

(1) في ع (وهو).
(2) المجموع: ج 3 ص 277، مغني المحتاج: ج 1 ص 150.
408

(ويجب انتهاء النية مع ابتداء التكبير، بحيث لا يتخللهما زمان وإن
قل) لما مر في الوضوء من أن حقيقتها القصد المقارن للمنوي، وأن ما قبله عزم،
وإن كان ظاهر العبارة خروج المقارنة عن حقيقتها، وأنها شرط لصحتها (1). وكذا
ذكر فخر الاسلام (2) أنه أطلق النية على مطلق القصد مجازا.
لكن ينبغي أن يحمل الكلام على أنه يجب في تحقق حقيقتها انتهاؤها مع
ابتداء التكبير، ولا يجوز الابتداء بها أول التكبير والانتهاء آخره كما في التذكرة (3)،
للزوم خلو التكبير من النية.
(و) يجب (إحضار ذات الصلاة) أي نوعها من اليومية والمنذورة
ونحوهما (وصفاتها الواجبة) في التعيين والتمييز من الوجوب والأداء والتمام
ومقابلاتها، (فيقصد إيقاع هذه الحاضرة) من الصلاة مثلا (على الوجوه
المذكورة) لتتميز عن غيرها من أفراد النوع المنوي.
(بشرط العلم بوجه كل فعل) من أفعالها من الوجوب والندب، (إما
بالدليل أو التقليد لأهله) أي لا بد من العلم بوجوب الواجبات منها وندب
المندوبات، لئلا يخالف غرض الشارع، فيوقع الواجب لندبه أو يعكس، ولا بد من
استناد علمه إلى أحد الطريقين لوجوب تلقي العبادات من الشارع، ولذا لا تقبل
ممن لا يؤمن بالشرع وإن وافقته ووقعت قربة إلى الله.
هذا إن لم تعارض الأدلة في نظره أو نظر مفتيه، وإلا أوقع ما تحير فيه لذلك لله
من غير قصد إلى الوجوب أو الندب.
(و) بشرط (أن يستديم القصد) المذكور (حكما إلى الفراغ) من
الصلاة، أي (بحيث لا يقصد ببعض الأفعال غيرها) أي غير الصلاة
والأفعال لما عرفت من وجوب مقارنة جميع أجزاء العبادة للاخلاص، أي القصد

(1) في ع (صحتها).
(2) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 101.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 112 س 4.
409

إليها لله، والمقارنة فعلا خارجة عن الطوق فأقيم مقامها حكمها، وهو أن لا يحدث
منافي القصد.
(فلو نوى الخروج) من الصلاة (في الحال أو تردد فيه كالشاك) في
شئ وأتى ببعض الأفعال كذلك (بطلت) الصلاة كما في الخلاف (1)، لوقوع
بعض منها بلا نية وإن لم يأت بشئ من أجزائها الواجبة كذلك، بل رفض قصد
الخروج أو التردد ثم أتى بالباقي اتجهت الصحة، لوقوع جميعها مع النية.
ويحتمل البطلان لكونه كتوزيع النية على الأجزاء، فإنه لما نقض النية الأولى
فلما نوى ثانيا، نوى الباقي خاصة.
(ولو نوى في) الركعة (الأولى) مثلا (الخروج في الثانية، فالوجه
عدم البطلان إن رفض) هذا (القصد قبل البلوغ إلى الثانية) لمن قصد
نقض النية غير نقضها.
والوجه عندي أنه نقض للنية، فإن أوقع بعض الأفعال مع هذا القصد كان
كايقاعه مع نية الخروج في الحال، وإن رفضه قبل إيقاع فعل كان كالتوزيع.
(وكذا لو علق الخروج بأمر ممكن كدخول شخص) فالوجه عدم
البطلان إن رفض القصد قبل وقوعه، وكذا إن لم يقع حتى أتم الصلاة. والوجه
عندي أنه كالتردد في الاتمام، فإن دخل وهو متذكر للتعليق مصر عليه خرج قطعا.
(وإن دخل) وهو ذاهل (فالأقرب البطلان) أيضا، وإن لم نقل به عند
التعليق، لأن التعليق المذكور مع وقوع المعلق عليه ينقض استدامة حكم النية،
ويحتمل الصحة احتمالا واضحا، لكون الذهول كرفض القصد.
(ولو نوى) أي قصد (أن يفعل المنافي) للصلاة، من حدث، واستدبار
ونحوهما، فإن كان متذكرا للمنافات لم ينفك عن قصد الخروج، وإن لم يكن

(1) الخلاف: ج 1 ص 307 المسألة 55.
410

متذكرا لها (لم تبطل، إلا معه على إشكال) في أن نية المخرج كنية الخروج.
والأقوى العدم كما في المبسوط (1) والشرائع (2) والتحرير (3) والمنتهى (4)، وفي
المبسوط: إنه يأثم (5)، وفيه نظر، إلا أن يكون متذكرا للمنافاة.
(وتبطل لو نوى الرياء) بكلها (أو ببعضها) مع القربة أو لا معها، للنهي
المقتضي للفساد. وفي الإنتصار صحتها وإن لم يثب عليها (6)، نظرا إلى أن
الاخلاص واجب آخر، وإن النهي عن الرياء لا الفعل بنية.
(أو) نوى (به) أي ببعضها (غير الصلاة) فإنها نية الخروج، ولذا
تبطل (وإن كان) البعض (ذكرا مندوبا) وعليه منع ظاهر، فإنه إن قصد بنحو
(سبحان ربي العظيم) في المرة الثانية التعجب لم يكن نوى الخروج، ولحوقه
حينئذ بكلام الآدميين أظهر بطلانا.
(أما) إذا كان ما نوى به غير الصلاة (زيادة على الواجب في الهيئات
كزيادة الطمأنينة، فالوجه البطلان مع الكثرة) كزيادتها في كل قيام وقعود
وركوع وسجود، وهذا مبني على أمرين:
أحدهما: بطلان الصلاة بالفعل الكثير الخارج عن الصلاة المتفرق.
والثاني: أن الاستمرار على هيئة فعل، لافتقار البقاء إلى المؤثر كالحدوث.
واحتمال الصحة على هذا مبني على أحد أمرين:
إما أنه لا يعد الاستمرار فعلا عرفا، أو لعدم افتقار البقاء إلى مؤثر.
وإما لأن الكثير المتفرق لا يبطل.
ويجوز أن يريد بالكثرة الطول المفضي إلى الخروج عن حد المصلي، ويكون
المراد أن الوجه عدم البطلان إلا مع الكثرة. ويحتمل البطلان مطلقا، لكونه

(1) المبسوط: ج 1 ص 102.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 79.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 37 س 17.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 267 س 11.
(5) المبسوط: ج 1 ص 102.
(6) الإنتصار: ج 1 ص 17.
411

نوى الخروج بذلك، وضعفه ظاهر كما عرفت.
(ويجوز نقل النية) من صلاة إلى أخرى، وتجزي وتصح الأخرى بهذه
النية وإن خلى أولها عن نيتها بالنصوص (في مواضع كالنقل) من الحاضرة
(إلى الفائتة) أو العكس، أو من الحاضرة المتأخرة إلى المتقدمة، (أو) (1) من
الفريضة إلى (النافلة لناسي) سورة (الجمعة، و) لناسي (الأذان،
ولطالب) صلاة (الجماعة)، ولا نقل من نفل إلى فرض إلا على قول الشيخ
في الصبي يبلغ في الصلاة (2).
(فروع) ستة:
(أ: لو شك في إيقاع النية بعد الانتقال) من محله، وهو الشروع في
التكبير (لم يلتفت)، لقول الصادق عليه السلام لزرارة في الصحيح: إذا خرجت من
شئ فدخلت في غيره فشككت فليس بشئ (3).
وفي الذكرى: لو شك في أثناء التكبير فالأقرب الإعادة، وخصوصا إذا
أوجبنا استحضارها إلى آخر التكبير (4).
قلت: أما على هذا القول فظاهر، وأما على غيره فلعله لعدم انعقاد الصلاة قبل
إتمامه، وإنما تنعقد بتكبير مقرون بالنية، والأصل العدم، وأما بعد انعقادها فالأصل
الصحة.
(و) لو شك في إيقاعها (في الحال) أي قبل الانتقال (يستأنف) النية
ليقترن بها التكبير، (ولو شك فيما نواه بعد الانتقال) أنه ظهر أو عصر مثلا،
أو أنه فرض أو نفل، أو أنه أداء أو قضاء (بنى على ما هو فيها) أي ما قام

(1) في النسخة المطبوعة من القواعد (وإلى).
(2) الخلاف: ج 1 ص 306 المسألة 53.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 330، ب 2 من أبواب الوضوء، ح 2. وفيه اختلاف في السند،
والكافي: ج 1 ص 34 ذيل الحديث 2.
(4) وذكرى الشيعة: ص 178 س 11.
412

إليها كما في الذكرى (1) للأصل. وقول الصادق عليه السلام لابن أبي يعفور: إذا قمت في
فريضة فدخلك الشك بعد فأنت في الفريضة (2). وإنما يحسب للعبد من صلاته التي
ابتداء في أول صلاته.
وفي المبسوط: إنه إن تحقق أنه نوى، ولا يدري نوى فرضا أو نفلا، استأنف
الصلاة احتياطا (3).
(ولو لم يعلم شيئا) مما قام إليه (بطلت صلاته) لعدم الترجيح، ولو
شك بعد الفراغ أنه كان نوى الظهر أو العصر، ففي التذكرة احتمال البناء على
الظهر، وأن يصلي أربعا عما في ذمته (4)، يعني إن كان ما صلاه في الوقت المشترك.
وفي الذكرى: إن الأقرب الأول (5).
(ب: النوافل المسببة) أي المقيدة بأسباب خاصة (لا بد في النية من
التعرض بسببها كالعيد والاستسقاء) وصلاة الزيارة والطواف ليتميز المنوي
ويتعين.
قال في التذكرة: أما غير المقيدة - يعني بسبب وإن تقيدت بوقت - كصلاة
الليل وسائر النوافل، فيكفي نية الفعل عن القيد. وقال الشافعي: لا بد في الرواتب
من تعيين إضافتها إلى الفرائض في وجه، وفي آخر يشترط في ركعتي الفجر
خاصة، وفي الوتر لا يضيفها إلى العشاء. وفي التعرض للنفلية إشكال، ينشأ من
أصالتها والشركة (6).
وفي نهاية الإحكام: أما النوافل فإما مطلقة - يعني عن السبب والوقت -
ويكفي فيها نية فعل الصلاة، لأنها أدنى درجات الصلاة، فإذا قصد الصلاة وجب

(1) ذكرى الشيعة: ص 178 س 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 712، ب 2 من أبواب النية، ح 3.
(3) المبسوط: ج 1 ص 122.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 111 - 112.
(5) ذكرى الشيعة: ص 178 س 13.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 111 س 24.
413

أن تحصل له (1).
قلت: لكنه إذا أراد فعل ما له كيفية مخصوصة كصلاة الحبوة وصلاة
الأئمة عليهم السلام عينها.
قال: ولا بد من التعرض للنفلية على إشكال، ينشأ من الأصالة والشركة (2).
قلت: العدم أوجه عندي.
قال: ولا يشترط التعرض لخاصتها، وهي الاطلاق والانفكاك عن الأسباب
والأوقات، وأما معلقة بوقت أو سبب، والأقرب اشتراط نية الصلاة والتعيين
والنفل، فينوي صلاة الاستسقاء والعيد المندوب، وصلاة الليل وراتبة الظهر على
إشكال (3) انتهى.
والأقرب عندي اشتراط التعيين بالسبب في بعض ذوات الأسباب كصلاة
الطواف والزيارة والشكر، دون بعض كالحاجة والاستخارة، ودون ذوات
الأوقات، إلا أن تكون لها هيئات مخصوصة كصلاة العيد، والغدير، والمبعث
فيضيفها إليها ليتعين.
ولا يشترط التعرض للنفل إلا إذا أضافها إلى الوقت، وللوقت فرض ونفل،
فلا بد إما من التعرض له أو للعدد ليتميز فينوي الحاضر في الظهر، مثلا أصلي
ركعتين قربة إلى الله، وفي الفجر أصلي نافلة الفجر.
(ج: لا يجب في النية التعرض للاستقبال) أي التوجه إلى القبلة كما
زعمه بعض العامة (4)، للأصل، كما لا يجب التعرض لها في الشروط ككونه على
الطهر، (ولا عدد الركعات) فيكفي أصلي فرض الصبح والصلاة المنذورة،
وللطواف وللزيارة إن تكثرت نوى: أصلي من المنذورة، وفي النفل يكفي أصلي
أو أصلي نفلا أو من نافلة الظهر.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 447.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 447.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 447.
(4) المجموع: ج 3 ص 280.
414

(ولا التمام ولا القصر) في اليومية، فإنه إن كان حاضرا انصرف إلى
التمام وإلا فإلى القصر. (وإن تخير) بينهما فكذلك لتخيره بين الاتمام والقصر
بعد الشروع، وإن ذهل عنهما عنده أو نوى الضد، خصوصا إذا نوى التمام فقصر،
واحتمل الشهيد (1) التعرض لأحدهما إذا تخير.
(د: المحبوس) ومن بحكمه (إذا نوى مع غلبة الظن ببقاء الوقت
الأداء، فبان الخروج أجزاء)، لأنه مكلف بظنه، ولأن المقصود به إنما هو تعيين
الفرض بأنها فرض اليوم الفلاني ليتميز عن غيرها وقد حصل، كما إذا نوى فرض
ظهر اليوم ظانا أنه يوم الجمعة ولم يكنه. وفي نهاية الإحكام: لأنه بنى على
الأصل (2). وفي التحرير (3) والمنتهى (4) أعاد.
(ولو بان عدم الدخول أعاد) لعدم أجزاء الصلاة إذا أوقع جميعها قبل
الوقت اتفاقا. (ولو ظن الخروج فنوى القضاء ثم ظهر البقاء فالأقرب
الاجزاء مع) ظهور الخلاف عند (خروج الوقت)، لأنه مكلف بظنه، ولأنه
عين الفرض، بأنها فرض اليوم الفلاني وهو المقصود، والأصل البراءة من القضاء،
لأنه بأمر جديد.
وأما إذا ظهر الخلاف في الوقت، فالوقت سبب وجوب الصلاة، ولم يعلم
براءة العهدة منها بما فعله، لأنه على غير وجهه. وفيه أنه إن كان على غير وجهه
وجب القضاء أيضا، وإلا لم يجب الإعادة في الوقت.
وفي التحرير (5) والمنتهى الإعادة مطلقا (6)، واحتمل في الإيضاح (7) الصحة إن
خرج الوقت في أثناء الصلاة بناء على أحد الأقوال في الصلاة التي بعضها في

(1) ذكرى الشيعة: ص 177 س 26.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 451.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 37 س 12.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 266 س 34.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 37 س 3 1.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 266 س 34.
(7) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 107.
415

الوقت دون بعض.
والوجه عندي الصحة مطلقا، لأنه نوى فرض الوقت، لكنه زعم خروجه،
وهو لا يؤثر؟.
ه‍: لو عزبت النية في الأثناء صحت صلاته) إجماعا، لأن الاستدامة
مما لا يطاق غالبا.
(و: لو أوقع الواجب من الأفعال بنية الندب بطلت الصلاة) لمنافاته
القربة، عالما أو جاهلا، فإنه مع العلم خالف الوجه الشرعي عمدا فكيف ينوي
القربة؟! ومع الجهل لم يتلقه من الشارع فلا قربة أيضا، وإن اعتبرنا الوجه في النية
كما اختاره المصنف، فالأمر ظاهر في الحالين، وفي السهو والنسيان والخطاء أيضا.
(وكذا لو عكس إن كان ذكرا أو فعلا كثيرا) لالتحاقه لذلك باللغو من
الكلام والفعل، ولأنه أدخل فيها ما لم يدخله الشارع، وهو مبطل وإن قل الفعل،
إلا مع السهو أو النسيان أو الخطأ. وما احتمله الشهيد من الصحة لاشتراك الواجب
والندب في الرجحان (1)، وإنما الاختلاف في المنع من الترك، وهو مؤكد لا يبطل،
فظاهر الفساد.

(1) ذكرى الشيعة: ص 178 س 7.
416

(الفصل الثالث)
(تكبيرة الاحرام)
(وهي ركن تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا) بالاجماع والنصوص،
خلافا لبعض العامة (1). وأما نحو صحيح البزنطي أنه سأل الرضا عليه السلام عن رجل
نسي أن يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع، فقال: أجزأه (2).
فيحتمل احتمالا ظاهرا أنه إذا كان متذكرا لفعل الصلاة عنده أجزأه فليقرأ
بعده إن لم يكن مأموما، ثم ليكبر مرة أخرى للركوع وليركع، إذ ليس عليه أن
ينوي بالتكبير أنه تكبيرة الافتتاح كما في التذكرة (3) والذكرى (4) ونهاية
الإحكام (5) للأصل، فلا حاجة إلى الحمل على التقية أو الشك، مع أن الأجزاء
ينافره.
(وصورتها: (الله أكبر)، فلو عرف (أكبر) أو عكس الترتيب، أو أخل
بحرف، أو قال:) الرحمن ((الله الجليل أكبر) أو كبر بغير العربية اختيارا

(1) المجموع: ج 3 ص 290.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 718، ب 3 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 2.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 112 س 31.
(4) ذكرى الشيعة: ص 178 س 21.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 454.
417

أو أضافه إلى شئ أي شئ كان) كالموجودات والمعلومات (أو قرنه ب‍
(من)) ومجرورا بها (كذلك، وإن عمم كقوله: (أكبر من كل شئ) وإن
كان هو المقصود) أو لو قال: أكبر من أن يوصف وإن كان هو المقصود، كما
رواه الصدوق في معاني الأخبار، عن الصادق عليه السلام بطريقين (1) (بطلت)
الصلاة، لوجوب التأسي، خصوصا في الصلاة وتلقي العبادات من الشارع، ولم
تتلق إلا كذلك.
وللعامة خلاف في جميع ذلك (2).
وعن أبي علي (3) كراهية تعريف (أكبر) باللام. ومن الاخلال بحرف اسقاط
همزة (الله) للوصل بلفظ النية أو لا له. قال الشهيد: لأن التكبير الوارد من صاحب
الشرع إنما كان يقطع الهمزة، ولا يلزم من كونها همزة وصل سقوطها، إذ سقوط
همزة الوصل من خواص الدرج بكلام متصل، ولا كلام قبل تكبيرة الاحرام، فلو
تكلفه فقد تكلف ما لا يحتاج إليه، فلا يخرج اللفظ عن أصله المعهود شرعا (4)،
انتهى.
وعن بعض متأخري الأصحاب: الوصل إذا اقترن بلفظ النية، لوجوبه لغة،
وكون القطع حينئذ لحنا مع جواز التلفظ بالنية، والقطع أحوط، لأنه المعهود من
الشارع ونوى به، ولفظ النية لا اعتداد به شرعا، وإن جاز فهو بحكم المعدوم.
(و) لما وجب التكبير بهذه الصورة كان (يجب على الأعجمي التعلم
مع سعة الوقت) وإمكانه، كما يجب عليه تعلم الفاتحة، خلافا لأبي حنيفة (5) فلم
يوجب العربية مطلقا، فإن لم يمكنه التعلم إلا بالمسير إلى قرية أو بلد وجب وإن
بعد.

(1) معاني الأخبار: ص 11 ح 1 و 2.
(2) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 505.
(3) ذكرى الشيعة: ص 178 س 28.
(4) ذكرى الشيعة: ص 178 س 31.
(5) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 526.
418

قال في نهاية الإحكام: بخلاف التيمم حيث لا يجب عليه المسير للطهارة،
لأنه بالتعلم يعود إلى موضعه وينتفع به طول عمره، واستصحاب الماء للمستقبل
غير ممكن.
قلت: والعمدة ورود الرخصة في التيمم دونه.
قال: ويجب عليه الصبر إلى آخر الوقت لرجاء التعلم، ولا يجوز له الصلاة
بالترجمة في أول الوقت حينئذ، فإن علم انتفاء التعليم في الوقت جاز أن يصلي
بالترجمة في أول الوقت، ولو أخر التعلم مع القدرة لم تصح صلاته، بل يجب عليه
الإعادة بعد التعلم (1).
وفي التذكرة: بخلاف التيمم في أول الوقت إن جوزناه، لأنا لو جوزنا له
التكبير بالعجمية في أول الوقت، سقط فرض التكبير بالعربية أصلا، لأنه بعد أن
صلى لا يلزمه التعلم في هذا الوقت وفي الوقت الثاني مثله، بخلاف الماء، فإن
وجوده لا يتعلق بفعله (2)، إنتهى.
لا يقال: لم لا يجوز أن تصح الصلاة وإن أثم بترك التعلم كما في آخر الوقت.
لأنا نقول: إن صحت في أول الوقت لم يكن أثم، لأن وجوب التعلم إنما
يتعلق به في وقت الصلاة كتحصيل الماء والساتر، فكما لا تصح الصلاة عاريا في
أول الوقت إذا قدر على تحصيل الساتر، وتصح في آخره وإن كان فرط في
التحصيل، فكذا ما نحن فيه.
(فإن ضاق) الوقت عن التعلم أو لم يطاوعه لسانه، أو لم يجد من يعلمه
ولا سبيل إلى المهاجرة للتعلم (أحرم بلغته) كما في المبسوط (3) والشرائع (4)
والجامع (5) والمعتبر (6) والإصباح (7) وجوبا، كما في نهاية الإحكام قال: لأنه ركن

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 455 - 456.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 113 س 12.
(3) المبسوط: ج 1 ص 103.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 79.
(5) الجامع للشرائع: ص 79.
(6) المعتبر: ج 2 ص 153.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 618.
419

عجز عنه فلا بد له من بدل، والترجمة أولى ما يجعل بدلا منه، لأدائها معناه، ولا
يعدل إلى سائر الأذكار (1). يعني ما لا يؤدي معناه، وإلا فالعربي منها أقدم نحو الله
أجل أو أعظم.
وفي الذكرى: لأن المعنى معتبر مع اللفظ، فإذا تعذر اللفظ وجب اعتبار
المعنى (2). يعني أنه يجب لفظ له العبارة المعهودة والمعنى المعهود وإن لم يجب
اخطاره بالبال، فإذا تيسرت العبارة لم يسقط المعنى. وهو معنى ما في المعتبر من
قوله: لأن التكبير ذكر، فإذا تعذر صورة لفظه روعي معناه، لكن ليس فيه
إلا الجواز (3). وكذا المبسوط (4) والإصباح (5)، ولكنه إذا جاز وجب لكونه ركنا
للواجب.
وإن عرف عدة لغات غير العربية، ففي نهاية الإحكام تساوى الجميع، قال:
ويحتمل أولوية السريانية والعبرانية، لأنه تعالى أنزل بهما كتبا، فإن أحسنهما لم
يعدل عنهما، والفارسية بعد هما أولى من التركية والهندية (6).
قلت: لعل أولوية الفارسية لاحتمال نزول كتاب المجوس بها.
وما قيل: من أنها لغة حملة العرش، قال: وترجمة التكبير بالفارسية (خداى
بزرگتر) فلو قال: (خداى بزرگ) وترك التفضيل لم يجز (7).
قلت: (بزرگتر) بفتح الراء الأخيرة أو كسرها، وهو لغة بعض الفارسيين، وفي
لغة أخرى (بزرگتر است) وأما لفظ (خداى) فليس مرادفا (لله)، وإنما هو
مرادف (للمالك) والرب بمعناه، وإنما المرادف له (ايزد) و (يزدان).
(والأخرس) الذي سمع التكبيرة وأتقن ألفاظها ولا يقدر على التلفظ بها

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 455.
(2) ذكرى الشيعة: ص 178 س 29.
(3) المعتبر: ج 2 ص 153.
(4) المبسوط: ج 1 ص 103.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 618.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 455.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 455.
420

أصلا، ومن بحكمه من يمنعه من النطق غير الأخرس (يعقد قلبه بمعناها) أي
بإرادتها وقصدها، لا المعنى الذي لها، إذ لا يجب اخطاره بالبال.
وأما قصد اللفظ فلا بد منه (مع الإشارة وتحريك اللسان) والشفة
واللهاة، أما التحريك فلوجوبه على الناطق بها، فلا يسقط بسقوط النطق،
والاقتصار على اللسان لتغليبه، كقول الصادق عليه السلام في خبر السكوني: تلبية
الأخرس وتشهده وقرائته القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بإصبعه (1).
وهو مستند الإشارة هنا.
وأحسن المصنف حيث لم يقيد الإشارة بالإصبع هنا كما قيدها بها في غيره
كالمبسوط (2)، لأن التكبير لا يشار إليه بالإصبع غالب، وإنما يشار بها إلى التوحيد.
(ويتخير في تعيينها من السبع) التي سيجئ استحباب ست منها كما في
الشرائع (3) والنافع (4) وشرحه (5) والإصباح (6) والاقتصاد (7) والمصباح (8)
ومختصره (9)، وفي الأربعة الأخيرة أن الأفضل جعلها الأخيرة.
وقد يظهر من المراسم (10) والكافي (11) والغنية (12) أنه متعين، ولا أعرف
لتعيينه أو فضله علة، ولذا نسب فضله في التذكرة (13) إلى المبسوط. بل خبرا زرارة
وحفص، عن الصادقين عليهما السلام قد يؤيدان العدم، لتعليلهما السبع، بأن النبي صلى الله عليه وآله كبر
للصلاة والحسين عليه السلام إلى جانبه يعالج التكبير ولا يحيره، فلم يزل صلى الله عليه وآله يكبر

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 801، ب 59 من أبواب القراءة في الصلاة، ح 1.
(2) المبسوط: ج 1 ص 103.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 79.
(4) المختصر النافع: ص 29.
(5) المعتبر: ج 2 ص 154 - 155.
(6) 1490 إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 619، وليس فيه الأفضلية.
(7) الإقتصاد: ص 261.
(8) مصباح المتهجد: ص 32 - 33.
(9) لا يوجد لدينا.
(10) المراسم: ص 70.
(11) الكافي في الفقه: ص 122.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 497 س 4.
(13) 1497 تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 113 س 18.
421

ويعالج الحسين عليه السلام حتى أكمل سبعا فأحار الحسين عليه السلام في السابعة (1).
نعم يترجح ذلك بالبعد عن عروض المبطل، وقرب الإمام من لحوق لاحق
به.
(ولو كبر للافتتاح ثم كبر له) ثانيا (بطلت صلاته) كما في
الشرائع (2) والجامع (3) والمبسوط (1501) والإصباح، وفيها لأن الثانية غير مطابقة
للصلاة (4)، يعنيان أنه زادها جز على ما شرع، فلا تكون صلاته صلاة مشروعة.
وفي التذكرة: لأنه فعل منهي عنه، فيكون باطلا ومبطلا للصلاة (5). وفي نهاية
الإحكام: بطلت هذه للنهي عنها، والأولى إذا زاد في الصلاة ركنا (6). وكأن الكل
بمعنى.
ثم المختار أنها إنما تبطل (إن لم ينو الخروج قبل)، وذلك بأن ينوي
الصلاة ثانيا بناء على جواز تجديد النية في الأثناء أي وقت أريد لا على الخروج
منها، ويقرن النية بالتكبير سهوا، أو لزعمه لزوم التكبير، أو جوازه كلما جدد النية
جاعلا له جز من الصلاة والبطلان لزيادة الركن، فإن الركن من التكبير هو
المقرون بالنية، وفي إبطاله سهوا نظر، لعدم الدليل.
نعم في الصورة الثانية زاد عمدا في الصلاة جز ليس منها شرعا وهو مبطل.
واحتمل الشهيد البطلان بنية الافتتاح بالثانية وإن لم يصحبها نية الصلاة (7).
وعندي أن نية الافتتاح ملزوم نية الخروج، أما لو نوى الخروج أولا فتبطل به
الصلاة، لارتفاع استمرار النية ثم تنعقد بالتكبير ثانيا مع النية، إلا على ما مضى من

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 721 و 722، ب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 1 و 4.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 79.
(3) الجامع للشرائع: ص 80.
(4) المبسوط: ج 1 ص 105.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 619.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 113 س 21.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 458.
(8) ذكرى الشيعة: ص 179 س 8.
422

القول بأنه إنما ينافي الاستمرار لو قارنه جز من أجزاء الصلاة.
(ولو كبر له ثالثا) نوى الخروج أولا، بأن جدد النية ثالثا وقرنها بالتكبير
(صحت)، وإن لم يكن علم البطلان بالثاني فإنه لم يزد في الصلاة شيئا وإن
زعم أنه زاد.
(ويجب) أن يوقع (التكبير) بتمامه (قائما) كما في الشرائع (1)
والنافع (2) للصلوات البيانية، ولأنه جز من الصلاة المشروط بالقيام إلا في بعض
أجزائها المعلومة، وعليه منع. ولقول الصادق عليه السلام في صحيح سليمان بن خالد: إذا
أدرك الإمام وهو راكع كبر الرجل وهو مقيم صلبه، ثم ركع قبل أن يرفع الإمام
رأسه فقد أدرك الركعة (3).
(فلو تشاغل بهما) أي التكبير والقيام (دفعة أو ركع قبل انتهائه)
مأموما أو غيره (بطلت) صلاته عمدا أو سهوا أو جهلا، لكون القيام في الركن
ركنا. خلافا للشيخ، فقال في الخلاف (4) والمبسوط: إنه إن كبر المأموم تكبيرة
واحدة للافتتاح والركوع، وأتى ببعض التكبير منحنيا، صحت صلاته (5). وفي
الذكرى: لم نقف على مأخذه (6).
قلت: استدل عليه في الخلاف بأن الأصحاب حكموا بصحة هذا التكبير
وانقعاد الصلاة به، ولم يفصلوا بين أن يكبر قائما أو يأتي به منحنيا، فمن ادعى
البطلان احتاج إلى دليل (7).
قلت: عرفت الدليل، وبعبارة أخرى كل عبادة خالفت ما تلقيناه من الشارع
زيادة أو نقصانا أو هيئة فالأصل بطلانها إلى أن يقوم دليل على الصحة، من غير

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 80.
(2) المختصر النافع: ص 29.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 441، ب 45 من أبواب صلاة الجماعة، ح 1.
(4) الخلاف: ج 1 ص 340 المسألة 92.
(5) المبسوط: ج 1 ص 105.
(6) ذكرى الشيعة: ص 178 س 35.
(7) الخلاف: ج 1 ص 341 المسألة 92.
423

افتراق بين الجاهل والعالم العامد والساهي.
(و) يجب فيه (اسماع نفسه تحقيقا أو تقديرا) فإنه لفظ، واللفظ إما
صوت أو كيفية له، والصوت كيفية مسموعة، والأخبار ناطقة به في القراءة (1).
وأما صحيح علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يصلح له أن يقرأ
في صلاته ويحرك لسانه بقرائته في لهواته من غير أن يسمع نفسه، قال: لا بأس
أن لا يحرك لسانه يتوهم توهما (2). فحمله الشيخ على من يصلي خلف من
لا يقتدي به تقية (3).
ويجوز حمله على المأموم ونهيه عن القراءة، وتجويز التوهم له.
(ويستحب ترك المد في لفظ الجلالة) كما في الشرائع (4) أي في ألفها
زيادة على ما لا بد منه، أو في همزتها لا بحيث ينتهي إلى زيادة ألف فيكون
بصورة الاستفهام، فإن فعل فالأقرب البطلان كما في التذكرة (5) ونهاية
الإحكام (6)، قصد الاستفهام أو لا كما في الذكرى (7)، خلافا للتحرير (8) والمنتهى (9)
فقصر البطلان فيهما على قصده، وفي المبسوط: لا يجوز أن يمد لفظ (الله) (10).
(و) يستحب ترك المد في لفظ (أكبر) كما في النافع (11) وشرحه (12)، أي
إشباع حركتي الهمزة والباء أو إحداهما، لا بحيث يؤدي إلى زيادة ألف فهو مبطل
كما في المبسوط (13) والشرائع (14) في (أكبار) قال: لأنها (كبارا) جمع (كبر) وهو

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 773، ب 33 من أبواب القراءة في الصلاة.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 774، ب 33 من أبواب القراءة في الصلاة، ح 5.
(3) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 97 ذيل الحديث 365، الإستبصار: ج 1 ص 321 ذيل الحديث
1196.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 80.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 113 س 1.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 454.
(7) ذكرى الشيعة: ص 179 س 11.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 37 س 25.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 268 س 19.
(10) المبسوط: ج 1 ص 102.
(11) المختصر النافع: ص 30.
(12) المعتبر: ج 2 ص 156.
(13) المبسوط: ج 1 ص 102.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 80.
424

الطبل (1).
وفي التذكرة (2) ونهاية الإحكام: في مد همزته (3)، وفي المعتبر (4) والمنتهى (5)
والتحرير: الفرق في (أكبار) بين قاصد الجمع وغيره (6)، واحتج له في المنتهى:
بأنه قد ورد الاشباع في الحركات إلى حيث ينتهي إلى الحروف في لغة العرب،
ولم يخرج بذلك عن الوضع (7). يعني ورد الاشباع كذلك في الضرورات ونحوها
من المسجعات، وما يراعى فيه المناسبات، فلا يكون لحنا، وإن كان في السعة.
(و) يستحب (إسماع الإمام المأمومين) تكبيرة الاحرام ليعلموا أول
الصلاة فيقتدوا به فيها. وفي المنتهى: لا نعرف فيه خلافا (8).
وقال الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: إن كنت إماما فإنه يجزئك أن تكبر
واحدة تجهر فيها وتسر ستا (9). وفي خبر أبي بصير: إذا كنت إماما فلا تجهر
إلا بتكبيرة (10).
(و) يستحب (رفع اليدين بها) وفاقا للمعظم للأصل، ولا عبرة به مع
النصوص (11)، بخلافه من غير معارض.
ولقول الصادق عليه السلام لزرارة: رفع يديك في الصلاة زينتها (12). وقول
الرضا عليه السلام للفضل: إنما ترفع اليدان لأن رفع اليدين ضرب من الابتهال والتبتل
والتضرع، فأحب الله عز وجل أن يكون العبد في وقت ذكره متبتلا متضرعا مبتهلا،

(1) المبسوط: ج 1 ص 102.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 113 س 1.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 454.
(4) المعتبر: ج 2 ص 156.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 268 س 18.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 37 س 25.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 268 س 19.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 269 س 30.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 730، ب 12 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 1.
(10) المصدر السابق ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 725، ب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 921، ب 2 من أبواب الركوع، ح 4.
425

ولأن في رفع الأيدي إحضار النية وإقبال القلب على ما قال وقصد (1). وضعفهما
عن الدلالة واضح.
وأوجبه السيد في جميع تكبيرات الصلاة، وادعى الاجماع عليه (2)، ويعضده
ظاهر الأمر في الأخبار، وهي كثيرة (3). وفي قوله تعالى: (فصل لربك وانحر) (4)
وللأخبار (5)، بأن النحر: هو رفع اليدين بالتكبير، وهي أيضا كثيرة.
والرفع (إلى شحمتي الأذن) كما في النهاية (6) والمبسوط (7) وغيرهما،
لأخبار الرفع حيال وجهه (8).
وقال صفوان بن مهران في الصحيح: رأيت أبا عبد الله عليه السلام إذا كبر في الصلاة
رفع يديه حتى يكاد يبلغ أذنيه (9). وقال ابن عمار في الصحيح: رأيت أبا عبد
الله عليه السلام يرفع يديه أسفل من وجهه قليلا (10). وهو ظاهر (وانحر) إن كان بمعنى
الرفع إلى النحر كما في المجمع (11) عن علي عليه السلام. ولكن فسر في عدة أخبار (12)
بالرفع حذاء الوجه.
وقال الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: لا تجاوز أذنيك (13). ونحوه حسن

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 727، ب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 11.
(2) الإنتصار: ص 44.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 727، ب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 11 و 13 و 14.
(4) الكوثر: 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 725 و 727 - 728، ب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 4 و 13
و 14 و 15 و 16 و 17.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 293.
(7) المبسوط: ج 1 ص 103.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 725، ب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام.
(9) المصدر السابق ح 1.
(10) المصدر السابق ح 2.
(11) مجمع البيان: ج 10 ص 550.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 725، ب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام.
(13) المصدر السابق ح 5.
426

زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله: ما لي أرى قوما يرفعون أيديهم فوق
رؤوسهم كأنها آذان خيل شمس (1).
(و) يستحب (التوجه) إلى الصلاة (بست تكبيرات غير تكبيرة
الاحرام) بالنص (2) والاجماع كما في الإنتصار (3) والخلاف (4).
وإنما استحبها علي بن بابويه في أول كل فريضة، وأولى نوافل الزوال، وأولى
نوافل المغرب، وأولى صلاة الليل، والوتر، وصلاة الاحرام (5).
قال الشيخ: لم أجد به خبرا مسندا (6)، وزاد الشيخان (7) والقاضي (8) والمصنف
في التحرير (9) والتذكرة (10) والنهاية (11) والتلخيص الوتيرة (12)، واستحبها سلار
أيضا في سبع هي هذه إلا صلاة الاحرام فذكر مكانها الشفع (13).
وفي محمديات السيد: إنها إنما يستحب في الفرائض (14)، وفي السرائر عن
بعض الأصحاب أنها إنما يستحب في الفرائض الخمس (15)، واختار ابن
إدريس (16) والمحقق (17) والمصنف في المختلف (18) وغيره استحبابها في كل صلاة.

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 729، ب 10 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 4. وفيه: عن المحقق
في المعتبر والعلامة في المنتهى عن علي عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 721، ب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام.
(3) الإنتصار: ص 40.
(4) الخلاف: ج 1 ص 323 المسألة 75.
(5) نقله عنه في تهذيب الأحكام: ج 2 ص 94.
(6) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 94 ذيل الحديث 349.
(7) المقنعة: ص 111، المبسوط: ج 1 ص 104.
(8) المهذب: ج 1 ص 98.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 37 س 30.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 113 س 25.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 459.
(12) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 562.
(13) المراسم: ص 70 - 71.
(14) نقله العلامة في مختلف الشيعة: ج 2 ص 186.
(15) السرائر: ج 1 ص 238.
(16) السرائر: ج 1 ص 237.
(17) المعتبر: ج 2 ص 155.
(18) مختلف الشيعة: ج 2 ص 186.
427

وهو مختار المفيد لقوله بعد ما ذكر استحبابها للسبع: ثم هو فيما بعد هذه
الصلاة يستحب، وليس تأكيده كتأكيد فيما عددنا (1). وهو الوجه، لعموم
الأخبار (2)، واستحباب ذكر الله وتكبيره على كل حال.
وقال أبو جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: التكبيرة الواحدة في افتتاح الصلاة
تجزي، والثلاث أفضل، والسبع أفضل كله (3).
وقال الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا افتتحت الصلاة فكبر إن شئت
واحدة، وإن شئت ثلاثا، وإن شئت خمسا، وإن شئت سبعا، فكل ذلك مجزي
عنك (4).
وقال أبو جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: إذا كنت كبرت في أول صلاتك بعد
الاستفتاح بإحدى وعشرين، تكبيرة ثم نسيت التكبير كله ولم تكبر، أجزأك
التكبير الأول عن تكبير (5) الصلاة كله (6).
قلت: يعني في الرباعيات والباء في (بإحدى) متعلقة بالاستفتاح، كما هو
الظاهر لنطق غيره من الأخبار (7)، بأن في الرباعيات إحدى وعشرين تكبيرة،
منها تكبيرة القنوت.
ويستحب (بينها) أي السبع (ثلاثة أدعية) بعد الثلاثة والخامسة، وبعد
السادسة، فقد ورد بعدها: (يا محسن قد أتاك المسي، وقد أمرت المحسن أن
يتجاوز عن المسي، وأنت المحسن وأنا المسي فصل على محمد وآله، وتجاوز

(1) المقنعة: ص 111.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 721، ب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 714، ب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 721، ب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 3.
(5) في ع: تكبيرة.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 720 ب 6 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 719، ب 5 من أبواب تكبيرة الاحرام.
428

عن قبيح ما تعلم مني) (1).
وورد أيضا: (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي الآية) (2).
والأشهر أن بينها دعاءين، وهما مشهوران، ويجوز تغليب البين على البعد،
فيراد بالثلاثة الدعاءان المشهوران، وما بعد الكل من دعاء التوجه، ويجوز
الاتيان بالتكبيرات ولا. قال زرارة: رأيت أبا جعفر عليه السلام أو قال: سمعته استفتح
الصلاة بسبع تكبيرات ولا (3).

(1) مستدرك الوسائل: ج 4 ص 143 ح 6. عن شرح النفلية.
(2) المصدر السابق.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 721، ب 7 من أبواب تكبيرة الاحرام، ح 2.
429