الكتاب: كشف اللثام (ط.ج)
المؤلف: الفاضل الهندي
الجزء: ٦
الوفاة: ١١٣٧
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٧
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

كشف اللثام
عن قواعد الأحكام
تأليف
الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني
المعروف ب‍ (الفاضل الهندي)
1062 - 1137 ه‍
الجزء السادس
تحقيق
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

كشف اللثام عن قواعد الأحكام
(ج 6)
تأليف: محمد بن الحسن الأصفهاني المعروف ب‍ (الفاضل الهندي)
تحقيق: مؤسسة النشر الاسلامي
الموضوع: فقه
عدد الأجزاء: 15 جزء
الطبعة: الأولى
المطبوع: 1000 نسخة
التاريخ: 1417 ه‍
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

كتاب الحج
3

(الفصل الثالث)
(في السعي)
(وفيه مطلبان:) لجعل الواجبات والمندوبات لقلتها وقلة مباحثها واحدا.
(الأول:)
(في أفعاله)
الواجبة فيه، أو المندوبة فيه، أو قبله.
(ويجب فيه النية) المقارنة لأوله، وإلا لم يكن نية المستدامة حكما إلى
آخره إن أتى به متصلا إلى الآخر، فإن فصل فكالطواف عندي أنه يجددها ثانيا
فما بعده.
(المشتملة على الفعل) أي السعي فلا بد من تصور معناه المتضمن
للذهاب من الصفا إلى المروة والعود، وهكذا سبعا، (ووجهه) من الوجوب أو
الندب إن وجب الوجه.
(و) لا بد من تعيين نوعه من (كونه سعي حج الاسلام أو غيره) من
عمرة الاسلام أو غيرها (والتقرب به إلى الله تعالى).
(و) يجب (البدأة بالصفا) بالنصوص (1) والاجماع، وإن قال الحلبي:

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 521 ب 6 من أبواب السعي.
5

والسنة فيه الابتداء بالصفا، والختام بالمروة (1). وهو أنف من جبل أبي قبيس بإزاء
الضلع الذي بين الركن العراقي واليماني.
قال النووي في التهذيب: إن ارتفاعه الآن إحدى عشرة درجة، فوقها أزج
كإيوان، وعرض فتحة هذا الأزج نحو خمسين قدما (2).
قلت: والظاهر من ارتفاع الأزج سبع درج، وذلك لجعلهم التراب على أربع
منها كما حفروا الأرض في هذه الأيام فظهرت الدرجات الأربع.
وعن الأزرقي: إن الدرج اثنا عشر (3). وقيل: إنها أربعة عشر. قال الفاسي:
سبب هذا الاختلاف أن الأرض تعلو بما يخالطها من التراب فيستر ما لاقاها من
الدرج، قال: وفي الصفا الآن من الدرج الظواهر تسع درجات، منها خمس
درجات يصعد منها إلى العقود التي بالصفا، والباقي وراء العقود، وبعد الدرج التي
وراء العقود ثلاث مساطب كبار على هيئة الدرج، يصعد من الأولى إلى الثانية
منهن بثلاث درجات في وسطها.
وعن أبي حنيفة جواز الابتداء بالمروة (4).
فإن لم يصعد عليه وقف (بحيث يجعل) عقبه و (كعبه) وهو ما بين
الساق والقدم (ملاصقا له) لوجوب استيعاب المسافة التي بينه وبين المروة.
وهل يكفي من أحد القدمين؟ وجهان.
ولا يجب الصعود عليه للأصل، وإجماع الطائفة كما في الخلاف (5)
والجواهر (6)، بل إجماع أهل العلم، إلا من شذ ممن لا يعتد به كما في التذكرة (7)
والمنتهى (8). وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج سأل الكاظم عليه السلام عن النساء يطفن

(1) الكافي في الفقه: ص 196.
(2) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 181 مادة (صفا).
(3) أخبار مكة 2: 119.
(4) الفتاوى الهندية: ج 1 ص 227.
(5) الخلاف: ج 2 ص 329 المسألة 141.
(6) جواهر الفقه: ص 43 المسألة 147.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 366 س 16.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 704 س 11.
6

على الإبل والدواب، أيجزئهن أن يقفن تحت الصفا والمروة حيث يرين البيت؟
فقال: نعم (1).
وفي التذكرة (2) والمنتهى: إن من أوجب الصعود أوجبه من باب المقدمة،
لأنه لا يمكن استيفاء ما بينهما إلا به، كغسل جز من الرأس في الوضوء، وصيام
جز من الليل. وقال: وهذا ليس بصحيح (3)، لأن الواجبات هنا لا ينفصل بمفصل
حسي يمكن معه استيفاء الواجب دون فعل بعضه، فلهذا أوجبنا غسل جز من
الرأس، وصيام جز من الليل، بخلاف صورة النزاع، فإنه يمكنه أن يجعل عقبه
ملاصقا للصفا.
وفي الفقيه (4) والمقنع (5) والمراسم (6) والمقنعة يحتمل وجوب
الصعود (7). وفي الدروس: فالأحوط الترقي إلى الدرج، وتكفي الرابعة (8).
قلت: لما روي أنه صلى الله عليه وآله صعده في حجة الوداع (9) مع قوله: خذوا عني
مناسككم. وأما كفاية الرابعة فلما روي أنه صلى الله عليه وآله في قدر قامة حتى رأى الكعبة (10).
وقال الغزالي في الاحياء: إن بعض الدرج محدثة، فينبغي أن لا يخلفها وراء
ظهره، فلا يكون متمما للسعي (11).
(و) يجب (الختم بالمروة) وهي أنف من جبل قيقعان، كذا في تهذيب
النووي (12)، وحكى الفاسي عن أبي عبيد البكري: إنها في أصل جبل قيقعان. قال

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 533 ب 17 من أبواب السعي ح 1.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 366 س 16.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 704 س 12.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 535.
(5) المقنع: ص 82.
(6) المراسم: ص 110.
(7) المقنعة: ص 404.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 410 درس 106.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 151 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(10) صحيح مسلم: ج 2 ص 888 ح 1218.
(11) إحياء علوم الدين: ج 1 ص 252.
(12) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 181 (مادة صفا).
7

النووي: وهي درجتان (1). وقال الفاسي: إن فيها الآن درجة واحدة. وحكى عن
الأزرقي والبكري أنه كان عليها خمس عشرة درجة (2)، وعن ابن خيبران: فيها
خمس درج.
قال النووي: وعليها أيضا أزج كإيوان، وعرض ما تحت الأزج نحو أربعين
قدما، فمن وقف عليها كان محاذيا للركن العراقي، وتمنعه العمارة من رؤيته (3).
فإن لم يصعدها، وقف (بحيث يلصق أصابع قدميه) جميعا (بها) ولا
يكفي قدم واحدة مع احتماله، ولا يجب صعودها للأصل. وصحيح عبد الرحمن
ابن الحجاج المتقدم على ما في الكافي (4) والتهذيب فإن فيهما: أيجزئهن أن يقفن
تحت الصفا والمروة؟ (5) والاجماع إلا ممن لا يعتد به كما في الخلاف (6).
ويظهر من التذكرة (7) والمنتهى (8) وعبارات المقنع (9) والفقيه (10) والهداية (11)
والمقنعة (12) والمراسم يحتمل وجوبه حتى يرى البيت (13)، لفعله صلى الله عليه وآله حجة الوداع.
(والسعي سبعة أشواط) بالاجماع والنصوص (14) (من الصفا إليه
شوطان) لا شوط كما حكي عن بعض العامة (15) للاجماع والنصوص.
(ويستحب) فيه (الطهارة) من الأحداث وفاقا للمشهور للأخبار (16)،

(1) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 181 (مادة صفا).
(2) أخبار مكة 2: 119.
(3) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 181 (مادة صفا).
(4) الكافي: ج 4 ص 437 ح 5.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 156 ح 42.
(6) الخلاف: ج 2 ص 329 المسألة 142.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 366 س 16.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 704 س 12.
(9) المقنع: ص 83.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 536.
(11) الهداية: ص 59.
(12) المقنعة: ص 405.
(13) المراسم: ص 111.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 521 ب 6 من أبواب السعي.
(15) المجموع: ج 8 ص 71.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 530 ب 15 من أبواب السعي.
8

ولا يجب للأصل والأخبار، كقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: لا بأس أن
يقضي المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف، فإن فيه صلاة والوضوء
أفضل (1).
وصحيحه أيضا سأله عليه السلام عن امرأة طافت بالبيت ثم حاضت قبل أن تسعى،
قال: تسعى. وسأله عن امرأة طافت بين الصفا والمروة فحاضت بينهما، قال: تتم
سعيها (2). وخبر يحيى الأزرق سأل الكاظم عليه السلام رجل سعى بين الصفا والمروة
ثلاثة أشواط أو أربعة ثم بال ثم أتم سعيه بغير وضوء، فقال: لا بأس، ولو أتم
مناسكه بوضوء كان أحب إلي (3).
وأوجبها الحسن (4) لقول الكاظم عليه السلام في خبر ابن فضال: لا تطوف ولا تسعى
إلا بوضوء (5). وصحيح الحلبي، عن الصادق عليه السلام عن المرأة تطوف بين الصفا
والمروة وهي حائض؟ قال: لا، إن الله يقول: (إن الصفا والمروة من شعائر الله) (6).
والحمل على استحباب الطهارة طريق الجميع.
واستحب الشهيد الطهارة من الخبث أيضا (7)، ويحتملها العبارة، ولم أظفر
بسند.
(و) يستحب إذا أراد الخروج للسعي (استلام الحجر) مع الامكان، وإلا
الإشارة إليه (والشرب من زمزم وصب مائها عليه) لقول الصادق عليه السلام في
حسن معاوية وصحيحه: إذا فرغت من الركعتين فأت الحجر الأسود فقبله واستلمه
وأشر إليه فإنه لا بد من ذلك، وقال: إن قدرت أن تشرب من ماء زمزم قبل أن

(1) المصدر السابق ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 531 ب 15 من أبواب السعي ح 5.
(3) المصدر السابق ح 6.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 211.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 531 ب 15 من أبواب السعي ح 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 531 ب 15 من أبواب السعي ح 7.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 409 درس 106.
9

تخرج إلى الصفا فافعل (1).
وليكن الشرب والصب (من الدلو المقابل للحجر) لصحيح حفص بن
البختري عن الكاظم عليه السلام والحلبي عن الصادق عليه السلام قالا: يستحب أن تستقي من
ماء زمزم دلوا أو دلوين فتشرب منه وتصب على رأسك وجسدك، وليكن ذلك
من الدلو الذي بحذاء الحجر (2).
ويستحب له الاستقاء بنفسه كما في الدروس (3)، كما هو ظاهر هذا الخبر
وغيره. وفي الدروس: روى الحلبي أن الاستلام بعد إتيان زمزم (4).
قلت: نعم، رواه في الحسن عن الصادق عليه السلام قال: إذا فرغ الرجل من طوافه
وصلى ركعتين فليأت زمزم ويستق منه ذنوبا أو ذنوبين، فليشرب منه وليصب
على رأسه وظهره وبطنه ويقول: اللهم اجعله علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل
داء وسقم، ثم يعود إلى الحجر الأسود (5). وكذا روى ابن سنان عنه عليه السلام في حج
النبي صلى الله عليه وآله فلما طاف بالبيت صلى ركعتين خلف مقام إبراهيم عليه السلام ودخل زمزم
فشرب منها وقال: اللهم أني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء
وسقم، فجعل يقول ذلك وهو مستقبل الكعبة، ثم قال لأصحابه: ليكن آخر عهدكم
بالكعبة استلام الحجر، فاستلمه ثم خرج إلى الصفا (6). ولا يخالفه خبر معاوية
الذي سمعته، فإن المهم فيه أن استحباب الاستلام آكد.
نعم، يخالفه قوله عليه السلام في صحيح الحلبي الذي في علل الصدوق في حج
النبي صلى الله عليه وآله: ثم صلى ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام، ثم استلم الحجر، ثم أتى زمزم

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 515 ب 2 من أبواب السعي ح 1.
(2) المصدر السابق ح 4.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 409 درس 106.
(4) المصدر السابق.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 515 ب 2 من أبواب السعي ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 8 ص 158 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 15.
10

فشرب منها (1). مع إمكان أن يكون استلمه بعد الشرب أيضا.
وأجاز الشهيد إذ استظهر استحباب الاستلام وإتيان زمزم عقيب الركعتين وإن
لم يرد السعي، قال: وقد رواه علي بن مهزيار عن الجواد عليه السلام في ركعتي طواف
النساء (2).
قلت، قال: رأيت أبا جعفر الثاني ليلة الزيارة طاف طواف النساء، وصلى
خلف المقام، ثم دخل زمزم فاستقى منها بيده بالدلو الذي يلي الحجر، وشرب منه
وصب على بعض جسده، ثم اطلع في زمزم مرتين، وأخبرني بعض أصحابنا أنه
رآه بعد ذلك فعل مثل ذلك (3).
قال الشهيد: ونص ابن الجنيد أن استلام الحجر من توابع الركعتين، وكذا اتيان
زمزم على الرواية عن النبي صلى الله عليه وآله (4).
(و) يستحب (الخروج) إلى الصفا (من الباب المقابل له) أي
الحجر، للتأسي والأخبار (5). وفي التذكرة (6) والمنتهى: لا نعلم فيه خلافا (7)، وهو
الآن معلم بأسطوانتين معروفتين، فليخرج من بينهما.
قال الشهيد: والظاهر استحباب الخروج من الباب الموازي لهما (8).
(و) يستحب (الصعود على الصفا) للرجال، للتأسي والنصوص (9)
والاجماع، إلا ممن أوجبه إلى حيث يرى الكعبة من بابه كما قال الصادق عليه السلام في

(1) علل الشرائع: ص 412.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 409 درس 106.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 515 ب 2 من أبواب السعي ح 3.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 409 درس 106.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 516 ب 3 من أبواب السعي.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 366 س 14.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 704 س 6.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 409 درس 106.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 517 ب 4 من أبواب السعي.
11

حسن معاوية: فاصعد على الصفا حتى تنظر إلى البيت (1).
ويكفي فيه الصعود على الدرجة الرابعة التي كانت تحت التراب فظهرت الآن
حيث أزالوا التراب، ولعلهم إنما كانوا جعلوا التراب تيسيرا للنظر إلى الكعبة على
المشاة وللصعود على الركبان ولما كانت الدرجات الأربع مخفية في التراب ظن
بعض الأصحاب أن النظر إلى الكعبة لا يتوقف على الصعود، وأن معنى الخبر
استحباب كل من الصعود والنظر والإشارة إن تم، وابتداء السعي ونيته من أسفل
الدرج، وهو الأحوط.
وفي الدروس: مقارنة النية لوقوفه على الصفا في أي جز منها (2) وأن
الأفضل بل الأحوط كونه عند النية على الدرجة الرابعة، وسائر العبارات يحتمل
الأمرين.
(و) يستحب (استقبال ركن الحجر) عند كونه على الصفا، لحسن
معاوية عن الصادق (3) عليه السلام، ولعله المراد بالركن اليماني في صحيحه في أن
النبي صلى الله عليه وآله أتى الصفا فصعد عليه فاستقبل الركن اليماني (وحمد الله والثناء
عليه) (4) بما يخطر بالبال ويجري على اللسان.
(وإطالة الوقوف) عليه، فقال الصادق عليه السلام في مرفوع الحسن بن علي بن
الوليد: من أراد أن يكثر ماله فليطل الوقوف على الصفا والمروة. ولحماد المنقري:
إن أردت أن يكثر مالك فأكثر الوقوف على الصفا (5). ويحتمل غير الإطالة.
وفي حسن معاوية: إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقف على الصفا بقدر ما يقرأ
الانسان سورة البقرة مترسلا (6). وفي صحيحه: ودعا مقدار ما يقرأ سورة البقرة

(1) المصدر السابق ح 1.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 410 درس 106.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 517 ب 4 من أبواب السعي ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 151 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 519 ب 5 من أبواب السعي ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 518 ب 4 من أبواب السعي ح 1.
12

مترسلا (1). وفي صحيح ابن سنان: مقدار ما يقرأ الانسان البقرة (2).
(و) يستحب وراء ما مر من الحمد والثناء (التكبير سبعا، والتهليل
كذلك، والدعاء بالمأثور) فقال الصادق عليه السلام في حسن معاوية: فاصعد على
الصفا حتى تنظر إلى البيت وتستقبل الركن الذي فيه الحجر الأسود فاحمد الله
عز وجل واثن عليه، ثم اذكر من آلائه وبلائه وحسن ما صنع إليك ما قدرت على
ذكره، ثم كبر الله سبعا واحمده سبعا وهلله سبعا، وقل: (لا إله إلا الله وحده لا
شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت وهو على كل شئ
قدير) ثلاث مرات، ثم صل على النبي صلى الله عليه وآله وقل: (الله أكبر الحمد لله على ما هدانا
والحمد لله على ما أولانا والحمد لله الحي القيوم والحمد لله الحي الدائم) ثلاث
مرات، وقل: (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله لا نعبد إلا إياه
مخلصين له الدين ولو كره المشركون) ثلاث مرات، (اللهم إني أسألك العفو
والعافية واليقين في الدنيا والآخرة) ثلاث مرات، (اللهم آتنا في الدنيا حسنة
وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار) ثلاث مرات، ثم كبر الله مائة مرة وهلل مائة
مرة وأحمد الله مائة مرة وسبح مائة مرة وتقول: (لا إله إلا الله وحده وحده أنجز
وعده ونصر عبده وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد وحده وحده، اللهم
بارك لي في الموت وفيما بعد الموت، اللهم إني أعوذ بك من ظلمة القبر ووحشته،
اللهم أظلني في ظل عرشك يوم لا ظل إلا ظلك)، وأكثر من أن تستودع ربك
دينك ونفسك وأهلك، ثم تقول: (استودع الله الرحمن الرحيم الذي لا تضيع
ودائعه ديني ونفسي وأهلي، اللهم استعملني على كتابك وسنة نبيك وتوفني على
ملته وأعذني من الفتنة)، ثم تكبر ثلاثا، ثم تعيدها مرتين، ثم تكبر واحدة، ثم
تعيدها، فإن لم تستطع هذا فبعضه (3).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 151 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 159 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 15.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 518 ب 4 من أبواب السعي ح 1.
13

وروي غير ذلك وأنه ليس فيه شئ موقت. قال الصدوق بعدما ذكر نحوا من
بعض ذلك، ثم انحدر وقف على المرقاة الرابعة حيال الكعبة وقل: اللهم إني أعوذ
بك من عذاب القبر وفتنته ووحشته وظلمته وضيقه وضنكه، اللهم أظلني في ظل
عرشك يوم لا ظل إلا ظلك (1).
وعن محمد بن عمر بن يزيد، عن بعض أصحابه قال: كنت في ظهر أبي
الحسن موسى عليه السلام على الصفا وعلى المروة وهو لا يزيد على حرفين: اللهم إني
أسألك حسن الظن بك في كل حال، وصدق النية في التوكل عليك (2).
(و) يستحب (المشي فيه) لأنه أحمز وأدخل في الخضوع، وقد ورد
أن السعي أحب الأراضي إلى الله، لأنه يذل فيه الجبابرة (3).
ويجوز الركوب لا لعذر للأصل والنصوص (4) والاجماع كما في الغنية (5)
وغيرها.
(و) يستحب (الرمل) وهو الهرولة كما في الصحاح (6) والعين (7)
والمحيط والمجمل (8) والمقاييس (9) والأساس (10) وغيرها، وفيما سوى الصحاح
والأساس منها: إنها بين المشي والعدو. وفي الديوان وغيره: إنها ضرب من
العدو (11)، وتردد الجوهري (12) بينها، وقد يكون المعنى واحدا، كما يرشد إليها ما في

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 536.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 520 ب 5 من أبواب السعي ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 511 ب 1 من أبواب السعي.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 532 ب 16 من أبواب السعي.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 29.
(6) الصحاح: ج 4 ص 1713 مادة (رمل).
(7) العين: ج 8 ص 267 مادة (رمل).
(8) مجمل اللغة: ج 1 ص 399 مادة (رمل).
(9) مقاييس اللغة: ج 2 ص 442 مادة (رمل).
(10) أساس البلاغة: ص 253 مادة (رمل).
(11) ديوان الأدب: ج 2 ص 129 وزن (فعل يفعل).
(12) الصحاح: ج 5 ص 1850 مادة (هرل)، وفيه: (وهو بين المشي والعدو).
14

نظام الغريب أنه: نوع من العدو أسهل. وفي التهذيب للأزهري: رمل الرجل يرمل
رملا إذا أسرع في مشيه، وهو في ذلك ينزو (1).
وفي الدروس (2) وتحرير النووي (3) وتهذيبه: إنه إسراع المشي مع تقارب
الخطى دون الوثوب والعدو، وهو الخبب (4). وقال النووي: قال الشافعي في
مختصر المزني: الرمل هو الخبب، وقال الرافعي: وقد غلط الأئمة من ظن أنه
دون الخبب (5) وعلى فضله النص (6) والاجماع فعلا وقولا، ونسب وجوبه إلى
الحلبي لقوله: وإذا سعى راكبا فليركض الدابة بحيث يجب الهرولة (7).
ويجوز كون (يجب) بالحاء المهملة المفتوحة وباء مشددة، والبناء للمفعول
أي يستحب.
نعم، قال المفيد في كتاب أحكام النساء: ويسقط عنهن الهرولة بين الصفا
والمروة، ولا يسقط ذلك مع الاختيار عن الرجل (8). وهو أظهر في الوجوب مع
احتماله تأكد الاستحباب، ويدل على العدم الأصل، وخبر سعيد الأعرج سأل
الصادق عليه السلام عن رجل ترك شيئا من الرمل في سعيه بين الصفا والمروة، قال: لا
شئ عليه (9).
وفي المنتهى (10) والتذكرة (11) الاجماع عليه، وهو مستحب (للرجل
خاصة) للأصل، ولأنه لا يناسب ضعفهن ولا ما عليهن من الاستتار، ولخبر

(1) تهذيب اللغة: ج 15 ص 207 مادة (رمل).
(2) الدروس: ج 1 ص 412 درس 106.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 128 مادة (رمل).
(5) تهذيب الأسماء: القسم الثاني ص 128 مادة (رمل).
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 521 ب 6 من أبواب السعي.
(7) الكافي في الفقه: ص 196.
(8) أحكام النساء (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 33.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 525 ب 9 من أبواب السعي ح 1.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 706 س 1.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 366 س 40.
15

سماعة: إنما السعي على الرجال، وليس على النساء سعي (1).
وخبر أبي بصير: ليس على النساء جهر بالتلبية، ولا استلام الحجر، ولا دخول
البيت، ولا سعي بين الصفا والمروة، يعني الهرولة (2). وفي كتاب أحكام النساء
للمفيد: ولو خلا موضع السعي للنساء فتعين فيه لم يكن به بأس (3).
والرمل (ب‍ ين المنارة وزقاق العطارين) كما في المراسم (4) والنافع (5)
والجامع (6) والشرائع (7) والإصباح (8)، ويقال لهذه المنارة منارة باب علي،
وبمعناه ما في الوسيلة من أنه بين المنارتين (9)، وما في الإشارة من أنه بين
الميلين (10)، وذلك لقول الصادق عليه السلام في خبر معاوية بن عمار: ثم انحدر ماشيا
وعليك السكينة والوقار حتى تأتي المنارة، وهي طرف المسعى، فاسع ملؤ
فروجك، وقل بسم الله والله أكبر وصلى الله على محمد وآله. وقل: اللهم اغفر
وارحم واعف عما تعلم أنك أنت الأعز الأكرم حتى تبلغ المنارة الأخرى، قال:
وكان المسعى أوسع مما هو اليوم ولكن الناس ضيقوه، ثم امش وعليك السكينة
والوقار (11) حتى تأتي المروة.
وفي الفقيه (12) والهداية (13) والمقنع (14) والمقنعة (15) وجمل العلم والعمل (16)

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 537 ب 21 من أبواب السعي ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 412 ب 18 من أبواب الطواف ح 1.
(3) أحكام النساء (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 33.
(4) المراسم: ص 111.
(5) المختصر النافع: ص 96.
(6) الجامع للشرائع: ص 202.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 273.
(8) أصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 462.
(9) الوسيلة: ص 175.
(10) إشارة السبق: ص 133.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 521 ب 4 من أبواب السعي ح 1.
(12) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 536.
(13) الهداية: ص 59.
(14) المقنع: ص 82.
(15) المقنعة: ص 405.
(16) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 68.
16

والكافي (1) والغنية: إلى أن يجاوز زقاق العطارين (2)، لقول الصادق عليه السلام في حسن
معاوية نحوا من ذلك - إلى قوله: - حتى يبلغ المنارة الأخرى، فإذا جاوزتها فقل:
يا ذا المن والفضل والكرم والنعماء والجود اغفر لي ذنوبي أنه لا يغفر الذنوب إلا
أنت، ثم امش وعليك السكينة (3)، الخبر.
وفي الغنية: حتى يبلغ المنارة الأخرى، وتجاوز سوق العطارين فتقطع
الهرولة (4)، ونحوها الكافي (5).
وفي النهاية (6) والمبسوط: فإذا انتهى إلى أول زقاق عن يمينه بعدما يجاوز
الوادي إلى المروة سعى، فإذا انتهى إليه كف عن السعي ومشى مشيا، وإذا جاء من
عند المروة بداء من عند الزقاق الذي وصفناه، فإذا انتهى إلى الباب قبل الصفا بعدما
تجاوز الوادي كف عن السعي ومشى مشيا (7). وهي كما في النكت (8) والمختلف (9)
عبارة قاصرة أراد بها. ما في رواية زرعة عن سماعة قال: سألته عن السعي بين
الصفا والمروة، قال: إذا انتهيت إلى الدار التي على يمينك عند أول الوادي فاسع
حتى تنتهي إلى أول زقاق عن يمينك بعد ما تجاوز الوادي إلى المروة، فإذا انتهيت
إليه فكف عن السعي وامش مشيا، وإذا جئت من عند المروة فابداء من عند الزقاق
الذي وصفت لك، فإذا انتهيت إلى الباب الذي قبل الصفا بعدما تجاوز الوادي
فاكفف عن السعي وامش مشيا (10). فسقط من القلم بعضه.
قال في المختلف: مع ضعف سند هذه الرواية وكونها غير مسندة إلى إمام، وما

(1) الكافي في الفقه: ص 211.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 23.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 521 ب 6 من أبواب السعي ح 2.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 23.
(5) الكافي في الفقه: ص 211.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 511.
(7) المبسوط: ج 1 ص 361.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 511.
(9) مختلف الشيعة: ج 4 ص 214.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 522 ب 6 من أبواب السعي ح 4.
17

ذكرناه أولى، وإن كان مقصود الشيخ ذلك (1)، انتهى، يعني بما ذكرناه نحو ما في
الكتاب. وعن مولى للصادق عليه السلام من أهل المدينة أنه قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام
يبتدئ بالسعي من دار القاضي المخزومي، قال: ويمضي كما هو إلى زقاق
العطارين (2).
وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر غياث بن إبراهيم: كان أبي يسعى بين الصفا
والمروة ما بين باب ابن عباد إلى أن يرفع قدميه من الميل (المسيل) لا يبلغ زقاق
آل أبي حسين (3).
(و) يستحب (الهينة) كعينة أي الرفق في المشي (في الطرفين) كما
في الوسيلة (4) والنافع (5) والشرائع (6)، وقد يظهر من غيرها، للأمر بها وبالسكينة
في الأخبار.
(والراكب يحرك دابته) بسرعة من موضع الرمل، لقول الصادق عليه السلام في
صحيح معاوية: ليس على الراكب سعي، ولكن ليسرع شيئا (7). وفي التذكرة:
الاجماع عليه (8)، وفي الدروس: ما لم يؤذ أحدا (9).
(ولو نسي الرمل رجع القهقري) أي إلى خلف (ورمل في موضعه)
كما في الفقيه (10) والنهاية (11) والمبسوط (12) والوسيلة (13) والجامع (14) والنافع (15)

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 215.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 522 ب 6 من أبواب السعي ح 6.
(3) المصدر السابق ح 5.
(4) الوسيلة: ص 175.
(5) المختصر النافع: ص 96.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 273.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 533 ب 17 من أبواب السعي ح 2.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 366 س 36.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 412 درس 106.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 537.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 513.
(12) المبسوط: ج 1 ص 363.
(13) الوسيلة: ص 175.
(14) الجامع للشرائع: ص 202.
(15) المختصر النافع: ص 96.
18

والشرائع (1)، لقول الصادقين عليهما السلام فيما أرسل عنهما الصدوق (2) والشيخ: من سها
عن السعي حتى يصير في المسعى على بعضه أو كله ثم ذكر فلا يصرف وجهه
منصرفا، ولكن يرجع القهقري إلى المكان الذي يجب فيه السعي (3)، وهو أن سلم
فينبغي الاقتصار على القهقري.
وأطلق القاضي العود (4). وينبغي التخصيص بما إذا ذكر في الشوط أنه ترك
الرمل فيه فلا يرجع بعد الانتقال إلى شوط آخر، والأحوط أن لا يرجع مطلقا، ولذا
نسبه في المنتهى إلى الشيخ (5).
(و) يستحب (الدعاء فيه) أي في موضع الرمل بما مر في خبري
معاوية، أو في المسعى أو السعي بما فيهما وفي غيرهما.
(المطلب الثاني)
(في أحكامه)
(السعي) عندنا (ركن) للحج والعمرة (إن تركه عمدا بطل حجه)
أو عمرته للنصوص (6) والاجماع.
وعن أبي حنيفة أنه واجب ليس بركن، فإذا تركه كان عليه دم (7). وعن أحمد
في رواية أنه مستحب (8).
(و) إن تركه (سهوا) كان عليه أن (يأتي به) متى ما ذكره، ولا يبطل
حجه أو عمرته للأصل ورفع الخطأ والنسيان والحرج والعسر. وإطلاق نحو خبر
معاوية سأل الصادق عليه السلام عن رجل نسي السعي بين الصفا والمروة، قال: يعيد

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 273.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 521.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 453 ح 1581.
(4) المهذب: ج 1 ص 242.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 706 س 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 523 ب 7 من أبواب السعي.
(7) المبسوط للسرخسي: ج 4 ص 50.
(8) المجموع: ج 8 ص 77، المغني لابن قدامة: ج 3 ص 407.
19

السعي (1). ولم يخالف الشيخ (2) والحلبي (3) هنا كما في الطواف.
(ولو خرج رجع) فسعى، فقال معاوية في الخبر: فإن خرج؟ قال عليه السلام:
يرجع فيعيد السعي (4).
(فإن تعذر) الرجوع (استناب) لخبر الشحام سأل الصادق عليه السلام عن
رجل نسي أن يطوف بين الصفا والمروة حتى يرجع إلى أهله فقال: يطاف عنه (5).
وللحرج وقبوله النيابة.
(ويحرم الزيادة على السبع عمدا) لأنه تشريع (فيعيد) السعي إن
فعل، لأنه لم يأت بسعي مشروعا، كما إذا زاد في الصلاة ركعة. وقال أبو
الحسن عليه السلام في خبر عبد الله بن محمد: الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل
الصلاة، فإذا زدت عليها فعليك الإعادة، وكذلك السعي (6).
و (لا) إعادة لو زاد (سهوا) للأصل والأخبار (7) (فيتخير) وفاقا
للأكثر (بين إهدار الثامن) فما زاد أكمله أو لا، (وبين تكميل أسبوعين)
كالطواف، فيكون أحدهما مندوبا، ولا يستحب برأسه أولا هنا. وذلك لورود
الأمرين في الأخبار.
ففي صحيح محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام عن كتاب علي عليه السلام: وكذا إذا
استيقن أنه سعى ثمانية أضاف إليها ستا (8). وفي صحيح عبد الرحمن بن الحجاج،
عن أبي إبراهيم عليه السلام: إن كان خطأ اطرح واحدا واعتد بسبعة (9). وبمعناه أخبار.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 524 ب 8 من أبواب السعي ح 1.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 512.
(3) الكافي في الفقه: ص 195.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 524 ب 8 من أبواب السعي ح 1.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 527 ب 12 من أبواب السعي ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 528 ب 13 من أبواب السعي.
(8) المصدر السابق ح 1.
(9) المصدر السابق ح 3.
20

واقتصر ابن زهرة (1) على إكمال أسبوعين، ولكنه إذا جاز وكان الثاني مندوبا
جاز القطع قطعا. لكن يحتمل كون الثاني هو الفريضة، كما مر في الطواف.
قال الشهيد: إلا أن يستند وجوب الثاني في الطواف إلى القران (2). ثم إضافة
ست كما في الخبر والنهاية (3) والتهذيب (4) والسرائر (5) يفيد ابتداء الأسبوع الثاني
من المروة. ومن عبر بإكمال أسبوعين كالمصنف أو سعيين كابن حمزة (6) أو أربعة
عشر كالشيخ في المبسوط (7) يجوز أن يريد إضافة سبعة أشواط، والخبر يحتمل
يقين الثمانية وهو على المروة، ويأتي البطلان.
ولا بعد في الصحة إذا نوى في ابتداء الثامن أنه يسعى من الصفا إلى المروة
سعي العمرة أو الحج قربة إلى الله مع الغفلة عن العدد، أو مع من تذكر أنه الثامن،
أو زعمه السابع، فلا مانع من مقارنة النية لكل شوط، بل لا يخلو منها الانسان
غالبا، ولذا أطلق إضافة ست إليها، فلم يبق مستندا في المسألة.
نعم، قال الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: إن طاف الرجل بين الصفا والمروة
تسعة أشواط فليسع على واحد، وليطرح ثمانية، وإن طاف بين الصفا والمروة
ثمانية أشواط فليطرحها وليستأنف السعي (8).
وهو مستند صحيح لاكمال أسبوعين من الصفا، وإلغاء الثامن لكونه من
المروة، وظاهره كون الفريضة هي الثاني، والعموم للعامد كما فعله الشيخ في
التهذيب أو خصه به، لأنه ذكر أن من تعمد ثمانية أعاد السعي، وإن سعى تسعة لم

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 6.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 411 درس 106.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 512.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 152 ذيل الحديث 501.
(5) السرائر: ج 1 ص 579.
(6) الوسيلة: ص 176.
(7) المبسوط: ج 1 ص 362.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 527 ب 12 من أبواب السعي ح 1.
21

يجب عليه الإعادة، وله البناء على ما زاد، واستشهد بالخبر (1).
وفي الإستبصار (2) تبع الصدوق في حمله على من استيقن أنه سعى ثمانية أو
تسعة وهو على المروة، فيبطل سعيه على الأول لابتدائه من المروة، دون الثاني
لابتدائه من الصفا (3)، وهو كما عرفت غير متعين.
ثم الأخبار وإن اختصت بمن زاد شوطا كاملا أو شوطين أو أشواطا كاملة،
لكن إذا لم يبطل بزيادة شوط أو أشواط سهوا فأولى أن لا يبطل بزيادة بعض
شوط، وإذا ألغينا الثامن وأجزنا له إكمال أسبوعين بعده قبل الشروع في التاسع
جاز في أثنائه من غير فرق. وكذا إذا أجزناه له بعد إكمال التاسع فالظاهر جوازه له
في أثنائه. وكذا إذا لم نلغ الثامن وأجزنا له الاكمال بعده، فالظاهر الجواز في أثنائه،
لصدق الشروع في الأسبوع الثاني على التقديرين، ويعضده إطلاق الأصحاب.
ويحتمل الاختصاص بما إذا أكمل الثامن إذا لم نلغه، وهو عندي ضعيف مبني
على فهم خبر الست (4) كما فهمه الشيخ (5) ويقتضي ابتداء الأسبوع الثاني من
المروة، وعلى إلغاء الثامن، فالخبر المتضمن لاكمال أسبوعين إنما هو صحيح
معاوية (6). وهو يتضمن إكمالهما قبل الشروع في التاسع وبعد إكماله، فعدم الجواز
في أثنائه ضعيف جدا.
(ولو لم يحصل العدد أو حصله وشك) في الأثناء (في المبدأ وهو
في المزدوج على المروة) أو متوجه إليها، أو في غيره على الصفا، أو إليه (أو
قدمه على الطواف) غير طواف النساء كله أو أربعة أشواط منه، عمدا أو جهلا

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 153 ذيل الحديث 502 و ح 503.
(2) الإستبصار: ج 2 ص 240 ذيل الحديث 835.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 414 ذيل الحديث 2849.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 528 ب 13 من أبواب السعي ح 1.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 152 ذيل الحديث 501.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 527 ب 12 من أبواب السعي ح 1.
22

أو سهوا، أو على ثلاثة أشواط فما دونها عمدا (أعاد).
أما في الأول فنحوه الإقتصاد (1) والوسيلة (2) والجامع (3) والنافع (4)
والشرائع (5) والمهذب (6)، وفيه التقييد بكونه في الأثناء، إذ من الأصول أن لا عبرة
بالشك بعد الفراغ، للحرج والأخبار (7). ومرادهم ما خلا صورة يقين سبعة
صحيحة، والشك في الزائد لأصل عدم الزيادة، وعدم إفسادها سهوا.
فالمفسد صورتان: يقين النقص ولا يدري ما نقص، والشك بينه وبين الاكمال
وفي التهذيب (8) والنهاية (9) والمبسوط (10) والجمل والعقود: الصورة الأولى (11)،
وهي لا تتقيد بالأثناء ليقين (12) النقص.
والمستند فيها صحيح سعيد بن يسار سأل الصادق عليه السلام رجل متمتع سعى بين
الصفا والمروة ستة أشواط ثم رجع إلى منزله وهو يرى أنه قد فرغ منه وقلم
أظفاره وأحل ثم ذكر أنه سعى ستة أشواط، فقال عليه السلام يحفظ أنه قد سعى ستة
أشواط، فإن كان يحفظ أنه سعى ستة أشواط فليعد وليتم شوطا وليرق دما، سأله
دم ماذا؟ فقال: دم بقرة. قال: وإن لم يكن حفظ أنه سعى ستة أشواط فليعد
فليبتدئ السعي حتى يكمل سبعة أشواط ثم ليرق دم بقرة (13).
وهو قد يرشد إلى البطلان في الصورة الثانية في الأثناء، وقد يرشد إليه في
الصورتين التردد بين محذوري الزيادة والنقصان.

(1) الإقتصاد: ص 304.
(2) الوسيلة: ص 176.
(3) الجامع للشرائع: ص 202.
(4) المختصر النافع: ص 96.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 274.
(6) المهذب: ج 1 ص 242.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 331 ب 42 من أبواب الوضوء ح 2 و ح 6 و ج 5 ص 336 ب 23
من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1 و ح 3.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 153 ذيل الحديث 153.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 513.
(10) المبسوط: ج 1 ص 362.
(11) الجمل والعقود: ص 141.
(12) في خ: (التعين).
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 529 ب 14 من أبواب السعي ح 1.
23

ويتجه فيهما البناء على الأول (1)، لأصل عدم الزيادة، واحتمال الخبر لهذا
المعنى، لكن لم أر قائلا به. وأما الثاني فلانكشاف الابتداء بالمروة، وهو عندنا
مبطل، والأخبار ناطقة به (2)، والعامة (3) بين من يجوز الابتداء بالمروة ومن يهدر
الشوط الأول عنده ويبني على ما بعده، وقد مر من احتماله إذا كان نوى عند
الصفا. وأما الثالث فتقدم الكلام في تقديمه على الكل وعلى البعض.
(ولو تيقن النقص أكمله) نسي شوطا أو أقل أو أكثر وإن كان أكثر من
النصف، كما يعطيه إطلاقه وإطلاق الشيخ في كتبه (4) وبني حمزة (5) وإدريس (6)
والبراج (7) وابني سعيد (8) للأصل، وما يأتي من القطع للصلاة بعد شوط، وللحاجة
بعد ثلاثة أشواط.
واعتبر المفيد (9) وسلار (10) والحلبيان (11) في البناء مجاوزة النصف، لقول أبي
الحسن عليه السلام لأحمد بن عمر الحلال: إذا حاضت المرأة وهي في الطواف بالبيت أو
بالصفا والمروة وجاوزت النصف علمت ذلك الموضع الذي بلغت، فإذا هي قطعت
طوافها في أقل من النصف فعليها أن تستأنف الطواف من أوله (12). ونحوه قول
الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير (13).

(1) في ط: (الأقل).
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 525 ب 10 من أبواب السعي.
(3) الفتاوي الهندية: ج 1 ص 227.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 513، المبسوط: ج 1 ص 362، الإقتصاد: ص 305. الجمل
والعقود: ص 141.
(5) الوسيلة: ص 176.
(6) السرائر: ج 1 ص 580.
(7) المهذب: ج 1 ص 242.
(8) الجامع للشرائع: ص 202، شرائع الاسلام: ج 1 ص 274.
(9) المقنعة: ص 440 - 441.
(10) المراسم: ص 123.
(11) الكافي في الفقه: ص 195، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 4.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 501 ب 85 من أبواب الطواف ح 2.
(13) المصدر السابق ح 1.
24

(ولو ظن المتمتع إكماله في العمرة فأحل وواقع ثم ذكر النقص أتمه
وكفر ببقرة على رواية) ابن مسكان سأل الصادق عليه السلام عن رجل طاف بين
الصفا والمروة ستة أشواط وهو يظن أنها سبعة، فذكر بعد ما أحل وواقع النساء
أنه إنما طاف ستة أشواط، فقال: عليه بقرة يذبحها ويطوف شوطا آخر (1).
وقد عمل بها الشيخان (2) وابنا إدريس (3) وسعيد (4) وجماعة منهم المصنف
في المختلف (5) والتحرير (6) والتذكرة (7) والتبصرة (8) والارشاد (9) وأطلقوا السعي،
وقيده المصنف بعمرة التمتع وفاقا للشرائع (10) والنزهة (11) كابن إدريس (12) في
الكفارات لما ذكره من أنه في غيرها قاطع بوجوب طواف النساء عليه، وقد
جامع قبله متذكرا، فعليه لذلك بدنة كما يأتي، وكل من القبلية والتذكر ممنوع.
واحتمل المحقق في النكت أن يكون طاف طواف النساء ثم واقع لظنه إتمام
السعي (13). بل يحتمل كما في المختلف أن يكون قدم طواف النساء على السعي
لعذر (14)، ونسبته إلى الرواية يؤذن بالتوقف، كنسبته في التلخيص إلى القيل (15)
للأصل وعدم الإثم، وضعف الرواية، ولذا أطرحها القاضي (16) والشيخ في كفارات
النهاية (17) والمبسوط (18) فذكر أنه لا شئ عليه.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 529 ب 14 من أبواب السعي ح 2.
(2) المقنعة: ص 434، النهاية ونكتها: ج 1 ص 513.
(3) السرائر: ج 1 ص 580.
(4) الجامع للشرائع: ص 203.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 160.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 100 س 19.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 367 س 13.
(8) تبصرة المتعلمين: ص 69.
(9) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 69.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 274.
(11) نزهة الناظر: ص 60.
(12) السرائر: ج 1 ص 551.
(13) نكت النهاية: ج 1 ص 495.
(14) مختلف الشيعة: ج 4 ص 160.
(15) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 336.
(16) المهذب: ج 1 ص 223.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 496.
(18) المبسوط: ج 1 ص 337.
25

واعترض المحقق في النكت بأن الجماع قبل طواف النساء يوجب بدنة،
وهذا الجماع قبله، ثم أجاب بأن المراد أنه لا شئ عليه من جهة السعي وإن
وجبت عليه كفارة لطواف النساء (1).
قلت: على هذا يمكن أن يقال: إن عليه لجهة السعي بقرة، ومن جهة طواف
النساء بدنة، هذا إن كان الظن فيه بمعنى الزعم الباطل الجازم.
وقال ابن إدريس في الكفارات: إن من سعى ستة وظن أنه سعى سبعة فقصر
وجامع وجب عليه دم بدنة، وروي بقرة ويسعى شوطا آخر. قال: وإنما وجب
عليه الكفارة لأجل أنه خرج من السعي غير قاطع ولا متيقن إتمامه، بل خرج
عن ظن منه، وها هنا لا يجوز له أن يخرج مع الظن، بل مع القطع واليقين. قال:
وهذا ليس بحكم الناسي (2).
قيل: مع تقصيره في هذا الظن، لأنه في السادس على الصفا، وإنما يتم لو ظن
وهو عليه، إذ بعده يجوز أن يظن أيضا كونه على المروة (3).
وقيل: إن ما ذكره ابن إدريس غلط، وأنه إذا ظن الاتمام كان ما فعله سائغا
فلا يترتب عليه كفارة (4).
وأوجب ابن حمزة البقرة بالجماع قبل الفراغ من سعي الحج أو بعده قبل
التقصير (5)، وهو يعم العمد والسهو. وأوجب البدنة بالجماع بعد سعي عمرة التمتع
قبل التقصير للموسر (6).
وقسم سلار الخطأ الغير المفسد إلى ما فيه دم وما لا دم فيه، وقسم الأول إلى
أربعة: ما فيه بدنة، وما فيه بقرة، وما فيه شاة وما فيه دم مطلق. وجعل منه ظن
إتمام السعي فقصر وجامع (7). ولعله لورود هذا الخبر مع أخبار لزوم البدنة بالجماع

(1) نكت النهاية: ج 1 ص 495.
(2) السرائر: ج 1 ص 551.
(3) مسالك الأفهام: ج 1 ص 125 س 23.
(4) إيضاح ترددات الشرائع: ج 1 ص 204.
(5) الوسيلة: ص 167.
(6) الوسيلة: ص 166.
(7) المراسم: ص 119 - 120.
26

قبل طواف النساء وقبل فراغ المعتمر مفردة من طوافه وسعيه (1).
(وكذا لو قلم) ظفره (أو قص شعره) لظنه إتمام السعي، ثم ذكر
النقص، أتمه وكفر ببقرة على رواية سعيد بن يسار (2)، وقد عمل بها الشيخ (3)
والمصنف في الإرشاد (4) والتذكرة (5) والتحرير (6) والتبصرة (7)، وليس في التبصرة
إلا تقليم الأظفار، ولذا اقتصر عليه.
وعبر الشيخ في التهذيب (8) والنهاية بقوله: قصر وقلم أظفاره (9)، فيمكن
إرادته منهما معنى واحدا.
وعبر في المبسوط بقوله: قصر أو قلم أظفاره (10) بلفظة (أو). ويوافقه التذكرة
والتحرير وكذا الإرشاد (11) والكتاب، إذ زاد فيهما: قص الشعر. والخبر صحيح،
لكن العمل به مشكل، لأن في قص الأظفار مع التعمد شاة.
ويجوز أن يكون مراده في الكتاب الحكم بمضمونه، لصحته بخلاف الأول،
ويحتمل الخبر عطف (قلم) أو (أحل) على (فرغ) أي وهو يزعم أنه قد فرغ
وقصر وأحل، فيجوز أن يكون التكفير لتقصيره بهذه الغفلة الشنيعة لختمه بالصفا أو
ابتدائه بالمروة في الصورة الأولى، أو غفلته عن المبدأ في الصورة الثانية.
(ويجوز الجلوس خلاله للراحة) على الصفا أو المروة اتفاقا وبينهما
على المشهور للأصل، وحسن الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يطوف بين
الصفا والمروة أيستريح؟ قال: نعم، إن شاء جلس على الصفا، وإن شاء جلس على

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 268 ب 12 من أبواب كفارات الاستمتاع.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 529 ب 14 من أبواب السعي ح 1.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 513.
(4) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 327.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 367 س 13.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 100 س 19.
(7) تبصرة المتعلمين: ص 69.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 153 ذيل الحديث 503.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 513.
(10) المبسوط: ج 1 ص 362.
(11) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 327.
27

المروة وبينهما فليجلس (1).
وأجاز الحلبيان الوقوف بينهما عند الاعياء دون الجلوس (2)، لقوله عليه السلام في
صحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله: لا يجلس بين الصفا والمروة إلا من جهد (3).
إن أريد بالجهد بلوغ منتهى الطاقة وهو غير معلوم.
(و) يجوز (قطعه لحاجة له ولغيره) في أي شوط كان (ثم يتمه)
ولا يستأنفه وإن لم يبلغ النصف وفاقا لظاهر الأكثر للأصل، والاجماع على عدم
وجوب الموالاة على ما في التذكرة (4)، وما ستسمعه في القطع للصلاة.
وصحيح يحيى الأزرق: سأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يدخل في السعي
بين الصفا والمروة، فيسعى ثلاثة أشواط أو أربعة، ثم يلقاه الصديق له فيدعوه إلى
الحاجة أو إلى الطعام، قال: إن أجابه فلا بأس (5).
وفي الفقيه زيادة قوله عليه السلام: ولكن يقضي حق الله أحب إلي من أن يقضي حق
صاحبه (6). ونحوه في التهذيب عن صفوان بن يحيى عنه عليه السلام (7)، ولذا قال القاضي:
ولا يقطعه إذا عرضت له حاجة، بل يؤخرها حتى يفرغ منه إذا تمكن من
تأخيرها (8). وسمعت في الطواف الأمر بالقطع، فلعل الاختلاف لاختلاف الحاجات.
وجعله المفيد (9) وسلار (10) والحلبيان (11) كالطواف في افتراق مجاوزة

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 535 ب 20 من أبواب السعي ح 1.
(2) الكافي في الفقه: ص 196، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 28.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 536 ب 20 من أبواب السعي ح 4.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 367 س 23 - 24.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 535 ب 19 من أبواب السعي ح 1.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 417 ح 2856.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 372 ح 1662.
(8) المهذب: ج 1 ص 240.
(9) المقنعة: ص 441.
(10) المراسم: ص 123.
(11) الكافي في الفقه: ص 195، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 4.
28

النصف من عدمها، لعموم الطواف والأشواط فيما تقدم من الأخبار (1)، لا لحمل
السعي على الطواف كما في المختلف (2)، ليرد أنه قياس مع الفارق، لأن حرمة
الطواف أكثر من حرمة السعي.
(ولو دخل وقت الفريضة) من الصلاة وهو في السعي (قطعه) وإن
اتسع وقت الصلاة جوازا، قال في التلخيص: لا وجوبا على رأي (3).
(ثم أتمه بعد الصلاة) لنحو صحيح معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام
الرجل يدخل في السعي بين الصفا والمروة، فيدخل وقت الصلاة، أيخفف أو يقطع
ويصلي ثم يعود، أو يثبت كما هو على حاله حتى يفرغ؟ قال: لا، بل يصلي ثم يعود
أوليس عليهما مسجد (4). وخبر محمد بن الفضيل سأل الجواد عليه السلام سعيت شوطا
ثم طلع الفجر، قال: صل ثم عد فأتم سعيك (5).
وفي التذكرة (6) والمنتهى (7): لا يعلم فيه خلافا.
قلت: والحلبيان (8)، إذ جعلاه كالطواف نصا في الطواف أنه إذا قطع لفريضة
بنى بعد الفراغ ولو على شوط. ولكن المفيد (9) وسلار (10) أطلقا افتراق مجاوزة
النصف وعدمها في الطواف ومشابهة السعي له.
والأقرب جواز القطع اختيارا من غير داع كما يعطيه عبارة الجامع (11)،
للأصل ونقل الاجماع على عدم وجوب الموالاة.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 447 ب 41 من أبواب الطواف.
(2) مختلف الشيعة ج 4 ص 216.
(3) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 336.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 534 ب 18 من أبواب السعي ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 534 ب 18 من أبواب السعي ح 3.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 367 س 25.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 707 س 27.
(8) الكافي في الفقه: ص 195، الغنية (الجوامع الفقهية) ص 517 س 3 - 4.
(9) المقنعة: ص 441.
(10) المراسم: ص 123.
(11) الجامع للشرائع: ص 203.
29

(الفصل الرابع)
(في التقصير)
(فإذا فرغ) في عمرة التمتع (من السعي قصر واجبا) فهو من النسك
عندنا أي من الأفعال الواجبة في العمرة فيثاب عليه، وتركه نقض للعمرة كما
سيذكر، خلافا للشافعي في أحد قوليه، فجعله إطلاق محظور (1) (وبه يحل من
إحرام العمرة المتمتع بها).
(وأقله قص بعض الأظفار أو قليل (2) من الشعر) شعر اللحية أو الرأس
أو الشارب أو الحاجب أو غيرها من شعور البدن، كما يعطيه إطلاق كثير من
الأخبار (3) والكتاب والتبصرة (4) والجمل والعقود (5) والسرائر (6). واقتصر في
النهاية (7) والتحرير (8) والارشاد (9) على شعر الرأس.

(1) عمدة القارئ: ج 10 ص 62.
(2) في النسخة المطبوعة من القواعد (قليلا).
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 538 ب 1 من أبواب التقصير ح 1 و ح 4 ص 539.
(4) تبصرة المتعلمين: ص 69.
(5) الجمل والعقود: ص 142.
(6) السرائر: ج 1 ص 580.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 513.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 100 س 35.
(9) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 328.
30

وفي الإقتصاد (1) والغنية (2) والمهذب (3) والإصباح (4) والإشارة (5) على شعر
الرأس واللحية، وزاد المفيد الحاجب على ما في التهذيب (6)، وعلى ما في نسخ
المقنعة (7) التي عندنا من شعر الرأس أو الحاجب أو اللحية، وزاد الحلبي (8) وابن
سعيد (9): الشارب، وزادهما المصنف في التذكرة (10) والمنتهى (11).
وفي التهذيب: أدنى التقصير أن يقرض أظفاره، ويجز من شعره شيئا يسيرا.
لحسن معاوية سأل الصادق عليه السلام عن متمتع قرض أظفاره وأخذ من شعره
بمشقص، قال: لا بأس، ليس كل أحد يجد جلما (12).
وفي الوسيلة: أدناه أن يقص شيئا من شعر رأسه أو يقص أظفاره، والأصلع
يأخذ من شعر اللحية أو الشارب أو يقص الأظفار (13)، ونحوه المبسوط (14)
والسرائر (15) إلا أن فيهما (الحاجب) مكان (الشارب)، وليس في المبسوط قص
الأظفار لغير الأصلع. وفي جمل العلم والعمل: قصر من شعر رأسه ومن حاجبه (6 1).
وفي الفقيه: قصر من شعر رأسك من جوانبه، ومن حاجبيك ومن لحيتك،
وخذ من شاربك، وقلم أظفارك، وابق منها لحجك (17). وكذا المقنع، إلا أنه ترك

(1) الإقتصاد: ص 305.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 30.
(3) المهذب: ج 1 ص 260.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 462.
(5) إشارة السبق: ص 133.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 157 ذيل الحديث 520.
(7) المقنعة: ص 406.
(8) الكافي في الفقه: ص 212.
(9) الجامع للشرائع: ص 203.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 368 س 31.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 711 س 14.
(12) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 158 ح 524.
(13) الوسيلة: ص 176.
(14) المبسوط: ج 1 ص 363.
(15) السرائر: ج 1 ص 581.
(6 1) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 68.
(17) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 537.
31

فيه اللحية (1). والهداية (2) والمصباح (3) ومختصره، إلا أنه ترك فيها الحاجب.
فظاهر هذه العبارات وجوب الاتيان بالجميع، لظاهر قول الصادق عليه السلام في
صحيح معاوية وحسنه: فقصر من شعرك من جوانبه ولحيتك، وخذ من شاربك،
وقلم أظفارك، وابق منها لحجك (4). لكن الأظهر عدم الوجوب، ولعلهم لا يريدونه
للأصل، وإطلاق أكثر الأخبار، وخصوص حسن حفص بن البختري وجميل
وغيرهما، وصحيحهم عن الصادق عليه السلام في محرم يقصر من بعض ولا يقصر من
بعض، قال: يجزئه (5). وقوله عليه السلام في خبر عمر بن يزيد: ثم ائت منزلك فقصر من
شعرك وحل لك كل شئ (6).
واشترط في المبسوط أن يكون المقطوع جماعة من الشعر (7)، وفي
التحرير (8) والتذكرة (9) والمنتهى: إن أقله ثلاث شعرات (10). ولم أعرف له مستندا.
ثم إن الواجب هو الإزالة بحديد أو سن أو نورة أو نتف أو غيرها كما في
التحرير (11) والتذكرة (12) والمنتهى (13) والدروس (14) للأصل وإطلاق الأخذ
والتقصير في الأخبار، وخصوص نحو حسن معاوية بن عمار سأل الصادق عليه السلام
عن متمتع قرض أظفاره بأسنانه وأخذ من شعر رأسه بمشقص، قال: لا بأس، ليس
كل أحد يجد جلما (15).

(1) المقنع: ص 83.
(2) الهداية: ص 60.
(3) مصباح المتهجد: ص 626.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 539 ب 1 من أبواب التقصير ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 540 ب 3 من أبواب التقصير ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 539 ب 1 من أبواب التقصير ح 3.
(7) المبسوط: ج 1 ص 363.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 100 س 35.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 368 س 28.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 711 س 3.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 101 س 2.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 368 س 30.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 711 س 10.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 414 درس 106.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 540 ب 2 من أبواب التقصير ح 1.
32

وخبر محمد الحلبي سأله عليه السلام عن امرأة متمتعة عاجلها زوجها قبل أن تقصر،
فلما تخوفت أن يغلبها أهوت إلى قرونها فقرضت منها بأسنانها وقرضت
بأظافيرها هل عليها شئ؟ قال: لا، ليس كل أحد يجد المقاريض (1).
(ولا يجوز) للمتمتع (أن يحلق) جميع رأسه لاحلاله من العمرة وفاقا
للمشهور للأخبار، كقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار الآتي عن
قريب: ليس في المتعة إلا التقصير (2)، على وجه سيظهر.
وهل يحرم عليه الحلق بعده؟ صرح به الشهيد (3) وفاقا لابن حمزة (4) وابن
البراج (5)، لايجابهما الكفارة بالحلق قبل الحج، فينحصر الاحلال بغيره، ولعله
لأنه لو لم يحرم بعده لم يحرم أصلا، لأن أوله يقصر، إلا أن يلحظ النية، وإنما
حرم في النافع قبله (6).
وفي الخلاف: إن المعتمر إن حلق جاز، والتقصير أفضل (7). وهو يعم عمرة
التمتع. قال في المختلف: وكان يذهب إليه والدي، (8).
قلت: وكان دليله أنه إذا أحل من العمرة حل له ما كان حرمه الاحرام، ومنه
إزالة الشعر بجميع أنواعها، فيجوز له الحلق بعد التقصير، وأول الحلق تقصير.
وفي التهذيب: من عقص شعر رأسه عند الاحرام أو لبده فلا يجوز له إلا
الحلق، ومتى اقتصر على التقصير وجب عليه دم شاة (9). وظاهره العموم للحج
وعمرة التمتع والمفردة، بل في عمرة المتمتع أظهر.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 541 ب 3 من أبواب التقصير ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 542 ب 4 من أبواب التقصير ح 2.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 414 درس 106.
(4) الوسيلة: ص 176.
(5) المهذب: ج 1 ص 241.
(6) المختصر النافع: ص 99.
(7) الخلاف: ج 2 ص 330 المسألة 144.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 217.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 160 ذيل الحديث 532.
33

واستدل عليه بقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: إذا أحرمت
فعقصت شعر رأسك أو لبدته فقد وجب عليك الحلق وليس لك التقصير، وإن أنت
لم تفعل فمخير لك التقصير والحلق في الحج، وليس في المتعة إلا التقصير (1).
ويحتمل تعلق في الحج بجميع ما قبله.
وصحيح العيص سأله عليه السلام عن رجل عقص شعر رأسه وهو متمتع ثم قدم مكة
فقضى نسكه وحل عقاص رأسه فقصر وأدهن وأحل، قال: عليه دم شاة (2).
ونسكه يحتمل الحج، وإياه والعمرة والدم يحتمل الهدي. وحمله الشهيد على
الندب (3).
وعلى المختار (فيجب عليه شاة) لو حلق (مع العمد) لخبر أبي بصير
سأل الصادق عليه السلام عن المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه، قال: عليه دم يهريقه،
فإذا كان يوم النحر أمر الموسى على رأسه حين يريد أن يحلق (4). وقد يظهر منه
السهو، لكن الأصل البراءة.
وقال عليه السلام في صحيح جميل في متمتع حلق رأسه بمكة إن كان جاهلا فليس
عليه شئ، وإن تعمد ذلك في أول شهور الحج بثلاثين يوما فليس عليه شئ، وإن
تعمد بعد الثلاثين يوما التي توفر فيها الشعر للحج فإن عليه دما يهريقه (5).
وقال أحدهما عليهما السلام في مرسله: إن كان ناسيا أو جاهلا فليس عليه شئ، وإن
كان متمتعا في أول شهور الحج فليس عليه شئ إذا كان قد أعفاه شهرا (6).
ولاطلاق الدم في الخبرين أطلق الأكثر. وجعله ابن حمزة مما يوجب الدم

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 160 ح 533.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 187 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 9.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 453 درس 114.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 542 ب 4 من أبواب التقصير ح 3.
(5) المصدر السابق ح 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 541 ب 4 من أبواب التقصير ح 1.
34

المطلق (1)، وإنما عينه المصنف في الشاة كما في التهذيب (2) والمهذب (3)
والسرائر (4) اقتصارا على الأول لأصل البراءة.
ثم في التهذيب: إن وجوب الدم إذا حلق جميع رأسه (5)، ويوافقه التحرير (6)
والمنتهى (7) والدروس (8)، وما سيأتي في الكتاب من جواز حلق البعض.
(ويمر يوم النحر الموسى على رأسه وجوبا) كما في السرائر (9)،
لظاهر خبر أبي بصير (10)، وهو ضعيف عن إثباته سندا ودلالة، والأصل البراءة،
وإنما يجب يوم النحر أحد الأمرين من الحلق والتقصير، إلا أن يراد الوجوب
تخييرا، إذ لا يخلو غالبا عن شعر يحلقه الموسى.
(و) هو بخلاف (الأصلع) فإنه لا شعر على رأسه أصلا، ولذا لم يجب
عليه الامرار لا عينا ولا تخييرا للأصل والاجماع كما في الخلاف (11)
والجواهر (12).
نعم يمره (استحبابا) كما فيهما (13) وفي المبسوط (14) تشبها بالمحلق.
ولخبر زرارة إن رجلا من أهل خراسان قدم حاجا وكان أقرع الرأس لا يحسن أن
يلبي، فاستفتى له أبو عبد الله عليه السلام فأمر له أن يلبى عنه وأن يمر الموسى على

(1) الوسيلة: ص 176.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 158 ذيل الحديث 524.
(3) المهذب: ج 1 ص 225.
(4) السرائر: ج 1 ص 580.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 158 ذيل الحديث 524.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 101 س 1.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 711 س 10.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 415 درس 106.
(9) السرائر: ج 1 ص 580.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 190 ب 11 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(11) الخلاف: ج 2 ص 331 المسألة 146.
(12) جواهر الفقه: ص 43 المسألة 149.
(13) الخلاف: ج 2 ص 331 المسألة 146، جواهر الفقه: ص 43 المسألة 149.
(14) المبسوط: ج 1 ص 363.
35

رأسه، فإن ذلك يجزئ عنه (1)، بناء على أن الإشارة بذلك إلى التلبية عنه خاصة،
أو أن الاجزاء عنه بمعنى أن ذلك بمنزلة الحلق له وإن وجب عليه التقصير أيضا،
لتعذر الحلق حقيقة.
ويشير في الحج إلى القول بالاجزاء المستلزم للوجوب، لظاهر الخبر، وهو
فتوى النهاية (2) والتهذيب (3) والشرائع (4) والنافع (5) والجامع (6)، وهو متجه، على
القول بتعيين الحلق على الحاج إذا كان صرورة أو ملبدا أو معقوص الشعر. ويجوز
أن يريدوا بالاجزاء ما ذكرناه، والمعروف في الأصلع أنه الذي انحسر شعره من
مقدم رأسه إلى مؤخره، والمراد هنا ما عرفت.
(و) على الأصلع أن يقصر، بأن (يأخذ من لحيته وأظفاره) وكذا على
من كان حلق في عمرته إن لم ينبت شعر رأسه أصلا.
(ولو حلق) في عمرة التمتع (بعض رأسه جاز) كما في النهاية (7)
والمبسوط (8) والتهذيب (9) والسرائر (10)، لأنه تقصير، لما عرفت من عمومه لأنواع
الإزالة طرا، ولا حد لأكثره، والأصل الإباحة والبرأة من الدم، فلتحمل الأخبار
على حلق الكل.
قال الشهيد: ولو حلق الجميع احتمل الاجزاء لحصوله بالشروع (11)، وهو جيد.
(ولو ترك التقصير حتى أهل بالحج سهوا صحت متعته) لا أعرف

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 191 ب 11 من أبواب الحلق والتقصير ح 3.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 533.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 244 ذيل الحديث 827.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 265.
(5) المختصر النافع: ص 92.
(6) الجامع للشرائع: ص 216.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 513.
(8) المبسوط: ج 1 ص 363.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 158 ذيل الحديث 523.
(10) السرائر: ج 1 ص 580.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 415 درس 106.
36

فيه، خلافا وإن كان عندنا نسكا، ويعضده النصوص (1) والأصل. (ولا شئ
عليه) وفاقا لسلار (2) وابن إدريس (3) للأصل خصوصا عند السهو.
وصحيح معاوية وحسنه سأل الصادق عليه السلام عن رجل أهل بالعمرة ونسي أن
يقصر حتى دخل في الحج، قال: يستغفر الله ولا شئ عليه وتمت عمرته (4).
وحمله الشيخ على أنه لا عقاب عليه (5).
(وروي) عن إسحاق بن عمار أنه سأل أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يتمتع
فينسى أن يقصر حتى يهل بالحج، فقال: عليه دم يهريقه (6). وحمله الصدوق على
الاستحباب (7)، وعمل به الشيخ في كتبه (8) وبنو زهرة (9) والبراج (10) وحمزة (11).
والظاهر أنه (شاة) كما في الغنية (12) والمهذب (13) والإشارة (14)، وأدرجه
ابن حمزة (15) فيما فيه دم مطلق.
(و) لو ترك التقصير (عمدا) حتى أهل بالحج (تصير حجته مفردة
على رأي) الشيخ (16)، لقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: المتمتع إذا طاف

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 544 ب 6 من أبواب التقصير.
(2) المراسم: ص 124.
(3) السرائر: ج 1 ص 580.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 544 ب 6 من أبواب التقصير ح 1.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 159 ذيل الحديث 528.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 544 ب 6 من أبواب التقصير ح 2.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 376 ذيل الحديث 2742.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 514، المبسوط: ج 1 ص 363، الإقتصاد: ص 305، الجمل
والعقود: ص 142.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 31.
(10) المهذب: ج 1 ص 242.
(11) الوسيلة: ص 168.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 31.
(13) المهذب: ج 1 ص 225.
(14) إشارة السبق: ص 133.
(15) الوسيلة: ص 133.
(16) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 159 ذيل الحديث 529.
37

وسعى ثم لبى قبل أن يقصر فليس له أن يقصر وليس له متعة (1).
وخبر محمد بن سنان عن العلاء بن الفضيل قال: سألته عن رجل متمتع طاف
ثم أهل بالحج قبل أن يقصر، قال: بطلت متعته وهي حجة مبتولة (2). وهي خيرة
الجامع (3) والمختلف (4) والارشاد (5) والتحرير (6) والتذكرة (7) والمنتهى (8)
والوسيلة (9). وفي الدروس: إنه المشهور (10).
(ويبطل الثاني على رأي) ابن إدريس، لأنه لم يتحلل من عمرته، مع
الاجماع على عدم جواز إدخال الحج على العمرة قبل إتمام مناسكها (11)،
والتقصير من مناسكها عندنا فهو حج منهي عنه فيفسد، خصوصا وقد نوى المتعة
دون الافراد، ولضعف الخبرين سندا ودلالة لاحتمال اختصاصهما بمن نوى
العدول، وهو خيرة التلخيص (12) والدروس (13).
(ولو جامع عامدا قبل التقصير وجب عليه بدنة للموسر، وبقرة
للمتوسط، وشاة للمعسر) كما في التهذيب (14) والنهاية (15) والمبسوط (16)
والمهذب (17) والسرائر (18) والوسيلة (19) والجامع (20) وغيرها، لصحيح الحلبي سأل

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 73 ب 54 من أبواب الاحرام ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 73 ب 54 من أبواب الاحرام ح 4.
(3) الجامع للشرائع: ص 179.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 63.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 316.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 97 س 12.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 360 س 14.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 686 س 8.
(9) الوسيلة: ص 162.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 333 درس 87.
(11) السرائر: ج 1 ص 581.
(12) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 330.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 333 درس 87.
(14) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 160 ذيل الحديث 534.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 514.
(16) المبسوط: ج 1 ص 363.
(17) المهذب: ج 1 ص 222.
(18) السرائر: ج 1 ص 581.
(19) الوسيلة: ص 166.
(20) الجامع للشرائع: ص 188.
38

الصادق عليه السلام عن متمتع طاف بالبيت وبين الصفا والمروة وقبل امرأته قبل أن
يقصر من رأسه، قال: عليه دم يهريقه، وإن كان الجماع فعليه جزور أو بقرة (1).
ونحوه صحيح عمران الحلبي عنه عليه السلام (2) وحسنه (3) سأله عليه السلام عن متمتع وقع
على امرأته قبل أن يقصر، قال: ينحر جزورا، وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه
إن كان عالما، وإن كان جاهلا فلا شئ عليه (4). والجهل يشمل النسيان أو
يستتبعه من باب الأولى.
وحسن ابن مسكان سأله عليه السلام عن ذلك فقال عليه دم شاة (5). بتنزيلها على
مراتب العسر واليسر جمعا واحتياطا. وقد يرشد إليه التنصيص عليه فيمن أمنى
بالنظر إلى غير أهله، وفي الجماع قبل طواف النساء.
وأوجب الحسن بدنة لا غير (6) للخبر الثالث. واحتمال (أو) في الأولين أن
يكون من الراوي. وأوجب سلار بقرة لا غير (7) للأولين، لتخييرهما بينها وبين
الجزور، فهي الواجبة، والجزور أفضل.
واقتصر الصدوق في المقنع (8) على الافتاء بمضمونها.
(ويستحب له بعد التقصير التشبه بالمحرمين في ترك المخيط)
كما في النهاية (9) والمبسوط (10) وغيرهما، لقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 269 ب 13 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 270 ب 13 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 4.
(3) الظاهر أنها حسنة معاوية بن عمار.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 270 ب 13 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 270 ب 13 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 3.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 157.
(7) المراسم: ص 120.
(8) المقنع: ص 83.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 514.
(10) المبسوط: ج 1 ص 363.
39

البختري: ينبغي للمتمتع بالعمرة إلى الحج إذا أحل أن لا يلبس قميصا، وليتشبه
بالمحرمين (1).
وكذا يستحب لأهل مكة التشبه بالمحرمين أيام الحج، ففي خبر معاوية
عنه عليه السلام: لا ينبغي لأهل مكة أن يلبسوا القميص وأن يتشبهوا بالمحرمين شعثا
غبرا، وقال عليه السلام: وينبغي للسلطان أن يأخذهم بذلك (2).
z z z

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 545 ب 7 من أبواب التقصير ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
40

(الفصل الخامس)
(في إحرام الحج والوقوف)
وإنما أفردهما عن باقي المناسك لامتيازهما عنها بكونهما العمدة في الحج.
(وفيه مطالب) أربعة:
(الأول:)
(في إحرام الحج)
(والنظر في أمور ثلاثة) بالاعتبار، وإلا فغير الأحكام ثلاثة، والأحكام
عدة أمور تراها:
(الأول: في وقته ومحله)
(أما وقته) فأشهر الحج، وأما وقته للمتمتع، (فإذا فرغ الحاج) حج
المتمتع (من عمرة التمتع أحرم بالحج) متى شاء إلى ما سيأتي من ضيق وقت
عرفات.
(وأفضل أوقاته يوم التروية عند الزوال) كما في المبسوط (1)
والاقتصاد (2) والجمل والعقود (3) والغنية (4) والمهذب (5) والجامع (6) وغيرها.

(1) المبسوط: ج 1 ص 364.
(2) الإقتصاد: ص 305.
(3) الجمل والعقود: ص 142.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 31.
(5) المهذب: ج 1 ص 243.
(6) الجامع للشرائع: ص 204.
41

وفي التذكرة: الاجماع على استحباب كونه يوم التروية (1). وفي المنتهى:
لا نعلم فيه خلافا (2). وهو ثامن ذي الحجة. قال في المنتهى: وسمي بذلك لأنه لم
يكن بعرفات ماء، وكانوا يستقون من مكة من الماء لريهم، وكان يقول بعضهم
لبعض: ترويتم ترويتم، فسمي يوم التروية لذلك (3)، ذكره ابن بابويه. يعني في
الفقيه (4).
قلت: ورواه في العلل في الحسن عن الحلبي عن الصادق عليه السلام (5).
قال: ونقل الجمهور وجها آخر، وهو: أن إبراهيم عليه السلام رأى في تلك الليلة ذبح
الولد فأصبح يروي نفسه أهو حلم أمن الله تعالى، فسمي يوم التروية، فلما كانت
ليلة عرفة رأى ذلك أيضا فعرف أنه من الله تعالى، فسمي يوم عرفة (6) انتهى.
والأفضلية بالنسبة إلى ما بعده أي ينبغي أن لا يؤخر عنه ليدرك المبيت بمنى
كاملا أو إلى ما قبله، لقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية والحلبي: لا يضرك
بليل أحرمت أو نهار، إلا أن أفضل ذلك عند زوال الشمس (7).
وفي حسن معاوية: إذا كان يوم التروية إن شاء الله فاغتسل ثم البس ثوبيك،
وادخل المسجد حافيا وعليك السكينة والوقار، ثم صل ركعتين عند مقام
إبراهيم عليه السلام أو في الحجر، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل المكتوبة، ثم قل في
دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة، وأحرم بالحج وعليك السكينة
والوقار (8).
وسأله عليه السلام علي بن يقطين في الصحيح عن الوقت الذي يريد أن يتقدم فيه

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 370 س 2.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 714 س 9.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 714 س 6.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 196 ح 2125.
(5) علل الشرائع: ص 435 ح 1.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 714 س 7.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 21 ب 15 من أبواب الاحرام ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 2 ب 1 من أبواب احرام الحج و... ح 1.
42

إلى منى، الذي ليس له وقت أول منه، فقال: إذا زالت الشمس (1). وهذا لغير الإمام
كما في الوسيلة (2) والمختلف (3). فسيأتي أنه يستحب له أن يصلي الظهر بمنى.
وأوجب ابن حمزة (4) الاحرام به يوم التروية إذا أمكنه، بمعنى أنه لا يجوز
تأخيره عنه اختيارا، ولعله لظاهر الأمر، ويندفع بأن أكثر أوامر الخبر للندب.
والأفضل لغير الإمام إيقاعه (بعد أن يصلي الظهر) كما في الهداية (5)
والمقنع (6) والمقنعة (7) والمصباح (8) ومختصره والسرائر (9) والجامع (10) وموضع من
النهاية (11) والمبسوط (12). وفي الفقيه وفيه: في دبر الظهر، وإن شئت في دبر
العصر (13). والدليل عموم الأخبار باستحباب إيقاع الاحرام عقيب فريضة،
وخصوص خبر معاوية المتقدم.
وفي المهذب (14) والوسيلة (15) والتذكرة (16) والمنتهى (17) والمختلف (18)
والدروس (19) وموضعين من المبسوط (20) وموضع من النهاية (21) إيقاعه بعد
الظهرين.
وحكي عن علي بن بابويه وأبي علي أنهما نصا على أن الأفضل إيقاعه بعد

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 3 ب 2 من أبواب احرام الحج و.... ح 1.
(2) الوسيلة: ص 177.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 224.
(4) الوسيلة: ص 176.
(5) الهداية: ص 60.
(6) المقنع: ص 85.
(7) المقنعة: ص 85.
(8) مصباح المتهجد: ص 627.
(9) السرائر: ج 1 ص 583.
(10) الجامع للشرائع: ص 204.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 468.
(12) المبسوط: ج 1 ص 314 - 315.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 538.
(14) المهذب: ج 1 ص 244.
(15) الوسيلة: ص 177.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 370 س 11.
(17) منتهى المطلب: ج 2 ص 714 س 28.
(18) مختلف الشيعة: ج 4 ص 224.
(19) الدروس الشرعية: ج 1 ص 415 درس 107.
(20) المبسوط: ج 1 ص 364 ولم نعثر على الموضع الثاني.
(21) النهاية ونكتها: ج 1 ص 516.
43

العصر المجموعة إلى الظهر (1). وفي الإقتصاد: إن من عدا الإمام لا يخرج إلى منى
حتى يصليهما بمكة (2)، ونحوه النافع (3) والشرائع (4)، واستدل في المختلف بأن
المسجد الحرام أفضل من غيره.
والمستحب إيقاع الاحرام بعد فريضة (5)، فاستحب إيقاع الفريضتين فيه. وفي
التذكرة (6) والمنتهى (7) بما مر من حسن معاوية (8)، وضعف الدليلين واضح.
وقال السيد: فإذا كان يوم التروية فليغتسل ولينشئ الاحرام من المسجد
ويلبي ثم يمضي إلى منى فيصلي بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة
والفجر (9). وهو يعطي إيقاعة قبل الظهرين مطلقا، لنحو قول الصادق عليه السلام في
حسن معاوية: إذا انتهيت إلى منى فقل - إلى أن قال: - ثم يصلي بها الظهر والعصر
والمغرب والعشاء الآخرة والفجر والإمام تصلي بها الظهر ولا يسعه إلا ذلك،
وموسع لك أن تصلي بغيرها إن لم تقدر (10).
وفي خبر عمر بن يزيد: وصل الظهر إن قدرت بمنى (11). وفي خبر أبي بصير:
وإن قدرت أن يكون رواحك إلى منى زوال الشمس، وإلا فمتى ما تيسر لك من
يوم التروية (12).
وجمع الشيخ (13) والمصنف وغيرهما بينهما وبين الأولة بالفرق بين الإمام

(1) حكاه عنهما العلامة في مختلف الشيعة: ج 4 ص 223.
(2) الإقتصاد: ص 305 - 306.
(3) المختصر النافع: ص 86.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 252 - 253.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 224.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 370 س 11.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 714 س 28.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 3 ب 1 من أبواب إحرام الحج... ح 1.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 68.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 6 ب 4 من أبواب إحرام الحج... ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 4 ب 2 من أبواب إحرام الحج... ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 3 ب 2 من أبواب إحرام الحج... ح 2.
(13) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 175 ذيل الحديث 587.
44

وغيره كما قال عليه السلام في صحيح جميل: ينبغي للإمام أن يصلي الظهر من يوم
التروية بمنى (1).
وفي صحيح معاوية: على الإمام أن يصلي الظهر يوم التروية بمسجد
الخيف (2). وقال أحدهما عليهما السلام في صحيح ابن مسلم: لا ينبغي للإمام أن يصلي
الظهر يوم التروية إلا بمنى (3).
وليصل نافلة الاحرام أيضا ست ركعات أو أربعا أو اثنتين قبل الفريضة أو
بعدها كما مر.
(أو) يقتصر على (ست ركعات) هي نافلة الاحرام (إن وقع في
غيره) أي غير وقت الزوال.
(وأقله) أي ما يصليه للاحرام أو ما يقع بعده (ركعتان، ويجوز
تأخيره) أي الاحرام بالحج (إلى أن يعلم ضيق وقت عرفة، فيجب إيقاعه
حينئذ) عينا، ولا يجوز التأخير عنه، هذا هو المشهور والموافق للاقتصاد (4)
والجمل والعقود (5) وموضع من المبسوط (6) والمهذب (7) والكافي (8) والغنية (9)
والشرائع (10) والجامع (11) والسرائر (12) للأصل. وقول الصادق عليه السلام في رواية يعقوب
ابن شعيب المحاملي: لا بأس للمتمتع إن لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسر له
ما لم يخف فوت الموقفين (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 5 ب 4 من أبواب أحرام الحج... ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 6 ب 4 من أبواب إحرام الحج... ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 5 ب 4 من أبواب إحرام الحج... ذيل الحديث 2.
(4) الإقتصاد: ص 305.
(5) الجمل والعقود: ص 142.
(6) المبسوط: ج 1 ص 364.
(7) المهذب: ج 1 ص 243.
(8) الكافي في الفقه: ص 194.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 33.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 236.
(1 1) الجامع للشرائع: ص 204.
(12) السرائر: ج 1 ص 583.
(13) وسائل الشيعة: ج 8 ص 211 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 5.
45

قال في المختلف: وفي طريقها إسماعيل بن مزار، ولا يحضرني الآن حاله،
فإن كان ثقة فالرواية حسنة (1).
قلت: وكان المحاملي هو الميثمي كما في بعض نسخ الكافي (2).
وفي النهاية (3) والتهذيب (4) والاستبصار (5) والوسيلة (6) وموضع من
المهذب (7) وموضع من المبسوط فوات المتعة بزوال عرفة قبل الاحرام
بالحج (8)، لقوله عليه السلام في صحيح جميل: المتمتع له المتعة إلى زوال الشمس من
يوم عرفة (9). وكأنهم لا يرونه مخالفا للمشهور، بناء على أن معناه اعتبار (10)
اختياري عرفة، وهو من الزوال إلى الغروب، ولذا يرى بين قولي الشيخ في
المبسوط أسطرا ثلاثة، وكذا القاضي.
وصرح ابن حمزة بأنه لا يمكنه إدراك عرفة حينئذ (11). ولذا علل الشيخ
التوقيت بالزوال في كتابي الأخبار بذلك (12)، وهو خيرة المختلف (13). ويدل عليه
صحيح زرارة: سأل أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون في يوم عرفة وبينه وبين مكة
ثلاثة أميال وهو متمتع بالعمرة إلى الحج، فقال: يقطع التلبية تلبية المتعة، ويهل
بالحج بالتلبية إذا صلى الفجر، ويمضي إلى عرفات فيقف مع الناس ويقضي جميع
المناسك، ويقيم بمكة حتى يعتمر عمرة المحرم ولا شئ عليه (14).

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 220.
(2) الكافي: ج 4 ص 444 ح 4.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 516.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 170 ذيل الحديث 564.
(5) الإستبصار: ج 2 ص 249 ذيل الحديث 878.
(6) الوسيلة: ص 177.
(7) المهذب: ج 1 ص 243.
(8) المبسوط: ج 1 ص 364.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 213 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 15.
(10) ليس في خ.
(11) الوسيلة: ص 176.
(12) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 170 ذيل الحديث 564، الإستبصار: ج 2 ص 249 ذيل
الحديث 878.
(13) مختلف الشيعة: ج 4 ص 221.
(14) وسائل الشيعة: ج 8 ص 215 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 7.
46

وصحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن رجل أهل بالحج والعمرة جميعا، ثم
قدم مكة والناس بعرفات، فخشي إن هو طاف وسعى بين الصفا والمروة أن يفوته
الموقف، فقال: يدع العمرة، فإذا أتم حجه صنع كما صنعت عائشة ولا هدي عليه (1).
واعتبر ابن إدريس اضطراريها (2)، وله وجه لولا الأخبار، بل لولاها اتجه
اعتبار اختياري المشعر وحده.
وفي المقنع (3) والمقنعة (4): فوات المتعة بغروب شمس التروية قبل أن يطوف
ويسعى للعمرة، لصحيح العيص سأل الصادق عليه السلام عن المتمتع يقدم مكة يوم
التروية صلاة العصر تفوته المتعة، فقال: لا، له ما بينه وبين غروب الشمس (5).
وقوله عليه السلام في صحيح عمر بن يزيد: إذا قدمت مكة يوم التروية وأنت متمتع فلك
ما بينك وبين الليل أن تطوف بالبيت وتسعى وتجعلها متعة (6). ونحوهما أخبار
وبأزائهما أكثر الأخبار:
فمنها: ما تقدم من الامتداد إلى زوال عرفة، أو إلى إدراك الوقوف.
ومنها: ما نص على الامتداد إلى سحر ليلة عرفة، وهو صحيح ابن مسلم سأل
الصادق عليه السلام إلى متى يكون للحاج عمرة؟ فقال: إلى السحر من ليلة عرفة (7).
ومنها: ما نص على الامتداد إلى إدراك الناس بمنى، وهو كثير.
ومنها: نحو خبر محمد بن ميمون قال: قدم أبو الحسن عليه السلام متمتعا ليلة عرفة
فطاف وأحل وأتى بعض جواريه، ثم أحرم بالحج وخرج (8).
وصحيح هشام بن سالم ومرازم وشعيب وحسنهم عن الصادق عليه السلام: في
الرجل المتمتع يدخل ليلة عرفة فيطوف ويسعى ثم يحرم ويأتي منى، قال:

(1) المصدر السابق ح 6.
(2) السرائر: ج 1 ص 582.
(3) المقنع: ص 85.
(4) المقنعة: ص 431.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 212 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 10.
(6) المصدر السابق ح 12.
(7) المصدر السابق ح 9.
(8) وسائل الشيعة: ج 8 ص 210 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 2.
47

لا بأس (1). وقول الكاظم عليه السلام في مرسل موسى بن قاسم: أهل بالمتعة بالحج يريد
يوم التروية إلى زوال الشمس وبعد العصر وبعد المغرب وبعد العشاء الآخرة، ما
بين ذلك كله واسع (2).
وحكى ابن إدريس عن المفيد: أنه إذا زالت الشمس يوم التروية ولم يحل من
عمرته فقد فاتته المتعة (3). وكأنه لنحو صحيح ابن بزيع سأل الرضا عليه السلام عن المرأة
تدخل مكة متمتعة فتحيض قبل أن تحل، متى تذهب متعتها؟ قال: كان جعفر عليه السلام
يقول: إلى زوال الشمس من يوم التروية، وكان موسى عليه السلام يقول: صلاة المغرب
من يوم التروية، قال ابن بزيع، قلت: جعلت فداك عامة مواليك يدخلون يوم
التروية ويطوفون ويسعون ثم يحرمون بالحج، فقال: زوال الشمس، فذكرت له
رواية عجلان أبي صالح، فقال: إذا زالت الشمس ذهبت المتعة، فقلت: فهي على
إحرامها أو تجدد احرامها للحج؟ فقال: لا هي على إحرامها. قلت: فعليها هدي؟
قال: لا إلا أن تحب أن تتطوع - ثم قال: - أما نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجة قبل
أن نحرم فاتتنا المتعة (4).
قلت: ولا اختلاف بين قولي الإمامين عليهما السلام، فمعنى الأول: إنه لا بد من
الاحلال عند الزوال والاحرام بالحج عنده، ومعنى الثاني: إنه لا بد من إدراك صلاة
المغرب بمنى.
أو معنى الأول: إنه لا بد من الشروع في أفعال العمرة عند الزوال مما قبله،
ومعنى الثاني: أنه لا بد من الفراغ منها أو الاحرام بالحج عند صلاة المغرب
فما قبله. وبنى كلامهما عليه السلام في المنتهى على اختلاف الأحوال والأشخاص في

(1) المصدر السابق ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 213 ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 13.
(3) السرائر: ج 1 ص 582.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 216 ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 14.
48

ادراك الموقفين (1).
(وأما المحل فمكة) إذا كان حج التمتع (فلا يجوز إيقاعه في
غيرها) اتفاقا كما هو الظاهر إلا فيما ستسمعه الآن، ويدل عليه الأخبار الآمرة
المتمتع أن لا يخرج من مكة إلا وقد أحرم بالحج، فإن رجع إلى مكة رجع محرما،
وإلا مضى إلى عرفات، كقول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي في المتمتع يريد
الخروج إلى الطائف: يهل بالحج من مكة، وما أحب أن يخرج منها إلا محرما (2).
وصحيح عبد الله بن جعفر الحميري في قرب الإسناد عن علي بن جعفر: سأل
أخاه عليه السلام عن رجل قدم متمتعا فأحل أيرجع؟ قال: لا يرجع حتى يحرم بالحج
ولا يجاوز الطائف وشبهها مخافة أن لا يدرك الحج، فإن أحب أن يرجع إلى مكة
رجع، وإن خاف أن يفوته الحج مضى على وجهه إلى عرفات (3).
وسلف أن في التهذيب (4) والتذكرة استحباب الاحرام بالحج لمن خرج من
مكة بعد عمرة التمتع ثم رجع قبل مضي شهر (5).
وفي المنتهى: أنه لا يعرف خلافا في جواز إيقاعه في أي موضع من مكة
شاء (6). وفي التذكرة: الاجماع عليه (7). وفي خبر عمرو بن حريث أنه سأل
الصادق عليه السلام من أين أهل بالحج؟ فقال: إن شئت من رحلك، وإن شئت من الكعبة،
وإن شئت من الطريق (8).
(وأفضل المواطن المسجد) لكونه أفضل في نفسه، ولخصوص الأخبار

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 856 س 24.
(2) وسائل الشيعة: ج 8 ص 219 ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(3) قرب الإسناد: ص 107.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 164 ذيل الحديث 548.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 368 س 39.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 714 س 19.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 370 س 8.
(8) وسائل الشيعة: ج 8 ص 246 ب 21 من أبواب المواقيت ح 2.
49

بالاحرام فيه. وسأل يونس بن يعقوب الصادق عليه السلام من أي المسجد أحرم يوم
التروية؟ فقال: من أي المسجد شئت (1).
والأفضل (تحت الميزاب أو في المقام) كما في النافع (2) والجامع (3)
والغنية (4) والكافي (5)، وكذا المصباح (6) ومختصره والسرائر (7)، ويشعر به
الفقيه (8) والمقنع (9) والهداية (10)، إلا أنهم ذكروا الحجر، لقول الصادق عليه السلام في
حسن معاوية: ثم صل ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام أو في الحجر ثم... وأحرم
بالحج (11). ولم أظفر لخصوص الميزاب بخبر.
ثم جعل ابن إدريس (12) والمصنف في المختلف (13) المقام أفضل، لقوله عليه السلام في
خبر عمر بن يزيد: ثم صل ركعتين خلف المقام، ثم أهل بالحج (14). ولذا اقتصر عليه
الشيخان في المقنعة (15) والمصباح (16) والمختصر، وكذا المصنف فيما مر والقاضي
في المهذب (17).
واقتصر سلار على الميزاب (18)، وكذا المصنف في الإرشاد (19) والتبصرة (20)
والتلخيص (21) وابنه في الفخرية (22)، ولا أعرفه إلا الاكتفاء بأحد الراجحين وإن

(1) المصدر السابق ح 3.
(2) المختصر النافع: ص 79.
(3) الجامع للشرائع: ص 204.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 32.
(5) الكافي في الفقه: ص 212.
(6) مصباح المتهجد: ص 627.
(7) السرائر: ج 1 ص 583.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 538.
(9) المقنع: ص 85.
(10) الهداية: ص 60.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 2 ب 1 من أبواب إحرام الحج ح 1.
(12) السرائر: ج 1 ص 583.
(13) مختلف الشيعة: ج 4 ص 228.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 63 ب 46 من أبواب الاحرام ح 2.
(15) المقنعة: ص 407.
(16) مصباح المتهجد: ص 627.
(17) المهذب: ج 1 ص 244.
(18) المراسم: ص 107.
(19) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 328.
(20) تبصرة المتعلمين: ص 70.
(21) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 329.
(22) الرسالة الفخرية (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 348.
50

كان مرجوحا بالنسبة إلى الآخر.
(ولو نسيه) أي الاحرام بالحج (حتى يخرج إلى منى) أو عرفات
(رجع) له (إلى مكة وجوبا مع المكنة) ومنها سعة الوقت كما في
السرائر (1) والجامع (2)، إذ لا دليل على سقوطه مع التمكن منه.
(فإن تعذر) الرجوع ولو لضيق الوقت (أحرم من موضعه ولو من
عرفات) إذ لا حرج في الدين، ولأن علي بن جعفر سأل أخاه عن رجل نسي
الاحرام بالحج فذكر وهو بعرفات ما حاله؟ فقال: يقول اللهم على كتابك وسنة
نبيك فقد تم احرامه (3).
وهل ضيق الوقت عن الاختياري عذر؟ وجهان، ولاطلاق الخبر أطلق
الشيخ (4) وابنا حمزة (5) والبراج (6) أنه يحرم بعرفات، ولا شئ عليه، ولم
يشترطوا العذر.
النظر (الثاني:) في (الكيفية)
(وتجب فيه النية) اتفاقا، فإنما الأعمال بالنيات، لكن إن نسيها حتى
رجع إلى بلده ففي النهاية (7) والمبسوط (8) والتهذيب (9) أنه لا شئ عليه إذا قضى
المناسك، لقول الكاظم عليه السلام في خبر علي بن جعفر: فإن جهل أن يحرم يوم
التروية حتى رجع إلى بلده إن كان قضى مناسكه كلها فقد تم حجه (10). وقد مر
الكلام فيه.
ويجب النية (المشتملة على قصد حج التمتع خاصة) أي (من غير

(1) السرائر: ج 1 ص 584.
(2) الجامع للشرائع: ص 204.
(3) مسائل علي بن جعفر: ص 268 ح 653.
(4) المبسوط: ج 1 ص 365.
(5) الوسيلة: ص 177.
(6) المهذب: ج 1 ص 243.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 518.
(8) المبسوط: ج 1 ص 365.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 174 ذيل الحديث 585.
(10) مسائل علي بن جعفر: ص 268 ح 652.
51

ذكر العمرة، فإنها قد سبقت، ولو نسي وأحرم بها) أي العمرة مع الحج أو لا
معه (بنى على قصده من إحرام الحج) فيجزئه، كما في التهذيب (1)
والنهاية (2) والمبسوط (3) وا لمهذب (4) والسرائر (5) والوسيلة (6) والجامع (7)
وغيرها، لصحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن رجل دخل قبل التروية بيوم،
فأراد الاحرام بالحج فأخطاء فقال: العمرة، فقال: ليس عليه شئ، وليعد الاحرام
بالحج (8)، كذا في بعض نسخ التهذيب، وهو المحكي عن خط المصنف في
المنتهى (9)، وفي بعضها: فليعد للاحرام بالحج، وفي بعضها: فليعد الاحرام
بالحج (10)، وفي بعضها: فليعمل.
وشئ منها لا يصلح سندا، خصوصا على نسختي (فليعد) فإنهما إذا كانا من
العود والإعادة كان نصا في عدم الاجزاء، وإذا كانا من الاعداد بمعنى إعداد نفسه
للاحرام بالحج احتمل الاستعداد لتجديد الاحرام بالحج، والاستعداد للاحرام به
وأفعاله بما أوقعه من الاحرام.
والنسخة الأولى أيضا يحتمل القصد إلى تجديد الاحرام بالحج والاستعداد،
وإلى جعل ما أوقعه إحراما به، وكذا الأخيرة.
ولا ينافي احتمال التجديد قوله عليه السلام: ليس عليه شئ كما لا يخفى، وعلى
تقدير موافقته المدعى فلا بد من أن يكون المعنى منه ومن كلام الأصحاب أنه
نوى الحج وتلفظ بالعمرة، كما هو لفظ الخبر وبعضهم: إذ لو نواها أشكل الحكم
بانصرافها إلى الحج، وإن كان ذلك مقصوده قبل النية، فإنما الأعمال بالنيات لا

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 169 ح 562.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 517.
(3) المبسوط: ج 1 ص 365.
(4) المهذب: ج 1 ص 243.
(5) السرائر: ج 1 ص 584.
(6) الوسيلة: ص 177.
(7) الجامع للشرائع: ص 204.
(8) مسائل علي بن جعفر: ص 268 ح 655، وفيه: (فليعد الاحرام).
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 715 س 10.
(10) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 169 ح 562.
52

بالمقصود قبلها.
(و) يجب اشتمال النية (على الوجوب أو الندب لوجههما) أي على
وجههما، أي الوجوب إن وجب، والندب إن استحب، أو سببهما من الاسلام
والنذر وشبهه والاستئجار والتطوع والتبرع والنذر القلبي إن لم يوجب به، كل
ذلك لتميز المنوي عن أشباهه، ولأن الإطاعة والتقرب إنما يتحققان بفعل ما أمر
الله به على الوجه المأمور به، وفي هذا أنه لا يستلزم التعرض له في النية، نعم
لا بد من الاحتراز عن المخالفة، ويمكن أن يكون هو المراد.
ويتخير على الثاني بين أن ينوي حجة الاسلام أو النذر مثلا لوجوبها، أو
الحج الواجب لكونه حج الاسلام أو للنذر مثلا.
وبالجملة بين أن يجعل [الوجوب أو الندب صفة، والوجه عليه والعكس،
ويجوز أن يريد أنه لا بد من نية] (1) أو صفتين أو علتين، لكونهما وجهي ما يفعله،
ولا بد من إيقاع ما يفعله لوجهه، لتمييزه عن غيره من الوجوه، ويحتمل أن يريد
الاشتمال عليهما صفتين وعلتين كما قيل، فينوي الحج الواجب لوجوبه، فالأول
للتمييز، والثاني لايقاع المأمور به على وجهه، وفيه ما عرفت.
ويبعد جدا أن يريد بوجههما الأمر أو اللطف أو الشكر، إذ لا وجه لوجوب
احضارها في النية.
وفي بعض النسخ: أو وجههما، فيجوز أن يراد أنه لا بد من الاشتمال عليهما
صفتين أو وجهين، وأنه لا بد من الاشتمال عليهما أو على سببهما من الأمر أو
النذر أو الاسلام أو التبرع ونحوها، لاشعارها بهما، واختلاف الإضافة بيانية
ولامية بحسب الوجوه ظاهر.
(و) أما (التقرب إلى الله تعالى) فلا بد منه في نية كل عبادة اتفاقا، إلا
أن ينوي ما هو أفضل منه، وهو الفعل لكونه تعالى أهلا للعبادة، أو ما هو بمعناه

(1) ما بين المعقوفين زيادة من خ.
53

كالفعل لإطاعته تعالى وموافقة أمره.
ويجب عنده نزع ما عليه من المخيط وما يستر الرأس (ولبس الثوبين)
كما في العمرة، وفيه ما مر من الكلام.
(و) يجب (التلبيات الأربع) المتقدمة. وبالجملة فالأمر فيه (كما تقدم
في إحرام العمرة من الواجب والمستحب).
(ويلبي الماشي) إلى منى (في الموضع الذي صلى) وأحرم (فيه،
والراكب إذا نهض به بعيره) كما في النهاية (1) والمبسوط (2) والمصباح (3)
ومختصره والسرائر (4) والوسيلة (5) والجامع (6)، لقول الصادق عليه السلام في خبر عمر
ابن يزيد: فإن كنت ماشيا فلب عند المقام، وإن كنت راكبا فإذا نهض بك بعيرك (7).
وعليه حمل إطلاق قوله عليه السلام في خبر أبي بصير: ثم يلبي من المسجد الحرام (8).
وقوله في حسن معاوية: فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون الردم فلب (9). وقول أبي
جعفر عليه السلام لزرارة: إذا جعلت شعب الدب عن يمينك والعقبة عن يسارك فلب
بالحج (10).
وفي التهذيب (11) والاستبصار: الراكب يلبي عند الرقطاء أو عند شعب
الدب (12) لهذين الخبرين.
وفي المقنعة: إن كان ماشيا فليلب من عند الحجر الأسود (13). ثم روى عن

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 517.
(2) المبسوط: ج 1 ص 365.
(3) مصباح المتهجد: ص 627.
(4) السرائر: ج 1 ص 584.
(5) الوسيلة: ص 177.
(6) الجامع للشرائع: ص 204.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 63 ب 46 من أبواب الاحرام ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 63 ب 46 من أبواب الاحرام ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 2 ب 1 من أبواب احرام الحج ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 63 ب 46 من أبواب الاحرام ح 5.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 168 ذيل الحديث 560.
(12) الإستبصار: ج 2 ص 252 ذيل الحديث 885.
(13) المقنعة: ص 407.
54

الصادق عليه السلام: ينبغي لمن أحرم يوم التروية عند المقام أن يخرج حتى ينتهي إلى
الردم ثم يلبي بالحج (1).
وأطلق الصدوق في المقنع (2) والهداية (3) تاء خير التلبية إلى الرقطاء.
وفي الفقيه تعجيله، فقال: ثم لب سرا بالتلبيات الأربع المفروضات إن شئت
قائما، وإن شئت قاعدا، وإن شئت على باب المسجد وأنت خارج عنه مستقبل
الحجر الأسود - إلى أن قال: - فإذا بلغت الرقطاء دون الردم - وهو ملتقى الطريقين
حين يشرف على الأبطح - فارفع صوتك بالتلبية (4).
وكذا القاضي في المهذب (5) والحلبيان أطلقوا التعجيل (6)، بل صرح الحلبي
بالتعميم، فقال: ثم يلبي مستسرا، فإذا نهض به بعيره أعلن بالتلبية، وإن كان
ماشيا فليجهر بها من عند الحجر الأسود. وأطلق القاضي في شرح الجمل
تأخيرها إلى الردم (7).
وفي صحيح حفص بن البختري ومعاوية بن عمار وعبد الرحمن بن الحجاج
والحلبي جميعا عن الصادق عليه السلام: إذا أهللت من المسجد الحرام للحج فإن شئت
لبيت خلف المقام، وأفضل ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء وتلبي قبل أن تصير
إلى الأبطح (8).
(ويرفع صوته) بالتلبية ماشيا كان أو راكبا (إذا أشرف على الأبطح)
وهو إذا انتهى إلى الردم وفاقا للمشهور، لقول الصادق عليه السلام في حسن معاوية:
فاحرم بالحج، ثم امض وعليك السكينة والوقار، فإذا انتهيت إلى الرقطاء دون

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 45 ب 34 من أبواب الاحرام ح 10 ج 9 ص 45.
(2) المقنع: ص 86.
(3) الهداية: ص 60.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 538.
(5) المهذب: ج 1 ص 245.
(6) الكافي في الفقه: ص 212، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 34.
(7) شرح جمل العلم والعمل: ص 225.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 63 ب 46 من أبواب الاحرام ح 1.
55

الردم فلب، وإذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية
حتى تأتي منى (1). وفي الدروس: الاتفاق عليه (2).
وفي المقنعة (3) والغنية (4) والمهذب: إنه يشرف على الأبطح إذا بلغ الرقطاء دون
الردم (5). وقال أبو علي: يلبي إن شاء من المسجد أو من حيث يخرج من منزله
بمكة، وإن شاء أن يؤخر إجهاره بالتلبية إلى أن ينتهي إلى الأبطح خارج مكة فعل (6).
قال في المختلف: وهو يدل على الاجهار عند الاحرام (7). وسمعت عبارة
الحلبي الناصة على جهر الماشي من عند الحجر. وقال ابن إدريس: إنه يجهر مما
أحرم (8) منه (9). وقصر الشيخ في المصباح (10) ومختصره الجهر بها على الراكب.
(ثم يخرج إلى منى) للمبيت بها (ملبيا، ويستحب استمراره عليها)
أي التلبية (إلى زوال الشمس يوم عرفة) فيحرم عنده كما هو نص الخلاف (11)
للأمر بالقطع في الأخبار، كقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: إذا زالت
الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية عند زوال الشمس (12). وفي صحيح عمر بن يزيد:
إذا زاغت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية (13).
النظر (الثالث: في أحكامه)
(ويحرم به ما قدمناه في محظورات إحرام العمرة، ويكره ما يكره

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 2 ب 1 من أبواب إحرام الحج ح 1.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 416 درس 107.
(3) المقنعة: ص 408.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 517 س 34.
(5) المهذب: ج 1 ص 245.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 227.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 227.
(8) في خ: (ما يحرم).
(9) السرائر: ج 1 ص 584.
(10) مصباح المتهجد: ص 627.
(11) الخلاف: ج 2 ص 292 المسألة 70.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 59 ب 44 من أبواب الاحرام ح 5.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 10 ب 9 من أبواب إحرام الحج ح 4.
56

فيه، وتاركه عمدا) بترك النية أو التلبية، إلى زوال الشمس العاقدة له (يبطل
حجه) اتفاقا، لكونه من الأركان، واستلزامه انتفاء المناسك كلها.
و (لا) يبطله تركه (ناسيا على رأي) وفاقا للشيخ (1)، والقاضي (2)
وابني حمزة (3) وسعيد (4) كما مر، وقد مر تحقيقه.
وفي الإيضاح: إن المراد ترك التلبية، أما لو ترك النية فإنه يبطل قطعا (5).
وإذا لم يبطل الحج (فيجب) عليه (ما يجب على المحرم من
الكفارة) إذا فعل ما يوجبها على المحرم (على إشكال) من انتفاء الاحرام
المحرم له مع الأصل، ومن أنه بحكم المحرم شرعا ومحرم بزعمه، فيقضي بفعله
ما يحرم على المحرم وهو خيرة الإيضاح (6).
(ولا يجوز له الطواف بعد الاحرام حتى يرجع من منى) إلا أن
يضطر إلى تقديم طواف حجه وفاقا للنهاية (7) والمبسوط (8) والتهذيب (9)
والوسيلة (10) وظاهر المصباح (11) ومختصره والجامع (12)، لخبر حماد عن الحلبي
قال: سألته عن رجل أتى المسجد الحرام وقد أزمع بالحج، أيطوف بالبيت؟ قال:
نعم، ما لم يحرم (13). ولما قصر عن إثبات الحرمة المخالفة للأصل، قال ابن
إدريس: لا ينبغي (4). واقتصر المصنف في التحرير (15) والتذكرة (16) والمنتهى (17)

(1) المبسوط: ج 1 ص 365.
(2) المهذب: ج 1 ص 243.
(3) الوسيلة: ص 177.
(4) الجامع للشرائع: ص 204.
(5) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 305.
(6) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 305.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 517.
(8) المبسوط: ج 1 ص 365.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 169 ذيل الحديث 562.
(10) الوسيلة: ص 177.
(11) مصباح المتهجد: ص 627.
(12) الجامع للشرائع: ص 205.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 496 ب 83 من أبواب الطواف ح 4.
(14) السرائر: ج 1 ص 584.
(15) تحرير الأحكام: ج 1 ص 101 س 19.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 370 س 15.
(17) منتهى المطلب: ج 2 ص 715 س 1.
57

إلى أنه لا يسن.
وخلافا لقول الحسن: وإذا اغتسل يوم التروية وأحرم بالحج طاف بالبيت
سبعة أشواط وخرج متوجها إلى منى، ولا يسعى بين الصفا والمروة حتى يزور
البيت فيسعى بعد طواف الزيارة (1). واحتمل في المختلف أن يريد به الطواف قبل
الاحرام (2) كما ذكره جماعة من الأصحاب منهم: المفيد (3) والحلبي (4).
(فإن طاف ساهيا) أو عامدا (لم ينتقض إحرامه) جدد بعده التلبية
أو لا، وفاقا للسرائر (5) والتهذيب (6) للأصل، وخبر عبد الحميد بن سعيد سأل
الكاظم عليه السلام عن رجل أحرم يوم التروية من عند المقام بالحج، ثم طاف بالبيت
بعد إحرامه، وهو لا يرى أن ذلك لا ينبغي، أينقض طوافه بالبيت إحرامه؟ فقال:
لا، ولكن يمضي على إحرامه (7).
(قيل) في النهاية (8) والمبسوط (9) والسرائر (10) والوسيلة (11) والجامع (12):
(ويجدد التلبية، ليعقد بها الاحرام).
ويحتمل أن يكونوا يستحبونه، فإن الشيخ قال في الكتابين: إنه لا ينتقض
إحرامه، لكن يعقده بتجديد التلبية (13). ولعلهم استندوا إلى ما مضى في طواف
القارن والمفرد إذا دخلا مكة قبل الوقوف.

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 229.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 229.
(3) المقنعة: ص 407.
(4) الكافي في الفقه: ص 212.
(5) السرائر: ج 1 ص 584.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 169 ذيل الحديث 562.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 497 ب 83 من أبواب الطواف ح 6.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 518.
(9) المبسوط: ج 1 ص 365.
(10) السرائر: ج 1 ص 584.
(11) الوسيلة: ص 177.
(12) الجامع للشرائع: ص 205.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 518، والمبسوط: ج 1 ص 365.
58

(المطلب الثاني)
(في نزول منى) قبل الوقوف
(يستحب للحاج) اتفاقا (بعد الاحرام يوم التروية الخروج إلى منى
من مكة) ويستحب لغير الإمام أن يكون (بعد صلاة الظهر) بمكة أو
الظهرين على ما عرفت من الخلاف.
(والإقامة بها إلى فجر عرفة) لغير الإمام، (و) تأخير (قطع وادي
محسر) إلى ما (بعد طلوع الشمس) لقول الصادق عليه السلام في صحيح هشام بن
الحكم: لا تجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس (1).
ولا يجب كما في النهاية (2) والمبسوط (3) والتهذيب (4) لظاهر الخبر وفاقا
للسرائر (5) للأصل، وعدم وجوب المبيت بمنى كذا في المختلف (6)، وظهور ما فيه
يغني عن التنبيه.
(وللعليل والكبير وخائف الزحام) المضر به (الخروج) من مكة إلى
منى (قبل الظهر) كما في النهاية (7) والمبسوط (8) والسرائر (9) والشرائع (10)
وغيرها، لخبر إسحاق بن عمار سأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يكون شيخا كبيرا
أو مريضا يخاف ضغاط الناس وزحامهم يحرم بالحج ويخرج إلى منى قبل يوم
التروية؟ قال: نعم. قال: فيخرج الرجل الصحيح يلتمس مكانا أو يتروح بذلك؟
قال: لا. قال: يتعجل بيوم؟ قال: نعم. قال: يتعجل بيومين؟ قال: نعم. قلت: يتعجل

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 8 ب 7 من أبواب احرام الحج ح 4.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 519.
(3) المبسوط: ج 1 ص 366.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 179 ذيل الحديث 598.
(5) السرائر: ج 1 ص 585.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 233.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 518.
(8) المبسوط: ج 1 ص 365.
(9) السرائر: ج 1 ص 586.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 253.
59

بثلاثة؟ قال: نعم. قال: أكثر من ذلك؟ قال: لا (1).
ومرسل البزنطي: قيل لأبي الحسن عليه السلام: يتعجل الرجل قبل التروية بيوم أو
يومين من أجل الزحام وضغاط الناس، فقال: لا بأس (2). وحمل عليه خبر رفاعة:
سأل الصادق عليه السلام هل يخرج الناس إلى منى غدوة؟ قال: نعم (3). ومر القول والخبر
باستحباب صلاة الظهرين بها مطلقا.
(وكذا الإمام يستحب له أن يصلي الظهرين بمنى) لما عرفت، وفي
التهذيب: إنه لا يجوز له غير ذلك (4). وهو ظاهر النهاية (5) والمبسوط (6). وما مر
من حسن معاوية وصحيحه.
والإمام أمير الحاج، - كما قيل (7) - فإنه الذي ينبغي أن يتقدمهم في أول السفر
إلى المنزل ليتبعوه ويجتمعوا إليه ويتأخر عنهم في الرحيل من المنازل. وورد
بمعناه في خبر حفص المؤذن قال: حج إسماعيل بن علي بالناس سنة أربعين
ومائة فسقط أبو عبد الله عليه السلام من بغلته فوقف عليه إسماعيل، فقال له أبو
عبد الله عليه السلام: سر فإن الإمام لا يقف (8).
(و) لذا يستحب له (الإقامة بها إلى طلوع الشمس) كما في صحيح
ابن مسلم، عن أحدهما عليه السلام قال: ينبغي للإمام أن يصلي الظهر يوم التروية إلا
بمنى، ويبيت بها، ويصبح حتى تطلع الشمس، ثم يخرج (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 4 ب 3 من أبواب إحرام الحج ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 5 ب 3 من أبواب إحرام الحج ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 4 ب 3 من أبواب إحرام الحج ح 2.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 176 ذيل الحديث 590.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 518.
(6) المبسوط: ج 1 ص 365.
(7) مدارك الأحكام: ج 7 ص 388.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 7 ب 5 من أبواب احرام الحج ح 1.
(9) كذا في خ و ط، والموجود في وسائل الشيعة: ج 10 ص 5 ب 4 من أبواب إحرام الحج ح 1
و 2 عن ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: لا ينبغي للإمام أن يصلي الظهر يوم التروية إلا بمنى
ويبيت بها إلى طلوع الشمس. وفيه عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ينبغي
للإمام أن يصلي الظهر من يوم التروية بمنى يبيت بها ويصبح حتى تطلع الشمس ثم يخرج.
ولعله وقع خلط حين النسخ.
60

(ويكره الخروج منها) للإمام وغيره (قبل الفجر لغير عذر) كما في
السرائر (1) والنافع (2) والشرائع (3)، فإنه يكره مجاوزة وادي محسر قبل طلوع
الشمس، وهو حد منى، وللأمر بصلاته فيها في حسن معاوية المتقدم، ولصحيح
ابن مسلم سأل أبا جعفر عليه السلام هل صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر بمنى يوم التروية؟
قال: نعم، والغداة بمنى يوم عرفة (4).
وخبر عبد الحميد الطائي قال للصادق عليه السلام: إنا مشاة فكيف نصنع؟ فقال عليه السلام:
أما أصحاب الرجال فكانوا يصلون الغداة بمنى، وأما أنتم فامضوا حتى تصلوا في
الطريق (5).
وفي الكافي (6) والمراسم: إنه لا يجوز اختيارا (7). ويعطيه ظاهر النهاية (8)
والمبسوط (9) والاقتصاد (10)، ويدفعه الأصل واستحباب المبيت بمنى.
(ويستحب الدعاء عند دخولها) قال الصادق عليه السلام في حسن معاوية: إذا
انتهيت إلى منى فقل: اللهم هذه منى، وهذه مما مننت بها علينا من المناسك،
فأسألك أن تمن علي بما مننت به على أنبيائك، فإنما أنا عبدك وفي قبضتك (11).
(و) عند (الخروج منها) إلى عرفات قال عليه السلام في صحيحة: إذا غدوت

(1) السرائر: ج 1 ص 585.
(2) المختصر النافع: ص 86.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 253.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 6 ب 4 من أبواب إحرام الحج ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 8 ب 7 من أبواب إحرام الحج ح 1.
(6) الكافي في الفقه: ص 213.
(7) المراسم: ص 111.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 519.
(9) المبسوط: ج 1 ص 366.
(10) الإقتصاد: ص 306.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 7 ب 6 من أبواب احرام الحج ح 2.
61

إلى عرفة فقل (و) أنت متوجه (إليها بالمنقول): اللهم إليك صمدت، وإياك
اعتمدت، ووجهك أردت، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي، وتقضي لي
حاجاتي، وأن تجعلني اليوم ممن يباهى به من هو أفضل مني (1).
وعند الخروج إليها من مكة قال عليه السلام في حسنه: إذا توجهت إلى منى، فقل:
اللهم إياك أرجو وإياك أدعو، فبلغني أملي، وأصلح لي عملي (2).
(وحدها) أي منى (من العقبة) التي عليها الجمرة (إلى وادي
محسر) على صيغة اسم الفاعل من التحسر، أي الايقاع في الحسرة أو الاعياء،
سمي به لأن فيه (3) أبرهة أوقع أصحابه في الحسرة أو الاعياء لما جهدوا أن يتوجه
إلى الكعبة فلم يفعل.
قال الصادق عليه السلام في صحيح معاوية وأبي بصير: حد منى من العقبة إلى وادي
محسر (4). ولكن قال في صحيح آخر لمعاوية: وهو - أي وادي محسر - واد عظيم
بين جمع ومنى، وهو إلى منى أقرب (5). فليكن الأقربية لاتصاله بمنى وانفصاله
عن المزدلفة، ويدل على خروجه عن المحدود.
(والمبيت بمنى ليلة عرفة مستحب للترفه لا فرض) ولا نسك ولا
يلزم، ولا يستحب بتركه شئ لا يعرف في ذلك خلافا.
نعم، قيل: لا يجوز لمن بات بها الخروج منها قبل الفجر، كما سمعت آنفا.
وقال الشيخ (6) والقاضي (7): بأنه لا يجوز له مجاوزة وادي محسر قبل طلوع
الشمس لظاهر النهي عنه في الخبر.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 9 ب 8 من أبواب احرام الحج ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 7 ب 6 من أبواب احرام الحج ح 1.
(3) في خ: (قيل).
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 7 ب 6 من أبواب إحرام الحج ح 3.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 468 ح 2987.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 519.
(7) المهذب: ج 1 ص 251.
62

(المطلب الثالث)
(في الوقوف بعرفة)
(ومباحثه ثلاثة):
(الأول:)
(الوقت والمحل)
(ولعرفة) أي الوقوف بها (وقتان: اختياري) وهو (من زوال
الشمس يوم التاسع) باجماع من عدا أحمد فإنه جعله من طلوع فجره (إلى
غروبها) (1) بالاجماع، وما في الخلاف (2) والمبسوط (3) من أن وقت الوقوف فجر
يوم العيد، فهو مجموع الاختياري والاضطراري، فلا يرد عليه ما في السرائر من
مخالفة (4) الاجماع (5).
(أي وقت منه) أي من الوقت المذكور (حضر) عرفة بنية الوقوف
(أدرك الحج) اتفاقا.
وهل يجب الاستيعاب حتى إن أخل به في جز منه أثم وإن تم حجه؟ ظاهر
الفخرية ذلك (6). وصرح الشهيد بوجوب مقارنة النية لما بعد الزوال، وأنه يأثم
بالتأخير (7). ولم أعرف له مستندا.
وفي السرائر: إن الواجب هو الوقوف بسفح الجبل ولو قليلا بعد الزوال (8).
وفي التذكرة: إنما الواجب اسم الحضور في جز من أجزاء عرفة ولو مختارا مع

(1) المجموع: ج 8 ص 120.
(2) الخلاف: ج 2 ص 337 المسألة 156.
(3) المبسوط: ج 1 ص 383.
(4) في ط: (مخالفته).
(5) السرائر: ج 1 ص 587.
(6) الرسالة الفخرية (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 348.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 419 الدرس 108.
(8) السرائر: ج 1 ص 587.
63

النية (1). وظاهر الأكثر وفاقا للأخبار الوقوف بعد صلاة الظهرين.
(واضطراري) وهو من غروب الشمس ليلة النحر (إلى فجر النحر) بلا
خلاف في الظاهر، وبه أخبار (2) أي جز من الليل أدرك كفاه.
(والمحل) للوقوف (عرفة) سميت بها لمعرفة آدم حواء، وإبراهيم
إسماعيل: فيها، أو لمعرفة إبراهيم عليه السلام أن ما رآه من ذبح ولده أمر من الله، أو
لقول جبرئيل فيها لأحدهما: أعرفت يعني المناسك، أو لأمر آدم عليه السلام، أو الناس
بالاعتراف فيها بالذنوب، أو لغير ذلك.
(وحدها من بطن عرنة) كهمزة، وفي لغة بضمتين. قال المطرزي: واد
بحذاء عرفات، وبتصغيرها سميت عرينة، وهي قبيلة ينسب إليها العرنيون (3).
وقال السمعاني: ظني أنها واد بين عرفات ومنى (4). وقال الفاسي: إنه موضع بين
العلمين اللذين بهما حد عرفة. والعلمين اللذين هما حد الحرم.
(وثوية) بفتح الثاء وتشديد الياء كما في السرائر (5) ولم أظفر لها في كتب
اللغة بمميز (ونمرة) كفرحة، ويجوز إسكان ميمها، وهي الجبل الذي عليه
أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من المأزمين تريد الموقف، كذا في تحرير
النووي (6) والقاموس (7) وغيرهما، وفي الأخبار أنها بطن عرنة. فلعلهما يقال
عليهما ولو على أحدهما للمجاورة.
(إلى ذي المجاز) وهو سوق كانت على فرسخ من عرفة بناحية كبكب،
قال الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباءك

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 371 س 21.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 55 ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(3) الأنساب للسمعاني: ج 4 ص 182 مادة (العرني).
(4) الأنساب: ج 4 ص 182 مادة (العرني).
(5) السرائر: ج 1 ص 587.
(6) تهذيب الأسماء واللغات: القسم الثاني ج 2 ص 177 مادة (نمرة).
(7) القاموس المحيط: ج 2 ص 149 مادة (نمرة).
64

بنمرة، ونمرة هي بطن عرنة دون الموقف ودون عرفة (1). قال: وحد عرفة من بطن
عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز (2).
(فلا يجوز الوقوف بغيرها) مما خلفها (كالأراك ولا بهذه الحدود)
لخروجها عن المحدود قال الصادق عليه السلام في خبر سماعة: اتق الأراك ونمرة وهي
بطن عرنة وثوية وذي المجاز، فإنه ليس من عرفة ولا تقف فيه (3).
وفي خبر أبي بصير: إن أصحاب الأراك الذين ينزلون تحت الأراك لا حج
لهم (4). وقال النبي صلى الله عليه وآله في خبر إسحاق بن عمار: ارتفعوا عن وادي عرنة
بعرفات (5).
وقال الحسن (6) والحلبي (7): وحدها من المأزمين إلى الموقف. وقال أبو علي:
من المأزمين إلى الجبل (8).
وقال الصادق عليه السلام في صحيح ليث المرادي: حد عرفات من المأزمين إلى
أقصى الموقف (9).
وقال في المختلف: ولا ينافي بين القولين - يعني ما في الكتاب وأحد هذين
القولين - لأن ذلك كله حدود عرفة، لكن من جهات متعددة (10).
(ويجوز) أي يجب (عند الضرورة الوقوف على الجبل) فإنه من
الموقف (11)، كما في صحيح معاوية عن الصادق عليه السلام: وخلف الجبل موقف (12).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 9 ب 9 من أبواب احرام الحج ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 10 ب 10 من أبواب احرام الحج ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 11 ب 10 من أبواب احرام الحج ح 6.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) المصدر السابق ح 4.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 236.
(7) الكافي في الفقه: ص 196.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 236.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 11 ب 10 من أبواب احرام الحج ح 2.
(10) مختلف الشيعة: ج 4 ص 236.
(11) في خ: (المواقف).
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 11 ب 10 من أبواب احرام الحج ح 1.
65

وفي مرسل الصدوق عنه عليه السلام: وخلف الجبل موقف إلى وراء الجبل (1).
ولخصوص خبر سماعة سأله عليه السلام إذا ضاقت عرفة كيف يصنعون؟ قال: يرتفعون
إلى الجبل (2). وحظره ابنا زهرة (3) والبراج (4) بغير ضرورة.
(والمستحب) عند الاختيار (أن يقف في السفح) لقول الصادق عليه السلام
في خبر مسمع: أفضل الموقف سفح الجبل (5). قال الثعلبي في فقه اللغة: أول الجبل
الحضيض، وهو القرار من الأرض عند أصل الجبل، ثم السفح وهو ذيله (6).
فيتضمن استحباب القرب من الجبل كما ستسمع النص عليه في خبر عامر بن
عبد الله الأزدي.
وقال ابن فارس في المقاييس: إنه من الأبدال، وأصله الصفح بالصاد بمعنى
الجنب (7). وفي الصحاح: سفح الجبل أسفله حيث يسفح فيه الماء وهو
مضطجعه (8). وفي القاموس السفح عرض الجبل المضطجع أو أصله أو أسفله أو
الحضيض (9) وأوجبه ابن إدريس في ظاهره (10).
والمستحب الوقوف (في ميسرة الجبل) لقول الصادق عليه السلام في حسن
معاوية: قف في ميسرة الجبل، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وقف بعرفات في ميسرة
الجبل (11). والظاهر ميسرة القادم من مكة، وقيل: ميسرة المستقبل للقبلة، ولا دليل

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 464 ح 2979.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 13 ب 11 من أبواب احرام الحج ح 4.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 518 س 8.
(4) المهذب: ج 1 ص 246.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 13 ب 11 من أبواب احرام الحج ح 2.
(6) فقه اللغة: ص 295.
(7) مقاييس اللغة: ج 3 ص 81 مادة (سفح وصفح).
(8) الصحاح: ج 1 ص 375 مادة (سفح).
(9) القاموس المحيط: ج 1 ص 228 (مادة سفح).
(10) السرائر: ج 1 ص 587.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 13 ب 11 من أبواب احرام الحج ح 1.
66

عليه. قال الشهيد: ويكفي في القيام بوظيفة الميسرة لحظة ولو في مروره (1).
(و) يستحب (سد الخلل بنفسه ورحله) وعياله، لقول الصادق عليه السلام
في حسن معاوية: إذا رأيت خللا فسده بنفسك وراحلتك، فإن الله يحب أن تسد
تلك الخلال (2). ولسعيد بن يسار: أيما عبد رزقه الله رزقا من رزقه فأخذ ذلك
الرزق فأنفقه على نفسه وعلى عياله ثم أخرجهم قد ضحاهم بالشمس حتى يقدم
بهم عشية عرفة إلى الموقف فيقيل ألم تر فرجا يكون هناك فيها خلل ليس فيها
أحد؟ قال: بلى جعلت فداك، فقال: يجي بهم قد ضحاهم حتى يشعب بهم تلك
الفرج، فيقول الله تبارك وتعالى لا شريك له: عبدي رزقته من رزقي فأخذ ذلك
الرزق فأنفقه فضحى به نفسه وعياله، ثم جاء بهم حتى شعب بهم هذه الفرجة
التماس مغفرتي أغفر له ذنبه وأكفيه ما أهمه وأرزقه (3).
(و) يستحب (أن يضرب خبأه بنمرة وهي بطن عرنة) كما في
صحيح معاوية المتقدم آنفا عن الصادق عليه السلام وصحيحه وحسنه أيضا عنه عليه السلام في
حج النبي صلى الله عليه وآله: حتى انتهوا إلى نمرة وهي بطن عرنة بحيال الأراك، وضربت قبته،
وضرب الناس أخبيتهم عندها (4).
(الثاني:)
(الكيفية)
(وتجب فيه النية) عند علمائنا أجمع، كذا في التذكرة (5) وفاقا للسرائر (6)،
قال: خلافا للعامة. وفي المنتهى: خلافا للجمهور (7)، ويدل عليه ما دل على

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 418 درس 108.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 15 ب 13 من أبواب احرام الحج ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 14 ب 13 من أبواب احرام الحج ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 152 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 4.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 371 س 16.
(6) السرائر: ج 1 ص 621.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 716 س 25 درس 108.
67

وجوبها في العبادات، ولكن سيأتي الخلاف في استيعاب النوم وقت الوقوف.
ووقت النية بعد الزوال، سواء وجب الوقوف منه إلى الغروب أو كفى المسمى.
ويجب على الأول المبادرة إليها بعد تحققه، فلو أخر أثم وأجزاء كما في
الدروس (1) ويجب اشتمالها على الكون لحج التمتع أو غيره حج الاسلام أو غيره
كما في التذكرة (2) والفخرية (3)، واقتصر في المنتهى (4) والتحرير (5) على الوجوب
والقربة.
(و) يجب (الكون بها إلى الغروب) اتفاقا، والمعتبر عندنا فيه بزوال
الحمرة من المشرق كما نص عليه في خبر يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام (6).
(فلو وقف بالحدود) المتقدمة (أو تحت الأراك) متعمدا بحيث لم يقف
شيئا مما بين الزوال إلى الغروب في الموقف مع النية (بطل حجه) ويأتي
الناسي والجاهل، وتقدم ما نطق باتقاء الحدود والأراك، وبأن نمرة دون الموقف،
وبأن أصحاب الأراك لا حج لهم، والخبر بهذا كثير.
وعد ابن حمزة من المندوبات أن لا يقف تحت الأراك (7)، وكأنه لكون
الحدود ورأه، وهو يقتضي دخوله في الموقف. وظاهر قول الصادق عليه السلام في خبر
أبي بصير: لا ينبغي الوقوف تحت الأراك فأما النزول تحته حتى تزول الشمس
وينهض إلى الموقف فلا بأس (8).
(ولو أفاض قبل الغروب عامدا عالما فعليه بدنة) إن لم يعد قبله،

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 419.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 371 س 18.
(3) الرسالة الفخرية (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 348.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 716 س 28.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 101 س 33.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 29 ب 22 من أبواب احرام الحج ح 2.
(7) الوسيلة: ص 179.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 12 ب 10 من أبواب احرام الحج ح 7.
68

(فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما) وفاقا للمشهور، لقول أبي جعفر عليه السلام
في الصحيح لضريس إذ سأله عن المفيض قبل الغروب: عليه بدنة ينحرها يوم
النحر، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في الطريق أو في أهله (1). وقول
الصادق عليه السلام في مرسل ابن محبوب: عليه بدنة، فإن لم يقدر على بدنة صام ثمانية
عشر يوما (2).
وفي الغنية: الاجماع عليه (3)، وعند الصدوقين: عليه دم شاة (4). ولم أعرف
مستنده، ولكن في الجامع: وروي شاة (5).
وفي الخلاف: إنه عليه دما، للاجماع، والاحتياط، وقول النبي صلى الله عليه وآله في خبر
ابن عباس من ترك نسكا فعليه دم (6). ولكنه إنما أطلق في مقابله من لم يوجب
عليه شيئا من العامة، ولو لم يكن في المسألة إلا هذا الخبر كان مؤيدا لقول
الصدوقين، مع أصل البراءة من الزائد، بل انصراف إطلاقه إلى الشاة.
(ولا شئ) عليه (لو فقد أحد الوصفين) أي العمد أو العلم (أو
عاد) إلى عرفات (قبل الغروب) أما الفاقد فللأصل ورفع الخطأ والنسيان (7).
وقول الصادق عليه السلام في خبر مسمع: إن كان جاهلا فلا شئ عليه، وإن كان متعمدا
فعليه بدنة (8).
وحكم الجاهل مما نص عليه في التهذيب (9) والنهاية (10) والمبسوط (11)

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 30 ب 23 من أبواب احرام الحج ح 3.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 518 س 9.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 541، ونقله عن والده في مختلف الشيعة: ج 4 ص 245.
(5) الجامع للشرائع: ص 207.
(6) الخلاف: ج 2 ص 339 المسألة 157.
(7) وسائل الشيعة: ج 11 ص 295، ب 56 من أبواب جهاد النفس ح 1 - 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 30 ب 23 من أبواب احرام الحج ح 1.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 186 ذيل الحديث 620.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 520.
(11) المبسوط: ج 1 ص 367.
69

والسرائر (1) والنافع (2) والشرائع (3) ويعطيه كلام الغنية (4) والجامع (5).
وأما الناسي: فكأنه لا خلاف فيه، وهل عليهما الرجوع إذا تهيأ قبل الغروب؟
نعم، إن وجب استيعاب الوقوف، وإلا فوجهان. وأما العائد قبل الغروب فلاتيانه
بالواجب، وهو الوقوف إلى الغروب، كمن تجاوز الميقات غير محرم ثم عاد إليه
فأحرم، ولأنه لو لم يكن وقف إلى هذا الزمان لم يكن عليه شئ مع أصل
البراءة، وهو أيضا منصوص في المبسوط (6) والخلاف (7) والوسيلة (8)
والشرائع (9) والسرائر (10)، ويعطيه كلام الجامع (11). وفي النزهة: إن سقوط
الكفارة بعد ثبوتها يفتقر إلى دليل وليس (12). وهو متجه.
أما العود بعد الغروب فلا يجزئ عندنا خلافا للشافعي (13) إذا عاد قبل
خروج وقت الوقوف.
(ويستحب) له (الجمع بين) صلاتي (الظهر والعصر بأذان واحد
وإقامتين) إماما كان أو مأموما، أو منفردا متما أو مقصرا عندنا للأخبار (14)،
والاجماع كما في الخلاف (15) والتذكرة (16) والمنتهى (17)، ولأنه يوم دعاء ومسألة.
فيستحب التفرغ له كما في خبر معاوية عن الصادق عليه السلام (18). وللعامة قول

(1) السرائر: ج 1 ص 588.
(2) المختصر النافع: ص 86.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 253.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 518 س 9.
(5) الجامع للشرائع: ص 207.
(6) المبسوط: ج 1 ص 367.
(7) الخلاف: ج 2 ص 339 المسألة 158.
(8) الوسيلة: ص 179.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 254.
(10) السرائر: ج 1 ص 588.
(11) الجامع للشرائع: ص 207.
(12) نزهة الناظر: ص 57.
(13) الأم: ج 2 ص 212.
(14) وسائل الشيعة: ج 10 ص 9 ب 9 من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 372 س 13.
(16) الخلاف: ج 2 ص 334 المسألة 151.
(17) منتهى المطلب: ج 2 ص 717 س 30.
(18) وسائل الشيعة: ج 10 ص 9 و 15 ب 9 و 14 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 1.
70

باختصاصه بمن صلى جماعة أو كان بينه وبين وطنه ستة عشر فرسخا (1)، وآخر
بالجمع بأذانين وإقامتين (2)، وآخر بإقامتين فقط (3).
(و) يستحب المبادرة بعد الصلاتين إلى (الشروع في الدعاء) فقال
الصادق عليه السلام في خبر معاوية: وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم، فإن الشيطان لن
يذهلك في موطن قط أحب إليه من أن يذهلك في ذلك الموطن (4).
وليدع (بالمنقول) وغيره (لنفسه ولوالديه وللمؤمنين) قال الشهيد:
وأقلهم أربعون (5). ولا يجب للأصل. وقال الحلبي: يلزم افتتاحه بالنية، وقطع
زمانه بالدعاء والتوبة والاستغفار (6). وظاهره الوجوب، ودليله ظاهر الأمر في
الأخبار.
وخبر جعفر بن عامر عن عبد الله بن خداعة الأزدي عن أبيه أنه قال
للصادق عليه السلام: رجل وقف بالموقف فأصابته دهشة الناس فبقي ينظر إلى الناس ولا
يدعو حتى أفاض الناس، قال: يجزئه وقوفه. ثم قال: أليس قد صلى بعرفات
الظهر والعصر وقنت ودعا؟ قال: بلى، قال: فعرفات كلها موقف وما قرب من
الجبل فهو أفضل (7). وغايته وجوبه وجوب الدعاء في الجملة لا قطع الزمان به
وبالتوبة، على أن من البين أنه ليس نصا فيه، حتى استدل به في المختلف على
عدم الوجوب (8). وغاية قوله عليه السلام: يجزئه وقوفه، أن الوقوف الخالي عن الدعاء
مجزئ، وهو لا ينفي وجوب الدعاء.
وبالجملة فلا يصلح مستندا لشئ من الوجوب وعدمه، كخبر أبي يحيى

(1) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 426.
(2) بداية المجتهد: ج 1 ص 361.
(3) بداية المجتهد: ج 1 ص 361.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 15 ب 14 من أبواب الحج والوقوف بعرفة ح 1.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 419 درس 108.
(6) الكافي في الفقه: ص 197.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 19 ب 16 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 2.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 235.
71

زكريا الموصلي أنه سأل العبد الصالح عليه السلام عن رجل وقف بالموقف فأتاه نعي أبيه
أو نعي بعض ولده قبل أن يذكر الله بشئ أو يدعو فاشتغل بالجزع والبكاء عن
الدعاء ثم أفاض الناس، فقال: لا أرى عليه شيئا، وقد أساء فليستغفر الله أما لو
صبر واحتسب لأفاض من الموقف بحسنات أهل الموقف جميعا من غير أن
ينقص من حسناتهم شئ (1).
وعن القاضي وجوب الذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله (2)، واستدل له في
المختلف بالأمر في الآية، وأجاب بمنع كونه للوجوب (3). وضعفه ظاهر، لكن
المأمور به إنما هو الذكر عند المشعر الحرام وعلى بهيمة الأنعام وفي أيام
معدودات. وفسرت في الأخبار (4) بالعيد وأيام التشريق، والذكر فيها بالتكبير
عقيب الصلوات وبعد قضاء المناسك، فيحتمل التكبير المذكور وغيره.
وقال الصادق عليه السلام في خبر معاوية: ثم تأتي الموقف وعليك السكينة والوقار
فاحمد الله وهلله ومجده واثن عليه وكبره مائة مرة، واحمده مائة مرة وسبحه مائة
مرة وأقراء: قل هو الله أحد مائة مرة (5).
وفي خبر أبي بصير: إذا أتيت الموقف فاستقبل البيت وسبح الله مائة مرة،
وكبر الله مائة مرة، وتقول: ما شاء الله لا قوة إلا بالله مائة مرة، وتقول: أشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيي ويميت ويميت ويحيي بيده
الخير وهو على كل شئ قدير مائة مرة، ثم تقرأ: عشر آيات من أول سورة البقرة،
ثم تقرأ: قل هو الله أحد ثلاث مرات، وتقرأ: آية الكرسي حتى تفرغ منها، ثم تقرأ:
آية السخرة: (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى
على العرش يغشي الليل النهار يطلبه حثيثا) إلى آخرها، ثم تقرأ: قل أعوذ برب

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 19 ب 16 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 3.
(2) المهذب: ج 1 ص 254.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 243.
(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 99 ح 276 - 280، تفسير البرهان: ج 1 ص 203 ح 2 و 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 15 ب 14 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 1.
72

الفلق وقل أعوذ برب الناس حتى تفرغ منهما، ثم تحمد الله عز وجل على كل نعمة
أنعم عليك وتذكر أنعمه واحدة واحدة ما أحصيت منها، وتحمده على ما أنعم عليك
من أهل ومال، وتحمد الله على ما أبلاك وتقول: اللهم لك الحمد على نعمائك التي
لا تحصى بعدد ولا تكافأ بعمل، وتحمده بكل آية ذكر فيها الحمد لنفسه في
القرآن، وتسبحه بكل تسبيح ذكر به نفسه في القرآن، وتكبره بكل تكبير كبر به
نفسه في القرآن، وتهلله بكل تهليل هلل به نفسه في القرآن، وتصلي على محمد
وآل محمد وتكثر منه وتجتهد فيه، وتدعو الله عز وجل بكل اسم سمى به نفسه في
القرآن وبكل اسم تحسنه وتدعوه بأسمائه التي في آخر الحشر، وتقول: أسألك يا
الله يا رحمن بكل اسم هو لك، وأسألك بقوتك وقدرتك وعزتك، وبجميع ما أحاط
به علمك وبجمعك وبأركانك كلها، وبحق رسولك صلواتك عليه وآله، وباسمك
الأكبر الأكبر، وباسمك العظيم الذي من دعاك به كان حقا عليك أن لا تخيبه،
وباسمك الأعظم الأعظم الأعظم الذي من دعاك به كان حقا عليك أن لا ترده وأن
تعطيه ما سأل، أن تغفر لي جميع ذنوبي في جميع علمك في، وتسأل الله حاجتك
كلها من أمر الآخرة والدنيا وترغب إليه في الوفادة في المستقبل في كل عام،
وتسأل الله الجنة سبعين مرة، وتتوب إليه سبعين مرة، وليكن من دعائك: اللهم
فكني من النار، وأوسع علي من رزقك الحلال الطيب، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس، وشر فسقة العرب والعجم، فإن نفد هذا الدعاء ولم تغرب الشمس فأعده
من أوله إلى آخره، ولا تمل من الدعاء والتضرع والمسألة (1). (و) يستحب (الوقوف في السهل) لخبر إسحاق بن عمار سأل
الكاظم عليه السلام عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحب إليك أم على الأرض؟ فقال:
على الأرض (2).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 17 ب 14 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 11 ب 10 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 5.
73

(و) يستحب (الدعاء قائما) كما في النافع (1) والشرائع (2)، لأنه إلى
الأدب أقرب، ولكن ما لم يتعب حتى يشتغل عن الدعاء والابتهال فيه، وإلا لكان
الأفضل القعود على الأرض أو الدابة أو السجود، بل هو أفضل مطلقا للاختبار
والاعتبار.
وفي المبسوط: يجوز الوقوف بعرفة راكبا وقائما، والقيام أفضل، لأنه
أشق (3) ونحوه المنتهى، وزاد: ولأنه أخف على الراحلة (4). ويمكن أن يزاده
لاستحباب الدعاء عنده والدعاء قائما أفضل كان أولى، لما عرفت، وإن لم أجد
نصا بفضل القيام في الدعاء أيضا.
وفي الخلاف: يجوز الوقوف بعرفة راكبا وقائما سواء، وهو أحد قولي
الشافعي ذكره في الإملاء، وقال في القديم: الركوب أفضل، واستدل بالاجماع
والاحتياط، وقال: إن القيام أشق، فينبغي أن يكون أفضل (5).
وفي التذكرة: عندنا أن الركوب والقعود مكروهان، بل يستحب قائما داعيا
بالمأثور، وحكي عن أحمد أن الركوب أفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله، وليكون
أقوى على الدعاء، وعن الشافعي قولين: أحدهما ذلك والآخر التساوي (6).
وأجاب في المنتهى عن التأسي يجوز أنه صلى الله عليه وآله إنما فعل ذلك بيانا للجواز، ولذا
طاف صلى الله عليه وآله راكبا، مع أنه لا خلاف في أن المشي أفضل (7).
قلت: أو لأنه أراد أن يراه الناس ويسمعوا كلامه، وأيضا إن خلا التأسي عن
المعارض اقتضى الوجوب، ولا قائل به، والمعارض كما أسقط الوجوب أسقط
الرجحان.
(ويكره الوقوف في أعلى الجبل) اختيارا، لما عرفت من فضل الوقوف

(1) المختصر النافع: ص 86.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 255.
(3) المبسوط: ج 1 ص 367.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 716 س 35.
(5) الخلاف: ج 2 ص 337 المسألة 155.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 371 س 16 و 15.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 716 س 36.
74

على الأرض وعلى السفح، واستحباب سد الخلل بنفسه وبرحلة.
(و) يكره (راكبا وقاعدا) لما عرفت، وظاهر التذكرة (1) الاتفاق،
وسمعت عبارتها آنفا، وقد يستحبان كما أشرنا إليه.
(الثالث:)
(الأحكام)
(الوقوف الاختياري بعرفة ركن) كالاضطراري، وإنما اقتصر عليه ليعلم
أنه لا يجزئ الاقتصار على الاضطراري عمدا، بل (من تركه) أي الاختياري
(عمدا بطل حجه) وإن أتى بالاضطراري كما في الشرائع (2)، ويعطيه النهاية (3)
والمبسوط (4) والمهذب (5) والسرائر (6) والنافع (7) لاطلاق الأخبار وبأنه لا حج
لأصحاب الأراك (8). واء ما كون الوقوف بها على الاطلاق ركنا فعليه علماء الاسلام
كافة كما في التذكرة (9) والمنتهى (10)، وفي الأخبار: أن الحج عرفة (11).
(والناسي) للاختياري والمعذور (يتدارك) ليلا (ولو قبل الفجر)
متصلا به إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس لا يعرف في ذلك خلافا،
والأخبار به كثيرة (12)، وفي الجاهل وجهان.
(فإن فاته) الوقوف (نهارا أو ليلا) أي كلاهما (اجتزأ بالمشعر)
وتم حجه عندنا للأخبار، وهي كثيرة مستفيضة (13)، والاجماع كما في

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 371 س 16.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 253.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 520.
(4) المبسوط: ج 1 ص 367.
(5) المهذب: ج 1 ص 250.
(6) السرائر: ج 1 ص 588.
(7) المختصر النافع: ص 86.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 25 ب 19 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 10.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 373 س 3.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 719 س 22.
(11) سنن ابن ماجة: ج 1 ص 1003 ح 3015.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 55 ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 55 ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر.
75

الإنتصار (1) والخلاف (2) والغنية (3) والجواهر (4).
والاجماع المركب كما في الإنتصار (5) والمنتهى، فإن من أوجب الوقوف
بالمشعر أجمع على الاجتزاء باختياره إذا فات الوقوف بعرفات لعذر، وأطبق
الجمهور على الخلاف (6).
(والواجب ما يطلق عليه اسم الحضور وإن) لم يقف بل مشى أو
(سارت به دابته مع النية) كذا هنا وفي المنتهى (7) والخلاف (8)، وهو عندي
مشكل، لخروجه عن معنى الوقوف لغة وعرفا، ونصوص الكون والاتيان لا يصلح
لصرفه إلى المجاز، ولعل فيه إشارة إلى عدم وجوب استيعاب ما من الزوال إلى
الغروب.
(وناسي الوقوف) نهارا ومنه ناسي نيته والمعذور (يرجع) ليلا، وكان
الأولى يقف أو يأتي ونحوهما (ولو إلى طلوع الفجر إذا عرف أنه) يقدر
على أن (يدرك) اختياري (المشعر) وهو (قبل طلوع الشمس)، ولعله
كرر لقوله: (فإن ظن الفوات) الاختياري المشعر إن أتى عرفات.
(اقتصر على المشعر قبل طلوع الشمس ويصح حجه) كما قال
الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار وحسنه: وإن ظن أنه يأتي عرفات فيقف
بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها، وإن ظن أنه لا يأتيها حتى
يفيضوا فلا يأتها وليقم بجمع فقد تم حجه (9). وإن احتمل الأمرين سواء.
قيل: يحتمل الوقوف بعرفات تقديما للوجوب الحاضر (10)، وليس بجيد على

(1) الإنتصار: ص 90.
(2) الخلاف: ج 2 ص 342 المسألة 162.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 518 س 5.
(4) جواهر الفقه: ص 43 المسألة 150.
(5) الإنتصار: ص 90.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 720 س 25.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 729 س 16.
(8) الخلاف: ج 2 ص 338 المسألة 157.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 55 و ص 56 ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 و 4.
(10) مسالك الأفهام: ج 1 ص 112 س 38.
76

توقف صحة الحج على إدراك أحد الاختياريين، بل كفى به عذرا في اقتصاره
على المشعر.
(وكذا) يصح حجه (لو لم يذكر وقوف عرفة حتى وقف بالمشعر
قبل طلوع الشمس) للعذر، وعموم الأدلة من الاجماع والأخبار (1).
(ولا اعتبار بوقوف المغمى عليه والنائم) إذا استوعب الاغماء أو النوم
لفقد النية، وعليه يحمل إطلاق ابن إدريس (2) البطلان، بل كلامه يفصح عنه،
لاستدلاله عليه بما ذكرناه.
(أما لو تجدد الاغماء) أو النوم (بعد الشروع فيه في وقته صح) لما
عرفت أن الركن بل الواجب هو المسمى، وعليه يحمل إطلاق المبسوط الصحة (3).
وفي الشرائع: لو نوى الوقوف ثم نام أو جن أو أغمي عليه صح وقوفه، وقيل:
لا، والأول أشبه (4). ولم أظفر بصاحب هذا القيل، وإن كان ظاهر شارح اشكالاته:
أنه ابن إدريس (5).
(ويستحب للإمام) أي إمام الحج (أن يخطب) لهم (في أربعة أيام:
يوم السابع، وعرفة، والنحر بمنى، والنفر الأول لاعلام الناس مناسكهم)
كذا في المبسوط (6).
وروى جابر خطبة النبي صلى الله عليه وآله في الأولين، وأنه خطب بعرفة قبل الأذان (7).
وجعلها أبو حنيفة بعده (8)، وأنكر أحمد خطبة السابع (9)، وروى ابن عباس
أنه صلى الله عليه وآله خطب الناس يوم النحر بمنى (10). وعن رافع بن عمرو المزني قال: رأيت

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(2) السرائر: ج 1 ص 616.
(3) المبسوط: ج 1 ص 384.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 256.
(5) إيضاح ترددات الشرائع: ص 188.
(6) المبسوط: ج 1 ص 365.
(7) صحيح مسلم: ج 2 ص 886 ح 147.
(8) المجموع: ج 8 ص 91.
(9) المجموع: ج 8 ص 89.
(10) صحيح البخاري: ج 2 ص 215.
77

النبي صلى الله عليه وآله يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء وعلي عليه السلام يعبر
عنه والناس بين قائم وقاعد (1). وعن عبد الرحمن بن معاذ: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وآله
ونحن بمنى ففتحنا أسماعنا حتى كنا نسمع ونحن في منازلها فطفق يعلمهم
مناسكهم حتى بلغ الجمار (2).
وفي الخلاف: إن هذه الخطبة بعد الزوال (3)، وأنكرها مالك (4)، وعن جماعة
أنهم رووا يخطب أوسط أيام التشريق وفي المنتهى (5) والتذكرة بعد الظهر (6)،
وأنكر أبو حنيفة هذه الخطبة وقال: إنه يخطب أول أيام التشريق (7). قال الشيخ:
فانفرد به، ولم يقل به فقيه، ولا نقل فيه أثر (8). وزيد في النزهة الخطبة يوم
التروية (9).
قال الشهيد: إن في استحباب هذه الخطبة دقيقة هي أنه لا يشترط في صحة
الاحرام العلم بجميع الأفعال، وإلا لم يكن لاعلام الإمام غاية مهمة، قال: ويشكل
في النائب (10).
(المطلب الرابع)
(في الوقوف بالمشعر)
(ومباحثه ثلاثة:)
(الأول:)
(الوقت والمحل)
(وللمزدلفة) أي الوقوف بها، وهي المشعر سمي بها، لازدلافهم إليه من

(1) سنن أبي داود: ج 2 ص 198 ح 1956.
(2) سنن أبي داود: ج 2 ص 198 ح 1957.
(3) الخلاف: ج 2 ص 355 المسألة 183.
(4) عمدة القاري: ج 10 ص 79.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 775 س 21.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 394 س 7.
(7) المجموع: ج 8 ص 89.
(8) الخلاف: ج 2 ص 355 المسألة: 183.
(9) نزهة الناظر: ص 41.
(10) لم نعثر عليه.
78

عرفات، كما في صحيح معاوية عن الصادق عليه السلام المروي في العلل للصدوق (1).
وفي صحيح آخر له عنه عليه السلام: إن جبرئيل عليه السلام قال لإبراهيم عليه السلام: ازدلف إلى
المشعر الحرام، فسميت مزدلفة (2). وقيل: إنها من ازدلفت الشئ جمعته (3).
(وقتان) لعرفة (اختياري) واضطراري، لكن المشهور أن الاختياري
(من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس يوم النحر) وقيل: من أول ليلة النحر
إلى طلوع الشمس (4) إلا أن على مقدمه على الفجر دم شاة.
(و) الاضطراري على المشهور اضطراريان (اضطراري) من طلوع
الشمس (إلى الزوال) وآخر من أول ليلة النحر إلى الفجر، وقد يعبر عنهما
بواحد كما في المنتهى (5)، فيقال: من أول ليلة النحر إلى الزوال، كما جعله هنا من
طلوع الفجر إلى الزوال مع دخول الاختياري فيه. وعن السيد (6) امتداد
الاضطراري إلى غروب يوم النحر.
والمحصل أنه لا خلاف في أن اختيارية الذي يجب عليه تحريه مختارا هو
إنما هو من الفجر إلى طلوع الشمس، وأن ما بعد طلوع الشمس اضطراري، وإنما
الكلام فيما قبل الفجر.
ففي الدروس: أنه اختياري (7) لاطلاق صحيح هشام بن سالم وغيره عن
الصادق عليه السلام: في التقدم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس لا بأس به،
والتقدم من مزدلفة إلى منى يرمون الجمار ويصلون الفجر في منازلهم بمنى لا
بأس (8). وإطلاق قول أبي إبراهيم عليه السلام في خبر مسمع: إن كان أفاض قبل طلوع

(1) علل الشرائع: ص 436 ح 1 و 2.
(2) المصدر السابق.
(3) المصباح المنير: ج 1 ص 254 مادة (زلف).
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 424 درس 109.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 728 س 7.
(6) الإنتصار: ص 90.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 423 درس 109.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 52 ب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 8.
79

الفجر فعليه دم شاة (1)، مع السكوت عن أمره بالرجوع.
وإطلاق الأخبار بأن من أدرك المشعر قبل طلوع الشمس فقد أدرك الحج (2)،
وهو ظاهر الأكثر، لحكمهم بجبره بشاة فقط، حتى أن في المنتهى اتفاق من عدا
ابن إدريس على صحة الحج مع الإفاضة من المشعر قبل الفجر عمدا اختيارا (3).
وفيه مع ذلك وفي الكافي: أنه اضطراري (4).
وقد يستظهر من جمل العلم والعمل (5) وما سمعته من المنتهى قرينة على أنه
إنما أراد بالاضطراري ما يأثم باختياره وإن أجزأه، ويحتمله الكافي والجمل.
لكن الشيخ في الخلاف (6) وابن إدريس لم يجتزئا للمختار (7)، وبه نص ابن
إدريس على بطلان حجه بناء على أن الوقوف بعد الفجر ركن، فيبطل بتركه الحج.
ومنعه المصنف في المختلف (8) والمنتهى (9). وقيد المحقق اجتزاء المختار به بما إذا
أدرك عرفات (10)، وهو يعطي الاضطرارية به، ويجوز أن يكون إشارة إلى تقييد
كلام الأصحاب والأخبار، وليس بعيدا.
بقي الكلام في أن آخر الاضطراري زوال يوم النحر أو غروبه، فالمشهور
الأول، وفي المختلف: الاجماع عليه (11)، والأخبار ناطقة به.
وفي السرائر عن انتصار السيد الثاني (12)، ويوافقه المنتهى في نقله عن
السيد (13). وليس في الإنتصار، إلا أن من فاته الوقوف بعرفة فأدرك الوقوف
بالمشعر يوم النحر فقد أدرك الحج، وليس نصا ولا ظاهرا في ذلك، ولذا ذكر في

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 49 ب 16 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 58 - 61 ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 6 - 15 و 20.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 725 س 37.
(4) الكافي في الفقه: ص 197.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 68.
(6) الخلاف: ج 2 ص 344 المسألة 166.
(7) السرائر: ج 1 ص 589.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 345.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 726 س 1.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 256.
(11) مختلف الشيعة: ج 4 ص 250.
(12) السرائر: ج 1 ص 619.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 727 س 9.
80

المختلف: إن النقل غير شديد (1).
قلت: وعلى القول به، فلعل دليله الأخبار المطلقة نحو من أدرك المشعر فقد
أدرك الحج (2). وضعفه ظاهر، فإن الكلام في إدراك المشعر فإنه بمعنى إدراك
الوقوف به، أي ما يكون وقوفا به شرعا مع المعارضة بالأخبار المقيدة.
(والمحل المشعر وحده ما بين المأزمين إلى الحياض إلى وادي
محسر) كما في صحيح فضالة عن معاوية بن عمار (3)، ومرسل الصدوق (4) عن
الصادق عليه السلام، ويوافقه قوله عليه السلام في خبر أبي بصير: حد المزدلفة من وادي محسر
إلى المأزمين (5).
وفي حسن الحلبي: لا يجاوز الحياض ليلة المزدلفة (6). وقول أبي الحسن عليه السلام
لإسحاق إذ سأله عن حد جمع ما بين المأزمين إلى وادي محسر (7). وقال أبو
جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: حدها - يعني المزدلفة - ما بين المأزمين إلى الجبل
إلى حياض محسر (8). وكان الجبل من الحدود الداخلة، والمأزمان بكسر الزأي
وبالهمزة، ويجوز التخفيف بالقلب ألفا الجبلان بين عرفات والمشعر، والمأزم في
الأصل المضيق بين الجبلين.
(فلو وقف بغير المشعر) اختيارا أو اضطرارا (لم يجز، و) لكن
(يجوز مع الزحام الارتفاع إلى الجبل) كما في النهاية (9) والمبسوط (10)

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 250.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 58 - 60 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 42 ب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 464 ذيل الحديث 2979.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 43 ب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4.
(6) المصدر السابق: ح 3.
(7) المصدر السابق: ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 42 ب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 521.
(10) المبسوط: ج 1 ص 368.
81

والسرائر (1) والغنية (2) والمهذب (3) والنافع (4) والشرائع (5) وغيرها، أي المأزمين
كما في الفقيه (6) والجامع (7) والمنتهى (8) والتذكرة (9)، لخبر سماعة: سأل
الصادق عليه السلام إذا كثر الناس بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ قال: يرتفعون إلى
المأزمين (10). فيكون استثناء للمأزمين وإرشاد إلى دخولهما فيما توقف عليه
ولكن ضرورة، أو المراد الانتهاء إليهما من غير صعود عليهما، ولذا أتى ب‍ (إلى)
دون (على) فيكون تأكيدا لما قبله. وفي الدروس: ويكره الوقوف على الجبل إلا
لضرورة، وحرمه القاضي (11).
قلت: ولعل تخصيصه التحريم بالقاضي لتصريحه بوجوب أن لا يرتفع إليه إلا
لضرورة (12)، وكذا ابن زهرة (13)، وأما الباقون فكالمصنف، ويجوز إرادتهم توقف
الجواز بالمعنى الأخص على الضرورة. والظاهر أن الشهيد يريد بالجبل غير
المأزمين، قال: والظاهر أن ما أقبل من الجبال من المشعر دون ما أدبر منها (14).
(الثاني:)
(الكيفية)
(وتجب فيه النية) كغيره من المناسك وغيرها، ولينو أن وقوفه لحجة

(1) السرائر: ج 1 ص 588 - 589.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 518 س 32.
(3) المهذب: ج 1 ص 254.
(4) المختصر النافع: ص 87.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 256.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 546.
(7) الجامع للشرائع: ص 208.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 727 س 2.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 375 س 18.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 44 ب 9 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 423 درس 109.
(12) المهذب: ج 1 ص 254.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 518 س 32.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 423 درس 109.
82

الاسلام أو لغيرها كما في التذكرة (1).
وهل يجب مقارنتها اختيارا لطلوع الفجر واستدامة حكمها إلى طلوع
الشمس أم يجوز إيقاعها في أي جز من أجزاء هذا الزمان أريد وقطعها متى
أريد؟ وجهان مبنيان على وجوب استيعاب هذا الزمان اختيارا بالوقوف وعدمه،
والوجه العدم كما في السرائر (2) للأصل من غير معارض، بل استحباب تأخيره
عن الصلاة كما سيأتي.
وسيأتي استحباب الإفاضة قبل طلوع الشمس، وجواز وادي محسر قبله،
وظاهر الفخرية (3) والدروس الأول (4)، وتبعهما عليه جماعة، وليس بجيد.
ثم إن كان نوى الوقوف ليلا فهل يجب عليه استئناف النية بعد الفجر؟ وجهان
مبنيان على كون الوقوف بالليل اختياريا وعدمه، وكلام الخلاف قد يشعر بالعدم،
لقوله: إن وقت الوقوف بالمزدلفة من وقت حصوله بها إلى طلوع الشمس (5). وما
في المختلف: من حمله على الاضطراري (6) بعيد، إذ لو أراده لقال: إلى الزوال.
وفي الدروس: إن الأولى الاستئناف (7).
(و) يجب (الكون بالمشعر) ولا بغيره من الحدود أو ما ورائها أي بنحو
من الأكوان ولو سائرا كما مر، وفيه ما مر مع ما سيأتي من قول الصادق عليه السلام في
خبر أبي بصير: يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة (8).
(ولو جن أو نام أو أغمي عليه بعد النية في الوقت صح حجه، ولو
كان) شئ من ذلك (قبل النية لم يصح) وإن كان بعد الوقت كما مر في عرفة.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 374 س 28.
(2) السرائر: ج 1 ص 589.
(3) الرسالة الفخرية (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 349.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 422 درس 109.
(5) الخلاف: ج 2 ص 344 المسألة 166.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 243.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 423 درس 109.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 64 ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 7.
83

(و) يجب (الوقوف بعد طلوع الفجر) بالنص (1) والاجماع، (فلو
أفاض قبله) قبل انتصاف الليل أو بعده (عامدا) مختارا (بعد أن وقف به
ليلا) ناويا (ولو قليلا) أساء، و (صح حجه) مطلقا، و (إن كان قد وقف
بعرفة) وقوفه الاختياري أو الاضطراري وفاقا للمشهور، وخلافا لابن
إدريس (2) وظاهر الخلاف (3) كما سمعت.
(وجبره) على المشهور (بشاة) لقول الصادق عليه السلام في خبر مسمع فيمن
أفاض من جمع قبل الناس إن كان جاهلا فلا شئ عليه، وإن كان أفاض قبل
طلوع الفجر فعليه دم شاة (4).
(وللمرأة والخائف) وهو يعم المعذورين (الإفاضة قبل الفجر)
للنصوص، وانتفاء الحرج، وإجماع كل من يحفظ منه العلم كما في المنتهى (5).
(من غير جبر) للأصل، وكأنه لا خلاف فيه وإن كان خبر مسمع مطلقا،
ولا بد لهم من الوقوف ولو قليلا كما نصت عليه الأخبار (6)، فعليهم النية، والأولى
أن لا يفيضوا إلا بعد انتصاف الليل إن أمكنهم كما في صحيح أبي بصير عن
الصادق عليه السلام (7).
(وكذا الناسي) لا شئ عليه كما في النهاية (8) والسرائر (9) والشرائع (10)
وغيرها للأصل، ورفع الخطأ والنسيان، ودخوله في الجاهل. وفيه بعد التسليم
احتمال عود قوله عليه السلام: (أفاض قبل طلوع الفجر) عليه.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 45 ب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(2) السرائر: ج 1 ص 589.
(3) الخلاف: ج 2 ص 344 المسألة 166.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 49 ب 16 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 726 س 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 49 ب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 51 ب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 7.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 522.
(9) السرائر: ج 1 ص 589.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 256.
84

(ويستحب) إيقاع (الوقوف) ونيته (بعد أن يصلي الفجر) كما في
النافع (1) والشرائع (2) والمقنع (3) والهداية (4) والكافي (5) والمراسم (6) وجمل العلم
والعمل (7) لقول الصادق عليه السلام في خبر معاوية بن عمار: أصبح على طهر بعدما
تصلي الفجر فقف إن شئت قريبا من الجبل، وإن شئت حيث تبيت (8).
قال في التحرير: ولو وقف قبل الصلاة جاز إذا كان الفجر طالعا (9)، وفي
المنتهى (10) والتذكرة (11) أجزأه.
(و) يستحب بعد حمد الله وذكر آلائه والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله كما في
المنتهى (12) (الدعاء) بما في حسن ابن عمار، عن الصادق عليه السلام قال: فإذا وقفت
فاحمد الله عز وجل واثن عليه واذكر من آلائه وبلائه ما قدرت عليه، وصل على
النبي صلى الله عليه وآله، ثم ليكن من قولك: اللهم رب المشعر الحرام، فك رقبتي من النار،
وأوسع علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس، اللهم أنت خير
مطلوب إليه وخير مدعو وخير مسؤول، ولكل وافد جائزة، فاجعل جائزتي في
موطني هذا أن تقيلني عثرتي وتقبل معذرتي، وأن تجاوز عن خطيئتي، ثم اجعل
التقوى من الدنيا زادي (13).
وزاد المفيد في آخره: يا أرحم الراحمين (14). والصدوق جملا في البين، وفي
الآخر وقال: وادع الله كثيرا لنفسك ولوالديك وولدك وأهلك ومالك وإخوانك

(1) المختصر النافع: ص 88.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 256.
(3) المقنع: ص 87.
(4) الهداية: ص 61.
(5) الكافي في الفقه: ص 214.
(6) المراسم: ص 112.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 68.
(8) وفي التهذيب: ج 5 ص 191 ح 12، وسائل الشيعة: ج 10 ص 45 ب 11 من أبواب
الوقوف بالمشعر ح 1 وفيه (حيث شئت).
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 102 س 27.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 724 س 32.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 374 س 32.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 724 س 33.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 45 ب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(14) المقنعة: ص 416.
85

المؤمنين والمؤمنات، فإنه موطن شريف عظيم (1).
وفي المهذب: ينبغي لمن أراد الوقوف بالمشعر الحرام بعد صلاة الفجر أن
يقف منه بسفح الجبل، متوجها إلى القبلة، ويجوز له أن يقف راكبا، ثم يكبر الله
سبحانه ويذكر من آلائه وبلائه ما يمكن منه، ويتشهد الشهادتين ويصلي على
النبي وآله والأئمة عليهم السلام، وإن ذكر الأئمة عليهم السلام واحدا واحدا ودعا لهم وتبرأ من
عدوهم كان أفضل. ويقول بعد ذلك: اللهم رب المشعر الحرام... إلى آخر ما في
الخبر، وزاد في آخره: برحمتك. وقال: ثم يكبر الله سبحانه مائة مرة، ويحمده
مائة مرة، ويسبحه مائة مرة، ويهلله مائة مرة ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ويقول: اللهم
اهدني من الضلالة، وأنقذني من الجهالة، واجمع لي خير الدنيا والآخرة، وخذ
بناصيتي إلى هداك وانقلني إلى رضاك، فقد ترى مقامي بهذا المشعر الذي انخفض
لك فرفعته، وذل لك فأكرمته وجعلته علما للناس، فبلغني فيه مناي ونيل رجائي،
اللهم إني أسألك بحق المشعر الحرام أن تحرم شعري وبشري على النار، وأن
ترزقني حياة في طاعتك، وبصيرة في دينك، وعملا بفرائضك، واتباعا لأوامرك
وخير الدارين جامعا، وأن تحفظني في نفسي ووالدي وولدي وأهلي وإخواني
وجيراني برحمتك. ويجتهد في الدعاء والمسألة والتضرع إلى الله سبحانه إلى حين
ابتداء طلوع الشمس. ثم ذكر من الواجبات فيه: ذكر الله سبحانه والصلاة على
النبي صلى الله عليه وآله (2).
أما الذكر فلظاهر الآية (3)، وخبر أبي بصير قال للصادق عليه السلام: إن صاحبي
هذين جهلا أن يقفا بالمزدلفة، فقال: يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة، قلت:
فإنه لم يخبرهما أحد حتى كان اليوم وقد نفر الناس، قال: فنكس رأسه ساعة ثم
قال: أليسا قد صليا الغداة بالمزدلفة؟ قلت: بلى، قال: أليس قد قنتا في صلاتهما؟

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 546.
(2) المهذب: ج 1 ص 253.
(3) البقرة: 198.
86

قلت: بلى، قال: تم حجهما، ثم قال: والمشعر من المزدلفة والمزدلفة من المشعر،
وإنما يكفيهما اليسير من الدعاء (1).
وخبر محمد بن حكيم: سأله عليه السلام الرجل الأعجمي والمرأة الضعيفة يكونان
مع الجمال الأعرابي، فإذا أفاض بهم من عرفات مر بهم كما هم إلى منى لم ينزل
بهم جمعا، قال: أليس قد صلوا بها فقد أجزأهم؟ قلت: فإن لم يصلوا بها، قال:
ذكروا الله فيها، فإن كانوا قد ذكروا الله فيها فقد أجزأهم (2). واحتمله السيد (3)
والراوندي (4)، واحتاط به ابن زهرة (5).
واستدل في المختلف على عدم الوجوب بالأصل، وأجاب عن الآية بمنع
كون الأمر فيها للوجوب (6). وضعفهما ظاهر.
وقد يجاب بجواز إرادة الذكر قلبا ولا بد منه في نية الوقوف، فيكون في قوة
أن يقال: فكونوا عند المشعر الحرام لله تعالى، وعلى وجوب الاستيعاب لا بد من
صلاة الفجر فيه، وهي كافية في الذكر، كما نطق به الخبران، وأما وجوب الصلاة
على النبي وآله صلى الله عليهم فلم أظفر بسنده.
(و) يستحب (و ط الصرورة المشعر) كما في الإقتصاد (7) والجمل
والعقود (8) والكافي (9) والغنية (10) والنهاية (11) والمبسوط (12)، وفيها: ولا يتركه مع
الاختيار. وفي الأخير: والمشعر الحرام جبل هناك يسمى القزح (13)، واستحبه

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 64 ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 63 ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(3) الإنتصار: ص 89.
(4) فقه القرآن: ج 1 ص 286.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 518 س 33.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 243.
(7) الإقتصاد: ص 306.
(8) الجمل والعقود: ص 144.
(9) الكافي في الفقه: ص 198.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 518 س 34.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 522.
(12) المبسوط: ج 1 ص 368.
(13) المبسوط: ج 1 ص 368.
87

الحلبيان مطلقا، وجعله أبو الصلاح آكد في حجة الاسلام.
(برجله) (1) كما في كتاب أحكام النساء للمفيد (2) والمهذب (3)
والسرائر (4) والنافع (5) والشرائع (6) والوسيلة (7)، ونص فيه على قزح كما في
المبسوط والتهذيب (8) والمصباح (9) ومختصره: يستحب للصرورة أن يقف على
المشعر أو يطأه برجله.
وفي الفقيه: إنه يستحب له أن يطأه برجله، أو براحلته إن كان راكبا (10). وكذا
الجامع (11) والتحرير (12). وفي الدروس وعن أبي علي: يطأ برجله أو بعيره المشعر
الحرام قرب المنارة - قال: - والظاهر أنه المسجد الموجود الآن (13).
قلت: الظاهر اشتراك المشعرين ما عرفت حدوده المنصوصة، وهو يشمل
جبل قزح، والوادي الذي بينه وبين المأزمين وهو جمع والمزدلفة، ونص: واجمع
على أن الوقوف به فريضة، وبين جبل قزح الذي فسر به في المبسوط (14)
والوسيلة (15) والكشاف (16) والمغرب وغيرها وهو ظاهر الآية (17).
وقول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: وأنزل ببطن الوادي عن يمين الطريق
قريبا من المشعر، ويستحب للصرورة أن يقف على المشعر الحرام ويطأه برجله (18).

(1) الكافي في الفقه: ص 214.
(2) أحكام النساء (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 33.
(3) المهذب: ج 1 ص 252.
(4) السرائر: ج 1 ص 589.
(5) المختصر النافع: ص 88.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 256.
(7) الوسيلة: ص 179 - 180.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 191 ذيل الحديث 635.
(9) مصباح المتهجد: ص 641.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 545.
(11) الجامع للشرائع: ص 207.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 102 س 29.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 422 درس 109.
(14) المبسوط: ج 1 ص 368.
(15) الوسيلة: ص 179 - 180.
(16) تفسير الكشاف: ج 1 ص 246.
(17) البقرة: 198.
(18) وسائل الشيعة: ج 10 ص 41 ب 7 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
88

وفي مرسل أبان بن عثمان: يستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام وأن
يدخل البيت (1). وللأعمش إذ سأله كيف صار وطء المشعر عليه واجبا؟ - يعني
الصرورة - فقال: ليستوجب بذلك وطء بحبوحة الجنة (2). وهو ظاهر الأصحاب
فإن وطء المزدلفة واجب وهو ظاهر الوقوف عليه غير الوقوف به، ولا اختصاص
للوقوف بالمزدلفة بالصرورة وبطن الوادي من المزدلفة، فلو كانت هي المشعر لم
يكن للقرب منه معنى، وكان الذكر فيه لا عنده، ولو أريد المسجد كان الأظهر
الوقوف به أو دخوله، لا وطأه أو الوقوف عليه، ويمكن حمل كلام أبي علي (3) عليه.
كما يحتمل كلام من قيد برجله استحباب الوقوف بالمزدلفة راجلا، بل حافيا
كما قيل (4)، لكن ظاهرهم متابعة حسن الحلبي (5)، وهو كما عرفت ظاهر في الجبل.
ثم المفيد خص استحبابه في كتاب أحكام النساء بالرجال (6)، وهو من حيث
الاعتبار حسن، لكن الأخبار مطلقة (7).
(و) يستحب (الصعود على قزح) زيادة على مسمى وطئه (وذكر
الله تعالى عليه) في المبسوط: ويستحب للصرورة أن يطأ المشعر الحرام، ولا
يتركه مع الاختيار، والمشعر الحرام جبل هناك يسمى قزح، ويستحب الصعود
عليه وذكر الله عنده، فإن لم يمكنه ذلك فلا شئ عليه، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله فعل
ذلك في رواية جابر (8). يعني ما روته العامة عن الصادق عن أبيه عليهما السلام عن جابر:

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 42 ب 7 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(2) والمصدر السابق ح 3.
(3) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 422 درس 109.
(4) جامع المقاصد: ج 3 ص 228.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 41 ب 7 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(6) أحكام النساء (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 33.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 41 ب 7 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(8) المبسوط: ج 1 ص 368.
89

إن النبي صلى الله عليه وآله ركب القصوى حتى أتى المشعر الحرام، فرقى عليه واستقبل القبلة
فحمد الله وهلله وكبره ووحده، فلم يزل واقفا حتى أسفر جدا (1).
ورووا أيضا أنه صلى الله عليه وآله أردف الفضل بن العباس ووقف على قزح وقال: هذا
قزح، وهو الموقف، وجمع كلها موقف (2). ولكون الخبرين عاميين نسب المحقق
استحبابه في كتابيه إلى القيل (3).
ويحتمله التحرير (4) والتذكرة (5) والمنتهى (6). ثم كلامه فيهما كالكتاب
والارشاد (7) والتبصرة (8) والوسيلة (9) نص في مغايرة الصعود على قزح لوط
المشعر، وهو ظاهر ما سمعته من عبارة المبسوط (10)، وهي نص في أن المراد
بالمشعر هو قزح، وكذا الوسيلة.
وقال الحلبي: ويستحب له أن يطأ المشعر الحرام وذلك في حجة الاسلام
آكد، فإذا صعده فليكثر من حمد الله تعالى على ما من به (11). وهو ظاهر في اتحاد
المسألتين، وكذا الدروس (12).
(الثالث:)
(في أحكامه)
أي المشعر، أو الوقوف به بمعنى يعم أحكامه والأحكام المتقدمة عليه

(1) سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1022 ح 3074، سنن أبي داود: ج 2 ص 182 ح 1905.
(2) سنن الترمذي: ج 3 ص 232 ح 885.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 256، المختصر النافع: ص 88.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 102 س 29.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 374 س 35.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 725 س 6.
(7) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 329 - 330.
(8) تبصرة المتعلمين: ص 73.
(9) الوسيلة: ص 179 - 180.
(10) المبسوط: ج 1 ص 368.
(11) الكافي في الفقه: ص 214.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 422 درس 109.
90

والمتأخرة عنه، أو أحكام نفسه، ويكون ذكر غيرها تطفلا كالمقدمة والخاتمة.
و (يستحب للمفيض من عرفة إليه الاقتصاد في السير) والاستغفار
عنده (والدعاء إذا بلغ الكثيب الأحمر) الذي (عن يمين الطريق) قال
الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: إذا غربت الشمس فأفض مع الناس وعليك
السكينة والوقار، وأفض من حيث أفاض الناس، واستغفر الله إن الله غفور رحيم،
فإذا انتهيت إلى الكثيب الأحمر عن يمين الطريق، فقل: اللهم ارحم موقفي وزد
في عملي، وسلم لي ديني، وتقبل مناسكي، وإياك والرصف الذي يصنعه كثير من
الناس، فإنه بلغنا أن الحج ليس بوصف الخيل ولا إيضاع الإبل، ولكن اتقوا الله
وسيروا سيرا جميلا ولا توطئوا ضعيفا ولا توطئوا مسلما، واقتصدوا في السير
فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقف بناقته حتى كان يصيب رأسها مقدم الرحل، ويقول:
أيها الناس عليكم بالدعة، فسنة رسول الله صلى الله عليه وآله تتبع، قال معاوية: وسمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول: اللهم اعتقني من النار يكررها حتى أفاض الناس، قلت: ألا
تفيض فقد أفاض الناس؟ قال: إني أخاف الزحام وأخاف أن أشرك في عنت
انسان (1).
وقال عليه السلام في حسنه: وأفض بالاستغفار، فإن الله عز وجل يقول: (ثم أفيضوا
من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم) (2).
(و) يستحب (تأخير المغرب والعشاء إلى المزدلفة) أجمع عليه أهل
العلم كافة كذا في المنتهى (3) والتذكرة (4).
(يجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين) عندنا كذا فيهما (5) وفي الخلاف (6)،

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 34 ب 1 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 723 س 13.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 374 س 2.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 723 س 19 تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 374 س 4.
(6) الخلاف: ج 2 ص 339 المسألة 159.
91

وللعامة قول بإقامتين (1)، وآخر بأذان وإقامة (2)، وآخر بأذانين وإقامتين (3)، وآخر
إن جمع بينهما في وقت الأولى فكما قلنا وإلا فبإقامتين مطلقا (4)، وإذا لم يرج
اجتماع الناس وإلا بأذان وآخر بإقامة للأولى فقط (5).
ولا يجب عندنا الجمع، خلافا لأبي حنيفة (6) والثوري (7).
ويستحب التأخير إليها كما في الوسيلة (8) والسرائر (9) وا لنافع (10)
والجامع (11) والشرائع (12).
ولا يجب كما في التهذيب (13) والاستبصار (14) والمبسوط (15) والخلاف (16)
والنهاية (17) والغنية (18) وظاهر الأكثر للأصل، وقول الصادق عليه السلام في صحيح هشام
ابن الحكم: لا بأس أن يصلي الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة (19). وخبر محمد بن
سماعة: سأله عليه السلام للرجل أن يصلي المغرب والعتمة في الموقف، قال: قد فعله
رسول الله صلى الله عليه وآله صلاهما في الشعب (20). وحملهما الشيخ على الضرورة (21)، وهو
بعيد.

(1) المجموع: ج 8 ص 149.
(2) المجموع: ج 8 ص 149.
(3) المجموع: ج 8 ص 149.
(4) المجموع: ج 3 ص 86.
(5) فتح العزيز: ج 3 ص 152.
(6) اللباب: ج 1 ص 190، المجموع: ج 8 ص 148.
(7) المجموع: ج 8 ص 148.
(8) الوسيلة: ص 179.
(9) السرائر: ج 1 ص 588.
(10) المختصر النافع: ص 87.
(11) الجامع للشرائع: ص 207.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 255.
(13) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 189 ذيل الحديث 627.
(14) الإستبصار: ج 2 ص 255 ذيل الحديث 896.
(15) المبسوط: ج 1 ص 367.
(16) الخلاف: ج 2 ص 340 المسألة 160.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 521.
(18) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 3.
(19) وسائل الشيعة: ج 10 ص 39 ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(20) المصدر السابق ح 5.
(21) الإستبصار: ج 2 ص 255 ذيل الحديث 896، تهذيب الأحكام: ج 5 ص 189 ذيل
الحديث 627.
92

واحتج للوجوب في التهذيب (1) والاستبصار (2) بمضمر سماعة قال:
لا يصليهما حتى ينتهي إلى جمع وإن مضى من الليل ما مضى (3). وقول
أحدهما عليهما السلام في صحيح محمد بن مسلم: لا تصل المغرب حتى تأتي جمعا وإن
ذهب ثلث الليل (4).
والأولى الجمع بالفضل، وفي الخلاف الاجماع (5)، وحمل في المختلف قول
الشيخ بعدم جواز صلاة المغرب اختيارا في الطريق على الكراهية (6)، وهو في
غاية البعد عن الخلاف كتابي الأخبار، ثم الفضل في التأخير إليها.
(ولو تربع الليل) كما في الهداية (7) والمقنعة (8) والمراسم (9) والجمل
والعقود (10) والشرائع (11) والنافع (12) والخلاف ولكن فيه: وروي إلى نصف الليل (13).
والأكثر ومنهم المصنف في التحرير (14) والتذكرة (15) والمنتهى (16) على فضله وإن
ذهب ثلث الليل، وحكي في الأخيرين إجماع العلماء (17)، وهو نص صحيح ابن
مسلم المتقدم آنفا (18)، وسمعت خبر: (وإن مضى من الليل ما مضى) (19). ولعله
بمعنى: (وإن مضى منه ما مضى بشرط بقاء وقت الأداء) وقد يكون مما أشار إليه

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 189 ذيل الحديث 627.
(2) الإستبصار: ج 2 ص 255 ذيل الحديث 896.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 39 ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(4) المصدر السابق ح 1.
(5) الخلاف: ج 4 ص 340 المسألة 159.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 242.
(7) الهداية: ص 61.
(8) المقنعة: ص 416.
(9) المراسم: ص 112.
(10) الجمل والعقود: ص 144.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 255.
(12) المختصر النافع: ص 87.
(13) الخلاف: ج 2 ص 340 المسألة 160.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 102 س 22.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 374 س 2.
(16) منتهى المطلب: ج 2 ص 723 س 13.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 374 س 3، منتهى المطلب: ج 2 ص 723 س 13.
(18) وسائل الشيعة: ج 10 ص 39 ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(19) أي خبر سماعة المتقدم آنفا.
93

الشيخ بقوله: وروي إلى نصف الليل.
ويقرب منه قول ابن زهرة: لا يجوز أن يصلي العشاءان إلا في المشعر، إلا أن
يخاف فوتهما بخروج وقت المضطر (1).
ويجوز تنزيل الخبر على الغالب من ذهاب ربع الليل أو ثلثه، ولعل من اقتصر
على الربع نظر إلى أخبار توقيت المغرب إليه، وحمل الثلث على أن يكون الفراغ
من العشاء عنده.
(فإن منع) من الوصول إليها إلا بعد الربع (صلى في الطريق) كما في
صحيح محمد بن مسلم، عن الصادق عليه السلام قال: عثر محمل أبي بين عرفة والمزدلفة
فنزل فصلى المغرب وصلى العشاء بالمزدلفة (2). وإن منع من الإفاضة صلى
بعرفات.
(و) يستحب (تأخير نوافل المغرب إلى بعد العشاء) إذ لا نافلة في
وقت فريضة، ولقول الصادق عليه السلام في صحيح منصور: صلاة المغرب والعشاء
بجمع بأذان واحد وإقامتين، ولا تصل بينهما شيئا، هكذا صلى رسول الله صلى الله عليه وآله (3).
ولعنبسة بن مصعب في الصحيح: صل المغرب والعشاء ثم تصلي الركعات بعد (4).
ويجوز التنفل بينهما للأصل.
وصحيح أبان بن تغلب قال: صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام المغرب بالمزدلفة
فقام فصلى المغرب، ثم صلى العشاء الآخرة ولم يركع فيما بينهما، ثم صليت خلفه
بعد ذلك بسنة، فلما صلى المغرب قام فتنفل بأربع ركعات (5). وإن احتمل أن
لا تكون الثانية بالمزدلفة.

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 39 ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 40 ب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 41 ب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4.
(5) المصدر السابق ح 5.
94

(والوقوف بالمشعر) الحرام (ركن) عندنا (من تركه عمدا بطل
حجه) كما قال الصادق عليه السلام في صحيح الحلبيين: إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك
الحج (1). بل هو أعظم من الوقوف بعرفة، لثبوته في نص الكتاب (2)، كما قال
الصادق عليه السلام في مرسل ابن فضال: الوقوف بالمشعر فريضة، والوقوف بعرفة
سنة (3) خلافا لأكثر العامة (4). قال أبو علي: وإن تعمد ترك الوقوف به فعليه بدنة (5)،
ونحوه في التهذيب (6).
قال في المختلف: وهذا الكلام يحتمل أمرين: أحدهما: أن من ترك الوقوف
بالمشعر الذي حده ما بين المأزمين إلى الحياض وإلى وادي محسر وجب عليه
بدنة. والثاني: من ترك الوقوف على نفس المشعر - الذي هو الجبل - فإنه يستحب
الوقوف عليه عند أصحابنا وجب عليه بدنة. وكلا الاحتمالين فيه خلاف لما ذكره
علماؤنا، فإن أحدا من علمائنا لم يقل بصحة الحج مع ترك الوقوف بالمشعر عمدا
مختارا، ولم يقل أحد منهم بوجوب الوقوف على نفس المشعر - الذي هو الجبل -
وإن تأكد استحباب الوقوف به. قال: وحمل كلامه - يعني كلام أبي علي - على
الثاني أولى، لدلالة سياق كلامه عليه، قال: ويحتمل ثالثا: وهو أن يكون قد دخل
المشعر الذي هو الجبل ثم ارتحل متعمدا قبل أن يقف مع الناس مستخفا، لما رواه
علي بن رئاب عن حريز أن الصادق عليه السلام قال: من أفاض من عرفات فلم يلبث
معهم بجمع ومضى إلى منى متعمدا أو مستخفا فعليه بدنة (7).
قلت: المناسب للخبر أن يكون دخل جمعا لا الجبل، والأولى حمل الخبر

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 23 ح 2 ص 63 و ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(2) البقرة: 198.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 26 ب 19 من أبواب إحرام الحج والوقوف بعرفة ح 14.
(4) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 441.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 249.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 294 ذيل الحديث 995.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 249 - 250.
95

وكلامهما على إدراك مسمى الوقوف والإفاضة قبل وقتها إلى طلوع الفجر، وتقدم
أن عليه شاة، فالاختلاف لاختلاف الفضل أو الناس أو القول بالبدنة مع البطلان.
و (لا) يبطل الحج بتركه (نسيانا إن كان وقف بعرفة) وفاقا للسرائر (1)
والجامع (2) والنافع (3) والشرائع (4) للأصل ورفع النسيان (5)، ومرسل محمد بن
يحيى الخثعمي عن الصادق عليه السلام فيمن جهل ولم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى
أتى منى قال: يرجع. قال: إن ذلك قد فاته؟ فقال: لا بأس به (6). وحسنه عنه عليه السلام:
في رجل لم يقف بالمزدلفة ولم يبت بها حتى أتى منى، فقال: ألم ير الناس لم
يكونوا بمنى حين دخلها؟ قال: فإنه جهل ذلك، قال: يرجع. قال: إن ذلك قد فاته
قال: لا بأس به (7). بناء على أن الجهل بمعنى جهل الحكم، فإن الناسي أولى بالعذر
أو ما يعمه والنسيان، ويحتمل الجهل بالمشعر.
وقال الشيخ في التهذيب: من فاته الوقوف بالمشعر فلا حج له. واحتج بخبر
الحلبيين المتقدم، وقال: هذا الخبر عام فيمن فاته ذلك عامدا أو جاهلا وعلى كل
حال (8) فيحتمل أن يقول بالبطلان بفوته ناسيا، وهو ظاهر الحلبي (9).
ثم ذكر الخبرين، وقال: الوجه في هذين الخبرين وإن كان أصلهما محمد بن
يحيى الخثعمي وأنه تارة يرويه عن أبي عبد الله عليه السلام بلا واسطة، وتارة يرويه
بواسطة، أن من كان قد وقف بالمزدلفة شيئا يسيرا فقد أجزأه، والمراد بقوله: (لم
يقف بالمزدلفة) الوقوف التام الذي متى وقفه الانسان كان أكمل وأفضل، ومتى لم

(1) السرائر: ج 1 ص 589.
(2) الجامع للشرائع: ص 181.
(3) المختصر النافع: ص 88.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 257.
(5) وسائل الشيعة: ج 11 ص 295 ب 56 من أبواب جهاد النفس...
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 64 ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 293 ح 993.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 292 ذيل الحديثين 990 - 991.
(9) الكافي في الفقه: ص 197.
96

يقف على ذلك الوجه كان أنقص ثوابا وإن كان لا يفسد الحج، لأن الوقوف القليل
يجزئ هناك مع الضرورة (1). ونحوه التحرير في التسوية بين العامد والجاهل في
بطلان الحج (2).
(ولو تركهما) أي الوقوفين (معا بطل حجه وإن كان ناسيا) كما في
النافع (3) والشرائع (4)، لصحيح حريز سأل الصادق عليه السلام عن مفرد للحج فاته
الموقفان جميعا، قال له: إلى طلوع الشمس يوم النحر، فإن طلعت الشمس من
النحر فليس له حج (5). وخبر إسحاق بن عبد الله سأل الكاظم عليه السلام عمن دخل مكة
مفردا للحج يخشى أن يفوته الموقفان، فقال: له يومه إلى طلوع الشمس من يوم
النحر، فإذا طلعت الشمس فليس له حج (6). ونحوه خبر محمد بن فضيل (7) عنه أو
عن الرضا عليهما السلام.
(ولو أدرك عرفة اختيارا والمزدلفة اضطرارا) قبل الفجر أو بعد طلوع
الشمس (أو بالعكس أو أحدهما اختيارا) خاصة (صح حجه) إن لم
يتعمد ترك الآخر.
أما الأول فعليه الاجماع كما في التذكرة (8) والمنتهى (9)، ونحو قول
الصادق عليه السلام في خبر معاوية بن عمار: من أفاض من عرفات إلى منى فليرجع
وليأت جمعا وليقف بها، وإن كان قد وجد الناس قد أفاضوا من جمع (10). وخبر
يونس بن يعقوب سأله عليه السلام رجل أفاض من عرفات فمر بالمشعر فلم يقف حتى

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 293 ح 992 - 993 وذيله.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 103 س 5.
(3) المختصر النافع: ص 88.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 257.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 58 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 375 س 20.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 728 س 9.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 37 ب 4 من أبواب الوقوف بالمعشر ح 1.
97

انتهى إلى منى فرمى الجمرة ولم يعلم حتى ارتفع النهار، قال: يرجع إلى المشعر
فيقف به ثم يرجع ويرمي الجمرة (1).
وأما الثاني فعليه الاجماع أيضا كما في الانتصار (2) والخلاف (3) والجواهر (4)
والمنتهى (5) والتذكرة (6)، وعموم أخبار: من أدرك المشعر فقد أدرك الحج (7)، وهي
كثيرة. وخصوص نحو قول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: وإن قدم رجل وقد
فاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام، فإن الله تعالى أعذر لعبده إذا أدرك المشعر
الحرام قبل أن تطلع الشمس وقبل أن يفيض الناس، فإن لم يدرك المشعر الحرام
فقد فاته الحج، فليجعلها عمرة مفردة وعليه الحج من قابل (8).
وفي صحيح معاوية بن عمار: كان رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر فإذا شيخ كبير،
فقال: يا رسول الله ما تقول في رجل أدرك الإمام بجمع؟ فقال له: إن ظن أنه يأتي
عرفات فيقف قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها، وإن ظن أنه لا
يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتها وقد تم حجه (9).
وهذه كلها دليل الثالث وإن كان الغاية (10) عرفة، وكان عليه الاجماع أيضا،
فيشمله نصوص الأصحاب، والاجماع المحكي في الإنتصار (11) والخلاف (12)
والجواهر (13)، لكن روى الحميري في قرب الإسناد عن علي بن الفضل الواسطي

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 55 ب 21 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(2) الإنتصار: ص 90.
(3) الخلاف: ج 2 ص 342 المسألة 162.
(4) جواهر الفقه: ص 43 المسألة 150.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 728 س 9.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 375 س 20.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 60 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 13 و 14.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 56 ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 56 ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4.
(10) في خ: (الفائت).
(11) الإنتصار: ص 90.
(12) الخلاف: ج 2 ص 342 المسألة 162.
(13) جواهر الفقه: ص 43.
98

عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال: من أتى جمعا والناس في المشعر قبل طلوع
الشمس فقد فاته الحج (1).
وأما العكس، فاستشكل في التذكرة (2) والمنتهى (3) والتحرير (4) من عموم
ما مر من قول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبيين: إذا فاتك المزدلفة فقد فاتك
الحج (5). وفي مرسل ابن فضال: الوقوف بالمشعر فريضة، والوقوف بعرفة
سنة (6). وقول أبي الحسن عليه السلام في خبر محمد بن الفضيل: وإن لم يأت جمعا حتى
تطلع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج له (7).
ومما اشتهر من قول النبي صلى الله عليه وآله: الحج عرفة (8)، لكن لم نره مسندا من
طريقنا، وقول الصادق عليه السلام لابن أذينة في الحسن: الحج الأكبر الوقوف بعرفة
ورمي الجمار (9).
وما مر فيمن جهل، فلم يقف بالمشعر حتى فاته أنه لا بأس.
وفيمن تركه متعمدا أن عليه بدنة، وهو خيرة الجامع (10) والارشاد (11)
والتبصرة (12) والدروس (13) واللمعة (14).

(1) قرب الإسناد: ص 174.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 375 س 20.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 728 س 12.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 103 س 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 و 63 ب 23 و 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 و ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 19 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 14.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(8) سنن الترمذي: ج 5 ص 214 ح 2975، سنن الدارمي: ج 2 ص 59، سنن ابن ماجة: ج 2
ص 1003 ح 3015، سنن أبي داود: ج 2 ص 196 ح 1949.
(9) وسائل الشيعة: ج 8 ص 4 ب 1 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
(10) الجامع للشرائع: ص 209.
(11) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 329.
(12) تبصرة المتعلمين: ص 71. وفي الجميع (شاة).
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 425 درس 109، وفيه: (فلو تعمد تركه بطل حجه).
(14) اللمعة الدمشقية: ج 2 ص 277.
99

(ولو أدرك الاضطراريين فالأقرب الصحة) وفاقا للتهذيب (1)
والاستبصار (2) في وجه والكافي (3) والغنية (4) والشرائع (5)، لما سيأتي في إدراك
أحدهما، وقول الصادق عليه السلام في خبر الحسن العطار: إذا أدرك الحاج عرفات قبل
طلوع الفجر فأقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجمع ووجدهم قد أفاضوا فليقف
قليلا بالمشعر الحرام وليلحق الناس بمنى ولا شئ عليه (6).
وخلافا للنافع (7)، وقضية كلامي النهاية (8) والمبسوط (9) لما مر آنفا من صحيح
الحلبي، وما سيأتي في إدراك أحدهما، وقد عرفت احتمال كون الوقوف بالمشعر
ليلا اختياريا وكونه اضطراريا، ولذا تردد في التذكرة في أن إدراك الوقوفين ليلا
إدراك الاضطراريين.
(ولو أدرك أحد الاضطراريين خاصة بطل حجه) وفاقا للأكثر،
لصحيح الحلبي المتقدم، وقول الصادق عليه السلام في الصحيح لحريز: فإن طلعت الشمس
من يوم النحر فليس له حج (10). ونحوه خبر إسحاق بن عبد الله عن الكاظم عليه السلام (11)،
وقول أبي الحسن عليه السلام لمحمد بن فضيل: وإن لم يأت جمعا حتى تطلع الشمس فهي
عمرة مفردة، ولا حج له (12). وما مر من أنه: لا حج لأصحاب الأراك (13).

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 291 ذيل الحديث 9089.
(2) الإستبصار: ج 2 ص 304 ذيل الحديث 1087.
(3) الكافي في الفقه: ص 197.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 518 س 4.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 254.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 62 ب 24 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(7) المختصر النافع: ص 87.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 546.
(9) المبسوط: ج 1 ص 383.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 66 ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 58 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 12 ب 10 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 11.
100

وفي الدروس: لا يجزئ اضطراري عرفات قولا واحدا (1)، وفي المختلف:
الاتفاق على فوت حج من لم يدرك إلا اضطراري المشعر (2)، وفي المقنعة: تواتر
الأخبار به (3)، واجتزأه الصدوق في العلل (4) والحلبيان (5)، وقد يعمه كلام
السيد (6)، وجعله المفيد رواية نادرة (7).
ويؤيده عموم قول الصادق عليه السلام في حسن جميل: من أدرك المشعر الحرام
يوم النحر من قبل زوال الشمس فقد أدرك الحج (8). ونحوه في صحيحه الذي
رواه الصدوق في العلل (9) وفي الفقيه (10). وفي صحيح معاوية بن عمار: من أدرك
جمعا فقد أدرك الحج (11). وقول أبي الحسن عليه السلام لإسحاق بن عمار في صحيح عبد
الله بن المغيرة: إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول الشمس يوم النحر فقد
أدرك الحج (12).
وظاهر أبي علي الاجتزاء بأحد الاضطراريين أيا كان منهما (13). ويؤيده
عموم ما مر من أن: الحج عرفة (14)، وأنه لا بأس بفوت المشعر (15).

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 421 درس 108.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 251.
(3) المقنعة: ص 431.
(4) علل الشرائع: ص 451.
(5) الكافي في الفقه: ص 197، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 518 س 4.
(6) الإنتصار: ص 90.
(7) المقنعة: ص 431.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 59 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 9.
(9) علل الشرائع: ص 451.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 386 ح 2774.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 63 ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 58 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 6.
(13) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 251.
(14) سنن البيهقي: ج 5 ص 116 و 173، سنن الدارمي: ج 2 ص 59، سنن ابن ماجة: ج 2
ص 1003 ح 3015.
(15) وسائل الشيعة: ج 10 ص 64 ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5 و ح 6.
101

والجواب عنه وعن العمومات الأولى ظاهر.
(ويتحلل من فاته الحج بعمرة مفردة) إجماعا كما في التذكرة (1)
والمنتهى (2) ونطقت به الأخبار (3)، ولذا قطع في الأخبار والتحرير بأنه لو أراد
البقاء على إحرامه إلى القابل ليحج به لم يجز (4)، واستظهره في التذكرة (5)
والمنتهى (6)، وجعله الشهيد أشبه (7)، وأجازه مالك (8).
وهل عليه نية الاعتماد؟ قطع به في التحرير (9) والتذكرة (10) والمنتهى (11)،
وأسند فيهما خلافه إلى بعض العامة، ويدل عليه الاستحباب أن: الأعمال
بالنيات (12)، وظاهر قول الصادق 7 في صحيحي معاوية (13) والحلبي (14): فليجعلها
عمرة، وفي صحيح حريز: ويجعلها عمرة (15). وجعله الشهيد أحوط (16). واحتمل
العدم للأصل، وقوله عليه السلام في خبر محمد بن سنان: فهي عمرة مفردة (17).
قلت: وكذا قول أبي الحسن عليه السلام فيما رواه الحميري في قرب الإسناد عن

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 398 س 26.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 852 س 27.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 65 و 66 ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 و 3 و 4.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 124 س 12.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 398 س 28.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 852 س 29.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 427 درس 109.
(8) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 552، الشرح الكبير: ج 3 ص 512.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 124 س 7.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 398 س 32.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 852 س 36.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 34، ب 5 من أبواب مقدمة العبادات ح 10، سنن أبي داود: ج 2
ص 262 ح 2201، سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1413 ح 4227.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 65 ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(14) وسائل الشيعة: ج 10 ص 56 ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(15) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 و ص 66 ب 27 ح 4.
(16) الدروس الشرعية: ج 1 ص 427 درس 109.
(17) وسائل الشيعة: ج 10 ص 57 ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4.
102

علي بن الفضل الواسطي (1).
(ثم يقضيه) أي الحج في القابل (واجبا مع) استقرار (وجوبه)
واستمراره للأصل والأخبار (2) والاجماع كما هو الظاهر، ولكن صح عن داود
الرقي أنه قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام بمنى، إذ دخل عليه رجل فقال: إن قوما
قدموا يوم النحر وقد فاتهم الحج، فقال: نسأل الله العافية، قال: أرى عليهم أن
يهريق كل واحد منهم دم شاة ويحلق، وعليهم الحج من قابل إن انصرفوا إلى
بلادهم، وإن أقاموا حتى تمضي أيام التشريق بمكة ثم خرجوا إلى بعض مواقيت
أهل مكة فأحرموا منه واعتمروا فليس عليهم الحج من قابل (3).
فليحمل على أنهم كانوا مصدودين أو محصورين فعليهم هدي التحلل،
ومعنى قوله عليه السلام: (وعليهم الحج) إلى آخر الكلام أنهم استطاعوا أن يرجعوا إلى
بلادهم ثم يعودوا كان عليهم الحج من قابل، وإلا لم يكن عليهم إلا عمرة، فليعتمروا
ثم يرجعوا إلى بلادهم، أو على أنهم لم يجب عليهم الحج كما فعله الشيخ (4).
ويمكن أن يكونوا أحرموا بعمرة أو لا يكونوا أحرموا بحج، ولا عمرة، لما
علموا أنهم لا يدركون الموقف، فكان يستحب لهم ذبح شاة والحلق تشبها
بالحاج. فإن كانوا أحرموا بحج فبعد الانتقال إلى العمرة والاتيان بمناسكها، وإن
كانوا أحرموا بعمرة فبعد الاتيان بمناسكها، وإلا فعلوا ذلك ابتداء.
ثم إن رافقوا الحاج فأقاموا ولم ينصرفوا إلى بلادهم ثم أتوا بعمرة من أحد
مواقيت أهل مكة فلا يتأكد عليهم الرجوع في القابل والاتيان فيه بحج، فهذه
العمرة تكفيهم، وهي عمرة ثانية إن كانوا قدموا محرمين، وإلا فلا، وإن لم يقيموا

(1) قرب الإسناد: ص 174.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 65 ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 66 ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 295 ذيل الحديث 1000، الإستبصار: ج 2 ص 307 ذيل
الحديث 1097.
103

أيام التشريق وعجلوا الانصراف إلى بلادهم تأكد عليهم الاتيان في القابل بحج.
قال الشيخ: ويحتمل أن يكون الخبر مختصا بمن اشترط حال الاحرام، فإنه
إذا كان اشترط لم يلزمه الحج من قابل، وإن لم يكن قد شرط لزمه ذلك في العام
المقبل. واستشهد له بصحيح ضريس: سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل خرج متمتعا
بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلى يوم النحر، فقال: يقيم على إحرامه ويقطع
التلبية حتى يدخل مكة فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق رأسه وينصرف
إلى أهله إن شاء، وقال: هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه، فإن لم يكن اشترط
فإن عليه الحج من قابل (1).
وفيه ما في المنتهى (2) والدروس (3) من أن الفائت إن كان مستحبا لم يجب
القضاء وإن لم يشترط، وكذا إن لم يستقر ولا استمر وجوبه، وإن كان واجبا وجوبا
مستقرا أو مستمرا وجب وإن اشترط.
فالوجه حمل هذا الخبر على شدة استحباب القضاء إذا لم يشترط وكان
مندوبا، أو غير مستقر الوجوب ولا مستمرة، أو على وجوب البقاء على الاحرام
إلى أن يأتي بالحج من قابل، فقد مر أن ابني حمزة (4) والبراج (5) جعلا جواز
التحلل فائدة الاشتراط، وهو ظاهر الكتاب.
وإذا قضى أتى به (كما فاته) من حج تمتع، أو أحد قسميه اسلامي أو غيره،
إلا أن يجوز العدول اختيارا فله العدول هنا، أو يكون قد عدل في الأداء للضرورة.
وجوز الشيخ القضاء تمتعا لمن فاته القران أو الافراد (6)، بناء على تجويزه

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 295 - 296 ذيل الحديث 1000 و 1001، الإستبصار: ج 2
ص 307 - 308 ذيل الحديث 1097 و 1098.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 853 س 20.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 427 درس 109.
(4) الوسيلة: ص 162.
(5) المهذب: ص 219.
(6) المبسوط: ج 1 ص 384.
104

العدول اختيارا، لكونه أفضل كما مر.
(وإلا) يكن مستقر الوجوب ولا مستمرة قضاه (ندبا، ويسقط) إذا
انتقل نسكه إلى العمرة (باقي الأفعال) من الهدي والرمي والمبيت بمنى
والحلق أو التقصير فيها (عنه)، بل له المضي من حينه إلى مكة والاتيان بأفعال
العمرة والتحلل.
(لكن يستحب له الإقامة بمنى) محرما (أيام التشريق ثم يعتمر)
أي يأتي بأفعال العمرة إن كان نوى العدول، أو ينوي العدول بعد مضيها
(للتحلل) لقول الصادق عليه السلام لمعاوية بن عمار في الصحيح: يقيم مع الناس
حراما أيام التشريق ولا عمرة فيها، فإذا انقضت طاف بالبيت وسعى بين الصفا
والمروة وأحل (1). ومن العامة من أوجب عليه بقية أفعال الحج (2).
ومن الأصحاب من أوجب عليه الهدي (3)، لما مر من خبر داود الرقي (4)،
ولأنه حل قبل تمام إحرامه كالمحصر، وضعفه ظاهر، فإنه يتم الأفعال، لكنه
يعدل، والخبر محمول على الندب للأصل، مع ما في داود من الكلام.
نعم، روى الصدوق صحيحا عن ضريس، عن أبي جعفر عليه السلام نحو ما مر، إلا
أنه عليه السلام قال فيه: يقيم بمكة على إحرامه ويقطع التلبية حين يدخل الحرم فيطوف
بالبيت ويسعى ويحلق رأسه ويذبح شاته ثم ينصرف إلى أهله، ثم قال: هذا لمن
اشترط على ربه عند إحرامه أن يحله حيث حبسه، فإن لم يشترط فإن عليه الحج
والعمرة من قابل (5). إلا أن لفظ (شاته) بالإضافة مشعر بأنه كان معه شاة عينها للهدي،
ويحتمل أن يكون قيدا لرجل بعينه، وقد يكون نذر الشاة للهدي، ويحتمل الاستحباب.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 66 ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(2) مختصر المزني: ص 69، المغني لابن قدامة: ج 3 ص 550.
(3) الخلاف: ج 2 ص 374 المسألة 219.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 66 ب 27 من أبواب الوقوف بعرفة ح 5.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 385 ح 2772.
105

(ويستحب التقاط حصى الجمار من المشعر) لأن تحية منى الرمي،
فينبغي التقاطها قبلها لئلا يشتغل به فيها، ولقول الصادق عليه السلام في حسني معاوية بن
عمار وربعي (1): خذ حصى الجمار من جمع، وإن أخذته من رحلك بمنى أجزاك.
وظاهر التذكرة (2) والمنتهى (3) الاجماع.
(ويجوز من غيره) اتفاقا للأصل، والخبرين وغيرهما، (لكن)
لا يجوز إلا (من الحرم) لقول الصادق عليه السلام في حسن زرارة: حصى الجمار، إن
أخذته من الحرم أجزأك، وإن أخذته من غير الحرم لم يجزئك (4).
ويجوز الأخذ من جميع الحرم (عدا المساجد) كما في النافع (5)
والجامع (6) والشرائع (7)، للنهي عن اخراج حصى المساجد، وهو يقتضي الفساد
كذا في المختلف (8)، والذي تقدم في الصلاة كراهية الاخراج، وإن سلم الحرمة
فالرمي غير منهي عنه، إلا أن يثبت وجوب المبادرة إلى الإعادة، فيقال: الرمي
منهي عنه لكونه ضدها.
ويمكن حمل الجواز على الإباحة بالمعنى الأخص فينافيه الكراهية، والفساد
على فساد الاخراج، بمعنى الرغبة عنه شرعا، أو يقال: يجب إعادتها إليها أو إلى
غيرها من المساجد، أو عند الرمي يلتبس بغيرها فلا يمتاز ما من المسجد من
غيره. وفيه: أنه يمكن إعلامها بعلامة تميزها.
والذي روي عن حنان أنه روى عن الصادق عليه السلام: يجوز أخذ الجمار من

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 52 ب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 375 س 26.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 728 س 31.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 53 ب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(5) المختصر النافع: ص 88.
(6) الجامع للشرائع: ص 209.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 257.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 266.
106

جميع الحرم إلا من المسجد الحرام ومسجد الخيف (1). ولذا اقتصر عليهما الأكثر،
ومنهم المصنف في المنتهى (2). وليس في التهذيب المسجد الحرام (3)، ولذا اقتصر
عليه الشيخ في مصباحه (4)، ولعله لبعد الالتقاط من المسجد الحرام، وفي بعض
القيود لا يجوز الأخذ من وادي محسر.
وفي المنتهى: لو رمى بحصاة محسر كره ذلك، وهل يكون مجزئا أم لا؟ فيه
تردد، أقربه الاجزاء عملا بالعموم (5).
(ويستحب لغير الإمام الإفاضة) من المشعر (قبل طلوع الشمس
بقليل) كما في النهاية (6) والمبسوط (7) والشرائع (8) والنافع (9) وإن أغفل فيه
القليل، لخبري إسحاق بن عمار (10) ومعاوية بن حكيم (11) سألا الكاظم عليه السلام أي
ساعة أحب إليك الإفاضة من جمع، فقال: قبل أن تطلع الشمس بقليل، فهي أحب
الساعات إلي، قالا: فإن مكثنا حتى تطلع الشمس؟ فقال: ليس به بأس.
وفي المنتهى: لا نعلم فيه خلافا منه (12).
(لكن لا يجوز) أن يجوز (وادي محسر إلا بعد الطلوع) كما هو
صريح القاضي (13) وظاهر الأكثر، لظاهر قول الصادق عليه السلام في حسن هشام بن
الحكم: لا تجاوز وادي محسر حتى تطلع الشمس (14). أو يكره أن يجوزه إلا بعده

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 53 ب 19 من أبواب الوقوف في المشعر ح 2.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 728 س 36.
(3) بل صرح الشيخ في التهذيب بعدم الجواز من المسجد الحرام ومسجد الخيف، راجع
تهذيب الأحكام: ج 5 ص 196 ذيل الحديث 651.
(4) مصباح المتهجد: ص 642.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 730 س 20.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 522.
(7) المبسوط: ج 1 ص 368.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 258.
(9) المختصر النافع: ص 88.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 48 ب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(11) المصدر السابق ح 3.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 726.
(13) المهذب: ج 1 ص 254.
(14) وسائل الشيعة: ج 10 ص 48 ب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
107

كما في السرائر (1). وبمعناه استحباب أن لا يجوزه إلا بعده كما في المختلف (2)
والمنتهى (3) والتذكرة (4) للأصل، واحتمال النهى في الخبر.
(والإمام) لا يفيض إلا (بعده) لقول الصادق عليه السلام في خبر جميل: ينبغي
للإمام أن يقف بجمع حتى تطلع الشمس وسائر الناس إن شاؤوا عجلوا، وإن شاؤوا
أخروا (5). وصريح السرائر (6) والتذكرة (7) والمنتهى (8) والتحرير (9) والدروس: أن
التأخير مستحب له (10).
ويعضده الأصل وظاهر الخبر. وصريح النهاية (11) والمبسوط (12) والوسيلة (13)
والمهذب (14) والاقتصاد (15) الوجوب وهو ظاهر الجمل والعقود (16) والغنية (17)
والجامع (18).
وأوجبه الصدوقان (19) والمفيد (20) والسيد (21) وسلار (22) والحلبي (23) مطلقا،
من غير فرق بين الإمام وغيره.

(1) السرائر: ج 1 ص 589.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 256.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 729 س 25.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 376 س 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 48 ب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4.
(6) السرائر: ج 1 ص 589.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 375 س 10.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 726 س 17.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 102 س 33.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 424 درس 109.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 522.
(12) المبسوط: ج 1 ص 368.
(13) الوسيلة: ص 179.
(14) المهذب: ص 254.
(15) الإقتصاد: ص 306.
(16) الجمل والعقود: ص 144.
(17) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 2.
(18) الجامع للشرائع: ص 209.
(19) المقنع: ص 87، من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 467 ذيل الحديث 2986، ونقل قول علي
ابن بابويه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 247.
(20) المقنعة: ص 417.
(21) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 68.
(22) المراسم: ص 113.
(3 2) الكافي في الفقه: ص 197.
108

واستحبه ابن إدريس (1) والشيخ في المصباح (2) مطلقا، لاطلاق قول
الصادق عليه السلام في خبر معاوية وحسنه (3) وموثقه (4): ثم أفض حين يشرق لك
ثبير، وترى الإبل مواضع أخفافها.
ويجوز أن يراد بالخبر وبكلامهم تأخير الخروج من المشعر، وهو جواز
وادي محسر وجوبا أو استحبابا. وأوجب الصدوقان شاة على من قدم الإفاضة
على طلوع الشمس (5).
(و) يستحب (الهرولة في وادي محسر) للأخبار (6)، وفي التذكرة (7)
والمنتهى: لا نعلم فيه خلافا (8)، ومائة خطوة في خبر محمد بن إسماعيل عن أبي
الحسن عليه السلام (9)، ومائة ذراع في خبر محمد بن عذافر عن عمرو بن يزيد (10).
(داعيا) بقوله: اللهم سلم لي عهدي، واقبل توبتي، وأجب دعوتي،
واخلفني بخير فيمن تركت بعدي، كما في خبر معاوية عن الصادق عليه السلام (11).
(ولو تركها استحب الرجوع لها) لحسن حفص بن البختري وغيره: إن
الصادق عليه السلام قال لبعض ولده: هل سعيت في وادي محسر؟ فقال: لا، فأمره أن
يرجع حتى يسعى (12). وفي مرسل الحجال: مر رجل بوادي محسر فأمره أبو
عبد الله عليه السلام بعد الانصراف إلى مكة أن يرجع فيسعى (13).

(1) السرائر: ج 1 ص 589.
(2) مصباح المتهجد: ص 642.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 45 ب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 48 ب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 468 ذيل الحديث 2986، مختلف الشيعة: ج 4 ص 247.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 47 ب 14 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 375 س 38.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 729 س 15.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 46 ب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 47 ب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 46 ب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 47 ب 14 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(13) المصدر السابق ح 2.
109

(الفصل السادس)
(في مناسك منى)
(وفيه مطالب) ثلاثة:
(الأول:)
(إذا أفاض من المشعر وجب عليه المضي إلى منى لقضاء المناسك
بها يوم النحر، وهي ثلاثة: رمي جمرة العقبة، ثم الذبح) أو النحر (ثم
الحلق) أو التقصير، هذا يتضمن وجوبها ووجوب ايقاعها كلا أو بعضا يوم النحر.
أما وجوب الثاني فلا خلاف فيه إلا إذا كان مفردا أو قارنا عطب ما ساقه
قبل، وأما الأخير فمر احتمال الخلاف فيه. وقول القاضي باستحباب الحلق
ووجوب التقصير (1)، بمعنى أن الحلق أفضل الواجبين تخييرا. وأما وجوب إيقاع
الذبح أو النحر يوم النحر فسيأتي، وأما الحلق أو التقصير فسيأتي وجوب إيقاعه
قبل طواف الحج، ويأتي منا إن شاء الله ذكر القول بوجوب المضي عن منى
للطواف يوم النحر.
وأما رمي الجمرة فإن وجب وجب إيقاعه يوم النحر، لكن الكلام في وجوبه،
ففي التذكرة (2) والمنتهى: لا نعلم فيه خلافا (3)، وفي الوسيلة: والرمي واجب عند

(1) المهذب: ج 1 ص 259.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 376 س 29.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 731 س 1.
110

أبي يعلى مندوب إليه عند الشيخ أبي جعفر (1).
قلت: الذي نص عليه أبو يعلى في المراسم وجوب رمي الجمار (2). وقال
الحلبي: فإن أخل برمي الجمار أو شئ منه ابتداء أو قضاء أثم بذلك، ووجب عليه
تلافي ما فاته وحجه ماض (3).
وهذان الكلامان يحتملان العموم لرمي جمرة العقبة يوم النحر وعدمه، ولم أر
من صرح بوجوبه قبل المصنف إلا ابن إدريس (4) والمحقق (5) وصاحب الجامع
نقلوا القول بالندب (6). والمحقق فإنه جعل له واجبات منها النية، ومنها كذا وكذا،
وأوجب الترتيب بينه وبين الذبح (7). وكل من الأمرين كالنص على وجوبه.
وقد يستدل عليه بفعل النبي صلى الله عليه وآله (8)، ووجوب التأسي، مع قوله صلى الله عليه وآله: خذوا
عني مناسككم (9). وظاهر الأمر في نحو قول الصادق عليه السلام في حسن معاوية: خذ
حصى الجمار ثم ائت الجمرة القصوى التي عند العقبة فارمها (10). ولسعيد الأعرج:
أفض بهن بليل ولا تفض بهن حتى تقف بهن بجمع، ثم أفض بهن حتى تأتي الجمرة
العظمى فترمين الجمرة (11)، الخبر.
والشيخ وإن قال في المبسوط: وعليه بمنى يوم النحر ثلاثة مناسك، أولها
رمي الجمرة الكبرى (12)، لكنه أغفله عند تعديد الواجبات (13).

(1) الوسيلة: ص 180.
(2) المراسم: ص 105.
(3) الكافي في الفقه: ص 199.
(4) السرائر: ج 1 ص 589.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 258.
(6) الجامع للشرائع: ص 212.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 258.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 50 ب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2، و ج 10 ص 98 ب 8
من أبواب الذبح ح 4.
(9) عوالي اللآلي: ج 1 ص 215 ح 73 و ج 4 ص 34 ح 118.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 70 ب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 50 ب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(12) المبسوط: ج 1 ص 368.
(13) المبسوط: ج 1 ص 307 - 308.
111

ويجب إيقاع المناسك الثلاثة (مرتبا) بالترتيب المذكور كما في النافع (1)
والشرائع (2) وفي النهاية (3) والمبسوط (4) والاستبصار (5) وظاهر المقنع (6) بين
الأخيرين للتأسي (7)، مع قوله صلى الله عليه وآله: خذوا عني مناسككم. وظاهر خبر موسى بن
القاسم عن علي عليه السلام قال: لا يحلق رأسه ولا يزور البيت حتى يضحي، فيحلق
رأسه ويزور متى شاء (8).
وصحيح خبر عبد الله بن سنان سأل الصادق عليه السلام عن رجل حلق رأسه قبل
أن يضحي، قال: لا بأس، وليس عليه شئ ولا يعودن (9). وخبر عمار سأله عليه السلام
عن رجل حلق قبل أن يذبح، قال: يذبح ويعيد الموسى، لأن الله تعالى يقول:
(ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) (10).
ثم الشيخ اكتفى في الترتيب بحصول الهدي في رحله قبل الحلق (11)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا اشتريت أضحيتك وقمطتها في جانب رحلك
فقد بلغ الهدي محله، فإن أحببت أن تحلق فاحلق (12). ونحوه أخبار، ولكن جعل
الأفضل تقديم الذبح لنحو ما سمعته من الأخبار (13).
وأما وجوب تقديم الرمي على الباقين إن وجب فللتأسي (14)، ونحو قول

(1) المختصر النافع: ص 88.
(2) شرائع الاسلام: ص 258 و 265.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 532.
(4) المبسوط: ج 1 ص 374.
(5) الإستبصار: ج 2 ص 284 ذيل الحديث 1008.
(6) المقنع: ص 89.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 50 ب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 141 ب 39 من أبواب الذبح ح 9.
(9) المصدر السابق ح 10.
(10) المصدر السابق ح 8.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 531.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 141 ب 39 من أبواب الذبح ح 7.
(13) المصدر السابق ح 8، 9، 10.
(14) وسائل الشيعة: ج 10 ص 50 ب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
112

الصادق عليه السلام في حسن معاوية: إذا رميت الجمرة فاشتر هديك (1).
وفي الخلاف (2) والسرائر (3) والكافي (4) وظاهر المهذب (5) عدم وجوب
الترتيب، وفي الأوليين استحبابه، وهو خيرة المختلف (6) للأصل، والأخبار نحو
قول الصادق عليه السلام في حسن جميل: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه أناس يوم النحر، فقال
بعضهم: يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح، وقال بعضهم: حلقت قبل أن أرمي فلم
يتركوا شيئا كان ينبغي أن يؤخروه إلا قدموه، فقال: لا حرج (7). ويحتمل الاجزاء
والجهل والنسيان والضرورة ونفي الفداء على وجوب الترتيب.
(فإن أخل به أثم وأجزاء) ولا شئ عليه، للأصل والأخبار (8)، وصحيح
ابن سنان المتقدم (9)، وأخبار نفي الحرج (10) لكنها لم يصرح بالعمد، كما أن نصوص
الاجزاء في النسيان (11).
وعن أبي علي: إن كل سائق هديا واجبا أو غيره يحرم عليه الحلق قبل ذبحه،
ولو حلق وجب دم آخر (12). وهو يحتمل الكفارة وعدم الاجتزاء إذا خولف
الترتيب.
(ويجب في الرمي النية) كسائر الأعمال، واكتفى فيها في التحرير (13)

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 98 ب 8 من أبواب الذبح ح 4.
(2) الخلاف: ج 2 ص 345 المسألة 168.
(3) السرائر: ج 1 ص 602.
(4) الكافي في الفقه: ص 200 - 201.
(5) المهذب: ج 1 ص 254.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 288.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 140 ب 39 من أبواب الذبح ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 139 ب 39 من أبواب الذبح.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 141 ب 39 من أبواب الذبح ح 10.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 140 ب 39 من أبواب الذبح ح 4، 6.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 140 ب 39 من أبواب الذبح.
(12) لم نعثر عليه.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 103 س 25.
113

والمنتهى (1) بالوجوب والقربة، وزيد في التذكرة (2) والفخرية (3) الكون لحج
الاسلام أو غيره، ويحتمل العدم. وفي الدروس: الأداء والعدد (4)، وهو حسن،
ولا بد من تعيين الجمرة، ولم يذكره لظهوره. وإن فرق النية على الرميات فنوى
لكل منهما احتمل البطلان، كتفريق النية على أجزاء الطهارة أو الصلاة.
(و) يجب (رمي سبع حصيات) بإجماع المسلمين كما في المنتهى (5)
(بما يسمى رميا) يكفي الوضع، وهل يكفي الطرح؟ اختلف العامة للاختلاف
في كونه رميا.
(و) يجب (إصابة الجمرة بها) فلا يكفي الوقوع دونها، وهي الميل (6)
المبني، أو موضعه إن لم يكن من الجمار بمعنى الأحجار الصغار، سميت بها لرميها
بها، أو من الجمرة بمعنى اجتماع القبيلة، وتجمير المرأة واجمارها شعرها
لاجتماع الحصى عندها، أو من الاجمار بمعنى الاسراع، لما روي أن آدم عليه السلام
رمى فأجمر إبليس من بين يديه أو من جمرته (7) وزمرته أي نحيته.
ويجب كون الإصابة (بفعله) فلو أصابت ثوب انسان فنفضه حتى أصابت
عنق بعير، فحرك عنقه فأصابت، لم يجز كما يأتي. ويجب كونها برميها، فلو
أصابت حصاة أخرى فوثبت الثانية فأصابت لم يجز كما يأتي، لأنها غير الرمية.
ويجب الرمي (بما يسمى حجرا) كما في الإنتصار، وفيه الاجماع
عليه (8). وفي التذكرة (9) والمنتهى (10): عند علمائنا، ويعضده الاحتياط والتأسي،

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 730 س 37.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 376 س 28.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 428 درس 110.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 771 س 22.
(6) الميل: بنيان ذو علو، مجمع البحرين: ج 5 ص 476 مادة (ميل).
(7) وسائل الشيعة: ج 8 ص 162 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 21.
(8) الإنتصار: ص 105.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 376 س 5.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 729 س 34.
114

والأخبار المتضمنة للحصى أو الحصيات (1)، فيوافقه العبارات الناطقة بأحدهما
وهي الأكثر. وقال الصادق عليه السلام في حسن زرارة: لا ترم الجمار إلا بالحصى (2).
وفي الخلاف: جواز الرمي بالحجر، وما كان من جنسه من البرام والجواهر
وأنواع الحجارة (3). وظاهره دخول الجميع في الحصى، فلا خلاف إلا أن يشكل
في الدخول، ولكن فيه ما في الدروس من اشتراط كون الحصى حرمية، وحرمية
البرام والجواهر بعيدة (4).
قال الشيخ: ولا يجوز بغيره - يعني الحجر - كالمدر والأجر والكحل والزرنيخ
وغير ذلك من الذهب والفضة، وبه قال الشافعي، وقال أبو حنيفة: يجوز بالحجر
وبما كان من نفس الأرض كالطين والمدر والكحل والزرنيخ، ولا يجوز بالذهب
والفضة، وقال أهل الظاهر: يجوز بكل شئ حتى لو رمى بالخرق والعصافير الميتة
أجزأه (5).
(و) يجب كونها (من الحرم) قطع به أكثر الأصحاب، ويدل عليه نحو
قول الصادق عليه السلام في حسن زرارة: حصى الجمار إن أخذته من الحرام أجزأك،
وإن أخذته من غير الحرم لم يجزئك (6). وفي مرسل حريز: لا تأخذه من
موضعين من خارج الحرم، من حصى الجمار (7). وسمعت كلام الخلاف، وهو
يعطي العدم، وكذا قول ابن حمزة في أفعال الرمي: وأن يرمي بالحجر أو يكون من
حصى الحرم (8).
(و) يجب كونها (أبكارا) أي لم يرم بها الجمرة هو ولا غير، لهذا الخبر،

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 53 ب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر.
(2) المصدر السابق ح 1.
(3) الخلاف: ج 2 ص 342 المسألة 163.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 428 درس 110.
(5) الخلاف: ج 2 ص 342 المسألة 163.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 53 ب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(7) المصدر السابق ح 3.
(8) الوسيلة: ص 180.
115

وقوله عليه السلام أيضا في خبر عبد الأعلى: ولا تأخذ من حصى الجمار (1). وفي
الخلاف (2) والغنية (3) والجواهر: الاجماع عليه (4)، وأجاز المزني مرمى الغير (5).
(ويستحب البرش الرخوة المنقطة الكحلية) كما في المبسوط (6)
والوسيلة (7) والسرائر (8) والمهذب (9) والجامع (10) والنافع (11) والشرائع (12)، لقول
الصادق عليه السلام في حسن هشام بن الحكم: كره الصم، وقال: خذ البرش (13). وقول
الرضا عليه السلام في خبر البزنطي: لا تأخذها سوداء ولا بيضاء ولا حمراء، خذها كحلية
منقطة (14)، وهو مروي صحيحا في قرب الإسناد للحميري (15).
والمشهور في معنى البرش أن يكون في الشئ نقط يخالف لونه، وقصره ابن
فارس على ما فيه نقط بيض (16)، ولذا تكلف بعض الأصحاب فحمل مثل كلام
المصنف على اختلاف ألوان الحصى بعضها لبعض، ومكانه من البعد غير مخفي،
ولعله لذلك اقتصر الصدوق على المنقطة (17)، والشيخ في التهذيب (18) والنهاية (19)
والجمل (20) على البرش.
ولكن في النهاية الأثيرية: إن البرشة لون مختلط حمرة وبياضا أو غيرهما (21).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 72 ب 5 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1.
(2) الخلاف: ج 2 ص 343 المسألة 164.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 16.
(4) جواهر الفقه: ص 43 المسألة 151.
(5) مختصر المزني: ص 68.
(6) المبسوط: ج 1 ص 369.
(7) الوسيلة: ص 180.
(8) السرائر: ج 1 ص 590.
(9) المهذب: ج 1 ص 255.
(10) الجامع للشرائع: ص 209.
(11) المختصر النافع: ص 88.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 258.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 54 ب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1.
(14) المصدر السابق ح 2.
(15) قرب الإسناد: ص 158.
(16) مجمل اللغة: ج 1 ص 121 مادة (برش).
(17) المقنع: ص 87.
(18) النهاية ونكتها: ج 5 ص 196 ذيل الحديث 654.
(19) النهاية ونكتها: ج 1 ص 523.
(20) الجمل والعقود: ص 145.
(21) النهاية لابن الأثير: ج 1 ص 118 مادة (برش).
116

وفي المحيط: إنه لون مختلط بحمرة. وفي تهذيب اللغة عن الليث: إن الأبرش
الذي فيه ألوان وخلط (1)، وحينئذ يكون أعم من المنقطة.
وفي الكافي (2) والغنية: إن الأفضل البرش ثم البيض والحمر، ويكره السود (3).
ويستحب (الملتقطة) لقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: التقط الحصى
ولا تكسر منهن شيئا (4)، ولاستمرار الالتقاط في جميع الأعصار، ولما روي من
أمره صلى الله عليه وآله بالتقاطها وقال: بمثلها فارموا (5)، ولكونها المتبادرة من لفظ الحصى
والحصيات.
وفي المنتهى: لا نعلم فيه خلافا عندنا، قال: ولأنه لا يؤمن من أذاه لو كسره
بأن يطير منه شئ إلى وجهه فيؤذيه (6).
ويستحب كونها (بقدر الأنملة) لقول الرضا عليه السلام في خبر البزنطي صحيحا
وغيره: حصى الجمار تكون مثل الأنملة (7).
وقال الصدوق في الفقيه (8) والهداية (9): ومثل حصى الخذف، قيل: هو دون
الأنملة كالباقلاء.
وقال الشافعي: يكون أصغر من الأنملة طولا وعرضا (10)، ومن العامة من قال
كقدر النواة (11)، ومنهم من قال كالباقلاء (12). ويجوز الأكبر والأصغر للأصل

(1) تهذيب اللغة: ج 11 ص 360 مادة (برش).
(2) الكافي في الفقه: ص 198.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 18.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 54 ب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(5) سنن البيهقي: ج 5 ص 127، سنن النسائي: ج 5 ص 268 - 269.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 730 س 28 و 30.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 54 ب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 545.
(9) الهداية: ص 61.
(10) فتح العزيز: ج 7 ص 398، الأم: ج 2 ص 214.
(11) اللباب: ج 1 ص 190.
(12) فتح العزيز: ج 7 ص 398.
117

والعمومات، إلا في رواية عن أحمد أنه لم يجوز الأكبر (1).
(و) يستحب في الرامي (الطهارة) من الأحداث عند الرمي وفاقا
للمشهور، لنحو قول الصادق عليه السلام في حسن معاوية بن عمار: يستحب أن ترمي
الجمار على طهر (2). ولحميد بن مسعود: الجمار عندنا مثل الصفا والمروة حيطان
إن طفت بينهما على غير طهور لم يضرك، والطهر أحب إلي، فلا تدعه وأنت قادر
عليه (3).
وقال المفيد: لا يجوز له رمي الجمار إلا وهو على طهر (4). وهو ظاهر السيد (5)
وأبي علي (6)، لقول أبي جعفر عليه السلام لابن مسلم في الصحيح: لا ترم الجمار إلا وأنت
على طهر (7)، ونحوه قول أبي الحسن في خبر علي بن الفضل الواسطي (8). ويجوز
أن يريدوا تأكد الاستحباب.
(والدعاء) بما في حسن معاوية عن الصادق عليه السلام قال: تقول والحصى في
يدك: اللهم هؤلاء حصياتي فاحصهن لي وارفعهن في عملي، ثم ترمي وتقول مع
كل حصاة: الله أكبر، اللهم ادحر عني الشيطان، اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة
نبيك، اللهم اجعله حجا مبرورا، وعملا مقبولا، وسعيا مشكورا، وذنبا مغفورا (9).
(وتباعد عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا) لقول الصادق عليه السلام في
حسن معاوية وليكن فيما بينك وبين الجمرة قدر عشرة أذرع أو قدر خمسة عشر

(1) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 445، الشرح الكبير: ج 3 ص 446.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 70 ب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 3.
(3) المصدر السابق ح 5.
(4) المقنعة: ص 417.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 68.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 261.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 69 ب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 70 ب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 6.
(9) المصدر السابق ب 3 ح 1.
118

ذراعا (1). وعن علي بن بابويه تقديرهما بالخطى (2). وقد يناقش في تحقق
الامتثال بالتباعد بين المقدارين المفهوم من عبارة الكتاب.
(و) يستحب (الرمي خذفا) وفاقا للمشهور، لقول الرضا عليه السلام في خبر
البزنطي صحيحا كما عليه رواية الحميري في قرب الإسناد: يخذفهن خذفا،
ويضعها على الابهام ويدفعها بظفر السبابة (3). وأوجبه السيد (4) وابن إدريس (5)،
واستدل السيد بالاجماع وبأمر النبي صلى الله عليه وآله في أكثر الأخبار (6).
وأجيب في المختلف بأن الاجماع إنما هو على الرجحان، والأمر للندب (7)
للأصل، ثم الخذف باعجام الحروف الرمي بها بالأصابع على ما في الصحاح (8)
والديوان (9) وغيرهما.
قال ابن إدريس: إنه المعروف عند أهل اللسان (10). وفي الخلاص بأطراف
الأصابع، والظاهر الاتحاد.
وفي الجمل والمفصل: إنه الرمي من بين إصبعين. وفي العين (11) والمحيط
والمقاييس (12) والغريبين والمغرب - بالاعجام - والنهاية الأثيرية (13): من بين
السبابتين، وفي الأخيرين أو يتخذ مخذفة من خشب ترمي بها بين ابهامك
والسبابة (14).

(1) المصدر السابق.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 268.
(3) قرب الإسناد: ص 158.
(4) الإنتصار: ص 105.
(5) السرائر: ج 1 ص 590.
(6) الإنتصار: ص 106.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 260.
(8) الصحاح: ج 4 ص 1347 مادة (خذف).
(9) ديوان الأدب: ج 2 ص 171.
(10) السرائر: ج 1 ص 590.
(11) العين: ج 4 ص 245 مادة (خذف).
(12) معجم مقاييس اللغة: ج 2 ص 165 مادة (خذف).
(13) النهاية: ج 2 ص 16 مادة (خذف).
(14) النهاية لابن الأثير: ج 2 ص 16 مادة (خذف).
119

وفي المبسوط (1) والسرائر (2) والنهاية (3) والمصباح (4) ومختصره والمقنعة (5)
والمراسم (6) والكافي (7) والغنية (8) والمهذب (9) والجامع (10) والتحرير (11) والتذكرة (12)
والمنتهى (13): أن يضعها على باطن الابهام وترميها بظفر السبابة، كما في الخبر (14).
قال القاضي: وقيل: بل يضعها على ظفر إبهامه ويدفعها بالمسبحة (15). وفي
الإنتصار: أن يضعها على بطن الابهام ويدفعها بظفر الوسطى (16).
ويستحب الرمي (راجلا) كما في التهذيب (17) والنهاية (18) والجمل
والعقود (19) والجامع (20) والشرائع (21)، لأنه أشق وأقرب إلى الخضوع. وصحيح
علي بن جعفر عن أخيه عن آبائه عليهم السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يرمي الجمار
ماشيا (22). وقول الصادق عليه السلام لعنبسة بن مصعب: إن علي بن الحسين كان يخرج
من منزله، ماشيا إذا رمى الجمار ومنزلي اليوم أنفس من منزله، فأركب حتى آتي
إلى منزله، فإذا انتهيت إلى منزله مشيت حتى أرمي الجمار (23).
وهذان ينصان على المشي إلى الجمار، وظاهر الثاني الرمي راجلا، وينص
عليه صحيح علي بن مهزيار قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام يمشي يوم النحر حتى

(1) المبسوط: ج 1 ص 369.
(2) السرائر: ج 1 ص 590.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 523.
(4) مصباح المتهجد: ص 642.
(5) المقنعة: ص 417.
(6) المراسم: ص 113.
(7) الكافي في الفقه: ص 215.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 27.
(9) المهذب: ج 1 ص 255.
(10) الجامع للشرائع: ص 210.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 104 س 3.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 376 س 22.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 730 س 26.
(14) قرب الإسناد: ص 158.
(15) المهذب: ج 1 ص 255.
(16) الإنتصار: ص 105.
(17) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 267 ذيل الحديث 911.
(18) النهاية ونكتها: ج 1 ص 539.
(19) الجمل والعقود: ص 150.
(20) الجامع للشرائع: ص 210.
(21) شرائع الاسلام: ج 1 ص 259.
(22) وسائل الشيعة: ج 10 ص 74 ب 9 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1.
(23) المصدر السابق ح 2.
120

يرمي الجمرة ثم ينصرف راكبا، وكنت أراه ماشيا بعدما يحاذي المسجد بمنى (1).
وفي مرسل الحسن بن صالح: أن أبا جعفر عليه السلام نزل فوق المسجد بمنى قليلا
عن دابته حين توجه ليرمي الجمرة عند مضرب علي بن الحسين عليه السلام فسئل،
فقال: إن هذا مضرب علي بن الحسين ومضرب بني هاشم، وأنا أحب أن أمشي
في منازل بني هاشم (2).
وفي المبسوط (3) والسرائر (4): إن الركوب أفضل، لأن النبي صلى الله عليه وآله رماها
راكبا، يعنيان في حجة الوداع التي بين فيها المناسك للناس، وقال: خذوا عني
مناسككم (5). فلولا الاجماع على جواز المشي وكثرة المشاة إذ ذاك بين يديه صلى الله عليه وآله
لوجب الركوب. وجوابه المعارضة بما ذكر، وقول أبي جعفر عليه السلام: إن رسول
الله صلى الله عليه وآله كان يرمي الجمار ماشيا (6). واستدل لهما في المختلف بأخبار من طرقنا
تنص على رمي الأئمة عليهم السلام راكبين، وأجاب بأنها إنما تدل على الجواز (7).
ويستحب تكرير التكبير (والدعاء مع كل حصاة) لما مر من حسن
معاوية (8).
(واستقبال الجمرة) عند الرمي، (واستدبار القبلة) كما في المبسوط (9)
والوسيلة (10) والسرائر (11) والجامع (12) والشرائع (13) والنافع (14)، قال الشيخ: فإن

(1) المصدر السابق ح 4.
(2) المصدر السابق ح 5.
(3) المبسوط: ج 1 ص 369.
(4) السرائر: ج 1 ص 591.
(5) عوالي اللآلي: ج 73 ج 1 ص 215 و ح 118 ج 4 ص 34.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 74 ب 9 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 263 - 264.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 70 ب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1.
(9) المبسوط: ج 1 ص 369.
(10) الوسيلة: ص 180.
(11) السرائر: ج 1 ص 591.
(12) الجامع للشرائع: ص 210.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 259.
(14) المختصر النافع: ص 89.
121

النبي صلى الله عليه وآله رماها مستقبلها مستدبر الكعبة (1). واستدل عليه في المختلف بقول
الصادق عليه السلام في حسن معاوية: فارمها من قبل وجهها (2). وقال في المنتهى: إنه
قول أكثر أهل العلم (3). وفي المختلف: إنه المشهور.
وعن علي بن بابويه: يقف في وسط الوادي مستقبل القبلة، ويدعو والحصى
في يده اليسرى، ويرميها من قبل وجهها لا من أعلاها (4)، ونحو منه في الفقيه (5)
والهداية (6). قال الشهيد: وهو موافق للمشهور إلا في موقف الدعاء (7).
والأمر كما قال فإنهما إنما ذكرا استقبال القبلة عند الدعاء وعند الرمي، وهما
ساكتان إن لم يكن الرمي من قبل وجهها بمعنى الاستقبال المتضمن لاستدبار
القبلة، كما في المنتهى (8)، وإلا فهما كغيرهما. نعم روي استقبال القبلة عند الرمي
في بعض الكتب عن الرضا عليه السلام (9).
وقال الشيخ في المبسوط: وإن رماها عن يسارها جاز (10). وقال في
الإقتصاد في أيام التشريق: يبدأ بالجمرة الأولى ويرميها عن يسارها ويكبر
ويدعو عندها، ثم الجمرة الثانية، ثم الثالثة مثل ذلك سواء (11). ونحوه
المبسوط (12) والجمل والعقود (13) والنهاية (14) والسرائر (15).
وفي المهذب: فإذا أراد الحاج رمي الجمار بهذه الحصيات فينبغي أن يكون
على طهر، ويقف متوجها إلى القبلة، ويجعل الجمرة عن يمينه، ويكون بينه وبينها

(1) المبسوط: ج 1 ص 369.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 265.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 731 السطر الأخير.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 432 درس 110.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 547.
(6) الهداية: ص 61.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 432 درس 110.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 731 س 36.
(9) فقه الرضا عليه السلام: ص 225.
(10) المبسوط: ج 1 ص 369. (11) الإقتصاد: ص 309.
(12) المبسوط: ج 1 ص 369.
(13) الجمل والعقود: ص 149.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 536 - 537.
(15) السرائر: ج 1 ص 608.
122

مقدار عشرة أذرع إلى خمسة عشر ذراعا من بطن المسيل، ويأخذ الحصاة
فيضعها على باطن إبهامه ويدفعها بالمسبحة (1). وهو يعم جمرة العقبة.
وينص على جعلها على اليمين قول الرضا عليه السلام في خبر البزنطي المروي
صحيحا في قرب الإسناد للحميري (2) وغيره في غيره: واجعلهن كلهن عن
يمينك (3). وفي صحيح إسماعيل بن همام: تجعل كل جمرة عن يمينك (4).
(وفي غيرها) عن الجمار (يستقبلهما) أي الجمرة والقبلة كما في
النهاية (5) والمبسوط (6) والسرائر (7) والوسيلة (8) والمهذب (9) والجامع (10)
والنافع (11) والشرائع (12)، لأنه أفضل الهيئات، خصوصا في العبادات، وعند الذكر
والدعاء.
وقال الشيخ: جميع أفعال الحج يستحب أن يكون مستقبل القبلة من الوقوف
بالموقفين ورمي الجمار، إلا رمي جمرة العقبة يوم النحر (13)، ونحوه السرائر (14).
وقيل: ورد الخبر باستدبار القبلة في الرمي يوم النحر واستقبالها في غيره.
(ويكره الصلبة والمكسرة) لما مر، وفي الغنية: الاجماع على كراهية
كسرها (15).
(ويجوز الرمي راكبا) بإجماع العلماء كما في المنتهى (16).

(1) المهذب: ج 1 ص 255.
(2) قرب الإسناد: ص 158.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 76 ب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 3.
(4) المصدر السابق ح 5.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 536 - 537.
(6) المبسوط: ج 1 ص 369.
(7) السرائر: ج 1 ص 608.
(8) الوسيلة: ص 188.
(9) المهذب: ج 1 ص 255.
(10) الجامع للشرائع: ص 210.
(11) المختصر النافع: ص 89.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 259.
(13) المبسوط: ج 1 ص 369.
(14) السرائر: ج 1 ص 591.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 18.
(16) منتهى المطلب: ج 2 ص 732 س 28.
123

(فروع) ستة:
(أ: لو وقعت) الحصاة (على شئ و) مرت على سننها حتى أصابت
الجمرة أو (انحدرت) بنفسها (على الجمرة صح) الرمي، سواء وقعت على
أعلى من الجمرة أو لا. وكذا إن أصابت شيئا صلبا فوثبت بإصابته على الجمرة
فإن الإصابة على كل فعل يفعله.
قال في المنتهى: لا يقال في المسابقة أن السهم إذا أصاب الأرض ثم ازدلف
وأصاب الغرض لم يعتد به إصابة، فكيف اعتبر ذلك هنا؟! لأنا نمنع ذلك في
المسابقة أولا، وثانيا نفرق بينهما، لأن القصد هنا الإصابة بالرمي وقد حصلت،
وفي المسابقة القصد إبانة الحذق، فإذا ازدلف السهم فقد عدل عن السنن، فلم تدل
الإصابة على حذقة، فلهذا لم نعتبره هناك (1) انتهى.
ولم يجتزئ بها بعض الشافعية إن وقعت على أعلى من الجمرة، لأن رجوعها
لم يكن بفعله ولا في جهة الرمي (2). وهو إن تم شمل ما إذا وقعت على أرض مرتفع
عن الجنبتين أو وراء الجمرة ثم انحدرت إليها. والمصنف في التذكرة (3)
والتحرير (4) والمنتهى (5) قاطع بالحكم إلا في الوقوع أعلى من الجمرة، ففيه
مقرب، والشيخ قاطع به في المبسوط (6).
(ولو تممتها) أي أصابتها (حركة غيره) من حيوان أو ريح (لم
يجز) لأنه لم يحصل الإصابة بفعله، فلا يصدق أنه رمى الجمرة. خلافا
لأحمد (7)، قياسا على ما إذا أصابت شيئا صلبا فوثبت إليها.
(ب: لو شك هل أصابت الجمرة أم لا لم يجزئ) لوجوب اليقين

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 731 س 11.
(2) فتح العزيز: ج 7 ص 398.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 376 س 33.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 103 س 28.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 731 س 10.
(6) المبسوط: ج 1 ص 379.
(7) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 450، الشرح الكبير: ج 3 ص 450.
124

بالبراءة، وللشافعي قول بالأجزاء (1)، لأن الظاهر الإصابة.
(ج: لو طرحها من غير رمي لم يجزئ). قال في المنتهى: لو طرحها
طرحا، قال بعض الجمهور: لا يجزئه، لأنه لا يسمى رميا، وقال أصحاب الرأي
يجزئه، لأنه يسمى رميا. والحاصل أن الخلاف وقع باعتبار الخلاف في صدق
الاسم، فإن سمي رميا أجزاء بلا خلاف، وإلا لم يجزئ إجماعا (2)، ونحوه التذكرة (3).
(د: لو كانت الأحجار نجسة أجزأت) كما في المبسوط (4) والسرائر (5)،
للأصل. (والأفضل تطهيرها) كما فيهما (6)، وفي التذكرة: كراهية النجسة، وفي
الجامع (7) والتذكرة استحباب غسلها مطلقا (8)، وأمر الصدوق في المقنع (9)
والهداية (10) بغسلها إن التقطها من رحله بمنى. وعد ابن حمزة من الأفعال الرمي
بالطاهرة، ومن التروك الرمي بالنجسة (11).
وأرسل عن الصادق عليه السلام في بعض الكتب: اغسلها، فإن لم تغسلها وكانت
نقية لم يضرك (12). وعن الرضا عليه السلام في بعض الكتب: واغسلها غسلا نظيفا (13).
(ه‍: لو وقعت في غير المرمى) وهو الجمرة اسم مكان أو مفعول (على
حصاة فارتفعت الثانية إلى المرمى لم يجزئه) وإن كانت الإصابة عن فعله
لخروجه عن مسمى رميه.
(و: يجب التفريق في الرمي) كما في الخلاف (14) والجواهر (15) للاجماع

(1) المجموع: ج 8 ص 175، فتح العزيز: ج 7 ص 398 - 399.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 731 س 3.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 376 س 30.
(4) المبسوط: ج 1 ص 369.
(5) السرائر: ج 1 ص 591.
(6) المبسوط: ج 1 ص 369، السرائر: ج 1 ص 591.
(7) الجامع للشرائع: ص 209.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 377 - 387.
(9) المقنع: ص 87.
(10) الهداية: ص 61.
(11) الوسيلة: ص 180 - 181.
(12) دعائم الاسلام: ج 1 ص 323.
(13) فقه الرضا عليه السلام: ص 225.
(14) الخلاف: ج 2 ص 352 المسألة 179.
(15) جواهر الفقه: ص 44 المسألة 154.
125

كما فيهما والاحتياط، وقولهم عليهم السلام كبر مع كل حصاة (1). وهو إنما يتم لو وجب
التكبير، ولقوله صلى الله عليه وآله خذوا عني مناسككم (2)، مع أنه رمى متفرقا. قال في التذكرة
والمنتهى: وبه قال مالك والشافعي وأحمد وأصحاب الرأي، وقال عطاء: يجزئه
الرمي دفعة. قال: وهو مخالف لفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وفعل الأئمة: (3).
و (لا) يجب التفرق في (الوقوع) للأصل وحصول الامتثال والتأسي
بتفريق الرمي.
(فلو رمى حجرين دفعة وإن كان بيديه فرمية واحدة وإن تلاحقا في
الوقوع، ولو اتبع أحدهما الآخر) في الرمي (فرميتان وإن اتفقا في
الإصابة).
(المطلب الثاني:)
(في الذبح)
(ومباحثه أربعة:)
(الأول:)
(في) تعديد (أصناف الدماء)
وما يختص بدم المتعة من الأحكام
(إراقة الدم) المأمور بها (إما واجب أو ندب، فالأول) أربعة:
(هدي التمتع) وبه نص القرآن (4). (والكفارات) وبدم الحلق وجزاء الصيد
أيضا نصه (5). (والمنذور وشبهه، ودم التحلل) للمحصور (6)، وبه أيضا نصه،

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 77 ب 11 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1 و 2.
(2) عوالي اللآلي: ج 1 ص 215 ح 73 و ج 4 ص 34 ح 118.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 377 س 2، منتهى المطلب: ج 2 ص 731 س 31.
(4) البقرة: 196.
(5) المائدة: 95.
(6) في خ: (للمحصور والمصدود).
126

ولا بدل له بخلاف الباقية.
(والثاني: هدي القران) وإن وجب بعد الاشعار أو التقليد كما في الغنية (1)
والكافي (2)، ولعله الذي أراده سلا ر، إذ عد في أقسام الواجب سياق الهدي
للمقرن (3)، أو الدخول في حقيقته، فإذا وجب القران عينا بنذر أو شبهه وجب
السياق، فلا خلاف كما في المختلف (4). لكن في الكافي: وجوب البدل إن تلف (5).
(والأضحية) خلافا لأبي علي (6)، وسيأتي إن شاء الله.
(وما يتقرب به تبرعا فهدي التمتع يجب على كل متمتع، مكيا كان
أو غيره) وفاقا للمشهور للاحتياط، وعموم الأخبار (7) والآية (8) على
احتمال، خلافا للمبسوط (9) والخلاف (10) فلم يوجبه على المكي قطعا في الأول،
واحتمالا في الثاني، لقوله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد
الحرام) (11).
قال في الخلاف: ويجب أن يكون قوله: (ذلك) راجعا إلى الهدي لا إلى
التمتع، لأنه يجري مجرى قول القائل: من دخل داري فله درهم، ذلك لمن لم
يكن عاصيا في أن ذلك يرجع إلى الجزاء دون الشرط، ولو قلنا: إنه راجع إليهما
وقلنا: إنه لا يصح منهم التمتع أصلا كان قويا (12).
قلت: يعينه أو الرجوع إلى التمتع الأخبار، كصحيح زرارة: سأل أبا جعفر عليه السلام

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 33.
(2) الكافي في الفقه: ص 200.
(3) المراسم: ص 105.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 269.
(5) الكافي في الفقه: ص 200.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 291.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 85 ب 1 من أبواب الذبح.
(8) البقرة: 196.
(9) المبسوط: ج 1 ص 308.
(10) الخلاف: ج 2 ص 272 المسألة 42.
(11) البقرة: 196.
(12) الخلاف: ج 2 ص 272 المسألة 42.
127

عن قول الله عز وجل في كتابه: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام)
فقال عليه السلام: يعني أهل مكة، ليس عليهم متعة (1). وقول الصادق عليه السلام في خبر سعيد
الأعرج: ليس لأهل سرف ولا لأهل مرو ولا لأهل مكة متعة، يقول الله تعالى:
(ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد الحرام) (2).
وفي موضع من الشرائع: عدم الوجوب إذا عدل المكي عن فرضه إلى التمتع
اختيارا (3). وفي موضع آخر منه: لو تمتع المكي وجب عليه الهدي (4). وجمع
بعضهم بينهما، بأن الأول في حج الاسلام والثاني في غيره.
وقريب منه ما في الدروس من احتمال وجوبه على المكي إن كان لغير
الاسلام (5)، ولعله لاختصاص الآية بحجة الاسلام (6). وفيه أيضا عن المحقق:
وجوبه عليه إن تمتع ابتداء، لا إذا عدل إلى التمتع (7).
ولا فرق في وجوبه بين أن يكون (متطوعا با لحج أو مفترضا) فإن
الحج إذا أحرم به وجب، ويستقر وجوبه عليه بالاحرام بالحج، كما في الخلاف (8)
والمبسوط (9) والمعتبر (10) والمنتهى (11) والتذكرة (12) وغيرها، لا بعمرته. وعن مالك
في رواية: إنما يستقر بعد الوقوف بعرفة (13)، وفي أخرى: بعد رمي جمرة العقبة (14)،
وهو قول عطاء (15).

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 187 ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 3.
(2) المصدر السابق ح 6.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 239.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 259.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 436 درس 111.
(6) البقرة: 196.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 436 درس 111.
(8) الخلاف: ج 2 ص 273 المسألة 44.
(9) المبسوط: ج 1 ص 310.
(10) المعتبر: ج 2 ص 789.
(11) منتهى المطلب: 2 ص 736 س 7.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 379 س 13.
(13) الشرح الكبير: ج 3 ص 244.
(14) المجموع: ج 7 ص 184، فتح العزيز: ج 7 ص 168.
(15) المجموع: ج 7 ص 184.
128

(ولا يجب) الهدي (على غيره) معتمرا أو حاجا أو غيرهما للأصل
والنصوص (1). وأما صحيح العيص، عن الصادق عليه السلام فيمن اعتمر في رجب،
فقال: إن أقام بمكة حتى يخرج منها حاجا فقد وجب عليه هدي، فإن خرج من
مكة حتى يحرم من غيرها فليس عليه هدي (2). فحمله الشيخ على من أقام حتى
يتمتع بعمرة أخرى إلى الحج في أشهره (3).
(ويتخير مولى المأذون فيه بين الاهداء عنه وبين أمره بالصوم) قاله
علماؤنا كذا في التذكرة (4) والمنتهى (5)، والأخبار ناطقة به (6)، وبمعناه قول
أحدهما عليهما السلام في صحيح ابن مسلم: عليه مثل ما على الحر إما أضحية وإما
صوم (7) ولا يتعين الهدي، لأنه لا يملك شيئا، والأصل براءة المولى،
وللأخبار (8) كخبر الحسن العطار: سأل الصادق عليه السلام عن رجل أمر مملوكه أن
يتمتع بالعمرة إلى الحج أعليه أن يذبح عنه؟ فقال: لا، إن الله عز وجل يقول: (عبدا
مملوكا لا يقدر على شئ) (9).
وفي التذكرة: الاجماع (10). وفي المنتهى: إنه لا يعلم فيه خلافا إلا قول
الشافعي، بناء على أن الإذن في التمتع يتضمن الإذن في الهدي (11)، وضعفه

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 85 ب 1 من أبواب الذبح.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 200 ذيل الحديث 2.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 379 س 36.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 737 س 10.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 88 ب 2 من أبواب الذبح.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 90 ب 2 من أبواب الذبح ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 88 ب 2 من أبواب الذبح.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 89 ب 2 من أبواب الذبح ح 3.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 379 س 34.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 736 س 37 و ص 737 س 1.
129

ظاهر، وفي التذكرة: إنه قول شاذ له (1).
وعن علي أنه قال: سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن غلام أخرجته معي فأمرته
فتمتع ثم أهل بالحج يوم التروية ولم أذبح عنه أفله أن يصوم بعد النفر؟ فقال:
ذهبت الأيام التي قال الله، ألا كنت أمرته أن يفرد الحج، قلت: طلبت الخير، فقال:
كما طلبت الخير فاذهب فاذبح عنه شاة سمينة، وكان ذلك يوم النفر الأخير (2).
وعمل بظاهره الشيخ في كتابي الأخبار (3)، وحمله في النهاية على
الاستحباب (4)، ووافقه المصنف في التحرير (5) والمنتهى (6) والتذكرة (7). وكان ينبغي
لمن يملك العبد أن يعين الهدي عليه إذا ملكه أو ما يوازيه، ولكن لم نر قائلا به.
ومن العامة من عين عليه الصوم لكونه معسرا لا يمكنه إلا يسار، لأنه لا
يقدر على تملك شئ (8).
قلنا: نعم، ولكن الأخبار نطقت بالذبح عنه (9). ولولاها واتفاق الأصحاب
على العمل بها كان قويا.
وأجاب في المنتهى مع الأخبار بعموم الآية، وبأنه إذا ملكه المولى الهدي
صدق عليه أنه موسر (10). وفيه نظر ظاهر.
(فإن أعتق قبل الصوم تعين عليه الهدي) إن تمكن منه، لارتفاع المانع
وتحقق الشرط، واختصاص الآية (11) بحج الاسلام دعوى بلا بينة، والمعروف حتى

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 379 س 34.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 89 ب 2 من أبواب الذبح ح 4.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 201 ذيل الحديث 668، الإستبصار: ج 2 ص 262 ذيل الحديث 926.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 526.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 104 س 27.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 737 س 22.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 380 س 1.
(8) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 553.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 88 ب 2 من أبواب الذبح.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 737 س 11.
(1 1) البقرة: 196.
130

في كتب المصنف العتق قبل الوقوف (1)، بناء على كون العمدة في الحج أحد
الوقوفين، ولذا إذا أعتق قبله أجزأه عن حجة الاسلام.
(ولا يجزئ الواحد في) الهدي (الواجب إلا عن واحد ومع
الضرورة) إنما يجب (الصوم على رأي) وفاقا لابن إدريس (2) والمحقق (3)
والشيخ في كتاب الضحايا من الخلاف، للاجماع على ما فيه، وللاحتياط كما فيه
أيضا (4)، يعني في بعض الصور. والأخبار كصحيح محمد الحلبي: سأل
الصادق عليه السلام عن النفر تجزئهم البقرة؟ فقال: أما في الهدي فلا، وأما في
الأضحى فنعم (5). وقوله عليه السلام في خبر الحلبي: تجزئ البقرة والبدنة في الأمصار
عن سبعة، ولا تجزئ بمنى إلا عن واحد (6). وقول أحدهما عليهما السلام في صحيح ابن
مسلم: لا تجزئ البقرة والبدنة إلا عن واحد بمنى (7).
وفي المبسوط: ولا يجوز في الهدي الواجب إلا واحد عن واحد مع الاختيار،
سواء كانت بدنا أو بقرا، ويجوز عند الضرورة عن خمسة وسبعة وعن سبعين،
وكلما قلوا كان أفضل، وإن اشتركوا عند الضرورة أجزأت عنهم، سواء كانوا
متفقين في النسك أو مختلفين، ولا يجوز أن يريد بعضهم اللحم، فإذا أرادوا ذبحه
أسندوه إلى واحد منهم ينوب عن الجماعة، ويسلم مشاعا اللحم إلى المساكين (8).
ونحو منه النهاية (9) وكذا الإقتصاد (10) والجمل والعقود (11)، ولم يقتصر فيهما

(1) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 332، منتهى المطلب: ج 2 ص 737 س 26، تحرير الأحكام:
ج 1 ص 104 س 27، تبصرة المتعلمين: ص 73، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 380 س 1.
(2) السرائر: ج 1 ص 595.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 259 - 260.
(4) الخلاف: ج 6 كتاب الضحايا المسألة 27.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 113 ب 18 من أبواب الذبح ح 3.
(6) المصدر السابق ح 4.
(7) المصدر السابق ح 1.
(8) المبسوط: ج 1 ص 372.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 528.
(10) الإقتصاد: ص 307.
(11) الجمل والعقود: ص 146.
131

على البدنة والبقرة، ولا اشترط (1) أن لا يريد بعضهم اللحم، أي اجتماعهم على
التقرب بالهدي، وهو خيرة القاضي (2) والمختلف (3) والخلاف (4)، ومحتمل
التذكرة (5)، لقوله تعالى: (فما استيسر من الهدي) (6).
ولحسن حمران قال: عزت البدن سنة بمنى حتى بلغت البدنة مائة دينار،
فسئل أبو جعفر عليه السلام عن ذلك، فقال: اشتركوا فيها، قال: قلت: كم؟ قال: ما خف
فهو أفضل، قال فقلت عن كم يجزئ فقال عن سبعين (7). وخبر زيد بن جهم: سأل
الصادق عليه السلام متمتع لم يجد هديا، فقال: أما كان معه درهم يأتي به قومه فيقول:
أشركوني بهذا الدرهم (8).
وقول الصادق عليه السلام في خبر معاوية: تجزئ البقرة عن خمسة بمنى إذا كانوا
أهل خوان واحد (9). وفي خبر أبي بصير: البدنة والبقرة تجزئ عن سبعة إذا
اجتمعوا من أهل بيت واحد ومن غيرهم (10). وليس شئ منها نصا في الواجب إلا
الثاني، وهو لا ينص على الاجزاء.
وخبر الحسين بن علي عن سوادة أنه قال له عليه السلام: إن الأضاحي قد عزت
علينا، قال: فاجتمعوا واشتروا جزورا فانحروها فيما بينكم، قلنا: ولا يبلغ نفقتنا
ذلك، قال: فاجتمعوا واشتروا بقرة فيما بينكم، قلنا: لا يبلغ نفقتنا، قال: فاجتمعوا
فاشتروا فيما بينكم شاة فاذبحوها فيما بينكم، قلنا: تجزئ عن سبعة؟ قال: نعم
وعن سبعين (11). وظاهر الأضاحي الندب.

(1) في خ: (اشتراط).
(2) المهذب: ج 1 ص 257.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 279.
(4) الخلاف: ج 6 كتاب الضحايا المسألة 27.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 384 س 11.
(6) البقرة: 196.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 115 ب 18 من أبواب الذبح ح 11.
(8) المصدر السابق ح 13.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 113 ب 18 من أبواب الذبح ح 5.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 114 ب 18 من أبواب الذبح ح 6.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 115 ب 18 من أبواب الذبح ح 12.
132

واعترض في المنتهى عن اشتراط اجتماع المشتركين على التقرب بأن
الجزاء المجزئ لا ينص قدره بإرادة الشريك اللحم (1).
قلت: قد يكون اشتراطه لاختصاص الأخبار، وروى الصدوق في العلل (2)
والعيون (3) بإسناده عن الحسين بن خالد أنه سأل الرضا عليه السلام عن كم يجزئ
البدنة؟ فقال: عن نفس واحدة، قال: فالبقرة؟ قال يجزئ عن خمسة، قال: لأن
البدنة لم يكن فيها من العلة ما كان في البقرة، إن الذين أمروا قوم موسى بعبادة
العجل كانوا خمسة، وكانوا أهل بيت يأكلون على خوان واحد، وهم الذين ذبحوا
البقرة.
وفي حج الخلاف: يجوز اشتراك سبعة في بدنة واحدة أو بقرة واحدة إذا كانوا
متقربين، وكانوا أهل خوان واحد، سواء كانوا متمتعين أو قارنين أو مفردين، أو
بعضهم مفردا وبعضهم قارنا أو متمتعا، أو بعضهم مفترضين أو متطوعين ولا يجوز
أن يريد بعضهم اللحم، وبه قال أبو حنيفة، إلا أنه لم يعتبر أهل خوان واحد، وقال
الشافعي مثل ذلك، إلا أنه أجاز أن يكون بعضهم أن يريد اللحم، وقال مالك:
لا يجوز الاشتراك إلا في موضع واحد، وهو إذا كانوا متطوعين، وقد روى ذلك
أصحابنا أيضا، وهو الأحوط.
وعلى الأول خبر جابر، قال: كنا نتمتع على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ونشترك
السبعة في البقرة أو البدنة، وما رواه أصحابنا أكثر من أن يحصى.
وعلى الثاني ما رواه أصحابنا وطريقة الاحتياط تقتضيه (4)، انتهى. ومعلوم أن
الاحتياط إنما يقتضيه إذا أمكن الانفراد، وإلا فالأحوط الجمع بين الصوم والاشتراك.
وفي المراسم: يجزئ بقرة عن خمسة نفر (5)، وأطلق، فلم يقيد بضرورة ولا

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 749 س 13.
(2) علل الشرائع: ص 440 ح 1.
(3) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 82 ح 22.
(4) الخلاف: ج 2 ص 441 المسألة 341.
(5) المراسم: ص 114.
133

بالاجماع على خوان واحد. وزيد في بعض نسخها: والإبل تجزئ عن سبعة
وسبعين نفرا (1).
وفي الصحيح: أن عبد الرحمن بن الحجاج سأل أبا إبراهيم عليه السلام عن قوم
غلت عليهم الأضاحي وهم متمتعون وهم مترافقون، وليسوا بأهل بيت واحد وقد
اجتمعوا في مسيرهم ومضربهم واحد ألهم أن يذبحوا بقرة؟ قال: لا أحب ذلك إلا
من ضرورة (2). وظاهره على الجواز اختيارا.
وفي الهداية: وتجزئ البقرة عن خمسة نفر إذا كانوا من أهل بيت، وروي
أنها تجزئ عن سبعة، والجزور تجزئ عن عشرة متفرقين، والكبش يجزئ عن
الرجل وعن أهل بيت، وإذا عزت الأضاحي أجزأت شاة عن سبعين (3). ولعله
أشار إلى ما سمعته من الأخبار مع قول علي عليه السلام في خبر السكوني: البقرة الجذعة
تجزئ عن ثلاثة من أهل بيت واحد، والمسنة تجزئ عن سبعة نفر متفرقين
والجزور تجزئ عن عشرة متفرقين (4).
وخبر سوادة القطان وعلي بن أسباط أنهما قالا للرضا عليه السلام: جعلنا الله فداك
عزت الأضاحي علينا بمكة فيجزئ اثنين أن يشتركا في شاة؟ فقال: نعم، وعن
سبعين (5).
وفي المقنع: وتجزئ البقرة عن خمسة نفر إذا كانوا من أهل بيت. وروي أن
البقرة لا تجزئ إلا عن واحد، وإذا عزت الأضاحي أجزأت شاة عن سبعين،
ونحوه عن علي بن بابويه (6).

(1) المراسم: ص 114.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 114 ب 18 من أبواب الذبح ح 10.
(3) الهداية: ص 62.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 114 ب 18 من أبواب الذبح ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 114 ب 18 من أبواب الذبح ح 9.
(6) المقنع: ص 88.
134

(وفي الندب يجزئ) الواحد (عن سبعة) فصاعدا (إذا كانوا أهل
خوان واحد) اختيارا كما في النهاية (1) والمبسوط (2) والجامع (3)، ولم يخصوه
بالسبعة، لما مر من الأخبار، وخبر يونس بن يعقوب سأل الصادق عليه السلام عن البقرة
يضحى بها، فقال: تجزئ عن سبعة (4). وسمعت ما نص على الاجزاء عن سبعين.
وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر زرارة: الكبش يجزئ عن الرجل وعن أهل بيته
يضحي به (5). وهو مطلق، ولعل اقتصاره على السبعة احتياط لكثرة الأخبار بها،
والاجماع كما في المنتهى (6). لكن في التذكرة الاجماع عليها وعلى السبعين (7).
وعن علي بن ريان بن الصلت أنه كتب إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام يسأله
عن الجاموس عن كم يجزئ في الضحية؟ فجاء الجواب: إن كان ذكرا فعن واحد،
وإن كان أنثى فعن سبعة (8).
(ولو فقد الهدي ووجد ثمنه) وهو يريد الرجوع (خلفه عند ثقة
ليشتري عنه ويذبح) عنه ولم يصم بدله وفاقا للمشهور، لأن تيسر الهدي
ووجد أنه يعمان العين والثمن، وإلا لم يجب الشراء مع الوجود يوم النحر وإمكانه
إن خصص الوجود به عنده، وإلا فهو أعم منه عنده أو عند غيره في أي جز كان
من أجزاء الزمان الذي يجزئه فيه.
لا يقال: إذا لم يجده بنفسه ما كان هناك يشمله من لم يجد.
لأنا نقول: وجدان الغائب كوجدانه، لأنه مما يقبل النيابة، وقد يمنع وإن قبل
النيابة. ولحسن حريز عن الصادق عليه السلام في متمتع يجد الثمن ولا يجد الغنم، قال:

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 528.
(2) المبسوط: ج 1 ص 372.
(3) الجامع للشرائع: ص 212.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 113 ب 18 من أبواب الذبح ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 116 ب 18 من أبواب الذبح ح 15.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 748 س 19.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 384 س 21.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 114 ب 18 من أبواب الذبح ح 8.
135

يخلف الثمن عند بعض أهل مكة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه وهو يجزئ عنه،
فإن مضى ذو الحجة أخر ذلك إلى قابل من ذي الحجة (1).
وهو كما ينص على ذلك ينص على إجزاء الذبح (طول ذي الحجة، فإن
لم يوجد) فيه (ففي العام المقبل في ذي الحجة) كما نص عليه الأصحاب،
وهذا الخبر.
وخبر نضر بن قرواش سأل الصادق عليه السلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج،
فوجب عليه النسك فطلبه فلم يجده وهو موسر حسن الحال، وهو يضعف عن
الصيام فما ينبغي له أن يصنع؟ قال: يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه بمكة إن كان
يريد المضي إلى أهله، وليذبح عنه في ذي الحجة، قال: فإنه دفعه إلى من يذبح عنه
فلم يصب في ذي الحجة نسكا وأصابه بعد ذلك، قال: لا يذبح عنه إلا في ذي
الحجة ولو أخره إلى قابل (2) لما ذكر السائل أنه يضعف عن الصيام لم يصح
الاستدلال به على وجوب أن يخلف الثمن مع القدرة عليه كما في المختلف (3)
وغيره.
وفي السرائر (4) والشرائع (5): الانتقال إلى الصوم بتعذر الهدي ووجد الثمن أو
لا، لصدق أنه غير واجد للهدي.
ولخبر أبي بصير سأل أحدهما عليهما السلام عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى
إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة، أيذبح أو يصوم؟ قال: بل يصوم، فإن أيام الذبح
قد مضت (6). وهو ظاهر فيمن قدر على الذبح بمنى، وهو غير ما نحن فيه،
ولا يوجبان عليه الصوم.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 153 ب 44 من أبواب الذبح ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 272.
(4) السرائر: ج 1 ص 592.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 261.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 153 ب 44 من أبواب الذبح ح 3.
136

وحمله الشيخ على من صام ثلاثة قبل الوجدان (1)، كما في خبر حماد بن
عثمان سأل الصادق عليه السلام عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج، ثم أصاب هديا يوم
خرج من منى، قال: أجزأه صيامه (2).
وخير أبو علي بين الصوم والتصدق بالثمن بدلا من الهدي، ووضعه عند من
يشتريه فيذبحه إلى آخر ذي الحجة (3). جمعا بين ما تقدم. ونحو خبر عبد الله بن
عمر قال: كنا بمكة فأصابنا غلا في الأضاحي فاشترينا بدينار، ثم بدينارين ثم
بلغت سبعة، ثم لم توجد بقليل ولا كثير، فرقع هشام المكاري رقعة إلى أبي
الحسن عليه السلام فأخبره بما اشترينا وأنا لم نجد بعد، فوقع عليه السلام إليه: انظروا إلى الثمن
الأول والثاني والثالث فاجمعوا ثم تصدقوا بمثل ثلاثة (4). وهو مع التسليم ظاهر
في المندوب وإنفاق الثمن بدل الهدي مخالفة للكتاب.
(ولو عجز عن الثمن) أيضا (تعين البدل) قولا واحدا (وهو صوم
عشرة أيام ثلاثة في الحج) أي في سفره قبل الرجوع إلى أهله وشهره، وهو
هنا ذي الحجة عندنا.
ويجب صومها (متوالية) لقول الصادق عليه السلام في خبر إسحاق: لا تصوم
الثلاثة الأيام متفرقة (5).
وفي المنتهى: الاجماع عليه (6).
وليكن (آخرها عرفة) استحبابا للأخبار، والاجماع كما في المنتهى (7)

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 37 ذيل الحديث 111، الإستبصار: ج 2 ص 260 ذيل
الحديث 918.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 154 ب 45 من أبواب الذبح ح 1.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 271.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 172 ب 58 من أبواب الذبح ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 168 ب 53 من أبواب الذبح ح 1.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 743 س 32.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 743 س 21.
137

وظاهر التذكرة (1).
(فإن أخر) السابع (صام يوم التروية وعرفة وصام الثالث بعد
النفر) واغتفر الفصل بالعيد وأيام التشريق للأصل، وإطلاق الآية (2)، وانتفاء
الاجماع هنا، بل تحققه على الاغتفار كما في المختلف (3).
ولخبر عبد الرحمن بن الحجاج عن الصادق عليه السلام فيمن صام يوم التروية
ويوم عرفة، قال: يجزئه أن يصوم يوما آخر (4). وخبر يحيى الأزرق سأل أبا
الحسن عليه السلام عن رجل قدم يوم التروية متمتعا وليس له هدي فصام يوم التروية
ويوم عرفة، قال: يصوم يوم آخر بعد أيام التشريق (5). ونحو منه خبر عبد الرحمن
ابن الحجاج عنه عليه السلام (6)، وهي تعم الاختيار والاضطرار، وهو صريح ابن
حمزة (7)، وظاهر الباقين إلا القاضي (8) والحلبيين (9) فاشترطوا الضرورة.
وقد يكون جمعوا به بين ما سمعته وقول الصادق عليه السلام في صحيح العيص: في
متمتع دخل يوم التروية ولا يجد هديا فلا يصوم ذلك اليوم ولا يوم عرفة،
ويتسحر ليلة الحصبة، فيصبح صائما، وهو يوم النفر، ويصوم يومين بعده (10).
وقول الكاظم عليه السلام لعباد البصري في خبر عبد الرحمن بن الحجاج فيمن فاته
صوم هذه الأيام: لا يصوم يوم التروية ولا يوم عرفة، ولكن يصوم ثلاثة أيام
متتابعات بعد أيام التشريق (11).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 382 س 30.
(2) البقرة: 196.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 275.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 167 ب 52 من أبواب الذبح ح 1.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) المصدر السابق ح 3.
(7) الوسيلة: ص 182.
(8) المهذب: ج 1 ص 258.
(9) الكافي في الفقه: ص 188، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 510 س 23.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 155 ب 46 من أبواب الذبح ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 167 ب 52 من أبواب الذبح ح 3.
138

وفي خبر علي بن الفضل الواسطي: إذا صام المتمتع يومين لا يتابع الصوم اليوم
الثالث فقد فاته صيام ثلاثة أيام في الحج فليصم بمكة ثلاثة أيام متتابعات (1).
وحمله الشيخ على الفصل بغير العيد وأيام التشريق، وما قبله على صوم
أحدهما (2).
ومن المتأخرين من اشترط الجهل بكون الثالث العيد، وأجاز ابن حمزة صوم
السابع والثامن ثم يوما بعد النفر لمن خاف أن يضعفه صوم عرفة عن الدعاء (3).
وفي المختلف: لا بأس به، واحتج له بأن التشاغل بالدعاء مطلوب للشارع
فجاز الافطار له (4). وضعفه ظاهر، إلا أن يتمسك بهذه الأخبار الناهية عن صوم
عرفة وغيرها مما نهي عن صومها مطلقا، كقول الصادقين عليهما السلام في خبر زرارة: لا
تصم في يوم عاشوراء ولا عرفة بمكة ولا في المدينة ولا في وطنك ولا في مصر
من الأمصار (5). أو أن يضعف عن الدعاء كقول أبي جعفر عليه السلام في خبر ابن مسلم إذ
سأله عن صومها: من قوي عليه فحسن إن لم يمنعك من الدعاء، فإنه يوم دعاء
ومسألة فصمه، وإن خشيت أن تضعف عن الدعاء فلا تصمه (6) وبنحو صحيح
رفاعة سأل الصادق عليه السلام فإنه قدم يوم التروية فقال عليه السلام: يصوم ثلاثة أيام بعد
التشريق (7).
وقال القاضي: وقد رويت رخصة في تقديم صوم هذه الثلاثة الأيام من أول
العشر، وكذلك في تأخيرها إلى بعد أيام التشريق لمن ظن أن صوم يوم التروية

(1) المصدر السابق ح 4.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 231 ذيل الحديث 782، الإستبصار: ج 2 ص 280 ذيل
الحديث 993.
(3) الوسيلة: ص 182.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 275.
(5) وسائل الشيعة: ج 7 ص 341 ب 21 من أبواب الصوم المندوب ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 7 ص 343 ب 23 من أبواب الصوم المندوب ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 155 ب 46 من أبواب الذبح ح 1.
139

ويوم عرفة يضعفه عن القيام بالمناسك (1)، انتهى.
والظاهر وجوب المبادرة إلى الثالث بعد زوال العذر وإن أطلقت الأخبار (2)
والفتاوى التي عثرت عليها، إلا فتوى ابن سعيد فإنه قال: صام يوم الحصبة وهو
رابع النحر (3).
(ولو فاته يوم التروية) اختيارا أو اضطرارا، صام ما قبله أو لا (أخر
الجميع إلى) ما (بعد النفر) ولم يغتفر الفصل، بل وجب الاستئناف وفاقا
للأكثر، لعدم التتابع الواجب، وما مر من النص على أن لا يصوم يوم التروية ولا
عرفة (4)، وعموم النصوص المتظافرة على أن من فاته الثلاثة صامها متتابعة بعد
ذلك (5).
وفي الإقتصاد: إن من أفطر الثاني بعد صوم الأول لمرض أو حيض أو عذر
بنى (6)، وكذا الوسيلة إلا إذا كان العذر سفرا (7).
ولعلهما استندا إلى عموم التعليل في خبر سليمان بن خالد سأل الصادق عليه السلام
عمن كان عليه شهران متتابعان فصام خمسة وعشرين يوما ثم مرض فإذا برأ
ابتنى على صومه أم يعيد صومه كله؟ فقال عليه السلام: بل يبني على ما كان صام، ثم
قال: هذا مما غلب الله عز وجل عليه، وليس على ما غلب الله عز وجل عليه
شئ (8). واستثناء السفر، لأنه ليس هنا عذرا.
ولا يجوز استئنافها في أيام التشريق وفاقا للأكثر، لعموم النهي (9) عن صومها

(1) المهذب: ج 1 ص 201.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 164 ب 51 من أبواب الذبح.
(3) الجامع للشرائع: ص 210.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 155 ب 46 من أبواب الذبح ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 165 ب 51 من أبواب الذبح ح 4 و 5 و 6.
(6) الإقتصاد: ص 291.
(7) الوسيلة: ص 146.
(8) وسائل الشيعة: ج 7 ص 274 ب 3 من أبواب بقية الصوم الواجب ح 12.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 164 و 166 ب 51 من أبواب الذبح ح 3 و 8 و 9.
140

بمنى، وخصوص قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: فليصم ثلاثة أيام ليس
فيها أيام التشريق (1). وخبر ابن مسكان سأله عليه السلام عن رجل تمتع ولم يجد هديا؟
قال: يصوم ثلاثة أيام. قال أفيها أيام التشريق؟ قال: لا (2).
وخبر عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام أن عباد البصري سأله
عن الأيام التي يصام بدل الهدي - إلى أن قال -: فإن فاته ذلك؟ قال: يصوم صبيحة
الحصبة ويومين بعد ذلك، قال: فلا تقول كما قال عبد الله بن الحسن، قال: فأي
شئ قال؟ قال: يصوم أيام التشريق، قال: إن جعفرا كان يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
أمر بديلا ينادي أن هذه أيام أكل وشرب فلا يصومن أحد (3)، الخبر.
فصبيحة الحصبة بمعنى اليوم الذي بعدها، وأباح أبو علي صومها فيها (4)، لقول
أمير المؤمنين عليه السلام في خبر إسحاق: من فاته صيام الثلاثة الأيام التي في الحج
فليصمها أيام التشريق، فإن ذلك جائز له (5). ونحو منه خبر القداح (6)، وهما شاذان
ضعيفان، مخالفان لأخبارنا، موافقان لقول من العامة (7)، يحتملان تعلق أيام
التشريق بالقول.
وفي الفقيه: رواية عنهم عليهم السلام: تسحر ليلة الحصبة، وهي ليلة النفر وأصبح
صائما (8).
وفي النهاية (9) والمبسوط (10) والمهذب (11) والسرائر: إنه يصوم يوم الحصبة،

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 164 ب 51 من أبواب الذبح ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 165 ب 51 من أبواب الذبح ح 4.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 273.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 165 ب 51 من أبواب الذبح ح 5.
(6) المصدر السابق ح 6.
(7) المجموع: ج 6 ص 445، فتح العزيز: ج 6 ص 410، المغني لابن قدامة: ج 3 ص 507.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 508.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 524.
(10) المبسوط: ج 1 ص 370.
(11) المهذب: ج 1 ص 201.
141

وهو يوم النفر (1)، وهو المحكي عن علي بن بابويه (2)، وبه أخبار كما مر من صحيح
العيص (3). ونحوه حسن معاوية بن عمار، لكن ليس فيه قوله: (وهو يوم النفر) (4).
وقول الصادق عليه السلام في صحيح حماد بن عيسى: فمن فاته ذلك فليتسحر ليلة
الحصبة يعني ليلة النفر، ويصبح صائما (5). وصحيح رفاعة: سأل الصادق عليه السلام
فإنه قدم يوم التروية، قال: يصوم ثلاثة أيام بعد التشريق، قال: لم يقم عليه جماله،
قال: يصوم يوم الحصبة وبعده يومين، قال: وما الحصبة؟ قال: يوم نفره، قال:
يصوم وهو مسافر؟ قال: نعم أليس هو يوم عرفة مسافرا (6). وقد يدل هذا على
قصر صومه على الضرورة.
وفي الدروس: لعل صومه لعدم استيعاب مقامه (7). واحتمل في المختلف أن
يكون ليلة الحصبة ليلة الرابع، كما حكاه عن المبسوط (8)، وحكيناه عن
ابن سعيد (9).
قلت: وفي الخلاف: إن الأصحاب قالوا: يصبح ليلة الحصبة صائما وهي بعد
انقضاء أيام التشريق (10).
قلت: وما في صحيحي حماد والعيص من التفسير يجوز أن يكون من
الراوي، ثم استبعد المصنف هذا التأويل لوجهين:
الأول: أن التحصيب إنما يكون يوم الثالث عشر.

(1) السرائر: ج 1 ص 592.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 273.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 155 ب 46 من أبواب الذبح ح 3.
(4) المصدر السابق ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 169 ب 53 من أبواب الذبح ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 155 ب 46 من أبواب الذبح ح 1.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 440 درس 111.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 274.
(9) الجامع للشرائع: ص 210.
(10) الخلاف: ج 2 ص 276 المسألة 48.
142

والثاني: أن في المبسوط أيضا: إن يوم الحصبة يوم النفر (1).
قلت: وكذا النهاية (2) والمهذب (3) والسرائر (4) وخبر رفاعة نص فيه، لكن شيئا
من ذلك لا يقتضي أن يكون ليلة الحصبة قبله، وإنما يوهمه القياس على نحو ليلة
الخميس، والشيخ ثقة فيما يقوله، ولا حاجة إلى تأويل كلامه بما في المختلف
أيضا من أن مراده بالرابع الرابع من النحر، مع أن كلام الخلاف نص في خلافه. ثم
الاحتياط أيضا يقتضي التأخير، إذ لا خلاف في الاجزاء معه كما يأتي.
فلو كان أيام التشريق بمكة ففي النهاية (5) والمبسوط (6): لا يصومها، لعموم
النهي عنه، وتقدم في الصوم تقييد تحريمه بمنى.
وفي المعتبر: إن عليه الأكثر (7). وفي الروضة البهية: لا يحرم صومها على من
ليس بمنى إجماعا (8)، وتردد الشهيد (9) من العمومات ومن الأصل، وخصوص
صحيح معاوية سأل الصادق عليه السلام عن الصيام فيها، فقال: إما بالأمصار فلا بأس،
وإما بمنى فلا (10). وظهور تنزل الخبرين المتقدمين على من كان بمنى.
(ويجوز تقديمها من أول ذي الحجة) كما في النافع (11) والشرائع (12)،
لاطلاق الآية (13)، وتفسيرها في صحيح رفاعة عن الصادق عليه السلام بذي الحجة (14).
وقوله عليه السلام في خبر زرارة: من لم يجد الهدي وأحب أن يصوم الثلاثة الأيام في

(1) المبسوط: ج 1 ص 370.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 524.
(3) المهذب: ج 1 ص 201.
(4) السرائر: ج 1 ص 592.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 525.
(6) المبسوط: ج 1 ص 370.
(7) المعتبر: ج 2 ص 713، وفيه: (إجماع العلماء).
(8) الروضة البهية: ج 2 ص 138.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 441 درس 111.
(10) وسائل الشيعة: ج 7 ص 385 ب 2 من أبواب الصوم المحرم والمكروه ح 1.
(11) المختصر النافع: ص 90.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 262.
(13) البقرة: 196.
(14) وسائل الشيعة: ج 10 ص 155 ب 46 من أبواب الذبح ح 1.
143

أول العشر فلا بأس بذلك (1).
ونص ابن سعيد على أنه رخص في ذلك لغير عذر (2). وفي السرائر (3)
وظاهر التبيان: الاجماع على وجوب كون الصوم في الثلاثة المتصلة بالنحر (4).
وفي الخلاف: نفي الخلاف عن وجوبه اختيارا (5)، لكن يحتمل نفي الخلاف
عن تقديمها على الاحرام بالحج. وفيه (6) وفي النهاية (7) والتهذيب (8)
والمبسوط (9) والمهذب (10) ذكر الرخصة في صومها أول العشر، لكن في
الأخيرين: إن التأخير إلى السابع أحوط (11). وفي التهذيب: إنه أولى (12) وظاهر
الخلاف اختصاص الرخصة بالمضطر (13).
و (لا) يجوز تقديمها (قبله) لمخالفته النصوص (14) والفتاوى.
ولا يجوز صومها إلا (بعد التلبس بالمتعة) إلا في رواية عن أحمد (15).
قال في التذكرة: وهو خطأ، لأنه تقديم للواجب على وقته وسببه، ومع ذلك فهو
خلاف الاجماع (16). ونحوه في المنتهى (17).
ويكفي التلبس بعمرتها كما في الخلاف (18) والتحرير (19) والتذكرة (20)

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 156 ب 46 من أبواب الذبح ح 8.
(2) الجامع للشرائع: ص 211.
(3) السرائر: ج 1 ص 593.
(4) التبيان: ج 2 ص 160.
(5) الخلاف: ج 2 ص 275 المسألة 47.
(6) الخلاف: ج 2 ص 275 المسألة 47.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 525.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 235 ذيل الحديث 792.
(9) المبسوط: ج 1 ص 370.
(10) المهذب: ج 1 ص 201.
(11) المبسوط: ج 1 ص 370، المهذب: ج 1 ص 201.
(12) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 235 ذيل الحديث 792.
(13) الخلاف: ج 2 ص 275 المسألة 47.
(14) وسائل الشيعة: ج 10 ص 154 ب 46 من أبواب الذبح.
(15) المعني لابن قدامة: ج 3 ص 506.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 383 س 2.
(17) منتهى المطلب: ج 2 ص 745 س 3.
(18) الخلاف: ج 2 ص 274 المسألة 47.
(19) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 31.
(20) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 383 س 1.
144

والمنتهى (1) لاطلاق الآية (2)، وللاتفاق على أن الواجب أو الراجح صومها من
السابع، مع استحباب أن يكون الاحرام بالحج في الثامن، ولم يحكيا خلافا فيه إلا
عن الشافعي وبعض العامة (3).
واشترط الشهيد التلبس بالحج، وقال: وجوز بعضهم صومه في إحرام العمرة،
وهو بناء على وجوبه بها - يعني الحج أو الهدي أو الصوم - قال: وفي الخلاف: لا
يجب الهدي قبل إحرام الحج بلا خلاف، ويجوز الصوم قبل إحرام الحج، وفيه
إشكال (4)، انتهى.
وعن أحمد بن عبد الله الكرخي أنه سأل الرضا عليه السلام عن المتمتع يقدم وليس
معه هدي أيصوم ما لم يجب عليه؟ قال: يصير إلى يوم النحر، فإن لم يصب فهو ممن
لا يجد (5)، وليحمل على الجواز. ولابن إدريس أن يحمله على واجد الثمن دون
العين (6). هذا مع الارسال والجهل.
وذكر علي بن إبراهيم في تفسيره: إن من لم يجد الهدي صام ثلاثة أيام
بمكة (7)، يعني بعد النفر، ولم يذكر صومها في غير ذلك، وهو غريب.
(فإن) صام الثلاثة من أول ذي الحجة كما في الكنز (8) ثم (وجد) الهدي
(وقت الذبح) وهو يوم النحر وما بعده إلى آخر ذي الحجة، لا يوم النحر وحده
كما في الإيضاح (9).
(فالأقرب وجوبه) أي الذبح، لأنه واجد، خرج ما إذا صام بدله في
الوقت الذي له بأصل الشرع وهو السابع وتالياه بالنص والاجماع، كما قد يظهر،

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 744 س 32.
(2) البقرة: 196.
(3) الخلاف: ج 2 ص 274 المسألة 47، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 382 س 41.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 440 درس 111.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 169 ب 54 من أبواب الذبح ح 2.
(6) السرائر: ج 1 ص 592.
(7) تفسير القمي: ج 1 ص 69.
(8) كنز الفوائد: ج 1 ص 289.
(9) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 311.
145

فلا يحمل عليه الصوم المقدم رخصة، ولبعض ما سيأتي من الأخبار.
ويحتمل العدم لأصل البراءة من الجمع بين البدل والمبدل، وتساوي
الصورتين في التقدم على يوم النحر، وبناء على العجز فيهما على الظاهر مع
انكشاف الخلاف وإطلاق الأخبار والفتاوي في المسألة الآتية.
(ويجوز إيقاعها) أي صومها (في باقي ذي الحجة) اختيارا كما
يقتضيه إطلاقه هنا، وفي الإرشاد (1) كالشرائع (2)، لتفسير الآية في صحيح رفاعة (3)
بذي الحجة.
وقول الصادق عليه السلام في صحيح زرارة: من لم يجد ثمن الهدي فأحب أن
يصوم الثلاثة الأيام في العشر الأواخر فلا بأس بذلك (4).
وللإجماع على الاجزاء مع أصل البراءة من المبادرة، وعموم الأمر، وظاهر
الأكثر ومنهم المصنف في سائر كتبه وجوب المبادرة بعد التشريق (5). فإن فات
فليصم بعد ذلك إلى آخر الشهر، وهو أحوط لاختصاص أكثر الأخبار (6) بذلك.
ومن ذهب إلى كونه قضاء لم يجز عنده التأخير اختيارا قطعا، وهو مذهب
الشيخ في المبسوط على ما في المختلف (7). والحق أنه أداء كما في الخلاف (8)
والسرائر (9) والجامع (10) والمختلف (11) والمنتهى (12) والتذكرة (13) والتحرير (14) وفيما

(1) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 333.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 262.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 155 ب 46 من أبواب الذبح ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 158 ب 46 من أبواب الذبح ح 13.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 278، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 382 س 30، منتهى المطلب: ج 1
ص 745 س 4، تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 29.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 154 ب 46 من أبواب الذبح.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 278.
(8) الخلاف: ج 2 ص 278 المسألة 52.
(9) السرائر: ج 1 ص 594.
(10) الجامع للشرائع: ص 210.
(11) مختلف الشيعة: ج 4 ص 278.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 746 س 11.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 383 س 8.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 32.
146

عندنا من نسخ المبسوط (1)، إذ لا دليل على خروج الوقت، بل العدم ظاهر ما مر
غاية الأمر وجوب المبادرة.
(فإن خرج) ذو الحجة (ولم يصمها وجب الهدي) واستقر في ذمته
إجماعا على ما في الخلاف (2). ولقول الصادق عليه السلام في حسن ابن حازم: من لم
يصم في ذي الحجة حتى يهل هلال المحرم فعليه دم شاة، وليس له صوم ويذبحه
بمنى (3). لكنه كما يحتمل الهدي يحتمل الكفارة، بل هي أظهر، وكذا النهاية (4)
والمهذب (5). وفي المبسوط: وجب عليه دم شاة واستقر في ذمته الدم، وليس له
صوم (6).
وظاهره وجوب دمين هدي وكفارة، وكذا الجامع (7)، وهو صريح المنتهى،
واستدل على وجوب الأول بالخبر، وصحيح عمران الحلبي أنه سأل الصادق عليه السلام
عمن نسي الثلاثة الأيام حتى قدم أهله، قال: يبعث بدم. وبأنه فات وقته، فيسقط
إلى مبدله كالجمعة.
وعلى الثاني أن ترك نسكا، وقال صلى الله عليه وآله: من ترك نسكا فعليه دم، وبأنه
صوم موقت وجب بدلا، فوجب بتأخيره كفارة كقضاء رمضان (8). وهذا احتجاج
على العامة وبخبر ابن حازم ولعله أشار به إلى الاحتمالين.
ثم في النهاية (9) والمبسوط (10) بعدما سمعته: إن من لم يصم الثلاثة بمكة ولا
في الطريق ورجع إلى بلده وكان متمكنا من الهدي بعث به، فإنه أفضل من الصوم.
قال المصنف في المختلف: وهذا يؤذن بجواز الصوم، وليس بجيد لأنه إن

(1) المبسوط: ج 1 ص 371.
(2) الخلاف: ج 2 ص 279 المسألة 52.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 159 ب 47 من أبواب الذبح ح 1.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 524.
(5) المهذب: ج 1 ص 258.
(6) المبسوط: ج 1 ص 370.
(7) الجامع للشرائع: ص 210.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 746 س 17.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 526.
(10) المبسوط: ج 1 ص 371.
147

كان قد خرج ذو الحجة تعين الهدي، وكذا إن لم يخرج، لأن من وجد الهدي قبل
شروعه في الصوم وجب عليه الهدي (1) انتهى.
ويؤيده إطلاق صحيح الحلبي واشتراط الصوم في الآية بالفقدان، فإن تمكن
من البعث في عامه في ذي الحجة بعث به، وإلا ففي القابل على تردد من احتمال
الوجدان وعدمه.
وقطع الشهيد بتخيير الشيخ بين الصوم والهدي (2). ويتعين الهدي على
التقديرين، ويحتمله كلام الشيخ، ولذا قال المصنف: إنه يؤذن بالتخيير، غايته أنه
علل البعث بأنه أفضل من الصوم، فلعله بيان للحكمة في تعيينه.
(ولو وجده) أي الهدي (بعدها) أي صوم الثلاثة في التتابع وتالييه، أو
بعد أيام التشريق في ذي الحجة (قبل التلبس بالسبعة ذبحه استحبابا) أي
الأفضل أن يرجع إلى الهدي كما في النهاية (3) والمبسوط (4) والجامع (5) والنافع (6)
والشرائع (7)، لاجزاء الهدي إلى آخر ذي الحجة، مع أنه الأصل، ودلالة النصوص
هنا على فضله على الصوم على الاطلاق.
وخبر عقبة بن خالد: سأل الصادق عليه السلام عن رجل تمتع وليس معه ما يشتري
به هديا فلما أن صام ثلاثة أيام في الحج أيسر أيشتري هديا فينحره أو يدع ذلك.
ويصوم سبعة أيام إذا رجع إلى أهله؟ قال: يشتري هديا فينحره ويكون صيامه
الذي صامه نافلة له (8).
ولا يجب كما يظهر من المهذب (9) للأصل، وخبر حماد بن عثمان سأل

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 277.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 441 درس 111.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 526.
(4) المبسوط: ج 1 ص 371.
(5) الجامع للشرائع: ص 211.
(6) المختصر النافع: ص 90.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 262.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 154 ب 45 من أبواب الذبح ح 2.
(9) المهذب: ج 1 ص 259.
148

الصادق عليه السلام عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هديا يوم خرج من
منى، قال: أجزأه صيامه (1). وخبر أبي بصير: سأل أحدهما عليهما السلام عن رجل تمتع فلم
يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال: بل
يصوم، فإن أيام الذبح قد مضت (2). وللإجماع كما في الخلاف (3)، واكتفى الشيخ
في الخلاف (4) وابن إدريس (5) والمصنف في التذكرة (6) والمنتهى (7) والتحرير (8)
بالتلبس بالصوم.
واستدل عليه في المنتهى باطلاق الآية ووجوب الصوم على من لم يجد
الهدي، قال، لا يقال: هذا يقتضي عدم الاجتزاء بالهدي وإن لم يدخل في الصوم،
لأنا نقول: لو خلينا والظاهر لحكمنا بذلك، لكن الوفاق وقع على خلافه فيبقى ما
عداه على الأصل (9).
قلت: الآية إنما دلت على صوم من لم يجد، وهذا واجد، لأن ذي الحجة كله
وقته، فلو خلينا والظاهر. لأوجبنا الهدي إذا وجده فيه وإن صام العشرة فضلا على
الثلاثة، مع ضعف خبر حماد بن عثمان ب‍ (عبد الله بن بحر) كما في الكافي (10)، أو ب‍
(عبد الله بن يحيى) كما في التهذيب (11)، لاشتراكه، مع أن الظاهر كونه تصحيفا،
وضعف خبر أبي بصير أيضا وإن روي بعدة طرق (12) لكن الوفاق وقع على أن الأصل
في الثلاثة صومها في السابع وبالنية كما عرفت، وهو يعطي الاجزاء وإن وجد يوم

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 154 ب 45 من أبواب الذبح ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 153 ب 44 من أبواب الذبح ح 3.
(3) الخلاف: ج 2 ص 279 ذيل المسألة 52.
(4) الخلاف: ج 2 ص 277 المسألة 50.
(5) السرائر: ج 1 ص 594.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 383 س 32.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 747 س 7.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 106 س 2.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 747 س 10 - 12.
(10) الكافي: ج 4 ص 509 ح 11.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 38 ح 112.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 153 - 154 ب 44 من أبواب الذبح ح 3 و 4.
149

النحر. ثم التقييد بقبلية التلبس بالسبعة موافقة للشرائع (1)، ولم أره لغيرهما.
نعم، إجزاء الثلاثة يعطي إجزاء الأكثر قطعا، إلا أن التقييد قد يعطي عدم جواز
الرجوع إلى الهدي بعد التلبس بها، والظاهر جوازه ما كان في ذي الحجة كما
عرفته الآن، كما قد يعطيه إطلاق قول الشهيد: لو صام ثم وجد الهدي في وقته
استحب الذبح (2)، انتهى، بل الهدي أحوط.
ثم الفرق بين هذه المسألة وما قبلها بما ذكرناه واضح دليلا وعبارة، بخلاف ما
في الإيضاح من أن الوجدان في الأولى يوم النحر وفي الثانية بعده (3).
(والسبعة) الباقية يصومها (إذا رجع إلى أهله) بالنص (4) والاجماع،
وللعامة قول بجواز صومها بعد أيام التشريق (5)، وآخر بعد الفراغ من أفعال
الحج (6)، وآخر إذا خرج من مكة سائرا في الطريق (7). ولا وقت لها، فيجوز
صومها متى شاء. وعن إسحاق بن عمار: أنه سأل أبا الحسن عليه السلام أنه قدمت الكوفة
ولم يصم السبعة حتى نزعت في حاجة إلى بغداد، فقال عليه السلام: صمها ببغداد (8).
(فإن أقام بمكة انتظر الأسبق من مضي شهر وصول أصحابه بلده ثم
صامها) كما في النهاية (9) والمبسوط (10) والمقنع (11) والسرائر (12) والنافع (13)
والشرائع (14) والجامع (15)، لقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: وإن كان له مقام

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 262.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 440 درس 111.
(3) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 311.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 154 ب 46 من أبواب الذبح.
(5) المحلى: ج 7 ص 142.
(6) المجموع: ج 7 ص 193.
(7) المجموع: ج 7 ص 185.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 170 ب 55 من أبواب الذبح ح 1.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 525.
(10) المبسوط: ج 1 ص 370.
(11) المقنع: ص 90.
(12) السرائر: ج 1 ص 593.
(13) المختصر النافع: ص 91.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 262.
(15) الجامع للشرائع: ص 211.
150

بمكة وأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر مسيره إلى أهله أو شهرا ثم صام (1).
ومبدأ الشهر من انقضاء أيام التشريق على ما في المسالك (2)، والأظهر من
آخرها الذي هو يوم النفر، ويحتمل من دخول مكة أو قصد اقامتها.
وأوجب القاضي (3) والحلبيين (4) الانتظار إلى الوصول، ولم يعتبروا الشهر.
وحكى ابن زهرة الاجماع (5)، ورواه المفيد عن الصادق عليه السلام (6)، ويوافقه مضمر
أبي بصير المروي في الكافي (7) والفقيه (8).
وروى الصدوق في المقنع عن معاوية بن عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن
السبعة الأيام إذا أراد المقام، فقال: يصومها إذا مضت أيام التشريق (9).
وعكس الشيخ في الإقتصاد فذكر الانتظار شهرا فحسب ثم قصر الحكم على
المقيم بمكة (10) وفاقا للصدوق (11) والشيخ (12) والقاضي (13) وابني إدريس (14)
وسعيد (15).
وعممه الحلبيان لمن صد عن وطنه (16)، وابن أبي مجد للمقيم بأحد
الحرمين (17). والمصنف في التحرير لمن أقام بمكة أو الطريق (18)، وأطلق في
التذكرة لمن أقام، لكنه استدل بصحيح معاوية (19) ا لذي سمعته.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 163 ب 50 من أبواب الذبح ح 2.
(2) مسالك الأفهام: ج 1 ص 116 س 38.
(3) المهذب: ج 1 ص 201.
(4) الكافي في الفقه: ص 188، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 510 س 28.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 29.
(6) المقنعة: ص 382.
(7) الكافي: ج 4 ص 509 ح 8.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 511 ح 3098.
(9) المقنع: ص 91.
(10) الاقتصاد: ص 308.
(11) المقنع: ص 90.
(12) الاقتصاد: ص 308.
(13) المهذب: ج 1 ص 201.
(14) السرائر: ج 1 ص 593.
(15) الجامع للشرائع: ص 211.
(16) الكافي في الفقه: ص 188، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 510 س 28.
(17) إشارة السبق: ص 119.
(18) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 28.
(19) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 383 س 21.
151

والوجه قصر الشهر على المنصوص، للأمر في الآية (1) بالتأخير إلى الرجوع،
غاية الأمر تعميمه لما في حكمه، وإلا لم يصمها من لا يرجع أبدا.
(ولو مات من وجب عليه الصوم قبله) مع التمكن منه (صام الولي
عنه وجوبا) كما هو المشهور هنا، وإن اختلف في تعين (2) الصوم على الولي في
كل صوم فات مورثه لا استحبابا كما في الفقيه (3)، لظهور الوجوب من قول
الصادق عليه السلام في حسن معاوية بن عمار: من مات ولم يكن له هدي لمتعته فليصم
عنه وليه (4). وللإجماع على وجوب قضاء الولي، وكل صوم على الميت، كذا في
المختلف (5)، وفيه نظر.
وإذا فاتته (العشرة) كان عليه صوم العشرة (على رأي) وفاقا
للسرائر (6) والشرائع (7)، للخبر، والاجماع اللذين سمعتهما الآن في غيرهما: أن
عليه صوم الثلاثة خاصة، لأصل البراءة، لحسن الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن
رجل تمتع بالعمرة ولم يكن له هدي فصام ثلاثة أيام في ذي الحجة ثم مات بعدما
رجع إلى أهله قبل أن يصوم السبعة الأيام أعلى وليه أن يقضي عنه؟ قال: ما أرى
عليه قضاء (8) وهو كما في المنتهى (9) يحتمل عدم التمكن من صومها.
(وإن لم يصل بلده) ولكن وجبت عليه العشرة وتمكن منها ثم مات قبل
صومها وجب القضاء على الولي أيضا لعموم الدليل، ولعله إنما ذكره لنحو قول
الصادق عليه السلام في الفقيه: فإذا مات قبل أن يرجع إلى أهله ويصوم السبعة فليس

(1) البقرة: 196.
(2) في خ: (تعيين).
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 510 ذيل الحديث 3097.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 161 ب 48 من أبواب الذبح ح 3.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 276.
(6) السرائر: ج 1 ص 592.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 262.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 161 ب 48 من أبواب الذبح ح 2.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 746 س 32.
152

على وليه القضاء (1).
(ولو مات من وجب عليه الهدي) قبله (أخرج من صلب المال)
لأنه دين مالي، وجز من الحج الذي يخرج منه.
(ولا يجب بيع ثياب التجمل في الهدي) نص عليه المحقق (2) وابن
إدريس (3) والشيخ في النهاية (4) والتهذيب وقيدها فيه: بأن لم يكن له غيرها (5)،
وذلك لاستثنائها في الديون ونحوها من حقوق الناس، فهنا أولى.
ولمرسل علي بن أسباط عن الرضا عليه السلام سأل عن رجل يتمتع بالعمرة إلى
الحج وفي عيبته ثياب له أيبيع من ثيابه شيئا ويشتري هدية؟ قال: لا هذا يتزين به
المؤمن، يصوم ولا يأخذ من ثيابه شيئا (6).
وصحيح البزنطي سأله عليه السلام عن المتمتع يكون له فضول من الكسوة بعد الذي
يحتاج إليه فتسوى تلك الفضول مائة درهم هل يكون ممن يجب عليه؟ فقال: له
بد من كراء ونفقة؟ قال: له كراء وما يحتاج إليه بعد هذا الفضل من الكسوة، فقال:
وأي شئ كسوة بمائة درهم؟ هذا ممن قال الله: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في
الحج وسبعة إذا رجعتم) (7). واحتمل غير ذلك.
قال الشهيد: ولو باعها - يعني ثياب التجمل - واشتراه أجزاء (8). ونوقش فيه
بأنه إتيان بغير الفرض.
(ومن وجب عليه بدنة في نذر أو كفارة ولم يجد) ولم يكن على بدلها

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 510.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 260.
(3) السرائر: ج 1 ص 599.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 532.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 238 ذيل الحديث 801.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 171 ب 57 من أبواب الذبح ح 2.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 486 ح 1735.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 436 درس 111.
153

نص بخصوصها كفداء النعامة (فعليه سبع شياه) كما في السرائر (1) والشرائع (2)
والنافع (3) والنهاية (4) والمبسوط (5)، وفيهما: فإن لم يجدها صام ثمانية عشر
يوما (6)، لخبر داود الرقي عن الصادق عليه السلام في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في
فداء، فقال: إذا لم يجد بدنة فسبع شياه، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو
في منزله (7). ولاختصاصه بالفداء اقتصر عليه ابن سعيد (8).
واقتصر الصدوق في الفقيه (9) والمقنع (10) على الكفارة، وهي أعم من الفداء.
ولخبر ابن عباس: أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله بأن يبتاع سبع شياه فيذبحهن (11). ويأتي في
الأيمان وتوابعها أن من وجب عليه بدنة ولم يجد لزمه بقرة، فإن لم يجد فسبع
شياه.
(البحث الثاني:)
(في صفات الهدي وكيفية الذبح) أو النحر
(يجب أن يكون من النعم) وهي (الإبل أو البقر أو الغنم) إجماعا
ونصا (12)، ولذا كان إذا نذر أن يهدي عبده أو جاريته أو دابته لزمه بيعه وصرف
ثمنه في مصالح البيت كما يأتي في الأيمان.
ويجب أن يكون (ثنيا) إلا من الضأن، قطع به الأصحاب، وعن الصدوق (13)

(1) السرائر: ج 1 ص 599.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 262.
(3) المختصر النافع: ص 91.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 532.
(5) المبسوط: ج 1 ص 375.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 532، المبسوط: ج 1 ص 375.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 171 ب 56 من أبواب الذبح ح 1.
(8) نزهة الناظر: ص 57.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 550.
(10) المقنع: ص 78.
(11) سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1048 ح 3136.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 97 ب 8 من أبواب الذبح.
(13) المقنع: ص 88.
154

والمفيد (1) والسيد (2) في الأضحية، وأغفل جماعة ذكر المعز لقول أمير
المؤمنين عليه السلام في صحيح العيص: الثنية من الإبل، والثنية من البقر والثنية من
المعز، والجذعة من الضأن (3). وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: يجزئ من
الضأن الجذع، ولا يجزئ من المعز إلا الثني (4).
وفي صحيح حماد بن عثمان: لا يجوز الجذع من المعز (5). وفي حسن معاوية
بن عمار: يجزئ في المتعة الجذع من الضان، ولا يجزئ جذع من المعز (6).
وفي خبر أبي بصير: يصلح الجذع من الضأن، وأما الماعز فلا يصلح (7). وقول
أحدهما عليهما السلام في صحيح ابن مسلم إذ سئل عن الأضحية: والجذع من الضأن
يجزئ، والثني من المعز (8).
والمراد الثني فما فوقه كما في المبسوط (9) والاقتصاد (10) والمصباح (11)
ومختصره، والجمل والعقود (12) والسرائر (13) في الإبل. وفي المهذب: في البقر (14)،
لحسن الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن الإبل والبقر أيهما أفضل أن يضحي بها؟ قال:
ذوات الأرحام، وسأله عن أسنانها، فقال: أما البقر فلا يضرك بأي أسنانها ضحيت،
وأما الإبل فلا يصلح إلا الثني فما فوق (15). إلا أن فيه ما لا يقول به أحد من إجزائه

(1) المقنعة: ص 418.
(2) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 68 - 69.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 102 ب 11 من أبواب الذبح ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 103 ب 11 من أبواب الذبح ح 2.
(5) المصدر السابق ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 104 ب 11 من أبواب الذبح ح 6.
(7) المصدر السابق ح 8.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 103 ب 11 من أبواب الذبح ح 3.
(9) المبسوط: ج 1 ص 372.
(10) الإقتصاد: ص 307.
(11) مصباح المتهجد: ص 643.
(12) الجمل والعقود: ص 146.
(13) السرائر: ج 1 ص 597.
(14) المهذب: ج 1 ص 257.
(15) وسائل الشيعة: ج 10 ص 103 ب 11 من أبواب الذبح ح 5.
155

أي أسنان البقر كان. إلا أن يقال: ما قبل الثني منها إنما يقال له: العجل، لكنه عليه السلام
قال في خبر محمد بن حمران: أسنان البقر تبيعها ومسنها في الذبح سواء (1).
والأحوط الاقتصار على الثني، وهو ما سقطت ثنيته وهو مختلف.
(فمن الإبل ما كمل خمس سنين) ودخل في السادسة (ومن البقر
والغنم ما دخل في الثانية) قطع به الأصحاب، وروي في بعض الكتب عن
الرضا عليه السلام (2)، والمعروف في اللغة ما دخل في الثالثة (3).
وفي زكاة المبسوط: وأما المسنة - يعني من البقر - فقالوا أيضا: هي التي تم
لها سنتان، وهو الثني في اللغة، فينبغي أن يعمل عليه. وروي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه
قال: المسنة هي الثنية فصاعدا (4). وكذا في زكاة السرائر (5) والمهذب (6)
والمنتهى (7) والتحرير أنها الداخلة في الثالثة وأنها الثنية (8).
(ويجزئ الجذع من الضأن) لما سمعته من الأخبار وقول علي عليه السلام في
خبر سلمة أبي حفص: يجزئ من البدن الثني، ومن المعز الثني، ومن الضان الجذع (9).
وصحيح حماد بن عثمان: سأل الصادق عليه السلام عن أدنى ما يجزئ من أسنان الغنم
في الهدي؟ فقال: الجذع من الضأن، قال: فالمعز؟ قال: لا يجوز الجذع من المعز،
قال: ولم؟ قال: لأن الجذع من الضأن يلقح والجذع من المعز لا يلقح (10).
والظاهر الاجماع كما في الخلاف في الأضاحي (11)، وهو على ما في العين (12)

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 104 ب 11 من أبواب الذبح ح 7.
(2) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 224.
(3) تهذيب اللغة: ج 1 ص 352 مادة (جذع).
(4) المبسوط: ج 1 ص 198.
(5) السرائر: ج 1 ص 450.
(6) المهذب: ج 1 ص 163.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 487 س 35.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 61 س 10.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 104 ب 11 من أبواب الذبح ح 9.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 103 ب 11 من أبواب الذبح ح 4.
(11) الخلاف: ج 6 كتاب الضحايا المسألة 3.
(12) العين: ج 1 ص 220 مادة (جذع).
156

والمحيط والديوان (1) والغريبين قبل الثني يبين، وفي الصحاح (2) والمجمل (3)
والمغرب وفقه اللغة للثعالبي (4) وأدب الكاتب (5) والمفصل والسامي والخلاص:
أنه الداخل في السنة الثانية، والمعنى واحد، وكأنه المراد بما في المقاييس من
أنه: ما أتى له سنتان (6).
وقال الأزهري في التهذيب: واختلفوا في وقت إجذاعه، فروى أبو عبيد عن
أبي زيد في أسنان الغنم فقال في المعزى خاصة: إذا أتى عليها الحول فالذكر تيس
والأنثى عنز، ثم يكون جذعا في السنة الثانية والأنثى جذعة، ثم ثنيا في الثالثة ثم
رباعيا في الرابعة، ولم يذكر الضأن.
وأخبرني المنذري عن أبي العباس عن ابن الأعرابي أنه قال: الأجذاع وقت
وليس بسن. قال: والجذع من الغنم لسنته، ومن الخيل لسنتين، ومن الإبل لأربع
سنين. قال: والعناق يجذع لسنة، وربما أجذعت العناق قبل تمام السنة للخصب،
فتسمن فتسرع إجذاعها، فهي جذعة لسنة وثنية لتمام سنتين. وسمعت المنذري
يقول: سمعت إبراهيم الحربي يقول في الجذع من الضأن، قال: إذا كان ابن شابين
أجذع لستة أشهر إلى سبعة أشهر، وإذا كان ابن هرمين أجذع لثمانية أشهر.
قال الأزهري وذكر أبو حاتم عن الأصمعي، قال: الجذع من المعز لسنته،
ومن الضأن لثمانية أشهر أو تسعة (7).
والذي في كتب الصدوق (8) والشيخين (9) وسلار (10) وابني حمزة (11) وسعيد (12)

(1) ديوان الأدب: ج 1 ص 218 مادة (جذع).
(2) الصحاح: ج 3 ص 1194 مادة (جذع).
(3) مجمل اللغة: ج 1 ص 180 مادة (جذع).
(4) فقه اللغة: ص 373.
(5) أدب الكاتب: ص 164.
(6) معجم مقاييس اللغة: ج 1 ص 437 مادة (جذع).
(7) تهذيب اللغة: ج 1 ص 352 - 353 مادة (جذع).
(8) المقنع: ص 88. الهداية: ص 62، من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 550.
(9) المقنعة: ص 418. المبسوط: ج 1 ص 372.
(10) المراسم: ص 113.
(11) الوسيلة: ص 183.
(12) الجامع للشرائع: ص 211.
157

نحو قوله: (لسنته) ومعناه ما في الغنية (1) والمهذب (2) والإشارة (3): أنه الذي لم
يدخل في الثانية، وفي السرائر (4) والدروس (5) وزكاة التحرير (6): أنه الذي له
سبعة أشهر، وفي التذكرة (7) والمنتهى (8) والتحرير (9) هنا: أنه الذي له ستة أشهر.
ويجب أن يكون (تاما) لصحيح علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن الرجل
يشتري الأضحية عوراء فلا يعلم إلا بعد شرائها هل تجزئ عنه؟ قال: نعم إلا أن
يكون هديا واجبا، فإنه لا يجوز أن يكون ناقصا (10). ولا أعلم فيه خلافا
للأصحاب.
(فلا يجزئ العوراء) البين عورها (ولا العرجاء البين عرجها) ولا
المريضة البين مرضها، ولا الكسيرة التي لا تنقى. قال في المنتهى: وقد وقع
الاتفاق من العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع في المنع.
روى البراء بن عازب قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وآله خطيبا فقال: أربع لا يجوز
في الأضحى: العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين
عرجها، والكسيرة التي لا تنقى (11).
قال المصنف: ومعنى البين عورها التي انخسفت عينها وذهبت، فإن ذلك
ينقصها، لأن شحمة العين عضو يستطاب أكله، والعرجاء البين عرجها التي عرجها
متفاحش يمنعها السير مع الغنم ومشاركتهن في العلف والرعي فتهزل، والتي لا
تنقى التي لا مخ لها لهزالها، لأن النقي بالنون المكسورة والقاف الساكنة المخ،

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 9.
(2) المهذب: ج 1 ص 257.
(3) إشارة السبق: ص 137.
(4) السرائر: ج 1 ص 597.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 436 درس 111.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 62 س 2.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 381 س 20.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 740 س 15.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 7.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 119 ب 21 من أبواب الذبح ح 1.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 740 س 27 - 29.
158

والمريضة قيل: هي الجرباء، لأن الجرب يفسد اللحم، والأقرب اعتبار كل مرض
يؤثر في هزالها وفي فساد لحمها. ثم قال: العوراء لو لم ينخسف عينها وكان على
عينها بياض ظاهر فالوجه المنع من الاجزاء، لعموم الخبر، والانخساف ليس
معتبرا آخر (1).
ونحو ذلك في التحرير (2) والتذكرة (3)، إلا فيما جعله الوجه فيه فاحتمله فيهما،
وأولى بالمنع ما كان نقصها أكثر كالعمياء، قال في المنتهى (4) والتذكرة: أنه لا يعتبر
فيها انخساف العين إجماعا، لأنه يحل بمشاركة النعم في الرعي أكثر من العرج
والعور (5).
(ولا) يجزئ (مكسورة القرن الداخل ولا مقطوعة الأذن ولا الخصي
ولا المهزولة) لدخولها في عموم النقص، وخصوص قول النبي صلى الله عليه وآله في خبر
السكوني: لا يضحى بالعرجاء بين عرجها، ولا بالعوراء بين عورها، ولا بالعجفاء
ولا بالخرقاء ولا بالجدعاء ولا بالعضباء (6). وفي خبر آخر له مكان (العوراء)
(الجرباء) (7) وصحيح محمد بن مسلم سأل أحدهما عليهما السلام أيضحى بالخصي؟ فقال:
لا (8). وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج: سأل الكاظم عليه السلام عن الرجل يشتري
الهدي فلما ذبحه إذا هو خصي مجبوب، ولم يكن يعلم أن الخصي لا يجزئ في
الهدي هل يجزئه أم يعيده؟ قال: لا يجزئه إلا أن يكون لا قوة به عليه (9).
وظاهر التذكرة (10) والمنتهى (11) الاجماع في الخصي، وفيهما: أن الأقوى أن

(1) المصدر السابق س 29 و 34.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 9.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 381 س 28.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 740 س 36.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 381 س 29.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 119 ب 21 من أبواب الذبح ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 120 ب 21 من أبواب الذبح ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 105 ب 12 من أبواب الذبح ح 1.
(9) المصدر السابق ح 3.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 381 س 40.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 741 س 19.
159

مشلول البيضتين كالخصي (1)، وفي التحرير: أنه الوجه، وفيها: كراهية الموجوء (2).
ويعطيه نحو قول الصادق عليه السلام في حسن معاوية: اشتر فحلا سمينا للمتعة، فإن لم
تجد فموجوء، فإن لم تجد فمن فحولة المعز، فإن لم تجد فنعجة، فإن لم تجد فما
استيسر من الهدي (3).
وفي السرائر (4): أنه غير مجز - وقبله بأسطر - أنه لا بأس به (5) كما في
المبسوط (6) والنهاية (7) والوسيلة (8) ويحتمله الخبر (9)، فيجوز أن يريد عند
الضرورة. ولكنه جعله أفضل من الشاة (10) كما في النهاية (11) والمبسوط (12)، يعنيان
النعجة، كما قال الصادق عليه السلام لأبي بصير المرضوض أحب إلي من النعجة، وإن
كان خصيا فالنعجة (13). وقال أحدهما عليهما السلام لابن مسلم في الصحيح: الفحل من
الضأن خير من الموجوء، والموجوء خير من النعجة، والنعجة خير من المعز (14)، مع
ما سمعته آنفا من حسن معاوية.
وكره الحسن للتضحية بالخصي (15)، وفهم منها المصنف في المختلف الاهداء،
واستدل له بعموم قوله تعالى: (فما استيسر من الهدي) وأجاب بتخصيص الأخبار (6 1).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 382 س 3، منتهى المطلب: ج 2 ص 741 س 26 - 27.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 13.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 106 ب 12 من أبواب الذبح ح 7.
(4) السرائر: ج 1 ص 597.
(5) السرائر: ج 1 ص 596.
(6) المبسوط: ج 1 ص 372.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 527.
(8) الوسيلة: ص 183.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 109 ب 14 من أبواب الذبح ح 1.
(10) السرائر: ج 1 ص 596.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 527.
(12) المبسوط: ج 1 ص 372.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 109 ب 14 من أبواب الذبح ذيل الحديث 3.
(14) المصدر السابق ح 1.
(15) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 282.
(16) مختلف الشيعة: ج 4 ص 282.
160

قلت: وباعتبارها (1) يجوز أن يقال: لا يشمله لفظ (الهدي) شرعا، وقد يؤيد
قوله بظاهر قول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: الكبش السمين خير من الخصي
ومن الأنثى (2).
وفي النهاية (3) والمبسوط (4) والمهذب (5) والوسيلة إجزاؤه في الهدي إذا تعذر
غيره (6)، لصحيح عبد الرحمن بن الحجاج: سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يشتري
الكبش فيجده خصيا مجبوبا، فقال: إن كان صاحبه موسرا فليشتر مكانه (7)
وصحيحه المتقدم (8) وفي الغنية (9) والإصباح (10) والجامع تقييد النهي عنه وعن
كل ناقص بالاختيار (11) لعموم الآية (12).
(و) المهزولة (هي التي ليس على كليتها شحم) كما في النهاية (13)
والمبسوط (14) والمهذب (15) والسرائر (16) والنافع (17) والجامع (18) والشرائع (19) لخبر
الفضل قال: حججت بأهلي سنة، فعزت الأضاحي، فانطلقت فاشتريت شاتين
بغلا، فلما ألقيت إهابهما ندمت ندامة شديدة لما رأيت بهما من الهزال، فأتيته
فأخبرته بذلك، فقال: إن كان على كليتيهما شئ من الشحم أجزأت (20). وهو وإن

(1) في خ: (باعتبارهما).
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 105 ب 12 من أبواب الذبح ح 5.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 528.
(4) المبسوط: ج 1 ص 373.
(5) المهذب: ج 1 ص 257.
(6) الوسيلة: ص 183.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 105 ب 12 من أبواب الذبح ح 4.
(8) المصدر السابق ح 3.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 10.
(10) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية) ج 8 ص 466.
(11) الجامع للشرائع: ص 211.
(12) البقرة: 196.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 528.
(14) المبسوط: ج 1 ص 373.
(15) المهذب: ج 1 ص 258.
(16) السرائر: ج 1 ص 597.
(17) المختصر النافع: ص 90.
(18) الجامع للشرائع: ص 213.
(19) شرائع الاسلام: ج 1 ص 261.
(20) وسائل الشيعة: ج 10 ص 110 ب 16 من أبواب الذبح ح 3.
161

كان ضعيفا مضمرا لكنه موافق للاعتبار.
ثم إنه قيد القرن بالداخل فإنه يجزئ إذا كان صحيحا، وإن كان مكسور
الخارج قطع به الأصحاب للأصل، والأخذ في معنى العضباء كما في الفائق (1)
والمغرب والمعرب وفي الصحاح عن أبي زيد (2) وتهذيب اللغة (3) والغريبين عن
أبي عبيد، وعدم شمول النقص عرفا لانكسار الخارج.
ويؤيده قول الصادق عليه السلام في حسن جميل: في الأضحية يكسر قرنها إن كان
القرن الداخل صحيحا فهو يجزئ (4).
وفي الدروس عن الصفار: إجزاء ما بقي ثلث قرنه الداخل (5)، والذي عنه في
الفقيه إجزاؤه في الأضحية (6).
وفي نهج البلاغة عن أمير المؤمنين عليه السلام: فإذا سلمت الأذن والعين سلمت
الأضحية وتمت، ولو كانت عضباء القرن تجر رجلها إلى المنسك (7). وأرسل في
الفقيه عنه عليه السلام: وإن كانت عضباء القرن أو تجر رجلها إلى المنسك فلا تجزئ (8).
فإن صح الأول فمع اختصاصه بالأضحية التي أصلها الندب يحتمل عروض
ذلك بعد السوق، كما في نحو صحيح معاوية سأل الصادق عليه السلام عن رجل أهدى
هديا وهو سمين فأصابه مرض وانفقأت عينه فانكسر فبلغ المنحر وهو حي، قال:
يذبحه وقد أجزاء عنه (9).

(1) الفائق في غريب الحديث: ج 2 ص 444 مادة (عضب).
(2) الصحاح: ج 1 ص 183 مادة (عضب).
(3) تهذيب اللغة: ج 1 ص 484 مادة (عضب).
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 120 ب 22 من أبواب الذبح ح 1.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 437 درس 111.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 496 ذيل الحديث 3062.
(7) نهج البلاغة: ص 90 خطبة 53.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 521 ح 1484.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 125 ب 26 من أبواب الذبح ح 1.
162

وهو أيضا مختص بالهدي المندوب للأخبار، كصحيحه أيضا: سأله عليه السلام عن
رجل أهدى هديا فانكسرت، فقال عليه السلام: إن كانت مضمونة فعليه مكانها،
والمضمون ما كان نذرا أو جزاء أو يمينا وله أن يأكل منها، وإن لم يكن مضمونا
فليس عليه شئ (1).
وفي التحرير (2) والمنتهى (3) القطع بإجزاء الجماء التي لم يخلق لها قرن، وفي
الخلاف (4) والجامع (5) والدروس كراهيتها (6)، وذلك لاستحباب الأقرن، لنحو قول
أحدهما عليهما السلام لمحمد بن مسلم في الصحيح: في الأضحية أقرن فحل (7).
والمراد بقطع الأذن إن تبان هي أو شئ منها، فيجزئ المشقوقة والمثقوبة
الأذن كما في النهاية (8) والوسيلة (9) والجامع (10) والمنتهى (11) والتذكرة (12) والتحرير (13)
للأصل، ومرسل البزنطي عن أحدهما عليهما السلام أنه سئل عن الأضاحي إذا كانت
الأذن مشقوقة أو مثقوبة بسمة، فقال: ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس (14). وقول
أبي جعفر عليه السلام في مرسل سلمة أبي حفص: كان علي عليه السلام يكره التشريم في الأذان
والخرم، ولا يرى بأسا إن كان ثقب في موضع المواسم (15). وهما مع الارسال
والضعف في الأضحية.
ويعارضهما صحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن الضحية تكون الأذن

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 123 ب 25 من أبواب الذبح ح 2.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 13.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 741 س 27.
(4) الخلاف: ج 6 كتاب الضحايا المسألة 5.
(5) الجامع للشرائع: ص 213.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 437 درس 111.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 107 ب 13 من أبواب الذبح ح 2.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 529.
(9) الوسيلة: ص 183.
(10) الجامع للشرائع: ص 212.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 741 س 9.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 381 س 35.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 11.
(14) وسائل الشيعة: ج 10 ص 121 ب 23 من أبواب الذبح ح 1.
(15) المصدر السابق ح 3.
163

مشقوقة، فقال: إن كان شقها وسما فلا بأس، وإن كان شقا فلا يصلح (1).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر شريح بن هاني: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وآله في
الأضاحي أن نستشرف العين والأذن، ونهانا عن الخرقاء والشرقاء والمقابلة
والمدابرة (2). وقول النبي صلى الله عليه وآله في خبر السكوني المتقدم: ولا بالخرقاء (3).
قال الصدوق في معاني الأخبار: الخرقاء أن يكون في الأذن ثقب مستدير،
والشرقاء المشقوقة الأذن باثنين حتى ينفذ إلى الطرف، والمقابلة أن يقطع من
مقدم أذنها شئ ثم يترك ذلك معلقا لا يبين كأنه زنمة، ويقال بمثل ذلك من الإبل
المزنم، ويسمى ذلك المعلق الرعل، والمدابرة أن يفعل مثل ذلك بمؤخر أذن
الشاة (4) انتهى. وهو موافق لكتب اللغة.
وأما الصمعاء وهي الفاقدة الأذن أو صغيرتها خلقة، ففي المنتهى (5)
والتذكرة (6) والتحرير: إن الأقرب إجزاؤها (7)، ويحتمل العدم، لاحتمال كونه
نقصانا. وكرهها الشهيد (8)، ولعله لقول أمير المؤمنين عليه السلام المروي عنه في الفقيه (9)
ونهج البلاغة في خطبة له: من تمام الأضحية استشراف أذنها وسلامة عينها (10)، فإن
الأشراف هو الطول.
وهل يجزئ الأبتر أي المقطوع الذنب في التذكرة (11) والمنتهى (12) والتحرير:
أن الأقرب الاجزاء، واستدل له وللصماء بأن فقد هذه الأعضاء لا يوجب نقصا

(1) المصدر السابق ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 119 ب 21 من أبواب الذبح ح 2.
(3) المصدر السابق ح 3.
(4) معاني الأخبار: ص 222.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 741 س 29.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 382 س 4.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 14.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 437 درس 11.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 520 ح 1484.
(10) نهج البلاغة: ص 90.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 382 س 4.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 741 س 29.
164

في قيمة الشاة ولا في لحمها، يعني ما سوى الضأن (1). ونسبه الشهيد إلى قول (2)،
وأجاد لشمول النقص له، وقد يمنع عدم النقص في القيمة.
ثم المهزولة لا تجزئ (إلا أن يكون قد اشتراها على أنها سمينة)
وبانت بعد الذبح مهزولة فتجزئ، لقول أحدهما عليهما السلام في صحيح ابن مسلم: فإن
اشترى أضحية وهو ينوي أنها سمينة فخرجت مهزولة أجزأت عنه (3). ولكنه في
الأضحية كما ترى.
وقول الصادق عليه السلام في صحيح منصور: وإن اشترى الرجل هديا وهو يرى
أنه سمين، أجزاء عنه وإن لم يجده سمينا (4). وقول أمير المؤمنين عليه السلام في مرسل
الصدوق: إذا اشترى الرجل البدنة عجفاء فلا يجزئ عنه، فإن اشتراها سمينة
فوجدها عجفاء أجزأت عنه، وفي هدي التمتع مثل ذلك (5) وللامتثال والأصل،
وانتفاء العسر والحرج، ولا أعرف فيه خلافا.
نعم، في العكس وهو أن يشتريها على الهزال فظهرت سمينة بعد الذبح
خلاف، فالأكثر على الاجزاء، لكن لم ينصوا على كون الظهور بعد الذبح، كما لم
ينصوا عليه في تلك المسألة أيضا، ولعله المراد فيها، فيكون مرادا هنا، لنظمهم
لهما (6) في سلك واحد. ودليل الاجزاء هنا انكشاف تحقق الشرط، وقول
أحدهما عليهما السلام في صحيح ابن مسلم المتقدم بعد ما مر: وإن نواها مهزولة فخرجت
سمينة أجزأت عنه (7).

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 105 س 14.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 437 درس 111.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 110 ب 16 من أبواب الذبح ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 498 ح 3066.
(6) في خ: (لها).
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 110 ب 16 من أبواب الذبح ح 1.
165

ولم يجزئ بها الحسن، لعدم الامتثال عند الذبح، وعدم التقرب عنده، لعلمه
بعدم الاجزاء، فلا يمكنه التقرب به، وإنما يتم في العالم بالحكم القاطع بالهزال،
فلعله يذبحه متقربا لعله يخرج سمينا، وهو معنى قوله في المختلف. والجواب:
المنع من الصغرى، فإن عدم الاجزاء ليس معللا بشراء المهزول مطلقا، بل مع
خروجه كذلك، أما مع خروجه سمينا فلا (1).
(ولو اشتراها على أنها تامة فبانت ناقصة لم تجزئ) لعدم الامتثال،
كان الظهور بعد الذبح أو قبله، لأن التمام والنقص محسوسان، فهو مفرط على كل
حال، ولما مر من صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام (2)، وعليه الأكثر، ومنهم
الشيخ (3) فيما عدا التهذيب، ففيه: أنه إذا كان نقد الثمن ثم ظهر النقصان أجزاء (4)،
لقول الصادق عليه السلام في صحيح عمران الحلبي من اشترى هديا ولم يعلم أن به عيبا
حتى ينقد ثمنه ثم علم به فقد تم (5).
وحمل حسن معاوية بن عمار عنه عليه السلام (في رجل اشترى هديا وكان به
عور أو غيره فقال: إن كان نقد ثمنه فقد أجزأه، وإن لم يكن نقد ثمنه رده واشترى
غيره). على أن يكون نقد الثمن بعد ظهور العيب (6).
واحتمل في الإستبصار أن يكون هذا في الهدي الواجب وذاك في المندوب
والأجزاء إذا لم يقدر على استرجاع الثمن (7).
وفي الدروس: إجزاء الخصي إذا تعذر غيره، أو ظهر خصيا بعد ما لم يكن

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 283.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 119 ب 21 من أبواب الذبح ح 1.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 529.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 214 ذيل الحديث 719.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 214 ح 720.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 214 ح 721 وذيله.
(7) الإستبصار: ج 2 ص 269 ذيل الحديث 2.
166

يعلم (1). أما التعذر فمضى، وأما الآخر فلا أعرف به قولا ولا سندا.
(ويستحب أن تكون سمينة) للاجماع والأخبار (2) والاعتبار، ويكون
بحيث (تنظر في سواد وتمشي فيه وتبرك فيه) كما في الإقتصاد (3)
والسرائر (4) والمصباح (5) ومختصره والشرائع (6) والنافع (7) والجامع (8) ولكن فيه
وصف فحل من الغنم بذلك - كما في الأربعة الأولى - ووصف الكبش به، وفي
الإقتصاد اشتراطه به (9).
وفي المبسوط: ينبغي إن كان من الغنم أن يكون فحلا أقرن ينظر في سواد
ويمشي في سواد (10). ونحوه النهاية لكن في الأضحية (11). ويوافقه صحيح ابن سنان
عن الصادق عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يضحي بكبش أقرن فحل ينظر في
سواد ويمشي في سواد (12). وزاد ابن حمزة: ويرتع في سواد (13).
ويجوز فهمه من صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
كان يضحي بكبش أقرن عظيم فحل يأكل في سواد وينظر في سواد (14). وصحيحه
سأل أبا جعفر عليه السلام عن كبش إبراهيم عليه السلام ما كان لونه وأين نزل؟ قال أملح، وكان
أقرن، ونزل من السماء على الجبل الأيمن من مسجد منى، وكان يمشي في سواد
ويأكل في سواد وينظر ويبعر ويبول في سواد (15).

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 437 درس 111.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 107 ب 13 من أبواب الذبح.
(3) الإقتصاد: ص 307.
(4) السرائر: ج 1 ص 596.
(5) مصباح المتهجد: ص 643.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 261.
(7) المختصر النافع: ص 90.
(8) الجامع للشرائع: ص 212 - 213.
(9) الإقتصاد: ص 307.
(10) المبسوط: ج 1 ص 373.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 527.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 107 ب 13 من أبواب الذبح ح 1.
(13) الوسيلة: ص 185.
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 107 ب 13 من أبواب الذبح ح 2.
(15) وسائل الشيعة: ج 10 ص 108 ب 13 من أبواب الذبح ح 6.
167

وأما البروك في السواد ففي كشف الرموز (1) وغيره: أنه لم نظفر عليه بنص.
وروى في المبسوط (2) والتذكرة (3) والمنتهى أنه صلى الله عليه وآله أمر بكبش أقرن يطأ
في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد، فأتي به فضحى به (4).
قلت: ولعله السر في أن ابن حمزة إنما ذكر البروك فيه في الأضحية (5).
واختلف في معنى ما في الأخبار، فقيل: معناه أن يكون رتع في مرتع كثير
النبات شديد الاخضرار به (6)، وهذا قد يتضمن البروك فيه.
وقيل: معناه السمن حتى تكون له ظل عظيم تأكل وتمشي وتنظر فيه (7)،
وهو يستلزم البروك فيه.
وقيل: معناه سواد هذه المواضع منها (8)، وقد يتأيد بقول الصادق عليه السلام في
مرسل الحلبي: ضح بكبش أسود أقرن فحل، فإن لم تجد أسود فأقرن فحل يأكل في
سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد (9). والمشي في السواد بهذا المعنى يستلزم
البروك في السواد، فإنه على الأرجل والصدر والبطن. وقد يراد به سواد الأرجل
فقط. وعن ابن الراوندي: إن المعاني الثلاثة مروية عن أهل البيت عليهم السلام (10).
ويستحب أن يكون (قد عرف بها) أي أحضر عشية عرفة بعرفات كما في
التهذيب (11) والتذكرة (12) والمنتهى (13). وأطلق الاحضار في غيرها، لقول

(1) كشف الرموز: ج 1 ص 368.
(2) المبسوط: ج 1 ص 387.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 386 س 35.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 755 س 11.
(5) الوسيلة: ص 185.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 439 درس 111.
(7) جامع المقاصد: ج 3 ص 242.
(8) جامع المقاصد: ج 3 ص 242.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 108 ب 13 من أبواب الذبح ح 5.
(10) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 439 درس 111.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 206 ذيل الحديث 690.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 382 س 19.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 742 س 30.
168

الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: لا يضحي إلا بما قد عرف به (1). وللإجماع كما
في التذكرة (2) والمنتهى (3).
ولا يجب كما في النهاية (4) والمبسوط (5) والتهذيب (6) والاستبصار (7)
والغنية (8) والإصباح (9) والمهذب (10) وفاقا للسرائر (11) والجامع (12) والنافع (13)
والشرائع (14) للأصل، وخبر سعيد بن يسار سأل الصادق عليه السلام عمن اشترى شاة لم
يعرف بها، قال: لا بأس بها، عرف بها أم لم يعرف (15). وهو وإن ضعف سندا فخبر
أبي بصير أيضا يضعف سندا عن إثبات الوجوب.
وحمله الشيخ على أنه نفسه لم يعرف بها وأخبر بتعريفها (16)، كما في خبر
آخر لسعيد بن يسار: إنه سأله عليه السلام إنا نشتري الغنم بمنى ولسنا ندري عرف بها أم
لا، فقال: إنهم لا يكذبون، لا عليك ضح بها (17). واستظهر في المنتهى إرادة الشيخ
تأكد الاستحباب (18).
ويستحب أن يكون (إناثا) إن كانت (من الإبل والبقر وذكرانا) إن

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 112 ب 17 من أبواب الذبح ح 2.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 382 س 19.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 742 س 30.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 528.
(5) المبسوط: ج 1 ص 373.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 207 ذيل الحديث 693.
(7) الإستبصار: ج 2 ص 265 ذيل الحديث 938.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية) ص 520 س 12.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 467.
(10) المهذب: ج 1 ص 257.
(11) السرائر: ج 1 ص 598.
(12) الجامع للشرائع: ص 213.
(13) المختصر النافع: ص 90.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 261.
(15) وسائل الشيعة: ج 10 ص 112 ب 17 من أبواب الذبح ح 4.
(16) الإستبصار: ج 2 ص 265 ذيل الحديث 938.
(17) وسائل الشيعة: ج 10 ص 112 ب 17 من أبواب الذبح ح 3.
(18) منتهى المطلب: ج 2 ص 742 س 33.
169

كانت (من الضأن والمعز) للأخبار (1).
وفي المنتهى: لا نعلم خلافا في جواز العكس في البابين إلا ما روي عن ابن
عمر أنه قال: ما رأيت أحدا فاعلا ذلك، أنحر أنثى أحب إلي، وهذا يدل على
موافقتنا، لأنه لم يصرح بالمنع من الذكران (2). ونحوه التذكرة (3).
وفي النهاية: لا يجوز التضحية بثور ولا جمل بمنى، ولا بأس بهما في البلاد (4)
مع قوله قبيله: وأفضل الهدي الأضاحي من البدن والبقر ذوات الأرحام، ومن
الغنم الفحولة (5). فهو قرينة على إرادة التأكد.
وفي الإقتصاد: إن من شرط الهدي إن كان من البدن أو البقر أن يكون أنثى،
وإن كان من الغنم أن يكون فحلا من الضأن، فإن لم يجد من الضأن جاز التيس من
المعزى (6).
وفي المهذب: إن كان من الإبل فيجب أن يكون ثنيا من الإناث، وإن كان من
البقر فيكون ثنيا من الإناث (7). ولعلهما آكد الاستحباب.
(و) يستحب (قسمته أثلاثا بين الأكل والهدي والصدقة) على وفق
ظاهر الأكثر وصريح كثير. أما عدم الوجوب فللأصل، وأما الفضل فللنصوص
من الكتاب (8) والسنة (9)، وأما التثليث فعليه الأكثر.
وقد يؤيده خبر العقرقوفي، قال للصادق عليه السلام: سقت في العمرة بدنة فأين
أنحرها؟ قال: بمكة. قال: أي شئ أعطي منها؟ قال: كل ثلثا واهد ثلثا وتصدق
بثلث (10). وسأله عليه السلام أبو الصباح عن لحوم الأضاحي، فقال: كان علي بن الحسين

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 99 ب 9 من أبواب الذبح.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 742 س 14.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 382 س 15.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 527.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 527.
(6) الإقتصاد: ص 307.
(7) المهذب: ج 1 ص 257.
(8) الحج: 36.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 142 ب 40 من أبواب الذبح.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 92 ب 4 من أبواب الذبح ح 3.
170

وأبو جعفر عليهما السلام يتصدقان بثلث على جيرانهم، وثلث على السؤال، وثلث
يمسكانه لأهل البيت (1).
ويجوز أن يكون التصدق على الجيران هو الاهداء الذي في الخبر الأول،
فالأولى اعتبار استحقاق من يهدي إليه.
وقال أبو جعفر عليه السلام - في صحيح سيف التمار عن الصادق عليه السلام لسعيد بن عبد
الملك لما قدم حاجا وساق هديا -: أطعم أهلك ثلثا، وأطعم القانع والمعتر ثلثا،
وأطعم المساكين ثلثا، قال سيف للصادق عليه السلام: المساكين هم السؤال؟ فقال: نعم،
وقال: القانع الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها، والمعتر ينبغي له أكثر
من ذلك هو أغنى من القانع يعتريك فلا يسألك (2). فإن كان إطعام القانع والمعتر هو
الاهداء وافق الأول، وأشعر أيضا باستحقاق من يهدى إليه، ودل مجموع
الآيتين (3) على التثليث المشهور. ولكن في التبيان: عندنا يطعم ثلثه، ويعطي ثلثه
القانع والمعتر، ويهدي الثالث (4). ونحوه المجمع عنهم: (5).
وفي السرائر: إنه يأكل ولو قليلا، ويتصدق على القانع والمعتر ولو قليلا (6).
ولم يذكر الاهداء، بل خصه بالأضحية اقتصارا على منطوق الآيتين، لاغفالهما
الاهداء حينئذ، واتحاد مضمونهما إلا في المتصدق عليه.
وأنت تعلم أن التأسيس أولى من التأكيد، خصوصا وقد تأيد هنا بالخبر
الصحيح، واكتفاؤه بالمسمى للأصل، وإطلاق الآيتين والاحتياط، نظرا إلى
الأخبار أن لا يقصر شئ من الهدية والصدقة عن الثلث.
وأما في الأكل فيكفي المسمى، لأن إيجاب الثلث قد يؤدي إلى الحرج أو

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 144 ب 40 من أبواب الذبح ح 13.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 142 ب 40 من أبواب الذبح ح 3.
(3) الحج: 28، 36.
(4) التبيان: ج 7 ص 319.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 92 ب 40 من أبواب الذبح.
(6) السرائر: ج 1 ص 598.
171

المحال، وللأخبار بأن النبي صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام أهديا معا مائة بدنة،
فأمر صلى الله عليه وآله بأخذ قطعة من كل وطبخ الجميع في برمة ثم أكلا وحسيا من المرق (1).
وما في الأخبار من (أكل الثلث) بمعنى أن الثلث له أن يأكل منه ما يشاء
ويفعل بالباقي ما يشاء، ولولا الخبر أمكن فهم التثليث من الآية الثانية يفهم
الاهداء من إطعام القانع، والصدقة من إطعام المعتر، وبالعكس يكون القانع من قنع
إليك وسألك، كما حكي عن الحسن وابن جبير (2).
وفي الكافي: يأكل منه ويطعم الباقي (3)، وهو يحتمل التثليث وغيره.
(والأقوى) ما في السرائر (4) من (وجوب الأكل) والاطعام، لظاهر
الأمر وإن كان الأكل من العادات، وكان الأمر به بعد حظره من الله أو من الناس
على أنفسهم، واكتفى بالأكل لأن وجوبه يفيد وجوب الباقين، كما يفصح عنه
التذكرة (5) والمنتهى (6) والتحرير (7).
وفيها: إنه إن أخل بالأكل لم يضمن وإن وجب، ويضمن ثلث الصدقة إن أخل
بها، وإن أخل بالاهداء للأكل ضمن قطعا، وإن أخل به للتصدق، قطع في التذكرة
بالعدم (8)، وقربه في المنتهى (9)، وجعله الوجه في التحرير (10)، ولعله لتحقق
الاطعام الذي ليس في الآيتين غيره مع الأكل، ولكون التصدق إهداء. وقد احتمل
الضمان للأمر به، وقد أخل به لمباينة التصدق نيته، ولذا حرمت الصدقة عليه صلى الله عليه وآله
دون الهدية.
(وتكره التضحية بالجاموس) أي الذكر منه (والثور) كما في النافع (11)

(1) وسائل الشيعة: ج 8 ص 157 - 158 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 14.
(2) نقله عنهم في التبيان: ج 7 ص 319.
(3) الكافي في الفقه: ص 200.
(4) السرائر: ج 1 ص 598.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 385 س 33.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 752 س 17.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 106 س 35.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 385 س 34.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 752 س 18.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 106 س 35.
(11) المختصر النافع: ص 90.
172

والشرائع (1) لما في مضمر أبي بصير من قوله: ولا تضحي بثور ولا جمل (2)، أي في
منى، لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: يجوز ذكورة الإبل والبقر في
البلدان (3).
والتضحية إما ما يعم الهدي أو قسيمه، وإجزاء الجاموس لكونه من البقر،
ولأن علي بن الريان بن الصلت كتب إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام يسأله عن
الجاموس عن كم يجزئ في الضحية؟ فجاء في الجواب: إن كان ذكرا فعن واحد،
وإن كان أنثى فعن سبعة (4).
(و) يكره (الموجوء) كما في النافع (5) والشرائع (6)، لقول الصادق عليه السلام
في حسن معاوية: اشتر فحلا سمينا للمتعة، فإن لم تجد فموجوء، فإن لم تجد فمن
فحولة المعز، فإن لم تجد فنعجة، فإن لم تجد فما استيسر من الهدي (7).
ويجزئ كما في النهاية (8) والمبسوط (9) والوسيلة (10) والسرائر (11) للأصل
والعمومات، وقوله عليه السلام في خبر أبي بصير: المرضوض أحب إلي من النعجة (12).
وقول أحدهما عليهما السلام في صحيح ابن مسلم: والموجوء خير من النعجة (13). وفي
السرائر - بعد ما سمعت بأسطر -: أنه لا يجزئ فقد يريد أنه لا يجزئ إن تيسر
الفحل كما هو نص الخبر.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 261.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 100 ب 9 من أبواب الذبح ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 99 ب 9 من أبواب الذبح ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 110 ب 15 من أبواب الذبح ح 1.
(5) المختصر النافع: ص 90.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 261.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 106 ب 12 من أبواب الذبح ح 7.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 527.
(9) المبسوط: ج 1 ص 327.
(10) الوسيلة: ص 183.
(11) السرائر: ج 1 ص 596.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 109 ب 14 من أبواب الذبح ح 3.
(3 1) المصدر السابق ح 1.
173

(ويجب في الذبح) أو النحر (النية) لكونه عبادة، فيعين الجنس من
ذبح أو نحر، والوجه وكونه هديا، وإن عين الحج المأتي به - كما في الفخرية (1) -
كان أولى.
(ويجوز أن يتولاها عنه الذابح) لأنه إذا ناب عنه في الفعل ففي شرطه
أولى، وللاتفاق على توليته لها مع غيبة المنوب عنه، ولأنه الفاعل فعليه نيته، فلا
يجزئ حينئذ نية المنوب عنه وحدها، لأن النية إنما تعتبر من المباشرة، بل لا معنى
لها إن نوى الذبح أو النحر، فالجواز بمعناه الأعم والتعبير به، لأن النيابة جائزة. نعم
إن جعل يده مع يده نويا كما في الدروس (2)، لأنهما مباشران.
(ويستحب نحر الإبل قائمة) لقوله تعالى: (فاذكروا اسم الله عليها
صواف) (3) وللأخبار.
وفي التذكرة (4) والمنتهى: لا نعلم في عدم وجوبه خلافا، فإن خاف أن تنفر
أناخها (5). وروى الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي
بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن البدنة كيف ينحرها قائمة أو باركة؟ قال: يعلقهما،
ويستحب نحرها و (قد ربطت بين الخف والركبة) لقول الصادق عليه السلام في
صحيح ابن سنان: يربط يديها ما بين الخف إلى الركبة (6). وقال عليه السلام في خبر
حمران: وأما البعير فشد أخفافه إلى إباطه وأطلق رجليه (7). وهو الذي يأتي في
الصيد والذبائح، فيجوز التخير وافتراق الهدي وغيره.
ثم الخبران نصان في جمع اليدين بالربط من الخف إلى الركبة أو الإبط.

(1) الرسالة الفخرية (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 351.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 439 درس 111.
(3) الحج: 36.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 380 س 24.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 738 س 27.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 134 ب 35 أبواب الذبح ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 16 ص 255 ب 3 من أبواب الصيد والذبائح ح 2.
174

وعن أبي خديجة أنه رأى الصادق عليه السلام وهو ينحر بدنته معقولة يدها
اليسرى (1). وروت العامة (2) نحوه، واختاره الحلبيان (3). فالظاهر جواز الأمرين.
(و) يستحب (طعنها) في لبتها (من الجانب الأيمن) لها، لخبر أبي
خديجة أنه رأى الصادق عليه السلام إذ نحر بدنته قام من جانب يدها اليمنى (4). وخبر
الكناني عنه عليه السلام ينحر وهي قائمة من قبل اليمين (5).
(و) يستحب (الدعاء عند الذبح) أو النحر بالمأثور، قال الصادق عليه السلام
في صحيح معاوية وحسن صفوان وابن أبي عمير: إذا اشتريت هديك فاستقبل به
القبلة وانحره أو اذبحه وقل: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا
مسلما وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب
العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك، بسم الله
وبالله، اللهم تقبل مني، ثم أمر السكين (6)، وعن أبي خديجة أنه سمعه يقول: بسم
الله وبالله والله أكبر هذا منك ولك، اللهم تقبله مني، ثم يطعن في لبتها (7).
(و) يستحب (المباشرة) للذبح أو النحر لاستحباب مباشرة العبادات
والتأسي بهم صلوات الله عليهم، وقول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: فإن كانت
امرأة فلتذبح لنفسها (8).
(فإن لم يحسن) الذبح أو النحر (فجعل اليد مع يد الذابح) مستحب،

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 135 ب 35 من أبواب الذبح ح 3.
(2) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 453.
(3) الكافي في الفقه: ص 215 - 216، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 14.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 135 ب 35 من أبواب الذبح ح 3.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 137 ب 37 من أبواب الذبح ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 135 ب 35 من أبواب الذبح ح 3 وليس فيه: (وبالله).
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 136 ب 36 من أبواب الذبح ح 1.
175

لقول الصادق عليه السلام في حسن معاوية: كان علي بن الحسين يضع السكين في يد
الصبي ثم يقبض على يديه الرجل فيذبح (1). وإن لم يفعل ذلك كفاه الحضور عند
الذبح كما في الوسيلة (2) والجامع (3). ولما في المحاسن من قول النبي صلى الله عليه وآله في خبر
بشر بن زيد لفاطمة عليها السلام: اشهدي ذبح ذبيحتك، فإن أول قطرة منها يغفر الله بها كل
ذنب عليك وكل خطيئة عليك، قال: وهذا للمسلمين عامة (4).
(ولو ضل الهدي فذبحه غير صاحبه لم يجزئ عنه) أي الذابح نواه
عن نفسه أولا، إلا أن يجده في الحل فيتملكه بشرائطه، وحينئذ فهو صاحبه، وإن
نواه عن صاحبه فالمشهور الاجزاء عنه إن ذبحه بمنى لا بغيرها للأخبار كقول
الصادق عليه السلام في خبر منصور بن حازم: إن كان نحره بمنى فقد أجزاء عن صاحبه
الذي ضل عنه، وإن كان نحره في غير منى لم يجزئ عن صاحبه (5). وفي مرسل
أحمد بن محمد بن عيسى: إن كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه (6).
وليعرفها قبل ذلك ثلاثة أيام يوم النحر واليومين بعده، لقول أحدهما عليهما السلام في
صحيح ابن مسلم: إذا وجد الرجل هديا ضالا فليعرفه يوم النحر والثاني والثالث،
ثم ليذبحها عن صاحبها عشية الثالث (7). والظاهر الوجوب، للأمر بلا معارض
وللتحرز عن النيابة بلا ضرورة ولا استنابة، خصوصا عن غير معين، وعن إطلاق
الذبح عما في الذمة إطلاقا محتملا للوجوب والندب، وللهدي وغيره، والتمتع
وغيره، وحج الاسلام وغيره، ولذا لم يجتزئ به المحقق في النافع (8).
(وباقي الدماء الواجبة) من هدي القران والمنذور والكفارات و (يأتي
في أماكنها).

(1) المصدر السابق ح 2.
(2) الوسيلة: ص 184.
(3) الجامع للشرائع: ص 214.
(4) المحاسن: ج 1 ص 67 ح 127.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 127 ب 28 من أبواب الذبح ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 129 ب 30 من أبواب الذبح ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 127 ب 28 من أبواب الذبح ح 1.
(8) المختصر النافع: ص 89.
176

(البحث الثالث:)
(في هدي القران والأضحية)
(وهما مستحبان) وإن وجب الأول بعد السوق، وعن أبي علي وجوب
الثاني (1)، لنحو قول أبي جعفر عليه السلام في خبر ابن مسلم: الأضحية واجبة على من
وجده من صغير أو كبير، وهي سنة (2). وقول الصادق عليه السلام في خبر العلاء بن
الفضيل: هو واجب على كل مسلم إلا من لم يجد (3). ولضعفهما يقصران عن إثبات
الوجوب والأصل العدم.
وفي الخلاف الاجماع عليه (4)، مع احتمالهما الثبوت والتأكد (5). وأما قوله
تعالى (فصل لربك وانحر) (6) فإن كان بهذا المعنى، فإنما يوجبه عليه صلى الله عليه وآله وقد عد
وجوبه من خواصه.
(ولا يخرج هدي القران عن ملك سائقه) ولا بعد السوق، للأصل من
غير معارض، ولذا جاز ركوبه وشرب لبنه، وإذا ذبحه أكل ثلثه كما يأتي جميع ذلك.
(و) لا يتعين للذبح بل (له إبداله والتصرف فيه) بالركوب والحمل
والبيع والاتلاف وغير ذلك. (وإن أشعره أو قلده) عاقدا بذلك إحرامه وفاقا
للشرائع (7) للأصل.
(لكن متى ساقه ف‍) لا يجوز له إبداله ولا التصرف فيه ببيع أو اتلاف، بل
(لا بد من نحره) أو ذبحه بمنى أو مكة، لتظافر الأخبار (8) بأن السياق يمنع من

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 291.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 173 ب 60 من أبواب الذبح ح 3.
(3) المصدر السابق ح 5.
(4) الخلاف: ج 6 كتاب الضحايا المسألة 1.
(5) في خ: (التأكيد).
(6) الكوثر: 2.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 263.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 92 ب 4 من أبواب الذبح.
177

العدول إلى التمتع، ومع ذلك فهو باق على ملكه.
والمشهور أنه بالاشعار أو التقليد يتعين ذبحه أو نحره، لقوله تعالى: (لا
تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد) (1). ولصحيح الحلبي:
سأل الصادق عليه السلام عمن يشتري البدنة فتضل فلا يجدها حتى يأتي منى،
فقال عليه السلام: إن لم يكن قد أشعرها فهي من ماله إن شاء نحرها وإن شاء باعها، وإن
كان أشعرها نحرها (2). ولخبر أبي بصير سأله عليه السلام عمن اشترى كبشا فضل، فقال:
يشتري مكانه آخر. قلت: فإن كان اشترى مكانه آخر ثم وجد الأول، فقال: إن
كانا جميعا قائمين فليذبح الأول، وليبع الأخير، وإن شاء ذبحه، وإن كان قد ذبح
الأخير ذبح الأول معه (3). ولقوة هذه الأدلة، وعمل الأصحاب عليها ومنهم
المصنف في غير الكتاب (4).
وقيل: إن المراد بالاشعار والتقليد ما لم يقرن به الاحرام، وبالسياق هما
مقرونا بهما الاحرام (5).
قلت: وهو الوجه عندي، لأنه في التحرير مع حكمه بما في الكتاب قال:
تعيين الهدي يحصل بقوله: هذا هدي أو باشعاره أو تقليده مع نية الهدي، ولا
يحصل بالشراء مع النية، ولا بالنية المجردة (6). وقال: لو ضل فاشترى مكانه غيره
ثم وجد الأول فصاحبه بالخيار إن شاء ذبح الأول، وإن شاء ذبح الأخير، فإن ذبح
الأول جاز له بيع الأخير، وإن ذبح الأخير لزمه ذبح الأول إن كان قد أشعره، وإلا
جاز له بيعه (7). ونحوه المنتهى (8) والتذكرة (9).

(1) المائدة: 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 131 ب 32 من أبواب الذبح ح 1.
(3) المصدر السابق ح 2.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 106 س 26.
(5) جامع المقاصد: ج 3 ص 246، نقلا بالمعنى.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 106 س 22.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 106 س 25.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 750 س 30.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 385 س 5.
178

وقيل: المراد بالاشعار والتقليد والسياق واحد، وهو الاشعار والتقليد
المقرون به الاحرام.
وقوله: (وإن أشعره) متصل بعدم الخروج من الملك دون جواز الابدال
والتصرف، أي لا يخرج عن ملكه وإن ساقه - أي عقد الاحرام - باشعاره أو
تقليده، لكن متى فعل ذلك تعين للنحر أو الذبح، ولم يجز له الابدال والتصرف فيه
بالاتلاف وإن كان باقيا على ملكه، ووقع قوله: (وله ابداله والتصرف فيه) في
البين، ومعناه أن له ذلك قبل تحقق السوق بهذا المعنى وإن اشتراه وأعده له.
وعن بعض الأصحاب التزام أنه لا يتعين للذبح أو النحر بالسياق، وهو
الاشعار والتقليد العاقد للاحرام، ولكن يجب إما ذبحه أو ذبح بدل منه، وهذا
المعنى قول المصنف وسائر الأصحاب: أنه يتعين به ذبحه أو نحره.
(ولا يتعين هدي السياق) في حج أو عمرة (للصدقة) بل سيأتي
تثليثه (1) بالأكل والصدقة والهدية (إلا بالنذر) أو شبهه، وعلى ما قيل: يجوز أن
يريد أنه لا يتعين هديا. ويؤيده أنه حكم في المختلف أنه إن ضل فاشترى بدله
فذبحه ثم وجد ما ساقه لم يجب ذبحه وإن أشعره أو قلده، لأنه امتثل فخرج عن
العهدة، وحكى وجوب ذبحه عن الشيخ (2).
ويحتمل بعيدا أن يريد أن الهدي الذي يريد سوقه لا يتعين هديا قبل السوق
والاشعار، إلا إذا نذره بعينه.
(ولو هلك) قبل الذبح أو النحر (لم يجب بدله) كما يجب في هدي
التمتع، للأصل بلا معارض، لما عرفت من عدم وجوب الهدي على القارن أصالة،
وكأنه بهذا المعنى نحو صحيح ابن مسلم: سأل أحدهما عليهما السلام عن الهدي الذي يقلد
أو يشعر ثم يعطب، فقال: إن كان تطوعا فليس عليه غيره، وإن كان جزاء أو نذرا
فعليه بدله (3). وهو كثير ستسمع بعضه. وأوجب الحلبي البدل إن تمكن (4)، لظاهر ما

(1) في خ: (بتثليثه).
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 292.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 123 ب 25 من أبواب الذبح ح 1.
(4) الكافي في الفقه: ص 200.
179

سيأتي من خبري ابن مسلم والحلبي.
(و) الهدي (المضمون) أي الواجب أصالة لا بالسياق وجوبا مطلقا لا
مخصوصا بفرد (كالكفارات) والمنذور نذرا مطلقا (يجب البدل فيه) فإن
وجوبه غير مختص بفرد، ولا تبرأ الذمة بشراء فرد وتعيين ما في الذمة فيه ما لم
يذبحه وتصرفه فيما يجب صرفه فيه، فإذا تلف لم تبرأ الذمة إلا بإقامة بدنة مقامه.
وبه صحيح معاوية: سأل الصادق عليه السلام عن رجل أهدى هديا فانكسرت، فقال: إن
كانت مضمونة فعليه مكانها، والمضمون ما كان نذرا أو جزاء أو يمينا (1).
(ولو عجز هدي السياق) وهو ما وجب اهداؤه بالسياق، انضم إليه نذر
معين أو لا، وكذا ما وجب عينه أصالة بنذر ونحوه فساقه عن الوصول إلى محله
(ذبح أو نحر مكانه) وصرف في مصرفه.
(و) إن تعذر (علم بما يدل على أنه صدقة) من كتابة أو غيرها
للأخبار، كقول الصادق عليه السلام في مرسل حريز: كل من ساق هديا تطوعا فعطب
هديه فلا شئ عليه ينحره ويأخذ نعل التقليد فيغمسها في الدم فيضرب به صفحة
سنامه، ولا بدل عليه، وما كان من جزاء صيد أو نذر فعطب، فعل مثل ذلك، وعليه
البدل (2).
وفي صحيح الحلبي الذي رواه الصدوق في العلل: أي رجل ساق بدنة
فانكسرت قبل أن تبلغ محلها، أو عرض لها موت أو هلاك، فلينحرها إن قدر على
ذلك، ثم ليلطخ نعلها التي قلدت بها بدم حتى يعلم من مر بها أنها قد ذكيت فيأكل
من لحمها إن أراد (3). ولحفص بن البختري: ينحره ويكتب كتابا أنه هدي يضعه
عليه، ليعلم من مر به أنه صدقة (4).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 123 ب 25 من أبواب الذبح ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 124 ب 25 من أبواب الذبح ح 6.
(3) علل الشرائع: ص 435 ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 130 ب 31 من أبواب الذبح ح 1.
180

ولا يجب عليه الإقامة عنده حتى يوجد المستحق فيدفعه إليه مع النية وإن
أمكنت، ولا إشكال في جواز التعويل على هذه العلامة في الحكم بالزكاة
والإباحة، كل ذلك للنصوص، وعمل الأصحاب من غير خلاف يظهر.
(ويجوز بيعه) أي ما لا يجب اهداؤه إلا بالسياق (لو انكسر) كما في
النهاية (1) والمبسوط (2) وغير هما، لخروجه بذلك عن صفة الهدي مع بقائه على
الملك، لحسن حماد عن الحلبي سأله عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب
أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه على هدي آخر؟ قال: يبيعه ويتصدق بثمنه ويهدي
هديا آخر (3).
وإذا باعه (فيستحب الصدقة بثمنه أو شراء بدله) به لهذا الخبر، وقول
ابن عباس: إذا أهديت هديا واجبا فعطب فانحره مكانه إن شئت، واهده إن شئت،
وبعه إن شئت، وتقومه في هدي آخر (4).
ولاستحبابها مطلقا، وخبر الحلبي يفيد استحبابهما جميعا، فلو أتى بالواو
وافق ظاهره، ولعله أراد التنبيه على جواز حمله على التخيير أو الجمع تأدى
الفضل بأحدهما وإن كان الجمع أفضل، ولا يجب شئ منهما وإن كان ظاهر الخبر،
للأصل من غير معارض، فإن السياق إنما يوجب ذبح المسوق أو نحره، والخبر
يحتمل الندب والواجب مطلقا لا بالسياق، بل في نذر أو كفارة، بل هو الظاهر.
ووجوب بدله ظاهر، وعليه حمل في التذكرة والمنتهى، وفيهما: أن الأولى به
ذبحه وذبح ما في ذمته معا، وإن باعه تصدق بثمنه، لصحيح ابن مسلم سأل
أحدهما عليهما السلام عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين
بثمنه في هدي؟ قال: لا يبيعه، فإن باعه فليتصدق بثمنه وليهد هديا آخر، ولتعين

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 529.
(2) المبسوط: ج 1 ص 373.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 126 ب 27 من أبواب الذبح ح 1.
(4) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 558، الشرح الكبير: ج 3 ص 575.
181

حق الفقراء فيه بتعيينه. ولذا أوجب أحمد في رواية ذبحه (1). قال: والأولى حمل ما
تلوناه من الرواية على الاستحباب (2).
قلت: لأصل البراءة من هديين والحرج والعسر.
(ولو سرق) هدي السياق (من غير تفريط لم يضمن) بدله، لما
عرفت (وإن كان معينا بالنذر) أو شبهه. نعم يضمن إن نذر مطلقا ثم عين فيه
المنذور كما سمعت. وكذا الكفارات وهدي المتعة كما في ظاهر السرائر (3)،
لوجوب الجميع في الذمة. خلافا للتهذيب (4) والنهاية (5) والمبسوط (6) والوسيلة (7)
والجامع (8) والتذكرة (9) والمنتهى (10) والتحرير (11)، لمرسل أحمد بن محمد بن
عيسى عن الصادق عليه السلام في رجل اشترى شاة لمتعة فسرقت منه أو هلكت، فقال:
إن كان أوثقها في رحله فضاعت فقد أجزأت عنه (12).
وقول الكاظم عليه السلام في خبر علي: إذا اشتريت أضحيتك وقمطتها وصارت في
رحلك فقد بلغ الهدي محله (13). ومرسل إبراهيم بن عبد الله قال عن رجل اشترى
لي أبي شاة بمنى فسرقت، فقال لي أبي: ائت أبا عبد الله عليه السلام فاسأله عن ذلك،
فأتيته فأخبرته، فقال لي: ما ضحى بمنى شاة أفضل من شاتك (14).
ويحتمل المندوب ووصف شاته بالفضل، والأخبار (15) بأنه ضحى عنه، ولعله

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 384 س 40، منتهى المطلب: ج 2 ص 750 س 14.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 384 س 43، منتهى المطلب: ج 2 ص 750 س 16. وفيهما: (الأقرب).
(3) السرائر: ج 1 ص 600.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 217 ذيل الحديث 731.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 529.
(6) المبسوط: ج 1 ص 373.
(7) الوسيلة: ص 183.
(8) الجامع للشرائع: ص 213.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 385 س 2.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 750 س 21.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 106 س 23.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 129 ب 30 من أبواب الذبح ح 2.
(13) المصدر السابق ح 4.
(14) المصدر السابق ح 3.
(15) المصدر السابق ب 30 من أبواب الذبح.
182

بذلك أجزاء التضحية، ومتلوه أن له حينئذ الحلق كما سبق، مع ضعف الجميع.
وأما مع التفريط فيضمن بدله مطلقا، لأنه إن كان معينا بالنذر أو السياق أو
غيرهما فإن كله أو بعضه أمانة في يده للمساكين، فيضمن قيمته بالتفريط.
(ولو ضل فذبحه الواجد عن صاحبه) في محله أي منى أو مكة
(أجزاء عنه) كما في التهذيب (1) والنهاية (2) والمبسوط (3) والجامع (4)
والشرائع (5) وغيرها، لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن حازم وحسنه: إن كان
نحره بمنى فقد أجزاء عن صاحبه الذي ضل عنه، وإن كان نحره في غير منى لم
يجزئ عن صاحبه (6). وهو يعم هدي التمتع كفتاوى الأكثر، ونص في التلخيص
على خلافه (7)، ولا يشترط معرفة صاحبه بعينه، ولا أن لا يكون الضلال عن
تفريط، لاطلاق الخبر والفتاوى.
ويؤيد الأول ما مر من صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام: أن من وجد
هديا ضالا فليعرفه ثم ليذبحه عن صاحبه (8).
(ولو أقام بدله) لما ضل (ثم وجده ذبحه، ولا يجب ذبح الأخير)
لأنه لم يتعين له بالإقامة.
(ولو ذبح الأخير استحب ذبح الأول) إن لم يتعين بالسياق أو النذر
وإلا وجب. ونص في التذكرة (9) والتحرير (10) والمنتهى (11) على وجوبه إن أشعره

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 219 ذيل الحديث 738.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 530.
(3) المبسوط: ج 1 ص 373.
(4) الجامع للشرائع: ص 214.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 263.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 127 ب 28 من أبواب الذبح ح 2.
(7) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 339.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 127 ب 28 من أبواب الذبح ح 1.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 385 س 6.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 106 س 26.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 750 س 31.
183

وفاقا لغيره، وحكى في المختلف وجوبه إن أشعره أو قلده عن الشيخ وقرب
الاستحباب (1)، لأنه امتثل فخرج عن العهدة.
ومضى صحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن الرجل اشترى البدنة ثم ضل
قبل أن يشعرها أو يقلدها فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر ويجد هديه،
فقال عليه السلام: إن لم يكن قد أشعرها فهو من ماله إن شاء نحرها، وإن شاء باعها، وإن
كان أشعرها نحرها (2). وسأله عليه السلام أبو بصير عمن اشترى كبشا فهلك منه، فقال:
يشتري مكانه آخر، قال: فإن كان اشترى مكانه آخر ثم وجد الأول؟ فقال: إن
كان جميعا قائمين فليذبح الأول وليبع الأخير، وإن شاء ذبحه، وإن كان قد ذبح
الأخير ذبح الأول معه (3).
(ويجب) ذبح الأول (مع النذر) المعين.
(ويجوز ركوبه وشرب لبنه مع عدم الضرر به وبولده) كما في
التهذيب (4) والنهاية (5) والمبسوط (6) والسرائر (7) والنافع (8) والجامع (9)
والشرائع (10)، وإن تعين للذبح كما يقتضيه اطلاقهم، للأصل من غير معارض،
والأخبار وهي كثيرة.
وأما خبر السكوني عن الصادق عليه السلام أنه سئل ما بال البدنة تقلد النعل
وتشعر، فقال عليه السلام: أما النعل فتعرف أنها بدنة ويعرفها صاحبها بنعله، وأما
الاشعار فيحرم ظهرها على صاحبها من حيث أشعرها، فلا يستطيع الشيطان أن

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 292.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 131 ب 32 من أبواب الذبح ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 132 ب 32 من أبواب الذبح ح 2.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 220 ذيل الحديث 740.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 530.
(6) المبسوط: ج 1 ص 374.
(7) السرائر: ج 1 ص 598.
(8) المختصر النافع: ص 91.
(9) الجامع للشرائع: ص 214.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 263.
184

يتسنمها (1). فمحمول على الكراهية أو الجواز على الضرورة أو غير المتعين.
وقال أبو علي: ولا بأس بأن يشرب من لبن هديه، ولا يختار ذلك في
المضمون، فإن فعل غرم قيمة ما شرب من لبنها لمساكين الحرم. قال في المختلف:
ولا بأس بقوله (2).
قلت: ولعلهما أرادا الواجب مطلقا أو المعين منه.
وفي قوله: (وبولده) إشارة إلى أن الهدي إذا نتجت فالولد هدي كما في
النهاية (3) والمبسوط (4) والتهذيب (5) والسرائر (6) والجامع (7)، ونص عليه
الأخبار (8)، ويؤيده الاعتبار إذا تعين هديا بالسوق أو النذر أو التعيين.
(ولا يجوز إعطاء الجزار من الواجب) كفارة أو جزاء (9) أو فداء أو نذرا
في الصدقة (شيئا ولا من جلودها) إلا إذا استحق أخذ الصدقات والكفارات،
فيعطى لذلك لا أجرة لعمله.
(ولا الأكل) منه (فإن أكل ضمن ثمن المأكول) كل ذلك، لأنه
بجملته للفقراء المستحقين للصدقات الواجبة.
وفي الفقيه عن حريز: إن الهدي المضمون لا يؤكل منه إذا عطب، فإن أكل منه
غرم (10). وفي قرب الإسناد للحميري، عن السندي بن محمد، عن أبي البختري،
عن جعفر عن أبيه: إن علي بن أبي طالب عليه السلام كان يقول: لا يأكل المحرم من

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 134 ب 34 من أبواب الذبح ح 8.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 292.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 530.
(4) المبسوط: ج 1 ص 374.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 220 ذيل الحديث 740.
(6) السرائر: ج 1 ص 598.
(7) الجامع للشرائع: ص 214.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 133 ب 34 من أبواب الذبح.
(9) ليس في خ.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 502 ح 3078.
185

الفدية ولا الكفارات ولا جزاء الصيد، ويأكل مما سوى ذلك (1). وقال الصادق عليه السلام
لعبد الرحمن: كل هدي من نقصان الحج فلا تأكل منه، وكل هدي من تمام الحج
فكل منه (2). وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر السكوني: إذا أكل الرجل من الهدي
تطوعا فلا شئ عليه، وإن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل (3).
وفي مضمر أبي بصير: سألته عن رجل أهدى هديا فانكسر، فقال: إن كان
مضمونا والمضمون ما كان في يمين - يعني نذرا أو جزاء - فعليه فدائه، قلت:
أيأكل منه؟ قال: لا، إنما هو للمساكين، وإن لم يكن مضمونا فليس عليه شئ.
قلت: أيأكل منه؟ قال: يأكل منه (4).
قال الكليني: وروى أيضا أنه يأكل مضمونا كان أو غير مضمون (5).
قلت: في أخبار، فعن عبد الملك القمي عن الصادق عليه السلام: يؤكل من كل هدي
نذرا كان أو جزاء (6). وعن الكاهلي عنه عليه السلام: يؤكل من الهدي كله مضمونا كان أو
غير مضمون (7). وعن جعفر بن بشير سأله عليه السلام عن البدن التي تكون جزاء الأيمان
والنساء ولغيره يؤكل منها؟ قال: نعم يؤكل من كل البدن (8). وحملها الشيخ على
الأكل للضرورة مع غرامة القيمة (9).
قلت: على أنها ليست نصا في أكل المالك وإن بعد إرادة غيره.
وعن عمر بن يزيد عنه عليه السلام قال: قال الله في كتابه: (فمن كان منكم مريضا أو

(1) قرب الإسناد: ص 70 - 71.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 143 ب 40 من أبواب الذبح ح 4.
(3) المصدر السابق ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 145 ب 40 من أبواب الذبح ح 16.
(5) الكافي: ج 4 ص 500 ذيل الحديث 8.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 144 ب 40 من أبواب الذبح ح 10.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 143 ب 40 من أبواب الذبح ح 6.
(8) المصدر السابق ح 7.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 225 ذيل الحديث 760.
186

به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) فمن عرض له أذى أو وجع
فتعاطى مما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا فالصيام ثلاثة أيام، والصدقة على
عشرة مساكين يشبعهم من الطعام، والنسك شاة يذبحها فيأكل ويطعم، وإنما عليه
واحد من ذلك (1).
وفي النهاية: ويستحب أن لا يأخذ شيئا من جلود الهدي والأضاحي، بل
يتصدق بها كلها، ولا يجوز أيضا أن يعطيه الجزار، فإن أراد أن يخرج شيئا منها
لحاجته إلى ذلك تصدق بثمنه (2). ونحوه المبسوط (3).
قلت: وإنما حرم الثاني دون الأول، للنهي عنه من غير معارض، بخلاف
الأول. ففي صحيح معاوية أنه سأل الصادق عليه السلام عن الإهاب، فقال: تصدق به أو
تجعله مصلى ينتفع به في البيت، ولا تعطي الجزارين، وقال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن
يعطى جلالها وجلودها وقلائدها الجزارين وأمر أن يتصدق بها (4). وقال عليه السلام في
حسن حفص بن البختري: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يعطى الجزار من جلود الهدي
وجلالها شيئا (5).
قال الكليني: وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ينتفع
بجلد الأضحية ويشترى به المتاع، وإن تصدق به فهو أفضل (6).
ولكن أرسل الصدوق في الفقيه عنهم:: إنما يجوز للرجل أن يدفع
الأضحية إلى من يسلخها بجلدها، لأن الله عز وجل قال: (فكلوا منها وأطعموا)
والجلد لا يؤكل ولا يطعم (7).
وأسند في العلل عن صفوان بن يحيى أنه سأل الكاظم عليه السلام الرجل يعطي

(1) التهذيب: ج 5 ص 333 ح 1148، والبرهان: ج 1 ص 194 ح 13.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 531.
(3) المبسوط: ج 1 ص 374.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 152 ب 43 من أبواب الذبح ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 151 ب 43 من أبواب الذبح ح 1.
(6) الكافي: ج 4 ص 501 ح 2.
(7) علل الشرائع: ج 1 ص 439 ح 1.
187

الأضحية من يسلخها بجلدها، قال: لا بأس به، قال الله تعالى: (فكلوا منها
وأطعموا) والجلد لا يؤكل ولا يطعم (1).
ولعل ابن إدريس (2) إنما كره الثاني أيضا لهذا مع الأصل، إلا أن ظاهر
الأضحية المستحبة.
وفي الكافي: ولا يجوز إعطاء الجزار شيئا من جلال شئ من الهدي ولا
قلائده ولا إهابه ولا لحمه على جهة الأجر، ويجوز على وجه الصدقة (3). ونحوه
في الغنية (4) والإصباح (5)، لكن ليس في الأول القلائد، وفي الثاني الجلال أيضا.
وفي المقنع (6) والهداية، في هدي المتعة: ولا تعط الجزار جلودها ولا قلائدها
ولا جلالها ولكن تصدق بها، ولا تعط السلاخ منها (7).
(ويستحب) كما في الشرائع (8) (أن يأكل من هدي السياق) أي ما لم
يجب منه كفارة أو نذرا للصدقة.
(ويهدي ثلثه ويتصدق بثلثه كالتمتع) لقول الصادق عليه السلام لشعيب
العقرقوفي لما ساق في العمرة بدنة: كل ثلثا واهد ثلثا وتصدق بثلث (9).
وفي صحيح سيف التمار عنه عليه السلام أن سعيد بن عبد الملك ساق هديا في حجه
فلقى أبا جعفر عليه السلام فسأله كيف يصنع به؟ فقال: أطعم أهلك ثلثا، وأطعم القانع
والمعتر ثلثا، وأطعم المساكين ثلثا، قال: فقلت: المساكين هم السؤال؟ فقال: نعم،
وقال: القانع الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها، والمعتر ينبغي له أكثر
من ذلك هو أغنى من القانع يعتريك فلا يسألك (10).

(1) علل الشرائع: ج 1 ص 439 ح 1.
(2) السرائر: ج 1 ص 600.
(3) الكافي في الفقه: ص 200.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 15.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 467.
(6) المقنع: ص 87.
(7) الهداية: ص 62.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 263.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 146 ب 40 من أبواب الذبح ح 18.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 142 ب 40 من أبواب الذبح ح 3.
188

فلم يقيد الأكل بالثلث، لتعذره أو تعسره غالبا، فيكفي فيه المسمى. ولذا
نطقت الأخبار بأن النبي صلى الله عليه وآله أمر بأن يؤخذ من كل بدنة جذوة فطبخت وأكل هو
وأمير المؤمنين عليه السلام وحسيا من المرق (1).
ونص ابن إدريس (2) على وجوب الثلاثة كما مر في هدي المتعة، لما مر من
الدليل. وكلام الحلبي (3) وابن سعيد (4) يحتمل الأمرين، والمصنف يحتمل أن يقول
بالوجوب وإنما ذكر الاستحباب بناء عليه في هدي المتعة، ولم يتبعه بالوجوب
اكتفاء بما عدم، وأن لا يقول إلا بالاستحباب بناء على أن أصل هذا الهدي
الاستحباب وإن تعين بالسوق للذبح بمعنى أنه ليس له بيعه ونحره، بل قد سمعت
من المختلف أنه لم يوجب الذبح، وقال: قد حصل الامتثال بالسوق بعد الاشعار
أو التقليد (5).
(وكذا الأضحية) يستحب قسمتها أثلاثا كذلك، لقول أمير المؤمنين عليه السلام
في خطبة له: وإذا ضحيتم فكلوا وأطعموا واهدوا واحمدوا الله على ما رزقكم من
بهيمة الأنعام (6). ومضى أن علي بن الحسين وابنه عليهما السلام كانا يتصدقان بثلث
الأضاحي على الجيران، وبثلث على السؤال، ويمسكان ثلثا لأهل البيت (7). وله
أكل الكل إلا اليسير.
قال الشيخ في المبسوط: ولو تصدق بالجميع كان أفضل، قال: فإن خالف
وأكل الكل غرم ما كان يجزئه التصدق وهو اليسير، والأفضل أن يغرم الثلث (8).

(1) المصدر السابق ح 11.
(2) السرائر: ج 1 ص 598.
(3) الكافي في الفقه: ص 200.
(4) الجامع للشرائع: ص 214 وفيه: (ذكر الاستحباب فقط).
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 292.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 147 ب 40 من أبواب الذبح ح 23.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 144 ب 40 من أبواب الذبح ح 13.
(8) المبسوط: ج 1 ص 393.
189

وفي التذكرة (1) والمنتهى (2) عن بعض العامة وجوب الأكل. وفي المبسوط: إن
نذر أضحية فليس له أن يأكل منها (3).
قلت: لعموم ما مر من النهي عن الأكل من الهدي الواجب.
وفي الخلاف (4) والتحرير: إن له الأكل (5)، لعموم فكلوا منها، وهو ممنوع،
ولعموم الأخبار (6) بالأكل من الأضحية.
قال الشيخ: وأيضا المطلق من النذر يحمل على المعهود الشرعي والمعهود في
الأضحية الأكل منها، فكذلك المنذورة (7).
(ويجزئ الهدي الواجب عن الأضحية) المندوبة، لقول أبي جعفر عليه السلام
في صحيح ابن مسلم: يجزئه في الأضحية هديه (8) وقول أبي عبد الله عليه السلام في
صحيح الحلبي يجزئ الهدي في الأضحية (9).
(والجمع أفضل) ودليله واضح، ولاطلاق الهدي في الخبرين أطلق في
النهاية (10) والوسيلة (11) والتحرير (12) والمنتهى (13) والتذكرة (14)، ولعل قيد الواجب هنا.
وفي الإرشاد (15) والشرائع (16) والدروس (17) نص على الأخفى، وكذا قيد هدي

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 388 س 23.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 759 س 21.
(3) المبسوط: ج 1 ص 393.
(4) الخلاف: ج 6 كتاب الضحايا المسألة 25.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 108 س 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 142 ب 40 من أبواب الذبح.
(7) الخلاف: ج 6 المسألة 25 من كتاب الضحايا.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 173 ب 60 من أبواب الذبح ح 2.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 498 ح 3067.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 532.
(11) الوسيلة: ص 186.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 107 س 22.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 755 س 26.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 386 س 41.
(15) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 334.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 264.
(17) الدروس الشرعية: ج 1 ص 447 درس 113.
190

التمتع في النافع (1) والتلخيص (2) والتبصرة (3).
(فإن تعذرت) الأضحية مع القدرة على ثمنها (تصدق بثمنها، فإن
اختلفت) الأثمان (تصدق بثلث الأعلى والأوسط والأدون) كما في
النهاية (4) والمبسوط (5) وغيرهما (6)، لخبر عبد الله بن عمر قال: كنا بمكة فأصابنا
غلا في الأضاحي فاشترينا بدينار ثم بدينارين ثم بلغت سبعة ثم لم توجد بقليل
ولا كثير فرقع هشام المكاري رقعة إلى أبي الحسن عليه السلام فأخبره بما اشترينا وأنا
لم نجد بعد، فوقع عليه السلام إليه: انظروا إلى الثمن الأول والثاني والثالث فاجمعوا ثم
تصدقوا بمثل ثلثه (7).
والظاهر ما في الدروس من التصدق بقيمة منسوبة إلى القيم، فمن اثنتين
النصف، ومن أربع الربع، وهكذا وأن اقتصار الأصحاب على الثلاثة متابعة
للرواية (8).
(ويكره التضحية بما يربيه) لخبر محمد بن الفضيل قال لأبي
الحسن عليه السلام: جعلت فداك كان عندي كبش سمين لأضحي به، فلما أخذته
وأضجعته نظر إلي فرحمته ورققت عليه، ثم إني ذبحته، فقال لي: ما كنت أحب لك
أن تفعل، لا تربي شيئا من هذا ثم تذبحه (9). وأرسل الصدوق عن الكاظم عليه السلام: لا
يضحى إلا بما يشترى في العشرة (10).

(1) المختصر النافع: ص 91.
(2) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 339.
(3) تبصرة المتعلمين: ص 74.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 532.
(5) المبسوط: ج 1 ص 394.
(6) السرائر: ج 1 ص 600.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 172 ب 58 من أبواب الذبح ح 1.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 449 درس 113.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 175 ب 61 من أبواب الذبح ح 1.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 494 ح 3058.
191

(و) يكره (أخذ شئ من جلودها واعطائها الجزار) أجرة (بل
يستحب الصدقة بها) لما مر، وعن الشيخ عدم الجواز (1).
وفي المبسوط: لا يجوز بيع جلدها، سواء كانت واجبة أو تطوعا، كما لا
يجوز بيع لحمها، فإن خالف تصدق بثمنه (2).
وفي الخلاف: أنه لا يجوز بيع جلودها، سواء كانت تطوعا أو نذرا، إلا إذا
تصدق بثمنها على المساكين، وقال أبو حنيفة: أو يبيعها بآلة البيت على أن يعيرها
كالقدر والفأس والمنجل والميزان، وقال الشافعي: لا يجوز بيعها بحال، وقال
عطاء: يجوز بيعها على كل حال، وقال الأوزاعي: يجوز بيعها بآلة البيت، قال
الشيخ: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا فالجلد إذا كان للمساكين فلا فرق
بين أن يعطيها إياه أو ثمنه (3).
(البحث الرابع:)
(في مكان إراقة الدماء وزمانها)
(أما دم التحلل، فإن كان عن صد) أي منع عدو (فمكانه موضعه)
أي الصد والمصدود كما في المقنعة (4) والنهاية (5) والمراسم (6) والمصباح (7)
ومختصره والسرائر (8) والمهذب (9) وروض الجنان (10) ومجمع البيان (11) لأنه لا
يتمكن غالبا من بعث الهدي، ولأن النبي صلى الله عليه وآله لما صد نحر بدنته بالحديبية (12).

(1) المبسوط: ج 1 ص 374.
(2) المبسوط: ج 1 ص 393.
(3) الخلاف: ج 6 كتاب الضحايا المسألة 26.
(4) المقنعة: ص 446.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 556.
(6) المراسم: ص 118.
(7) لم نعثر عليه في مضانه.
(8) السرائر: ج 1 ص 641.
(9) المهذب: ج 1 ص 270.
(10) روض الجنان: ج 2 ص 104.
(11) مجمع البيان: ج 2 ص 290.
(12) المصدر السابق.
192

ويجوز لمن لم يكن متمكنا من البعث، ولقول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: يذبح
حيث صد (1)، ولأصل البراءة، ويعارضه استصحاب الاحرام.
وفي الكافي: إنه يبعث الهدي كالمحصر حتى يذبح في محله يوم النحر (2).
ونحوه الأحمدي، لكن فيمن ساق هديا وأمكنه البعث (3)، ولم يعين يوم النحر، بل
ما يقع فيه الوعد. ونحوه الغنية لكن نص فيها على العموم السابق وغيره وللحاج
والمعتمر (4)، والجامع لكن نص فيه على العموم للحاج والمعتمر (5). ومستندهم
عموم: (لا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله) (6) واختصاصه بالمحصر
ظاهر، وهو المريض على ما في الأخبار (7) واللغة (8).
وقال الشيخ في التبيان: قال الكسائي وأبو عبيدة وأكثر أهل اللغة أن
الاحصار المنع بالمرض وذهاب النفقة والحصر بحبس العدو (9) انتهى. وفي
الصحاح عن الأخفش: حصرت الرجل فهو محصور أي حبسته وأحصرني بولي
وأحصرني مرضي أي جعلني أحصر نفسي (10). واستدل المبرد عليه بنظائره
كقولهم: حبسه أي جعله في الحبس، وأحبسه أي عرضه للحبس، وقتله أوقع به
القتل، واقتله عرضه للقتل، وقبره دفنه في القبر، وأقبره عرضه للدفن فيه، فكذلك
حصره حبسه وأوقع به الحصر، وأحصره عرضه للحصر (11). وفي التبيان: إن الفراء
جوز كلا منهما بمعنى الآخر (12).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 304 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 5.
(2) الكافي في الفقه: ص 218.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 347 - 348.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 13.
(5) الجامع للشرائع: ص 222.
(6) البقرة: 196.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 305 ب 2 من أبواب الاحصار والصد.
(8) جمهرة اللغة: ج 2 ص 134 مادة (حصر)، النهاية: ج 1 ص 395 مادة (حصر).
(9) التبيان: ج 2 ص 155 - 156.
(10) الصحاح: ج 2 ص 632 مادة (حصر).
(1 1) نقله عنه في التبيان: ج 2 ص 156.
(12) التبيان: ج 2 ص 156.
193

قلت: حكى عنه الأزهري أنه يقال في المرض: قد أحصر، وفي الحبس إذا
حبسه سلطان أو قاهر أو مانع قد حصر، وأنه قال: ولو نويت بقهر السلطان أنها
علة مانعة ولم يذهب إلى فعل الفاعل جاز لك أن تقول: قد أحصر الرجل ولو قلت
في أحصر من الوجع والمرض: إن المرض حصره أو الخوف جاز لك أن تقول:
حصر (1)، انتهى. فهو أيضا موافق في أصل المعنى.
نعم، حكى الأزهري عن المنذري عن ابن فهم عن محمد بن سلام عن يونس
أنه قال: إذا رد الرجل عن وجه يريده فقد أحصر، وإذا حبس فقد حصر. قال:
وقال أبو إسحاق النحوي: الرواية عن أهل اللغة أن يقال للذي يمنعه الخوف
والمرض: أحصر، ويقال للمحبوس: حصر (2). وحكى الجوهري عن أبي عمرو
الشيباني: حصرني الشئ وأحصرني أي حبسني (3).
وفي التبيان (4) والمجمع: إن المروي عن أهل البيت عليهم السلام أن المراد في الآية
من أحصره الخوف أو المرض، ولكن بلوغ هدي الأول محله ذبحه حيث صد،
وهدي الثاني ذبحه في الحرم (5).
وكذا ابن زهرة عمم الاحصار في الآية واللغة، وقال: قال الكسائي والفراء
وأبو عبيدة وتغلب وأكثر أهل اللغة: يقال: أحصره المرض لا غير، وحصره العدو
وأحصره أيضا (6). وكذا الشيخ في الخلاف (7)، إلا أنه حكى هذه العبارة عن الفراء
خاصة، والأقرب ما في الخلاف (8) من التخيير بين البعث أو الذبح عنده، وأن
الأفضل البعث، وإنما أجيز الذبح عند رخصه، وهو خيرة التحرير (9) والتذكرة (10)

(1) تهذيب اللغة: ج 4 ص 232 مادة (حصر).
(2) تهذيب اللغة: ج 4 ص 233 مادة (حصر).
(3) الصحاح: ج 2 ص 632 مادة (حصر).
(4) التبيان: ج 2 ص 155.
(5) مجمع البيان: ج 2 ص 290.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 9.
(7) الخلاف: ج 2 ص 429 المسألة 322.
(8) الخلاف: ج 2 ص 424 المسألة 316.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 123 س 23.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 397 س 27.
194

والمنتهى حيث نص فيها على أنه لا يتيقن مكان لهديه (1)، ولكن لم يذكر فضل
البعث إلا في المنتهى، فذكر أنه أولى. وسيأتي أنه لا يجب عليه، وهو أيضا يرشد
إلى التخيير، فمراده هنا ذكر فرد مما يتخير فيه.
(وزمانه من حين الصد إلى ضيق الوقت) عن الحج إن صد عنه، ولا
يجب عليه التأخير إلى الضيق وإن ظن انكشاف الصد قبله، كما سينص عليه،
وفاقا للمبسوط (2) والسرائر (3) والشرائع (4)، لأصل عدم التوقيت مع إطلاق
الكتاب والسنة، بل دلالة الفاء في الآية (5) على التعقيب، ولأنه ربما احتاج
للخوف من العدو إلى العود بسرعة، فلو لم يسع له ذبحه في الحال ألزم الحرج. إلا
أن يقال: أن يعود متى اضطر إلى العود ويذبح يوم النحر هناك ولو في بلده، والأمر
كذلك.
وقال الشهيد: ويجوز التحلل في الحل والحرم، بل في بلده، إذ لا زمان ولا
مكان مخصوصين فيه (6). وخلافا للخلاف (7) والمبسوط (8) والكافي (9) والغنية (10)
فوقتوه بيوم النحر، وفسر به الآية الشيخ (11) وابن زهرة (12)، وبه مضمر سماعة (13)،
ولا ريب أنه أحوط.
ثم إنه من الصد إلى الضيق مخير بين الصبر إلى الضيق والتحلل [بالهدي
والتحلل] (14) بعمرة إن تمكن منها وكان الحج مفردا، كما في الدروس قال: لأنه

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 847 س 22.
(2) المبسوط: ج 1 ص 333.
(3) السرائر: ج 1 ص 642.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 281.
(5) البقرة: 196.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 480 درس 120.
(7) الخلاف: ج 2 ص 428 المسألة 321.
(8) المبسوط: ج 1 ص 333.
(9) الكافي في الفقه: ص 218.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 5.
(11) المبسوط: ج 1 ص 333، الخلاف: ج 2 ص 428 مسألة 321.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 6.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 306 ب 2 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(14) ما بين المعقوفين زيادة في خ.
195

يجوز له التحلل لا إلى بدل فالعمرة أولى (1).
قلت: وهو يشمل الواجب والندب، لكنه خصه بالندب، ويعم حج التمتع، إلا
إذا لم يمض الفصل المعتبر بين عمرتين. ولم يعمم الشهيد قائلا إن الحاج مفردا إنما
يجوز له ابتداء العدول إلى عمرة التمتع لاتصالها بالحج، فهو يعدل من جز إلى
كل، والعدول هنا إبطال للحج بالكلية (2).
ولا يخفى أنه إن تم منع العدول هنا عن المفرد أيضا، وإن أهدى مع العدول
إلى العمرة كان أحوط، وإن صبر إلى أن فات الحج.
(فيتعين التحلل بالعمرة) كما في الشرائع (3) والمبسوط (4) والسرائر (5)
وغيرها (6) للأخبار (7)، والاجماع على أن المحرم بالحج إذا فاته عدل إلى العمرة،
وليس له حينئذ التحلل بالهدي، لأن الواجب عليه حينئذ العمرة، وهو غير مصدود
عنها، ولفظ (يتعين) قد يشعر بجوازه قبله كما ذكرناه.
(فإن منع منها) أي العمرة أيضا (تحلل بالهدي) كما فعله النبي صلى الله عليه وآله
بالحديبية (8) قالوا: وفيه نزلت آية الاحصار (9).
قال الشهيد: لو صار إلى بلده ولما يتحلل وتعذر العود في عامه لخوف الطريق
فهو مصدود فله التحلل بالذبح والتقصير في بلده (10).
قلت: وإن أمكن العود إلى موضع الصد أو أقرب، ما لم يزل المانع لما عرفت
من أنه لا زمان ولا مكان مخصوصين هنا، ويجوز أن يريد بالعود المتعذر العود

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 482 درس 120.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 482 درس 120.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 281.
(4) المبسوط: ج 1 ص 333.
(5) السرائر: ج 1 ص 643.
(6) مدارك الأحكام: ج 8 ص 295.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 306 ب 3 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 309 ب 6 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(9) البقرة: 196.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 481 درس 120.
196

إلى الحج، وبخوف الطريق ما يعم بقاء الصد.
(فإن عجز) عن الهدي عينا وقيمة (صام) بدله على إشكال يأتي، وفيه
بعض القيود، الفرق بين العجز عن الهدي في العمرة بعد فوات الحج وفي الحج فلا.
وإن كان أحرم بعمرة مفردة أولا قصد عنها تحلل متى شاء بالهدي، وله العدول إلى
الحج إن أمكنه. وإن كانت عمرته متمتعا بها فصبر إلى فواتها، عدل إلى الحج إن
أمكنه.
(وإن كان) التحلل (عن حصر) أي منع المرض (فمكانه منى إن
كان حاجا ومكة إن كان معتمرا) وفاقا للمشهور لظاهر الآية (1) وللأخبار،
ومما نص منها على التفصيل بمنى ومكة، ومضمر زرعة (2). والأكثر قيدوا مكة
بفناء الكعبة، وابن حمزة بالحزورة (3)، وخص الراوندي في فقه القرآن مكة
بالعمرة المفردة وجعل منى محل التمتع بها كالحج (4). وفي الدروس عن سلار إن
المتطوع يذبح الهدي حيث أحصر، وعن المفيد روايته مرسلا (5).
قلت: هو الظاهر منهما لا الصريح، وخير أبو علي المحصر مطلقا بين الذبح
حيث حصر والبعث، وجعله أولى (6). وفي المقنع: والمحصور والمضطر ينحران
بدنتهما في المكان الذي يضطران فيه (7).
ولعل متمسكهم صحيح ابن عمار وحسنه عن الصادق عليه السلام: إن الحسين بن
علي عليهما السلام خرج معتمرا، فمرض في الطريق، فبلغ عليا عليه السلام ذلك وهو بالمدينة
فخرج في طلبه، فأدركه بالسقيا وهو مريض، فقال: يا بني ما تشتكي؟ قال:

(1) البقرة: 196.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 306 ب 2 من أبواب الاحصار والصد ح 2.
(3) الوسيلة: ص 193.
(4) فقه القرآن: ج 1 ص 319.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 477 درس 119.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 343.
(7) المقنع: ص 76.
197

أشتكي رأسي، فدعا علي عليه السلام ببدنة فنحرها وحلق رأسه ورده إلى المدينة (1).
وخبر رفاعة عنه عليه السلام قال: خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد ساق بدنة حتى انتهى
إلى السقيا فبرسم فحلق شعر رأسه ونحرها مكانه، ثم أقبل حتى جاء فضرب
الباب، فقال علي عليه السلام: ابني ورب الكعبة افتحوا له الباب (2). وظاهرهما الضرورة.
ويحتملها كلام الصدوق، ويحتملان التطوع كما يظهر من سلار (3) وأن لا
يكون الحسين عليه السلام أحرم، وإنما نحر هو وعلي عليهما السلام تطوعا، وخصوصا إذا كان قد
ساق.
ويؤيده أن ابن عمار في الحسن قال: سألته عليه السلام عن رجل أحصر فبعث
بالهدي، قال: يواعد أصحابه ميعادا إن كان في الحج فمحل الهدي يوم النحر، فإذا
كان يوم النحر فليقصر من رأسه، ولا يجب عليه الحلق حتى يقضي المناسك، وإن
كان في عمرة فلينظر مقدار دخول أصحابه مكة والساعة التي يعدهم فيها، فإذا
كانت تلك الساعة قصر وأحل. وإن كان مرض في الطريق بعد ما يخرج (4) فأراد
الرجوع رجع إلى أهله ونحر بدنة أو أقام مكانه حتى يبرأ إذا كان في عمرة، وإذا
برئ فعليه العمرة واجبة، وإن كان عليه الحج رجع أو أقام ففاته الحج فإن عليه
الحج من قابل، فإن الحسين بن علي عليهما السلام خرج معتمرا إلى آخر ما سمعت، كذا
في الكافي (5). وإن كان في صحيحه الذي في التهذيب (6) مكان (بعد ما يخرج)
(بعد ما أحرم) والسياق يؤيد الأول وإن ظن عكسه.
وحينئذ فالسقيا هي البئر التي كان النبي صلى الله عليه وآله يستعذب ماؤها فيستقي له منها،
واسم أرضها الفلجان لا السقيا التي يقال بينها وبين المدينة يومان.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 305 ب 2 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 309 ب 6 من أبواب الاحصار والصد ح 2.
(3) المراسم: ص 118.
(4) في المصدر: (بعد ما أحرم).
(5) الكافي: ج 4 ص 369 ح 3.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 421 ح 1465.
198

وقال المفيد: قال - يعني الصادق عليه السلام -: المحصور بالمرض إن كان ساق
هديا أقام على إحرامه حتى يبلغ الهدي محله ثم يحل، ولا يقرب النساء حتى
يقضي المناسك من قابل، هذا إذا كان في حجة الاسلام، فأما حجة التطوع فإنه
ينحر هديه وقد حل ما كان أحرم منه، فإن شاء حج من قابل، وإن لم يشاء لم يجب
عليه الحج (1). انتهى.
ويحتمل كون الجميع كلام الإمام كما في المختلف (2) والدروس (3)، وأن يكون
ممنوع عند قوله: (هذا إذا كان) ويكون الباقي كلام المفيد. وعن الجعفي: يذبحه
مكانه ما لم يكن ساق (4)، وهو خلاف ما فعله الحسين عليه السلام على أحد الروايتين إن
كان أحرم.
وقال الشهيد: وربما قيل بجواز النحر مكانه إذا أضر به التأخير، وهو في
موضع المنع، لجواز التعجيل مع البعث (5). يعني: يعجل الاحلال قبل بلوغ الهدي
محله، فإنما فيه مخالفة واحدة لأصل الشرع وهو الحلق قبل بلوغ محله، مع ما مر
من جواز ذلك في منى، بخلاف ما إذا نحره مكانه، ففيه مع ذلك مخالفة بأنه لم
يبلغ الهدي محله أصلا.
(وزمانه) أي هدي التحلل عن الحصر عن العمرة كل ما يعينه لمن يبعث
معه الهدي إلا عمرة التمتع - على قول الراوندي (6) - فكالحج.
وعن الحج (يوم النحر وأيام التشريق) فإنها أيام ذبح الهدي في الحج كما
يأتي، ولكن اقتصر الأصحاب هنا على يوم النحر. ونسب الشهيد أيام التشريق

(1) المقنعة: ص 446.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 344.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 477 درس 119.
(4) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 477 درس 119.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 477 درس 119.
(6) فقه القرآن: ج 1 ص 319.
199

إلى القيل (1)، وذلك لقصره عليه في صحيح ابن عمار (2) وحسنه (3) عن الصادق عليه السلام.
(ومكان الكفارات جمع منى إن كان حاجا وإلا فمكة) كما في
الشرائع (4) والنافع (5) والخلاف (6) والمراسم (7) والإصباح (8) والإشارة (9) والفقيه (10)
والمقنع (11) والغنية (12).
وفيه التنصيص على تساوي العمرة المبتولة والمتمتع بها، لقول الجواد عليه السلام
للمأمون فيما رواه المفيد في الإرشاد، عن الريان بن شبيب، عنه عليه السلام: وإذا أصاب
المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان احرامه بالحج نحره بمنى، وإن كان إحرامه
بالعمرة نحره بمكة (13).
وفيما رواه علي بن إبراهيم في تفسيره عن محمد بن الحسن، عن محمد بن
عون النصيبي (14). وفيما أرسله الحسن بن علي بن شعبة في تحف العقول: والمحرم
بالحج ينحر الفداء بمنى حيث ينحر الناس، والمحرم بالعمرة ينحر الفداء بمكة (15).
وفي الفقيه (16) والمقنع (17) - مع ما سمعت -: فإن قتل فرخا وهو محرم في غير
الحرم فعليه حمل قد فطم، وليس عليه قيمته، لأنه ليس في الحرم، ويذبح الفداء

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 446 درس 112.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 305 ب 2 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 313 ب 9 من أبواب الاحصار والصد ح 5.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 393.
(5) المختصر النافع: ص 105.
(6) الخلاف: ج 2 ص 438 المسألة 335.
(7) المراسم: ص 121.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 466.
(9) إشارة السبق: ص 136.
(10) من لا يحضر الفقيه: ج 2 ص 373 ذيل الحديث 2733.
(11) المقنع: ص 79.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 2.
(13) إرشاد المفيد: ص 322.
(14) تفسير القمي: ج 1 ص 184.
(15) تحف العقول: ص 453.
(16) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 367 ذيل الحديث 2730.
(17) المقنع: ص 79.
200

إن شاء في منزله بمكة، وإن شاء بالحزورة.
وفي جمل العلم والعمل (1) والمقنعة (2) والكافي (3) والمهذب (4) وروض
الجنان (5) والنهاية (6) والمبسوط (7) والوسيلة (8) والجامع (9): إن جزاء الصيد
يذبحه الحاج بمنى والمعتمر بمكة. ونص في الأربعة الأخيرة على أن للمعتمر أن
يذبح غير كفارة الصيد بمنى، وفي المهذب على جوازه في العمرة المبتولة (10)،
وفي روض الجنان على جوازه وأطلق (11). وفي الكافي على أن العمرة المتمتع بها
كالمبتولة في ذبح جزاء الصيد بمكة (12)، وفي السرائر (13) والوسيلة (14) وفقه القرآن
للراوندي (15) وظاهر الخلاف أنها كالحج في ذبحه بمنى (16).
ويدل على الحكم في جزاء الصيد مع ما سمعت نحو قول الصادق عليه السلام في
صحيح ابن سنان: من وجب عليه فداء صيد أصابه وهو محرم، فإن كان حاجا نحر
هديه الذي يجب عليه بمنى، وإن كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة (17). وقول
أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: في المحرم إذا أصاب صيدا فوجب عليه الهدي
فعليه أن ينحره إن كان في الحج بمنى حيث ينحر الناس، وإن كان في عمرة نحره
بمكة، وإن شاء تركه إلى أن يقدم مكة فيشتريه فإنه يجزئ عنه (18). يعني وهو أعلم

(1) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 72.
(2) المقنعة: ص 206.
(3) الكافي في الفقه: ص 206.
(4) المهذب: ج 1 ص 230.
(5) تفسير روض الجنان: ج 2 ص 224.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 485.
(7) المبسوط: ج 1 ص 345.
(8) الوسيلة: ص 171.
(9) الجامع للشرائع: ص 195.
(10) المهذب: ج 1 ص 230.
(11) تفسير روض الجنان: ج 4 ص 337.
(12) الكافي في الفقه: ص 206.
(13) السرائر: ج 1 ص 564.
(14) الوسيلة: ص 171.
(15) فقه القرآن: ج 1 ص 309.
(16) الخلاف: ج 2 ص 438 المسألة 335.
(17) وسائل الشيعة: ج 9 ص 245 ب 49 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(18) وسائل الشيعة: ج 9 ص 248 ب 51 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
201

بما ذكره الشيخ من أنه لا يجب الشراء من حيث صاد، والسياق إلى مكة أو منى
وإن كان أفضل (1).
وأوجبه الحلبيان (2)، لخبر ابن عمار - المقطوع -: يفدي المحرم فداء الصيد
من حيث صاد (3).
وفي كفارة غير الصيد صحيح ابن حازم سأل الصادق عليه السلام عن كفارة العمرة
المفردة أين تكون؟ قال: بمكة، إلا أن يشاء صاحبها أن يؤخرها إلى منى ويجعلها
بمكة أحب إلي وأفضل (4).
ودليل اختصاصه بغير الصيد الآية، وقوله عليه السلام في مرسل أحمد بن محمد: من
وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء إلا فداء الصيد، فإن الله
تعالى يقول: (هديا بالغ الكعبة) (5) (6).
قال في المختلف: وليس في هذه الروايات تصريح بالعمرة المتمتع بها،
والأولى إلحاق حكمها بالعمرة المبتولة كما قاله أبو الصلاح، لا بالحج كما قاله ابن
حمزة وابن إدريس. لنا صدق عموم العمرة عليها (7)، انتهى.
وعن علي بن بأبويه جواز ذبح جزاء الصيد في عمرة التمتع بمنى (8).
(وزمانها) أي الكفارات من (وقت حصول سببها) أي ما يوفق فيه
لأدائها في تلك السنة أو غيرها كان السبب صيدا أو غيره، للعمومات من
غير مخصص، وإن كان يجوز الاتيان بالبدل إذا عجز عنها تلك السنة، بل عند

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 373 ذيل الحديث 1300.
(2) الكافي في الفقه: ص 206، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 247 ب 51 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 246 ب 49 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(5) المائدة: 95.
(6) المصدر السابق ح 3.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 182.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 179 - 180.
202

فعل المناسك.
(ومكان هدي التمتع منى) عندنا للتأسي، ونحو قول الصادق عليه السلام في
خبر إبراهيم الكرخي: إن كان هديا واجبا فلا ينحره إلا بمنى (1). وفي صحيح ابن
حازم فيمن ضل هديه فيجده رجل آخر: إن كان نحره بمنى فقد أجزاء عن صاحبه،
الذي ضل عنه وإن كان نحره في غير منى لم يجز عن صاحبه (2).
خلافا للعامة فجوزوه في أي من الحرم شاء، ومنهم من جوزه في الحل إذا
فرق اللحم في الحرم (3).
وفي صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السلام في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى
زار البيت فاشترى بمكة فذبح، قال: لا بأس، قد أجزاء عنه (4).
قال الشهيد: ويشكل بأنه في غير محل الذبح (5).
قلت: وليس صريحا في الذبح بغير منى.
(ويجب اخراج ما) يجب أن (يذبح بمنى) من هدي التمتع أو غيره،
وما يذبح فيها من هدي التمتع لا ما يذبح منه بمكة، لعدم وجدانه أيام منى (إلى
مصرفه بها).
ولا يجوز اخراجه عنها وفاقا للشرائع (6) والكافي (7) والنافع (8) والتهذيب (9)
والنهاية (10) والمبسوط (11)، لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: لا يخرجن

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 92 ب 4 من أبواب الذبح ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 127 ب 28 من أبواب الذبح ح 2.
(3) المجموع: ج 7 ص 500.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 140 ب 39 من أبواب الذبح ح 5.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 455 درس 114.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 260.
(7) الكافي في الفقه: ص 200.
(8) المختصر النافع: ص 89.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 226 ذيل الحديث 764.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 531.
(11) المبسوط: ج 1 ص 374.
203

شيئا من لحم الهدي (1). وإن احتمل الاخراج عن الحرم كما سأل محمد بن مسلم
أحدهما عليهما السلام في الصحيح عن اللحم أيخرج به من الحرم؟ فقال: لا يخرج منه
شئ إلا السنام بعد ثلاثة أيام (2).
ويوافقه الفقيه (3) والمقنع (4) والجامع (5) والمنتهى (6) والتذكرة (7) والتحرير (8).
قال في المنتهى: وبه قال الشافعي وأحمد، وقال مالك وأبو حنيفة: إذا ذبحه
في الحرم جاز تفرقة لحمه في الحل. لنا أنه أحد مقصودي النسك، فلم يجزئ في
الحل كالذبح، ولأن المقصود من ذبحه بالحرم التوسعة على مساكينه، وهذا
لا يحصل باعطاء غيرهم، ولأنه نسك يختص بالحرم، فكان جميعه مختصا به
كالطواف وسائر المناسك (9) انتهى.
واستثنى الصدوق (10) وابن سعيد (11) السنام كما في الخبر، وزاد الجلد بما
تقدم من الأخبار، والمصنف في المنتهى أيضا خص اللحم بالحكم.
(وزمانه يوم النحر قبل الحلق) مع الامكان كما تقدم، ولو قدمه على
يوم النحر لم يجزئ اتفاقا.
(ولو أخره) عن الحلق (أثم وأجزاء) كما مر، ومر الخلاف.
(وكذا يجزئ لو ذبحه في بقية ذي الحجة) قطع به الأصحاب، من غير
فرق بين الجاهل والعالم والعامد والناسي، ولا بين المختار والمضطر، بل في

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 150 ب 42 من أبواب الذبح ح 2.
(2) المصدر السابق ح 1.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 494 ذيل الحديث 3056.
(4) المقنع: ص 88.
(5) الجامع للشرائع: ص 215.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 760 س 12 وفيه: (التوسعة على ساكنه).
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 388 س 35.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 108 س 11.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 739 س 14.
(10) من لا يحضر الفقيه: ج 2 ص 494 ذيل الحديث 3056.
(11) الجامع للشرائع: ص 215.
204

النهاية (1) والغنية (2) والسرائر الجواز (3).
وفي المصباح (4) ومختصره: أن الهدي الواجب يجوز ذبحه ونحره طول ذي
الحجة، ويوم النحر أفضل. وظاهر المهذب بعدم جواز التأخير عن ذي الحجة (5)،
ولعله لم يرده إلا أن في المبسوط أنه بعد أيام التشريق قضاء (6)، واختار ابن
إدريس أنه أداء (7).
ودليل الاجزاء الأصل واطلاق الآية (8). وصحيح معاوية بن عمار عن
الصادق عليه السلام في رجل نسي أن يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكة ثم ذبح،
قال: لا بأس قد أجزاء عنه (9). وحسن حريز عنه عليه السلام فيمن يجد الثمن ولا يجد
الغنم، قال: يخلف الثمن عند بعض أهل مكة، ويأمر من يشتري له ويذبح عنه،
وهو يجزئ عنه. فإن مضى ذو الحجة أخر ذلك إلى قابل من ذي الحجة (10). ونحو
منه خبر النضر بن قرواش عنه عليه السلام (11)، لكنها لا تعم العامد المختار.
ودليل كونه قضاء بعد أيام التشريق، لعله صحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام
عن الأضحى كم هو بمنى؟ قال: أربعة أيام (12). وخبر عمار عن الصادق عليه السلام
مثله (13).
ويجوز كون الغرض حرمة الصوم كما في صحيح ابن حازم من قول

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 526.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 16.
(3) السرائر: ج 1 ص 595.
(4) مصباح المتهجد: ص 643.
(5) المهذب: ج 1 ص 258.
(6) المبسوط: ج 1 ص 371.
(7) السرائر: ج 1 ص 595.
(8) البقرة: 196.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 140 ب 39 من أبواب الذبح ح 5.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 153 ب 44 من أبواب الذبح ح 1.
(11) المصدر السابق ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 95 ب 6 من أبواب الذبح ح 1.
(13) المصدر السابق ح 2.
205

الصادق عليه السلام: النحر بمنى ثلاثة أيام، فمن أراد الصوم لم يصم حتى يمضي الثلاثة
الأيام والنحر بالأمصار يوم، فمن أراد أن يصوم صام من الغد (1).
ومضى عن أبي بصير أنه سأل أحدهما عليهما السلام عن رجل تمتع فلم يجد ما
يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال: بل يصوم، فإن
أيام الذبح قد مضت (2). وهو يحتمل يوم النفر من مكة، وقد كان بعد ذي الحجة.
ومضى أن الشيخ حمله على من صام ثلاثة فمضى أيامه (3)، بمعنى مضى
زمان أسقطه عنه للصوم فيه.
(ومكان هدي السياق منى إن كان الاحرام للحج، وإن كان للعمرة
ففناء الكعبة بالحزورة) كما في النهاية (4) والمبسوط (5) والسرائر (6) والمهذب (7)
والتبيان (8) والمجمع (9) والشرائع (10) والخلاف وفيه الاجماع عليه (11).
وقال شعيب العقرقوفي للصادق عليه السلام: سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها؟
قال: بمكة (12). وتقدم قوله عليه السلام في صحيح ابن حازم فيمن ضل هديه فيجده آخر
فينحره: إن كان نحره بمنى فقد أجزاء عن صاحبه الذي ضل عنه، وإن كان نحره في
غير منى لم يجز عن صاحبه (13).
وفي خبر الكرخي: إن كان هديا واجبا فلا ينحره إلا بمنى (14). وقال

(1) المصدر السابق ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 153 ب 44 من أبواب الذبح ح 3.
(3) المبسوط: ج 1 ص 371.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 526.
(5) المبسوط: ج 1 ص 371.
(6) السرائر: ج 1 ص 595.
(7) المهذب: ج 1 ص 259.
(8) التبيان: ج 2 ص 158، وفيه (وروي... وإن كان في العمرة فمكة).
(9) مجمع البيان: ج 2 ص 290 وفيه (وإن كان الاحرام بالعمرة فمحله مكة).
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 263.
(11) الخلاف: ج 2 ص 438 المسألة 335.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 92 ب 4 من أبواب الذبح ح 3.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 127 ب 28 من أبواب الذبح ح 2.
(14) وسائل الشيعة: ج 10 ص 92 ب 4 من أبواب الذبح ح 1.
206

الصادق عليه السلام في خبر عبد الأعلى: لا هدي إلا من الإبل، ولا ذبح إلا بمنى (1).
وفي خبر معاوية: ومن ساق هديا وهو معتمر نحر هديه في المنحر وهو بين
الصفا والمروة وهي الحزورة (2).
وعن يونس قيل: إن بفناء الكعبة موضعا يعرف بحزورة قبالة البيت في
الوادي بحذاء علم السعي.
قلت: هي كقسورة في اللغة: التل الصغير، والجمع الحزاور، وقد يقال بفتح
الزاي وشد الواو، وحكى الوجهان عن ابن السراج (3). والأكثر على أن الأخير
تصحيف، وبمكة حزورة أخرى ينسب إليها باب الحزورة، وهي في أسفلها عند
المنارة التي تلي أجياده.
وفي الحسن أن معاوية بن عمار قال له عليه السلام: إن أهل مكة أنكروا عليك أنك
ذبحت هديك في منزلك بمكة، فقال: إن مكة كلها منحر (4). وحمله الشيخ على
الهدي المندوب (5).
وفي النافع (6) والدروس (7): إن الحزور أفضل، ولم يذكر في التبصرة (8)
والتلخيص (9) إلا مكة، وأغفل الجزورة رأسا.
(وزمانه كهدي التمتع) إن قرن بالحج كما قال الصادق عليه السلام في خبر
الكرخي: إن كان قد أشعره أو قلده فلا ينحره إلا يوم الأضحى (10). وكذا في خبر

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 93 ب 4 من أبواب الذبح ح 6.
(2) المصدر السابق ح 4.
(3) نقله عنه في تاج العروس: ج 3 ص 139.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 92 ب 4 من أبواب الذبح ح 2.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 202 ذيل الحديث 671.
(6) المختصر النافع: ص 91.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 443 درس 112.
(8) تبصرة المتعلمين: ص 74.
(9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 339.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 92 ب 4 من أبواب الذبح ح 1.
207

مسمع، لكن فيه: إلا يوم النحر بمنى (1).
(ومن نذر نحر بدنة وعين) لنحرها (مكانا تعين) عين مكة أو منى
أو غيرهما، فإنها وإن كانت اسما لما ينحر في أحدهما من الإبل خاصة، أو البقر
أيضا، إلا أن ذكر الغير قرينة على المراد.
وعن محمد عن أبي جعفر عليه السلام في رجل قال: عليه بدنة ينحرها بالكوفة،
فقال عليه السلام: إذا سمى مكانا فلينحر فيه (2).
(وإلا) يعين مكانا (نحرها بمكة) فإنها السابقة منها إلى الفهم عرفا،
ولقوله تعالى: (ثم محلها إلى البيت العتيق) (3). ولخبر إسحاق الأزرق الصائغ
سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل جعل لله بدنة ينحرها بالكوفة في شكر، فقال لي:
عليه أن ينحرها حيث جعل لله عليه وإن لم يكن سمى بلدا فإنه ينحرها قبالة
الكعبة منحر البدن (4). ونحو الكتاب والشرائع (5) والنافع (6)، وكذا النهاية (7)
والمبسوط (8) والسرائر (9)، لكنها خصت من مكة فناء الكعبة، وهو أحوط للخبر.
وعبر ابن زهرة بالهدي، فذكر أنه إن عين له موضعا تعين، وإلا ذبحه أو نحره
قبالة الكعبة للاجماع والاحتياط (10).
والهدي أيضا ينصرف إلى ما يذبح أو ينحر بمكة أو منى، ولكن في الخلاف:
إن ما يجب من الدماء بالنذر، فإن قيده ببلد أو بقعة لزمه في الذي عينه بالنذر وإلا

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 93 ب 4 من أبواب الذبح ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 233 ب 11 من أبواب النذر والعهد ح 1.
(3) الحج: 33.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 94 ب 5 من أبواب الذبح ح 2.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 263.
(6) المختصر النافع: ص 91.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 526.
(8) المبسوط: ج 1 ص 371.
(9) السرائر: ج 1 ص 595.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س س 34.
208

لم يجز إلا بمكة قبالة الكعبة بالحزورة للاجماع (1). ويجوز أن يريد الهدي، ويأتي
في الأيمان الخلاف في نذر الهدي إلى غيرهما أو نحره في غيرهما.
(ولا يتعين للأضحية مكان) قال في المنتهى (2) والتذكرة: لا نعلم فيه
خلافا (3)، (وزمانها بمنى أربعة) أيام (يوم النحر وثلاثة بعده، وفي)
غيرها من (الأمصار) وغيرها (ثلاثة) يوم النحر ويومان بعده بالاجماع
والنصوص. وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خبر غياث: الأضحى ثلاثة أيام، وأفضلها
أولها (4).
وسأل علي بن جعفر في الصحيح أخاه عليه السلام عن الأضحى كم هو بمنى؟ فقال:
أربعة أيام، وعنه في غير منى، فقال: ثلاثة أيام، قال: فما تقول في رجل مسافر
قدم بعد الأضحى بيومين أله أن يضحي في اليوم الثالث؟ فقال: نعم (5). وظاهره
التضحية في رابع العيد في الأمصار، ويجوز كونه قضاء. وحمل نحو قول أبي
جعفر عليه السلام في حسن محمد بن مسلم: (الأضحى يومان بعد يوم النحر ويوم واحد
بالأمصار) (6) على حرمة الصوم، واليومان إذا نفر في الثاني عشر.
(ويجوز ادخار لحمها) ثلاثة فصاعدا، وفي الخبر: أنه كان نهى رسول
الله صلى الله عليه وآله عن ادخاره فوق ثلاثة (7). فنسخ.
(ويكره أن يخرج به من منى) كما في الإستبصار (8) والنافع (9)
والشرائع (10)، لقول أبي إبراهيم عليه السلام في خبر علي: لا يتزود الحاج من أضحيته وله

(1) الخلاف: ج 2 ص 438 المسألة 336.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 755 س 28.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 386 س 42.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 95 ب 6 من أبواب الذبح ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 94 ب 6 من أبواب الذبح ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 96 ب 6 من أبواب الذبح ح 7.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 148 ب 41 من أبواب الذبح ح 1.
(8) الإستبصار: ج 2 ص 274 ب 189.
(9) المختصر النافع: ص 91.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 264.
209

أن يأكل منها أيامها إلا السنام فإنه دواء (1). وقول أحدهما عليهما السلام في خبره: لا يتزود
الحاج من أضحيته، وله أن يأكل منها بمنى أيامها (2).
وفي النهاية (3) والمبسوط (4) والتهذيب: أنه لا يجوز (5)، وهو ظاهر النهي
فيهما، لكنهما لضعفهما يضعفان عن التحريم، مع أن الأصل الإباحة، خصوصا وقد
كان يجوز الذبح بغيرها.
(ويجوز اخراج ما ضحاه غيره) فأهدى إليه أو اشتراه كما قال أحمد بن
محمد في خبر الحسين بن سعيد: ولا بأس أن يشتري الحاج من لحم منى
ويتزوده (6) لاختصاص الخبرين بأضحيته، وعليه حمل الشيخ (7) حسن محمد بن
مسلم، سأل الصادق عليه السلام عن اخراج لحوم الأضاحي من منى، فقال: كنا نقول: لا
يخرج منها شئ لحاجة الناس إليه، فأما اليوم فقد كثر الناس فلا بأس
باخراجه (8).
(المطلب الثالث)
(في الحلق والتقصير)
(ويجب بعد الذبح إما الحلق أو التقصير) قال في المنتهى: ذهب إليه
علمائنا أجمع إلا في قول شاذ للشيخ في التبيان: إنه مندوب (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 150 ب 42 من أبواب الذبح ح 4.
(2) المصدر السابق ح 3.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 531.
(4) المبسوط: ج 1 ص 394.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 226 ذيل الحديث 764.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 150 ب 42 من أبواب الذبح ذيل الحديث 4.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 227 ذيل الحديث 768.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 150 ب 42 من أبواب الذبح ح 5.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 762 س 32.
210

قلت: وقد أمضينا أن الشيخين إنما جعلاه مسنونا كالرمي (1). وأن ابن إدريس
فهم منه في الرمي الواجب بغير نص الكتاب، ولكنه حكى عن النهاية: إن الحلق
والتقصير مندوب غير واجب (2).
ويدل على الوجوب مع التأسي، الأخبار الموجبة للحلق على (3) الملبد (4) أو
الصرورة المخيرة لغيرهما بينهما، والآمرة بهما إذا نسي حتى نفر أو أتى مكة،
وبالكفارة إذا طاف قبلهما، والمعلقة للاحلال بهما. ويجب فعل أحدهما بمنى قبل
المضي للطواف قطع به جماعة من الأصحاب، ويظهر من آخرين. ويدل عليه ما
سيأتي في تركه حتى خرج منها، وقول الصادق عليه السلام لسعيد الأعرج: فإن لم يكن
عليهن ذبح فليأخذن من شعورهن ويقصرن من أظفارهن ثم يمضين إلى مكة (5).
وفي الغنية (6) والإصباح (7) أنه ينبغي أن يكون (بمنى، والحلق أفضل)
قال في التذكرة: إجماعا (8)، وفي المنتهى: لا نعلم فيه خلافا (9).
وقال الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي - الذي حكاه ابن إدريس عن نوادر
البزنطي -: والحلق أفضل (10) وقال لسالم أبي الفضل: إذ اعتمر فسأله فقال: احلق،
فإن رسول الله صلى الله عليه وآله ترحم على المحلقين ثلاث مرات، وعلى المقصرين مرة
واحدة (11).
وقال عليه السلام في صحيح الحلبي: استغفر رسول الله صلى الله عليه وآله للمحلقين ثلاث

(1) المقنعة: ص 419، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 532 - 533.
(2) السرائر: ج 1 ص 601.
(3) في خ: (والتقصير على).
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 185 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ج 10.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 50 ب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 23.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 467.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 763 س 3.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 763 س 23.
(10) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 562.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 187 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 13.
211

مرات (1). وفي حسن حريز: قال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم الحديبية: اللهم اغفر
للمحلقين مرتين، قيل وللمقصرين يا رسول الله صلى الله عليه وآله قال: وللمقصرين (2).
(خصوصا للملبد) وهو من يجعل في رأسه عسلا أو صمغا لئلا يتسخ أو
يقمل.
(والصرورة) وهو من لم يحج.
(ولا يتعين عليهما) الحلق كما في النهاية (3) والمبسوط (4) والوسيلة (5)،
وفي المقنع (6) والتهذيب (7) والجامع مع المعقوص (8)، وفي المقنعة (9) والاقتصاد (10)
والمصباح (11) ومختصره والكافي في الصرورة (12).
(على رأي) وفاقا للجمل والعقود (13) والسرائر (14) والغنية (15) والشرائع (16)
والنافع (17) للأصل، وإطلاق قوله تعالى:
(محلقين رؤوسكم ومقصرين) (18) وقوله عليه السلام: (وللمقصرين) (19). وضعفهما
في غاية من الظهور.
ودليل الوجوب الأخبار، كقول الصادق عليه السلام في صحيح هشام بن سالم: إذا

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 186 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 7.
(2) المصدر السابق ح 6.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 532.
(4) المبسوط: ج 1 ص 376.
(5) الوسيلة: ص 186.
(6) المقنع: ص 89.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 244 ذيل الحديث 823.
(8) الجامع للشرائع: ص 216.
(9) المقنعة: ص 419.
(10) الإقتصاد: ص 308.
(11) مصباح المتهجد: ص 644.
(12) الكافي في الفقه: ص 201.
(13) الجمل والعقود: ص 148.
(14) السرائر: ج 1 ص 601.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 22.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 264.
(17) المختصر النافع: ص 92.
(18) الفتح: 27.
(19) وسائل الشيعة: ج 10 ص 186 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 6.
212

عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج أو العمرة فقد وجب عليه الحلق (1). وفي خبر
أبي سعيد يجب الحلق على ثلاثة نفر: رجل لبد ورجل حج بدوا لم يحج قبلها،
ورجل عقص رأسه (2).
وفي خبر أبي بصير: على الصرورة أن يحلق رأسه ولا يقصر، إنما التقصير
لمن قد حج حجة الاسلام (3). وفي صحيح معاوية وحسنه: ينبغي للصرورة أن
يحلق، وإن كان قد حج فإن شاء قصر وإن شاء حلق، فإذا لبد شعره أو عقصه فإن
عليه الحلق، وليس له التقصير (4). وفي صحيحه أيضا: إذا أحرمت فعقصت شعر
رأسك أو لبدته فقد وجب عليك الحلق، وليس لك التقصير، وإن أنت لم تفعل
فمخير لك التقصير والحلق في الحج، وليس في المتعة إلا التقصير (5).
وفي خبر بكر بن خالد: ليس للصرورة أن يقصر (6). وسأله عليه السلام عمار عن
رجل برأسه قروح لا يقدر على الحلق، فقال: إن كان قد حج قبلها فليجز شعره،
وإن كان لم يحج فلا بد له من الحلق (7). ولا داعي إلى حملها على تأكد الاستحباب.
وفي التهذيب: إن الملبد والمعقوص الشعر إن اقتصرا على التقصير لزمهما
شاة (8). وبه صحيح العيص سأل الصادق عليه السلام عن رجل عقص شعر رأسه وهو
متمتع، ثم قدم مكة فقضى نسكه وحل عقاص رأسه فقصر وأدهن وأحل، قال:
عليه دم شاة (9). ونحوه صحيح ابن سنان عنه عليه السلام (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 185 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 2.
(2) المصدر السابق ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 186 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 185 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 186 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 8.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 187 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 10.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 186 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 4.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 244 ذيل الحديث 823.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 187 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 9.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 187 ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ذيل الحديث 9.
213

(ويجب على المرأة التقصير ويحرم) عليها (الحلق) إجماعا كما في
المختلف (1) وغيره.
(وفي إجزائه) عن التقصير إن فعلته (نظر) من التباين شرعا، ولذا
وجبت الكفارة على من حلق في عمرة التمتع، وهو ظاهر الآية (2)، والتخيير
بينهما، وإيجاب أحدهما وتحريم الآخر، ومن أن أول جز من الحلق بل كله
تقصير، ولذا لم يرد فيمن حلق في عمرة التمتع وجوب تقصير عليه بعده، وهو
الوجه إن لم ينو الحلق أولا، بل التقصير أو أخذ الشعر.
(ويجزئ) المرأة (في التقصير) أخذ (قدر الأنملة) من الشعر كما
في التهذيب (3) والنهاية (4) والمبسوط (5) والوسيلة (6) والجامع (7) والنافع (8)
والشرائع (9)، لقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: تقصر المرأة لعمرتها
مقدار الأنملة (10). ولكن قال عليه السلام لسعيد الأعرج: إن لم يكن عليهن ذبح فليأخذن
من شعورهن ويقصرن من أظفارهن (11). فالأولى الجمع.
وعن أبي علي: إنها يجزئها قدر القبضة (12). قال الشهيد: وهو على الندب (13). ثم
قيل: المراد بقدر الأنملة أقل المسمى كما في المختلف (14)، وهو ظاهر التذكرة (15)
والمنتهى، قال: لأن الزائد لم يثبت، والأصل براءة الذمة (16).

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 294.
(2) الفتح: 27.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 244 ذيل الحديث 823.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 533.
(5) المبسوط: ج 1 ص 376.
(6) الوسيلة: ص 186.
(7) الجامع للشرائع: ج 1 ص 216.
(8) المختصر النافع: ص 92.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 264.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 541 ب 3 من أبواب التقصير ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 188 ب 8 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 294.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 453 درس 114.
(14) مختلف الشيعة: ج 4 ص 294.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 390 س 5.
(16) منتهى المطلب: ج 2 ص 763 س 37.
214

ثم إطلاق المصنف هنا وفي غيره - كالنافع - (1) يعطي إجزاء ذلك للرجل أيضا
في الحج والعمرة، ويدل عليه مع الأصل نحو قول الصادق عليه السلام في خبر عمر بن
يزيد: ثم ائت منزلك فقصر من شعرك وحل لك كل شئ (2). وحسن الحلبي قال
له عليه السلام: إني لما قضيت نسكي للعمرة أتيت أهلي ولم أقصر، قال: عليك بدنة، قال،
قلت: إني لما أردت ذلك منها ولم يكن قصرت امتنعت، فلما غلبتها قرضت بعض
شعرها بأسنانها. فقال: رحمها الله كانت أفقه منك، عليك بدنة وليس عليها شئ (3).
وتقدم الكلام في التقصير لاخلال المتمتع عن عمرته.
(ولو رحل عن منى قبل الحلق) أو التقصير عمدا أو سهوا أو جهلا
(رجع فحلق) أو قصر (بها) وجوبا كما في التذكرة (4) والمنتهى (5)
والتحرير (6) والتهذيب (7) والكافي (8) وظاهر الأكثر، لصحيح الحلبي سأل
الصادق عليه السلام عن رجل نسي أن يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى،
قال: يرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها حلقا كان أو تقصيرا (9).
وخبر أبي بصير: سأله عليه السلام عمن جهل ذلك حتى ارتحل من منى، قال:
فليرجع إلى منى حتى يحلق رأسه بها أو يقصر (10). وعن أبي بصير عنه عليه السلام في
رجل زار البيت ولم يحلق رأسه قال: يحلق بمكة ويحمل شعره إلى منى وليس
عليه شئ (11). وقد يعطي ظاهره عدم وجوب العود للحلق إذا قدم عليه الطواف.

(1) المختصر النافع: ص 92.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 539 ب 1 من أبواب التقصير ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 540 ب 3 من أبواب التقصير ح 2.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 390 س 16.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 764 س 141.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 108 س 33.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 242 ذيل الحديث 814.
(8) الكافي في الفقه: ص 201.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 182 ب 5 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 183 ب 5 من أبواب الحلق والتقصير ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 185 ب 6 من أبواب الحلق والتقصير ح 7.
215

(فإن تعذر) الرجوع (حلق أو قصر مكانه وجوبا) وهو ظاهر،
وعليه حمل خبر مسمع سأل الصادق عليه السلام عن رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصر
حتى نفر، قال: يحلق في الطريق أو أين كان (1).
ولا شئ عليه وإن تعمد للأصل ويؤيده خبر أبي بصير.
(وبعث بشعره ليدفن بها ندبا) كما في التهذيب (2) والاستبصار (3)
والنافع (4)، للأخبار، لا وجوبا كما في الكافي (5)، وقد يظهر من غيره، للأصل،
وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: ما يعجبني أن يلقي شعره إلا بمنى (6). وفي
صحيح معاوية: كان علي بن الحسين عليهما السلام يدفن شعره في فسطاطه بمنى، ويقول:
كانوا يستحبون ذلك (7).
ودليل الوجوب قوله عليه السلام في صحيح ليث المرادي: ليس له أن يلقى شعره إلا
بمنى (8). وظاهر غيره من الأخبار. وهما مع التسليم لا يوجبان الدفن بها.
ويحتمل قول الحلبي تأكد الاستحباب كالأخبار (9). وفي المختلف: ولو قيل
بوجوب الرد لو حلق عمدا بغير منى إذا لم يتمكن من الرجوع بعد خروجه عامدا،
وبعدم الوجوب لو كان خروجه ناسيا لكان وجها (10).
قلت: لأنه كان يجب عليه الحلق بمنى وإلقاء الشعر بها، ولا يسقط أحد
الواجبين إذا سقط الآخر، بخلاف ما إذا نسي، إذ لا يجب على الناسي شئ منهما

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 182 ب 5 من أبواب الحلق والتقصير ح 2.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 241 ذيل الحديث 811.
(3) الإستبصار: ج 2 ص 285 ذيل الحديث 1013.
(4) المختصر النافع: ص 92.
(5) الكافي في الفقه: ص 201.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 184 ب 6 من أبواب الحلق والتقصير ح 6.
(7) المصدر السابق ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 184 ب 6 من أبواب الحلق والتقصير ح 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 183 ب 6 من أبواب الحلق والتقصير.
(10) مختلف الشيعة: ج 4 ص 297.
216

مع ما سمعته من خبر أبي بصير (1).
ودليل وجوب الالقاء بها، قول معاوية في الصحيح: كان أبو عبد الله عليه السلام يكره
أن يخرج الشعر من منى ويقول: من أخرجه فعليه أن يرده (2).
(ولو تعذر) البعث (لم يكن عليه شئ) وإن قلنا بالوجوب للأصل
والأخبار (ويمر من لا شعر على رأسه) خلقة أو لحلقه قبل (الموسى
عليه) إجماعا كما في التذكرة (3) من أهل العلم كما في المنتهى (4) استحبابا،
ويتعين عليه التقصير من اللحية أو غيرها وإن لم يكن له ما يقصر منه أو كان
صرورة أو ملبدا أو معقوصا.
وقلنا: يتعين الحلق عليهم، اتجه وجوب الامرار، وقد سبق فيه كلام، وأطلق
في التحرير الاستشكال على وجوبه (5).
وفي التذكرة (6) والمنتهى: إن أبا حنيفة أوجبه (7)، لأنه كان واجبا عند الحلق،
فإذا سقط الحلق لتعذره لم يسقط. قال: وكلام الصادق عليه السلام يعطيه، يعني ما أمضيناه
في خبر زرارة، قال: فإن الاجزاء إنما يستعمل في الواجب، وأن أكثر الجمهور
استحبه، لأن محل الحلق الشعر، فيسقط بعدمه كسقوط الغسل بانتفاء العضو
المغسول، ولأنه لو فعل الامرار في الاحرام لم يجب عليه دم، فلم يجب عند
الاحلال كالامرار على الشعر من غير حلق، وضعفهما ظاهر.
(ويجب تقديم الحلق أو التقصير على طواف الحج وسعيه) كأنه لا
خلاف فيه، ولا ينافيه قول الصادق عليه السلام في صحيح جميل: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه
أناس يوم النحر، فقال بعضهم: يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح، وقال بعضهم:

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 184 ب 6 من أبواب الحلق والتقصير ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 184 ب 6 من أبواب الحلق والتقصير ح 5.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 390 س 9.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 764 س 2.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 108 س 31.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 390 س 11.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 764 س 4.
217

حلقت قبل أن أرمي، فلم يتركوا شيئا كان ينبغي لهم أن يقدموه إلا أخروه، فقال:
لا حرج (1). وإن شمل تقديم الطواف أو السعي فإنه في الظاهر إنما ينفي الإثم عن
الجاهل والناسي أو أحدهما.
(فإن أخره عامدا) عالما (جبره بشاة، ولا شئ على الناسي،
ويعيد الطواف) والسعي بعد الحلق أو التقصير الناسي خاصة كما يظهر من الأكثر
ومنهم المصنف في كتبه (2)، أو كل منهما كما يعطيه الوسيلة (3)، واطلاق صحيح علي
ابن يقطين: سأل أبا الحسن عليه السلام عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصر حتى زارت
البيت فطافت وسعت من الليل ما حالها وما حال الرجل إذا فعل ذلك؟ قال: لا
بأس به يقصر ويطوف للحج، ثم يطوف للزيارة، ثم قد أحل من كل شئ (4).
وقد يستدل بالنهي عن الطواف والسعي قبله فيكون فاسدا، وهو ممنوع.
ودليل السقوط عن العامد الأصل، وأغفله في صحيح ابن مسلم عن أبي
جعفر عليه السلام قال إن كان زار البيت قبل أن يحلق وهو عالم أن ذلك لا ينبغي له فإن
عليه دم شاة (5). وهو دليل جبره بشاة، ولم أعرف فيه خلافا، لكن أغفل في بعض
الكتب كالمقنعة والمراسم والغنية والكافي. ونسب في الدروس إلى الشيخ وأتباعه (6).
وقال ابن حمزة: فإن زار البيت قبل الحلق أعاد الطواف بعده، وإن تركه عمدا
لزمه دم شاة (7). فيحتمل ترك الإعادة، ولعله أراد ترك الحلق حتى زار.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 140 ب 39 من أبواب الذبح ح 4 وفيه: (كان ينبغي أن يؤخروه
إلا قدموه).
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 764 س 8، وتذكرة الفقهاء: ج 1 ص 390 س 13، وتحرير
الأحكام: ج 1 ص 108 س 32، ومختلف الشيعة: ج 4 ص 295.
(3) الوسيلة: ص 186.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 182 ب 4 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 180 ب 2 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 454 س 114.
(7) الوسيلة: ص 186.
218

وفي الشرائع: إن الناسي يعيد على الأظهر (1). فقد يكون استند للعدم بالأصل،
وبصحيح جميل (2) وحسنه (3) سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يزور البيت قبل أن
يحلق، فقال: لا ينبغي إلا أن يكون ناسيا، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه الناس
يوم النحر إلى آخر ما سمعته آنفا، وصحيح محمد بن حمران عنه عليه السلام مثله (4).
وهل يعيد الجاهل؟ وجهان من صحيح علي بن يقطين (5) وجميل (6)،
والإعادة أظهر، ومال الشهيد إلى العدم (7). وكلما وجبت الإعادة فإن تعمد تركها
بطل الحج إلا مع العذر، فليستنيب وإن كان تعمد التقديم.
(ويستحب أن يبدأ في الحلق بناصيته من قرنه الأيمن) لنحو صحيح
معاوية عن أبي جعفر عليه السلام أنه أمر الحلاق أن يضع الموسى على قرنه الأيمن ثم أمره
أن يحلق (8). وعن الحسين بن أسلم عن بعض الصادقين:: لما أراد أن يقصر من
شعره للعمرة وأراد الحجام أن يأخذ من جوانب الرأس، قال له: إبداء بالناصية (9).
(و) أن (يحلق إلى العظمين) لقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر غياث:
السنة في الحلق أن يبلغ العظمين (10). والمراد بهما - كما في الفقيه (11) والمقنع (12)

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 265.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 140 ب 39 من أبواب الذبح ح 4.
(3) المصدر السابق ذيل الحديث 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 181 ب 2 من أبواب الحلق والتقصير ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 182 ب 4 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 140 ب 39 من أبواب الذبح ح 4.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 454 درس 114.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 190 ب 10 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 547 ب 10 من أبواب التقصير ذيل الحديث 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 190 ب 10 من أبواب الحلق والتقصير ح 2.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 550.
(12) المقنع: ص 88.
219

والهداية (1) والجامع (2) والدروس - اللذان عند منتهى الصدغين، قبالة وتد
الأذنين (3).
وفي الوسيلة: العظمين خلفه (4). وفي الإقتصاد (5) والجمل والعقود (6)
والمهذب: إلى الأذنين (7)، وفي المصباح (8) ومختصره العظمين المحاذيين
للأذنين، وهاتان العبارتان تحتملان الأمرين.
وعلى كل فالغاية بهما للاستيعاب كما في الدروس (9) والمصباح (10) ومختصره
لا لعدمه، ولكن المعنى الأول يفيده طولا، والثاني دورا.
(ويدعو) بقوله: اللهم أعطني بكل شعرة نورا يوم القيامة، كما في صحيح
معاوية عن أبي جعفر عليه السلام وفيه: أنه سمى ودعا به (11). وزاد المفيد في الدعاء:
وحسنات مضاعفات إنك على كل شئ قدير (12). والحلبيان مع ذلك بعد
مضاعفات: وكفر عني السيئات (13).
(فإذا حلق أو قصر أحل من كل شئ) حرمه الاحرام (إلا الطيب
والنساء) كما في التهذيب (14) والنهاية (15) والمبسوط (16) والوسيلة (17) والسرائر (18)

(1) الهداية: ص 63.
(2) الجامع للشرائع: ص 216.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 453 درس 114.
(4) الوسيلة: ص 186.
(5) الإقتصاد: ص 308.
(6) الجمل والعقود: ص 148.
(7) المهذب: ج 1 ص 260.
(8) مصباح المتهجد: ص 645.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 453 درس 114.
(10) مصباح المتهجد: ص 645.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 190 ب 10 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(12) المقنعة: ص 419.
(13) الكافي في الفقه: ص 216، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 520 س 19.
(14) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 244 ذيل الحديث 828.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 533.
(16) المبسوط: ج 1 ص 376.
(17) الوسيلة: ص 187.
(18) السرائر: ج 1 ص 601.
220

والشرائع (1) والمصباح (2) ومختصره والجامع (3)، لقول الصادق عليه السلام في خبر عمر
بن يزيد: إعلم أنك إذا حلقت رأسك فقد حل لك كل شئ إلا النساء والطيب (4).
وما حكاه ابن إدريس عن نوادر البزنطي من خبر جميل: سأله عليه السلام المتمتع ما
يحل له إذا حلق رأسه قال: كل شئ إلا النساء والطيب (5). وهو يعم ما إذا أخر
الحلق عن غيره من مناسك منى أو قدمه.
وفي الخلاف (6) والنافع (7) والمختلف: إن هذا الاحلال إذا أتى بجميع مناسك
منى (8)، وبه قال أبو علي (9)، وقد يكون هو المراد بالخبرين، وكلام الأولين حملا
للحلق على الواقع على أصله، ويؤيده الأصل والاحتياط.
وقال الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: إذا ذبح الرجل وحلق فقد أحل من كل
شئ أحرم منه إلا النساء والطيب (10).
وفي المقنع (11) والتحرير (12) والتذكرة (13) والمنتهى: إنه بعد الرمي والحلق (14)،
ولعل المراد ما سبقه، ولم يذكر الذبح، لاحتمال الصوم بدله واكتفاء بالأول
والآخر.
وقال الصدوقان في الرسالة (15) والفقيه بهذا التحلل بالرمي وحده (16). وعن

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 265.
(2) مصباح المتهجد: ص 645.
(3) الجامع للشرائع: ص 216.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 193 ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 4.
(5) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 559.
(6) الخلاف: ج 2 ص 348 المسألة 172.
(7) المختصر النافع: 92.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 299.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 298.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 192 ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(11) المقنع: ص 90.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 109 س 8.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 391 س 9.
(14) منتهى المطلب: ج 2 ص 766 س 29.
(15) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 298.
(16) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 549.
221

أمير المؤمنين عليه السلام في خبر الحسين بن علوان الذي رواه الحميري في قرب الإسناد: إذا رميت جمرة العقبة فقد حل لك كل شئ حرم عليك إلا النساء (1).
(و) أما (الصيد) فهو أيضا باق على التحريم كما في النافع (2)
والشرائع (3) (على إشكال) من إطلاق الأخبار والأصحاب أنه يحل من كل
شئ إلا النساء والطيب، ومن أنه في الحرم، ولذا ذكر علي بن بأبويه (4)
والقاضي: أنه لا يحل بعد طواف النساء أيضا (5)، لكونه في الحرم. وفيه: أنه لا
ينافي التحلل منه نظرا إلى الاحرام. وقيل: ضرب على الاشكال في بعض النسخ.
وتظهر الفائدة في أكل لحم الصيد كما نص على حله في الخلاف (6)، وفي
مضاعفة الكفارة، وإذا خرج إلى الحل قبل الطواف.
(و) هذا التحلل (هو التحلل الأول للمتمتع، أما غيره فيحل له)
بالحلق أو التقصير أو (الطيب أيضا) كما في الأحمدي (7) والتهذيب (8)
والاستبصار (9) والنهاية (10) والمبسوط (11) والوسيلة (12) والسرائر (13) والجامع (14)،
لأن محمد بن حمران سأل الصادق عليه السلام عن الحاج غير المتمتع يوم النحر ما يحل
له؟ قال: كل شئ إلا النساء، وعن المتمتع ما يحل له يوم النحر؟ قال: كل شئ إلا
النساء والطيب (15).
ولقول ابن عباس في صحيح معاوية عن الصادق عليه السلام: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله

(1) قرب الإسناد: ص 51.
(2) المختصر النافع: ص 92.
(3) شرائع الاسلام: ص 265.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 298.
(5) المهذب: ج 1 ص 261.
(6) الخلاف: ج 2 ص 348 المسألة 372.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 298.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 247 ذيل الحديث 834.
(9) الإستبصار: ج 2 ص 289 ذيل الحديث 1023.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 533.
(11) المبسوط: ج 1 ص 377.
(12) الوسيلة: ص 188.
(13) السرائر: ج 1 ص 601.
(14) الجامع للشرائع: ص 216.
(15) وسائل الشيعة: ج 10 ص 195 ب 14 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
222

يضمد رأسه بالمسك قبل أن يزور (1). ولخبر جميل الذي حكاه ابن إدريس عن
نوادر البزنطي سأله عليه السلام المتمتع ما يحل له إذا حلق رأسه؟ قال: كل شئ إلا
النساء والطيب، قال: فالمفرد؟ قال: كل شئ إلا النساء (2).
وللجمع بين صحيح منصور بن حازم سأله عليه السلام عن رجل رمى وحلق، أيأكل
شيئا فيه صفرة؟ قال: لا حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة (3). وصحيح عبد
الرحمن بن الحجاج قال: ولد لأبي الحسن عليه السلام مولود بمنى فأرسل إلينا يوم النحر
بخبيص فيه زعفران وكنا قد حلقنا، قال عبد الرحمن: فأكلت أنا منه وأبى الكاهلي
ومرازم أن يأكلا منه، وقالا: لم نزر البيت، وسمع أبو الحسن عليه السلام كلامنا، فقال
لمصادف - وكان هو الرسول الذي جاءنا به -: في أي شئ كانوا يتكلمون؟ قال:
أكل عبد الرحمن وأبى الآخران، وقالا: لم نزر بعد، فقال: أصاب عبد الرحمن، ثم
قال: أما تذكر حين أتينا به في مثل هذا اليوم فأكلت أنا منه وأبى عبد الله أخي أن
يأكل منه، فلما جاء أبي حرشه علي، فقال: يا أبه إن موسى أكل خبيصا فيه
زعفران ولم يزر بعد، فقال أبي: هو أفقه منك، أليس قد حلقتم رؤوسكم (4).
واشترط الشهيد (5) في حل الطيب له تقديمه الطواف والسعي، وأطلق في
الخلاف (6) والنافع (7) والشرائع (8) بقاء حرمة النساء والطيب، وحكى التسوية عن
الجعفي (9)، وظاهر الحسن حل الطيب للمتمتع أيضا (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 196 ب 14 من أبواب الحلق والتقصير ح 2.
(2) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 559.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 193 ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 196 ب 14 من أبواب الحلق والتقصير ح 3.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 455 درس 114.
(6) الخلاف: ج 2 ص 348 المسألة 172.
(7) المختصر النافع: ص 92.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 265.
(9) حكاه الشهيد في الدروس الشرعية: ج 1 ص 455 درس 114.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 298.
223

ويؤيده صحيح سعيد بن يسار سأل الصادق عليه السلام عن المتمتع، قال: إذا حلق
رأسه يطليه بالحناء وحل له الثياب والطيب وكل شئ إلا النساء رددها علي
مرتين أو ثلاثا، قال: وسألت أبا الحسن عليه السلام عنها، قال: نعم، الحناء والثياب
والطيب وكل شئ إلا النساء (1).
قال الشهيد: إنه متروك (2)، وحمله الشيخ على من طاف وسعى (3). ونحوه خبر
إسحاق بن عمار سأل أبا إبراهيم عليه السلام عن المتمتع إذا حلق رأسه ما يحل له؟ قال:
كل شئ إلا النساء (4).
وفي الصحيح والحسن عن أبي أيوب الخزاز قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام بعد
ما ذبح حلق، ثم ضمد رأسه بمسك، وزار البيت وعليه قميص وكان متمتعا (5).
وحمل جميع ذلك على ما ذكره بعيد. وكذا خطأ أبي أيوب في زعمه أنه عليه السلام
متمتع وكون الزيارة التي ذكرها طوافا مندوبا.
نعم يحتمل الأخير الصرورة [ثم معنى خبر سعيد في الكافي هكذا قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتمتع إذا حلق رأسه قبل أن يزور فيطليه بالحناء؟ قال:
نعم، الحناء والثياب والطيب (6)، إلى آخر ما مر، وما سمعته آنفا منه في التهذيب
والاستبصار. وإنما رواه الشيخ وحكاه عن الكافي، فكانت نسخة الكافي التي
حكاه عنها ذات سقط، والصحيح ما حكيناه عن الكافي، والسائل لم يذكر ما
عرضه على الإمام عليه السلام من مسألته، وقوله: (فيطليه) بالنصب عطفا على (يزور)
وإنما ذكر ما ذكر لحكاية قول الإمام عليه السلام وحكمه يحل الحناء والثياب والطيب
بعد الزيارة] (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 194 ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 7.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 455 درس 114.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 246 ذيل الحديث 832.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 194 ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 8.
(5) المصدر السابق ح 10.
(6) الكافي: ج 4 ص 505 ح 1.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
224

وسأل العلاء الصادق عليه السلام في الصحيح: إني حلقت رأسي وذبحت وأنا
متمتع، أطلى رأسي بالحناء؟ قال: نعم، من غير أن تمس شيئا من الطيب، قال:
وألبس القميص وأتقنع؟ قال: نعم، قلت: قبل أن أطوف بالبيت؟ قال نعم (1). وقد مر
احتمال أن لا يكون الحناء من الطيب.
(فإذا طاف) المتمتع (للحج حل له الطيب) أيضا كما في النهاية (2)
والمبسوط (3) والمصباح (4) ومختصره والانتصار (5) والاستبصار (6) والوسيلة (7)
والسرائر (8) والنافع (9) والشرائع (10) لقول الصادق عليه السلام في خبر منصور بن حازم:
إذا كنت متمتعا فلا تقربن شيئا فيه صفرة حتى تطوف بالبيت (11).
وفيما كتبه إلى المفضل بن عمر، فيما رواه سعد بن عبد الله في بصائر
الدرجات عن القاسم بن الربيع ومحمد بن الحسين بن أبي الخطاب ومحمد بن
سنان جميعا عن مياح المدائني عنه عليه السلام: فإذا أردت المتعة في الحج - إلى أن قال: -
ثم أحرمت بين الركن والمقام بالحج فلا تزال محرما حتى تقف بالمواقف، ثم
ترمي وتذبح وتغتسل، ثم تزور البيت، فإذا أنت فعلت فقد أحللت (12).
(و) هذا (هو التحلل الثاني) ولا يتوقف على صلاة الطواف لاطلاق
النص والفتوى وإن قدم الطواف على الوقوف أو مناسك منى للضرورة، فالظاهر
عدم التحلل للأصل وخبر المفضل (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 193 ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 5.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 533.
(3) المبسوط: ج 1 ص 377.
(4) مصباح المتهجد: ص 645.
(5) الإنتصار: ص 103.
(6) الإستبصار: ج 2 ص 287 ذيل الحديث 1021.
(7) الوسيلة: ص 187.
(8) السرائر: ج 1 ص 601.
(9) المختصر النافع: ص 92.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 265.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 95 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 12.
(12) بصائر الدرجات: ص 526 و 533 و ص 534، وفيه: (عن صباح المدائني).
(13) وسائل الشيعة: ج 8 ص 167 ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 30.
225

هذا وانصراف إطلاق الخبر الأول والفتاوى إلى المؤخر بل الأكثر كالكتاب
ظاهر فيه، وقيل بالتحلل (1)، والمشهور توقف حل الطيب على السعي، وهو
الأقوى، وخيرة الخلاف (2) والمختلف (3) للأصل، ونحو صحيح منصور بن حازم
سأل الصادق عليه السلام عن رجل رمى وحلق أيأكل شيئا فيه صفرة؟ قال: لا حتى
يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم قد حل له كل شئ إلا النساء (4). وقوله عليه السلام
في صحيح معاوية بن عمار: فإذا زار البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد
أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء (5). ويمكن تعميم زيارة البيت في الخبرين
المتقدمين له.
(فإذا طاف) طوافا (للنساء حللن له) اتفاقا، صلى له أم لا، لاطلاق
النصوص (6) والفتاوى، إلا فتوى الهداية (7) والاقتصاد (8).
وأما قول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: ثم ارجع إلى البيت وطف به أسبوعا
آخر، ثم تصلي ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السلام، ثم قد أحللت من كل شئ وفرغت
من حجك كله، وكل شئ أحرمت منه (9). فيجوز أن يكون لتوقف الفراغ عليها.
(وهو التحلل الثالث) والكلام فيما إذا قدمه على الوقوف أو مناسك منى
ما تقدم.
(ولا تحل النساء) للرجال (إلا به) للأخبار والاجماع إلا من
الحسن (10)، وهو نادر.

(1) القائل صاحب ذخيرة المعاد: ص 684 س 28.
(2) الخلاف: ج 2 ص 348 المسألة 172.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 300.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 193 ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 192 ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 1.
(6) المصدر السابق.
(7) الهداية: ص 64.
(8) الإقتصاد: ص 309.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 205 ب 4 من أبواب زيارة البيت ح 1.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 300.
226

(ويحرم على المرأة الرجل لو تركته) كما في رسالة علي بن بأبويه (1)
(على إشكال) من الأصل للاجماع، والأخبار على حرمة الرجال عليها
بالاحرام، والنصوص والفتاوى على كونها كالرجل في المناسك، إلا فيما
استثني ومنها طواف النساء، وقد نص عليه لها في الأخبار والفتاوى ولا يفيدها
ظاهرا إلا حلهم.
ومن انتفاء النص عليه بخصوصه، وإن وجد في كتاب ينسب إلى الرضا عليه السلام (2)،
وانتفاء الدليل عليه بخصوصه كما في المختلف (3) والشرحان (4). وقد مضى النص
عليه في أو آخر ثاني مطالب المقدمات، وهو خبر العلاء بن صبيح وعبد الرحمن
بن الحجاج وعلي بن رئاب وعبد الله بن صالح (5)، وطريقه نقي ليس فيه إلا حفص
بن البختري. والمشهور أنه ثقة، وصحح خبره المصنف في غير موضع.
(و) لا إشكال في أنه (يجب عليها) كالرجل (قضاؤه) أي فعله،
(ولو تركه الحاج) ناسيا فقد مر الكلام فيه، ولو تركه (متعمدا وجب عليه
الرجوع إلى مكة والاتيان به لتحل له النساء، فإن تعذر استناب، فإذا طاف
النائب حل له النساء) كما في النهاية (6).
أما وجوب الاتيان به بنفسه أو بنائبه لتحله النساء فلا خلاف فيه ممن عدا
الحسن (7)، إلا أن يكون طاف طواف الوداع على رأي علي بن بأبويه (8) كما مر.
وأما وجوب الاتيان بنفسه ما أمكنه فلما مر في الناسي، وهنا أولى. وقد يظهر

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 301.
(2) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 230.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 301.
(4) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 316، وجامع المقاصد: ج 3 ص 259.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 497 ب 84 من أبواب الطواف ح 1.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 536.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 300 - 301.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 301.
227

من الحلبيين جواز الاستنابة اختيارا (1).
وأما جواز الاستنابة فلما مر من الأخبار في الناسي، مع أنه لا حرج في
الدين وشرع الاستنابة فيه في الجملة.
ويحتمل العدم كما في الدروس (2)، ويحتمله المبسوط (3) للأصل والتفريط
والاقتصار في الاستنابة التي هي خلاف الأصل على مورد النص وهو الناسي.
(وهل يشترط مغايرته لما يأتي به من طواف النساء في إحرام آخر
إشكال) من أصل عدم التداخل، واستصحاب الحرمة. ومن أن الحرمة لا تتكرر،
وقد كانت قبل الاحرام الثاني، فهو إنما يفيد حرمة غير النساء، ويكفي لحلهن
طواف واحد، وأيضا فالنصوص (4) والفتاوى مطلقة في حلهن إذا طاف للنساء،
وأيضا إن لم يتحللن له لم يعد شيئا، بل لم يكن طواف النساء، فإنه إنما ينوي به
الطواف لحلهن.
والكل ضعيف لجواز تعدد الأسباب الشرعية لحكم شرعي واحد، فإنما ينوي
بكل طواف رفع أحد سببي الحرمة، وهو فائدته، والاطلاق منصرف إليه.
(ويحرم على المميز النساء بعد بلوغه لو تركه على إشكال) من أن
الاحرام سبب لحرمتهن، والأحكام الوضعية لا يختص بالمكلف، حتى أن الشهيد
حكم بمنعه من الاستمتاع قبل البلوغ (5). ومن أن سبب الحرمة الاحرام الشرعي،
وشرعية إحرامه ممنوعة، بل تمريني. ولا إشكال في الحل إذا لم يتركه، إذ كما أن
إحرامه يصلح سببا للحرمة الشرعية أو مطلقا فكذا طوافه يصلح سببا للحل.
وما قيل: من أنه كطهارته من الحدث في أنها إن لم يكن شرعية لم يرفع

(1) الكافي في الفقه: ص 195، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 7.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 404 درس 105.
(3) المبسوط: ج 1 ص 359.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 192 ب 13 من أبواب الحلق والتقصير.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 458 درس 115.
228

الحدث، وهم، فإن الحدث لا ينقسم إلى شرعي وغيره ليتفاوت بحسبهما في
السببية وعدمها. وكذا الاشكال في غير المميز إذا لم يطف به الولي، إذ لا إشكال
في أن إحرامه ليس شرعيا بل ولا تمرينيا، لكن يحتمل قويا أن يكون إحرام الولي
به محرما عليه، وقطع به الشهيد كالمميز (1).
(ويحرم) النساء بالاحرام (على العبد المأذون) فيه وإن لم يكن
متزوجا، ولا يدفعه حرمتهن عليه قبله بدون الإذن، لجواز نوادر الأسباب
الشرعية على مسبب واحد، ويتفرع على ذلك أن المولى إذا أذن له في التزوج
وهو يعلم أن عليه طواف النساء فقد أذن له في المضي لقضائه، وكذا إذا كان
متزوجا وقد أذن في إحرامه، فقد أذن له في الرجوع بطواف النساء ما إذا تركه،
وليس للمولى تحليله مما أحرم منه، خلافا لأبي حنيفة (2).
(وإنما يحرم بتركه الوطء) وما في حكمه من التقبيل والنظر واللمس
بشهوة (دون العقد) وإن كان حرم بالاحرام، لاطلاق الأخبار والفتاوى
باحلاله مما قبله من كل ما أحرم منه إلا النساء، والمفهوم منه الاستمتاع بهن لا
العقد عليهن. ويحتمل قويا حرمة العقد كما قطع به الشهيد (3) للاستصحاب، ويأتي
في العمرة الاشكال فيه.
(ويكره لبس المخيط قبل طواف الزيارة، والطيب قبل طواف
النساء) للأخبار (4)، وفي بعضها (5) نهى المتمتع عن المخيط دون المفرد قبل
طواف الزيارة، فتخف الكراهية في المفرد أو تنتفي.
(فإذا قضى مناسك منى مضى إلى مكة للطوافين والسعي) إن بقيت

(1) المصدر السابق.
(2) الفتاوى الهندية: ج 1 ص 264.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 368 درس 98.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 114 ب 25 من أبواب تروك الاحرام.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 199 ب 18 من أبواب الحلق والتقصير ح 3.
229

عليه، ويتأكد المبادرة إليه (ليومه) للأخبار، واستحباب المسارعة والاستباق
إلى الخيرات والتحرز عن العوائق والاعراض.
ولا يجب للأصل، ونحو قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: لا بأس أن
تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر، إنما يستحب تعجيل ذلك مخافة الأحداث
والمعاريض (1). وفي حسن معاوية: لا تؤخر أن تزور من يومك، فإنه يكره
للمتمتع أن يؤخر (2).
وفي النهاية (3) والمبسوط (4) والوسيلة (5) والجامع: لا يؤخر عنه إلا لعذر (6)،
ويجوز أن يريد والتأكيد.
(وإلا) يفعلها ليومه (فمن غده) اتفاقا، كما قال ا لصادق عليه السلام في حسن
معاوية: فإن شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد (7).
ولا يؤخرها عنه ما أمكنه (خصوصا المتمتع) كما قال عليه السلام في صحيح
الحلبي: ينبغي للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر أو من ليلته، ولا يؤخر ذلك
اليوم (8).
(فإن أخره) عنه (أثم) كما في النافع (9) وموضع من الشرائع (10)
وغيرهما، لصحيح معاوية سأل الصادق عليه السلام عن المتمتع متى يزور البيت؟ قال:
يوم النحر أو من الغد ولا يؤخر (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 202 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 200 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 1.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 534.
(4) المبسوط: ج 1 ص 377.
(5) الوسيلة: ص 187.
(6) الجامع للشرائع: ص 217.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 200 من أبواب زيارة البيت ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 201 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 7.
(9) المختصر النافع: ص 92.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 265.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 202 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 8.
230

ونسب في التذكرة (1) والمنتهى (2) إلى علمائنا، خلافا للسرائر (3) والمختلف (4)
وموضع من الشرائع (5) للأصل والأخبار كما تقدم آنفا من صحيح ابن سنان،
وصحيح الحلبي - الذي حكى في السرائر عن نوادر البزنطي -: سأل الصادق عليه السلام
عن رجل أخر الزيارة إلى يوم النفر، قال: لا بأس (6). وخبر إسحاق سأل أبا
إبراهيم عليه السلام عن زيارة البيت تؤخر إلى يوم الثالث، قال: تعجيلها أحب إلي،
وليس به بأس إن أخرها (7). وهو الأقوى، وخيرة اللمعة (8).
(وأجزاء) على القولين كما في الإستبصار (9) والشرائع ما أوقعه في ذي
الحجة في أي جز كان منه (10) كما في السرائر (11)، لأن الحج أشهر، فذو الحجة
كله من أشهره، وللأصل، وقول الصادق عليه السلام في صحيح هشام بن سالم: لا بأس
إن أخرت زيارة البيت إلى أن تذهب أيام التشريق، إلا أنك لا تقرب النساء ولا
الطيب (12). وفي صحيح عبيد الله الحلبي: أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام
التشريق (13).
وفي الغنية (14) والكافي: إن وقته يوم النحر إلى آخر أيام التشريق (15)، ولعله
لقوله عليه السلام في صحيح ابن سنان: لا بأس بأن يؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر (16).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 391 س 23.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 767 س 11.
(3) السرائر: ج 1 ص 602.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 303.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 237.
(6) السرائر: ج 3 ص 561.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 202 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 10.
(8) اللمعة الدمشقية: ص 39.
(9) الإستبصار: ج 2 ص 291 ذيل الحديث 1035.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 265.
(11) السرائر: ج 1 ص 602.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 201 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 3.
(13) المصدر السابق ح 2.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 4.
(15) الكافي في الفقه: ص 195.
(16) وسائل الشيعة: ج 10 ص 202 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 9.
231

وفي الوسيلة: لم يؤخر إلى غد لغير عذر، وإلى بعد غد لعذر (1). وهو يعطي
عدم الاجزاء إن أخر عن ثاني النحر.
(ويجوز للقارن والمفرد تأخير ذلك طول ذي الحجة) كما في
النهاية (2) والمبسوط (3) والخلاف (4) والنافع (5) والشرائع (6)، وبمعناه ما في
الإقتصاد (7) والمصباح (8) ومختصره والتهذيب (9) من التأخير عن أيام التشريق
للأخبار المطلقة والأصل، وأن الحج أشهر.
وصحيح معاوية سأل الصادق عليه السلام عن المتمتع متى يزور البيت؟ قال: يوم
النحر أو من الغد ولا يؤخر، والمفرد والقارن ليسا بسواء موسع عليهما (10). ولا
يفهم منه إلا التأخير عن الغد، وكذا المقنعة (11) والفقيه (12) والجمل والعقود (13)
وجمل العلم والعمل (14) والوسيلة (15) والمراسم (16) والجامع (17)، ومفهوم صحيح
الحلبي (18).
وأما قوله عليه السلام في حسن معاوية في الزيارة يوم النحر: زره، فإن شغلت فلا
يضرك إن تزور البيت من الغد، ولا تؤخر أن تزور من يومك، فإنه يكره للمتمتع أن

(1) الوسيلة: ص 187.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 534.
(3) المبسوط: ج 1 ص 377.
(4) الخلاف: ج 2 ص 350 المسألة 175.
(5) المختصر النافع: ص 92.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 265.
(7) الإقتصاد: ص 308.
(8) مصباح المتهجد: ص 643.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 249 ب 18.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 202 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 8.
(11) المقنعة: ص 420.
(12) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 551.
(13) الجمل والعقود: ص 148.
(14) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 69.
(15) الوسيلة: ص 187.
(16) المراسم: ص 114.
(17) الجامع للشرائع: ص 217.
(18) وسائل الشيعة: ج 10 ص 201 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 7.
232

يؤخر، وموسع للمفرد أن يؤخره (1). فظاهره التأخير عن يوم النحر.
وصريح الكافي (2) وظاهر الغنية (3) والإصباح (4) إن وقته لهما أيضا إلى
آخر أيام التشريق.
ثم هنا وفي النافع (5) والشرائع (6) والمنتهى (7) والارشاد (8) أن تأخيرهما
(على كراهية) قال في المنتهى: للعلة التي ذكرها الصادق عليه السلام في حديث ابن
سنان (9). وهو يعطي أن المراد بها أفضلية التقديم كما في التحرير (10)
والتلخيص (11)، وهو الوجه.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 201 ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 1.
(2) الكافي في الفقه: ص 195.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 5.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 461.
(5) المختصر النافع: ص 92.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 265.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 767 س 23.
(8) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 335.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 767 س 23.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 109 س 13.
(11) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 330.
233

(الفصل السابع)
(في باقي المناسك)
(وفيه مطالب) أربعة:
رابعها المضي إلى المدينة، وفيه ما لا يخفى من الحث عليه والإشارة إلى أن
به كمال الحج كما نطقت به أخبار، وإن أراد بالمناسك مطلق العبادات المناسبة
للمقام، فالتربيع ظاهر.
(الأول)
(في زيارة البيت)
للطواف والسعي (فإذا فرغ من الحلق أو التقصير مضى إلى مكة
لطواف الزيارة) يجوز تعميمه للسعي الذي هو طواف بالصفا والمروة.
(ويستحب الغسل قبل دخول) مكة وقبل دخول (المسجد) وفي
التداخل ما مضى في الطهارة، وفي استحبابه للطواف أيضا ما مضى فيها.
(و) كذا يستحب قبل الطواف (تقليم الأظفار وأخذ الشارب) كما قال
الصادق عليه السلام لعمر بن يزيد: ثم أحلق رأسك واغتسل وقلم أظفارك، وخذ من
شاربك، وزر البيت، وطف به أسبوعا (1).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 203 ب 2 من أبواب زيارة البيت ح 2.
234

(ولو اغتسل) لذلك (بمنى جاز) للأصل، وقول الصادق عليه السلام للحسين
ابن أبي العلاء إذ سأله عن ذلك: أنا اغتسل بمنى ثم أزور البيت (1).
(ولو اغتسل نهارا وطاف ليلا أو بالعكس) أجزأه الغسل ما لم يحدث،
(فإن نام أو أحدث) حدثا آخر (قبل الطواف استحب إعادة الغسل)
لأن إسحاق بن عمار سأل أبا الحسن عليه السلام يغتسل بالنهار ويزور بالليل بغسل
واحد، قال: يجزئه إن لم يحدث، فإن أحدث ما يوجب وضوء فليعد غسله (2).
وكذا إن زار في اليوم الذي اغتسل فيه أو في الليل الذي اغتسل فيه، لصحيح
عبد الرحمن بن الحجاج سأله عليه السلام عن الرجل يغتسل للزيارة ثم ينام أيتوضأ قبل
أن يزور؟ قال: يعيد غسله، لأنه إنما دخل بوضوء (3).
واستظهر ابن إدريس الاكتفاء بالغسل الأول (4) للأصل، وضعف المعارض،
وهو إن سلم ففي الخبر الأول.
(ويقف على باب المسجد ويدعو) بما في حسن بن عمار عن
الصادق عليه السلام قال: فإذا أتيت البيت يوم النحر فقمت على باب المسجد قلت: اللهم
أعني على نسكك، وسلمني له، وسلمه لي، أسألك مسألة العليل الذليل المعترف
بذنبه أن تغفر لي ذنوبي، وأن ترجعني بحاجتي، اللهم إني عبدك، والبيت بيتك،
جئت أطلب رحمتك، وأؤم طاعتك، متبعا لأمرك، راضيا بقدرك، أسألك مسألة
المضطر إليك، المطيع لأمرك، المشفق من عذابك، الخائف لعقوبتك، أن تبلغني
عفوك، وتجيرني من النار برحمتك (5).
ويدعو إذا استقبل الحجر الأسود بما مر كما في هذا الخبر (ثم يطوف

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 204 ب 3 من أبواب زيارة البيت ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) المصدر السابق ح 4.
(4) السرائر: ج 1 ص 602.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 205 ب 4 من أبواب زيارة البيت ح 1 وفيه: (اللهم إني عبدك
والبلد بلدك...).
235

للزيارة سبعة أشواط كما تقدم على هيئته إلا أنه ينوي هنا طواف الحج،
ثم يصلي ركعتيه عند مقام إبراهيم عليه السلام، ثم يسعى بين الصفا والمروة سبعة
أشواط كما تقدم و) لكن (ينوي به سعي الحج، ثم يرجع إلى البيت
فيطوف للنساء سبعة أشواط كالأول، إلا أنه ينوي) به (طواف النساء)
للحج لتحللن له، ولم ينص أكثر الأصحاب على آخر وقته، وظاهرهم أنه كطواف
الحج.
وفي الكافي (1) والغنية (2) والإصباح: أن آخر وقته آخر أيام التشريق (3).
وفي المبسوط (4) وموضع آخر من الإصباح (5): يطوف طواف النساء متى شاء
مدة مقامه بمكة [وهو الوجه وإن جاز] (6) ويجوز أن يريدا مقامه بها قبل العود
إلى منى.
(ثم يصلي ركعتيه في المقام) خلافا للصدوقين (7) كما مر.
(المطلب الثاني:)
(في العود إلى منى)
(فإذا طاف طواف النساء) يوم النحر أو غده (فليرجع إلى منى) قبل
الغروب وجوبا (و) ذلك لأنه (لا) يجوز أن (يبيت ليالي التشريق إلا بها
وهي: ليلة الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر) للأخبار (8)، والاجماع

(1) الكافي في الفقه: ص 195.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 516 س 6.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 461.
(4) المبسوط: ج 1 ص 310.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 469.
(6) ما بين المعقوفين زيادة من خ.
(7) المقنع: ص 92، ونقل عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 201.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 206 ب 1 من أبواب العود إلى منى.
236

على ما في المنتهى (1).
ولا ينافيه ما في بعض الكتب من جعله من السنة، أو حصر واجبات الحج في
غيره، أو الحكم بأنه إذا طاف للنساء تمت مناسكه، أو حجه لجواز خروجه عنه
وإن وجب. ونص الحلبي على كونه من مناسكه (2)، ولذا اتفقوا ظاهرا على وجوب
الفداء على من أخل به.
وتجب النية كما في الدروس (3)، وفي اللمعة الجلية: يستحب فينوي - كما في
الفخرية (4) -: أبيت هذه الليلة بمنى لحج التمتع حج الاسلام - مثلا - لوجوبه قربة
إلى الله (5). فإن أخل بالنية عمدا أثم. وفي الفدية وجهان كما في المسالك (6)،
ووجوبه في الليالي الثلاثة لغير من اتقى.
(ويجوز لمن اتقى النساء والصيد) في حجة (النفر يوم الثاني عشر)
أما جوازه في الجملة فعليه العلماء كافة كما في المنتهى (7)، وعليه ظاهر الآية.
وأما كون الاتقاء الذي فيها بهذا المعنى فيوافق النهاية (8) والمبسوط (9)
والوسيلة (10) والمهذب (11) والنافع (12) والشرائع (13).
ودليله قول الصادق عليه السلام في خبر حماد: إذا أصاب المحرم الصيد فليس له أن
ينفر في النفر الأول، ومن نفر في النفر الأول فليس له أن يصيب الصيد حتى ينفر
الناس، وهو قول الله عز وجل: (فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه) لمن اتقى،

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 769 س 27.
(2) الكافي في الفقه: ص 198.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 460 درس 116.
(4) الرسالة الفخرية (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 350.
(5) اللمعة الجلية (رسائل العشر لابن فهد): ص 268.
(6) مسالك الأفهام: ج 1 ص 125 س 31.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 776 س 25.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 540.
(9) المبسوط: ج 1 ص 380.
(10) الوسيلة: ص 188.
(11) المهذب: ج 1 ص 262.
(12) المختصر النافع: ص 97.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 276.
237

قال: اتقي الصيد (1). وفي خبر محمد بن المستنير: من أتى النساء في إحرامه لم
يكن له أن ينفر في النفر الأول (2).
وإتيان النساء حقيقة عرفية في وطئهن، وقد يلحق به مقدماته حتى النكاح،
واتقاء الصيد ظاهر في اتقاء قتله وأخذه. ولم يذكر في التبيان (3) والمجمع (4)
وروض الجنان (5) وأحكام القرآن للراوندي (6) سوى رواية الصيد. وزاد ابن سعيد
عليهما سائر ما حرم عليه في إحرامه (7) لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر سلام بن
المستنير: لمن اتقى الرفث والفسوق والجدال وما حرم الله عليه في إحرامه (8).
وابن أبي المجد وابن إدريس (9) في موضع: سائر ما يوجب الكفارة، وقد
يعطي المختلف (10) التردد بينه وبين ما في الكتاب، والظاهر أنه يكفي الاتقاء في
الحج، واحتمل فيه وفي العمرة التي تمتع بها.
وهل ارتكاب الصيد وغيره سهوا كالعمد هنا أوجه؟ ثالثها: أن الصيد كذلك
لايجابه الكفارة.
وفي الكافي (11) والغنية (12) والإصباح: إن الصرورة كغير المتقي (13).
(ولو بات الليلتين بغير منى وجب عليه عن كل ليلة شاة) وفاقا
للمشهور، لقول الصادق عليه السلام في صحيح جميل: من زار فنام في الطريق فإن بات

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 225 ب 11 من أبواب العود إلى منى ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 225 ب 11 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(3) التبيان: ج 2 ص 176.
(4) مجمع البيان: ج 2 ص 298.
(5) روض الجنان: ج 2 ص 138.
(6) فقه القرآن: ج 1 ص 301.
(7) الجامع للشرائع: ص 218.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 226 ب 11 من أبواب العود إلى منى ح 7.
(9) السرائر: ج 1 ص 605.
(10) مختلف الشيعة: ج 4 ص 307.
(11) الكافي في الفقه: ص 198.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 11.
(13) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية) ج 8 ص 464.
238

بمكة فعليه دم (1). وخبر علي سأل أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل زار البيت فطاف
بالبيت وبالصفا والمروة ثم رجع فغلبته عينه في الطريق فنام حتى أصبح، قال:
عليه شاة (2). وقوله عليه السلام لصفوان في الصحيح سألني بعضهم عن رجل بات ليلة من
ليالي منى بمكة، فقلت: لا أدري، قال صفوان: فقلت له: جعلت فداك ما تقول فيها؟
قال: عليه دم إذا بات (3).
وإطلاق قوله عليه السلام إذ سأله علي بن جعفر في الصحيح عن رجل بات بمكة في
ليالي منى حتى أصبح، فقال: إن كان أتاها نهارا فبات حتى أصبح فعليه دم
يهريقه (4). وقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية: لا تبيت ليالي التشريق إلا
بمنى، فإن بت في غيرها فعليك دم (5). لأن إطلاقهما يفيد شاة لليلة فلليلتين
شاتان، وعليه منع، ولما سيأتي من خبر ثلاثة لثلاث.
وفي الخلاف (6) والغنية (7) وظاهر المنتهى (8) الاجماع عليه، وفي
المقنعة (9) والهداية (10) والمراسم (11) والكافي (12) وجمل العلم والعمل (13): إن على
من بات ليالي منى بغيرها دما، وهو مطلق، كصحيح علي بن جعفر ومعاوية،
فيحتمل الوفاق، ولعله أظهر.
والخلاف إما بالتسوية بين ليلة وليلتين وثلاثا، أو بأن لا يجب الدم إلا بثلاث.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 209 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 16.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 208 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 10.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 207 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 206 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 207 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 8.
(6) الخلاف: ج 2 ص 358 المسألة 190.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 8.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 770 س 3.
(9) المقنعة: ص 421.
(10) الهداية: ص 64.
(11) المراسم: ص 115.
(12) الكافي في الفقه: ص 198.
(13) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 69.
239

وإطلاق النصوص والفتاوى يشمل الجاهل والناسي والمضطر، فيكون جبرانا لا
كفارة. وعن الشهيد: لا شئ على الجاهل (1).
وسأل العيص الصادق عليه السلام في الصحيح عن رجل فاتته ليلة من ليالي منى،
قال ليس عليه شئ وقد أساء (2)، وهو يحتمل الجهل والثالثة.
وما في التهذيب (3) والاستبصار (4) من الخروج بعد انتصاف الليل أو الاشتغال
بالطاعة في مكة. وسأله عليه السلام سعيد بن يسار في الصحيح، فاتتني ليلة المبيت بمنى
في شغل، فقال: لا بأس (5). وهو يحتمل ما فيهما والنسيان والضرورة والثالثة.
ويحتملان أن يكون غلبته عينه بمكة أو في الطريق بعد ما خرج منها إلى منى،
كخبر أبي البختري الذي رواه الحميري في قرب الإسناد عن الصادق عليه السلام عن
أبيه عن علي عليهما السلام: في رجل أفاض إلى البيت فغلبته عيناه حتى أصبح، قال: لا
بأس عليه ويستغفر الله ولا يعود (6).
بل هنا أخبار بجواز النوم في الطريق اختيارا، فقال الصادق عليه السلام في صحيح
جميل: من زار فنام في الطريق فإن بات بمكة فعليه دم، وإن كان قد خرج منها
فليس عليه شئ، وإن أصبح دون منى (7).
وفي حسن هشام بن الحكم: إذا زار الحاج من منى فخرج من مكة فجاوز
بيوت مكة فنام ثم أصبح قبل أن يأتي منى فلا شئ عليه (8). وقال أبو الحسن عليه السلام

(1) حواشي الشهيد (قواعد الأحكام): ج 1 ص 90.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 207 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 7.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 258 ذيل الحديث 876.
(4) الإستبصار: ج 2 ص 293 ذيل الحديث 1043.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 208 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 12.
(6) قرب الإسناد: ص 65.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 209 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 16.
(8) المصدر السابق ح 17.
240

في صحيح محمد بن إسماعيل: إذا جاز عقبة المدنيين فلا بأس أن ينام (1). وأفتى
به أبو علي (2) والشيخ في كتابي الأخبار (3).
وعن عبد الغفار الجازي: أنه سأل الصادق عليه السلام عن رجل خرج من منى
يريد البيت قبل نصف الليل فأصبح بمكة، قال: لا يصلح له حتى يتصدق بها صدقة
أو يهريق دما (4). وهو مع جهل الطريق يحتمل الترديد من الراوي.
(وكذا غير المتقي لو بات الثالثة بغيرها) كان عليه شاة كما في
الجامع (5) والنافع (6) والشرائع (7) لاطلاق ما مر، ولخبر جعفر بن ناجية سأل
الصادق عليه السلام عمن بات ليالي منى بمكة، قال: ثلاثة من الغنم يذبحهن (8). فإن عم
الاتقاء المحرمات أو موجبات الكفارة كان على من أخل بالمبيت في الثلاث
ثلاث من الشياة كما في النهاية (9) والسرائر (10)، وإن اتقى سائر المحرمات وإلا
فشاتان كما في المبسوط (11) والجواهر (12).
(إلا أن يبيتا) أي المتقي وغيره أو المخل بالثالثة وبما قبلها (بمكة
مشتغلين بالعبادة) وفاقا للمعظم، لنحو قول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية:
إذا فرغت من طوافك للحج وطواف النساء فلا تبت إلا بمنى، إلا أن يكون شغلك
في نسكك (13). وصحيحه أيضا صحيح معاوية سأله عليه السلام عن رجل زار البيت فلم

(1) المصدر السابق ح 15.
(2) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 460 درس 116.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 259 ذيل الحديث 879، الإستبصار: ج 2 ص 294 ذيل
الحديث 1046.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 209 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 14.
(5) الجامع للشرائع: ص 218.
(6) المختصر النافع: ص 96.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 275.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 207 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 6.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 536.
(10) السرائر: ج 1 ص 604.
(11) المبسوط: ج 1 ص 378.
(12) جواهر الفقه: ص 48 المسألة 174.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 206 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 1.
241

يزل في طوافه ودعائه والسعي والدعاء حتى طلع الفجر، فقال: ليس عليه شئ
كان في طاعة الله عز وجل (1). وهو يفيد العموم لكل عبادة واجبة أو مندوبة، ولزوم
استيعاب الليل بها.
قال الشهيد: إلا ما يضطر إليه من غذاء أو شراب أو نوم يغلب عليه (2). ولي
فيه نظر.
قال: ويحتمل أن القدر الواجب هو ما كان يجب عليه بمنى، وهو أن يتجاوز
نصف الليل (3). وهو عندي ضعيف.
نعم، له المضي في الليل إلى منى، لاطلاق الثلاثة الأخبار المتقدمة في النوم
في الطريق، بل ظهورها فيه، بل تظافر الأخبار بالأمر به، كقول أحدهما عليهما السلام في
صحيح ابن مسلم: إذا خرجت من منى قبل غروب الشمس فلا تصبح إلا بمنى (4).
ونحوه صحيح جميل عن الصادق (5).
وقول الصادق عليه السلام في صحيح العيص: إن زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر
الصبح إلا وهو بمنى (6). وفي صحيح معاوية: إن خرجت أول الليل فلا ينتصف
الليل إلا وأنت بمنى إلا أن يكون شغلك نسكك، أو قد خرجت من مكة (7). ونحوه
خبر جعفر بن ناجية عنه عليه السلام (8).
وصحيح صفوان سأل أبا الحسن عليه السلام بعد ما مر: إن كان إنما حبسه شأنه الذي
كان فيه من طوافه وسعيه لم يكن لنوم ولا لذة، أعليه مثل ما على هذا؟ فقال: ما

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 208 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 13.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 459 درس 116.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 459 درس 116.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 206 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 210 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 19.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 206 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 207 - 208 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 8.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 210 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 20.
242

هذا بمنزلة هذا، وما أحب أن ينشق له الفجر إلا وهو بمنى (1).
وخالف ابن إدريس فاستظهر أن عليه الدم وإن بات بمكة مشتغلا بالعبادة (2)
عملا بالعمومات.
(أو يخرجا من منى بعد نصف الليل) لقول الصادق عليه السلام في خبر عبد
الغفار الجازي: فإن خرج من منى بعد نصف الليل لم يضره شئ (3). وفي خبر
جعفر بن ناجية: إذا خرج الرجل من منى أول الليل فلا ينتصف له الليل إلا وهو
بمنى، وإذا خرج بعد نصف الليل فلا بأس أن يصبح بغيرها (4).
وفي صحيح العيص: إن زار بالنهار أو عشاء فلا ينفجر الصبح إلا وهو بمنى،
وإن زار بعد نصف الليل أو السحر فلا بأس عليه أن ينفجر الصبح وهو بمكة (5).
ويحتمله قوله عليه السلام في صحيح ابن عمار: لا تبت ليالي التشريق إلا بمنى، فإن بت
في غيرها فعليك دم، فإن خرجت أول الليل فلا ينتصف الليل إلا وأنت في منى إلا
أن يكون شغلك نسكك أو قد خرجت من مكة، وإن خرجت بعد نصف الليل فلا
يضرك أن تصبح في غيرها (6).
والأفضل الكون إلى الفجر كما في النهاية (7) والمبسوط (8) والكافي (9)
والسرائر (10) والجامع (11)، لصحاح ابن مسلم وجميل والعيص المتقدمة آنفا، ولخبر
أبي الصباح أنه سأل الصادق عليه السلام عن الدلجة إلى مكة أيام منى وهو يريد أن

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 207 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 5.
(2) السرائر: ج 1 ص 604.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 209 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 14.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 210 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 20.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 206 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 207 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 8.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 536.
(8) المبسوط: ج 1 ص 378.
(9) الكافي في الفقه: ص 198.
(10) السرائر: ج 1 ص 604.
(11) الجامع للشرائع: ص 217.
243

يزور البيت؟ قال: لا حتى ينشق الفجر كراهية أن يبيت الرجل بغير منى (1). وهو
يعطي كراهية الخروج كما في الوسيلة (2).
وفي المختلف: إن خبر الجازي ينفيها، وإن كان الأفضل المبيت بها إلى
الفجر (3).
ثم إن خبرا ابني ناجية وعمار يفيدان تساوي نصفي الليل في تحصيل
الامتثال كما في الكافي (4). وفي النهاية (5) والمبسوط (6) والوسيلة (7) والجامع (8):
إنه إذا خرج من منى بعد الانتصاف فلا يدخل مكة قبل الفجر. وفي الدروس: إنه
لم نقف لهم على مأخذ (9).
قلت: ولعلهم استندوا إلى ما مر من الأخبار الناطقة بأن الخارج من مكة ليلا
إلى منى يجوز له النوم في الطريق إذا جاز بيوت مكة، لدلالتها على أن الطريق في
حكم منى، فيجوز أن يريدوا الفضل، لما مر من أن الأفضل الكون إلى الفجر،
والوجوب اقتصارا على اليقين، وهو جواز الخروج بعد الانتصاف من منى لا من
حكمه.
ولا يعارضه ما في قرب الإسناد من قول الكاظم عليه السلام لعلي بن جعفر: وإن
كان خرج من منى بعد نصف الليل فأصبح بمكة فليس عليه شئ (10). ولصحيح
العيص المتقدم لاحتمالهما، بل يمكن أن يكونوا استظهروا منهما ما ذكروه.
نعم، يبقى الكلام في أن الأصل هو المبيت جميع الليل، فلا يستثنى منه إلا ما

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 208 ب 1 من أبواب العود إلى منى ح 11.
(2) الوسيلة: ص 187 - 188.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 309.
(4) الكافي في الفقه: ص 198.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 536.
(6) المبسوط: ج 1 ص 378.
(7) الوسيلة: ص 188.
(8) الجامع للشرائع: ص 217.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 459 درس 116.
(10) قرب الإسناد: ص 107.
244

قطع باستثنائه ويبقى الباقي على الوجوب، أم الأصل الكون بها ليلا فلا يجب إلا
ما قطع بوجوبه وهو النصف، وهو مبني على معنى البيتوتة؟
فعن الفراء: بات الليل إذا سهر الليل كله في طاعة أو معصية (1). وفي العين:
البيتوتة دخولك في الليل تقول: بت أصنع كذا إذا كان بالليل وبالنهار ظللت (2).
وعن الزجاج كل من أدرك الليل فقد بات (3).
وعن ابن عباس: من صلى بعد العشاء الآخرة ركعتين فقد بات لله ساجدا
وقائما (4).
وفي الكشاف في تفسير قوله تعالى: (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما):
البيتوتة خلاف الظلول، وهو أن يدركك الليل نمت أو لم تنم، وقالوا: من قراء شيئا
من القرآن في صلاة وإن قل فقد بات ساجدا وقائما، وقيل: هما الركعتان بعد المغرب
والركعتان بعد العشاء، والظاهر أنهم وصف لهم بإحياء الليل أو أكثره، يقال: فلان
يظل صائما ويبيت قائما (5) انتهى. ويجوز أن يكون إنما استظهر هذا للمقام.
وكلام المنتهى يعطي فهم الاستيعاب، لقوله: لأن المتجاوز عن النصف هو
معظم ذلك الشئ، ويطلق عليه اسمه (6).
وقال امرئ القيس:
فبات عليه سرجه ولجامه وبات بعيني قائما غير مرسل (7)
وظاهره الاستيعاب، وعلى كل فالظاهر أنه لا إشكال في أن الواجب هنا
استيعاب النصف من الليل أو كله، ولا يكفي المسمى، فلذا وجبت مقارنة النية
لأول الليل كما في المسالك (8).

(1) نقله عنه في المصباح المنير: ج 1 ص 67 (مادة بات).
(2) العين: ج 8 ص 138.
(3) معاني القرآن للزجاج: ج 4 ص 75.
(4) الجامع لأحكام القرآن: ج 13 ص 72.
(5) الكشاف: ج 3 ص 291 - 292.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 770 س 30.
(7) ديوان امرئ القيس: ص 59.
(8) مسالك الأفهام: ج 1 ص 125 س 30.
245

ويجوز لذوي الأعذار المبيت حتى يضطرون إليه، إذ لا حرج في الدين، وفي
وجوب الدم نظر. من التردد في كونه كفارة أو جبرانا، والغنية تعطي العدم (1).
ومنهم الرعاة وأهل السقاية، فروى العامة ترخصهم (2)، ونفى عنه الخلاف في
الخلاف (3) والمنتهى (4)، وخصص مالك (5) وأبو حنيفة الرخصة للسقاية بأولاد
العباس (6).
وفي التذكرة (7) والمنتهى: إنه قيل: للرعاة ترك المبيت ما لم تغرب الشمس
عليهم بمنى، فإن غربت الشمس وجب عليهم، بخلاف السقاة، لاختصاص شغل
الرعاة بالنهار، بخلاف السقاة (8). وأفتى بهذا الفرق في التحرير (9) والدروس (10)،
وهو حسن.
وفي الخلاف: وأما من له مريض يخاف عليه أو مال يخاف ضياعه، فعندنا
يجوز له ذلك، لقوله تعالى: (ما جعل عليكم في الدين من حرج) وإلزام المبيت،
والحال ما وصفناه حرج (11). وللشافعي فيه وجهان (12). ونحوه المنتهى (13)، وهو
فتوى التحرير (14) والدروس (15)، ومقرب التذكرة (16).
وفي الدروس: وكذا لو منع من المبيت منعا أو خاصا أو عاما كنفر الحجيج
ليلا، قال: ولا إثم في هذه المواضع، وتسقط الفدية عن أهل السقاية والرعاة، وفي

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 10.
(2) سنن البيهقي: ج 5 ص 150 و 153.
(3) الخلاف: ج 2 ص 354 المسألة 182.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 771 س 6.
(5) الحاوي الكبير: ج 4 ص 205.
(6) المبسوط للسرخسي: ج 4 ص 25.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 392 س 27.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 771 س 9.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 109 س 33.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 460 درس 116.
(11) الخلاف: ج 2 ص 354 المسألة 182.
(12) المجموع: ج 8 ص 248.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 771 س 11.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 109 س 34.
(15) الدروس الشرعية: ج 1 ص 460 درس 116.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 392 س 28.
246

سقوطها عن الباقين نظر (1).
قلت: وجه الفرق بعض العامة بأن شغل الأولين الحجيج عامة وشغل يخصهم (2).
(ولو غربت الشمس يوم الثاني عشر بمنى وجب على المتقي المبيت
أيضا) لقول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: فإن أدركه المساء بات ولم ينفر (3).
وفي خبر ابن عمار: إذا جاء الليل بعد النفر الأول فبت بمنى وليس لك أن تخرج
منها حتى تصبح (4). وفي خبر أبي بصير: فإن هو لم ينفر حتى يكون عند غروبها
فلا ينفر وليبت بمنى، حتى إذا أصبح وطلعت الشمس فلينفر متى شاء (5). ولأن
الآية (6) إنما سوغت التعجيل في يومين وبالغروب ينقضي اليومان، وللإجماع
كما في المنتهى (7) وظاهر التذكرة (8).
فإن رحل فغربت الشمس قبل خروجه من منى ففي المنتهى: لم يلزمه المقام
على اشكال (9). وفي التذكرة: الأقرب ذلك، مستندا فيها إلى المشقة في الحط
والرحال (10). وفي الدروس: الأشبه المقام (11)، وهو أولى.
وقد يمكن أن يسترشد إلى الأول من قول أحدهما عليهما السلام في خبر علي في رجل
بعث بثقله يوم النفر الأول وأقام هو إلى الأخير: إنه هو ممن تعجل في يومين (12).
أما لو غربت وهو مشغول بالتأهب فالوجه اللزوم كما في التحرير (13)

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 460 درس 116.
(2) المجموع: ج 8 ص 248.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 224 ب 10 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) المصدر السابق ح 4.
(6) البقرة: 203.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 776 س 25.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 393 س 22.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 776 س 26.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 394 س 27.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 461 درس 116.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 223 ب 9 من أبواب العود إلى منى ح 12.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 111 س 1.
247

والمنتهى (1)، وفي التذكرة: إنه الأقرب (2).
وإذا وجب عليه المبيت في ليلة الثالث عشر (فإن أخل به فشاة)
كالليلتين المتقدمتين لما تقدم.
(ويجب أن يرمي الجمار الثلاث في كل يوم من الحادي عشر
والثاني عشر) لقول الصادق عليه السلام في حسن ابن أذينة: الحج الأكبر الوقوف
بعرفة ورمي الجمار (3). وفي خبر عبد الله بن جبلة: من ترك رمي الجمار متعمدا لم
تحل له النساء، وعليه الحج من قابل (4).
وفي التذكرة (5) والمنتهى: أنه لا نعلم فيه خلافا (6)، وفي الخلاف: الاجماع
على وجوب الترتيب بين رمي الجمار الثلاث وتفريق الحصيات ووجوب
القضاء (7).
وفي السرائر: لا خلاف بين أصحابنا في كونه واجبا، ولا أظن أحدا من
المسلمين يخالف فيه (8)، وأن الأخبار به متواترة (9). وعد في التبيان من
المسنونات (10)، ولعل المراد ما ثبت وجوبه بالسنة. وفي الجمل والعقود في الكلام
في رمي جمرة العقبة يوم النحر إن الرمي مسنون (11) فيحتمله، والاختصاص برمي
جمرة العقبة، وحمل على الأول في السرائر (12) والمنتهى (13).
(فإن أقام ليلة الثالث عشر وجب الرمي فيه أيضا) للتأسي،

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 776 س 37.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 394 س 27.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 213 ب 4 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 214 ب 4 من أبواب العود إلى منى ح 5.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 392 س 35.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 771 س 23.
(7) الخلاف: ج 2 ص 351 المسألة 177.
(8) السرائر: ج 1 ص 606.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 213 ب 4 من أبواب العود إلى منى.
(10) التبيان: ج 2 ص 154.
(11) الجمل والعقود: ص 145.
(12) السرائر: ج 1 ص 606.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 771 س 15.
248

وقوله صلى الله عليه وآله: خذوا عني مناسككم (1)، ولعله لا خلاف فيه.
ويجب أن ترمى (كل جمرة في كل يوم بسبع حصيات) للتأسي،
والأخبار (2)، والاجماع كما هو الظاهر، وما سيأتي من وجوب الإعادة إن ضاعت
واحدة، وللعامة قول بجواز النقص حصاة أو حصاتين (3).
ويجب أن يرميها (على الترتيب) بأن (يبدأ بالأولى ثم الوسطى ثم
جمرة العقبة) للتأسي، والأخبار (4)، والاجماع كما في الخلاف (5) والغنية (6)
وظاهر التذكرة (7) والمنتهى (8).
(فإن نكس) عمدا أو جهلا أو سهوا (أعاد على الوسطى ثم جمرة
العقبة) للأصل، والاجماع، والأخبار (9).
(و) لكن (لو رمى اللاحقة بعد أربع حصيات) على السابقة (ناسيا
حصل) الرمي (الترتيب) المجزئ كما قطع الأكثر، للأخبار (10).
وفي الخلاف: الاجماع عليه (11)، فيجزئه إكمال السابقة، خلافا للشافعي (12).
والأخبار (13) والمبسوط (14) والخلاف (15) والسرائر (16) والجامع (17) والنافع (18)

(1) عوالي اللئالي: ج 4 ص 34 ح 118.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 216 ب 6 من أبواب العود إلى منى.
(3) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 478.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 215 ب 5 من أبواب العود إلى منى.
(5) الخلاف: ج 2 ص 352 المسألة 177.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 23.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 377 س 42.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 772 س 15.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 215 ب 5 من أبواب العود إلى منى.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 216 ب 6 من أبواب العود إلى منى.
(11) الخلاف: ج 2 ص 352 المسألة 177.
(12) الأم: ج 2 ص 213.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 216 ب 6 من أبواب العود إلى منى.
(14) المبسوط: ج 1 ص 379.
(15) الخلاف: ج 2 ص 351 المسألة 177.
(16) السرائر: ج 1 ص 610.
(17) الجامع للشرائع: ص 218.
(18) المختصر النافع: ص 97.
249

والشرائع (1) والتحرير (2) والتخليص (3) واللمعة (4) يعم الجاهل والعامد، وخص هنا
وفي التذكرة (5) والمنتهى (6) بالناسي، واستدل فيهما بأن الأكثر إنما يقوم مقام الكل
مع النسيان (7)، وهو ممنوع.
وقد يستدل بأنه منهي عن رمي اللاحقة قبل إكمال السابقة فيفسد، ويندفع
بأن المعلوم إنما هو المنهي عنه قبل أربع. وألحق في الدروس الجاهل بالناسي (8).
(ولا يحصل) الترتيب (بدونها) أي الأربع بالنص، والاجماع، والأخبار.
(ولو ذكر) النقص (في أثناء اللاحقة أكمل السابقة أو لا وجوبا ثم
أكمل اللاحقة مطلقا) بعد أربع وقبلها، لكن إن كان أكمل على السابقة أربعا،
اكتفى بإكمالهما، وإلا السابقة على ما سيأتي واستأنف على اللاحقة، واستأنفهما
على قول سيأتي إن شاء الله تعالى، فمراده بإكمال اللاحقة الاتيان به كاملا أعم من
الاستئناف والاتيان بالباقي.
(ووقت الاجزاء) للمختار (من طلوع الشمس) وفاقا للأكثر
للأخبار (9)، وفي الوسيلة: إن وقت الرمي طول النهار (10)، وفي الإشارة: إنه من
أول النهار (11)، وما في رسالة علي بن بابويه: إنه مطلق، لك أن ترمي الجمار من
أول النهار (12). إلا أن يريدوا به طلوع الشمس كما في بعض كتب اللغة (13). وفي

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 275.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 110 س 15.
(3) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 340.
(4) اللمعة الدمشقية: ص 40.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 393 س 13.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 772 س 33.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 393 س 14، منتهى المطلب: ج 2 ص 772 س 36.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 430 درس 110.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 78 ب 13 من أبواب رمي جمرة العقبة.
(10) الوسيلة: ص 188.
(11) إشارة السبق: ص 138.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 310.
(13) القاموس المحيط: ج 2 ص 150 مادة (نهر).
250

الغنية (1) والإصباح (2) والجواهر (3): إن وقته بعد الزوال.
وفي الخلاف: لا يجوز الرمي أيام التشريق إلا بعد الزوال، وقد روي رخصة
قبل الزوال في الأيام كلها، وبالأول قال الشافعي وأبو حنيفة، إلا أن أبا حنيفة قال:
وإن رمى يوم الثالث قبل الزوال جاز استحسانا، وقال طاووس: يجوز قبل الزوال
في الكل. دليلنا إجماع الفرقة وطريقة الاحتياط، فإن من فعل ما قلناه لا خلاف
أنه يجزئه، وإذا خالفه ففيه الخلاف (4). ونحوه الجواهر (5).
وفي المختلف: إنه شاذ لم يعمل به أحد من علمائنا، حتى أن الشيخ المخالف
وافق أصحابه فيكون إجماعا، لأن الخلاف إن وقع منه قبل الوفاق فقد حصل
الاجماع، وإن وقع بعده لم يعتد به، إذ لا اعتبار بخلاف من يخالف الاجماع (6).
قلت: والاحتياط يعارضه الأخبار، وعمل الأصحاب كلهم أو جلهم بها
الأصل البراءة كما في المختلف (7).
(و) وقت (الفضيلة من الزوال) بل عنده كما في التحرير (8) والتذكرة (9)
والمنتهى (10) والنهاية (11) والمبسوط (12) والوسيلة (13) والجامع (14)، لقول الصادق عليه السلام
في حسن معاوية: ارم في كل يوم عند زوال الشمس (15).
وفي المنتهى: ليزول الخلاف، ولأن النبي صلى الله عليه وآله كذا فعل، وقد كان يبادر إلى

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 21.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 465.
(3) جواهر الفقه: ص 43 المسألة 152.
(4) الخلاف: ج 2 ص 351 المسألة 176.
(5) جواهر الفقه: ص 43 المسألة 152.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 311.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 312.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 110 س 7.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 392 السطر الأخير.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 772 س 6.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 536.
(12) المبسوط: ج 1 ص 378.
(13) الوسيلة: ص 188.
(14) الجامع للشرائع: ص 218.
(15) وسائل الشيعة: ج 10 ص 78 ب 12 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1.
251

الأفضل (1). وفي الكافي: قبل الزوال (2)، وفي المقنعة (3) والمراسم: ما قرب من
الزوال (4)، وفي الهداية (5) والفقيه (6) والمقنع: كلما قرب من الزوال كان أفضل (7)،
وفي المختلف عن المبسوط: إن الأفضل بعد الزوال (8). والذي عندنا من نسخه
كما ذكرناه.
(ويمتدان) أي الاجزاء والفضيلة (إلى الغروب) أما امتداد الاجزاء
فكذلك وفاقا للمشهور للأخبار، وخلافا للصدوقين (9) فوقتاه إلى الزوال، إلا أن
في الرسالة: وقد روي من أول النهار إلى آخره (10)، وفي الفقيه: وقد رويت رخصة
من أول النهار إلى آخره (11). وأما امتداد الفضيلة فلم أره في غير الكتاب، ولا
أعرف وجهه.
(فإذا غربت) الشمس (قبل رميه أخره) عن الليل (وقضاه من
الغد) كما سيأتي، للأخبار الموقتة للرمي باليوم وللقضاء بالغد، والمخصصة
لايقاعه ليلا بالمعذور، ولا يعرف فيه خلافا.
(ويجوز للمعذور كالراعي والخائف والعبد والمريض الرمي ليلا)
أداء وقضاء للحرج والأخبار (12) وقد نصت على خصوص من ذكروا، وفي بعضها
زيادة الحاطبة والمدين (13)، ولا نعرف فيه خلافا، ولا فرق في الليل بين المتقدم
والمتأخر، لعموم النصوص والفتاوى.

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 772 س 6.
(2) الكافي في الفقه: ص 199.
(3) المقنعة: ص 422.
(4) المراسم: ص 115.
(5) الهداية: ص 64.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 553.
(7) المقنع: ص 92.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 310.
(9) نقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 310، المقنع: ص 92.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 310.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 554.
(12) وسائل الشيعة: ج 10 ص 80 ب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة.
(13) وسائل الشيعة: ج 10 ص 81 ب 14 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 7.
252

و (لا) يجوز الرمي ليلا (لغيره) أي المعذور، للأخبار والاجماع على
الظاهر.
(وشرائط) صحة (الرمي هنا كما تقدم يوم النحر) إلا أن في
الخلاف (1) والغنية (2) والإصباح (3): إن وقته للمختار يوم النحر من طلوع الفجر،
وفي أيام التشريق من الزوال. لكن في الخلاف ما سمعته من ورود الرخصة فيما
قبل الزوال (4).
(ولو نسي رمي يوم) بل تركه (قضاه من الغد) وجوبا بالنصوص
والاجماع، وللشافعي قول بالسقوط (5)، وآخر بأنه في الغد أيضا أداء (6)، وكذا إن
فاته رمي يومين قضاهما في الثالث، وإن فاته يوم النحر قضاه بعده (7). ولا شئ
عليه غير القضاء عندنا في شئ ومن الصور للأصل.
ويجب أن (يبدأ بالفائت) لتقدم سببه، والأخبار والاحتياط والاجماع
كما في الخلاف قال: إذا رمى ما فاته بينه وبين يومه قبل أن يرمي لامسه لا يجزئ
ليومه ولا لامسه (8).
(ويستحب أن يوقعه بكرة ثم) يفعل (الحاضر، ويستحب) كونه
(عند الزوال) نطق بالجميع صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام (9)، والمراد بلفظ
(بكرة) هنا أول طلوع الشمس كما في السرائر (10)، لا طلوع الفجر، لما عرفت من
أن وقت الرمي من طلوع الشمس.

(1) الخلاف: ج 2 ص 344 المسألة 167 و ص 351 المسألة 176.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 19 و 20.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 465.
(4) الخلاف: ج 2 ص 351 المسألة 176.
(5) المجموع: ج 8 ص 240.
(6) المجموع: ج 8 ص 240.
(7) المجموع: ج 8 ص 241.
(8) الخلاف: ج 2 ص 356 المسألة 186.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 81 ب 15 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1.
(10) السرائر: ج 1 ص 609.
253

(ولو نسي) بل ترك (الرمي) يوما أو أياما (حتى وصل) إلى
(مكة رجع فرمى) ما بقي زمانه كما في صحيح ابن عمار (1) وحسنه (2) عن
الصادق عليه السلام وإن لم يمكنه استناب.
(فإن فات زمانه) وهو أيام التشريق (فلا) قضاء عليه في عامه وفاقا
للخلاف (3) والتهذيب (4) والكافي (5) والغنية (6) والسرائر (7) والإصباح (8) والشرائع (9)،
لقول الصادق عليه السلام في خبر عمر بن يزيد: من أغفل رمي الجمار أو بعضها حتى
يمضي أيام التشريق فعليه أن يرميها من قابل، فإن لم يحج رمى عنه وليه، فإن لم
يكن له ولي استعان برجل من المسلمين يرمي عنه، وأنه لا يكون رمي الجمار إلا
أيام التشريق (10). وفي طريقه مجهول، ولكن في الغنية الاجماع (11).
وليس في النهاية والمبسوط والتلخيص والنافع والجامع والوسيلة والمهذب
فوت الزمان، وإنما في الأخيرين الرجوع إلى أهله (2 1)، وفي الباقية الخروج من
مكة (13).
ولا (شئ) عليه من كفارة عندنا للأصل، وأوجب الشافعية عليه هديا (14)،

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 212 ب 3 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) الخلاف: ج 2 ص 352 المسألة 180.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 264 ذيل الحديث 899.
(5) الكافي في الفقه: ص 199.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 22.
(7) السرائر: ج 1 ص 609.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 465.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 276.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 213 ب 3 من أبواب العود إلى منى ح 4.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 22.
(12) الوسيلة: ص 189، المهذب: ج 1 ص 256.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 537، المبسوط: ج 1 ص 379، تلخيص المرام (سلسلة الينابيع
الفقهية): ج 30 ص 340، المختصر النافع: ص 97، الجامع للشرائع: ص 218.
(14) فتح العزيز: ج 7 ص 407.
254

ولا يختل بذلك اخلاله عندنا، وإن تعمد الترك للأصل.
ولكن في التهذيب: وقد روي أن من ترك رمي الجمار متعمدا لا يحل له
النساء، وعليه الحج من قابل (1). بل روى ذلك محمد بن أحمد بن يحيى عن
يعقوب بن يزيد عن يحيى بن مبارك عن عبد الله بن جبلة عن أبي عبد الله عليه السلام
أنه قال: من ترك رمي الجمار متعمدا لم يحل له النساء وعليه الحج من قابل (2).
ونحوه عن أبي علي (3). وهذا الكلام قد يشعر باحتماله صحة مضمونه.
وحمل في الإستبصار (4) والمختلف (5) والدروس (6) على الاستحباب، إذ لا
قائل بوجوب إعادة الحج عليه.
قلت: مع ضعفه واحتماله تعمد الترك لزعمه عندما أحرم أو بعده أنه لغو لا
عبرة به، فإنه حينئذ كافر لا عبرة بحجه واحلاله، وأن يكون إيجاب الحج عليه من
قابل لقضاء الرمي فيه، فيكون بمعنى ما في خبر عمر بن يزيد من أن عليه الرمي
في قابل إن أراده بنفسه، وإذا جاء بنفسه فلا بد من أن يحرم بحج أو عمرة.
(و) لا خلاف في أنه إذا لم يقضه في عامه كان عليه أن (يعيد) الرمي
كلا أو بعضا أي يقضيه أو الاحرام لقضائه (في القابل) إن عاد بنفسه (أو
يستنيب) له (إن لم يحج) فيه بنفسه كما في الخبر (7)، ولا خلاف فيه.
وفي الغنية الاجماع عليه (8). وقضاء البعض إعادة له، وكذا قضاء الكل بمعنى
فعله مكررا، ووجوب القضاء بنفسه أو يأتيه في القابل نص الخلاف (9)

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 264 ذيل الحديث 900.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 264 ح 901.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 258.
(4) الإستبصار: ج 2 ص 297 ذيل الحديث 1061.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 259.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 435 درس 110.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 212 ب 3 من أبواب العود إلى منى.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 22.
(9) الخلاف: ج 2 ص 352 المسألة 180.
255

والتهذيب (1) والاستبصار (2) والدروس (3)، ويؤيده الأصل، وبمعناه اللزوم الذي في
الكافي (4).
لكن في الخلاف: إن من فاته دون أربع حصيات حتى مضت أيام التشريق فلا
شئ عليه، وإن أتى به إلى القابل كان أحوط (5). ونحوه التحرير (6) والتذكرة (7)
والمنتهى (8).
ونص النافع (9) والتبصرة (10) الاستحباب، لضعف الخبر، وصحيح ابن عمار:
سأل الصادق عليه السلام رجل نسي رمي الجمار، قال: يرجع فيرميها. قال: فإنه نسيها
حتى أتى مكة، قال: يرجع فيرمي متفرقا يفصل بين كل رميتين بساعة، قال: فإنه
نسي أو جهل حتى فاته وخرج، قال: ليس عليه أن يعيد (11).
وأما أصل البراءة ففيه أنه اشتغلت ذمته به فلا تبرأ إلا بفعله، وإن قيل: القضاء
إنما يجب بأمر جديد.
قلنا: ثبت الأمر به، إلا أن يقال: إنما ثبت في عامه، وحمل الشيخ الخبر على
أنه لا إعادة عليه في عامه (12).
قلت: ويحتمل أن يكون إنما أراد السائل أنه نسي التفريق ويؤيده لفظ
(يعيد) مع أن في طريقه النخعي، فإنما يكون صحيحا إن كان أيوب بن نوح ولا
يقطع به.

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 264 ذيل الحديث 899.
(2) الإستبصار: ج 2 ص 297 ذيل الحديث 1059.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 434 - 435 درس 110.
(4) الكافي في الفقه: ص 199.
(5) الخلاف: ج 2 ص 357 المسألة 188.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 110 س 11.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 393 س 35.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 774 س 11.
(9) المختصر النافع: ص 97.
(10) تبصرة المتعلمين: ص 76.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 213 ب 3 من أبواب العود إلى منى ح 3.
(12) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 264 ذيل الحديث 899.
256

وفي الإقتصاد (1) والجمل والعقود: إن من نسي رمي الجمار حتى جاء إلى
مكة عاد إلى منى ورماها، فإن لم يذكر فلا شئ عليه (2)، وقد يظهر منه عدم
وجوب القضاء في القابل.
(ويجوز) بل يجب (الرمي) ويجزئ (عن المعذور كالمريض)
وإن لم يكن مأيوسا من برئه (إذا لم يزل عذره في) جز من أجزاء (وقت
الرمي) للأخبار والاجماع، وكذا الصبي غير المميز. وفي خبر إسحاق عن
الكاظم عليه السلام: إن المريض يحمل إلى الجمرة ويرمى عنه، قال: لا يطيق ذلك، قال:
يترك في منزله ويرمى عنه (3).
وفي المبسوط: لا بد من إذنه إذا كان عقله ثابتا (4)، وفي المنتهى (5)
والتحرير (6): استحباب استئذان النائب غير المغمى عليه، قال في المنتهى: إن زال
عقله قبل الإذن جاز له أن يرمى عنه عندنا، عملا بالعمومات (7).
وفي الدروس: لو أغمي عليه قبل الاستنابة وخيف فوت الرمي، فالأقرب
رمي الولي عنه، فإن تعذر فبعض المؤمنين، لرواية رفاعة عن الصادق عليه السلام: يرمى
عمن أغمي عليه (8).
قلت: فقه المسألة أن المعذور يجب عليه الاستنابة، وهو واضح، لكن إن رمى
عنه بدون إذنه فالظاهر الاجزاء، لاطلاق الأخبار والفتاوى، وعدم اعتباره في
المغمى عليه، وإجزاء الحج عن الميت تبرعا من غير استنابة.
ويستحب الاستئذان إغناء له عن الاستنابة الواجبة عليه، وإبراء لذمته (9)
عنها.

(1) الإقتصاد: ص 309.
(2) الجمل والعقود: ص 150.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 83 ب 17 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 2.
(4) المبسوط: ج 1 ص 380.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 774 س 34.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 110 س 23.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 774 س 36.
(8) الدروس: ج 1 ص 430 درس 110.
(9) في خ: (الذمة).
257

ثم في التحرير (1) والمنتهى (2) استحباب أن يضع المنوب الحصى في يد النائب
تشبيها بالرمي.
قلت: قد يرشد إليه حمله إلى الجمار.
وفي التذكرة استحباب وضع النائب الحصى في يد المنوب (3) - يعني والرمي
بها وهي في يده - كما مر عن المنتهى، أو ثم أخذها من يده ورميها كما مر عن
المبسوط (4)، وهو الموافق لرسالة علي بن بأبويه (5) والسرائر (6) والوسيلة (7)
والتحرير وغيرها. ثم قطع فيهما (8) بأنه إن زال العذر والوقت باق لم يجب عليه
فعله، لسقوطه عنه بفعل النائب.
وقربه في التذكرة (9) وفيه نظر أن السقوط ممنوع ما بقي وقت الأداء، ويجوز
أن يريد بما في الكتاب من الجواز الاجزاء، وبعدم زوال العذر أنه إن زال
والوقت باق لم يجزئ كما حكى عن أبي علي (10).
(فلو) استناب المعذور ثم (أغمي عليه) قبل الرمي (لم ينعزل
نائبه) كما ينعزل الوكيل (لأنه) إنما جازت النيابة لعجزه لا للتوكيل، وإذا
جازت بدون إذنه وإلاغماء (زيادة في العجز).
(ويستحب الإقامة بمنى أيام التشريق) لنحو صحيح ليث المرادي سأل
الصادق عليه السلام عن رجل يأتي مكة أيام منى بعد فراغه من زيارة البيت فيطوف

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 110 س 23.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 774 س 34.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 393 السطر الأخير.
(4) المبسوط: ج 1 ص 380.
(5) نقله عنه الشهيد في الدروس الشرعية: ج 1 ص 433 درس 110.
(6) السرائر: ج 1 ص 610.
(7) الوسيلة: ص 189.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 110 س 24، ومنتهى المطلب: ج 2 ص 36.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 394 س 1.
(10) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 435 درس 110.
258

بالبيت تطوعا، فقال: المقام بمنى أفضل وأحب إلي (1).
ولا يجب للأصل، ونحو قوله عليه السلام في صحيحي جميل (2) ورفاعة: لا بأس أن
يأتي الرجل مكة فيطوف في أيام منى، ولا يبيت بها (3).
(و) يستحب (رمي الأولى عن يساره) كذا في النسخ، والمعروف في
غيره، وفي الأخبار (4) يمينه ويسارها، ويمكن تأويل الأولى بالمذكر. وفي
الفقيه (5) والهداية (6) قبل وجهها، فيها وفي الثانية، وكذا في الثالثة، ولكن يوم
النحر، ولم ينص هنا فيها على شئ.
(من بطن المسيل) لا من أعلاها، (والدعاء) المتقدم يوم النحر،
(والتكبير مع كل حصاة، والوقوف عندها، ثم القيام عن يسار الطريق،
واستقبال القبلة والدعاء، والتقدم قليلا والدعاء، ثم رمي الثانية كالأولى
والوقوف عندها والدعاء، ثم الثالثة مستدبر القبلة مقابلا لها ولا يقف
عندها) كل ذلك خلا الاستدبار، لقول الصادق عليه السلام في حسن ابن عمار: وابدأ
بالجمرة الأولى فارمها عن يسارها من بطن المسيل، وقل كما قلت يوم النحر، ثم
قم عن يسار الطريق فاستقبل القبلة واحمد الله واثن عليه وصل على النبي وآله،
ثم تقدم قليلا فتدعو وتسأله أن يتقبل منك، ثم تقدم أيضا، ثم افعل ذلك عند الثانية
واصنع كما صنعت بالأولى وتقف وتدعو الله كما دعوت، ثم تمضي إلى الثالثة،
وعليك السكينة والوقار فارم ولا تقف عندها (7). والنصوص بعدم الوقوف عند
الثالثة كثيرة، وأما الاستدبار فقد مضى الكلام فيه.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 211 ب 2 من أبواب العود إلى منى ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 211 ب 2 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 211 ب 2 من أبواب العود إلى منى ح 2 مع اختلاف.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 78 ب 12 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 2.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 554.
(6) الهداية: ص 65.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 76 ب 10 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 2.
259

(ولو رمى الثالثة ناقصة أكملها) واكتفى به (مطلقا) كان رماها أربعا
أو أقل حصلت الموالاة بين المنسي وما قبلها أو لا للأصل.
(أما الأوليان فكذلك إن رمى) إليهما أو إلى أحدهما (أربعا) فزائدا
(ناسيا) لما زاد اكتفى بالاكمال، ولم يكن عليه الإعادة على ما بعدهما كما في
رسالة علي بن بأبويه (1) وفاقا للمشهور للأصل، والأخبار. ولعل ابن بأبويه اعتبر
الموالاة، ولم نظفر بدليله، فلعله يرى الاستئناف على الثالثة إن نقص منها وحدها
واختلت الموالاة، وحكى عنه ذلك في الدروس (2).
(وإلا) يرمهما أربعا، بل رمى إحداهما أقل (أعاد على ما بعدها بعد
الاكمال) عليها كما في السرائر (3) للأصل، لا بعد الاستئناف عليها كما في
الأخبار (4)، وعليه الأكثر، لاحتمال ما فيها من الإعادة عليها الاكمال، لأن كل
رمية لاحقة إعادة للرمي، وهو عندي ضعيف جدا، وما هنا خيرة التحرير (5)
والتذكرة (6) والمنتهى (7) أيضا، والمختلف (8) يوافق المشهور.
(ولو ضاعت) من حصى جمرة حصاة (واحدة أعاد) الرمي (على
جمرتها بحصاة) كما في خبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام ذهبت أرمي فإذا في
يدي ست حصيات، فقال: خذ واحدة من تحت رجليك. وفي خبر آخر: ولا تأخذ
من حصى الجمار الذي قد رمى (9).
(ولو من الغد) كما في خبر عبد الأعلى سأله عليه السلام عن رجل رمى الجمرة

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 313.
(2) حكاه الشهيد في الدروس الشرعية: ج 1 ص 430 درس 110.
(3) السرائر: ج 1 ص 610.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 216 ب 6 من أبواب العود إلى منى.
(5) تحرير الأحكام: ج 10 ص 110 س 15.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 393 س 12.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 772 س 36.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 314.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 218 ب 7 من أبواب العود إلى منى ح 2.
260

بست حصيات فوقعت واحدة في الحصى، فقال: يعيدها إن شاء من ساعته، وإن
شاء من الغد (1). وظاهره جواز التأخير اختيارا، ولكنه مع الضعف سندا،
والاحتمال يخالف الأصل والاحتياط.
(فإن اشتبه) الضائع بين الجمار أو جمرتين (أعاد) الرمي (على
الثلاث) أو الاثنين من باب المقدمة، كما في صحيح ابن عمار وحسنه عن
الصادق عليه السلام في رجل أخذ إحدى وعشرين حصاة، فرمى بها فزادت واحدة، فلم
يدر أيهن نقص، قال: فليرجع فليرم كل واحدة بحصاة (2). وعليه الاجماع، كما في
الجواهر (3). وكذا إن فاتته جمرة أو أربع منها واشتبهت رمى الجميع مرتبا،
لاحتمال كونها الأولى.
(ويجوز النفر الأول لمن اجتنب النساء والصيد بعد الزوال) يوم
الثاني عشر (لا قبله) للأخبار، ولا أعرف فيه خلافا إلا من التذكرة فقرب فيها
أن التأخير مستحب (4).
ووجهه أن الواجب إنما هو الرمي والبيتوتة، والإقامة في اليوم مستحبة كما
مر، فإذا رمى جاز النفر متى شاء، ويمكن حمل كثير من العبارات عليه، ويؤيده
قول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: لا بأس أن ينفر الرجل في النفر الأول قبل
الزوال (5) وإن حمل على الضرورة والحاجة.
(ويجوز في) النفر (الثاني قبله) للأصل والأخبار، وفي المنتهى بلا
خلاف (6)، وفي التذكرة إجماعا (7). ومن البين أن من وقت الرمي بالزوال لا ينبغي

(1) المصدر السابق ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 217 ب 7 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(3) جواهر الفقه: ص 44 المسألة 153.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 394 س 21.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 223 ب 9 من أبواب العود إلى منى ح 11.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 776 س 23.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 394 س 22.
261

أن يجوزه كما نص عليه الشهيد (1)، لكن في الغنية (2) والإصباح جوازه (3)، وفي
الغنية الاجماع عليه (4).
وفي التهذيب (5) والنهاية (6) والمبسوط (7) والمهذب (8) والسرائر (9) والغنية (10)
والإصباح: أنه يجوز يوم النفر الثاني المقام إلى الزوال وبعده إلا للإمام خاصة،
فعليه أن يصلي الظهر بمكة (11)، وفي التذكرة (12) والتحرير (13) والمنتهى (14)
استحبابه، لقول الصادق عليه السلام في حسن ابن عمار: يصلي الإمام الظهر يوم النفر
بمكة (15)، وخبر أيوب بن نوح قال: كتبت إليه أن أصحابنا قد اختلفوا علينا، فقال
بعضهم: إن النفر يوم الأخير بعد الزوال أفضل، وقال بعضهم: قبل الزوال، فكتب:
أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الظهر والعصر بمكة، فلا يكون ذلك إلا وقد نفر
قبل الزوال (16).
(ويستحب للإمام الخطبة) يوم النفر الأول (وإعلام الناس ذلك)
وقد مضى.

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 461 درس 116.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 13.
(3) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 464.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 14.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 273 ذيل الحديث 933.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 541.
(7) المبسوط: ج 1 ص 380.
(8) المهذب: ج 1 ص 612.
(9) السرائر: ج 1 ص 612.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 519 س 13.
(11) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 464.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 394 س 29.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 111 س 2.
(14) منتهى المطلب: ج 2 ص 777 س 8.
(15) وسائل الشيعة: ج 10 ص 227 ب 12 من أبواب العود إلى منى ح 1، واسناده عن الحلبي،
وفي ج 10 عن ابن عمار ص 5 ب 4 ح 3 من أبواب احرام الحج، وفيه قال عليه السلام: على
الإمام أن يصلي الظهر يوم التروية بمسجد الخيف ويصلي الظهر يوم النفر في المسجد الحرام.
(16) وسائل الشيعة: ج 10 ص 227 ب 12 من أبواب العود إلى منى ح 2.
262

(المطلب الثالث:)
(في الرجوع إلى مكة) إذا نفر
(فإذا فرغ من الرمي والمبيت بمنى، فإن كان قد بقي عليه شئ من
مناسك مكة كطواف أو بعضه أو سعي عاد إليها واجبا) إن تمكن (لفعله،
وإلا استحب له العود لطواف الوداع) فإنه مستحب بالنص والاجماع، إلا أن
يريد المقام بمكة.
(وليس واجبا) عندنا للأصل والأخبار (1)، وأوجبه أحمد (2) والشافعي (3)
في قول حتى أوجب بتركه دما.
(ويستحب أمام ذلك) في يومه أو قبله وإن قال المفيد: إذا ابيضت
الشمس يعني يوم الرابع (صلاة ست ركعات بمسجد الخيف) بمنى كما في
المقنعة (4) والنهاية (5) والمبسوط (6) وغيرها، لقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير:
صل ست ركعات في مسجد منى في أصل الصومعة (7).
وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر الثمالي: من صلى في مسجد الخيف بمنى مائة
ركعة قبل أن يخرج منه عدلت عبادة سبعين عاما، ومن سبح لله فيه مائة تسبيحة
كتب له كأجر عتق رقبة، ومن هلل الله فيه مائة تهليلة عدلت أجر إحياء نسمة،
ومن حمد الله فيه مائة تحميدة عدلت أجر خراج العراقين يتصدق به في سبيل الله
عز وجل (8).
وأصل الصومعة (عند المنارة في وسطه، وفوقها إلى جهة القبلة بنحو من

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 231 ب 18 من أبواب العود إلى منى.
(2) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 487.
(3) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 487.
(4) المقنعة: ص 422.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 541.
(6) المبسوط: ج 1 ص 381.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 535 ب 51 من أبواب أحكام المساجد ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 535 ب 51 من أبواب أحكام المساجد ح 1.
263

ثلاثين ذراعا، وعن يمينها وشمالها كذلك، فإنه مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله)
قال الصادق عليه السلام في حسن ابن عمار: صل في مسجد الخيف وهو مسجد منى،
وكان مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله على عهده عند المنارة التي في وسط المسجد وفوقها
إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا وعن يمينها، وعن يسارها وخلفها نحوا من ذلك.
قال: فتحر ذلك فإن استطعت أن يكون مصلاك فيه فافعل، فإنه قد صلى فيه ألف
نبي (1). وأغفل المصنف هنا وفي غيره وغيره الخلف، إلا الشيخ في المصباح فقال:
من كل جانب (2). ولا أرى له جهة، وقد يريدون الخلف إلى ثلاثين ذراعا بقولهم
عند المنارة، خصوصا إذا تعلق قولهم بنحو من ثلاثين ذراعا به، وبالفوق جميعا.
(و) يستحب (التحصيب للنافر في الأخير) اتفاقا كما في التذكرة (3)
والمنتهى (4)، وهو النزول في الطريق بالمحصب، وهو مجمع الحصباء أي الحصا
المحمولة بالسيل، قالوا: وكان هناك مسجد حصب به النبي صلى الله عليه وآله، وكلام
الصدوق (5) والشيخين (6) يعطي وجوده في زمنهم.
وقال ابن إدريس: وليس لهذا المسجد المذكور في الكتب أثر اليوم، وإنما
المستحب التحصيب، وهو نزول الموضع والاستراحة فيه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وآله (7)،
قال: وهو ما بين العقبة ومكة (8). وقيل: ما بين الجبل الذي عنده مقابر مكة والجبل
الذي يقابله مصعدا في الشق الأيمن لقاصد مكة، وليست المقبرة منه (9).
وفي الدروس عن السيد ابن الفاخر شارح الرسالة: ما شاهدت أحدا يعلمني
به في زماني، وإنما وقفني واحد على أثر مسجد بقرب منى على يمين قاصد مكة

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 534 ب 50 من أبواب أحكام المساجد ح 1.
(2) مصباح المتهجد: ص 647.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 394 س 35.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 777 س 34.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 555.
(6) المقنعة: ص 423، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 541.
(7) السرائر: ج 1 ص 613.
(8) السرائر: ج 1 ص 592.
(9) نقله الشهيد في الدروس الشرعية: ج 1 ص 465 درس 117.
264

في مسيل واد، قال: وذكر آخرون أنه عند مخرج الأبطح إلى مكة (1) انتهى.
وقال معاوية بن عمار في الحسن: فإذا نفرت وانتهيت إلى الحصباء - وهي
البطحاء - فشئت أن تنزل قليلا، فإن أبا عبد الله عليه السلام قال: كان أبي ينزلها ثم يحمل
فيدخل مكة من غير أن ينام بها (2). وقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله إنما نزلها حيث بعث
بعائشة مع أخيها عبد الرحمن إلى التنعيم فاعتمرت لمكان العلة التي أصابتها
فطافت بالبيت ثم سعت ثم رجعت فارتحل من يومه (3).
وعن أبي مريم: إن الصادق عليه السلام سئل عن الحصبة، فقال: كان أبي ينزل
الأبطح قليلا ثم يجي فيدخل البيوت من غير أن ينام بالأبطح (4). وقال: كان أبي
ينزل الحصبة قليلا ثم يرتحل، وهو دون خبط وحرمان (5).
قلت: وأظن أنهما اسمان لمكانان ثم زالا وزال اسمهما، فالخبط بالكسر
الحوض والغدير، والحرمان مصدر حرمه الشئ يحرمه إذا منعه.
قال الأزرقي في تاريخه: كان أهل مكة يدفنون موتاهم في جنبتي الوادي
يمنة وشامة في الجاهلية وفي صدر الاسلام، ثم حول الناس جميعا قبورهم إلى
الشعب الأيسر لما جاء فيه من الرواية، ففيه اليوم قبور أهل مكة إلا آل عبد الله بن
خالد بن أسيد بن أبي العيص بن أمية بن عبد شمس وآل سفيان بن عبد الأسد بن
هلال بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، فهم يدفنون بالمقبرة العليا بحائط حرمان (6).
قال السيد تقي الدين الفاسي المكي المالكي في مختصر المقدمة: قلت: حائط
حرمان هو - والله أعلم - بالموضع الذي يقال له: الحرمانية عند المعابدة.
وقال الأزرقي أيضا: حد المحصب من الحجون مصعدا في الشق الأيسر

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 465 درس 117.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 229 ب 15 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(3) المصدر السابق ح 2.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) المصدر السابق ح 4.
(6) تاريخ مكة: ج 2 ص 211.
265

وأنت ذاهب إلى منى إلى حائط حرمان مرتفعا عن بطن الوادي (1).
وأما اختصاص التحصيب بالنافر (2) في الأخير فلأن أبا مريم سأل
الصادق عليه السلام أرأيت من تعجل في يومين عليه أن يحصب؟ قال: لا (3).
(و) يستحب (الاستلقاء فيه) على القفا كما في الفقيه (4) والمقنعة (5)
والنهاية (6) والمبسوط (7) وغيرها، قال المفيد: فإن في ذلك تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله (8).
(و) يستحب (دخول الكعبة) ففي الخبر: إن الدخول فيها دخول في
رحمة الله، والخروج منها خروج من الذنوب، وأن من دخله معصوم فيما بقي من
عمره مغفور له ما سلف من ذنوبه (9).
ويستحب أن لا يدخلها إلا (حافيا) لأنه أنسب بالتعظيم والخضوع
والاحتياط، ولقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار أو حسنه: ولا تدخلها
بحذاء (10).
(خصوصا الصرورة) فدخوله فيها آكد، لنحو قول الصادق عليه السلام لحماد إذ
سأله في الصحيح عن دخول البيت: أما الصرورة فيدخله، وأما من حج فلا (11).
ويستحب كون الدخول (بعد الغسل) للأخبار (12).
(و) يستحب (الدعاء) إذا دخل بالمأثور (وصلاة ركعتين في
الأولى بعد الحمد حم السجدة) ويسجد لها، ثم يقوم فيقرأ الباقي، (وفي

(1) تاريخ مكة: ج 2 ص 160.
(2) في ط: (بالمنافر).
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 482 - 483 ح 3027.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 555.
(5) المقنعة: ص 423.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 541.
(7) المبسوط: ج 1 ص 381.
(8) المقنعة: ص 423.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 230 ب 16 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 372 ب 36 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 371 ب 35 من أبواب مقدمات الطواف ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 372 ب 36 من أبواب مقدمات الطواف.
266

الثانية بقدرها) من الآيات لا الحروف والكلمات للخبر (1).
(بين الأسطوانتين) اللتين تليان الباب (على الرخامة الحمراء) التي
هي على مولد أمير المؤمنين عليه السلام. وعن يونس بن يعقوب: أنه رأى الصادق عليه السلام
أراد بين العمودين فلم يقدر عليه، فصلى دونه ثم خرج (2).
(و) يستحب (الصلاة في زواياها) الأربع أيضا، في كل زاوية ركعتين
كما في صحيح إسماعيل بن همام عن الرضا عليه السلام (3). قال القاضي: يبدأ بالزاوية
التي فيها الدرجة، ثم بالغريبة، ثم التي فيها الركن اليماني، ثم التي فيها الحجر
الأسود (4).
(والدعاء) وهو ساجد بما في خبر ذريح عن الصادق عليه السلام (5). وفي الزوايا
بما في خبر سعيد الأعرج عنه عليه السلام من قوله: اللهم إنك قلت: (ومن دخله كان
آمنا) فآمني من عذاب يوم القيامة (6).
وبين الركن اليماني والغربي كما في صحيح معاوية قال: رأيت العبد
الصالح عليه السلام دخل الكعبة فصلى ركعتين على الرخامة الحمراء، ثم قام فاستقبل
الحائط بين الركن اليماني والغربي فرفع يده عليه ولصق به ودعا، ثم تحول إلى
الركن اليماني فلصق به، ثم أتى الركن الغربي ثم خرج (7).
وعلى الرخامة الحمراء أخيرا على ما في المقنعة (8). وفي صحيح ابن عمار

(1) المصدر السابق ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 375 ب 36 من أبواب مقدمات الطواف ح 7.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 373 ب 36 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(4) المهذب: ج 1 ص 263.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 375 ب 37 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 374 ب 36 من أبواب مقدمات الطواف ح 6.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 374 ب 36 من أبواب مقدمات الطواف ح 4.
(8) المقنعة: ص 424.
267

عن الصادق عليه السلام وتقول: اللهم من تهيأ وتعبأ (1)، إلى آخر الدعاء.
وفي المقنعة - بعد الركعتين على الرخامة الحمراء والصلاة في الزوايا
والسجود والدعاء فيه بنحو ما في خبر ذريح -: وليجتهد في الدعاء لنفسه وأهله
وإخوانه بما أحب، وليذكر حوائجه ويتضرع، وليكثر من التعظيم لله والتحميد
والتكبير والتهليل وليكثر من المسألة، ثم يصلي أربع ركعات أخر يطيل ركوعها
وسجودها، ثم يحول وجهه إلى الزاوية التي فيها الدرجة فيقرأ سورة من سور
القرآن، ثم يخر ساجدا، ثم يصلي أربع ركعات أخر يطيل ركوعها وسجودها، ثم
يحول وجهه إلى الزاوية الغربية فيصنع كما صنع، ثم يحول وجهه إلى الزاوية التي
فيها الركن اليماني فيصنع كما صنع ثم يحول وجهه إلى الزاوية التي فيها الحجر
الأسود فيصنع كما صنع، ثم يعود إلى الرخامة الحمراء فيقوم عليها ويرفع رأسه
إلى السماء فيطيل الدعاء فبذلك جاءت السنة (2).
(و) يستحب (استلام الأركان خصوصا اليماني قبل الخروج)
لعموم أخبار استلامها للخارج والداخل، وكذا أخبار اختصاص اليماني منها
بمزيد مع ما سمعته آنفا من خبر معاوية، كل ذلك قبل الخروج.
(و) يستحب (الدعاء عند الحطيم بعده) ومتى تيسر، فإنما سمي
بالحطيم لحطم الناس بعضهم بعضا لازدحامهم فيه للدعاء، كما في خبر ثعلبة بن
ميمون في العلل عن ابن عمار عن الصادق عليه السلام (3). أو لحطم الذنوب فيه، ففي
الصحيح عن إبراهيم بن أبي البلاد قال: حدثني أبو بلال المكي قال: رأيت أبا
عبد الله عليه السلام طاف بالبيت ثم صلى فيما بين الباب والحجر الأسود ركعتين، فقلت
له: ما رأيت أحدا منكم صلى في هذا الموضع، فقال: هذا المكان الذي تاب آدم
فيه. وفي بعض النسخ تيب على آدم فيه (4). وقيل: لأنه يحطم الناس (5)، فقل من

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 372 ب 36 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
(2) المقنعة: ص 426.
(3) علل الشرائع: ص 400 ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 538 ب 53 من أبواب أحكام المساجد ح 3.
(5) الظاهر أنه الشهيد في الروضة البهية: ج 2 ص 328، وفيه (فيحطم بعضهم بعضا).
268

دعا فيه على ظالم فلم يهلك، وقل من حلف فيه آثما فلم يهلك.
(وهو أشرف البقاع) وهو (بين الباب والحجر) إلى المقام، فقال علي
ابن الحسين عليه السلام في خبر الثمالي: أفضل البقاع ما بين الركن والمقام (1). وسأل أبو
عبيدة في الصحيح أبا عبد الله عليه السلام أي بقعة أفضل؟ قال: ما بين الباب إلى الحجر
الأسود (2) وسأل الحسن بن الجهم الرضا عليه السلام عن أفضل مواضع المسجد، فقال:
الحطيم ما بين الحجر وباب البيت (3) وسأل ثعلبة بن ميمون الصادق عليه السلام عن
الحطيم، فقال: هو ما بين الحجر الأسود وبين الباب (4).
قال المفيد - بعد طواف الوداع قبل صلاته -: ثم ليلصق خده وبطنه بالبيت
فيما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، ويضع يده اليمنى مما يلي باب الكعبة واليد
اليسرى مما يلي الحجر الأسود، فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد وآله
عليه وعليهم السلام، ويقول: اللهم اقبلني اليوم منجحا مفلحا مستجابا لي بأفضل
ما رجع به أحد من خلقك وحجاج بيتك الحرام من المغفرة والرحمة والبركة
والرضوان والعافية وفضل من عندك تزيدني عليه، اللهم إن أمتني فاغفر لي، وإن
أحييتني فارزقني الحج من قابل، اللهم لا تجعله آخر العهد من بيتك الحرام.
وليجتهد في الدعاء، ثم ذكر دعاء آخر (5). وبه صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السلام،
إلا أنه ليس فيه الصاق الخد ولا تعين (6) شئ من البيت، بل فيه إلصاق البطن
بالبيت، وفيه زيادة في الدعاء (7). وعبارة الكتاب لا يأبى الترتيب المذكور.
(و) يستحب (طواف) الوداع وهو (سبعة أشواط) كغيره، (واستلام

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 93 ب 29 من أبواب مقدمة العبادات ح 12.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 539 ب 53 من أبواب أحكام المساجد ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 538 ب 53 من أبواب أحكام المساجد ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 539 ب 53 من أبواب أحكام المساجد ح 6 وفيه: (عن ثعلبة عن
معاوية قال: سألت).
(5) المقنعة: ص 427.
(6) في خ: (يتعين).
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 231 ب 18 من أبواب العود إلى منى ح 1.
269

الأركان) خصوصا الركنين في كل شوط وخصوصا الأول والأخير، (و)
إتيان (المستجار والدعاء) عنده في السابع أو بعد الفراغ منه ومن صلاته.
فعن الحسن بن علي الكوفي أنه رأى أبا جعفر الثاني عليه السلام في سنة خمس
عشرة ومائتين بعد ما فرغ من الطواف وصلاته: خرج إلى دبر الكعبة إلى الملتزم
فالتزم البيت وكشف الثوب عن بطنه، ثم وقف عليه طويلا يدعو، وفي سنة تسع
عشرة ومائتين فعل ذلك في الشوط السابع، قال: وكان وقوفه على الملتزم بقدر ما
طاف بعض أصحابنا سبعة أشواط وبعضهم ثمانية (1).
(وإتيان زمزم) بعد ذلك (والشرب من مائها) قال الصادق عليه السلام في
صحيح ابن عمار بعدما أمر بالصاق البطن بالبيت والدعاء المتقدم بعضه: ثم ائت
زمزم فاشرب منها (2).
وقال له أبو إسماعيل: هو ذا أخرج - جعلت فداك - فمن أين أودع البيت؟
قال: تأتي المستجار بين الحجر والباب فتودعه من ثم، ثم تخرج فتشرب من
زمزم، ثم تمضي. فقلت: أصب على رأسي؟ فقال عليه السلام: لا تقرب الصب (3).
(والدعاء خارجا) بقوله: آئبون تائبون عابدون لربنا حامدون، إلى ربنا
راغبون، إلى ربنا راجعون (4). وصريح الصدوق (5) والمفيد (6) وسلار: أنه يقول ذلك
إذا خرج من المسجد (7)، وظاهر غيرهم حين الأخذ في الخروج من عند زمزم.
وقال الصادق عليه السلام لقثم بن كعب: إنك لتد من الحج؟ قال: أجل، قال: فليكن
آخر عهدك بالبيت أن تضع يدك على الباب وتقول: المسكين على بابك فتصدق

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 232 ب 18 من أبواب العود إلى منى ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 231 ب 18 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 233 ب 18 من أبواب العود إلى منى ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 231 ب 18 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 558.
(6) المقنعة: ص 430.
(7) المراسم: ص 117.
270

عليه بالجنة (1). وظاهره باب الكعبة كما قال القاضي (2). وإن قدر على أن يتعلق
بحلقة الباب فليفعل ويقول: المسكين إلى آخره.
وفي المقنعة (3) والمراسم: إنه إذا خرج من المسجد فليضع يده على الباب
وقال ذلك (4)، وظاهره باب المسجد، وفيهما قبل إتيان زمزم صلاة ركعتين أو أكثر
نحو كل ركن آخرها ركن الحجر، ثم إتيان الحطيم مرة أخرى والالتصاق به
والحمد والصلاة، ويسأله أن لا يجعله آخر العهد به.
والخروج (من باب الحناطين) لأن في خبر الحسن بن علي الكوفي: إن
أبا جعفر الثاني خرج منه (5). قال ابن إدريس: وهو باب بني جمح، وهي قبيلة من
قبائل قريش، وهو (بإزاء الركن الشامي) (6) على التقريب.
(والسجود) عند الباب للخبر (7)، وفي خبر صحيح ابن عمار: طويلا (8).
قال الصدوق: خر ساجدا، واسأل الله أن يتقبله منك، ولا يجعله آخر العهد منك (9).
وقال المفيد (10) والقاضي (11) تقول: سجدت لك يا رب تعبدا ورقا، ولا إله إلا
أنت ربي حقا حقا اللهم اغفر لي ذنوبي، وتقبل حسناتي، وتب علي، إنك أنت
التواب الرحيم، ثم يرفع الرأس.
(واستقبال القبلة والدعاء) بقوله: اللهم إني انقلب على قول لا إله إلا الله.
وزاد القاضي قبله: الحمد والصلاة (12)، وفي المقنعة مكان ذلك، اللهم لا تجعله

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 233 ب 18 من أبواب العود إلى منى ح 4.
(2) المهذب: ج 1 ص 266.
(3) المقنعة: ص 430.
(4) المراسم: ص 117.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 233 ب 18 من أبواب العود إلى منى ح 3.
(6) السرائر: ج 1 ص 616.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 232 ب 18 من أبواب العود إلى منى ح 1.
(8) المصدر السابق.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 558.
(10) المقنعة: ص 430.
(11) المهذب: ج 1 ص 266.
(12) المصدر السابق.
271

آخر العهد من بيتك الحرام (1).
(والصدقة) قبضة قبضة (بتمر يشتريه بدرهم) كفارة لما لعله فعله في
الاحرام أو الحرم للأخبار. وعن الجعفي: يتصدق بدرهم (2)، وفي الدروس: لو
تصدق ثم ظهر له موجب يتأدى بالصدقة أجزاء على الأقرب (3).
(والعزم على العود) فالعزم على الطاعات من قضايا الايمان، وأخبار
الدعاء بأن لا يجعله آخر العهد به ناطقة، وبه قال الصادق عليه السلام في خبر الحسين
الأحمسي: من خرج من مكة لا يريد العود إليها فقد اقترب أجله ودنا عذابه (4).
(المطلب الرابع)
(في المضي إلى المدينة)
وليس منه قوله: (يكره الحج والعمرة على الإبل الجلالة) إلى المقصد الثالث،
بل هو خارج عن المطالب الأربعة، بل المقصدين، وإنما هي مسائل متفرقة مناسبة
للكتاب، والتتمة إنما هي تتمة لما قبله منه لا للمطلب.
(تستحب زيارة النبي صلى الله عليه وآله استحبابا مؤكدا و) لذا جاز أن (يجبر
الإمام الناس عليها لو تركوها) ويمكن الوجوب لقول الصادق عليه السلام في
صحيح حفص بن البختري، وهشام بن سالم، وحسين الأحمسي، وحماد،
ومعاوية بن عمار وغيرهم: لو أن الناس تركوا الحج لكان على الوالي أن يجبرهم
على ذلك، وعلى المقام عنده، ولو تركوا زيارة النبي لكان على الوالي أن يجبرهم
على ذلك، فإن لم يكن لهم أموال أنفق عليهم من أموال المسلمين (5).

(1) المقنعة: ص 430.
(2) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 469 درس 117.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 469 درس 117.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 107 ب 57 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 8 ص 16 ب 5 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 2.
272

واحتج في المختلف (1) والشرائع (2) والنافع (3) والمنتهى (4) والتذكرة (5)
والدروس (6) بأنه يستلزم الجفاء وهو محرم، يشير إلى قوله صلى الله عليه وآله: من أتى مكة
حاجا ولم يزرني إلى المدينة فقد جفاني (7).
وفي حرمة الجفاء نظر، ولو تم وجب إجبار كل واحد واحد، والخبر ليس
نصا في الوجوب، ونحوه النهاية (8) والمبسوط (9) والجامع (10)، والأصل العدم،
ولذا حمله ابن إدريس على تأكد الاستحباب (11).
(ويستحب تقديمها على) إتيان (مكة) إذا حج على طريق العراق
كما في النهاية (12) والمبسوط (13) والتذكرة (14) والمنتهى (15) والتحرير (16) وغيرها،
لصحيح العيص سأل الصادق عليه السلام عن الحاج من الكوفة يبدأ بالمدينة أفضل أو
بمكة؟ قال بالمدينة (17).
و (خوفا من ترك العود) وهو يعم كل طريق، ولذا أطلق المصنف، لكن
أخبار العكس كثيرة (18).
قال الصدوق: وهذه الأخبار إنما وردت فيمن يملك الاختيار ويقدر على أن
يبدأ بأيهما شاء من مكة أو المدينة، فأما من يؤخذ به على أحد الطريقين فاحتاج

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 368.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 277.
(3) المختصر النافع: ص 98.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 880 س 17.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 402.
(6) الدروس الشرعية: ج 2 ص 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 261 ب 3 من أبواب المزار ح 3 وفيه: (جفوته يوم القيامة).
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 559.
(9) المبسوط: ج 1 ص 385.
(10) الجامع للشرائع: ص 231.
(11) السرائر: ج 1 ص 647.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 558.
(3 1) المبسوط: ج 1 ص 385.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 402 س 30.
(15) منتهى المطلب: ج 2 ص 880 س 10.
(16) تحرير الأحكام: ج 1 ص 130 س 7.
(17) وسائل الشيعة: ج 10 ص 251 ب 1 من أبواب المزار ح 1.
(18) وسائل الشيعة: ج 10 ص 251 ب 1 من أبواب المزار.
273

إلى الأخذ فيه شاء أو أبى فلا خيار له في ذلك، فإن أخذ به على طريق المدينة بداء
بها، وكان ذلك أفضل له، لأنه لا يجوز له أن يدع دخول المدينة وزيارة قبر
النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام بها وإتيان المشاهد انتظارا للرجوع، فربما لم يرجع أو
اخترم دون ذلك، والأفضل له أن يبدأ بالمدينة، وهذا معنى حديث صفوان عن
العيص بن القاسم وذكر الخبر (1).
(و) يستحب (النزول بالمعرس) معرس النبي صلى الله عليه وآله (على طريق
المدينة) بذي الحليفة ليلا أو نهارا للأخبار (2)، وإن كان التعريس بالليل.
وقال أبو عبد الله الأسدي: بذي الحليفة مسجدان لرسول الله صلى الله عليه وآله، فالكبير
الذي يحرم الناس منه، والآخر مسجد المعرس، وهو دون مصعد البيداء، بناحية
عن هذا المسجد.
وفي الدروس: إنه بإزاء مسجد الشجرة إلى ما يلي القبلة (3)، والأخبار ناطقة
بالنزول والاضطجاع فيه، وقال الصادق عليه السلام في خبر ابن عمار: إنما التعريس إذا
رجعت إلى المدينة ليس إذا بدأت (4). وقد بلغ تأكده إلى أن وردت الأخبار بأن من
تجاوزه بلا تعرس رجع فعرس (5).
(وصلاة ركعتين به) وإن كان وقت صلاة صلاها به، وإن ورده في أحد ما
يكره فيه النوافل أقام حتى تزول الكراهية على ما في خبر علي بن أسباط الذي
في الكافي (6)، وصحيح البزنطي الذي في قرب الإسناد للحميري (7)، كليهما عن
الرضا عليه السلام.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 559 ذيل الحديث 3140.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 289 ب 19 من أبواب المزار.
(3) الدروس الشرعية: ج 2 ص 19 درس 127.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 290 ب 19 من أبواب المزار ذيل الحديث ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 291 ب 20 من أبواب المزار.
(6) الكافي: ج 4 ص 566 ح 4.
(7) قرب الإسناد: ص 173.
274

(و) يستحب (الغسل عند دخولها) للدخول ودخول مسجدها
وللزيارة، وقد مضى جميع ذلك في الطهارة.
(و) يستحب (زيارة فاطمة عليها السلام في) ثلاثة مواضع، لاختلاف الأخبار
في موضع قبرها الشريف (الروضة) وأبطلها الشهيد الثاني في حاشية الكتاب،
وجعلها في المسالك أبعد الاحتمالات، وهي بين القبر والمنبر (1)، للخبر بأنها
روضة من رياض الجنة (2)، وقد ورد في معنى ذلك أن قبرها عليها السلام هناك.
(وبيتها) واستصحه الصدوق (3)، وهو الآن داخل في المسجد. (والبقيع)
وإن استبعده الشيخ في التهذيب (4) والنهاية (5) والمبسوط (6)، وكذا المصنف في
التحرير (7) والمنتهى (8) وابنا إدريس (9) وسعيد (10).
(و) زيارة (الأئمة) الأربعة (عليهم السلام به) أي البقيع (والصلاة
في) مسجد النبي صلى الله عليه وآله خصوصا (الروضة) وإن لم نظفر بنص على الصلاة فيها
بخصوصها، فيكفي كونها روضة من رياض الجنة. وفي خبري جميل بن دراج (11)
ويونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام: إن الصلاة في بيت فاطمة عليها السلام أفضل (12).
(وصوم أيام الحاجة) بها، وهي الأربعاء والخميس والجمعة، والاعتكاف
فيها بالمسجد.
(والصلاة ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة) بشير بن عبد المنذر

(1) مسالك الأفهام: ج 1 ص 128 س 20.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 288 ب 18 من أبواب المزار ح 4 و 5.
(3) من لا يحضر القفية: ج 2 ص 572.
(4) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 9 ذيل الحديث 17.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 561.
(6) المبسوط: ج 1 ص 386.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 131 س 11.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 889 س 26.
(9) السرائر: ج 1 ص 652.
(10) الجامع للشرائع: ص 232.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 547 ب 59 من أبواب أحكام المساجد ح 1.
(12) المصدر السابق ح 2.
275

الأنصاري، أو رفاعة بن عبد المنذر، وهي أسطوانة التوبة، وهي الرابعة من المنبر
في المشرق على ما في خلاصة الوفاء، والقعود عندنا يومه.
(و) الصلاة (ليلة الخميس عند الأسطوانة التي تلي مقام
رسول الله صلى الله عليه وآله) أي المحراب والكون عندها يومه.
قال الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: إن كان لك مقام بالمدينة ثلاثة أيام
صمت أول يوم الأربعاء، وتصلي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة وهي أسطوانة
التوبة التي كان ربط فيها نفسه حتى نزل عذره من السماء، وتقعد عندها يوم
الأربعاء، ثم تأتي ليلة الخميس التي تليها مما يلي مقام النبي صلى الله عليه وآله ليلتك ويومك،
وتصوم يوم الخميس، ثم تأتي الأسطوانة التي تلي مقام النبي صلى الله عليه وآله ومصلاه ليلة
الجمعة فتصلي عندها ليلتك ويومك وتصوم يوم الجمعة، فإن استطعت أن لا تتكلم
بشئ في هذه الأيام فافعل إلا ما لا بد لك منه، ولا تخرج من المسجد إلا لحاجة،
ولا تنام في ليل ولا نهار فافعل فإن ذلك مما يعد فيه الفضل، ثم احمد الله في يوم
الجمعة، واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله وسل حاجتك، وليكن فيما تقول: اللهم
ما كانت لي إليك من حاجة شرعت أنا في طلبها والتماسها أو لم تشرع سألتكها أو
لم أسألكها، فإني أتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة صلى الله عليه وآله في قضاء حوائجي
صغيرها وكبيرها، فإنك حري أن تقضى حاجتك إن شاء الله (1).
وفي حسنه: صم الأربعاء والخميس والجمعة، وصل ليلة الأربعاء ويوم
الأربعاء عند الأسطوانة التي تلي رأس رسول الله صلى الله عليه وآله، وليلة الخميس ويوم
الخميس عند أسطوانة أبي لبابة، وليلة الجمعة ويوم الجمعة عند الأسطوانة التي
تلي مقام النبي صلى الله عليه وآله، وادع بهذا الدعاء لحاجتك وهو: اللهم إني أسألك بعزتك
وقوتك وقدرتك وجميع ما أحاط به علمك أن تصلي على محمد وآل محمد
وعلى أهل بيته، وأن تفعل بي كذا وكذا (2).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 274 ب 11 من أبواب المزار ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 275 ب 11 من أبواب المزار ح 4.
276

ونحوا منه في حسن الحلبي إلا أنه ليس فيه ذكر الليالي، ولا هذا الدعاء،
وفيه: الصلاة يوم الجمعة عند مقام النبي صلى الله عليه وآله مقابل الأسطوانة الكثيرة الحلوق،
والدعاء عندهن جميعا لكل حاجة (1).
(و) يستحب (إتيان المساجد) التي (بها، كمسجد الأحزاب و)
هو مسجد (الفتح) كما في التذكرة (2) والتحرير (3) وغيرهما، فالعطف على
الأحزاب، وهو الذي دعا فيه النبي صلى الله عليه وآله يوم الأحزاب ففتح له، وهو على قطعة
من جبل سلع يصعد إليه بدرجتين، وفي قبلته من تحت مسجدان آخران، مسجد
ينسب إلى أمير المؤمنين عليه السلام، وآخر إلى سلمان رضي الله عنه.
(و) مسجد (الفضيخ) بالمعجمات، وهو بشرقي قباء، على شفير الوادي،
على نشر من الأرض، يقال: أنه صلى الله عليه وآله كان إذا حاصر بني النضير ضربت قبته
قريبا منه، وكان يصلي هناك ست ليالي، وحرمت الخمر هناك، وجماعة من
الأنصار كانوا يشربون فضيخا فحلوا وكاء السقاء فهرقوه فيه.
وفي خبر ليث المرادي عن الصادق عليه السلام أنه سمي به لنخل يسمى الفضيح (4).
وفي خبر عمار عنه عليه السلام: إن فيه ردت الشمس لأمير المؤمنين عليه السلام (5).
(و) مسجد (قباء) بالضم والتخفيف والمد، ويقصر وهو مذكر، ويؤنث
مصروف ولا يصرف، وهو من المدينة نحو ميلين من الجنوب، وهو الذي أسس
على التقوى كما في حسن ابن عمار (6) وغيره. وفي مرسل حريز عن النبي صلى الله عليه وآله:
إن من أتاه فصلى فيه ركعتين رجع بعمرة (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 274 ب 11 من أبواب المزار ح 3.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 403 س 23.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 131 س 7.
(4) الكافي: ج 4 ص 561 ح 5، وتهذيب الأحكام: ج 6 ص 18 ح 40.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 277 ب 12 من أبواب المزار ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 547 ب 60 من أبواب أحكام المساجد ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 277 ب 12 من أبواب المزار ح 5.
277

قال القاضي: فيصلى فيه عند الأسطوانة التي تلي المحراب (1).
(ومشربة أم إبراهيم) أي الغرفة التي كانت فيها مارية القبطية، ويقال: إنها
ولدت فيها إبراهيم عليه السلام.
(وقبور الشهداء) بأحد (خصوصا قبر حمزة عليه السلام) قال الصادق عليه السلام
في صحيح ابن عمار ولا تدع إتيان المشاهد كلها: مسجد قبا فإنه المسجد الذي
أسس على التقوى من أول يوم، ومشربة أم إبراهيم، ومسجد الفضيخ، وقبور
الشهداء ومسجد الأحزاب وهو مسجد الفتح، قال: وبلغنا أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا
أتى قبور الشهداء قال: السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار، وليكن فيما
تقول عند مسجد الفتح: يا صريخ المكروبين، ويا مجيب دعوة المضطرين، اكشف
غمي وهمي وكربي كما كشفت عن نبيك همه وغمه وكربه وكفيته هول عدوه في
هذا المكان (2).
وسأله عليه السلام عقبة بن خالد، إنا نأتي المساجد التي حول المدينة فبأيها أبدأ؟
فقال: إبداء بقبا فصل فيه وأكثر، فإنه أول مسجد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وآله في هذه
العرصة، ثم ائت مشربة أم إبراهيم فصل فيها فإنها مسكن رسول الله صلى الله عليه وآله ومصلاه،
ثم تأتي مسجد الفضيخ فتصلي فيه فقد صلى فيه نبيك، فإذا قضيت هذه الجانب
أتيت جانب أحد فبدأت بالمسجد الذي دون الحرة فصليت فيه، ثم مررت بقبر
حمزة بن عبد المطلب فسلمت عليه، ثم مررت بقبور الشهداء فقمت عندهم فقلت:
السلام عليكم يا أهل الديار أنتم لنا فرط وإنا بكم لاحقون، ثم تأتي المسجد الذي
في المكان الواسع إلى جنب الجبل عن يمينك حتى تأتي أحدا فتصلي فيه، فعنده
خرج النبي صلى الله عليه وآله إلى أحد حين لقي المشركين فلم يبرحوا حتى حضرت الصلاة
فصلى فيه، ثم مر أيضا حتى ترجع فتصلي عند قبور الشهداء ما كتب الله لك، ثم

(1) المهذب: ج 1 ص 282.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 275 ب 12 من أبواب المزار ح 1.
278

امض على وجهك حتى تأتي مسجد الأحزاب فتصلي فيه وتدعو الله، فإن
رسول الله صلى الله عليه وآله دعا فيه يوم الأحزاب وقال: يا صريخ المكروبين، ويا مجيب
دعوة المضطرين، ويا مغيث المهمومين، إكشف همي وكربي وغمي فقد ترى
حالي وحال أصحابي (1).
وقال عليه السلام في خبر الفضيل بن يسار: زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وآله وزيارة قبور
الشهداء وزيارة قبر الحسين عليه السلام تعدل حجة مبرورة مع رسول الله صلى الله عليه وآله (2). وفي
صحيح هشام بن سالم: عاشت فاطمة عليها السلام بعد رسول الله صلى الله عليه وآله خمسة وسبعين
يوما لم تر كاشرة ولا ضاحكة تأتي قبور الشهداء في كل جمعة مرتين الاثنين
والخميس (3).
(ويكره الحج والعمرة على الإبل الجلالة) للخبر (4).
(و) يكره (رفع بناء فوق الكعبة على رأي) هو المشهور، لقول أبي
جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: ولا ينبغي لأحد أن يرفع بناءه فوق الكعبة (5).
وعن الشيخ (6) وابن إدريس الحرمة، ولم أره في كلامهما.
نعم، نهى عنه القاضي (7)، وهو يحتمل الحرمة. وحرمه المحقق أولا، ونقل
الكراهية قولا، ثم جعله أشبه (8). والبناء يشمل الدار وغيرها حتى حيطان
المسجد، وظاهر رفعه أن يكون ارتفاعه أكثر من ارتفاع الكعبة، فلا يكره البناء
على الجبال حولها مع احتماله.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 276 ب 12 من أبواب المزار ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 278 ب 12 من أبواب المزار ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 279 ب 13 من أبواب المزار ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 330 ب 57 من أبواب آداب السفر ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 343 ب 17 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
(6) حكاه فخر المحققين في إيضاح الفوائد: ج 1 ص 319، والسيد العميد في كنز الفوائد: ج 1
ص 293.
(7) المهذب: ج 1 ص 273.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 277.
279

(و) يكره (منع الحاج دور مكة) أن ينزلوها (على رأي) للأخبار (1)
وفسر به فيها قوله تعالى: (سواء العاكف فيه والباد) (2) ولذا استدل به في
المبسوط (3) والنهاية (4)، فلا يردها في السرائر من أن الضمير فيه للمسجد
الحرام (5). وبالأخبار (6) ظهر أن المراد به الحرم أو مكة كما في آية الاسراء (7).
واستدل به ابن إدريس بالاجماع والأخبار المتواترة، قال: فإن لم تكن متواترة
فهي متلقاة بالقبول (8). وفي الشرائع: قيل يحرم (9)، وهو ظاهر قول الصادق عليه السلام
في صحيح الحسين بن أبي العلاء: ليس لأحد أن يمنع الحاج شيئا من الدور
ومنازلها (10). وبه عبر القاضي (11)، وقال أبو علي: الإجارة لبيوت مكة حرام (12).
قلت: وروى الحميري في قرب الإسناد النهي عنها عن أمير المؤمنين عليه السلام (13).
قال أبو علي: ولذلك استحب للحاج أن يدفع ما يدفعه لأجرة حفظ رحله لا أجرة
ما ينزله (14).
وحرمة الإجارة قد يعطي حرمة المنع من النزول، والأقوى العدم للأصل،
وورود أكثر الأخبار (15) بنحو (ليس ينبغي) وهي وإن فتحت عنوة، فهو لا يمنع
من الأولوية واختصاص الآثار بمن فعلها.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 367 ب 32 من أبواب مقدمات الطواف.
(2) الحج: 25.
(3) المبسوط: ج 1 ص 384.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 557.
(5) السرائر: ج 1 ص 645.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 367 ب 32 من أبواب مقدمات الطواف.
(7) الاسراء: 1.
(8) السرائر: ج 1 ص 644.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 277.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 368 ب 32 من أبواب مقدمات الطواف ح 4.
(11) المهذب: ج 1 ص 273.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 367.
(13) قرب الإسناد: ص 52.
(14) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 367.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 367 ب 32 من أبواب مقدمات الطواف.
280

(و) يكره (النوم في المساجد) كما مر في الصلاة، خصوصا في
المسجدين كما مر فيها (خصوصا مسجد النبي صلى الله عليه وآله) بالمدينة، لقوله صلى الله عليه وآله:
لا ينام في مسجدي أحد ولا يجنب فيه، وقال: إن الله أوحى إلي أن اتخذ مسجدا
طهورا لا يحل لأحد أن يجنب فيه إلا أنا وعلي والحسن والحسين عليهم السلام (1).
ورواه أو نحوا منه جم غفير من العامة (2) والخاصة (3).
وما رواه الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن عن جده علي بن
جعفر: أنه سأل أخاه عليه السلام عن النوم في المسجد الحرام، قال: لا بأس (4). وسأله
عن النوم في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله، قال: لا يصلح (5). وينفي البأس عن النوم في
المسجد الحرام أخبار (6) أخرى.
وينفيه في المسجد النبوي صلى الله عليه وآله خبر معاوية بن وهب سأل الصادق عليه السلام عن
النوم في المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله؟ قال: نعم، فأين ينام الناس؟! (7).
ويقوى الكراهية خوف الاحتلام كما نص عليه أخبار (8).
(و) يكره (صيد ما بين الحرتين) حرة وأقم، وهي شرقية المدينة،
ويسمى حرة بني قريظة، وواقم اسم صنم لبني عبد الأشهل بني عليها، أو اسم
رجل من العماليق نزل بها، وحرة ليلى لبني مرة من غطفان، وهي غربيتها، وهي
حرة العقيق، ولها حرتان أخريان جنوبا وشمالا يتصلان بهما، فكأن الأربع
حرتان، فلذا اكتفى بهما وهما حرتا قبا وحرة الرجلى ككسرى، ويمد، يترجل
فيها لكثرة حجارتها.

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 497 ب 18 من أبواب أحكام المساجد ح 3.
(2) سنن البيهقي: ج 7 ص 65.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 484 ب 15 من أبواب الجنابة.
(4) قرب الإسناد: 120.
(5) قرب الإسناد: 120.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 496 ب 18 من أبواب أحكام المساجد.
(7) المصدر السابق ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 484 ب 15 من أبواب الجنابة.
281

والكراهية نص الشرائع (1)، ودليله الأصل. ونحو قول رسول الله صلى الله عليه وآله في
خبر ابن عمار: وليس صيدها كصيد مكة، يؤكل هذا ولا يؤكل ذلك (2). وخبر أبي
العباس سأل الصادق عليه السلام حرم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة؟ قال: نعم حرم بريدا في
بريد غضاها، قال، قلت: صيدها، قال: لا يكذب الناس (3). وخبر يونس بن
يعقوب سأله عليه السلام يحرم علي في حرم رسول الله صلى الله عليه وآله ما يحرم علي في حرم الله؟
قال: لا (4).
وصحيح ابن عمار الذي في معاني الأخبار أنه سمعه عليه السلام يقول: ما بين
لابتي المدينة ظل عائر إلى ظل وعير حرم، قال: قلت: طائره كطائر مكة؟ قال:
لا، ولا يعضد شجرها (5).
ونص التهذيب (6) والخلاف (7) والمنتهى الحرمة (8)، وهي ظاهر غيرها، لقول
الصادق عليه السلام في صحيح بن سنان: يحرم من صيد المدينة ما صيد بين الحرتين (9).
وفي خبر الحسن الصيقل: حرم رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة ما بين لابتيها، قال:
وما بين لابتيها؟ قال: ما أحاطت به الحرتان (10).
وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: حرم رسول الله صلى الله عليه وآله المدينة ما بين
لابتيها صيدها، وحرم ما حولها بريدا في بريد، أن يختلي خلاها أو يعضد شجرها
إلا عودي الناضح (11).

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 278.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 283 ب 17 من أبواب المزار ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 285 ب 17 من أبواب المزار ح 4.
(4) المصدر السابق ح 8.
(5) معاني الأخبار: ص 338 ح 4.
(6) تهذيب الأحكام: ج 6 ص 13 ذيل الحديث 24.
(7) الخلاف: ج 2 ص 420 المسألة 307.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 799 س 11.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 285 ب 17 من أبواب المزار ح 9.
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 284 ب 17 من أبواب المزار ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 285 ب 17 من أبواب المزار ح 5.
282

وحمل الأخبار الأولة على حل صيد الخارج من الحرتين الداخل في البريد
الذي هو الحرم، وهو أقوى. وفي الخلاف: الاجماع عليه (1)، وهو ظاهر
المنتهى (2).
(و) يكره (عضد شجر حرم المدينة) أي قطعه للأخبار (3)، وظاهر
الأكثر الحرمة. وفي المنتهى: إنه لا يجوز عند علمائنا (4)، وفي التذكرة: إنه
المشهور (5)، وهو الأقوى للأخبار (6) من غير معارض، ولم أظفر لغيره بنص على
الكراهية، واستثنى فيهما وفي التحرير: ما يحتاج إليه من الحشيش للعلف (7) لخبر
عامي (8)، ولأن بقرب المدينة أشجارا وزروعا كثيرة، فلو منع من الاحتشاش
للحاجة لزم الحرج المنفي، بخلاف حرم مكة. واستثنى ابن سعيد (9) ما في صحيح
زرارة (10) من عودي الناضح.
(وحده) كما في صحيح ابن عمار (1 1) (من) ظل (عائر إلى) ظل
(وعير) قال الشهيد: بفتح الواو (12)، وفي المسالك: وقيل بضمها مع فتح العين
المهملة (13).
قلت: كذا وجدته مضبوطا بخط بعض الفضلاء، وفي المسالك أيضا: أنهما
يكتنفان المدينة شرقا وغربا (14)، وفي خلاصة الوفاء: عير، ويقال: عائر جبل
مشهور في قبلة المدينة قرب ذي الحليفة، ولعل المراد بظل وعير فيؤه كما رواه

(1) الخلاف: ج 2 ص 420 المسألة 307.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 799 س 10.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 283 ب 17 من أبواب المزار.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 799 س 12.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 341 س 38.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 283 ب 17 من أبواب المزار.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 س 16.
(8) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 370.
(9) الجامع للشرائع: ص 185.
(10) تقدم آنفا.
(11) وسائل الشيعة: ج 10 ص 283 ب 17 من أبواب المزار ح 1.
(12) الدروس الشرعية: ج 2 ص 21 درس 127.
(13) مسالك الأفهام: ج 1 ص 128 س 9.
(14) المصدر السابق س 8.
283

الصدوق مرسلا (1) والتعبير بظلهما للتنبيه على أن الحرم داخلهما، بل بعضه. وفي
خبر الحسن الصيقل عن الصادق عليه السلام: من عير إلى وعير (2).
روت العامة: من عير إلى ثور، ومن عير إلى أحد (3).
وفي خبر أبي بصير عن الصادق عليه السلام: حد ما حرم رسول الله صلى الله عليه وآله من المدينة
من ذباب إلى وأقم والعريض والنقب من قبل مكة (4).
قلت: وذباب كغراب، وكتاب، جبل شامي المدينة، يقال: كان مضرب قبة
النبي صلى الله عليه وآله يوم الأحزاب، والعريض مصغرا: واد في شرقي الحرة، قرب قناة، وهي
أيضا واد، والنقب الطريق في الجبل، وسمعت خبري البريد في بريد (5).
(و) يكره (المجاورة بمكة) سنة كاملة، بل يتحول عنها في السنة
للأخبار (6)، وفيها التعليل بأن الارتحال عنها أشوق إليها، وأن المقام بها يقسي
القلب، وأن كل ظلم فيه إلحاد، وفي المقام خوف ظلم منه أو ممن معه.
ولا ينافيه استحبابها لما ورد من الفضل فيما يوقع فيها من العبادات، وهو
ظاهر. ولا ما في الفقيه عن علي بن الحسين عليه السلام من قوله: الطاعم بمكة كالصائم
فيما سواها، والماشي بمكة في عبادة الله عز وجل (7).
إذ الطاعم بها إنما هو كالصائم والماشي في العبادة لكونهما نويا بكونهما
التقرب إلى الله بأداء المناسك أو غيرها من العبادات. وهو لا ينافي أن يكون
الخارج منها لتشويق نفسه إليها والتحرز من الالحاد والقسوة أيضا كذلك.

(1) معاني الأخبار: ص 338.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 284 ب 17 من أبواب المزار ح 2.
(3) السنن الكبرى للبيهقي: ج 5 ص 196.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 284 ب 17 من أبواب المزار ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 285 ب 17 من أبواب المزار ح 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 340 ب 15 من أبواب مقدمات الطواف.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 227 ذيل الحديث 2259.
284

ولا ما فيه عن أبي جعفر الباقر عليه السلام من قوله: من جاور بمكة سنة غفر الله له
ذنوبه ولأهل بيته ولكل من استغفر له ولعشيرته ولجيرانه ذنوب تسع سنين قد
مضت، وعصموا من كل سوء أربعين ومائة سنة (1). إذ ليس نصا في التوالي، مع
جواز كون الارتحال لأحد ما ذكر أفضل من المجاورة التي لها الفضل المذكور كما
في مكروهات العبادات، ولذا قيل - بعد ما ذكر بلا فصل -: والانصراف والرجوع
أفضل من المجاورة، وهو يحتمل الحديث وكلام الصدوق (2).
وجمع الشهيد بين هذا الخبر وأخبار الكراهية باستحباب المجاورة لمن يثق
من نفسه بعدم المحذورات المذكورة، وحكى قولا باستحبابها للعبادة وكراهيتها
للتجارة (3).
(ويستحب) المجاورة (بالمدينة) تأسيا، ولما تستتبعه من العبادات
فيها، مع ما فيها من الفضل والموت فيها، مع قول الصادق عليه السلام في خبر الزيات:
من مات في المدينة بعثه الله في الآمنين يوم القيامة (4).
ولما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: لا يصبر على لأواء المدينة وشدتها أحد من أمتي
إلا كنت له شفيعا يوم القيامة أو شهيدا (5). وإن نفرا كانوا يريدون الخروج منها إلى
أحد الأمصار، فقال: المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون (6). ولكنه يحتمل
الاختصاص بهم، هذا مع أنه لا معارض هناك كما في مكة، وإن أمكنت تعدية
العلل كما فعله بعض العامة (7)، لكن روي: من غاب عن المدينة ثلاثة أيام جاءها

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 340 ب 15 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 227 ذيل الحديث 2260.
(3) الدروس الشرعية: ج 2 ص 471 درس 118.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 272 ب 9 من أبواب المزار ح 3.
(5) صحيح مسلم: ج 2 ص 1004 ح 484.
(6) صحيح مسلم: ج 2 ص 1008 ح 496.
(7) المجموع: ج 8 ص 278.
285

وقلبه مشرب جفوة (1). وفي الدروس: الاجماع على الاستحباب (2).
(تتمة)
(من التجاء إلى الحرم وعليه حد أو تعزير أو قصاص) لم يقم عليه
فيه، بل (ضيق عليه في المطعم والمشرب) والمسكن، فلا يبايع، ولا يطعم،
ولا يسقى ولا يؤوى (حتى يخرج) فيقام عليه، للنصوص من الكتاب (3)
والسنة (4). وكأنه لا خلاف فيه، وما فسرنا به التضيق نص الأخبار.
ومن الأصحاب من فسره بأن لا يمكن من ما له إلا ما يسد الرمق، أو ما لا
يحتمله مثله عادة ولا يطعم ولا يسقى سواه.
(ولو فعل ما يوجب) شيئا من (ذلك في الحرم فعل به فيه مثل
فعله) أي جوزي بالقصاص الذي يماثل فعله حقيقة، أو الحد أو التعزير الذي
يساويه قوة، فجزاء سيئته سيئة مثلها، وذلك للأخبار المعللة بأنه لم ير للحرم
حرمة (5)، ولا أعرف فيه أيضا خلافا، ولكن ما في الفقيه عن الصادق عليه السلام: إن من
بال في الكعبة معاندا أخرج منها ومن الحرم وضربت عنقه (6).
(والأيام المعلومات) في قوله تعالى (وأذن في الناس بالحج يأتوك
رجالا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم
الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) (7). (عشر ذي الحجة).
(والمعدودات) في قوله تعالى: (واذكروا الله في أيام معدودات فمن

(1) مجمع الزوائد ومنبع الفوائد: ج 3 ص 310.
(2) الدروس الشرعية: ج 2 ص 21 درس 127.
(3) آل عمران: 97.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 336 ب 14 من أبواب مقدمات الطواف.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 336 ب 14 من أبواب مقدمات الطواف.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 251 ح 2326.
(7) الحج: 27 - 28.
286

تعجل في يومين فلا إثم عليه ومن تأخر فلا إثم عليه لمن اتقى) (1). (أيام
التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر) في المشهور،
وعليه الشيخ في غير النهاية (2).
وفي روض الجنان: إنه مذهبنا (3)، وفي مجمع البيان: إنه المروي عن أئمتنا (4)،
وفي الخلاف نفي الخلاف عن معنى المعدودات (5). قيل: ويدل عليه أن لفظه يشعر
بالقلة (6)، وقوله تعالى: (فمن تعجل) الآية.
وبالتفسيرين صحيح حماد بن عيسى عن الصادق عليه السلام قال: قال علي عليه السلام
في قول الله عز وجل: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) قال: أيام العشر،
وقوله: (واذكروا الله في أيام معدودات) قال: أيام التشريق (7).
وبتفسير المعدودات خاصة حسن محمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام (8)،
وخبر الحميري في قرب الإسناد بسنده عن حماد بن عيسى عنه عليه السلام (9)،
والعياشي في تفسيره عن رفاعة عنه عليه السلام (10).
وفي حج التبيان: إنما قيل لهذه الأيام معدودات لقلتها، وقيل لتلك معلومات
للحرص على علمها بحسابها من أجل وقت الحج في آخرها (11). وفيه أيضا قال
أبو جعفر: الأيام المعلومات أيام التشريق والمعدودات العشر (12)، وهو خيرة
النهاية (13)، وفي بقرة التبيان (14) والمجمع (15) وروض الجنان عن الفراء (16).

(1) البقرة: 203.
(2) المبسوط: ج 1 ص 365.
(3) روض الجنان: ج 1 ص 333.
(4) مجمع البيان: ج 2 ص 299.
(5) الخلاف: ج 2 ص 435 المسألة 332.
(6) روض الجنان: ج 1 ص 333.
(7) وسائل الشيعة: ج 10 ص 219 ب 8 من أبواب العود إلى منى ح 5.
(8) المصدر السابق ح 4.
(9) قرب الإسناد: ص 10.
(10) تفسير العياشي: ج 1 ص 99 ح 276.
(11) التبيان: ج 7 ص 310.
(12) المصدر السابق.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 559.
(14) التبيان: ج 2 ص 175.
(15) مجمع البيان: ج 2 ص 299.
(16) روض الجنان: ج 1 ص 333.
287

وقال الشيخ الطبرسي في الحج: واختاره الزجاج، قال، قال: لأن الذكر ها هنا
يدل على التسمية على ما ينحر، لقوله: (على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) أي على
ذبح ونحر ما رزقهم من الإبل والبقر والغنم، وهذه الأيام تختص بذلك (1). وهو
خيرة التذكرة (2)، قال: قال الصادق عليه السلام في الصحيح: قال أبي: قال علي عليه السلام:
اذكروا الله في أيام معدودات، قال: عشر ذي الحجة، وأيام معلومات، قال: أيام
التشريق (3).
وفي الخلاف عن سعيد بن جبير: اتحادهما (4)، وفي الدروس عن الجعفي: إنها
أيام التشريق (5)، وبه خبر الشحام عن الصادق عليه السلام (6)، وفي معاني الأخبار
للصدوق، وخبر أبي الصباح عنه عليه السلام: إن المعلومات أيام التشريق (7).
وإنما قيل لهذه الأيام أيام التشريق: لتقديرهم اللحوم فيها، أو لأنهم لا
ينحرون قبل اشراق الشمس، أو لقولهم: أشرق ثبير.
(وليلة العاشر) تسمى (ليلة النحر، و) اليوم (الحادي عشر يوم
القر) بالفتح (لاستقرارهم) فيه (بمنى) لا ينفرون ولا يعودون إلى مكة.
(والثاني عشر يوم النفر الأول، والثالث عشر) يوم (النفر الثاني)
ويوم الصدر محركة، ومضى أن ليله ليلة التحصيب، وعن ابن مناذر (8): أربعة أيام
كلها على الراء: يوم النحر ويوم القر ويوم النفر ويوم الصدر.

(1) مجمع البيان: ج 7 ص 81.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 402 السطر الأخير.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 403 س 1.
(4) الخلاف: ج 2 ص 436 المسألة 332.
(5) الدروس: ج 1 ص 451 درس 113.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 219 ب 8 من أبواب العود إلى منى ح 3.
(7) معاني الأخبار: ص 297.
(8) كذا في النسختين المعتمدتين ولم أقف له في المصادر المتوفرة على شرح حال ولعله
تصحيف لابن منادي أحمد بن جعفر بن المنادي البغدادي المتوفى حدود سنة 336 ه‍.
288

(المقصد الثالث)
(في التوابع)
لكتاب الحج ومباحثه لا له، فإن
العمرة واجب برأسه
(وفيه فصول) ثلاثة:
289

(الفصل الأول)
(في العمرة)
أي زيارة البيت على الوجه الآتي.
(وهي واجبة) بالكتاب (1) والسنة (2) والاجماع، وللعامة قول
بالاستحباب (3).
ويجب (على الفور كالحج) كما في المبسوط (4) والسرائر (5)، ولم أظفر
بموافق لهم، ولا دليل إلا على القول بظهور الأمر فيه. نعم في التذكرة الاجماع
عليه (6)، وفي السرائر نفي الخلاف عنه (7).
ثم الفورية إنما هي المبادرة بها في وقتها، ووقت المتمتع بها أشهر الحج،
ووقت المفردة لم يجب عليه حج الافراد أو القران بعد الحج، كما سينص عليه، ولا
يجب عمرتان أصالة حتى يجب المبادرة إليها أول الاستطاعة لها، إلا إذا لم
يستطع إلا لها، فإن ذلك أول وقتها، ولا يستقر في الذمة إذا استطاع لها، وللحج إذا

(1) البقرة: 169.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 235 ب 1 من أبواب العمرة.
(3) المجموع: ج 7 ص 7.
(4) المبسوط: ج 1 ص 296.
(5) السرائر: ج 1 ص 515.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 296 س 33.
(7) السرائر: ج 1 ص 515.
290

أخرها إلى الحج أو أشهره فزالت الاستطاعة.
وإنما يجب العمرة (بشرائطه) أي الحج للأصل، والاجماع والنص من
الكتاب والسنة، كقوله تعالى: (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه
سبيلا) (1) لشمول حجه للعمرة. ونص الصادق عليه السلام عليه في صحيح ابن أذينة
الذي في علل الصدوق (2)، وقوله عليه السلام في صحيح ابن عمار الذي في العلل أيضا:
العمرة واجبة على الخلق بمنزلة الحج على من استطاع إليه سبيلا (3).
وأما خبر زرارة: سأل أبا جعفر عليه السلام عن قوله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله
حاضري المسجد الحرام) فقال: ذلك أهل مكة ليس لهم متعة، ولا عليهم عمرة (4).
فالمعنى نفي عمرة التمتع التي في الآية.
(ولو استطاع لحج الافراد دون عمرته فالأقرب وجوبه خاصة)
لكون كل منهما عبارة برأسه، فلا يسقط شئ منهما بسقوط الآخر، ولا يجب
بوجوبه، بخلاف التمتع، ولذا نرى الأخبار تحكم بكون التمتع ثلاثة أطواف بالبيت
وطوافين بالصفا والمروة، وكون القران والافراد طوافين بالبيت وسعيا واحدا.
وأخبار حجة الوداع خالية عن اعتماره صلى الله عليه وآله، بل ظاهرة في العدم، وعدة أخبار
ناصة على أنه صلى الله عليه وآله إنما اعتمر ثلاث عمر، كلها في ذي القعدة (5)، وإن روى
الصدوق في الخصال بسنده عن عكرمة عن ابن عباس، أنه صلى الله عليه وآله اعتمر أربعا
رابعتها مع حجته (6).
ويحتمل السقوط ضعيفا، بناء على أن الأصحاب يقولون في بيان كل من
الافراد والقران، ثم يعتمر بعد الفراغ من الحج، فيوهم دخول العمرة في الحجتين

(1) آل عمران: 97.
(2) علل الشرائع: ص 453.
(3) علل الشرائع: ص 408.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 187 ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 238 ب 2 من أبواب العمرة ح 2 - 4.
(6) الخصال: ص 200.
291

أيضا. وكذا لو استطاع للعمرة دون الحج وجبت خاصة لذلك، نعم لا يجب
المبادرة إليها قبل أيام الحج، لاحتمال أن يجدد له استطاعته أيضا.
وفي الدروس: لم يجب (1)، ولعله للأصل، وظهور حج البيت في الآية (2) في
غير العمرة، وهو ممنوع، ولعدم ظهور وجوب اتمامهما في وجوب انشائهما، ومنع
استلزامه له، ولأنها لو وجبت لكان من استكمل الاستطاعة لها فمات قبلها وقبل
ذي الحجة يجب استئجارها عنه من التركة، ولم يذكر ذلك في خبر أو كتاب، وكان
المستطيع لها وللحج إذا أتى الحرم قبل أشهر الحج نوى بعمرته عمرة الاسلام،
لاحتمال أن يموت أو لا تبقى استطاعته للحج إلى وقته.
وفيه أن المستطيع لهما فرضه عمرة التمتع أو قسيميه، وليس له الاتيان بعمرة
الاسلام إلا عند الحج، فما قبله كالنافلة قبل فريضة الصبح مثلا، واحتمال الموت
أو فوت الاستطاعة غير ملتفت إليه.
(وهي قسمان: متمتع بها وهي فرض من نأى عن مكة، وقد سبق
وصفها) ومعنى النائي عن مكة. (ومفردة وهي فرض أهل مكة
وحاضريها) على الوجه المتقدم، وكل من لم يستطع إلا لها على ما عرفت الآن.
والأولون إنما يأتون بها (بعد انقضاء الحج) اجماعا فعليا وقوليا، ولذا
ورد أن أبا بصير سأل الصادق عليه السلام عن رجل يفرد الحج فيطوف بالبيت ويسعى
بين الصفا والمروة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة، فقال عليه السلام: إن كان لبى بعد ما سعى
قبل أن يقصر فلا متعة له (3). وأن يعقوب بن شعيب سأله عليه السلام في الصحيح عن
المعتمر في أشهر الحج، فقال: هي متعة (4). وقال في صحيح عمر بن يزيد: من

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 338 درس 88.
(2) آل عمران: 97.
(3) وسائل الشيعة: ج 8 ص 210 ب 19 من أبواب أقسام الحج ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 10 ص 247 ب 7 من أبواب العمرة ح 4.
292

دخل مكة معتمرا مفردا للعمرة فقضى عمرته فخرج كان ذلك له، وإن أقام إلى أن
يدركه الحج كانت عمرته متعة (1).
ومن حج قارنا أو مفردا أتى بالعمرة إن شاء بعد أيام التشريق) بلا
فصل (أو في استقبال المحرم) كما في النهاية (2) والوسيلة (3) والسرائر (4)
والشرائع (5) والإصباح (6) والمهذب (7)، بمعنى عدم اشتراط الاجزاء بالوقوع في
ذي الحجة وإن أثم بالتأخير إن وجبت الفورية، للأصل من غير معارض، وأما
التأخير عن أيام التشريق فلما مر أن الإقامة فيها بمنى أفضل، ولقول الصادق عليه السلام
لابن عمار في الصحيح: لا عمرة فيها (8).
فمصداق الفورية أن يأتي بها بعدها، ويحتمل أن يراد بالفورية المبادرة إليها
في عامها أي عام استطاعتها أو عام حجها، فلا ينافي التأخير إلى المحرم وما
بعده، وإنما اقتصروا على استقبال المحرم، لما في التهذيب: إن الأصحاب رووا
عن الصادق عليه السلام أنه قال: المتمتع إذا فاتته العمرة المتمتعة وأقام إلى هلال
المحرم اعتمر فأجزأت عنه وكان مكان عمرة المتعة (9). وفي التهذيب أيضا: من
فاتته عمرة المتعة فعليه أن يعتمر بعد الحج إذا أمكن الموسى من رأسه (10). فوقت
عمرة الافراد بإمكان الموسى.
واحتج له بخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله: سأل الصادق عليه السلام عن المعتمر بعد

(1) المصدر السابق ح 5.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 553.
(3) الوسيلة: ص 195.
(4) السرائر: ج 1 ص 633.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 239 وفيه: (ويجوز وقوعها في غير أشهر الحج).
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 480.
(7) المهذب: ج 1 ص 272.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 66 ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 438 ح 1522.
(10) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 438 ذيل الحديث 1520.
293

الحج، فقال: إذا أمكن الموسى من رأسه فحسن (1).
قلت: وفي صحيح ابن عمار أنه عليه السلام سئل عن رجل أفرد الحج هل له أن
يعتمر بعد الحج؟ قال: نعم إذا أمكن الموسى من رأسه فحسن (2).
(ويجوز نقلها) أي العمرة المفردة (إلى عمرة التمتع إن وقعت في
أشهر الحج) ولا يجب كلاهما بالاجماع ظاهرا والنصوص (3)، وهي تدل على
أنها تنتقل عمرة تمتع إذا أراد الحج بعد الفراغ منها وإن لم ينو النقل قبل الفراغ.
وسئل الصادق عليه السلام في خبر إبراهيم بن عمر اليماني: عن رجل خرج في
أشهر الحج معتمرا ثم خرج إلى بلاده، قال: لا بأس وإن حج من عامه ذلك وأفرد
الحج فليس عليه دم (4). ومدلوله جواز حج الافراد معها وإن احتمله بدونها بعيدا.
(وإلا) يقع في أشهر الحج (فلا) يجوز نقلها إلى عمرة التمتع، لاشتراطها
بالوقوع فيها (دون العكس) أي لا يجوز نقل عمرة التمتع إلى المفردة، (إلا
لضرورة) للأصل من غير معارض، وكأنه لا خلاف فيه.
(ولو كانت) ما أتى به من العمرة المفردة في أشهر الحج (عمرة
الاسلام) بأن استطاع لها خاصة (أو النذر، ففي) جواز (النقل) إلى عمرة
التمتع (إشكال) للخلاف المتقدم أول الكتاب.
(ولا يختص فعلها) مفردة ندبا (زمانا، وأفضلها) أي أزمنتها (رجب)
أو العمرة عمرة رجب، (فإنها تلي الحج في الفضل) كما أرسله الشيخ في
المصباح عنهم عليهم السلام (5)، والأخبار بفضلها على العمرة كثيرة.
وعن الوليد بن صبيح أنه قال للصادق عليه السلام: بلغنا أن عمرة في شهر رمضان

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 249 ب 8 من أبواب العمرة ح 2.
(2) المصدر السابق ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 246 ب 7 من أبواب العمرة.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) مصباح المتهجد: ص 735.
294

تعدل حجة، فقال: إنما كان ذلك في امرأة وعدها رسول الله صلى الله عليه وآله، فقال لها:
اعتمري في شهر رمضان فهو لك حجة (1). وكتب علي بن حديد إلى أبي جعفر عليه السلام
يسأله عن الخروج في شهر رمضان أفضل أو يقيم حتى ينقضي الشهر ويتم صومه،
فكتب إليه كتابا قرأه بخطه: سألت رحمك الله عن أي العمرة أفضل، عمرة شهر
رمضان أفضل يرحمك الله (2). وهو يحتمل الفضل على عمرة الشهور الباقية من
السنة والفضل على الصوم في شهر رمضان، واختصاصه بالسائل لعارض.
(وصفتها) أي العمرة المفردة (الاحرام من الميقات) الذي عرفته،
(والطواف وصلاة ركعتيه والسعي والتقصير وطواف النساء وركعتاه، و)
إنما (تجب) العمرة (بأصل الشرع في العمر مرة) إجماعا ونصا، ولذا
تسقط بفعلها مع حجة الاسلام.
(وقد تجب بالنذر وشبهه وبالاستئجار والافساد والفوات) أي
فوات الحج، فإن من فاته وجب عليه التحلل بعمرة، ومن وجب عليه التمتع
- مثلا - فاعتمر عمرته وفاته الحج فعليه حج التمتع من قابل، وهو إنما يتحقق
بالاعتمار قبله.
(والدخول إلى مكة) بل الحرم، فيجب عليه العمرة أو الحج تخييرا (مع
انتفاء العذر) كقتال مباح ومرض ورق.
(و) انتفاء (التكرار) للدخول كالحطاب والحشاش، ومن أحل ولما
يمض شهر، وإذ يجب بأحد هذه الأسباب، (فيتعدد بحسب تعدد السبب،
وليس في المتمتع بها طواف النساء) إلا في قول مضى.
(ويجب في المفردة) اتفاقا (على كل معتمر وإن كان صبيا) فيحرم

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 241 ب 4 من أبواب العمرة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 242 ب 4 من أبواب العمرة ح 2.
295

عليه النساء قبله بعد البلوغ أو امرأة فيحرم عليها الرجال قبله، (أو خصيا) أو
مجبوبا، ولعل الخصي في عرفهم يعمه.
(فيحرم عليه) أي المعتمر (التلذذ) بهن وطئا أو نظرا أو لمسا (بتركه،
والعقد) على خلاف ما مضى (على إشكال) من الأصل والاحتياط، وهو
خيرة الإيضاح (1) والدروس (2)، ومما مضى. واحتمل اختصاص الاشكال
بالخصي وعود ضمير عليه، فينشأ مما مضى، ومن أن المحرم عليه إنما هو وسائل
الوطء، لامتناعه منه ومنها العقد.
(ولو اعتمر متمتعا لم يجز له الخروج من مكة قبل الحج) كما
عرفت، (ولو اعتمر مفردا في أشهر الحج استحب له الإقامة ليحج
ويجعلها متعة) خصوصا إذا أقام إلى هلال ذي الحجة، ولا سيما إذا أقام إلى
التروية للأخبار (3) وإن خلت عما قبل هلال ذي الحجة.
ولا يجب للأصل والأخبار، لكن الأخبار الأولة تعطي الانتقال إلى المتعة وإن
لم ينوه. وأوجب القاضي الحج على من أدرك التروية (4)، لقول الصادق عليه السلام في
صحيح عمر بن يزيد: من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله متى شاء، إلا
أن يدركه خروج الناس يوم التروية (5). ويعارضه الأخبار المرخصة مطلقا.
وقوله عليه السلام في حسن إبراهيم بن عمر اليماني: إن الحسين بن علي عليه السلام خرج
يوم التروية إلى العراق وكان معتمرا (6). ويحتمل الضرورة والتقدم على خروج
الناس فيه.
ثم المراد بالإقامة أن لا يخرج بحيث يفتقر في العود إلى تجديد الاحرام.

(1) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 321.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 368 درس 98.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 246 ب 7 من أبواب العمرة.
(4) المهذب: ج 1 ص 272.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 248 ب 7 من أبواب العمرة ح 9.
(6) وسائل الشيعة: ج 10 ص 246 ب 7 من أبواب العمرة ح 2.
296

(فإن خرج ورجع قبل شهر جاز أن يتمتع بها أيضا) كما جاز إن لم
يخرج، (وإن كان بعد شهر وجب الاحرام للدخول) بحج أو عمرة.
(و) إذا أحرم بعمرة (لا يجوز أن يتمتع بالأولى بل بالأخيرة)
لارتباط التسكين في المتعة، وقد مضى جميع ذلك.
(ويتحلل من المفردة بالتقصير) أو الحلق إن كان رجلا، (والحلق
أفضل) لأنه أدخل في التواضع لله، لأن الصادق عليه السلام قال في صحيح ابن عمار:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله في العمرة المبتولة: اللهم اغفر للمحلقين، قيل: يا رسول الله
وللمقصرين، فقال: وللمقصرين (1).
(ولو حلق في المتمتع بها لزمه دم) كما عرفت، (ومع التقصير أو
الحلق في المفردة يحل من كل شئ إلا النساء، و) إنما (يحللن بطوافهن
ويستحب تكرار العمرة) اتفاقا.
(واختلف في الزمان بين العمرتين، فقيل) والقائل الحسن (2): (سنة).
لقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي العمرة في كل سنة مرة (3). وقول
الصادقين عليهما السلام في صحيحي حريز وزرارة: لا تكون عمرتان في سنة (4). ويحتملان
أني لا أعتمر في كل سنة إلا مرة، والأول تأكيد استحباب الاعتمار كل سنة.
قال الحسن: وقد تأول بعض الشيعة هذا الخبر على معنى الخصوص، فزعمت
أنها في المتمتع خاصة، فأما غيره فله أن يعتمر في أي الشهور شاء، وكم شاء من
العمرة، فإن يكن ما تأولوه موجودا في التوقيف عن السادة آل الرسول صلى الله عليه وآله
فمأخوذ به، وإن كان غير ذلك من جهة الاجتهاد والظن، فذلك مردود عليهم،

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 543 ب 5 من أبواب التقصير ح 1.
(2) نقله في مختلف الشيعة: ج 4 ص 360.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 245 ب 6 من أبواب العمرة ح 6.
(4) المصدر السابق ح 7.
297

وراجع في ذلك كله إلى ما قالته الأئمة عليهم السلام (1).
(وقيل) في النافع (2) والوسيلة (3) والتهذيب (4) والكافي (5) والغنية (6):
(شهر) وهو خيرة المختلف (7) والدروس (8)، لقولهم عليهم السلام في عدة أخبار: لكل
شهر عمرة، وفي كل شهر عمرة، وأيد بأن من دخل مكة بعد خروجه لم يجب عليه
الاحرام إذا لم يكن مضى شهر (9).
ويحكم الأصحاب بأن من أفسد عمرته قضاها في الشهر الآتي، والحلبيان
قالا: في كل شهر أو في كل سنة مرة (10)، وهو يحتمل التردد.
(وقيل) في الأحمدي (11) والمهذب (12) والجامع (13) والشرائع (14) وسائر
كتب الشيخ (15) والإصباح (16): (عشرة أيام) وهو خيرة التحرير (17)
والتذكرة (18) والمنتهى (19) والارشاد (20) والتبصرة (21)، لقول الكاظم عليه السلام لعلي بن

(1) نقله في مختلف الشيعة: ج 4 ص 359.
(2) المختصر النافع: ص 99.
(3) الوسيلة: ص 196.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 434 ذيل الحديث 1506.
(5) الكافي في الفقه: ص 221.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 29.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 360.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 337 درس 88.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 244 ب 6 من أبواب العمرة.
(10) الكافي في الفقه: ص 221، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 29.
(11) نقله في مختلف الشيعة: ج 4 ص 359.
(12) المهذب: ج 1 ص 211.
(13) الجامع للشرائع: ص 179.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 303.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 554، المبسوط: ج 1 ص 309، الخلاف: ج 2 ص 260 المسألة
26 الاقتصاد: ص 310، الجمل والعقود: ص 153.
(16) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 480.
(17) تحرير الأحكام: ج 1 ص 129 س 16.
(18) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 401 س 39.
(19) منتهى المطلب: ج 2 ص 877 س 29.
(20) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 338.
(21) تبصرة المتعلمين: ص 77.
298

أبي حمزة: لكل عشرة أيام عمرة (1)، مع الأصل وعدم المعارضة بأخبار الشهر.
ولذا قال عليه السلام له أولا: لكل شهر عمرة، فلما قال له: أيكون أقل من ذلك؟ قال: لكل
عشرة أيام عمرة (2).
ثم صرح الحسن (3) والإصباح (4) والنافع (5) وظاهر الوسيلة (6) وكتب الشيخ (7)
وجوب الفصل بأحد ما ذكروا، وأنها لا تصح بدونه، لأنها عبادة، ولا تصح إلا
متلقاة من الشارع، ولم يتلق إلا مشروطة بالفصل به.
وفي المنتهى الكراهية وهي أقرب (8)، لقصور الأخبار عن التحريم إلا
صحيحي حريز وزرارة (9)، واتفق من عدا الحسن (10) على تأويلهما بعمرة التمتع.
(وقيل) في جمل العلم والعمل (11) والناصريات (12) والسرائر (13) والمراسم (14):
(بالتوالي) وهو خيرة التلخيص (15) واللمعة (16)، وهو الأقرب، لعموم أدلة الندب
إليها من غير معارض، فإن شيئا من الأخبار لا ينفيه، وإنما غايتها تأكد
الاستحباب إلا صحيحي حريز وزرارة (17)، وعرفت معناهما. ولذا قال ابن

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 245 ب 6 من أبواب العمرة ح 10.
(2) المصدر السابق.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 359.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 480.
(5) المختصر النافع: ص 99.
(6) الوسيلة: ص 196.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 554، المبسوط: ج 1 ص 304، الخلاف: ج 2 ص 260 المسألة 26،
الإقتصاد: ص 310، الجمل والعقود: ص 153.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 877 س 34.
(9) وسائل الشيعة: ج 10 ص 245 ب 6 من أبواب العمرة ح 7.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 359.
(11) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 63.
(12) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 244 المسألة 39.
(13) السرائر: ج 1 ص 540.
(14) المراسم: ص 104.
(15) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 344.
(16) اللمعة الدمشقية: ج 2 ص 375.
(17) تقدم آنفا.
299

إدريس: ولا يلتفت إلى أخبار الآحاد في ذلك إن وجدت (1).
(ولو نذر عمرة التمتع وجب حجه وبالعكس) لدخول الارتباط وفي
معناهما (دون الباقيين) من الحج والعمرة وإن انقسم الحج إلى مفرد ومقرن،
مع أن المقرن أيضا مفرد عن العمرة، وفي بعض النسخ الباقيتين أي العمرة
والحجة، وقد يكون نبه بتأنيث الحج على إفرادها.
(ولو أفسد حج الافراد) أو القران (وجب إتمامه والقضاء دون
العمرة) لانفراد كل عن الآخر، فلا يجب مع الأول ولا مع الثاني.
(و) لكن (لو كان) المفسد (حج الاسلام) وجبت العمرة أيضا إن
كانت وجبت، إذ لا يتصور استطاعة الحج دونها، و (كفاه عمرة واحدة) فإن
كان فرضه الفاسد أتبعه بالعمرة، وكذا إن كان القضاء، وجاز تقديم عمرة الاسلام
على حجة المفرد، وإلا أخرها إلى القضاء.

(1) السرائر: ج 1 ص 634.
300

(الفصل الثاني)
(في الحصر والصد)
قدم الحصر هنا للنص عليه في القران (1)، ولعمومه لغة، وأخره بعد لكثرة
مسائل الصد.
(وفيه مطلبان):
(الأول)
(المصدود الممنوع بالعدو)
نصا (2) واتفاقا، وكل من يمنع الناسك من إتمام نسكه فهو عدوله من هذه
الجهة، وإن كان منعه لافراط في المحبة.
(فإذا تلبس بالاحرام لحج أو عمرة ثم صد عن الدخول إلى مكة)
بل عن مناسكها، ولو قال: عن مكة يتنزل عليه بلا تكلف مع الإيجاز (إن كان
معتمرا أو الموقفين إن كان حاجا) فهو مصدود اتفاقا، وكذا إذا صد المعتمر
عن الطواف أو السعي خاصة، لعموم الآية (3)، واستصحاب حكم الاحرام إلى
الاتيان بما على المصدود، وأما حصول الاحلال به فبطريق الأولى مع العموم.

(1) البقرة: 196.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 303 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(3) البقرة: 196.
301

فإذا صد (فإن لم يكن له طريق سوى موضع الصد أو كان وقصرت
نفقته تحلل بذبح هديه الذي ساقه) إن كان ساقه.
(والتقصير) أو الحلق كما في المراسم (1) والكافي (2) والغنية (3)، وفي
المقنعة مرسلا عن الصادق عليه السلام (4) مع احتمال أن يكون كلامه، ووجوبه واضح
وإن لم يتعرض له الأكثر لثبوته أصالة، ولم يظهر أن الصد يسقطه، فالاحرام
مستصحب إليه.
ولا ينافيه خبر الفضل بن يونس: سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل حبسه سلطان
يوم عرفة بمكة فلما كان يوم النحر خلي سبيله، قال: يلحق بجمع ثم ينصرف إلى
منى ويرمي ويذبح ولا شئ عليه، قال: فإن خلي عنه يوم الثاني، قال: هذا
مصدود عن الحج، إن كان دخل مكة متمتعا بالعمرة إلى الحج فليطف بالبيت
أسبوعا وليسع أسبوعا ويحلق رأسه ويذبح شاة، وإن كان دخل مكة مفردا للحج
فليس عليه ذبح ولا حلق (5). فإنه لا محالة يعدل إلى العمرة المفردة، ولا شبهة أن
عليه التقصير أو الحلق، فلعل المراد نفي تعين الحلق عليه.
ويؤيد الوجوب مع ذلك الخبر بأنه صلى الله عليه وآله حلق يوم الحديبية (6)، وتردد فيه في
التذكرة (7) وفي التحرير (8) والمنتهى (9) قبل اختياره من ذلك، ومن خلو الآية عنه.
ولا بد مع ذلك من الاستنابة فيما صد عنه من الطواف أو السعي أو كليهما إن
أمكن، لعموم ما دل عليها مع التعذر، فإذا فعل النائب ذلك ذبح الهدي.

(1) المراسم: ص 118.
(2) الكافي في الفقه: ص 218.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 4 - 5.
(4) المقنعة: ص 446.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 307 ب 3 من أبواب الاحصار والصد ح 2.
(6) السنن الكبرى للبيهقي: ج 5 ص 214.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 396 س 9.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 122 س 24.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 847 س 8.
302

(و) لا بد من (نية التحلل) كما في المبسوط (1) والخلاف (2) والوسيلة (3)
والسرائر (4) والجامع (5) والنافع (6) والشرائع (7)، وأنه عمل، و: (إنما الأعمال
بالنيات).
قال في المنتهى: لأنه عن احرام، فيفتقر إلى النية كمن يدخل فيه، ولأن الذبح
يقع على وجوه، أحدها: التحلل، فلا يتخصص بوجه دون الآخر إلا بالنية، قال: لا
يقال: نية التحلل غير معتبرة في غير المصدود، فكيف اعتبرت هنا؟! أليس إذا رمى
أحل من بعض الأشياء وإن لم ينو التحلل، لأنا نقول: من أتى بأفعال النسك فقد
خرج عن العهدة وأتى بما عليه فيحل باكمال الأفعال، ولا يحتاج إلى نية، بخلاف
المصدود، لأنا قد بينا أن الذبح لا يتخصص بالتحلل إلا بالنية، واحتج بها دون
الرمي الذي لا يكون إلا للنسك، فلم يحتج إلى قصد (8) انتهى.
وإن قيل: كما أن غير المصدود يخرج عن العهدة بإتمام المناسك وكذا
المصدود باتمام ما عليه.
قلنا: الفرق أن للمصدود أن يبقى على إحرامه وإن ذبح سبعين مرة إذا لم ينو
التحلل.
لا يقال: وكذا الرمي يقع على وجوه، وبين أنه إذا نوى به اللغو ونحوه لم يفد
التحلل، لأنه مسلم، ولكن يكفيه نية ما عليه من الرمي في الحج كسائر المناسك،
إنما ينوي بها فعل ما عليه منها لوجوبه.
وأما هدي المتحلل فلا يتعين إلا بنية التحلل، فإذا لم ينوه كان كاللغو من
الرمي، ولذا اشترطها (عند الذبح) مع أنه لا يرى الحل إلا بالتقصير أو الحلق.

(1) المبسوط: ج 1 ص 333.
(2) الخلاف: ج 2 ص 431 المسألة 324.
(3) الوسيلة: ص 193
(4) السرائر: ج 1 ص 644.
(5) الجامع للشرائع: ص 222.
(6) المختصر النافع: ص 100.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 280.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 846 س 31 - 34.
303

ولا ينافيه نية التحلل عنده، فإنه إنما يذبح للتحلل، وإن على شرط أو كان
لعلته جز آخر، ولا يكفي وجوبه للسياق عن هذه النية، لأن الأصل فيما ساقه
الذبح بمكة أو بمنى، فهذا الذبح قبل مكانه وزمانه.
والذبح هنا في (موضع الصد) كما مر (سواء كان في الحرم أو
خارجه) لأصل البراءة، وعموم قول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: يذبح حيث
صد (1)، ولأنه صلى الله عليه وآله ذبح في الحديبية (2)، وفي كونها من الحل خلاف تقدم،
وأوجب أبو حنيفة البعث إلى الحرم إن صده في الحل (3).
وإذا تحلل المصدود، يحلل (من النساء وغيرها وإن كان الحج) الذي
صد عنه (فرضا) بخلاف الحصر كما يأتي، وذلك للأخبار (4) من غير معارض،
والحرج ولا أعرف فيه خلافا.
(ولا يجب) عليه (بعث الهدي) إلى مكة أو منى لما مر، خلافا لمن
تقدم.
(وهل يكفي هدي السياق عن هدي التحلل) كما هو المشهور، وعليه
المصنف في غير الكتاب (5) والمختلف (6) (الأقوى ذلك مع ندبه) وفاقا لأبي
علي (7)، فله أن ينوي به عند الذبح الوجوب للتحلل لأصل البراءة مع عموم
الآية (8)، بخلاف ما إذا وجب، فإن الأصل تباين المسبب إذا تباين السبب،
والوجوب يشمل ما بالاشعار والتقليد، وبه صرح أبو علي (9)، وقوله الذي

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 304 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 303 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 2.
(3) المجموع: ج 8 ص 355.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 302 ب 1 من أبواب الاحصار والصد.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 122 س 25.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 348.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 348.
(8) البقرة: 196.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 348.
304

استحسنه في المختلف وقواه ابن إدريس لكن قال: غير أن باقي أصحابنا قالوا:
يبعث بهديه الذي ساقه، ولم يقولوا: يبعث بهدي آخر (1).
وأوجب الصدوقان هديا آخر (2) وأطلقا، والظاهر كما في الدروس الموافقة،
لأنه قبل الاشعار والتقليد ليس من الهدي المسوق ولا في حكمه، إلا أن يكون
منذورا بعينه أو معينا عن نذر (3)، وعليه حمله ابن إدريس (4).
ودليل المشهور - أي التداخل مطلقا - أصل البراءة، ومنع اقتضاء تعدد السبب
الشرعي تعدد المسبب، وعموم الآية (5)، وظاهر نحو صحيح رفاعة عن
الصادق عليه السلام: خرج الحسين عليه السلام معتمرا وقد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا
فبرسم فحلق شعر رأسه ونحرها، ثم أقبل حتى جاء فضرب الباب (6)، الخبر.
ويحتمل أن لا يكون أحرم عليه السلام، [ويؤيده ما في معجم البلدان للحموي عن أبي
بكر بن موسى: إن السقيا بئر بالمدينة يقال منها كان يسقى لرسول الله صلى الله عليه وآله (7)] (8)
وخبره سأله عليه السلام عن رجل ساق الهدي ثم أحصر، قال: يبعث هديه (9). وظهورهما
في الاكتفاء بما سبق ممنوع.
وفي الدروس قول بعدم التداخل إن وجب بنذر أو كفارة أو شبههما (10)، يعني
لا أن وجب بالاشعار أو التقليد. ولعل الفرق لأنه واجب بالاحرام فاتحد السبب،

(1) السرائر: ج 1 ص 640.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 347، من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 514 ذيل
الحديث 3104.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 477 درس 119.
(4) السرائر: ج 1 ص 640.
(5) البقرة: 196.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 309 ب 6 من أبواب الاحصار والصد ح 2.
(7) معجم البلدان: ج 3 ص 228 مادة (سقيا).
(8) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 308 ب 4 من أبواب الاحصار والصد ح 2.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 477 درس 119.
305

ولظهور فتاوى الأصحاب ببعث هديه أو ذبحه فيه وفيما يجب للصد أو الحصر، لا
الواجب بنذر ونحوه.
وفي الإيضاح عن المصنف احتمال أن يكون المراد أن هدي السياق يكفي،
لكن يستحب هدي آخر للتحلل (1) ولا دليل عليه، مع أنه لا يخلو إما أن يحل بما
ساقه فلا معنى لذبح هدي آخر للاحلال أو لا، فيجب الآخر، وإن قدمه على ما
ساقه أشكل نية الاحلال به، ويشكل تقديم ما ساقه بلا نية الاحلال على ما اختاره
من وجوب نية الاحلال، إلا أن يحمل على الأحوط فينوي التحلل بهما من باب
الاحتياط.
(ولو لم يكن ساق) هديا (وجب هدي التحلل) إن أراده، (فلا
يحل بدونه) اتفاقا، فهو معنى وجوبه، (ولا بدل له) اختيارا ولا اضطرارا
كهدي المتمتع والكفارة والفداء.
(على إشكال) من الاستصحاب والاحتياط وظاهر الآية (2)، وفي الغنية
الاجماع عليه (3)، ومن لزوم العسر والحرج، وورود الأخبار به للمحصر، وهي
قول الصادق عليه السلام في خبر زرارة: إذا أحصر الرجل فبعث بهديه فأذاه رأسه قبل أن
يذبح هديه فإنه يذبح في المكان الذي أحصر فيه أو يصوم أو يتصدق، والصوم
ثلاثة أيام، والصدقة على ستة مساكين نصف صاع لكل مسكين (4).
وفي حسن بن عمار، في المحصور ولم يسق الهدي: ينسك ويرجع، فإن لم
يجد ثمن هدي صام (5). وكذا في صحيحه إلا أن فيه: قيل له: فإن لم يجد هديا،
قال: يصوم (6).

(1) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 322.
(2) البقرة: 196.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 17.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 308 ب 5 من أبواب الاحصار والصد ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 310 ب 7 من أبواب الاحصار والصد ح 2.
(6) المصدر السابق ح 1.
306

وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: إذا أحصر الرجل فبعث بهديه، ثم أذاه
رأسه قبل أن ينحر فحلق رأسه، فإنه يذبح في المكان الذي أحصر فيه أو يصوم أو
يطعم ستة مساكين (1).
وما في الجامع عن كتاب المشيخة لابن محبوب أنه روى صالح، عن عامر بن
عبد الله بن جذاعة، عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل خرج معتمرا، فاعتل في بعض
الطريق وهو محرم، قال، فقال: ينحر بدنة ويحلق رأسه ويرجع إلى رحله ولا
يقرب النساء، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما، فإذا برئ من وجعه اعتمر إن
كان لم يشترط على ربه في إحرامه، وإن كان قد اشترط فليس عليه أن يعتمر إلا
أن يشاء فيعتمر (2).
وإذا ثبت البدل للمحصور فالمصدود أولى، لأن الحرج فيه أشد غالبا، وعلى
المشهور (فيبقى على إحرامه مع عجزه عنه) إلى أن يقدر عليه أو على إتمام
النسك.
(و) لا مدخل هنا للعجز (عن ثمنه) إلا على القول ببعثه عينا أو تخييرا.
(ولو تحلل) حينئذ ببدل أو لا به (لم يحل) إلا مع الاشتراط - كما
سيأتي - وفاقا للمشهور لما عرفت، وحلله والمحصور أبو علي (3) من غير بدل
للحرج، لأنه تعالى إنما أوجب ما استيسر من الهدي ولم يتيسر له.
(و) يجب أن (لا يراعى) المصدود (زمانا ولا مكانا في إحلاله)
إلا على القول: يبعث هديه، فليس عليه البقاء على الاحرام إلا أن يتحقق الفوات
للأصل، وعموم النصوص والفتاوى، ولأنه لا فوات للعمرة المفردة، فلو اشترط
الاحلال به لم يجز الاحلال منها، مع أن عمرة الحديبية إنما كانت مفردة، بل لا
فوات لشئ من حج ولا عمرة إلا بانقضاء العمر، ومضى خلاف ابن زهرة

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 308 ب 5 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(2) الجامع للشرائع: ص 222.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 356.
307

والشيخين والحلبيين، ويأتي فيه كلام.
(ولو كان له طريق غير موضع الصد وجب سلوكه إن كان) أقصر أو
(مساويا) لانتفاء الصد حينئذ، فإن الصد عن الحج أو العمرة لا عن طريق من
طرقه.
(وكذا لو كان أطول والنفقة وافية به) وكذا قوته (وإن خاف
الفوات) لسلوكه.
(ولا) يجوز له أن (يتحلل) بمجرد هذا الخوف، (لأن التحلل) قبل
أداء المناسك (إنما يجوز بالصد) أو بالفوات (أو يعلم الفوات - على
إشكال - لا بخوف الفوت) إذ لا دليل عليه.
والاشكال من الضرر بالاستمرار كما في الصد، وأنه أولى بالتسويغ من الصد،
فإنه يسوغ به، وإن احتمل الادراك، وهو خيرة السيد والشيخ وابن إدريس على
ما في الإيضاح (1)، ومن الأمر باتمام النسك في الآية (2) والاستصحاب، إلا فيما
نص أو أجمع عليه وهو الصد والحصر والفوات، مع أنه إذا فات الحج انقلب عمرة
وأتمها فلا إحلال قبل إتمام النسك، ولا دليل هنا على الانقلاب ولا على العدول.
هذا مع تعذر العلم.
وكل ما ذكر محكي عن المصنف، والأخير أقوى، ولا ضرر فإنه إنما يستمر
إلى الفوات. وفي الإيضاح التحلل بالعمرة (3).
ومن العلم بالفوات نفاد النفقة، وعن الشهيد (4) أنهم نصوا على التحلل عنده،
ووجهه افتراقه من غيره بالضرر، وخروجه عن المكلف بالاتمام، وتحقق علمه
بالفوات، ولا ينافي القطع هنا الاستشكال في التحلل بالعلم على الجملة.
(فحينئذ) لم يجز التحلل بخوف الفوت (يمضي في إحرامه) له أي

(1) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 323.
(2) البقرة: 196.
(3) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 324.
(4) لم نعثر عليه.
308

معه، أو متصفا به (في ذلك الطريق، فإن أدرك الحج وإلا تحلل بعمرة)
وكذا إذا علم الفوات بعمرة على وجه ولا بها على آخر، وإن ترك المضي حتى
فات أثم، وفي التحلل وجهان، أوجههما التحلل.
وإن كان ما أحرم له عمرة التمتع، فإذا فات عدل إلى الحج إن أدركه، وإلا
فإلى المفردة، وإن كان عمرة مفردة فلا فوات.
وفي الوسيلة: المصدود بالعدو لم يخل إما صد ظلما أو غير ظلم، فالأول
يتحلل إذا لم يكن له طريق مسلوك سواه وقد شرط على ربه، وينوي إذا تحلل،
ويجب عليه القضاء إن كان صرورة، وهو بالخيار إن كان متطوعا، وفي سقوط
الدم إذا شرط قولان، والثاني إن أمكنه النفوذ بعد ذلك نفذ، فإن أدرك أحد
الموقفين فقد حج، وإن صد عن بعض المناسك وقد أدرك الموقفين فقد حج
واستناب في قضاء باقي المناسك، وإن لم يمكنه النفوذ وكان له طريق مسلوك
سواه بحيث لم ينفذ زاده لبعده أو لم يشترط على ربه لم يتحلل، وإن صد عن
الموقفين فقد ذهب حجه، وحكمه ما ذكرنا (1). هكذا فيما عندي من نسختها.
وحكاه في المختلف بتغيير ما في أواخره (بحيث لو لم ينفذ زاده لبعده) مكان
ما سمعته، وقال: وهذا القول يعطي أنه يشترط في التحلل الاشتراط، وهو قول
بعض أصحابنا، والأقرب خلافه، لما رواه الصدوق قال: سأل حمزة بن حمران أبا
عبد الله عليه السلام عن الذي يقول حلني حيث حبستني، فقال: هو حل حيث حبسه الله،
قال أو لم يقل (2).
(ثم يقضي) ما فاته عام الصد (في القابل واجبا مع وجوبه) مستقرا
أو مستمرا، (وإلا) لم يجب كما أوجبه أبو حنيفة (3) وأحمد (4) في رواية للأصل

(1) الوسيلة: ص 194.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 357.
(3) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 372.
(4) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 372.
309

والاجماع، كما هو ظاهر التذكرة (1) والمنتهى (2)، وإنما يقضيه (ندبا).
(ولا يتحقق الصد بالمنع من رمي الجمار) يوم النحر وبعده والذبح
والحلق والتقصير (ومبيت منى) بعد النحر، (بل يصح الحج) وإذا أدرك
الموقفين أو أحدهما (و) إنما عليه حينئذ أن (يستنيب في الرمي والذبح)
ويحلق أو يقصر متى أمكنه، وإن لم يمكنه الاستنابة في الرمي فهو مصدود لعموم
نصوصه، وأولوية تحلله من المصدود عن الكل في الذبح، فهو لا يستطيع الهدي،
فعليه الصيام بدله إن لم يمكنه إيداع الثمن ممن يذبح بقية ذي الحجة.
(ويجوز التحلل من غير هدي مع الاشتراط على رأي) وفاقا
للانتصار (3) والسرائر (4) والجامع (5) ومضى.
(فروع) ستة
(أ: لو حبس على مال مستحق وهو متمكن منه فليس بمصدود)
وهو ظاهر، (ولو كان غير مستحق) عند الحبس. ولو بان كان مؤجلا لم
ينقض أجله، (أو عجز عن المستحق) عنده (تحلل) فهو مصدود، ومضى
الكلام في المال الذي يندفع به العدو في أمن الطريق، ونحوه الكلام في الحبس
على مال [غير مستحق يتمكن] (6) منه.
(ب: لو صد عن مكة بعد) إدراك (الموقفين) ومناسك منى واقتصر
على الأول لأنه ربما أراد الاحتراز عن الصد عن الطواف والسعي المقدمين على
الوقوفين.
(فإن لحق الطواف والسعي للحج في ذي الحجة صح حجه) على ما
هو المختار من الاجزاء طوله (وإلا) استناب فيهما إن أمكن كما في الروضة

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 396 س 38.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 847 س 36.
(3) الإنتصار: ص 104 - 105.
(4) السرائر: ج 1 ص 640.
(5) الجامع للشرائع: ص 222.
(6) في خ: (متمكن).
310

البهية (1) لما عرفت من الاستنابة فيهما عند الضرورة ولعل اللحوق يعمه، أو الصد،
بمعنى الصد عما يعمه، وإلا بقي على إحرامه عن النساء والطيب والصد.
و (وجب عليه العود من قابل لأداء باقي المناسك) إن أمكنه، وإلا
استناب فيها، فإذا أتى بها هو أو نائبه أحل، وليس له التحلل بالصد عنهما كما
في المبسوط (2) والسرائر (3) والشرائع (4) والتذكرة (5) والتحرير (6) والمنتهى (7)
وظاهر التلخيص (8) والتبصرة (9)، لأن التحلل من الجميع إما بأداء المناسك أو
بنيته للصد مع الهدي، ولا دليل على التبعيض مع الأصل والاحتياط، والأقوى
جواز التحلل، لاطلاق النصوص والحرج والأولوية، وكذا إن صد عن الطواف
وحده أو السعي، ومضى.
(ولو لم يدرك سوى الموقفين) أو أحدهما (فإشكال) في تحقق
الصد وأحكامه من الاشكال في أنه إن أحل حينئذ بنيته مع الهدي فهل سبب
الاحلال ذلك وحده أو مع الوقوفين، للشك في أن المحلل أهي مناسك منى
وحدها أم مع الوقوفين؟ ولا تصغ إلى ما في الشرحين (10)، فلا ارتباط له بالمقام،
والمتجه التحقق لما عرفت.
(ولو صد عن الموقفين، أو عن أحدهما مع فوات الآخر، جاز له
التحلل) فإنه مصدود بلا إشكال، ولا يجب عليه الصبر حتى يفوته الحج وفاقا
للمبسوط (11) والسرائر (12) والشرائع (13) للأصل، وإطلاق النصوص، ولأنه لا

(1) الروضة البهية: ج 2 ص 372.
(2) المبسوط: ج 1 ص 332.
(3) السرائر: ج 1 ص 643.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 282.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 396 س 20 - 21.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 122 س 31.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 850 س 14.
(8) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 343.
(9) تبصرة المتعلمين: ص 78.
(10) جامع المقاصد: ج 3 ص 283 - 284، إيضاح الفوائد: ج 1 ص 324.
(11) المبسوط: ج 1 ص 333.
(12) السرائر: ج 1 ص 643.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 281.
311

فوات حقيقة إلا بالموت، وخصوص العمرة المفردة، مع أنه صلى الله عليه وآله تحلل
بالحديبية، والفرق بين عام وعام ترجيح من غير مرجح.
وفيه أن إطلاق النصوص ممنوع، فإن الصد عن الوقوف إنما يتحقق بالصد
عنه إلى فوات وقته، إذ لا صد عن الشئ قبل وقته، ولا عن الكل بالصد عن بعضه،
والأصل معارض بالاستصحاب والاحتياط، والفارق بين عام وعام مع لزوم
الحرج فعله صلى الله عليه وآله، أو يفرق بين العمرة المفردة والحج لافتراقهما بالفوات وعدمه،
ولا حرج ولا عسر بالبقاء على الاحرام مدة لو لم يصد بقي عليه.
(فإن لم يتحلل وأقام على إحرامه حتى فاته الوقوف) المجزئ
(فقد فاته الحج وعليه أن يتحلل بعمرة) إن تمكن منها، (ولا دم عليه
لفوات الحج) وفاقا للمشهور للأصل.
وفي الخلاف عن بعض أصحابنا أن عليه دما (1) لخبر داود الرقي، قال: كنت
مع أبي عبد الله عليه السلام بمنى، إذ دخل عليه رجل فقال: قدم اليوم قوم قد فاتهم الحج،
فقال: نسأل الله العافية، ثم قال: أرى عليهم أن يهريق كل واحد منهم دم شاة
ويحلق وعليهم الحج من قابل إن انصرفوا إلى بلادهم، وإن أقاموا حتى تمضي
أيام التشريق بمكة ثم خرجوا إلى بعض مواقيت أهل مكة فأحرموا منه واعتمروا
فليس عليهم الحج من قابل (2).
والظاهر أن هذا الدم للتحلل، لعدم تمكنهم من العمرة، ولا دلالة فيه بوجه
على أنه للفوات.
وهل يجوز له التحلل بعمرة قبل الفوات؟ في التذكرة (3) والمنتهى (4) إشكال،

(1) الخلاف: ج 2 ص 374 المسألة 219 وفيه: (وفي أصحابنا).
(2) وسائل الشيعة: ج 10 ص 66 ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 396 س 22 - 23.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 847 س 32.
312

وبه قال بعض الجمهور، لجواز العدول بدون الصد، فمعه أولى. وقطع الشهيد (1)
بالعدم، إلا أن يكون أفرادا ندبا، لجواز التحلل بلا بدل فيه أولى.
قلت: وكذا غيره، وإن وجب، لجواز التحلل منه بلا بدل في عامه.
(ويقضي) حجه في القابل (مع الوجوب) مستقرا أو مستمرا.
(ج: لو ظن انكشاف العدو قبل الفوات جاز التحلل) كما في
الشرائع (2) لما عرفت، وفيه ما عرفت. قيل: وكذا لو علمه، وليس ببعيد لو تم الدليل
في الظن.
(و) على الجواز فمعلوم أن (الأفضل الصبر، فإن انكشف أتم، وإن
فات أحل بعمرة، ولو تحلل فانكشف العدو والوقت متسع) للاتيان به،
أي غير قاصر عنه (وجب الاتيان بحج الاسلام) أي به إن كان واجبا
كحج الاسلام (مع بقاء الشرائط) فإن وجبت المبادرة به أتى به في عامه،
وإلا تخير.
(ولا يشترط) في وجوبه (الاستطاعة من بلده حينئذ) وإن كان حج
الاسلام لعموم النصوص لصدق الاستطاعة، وإنما تعتبر من البلد إذا كان فيه،
لتوقف الحج منه عليها، فهنا إنما يشترط ما يتوقف عليه الحج من هنا.
(د: لو أفسد) الحج (فصد فتحلل) جاز، لعموم النصوص، ولأنه
أولى من الصحيح بالتحلل، و (وجبت بدنة الافساد ودم التحلل والحج من
قابل) للعمومات بلا معارض، ولا يعرف فيها خلافا.
(فإن) كانت الحجة حجة الاسلام، وكان استقر وجوبها، أو استمر إلى قابل
و (قلنا) فيما على المفسد من الحجتين التي أفسدها وما يفعله في قابل أن
(الأولى حجة الاسلام) والثانية عقوبة (لم تكف) الحج (الواحد) إذ لم

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 427 درس 109.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 281.
313

يأت بشئ مما عليه من العقوبة وحجة الاسلام وقد وجبتا عليه، (وإلا) بل
كانت الأولى عقوبة (فإشكال) في وجوب حجتين عليه، وعدمه من الاشكال
في سقوط العقوبة.
والأقوى السقوط كما في المبسوط (1) والايضاح (2) للأصل، فإن المعلوم
وجوبه عقوبة إتمام ما أفسده وإن أوجبنا العقوبة كما في الشرائع (3) أ جزأها عن
حجة الاسلام، لتقدم وجوبها، وفي الإيضاح الاجماع عليه (4).
(فإن) تحلل المصدود قبل الفوات وإن (انكشف العدو والوقت باق
وجب القضاء) في عامه إذا كان واجبا من أصله، (وهو حج يقضي لسنته)
وإن كان أفسده وجب مطلقا، وكان أيضا حجا يقضي لسنة كما في الشرائع (5)
والجامع (6) وفي المبسوط (7) والسرائر قالا: وليس هاهنا حجة فاسدة يقضي
لسنتها إلا هذه (8).
(على إشكال) من الاشكال في أن الأولى حجة الاسلام فيكون مقضية
في سنتها أو لا فلا، فإن السنة حينئذ سنة العقوبة، وهي إما أن لا يقضي أو يقضي
في قابل.
فإن قيل: العام في الأصل عام حجة الاسلام، والذي كان أحرم له كان أيضا
حجة الاسلام، وقد تحلل منها، والآن يقضيها.
قلنا: انقلب إلى عام العقوبة على كون الأولى عقوبة.
وإن قيل: إن القضاء ليس في شئ من هذا العام، وما بعده بالمعنى المصطلح،
لامتداد الوقت بامتداد العمر وإن وجبت المبادرة فإنما هو بمعنى الفعل والأداء.
قلنا: المراد به فعل ما تحلل منه. نعم لا طائل تحت هذا البحث.

(1) المبسوط: ج 1 ص 333.
(2) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 326.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 281 - 282.
(4) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 326.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 281.
(6) الجامع للشرائع: ص 223
(7) المبسوط: ج 1 ص 333.
(8) السرائر: ج 1 ص 644.
314

وقيل: معنى كونه حجا يقضي لسنته أنه ليس عليه حج آخر (1) والاشكال مما
تقدم من الاشكال في وجوب حجتين وعدمه، ولعله الذي فهمه الشهيد (2) وعميد
الاسلام (3).
(ولو لم يكن تحلل) والحال ما ذكر (مضى في الفاسد وقضاه في
القابل واجبا وإن كان الفاسد ندبا) كما يأتي، (فإن) لم يكن تحلل و (فاته
تحلل بعمرة وقضى واجبا من قابل)، وإن كان ندبا (وعليه) على كل
(بدنة الافساد لا دم الفوات) لما عرفت أنه لا دم فيه.
(ولو) فاته و (كان العدو باقيا) يمنعه عن العمرة (فله التحلل) من
غير عدول إلى العمرة، إذ لا يجدي وإن كان نص العدول والفتوى مطلقا، لاستحالة
التكليف بما لا يطاق، فيختص العدول بما إذا أطبقت العمرة، وكذا إن عدل
إلى العمرة وكان العدو باقيا تحلل منها.
(وعليه) على كل (دم التحلل) كما كان عليه قبل الفوات للعمومات،
(وبدنة الافساد، وعليه قضاء واحد) هو قضاء الذي كان أحرم له، لا العمرة
التي عدل إليها فصد عنها. هذا إن أراد بما قبله ما ذكرناه أخيرا، وإلا فالمعنى أن
الواحد معلوم، وفي الآخر الاشكال، أو اختيارا للوحدة بعد التردد فيه، أو القضاء
واحد هو العقوبة إن قضيت دون حجة الاسلام، فإنها وإن وجب فعلها في قابل
وسماه الأصحاب قضاء في قابل، لكن ليس قضاء بالمعنى المصطلح، لعدم توقيتها
أصالة وإن وجبت الفورية، بخلاف العقوبة لتعينها أصالة في إتمام الفاسد أو واحد
هو العقوبة إن كانت الأولى عقوبة، وحجة الاسلام إن كانت هي الأولى، لتوقيتها
بالافساد أو الاحرام، بخلاف الباقية.

(1) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 326.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 482 درس 120.
(3) كنز الفوائد: ج 1 ص 200.
315

وفي التذكرة (1) والمنتهى: القطع بأنه ليس عليه إلا قضاء واحد (2). وليس
فيهما ما هنا من الترديد والاشكال.
(ولو صد فأفسد، جاز التحلل أيضا) لما تقدم، (وعليه البدنة)
للافساد، (والدم) للتحلل (والقضاء) وإن بقي محرما حتى فات تحلل
بعمرة. وبالجملة لا يفترق الحال بالافساد وعدمه، ولا الافساد بالتقدم والتأخر.
(ه‍: لو لم يندفع العدو إلا بالقتال لم يجب وإن ظن السلامة) مسلما
كان أو مشركا للأصل، وللشافعي قول بالوجوب إذا كانوا كفارا ولم يزد عددهم
على ضعف المسلمين (3). وفي المبسوط: الأعداء إن كانوا مسلمين، فالأولى ترك
القتال (4). قال في المنتهى (5) والتذكرة (6): لأنه مخاطرة بالنفس والمال وقتل
مسلم، قالا: إلا أن يدعو الإمام أو نائبه إلى القتال فيجوز، لأنهم تعدوا على
المسلمين بمنع الطريق، فأشبهوا سائر قطاع الطريق.
قلت: ويجب إذا أوجب الإمام أو نائبه، وإن كانوا مشركين لم يجب أيضا
قتالهم، لأنه إنما يجب للدفع عن النفس أو الدعوة إلى الاسلام.
قال الشيخ: وإذا لم يجب فلا يجوز أيضا، سواء كانوا قليلين أو كثيرين،
والمسلمون أكثر أو أقل (7). مع أنه قال في المسلمين: إن الأولى ترك قتالهم، وهو
يشعر بالجواز، أو الوجه كما في التذكرة (8) والمنتهى (9)، والدروس الجواز إذا ظن
الظفر بهم (10).
وفي المنتهى: استحب قتالهم لما فيه من الجهاد وحصول النصر وإتمام النسك

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 396 س 42.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 849 س 2.
(3) المجموع: ج 8 ص 295.
(4) المبسوط: ج 1 ص 334.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 849 س 18 - 19.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 397 س 6.
(7) المبسوط: ج 1 ص 334.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 397 س 8.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 849 س 22.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 481 درس 120.
316

ودفعهم عن منع السبيل (1) والأوضح ما في الدروس من أنه نهي عن المنكر (2) لا
يقال: فيجب، لأنه معارض بما فيه من المخاطرة. ولو ظن العطب أو تساوى
الاحتمالان وجب الانصراف وإن بدأ العدو بالقتال فإن اضطر إلى الدفاع وجب
وكان جهادا واجبا، وإلا فإن الظن الظفر كان جهادا واجبا إن علم أن ليس فيه
مخاطرة وإلا استحب.
وحكى في المختلف كلام المبسوط، ثم عن أبي علي: ولو طمع المحرم في
دفع من صده إذا كان ظالما له بقتال أو غيره، كان ذلك مباحا له، ولو أتى على
نفس الذي صده سواء كان كافرا أو ذميا أو ظالما ثم قال: لا بأس به (3).
(ولو طلب) العدو (ما لا) فإن لم يكونوا مأمونين (لم يجب بذله)
اجماعا كما في التذكرة (4) والمنتهى (5) قليلا أو كثيرا، وإن أمنوا فكذلك كما في
المبسوط (6) وفيه وفي التذكرة (7) والمنتهى (8) الكراهية إن كانوا مشركين، لأن فيه
تقوية لهم وصغارا للمسلمين.
(ولو تمكن منه على إشكال) من أصل البراءة كما لا يجب ابتداء على
ما مضى، وشمول النصوص له ومن الأمر بإتمام الحج والعمرة ووجوبهما على
المستطيع، وهو مستطيع، فهو كالنفقة. واستحسنه المحقق في الشرائع إن لم
يجحف (9)، والمصنف في المنتهى إن لم يضر (10).
(و: لو صد المعتمر عن) أفعال (مكة تحلل بالهدي وحكمه حكم

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 849 س 22.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 481 درس 120.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 356.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 397 س 11.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 849 س 28.
(6) المبسوط: ج 1 ص 334.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 397 س 11.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 849 س 29.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 282.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 849 س 31.
317

الحاج المصدود) مفردة كانت عمرته أو متمتعا بها، وذلك لعموم الحرج
والنصوص، وخصوص نصوص عمرة الحديبية، خلافا لمالك فلا يرى الصد عن
العمرة، لأنه لا وقت لها فيفوت (1)، ولهذه الشبهة أعاده وجعله فرعا على حدة.
(المطلب الثاني:)
(المحصر)
(وهو الممنوع بالمرض عن الوصول إلى) أفعال (مكة) إن كان
معتمرا (أو الموقفين) إن كان حاجا.
(فإذا تلبس بالاحرام وأحصر بعث ما ساقه) إلى محله إن ساق (ولو
لم يكن ساق بعث هديا أو ثمنه) ومضى الكلام في البعث، ويأتي فيه ما مر
من الكلام في مداخلة ما ساقه لما يجب هنا.
(و) إذا بعث (بقي على إحرامه إلى أن يبلغ الهدي محله وهو منى
يوم النحر إن كان حاجا، ومكة بفناء الكعبة إن كان معتمرا، فإذا بلغ)
محله (قصر) أو حلق.
وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر حمران: وأما المحصور فإنما يكون عليه
التقصير (2). وقال الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار وحسنه: فإن كان في حج
فمحل الهدي يوم النحر، وإذا كان يوم النحر فليقصر من رأسه، ولا يجب عليه
الحلق حتى يقضي مناسكه، وإن كان في عمرة فلينتظر مقدار دخول أصحابه مكة
والساعة التي يعدهم فيها، فإذا كان تلك الساعة قصر (3).
(وأحل من كل شئ إلا النساء) بالنصوص (4) والاجماع على كل من

(1) المجموع: ج 8 ص 355.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 309 ب 6 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 305 ب 2 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 303 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 1 و 3.
318

المستثنى والمستثنى منه.
ومن العامة من لا يرى الاحلال إلا بأن يأتي بالأفعال، فإن فاته الحج تحلل
بالعمرة (1)، ومنهم من يرى الاحلال من النساء أيضا (2).
وفي الدروس: ولو أحصر في عمرة التمتع فالظاهر حل النساء له، إذ لا طواف
لأجل النساء فيها (3). وهو حسن، وبه صحيح البزنطي: أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن
محرم انكسرت ساقه أي شئ حل له وأي شئ عليه؟ قال: هو حلال من كل
شئ، فقال: من النساء والثياب والطيب؟ فقال: نعم، من جميع ما يحرم على
المحرم (4).
(ثم إن كان الحج) المحصور فيه أو العمرة (واجبا) أو مستقرا أو
مستمرا (وجب قضاؤه في القابل، وإلا) يكن واجبا (استحب) فعله في
قابل، ولا يجب كما عرفت.
(لكن يحرم عليه النساء) على كل إلا في عمرة التمتع على ما استظهره
الشهيد (5)، (إلى أن يطوف) لهن (في القابل) في حجه أو عمرته (مع
وجوب الحج) أو العمرة أو فعله وإن لم يجب (أو يطاف عنه) للنساء خاصة
(مع ندبه أو عجزه) عن الواجب في القابل.
فالملخص أنه إن وجب ما أحصر فيه فلا يحل له النساء ما لم يأت به إلا أن
يعجز، وإن لم يجب لم يحللن له إلا أن يأتي به أو بطواف النساء إن قدر على
الاتيان به بنفسه، وإن عجز عن الاتيان بما أحصر فيه اكتفى أيضا بالاستنابة به في
طواف النساء.
أما إنهن لا يحللن له في الواجب المقدور عليه إلا بأن يأتي به، ولا يكفي

(1) المجموع: ج 8 ص 310.
(2) المجموع: ج 8 ص 355.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 476 درس 119.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 304 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 4.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 476 درس 119.
319

الاتيان بطواف النساء فضلا عن الاستنابة فيه فهو ظاهر النهاية (1) والمبسوط (2)
والمهذب (3) والوسيلة (4) والمراسم (5) والإصباح (6) والنافع (7) والسرائر (8)
والشرائع (9) والكتاب والمنتهى (10) والتذكرة (11) والارشاد (12) والتبصر ة (13)
والتلخيص (14) للأصل، وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار وحسنه: لا يحل له
النساء حتى يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة (15). وفي مرسل المفيد:
ولا تقرب النساء حتى تقضي المناسك (16).
وفي الخلاف (17) والغنية (18) والتحرير: لا يحللن للمحصور حتى يطوف لهن في
قابل، أو يطاف عنه (19)، من غير تفصيل بالواجب وغيره.
وفي الجامع: إذا استناب المريض لطواف النساء وفعل النائب، حلت له
النساء (20)، ولم يقيد بالقابل. وكذا في السرائر: إنهن لا يحللن له حتى يحج في
القابل أو يأمر من يطوف عنه للنساء (21). وهذا أظهر في الاعتبار، والأول أحوط.

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 555.
(2) المبسوط: ج 1 ص 335.
(3) المهذب: ج 1 ص 270.
(4) الوسيلة: ص 193.
(5) المراسم: ص 118.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 480.
(7) المختصر النافع: ص 100.
(8) السرائر: ج 1 ص 638.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 282.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 850 س 14.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 397 س 29.
(12) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 339.
(13) تبصرة المتعلمين: ص 78.
(14) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 343.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 303 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 3.
(16) المقنعة: ص 446.
(17) الخلاف: ج 2 ص 428 المسألة 322.
(18) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 521 س 5 - 6.
(19) تحرير الأحكام: ج 1 ص 123 س 25.
(20) الجامع للشرائع: ص 223.
(21) السرائر: ج 1 ص 638.
320

وفي الكافي: لا يحللن له حتى يحج من قابل أو يحج عنه (1)، ويجوز أن يريد
أو يطاف عنه، وأما الاكتفاء بالطواف عنه لهن إذا عجز فليس إلا في الكتاب.
ونسب في الدروس إلى القيل (2)، ودليله الحرج، مع ما مر من جواز الاستنابة
فيه اختيارا، فالضرورة أولى.
وأما توقف حلهن في المندوب على طوافهن فهو المشهور وعليه الأخبار (3)
والأصل.
وفي المراسم: أنه يحل منهن بالتحلل (4)، وكذا المقنعة (5)، على وجه يحتمل
الرواية عن الصادق عليه السلام.
(ولا يبطل تحلله لو بان عدم ذبح هديه) للأصل والأخبار (6)، ولا
يعرف فيه خلافا (وعليه الذبح في القابل) إلا في العمرة المفردة، فعليه متى
تيسر.
وهل عليه حينئذ الامساك مما يحرم على المحرم حتى يذبح؟ ظاهر الشيخ (7)
والقاضي (8) وابن سعيد (9) وجوبه، لظاهر الآية (10)، مع انتفاء فارق بين الحلق
وغيره، ولقول الصادق عليه السلام في صحيح (11) ابن عمار وحسنه (12): ولكن يبعث من
قابل ويمسك أيضا.
ولو خلينا وظاهر الآية لم يجز الاحلال ما لم يحصل العلم ببلوغ الهدي محله.

(1) الكافي في الفقه: ص 218.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 476 درس 119.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 304 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 6.
(4) المراسم: ص 118.
(5) المقنعة: ص 446.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 305 ب 2 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 555.
(8) المهذب: ج 1 ص 271.
(9) الجامع للشرائع: ص 223.
(10) البقرة: 196.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 305 ب 2 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(12) الكافي: ج 4 ص 369 ح 3.
321

وقال أبو علي: أمسك عن النساء (1)، لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة:
وليمسك الآن عن النساء إذا بعث (2). وفيه توقيت للامساك بالبعث، وليس في
الأول ولا في كلامهم، وإن اعتبرنا ظاهر الآية وجب الامساك حين ظهور
الخلاف.
وصريح السرائر (3) والنافع (4) والمختلف (5) عدم الوجوب، لأنه ليس
بمحرم، فيحرم عليه النساء والمخيط ونحوهما ولا في المحرم ليحرم عليه الصيد،
والأصل الحل.
وقرب في المختلف حمل الخبر على الاستحباب (6) جمعا. وفيه أنه
لا معارض لأدلة الوجوب يضطرنا إلى الجمع، وما ذكر مجرد استبعاد، مع أن ظاهر
الآية يدفع إحلاله حينئذ. واقتصر في التحرير (7) والتذكرة (8) والمنتهى (9) على نقل
القولين، وكأنه متردد.
(ولو زال المرض) قبل التحلل (لحق بأصحابه) في العمرة المفردة
مطلقا، وفي الحج إن لم يفت لزوال العذر وانحصار جهة إحلاله حينئذ في الاتيان
بالمناسك.
(فإن) كان حاجا و (أدرك أحد الموقفين) على وجه يجزئ (صح
حجه، وإلا تحلل بعمرة وإن كانوا قد ذبحوا) فإنه إنما يتحلل بنية مع التقصير،
وحكم من فاته الحج وهو محرم أن يتحلل بعمرة.
وفي الدروس: وجهان، اعتبارا بحالة البعث، وحالة التحلل (10)، يعني أنه أتى

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 346.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 304 ب 1 من أبواب الاحصار والصد ح 5.
(3) السرائر: ص 639.
(4) المختصر النافع: ص 100.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 347.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 347.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 123 س 31.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 397 س 41.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 851 س 12.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 479 درس 119.
322

حالة البعث بما عليه، فيجزئه. وفيه: إنه لم يأت بنية التحلل ولا التقصير، وقرب
قبله التحلل بعمرة (1).
(وقضى) الحج على كل (في القابل مع الوجوب) مستقرا أو مستمرا.
(ولو علم الفوات) أو فات (بعد البعث وزوال العذر قبل التقصير
ففي وجوب لقاء مكة للتحلل بالعمرة إشكال) من أن ذلك حكم من فاته
الحج إذا أمكنه العمرة، وأن سبب التحلل منحصر في أداء النسك والحصر أو الصد.
ومن أن إيجابه عليه يجمع عليه التكليفين اللذين أحدهما عوض عن الآخر، مع
أن العدول خلاف الأصل، والأصل البراءة، والأول أحوط وأقوى.
(ولو زال عذر المعتمر) مفردة (بعد تحلله قضى العمرة حينئذ
واجبا مع الوجوب وإلا ندبا) من غير تربص زمان وفاقا للمحقق (2)، بناء على
التوالي كما في الشرحين (3) والدروس (4) وغيرها، أو على البطلان ما أحصر فيه
فلا توالي.
(وقيل) في النهاية (5) والمبسوط (6) والوسيلة (7) والمهذب (8) والسرائر (9):
قضاها (في الشهر الداخل) بناء على اشتراط شهر بين عمرتين.
(ولو تحلل القارن) للصد أو الاحصار (أتى في القابل بالواجب)
عليه أي نوع كان، وإن تخير بين الثلاثة أو نوعين منها تخير في القابل.
وبالجملة لا يتعين عليه القران للدخول فيه وفاقا للسرائر (10) والنافع (11)، بل
إن كان قبله مخيرا بينه وبين غيره فهو الآن أيضا مخيرا، وإن كان أحدهما متعينا

(1) المصدر السابق.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 282.
(3) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 322 وجامع المقاصد: ج 3 ص 282.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 479.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 556.
(6) المبسوط: ج 1 ص 335.
(7) الوسيلة: ص 193.
(8) المهذب: ج 1 ص 271.
(9) السرائر: ج 1 ص 640.
(10) السرائر: ج 1 ص 641.
(11) المختصر النافع: ص 101.
323

عليه تعين، وإن كان المتعين عليه التمتع وإنما كان قرن للضرورة أتى بالتمتع،
ودليله الاستصحاب، إذ لم يطرأ ما يقلب الواجب.
(وقيل) في النهاية (1) والمبسوط (2) والتهذيب (3) والمهذب (4)
والجامع (5) والشرائع (6): لا يجوز له أن يأتي إلا (بالقران) لصحيحي محمد بن
مسلم ورفاعة عن الصادقين عليهما السلام أنهما قالا: القارن يحصر، وقد قال، واشترط:
فحلني حيث حبستني، قال: يبعث بهديه، قلنا: هل يتمتع في قابل؟ قال: لا، ولكن
يدخل بمثل ما خرج منه (7). ويحتمل من فرضه القران، وكذا كلام الشيخ والقاضي
وصاحب الجامع.
(ولو كان ندبا تخير) كما يتخير في الاتيان وعدمه، (والأفضل) مع
التخير واجبا أو ندبا (الاتيان بمثل ما خرج منه) قرانا أو غيره وفاقا
للنافع (8)، للخبرين.
(وهل يسقط الهدي مع الاشتراط في المحصور والمصدود) أو
المبتلى بهما جميعا كما في الإيضاح (9) (قولان) هما المتقدمان في الصد
وما قبله والمبتلى بهما يتخير في التحلل بأيهما شاء، لصدق كل منهما عليه،
ويجوز أن يريد كلا من المحصور والمصدود، وإنما كرر المصدود ليشمله قوله:
(ولو كان قد أشعره أو قلده بعث به قولا واحدا) يعني أن الخلاف في
سقوط الهدي بالاشتراط إنما هو إذا لم يسقه عاقدا به الاحرام، وإلا وجب الذبح
أو النحر بلا خلاف. وفي الإيضاح باجماع الأمة (10)، لأنه تعين له بالسوق، وأما

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 556.
(2) المبسوط: ج 1 ص 335.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 423 ذيل الحديث 1467.
(4) المهذب: ج 1 ص 271.
(5) الجامع للشرائع: ص 223.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 282.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 307 ب 4 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
(8) المختصر النافع: ص 101.
(9) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 327.
(10) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 327.
324

البعث مع الصد ففي وجوبه الخلاف، وكأنه توسع في التعبير بالبعث.
(وروي) عن الصادق عليه السلام بعدة طرق بعضها صحيح: (إن من بعث هديا
من أفق من الآفاق تطوعا يواعد أصحابه وقت ذبحه أو نحره) (1) وليس
في شئ منها أن البعث إلى مكة أو منى فتعمها.
(ثم) فيها أن عليه (يجتنب ما يجتنبه المحرم و) أنه (لا يلبي، فإذا
حضر وقت الوعد أحل) وأنه لا شئ عليه إن ظهر خلاف في الوعد، وأفتى
بجميع ذلك الشيخ (2) والقاضي (3).
(و) ذكرا أنه (لو فعل ما يحرم على المحرم كفر) كما يكفر المحرم،
وظاهرهما الوجوب، وجعله المصنف كالمحقق (4) (مستحبا).
والذي ورد في تكفيره صحيح هارون بن خارجة قال: إن أبا مراد بعث بدنة
وأمر الذي بعثها معه أن يقلد ويشعر في يوم كذا وكذا، فقلت له: إنه لا ينبغي لك أن
تلبس الثياب، فبعثني إلى أبي عبد الله عليه السلام وهو بالحيرة، فقلت له: إن أبا مراد فعل
كذا وكذا، وأنه لا يستطيع أن يدع الثياب لمكان أبي جعفر، فقال: مره فليلبس
الثياب، ولينحر بقرة يوم النحر عن لبسه الثياب (5). وهو مرشد إلى التكفير في سائر
المحرمات.
وأما الحمل على الاستحباب فللأصل، مع كونه خبرا واحدا، وتضمنه البقرة
للثياب، وليست على المحرم.
وأنكر ابن إدريس العمل بهذه الأخبار رأسا، وقال: إنها أخبار آحاد لا يلتفت
إليها، ولا يعرج عليها، وهذه أمور شرعية يحتاج مثبتها ومدعيها إلى أدلة شرعية،
ولا دلالة من كتاب ولا سنة مقطوع بها ولا إجماع، فأصحابنا لا يوردون هذا في

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 312 ب 9 من أبواب الاحصار والصد ح 3.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 556.
(3) المهذب: ج 1 ص 270 - 271.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 282.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 314 ب 10 من أبواب الاحصار والصد ح 1.
325

كتبهم ولا يودعونه في تصانيفهم، وإنما أورده شيخنا أبو جعفر الطوسي في كتابه
النهاية إيرادا لا اعتقادا، لأن الكتاب المذكور كتاب خبر لا كتاب بحث ونظر،
كثيرا ما يورد فيه أشياء غير معمول عليها، والأصل براءة الذمة من التكاليف
الشرعية (1).
قلت: قد أفتى به في المبسوط أيضا (2).

(1) السرائر: ج 1 ص 642.
(2) المبسوط: ج 1 ص 335.
326

(الفصل الثالث)
(في كفارات الاحرام)
(وفيه) ثلاثة (مطالب):
وأما المسائل التي في آخر الكتاب فهي خارجة عن الفصل أو هي من
المطالب، فهي أربعة، رابعها المسائل:
(الأول:)
(الصيد)
(وفيه مباحث) ثلاثة:
(الأول: يحرم الحرم والاحرام الصيد البري) ومر تفسيره، (ولا
كفارة في قتل السباع ماشية وطائرة) وفاقا للسرائر (1) والوسيلة (2)
والشرائع (3) والمبسوط (4) - وظاهره كالتذكرة الاجماع (5) - والخلاف، والاجماع
فيه صريح (6)، واستدل ابن إدريس بالأصل السالم عن المعارض (7).
قلت: ولقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر عبد الرحمن العرزمي: يقتل المحرم

(1) السرائر: ج 1 ص 564.
(2) الوسيلة: ص 164.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 283.
(4) المبسوط: ج 1 ص 338.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 330 س 25.
(6) الخلاف: ج 2 ص 417 المسألة 299.
(7) السرائر: ج 1 ص 564.
327

كل ما خشيه على نفسه (1). وفي خبر أبي البختري الذي رواه الحميري في قرب الإسناد: يقتل المحرم ما عدا عليه من سبع أو غيره، ويقتل الزنبور والعقرب والحية
والنسر والذئب والأسد، وما خاف أن يعدو عليه من السباع والكلب العقور (2).
وقول الصادق عليه السلام في خبر غياث بن إبراهيم عن أبيه: يقتل المحرم الزنبور
والنسر والأسود الغدر والذئب، وما خاف أن يعدو عليه (3). وفي الصحيح: أن ابن
أبي عمير أرسل عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن رجل أدخل فهده إلى الحرم أله أن
يخرجه؟ فقال: هو سبع، وكل ما أدخلت من السبع الحرم أسيرا فلك أن تخرجه (4).
وعن حمزة بن اليسع صحيحا أنه سأله عليه السلام في الفهد يشترى بمنى ويخرج به
من الحرم، فقال: كل ما أدخل الحرم من السبع مأسورا فعليك اخراجه (5).
وبمضمونه أفتى ابن سعيد، وزاد (البازي) (6).
وفي صحيح ابن عمار وحسنه أنه عليه السلام أتي فقيل له: إن سبعا من سباع الطير
على الكعبة ليس يمر به شئ من حمام الحرم إلا ضربه، فقال عليه السلام: انصبوا له
واقتلوه، فإنه الحد في الحرم (7). لكنه تعليل قد يعطي التخصيص.
واستدل في المنتهى (8) والتذكرة بقوله عليه السلام في صحيح حريز: كل ما يخاف
المحرم على نفسه من السباع والحيات وغيرها فليقتله، وإن لم يردك فلا ترده (9).
وفي الدلالة نظر ظاهر. وبما روته العامة من أمر النبي صلى الله عليه وآله بقتل خمس في

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 167 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 7.
(2) قرب الإسناد: ص 66.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 167 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 8.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 236 ب 41 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 237 ب 41 من أبواب كفارات الصيد ح 6.
(6) الجامع للشرائع: ص 192.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 237 ب 42 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 801 س 6.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 330 س 28.
328

الحرم، أو نفي الجناح عن قتلهن: الحداة والغراب والفأرة والعقرب والكلب
العقور (1).
قال: نص من كل جنس على صنف من أدناه، تنبيها على الأعلى ودلالة على
ما في معناه، فنبه بالحداة والغراب على البازي والعقاب وشبههما، وبالفأرة على
الحشرات، وبالعقرب على الحية، وبالكلب العقور على السباع (2). وفيه أيضا ما
لا يخفى.
وليس في المهذب (3) والنافع (4) إلا السباع، وظاهرها الماشية.
وفي المقنعة: وسئل عليه السلام - يعني الصادق عليه السلام - عن قتل الذئب والأسد؟ فقال:
لا بأس بقتلهما للمحرم إذا أراده، وكل شئ أراده من السباع أو الهوام فلا حرج
عليه في قتله (5).
وفي المراسم: فأما قتل السباع والذباب والهوام وكل مؤذ فإن كان على جهة
الدفع عن المهجة فلا شئ عليه، وإن كان خلافه فلا نص في كفارته، فليستغفر الله
منه (6).
وفي المقنع: والكلب العقور والسبع إذا أراداك فاقتلهما، وإن لم يريداك فلا
تردهما، والأسود الغدر فاقتله على كل حال، وارم الغراب والحدأة رميا على ظهر
بعيرك، والذئب إذا أراد قتلك فاقتله، ومتى عرض لك سبع فامتنع منه، فإن أبى
فاقتله إن استطعت (7).
وفتوى التهذيب أيضا: إنه لا يقتل السبع إذا لم يرده (8).

(1) صحيح مسلم: ج 2 ص 857 ح 68 و 69.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 801 س 4، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 330 س 27.
(3) المهذب: ج 1 ص 228.
(4) المختصر النافع: ص 101.
(5) المقنعة: ص 450.
(6) المراسم: ص 122.
(7) المقنع: ص 77.
(8) تهذيب الأحكام:: ج 5 ص 365 ذيل الحديث 1271.
329

وفي الفقيه عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن عليه السلام: وإن أرادك السبع
فاقتله، وإن لم يردك فلا تقتله، والكلب العقور إن أرادك فاقتله (1).
وفي بعض نسخ الكافي في حسن ابن عمار عن الصادق عليه السلام: والكلب العقور
والسبع إن أراداك فاقتلهما، فإن لم يريداك فلا تؤذهما (2).
وفي خبر غياث عن أبيه عن الصادق عليه السلام قال: الكلب العقور هو الذئب (3).
وهو يحتمل كلام الإمام والراوي، وحكاه المصنف في المنتهى عن مالك (4).
(وروي في الأسد إذا لم يرده كبش) عن أبي سعيد المكاري أنه سأل
الصادق عليه السلام عن رجل قتل أسدا في الحرم، فقال: عليه كبش يذبحه (5)، والرواية
ضعيفة كما في الشرائع (6) والنافع (7)، ولذا وافق ابن إدريس (8) في المنتهى (9)
فأسقط الكفارة مطلقا، واستحبها في المختلف (10).
وجمع الشيخ في النهاية (11) وكتابي الأخبار (12) بينها وبين ما مر على أنه لم
يرده، ووافقه القاضي (13) وابن حمزة (14) وغيرهما.
وادعى ابن زهرة عليها الاجماع إذا لم يرده (15)، وأطلق في المبسوط (16)

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 364 ح 2722.
(2) الكافي: ج 4 ص 363 ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 167 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 8.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 801 س 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 234 ب 39 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 283.
(7) المختصر النافع: ص 101.
(8) السرائر: ج 1 ص 567.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 800 س 35.
(10) مختلف الشيعة: ج 4 ص 89.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 493.
(12) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 366 ذيل الحديث 1275 والاستبصار: ج 2 ص 209 ذيل
الحديث 712.
(13) المهذب: ج 1 ص 225.
(14) الوسيلة: ص 164.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 11.
(16) المبسوط: ج 1 ص 338.
330

والخلاف: إن فيه كبشا، وادعى عليه الاجماع (1).
قلت: والوجه ما في الدروس من تخصيص الكبش بالقتل في الحرم (2)،
لاختصاص الخبر به، محرما كان أو محلا.
ثم جواز القتل، بل وجوبه ووجوب الكفارة غير متنافيين كغيره من محرمات
الاحرام.
(ويجوز قتل الأفعى والعقرب والبرغوث والفأر) للأصل والأخبار،
واتفاق الأمة على غير البرغوث على ما في المبسوط (3)، وفي الغنية إجماع
الطائفة (4).
وفي السرائر: لا يجوز له - يعني المحرم - قتل شئ من الدواب (5). ولعله لنحو
قول الصادق عليه السلام في صحيح حريز: كل ما خاف المحرم على نفسه من السباع
والحيات وغيرها فليقتله، وإن لم يردك فلا ترده (6). وفي خبر ابن عمار: والحية إن
أرادتك فاقتلها، وإن لم تردك فلا تردها (7). على هذا الخبر فتوى المقنع (8).
وأما البرغوث ففي الشرائع (9) وموضع من المبسوط: جواز قتله (10).
ويعضده الأصل، وقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن فضال: لا بأس بقتل البرغوث
والقملة والبقة في الحرم (11).
وما في السرائر عن نوادر البزنطي عن جميل أنه سأله عليه السلام عن

(1) الخلاف: ج 2 ص 417 المسألة 299.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 359 درس 94.
(3) المبسوط: ج 1 ص 338.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 25.
(5) السرائر: ج 1 ص 545.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 166 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(7) المصدر السابق ح 2.
(8) المقنع: ص 77.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 284.
(10) المبسوط: ج 1 ص 339.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 164 ب 79 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
331

المحرم يقتل البقة والبراغيث إذا أذاه؟ قال: نعم (1). وخبر زرارة سأل أحدهما عليهما السلام
عن المحرم يقتل البقة والبرغوث إذا رآه قال: نعم (2).
وفي الجامع (3) والتذكرة (4) والتحرير (5) والمنتهى (6) وموضع من المبسوط (7)
الحرمة على المحرم، ويعطيه ما مر عن السرائر، وقول الحلبي فيما يجتنبه المحرم،
وقتل شئ من الحيوان عدا الحية والعقرب والفأرة والغراب ما لم يخف شيئا
منه (8). ولعله لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار وحسنة: ثم اتق قتل الدواب
كلها إلا الأفعى والعقرب والفأرة (9). وخبر زرارة: سأله عليه السلام هل يحك المحرم
رأسه؟ قال: يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة (10)، لعمومها البرغوث.
وفي التهذيب (11) والنهاية (12) والمهذب (13) والغنية (14) والسرائر (15): الحرمة
على المحرم في الحرم، فكأنهم جمعوا بين الدليلين.
(و) يجوز (رمي الحدأة والغراب مطلقا) أي عن ظهر البعير وغيره،
ومع الاحرام ولا معه كما في الشرائع (16) والجامع (17) والنافع (18)، وفي النهاية في

(1) السرائر: ج 3 ص 559.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 164 ب 79 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(3) الجامع للشرائع: ص 193.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 340 س 16.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 114 س 35.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 800 س 22.
(7) المبسوط: ج 1 ص 320.
(8) الكافي في الفقه: ص 203.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 166 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 163 ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 4.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 366 ذيل الحديث 1275.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 476.
(13) المهذب: ج 1 ص 221.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 531 س 25.
(15) السرائر:: ج 1 ص 545.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 284.
(17) الجامع للشرائع: ص 186.
(18) المختصر النافع: ص 101.
332

الغراب (1)، وفي المقنع عن ظهر البعير (2).
ودليل الجواز الأصل، وخبر حنان عن أبي جعفر عليه السلام قال: أمر رسول
الله صلى الله عليه وآله بقتل الفأرة في الحرم والأفعى والغراب الأبقع ترميه، فإن أصبته فأبعده
الله (3). وقول الصادق عليه السلام في خبر ابن عمار للمحرم: وارم الغراب والحدأة رميا
عن ظهر بعيرك (4). ويحتمل اختصاص الجواز بظهر البعير احتياطا واقتصارا على
المنصوص، خصوصا ويحتمل أن يكون المراد ظهر بعير به دبر، فيجوز رميها عنه،
لايذائهما البعير.
ويجب الاقتصار على رمي لا يجهز عليهما، وسمعت كلام الحلبي المجوز
لقتل الغراب، وفي المبسوط: اتفاق الأمة على أنه لا جزاء في قتلهما.
(و) يجوز (شراء القماري والدباسي وإخراجها من مكة) كما في
النافع (5)، وفي المبسوط الحكم بالكراهية (6)، وفي النهاية (7) والجامع (8)
لحكمهما بالكراهية في القماري وشبهها.
ونسب في الشرائع (9) إلى رواية، وهي خبر العيص: سأل الصادق عليه السلام عن
شراء القماري يخرج به من مكة والمدينة، فقال ما أحب أن يخرج منها شئ، وهو
في الفقيه حسن (10)، وفي التهذيب (11) يحتمل الصحة، وإن قطع بها في المختلف (12)
والمنتهى (13)، وذلك لأن في الطريق عبد الرحمن، فإن كان ابن أبي نجران صح،

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 493.
(2) المقنع: ص 77.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 168 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 11.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 166 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(5) المختصر النافع: ص 101.
(6) المبسوط: ج 1 ص 341.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 483.
(8) الجامع للشرائع: ص 191.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 284.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 259 ح 2358.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 349 ح 1212.
(12) مختلف الشيعة: ج 4 ص 109.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 806 س 28.
333

وليس بمتعين له عندي، وليس فيه ذكر لغير القماري، ولا هو نص في الجواز، بل
استدل به المصنف في المختلف (1) والتذكرة على الحرمة (2). ثم ليس فيه ولا في
شئ من الفتاوى إلا الاخراج من مكة لا الحرم، فلا يخالفه منع ابن إدريس من
الاخراج منه (3)، ونصوص المنع من اخراج الصيد أو الحمام منه، والأمر بالتخلية.
نعم، نص الشهيد على جواز الاخراج من الحرم (4)، ولم أعرف جهته. ثم قال:
وروى سليمان بن خالد: في القمري والدبسي والسماني والعصفور والبلبل القيمة،
فإذا كان محرما في الحرم فعليه قيمتان، ولا دم عليه. وهذا جزاء الاتلاف، وفيه
تقوية تحريم اخراج القماري والدباسي (5).
قلت: لدلالته على أنها كسائر الصيود.
ثم المصنف إنما جوز الاخراج (للمحل و) قال: (في المحرم إشكال)
من عموم الخبر، ومن عموم نصوص حرمة الصيد على المحرم من الكتاب
والسنة، مع احتمال اختصاص الخبر بالمحل، بل ظهوره فيه.
(ويحرم قتلها وأكلها) على المحرم، وقتلهما في الحرم اتفاقا للعمومات،
وخصوص ما سمعته الآن من خبر سليمان بن خالد.
(ويكفر في قتل الزنبور عمدا بكف من طعام وشبهه) كما في المقنع (6)
والفقيه (7) والغنية (8) والكافي (9) والوسيلة (10) والمهذب (11) والجامع (12). وأرسل عن

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 109.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 332 س 17.
(3) السرائر: ج 1 ص 560.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 352 درس 92.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 361 درس 95.
(6) المقنع: 79.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 371 - 372 ذيل الحديث 2732.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 9.
(9) الكافي في الفقه: ص 206.
(10) الوسيلة: ص 171.
(11) المهذب: ج 1 ص 226.
(12) الجامع للشرائع: ص 190.
334

الصادق عليه السلام في بعض الكتب (1)، وفي النافع بشئ من الطعام (2) وروي عن
الصادق عليه السلام حسنا (3) وصحيحا (4)، وعن الكاظم عليه السلام صحيحا (5).
وفي الشرائع: صدقة ولو بكف من طعام (6)، وفي النهاية: بشئ (7)، وفي
التحرير: بتمرة (8)، ونحوه التلخيص (9)، ثم فيه، والغنية (10) والمهذب: إن في
الكثير منه شاة (11).
وفي الكافي: فإن قتل زنابير فصاع، وفي قتل الكثير دم شاة (12). وفي المقنعة:
تصدق بتمرة، فإن قتل زنابير كثيرة تصدق بمد من طعام أو مد من تمر (13). ونحوه
جمل العلم والعمل (14)، وفي التحرير: وهو حسن (15)، ونحوه المراسم (16) إلا في
مد من طعام، فلم يذكر فيه.
وكان معنى (شبهه) التمر أو الزبيب وغيرهما، وكان القول بالتمر لكونه من
الطعام، وأنه ليس خيرا من الجراد. وكان إيجاب الشاة لكثيره للحمل على
الجراد، وإيجاب المد الصاع بضم فداء بعضه إلى بعض.
وفي المبسوط جواز قتله ثم التكفير عنه بما استطاع (17). وتردد في المنتهى

(1) دعائم الاسلام: ج 1 ص 310، فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 228.
(2) المختصر النافع: ص 101.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 192 ب 8 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) المصدر السابق ح 3.
(6) شرائع الاسلام:: ج 1 ص 284.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 493.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 28.
(9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 333.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 9.
(11) أنظر المهذب: ج 1 ص 226.
(12) الكافي في الفقه: ص 206.
(13) المقنعة: ص 438.
(14) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى، المجموعة الثالثة): ص 72.
(15) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 28.
(16) المراسم: 122.
(17) المبسوط: ج 1 ص 349.
335

أولا في الجواز، ثم ذكر أن أصحابنا رووا فيه شيئا من الطعام (1). وكذا المحقق في
الشرائع تردد أولا، ثم استوجه المنع (2).
ووجه الجواز الأصل، وكونه من المؤذيات، مع قول الصادق عليه السلام في خبر
غياث بن إبراهيم: يقتل المحرم الزنبور والنسر والأسود الغدر والذئب وما خاف
أن يعدو عليه (3). وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر وهب بن وهب المروي في
قرب الإسناد للحميري: يقتل المحرم ما عدا عليه من سبع أو غيره، ويقتل الزنبور
والعقرب والنسر والذئب والأسد وما خاف أن يعدو عليه من السباع والكلب
العقور (4). ولا ينافي الجواز وجوب الكفارة.
(ولا شئ في الخطأ فيه) أي قتل الزنبور للأصل، وقول الصادق عليه السلام
في صحيح (5) ابن عمار وحسنه: إن كان خطأ فلا شئ عليه (6)، وكأنه لا خلاف
فيه وإن أطلق التكفير جماعة.
(وأقسام ما عدا ذلك) باعتبار الجزاء (عشرة) كلها من الصيد، إلا
القملة فإنما ذكرت استطرادا.
(أ: في قتل النعامة بدنة) كما هو المشهور. وقال ابن زهرة: بلا خلاف (7)،
وبه أخبار ثلاثة، منها صحيحان (8)، وفي التذكرة (9) والمنتهى (10) الاجماع عليه.
وفي النهاية (11) والمبسوط (12) والسرائر: جزور (13)، وبه خبر أبي الصباح عن

(1) شرائع الاسلام: ج 284.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 801 س 28.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 167 - 168 ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 8.
(4) قرب الإسناد: ص 66.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 192 ب 8 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
(6) المصدر السابق ح 1.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 36.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 181 ب 1 من أبواب كفارات الصيد ح 1 ص 185 ب 2 ح 7.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 31.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 820 س 15.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 480.
(12) المبسوط: ج 1 ص 339.
(13) السرائر: ج 1 ص 556.
336

الصادق عليه السلام (1)، وفي طريقه ابن الفضيل.
ولا مخالفة بينه وبين الأدلة، ولا بين القولين كما يظهر من المختلف (2) وفاقا
للتذكرة (3) والمنتهى تحرر (4) وغيرهما، إذ لا فرق بين الجزور والبدنة إلا أن البدنة
ما تحرر للهدي، والجزور أعم، وهما يعمان الذكر والأنثى كما في العين (5) والنهاية
الأثيرية (6) وتهذيب الأسماء للنووي (7)، وفي التحرير له، والمعرب والمغرب في
البدنة، وخصت في الصحاح (8) والديوان (9) والمحيط (10) وشمس العلوم بالناقة
والبقرة.
لكن عبارة العين كذا: البدنة ناقة أو بقرة الذكر والأنثى فيه سواء، يهدى إلى
مكة (11). فهو مع تفسيره بالناقة والبقرة نص على التعميم للذكر والأنثى، فقد يكون
أولئك أيضا لا تخصونها بالأنثى، وإنما اقتصروا على الناقة والبقرة تمثيلا، وإنما
أرادوا تعميمها للجنسين ردا على من يخصها بالإبل، وهو الوجه عندنا. ويدل
عليه قوله تعالى: (حتى إذا وجبت جنوبها) (12).
قال الزمخشري: وهي الإبل خاصة، ولأن رسول الله صلى الله عليه وآله ألحق البقر بالإبل
حين قال: البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة، فجعل البقر في حكم الإبل صارت
البدنة في الشريعة متناولة للجنسين عند أبي حنيفة وأصحابه، وإلا فالبدن هي

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 181 - 182 ب 1 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 89.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 31 - 33.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 820 س 17 - 19.
(5) العين: ج 8 ص 52 مادة (بدن).
(6) النهاية: ج 1 ص 108 مادة (بدن).
(7) تهذيب الأسماء: ج 2 ص 21 مادة (بدن).
(8) الصحاح: ج 5 ص 2077 مادة (بدن).
(9) ديوان الأدب: ج 1 ص 243 مادة (فعله).
(10) القاموس المحيط: ج 4 ص 200 مادة (البدن).
(11) العين: ج 8 ص 52 مادة (بدن).
(12) الحج: 36.
337

الإبل، وعليه تدل الآية (1) انتهى. ثم لما كانت البدنة اسما لما يهدي اعتبر في
مفهومها السن المجزئ في الهدي، ومضى.
(فإن عجز) عن البدنة (قوم البدنة وفض ثمنها على البر وأطعم)
المساكين (لكل مسكين نصف صاع) إلى أن يطعم ستين مسكينا.
(ولا تجب الزيادة على ستين) إن زاد البر، (ولا الاتمام لو نقص)
وفاقا للشيخ (2) وابني حمزة (3) وإدريس (4) والبراج (5) وابني سعيد (6) إلا أن في
المبسوط (7) والخلاف (8) والوسيلة (9) والجامع (10) مكان (البر) الطعام.
وفي التذكرة (11) والمنتهى: إن الطعام المخرج الحنطة أو الشعير أو التمر أو
الزبيب، قال: ولو قيل: يجزئ كل ما يسمى طعاما كان حسنا، لأن الله تعالى
أوجب الطعام (12).
قلت: وكان من ذكر البر احتاط، لخبر الزهري الآتي، ولأنه يقال: إن الطعام
ينصرف إلى البر. وفي صحيح أبي عبيدة الذي تسمعه الآن تقويم الدراهم طعاما.
ودليل الحكم قول الصادق عليه السلام في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم: عليه
بدنة، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا، فإن كانت قيمة البدنة أكثر من إطعام ستين
مسكينا لم يزد على إطعام ستين مسكينا، وإن كانت قيمة البدنة أقل من إطعام
ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة (13). ونحوه مرسل جميل عنه عليه السلام (14).

(1) تفسير الكشاف: ج 3 ص 157 - 158.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 480.
(3) الوسيلة: ص 167.
(4) السرائر: ج 1 ص 556.
(5) المهذب: ج 1 ص 227.
(6) الجامع للشرائع: ص 189، شرائع الاسلام: ج 1 ص 284.
(7) المبسوط: ج 1 ص 339.
(8) الخلاف: ج 2 ص 397 المسألة 260.
(9) الوسيلة: ص 167.
(10) الجامع للشرائع: ص 189.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 33.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 833 س 8.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 185 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 7.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 183 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
338

وفي الخلاف: الاجماع على عدم وجوب الزائد (1).
وأما أن لكل مسكين نصف صاع، فلقوله عليه السلام في صحيح أبي عبيدة: إذا
أصاب المحرم الصيد ولم يجد ما يكفر في موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوم
جزاؤه من النعم دراهم، ثم قومت الدراهم طعاما، لكل مسكين نصف صاع (2).
وأطلق في المقنع (3) والمقنعة (4) وجمل العلم والعمل (5) والمراسم: إن من لم
يجد البدنة أطعم ستين مسكينا (6)، كخبر أبي بصير: سأل الصادق عليه السلام فإن لم يقدر
على بدنة، قال: فليطعم ستين مسكينا (7). وقوله عليه السلام في صحيح ابن عمار: من
أصاب شيئا فداؤه بدنة من الإبل، فإن لم يجد ما يشتري به بدنة فأراد أن يتصدق
فعليه أن يطعم ستين مسكينا كل مسكين مدا (8). وحكى نحوه عن الحسن (9) وعلي
ابن بأبويه (10).
ويمكن الجمع باختلاف القيمة، فإن وقت بمدين يتصدق بهما، وإلا فبمد على
كل أو على البعض، ولكن لا أعرف به قائلا بالتنصيص، ويحتمله كلام من أطلق
إطعام الستين.
وأطلق الحلبيان: إن من لم يجد البدنة تصدق بقيمتها (11)، كقول أبي جعفر عليه السلام
لمحمد بن مسلم في الصحيح على الظاهر: عدل الهدي ما بلغ يتصدق به (12).

(1) الخلاف: ج 2 ص 422 المسألة 310.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 183 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(3) المقنع: ص 78.
(4) المقنعة: ص 435.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(6) المراسم: ص 119.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 185 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 10.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 186 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 11.
(9) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 92.
(10) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 92.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 36، الكافي في الفقه: 205.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 185 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 8.
339

ويجوز تنزيله على الأول كما في المختلف (1).
وقال الصادق عليه السلام في خبر داود الرقي فيمن عليه بدنة واجبة في فداء: إذا لم
يجد بدنة فسبع شياه، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما (2). وهو فتوى المقنع (3)
والجامع (4) مع موافقتهما المشهور في النعامة (5).
(فإن عجز) عن الاطعام (صام عن كل نصف صاع يوما) وفاقا
للحلبيين (6) وابني إدريس (7) والبراج (8) وابني سعيد (9) والنهاية (10) والمبسوط (11)
والتبيان (12) والمجمع (13) وفقه القرآن للراوندي (14)، لقول علي بن الحسين عليه السلام
للزهري فيما رواه الصدوق في المقنع (15) والهداية (16): يقوم الصيد قيمة، ثم تفض
تلك القيمة على البر، ثم يكال ذلك البر أصواعا، فيصوم لكل نصف صاع يوما.
ولقول الصادق عليه السلام في صحيح أبي عبيدة: فإن لم يقدر على الطعام صام لكل
نصف صاع يوما (17). وقول أبي جعفر عليه السلام لمحمد بن مسلم في الصحيح على
الظاهر: فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما (18).

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 90.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 184 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 8.
(3) المقنع: 78.
(4) الجامع للشرائع: ص 188.
(5) لا يوجد كتاب الحج في النسخة المتوفرة لدينا.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 36، الكافي في الفقه: ص 205.
(7) السرائر: ج 1 ص 556.
(8) المهذب: ج 1 ص 227.
(9) الجامع للشرائع: ص 189، شرائع الاسلام: ج 1 ص 285.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 480.
(11) المبسوط: ج 1 ص 339.
(12) التبيان: ج 4 ص 27.
(13) مجمع البيان: ج 3 ص 245.
(14) فقه القرآن: ج 1 ص 311.
(15) المقنع: ص 56 - 57.
(16) الهداية: ص 49.
(17) وسائل الشيعة: ج 9 ص 183 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(18) وسائل الشيعة: ج 9 ص 185 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 8.
340

وفي الغنية: الاجماع عليه (1)، وفي التبيان: إنه مذهبنا (2)، وفي المجمع (3)
وفقه القرآن (4): إنه المروي عن أئمتنا، والحلبيان إنما جعلا الصيام بدلا من القيمة
ولم يذكرا الاطعام، ولقد أراداه لنص الكتاب والسنة. وفي الخلاف عن كل مد
صوم يوم (5)، وهو مبني على إعطاء كل مسكين مدا. ويوافقه قول الصادق عليه السلام
في مرسل ابن بكير: بثمن قيمة الهدي طعاما، ثم يصوم لكل مد يوما (6). ثم إنه
يصوم إلى أن يتم شهرين.
(فإن انكسر) البر، بأن بقي مد أو أقل أو أكثر دون صاع، كان البر ثلاثين
صاعا إلا مدا أو مدا ونصفا (أكمل) الصوم، فصام عنه يوما.
قال في التذكرة (7) والمنتهى: لا نعلم فيه خلافا لأن صيام اليوم لا يتبعض،
والسقوط غير ممكن لشغل الذمة، فيجب كمال اليوم (8).
(ولا يصام عن الزائد) على شهرين (لو كان) كأن يكون البر مثلا
أربعين صاعا، للأصل، وقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن بكير: فإذا زادت الأمداد
على شهرين فليس عليه أكثر منه (9). وفي الغنية: الاجماع عليه (10).
(والأقرب الصوم عن الستين وإن نقص البدل) كأن كان خمسة
وعشرين صاعا - مثلا - وفاقا للمقنعة (11) والمراسم (12) وجمل العلم والعمل (13)،
لاطلاقهم صيام شهرين متتابعين أو ستين يوما للاحتياط، لاحتمال عدل الصيد أو

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 36.
(2) التبيان: ج 4 ص 27.
(3) مجمع البيان: ج 3 ص 245.
(4) فقه القرآن: ج 1 ص 313.
(5) الخلاف: ج 2 ص 402 المسألة 268.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 184 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 345 س 10.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 821 س 17.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 184 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 3.
(11) المقنعة: 435.
(12) المراسم: 119.
(13) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى - المجموعة الثالثة): ص 71.
341

الجزاء لا الطعام، ولا يعلم أن عدلهما يتناول ما دون ستين يوما. ويعارضه الأصل
والأخبار (1)، وظاهر الأكثر، وصريح الغنية (2) والتذكرة (3) والمنتهى (4)
والتحرير (5) والكافي (6).
(فإن عجز صام ثمانية عشر يوما) للأخبار (7) وهي كثيرة، إلا أنها لم
تقيد بالعجز عن الشهرين أو عدل أمداد الطعام، بل أطلقها عند العجز عن الصدقة،
ووافقها الحسن (8) والصدوق (9).
وبالحمل على العجز عن عدل أمداد الطعام يحصل الجميع بينها وبين ما مر مع
الاحتياط ورعاية المطابقة لسائر الكفارات.
(وفي وجوب الأكثر لو أمكن) كعشرين يوما مثلا (إشكال) من
الأصل، وإطلاق الأخبار والفتاوى بصوم الثمانية عشر، ومن الاحتياط، وأن
الميسور لا يسقط بالمعسور.
(ولو عجز بعد صيام شهر) عن شهر آخر (فأقوى الاحتمالات
وجوب تسعة) لأن المعجوز عنه شهر وبدله تسعة وإن قدر على الأكثر، (ثم)
الأقوى وجوب (ما قدر) عليه من تسعة فما زاد، لأن الميسور لا يسقط
بالمعسور مع الاحتياط، وخروج الغرض عن إطلاق الأخبار والفتاوى بثمانية
عشر عن شهرين، فإنه إذا كان يصوم لم يكن عاجزا والآن عاجز عن شهر لا عن

(1) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 1، 2 ج 9 ص 183.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 2.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 345 س 6 - 8.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 821 س 9.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 السطر الأخير.
(6) الكافي في الفقه: ص 205.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 183 - 186 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 3، 4، 6، 10، 11.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 93.
(9) المقنع: ص 77.
342

شهرين، ولا يدخل بهذا في عموم الأخبار والفتاوى بتسعة عن شهر، فإنها فيمن
تكليفه شهر من أول الأمر لا من بقي عليه شهر.
(ثم السقوط) لأنه يصدق عليه من أول الأمر إلى آخره أنه ممن عليه
شهران، وقد عجز عنهما، فيشمله أدلة الثمانية عشر وقد صامها. ويقويه أن الله
تعالى عليم بعجزه عنهما قبل شروعه في الصوم، فعجزه كاشف عن أنه تعالى لم
يكن كلفه إلا ببدل الشهرين وهو الثمانية عشر، ويعارضه احتمال أن يكون
التكليف منوطا بعلم المكلف لا المكلف، فما لم يعلم عجزه كان مكلفا بالشهرين،
وإنما انتقل تكليفه إلى البدل من حين علمه بالعجز، فعليه تسعة أو ما قدر.
(وفي فرخ النعامة صغير من الإبل على رأي) وفاقا للخلاف (1)
والكافي (2) والشرائع (3) والأحمدي (4) والمقنعة (5) والمراسم (6) وجمل العلم
والعمل (7) والسرائر (8)، وفي ا لأربعة الأخيرة: في سنه للأصل، والمماثلة التي في
الآية (9).
وفي الشرائع (10) والتحرير (11) والنهاية (12) والمبسوط: إن به رواية (13)، وفي
الأخيرين: إن الأحوط مساواته للكبير، لعموم أخبار أن في النعامة بدنة أو
جزورا (14)، أو خصوص خبر أبان بن تغلب: سأل الصادق عليه السلام عن محرمين
أصابوا أفراخ نعام فذبحوها وأكلوها، فقال: عليهم مكان كل فرخ أصابوه وأكلوه

(1) الخلاف: ج 2 ص 399 - 400 المسألة 262.
(2) الكافي في الفقه: ص 206.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 285.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 102.
(5) المقنعة: ص 436.
(6) المراسم: ص 119.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(8) السرائر: ج 1 ص 561.
(9) المائدة: 95.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 285.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 3.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 484.
(13) المبسوط: ج 1 ص 342.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 183 ب 2 من أبواب كفارات الصيد.
343

بدنة (1). وفيه أنهم جنوا جنايتين القتل والأكل، فيضاعف عليهم الفداء لما يأتي.
وجوز في المختلف عموم البدنة للصغير، والحمل على الاستحباب (2). وفي
المنتهى (3) والتذكرة: إن الكبير أولى (4). وفي الأحمدي: إن تطوع بالأعلى سنا
كان تعظيما لشعائر الله (5). وفي المهذب: في صغار النعام مثل ما في كبارها، وقد
ذكر أن الصغير منها يجب فيها الصغير من الإبل في سنه، وكذلك القول في البقر
والغنم، والكبار أفضل (6). وكأنه يعني إن قلنا بأن الواجب هو الصغير.
(ومع العجز يساوي) بدل فدائه من الاطعام، أو الصيام (بدل) فداء
(الكبير) إلا أنه يقوم هنا الصغيرة من الإبل الذي في سنه.
(ب: في كل من بقرة الوحش وحماره بقرة أهلية) وفاقا للأكثر
للماثلة، والأصل والأخبار (7).
وفي المقنع: إن في حماره بدنة (8)، لقول الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن
خالد: في الحمار بدنة (9). وخبر أبي بصير: سأله عليه السلام عن محرم أصاب نعامة أو
حمار وحش، قال: عليه بدنة (10). وبعد تسليم سنديهما يحملان على الفضل - كما
يعطيه كلام أبي علي (11) - أو البقرة، لما مر من عموم البدنة لها عند الحنفية (12)

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 185 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 9.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 103.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 821 س 33.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 345 س 15.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 102.
(6) المهذب: ج 1 ص 230.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 181 - 182 ب 1 من أبواب كفارات الصيد.
(8) المقنع: ص 77.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 181 ب 1 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
(10) سائل الشيعة: ج 9 ص 183 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(11) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 97.
(12) تفسير الكشاف: ج 3 ص 157 - 158.
344

وجماعة من اللغويين.
(فإن عجز) عن البقرة (قوم البقرة وفض ثمنها على البر) أو على
أحد الأربع من البر والشعير والتمر والزبيب، أو على كل ما يسمى طعاما.
(واء طعم) المساكين، (كل مسكين نصف صاع) إلى أن يطعم ثلاثين
مسكينا، (والزائد على ثلاثين مسكينا له، ولا يجب الاكمال لو نقص)
عنها.
(فإن عجز صام عن كل نصف صاع يوما، فإن عجز فتسعة أيام)
عنها وفاقا للشيخ (1) وبني حمزة (2) وإدريس (3) والبراج (4) وابني سعيد (5).
والبر إنما هو في السرائر (6) والشرائع (7)، ولم يثبت ابن حمزة لفداء الحمار
بدلا، والأخبار (8) ناطقة به لهما عموما أو خصوصا، إلا أن في أكثرها: إن البدل
إطعام ثلاثين، فإن لم يقدر صام تسعة أيام، كما في المقنع (9) والمقنعة (10) وجمل
العلم والعمل، وليس فيه ذكر للحمار (11)، والذي قدر الاطعام والصيام بما يفي به
قيمة البقرة من الطعام ما مر من صحيحي أبي عبيدة وابن مسلم (12). فليحمل سائر
الأخبار على أنه لا يجب الزائد على ثلاثين. وفي الخلاف الاجماع عليه في
البقرة (13).
وعلى العجز عن الصوم عن كل مسكين يوما، وفي الخلاف: الصوم عن كل

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 480.
(2) الوسيلة: ص 167.
(3) السرائر: ج 1 ص 566 - 557.
(4) المهذب: ج 1 ص 227.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 285، الجامع للشرائع: ص 189.
(6) السرائر: ج 1 ص 556.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 285.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 181 - 182 ب 1 من أبواب كفارات الصيد.
(9) المقنع: ص 77.
(10) المقنعة: ص 435.
(11) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة) ص 71.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 183 و 185 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 1 و 7.
(13) الخلاف: ج 2 ص 422 المسألة 310.
345

مد يوما (1)، بناء على ما مر.
وفي المراسم: إن بدل البقرة فداء بقرة الوحش على النصف من بدل البدنة في
الاطعام، وفي الصيام الأوفى والأدنى (2) وسمعت كلامه في بدل البدنة، وليس فيه
للحمار ذكر.
وقال الحلبي: إن فيهما بقرة، فإن لم يجدها تصدق بقيمتها، فإن لم يجد فض
القيمة على البر، وصام لكل نصف صاع يوما (3). وهو نحو كلامه في النعامة، ونحوه
ابن زهرة (4) والكلام في أن الصوم ثلاثين يوما أو بإزاء ما يفي به القيمة من
الأصواع كما مر خلافا ودليلا.
(ج: في الظبي شاة) قال ابن زهرة: بلا خلاف (5)، وفي المنتهى: الاجماع
عليه (6)، والآية (7) تدل عليه، والأخبار به كثيرة، وهي تعم الضأن والمعز الذكر
والأنثى (8).
(فإن عجز قومها وفض ثمنها على البر) أو غيره مما عرفت (وأطعم
كل مسكين مدين) إلى عشرة مساكين.
(ولا يجب الزائد عن عشرة) إجماعا على ما في الخلاف (9) وللأصل،
وخلو النصوص عنه، ولا الاكمال، ونص عليه في سائر كتبه (10)، وفي النهاية (11)

(1) الخلاف: ج 2 ص 397 المسألة 260.
(2) المراسم: 120.
(3) الكافي في الفقه: 205.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 822 س 24.
(7) المائدة: 95.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 181 ب 1 من أبواب كفارات الصيد.
(9) الخلاف: ج 2 ص 422 المسألة 310.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 345 س 29، منتهى المطلب: ج 2 ص 822 س 16، الإرشاد: ج 1
ص 318، تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 8.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 480.
346

والمبسوط (1) والسرائر (2) والوسيلة (3) والمهذب (4)، لكن الجامع (5) والنافع (6)
والشرائع (7) كالكتاب، وكأنه مراد، والمستند ما مر من خبري أبي عبيدة وابن مسلم.
وأطلق في المقنع (8) والمقنعة (9) وجمل العلم والعمل (10) والمراسم إنه إن لم
يجد شاة أطعم عشرة مساكين (11)، ويوافقه أكثر الأخبار (12).
فيجوز أن يكون المصنف هنا والمحقق احتاط بترك عدم الاكمال، وأطلق
الحلبيان أن على كل من لم يجدها القيمة (13) كخبري أبي عبيدة وابن مسلم.
(فإن عجز) عن الاطعام (صام عن كل مدين يوما) كما هو
المشهور، أو عن كل مد كما في الخلاف (14)، وصام عشرة أيام وإن لم يف القيمة
بعشرة مساكين كما هو ظاهر الوسيلة (15) على ما مر من الخلاف.
(فإن عجز صام ثلاثة أيام) وفي المقنع (16) والمقنعة (17) والمراسم (18) وجمل
العلم العمل: إن العاجز عن الاطعام يصوم ثلاثة أيام (19)، ويوافقه الأخبار (20) سوى
أخبار أبي عبيدة وابني مسلم وبكير، وبالحمل على العجز عن عشرة أيام أو ما

(1) المبسوط: ج 1 ص 340.
(2) السرائر: ج 1 ص 557.
(3) الوسيلة: ص 169.
(4) المهذب: ج 1 ص 227.
(5) الجامع للشرائع: ص 189.
(6) المختصر النافع: ص 102.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 285.
(8) المقنع: 77.
(9) المقنعة: ص 435.
(10) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(11) المراسم: ص 120.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 183 ب 2 من أبواب كفارات الصيد.
(13) الكافي في الفقه: ص 205 الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 1.
(14) الخلاف: ج 2 ص 397 المسألة 260.
(15) الوسيلة: ص 169.
(16) المقنع: 78.
(17) المقنعة: ص 435.
(18) المراسم: ص 120.
(19) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(20) وسائل الشيعة: ج 9 ص 183 - 186 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 3، 6، 10.
347

يفي به القيمة يجمع بينهما.
وفي الكافي (1) والغنية: إنه يجوز لمن لم يجد الفداء والقيمة أن يصوم ثلاثة
أيام، وأن من صام بالقيمة أقل أجزأه، وإن زادت القيمة لم يلزمه الزائد (2).
(وفي الثعلب والأرنب شاة) عندنا على ما في الغنية (3) وفي المنتهى (4)
والتذكرة: في الأرنب أنه مذهب علمائنا (5)، والأخبار في الأرنب كثيرة (6).
وفي الثعلب خبر أبي بصير: سأل الصادق عليه السلام عن رجل قتل ثعلبا، قال: عليه
دم، قال: فأرنبا، قال: مثل ما في الثعلب (7) وأيضا فالشاة مثله من النعم، وهو
أولى بذلك من الأرنب، فإن عجز عن الشاة استغفر الله ولا بدل لها، وفاقا
للمحقق (8) وظاهر الصدوقين (9) وابن الجنيد (10) وأبي عقيل (11)، للأصل من غير
معارض، وستسمع المعارض.
(وقيل) في المقنعة (12) والمراسم (13) والنهاية (14) والمبسوط (15) وجمل
العلم والعمل (16) والسرائر (17) والمهذب (18) والوسيلة (19) والجامع (20): إنهما

(1) الكافي في الفقه: ص 205.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 1.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 823 س 5.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 345 س 37.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 189 ب 4 من أبواب كفارات الصيد.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 190 ب 4 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 285.
(9) المقنع: ص 78 ونقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 100.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 99.
(11) نقله عنه في المصدر السابق.
(12) المقنعة: ص 435.
(13) المراسم: ص 120.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 340.
(15) المبسوط: ج 1 ص 340.
(16) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(17) التحرير: ج 1 ص 116 س 10.
(18) المهذب: ج 1 ص 227.
(19) الوسيلة: ص 169.
(20) الجامع للشرائع: ص 189.
348

(كالظبي) في البدل، لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: من كان عليه شاة
فلم يجد فليطعم عشرة مساكين، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام (1). وما مر من أخبار
أبي عبيدة وابني مسلم وبكير.
(والأبدال) المتقدمة كلها (على الترتيب على رأي) وفاقا للأكثر،
لظاهر الأخبار (2) والاحتياط، وخلافا للخلاف (3) والجمل والعقود (4)
والوسيلة (5) والسرائر (6) ففيها التخيير، للأصل مع احتمال (أو) التي في الآية (7)
للتخيير أو التقسيم، وضعفه ظاهر، وأضعف منه ما يقال: إن ظاهر (أو) للتخيير.
نعم، قال الصادق عليه السلام في صحيح حريز: كل شئ في القرآن (أو) فصاحبه
بالخيار يختار ما يشاء، وكل شئ في القرآن (فمن لم يجد فعليه كذا) فالأول
بالخيار (8).
(د: في كسر كل بيضة من النعامة بكرة من الإبل إذا تحرك فيها
الفرخ) وكان حيا فتلف بالكسر كما في النافع (9) والنزهة (10)، والمعروف في
اللغة: إنها أنثى البكر وهو الفتى، وكأنهم إنما أرادوا الوحدة كما في الشرائع (11).
والمستند خبر سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام: إن في كتاب علي عليه السلام في
بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 186 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 295 ب 14 من أبواب كفارات الاحرام.
(3) الخلاف: ج 2 ص 397 المسألة 260.
(4) لم يذكر الكفارات وأنما عزاها إلى كتاب النهاية، لاحظ الجمل والعقود: ص 137.
(5) الوسيلة: 169.
(6) السرائر: ج 1 ص 557.
(7) المائدة: 95.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 295 ب 14 من أبواب كفارات الاحرام ح 1.
(9) المختصر النافع: ص 102.
(10) نزهة الناظر: ص 59.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 285.
349

الإبل (1). وعليه حمل إطلاق صحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن رجل كسر
بيض نعام، في البيض فراخ قد تحرك، فقال: عليه لكل فرخ تحرك بعير ينحره في
المنحر (2)، احتياطا ورعاية للمماثلة، كما حمل إطلاق ذلك على التحرك لما
سيأتي.
وفي النهاية (3) والمبسوط (4) والتحرير (5) والمختلف (6) والتذكرة (7)
والمنتهى: عن كل بيضة بكارة من الإبل (8)، ولا معنى له، فإنها جمع بكر. نعم في
بيضها بكارة كما في الخبر في كل واحد واحد كما في الشرائع (9).
وفي العين: البكر من الإبل ما لم يبزل، والأنثى بكرة، فإذا بزلا فجمل
وناقة (10). وفي تهذيب اللغة عن تغلب عن ابن الأعرابي قال: البكر ابن المخاض
وابن اللبون والحق والجذع، فإذا أثنى فهو جمل وهي جملة وهو بعير حتى يبزل،
وليس بعد البازل سن يسمى، ولا قبل الثني سن يسمى. قال الأزهري: وما قاله
ابن الأعرابي صحيح، وعليه كلام من شاهدت من العرب (11) انتهى. فالبعير
عندهما الثني خاصة.
وقال الأزهري في كتاب التهذيب: إن البعير هو البازل (12) كما في العين (13)،
وفي المحيط: إنه الجذع (14).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 217 ب 24 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 216 ب 24 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 484.
(4) المبسوط: ج 1 ص 344.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 11.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 111.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 345 س 40.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 823 س 22.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 285.
(10) العين: ج 5 ص 364 مادة (بكر).
(11) تهذيب اللغة: ج 1 ص 222 مادة (بكر).
(12) تهذيب اللغة: ج 13 ص 217 (مادة بزل).
(13) العين: ج 2 ص 132.
(14) القاموس المحيط: ج 1 ص 375 مادة (البعر).
350

وفي الكافي (1) والغنية (2): فصيل، وفي السرائر (3) والجامع: من صغار
الإبل (4) هو اقتصار على أقل ما يسمى بكرا، وفي المهذب (5) والإصباح:
بدنة (6)، وفي الوسيلة: ما خض (7). ولعلهما احتاطا بالكامل من البكر، مع أنه
سيأتي أن في بيض القطا ماخضا من الغنم، وسمعت خبر سليمان بن خالد بأنها
لبيض النعام.
(وإن لم يتحرك) فيها الفرخ (أرسل فحولة الإبل في إناث منها بعدد
البيض، فالناتج هديا) بالغ الكعبة للأخبار (8)، فإن لم ينتج شئ منها أو بعضها
لم يكن عليه شئ. ولما اقتصر في أكثر الأخبار على هذا الارسال من غير تفصيل
بتحرك الفرخ وعدمه، اقتصر عليه أبو علي (9) والمفيد (10) والسيد (11) وسلار (12)
والصدوق في المقنع (13)، ووصف أبي علي النوق بالعراب (14)، ولعله اكتفاء بالأقل.
ودليل التفصيل مع الجمع قول الحسن عليه السلام: والبيض ربما أمرق أو كان فيه
ما يمرق (15). وقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: فإنه ربما فسد كله، وربما خلق
كله، وربما صلح بعضه وفسد بعضه (16).

(1) الكافي في الفقه: ص 206.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 5.
(3) السرائر: ج 1 ص 561.
(4) الجامع للشرائع: ص 192.
(5) المهذب: ج 1 ص 222.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 470.
(7) الوسيلة: ص 169.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 215 ب 23 من أبواب كفارات الصيد.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 111.
(10) المقنعة: ص 436.
(11) الإنتصار: ص 100.
(12) المراسم: ص 120.
(13) المقنع: ص 78.
(14) نقله عنه العلامة في مختلف الشيعة: ج 4 ص 111.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 215 ب 23 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 214 ب 23 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
351

ونص الصدوقان في الرسالة (1) والفقيه (2) على الارسال إذا تحرك، وأنه إذا
لم يتحرك فعن كل بيضة شاة، وكأنهما استندا إلى الجمع بين الأخبار الارسال.
وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: في بيضة النعام شاة (3). وقول أبي جعفر عليه السلام
لأبي عبيدة في الصحيح وغيره، إذ سأله عن محرم أكل بيض نعامة: لكل بيضة
شاة (4).
ثم في المقنع: إذا أصاب المحرم بيض نعام ذبح عن كل بيضة شاة بقدر عدد
البيض، فإن لم يجد شاة فعليه صيام ثلاثة أيام، فإن لم يقدر فإطعام عشرة
مساكين، وإذا وطاء بيض نعام ففدغها وهو محرم فعليه أن يرسل الفحل من الإبل
على قدر عدد البيض، فما لقح وسلم حتى ينتج كان النتاج هديا بالغ الكعبة (5).
فكأنه عنى بالإصابة الأكل، ففرق بينه وبين الكسر كما يأتي، لاختصاص خبر أبي
عبيدة بالأكل (6). ونص أبو علي تساويهما (7).
(فإن عجز) عن الارسال (فعن كل بيضة شاة، فإن عجز أطعم عن
كل بيضة عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام) وفاقا للأكثر، ولقول
الكاظم عليه السلام في خبر ابن أبي حمزة: فمن لم يجد إبلا فعليه لكل بيضة شاة، فإن لم
يجد فالصدقة على عشرة مساكين لكل مسكين مد، فإن لم يقدر فصيام ثلاثة
أيام (8). وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: من كان عليه شاة فلم يجد

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 111.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 369 ذيل الحديث 2730.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 215 ب 23 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 217 ب 24 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(5) المقنع: ص 78.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 217 ب 24 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(7) نقله عنه مختلف الشيعة: ج 4 ص 111.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 215 - 216 ب 23 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
352

فليطعم عشرة مساكين، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام (1).
وعكس الصدوق في المقنع (2) والفقيه (3)، فجعل على من لم يجد شاة فصيام
ثلاثة أيام، فإن لم يقدر أطعم عشرة. وسمعت عبارة المقنع، وبه خبر أبي بصير عن
الصادق عليه السلام (4)، وهو ضعيف، ولم يذكر ابن زهرة الاطعام أصلا.
ثم نص التحرير (5) والتذكرة (6) والمنتهى (7) والمختلف (8) والدروس: إن لكل
مسكين مدا (9)، للأصل، وخبر ابن أبي حمزة (10).
وأطلق القاضي: أن من وجبت عليه شاة فلم يقدر عليها أطعم عشرة مساكين
كل مسكين نصف صاع (11). وليس له أن يحتج بما سلف من صحيح أبي عبيدة، فإنه
في إصابة الصيد والبيض ليس من الصيد.
وحكى ابن إدريس عن المقنعة: أن على من عجز عن الارسال أطعم عن كل
بيضة ستين مسكينا، فإن لم يجد صام شهرين متتابعين، فإن لم يقدر صام ثمانية
عشر يوما (12). ولم نجده في نسخها، ولا حكاه الشيخ في التهذيب.
(ه‍: في كسر كل بيضة من القطاة والقبج والدراج من صغار الغنم)
كما في الجامع (13)، وفي النافع (14) والشرائع (15) في القطا والقبج، وبمعناه ما في

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 186 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 11.
(2) المقنع: ص 78.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 368 ذيل الحديث 2730.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 215 ب 23 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 13.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 346 س 8.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 823 س 30.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 113.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 355 درس 93.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 183 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(11) المهذب: ج 1 ص 227.
(12) السرائر: ج 1 ص 565.
(13) الجامع للشرائع: ص 192.
(14) المختصر النافع: ص 102.
(15) شرائع الاسلام: ج 1 ص 285 - 286.
353

الخلاف من أن في بيض القطاة بكارة من الغنم (1)، وذلك للمماثلة المنصوصة في
الآية (2)، وما مر من خبر سليمان بن خالد (3)، وإن اختص بيض القطا لتشابه
الثلاثة، وما يأتي من أن فيها أنفسها حملا. وفي المهذب (4) والإصباح (5): إن في
بيض الحجلة شاة.
(وقيل) في السرائر (6) والنهاية (7) والمبسوط (8) والوسيلة (9): في بيضة القبج
والقطاة.
(مخاض من الغنم) ويوافقها التذكرة (10) والمنتهى (11) والتحرير (12)
والمختلف (13) والارشاد (14) والدروس (15).
(وهو) كما في السرائر (16) (ما من شأنه أن يكون حاملا) لا الحامل،
لخبر عبد الملك، عن سليمان بن خالد، سأله عن رجل وطاء بيض قطاة فشدخه،
قال: يرسل الفحل في عدد البيض من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض من
الإبل، ومن أصاب بيضة فعليه مخاض من الغنم (17).
قال المحقق في النكت: إنه شئ انفرد به الشيخ لهذه الرواية، وتأويلها بما
تحرك فيه الفرخ. قال: وفي التأويل ضعف، لأنه بعيد أن يكون في القطاة حمل

(1) الخلاف: ج ص 416 المسألة 297.
(2) المائدة: 95.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 217 ب 24 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(4) المهذب: ج 1 ص 224.
(5) الإصباح (سلسلة الينابيع الفقهية) ج 8 ص 471.
(6) السرائر: ج 1 ص 565.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 487 - 488.
(8) المبسوط: ج 1 ص 344 - 345.
(9) الوسيلة: ص 169.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 346 س 15.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 824 س 3.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 16.
(13) مختلف الشيعة: ج 4 ص 116.
(14) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 319.
(15) الدروس الشرعية: ج 1 ص 355 درس 93.
(16) السرائر: ج 1 ص 565.
(17) وسائل الشيعة: ج 9 ص 218 - 219 ب 25 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
354

وفي الفرخ عند تحركه مخاض فيجب اطراحه لوجوه:
أحدها: أن الخبر مرسل، لأنا لا ندري المسؤول من هو.
وثانيها: أنه ذكر في البيضة مخاض، ولعله لا يريد بيض القطاة، بل بيضة
النعام، لأن الكلام مطلق، ثم تعارضه رواية سليمان بن خالد أيضا عن أبي عبد
الله عليه السلام. وذكر ما أشرنا إليه من الرواية (1).
قلت: لا تعارض، لأن المخاض يكون أيضا بكرة، ولذا يرى المصنف في
المنتهى (2) والتذكرة (3) والمختلف (4) استدل عليها بخبر البكارة، فلولا أن في نفس
القطاة حملا لحملنا البكرة على المخاض، والآن يحمل المخاض على الفضل، ولو
تباينتا كليا جاز الحمل على الفضل، فكيف وإنما يتباينان جزئيا.
واحتمل الشهيد أن يراد بالمخاض بنت المخاض (5).
ثم إنما يجب في كل بيضة مخاض أو صغير من الغنم (إن كان قد تحرك
فيه الفرخ، وإلا أرسل فحولة الغنم) أو فحلا منها (في إناثها بعدد البيض
فالناتج هدي) لبيت الله، للأخبار (6)، ولكنها خلت عن كون الهدي لبيت الله،
وقد ذكره الشيخ (7) وغيره، ولا خلاف في هذا الارسال إلا أن أخباره لما كانت
مطلقة أطلق الارسال الصدوق (8) والمفيد (9) وسلا ر (10) والحلبيان (11). والتفصيل
جامع بينها وبين ما مر.
وقيده علي بن بابويه بتحرك الفرخ وبالمعز (12). وكأنه اكتفاء بالأدون،

(1) نكت النهاية: ج 1 ص 488 بتصرف.
(2) منتهى المطلب: ح 2 ص 824 س 9.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 346 س 18.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 116.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 357.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 218 ب 25 من أبواب كفارات الصيد.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 489.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 369.
(9) المقنعة: ص 436.
(10) المراسم: ص 120.
(11) الكافي في الفقه: ص 206، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 6.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 115.
355

وأوجب القيمة إن لم يتحرك، وروى نحو ذلك في بعض الكتب عن الرضا عليه السلام (1).
(فإن عجز) عن الارسال (فكبيض النعام) كما في النهاية (2)
والمبسوط (3) والنافع (4) والشرائع (5).
(قيل) في السرائر (6) والنكت (7): إن (معناه) أنه (يجب عن كل
بيضة شاة) قال ابن إدريس: ولا يمتنع ذلك إذا قام الدليل عليه، وحكى عن
المفيد أنه: إن عجز عنه، ذبح عن كل بيضة شاة، فإن لم يجد أطعم عن كل بيضة
عشرة مساكين، فإن عجز صام عن كل بيضة ثلاثة أيام (8).
وقال المحقق: إن وجوب الشاة عن كل بيضة إذا تعذر الارسال شئ ذكره
المفيد في المقنعة، وتابعه عليه الشيخ، ولم أنقل به رواية على الصورة، بل رواية
سليمان بن خالد في كتاب علي عليه السلام: في بيض القطاة كفارة مثل ما في بيض
النعام، وهذا فيه احتمال (9).
قلت: وكذا قول الصادق عليه السلام في مرسل ابن رباط يصنع فيه في الغنم كما
يصنع في بيض النعام في الإبل (10). ولكنه فيه أبعد.
وفي المنتهى: عندي في ذلك تردد، فإن الشاة يجب مع تحرك الفرخ لا غير،
بل ولا تجب شاة كاملة، بل صغيرة على ما بينا، فكيف تجب الشاة الكاملة مع عدم
التحرك وإمكان فساده وعدم خروج الفرخ منه؟ قال: والأقرب أن مقصود الشيخ
مساواته لبيض النعام في وجوب الصدقة على عشرة مساكين، والصيام ثلاثة أيام

(1) فقه الرضا عليه السلام: ص 228.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 489.
(3) المبسوط: ج 1 ص 345.
(4) المختصر النافع: ص 102.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 286.
(6) السرائر: ج 1 ص 565.
(7) نكت النهاية: ج 1 ص 488.
(8) السرائر: ج 1 ص 565 و 566.
(9) نكت النهاية: ج 1 ص 489.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 218 ب 25 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
356

إذا لم يتمكن من الاطعام (1). ونحوه التحرير (2) والتذكرة (3) والمختلف، وفيه القطع
بأنه لا يجوز المصير إلى ما ذكره ابن إدريس، قال: وكيف يتوهم إيجاب الأقوى
وهو الشاة التي لا يجب مع المكنة حالة العجز؟! فإن ذلك غير معقول (4). يعني
الأقوى مالية وإن كان الارسال أشق على الحاج غالبا.
ثم لما كان ظاهر كلام ابن إدريس أن الأخبار وردت به، رده بأنها ترد
بما قاله.
نعم، روى سليمان بن خالد وذكر ما في النكت، وقال: لكن إيجاب الكفارة
كما يجب في بيض النعام لا يقتضي المساواة في القدر (5).
وقال ابن حمزة: إن عجز عن الارسال تصدق عن كل بيضة بدرهم (6). قال في
المختلف: وما أحسن قول ابن حمزة إن ساعده النقل (7).
قلت: وقد يكون استند فيه إلى خبر سليمان بن خالد مع ما يأتي إن شاء الله من
صحيح أبي عبيدة في محل اشترى لمحرم بيض نعام فأكله، قال: إن على المحل
قيمة البيض لكل بيضة درهما (8). أو حمله على بيض الحمام، وسيأتي إن شاء الله
تعالى أن فيه درهما.
(وهذه الخمسة تشترك في أن لها) أي لكفاراتها (بدلا على
الخصوص) بالنصوص على كل، بخلاف غيرها فإن للشاة من أبدالها بدلا بيض
عام وهو الاطعام أو الصيام كما ستسمع، ثم لها ولغيرها الاستغفار والتوبة، وذلك
بدل يعم الكل، ولذا قدم بيض القطاة وصاحبيه على أنفسهن.
(و) يشترك في أن لها (أمثالا من النعم) بالنصوص والفتاوى، وليس

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 824 س 20.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 16.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 346 س 21.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 117.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 117.
(6) الوسيلة: ص 169.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 117.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 217 ب 24 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
357

هذا مخصوصا بهذه الخمسة، ولذا لم يذكر في التذكرة والمنتهى والتحرير، ولكن
لا بأس.
(و: الحمام كل مطوق) من الطيور كما في الصحاح (1) وفقه اللغة
للثعالبي (2) وشمس العلوم والسامي وغيرها، وحكاه الأزهري عن أبي عبيدة عن
الأصمعي قال: مثل القمري والفاختة وأشباههما (3).
وقال الجوهري: من نحو الفواخت، والقماري، وساق حر، والقطا،
والوراشين وأشباه ذلك، قال: وعند العامة أنها الدواجن فقط، قال: قال حميد بن
ثور الهلالي:
وما هاج هذا الشوق إلا حمامة * دعت ساق حر ترحة وترنما
والحمامة ها هنا القمرية، وقال الأصمعي في قول النابغة:
واحكم كحكم فتاة الحي إذ نظرت * إلى حمام شراع وارد الثمد
قالت: ألا ليتما هذا الحمام لنا... * إلى حمامتنا أو نصفه فقد
فحسبوه فألفوه كما حسبت * تسعا وتسعين لم تنقص ولم تزد
هذه زرقاء اليمامة نظرت إلى قطا فقالت ذلك.
وقال الأموي: والدواجن التي تستفرخ في البيوت حمام أيضا، وأنشد:
قواطنا مكة من ورق الحمى
يريد الحمام (4)، انتهى كلام الجوهري.
وقال الأزهري: أبو عبيد عن الكسائي: الحمام هو البري الذي لا يألف
البيوت، وهذه التي تكون في البيوت هي اليمام، قال: وقال الأصمعي: اليمام
ضرب من الحمام بري (5). ونحوه في الصحاح (6) أيضا.

(1) الصحاح: ج 5 ص 1906 مادة (حمم).
(2) فقه اللغة: ص 340.
(3) تهذيب اللغة: ج 4 ص 16 - 17 مادة (حمم).
(4) الصحاح: ج 5 ص 1906 مادة (حمم).
(5) تهذيب اللغة: ج 4 ص 16 مادة (حمم).
(6) الصحاح: ج 5 ص 1907 مادة (حمم).
358

وقال ابن قتيبة في أدب الكاتب: إنما الحمام ذوات الأطواق وما أشبهها مثل
الفواخت والقماري والقطا، قال ذلك الأصمعي، ووافقه عليه الكسائي، ثم قال:
وأما الدواجن التي تستفرخ في البيوت فإنها وما شاكلها من طير الصحراء
اليمام (1).
وحكى الدميري في حياة الحيوان عن كتاب الطير لأبي حاتم: إن أسفل ذنب
الحمامة مما يلي ظهرها بياض، وأسفل ذنب اليمامة لا بياض فيه، ثم قال
الدميري: والمراد بالطوق الخضرة أو الحمرة أو السواد المحيط بعنق الحمامة (2).
(أو) الحمام كل (ما يهدر) من الطير (أي يرجع صوته) ويواصله
مرددا (أو يعب أي يشرب) الماء (كرعا) أي يضع منقاره في الماء
ويشرب وهو واضع له فيه، لا بأن يأخذ الماء بمنقاره قطرة قطرة، أو يبتلعها بعد
اخراجه كالدجاج.
قال الأزهري: أخبرني عبد الملك عن الربيع عن الشافعي أنه قال: كل ما عب
وهدر فهو حمام يدخل فيها القماري والدباسي والفواخت، سواء كانت مطوقة أو
غير مطوقة، آلفة أو وحشية (3). وبه فسر في النافع (4) والشرائع (5) والتحرير (6)
والتذكرة (7) والمنتهى (8)، وفي المبسوط: ثم قال: والعرب تسمي كل مطوق
حماما (9).
وقال الرافعي: الأشبه أن ما له عب فله هدير، فلو اقتصروا على العب لكفاهم،
يدل على ذلك نص الشافعي في عيون المسائل، قال: وما عب في الماء عبا فهو

(1) أدب الكاتب: ص 25 و 26.
(2) حياة الحيوان الكبرى: ج 1 ص 366.
(3) تهذيب اللغة: ج 4 ص 16 مادة (حمم).
(4) المختصر النافع: ص 102.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 286.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 19.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 346 س 24.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 824 س 23.
(9) المبسوط: ج 1 ص 346.
359

حمام، وما شرب قطرة قطرة فليس بحمام (1).
واعترض عليه الدميري بقول الشاعر:
على حويضي نغر * مكب إذا فترت فترة يعب
فإنه وصف النغر بالعب، مع أنه لا يهدر وإلا كان حماما، وهو نوع من
العصفور (2). وضعفه ظاهر، فإن العبرة بالواقع، فإن كان النغر يعب ولا يهدر كان
نقضا على الرافعي والشافعي، وإلا فلا، وقول الشاعر لا يكون حجة عليهما، إذ بعد
معرفته والعلم بمعرفته باللغة وكيفية شرب النغر يجوز تجويزه، مع أن في المحكم
إنه: إنما يقال في الطائر عب، ولا يقال شرب (3).
فللعب معنى آخر وهو شرب الطائر، وكان ما في الكتاب من عطف يعب ب‍
(أو) للنظر إلى ما قاله الرافعي، والإشارة إلى التخيير بين العبارتين.
وفي التذكرة (4) والمنتهى (5): إنه إن كان كل مطوق حماما فالحجل حمام،
وأنه يدخل فيما يعب ويهدر الفواخت والوراشين والقماري والدباسي والقطا.
وزاد الدميري: الشفنين والزاغ والورداني والطوراني (6). وقال الصاحب: العرب
تسمي كل طير ورق، وفي بعض النسخ (زرق حماما).
(وفي كل حمامة شاة على المحرم في الحل، ودرهم على المحل في
الحرم، ويجتمعان على المحرم في الحرم) كما في النهاية (7) والمبسوط (8)

(1) المجموع: ج 7 ص 431.
(2) حياة الحيوان الكبرى: ج 1 ص 366 مادة (الحمام).
(3) نقله عنه في كتاب الحيوان: ج 1 ص 366.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 346 س 25.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 824 س 24.
(6) حياة الحيوان: ج 1 ص 366 مادة (الحمام).
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 481.
(8) المبسوط: ج 1 ص 340.
360

والتهذيب (1) والاستبصار (2) والمقنع (3) والسرائر (4) والنزهة (5) والنافع (6)
والجامع (7) والشرائع (8)، كل ذلك للأخبار (9). وفي التذكرة (10) والمنتهى الاجماع
على الأول (11)، وفي الخلاف: الاجماع على وجوب شاة على المحرم (12) والأخبار
بين ناص على الدرهم وناص على القيمة مفسر لها، به وغير مفسر وناص على
الدرهم وشبهه، وعلى الثمن، وعلى مثل الثمن، وعلى أفضل من الثمن.
وفي التذكرة: لو كانت القيمة أزيد من درهم أو أنقص فالأقرب العزم، عملا
بالنصوص، والأحوط وجوب الأزيد من الدرهم والقيمة (13). وكذا المنتهى (14)، مع
احتمال لكون الدرهم قيمة وقت السؤال في الأخبار، واستشكل في وجوب
الأزيد، مع إطلاق الأصحاب وجوب الدرهم من غير التفات إلى القيمة السوقية.
وفي المقنعة: إن على المحرم في الحمامة درهما، لكن ذكر أن المحرم إذا صاد
في الحل كان عليه الفداء، وإذا صاد في الحرم كان عليه الفداء والقيمة مضاعفة،
وأن في تنفير حمام الحرم شاة (15) بالتفصيل الآتي.
وفي المراسم أن مما لا دم فيه، الحمام: ففي كل حمامة درهم (16). ولم يذكر
فيما فيه الدم إلا تنفير حمام الحرم (17). وذكر أن في الصيد على المحرم في الحرم

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 345 ذيل الحديث 1197.
(2) الإستبصار: ج 2 ص 200 ذيل الحديث 679.
(3) المقنع: ص 78.
(4) السرائر: ج 1 ص 558.
(5) نزهة الناظر: ص 62.
(6) المختصر النافع: ص 103.
(7) الجامع للشرائع: ص 190.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 286.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 195 - 198 ب 10 و 11 من أبواب كفارات الصيد.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 346 س 26.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 824 س 25.
(12) الخلاف: ج 2 ص 411 - 412 المسألة 287.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 346 س 34.
(14) منتهى المطلب: ج 2 ص 825 س 2.
(15) المقنعة: ص 436، 438.
(16) المراسم: ص 122.
(17) المراسم: ص 120.
361

الفداء والقيمة، وعلى المحرم في الحل الفداء، وعلى المحل في الحرم القيمة (1).
وفي جمل العلم والعمل: إن على المحرم في الحمامة وشبهها درهما (2). وفي
المهذب (3) والإصباح: إن مما فيه شاة أن يصيب طائرا من حمام الحرم، أو ما
يخرجه أو ينفره (4). ثم في الإصباح: إن في قتله على المحرم في الحرم دما
والقيمة (5). وفي المهذب: إن على المحرم في الحرم في كل صيد الجمع بين الجزاء
والقيمة (6).
وفي الوسيلة: إن على المحرم في صيد حمامة في الحرم دما مطلقا، وكذا في
قتل المحل الصيد في المحرم، وعلى المحل في إصابة حمامة في الحرم درهما،
وأن شاة على من أغلق الباب على حمام الحرم حتى يموت، أو أطارها عن
الحرم (7).
وفي الكافي (8) والغنية (9) والإشارة (10): في حمامة الحرم شاة، وفي حمامة
الحل درهم. قال في المختلف: فإن قصد بحمام الحرم ما وجد في الحرم وبحمام
الحل ما وجد في الحل فصحيح، وإلا كان ممنوعا (11).
وعن الحسن: إن على المحرم في الحرم شاة (12).
(وفي فرخها حمل على المحرم في الحل، ونصف درهم على المحل

(1) المراسم: ص 121.
(2) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(3) المهذب: ج 1 ص 223.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 471.
(5) المصد السابق ص 472.
(6) المهذب: ج 1 ص 228.
(7) الوسيلة: ص 167، 168، 171.
(8) الكافي في الفقه: ص 206.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 3.
(10) إشارة السبق: ص 128.
(11) مختلف الشيعة: ج 4 ص 145.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 127.
362

في الحرم، ويجتمعان على المحرم في الحرم) كما في النهاية (1)
والمبسوط (2) والسرائر (3) والجامع (4) والنافع (5) والشرائع (6) وللأخبار، وفي
صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام: جدي أو حمل صغير من الضأن (7).
وفي الكافي (8) والغنية (9): في فرخ حمام الحرم حمل، وفي فرخ حمام غيره
نصف درهم. وأطلق سلار في فرخ الحمامة نصف درهم (10)، وأطلق المفيد (11)
والمرتضى (12) ذلك في فرخ الحمامة وشبهها.
وقيد بنو بابويه (13) وحمزة (14) والبراج (15) والمصنف في التحرير (16) والتذكرة (17)
والمنتهى الحمل بأن يكون فطم ورعى الشجر (18) كما يأتي في القطا وصاحبيه، ولم
أجد به هنا نصا، ولذا تركه هنا كالشيخ وبني إدريس وسعيد وغيرهم، أو لأنه لا
يكون إلا كذلك كما ستعرف.
(وفي كسر كل بيضة بعد التحرك حمل، وقبله درهم على المحرم في
الحل) وبعد التحرك نصف درهم، (و) قبله (ربع) درهم (على المحل
في الحرم، ويجتمعان على المحرم في الحرم) للأخبار، مع كونها بعد التحرك

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 481.
(2) المبسوط: ج 1 ص 340.
(3) السرائر: ج 1 ص 560.
(4) الجامع للشرائع: ص 190.
(5) المختصر النافع: ص 103.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 286.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 194 ب 9 من أبواب كفارات الاحرام ح 6.
(8) الكافي في الفقه: ص 206.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 4.
(10) المراسم: ص 122.
(11) المقنعة: ص 436.
(12) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(13) المقنع: ص 78، من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 367 - 368 ذيل الحديث 2730.
(4 1) الوسيلة: ص 168.
(15) المهذب: ج 1 ص 225.
(16) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 21.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 346 س 38.
(18) منتهى المطلب: ج 2 ص 825 س 12.
363

فرخا (1)، ولذا لم يتعرض له الأكثر. وأطلق سلار ربع درهم فيها (2) والمفيد (3)
والمرتضى في بيض الحمامة وشبهها (4).
وفي الكافي (5) والغنية (6): في بيضة من حمام الحرم درهم، ومن غيره نصف
درهم. وسأل الحلبي الصادق عليه السلام عن كسر بيضتين في الحرم، فقال: جديين أو
حملين (7).
(ز: في قتل كل واحدة من القطاة و) ما أشبهه نحو (الحجل والدراج
حمل قد فطم ورعى الشجر) للأخبار (8). وفي المنتهى (9) والتذكرة (10)
والتحرير (11): أن حده أن يكمل له أربعة أشهر، قال: فإن أهل اللغة بعد أربعة أشهر
يسمون ولد الضان حملا، وكذا السرائر (12).
قلت: نص عليه ابن قتيبة، قال في أدب الكاتب: فإذا بلغ أربعة أشهر وفصل
عن أمه فهو حمل وخروف، والأنثى خروفة ورخل (13). وبمعناه قول الثعالبي في
فقه اللغة: فإذا فصل عن أمه فهو حمل وخروف (14)، ووافق ابن قتيبة في النص
على اختصاصه بالذكر الميداني في السامي، وكأنه بمعناه ما في العين (15)
والمحيط (16) وتهذيب اللغة من أنه الخروف (17)، وأن الخروف هو الحمل الذكر.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 219 ب 26 من أبواب كفارات الصيد.
(2) المراسم: ص 122.
(3) المقنعة: ص 436.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى - المجموعة الثالثة): ص 71.
(5) الكافي في الفقه: ص 206.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 4.
(7) وسائل الشيعة ج 9 ص 219 ب 26 من أبواب كفارات الصيد ح 7.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 190 ب 5 من أبواب كفارات الصيد.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 826 س 5.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 347 س 3.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 26.
(12) السرائر: ج 1 ص 557 - 558.
(13) أدب الكاتب: ص 168.
(14) فقه اللغة: ص 168.
(15) العين: ج 3 ص 240 مادة (حمل).
(16) القاموس المحيط: ج 3 ص 362 مادة (حمله).
(17) تهذيب اللغة: ج 5 ص 90 مادة (حمل).
364

وقال المطرزي: الحمل ولد الضأن في السنة الأولى.
وقال الدميري: الحمل الخروف إذا بلغ ستة أشهر، وقيل: هو ولد الضأن الجذع
فما دونه (1) انتهى. قال الراغب: إن الحمل سمي به لكونه محمولا لعجزه أو لقربه
من حمل أمه به (2).
(ح: في قتل كل واحد من القنفذ والضب واليربوع جدي) وفاقا
للمشهور، لخبر مسمع عن الصادق عليه السلام وفيه: والجدي خير منه، وإنما جعل هذا
لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد (3). وزيد في المختلف: أنه قول الأكثر فيتعين
العمل به، وإلا لزم العمل بالنقيضين أو تركهما أو العمل بالمرجوح، والكل محال (4).
وفي التذكرة (5) والمنتهى (6) المماثلة. وألحق بها السيد (7) والشيخان (8) وبنو
إدريس (9) وحمزة (10) وسعيد (11) وغيرهم أشباهها.
والجدي الذكر من أولاد المعز في السنة الأولى كما في المغرب المعجم، وفي
أدب الكاتب: إنه جدي من حين ما تضعه أمه إلى أن يرعى ويقوى (12)، وفي
السامي: إنه جدي من أربعة أشهر إلى أن يرعى. ويظهر من بعض العبارات أنه ابن
ستة أشهر أو سبعة، ومن المصباح المنير احتمال عدم اختصاصه بالسنة الأولى
لنسبة إلى بعض (13).

(1) حياة الحيوان الكبرى: ج 1 ص 377 مادة (الحمل).
(2) المفردات: ص 132 مادة (حمل).
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 191 ب 6 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 101.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 347 س 14.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 826 س 34.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(8) المقنعة: ص 435، النهاية ونكتها: ج 1 ص 481.
(9) السرائر: ج 1 ص 558.
(10) الوسيلة: ص 168.
(11) الجامع للشرائع: ص 190.
(12) أدب الكاتب: ص 168.
(13) المصباح المنير: ص 93 مادة (جدي).
365

وأوجب الحلبيون فيها حملا (1)، وادعى ابن زهرة الاجماع عليه (2).
(ط: في كل واحد من العصفور والقنبرة والصعوة مد من طعام) عليه
الأكثر، وبه مرسل صفوان بن يحي عن الصادق عليه السلام (3)، وألحق بها الشيخ (4) وبنو
حمزة (5) وإدريس (6) والبراج (7) وسعيد أشباهها (8).
وأوجب الصدوقان في كل طائر عدا النعامة شاة (9)، وبه صحيح ابن سنان
عنه عليه السلام (10). وأجاب في المختلف بأنه عام، والأول خاص مع أصل البراءة (11).
ويشكل بصحته، وارسال الأول، وأغفلها جماعة كالمفيد وسلار والسيد والحلبي.
وقال أبو علي: في القمري والعصفور وما جرى مجراهما قيمة، وفي الحرم
قيمتان (12) لخبر سليمان بن خالد المرسل سأل الصادق عليه السلام ما في القمري
والدبسي والسماني والعصفور والبلبل؟ قال: قيمته، فإن أصابه المحرم في الحرم
فعليه قيمتان ليس عليه دم (13). ويجوز أن يكون القيمة حينئذ مدا من طعام.
(ي: في الجرادة والقملة يرميها عنه كف من طعام) كما في المقنعة (14)
والنافع (15) والشرائع (16) والغنية (17) وجمل ا لعلم والعمل، وزاد: قتل القملة (18)،

(1) الكافي في الفقه: ص 206 الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 10.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 10.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 191 ب 7 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 481.
(5) الوسيلة: ص 171.
(6) السرائر: ج 1 ص 558.
(7) المهذب: ج 1 ص 225.
(8) الجامع للشرائع: ص 190.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 103، المقنع: ص 78.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 193 ب 9 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(11) مختلف الشيعة: ج 4 ص 104.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 103.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 242 ب 44 من أبواب كفارات الصيد ح 7.
(14) المقنعة: ص 438.
(15) المختصر النافع: ص 103.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 287.
(17) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 9.
(18) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 72 و 71.
366

وفي المراسم: في الجرادة (1)، وفي المهذب: في القملة يرميها أو يقتلها (2).
(وفي كثير الجراد شاة) كما فيها (3) وفي النهاية (4) والمبسوط (5)
والوسيلة (6) والسرائر (7) والخلاف (8) والفقيه والمقنع (9) والمهذب (10) والنزهة (11)
والجامع (12)، لخبر ابن مسلم سأل الصادق عليه السلام عن محرم قتل جرادا؟ قال: كف من
طعام، وإن كان أكثر فعليه دم شاة (13). وقال في المختلف: لكن لا يدل على
الواحدة (14).
قلت: ويعضده أن في بعض النسخ، سأله عن محرم قتل جرادا كثيرا، لكن في
خبر آخر له ضعيف أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن محرم قتل جرادة، قال: كف من
طعام، وإن كان كثيرا فعليه دم شاة (15).
وفي الخلاف: الاجماع على الشاة في الكثير (16). ولخبر حماد بن عيسى سأل
الصادق عليه السلام عن المحرم يبين القملة عن جسده فيلقها، قال: يطعم مكانها
طعاما (17). ونحوه خبر ابن مسلم عنه عليه السلام (18).
وقال عليه السلام في صحيح الحسين بن أبي العلاء: المحرم لا ينزع القملة من جسده
ولا من ثوبه متعمدا، وإن قتل شيئا من ذلك خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضة

(1) المراسم: ص 122.
(2) المهذب: ج 1 ص 226.
(3) أي المصادر المتقدمة آنفا.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 492.
(5) المبسوط: ج 1 ص 348.
(6) الوسيلة: ص 167.
(7) السرائر: ج 1 ص 567.
(8) الخلاف: ج 2 ص 415 ذيل المسألة 294.
(9) المقنع: ص 79.
(10) المهذب: ج 1 ص 224.
(11) نزهة الناظر: ص 65.
(12) الجامع للشرائع: ص 193.
(13) الإستبصار: ج 2 ص 208 ح 708.
(14) مختلف الشيعة: ج 4 ص 106.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 233 ب 37 من أبواب كفارات الصيد ح 6.
(16) الخلاف: ج 2 ص 414 ذيل المسألة 294.
(17) وسائل الشيعة: ج 9 ص 297 ب 15 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(18) المصدر السابق ح 2.
367

بيده (1). وعن ابن مسكان عن الحلبي قال: حككت رأسي وأنا محرم فوقع منه
قملات فأردت ردهن فنهاني، وقال: تصدق بكف من طعام (2).
وفي الفقيه (3) والنهاية (4) والمقنع (5) والخلاف (6) والمهذب (7) والنزهة (8)
والجامع (9) ورسالة علي بن بابويه (10) والسرائر (11) وكفارات المقنعة (2 1): في الجرادة
تمرة، وبه أخبار منها صحيحان (13)، ولذا اختير في المختلف (14) وجمع بينها وبين ما
تقدم في المبسوط (15) والتهذيب (16) والتحرير (17) والتذكرة (18) والمنتهى (19)
بالتخيير، مع احتمالها التردد.
وفي كفارات المقنعة: فإن قتل جرادا كثيرا كفر بمد من تمر، فإن كان قليلا كفر
بكف من تمر (20). وقال ابن حمزة: وإن أصاب جرادا وأمكنه التحرز منها، تصدق
لكل واحدة بتمرة (21).
وهذا مع قوله: (بشاة في الكثير) يدل على أنه يريد بالكثير ما لا يحصيه، أو
الكثير عرفا.

(1) المصدر السابق ح 3.
(2) المصدر السابق ح 4.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 369 ذيل الحديث 2731.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 492.
(5) المقنع: ص 79.
(6) الخلاف: ج 2 ص 414 المسألة 294.
(7) المهذب: ج 1 ص 227.
(8) نزهة الناظر: ص 65.
(9) الجامع للشرائع: ص 193.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 105.
(11) السرائر: ج 1 ص 567.
(12) المقنعة: ص 572.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 232 ب 37 من أبواب كفارات الصيد ح 1 - 2.
(14) مختلف الشيعة: ج 4 ص 105.
(15) المبسوط: ج 1 ص 348.
(16) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 363 ذيل الحديث 1264.
(17) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 30.
(18) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 347 س 11.
(19) منتهى المطلب: ج 2 ص 826 س 21.
(20) المقنعة: ص 572.
(21) الوسيلة: ص 169.
368

وفي السرائر عن علي بن بابويه: إن على من أكل جرادة شاة (1).
قال في المختلف: والذي وصل إلينا من كلام ابن بابويه في رسالته: وإن قتلت
جرادة تصدقت بتمرة، وتمرة خير من جرادة، فإن كان الجراد كثيرا ذبحت شاة،
وإن أكلت منه فعليك دم شاة، وهذا اللفظ ليس صريحا في الواحدة. قال: وقال ابن
الجنيد: في أكل الجراد عمدا دم كذلك، روى ابن يحيى عن عروة الحناط عن أبي
عبد الله عليه السلام، ومعناه إذا كان على الرفض لاحرامه، وقد ذهب إلى ذلك ابن عمر،
فإن قتلها خطأ كان فيها كف من طعام، كذا روى ابن سعيد عن محمد بن مسلم عن
أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال: إن قتل كثيرا فشاة. قال: وحديث ابن الجنيد في
طريقه صالح بن عقبة، وهو كذاب غال لا يلتفت إليه، وعروة لا يحضرني الآن
حاله (2)، انتهى.
ولفظ الخبر: في رجل أصاب جرادة فأكلها، قال: عليه دم (3).
وقال الشيخ: إنه محمول على الجراد الكثير، وإن كان قد أطلق عليه لفظ
التوحيد، لأنه أراد الجنس (4).
أقول: لعله يريد أن الوحدة وحدة الجنس، أي أصاب صنفا واحدا من
الجراد، والتاء فيها للجنس كما في كماة وكمي عكس الغالب.
وفي الصحيح أن ابن عمار سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يحك رأسه فتسقط
عنه القملة والثنتان، فقال: لا شئ عليه ولا يعود (5). وظاهره عدم التعمد، ويعضده
قوله عليه السلام في صحيحة أيضا: لا شئ في القملة، ولا ينبغي أن يتعمد قتلها (6). مع
احتمالها أن لا عقاب عليه، وأنه لا كفارة معينة عليه. كما أن في خبر مرة مولى

(1) السرائر: ج 1 ص 558.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 105.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 232 ب 37 من أبواب كفارات الاحرام ح 5.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 364 ذيل الحديث 1266.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 297 ب 15 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 5.
(6) المصدر السابق ح 6.
369

خالد، أنه سأل عليه السلام عن المحرم يلقي القملة، فقال: ألقوها أبعدها الله غير محمودة
ولا مفقودة (1) لا ينافي في التكفير.
(وهذه الخمسة لا بدل لها) أي لكفاراتها (على الخصوص) اختيارا
ولا اضطرارا، وإنما ورد في بدل الشاة عموما إطعام عشرة أو صيام ثلاثة. قال
الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة
مساكين، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام (2). ثم بدل الشاة وغيرها الاستغفار والتوبة.
(فروع) تسعة:
(أ: يجزئ عن الصغير) الذي له مثل من النعم (مثله) للآية (3)، والأصل
وأخبار الحمل والجدي (4)، والاجماع على ما في الخلاف (5)، خلافا لمالك (6).
(والأفضل مثل الكبير) لأنه زيادة في الخير، وتعظيم لشعائر الله.
(و) يجزئ (عن المعيب مثله بعينه) للمماثلة مع البراءة، خلافا لأبي
علي (7). و (لا) يجزئ عنه المعيب (بغيره) لانتفاء المماثلة، (فلا يجزئ
الأعور عن الأعرج) مثلا، (ويجزئ أعور اليمين عن أعور اليسار)
لاتحاد نوع العيب، وكون الاختلاف يسيرا لا يخرجه عن المماثلة.
(والأفضل الصحيح) كما في الخلاف (8)، وفي التحرير الأولى (9)، وفي

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 163 ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 186 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 11.
(3) المائدة: 95.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 193 ب 9 من أبواب كفارات الصيد.
(5) الخلاف: ج 2 ص 400 المسألة 262.
(6) المجموع: ج 7 ص 439.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 119.
(8) الخلاف: ج 2 ص 400 المسألة 263.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 1.
370

المبسوط (1) والتذكرة (2) والمنتهى (3): الأحوط، وكأنه للخروج عن الخلاف.
(و) يجزئ (المريض عن مثله) بعين مرضه لا بغيره بمثل ما عرفت،
ولا يجزئ الأشد عن الأضعف والصحيح أفضل.
(و) يجزئ (الذكر عن الأنثى وبالعكس) كما في الخلاف (4)
والمبسوط (5) والشرائع (6)، لعموم الأخبار والآية، لأن المراد فيها المماثلة في
الخلقة لا في جميع الصفات، وإلا لزم المثل في اللون ونحوه.
ومن الشافعية من لا يجزئ بالذكر عن الأنثى (7).
وظاهر التحرير (8) والمنتهى (9) والتذكرة (10) التوقف فيه، لنسبة الاجزاء فيها
إلى الشيخ، والقطع بالعكس. قال: لأن لحمها أطيب وأرطب، وقال: لو فدى الأنثى
بالذكر فقد قيل: إنه يجوز، لأن لحمه أوفر متساويا، وقيل: لا يجوز، لأن زيادته
ليست من جنس زيادتها، فأشبه فداء المعيب بنوع بمعيب من آخر.
(والمماثل أفضل) كما في الخلاف (11) والشرائع أحوط (12)، وهو أولى،
لاحتمال اندراجه في الآية.
(ولا شئ في البيض المارق) أي الفاسد، للأصل، وأخبار إرسال
الفحول على الإناث بعدد ما كسر (13)، ويأتي احتمال خلافه. ومن العامة من
أوجب فيه قيمة القشر (14).

(1) المبسوط: ج 1 ص 344.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 347 س 25.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 827 س 15.
(4) الخلاف: ج 2 ص 400 المسألة 264.
(5) المبسوط: ج 1 ص 344.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 287.
(7) المجموع: ج 7 ص 432.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 4.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 827 س 18.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 347 س 27.
(11) الخلاف: ج 2 ص 400 المسألة 264.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 287.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 214 ب 23 من أبواب كفارات الصيد.
(14) المجموع: ج 7 ص 318.
371

(ولا في الحيوان الميت) للأصل، وخروجه عن الصيد.
(ب: يستوي الأهلي من الحمام) أو المملوك من حمام الحرم، تولد فيه
أو أتاه من الحل، وهو لا ينافي الملك وإن لم يكن قمريا أو دبسيا كما يأتي، ولا
بأس هنا إن نافاه أيضا.
(والحرمي) أي الوحشي (في القيمة) وهي درهم أو نصفه (إذا قتل
في الحرم) كما يستويان في الحل في الفداء، للعمومات. قال في المنتهى: لا نعلم
فيه خلافا، إلا ما نقل عن داود أنه قال: لا جزاء في صيد الحرم (1). وفي التذكرة:
عند العلماء إلا داود (2).
(لكن يشتري بقيمة الحرمي علف لحمامه) لخبري حماد بن عثمان (3)،
وأبي بصير عن الصادق عليه السلام (4)، وصحيح صفوان بن يحيى عن الرضا عليه السلام (5)،
وصحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام (6)، وما خلا خبر حماد مطلقه، وهو المفصل
المخصص ذلك بالحرمي، والعلف بالقمح. وفي حسن الحلبي عن الصادق عليه السلام:
إن الدرهم أو شبهه يتصدق به أو يطعمه حمام مكة (7). فيحتمل التفصيل بالحرمي
وغيره، والتخيير مطلقا.
(ج: يخرج عن الحامل) إذا ضاع الحمل أو قتل (مما له مثل) من
النعم (حامل) منها كما في المبسوط (8) والشرائع (9)، لشمول معنى المماثلة

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 825 س 34.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 346 السطر الأخير.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 214 ب 22 من أبواب كفارات الصيد ح 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 198 ب 11 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 213 ب 22 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(6) المصدر السابق ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 214 ب 22 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(8) المبسوط: ج 1 ص 345.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 287.
372

لذلك، ونسب في التحرير (1) والمنتهى إلى الشيخ (2).
وقال الشافعي: لا يذبح الحامل من الفداء، لأن فضيلتها لتوقع الولد، وقال:
يضمنها بقيمة مثلها، لأن قيمة المثل أكثر من قيمة اللحم (3). وهو عدول عن المثل
مع إمكانه، ولا وجه له، ولا عبرة بالقيمة مع إمكان المثل.
(فإن تعذر) المثل ووجب البدل (قوم الجزاء حاملا) ولو أخرج عن
الحامل حائلا.
ففي التحرير (4) والتذكرة (5) والمنتهى: فيه نظر، من انتفاء المماثلة، ومن أن
الحمل لا يزيد في اللحم بل ينقص فيه غالبا فلا يشترط كاللون والعيب.
وفي الدروس: لو لم تزد قيمة الشاة حاملا عن قيمتها حائلا ففي سقوط
اعتبار الحمل هنا نظر. وفيه: لو زاد جزاء الحامل عن إطعام المقدر كالعشرة في
شاة الظبي فالأقرب وجوب الزيادة بسبب الحمل، إلا أن يبلغ العشرين فلا يجب
الزائد (6). يعني على العشرين، إذ لا يزيد قيمة الحمل على قيمة أمه.
ويحتمل وجوبه، لأن الحمل إنما يقوم وحده إذا انفرد، والآن فإنما المعتبر
قيمة الحامل. ويحتمل أن لا يعتبر الزائد عن العشرة بسبب الحمل أصلا للأصل
والعمومات، ولو كانت حاملا باثنين احتمل اعتباره في الفداء إذا أمكن، ولا شبهة
في اعتباره في القيمة إذا لم يزد على العشرة في الشاة، والثلاثين في البقرة،
والستين في البدنة. وذات البيض كذات الحمل.
(د: لو ضرب الحامل فألقته) أي الحمل، وظهر أنه كان قبل الضرب
(ميتا) والأم حية (ضمن) أرش الأم، وهو (تفاوت ما بين قيمتها حاملا
و) قيمتها (مجهضا) كما يضمن ما ينقصه من عضو كالقرن والرجل على

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 4.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 827 س 20.
(3) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 538.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 5.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 347 س 31.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 362 درس 95.
373

ما يأتي، ولا يضمن الجنين قيل: ولا يضمنه ما لم يعلم أنه كان حيا فمات
بالضرب، لأصل البراءة (1)، ولا بأس به وإن عارضه أصل الحياة.
(ولو ألقته حيا ثم ماتا) بالضرب (فدى كل منهما بمثله) الكبير
بالكبير، والصغير بالصغير، والذكر بالذكر، والأنثى بالأنثى، والصحيح بالصحيح،
والمعيب بالمعيب على التفصيل الماضي.
(ولو عاشا من غير عيب فلا شئ) سوى الإثم، (و) لو عاشا
(معه) أي عيبهما أو عيب أحدهما عليه (الأرش. ولو مات) بالضرب
(أحدهما فداه خاصة، ولو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته، احتمل
وجوب عشر الشاة) كما قال الشيخ (2) والمزني (3)، (لوجوبها في الجميع،
وهو يقتضي التقسيط، أو) احتمل وجوب (عشر ثمنها) كما قال
الشافعي (4)، للجرح المفضي إلى العجز عن الأداء غالبا، هذا على ما اختاره هنا
من الترتيب في الأبدال، وإلا فلا إشكال في التخيير بين الأمرين.
(والأقرب إن وجد المشارك في الذبح) بحيث يكون له عشر الشاة
(فالعين) يلزمه، لانتفاء الحرج، (وإلا فالقيمة) لصدق العجز عن العين.
(ولو أزمن صيدا وأبطل امتناعه احتمل) وجوب (كمال الجزاء)
كما قال أبو حنيفة (5) والشافعي (6) في وجه.
(لأنه كالهالك) لافضائه إلى هلاكه، كما لو جرحه جرحا يتيقن بموته به،
ولذا لو أزمن عبدا لزمه تمام القيمة، وهو خيرة المبسوط (7). قال في المنتهى:

(1) مسالك الأفهام: ج 1 ص 138 س 19 نقلا بالمعنى.
(2) المبسوط: ج 1 ص 344.
(3) مختصر المزني: ص 71.
(4) الأم: ج 2 ص 207.
(5) فتح العزيز: ج 7 ص 507، المجموع: ج 7 ص 435.
(6) الحاوي الكبير: ج 4 ص 297.
(7) المبسوط: ج 1 ص 344.
374

وليس بجيد لأنه إنما يضمن ما نقص لا ما ينقص (1).
(و) لذا احتمل (الأرش) كما هو ثاني وجهي الشافعي (2).
(و) يؤيده أنه (لو قتله) محرم (آخر) ضمنه، لكن إذا كان مزمنا
(فقيمة المعيب) أي المزمن يلزمه لا غير.
(ولو أبطل أحد امتناعي) مثل (النعامة والدارج ضمن الأرش)
قطعا، لأنه لبقاء امتناعه الآخر ليس كالهالك.
(ه‍: لو قتل ما لا تقدير لفديته، فعليه القيمة) لا أعرف فيه خلافا،
(وكذا البيوض) التي لا تقدير لفديتها. (و) إن (قيل) في المبسوط (3)
والوسيلة (4) والإصباح (5): (في البطة والاوزة والكركي شاة) قال الشيخ:
وهو الأحوط، وإن قلنا فيه القيمة لأنه لا نص فيه، كان جائزا (6).
قلت: لعل الاحتياط لما مر من صحيح ابن سنان الموجب للشاة في الطير
مطلقا (7)، ولوجوبها في الحمام، وهو أصغر منها، والغالب أن قيمتها أقل من الشاة.
وجعل ابن حمزة الشاة في الكركي خاصة رواية (8).
(و: العبرة بتقويم الجزاء وقت الاخراج) لأنه حينئذ ينتقل إلى القيمة
فيجب، والواجب أصالة هو الجزاء، (وفيما لا تقدير لفديته وقت الاتلاف)
لأنه وقت الوجوب، (والعبرة في قيمة الصيد) الذي لا تقدير لفديته
(بمحل الاتلاف) لأنه محل الوجوب.
(وفي قيمة) البدل من (النعم بمنى إن كانت الجناية في إحرام الحج،

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 828 س 29.
(2) المجموع: ج 7 ص 435.
(3) المبسوط: ج 1 ص 346.
(4) الوسيلة: ص 167.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 472.
(6) المبسوط: ج 1 ص 346.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 194 ب 9 من أبواب كفارات الصيد ح 10.
(8) الوسيلة: ص 167.
375

وبمكة) إن كانت (في إحرام العمرة، لأنها) أي منى أو مكة (محل
الذبح).
(ز: لو شك في كون المقتول صيدا لم يضمن) للأصل، وكذا إذا شك
في كونه صيد البر، هذا إذا التبس عليه المقتول بأن احتمل أن يكون شيئا من النعم
أو الحيتان - مثلا - لا إذا علم عين المقتول وشك في كونه صيدا أو صيد البر فإن
عليه الاستعلام، كما قد يرشد إليه قوله عليه السلام: في الجراد أرمسوه في الماء (1).
(ح: يجب أن يحكم في التقويم عدلان عارفان) كما في الخلاف (2)،
للآية (3)، ولأن الحجة والبينة شرعا إنما تتم بذلك.
(ولو كان أحدهما القاتل) إن اتحدا (أو كلاهما) القاتلين المشتركين
في واحد، والقاتلين كل منهما لفرد من جنس واحد.
(فإن كان) القتل (عمدا) بلا ضرورة (لم يجز) لخروجه بذلك عن
العدالة، قال الشهيد: إلا أن يتوب (4) (وإلا جاز) لعموم الآية (5)، ولأنه مال
يخرج في حق الله، فيجوز أن يكون من وجب عليه أمينا فيه كالزكاة، وقال
النخعي: لا يجوز (6)، لأن الانسان لا يحكم لنفسه، وهو ممنوع كما في الزكاة.
وإن حكم عدلان بأن له مثلا من النعم وآخران بخلافه، أمكن ترجيح حكم
نفسه، وإن لم يحكم بشئ ولا وجد آخر مرجح أحدهما فالظاهر التخيير.
وفي التذكرة عن بعض العامة: إن الأخذ بالأول أولى (7).
وفي الموثق: أن زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام عن قوله عز وجل: (يحكم به ذوا
عدل) فقال: العدل رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام من بعده، ثم قال: هذا مما أخطأت به

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 83 ب 7 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(2) الخلاف: ج 2 ص 402 المسألة 268.
(3) المائدة: 95.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 361 درس 95.
(5) المائدة: 95.
(6) المجموع: ج 7 ص 441.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 347 س 20.
376

الكتاب (1). ونحوه حسنة إبراهيم بن عمر اليماني عن الصادق عليه السلام (2). وفي الحسن
عن حماد بن عثمان قال: تلوت عند أبي عبد الله عليه السلام: (ذوا عدل منكم) فقال: ذو
عدل، هذا مما أخطأت فيه الكتاب (3).
وفي تفسير العياشي عن زرارة قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: (يحكم به
ذوا عدل منكم) قال: ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله والإمام من بعده، فإذا حكم به الإمام
فحسبك (4). وفيه عن محمد بن مسلم عنه عليه السلام في الآية، يعني رجلا واحدا، يعني
الإمام (5).
وفي بعض الكتب: إن رجلا من أصحاب أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام
وقف على أبي حنيفة وهو في حلقته يفتي الناس وحوله أصحابه فقال: يا أبا حنيفة
ما تقول: في محرم أصاب صيدا، قال: عليه الكفارة، قال: ومن يحكم به عليه؟
قال أبو حنيفة: ذوا عدل كما قال الله عز وجل، قال الرجل: فإن اختلفا؟ قال أبو
حنيفة: يتوقف عن الحكم حتى يتفقا، قال الرجل: فأنت لا ترى أن يحكم في صيد
قيمته درهم وحدك حتى يتفق معك آخر وتحكم في الدماء والفروج والأموال
برأيك؟ فلم يحر أبو حنيفة جوابا، غير أن نظر إلى أصحابه فقال: هذه مسألة
رافضي (6).
ثم ذكر صاحب الكتاب أن التوقف عن الحكم حتى يتفقا إبطال للحكم، لأنا
لم نجدهم اتفقوا على شئ من الفتيا إلا وقد خالفهم فيه آخرون، ولما علم
أصحاب أبي حنيفة فساد هذا القول، قالوا: يؤخذ بحكم أقلهما قيمة، لأنهما قد
اتفقا عليه (7). وهو فيه أيضا فاسد، لأنه إذا حكم أحدهما بخمسة وآخر بعشرة

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 343 ح 197.
(2) تفسير البرهان: ج 1 ص 503 ح 9.
(3) تفسير البرهان: ج 1 ص 503 ح 11.
(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 344 ح 200.
(5) تفسير العياشي: ج 1 ص 344 ح 198.
(6) دعائم الاسلام: ج 1 ص 306.
(7) المصدر السابق.
377

فجزي الجاني بخمسة لم يكن ذلك جزاء عند الاخراج، مع جواز اختلافهما في
أجنا س الجزاء من النعم والطعام والصيام فلا أقل حينئذ.
(ط: لو فقد العاجز عن البدن) مثلا (البر) وقلنا بتعينه (دون قيمته
فأقوى الاحتمالات التعديل) أي تعديل القيمة، وتعيينها قيمة عادلة ووضعها
(عند ثقة) ليشتريه إذا وجده فيطعمه إن كان نائيا وأراد الرجوع إلى أهله، وإلا
احتمل التعديل والترقب للقدرة، وهو أولى وجهة القوة أنه لقدرته على القيمة
وانتفاء فورية الاخراج لا يكون عاجزا كالهدي إذا وجد قيمته.
(ثم) الأقوى (شراء غيره) من الطعام، لعموم الآية (1) والتساوي في
الغرض، وحينئذ (ففي الاكتفاء بالستين) مسكينا (لو زاد) هذا الطعام
عليهم (إشكال) من أصل العدم، واختصاصه بالبر، وهو ممنوع لعموم الخبر (2)
وكثير من الفتاوى كما عرفت، ومن أصل البراءة والتساوي وعموم الخبر واجمال
الآية.
(فإن تعدد) ما يجده من غيره (احتمل التخيير) لتساوي الجميع في
أنه طعام، وأنه ليس برا.
(و) احتمل (الأقرب إليه) لرجحانه بالقرب، فالحبوب أقرب من التمر
والزبيب والزبيب، والشعير منها أقرب الحبوب.
(ثم) يحتمل (الانتقال إلى الصوم) بمجرد فقدان البر، لصدق أنه لا
يقدر عليه، مع أن المبادرة إلى ابراء الذمة مطلوبة شرعا.
(و) على التعديل (الأولى إلحاق المعدل بالزكاة) المعدولة (3) في عدم
الضمان بالتلف بلا تفريط، لاتيانه بالواجب، وأصل البراءة من الاخراج ثانيا،

(1) المائدة: 95.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 183 ب 2 من أبواب كفارات الصيد.
(3) في خ: (المعزولة).
378

وانتفاء الحرج والعسر في الدين. ويحتمل العدم قويا لعدم الاخراج، والفرق
بوجوب الزكاة في العين والفداء في الذمة.
(البحث الثاني:)
(فيما يتحقق به الضمان)
(وهو ثلاثة) كما في النافع (1) والشرائع (2) (المباشرة) للاتلاف
(والتسبيب) له (و) إثبات (اليد) على الصيد.
وفي التحرير (3) والتذكرة (4) والمنتهى: إنه أمران: المباشرة والتسبيب (5)، ونص
في الأخيرين (6) على دخول اليد في التسبيب، وفيه توسع، فإنه أعم مما يستند إليه
التلف.
(أما المباشرة فمن قتل صيدا ضمنه، فإن) قتله ثم (أكله تضاعف
الفداء) كما في النهاية (7) والمبسوط (8) والسرائر (9) والإصباح (10) والنافع (11)،
لأن كلا منها سبب له، أما القتل فبالكتاب والسنة والاجماع، وأما الأكل فلنحو
قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: من أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم
متعمدا فعليه دم شاة (12). وصحيح أبي عبيدة سأله عليه السلام عن محل اشترى لمحرم
بيض نعام فأكله المحرم، فقال: على الذي اشتراه للمحرم فداء، وعلى المحرم

(1) المختصر النافع: ص 103.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 288.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 34.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 347 س 34.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 827 س 24.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 350 س 35، منتهى المطلب: ج 2 ص 830 س 18.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 486.
(8) المبسوط: ج 1 ص 342.
(9) السرائر: ج 1 ص 564.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 473 وفيه: (إذا قتل المحرم صيدا في
الحرم لم يأكله فعليه فداءان).
(11) المختصر النافع: ص 103.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 289 ب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
379

فداء، قال: وما عليهما؟ قال: على المحل جزاء قيمة البيض لكل بيضة درهم،
وعلى المحرم الجزاء لكل بيضة شاة (1).
وقول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي وغيره في المضطر: فليأكل وليفده (2).
والأخبار بهذا المعنى كثيرة جدا.
وفي مرفوع محمد بن يحيى في رجل أكل من لحم صيد لا يدري ما هو وهو
محرم: عليه دم شاة (3). وخبر يوسف الطاطري وسأله عليه السلام عن صيد أكله قوم
محرمون، قال: عليهم شاة (4). وصحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن قوم
اشتروا ظبيا فأكلوا منه جميعا وهم حرم ما عليم؟ قال: على كل من أكل منهم فداء
صيد، على كل انسان منهم على حدته فداء صيد كاملا (5).
(والأقرب) ما في الخلاف (6) والشرائع (7) من (أنه يفدي القتيل
ويضمن قيمة المأكول) لأصل البراءة، وقول الصادق عليه السلام في خبر ابن عمار:
وأي قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه فإن على كل انسان منهم قيمته، فإن
اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك (8). وآخره لا يصرف القيمة إلى الفداء، لجواز أن
يراد بالمماثلة أن على كل منهم فداء.
نعم، قال عليه السلام في صحيحة: إذا اجتمع قوم على صيد وهم محرمون في صيده
أو أكلوا منه فعلى كل واحد منهم قيمته (9). ولحسن منصور بن حازم قال له عليه السلام:

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 252 ب 57 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 238 ب 43 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 250 ب 54 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 211 ب 18 من أبواب كفارات الصيد ح 8.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 209 ب 18 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
(6) الخلاف: ج 2 ص 405 المسألة 274.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 288.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 209 ب 18 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(9) المصدر السابق ح 1.
380

أهدي لنا طائر مذبوح بمكة فأكله أهلنا، فقال: لا يرى به أهل مكة بأسا، قلت: فأي
شئ تقول أنت؟ قال: عليهم ثمنه (1).
وظاهر أن أهل مكة لا يرون به بأسا أن الآكلين محلون، كما نص عليه صحيح
ابن مسلم: سأله عليه السلام عن رجل أهدي إليه حمام أهلي جي به وهو في الحرم
محل، قال: إن أصاب منه شيئا فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه (2). وعليه فالثمن
مستحب، ولخبر أبان بن تغلب سأله عليه السلام عن محرمين أصابوا فراخ نعام فذبحوها
وأكلوها، فقال: عليهم مكان كل فرخ أصابوه وأكلوه بدنة يشتركون فيهن فيشترون
على عدد الفراخ وعدد الرجال، قال: فإن منهم من لا يقدر على شئ، فقال: يقوم
بحساب ما يصيبه من البدن، ويصوم لكل بدنة ثمانية عشر يوما (3).
قال فخر الاسلام: لو تضاعف الفداء لكان عليهم أي على كل واحد منهم عن
كل جز أكله من كل فرخ بدنة كاملة، فلو أكل جزين من فرخين من كل فرخ
جز كان عليه بدنتان (4).
قلت: هو الظاهر من قوله عليه السلام على عدد الفراخ والرجال وقوله عليه السلام: (ويصوم
لكل بدنة ثمانية عشر يوما) فيكون معنى قوله عليه السلام: (عليهم مكان كل فرخ أصابوه
وأكلوه بدنة) أن على كل منهم مكان كل فرخ أصابوا منه وأكلوا منه بدنة، وهو
يؤدي ما ذكر.
ثم ظاهر هذا الخبر الاكتفاء بجزاء واحد، لكن لا نعرف به قائلا، وأمضينا
احتمال أن يكون إيجاب البدنة في الفراخ، لتضاعف الجزاء.
وفي الوسيلة: إن على المحرم في الحل قيمتين، وفي الحرم الجزاء

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 205 ب 14 من أبواب كفارات الصيد ح 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 199 ب 12 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 209 ب 18 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(4) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 336.
381

وقيمتين (1). وعلى ما مر، ويأتي في الكتاب أن على المحرم إذا قتل في الحل ثم
أكل فيه أو في الحرم فداء وقيمة، وإذا قتل في الحرم فداء وقيمتين وهو المراد،
وإن لم يصرح به اكتفاء بما مر ويأتي.
(وسواء في التحريم ذبح المحرم) الصيد (وإن كان في الحل وذبح
المحل) له (في الحرم) بالنصوص وإجماع المسلمين كما في المنتهى (2)
والتذكرة (3). (ويكون) المذبوح (ميتة بالنسبة إلى كل أحد حتى المحل
وجلده) أيضا (ميتة) ومضى الكلام في جميع ذلك.
(ولو صاده المحرم وذبحه المحل في الحل) لم يكن ميتة و (حل
عليه خاصة) إلا حمام الحرم فيأتي الكلام فيه.
(ولو ذبح المحل في الحل) صيدا (وأدخله الحرم، حل على المحل
فيه دون المحرم) قال في المنتهى: لا نعلم فيه خلافا (4)، وتقدم آنفا خبران
بالتصدق بثمنه.
(ولو باشر القتل) المحرم (جماعة ضمن كل منهم فداء كاملا)
بالنص والاجماع كما في الخلاف (5) والغنية (6). وللعامة قول بالوحدة، وآخر إن
كان الجزاء صوما صام كل منهم تاما، وإلا فواحدة (7).
(ولو ضرب) المحرم في الحرم (بطير على الأرض، فمات، فعليه دم
وقيمتان) كما في النهاية (8) والمبسوط (9) والسرائر (10) والإصباح (11) والشرائع (12)

(1) الوسيلة: ص 165.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 803 س 30.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 329 س 27.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 804 س 20.
(5) الخلاف: ج 2 ص 410 المسألة 285.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 13.
(7) المجموع: ج 7 ص 439.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 485.
(9) المبسوط: ج 1 ص 342.
(10) السرائر: ج 1 ص 562.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 472.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 288.
382

والجامع (1). ولعل مرادهم بالدم الجزاء كما في الوسيلة (2) والمهذب (3)، والدم مثال.
والمستند إنما هو قول الصادق عليه السلام في خبر ابن عمار: عليه ثلاث قيمات (4)،
وهو خيرة النافع (5).
وحمل الأولون إحدى القيم على الجزاء، وهو حسن.
وفيه أنه ضرب به الأرض فقتله كما في النهاية (6) والمبسوط (7)
والسرائر (8) والمهذب (9) والنافع (10)، وظاهره أنه قتله بالضرب كما هنا، وفي
الوسيلة (11)، ويحتمل أنه ضربه ثم قتله بذبح أو غيره.
وفيه أن القيمتين (إحداهما للحرم، والأخرى لاستصغاره) أي الحرم،
والاستخفاف بجاره أو الطير، فيستحب فيما إذا فعله في الحل، وهو يستحب في
النعامة، وفي الجرادة وفي غير الطير إشكال.
وزيد التعزير في النهاية (12) والمبسوط (13) والسرائر (14) والمهذب (15)
والجامع (16) والتذكرة (17) والتحرير (18) والمنتهى (19)، وقد يرشد إليه خبر حمران
قال لأبي جعفر عليه السلام محرم قتل طيرا فيما بين الصفا والمروة عمدا، قال: عليه
الفداء والجزاء ويعزر، قال، قلت: فإنه قتله في الكعبة عمدا، قال: عليه الفداء

(1) الجامع للشرائع: ص 191.
(2) الوسيلة: ص 165.
(3) المهذب: ج 1 ص 228.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 242 ب 45 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(5) المختصر النافع: ص 103.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 485.
(7) المبسوط: ج 1 ص 342.
(8) السرائر: ج 1 ص 562.
(9) المهذب: ج 1 ص 228.
(10) المختصر النافع: ص 103.
(11) الوسيلة: ص 165.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 485.
(13) المبسوط: ج 1 ص 342.
(14) السرائر: ج 1 ص 562.
(5 1) المهذب: ج 1 ص 225.
(16) الجامع للشرائع: ص 191.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 349 س 4.
(18) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 25.
(19) منتهى المطلب: ج 2 ص 829 س 29.
383

والجزاء ويضرب دون الحد، ويقام للناس كي ينكل غيره (1).
(ولو شرب لبن ظبية في الحرم، فعليه دم وقيمة اللبن) كما في
النهاية (2) والمبسوط (3) والمهذب (4) والجامع (5) والشرائع (6)، لخبر يزيد بن
عبد الملك عن الصادق عليه السلام في رجل مر وهو محرم في الحرم فأخذ عنز ظبية
فاحتلبها وشرب لبنها، قال: عليه دم وجزاء للحرم ثمن اللبن (7). وهو مع الضعف
اشترط فيه الاحرام والحرم جميعا وأخذ الشارب واحتلابه، فينبغي اعتبار
الجميع. وأغفل الحرم في الوسيلة (8) والنافع (9)، ولضعف الخبر.
وقال ابن إدريس: على ما روي في بعض الأخبار (10)، وفي التحرير (11)
والتذكرة والمنتهى: إن عليه الجزاء قيمة اللبن، لكنه زاد في التذكرة والمنتهى في
الدليل: إنه شرب ما لا يحل شربه، إذ اللبن كالجزاء من الصيد، فكان ممنوعا منه،
فيكون كالأكل لما لا يحل أكله، فيدخل في قول الباقر عليه السلام: من نتف إبطه - إلى
قوله: - أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم، ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس
عليه شئ، ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة، إذ لا فرق بين الأكل والشرب، قال:
وأما وجوب قيمة اللبن فلأنه جز صيد فكان عليه قيمته (12). واحتمل الشهيد
وجوب القيمة على المحل في الحرم، والدم على المحرم في الحل (13).
(وينسحب) الحكم (في غيرها) أي الظبية من بقرة ونحوها بالتقريب

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 241 ب 44 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 485.
(3) المبسوط: ج 1 ص 342.
(4) المهذب: ج 1 ص 230.
(5) الجامع للشرائع: ص 191.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 288.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 249 ب 54 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(8) الوسيلة: ص 168.
(9) المختصر النافع: ص 104.
(10) السرائر: ج 1 ص 562.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 26.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 349 س 6، منتهى المطلب: ج 2 ص 829 س 33.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 358 درس 94.
384

الذي سمعته، ويمكن العدم اقتصارا في خلاف الأصل على المنصوص. ولا
ينسحب فيمن حلب فشرب غيره أو تلف اللبن، مع احتمال أن يكون عليه أحد
الأمرين من الدم أو القيمة، وكذا إذا حلب فأتلف اللبن لكون الاتلاف كدفن
المذبوح، ويمكن كونه كالشرب.
(ولو رمى محلا فقتل محرما، أو جعل في رأسه ما يقتل القمل محلا
فقتله محرما لم يضمن) كذا في المبسوط (1) والشرائع (2)، لكن فيهما وفي
التحرير (3) والتذكرة (4) والمنتهى (5) أنه رمى محلا فأصاب محرما، ولا فرق،
والوجه ظاهر، لكن الأحوط تقييد الأخير بأن لا يتمكن من الإزالة فيضمن إن
تمكن فلم يزل، ولا خلاف في ضمان أبعاض الصيد، وفي التذكرة (6) والخلاف (7)
والمنتهى (8) أنه لم يخالف فيه إلا أهل الظاهر.
(وفي كسر قرني الغزال نصف قيمته، وفي كل واحد الربع، وفي عينيه
القيمة) وفي إحداهما النصف.
(وفي كسر كل يد أو كل رجل نصف القيمة) كما في النهاية (9)
والمبسوط (10) والوسيلة (11) وا لمهذب (12) والسرائر (13) والجامع (14)، لخبر أبي بصير
سأل الصادق عليه السلام عن محرم كسر إحدى قرني غزال في الحل، قال: عليه ربع قيمة
الغزال، قال: فإن هو كسر قرنيه؟ قال: عليه نصف قيمته يتصدق به، قال: فإن هو فقأ
عينيه؟ قال: عليه قيمته، قال: فإن هو كسر إحدى يديه؟ قال: عليه نصف قيمته،

(1) المبسوط: ج 1 ص 355.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 289.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 27.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 349 س 8.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 830 س 4.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 348 س 3.
(7) الخلاف: ج 2 ص 401 المسألة 265.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 828 س 20.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 486 - 487.
(10) المبسوط: ج 1 ص 342 - 343.
(11) الوسيلة: ص 170.
(12) المهذب: ج 1 ص 226.
(13) السرائر: ج 1 ص 564 - 565.
(14) الجامع للشرائع: ص 191.
385

قال: فإن هو كسر إحدى رجليه؟ قال: عليه نصف قيمته، قال: فإن هو قتله؟ قال:
عليه قيمته؟ قال: فإن هو فعل به وهو محرم في الحرم؟ قال: عليه دم يهريقه،
وعليه هذه القيمة إذا كان محرما في الحرم (1).
قال المحقق: وفي المستند ضعف (2)، وفي المنتهى: وفي طريق هذه الرواية
أبو جميلة وسماعة بن مهران، وفيهما قول، والأقرب الأرش (3).
قلت: وهو ظاهر الخلاف (4)، وبه قال المفيد (5) وسلا ر (6) وكذا الحلبيان في
الكسر (7)، وزاد غير ابن زهرة أنه إن رآه بعد ذلك سليما تصدق بشئ.
وفي المقنع: إن رمى محرما ظبيا فأصاب يده فعرج منها، فإن كان مشى عليها
ورعى فليس عليه شئ (8)، لخبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام عن محرم رمى
صيدا فأصاب يده فعرج، قال: إن كان الظبي مشى عليها ورعى وهو ينظر إليه فلا
شئ عليه (9).
ويجوز أن يراد أنه عرج ثم صلح ثم إنه في العرج، وما تسمعه الآن في
الكسر، فلا يرد ما في المختلف من أنه محجوج به (10).
وفي النهاية (11) والمبسوط (12) والمهذب (13) والسرائر أنه إن أدماه أو كسر يده
أو رجله ثم رآه صح، فعليه ربع الفداء (14)، وهو خيرة المختلف (15)، لصحيح علي بن

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 223 ب 28 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 288.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 828 س 15.
(4) الخلاف: ج 2 ص 401 المسألة 266.
(5) المقنعة: ص 437 و 439.
(6) المراسم: ص 121.
(7) الكافي في الفقه: ص 206، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 7.
(8) المقنع: ص 78.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 221 ب 27 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(10) مختلف الشيعة: ج 4 ص 140.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 490.
(12) المبسوط: ج 1 ص 343.
(13) المهذب: ج 1 ص 228.
(14) السرائر: ج 1 ص 566.
(15) مختلف الشيعة: ج 4 ص 139.
386

جعفر سأل أخاه عليه السلام عن رجل رمى صيدا وهو محرم، فكسر يده أو رجله وتركه،
فرعى الصيد، قال: عليه ربع الفداء (1). وخبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام عن محرم
رمى ظبيا فكسر يده أو رجله فذهب الظبي على وجهه فلم يدر ما صنع، قال: عليه
فداؤه، قال: فإنه رآه بعد ذلك يمشي، قال: عليه ربع ثمنه (2). وبحملهما على البرئ
يجمع بينها وبين خبر النصف.
وأما التسوية بين الادماء والكسر، ففي المختلف: إنه لم يقف له على حجه (3).
قلت: قال أمير المؤمنين عليه السلام في خبر السكوني في المحرم يصيب الصيد
فيدميه ثم يرسله، قال: عليه جزاؤه (4).
وقال سلا ر: إن فقأ عين الصيد أو كسر قرنه تصدق بصدقة، لكنه حكم
بالأرش في الجرح مطلقا إذا بقي معيبا (5). فيجوز أن يريد بالصدقة الأرش كما
صرح به المفيد (6). وخيرة المختلف في العين (7) خيرة الشيخ من كمال القيمة إذا
فقأها ونصفهما في إحداهما (8)، لأنه إذا تلفت العينان كان الصيد كالتالف، فوجب
كمال الجزاء، والجناية على أحدهما نصفها عليها، ففيها نصف العقوبة، ويظهر منه
أنه أراد الفداء بالقيمة. قال: لا بأس بالأرش في الصورة الثانية (9).
وفي خبر لأبي بصير أنه سأل الصادق عليه السلام عن محرم كسر قرن ظبي، قال:
عليه الفداء، قال: فإن كسر يده، قال: إن كسر يده ولم يرع فعليه دم شاة (10). ولعل
الفداء فداء القرن والشاة، لأنه غاب فلم يدر ما صنع، أو أزمن فلا يقدر على الرعي.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 222 ب 28 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 221 ب 27 من كفارات الصيد ح 2 و ص 222 - 223 ب 28 من
كفارات الصيد ح 2.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 139.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 222 ب 27 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(5) المراسم: ص 122.
(6) المقنعة: ص 437 - 438.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 141.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 487.
(9) مختلف الشيعة: ج 4 ص 141.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 222 ب 27 من أبواب كفارات الصيد ح 6.
387

(فروع) أربعة:
(أ: لوصال عليه صيد فدفعه) عن نفسه (وأدى دفعه إلى القتل أو
الجرح فلا) إثم إجماعا، كما في التحرير (1)، ولا (ضمان) للأصل، ويدفعه
عموم الكتاب (2) والسنة (3)، وخصوص الأمر بالفداء لمن اضطر إلى أكل الصيد.
(ولو تجاوز) في الدفع (إلى الأثقل) فأدى إلى القتل أو الجرح (مع
الاندفاع بالأخف) ولو بالهرب (ضمن) للعمومات، من غير ضرورة
تعارضها، وقد سمعت معنى الصيد المحرم هنا، فلا يضمن إلا ما شمله.
(ب: لو أكله في مخمصة) بقدر ما يمسك الرمق جاز، و (ضمن)
الفداء بالنصوص والاجماع.
(ولو كان عنده) مع الصيد (ميتة، فإن تمكن من الفداء أكل الصيد
وفداه، وإلا) أكل (الميتة) وفاقا للشرائع (4) والنهاية (5) والمبسوط (6)
والمهذب، إلا أن فيها: وإلا جاز له أكل الميتة (7).
أما اختيار الصيد إذا أمكنه الفداء فللأخبار (8) والانجبار بالفداء، واختصاص
الميتة بالحرمة الأصلية وبالخبث وفساد المزاج وإفساده المزاج، وللإجماع على
ما في الإنتصار (9).
وأما اختيار الميتة إذا عجز عن الفداء، فلأن أخبار اختيار الصيد ناصة على
الفداء. قال يونس بن يعقوب للصادق عليه السلام: فإن لم يكن عندي؟ قال: تقضيه إذا

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 س 28.
(2) المائدة: 95.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 237 ب 43 من كفارات الصيد.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 293.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 494.
(6) المبسوط: ج 1 ص 349.
(7) المهذب: ج 1 ص 230.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 237 ب 43 من أبواب كفارات الصيد.
(9) الإنتصار: ص 100.
388

رجعت إلى مالك (1). وكذا قال عليه السلام لمنصور بن حازم فيما رواه البرقي في
المحاسن، عن أبيه، عن صفوان بن يحي، عن منصور (2).
وقال أبو علي: فإن كان في الوقت ممن لا يطيق الجزاء أكل الميتة (3)، ولقول
علي عليه السلام في خبر إسحاق: إذا اضطر المحرم إلى الصيد وإلى الميتة، فليأكل الميتة
التي أحل الله له (4). وقول الصادق عليه السلام في الصحيح لعبد الغفار الجازي: يأكل
الميتة ويترك الصيد (5).
وقيد أبو علي الميتة بما يكون مباح الأكل بالذكاة (6). ولعله لتساوي الصيد في
الإباحة في الأصل، وقد يكون حمل عليه قوله عليه السلام: (الميتة التي أحل الله له).
واحتمل الشيخ في الخبرين التقية والاضطرار إلى ذبح صيد، لعدم وجدان
مذبوح منه، فإن المحرم إذا ذبحه كان ميتة (7). قال في المختلف: وهذا الحمل لا
بأس به (8). واحتمل الشيخ في أولهما: أن لا يكون واجدا للصيد وإن اضطر إليه (9).
وخبر الصدوق في الفقيه بين أكل الصيد والفداء وأكل الميتة، قال: إلا أن أبا
الحسن الثاني عليه السلام قال يذبح الصيد ويأكله ويفدي أحب إلي من الميتة (10). وتبعه
ابن سعيد وصرح بأنه يذبح الصيد ويأكله (11). وفي المقنع: يأكل الصيد ويفدي (12).
وقد روي في حديث آخر: أنه يأكل الميتة، لأنها قد حلت له ولم يحل له الصيد (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 238 ب 43 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
(2) المحاسن: ص 317 ح 40.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 135.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 240 ب 43 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 11.
(5) المصدر السابق ح 12.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 135.
(7) الإستبصار: ج 2 ص 210 ذيل الحديث 717.
(8) مختلف الشيعة: ج 4 ص 138.
(9) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 368 ذيل الحديث 1284.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 373 ح 2734.
(11) الجامع للشرائع: ص 178.
(12) المقنع: ص 79.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 239 ب 43 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 8.
389

وأطلق المفيد (1) والسيد (2) وسلار (3) أنه يأكل الصيد ويفدي ولا يأكل الميتة،
ولم يذكروا من لا يقدر على الفداء.
وفي أطعمة الخلاف (4) والمبسوط (5) والسرائر (6) اختيار ما احتمل به في
الخبرين من الفرق بين أن يجد صيدا مذبوحا ذبحه محل في حل، وأن يفتقر إلى
ذبحه وهو محرم، أو يجده مذبوحا ذبحه محرم، أو ذبح في الحرم.
وقوى ابن إدريس هنا أكل الميتة على كل حال، لأنه مضطر إليها، ولا عليه
في أكلها كفارة، ولحم الصيد ممنوع منه لأجل الاحرام على كل حال، لأن الأصل
براءة الذمة من الكفارة (7). يعني لا يجوز له أن يشغل ذمته بالكفارة.
وزاد له السيد: إن الحظر في الصيد من وجوه: منها تناوله، ومنها قتله، ومنها
أكله، بخلاف الميتة فإنها حظر واحد وهو الأكل. وأجاب بأنه منقوض بما لو
فرضنا أن إنسانا غصب شاة، ثم وقذها وضربها حتى ماتت، ثم أكلها، فإن الحظر
فيها من وجوه، ولا يفرقون بينها وبين غيرها (8).
قلت: وبالصيد الذي ذبحه غيره خصوصا محل في حل. وزاد في المنتهى: إن
الصيد أيضا ميتة مع ما في أكله من هتك حرمة الاحرام، وأجاب بمنع أنه ميتة،
وفي حكمها عند الضرورة، ومنع الهتك عندها (9).
(ج: لو عم الجراد المسالك) بحيث لا يمكن السلوك إلا بوطئه (لم
يلزم المحرم بقتله في التخطي) عليه (شئ) الأصل مع الضرورة،
والأخبار (10)، خلافا لأحد قولي الشافعي (11).

(1) المقنعة: ص 438.
(2) الإنتصار: ص 100.
(3) المراسم: ص 121.
(4) الخلاف: ج 6 كتاب الأطعمة المسألة 25.
(5) المبسوط: ج 6 ص 287.
(6) السرائر: ج 3 ص 126.
(7) السرائر: ج 1 ص 568.
(8) الإنتصار: ص 100 - 101.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 805 س 22.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 233 ب 38 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها.
(11) الحاوي الكبير: ج 4 ص 334.
390

(د: لو رمى صيدا فأصابه ولم تؤثر) فيه (فلا ضمان) وليستغفر الله،
كما في النهاية (1) والمبسوط (2) وغيرهما، للأصل، وما مر من خبر أبي بصير سأل
الصادق عليه السلام عن محرم رمى صيدا فأصاب يده فعرج، فقال: إن كان الظبي مشى
عليها ورعى وهو ينظر إليه فلا شئ عليه (3). ويستثنى منه ما إذا رماه اثنان
فأصاب أحدهما دون الآخر، وسيأتي.
(ولو جرحه ثم رآه سويا) أي صحيحا بلا عيب أو مطلقا (ضمن
أرشه) من الجرح كما في الشرائع (4)، لأنها جناية مضمونة دون الاتلاف لا
تقدير فيها على بعض من كل مضمون ففيها ما يوازي نسبة البعض من الكل. ومن
العامة (5) من توهم أن البر مسقط للجزاء رأسا.
(وقيل) في النهاية (6) والمبسوط (7) والمهذب (8) والسرائر (9)
والإصباح (10) والنافع (11) والجامع (12): ضمن (ربع القيمة) بل ربع الفداء، لما مر
من خبري علي بن جعفر وأبي بصير، وفيه أنهما في كسر اليد والرجل خاصة، ولا
ينصان على البر، فضلا عن انتفاء العيب، وكلامهم كالمتن يحتمل الأمرين.
وقال علي بن بابويه (13) والمفيد (14) وسلا ر (15) والحلبي (16) وابن حمزة (17):

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 490.
(2) المبسوط: ج 1 ص 343.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 221 ب 27 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 3.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 288.
(5) المجموع: ج 7 ص 435.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 490.
(7) المبسوط: ج 1 ص 343.
(8) المهذب: ج 1 ص 566.
(9) السرائر: ج 1 ص 566.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 473.
(11) المختصر النافع: ص 103.
(12) الجامع للشرائع: ص 192.
(13) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 139.
(14) المقنعة: ص 437.
(15) المراسم: ص 122.
(16) الكافي في الفقه: ص 206.
(17) الوسيلة: ص 170.
391

تصدق بشئ، وهو خيرة المختلف (1) في الادماء، لأنه جناية لا تقدير فيها.
ونص المفيد على أن ذلك إذا انتفى العيب، وإلا فالأرش (2).
(ولو) جرحه ثم (جهل حاله، أو) أصابه و (لم يعلم أثر فيه أم لا،
ضمن الفداء) كاملا كما في المبسوط (3) والشرائع (4) والمقنعة (5) وجمل العلم
والعمل (6) وشرحه (7) والانتصار (8) والوسيلة (9) والنافع (10) في الأول،
والنهاية (11) والسرائر (12) والجامع (13) في الثاني، وكلام الحلبيين (14) يحتملهما
وكذا الجواهر (15).
أما الأول فللأخبار (16)، وفي بعضها التعليل بأنه لا يدري لعله هلك، وفي
الإنتصار (17) والخلاف (18) وشرح الجمل للقاضي: الاجماع عليه (19)، وللعامة قول
بأن الجراحة إن كانت موجبة - أي لا يعيش معها المجروح غالبا - ضمن جميعه،
وإلا ضمن ما نقص (20). قال في المنتهى (21) والتذكرة: إنه ليس بجيد لأنه فعل

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 139.
(2) المقنعة: ص 437 - 438.
(3) المبسوط: ج 1 ص 343.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 288.
(5) المقنعة: ص 437.
(6) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 72.
(7) شرح جمل العلم والعمل: ص 233.
(8) الإنتصار: ص 104.
(9) الوسيلة: ص 170.
(10) المختصر النافع: ص 103.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 490.
(12) السرائر: ج 1 ص 566.
(13) الجامع للشرائع: ص 192.
(14) الكافي في الفقه: ص 206، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 7.
(15) جواهر الفقه: ص 46 المسألة 166.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 220 ب 27 من أبواب كفارات الصيد.
(17) الإنتصار: ص 104.
(18) الخلاف: ج 2 ص 419 المسألة 304.
(19) شرح جمل العلم والعمل: ص 233.
(20) الشرح الكبير: ج 3 ص 355.
(21) منتهى المطلب: ج 2 ص 828 س 31.
392

ما يحصل به التلف فكان ضامنا (1).
وأما الثاني فعملا بالأغلب، وهو التأثير مع الإصابة، وإذا بنى على التأثير
وجهل الحال رجع إلى المسألة الأولى. ونسب النافع إلى القيل (2)، بناء على أصل
عدم التأثير، وأصل البراءة مع انتفاء نص فيه، ولولا النصوص في الأول لم يتجه
ضمان كمال الفداء فيه أيضا.
وفي الغنية: الاجماع على أنه إذا أصاب فغاب الصيد فلم يعلم له حالا ضمن
فداؤه (3). وفي الجواهر: الاجماع على أنه يضمن الجزاء (4). وفي المهذب: إن
عليه الفداء إذا رماه ولم يعلم أصابه أم لا (5). واحتج له في المختلف بأن الأصل
الإصابة مع الرمي، وأجاب بالمنع (6).
قلت والفرق بينه وبين الإصابة ظاهر، فإن الغالب التأثير مع الإصابة، وليس
الغالب الإصابة مع الرمي، إلا أن يفرض كذلك فالأحوط البناء على التأثير.
(وأما التسبيب ففعل ما يحصل معه التلف ولو نادرا وإن قصد) به
(الحفظ) لكن في الضمان إذا حصل به التلف وكان قصد الحفظ إشكال.
(فلو وقع الصيد في) شق حائط أو جبل أو (شبكة) لم يكن هو
ناصبها (فخلصه) منها (فعاب أو تلف) بالتلخيص ضمن كما في
المبسوط (7) والخلاف (8) والوسيلة (9) والشرائع (10) والجامع (11)، وقطع به المصنف في
سائر كتبه (12) إلا التبصرة فليس فيه، والشهيد (13)، على إشكال، من عموم الأدلة،

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 348 س 22.
(2) المختصر النافع: ص 103.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 7.
(4) جواهر الفقه: ص 46 المسألة 166.
(5) المهذب: ج 1 ص 228.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 142.
(7) المبسوط: ج 1 ص 349.
(8) الخلاف: ج 2 ص 418 المسألة 301.
(9) الوسيلة: ص 170.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 290.
(11) الجامع للشرائع: ص 191.
(12) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 321، تحرير الأحكام: ج 1 ص 118 س 19، تذكرة الفقهاء: ج
1 ص 350 س 17، منتهى المطلب: ج 2 ص 832 س 10.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 363 درس 96.
393

وكونه من القتل أو الجرح خطأ، ومن الأصل مع كونه محسنا، وما على المحسنين
من سبيل. وقد يقال: إنه لا ينفي الضمان.
(أو خلص صيدا من فم هرة أو سبع) آخر (ليداويه) ولم يكن هو
المغري له (فمات في يده) لا بالتخليص بل بما ناله من السبع (ضمن)
أيضا، وهو من القسم الثالث استطرد هنا.
(على إشكال) مما يأتي، من أن إثبات اليد عليه مضمن، وبه قطع
الشهيد (1) والمصنف (2) في غيره، وفيه: إن عموم العدوان وغيره غير معلوم. ومن
الأصل والاحسان والأمر بحفظ ما نتف ريشه حتى يكمل وشئ منهما، كما لا
ينفي الضمان، ولا ينافي عموم دليله إن ثبت.
(والدال) على الصيد فقتل أو جرح، (ومغري الكلب في الحل) وهو
محرم، (أو) بالصيد في (الحرم، وسائق الدابة، والواقف بها راكبا) إذا
جنت على الصيد، وكذا القائد والسائر راكبا إذا جنت برأسها أو يديها.
(والمغلق على الحمام) أو غيره (وموقد النار) إذا تلف صيدا أو
عضوا منه (ضمناء).
أما الدال فللإجماع كما في الخلاف (3) والغنية (4)، ولقول الصادق عليه السلام في
حسن الحلبي وصحيحه: لا تستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام، ولا أنت حلال
في الحرم، ولا تدلن عليه محلا ولا محرما فيصطاده، ولا تشر إليه فيستحل من
أجلك، فإن فيه فداء لمن تعمده (5). وإن احتمل بعيدا أن يكون الفداء على
المستحل لا الدال. وفي خبر ابن حازم: المحرم لا يدل على الصيد، فإن دل فقتل

(1) المصدر السابق.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 350 س 35.
(3) الخلاف: ج 2 ص 405 - 406 المسألة 275.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 16.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 208 ب 17 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
394

فعليه الفداء (1).
والاجماع والخبران إنما هما إذا قتل بالدلالة، ولعل الجرح كذلك. والخبر
الأول إنما هو فيما إذا أخذ فلا شئ عليه إذا لم يأخذه المدلول أو أخذه ثم أرسله
وإن أثم للأصل.
وأطلق الفداء عليه في جمل العلم والعمل (2) وشرحه (3) والمراسم (4)
والمهذب (5).
وفي المختلف: إنهم إن قصدوا الاطلاق فهو ممنوع، ثم استدل لهم بخبر ابن
حازم بحذف قوله: (فقتل) وأجاب بحمله على القيد (6). وهو موجود في نسخ
الكافي (7) والتهذيب (8)، وكان القيد مرادا لهم، ومراد في عبارة الكتاب أيضا،
وكأنه اكتفى عن التصريح بلفظي الضمان والتسبيب. ولم يضمنه الشافعي
مطلقا (9)، ولا أبو حنيفة إذا كان الصيد ظاهرا (10)، وأوجب أحمد جزاء واحدا بين
الدال والمدلول (11).
ولا ضمان إن كان رآه المدلول قبل الدلالة، لعدم التسبيب، والدلالة حقيقة مع
الأصل، وكذا إن فعل ما فطن به غيره ولم يكن قصد به ذلك، لخروجه عن الدلالة.
ثم الدال إنما يضمن إذا كان محرما دل محرما أو محلا على صيد في الحرم أو

(1) المصدر السابق ح 2.
(2) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(3) شرح جمل العلم والعمل: ص 232 - 233.
(4) المراسم: ص 121.
(5) المهذب: ج 1 ص 228.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 142.
(7) الكافي في الفقه: ص 205.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 350 ذيل الحديث 1217.
(9) الأم: ج 2 ص 208، المجموع: ج 7 ص 330.
(10) المبسوط للسرخسي: ج 4 ص 80، بدائع الصنائع: ج 2 ص 203.
(11) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 360، الشرح الكبير: ج 3 ص 360.
395

في الحل، وإن كان محلا دل محرما أو محلا على صيد في الحرم. ففي المنتهى (1)
والتحرير: أن في ضمانه نظر (2)، وخبري الحلبي يفيدان الضمان وإن دل محل
محرما على الصيد في الحل لم يضمن وفاقا للتذكرة (3)، لأنه لا يضمن بالمباشرة،
فالتسبيب أولى، وتردد في المنتهى لأنه أعان على محرم فكان كالمشارك (4)،
وضعفه ظاهر.
وأما المغري فلأن الكلب كالسهم، حتى أنه إن أغري في الحل، فدخل الصيد
الحرم، فتبعه الكلب فأخذه فيه ضمن كما في المنتهى (5). وقال الشافعي وأحمد في
رواية: لا يضمن (6)، وقال أحمد في رواية أخرى ومالك: إن كان قريبا من الحرم
ضمنه، وإلا فلا (7). ولا يضمن إن أغرى الكلب بصيد في الحل فدخل الحرم فأخذ
غيره فإنه باسترسال نفسه لا بالاغراء، فليس كسهم رمى به صيدا في الحل فأخطاء
فأصاب آخر في الحرم.
وأما سائق الدابة وراكبها فللأخبار كقول الصادق عليه السلام في حسن ابن عمار:
ما وطأته أو وطأه بعيرك وأنت محرم فعليك فداؤه (8). وفي صحيح الكناني: ما
وطأته أو وطأه بعيرك أو دابتك وأنت محرم فعليك فداؤه (9). أما إذا انفلتت فأتلفت
صيدا فلا ضمان للأصل، وعدم التسبيب، مع أن العجماء جبار.
وأما المغلق والموقد فللتسبيب والأخبار (10).

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 803 س 15.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 112 س 8.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 329 س 10.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 803 س 17.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 832 س 7.
(6) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 362، الشرح الكبير: ج 3 ص 362.
(7) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 362 - 363، الشرح الكبير: ج 3 ص 363.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 249 ب 53 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 1.
(9) المصدر السابق ح 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 207 و 211 ب 16 و ب 19 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها.
396

(ولو نفر الحمام فعاد، فدم شاة) عن الكل، (وإن لم يعد، فعن كل
حمامة شاة، ولو عاد البعض فعنه شاة، وعن غيره لكل حمامة شاة) ذكره
أكثر الأصحاب وقيدوا الحمام بحمام الحرم، وكذا المصنف في غيره ونسب الحكم
في النافع إلى القيل (1)، وفي التهذيب: ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه في
رسالته، ولم أجد به حديثا مسندا (2).
وفي المنتهى: لا بأس به، لأن التنفير حرام، لأنه سبب للاتلاف غالبا، ولعدم
العود (3)، فكان عليه مع الرجوع دم لفعل المحرم، ومع عدم الرجوع لكل طير شاة،
لما تقدم أن من أخرج طيرا من الحرم وجب أن يعيده، فإن لم يفعل ضمنه. ونحوه
التذكرة (4).
وفي المختلف عن أبي علي: من نفر طيور الحرم كان عليه لكل طائر ربع
قيمته، قال: والظاهر أن مقصوده ذلك إذا رجعت، إذ مع عدم الرجوع يكون
كالمتلف، فيجب عليه عن كل واحد شاة (5) انتهى.
والتنفير والعود يحتملان عن الحرم وإليه، وعن الوكر وإليه، وعن كل مكان
يكون فيه وإليه، والشاك في العدد يبني على الأقل، وفي العود على العدم.
وهل يختص الحكم بالمحل - كما قيل (6) - فإن كان محرما كان عليه جزءان
وجهان، أقواهما التساوي، للأصل من غير معارض.
(والأقرب أن لا شئ في الواحدة مع الرجوع) للأصل واختصاص
الفتاوى بالجمع، قلنا: إن الحمام جمع أم لا، ولأنه لو وجب فيها شاة لم يكن فرق

(1) المختصر النافع: ص 104.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 350 ذيل الحديث 1217.
(3) لم نعثر عليه، راجع منتهى المطلب: ج 2 ص 831 س 113 وفيه (هذا الحكم ذكره علي بن
بابويه في رسالته ولم أجد به حديثا مستندا).
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 349 س 38.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 143.
(6) جامع المقاصد: ج 3 ص 327.
397

بين عودها وعدمه، بل تلفها.
ويحتمل المساواة للكثير، كما يتساوى ثلاثة منها وألف، وكما يتساوى
حمامة وجزؤها في الفداء عند الأكل، لتحصيل يقين البراءة، ومنع اختصاص
الفتاوي بالجمع إنما يعطيه ظاهر قولهم: (فعن كل حمامة شاة) وهو لا يعنيه.
وأما بحسب اللغة، فالمحققون على أنه اسم جنس، ولا بعد في تساوي
التنفير والاتلاف.
(ولو) رمى الصيد راميان و (أصاب أحد الراميين خاصة، ضمن كل
منهما فداء كاملا) وفاقا للشيخ (1) وابني سعيد (2)، لأن ضريسا سأل أبا
جعفر عليه السلام في الصحيح عن محرمين رميا صيدا، فأصابه أحدهما، قال: كل على
واحد منهما الفداء (3). وإدريس بن عبد الله: سأل الصادق عليه السلام عن محرمين
يرميان صيدا، فأصابه أحدهما، الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما؟ قال:
عليهما جميعا، يفدي كل واحد منهما على حدته (4).
وفي الشرائع (5) والتذكرة (6) والمنتهى (7) لإعانة غير المصيب، ولا أفهمه، إلا
أن يكون دله عليه بالرمي، أو أغراه، أو أغواه.
وخلافا لابن إدريس للأصل، قال: إلا أن يكون دل ثم رمى فأخطأ فيكون
الكفارة للدلالة (8). وأجاب في المختلف عن الأصل بالاحتياط (9)، لصحة الخبر ثم
الخبران في المحرمين فلا بد من القصر عليهما كما في الجامع (10). وقال الشهيد:

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 483.
(2) الجامع للشرائع: ص 191، شرائع الاسلام: ج 1 ص 290.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 212 ب 20 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 290.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 349 س 3.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 829 س 25.
(8) السرائر: ج 1 ص 561.
(9) مختلف الشيعة: ج 4 ص 120.
(10) الجامع للشرائع: ص 191.
398

وفي تعديه إلى الرماة نظر (1).
(ولو أوقد جماعة نارا، فوقع) فيها (طائر ضمنوا فداء واحدا إن لم
يقصدوا) بالايقاد (الصيد، وإلا فكل واحد) يضمن (فداء كاملا) كذا في
النهاية (2) والمبسوط (3) والنافع (4) والشرائع (5) والجامع (6)، وإن قيد في
الأخير الايقاد الأول بكونه لحاجة لهم.
فالمستند صحيح أبي ولا د الحناط قال: خرجنا ستة نفر من أصحابنا إلى مكة،
فأوقدنا نارا عظيمة في بعض المنازل أردنا أن نطرح عليها لحما نكببه وكنا
محرمين، فمر بنا طير صاف مثل حمامة أو شبهها، فاحترق جناحاه فسقط في
النار فمات، فاغتممنا لذلك، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام بمكة فأخبرته وسألته،
فقال: عليكم فداء واحد تشتركون فيه جميعا إن كان ذلك منكم على غير تعمد،
ولو كان ذلك منكم تعمدا ليقع فيها الصيد فوقع ألزمت كل رجل منكم دم شاة، قال
أبو ولا د: كان ذلك منا قبل أن ندخل الحرم (7). هذا مع أنه عند القصد من اشتراكهم
في القتل مباشرة، فإن كانوا محرمين في الحرم تضاعف الجزاء على كل منهم، وإن
كانوا محلين فيه كان على كل منهم درهم، وكذا إذا لم يقصدوا.
وقيد الايقاد في الدروس بالحرم، وكأنه تمثيل، وذكر بما ليس في الخبر
لخفائه، قال: ولو قصد بعضهم تعدد على من قصد وعلى الباقين فداء واحد، ولو
كان غير القاصدين واحدا على إشكال، ينشأ من مساواته القاصد، ويحتمل مع
اختلافهم في القصد أن يجب على من لم يقصد ما كان يلزمه مع عدم قصد الجميع،
فلو كان اثنين مختلفين فعلى القاصد شاة وعلى الآخر نصفها لو كان الواقع

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 360 درس 95.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 484.
(3) المبسوط: ج 1 ص 342.
(4) المختصر النافع: ص 104.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 290.
(6) الجامع للشرائع: ص 191.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 211 - 212 ب 19 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 1.
399

كالحمامة، ولا إشكال في وجوب الشاة على الموقد الواحد، قصد أو لا (1) انتهى.
(ولو رمى صيدا) فجرحه أو قتله (فتعثر فقتل) أو جرح (فرخا أو
آخر، ضمن الجميع) للمباشرة والتسبيب.
(ولو سار على الدابة أو قادها ضمن ما تجنيه بيديها) أو رأسها، ولا
يضمن ما تجنيه برجليها، فإن الرجل جبار، إلا إذا جنت وهو عالم متمكن، إلا في
نحو الجراد الذي لا يمكنه التحرز منه. وأما السائق والواقف بها فيضمن ما تجنيه
مطلقا، ولا يضمن ما تجنيه وقد انفلتت أو كانت مربوطة حيث لا صيد، فإن
العجماء جبار.
(ولو أمسك صيدا في الحرم، فمات ولده فيه بإمساكه، ضمنه)
للتسبيب، (وكذا المحل لو أمسك الأم في الحل، فمات الطفل في الحرم،
ولا يضمن الأم. ولو أمسك المحل الأم في الحرم، فمات الولد في الحل
ففي ضمانه) كما في المبسوط (2) (نظر، ينشأ من كون الاتلاف بسبب في
الحرم، فصار كما لو رمى من الحرم) فأصاب صيدا في الحل.
وفي حسن مسمع عن الصادق عليه السلام: إن عليه الجزاء، لأن الآفة جاءت الصيد
من ناحية الحرم (3). ومن كونه قياسا، وإن نص على علته مع الأصل.
(ولو نفر صيدا فهلك بمصادمة شئ، أو أخذه آخر، ضمن) الأول
للتسبيب وكذا الثاني.
(إلى أن) يتركه الأخذ و (يعود الصيد إلى السكون، فإن) سكن في
وكره أو حجره أو فيما نفر عنه و (تلف بعد ذلك فلا ضمان) وكذا إن سكن في
غير ذلك إذا لم يستند التلف إلى ما سكن فيه، لزوال السبب، وإن استند إليه ضمن.

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 360 درس 95.
(2) المبسوط: ج 1 ص 347.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 229 ب 33 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 1.
400

(ولو هلك قبل ذلك بآفة سماوية، فالأقرب الضمان) كالمغصوب إذا
تلف كذلك، لانحصار سبب خروجه عن الضمان في عوده إلى السكون، ولقول
الكاظم عليه السلام لأخيه علي في رجل أخرج حمامة من الحرم: عليه أن يردها، فإن
ماتت فعليه ثمنها يتصدق به (1). ويحتمل العدم، لعدم استناد التلف إليه مباشرة، ولا
تسبيبا مع الأصل.
(ولو أغلق بابا على حمام الحرم، وفراخ وبيض، فإن أرسلها سليمة
فلا ضمان) وفاقا للمعظم للأصل، ولأنه ليس بأعظم من الأخذ ثم الارسال.
(وإلا ضمن المحرم الحمامة بشاة، والفرخ بحمل، والبيضة بدرهم،
والمحل الحمامة بدرهم، والفرخ بنصفه، والبيضة بربعه) وفاقا للمعظم، وبه
خبر يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام، وفيه زيادة أنه: إن لم يتحرك الفرخ ففيه
على المحرم درهم (2). وقوله عليه السلام لإبراهيم بن عمر، وسليمان بن خالد فيمن أغلق
بابه على طائر: إن كان أغلق الباب بعد ما أحرم فعليه شاة، وإن كان أغلق الباب
قبل أن يحرم فعليه قيمته (3). وللحلبي فيمن أغلق على طير من حمام الحرم فمات:
يتصدق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم (4). وقول الكاظم عليه السلام لزياد الواسطي:
عليهم قيمة كل طائر درهم يشتري به علف لحمام الحرم (5).
(و) لما أطلقت الأخبار الاغلاق سوى خبر الحلبي وخبر سليمان بن خالد
على ما في الفقيه (6) - (قيل) في النافع (7) وحكى في الشرائع: إنه (يضمن)
ما ذكر (بنفس الاغلاق (8)) وهو خيرة التلخيص (9). ويؤيده أنه عند الهلاك

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 213 ب 22 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 207 ب 16 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 3.
(3) المصدر السابق ح 2.
(4) المصدر السابق ح 1.
(5) المصدر السابق ح 4.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 257 - 258 ح 2351 و 2352.
(7) المختصر النافع: ص 104.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 289.
(9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 333.
401

يجتمع على المحرم في الحرم الأمران كما في السرائر (1) والتحرير (2)
والمنتهى (3)، وظاهر الخبرين (4) والفتاوى أنه ليس عليه إلا شاة أو حمل أو
درهم، إلا أن يراد الاغلاق على حمام الحرم في الحل.
(و) لما استبعد المصنف أن يكون الاغلاق كالاتلاف في التضمين قال:
(يحمل) الاطلاق في الأخبار، بل وفي بعض فتوى القيل (على جهل الحال
كالرمي) مع الإصابة إذا غاب الصيد، فلم يعرف حاله على ما مر واختاره
الشهيد (5).
(ولو نصب شبكة في ملكه أو غيره وهو محرم، أو نصبها المحل في
الحرم فتعلق بها صيد فهلك) كله أو عضو منه (ضمن) للتسبيب، بخلاف ما
إذا نصبها في الحل محلا فتعقل بها الصيد وهو محرم، لأنه لم يوجد منه السبب إلا
بعد الاحرام، فهو كما لو صاده قبل الاحرام فتركه في منزله فتلف بعد الاحرام أو
باعه محلا فذبحه المشتري وهو محرم.
(ولو حل الكلب المربوط) في الحرم أو وهو محرم والصيد حاضرا
ويقصد الصيد (فقتل صيدا ضمن) لأنه شديد الضراوة بالصيد، فيكفي
بالتسبيب حل الرباط.
(وكذا) لو حل (الصيد) المربوط فتسبب ذلك لأخذ الكلب أو غيره له
(على إشكال) إن لم يقصد به الأخذ من التسبيب ومن الاحسان، خصوصا مع
الغفلة.
(ولو انحل الرباط) رباط الكلب (لتقصيره في الربط فكذلك)

(1) السرائر: ج 1 ص 560.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 118 س 6.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 825 س 6 س 11.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 207 ب 16 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 2 و 3.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 358 درس 94.
402

يضمن ما صاده التسبيب إذا كان هو الذي أتى بالكلب، ولا ضمان لتقصيره عنده
في ربط كلب غيره وإن أمره الغير، بل الأمر حينئذ مقصر حيث اكتفى بالأمر،
(وإلا) يكن قصر في الربط (فلا) ضمان عليه بمجرد الاستصحاب للأصل،
والربط المانع من التسبيب مع احتماله. نعم، لا يحتمل إن لم يكن هو المستصحب،
بل تملكه في الحرم أو محرما وقد أتى به غيره.
(ولو حفر بئرا في محل عدوان فتردى فيها صيد ضمن) للتسبيب
كالآدمي (ولو) لم يكن في محل عدوان (كان في ملكه أو موات لم)
يقصد الصيد لم (يضمن) كما لا يضمن الآدمي.
(و) لكن (لو حفر في ملكه في الحرم) إن قلنا بملكه (فالأقرب
الضمان، لأن حرمة الحرم شاملة) لملكه، (فصار كما لو نصب شبكة في
ملكه في الحرم) وإن كانت الشبكة أقرب، وكذا إن احتاج إلى الحفر أو حفر
لمنفعة الناس فإن الضمان هنا يترتب على المباح والواجب، ويتجه مثله لو حفر
المحرم في ملكه أو موات من الحل، لأن حرمة الاحرام شاملة، ولذا قيل في
التحرير (1) والمنتهى (2): الوجه عدم الضمان. هذا مع الأصل والإباحة، ويدفعه
عموم التضمين لأنواع الاتلاف.
(ولو أرسل الكلب) أي لم يربطه أو أغراه لاهيا (أو حل رباطه ولا
صيد، فعرض صيد ضمن) للتسبيب، وقول الصادق عليه السلام لحمزة بن اليسع: كل
ما دخل الحرم من السبع مأسورا فعليك اخراجه (3). واحتمل العدم في التذكرة (4)
والمنتهى (5)، لأنه لم يقصد الصيد ولا توقفه، وضعفه ظاهر.
(وأما اليد فإن إثباتها على الصيد حرام على المحرم) إجماعا ونصا،

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 118 س 12.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 831 س 38.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 237 ب 41 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 6.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 350 س 16.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 832 س 8.
403

(وهي سبب الضمان) إذا تلف قبل الارسال ولو حتف أنفه كالغصب، (ولا
يستفيد به الملك) وإن قصده بالاصطياد أو الاتهاب.
(وإذا أخذ صيدا) مملوكا لغيره بإذنه أو لا به أرسله و (ضمنه) للمالك
أو سلمه إليه وضمن فداؤه، والمراد مطلق الأخذ، وهو مع ما بعده تفصيل لقوله:
(وهي سبب الضمان)، فكأنه قال: إن اليد سبب الضمان، فإن أخذه ضمنه بالأخذ،
وإن كان معه قبل الاحرام ضمنه بإهمال الارسال.
(ولو كان معه) صيد مملوك له (قبل الاحرام زال ملكه عنه به) كما
في الخلاف (1) والمبسوط (2) والجواهر (3) والنافع (4) والشرائع (5)، للاجماع على ما
في الخلاف (6) والجواهر (7) وظاهر المنتهى (8).
ولأنه لا يملكه ابتداء فكذا استدامة، وفيه نظر ستعرفه، ولعموم الآية (9)، فإن
صيد البر ليس فيها مصدرا وهو إن تم فإنما يفيد حرمة الاستبقاء، فلا يفيد فساده
إلا إذا اقتضى النهي الفساد وكان ذاكرا.
(و) لأنه (وجب) عليه (إرساله) كما في الغنية (10) والإصباح (11)
والنافع (12) والشرائع (13) والمبسوط (14) ولو كان قد بقي على ملكه كان له تصرف
الملاك في أملاكهم، وكل من الملازمة وبطلان اللازم ممنوع، بل ووجوب
الارسال لقول الصادق عليه السلام في خبر أبي سعيد المكاري: لا يحرم أحد ومعه شئ

(1) الخلاف: ج 2 ص 413 المسألة 292.
(2) المبسوط: ج 1 ص 348.
(3) جواهر الفقه: ص 47 المسألة 169.
(4) المختصر النافع: ص 104.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 289.
(6) الخلاف: ج 2 ص 414 مسألة 292.
(7) جواهر الفقه: ص 47 المسألة 169.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 830 س 7.
(9) المائدة: 96.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 26 - 27.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 472.
(12) المختصر النافع: ص 104.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 289.
(14) المبسوط: ج 1 ص 348.
404

من الصيد حتى يخرجه من ملكه، فإن أدخله الحرم وجب عليه أن يخليه فإن لم
يفعل حتى يدخل ومات لزمه الفداء (1).
وعلى مفاده اقتصر في النهاية وعبر عن اخراجه من ملكه بالتخلية. ومن
العامة من أوجب الارسال ولم يزل الملك، ومنهم من لم يوجب الارسال أيضا (2).
(فإن أهمل) الارسال (ضمن) الفداء إن تلف ولو حتف أنفه إجماعا منا
ومن القائلين بوجوب الارسال كما في المنتهى، قال: لأنه تلف تحت اليد العادية
فلزمه الضمان كمال الآدمي، قال: أما لو لم يمكنه الارسال وتلف قبل إمكانه
فالوجه عدم الضمان، لأنه ليس بمفرط ولا متعد (3). وفي التذكرة: إن فيه
وجهين (4)، والوجه عند العامة الضمان (5).
(ولو كان) مملوكه من (الصيد نائيا عنه لم يزل ملكه عنه)، وهو
نص النافع (6) والشرائع (7)، ونص المبسوط (8) والخلاف (9) ذلك إذا كان في منزله،
ونص الجامع عدم وجوب التخلية إذا كان في منزله (10)، وكان المراد واحد.
ودليله الأصل، وصحيح جميل: سأل الصادق عليه السلام عن الصيد يكون عند
الرجل من الوحش في أهله أو من الطير يحرم وهو في منزله، قال: وما به بأس لا
يضره (11). وصحيح ابن مسلم سأله عليه السلام عن الرجل يحرم وعنده في أهله صيد إما
وحش وإما طير، قال: لا بأس (12).

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 362 ح 1257.
(2) المجموع: ج 7 ص 310 - 311.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 830 س 18.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 351 س 3.
(5) المجموع: ج 7 ص 311.
(6) المختصر النافع: ص 104.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 389.
(8) المبسوط: ج 1 ص 348 وفيه: (في بلده).
(9) الخلاف: ج 2 ص 413 المسألة 292.
(10) الجامع للشرائع: ص 191.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 229 ب 34 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 230 ب 34 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 4.
405

والثاني ما يصدق عليه عرفا أنه ليس معه، وإذ لا يزول ملكه عنه فله البيع
والهبة وغيرهما كما في المنتهى (1) والتحرير (2). وقيل بالمنع. وسأل أبو الربيع
الصادق عليه السلام عن رجل خرج إلى مكة وله في منزله حمام طيارة فألفها طير من
الصيد وكان معه حمامة، قال: فلينظر أهله في المقدار إلى الوقت الذي يظنون أنه
يحرم فيه: ولا يعرضون لذلك الطير، ولا يفزعونه ويطعمونه حتى يوم النحر،
ويحل صاحبهم من إحرامه (3). فلا بأس أن يستحب ذلك.
(ولو أرسل الصيد) الذي مع المحرم (غير المالك، أو قتله، فليس
للمالك عليه شئ) كما زعمه أبو حنيفة (4)، (لزوال ملكه عنه).
(ولو أخذه في الحل وقد أرسله المحرم مطلقا أو المحل في الحرم)
أو لم يرسله (ملكه) بالأخذ أو مع قصد التملك لذلك، (ولو لم يرسله)
المحرم (حتى تحلل) ولم يدخله الحرم (لم يجب عليه الارسال) للأصل
وزوال الموجب، وللشافعي (5) وجه بالوجوب، لأنه كان يستحقه، وجاز له ذبحه
كما في التذكرة، والمنتهى. قال في التذكرة: وفي الضمان إشكال من حيث تعلقه به
بسبب الامساك (6)، وفي المنتهى: الوجه لزوم الضمان لذلك (7).
أما إذا أرسله ثم اصطاده لم يضمن قطعا، وفي المنتهى (8) والتحرير: إنه لما
زال ملكه عنه، فلا يعود إليه بعد الاحلال إلا بسبب آخر (9).
قلت: إما بأن يرسله ثم يصطاده، أو يأخذه ثم يصطاده، أو يكتفي بنية
التملك ثانيا.
(ولا يدخل الصيد في ملك المحرم باصطياد ولا ابتياع، ولا اتهاب

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 830 س 22.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 31.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 229 - 230 ب 34 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 2.
(4) الهداية للمرغيناني: ج 1 ص 175.
(5) المجموع: ج 7 ص 306.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 331 س 20.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 806 س 3.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 830 س 21.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 س 30.
406

ولا غير ذلك من ميراث وشبهه) كوصية وصلح ووقف (إن كان معه)
وفاقا للمحقق (1) في الحل أو في الحرم، لعموم الآية (2)، ولما عرفت من زوال ملكه
عنه، فعدم التملك أولى، وضعفهما ظاهر مما مر.
نعم، إن ثبت الاجماع على زوال الملك، قوى العدم، (وإلا) يكن معه
(ملك) ما في الحل كما في الشرائع (3) والنافع (4)، كما لا يزول ملكه عما ليس
معه. ولا يجب عليه إرساله للأصل من غير معارض.
وفيه: إن عموم الآية معارض إن استند إليه فيما معه، وفي التحرير (5)
والتذكرة (6) والمنتهى: إن ذلك في الحرم، أما في الحل فالوجه التملك، لأن
له استدامة الملك فيه فكذا ابتداؤه (7) مع قطعه فيها بزوال ملكه عنه بالاحرام،
واحتجاجه له بأن استدامة الامساك كابتدائه، وهو يعم المحرم في الحرم
وفي الحل.
(وقيل) في المبسوط: إنه لا يدخل بالاتهاب في ملكه (8)، وأطلق، ولا
يجوز له شئ من الابتياع وغيره من أنواع التملك، وأن الأقوى أنه (يملك)
بالميراث، ولكن إن كان معه (و) جب (عليه إرساله)، وإلا بقي على ملكه
ولم يجب إرساله، وهو قوي، لأن الملك هنا ليس بالاختيار ليدخل في عموم
الآية (9) بالتحريم، فيرثه لعموم أدلة الإرث، وإنما الذي باختياره الاستدامة، فلذا
وجب الارسال إن كان معه، وهو مقرب التذكرة (10) وفيها وفي المنتهى: إن الشيخ
قائل به في الجميع (11)، والذي في المبسوط يختص بالإرث (12)، وهو المنقول في

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 293.
(2) المائدة: 96.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 293.
(4) المختصر النافع: ص 105.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 117 السطر الأخير.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 349 س 25.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 830 س 33.
(8) المبسوط: ج 1 ص 347.
(9) المائدة: 96.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 349 س 26.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 830 س 34.
(12) المبسوط: ج 1 ص 347.
407

المختلف (1) والشرحين (2).
(وليس له القبض) من البائع أو الواهب أو نحوهما، ولا من التركة، لحرمة
إثبات اليد على الصيد.
(فإن قبض وتلف) في يده (فعليه الجزاء لله تعالى، والقيمة للمالك)
البائع ونحوه، لبقائه على ملكه مع كون القبض عدوانا وإن أذن المالك، وبطلان
نحو البيع فلا يتوجه الثمن. وفي كونه عدوانا على المالك نظر ظاهر، ويأتي أن
فداء المملوك لمالكه.
وفي المبسوط: لا قيمة عليه للواهب (3)، وهو الوجه، لأنه إباحة له، فلا
يضمن إذا تلف. وفيه أيضا: إن عليه رده إلى الواهب، فإنه أحوط (4).
وعلى ما اختاره هنا من عدم التملك بالإرث إذا كان معه يبقى الموروث على
ملك الميت إذا لم يكن وارث غيره.
(وإذا أحل دخل الموروث في ملكه) إن لم يكن في الحرم، وإن كان
معه مثله في الإرث، فإن أحل قبل قسمة التركة شارك في الصيد أيضا، وإلا فلا،
وإن لم يكن معه إلا وارث أبعد، اختص بالصيد وهو بغيره.
(ولو أحرم بعد بيع الصيد، وأفلس المشتري) أو ظهر عيب في الثمن
وكان باعه بخيار (لم يكن له حالة الاحرام أخذ العين) وللمشتري رده
لعيب أو غيره من أسباب الخيار، ولكن ليس له الأخذ.
(ولو استودع صيدا محلا ثم أحرم) أي الاحرام (سلمه) إلى
المالك، ثم (إلى الحاكم إن تعذر المالك، فإن تعذر) الحاكم (فإلى ثقة
محل، فإن تعذر فإشكال) من تعارض وجوب حفظ الأمانات أو ردها،
ووجوب الارسال عند الاحرام.

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 145.
(2) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 340، جامع المقاصد: ج 3 ص 334.
(3) المبسوط: ج 1 ص 347 - 348.
(4) المبسوط: ج 1 ص 347 - 348.
408

(أقربه الارسال) بعد الاحرام (والضمان) للقيمة للمالك، جمعا بين
الخفين، وتغليبا للاحرام. ويحتمل الحفظ وضمان الفداء إن تلف، تغليبا لحق الناس.
وأما إن كان عنده إلى أن أحرم ففي كل من الحفظ والتسليم إلى المالك أو
الحاكم أو ثقة إشكال، أقربه الارسال وضمان القيمة لهذا الدليل، فإن سلم إلى
أحدهم ضمن الفداء، إلا أن يرسله المتسلم كما نص عليه في التذكرة (1).
(ولو أمسك المحرم صيدا) في الحل (فذبحه محرم) آخر (فعلى
كل منهما فداء كامل) كما في المبسوط (2) والخلاف (3) والنافع (4) والشرائع (5)،
لوجوب الفداء في الدلالة والمشاركة في الرمي بدون الإصابة، فهو أولى.
وللإجماع كما في الخلاف (6) والتذكرة (7). وللشافعية وجهان: أحدهما أن الفداء
على القاتل، والآخر أنه بينهما (8).
(ولو كانا في الحرم تضاعف الفداء ما لم يبلغ بدنة) لما سيأتي (ولو
كانا محلين في الحرم لم يتضاعف) على أحد منهما.
(ولو كان أحدهما محرما في الحرم، والآخر محل، تضاعف في حق
المحرم خاصة، ولو أمسكه المحرم في الحل فذبحه محل) أو بالعكس
(فلا شئ على المحل، ويضمن المحرم الفداء) والكل واضح.
(ولو نقل) المحرم أو المحل في الحرم (بيضا) لصيد (عن موضعه
ففسد) بالنقل لأن البائض لم يحضنه أو لغير ذلك (ضمن) كما في المبسوط (9)
والخلاف (10)، ويرشد إليه أخبار كثيرة (11)، وكأنه معنى ما في الخلاف من عموم

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 351 س 8.
(2) المبسوط: ج 1 ص 345 - 346.
(3) الخلاف: ج 2 ص 406 المسألة 276.
(4) المختصر النافع: ص 140.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 189.
(6) الخلاف: ج 2 ص 406 المسألة 276.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 350 س 26.
(8) المجموع: ج 7 ص 437.
(9) المبسوط: ج 1 ص 348.
(10) الخلاف: ج 2 ص 416 المسألة 298.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 219 ب 26 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها.
409

الأخبار الواردة في هذا المعنى.
قيل: وكذا إذا جهل حاله من الفساد وعدمه (1)، ولا بأس به، ويرشد إليه ما مر
فيمن رمى صيدا فأصابه فغاب فلم يعرف حاله.
(ولو أحضنه) طيرا (وخرج الفرخ سليما فلا ضمان) نص عليه
الشيخ (2) للأصل من غير معارض.
(ولو كسره فخرج فاسدا، فالأقرب عدم الضمان) كما مر، ويحتمل
الضمان لعموم أخبار الكسر (3)، وكونه جناية محرمة. وعليه فما الذي تضمنه؟
يحتمل قيمة القشر كما قاله بعض العامة (4)، وما ورد من الفداء.
(البحث الثالث:)
(في اللواحق)
(يحرم من الصيد على المحل في الحرم كل ما يحرم على المحرم
في الحل) بالاجماع والنصوص (5)، إلا أن داود لم يضمن المحل إذا قتل صيدا
في الحرم (6)، ولا أعرف لقوله في الحل فائدة، إلا الإشارة إلى أن كلا من الاحرام
والحرم بانفراده محرم للصيد.
(ويكره له) أي المحل صيد (ما يؤم الحرم) كما في الإستبصار (7)
والشرائع (8)، لمرسل ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام: أنه كان يكره أن يرمي

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 363 درس 96.
(2) المبسوط: ج 1 ص 348.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 214 ب 23 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها.
(4) المجموع: ج 7 ص 318.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 75 و 79 و 80 ب 1 و 4 و 5 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 2 و 4.
(6) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 358.
(7) الإستبصار: ج 2 ص 207 ذيل الحديث 704.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 291.
410

الصيد وهو يؤم الحرم (1).
ولا يحرم كما في التهذيب (2) والنهاية (3) والمبسوط (4) وفاقا للسرائر (5)
للأصل، وقول الصادق عليه السلام لعبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح والحسن
الآتيين: لأنه نصب حيث ينصب وهو له حلال، ورمى حيث رمى وهو له
حلال (6). وفي الخلاف الاجماع على الحرمة (7).
(فإن أصابه فدخل الحرم ومات فيه ضمنه) كما في التهذيب (8)
والاستبصار (9) والنهاية (10) والمبسوط (11) والمهذب (12) والإصباح (13) والجامع (14).
(على إشكال) من الأصل واختلاف الأخبار.
فعن عقبة بن خالد أنه سأل الصادق عليه السلام عمن استقبله صيد قريبا من الحرم،
وهو متوجه إلى الحرم، فرماه فقتله، ما عليه في ذلك؟ قال: يفديه على نحوه (15).
وليس فيه موته في الحرم، ولذا أطلق في التهذيب (16) والاستبصار (17)، وزيد في

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 224 ب 29 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 359 ذيل الحديث 1248.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 490.
(4) المبسوط: ج 1 ص 343.
(5) السرائر: ج 1 ص 566.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 225 ب 30 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(7) الخلاف: ج 2 ص 423 المسألة 313.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 359 ذيل الحديث 1248.
(9) الإستبصار: ج 2 ص 207 ذيل الحديث 704.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 491.
(11) المبسوط: ج 1 ص 343.
(12) المهذب: ج 1 ص 228.
(13) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 473.
(14) الجامع للشرائع: ص 192.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 224 ب 30 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(16) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 359 ذيل الحديث 1248.
(17) الإستبصار: ج 2 ص 207 ذيل الحديث 704.
411

دليله في الإستبصار صحيح الحلبي عنه عليه السلام: إذا كنت محلا في الحل فقتلت صيدا
فيما بينك وبين البريد إلى الحرم فإن عليك جزاؤه، فإن فقأت عينه أو كسرت قرنه
تصدقت بصدقة (1).
وعن عبد الرحمن بن الحجاج في الفقيه (2) حسنا، وفي العلل صحيحا: أنه
سأله عليه السلام عن رجل رمى صيدا في الحل وهو يؤم الحرم فيما بين البريد والمسجد
فأصابه في الحل فمضى برميته حتى دخل الحرم فمات من رميته هل عليه جزاء؟
فقال: ليس عليه جزاء، إنما مثل ذلك مثل من نصب شركا في الحل إلى جانب
الحرم فوقع فيه صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فليس عليه جزاؤه، لأنه
نصب حيث نصب وهو له حلال، ورمى حيث رمى وهو له حلال، فليس عليه فيما
كان بعد ذلك شئ (3).
وعنه صحيحا في أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل رمى صيدا في الحل
فمضى برميته حتى دخل الحرم فمات، أعليه جزاؤه؟ قال: لا، ليس عليه جزاؤه (4)
الخبر. وهو يعم ما يؤم الحرم عنه أيضا عن الصادق عليه السلام في الرجل يرمي الصيد
وهو يؤم الحرم، فتصيبه الرمية فيتحامل بها حتى يدخل الحرم فيموت فيه، قال:
ليس عليه شئ، إنما هو بمنزلة رجل نصب شبكة في الحل، فوقع فيها صيد
فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فيه (5).
وحمل في الإستبصار على أنه ليس عليه عقاب، فإنه مكروه (6). وفي
التهذيب على أنه ليس عليه عقاب لكونه ناسيا أو جاهلا (7).

(1) الإستبصار: ج 2 ص 207 ح 705.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 260 ح 2361.
(3) علل الشرائع: ص 454 ح 8.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 225 ب 30 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) الإستبصار: ج 2 ص 207 ذيل الحديث 704.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 360 ذيل الحديث 1252.
412

والأقوى عدم الضمان كما في السرائر (1) والمختلف (2) للأصل والأخبار (3)،
وضعف خبر عقبة (4) مع احتماله الندب.
وهل يحرم لحمه كالميتة رواه مسمع في الحسن عن الصادق عليه السلام (5)، وأفتى به
الشيخ في التهذيب (6) والنهاية (7) والمبسوط (8) والقاضي (9) وابن سعيد (10)، وهو
ظاهر الإستبصار (11).
(ويكره صيد ما بين البريد والحرم) أي صيد خارج الحرم إلى بريد،
ويسمى حرم الحرم كما في النافع (12) والشرائع (13)، ويرشد إليه إيجاب الجزاء فيه
فيما سمعته من صحيح الحلبي (14)، ونحوه صحيح عبد الغفار الجازي (15).
(ويستحب) ما فيهما من الجزاء و (أن يتصدق عنه بشئ لو فقأ عينه
أو كسر قرنه) وفاقا للمحقق (16)، ولم يذكر إلا ما ذكره المصنف من التصدق،
وكأنهما اكتفيا في استحباب الفداء بذكر كراهية الصيد.
ولا يجب شئ من الفداء والصدقة كما ذهب إليه الشيخان (17) وابنا حمزة (18)

(1) السرائر: ج 1 ص 566.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 130.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 224 ب 30 من أبواب كفارات الصيد.
(4) المصدر السابق ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 224 ب 29 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 359 ذيل الحديث 1248.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 491.
(8) المبسوط: ج 1 ص 343.
(9) المهذب: ج 1 ص 228.
(10) الجامع للشرائع: ص 192 - 193.
(11) الإستبصار: ج 2 ص 207 ذيل الحديث 704.
(12) المختصر النافع: ص 106.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 291.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 228 ب 32 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(15) المصدر السابق ح 2.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 291.
(17) المقنعة: ص 439، النهاية ونكتها: ج 1 ص 491.
(18) الوسيلة: ص 170.
413

والبراج (1) وفاقا لابن إدريس (2) للأصل، وما سمعته من الأخبار فيما يؤم الحرم،
وهو ظاهر المبسوط (3)، لأنه لم يفت به، وإنما ذكره رواية. وفي الخلاف:
الاجماع على لزوم الفداء (4).
(ولو قتل صيدا في الحرم فعليه فداؤه) أي القيمة، أو هي مع الفداء لما
سيأتي.
(ولو قتله جماعة فعلى كل واحد فداء) يعني أن القتل في الحرم كقتل
المحرم في لزوم الجزاء، وعليه النصوص (5) والاجماع. وفي لزومه على كل من
المشتركين فيه كما هو ظاهر إطلاق الخلاف (6) وجماعة، لصدق القتل والإصابة
على كل، ولقول الصادق عليه السلام في خبر ابن عمار: أي قوم اجتمعوا على صيد
فأكلوا منه فإن على كل انسان منهم قيمته، فإن اجتمعوا في صيد فعليهم مثل
ذلك (7). وفي المبسوط: إن قلنا: يلزمهم جزاء واحد لكان قويا، لأن الأصل براءة
الذمة (8).
قلت: مع ضعف الخبر، واحتمال اختصاصه بالمحرمين كأكثر النصوص، ومنع
صدق القتل على كل، ولأنه ليس أعظم من الاشتراك في قتل مؤمن إذا ألزمت
الدية، وتردد المحقق (9).
وفي التهذيب: إن المشتركين إن كان أحدهما محرما والآخر محلا، فعلى
المحرم الفداء كاملا، وعلى المحل نصفه (10)، لقول الصادق عليه السلام في خبر السكوني:

(1) المهذب: ص 227.
(2) السرائر: ج 1 ص 564.
(3) المبسوط: ج 1 ص 343.
(4) الخلاف: ج 2 ص 423 المسألة 314.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 209 ب 18 من أبواب كفارات الصيد.
(6) الخلاف: ج 2 ص 410 المسألة 285.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 209 ب 18 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(8) المبسوط: ج 1 ص 346.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 291.
(10) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 352 ذيل الحديث 1223.
414

كان علي عليه السلام يقول في محرم ومحل قتلا صيدا، فقال: على المحرم الفداء كاملا،
وعلى المحل نصف الفداء (1).
قلت: لعل الفداء الكامل هو المضاعف الذي على المحرم في الحرم، ونصفه
القيمة وحدها، فالخبر مستند لقول المصنف.
(ولو رمى المحل من الحل صيدا في الحرم فقتله، أو رمى من الحرم
صيدا في الحل فقتله، أو أصاب الصيد وبعضه في الحرم، أو) أصابه
و (كان على) فرع (شجرة في الحل إذا كان أصلها في الحرم وبالعكس،
فعليه الفداء) أي الجز من قيمته أو قيمته وفداء.
أما الأول فلعموم أدلة الجزاء على القاتل في الحرم، ولأن كونه في الحرم هو
الذي أفاده الحرمة والأمن، وللإجماع كما في التذكرة (2) والمنتهى (3)، وعن أحمد
في رواية لا ضمان (4). ومنه أن يرميه وهما في الحل، فدخل الصيد الحرم ثم أصابه
السهم كما في التذكرة (5).
وأما الثاني فللإجماع كما في الكتابين (6)، وخبر مسمع في الحسن وغيره عن
الصادق عليه السلام في ذلك، فقال: عليه الجزاء، لأن الآفة جاءت الصيد من ناحية
الحرم (7). ولم يضمن الشافعي، والثوري، وأبو ثور، وابن المنذر، وأحمد في
رواية (8).
وأما الثالث فللإجماع كما في الخلاف (9) والجواهر (10) وتغليب الحرم.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 212 ب 21 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 331 س 31.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 806 س 32.
(4) المغني لابن القدامة: ج 3 ص 361.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 331 س 35.
(6) الظاهر أنه التذكرة والمنتهى ولم يصرح فيهما الاجماع، راجع التذكرة: ج 1 ص 331
س 34، والمنتهى: ج 1 ص 806 س 34.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 229 ب 33 من أبواب كفارات الصيد ج 1.
(8) المغني لابن القدامة: ج 3 ص 361.
(9) الخلاف: ج 2 ص 412 المسألة 289.
(10) جواهر الفقه: ص 46 المسألة 168.
415

وأما الباقيان فللإجماع كما فيهما في الأول، وفي التذكرة (1) والمنتهى (2) في
العكس وتغليب الحرم. وخبر السكوني عن الصادق عليه السلام: إن عليا عليه السلام سئل عن
شجرة أصلها في الحرم وأغصانها في الحل، على غصن منها طير، رماه رجل
فصرعه، قال: عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم (3). ويرشد إليه صحيح ابن
عمار سأل الصادق عليه السلام عن شجرة أصلها في الحرم وفرعها في الحل، فقال: حرم
فرعها لمكان أصلها، قال، قلت: فإن أصلها في الحل وفرعها في الحرم، قال: حرم
أصلها لمكان فرعها (4).
(ولو ربط صيدا في الحل فدخل الحرم) برباطه (لم يجز اخراجه)
للعمومات، وخصوص خبر عبد الأعلى بن أعين عن الصادق عليه السلام (5).
(ولو دخل بصيد إلى الحرم وجب إرساله) بالاجماع والنصوص (6).
(فإن) لم يرسله (أخرجه) عنه، ولا (ضمنه) إذا تلف (وإن تلف
بغير سببه) بل حتف أنفه لعموم الأخبار (7)، وتلفه تحت يد عادية، إلا أن يسلمه
غيره فأرسله وعلم بالارسال ثم مات، وإلا السباع من فهد وغيره فله اخراجها،
وفي خبر حمزة بن اليسع (8) وجوبه وتقدم.
(و) كذا (لو كان) طائرا (مقصوصا) أو منتوفا بطل امتناعه أو نقص،
لم يجز إرساله وبل (وجب حفظه) بنفسه أو بثقة يودعه إياه (إلى أن يكمل

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 331 س 31.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 806 السطر الأخير.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 177 ب 90 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(4) المصدر السابق ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 206 ب 15 من أبواب كفارات الصيد ج 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 199 ب 12 من أبواب كفارات الصيد.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 205 و 231 ب 14 و 36 من أبواب كفارات الصيد ح 5 و 6 و 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 237 ب 41 من أبواب كفارات الصيد ح 6.
416

ريشه ثم يرسله) للأخبار (1) والاعتبار. فإن أرسله ضمنه (وعليه الأرش بين
كونه منتوفا و) كونه (صحيحا لو) كان هو الذي (نتفه) أو قصه، ولا
يسقطه الحفظ إلى اكمال الريش، خلافا لبعض العامة (2) للأصل.
وأما وجوب الأرش فلما مر من أن ضمان الكل يوجب ضمان الأبعاض مع
تحقق النقص في القيمة هنا، بخلاف نتف ريشه وأخذه، ولعل اقتصاره على النتف
لأداء القص إليه، لأنه لا ينبت الريش المقصوص حتى ينتف وإن أبطل امتناع
غيره من الصيد، فهل يجب حفظه إلى البر؟ يحتمل إن احتمل، وكذا إن أخذ فرخا
لا يمتنع.
(و) نحوه (لو أخرج صيدا من الحرم وجب إعادته) إليه،
للأخبار (3)، ولا يستثنى القماري والدباسي لما مر.
(فإن تلف قبلها) ولو بنتفه (ضمنه) كما يضمن بالاتلاف، وقد نص
على الشاة في الحمام في خبر يونس بن يعقوب عن أبي الحسن عليه السلام (4)، وفي
صحيح علي بن جعفر عن أخيه عليه السلام: التصدق بثمن الحمام (5)، ويجوز أن يراد
بثمنه الشاة ثم فيه النص على التلف. بخلاف الأول فتبعهما الشيخ في التهذيب (6)
والنهاية (7) والمبسوط (8) وابن إدريس (9) فأوجبوا شاة بالاخراج مع التلف.
(ولو نتف ريشة من حمام الحرم تصدق بشئ وجوبا باليد الجانية)
إن نتفها باليد، لخبر إبراهيم بن ميمون عن الصادق عليه السلام (10). وفي المنتهى (11)

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 199 ب 12 من أبواب كفارات الصيد.
(2) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 541.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 204 ب 14 من أبواب كفارات الصيد.
(4) المصدر السابق ح 4.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 349 ذيل الحديث 1212.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 483.
(8) المبسوط: ج 1 ص 341.
(9) السرائر: ج 1 ص 560.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 203 ب 13 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 828 س 28.
417

والتذكرة: أنه إن تعدد الريش فلو كان بالتفريق فالوجه تكرر الفدية، وإلا
فالأرش (1).
قلت: لأنه في الأول نتف كل مرة ريشة، بخلاف الثاني، لكن الأرش إنما يتم
إن نقصت القيمة، وإلا فكالأول، خصوصا والخبر في الكافي (2) والفقيه (3): فيمن
نتف حمامة لا فيمن نتف ريشه. واستظهر الشهيد التكرر مطلقا (4).
وعن مالك وأبي حنيفة جميع الجزاء إذا تعدد الريش (5).
وفي الدروس: لو حدث بالنتف عيب ضمن الأرش مع الصدقة، قال:
والأقرب عدم وجوب تسليم الأرش باليد الجانية، قال: وفي التعدي إلى غيرها
- يعني الحمام - وإلى نتف الوبر نظر (6). ويمكن هنا الأرش.
قلت: إن حصل نقص، وحينئذ فالحمام كذلك.
وفي المقنعة (7) والمراسم (8) وجمل العلم والعمل: نتف ريش من طائر من
طيور الحرم (9) وفي الجامع: نتف ريشة من طير الحرم (10). ولا تسقط الصدقة ولا
الأرش بالنبات، خلافا لبعض العامة (11).
(و) في البراءة بالتسليم (بغيرها) أي اليد الجانية (إشكال) من
الأصل، ومن مخالفة النص واحتماله الاشتراط، ومن أداء الفدية وأصل عدم
الاشتراط، واحتمال النص كونهما واجبين متعددين. ونوقش بأن الأمر بالشئ
نهي عن ضده، والنهي في العبادات يفسدها.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 348 س 12.
(2) الكافي: ج 4 ص 235 ج 17.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 261 ح 2363.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 363 درس 96.
(5) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 541.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 363 - 364 درس 96.
(7) المقنعة: ص 439.
(8) المراسم: ص 122.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 72.
(10) الجامع للشرائع: ص 191.
(11) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 368 - 369.
418

(ولو رمى بسهم في الحل، فدخل الحرم ثم خرج) منه (فقتل)
صيدا (في الحل، فلا ضمان) للأصل من غير معارض، وقد يظن المعارضة
بقوله عليه السلام في خبر مسمع: لأن الآفة جاءت الصيد من ناحية الحرم (1).
وفي المبسوط: الضمان على رواية الضمان بالاتلاف في حرم الحرم (2)، وفي
الخلاف عن بعض الشافعية الضمان (3).
(وفي تحريم صيد حمام الحرم في الحل على المحل) كما في
النهاية (4) والتهذيب (5) وحج المبسوط (6) والتحرير (7) والتذكرة (8) والمنتهى (9)
(نظر) من عموم ما ورد في تحريم صيد الحرم، وقول الصادق عليه السلام في خبر
عبد الله بن سنان: الطير الأهلي من حمام الحرم من ذبح منه طيرا فعليه أن يتصدق
بصدقة أفضل من ثمنه (10). وخصوص قول الكاظم عليه السلام لأخيه في الصحيح: لا
يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنه من حمام الحرم (11).
وخبره أيضا في مسائله (12) وفي قرب الإسناد للحميري سأله عليه السلام عن الرجل
هل يصلح له أن يصيد حمام الحرم في الحل فيذبحه فيدخل الحرم فيأكله؟ قال: لا
يصلح أكل حمام الحرم على كل حال (13).
ومن الأصل، ومنع عموم حمام الحرم، واحتمال الأخيرين الكراهية كما في

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 229 ب 33 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(2) المبسوط: ج 1 ص 346.
(3) الخلاف: ج 2 ص 412 المسألة 288.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 482.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 348 ذيل الحديث 1208.
(6) المبسوط: ج 1 ص 341.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 119 س 4.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 331 س 27.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 806 س 25.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 193 ب 9 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 203 ب 13 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(12) مسائل علي بن جعفر: ص 271 المسألة 669.
(13) قرب الإسناد: ص 117.
419

النافع (1) والتلخيص (2).
وفيه أنه خلاف الظاهر، فلا يحمل عليه بلا دليل.
والجواب: أن الدليل ما مر من الأخبار فيما يؤم الحرم، وقد يدفع بأنها عامة،
فقد يخص منها حمام الحرم، وعدم التحريم خيرة صيد الخلاف (3) والمبسوط (4)
والسرائر (5).
(مسائل)
(يجب) فيما له فداء منصوص (على المحرم في ا لحل الفداء)
للآية (6) والأخبار (7)، (وعلى المحل في الحرم القيمة) للأخبار (8).
(ويجتمعان على المحرم في الحرم) لعدم تداخل الأسباب بلا دليل،
وللإجماع كما حكاه القاضي في شرح الجمل (9)، وللأخبار، كقول الصادق عليه السلام
في حسن ابن عمار: إن أصبت الصيد وأنت حرام في الحرم فالفداء مضاعف
عليك، وإن أصبته وأنت حلال في الحرم فقيمة واحدة، وإن أصبته وأنت حرام في
الحل فإنما عليك فداء واحد (10). إن أريد بمضاعفة الفداء اجتماع القيمة والفداء.
وخبر أبي بصير عنه عليه السلام في الغزال، قال: فإن هو قتله؟ قال: عليه قيمته. قال:
إن هو فعل به وهو محرم في الحل؟ قال: عليه دم يهريقه، وعليه هذه القيمة إذا كان

(1) المختصر النافع: ص 106.
(2) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 334.
(3) الخلاف: ج 6 ص 28 المسألة 29.
(4) المبسوط: ج 6 ص 275.
(5) السرائر: ج 3 ص 87.
(6) المائدة: 95.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 193 ب 9 من أبواب كفارات الصيد.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 195 ب 10 من أبواب كفارات الصيد.
(9) شرح جمل العلم والعمل: ص 239.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 241 ب 44 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
420

محرما في الحرم (1). إن أريد أن عليه هذه القيمة أيضا.
وأما في الحمام، والطير، والفرخ، والبيض فالدال على الأحكام الثلاثة كثير،
ولم يوجب الحسن على محرم قتل حمامة في الحرم إلا شاة (2).
وإن لم يكن له فداء معين فالقيمة على كل من المحرم ومن في الحرم،
وقيمتان على المحرم في الحرم، وسيأتي الكلام فيه.
وفي النهاية (3) والمبسوط (4) والسرائر: إذا قتل اثنان في الحرم صيدا أحدهما
محرم والآخر محل، فعلى المحل القيمة، وعلى المحرم الفداء والقيمة، وإذا ذبح
المحل صيدا في الحرم كان عليه دم لا غير (5). ولم أعرف لهذا الفرق مستندا.
ويكلف له المحقق في النكت خبر يوسف الطاطري سأل الصادق عليه السلام عن
محرمين أكلوا صيدا، قال: عليهم شاة، وليس على الذي ذبحه إلا شاة (6).
وقال الحلبي: فأما الصيد فيلزم من قتله أو ذبحه أو شارك في ذلك أو دل عليه
فقتل إن كان محلا في الحرم أو محرما في الحل فداؤه بمثله من النعم، وإن كان
محرما في الحرم فالفداء والقيمة، وروي الفداء مضاعفا (7).
وكأنه إشارة إلى نحو حسن ابن عمار الذي ذكرناه، ونحو قول الجواد عليه السلام
في مسألة يحيى بن أكثم القاضي: إن المحرم إذا قتل صيدا في الحل وكان الصيد
من ذوات الطير وكان الطير من كبارها فعليه شاة، وإن أصابه في الحرم فعليه
الجزاء مضاعفا، وإذا قتل فرخا في الحل فعليه حمل فطم من اللبن، وإذا قتله في
الحرم فعليه الحمل وقيمة الفرخ، وإن كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه
بقرة، وإن كان نعامة فعليه بدنة، وإن كان ظبيا فعليه شاة، وإن كان قتل من ذلك في

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 223 ب 28 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 127.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 483.
(4) المبسوط: ج 1 ص 341.
(5) السرائر: ج 1 ص 561.
(6) نكت النهاية: ج 1 ص 484.
(7) الكافي في الفقه: ص 205.
421

الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة (1). فقوله عليه السلام: (هديا بالغ الكعبة)
نص على معنى مضاعفة الجزاء، ويجوز أن لا يكون حينئذ فرق بين الفداء والقيمة
إلا في الفرخ، فلذا فرق بينهما فيه دون غيره.
ونحوه كلام ابن زهرة قال: فمن قتل صيدا له مثل، أو ذبحه، وكان حرا كامل
العقل، محلا في الحرم أو محرما في الحل، فعليه فداؤه بمثله من النعم، بدليل
الاجماع من الطائفة، وطريقة الاحتياط، وأيضا قوله تعالى: (فجزاء مثل ما قتل
من النعم يحكم به ذوا عدل منكم) الآية، فأوجب مثلا من النعم، وذلك يبطل قول
من قال: الواجب قيمة الصيد، وإن كان محرما في الحرم فعليه الفداء والقيمة أو
الفداء مضاعفا، بدليل الاجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط واليقين لبراءة الذمة.
وأيضا فالجزاء إذا لزم المحل في الحرم والمحرم في الحل وجب اجتماع
الجزأين باجتماع الأمرين الاحرام والحرم (2)، انتهى.
وقال المفيد (3) والمرتضى في الجمل: والمحل إذا قتل صيدا في الحرم فعليه
جزاؤه (4)، ويمكن أن يريد به القيمة، كما قطع به المحقق في النكت (5).
قال المفيد: والمحرم إذا صاد في الحل كان عليه الفداء، وإذا صاد في الحرم
كان عليه الفداء والقيمة مضاعفة (6). وكذا السيد في الجمل إلا أنه قال: كان عليه
الفداء والقيمة أو القيمة مضاعفة (7). وهذا موافق لما ذكرناه أولا، وكان المفيد إنما
أراد بالمضاعفة اجتماع الفداء والقيمة، ونحوه كلام سلار (8)، فيوافق ما ذكرناه.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 187 ب 3 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(2) الغنية (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 8 ص 394.
(3) المقنعة: ص 439.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 72.
(5) نكت النهاية: ج 1 ص 486.
(6) المقنعة: ص 438.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 72.
(8) المراسم: ص 121.
422

ثم قال المفيد في الزيادات: وقال عليه السلام - يعني الصادق عليه السلام -: المحرم لا
يأكل الصيد وإن صاده الحلال، وعلى المحرم في صيده في الحل الفداء، وعليه في
الحرم القيمة مضاعفة (1). ويجوز أن يكون قوله: (وعلى المحرم) إلى آخرة من
الخبر، ويجوز أن يكون من كلامه.
وعلى كل يجوز أن يراد بالقيمة ما يعم الفداء، كما في خبر ابن عمار عن
الصادق عليه السلام: ليس عليك فداء شئ أتيته وأنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في
حجك أو عمرتك إلا الصيد، فإن عليك الفداء بجهل كان أو عمد، ولأن الله قد
أوجبه عليك، فإن أصبته وأنت حلال في الحرم فعليك قيمة واحدة، وإن أصبته
وأنت حرام في الحل فعليك القيمة، وإن أصبته وأنت حرام في الحرم فعليك الفداء
مضاعفا (2).
نعم، عن سليمان بن خالد أنه سأله عليه السلام ما في القمري والدبسي والسمان
والعصفور والبلبل، قال: قيمته، فإن أصابه المحرم في الحرم فعليه قيمتان ليس
عليه دم (3). فلعله لأنه ليس لها مثل من النعم كما في التذكرة (4) والمنتهى (5).
وفي المقنع: إن على المحرم في الحرم الفداء مضاعفا (6)، وكذا في الإنتصار:
إن عليه فداءين (7)، للاجماع، ولأن على المحرم في الحل فدية، وعلى المحل في
الحرم فدية، ويجوز أن يريد إما يعم القيمة. وكذا قول الشيخ في الخلاف: إن قاتل
صيد الحرم إن كان محرما تضاعف الجزاء، وإن كان محلا لزمه جزاء واحد (8).
وفي الوسيلة: إن المحرم إذا قتل في الحل على بريد لزمه القيمة، وإن قتل في

(1) المقنعة: ص 452.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 227 ب 31 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 242 ب 44 من أبواب كفارات الصيد ح 7.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 352 س 15.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 833 س 29.
(6) المقنع: ص 78.
(7) الإنتصار: ص 99.
(8) الخلاف: ج 2 ص 407 المسألة 278.
423

الحرم فالجزاء والقيمة، والمحل إذا قتل في الحرم أو على بريد لزمه الفداء (1).
وهذا عكس المنصوص.
وفي الإنتصار (2) والناصرية: إن المحرم إذا تعمد الصيد كان عليه جزاءان (3).
وزاد في الناصرية قاصدا به نقص الاحرام للاجماع والاحتياط، ولأن عليه مع
النسيان جزاء، والعمد أغلظ، فيجب له المضاعفة.
قال ابن إدريس: فإن كان ذلك منه في الحرم وهو محرم عامدا إليه تضاعف
ما كان يجب عليه في الحل (4).
والمضاعفة على المحرم في الحرم ثابتة (حتى يبلغ) الفداء (بدنة، فلا
تتضاعف حينئذ) وفاقا للشيخ (5) وابني حمزة (6) والبراج (7) وابني سعيد (8)،
للأصل، وقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن فضال: إنما يكون الجزاء مضاعفا فيما
دون البدنة حتى يبلغ البدنة، فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف، لأنه أعظم ما يكون (9).
وهو ضعيف، مرسل، ولذا ذهب ابن إدريس إلى التضعيف مطلقا (10)، واحتاط به
المصنف في المختلف (11)، وهو أقوى، لعموم خبري ابن عمار المتقدمين،
وخصوص قول الجواد عليه السلام المروي بعدة طرق.
(ولو قتله اثنان في الحرم، وأحدهما محرم، فعليه الفداء والقيمة،
وعلى المحل القيمة) كما ذكره الشيخ (12) وغيره أخذ الكل بجزاء عمله. ومر أن

(1) الوسيلة: ص 165.
(2) الإنتصار: ص 99.
(3) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 245 المسألة 144.
(4) السرائر: ج 1 ص 562.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 485.
(6) الوسيلة: ص 165.
(7) المهذب: ص 230.
(8) الجامع للشرائع: ص 190، شرائع الاسلام: ج 1 ص 292.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 243 ب 46 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
(10) السرائر: ج 1 ص 563.
(11) مختلف الشيعة: ج 4 ص 127.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 483.
424

في خبر السكوني على المحل نصف الفداء (1)، وأن النصف كأنه كان القيمة، وأفتى
بمضمونه الشيخ في التهذيب (2).
مسألة: (وفداء المملوك لصاحبه) كما في النافع (3) والشرائع (4) لأنه بدل
من ملكه، ولا يجب الفداء لله، والقيمة للمالك كما في الخلاف (5) والمبسوط (6)
والتحرير (7) والتذكرة (8)، للأصل، وحصول امتثال ما في الكتاب والسنة، مع
احتماله قويا للاحتياط، وأصل عدم التداخل.
(وإن زاد) الفداء (على القيمة) كان الزائد أيضا للمالك (على
إشكال) من أنه بدل قدره الشارع - مثلا - للمتلف فلا عبرة بغيره ولا زيادة
حقيقة، ومن أنه ليس بدلا منه مطلقا، لأنه لو لم يكن محرما لم يكن عليه سوى
القيمة، فالزائد إنما وجب لحرمة الاحرام، فلا يتعلق به ملك المالك.
(وعليه النقص) إن نقص عن القيمة قطعا، فإن الاحرام لا يصلح سببا
للضرر على المالك، والتخفيف عن المتلف مع كونه سببا للتغليظ، ولأن النصوص
لا تنفي وجوب الزائد بسبب آخر، ولأن كلا من الاحرام والتعدي على مال الغير
سبب للضمان، فلئن لم يتعدد المسبب فلا أقل من دخول الناقص في الزائد.
وقيل: المراد أن النقص على المالك كالزيادة له، وهو بعيد.
ومن الفداء فداء البيوض، فإذا أرسل، فما نتج كان للمالك كله أو الزائد على
القيمة للمساكين، وإن لم ينتج شئ أو نتج ما ينقص عن القيمة فعليه القيمة.
وإن كان عليه الاطعام ففي كون الطعام للمالك إشكال، من اختصاصه في
النصوص بالمساكين، ويحتمل الصبر إلى القدرة على الفداء أو الاصطلاح مع

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 212 ب 21 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 352 ذيل الحديث 1223.
(3) المختصر النافع: ص 105.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 293.
(5) الخلاف: ج 2 ص 411 المسألة 286.
(6) المبسوط: ج 1 ص 346.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 س 30.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 351 س 36.
425

المالك على الطعام. وإن كان عليه الصيام فظاهر أنه لا يبرئ الذمة من حق
المالك، والاحتياط فعله، والضمان للمالك إذا وجد.
وإن كان محرما في الحرم ولم نقل بزوال ملك المالك عن الصيد أو بجواز
تملك القماري والدباسي فهل للمالك القيمة وحدها والفداء لله، أو هما للمالك؟
وجهان، أوجههما الأول.
وإذا اجتمع دال ومباشر ففداء المباشر للمالك، وإذا اجتمع مباشرون فالمالك
شريك المساكين في الجميع.
(أو) فداء (غيره) أي المملوك (يتصدق به) للنصوص سواء فداء
حمام الحرم، إذ مر أنه يعلف به حمامه، وما كان من النعم ينحر ويتصدق به.
مسألة: (وتتكرر الكفارة بتكرر القتل) ونحوه (سهوا وعمدا على
الأقوى) أما سهوا فاتفاقا كما في المختلف (1) والتذكرة (2) والمنتهى (3)
والتحرير (4) كان سابقه سهوا أو عمدا.
وأما عمدا فوفاقا لابن إدريس (5) وإطلاق السيد (6) والحلبي (7)، لاطلاق
الآية (8)، ولا يخصصها بالمبتدئ، وقوله تعالى: (ومن عاد) واطلاق الأخبار
والاحتياط، وعموم نحو قول الصادق عليه السلام في حسن ابن عمار: عليه الكفارة في
كل ما أصاب (9)، وفي صحيحه: عليه كلما عاد كفارة (10). ولأنه يلزم أن يكون من
قتل جرادة ثم نعامة عليه كفارة الجرادة دون النعامة، وهو لا يناسب الحكمة.

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 122.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 351 س 24.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 818 س 35.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 س 27.
(5) السرائر: ج 1 ص 563.
(6) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 72.
(7) الكافي في الفقه: ص 205.
(8) المائدة: 95.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 243 ب 47 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 244 ب 47 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
426

ولأنه يلزم أن يكون ذنب من يقتل جرادة أو زنبور عقيب نعامة أعظم من قتله
النعامة، وليس كذلك.
وضعف هذين الدليلين ظاهر خصوصا بإزاء النص، ولأن البزنطي في
الصحيح سأل الرضا عليه السلام عن المحرم يصيب الصيد بجهالة أو خطأ أو عمدا هم فيه
سواء؟ قال: لا، قال: جعلت فداك ما تقول في رجل أصاب الصيد بجهالة وهو
محرم؟ قال: عليه الكفارة، قال: فإن أصاب خطأ؟ قال: عليه الكفارة، قال: فإن
أخذ ظبيا متعمدا فذبحه؟ قال: عليه الكفارة، قال: جعلت فداك ألست قلت: إن
الخطأ والجهالة والعمد ليس سواء، فبأي شئ يفضل المتعمد الخاطئ؟ قال: بأنه
أثم ولعب بدينه (1).
قال في المنتهى: ولو انفضل العامد عن الساهي والخاطئ بشئ غير ذلك
لوجب على الإمام عليه السلام أن يبينه، لأنه وقت الحاجة (2).
وفي الفقيه (3) والمقنع (4) والنهاية (5) والتهذيب (6) والاستبصار (7) والمهذب (8)
والجامع: أنه لا تكرار (9)، وفي التبيان: أنه ظاهر مذهب الأصحاب (10)، وفي
المجمع: أنه الظاهر في رواياتنا (11)، وفي النافع (12) والشرائع: أنه أشهر
الروايتين (13)، وفي الخلاف: أنه في كثير من الأخبار، واستدل له بالأصل (14)،

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 226 ب 31 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 819 س 8.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 370 ذيل الحديث 2731.
(4) المقنع: ص 79.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 485.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 372 ذيل الحديث 1294.
(7) الإستبصار: ج 2 ص 211 ذيل الحديث 720.
(8) المهذب: ج 1 ص 227 - 228.
(9) الجامع للشرائع: ص 191.
(10) التبيان: ج 4 ص 27.
(11) مجمع البيان: ج 3 ص 245.
(12) المختصر النافع: ص 105.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 292 وفيه (الأشبه).
(14) الخلاف: ج 2 ص 397 المسألة 259.
427

ومعارضته بظواهر النصوص (1)، والاحتياط ظاهر، وبقوله تعالى: (ومن عاد
فينتقم الله منه) (2) وإنما يتم لو علم أن الجزاء للتكفير لا العقوبة. وبقول
الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: فإن عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاؤه،
وينتقم الله منه، والنقمة في الآخرة (3). وفي حسنه: إذا أصاب آخر فليس عليه
كفارة، وهو ممن قال الله عز وجل: (ومن عاد فينتقم الله منه) (4).
وفي مرسل ابن أبي عمير: فإن أصابه ثانية متعمدا فهو ممن ينتقم الله منه،
والنقمة في الآخرة، ولم يكن عليه الكفارة (5). وفي خبر حفص الأعور: إذا
أصاب المحرم الصيد فقولوا له: هل أصبت قبل هذا وأنت محرم؟ فإن قال: نعم،
فقولوا له: إن الله منتقم منك فاحذر النقمة، فإن قال: لا، فاحكموا عليه جزاء ذلك
الصيد (6).
وأجاب في المختلف عن الأول متروك الظاهر، لاشتماله على التصدق
بالصيد، مع أن مقتول المحرم حرام فكيف يتصدق به؟! فيحمل على أن يبطل
امتناعه فيجعله كالمقتول، وحينئذ لا يبقى فيه دلالة - يعني على القتل المكرر، ومر
الكلام في هذا وقال الصدوق بالتصدق به - وثانيا عنه وعن مرسل ابن أبي عمير
بالحمل على أنه ليس عليه الجزاء وحده بل ويعاقب ثم استبعده وذكر أنه لا يبعد
أن لا تتكرر الكفارة، لكن الأول أظهر بين العلماء (7).
وفي المنتهى: وهذا التأويل وإن بعد لكن الجمع بين الأدلة أولى (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 244 ب 48 من أبواب كفارات الصيد.
(2) المائدة: 95.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 244 ب 48 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 245 ب 48 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 244 ب 48 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 245 ب 48 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 125.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 819 س 19.
428

قال الشهيد: واعلم أن ظاهر الآية الشريفة والروايات تدل على المحرم، وأما
المحل في الحرم فيمكن استثناؤه من الخلاف، وهو بعيد، على أنه يمكن حمل
المحرم على من في الحرم، وأظهر منه حمل الحرم في قوله تعالى: (ما دمتم
حرما) وقال: إن ظاهر كلامهم التكرار في إحرام واحد وإن تباعد الزمان، قال: أما
لو تكرر في احرامين ارتبط أحدهما بالآخر أو لا، فيحتمل انسحاب الخلاف
لصدق التكرار وعدمه لتغايرهما بتحقق الاحلال، ويقوى صدق التكرار لو تقارب
الزمان بأن يصيد في آخر المتلو وأول التالي مع قصر زمان التحلل (1) انتهى.
وقيل بصدق التكرار إذا ارتبط أحد الاحرامين بالآخر وعدمه بعدمه (2). ولا
فرق بين تحلل التكفير وعدمه، لعموم الأدلة، وعن أحمد قول بالفرق (3). قيل: ولا
بين كون العمد عقيب عمد أو سهو (4).
والظاهر العمد عقيب العمد، وهو صريح الآية (5) والنهاية (6) والمهذب (7) وخبر
ابن أبي عمير (8)، وكأن جهل الحكم هنا كالسهو.
مسألة: (ويضمن الصيد بقتله عمدا) بأن يعلم أنه صيد فقتله ذاكرا
لاحرامه كان عالما الحكم أو لا، مختارا أو مضطرا سوى ما مر من الجراد أو
ما صال عليه فلم يندفع إلا بالقتل.
(وسهوا) بأن يكون غافلا عن الاحرام أو الحرمة أو عن كونه صيد.
(وخطأ) بأن قصد شيئا فأخطأه إلى الصيد فأصابه، أو قصد تخليصه من

(1) غاية المراد: ص 35 مخطوط.
(2) القائل هو الشهيد الثاني في مسالك الأفهام: ج 1 ص 142 س 37.
(3) المجموع: ج 7 ص 323.
(4) القائل هو الشهيد الثاني في مسالك الأفهام: ج 1 ص 142 س 32.
(5) المائدة: 95.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 485.
(7) المهذب: ج 1 ص 228.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 244 ب 48 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
429

سبع ونحوه فأدى إلى قتله، كل ذلك بالأخبار والاجماع، ولم يضمن الحسن
البصري ومجاهد العامد (1)، وهو خلاف نص القرآن، وخرق للاجماع، وقال
الأوزاعي: لا يضمن إن اضطر إليه (2)، وقال آخرون: لا يضمن الخاطئ (3).
(فلو رمى غرضا فأصاب صيدا ضمنه) كما في صحيح البزنطي سأل
الرضا عليه السلام: وأي شئ الخطأ عندك؟ قال: نرمي هذه النخلة فتصيب نخلة أخرى،
فقال: نعم هذا الخطأ وعليه الكفارة (4).
(ولو رمى صيدا فمرق السهم فقتل آخر ضمنهما) كما قال
الصادق عليه السلام في خبر مسمع: إذا رمى المحرم صيدا وأصاب اثنين فإن عليه
كفارتين جزاؤهما (5).
مسألة: (ولو اشترى محل بيض نعام لمحرم فأكله، فعلى المحرم عن
كل بيضة شاة، وعلى المحل عن كل بيضة درهم) كما في النهاية (6)
والمبسوط (7) والشرائع (8) والسرائر (9)، لصحيح أبي عبيدة عن أبي جعفر عليه السلام (10).
ولم يفرق فيه، ولا في الفتاوى بين كون المشتري أو الأكل في الحل أو الحرم،
وفي المسالك: أنه في الحل، فعلى الأكل في الحرم المضاعفة، وعلى المشتري
فيه أكثر الأمرين من الدرهم والقيمة، ثم الشاة فداء الأكل (11)، وقد مر فداء
الكسر، وأطلق البيض في المقنع (12).

(1) المجموع: ج 7 ص 320 - 321.
(2) لم نعثر عليه في الكتب متوفرة لدينا ونقله عنه في منتهى المطلب: ج 2 ص 819 س 22.
(3) المجموع: ج 7 ص 321.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 226 ب 31 من أبواب كفارات الصيد ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 227 ب 31 من أبواب كفارات الصيد ح 6.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 485.
(7) المبسوط: ج 1 ص 344.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 293.
(9) السرائر: ج 1 ص 562.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 217 ب 24 من أبواب كفارات الصيد ح 5.
(11) مسالك الأفهام: ج 1 ص 143 س 8.
(12) المقنع: ص 78.
430

وهل الأخذ بغير شراء كالشراء؟ احتمال قريب، وإن كان المشتري أيضا
محرما وكان مكسورا أو مطبوخا أو فاسدا لم يكن عليه إلا درهم، لإعانة المحرم
على أكله، وإن كان صحيحا فدفعه إلى المحرم كذلك كان مسببا للكسر، فعليه ما
عليه إن باشره، وإن كسره بنفسه فعليه فداء الكسر وكان الطبخ مثله، ثم عليه لدفعه
إلى الأكل الدرهم، وإن اشتراه المحرم لنفسه لم يكن عليه للشراء شئ، كما لا
شئ على من اشترى غير البيض من صيد أو غيره وإن أساء للأصل، وبطلان
القياس، ومنع الأولوية.
مسألة: (وروي) في الصحيح عن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام:
(أن) كل من أصاب شيئا فداؤه بدنة وعجز عنها أطعم ستين مسكينا، كل
مسكين مدا، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما، ومن كان عليه شئ من الصيد
فداؤه بقرة فعجز عنها أطعم ثلاثين مسكينا، فإن عجز صام تسعة أيام و (كل من
وجب عليه شاة في كفارة الصيد وعجز) عنها (فعليه إطعام عشرة
مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيام) (1).
وليس فيها أنها (في الحج) في نسخ التهذيب، ولا ظفرنا بخبر آخر فيه
ذلك، ولكن المحقق ذكره في كتابيه (2)، والمصنف هنا وفي التذكرة (3) دون التحرير،
وذكره في المنتهى (4) والمختلف (5) في رواية ابن عمار، وقيد كفارة الصيد وإن لم
ينص فيها في الشاة، لكنه الظاهر من سياقها للنص عليها في الأخيرين، وإنما
اقتصر عليه من الرواية على ما ذكر المحقق (6)، لأنه إنما قصد الرواية بالبدل لكل
شاة يجب في الصيد، وأفتى به في التحرير (7) والتذكرة (8)، وهو ظاهر المنتهى (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 186 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ج 11.
(2) المختصر النافع: ص 105 شرائع الاسلام: ج 1 ص 293.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 345 س 37.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 833 س 35.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 92.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 293.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 119 س 1.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 345 س 35.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 833 س 33.
431

مسألة: (وتضاعف ما لا دم فيه كالعصفور) والجراد والزنبور والضب
إذا أصابه المحرم في الحرم (بتضعيف القيمة) فإن قدرت في الشروع كمد أو
كف من طعام أو تمر أو تمرة ضعفت، وإلا كالبط والإوز والكركي والبلبل والصعوة
والسماني والطاووس على المشهور، وابن آوى وابن عرس ضعف ما يحكم به
ذوا عدل.
وقال ابن إدريس: على المحرم في الحرم جزءان أو القيمة إن كان له قيمة
منصوصة (1). ثم هذا الذي ذكره المصنف موافق النهاية (2). والمبسوط (3)
والمهذب (4) والتحرير (5) والجامع (6)، مع حكمهم بأن في العصفور مدا من ط عام
عملا بمرسل صفوان (7) كما مر، ولعل مرادهم بالقيمة ما ذكرناه، واستدل له في
التذكرة (8) والمنتهى (9) بما مر من خبر سليمان بن خالد (10). وهو ضعيف مرسل،
ومقتضى القاعدة السابقة أن يكون فيها نص على فداء له دما أو غيره على المحرم
في الحرم ذلك الفداء والقيمة كما في الدروس (11)، فإن توافقا كان ذلك قيمتين،
ويمكن ابتناء خبر سليمان عليه، وإن كان له فداء ولا قيمة له كالزنبور والضب
فقيمته فداء.
مسألة: قد مضى أن ما يلزم المعتمر في كفارة الصيد من الكفارات مكانها
مكة، وما يلزم الحاج منها مكانها منى، (و) استثنى هنا (ما يلزم المعتمر في
غير كفارة الصيد) فقال: (يجوز نحره بمنى) وفاقا للنهاية (12) والمبسوط (13)

(1) السرائر: ج 1 ص 563.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 485.
(3) المبسوط: ج 1 ص 342.
(4) المهذب: ج 1 ص 225.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 116 س 26.
(6) الجامع للشرائع: ص 190.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 191 ب 7 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 352 س 16.
(9) منتهى المطالب: ج 2 ص 833 س 30.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 242 ب 44 من أبواب الكفارات الصيد ح 7.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 361 درس 95.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 486.
(13) المبسوط: ج 1 ص 345.
432

والوسيلة (1) والجامع (2)، وفي المهذب: في العمرة المبتولة (3)، لصحيح ابن حازم (4)
وغيره وتقدم.
(والطعام المخر ج عوضا عن المذبوح تابع له في محل الاخراج)
كما في المبسوط (5)، لأنه عوض لمساكين ذلك المكان فيدفع إليهم، وقد يشمله
قول الصادق عليه السلام فيما أرسله المفيد عنه: من أصاب صيدا فعليه فداؤه من حيث
أصابه (6). ومضمر ابن عمار: يفدي المحرم فداء الصيد من حيث أصابه (7).
(ولا يتعين الصوم بمكان) للأصل من غير معارض، سوى ما مر آنفا من
صيام ثلاثة في الحج عوضا عن الشاة، ولا يعين شيئا من مكة ومنى.
مسألة: (ولو كسر المحرم بيضا، جاز أكله للمحل) للأصل من غير
معارض، خلافا للمبسوط (8)، ولم أعرف له دليلا.
مسألة: (ولو أمر المحرم مملوكه بقتل الصيد فقتله، ضمن المولى وإن
كان المملوك محلا) كما في المقنعة (9) والنهاية (10) والمهذب (11) وغيرها، لأنه
أقوى من الدلالة.
وفي النزهة: ذكره في النهاية ولم أقف في التهذيب على خبر بذلك، بل ورد
الخبر الصحيح أنه لا شئ عليه، رواه موسى بن القاسم، عن صفوان بن عبد
الملك، وابن أبي عمير عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام (12).

(1) الوسيلة: ص 171.
(2) الجامع للشرائع: ص 196.
(3) المهذب: ج 1 ص 230.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 246 ب 49 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(5) المبسوط: ج 1 ص 345.
(6) المقنعة: ص 448.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 247 ب 51 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(8) المبسوط: ج 1 ص 348.
(9) المقنعة: ص 439.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 493.
(11) المهذب: ج 1 ص 228.
(12) نزهة الناظر: ص 58.
433

قالوا: ولا ضمان على العبد وإن كان محرما، لأنه كالآلة، ولقول الصادق عليه السلام
في صحيح حريز: كل ما أصاب العبد وهو محرم في إحرامه فهو على السيد إذا أذن
له في الاحرام (1). ولكن سأل ابن أبي نجران أبا الحسن عليه السلام في الصحيح عن عبد
أصاب صيدا وهو محرم، هل على مولاه شئ من الفداء؟ قال: لا شئ على
مولاه (2). وحمل على أنه أحرم بغير إذن مولاه فلا فداء، لفساد الاحرام كما هو
المعروف، أو الفداء على العبد، كما مر عن الحلبيين (3)، ومر عن المنتهى احتمال أن
يكون على السيد إن أذن في الجناية وعلى العبد إن لم يأذن (4)، وبه أفتى أبو علي،
وزاد في الأخير: أن لا يكون بعلمه أيضا (5).
ويمكن الجمع أيضا بأن يكون على السيد إما الفداء أو أمر المملوك بالصوم
فيما يصام عوضا عن الفداء، ويستحب له الأول، وفيما لا صوم عوضا عنه يحتمل
أن يجب عليه الفداء، وأن يكون على العبد يؤديه إذا عتق، وعلى كل تقدير يرفع
أمر السيد المحرم فداءان، أحدهما: للفعل، والآخر للأمر الذي هو أقوى من
الدلالة.
ثم لا أفهم من قولهم: وإن كان محلا ونحوه (إلا أن يكون محلا في
الحل) إذ لا فرق بينه في الحرم وبين المحرم. وقال المصنف (على إشكال)
مما ذكر، ومن أنه أمر بالمباح، وفيه: أن الأمر ليس بمباح.
(المطلب الثاني:)
(الاستمتاع بالنساء)
وما في حكمه، أو المطلب إنما هو الأول وغيره تبع له.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 251 ب 56 من أبواب كفارات الصيد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 252 ب 56 من أبواب كفارات الصيد ح 3.
(3) الكافي في الفقه: ص 205، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 32.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 838 س 17.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 144.
434

(فمن جامع زوجته عامدا) للجماع ذاكرا للاحرام (عالما بالتحريم
قبل الوقوف بالمشعر - وإن وقف بعرفة - فسد حجه ووجب إتمامه والحج
من قابل وبدنة) ولا خلاف فيه إلا في موضعين:
أحدهما: فساد الحج، للخلاف في أنه الفرض أو الثاني، ويأتي الكلام فيه إن
شاء الله وتجوز ابن سعيد فحكم بالفساد وبكونه الفرض (1).
والثاني: تعلق الأحكام بمن جامع قبل المشعر بعد عرفة فعليه الشيخ (2)
والصدوقان (3) وبنو الجنيد (4) والبراج (5) وحمزة (6) وإدريس (7) والمحقق في
النافع (8) وابن زهرة (9) والسيد في الرسية (10) والانتصار (11)، لقول الصادق عليه السلام في
صحيح ابن عمار: إذا وقع الرجل بامرأته دون المزدلفة أو قبل أن يأتي مزدلفة
فعليه الحج من قابل (12)، ونحوه حسنه (13)، ومرسل الصدوق عنه عليه السلام (14)، وعموم
خبر جميل بن دراج سأله عليه السلام عن محرم وقع على أهله، قال: عليه بدنة، قال: فقال
له زرارة: قد سألته عن الذي سألته عنه، فقال لي: عليه بدنة، قلت: عليه شئ غير
هذا؟ قال: عليه الحج من قابل (15).
وقول الكاظم عليه السلام لابن أبي حمزة إذ سأله عن محرم واقع أهله: إن كان

(1) الجامع للشرائع: ص 187.
(2) المبسوط: ج ص 336.
(3) نقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 146، المقنع: 76.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 146.
(5) المهذب: ج 1 ص 222.
(6) الوسيلة: ص 166.
(7) السرائر: ج 1 ص 548.
(8) مختصر النافع: ص 106.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 24.
(10) الرسائل الرسية (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثانية): ص 334.
(11) الإنتصار: ص 96.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 255 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 256 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 10.
(14) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 330 ح 2588.
(15) وسائل الشيعة: ج 9 ص 256 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 3.
435

استكرهها فعليه بدنتان، وإن لم يكن استكرهها فعليه بدنة وعليها بدنة، ويفترقان
من المكان الذي كان فيه ما كان حتى ينتهيا إلى مكة، وعليهما الحج من قابل لا بد
منه (1). وللإجماع على ما ادعاه الشيخ (2) والسيدان (3) والقاضي في الجواهر (4)
وشرح جمل العلم والعمل (5).
واعتبر المفيد (6) وسلار (7) والحلبي (8) والسيد في الجمل تقدمه على عرفة (9)،
لما روي من أن الحج عرفة (10)، وهو ضعيف معارض محتمل لكونه أعظم الأركان،
وكذا قوله عليه السلام: (من وقف عرفة فقد تم حجه (11) إن سلم يحتمل أن يكفي إدراكه،
وبعيدا أنه قارب التمام، كقوله عليه السلام: إذا رفع الإمام رأسه عن السجدة الأخيرة فقد
تمت صلاته (12).
و (سواء) في ذلك (القبل والدبر) وفاقا لا طلاق الأكثر، وصريح
المبسوط (13) وبني إدريس (14) وسعيد (15)، لعموم الأخبار، وخلافا لبعض الأصحاب
حكاه الشيخ في الخلاف، واحتج له بأصل البراءة (16)، ويعارضه العمومات.
وزيد له في المختلف صحيح ابن عمار سأل الصادق عليه السلام عن رجل وقع على

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 259 ب 4 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(2) الخلاف: ج 2 ص 363 المسألة 200.
(3) الإنتصار: ص 96، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 23.
(4) جواهر الفقه: ص 45 المسألة 159.
(5) شرح جمل العلم والعمل: ص 235.
(6) المقنعة: ص 433.
(7) المراسم: ص 118.
(8) الكافي في الفقه: ص 203.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 70.
(10) سنن ابن ماجة: ج 2 ص 1003 ح 3015.
(11) كنز العمال: ج 5 ص 62 ح 12059.
(12) كنز العمال: ج 7 ص 487 ح 19909.
(13) المبسوط: ج 1 ص 336.
(14) السرائر: ج 1 ص 548.
(15) الجامع للشرائع: ص 178، شرائع الاسلام: ج 1 ص 293.
(16) الخلاف: ج 2 ص 370 المسألة 210.
436

أهله فيما دون الفرج، قال: عليه بدنة، وليس عليه الحج من قابل. قال المصنف: إنا
نقول بموجبه، فإن الدبر يسمى فرجا، لأنه مأخوذ من الانفراج، وهو متحقق
فيه (1).
(وسواء كان الحج فرضا أو نفلا) كما في النهاية (2) والمبسوط (3)
والمهذب (4) والسرائر (5) والنافع (6) والجامع (7) والشرائع (8) وغيرها، لعموم الأخبار،
ووجوب إتمام الحج بالشروع فيه.
(وسواء أنزل أو لا إذا غيب الحشفة) للعمومات، بخلاف ما إذا جامع
دون الفرج فإنه كالملاعبة، فإن أنزل فجزور كما سيأتي، وإلا فلا شئ، وتردد فيه
في المنتهى، فاحتمل عمومه أيضا، وقال: وأطبق الجمهور على وجوب الشاة إذا
لم ينزل (9).
(ولو استمنى بيده من غير جماع فالأقرب) أن عليه (البدنة
خاصة) وفاقا لابن إدريس (10) والحلبي (11) والمحقق (12) للأصل، ويؤيده النص
على أن لا قضاء إن جامع في ما دون الفرج في صحيحين لابن عمار (13) مع عمومه
الامناء.
(وقيل) في النهاية (14) والمبسوط (15) والتهذيب (16) والمهذب (17)

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 153.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 494.
(3) المبسوط: ج 1 ص 336.
(4) المهذب: ج 1 ص 222.
(5) السرائر: ج 1 ص 548.
(6) المختصر النافع: ص 106.
(7) الجامع للشرائع: ص 188.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 294.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 838 س 20.
(10) السرائر: ج 1 ص 552.
(11) الكافي في الفقه: ص 203.
(12) المختصر النافع: ص 107.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 262 ب 7 من أبواب كفارات الاستمتاع.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 497.
(15) المبسوط: ج 1 ص 337.
(6 1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 324 ذيل الحديث 1112.
(17) المهذب: ج 1 ص 222.
437

والوسيلة (1) والجامع (2): إنه (كالجماع) في الفرج في إيجاب القضاء أيضا،
وهو خيرة المختلف (3)، لأنه أقبح من إتيان أهله، فيكون أولى بالتغليظ، ولخبر
إسحاق بن عمار: سأل أبا الحسن عليه السلام عن محرم عبث بذكره فأمنى، قال: أرى
عليه مثل ما أرى على من أتى أهله وهو محرم، بدنة والحج من قابل (4). وهو
ضعيف، محتمل للاستحباب، كما في الإستبصار (5).
قال في المنتهى: وهذا الكلام الأخير يدل على تردده في ذلك، ونحن في ذلك
من المتوقفين (6).
(والوجه شمول الزوجة) في عبارتنا ونحوها (للمستمتع بها) لأنها
زوجة، لقوله تعالى: (إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم (7) ولأن المذكور في
أخبار هذا الباب أهله وامرأته والجماع، والكل يشملها. ويحتمل بعيدا انصراف
امرأته وأهله إلى الدائمة، والأصل الصحة والبرأة من القضاء، فيقصر على اليقين.
(وأمته كزوجته) كما في الشرائع (8)، لأنها امرأته وأهله.
(والأقرب شمول الحكم للأجنبية) إذا وطأها (بزنا أو شبهة،
وللغلام) لأنها أفحش، فهي بالافساد والعقوبة أولى. ويحتمل العدم إذا كانت
البدنة والحج ثانيا أو أحدهما للتكفير، فإن الأفحش قد لا يكفر. ولم يوجب
الحلبي في اللواط إلا بدنة (9)، وحكاه الشيخ في الخلاف (10) وابن زهرة أحد
قولين لأصحابنا ولا خلاف في وجوب البدنة (11).

(1) الوسيلة: ص 166.
(2) الجامع للشرائع: ص 188.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 154.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 272 ب 15 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(5) الإستبصار: ج 2 ص 193 ذيل الحديث 646.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 838 س 11.
(7) المؤمنون: 6.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 294.
(9) الكافي في الفقه: ص 203.
(10) الخلاف: ج 2 ص 370 المسألة 210.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 33.
438

(ولا شئ على الناسي) للاحرام (ولا الجاهل بالتحريم) للأصل
والأخبار (1) والاجماع كما في الخلاف (2) والغنية (3) في النسيان.
(وعليه بدنة) فقط (لو جامع زوجته) أو أمته أو أجنبية أو غلاما على
الأقرب (مع الوصفين) أي العمد والعلم (بعد المشعر).
ولا يجب القضاء حينئذ (وإن كان قبل التحلل، أو كان قد طاف من
طواف النساء ثلاثة أشواط) أو أقل أو لم يطف منه شيئا، (أو جامع زوجته
في غير الفرجين، وإن كان قبل المشعر وعرفة) للأصل والخبر (4)، وكأنه
لا خلاف فيه.
(ولو كانت الزوجة) أيضا (محرمة مطاوعة، فعليها) أيضا (بدنة
وإتمام حجها الفاسد والقضاء) للأخبار (5) والاجماع كما في الخلاف (6).
وهل للبدنة في هذه الصور بدل؟ نص ابن حمزة (7) وسلا ر (8) على أنه لا بدل
إلا في صيد النعامة، فإنما عليه فيها الاستغفار والعزم عليها إذا تمكن، ويعضده
الأصل، وخبر أبي بصير: سأل الصادق عليه السلام عن رجل واقع امرأته وهو محرم، قال:
عليه جزور كوما، قال: لا يقدر، قال: ينبغي لأصحابه أن يجمعوا له ولا يفسدوا
حجة (9).
وفي الخلاف: من وجب عليه دم في إفساد الحج فلم يجد فعليه بقرة، فإن لم
يجد فسبع شياه على الترتيب، فإن لم يجد فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها طعاما

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 253 ب 2 من أبواب كفارات الاستمتاع.
(2) الخلاف: ج 2 ص 369 المسألة 208.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ج 2 ص 514 س 19.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 261 ب 6 من أبواب كفارات الاستمتاع ج 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 259 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع.
(6) الخلاف: ج 2 ص 367 المسألة 206.
(7) الوسيلة: ص 167.
(8) المراسم: ص 119.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 258 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 13.
439

يتصدق به، فإن لم يجد صام عن كل مد يوما، ونص الشافعي على مثل ما قلنا،
وفي أصحابه من قال: هو مخير، دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم وطريقة
الاحتياط (1).
وأفتى به المصنف في التذكرة (2)، واستدل فيها وفي المنتهى على الترتيب بأن
الصحابة والأئمة عليهم السلام قضوا بالبدنة في الافساد فيتعين (3)، والبقرة دونها
حسنا وشرعا، فلا يقوم مقامها، ولذا ورد في الرواح إلى الجمعة: إن من راح في
الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الثانية فكأنما قرب بقرة (4).
وفي التهذيب - عقيب ما مر من خبر ابن أبي حمزة -: وفي رواية أخرى: فإن
لم يقدرا على بدنة فإطعام ستين مسكينا، لكل مسكين مد، فإن لم يقدرا فصيام
ثمانية عشر يوما (5). ونحوه الكافي (6).
وفي السرائر: من وجب عليه بدنة في نذر أو كفارة ولم يجدها كان عليه سبع
شياه، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة أو في منزله (7) انتهى.
وبذلك خبر داود الرقي في الفداء (8)، وظاهر الفداء فداء الصيد.
وأطلق القاضي إنه إذا أوجبت بدنة فعجز عنها قومها وفض القيمة على البر (9)،
إلى آخر ما مر في النعامة.
(وعليهما) إن طاوعته (أن يفترقا إذا وصلا في القضاء موضع
الخطيئة إلى أن يقضيا المناسك) كما في النافع (10) والشرائع (11) للأخبار (12)

(1) الخلاف: ج 2 ص 372 المسألة 213.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 357 س 24.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 841 س 5.
(4) بحار الأنوار: ج 89 ص 213 ح 57.
(5) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 318 ح 1094.
(6) الكافي: ج 4 ص 374 ج 5.
(7) السرائر: ج 1 ص 599.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 184 ب 2 من أبواب كفارات الصيد ح 4.
(9) المهذب: ج 1 ص 227.
(10) المختصر النافع: ص 107.
(11) شرائع السلام: ج 1 ص 294.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 255 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع.
440

والاجماع كما في الخلاف (1) والغنية (2).
وهل يجب؟ هو ظاهر العبارة وصريح المنتهى (3) والتذكرة (4) والتحرير (5)
والصدوقين (6) والشهيد (7)، وفي النهاية (8) والمبسوط (9) والسرائر (10)
والمهذب (11): ينبغي.
قال في المختلف: إنه ليس صريحا فيه ولا في الاستحباب، لاستعماله فيهما
كثيرا (12)، واختلفت الشافعية فيهما (13). وفي المختلف: الروايات تدل على الأمر
بالتفريق، فإن قلنا: الأمر للوجوب كان واجبا، وإلا فلا (14).
هذا إن سلكا في القضاء ما سلكاه من الطريق في الأداء (15)، وإلا فلا افتراق،
على ما يعطيه الشرائع (16) والتذكرة (17).
ونص عليه الصدوق (18) والشهيد (19)، وفي التحرير (20) والمنتهى (21): وهو
قريب.
وأيده في المنتهى بأنهما إذا بلغا موضع الجماع تذكراه، فربما دعاهما إليه،

(1) الخلاف: ج 2 ص 368 المسألة 207.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 1.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 836 س 36.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 256 س 1.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 119 س 18.
(6) نقله عنه علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 149، المقنع: ص 71.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 369 درس 98.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 494.
(9) المبسوط: ج 1 ص 336.
(10) السرائر: ج 1 ص 548.
(11) المهذب: ج 1 ص 229.
(12) مختلف الشيعة: ج 4 ص 149.
(13) المجموع: ج 7 ص 399.
(14) مختلف الشيعة: ج 4 ص 149 - 150.
(15) المقنع: ص 71.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 294.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 356 س 2.
(18) المقنع: ص 71.
(19) الدروس الشرعية: ج 1 ص 369 س 98.
(20) تحرير الأحكام: ج 1 ص 119 س 21.
(21) منتهى المطلب: ج 2 ص 837 س 20.
441

وليس ذلك في طريق آخر، والذي فيما رأيناه من الأخبار والافتراق حتى يبلغ
الهدي محله كما في الجامع (1)، وهو حسن معاوية بن عمار (2) وصحيحه (3) عن
الصادق عليه السلام: أو حتى تقضيا المناسك وتعودا إلى موضع الخطيئة (4) وهو صحيح
آخر له عنه عليه السلام، وخبر سليمان بن خالد عنه عليه السلام (5) وحسن حريز عن زرارة: أو
حتى يبلغا مكة وموضع الخطيئة (6)، وهو خبر علي بن أبي حمزة عن الكاظم عليه السلام
قال: ويفترقان من المكان الذي كان فيه ما كان حتى ينتهيا إلى مكة وعليهما الحج
من قابل لا بد منه. قال ابن أبي حمزة: قلت: فإذا انتهيا إلى مكة فهي امرأته كما
كانت؟ فقال: نعم هي امرأته كما هي، فإذا انتهيا إلى المكان الذي كان منهما ما كان
افترقا حتى يحلا، فإذا أحلا فقد انقضى عنهما، فإن أبي كان يقول ذلك (7).
وكأن قوله: (فإذا انتهيا إلى المكان... إلى آخرة) تفسير لما قبله، ومعنى
الانتهاء إليه: الكون فيه مع الخطيئة إن كان هذا في أداء، وإن كان القضاء فتفسير
فيه للكون فيه بالانتهاء إليه عند القضاء. وعلى كل فالاحلال تفسير للاتيان بمكة،
أو هذا في القضاء وما قبله في الأداء، لكن ليس في الخبر ذكر للقضاء أصلا، أو
حتى ينفر الناس ويرجعا إلى موضع الخطيئة، وهو صحيح عبيد الله الحلبي وحسنه
عن الصادق عليه السلام قال: يفرق بينهما حتى ينفر الناس ويرجعا إلى المكان الذي
أصابا فيه ما أصابا. قلت: أرأيت إن أخذا في غير ذلك الطريق إلى أرض أخرى
أيجتمعان؟ قال: نعم (8). وليس هذا نصا في عدم الافتراق.

(1) الجامع للشرائع: ص 188.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 257 - 258 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 12.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 256 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 255 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 259 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 257 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 9.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 259 ب 4 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(8) وسائل الشيعة، ج 9 ص 258 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 14.
442

ألا ترى أن البزنطي روى عن محمد بن مسلم في نوادره، عن عبد الكريم أنه
سأل أبا جعفر عليه السلام أرأيت من ابتلى بالرفث ما عليه؟ قال: يسوق الهدي ويفرق
بينه وبين أهله حتى يقضيا المناسك، وحتى يعودا إلى المكان الذي أصابا فيه ما
أصابا، قال: أرأيت إن أرادا أن يرجعا في غير ذلك الطريق، قال: فليجتمعا إذا قضيا
المناسك (1). فقد يكون هذا معنى ذلك الخبر.
ثم ليس في هذه الأخبار سوى خبر ابن أبي حمزة أن الافتراق في القضاء ولا
في غيرها، إلا حسن معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام قال: سألته عن رجل وقع
على امرأته وهو محرم، قال: إن كان جاهلا فليس عليه شئ، وإن لم يكن جاهلا
فعليه سوق بدنة وعليه الحج من قابل، فإذا انتهى إلى المكان الذي وقع بها فرق
محملاهما فلم يجتمعا في خباء واحد، إلا أن يكون معهما غيرهما حتى يبلغ
الهدي محله (2).
وينص عليه في الأداء صحيحه عنه عليه السلام قال: ويفرق بينهما حتى يقضيا
المناسك، ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا، وعليه الحج من قابل (3).
وينص عليه فيهما وخبر ابن أبي حمزة المتقدم (4)، وحسن حريز عن زرارة
قال: إن كانا عالمين فرق بينهما من المكان الذي أحدثا فيه، وعليهما بدنة،
وعليهما الحج من قابل، فإذا بلغا المكان الذي أحدثا فيه، فرق بينهما حتى يقضيا
نسكهما ويرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا (5).
ولذا أفتى علي بن بابويه بالافتراق فيهما إلى قضائهما المناسك (6)، ونفى عنه

(1) المصدر السابق ح 15.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 257 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 12.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 255 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 259 ب 4 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 257 ب 4 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 9.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 329 ذيل الحديث 2587.
443

البأس في المختلف (1)، واستحسنه في التحرير (2)، واستجاده في التذكرة (3)
والمنتهى (4).
وقد أجاد أبو علي حيث أفتى بالافتراق في الأداء إلى بلوغهما محل الخطيئة
وإن أحلا قبله، وفي القضاء إلى بلوغ الهدي محله (5). وكذا ابن زهرة وإن لم ينص
على الاحلال (6).
والافتراق (بمعنى عدم انفرادهما عن ثالث) - كما في النهاية (7)
والمبسوط (8) والسرائر (9) وا لمهذب (10) والشرائع (11) وغيرها، لصحيح ابن
عمار (12) وحسنه (13) عن الصادق عليه السلام، ومرفوع أبان بن عثمان عن
أحدهما عليهما السلام (14) أي ثالث (محترم) عندهما ليمنعهما من الجماع، فلا عبرة
بأمته وزوجته وغير المميز.
(ولو أكرهها لم يفسد حجها) للأصل، ورفع ما استكرهوا عليه (15)،
وخبر سليمان بن خالد (16) وغيره، وكذا لو أكره لم يفسد حجه عندنا كذا في
التذكرة (17) والمنتهى (18).

(1) مختلف الشيعة: ج 4 ص 151.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 119 س 20.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 356 س 8.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 837 س 16.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 150.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 السطر الأخير.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 494.
(8) المبسوط: ج 1 ص 336.
(9) السرائر: ج 1 ص 548.
(10) المهذب: ج 1 ص 229.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 294.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 256 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 5.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 257 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 12.
(14) المصدر السابق ح 11.
(15) سنن ابن ماجة: ج 1 ص 659 ج 2044.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 259 ب 4 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 356 س 14.
(8 1) منتهى المطلب: ج 2 ص 837 س 30.
444

ولا شئ على من لم يفسد حجه (و) لكن (عليه) إن أكرهها (بدنة
أخرى عنها) لخبري ابن عمار (1) وأبي حمزة (2)، والأول صحيح، وكأنه
لا خلاف فيه عندنا، وفي الخلاف الاجماع على لزوم كفارتين بجماعهما
محرمين (3).
(ولو أفسد قضاء الفاسد في القابل لزمه ما لزم في العام الأول)
وهكذا للعمومات، وإذا أتى في السنة الثالثة بحجة صحيحة كفاه عن الفاسد ابتداء
وقضاء ولا يجب عليه قضاء آخر، وإن أفسد عشر حجج نص عليه في التذكرة (4)
والمنتهى (5) والتحرير (6)، لأنه إنما كان يجب عليه حج واحد صحيح.
(ولو جامع المحل) عامدا عالما (أمته المحرمة بإذنه) إذ لا إحرام
إذا لم يكن بإذن (فعليه بدنة أو بقرة أو شاة) مخير بينهما.
(فإن عجز) بأن كان معسرا (فشاة أو صيام) وفاقا لأبيه (7) ولا بني
سعيد (8)، لقول الكاظم عليه السلام لإسحاق بن عمار: إن كان موسرا وكان عالما أنه لا
ينبغي له وكان هو الذي أمرها بالاحرام فعليه بدنة، وإن شاء بقرة، وإن شاء شاة،
وإن لم يكن أمرها بالاحرام فلا شئ عليه موسرا كان أو معسرا، وإن كان أمرها
وهو معسر فعليه دم شاة أو صيام (9). ورواه البرقي في المحاسن بسنده عن صباح
الحذاء وفي آخره: أو صيام أو صدقة (10).
وفي النهاية: عليه بدنة، فإن لم يقدر فشاة أو صيام ثلاثة أيام (11). وفي

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 262 ب 7 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 259 ب 4 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(3) الخلاف: ج 2 ص 367 المسألة 206.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 357 س 41.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 842 س 3.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 120 س 14.
(7) مختلف الشيعة: ج 4 ص 156.
(8) الجامع للشرائع: ص 88، شرائع الاسلام: ج 1 ص 294.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 263 ب 8 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(10) المحاسن: ص 310 ح 24.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 495.
445

المبسوط (1) والسرائر (2): كان عليه الكفارة يتحملها عنها، فإن لم يقدر على بدنة
كان عليه دم شاة أو صيام (ثلاثة أيام) فكأنهما حملا الخبر على الاكراه،
للأصل مع ضعفه، ومعارضته بصحيح ضريس سأل الصادق عليه السلام عن رجل أمر
جاريته أن تحرم من الوقت فأحرمت ولم يكن هو أحرم فغشيها بعدما أحرمت،
قال: يأمرها فتغتسل ثم يحرم ولا شئ عليه (3).
وحمله في كتابي الأخبار على أنها لم تكن لبت (4). وأما عدد الثلاثة الأيام
في الصيام فكأنه لكونها المعروفة بدل الشاة.
(وعليها مع المطاوعة الاتمام والحج من قابل) وعلى المولى إذنها فيه
إن كان قبل المشعر (والصوم) ستين يوما أو ثمانية عشر (عوض البدنة) إن
قلنا بالبدل لهذه البدنة لعجزها عنها، وإن لم نقل بالبدل توقعت العتق والمكنة.
(ولو جامع) المحل (زوجته المحرمة تعلقت بها الأحكام مع
المطاوعة، ولا شئ عليه) للأصل من غير معارض.
(ولو أكرهها فعليه بدنة) يتحملها عنها (على إشكال) من ثبوت
التحمل إذا كان محرما، ولا يؤثر احرامه إلا في وجوبها عن نفسه. ومن كونه
خلاف الأصل، فيقصر على المنصوص.
(ولو كان الغلام) الحر أو المملوك (محرما) وهو محل أو محرم
(وطاوع) أو أكرهه (ففي إلحاق الأحكام به) حتى إن كانا محرمين افترقا،
وإن كان مملوكا وهو محل كان عليه بدنة أو بقرة أو شاة، وإن كان معسرا فشاة أو
صيام، وإن كان حرا فكالزوجة، فإن أكرهه كان عليه بدنة إن وجبت إذا أكرهت

(1) المبسوط: ج 1 ص 336.
(2) السرائر: ج 1 ص 549.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 263 ب 8 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 3.
(4) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 320 ذيل الحديث 1103، الإستبصار: ج 2 ص 191 ذيل
الحديث 640.
446

الزوجة المحرمة، وهو محل (إشكال) من الأصل، ومن الخروج عن النص،
ومن كونه أفحش، واشتراك موجب الافتراق.
(ولو جامع المحرم) بعد الوقوفين (قبل طواف الزيارة) أي طواف
الحج (فبدنة، فإن عجز فبقرة أو شاة) كما في التهذيب (1) والنافع (2)
والشرائع (3)، وفي المهذب (4) والارشاد (5) والتلخيص: فإن عجز فبقرة، فإن عجز
فشاة (6).
وفي النهاية (7) والمبسوط (8) والسرائر (9) والتحرير (10) والتذكرة (11) والمنتهى:
عليه جزور، فإن عجز فبقرة، فإن عجز فشاة (12). ولا خلاف في صحة الحج.
وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر حمران: وإن كان قد طاف طواف النساء، فطاف
منه ثلاثة أشواط ثم خرج وغشى أهله فقد أفسد حجه وعليه بدنة (13). مع ضعفه
يحمل على النقص، أما البدنة والجزور فعرفت احتمال اتحادهما، وعليه
المنتهى (14) والتذكرة (15)، ودليل وجوبه ما مر في الجماع قبل التحلل.
وحسن ابن عمار: سأل الصادق عليه السلام عن متمتع وقع على أهله ولم يزر، قال:
ينحر جزورا، وقد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، وإن كان جاهلا
فلا شئ عليه (16). وهو نص على سقوطه عن الجاهل، وكذا الناسي، لشموله له،

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 321 ذيل الحديث 1103.
(2) المختصر النافع: ص 107.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 294.
(4) المهذب: ج 1 ص 223 - 224.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 312.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 331.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 495.
(8) المبسوط: ج 1 ص 337.
(9) السرائر: ج 1 ص 550.
(10) التحرير: ج 1 ص 119 س 30.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 357.
(12) منتهى المطلب: ج 2 ص 849 س 4.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 267 ب 11 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(14) منتهى المطلب: ج 2 ص 839 س 3.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 357 س 4.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 264 ب 9 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
447

ولأنه أولى بالعذر. وسقوطه عنهما قبل الوقوف أيضا يدل عليه هنا.
وأما البقرة أو الشاة، فلصحيح العيص سأله عليه السلام عمن واقع أهله حين
ضحى قبل أن يزور البيت؟ قال: يهريق دما (1). وهو يشمل الثلاثة، والاحتياط
الترتيب، ويمكن أن يريده من غير واو. وسأله عليه السلام أبو خالد القماط عمن وقع
على أهله يوم النحر قبل أن يزور، فقال: إن كان وقع عليها بشهوة فعليه بدنة، وإن
كان غير ذلك فبقرة، قال قلت: أو شاة؟ قال: أو شاة (2). وكأنهما الإنزال وعدمه،
مع عدم الجماع، أو الجماع في الفرج وما دونه بلا إنزال.
ولا فرق في وجوب الكفارة بين إن لم يطف شيئا من الأشواط، أو طاف أقل
من النصف أو أكثر، لعموم الأخبار والفتاوى، لصدق أنه قبل الطواف، ولأنه لم
يزر، فإنه بمعنى لم يطف، وخصوص قول الصادق عليه السلام لعبيد بن زرارة: فإن كان
طاف بالبيت طواف الفريضة، فطاف أربعة أشواط فغمزه بطنه، فخرج فقضى
حاجته، فغشى أهله، أفسد حجه وعليه بدنة ويغتسل، ثم يرجع فيطوف أسبوعا (3).
وكان إفساد الحج بمعنى نقصه، إذ لا قائل بفساده بذلك، أو الحج بمعنى الطواف
تسمية للجز باسم الكل كما في المنتهى (4)، أو رجوعا إلى اللغة.
وطواف أسبوع إما بمعنى الاستئناف كما في النهاية (5) والمبسوط (6)
والسرائر (7) والمهذب وجوبا أو استحبابا، أو الاكمال (8)، وأسلفنا الخلاف في قطع
الطواف عمدا لا لحاجة، وزاد هذا الجماع في أثنائه.
(ولو جامع) بعد طواف الزيارة (قبل طواف النساء أو بعد طواف

(1) المصدر السابق ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 264 ب 9 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 267 ب 11 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 839 س 23.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 496.
(6) المبسوط: ج 1 ص 337.
(7) السرائر: ج 1 ص 550 - 551.
(8) المهذب: ج 1 ص 222.
448

ثلاثة أشواط) منه أو أقل (فبدنة) كما في النهاية (1) والمبسوط (2) والسرائر (3)
وغيرها، للأخبار، وكأنه لا خلاف فيه كما لا خلاف في صحة الحج. وقول أبي
جعفر عليه السلام لحمران في الحسن: وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة
أشواط ثم خرج فغشي فقد أفسد حجه (4). محمول على ما عرفت.
وفي المقنع (5) وخبر زرارة عنه عليه السلام (6) وحسن ابن عمار عن الصادق عليه السلام:
جزور سمينة (7). وفي خبر خالد القلانسي عن الصادق عليه السلام: إن على الموسر بدنة،
وعلى المتوسط بقرة، وعلى الفقير شاة (8).
ولا شئ على الناسي والجاهل، لما عرفت من أنه لا شئ عليهما قبل
الوقوف وقبل طواف الزيارة، فهنا أولى، وخصوص خبر سلمة بن محرز هنا في
الجاهل (9).
(ولو كان) الجماع (بعد) طواف (خمسة) أشواط (فلا شئ،
وأتم طوافه) وفاقا للمشهور، واكتفى الشيخ (10) وأتباعه بمجاوزة النصف، وهو
خيرة المختلف (11)، لقول الصادق عليه السلام لأبي بصير: إذا زاد على النصف وخرج
ناسيا، أمر من يطوف عنه، وله أن يقرب النساء إذا زاد على النصف (12). ولما سلف
أن مجاوزة النصف كالاتمام في الصحة.

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 459.
(2) المبسوط: ج 1 ص 337.
(3) السرائر: ج 1 ص 550 - 551.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 267 ب 11 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(5) المقنع: ص 76.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 265 ب 10 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 264 ب 9 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 265 ب 10 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 266 ب 10 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 5.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 496.
(11) مختلف الشيعة: ج 4 ص 161.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 469 ب 58 من أبواب الطواف ح 10.
449

وفيه: إنه لا ينفي الكفارة عن المجامع.
وفي الخبر مع الضعف، احتمال أن له أن يقرب النساء بعد أن يطاف عنه، ولذا
لم يسقط الكفارة ابن إدريس ما بقي عليه شئ من أشواطه (1)، لعموم الأخبار (2)
بأنه إذا لم يطف طواف النساء فعليه بدنة، وهو قوي.
ووافق المصنف المحقق (3) هنا، وفي المنتهى (4) والتحرير (5) والارشاد (6)
والتبصرة (7) والتلخيص (8) فاعتبر خمسة، لحسن حمران عن أبي جعفر عليه السلام فيمن
كان عليه طواف النساء وحده فطاف منه خمسة أشواط بالبيت ثم غمزه بطنه
فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنقض ثم غشى جاريته، قال: يغتسل ثم يرجع
فيطوف بالبيت طوافين تمام ما بقي عليه من طوافه، ثم يستغفر ربه ولا يعود (9).
وفيه أنه لا ينفي الكفارة إلا أن يضم إليه الأصل، وأنه عليه السلام قال له في طريق
آخر بعد ذلك: وإن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثم خرج
فغشى فقد أفسد حجه وعليه بدنة ويغتسل، ثم يعود فيطوف أسبوعا (10).
فإن ذكر البدنة هنا دون ما تقدم قرينة على عدمها فيه، ولكن الطريق ضعيف،
والقرينة ضعيفة، وأخبار وجوب البدنة قبل طواف النساء كثيرة يضمحل بها الأصل.
(ولو جامع في إحرام العمرة المفردة) كما في النهاية (11) والمبسوط (12)

(1) السرائر: ج 1 ص 552.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 264 ب 10 من أبواب كفارات الاستمتاع.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 294.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 840 س 14.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 119 س 32.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 322.
(7) تبصرة المتعلمين: ص 66.
(8) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 30 ص 335.
(9) من لا يحضر الفقيه: ج 2 ص 390 ح 2788.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 267 ب 11 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 469.
(12) المبسوط: ج 1 ص 337.
450

والمهذب (1) والسرائر (2) والجامع (3) (أو المتمتع بها) كما يقتضيه إطلاق
المحقق (4) (على إشكال قبل السعي عامدا عالما بالتحريم، بطلت عمرته
ووجب إكمالها وقضاؤها وبدنة).
أما المفردة فلصحيح بريد سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل اعتمر عمرة مفردة،
فغشى أهله قبل أن يفرغ من طوافه وسعيه، قال: عليه بدنة لفساد عمرته، وعليه أن
يقيم إلى الشهر الآخر، ويخرج إلى بعض المواقيت فيحرم بعمرة (5). وخبر مسمع
عن الصادق عليه السلام: في الرجل يعتمر عمرة مفردة فيطوف بالبيت طواف الفريضة ثم
يغشى أهله قبل أن يسعى بين الصفا والمروة، قال: قد أفسد عمرته، وعليه بدنة،
وعليه أن يقيم بمكة محلا حتى يخرج الشهر الذي اعتمر فيه، ثم يخرج إلى الوقت
الذي وقته رسول الله صلى الله عليه وآله لأهل بلاده فيحرم منه ويعتمر (6).
والخروج إلى أحد هذه المواقيت يجوز أن يستحب، أو يكون على من
وجبت عليه من بلده. وأما وجوب الاكمال فلما سلف من أنه لا يجوز انشاء
احرام آخر قبل إكمال الأول.
وأما المتمتع بها، ففي فسادها إشكال، من التساوي في الأركان وحرمتهن
قبل أدائها، وإنما الاختلاف باستتباع الحج، ووجوب طواف النساء وعدمهما،
ومن الأصل، والخروج عن النصوص، ولزوم أحد الأمرين إذا لم يسع الوقت
انشاء عمرة أخرى قبل الحج. أما تأخير الحج إلى قابل أو الاتيان به مع فساد
عمرته وهو يستلزم عدم فساده مع الاتيان بجميع أفعاله، والتجنب فيه عن
المفسد، أو انتقاله إلى الافراد. وإذا انتقل إلى الافراد سقط الهدي وانتقلت العمرة
مفردة، فيجب لها طواف النساء، وفي جميع ذلك إشكال.

(1) المهذب: ج 1 ص 222.
(2) السرائر: ج 1 ص 551.
(3) الجامع للشرائع: ص 188.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 295.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 268 ب 12 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 268 ب 12 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
451

وفي الشرحين أن الاشكال في فساد الحج بذلك من ارتباطه بها، ومن انفراده
بإحرام آخر، والأصل صحته والبرأة من القضاء (1). قال فخر الاسلام: هكذا قال
لي المصنف، ثم رجح هو الفساد، يعني إن لم يسع الوقت انشاء عمرة أخرى، وهو
ظاهر الحلبيين، لقولهما بفساد المتعة بالجماع فيه قبل الطواف أو السعي (2).
وقال الحسن: إذا جامع الرجل في عمرته بعد أن طاف لها وسعى قبل أن
يقصر، فعليه بدنة وعمرة تامة، فأما إذا جامع في عمرته قبل أن يطوف لها ويسعى
فلم أحفظه عن الأئمة عليهم السلام شيئا أعرفكم فوقفت عند ذلك، ورددت الأمر إليهم (3)،
انتهى.
وأما وجوب البدنة، فكأنه لا خلاف فيه، والكلام في البدل منها ما مر.
(ويستحب أن يكون القضاء في الشهر الداخل) لنحو الخبرين (4) وما
سلف، ولا يجب لما سلف.
(ولو نظر إلى غير أهله) بشهوة أولا بها (فأمنى، فبدنة إن كان
موسرا، وبقرة إن كان متوسطا، وشاة إن كان معسرا) كما في النهاية (5)
والمبسوط (6) السرائر (7) والمهذب (8) والجامع (9) والشرائع (10) والنافع (11) وغيرها،
لخبر أبي بصير عن الصادق عليه السلام وقال عليه السلام فيه: أما أني لم أجعل عليه لأنه أمنى،
إنما جعلته عليه لأنه نظر إلى ما لا يحل له (12). والخبر ضعيف، لكن الأكثر عملوا به.

(1) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 347، جامع المقاصد: ج 3 ص 350.
(2) الكافي في الفقيه: ص 203، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 23.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 155.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 268 ب 12 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1 و 2.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 497.
(6) المبسوط: ج 1 ص 337.
(7) السرائر: ج 1 ص 552.
(8) المهذب: ج 1 ص 223 - 225.
(9) الجامع للشرائع: ص 188.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 295.
(11) المختصر النافع: ص 107.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 272 ب 16 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
452

وزاد المفيد (1) وسلا ر (2) وابن زهرة (3) أنه إن عجز عن الشاة صام ثلاثة
أيام، ولم يذكر ابن حمزة (4) الشاة. وسأل في الصحيح زرارة أبا جعفر عليه السلام عن
ذلك، فقال: عليه جزورا أو بقرة، فإن لم يجد فشاة (5). وهو فتوى المقنع (6).
وكان الأكثر حملوه على الأول، لاجماله وتفصيل الخبر الأول، مع أنه الاحتياط.
(ولو كان) النظر (إلى أهله فلا شئ وإن أمنى، إلا أن يكون بشهوة
فيمني فبدنة) وفاقا للأكثر للأصل، ومفهوم التعليل في خبر أبي بصير (7). ونحو
حسن ابن عمار: سأل الصادق عليه السلام عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى وهو
محرم، قال: لا شئ عليه، ولكن ليغتسل ويستغفر ربه، وإن حملها من غير شهوة
فأمنى أو أمذى وهو محرم فلا شئ عليه، وإن حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو
أمذى فعليه دم، وقال: في المحرم ينظر إلى امرأته أو ينزلها بشهوة حتى ينزل،
قال: عليه بدنة (8). وروى إسحاق بن عمار عنه عليه السلام في محرم نظر إلى امرأته
بشهوة فأمنى، قال: ليس عليه شئ (9). وحمل على السهو.
ومن الأصحاب من ألحق نظر معتاد الامناء بالنظر بشهوة، ولا بأس به، بل لا
إلحاق، فإنه لا ينفك نظره عن الشهوة.
ونفى المفيد (10) والسيد الكفارة عمن نظر إلى أهله فأمنى وأطلقا (11).

(1) المقنع: ص 433.
(2) المراسم: ص 120.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 23.
(4) الوسيلة: ص 166 - 167.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 272 ب 16 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(6) المقنع: ص 76.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 272 ب 16 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 274 ب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 276 ب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 7.
(10) المقنعة: ص 433.
(11) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 70.
453

وقال الحلبي: في النظر إلى المرأة بشهوة والاصغاء إلى حديثها أو حملها أو
ضمها الإثم، فإن أمنى فدم شاة (1). وكأنه حمل الدم في حسن ابن عمار (2) على
الشاة كما هو المعروف، والبدنة على الفضل، فإن النظر دون المس.
(ولو مسها) أي أهله (بغير شهوة فلا شئ وإن أمنى،) في مسها
(بشهوة شاة وإن لم يمن) كما في النهاية (3) والمبسوط (4) والشرائع (5)، لقول
الصادق عليه السلام في صحيح ابن مسلم: إن كان حملها أو مسها بشئ من الشهوة
فأمنى أو لم يمن، أمذى أو لم يمذ، فعليه دم يهريقه، فإن حملها أو مسها بغير شهوة
فأمنى أو لم يمن فليس عليه شئ (6).
وصحيح مسمع: من مس امرأته أو لازمها من غير شهوة فلا شئ عليه (7).
وفيما مر آنفا من حسن ابن عمار: إن حملها أو مسها بشهوة فأمنى أو أمذى فعليه
دم، ولاطلاق الدم في الخبرين، جعل ابن حمزة (8) من قسم ما فيه الدم المطلق
الذي جعل قسيما لما فيه بدنة أو بقرة أو شاة أو حمل أو جدي.
وقال ابن إدريس: إن مسها بشهوة فأمنى كان عليه بدنة (9). ولعله نظر إلى أنه
أفحش من النظر وفيه بدنة، فهو أولى بها فليحمل عليه الدم في الخبرين، لكن في
الفقيه في خبر ابن مسلم: فعليه دم شاة (10).
(ولو قبلها بغير شهوة فشاة، وبشهوة جزور) كما في النهاية (11)

(1) الكافي في الفقيه: ص 203.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 274 ب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 497.
(4) المبسوط: ج 1 ص 337.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 295.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 275 ب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 6.
(7) المصدر السابق ح 3.
(8) الوسيلة: ص 166.
(9) السرائر: ج 1 ص 552.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 332 ح 2591.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 497.
454

والمبسوط (1) والشرائع (2)، وظاهرهم تساوي الامناء وعدمه فيهما، لقول
الصادق عليه السلام في خبر صحيح مسمع: فمن قبل امرأته على غير شهوة وهو محرم
فعليه دم شاة، ومن قبل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور ويستغفر ربه (3). مع
قول الكاظم عليه السلام في خبر ابن أبي حمزة، في رجل قبل امرأته وهو محرم: عليه
بدنة وإن لم ينزل (4). وهذا فتوى المفيد (5) والسيد (6)، كما الأول فتوى ابن زهرة (7).
وسأل الحلبي الصادق عليه السلام في الحسن: المحرم يضع يده بشهوة، قال: يهريق
دم شاة، قال: فإن قبل؟ قال: هذا أشد، ينحر بدنة (8)، وهو أيضا مطلق في التقبيل،
ويمكن فهم الشهوة مما قبله، ونحوه المقنع في احتمال الاطلاق والشهوة (9).
وسلار (10) وابن سعيد (11) أيضا اقتصرا على البدنة إذا أمنى بالتقبيل، وأطلق
سلار، وقيده ابن سعيد بالشهوة.
وقال المفيد: فإن هويت المرأة ذلك كان عليها مثل ما عليه (12). وقال ابن
إدريس: من قبل امرأته بغير شهوة كان عليه دم، فإن قبلها بشهوة كان عليه دم شاة
إذا لم يمن، فإن أمنى كان عليه جزور (13). ونحوه الحلبي لقوله: في القبلة دم شاة،
فإن أمنى فعليه بدنة (14)، لأصل البراءة، وضعف خبر ابن أبي حمزة، وقيد الامناء

(1) المبسوط: ج 1 ص 338.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 295.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 276 - 277 ب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 277 ب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 4.
(5) المقنعة: ص 434.
(6) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 70.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 21.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 276 ب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(9) المقنع: ص 76.
(10) المراسم: ص 120.
(11) الجامع للشرائع: ص 188.
(12) المقنعة: ص 434.
(13) السرائر: ج 1 ص 552.
(14) الكافي في الفقيه: ص 203.
455

في خبر مسمع، وإطلاق الصادقين عليهما السلام في خبري زرارة (1) والعلا بن
فضيل بأن عليه دما (2) مع ظهوره في الشاة، وهذا المطلق فتوى الفقيه (3).
(ولو استمع على من يجامع، أو تسمع لكلام امرأة) أو وصفها
(فأمنى من غير نظر) إليها (فلا شئ) للأصل والخبر (4)، إلا أن يكون
معتادا للامناء بذلك، فهو من الاستمناء كما في المسالك (5).
وإن نظر إلى امرأة فاستمنى، فقد مر الكلام فيه، وإن نظر إلى المجامع دونها،
أو إلى المتجامعين وهما ذكران، أو ذكر وبهيمة، فلا شئ أيضا للأصل. وأطلق
الأصحاب شرط انتفاء النظر إليهما.
وفي المهذب: من غير أن ينظر إلى الذي يفعل (6).
وجعل الحلبي في الاصغاء إليهما مع الامناء شاة (7).
(ولو أمنى عن ملاعبة فجزور) وكذا على المرأة إن طاوعت كما في
التهذيب، لصحيح عبد الرحمن بن الحجاج: سأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعبث
بأهله وهم محرم حتى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ماذا
عليهما؟ قال: عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع (8).
(ولو عقد المحرم لمثله على امرأة فدخل) بها (فعلى كل منهما
كفارة) وهي بدنة قطع به الأصحاب، وحكى ابن زهرة اجماعهم عليه (9)،
وإطلاقه وإطلاق الأكثر يعطي تساوي علمهما بالاحرام والحرمة والجهل، وفي

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 277 ب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 277 ب 18 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 7.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 331 ذيل الحديث 2589.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 278 ب 20 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 2.
(5) مسالك الأفهام: ج 1 ص 145 س 18.
(6) المهذب: ج 1 ص 229.
(7) الكافي في الفقه: ص 203.
(8) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 324 ح 1114.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 12.
456

بعض القيود اشتراط علمهما، ولعله الوجه أي علمهما بهما، وأيضا إطلاقهم يعطي
وجوب البدنة على العاقد وإن كان دخول المعقود له بعد الاحلال.
(وكذا لو كان العاقد محلا) كما في النزهة (1) وفيها هنا قيد علمهما مجملا
(على رأي) قطع به في التذكرة (2)، لقول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: لا ينبغي
للرجل الحلال أن يزوج محرما وهو يعلم أنه لا يحل له، قال سماعة: فإن فعل
فدخل بها المحرم، قال: إن كان عالمين، فإن على كل واحد منهما بدنة، وعلى
المرأة إن كانت محرمة بدنة، وإن لم تكن محرمة فلا شئ عليها إلا أن تكون قد
علمت أن الذي تزوجها محرم، فإن كانت علمت ثم تزوجت فعليها بدنة (3).
قال في المنتهى: وفي سماعه قول، وعندي في هذه الرواية توقف (4).
وفي الإيضاح: الأصح خلافه للأصل، ولأنه مباح بالنسبة إليه، وتحمل
الرواية على الاستحباب (5).
(ولو أفسد المتطوع) من حج أو عمرة بالجماع قبل الوقوف أو السعي
(ثم أحصر فيه، فبدنة للافساد، ودم للاحصار) لوجود موجبهما، ولا يسقط
الاحصار بدنة الافساد، لتحقق الهتك، ولا الافساد يمنع من التحلل للعمومات.
(ويكفيه قضاء واحد) كما في المبسوط (6) والشرائع (7) في سنته أو في
القابل.
قلنا: في إفساد حجة الاسلام أنها الأولى أو الثانية، للفرق بأن هذه الحجة أو
العمرة لم يجب من أصلها، وإنما وجبت لأنه إذا أحرم لم يحل إلا بالتحلل بعد
قضاء المناسك أو بالاحصار، وقد فعل، فقد خرج عن عهدتها، فإنما يجب عليه
أخرى عقوبة.

(1) نزهة الناظر: ص 56.
(2) تذكرة الفقهاء: ص 358 س 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 279 ب 21 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 842 س 13.
(5) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 348.
(6) المبسوط: ج 1 ص 338.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 295.
457

ويحتمل ضعيفا أنه لما أحرم وجب عليه الاتيان بحجة أو عمرة صحيحة ولم
يأت بها، فلا فرق بينها وبين حجة الاسلام فيما مر، وهو ممنوع، والأصل البراءة،
مع أن الاحصار كشف عن أنه لم يكن عليه الاتيان بها، فضلا عنها صحيحة.
(ولو جامع في الفاسد فبدنة أخرى) كما في المبسوط (1) والسرائر (2)
والانتصار (3) والغنية (4)، كان التكرار في مجلس أو في مجالس، كفر عن الأول
أو لا، لعموم الأخبار والاجماع على ما في الإنتصار (5) والغنية (6).
وفي الخلاف: وإن قلنا بما قال الشافعي أنه إن كان كفر عن الأول لزمته
الكفارة، وإن كان قبل أن يكفر فعليه كفارة واحدة كان قويا، لأن الأصل براءة
الذمة (7). يعني والعمومات إنما اقتضت البدنة إذا جامع المحرم، وهو أعم من
الواحد والكثير.
وفي الوسيلة: إنه إن أفسد الحج لم تتكرر الكفارة، وكذا إن لم يفسد، ويكرر
في حالة واحدة، وإن تكرر دفعات تكررت الكفارة (8). ولعل الأول، لأن الثاني لم
يقع في الحج لفساده بالأول، والثاني لكونه إجماعا واحدا عرفا مع أصل البراءة.
والجواب عن الأول: إن الفساد إنما هو بمعنى عدم الاجزاء، وهو لا ينفي
الاحرام والحج ليخرج عن العمومات.
وعن الثاني: المنع ومخالفته الاحتياط، بل الأصل، فإن الأصل التكرر بتكرر
الموجب، وعلى المختار إنما عليه بدنة أخرى (خاصة) لا قضاء آخر، للأصل
من غير معارض.
(ويتأدى بالقضاء ما يتأدى بالأداء من حجة الاسلام أو غيره) أي

(1) المبسوط: ج 1 ص 336.
(2) السرائر: ج 1 ص 549.
(3) الإنتصار: ص 101.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 35.
(5) الإنتصار: ص 101.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 35.
(7) الخلاف: ج 2 ص 367 ذيل المسألة 204.
(8) الوسيلة: ص 165 - 166.
458

هو فرضه كما في الخلاف (1) والسرائر (2)، وحكاه المصنف عن أبيه (3).
وإتمام الأداء إما عقوبة أو من قبيل خطاب الوضع بأنه لا محلل من الاحرام
إلا التحلل بعد قضاء المناسك أو للاحصار، وذلك لأن الأداء فاسد، والفاسد
لايبرئ الذمة، كذا احتج لابن إدريس في المختلف، وأجاب بمنع الفساد، أو خلو
الأخبار عنه إلا في العمرة، ومنع كونه المبرئ ثانيا بل المبرئ هو مع القضاء (4)
وفيه ما لا يخفى، إلا أن يريد أن فساده بمعنى نقصه بحيث لا يبرئ الذمة وحده.
ثم رجح قوله لاطلاق الفقهاء القول بالفساد (5).
قلت: وخبر سليمان بن خالد قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في حديث:
والرفث فساد الحج (6)، والأصل بقاء اشتغال الذمة، والبرأة من العقوبة.
وفي النهاية (7) والجامع (8): إن الأداء فرضه والقضاء عقوبة، لمضمر حريز عن
زرارة قال: قلت: فأي الحجتين لهما، قال: الأولى التي أحدثا، فيها ما أحدثا،
والأخرى عليهما عقوبة (9). والاضمار يضعفه، والأصل الصحة، ولأن الفرض لو
كان القضاء لاشترط فيه من الاستطاعة ما اشترط في الأداء، وضعفه ظاهر،
لاستقراره في ذمته وتفريطه بالافساد.
ويظهر فائدة الخلاف في النية وفي الأجير للحج في سنته، وفي الناذر له فيها،
وفيما إذا صد بعد الافساد على ما عرفت.
(والقضاء على الفور) كما في الخلاف قال: دليلنا إجماع الفرقة وأخبارهم
التي تضمنت أن عليه الحج من قابل (10). وهذا الكلام يحتمل إجماعهم على الفورية

(1) الخلاف: ج 2 ص 367 المسألة 205.
(2) السرائر: ج 1 ص 550.
(3) مختلف الشيعة: ج 4 ص 149.
(4) مختلف الشيعة: ج 4 ص 149.
(5) مختلف الشيعة: ج 4 ص 149.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 282 ب 2 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 494.
(8) الجامع للشرائع: ص 187.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 257 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 9.
(10) الخلاف: ج 2 ص 367 المسألة 205.
459

كما هو ظاهر التذكرة (1) والمنتهى (2)، وإجماعهم على مضمون تلك الأخبار.
وقد يناقش في انحصار القابل في أولى ما بعد هذه السنة من السنين.
قال: والاحتياط يقتضي ذلك، ولأنا قد بينا أن حجة الاسلام على الفور دون
التراخي، وهذه حجة الاسلام (3). وهذا يفيد أن الفورية (إن كان الفاسد
كذلك).
قال: وأيضا فلا خلاف أنه مأمور بذلك، والأمر عندنا يقتضي الفور. قال: وما
ذكرناه مروي عن عمر وابن عمر (4). ولا مخالف لهما، يعني فكانا إجماعا كما في
التذكرة (5) والمنتهى (6)، وزيد فيهما أنه لما دخل في الاحرام تعين عليه، فيجب أن
يتعين عليه القضاء، ولعله يريد تعين عليه فورا.
وبالجملة إن كان القضاء فرضه وكان فوريا وجب على الفور، وإلا فالأصل
العدم، ولا معارض له، إلا أن ينص عليه لفظ قابل.
(المطلب الثالث:)
(في باقي المحظورات)
(في لبس المخيط دم شاة وإن كان مضطرا) إليه بالاجماع
والنصوص (7)، (لكن ينتفي التحريم في حقه خاصة) بل قد يجب، واستثنى
السراويل في الخلاف (8) والتذكرة (9) والمنتهى (10) فنفى الفدية فيه عند الضرورة،
واستدل له الشيخ بأصل البراءة مع خلو الأخبار والفتاوى عن ذكر فدائه.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 358 س 32.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 836 س 14.
(3) الخلاف: ج 2 ص 367 المسألة 205.
(4) الخلاف: ج 2 ص 367 المسألة 205.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 358 س 32.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 836 س 16.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 289 ب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام.
(8) الخلاف: ج 2 ص 297 المسألة 78.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 232 س 36.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 782 س 12.
460

وفيه أنه روى في التهذيب صحيحا عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: من نتف
إبطه أو قلم ظفره أو حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه، أو أكل طعاما لا ينبغي
له أكله وهو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شئ، ومن فعله متعمدا
فعليه دم شاة (1).
ورواه الكليني أيضا عنه صحيحا، إلا أن يقول: إنه عند الضرورة ينبغي له
لبسه (2)، ويضعفه قوله عليه السلام: (ففعل ذلك ناسيا).
وأيضا روى صحيحا عن ابن مسلم أنه سأله عليه السلام عن المحرم يحتاج إلى
ضروب من الثياب يلبسها، فقال عليه السلام: لكل صنف منها فداء (3). وكذا رواه
الصدوق (4) صحيحا والكليني، حسنا عنه عن أحدهما عليهما السلام (5) لكن ظاهر
التذكرة الاجماع عليه (6)، فإن تم كان هو الدليل، ويأتي الكلام فيما يتوشح به من
قباء وغيره إن شاء الله تعالى.
(وكذا لو لبس الخفين أو الشمشك) كان عليه شاة وإن كان
(مضطرا) ولكن ينتفي التحريم في حقه، لأن الأصل في تروك الاحرام الفداء
إلى أن يظهر السقوط، ولا دليل على سقوطه هنا، ولعموم الخبرين، وفيه منع عموم
الثوب للخف والشمشك.
وفي التهذيب (7) والخلاف (8) والتذكرة: لا فدية إذا اضطرا، لأصل البراءة (9)،
وتجويز اللبس في صحيح الحلبي عن الصادق عليه السلام، من غير ايجاب فداء (10).

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 369 ح 1287.
(2) الكافي: ج 4 ص 348 ح 1.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 384 ح 1340.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 341 ح 1340.
(5) الكافي: ج 4 ص 348 ح 2.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 332 س 34.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 384 ح 1340.
(8) الخلاف: ج 2 ص 295 المسألة 75.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 332 س 36.
(10) وسائل الشيعة، ج 9 ص 134 ب 51 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
461

وجعلهما ابن حمزة مما فيه الدم المطلق الذي جعله قسيما للشاة والبقرة والبدنة إذا
لبسهما مختارا (1).
(وفي استعمال الطيب مطلقا أكلا وصبغا) بالكسر أي أداما أو بالفتح،
وكأنه أولى لاغناء الأكل عن الأول.
(وبخورا واطلاء ابتداء واستدامة شاة) كما في النافع (2) والشرائع (3)،
إجماعا كما في المنتهى (4). وزاد في التحرير: وسواء استعمله في عضو كامل أو
بعضه، وسواء مست الطعام النار أو لا (5).
وفي التذكرة: شما ومسا، وسواء علق به بالبدن أو عبقت به الرائحة، واحتقانا
واكتحالا واستعاطا لا لضرورة، ولبسا لثوب مطيب وافتراشا له بحيث يشم الريح
أو يباشر بدنه، قال: ولو داس بنعله طيبا فعلق بنعله فإن تعمد ذلك وجبت الفدية (6).
واستدل على الجميع بالعمومات، ولم أظفر من الأخبار إلا بما مر في اللبس
آنفا من صحيح زرارة في أكل ما لا ينبغي (7).
وما في قرب الإسناد للحميري من قول الكاظم عليه السلام لأخيه علي،: لكل
شئ خرجت من حجك فعليك دم تهريقه حيث شئت (8).
وما في الفقيه من قول أبي جعفر عليه السلام لزرارة في الصحيح: من أكل زعفرانا
متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم، فإن كان ناسيا فلا شئ عليه ويستغفر الله
ويتوب إليه (9).
وما في التهذيب من مضمر ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار، في محرم

(1) الوسيلة: ص 163.
(2) المختصر النافع: ص 107.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 295.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 783 س 25.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 120 السطر ما قبل الأخير.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 334 س 35.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 369 ح 1287.
(8) قرب الإسناد: ص 104.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 350 ح 2663.
462

كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج، فقال: إن كان فعله بجهالة فعليه طعام
مسكين، وإن كان تعمد فعليه دم شاة يهريقه (1).
وأرسل المفيد عن الصادق عليه السلام: كفارة مس الطيب للمحرم أن يستغفر الله (2).
ولم يذكر له في باب الكفارات عن خطأ المحرم كفارة، إلا ما ذكره من أنه إن أكل
طعاما لا يحل له متعمدا فعليه دم شاة (3)، ونحوه ابن حمزة (4)، ولم يذكر له سلا ر
كفارة ولا السيد في الجمل، ولكنه قال أخيرا: فأما إذا اختلفت النوع كالطيب
واللبس فالكفارة واجبة على كل نوع منه (5). ولا ابن سعيد إلا قوله: روي فيمن
داوى قرحة له بدهن بنفسج بجهالة طعام مسكين (6)، وقوله: في الدهن الطيب
مختارا دم (7).
وقال الصادق عليه السلام في مرسل حريز (8) وصحيحة (9): لا يمس المحرم شيئا
من الطيب ولا الريحان ولا يتلذذ به ولا بريح طيبة، فمن ابتلى بشئ من ذلك
فليتصدق بقدر ما صنع بقدر شبعه.
وفي صحيح ابن عمار: اتق قتل الدواب كلها، ولا تمس شيئا من الطيب، ولا
من الدهن في إحرامك، واتق الطيب في زادك، وامسك على أنفك من الريح
الطيبة، ولا تمسك من الريح المنتنة، فإنه لا ينبغي له أن يتلذذ بريح طيبة، فمن
ابتلى بشئ من ذلك فعليك غسله، وليتصدق بقدر ما صنع (10).
وقال الحسن بن هارون: قلت له: أكلت خبيصا فيه زعفران حتى شبعت، قال:

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 304 ح 1038.
(2) المقنعة: ص 446.
(3) المقنعة: ص 438.
(4) الوسيلة: ص 162.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 73.
(6) الجامع للشرائع: ص 187.
(7) الجامع للشرائع: ص 194.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 94 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 6.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 95 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 11.
(10) المصدر السابق ح 9.
463

إذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكة فاشتر تمرا ثم تصدق به يكون
كفارة لما أكلت، ولما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم (1).
واقتصر في المقنع على الافتاء بمضمونها مع صحيحة زرارة (2)، وحملت هذه الأخبار في المنتهى على السهو أو الضرورة (3)، وأيدها بقوله عليه السلام: (ابتلى).
وليس في النهاية (4) والمهذب (5) والسرائر (6) سوى أكل ما لا يحل له فشاة،
واستعمال دهن طيب. ففي المهذب شاة (7)، وفي النهاية (8) والسرائر (9) دم إن اضطر
إليه.
وفي المبسوط: الدهن الطيب أو ما فيه طيب يحرم استعماله، ويتعلق به
الفدية، ثم قال: من أكل شيئا فيه طيب لزمته الكفارة، سواء مسته النار أو لم تمسه،
ثم قال: إن مس طيبا متعمدا رطبا كالغالية والمسك والكافور إذا كان مبلولا، أو
في ماء ورد، أو دهن طيب ففيه الفدية في أي موضع من بدنه كان، ظاهرا أو باطنا،
وكذلك لو سعط (10) به استحطبه أو احتقن به، وإن كان يابسا غير مسحوق وعلق
بيده فعليه الفدية، وإن لم يعلق فلا شئ عليه، ثم كره القعود عند من يباشر العطر
ومن تطيب إذا قصد ذلك، وقال: إنه لا يتعلق به فدية، ثم قال: لا يجوز أن يجعل
الطيب في خرقة ويمسه، فإن فعل لزمته الفدية (11). كذا فيما عندنا من نسخة.
وفي الخلاف: يكره للمحرم أن يجعل الطيب في خرقة ويشمها، فإن فعل
فعليه الفداء (12). ولعل المراد بما فيهما واحد. وفي الخلاف أيضا: إنه لا خلاف في

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 283 ب 3 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(2) المقنع: ص 73.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 786 س 30.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 499.
(5) المهذب: ج 1 ص 244.
(6) السرائر: ج 1 ص 554.
(7) المهذب: ج 1 ص 224.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 500.
(9) السرائر: ج 1 ص 555.
(10) السعط: وهو ما يجعل من الدواء في الأنف (النهاية لابن الأثير: ج 2 ص 368).
(11) المبسوط: ج 1 ص 353.
(12) الخلاف: ج 2 ص 307 المسألة 97.
464

أن في الدهن الطيب الفدية على أي وجه استعمله، وأن ما عدا المسك والعنبر
والكافور والزعفران والورس والعود لا كفارة فيه عندنا، للاجماع والأخبار
وأصل البراءة. وإن أكل طعاما فيه طيب الفدية على جميع الأحوال، وقال مالك:
إن مسته النار فلا فدية، وقال الشافعي: إن كانت أوصافه باقية من طعم أو رائحة
ففيه الفدية، وإن بقي له وصف ومعه رائحة ففيه الفدية قولا واحدا، وإن لم يبق غير
لونه وما بقي ريح ولا طعم فيه قولان: أحدهما مثل ما قلناه، والثاني لا فدية عليه.
دليلنا عموم الأخبار في أن من أكل طعاما لا يحل له أكله وجبت عليه الفدية،
وطريقة الاحتياط أيضا يقتضيه (1). ويرد عليه أنه إذا لم تبق الرائحة لم يكن
طعاما لا يحل له أكله ما الدليل عليه؟
وقال أيضا: إذا مس طيبا ذاكرا لاحرامه، عالما بالتحريم، رطبا كالغالية أو
المسك أو الكافور إذا كان مبلولا بماء ورد أو دهن طيب فعليه الفداء في أي موضع
كان من بدنه ولو بعقبه، وكذلك لو سعط به أو حقن به، وبه قال الشافعي. وقال أبو
حنيفة: لو ابتلع الطيب فلا فدية، وعندنا وعند الشافعي ظاهر البدن وباطنه سواء،
وكذلك إن حشا جرحه بطيب فداه. دليلنا عموم الأخبار التي وردت فيمن استعمل
الطيب أن عليه الفدية، وهي عامة في جميع المواضع، وطريقة الاحتياط أيضا
تقتضيه. قال: وإن كان الطيب يابسا مسحوقا فإن علق بيديه منه شئ فعليه الفدية،
فإن لم يعلق بحال فلا فدية، وإن كان يابسا غير مسحوق كالعود والعنبر والكافور
فإن علق بيديه رائحته ففيه الفدية، وقال الشافعي: إن علق به رائحته ففيه قولان.
دليلنا عموم الأخبار وطريقة الاحتياط (2).
وقال الحلبي: في شم المسك والعنبر والزعفران والورس وأكل طعام فيه شئ
منها دم شاة، وفيما عدا ذلك من الطيب الإثم دون الكفارة (3).

(1) الخلاف: ج 2 ص 302 - 305 المسألة 88 والمسألة 91 باختلاف يسير.
(2) الخلاف: ج 2 ص 306 المسألة 93 و 94.
(3) الكافي في الفقه: ص 204.
465

وفي النزهة: إذا استعمل المحرم المسك أو العنبر أو العود أو الكافور أو
الزعفران مختارا وجب عليه شاة، ولم أقف في التهذيب على خبر يتضمن وجوب
الشاة في استعمال الكافور، والمعتمد في ذلك على عمل أصحابنا (1)، انتهى.
ولما حرمت الاستدامة، وأوجبت الكفارة كالابتداء، فإن كان عليه أو على
ثوبه طيب وسها عن إزالته إلى أن أحرم، أو وقع عليه وهو محرم، أو سها فتطيب،
وجبت إزالته بنفسه أو بغيره، ولا كفارة عليه بغسله بيده، لأنه بذلك تارك للطيب
لا متطيب، كالماشي في الأرض المغصوبة للخروج عنها، ولقوله صلى الله عليه وآله لمن رأى
عليه طيبا: إغسل عنك الطيب (2).
ويستحب الاستعانة فيه بحلال كما في التذكرة (3) والمنتهى (4) والمبسوط (5).
(ولا بأس بخلوق الكعبة) والقبر (وإن كان فيه زعفران، و) لا
(بالفواكه كالأترج والتفاح، و) لا (بالرياحين كالورد) لما سبق.
(وفي قلم كل ظفر مد من طعام، وفي أظفار يديه أو رجليه أو هما
في مجلس واحد) بلا تخلل تكفير (دم) شاة وفاقا للمشهور، وبه خبران
لأبي بصير عن الصادق عليه السلام صحيح وغيره (6)، ومضمر عن الحلبي (7).
وفي الخلاف (8) والغنية (9) والمنتهى (10) الاجماع على مد في كل واحد، وشاة
في اليدين، وبعض الظفر ككله، إذ لا يقص إلا البعض. وفي خبر الحلبي: مد (11)،

(1) نزهة الناظر: ص 68.
(2) روى مسلم في صحيحه ج 2 ص 836 ح 6 وفيه: (غسل عنك أثر الخلوق).
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 353 س 32.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 813 س 35.
(5) المبسوط: ج 1 ص 352.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 293 ب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(7) المصدر السابق ح 2.
(8) الخلاف: ج 2 ص 310 المسألة 101.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 5.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 817 س 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 293 ب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
466

وفي صحيح أبي بصير: قيمته مد (1)، ولذا تردد أبو علي بينهما، لكن أوجب شاة
بخمسة فصاعدا (2).
وقال الحسن: من انكسر ظفره وهو محرم، فلا يقصه، فإن فعل، فعليه أن يطعم
مسكينا في يده (3).
وقال الحلبي: في قص ظفر كف من طعام، وفي أظفار إحدى يديه صاع، وفي
أظفار كلتيهما دم شاة، وكذلك حكم أظفار رجليه (4). وقد أراد بالصاع صاع
النبي صلى الله عليه وآله الذي هو خمسة أمداد، ومستنده مع ما أشرنا إليه من الأخبار صحيح (5)
ابن عمار وحسنه (6) سأل الصادق عليه السلام عن المحرم تطول أظفاره، أو ينكسر بعضها
فيؤذيه، قال: لا يقص شيئا منها إن استطاع، فإن كانت تؤذيه فليقصها وليطعم
مكان كل ظفر قبضة من طعام ويمكن اختصاصه بالضرورة.
وفي صحيح حريز عن الصادق عليه السلام في المحرم ينسى فيقلم ظفرا من
أظافيره، قال: يتصدق بكف من الطعام، قال قلت: فاثنين؟ قال: كفين، قال: فثلاثة
قال: ثلاث أكف، كل ظفر كف حتى يصير خمسة، فإذا قلم خمسة فعليه دم واحد،
خمسة كان أو عشرة أو ما كان (7). وهو في الناسي لا شئ عليه كما يأتي،
والنصوص به كثيرة، فليحمل على الندب.
وكذا مرسله عن أبي جعفر عليه السلام في محرم قلم ظفرا، قال: يتصدق بكف من
طعام، قال، قلت: ظفرين؟ قال: كفين، قال: ثلاثة؟ قال: ثلاث أكف، قال: أربعة؟
قال: أربعة أكف، قال: خمسة؟ قال: عليه دم يهريقه، فإن قص عشرة أو أكثر من

(1) المصدر السابق ح 1.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 165.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 165.
(4) الكافي في الفقه: ص 104.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 293 ب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 4.
(6) الكافي: ج 4 ص 360 ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 293 ب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 3.
467

ذلك فليس عليه إلا دم يهريقه (1). ولعل المراد مع اتحاد المجلس، وهما يتضمنان
بعض ما ذكره أبو علي (2). ولم أظفر بما يتضمن جميعه، ويمكن أن يكون أخذ بأكثر
ما في الأخبار احتياطا، وحملا لكف من طعام وأمداد منه فيما دون العشر على
العجز.
وجعل ابن حمزة تقليم أظفار اليدين في مجلس مما فيه شاة، وتقليم أظفار
اليدين والرجلين في مجلس مما فيه دم مطلق، وفي مجلس مما فيه دمان (3).
للتصريح بالشاة للأول في خبري الحلبي (4) وأبي بصير (5)، بخلاف الثاني.
(وفي اليد الزائدة أو الناقصة إصبعا) فصاعدا أو الزائدة إصبعا فصاعدا
(أو اليدين الزائدتين اشكال) أما الناقصة فمن صدق اليدين، ومن الأصل،
والنص على العشر في الأخبار. وأما الزائدة من إصبع أو يد فللشك في دخولهما
في إطلاقهما. قال فخر الاسلام: والأقوى عندي أنها كالأصلية (6).
(ولو قلم يديه في مجلس ورجليه في آخر فدمان) لخبر أبي
بصير (7)، ولا أعرف فيه خلافا.
(وعلى المفتي) بالقلم محرما أو محلا ففيها (لو قلم المستفتي ظفره
فأدمى إصبعه شاة) لخبر إسحاق عن الكاظم عليه السلام (8)، وهو وإن ضعف لكن
الأصحاب عملوا به. وأما موثقه سأله عليه السلام أن رجلا أفتاه: أن يقلمها وأن يغتسل
ويعيد إحرامه ففعل، قال: عليه السلام عليه دم (9). فتحتمل عود الضمير على المستفتي،

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 294 ب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 5.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 165.
(3) الوسيلة: ص 167 - 168.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 293 ب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(5) المصدر السابق ح 1.
(6) إيضاح الفوائد: ج 1 ص ص 348.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 293 و 294 ب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2 و 6.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 294 ب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(9) المصدر السابق ح 5.
468

وإن عاد على المفتي، فإنه مطلق لا بد من حمله على قيد الادماء خصوصا
ويخالف الأصل. وكلام الدروس (1) يعطي احتمال اشتراط احرام المفتي
واجتهاده.
قال: في التذكرة: ليس الحكم مخصوصا بالقلم، بل مطلق الإزالة، فإنها يزال
للتنظيف والترفه فيلحق بالقلم الكسر والقطع (2). يعني الحكم بالشاة في مسألتي
القلم والافتاء جميعا.
(وتتعدد) الشاة (لو تعدد المفتي) فعلى كل شاة أفتوا دفعة أو
متعاقبين، لعموم النص والفتوى. وفيه وجوه أخر:
أحدها: الاتحاد لأصل البراءة، واستناد القلم إلى الجميع.
والثاني: الاتحاد إذا أفتوا دفعة، وإلا فعلى الأول خاصة، لاستناد القلم إليه
لاغنائه عن الباقي.
والثالث: إن كان كل منهم بحيث يكتفي بفتياه العامل تعددت، وإلا فلا، فلو
كان بعضهم كذلك دون بعض، كانت الشاة عليه دونه.
والرابع والخامس: إن كان كل منهم يكتفي بفتواه، فإن تعاقبوا كانت على
الأول خاصة، وإلا فعلى كل أو الكل شاة.
(وفي حلق الشعر شاة أو إطعام عشرة مساكين لكل مسكين، مد أو
صيام ثلاثة أيام) كما في الشرائع (3)، شعر الرأس كان أو غيره، بإجماع أهل
العلم، خلا أهل الظاهر، على ما في المنتهى (4) والتذكرة (5)، ولكن من قبل
الفاضلين: إنما ذكروا هنا حلق الرأس.

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 383.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 339 س 23.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 296.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 815 السطر الأخير.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 354 س 15.
469

وعلى العموم فأما أقل المسمى الحلق حلق نحو شعر الإبطين جميعا كما في
المنتهى (1)، أو نتف الإبطين مستثنى من هذا العموم كما في الروضة البهية (2)، فإن
المراد بالحلق هنا وبالنتف في الإبطين مطلق الإزالة كما في التذكرة (3) وغيرها.
وأما التكفير بما ذكر فللكتاب والسنة والاجماع إلا الصدقة، فالأشهر في
الرواية والفتوى أنها على ستة مساكين، لكل منهم مدان.
والعشرة مروي عمر بن يزيد عن الصادق عليه السلام قال: والصدقة على عشرة
مساكين يشبعهم من الطعام (4).
فاحتيط في النهاية (5) والمبسوط (6) بإطعام عشرة، وخير في التهذيب (7)
والاستبصار (8) والجامع (9) بين إشباع عشرة واثني عشر مدا لستة، وفي النافع بين
عشرة أمداد لعشرة واثني عشر لستة (10). وما في الكتاب فتوى الوسيلة (11)
والشرائع (12)، ولعل تعينهم المد لكونه المشبع غالبا.
وفي المقنعة (13) والنهاية (14) والمبسوط (15) والسرائر (16) ستة أمداد لستة، ولم
أعرف له مستندا إلا ما أرسل في الفقيه قال: والصدقة على ستة مساكين، لكل
مسكين صاع من تمر، وروي مد عن تمر (17).

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 816 س 2.
(2) الروضة البهية: ج 2 ص 361.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 354 س 16.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 269 ب 14 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 498.
(6) المبسوط: ج 1 ص 350.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 334 ذيل الحديث 1148.
(8) الإستبصار: ج 2 ص 196 ذيل الحديث 657.
(9) الجامع للشرائع: ص 165.
(10) المختصر النافع: 108.
(11) الوسيلة: ص 169.
(12) الشرائع الاسلام: ج 1 ص 296.
(13) المقنعة: ص 434.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 498.
(15) المبسوط: ج 1 ص 349.
(16) السرائر: ج 1 ص 553.
(17) من لا يحضره الفقيه، ج 2 ص 358 ح 2697.
470

والمحكي في التهذيب من عبارة المقنعة: لكل مسكين مدان (1). واقتصر
سلا ر على قوله: من حلق رأسه من أذى فعليه دم (2).
وفي النزهة: إن التخيير إنما هو لمن حلق رأسه من أذى، فإن حلقه من غير
أذى متعمدا وجب عليه شاة من غير تخيير (3). وهو قوي، لاختصاص نصوصه
بذلك، مع قول أبي جعفر عليه السلام لزرارة في الصحيح: من نتف إبطه أو قلم أظفاره أو
حلق رأسه أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم
ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شئ، ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة (4).
وقال الحلبيان: وفي قص الشارب أو حلق العانة أو الإبطين دم شاة (5). وقال
الصادق عليه السلام في خبر الحسن الصيقل: إذا اضطر إلى حلق القفا للحجامة فليحلق،
وليس عليه شئ (6).
(ولو وقع شئ من شعر رأسه أو لحيته بمسه في غير الوضوء فكف
من طعام) كما في السرائر (7) والغنية (8) والنافع (9) والشرائع (10)، لقول
الصادق عليه السلام في صحيح هشام بن سالم: إذا وضع أحدكم يده على رأسه أو لحيته
وهو محرم فسقط شئ من الشعر فليتصدق بكف من طعام أو كف من سويق (11)،
وفي صحيح آخر له: بكف من كعك أو سويق (12). والشي يعم شعرة وأكثر.

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 333 ذيل الحديث 1146.
(2) المراسم: ص 120.
(3) نزهة الناظر: ص 67.
(4) وسائل الشيعة: ج 8 ص 289 ب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(5) الكافي في الفقه: ص 204، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 9.
(6) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 306 ذيل الحديث 1046.
(7) السرائر: ج 1 ص 554.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 10.
(9) المختصر النافع: ص 108.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 296.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 299 ب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 5.
(12) المصدر السابق ذيل الحديث 5.
471

وأطلق السيد (1) وسلار (2) سقوط شئ من شعره بفعله، من غير تخصيص
بشعر الرأس واللحية.
وفي النهاية (3) والمبسوط: كف أو كفان (4)، لقول الصادق عليه السلام في صحيح
منصور في المحرم إذا مس لحيته فوقع منها شعرة، قال: يطعم كفا من طعام أو
كفين (5). وفي الوسيلة (6) والمهذب (7): كفان أخذا بالأكثر احتياطا.
وفي المقنع: إذا عبث المحرم بلحيته فسقط منها شعرة أو اثنتان فعليه أن
يتصدق بكف أو كفين من طعام (8). وهو كما ترى يحتمل معنيين. وفي الجامع:
صدقة (9)، لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: يطعم شيئا (10)، وفي حسن
الحلبي: إن نتف المحرم من شعر لحيته وغيرها شيئا فعليه أن يطعم مسكينا في
يده (11). وخبر الحسن بن هارون سأله عليه السلام أنه مولع بلحيته وهو محرم فتسقط
الشعرات، قال: إذا فرغت من إحرامك فاشتر بدرهم تمرا وتصدق به، فإن تمرة
خير من شعرة (12). وسأله عليه السلام ليث المرادي عمن يتناول لحيته وهو محرم، يعبث
بها، فينتف منها الطاقات يبقين في يده خطأ أو عمدا، فقال: لا يضره (13).
قال الشيخ: يريد أنه لا يستحق عليه العقاب، لأن من تصدق بكف من طعام
فإنه لا يستضر بذلك، وإنما يكون الضرر في العقاب وما يجري مجرى ذلك (14).

(1) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(2) المراسم: ص 122.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 499.
(4) المبسوط: ج 1 ص 350.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 299 ب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(6) الوسيلة: ص 171.
(7) المهذب: ج 1 ص 226.
(8) المقنع: ص 75.
(9) الجامع للشرائع: ص 194.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 299 ب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 300 ب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 9.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 299 ب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 4.
(13) وسائل الشيعة: ج 9 ص 300 ب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 8.
(14) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 340 ذيل الحديث 1175.
472

وعن جعفر بن بشير، والمفضل بن عمر: أن النباجي سأله عليه السلام عن
محرم مس لحيته فسقط منها شعرتان، فقال عليه السلام: لو مسست لحيتي فسقط منها
عشر شعرات ما كان علي شئ (1). وهو ظاهر في غير المتعمد، وإن كانت أخبار
الكف والكفين أيضا كذلك.
(و) في وقوع شئ من شعر الرأس أو اللحية أو غيرهما بالمس (فيه)
أي الوضوء (لا شئ) وفاقا للأكثر، للأصل والحرج، ومنافاة إيجاب الكفارة
فيه لغرض الشارع، وصحيح الهيثم بن عروة التميمي قال: سأل رجل أبا عبد
الله عليه السلام عن المحرم يريد إسباغ الوضوء، فتسقط من لحيته الشعرة أو الشعرتان،
فقال: ليس بشئ، ما جعل عليكم بالدين من حرج (2).
وذكر بنو زهرة (3) وإدريس (4) والبراج الطهارة (5)، فيعم الغسل كما في
الخلاف (6) والمبسوط (7) والدروس (8) ولا بأس لما عرفت، بل التيمم وإزالة
النجاسة كما في المسالك (9).
وأطلق الصدوق (10) والسيد (11) وسلار (12) التكفير من غير استثناء، ونص
المفيد على أن من أسبغ الوضوء، فسقط شئ من شعره، فعليه كف من طعام. ولم
يتعرض لغيره، قال: فإن كان الساقط من شعره كثيرا فعليه دم شاة (13)، وكذا قال

(1) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 339 ح 1173.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 299 ب 16 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 6.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 10.
(4) السرائر: ج 1 ص 554.
(5) المهذب: ج 1 ص 226.
(6) الخلاف: ج 2 ص 313 المسألة 107.
(7) المبسوط: ج 1 ص 354.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 382 درس 101.
(9) مسالك الأفهام: ج 1 ص 145 س 33.
(10) المقنع: ص 75.
(11) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 71.
(12) المراسم: ص 122.
(13) المقنعة: ص 435.
473

سلار (1)، وكأنهما ألحقاه بالحلق.
(وفي نتف الإبطين شاة، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين) لقول
الصادق عليه السلام في صحيح حريز: إذا نتف الرجل إبطيه بعد الاحرام فعليه دم شاة (2)
وفي خبر عبد الله بن جبلة: في محرم نتف إبطه، قال: يطعم ثلاثة مساكين (3).
ولهذا الخبر مع الأصل يحمل الإبط فيما مر من صحيح زرارة على الأول (4)، لكنه
ضعيف، فيحتمل أن لا يفرق بين الإبط والإبطين، خصوصا وفي الفقيه (5) في خبر
حريز أيضا إبطه بالتوحيد، وكذا فتوى المقنع (6)، وبعض الإبط ليس ككله للأصل،
وإرشاد الفرق بين الواحد منهما والاثنين إليه.
(وفي تغطية الرأس بثوب أو طين ساتر، أو بارتماس في ماء، أو
حمل ساتر شاة) كما في النافع (7) والشرائع (8)، بلا خلاف كما في المنتهى (9)، بل
إجماعا كما في الغنية (10).
وفي الخلاف: إذا حمل على رأسه مكتلا أو غيره لزمه الفداء، قال: دليلنا ما
روي في من غطى رأسه أن عليه الفدية (11). وهو يعطي وجود خبر بذلك، وسبق
الخبر في لبس ما لا ينبغي لبسه (12). وما في قرب الإسناد من خبر علي بن جعفر
عن أخيه عليه السلام في كل ما خرج (13).

(1) المراسم: ص 120.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 292 ب 11 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(3) المصدر السابق ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 289 ب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 357 ح 2693.
(6) المقنع: ص 75.
(7) المختصر النافع: ص 108.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 296.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 814 س 24.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 3.
(11) الخلاف: ج 2 ص 299 المسألة 82.
(12) وسائل الشيعة: ج 9 ص 299 ب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(13) قرب الإسناد: ص 104.
474

قال: ومتى ارتمس في الماء لزمه الفداء، واستدل بالعموم (1).
وفي المبسوط: من خضب رأسه أو طينه لزمه الفداء، كمن غطاه بثوب بلا
خلاف، وإن غطاه بعصابة أو مرهم بحبر أو قرطاس مثل ذلك، قال: وإن حمل على
رأسه شيئا غطى رأسه لزمه الفداء (2).
وجعل ابن حمزة الارتماس في الماء مما فيه الدم المطلق (3)، ولم يذكر غيره.
والمقنع، والنهاية، وجمل العلم والعمل، والمقنعة والمراسم، والمهذب، والسرائر،
والجامع خالية عن فداء الستر. وذكر الحلبيان تغطية رأس الرجل ووجه المرأة
جميعا، وذكر أن على المختار لكل يوم شاة، وعلى المضطر لكل المدة شاة (4).
وفي الدروس: الأقرب عدم تكررها بتكرر تغطيته، نعم لو فعل ذلك مختارا
تعددت، ولا يتعدد بتعدد الغطاء مطلقا (5).
قلت: افتراق المختار والمضطر صحيح ابن سنان (6) إن استند إلى نص أو
إجماع، وكأن المصنف احترز بالساتر عما يستر بعض الرأس بحيث لا يخرجه عن
كونه حاسرا عرفا، كخيط، ونقطة من طين، وعصام القربة، لا عن ثوب وطين
رقيقين يحكيان ما تحتهما، لتحقق الستر بهما كما في التذكرة (7) والمنتهى (8)، قال
فيهما: لو خضب رأسه وجبت الفدية، سواء كان الخضاب ثخينا أو رقيقا لأنه
ساتر، وبه قال الشافعي، وفصل أصحابه بين الثخين والرقيق، فأوجبوا الفدية في
الأول دون الثاني، وليس بمعتمد، وكذا لو وضع عليه مرهما له جرم يستر رأسه،
قال: ولو طلى رأسه بعسل أو لبن ثخين فكذلك، خلافا للشافعي.

(1) الخلاف: ج 2 ص 313 المسألة 107.
(2) المبسوط: ج 1 ص 351.
(3) الوسيلة: ص 168.
(4) الكافي في الفقه: ص 204، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 3.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 389 درس 100.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 140 ب 58 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 336 س 37.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 790 س 12.
475

واختلف كلامه فيهما في التلبيد، فجوزه في المنتهى قال: ولو طلى رأسه بعسل
أو صمغ ليجتمع الشعر ويتلبد فلا يتخلله الغبار ولا يصيبه الشعث ولا يقع فيه
الدبيب جاز، وهو التلبيد، وروى ابن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله يهل
ملبدا (1). ونسبه في التذكرة إلى الحنابلة (2).
(وكذا في التظليل سائرا) شاة كما في الكافي (3) والغنية (4) والمهذب (5)
والنافع (6) والجامع (7) والشرائع (8) لكن في الأولين تظليل المحمل، وأن على
المختار لكل يوم شاة، وعلى المضطر لجملة الأيام.
وفي المقنعة (9) وجمل العلم والعمل (10) والمراسم (11) والنهاية (12) والمبسوط (13)
والوسيلة (14) والسرائر: دم (15)، والأخبار لكل من الدم والشاة كثيرة (16).
ويؤيد مطلق الدم، خبر موسى بن القاسم أنه رأى علي بن جعفر إذا قدم مكة
ينحر بدنة لكفارة الظل (17).
وفي المقنع: لكل يوم مد من طعام (18)، لخبر علي بن أبي حمزة عن أبي بصير
سأله عليه السلام عن المرأة يضرب عليها الظلال وهي محرمة؟ قال: نعم، قال، قلت:

(1) منتهى المطلب: ج 2 ص 790 س 6.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 336 س 32.
(3) الكافي في الفقه: ص 204.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 3.
(5) المهذب: ج 1 ص 220.
(6) المختصر النافع: ص 108.
(7) الجامع للشرائع: 194.
(8) شرائع الاسلام: ص 196.
(9) المقنعة: ص 432، وفيه (فداء).
(10) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 70.
(11) المراسم: ص 121.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 498.
(13) المبسوط: ج 1 ص 350.
(14) الوسيلة: ص 168.
(15) السرائر: ج 1 ص 553.
(16) وسائل الشيعة: ج 9 ص 286 ب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام.
(17) وسائل الشيعة: ج 9 ص 287 ب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(18) المقنع: ص 74.
476

فالرجل يضرب عليه الظلال وهو محرم؟ قال: نعم إذا كانت به شقيقة، ويتصدق
بمد لكل يوم (1).
وقال الحسن: فإن حلق رأسه لأذى أو مرض أو ظلل، فعليه فدية من صيام،
أو صدقة أو نسك، والصيام ثلاثة أيام، والصدقة ثلاث أصيع بين ستة مساكين،
والنسك شاة (2). فإن أراد تخيير كل من الحالق والمظلل بين الثلاثة - كما فهمه
الشهيد (3) - فلا أعرف له مستند، إلا قول الصادق عليه السلام في خبر عمر بن يزيد: فمن
عرض له أذى أو وجع، فتعاطى ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا، فصيام ثلاثة
أيام، والصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام، والنسك شاة يذبحها فيأكل
ويطعم، وإنما عليه واحد من ذلك (4). وفيه الأكل من هذا النسك.
ولا فرق في لزوم الفدية بين المختار والمضطر، كما نص عليه الشيخ (5)
والحلبيان (6) وغيرهم والأخبار.
وظاهر المفيد (7) والسيد (8) وسلار الاختصاص للمختار (9)، وفي مضمر أبي
علي بن راشد أنه: إن ظلل في عمرته وحجه لزمه، أو دم لعمرته ودم لحجه (10).
والأمر كذلك كما نص عليه الشيخ وغيره (11)، لكونهما نسكين متباينين، وفيه دلالة

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 288 ب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 8.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 168.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 378 درس 100.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص ص 296 ب 14 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 498.
(6) الكافي في الفقه: ص 204 والغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 3.
(7) المقنعة: ص 432 و 434.
(8) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 70.
(9) المراسم: ص 121.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 288 و 289 ب 7 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1 و 2.
(11) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 311 ذيل الحديث 1066.
477

على ما ذكره الحلبيان من أن المضطر يلزمه بجملة الأيام شاة (1).
(ولا شئ لو غطاه) أي رأسه (بيده أو شعره) لأن الستر بما هو
متصل به لا يثبت له حكم الستر، ولذا وضع العريان يده على فرجه في الصلاة لم
يجزئه، ولأنه مأمور بالوضوء، ولا بد فيه من مسح الرأس. ولقول الصادق عليه السلام
في صحيح ابن عمار: لا بأس بأن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حر الشمس،
ولا بأس أن يستر بعض جسده ببعض (2).
وفي خبر المعلى بن خنيس: لا يستتر المحرم من الشمس بثوب، ولا بأس أن
يستر بعضه ببعض (3). ولكن سأله عليه السلام أبو سعيد الأعرج عن المحرم يستتر من
الشمس بعود أو بيده؟ فقال: لا، إلا من علة (4).
ولا تنافي، فإن المحرم من التظليل الاستتار من الشمس، بحيث لا يضحى،
ويحصل باليد ونحوها عرفا وشرعا، ولذا إذا استتر من يبول حذاءها بيده زالت
الكراهية، ولذا نهي عنه في هذا الخبر، ومن التغطية هو ما يسمى تغطية وتخميرا،
كما ورد في الأخبار، ولا يصدق بنحو اليد عرفا، فلذا نفى البأس عنه في نحو
الخبرين الأولين، واستشكل فيه في التحرير (5).
بقي أنه نفى البأس في الأول عن الاستتار من الشمس بالذراع مع صدق
التظليل، فليحمل على الضرورة، ويرشد إليه لفظ الحر، فلعل المراد: لا بأس لمن
لا يطيق حر الشمس، كخبر إسحاق بن عمار سأل أبا الحسن عليه السلام عن المحرم
يظلل عليه وهو محرم؟ فقال: لا إلا مريض أو من به علة، والذي لا يطيق حر
الشمس (6).

(1) الكافي في الفقه: ص 204، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 152 ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 3.
(3) المصدر السابق ح 2.
(4) المصدر السابق ح 5.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 114 س 16.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 147 ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 7.
478

(وفي الجدال ثلاث مرات صادقا شاة، ولا شئ فيما دونها) عدا
الاستغفار والتوبة.
(وفي الثلاث كاذبا بدنة) إن لم يتخلل التكفير، (وفي الاثنتين) كاذبا
(بقرة) كذلك، (وفي الواحدة شاة) وفاقا للمشهور، لقول الصادق عليه السلام في
حسن ابن عمار: إن الرجل إذا حلف بثلاثة أيمان ولا في مقام واحد وهو محرم،
فقد جادل وعليه دم يهريقه ويتصدق به، وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة، فقد جادل
وعليه دم يهريقه ويتصدق به (1). ونحوه في خبر أبي بصير (2) لكن ليس فيه لفظ
(ولا في مقام واحد) ونحوه خبر أبي بصير أيضا عن أحدهما عليهما السلام (3)، وفيه
مكان ما ذكر لفظ متتابعات. ونحوه في خبر أبي بصير: إذا جادل الرجل محرما
فكذب متعمدا فعليه جزور (4).
وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: من زاد على مرتين فقد وقع عليه
الدم، فقيل له: الذي يجادل وهو صادق، قال: عليه شاة، والكاذب عليه بقرة (5).
وظاهر البقرة فيما زاد على مرتين، كما ينص عليه قول الصادق عليه السلام في حسن
الحلبي: إذا جادل فوق مرتين فعلى المصيب دم يهريقه وعلى المخطئ بقرة (6).
فإن اعتبرنا خبر الجزور كان الظاهر في الجمع استحبابه، لكنهم احتاطوا فأوجبوا
الجزور في الزائد، وكأنهم حملوا البقرة على الضرورة، ولكن لم ينصوا عليه،
وأوجبوها في مرتين احتياطا.
وفي النزهة: إن بالبدنة في الثلاث خبرا صحيحا (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 280 ب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 281 ب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 7.
(3) المصدر السابق ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 282 ب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 9.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 281 ب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 280 ب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(7) نزهة الناظر: ص 56.
479

وأما الاستغفار في واحدة صادقة فذكره الشيخان (1) وغيرهما، لعموم
الكتاب (2) والسنة (3)، وإن أوهم حسن ابن عمار أن لا جدال بها (4) وأما اشتراط
عدم تخلل التكفير فلأنه إذا كفر انمحى الإثم.
وعن الحسن: من حلف ثلاث أيمان بلا فصل في مقام واحد، فقد جادل،
وعليه دم (5)، ولم يفصل. وعن الجعفي: الجدال فاحشة إن كان كاذبا أو في معصية،
فإذا قالها مرتين فعليه شاة (6).
(وفي قلع الشجرة الكبيرة في الحرم بقرة وإن كان محلا. وفي
الصغيرة شاة) كما في المبسوط (7) والخلاف (8) والغنية (9) والوسيلة (10)، لقول
أحدهما عليهما السلام في مرسل موسى بن القاسم: إذا كان في دار الرجل شجرة من شجرة
الحرم لم ينزع، فإن أراد نزعها كفر بذبح بقرة يتصدق بلحمها على المساكين (11).
وقول ابن عباس فيما روي عنه في الدوحة بقرة، وفي الجزلة شاة (12).
ولضعف المستند لم يفت ابن إدريس بالتكفير، وذكر أنه لم يتعرض في الأخبار
عن الأئمة عليهم السلام للكفارة، لا في الكبيرة، ولا في الصغيرة (13)، ولكن الشيخ
ادعى الاجماع (14)، فلذا توقف المحقق (15) والمصنف في المنتهى (16) والتحرير (17).

(1) المقنعة: ص 435 النهاية ونكتها: ج 1 ص 498.
(2) البقرة: 197.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 280 ب 1 من أبواب بقية الكفارات.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 280 ب 1 من أبواب بقية الكفارات ح 3.
(5) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 386 درس 101.
(6) نقله عنه في الدروس الشرعية: ج 1 ص 386 درس 101.
(7) المبسوط: ج 1 ص 354.
(8) الخلاف: ج 2 ص 408 المسألة 281.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 11.
(10) الوسيلة: ص 167.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 301 ب 18 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 3.
(12) المجموع: ج 7 ص 447، والمغني لابن قدامة: ج 3 ص 367.
(13) السرائر: ج 1 ص 554.
(14) الخلاف: ج 2 ص 408 المسألة 281.
(15) شرائع الاسلام: ج 1 ص 297.
(16) منتهى المطلب: ج 2 ص 818 س 12.
(17) تحرير الأحكام: ج 1 ص 121 س 30.
480

وفي الصحيح: إن منصور بن حازم سأل الصادق عليه السلام عن الأراك يكون في
الحرم فأقطعه، قال: عليك فداؤه (1). فينبغي القطع بفداء في الجملة.
وفي النهاية (2) والمهذب (3): إن في قلع شجرة الحرم بقرة. ولم يفصلا، لاطلاق
خبر موسى بن القاسم.
وفي الكافي: إن فيه شاة (4)، وأطلق. وقال أبو علي: فيه القيمة (5)، وهو خيرة
المختلف (6)، لخبر سليمان بن خالد سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقطع من الأراك
الذي بمكة، قال: عليه ثمنه يتصدق به (7).
(وفي أبعاضها قيمة) كما في المبسوط (8)، لأنه ظاهر خبر سليمان بن
خالد. هذا مع أن وجوب الفدية للكل يرشد إليها للأبعاض، والفدية بمثل المفدى
إذا لم ينص فيها على شئ مخصوص.
وفي التذكرة (9) والمنتهى (10) الأرش، ويمكن تنزيل الخبر عليه. وقال
الحلبيان فيه: ما تيسر من الصدقة (11).
(ويضمن قيمة الحشيش لو قلعه) كما في المبسوط (12). وقال الحلبيان:
ما تيسر من الصدقة (13)، ولم أعرف بشئ منهما دليلا سوى الحمل على أبعاض
الشجر، وعلى سائر المحرمات من الصيد ونحوه، ولذا نفى المحقق عنه الكفارة (14).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 301 ب 18 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 500.
(3) المهذب: ج 1 ص 223.
(4) الكافي في الفقه: ص 204.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 4 ص 173.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 175.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 301 ب 18 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(8) المبسوط: ج 1 ص 354.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 341 س 27.
(10) منتهى المطلب: ج 2 ص 799 س 4.
(11) الكافي في الفقه: ص 204، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 11.
(12) المبسوط: ج 1 ص 354.
(13) الكافي في الفقه: ص 204، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 11.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 297.
481

(ويأثم) للأخبار، وكأنه لا خلاف فيه، والدروس يعطي احتمال العدم (1).
(ولو قلع شجرة منه) أي الحرم (وغرسها في غيره أعادها) كما في
الشرائع (2)، إلى مكانها كما في المبسوط (3)، أو إلى الحرم كما في التحرير (4)
والتذكرة (5) والمنتهى (6)، ويحتمله لفظ (مكانها) وإن بعد وجوب الإعادة، لعله
لخبر هارون بن حمزة عن الصادق عليه السلام قال: إن علي بن الحسين عليه السلام كان يتقي
الطاقة من العشب ينتفها من الحرم، قال: ورأيته قد نتف طاقة وهو يطلب أن
يعيدها مكانها (7). وهو ضعيف سندا ودلالة، والأصل البراءة، إلا أن يقال: ما في
التذكرة (8) والمنتهى (9) من أنه أزال حرمتها، فكان عليه إعادتها إليها، وهو ممنوع.
(ولو) أعادها و (جفت) فلم يفدها الإعادة العود إلى ما كانت عليه
(قيل) في المبسوط (10): (ضمنها) وهو فتوى التحرير (11) والتذكرة (12)
والمنتهى (13) للاتلاف، وإن عادت إلى ما كانت عليه لم يضمن لعدمه.
قال المصنف هنا: (ولا كفارة) يعني: وإن جفت، للأصل، فالمراد بالضمان
ضمان القيمة. والظاهر ما في الدروس من ضمان الكفارة، لأنها وجبت بالقلع (14)،
ولم يعرض مسقط لها، فإنها إنما يسقط إذا أعادها فعادت إلى ما كانت عليه. وقد
يكون مجموع ضمنها ولا كفارة قولا لبعض الأصحاب، وإنما نسب إلى القيل
الجمع بينهما، ويكون المختار لزوم الكفارة، بل يقوى لزومها على التقديرين،
لاطلاق النصوص بها إذا قلع، ولا دليل على السقوط بالإعادة مع العود.

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 390 درس 102.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 297.
(3) المبسوط: ج 1 ص 354.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 س 13.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 340 س 30.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 798 س 28.
(7) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 379 ح 1323.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 340 س 32.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 798 س 28.
(10) المبسوط: ج 1 ص 354.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 115 س 12.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 340 س 30.
(13) منتهى المطلب: ج 2 ص 798 س 29.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 389 درس 102.
482

(وفي استعمال دهن الطيب شاة وإن كان مضطرا) إليه كما في
النهاية (1) والسرائر (2) (ظاهرا كان أو باطنا كالحقنة والسعوط به) كما في
المبسوط (3) والخلاف (4)، وفيه: أنه لا خلاف فيه.
وسمعت مضمر ابن أبي عمير عن معاوية بن عمار الناص عليه في دهن
البنفسج إذا داوى به قرحة (5)، ولعل تخصيصه بالذكر بعد تقديم مطلق الطيب،
لاختصاصه بالنص الخاص، وانتفاء الخلاف، أو لأن المحقق (6) لم يفت به، بل
نسبه إلى قول، لاضمار الخبر مع قطعه به في استعمال الطيب مطلقا.
وأمضينا أن الشيخ في الجمل كره استعمال الأدهان الطيبة قبل الاحرام بحيث
تبقى الرائحة بعده (7). وأن ابن سعيد إنما أوجب الدم باستعماله مختارا (8).
(وفي قلع الضرس شاة) كما في الكافي (9) والمهذب (10) والنهاية (11)
والمبسوط: دم (12)، وفي الجامع: دم مع الاختيار (13)، وعليه حمل إطلاق الشيخ
في المنتهى (14). ولم نعرف له مستندا سوى خبر محمد بن عيسى عن عدة من
أصحابنا عن رجل من أهل خراسان أن مسألة وقعت في الموسم، لم يكن عند
مواليه فيها شئ: محرم قلع ضرسه، فكتب عليه السلام: يهريق دما (15).
قال في المختلف: والاستناد إلى البراءة الأصلية أولى، فإن الرواية غير
مستندة إلى إمام (16).

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 500.
(2) السرائر: ج 1 ص 555.
(3) المبسوط: ج 1 ص 350.
(4) الخلاف: ج 2 ص 303 المسألة 90.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 285 ب 4 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 5.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 297.
(7) الجمل والعقود: ص 136.
(8) الجامع للشرائع: ص 194.
(9) الكافي في الفقه: ص 204.
(10) المهذب: ج 1 ص 224.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 500.
(12) المبسوط: ج 1 ص 350.
(13) الجامع للشرائع: ص 194.
(14) وسائل الشيعة: ج 9 ص 302 ب 19 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 846 س 8.
(16) مختلف الشيعة: ج 4 ص 177.
483

قلت: مع احتمال أن يكون قد أدمى بالقلع، ويكون الدم لأجله. وقد قيل: في
الادماء شاة (1)، وفي الكافي: فيه طعام لمسكين (2)، وفي الغنية: مد من طعام (3).
والمعنى واحد.
وعن الحسن الصيقل إنه سأل الصادق عليه السلام عن المحرم يؤذيه ضرسه، أيقلعه؟
قال: نعم، لا بأس به (4).
(ويجوز أكل ما ليس بطيب من الأدهان كالسمن والشيرج) اتفاقا،
كما هو الظاهر (ولا يجوز الأدهان به) وفيه ما مر من الخلاف.
وهل فيه كفارة؟ قال الشيخ في الخلاف: لست أعرف به نصا، والأصل براءة
الذمة (5). قال في المنتهى: وكلام الشيخ جيد، عملا ببراءة الذمة (6).
قلت: وكذا نص ابن إدريس على أنه لا كفارة فيه (7)، لكن سمعت قول
الكاظم عليه السلام: لكل شئ خرجت من حجك، فعليك دم تهريقه حيث شئت (8)،
وقول الصادق عليه السلام في خبر عمر بن يزيد: فمن عرض له أذى أو وجع فتعاطى ما
لا ينبغي لمحرم إذا كان صحيحا، فالصيام ثلاثة أيام، والصدقة على عشرة مساكين
يشبعهم الطعام، والنسك شاة يذبحها فيأكل ويطعم، وإنما عليه واحد من ذلك (9).
(مسائل (10)):
الأولى: (لا كفارة على الجاهل والناسي والمجنون في جميع ما تقدم
إلا الصيد، فإن الكفارة تجب) فيه (على الساهي والمجنون) فضلا عن
الجاهل.

(1) القائل هو الشهيد في الدروس الشرعية: ج 1 ص 386 درس 101.
(2) الكافي في الفقه: ص 204.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 515 س 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 180 ب 95 من أبواب تروك الاحرام ح 2.
(5) الخلاف: ج 2 ص 303 المسألة 90.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 787 س 30.
(7) السرائر: ج 1 ص 555.
(8) قرب الإسناد: ص 104.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 296 ب 14 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(10) في بعض نسخ القواعد (خاتمة).
484

أما الأول فللأصل، ورفع القلم عن الغافل والمجنون، ونحو قول الصادق عليه السلام
في خبر عبد الصمد بن بشير: أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شئ عليه (1).
وفي حسن ابن عمار: وليس عليه فداء ما أتيته بجهالة إلا الصيد، فإن عليك
فيه الفداء بجهل كان أو بعمد (2). وفي حسن آخر وصحيح له: إعلم أنه ليس عليك
فداء شئ أتيته وأنت محرم، جاهلا به إذا كنت محرما، في حجك أو عمرتك إلا
الصيد، فإن عليك الفداء بجهالة كان أو عمد (3). وفي خبر أبي بصير: إذا جادل
الرجل محرما، فكذب متعمدا، فعليه جزور (4).
وفي خبر سماعة: لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما وهو يعلم أنه لا
يحل له. قلت: فإن فعل فدخل المحرم، قال: إن كان عالمين فإن على كل واحد منهما
بدنة، وعلى المرأة إن كانت محرمة بدنة، وإن لم تكن محرمة فلا شئ عليها إلا أن
يكون قد علمت أن الذي تزوجها محرم، فإن كانت علمت ثم تزوجته فعليها بدنة (5).
ولأنه سأله عليه السلام الحلبي في الحسن، أرأيت من ابتلى بالفسوق ما عليه؟ قال:
لم يجعل الله له حدا يستغفر الله ويلبي (6). فإنه محمول على السهو.
وقال أبي جعفر الجواد فيما أرسل عنه علي بن شعبة في تحف العقول: كل ما
أتى به المحرم بجهالة أو خطأ فلا شئ عليه، إلا الصيد فإن عليه فيه الفداء، بجهالة
كان أم بعلم، بخطاء كان أم بعمد، وكل ما أتى به الصغير الذي ليس ببالغ فلا شئ
عليه (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 289 ب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 226 ب 31 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 227 ب 31 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 282 ب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 9.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 279 ب 21 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 282 ب 2 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(7) تحف العقول: ص 453.
485

وفي خبر الريان بن شبيب: والصغير لا كفارة عليه وهي على الكبير واجبة (1).
وصحيح ابن عمار سأل الصادق عليه السلام عن محرم وقع على أهله، فقال: إن كان
جاهلا فليس عليه شئ (2). وصحيح حريز سأله عليه السلام عن محرم غطى رأسه ناسيا،
قال: يلقي القناع عن رأسه ويلبي ولا شئ عليه (3).
وصحيح زرارة عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في لمحرم يأتي أهله ناسيا، قال: لا
شئ عليه، إنما هو بمنزلة من أكل في شهر رمضان وهو ناس (4) وصحيح زرارة
سمعه عليه السلام يقول: من نتف إبطه، أو قلم ظفره، أو حلق رأسه، أو لبس ثوبا لا ينبغي
له لبسه، أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم، ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس
عليه شئ (5). وقوله عليه السلام في صحيحه أيضا: من أكل زعفرانا متعمدا، أو طعاما فيه
طيب، فعليه دم، فإن كان ناسيا فلا شئ عليه، ويستغفر الله ويتوب إليه (6).
لكن عن معاوية بن عمار: في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن البنفسج،
فقال: إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين، وإن كان تعمد فعليه دم شاة
يهريقه (7). وعن الحسن بن زياد أنه قال للصادق عليه السلام وضأني الغلام ولم أعلم
بدستشان فيه طيب، فغسلت يدي وأنا محرم، فقال: تصدق بشئ لذلك (8).
وفي صحيح حريز عنه عليه السلام في المحرم ينسى فيقلم ظفرا من أظافيره، قال:
يتصدق بكف من طعام (9) إلى آخر ما مر، وسمعت أخبار سقوط الشعر، وأنها

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 187 ب 3 من أبواب كفارات الصيد وأحكامها ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 257 ب 3 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 12.
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 286 ب 5 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 255 ب 2 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 289 ب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 284 ب 4 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 285 ب 4 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 284 ب 4 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 293 ب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 3.
486

ظاهرة في غير المتعمد.
وسمعت قول الصادق عليه السلام للحسن بن هارون، وذكر أنه أكل خبيصا فيه
زعفران: إذا فرغت من مناسكك وأردت الخروج من مكة، فاشتر بدرهم تمرا ثم
تصدق به يكون كفارة لما أكلت، ولما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم (1).
وأنه حمل على الندب، وكذا الباقية، سوى سقوط الشعر، فيكفي في وجوب
الكفارة فيه بتعمد المس المسقط مع تذكر الاحرام والعلم بالحرمة، والأخبار لا
ينافيه، ولا هي ظاهر في خلافه.
وأما وجوب الكفارة في الصيد على الناسي والجاهل فللأخبار، وهي كثيرة،
وسمعت بعضها، والاجماع كما في الخلاف (2) والغنية (3) والتذكرة (4) والمنتهى (5)،
وكذا الخاطئ كما مر.
وقال الحسن: وقد قيل في الصيد أن من قتله ناسيا فلا شئ عليه (6).
وأما المجنون ففي الخلاف (7) والتذكرة أنه كذلك (8)، لأن عمده كالسهو، وهو
كالعمد.
قلت: والظاهر أن الكفارة في ماله يخرجه نفسه إن أفاق، وإلا فالولي. وأما إن
كان مجنونا أحرم به الولي وهو مجنون، فالكفارة على الولي - كما في الغنية (9) -
كالصبي، ولم يذكر الصبي لأن كفارته على الولي لا عليه كما سلف.
مسألة: (ولو تعددت الأسباب) للكفارة مختلفة كالصيد والوطء والطيب
واللبس (تعددت الكفارة) اتفاقا (اتحد الوقت أو اختلف، كفر عن
السابق أو لا) لوجود المقتضي وانتفاء المسقط.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 283 ب 3 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(2) الخلاف: ج 2 ص 396 المسألة 285.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 31.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 351 س 19.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 818 س 25 - 29.
(6) مختلف الشيعة: ج 4 ص 176.
(7) الخلاف: ج 2 ص 448 المسألة 352.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 359 س 17.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 513 س 33.
487

(ولو تكرر) سبب واحد، فإن كان اتلافا مضمنا للمثل أو القيمة تعددت
بحسبه اتفاقا، لأن المثل إنما يتحقق بذلك، وإلا فإن لم يفصل العرف أو الشرع فيه بين مجلس واحد أو مجلسين أو وقت ووقتين مثل (الوطء) فإنه يتعدد بتعدد
الإيلاج حقيقة وعرفا وشرعا (تعددت الكفارة) أيضا بتعدده ولو في مجلس
واحد. وكذا اللبس إذا لبس ثيابا واحدا بعد واحد، أو ثوبا واحدا لبسا بعد نزع،
وكذا التطيب إذا فعله مرة بعد أخرى، والتقبيل إذا نزع فاه ثم أعاد فقبل، أما إذا كثر
منه ولم ينزع فاه فيمكن أن يكون واحدا، وكأنه مراده في التذكرة (1) والمنتهى (2)
حيث حكم وفاقا للمبسوط باتحاد الكفارة إذا كثر منه في وقت واحد (3)، وكذا
ستر الرأس والتظليل.
(ولو تكرر) ما يفصل فيه العرف أو الشرع بين مجلس ومجلسين، أو
الوقت ووقتين، وكان المؤدي واحدا مثل (الحلق) الذي يفصل فيه العرف
والقلم الذي يفصل فيه الشرع.
(تعددت الكفارة إن تغاير الوقت،) كأن حلق بعض رأسه غدوة وبعضه
عشية (وإلا فلا) لعده في العرف حلقا واحدا، كما إن لبس ثياب دفعة لبس
واحد. لكن سأل ابن مسلم في الصحيح أبا جعفر عليه السلام عن المحرم إذا احتاج إلى
ضروب من الثياب فقال: عليه لكل صنف منها فداء (4). وهو يعم لبسها دفعة
ودفعات، وقد يمنع كون لبسها دفعة لبسا واحدا. وعرفت الفرق بين القلم في
مجلس ومجلسين.
وذكر السيد في الإنتصار: إن تكرار الجماع، وجب تكرار الكفارة، في
مجلس أو مجالس، تخلل التكفير أو لا، باجماع الإمامية. ثم سأل أن الحج إذا
فسد بالأول فلم يكن الكفارة لما بعده، وأجاب عنه بأنه وإن فسد، لكن حرمته

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 359 س 13.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 845 س 14.
(3) المبسوط: ج 1 ص 351.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 290 ب 9 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
488

باقية، ولذا يجب إتمامه (1). ونحوه الغنية (2) والجواهر (3)، لكن ليس فيه الاجماع.
وقال في الجمل: كل ما أتلفه المحرم من عين حرم عليه إتلافها، فعليه مع
تكرار الاتلاف تكرار الفدية، سواء كان ذلك في مجلس واحد أو في مجالس
كالصيد الذي يتلفه من جنس واحد أو من أجناس مختلفة، وسواء كان قد فدى
العين الأولى أو لم يفدها، وهذا هو حكم الجماع بعينه. فأما ما لا نفس له كالشعر
والظفر، فحكم مجتمعه بخلاف حكم متفرقة، على ما ذكرناه في قص أظفار اليدين
والرجلين مجتمعة ومتفرقة. فأما إذا اختلف النوع - كالطيب واللبس - فالكفارة
واجبة على كل نوع منه وإن كان المجلس واحدا. وهذه جملة كافية (4) انتهى.
ونحوه السرائر، قال: وكذلك حكم اللباس والطيب (5) يعني كالحلق والقلم في
افتراق الاجتماع في مجلس.
وذكر الشيخ في الخلاف تكرر الكفارة بتكرر اللبس والطيب إذا فعل ثم صبر
ساعة ثم فعل ثانية، وهكذا كفر عن الأول أو لا، واستدل بأنه لا خلاف أنه يلزمه
لكل لبسة كفارة، فمن ادعى تداخلها فعليه الدلالة وبالاحتياط (6).
ثم ذكر تكررها بتكرر الوطء، كفر عن الأول أو لا، لاطلاق النصوص، ثم
قال: وإن قلنا بما قاله الشافعي: أنه إن كان كفر عن الأول لزمته الكفارة، وإن كان
قبل أن يكفر فعليه كفارة واحدة كان قويا، لأن الأصل براءة الذمة (7). يعني أن
النصوص إنما أفادت أن على المجامع بدنة، وهو أعم من المجامع مرة ومرات،
وأيد بأنها أفادت أن الجماع قبل الوقوف يوجب بدنة والاتمام والحج من قابل.
وبين أن الأمور الثلاثة إنما يترتب على الجماع الأول، فالقول يترتب البدنة

(1) الإنتصار: ص 101 و 102.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 514 س 37.
(3) جواهر الفقه: ص 48.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 72.
(5) السرائر: ج 1 ص 569.
(6) الخلاف: ج 2 ص 299 المسألة 83.
(7) الخلاف: ج 2 ص 366 - 367 المسألة 204.
489

خاصة على كل جماع دون الباقيين تحكم. وفيه أن القائل بتكرر البدنة لا ينفي
ترتب الباقيين، لكنه يقول لا يتصور فيهما التكرار، وإلا فهما أيضا مترتبان على
كل جماع كالبدنة. نعم يحتمل البدنة أن يكون مثلهما في أن يكون واحدة يترتب
على الجماع مرة ومرات.
وفي المبسوط: إذا وطأ بعد وطء لزمته الكفارة بكل وطء، سواء كفر عن الأول
أو لم يكفر، لعموم الأخبار (1). وبه قال أبو علي، وزاد: في مجلس كان أو في مجالس (2).
ثم قال الشيخ: اللبس والطيب وتقليم الأظافر كل واحد من ذلك جنس مفرد، إذا
جمع بينهما لزمه عن كل جنس فدية، سواء كان ذلك في وقت واحد أو أوقات
متفرقة، وسواء كفر عن كل فعل أو لم يكفر، ولا يتداخل إذا ترادفت، وكذلك حكم
الصيد. فأما جنس واحد فعلى ثلاثة أضرب:
أحدها: إتلاف على وجه التعديل مثل قتل الصيد فقط، لأنه يعدل به، ويجب
فيه مثله، ويختلف بالصغر وبالكبر، فعلى أي وجه فعله دفعة أو دفعتين، أو دفعة
بعد دفعة، ففي كل صيد جزاء بلا خلاف.
الثاني: إتلاف مضمون لا على سبيل التعديل، وهو حلق الشعر، وتقليم
الأظفار فقط فهما جنسان، فإن حلق أو قلم دفعة واحدة فعليه فدية واحدة، وإن
فعل ذلك في أوقات حلق بعضه بالغداة وبعضه الظهر والباقي العصر، فعليه لكل
فعل كفارة.
الثالث: وهو الاستمتاع باللباس والطيب والقبلة، فإن فعل ذلك دفعة واحدة
ليس كل ما يحتاج إليه، أو تطيب بأنواع الطيب، أو قبل وأكثر منه لزمته كفارة
واحدة، فإن فعل ذلك في أوقات متفرقة لزمته عن كل دفعة كفارة، سواء كفر عن
الأول أو لم يكفر (3). ونحوه التحرير (4) والتذكرة (5) والمنتهى (6).

(1) المبسوط: ج 1 ص 337.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 178.
(3) المبسوط: ج 1 ص 351.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 122 س 4.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 359 س 15.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 845 س 14.
490

وقال ابن حمزة: الاستمتاع ضربان: جماع وغيره. والجماع ضربان: إما يفسد
الحج أو لا يفسد، فإن أفسد الحج لم يتكرر فيه الكفارة، وإن لم يفسد الحج إما
تكرر منه فعله في حالة واحدة أو في دفعات، فالأول لا يتكرر فيه الكفارة بتكرر
الفعل، والثاني يتكرر فيه الكفارة (1).
واستحسنه في المختلف، لأصل البراءة (2). وظاهره أنه لا يجب إلا كفارة
واحدة بالجماع في مجلس واحد وإن تكرر الإيلاج والاخراج.
وقال ابن حمزة: وغير الجماع من الاستمتاع وغيره ضربان: إما تكرر منه
الفعل دفعة واحدة وفيه كفارة واحدة، أو تكرر في دفعات، ويتكرر فيه الكفارة
بتكرر الفعل. ثم أوجب فداء واحدا بلبس جماعة ثياب في مجلس واحد، قال:
وإن لبسها في مواضع متفرقة لزم لكل ثوب فدية (3). وظاهره اتحاد الكفارة باتحاد
المجلس وإن لبسها مترتبة لا دفعة.
وقال المحقق: إذا كرر الوطء لزمه بكل مرة كفارة، ولو كرر الحلق، فإن كان
في وقت واحد لم تتكرر الكفارة، وإن كان في وقتين تكررت، ولو تكرر منه
اللبس أو الطيب فإن اتحد المجلس لم تتكرر، وإن اختلف تكررت (4).
واعتبار المجلس في اللبس خيرة النهاية (5) والوسيلة (6) والمهذب (7) والسرائر (8)،
ولم أعرف الفارق بينه وبين الحلق حتى اعتبر فيه المجلس، وفي الحلق الوقت.
مسألة: (وكل محرم لبس أو أكل ما لا يحل له لبسه وأكله فعليه
شاة) كما في النهاية (9) والمهذب (10) والسرائر (11) والوسيلة (12) والشرائع (13)

(1) الوسيلة: ص 165.
(2) مختلف الشيعة: ج 4 ص 178.
(3) الوسيلة: ص 166 و 169.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 297.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 500.
(6) الوسيلة: ص 169.
(7) المهذب: ج 1 ص 224.
(8) السرائر: ج 1 ص 555.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 499.
(10) المهذب: ج 1 ص 224.
(11) السرائر: ج 1 ص 554.
(12) الوسيلة: ص 167.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 298.
491

وغيرها، يعنون عامدا عالما كما في المقنعة (1)، لما مر من قول أبي جعفر عليه السلام في
صحيح زرارة: من نتف إبطه، أو قلم أظفره، أو حلق رأسه، أو لبس ثوبا لا ينبغي له
لبسه، أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله وهو محرم، ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا، فليس
عليه شئ، ومن فعله متعمدا فعليه دم شاة (2). وزاد المفيد في الناسي والجاهل:
وليستغفر الله عز وجل (3). وفي المبسوط: لبس المخيط (4)، ولعله تمثيل. وصرح
ابن حمزة بالفداء في لبس السواد (5).
مسألة: (ويكره القعود عند العطار المباشر للطيب، وعند الرجل
المطيب إذا قصد ذلك) أي الجلوس (ولم يشمه، ولا فدية) عليه كذا في
المبسوط (6) وإن أغفل أنه لم يشمه وكان القصد بمعنى قصد الجلوس عندهما مع
العلم بحالهما فيكره، لأنه تعرض للاستشمام واكتساب الرائحة.
قال في المنتهى: ويدل على التسويغ ما رواه الشيخ في الصحيح، عن هشام
بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول: لا بأس بالريح الطيبة فيما بين
الصفا والمروة من ريح العطارين، ولا يمسك على أنفه (7).
ثم ذكر أنه: إذا جاز في موضع فيه طيب أمسك على أنفه ولا يشمه،
لقوله عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: أمسك على أنفك من الريح الطيبة (8).
ثم ذكر أن الشيخ جمع بين الأمر بالامساك هنا، ونفى البأس عنه في صحيح
هشام بوجهين: أحدهما: استحباب الامساك على الأنف إنما يتوجه إلى من يباشر
ذلك بنفسه، وأما إذا اجتاز في الطريق فتصيبه الرائحة فلا يجب عليه (9).

(1) المقنعة: ص 438.
(2) وسائل الشيعة: ج 9 ص 289 ب 8 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1.
(3) المقنعة: ص 438.
(4) المبسوط: ج 1 ص 317.
(5) الوسيلة: ص 167.
(6) المبسوط: ج 1 ص 353.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 785 س 33.
(8) منتهى المطلب: ج 2 ص 785 س 34.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 786 س 1.
492

وفي الوسيلة: إنه يكره الجلوس عند من تطيب أو باشر الطيب لذلك (1).
وظاهره الجلوس عنده، لأنه متطيب أو مباشر للطيب. وكان المراد ما في
المبسوط من قصد الجلوس عنده مع تذكر أنه متطيب أو مباشر.
وفي الخلاف: يكره للمحرم القعود عند العطار الذي يباشر العطر، وإن جاز
في زقاق العطارين أمسك على أنفه. وقال الشافعي: لا بأس بذلك، وأن يجلس
إلى رجل متطيب وعند الكعبة وفي جوفها وهي تجمر إذا لم يقصد ذلك، فإن قصد
الاشمام كره له ذلك إلا الجلوس عند البيت وفي جوفه، وإن شم هناك طيب فلا
يكره. دليلنا إجماع الفرقة فإنها منصوصة، وطريقة الاحتياط تقتضي ذلك (2). يعني
أن الشافعي لا يكره الجلوس عند رجل متطيب إلا إذا قصد الاستشمام فيكره.
وفي المنتهى عنه قول آخر بأنه يجوز من غير كراهية. وقال: عندنا أنه لا
يجوز ذلك، ولا يكره الجلوس عند الكعبة. وفيها وهي تجمر (3) فإن قصد
الاستشمام قال في المنتهى: وهو جيد لأنهم عليهم السلام جوزوا خلوق الكعبة.
مسألة: (ويجوز) للمحرم (شراء الطيب) كما في المبسوط (4)، قال في
المنتهى: لا نعرف فيه خلافا أنه منع من استعماله والشراء ليس استعمالا له، وقد
لا يقصد به الاستعمال بل التجارة واستعماله عند الاحلال، فلا يمنع منه، قال: وكذا
له أن يشتري المخيط ويشتري الجواري وإن حرم عليه لبس المخيط والاستمتاع
بالنساء، إذ قد لا يقصد بشرائهن الاستمتاع حالة الاحرام، بل حالة الاحلال، أو
التجارة بخلاف النكاح، لأنه لا يقصد به الاستمتاع، فلهذا منع منه المحرم (5)، انتهى.
والمعتمد الفرق بالنص (6) والاجماع وعدمهما مع الأصل.

(1) الوسيلة: ص 164.
(2) الخلاف: ج 2 ص 307 المسألة 96.
(3) منتهى المطلب: ج 2 ص 786 س 6.
(4) المبسوط: ج 1 ص 353.
(5) منتهى المطلب: ج 2 ص 787 س 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 9 ص 93 ب 18 من أبواب تروك الاحرام.
493

و (لا) يجوز (مسه) عند الشراء أو غيره، لقول الصادق عليه السلام في صحيح
ابن عمار: ولا تمس شيئا من الطيب (1).
مسألة: (والشاة تجب في الحلق بمسماه) للعموم، وعرفت المسمى.
وللعامة قول بأنه إنما تجب بحلق ربع الرأس، وآخر بنصفه، وآخر بما يحيط
الأذى، وآخر بثلاث شعرات، وآخر بأربع (2).
(ولو كان أقل، تصدق بشئ) كما في الخلاف (3) والمبسوط (4)، لما
عرفت من وجوبه بسقوط شئ من شعر الرأس أو اللحية. وللعامة قول بالعدم،
وآخر عن كل شعرة مد، وآخر درهم، وآخر ثلاث شياه (5).
مسألة: (وليس للمحرم ولا للمحل حلق رأس المحرم) إجماعا على
ما في التذكرة (6) والمنتهى (7) في المحرم للآية (8)، فإن حلق الرجل رأس نفسه
نادر، وحمله على الأمر به، وما يعمهما تجوز.
(و) لكن (لا فدية عليهما) عندنا (لو خالفا) كانا بإذن المحلوق أو
لا، للأصل من غير معارض.
وأوجب أبو حنيفة على المحرم الحالق بأمر المحلوق صدقة أولا بأمره
الفدية، بأن يفدي المحلوق ويرجع على الحالق، وهو أحد قولي الشافعي، وفي
الآخر أنهما يفيدان إن كان بأمره وإلا فدى الحالق (9).
(ولو أذن المحلوق لزمه الفداء) اتفاقا، لأنه المتبادر من النصوص،
فإنه المعروف من الحلق، لندرة حلق الرجل رأس نفسه جدا.

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 94 ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(2) المجموع: ج 7 ص 374.
(3) الخلاف: ج 2 ص 308 المسألة 98.
(4) المبسوط: ج 1 ص 353.
(5) المجموع: ج 7 ص 371.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 339 س 3.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 793 س 1.
(8) البقرة: 196.
(9) المجموع: ج 7 ص 347.
494

(وللمحرم حلق المحل) كما في الخلاف (1) والمبسوط (2)، للأصل.
وفي التهذيب: إنه لا يجوز (3)، لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: لا
يأخذ المحرم من شعر الحلال (4).
مسألة: (ويجوز أن يخلي إبله لترعى الحشيش في الحرم) كما في
النهاية (5) والمبسوط (6) وغيرهما، للأصل والأخبار (7) والاجماع من عهد
النبي صلى الله عليه وآله على تركها في الحرم من غير شد لأفواهها، خلافا لأبي حنفية (8).
مسألة: (والتحريم في المخيط متعلق باللبس فلو توشح به فلا كفارة
على إشكال) من الاشكال في كونه لبسا، وفي أن المحرم اللبس مطلقا، أو مع
الإحاطة كما سلف.
ويؤيد العدم تجويز لبس القباء مقلوبا عند الضرورة من غير إدخال اليدين في
الكمين، وطرح القميص على العاتق إن لم يكن رداء، وقول أحدهما عليهما السلام في صحيح
زرارة: يلبس كل ثوب إلا ثوبا يتدرعه (9). وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار
وحسنه: لا تلبس ثوبا له أزرار وأنت محرم إلا أن تنكسه، ولا ثوبا تدرعه (10).
ويؤيد الوجوب اختصاص جواز لبس القميص والقباء كذلك في الأخبار (11)
والفتاوى بالمضطر.
وليكن هذا آخر ما حججنا بالقلم..... وهذا آخر كتاب الحج

(1) الخلاف: ج 2 ص 311 المسألة 103.
(2) المبسوط: ج 1 ص 353.
(3) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 340 ذيل الحديث 1178.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 145 ب 63 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 500.
(6) المبسوط: ج 1 ص 354.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 172 ب 85 من أبواب تروك الاحرام.
(8) المجموع: ج 7 ص 495.
(9) وسائل الشيعة: ج 9 ص 116 ب 36 من أبواب تروك الاحرام ح 5.
(10) وسائل الشيعة: ج 9 ص 114 ب 36 من أبواب تروك الاحرام ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 9 ص 124 - 125 ب 44 - 45 من أبواب تروك الاحرام.
495