الكتاب: كشف اللثام (ط.ج)
المؤلف: الفاضل الهندي
الجزء: ١
الوفاة: ١١٣٧
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٦
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

كشف اللثام
عن قواعد الأحكام
تأليف
الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني
المعروف ب‍ الفاضل الهندي
1062 - 1137 ه‍.
الجزء الأول
تحقيق
مؤسسة النشر السلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

كشف اللثام عن قواعد الأحكام
(ج 1)
2

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله على نعمه المتواصلة، وله الثناء على آلائه المتوالية، والصلاة
والسلام على نور الأنوار محمد المصطفى وعلى آله الطيبين الأطهار، واللعنة على
أعدائهم ما غسق ليل وأضاء نهار.
وبعد، فقد شهدت الحوزات العلمية، والمؤسسات التحقيقية التابعة لها في
إيران الاسلام في العقدين الأخيرين نهضة علمية كبيرة، شملت إحياء ما اندرس
من التراث العلمي الخالد، أو تجديد طباعة ما نشر سابقا وإخراجه بحلة جديدة
تتلائم مع المستجدات العصرية الحادثة، سواء في حقل التحقيق والتدقيق أو في
حقل الطبع والنشر. وكان لمؤسستنا - وبحمد الله - قدم السبق والقدح المعلى في
هذا المضمار المبارك، فقد جادت ومنذ اليوم الأول لتأسيسها حتى يومنا هذا
بمئات الكتب وعشرات الدورات في مختلف العلوم وشتى الفنون، منها: الفقه
والأصول وعلوم القرآن والتفسير والحديث والرجال والفلسفة والسيرة والتاريخ
وعلوم اللغة والأدب والكلام وغيرها.
والكتاب الماثل بين يديك عزيزنا القارئ هو (كشف اللثام عن قواعد
الأحكام) من تأليفات فخر الشيعة وركن الشريعة العلامة المجدد المرحوم آية الله
الشيخ محمد بن الحسن الأصفهاني المعروف بالفاضل الهندي طيب الله رمسه، من
3

أعلام القرن الثاني عشر الهجري في أصفهان، شرح فيه كتاب (قواعد الأحكام)
شرحا وسيطا أقرب منه إلى الاختصار، ذكر فيه آراء أعمدة المذهب من فقهاء
الإمامية المتقدمين منهم والمتأخرين بشكل مختصر وبأسلوب فني متين،
فأضحى السفر الذي لا يستغنى عنه، والمصدر الذي سد فراغا في المكتبة
الاسلامية طالما ظل شاغرا.
لذا فقد عهدت مؤسستنا مهمة تحقيق هذا الكتاب والاشراف على مراحل
العمل فيه إلى المحقق المدقق حجة الاسلام والمسلمين الشيخ محمد مهدي نجف
دامت تأييداته، فانبرى لهذه المسؤولية بهمة دونها العيوق منزلة، مشمرا عن
ساعدي الجد، فبذل قصارى جهده وخصص جل وقته في متابعة مراحل تحقيق
الكتاب، مضافا إلى تحمله مسؤولية تقويم متن هذا الكتاب وتقطيع نصه وحل
مشكلاته ورفع معضلاته. فأنجز في فترة قصيرة ما لا يمكن إتمامه لفترة طويلة،
فشكر الله سعيه وجعله ذخرا له في الآخرة.
ونحن في الوقت الذي نضع هذا الكتاب في متناول أيدي القارئ الكريم
لا يفوتنا أن نتقدم بجزيل شكرنا لجميع الإخوة الأفاضل العاملين في لجان
التحقيق وغيرهم الذين ساهموا في إنجاح هذا المشروع المبارك.
وفقهم الله وإيانا لما فيه رضاه إنه خير موفق ومعين.
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
4

حياة الفاضل الهندي
بقلم الشيخ رسول جعفريان
ترجمة السيد علي الطباطبائي
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله الطيبين
الطاهرين.
اسمه ولقبه:
هو أبو الفضل بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني المشهور ب‍ (الفاضل
الهندي) و (بهاء الدين) (1) وكاشف اللثام (2). ولد عام 1062 وتوفي سنة
1137 هجرية (3) على المشهور.
كان، من الشخصيات العلمية البارزة في العهد الصفوي الأخير. ويعد في

(1) عنونه صاحب رياض العلماء تحت عنوان من شهرته (بهائي) فقال: (وقد يراد في عصرنا
هذا به المولى بهاء الدين محمد بن المولى تاج الدين الحسن بن محمد المعروف بالفاضل
الهندي) رياض العلماء: ج 7 ص 36.
(2) هذا ما أطلقه الفاضل الهندي في عدة موارد على نفسه.
(3) سيأتي التعرض لتاريخ وفاته فيما بعد.
5

عداد الفقهاء العظام لمذهب الإمامية في تلك الحقبة الزمنية.
وبتأليفه كتاب (كشف اللثام عن قواعد الأحكام) رسخ موقعه كفقيه بارز في
تاريخ الاجتهاد عند الشيعة.
لكن وللأسف لم تتعرض كتب التراجم، والمصادر المتوفرة عن هذه
الشخصية العلمية البارزة بالشكل الكافي والمفصل، فكان خليق بالميرزا عبد الله
أفندي - صاحب رياض العلماء - الذي كان له ارتباط وثيق ومعرفة عن قرب
بالفاضل أن يكتب عنه وعن حالاته بشكل مستقل ومفصل، ولكنه لم يذكر عنه
سوى إشارات هنا وهناك، وضمن التعرض لحياة شخصيات أخرى. وإن كان
يحتمل بل المتيقن أنه قد تعرض لشرح حياته مفصلا ولكنه ضاع ضمن القسم
المفقود من كتاب الرياض.
ومن المعاصرين للمترجم له فقط (حزين) كتب سطورا قليلة، وإشارات
قصيرة في كتاب وقائع السنين ل‍ (الخاتون آبادي) عن والد الفاضل، وفي بعض
الإجازات منه. مضافا إلى بعض الكتابات المسجلة على بعض النسخ المتضمنة
لإشارات إلى حياة المترجم له. ولحسن الحظ أنه في أول كشف اللثام أشار إلى
سوابقه العلمية.
ولعل أول ترجمة منظمة عن حياة المترجم جاءت في كتاب (مقابس
الأنوار)، وأكثر تفصيلا منه جاء في كتاب (روضات الجنات). ويلي ذلك بالمرتبة
ما ورد عن شرح حالاته في (قصص العلماء) للتنكابني، و (نجوم السماء)،
و (الفوائد الرضوية)، و (الكنى والألقاب)، و (تذكرة القبور)، والتي قلما اشتملت
على نكتة جديدة في حياته.
وكل ما أثبتناه هنا اعتمدنا فيه على معلوماتنا الناشئة من التتبع في المصادر
المذكورة، مضافا إلى فهارس النسخ المخطوطة التي تضمنت الإشارة إليه وإلى
آثاره العلمية.
6

والده العلامة تاج الدين الأصفهاني
تاج الدين الحسن الأصفهاني المشهور ب‍ (ملا تاجا) والد الفاضل الهندي،
من علماء مدينة أصفهان في إيران وذلك في القرن الحادي عشر. ذكر الخاتون
آبادي أن تاريخ وفاته كان في الثامن من رجب سنة 1098 ه‍. وأضاف أنه كان
رجلا طالبا للعلم، مشتغلا بالبحث والمطالعة وتصحيح كتب الحديث، ومهتما
بنفسه قدس الله روحه (1).
وورد في إجازة كانت قد كتبها الفاضل الهندي للشيخ أحمد العربي الحلي أنه
يروي كتاب قرب الإسناد بواسطة والده عن المولى حسن علي بن عبد الله
التستري... (2). والفاضل الهندي يصف والده - والذي يعد من أهم مشايخه في نقل
الروايات - هكذا (والدي العلامة تاج أرباب العمامة) (3).
المولى تاجا من أهالي رويدشت من توابع مدينة أصفهان (4) وجاء في إجازة
من السيد حسين بن سيد حيدر الكركي ما نصه: (حدثني به - حديث الجن -
المولى الجليل الفاضل النبيل مولانا تاج الدين حسن بن شرف الدين
الفلاورجاني الأصفهاني) (5). والذي يظهر من هذه العبارة التي نقلها صاحب
روضات الجنات أن المؤلف كان من أهالي فلاورجان.
ثم يضيف صاحب الروضات قائلا: ولما كان من الظاهر أن تاج الدين الحسن
المذكور هو والد مولانا الفاضل بعينه، ظهر وجه ما وقع عليه التصريح من بعض
الأفاضل أيضا من كون صاحب الترجمة في الأصل من بلوك اشيان لنجان

(1) وقائع السنين والأعوام: ص 542. وذكر الآقا بزرك الطهراني في الذريعة ج 3 ص 49
والروضة النضرة: ص 90 نقلا عن قسم من المصادر أن تاريخ وفاة المولى تاجا والد الفاضل
الهندي سنة 1085. وهو غير صحيح.
(2) روضات الجنات: ج 7 ص 113.
(3) المصدر السابق.
(4) نفس المصدر: ج 7 ص 114 و ج 5 ص 53.
(5) نفس المصدر: ج 7 ص 115.
7

أصفهان، ويحتمل أن المرحوم السيد مصلح الدين المهدوي قد اعتمد على كلام
صاحب روضات الجنات حيث عنون المترجم له بعنوان: (بهاء الدين محمد بن
تاج الدين حسن بن محمد الفلاورجاني اللنجاني الرويدشتي) (1).
فهو حسب هذه التسمية فلاورجاني ورويدشتي أيضا، والحال إن موقع
هاتين المنطقتين مختلف وإن كانت كلتاهما محاذيتين لنهر زاينده رود. أما
رويدشت فالأصل في تسميتها رود دشت (2) وهي منطقة تحف بنهر (زاينده رود)
من الجانبين، وتقع في القسم الشرقي من أصفهان، والذي يضم منطقة براآن
الجنوبية والشمالية. وأما فلاورجان - والتي هي في الأصل معربة (پل ورگان) -
فإنها تقع في القسم الجنوبي الغربي لأصفهان، وبين المنطقتين رويدشت
وفلاورجان بون شاسع.
يقول صاحب الروضات في تعليل تسمية المولى تاجا وابنه الفاضل الهندي
بالرويدشتي الفلاورجاني ما نصه:
(إلا أن يقال في مقام الجمع، بين هذين المتنافيين إن الوالد كان
مولده هناك والولد هاهنا أو بالعكس رجاء وكانت إحدى النسبتين
لبعض أجدادهما العالية كما يتفق نظير ذلك في كثير، ولا ينبئك مثل
خبير) (3).
وهذه التوضيحات إنما تصح فيما لو كانت العبارة الواردة في الإجازة
المذكورة في تلقيب شرف الدين بالفلاورجاني إنما يراد منها جد الفاضل الهندي.
وبعبارة أخرى: أن تاج الدين المذكور في الإجازة من السيد حسين الكركي

(1) كتاب سيرى در تاريخ تخت فولاد: ص 166 فارسي.
(2) معجم البلدان: ج 2 ص 105. رويدشت يحدها من المغرب منطقة (براآن) ومن المشرق
(گاوخوني) وعرضها 12 فرسخ، انظر نصف جهان في تعريف الأصفهان (لمحمد مهدي
الأصفهاني) إعداد منوچهر ستوده: ص 306.
(3) روضات الجنات: ج 7 ص 115.
8

إذا كان شخصا آخر غير تاج الدين والد الفاضل الهندي، فقضية تلقيب عائلة
الفاضل بلقب (فلاورجاني) تكون سالبة بانتفاء الموضوع.
وإنما احتملنا ذلك لأن الفاضل الهندي نفسه ذكر جده باسم محمد، وإن كان
يحتمل أن شرف الدين كان لقبا لجده، لكنه لو كان ملقبا بهذا للقبه الفاضل به في
الموارد التي ذكر جده بالافتخار والتعزيز، ولكنه لم يفعل والحال عندما ذكر أباه
في الإجازة المذكورة ذكر مضافا إلى لقب تاج الدين اسمه، وهو حسن، وهو
ينطبق على والد الفاضل الهندي.
مؤلفات المولى تاج الدين الأصفهاني
هناك عدة آثار ومؤلفات منسوبة إلى المولى تاج الدين، ولكنه للأسف هناك
تشكيكات قوية في صحة هذه النسبة، وهي:
1 - البحر المواج: وهو كتاب تفسير، ذكره صاحب الروضات في عداد
مؤلفات تاج الدين الأصفهاني. وقد ورد سهوا في الفهرس القديم لمكتبة المجلس
الوطني في طهران نسبة كتاب تفسيرا للاهيجي تحت اسم البحر المواج إلى
الفاضل الهندي. ولكن هذا الاشتباه صحح في الطبعات الحديثة (1). ثم وقع
المنزوي في نفس الاشتباه في كتابه (2) (فهرست نسخه هاي فارسي) اعتمادا على
نسخة فهرس المجلس المغلوطة.
والذي ينبغي أن يقال: إن الكتاب المذكور ليس من تأليفات الفاضل الهندي
ولا من تأليفات أبيه. بل هو من تأليفات شهاب الدين أحمد بن شمس الدين بن
عمر دولت آبادي الهندي المتوفى سنة 848 ه‍. وتوجد منه نسختان في مكتبة

(1) ومن الغريب أن الدكتور صفا قد أرجع في كتابه (تاريخ أدبيات إيران: ج 5 / 3،
ص 1465) إلى نفس الطبعة هذه ونفس الصفحة، ومع ذلك كان يعتقد أن البحر المواج من
آثار ومؤلفات الفاضل الهندي.
(2) فهرست نسخه هاي خطى فارسي.
9

آية الله المرعشي النجفي المخطوطة (1). ومنشأ الاشتباه هو أن صاحب رياض
العلماء في قسم الألقاب من كتابه الخاص بعلماء العامة ذكر تحت عنوان الفاضل
الهندي اثنين بهذا اللقب، أحدهما سني والآخر شيعي - وهو المترجم له - ثم لما
وصل به البحث إلى تعداد آثار الفاضل الهندي السني العلمية، ذكر كتاب البحر
المواج، وقال: إنه شاهد نسخة منه عند الفاضل الهندي المعاصر له. هذه العبارة
صارت سببا في تخيل صاحب الروضات إن الكتاب المذكور من تأليفات
المترجم له.
وتشتمل عبارة الرياض على نكات أخرى حرصا على إيضاحها ننقل نص
عبارته:
(الفاضل الهندي: هو الشيخ الحنفي السني شارح الكافية شرح
كبير فلاحظ وشرح آخر مختصر ممزوج مع المتن وعندنا منه نسخة.
وقد يطلق - يعني عنوان الفاضل - على المولى بهاء الدين محمد بن
المولى تاج الدين حسن الأصفهاني ثم الهندي ثم الأصفهاني
الإمامي الشيعي المعاصر. ومن مؤلفات الفاضل الهندي شارح
الكافية - يعني الفاضل السني - تفسير البحر المواج بالفارسية، لكنه
كثير الفوائد في مجلدات، وهو موجود عند الفاضل الهندي المعاصر
- يعني الفاضل الهندي - الإمامي ورأيت منه مجلده الآخر، والمجلد
الأخير من تفسيره هذا جيد جدا (2).
وهذه العبارة أشار إليها أيضا المرحوم ثقة الاسلام التبريزي (3) وهي صريحة

(1) فهرست كتابخانه آية الله المرعشي: ج 6 ص 31 رقم 3235، ج 12، ص 175 رقم 4609.
(2) نقلنا هذه العبارة من نسخة مصورة للقسم المخطوط من كتاب (رياض العلماء) محفوظة
عند العلامة الأجل السيد أحمد الحسيني الإشكوري حفظه الله..
(3) مرآة الكتب: ج 4 ص 7.
10

في أن تفسير البحر المواج لا ربط له بالفاضل الهندي ولا بأبيه. وقد ذكر كتاب
البحر المواج والسراج الوهاج في ذيل كشف الظنون فلاحظ (1).
2 - الرسالة التزويجية: وهي رسالة في أن اللتين كانتا في حبالة عثمان بن
عفان لم تكونا بنتين للنبي صلى الله عليه وآله بل بنتي زوجته (2).
ذكر الشيخ آقا بزرك الطهراني أن الرسالة في هذا الموضوع كتبت، وطبعت مع
مكارم الأخلاق سنة 1311. وقال:
(والظاهر أنه للمولى تاج الدين حسن بن محمد الأصفهاني
والد الفاضل الهندي، لم ينقل فيه عن المتأخر عن الشهيد الأول فإنه
ذكر صاحب الروضات أن له رسالة في زوجتي عثمان ووصفها بما
ينطبق على هذا المطبوع) (3).
وتوجد لمتن هذه الرسالة المطبوعة نسخة في قسم المخطوطات من مكتبة
السيد المرعشي (4) تتحد مقدمتها مع ما ذكره الآقا بزرك من المقدمة للمطبوعة.
لكن مع هذا فإن المجموعة التي من ضمنها الرسالة التزويجية مؤلفة من خمسة
رسائل متوالية وكلها للمحقق الكركي واتفاقا كتب في أعلى هذه الرسالة وبالخط
الأحمر عبارة (للشيخ علي) يعني إنها للمحقق الكركي. ولكن السيد المفهرس
لمخطوطات المكتبة لم يقبل هذه النسبة. ونسبها إلى والد الفاضل الهندي استنادا
إلى كلام الآقا بزرك، وما نقله صاحب الروضات من أن الملا تاجا له رسالة في

(1) ذيل كشف الظنون: ج 3 ص 166.
(2) روضات الجنات: ج 7 ص 114. وصدر في السنوات الأخيرة كتاب لأستاذنا العلامة
السيد جعفر مرتضى العاملي - حفظه الله وأبقاه - تحت عنوان (بنات النبي) وإن كان مختاره
إن تلك البنتين هما بنتا هالة أخت السيدة خديجة.
(3) الذريعة: ج 4 ص 172. وفي كتاب الروضة النضرة: ص 90 ذكر إن الرسالة المذكورة
طبعت مع كتاب فرحة الغري في سنة 1312 ه‍.
(4) فهرست نسخه هاي خطى كتابخانه آية الله العظمى مرعشي: ج 4 ص 185.
11

هذا الموضوع. ولا دليل له على ذلك سوى التشابه في موضوع التأليف لا غير.
ولذا قال الآقا بزرك: (لعلها لصاحب الترجمة) ومقصوده الملا تاجا الأصفهاني.
وهناك نسخة أخرى لهذه الرسالة موجودة في مكتبة المجلس في طهران (1).
وفي ضمن كلام الشيخ عبد الله أفندي عن الفاضل الهندي السني - الذي تقدم
قسم منه في ذيل البحر المواج - نسب هذه الرسالة أيضا إليه، فقال:
(وله رسالة أيضا في أن البنتين اللتين كانتا تحت عثمان لم
يكونا ابنتا رسول الله صلى الله عليه وآله بل ابنتا زوجة النبي صلى الله عليه وآله ولم أعلم عصره
ولا اسمه).
ولكننا نعلم أن وفاته في سنة 848. وهنا لا بد من الالتفات إلى أن هذه الرسالة
لا يمكن أن تكون من آثار مؤلف سني، لأن ما يوجد فيها من منقول إنما هو من
علماء الشيعة، وطريقة الاستدلال أيضا شيعية. هذا اشتباه حصل لصاحب الرياض
ولكن ما هو منشأه؟ لم نعرف ذلك دقيقا.
3 - حاشية على الكافية: ذكر هذا الكتاب في فهرس المكتبة الرضوية. ولكن
حسب نقل صاحب الروضات أن الفاضل الهندي أيضا له شرح على الكافية. فإنه
وإن كان من الممكن أن يكون للأب والابن هكذا كتاب، ولكن ينبغي الفحص
والتحقيق أكثر في النسخة الموجودة في مشهد. ووجود نسختين من الحاشية على
الكافية منسوبة إلى الفاضل الهندي، واحدة في المكتبة الرضوية المقدسة (استان
قدس رضوي) والثانية في مكتبة جامعة الإلهيات يجعلنا نطمئن إلى أن الفاضل
كان له كتاب بهذا العنوان، كما إن والده له ذلك. وإن أمكن بالاستفادة من
التوضيحات المتقدمة في ذيل مدخل البحر المواج القول بأن هذا الكتاب هو أيضا
من آثار الفاضل الهندي السني.
4 - شرح الشافية.

(1) فهرست نسخه هاي خطى كتابخانه مجلس: ج 15 ص 175.
12

5 - شرح الصحيفة السجادية: نسب المرحوم المهدوي هذين الكتابين إلى
والد الفاضل الهندي (1). ولكنه لم يبين المصدر والمرجع لهذه النسبة وهل الكتاب
موجود أم لا.
6 - جامع الفصول وقامع الفضول: وهذا الكتاب موجود في مكتبة آية الله
المرعشي قدس سره تحت رقم 2046 ونسب السيد المرعشي 1 هذا الكتاب إلى تاج،
الدين حسن الأصفهاني كما يظهر مما كتبه هو حول الكتاب. وهو كتاب دعاء
ناقص من أوله، لكن ورد في الصفحات الأولى للكتاب رسالة تقديم الكتاب
للشاه سليمان الصفوي. ولم يتضح لنا ما هو المستند لكلام المرحوم آية الله
المرعشي رحمة الله عليه. ولم يشر إلى ذلك أيضا في الذريعة.
وأخيرا من الذين حصلوا على إجازة الرواية من المولى تاجا الشيخ إبراهيم
ابن محمد بن علي الحرفوشي العاملي الكركي من سكنة مشهد المقدسة، والمتوفى
في سنة 1080 ه‍. وكان يذكره بهذه العبارة:
(حدثني المولى الفاضل الجليل مولانا تاج الدين حسن
الأصفهاني) (2).
فهل يمكن تصور وجود عالم آخر باسم تاج الدين الأصفهاني في أصفهان
بحيث تكون قسم من هذه التقريرات والكلمات منتسبة إليه؟
الوجه في اشتهار الفاضل ب‍ (الهندي)
كان الفاضل في أول شبابه قد سافر برفقة أبيه إلى الهند، وعند رجوعه اشتهر
بالفاضل الهندي. هذه الشهرة لم يكن هو مسرورا بها. فقد نقل عنه صاحب
روضات الجنات ما نصه:
(والدي تاج الدين حسن الأصفهاني والاشتهار بالفاضل

(1) زندگينامه علامه مجلسي: ج 2 ص 83.
(2) تكملة أمل الآمل، ص 84، 5 8.
13

الهندي (1) الذي لست راضيا به لمجيئنا منها بعد ذهابنا وجوبا إليها
وذلك قبل آوان حلمي بكثير) (2).
والجدير بالذكر هنا أنه لم يتعرض أحد إلى مدة بقائهم في الهند، وما هو الدافع
من زيارتهم. نعم أشير إلى أنه - أي الفاضل الهندي - كانت له مناظرة في الإمامة
مع أحد أبناء العامة، وقصتها كانت مشهورة على الألسنة، قال في مقابس الأنوار
ما نصه: (وجرت له فيها مع المخالفين مناظرة في الإمامة معروفة على الألسنة
قصتها عجيبة) (3).
وكتب حزين أيضا نظير ذلك، فقال: (لأنه سافر مع والده وهو صغير السن
إلى الهند اشتهر بالفاضل الهندي) (4) والظاهر أن سفره هذا مشابه لأسفار كان يقوم
بها العلماء والأدباء في ذلك العصر إلى بلاد الهند للانتفاع من الظروف الثقافية
والاقتصادية المناسبة والمتوفرة في تلك البلاد (5).
يقول السيد جلال الدين الآشتياني: إني عثرت على عبارة في الماضي منقولة
عن شخص كان يعيش في أواخر الدولة الصفوية كتب فيها: إني رأيت في المدرسة
صبيا مراهقا، ماهرا في الأبحاث العلمية، وحائزا لمرتبة عالية في العلوم العصرية،
وآثار النبوغ تلوح من ناصيته بوضوح. فسألت عن نسبه، فقالوا: هو ابن الملا تاج
الدين، اسمه محمد بهاء الدين (6).

(1) عبارة (بالفاضل الهندي) ساقطة من النسخة المطبوعة ولكن موجودة في المخطوط
المحفوظ عند العلامة السيد محمد علي الروضاتي دامت بركاته.
(2) روضات الجنات: ج 7 ص 114.
(3) مقابس الأنوار: ص 18، وروضات الجنات: ج 7، ص 112.
(4) تاريخ حزين: ص 64.
(5) لمعرفة المزيد عن هذه الأسفار انظر كتاب (كاروان هند) للدكتور گلچين معاني، طبعة
بنياد بژوهشهاى إسلامي.
(6) منتخبات آثار الحكماء: ج 3 ص 544 في الهامش.
14

مشايخ الفاضل الهندي
عند ملاحظة آثار الفاضل الهندي القيمة، يجعلنا نحدس بأنه كان قد ترعرع
في أحضان أساتذة عظام، لكن البحث عن معرفة هذه الأساتذة عقيم. وما هو
موجود في الإجازات - في حدود الإجازة في الرواية - يبين لنا أن اعتماده في
حقل الروايات والأخبار كان على أبيه. وينبغي أن يكون والده الأستاذ الأول له.
ولكن مع ذلك فقد كتب المرحوم الگزي: إنه كان من تلامذة العلامة المجلسي، ثم
بعد ذلك - ولعله بالاعتماد على نقل التنكابني (1) - أضاف قائلا: قيل إن الشاه
سلطان حسين [الصفوي] طلب من العلامة المجلسي أن يعين له أستاذا غير بالغ
لتعليم حرمه ونسأه، فأرسل العلامة الفاضل الهندي لذلك. ثم صادف إنه يوما
خرج من قصر الشاه وهو مغمض لعينيه بيديه ثم قال: أنا بلغت في هذا الوقت
وخفت أن تقع عيني على نسائه (2).
أقول: لا يمكن نسبة هذه الرواية على الأقل إلى الشاه سلطان حسين الذي
بدأت سلطنته ابتداء من سنة 1106 ه‍، لأنه في ذلك الوقت يكون عمر الفاضل
الهندي المتولد 1062 ه‍ ثلاثة وأربعين سنة.
المرحوم المهدوي أيضا عد الفاضل من تلامذة العلامة المجلسي وقال: إنه
روى عن العلامة المجلسي وعن أبيه (3). ولم يذكر الدليل والمصدر الذي استند
عليه في ذلك.

(1) أشتهر التنكابني بنقل ما هو غير مستند من قصص العلماء وأخبارهم.
(2) قصص العلماء ص 312، وتذكرة القبور: ص 39.
(3) زندگينامه علامه مجلسي: ج 2 ص 82، تلامذة العلامة المجلسي والمجازون منه: ص 63
وذكر في المصدر الثاني أن وفاة الفاضل، كانت في 25 صفر 1137 والصحيح أنه في
رمضان، وفيه أيضا نسبة كتاب البحر المواج إلى الفاضل والحال أنه منسوب لأبيه وليس له
أيضا كما ذكرنا، ومضافا إلى ذلك ذكر أن البحر المواج هو شرح فارسي على الكافية، والحال
أنه تفسير فلاحظ.
15

ولا بد من الالتفات أن السير الفكري والفقاهتي للفاضل لا تتلائم مع طريقة
العلامة المجلسي، وإن أمكن أن يكون قد حصل على إجازة روائية عنه - وإن لم
يشر إليها في إجازات العلامة المجلسي الموجودة - لكن لا يمكن عد الفاضل من
تلامذة المدرسة الفكرية للعلامة المجلسي، لأن العلامة المجلسي محدث
وأخباري معتدل المسلك والحال إن الفاضل فقيه أصولي على طريقة المدرسة
الفقهية الأصولية للمحقق الكركي، كما سيأتي الإشارة إلى ذلك إن شاء الله.
ولا يفوتنا أن نذكر إن الفاضل الهندي له نسبة قرابة أيضا مع العلامة
المجلسي، فقد كتب الملا حيدر علي في تذكرة الأنساب - الذي هو شرح عن
حياة وأحوال عائلة المجلسي - ما نصه: إن والدة الميرزا كمال الدين أحمد بن
كمال الدين حسين الأول التي كانت من سلسلة العلامة المجلسي تزوجها بهاء
الدين محمد المشهور بالفاضل الهندي (1).
تلامذة الفاضل وإجازاته لهم
1 - الشيخ أحمد بن الحسين الحلي.
واحد من تلامذة الفاضل الذي كتب له إجازة على ظهر كتاب قرب الإسناد،
وقد شاهدها صاحب الروضات بعينه، حيث قال ما نصه:
(ورأيت بخطه الشريف صورة إجازة له كتبها للشيخ أحمد
العربي الحلي على ظهر كتاب قرب الإسناد لشيخنا عبد الله بن جعفر
الحميري.... الخ) (2).
وهذه النسخة من قرب الإسناد موجودة الآن في مكتبة آية الله السيد
المرعشي النجفي، ونص الإجازة المذكورة كما يلي:

(1) زندگينامه علامه مجلسي: ج 1 ص 375 نقلا عن تذكرة الأنساب: ص 107، ونجوم السماء
ص 212.
(2) روضات الجنات: ج 7 ص 113.
16

(بسم الله خير الأسماء والصلاة على سيد الأنبياء وآله والأئمة
البررة الأصفياء:
أما بعد: فقد سمع مني خليلي الجليل الفاضل النبيل أحد أخلائي
وأحب أودائي إلي الشيخ أحمد الحلي - عمه الله بلطفه الخفي
والجلي - الكتب الثلاثة من قرب الإسناد إلى أئمة العباد إذ حدثته
بها فاستمع ووعى واستمتع بها واجتهد فيما سعى فأجزت له أن
يرويها عني عن والدي العلامة تاج الاسلام والمسلمين عن شيخه
الثقة الأمين المولى الحسن بن عبد الله التستري عن والده شيخ
الشيعة في زمانه عن الشيخ نعمة الله بن أحمد بن محمد بن خاتون
العاملي عن الشيخ علي بن عبد العالي العاملي شارح القواعد عن
مشايخه كابرا عن كابر عن الشيخ الرئيس أبي جعفر محمد بن الحسن
الطوسي عن المفيد محمد بن محمد بن نعمان عن الصدوق محمد بن
علي بن الحسين بن بابويه القمي عن أبيه عن المصنف رضوان الله
علينا وعليهم أجمعين. وكتب المستمسك بالثقلين المتبري عن
الشيخين محمد بن الحسن الأصفهاني المعروف بالبهاء شفع الله فيه
أصحاب الكساء صلوات الله عليهم مل الأرض والسماء) (1).
2 - سيد محمد علي الكشميري.
عد هذا العلم أيضا من المجازين عنه إجازة روائية (2). وهو الذي كتب كتاب
الطهارة وكتاب الصلاة من كشف اللثام أو أشرف على كتابتها. والفاضل الهندي
سجل له إجازة على ذلك، وقد فقد كل ما عنده من الكتب في فترة محاصرة
الأفغان لمدينة أصفهان سنة 1134 ما عدا كتاب الطهارة الذي كان في جلد
مستقل. وقد كتب نفس الكشميري تلك القضية على نسخة كتاب الصلاة، وأتى

(1) نقلا عن ظهر نسخة قرب الإسناد المحفوظة في مكتبة السيد المرعشي النجفي برقم 982 م.
(2) تلامذة العلامة المجلسي والمجازون منه، ص 63.
17

بصورة إجازة الفاضل الهندي التي كانت على كتاب الطهارة وثبتها على كتاب
الصلاة، وقال في ذيلها:
(قد ضاع المجلد المذكور في أيام المحاصرة وأرجو من الله
تعالى أن يوصله إلي بفضله العميم).
والذي يبدو للناظر أن هذه النسخة بقيت محفوظة، وهناك صورة للصفحة
الأخيرة منها مثبتة في كتاب (لمعة النور والضياء). وفيها تاريخ استكتاب المجلد
من قبل الكشميري سنة 1127 مع إجازة الفاضل الهندي في تأييد سماع
الكشميري منه ذلك (1).
أما متن إجازة الفاضل للكشميري الموجودة على نسخة كتاب الصلاة فهو
كما يلي:
(أنهى الأخ الفاضل التقي النقي الذكي الزكي الألمعي.. المولى
محمد علي القشميري [كذا] هذا المخطوط من كشف اللثام عن
قواعد الأحكام قراءة لبعضه وسماعا لبعض متفهما لحقائقه متنبها
لدقائقه فأجزت له وفقه الله أن يرويه عني لمن شاء وأحب من
إخواننا المؤمنين. وكتب المؤلف محمد بن الحسن الأصفهاني
المعروف بالبهاء حشره الله في أصحاب العباء في جمادي الأولى
سنة ألف ومائة وتسع وعشرين... بأصبهان ملأها الله من... الأمن
والإيمان) (2).
3 - السيد ناصر الدين أحمد بن محمد السبزواري.
ذكر ذلك صاحب روضات الجنات، حيث قال:
(ورأيت أيضا بخطه [الفاضل الهندي] المبارك إجازة أخرى
أبسط من هذه الإجازة [إجازة للحلي] لتلميذه الفاضل المحقق

(1) لمعة النور والضياء، آية الله المرعشي، ص 142، إعداد فخر الدين النصيري.
(2) نسخة كشف اللثام الموجودة برقم 3767 في مكتبة السيد المرعشي النجفي 1.
18

المدقق البالغ إلى ملكة الاجتهاد بنصه على ذلك في تلك الإجازة
السيد ناصر الدين أحمد بن السيد محمد بن السيد روح الأمين
المختاري السبزواري وذكر فيها أنه يروي الأخبار بعدة طرق
صحيحة معروفة لديه) (1).
والإجازة هذه موجودة ومثبتة في ظهر نسخة المناهج السوية وهو أحد
مصنفات الفاضل الهندي والنسخة موجودة عند العلامة الحاج السيد محمد علي
الروضاتي - دامت بركاته - وتلطف علينا باستنساخ متن استجازة السيد ناصر
الدين وإجازة الفاضل الهندي إياه وارسالها إلينا. ومع شكرنا وامتناننا للسيد
الروضاتي نورد الاستجازة والإجازة معا لاحتوائها على نكات أخلاقية وعلمية
قيمة، وإليك نصهما:
استجازة السيد ناصر الدين:
(أما بعد، أحمد الله على نعمائه والصلاة على سيد أنبيائه
وعترته وأوصيائه فالمعروض ببابكم والمسؤول من جنابكم أن
تمنوا على عبدكم الذي صرف برهة من عمره نحو الاصغاء إلى
إفاداتكم الشريفة في التفسير والحديث سيما من التفسير ما يتعلق
بآيات الأحكام وفي سماع (كشف اللثام) شرحكم الشريف على
قواعد علامة علماء الاسلام رفع الله له المقام بالإجازة في الرواية
عنكم ما سمعه وتلقاه وتعلمه ووعاه.
ثم إنكم قد رأيتم ما سنح بخاطري الفاتر وعرضت عليكم بعض
ما فهمته بفهمي القاصر فرأيتكم مقبلين علي بالقبول بل كثيرا ما
أحسنتم وأثنيتم علي ثناء فوق ما هو المظنون والمأمول فإن لم يكن
ذلك لعدم وجدان عبدكم أهلا للهداية والرشاد غير مستعد لتفهيم ما

(1) روضات الجنات: ج 7 ص 113.
19

يدل على الفساد فأتموا علي الاكرام، والاكرام مرجو من الكرام
وصرحوا بأن ما ترجح في نظري بالدلائل الشرعية هل يجوز لي أو
متعين علي العمل به وما كنت في ذلك من أولي الآثام أو علي الترك
والسماع ممن هو أهل لافتاء الأحكام وعلى تقدير جواز عملي بما
علمته بعد بذل المجهود في التحقيق والتنقيد هل لي الإفتاء بذلك
لمن يسترشده ويستغني ويستفيد أم لا؟ لأن نقود الأفكار لا رواج
لها إلا بعد الاختبار والعرض على ما هو المعيار، والتسكك بسكة
مثلك منصوب علما للحافظين من عند حجة الله الذي رفعه أعلى
مرتبة الامكان، وأعطاه الملك والحكمة والإمامة والسلطان جعلني
الله فداه، وسلكني في زمرة أخلص أوداه، وذلك فضل الله يؤتيه من
يشاء، والله ذو الفضل العظيم. وإن لم تجدوني أهلا لذلك وأظن
نفسي الخاسرة القاصرة كذلك فعلى ذمتكم التأديب والاستكمال
وعلاج مرض عبدكم السقيم، فإن الطبيب طبيب الأرواح وهم
العلماء لا الأشباح، إذ ربما تصدى له الناقصون من الأطباء وما
توفيقي إلا بالله، وعليه توكلت وبه الاعتصام في الهداية والرشاد،
وإلى ما ينفعني في المبدأ والمعاد، وكتب بيمناه الجانية فقير عفو ربه
الغنى ابن محمد بن روح الأمير ناصر الدين أحمد المختاري
الحسني حشره الله في زمرة المعتصمين بأذيال عترة النبي من سنة
ألف ومائة وثلاثين من هجرة سيد الكونين صلى الله عليه وآله
المصطفين.)
أما إجازة الفاضل لهذا التلميذ الصادق والمخلص فهي:
(أما بعد، الحمد لله والصلاة على محمد وآله، فقد استجازني
السيد السند الكامل صاحب الذهن الوقاد والطبع المستقيم النقاد
والفضل والرشاد البالغ إلى ملكة الاجتهاد المدقق الفهامة، بل
20

المحقق العلامة، ناصر الدين أحمد بن المرحوم السيد محمد ابن
المبرور السيد روح الأمين، أسكنهم الله في عليين، من سادات بني
المختار الساكنين بسبزوار المقيمين اليوم بأصبهان بعد سكناهم
بنائين برهة من الزمان، بعدما قرأ علي قدرا كافيا من (كشف اللثام)
شرحي على (قواعد الأحكام) قرأت عليه شرطا وافيا من الأخبار
وسمعها مني قراءة تحقيق وسماع تدقيق، فوجدته أهلا لذلك، بل
فوق ذلك، فإنه وإن لم يكن ولدي في عالم الأشباح، لكنه أرشد
أولادي بل أكثرهم قدرا ومنزلة في عالم الأرواح، فأجزت له أن
يروي عني ما قرأت عليه أو قرأه علي أو سمعه مني أو وجده بخطي
المعروف لديه كما سمعه ووجده. وكذا جميع كتب الأخبار التي
تواترت نسبتها إلى جامعيها، وأجزت له في إفتاء ما ترجح في نظره،
لأني وجدته شفاها أهلا لذلك، كاملا في العلوم التي توقف الإفتاء
عليها، عادلا في دينه ومروته بتعديل العدول لدي ثم أيقنت بذلك
بعد معاشرتي الباطنية معه في الخلوات واطلاعي على بعض مما
وفقه الله له من المصنفات، ثم إني أروي الأخبار بعدة طرق صحيحة
معروفة لديه، وأكثر رواياتي من والدي العلامة تاج أرباب العمامة،
وهو كان يروي عن الحبر المدقق مولانا حسن علي عن والده الورع
المحقق مولانا عبد الله التستري، وطرائقه إلى المعصوم معروفة،
والمسؤول منه الدعاء لي في مظان إجابته ولوالدي ولمشايخي
وأسلافي رضي الله عنهم. وكتب بيمناه الجانية محمد بن الحسن
الأصفهاني المدعو ببهاء الدين نجاه الله من آفات الأوان وكبت
الأمون في شهر رجب المرجب لسنة مضت من الألف مائة
وثلاثون) (لك البهاء كله).
وكتب الفاضل المجيز في هامش هذا الموضع ما لفظه:
21

(والدي تاج الدين حسن الأصفهاني والاشتهار بالفاضل
الهندي ولست راضيا به لمجيئنا منها بعد ذهابنا وجوبا إليها وذلك
قبل أوان حلمي بكثير وكتب محمد بن الحسن الأصفهاني المدعو
ببهاء الدين).
4 - الميرزا بهاء الدين محمد مختاري.
وهو من أبناء عم السيد ناصر الدين المذكور، تلميذ آخر من تلامذة الفاضل
الهندي، قال الآقا بزرك أنه شاهد نسخة من رسالة في حجية اليد وحكمها عند
المعارضة مع غيرها وعدم المعارضة كتبت في النصف من ربيع الأول سنة 1117
ه‍. وفيها عبر عن العلامة المجلسي بعبارة (شيخنا) وصرح فيها بكونه من تلاميذ
الفاضل الهندي (1).
وهناك نسخة من مرآة العقول في مكتبة العلامة السيد محمد بن السيد محمد
كاظم عليها إجازة من العلامة المجلسي، وإجازة أيضا من الفاضل الهندي للميرزا
بهاء الدين المختاري (2).
5 - الميرزا عبد الله أفندي.
فإنه بعد أن أتم دراسة المقدمات في مسقط رأسه تبريز هاجر إلى أصفهان
وتتلمذ على يد العلامة حسين الخوانساري والعلامة جمال والفاضل الهندي
والعلامة المجلسي (3). ولكن الناقل لهذا الكلام لم يبين ما هو الدليل على تلمذ
الأفندي عليه. علما أن اختلاف السن بين الأفندي والمترجم له في حدود أربع
سنوات فقط.
6 - الشيخ محمد بن الحاج علي بن الأمير محمود الجزائري التستري.

(1) الكواكب المنتشرة: ص 109.
(2) نفس المصدر: ص 109.
(3) الإجازة الكبيرة: ص 147 (في الهامش) - زهرة الرياض في ترجمة صاحب الرياض
المطبوع في مقدمة كتاب رياض العلماء، ج 1 ص 16.
22

صرح بتلمذه على يد الفاضل الهندي السيد عبد الله الجزائري، فبعد أن وصفه
بكونه صاحب التأليفات الكثيرة، قال ما نصه:
(سافر أخيرا إلى أصفهان وانقطع بالفاضل الهندي) (1).
7 - ملا عبد الكريم بن محمد هادي الطبسي.
عد أيضا من تلامذة الفاضل الهندي، وهناك إجازة من الفاضل له مثبته على
آخر نسخة من كتاب من لا يحضره الفقيه، وإليك نص الإجازة:
(أجزت للأخ الفاضل الذكي الزكي الألمعي المولى عبد الكريم
الطبسي أن يروي عني كتبي ويروي كتب أصحابنا - رضوان الله
عليهم أجمعين - بعد إتقانها عني عن والدي العلامة تاج أرباب
العمامة حسن بن محمد الأصفهاني عن شيخه المولى حسن بن عبد
الله التستري عن أبيه عن الشيخ نعمة الله بن خاتون العاملي عن
الشيخ علي بن عبد العالي العاملي عن مشايخه العظام وكتب محمد
بن الحسن المعروف بالبهاء كان الله لهما ولا كان عليهما) (2).
8 - الشيخ علي أكبر بن محمد صالح الحسني اللاريجاني.
عد أيضا من تلامذة الفاضل، وهناك نسخة من كشف اللثام بخطه الشريف مع
إجازة الفاضل إياه. ذكر ذلك الآقا بزرك حيث قال في الذريعة ما نصه: (ونسخة
[أي من كشف اللثام] عند النصيري الأميني بطهران بخط علي أكبر بن محمد
صالح الحسني اللاريجاني أحد تلامذته، وصرح الكاتب أنه قرأ أوائل النسخة
على الشارح، وعليه بلاغا وسماعا من الشارح. ونسخة أخرى أيضا عند
النصيري عليها إجازة الشارح لكاتب النسخة المولى علي. وطبعت فتوغرافيا هذه
الإجازة في ص 142 من كتاب (لمعة النور والضياء) في 1343 ش بطهران) (3).

(1) الإجازة الكبيرة: ص 177.
(2) نسخة مخطوطة رقم 6806 من كتاب من لا يحضره الفقيه محفوظة في مكتبة آية الله
المرعشي النجفي.
(3) الذريعة: ج 18 ص 57.
23

9 - الشيخ محمد صالح الكزازي القمي.
وهو أيضا من تلامذة الفاضل، وكان قد سافر إلى أصفهان سنة 1126 وحضر
في حلقة درس الفاضل. وقام بترتيب رسالة صغيرة جمع فيها فتاوي الفاضل
سماها ب‍ (تحفة الصالح) (1) وقد أشار إليها السيد العاملي في أعيان الشيعة حيث
قال:
(له [للفاضل الهندي] تحفة الصالح أجوبة مسائل سأله عنها
تلميذه المولى محمد صالح بن عبد الله الكزازي القمي وجمعها سنة
1126 وأهداها إلى الشاه حسين الصفوي) (2).
ولكننا لم نعثر عليها.
10 - السيد صدر الدين محمد الحسيني.
عد من تلامذته وله شرح على عدة الأصول، كتب على نسخته تقريض من
الفاضل الهندي. والنسخة موجودة في مكتبة آية الله المرعشي النجفي الخطية
تحت رقم 2795. وأما متن التقريض الذي كتب بقلم الفاضل، قلم الأدب
والبلاغة، فلأنه لا يخلو من فائدة ننقله بعينه:
(أيها العالم النبيل الفاضل المنيل العزيز المثيل السيد السند
الأيد المؤيد فاقد النظير ذا الفضل الغزير أخا الذهن الوقاد والطبع
النقاد حاوي الفروع والأصول في إهابه جامع المعقول والمنقول طي
كتابه، كثر الله في العلماء أمثالك وأدام توفيقك واقبالك، نعم العدة ما
أعددته لنفسك رأس الرؤوس، ونعم الجدة ما جدت به على عفاة
النفوس، فلقد حمدت فيما عمدت، وأجدت فيما أفدت، وأفدت
الأفئدة فيما قيدت، وأشدت ذكرك بما شيدت، وأجملت فيما فصلت،
وأجملت وأعددت الثناء لنفسك فيما عملت، وأعملت وحققت

(1) تراجم الرجال: ج 2، ص 726.
(2) أعيان الشيعة: ج 9 ص 138.
24

ودققت فيما عندك شوفت، وشوقت وشرحت صدور الصدور فيما
شرحت وأحسنت لعمري فيما سرحت وسرحت. فجد واجتهد في
الاتمام واستوفق الله ونستوفقه لك والسلام. وكتب الهباء المعروف
بالبهاء محمد بن الحسن الأصفهاني حقق الله لهما ما قدراه من
الأماني) (1).
11 - الشيخ محمد تقي الأصفهاني المعروف ب‍ (ملا تقيا) ذكر ذلك
صاحب الذريعة في عداد ذكر إجازات الفاضل الهندي، حيث قال:
(إجازته للمولى محمد تقي المدعو بمولى تقيا الأصفهاني....
رأيتها بخط المجيز في خزانة كتب شيخنا شيخ الشريعة تاريخها
1118 ه‍) (2).
منزلته العلمية
إنما تعرف منزلة الفاضل الهندي العلمية وأوجها بعد النظر فيما خلفه ورأه
من آثار علمية نفيسة. ويكفيه عظمة وفخرا إنه شرع في التأليف والتحقيق قبل
أوان البلوغ كما صرح بذلك في مقدمة كشف اللثام، ومنذ ذلك الوقت اشتهر أنه
حاز على درجة الاجتهاد قبل بلوغه.
وقد استشهد السيد حسن الصدر في أثناء كلامه حول حصول المرحوم السيد
صدر الدين العاملي على درجة الاجتهاد قبل سن البلوغ باجتهاد العلامة والفاضل
الهندي كذلك فقال ما نصه:
(وحدثني والدي قدس سره أنه استجاز السيد صاحب الرياض في
السنة العاشرة بعد المائتين والألف فأجازه وصرح فيما كتبه من

(1) شرح عدة الأصول، نسخة رقم 2795 الصفحة الأولى المحفوظة في مكتبة السيد
المرعشي قدس سره. مع جزيل شكرنا للأستاذ السيد أحمد الحسيني الإشكوري.
(2) الذريعة: ج 1 ص 232 رقم 1221. والكواكب المنتشرة: ص 116.
25

الإجازة أنه مجتهد في الأحكام من قبل أربع سنوات فيكون
حصوله ملكة الاجتهاد له سن ثلاث عشرة من عمره، وهذا نظير ما
يحكى عن العلامة الحلي والفاضل الهندي) (1).
ونفس هذا الكلام أيضا قاله المرحوم صاحب روضات الجنات في مورد
آخر (2).
وقد نقل التنكابني أنه سمع شفاها إنه بلغ الاجتهاد وهو في الثامنة عشرة من
عمره، لكنه يعتقد إن هذا خلاف ما كتبه الفاضل نفسه في مقدمة كشف اللثام حيث
صرح بفراغه عن المعقول والمنقول وهو ابن الثالثة عشرة (3).
والعبارة - التي كتبها الفاضل في رفع التساؤل المطروح حول كيفية طلب فخر
المحققين وهو في السن الحادية عشرة من أبيه العلامة تأليف قواعد الأحكام -
هي كما يلي:
(وقد فرغت من تحصيل العلوم معقولها ومنقولها ولم أكمل
ثلاث عشرة سنة، وشرعت في التصنيف ولم أكمل إحدى عشرة،
وصنفت (منية الحريص على فهم شرح التلخيص) ولم أكمل تسع
عشرة سنة، وقد كنت عملت قبله من كتبي ما ينيف على عشرة من
متون وشروح وحواش كالتلخيص في البلاغة وتوابعها و (الزبدة في
أصول الدين). و (الحور البريعة في أصول الشريعة) وشروحها
و (الكاشف) و (حواشي على عقائد النسفية) وكنت ألقي من
الدروس وأنا ابن عشر سنين شرحي التلخيص للتفتازاني مختصره
ومطوله) (4).
وقد وفق الفاضل الهندي لتلخيص كتاب الشفاء - لأبي علي سينا - وهو في

(1) تكملة أمل الآمل: ص 236.
(2) روضات الجنات: ج 4 ص 222.
(3) قصص العلماء: ص 312.
(4) مقدمة الفاضل الهندي على كشف اللثام.
26

السادسة عشرة من عمره. وإن تعرضت هذه النسخة للتلف والاحراق ثم أعاد
الكرة لتلخيصه في السنة الثانية والعشرين من عمره. لكن هذا يكفي في بيان
منزلته العلمية ونبوغه المبكر.
ومن المقطوع به إن الفاضل الهندي كان من العلماء المبرزين في مدينة
أصفهان وإلى جانبه كان هناك علماء يشار إليهم بالبنان مثل الآقا جمال
الخوانساري والمير محمد باقر الخاتون آبادي واللذين توفيا قبله. وإن كان قد
عهد بالمنصبين الرسميين (ملا باشي) و (شيخ الاسلامي) إليهما. فإن الفاضل
الهندي باعتباره المجتهد المعروف كان واحدا من أكبر المتصدين لمقام الإفتاء في
أصفهان.
وقد نعته الملا عبد الكريم بن الملا محمد طاهر القمي بهذه العبارة:
(أمجد فضلا العصر، وأعظم علماء الدهر، أورع المجتهدين،
وأمتن أهل اليقين، مولانا بهاء الشرع والدين...) (1).
وقد ذكره السيد عبد الله الجزائري بعنوان (المفتي بأصبهان) (2) وهذا العنوان
مناسب لما ذكره هو عن نفسه في توجيه توقفه في شرح القواعد - أي كشف اللثام -
في أواخر كتاب الصلاة، حيث قال (لانثيال الناس علي للاستفتاء من جميع
ممالك الاسلام) فلم يتمكن نتيجة ذلك من اتمام شرح القواعد.
وكتب حزين في ضمن شرحه لحال قسم من علماء أصفهان، فقال:
(والآخر عمدة المجتهدين مولانا بهاء الدين محمد الأصفهاني
وقد اشتغل مدة طويلة في تدريس العلوم الدينية وكان مرجع أهل
زمانه في الشرعيات والأخلاقي الممتدح وكان يرعاني بعطفه
وحنانه المتزايد ولأنه سافر في صغر سنه مع والده إلى الهند اشتهر

(1) نسخة محفوظة في مكتبة آية الله الگلپايگاني تحت رقم 18 / 150 في أول المجموعة
كتاب (اذهاب الرجس).
(2) الإجازة الكبيرة: ص 42.
27

بالفاضل الهندي) (1).
تحولت مرجعية الفاضل الهندي العلمية بعد وفاة المرحوم العلامة المجلسي
في سنة 1110 (2) والآقا جمال في سنة 1121 أو 1125 إلى مرجعية شاملة، قبل
ذلك كانت هناك شخصيات مضافا إلى منزلتهم العلمية المرموقة كانت لهم منزلة
سياسية واجتماعية رفيعة وهم العلامة المجلسي والآقا جمال الخوانساري
ومحمد باقر الحسيني الخاتون آبادي والشيخ جعفر القاضي (م 1115) والآقا
رضا بن الآقا حسين الخوانساري والشيخ علي حفيد الشهيد الثاني. وأسماء
هؤلاء ورد ذكرها في حكم عام صدر من الشاه سلطان حسين الصفوي في بداية
سلطنته سنة 1106 ه‍.، وهذا الحكم نحتفظ به عندنا كمستند لذلك (3).
محمد باقر الخاتون آبادي الذي تصدر مقام (ملا باشي) في الدولة الصفوية
حتى سنة 1127 كان حيا معاصرا للفاضل، ولكن الأخير كان أطول باعا وأقوى
من الأول في الفقه والاجتهاد. ورغم هذا فإن الفاضل نتيجة تبحره وتعمقه في
الاجتهاد أتهم من قبل الأخباريين، وسبب له بعض المشاكل. ويتضح هذا الخلاف
ويشتد أكثر في مسألة حكم صلاة الجمعة. وتعرضنا لاختلاف آراء العلماء في
العهد الصفوي حول ذلك في محل آخر (4).
فكان أكثر العلماء الأخباريين باستثناء عدة قليلة منهم يذهبون إلى وجوب
صلاة الجمعة بالوجوب العيني. في مقابل أغلب المجتهدين من الأصوليين
القائلين بوجوبها التخييري مع وجود المجتهد الجامع للشرائط. وبعض منهم
كالفاضل الهندي كان يقول بحرمة إقامة صلاة الجمعة في زمن الغيبة اعتقادا منهم
أن لفظ الإمام الوارد في لسان الروايات الواردة في صلاة الجمعة مفسر بالإمام
المعصوم عليه السلام.

(1) تاريخ حزين: ص 64.
(2) دستور شهرياران: ص 273 (فارسي).
(3) دستور شهرياران: ص 48 - 50.
(4) نماز جمعه، زمينه هاي تاريخي وآثار كتابشناسي، تهران، 1373.
28

ولذا كان الفاضل من هذه الجهة غرضا لسهام المنتقدين فقد حمل عليه بشدة
محب على الأصفهاني في (پنج صيقل) وكذا السماهيجي - وهو من علماء ذلك
الزمان أيضا - تهجم على الفاضل الهندي في عدة رسائل كتبها في صلاة الجمعة،
واحدة منها سماها (القامعة للبدعة) ذكر فيها أدلة كثيرة على وجوب صلاة
الجمعة. ثم بعد ذلك تعرض لاشكال مقدر طرحه على نفسه وفيه إشارة صريحة
إلى الفاضل الهندي وهو كيف أن الفاضل أفتى بحرمتها بعد هذه الأدلة، وعبارته
نفسها شاهد قوي على منزلة الفاضل الهندي الفقهية، وإليك نصها:
(ويوجد في زماننا هذا أيضا من يقول بالتحريم كما ينقل عن
العلامة الفهامة الأمين الشيخ بهاء الدين المعروف بالفاضل الهندي
- سلمه الله تعالى - مع صلاحيته وديانته وعفته وصيانته ورجوع
أهل هذا العصر إليه واعتمادهم عليه لا سيما دار السلطنة أصفهان
صينت عن حوادث الزمان مع كثرة الفقهاء والفضلاء فيها زيادة
على سائر بلاد أهل الايمان وقد أقر الكل باجتهاده وأذعنوا بعدالته
وسداده وليس في هذا العصر مجتهد غيره مسلم الثبوت جامع
الشروط) (1).
ثم يجيب السماهيجي عن هذا الاشكال بقوله:
(أما كون الفاضل المذكور يقول بالتحريم فممنوع، والذي بلغنا
عنه ما ثبت عندنا بنقل الثقات واطلاعنا على فتواه بخطه، أنه يفتي
أن الأحوط ترك الجمعة، وإن صليت فيكون يصلي الظهر وهو يدل
على أنه متردد في المسألة، غير جازم بها، ولا حاكم بمذهبها).
ثم يضيف قائلا:

(1) القامعة للبدعة. وهي نسخة محفوظة مكنونة في مكتبة السيد المرعشي تحت رقم 4902،
الورقة رقم 26.
29

(وأما كونه فقيها صالحا عدلا فنحن لا ننازع في ذلك، ولا
نقتحم هذه المعارك، بل المعروف والمسموع عنه كذلك... أما
بالنسبة إلى فضله وعلمه فهو مشهور بذلك، لكنا لم نمارسه ولم
نطلع على تصنيفه... لكن وقفنا على كثير من فتاويه فرأينا فيها
سالكا مسالك الاحتياط والتردد، وليس بهذا فرض المجتهد إذا قام
الدليل ووضع السبيل، بل فرضه العمل بالدليل وعدم الالتفات إلى
الأقاويل. وبالجملة فنحن لا ننازع في بلوغه مرتبة الاجتهاد، ولكن
ننازع في حق القول به... ونحن لا ننكر ديانته وصيانته وأمانته،
لكن ننازع في عدم سلامته من الخطأ، لأنه لا ينجو منه غير المعصوم
من الذنوب، المبرأ من العيوب).
ثم بعد ذلك يشير إلى أن هناك من المجتهدين الجامعين للشرائط يذهبون إلى
جوازها فيقول:
(وأما في هذا العصر فلا شك أن المشتهر في أصفهان يجب أن
يشتهر في سائر البلدان دون العكس، وليس من لم يشتهر دليلا على
عدم فضله) (1).
ولا نشك أن اعتقاد الفاضل الهندي بحرمة إقامة الجمعة في زمن الغيبة حرمه
من بعض المناصب الاجتماعية والسياسية كمنزلة (شيخ الاسلام) و (ملا باشي).
وقد اتفق أن الشيخ محب علي الأصفهاني عندما تكلم حول رأي الفاضل
الهندي بحرمة صلاة الجمعة، وحمل رد الملا عبد الكريم بن محمد طاهر القمي
- والشيخ محمد طاهر كان إمام جمعة مدينة قم في ذلك الزمان - عليه وكتب: إنه
نزه نفسه عن أغراض الرياسة، وعمل بما توصل إليه فهمه.
وكذلك ذكره علي قلي جديد الاسلام ناعتا إياه بقوله:

(1) القامعة للبدعة: الورقة رقم 28.
30

(عالي الجناب، معلى الانتساب، الناطق بالحق والقائل
بالصواب، مكمل فضائل المتقدمين، محصل علوم الأولين
والآخرين، أفضل العلماء المتبحرين، مولانا بهاء الدين محمد
المشهور بالفاضل الهندي) (1).
وذكر الخاتون آبادي في حديث له عند ذكر أول مجلس درسي عقد في
مدرسة چهارباغ أصفهان (2) في سنة 1122 - وكان الشاه قد عين المير محمد باقر
الخاتون آبادي مدرسا فيها - أشار إلى جمع من الفضلاء المشهورين بالعلم في
مدينة أصفهان فقال: (إن المير محمد باقر حين شروعه بالتدريس - رعاية لأوامر
الشاه - كلف مجتهد الزمان وعلامة العلماء الآقا جمال (الخوانساري) أن يشرع
هو أولا في درسه، ويتبعه هو في الشروع. وكان قد درس في أحسن بيان وأكمل
تنقيح، ومن جملة حضار ذلك المجلس المرموق الآقا جمال، والأمير محمد
صالح شيخ الاسلام، والعلامة بهاء الدين المشهور بالفاضل الهندي، والشيخ
محمد جعفر والشيخ محمد هادي من أولاد الشيخ محمد باقر الخراساني (صاحب
كفاية الأحكام) والشيخ محمد رضا بن الشيخ محمد باقر شيخ الاسلام، والشيخ
محمد حسين بن ملا شاه محمد تبريزي، والشيخ زين الدين حفيد زين الدين
شارح اللمعة) (3).
الفاضل الهندي الحلقة الفريدة
في سلسلة الاجتهاد الشيعي في القرن الثاني عشر
ينبغي عد الفاضل الهندي في عداد المجتهدين من الدرجة الأولى آنذاك،
حيث كانت أصفهان تحت هيمنة الفكر الأخباري. وكان الممثل المعتدل لهذا الخط

(1) ترجمة الأناجيل الأربعة: المقدمة ص 34.
(2) مدرسة شاه سلطان حسين المعروفة الآن ب‍ (مدرسة الإمام الصادق عليه السلام).
(3) وقايع الأعوام والسنين: ص 560.
31

العلامة المجلسي الذي كانت الصفة الغالبة على آثاره العلمية حتى الفقهية
والكلامية منها هو ترجمة وشرح الأخبار والروايات. وإلى جانب هذه الحركة برز
ثلة من المجتهدين اعتمدوا في كتبهم وآثارهم العلمية طريقة الاستدلال العقلي
والاستفادة من علم الأصول. وممثل هذا الخط كان الآقا جمال الخوانساري
والفاضل الهندي رضوان الله عليهما.
والفرق بين هذين العلمين هو أن الفاضل كتب متنا فقهيا مفصلا تحت عنوان
شرح لقواعد الأحكام للعلامة. مضافا إلى كتابته قبل ذلك شرحا على اللمعة تحت
عنوان (المناهج السوية). أما الآقا جمال فلم يترك أثرا فقهيا موسعا سوى حاشية
على اللمعة وآثار فقهية مختصرة. وبعد هذين العلمين وفي مدة مديدة - أعني تمام
القرن الثاني عشر - لم يكتب متن فقهي مفصل، وكان الحاكم على الحوزات
العلمية في هذا الفاصل الزمني هو المسلك الأخباري.
وعلى هذا يكون كتاب كشف اللثام ومؤلفه الفاضل الهندي قد احتلا موقعا
مهما في تخريج طلبة الفقه الاجتهادي. وحينما انبرى صاحب الجواهر وصاحب
رياض المسائل لكتابة موسوعتيهما الفقهية (جواهر الكلام، ورياض المسائل)
اعتبرا كشف اللثام آخر أثر فقهي موسوعي، مكتوب بطريقة علمية عالية. واستفادا
منه في تدوين دورتيهما فوائد جمة.
ينقل المرحوم الحاج الشيخ عباس القمي نقلا عن المحدث النوري أنه نقل
عن أستاذه الشيخ عبد الحسين، أن صاحب الجواهر كان له اعتماد عجيب على
الفاضل الهندي وكشف اللثام، وكان لا يكتب شيئا من الجواهر إلا بعد أن يكون
كشف اللثام حاضرا بين يديه. ثم نقل بعد ذلك عن صاحب الجواهر أنه قال:
(لو لم يكن الفاضل في إيران ما ظننت إن الفقه صار إليه) (1).
وملاحظة الجواهر تدلنا على أن استفادته من كشف اللثام واعتماده عليه كان

(1) فوائد رضوية: ص 478 (فارسي).
32

بشكل واسع جدا. على سبيل المثال في الجز الأول 80 موردا وفي الجز الثامن
138 مرة يذكر فيها كشف اللثام، وفي الجز التاسع 80 مرة، وفي الجز العاشر 85
موردا، وفي الجز الحادي عشر 150 موردا، وفي الجلد الثالث والأربعين 280
موردا، وفي الجز الحادي والأربعين 200 مورد.
سعة الاستفادة من كشف اللثام لم تكن منحصرة في الجواهر والرياض
فحسب، بل هناك استفادة واسعة نلاحظها في مكاسب الشيخ الأنصاري قدس سره أيضا.
الفاضل في كتابه هذا ورد بقوة فنية عالية، مستفيدا من ذهنه الوقاد وفكره
النقاد، وبذل مساع كثيرة وجهودا متواصلة من أجل رفع مستوى الاستدلال
الفقهي.
وعلى هذا لا بد أن يعد الفاضل الهندي حلقة مهمة في تاريخ تكامل الاجتهاد
الشيعي. هذه الحلقات التي تبدأ في المقطع الصفوي وفي الحوزات الإيرانية من
المحقق الكركي المتوفى 940 ه‍، فقد أسس مسلكا فقهيا خاصا، وواصل الطريق
نفسه، من تبعه من العلماء وهم الشيخ حسين بن عبد الصمد المتوفى 984 والد
الشيخ البهائي، والشيخ البهائي المتوفى 1030، والسيد ميرداماد المتوفى 1040،
والشيخ حسين بن رفيع الدين المعروف ب‍ (سلطان العلماء) المتوفى 1064،
والآقا حسين الخوانساري المتوفى 1098 والآقا جمال الخوانساري المتوفى
1121 أو 1125، وفي انتهاء هذه السلسلة الذهبية الفاضل الهندي (1).
ثم استمر هذا المسلك بعد ظهور صاحب الجواهر وصاحب رياض المسائل
وإن كان للوحيد البهبهاني في هذه الفاصلة الزمنية دور مهم وأساسي في إحياء
الفكر الاجتهادي.
ثم جاءت - وامتدادا للحركة الفقهية على مسلك المحقق الكركي 1 - الحركة
الفقهية على مسلك المقدس الأردبيلي قدس سره المتمثلة بكوكبة مخلصة من الأعلام

(1) مقدمه أي بر فقه شيعه: ص 56.
33

مثل السيد محمد بن علي الموسوي العاملي المتوفى 1009 ه‍. صاحب مدارك
الأحكام، والشيخ حسن بن زين الدين العاملي المتوفى 1011، صاحب منتقى
الجمان والعلامة عبد الله بن الحسن الشوشتري المتوفى 1021، والمحقق
السبزواري المتوفى 1090 صاحب كفاية الأحكام. وكذا الفيض الكاشاني فإنه
ينبغي عده أيضا في امتداد هذا المسلك (1).
مكتبة الفاضل الهندي
يقول التنكابني: كان الفاضل يعيش في غاية الفقر، وكان يتعيش مما يتقاضاه
على الكتابة واستنساخ الكتب، مضافا إلى ما يحصل عليه من أجرة التحكيم،
فكان إذا ترافع إليه اثنان لحل خصومة يشترط على المتخاصمين قبل البت في
القضية باعطائه الأجرة على ذلك قائلا لهم: إني صاحب عيال، ولا بد لي من وارد
ارتزق منه، فإذا شئتما حل الخصومة لدي فعليكما بإعطائي الأجرة أولا (2).
فسواء لما ذكره التنكابني من دليل، أو لأجل التمايل الذاتي عند الفاضل نحو
الكتاب والكتابة، فإن الفاضل يعد واحدا من عشاق الكتاب في تلك الفترة
الزمنية. فيوجد في ضمن الآثار العلمية المتبقية من زمانه العديد من الكتب التي
نسخت وحررت إما بأمره الشريف أو كانت داخلة في ملكيته بنحو من الأنحاء.
من جملة تلك الكتب نسخة من كتاب (التحصيل) بهمنيار محفوظة في مكتبة
المجلس في طهران حررت بأمر الفاضل الهندي، وهناك قطعة مكتوبة بيده مسجلة
عليها (3).
وهناك نسخة من شرح التفتازاني على شرح العضدي كانت ضمن ممتلكات
الفاضل الهندي وهي الآن محفوظة في مدرسة الشهيد المطهري (4).

(1) نفس المصدر: ص 57.
(2) قصص العلماء: ص 312 (فارسي).
(3) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مجلس: ج 2 ص 56 و ج 5 ص 62.
(4) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مدرسه شهيد مطهري: ج 1 ص 581.
34

وهناك أيضا مجموعة رسائل لابن فهد الحلي محفوظة في مكتبة المجلس في
طهران عليها كتابة بخط الفاضل الهندي وختم (لك البهاء كله 1088). وكتابة
قصيرة بخط الفاضل كتب فيها (شرح تأليفات ابن فهد الحلي) (1).
ونقل صاحب رياض العلماء أيضا إنه شاهد نسخة من رسالة منتجب الدين
في مسألة أداء الفريضة لمن عليه قضاء الصلاة عند الفاضل الهندي (2)
ونقل صاحب روضات الجنات أنه يمتلك نسخة من كتاب الإبانة عن سرقات
المتنبي كان الفاضل الهندي قد طالعها وزينها بحواش بخطه الشريف (3).
ونقل صاحب رياض العلماء في موضع من كتابه أنه شاهد نسخة من كتاب
شواهد التنزيل للحسكاني عند الفاضل الهندي (4).
قال عبد الله أفندي في ذيل شرحه لحياة شمس الدين حسين بن محمد
الشيرازي: إنه شاهد قسما من كتبه محفوظة عند الفاضل الهندي في أصفهان (5).
وكتب عن إلهي أردبيلي أيضا أنه ترك حاشية له على قواعد العلامة، والآن هي
موجودة في أصفهان عند الفاضل الهندي (6). ونفس الكلام له عن الشيخ حسين
والد الشيخ البهائي حيث قال: إن له شرحا على ألفية الشهيد في الفقه، وهو شرح
مفصل على طريقة المزج مع المتن، وتوجد منه نسخة عند الفاضل الهندي في
أصفهان (7).
وقال أيضا: إنه شاهد نسخة من مناسك الحج للشهيد الثاني ضمن مجموعة
رسائل عند الفاضل الهندي (8). ونقل أيضا أن هناك كتابة بخط الفاضل الهندي مثبتة
على ظهر كتاب شرح الإرشاد للمقدس الأردبيلي نقل فيها أن الشهيد كانت له

(1) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مجلس: ج 9 ص 123.
(2) رياض العلماء: ج 4 ص 147.
(3) روضات الجنات: ج 4 ص 229.
(4) رياض العلماء: ج 4 ص 297.
(5) نفس المصدر: ج 2 ص 83.
(6) نفس المصدر: ج 2 ص 103.
(7) نفس المصدر: ج 2 ص 115.
(8) نفس المصدر: ج 2 ص 376.
35

رسالة بعنوان رسالة في من سافر إلى ما دون المسافة من مكان نوى فيه إقامة
عشرة أيام. وللأردبيلي حواش على ذلك (1).
وكتب صاحب الرياض أيضا ما نصه: (إن لولد الشيخ على الكركي حواش
على الإرشاد، وقد رأيت هذه الحاشية عند المولى الفاضل الهندي) (2).
كما شاهد نسخة من جواهر الفقه لابن البراج (3). ونسخة من شواهد التنزيل
للحسكاني (4) ورسالة في الإمامة لعلي بن منصور الحسيني الشيرازي (5) عند
الفاضل الهندي أيضا.
وهناك رسالة كتبها أحد الفضلاء المعاصرين للعلامة المجلسي أنه كان ينبغي
للعلامة الاستفادة من مجموعة كتب - وذكرها له - في تدوين بحار الأنوار (6). وفي
هذه الرسالة ذكر مجموعة كتب موجودة عند الفاضل الهندي، وهذا يكشف أن
مكتبة الفاضل الهندي كانت من المكتبات الغنية جدا بالكتب المهمة، وإليك قسم
من فقرات هذه الرسالة:
(ولا يعزب عن علمكم أن للمفيد فوائد أخر يوجد عند البهاء، فأما كتابا
الجمل والانتصار... فهما عند المولى بهاء الدين.
وكتاب المزار للشهيد... وحاشيته على القواعد... ورسالته في جواز السفر...
بهائية.
واللوامع والمقداديات له عند بهاء موجودتان.
وكتاب الغنية في العلوم... تمامه عند البهاء.

(1) نفس المصدر: ج 2 ص 384.
(2) رياض العلماء: ج 3 ص 132.
(3) رياض العلماء: ج 3 ص 143.
(4) رياض العلماء:: ج 3 ص 257 و 297.
(5) رياض العلماء: ج 4 ص 269.
(6) طبعت هذه الرسالة في البحار: ج 107 ص 165 - 179 ويظهر أنها للميرزا عبد الله أفندي.
لكن الأستاذ العلامة الروضاتي - دام ظله - يقول: من المتيقن به أن هذه الرسالة ليست من
الأفندي. علما أن كاتب هذه الرسالة يذكر أخا له باسم فضل علي.
36

والشاميات والبحريات لابن فهد توجدان عند البهاء.
والمسائل الغروية... توجد عند بهاء.
وشرح نهج المسترشدين توجد عند بهاء.
وكتاب شرح النهج للشيخ مقداد أيضا بهائي يوجد عند البهاء.
وشرح الإرشاد لابن المصنف... بهائي وكذا المدنيات له بهائي.
وأجوبة المسائل المختلفة للشيخ علي بهائي.
ورسالة إيضاح الاشتباه في أسماء الرواة وأسامي الرجال. وهما بهائيتان.
وكتاب مناهج اليقين في أصول الدين... بهائي.
وكتاب مجلى مرآة المنجلي في علم الكلام بهائي.
وكتاب القواعد لابن ميثم بهائي أو شفيعي (1).
وكتاب الفرج بعد الشدة للتنوخي... بهائي أو هبائي لأنني طلبته منه عافاه الله
مرة فقال: تفحصته كثيرا فلم أجده فالظاهر أنه ضل.
وترجمة التوراة... وترجمة الإنجيل... هما بهائيان.
وكتاب الأنوار البدرية... بهائي.
وكتاب نثر اللآلي بهائي).
هذه نماذج من الكتب القيمة الموجودة في مكتبة الفاضل الهندي. وقد عد
كاتب هذه الرسالة عددا آخر من الكتب من جملتها تفسير بلابل القلاقل وكتب: إن
جميع هذه الكتب بهائية.
هذا المكتوب القيم يبين لنا مدى اهتمام الفاضل الهندي بالكتاب، فمع فقره
وقلة ذات يده استطاع أن يكون هكذا مكتبة. وتظهر أهميتها ظهورا جليا في
ملاحظة تأليفه الشهير كشف اللثام فإنه لم يعتمد فيما نقله من كلمات الأصحاب
على الكتب القديمة بل كان يعتمد على ما لديه من كتب وينقل كلماتهم من
مصادرها الأولية.

(1) المقصود من الشفيعي المولى محمد شفيع الاسترآبادي.
37

تشجيع الفاضل لنقد الترجمة العربية للتوراة
علي قلي جديد الاسلام، وهو من الشخصيات العلمية البارزة في ذلك
الزمان، كانت له علاقة وثيقة بالفاضل الهندي، وكان جديد العهد بالاسلام، وله
عدة كتب ورسائل في نقد المسيحية فتأمل (1).
ومن أهم أعمال هذه الشخصية نقد الترجمة العربية للتوراة الموجودة، وشرح
سفر الوجود. وكان يعتقد عدم صحة الترجمة الموجودة. والذي دعاه إلى ذلك أن
علماء الاسلام اضطروا لأجل عدم معرفتهم باللغة اللاتينية إلى الاعتماد على
المتن العربي المترجم والاحتجاج به على الأعداء، ولما كانت الترجمة العربية
كتبت بالشكل الذي يوافق مذاق النصارى، فكانت لا تخلو من الخطأ، وكان
يستغل علماء النصارى الفرصة هذه ويردوا على حجج علماء الاسلام مستخفين
بهم ومتهمينهم بقلة الاطلاع ونقصان المعرفة بالإنجيل، فقال في ذلك: (ولكوني
عارفا بلغة النصارى عرفت الحيلة التي استعملها النصارى في تضعيف شوكة
علماء الاسلام فأخذتني الغيرة على الدين، واشتعلت نار الحمية في أعماقي،
فاندفعت وبإرادة قوية إلى معارضة الترجمة العربية على أصل التوراة المكتوبة
باللغة اللاتينية، ومن ثم ترجمتها بعد تصحيحها إلى اللغة الفارسية) ثم حصل
توجه عنده نحو تفسير وتأويل تلك العبارات.
وبذلك يكون قد مزق هذا الرجل جميع شباك النصارى التي نصبوها للتحايل
على علماء الاسلام وخداعهم. فاضحوا غير قادرين على الاصطياد بها.
ثم صرح بعد ذلك: بأن المشوق الرئيسي في هذا العمل هو أستاذه الفاضل
الهندي حيث يقول:
عالي الجناب معلى الانتساب الناطق بالحق والقائل بالصواب، مكمل فضائل

(1) أنظر ترجمته في مقدمة ترجمة الأناجيل الأربعة (بالفارسية): 30 - 36. طبع بجهودنا في
سنة 1373 ه‍. ش.
38

المتقدمين، محصل علوم الأولين والآخرين، أفضل العلماء المتبحرين مولانا بهاء
الدين محمد المشهور ب‍ (الفاضل الهندي) أدام الله فضله وفيضه. بعد أن اطلع على
نيتي في مقابلة التوراة العربية وكتب الأنبياء السابقين مع الأصل اللاتيني،
وترجمة تلك المتون العربية إلى الفارسية، ولشوقه الكبير في ترويج الدين المبين.
استحسن مني ذلك، ثم بلغ استحسانه سمع المتربع على عرش السلطنة في مركز
الخلافة. وهذا المقدار من التشويق اكتفيت به مضافا لترغيب وتأييد السلطان
مجمع الفضائل وسابق الألقاب فتحقق عزمي وجزمي (1).
وفاته ومحل دفنه
العهد الذي كانت السلطة من الجهة الظاهرية بيد الأسرة الصفوية وكانوا
يتمتعون بقدرة عالية هجم عدد من أفاغنة غلزايي في سنة 1134 على مدينة
أصفهان، وبعد مدة من محاصرتها تمكنوا من فتحها وأزاحوا الأسرة الصفوية عن
السلطة.
وبعد هذه الحادثة المهولة تعرض عدد كبير من علماء ذلك العصر لأذية
المهاجمين، فاختفى قسم منهم وبعض منهم مات في ذلك الخفاء. واستمر الحال
هذا إلى سنة 1142 حيث تمكن نادر شاه من إنهاء هذه الغائلة وطرد الأفاغنة،
وبذلك عاد الأمن والسلام إلى الربوع الإيرانية.
ومن الذين وافتهم المنية من علماء ذلك العصر، العالم الجليل القدر، والمجتهد
الكبير - أعني الفاضل الهندي 1 - نتيجة تلك الحوادث المرة.
ولم يتضح تاريخ وفاته للكثير، وأشارت بعض المصادر أنه كان في سنة
1131 ه‍ يعني قبل هجوم الأفاغنة. وهذا مما لا يمكن الموافقة عليه، وذلك لو أن
وفاته كانت في العهد الصفوي لكان حتما له مقبرة عامرة بالبناء كما هو ديدن

(1) أشار إلى ذلك في مقدمة كتاب سيف المؤمنين في قتال المشركين. راجع في ذلك ترجمة
أناجيل أربعة: مقدمة ص 34.
39

الصفوية مع علماء الطائفة الأعيان المتوفين في ذلك الزمان (1).
وذكر صاحب الروضات في بيان تاريخ وفاته ما نصه:
(وتوفي قدس سره بدار السلطنة أصفهان في الخامس والعشرين من
شهر رمضان سنة سبع وثلاثين ومائة بعد الألف من الهجرة كما وقع
التصريح في لوح مزاره المنيف).
وهنا قضية جديرة بالذكر وهي أن الناسخ لكتاب (بينش غرض آفرينش)
من تأليفات الفاضل الهندي في سنة 1136 يذكر فيه الفاضل بعبارة (ألبسه الله
لباس العبقري) ويمكن أن تكون في هذا إشارة إلى حياته في ذلك الزمان [أو عدم
حياته] وإن كان هذا الاستظهار لا يخلو من إبهام. مع ذلك فإن حزين الذي كان قد
عاش فتنة الأفاغنة بنفسه ذكر أن الفاضل الهندي كان قد توفي قبل حادثة الهجوم
على أصفهان بقليل (2).
والقطع بتاريخ وفاته لا يمكن إلا باختيار قول حزين باعتباره من أخلا
الفاضل الهندي أو اختيار ما هو مذكور على الصخرة الموضوعة على قبره
الشريف.
أما محل دفنه فهو في مقبرة تخت فولاد في أصفهان، وإلى جانبه قبر ملا
محمد فاضل المعروف بالفاضل النائيني، ولهذا السبب اشتهرت هذه المقبرة على
ألسنة الناس بمقبرة الفاضلين (3).
ومقبرة تخت فولاد هي المقبرة القديمة في أصفهان، وعلى جانب مسجد
لسان الأرض، ولذا كانت تعرف بالأرض المقدسة. وقد تعرض لتأريخها ومن
دفن فيها، المرحوم السيد مصلح الدين المهدوي في كتابه القيم (سيرى در تاريخ
تخت فولاد) وقد خصصت أخيرا لشهداء الحرب العراقية المفروضة على إيران،

(1) روضات الجنات: ج 7 ص 116، سيرى در تاريخ تخت فولاد: ص 166.
(2) 89 تاريخ حزين: ص 64.
(3) سيرى در تاريخ تخت فولاد: ص 166.
40

ونقلت المقبرة العامة للمدينة إلى باغ رضوان الواقعة على بعد 12 كيلومتر عن
أصفهان في طريق يزد.
ولكن لقداسة هذه البقعة ولأجل كونها مثوى لكثير من جهابذة المذهب
ولأهميتها التي اكتسبتها في السنوات العشر الأخيرة الناشئة من دفن شهداء
الحرب لا تزال تحتفظ بمعنوية خاصة تجذب قلوب المتدينين من أهل
أصفهان (1).
وعلى رغم مرور أكثر من مأتين وثمانين عام على وفاة المرحوم الفاضل
الهندي، لا يزال مثواه الشريف مزارا لأهالي أصفهان المتدينين. يقول المرحوم
الگزي في هذا المجال: إن المؤمنين يتعنون إلى زيارة قبره الشريف لغرض
الاستشفاع به إلى الله تعالى في قضاء الحوائج، وقد يقصد بعض المؤمنين تخت
فولاد لا لشئ إلا زيارة الفاضل فحسب دون غيره من المزارات، لكون مزاره
أهم من جميع المزارات (2).
وقد تقرر أخيرا وبفضل اهتمام بلدية أصفهان إقامة بناء مختصر على مزار
الفاضل حتى يبقى هذا العالم العامل والمتقي - كما في الماضي - القدوة التي
يقتدي بها أهالي أصفهان المشهورون بحب العلم والعلماء.
أولاده:
لم نعرف من أولاد الفاضل إلا ولدا يعرف باسم (محمد تقي) ونقل عن جامع
ديوان سيد نصر الله الحائري قدس سره أن شمس سماء الفضل والأفضال، وقطب دائرة
الكمال والنوال، مولانا محمد تقي ولد الأجل الفاضل الهندي... كتب رسالة إلى
السيد نصر الله يدعوه فيها، فأجابه السيد المشار إليه بهذه الأبيات:

(1) ومن الشهداء ابن عمي العزيز المرحوم رجب علي جعفريان المدفون قريبا من مقبرة الفاضل
الهندي رحمة الله عليهم أجمعين.
(2) تذكرة القبور: ص 40، زندگينامه علامه مجلسي: ج 2 ص 82.
41

يا أيها المولى التقي الذي * لسانه ما زال يروي الصواب
يا بن البهائي الذي فضله * كالشمس إذ لا يعتريها سحاب
أهديت لي رقعة عز غدت * في حسنها تشبه عصر الشباب
فيها شراب رائق قد صفا * وفي رقاع الغير أضحى سراب (1).

(1) أعيان الشيعة: ج 9 ص 197.
42

آثاره العلمية
44

حول آثار المترجم له
امتازت آثار الفاضل الهندي بالتنوع، وموضوعها جميعا العلوم الاسلامية
والأدبية المعروفة في زمانه. كان، قد استوعب كل ما درسه في بدايات دراساته
الحوزوية استيعابا كاملا، وكان له فيها تبحرا كاملا. ومع كون دراسته الأصلية
كانت في الفقه والأصول ولكنه لم يغفل عن الكتابة والتحقيق في حقل العقائد
والكلام والفلسفة والتفسير وعلم النحو والمعاني والبيان.
والفترة التي كان يعيشها الفاضل كانت تعاني من مشكلة في التأليف وهي أنه
كان من المتعارف أن العلماء كانوا يطرحون أر أهم وأفكارهم بشكل حاشية
وشرح لآثار المتقدمين، وهذا العمل وإن كان من جهة فيه تعظيم وإكبار لآراء
المتقدمين، وهو أمر ممدوح في نفسه، وأيضا تكون سببا في عدم تكرار المباحث
المطروحة، وبذلك تعرف الأطوار التكاملية التي مرت بها التحقيقات والبحوث
الاسلامية. ولكن في نفس الوقت هناك مشكلة ولدها هذا النحو من التأليف، وهي
مشكلة عدم الابداع والتجديد في العمل التحقيقي، هذا أولا.
وثانيا كان الشارح يصرف وقتا طويلا من عمره في شرح ألفاظ المتقدمين
من دون أن يكون لذلك دخل في فهم أصل الموضوع. والفاضل الهندي كان
محكوما بهذا الجو العلمي ولذلك أهتم أيضا بالشرح والتعليق والتلخيص.
وإن كان أيضا قد خلف تأليفات قيمة مستقلة مضافا إلى بعض الشروح
45

الموسعة نظير كشف اللثام الذي ينبغي عده لسعته وكبر حجمه في عداد التأليفات
المستقلة لا الشروح.
ومضافا إلى هذه الشروح والتلخيصات كان للفاضل نشاط آخر في حقل
ترتيب قسم من الآثار العلمية منها: ترتيبه للمباحث التفسيرية الواردة في كتاب
الأمالي للسيد المرتضى قدس سره والذي ينبغي عده من الأعمال التفسيرية للفاضل
الهندي.
وينبغي أن يعلم أن الفاضل كان له تفسير للقرآن، ولكن للأسف لم نعثر لحد
الآن على نسخته ولم يشر إليها في مكان. أما نشاطه في حقل الأدب فكان يتجلى
في تلخيص بعض المتون النحوية، وكتب المعاني والبيان، وبذلك سهل على الطلبة
دراسة هذه الكتب والعلوم. وسنذكر مثالا لكل هذه النشاطات فيما يلي في شرح
كل واحد من آثاره ومؤلفاته.
ونقل أنه ذكر في بعض رسائله أنه كان له ثمانون تأليفا (1). وأشار إلى هذا
العدد أيضا الملا عبد الكريم في الصور المنطبعة. وكتب المرحوم المهدوي: إن
الفاضل الهندي كان له قريب مائة وخمسين تأليف أعم من كتاب ورسالة (2). وما
عثرنا عليه من العناوين خمسا وثلاثين عنوانا فقط وسنشير إلى توضيح كل واحد
منها فيما يلي:
1 - كشف اللثام عن قواعد الأحكام: الذي يسمى أيضا (كشف اللثام والابهام
عن قواعد الأحكام) و (كشف اللثام عن حدود قواعد الأحكام) (3) وكان قصد
الفاضل إزاحة النقاب عن وجه كتاب القواعد (4). ورد في كشف الحجب والأستار
تحت عنوان كشف الابهام كما جاء في النسخة المطبوعة من هذا الكتاب سنة

(1) الفوائد الرضوية: ص 478، فهرست نسخه هاي خطى كتابخانه مجلس: ج 4 ص 98.
(2) زندگينامه علامه مجلسي: ج 2 ص 82.
(3) في مقدمة كشف اللثام وصف شرحه بهذه العبارة: (كشف لثام الابهام وظلام الأوهام عن
خرائد قواعد الأحكام).
(4) اللثام: هو النقاب.
46

1271: (كشف الابهام عن قواعد الأحكام). ولعله لأجل ذلك عنونه صاحب
كشف الحجب (1).
وقد تصدى المحقق الكركي - مؤسس المسلك الفقهي الاستدلالي والذي يعد
الفاضل الهندي من أتباع هذا المسلك - شرح كتاب القواعد قبل الفاضل الهندي
وسماه (جامع المقاصد في شرح القواعد) ولكنه لم يتمه، بل توقف إلى نصف
كتاب النكاح من القواعد، وكان هذا هو السبب الذي دفع بالفاضل الهندي للشروع
في كشفه من كتاب النكاح. فكان تاريخ الانتهاء من شرح كتاب النكاح هو
عشرون ربيع الثاني سنة 1096 ه‍ (2). وكان عمر الفاضل آنذاك 34 سنة. أما كتاب
الإرث فتم في سنة 1098 ه‍. وبعد أن أتم أبواب القواعد إلى الأخير فكر بشرح
الأبواب الأولى منه. فكان تاريخ ختم كتاب الطهارة جمادي الأولى سنة
1105 ه‍. وتاريخ إتمامه كتاب الحج 16 شوال 1110 ه‍.
وهنا سؤال يطرح نفسه عن كيفية ترتيب تأليفه لكشف اللثام؟
وهنا عدة احتمالات، فيحتمل أنه بعد أن فرغ من شرح كتاب النكاح إلى
آخر الكتاب صار في باله أن يشرح ما فاته من الأبواب، ولكنه لم يراع في ذلك
ترتيبا خاصا، فمثلا شرح أولا كتاب الطهارة وكان ذلك في سنة 1105 وبعد مدة
شرح كتاب الحج في سنة 1110. وهناك عدة كتب بين الحج إلى النكاح ككتاب
الجهاد وكتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر و... لم يشرحها، ثم توجه نحو
كتاب الصلاة فتناوله بالشرح لكنه لم يتمه، وتوقف في وسط بحث الشكوك في
الصلاة. وقال الأفندي حول ترتيب تأليف أبواب كشف اللثام:... شرع فيه أولا من
كتاب النكاح إلى آخر الكتاب في عدة مجلدات ثم رجع بعد ذلك وشرح كتاب

(1) فهرست نسخه هاي خطى كتابخانه مدرسة سپهسالار: ج 1 ص 464.
(2) وهذا التاريخ لا يتفق مع ما ذكره في الذريعة من أن الفاضل شرع في شرحه هذا قبل
بلوغه. نقد أعلام مكاسب، مجلة نور علم، رقم 21 ص 74.
47

الحج ثم كتاب الطهارة ثم كتاب الصلاة (1). وهذا ينافي مع ما ذكره المؤلف من
التاريخ في تأليف كتاب الطهارة.
وتوجد هناك مقولة له كتبت في نسخة كشف اللثام بخط تلميذه محمد علي
الكشميري جاء فيها: وجدت بخط الشارح كتب في هذا الموضع ما هذه عبارته:
جف القلم في القضاء بجفاف قلمي في كشف اللثام عن الاتمام ونفاد دموعه عند
الابتسام لانثيال الناس علي للاستغناء من جميع ممالك الاسلام حتى استوعب
ذلك الليالي والأيام وحرم علي السكوت عن الجواب والأحجام وقد زققت ما
نفسه نفسي في هذا المجلد وغيره من المجلدات شيخ الحلة وخريتها الأزهر،
ونادرتها وكبريتها الأحمر، أحمدها اسما وسمات، وأوحدها جوهرا وصفات زقا
زقا فتملا وتضلع منه حقا حقا نفعه الله به كل من يستفيد منه. كتب محمد بن
الحسن كاشف اللثام عفى الله عنه وعن أسلافه الكرام ثامن عن ثاني الربيعين
لألف ومائة وأحد وثلاثين من الأعوام (2).
ثم أضاف الكاتب لهذه السطور ما نصه: هذا كلامه وهو يدل على انقطاع
الشرح على هذا الموضع كما هو المشاهد في جميع النسخ.
وتاريخ هذه الكتابة الثامن من ربيع الثاني 1131 ه‍ فيحتمل أنه ألف كتاب
الصلاة في تلك الفترة ثم توقف فيه ولم يكمله. أما الشيخ آقا بزرك الطهراني فإنه
قال في ذيل هذه الكتابة ما نصه: (أقول: ليس هذا تاريخ الجفاف والفراغ بل
تاريخ شهادته باستفادة تلميذه الشيخ أحمد الحلي منه) (3). لكنه تقدم إن تاريخ
ختم قراءة كتاب كشف اللثام على الكشميري من قب ل المؤلف مثبت في آخر
كتاب الصلاة سنة 1129 ه‍. وهذا يعني إن تاريخ اختتامه كان قبل ذلك. ومع هذا
فإن عبارة الفاضل في سنة 1131 صريحة في أنه - ولعله من مدة من الزمان - لم
يضف شيئا على كتابه.

(1) رياض العلماء: ج 3 ص 197.
(2) نسخة رقم 3767 مكتبة السيد المرعشي.
(3) الذريعة: ج 18 ص 57.
48

وما هو مشروح في كشف اللثام عبارة عن كتاب الطهارة، وكتاب الصلاة إلى
بحث الشكيات، وكتاب الحج، وكتاب النكاح، ومنه إلى آخر أبواب الفقه.
ولكتاب كشف اللثام تأثير مهم في الكتب الفقهية المتأخرة عنه، والسر في
ذلك هو كثرة الأقوال المنقولة في هذا الكتاب من الكتب الفقهية للمتقدمين.
وبسبب علاقة وحب الفاضل للكتاب استطاع أن يجمع أكبر عدد ممكن من
الكتب، فكان ينقل عنها بلا واسطة، وكثرة النقولات هذه مثيرة للدهشة والتعجب.
ويعتبر الفاضل الهندي في منهجه الاستدلالي الخلف لفقهاء الشيعة المعتمدين،
وهو وإن لم يبدع طريقة جديدة في الفقه الشيعي، لكنه في طرحه للفروع
والاستدلال لها بأدلة جديدة يعد سعيا منه جديرا بالاكبار والتبجيل.
والشاهد المهم على ذلك هو اعتماد صاحب الجواهر عليه اعتمادا أساسيا
في كتابه الجواهر. بشكل حتى قيل إنه لم يستغن في أي فصل من فصول كتاب
الجواهر عن كشف اللثام. وقد أشرنا سابقا إلى بعض الموارد التي اعتمد فيها
صاحب الجواهر على كشف اللثام. واستفاد منه أيضا صاحب رياض المسائل
استفادة كبيرة، وبهذا يعد كشف اللثام من مصادر رياض المسائل أيضا (1).
2 - المناهج السوية في شرح الروضة البهية (الذريعة: 22 / 345) كتب عنها
صاحب مقابس الأنوار: رأيت جملة من مجلداتها في العبادات وهي مبسوطة
مشحونة بالفوائد والتحقيقات (2).
هو في عدة مجلدات، يشتمل على كتاب الطهارة وكتاب الصلاة (تاريخ
انتهاء تأليفه في 1088) وكتاب الزكاة (1093) وكتاب الخمس (1094) وكتاب
الصوم (1095) وكتاب الحج. ونسخ هذا الكتاب محفوظة في مكتبة آية الله السيد
المرعشي النجفي تحت الأرقام التالية (كتاب الصلاة - 2965) و (كتاب الصلاة

(1) روضات الجنات: ج 4 ص 401، فهرست نسخ خطى كتابخانه مسجد گوهرشاد: ج 4
ص 1864، زندگينامه علامه مجلسي: ج 2 ص 82.
(2) مقابس الأنوار: ص 18.
49

2966) و (كتاب الزكاة إلى آخر الاعتكاف - 2967) و (كتاب الصلاة - 4040)
و (كتاب الصلاة - 6785).
وهناك نسختان للمناهج في المكتبة الرضوية في مشهد تحت رقم 8005
و 13156 (انظر الفهرس ص 555) وعدة نسخ منه أيضا في مكتبة المسجد الأعظم
في قم (الفهرس: ص 389) والذي يظهر من النسخ المذكورة أن كتاب الحج ليس
منها وصاحب الروضات أيضا لم يشاهد كتاب الحج من المناهج (1).
وهناك خمس نسخ من المناهج ضمن كتب المرحوم الخوانساري
والموجودة الآن في المكتبة الرضوية (2). ولم ير في ضمن هذه النسخ كتاب الحج
أيضا. واحدة منها متعلقة بالميرزا عبد الله أفندي صاحب الرياض والتي وهبها إلى
ولده الميرزا أحمد. وهناك نسختان أيضا في مكتبة مدرسة الشهيد المطهري على
واحدة منها آثار تصحيح بقلم المؤلف (3). وفي موضع، ذكر هذا الكتاب بعنوان
المفاتيح النبوية وهو خطأ قطعا (4). وأما النسخة التي عليها إجازة الفاضل الهندي
للسيد ناصر الدين أحمد بن السيد محمد بن السيد روح الأمين المختاري
السبزواري والتي رآها صاحب الروضات موجود الآن في مكتبة الأستاذ العزيز
الموقر سماحة العلامة الحاج السيد محمد علي الروضاتي دام ظله.
3 - منبه الحريص على فهم شرح التلخيص. (الذريعة 22 / 361) في البلاغة.
وقيل: إن هذا الكتاب هو شرح ملخص التلخيص، والذي يعد من أقدم تأليفات
المترجم له. وسماه التمحيص، ولكنه يحتمل أن هذا القول غير صحيح (انظر
العنوان الآتي). وقد ذكره الفاضل الهندي في مقدمة كشف اللثام.
4 - التنصيص على معاني التمحيص: لم يذكر هذا العنوان في الذريعة. وهناك

(1) روضات الجنات: ج 7 ص 112.
(2) فهرست هزار وپانصد نسخه خطي: ص 235.
(3) فهرست نسخه هاي خطى كتابخانه مدرسة سپهسالار: ج 1، ص 449.
(4) نفس المصدر: ج 1، ص 475.
50

نسخة خطية مكونة من 18 ورقة موجودة في مكتبة آية الله السيد المرعشي قدس سره
تحت رقم 817.
وهو شرح مزجي على رسالة التمحيص لنفس المؤلف الذي لخص فيه
تلخيص المفتاح للخطيب القزويني. وقد طبعت هذه الرسالة في آخر الطبعة
الحجرية لكشف اللثام.
وكتاب التمحيص يعتبر أول تأليف للفاضل الهندي، وبناء على ما صرح به
نفسه إنه ألفه وهو في السنة الثانية عشرة من عمره. وتاريخ تأليف الكتاب هو
1079.
جاء في مقدمة المؤلف: (وبعد فيقول العبد الداخل في أول العقد الثاني محمد
بن الحسن الأصفهاني أني كتبت رسالة تمحيص التلخيص... رسالة ألفاظها
قصيرة ومعانيها عزيزة جامعا لما تشتت في كتب المعاني والبيان ناظما لما انتشر
من لآلي المعاني في... البستان، وقد رأيت السيد السند الشريف المحقق زين
الملة والدين والحق الجرجاني في المنام ذات يوم يقول مشيرا إلى التلخيص ليس
الاشكال في التلخيص بل في ملخصه. وبعد أن مد المحصلون إليها الأعناق
وأحدقوا نحوها الآماق فرأيت فهمها عليهم متعاسرا... فسألني بعضهم... أن
أشرحها شرحا... وسميته بالتنصيص على معاني التمحيص).
وفي نهاية التأليف كذا: وقد فرغ من تأليفه يوم الجمعة الحادي والعشرين من
شهر الربيع الآخر من شهور سنة ألف وثلاث وسبعين وأنا ابن اثنتي عشرة سنة
متوسطا في ثالثة عشرة وقد وقع فراغي في شهر الله الأصم الأصب رجب
المرجب من تلك السنة المذكورة حامدا مصليا) (1).
وهناك شخص اسمه جعفر كتب في حاشية الصفحة الأولى ما نصه: (وغير
المصنف - زيدت بركاته - بعض ما في الكتاب وأنا عنده حاضر بعدما مضى من

(1) نسخة رقم 817 المرعشي.
51

عمره الشريف ستون سنة تقريبا). (جعفر) (1).
5 - الزهرة في مناسك الحج والعمرة: ذكره في الذريعة (22 / رقم 7055) تحت
عنوان مناسك الحج وقيل أن أبا الحسن الفتوني الشريف (2) نقل عن هذا الكتاب
في فوائده الذي ألفه أثناء مجاورته للحرم المكي الشريف. وتوجد نسخة منه في
مكتبة المجلس تحت رقم 8 / 2761 (3). وشرح هذا الكتاب محمد بن علي بن
حيدر العاملي المكي (4) (م 1139) (5). اسم كتابه هكذا: (إظهار ما عندي بمنسك
الفاضل الهندي) وتوجد نسخة من هذا الشرح أو بعبارة أخرى الحاشية في مكتبة
جامعة طهران (6).
6 - إجالة النظر في القضاء والقدر (الذريعة: 1 / رقم 1466) وقد رأى الشيخ
الآقا بزرك نسخة منه في مكتبة الشيخ علي كاشف الغطاء.
7 - تفسير الفاضل الهندي (الذريعة: 4 / رقم 1305) ومستند الآقا بزرك هو ما
ذكره صاحب روضات الجنات ونسب في بعض المصادر اشتباها (تفسير البحر
المواج) الذي هو من تأليفات والد الفاضل الهندي إلى الفاضل (7). وتقدم منا
الكلام عن ذلك، وأن هذه النسبة هي مردودة من الأساس، لأن هذا التفسير هو من
تأليفات الفاضل الهندي السني وهو غير المترجم له.
8 - الزبدة في أصول الدين (الذريعة: 12 / رقم 99). ذكر في مقدمة كشف
اللثام أنه كتب بنفسه شرحا على زبدته.
9 - الحور البريعة (8) في أصول الشريعة: (الذريعة: 7 / رقم 1352)، وفي مقدمة

(1) نسخة 817، الورقة رقم 326 - پ.
(2) الكواكب المنتشرة: ص 174.
(3) فهرس نسخه خطي كتابخانه مجلس: ج 9 ص 159 - 160.
(4) الكواكب المنتشرة: ص 661.
(5) الذريعة: ج 22، رقم 7055.
(6) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مركزي دانشگاه طهران: ج 10 ص 1993، رقم
3049.
(7) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مجلس: ج 3 ص 5 - 6.
(8) الحور الجميلة. لم نعثر على ضبط صحيح لهذا الاسم في المصادر المتوفرة وما ذكرناه هنا
بحسب استظهار الأستاذ العلامة السيد محمد علي الروضاتي - دامت بركاته -.
52

كشف اللثام ذكر أن له شرحا على كتابه هذا. ولم يضبط هذا الاسم بالشكل
الصحيح لا في الذريعة ولا في الطبعة الحجرية لكشف اللثام. (لاحظ الكتاب
الآتي).
11 - شرح الدرة البريعة في علم أصول الشريعة: وهي نسخة تشتمل على ثلاث
رسائل من تأليف الفاضل الهندي موجودة في مكتبة العلامة الروضاتي - دامت
بركاته - الرسالة الأولى منها معنونة بالعنوان الفوقي. وقد وصفها لنا هو بنفسه،
إليكم عين ما نقله:
(أما بعد، فقد كتبنا سالفا من الزمان رسالة وجيزة حاوية بمسائل أصول الفقه
كلها... أردت أن أشرحها بما يحل مشكلاتها... وأحيل التفصيل إلى شرحنا لمعالم
الدين وملاذ المجتهدين فإنها مختصرة منه). وكتب أن تاريخ فراغه من المتن
كان في فجر الأول من يوم الأربعاء المصادف 25 ذي القعدة 1075 ه‍. وتاريخ
فراغه من الشرح في الربع الأول من ليلة 11 محرم 1076 ه‍. ثم يقول الكاتب:
(كتبته ناسخا من النسخة التي كانت بخط مصنفها أيده الله تعالى، وهو الشيخ
الأعظم والإمام الأعلم الأفضل الأكمل سلطان أرباب التحقيق، وأستاذ أولي
التنقيح والتدقيق، مقرر المباحث العقلية، ومهذب الدلائل الشرعية آية الله في
العالمين، وارث علوم الأنبياء المرسلين بهاء الملة والحق والدين، أبو الفضل
محمد بن الحسن الأصفهاني دام الله إفاداته ما دامت السماوات والأرضون، وأنا
أحوج العباد على أكبر بن محمد صالح الحسن اللاريجاني سنة 1117) وفي
الحاشية يقول: (وكتبت ثانيا الحواشي المستندة إليه بحذافيرها) وهذه الرسالة
كتبت بالخط الأحمر والأسود من ظهر الورقة الثانية إلى وجه الورقة 41.
12 - خلاصة المنطق: وهذه الرسالة أيضا يوجد منها نسخة مع الرسالتين
الأخريين في مكتبة السيد الروضاتي. وقد وصفها لنا مؤلفها بعد خطبة الرسالة ما نصه:
53

(أما بعد، فهذه رسالة حاوية بخلاصة علم المنطق الموسومة بخلاصة المنطق
وفيها مقالتان) وفي خاتمتها التي فرغ منها في ليلة 15 ربيع الأول سنة 1073
يقول الكاتب: (ونسخته من نسخة الأصل وأنا أحقر العباد على أكبر بن محمد
صالح الحسني اللاريجاني في شهر جمادي الثاني (كذا) من شهور سنة 1127 ه‍.
هذه الرسالة تشرع من ظهر الورقة 41 حتى وجه الورقة 43.
13 - الحاشية على المواقف: (الذريعة: 6 / رقم 744) يقول الآقا بزرك: إن
السيد عبد الله شبر نقل عن هذه الحاشية في بعض تصانيفه.
15 - الاحتياطات اللازمة: (الذريعة 11 / رقم 204) وقد أشار الآقا بزرك إلى
وجود نسخة منه في المكتبة التسترية. وجاء فيها أن عبد الحسين بن عبد الرحمن
بن عبد الحسين البغدادي (1134) كتبها وفيها صرح أنها من إفادات الأستاذ.
16 - عون إخوان الصفا على فهم كتاب الشفاء: أو عون إخوان الصفا في تلخيص
الشفاء: (الذريعة: 4 / رقم 1868، 15 / ص 361 ه‍، أما العنوان الأول فهو وارد
في مكتوبات نفس الفاضل الهندي على نسخة من الكتاب. وذكر في الروضات ما
نصه:
(وله... كتاب في تلخيص كتاب الشفاء في الحكمة وقد قيل إنه لم يتمه) (1).
وذكر في (فهرست الفبائي: ص 32) بعنوان إخوان الصفاء في تلخيص إلهيات
الشفاء. والكتاب المذكور مخزون في المكتبة الرضوية تحت الأرقام 309 و 527
(تاريخ الكتابة 1097) و 528 (تاريخ كتابتها 1265) و 526 و 529. كتب الأستاذ
عبد الحسين الحائري: إنه لخص مرة شفاء الشيخ الرئيس ابن سينا وهو في سن
السادسة عشرة ولكنه احترق وتلف. فعاود الكرة وهو في سن السادسة والعشرين
في تلخيص الشفاء (2) وفرغ منه في سنة 1084.

(1) روضات الجنات: ج 7 ص 112.
(2) ورد في مكتوبة الفاضل الهندي أنه أنجز هذا التأليف وهو في سن الثانية والعشرين.
54

ويشتمل هذا الكتاب على ديباجة مفصلة مهداة إلى الشاه سليمان الصفوي (م
1105) وهناك تصريح إنه وفق لتلخيص ثلاثة علوم من علوم الشفاء. يضيف
السيد الحائري: إن مراد صاحب الروضات من عدم إتمام هذا التلخيص أنه لم
يلخص قسم الرياضيات والتعليميات من الشفاء. وتوجد منه نسخة قوبلت في
سنة 1084 مع نسخة المؤلف ومن قبل نفس المؤلف في مكتبة المجلس. ويلاحظ
أن هناك عدة مواضع زينت بحواشي المؤلف بعبارة محمد بن الحسن الأصفهاني،
وقد أشار إليها السيد الحائري في فهرسته (1).
وكتب الفاضل الهندي في موضع من هذه النسخة:
(كتاب عون إخوان الصفا على فهم كتاب الشفاء من مؤلفات أفقر المربوبين
إلى رحمة ربه الغني محمد بن الحسن الأصفهاني الشهير ببهاء الدين الأصفهاني،
فرغ من تأليفه وهو ابن اثنتي وعشرين وقد كان فرغ من تأليف التلخيص الأول
الذي احترق وهو ابن ست عشرة والحمد لله رب العالمين).
والجدير ذكره هنا أن قسما من كتاب تلخيص الشفاء طبع في منتخبات آثار
الحكماء ج 3 ص 543 إلى 573 بفضل جهود العلامة الآشتياني.
17 - إثبات الواجب في إثبات الواجب: رسالة باللغة العربية مفصلة كتبها الفاضل
الهندي في سنة 1080 وقدمها للشاه سليمان الصفوي. ونسخة منها موجودة في
ضمن مجموعة تحت رقم 1964 في المكتبة المركزية لجامعة طهران من الورقة 1
إلى الورقة 88. وكتب العلامة دانش پژوه: لعل هذه الرسالة هي نفس الرسالة التي
يذكرها صاحب الروضات بأنها رسالة فارسية في أصول الدين سماها (كليد
بهشت) (2) أي مفتاح الجنة. ويظهر أنه غفل عن أمر وهو أن هذه رسالة باللغة
العربية.

(1) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مجلس: ج 5 ص 417 - 419.
(2) فهرست نسخه هاي خطى كتابخانه مركزي دانشگاه تهران: ج 8 ص 470.
55

18 - حكمت خاقانيه: جاء في مقدمتها: (كذا يقول الراجي لفضل الوجود
الرباني محمد المشهور ببهاء الدين الأصفهاني: إن هذه الرسالة في ثلاثة علوم
.... الأول المنطق... الثاني الطبيعيات... الثالث الإلهيات) وهذه النسخة من
المؤلفات الفارسية القيمة للفاضل الهندي المشتملة على دورة فلسفية مختصرة
وباللغة الفارسية.
وتوجد نسخة منها في ضمن مجموعة تحت رقم 1864 في المكتبة المركزية
لجامعة طهران من الورقة 1111 إلى 1162.
19 - السؤال والجواب أو جوابات المسائل: (الذريعة 5 / رقم 1094، 12 /
رقم 1638).
20 - شرح العقائد النسفية: (الذريعة 13 / رقم 1382) أشار إليها في مقدمة
كشف اللثام.
21 - شرح العوامل: (الذريعة 13 / 1392) وهو شرح لكتاب العوامل
للجرجاني، وتوجد نسخة من شرح العوامل هذا في المكتبة الرضوية برقم 3871
(تاريخ كتابتها 1198) وهناك نسخة من هذا الكتاب أيضا في مكتبة المدرسة
الفيضية في قم المشرفة. (الفهرس تنظيم الأستاذ الاستادي: ص 141).
22 - شرح العوامل: الذريعة تعرض للشرح المتقدم فقط ولم يتعرض لهذا
الشرح، وهو شرح لعوامل ملا محسن بن محمد طاهر القزويني (1). وتوجد منه
نسخ متعددة في المكتبة الرضوية (الفهرس الألفبائي ص 348) ولا بد في هذه
الرسالة مراجعة نسخها المتعددة بدقة. والجدير ذكره أن ملا محسن هذا بقي
مشغولا بالتأليف لمدة سنوات طويلة بعد وفاة الفاضل الهندي.
23 - حرمة صلاة الجمعة في الغيبة: (الذريعة 15 / 518) توجد منه نسخة من
هذه الرسالة في مكتبة المجلس برقم (5 / 2761) (2). وقد ألفت هذه الرسالة في

(1) أنظر الكواكب المنتشرة: ص 637.
(2) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مجلس: ج 9 ص 156.
56

سنة 1097 ه‍. وقيل في وصف هذه الرسالة: إنه ذكر الأخبار والأدلة واحدا
واحدا التي استدل بها القائلون بجواز إقامة الجمعة في عصر الغيبة وردها جميعا،
ثم أقام هو الأدلة على عدم جوازها. وله أبيات باللغة العربية في آخر الرسالة ذكر
في ضمنها تاريخ تأليف كتابه، والأبيات هي:
وقد كان الفراغ ليوم سبت وقد ركب المضيف على الذهاب
وألف بعد سبع سنين تمت وتسعون تعدد في الحساب
محمد البهاء كفاه فخرا بأن يدعى ولي أبي تراب (1)
ورد السماهيجي في كتاب (فذلكة الدلائل) على تلك الأدلة وظاهرا كتب ما
هو موجود في كشف اللثام حول هذا الموضوع، وكما تقدم أنه تهجم في القامعة
للبدعة على الفاضل الهندي. وهناك رسالة أخرى باسم صلاة الجمعة من تأليفات
عبد الله الحسيني المدني كتبها في الرد على رسالة الفاضل الهندي والتي يوجد
منها نسخة في مكتبة آية الله المرعشي النجفي (الفهرس: ج 13 ص 85) (2). وحول
هذا الموضوع تكلم أيضا بالتفصيل في كشف اللثام.
24 - فهرست لكنز الفوائد (الذريعة: 18 / ص 161، رقم 1195) كتب الشيخ
الآقا بزرك: إن هناك مع قسم من النسخ الكنز فهرسا له مصرح فيه أنه للفاضل،
ولعله لا يمكن حساب هذا الكتاب من المؤلفات.
25 - اللآلي العبقرية في شرح العينية الحميرية (الذريعة: 18 / ص 259 رقم
17) توجد نسخة منه في مكتبة الجامعة (1870). وكتب صاحب الروضات تعليقا
على هذا الكتاب: (إنه أقوى دليل على كون الرجل قد وجد من كل فن من فنون
العربية كنزه). وهذه الرسالة شرح للقصيدة العينية للسيد الحميري. وألفت في سنة

(1) نفس المصدر ج 9، ص 196 - 197.
(2) نماز جمعة زمينه هاي تاريخي واگاهيهاى كتابشناسي ص 82 و 61 و 64، الإجازة الكبيرة:
ص 207، وورد فيها عن السماهيجي ما نصه: (وله رسائل متعددة في وجوب الصلاة والرد
البليغ على من أنكر ذلك خصوصا الفاضل الهندي في شرح القواعد).
57

1089.
وتوجد نسخة منه مؤلفة من 211 ورقة في مكتبة آية الله السيد المرعشي
تحت رقم 479. ونسخه أخرى منه أيضا برقم 1814 في 232 ورقة موجودة في
نفس المكتبة. ونسخة أيضا برقم 9885 (تاريخ كتابتها 1089) موجود في المكتبة
الرضوية (راجع الفهرس الالفبائي: ص 480).
26 - النجاة: (الذريعة / رقم 275) نقل الآقا بزرك ما نصه (رأيت النقل عنه
في حياته).
27 - كليد بهشت (منسوب إليه)، (الذريعة: 18 / ص 132، رقم 1065)
وصفه المرحوم صاحب الروضات بأنه كتاب في أصول الدين. وفي الذريعة جاء
أن ما طبع في الآونة الأخيرة تحت هذا العنوان هو من تأليفات القاضي سعيد
القمي، وهو ليس في أصول الدين. والحال أن صاحب الروضات يقول إنه في
أصول الدين. وهناك نسخة معروفة من هذا الكتاب محفوظة في مكتبة المسجد
الأعظم (الفهرس ص 610) ونسب الكتاب هذا إلى الملا رجب علي. ولا يخفى أن
الحكيم القاضي سعيد كان تلميذا للملا رجب. وهناك توضيحات أشار إليها
الأفندي في الرياض حول نسبة الكتاب إلى القاضي سعيد (1).
وهنا نذكر بأن الفاضل له كتاب في أصول الدين بعنوان (بينش غرض
آفرينش) وسنشير إليه في العنوان الآتي...
28 - بينش غرض آفرينش: كتاب في أصول الدين إلى الإمامة. وذكر في
(الذريعة: ج 3 / ص 195 رقم 706) ولكنه لم يشر إلى مؤلفه. وقد طبع هذا
الكتاب في يزد بمساعي آية الله سيد جواد المدرسي.
وذكر في مقدمته إن نسخة من هذا الكتاب كتبت في سنة 1136. وكتبت
نسخة منه في سنة 1116 وهي موجودة في المكتبة الرضوية ذيل كتب الحكمة

(1) رياض العلماء: ج 2 ص 285.
58

برقم 49. وفي النسخة الرضوية لم يشر إلى اسم مؤلفها وإن ذكر أنها ألفت للشاه
سلطان حسين الصفوي.
أما في النسخة الشخصية للسيد المدرسي، فقد ذكر الكاتب في آخر الرسالة:
تمت رسالة غرض آفرينش وهي من جملة التأليفات القيمة لسماحة مجتهد
الزمان مولانا بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني المشتهر بالفاضل الهندي
ألبسه الله لباس العبقري وكتب الكاتب لهذه الرسالة أنها كتبت في يوم الثلاثاء
السادس من ذي الحجة سنة 1136 في قرية خورميزك (وهي من قرى مهريز يزد)
في أيام هجوم الأفاغنة وخوفا منهم التجأ مع أهله وعياله إلى تلك القرية.
ويؤيد كون هذه الرسالة للفاضل الهندي أن الفاضل نفسه ذكر في رسالته
(چهار آئينه) إن له بحثا مفصلا حول إثبات وجود الواجب تعرض له في رسالته
(بينش غرض آفرينش) وهذا شاهد قطعي على كون الكتاب من مؤلفاته (قدس سره).
29 - كاشف أسرار اليقين من أصول الشرع المبين في شرح معالم الدين. وهو
شرح على كتاب معالم الدين للمرحوم الشيخ حسن العاملي، أما موضوعه فهو
دفع الإيرادات والاشكالات التي أوردها البعض على المؤلف.
توجد منه نسخة مشتملة على 224 ورقة في مكتبة السيد المرعشي برقم
4744 وهي نسخة بخط المؤلف، وفيها تلاعب ومسح في بعض ألفاظها، ولعله لا
توجد نسخة أخرى غيرها، ولذلك لم يشر إلى هذا الكتاب في معاجم المؤلفات.
30 - قراح الاقتراح: لم يشر إليه في الذريعة، وجاء في وصفه: إن السيوطي
ألف كتاب مختصر باسم (الاقتراح في أصول النحو وجدله) فألف الفاضل الهندي
هذا الكتاب مختصرا له مع محافظته على الترتيب في الأصل وحذف قسما من
مطالبه. وألف هذا الأثر في سنة 1081 وتوجد منه نسخة في 13 ورقة (2). يقول

(1) رسالة چهار آئينه، نسخه رقم 7529 في مكتبة السيد المرعشي، الورقة 2.
(2) فهرس مكتبة المرعشي: ج 4 ص 16 رقم 817.
59

الفاضل في مقدمة هذا الكتاب: (أما بعد فهذه رسالة قراح الاقتراح الهادية للعقل
الصراح إلى أصول النحو الوضاح هذبت فيها رسالة الاقتراح التي اقترحها الشيخ
الفاضل والحبر الكامل علامة عصره وأعجوبة دهره جمال الملة والحق والدين
جلال الدين السيوطي أسكنه الله وسط جنانه وكساه حلل رضوانه في علم أصول
النحو جامعا موجزا... مسقطا لما فيه من الحشو والتطويل جامعا مع غاية الإيجاز
حق التفصيل...) (1).
وطبعت هذه الرسالة في نهاية كشف اللثام في إحدى طبعاته الحجرية مع
مقدمة لآية الله المرعشي قدس سره وتوجد منه نسخة ضمن مجموعة رقم 1864 في
مكتبة جامعة طهران من الورقة 89 إلى 111.
31 - موضح أسرار النحو: جاء في أول هذه الرسالة ما نصه: (فاعلموا إخواني
أيدكم الله أنه قد التمس مني بعض خلا ني وخلص إخواني إلى اقتناص الحقائق
من المعاني واقتباس الدقائق من المثاني أن أكتب له كتابا في علم النحو، متنكبا عن
الإيجاز المخل والاسهاب الممل... توجد نسخة من هذه الرسالة ضمن مجموعة
برقم 1864 في المكتبة المركزية لجامعة طهران. من الورقة 196 إلى 241.
32 - الرسالة التهليلية: ولم يشر إليها في الذريعة أيضا، موضوعها البحث عن
لا إله إلا الله وما يستفاد منها. وتوجد منها نسخة ضمن مجموعة برقم 817 في
مكتبة السيد المرعشي قدس سره مقدمتها هكذا:
(إعلم أنهم اختلفوا في كلمة (لا إله إلا الله) التي لا خلاف بين المسلمين في
أنها كلمة التوحيد.... (2) وطبعت في آخر كشف اللثام، بالطبعة الحجرية.
33 - الكوكب الدري: لم يشر إليه في الذريعة أيضا، وموضوعه تفسير الآيات
المنتخبة من كتاب غرر الفرائد للسيد المرتضى وزاد في توضيحها، وضم إليه

(1) نسخة 817 في مكتبة المرعشي، الورقة 313 - پ.
(2) نسخة 817 مكتبة المرعشي. الورقة 312 - پ.
60

الآيات الواردة في تنزيه الأنبياء، وفرغ من تأليفه ليلة الثلاثاء أول محرم سنة
1097، وهو موجود ضمن مجموعة برقم 817 في مكتبة السيد المرعشي (1).
قال الفاضل في مقدمة هذا الأثر:
(... مما أعجب ما أبدع فيه من بدائع المعاني، وما أحسن ما أودع فيه من
كواعب الغواني، ولكن لغاية بسطه متشتتا لأذهان النظار، ولغاية ضوئه مخفيا عنه
ضعفاء الأنظار، فأردت أن أصطفي من مسائله ما يتعلق بالتفسير فأوجزها إيجازا
متنكبا عن الاخلال وأوضحها إيضاحا متجنبا عن الاملال ليدركها كل حديد
وكليل ويتناولها كل عليل وغليل. وأزيد على ذلك ما هجس صدري المثلوب
وجال في قلبي المقلوب من تحقيقات وتوجيهات يناسب المقام وإشارات إلى
إيرادات لا تخل بأصل المرام..... وألحقت بها ما في كتابه تنزيه الأنبياء والأئمة
من تفسير الآي، ثم جعلت له ذيلا أذكر فيه تفسير بعض الأخبار ومسائل أخر،
وسميته بالكوكب الدري والله المستعان) (2).
وهناك نسخة منه ضمن كتب المرحوم الخوانساري الموجودة الآن في
المكتبة الرضوية (3). وقد طبعت هذه الرسالة أيضا في نهاية كشف اللثام.
34 - حاشية على الكافية: (لم يشر أيضا إلى هذا الأثر في الذريعة). ونسخة منه
موجودة في المكتبة الرضوية برقم 6 ف 834 (الفهرس ألفبائي ص 208). وتوجد
نسخة منه أيضا في مكتبة كلية الإلهيات في مشهد (برقم 207).
35 - چهار آئينة: (الذريعة 11 / ص 168) ألف هذا الكتاب في سنة
1126 (4). وهي مرتبة على أربعة فصول. الأول في إثبات الواجب بدليل جديد.

(1) كما هي وبنفس الخط مع كتاب كشف اللثام مع مقدمة للسيد المرعشي قدس سره.
(2) الكوكب الدري: نسخة مرعشي رقم 817، الورقة 254.
(3) فهرست هزار وبانصد نسخة خطي: ص 202.
(4) كتب الشيخ الآقا بزرگ أن هذه الرسالة ألفت في سنة 1122 (الذريعة: ج 5 رقم 1481)
وهذا ينافي لما جاء في آخر هذه الرسالة (چهار آئينة).
61

الثاني في أن إمامة غير المعصوم ملازمة للكفر. الثالث في أن آية الغار تدل على
خلاف ما يتصوره البعض من معانيها. الرابع في إثبات عصمة أهل البيت بدلالة آية
التطهير.
وكتاب پنج صيقل تأليف محب على الأصفهاني ألفه في الرد على هذا الكتاب
(الذريعة: ج 3 ص 199) وفي جواب پنج صيقل ألف المولى درويش محمد هزار
جريبي كتابا سماه النسائم في الذب عن الانتقاد. وتاريخ هذه الكتب الثلاثة سنة
1131 كانت موجودة ضمن مجموعة عند المرحوم السيد محمد رضا الزنجاني
ابن السيد محمد الزنجاني. وكتاب آخر باسم (صور منطبعة) لملا عبد الكريم بن
الملا محمد طاهر القمي ألف في الرد على محب علي. وفي هذه الرسالة (چهار
آئينه) ذكر فيه متن پنج صيقل مع جوابه عن اعتراضات محب علي الأصفهاني
على شكل فقرة فقرة. وتوجد نسخة من الصور المنطبعة في مكتبة آية الله
الگلپايگاني. وهي نفس النسخة المشتملة على رسالة تطهير التطهير للفاضل
الهندي أيضا. وسنتعرض له فيما يأتي، وتوجد نسخة من چهار آئينة في مكتبة آية
الله المرعشي النجفي برقم 7529. ونسخة أخرى منه في مكتبة آية الله
الگلپايگاني برقم 227 موجودة (1).
كتب الفاضل الهندي في مقدمة هذا الكتاب تعرض فيها أولا إلى مسألة ظهور
المجدد على رأس كل قرن، ثم يستمر في البحث ويقول... إن أهل السنة يقبلون
هذه الرواية، وذكر على رأس كل مائة سنة عالم من علماء السنة وعالم من علماء
الشيعة، وفي المأتين السابقتين لم يظهر أحد من علماء السنة بحمد الله والمنة
بحيث يمكنهم ذكر اسمه. بخلاف علماء الإمامية فإنهم كانوا موجودين، فعلى
رأس المائة الثانية عشر - أي ألف ومائة وأحد عشر - إلى الآن وهو ألف ومائة
وست وعشرون لا يوجد أحد سوى الداعي المحرر لهذه الأوراق من علماء

(1) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه آية الله الگلپايگاني: ج 1 ص 197.
62

الإمامية مسموع أو مذكور في تجديد الدين المبين، أو كانت له آثار بينة في
ترويج أصول الدين وفروعه. وأما من الداعي فبحمد الله والمنة ظهرت لي آثار
جليه لا تختفي على أحد وغير مستورة أما في الفروع فالتصانيف وفتاوي الداعي
التي أنجت وتنجي كثيرا من الناس، تفوق حد الحصر والاحصاء، ولا يتمكن أحد
من إنكار ذلك. ولم يسمع أصلا، ولم يذكر أنه في عصر من العصور السالفة جاء
عالم صرف وقته أكثر مني في ترويج شرايع الدين المحمدي (1).
36 - تطهير التطهير عن أوهام شبه الحمير: وهذه الرسالة باللغة العربية في إثبات
عصمة أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله. وهي رسالة نظمت ردا على سؤال واحد من علماء
أهل السنة الذي لم يصرح باسمه. وتوجد منه نسخة مؤلفة من ورقتين في مكتبة
السيد الگلپايگاني (2). وفي هذه المجموعة رسالة باسم شرح تطهير التطهير لا
يعرف مؤلفها وهي في الأصل ألفت في الرد على كلام الفاضل الهندي.
وتم هذا الشرح في يوم الخميس السابع عشر من صفر سنة 1130. وفيه ذكر
لكتاب حق اليقين للمرحوم المجلسي. وهناك حواش موجودة على هذه الرسالة
مكتوب في آخرها: من خط الفاضل المحقق... بهاء الدين محمد بن الحسن
المشهور بالفاضل الهندي. ولعل هذه الحواشي رد على انتقادات المتن.
وهناك رسالة أخرى ضمن المجموعة هذه بعنوان شرح تطهير التطهير من
مؤلفات السيد عبد الباقي الحسيني جاء في مقدمتها إنها ألفت إجابة لطلب
الأصدقاء في شرح رسالة الفاضل الهندي. وأيضا توجد رسالة ضمن المجموعة
هذه باسم (إذهاب الرجس عن حظيرة القدس) من تأليفات الملا عبد الكريم بن
محمد طاهر القمي وهي في الجواب عن الاشكالات التي أوردها بعض العلماء
في شرحه على كتاب تطهير التطهير للفاضل الهندي. ويقصد به النقد المتقدم ذكره

(1) چهار آئينه نسخة رقم 7529 مكتبة المرعشي، ورقة 1.
(2) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه آية الله گلپايگاني: ج 1 ص 49 رقم 42.
63

في السطور أعلاه الموجود ضمن هذه المجموعة. وتوجد رسالة أخرى أيضا للملا
عبد الكريم ترجم فيها استجابة لطلب شخص اسمه الحاج محمد زمان تاجر
(إذهاب الرجس) الذي له. وفي هذا المتن يشاهد عين عبارة تلك الرسالة التي
هي في الرد على الفاضل الهندي (1) وأيضا يلي هذه الرسائل رسالة الصور المنطبعة
المتقدم ذكرها.
37 - إلزام العار لصاحب الغار: ذكر هذا العنوان أيضا ضمن مجموعة برقم 42
موجودة في مكتبة آية الله الگلپايگاني في قم المشرفة في أربع ورقات. ويلي
هذه الرسالة قصيدة لامية من نظم المؤلف مكونة من 55 بيت ضمنها سؤال
وجواب عن آية الغار، وجاء في نهايتها: (كتب البهاء الأصفهاني بخطه).
38 - تحريم خمر: رسالة مؤلفة من ست ورقات تضمنت ترجمة للروايات
الواردة في حرمة الخمر وعقوبة الشارب لها مع حذف السند. وتوجد منه نسخة
في مكتبة السيد المرعشي برقم 8266، والسيد المفهرس كتب قائلا: هذه الرسالة
في النسخة الموجودة منسوبة إلى الفاضل الهندي ونحن نشكك في صحة هذه
النسبة (2). والجدير ذكره إن تاريخ كتابة هذه النسخة سنة 1106. وكتب في أعلا
الرسالة: الرسالة التي ألفها رئيس المجتهدين بهاء الملة والدين الشهير بالفاضل
- دام ظله - (3) وعلى هذا فلا محل للترديد في صحة هذه النسبة.
39 - زبدة العربية: وهي تلخيص وترجمة لكتاب المطول للتفتازاني، وهدف
الفاضل الهندي في آثاره التلخيصية هو التسهيل على طلبة العلوم سيما المبتدئين
منهم في درك علوم العربية. وتوجد منها نسخة برقم 9 / 101 في مكتبة آية الله
الگلپايگاني. ولعلها هي النسخة الأصلية لكثرة الخطوط والتغيير في ألفاظها. ولا
يوجد في الذريعة إشارة إلى ذلك.

(1) فهرست نسخه هاي كتابخانه آية الله الگلپايگاني: ج 1 ص 49 - 52.
(2) فهرست نسخه هاي خطى كتابخانه آية الله المرعشي ج 21 ص 227.
(3) نسخة 8266 مكتبة المرعشي الورقة 48 - پ.
64

40 - حاشية على قرب الإسناد. توجد نسخة من قرب الإسناد في مكتبة آية الله
المرعشي (رقم 982) (1). عليها حواش كثيرة بإمضاء (بهاء) وهو الفاضل الهندي.
ونرى هذه الحواشي من الكثرة بحيث يمكن عدها تأليف مستقل للفاضل الهندي،
وهذه النسخة المذكورة كانت في حوزة المير بهاء الدين المختاري ومختومة بختم
البهاء. فيحتمل أن هذه الكتابات عائدة إليه. وعلى هذا الاحتمال ينبغي أن يقال إنه
فقط في حال قراءة هذا الكتاب على الفاضل كانت تطرح بعض المطالب ويقوم
التلميذ بتدوينها في الحاشية.
41 - الرسائل الكثيرة: (الذريعة: 10 / ص 257، رقم 855) جاء عنها في
الروضات: وله... أجوبة مسائل كثيرة عمدتها في الفقه بل أبواب العبادات إلى غير
ذلك من الرسائل والتعليقات والخطب والإجازات (2).
42 - تحفة الصالح: وتشتمل على مجموعة من فتاوى الفاضل الهندي التي قام
تلميذه محمد صالح الكزازي بتهيئتها وترتيبها (3).
وفي الختام أقدم خالص شكري وثنائي لسماحة حجة الاسلام والمسلمين
الأستاذ الشيخ محمد رضا فاكر - دامت بركاته - الذي حثني مشوقا على كتابة هذه
المقدمة، وبتفضله علي بملاحظاته القيمة صانني من الوقوع في الأخطاء في موارد
متعددة. كما أشكر سماحة حجة الاسلام والمسلمين الشيخ محمد مهدي نجف
لمتابعته ومساعدته لنا وبإخلاص كامل على إنجاز وإتمام هذه المقدمة، سائلا
المولى العلي القدير أن يزيد في توفيقهما وتأييدهما.
رسول جعفريان - قم المشرفة
1416 ه‍

(1) للأسف ذكر في فهرس المكتبة بعنوان نسخة الكافي وإن كان ملحقا به روضة الكافي.
(2) روضات الجنات: ج 7 ص 113.
(3) أعيان الشيعة: ج 9 ص 138.
65

صورة خط الفاضل الهندي
66

صورة خط الفاضل الهندي
67

مصادر الترجمة
(1) الإجازة الكبيرة: السيد عبد الله الموسوي الجزائري تحقيق الشيخ محمد
السمامي الحائري قم. مكتبة آية الله المرعشي 1409 ه‍.
(2) أعيان الشيعة: السيد محسن الأمين العاملي، بيروت دار التعارف
1403 ه‍.
(3) إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون: إسماعيل باشا البغدادي.
بيروت، دار الفكر، 1402 ه‍.
(4) بحار الأنوار: العلامة محمد باقر المجلسي ج 107 بيروت، مؤسسة
الوفاء.
(5) بينش غرض آفرينش: للفاضل الهندي، بمساعي آية الله جواد
المدرسي، يزد، مطبعة گلبهار.
(6) تاريخ حزين: أصفهان، كتابفروشي تأييد، 1332.
(7) تذكرة القبور: آية الله عبد الكريم گزي أصفهاني (المتوفى 1341) طبع
بمساعي ناصر باقري بيد هندي، قم، مكتبة آية الله العظمى المرعشي، 137.
(8) تراجم الرجال: السيد أحمد الحسيني الإشكوري قم. مكتبة آية الله
العظمى المرعشي 1414 ه‍.
(9) ترجمة أناجيل أربعة: مير محمد باقر خاتون آبادي، بتصحيح رسول
جعفريان، قم 1373.
(10) تكملة أمل الآمل: السيد حسن الصدر، تحقيق السيد أحمد الحسيني
الإشكوري، قم مكتبة آية الله العظمى المرعشي 1406 ه‍.
68

(11) تلامذة العلامة المجلسي والمجازون منه: السيد أحمد الحسيني
الإشكوري قم، مكتبة آية الله العظمى المرعشي 1410 ه‍.
(12) در آمدى بر فقه شيعه، دكتر حسين مدرسي طباطبائي، ترجمة محمد
آصف فكرت، مشهد، بنياد بژوهشهاى إسلامي 1368.
(13) دستور شهرياران: محمد إبراهيم بن زين العابدين نصيري، طبع
بمساعي محمد نادر نصيري مقدم، طهران، موقوفات افشار، 1373.
(14) الذريعة إلى تصانيف الشيعة: آية الله الشيخ آقا بزرك الطهراني، وولديه
على نقي وأحمد، بيروت، دار الأضواء.
(15) روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات: آية الله الميرزا محمد
باقر الموسوي الأصفهاني، قم إسماعيليان 1392.
(16) الروضة النضرة: الشيخ آقا بزرك الطهراني وعلي نقي المنزوى، بيروت،
مؤسسة فقه الشيعة.
(17) رياض العلماء وحياض الفضلاء: العلامة المرحوم ميرزا عبد الله أفندي
طبع بمساعي السيد أحمد الحسيني الإشكوري، قم، مكتبة آية الله المرعشي
1401 ه‍.
(18) زندگينامه علامه مجلسي، سيد مصلح الدين مهدوي (م 1416)
أصفهان حسينية عماد زاده 1401 ه‍.
(19) سيرى در تخت فولاد أصفهان: سيد مصلح الدين مهدوي، أصفهان،
انجمن كتابخانه هاي عمومي، 1370 ه‍. ش.
(20) شرح عدة الأصول: صدر الدين محمد الحسيني، نسخة خطية في مكتبة
آية الله المرعشي برقم 2795.
(21) الكواكب المنتشرة في القرن الثاني بعد العشرة الشيخ آقا بزرك
الطهراني وعلي نقي المنزوي طهران، جامعة طهران، 1372 ه‍. ش.
(22) الفوائد الرضوية: المرحوم المحدث الحاج الشيخ عباس القمي، قم.
69

(23) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه آية الله العظمى المرعشي، السيد
أحمد الإشكوري، قم.
(24) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه آية الله الگلپايگاني: السيد أحمد
الحسيني الإشكوري قم، 1357 ه‍. ش.
(25) فهرست نسخه هاي خطي كتابخانه مركزي دانشگاه تهران: محمد تقي
دانش پژوه و... من انتشارات المكتبة.
(26) فهرست نسخه هاي خطى كتابخانه مجلسي شورى: عبد الحسين
الحائري و...، طهران من انتشارات مكتبة المجلسي.
(27) فهرست نسخه هاي خطى كتابخانه مدرسة سبهسالار (شهيد مطهري):
ابن يوسف شيرازي، طهران، 1315 ه‍. ش.
(28) فهرست هزار وبانصد (1500) نسخه، المهداة من قبل قائد الثورة - آية
الله السيد الخامنئي دام ظله - إلى المكتبة الرضوية: رضا استادي، قم، 1373 ه‍. ش.
(29) القامعة للبدعة في إثبات رجوع صلاة الجمعة: عبد الله السماهيجي،
نسخة خطية في مكتبة آية الله المرعشي رقم 4902 ه‍. ش.
(30) قصص العلماء: مرحوم ميرزا محمد التنكابني، طهران 1364 ه‍. ش.
(31) مرآة الكتب: ثقة الاسلام شهيد تبريزي 1369 ه‍. ش.
(32) مقابس الأنوار: آية الله الشيخ أسد الله الدزفولي الكاظمي (المتوفى
1237) قم، مؤسسة آل البيت.
(33) نجوم السماء: الميرزا محمد علي الكشميري قم، بصيرتي.
(34) منتخبات آثار الحكماء: سيد جلال الدين الآشتياني، ج 3، طهران.
(35) وقايع السنين والأعوام: السيد عبد الحسين الخاتون آبادي، بإعداد
محمد باقر البهبودي، طهران، المكتبة الاسلامية، 1352 ه‍. ش.
70

كلمة التحقيق
في رحاب كشف اللثام
يعد كشف اللثام واحدا من أهم الموسوعات الفقهية التي جادت بها الحوزات
العلمية الإمامية في القرون المتأخرة، فقد اعتمده ثلة كبيرة من الفقهاء والعلماء
المتأخرين في تحقيقاتهم الفقهية ومباحثهم الاستدلالية، وما ذلك إلا لما امتاز به
هذا الكتاب الشريف من شمولية واستيعاب لأكثر الآراء الفقهية باختصار، إذ قلما
فاته شئ منها، وبذلك يعتبر هذا الكتاب مصدرا مأمونا لمعرفة آراء وأنظار
فقهائنا المتقدمين منهم والمتأخرين.
ومما امتاز به أيضا اعتماده كتاب (قواعد الأحكام) - وهو من مصنفات
الحسن بن يوسف بن المطهر (العلامة الحلي) رضوان الله تعالى عليه، والمتوفى
عام 726 ه‍ - في مسائله وأبحاثه، حيث يعد كتاب القواعد من أمتن ما كتب في
مدرسة الحلة من المصنفات الفتوائية لكثرة المسائل وفروعها المطروقة والوقائع
المطروحة في كل باب من أبواب الفقه مع الدقة في الفتوى والمتانة في بيان
الأحكام الشرعية، الأمر الذي جعل هذا الكتاب أن يتخذ قانونا عاما لبلاد إيران
آنذاك بعد ظهور الدولة الصفوية فيها.
وقد تناول علماؤنا الأعلام كتاب القواعد بالشرح والتفصيل قديما وحديثا
وألفت الموسوعات الفقهية في شرحه وحل مشكلاته مثل: كنز الفوائد في حل
مشكلات القواعد، وجامع المقاصد للمحقق الكركي، ومفتاح الكرامة للسيد جواد
71

العاملي وغيرها من الشروح.
وهذا الكتاب واحد من أهم تلكم الشروح والتعليقات، حيث ابتداء المصنف
في شرحه بكتاب النكاح وما تلاه من الكتب الفقهية لأنه جاء تتميما وتكميلا
لكتاب (جامع المقاصد في شرح القواعد) حيث قال الشارح في معرض حديثه
في المقدمة: (وابتدأت بالنكاح وانتهيت إلى آخر الكتاب، لما لم يتفق لتلك الكتب
شرح يكشف عنها النقاب، ويرفع عن معضلاتها الحجاب، فحان الآن أن آخذ في
شرح الصدر بشرح الصدر...) ثم عاد مبتدئا بكتاب الطهارة ثم الصلاة حيث
توقف في نهاية مبحث (ما يوجب إعادة الصلاة) ولم يكمل البحث لكثرة ما
ابتلي به رضوان الله تعالى عليه من صرف الوقت في إجابته على الأسئلة الشرعية
الموجهة إليه كما أشير إلى ذلك في آخر إحدى النسخ الخطية.
فالتصدي للمرجعية وجواب الاستفتاءات هو السبب المانع من إتمام
الكتاب، وبذلك جاءت هذه الدورة الفقهية - وللأسف - ناقصة في بعض أبوابها
وكتبها وهي: (بقية كتاب الصلاة ثم كتاب الزكاة وكتاب الخمس والأنفال وكتاب
الصوم وكتاب المتاجر وكتاب الدين وكتاب الأمانات وتوابعها وكتاب الغصب
وكتاب إحياء الموات وكتاب الإجارة وكتاب الوقوف والهدايا). أما كتاب الحج
فإنه وإن كان متخللا بين كتاب الصلاة وكتاب النكاح في القواعد لكنه وفق
لشرحه والتعليق عليه، وفرغ من تحريره في السادس عشر من شوال سنة 1110 ه‍.
كما يظهر من خاتمة الكتاب.
ويظهر من التواريخ المثبتة في آخر أكثر الكتب الفقهية أنه قدس سره أكمل شرح
كتاب النكاح في ربيع الثاني من سنة 1096 هجرية، وأكمل شرح كتاب الفراق في
شهر ذي القعدة الحرام من نفس العام 1096، ثم جاء إتمامه لكتاب الأيمان
والنذور والكفارات في رجب من عام 1097، وأتم كتاب الصيد والذباحة في 18
ربيع الأول عام 1098، وأتم كتاب الفرائض أواخر 1098، وأتم كتاب القضاء في
15 رمضان عام 1100، وكتاب الحدود والديات والجنايات في 19 رمضان سنة
72

1101 هجرية، ثم عاد لشرح كتاب الطهارة وفرغ منه عام 1105، ثم شرح كتاب
الحج وأكمله في 16 شوال من عام 1110 هجرية، تلاه شرحه لكتاب الصلاة حتى
انتهى إلى أواخر المطلب الأول من الفصل الأول من المقصد الرابع عام 1131
هجرية حيث توقف عن الشرح. ويظهر من عبارة لناسخ إحدى النسخ المدونة في
هامش آخر كتاب الصلاة أن سبب توقفه، كان لكثرة انشغاله بإجابة الأسئلة
الشرعية التي انهالت عليه آنذاك كما تقدمت الإشارة إليه والله أعلم بالصواب.
منهجية التحقيق:
لا يخفى على ذوي الخبرة في ميدان التحقيق وخصوصا في حقل الفقه بما
يواجهه المحقق من مشاكل وصعاب في مسيرة العمل التحقيقي وإرجاع الأقوال
والأحاديث إلى مصادرها الأولية، فإن الكثير ممن كتب في هذا المضمار حكى
ما جاء من الأحاديث الشريفة وأقوال الفقهاء المتقدمين نصا حرفيا تارة، وأخرى
أشار إليها إشارة عابرة، وربما ذكرها ثالثة بالمضمون أو المعنى، مما يجعل
المحقق يبحث في دوامة بين المصادر الحديثية والفقهية للحصول على بغيته منها،
وخصوصا في الموسوعات التي اختصر مؤلفوها أسماء الفقهاء أو المصادر
المعتمدة اختصارا قد يقع فيها الاشتراك أو الاشتباه عند كتاب النسخ الخطية
كاختصار كتاب السرائر مثلا بالرمز (ئر) وللتحرير (ير) ولشرائع الاسلام ب‍ (يع)
ولجامع الشرائع ب‍ (مع) وللخلاف (ف) وللمهذب ب‍ (ب).
فقد حاولت المؤسسة - بكوادرها التحقيقية كافة - أن لا تدخر جهدا مخلصا
إلا وظفته لاخراج هذه الموسوعة الفقهية بما تستحق.
فبادرت المؤسسة بتشكيل لجان للعمل بالنحو التالي:
1 - لجنة المقابلة: ومهمتها مقابلة النسخ المخطوطة الآتية وصفها، وضبط
الاختلافات الواردة بينها بعد معارضتها، خصوصا بعد أن وجدت عبارات وجمل
73

مطولة قد سقطت بأكملها من الطبعة الحجرية أو من النسخ المخطوطة الأخرى،
وقد تحمل هذه المهمة كل من: الحاج عبد العزيز الهلالي والحاج أحمد الوائلي
وهادي مهدي وعلا الدين سامي والحاج يونس البغدادي ونجف حسن كهية.
2 - لجنة الاستخراج: تحملت مهمة استخراج الآيات القرآنية والأحاديث
الشريفة سواء المصرح فيها اسم الراوي، أو ذكرت مجملة. كما حاولت اللجنة
استخراج جميع أقوال الفقهاء المشار إليهم في هذا السفر القيم من المصادر المشار
إليها بعد حل رموزها إلا ما ندر منها لعدم توفر مصادرها في الوقت الحاضر.
وكذلك سعت إلى توضيح بعض المفردات اللغوية وشرحها من مصادرها.
وقد قام بهذه المهمة تحت إشراف سماحة حجة الاسلام الشيخ محي الدين
الواعظي كل من: الشيخ علي أكبر الأحمدي وعلي الركابي وأبو حسين الغزاوي
وكمال عبد الرضا الهاشمي وأبو تقي الكناني وأبو رعد الطائي وقاسم الشالبافي
والسيد طالب الموسوي وجمال التميمي وأبو فردوس البهرامي وأبو حياة
النعماني وعز الدين الواعظي وجلال الأسدي وعبد الله الخزاعي ومسلم الخزعلي
ومحمد حسين العادلي.
3 - لجنة تنضيد الحروف: حيث قامت - بنجاح والحمد لله - بتنضيد حروف الكتاب
في أربعة عشر جز خلال فترة قصيرة، وقد كانت هذه المهمة على عاتق الإخوة:
حيدر الجواهري والسيد ناهض العلوي وأبو نور الكاظمي وتحسين السماوي.
4 - كما تحمل مسؤولية تنظيم بعض الفهارس في نهاية كل جز منه الأخ رعد
مجيد البهبهاني على أمل أن يكون الجز الخامس عشر جز خاصا بفهارس فنية
كاملة وشاملة لكل الموسوعة إن شاء الله.
سائلين الباري عز اسمه أن يوفق الجميع لنشر علوم آل محمد 6، وآخر
دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
74

وصف المخطوطات:
اعتمدنا في تحقيقنا في هذه الطبعة على النسخ التالية:
1 - النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة آية الله العظمى السيد الگلبايگاني
العامة بقم تحت رقم 2325، ضمت بين دفتيها كتاب الطهارة فقط، مجهولة
الناسخ، استنسخها ناسخها من أصل النسخة المكتوبة بخط المؤلف سنة 1201
هجرية.
رمزنا لها بالحرف (ك).
2 - النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة آية الله العظمى السيد النجفي
المرعشي العامة بقم تحت رقم 5664، ضمت بين دفتيها كتاب الطهارة، كتبها
محمد إبراهيم بن كلب علي الخوانساري، واتفق الفراغ من نسخها في العشرين من
شهر شعبان المعظم سنة أربع وستين ومأتين بعد الألف من الهجرة النبوية.
رمزنا لها بالحرف (م).
3 - النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة المسجد الأعظم العامة بقم تحت رقم
1868، مجهولة الناسخ، تم الفراغ من نسخها في الخامس عشر من سلخ ربيع
الأول سنة 1251 هجرية ضمت بين دفتيها كتاب الطهارة أيضا.
رمزنا لها بالحرف (ص).
4 - النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة المسجد الأعظم أيضا تحت رقم 395،
كتبها السيد عباس بن محمد الطباطبائي وفرغ من نسخها في الخامس والعشرين
من شهر ربيع الأول سنة 1299 للهجرة النبوية ضمت كتاب الطهارة أيضا.
رمزنا لها بالحرف (س).
5 - النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة آية الله العظمى السيد النجفي
المرعشي العامة تحت رقم 3767 ضمت بين دفتيها كتاب الصلاة، مجهولة الناسخ
75

والتاريخ، عليها تصحيحات وبلاغات من تلميذ المؤلف محمد علي القشمري،
كما يلاحظ في بعض البلاغات بخط مؤلفها.
جاء في ذيل الصفحة الأخيرة بعد البسملة الحمد ما نصه: (أنهى الأخ الفاضل
التقي النقي الزكي... المولى محمد علي القشمري هذا المجلد من كشف اللثام عن
قواعد الأحكام قراءة لبعضه وسماعا لبعض... وكتب المؤلف محمد بن الحسن
الأصبهاني المعروف بالبهاء... في جمادى الأول لسنة ألف ومائة وتسع وعشرين
بداري بأصبهان صانها الله من المحن...
رمزنا لها بالحرف (ع).
6 - النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة المسجد الأعظم العامة تحت رقم
2530، ناقصة الآخر، ضمت بين دفتيها كتاب الصلاة، عليها بعض التصحيحات
والتعليقات.
رمزنا لها بالحرف (ب).
7 - النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة استان قدس رضوي العامة تحت رقم
عام 19769، وهي واحدة من المجموعة الكبيرة المهداة من قبل قائد الثورة
الاسلامية سماحة السيد علي الخامنئي ضمت بين دفتيها كتاب الحج، وهي
النسخة الوحيدة التي اعتمدناها في كتابنا هذا لعدم حصولنا على نسخ أخرى له،
مجهولة الناسخ والتاريخ، جاء في آخرها صورة خط المؤلف: (ونجز بيد مؤلفه
محمد بن الحسن الأصبهاني متعهما الله في داريهما بنيل الأماني من الجمعة
سادس عشر شوال في عصرها ومن السنين بعد الألف ومائة في عاشر عاشرها
والحمد لله...).
رمزنا لها بالحرف (خ).
8 - النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة استان قدس رضوي تحت رقم
20287 مجهولة الناسخ والتاريخ، تضم كتاب النكاح حتى كتاب القضاء.
رمزنا لها بالحرف (ن).
76

9 - النسخة المحفوظة في مكتبة جامع گوهرشاد بمدينة مشهد المقدسة تحت
رقم 56، تبدأ بكتاب الفراق إلى آخر وصية العلامة الحلي لولده فخر المحققين
رضوان الله عليهما الواردة في آخر كتاب قواعد الأحكام. مجهولة الناسخ والتاريخ.
رمزنا لها بالحرف (ق).
10 - النسخة المحفوظة في خزانة المكتبة الوطنية (ملي) بطهران تحت رقم
6850، كتبها فتح علي في سنة 1203، ضمت بين دفتيها كتاب الفراق إلى آخر
كتاب الكفارات.
رمزنا لها بالحرف (ي).
11 - النسخة المحفوظة في خزانة الحاج محمد حسين ملك في طهران تحت
رقم 2204، كتبها محمد هادي بن السيد صادق وفرغ من نسخها في مدرسة
المرحوم الحاج إسماعيل خان بمدينة رشت سنة 1244 هجرية، تبدأ بكتاب
الصيد والذباحة إلى آخر وصية السيد المتقدم ذكرها.
رمزنا لها بالحرف (ل).
12 - النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة مدرسة الآخوند الهمداني في همدان
تحت رقم 487. كتبها الحاج محمد جعفر قراگزلو وتم الفراغ من نسخها سنة
1238 هجرية، تبدأ بكتاب الحدود إلى آخر وصية العلامة.
جاء في هامش الصفحة الأخيرة منها صورة مقابلة نصها: قد قوبلت بنسخة
معتمدة قوبلت بنسخة من خط المصنف،.
رمزنا لها بالحرف (ه‍).
13 - كما اعتمدنا النسخة المطبوعة على الحجر، والمتداولة في الأسواق،
والذي كتبها علي نقي بن محمد في شهر شوال سنة 1271 هجرية، وقام بتصحيحها
ومقابلتها الحاج ميرزا باب في شهر محرم الحرام سنة أربع وسبعين ومائتين بعد
الألف من الهجرة.
ورمزنا لها بالحرف (ط).
77

نموذج الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة هي خزانة مكتبة الكلبايكاني
78

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة الكلبايكاني
79

نموذج الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة هي خزانة مكتبة المرعشي
80

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة هي خزانة مكتبة المسجد الأعظم بقم
81

نموذج الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة هي خزانة مكتبة المسجد الأعظم بقم
82

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة هي خزانة مكتبة المسجد الأعظم بقم
83

نموذج الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة المسجد الأعظم بقم
84

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة المسجد الأعظم بقم
85

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة المرعشي
86

نموذج الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة المسجد الأعظم بقم
87

نموذج الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة استان قدس رضوي
88

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة استان قدس رضوي
89

نموذج الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة استان قدس رضوي
90

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة استان قدس رضوي
91

نموذج الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة جامع جوهر شاه
92

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة جامع جوهر شاه
93

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة المكتبة الوطنية بطهران
94

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة الحاج حسين ملك في
طهران
95

نموذج الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة الحاج حسين ملك في
96

نموذج الصفحة الأولى من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة الحاج حسين ملك في طهران
97

نموذج الصفحة الأخيرة من النسخة المحفوظة في خزانة مكتبة مدرسة الآخوند في همدان
98

نموذج الصفحة الأخيرة من المجلد الثاني (الطبعة الحجرية)
99

نموذج الصفحة الأخيرة من المجلد الثاني (الطبعة الحجرية)
100

كشف اللثام
عن قواعد الأحكام
تأليف
الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني
المعروف ب‍ الفاضل الهندي
1062 - 1137 ه‍.
الجزء الأول
تحقيق
مؤسسة النشر السلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
101

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله لذي شرع لنا الدين ورفع قواعده، وسهل شرائعه وموارده، وأوضح
مناهجه ومعاهده، وأحكم أحكامه ومعاقده، وعظم مشاعره ومشاهده، ورفع
قصوره، وبين ظهوره، و [متن ظهوره] (1)، فضرب الأرض بجرانه (2)، وسطع للأنام
ببرهانه، وفصح لسانه، واتضح بيانه، وأشرق زمانه، وطربت ألحانه، وامتلأت
دنانه (3)، وامتدت أشطانه (4)، واشتدت أطنانه (5)، واعتلى بنيانه، واعتمرت (6)
أركانه، وامتنعت حصونه، وارتفعت شؤونه، واقتوت أشجاره، وارتوت أزهاره،
وبسقت (7) نخيله، وسهلت سبيله، وساغ (8) سلسبيله، وتفرعت أغصانه، وتشعبت

(1) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(2) الجران: مقدم العنق من مذبح البعير إلى منحره، فإذا برك البعير ومد عنقه على الأرض
قيل: ألقى بجرانه الأرض. وفي حديث عائشة: حتى ضرب الحق بجرانه، أرادت أن الحق
استقام وقر في قراره كما أن البعير إذا برك واستراح مد جرانه على الأرض، أي عنقه. أنظر
لسان العرب: مادة (جرن).
(3) الدنان: هي الحباب، جمع دن، وهو ما عظم من الرواقيد، وهو كهيئة الحب، لا يقعد إلا أن
يحفر له. لسان العرب: مادة (دنن).
(4) الأشطان مفردها (شطن): وهو الحبل، وقيل: الحبل الطويل الشديد الفتل. لسان العرب: مادة (شطن).
(5) الأطنان: سرعة القطع. لسان العرب: مادة (طنن).
(6) في س و ك (اعتزت).
(7) بسق النخل بسوقا، أي طال، ومنه قوله تعالى: (والنخل باسقات) ويقال: بسق فلان على
أصحابه، أي علاهم. انظر الصحاح: مادة (بسق).
(8) في س (ورن).
103

أفنانه (1)، وتطاولت أشجانه (2)، وعلا مناره، وجلا نهاره، وحلا ثماره، ولان
شعاره (3)، وراق دثاره (4)، وزخرت بحاره، وتضاعفت أنواره.
والصلاة على خير من ابتعثه من الأنبياء، وأفضل من اختاره من ذواته العليا،
أقدمهم نبوة، وأعظمهم فتوة، وآكدهم مروة، وأسماهم سموا، وأعلاهم علوا، ومن
تلاه من شهوده تلوا، [ولم] (5) يألو في اعلاء الدين ألوا (6)، ما زينت السماء
بنجومها، وصينت (7) برجومها، ودارت بأيامها، وسارت (8) بأعوامها، وما حدت
الأرض بتخومها (9)، وانطبعت برسومها، ووتدت بأوتادها (10) وأقيمت
بأطوادها (11).
أما بعد، فهذا ما اشتدت أشواقكم إليه، وقصرت هممكم عليه (12)، وعكفت
قلوبكم لديه، طال ما ظلتم (13) ملحين فيه علي، ماثلين له بين يدي، صافين
لاجتناء ثمر الاسعاف حوالي، مستمطرين وبلي (14)، مستمسكين بذيلي،

(1) أفنان: أي أغصان، واحدها: فنن، قال تعالى (ذواتا أفنان). أنظر مجمع البحرين: مادة (فنن).
(2) الشجن والشجنة والشجنة والشجنة: الغصن المشتبك، والشعبة من الشئ، وقد أشجن
الكرم وتشجن الشجر: التف. أنظر لسان العرب: مادة (شجن).
(3) الشعار: ما ولي شعر جسد الانسان دون ما سواه من الثياب، وفي المثل: (هم الشعار
دون الدثار) يصفهم بالمودة والقرب والدثار: الثوب الذي فوق الشعار. أنظر لسان العرب:
مادة (شعر).
(4) الشعار: ما ولي شعر جسد الانسان دون ما سواه من الثياب، وفي المثل: (هم الشعار
دون الدثار) يصفهم بالمودة والقرب والدثار: الثوب الذي فوق الشعار. أنظر لسان العرب:
مادة (شعر).
(5) ليس في ط، وفي س: (لم).
(6) إلى الرجل: إذا قصر وترك الجهد، قال تعالى: (لا يألونكم خبالا) أي لا يقصرون لكم في
الفساد: أنظر مجمع البحرين: مادة (ألا).
(7) في س و م (وصفيت).
(8) في ط: (ساوت).
(9) التخوم: هي الحدود، ومفردها: التخم، وقيل: التخوم مفرد، وجمعه: تخم. مجمع البحرين،
مادة (تخم).
(10) الأوتاد جمع وتد، وهو ما رز في الحائط أو الأرض من الخشب قال تعالى: (والجبال
أوتادا). أنظر اللسان: مادة (وتد).
(11) الأطواد جمع طود، وهو الجبل العظيم. لسان العرب مادة (طود).
(12) أي لم تطمح إلى سواه.
(13) ظلتم: تخفيف (ظللتم) قال تعالى: (ظلت عليه عاكفا) لسان العرب: مادة (ظلل).
(14) الوبل والوابل: المطر الشديد، الضخم القطر. المصدر السابق: مادة (وبل).
104

مستنفرين لرجلي (1) وخيلي، مستدرين (2) طبعي، مستبذلين وسعي من كشف لثام
الابهام وظلام الأوهام، عن وجوه خرائد (3) قواعد الأحكام، لشيخنا الإمام
الهمام (4)، علامة علماء الاسلام، رضوان الله عليه وعلى سائر علمائنا الكرام، على
غاية من الإيجاز، لا بحيث ينتهي إلى الألغاز، وإدراج في يسير من الألفاظ معاني
طويلة الذيول والأعجاز (5)، مع استيفاء للأقوال وما استندت إليه، وإبانة عما ينبغي
التعويل عليه، وتنقيح (6) للمسائل، وتهذيب للدلائل، واجتلاء (7) للعقائل (8)،
واقتناء (9) للحظائل (10) (11)، وهتك للخدور (12)، ورفو (13) للفطور، وجبر للكسور،

(1) الرجل والرجل هو الراج: من سار على رجليه لا راكبا، قال تعالى: (وأجلب عليهم بخيلك
ورجلك). أنظر المصدر السابق: مادة (رجل).
(2) الريح تستدر السحاب: أي تستجلبه، واستدر الحلوبة: طلب درها، والاستدرار: مسح
الضرع باليد، كي يدر اللبن، ويقال للرجل إذا طلب الحاجة فألح فيها: أدرها، أي عالجها
حتى تدر. المصدر السابق: مادة (درر).
(3) الخرائد والخرد والخرد جمع خرود وخريد، وهي البكر التي لم تمس قط، والحيية الطويلة
السكوت الخافضة الصوت، واللؤلؤة التي لم تثقب. أنظر المصدر السابق: مادة (خرد).
(4) الهمام: الملك العظيم الهمة، أو هو من أسماء الملك لعظم همته، أو السيد الشجاع السخي،
والهمام: الأسد على التشبيه. المصدر السابق: مادة (همم).
(5) الأعجاز واحدها عجز: مؤخر الشئ. الصحاح: مادة (عجز). ويريد: بأن تلك المعاني
المفادة بيسير من الألفاظ كثيرة جمة.
(6) نقح الكلام: فتشه وأحسن النظر فيه، وقيل: أصلحه وأزال عيوبه. لسان العرب: مادة (نقح).
(7) تجلى الشئ: أي تكشف، واجتلاها زوجها أي نظر إليها، وتجليت الشئ: نظرت إليه.
لسان العرب: مادة (جلا).
(8) العقائل جمع عقيلة: وهي كريمة الحي، وكريمة الإبل، وعقيلة كل شئ: أكرمه، ويقال: الدرة عقيلة
البحر. الصحاح: مادة (عقل).
(9) اقتنيت الشئ: اكتسبته. لسان العرب: مادة (قنا).
(10) الحظائل جمع حظيلة: المرأة المضيق عليها، الممنوعة من الخروج من دارها. من الحظل
بمعنى المنع من التصرف والحركة، والحظل: غيرة الرجل على المرأة ومنعه إياها من
التصرف. لسان العرب: مادة (حظل).
(11) في ك (للحصائد).
(12) الخدور جمع (خدر): وهو الستر يمد للجارية في ناحية البيت، ثم صار كل ما واراك من
بيت ونحوه خدرا، وجارية مخدرة إذا ألزمت الخدر. لسان العرب: مادة (خدر).
(13) الرفو: مصدر (رفا)، رفا الثوب: أصلحه وخاطه، فهو راف، والثوب مرفو، والرفاء: الالتحام
والاتفاق. لسان العرب: مادة (رفا).
105

وشرح للصدور، وتكميل عن القصور، وتقوية عن الفتور (1)، وتسهيل للوعور (2)،
ورياضة للصعاب (3)، وتقويم للشعاب (4)، وهداية للصواب في كل باب، وابتدأت
بالنكاح وانتهيت إلى آخر الكتاب، لما لم يتفق لتلك الكتب شرح يكشف عنها
النقاب، ويرفع عن معضلاتها الحجاب.
فحان الآن أن آخذ في شرح الصدر بشرح الصدر، وإتمام البدر، كما يتم القمر
في منتصف الشهر، مستعينا بالله، متوكلا عليه، مستميحا من فضله التوفيق
للاكمال، مبتهلا إليه.
قال المصنف - رفع الله مقامه، وضاعف إكرامه -: (بسم الله الرحمن
الرحيم) أصنف أو أكتب أو أشرع فيه، أي متلبسا أو مصحوبا به، أي ذاكرا له، أو
بالاستعانة به، كأنه لا يتيسر بدون ذكره، كما لا يتيسر بدون القلم.
وقد أراد بالأسماء الثلاثة المسمى، أي باسم هذا الذات الذي كذا وكذا، أي
الذات الموسوم بالله، الموصوف بالرحمن الرحيم، ولكن ذكرها أغنى عن ذكر
اسم آخر، فهي باعتبار المسمى من (5) مدلول الكلام وباعتبار أنفسها مصداق
مدلوله.
ويجوز أن لا يراد بها إلا الألفاظ، ويكون إضافة اسم إليها، كما في: يوم
الأحد، وشجر الأراك (6) فإنه اسم جنس يشمل ما فوق الواحد.
ويجوز أن يراد بالله الذات، وبالآخرين اللفظ، وعلى الأول فالمحققون على
أن (الرحمن) أيضا اسم للذات ك‍ (الله)، وأن لفظه هنا بدل من (الله)، ولذا قدم
على (الرحيم) لكونه صفة، فاندفع السؤال عن جهة تقديمه مع أنه أبلغ.
(الحمد لله) يحتمل الاخبار عن كونه محمودا، وعن حمده له، والانشاء

(1) الفتور مصدر (فتر): الضعف والانكسار. مجمع البحرين: مادة (فتر).
(2) في ط (للوجور).
(3) الصعاب جمع (صعبة) ضد ذلول، وصعب الدواب: غير المنقاد منها. لسان العرب: مادة
(صعب).
(4) الشعاب جمع (شعب) وهو الطريق في الجبل لسان العرب: مادة (شعب).
(5) في ط (عن).
(6) في ط: (الادراك) والظاهر هو تصحيف.
106

لحمده (على سوابغ النعماء) نوامها واسعاتها، والنعماء مفرد كالنعمة وبمعناها
(وترادف الآلاء)، وهي جمع (آلى) بمعنى النعمة، ولم يظهر لي فرق بينهما وإن
قيل باختصاص الآلاء بالنعم الباطنة، ومع الترادف لا اتحاد بين القرينتين، فإنه
حمده على نفس النعم، ثم على ترادفها.
ثم ذكر أعاظم النعم المترادفة المشعرة، بما يسبقها من نعم الوجود، والعقل،
والفهم، والقدرة، والقوة (1)، فإن ذكر النعم من الشكر عليها، وفيه تذكيرا للغير،
وحثا له على الشكر، فقال: (المتفضل) يحتمل الوصف والقطع، أي: هو
المتفضل، أو أعينه أو أخصه (بإرسال الأنبياء لارشاد الدهماء) أي جماعة
الناس أو الثقلين إلى ما لا يبلغه عقولهم، أو ضلوا عنه (والمتطول بنصب
الأوصياء) للأنبياء (لتكميل الأولياء) أي [أوليائه أو] (2) أولياء الأنبياء أو
الأوصياء، فإنهم أخذوا أصل الدين من الأنبياء، وتكلمهم الأوصياء بالتفهيم
والتفريع، وتعليم ما لم يأخذوه منهم (3).
وقد سئل، عن ذكر التفضل والتطول مع وجوبهما على الله عندنا (4)،
فأجاب: بأنهما يتوقفان على الخلق والاقدار وتكميل العقول، لينتفعوا بهما،
ويستأهلوا للنعيم المقيم ورفع الدرجات، وكل ذلك تفضل منه تعالى، وتطول
فهما (5) كذلك، وإن وجبا بعد ذلك، فكأنه قيل: إنه تعالى تفضل بالتأهيل لارسال
الرسل إليهم، ونصب الأوصياء لهم.
ويمكن الجواب: بأن الارسال إنما يجب للتعريض للثواب، والتحذير من
العقاب، وكان من الجائز أن يهمل الله عباده، ويذرهم كالأنعام وإن كانوا عقلا
كاملين، ولا يثيبهم (6) بالجنان، فتعريضهم لذلك وتشريفهم بالخطاب والتكليف

(1) ليس في ك و م، وفي س (والقوة والقدرة).
(2) ليست في ط.
(3) زاد في ط (ولذا ذكر التكميل).
(4) السائل هو فخر المحققين انظر إيضاح الفوائد: ج 1 ص 3.
(5) في ط (فيهما) و س (منهما).
(6) في ك (يثبتهم).
107

تفضل. وأيضا لما أكملهم بالعقول، جاز أن يكلفهم بقضاياها من غير إرسال رسول
يؤيدها وينبهها.
وأما وجوب الارسال لحفظ نظام النوع - لكون الانسان بالطبع مدنيا، مع
نزوع كل إلى ما يشتهيه، والانطباع على الغضب على من يدافعه، وتأدى ذلك إلى
القتال - فليس إلا وجوبا للحفظ، ولو كان يدعهم يتقاتلون ويتدافعون لم يلزم
محال، مع إمكان خلقهم مطبوعين على التآلف، بل مبرئين (1) من الشهوة والغضب،
وكل من خلق الشهوة والغضب فيهم وحفظ نظامهم تفضل منه تعالى.
(والمنعم على عباده بالتكليف المؤدي إلى أحسن الجزاء) والكلام
فيه - كما تقدم (2) - على أن الانعام قد يكون واجبا، وفي وصف التكليف بالتأدية
إلى أحسن الجزاء دلالة على غايته، والعلة في صدوره عنه تعالى وفي كونه نعمة.
(ورافع درجات العلماء) كما قال: (هل يستوي الذين يعلمون والذين
لا يعلمون إنما يتذكر أولو الألباب) (3)، وقال: (يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين
أوتوا العلم درجات) (4) (ومفضل مدادهم على دماء الشهداء) فقد ورد أنه
يوزن يوم القيامة مداد العلماء ودماء الشهداء، فيرجح مداد العلماء على دماء
الشهداء (5) (وجاعل أقدامهم واطئة على أجنحة ملائكة السماء) فقد ورد
في الأخبار: (أن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم يطأها رضى به) (6).
وأما كون الملائكة، ملائكة الأرض أو السماء فغير مفهوم من الأخبار،
ويمكن أن يقال: ملائكة السماء لا ملائكة الأرض (7)، لتمكنهم من العروج إليها.
ولعله، رأى من الأخبار ما ينص على ملائكة السماء.
(أحمده على كشف البأساء) وهي الجهل والضلال والفساد، بإرسال

(1) في ط (مبرائين).
(2) في ط و ك (كما فيما تقدم).
(3) الزمر: 9.
(4) المجادلة: 11.
(5) كنز العمال: ج 10 ص 141 ح 28715.
(6) الكافي ج 1 ص 34 ح 1.
(7) في م و ط (لملائكة الأرض)، وفي ك (بملائكة الأرض).
108

الرسل، ونصب الأوصياء والتكليف (ودفع الضراء) وهي أنواع العذاب
والخزي في الدارين بذلك، مع التوفيق للاهتداء.
قيل: ويمكن أن يريد بالأولى الجهل البسيط، وبالثانية المركب (1).
(وأشكره في حالتي الشدة والرخاء) فإن الشدة نفسها (2) نعمة عظيمة
على المؤمن، يكفر ذنوبه، ويعظم له الأجر إذا صبر، مع أنه تعالى حينها لم يسلبه
نعمة رأسا، بل له عليه من النعم ما لا يحصى، ولا ينبغي للعبد إذا سلبه الله نعمة أن
يكفر بغيرها.
(وصلى الله على سيد الأنبياء محمد المصطفى) صرح باسمه مع
ظهوره تبركا واستلذذا (3) (وعترته الأصفياء) وهم الأئمة الاثنا عشر، [أو مع
فاطمة] (4) صلوات الله عليهم كما وردت به الأخبار (5)، وقد ذكرت في معاني
الأخبار (6)، وغيره لتسميتهم بالعترة وجوه لا يهمنا التعرض لها (7) هنا (صلاة
تملأ أقطار الأرض والسماء) هذه عبارة تذكر للمبالغة في كثرة الشئ وإن لم
يكن من الأجسام، أي رحمهم وبارك عليهم رحمة وبركة بالغة في الكثرة منتهاها،
أو يقال: الرحمة عليهم تتضمن رحمة سائر الخلق من الثقلين والملائكة وغيرهم،
لأنهم رحمة للعالمين، فهذا معنى أنها تملأ الأقطار.
(أما بعد، فهذا كتاب قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام)
فإن الأحكام الشرعية كلها ترجع إلى حلال الفعل أو الترك، أو حرام الفعل أو
الترك (لخصت فيه لب الفتاوى) فتاوى الأصحاب أو فتاواي، أي بينتها بيانا
واضحا مع حذف الزوائد (خاصة) أي لم أتعرض للأدلة أو لغير الفتاوى (8) من

(1) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 5.
(2) في ط (فإن الشدة في نفسها).
(3) في ط (وتلذذا).
(4) ليس في ط.
(5) عيون أخبار الرضا عليه السلام ج 1 ص 37، ب 6 في النصوص على الرضا عليه السلام بالإمامة.
(6) معاني الأخبار ص 90 باب معنى الثقلين والعترة.
(7) ليس في س و م.
(8) في ط (فتاوي).
109

الأقوال، أي لم أصرح بذلك - وإن أشار أو أومأ إليها - إلا نادرا.
ولا ينافيه اشتماله على الترددات، لإضافية (1) الحصر، مع أن التردد ربما أفاد
الإفتاء بكل من الاحتمالين على التخيير [أو الاحتياط بأحدهما] (2). (وبينت
فيه قواعد أحكام الخاصة) أي الإمامية، فإنهم خواص الناس بالله
ورسوله صلى الله عليه وآله والأئمة: ولقلتهم وكثرة غيرهم أضعافا لا تحصى، وكذلك أهل
الحق منذ خلق الله الناس قليل ما هم (إجابة لالتماس أحب) عامة (الناس
إلي، وأعزهم علي) فلا يلزم ترجيحه على النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام فيرد أن
في الخبر: لا يكمل إيمان المؤمن حتى يكون الله ورسوله أحب إليه من نفسه
وولده (3) (وهو الولد العزيز) أبو طالب، فخر الدين (محمد الذي أرجو من
الله تعالى طول عمره بعدي، وأن يوسدني في لحدي).
والمراد به إما ظاهره ويكون مستثنى من دخول ذي الرحم القبر كما قيل، وبه
خبر العنبري عن الصادق عليه السلام: (لا يدفن الأب ابنه، ولا بأس أن يدفن الابن
أباه) (4)، وخبر عبد الله بن راشد عنه 7: إن الرجل ينزل في قبر والده، ولا ينزل
في قبر ولده (5). أو المراد البقاء بعده، فيكون تأكيدا لما قبله، أو الترحم (6) عليه
والدعاء له، فيكون ما بعده تفسيرا وتأكيدا له.
(وأن يترحم علي بعد مماتي، كما كنت أخلص له الدعاء في
خلواتي) إن كانت (من) بيانية، كان المعنى ترحما (7) مخلصا كما كنت أخلصه له
من الدعاء، [أو مخلصا فيه كما كنت أخلص فيه من الدعاء] (عليها السلام)، وإلا فللتبعيض،

(1) في س و م (لإضافة).
(2) ما بين المعقوفين ليس في ط.
(3) راجع كنز العمال: ج 1 ص 37 و 41.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 852، ب 24 من أبواب الدفن ح 6 منقول بالمضمون.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 851، ب 25 من أبواب الدفن ح 2.
(6) في النسخ المعتمدة (أو الرحم).
(7) في ك (ترجيا).
(8) ما بين المعقوفين ليس في ط.
110

و (ما) في (كما) كافة، أو يترحم علي كما كنت (1) أخص به وأخلص له بعض
الدعاء.
(رزقه الله سعادة الدارين، وتكميل الرئاستين) في الدارين، أو في
العلم والعمل (فإنه بر بي في جميع الأحوال، مطيع لي في الأقوال
والأفعال) أي إنما كنت أخلص له الدعاء لأنه كذا، أو (2) إنما دعوت له الآن
بسعادة الدارين وكمال الرئاستين لأنه كذا.
قال فخر الاسلام: لما اشتغلت على والدي - قدس الله روحه - في المعقول
والمنقول، وقرأت كثيرا من كتب أصحابنا، التمست منه أن يعمل كتابا في الفقه،
جامعا لأسراره وحقائقه، يبتني (3) مسائله على علمي الأصولين والبرهان، وأن
يشير عند كل قاعدة إلى ما يلزمها من الحكم، وإن كان قد ذكر قبل ذلك معتقده
وفتواه، وما لزم (4) من نص على قاعدة أخرى وفحواها، لتنبيه المجتهد على أصول
الأحكام، وقواعد مبادئ الحلال والحرام، فقد يظن كثير من الجهال المقلدين
تناقض الأحكام فيه، ولم يعلموا أنهم لم يفهموا من كلامه حرفا واحدا، كما قيل:
ويل للشعر (5) الجيد من رواة السوء (6)، انتهى.
وقد يستبعد اشتغاله قبل تصنيف هذا الكتاب في المعقول والمنقول، والتماس
تصنيف كتاب صفته كذا وكذا، لأنه ولد سنة اثنتين وثمانين وستمائة، وقد عد
المصنف الكتاب في مصنفاته في الخلاصة، وذكر تاريخ عده لها، وأنه سنة ثلاث
وتسعين وستمائة، وفي بعض النسخ سنة اثنتين وتسعين، فكان له من العمر عند
إتمام الكتاب إحدى عشرة، أو عشر، أو أقل، فضلا عما قبله، ولكن الفضل بيد الله
يؤتيه من يشاء.

(1) زاد في ط العبارة المتقدمة المحصورة بين المعقوفين.
(2) في ط و س (و).
(3) في ط (يتبنى).
(4) في ط (لزمه).
(5) في ط (قل الشعر).
(6) إيضاح الفوائد: شرح خطبة القواعد ج 1 ص 9.
111

وقد فرغت من تحصيل العلوم معقولها ومنقولها ولم أكمل ثلاث عشرة سنة،
وشرعت في التصنيف ولم أكمل إحدى عشرة (1)، وصنفت منية الحريص على فهم
شرح التلخيص ولم أكمل تسع (2) عشرة سنة، وقد كنت عملت قبله من كتبي ما
ينيف على عشرة من متون وشروح وحواش، كالتلخيص (3) في البلاغة وتوابعها،
والزبدة في أصول الدين، والخود البريعة (4) في أصول الشريعة وشروحها،
والكاشف، وحواشي شرح عقائد النسفية. وكنت ألقي من الدروس وأنا ابن
عشر (5) سنين شرحي التلخيص للتفتازاني، مختصره ومطوله، هذا مع احتمال
إلحاق اسم الكتاب بما في الخلاصة بعد سنين من تأليفها، (والله المستعان،
وعليه التكلان وقد رتبت هذا الكتاب) مشتملا أو مبتنيا (على عدة
كتب) هي أحد وعشرون.

(1) في ك (اثنتي عشرة).
(2) في ط (خمس).
(3) في ط (كالتخليص).
(4) كذا في نسخة (م) واختلفت النسخ المعتمدة في ضبط هذا الاسم، ففي نسخة (ك) الحود
الريعة، وفي (س) الخوذ البريعة، وفي (ط) الخوذ البديعة، وقد استظهر سماحة العلامة
المحقق المتتبع السيد محمد علي الروضاتي أن تكون (الحور البريعة) لكن يظهر من المعنى
اللغوي أن ما أثبتناه هو الصحيح. فمعنى الخود في اللغة هي الفتاة الحسنة الخلق الشابة،
وقيل الجارية الناعمة، ومعنى البريعة: المرأة الفائقة بالجمال والعقل.
(5) في ط (ثمان).
112

(كتاب)
(الطهارة)
(وفيه مقاصد) عشرة:
113

(الأول)
(في المقدمات) (وفيه فصول) ثلاثة:
115

(الفصل (1) الأول)
(في) تعداد (2) (أنواعها)
وقدم عليه تعريفها، فقال: (الطهارة: غسل بالماء، أو مسح بالتراب)
أي الأرض ليدخل الحجر، و (أو) للتقسيم، أو بمعنى الواو، والباء فيهما للإلصاق،
أو الآلة في الأول دون الثاني، لعدم اشتراط إمساس أعضاء التيمم بالأرض.
وهما كجنسين يشملان (3) ما تعلق منهما بالبدن وبغيره، وما له صلاحية التأثير
في العبادة وغيره (4) فقال:
(متعلق بالبدن) وهو كفصل يخرج غسل (5) غيره ومسحه للتطهير من
الأخباث، ولغيره.
(على وجه) أي الغسل، أو (6) المسح، أو المتعلق (7) بالبدن على وجه
(له) أي للتعلق (8)، وإن تعلق الجار بالغسل، أو المسح، أو لكل (9) منهما، وإن

(1) زيادة من جامع المقاصد.
(2) في ط و س و ك (تعديد).
(3) في ك و م (يشتملان).
(4) ليس في س و م.
(5) ليس في م.
(6) في س و م (و).
(7) في ط و ص (والتعلق).
(8) في ط و ص (التعلق).
(9) في ص (بكل).
117

تعلق بالتعلق (صلاحية التأثير في) تحصيل (العبادة) المشروطة به
صحة (1) أو كمالا، أو تصحيحها حتى تكون تلك العبادة المشروعة (2)، أو تكميلها
كالطهارة لصلاة الجنازة، والقراءة، وزيارة المقابر، والاحرام، ودخول الحرم
وغيرها، وإن لم (3) يؤثر فيه، بأن تطهر (4) ثم نقض (5) قبل العبادة.
ومن البين أن التأثير لا يراد به التام، فيدخل وضوء الحائض وغسلها،
ويخرج به كل غسل للبدن، أو مسح اختل فيه بعض ما يعتبر في الطهارة من النية
أو (6) غيرها، والمجدد، والوضوء للنوم، أو الجماع (7)، وغسل التوبة لكونه بعدها،
والأغسال المندوبة للأوقات. إلا أن يدعى أنها تؤثر في كمال العبادات بعد التوبة
وفي الأوقات، وأن المجدد والوضوء للنوم أو بل يزيد غسل التوبة] الجماع
يصحح العبادات المندوبة (8)، [بل يزيد غسل التوبة في كمالها] (9)، والمجدد في
كمال الواجبة (10) أيضا. والنوم والجماع ربما كانا عبادتين.
ويدخل في الحد الطهارة من الأخباث مع حصره لها في الثلاثة، وأبعاض
الطهارات، إلا أن يلتزم الدخول، أو يفسر (1) التأثير بما (12) لا يكون بالتبع،
وتأثيرها بتبعية الكل.
وأما اشتمال الوضوء على المسح بالماء (13)، فيمكن اندفاعه بتفسير الغسل
بالامساس أو التغليب. وكذا الوضوء بالمسح (14) لمانع من الغسل.
وأما مسح الجبائر، فيمكن إدخاله في حكم إمساس البدن، أو التغليب
(وهي) ثلاثة:

(1) ليست في ط.
(2) في س (المشروطة).
(3) ليس في س و م.
(4) في س (يظهر).
(5) في ك (نقص).
(6) في ط (و).
(7) في س (لجماع).
(8) في ص و ك (خصوصا المندوبة).
(9) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(10) في ط (الواجب).
(11) في ك (يعتبر).
(12) في م (مما).
(13) ليست في ط.
(14) ليس في س.
118

(وضوء) من الوضاءة.
(وغسل) بالضم من الغسل بالفتح.
(وتيمم) من قوله تعالى: (فتيمموا) (1).
(وكل واحد منها إما واجب أو ندب) لوجوب غاياتها، أو ندبها، أو
عدم اشتراطها بها وإن وجبت، إلا في الكمال، كصلاة الجنازة والزيارات (2)
والطواف والاحرام، وغاية (3) أغسال الأوقات ونحوها التطهر (4) المندوب.
(فالوضوء يجب للواجب من الصلاة والطواف، ومس كتابة القرآن)
على ما سيأتي (5) من حرمة مس المحدث لها.
وقد يجب المس للإصلاح، وضم المنتشر، والرفع من أرض نجسة مثلا،
والانقاذ من يد غاصب أو كافر، و (6) بالنذر وشبهه لرجحانه. كما نص عليه جماعة،
منهم المصنف في النهاية (7) [في وجه] (8)، كما يظهر الآن.
(ويستحب للصلاة والطواف المندوبين) وإن اشترطا به، مع الخلاف
في اشتراط الطواف المندوب به. وعدم التعرض للمس مبني على عدم رجحانه،
واستحبابه في نفسه، وتعرض له (9) في النهاية فقال: ولمس المصحف لمناسبة
التعظيم (10). وعلى العدم يمكن عروض الاستحباب له كالوجوب، كالرفع من وجه
أرض طاهرة لتعظيمه، أو مسح الغبار عنه لذلك، وعبارة النهاية تحتمله (11)، وما
تقدم عن جماعة من استحبابه في نفسه.

(1) النساء: 43، والمائدة: 6.
(2) زاد في ص (بالنسبة إلى غسله).
(3) في س (غايته).
(4) في ك (التطهير).
(5) في ص (سيجيء).
(6) في ص (أو).
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 21.
(8) ما بين المعقوفين ساقط من (س).
(9) ليس في س و م.
(10) نهاية الإحكام ج 1 ص 20، وفيه: (ولحمل المصحف).
(11) في م (محتمله).
119

وكذا يستحب إذا نذره، نية لا لفظا، بناء على استحباب الوفاء بالنذر قلبا،
وانعقاده في المباح.
(ولدخول المساجد) كما في الوسيلة (1) والنزهة (2) والجامع (3).
لقوله صلى الله عليه وآله في خبر عبد الله بن جعفر، عن أبيه: قال الله تبارك وتعالى: ألا إن بيوتي
في الأرض المساجد، تضيء لأهل السماء كما تضئ النجوم لأهل الأرض، ألا
طوبى لمن كانت المساجد بيوته، ألا طوبى لعبد توضأ في بيته ثم زارني في بيتي،
ألا إن على المزور كرامة الزائر (4).
ولقول الصادق عليه السلام في خبر كليب الصيداوي: مكتوب (5) في التوراة: إن
بيوتي في الأرض المساجد، فطوبى لمن تطهر في بيته ثم زارني في بيتي، وحق
على المزور أن يكرم الزائر (6).
وفي خبر مرازم بن حكيم: عليكم بإتيان المساجد فإنها بيوت الله في
الأرض، ومن أتاها متطهرا طهره الله من ذنوبه، وكتب من زواره (7).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام: من أحسن الطهور ثم مشى (8) إلى المسجد فهو في
صلاة ما لم يحدث (9).
وزاد في المنتهى استحباب المبادرة إلى تحية المسجد، مع كراهة الوضوء
فيه (10). وألحق به ابن حمزة دخول كل موضع شريف (11).
(وقراءة القرآن) كما في الوسيلة (12) والنزهة (13) والجامع (14)، لقول

(1) الوسيلة: ص 49.
(2) نزهة الناظر: ص 10.
(3) الجامع للشرائع: ص 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 268، ب 10 من أبواب الوضوء، ح 5.
(5) في ص (إنه مكتوب).
(6) المصدر السابق ج 1 ص 267 ح 4.
(7) المصدر السابق ح 2.
(8) في ص (أتى).
(9) دعائم الاسلام: ج 1 ص 100.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 77 س 14.
(11) الوسيلة: ص 49.
(12) الوسيلة: ص 49.
(13) نزهة الناظر: ص 11.
(14) الجامع للشرائع: ص 31.
120

الصادق عليه السلام فيما وجدته مرسلا عنه عليه السلام: لقارئ القرآن بكل حرف يقرأه (1) في
الصلاة قائما مائة حسنة، وقاعدا خمسون حسنة، ومتطهرا في غير الصلاة خمس
وعشرون حسنة، وغير متطهر عشر حسنات (2).
[وأرسل نحوه عن أمير المؤمنين عليه السلام، وفي آخره: لا أقول (المر) حرف بل
له بالألف عشر، وباللام عشر، وبالميم عشر، وبالراء عشر (3).
وفي الخصال، في باب الأربعمائة عنه عليه السلام: ألا يقرأ العبد القرآن إذا كان على
غير طهور حتى يتطهر (4).
وفي قرب الإسناد للحميري، عن محمد بن الفضيل أنه سأل أبا الحسن عليه السلام:
أقرأ المصحف ثم يأخذني البول فأقوم فأبول وأستنجي وأغسل يدي وأعود إلى
المصحف فأقرأ فيه؟ فقال: لا، حتى تتوضأ للصلاة (5)] (6).
(وحمل المصحف) كما في الجامع (7) ولو بالغلاف والكيس. وفي
النزهة (8) مكانه مسه: (وذلك للتعظيم). وقول أبي الحسن عليه السلام في خبر إبراهيم
ابن عبد الحميد: المصحف (9) لا تمسه على غير طهر، ولا جنبا، ولا تمس خيطه -
وفي بعض النسخ خطه - ولا تعلقه، إن الله تعالى يقول: (لا يمسه إلا
المطهرون) (10).
(والنوم) للأخبار، كقول الصادق عليه السلام في خبر حفص بن غياث: من تطهر
ثم آوى إلى فراشه بات وفراشه كمسجده، فإن ذكر أنه ليس على وضوء فيتيمم من
دثاره كائنا ما كان، لم يزل في صلاة ما ذكر الله عز وجل (11).

(1) في س و م (يقرأ).
(2) عدة الداعي: ص 287.
(3) المصدر السابق.
(4) الخصال: ص 627.
(5) قرب الإسناد: 175.
(6) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(7) الجامع للشرائع: ص 31.
(8) نزهة الناظر: ص 11.
(9) ليس في ص.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 269، ب 12 من أبواب الوضوء ح 3.
(11) المحاسن: ج 1 ص 47، ب 48 ثواب من بات على طهر ح 64 مع اختلاف، وسائل الشيعة
ج 1 ص 265 - 266، ب 9 من أبواب الوضوء ح 2.
121

ورده الشهيد (1) إلى الكون على الطهارة. وقد يتأيد كون الغاية هي النوم،
باستحبابه لنوم الجنب.
(وصلاة الجنائز) لأن عبد الحميد بن سعد سأل أبا الحسن 7:
أيصلى (2) على الجنازة على غير وضوء؟ فقال: يكون على طهر أحب إلي (3).
(والسعي في (4) الحاجة) كما في الجامع (5) والنزهة (6)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان: من طلب حاجة وهو على غير وضوء فلم
تقض، فلا يلومن إلا نفسه (7).
(وزيارة المقابر) للمؤمنين، كما في الجامع (8). ولم أظفر لخصوصه بنص.
(ونوم الجنب) لنحو صحيح الحلبي، عن الصادق عليه السلام: سئل (9) عن
الرجل أينبغي له أن ينام وهو جنب؟ فقال: يكره ذلك حتى يتوضأ (10).
وفي الغنية (11) والمنتهى (12) وظاهر المعتبر (13) والتذكرة الاجماع عليه (14).
وفي النزهة: نوم من عليه الغسل (15).
(وجماع المحتلم) كما في النهاية (16) والمهذب (17) والوسيلة (18)

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 86.
(2) في الوسائل (أصلي).
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 798، ب 21 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(4) في ص (إلى).
(5) الجامع للشرائع: ص 32.
(6) نزهة الناظر: ص 9.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 262، ب 6 من أبواب الوضوء ح 1.
(8) الجامع للشرائع: ص 32.
(9) ليس في م س.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 268 ب 11 من أبواب الوضوء ح 1.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 2.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 89 س 4.
(13) المعتبر: ج 1 ص 191.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 25 س 14.
(15) نزهة الناظر: ص 9.
(16) النهاية ونكتها: ج 2 ص 353.
(17) المهذب: ج 2 ص 222.
(18) الوسيلة: ص 314.
122

والجامع (1) والشرائع (2) والنافع (3) والنزهة (4). ولم أظفر له بسند، وإنما تضمن
الخبر المعروف الاغتسال تحرزا عن جنون الولد.
(وذكر الحائض) وكأنه لا خلاف فيه، [إلا ممن أوجبه] (5) ويأتي.
(والكون على الطهارة) أي غير محدث، وكأنه لا خلاف فيه أيضا.
وعنه صلى الله عليه وآله: يا أنس أكثر من الطهور، يزيد الله في عمرك، وإن استطعت أن تكون
بالليل والنهار على طهارة فافعل، فإنك تكون إذا مت على طهارة شهيدا (6).
وعنه صلى الله عليه وآله: يقول الله تعالى: من أحدث ولم يتوضأ، فقد جفاني (7).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله إذا بالوا توضأوا، أو
تيمموا، مخافة أن تدركهم الساعة (8).
(والتجديد) يحتمل الرفع، أي: ويستحب تجديد الوضوء، والجر (9) أي:
ويستحب الوضوء لتجديد وضوء سابق، أي (10) حكمه، أو كأنه إعادة له، ولا خلاف
فيه. والأخبار له (11) كثيرة، كقولهم عليهم السلام الوضوء على الوضوء نور على نور (12)،
ومن جدد وضوئه (13) لغير حدث جدد الله توبته من غير استغفار (14).
وقضية إطلاق النصوص والفتاوى استحبابه مطلقا، كما نص عليه في
التذكرة (15) وكرهه الشافعي إن لم يصل بالوضوء الأول، ولم يستحبه للنافلة (16).

(1) الجامع للشرائع: ص 32.
(2) شرائع الاسلام: ج 2 ص 268.
(3) المختصر النافع ص 171.
(4) نزهة الناظر: ص 101.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من ط و ص.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 268 ب 11 من أبواب الوضوء ح 3.
(7) المصدر السابق ح 2.
(8) نوادر الراوندي: ص 39، وبحار الأنوار: ج 80 ص 312 ح 28.
(9) في ص و س (أو الجر).
(10) في م و س (أو).
(11) في ط و س و م (به).
(12) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 41 ح 82.
(13) في ص (وضوءا) وفي ك (وضوء).
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 264 ب 8 من أبواب الوضوء ح 7.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 24.
(16) لم نعثر عليه.
123

ويستحب الوضوء لأمور أخر:
منها: إرادة المعاودة إلى الجماع، لقول الصادق في مرسل ابن أبي
نجران: إذا أتى الرجل جاريته ثم أراد أن يأتي الأخرى توضأ (1). وقول
الرضا عليه السلام في خبر الوشاء: كان أبو عبد الله عليه السلام إذا جامع وأراد أن يجامع مرة
أخرى توضأ للصلاة، وإذا أراد أيضا توضأ (2). ونفى عنه الخلاف في نكاح
المبسوط (3).
ومنها: جماع الحامل، لقوله صلى الله عليه وآله: يا علي، إذا حملت امرأتك فلا تجامعها
إلا وأنت على وضوء، فإنه إن قضى بينكما ولد يكون أعمى القلب، بخيل اليد (4).
ومنها: كتابة القرآن، لأن علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن الرجل أيحل (5) له
أن يكتب القرآن في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء؟ قال: لا (6).
ومنها: أكل الجنب، لأن عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادق عليه السلام: أيأكل
الجنب قبل أن يتوضأ؟ قال: إنا لنكسل، ولكن ليغسل يده، والوضوء أفضل (7).
ومنها: جماع غاسل الميت قبل الغسل.
ومنها: تغسيل الجنب (8) الميت، كلاهما لقول الصادق عليه السلام لشهاب بن عبد
ربه: إذا كان جنبا غسل يده وتوضأ وغسل الميت، [وإن غسل ميتا ثم توضأ] (9)

(1) وسائل الشيعة: ج 14 ص 589 ب 84 من أبواب نكاح العبيد والإماء ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 270 ب 13 من أبواب الوضوء ح 2.
(3) المبسوط: ج 4 ص 243.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 270 ب 13 من أبواب الوضوء ح 1.
(5) في ص (يحل).
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 270 ب 13 من أبواب الوضوء ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 496 ب 20 من أبواب الجنابة ح 7.
(8) ليس في م و س.
(9) في الوسائل [وهو جنب، وإن غسل ميتا ثم أتى أهله، توضأ ثم أتى أهله].
124

أتى أهله (1). ونحو ذلك عن الرضا 7 (2).
ومنها: للتأهب لصلاة الفرض قبل وقتها كما في الوسيلة (3) والجامع (4)
والنزهة (5) والدروس (6) والبيان (7) والنفلية (8) والمنتهى (9) ونهاية الإحكام (10)
والذكرى (11) للخبر، كما في الأخيرين.
وفي المنتهى: لاستحباب الصلاة في أول وقتها، ولا يمكن إلا بتقديم
الوضوء (12).
قلت: أما الخبر فلم أظفر به، وأما الاعتبار [فلا أرى] (13) الوضوء المقدم إلا ما
يفعل للكون على طهارة، ولا معنى للتأهب للفرض إلا ذلك.
ومنها: أفعال الحج عدا الطواف والصلاة، لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر
معاوية بن عمار: لا بأس أن يقضي المناسك كلها على غير وضوء إلا الطواف، فإن
فيه صلاة، والوضوء أفضل (14). ثم في خصوص السعي والوقوف والرمي وغيرها أخبار.
ومنها: قبل غسل الجنابة عند الشيخ في كتابي الأخبار، لأن أبا بكر
الحضرمي سأل أبا جعفر عليه السلام: كيف يصنع إذا أجنب؟ فقال: إغسل كفك وفرجك،
وتوضأ وضوء الصلاة ثم اغتسل (15). [ولا أظن أن السائل إنما سأله كيف يصنع إذا
أجنب فأراد النوم مثلا، فأمره عليه السلام بالتطهير من الخبث والوضوء] (16).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 724 ب 34 من أبواب غسل الميت ح 1.
(2) فقه الإمام الرضا 7: ص 173.
(3) الوسيلة: ص 49.
(4) الجامع للشرائع: ص 31.
(5) نزهة الناظر: ص 9.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 86.
(7) البيان: ص 3.
(8) الألفية والنفلية: ص 92.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 77 س 21.
(10) نهاية الإحكام ج 1 ص 20.
(11) ذكرى الشيعة: ص 23 س 24.
(12) منتهى المطلب ج 1 ص 77 س 21.
(13) في س (فلان).
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 262 ب 5 من أبواب الوضوء ح 1.
(15) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 104 ح 269، والاستبصار: ج 1 ص 126 ح 429.
(16) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
125

ومنها: دخول المرأة على زوجها ليلة زفافها، يستحب أن يكونا متوضئين،
لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا دخلت عليك [إن شاء الله] (1)، فمرها
قبل أن تصل إليك أن تكون متوضئة، ثم (2) لا تصل إليها حتى توضأ (3)، الخبر.
ومنها: القدوم من سفر، فعن الصادق عليه السلام: من قدم من سفره فدخل على أهله
وهو على غير وضوء فرأى ما يكره فلا يلومن إلا نفسه (4).
ومنها: جلوس القاضي في مجلس القضاء، كما في النزهة (5). ولم أظفر
لخصوصه (6) بنص.
ومنها: تكفين الميت إذا أراد من غسله أن يكفنه قبل اغتساله، ويأتي.
ومنها: إدخال الميت القبر، فيستحب الوضوء لمن أراده، كما في النزهة (7)،
لقول الصادق عليه السلام في خبر عبيد (8) الله الحلبي، ومحمد بن مسلم: توضأ إذا
أدخلت الميت القبر (9). وروي نحوه عن الرضا عليه السلام (10).
ومنها: توضئة الميت، كما يأتي.
ومنها: خروج المذي، كما في النزهة (11) والمعتبر (12) والتذكرة (13) والنفلية (14)
والبيان (15).
وفي التهذيب (16) والاستبصار (17) في وجه، لنحو صحيح ابن بزيع، سأل

(1) ليس في الوسائل، وزاد في م و س (تعالى).
(2) في الوسائل (ثم أنت).
(3) وسائل الشيعة: ج 14 ص 81 ب 55 من أبواب مقدمات النكاح ح 1.
(4) لم أجده في الكتب الحديثية، ونقله عن المقنع في نزهة الناظر: ص 10.
(5) نزهة الناظر: ص 10.
(6) في س (بخصوصه).
(7) نزهة الناظر: ص 11.
(8) في ص و س و ط (عبد).
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 857 ب 31 من أبواب الدفن ح 7.
(10) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 183.
(11) نزهة الناظر: ص 11.
(12) المعتبر: ج 1 ص 115.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 11 س 27.
(14) الألفية والنفلية: ص 92.
(15) البيان: ص 3.
(16) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 18 ج 42.
(17) الإستبصار: ج 1 ص 92 ذيل الحديث 285.
126

الرضا عليه السلام عن المذي، فأمره بالوضوء منه (1).
ومنها: الرعاف، والقي، والتخليل بسيل الدم، كما في التهذيب (2)
والاستبصار (3) في وجه، [لنحو قول] (4) الصادق عليه السلام في خبر أبي عبيدة: الرعاف
والقي والتخليل بسيل الدم إذا استكرهت شيئا ينقض الوضوء، وإن لم تستكرهه
لم ينقض الوضوء (5). ويحتمل إهمال ضاد (ينقض) [ويجوز أن يكون ردا على
القائلين بنقضها الوضوء، فالمعنى: أن لا ينقضه إلا إذا استكرهت شيئا من
الأحداث] (6).
ومنها: الضحك كما في الإستبصار في وجه، لخبر زرعة، عن سماعة: سأله
عما ينقض الوضوء؟ فقال: الحدث تسمع صوته، أو تجد ريحه، والقرقرة في
البطن إلا شيئا تصبر عليه، والضحك في الصلاة، والقي (7).
ومنها: الكذب، والظلم، والاكثار من إنشاد الشعر الباطل، كما في التهذيب (8)
والاستبصار (9) في وجه، لخبر زرعة عن سماعة: سأله عن نشيد (10) الشعر هل
ينقض الوضوء، أو ظلم الرجل صاحبه، أو الكذب؟ فقال: نعم، إلا أن يكون شعرا
يصدق (11) فيه، أو يكون يسيرا من الشعر الأبيات الثلاثة أو الأربعة، فأما أن يكثر
من الشعر الباطل فهو ينقض الوضوء (12)، إن كان (ينقض) بإعجام الضاد (13).

(1) الإستبصار: ج 1 ص 92 ح 295.
(2) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 13 ح 26.
(3) الإستبصار: ج 1 ص 83 ح 263.
(4) في ط (لقول).
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 13 ح 26، والاستبصار: ح 5 ج 1 ص 83.
(6) ما بين المعقوفين زيادة من نسخة ك.
(7) الإستبصار: ج 1 ص 86 ح 273 وذيله.
(8) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 16 ذيل الحديث 35.
(9) الإستبصار: ج 1 ص 87 ذيل الحديث 276.
(10) في ك (تنشيد).
(11) في ص (يقصد).
(12) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 16 ح 35، والاستبصار: ج 1 ص 87 ح 276.
(13) في س و ك (الصاد).
127

ومنها: خروج الوذي بعد البول والاستبراء منه، كما في التهذيب في وجه،
لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان أو حسنته: والوذي فمنه الوضوء، لأنه
يخرج من دريرة البول (1).
ومنها: مس الكلب على ظاهر قول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: من مس
كلبا فليتوضأ (2). وحمله الشيخ على غسل اليد (3).
ومنها: مصافحة المجوسي على ظاهر قوله عليه السلام في خبر عيسى بن عمر:
مصافحتهم ينقض الوضوء (4). والضاد يحتمل الاهمال، وحمله (5) الشيخ على
الغسل كالسابق (6).
ومنها: مس [باطن الدبر، أو] (7) باطن الإحليل، وسيأتي.
ومنها: نسيان الاستنجاء قبل الوضوء، كما في التهذيب (8) والاستبصار (9)،
لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر سليمان بن خالد فيمن توضأ ونسي غسل ذكره:
يغسل ذكره، ثم يعيد الوضوء (10). [ويجوز كون يعتد بالتاء الفوقانية بعد العين
والدال المشددة أي تحبسه ولا يعيده] (11)
ومنها: التقبيل بشهوة، ومس الفرج (12)، كما في البيان (13) والنفلية (14). وفي

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 20 ح 49 وذيله.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 195 ب 11 من أبواب نواقض الوضوء ح 4.
(3) الإستبصار: ج 1 ص 89 - 90 ذيل الحديث 286.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 195 ب 11 من أبواب نواقض الوضوء ح 5.
(5) في س (حملها).
(6) الإستبصار: ج 1 ص 89 ذيل الحديث 285.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من م و س.
(8) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 49 ذيل الحديث 142.
(9) الإستبصار: ج 1 ص 54 ذيل الحديث 158.
(10) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 49 ح 142، والاستبصار: ج 1 ص 54 ح 158.
(11) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(12) في ك (الفروج).
(13) البيان: ص 3.
(14) الألفية والنفلية: ص 92.
128

التهذيب (1) والاستبصار (2) [في وجه] (3) لقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير:
إذا قبل الرجل المرأة بشهوة (4) أو مس فرجها أعاد الوضوء (5).
ومنها: قبل الأغسال المسنونة كما في الكافي (6) والبيان (7) والنفلية (8)، القول
الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة (9).
ومنها: قبل الأكل وبعده كما في النزهة، للأخبار. قال: وألفاظ الشارع تحمل
على الحقائق الشرعية (10).
ومنها: الوضوء لالتقاط حصى الجمار، نقل في النزهة عن بعض الأصحاب (11).
ومنها: بعدما توضأ وضوء ناقصا لعذر - كالتقية والجبيرة - فزال العذر، كما في
النفلية (12)، خروجا من خلاف من أوجبه.
ومنها: بعد الاستنجاء بالماء للمتوضئ قبله وإن كان استجمر، كما في
النفلية (13) والبيان (14)، لخبر عمار، عن الصادق عليه السلام: في الرجل ينسى أن يغسل
دبره بالماء حتى صلى إلا أنه قد تمسح (15) بثلاثة أحجار، قال: إن كان في وقت
تلك الصلاة فليعد الصلاة، وليعد الوضوء، وإن كان قد خرجت (16) تلك الصلاة
التي صلى فقد جازت صلاته، وليتوضأ لما يستقبل من الصلاة (17).

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 22 ذيل الحديث 56.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 88 ذيل الحديث 280.
(3) ما بين المعقوفين ليس في ط.
(4) في م و ك و س (من شهوة).
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 22 ح 56، والاستبصار: ج 1 ص 88 ح 280.
(6) الكافي في الفقه: ص 135.
(7) البيان: ص 3.
(8) الألفية والنفلية: ص 92.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 516 ب 35 من أبواب الجنابة ح 1 ج 1.
(10) نزهة الناظر: ص 12.
(11) نزهة الناظر: ص 13.
(12) الألفية والنفلية: ص 92.
(13) المصدر السابق.
(14) البيان: ص 3.
(15) في س و م (مسح).
(16) في الوسائل (قد مضى وقت).
(17) وسائل الشيعة: ج 1 ص 223 ب 10 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
129

ومنها: الغضب، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله: إذا غضب أحدكم فليتوضأ (1).
(والغسل) للأحياء (2) (يجب لما وجب (3) له الوضوء) وإن وجب
لنفسه أيضا، إذ لا ينافيه (4) وجوبه لمشروط به. نعم كان ينبغي حينئذ أن يقال:
وللكون على طهارة، إلا أنه لما كان وجوبه لنفسه موسعا - وإنما يتضيق بتضيق
المشروط به - لم يظهر الإثم، واستحقاق العقاب بتركه (5) ما لم يلزم فوات مشروط
به، ولذا اقتصر على وجوبه له.
ويمكن فرض الإثم بتركه وإن لم يجب مشروط به، كجنب يغرق أو يذهب به
للقتل، وليس الوقت وقت وجوب مشروط بالغسل. ويأتي الخلاف في مس كتابة
القرآن.
(ولدخول المساجد) لا للجواز في غير المسجدين، ومطلقا فيهما،
وإنما أطلق تنبيها على أن مريد اللبث لا يجوز له الاغتسال إلا قبل الدخول.
(وقراءة) سور (6) السجدات (العزائم) وأبعاضها (7) (إن وجبا (8)
بنذر أو شبهه. وسيأتي الخلاف في اللبث في المساجد.
(ولصوم الجنب مع تضيق (9) الليل) عن كل فعل (إلا لفعله) من غير
خلاف، إلا من ظاهر الصدوق (10)، ودليل المشهور (11) مع الاجماع - كما هو
ظاهرهم، وصريح السيدين (12) والشيخ (13) - خبر (14) أبي بصير، عن الصادق عليه السلام:

(1) الدعوات للراوندي: ص 52 ح 133.
(2) زاد في ط (دون الميت).
(3) في الإيضاح: (يجب).
(4) في ص (ينافي).
(5) في ك (تركه)، وفي ص (بتركها).
(6) في ط و س و م (سورة).
(7) في ص (أو أبعاضها).
(8) في ص (وجبت).
(9) في الإيضاح (تضييق).
(10) المقنع: ص 60.
(11) في ص (الشيخ).
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 509 س 10، وجمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى
المجموعة الثالثة): ص 55.
(13) المبسوط: ج 1 ص 269.
(14) 417 في ص (وخبر).
130

فيمن أجنب في شهر رمضان بالليل ثم ترك الغسل متعمدا حتى أصبح، قال: يعتق
رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا (1).
وأخبار القضاء، والقضاء مع الكفارة إذا نام، فإنه إذا بطل مع النوم فبدونه
أولى.
ويؤيده أن الجنابة تنافي الصوم كالأكل، ولذا يبطل بإيقاعها نهارا، فلا يصح
إلا بارتفاعها.
ومستند الصدوق مع الأصل أخبار كثيرة، كصحيح العيص سأل الصادق عليه السلام:
عن رجل أجنب في شهر رمضان في أول الليل فأخر الغسل حتى طلع الفجر، قال:
يتم صومه (2)، ولا قضاء عليه (3). وقوله عليه السلام في خبر حبيب الخثعمي: كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يصلي صلاة الليل في شهر رمضان ثم يجنب ثم يؤخر الغسل متعمدا
حتى يطلع الفجر (4).
وتحمل (5) على التقية، [أو الانكار، أو الفجر الأول] (6)، أو العذر.
واعتبر ضيق الوقت، فإنه إنما يجب له إذا وجب (7) ولذا لا يجب الوضوء
للصلاة ما لم يجب، ولا يجب إلا إذا دخل (8) وقته، لكن لما اشترط الطهارة من
أول يوم الصوم وجبت قبله، ولكن بلا فصل، إذ لا وجوب له ولا اشتراط به قبل ذلك.
ولا يختلف الحال بوجوب الغسل لنفسه أو لغيره، إذ عليهما (9) لا يتحقق له
الوجوب للصوم إلا في ذلك الوقت، فإن أراد التقديم عليه وكان واجبا لنفسه
أوقعه بنية الوجوب، وإن وجب لغيره أوقعه ندبا، وأجزأه إن اعتبرنا الوجه في

(1) وسائل الشيعة: ج 7 ص 43 ب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 2.
(2) زاد في س (تم صومه ولا قضاء عليه).
(3) وسائل الشيعة: ج 7 ص 39 ب 13 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 7 ص 44 ب 16 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 5.
(5) في ط و ص: (وحملت).
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ط و ص.
(7) في ق، م: (إذا وجب المشروط)، وفي س: (إذا وجب الشرط).
(8) في ك (حل).
(9) في س و ك (عليها).
131

النية، وإلا أوقعه لله، ولم يتعرض لوجه.
واحتمل جواز الايقاع للصوم من أول الليل واجبا (1)، كما جاز تقديم نية
الصوم من أوله بعين (2) ما يقال فيها.
والأحوط إيقاعه لعبادة أخرى مشروطة به، ولو بإيجابها على نفسه، كنذر
صلاة.
[وقيد بالجنب] (3) لعدم وجوب الغسل على غيره كالحائض وغيرها للصوم،
كما اختاره في نهاية الإحكام (4)، للأصل، أو التردد كما في المنتهى (5) والمعتبر (6).
واختاره في المختلف (7) والتحرير (8) والتذكرة (9) [أنها كالجنب، كالحسن (10)
لأن الحيض كالجنابة من منافيات الصوم، فلا يصح ما لم يرتفع] (11)، ولا يرتفع إلا
بالغسل، وهو ممنوع. ولقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إن طهرت بليل من
حيضها ثم توانت أن تغتسل في رمضان حتى أصبحت كان عليها قضاء ذلك
اليوم (12).
وفي المنتهى: أنه وإن كان في الطريق علي بن فضال وعلي بن أسباط، إلا أن
الأصحاب شهدوا لهما بالثقة (13).
(ولصوم المستحاضة مع غمس القطنة) سال عنها أو لا، سبق الغمس
الفجر أو لا، سبق صلاة الصبح أو لا، سبق صلاة الظهرين أو لا، بشرط السبق على
صلاة المغرب، وإن تأخر عن وقتها في وجه ضعيف جدا، وإنما يجب للصوم

(1) في ص (الوضوء للصوم).
(2) في ط: (بغير).
(3) في م و ك و ص (وقيل: بالجنب)، وفي س (وقيل بالجنب بل يجب لجنب).
(4) نهاية الإحكام ج 1 ص 119.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 112 س 31.
(6) المعتبر: ج 1 ص 226.
(7) مختلف الشيعة: ج 3 ص 410.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 78 س 8.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 16.
(10) مختلف الشيعة: ج 3 ص 410.
(11) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(12) وسائل الشيعة: ج 7 ص 48 ب 21 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 1.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 112 س 34.
132

إذا سبق الفجر أو صلاته، أو سبق المغرب. فهذه وجوه في المسألة (1) تأتي إن شاء الله.
(ويستحب) لأزمنة، و [لأمكنة، ولأفعال] (2):
أما الأول، فالمذكور منه في الكتاب سبعة عشر:
منها: ما (3) (للجمعة) وفاقا للمشهور، للأصل، ونحو قول أبي الحسن عليه السلام
لعلي بن يقطين في الصحيح: إنه سنة وليس بفريضة (4). وقول الصادق عليه السلام لعلي بن
أبي حمزة: هو سنة (5). ولزرارة في الصحيح: هو (6) سنة في السفر والحضر، إلا أن
يخاف المسافر على نفسه القر (7). ويحتمل الوجوب أيضا (8).
وخبر سهل، سأل أبا الحسن عليه السلام: عن الرجل يدع غسل يوم (9) الجمعة ناسيا
أو غير ذلك، قال: إن كان ناسيا فقد تمت صلاته، وإن كان متعمدا فالغسل أحب
إلي، وإن هو فعل فليستغفر الله ولا يعود (10). [ويحتمل القضاء] (11).
وخبر الحسين (12) بن خالد، سأل أبا الحسن عليه السلام: كيف صار غسل الجمعة
واجبا؟ قال: إن (13) الله تعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة، وأتم صيام الفريضة
بصيام النافلة، وأتم وضوء النافلة بغسل الجمعة، ما كان في ذلك من سهو أو (14)
تقصير أو نقصان. كذا في الكافي (15) والتهذيب (16).

(1) في س و م و ط و ص (المسألة).
(2) في ص (أمكنة وأفعال).
(3) في نسخة ط: (و).
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 944 ب 6 من أبواب الأغسال المسنونة ح 9.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 945 ب 6 من أبواب الأغسال المسنونة ح 12.
(6) ليست في ط و م و س.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 944 ب 6 من أبواب الأغسال المسنونة ح 9. وفي ط (القتر) والقر:
(8) زيادة من ص.
(9) ليس في ص والوسائل.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 948 ب 7 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(11) ساقط من ط.
(12) في ط: (الحسن).
(13) في ص (إن شاء).
(14) في ط (و).
(15) الكافي: ج 3 ص 42 ح 4.
(16) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 111 ح 293.
133

وفي المحاسن (1) والعلل (2): وأتم وضوء الفريضة بغسل الجمعة. وعليه أيضا
يظهر الاستحباب، كما استحب الأولان.
ومرسل يونس، عن الصادق عليه السلام قال: الغسل في سبعة عشر موطنا: منها
الفرض ثلاثة، قيل: ما الفرض منها؟ قال: غسل الجنابة، وغسل من غسل ميتا،
والغسل للإحرام (3). فذكر الغسلين الأخيرين دليل على أن الفرض ليس بمعنى
الواجب (4) بنص الكتاب، بل الواجب وما يقرب منه في التأكد (5).
وما روي عن الرضا عليه السلام: إن الغسل ثلاثة وعشرون: من الجنابة، والاحرام،
وغسل الميت، وغسل مس الميت، وغسل الجمعة - إلى أن قال: - الفرض من ذلك
غسل الجنابة، [والواجب غسل الميت] (6) وغسل الاحرام، والباقي سنة (7).
وما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: من توضأ يوم الجمعة فبها ونعمت، ومن اغتسل
فالغسل أفضل (8).
وفي بعض الأخبار: [أن الغسل] (9) أربعة عشر وجها: ثلاثة منها غسل واجب
مفروض متى نسيه ثم ذكره بعد الوقت اغتسل، وإن لم يجد الماء تيمم، فإن وجدت
الماء فعليك الإعادة، وأحد عشر غسلا سنة: غسل العيدين والجمعة (10)، الخبر.
وفي الخلاف: الاجماع عليه (11)، وظاهر الكليني (12) والصدوقين (13)
الوجوب، وهو ظاهر كثير من الأخبار، كقول الرضا عليه السلام في حسن عبد الله بن
المغيرة:

(1) المحاسن: ج 1 ص 313 ح 30.
(2) علل الشرائع: ص 285 ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 463 ب 1 من أبواب الجنابة ح 4.
(4) ليس في ط.
(5) في س، و، م: التأكيد.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(7) فقه الرضا عليه السلام: ص 82.
(8) عوالي اللآلي: ج 1 ص 46 ح 64.
(9) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(10) فقه الرضا عليه السلام: ص 83.
(11) الخلاف: ج 1 ص 219 مسألة 187.
(12) الكافي: ج 3 ص 41.
(13) من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 111 ذيل الحديث 226 و 227، ونقله العلامة عن علي بن
بابويه في منتهى المطلب: ج 1 ص 460 س 26.
134

واجب على كل ذكر وأنثى، حر أو عبد (1). ونحوه في خبر محمد بن
عبيد (2) الله (3).
وقول الصادق عليه السلام لسماعة: واجب في السفر والحضر، إلا أنه رخص للنساء
في السفر لقلة الماء (4). [إلا أن فيه] (5) الحكم بالوجوب على: غسل يوم عرفة،
والزيارة، والمباهلة، والاستسقاء.
وخبر عمار: سأله عليه السلام عمن نسي الغسل يوم الجمعة حتى صلى؟ قال: إن
كان في وقته (6)، فعليه أن يغتسل ويعيد الصلاة، وإن مضى الوقت جازت
صلاته (7).
وقول أبي جعفر عليه السلام في مرسل حريز: لا بد من غسل يوم الجمعة في السفر و
الحضر، فمن نسي فليعد من الغد (8) (9). ولكن لما كان الأصل البراءة والأخبار بعد
التسليم يحتمل تأكد الاستحباب وكان عليه الأكثر بل الخلاف غير معلوم، تعين
القول به.
ووقته (من طلوع الفجر) فلا يجزئ قبله، خلافا للأوزاعي (10)، إلا أن
يظن فقدان الماء عنده ثم فقده (إلى الزوال) بإجماع الناس، كما في
المعتبر (11).
وفي الخلاف: إلى أن يصلي الجمعة (12). ولعله أراد الإشارة إلى العلة في
شرعه التي في الخبر، عن الصادق عليه السلام: إن الأنصار كانت تعمل في نواضحها
وأموالها،

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 943 ب 6 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(2) في ط و م، وفي نسخة من الوسائل (عبد).
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 944 ب 6 من أبواب الأغسال المسنونة ح 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(5) في ص (لان فيه).
(6) في ك و س و م و ط والوسائل (وقت).
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 948 ب 8 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(8) في ك (العذر).
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 949 ب 10 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(10) المحلى: ج 2 ص 22.
(11) المعتبر: ج 1 ص 354.
(12) الخلاف: ج 1 ص 612 مسألة 378.
135

فإذا كان يوم الجمعة جاءت فتأذى الناس من أرواح إباطهم، فأمرهم
رسول الله صلى الله عليه وآله بالغسل [يوم الجمعة] (1)، فجرت بذلك السنة (2).
(ويقضي لو فات إلى آخر السبت) تعمد الترك لعذر أو لا له، أو لم
يتعمده، كما أطلق الشيخ (3) والأكثر، لقول الصادق عليه السلام: لعبد الله بن بكير إذ سأله
عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة: يغتسل ما بينه وبين الليل، فإن فاته اغتسل (4)
يوم السبت (5). ونحوه في خبر سماعة (6).
قال المحقق: وسماعة واقفي، وعبد الله بن بكير فطحي، لكن ينجبر بأن الغسل
طهور، فيكون حسنا (7).
وقال الصدوق: من نسي الغسل أو فاته لعلة فليغتسل بعد العصر (8). وظاهره
اشتراط القضاء بالعذر. ثم لا قضاء بعد السبت، لعدم النص.
ويحتمله (9) خبر ذريح، عن الصادق عليه السلام: في الرجل هل يقضي غسل
الجمعة؟ قال: لا (10). خصوصا إذا أشير بالرجل إلى معهود. وعن الرضا عليه السلام: القضاء
في سائر الأيام (11).
وفي قضائه ليلة السبت إشكال، كما في نهاية الإحكام (12).
(وكلما قرب من الزوال) في الجمعة أداء وقضاء (كان أفضل) ففي

(1) ما بين المعقوفين ساقط من الوسائل.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 945 ب 6 من أبواب الأغسال المسنونة ح 15.
(3) المبسوط: ج 1 ص 40.
(4) في ط (يغتسل).
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 950 ب 10 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 949 ب 10 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(7) المعتبر: ج 1 ص 354.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 111 - 112 ذيل الحديث 227.
(9) في س، ص، ق، م: ويحتمل.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 950 ب 10 من أبواب الأغسال المسنونة ح 5.
(11) فقه الرضا عليه السلام: ص 129.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 175.
136

القضاء لأنه مبادرة إليه، وفي الأداء لأن الغرض منه الطهارة والنظافة عند الزوال،
فكلما قرب منه كان أفضل، وهو نص الشيخين (1) والأكثر.
(وخائف الاعواز) للماء، أو تعذر استعماله (يقدمه يوم الخميس)
لقول الصادق عليه السلام لأصحابه في مرسل محمد بن الحسين: إنكم تأتون غدا منزلا
ليس فيه ماء، فاغتسلوا اليوم لغد (2). ونحوه في خبر الحسين بن موسى (3). وهما
وإن ضعفا لكن الأصحاب أفتوا به.
وفي التقديم ليلة الجمعة إشكال، وأفتى به الشيخ في الخلاف (4).
وفي نهاية الإحكام: لو خاف الفوات يوم الجمعة دون (5) السبت احتمل
استحباب التقديم، للعموم، وللمسارعة إلى الطاعة وعدمه، لأن القضاء أولى من
التقديم، كصلاة الليل للشاب (6). والأول خيرة الذكرى (7) والبيان (8)، للقرب من الجمعة.
(فلو) قدمه لذلك، ثم (وجد) الماء (فيه أعاده) فإن البدل إنما
يجزئ مع تعذر المبدل.
(و) منها: غسل (أول ليلة من رمضان) لقول الصادق عليه السلام في خبر
سماعة: وغسل أول ليلة من شهر رمضان يستحب (9).
وقول الرضا عليه السلام فيما روي عنه: والغسل ثلاثة وعشرون - إلى قوله: -
وخمس ليال من شهر رمضان، وأول ليلة منه (10) الخبر.
وعن الصادق عليه السلام: من اغتسل أول ليلة من شهر رمضان في نهر جار وصب

(1) المقنعة: ص 159، الخلاف: ج 1 ص 220 المسألة 188.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 948 ب 9 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 949 ب 9 من أبواب الأغسال المسنونة ح 2.
(4) الخلاف: ج 1 ص 612 المسألة 377.
(5) زاد في س (يوم).
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 175.
(7) ذكرى الشيعة: ص 24 س 27.
(8) البيان: ص 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(10) فقه الرضا عليه السلام: ص 82.
137

على رأسه ثلاثين كفا من الماء، طهر إلى شهر رمضان من قابل (1). وروي نحوه في
أول [يوم منه (2)] (3).
وعنه عليه السلام: من أحب أن لا تكون به الحكة فليغتسل أول ليلة من شهر
رمضان، يكون سالما منها إلى شهر رمضان قابل (4).
وفي المعتبر: إنه مذهب الأصحاب (5). والغسل في هذه الليلة وغيرها من
ليالي شهر رمضان في أولها، كما في خبر ابن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام (6) وغيره.
وفي خبر الفضيل، عن الباقر عليه السلام: عند وجوب الشمس قبيله، ثم يصلي
ويفطر (7).
ويأتي أنه صلى الله عليه وآله كان يغتسل كل ليلة من العشر الأواخر بين العشائين (8).
(و) منها: غسل ليلة (نصفه) ذكره الشيخان (9) وغيرهما (10) قال
المحقق: ولعله لشرف تلك الليلة، فاقترانها بالطهر حسن (11).
قلت: وأسند ابن أبي قرة في كتاب عمل شهر رمضان، عن الصادق عليه السلام:
إنه (12) يستحب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان، وليلة النصف منه (13).
وفضل الشيخ في المصباح غسلها على أغسال سائر ليالي [الأفراد، فقال:

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 953 ب 14 من أبواب الأغسال المسنونة ح 4.
(2) زاد في س (يومه سنة).
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 953 ب 14 من أبواب الأغسال المسنونة ح 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 953 ب 14 من أبواب الأغسال المسنونة ح 5.
(5) المعتبر ج 1 ص 355.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 952 ب 13 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 952 ب 13 من أبواب الأغسال المسنونة ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 953 ب 14 من أبواب الأغسال المسنونة ح 6.
(9) المقنعة ص 51، والمبسوط: ج 1 ص 40.
(10) الجامع للشرائع: ص 32.
(11) المعتبر: ج 1 ص 355.
(12) زيادة من ص.
(13) إقبال الأعمال ص 14 س 6.
138

وإن اغتسل ليالي] (1) الأفراد كلها وخاصة ليلة النصف كان فيه فضل كثير (2)،
والشهيد على أغسالها سوى الأولى، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث
وعشرين (3). [وقد روي: الاغتسال كل ليلة فرد منه.
وفي كتاب الاغتسال لأحمد بن محمد بن عياش، عن أمير المؤمنين عليه السلام: إن
النبي صلى الله عليه وآله كان يغتسل كل ليلة منه بين العشائين] (4).
(و) منها: أغسال ليلة (سبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى
وعشرين، وثلاث وعشرين) من رمضان، للأخبار (5).
وفي المعتبر: إنه مذهب الأصحاب (6).
وفي صحيح محمد بن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام: الغسل في سبعة عشر
موطنا: ليلة سبع عشرة من شهر رمضان، وهي ليلة التقى الجمعان، وليلة تسع
عشرة، وفيها يكتب [الوفد وفد] (7) السنة، وليلة إحدى وعشرين، وهي الليلة التي
أصيب فيها أوصياء الأنبياء، وفيها (8) رفع عيسى بن مريم، وقبض موسى عليهما السلام،
وليلة ثلاث وعشرين يرجى فيها ليلة القدر (9)، الخبر.
وسأل زرارة أحدهما عليهما السلام: عما يستحب فيها [الغسل من ليالي شهر رمضان،
فقال: ليلة تسع عشرة، وليلة إحدى وعشرين، وليلة ثلاث وعشرين، وقال: ليلة
تسع عشرة يكتب فيها] (10) وفد الحاج، وفيها يفرق كل أمر حكيم، وليلة إحدى
وعشرين فيها رفع عيسى بن مريم عليهما السلام، وقبض يوشع وصي موسى عليهما السلام، وفيها

(1) ساقط من س.
(2) مصباح المتهجد: ص 579.
(3) الألفية والنفلية: ص 95.
(4) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 936 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة و ج 2 ص 954 ب 14
من أبواب الأغسال المسنونة ح 12 و 13 و 15.
(6) المعتبر: ج 1 ص 355.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(8) ساقط من ص.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 11.
(10) ما بين المعقوفين ساقط من س.
139

قبض أمير المؤمنين عليه السلام، وليلة ثلاث وعشرين، وهي ليلة الجهني (1).
وهي في خبر سماعة، عن الصادق عليه السلام: وغسل ليلة إحدى وعشرين سنة،
وغسل ليلة ثلاث وعشرين لا تتركه، فإنه يرجى في إحداهما ليلة القدر (2).
وفي خبر بريد (3) بن معاوية: إن الصادق عليه السلام اغتسل ليلة ثلاث وعشرين،
مرة في أولها، ومرة في آخرها (4).
وسأل العيص الصادق عليه السلام عن الليلة التي يطلب فيها ما يطلب متى الغسل؟
قال: من أول الليل، وإن شئت حيث تقوم من آخره (5).
[وفي الاقبال مسندا عنه عليه السلام قوله لعبد الرحمن بن أبي عبد الله: اغتسل في
ليلة أربع وعشرين من شهر رمضان (6). وذكره ابن أبي قرة في كتابه في عمل شهر
رمضان (7)] (8).
وفي الذكرى: وروى ابن بكير عنه - يعني الصادق عليه السلام -: قضاء غسل ليالي
الأفراد الثلاث بعد الفجر لمن فاته ليلا (9)، وكذا في الدروس (10).
(و) منها: غسل (ليلة الفطر) ذكره الشيخان (11) وجماعة، لقول
الصادق عليه السلام للحسن بن راشد: إذا غربت الشمس فاغتسل (12).
(و) منها: غسل (13) (يومي العيدين) للأخبار (14)، وفي التذكرة: ذهب

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 940 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 13.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(3) في ص و ك (يزيد).
(4) اقبال الأعمال: ص 207 س 15.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 952 ب 13 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(6) إقبال الأعمال: ص 216 س 16.
(7) نقله عنه في فلاح السائل: ص 61.
(8) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(9) ذكرى الشيعة: ص 24 س 9.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 87.
(11) المقنعة: ص 51، والمبسوط: ج 1 ص 40.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 954 ب 15 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(13) في ط (غسلا).
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 954 - 957 ب 15 استحباب الغسل... و ب 16 استحباب
إعادة... و ب 17 إن وقت غسل.
140

إليه علماؤنا أجمع، [وبه قال الجمهور (1).
وفي المعتبر: إنه مذهب الأصحاب وغيرهم أجمع] (2)، إلا ما حكي عن أهل
الظاهر من الوجوب (3).
وفي الذكرى: الظاهر أن غسل العيدين يمتد بامتداد اليوم، عملا بإطلاق
اللفظ. ويخرج (4) من تعليل الجمعة أنه إلى الصلاة، أو إلى الزوال الذي هو وقت
صلاة العيد، وهو ظاهر الأصحاب (5).
قلت: وعن الرضا عليه السلام: فإذا طلع الفجر يوم العيد فاغتسل، وهو أول أوقات
الغسل، ثم إلى وقت الزوال (6).
وأسند ابن أبي قرة في عمل رمضان، عن الصادق عليه السلام في كيفية صلاة العيد
يوم الفطر: أن يغتسل من نهر، فإن لم يكن نهر فل أنت بنفسك استقاء الماء بتخشع،
وليكن غسلك تحت الظلال أو تحت حائط، وتستتر بجهدك، فإذا هممت بذلك
فقل: اللهم إيمانا بك، وتصديقا بكتابك، واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وآله، ثم سم واغتسل،
فإذا فرغت من الغسل فقل: اللهم اجعله كفارة لذنوبي وطهر ديني (7)، اللهم اذهب
عني الدنس (8).
(و) منها: غسل (ليلة (9) نصف رجب) كما في جمل الشيخ (10)
ومصباحه (11) واقتصاده (12) والنزهة (13) والجامع (14) والإصباح (15) [ولم نظفر له
بسند] (16)، ووجه في المعتبر بشرف الزمان، واستحباب الغسل في الجملة (17) (18)،
وزيد في النزهة: يومه (19).
وقد ذكر في كتب العبادات لمن أراد أن يدعو دعاء الاستفتاح.
وأرسل في الاقبال عن النبي صلى الله عليه وآله: من أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله
ووسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (20).
(و) منها: غسل ليلة (نصف شعبان) للأخبار، كقول الصادق عليه السلام في
خبر أبي بصير: صوموا شعبان، واغتسلوا ليلة النصف منه (21).
(و) منها: غسل (يوم المبعث) وهو السابع والعشرون من رجب، كما
في جمل (22) الشيخ ومصباحه (23) واقتصاده (24)، ولم نظفر له

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 60 س 20.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(3) المعتبر: ج 1 ص 356.
(4) في م و س و ص (يتخرج).
(5) ذكرى الشيعة: ص 24 س 30.
(6) فقه الرضا 7: ص 131.
(7) في م و س و ص (ذنبي).
(8) إقبال الأعمال: ص 279 س 26.
(9) في جامع المقاصد (ليلتي).
(10) الجمل والعقود: ص 51.
(11) مصباح المتهجد: ص 11.
(12) الإقتصاد: ص 250.
(13) نزهة الناظر: ص 15.
(14) الجامع للشرائع: ص 32.
(15) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 439.
141

بسند، ووجه في المعتبر
بشرفه واستحباب الغسل في الجملة (1).
(و) منها: غسل يوم (الغدير) بالاجماع، كما في التهذيب (2)
والغنية (3)، وقال الصادق عليه السلام في خبر علي بن الحسين العبدي: من صلى فيه
ركعتين يغتسل عند زوال الشمس من قبل أن تزول بمقدار نصف ساعة - إلى قوله:
- ما سأل الله حاجة من حوائج الدنيا [والآخرة إلا قضيت له، كائنة ما
كانت (4)] (5).
(و) يوم (المباهلة) وهو الرابع والعشرون من ذي الحجة في المشهور،

(1) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(2) في ك (الجمعة).
(3) المعتبر: ج 1 ص 356.
(4) نزهة الناظر: ص 15.
(5) إقبال الأعمال: ص 628 س 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 959 ب 23 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(7) الجمل والعقود: ص 51.
(8) مصباح المتهجد: ص 11.
(9) الإقتصاد: ص 250.
(10) المعتبر: ج 1 ص 356.
(11) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 114 ذيل الحديث 300.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 السطر الأخير.
(13) في الوسائل (وحوائج الآخرة إلا قضيت، كائنا ما كانت الحاجة).
(14) وسائل الشيعة: ج 5 ص 224 ب 3 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 1.
142

وقيل: الخامس والعشرون، وهو خيرة المعتبر (1)، وفي الاقبال: وقيل: يوم أحد
وعشرين (2)، وقيل: يوم سبعة وعشرين (3).
وقال الصادق عليه السلام في خبر سماعة: وغسل المباهلة واجب (4). وحمل على
تأكد الاستحباب.
وفي الغنية: الاجماع عليه (5). لكن يحتمل عبارتها الغسل لفعل المباهلة، كلفظ
الخبر، وعبارة المقنعة (6)، وسيأتي استحبابه.
(و) يوم (عرفة) لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: وغسل يوم
عرفة واجب (7).
وفي خبر ابن سنان: الغسل من الجنابة، ويوم الجمعة، ويوم الفطر، ويوم
الأضحى، ويوم عرفة عند زوال الشمس (8)، الخبر.
وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر ابن مسلم: الغسل من الجنابة، وغسل الجمعة،
والعيدين، ويوم عرفة، الخبر (9).
وقول أحدهما عليهما السلام في خبره: الغسل في سبعة عشر موطنا - إلى قوله: -
ويوم عرفة (10).
وفي الغنية: الاجماع عليه (11)، ولم يذكر في المبسوط والاقتصاد والجمل (12)
والمراسم والوسيلة مع ظهورها في الحصر، وكذا في المصباح ومختصره عند

(1) المعتبر: ج 1 ص 357.
(2) في ص و م، وفي المصدر: إحدى.
(3) إقبال الأعمال: ص 515 س 19.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 4.
(6) المقنعة: ص 51.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 10.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 940 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 12.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 11.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): 493، س 5.
(12) زاد في ص (والعقود).
143

حصر الأغسال المسنونة، وإن ذكر فيهما في عمل الحاج (1).
وأرسل في روضة الواعظين عن عبد الرحمن بن سيابة: إنه سأل الصادق عليه السلام
عن غسل يوم عرفة في الأمصار، فقال: اغتسل أينما كنت (2).
وفي كتاب الاشراف: قضاء (3) غسل يوم (4) عرفة يوم النحر (5)، ويحتمله قول
أبي جعفر عليه السلام لزرارة: إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك للجنابة،
والجمعة، وعرفة، والنحر، والحلق، والذبح، والزيارة (6). (7)
(ونيروز (8) الفرس) كما في مصباح الشيخ (9) والجامع (10)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر المعلى: إذا كان يوم النيروز فاغتسل (11)، الخبر.
وفي خبر آخر له (12): هو اليوم الذي أخذ فيه النبي صلى الله عليه وآله لأمير المؤمنين عليه السلام
العهد بغدير خم، فأقروا له بالولاية (13)، فطوبى لمن ثبت عليها، والويل لمن نكثها،
وهو اليوم الذي وجه فيه رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى واد الجن فأخذ عليهم
العهود والمواثيق، وهو اليوم الذي ظفر فيه بأهل النهروان وقتل ذا الثدية، وهو
اليوم الذي يظهر فيه قائمنا أهل البيت وولاة الأمر، ويظفره الله تعالى بالدجال
فيصلبه على كناسة الكوفة، وما من يوم نيروز إلا ونحن نتوقع فيه الفرج، لأنه من
أيامنا، حفظه الفرس وضيعتموه. ثم إن نبيا من أنبياء بني إسرائيل سأل ربه أن
يحيي القوم الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت، فأماتهم الله،

(1) مصباح المتهجد: ص 618.
(2) روضة الواعظين: ج 2 ص 351.
(3) زيادة من ك و ط.
(4) زيادة من ص و ك.
(5) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 17.
(6) السرائر: المستطرفات ج 3 ص 588، ووسائل الشيعة: ج 2 ص 525 ب 43 من أبواب
الجنابة ح 1 وليس فيه أبي جعفر عليه السلام.
(7) زاد في ك (والمراسم والوسيلة).
(8) في الإيضاح (النيروز).
(9) مصباح المتهجد: ص 790.
(10) الجامع للشرائع: ص 33.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 960 ب 24 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(12) ساقط من ط.
(13) في م (بالوديعة).
144

فأوحى إليه أن صب عليهم الماء في مضاجعهم، فصب عليهم الماء في هذا اليوم،
فعاشوا وهم ثلاثون ألفا، فصار صب الماء في يوم النيروز سنة ماضية، لا يعرف
سببها إلا الراسخون في العلم، وهو أول يوم من سنة الفرس. قال المعلى: [وأملى
علي ذلك] (1) وكتبته من إملائه (2). وهو ظاهر في كون تفسيره بذلك منه عليه السلام.
وفي السرائر عن بعض أهل الهيئة: أنه عاشر آيار (3)، وهو يوم نزول الشمس
أواخر (4) الثور، [ويأتي في السلم أنه يوم نزولها الحمل] (5).
وفي الذكرى: وفسر بأول سنة الفرس، أو حلول الشمس الحمل، أو عاشر
آيار (6).
ولعل أول سنة الفرس أول فروردين القديم، وهو قبل انتقال الشمس إلى
الحمل بسبعة (7) عشر يوما، ويوم انتقالها إليه (8) هو أول فروردين الجلالي.
وقيل: بل أول سنتهم سابع عشر كانون الأول (9)، وهو بعد حلولها الجدي
بيومين.
ويبعده أن المشهور المعروف خلافه، وقوله عليه السلام في الخبر المتقدم، وخبر
آخر للمعلى أيضا: إنه اليوم الذي أخذ فيه العهد لأمير المؤمنين عليه السلام، فإنه كان
ثامن عشر من ذي الحجة لسنة عشر من الهجرة، وقد حسب على التقويم، فوافق
نزول الشمس الحمل في تاسع عشر، ولم يكن الهلال رؤي بمكة ليلة الثلاثين،
فكان الثامن عشر على الرؤية.
وقوله عليه السلام في خبر آخر له: وهو أول يوم طلع فيه الشمس، وهبت فيه الرياح

(1) في ص (وأملاه علي ذلك) وفي س (وأملى علي).
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 288 ب 48 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 2.
(3) السرائر ج 1 ص 315.
(4) في ص (وآخر).
(5) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(6) ذكرى الشيعة: ص 24 س 15.
(7) في س، ص و م: سبعة.
(8) سقط من ص.
(9) المهذب البارع: ج 1 ص 192.
145

اللواقح، وخلقت فيه زهرة الأرض (1). [فإن هبوب اللواقح وخلق زهرة
الأرض] (2) في أيام الحمل لا الجدي.
وقد قيل: إن الشمس خلقت في الشرطين (3)، وهو أول الحمل (4).
وروي عن الرضا عليه السلام: أن الدنيا خلقت والشمس في الحمل (5).
وذكر السيد رضي الدين ابن طاوس: أن الدنيا خلقت في شهر نيسان، وأول
نيسان وسط أيام الحمل (6). [ويحتمل الخبر أن لا يكون تفسيرا له بالمعروف
عندهم، بل يكون بيانا، لأن أول سنتهم خليقه هو النيروز وإن أحدثوا خلافه كما
أول سنة العرب شهر رمضان وإن جعلوه بها المحرم] (7).
فهذه ما للزمان، وقد بقي له أغسال:
منها: ليوم التروية، كما في الهداية (8) والنزهة (9) والمنتهى (10) ونهاية
الأحكام (11) وغيرها، لصحيح محمد بن مسلم (12) وحسنه عن أحدهما عليهما السلام (13).
ومنها: الغسل في جميع فرادى ليالي شهر رمضان على ما في المصباح
ومختصره، قال: 139
وإن اغتسل ليالي الافراد كلها وخاصة ليلة النصف كان له فيه
فضل كثير (14).
ومنها: ما في كتاب عمل شهر رمضان لابن أبي قرة: من غسل ليلة أربع

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 289 ب 48 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 3.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(3) في ص (السرطان).
(4) المهذب البارع: ج 1 ص 193.
(5) لم نعثر عليه.
(6) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا، لكن نقله عنه في المهذب البارع: ج 1 ص 193.
(7) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(8) الهداية: ص 19.
(9) نزهة الناظر: ص 15.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 130 س 24.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 177.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 11.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 938 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 5.
(14) مصباح المتهجد: ص 579.
146

وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين (1).
وفي الخصال قول الصادق عليه السلام لعبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري (2):
اغتسل في ليلة أربعة وعشرين [ما عليك في الليلتين جميعا] (3) (4).
وفي كتاب علي بن عبد الواحد النهدي (5) قوله عليه السلام لابن أبي يعفور: اغتسل
ليلة تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وسبع وعشرين، وتسع
وعشرين (6).
وفي خبر عيسى بن راشد أيضا: كان أبي يغتسل في تسع عشرة، وإحدى
وعشرين، وثلاث وعشرين، وخمس وعشرين (7).
ومنها: الغسل في كل ليلة من العشر الأخيرة من رمضان، رواه أحمد بن
محمد بن عياش في كتاب الأغسال، عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لما كان أول ليلة
من شهر رمضان قام رسول الله صلى الله عليه وآله فحمد الله وأثنى عليه - إلى أن قال: - حتى إذا
كان أول ليلة من العشر الأواخر قام فحمد الله وأثنى عليه، وقال مثل ذلك، ثم قام
وشمر المئزر، وبرز من بيته، واعتكف وأحيى الليل كله، وكان يغتسل كل ليلة منها
بين العشائين (8). وأرسل علي بن عبد الواحد، عن الصادق عليه السلام قال: كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يغتسل في شهر رمضان في العشر الأواخر في كل ليلة (9).
ومنها: لدحو الأرض، وهو الخامس والعشرون من ذي القعدة (10)، نسبه
الشهيد إلى الأصحاب (11).

(1) فلاح السائل: ص 61 عن أبي قرة.
(2) ساقط من ك.
(3) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(4) الخصال: ج 2 ص 508 ح 1.
(5) في ص (الهندي).
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 954 ب 14 من أبواب الأغسال المسنونة ح 13.
(7) المصدر السابق ح 12.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 953 ب 14 من أبواب الأغسال المسنونة ح 6.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 953 ب 14 من أبواب الأغسال المسنونة ح 10.
(10) زاد في ص (الحرام).
(11) ذكرى الشيعة: ص 24 س 17.
147

ومنها: لكل يوم شريف أو ليلة شريفة، وعند ظهور آية في السماء، ذكره أبو
علي (1).
ومنها: غسل ليلة الجمعة، ذكره ابن أبي المجد الحلبي في الإشارة (2).
ومنها: لأول رجب وأوسطه وآخره، كما مر عن الاقبال عن النبي صلى الله عليه وآله: [من
أدرك شهر رجب فاغتسل في أوله وأوسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته
أمه] (3).
وأما الأغسال المستحبة للأفعال
فالمذكور منها هنا ثمانية، والحق بها غسل هو غسل المولود، كما ستعلم.
(و) منها: (غسل الاحرام) لحج أو عمرة في المشهور، ولا خلاف في
رجحانه، والأخبار ناطقة به. كقول أحدهما عليهما السلام في خبر محمد بن مسلم: الغسل
في سبعة عشر موطنا - إلى قوله: - ويوم تحرم (4).
وأوجبه الحسن (5)، وحكاه السيد في الطبريات عن أكثر الأصحاب (6)، لظاهر
نحو قول الصادق عليه السلام في مرسل يونس: الغسل في سبعة عشر موطنا، الفرض
ثلاثة: غسل الجنابة، وغسل من غسل (7) ميتا، والغسل للإحرام (8).
وفي خبر سماعة: غسل المحرم واجب (9). وحمل على التأكد، للأصل.

(1) ذكرى الشيعة: ص 24 س 18.
(2) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 118 س 26.
(3) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 11.
(5) مختلف الشيعة: ج 1، ص 315.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 44.
(7) في الطبعة الحجرية و س: مس.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 463 ب 1 من أبواب الجنابة ح 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
148

وقول الصادق عليه السلام في خبر سعد بن أبي خلف: الغسل في أحد عشر موطنا:
واحد فريضة والباقي سنة (1) إن كانت السنة بمعنى المستحب. ونحوه قول
الرضا عليه السلام فيما كتبه للمأمون من شرائع الدين: غسل الجمعة سنة [- إلى قوله: -
وغسل الاحرام - إلى قوله: - هذه الأغسال سنة] (2) وغسل الجنابة فريضة (3).
(و) منها: غسل (الطواف) كما في الخلاف (4) والجامع (5) والإشارة (6)
والمهذب (7)، وقطع به جماعة من المتأخرين، منهم الشهيد (8) وكذا في الكافي (9)
والغنية (10)، ولكن (11) عند الرجوع من منى، لقولهما (12) وغسل زيارة البيت وعند
الرجوع من منى، وادعى الاجماع عليه في الغنية (13).
ويفيده كلام الشيخ في النهاية، لقوله في باب زيارة البيت عند الرجوع من
منى: ويستحب لمن أراد زيارة البيت أن يغتسل قبل دخول المسجد والطواف
بالبيت، ويقلم أظفاره، ويأخذ من شاربه ثم يزور، ولا بأس أن يغتسل الانسان
بمنى ثم يجي إلى مكة فيطوف بذلك الغسل بالبيت، ولا بأس أن يغتسل بالنهار
ويطوف بالليل ما لم (14) ينقض ذلك الغسل بحدث، فإن نقضه بحدث أو نوم فليعد
الغسل استحبابا حتى يطوف وهو على غسل، ويستحب للمرأة أيضا أن تغتسل
قبل الطواف (15).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 464 ب 1 من أبواب الجنابة ح 11، وفيه: أربعة عشر موطنا.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 938 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 6.
(4) الخلاف: مسألة 63 ج 2 ص 286.
(5) الجامع للشرائع: ص 33.
(6) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 130 س 36.
(7) المهذب: ج 1 ص 231.
(8) الألفية والنفلية: ص 95.
(9) الكافي في الفقه: ص 135.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 3.
(11) في ص (وكذا).
(12) في ط (وكذا).
(13) نفس المصدر السابق ص 493 س 5.
(14) في س، ص، م: وما لم.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 534.
149

وأما قوله في المصباح عند العود من منى: وليغتسل أولا لدخول المسجد
والطواف (1)، وقوله فيه: اغتسل لدخول المسجد وطواف الوداع (2)، ونحوه في
مختصره (3). فليس بذلك الظهور في استحبابه للطواف.
ونص في الإشارة على الطواف عند العود من منى وغيره، فقال: وزيارة
الكعبة ويوم عرفة وزيارة البيت من منى (4).
ويحتمل (5) إرادته من زيارة الكعبة دخولها. وقد روي عن الرضا عليه السلام: أن
الغسل ثلاثة وعشرون، منها: غسل زيارة البيت (6).
والأخبار باطلاق غسل الزيارة مطلقة كثيرة، فيحتمل شمولها لزيارة البيت،
كما نبه عليه القاضي بقوله: والزيارات لنبي كانت أو إمام أو للبيت الحرام.
وقال الكاظم عليه السلام لعلي بن أبي حمزة: إن اغتسلت بمكة، ثم نمت قبل أن
تطوف، فأعد غسلك (7).
(و) منها: غسل (زيارة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام) قطع به الأصحاب،
ونصت عليه الأخبار، إلا أن الأكثر اقتصرت على الزيارة، بحيث يحتمل (8) زيارة
البيت خاصة.
ومما ينص (9) على الاستحباب لزيارتهم، ما روي عن الرضا عليه السلام من قوله: والغسل
ثلاثة وعشرون، وعد منها: غسل زيارة البيت، وغسل دخوله، وغسل الزيارات (10).
وما في الاقبال عن الصادق عليه السلام: الغسل لزيارة النبي صلى الله عليه وآله، ولزيارة أمير
المؤمنين عليه السلام (11).

(1) مصباح المتهجد: ص 645.
(2) مصباح المتهجد: ص 647.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 118، س 28.
(5) في ص و م (وتحمل).
(6) فقه الرضا عليه السلام: ص 82.
(7) وسائل الشيعة: ج 9 ص 319 ب 6 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(8) في س (تحمل).
(9) في ص (نص).
(10) فقه الرضا عليه السلام: ص 82.
(11) إقبال الأعمال: ص 604 و 608.
150

وهل يستحب لزيارة غيرهما من المعصومين عليهم السلام؟ تحتمله الأخبار
المطلقة و (1) بعض العبارات، كعبارة (2) الهداية (3) والمراسم (4) والبيان (5)
والنفلية (6). وأظهر منها ما سمعته من عبارة المهذب، واقتصر في النافع (7) على
زيارة النبي صلى الله عليه وآله.
(و) منها: غسل (تارك) صلاة (الكسوف عمدا مع استيعاب
الاحتراق) للقرص، كما في الهداية (8) ومصباح الشيخ (9) واقتصاده (10)
وجمله (11) وخلافه (12) والنهاية (13) والمبسوط (14) والكافي (15) والمهذب (16)
والمراسم (17) ورسالة علي ابن بابويه (18) والنزهة (19) والجامع (20)
والشرائع (21) والمعتبر (22) والغنية (23) والإصباح (24) [وجمل العلم والعمل (25)
والإشارة (26)] (27) والسرائر، ونفى فيه الخلاف عن عدم شرعيته إذا

(1) في م (أو).
(2) في ص (كعبارات).
(3) الهداية: ص 19.
(4) المراسم: ص 52.
(5) البيان: ص 4.
(6) الألفية والنفلية: ص 95.
(7) مختصر النافع: ص 16، وفيه (والأئمة عليهم السلام).
(8) الهداية: ص 19.
(9) مصباح المتهجد: ص 11 - 12.
(10) الإقتصاد: ص 250.
(11) الجمل والعقود: ص 52.
(12) الخلاف: المسألة 452 ج 1، ص 678.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 375.
(14) المبسوط: ج 1 ص 40.
(15) الكافي في الفقه: ص 156.
(16) المهذب: ج 1 ص 33.
(17) المراسم: ص 52.
(18) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 281.
(19) نزهة الناظر: ص 16.
(20) الجامع للشرائع: ص 33.
(21) شرائع الاسلام: ج 1 ص 45.
(22) المعتبر: ج 1 ص 358.
(23) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 4.
(24) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 20.
(25) جمل العلم والعمل (وسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 46.
(26) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 118 س 30.
(27) ما بين المعقوفين ساقط من ك.
151

انتفى التعمد أو الاستيعاب (1).
ويدل عليه الأصل (2)، وما في الخصال (3) من قول أبي جعفر عليه السلام في حسن
محمد بن مسلم: وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله، فاستيقظت ولم تصل،
فاغتسل واقض الصلاة (4). مع احتمال (5) الاستيقاظ بعد الانجلاء، وتركه الصلاة
للنوم لا عمدا.
واقتصر الصدوق في المقنع (6) على الاستيعاب، وكذا الشهيد في الذكرى (7)
لقول أحدهما عليهما السلام في خبر محمد بن مسلم: وغسل الكسوف إذا احترق القرص
كله فاغتسل (8). وليس فيه ذكر للقضاء، إلا أن الأصل وفتوى الأصحاب قيداه به،
لكن المصنف في المختلف استحبه للأداء أيضا (9).
واقتصر السيد في المصباح (10) والمفيد في المقنعة (11) على التعمد، كقول (12)
الصادق عليه السلام في مرسل حريز: إذا انكسف القمر، فاستيقظ الرجل، فكسل أن
يصلي، فليغتسل من غد وليقض الصلاة، وإن لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر،
فليس عليه إلا القضاء (13).
ثم القرص يعم النيرين، كما نص عليه في النهاية (14) والمهذب (15)
والمراسم (16) والسرائر (17)، واقتضاه إطلاق الخبرين الأولين.

(1) السرائر: ج 1 ص 321.
(2) ساقط من م و س و ص.
(3) في س، ق، م: ويدل عليه ما في الخصال.
(4) الخصال: ج 2 ص 508.
(5) في ط احتماله.
(6) لم نعثر عليه في المقنع، وذكرها في الهداية كما مر.
(7) ذكرى الشيعة: ص 24 س 10.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 11.
(9) مختلف الشيعة: ج 1 ص 317.
(10) لا يوجد كتابه لدينا ونقله عنه المحقق في المعتبر: ج 1 ص 358.
(11) المقنعة: ص 51.
(12) في س، و م: لقول.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 960 ب 25 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 375.
(15) المهذب: ج 1 ص 124.
(16) المراسم: ص 52.
(17) السرائر: ج 1 ص 320.
152

وفي جمل السيد (1) وشرح القاضي له (2) وجوبه [على المتعمد مع
الاستيعاب] (3)، وكذا في صلاة المقنعة (4) والمراسم (5)، وهو ظاهر الهداية (6)
والنهاية (7) والخلاف (8) والكافي (9) وصلاة الإقتصاد (10) والجمل والعقود (11)، ومال
إليه في المنتهى (12)، لظاهر الأمر في الأخبار والاحتياط. وادعى القاضي الاجماع
عليه في الشرح (13).
والأقوى الاستحباب للأصل، وحصر الواجب من الأغسال في غيره، في
غير هذه الأخبار، واحتمال الأمر الندب.
(و) تردد ابن حمزة (14) وأدرج في أغسال الأفعال، غسل (المولود)
حين ولادته، واستحبابه مشهور، لقول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: وغسل
المولود واجب (15)، وبظاهره أفتى ابن حمزة (16)، قال في المنتهى: وهو متروك (17).
[قلت: يجوز أن يكون الوجوب في كلامه، والخبر بمعنى أنه لا يطهر إلا به] (18).
(و) منها: الغسل (للسعي (19) إلى رؤية) المسلم (المصلوب) شرعا
أو غيره، على الهيئة المشروعة أو غيرها (بعد ثلاثة) أيام (20) من صلبه، وقيل:

(1) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 46.
(2) شرح جمل العلم والعمل: ص 135.
(3) ما بين المعقوفين زيادة من نسخة ك.
(4) المقنعة: ص 211.
(5) المراسم: ص 81.
(6) الهداية: ص 19.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 375.
(8) الخلاف: ج 1 ص 679 المسألة 452.
(9) الكافي في الفقه: ص 135.
(10) الإقتصاد: ص 272.
(11) الجمل والعقود: ص 87.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 131 س 32.
(13) شرح جمل العلم والعمل: ص 135.
(14) الوسيلة: ص 54.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(16) الوسيلة: ص 54.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 131 ص 30.
(18) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(19) في الإيضاح (السعي).
(20) في جامع المقاصد (الثلاثة).
153

من موته (1)، لا لغرض صحيح شرعا، كالشهادة على عينه بشرط الرؤية، لما
أرسله الصدوق في الفقيه (2) والهداية (3): إن من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب
عليه الغسل عقوبة، وفي الغنية: الاجماع عليه (4)، وبظاهره عمل الحلبي
فأوجبه (5).
قال في المختلف: ولم يذكر - يعني الصدوق - سند الرواية، ولو ثبت حملت
على شدة الاستحباب (6). وظاهر ابن حمزة التردد في الوجوب (7).
ثم لفظ الخبر نص في اشتراط الرؤية، وهو ظاهر كتاب الاشراف (8)، ولم
يذكره الأكثر.
ثم الأصحاب قيدوه بما بعد ثلاثة أيام (9)، لأن الإنزال عن الخشبة إنما يجب
بعدها، والصلب إنما شرع لاعتبار الناس وتفضيح المصلوب، فلا يحرم السعي إلى
رؤيته قبلها.
وألحق به المصلوب ظلما ولو قبل الثلاثة، للتساوي في تحريم الوضع على
الخشبة.
(و) منها: غسل (التوبة عن فسق أو كفر) كما في المبسوط (10)
والسرائر (11) والمهذب (12) والجامع (13) والشرائع (14) والمعتبر (15) (16)، وسواء كان

(1) لم نعثر عليه.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 78 ح 175.
(3) الهداية: ص 19.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 4.
(5) الكافي في الفقه: ص 135.
(6) مختلف الشيعة: ج 1 ص 318.
(7) الوسيلة: ص 54.
(8) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 18.
(9) زيادة من نسخة ص.
(10) المبسوط: ج 1 ص 40.
(11) السرائر: ج 1 ص 125.
(12) المهذب: ج 1 ص 33.
(13) الجامع للشرائع: ص 33.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 45.
(15) المعتبر: ج 1 ص 359.
(16) زاد في س و ص (واللمعة).
154

الفسق عن كبيرة أو صغيرة، كما في المنتهى (1) ونهاية الإحكام (2) والنفلية (3)،
ويعطيه إطلاق الأكثر.
وخص في المقنعة (4) وكتاب الاشراف (5) والكافي (6) والغنية (7) والإشارة
بالكبائر (8)، وسواء كان الكفر أصليا أو ارتدادا (9)، كما في المنتهى (10) ونهاية
الأحكام (11).
واستحباب هذا الغسل للإجماع، كما في الغنية (12) والمنتهى (13) وظاهر
التذكرة (14)، ولخبر من أتى الصادق عليه السلام فقال: إن لي جيرانا لهم جوار يتغنين (15)
ويضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا مني لهن،
فقال عليه السلام: لا تفعل - إلى أن قال: - الرجل لا جرم أني تركتها وأنا أستغفر الله تعالى،
فقال عليه السلام: قم فاغتسل فصل ما بدا لك فلقد كنت مقيما على أمر عظيم، ما كان
أسواء حالك لومت على ذلك، استغفر الله واسأله التوبة من كل ما يكره (16). وهو مع
الارسال لا يعم، ولأمره صلى الله عليه وآله بعض الكفار حين أسلم بالاغتسال (17).
ويمكن أن يكون لوجوب غسل عليه لجنابة أو غيرها. ولما في أدعية السر
من قوله تعالى: يا محمد قل لمن عمل كبيرة من أمتك فأراد محوها والتطهر منها

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 131 س 4.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 178.
(3) الألفية والنفلية: ص 95.
(4) المقنعة: ص 51.
(5) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ص 17.
(6) الكافي في الفقه: ص 135.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 4.
(8) إشارة السبق: ص 72.
(9) في ص (ارتداديا).
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 131 س 10.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 178.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 5.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 131 س 11.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 60 س 35.
(15) في ص (يغنين).
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 957 ب 18 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1 مع اختلاف يسير
في اللفظ.
(17) عوالي اللآلي: ح 121 ج 1 ص 227.
155

فليطهر لي بدنه وثيابه، وليخرج إلى برية أرضي فيستقبل وجهي بحيث لا يراه
أحد، ثم ليرفع يديه إلي (1)، الخبر.
وقوله فيها: يا محمد ومن كان كافرا وأراد التوبة والإيمان فليطهر لي ثوبه
وبدنه (2)، الخبر. وليس التطهير (3) نصا في ذلك.
ثم إذا أسلم اختص بالكبائر، ويؤكده قوله تعالى فيها أيضا: يا محمد من
كثرت ذنوبه من أمتك فيما دون الكبائر حتى يشتهر بكثرتها، ويمقت (4) على
اتباعها، فليعمدني (5) عند طلوع الفجر أو قبل أفول الشفق، ولينصب وجهه إلي
وليقل كذا (6). من غير ذكر للتطهير (7).
ولما ذكر المفيد في كتاب الاشراف: الغسل للتوبة عن كبيرة، قال: على ما
جاء عن النبي صلى الله عليه وآله (8) قال في المنتهى: ولأن الغسل طاعة في نفسه، فكان مستحبا
عقيب التوبة، ليظهر أثر العمل الصالح (9).
وفي المعتبر: والعمدة فتوى الأصحاب منضما إلى أن الغسل خير، فيكون
مرادا، ولأنه تفأل بغسل الذنب والخروج من دنسه (10)، انتهى.
وأوجبه أحمد ومالك وأبو ثور، للتوبة عن الكفر (11).
(و) منها: غسل (صلاة الحاجة و) وصلاة (الاستخارة) إجماعا،

(1) الجواهر السنية في الأحاديث القدسية: ص 173.
(2) المصدر السابق: ص 175.
(3) في م و س و ص (التطهر).
(4) في ص (ويموت).
(5) في ك (فليتعمدني)، وفي س و ص و م (فليعتمدني).
(6) الجواهر السنية في الأحاديث القدسية: ص 174.
(7) في س و ص و م (لتطهر).
(8) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 17.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 131 س 9.
(10) المعتبر: ج 1 ص 359 وفيه: (ولأنه يقال بغسل الذنب).
(11) المجموع: ج 2 ص 153.
156

كما في الغنية (1) وظاهر المعتبر (2) والتذكرة (3)، أي صلوات ورد لها الغسل من
صلاة الحاجة والاستخارة، كما يرشد (4) إليه عبارة التهذيب لا مطلقا (5)، فإن منها
ما لم يرد له غسل.
ويمكن التعميم، كما هو ظاهر العبارة وأكثر العبارات، لاطلاق قول
الرضا عليه السلام: وغسل الاستخارة، وغسل طلب الحوائج من الله تعالى (6). وقول
الصادق عليه السلام في خبر سماعة: وغسل الاستخارة مستحب (7).
واطلاقهما كما يشمل طلب الحاجة والاستخارة مطلقا (8) من غير صلاة، فلو
قيل باستحبابه لها مطلقا لم يكن بذلك البعيد.
وقد بقي للفعل أغسال.
منها: من قتل وزغة، كما في كتاب الاشراف (9) والنزهة (10) والجامع (11)
والبيان (12) والدروس (13) والنفلية (14)، وروي في الفقيه (15) والهداية (16).
وروى الصفار في البصائر، عن عبد الله بن طلحة، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الوزغ، فقال: هو رجس، وهو مسخ، فإذا قتلته فاغتسل (17).
وفي الهداية: والعلة في ذلك أنه يخرج من الذنوب فيغتسل منها (18). وحكي

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 5.
(2) المعتبر: ج 1 ص 359.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 60 السطر الأخير.
(4) في ص و م و س (أرشد).
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 116 ذيل الحديث 303.
(6) فقه الرضا عليه السلام: ص 82.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(8) زيادة من نسخة (ص).
(9) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 18.
(10) نزهة الناظر: ص 16.
(11) الجامع للشرائع: ص 33.
(12) البيان: ص 4.
(13) الدروس: ج 1 ص 87.
(14) الألفية والنفلية: ص 96.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 77 ح 174.
(16) الهداية: ج 1 ص 19.
(17) بصائر الدرجات: ح 1 ص 353.
(18) الهداية: ج 1 ص 19.
157

في الفقيه (1) التعليل بذلك عن بعض مشايخه (2)، وكذا في الجامع (3).
وفي المعتبر: وعندي إنما ذكره ابن بابويه ليس حجة، وما ذكره المعلل (4)
ليس طائلا، لأنه (5) لو صحت علته لما اختص بالوزغة (6). وفيه ما فيه.
ومنها: غسل من أراد مباهلة (7) ذكره المفيد في كتاب الاشراف (8) وابن سعيد
في الجامع (9)، وبه خبر أبي مسروق عن الصادق عليه السلام المروي في باب المباهلة
من دعاء الكافي (10)، وقد عرفت احتمال خبر سماعة (11) له.
ومنها: لصلاة الاستسقاء، كما في المقنعة (12) وكتاب الاشراف (13)
والمهذب (14) والغنية (15) وغيرها (16)، لقول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: وغسل
الاستسقاء واجب (17). وفي الغنية: الاجماع عليه (18).
ومنها: لرمي الجمار، قال المفيد في الغرية: وليغتسل لرمي الجمار (19)، فإن
منعه مانع فليتوضأ.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 78 ذيل الحديث 174.
(2) زاد في ك (ونحوه).
(3) الجامع للشرائع: ص 33.
(4) ساقط من م و س.
(5) في ص (إلا أنه).
(6) المعتبر: ج 1 ص 360.
(7) في ص و س (المباهلة).
(8) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 18.
(9) الجامع للشرائع: ص 33.
(10) الكافي: ج 2 ص 513 ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(12) المقنعة: ص 51.
(13) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 18.
(14) المهذب: ج 1 ص 33.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 3.
(16) البيان: ص 4.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(18) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 5.
(19) لا توجد لدينا رسالته. ونقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 24 س 19، وفيه (يستحب الغسل
لرمي الجمار).
158

وفي المقنعة: فإذا قدر على الوضوء لرميه الجمار فليتوضأ، وإن لم يقدر
أجزأه عنه غسله، ولا يجوز له رمي الجمار إلا وهو على طهر (1). فيحتمل أن يريد
من الغسل له، ويحتمل الغسل للعيد، والطهر يحتمل أحدهما والطهارة من
الأحداث. وفي الخلاف: الاجماع على عدمه (2).
ومنها: عند الوقوفين، ذكره الشيخ في الخلاف، وادعى الاجماع عليه (3).
ومنها: عند كل فعل يتقرب به إلى الله تعالى، ذكره أبو علي (4).
ومنها: لمس الميت بعد تغسيله، استحبه (5) الشيخ في التهذيب، لقول
الصادق عليه السلام في خبر عمار: وكل من مس ميتا فعليه الغسل وإن كان الميت قد
غسل (6). [ويمكن أن يكون غسل مخففا لمعنى تطهيره من النجاسات] (7).
ومنها: لصلاة الشكر، على ما في الكافي (8) والغنية (9) والإشارة (10)
والمهذب (11).
ومنها: إذا أراد تغسيل الميت أو تكفينه، لقول أحدهما عليهما السلام في صحيح محمد
ابن مسلم (12). وقول أبي جعفر عليه السلام في حسنه: الغسل في سبعة عشر موطنا - إلى
قوله: - وإذا غسلت ميتا أو كفنته (13).
قال المحقق: والرواية صحيحة السند، وقد ذكرها الحسين بن سعيد

(1) المقنعة: ص 417.
(2) الخلاف: ج 2 ص 286 المسألة 63.
(3) الخلاف: ج 2 ص 286 المسألة 63.
(4) ذكرى الشيعة: ص 24 س 18.
(5) في ص (ذكره).
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 430 ح 1373 وذيله.
(7) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(8) الكافي في الفقه: ص 135.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 3، وفيه (الشك) بدل (الشكر).
(10) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 118 س 29.
(11) المهذب: ج 1 ص 33.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 11.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 4.
159

وغيره (1).
قلت: ولكن لا يتعين لذلك.
ومنها: إذا أريد أخذ التربة الحسينية على ما وردت به الأخبار (2)، ويمكن
إدخاله في الحاجة.
ومنها: غسل من أهرق عليه ماء غالب النجاسة، ذكره المفيد في كتاب الاشراف (3).
ومنها: عند الإفاقة من الجنون، استقربه المصنف في النهاية، قال: لما قيل: إن
من زال عقله أنزل، فإذا أفاق اغتسل احتياطا، وليس واجبا، لأصالة الطهارة
فيستصحب، والناقض غير معلوم، ولأن النوم لما كان مظنة الحدث شرعت
الطهارة منه (4).
ورده في المنتهى بأن الاستحباب حكم شرعي يفتقر إلى دليل، ولم يقم (5).
ومنها: عند الشك في الحدث، كواجد المني (6) في الثوب المشترك.
ومنها: إعادة الغسل عند زوال العذر الذي رخص في اشتمال الغسل على
نقص، خروجا من خلاف من أوجبه، ذكرهما الشهيد في البيان (7) والنفلية (8).
ومنها: غسل من مات جنبا، غسل غسل الجنابة قبل غسل الميت، احتمله
الشيخ في كتابي الأخبار، لخبر عيص عن الصادق عليه السلام (9).
ومنها: لمعاودة الجماع، لقول الرضا عليه السلام في الذهبية: والجماع بعد الجماع
من غير فصل بينهما بغسل يورث للولد الجنون (10).

(1) المعتبر: ج 1 ص 360.
(2) بحار الأنوار: ج 101 ص 137 و 138.
(3) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 18.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 179.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 132 س 12.
(6) زاد في ص (عند الشك).
(7) البيان ص 4.
(8) الألفية والنفلية: ص 96.
(9) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 433، ح 1386 و 1387 و 1388 وذيله، والاستبصار: ح 682
و 683 و 684 وذيله ج 1 ص 195.
(10) الرسالة الذهبية: ص 28.
160

[ومنها: غسل الحجامة، روي في الكافي عن زرارة في الحسن، قال: إذا
اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزاك غسلك ذلك للجنابة والحجامة وعرفة والنحر
والحلق والذبح والزيارة (1). لكنه مقطوع، ويحتمل تصحيف الجمعة، لأن ابن
إدريس حكى الخبر عن كتاب حريز بلفظ الجمعة، وأسنده إلى أبي
جعفر عليه السلام (2)] (3).
(و) أما الأغسال المستحبة لأمكنة:
فمنها: غسل (دخول الحرم) لقول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: وغسل
دخول الحرم يستحب أن لا تدخله إلا بغسل (4)، وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر
محمد بن مسلم: وحين تدخل الحرم (5)، وقول أحدهما عليهما السلام في صحيحه: وإذا
دخلت الحرمين (6).
وفي الغنية الاجماع عليه (7). وفي الخلاف الاجماع على العدم (8).
(و) منها: غسل دخول (المسجد الحرام) كما في أكثر الكتب،
للإجماع كما في الخلاف والغنية (9). ولشرف المكان كما في المعتبر (10)
والتذكرة (11)، ولقول الكاظم عليه السلام لعلي بن أبي حمزة: إن اغتسلت بمكة ثم نمت

(1) الكافي: ج 3 ص 41 ح 1.
(2) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 588.
(3) ما بين المعقوفين في ك، وقد ذكر هذا المقطع في باقي النسخ الأخرى في باب الأغسال
المستحبة للأمكنة، وهو من سهو النساخ.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 940 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 12.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 11.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 5.
(8) الخلاف: ج 2 ص 286 المسألة 63.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 5.
(10) المعتبر: ج 1 ص 357 و 358.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 60 س 27.
161

قبل أن تطوف فأعد غسلك (1). إن لم نقل (2) أنه غسل الطواف، وهو الظاهر كما قدمنا،
ولم يذكره جماعة منهم الصدوق.
(و) منها: غسل دخول (مكة) كما في أكثر الكتب، للأخبار، كقول
الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: ودخول مكة (3). وفي خبر الحلبي: إن الله
عز وجل يقول في كتابه: (أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود)
فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا وهو طاهر، قد غسل عرقه والأذى وتطهر (4).
وفي الخلاف الاجماع على العدم (5)، وخصه المفيد بمن دخلها لأداء فرض أو
نفل بها (6).
(و) منها: غسل دخول (الكعبة) كما في الأكثر، للإجماع، كما في
الخلاف (7) والغنية (8). ونحو قول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: وغسل دخول
البيت واجب (9). وفي صحيح ابن سنان: ودخول الكعبة (10)، وقول أحدهما عليهما السلام
[في صحيح ابن مسلم: ويوم تدخل البيت (11).
(و) منها: غسل دخول (المدينة) للأخبار، كقول الصادق عليه السلام
في] (12) صحيح ابن سنان: ودخول مكة والمدينة (13). وفي حسن معاوية بن عمار:
إذا

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 319 ب 6 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(2) في ص و س (يقل).
(3) وسائل الشيعة: ج 20 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة: ح 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 9 ص 318 ب 5 من أبواب مقدمات الطواف ح 3 و ب 39 ح 1.
(5) الخلاف: ج 2 ص 286 المسألة 63.
(6) المقنعة: ص 51.
(7) الخلاف: ج 2 ص 286 المسألة 63.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 5.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 937 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 3.
(10) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 10 ج 2 ص 939.
(11) المصدر السابق ح 11.
(12) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(13) المصدر السابق ح 10.
162

دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو حين تدخلها (1).
وفي الغنية: الاجماع عليه (2)، وخصه المفيد بمن دخلها لأداء فرض أو نفل (3).
(و) منها: غسل دخول (مسجد النبي صلى الله عليه وآله) بالمدينة، لنحو قول أبي
جعفر عليه السلام في خبر ابن مسلم: وإذا أردت دخول مسجد الرسول صلى الله عليه وآله (4). وفي
الغنية: الاجماع عليه (5).
ومنها: غسل دخول [مشاهد الأئمة] عليهم السلام (6)، على ما في المنتهى (7) ونهاية
الأحكام (8) لشرفها.
ومنها: غسل دخول حرم المدينة، كما يظهر من الهداية (9) والنفلية (10)،
للشرف، وما مر من صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام (11)، واستحبه أبو علي
لكل مكان شريف (12).
(ولا تداخل) الأغسال المندوبة، أو لا تداخل فيها عند اجتماع أسباب
لها، بأن يغتسل غسلا واحدا لجميعها، سواء تعرض في نيته للأسباب، أو لم يتعرض
لشئ منها، بل نوى الغسل لله ندبا، أو بلا نية الوجه، أو تعرض لبعضها خاصة.
(وإن انضم إليها) غسل (واجب) للجنابة أو لغيرها، اقتصر على سببه
ونية الوجوب، أو تعرض لجميع الأسباب ونوى الندب خاصة، بناء على عدم
الوجوب لجميعها، أو الوجوب خاصة، بناء على الوجوب لبعضها أو إياهما (13). أو
لم يتعرض لشئ من الأسباب ونوى الوجوب أو الندب أو إياهما، أو تعرض
للموجب مع بعض أسباب المندوبة ونوى الوجوب أو الندب أو إياهما

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 266 ب 6 من أبواب المزار وما يناسبه ح 1.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 5.
(3) المقنعة: ص 51.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 940 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 12.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 5.
(6) في س (المشاهد المشرفة للأئمة).
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 130 س 36.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 177.
(9) الهداية: ص 19.
(10) الألفية والنفلية: ص 95.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 11.
(12) ذكرى الشيعة: ص 24 س 17.
(13) في م (إياها).
163

أو أعرض
عن الوجه في جميع الفروض، وذلك لأصل تعدد المسببات بتعدد الأسباب.
وفي التذكرة (1) والمنتهى (2) ونهاية الإحكام (3) تداخل المندوبات، ونص في
التذكرة (4) على اشتراط نية الأسباب، وأنه لو نوى بعضها اختص بما نواه، وإن
أهملها مطلقا لم يجزئه.
واستدل على التداخل بقول أحدهما عليهما السلام في خبر زرارة: فإذا اجتمعت لله
عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد (5). وهو إن تم دل على التداخل وإن انضم
إليها واجب آخر (6)، لاطلاقه، وللنص عليه فيه، كما ستسمع تمامه، مع أنه نص في
الكتب الثلاثة على عدمه حينئذ، للأصل (7)، وقوله تعالى: (ليس للإنسان إلا ما
سعى) (8)، وقوله صلى الله عليه وآله: إنما لكل امرئ ما نوى (9).
قال في التذكرة: لو اجتمع غسل الجنابة والمندوب كالجمعة فإن نوى الجميع
أو الجنابة أجزاء عنهما قاله الشيخ، قال: والأقرب أنه لو نواهما معا بطل غسله، ولو
نوى الجنابة ارتفع حدثه، ولم يثبت غسل الجمعة، وإن نوى الجمعة صح عنها وبقي
حكم الجنابة (10).
وفي المنتهى: لو نوى غسلا مطلقا لم يجز عن أحد من الجنابة والجمعة، ولو
نوى الجنابة أجزاء عنها خاصة (11).
وفي النهاية: لو نوى مطلق الغسل على وجه الوجوب انصرف إلى الواجب،

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 61 س 9.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 132 س 3.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 179.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 61 س 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 963 ب 31 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(6) زيادة من س.
(7) في ص (وللأصل).
(8) النجم: 39.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 34 ب 5 من أبواب مقدمة العبادات ح 7، و ج 7 ص 7 ب 2 من
أبواب وجوب الصوم ح 12.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 61 س 6.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 132 س 8.
164

وإن نواه ولم يقيد بوجه الوجوب فإن شرطنا في الندب نيته لم يقع عن أحدهما،
وإن نوى الجنابة ارتفعت، ولم يجز عن الجمعة، وبالعكس إن نوى الجمعة (1).
وقد يستدل [لتداخل المندوبات] (2) بأن الغرض منها التنظيف، وهو ممنوع.
وفي المعتبر تداخل المندوبات وحدها ومع الواجب بشرط نية الأسباب
جميعها (3)، ويعطيه (4) كلام الشرائع (5). واستشكل في الاكتفاء بنية الجنابة عن
الجمعة.
وحكم السيد رضي الدين ابن طاووس أيضا في الأمان من الأخطار
بتداخلها وحدها، ومع الواجب مع نية الأسباب، قال: بحسب ما رأيته في بعض
الروايات، قال: وخاصة إن كنت مرتمسا فإن كل دقيقة ولحظة من الارتماس في
الماء يكفي في أن يكون أجزاؤها عن أفراد الأغسال (6)، ونعني عن أفرادها
بارتماسات منفردة لشمولها لسائر الأعضاء (7).
وأطلق ابن سعيد تداخل المندوبات وحدها، وقال: وإذا اجتمع غسل الجنابة
والجمعة وغيرهما من الأغسال المفروضة والمسنونة أجزاء عنها غسل واحد، فإن
نوى الواجب أجزاء عن الندب، وإن نوى به المسنون فقد فعل سنة، وعليه الواجب،
وإن نوى به الواجب والندب قيل: أجزاء عنهما، وقيل: لا يجزئ، لأن الفعل الواحد
لا يكون واجبا وندبا (8)، إنتهى.
وفي كتاب الاشراف: رجل اجتمع عليه عشرون غسلا فرض وسنة ومستحب
أجزأه عن جميعها غسل واحد، هذا رجل احتلم وأجنب نفسه بإنزال الماء
وجامع في الفرج وغسل ميتا ومس آخر بعد برده بالموت قبل تغسيله ودخل

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 113.
(2) في س (على التداخل بالمندوبات).
(3) المعتبر: ج 1 ص 361.
(4) في ط (يعطيها).
(5) شرائع الاسلام، ج 1 ص 45.
(6) في م و س (الغسل).
(7) الأمان: ص 21.
(8) الجامع للشرائع: ص 34.
165

المدينة لزيارة رسول الله صلى الله عليه وآله إلى آخر ما قال (1).
وفي الخلاف: إذا نوى بغسله الجنابة والجمعة أجزاء عنهما، للإجماع، وقول
أحدهما عليهما السلام في خبر زرارة: إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك
للجنابة والجمعة وعرفة والنحر والذبح والزيارة، فإذا اجتمعت لله عليك حقوق
أجزأها عنك غسل واحد. ثم قال: وكذلك المرأة يجزئها غسل واحد لجنابتها
واحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها وعيدها. وكذا إذا نوى به الجنابة وحدها،
لعموم نحو هذا الخبر، مع احتماله (2) ألا يجزئ حينئذ عن الجمعة، وإذا لم ينو به
شيئا منهما لم يجز عن شئ منهما، فإنما الأعمال بالنيات. وكذا إذا نوى به الجمعة
لم يجز عن الجنابة لذلك، ولا عن الجمعة، لأن الغرض من غسلها زيادة التنظيف،
ولا يصح مع الجنابة (3). ولم يذكر فيه حكم اجتماع المندوبات مع غير غسل
الجنابة والحيض (4) من الواجبات.
وأطلق في المبسوط أنه: إذا اجتمعت أغسال مفروضات ومسنونات
فاغتسل لها غسلا واحدا أجزأه إن نوى به ذلك (5)، يعني سببي الوجوب والندب
جميعا، أو (6) نوى الواجب (7) خاصة، وإن نوى المسنون لم يجزئه عن شئ.
ولم يذكر في الكتابين حكم اجتماع المندوبات خاصة، وفي البيان تداخلها،
وخصوصا مع انضمام الواجب (8).
قلت: وذلك لوجود النص فيه، وفتوى الشيخين وجماعة به (9)، وعموم العلة التي
في الخبر لكل واجب، وقوة الواجب، وكثرة ثوابه، فيقوى اغناؤه عن المندوبات.

(1) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 17.
(2) في ط و ص (احتمال).
(3) الخلاف: ج 1 ص 221 المسألة 189 - 192.
(4) زيادة من ك.
(5) المبسوط: ج 1 ص 40.
(6) في س و م و ص (ولو).
(7) في ص (الوجوب).
(8) البيان: ص 5.
(9) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 17، والخلاف: ج 1 ص 222 المسألة 191.
166

ويضعف غير النص بتضاد الأحكام الشرعية، فلا يغني شئ منها عن شئ،
وخصوصا إذا اشترط الوجه في النية. ولا بأس عندي بالعمل بالنص لحسنه.
والأولى قصره على (1) منطوقه الذي هو التداخل مع غسل الجنابة خاصة، كما
يظهر من السرائر (2). والأحوط أن ينوي به حينئذ غسل الجنابة، كما في
السرائر (3)، وينوي الوجوب.
(ولا يشترط فيها) أي الأغسال المندوبة (الطهارة) من شئ (من
الحدثين) كما اشترطها الشيخ في الخلاف (4) من الجنابة، كما سمعت، وفاقا
لابني إدريس (5) وسعيد (6)، فإن الحدث لا ينافي النظافة، كالحائض تغتسل
للإحرام مع عدم اليقين بكون الغاية النظافة.
وفي الذكرى: احتمال اعتبار الوضوء في تحقق غاياتها (7)، لعموم (8) قول
الصادق عليه السلام: كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة (9)، وقول الكاظم عليه السلام لعلي
بن يقطين: إذا أردت أن تغتسل للجمعة فتوضأ واغتسل (10).
ويضعفه الأصل، ونحو مرسل حماد عن الصادق عليه السلام في الرجل يغتسل
للجمعة أو غير ذلك، أيجزئه من الوضوء؟ فقال عليه السلام: وأي وضوء أطهر من
الغسل (11). وخبر عمار أنه عليه السلام سئل عن الرجل إذا اغتسل من جنابة أو يوم جمعة
أو يوم عيد، هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟ فقال: لا، ليس عليه قبل
ولا بعد، قد أجزأه الغسل (12).

(1) في م و س (عن). (2) السرائر: ج 1 ص 124.
(3) السرائر: ج 1 ص 124.
(4) الخلاف: ج 1 ص 222 المسألة 191.
(5) السرائر: ج 1 ص 124.
(6) الجامع للشرائع: ص 34.
(7) ذكرى الشيعة: ص 24 س 36.
(8) زاد في م و س و ص و ط (نحو).
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 516 ب 35 من أبواب الجنابة ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 517 ب 35 من أبواب الجنابة ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 514 ب 33 من أبواب الجنابة ح 4.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 514 ب 33 من أبواب الجنابة ح 3.
167

وأما استحباب إعادة الغسل لأحد الأفعال إذا أحدث بعده قبلها (1) - كما
يذكر (2) بعض ذلك في الحج - فليس من الاشتراط بالطهارة في شئ، فلو كان
محدثا واغتسل لدخول الحرم أو مكة جاز له دخولهما وإن لم يتوضأ.
(ويقدم ما للفعل) من الأغسال عليه، ومنه (ما للمكان (3))، وذلك
لأن الغرض التنظيف وتحسين الهيئة حين الفعل، أو عند دخول الأماكن المشرفة،
والأخبار في بعضها ناصة عليه كما مر بعضها.
ويستثنى منه ما للسعي إلى رؤية المصلوب، للنص على أنه للعقوبة (4)، ولا
عقوبة على ما لم يفعل. وغسل التوبة لوجوب المبادرة إليها، وخصوصا عن الكفر.
ونص عليه في المنتهى في الفسق (5)، وفي نهاية الإحكام في الكفر (6). [وفي
بعض ما قرئ على المصنف من نسخ الكتاب استثناؤه] (7) وغسل قتل الوزغة
لظاهر الخبر (8). وغسل مس الميت بعد التغسيل. ومما الحق به غسل المولود،
والإفاقة من الجنون، ومن أهرق عليه ماء غالب النجاسة، والشاك في الحدث،
ومن مات جنبا. واعتذر للمصنف بجعل اللام غائية.
وفي الهادي: لو جدد التوبة بعد الغسل ندبا كان حسنا (9). وسمعت قول
الصادق عليه السلام في حسن معاوية: إذا دخلت المدينة فاغتسل قبل أن تدخلها أو
حين تدخلها (10). فأجيز فيه التأخير إلى أول الدخول - وإن لم يكن الترديد من
الراوي - ويمكن التقييد بالعذر، وقال عليه السلام في حسنه: إذا انتهيت إلى الحرم إن

(1) في س: وقبلها.
(2) في س (يظهر).
(3) في المطبوع من القواعد (والمكان) وقد سقط من جامع المقاصد، وفي الإيضاح (ولمكان) خ. ل.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 957 ب 18 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 131 س 3.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 178.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من ك.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 957 ب 19 من أبواب الأغسال المسنونة ح 1.
(9) الهادي إلى الرشاد: ص 6 س 7 (مخطوط).
(10) وسائل الشيعة: ج 10 ص 266 ب 6 من أبواب المزار وما يناسبه ح 1.
168

شاء الله فاغتسل حين تدخله، وإن تقدمت فاغتسل من بئر ميمون، أو من فخ، أو من
منزلك بمكة (1). وعن صفوان عن ذريح قال: سألته عن الغسل في الحرم قبل
دخوله أو بعد دخوله؟ قال: لا يضرك أي ذلك فعلت (2)، وإن اغتسلت في بيتك
حين تنزل بمكة فلا بأس (3).
ونزلهما الشيخان (4) والأكثر على العذر (5). واقتصر الصدوق في الفقيه (6)
والمقنع (7) والهداية (8) على الاغتسال من بئر ميمون أو فخ أو منزله بمكة.
(وما للزمان) من الأغسال إنما يفعل (فيه) إلا أن الأخبار والأصحاب
نطقت بتقديم غسل الجمعة لخائف الاعواز، وقضائه إذا فات.
وذكر المفيد قضاء غسل عرفة يوم النحر [في كتاب الاشراف (9) كما عرفت،
وما مر من خبر زرارة عن أحدهما عليهما السلام يحتمله وإرادة: عرفة أو النحر] (10) وفي
الدروس احتمال قضاء الجميع (11). وفي البيان قربه (12)، وفي الذكرى قربه والتقديم
لخائف الاعواز (13).
والأقوى ما في نهاية الإحكام (14) من العدم، لتعليق الندب بزمان، فلا يتعدى
إلا بالنص.
(والتيمم يجب للصلاة والطواف الواجبين) بدلا من الوضوء أو الغسل

(1) وسائل الشيعة: ج 9 ص 316 ب 2 من أبواب مقدمات الطواف ح 2.
(2) زاد في الوسائل (وإن اغتسلت بمكة فلا بأس).
(3) وسائل الشيعة: ج 9 ص 316 ب 2 من أبواب مقدمات الطواف ح 1.
(4) المقنعة: ص 399، والمبسوط: ج 1 ص 355.
(5) في ك (العدم).
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 529.
(7) المقنع: ص 79.
(8) الهداية: ص 56.
(9) الاشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 17.
(10) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 87.
(12) البيان: ص 5.
(13) ذكرى الشيعة: ص 24 س 28.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 176.
169

إذا تعذر.
أما وجوبه للصلاة فعليه الاجماع والنصوص، وعن عمرو بن مسعود نفيه بدلا
عن غسل الجنابة (1). وأما للطواف فذكره المصنف هنا (2) وفي الإرشاد (3)، وأطلق
فيهما، فيعم البدلية من الوضوء والغسل.
وذكر فخر الاسلام في شرح الإرشاد: إن المصنف لا يرى التيمم بدلا من
الغسل للطواف، وإنما يراه بدلا من الوضوء، ثم حكى (4) الاجماع على بدليته من
الوضوء له (5). وفي الهادي: إن بدليته من الوضوء محقق، بل الظاهر الاجماع، ومن
الغسل قولان (6).
قلت: إن تم ما سيأتي من أدلة عموم بدليته من الطهارتين دلت عليها منهما
للطواف، (ولخروج المجنب (7) في) أحد (المسجدين) الحرمين،
كانت الجنابة باحتلامه أو لا، اختيارا أو لا، كما يقتضيه إطلاقه هنا وفي سائر كتبه. وكذا
ابنا سعيد في الجامع (8) والشرائع (9)، وعبارة الإرشاد (10) وموضع من التذكرة (11):
يعم من أجنب خارجا ثم دخل أحد المسجدين اضطرارا أو اختيارا. وكذا عبارة
الشهيد في كتبه (12).
واقتصر القاضي على الجنابة فيهما اضطرارا (13). واقتصر في موضع من

(1) التفسير الكبير: ج 11 ص 173.
(2) زاد في ط (وفي التذكرة).
(3) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 221.
(4) في ك (حكم).
(5) لا يوجد لدينا.
(6) الهادي إلى الرشاد: ص 7 س 16 (مخطوط).
(7) في ط الإيضاح (الجنب).
(8) الجامع للشرائع: ص 46.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 11.
(10) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 221.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 25 س 8.
(12) الدروس الشرعية: ج 1، ص 86، والبيان: ص 3.
(13) المهذب: ج 1 ص 48.
170

المنتهى (1) والتحرير على الاحتلام فيهما (2) كالصدوق (3) والشيخ (4) وبني زهرة (5)
وحمزة (6) وإدريس (7) والمحقق في النافع (8) والمعتبر (9) وغيرهم. ولعل التيمم له
موضع وفاق كما يظهر من المعتبر (10) والمنتهى (11)، لكن وجوبه هو المشهور.
واستحبه ابن حمزة (12) [ويؤيد الوجوب] (13) حرمة اجتياز الجنب
المسجدين، وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح أبي حمزة: إذا كان الرجل نائما (14)
في المسجد الحرام أو مسجد الرسول صلى الله عليه وآله فاحتلم أو أصابته جنابة فليتيمم، ولا
يمر في المسجد إلا متيمما (15). كذا في المعتبر (16)، فيصلح سندا (17) لعموم الجنابة
فيهما. وفي التهذيب (18) وغيره: فاحتلم فأصابته جنابة، فلا يصلح سندا له، وإنما
دليله حينئذ حرمة الاجتياز جنبا مع ثبوت بدلية التيمم من غسله إذا تعذر اتفاقا،
وثبوته على المحتلم نصا وإجماعا، فغيره أولى وإن لم تكن الجنابة باختياره، فإن
ارتفاعه عن المحتلم أقوى.
نعم، [إن استلزم] (19) التيمم لبثا زائدا على زمان الخروج اتجه قصره على موضع

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 88 س 13.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 12 س 25.
(3) الهداية: ص 21.
(4) المبسوط: ج 1 ص 29.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 487 السطر الأخير.
(6) الوسيلة: ص 70.
(7) السرائر: ج 1 ص 117.
(8) المختصر النافع: ص 8.
(9) المعتبر: ج 1 ص 189.
(10) المعتبر: ج 1 ص 189.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 88 س 13.
(12) الوسيلة: ص 70.
(13) في ص و ط (ويؤيده لوجوب).
(14) في س و ص (قائما).
(15) وسائل الشيعة: ج 1 ص 485 ب 15 من أبواب الجنابة ح 6.
(16) المعتبر: ج 1 ص 189.
(17) في ص و م (مسندا).
(18) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 407 ح 1280.
(19) في ط (إن استلزام).
171

النص والاجماع وهو الاحتلام. وبمثل ذلك يثبت وجوبه على من اضطر
إلى دخوله جنبا، أو الكون فيه أو في سائر المساجد.
وألحق في التحرير (1) والمنتهى (2) الحيض، لقول أبي جعفر عليه السلام في مرفوعة
محمد بن يحيى، عن أبي حمزة مثل ما مر - إلى قوله: - وكذلك الحائض إذا أصابها
الحيض تفعل كذلك (3).
قال في المنتهى: وهي وإن كانت مقطوعة السند، إلا أنها مناسبة للمذهب،
ولأن الاجتياز فيهما حرام عليها إلا مع الطهارة، وهي متعذرة. والتيمم يقوم مقامها
في جواز الصلاة، فكان قائما مقامها في قطع المسجد، وإن لم يكن التيمم هنا
طهارة (4).
قيل: وحدثها (5) أغلظ (6)، لإسقاطه الصوم والصلاة، فكانت أولى بالتيمم.
وضعف المقدمتين ظاهر.
وخيرة المعتبر الاستحباب لها دون الوجوب، وقوفا على اليقين لقطع الخبر،
ولأن التيمم طهارة ممكنة في حق الجنب إذا تعذر الغسل عليه، ولا كذا الحائض،
إذ لا سبيل لها إلى الطهارة (7).
قال الشهيد: وهو اجتهاد في مقابل النص (8)، ويدفعه ضعفه بالقطع.
قيل: والنفاس كالحيض (9)، لكونه إياه حقيقة دون الاستحاضة، لخفتها وخلو
النص عنها، وفيهما نظر.
وفي الذكرى: الأقرب استحباب التيمم لباقي (10) المساجد، لما فيه من القرب

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 8.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 110 س 16.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 485 ب 15 من أبواب الجنابة ح 3.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 110 س 17.
(5) في ص و س (وحدوثها).
(6) المعتبر: ج 1 ص 222.
(7) المعتبر: ج 1 ص 222 و 223.
(8) ذكرى الشيعة: ص 25 س 20.
(9) جامع المقاصد: ج 1 ص 79.
(10) في ص (لها في).
172

إلى الطهارة، ولا يزيد الكون فيه على الكون في التيمم في المسجدين (1).
قلت: لا بأس به إن لم (2) يستلزم التيمم اللبث.
وفيه أيضا: احتمال جواز الغسل إذا أمكن فيهما من غير تلويث ولا زيادة
لبث على ما يقتضيه التيمم (3).
وقطع به في الدروس لكونه الأصل (4)، وابتناء ذكر التيمم [في النص - على
الغالب - من عدم التمكن (5) من الغسل في مثل زمان التيمم] (6). وهو حسن. ونسب
في البيان إلى القيل (7).
ولو استلزم التيمم لبثا يقصر عنه زمان الخروج فهل يجب؟ في الذكرى:
الأقرب نعم (8)، للعموم.
(والمندوب) من التيمم (ما عداه) إلا إذا عرض الوجوب لمشروط
بالطهارة، كمس كتابة القرآن، واللبث في المساجد، ودخول الحرمين، وقراءة
العزائم، فيجب إن تعذرت المائية.
والظاهر أن المراد المندوب (9) أصالة، وأن لا وجوب لشئ من هذه أصالة،
فلا تدل العبارة - كما ظن - على أن التيمم لم يشرع لهذه الأمور، ولا منافاة بينها
وبين ما سيأتي من أنه يستباح به كل ما يستباح بالمائية.
بقي أنها تدل على عدم الوجوب لصوم الجنب والمستحاضة، ولا تنص
العبارة الآتية على الوجوب، لتنافي هذه العبارة، لأنها إنما تتناول التيمم
المشروع، فيحتمل أن يكون المعنى: أنه يستباح بكل تيمم شرع بدلا من المائية ما

(1) ذكرى الشيعة: ص 25 س 23.
(2) ليس في م.
(3) ذكرى الشيعة: ص 25 س 26.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 86.
(5) في م و س (التمكين).
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(7) البيان: ص 3.
(8) ذكرى الشيعة: ص 25 س 23.
(9) في س (من للمندوب).
173

يستباح بها. وقد لا يرى شرعه لصومهما، كما نص عليه في المنتهى (1).
ويحتمل أن يريد بها: أنه يستباح به ما يستباح بالمائية من صلاة وطواف،
حتى يجوز أن يصلي ويطاف بتيمم واحد عدة، منهما فرائض ونوافل، خلافا
لبعض العامة (2).
وفي الإرشاد هنا مثل عبارة الكتاب. ثم قال في بحث أسباب التيمم: [يجب
التيمم لما يجب له الطهارتان (3)] (4).
قال فخر الاسلام في شرحه: أي للجنابة والحيض وأمثالهما، وللغائط والبول
وأمثالهما (5).
وليس مراده أنه يجب لما يجب له الطهارة كالطواف ومس كتابة القرآن، لأن
عند المصنف لا يجوز التيمم من الحدث الأكبر للطواف ولا مس كتابة القرآن.
وفي الهادي: وسياق مباحثه يدل عليه، فإنه (6) في كل نظر من النظرين
السابقين - يعني في أسباب الوضوء وفي أسباب الغسل - يأتي بالأسباب، ثم
يعقبها بالكيفية (7).
قلت: وحينئذ يكون معنى هذه العبارة ما ذكره بعدها من قوله: وينقضه كل
نواقض الطهارة. ولا بأس به، فإنه إنما كرره ليفيد أن من نواقضه وجود الماء، مع
أن للأحداث اعتبارين، بأحدهما موجبات، وبالآخر نواقض، فلا بأس بذكرها
مرتين للاعتبارين. ثم قال: ويستباح به كل ما يستباح بالطهارة المائية (8) [كما
قاله في الكتاب.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 156 السطر الأخير.
(2) المحلى: ج 2 ص 129.
(3) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 233 و 235.
(4) في ص (يجب لما تجب الطهارتان).
(5) لا يوجد لدينا كتابه.
(6) في س و م (فإن).
(7) الهادي إلى الرشاد: ص 42 س 5 (مخطوط).
(8) الهادي إلى الرشاد: ص 50 س 16 (مخطوط).
174

وفي التحرير هنا نحو ما في الكتاب. ثم قال في أحكام التيمم: كل ما يستباح
بالطهارة المائية] (1) يستباح بالتيمم. ثم قال فيها أيضا: يجوز التيمم لكل ما يتطهر
له من صلاة، فريضة ونافلة (2). قال الشيخ، في المبسوط: ومس مصحف،
وسجود تلاوة، ودخول المساجد وغيرها (3).
وفي أول المنتهى: والتيمم إنما يجب للصلاة الواجبة مع الشروط الآتية،
وللخروج عن المسجدين إذا أجنب فيهما، أو للنذر وشبهه، والمندوب لما عدا
ذلك (4). ثم قال في أحكام التيمم: التيمم مشروع لكل ما يشترط فيه الطهارة
ولصلاة الجنازة استحبابا (5). وقال أيضا: ويجوز التيمم لكل ما يتطهر له من فريضة
ونافلة ومس مصحف وقراءة عزائم ودخول مساجد وغيرها (6).
وهو ربما يعطي الوجوب لكل ما يجب له الطهارتان. ثم احتمل وجوبه على
الحائض إذا طهرت للوط، ونفاه عن الجنب والحائض والمستحاضة للصوم (7).
وفي أول التذكرة (8) نحو مما في أول المنتهى، إلا أنه ليس فيه (إنما) ثم ذكر
- في أحكام التيمم - الجمع بتيمم واحد بين صلاة وطواف، وصلاتين وطوافين،
وقال: لا خلاف أنه إذا تيمم للنفل - يعني من الصلاة - استباح مس المصحف
وقراءة القرآن إن كان تيمم عن جنابة. قال: ولو تيمم المحدث لمس المصحف أو
الجنب لقراءة القرآن استباح ما قصده (9).
وفي أول نهاية الإحكام (10) كما في أول التذكرة. ثم قال - في أحكام التيمم -
: ويباح به كل ما يباح بالطهارة المائية. ثم قال: ويجوز التيمم لكل ما يتطهر له من

(1) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(2) تحرر الأحكام: ج 1 ص 22 س 26.
(3) المبسوط: ج 1 ص 34.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 4 س 23.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 154 س 24.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 156 س 28.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 156 السطر الأخير و ص 157 س 1.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 2 س 18.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 65 س 11.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 21.
175

فريضة ونافلة، ومس مصحف، وقراءة عزائم، ودخول مساجد وغيرها. ثم
استشكل في وجوبه على الجنب والحائض والمستحاضة للصوم، ثم قال: ولو
انقطع دم الحيض وأوجبنا الغسل للوط فتعذر جاز التيمم، لأن الصادق عليه السلام سئل
عن المرأة إذا تيممت من الحيض، هل يحل لزوجها وطؤها؟ قال: نعم. قال:
والاستدلال به لا يخلو من دخل في المتن والراوي (1).
وفي الشرائع: الواجب من التيمم ما كان لصلاة واجبة عند تضيق وقتها،
والمجنب في أحد المسجدين ليخرج، والمندوب ما عداه (2). ثم قال في [أحكامه:
المتيمم] (3) يستبيح به ما يستبيحه المتطهر بالماء (4).
وفي المعتبر: يجوز التيمم لكل من وجب عليه الغسل إذا عدم الماء، وكذا كل
من وجب عليه الوضوء، وهو إجماع أهل الاسلام، إلا ما حكي عن عمر وابن
مسعود: إنهما منعا الجنب من التيمم (5)، وهو بظاهره يعم غايات الطهارتين.
وفي المبسوط: إذا تيمم جاز أن يفعل جميع ما يحتاج في فعله إلى الطهارة،
مثل: دخول المسجد، وسجود التلاوة، ومس المصحف، والصلاة على الجنائز
وغير ذلك (6). وهو نص في عموم وجوبه لما يجب له المائية من الغايات. وأما
الحائض فجوز فيه وطأها بانقطاع الحيض من غير غسل. وقطع الشهيد في
الدروس (7) بهذا العموم، واستقرب تيمم الحائض لزوال حرمة الوطء وكراهته بعد
الانقطاع (8).
وتردد في الذكرى فيه لها ولصوم الجنب، وقطع بالوجوب لغيرهما (9)، [ومال
في الألفية إلى نفيه للصوم، ولكن جعله أولى، ولم يتعرض للوط، وقطع

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 212 و 215.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 11.
(3) في ص (أحكام التيمم).
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 50.
(5) المعتبر: ج 1 ص 407 - 408.
(6) المبسوط: ج 1 ص 34.
(7) ليس في ك.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 101 درس 8.
(9) ذكرى الشيعة: ص 25 س 17 و 18.
176

بالوجوب لغيرهما (1)] (2).
وفي كل من الجمل والعقود (3) والمصباح (4) ومختصره (5): إن كل ما يستباح
بالوضوء يستباح به على حد واحد. وفي الاقتصاد: ويستبيح بالتيمم كل ما
يستبيح بالوضوء أو الغسل من صلوات الليل أو النهار ما لم يحدث (6). وفي النهاية
: أما الذي يجب عليه التيمم فكل من عدم الماء من المكلفين للصلاة أو وجده غير
أنه لا يتمكن من استعماله (7).
وظاهره الحصر لكن ذكره قبل، لخروج المحتلم في المسجدين.
وأطلق جماعة من المتأخرين وجوبه لكل ما يجب له المائية من الغايات،
ويعطيه إطلاق ابن سعيد: إنه يستباح به ما يستباح بالمائية (8)، ودليله إطلاق
الأخبار بالتيمم إذا تعذر الماء، وقوله صلى الله عليه وآله في خبر السكوني: يكفيك الصعيد عشر
سنين (9). وفي خبر آخر: الصعيد الطيب طهور المسلم إن لم يجد الماء عشر
سنين (10). وفي آخر: التراب طهور المسلم ولو إلى عشر حجج (11).
وقول أبي جعفر عليه السلام في الصحيح لزرارة: التيمم أحد الطهورين (12). وقول
الصادق عليه السلام في صحيح حماد هو بمنزلة الماء (13). وفي الصحيح لمحمد بن

(1) الألفية والنفلية: ص 42.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من س و ص و م.
(3) الجمل والعقود: ص 54.
(4) مصباح المتهجد: ص 13.
(5) لا يوجد لدينا.
(6) الإقتصاد: ص 251.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 258.
(8) الجامع للشرائع: ص 48.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 983 ب 14 من أبواب التيمم ح 12 و ب 20 و ح 7، و ب 23 ح 4.
(10) جامع الأصول: ج 8 ص 155، ووسائل الشيعة: ج 2 ص 983 ب 14 من أبواب التيمم
ح 12 وفيه: (يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين).
(11) مسند أحمد: ج 5 ص 146 و 147، وفيه: (الصعيد الطيب طهور ما لم تجد الماء ولو إلى
عشر حجج).
(12) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب التيمم ح 5 ج 2 ص 995.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 990 ب 20 من أبواب التيمم ح 3.
177

حمران وجميل: فإن الله تعالى جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا (1).
وقوله لسماعة فيمن يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته: يتيمم بالصعيد
ويستبقي الماء، فإن الله عز وجل جعلهما طهور، الماء والصعيد (2).
ولوط الحائض بخصوصه خبر عمار: سأله عليه السلام عن المرأة إذا تيممت من
الحيض هل تحل لزوجها؟ قال: نعم (3). وخبر أبي عبيدة: سأله عنها، ترى الطهر في
السفر وليس معها من الماء ما يكفيها لغسلها وقد حضرت الصلاة، قال: إذا كان
معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله ثم تتيمم وتصلي، قال: فيأتيها زوجها في
تلك الحال؟ قال: نعم إذا غسلت فرجها وتيممت (4).
قال في نهاية الإحكام: ولا يحتاج كل و ط إلى تيمم وإن أوجبنا الغسل (5).
قلت: لأن الجنابة لا يمنع الوطء، فلا تنقض (6) التيمم المبيح له.
قال: ولو تيممت للوط فأحدثت الأصغر احتمل تحريم الوطء، لبقاء
الحيض (7). ونحوه في المنتهى (8). وهو مبني على أن عليها - لاستباحة الصلاة
ونحوها - تيمما واحدا، فإن تيممها ينتقض حينئذ بالأصغر.
ثم التيمم للمندوب قسمان:
أحدهما: شرط يتبع المشروط ندبا، وهو التيمم لصلاة مندوبة، أو طواف
مندوب، أو مس مصحف، أو نحو ذلك. والكلام في ندبه لها كالكلام في وجوبه
لواجباتها.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 99 ب 1 من أبواب الماء المطلق ح 1، و ج 2 ص 994 ب 23 من
أبواب التيمم ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 997 ب 25 من أبواب التيمم ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 565 ب 21 من أبواب الحيض ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 564 ب 21 من أبواب الحيض ح 1.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 216.
(6) في ص و م و ط (ينتقض).
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 216.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 157 س 5.
178

والثاني: غيره، فمنها التيمم لصلاة جنازة بدلا من الوضوء أو الغسل وإن
تمكن منهما إجماعا، كما في الخلاف (1) وظاهر التذكرة (2) والمنتهى (3). وروى
زرعة، عن سماعة قال: سألته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير طهر، قال:
يضرب بيديه على حائط لبن فيتيمم (4).
قال الشهيد: ولم أر لها رادا غير ابن الجنيد، حيث قيده بخوف الفوت (5).
واستشكله (6) المحقق من عدم ثبوت الاجماع، وضعف الخبر سندا ودلالة (7).
وأصل الاشتراط بعدم التمكن، وربما يدفع بحجية الاجماع المنقول بخبر
الواحد الثقة، وظهور الخبر في المراد، وعمل الأصحاب به، وتأيده (8) بقول
الصادق عليه السلام في مرسل حريز: والجنب يتيمم ويصلي على الجنازة (9). وفي خبر
سماعة في الطامث إذا حضرت الجنازة تتيمم وتصلي عليها (10). وقول الرضا عليه السلام
فيما روي عنه: وإن كنت جنبا، وتقدمت للصلاة عليها، فتيمم أو توضأ وصل
عليها (11).
قال: لكن لو قيل: إذا فاجأته الجنازة وخشي فوتها مع الطهارة تيمم لها، كان
حسنا، لأن الطهارة لما لم تكن شرطا وكان التيمم أحد الطهورين فمع خوف
الفوت لا بأس بالتيمم، لأن حال المتيمم أقرب إلى شبه المتطهرين من المتخلي
منه (12).
قلت: واعتبر الشيخ فيه خوف الفوت في سائر كتبه، ففي التهذيب: يجوز أن

(1) الخلاف: ج 1 ص 160 المسألة 112.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 65 س 9.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 156 س 35.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 799 ب 21 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(5) ذكرى الشيعة: ص 25 س 29.
(6) في ص (واستشكل).
(7) المعتبر: ج 1 ص 405.
(8) في ص (يؤيده).
(9) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب صلاة الجنازة ح 2 ج 2 ص 800.
(10) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب صلاة الجنازة ح 5 ج 2 ص 801.
(11) فقه الرضا عليه السلام: ص 179.
(12) المعتبر: ج 1 ص 405.
179

يتيمم الانسان بدلا من الطهارة إذا خاف أن تفوته الصلاة (1). وفي كل من النهاية (2)
والمبسوط (3) والاقتصاد: فإن فاجأته جنازة ولم يكن على طهارة تيمم وصلى
عليها (4). [وكذا سلار (5) وأبو علي (6) والقاضي (7) والراوندي] (8) في فقه القرآن (9)
والشهيد في البيان (10) والدروس (11)، والسيد في الجمل في [الجنب فقال:
ويجوز] (12) للجنب الصلاة عليه عند خوف الفوت بالتيمم من غير اغتسال (13)، ولم
يتعرض لغيره.
ومنها: التيمم بدلا من كل وضوء أو غسل غير رافع على وجه بطريق الأولى،
وهو ممنوع. ويأتي في الكتاب بدلا من غسل الاحرام كما في المبسوط (14).
وقال الصادق عليه السلام في خبر حفص بن غياث: من آوى إلى فراشه، فذكر أنه
على غير طهر وتيمم من دثاره وثيابه، كان في صلاة ما ذكر الله (15). [وقال أمير
المؤمنين عليه السلام في خبر، وعن] (16) أبي بصير ومحمد بن مسلم عن الصادق عليه السلام: لا
ينام المسلم وهو جنب، ولا ينام إلا على طهور (17)، فإن لم يجد الماء فليتيمم
بالصعيد (18). الخبر.

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 193 ذيل الحديث 558 (نقلا بالمضمون).
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 386.
(3) المبسوط: ج 1 ص 185.
(4) الإقتصاد: ص 276.
(5) المراسم: ص 80.
(6) حكاه عنه العلامة في مختلف الشيعة: ج 2 ص 309.
(7) المهذب: ج 1 ص 129.
(8) في ك (وكذا ابنا الجنيد والبراج وسلا ر والراوندي).
(9) فقه القرآن: ج 1 163.
(10) البيان: ص 30.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 87.
(12) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(13) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 52.
(14) المبسوط: ج 1 ص 314.
(15) المحاسن: ج 1 ص 47 ح 64.
(16) في ط (وعن).
(17) في ص و س (طهر).
(18) الخصال: ص 613 ح 10.
180

واحتمل الشيخ استحباب تجديده لقولهم: في خبر السكوني: لا يتمتع
بالتيمم إلا صلاة واحدة ونافلتها (1). وقول الرضا عليه السلام في خبر أبي همام: يتيمم
لكل صلاة حتى يوجد الماء (2). واختير في المعتبر (3) والمنتهى (4) والجامع (5)
والنفلية (6).
واستشكل في نهاية الإحكام (7) والبيان (8) من عدم النص، ومن اندراجه في
العلة. وهو تجويز إغفال شئ في المرة الأولى، فيستظهر بالثانية مع الخبرين.
(وقد تجب) كل من (الثلاثة باليمين والنذر والعهد) والاستيجار،
فلو نذر التجديد لكل فريضة وجب التيمم إن استحببناه، أو علقنا النذر بالمباح،
وفائدته لزوم الكفارة بالمخالفة لا بطلان الصلاة، لاستباحتها بالطهارة الأولى.
وإن أعاد الصلاة جماعة كفاه الطهارة الأولى إن (9) قلنا باستحباب المعادة، أو كون
الفرض إحداهما لا بعينها.
واحتمل التجديد على الثاني في نهاية الإحكام (10).
ولو صلى [على جهة] (11) افتقر إلى الإعادة أو (12) القضاء، فإن كانت الفرض
هي المعادة أو إحداهما لا بعينها كفاه الطهارة الأولى، وإن كانت كلتيهما لزم
التجديد [وفي نهاية الإحكام: التجديد على الأول أيضا، واحتماله (13) على
الثاني (14).
وإذا نذر التيمم خاصة أو مع المائية اشترط تعذر الماء وفقد المائية، وإذا نذر

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 201 ح 584.
(2) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 201 ح 583.
(3) المعتبر: ج 1 ص 403.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 150 س 18.
(5) الجامع للشرائع: ص 46.
(6) الألفية والنفلية: ص 99.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 212.
(8) البيان: ص 36.
(9) زيادة من ط.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 214.
(11) في ص (جهتيه).
(12) في ص (و).
(13) في س و م و ط (واحتمله).
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 215.
181

الطهارة وأطلق فإن كان التيمم طهارة حقيقية (1) شملته، وإلا فلا.
وفي نهاية الإحكام:] (2) فلو نذر تعدده - يعني التيمم - بتعدد الفريضة صح،
فإن أراد قضاء منسية التعيين (3) وجب ثلاث صلوات أو (4) خمس على الخلاف.
وهل يكفيه تيمم واحد للجميع، أو يفتقر لكل واحدة إلى تيمم؟ إشكال، ينشأ
من أن الواجب فعله من الفرائض اليومية هنا واحدة بالقصد الأول، وما عداها
كالوسيلة إليها. ومن وجوب كل واحدة بعينها، فأشبهت الواجبة بالأصالة.
ولو نسي صلاتين من يوم وأوجبنا الخمس واحتمل تعدد التيمم لكل صلاة
تيمم، وإن قلنا بعدم تعدده في الأول اقتصر هنا على تيممين، وزاد في عدد
الصلوات، فيصلي بالتيمم الأول الفجر والظهرين [والمغرب، وبالثاني الظهرين] (5)
والعشائين، فيخرج عن العهدة، لأنه صلى الظهر والعصر والمغرب مرتين بتيممين.
فإن كانت الفائتتان من هذه الثلاث فقد تأدت كل واحدة بتيمم. وإن كانت الفائتتان
الفجر والعشاء [فقد أدى الفجر بالتيمم الأول والعشاء] (6) بالثاني. وإن كانت
إحداهما من الثلاث والأخرى من الأخيرتين فكذلك، ولا بد من زيادة في عدد
الصلاة.
والضابط: أن يزيد في عدد المنسي فيه عددا لا ينقص عما يبقى من المنسي
فيه بعد اسقاط المنسي، وينقسم المجموع صحيحا على المنسي - كالمثال - فإن
المنسي صلاتان، والمنسي فيه خمس، يزيد (7) عليه ثلاثة، لأنها لا تنقص عما
يبقى من الخمسة بعد اسقاط الاثنين بل تساويه، والمجموع وهو ثمانية ينقسم
على الاثنين على صحة، ولو صلى عشرا لكان أولى (8).

(1) في س و م و ط (حقيقية).
(2) ما بين المعقوفين ساقط من م و س.
(3) في ص (اليقين).
(4) في ص (و).
(5) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(7) في ص (زيد).
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 213.
182

قلت: كان أظهر، [ولكن الأولوية] (1) فلا، بل لا جهة صحة له: لعدم توقف إبراء
الذمة على العشر لحصوله بالثمان.
قال: ويبتدئ من المنسي منه بأي صلاة شاء، ويصلي بكل تيمم ما تقتضيه
القسمة (2).
قلت: هذا إن لم يجب ترتيب القضاء.
قال: لكن يشترط في خروجه عن العهدة بالعدد المذكور، أن يترك (3) في كل
مرة ما ابتداء به في المرة التي قبلها، ويأتي في المرة الأخيرة بما بقي من الصلوات.
فلو صلى - في المثال - بالتيمم الأول الظهرين والعشائين، وبالثاني الغداة
والظهرين والمغرب، فقد أخل بالشرط، إذ لم يترك في المرة الثانية ما ابتدأ به في
المرة الأولى، وإنما ترك ما ختم به في المرة الأولى، فيجوز أن يكون ما عليه
الظهر أو المغرب مع العشاء، فبالتيمم الأول [صحت تلك الصلاة، ولم يصح العشاء
بالتيمم] (4)، وبالثاني لم يصل العشاء، فلو صلى العشاء بالتيمم الثاني خرج عن
العهدة (5).
قلت: وهذا كله إذا لم يمكنه التجديد مع كل من الخمس، وإلا تعين الاقتصار
عليها مع تيممات خمسة، إذ كما أن الصلاتين ترددتا في الخمس، فكذا التيممان.
وإن نسي التجديد إلى أن صلى أربعا لم يكن عليه إلا تيمم واحد، وصلاة
الخامسة، ولا كفارة عليه، وكذا لو تعمد ذلك، وفي الكفارة حينئذ وجهان. وإن
تعمد ترك التجديد إلى أن صلى الخمس وجبت الكفارة، وفي عددها (6) وجهان.
قال: ولو نسي ثلاث صلوات من يوم اقتصر على ثلاث تيممات، وزاد في
عدد الصلوات فيضم إلى الخمس أربعا، لأنها لا تنقص عما يبقى من الخمسة بعد

(1) في ص (وأما الأولوية).
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 213.
(3) في س و ك و ط و م (إن ترك).
(4) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 213.
(6) في ص (تعددها).
183

اسقاط الثلاثة، بل تزيد عليه، وينقسم المجموع وهو تسعة صحيحا على الثلاثة.
ولو ضم إلى الخمس اثنتين أو ثلاثا لما انقسم، ثم يصلي بالتيمم الأول الصبح
والظهرين، وبالثاني الظهر والعصر والمغرب، وبالثالث العصر والمغرب والعشاء.
ولو صلى بالأول العصر ثم الظهر ثم الصبح، وبالثاني المغرب ثم العصر ثم الظهر،
وبالثالث العشاء ثم المغرب ثم العصر، لم يخرج عن العهدة، لجواز أن يكون التي
عليه الصبح، والعشاء والثالثة الظهر أو العصر، فيتأدى (1) بالأول الظهر والعصر (2)
وبالثالث العشاء، ويبقى الصبح، فيحتاج إلى تيمم رابع له (3).
قلت: لأنه إنما أوقعها بالتيمم الذي صلى به الظهر والعصر، ولما قدمهما عليها
فقد أوقع كل ما عليه منها صحيحة، وبرأت ذمته منها ومن التيمم لها، فما يفعله منها
بعد ذلك خارجة مما عليه، فلا يجدي ايقاعهما بالتيمم الثاني والثالث.
قال: ولو كان المنسي صلاتين متفقتين من يومين فصاعدا يكفيه تيممان،
يصلي بكل واحدة منهما الخمس، ولا يكفي هنا ثمان صلوات بتيممين، كما في
الاختلاف، لأنه لو فعل ذلك لم يأت بالصبح إلا مرة واحدة بالتيمم الأول، ولا
بالعشاء إلا مرة واحدة بالتيمم الثاني، ويجوز أن يكون عليه صبحان أو عشاءان.
ولو لم يعلم أن فائتته متفقتان [أو مختلفتان] (4) أخذ بالأسوأ وهو الاتفاق،
فيحتاج إلى عشر صلوات بتيممين (5). انتهى.

(1) في ص (فتؤدي).
(2) في ص (أو العصر).
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 214.
(4) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 214.
184

(الفصل الثاني)
(في أسبابها)
أي الأحداث الموجبة لخطاب المكلف (1) بالطهارة، إيجابا أو ندبا، لمشروط
بها، فعله أو كماله، أولا له. وإن حدثت قبل التكليف، وهي نواقض الطهارة السابقة
عليها، فلا تشمل (2) الأوقات التي هي أسباب للأغسال المندوبة، لأنها ليست
بأحداث، ولا الأفعال المتأخرة عنها وإن شملتها الأحداث لغة، لانتفاء الإيجاب
والسببية فيها.
وأما الأفعال المتقدمة: كالسعي إلى رؤية المصلوب وقتل الوزغة والتوبة فهي
من الأسباب، ولكنها ليست مقصودة (3) من الفصل، ولا يعد من الأحداث عرفا.
والمراد هنا بالأسباب هي الأحداث، والأحداث في العرف هي النواقض.
(يجب الوضوء) خاصة إن وجب بنذر [أو شبهه أو لمشروط] (4) به
(بخروج) كل من (البول والغائط والريح من) المخرج الطبيعي (المعتاد)

(1) في ص (المكلفين).
(2) في ط و ك (تشتمل).
(3) ساقطة من ص، وفي س (مقصورة).
(4) في س (وشبهه ولمشروط) وفي ص (أو شبهه، أو لمشروط).
185

لخروجه (1) لعامة الناس، بالنصوص إجماع المسلمين، كما في المعتبر (2)
والمنتهى (3) وغيرهما، وفي الروض (4) والمسالك (5) وغيرهما لا عبرة باعتياده (6)
للشخص، فالخارج منه أول مرة يوجب الوضوء إذا بلغ مكلفا. ولقلة فائدته لم
يتعرض له الأكثر.
والمعتاد للريح هو الدبر، [فلا يوجبه] (7) الخارج منه من القبل، وفاقا
للسرائر (8) والمهذب (9) والمنتهى (10) والبيان (11)، وقطع في التذكرة بنقض الخارج منه
من قبل المرأة (12)، واستقربه في المعتبر (13)، وفي الذكرى مع الاعتياد (14).
ونص في المعتبر (15) والمنتهى (16) على عدم نقض الخارج من الذكر، وفرق
في التذكرة (17) بين الأدر وغيره، فنقض بالخارج من ذكر الأول.
وهل يعتبر الخروج المعتاد حتى لو خرجت المقعدة ملوثة بالغائط ثم عادت
ولم ينفصل؟ لم يوجب.
واستشكل في التحرير (18) والتذكرة (19) والمنتهى (20). والأقرب العدم كما في
الذكرى (21)، للأصل والتبادر.

(1) في س (خروجه).
(2) المعتبر: ج 1 ص 106.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 31 س 15.
(4) روض الجنان: ص 21 س 26.
(5) مسالك الأفهام: ج 1 ص 4 س 26.
(6) في س و ص و ك (باعتباره).
(7) في م و س (ولا يوجب).
(8) السرائر: ج 1 ص 107.
(9) المهذب: ج 1 ص 49
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 32 س 7.
(11) البيان: ص 5.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 11 س 8.
(13) المعتبر: ج 1 ص 108.
(14) ذكرى الشيعة: ص 26 س 4. لكنه لم يستقرب بل استشكل.
(15) المعتبر: ج 1 ص 108.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 32 س 7.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 11 س 8.
(18) تحرير الأحكام: ص 7 س 4.
(19) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 11 س 8.
(20) منتهى المطلب: ج 1 ص 32 س 5.
(21) ذكرى الشيعة: ص 26 س 6.
186

(و) يجب بخروج كل منها (1) من (غيره) أي غير المعتاد لعامة الناس
(مع اعتياده) للشخص انسد (2) الطبيعي خلقة أو عرضا أو لا، كان تحت المعدة
أو فوقها، لعموم النص بإيجاب الثلاثة الوضوء، وما في بعضها من التقييد بالخروج
من الأسفلين، أو من الدبر والذكر (3) فمبني على الغالب والطبع.
وفي الخلاف (4) والمبسوط (5) والجواهر (6) اعتبار تحتية المعدة، لأن ما فوقها
لا يسمى غائطا وهو ممنوع، وخصوصا عند انسداد الطبيعي.
واحتمل اعتيادها (7) إذا لم ينسد الطبيعي في نهاية الإحكام (8)، لأن ما تحيله
الطبيعة يخرجه من الأسفل، والحكم في الاعتياد العرف.
وفي الهادي: الأقرب النقض بالرابعة مع عدم تطاول الفصل، وقال: وفي
النقض بالثالثة احتمال قوي، لصدق العود بالثانية (9). وفي الروض (10)
والمسالك (11) القطع بهذا الاحتمال، ولم يعتبر الاعتياد في البول والغائط في
السرائر (12) والتذكرة (13)، واحتمل ذلك في نهاية الإحكام (14).
قيل: [ولا شبهة] (15) في عدم اعتباره (16) مع انسداد الطبيعي، كما يظهر من
التحرير (17) والمنتهى (18) والمعتبر (19).
(والنوم) وهو (المبطل للحاستين) البصر والسمع، تحقيقا أو تقديرا

(1) في س و ص (منهما).
(2) في ص (انسداد).
(3) ساقط من م.
(4) الخلاف: ج 1 ص 115 المسألة 58.
(5) المبسوط: ج 1 ص 27.
(6) جواهر الفقه: ص 12.
(7) في ك و ص و ط (اعتبارها).
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 71 و 72.
(9) الهادي إلى الرشاد: ص 8 س 21 (مخطوط).
(10) روض الجنان: ص 21 س 29.
(11) مسالك الأفهام: ج 1 ص 4 س 27.
(12) السرائر: ج 1 ص 106.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 10 س 42.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 71.
(15) في ص (الأشبه).
(16) في م و س (اعتياده).
(17) تحرير الأحكام: ص 7، س 5.
(18) منتهى المطلب: ج 1 ص 32 س 6.
(19) المعتبر: ج 1 ص 107.
187

بالنصوص - وهي كثيرة - والاجماع، وإن لم يذكره علي بن بابويه (1). فعدم ذكره
ليس نصا على الخلاف، وخلافه لا ينقض الاجماع.
وبمعنى إبطاله الحاستين: إذهابه العقل، كما قال الصادق عليه السلام لزرارة في
الصحيح: والنوم حتى يذهب العقل (2). وهو بمعنى قول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر
أبي بصير ومحمد بن مسلم: إذا خالط النوم القلب وجب الوضوء (3).
وينبغي حمل نحو قول الصادق عليه السلام في صحيح زرارة: لا يوجب الوضوء إلا
غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها (4). على الحصر
الإضافي، وهو موجب للوضوء (مطلقا) في الصلاة أو غيرها، على أي هيئة كان
النائم، من قيام أو قعود أو اضطجاع أو غيرها، سقط من النوم أو انفرج، إن كان
قاعدا أو لا، قصيرا كان النوم أو طويلا. إجماعا على ما في الإنتصار (5)
والناصريات (6) والخلاف (7)، ولعموم النص، ونحو قول أمير المؤمنين عليه السلام في
صحيح عبد الرحمن بن الحجاج: من وجد طعم النوم قائما أو قاعدا فقد وجب
عليه الوضوء (8). وقول الصادق عليه السلام في صحيح عبد الحميد بن عواض: من نام
وهو راكع أو ساجد أو ماش على أي الحالات فعليه الوضوء (9).
ونسب إلى الصدوق أنه لا وضوء على من نام قاعدا ما لم ينفرج (10)، لقوله في

(1) نقله عنه العلامة في مختلف الشيعة: ج 1 ص 255.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 177 ب 2 من أبواب نواقض الوضوء ح 2.
(3) الخصال: ص 629 ح 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 175 ب 1 من أبواب نواقض الوضوء ح 2.
(5) الإنتصار: ص 29 و 30.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 222 المسألة 35.
(7) الخلاف: ج 1 ص 107 المسألة 53.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 181 ب 3 من أبواب نواقض الوضوء ح 9.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 180 ب 3 من أبواب نواقض الوضوء ح 3.
(10) المعتبر: ج 1 ص 109.
188

الفقيه: وسئل موسى بن جعفر عليهما السلام عن الرجل يرقد وهو قاعد هل عليه وضوء؟
فقال: لا وضوء عليه ما دام قاعدا إن لم ينفرج (1). وهو مع التسليم يحتمل
التقية.
وعن المبطل للاحساس فإن الغالب معه (2) الانفراج، ونحوه قول
الصادق عليه السلام في خبر بكر بن أبي بكر الحضرمي: كان أبي عليه السلام يقول: إذا نام
الرجل وهو جالس مجتمع فليس عليه وضوء، وإذا نام مضطجعا فعليه الوضوء (3).
وأما خبر سماعة سأله عليه السلام عن الرجل يخفق رأسه وهو في الصلاة قائما أو
راكعا، قال: ليس عليه وضوء (4). فظاهره غير النوم. وكذا خبر أبي الصباح
سأله عليه السلام عن الرجل يخفق وهو في الصلاة فقال: إذا كان لا يحفظ حدثا منه إن
كان فعليه الوضوء وإعادة الصلاة، وإن كان يستيقن أنه لم يحدث فليس عليه
وضوء ولا إعادة (5).
(وكل ما أزال العقل) أو غطى عليه من جنون أو إغماء أو سكر أو خوف
أو وجع أو شدة مرض أو نحوها، بإجماع المسلمين على ما في التهذيب (6).
وفي المنتهى: لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم (7).
وفي بعض الكتب عن الصادق عليه السلام عن آبائه:: إن المر إذا توضأ صلى
بوضوئه ذلك ما شاء من الصلوات ما لم يحدث أو ينم أو يجامع أو يغم عليه أو
يكون منه ما يجب منه إعادة الوضوء (8).

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 63 ح 144.
(2) في م و س (هو).
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 182 ب 3 من أبواب نواقض الوضوء ح 15.
(4) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب نواقض الوضوء ح 12 ج 1 ص 181.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 180 ب 3 من أبواب نواقض الوضوء ح 6.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 5.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 202.
(8) دعائم الاسلام: ج 1، ص 101.
189

وفي المعتبر (1) والتذكرة (2) الاستدلال عليه بقول أبي الحسن عليه السلام لمعمر بن
خلاد في الصحيح: إذا خفي عنه الصوت فقد وجب عليه الوضوء (3). وإن وقع
السؤال عن الاغفاء، وهو النوم أو النعاس.
وفي التذكرة (4) والذكرى (5) زيادة المشاركة للنوم في ذهاب العقل، وضعفها ظاهرا.
(والاستحاضة القليلة) خلافا لما يعزى إلى الحسن (6). وأما المتوسطة
والكثيرة فهما توجبان مع الوضوء غسلا أو أغسالا ولو بالنسبة إلى بعض
الصلوات، مع أن الظاهر أنه بالنسبة إلى الجميع، حتى أن لغسل المتوسطة في
الصبح مدخلا في استباحة سائر الصلوات، فإنها لو لم تغتسل فيه لزمها إذا أرادت
صلاة البواقي.
(و) الخارج (المستصحب للنواقض كالدود المتلطخ) بالغائط
(ناقض) لما يستصحبه.
(أما غيره فلا) عندنا، كما في التذكرة (7) دودا كان أو حصى أو دما - غير
الثلاثة -، أو دهنا قطره في إحليله أو حقنة أو نحو ذلك، للأصل والخروج عن
النصوص الحاصرة (8) للنواقض، وخصوص نحو خبر عمار: إن الصادق عليه السلام سئل
عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع كيف يصنع؟ قال: إن كان خرج
نظيفا من العذرة فليس عليه شئ، ولم ينقض وضوئه، وإن خرج متلطخا بالعذرة
فعليه أن يعيد الوضوء (9). [وصحيح علي بن جعفر، سأل أخاه عن الرجل هل
يصلح له أن يستدخل الدواء ثم يصلي وهو معه أينقض الوضوء؟ قال: لا ينقض

(1) المعتبر: ج 1 ص 111، وفيه: (عن أبي عبد الله عليه السلام).
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 11 س 20، وفيه: عن الصادق عليه السلام.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 182 ب 4 من أبواب نواقض الوضوء ح 1.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 11 س 20.
(5) ذكرى الشيعة: ص 25 س 37.
(6) كما في مختلف الشيعة: ج 1 ص 372.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 11 س 6.
(8) في م و س (الظاهرة).
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 184 ب 5 من أبواب نواقض الوضوء ح 5.
190

الوضوء، ولا يصلي حتى يطرحه (1)] (2). وقوله عليه السلام في خبر عبد الله بن يزيد: ليس
في حب القرع والديدان الصغار وضوء، ما هو إلا بمنزلة القمل (3).
قال المحقق: لا يقال: لا ينفك الخارج من رطوبة نجسة، لأنا سنبين أن
الرطوبات الخارجة لا تنقض (4). وعن أبي علي نقض الحقنة إذا خرجت (5).
وأما قول الصادق عليه السلام في خبر الفضيل: في الرجل يخرج منه مثل حب القرع
عليه وضوء؟ قال: ليس عليه وضوء (6). فإما على التقية، أو الانكار، أو
الاستصحاب، أو الاستحباب، أو أنه يخرج منه قليل من الغائط بقدر حب القرع
مثلا.
(ولا يجب بغيرها) إجماعا كما في التذكرة (7) ونهاية الإحكام (8)
(كالمذي والقي وغيرهما) كالرعاف، والضحك، والقبلة، ومس الفرج،
للأصل، ونحو قول الصادق عليه السلام في صحيح زرارة: لا يوجب الوضوء إلا غائط أو
بول أو ضرطة تسمع صوتها، أو فسوة تجد ريحها (9). وخصوص نحو قوله عليه السلام في
صحيح ابن سنان: والمذي ليس فيه وضوء، وإنما هو بمنزلة ما يخرج من
الأنف (10). وحسن أبي أسامة: سأله عليه السلام عن القي هل ينقض الوضوء؟ قال:
لا (11). وقوله عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: ليس في المذي من الشهوة، ولا من
الانعاظ، ولا من القبلة، ولا من مس الفرج، ولا من المضاجعة وضوء، ولا يغسل

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 206 ب 16 من أبواب نواقض الوضوء ح 1.
(2) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 183 ب 5 من أبواب نواقض الوضوء ح 3.
(4) المعتبر: ج 1 ص 108.
(5) كما في مختلف الشيعة: ج 1 ص 263.
(6) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب نواقض الوضوء ح 1 ج 1 ص 183.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 11 س 24.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 69.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 175 ب 1 من أبواب نواقض الوضوء ح 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 198 ب 12 من أبواب نواقض الوضوء ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 185 ب 6 من أبواب نواقض الوضوء ح 3.
191

منه الثوب ولا الجسد (1).
وفي صحيح زيد الشحام، وزرارة، ومحمد بن مسلم: إن سال من ذكرك شئ
من مذي أو ودي فلا تغسله، ولا تقطع له الصلاة، ولا تنقض له الوضوء، إنما ذلك
بمنزلة النخامة (2). وفي حسن الوشاء: في الرجل يدخل يده في أنفه فيصيب خمس
أصابعه الدم، قال: ينقيه ولا يعيد الوضوء (3).
وصحيح معاوية بن عمار: سأله عليه السلام عن الرجل يعبث بذكره في الصلاة
المكتوبة، فقال: لا بأس به (4). وخبر سماعة: سأله عليه السلام عن الرجل يمس ذكره أو
فرجه أو أسفل من ذلك وهو قائم يصلي أيعيد وضوئه؟ فقال: لا بأس بذلك، إنما
هو من جسده (5). وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله: سأله عليه السلام عمن مس فرج
امرأته، قال: ليس عليه شئ، وإن شاء غسل يده، والقبلة لا يتوضأ منها (6). وخبر
أبي بصير: سأله عليه السلام عن الرعاف والنخامة وكل دم سائل، فقال: ليس في هذا
وضوء (7). وصحيح إبراهيم بن أبي محمود: سأل الرضا عليه السلام عن القي والرعاف
والمدة أتنقض الوضوء أم لا؟ قال: لا تنقض شيئا (8). وقوله عليه السلام فيما روي عنه
أيضا: وكل ما خرج من قبلك ودبرك، من دم وقيح وصديد وغير ذلك فلا وضوء
عليك ولا استنجاء (9).
وأوجبه الصدوق بمس الرجل باطن دبره، أو باطن إحليله، أو فتح
إحليله (10)،

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 191 ب 9 من أبواب نواقض الوضوء ح 2.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 94 ح 205.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 189 ب 7 من أبواب نواقض الوضوء ح 11.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 192 ب 9 من أبواب نواقض الوضوء ح 7.
(5) المصدر السابق ح 8.
(6) المصدر السابق ح 6.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 189 ب 7 من أبواب نواقض الوضوء ح 10.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 185 ب 6 من أبواب نواقض الوضوء ح 6.
(9) فقه الرضا: ص 69.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 65 ذيل الحديث 48.
192

لخبر عمار عن الصادق عليه السلام: إنه سئل عن الرجل يتوضأ ثم يمس
باطن دبره، قال: نقض وضوئه، وإن مس باطن إحليله فعليه أن يعيد الوضوء، وإن
كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ وأعاد الصلاة، وإن فتح إحليله أعاد الوضوء
والصلاة (1).
وهو مع الضعف يحتمل الاستحباب.
وأوجبه أبو علي (2) بخروج الحقنة - وقد تقدم - وبالمذي مع الشهوة، وبمس
باطن الفرجين من نفسه، ومس باطنهما من الغير محللا أو محرما، وبمس
ظاهرهما من الغير بشهوة احتياطا في المحلل والمحرم، وبالتقبيل المحرم بشهوة
وبالمحلل منه احتياطا، وبالقهقهة في الصلاة إذا تعمد النظر إلى ما أضحكه. أو
سماعه، وبالدم الخارج من السبيلين إذا شك في خلوه من النجاسة المعروفة، لقول
الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا قبل الرجل المرأة من شهوة أو مس فرجها
أعاد الوضوء (3). وكأنه بالتفصيل جمع بينه وبين غيره.
وخبر زرعة، عن سماعة سأله: عما ينقض الوضوء؟ قال: الحدث تسمع صوته
أو تجد ريحه، والقرقرة في البطن إلا شئ يصبر عليه، والضحك في الصلاة،
والقي (4).
وهما مع الضعف يحتملان [الاستحباب والتقية، ويحتمل (الوضوء وغسل
اليد) (5)، والضحك] (6) أن يكون بحيث لا يضبط نفسه من الحدث.
وصحيح علي بن يقطين: سأل أبا الحسن عليه السلام عن المذي أينقض الوضوء؟
قال: إن كان على شهوة نقض (7). وحمل على الاستحباب جمعا. ولصحيح محمد

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 193 ب 9 من أبواب نواقض الوضوء ح 10.
(2) حكاه عنه العلامة في المختلف: ج 1 ص 263.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 193 ب 9 من أبواب نواقض الوضوء ح 9.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 175 ب 1 من أبواب نواقض الوضوء ح 4.
(5) ما بين الهلالين ساقط من ص و ك.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 198 ب 12 من أبواب نواقض الوضوء ح 11.
193

ابن إسماعيل: سأل الرضا عليه السلام عن المذي، فأمره بالوضوء منه، ثم أعاد عليه سنة
أخرى فأمره بالوضوء، قال: قلت: وإن لم أتوضأ؟ قال: لا بأس (1).
واحتمل في التهذيب الوضوء منه إذا خرج عن المعهود المعتاد (2)، يعني إذا كثر.
وأما صحيح يعقوب بن يقطين: سأل الرضا عليه السلام عن الرجل يمذي وهو في
الصلاة من شهوة أو من غير شهوة، قال: المذي منه الوضوء (3). فيحتمل الانكار
أيضا.
وأما إيجابه بخروج الدم من السبيلين، فاحتج في المختلف بأنه إذا شك في
ممازجته النجاسة شك في الطهارة، ولا يجوز له الصلاة إلا مع يقينها (4). وضعفه ظاهر.
وقد عد في النزهة (5) والألفية (6) من الموجبات: الشك في الوضوء مع يقين
الحدث، ويقينهما مع الشك في السابق.
وزيد في النزهة (7) الشك في الوضوء قبل القيام من محله، وليس شئ منها
خارجا عن الأحداث المتقدمة حقيقة.
وعد الشيخ في المصباح (8) ومختصره (9) وعمل يوم وليلة (10) من موجبات
الجنابة. فإما أن يريد النواقض، أو يقول أنها توجبه، إلا أنها تسقط بالغسل.
(ويجب الغسل) خاصة (بالجنابة و) مع الوضوء بدم (الحيض
والاستحاضة مع غمس) الدم (القطنة) سال عنها أو لا، (والنفاس، ومس
الميت من الناس بعد برده قبل الغسل) خلافا للسيد (11) (أو) قطعة (ذات

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 197 ب 12 من أبواب نواقض الوضوء ح 9.
(2) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 18 ذيل الحديث 43.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 199 ب 12 من أبواب نواقض الوضوء ح 16.
(4) مختلف الشيعة: ج 1 ص 263.
(5) نزهة الناظر: ص 8.
(6) الألفية والنفلية: ص 41.
(7) نزهة الناظر: ص 8.
(8) مصباح المتهجد: ص 5.
(9) لا يوجد لدينا.
(10) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 142.
(11) جمل العمل والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 25.
194

عظم منه) خلافا للمحقق (وإن أبينت من حي) ولو إلى بعد سنة، خلافا
لأبي علي (1).
وضمير (منه) عائد إلى الانسان أو الميت، [وضمير أبينت إلى ذات العظم:
أي وإن أبينت القطعة ذات العظم من حي] (2). فكذلك.
(و) يجب بإجماع المسلمين (غسل الأموات) وغير الأسلوب، لأن
الموت موجب على غير الميت تغسيله، بخلاف ما تقدم.
(ولا يجب بغيرها) إلا غسل الاحرام على القول بوجوبه وانتقاضه بالنوم
أو فعل ما يحرم على المحرم.
(ويكفي غسل الجنابة عن غيره منها) أي الأغسال (لو جامعه) كما
في السرائر (3) والمعتبر (4)، ومحتمل كلامي المبسوط (5) والجامع (6)، للأخبار
الناطقة بإجزاء من عليه الغسل لها ولغيرها، من حيض وغيره، بغسل واحد (دون
العكس) كما في الشرائع (7) والمعتبر (8)، ومحتمل عبارتي المبسوط (9)
والجامع (10)، وفاقا للسرائر وفيه الاجماع عليه (11).
ويؤيده أن غسل الجنابة أقوى من غيره، إلا على القول باغناء غيره أيضا عن
الوضوء، ولكن الأخبار مطلقة، ولذا قال الشهيد: والاجتزاء بغسل الجنابة دون
غيره تحكم (12)، ولكنها في اجتماع الجنابة والحيض أو الموت، والموت مع
النفاس أو الحيض، [إلا قول] (13) أحدهما عليهما السلام في خبر زرارة: فإذا اجتمعت لله

(1) مختلف الشيعة: ج 1 ص 315.
(2) في ط و م و س [وضمير أبينت إلى القطعة من حي].
(3) السرائر: ج 1 ص 123.
(4) المعتبر: ج 1 ص 361.
(5) المبسوط: ج 1 ص 40.
(6) الجامع للشرائع: ص 34.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 20.
(8) المعتبر: ج 1 ص 361.
(9) المبسوط: ج 1 ص 40.
(10) الجامع للشرائع: ص 34.
(11) السرائر: ج 1 ص 123.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 88 درس 1.
(13) في س و ص (أقوال).
195

عليك حقوق أجزأها عنك غسل واحد (1). وفي مرسل جميل: إذا اغتسل الجنب
بعد طلوع الفجر أجزأه عنه ذلك الغسل من كل غسل يلزمه في ذلك اليوم (2). مع
عدم الفارق بين الحيض وغيره.
وقيل: إن الأحداث الموجبة للغسل أو للوضوء وإن تعددت فمسببها واحد،
وهو النجاسة الحكمية (3) المنع من المشروط بالطهارة، ويقال له الحدث. فإذا نوت
بالغسل رفع حدث الحيض دخل في نيتها رفع حدث الجنابة. كما أن من نوى
بالوضوء رفع حدث البول ارتفع حدث الريح والغائط أيضا، وورود المنع عليه ظاهر.
وقيل أيضا: لو لم يجز غسل الحيض - مثلا - عن غسل الجنابة لم يكن
لوجوبه معنى (4)، فإنه لو وجب فأما أن يجب عليها الغسلان جميعا - أو بالتخيير -
أو بحيث إن اغتسلت للجنابة أجزأت ولم تجز بغسل الحيض، والثاني المطلوب،
والأول معلوم البطلان، والثالث ينفي وجوب غسل الحيض.
وفيه أن هنا قسما آخر، وهو التخيير بين أن تنوي بالغسل رفع الجنابة خاصة،
وأن تنوي رفعها مع الحيض.
والمحصل وجوب رفع الحيض عليها، لكنه يرتفع بارتفاع الجنابة إذا
اجتمعت معه. وقد يلتزم عدم وجوبه على الجنب لما يشترط بالطهارة من الجنابة.
وأما للوطء فهو الواجب إن أوجبناه دون غسل الجنابة.
(فإن) انعكس و (انضم الوضوء فاشكال) من زوال نقضه بالوضوء،
ومساواته معه لغسل الجنابة، وعموم الإذن في دخول الحائض - مثلا - في الصلاة
إذا اغتسلت للحيض وتوضأت، وما مر من أنه لو لم يجز لم يكن لوجوبه معنى.
ومن احتمال اختصاص الإذن بمن ليس له مانع آخر من الصلاة، واحتمال
عدم وجوبه عليها فضلا عن زوال نقضه، والمنع من أنه لو لم يجز لم يكن لوجوبه

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 526 ب 43 من أبواب الجنابة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 526 ب 43 من أبواب الجنابة ح 2.
(3) جامع المقاصد: ج 1 ص 87.
(4) جامع المقاصد: ج 1 ص 88.
196

معنى، ومن المساواة مع الوضوء لغسل الجنابة، كيف والوضوء لا مدخل له في
رفع الجنابة؟! والفرض عدم ارتفاعه بهذا الغسل.
ونص في المعتبر على اختيار الاجزاء بلا وضوء (1).
وفي التذكرة (2) على اختيار وجوب الوضوء إن قلنا بالاجزاء،
(و) (3) الاغتسال مطلقا بلا وضوء مع (نية الاستباحة) لمشروط بالطهارة
من الجنابة كالصلاة، كأن ينوي [أغتسل لاستباحة الصلاة، من غير أن يتعرض
للجنابة أو الحيض - مثلا - أو العكس بلا وضوء مع نية الاستباحة، كأن تنوي أغتسل] (4)
لرفع الحيض واستباحة الصلاة (أقوى إشكالا) من العكس مع ضم الوضوء.
ومنشأ الاشكال من أن الصلاة إنما تستباح بارتفاع كل ما يمنع منها، فنيتها
كنية رفع الجميع، ومن عموم الاستباحة لها بالغسل وحده، وبه مع الوضوء، وإنما
يكفي إذا انصرفت إلى الأول.
وقيل (5): ومن أن الاجزاء إما للانصراف إلى الجنابة وهو باطل لأنه أعم، أو
لاقتضاء ارتفاع جميع الأحداث وهو باطل، وإلا لاقتضته هذه النية مع نية الحيض
بخصوصه، بأن تنوي غسل الحيض للاستباحة (6). وضعفه ظاهر.
و (7) معنى قوة الاشكال تكافؤ الاحتمالين، أو قوة الاجزاء، بخلاف المسألة
المتقدمة، فالعدم فيها أقوى، ولو نوى أغتسل لرفع الحدث ضعف الاجزاء عن
غسل الجنابة، إلا على القول بإجزاء العكس، وأضعف منه الاجزاء لو نوت أغتسل
غسل الحيض لرفع الحدث.
ولما وجب (عند) المصنف في النية التعرض للرفع أو الاستباحة لم يتعرض
لنية الاغتسال مطلقا، أو مع نية الوجوب. وعلى القول بالاكتفاء بذلك في النية فهو

(1) المعتبر: ج 1 ص 361.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 38.
(3) في م و س و ص (و).
(4) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(5) ساقط من م و س.
(6) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 13، مع اختلاف.
(7) في م و س (وقيل).
197

كالعكس، والاجزاء هنا أقوى منه فيه. ونص الشرائع الاجزاء (1)، ويعطيه كلام
الجامع (2). وفي الذكرى: وعلى الاكتفاء بالقربة لا بحث في التداخل في غير الاستحاضة (3).
ولو نوى رفع الجنابة لا غيرها قوي البطلان، بناء على أن رافعها رافع لغيرها
شرعا، فلم ينو غسلا مشروعا. ويحتمل ضعيفا الصحة، وإلغاء (لا غيرها).
ولو نوت رفع الحيض لا غيره فإن لم يجزي غسل الحيض عن غسل الجنابة
فالأمر ظاهر، وتستبيح به ما يشترط بالطهارة من الحيض خاصة كالوطء، وإن
أجزاء فكما قبله.
ولو جمع أسباب الغسل من الجنابة وغيرها في النية فهو أولى بالاجزاء من
نية الجنابة وحدها، وإن اجتمعت أغسال واجبة لغير الجنابة قوي الاجتزاء بواحد،
كما يعطيه كلام الشرائع (4)، ثم غسل المستحاضة مع انقطاع الدم كسائر الأغسال
الواجبة إن وجب له غسل، ومع الاستمرار.
وفي الذكرى: إن الأحوط أنه لا يداخل غيره من الأغسال، لبقاء الحدث (5).
وقطع في البيان بأنه لا تداخل غسل الحيض (6). والظاهر أنه يسوي بين
غسل الحيض وغيره.
(ويجب التيمم) عند تعذر الماء (بجميع أسباب الوضوء والغسل)
أي بكل منهما، فأسباب الوضوء أسباب للبدل منه ومن غسل الجنابة كما يأتي.
وأسباب الغسل أسباب للبدل منه، فما كان سببا لهما كغير الجنابة كان سببا
لتيممين، كما في المنتهى (7) والتحرير (8) ونهاية الإحكام (9). وما كان سببا للغسل

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 20.
(2) الجامع للشرائع: ص 34.
(3) ذكرى الشيعة: ص 26 س 34.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 20.
(5) ذكرى الشيعة: ص 26 س 33.
(6) البيان: ص 5 وفيه: (نعم غسل المستحاضة المتحيرة لا تداخل مع غسل الحيض).
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 149 س 27.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 23 س 6.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 128.
198

وحده كالجنابة، فهو سبب للبدل منه خاصة.
ودليل هذا العموم ما تقدم، لعموم الغاية مع الاحتياط. ومما يجب به زائدا
على ذلك التمكن من الماء على ما يأتي.
(وكل أسباب الغسل أسباب الوضوء) وفاقا للمشهور، وخلافا
للسيد (1) وأبي علي (2) (إلا الجنابة فإن غسلها كاف عنه) إجماعا، كما في
الناصريات (3) والخلاف (4) والتهذيب (5) وغيرها، والأخبار به كثيرة.
نعم استحبه الشيخ كما في كتابي الأخبار لبعض الأخبار (6)، كما عرفت،
وسمعت أن ظاهره في المصباح (7) ومختصره (8) وعمل يوم وليلة الوجوب (9)،
ولعله لم يرده، وعبارة الكتاب تعطي عدم استحبابه.
وأما وجوبه لسائر الأسباب فدليله عموم الآية (10)، وأصل بقاء المانع من نحو
الصلاة إلى أن يعلم المزيل، ونحو قول الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: كل
غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة (11).
وعن أبي علي (12) والسيد (13) إجزاء كل غسل عن الوضوء واجبا أو

(1) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 24 و 25.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 340.
(3) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 223 المسألة 41.
(4) الخلاف: ج 1 ص 131 المسألة 74.
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 139 ذيل الحديث 388.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 140 ذيل الحديث 393 الإستبصار: ج 1 ص 126 ذيل
الحديث 429.
(7) مصباح المتهجد: ص 5.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) عمل يوم وليلة (الرسائل العشرة): ص 142.
(10) المائدة: 6.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 516 ب 35 من أبواب الجنابة ح 1.
(12) نقله في مختلف الشيعة: ج 1 ص 340.
(13) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 24، وفيه:
(ويستبيح بالغسل الواجب للصلاة من غير وضوء، وإنما الوضوء في غير الأغسال الواجبة).
199

مندوبا (1)، لأصل البراءة.
ويضعف بما عرفت. ولنحو قول [أبي جعفر عليه السلام في صحيح محمد بن مسلم:
الغسل يجزي عن الوضوء، وأي وضوء أطهر من الغسل (2). وقول] (3) الصادق عليه السلام
في خبر عمار: إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل ولا
بعد، قد أجزأها الغسل (4). وما كتبه الهادي عليه السلام لمحمد بن عبد الرحمن الهمداني:
لا وضوء للصلاة في غسل يوم الجمعة ولا غيره (5). ومرسل حماد بن عثمان، عن
الصادق عليه السلام في الرجل يغتسل للجمعة أو غير ذلك أيجزئه من الوضوء؟ فقال:
وأي وضوء أطهر من الغسل (6).
ويحتمل الأخيران أن أسباب استحباب الغسل لا تسبب للوضوء وإن وجب
إن كان محدثا.
(وغسل الأموات) أيضا (كاف عن فرضه) [أي الوضوء] (7) فلا يجب
الوضوء بالموت، خلافا للنزهة (8) وظاهر الإستبصار (9)، للأصل، وما نطق بأن
غسله كغسل الجنابة، ولأن يعقوب بن يقطين سأل في الصحيح الرضا عليه السلام عن
غسل الميت: أفيه وضوء الصلاة أم لا؟ فقال: غسل الميت يبدأ بمرافقه، فيغسل
بالحرض، ثم يغسل وجهه ورأسه بالسدر، ثم يفاض عليه الماء ثلاث مرات،
ولا يغسل إلا في قميص يدخل رجل يده ويصب عليه من فوقه، ويجعل في الماء
شئ من سدر وشئ من كافور، ولا يعصر بطنه، إلا أن يخاف شيئا قريبا فيمسح

(1) في م و س (ندبا).
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 513 ب 33 من أبواب الجنابة ح 1.
(3) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 514 ب 33 من أبواب الجنابة ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 513 ب 33 من أبواب الجنابة ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 514 ب 33 من أبواب الجنابة ح 4.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(8) نزهة الناظر: ص 8.
(9) الإستبصار: ج 1 ص 208 ذيل الحديث 731.
200

مسحا رفيقا من غير أن يعصر (1). فإن الاعراض عنه مع كون السؤال [عنه
ظاهر] (2) في العدم.
ودليل الوجوب نحو قول الصادق عليه السلام لحريز في الصحيح: الميت يبدأ بفرجه،
ثم يوضأ وضوء الصلاة (3). ولعبد الله بن عبيد: يطرح عليه خرقة، ثم يغسل فرجه
ويوضأ وضوء الصلاة (4).
وحمل على الاستحباب، وإليه أشار بقيد الفرض، وهو خيرة ابن زهرة (5)
والمحقق (6) والشيخ في المصباح (7) ومختصره (8)، وحكاه في الخلاف (9) عن بعض
الأصحاب، واحتاط به في النهاية (10)، ولم يستحبه في الخلاف (11) والمبسوط (12).
وكذا ابن إدريس (13)، للأصل، وما نطق بمماثلة غسله لغسل الجنابة.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 7، وفيه: سألت العبد
الصالح عليه السلام... الخ.
(2) في ص [عن الظاهر].
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 689 ب 6 من أبواب غسل الميت ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 689 ب 6 من أبواب غسل الميت ح 2.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 105 س 14.
(6) المعتبر: ج 1 ص 267.
(7) مصباح المتهجد: ص 18.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) الخلاف: ج 1 ص 693 المسألة 472.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 247.
(11) الخلاف: ج 1 ص 693 المسألة 472.
(12) المبسوط: ج 1 ص 178.
(13) السرائر: ج 1 ص 159.
201

(الفصل الثالث)
(في آداب الخلوة)
لحدثي البول والغائط (وكيفية الاستنجاء) أي التطهر منهما: من نجا
الجلد إذا قشره، أو نجا الشجرة إذا قطعها، لأنه يقطع الأذى عن نفسه. أو من النجو،
وهو العذرة، أو ما يخرج من البطن بمعنى استخراجه أو إزالته أو من النجوة، وهي
ما ارتفع من الأرض، لأنه يجلس عليه للتطهر أو يستتر به.
(يجب في البول) عندنا (غسله بالماء خاصة) بالاجماع
والنصوص، خلافا للعامة (1)، و (أقله مثلاه) أي مثلا ما يغسل من البول الباقي
على الحشفة بعد انقطاع درته كما في الفقيه (2) والهداية (3) والمقنعة (4) والنهاية (5)
والمبسوط (6) والمراسم (7) والإصباح (8) والنافع (9) والشرائع (10) والمعتبر (11)، لخبر

(1) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 142.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 31 ذيل الحديث 59.
(3) الهداية: ص 16.
(4) المقنعة: ص 42.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 214.
(6) المبسوط: ج 1 ص 17.
(7) المراسم: ص 33.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 425.
(9) مختصر النافع: ص 5.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 18.
(11) المعتبر: ج 1 ص 126.
202

نشيط بن صالح: سأل الصادق عليه السلام كم يجزي من الماء في الاستنجاء من البول؟
فقال: مثلا ما على الحشفة من البلل (1).
وفي المعتبر: ولأن غسل النجاسة بمثلها لا يحصل معه اليقين بغلبة المطهر على
النجاسة، ولا كذا لو غسلت بمثلها (2).
ثم الغسل بالمثلين يحتمل وجوها:
أولها: الغسل مرتين، كل مرة بمثل ما على الحشفة، كما يعطيه كلام المعتبر،
حيث أيده بما روي عن الصادق عليه السلام: إن البول إذا أصاب الجسد غسل منه
مرتين (3). وكلام (4) الذكرى حيث اعتبر الفصل بينهما (5).
ويحصل به الجمع بين الخبرين، ومرسله أيضا عنه عليه السلام: يجزي من البول أن
يغسله بمثله (6).
واستشكل في الشرح (7) باشتراط جريان المطهر والغلبة، ولا يتصور في مثل
البلل الذي على الحشفة. ثم أجيب بأن المراد مثل ما عليها من قطرة، وهي تجري
على البلل وتغلب عليه.
قلت: بل المفهوم من الخبر وكلام الأصحاب مثلا كل ما بقي على الحشفة من
بلل، و [قطرة أو] (8) قطرات فلا إشكال.
وثانيها: الغسل مرتين، كل مرة بمثلي ما على الحشفة.
ويحتمله الأول عبارتا الفقيه (9) والهداية (10) ففيهما يصب على إحليله من
الماء مثل (11) ما عليه من البول يصبه مرتين، [وهو أحوط، عملا بما دل على

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 242 ب 26 من أبواب أحكام الخلوة ح 5.
(2) المعتبر: ج 1 ص 127.
(3) المعتبر: ج 1 ص 127.
(4) ليس في ص و ك.
(5) ذكرى الشيعة: ص 21 س 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 243 ب 26 من أبواب الخلوة ح 7.
(7) جامع المقاصد: ج 1 ص 94.
(8) ليس في ص.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 31 ذيل الحديث 59.
(10) الهداية: ص 16.
(11) في ص (مثلي).
203

الغسل
مرتين] (1) وتحصيلا لغلبة المطهر.
وثالثها: الاكتفاء بالمثلين مرة، استضعافا لما أوجب الغسل مرتين.
وعند الحلبي (2) وابن إدريس أقله ما يجري ويغسل (3) وهو خيرة المصنف في
سائر كتبه عدا التذكرة (4)، لأن الواجب إزالة عين النجاسة، والأصل البراءة من
الزائد، وللإجماع في الغائط على الاكتفاء بالإزالة، فالبول أولى لسرعة زواله.
وفي البيان: إن النزاع لفظي (5).
(وفي الغائط المتعدي) عن حواشي المخرج، كما نص عليه في
التذكرة (6)، ونهاية الإحكام (7).
(كذلك) يجب الغسل بالماء خاصة إجماعا، بلغ الألية أو لا.
وللشافعي قول بأنه: إذا تعدى إلى باطن الأليتين ولم يتعد إلى ظاهرهما
تخير بين الغسل والاستجمار (8).
(حتى يزول العين والأثر) كما في المقنعة (9) والمبسوط (10) والوسيلة (11)
والشرائع (12)، وفسر به الانقاء.
وفسر الأثر تارة باللون لدلالته على بقاء العين بخلاف الرائحة، وإن سلم
فخرجت الرائحة بالنص.
وأخرى: ببقايا النجاسة من الأجزاء الصغار التي لا تزول بالأحجار وشبهها.

(1) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(2) الكافي في الفقه: ص 127.
(3) السرائر: ج 1 ص 97.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 44 س 3، ونهاية الإحكام: ج 1 ص 91، وتحرير الأحكام: ص 7
س 25.
(5) البيان: ص 6.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 13 س 24.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 86 و 91، وليس فيه اجماعا.
(8) الأم: ج 1 ص 22.
(9) المقنعة: ص 40.
(10) المبسوط: ج 1 ص 16.
(11) الوسيلة: ص 47.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 18.
204

وأخرى: بالنجاسة الحكمية الباقية بعد زوال العين، فيكون إشارة إلى تعدد الغسل.
واعترضه فخر الاسلام بأنه لا دليل على وجوب إزالة الأثر، بل يدل على
عدم الاستجمار للإجماع على أنه لا يزيله، إلا أن يقال: إنه لا يطهر، بل يعفى عما
يبقى معه (1)، وهو خلاف نص التذكرة (2) والمنتهى (3) والمعتبر (4). وقوله صلى الله عليه وآله في
الدم: لا يضر أثره (5). وقول الكاظم عليه السلام لأم ولد لأبيه لما غسلت ثوبها من دم
الحيض فلم يذهب أثره: اصبغيه بمشق (6). قال: إلا أن يقال بالوجوب إذا أمكن.
قلت: ولا يندفع به الاشكال، للزوم قصر الاستجمار على الضرورة، وأن لا
يطهر المحل بالاستجمار وإن عفي (8) عما فيه، ويلزم منه تنجيس (9) ما يلاقيه
برطوبة، إلا أن يقال: إنه لا يتعدى خصوصا على التفسير الثالث، أو يفرق بين أثر
الغائط المتعدي وغيره، فيحكم بنجاسة الأول وتنجيسه دون الثاني.
(ولا عبرة بالرائحة) للأصل والحرج، وحصول الانقاء والاذهاب مع
بقائها، ولأن ابن المغيرة في الحسن سأل أبا الحسن عليه السلام للاستنجاء حد؟ قال: لا،
حتى ينقي ما ثمة. قال: فإنه ينقي ما ثمة ويبقى الريح، قال: الريح لا ينظر إليها (10).
وحكي عليه الاجماع. والمراد الريح الباقية على المحل أو اليد، لا في الماء، فإنها تنجسه.
واعتبر سلا ر صرير المحل أي: خشونته حتى يصوت (11)، واستحب في البيان
مع الامكان (12).

(1) لم نعثر عليه.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 14 س 16.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 45 س 15.
(4) المعتبر: ج 1 ص 129.
(5) سنن البيهقي: ج 2 ص 408.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 603 ب 52 من أبواب الحيض ح 1 و ب 25 من أبواب النجاسات
ح 1 ص 1033.
(8) في س (بقي).
(9) في م و ص و س و ك (تنجيسه).
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 227 ب 13 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(11) لم نعثر عليه في المراسم، ونقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 272.
(12) البيان: ص 6.
205

ورد في السرائر (1) والمعتبر (2) والمختلف (3) بعدم الدليل، والاختلاف
باختلاف الماء حرارة وبرودة، ولزوجة وخشونة، واختلاف الزمان حرارة
وبرودة، فالماء البارد [في الزمان البارد] (4) يخشن الموضع بأقل قليل. وماء
المطر المستنقع في الغدران لا يخشنه ولو استعمل منه مائة رطل.
وعندي أنهم لم يحسنوا حيث نازعوا سلار، لظهور أن مراده أن علامة زوال
النجاسة عن الموضع هو زوال ما كان يوجد من لزوجتها، وهو واضح.
(و) في (غير المتعدي) عن الحواشي ظهر عليها أو لا (يجزي)
بالاجماع والنصوص (ثلاثة أحجار) وكذا يجزي عند أكثر أهل العلم كما في
المنتهى (5).
(وشبهها من خرق وخشب وجلد) وغيرها، لزوال العين بها،
وقوله صلى الله عليه وآله: إذا مضى أحدكم لحاجته فليمسح بثلاثة أحجار أو بثلاثة أعواد أو
ثلاث حثياث من تراب (6). وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: كان الحسين
ابن علي عليه السلام يتمسح من الغائط بالكرسف (7). وقول الصادق عليه السلام في حسن
جميل: كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار (8). وفي الخلاف: الاجماع
عليه (9).
وقال أبو علي: لا أختار الاستطابة بالأجر والخزف إلا إذا ألبسه طين أو

(1) السرائر: ج 1 ص 97.
(2) المعتبر: ج 1 129.
(3) مختلف الشيعة: ج 1 ص 272.
(4) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 45 س 36.
(6) سنن الدارقطني: ج 1 ص 57 ح 12، ومستدرك الوسائل: ج 1 ص 274، ب 22 من أبواب
أحكام الخلوة ح 584 باختلاف يسير في اللفظ.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 252 ب 35 من أبواب أحكام الخلوة ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 250 ب 34 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(9) الخلاف: ج 1 ص 106 المسألة 51.
206

تراب يابس (1). ولم يجتزي سلار إلا بما كان أصله الأرض (2). وفسره في البيان
بالأرض والنبات (3). واستحب الاقتصار عليها فيه وفي النفلية (4) خروجا من خلافه.
ولم يجتز داود بغير الأحجار (5). ومنعت الشافعية (6) والحنابلة من الاستنجاء
بالمتصل بالحيوان من ذنبه والصوف على ظهره ونحوهما (7). وفي قول للشافعي
المنع من الجلد الغير المدبوغ ليبسه (8). وعن قوم من الزيدية والقاسمية المنع من
الاستجمار ما أمكن الماء (9).
ويعتبر فيها أن يكون (مزيلة للعين) دون الأثر، فلا يجزي ما لا يمكن
الاعتماد عليه، لإزالة العين لخشونته أو ملاسته أو هشاشته أو رخاوته ومن ذلك
التراب، فلا يجزي لتخلف بعضه في المحل بعد تنجسه.
وللشافعي قول بالاجزاء، لما مر من قوله صلى الله عليه وآله: أو ثلاث حثيات من
تراب (10). وهو مع التسليم محمول على الضرورة.
(والماء أفضل) إجماعا، إلا ما حكي عن بعض العامة أنه لم يكن يرى
الاستنجاء به، وذلك لأنه أقوى في التطهير، فيزيل العين والأثر (11). وقال صلى الله عليه وآله
في خبر هشام بن الحكم: يا معشر الأنصار إن الله تعالى قد أحسن عليكم الثناء
فماذا تصنعون؟ قالوا: نستنجي بالماء (12). وفي خبر مسعدة بن زياد: مري نساء
المؤمنين أن يستنجين بالماء ويبالغن، فإنه مطهرة للحواشي ومذهبة للبواسير (13).

(1) نقله عنه الشهيد في الذكرى: ص 21 س 31.
(2) المراسم: ص 32.
(3) البيان: ص 6.
(4) الألفية والنفلية: ص 90.
(5) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 147.
(6) المجموع: ج 2 ص 121.
(7) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 149.
(8) الأم: ج 1 ص 22.
(9) نقله العلامة في منتهى المطلب: ج 1 ص 270.
(10) سنن الدارقطني: ج 1 ص 57 ح 12.
(11) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 142.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 250 ب 34 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 222 ب 9 من أبواب أحكام الخلوة ح 3.
207

(كما أن الجمع) بينهما (في المتعدي أفضل) تنزيها لليد عن التلوث،
واحترازا عن بقاء الريح فيها، أو في المحل.
وقال الصادق عليه السلام في مرفوع أحمد بن محمد: جرت السنة في الاستنجاء
بثلاثة أحجار أبكار ويتبع بالماء (1). وهو في غير المتعدي أكمل.
(ويجزي ذو الجهات الثلاث) عن ثلاثة أحجار، كما في الإشارة (2)
والجامع (3) والمهذب (4)، لحصول الانقاء والاذهاب، وعدم الفرق بينه متحدا. وإذا
كسر فجعل ثلاثة مع القطع بالاجزاء حينئذ، ولجواز استنجاء ثلاثة به كل بجهة منه
ولا فرق، هذا ولأنه إذا غسل أجزاء وإن تمسح بالجهة التي استنجى بها، فكذا قبل
الغسل إذا تمسح بالباقيتين. مع أن الاخبار الناصة بالتثليث إنما نصت على جريان
السنة به، وهو ليس نصا في عدم إجزاء غيره.
وأما الناطقة بالأحجار فليست من الدلالة في شئ، خلافا للمحقق (5) وظاهر
الشيخين في المقنعة (6) والمصباح (7) وهو أقوى. إذ لا يقين بالطهارة إلا مع التثليث
ولجريان السنة به، وإن لم نفرق نحن بين المتصل والمنفصل، وبين شخص
وأشخاص. وفي المبسوط أنه أحوط (8).
(و) يجزي (التوزيع على أجزاء المحل) بأن يمسح بكل حجر أو
شبهه جز منه، حتى يأتي الثلاثة على كله، وفاقا للمبسوط (9) والجامع (10)
والمعتبر (11)، للامتثال بالانقاء والتثليث.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 246 ب 30 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(2) لم نعثر عليه.
(3) الجامع للشرائع: ص 27.
(4) المهذب: ج 1 ص 40.
(5) المعتبر: ج 1 ص 131.
(6) لم نعثر عليه في المقنعة، كما تنبه له في مفتاح الكرامة: ج 1 ص 45 س 7، ونقله عن المفيد
في السرائر: ج 1 ص 96.
(7) مصباح المتهجد: ص 6.
(8) المبسوط: ج 1 ص 17.
(9) المبسوط: ج 1 ص 17.
(10) الجامع للشرائع: ص 27.
(11) المعتبر: ج 1 ص 130.
208

قال في التحرير: وقول (1) بعضهم: إنه تلفيق، فيكون بمنزلة مسحه ولا يكون
تكرارا، ضعيف، للفرق بينهما (2). ونحوه في المعتبر (3) والمنتهى (4).
وزاد في المنتهى: إن الواحد إذا مر على جز نجس ثم مر على آخر، بخلاف
ما إذا وزع فيكون كل بكرا. وظاهر الشرائع المنع (5).
وفي المبسوط (6) والتذكرة الاحتياط بعدم التوزيع (7)، لظاهر الخبر.
قلت: ولأن تكرار المسح على المحل أبلغ في التطهير، وجعل في المعتبر
أفضل (8)، وفي نهاية الإحكام أحسن (9).
وفيه وفي التذكرة في كيفيته: أن يضع واحدا على مقدم الصفحة اليمنى
ويمسحها به إلى مؤخرها، ويديره إلى الصفحة اليسرى فيمسحها من مؤخرها إلى
مقدمها، فيرجع إلى الموضع الذي بدأ منه. ويضع الثاني على مقدم الصفحة
اليسرى، ويفعل به عكس ما ذكرناه. ويمسح بالثالث الصفحتين والوسط، وأنه
ينبغي وضع الحجر على موضع طاهر بقرب النجاسة، لأنه لو وضعه على النجاسة
لأبقى منها شيئا ولنشرها، فيتعين حينئذ الماء.
ثم إذا انتهى إلى النجاسة أدار الحجر قليلا قليلا حتى يرفع كل جز منه جز
من النجاسة، ولو أمره من غير إدارة لنقل النجاسة من موضع إلى آخر فيتعين
الماء، ولو أمره ولم ينقل فالأقرب الاجزاء، لأن الاقتصار على الحجر رخصة،
وتكليف الإدارة يضيق باب الرخصة، ويحتمل عدمه، لأن الجز الثاني من المحل
يلقى ما ينجس من الحجر، والاستنجاء بالنجس لا يجوز (10)، انتهى.

(1) في ص: وقوى.
(2) تحرير الأحكام: ص 8 س 6.
(3) المعتبر: ج 1 ص 130.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 47 س 8.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 19.
(6) المبسوط: ج 1 ص 17.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 14 س 4.
(8) المعتبر: ج 1 ص 130.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 92.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 14 س 5، ونهاية الإحكام: ج 1 ص 92.
209

(وإن لم ينق) المحل (بالثلاثة، وجب الزائد) إجماعا لوجوب الانقاء.
(ويستحب الوتر) لنحو قوله صلى الله عليه وآله: إذا استنجى أحدكم فليوتر وترا إذا لم
يجد الماء (1). وقوله صلى الله عليه وآله: من استجمر فليوتر، فإن فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج (2).
(ولو نقى بدونها وجب الاكمال) كما في السرائر (3) والنافع (4)
والشرائع (5) والمعتبر (6) وظاهر المقنعة (7) والخلاف (8)، للأصل والاحتياط،
وجريان السنة بالتثليث، وورود الأمر به والنهي عما دونه من طرق العامة، وأن
الحجر لا يزيل النجاسة، بل يترك معه منها شئ في المحل، فلا يجوز استصحابه
في الصلاة ونحوها إلا فيما أجمع عليه.
وفي السرائر عن المفيد العدم (9)، وهو خيرة الإقتصاد (10)، والوسيلة (11)،
والمهذب (12) والجامع (13) والمختلف (14) وظاهر الغنية (15) ومصباح الشيخ (16)، لما
مر من قوله عليه السلام في خبر ابن المغيرة في حد الاستنجاء ينقي ما ثمة (17)، وعدم
ورود الأمر بالتثليث، أو النهي عما دونه من طرقنا، وعدم نصوصية جريان السنة
به في ذلك، وحصول الغرض الذي هو زوال العين. ويحتمل الوجهين كلام (18)
النهاية (19) والمبسوط (20).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 223 ب 9 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(2) سنن البيهقي: ج 1 ص 104.
(3) السرائر: ج 1 ص 96.
(4) مختصر النافع: ص 5.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 19.
(6) المعتبر: ج 1 ص 129.
(7) المقنعة: ص 62.
(8) الخلاف: ج 1 ص 104 المسألة 50.
(9) السرائر: ج 1 ص 96.
(10) الإقتصاد: ص 241.
(11) الوسيلة: ص 47.
(12) المهذب: ج 1 ص 40.
(13) الجامع للشرائع: ص 27.
(14) مختلف الشيعة: ج 1 ص 268.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 487 س 29.
(16) مصباح المتهجد: ص 6 س 6، وفيه (فليستنج فرضا واجبا بثلاثة أحجار).
(17) وسائل الشيعة: ج 1 ص 227 ب 13 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(18) زيادة من ط.
(19) النهاية ونكتها: ج 1 ص 213.
(20) المبسوط: ج 1 ص 17.
210

(ولا يجزي) استعمال الحجر (المستعمل) في الاستجمار (1) وإن لم
ينجس به، كما هو ظاهر النهاية (2): والوسيلة (3) والمهذب (4) والنافع (5) والشرائع (6)
والجامع (7) والإصباح (8). وما مر من قول الصادق عليه السلام: جرت السنة في
الاستنجاء بثلاثة أحجار أبكار وتتبع بالماء (9).
أو بشرط التنجس إلا بعد التطهير، كما هو نص السرائر (10) والتذكرة (11)
والمعتبر (12) ونهاية الإحكام (13)، للأصل والانقاء، مع إرسال الخبر واحتماله.
فقوله: (ولا النجس) بمعنى النجس بغير الاستعمال بالاجماع، كما في
المنتهى (14) ولخبر الابكار. وأجاز أبو حنيفة الاستجمار بالنجس الجامد (15).
(ولا ما يزلق عن النجاسة) لملاسته، فلا يزيل العين.
واعتبر في المنتهى (16) والتذكرة (17) وصفا آخر هو الجفاف، لأن الرطب
ينجس بالغائط ثم يعود إلى المحل فينجسه، ولأنه يزيد التلويث والانتشار. وكذا
في نهاية الإحكام (18) مع احتماله فيه العدم لاحتمال أن لا ينجس البلل إلا بعد
الانفصال. وفي الذكرى (19) لذلك، ولكون نجاسته من نجاسة المحل، وهذا في
رطب لا يوجب التعدي الموجب للاستنجاء بالماء.

(1) في ص (الاستنجاء).
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 213.
(3) الوسيلة: ص 47.
(4) المهذب: ج 1 ص 40.
(5) مختصر النافع: ص 5.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 19.
(7) الجامع للشرائع: ص 27.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 415.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 246 ب 30 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(10) السرائر: ج 1 ص 96.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 13 س 39.
(12) المعتبر: ج 1 ص 133.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 89.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 46 س 9.
(15) المغني: ج 1 ص 148.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 46 س 34.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 13 س 32.
(18) نهاية الإحكام: ج 1 ص 88.
(19) ذكرى الشيعة: ص 21 س 26.
211

(ويحرم) الاستنجاء (بالروث والعظم) باتفاق علمائنا، على ما في
المعتبر (1) والمنتهى (2) وظاهر الغنية (3). وقال الصادق عليه السلام لليث المرادي حين
سأله عن الاستنجاء بالعظم والروث والعود والبعر: أما العظام والروث فطعام الجن،
وذلك مما اشترطوا على رسول الله صلى الله عليه وآله، وقال: لا يصلح بشئ [من ذلك (4).
وعنه 9:] (5) من استنجى برجيع أو عظم فهو بري من محمد (6). وعنه صلى الله عليه وآله:
لا تستنجوا بالروث ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن (7).
وأجازه أبو حنيفة (8) بهما مطلقا، ومالك (9) بشرط الطهارة.
واحتمل الكراهة في التذكرة (10)، للأصل وضعف الأخبار، ولم يتعرض لها
ابن حمزة، ولم يذكر الروث.
وفي المبسوط وجعل العظم مما لا يزيل العين كالصقيل (11) (12).
(وذي الحرمة كالمطعوم) وورق المصحف، وشبهه مما كتب عليه شئ
من أسماء الله أو الأنبياء أو الأئمة صلوات الله عليهم، (وتربة (13)
الحسين عليه السلام) بل وغيره من النبي والأئمة عليهم السلام: وبالجملة ما علم من الدين أو
المذهب وجوب احترامه، فإن في الاستنجاء به من الهتك ما لا يوصف.
ويدل على المطعوم خاصة فحوى المنع من العظم والروث، لأنهما طعام

(1) المعتبر: ج 1 ص 132.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 46 س 20.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 487 س 29.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 251 ب 35 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(6) مستدرك الوسائل: ج 1 ص 280 ب 26 من أبواب أحكام الخلوة ح 4، وسنن أبي داود: ج 1
ص 10 ح 36 مع اختلاف.
(7) مستدرك الوسائل: ب 26 من أبواب أحكام الخلوة ح 2 ج 1 ص 279.
(8) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 148.
(9) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 148.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 14 س 18.
(11) المبسوط: ج 1 ص 16.
(12) في س و ص و ك و ط (كالصيقل).
(13) في الإيضاح (وبتربة).
212

الجن. ونحو قول الصادق عليه السلام في خبر عمرو بن شمر: إني لألعق أصابعي حتى
أرى أن خادمي سيقول ما أشره (1) مولاي، ثم قال: تدري لم ذاك؟ فقال: لا، فقال:
إن قوما كانوا على نهر الثرثار، فكانوا قد جعلوا من طعامهم شبه السبايك ينجون
به صبيانهم، فمر رجل متوكئ على عصا، فإذا امرأة أخذت سبيكة من تلك
السبائك تنجي بها صبيها، فقال لها: اتقي الله، فإن هذا لا يحل، فقالت: كأنك
تهددني بالفقر، أما ما جرى الثرثار [فإني لا أخاف الفقر، فأجرى الله الثرثار] (2)
ضعف ما كان عليه، وحبس عنهم بركة السماء، فاحتاجوا إلى الذي كانوا ينجون به
صبيانهم، فقسموه بينهم بالوزن (3). وقريب منه أخبار.
وخبر هشام بن سالم سأله عن صاحب له فلا ح يكون على سطحه الحنطة
والشعير فيطأونه ويصلون عليه، فغضب عليه السلام وقال: لولا أني أرى أنه من
أصحابنا للعنته (4).
وقوله عليه السلام في خبر عمرو بن جميع: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على عائشة فرأى
كسرة كاد أن يطأها فأخذها، فأكلها ثم قال: يا حميراء أكرمي جوار نعم الله
عز وجل عليك، فإنها لم تنفر من قوم فكادت تعود إليهم (5). وفي المنتهى: الاجماع
عليه (6).
(ويجزي) الاستجمار بأحد ما ذكر وإن حرم، كما في الجامع (7)، لحصول
الانقاء والاذهاب، وعدم دلالة النهي على الفساد إلا في العبادات. وإزالة النجاسة
إنما (8) يكون عبادة إذا نوى بها القربة ووافقت الشرع، ويكون غير عبادة

(1) في س (ما أشبع).
(2) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 255 ب 40 من أبواب أحكام الخلوة ح 1، و ج 16 ص 505
ب 78 من أبواب آداب المائدة ح 1 باختلاف فيهما.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 471 ب 40 من أبواب مكان المصلي ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 16 ص 504 ب 77 من أبواب آداب المائدة ح 4.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 46 س 20.
(7) الجامع للشرائع: ص 27.
(8) زيادة من ط.
213

كالتطهير (1) بالمغصوب.
ويحتمل العدم كما في المبسوط (2) والسرائر (3) والمعتبر (4) والشرائع (5)، لأن
الرخص لا تناط بالمعاصي.
وبعبارة أخرى: الأصل والاحتياط يقتضيان بقاء النجاسة خصوصا مع بقاء
أثرها، فلا يحكم إلا بطهارة ما علمت طهارته بالنص والاجماع، فلا يجزي ما
حرمه الشرع (6).
وقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله تعليل النهي عن العظم والروث بأنهما لا يطهران (7).
ويحتمل أن يكون لصقالة الأول ورخاوة الثاني. واستدل في المبسوط (8) بدلالة
النهي على الفساد.
وقد يستدل لنحو ورق المصحف والتربة الحسينية (9)، بأن استعماله كفر،
فكيف يطهر؟!
ويحتمل الفرق بين ما نص على النهي عنه كالعظم والروث، فلا يجزي
لخروجه صريحا عن مورد الرخصة، بخلاف (10) غيره كالمطعوم.
(ويجب) بالنصوص والاجماع (على المتخلي) وغيره، وتخصيصه
لأنه في بابه، وذكره فيه لأنه لا بد له من التكشف، والتخلي، هو التفرغ عن أحد
الحدثين. (ستر العورة (11) عن كل ناظر محترم، ولا ينافيه ما في بعض
الأخبار من تفسير قوله صلى الله عليه وآله: عورة المؤمن على المؤمن حرام (12) بإذاعة سره،
وتعييره بما

(1) في س و م و ك (كالتطهر).
(2) المبسوط: ج 1 ص 16.
(3) السرائر: ج 1 ص 96.
(4) المعتبر: ج 1 ص 132.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 19.
(6) في م و ص و س (الشارع).
(7) سنن الدارقطني: ج 1 ص 56 ح 9.
(8) المبسوط: ج 1 ص 17.
(9) زاد في ص و ك (مستخفا بمشرفها).
(10) ساقط من ك و ص و س و م.
(11) في القواعد والايضاح (العورتين).
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 336 ب 8 من أبواب آداب الحمام ح 1، نقلا بالمعنى.
214

يحفظ عليه من زلة. مع معارضته بما ينص من الأخبار (1) على تفسيره
بالظاهر من النظر إلى العورة، ويأتي تفسير العورة في الصلاة.
(ويحرم) عليه حين التخلي وفاقا (2) للمشهور (استقبال القبلة)
بمقاديم البدن لا بالفرج خاصة (واستدبارها) بالمآخير (مطلقا) في
الصحاري والبنيان، في المدينة المشرفة وغيرها، للإجماع على ما في الخلاف (3)
والغنية (4)، والاحتياط، والأخبار كقوله صلى الله عليه وآله: إذا أتى أحدكم إلى الغائط فلا
يستقبل القبلة [ولا يوليها ظهره (5). وفي خبر عيسى بن عبد الله الهاشمي: إذا دخلت
المخرج فلا تستقبل القبلة] (6) ولا تستدبرها، ولكن شرقوا أو غربوا (7). لوجوب
تعظيم القبلة، ولذا يجب استقبالها في الصلاة، ويحرم عند الجماع، بل لعن فاعله،
وكذا حرم عند استدبارها.
وكرههما المفيد مطلقا (8)، للأصل، وضعف أدلة الحرمة، مع قول محمد بن
إسماعيل في الصحيح: دخلت على أبي الحسن الرضا عليه السلام وفي منزله كنيف
مستقبل القبلة (9). ونظمها في الأخبار مع المندوبات، كقول الحسن عليه السلام: لا
تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها (10). وقول
الكاظم عليه السلام لأبي حنيفة: اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار
ومنازل النزال، ولا تستقبل القبلة بغائط ولا بول، وارفع ثوبك وضع حيث

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 368 ب 9 من أبواب آداب الحمام ح 4.
(2) في ص (خلافا).
(3) الخلاف: ج 1 ص 101 المسألة 48.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 487 س 23.
(5) كنز العمال: ح 27208 ج 9 ص 512.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 213 ب 2 من أبواب أحكام الخلوة ح 5.
(8) المقنعة: ص 39.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 213 ب 2 من أبواب أحكام الخلوة ح 7.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 213 ب 2 من أبواب أحكام الخلوة ح 6.
215

شئت (1).
وحرمهما سلا ر في الصحاري، وكرههما في البنيان جمعا (2).
وكره أبو علي الاستقبال في الصحاري ولم يذكر الاستدبار (3).
واحتمل في نهاية الإحكام اختصاص النهي [عن الاستدبار] (4) بالمدينة،
ونحوها مما يساويها جهة (5)، لاستلزامه استقبال بيت المقدس.
وقال الشهيد: هذا الاحتمال لا أصل له، والمتبادر ما قلناه من الاستقبال
بالمقاديم والاستدبار بالمآخير (6).
وفهم بعضهم (7) الاستقبال والاستدبار بالفرج (8)، وفي بعض الأخبار أنه صلى الله عليه وآله
نهى أن يبول الرجل وفرجه باد للقبلة (9).
ونص المفيد على الاستقبال بالوجه (10).
وأما قوله عليه السلام: لا تستقبل القبلة بغائط ولا بول (11) فيحتمل الباء فيه معنى
(في) وربما دل على النهي عن الاستقبال والاستدبار حين الاستنجاء، خبر عمار
سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يريد أن يستنجي كيف يقعد؟ قال: كما يقعد للغائط (12).
(و) يجب أن (ينحرف) إذا تخلى (في المبني عليهما) وفيه إشارة
إلى دفع الاحتجاج، للجواز بما وجد في بيت الرضا عليه السلام من كنيف مستقبل
القبلة (13). وقال رسول الله صلى الله عليه وآله في خبر عمرو بن جميع: من بال حذاء القبلة ثم

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 212 ب 2 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(2) المراسم: ص 32.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 266.
(4) في ص (بالاستدبار).
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 79.
(6) ذكرى الشيعة: ص 20 س 17.
(7) في م (بعض الأصحاب).
(8) الموجز الحاوي (الرسائل العشر): ص 39.
(9) مستدرك الوسائل: ب 2 من أبواب أحكام الخلوة ح 5 ج 1 ص 247.
(10) المقنعة: ص 39.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 212 ب 2 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 253 ب 37 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 213 ب 2 من أبواب أحكام الخلوة ح 7.
216

ذكر فانحرف عنها إجلالا للقبلة وتعظيما لها، لم يقم من مقعده حتى يغفر له (1).
(ويستحب ستر البدن) كله عن الناظر المحترم للاحتشام والتأسي،
وقوله صلى الله عليه وآله: من أتى الغائط فليستتر (2). وقول الكاظم عليه السلام لأبي حنيفة: يتوارى
خلف الجدار (3). وقول الصادق عليه السلام في خبر حماد: إن لقمان قال لابنه: إذا أردت
قضاء حاجتك فابعد المذهب في الأرض (4).
وفي بعض الكتب روينا عن بعضهم: أنه أمر بابتناء مخرج في الدار،
فأشاروا إلى موضع غير مستتر من الدار، فقال: يا هؤلاء، إن الله عز وجل لما خلق
الانسان خلق مخرجه في أستر موضع منه، وكذلك ينبغي أن يكون المخرج في
أستر موضع في الدار (5).
(وتغطية الرأس) اتفاقا، كما في المعتبر (6) والذكرى (7). ولقوله صلى الله عليه وآله في
وصية أبي ذر: يا أبا ذر استحي من الله فإني والذي نفسي بيده لأظل حين أذهب
إلى الغائط متقنعا بثوبي استحياء من الملكين اللذين معي (8). ومرسل علي بن
أسباط، عن الصادق عليه السلام: كان إذا دخل الكنيف يقنع رأسه ويقول سرا في نفسه:
بسم الله وبالله (9).
وفي الفقيه: إقرارا بأنه غير مبرئ نفسه من العيوب (10). وفي المقنعة: إنه يأمن

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 214 ب 2 من أبواب أحكام الخلوة ذيل الحديث 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 215 ب 4 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 229 ب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 215 ب 4 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(5) مستدرك الوسائل: ج 1 ص 249 ب 4 من أبواب أحكام الخلوة ح 5.
(6) المعتبر: ج 1 ص 133.
(7) ذكرى الشيعة: ص 20 س 9.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 214 ب 3 من أبواب أحكام الخلوة ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 214 ب 3 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 24 ذيل الحديث 41.
217

به من عبث الشيطان، ومن وصول الرائحة الخبيثة (1) إلى دماغه، وأن فيه إظهار
الحياء من الله، لكثرة نعمه على العبد، وقلة الشكر منه (2).
(والتسمية) عند الدخول (3)، لما سمعته من خبر علي بن أسباط، عن
الصادق عليه السلام (4). وقوله عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا دخلت المخرج وأنك تريد
الغائط فقل: بسم الله وبالله (5)، الخبر. وفيما وجده الصدوق بخط سعد بن عبد الله
مسندا عنه عليه السلام: من كثر عليه السهو في الصلاة فليقل إذا دخل الخلا: بسم الله
وبالله، أعوذ بالله من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم (6). [وفي
صحيح معاوية بن عمار: إذا دخلت المخرج فقل: بسم الله وبالله اللهم أني أعوذ
بك من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم] (7)، وإذا خرجت فقل:
بسم الله وبالله والحمد لله الذي عافاني من الخبيث المخبث وأماط عني الأذى (8).
وقول أبي جعفر عليه السلام لجماعة سألوه عن حد الخلا: إذا دخل الخلا قال: بسم الله،
الخبر (9). وعند التكشف لقوله صلى الله عليه وآله في صحيح محمد بن الحسين: إذا انكشف
أحدكم لبول أو غير ذلك فليقل: بسم الله (10)، فإن الشيطان يغض بصره (11). ونحوه
عن أمير المؤمنين عليه السلام (12) وأبي جعفر الباقر عليه السلام (13).

(1) في م و س (القبيحة الخبيثة).
(2) المقنعة: ص 39.
(3) في ص و ص (الدخول والخروج).
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 214 ب 3 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(5) مستدرك الوسائل: ج 1 ص 252 ب 5 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 2 ح 42.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 216 ب 5 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(9) مستدرك الوسائل: ج 1 ص 252 ب 5 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(10) زاد في ص (وبالله).
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 217 ب 5 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 218 ب 5 من أبواب أحكام الخلوة ذيل الحديث 9.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 217 ب 5 من أبواب أحكام الخلوة ح 9.
218

(وتقديم اليسرى دخولا واليمنى خروجا) ذكره الصدوقان (1)
والشيخان (2) وغيرهم (3)، وعللوه بالافتراق بين دخول الكنيف ودخول المسجد.
ثم إنه إنما يتحقق في البناء، وإن لم يكن فليقدم اليسرى إلى الموضع الذي يجلس
فيه عند الجلوس، وليقدم اليمنى عند الانصراف، كما في نهاية الإحكام (4).
(والدعاء عندهما) أي عند الدخول بقوله بعد التسمية نحو ما في صحيح
معاوية بن عمار (5)، وما وجده الصدوق بخط سعد بن عبد الله (6).
وعند الخروج بنحو ما في صحيح معاوية بن عمار (7) أو قوله: الحمد لله الذي
رزقني لذته، وأبقى قوته في جسدي، وأخرج عني أذاه يا لها من نعمة يا لها من
نعمة يا لها من نعمة لا يقدر القادرون قدرها.
وعند التخلي بنحو قوله: الحمد لله الذي أطعمني طيبا في عافية وأخرجه مني
خبيثا في عافية.
وعند النظر إلى ما يخرج منه بقوله: اللهم ارزقني الحلال وجنبني الحرام.
وعند رؤية الماء بقوله: الحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا.
(وعند الاستنجاء) بقوله: اللهم حصن فرجي وأعفه، واستر عورتي،
وحرمني على النار، ووفقني لما يقربني منك يا ذا الجلال والاكرام. (و) عند
(الفراغ منه) بقوله وهو يمسح بطنه بيده: الحمد لله الذي أماط عني الأذى،
وهنأني طعامي وشرابي، وعافاني من البلوى. وسيأتي فيه كلام.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 24 ذيل الحديث 41، والمقنع: ص 3.
(2) المقنعة: ص 39 و 40، والمبسوط: ج 1 ص 18.
(3) المعتبر: ج 1 ص 134، وذكرى الشيعة: ص 20 س 8.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 81.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 216 ب 5 من أبواب أحكام الخلوة: ح 1.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 25 ح 42.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 216 ب 5 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
219

وإطلاق الدعاء على التحميدات، إما تغليب، أو بمعنى الذكر والتسمية، أو لأنه
يدعو إلى زيادة النعم.
(والاستبراء في البول)، كما هو المشهور، للأخبار، مع أصل عدم
الوجوب، وظهور (1) حصول الطهارة بالاستنجاء من البول من غير استبراء، بحيث
يصح معه الصلاة ونحوها. وإنما يجب حينئذ إعادة الاستنجاء إن ظهر بعده بلل
مشتبه.
وأوجبه ابنا زهرة (2) وحمزة (3)، لظاهر الأمر في الأخبار، وقوله صلى الله عليه وآله: إن
أحدكم يعذب في قبره فيقال: إنه لم يكن (4) يستبرئ عند بوله (5). وهو مع الضعف
يحتمل التطهر. وإنما يتحقق الخلاف إن لم يريا طهارة المحل بدون الاستبراء، فإن
رأياها فلا معنى للوجوب، إلا وجوب إعادة الاستنجاء والوضوء إن ظهر بلل
مشتبه، وهو اتفاقي فيرتفع الخلاف.
وإنما الاستبراء (للرجل) للأصل مع انتفاء النص لها.
وقال أبو علي: إذا بالت تنحنحت بعد بولها (6). وفي المنتهى (7) ونهاية
الأحكام (8) التعميم لها من غير تعرض لكيفية استبرائها، وينبغي أن يكون عرضا.
وفي خروج البلل المشتبه منها بعد استنجائها من غير استبراء وجهان، أقربهما
عدم الالتفات، وإن استحب لها الاستبراء.
ويستبرئ الرجل (بأن يمسح) بإصبعه الوسطى بقوة ذكره (من المقعدة
إلى أصل القضيب ثلاثا) ويضع مسحته تحت القضيب وإبهامه فوقه، (و)
يمسح باعتماد قوي (منه) أي أصله (إلى رأسه) أي يعصره بقوة (ثلاثا

(1) في م و س (من ظهور).
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 487 س 24.
(3) الوسيلة: ص 47.
(4) ساقط من م و س.
(5) مستدرك الوسائل: ب 18 من أبواب أحكام الخلوة ح 4 ج 1 ص 270 نحوه.
(6) كما في ذكرى الشيعة: ص 20 س 35.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 42 س 32.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 81.
220

وينتره) أي يجذب القضيب من أصله إلى رأسه بقوة (ثلاثا) بمعنى أن يجمع
بين عصره ونتره ثلاثا، أي لا يعصر بلا جذب ولا يجذب بلا عصر. فالمجموع
ست مسحات، ثلاث منها غمز قوي بين المقعدة وأصل القضيب، وثلاث منها عصر
قوي مع جذب للقضيب بتمامه، وهو موافق لكلامه في سائر كتبه، وإن قال في
التحرير: ثم ينتره بلفظة (ثم) (1).
ويوافق قول الصدوق في الهداية: مسح بإصبعه من عند المقعدة إلى الأنثيين
ثلاث مرات، [ثم ينتر ذكره ثلاث مرات (2)] (3) وكلام الشيخين (4) وبني زهرة (5)
وحمزة (6) وإدريس (7) وسعيد (8)، إلا أن المفيد اكتفى بأربع مسحات، فقال:
فليمسح بإصبعه الوسطى تحت أنثييه إلى أصل القضيب مرتين أو ثلاثا، [ثم يضع
مسبحته تحت القضيب وإبهامه فوقه ويمرهما (9) عليه باعتماد قوي من أصله إلى
رأس الحشفة مرتين أو ثلاثا (10)] (11).
ولا فرق بينه وبين المسح تسع مسحات، ثلاثا من عند المقعدة إلى الأنثيين،
وثلاثا من عندهما إلى الحشفة، وعصر الحشفة ثلاثا كما لا يخفى.
وعن علي بن بابويه (12) الاقتصار على مسح ما تحت الأنثيين ثلاثا، لقول
الصادق عليه السلام في حسن عبد الملك: إذا بال فخرط (13) ما بين المقعدة والأنثيين
ثلاث مرات، وغمز ما بينهما، ثم استنجى، فإن سال حتى يبلغ السوق فلا
يبالي (14).

(1) تحرير الأحكام: ص 13 س 3.
(2) الهداية: ص 16.
(3) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(4) المقنعة: ص 40، والمبسوط: ج 1 ص 17.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 487 س 24.
(6) الوسيلة: ص 47.
(7) السرائر: ج 1 ص 96.
(8) الجامع للشرائع: ص 28.
(9) في س (ويمر بهما).
(10) المقنعة: 40.
(11) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(12) لم نعثر على رسالته.
(13) في م و س (غمز).
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 200 ب 13 من أبواب نواقض الوضوء ح 2.
221

بناء على عود ضمير (ما بينهما) إلى المقعدة والأنثيين، ويمكن عوده
على (الأنثيين) والكناية عن الذكر، فيوافق ما قلناه.
وعن السيد الاقتصار على نتر القضيب من أصله إلى طرفه ثلاثا (1)، لقول
الصادق عليه السلام في صحيح حفص بن البختري في الرجل يبول، قال: ينتره ثلاثا، ثم
إن سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي (2). بناء على عود الضمير إلى الذكر، ويحتمل
العود إلى البول، أي يجذب البول بقوة حتى يخرج ما بقي في المحل، فلا يخالف
ما قلناه. وكلام السيد يحتمل أن يريد بأصله ما عند المقعدة، فيوافق ما قلناه.
وإذا جعلنا أصل الذكر من هناك، احتمل الخبر الموافقة لما قلناه وإن عاد
الضمير إلى الذكر. ونحوه كلام القاضي في المهذب، إلا أنه اكتفى بمرتين فقال:
يجذب القضيب من أصله إلى رأس الحشفة دفعتين أو ثلاثا، ويعصرها - يعني
الحشفة - (3).
وقال أبو جعفر عليه السلام لمحمد بن مسلم في الحسن: يعصر أصل ذكره إلى طرفه
ثلاث عصرات وينتر طرفه، فإن خرج بعد ذلك شئ فليس من البول، ولكنه من
الحبائل (4). فإن فهمنا من أصل الذكر ما عند المقعدة وافق ما قلناه، وطرفه يحتمل
الحشفة أي طرف الذكر، ويحتمل الذكر نفسه، وعود ضميره إلى (الرجل) فإن
الطرفين اللسان والذكر.
(فإن وجد بللا بعده) أي بعد (5) الاستبراء (مشتبها) بالبول (لم
يلتفت) إليه اتفاقا، كما هو الظاهر، ونطق به ما مر من الأخبار.
وأما خبر الصفار، عن محمد بن عيسى قال: كتب إليه رجل هل يجب الوضوء

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 134.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 200 ب 13 من أبواب نواقض الوضوء ح 3.
(3) المهذب: ج 1 ص 41.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 225 ب 11 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(5) زيادة من ط.
222

مما خرج من الذكر بعد الاستبراء؟ فكتب: نعم (1). [فمع الضعف يحتمل إرادة
السائل هل يجب كون الوضوء بعد الاستبراء، فكتب: نعم] (2).
والوجوب: إما بمعنى تأكد الاستحباب، أو بمعنى أنه إن توضأ قبله فظهر بلل
مشتبه انتقض الوضوء.
واحتمل الشيخ التقية واستحباب الوضوء عن الخارج بعد الاستبراء (3).
والمصنف في المنتهى: أن يكون المجيب فهم أن الخارج بول (4).
(ولو لم يستبرئ) ووجد بللا مشتبها (أعاد الطهارة) أي الوضوء إن
فعله قطع به الشيخ في المبسوط (5) وبنو إدريس (6) وسعيد (7) وجماعة ونفى عنه
الخلاف في السرائر (8)، وقد يفهم من الأخبار المتقدمة، ويؤيده الاستصحاب
وغلبة الظن بكون الخارج من بقية البول أو اختلاطه بها. ولا يصح المعارضة
بالأصل واستصحاب الطهارة، فإن الظاهر هنا رجح على الأصل.
(ولو وجده) أي البلل المشتبه غير المستبرئ (بعد الصلاة أعاد
الطهارة) أي الوضوء (خاصة) دون الصلاة، لأن العبرة بالظهور إلى الخارج
لا الانتقال، فهو بول متجدد بعد الصلاة (9).
(وغسل الموضع) على التقديرين، فالأولى كون (غسل) ماضيا مفعوله
(الموضع) معطوفا على (أعاد) ولو لم يذكره أمكن تعميم الطهارة له، لكنه أراد
التنصيص على الحكم بنجاسة الخارج، وكونه بولا.
(و) يستحب (مسح بطنه عند الفراغ) من الاستنجاء والقيام بيده

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 202 ب 13 من أبواب نواقض الوضوء ح 9.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ص و م.
(3) الإستبصار: ج 1 ص 49 ذيل الحديث 138.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 42 س 28.
(5) المبسوط: ج 1 ص 17 - 18.
(6) السرائر: ج 1 ص 97.
(7) الجامع للشرائع: ص 28.
(8) السرائر: ج 1 ص 97.
(9) في م (الوضوء).
223

اليمنى، كما في المقنعة (1) والمراسم (2)، وأطلق في الفقيه (3) والهداية (4) والنهاية (5)
والاقتصاد (6) والمصباح (7) ومختصره (8) والمهذب (9) والوسيلة (10) والجامع (11) كما
هنا وفي التحرير (12) ونهاية الإحكام (13).
ثم قال المفيد: فإذا فرغ [من الاستنجاء] (14) فليقم ويمسح بيده اليمنى بطنه،
وليقل: الحمد لله الذي أماط عني الأذى وهنأني طعامي وعافاني من البلوى،
الحمد لله الذي رزقني ما اغتذيت به، وعرفني لذته، وأبقى في جسدي قوته،
وأخرج عني أذاه، يا لها نعمة، يا لها نعمة، يا لها نعمة، لا يقدر القادرون قدرها، ثم
يقدم رجله اليمنى قبل اليسرى لخروجه (15). ونحوه في المراسم (16)، وكذا القاضي
ذكر الدعاء بتمامه عند المسح (17)، ولم يذكر عند (18) الخروج هنا.
وفي المصباح بعد الاستنجاء: ثم يقوم من موضعه، ويمر يده على بطنه،
ويقول: الحمد لله الذي أماط عني الأذى، وهنأني طعامي وشرابي، وعافاني من
البلوى، فإذا أراد الخروج من الموضع الذي تخلى فيه أخرج رجله اليمنى قبل
اليسرى، فإذا خرج قال: الحمد لله الذي عرفني لذته، إلى آخر ما مر (19).
ونحوه في مختصره (20) والاقتصاد (21)، وهو موافق لخبر أبي بصير، عن

(1) المقنعة: ص 40.
(2) المراسم: ص 33.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 24 ح 40.
(4) الهداية: ص 16.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 216.
(6) الإقتصاد: ص 241.
(7) مصباح المتهجد: ص 6.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) المهذب: ج 1 ص 41.
(10) الوسيلة: ص 48.
(11) الجامع للشرائع: ص 26.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 7 س 22.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 80.
(14) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(15) المقنعة: ص 40.
(16) المراسم: ص 33.
(17) المهذب: ج 1 ص 41.
(18) زيادة من م و س.
(19) مصباح المتهجد: ص 6.
(20) لا يوجد لدينا.
(21) الإقتصاد: ص 241.
224

أحدهما عليهما السلام في الذكر عند الفراغ (1). وخبر عبد الله بن ميمون القداح، عن
الصادق عليه السلام في الذكر عند الخروج (2)، وإن لم يكن في الأول مسح على البطن،
ولا في الثاني تقديم للرجل اليمنى، وفي الأول بعض ما ذكر من الذكر.
وقريب منه كلام المقنع ففيه: فإذا فرغت من حاجتك فقل: الحمد لله الذي
أماط عني الأذى وهنأني طعامي وشرابي وعافاني من البلوى، وظاهره أنه قبل
الاستنجاء، ثم قال: وإذا أردت الخروج من الخلا فأخرج رجلك اليمنى قبل
اليسرى وقل: الحمد لله على ما أخرج عني الأذى في يسر وعافية، يا لها نعمة (3)،
ولم يذكر مسح البطن.
وفي الهداية: وعلى الرجل إذا فرغ من حاجته أن يقول: الحمد لله الذي أماط
عني الأذى، وهنأني الطعام، وعافاني من البلوى. قال: فإذا أراد الاستنجاء مسح
بإصبعه - إلى أن قال: - فإذا أراد الخروج من الخلا فليخرج رجله اليمنى قبل
اليسرى، ويمسح يده على بطنه، ويقول: الحمد لله الذي عرفني لذته... إلى
آخر ما مر (4).
وفي الفقيه: وكان عليه السلام - يعني أمير المؤمنين عليه السلام - إذا دخل الخلا يقول:
الحمد لله الحافظ المؤدي، فإذا خرج مسح بطنه وقال: الحمد لله الذي أخرج عني
أذاه، وأبقى في قوته، فيا لها من نعمة، لا يقدر القادرون قدرها (5).
(ويكره استقبال الشمس والقمر بفرجه) لا بمقاديمه أو (6) مآخيره
(في الحدثين) لنهي النبي صلى الله عليه وآله أن يبول الرجل وفرجه باد للشمس أو القمر (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 216 ب 5 من أبواب أحكام التخلي ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 216 ب 5 من أبواب أحكام التخلي ح 3.
(3) المقنع: ص 3.
(4) الهداية: ص 16.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 24 ح 40.
(6) من س و ص (و).
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 241 ب 25 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
225

وفي خبر السكوني نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يستقبل الرجل الشمس والقمر بفرجه
وهو يبول (1). وأرسل في الكافي في الغائط: لا تستقبل الشمس ولا القمر (2). وفي
الفقيه: لا تستقبل الهلال ولا تستدبره (3). ولظواهرها حرمه المفيد (4).
وحرم الصدوق في الهداية الجلوس للبول أو الغائط مستقبل الهلال أو
مستدبره (5)، ولم يذكر الشمس. ويمكن أن يريد الاستقبال عند البول والاستدبار
عند الغائط.
ونهى سلا ر عن استقبال النيرين بالفرج عند البول، وقال في الغائط: وقد قيل:
إنه لا يستدبر الشمس ولا القمر ولا يستقبلهما (6)، وذلك لافتراقهما بكثرة النص
المسند في البول دون الغائط، ولذا اقتصر الشيخ في الإقتصاد (7) والجمل (8)
والمصباح (9) ومختصره (10) وابن سعيد (11) على البول، ويحتمله كلام (12) الإرشاد (13)
والبيان (14) والنفلية (15).
وجعل الغائط في الذكرى محمولا على البول، قال: وربما روي بفرجه
فيشملهما (16). ولما كان الأصل الإباحة وتضمن أكثر الأخبار الفرج اقتصر الأكثر
على الاستقبال به. ويمكن تنزيل كلام من أطلق عليه، وكذا تنزيل المطلق من
الأخبار كالمرسلين.
فلو استتر فرجه عن النيرين بحائل من كف أو غيم أو غيرهما لم يكره، كما

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 241 ب 25 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(2) الكافي: ج 3 ص 15 ح 3.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 26 ح 48.
(4) المقنعة: ص 42.
(5) الهداية: ص 15.
(6) المراسم: ص 33 و 32.
(7) الإقتصاد: ص 241.
(8) الجمل والعقود: ص 37.
(9) مصباح المتهجد: ص 6.
(10) لا يوجد لدينا.
(11) الجامع للشرائع: ص 26.
(12) زيادة من ط.
(13) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 222.
(14) البيان: ص 6.
(15) الألفية والنفلية: ص 91.
(16) ذكرى الشيعة: ص 20 س 19.
226

نص عليه في المنتهى (1) ونهاية الإحكام، قال: لأنه لو استتر عن القبلة بالانحراف
جاز، فهاهنا أولى (2).
ولا يكره الاستدبار كما نص عليه في نهاية الإحكام، للأصل من غير
معارض، ومعناه الاستدبار عند البول والاستقبال عند الغائط مع ستر القبل. وفي
شرح الإرشاد لفخر الاسلام الاجماع عليه (3). وعبارة الهداية (4) يحتمل ما عرفت،
وكذا ما أرسل في الفقيه (5). وفي الذكرى احتمال كراهته للمساواة في الاحترام (16)،
وهو ممنوع.
(و) يكره (استقبال الريح بالبول) لئلا ترده عليه، ولذا خص المصنف
البول كغيره، ولكن سئل أبو الحسن عليه السلام في مرفوع محمد بن يحيى: ما حد
الغائط؟ فقال: لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها (17).
وكذا أرسل عن الحسن بن علي عليهما السلام (18)، وهما إما مختصان بالغائط أو يعمان
الحدثين، ولذا أطلق الشهيد في اللمعة (19) والذكرى (10) والدروس (11).
وفي علل محمد بن علي بن إبراهيم بن هاشم: ولا تستقبل الريح لعلتين:
أحدهما: أن الريح يرد البول فيصيب الثوب وربما لم يعلم الرجل ذلك، أو لم يجد
ما يغسله. والعلة الثانية: أن مع الريح ملكا فلا تستقبل بالعورة (12).
والخبران يحتملان الاستقبال عند البول والاستدبار عند الغائط، ومرجعهما

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 40 س 22.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 82.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) الهداية: ص 15.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 26 ح 47.
(6) ذكرى الشيعة: ص 20 س 19.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 213 ب 2 من أبواب الخلوة ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 213 ب 2 من أبواب الخلوة ح 6.
(9) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 339.
(10) ذكرى الشيعة: ص 20 س 19.
(11) الدروس: ج 1 ص 89 درس 2.
(12) مستدرك الوسائل: ب 2 من أبواب أحكام الخلوة ح 2 ج 1 ص 246.
227

جميعا الاستقبال بالحدث. وفي نهاية الإحكام: بناء على التخصيص بالبول،
والظاهر أن المراد بالنهي عن الاستدبار حالة خوف الرد إليه (1).
(و) يكره (البول في) الأرض (الصلبة) لئلا يرد إليه، قال
الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان: كان رسول الله صلى الله عليه وآله أشد الناس توقيا من
البول، وكان إذا أراد البول تعمد إلى مكان مرتفع من الأرض، أو إلى مكان من
الأمكنة يكون فيه التراب الكثير، كراهية أن ينضح عليه البول (2).
وعن سليمان الجعفري قال: بت مع الرضا عليه السلام في سفح جبل، فلما كان آخر
الليل قام فتنحى وصار على موضع مرتفع فبال وتوضأ وقال: من فقه الرجل أن
يرتاد لموضع بوله (3).
(و) يكره البول (قائما)، وفي الهداية: لا يجوز (4)، فعنه صلى الله عليه وآله: أنه من
الجفاء (5)، وعن الصادق عليه السلام: إنه يتخوف عليه أن يلتبس به الشيطان، أي
يخبله (6). وفي صحيح محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام من تخلى على قبر أو
بال قائما - إلى أن قال: - فأصابه شئ من الشيطان لم يدعه إلا أن يشاء الله (7).
وفي نهاية الإحكام: والأقرب أن العلة هي التوقي من البول، فلو كان في حال
لا يفتقر إلى الاحتراز منه كالحمام زالت الكراهة (8)، وفيه نظر. وقيل باختصاص
الكراهة بغير حالة الاطلاء (9)، لأن الصادق عليه السلام سئل في مرسل ابن أبي عمير عن

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 82.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 238 ب 22 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 238 ب 22 من أبواب أحكام الخلوة ح 3.
(4) الهداية: ص 16.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 248 ب 33 من أبواب أحكام الخلوة ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 249 ب 33 من أبواب أحكام الخلوة ح 7.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 231 ب 16 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 83.
(9) لم نعثر عليه.
228

الرجل يطلي فيبول وهو قائم، قال: لا بأس (1).
(ومطمحا) به أي رميه في الهواء، وفي الهداية: لا يجوز (2)، فعنه صلى الله عليه وآله
النهي عنه من السطح أو الشئ المرتفع (3)، ولذا قيد بهما في المقنع (4)، وبالسطح في
الذكرى (5)، وأطلق الأكثر كما هنا، لقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر أبي بصير
ومحمد بن مسلم المروي في الخصال: إذا بال أحدكم فلا يطمحن ببوله (6).
(وفي الماء جاريا وراكدا) وفاقا للأكثر، لنحو قول أبي جعفر عليه السلام في
حسن (7) أبي بصير المحكي عن جامع البزنطي: لا تشرب وأنت قائم، ولا تنم
وبيدك ريح الغمز، ولا تبل في الماء، ولا تخل على قبر، ولا تمش في نعل واحدة،
فإن الشيطان أسرع ما يكون على بعض هذه الأحوال، وقال: ما أصاب أحدا على
هذه الحال فكاد يفارقه إلا أن يشاء الله (8). وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر أبي
بصير ومحمد بن مسلم المروي في الخصال: لا يبولن الرجل من سطح في الهواء،
ولا يبولن في ماء جار، فإن فعل ذلك فأصابه شئ فلا يلومن إلا نفسه، فإن للماء
أهلا وللهواء أهلا (9).
وفي خبر مسمع: نهى أن يبول الرجل في الماء الجاري إلا من ضرورة، وقال:
إن للماء أهلا (10).
وقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي الذي رواه الصدوق في العلل: ولا تبل

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 248 ب 33 من أبواب الخلوة ح 2، و ج 1 ص 396 ب 37 من
أبواب آداب الحمام ح 1.
(2) الهداية: ص 15.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 248 ب 33 من أبواب أحكام الخلوة ح 1، و ص 249 ح 4.
(4) المقنع: ص 3.
(5) ذكرى الشيعة: ص 20 س 26.
(6) الخصال: ص 41 في حديث الأربعمائة.
(7) في ط و ص (خبر).
(8) مستدرك الوسائل: ج 1 ص 264 ب من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(9) الخصال: ص 613 في حديث الأربعمائة.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 240 ب 24 من أبواب أحكام الخلوة ح 3.
229

في ماء نقيع، فإنه من فعل فأصابه شئ فلا يلومن إلا نفسه (1). وقول أبي
جعفر عليه السلام في صحيح محمد بن مسلم: من تخلى على قبر أو بال قائما أو بال في
ماء قائم - إلى قوله: - فأصابه شئ من الشيطان، لم يدعه إلا أن يشاء الله (2).
وفي مناهي النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى أن يبول أحد في الماء الراكد، فإن منه يكون
ذهاب العقل (3). وروي أن البول في الراكد يورث النسيان (4)، وأنه من الجفاء (5).
وفي شرح الإرشاد لفخر الاسلام إنه فيه يورث الحصر، وفي الجاري السلس (6).
وفي الهداية عليهم السلام إنه لا يجوز في الراكد، ولا بأس في الجاري (7)، وكذا علي بن
بابويه نهى عن البول في الراكد، ونفى البأس عنه في الجاري (8)، لقول
الصادق عليه السلام في صحيح الفضل: لا بأس بأن يبول الرجل في الماء الجاري، وكره
أن يبول في الماء الراكد (9).
ويمكن أن يراد نفي البأس من جهة التنجيس أو التقدير، وإن كرهه من جهة
أخرى. ويحتمله كلام الصدوقين [من جهة أخرى] (10)، ولما كانت نصوص الراكد
أكثر، واختص بالتقدير أو التنجيس.
قال سلا ر: وكراهة بوله في جاري المياه دون كراهته في راكده (11)،
وكذا في المنتهى (12) ونهاية الإحكام (13) والجامع (14) والبيان (15) والنفلية (16)

(1) علل الشرائع: ص 283 ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 231 ب 16 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 240 ب 24 من أبواب أحكام الخلوة ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 240 ب 24 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(5) دعائم الاسلام: ج 1 ص 104.
(6) لا يوجد لدينا.
(7) الهداية: ص 15.
(8) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 20 س 21.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 107 ب 5 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(10) زيادة من ط.
(11) المراسم: ص 33.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 40 س 35.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 83.
(14) الجامع للشرائع: ص 26.
(15) البيان: ص 7.
(16) الألفية والنفلية: ص 91.
230

والدروس (1)، ويحتمله صحيح الفضل.
وفي المقنعة: إنه لا يجوز في الراكد، ولا بأس به في الجاري، واجتنابه
أفضل (2).
وفي نهاية الإحكام: وبالليل أشد، لما قيل: من أن الماء بالليل للجن، فلا يبال
فيه، ولا يغتسل حذرا من إصابة آفة من جهتهم (3).
ثم الأخبار في البول، ولذا اقتصر عليه المصنف في كتبه (4) كالمحقق (5).
وألحق الشيخان والأكثر به الغائط (6)، وفي الذكرى: إنه من باب الأولى (7).
وسوى المفيد بين الجاري والراكد في عدم جواز التغوط فيهما (8). وكذا سلا ر
في النهي عنه (9).
قيل: ولا يبعد أن يقال: الماء المعد في بيوت الخلا لأخذ النجاسة واكتنافها،
كما يوجد في الشام وما جرى مجراها من البلاد الكثيرة الماء، لا يكره قضاء
الحاجة فيه (10)، وفيه نظر.
(و) يكره (الحدث في الشوارع) وهي: الطرق النافذة،
(والمشارع) وهي: موارد المياه كرؤوس الآبار وشطوط الأنهار.
وفي الهداية (11) والمقنعة: لا يجوز التغوط فيهما (12).
(ومواضع اللعن) كل ذلك لتأذي الناس، وتعريض المحدث للسب واللعن
والدعاء عليه. ونهى النبي صلى الله عليه وآله في خبر السكوني: أن يتغوط على شفير بئر ماء

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 89 درس 2.
(2) المقنعة: ص 41.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 83.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 83، ومنتهى المطلب: ج 1 ص 40 س 35، وتحرير الأحكام:
ص 7 س 15.
(5) المعتبر: ج 1 ص 137.
(6) المقنعة: ص 41، والمبسوط: ج 1 ص 18.
(7) ذكرى الشيعة: ص 20 س 22.
(8) المقنعة: ص 41.
(9) المراسم: ص 32.
(10) مدارك الأحكام: ج 1 ص 180.
(11) الهداية: ص 15.
(12) المقنعة: ص 41.
231

يستعذب منها، أو نهر يستعذب، أو تحت شجرة فيها ثمرتها (1).
ونحو قول الصادق عليه السلام في صحيح عاصم بن حميد: قال رجل لعلي بن
الحسين عليهما السلام: أين يتوضأ الغرباء؟ قال: يتقي شطوط الأنهار، والطرق النافذة،
وتحت الأشجار المثمرة، ومواضع اللعن. قيل له: وأين مواضع اللعن؟ قال: أبواب
الدور (2).
ثم الخبر فسر مواضع اللعن بما سمعته، وبه فسر في التذكرة (3). والظاهر
عمومها لكل ما يعرض الحدث فيه المحدث للعن، وكون ما في الخبر للتمثيل.
(وتحت) الأشجار (المثمرة) لنحو ما مر من صحيح عاصم بن حميد،
وخبر السكوني، وقول الكاظم عليه السلام لأبي حنيفة: إجتنب أفنية المساجد وشطوط
الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزال (4). وقول الصادق عليه السلام في خبر السكوني:
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتغوط تحت شجرة [فيها ثمرتها (5). ونحوه في خبر
الحصين بن مخارق (6). وفي خبر آخر: إنه صلى الله عليه وآله كره أن يحدث الرجل تحت
شجرة] (7) قد أينعت أو نخلة قد أينعت (8). وهي تقصر الكراهة على حال الأثمار.
ويؤكده ما روي في الفقيه (9) وفي العلل (10) صحيحا عن أبي جعفر عليه السلام: من
أن العلة في الكراهة تأذي الملائكة الموكلين بالثمار. ويمكن التعميم بناء على
عموم

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 228 ب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 228 ب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 12 السطر الأخير.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 228 ب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 228 ب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 229 ب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 6.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 230 ب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 11.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 32 ح 63.
(10) علل الشرائع: ص 278 ح 1.
232

المثمرة لما من شأنه الأثمار.
وأما احتمال بقاء عين النجاسة أو نجاسة الأرض إلى الأثمار فلا مدخل له
هنا، لجواز التطهير بعد الحدث، وإن (1) قلنا أن علة الكراهة عند الأثمار تنجس
الثمرة. لاحتمال سقوطها قبل التطهير. ثم مساقط الثمار في الخبر الثالث يفسر
التحت في سائر الأخبار بها.
وفي الفقيه (2) والهداية (3) والمقنعة: إنه: لا يجوز التغوط تحتها (4).
(و) يكره (في في النزال) أي المواضع التي ينزلونها غالبا، والغالب
فيها أن تكون ذوات أظلال، والغالب نزولهم بعد العصر، فلذا عبر بألفي. أو المراد
ما يفيئون ويرجعون إليه من المنازل. والمستند مع التأذي، وكونه من مواضع
اللعن، نحو ما مر من قول الكاظم عليه السلام لأبي حنيفة (5)، وقوله صلى الله عليه وآله في خبر إبراهيم
بن أبي زياد الكرخي: ثلاثة من فعلهن ملعون: المتغوط في ظل النزال، والمانع
الماء المنتاب، وساد الطريق المسلوك (6).
وفي الهداية (7) والمقنعة (8) والفقيه (9): عدم جواز التغوط فيه.
(و) في (حجرة الحيوان) قطع به [أكثر الأصحاب] (10) وفي الهداية: إنه
لا يجوز البول فيها (11)، وقد روي النهي عنه صلى الله عليه وآله (12)، ولأن فيه إيذاء للحيوان،
وربما

(1) في م و س (و).
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 32 ذيل الحديث 62.
(3) الهداية: ص 15.
(4) المقنعة: ص 41.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 228 ب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 229 باب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(7) الهداية: ج 1 ص 15.
(8) المقنعة: ص 41.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 32 ذيل الحديث 62.
(10) في س (الأكثر).
(11) الهداية: ج 1 ص 15.
(12) سنن أبي داود: ج 1 ص 8 ح 29، وسنن البيهقي ج 1 ص 99.
233

تأذى به كما قيل: أن تأبط شرا جلس ليبول فإذا حية فلدغته (1). وقيل: إنها
مساكن للجن (2) ولذا قيل: إن سعد بن عبادة بال بالشام في حجر فاستلقى ميتا،
فسمعت الجن تنوح عليه بالمدينة وتقول:
نحن قتلنا سيد الخزرج سعد بن عبادة
ورميناه بسهمين فلم نخط فؤاده (3)
(والأفنية) أفنية الدور والمساجد والبساتين، أي السعة أمام أبوابها، أو ما امتد
من جوانبها، للتأذي واللعن. وما مر من قولي علي بن الحسين عليه السلام (4) والكاظم عليه السلام (5).
وفي المقنعة: لا يجوز التغوط في أفنية الدور (6)، وفي الهداية: إنه لا يجوز في
أبوابها (7). والظاهر اختصاص الكراهة في أفنية الدور والبساتين بغير المالك
والمأذون، وإلا أبيح، وبالحريم غير المملوك، وإلا حرم.
(و) في سائر (مواضع التأذي) كما نص عليه الشيخ (8) وابنا حمزة (9)
وإدريس (10). ثم التصريح بالحدث تنصيص على كراهة الحدثين جميعا في هذه
المواضع، وهو الظاهر الموافق للوسيلة (11) والجامع (12) والإشارة (13) والمبسوط (14)
والاقتصاد (15) وجمل الشيخ (16) ومصباحه (17) والمهذب (18)

(1) لم نعثر عليه.
(2) نقل القيل في ذكرى الشيعة: ص 20 س 20.
(3) أشار إلى هذا القول النووي في تهذيب الأسماء 1: 213 والكركي في جامع المقاصد 1:
104، وابن عبد البر في الاستيعاب 2: 599.
(4) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 1 ج 1 ص 228.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 228 ب 15 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(6) المقنعة: ص 41.
(7) الهداية: ج 1 ص 15.
(8) المبسوط: ج 1 ص 18.
(9) الوسيلة: ص 48.
(10) السرائر: ج 1 ص 95.
(11) الوسيلة: ص 48.
(12) الجامع للشرائع: ص 26.
(13) إشارة السبق: ص 70
(14) المبسوط: ج 1 ص 18.
(15) الإقتصاد: ص 241.
(16) الجمل والعقود: ص 37.
(17) مصباح المتهجد: ص 6.
(18) المهذب: ج 1 ص 40.
234

والغنية (1) والإصباح (2)
والنافع (3) والشرائع (4) في غير الحجرة، [فإنما كره] (5) فيها البول. ونحوها
التذكرة (6) والارشاد (7) والتلخيص (8) والتبصرة (9) والذكرى (10).
وفي الهداية: لا يجوز التغوط على شطوط الأنهار والطرق النافذة وأبواب
الدور [وفي النزال وتحت الأشجار المثمرة، ولا يجوز البول في حجر (11).
وفي المقنع: واتق شطوط الأنهار والطرق النافذة وتحت الأشجار المثمرة،
ومواضع اللعن، وهي: أبواب الدور (12)] (13)، وهو يعم الحدثين، ولم يتعرض فيه
للحجرة.
وفي النهاية: ولا يتغوط على شطوط الأنهار، ولا في المياه الجارية ولا
الراكدة، ولا يبولن فيهما، فإن بال في المياه الجارية أو تغوط فيها لم يفسد ذلك
الماء. ولا يتغوط أيضا في أفنية الدور ولا تحت الأشجار المثمرة، ولا مواضع
اللعن، ولا في النزال، ولا المواضع الذي يتأذى المسلمون بحصول النجاسة فيها،
ولا يطمح ببوله في الهواء، ولا يبولن في حجرة الحيوان (14).
وفي السرائر: ينبغي لمن أراد الغائط (15) أن يتجنب شطوط الأنهار، ومساقط
الثمار، والطرق النافذة، وفي النزال، وحجرة الحيوان، والمياه الجارية والراكدة،

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 487 س 21.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 426.
(3) مختصر النافع: ص 5.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 19.
(5) في م (فإنه يكره) وفي س (فإنما يكون).
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 12 س 41.
(7) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 222.
(8) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 264.
(9) تبصرة المتعلمين: ص 5.
(10) ذكرى الشيعة: ص 20 س 20.
(11) الهداية: ص 15.
(12) المقنع: ص 3.
(13) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 213.
(15) في م و س (الغائطان).
235

ولا يبولن فيهما، ولا في أفنية الدور، ولا في مواضع اللعن. وفي الجملة كل موضع
يتأذى به الناس (1).
وليس في المقنعة (2) إلا عدم جواز التغوط على المشارع والشوارع والأفنية،
وتحت الأشجار المثمرة، ومنازل النزال. وليس في الدروس إلا كراهة البول في
جميع ما في الكتاب، إلا أنه زاد: (التأذي) مكان (مواضع التأذي (3)، وهو ظاهر
النفلية (4).
(و) يكره - وفي المقنعة لا يجوز (5) - (السواك) أي الاستياك، إما لكونه
بمعناه، أو بحذف المضاف لكونه بمعنى المسواك، فاختلف أهل اللغة فيه.
(عليه) أي على حال التخلي، كما في المقنعة (6) والمراسم (7) والمهذب (8) وظاهر
المبسوط (9) والهداية (10) والمعتبر (11).
وأرسل الصدوق عن الكاظم عليه السلام: إن السواك على الخلا يورث البخر (12).
وظاهره ذلك.
وفي التهذيب: إنه في الخلا يورث البخر (13). فإن أريد بالخلاء التخلي كان
كذلك، وإن أريد به بيت الخلا أفاد الكراهة فيه وإن لم يكن على حال التخلي.
(والأكل والشرب) حال التخلي، كما هو صريح المصباح (14)
ومختصره (15) والمهذب (16) ونهاية الإحكام (17) والمنتهى (18) وظاهر

(1) السرائر: ج 1 ص 95.
(2) المقنعة: ص 41.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 89 درس 2.
(4) الألفية والنفلية: ص 91.
(5) المقنعة: ص 41.
(6) المقنعة: ص 41.
(7) المراسم: ص 33.
(8) المهذب: ج 1 ص 40.
(9) المبسوط: ج 1 ص 18.
(10) الهداية: ج 1 ص 16.
(11) المعتبر: ج 1 ص 137.
(12) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 52 ح 110.
(13) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 32 ح 85.
(14) مصباح المتهجد: ص 6.
(15) لا يوجد لدينا.
(16) المهذب: ج 1 ص 40.
(17) نهاية الإحكام: ج 1 ص 85.
(18) منتهى المطلب: ج 1 ص 41 س 30.
236

التذكرة (1)،
وأطلق في غيرها (2)، قالوا: لمهانة النفس.
وفحوى ما في الفقيه مرسلا: إن أبا جعفر عليه السلام دخل الخلا فوجد لقمة خبز
في القذر، فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك له وقال: يكون معك لآكلها إذا
خرجت (3). وأسند في عيون أخبار الرضا (4)، وفي صحيفة الرضا (5) عن الرضا عليه السلام
أن الحسين بن علي عليه السلام فعل ذلك.
(و) يكره - وفي الفقيه لا يجوز (6) - (الكلام) حالته كما في الفقيه (7)
والهداية (8) والمهذب (9) وجمل الشيخ (10) واقتصاده (11) والمنتهى (12) ونهاية
الأحكام (13) [وفي المبسوط (1711) والنهاية (14)] (15) والسرائر على (16) حال الغائط،
وأطلق في غيرها (17).
والمستند نحو قول الرضا عليه السلام في خبر صفوان: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يجيب
الرجل آخر وهو على الغائط، أو يكلمه حتى يفرغ (18). وقول الصادق عليه السلام في
خبر أبي بصير على ما في العلل: من تكلم على الخلا لم يقض حاجته (19)، وفي
خبر آخر إلى أربعة أيام (20).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 13 س 2.
(2) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 222.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 27 ح 49.
(4) عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 43 ح 154.
(5) صحيفة الرضا: ص 80 ح 176.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 31 ذيل الحديث 60.
(7) الهداية: ص 16.
(8) المهذب: ج 1 ص 40.
(9) الجمل والعقود: ص 37.
(10) الإقتصاد: ص 241.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 41 س 7.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 84.
(13) المبسوط: ج 1 ص 18.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 215.
(15) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(16) في م و س (يكره على).
(17) السرائر: ج 1 ص 97.
(18) وسائل الشيعة: ج 1 ص 218 ب 6 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(19) علل الشرائع: ج 1 ص 283.
(20) لم نعثر عليه في مظانه.
237

(إلا بالذكر) كما في الفقيه (1) والهداية (2) والمقنعة (3) وغيرها، فإنه حسن
على كل حال، كما روي أنه في التوراة التي لم تغير (4). وقال الصادق عليه السلام في خبر
الحلبي: لا بأس بذكر الله وأنت تبول، فإن ذكر الله حسن على كل حال، فلا تسأم
من ذكر الله (5). وفي خبر سليمان بن خالد: إن موسى عليه السلام قال: يا رب تمر بي
حالات أستحيي أن أذكرك فيها، فقال: يا موسى ذكري على كل حال حسن (6).
وإن أمكن أن يقال: المراد بالذكر في النفس، ولعموم كل ما دل على حسنه
ورجحانه وخروجه ظاهرا عن المتبادر من الكلام.
وفي النهاية (7) والمبسوط (8) والمصباح (9) ومختصره (10) والوسيلة: إنه يذكر
فيما بينه وبين نفسه (11).
وفي قرب الإسناد للحميري، عن مسعدة بن صدقة، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام
قال: كان أبي يقول: إذا عطس أحدكم وهو على خلا فليحمد الله في نفسه (12).
وفي الفقيه: وكان الصادق عليه السلام إذا دخل الخلا يقنع رأسه ويقول في نفسه:
بسم الله وبالله... الخبر (13).
وظاهر ذلك الاخطار بالبال من غير لفظ، ويمكن إرادة الاسرار، كما في
الإشارة (14).

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 28 ذيل الحديث 57.
(2) الهداية: ص 16.
(3) المقنعة: ص 40
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 219 ب 7 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 219 ب 7 من أبواب أحكام الخلوة ح 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 220 ب 7 من أبواب أحكام الخلوة ح 5.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 215.
(8) المبسوط: ج 1 ص 18.
(9) مصباح المتهجد: ص 6.
(10) لا يوجد لدينا.
(11) الوسيلة: ص 48.
(12) قرب الإسناد: ص 36.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 24 ح 41.
(14) إشارة السبق: ص 70.
238

(أو حكاية الأذان) كما في الفقيه (1) والهداية (2) والمراسم (3) والجامع (4)،
لقول أبي جعفر عليه السلام في الصحيح لمحمد بن مسلم: ولو سمعت المنادي ينادي
بالأذان وأنت على الخلا فاذكر الله عز وجل وقل كما يقول (5). وقول الصادق عليه السلام
في خبر أبي بصير: إن سمعت الأذان وأنت على الخلا فقل مثل ما يقول المؤذن (6).
وقال سليمان بن مقبل المديني لأبي الحسن الأول عليه السلام: لأي علة يستحب
للإنسان إذا سمع الأذان أن يقول كما يقول المؤذن وإن كان على البول والغائط؟
قال: إن ذلك يزيد في الرزق (7).
وفي النهاية (8) والمهذب (9) والوسيلة (10): إنه يقوله في نفسه. ونسب في
الذكرى (11) والدروس (12) جواز الحكاية إلى قول.
وقد يظهر من التذكرة (13) والمنتهى (14) ونهاية الاحكام (15) دخول الأذان في
الذكر، ولا يتم في الحيعلات، ولذا احتمل تبديلها بالحولقات.
(أو قراءة آية الكرسي) كما في النهاية (16) والمبسوط (17) والشرائع (18)،

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 28 ذيل الحديث 57.
(2) الهداية: ص 16.
(3) المراسم: ص 32.
(4) الجامع للشرائع: ص 27.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 221 ب 8 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 221 ب 8 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 221 ب 8 من أبواب أحكام الخلوة ح 3.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 215.
(9) المهذب: ج 1 ص 41.
(10) الوسيلة: ص 48.
(11) ذكرى الشيعة: ص 20 س 25.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 89 درس 2.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 13 س 2.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 41 س 10.
(15) نهاية الإحكام: ج 1 ص 84.
(16) النهاية ونكتها: ج 1 ص 215.
(17) المبسوط: ج 1 ص 18.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 19.
239

والجامع وفيه: فإنها عوذة (1)، والوسيلة ولكن يقيد فيما بينه وبين نفسه، قال: لئلا
يفوته شرف فضلها (2).
وقال الصادق عليه السلام لعمر بن يزيد في الصحيح، إذ سأله عن التسبيح في
المخرج وقراءة القرآن: لم يرخص في الكنيف أكثر من آية الكرسي ويحمد الله، أو
آية الحمد لله رب العالمين (3).
(أو طلب الحاجة المضر فوتها) إن لم يمكن بالإشارة أو التصفيق أو
نحوهما، فربما وجب، وهو واضح.
ويستثنى أيضا رد السلام إذا وجب، كما في المنتهى (4) ونهاية الإحكام (5)،
لعموم أدلة وجوبه، وحمد العاطس والتسميت، كما فيهما أيضا لكونهما من الذكر.
خلافا للشافعي في الثلاثة (6).
وسمعت الخبر في حمد العاطس والصلاة على النبي وآله إذا سمعه، كما في
المقنعة (7) والمراسم (8)، وهو على الوجوب كما في المقنعة ظاهر (9)، وبدونه يمكن
إدخالها في الذكر.
(و) يكره (طول الجلوس) فعن أمير المؤمنين عليه السلام أنه يورث
الباسور (10)، ونحوه عن لقمان (11)، وعنه أيضا أن مولاه دخل المخرج فأطال
الجلوس، فناداه لقمان: إن طول الجلوس على الحاجة يفجع الكبد، ويورث منه
الباسور، ويصعد الحرارة إلى الرأس، فأجلس هونا وقم هونا، فكتب حكمته على

(1) الجامع للشرائع: ص 27.
(2) الوسيلة: ص 48.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 220 ب 7 من أبواب أحكام الخلوة ذيل الحديث 7.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 41 س 15.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 84.
(6) لم أعثر عليه. ونقله عنه في منتهى المطلب: ج 1 ص 41 س 17.
(7) المقنعة: ص 40.
(8) المراسم: ص 32.
(9) المقنعة: ص 40.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 237 ب 20 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 236 ب 20 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
240

باب الحش (1).
(و) يكره - وفي الهداية (2) والنهاية (3) والمهذب: لا يجوز (4) - (الاستنجاء)
ومنه الاستجمار (باليمين) للنهي عنه في الأخبار. وفيها أنه من الجفاء (5)، وفيها
النهي عن مس الذكر باليمين (6)، وعنه صلى الله عليه وآله أنه كانت يمناه لطهوره وطعامه،
ويسراه لخلائه وما كان من أذى (7).
واستحب أن يجعل (8) اليمين لما علا من الأمور، واليسار لما دنى. ولا يدفعه
قول الصادق عليه السلام في خبر هارون بن حمزة: يجزيك من الغسل والاستنجاء ما
بلت يمينك (9). وهو في غاية الوضوح.
(وباليسار (10) وفيها خاتم) نقش (عليه) أو تحت فصه (اسم) من
أسماء (الله تعالى أو) أحد (أنبيائه أو الأئمة عليهم السلام) أئمتنا، ومنهم فاطمة،
أو أئمة سائر الأمم بشرط أن لا يتنجس، وإلا حرم كل ذلك، لاقتضاء العقل والنقل
احترام تلك الأسامي، لما فيه من احترام المسمى.
وقول الصادق عليه السلام في خبر عمار: لا يستنجي وعليه خاتم فيه اسم الله
تعالى، ولا يجامع وهو عليه، ولا يدخل المخرج وهو عليه (11). وقول أمير
المؤمنين عليه السلام فيما في الخصال من خبر أبي بصير ومحمد بن مسلم: من نقش على

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 237 ب 20 من أبواب أحكام الخلوة ح 5.
(2) الهداية: ص 16.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 215.
(4) المهذب: ج 1 ص 41.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 226 ب 12 من أبواب أحكام الخلوة ح 2 و 4 و 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 226 ب 12 من أبواب أحكام الخلوة ح 6.
(7) سنن أبي داود: ح 33 ج 1 ص 9.
(8) في ص (يكون).
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 227 ب 13 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(10) في جامع المقاصد (واليسا).
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 233 ب 17 من أبواب أحكام الخلوة ح 5.
241

خاتمه اسم الله عز وجل فليحوله عن اليد التي يستنجي بها في المتوضأ (1).
وما في العيون (2)، والأمالي للصدوق (3) من خبر الحسين بن خالد، قال
للرضا عليه السلام: الرجل يستنجي وخاتمه في إصبعه، ونقشه لا إله إلا الله؟ فقال: أكره
ذلك له، فقال: جعلت فداك أوليس كان رسول الله صلى الله عليه وآله وكل واحد من
آبائك: يفعل ذلك وخاتمه في إصبعه؟ قال: بلى، ولكن يتختمون في اليد
اليمنى، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم.
وما في قرب الإسناد للحميري من خبر علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن
الرجل يجامع ويدخل الكنيف وعليه الخاتم أو الشئ من القرآن، أيصلح ذلك؟
قال: لا (4).
وأما قول الصادق عليه السلام في خبر وهب بن وهب: كان نقش خاتم أبي (العزة لله)
وكان في يساره يستنجي بها، وكان نقش خاتم أمير المؤمنين عليه السلام (الملك لله)
وكان في يده اليسرى يستنجي بها (5). فمع تسليم السند، إنما يدل على جواز
التختم بذلك في اليسرى مع أنها يستنجي بها، ولا يدل على عدم التحويل عند
الاستنجاء، ولو سلم فغايته الجواز.
وفي الهداية: لا يجوز له أن يدخل الخلا ومعه خاتم عليه اسم الله، فإن دخل
وهو عليه فليحوله عن يده اليسرى إذا أراد الاستنجاء (6). وكذا في الفقيه بزيادة
مصحف من القرآن (7).

(1) الخصال: ص 612 في حديث الأربعمائة.
(2) عيون أخبار الرضا: ح 206 ج 2 ص 54.
(3) أمالي الصدوق: ص 369 المجلس السبعون ح 5.
(4) قرب الإسناد: ص 121.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 234 ب 17 من أبواب أحكام الخلوة ح 8.
(6) الهداية: ص 16.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 29 ذيل الحديث 58.
242

وفي المقنع: ولا تستنج وعليك خاتم عليه اسم الله حتى تحوله، وإذا كان عليه
اسم محمد فلا بأس بأن لا (1) تنزعه (2). ولعله لاشتراك الاسم وعدم التعيين له صلى الله عليه وآله.
ويحتمله خبر أبي القاسم قال للصادق عليه السلام: الرجل يريد الخلا وعليه خاتم
فيه اسم الله، فقال: ما أحب ذلك، قال: فيكون اسم محمد، قال: لا بأس (3). مع
ضعفه وعدم تضمنه الاستنجاء.
(أو) فيها خاتم (فصه من حجر زمزم) لخبر أحمد بن محمد بن
عيسى، عن علي بن الحسين بن عبد ربه قال: قلت له: ما تقول في الفص من
أحجار زمزم؟ قال: لا بأس به، ولكن إذا أراد الاستنجاء نزعه (4). قال الشهيد:
والمروي عنه وإن جهل لكن الظاهر أنه الإمام لافتاء الجماعة به. قال: وفي نسخة
الكافي للكليني، إيراد هذه الرواية بلفظ (من حجارة زمرد) وسمعناه
مذاكرة (5)، انتهى.
ودخول زمزم في المسجد ممنوع، فلا يحرم اخراج حجارته واتخاذ الفص
منها، ولو سلم [أمكن الاستثناء، ولو سلم] (6) فهو حكم آخر.
(فإن كان) في يساره أحد الخاتمين (حوله) عند الاستنجاء.
(فروع) أربعة:
(أ: لو توضأ قبل الاستنجاء) عمدا أو سهوا من البول أو الغائط (صح
وضوئه) وفاقا للمشهور، للأصل والأخبار، وهي كثيرة، كصحيح علي بن
يقطين: سأل الكاظم عليه السلام عن الرجل يبول فلا يغسل ذكره حتى يتوضأ وضوء

(1) ليس في ص.
(2) المقنع: ص 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 233 ب 17 من أبواب أحكام الخلوة ح 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 253 ب 36 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(5) ذكرى الشيعة: ص 20 س 29.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
243

الصلاة، قال: يغسل ذكره ولا يعيد وضوئه (1). وصحيح عمرو بن أبي نصر: سأل
الصادق عليه السلام أبول وأتوضأ وأنسى استنجائي ثم أذكر بعدما صليت، قال: إغسل
ذكرك وأعد صلاتك ولا تعد وضوءك (2).
وفي الفقيه: من صلى وذكر بعدما صلى أنه لم يغسل ذكره فعليه أن يغسل
ذكره ويعيد الوضوء والصلاة (3). ونحوه في المقنع (4)، إلا أنه ليس فيه إعادة
الصلاة، وهو استناد إلى نحو قول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إن أهرقت الماء
ونسيت أن تغسل ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء وغسل ذكرك (5).
وفي خبر سماعة: إذا دخلت الغائط فلم تهرق الماء ثم توضأت ونسيت أن
تستنجي [فذكرت بعد ما صليت فعليك الإعادة، فإن كنت أهرقت الماء فنسيت أن
تغسل] (6) ذكرك حتى صليت فعليك إعادة الوضوء والصلاة وغسل ذكرك، فإن
البول مثل البراز (7).
وفي بعض نسخ الكافي (ليس مثل البراز) (8).
وصحيح سليمان بن خالد سأل الباقر عليه السلام عمن يتوضأ وينسى غسل ذكره،
قال: يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء (9).
ويحتمل الاستحباب كما فعله الشيخ (10) وقال به في المبسوط (11) كالحسن
ابن

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 208 ب 18 من أبواب نواقض الوضوء ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 208 ب 18 من أبواب نواقض الوضوء ح 3.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 31 ذيل الحديث 59.
(4) المقنع: ص 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 209 ب 18 من أبواب نواقض الوضوء ح 8.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من نسخة ص.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 224 ب 10 من أبواب أحكام الخلوة ح 5.
(8) الكافي: ج 3 ص 19 ح 17.
(9) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 49 ح 142.
(10) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 49 ذيل الحديث 142.
(11) المبسوط: ج 1 ص 24.
244

أبي عقيل (1) ووافقهما ابن حمزة (2) ويحتمله كلام الصدوق (3).
ويحتمل الوضوء في الأولى الاستنجاء، كما في قول الصادق عليه السلام في حسن
جميل: كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار ثم أحدث الوضوء (4). ولكن
إعادته بمعنى الاستنجاء من البول كما استنجي من الغائط فيكون غسل الذكر
تفسيرا لإعادته وإهراق الماء فيهما، على كل يحتمل معنى البول وصب الماء
للاستنجاء.
ثم في الفقيه: ومن نسي أن يستنجي من الغائط حتى يصلي لم يعد الصلاة (5)
واستند إلى قول الصادق عليه السلام في خبر عمار: لو أن رجلا نسي أن يستنجي من
الغائط حتى يصلي لم يعد الصلاة.
وحمله الشيخ على أنه استجمر (6)، ويحتمله كلام الصدوق (7). ولولا أنه فرق
بين البول والغائط فأوجب إعادة الصلاة في البول دون الغائط لأمكن الاستناد إلى
أن شرط صحة الصلاة عدم العلم بالنجاسة عندها في الثوب والبدن، وقد تحقق،
فذلك أحد الأقوال في مسألة (من صلى مع النجاسة جاهلا) كما يأتي.
وفي المقنع: إن نسيت أن تستنجي بالماء وقد تمسحت بثلاثة أحجار حتى
صليت، ثم ذكرت وأنت في وقتها، فأعد الوضوء والصلاة. وإن كان قد مضى
الوقت فقد جازت صلاتك، فتوضأ لما تستقبل من الصلاة (8).
وهو عمل بخبر عمار، عن الصادق عليه السلام فيمن نسي أن يغسل دبره بالماء حتى

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 271.
(2) الوسيلة: ص 52.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 31 ذيل الحديث 59.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 250 ب 34 من أبواب أحكام الخلوة ح 4.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 31 ذيل الحديث 59.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 49 ذيل الحديث 143.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 31 ذيل الحديث 59.
(8) المقنع: ص 5.
245

صلى إلا أنه قد تمسح بثلاثة أحجار، قال: إن كان في وقت تلك الصلاة فليعد
الوضوء وليعد الصلاة، وإن كان قد مضى وقت تلك الصلاة التي صلى فقد جازت
صلاته وليتوضأ لما يستقبل (1).
والوضوء فيه وفي كلام الصدوق يحتمل الاستنجاء بالماء (2).
وينبغي حمل الإعادة على الاستحباب على كل تقدير [أو الحدث على
المعتدي] (3). وقال أبو علي: إذا ترك غسل البول ناسيا حتى صلى يجب الإعادة
في الوقت، ويستحب بعد الوقت (4). وهو أحد الأقوال فيمن صلى مع النجاسة جاهلا.
ويؤيده نحو قول الصادق عليه السلام في خبر هشام بن سالم فيمن نسي أن يغسل
ذكره وقد بال: يغسل ذكره ولا يعيد الصلاة (5). ولكنه ضعيف.
وحمله الشيخ على أنه لم يكن وجد الماء لغسله (6)، فالنسيان بمعنى الترك.
(وعندي أن التيمم) قبل الاستنجاء (إن كان لعذر لا يمكن زواله)
عادة قبل انقضاء وقت الصلاة (كذلك) يصح لصحته حينئذ في السعة، فلا
يجب الاستنجاء قبله.
(ولو صلى والحال هذه أعاد الصلاة خاصة) في الوقت أو خارجه:
إلا أن يتجدد له التمكن من الماء فيتطهر ويعيدها، وإن كان لعذر يرجى زواله لم
يصح إلا عند الضيق، فيجب الاستنجاء قبله. فلو عكس مع العلم بسعة الوقت لها
وللصلاة لم يصح، ويصح مع الجهل أو الضيق.
ولا يخفى الحال على قولي الضيق مطلقا والسعة مطلقا. وقيل (7): بالصحة

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 223 ب 10 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 31 ذيل الحديث 59.
(3) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 269.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 224 ب 10 من أبواب أحكام الخلوة ح 2.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 48 ذيل الحديث 140.
(7) جامع المقاصد: ج 1 ص 107.
246

مطلقا بناء على أن سعة الوقت للاستنجاء والتيمم والصلاة لا ينافي الضيق، لأن
الاستنجاء من مقدمات الصلاة كالاستقبال، وستر العورة والانتقال إلى المصلى
والأذان والإقامة، ويعطيه كلام الشيخ في الخلاف، فإنه ضيق بالتيمم مطلقا،
وأطلق جواز إيقاعه قبل الاستنجاء (1).
(ب: لو خرج أحد الحدثين اختص مخرجه بالاستنجاء) كما قال
الصادق عليه السلام في خبر عمار: إذا بال الرجل ولم يخرج منه شئ غيره، فإنما عليه
أن يغسل إحليله وحده، ولا يغسل مقعدته. وإن خرج من مقعدته شئ ولم يبل
فإنما عليه أن يغسل المقعدة وحدها ولا يغسل الإحليل (2)، وعليه الاجماع كما
في الذكرى (3) والمعتبر (4).
(ج: الأقرب جواز الاستنجاء) كما يستنجي (في الخارج) من
السبيلين المعتادين لعامة الناس في الخارج (من غير المعتاد) لهم (إذا صار
معتادا) للشخص مع انسداد الأصلي أو لا معه، وجريان أحكامه فيه، فيجوز
الاستجمار بشرائطه، وتكون الغسالة طاهرة إن لم تتغير بالخارج، ولا كان فيها
منه ما يتميز، ولا أصابت نجاسة [من خارج] (5) لصدق النجو والبول والغائط
والاستنجاء لغة على إزالته، فيعمه العمومات، وللاشتراك في النقض والحاجة إلى
الرخصة.
ويحتمل العدم كما في نهاية الإحكام (6) قصرا للرخصة على اليقين المتبادر،
فهو كإزالة سائر النجاسات، وتردد في التحرير (7) والمنتهى (8)، وفيهما قيد انسداد
الطبيعي.

(1) الخلاف: ج 1 ص 98 المسألة 45.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 244 ب 28 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(3) ذكرى الشيعة: ص 21 س 19.
(4) المعتبر: ح 1 ص 174.
(5) في ص (خارجة).
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 92.
(7) تحرير الأحكام: ص 8 س 9.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 47 س 19.
247

(د: لو استجمر بالنجس بغير الغائط وجب الماء) بناء على تنجس (1)
النجس، فنجس (2) المحل بغير الخارج، فلا يطهره إلا الماء.
واحتمل العدم في نهاية الإحكام (3) بناء على أن النجس لا ينجس. ولو
استجمر بالنجس (وبه) أي بالغائط الذي على المحل أو غيره (يكفي
الثلاثة) من الأحجار أو شبهها (غيره) لامتناع اجتماع المثلين، فلا ينجس
النجس بالغائط به.
واحتمل في المنتهى (4) ونهاية الإحكام (5) وجوب الماء إذا استجمر بما نجس
بغير ما على المحل من الغائط، قصرا للرخصة على اليقين الذي يعم به البلوى، وهو
الأقوى، وخيرة الشهيد (6).
قال في المنتهى: وكذا الاحتمالان لو سهل بطنه، فرششت النجاسة من
الأرض إلى محل الاستجمار، لأن الاستجمار رخصة في تطهير المحل من نجاسة
خارجة منه لكثرتها، إلا من نجاسة واردة لندورها (7).
ويحتمل لام (الغائط) في الكتاب العهد مرادا بها (ما على المحل) فيفيد
وجوب الماء إذا استجمر بما نجس بغيره بغائط أو غيره. ويحتمل وجوب الماء
أيضا إذا استعمل ما نجس بما على المحل باستعمال سابق، بالتقريب المذكور.

(1) في ص (تنجيس).
(2) في ص (فينجس).
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 92.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 46 س 13.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 88.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 90 درس 3.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 46 س 15.
248

(المقصد الثاني)
(في المياه)
(وفصوله خمسة:)
249

(الأول)
(في) الماء (المطلق)
(والمراد به ما استحق (1) إطلاق اسم الماء عليه من غير قيد) وإن
أطلق عليه بقيد أيضا كماء البحر والنهر والفرات والبئر وماء الثلج وماء السدر
والكافور ونحو ذلك (ويمتنع سلبه عنه) وهذا القيد لأنه ربما يطلق اسم
الماء مطلقا على المضاف حملا، فيقال لماء الورد والدمع والعرق والمرق وغيرها:
إنه ماء، وإن لم يفهم منه بدون الحمل، كما إذا قيل: شربت ماء، أو اسقني ماء،
لكن مع ذلك يصح (2) سلبه عنها، وهو ظاهر.
(وهو المطهر من الحدث) أي الأثر الحادث شرعا، لحدوث أحد
نواقض الطهارة المائية، ويسمى احداثا أيضا. ويضاف التطهير والإزالة إليها
بمعنى إزالة أثرها.
(والخبث) أي النجاسة، وهو معنى قائم بالجسم يوجب اجتنابه في
الصلاة، والتناول (3) للاستقذار (خاصة) لا المضاف، فإنه لا يطهر من شئ
منهما على المختار - كما سيأتي - ولا يطهر منهما اتفاقا، فالحصر بالإضافة إليه،

(1) في القواعد والايضاح والجامع (يستحق).
(2) في ص و ك (يصلح).
(3) في ص و ك (والأكل والشرب).
251

ويجوز جعله حقيقيا.
والتراب وإن طهر من الخبث فهو لا يطهر من الحدث، [لأن التيمم] (1) لا
يرفعه وإن أريد بالخبث جميع أنواعه في أي محل كان، فهو لا يطهر منه.
وفي الذكرى إذ (2) يمكن (3) أن تكون العلة في اختصاصه بها (4) من بين
المائعات اختصاصه بمزيد رقة، وسرعة اتصال وانفصال بخلاف غيره، فلا ينفك
من أضدادها، حتى أن ماء الورد لا يخلو من لزوجة، وأجزاء منه يظهر عند طول
مكثه (5). وإنما يطهر منها المطلق مطلقا (ما دام على أصل الخلقة) ذاتا وصفة.
(فإن خرج عنها) بنفسه، أو (بممازجة طاهر) أو مجاورته.
[والاكتفاء بالممازجة لاشعارها بالأخيرين بالأولى] (6)، (فهو) باق إجماعا
كما في المنتهى (7) والتذكرة (8) والغنية (9) (على حكمه) من الطهارة والتطهير
فإنهما المذكوران مطابقة والتزاما وإن كره التطهير بالأجر والشمس فلا يتغير به
شئ من الحكمين.
(وإن تغير أحد أوصافه) الثلاثة الآتية، أو مطلقا ويكون تكريرا للخروج
عن الخلقة، وتأكيدا للبقاء على حكمه. أو أراد بالخروج عنها بالممازجة ما يعمه
بنفسها، فإنها أمر خارج عنها، وإن لم يتغير بها شئ من أوصافه.
ونسب في الذكرى (10) البقاء على الطهارة مع التغير إلى الشهرة، مع أن الظاهر
الاتفاق. ولعله لما ذكره من أن الشيخ لم يحتج له في الخلاف بالاجماع.
وقال الشافعي ومالك وأحمد - في رواية - وإسحاق: إن تغير بما لم يخالط

(1) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(2) س و ص و م و ط (إنه).
(3) في ص (لا يمكن).
(4) في نسخة ط (لها).
(5) ذكرى الشيعة: ص 7 س 19.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ك.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 5 س 8.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 8.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 29.
(10) ذكرى الشيعة: ص 8 س 7.
252

أجزاؤه كالخشب والدهن، أو كان ترابا، أو لا ينفك الماء عنه كالطحلب وورق
الشجر، وما يجري عليه من حجارة النورة والكحل، فهو باق على حكمه. وإلا
كالمتغير بالزعفران والصابون والملح الجبلي دون المائي لم يجز الوضوء به (1).
ثم ما ذكرناه من البقاء على حكمه (ما لم) يؤد التغير إلى أن (يفتقر
صدق اسم الماء عليه إلى قيد فيصير مضافا) إن أدى إليه اتفاقا، والعبرة
بالاسم.
وذكر القاضي في المهذب: إنه يصير مضافا إذا ساوى ما خالطه من المضاف
أو نقص عنه، وأن الشيخ في الدرس حكم بالبقاء على الاطلاق مع التساوي،
وأنه ناظره في ذلك حتى سكت (2).
وفي المبسوط بعد اختيار البقاء على الاطلاق - كما حكاه القاضي - احتاط
بالاستعمال والتيمم جميعا (3).
(وإن خرج (4)) عن أصل الخلقة (بممازجة النجاسة) أي ملاقاة
النجس ذاتا أو عرضا، بقرينة مقابلتها الطاهر، وإن كان الشائع في معناها النجس
بالذات. وقرينة تفسير الممازجة قوله في الفرع الثالث: الجريات المارة على
النجاسة الواقفة. وإن كان الشائع في معناها اختلاط الأجزاء بالأجزاء، والداعي
إلى التعميمين تناول العبارة لملاقاته نحو عضو أو عظم أو حجر نجس. ويجوز أن
لا يكون أراد إلا المتبادر منها، وهو اختلاط عين النجاسة به.
وبالجملة (فأقسامه ثلاثة):
(الأول)
(الجاري)
أي السائل على الأرض بالنبع من تحتها، وإلا فهو من الواقف. ويعتبر وجود

(1) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 11 - 12.
(2) المهذب: ج 1 ص 24 - 25.
(3) المبسوط: ج 1 ص 8.
(4) في القواعد والايضاح (خرج عنها).
253

النبع حين ملاقاته النجاسة، وهو معنى ما في الدروس من دوامه (1).
فلو كان نابعا ثم ركد ولاقاها فحكمه حكم الراكد، ثم إن تجدد نبعه فهو
كراكد اتصل بالجاري، والعيون غير الجارية من الواقف أو البئر. والثاني أظهر كما
في المقنعة (2) والتهذيب (3)، لعدم صدق الجريان لغة وعرفا، فلا يشملها شئ من
عبارات الأصحاب.
ويحتمل أن يكون دوام النبع احترازا عنها، فلا جهة لما في الروض (4)
والمسالك من دخولها في الجاري (5)، والتكلف لشموله لها تغليبا أو حقيقة عرفية.
(وإنما ينجس) الجاري عندنا (بتغير أحد أوصافه الثلاثة - أعني
اللون والطعم والرائحة - التي هي مدار الطهورية وزوالها) ولكنها مخالفة،
فوجود بعضها وعدم بعض مدار الطهورية، والعكس مدار زوالها.
فوجود طعم الماء مع عدم اللون والرائحة مدار الطهورية، إذ لا لون للماء
الصافي غالبا ولا رائحة، ووجود الرائحة أو اللون بالنجاسة، أو زوال طعمه
وانتقاله إلى طعم آخر بها مدار زوال الطهورية، [وإن قلنا للماء لون كان كالطعم
وجودا وعدما. وعلى كل فتغير الأوصاف بمعنى أن يحصل له منها ما لم يكن
له] (6) كانت مسلوبة عنه رأسا كالرائحة، أو كان له منها غير ما حصل كالطعم.
أو المراد بالصفات ما للماء في أصل خلقته منها وجودا وعدما، فهي مدار
للطهورية وجودا، ولزوالها عدما، كما قاله الشهيد (7)، بمعنى أن وجود الحالة
الطبيعية له مدار الطهورية وزوالها بالنجاسة مدار زوالها، وهو أعم من أن يكون

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 119 درس 17.
(2) المقنعة: ص 64.
(3) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 217 ذيل الحديث 625.
(4) روض الجنان: ص 134 س 1.
(5) مسالك الأفهام: ج 1 ص 2 السطر الأخير.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(7) ذكرى الشيعة: ص 8 س 7.
254

في (1) خلقته رائحة أو لون أو طعم أو لا، فتغيرها بمعنى تغير حالته الطبيعية، أو
تغيره فيها، أي استحالته عما له في أصل الخلقة من وجودها أو عدمها، وهذا
المعنى أعم فائدة، لعموم المياه التي لها في طبيعتها رائحة أو لون.
وبالجملة فإنما ينجس عندنا الجاري إذا تغير لونا أو طعما أو رائحة (لا)
في (مطلق الصفات كالحرارة) والرقة والخفة وأضدادها. (بالنجاسة) أي
بملاقات العين النجسة ذاتا (2)، لا بمجاورتها ولا بملاقات المتنجس.
أما تنجسه بالتغير في أحد ما ذكر ففي المعتبر (3) والمنتهى (4): إن عليه إجماع
أهل العلم، وقال الصادق عليه السلام في صحيح حريز: كلما غلب الماء على ريح الجيفة
فتوضأ من الماء واشرب، فإذا تغير الماء وتغير الطعم، فلا تتوضأ منه ولا
تشرب (5). وفي خبر الفضيل: لا بأس إذا غلب لون الماء لون البول (6)، إلى غيرهما
من الأخبار.
وذكر الحسن: إنها تواترت عنهم:: بأن الماء طاهر لا ينجسه شئ، إلا ما
غير لونه أو طعمه أو ريحه (7). وأما عدم اعتبار سائر الأوصاف فكأنه لا خلاف
فيه.
ويدل عليه الأصل والأخبار لحكمها بجواز الاستعمال ما لم يغلب النجاسة
في أحد ما ذكر من الأوصاف.
وفي الذكرى: والجعفي وابنا بابويه لم يصرحوا بالأوصاف الثلاثة، بل
اعتبروا أغلبية (8) النجاسة للماء، وهو موافقة في المعنى (9) إنتهى.

(1) في ص (في أصل).
(2) ساقط من س.
(3) المعتبر: ج 1 ص 40.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 5 س 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 102 ب 3 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 104 ب 3 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(7) مختلف الشيعة: ج 1 ص 177.
(8) في ص (غلبة).
(9) ذكرى الشيعة: ص 8 س 11.
255

وأما اشتراط التغير بالنجاسة دون المتنجس [في نجاسته] (1)، فهو ظاهر
الأكثر، ويعضده الأصل وأكثر الأخبار والاعتبار. وظاهر المبسوط التنجس
بالتغير بالمتنجس أيضا (2).
وأما اعتبار الملاقاة دون المجاورة فمما نص عليه في المعتبر (3) والتذكرة (4)
والمنتهى (5) ونهاية الإحكام (6)، للأصل، [وعدم ملاقاة النجاسة] (7)، وعدم نجاسة
الريح ونحوها.
وإنما يشترط التغير في تنجسه (إذا كان كرا فصاعدا) فإن نقص نجس
بالملاقاة، وهو ظاهر السيد في الجمل (8)، لعموم أدلة اشتراط الكرية في عدم
الانفعال بدون التغير، كصحيح علي بن جعفر، سأل أخاه عليه السلام عن الدجاجة
والحمامة وأشباههن تطأ العذرة ثم تدخل في الماء، يتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا،
إلا أن يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء (9). وخبر إسماعيل بن جابر: سأل
الصادق عليه السلام عن الماء الذي لا ينجسه شئ؟ قال: كر (10). وصحيحه سأله عليه السلام عنه،
فقال: ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته (11). وصحيح محمد بن مسلم: إنه عليه السلام
سئل عن الماء يبول فيه الدواب ويلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب، قال: إذا كان
الماء قدر كر لم ينجسه شئ (12).

(1) ساقط من ط.
(2) المبسوط: ج 1 ص 8.
(3) المعتبر: ج 1 ص 41.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 16.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 6 س 4.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 228.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من ص و ك.
(8) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 22.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 115 ب 8 من أبواب الماء المطلق ح 13، و ج 1 ص 117 ب 9
من أبواب الماء المطلق ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 118 ب 9 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 121 ب 10 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 117 ب 9 من أبواب الماء المطلق ح 1.
256

ويعارضها عمومات، نحو قوله عليه السلام في خبر حماد بن عثمان وغيره: الماء
كله طاهر حتى يعلم أنه قذر (1). وفي صحيح حريز: كلما غلب الماء على ريح
الجيفة فتوضأ من الماء واشرب (2).
وظاهر الخلاف (3) والغنية (4) والمعتبر (5) والمنتهى (6) الاجماع على عدم اعتبار
الكرية. ولو تم دليل اعتبارها لجرى في المطر والبئر، فكان الأولى تقسيم الماء
إلى قسمين: القليل والكثير، كما في جمل العلم والعمل (7). وفي الذكرى: إنه لم
يجد من قبل المصنف موافقا له (8).
(ولو تغير بعضه نجس) المتغير خاصة (دون ما قبله وما (9) بعده) إن
كان الباقي كرا فصاعدا، وإلا نجس كله مع تساوي سطح الأرض، وإلا بقي
الأعلى على طهارته. وكذا على المشهور من عدم اعتبار الكرية إذا استوعب التغير
عمود الماء، بحيث يمنع نفوذ الأعلى إلى الأسفل نجس الأسفل إذا نقص عن كر.
(وماء المطر حال تقاطره) من السحاب (كالجاري) في عدم انفعاله
إلا بالتغير إن كان كرا فصاعدا، كما يقتضيه التشبيه، أو كالجاري البالغ كرا وإن لم
يبلغه، كما في التذكرة (10) والتحرير (11) والمنتهى (12) ونهاية الإحكام (13).
ويقتضيه ظاهر ما بعده لنحو صحيح هشام بن سالم وحسنه: سئل
الصادق عليه السلام عن السطح يبال عليه فيصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب، فقال: لا

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 100 ب 1 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 102 ب 3 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(3) الخلاف: ج 1 ص 195 المسألة 152.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 29.
(5) المعتبر: ج 1 ص 41.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 5 س 3.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى، المجموعة الثالثة): ص 22.
(8) ذكرى الشيعة: ص 8 س 26.
(9) ساقط من القواعد وجامع المقاصد.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 30.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 4 س 24.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 60 س 23.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 229.
257

بأس به ما أصابه من الماء أكثر منه (1). وحسن هشام بن الحكم عنه عليه السلام: في
ميزابين سالا أحدهما بول والآخر ماء فاختلطا فأصاب ثوب [الرجل لم يضر] (2)
ذلك (3). ونحوه خبر محمد بن مروان عنه عليه السلام (4). وفي مرسل محمد بن إسماعيل
عنه عليه السلام في طين المطر: إنه لا بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام إلا أن يعلم أنه
قد نجسه شئ بعد المطر (5). وسئل عليه السلام في خبر آخر عن طين المطر يصيب
الثوب فيه البول والعذرة والدم، فقال: طين المطر لا ينجس (6). وفي مرسل
الكاهلي عنه عليه السلام: كل ما يراه المطر فقد طهر (7).
فهذه وأشباهها كما تدل على كونه كالجاري تعم الكر وما دونه، وبعضها
الجاري من نحو الميزاب وغيره. ويؤيد العمومين عسر التحرز منه، وأنه لو لم
يكن النزول من السحاب كالجريان لم يطهر، ولم يطهر إذا ورد على نجس وإن
جرى أو بلغ كرا.
وظاهر التهذيب (8) والمبسوط (9) والوسيلة (10) والجامع (11) اعتبار الجريان من
الميزاب احتياطا، للأصل، وإرسال الخبر الأخير (12) واختصاص نحو الثانيين
بالسائل من الميزاب، وقرب ما في الأولين منه، ولصحيح علي بن جعفر سأل
أخاه عليه السلام عن البيت [يبال على ظهره ويغتسل من الجنابة ثم يصيبه المطر أيؤخذ

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 108 ب 6 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(2) في الوسائل [رجل لم يضره].
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 109 ب 6 من أبواب الماء المطلق ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 107 ب 5 من أبواب الماء المطلق ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 109 ب 6 من أبواب الماء المطلق ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 110 ب 6 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 109 ب 6 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(8) التهذيب: ج 1 ص 411 ذيل الحديث 1296.
(9) المبسوط: ج 1 ص 6.
(10) الوسيلة: ص 73.
(11) الجامع للشرائع: ص 20.
(12) زيادة من ص و ك. وفي س (الآخر).
258

من مائه فيتوضأ به للصلاة؟ فقال: إذا جرى فلا بأس (1)] (2). وما في قرب الإسناد
للحميري (3) من خبره أيضا سأله عليه السلام عن الكنيف يكون فوق البيت فيصيبه المطر
فيكف فيصيب الثياب أيصلى فيها قبل أن تغسل؟ قال: إذا جرى من ماء المطر فلا
بأس (4).
وحمل في المنتهى [الجريان في الأول] (5) على الجريان من السماء، وفيه أنه
شرط بلا طائل وإن أريد به الأخذ حين النزول، فإنه إذا طهر بنزوله (6) السطح لم
يكن به بأس بالأخذ منه ولو بعد الانقطاع (7).
ويمكن دفعه بأنه تعليل لا شرط، بمعنى لا بأس، لأنه جرى من السماء.
وباحتمال أن لا يطهر السطح، لكن لا يتأثر حين النزول، وهو بعيد لا يظهر به قول،
[إلا مع بقاء عين النجاسة غير المغيرة] (8).
ويجاب أيضا: بأنه مع كونه بالمفهوم يحتمل البأس فيه الكراهة، ويحتمل
الجريان فيه مثل [جريان الماء] (9) في الطهارة على الأعضاء من انتقال الأجزاء
بعضها إلى مكان بعض وإن لم يسل من الميزاب، ونحوه.
والظاهر أنه لا بد من اعتباره مع الغلبة على النجاسة كما يشعر به الخبران
الأولان. ويمكن أن يكون ذلك مراد الشيخ (10) وابني حمزة (11) وسعيد (12).
وأما ثاني خبري علي بن جعفر فظاهر أن معنى الجريان فيه ما أراده السائل،
وأن المعنى أنه إذا علم أن الذي أصاب الثوب من المطر فلا بأس، فلا حجة فيه،

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 108 ب 6 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(3) زيادة من ص و ك.
(4) قرب الإسناد: ص 89.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من م و س.
(6) في ط و ص و ك (نزوله).
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 6 س 14.
(8) ما بين المعقوفين ساقط من ط و س و م.
(9) في م (الجريان).
(10) المبسوط: ج 1 ص 6.
(11) الوسيلة: ص 72.
(12) الجامع للشرائع: ص 20.
259

وإذ تقيد كونه كالجاري بحال التقاطر.
(فإن لاقته نجاسة بعد انقطاع تقاطره فكالواقف) اتفاقا، ويحمل
الأخبار المطلقة على التقييد.
(وماء الحمام) القليل في حياضة الصغار ونحوها (كالجاري إن كان (1)
له مادة) متصلة به حين الجريان منها، اتفاقا منا كما هو الظاهر. وقول (2) أبو
جعفر عليه السلام في خبر بكر بن حبيب: ماء الحمام لا بأس به إذا كانت له مادة (3).
وعن الرضا عليه السلام: ماء الحمام سبيله سبيل ماء الجاري إذا كانت له مادة (4).
وسأل داود بن سرحان الصادق عليه السلام عن ماء الحمام، فقال: هو بمنزلة الجاري (5).
وقال عليه السلام لابن أبي يعفور: إن ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا (6).
وفي قرب الإسناد (7) عن إسماعيل بن جابر، عن الكاظم عليه السلام: ماء الحمام لا
ينجسه شئ (8). وغير الأولين لا (9) يظهر اختصاصه بما نحن فيه.
(و) المادة (هي كر فصاعدا) كما في الجامع (10) جاريا كان أو راكدا،
على مختاره من اعتبار الكرية في الجاري. (وإلا) يكن له (11) مادة [هي كر] (12)
(فكالواقف) في الانفعال بالنجس مطلقا لم يكن له مادة أو كانت دون الكر، فإن
الناقص مساو لما في الحياض، فلا يفيده حكما ليس له. خلافا للمحقق (13)،

(1) في جامع المقاصد (كانت).
(2) في س و م و ط (وقال).
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 111 ب 7 من أبواب الماء المطلق ح 4.
(4) فقه الرضا: ص 86.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 110 ب 7 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 112 ب 7 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(7) زاد في ك و ص (للحميري).
(8) قرب الإسناد: ص 128.
(9) ساقط من م.
(10) الجامع للشرائع: ص 20 مع اختلاف في اللفظ.
(11) ليس في ص و ك.
(12) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(13) المعتبر: ج 1 ص 42.
260

لاطلاق النصوص والفتاوى.
ويدفعه ما مر من أدلة اشتراط الكرية في الجاري، وهنا أولى للاتفاق على
اشتراطها في الراكد.
ثم الذي يستفاد من كتبه، أن المراد بالمادة التي اشترط فيها الكرية ما لا
يساوي سطحها سطح الحوض الصغير المتصل بها بحيث يتحد ماؤها، وإلا كفت
كرية الجميع في عدم الانفعال (1)، لنصه في المنتهى (2) والنهاية (3) والتذكرة (4)
والتحرير (5)، على أنه لو وصل بين الغديرين بساقية اتحدا واعتبرت الكرية فيهما
مع الساقية جميعا، وحكم ماء الحمام إن لم يكن أخف، فلا أقل من التساوي.
نعم إن تنجس ما في الحوض وهو منقطع عن المادة لم يطهر بالاتصال بها، إلا
إذا كانت وحدها كرا أو أزيد، لأن الماء إذا تنجس فتطهيره بإلقاء كر فصاعدا عليه.
وهل يكفي في طهارته مجرد الاتصال بها؟ نص في التذكرة (6) والمنتهى (7)
والنهاية على اشتراط تكاثرها عليه (8)، لأنه كالجاري، والجاري إذا نجس لم
يطهر إلا باستيلاء المطهر عليه حتى يزيل انفعاله. مع نصه في المنتهى (9) والنهاية (10)
والتحرير على أن الغدير إذا نقص عن الكر فنجس كفى اتصال الكرية (11).
قال في المنتهى: فإن الاتفاق واقع على أن تطهير ما نقص عن الكر بإلقاء كر
عليه، ولا شك أن المداخلة ممتنعة، فالمعتبر إذا الاتصال الموجود (12). وذلك
يعطي تغليظ ماء الحمام بالنسبة إلى الغدير (13)، وهو بعيد، إلا أن يريد بالغديرين

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 13، المختصر النافع: ص 2.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 9 س 20.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 232.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 7.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 4 س 7.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 30.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 9 س 22.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 258.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 9 س 21.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 232.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 4 س 28.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 9 س 21.
(13) في ص (ماء الغدير).
261

تساوي (1) السطح، وبحوض الحمام ما يعلو عليه المادة.
واعتبر في التحرير زيادة المادة على الكر (2)، فحمله بعضهم على التوسع في
العبارة وإرادة الكرية فصاعدا. ويمكن الحمل على زيادتها عليه قبل اجراء شئ
منها إلى الحوض الذي تنجس ماؤه بعد انقطاع الجريان ليبقى منها قدر كر، فيطهر
ما في الحوض باجرائها إليه ثانيا، فيوافق ما في سائر كتبه.
وينقدح فيه أنه يمكن أن يكون مراده في كتبه باشتراط الكرية فيها اشتراطها
قبل الاجراء إلى الحوض، فيكون المعنى: إنها إذا كانت كرا فأجريت لم ينجس
بالملاقاة ما دام الجريان والاتصال، وهو الأظهر عندي، إذ ما دام الجريان فهو ماء
واحد كثير. فلا ينفعل سواء جرى إلى سطح يساوي سطحها أو إلى غيره. فيرتفع
الخلاف، لأن من البين أن المحقق إنما يسوي بين الكر منها والأقل من الباقي
منها، إلا (3) ما جرى في الحوض. ولا يقول بأن الباقي إذا نقص عن الكر فانقطع
الجريان ثم نجس ما في الحوض يطهره بالاجراء ثانيا، للاتفاق على أنه لا يطهر
الماء النجس إلا الكر أو الجاري.
فالمحصل أن ماء الحمام إذا بلغ كرا فصاعدا لم ينجس بملاقاة النجاسة، وإن
أجري إلى حوض صغير (4) ونحوه مساوي السطح لسطح محله، أولا ما لم ينقطع
الجريان، فإذا انقطع ونجس ما جرى منه لم يطهر بالاجراء ثانيا، إلا إذا كان الباقي
كرا فصاعدا.
والظاهر انسحاب الحكمين في غير الحمام، كما في نهاية الإحكام (5)، وتردد
في المنتهى (6) والتذكرة (7).
وفي الذكرى على اشتراط الكرية في المادة بتساوي الحمام وغيره، لحصول

(1) في س و ص و ك و م (متساوي).
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 4 س 23.
(3) في ص (إلا).
(4) في س و م (فتغير).
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 230.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 6 س 28.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 30.
262

الكريه الرافعة للنجاسة، وعلى العدم. فالأقرب اختصاص الحمام بالحكم، لعموم
البلوى، وانفراده بالنص (1).
(فروع) ثلاثة:
(أ: لو وافقت النجاسة الجاري في الصفات) الثلاث، وجودا أو عدما
(فالوجه عندي الحكم بنجاسته، إن كان يتغير بمثلها) أي مثل النجاسة
الواقعة فيه (على تقدير المخالفة) في إحداها (وإلا فلا) لأن المقتضي
للانفعال قهر النجاسة له، وقد حصل وإن لم ينجس به. ولأنا لو لم نعتبر التقدير لزم
الحكم ببقائه على الطهارة، وإن كانت النجاسة أضعافه.
وفيه أنه يخرج حينئذ عن الاطلاق، وهل يقدر من أوصاف النجاسة أشدها
أو الوسط؟ قيل: بالثاني (2)، لأنه الأغلب. وفي الذكرى: الأول احتياطا (3)، وإنما
يتم إذا وجد غيره. وفي نهاية الإحكام: يعتبر ما هو الأحوط (4)، وهو يشمل
اعتبار الأول إذا وجد غيره للاستعمال، والثاني إذا لم يوجد.
ويعتبر في الماء ما في طبيعة الماء من الطعم والخلو عن اللون والريح.
ويحتمل عدم اعتبار التقدير كما هو ظاهر الأكثر، للأصل، وفهم الحقيقي من
الاطلاقات.
لكن لو توافقا في الأوصاف أو أحدها وجودا أمكن الحكم بتحقق التغير وإن
استتر عن الحس. فإذا حكم به عادة حكم بالنجاسة، لحصول التغير الحقيقي. ولذا
قطع الشهيد في البيان بذلك، وسواء كان ما بالماء من الصفات ذاتية كالمياه
الزاجية والكبريتية، أو عرضية كما إذا انصبغ بطاهر أحمر ثم وقع فيه دم (5).
(ب: لو اتصل الواقف القليل بالجاري) مع استواء السطحين، أو علو

(1) ذكرى الشيعة: ص 8 س 30.
(2) جامع المقاصد: ج 1 ص 115.
(3) ذكرى الشيعة: ص 8 س 13.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 229.
(5) البيان: ص 44.
263

الجاري (لم ينجس بالملاقاة) إذا بلغ الجميع كرا فصاعدا على مختاره،
[ومطلقا على غيره] (1) لاتحاده به.
(ولو تغير بعضه بها اختص المتغير) منه (بالتنجيس) إذا بلغ الباقي
منه ومن الجاري كرا أو أزيد على مختاره.
ولو تغير جميع الجاري نجس الواقف لقلته، ولانقطاع اتصاله بالمنبع، ولذا
وافق المحقق هنا مع عدم اعتبار الكرية في الجاري (2).
(ج: الجريات المارة) من الجاري الكثير على المختار (على
النجاسة الواقفة طاهرة) إذا لم يتغير بها (وإن قلت) كل منها (عن الكر
مع التواصل) إجماعا، كما في الخلاف (3)، استوت السطوح أم لا، لأنه ماء
متصل متدافع يمنع استقرار الجرية.
وعن أمير المؤمنين عليه السلام في الماء الجاري يمر بالجيف والعذرة والدم: يتوضأ
منه ويشرب، وليس ينجسه شئ ما لم يتغير أوصافه، طعمه ولونه وريحه (4).
خلافا لبعض الشافعية (5) والحنابلة (6) فنجسوا من الجريات ما قلت، وعنوا بالجرية
ما بين حافتي النهر عرضا.
(الثاني) من أقسام الماء
(الواقف غير البئر)
وهو قرينة على كون البئر من الواقف، وهو يعطي اعتبار السيلان في الجاري،
وعدم شموله للنابع غير السائل، وهو (إن كان كرا فصاعدا مائعا) لا جامدا
(على إشكال) من الأصل، والاستصحاب وعدم الخروج عن حقيقته،
فيشمله العمومات ومن الخروج عن اسمه والتحاقه بالجامدات، ولذا لو أتى به

(1) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(2) المعتبر: ج 1 ص 40.
(3) الخلاف: ج 1 ص 195 المسألة 152.
(4) دعائم الاسلام: ج 1 ص 110.
(5) التفسير الكبير: ج 24 ص 94.
(6) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 32 - 33.
264

المأمور بإتيان الماء ليم، وعدم تقوي الأجزاء بعضها ببعض كما في المائع، وهو
خيرة نهاية الإحكام (1)، ويقال: إنه أمر بالضرب على الاشكال.
والكر مكيال معروف، والكر من الماء ما له أحد المقدارين المذكورين:
أحدهما: باعتبار الوزن، و (هو ألف ومائتا رطل) إجماعا، كما في
الناصريات (2) والانتصار (3) والغنية (4) والمعتبر (5). وينص عليه قول الصادق عليه السلام
في مرسل ابن أبي عمير: الكر من الماء الذي لا ينجسه شئ ألف ومائتا رطل (6).
ويمكن ارجاع ما في غيره من الأخبار [من ستمائة رطل (7)] (8)، أو نحو حبي
هذا (9) أو قلتين (10)، أو أكثر من راوية إليها.
والعبرة في الرطل هنا (بالعراقي) وفاقا للمشهور لمناسبة الأشبار، وأصل
البقاء على الطهارة إلى العلم بمزيلها، والاحتياط إذا (11) لم يكن سوى البالغ ذلك
القدر بالعراقي، ولقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن مسلم: والكر ستمائة رطل (12)،
لوجوب حمله على المكي الذي هو ضعف العراقي، ولأنه أقرب إلى نحو حبي
وقلتين وأكثر من راوية.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 234.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 214 المسألة 2.
(3) الإنتصار: ص 8.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 33 - 34.
(5) المعتبر: ج 1 ص 47.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 123 ب 11 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 124 ب 11 من أبواب الماء المطلق ح 2 و 3.
(8) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 122 ب 10 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 123 ب 10 من أبواب الماء المطلق ح 8.
(11) في ص (إذ).
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 124 ب 11 من أبواب الماء المطلق ح 3.
265

وخلافا للصدوقين (1) والمرتضى (2) فاعتبروا المدني الذي هو رطل ونصف
بالعراقي للاحتياط، ولا يتم مطلقا، ولكونه عليه السلام مدنيا، ولأن الكرية شرط عدم
الانفعال، والأصل عدم تحققه في الأقل. واحتاط به ابن زهرة (3). وقد يظهر التردد
من المعتبر (4) والمنتهى (5) والتذكرة (6) والذكرى (7). والمشهور أن الرطل العراقي
مائة وثلاثون درهما كما في نهاية الإحكام (8)، وزكاة الفطرة من التحرير (9)
والمنتهى (10)، وفي زكاة الأموال منهما: إنه مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة
أسباع درهم (11)، وهو قول لبعض العامة (12).
والمقدار الثاني: باعتبار المساحة، وهو ما أشار إليه بقوله: (أو ثلاثة أشبار
ونصف طولا في عرض) وكذلك (في عمق) كذلك وفاقا للمشهور، وفي
الغنية الاجماع عليه (13).
وفي المعتبر: لا تصغ إلى من يدعي الاجماع هنا، فإنه يدعي الاجماع في
محل الخلاف (14)، إنتهى.
ويدل عليه مع (15) الاحتياط من وجه، وأصل عدم تحقق شرط عدم الانفعال
قول الصادق عليه السلام في خبر الحسن بن صالح الثوري: إذا كان الماء في الركى كرا لم

(1) نقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 185، ومن لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 6
ذيل الحديث 2.
(2) الإنتصار: ص 8.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 35.
(4) المعتبر: ج 1 ص 47.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 7 س 17.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 35.
(7) ذكرى الشيعة: ص 8 س 33.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 233.
(9) تحرير الأحكام: ص 72 س 5.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 537 س 23.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 62 السطر الأخير، منتهى المطلب: ص 497 س 18.
(12) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 560.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 34.
(14) المعتبر: ج 1 ص 46.
(15) في ص (في محل).
266

ينجسه شئ، قال: كم الكر؟ قال: ثلاثة أشبار ونصف طولها، في ثلاثة أشبار
ونصف عمقها، في ثلاثة أشبار ونصف عرضها، كما في الإستبصار (1). وليس في
الكافي (2) والتهذيب فيه ذكر للطول (3).
وفي خبر أبي بصير: إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصفا في مثله ثلاثة أشبار
ونصف في عمقه في الأرض فذلك الكر من الماء (4). وهما مع الضعف ليسا من
النص في شئ، إلا الأول على نسخ الإستبصار، ولا يوثق بها مع مخالفتها لنسخ
الكتابين.
والمراد: ما بلغ تكسيره اثنين وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر، [واكتفى
القطب الراوندي في حل المعقود من الجمل والعقود] (5) بجمع المقادير الثلاثة، أي
ما بلغ مجموع أبعاده عشرة أشبار ونصفا على كون (في) في الخبر بمعنى (مع).
وأسقط القميون الانصاف، وهو خيرة المختلف (6)، ومال إليه في نهاية
الأحكام (7) بعد استظهار المشهور، ودليله الاحتياط من وجه، وأصل بقاء الطهارة
هو (8) القرب من نحو حبي هذا وقلتين وأكثر من راوية، وما رواه الصدوق مرسلا
في أماليه: إن الكر هو ما يكون له ثلاثة أشبار طولا في ثلاثة أشبار عرضا في
ثلاثة أشبار عمقا (9).
وقول الصادق عليه السلام في خبر إسماعيل بن جابر: ثلاثة أشبار في ثلاثة
أشبار (10). وفيه مع قصور المتن لخلوه عن أحد الأبعاد، قصورا في السند، وإن

(1) الإستبصار: ج 1 ص 33 ح 88.
(2) الكافي: ج 3 ص 2 ح 4.
(3) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 408 ح 1282.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 122 ب 10 من أبواب الماء المطلق ح 56.
(5) في م و س (وعن القطب الراوندي الاكتفاء).
(6) مختلف الشيعة: ج 1 ص 183.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 232.
(8) في م و س و ك و ص (و).
(9) أمالي الصدوق: ص 514.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 122 ب 10 من أبواب الماء المطلق ح 4.
267

وصف بالصحة في المنتهى (1) والمختلف (2) والذكرى (3).
وفي المعتبر اختيار قول الصادق عليه السلام في صحيح إسماعيل بن جابر: ذراعان
عمقه في ذراع وشبر سعته (4). والذراعان قريب (5) من أربعة أشبار.
ولفظ الخبر يحتمل وجوها:
منها: أن يكون كل من جهتي السعة، أي الطول والعرض ذراعا وشبرا.
ومنها: أن يكون جميعها كذلك.
ومنها: أن يكون شبر مرفوعا معطوفا على ذراعان، أي ذراعان عمقه في
ذراع طوله وشبر عرضه.
وفي الذكرى: إن ابن طاووس ذكر وزن الماء، وعدم مناسبة [المساحة
للأشبار] (6)، ومال إلى دفع (7) النجاسة بكل ما روي، قال: وكأنه يحمل الزائد على
الندبية (8).
قلت: وبذلك جمع بين الأخبار، ويمكن الجمع باختلاف المياه خفة وثقلا،
والأشبار عظما وصغرا.
وقال أبو علي: حده قلتان، ومبلغه وزنا ألف ومائتا رطل، وتكسيره
بالذرع (9) قريب من مائة شبر، وهو غريب (10).
ولا خلاف في أنه إذا كان كرا فصاعدا (لا ينجس بملاقاة النجاسة)
فضلا عن المتنجس أو النجاسة تعمه (بل) إنما ينجس (بتغيره بها) أي (11)

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 7 س 21.
(2) مختلف الشيعة: ج 1 ص 183.
(3) ذكرى الشيعة: ص 8 س 35.
(4) المعتبر: ج 1 ص 46.
(5) في ك (نحو).
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(7) في س (رفع).
(8) ذكرى الشيعة: ص 8 س 37.
(9) في نسخة ص (بالذراع).
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 183.
(11) في س (أو).
268

بملاقاتها (في أحد أوصافه) المتقدمة.
قال الشهيد: وقول الجعفي، وروي الزيادة على الكر راجع إلى الخلاف في
تقديره (1)، إنتهى.
وإذا لم ينجس جاز [استعمال جميعه] (2). وللعامة قول بإبقاء قدر النجاسة إن
استهلكت (3)، وآخر بوجوب التباعد عنها مع قيام عينها بقدر قلتين (4).
(وإن نقص) الواقف (عنه) أي الكر (نجس بالملاقاة لها (5) أي
النجاسة بالمعنى العام للمتنجس (وإن بقيت أوصافه) على ما خلق عليه منها
وجودا أو (6) عدما، وفاقا للمعظم.
وفي الخلاف (7) والاستبصار (8) والناصريات (9) والغنية (10) الاجماع، ودليله
مع ذلك عمومات أدلة التنجس بالنجاسات، والاجتناب عن أسئار الكفار
والحيوانات النجسة، والجنب، والحائض مع الاتهام، وتفسير الذي لا ينجسه
شئ بالكر، أو (11) اشتراطه به في الأخبار.
ونحو صحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن الدجاجة والحمامة
وأشباههما (12) تطأ العذرة ثم تدخل في الماء يتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا، إلا أن
يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء (13). وخبر البزنطي: سأل الإمام الرضا عليه السلام

(1) ذكرى الشيعة: ص 8 س 33.
(2) في ص و م (استعماله).
(3) المجموع: ج 1 ص 142.
(4) المجموع: ج 1 ص 139.
(5) في الإيضاح (بها).
(6) في س و ص (و).
(7) الخلاف: ج 1 ص 192 ذيل المسألة 147.
(8) الإستبصار: ج 1 ص 12 ذيل الحديث 6.
(9) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 214 المسألة 2.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 31.
(11) في س و ص (و).
(12) زيادة من الوسائل.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 117 ب 9 من أبواب الماء المطلق ح 4.
269

يدخل (1) يده في الإناء وهي قذرة، قال: يكفي الإناء (2). وخبر صفوان الجمال:
سأل الصادق عليه السلام عن الحياض التي ما (3) بين مكة والمدينة تردها السباع وتلغ
فيها الكلاب ويغتسل فيها الجنب أتوضأ منها؟ قال: كم قدر الماء؟ قال: إلى نصف
الساق وإلى الركبة وأقل (4)، قال: توضأ (5). ولم ينجسه الحسن إلا بالتغير (6)،
[للأصل والاحتياط في بعض الوجوه، وعمومات ما نطق بأنه لا ينجس أو لا
ينجس ما لم يتغير] (7).
وخبر محمد بن الميسر: سأل الصادق عليه السلام عن الجنب (8) ينتهي إلى الماء
القليل في الطريق ويريد أن يغتسل (9) وليس معه إناء يغرف به ويداه قذرتان، قال:
يضع يده ويتوضأ ثم يغتسل، هذا مما قال الله عز وجل: (ما جعل عليكم في الدين
من حرج) (10). وخبر عمر بن يزيد: قال له عليه السلام: أغتسل في مغتسل يبال فيه
ويغتسل من الجنابة فيقع في الإناء ماء ينزو من الأرض، فقال: لا بأس به (11).
وخبر بكار بن أبي بكر: سأله عليه السلام عن الرجل يضع الكوز الذي يغرف به من الحب
في مكان قذر ثم يدخله الحب (12)، قال: يصب من الماء ثلاثة أكواز بذلك
الكوز (13). وفي بعض النسخ: ثلاثة أكف ثم يدلك الكوز.

(1) في الوسائل (عن الرجل يدخل).
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 114 ب 8 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(3) زيادة من الوسائل.
(4) ساقطة من الوسائل.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 119 ب 9 من أبواب الماء المطلق ح 12. وفيه (توضأ منه).
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 176.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(8) في الوسائل (الرجل الجنب).
(9) في الوسائل (يغتسل منه).
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 113 ب 8 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 154 ب 9 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(12) زيادة من الوسائل.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 121 ب 9 من أبواب الماء المطلق ح 17.
270

وخبر زرارة: سأله عليه السلام عن جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به الماء، قال:
لا بأس (1). وصحيحه: سأله عليه السلام عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء
من البئر أيتوضأ من ذلك الماء؟ قال: لا بأس (2). وخبر أبي مريم الأنصاري أنه
كان معه عليه السلام في حائط له فحضرت الصلاة، فنزح دلوا للوضوء من ركى له، فخرج
عليه قطعة عذرة يابسة، فأكفأ رأسه وتوضأ بالباقي (3).
وما أرسل عنه عليه السلام: وقد استقى غلامه من بئر فخرج في الدلو فأرتان، فقال:
أرقه، وفي الثاني فأرة، فقال: أرقه، ولم يخرج في الثالث، فقال: صبه في الإناء (4).
وخبر زرارة سأل الباقر عليه السلام عن راوية من ماء سقطت فيها فأرة أو جرذ أو صعوة
ميتة، قال: إذا تفسخ (5) فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضأ وصبها، وإن كان غير
متفسخ فاشرب منه وتوضأ، واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية، وكذلك الجرة
وحب الماء والقربة وأشباه ذلك من أوعية الماء، قال: وقال عليه السلام: إذا كان الماء
أكثر من راوية لم ينجسه شئ تفسخ فيه أو لم يتفسخ، إلا أن يجي له ريح يغلب
على ريح الماء (6).
والجواب: معارضة الأصل بالاجماع، والأخبار، والاحتياط بمثله،
والعمومات بما مر من العمومات، وخصوص التفسير، والشرط بالكر، وضعف ما
ذكر من الأخبار، عدا واحد يحتمل الإشارة فيه العود إلى ماء البئر، وعلى العود
إلى المستقي يمكن كثرته وعدم ملاقاته للشعر.
واحتمال القليل في أول الأخبار الجاري، والقليل عرفا وإن زاد على الكر،

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 129 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 16.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 125 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 115 ب 8 من أبواب الماء المطلق ح 12.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 128 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 14.
(5) في م و س و ص (انفسخ).
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 104 ب 3 من أبواب الماء المطلق ح 8 و 9.
271

وعدم نصوصية القذر (1) في النجاسة.
واحتمال إنكاره عليه السلام الاغتسال منه، أي يضع يديه في الماء ويتوضأ، أي:
يغسلهما ثم يغتسل، هذا مما قال الله تعالى، أي رخص له في التيمم وتأخير
الغسل، [وأن يراد بترك يده إلى أن يمكنه تطهيرها، ويطهرها إذا أمكنه ثم يغتسل] (2).
واحتمال أن لا يكون الكفان بتمامهما نجستين، بل بحيث يمكن الاغتراف
وغسل ما نجس منهما، فأمر عليه السلام بوضع الطاهر منهما في الماء والاغتراف به منه
للتوضي، أي غسل النجس منهما. والخبر الثاني إنما نفى البأس عن نزو (3) الماء من
الأرض ووقوعه في الإناء، وليس نصا في الوقوع في الماء، ولا عدم تنجيسه
[الماء لو وقع فيه.
واحتمال الإناء فيه إناء يغترف به من كثير أو جار أو بئر أو إناء آخر، فلا بأس
بتنجسه] (4) وتنجس ما فيه من الماء، لجواز تطهيره بعده بصب الماء أو الغسل في
الكثير أو الجاري أو البئر إن لم ينجسها.
واحتمال القذر في الثالث غير النجس، والصب الصب على الكوز لتطهيره،
وخصوصا على النسخة الأخرى. والرابع إنما نفى البأس عن الاستقاء بجلد
الخنزير، وغايته جواز استعماله، أو عدم تنجيسه ما يستقى منه، فيجوز كونه بئرا
وجاريا وكثيرا. أو يجوز أن يسع الدلو كرا، فلا ينجس ما فيه أيضا. ويجوز أن
يكون أبو مريم ظن ما فيه عذرة ولم يكنها.
ويحتمل (5) أن يكون أطلق العذرة على بعض الفضلات الطاهرة، ويجوز
رجوع ضمير رأسه إلى الركى أي نزح منه دلوا أو دلا أو أكفاء ما في الدلو وتوضأ
بالباقي في الركى، والفيران في السابع يحتمل الحياة، والصب في الإناء ليس نصا
في الطهارة، والاستعمال فيما يشترط بها، ولو سلم فإنما يدل على طهارة البئر.

(1) في ص (العذرة).
(2) ما بين المعقوفين زيادة من ك و ص.
(3) في س و ط (نزول).
(4) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(5) ليس في ص و ك.
272

والأواني المذكورة في الثامن يمكن اشتمالها على الكر، وإنما أمر بالاجتناب مع
الانفساخ لغلبة التغير معه، أو لأنه إذا استعمل شئ من مائها بقي الباقي أقل من
كر مع بعض أجزاء المنفسخ.
ويحتمل سقوط هذه الأشياء فيها مع فراغها أو اشتمالها على الماء، ويكون
المراد أنه إذا تفسخ (1) فيها أحد المذكورات ثم ألقي وملئت من كثير أو جاري،
فينبغي الاجتناب عنها ما لم يبالغ في تطهيرها لتغيرها به الموجب لتغير ما يجعل
فيها من الماء، وجواز بقاء شئ من أجزاء المنفسخ فيها. ويبعد هذا الاحتمال لفظة
(من) في قوله: راوية من ماء.
و (سواء) في التنجس بالملاقاة (قلت النجاسة كرؤوس الإبر من
الدم) التي لا تدرك إذا وقعت في الماء (أو كثرت) وفاقا للأكثر للعمومات،
وخلافا للاستبصار في مثل رؤوس الإبر من الدم (2)، وللمبسوط فيه: منه ومن
غيره، لعسر الاحتراز عنه (3). وهو ضعيف، ولصحيح علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام
عمن رعف فامتخط فصار بعض ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب إناءه فهل يصح له
الوضوء منه؟ فقال: إن لم يكن شيئا يستبين في الماء فلا بأس، وإن كان شيئا بينا
فلا يتوضأ منه (4).
ويحتمل أن يكون المعنى إن علم وقوعه في الماء اجتنب، وإلا فلا.
وفي الذكرى: مورد الرواية دم الأنف، ويمكن العموم في الدم لعدم الفارق،
ويمكن اخراج الدماء الثلاثة لغلظ نجاستها (5).
(وسواء) في حكمي الكثير والقليل (كان ماء غدير أو آنية أو حوض
أو غيرها) وفاقا للأكثر، للعمومات والأصل، وخصوص نحو قول الباقر عليه السلام

(1) في م و س و ص (انفسخ).
(2) الإستبصار: ج 1 ص 23 ذيل الحديث 57.
(3) المبسوط: ج 1 ص 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 112 ب 8 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(5) ذكرى الشيعة: ص 9 س 12.
273

في خبر السكوني: إن النبي صلى الله عليه وآله أتى الماء، فأتاه أهل الماء فقالوا: يا رسول
الله صلى الله عليه وآله إن حياضنا هذه تردها السباع والكلاب والبهائم، قال: لها ما أخذت
بأفواهها ولكم سائر ذلك (1). وما سمعته آنفا من قوله عليه السلام: في راوية من ماء أو
جرة أو قربة أو حب. وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: لا تشرب سؤر الكلب
إلا أن يكون حوضا كبيرا يستقى به (2). خلافا للمفيد (3) وسلا ر (4) فنجسا بالملاقاة
ما في الحياض والأواني [وإن كثر.
وهو ظاهر النهاية (5) في الأواني] (6)، لعموم ما دل على اجتنابه بملاقاته
النجاسة، كخبر عمار: سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يجد في إنائه فأرة وقد توضأ
من ذلك الإناء مرارا وغسل منه ثيابه واغتسل منه وقد كانت الفأرة منسلخة،
فقال: عليه السلام: إن كان رآها في الإناء قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم فعل
ذلك بعدما رآها في الإناء فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كل ما أصابه ذلك الماء،
ويعيد الوضوء والصلاة. وإن كان إنما رآها بعد ما فرغ من ذلك وفعله فلا يمس من
الماء شيئا، وليس عليه شئ، لأنه لا يعلم متى سقطت فيه. ثم قال: لعله أن يكون
إنما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها (7).
والجواب: الحمل على الغالب من قلة مياهها.
وفي المنتهى: والحق أن مرادهما بالكثرة هنا الكثرة العرفية بالنسبة إلى الأواني والحياض التي يسقى منها الدواب، وهي غالبا تقصر عن الكر (8)، وأشار
إليه في التذكرة أيضا (9).

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 414 ح 1307، وفيه: (إسماعيل بن مسلم).
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 117 ب 9 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(3) المقنعة: ص 64.
(4) المراسم: ص 36.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 202.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 106 ب 4 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 9 س 18.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 38.
274

(والحوالة في الأشبار على المعتاد) أي الغالب في الرجال، فإن إحالة
الشرع عليه إذا لم يعين شيئا (والتقدير) للكر بأحد المقدارين (تحقيق لا
تقريب) كما حكي عن الشافعي (1)، ويعطيه كلام أبي علي، لقوله: إن الكر ما بلغ
تكسيره نحوا من مائة شبر (2)، لأنه الأصل، وخصوصا فيما يترتب عليه
الطهارات من الأخباث، والأحداث المنوطة بها العبادات.
ولا ينافيه اختلاف التقديرين، فإنه لاختلاف المياه، ولاختلاف (3) الأشبار
فإنه غير محسوس. ولو سلم فلا يعني بالتحقيق (4) إلا عدم جواز النقصان من
الأقل، وفي المعتبر: إن الأشبه أنه تحقيق (5).
(فروع) ثلاثة:
(أ: لو تغير) بالنجاسة (بعض الزائد على الكر، فإن كان الباقي كرا
فصاعدا اختص المتغير) عندنا (بالتنجيس) خلافا لبعض الشافعية (6)
فنجس الجميع (وإلا) يكن الباقي كرا (عم) التنجيس (الجميع). فالمتغير
لتغيره والباقي لكونه قليلا لاقى نجسا.
(ب: لو اغترف) دفعة (ماء من الكر المتصل بالنجاسة المتميزة)
الغير المغيرة (كان المأخوذ طاهرا) لأنه جز من الطاهر (و) كان كل من
(الباقي) وظاهر الإناء (نجسا. ولو لم تتميز (7) النجاسة (كان الباقي
طاهرا أيضا) وكذا ظاهر الإناء، والكل طاهر.

(1) الحاكي هو العلامة في تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 38. (2) نقله عنه العلامة في المختلف: ج 1 ص 183.
(3) في ك (لا اختلاف) وفي ص (اختلاف).
(4) في ط (فليست بعد التحقيق).
(5) المعتبر: ج 1 ص 47.
(6) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 29 - 30.
(7) في القواعد والايضاح والجامع (يتميز).
275

وعلى الأول إن دخلت النجاسة الإناء [فإن دخلته مع أول جز] (1) من الماء
أو قبله فما في الإناء نجس، والباقي وظاهر الإناء طاهران، [وإلا نجس الجميع] (2).
(ج: لو وجد نجاسة في الكر) أو أكثر (وشك في وقوعها قبل بلوغ
الكرية أو بعدها فهو طاهر) للأصل، ونحو قول الصادق عليه السلام: الماء كله طاهر
حتى يعلم أنه قذر (3).
(ولو) وجد فيه نجاسة و (شك في بلوغ الكرية فهو نجس)
لاشتراط عدم التأثر بها ولم يعلم. واحتمال الطهارة، للأصل، وانتفاء العلم بالتأثر
مضمحل، بأن الأصل عند ملاقاة النجس التنجيس.
(الثالث) من أقسام الماء:
(ماء البئر)
وهو (إن غيرت النجاسة أحد أوصافه) المعروفة (نجس (4) إجماعا)
ونصا كغيره إذا استوعب المتغير جميعه، وإلا فالمتغير نجس إجماعا، وغيره مبني
على الخلاف الآتي.
(وإن لاقته) النجاسة (من غير تغيير (5) فقولان، أقربهما البقاء على
الطهارة) وفاقا للحسن (6). وحكي عن ابن الغضائري (7) ومفيد الدين بن
الجهم (8)، للأصل والاعتبار، إذ يبعد الحكم بنجاسته مع نبعه، وكونه أضعاف كر ما
كان في البئر، فإذا أخرج وجمع مقدار كر لم ينجس إلا بالتغير مع انقطاعه عن

(1) في ص و ك (مع جز).
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 100 ب 1 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(4) في جامع المقاصد (نجست).
(5) في الإيضاح (تغير).
(6) نقله عنه العلامة في المختلف: ج 1 ص 187.
(7) حكاه عنه المحقق العاملي في مداركه: ج 1 ص 54.
(8) حكاه عنه في روض الجنان: ص 144 س 21.
276

المادة.
[وكذا يبعد أن يكون كر من ماء محقون وقعت فيه نجاسة متميزة طاهرا، فإذا
فرضنا صبه مع ما فيه من النجاسة في بئر تنجس] (1).
وكذا يبعد أن يطهر حافات البئر والدلو والرشاء إذا نزح من البئر ما يقال: إنه
يطهرها، ولعموم نحو: كل ماء طاهر حتى يعلم أنه قذر. ولخبر أبي بصير: سأل
الصادق عليه السلام عن بئر يستقى منها ويتوضأ به وغسل منه الثياب وعجن به ثم علم
أنه كان فيها ميت، قال: لا بأس، ولا تغسل الثوب ولا تعاد منه الصلاة (2).
وقوله عليه السلام في خبر أبي أسامة وأبي يوسف يعقوب بن عثيم: إذا وقع في البئر
الطير والدجاجة والفأرة فانزح منها سبع دلا، قلنا: فما تقول في صلاتنا
ووضوئنا وما أصاب ثيابنا، فقال: لا بأس به (3). وفي خبر معاوية بن عمار: لا
يغسل الثوب ولا تعاد الصلاة مما وقع في البئر إلا أن ينتن (4). وقول الرضا عليه السلام في
صحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع: ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير (5).
وهل يشترط في البقاء على الطهارة الكرية؟ حكي الاشتراط عن الشيخ أبي
الحسن محمد بن محمد البصري (6)، ويقتضيه اختيار المصنف اعتبارها في
الجاري، لعموم الدليل، وهنا أولى.
وينص عليه بخصوصه ما مر من قول الصادق عليه السلام في خبر الثوري: إذا كان
الماء في الركى كرا لم ينجسه شئ (7).

(1) ما بين المعقوفين ساقط من س و م.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 126 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 128 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 12.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 127 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 10.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 105 ب 3 من أبواب الماء المطلق ح 10.
(6) حكاه عنه الشهيد في الذكرى: ص 9 السطر الأخير.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 118 ب 9 من أبواب الماء المطلق ح 8.
277

وما روي عن الرضا عليه السلام من قوله: وكل بئر عمق ماؤها ثلاثة أشبار ونصف
في مثلها فسبيلها سبيل الماء الجاري، إلا أن يتغير لونها وطعمها ورائحتها (1).
ويحتمله خبر عمار: إن الصادق عليه السلام سئل عن البئر يقع فيها زنبيل عذرة
يابسة أو رطبة، فقال: لا بأس به إذا كان فيها ماء كثير (2).
وعن الجعفي اعتبار ذراعين في الأبعاد الثلاثة (3).
ثم على القول بالبقاء على الطهارة هل يجب النزح تعبدا أم يستحب؟ نص في
التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5) والارشاد (6) والتبصرة (7) على الاستحباب.
وفي المنتهى على التعبد (8)، ويظهر منه الوجوب. ونص عليه بعض
المتأخرين، وينسب (9) إلى كتابي الشيخ في الأخبار، وفيه أن كلامه فيهما لا يدل
على البقاء على الطهارة، بل النجاسة صريح التهذيب (10).
وثاني القولين التنجس بالملاقاة مطلقا، وهو المشهور، وخيرة التلخيص (11).
ونفى عنه الخلاف في التهذيب (12) والاستبصار (13) والسرائر (14) والمصريات
للمحقق (15).

(1) فقه الرضا: ص 91.
(2) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 15 ج 1 ص 128.
(3) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 9 س 37.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 28.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 260.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 237.
(7) تبصرة المتعلمين: ص 3.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 12 س 5.
(9) الناسب هو المحقق الفقيه ابن فهد الحلي في كتاب المقتصر: ص 33، وصاحب المدارك:
ج 1 ص 54 ولم يذكر فيه الاستبصار.
(10) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 408 ذيل الحديث 1282.
(11) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 270 - 271.
(12) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 240 ذيل الحديث 693.
(13) لم نعثر عليه في الإستبصار.
(14) السرائر: ج 1 ص 69.
(15) رسالة المسائل المصرية (النهاية ونكتها: أخر الجز الثالث) ص 28.
278

وحكى عليه الاجماع في الانتصار (1) والغنية (2)، وهو ظاهر قول الكاظم عليه السلام
في الصحيح لعلي بن يقطين: يجزيك أن تنزح منها دلا، فإن ذلك يطهرها إن شاء
الله (3). وصحيح محمد بن إسماعيل بن بزيع كتب إلى رجل يسأل الرضا عليه السلام عن
البئر في المنزل يقطر فيها قطرات من دم أو بول، أو يسقط فيها شئ من عذرة
كالبعرة أو نحوها، ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة؟ فوقع عليه السلام
بخطه: ينزح منها دلا (4).

(1) الإنتصار: ص 11.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 السطر الأخير.
(3) وسائل الشيعة: ح 2 ج 1 ص 134 ب 17 من أبواب الماء المطلق.
(4) وسائل الشيعة: ح 21 ج 1 ص 130 ب 14 من أبواب الماء المطلق.
279

(الفصل الثاني)
(في المضاف والأسآر)
(المضاف هو ما (1)) مده أولى، لكونه صريح المقسم، وصريحا في
تسميته ماء، فلا يكون التعريف بالأعم وإن جاز في اللفظيات. ويرجع محصله إلى
أنه الذي يطلق عليه اسم الماء مضافا، و (لا يصدق إطلاق اسم الماء عليه)
بلا إضافة.
(ويمكن سلبه عنه) وإن أمكن إثباته أيضا، كأن يقال لماء الورد، أو (2)
الزعفران: هذا ماء. وإنما زاد هذا القيد ليكون قرينة على أن المراد بإطلاق اسمه
عليه الذي نفاه هو التعبير به عنه، كأن يقال: اسقني ماء لا الحمل، فإنه صادق،
ولكن مجازا، والقرينة الإشارة بدليل صدق السلب.
وربما كان قوله: (هو ماء) إشارة إلى حمل الماء عليه. ولعله لم يكتف بقوله:
ماء يمكن سلب اسم الماء عنه، لأن في قوله: (لا يصدق إطلاق اسم الماء عليه)
إشارة إلى إطلاقه عليه مضافا، وهو الوجه في تسميته مضافا. ولا يرد أنه كما
يصدق الحمل مجازا فكذا التعبير، وكما لا يصدق الثاني حقيقة فكذا الأول، لما
أشرنا إليه من وجود القرينة في الحمل، وهي الإشارة، بخلاف التعبير عنه بإطلاق

(1) في القواعد والايضاح والجامع (ما).
(2) في ص و ك: (و).
280

اسمه عليه، فإن المراد بإطلاقه التعبير بلا قرينة على الإضافة، فلا يصدق، لعدم
جواز التجوز بلا قرينة.
وهو (كالمعتصر من الأجسام) من أجزائها، لا من السحاب والثياب
والاسفنجات ونحوها، ومنه المصعد (والممتزج بها مزجا يخرجه عن
الاطلاق) ومنه الأمراق، وفي الذكرى: إنها كالحبر والصبغ في خروجها عن
الماء مطلقا (1).
(وهو (2) في نفسه (طاهر) مع طهارة أصله (غير مطهر لا من
الحدث) كما قاله الصدوق في الفقيه (3) والأمالي (4) والهداية، من جواز الوضوء
والاغتسال من الجنابة بماء الورد (5).
(ولا من الخبث) كما قاله السيد في الناصريات (6)، والمفيد في مسائل
الخلاف (7)، لا اختيارا ولا اضطرارا، كما يحتمله كلام الحسن بقوله: ما سقط في
الماء مما ليس بنجس ولا محرم، فغير لونه أو طعمه أو رائحته حتى أضيف إليه مثل
ماء الورد وماء الزعفران وماء الخلوق وماء الحمص وماء العصفر، فلا يجوز
استعماله عند وجود غيره، وجاز في حال الضرورة عند عدم غيره (8). وفاقا
للمشهور، للأصل، وقوله تعالى: (فلم تجدوا ماء فتيمموا (9)، ونحو قولهم::
إنما هو الماء والصعيد (10)، وإنما هو الماء أو التيمم (11)، والأخبار الآمرة بغسل
النجس بالماء.

(1) ذكرى الشيعة: ص 7 س 21.
(2) في جامع المقاصد (فهو).
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 6 ذيل الحديث 3.
(4) أمالي الصدوق: ص 514.
(5) الهداية: ص 13.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 219 المسألة 22.
(7) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 82.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 222.
(9) المائدة: 6.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 146 ب 2 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 146 ب 2 من أبواب الماء المطلق ح 2.
281

وسبق الاجماع الصدوق ومن تأخره كما في الذكرى (1) والشرائع (2)
والتذكرة (3) ونهاية الإحكام (4) والغنية (5) والتحرير (6). ونفى عنه الخلاف في
المبسوط (7) والسرائر (8).
ودليل الصدوق خبر يونس سأل الكاظم عليه السلام: الرجل يغتسل بماء الورد
ويتوضأ به للصلاة، قال: لا بأس بذلك (9). وهو مع الضعف والشذوذ يحتمل
الاغتسال فيه معناه اللغوي، وكذا التوضأ بمعنى التنظيف والتعطر به للصلاة،
ويحتمل ماء الورد: الماء الواقع فيه الورد دون المصعد منه.
ودليل السيد (10) والمفيد (11) الاجماع كما ادعاه السيد (12)، وإطلاق الأمر
بالتطهير أو الغسل في النصوص مع شمولهما للإزالة بكل مائع، وأصالة عدم
الاختصاص بالمطلق، وعدم المانع شرعا من استعمال غيره في الإزالة، وتبعية
النجاسة للعين، فإذا زالت زالت. وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر غياث بن
إبراهيم: لا بأس أن يغسل الدم بالبصاق (13). وعمل به أبو علي (14)، وحسن حكم
بن حكيم الصيرفي قال للصادق عليه السلام: أبول فلا أصيب الماء وقد أصاب يدي شئ
من البول فأمسحه بالحائط والتراب، ثم تعرق يدي فأمس وجهي أو بعض جسدي أو

(1) ذكرى الشيعة: ص 7 س 23.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 15.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 5 س 2.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 236.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 17.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 5 س 19.
(7) المبسوط: ج 1 ص 5.
(8) السرائر: ج 1 ص 59.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 148 ب 3 من أبواب الماء المضاف ح 1.
(10) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 215 المسألة 4.
(11) المعتبر: ج 1 ص 82 عنه.
(12) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 215 س 17.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 149 ب 3 من أبواب الماء المضاف ح 2.
(14) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 493.
282

يصيب ثوبي، قال: لا بأس به (1). وضعف الجميع واضح.
(فإن وقعت فيه نجاسة) أي نجس بالذات أو بالعرض (فهو نجس)
تغير أم لا (قليلا كان أو كثيرا) إجماعا. ورد على النجاسة أو وردت عليه، إلا
على القول بتطهيره من الخبث، فلا بد من أن لا ينجس إذا ورد عليها.
(فإن مزج طاهره بالمطلق، فإن بقي الاطلاق فهو مطلق) وإن
تغيرت صفاته، (وإلا فمضاف) وإن لم يتغير. والمرجع فيهما العرف، ولعله
يختلف باختلاف المضافات [في الصفات] (2)، وسمعت ما في المهذب من الحكم
بالإضافة إذا تساويا أو زاد المضاف (3)، وخلاف الشيخ (4) في التساوي.
وأما الأسار فهي جمع سؤر، وهو في اللغة: البقية من كل شئ، أو ما يبقيه
المتناول من الطعام والشراب، أو من الماء خاصة. وعلى كل فالقلة مفهومة أيضا،
فلا يقال لما يبقى في النهر أو البئر أو الحياض الكبار إذا شرب منها.
والمراد هنا: ما يبقيه المتناول أو ما يعمه، وما في حكمه من كل طاهر أو ماء
طاهر قليل، باشره حيوان خالي موضع مباشرته من نجاسة خارجة كانت
المباشرة بالشرب أو غيره.
(وسؤر كل حيوان طاهر طاهر) إجماعا كما في الغنية (5)، إلا أن في
المبسوط (6) والمهذب (7) المنع من استعمال سؤر ما لا يؤكل لحمه من حيوان
الحضر غير الآدمي والطيور، إلا ما لا يمكن التحرز منه كالهر والفأرة والحية.
وفي السرائر الحكم بنجاسته (8)، ويجوز أن يراد المنع من استعماله.
[وفي التهذيب المنع من استعمال] (9) سؤر ما لا يؤكل لحمه إلا الطيور

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1005 ب 6 من أبواب النجاسات ح 1.
(2) في ص (والصفات).
(3) المهذب: ج 1 ص 24.
(4) المبسوط: ج 1 ص 8.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 25.
(6) المبسوط: ح 1 ص 10.
(7) المهذب: ج 1 ص 25.
(8) السرائر: ج 1 ص 85.
(9) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
283

والسنور، من غير فرق بين حيوان الحضر والبر (1)، ونحوه في الإستبصار، إلا أن
مكان السنور فيه الفأرة (2).
ويظهر من تعليله إباحة سؤر الفأرة فيه بمشقة الاحتزار، العموم لكل ما يشق
الاحتراز منه كما في المبسوط (3). ومن إيراد أخبار عللت إباحة سؤر السنور
بكونه سبعا في التهذيب (4) عموم الإباحة لأسار السباع.
واستدل على المنع بمفهوم قول الصادق عليه السلام في خبر عمار: كل ما أكل لحمه
يتوضأ بسؤره ويشرب (5). وضعفه ظاهر.
والأصل الإباحة، ويؤيده الاحتياط من بعض الوجوه، وعلى استثناء ما ذكر
بنحو قوله عليه السلام في خبره أيضا: كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه، إلا أن
يرى في منقاره دما (6). وفي خبر أبي بصير: فضل الحمامة والدجاج لا بأس به
والطير (7). وفي خبر معاوية بن عمار: في الهرة أنها من أهل البيت ويتوضأ من
سؤرها (8). وفي خبر أبي الصباح: كان علي عليه السلام يقول: لا تدع فضل السنور، إلا أن
يتوضأ منه، إنما هي سبع (9).
وصحيح البقباق سأله عليه السلام عن فضل الهرة والشاة والبقرة والإبل والحمار
والخيل والبغال والوحش والسباع، قال: فلم أترك شيئا إلا سألته عنه، فقال: لا
بأس به (10) وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر إسحاق بن عمار: لا بأس بسؤر الفأرة إذا

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 224 و 228 ذيل الحديث 642 و 659.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 26 ذيل الحديث 64.
(3) المبسوط: ج 1 ص 10.
(4) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 225 - 227 ح 644 و 653.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 166 ب 4 من أبواب الأسئار ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 166 ب 4 من أبواب الأسئار ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 166 ب 4 من أبواب الأسئار ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 164 ب 2 من أبواب الأسئار ح 1.
(9) المصدر السابق ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 163 ب 1 من أبواب الأسئار ح 4.
284

شربت من الإناء أن تشرب منه وتتوضأ منه (1). وصحيح علي بن جعفر: سأل
أخاه عليه السلام عن العظاية والحية والوزغ يقع في الماء فلا تموت أيتوضأ منه للصلاة؟
قال: لا بأس (2).
(وسؤر النجس - وهو الكلب والخنزير والكافر -) وإن انتحل
الاسلام كالخوارج والغلاة، وسيأتي الخلاف في الحيوانات، وفي أهل الكتاب،
وكل من خالف الحق عدا المستضعف (3)، (نجس) إجماعا وللنصوص، ولا
ينافيه نحو خبر علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن اليهودي والنصراني يدخل يده
في الماء أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا، إلا أن يضطر إليه (4). لجواز الاضطرار للتقية،
مع الخلاف في نجاسة أهل الكتاب.
(ويكره سؤر الجلا ل) كما في جمل العلم والعمل (5) والمراسم (6)
والشرائع (7) والمعتبر (8) (وآكل الجيف) كما في المقنعة (9) والشرائع (10)
والمعتبر (11) وغيرها عدا السنور، كما نص عليه في التذكرة (12)، للأخبار، وقوله:
(مع طهارة الفم) يحتمل التعلق بالجلا ل أيضا، وكلام القاضي في المهذب
يعطي نجاسة السؤرين (13). ونجس أبو علي (14) سؤر الجلا ل.
وفي الإصباح نجاسة سؤر جلا ل الطيور (15). ولم نظفر بدليل على كراهتهما

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 171 ب 9 من أبواب الأسئار ح 2.
(2) المصدر السابق ح 1.
(3) في س (المستضعفين).
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1020 ب 14 من أبواب النجاسات ذيل الحديث 9.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 23.
(6) المراسم: ص 37.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 16.
(8) المعتبر: ج 1 ص 97.
(9) المقنعة: ص 65.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 16.
(11) المعتبر: ج 1 ص 98.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 6 س 2.
(13) المهذب: ج 1 ص 25.
(14) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 9 22.
(15) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 424.
285

بخصوصهما فضلا عن النجاسة، والأصل والعمومات بنفيهما، إلا مرسل الوشاء
عن الصادق عليه السلام: إنه كان يكره سؤر كل شئ لا يؤكل لحمه (1).
(و) يكره سؤر (الحائض المتهمة) بالنجاسة كما في النهاية (2)
والوسيلة (3) والسرائر (4) والمعتبر (5)، بل غير المأمونة كما في المقنعة (6) والمراسم (7)
والجامع (8) والمهذب (9) والشرائع (10)، لخبر علي بن يقطين عن الكاظم عليه السلام: في
التوضؤ بفضل الحائض، فقال: إذا كانت مأمونة فلا بأس (11). وخبر عيص بن
القاسم: سأل الصادق عليه السلام عن سؤر الحائض، فقال: توضأ منه، وتوضأ من سؤر
الجنب إذا كانت مأمونة. كذا في التهذيب (12) والاستبصار (13).
وفي الكافي: لا يتوضأ منه (14)، وهو يفيد كراهة سؤرها مطلقا، كما أطلق أبو
علي (15) والسيد في المصباح (16)، والشيخ في المبسوط (17).
ويؤيده إطلاق خبر أبي بصير: سأله عليه السلام هل يتوضأ من فضل الحائض؟
قال: لا (18).
ثم الأخبار إنما نهت الوضوء بسؤرها. وقال الصادق عليه السلام في خبر عنبسة:

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 167 ب 5 من أبواب الأسئار ح 2.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 23.
(3) الوسيلة: ص 72.
(4) السرائر: ج 1 ص 62.
(5) المعتبر: ج 1 ص 99.
(6) المقنعة: ص 584.
(7) المراسم: ص 36.
(8) الجامع للشرائع: ص 20.
(9) المهذب: ج 2 ص 430.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 16.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 170 ب 8 من أبواب الأسئار ح 5.
(12) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 222 ح 633.
(13) الإستبصار: ج 1 ص 17 ح 31.
(14) الكافي ج 3 ص 10 ح 2.
(15) لم أعثر عليه في الكتب المتوفرة لدينا.
(16) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 232.
(17) المبسوط: ج 1 ص 10.
(18) وسائل الشيعة: ج 1 ص 170 ب 8 من أبواب الأسئار ح 7.
286

سؤر الحائض يشرب منه ولا يتوضأ (1)، ونحوه في خبر الحسين (2) بن أبي العلا.
وظاهر المقنع (3) المنع من الوضوء والشرب من سؤرها مطلقا. والظاهر
التحاق كل من لا يؤمن بها، كما نص عليه في البيان (4) ويعطيه كلام الشيخين (5)
وابن إدريس (6) والمحقق (7) في الأطعمة، للاحتياط، أو فحوى الأخبار الناهية
عن سؤرها. وبخصوص سؤر الجنب الغير المأمون ما سمعته من خبر العيص.
(و) يكره سؤر (الدجاج) كما في المبسوط (8) والإصباح (9)
والجامع (10)، قال المحقق: وهو حسن إن قصد المهملة، لأنها لا تنفك من الاغتذاء
بالنجاسة (11)، وقد مر خبر أبي بصير الناص على نفي البأس عنه (12). وخبر عمار:
ينفيه عن سؤر كل ما يؤكل لحمه (13).
وفي الفقيه: سئل الصادق عليه السلام عن ماء شربت منه دجاجة، فقال: إن كان في
منقارها قذر لم تتوضأ منه ولم تشرب، وإن لم تعلم في منقارها قذر توضأ منه
واشرب (14).
(والبغال والحمير) كما في الشرائع (15) والإصباح (16) والمبسوط (17)

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 170 ب 8 من أبواب الأسئار ح 6.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) المقنع: ج 1 ص 6.
(4) البيان: ص 46.
(5) المقنعة: ص 584، النهاية ونكتها: ج 3 ص 106.
(6) السرائر: ج 3 ص 123.
(7) شرائع الاسلام: ج 3 ص 228.
(8) المبسوط: ج 1 ص 10.
(9) إصباحالشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 4.
(10) الجامع للشرائع: ص 20.
(11) المعتبر: ج 1 ص 100.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 166 ب 4 من أبواب الأسئار ح 1.
(13) المصدر السابق ح 2.
(14) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 13 ح 18.
(15) شرائع الاسلام: ج 1 ص 16.
(16) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 4.
(17) المبسوط: ج 1 ص 10.
287

والمهذب (1)، وزيد فيهما الدواب.
وفي الإقتصاد (2) والوسيلة (3) والمنتهى (4) ونهاية الإحكام (5) والذكرى (6)
والبيان (7) والدروس كراهة سؤر كل ما يكره لحمه (8). واستدل عليه في نهاية
الأحكام بأن فضلات الفم تابعة للحم في الكراهية (9)، وهو مع التسليم لا يستلزم
كراهة التطهر (10)، ولا استعمال ما باشره بغير الشرب أو به، بدون مخالطة الماء
بشئ من فضلات الفم.
وأما خبر زرعة، عن سماعة، قال: سألته هل يشرب سؤر شئ من الدواب
ويتوضأ منه؟ قال: أما الإبل والبقر والغنم فلا بأس (11). فهو مع الاضمار والضعف
ضعيف الدلالة جدا، مع ما مر من صحيح البقباق (12) عن الصادق عليه السلام، وصحيح
جميل بن دراج: سأله عليه السلام عن سؤر الدواب والبقر والغنم أيتوضأ منه ويشرب؟
فقال: لا بأس به (13).
(و) يكره سؤر (الفأرة) كما في الوسيلة (14) والمهذب (15) والجامع (16)
والشرائع (17)، لما مر من كراهية سؤر ما لا يؤكل لحمه، وما سيأتي من الأمر بغسل
الثوب إذا مشت عليه الفأرة رطبة، ولصحيح علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن
الفأرة والكلب إذا أكلا من الخبز أو شماه أيؤكل؟ قال: يطرح ما شماه ويؤكل

(1) المهذب: ج 1 ص 25.
(2) الإقتصاد: ص 254.
(3) الوسيلة: ص 76.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 25 س 22.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 240.
(6) ذكرى الشيعة: ص 12 س 33.
(7) البيان: ص 46.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 123 درس 18.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 240.
(10) في س (التطهير).
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 167 ب 5 من أبواب الأسئار ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 163 ب 1 من أبواب الأسئار ح 4.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 167 ب 5 من أبواب الأسئار ح 4.
(14) الوسيلة: ص 364.
(15) المهذب: ج 1 ص 25.
(16) الجامع للشرائع: ص 20.
(17) شرائع الاسلام: ج 1 ص 16.
288

الباقي (1). ونحوه خبر عمار، عن الصادق عليه السلام (2) مع خبر إسحاق بن عمار
عنه عليه السلام: إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: لا بأس بسؤر الفأرة إذا شربت من الإناء أن
تشرب منه وتتوضأ منه (3).
وفي السرائر اقتصر على رواية كراهته (4). وفي النهاية: إن الأفضل ترك
استعماله (5). مع حكمه في باب تطهير الثياب: أن الفأرة كالكلب والخنزير في أنها
إذا أصابت ثوبا رطبة وجب غسل موضع الإصابة (6).
ويمكن أن يريد بالوجوب ما يعم الاستحباب المؤكد.
وأفتى الصدوق في الفقيه (7) والمقنع (8) بنحو صحيح علي بن جعفر.
(و) يكره سؤر (الحية) كما في الشرائع (9). وفي النهاية (10) لجعله الترك
أفضل للسم، وعموم مرسل الوشاء (11)، وخبر أبي بصير: سأل الصادق عليه السلام عن حية
دخلت حبا فيه ماء وخرجت منه، قال: إن وجد ماء غيره فليهرقه (12). وظاهر
المعتبر انتفاء الكراهة عنه وعن سؤر الفأرة (13).
(و) يكره سؤر (ولد الزنا) كما في المعتبر (14) بمرسل الوشاء عن
الصادق عليه السلام: إنه كره سؤر ولد الزنا واليهودي والنصارى والمشرك وكل ما

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1052 ب 36 من أبواب النجاسات ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 171 ب 9 من أبواب الأسئار ح 2.
(4) السرائر: ج 3 ص 123.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 206.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 267.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 15 ذيل الحديث 20.
(8) المقنع: ص 11.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 16.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 205.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 167 ب 5 من أبواب الأسئار ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 172 ب 9 من أبواب الأسئار ح 3.
(13) المعتبر: ج 1 ص 100.
(14) المعتبر: ج 1 ص 98.
289

خالف الاسلام (1). وقوله عليه السلام في خبر ابن أبي يعفور: لا تغتسل من البئر التي
يجتمع فيها غسالة الحمام، [فإن فيها غسالة ولد الزنا، وهو لا يطهر إلى سبعة
آباء (2): وقول الكاظم عليه السلام في خبر حمزة بن أحمد: لا تغتسل من البئر التي تجتمع
فيها ماء الحمام] (3)، فإنه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا
أهل البيت [وهو شرهم (4)] (5).
ونجسه الصدوق (6) والسيد (7) وابن إدريس (8) بناء على كفره، وظاهر النهي
في الخبرين ومقارنته الكفار في الأول.
والجواب: المنع من الكفر، والأصل، وضعف الأخبار عن الحكم بالحرمة
سندا ودلالة، وفي الخلاف: الاجماع على طهارته (9).
(فروع) ثلاثة:
(أ: لو نجس المضاف) بما لم يغيره في شئ من أوصافه (ثم امتزج
بالمطلق الكثير، فغير أحد أوصافه) ولم يسلبه الاطلاق (فالمطلق على
طهارته) وتطهيره، لأنه لم يتغير بالنجاسة، إلا على ظاهر المبسوط (10) وقد مضى.
وفي قوله: (فالمطلق) فائدتان:
إحداهما: الإشارة إلى أنه لم يسلبه الاطلاق.
والثانية: الإشارة إلى أنه لو امتزج بعض منه بالمطلق، والبعض متميز منه غير

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 165 ب 3 من أبواب الأسئار ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 159 ب 11 من أبواب الماء المضاف ح 4.
(3) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(4) زيادة من ط والوسائل.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 158 ب 11 من أبواب الماء المضاف ح 1.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 12 ذيل الحديث 16.
(7) الإنتصار: ص 273.
(8) السرائر: ح 1 ص 357.
(9) الخلاف: ج 1 ص 713 المسألة 522.
(10) المبسوط: ج 1 ص 5.
290

ممتزج (1)، فالظاهر (2) إنما هو المطلق دون المتميز.
(فإن سلبه الاطلاق، خرج عن كونه مطهرا) وهو ظاهر (لا) عن
كونه (طاهرا) كما في المبسوط (3) استصحابا، بأن المطلق الكثير الطاهر إنما
ينجس إذا تغير بعين النجاسة، وهنا لم يتغير إلا بالمتنجس. والأقرب ما في
المبسوط، لأن الاستصحاب إنما يتم ما بقيت حقيقة الماء، والفرض خلافه، وهو
خيرة نهاية الإحكام (4).
ولا فرق عنده بين إيراد المطلق على المضاف وعكسه، كما ينص عليه ما
سيذكر في تطهير المضاف وإن كانت الطهارة إذا ورد المطلق على المضاف
أضعف، لما سيأتي.
(ب: لو لم يكفه) ما يجده من (المطلق للطهارة) الواجبة عليه من
وضوء أو غسل (فتمم بالمضاف الطاهر وبقي الاسم صح الوضوء)
والغسل (به) اتفاقا.
(والأقرب وجوب التيمم) لتوقف الطهارة المائية الواجبة عليه،
ووجوب ما لا يتم الواجب المطلق إلا به، وعدم إجزاء التيمم، لأنه إنما يجزي إذا
لم يتمكن من تحصيل الماء أو استعماله وهو متمكن منهما. خلافا للمبسوط (5)،
بناء على اشتراط وجوب المائية بوجود الماء، وعدم وجوب تحصيل شرط
الواجب المشروط كالحج المشروط بالاستطاعة.
وفيه أن الشرط إما وجود الماء مطلقا وهو متحقق أبدا، أو وجوده عند
المتطهر وليس شرطا، وإلا لم يجب الطلب والتحصيل. فالطهارة واجب مطلق
بالنسبة إليه لا مشروط.

(1) في م و ص (مميز).
(2) في ط و ك (فالطاهر).
(3) المبسوط: ج 1 ص 5.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 237.
(5) المبسوط: ج 1 ص 9 - 10.
291

ويمكن دفعه بأن الواجب هو التحصيل بمعنى الوصول إلى الماء لا إيجاده،
فالطهارة بالنسبة إلى الايجاد [مشروط، والكلام هنا في الايجاد، فإنه بالتتميم
يوجد الماء، ولا عبرة بما يقال بعد تسليم وجوب الايجاد: إنه لا إيجاد] (1) هنا، بل
تحصيل اشتباه في الحس، فإن المراد إيجاد ما يطلق عليه اسم الماء، ويكفي فيه
تحصيل الاشتباه في الحس. وتردد المحقق في الوجوب (2).
(ج: لو تغير المطلق بطول لبثه) في أوصافه الثلاثة (لم يخرج) عن
الطهارة اتفاقا، ولا (عن الطهورية) خلافا لابن سيرين (3) (ما لم يسلبه
التغير الاطلاق) لكن يستحب التنزه عن الآجن إذا وجد غيره، لقول
الصادق عليه السلام في حسن الحلبي فيه: تتوضأ منه، إلا أن تجد ماء غيره فتنزه عنه (4).
وإن سلبه التغير عن الاطلاق خرج عن الطهورية.

(1) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(2) المعتبر: ج 1 ص 38.
(3) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 13.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 103 ب 3 من أبواب الماء المطلق ح 2.
292

(الفصل الثالث)
(في المستعمل)
في الطهارة من الحدث أو الخبث (أما ماء الوضوء) أي المنفصل من
الأعضاء عنده (فإنه طاهر مطهر) عندنا، وقال المفيد: والأفضل تحري المياه
الطاهرة التي لم تستعمل في أداء فريضة ولا سنة (1). وللعامة قول بنجاسته (2)،
وآخر بخروجه عن المطهرية (3).
(وكذا فضلته) أي بقية الماء القليل الذي توضأ به، (وفضلة الغسل) لا
خلاف في أنه طاهر مطهر.
وعن أحمد في تطهير (4) الرجل بفضل طهارة المرأة روايتان: إحداهما: المنع،
والأخرى: الكراهة (5).
وفي المقنع (6) والفقيه: لا بأس بأن تغتسل المرأة وزوجها من إناء واحد،
ولكن تغتسل بفضله، ولا يغتسل بفضلها (7).

(1) المقنعة: ص 64.
(2) نيل الأوطار: ج 1 ص 24.
(3) نيل الأوطار: ج 1 ص 28.
(4) في ص (تطهر).
(5) المجموع: ج 1 ص 191.
(6) المقنع: ص 13.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 17 ذيل الحديث 22.
293

(وأما ماء الغسل من الحدث الأكبر فإنه طاهر) إذا خلا البدن من
النجاسة (إجماعا) منا، خلافا لبعض العامة (1). (ومطهر على الأصح) وفاقا
للسيد (2) وسلا ر (3) وبني زهرة (4) وإدريس (5) وسعيد، للأصل والعمومات،
والاحتياط من وجه (6)، ونحو خبر شهاب بن عبد ربه عن الصادق عليه السلام: في الجنب
يغتسل فيقطر الماء من جسمه في الإناء أو ينتضح الماء من الأرض فيقع في
الإناء، فقال عليه السلام: لا بأس بهذا كله (7).
وفيه أنه مع احتمال أن يكون القطر قبل الاستعمال يجوز انتفاء البأس
للاستهلاك في ماء الإناء. ولذا أفتى الصدوق بمضمونه مع نفيه الطهورية عنه (8)،
وخلافا للشيخين (9) والصدوقين (10) وابني حمزة (11)، والبراج (12).
وفي الخلاف: لأكثر الأصحاب (13)، للاحتياط من وجه، وقول الصادق عليه السلام
في خبر عبد الله بن سنان: الماء الذي يغسل به الثوب (14) أو يغتسل به من الجنابة لا
يتوضأ به وأشباهه (15). وهو مع الضعف يحتمل التنزيه ونجاسة بدن الجنب.
والخلاف في التطهر (16) به من الحدث لا الخبث، كما نص عليه في السرائر (17)

(1) شرح فتح القدير: ج 1 ص 80.
(2) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى، المجموعة الثالثة): ص 22.
(3) المراسم: ص 33.
(4) الغنية: (الجوامع الفقهية): ص 490 س 18.
(5) السرائر: ج 1 ص 120.
(6) الجامع للشرائع: ص 26.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 154 ب 9 من أبواب الماء المضاف ح 6،.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 16 - 17 ذيل الحديث 22.
(9) المقنعة: ص 64، المبسوط: ج 1 ص 11.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 13 ذيل الحديث 17، نقله عن علي بن بابويه في مختلف
الشيعة: ج 1 ص 333.
(11) الوسيلة: ص 74.
(12) جواهر الفقه: ص 8.
(13) الخلاف: ج 1 ص 172 المسألة 126.
(14) ليس في م و ص و س.
(15) وسائل الشيعة: ج 1 ص 155 ب 9 من أبواب الماء المضاف ح 13.
(16) في س و م (التطهير).
(17) السرائر: ج 1 ص 61 - 62.
294

والمعتبر (1) والتذكرة (2) والمختلف (3) ونهاية الإحكام (4)، والمنتهى وفيه
الاجماع على تطهيره من الخبث (5)، وظاهر الذكرى الخلاف (6).
واحتمل الشيخ في الإستبصار جواز التطهر به للضرورة (7)، كما قد يفهم من
خبر ابن بزيع: كتب إلى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء ويستقى فيه
من بئر فيستنجي فيه الانسان من بوله أو يغتسل فيه الجنب ما حده الذي لا يجوز؟
فكتب: لا تتوضأ من مثل هذا إلا من ضرورة إليه (8). وهو مع الاضمار ظاهره كثرة
الماء، وإلا لم يجز الوضوء منه بحال مع الاستنجاء فيه من البول.
ويجوز أن يريد السائل السؤال عن الاستنجاء فيه من [البول والاغتسال فيه
من] (9) الجنابة. فأجيب بالنهي عنهما إلا من ضرورة، بأن يراد بالتوضؤ أحد
الأمرين، وعليه أيضا لا بد من كثرة الماء.
وحمل على الضرورة صحيح علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن الرجل
يصيب الماء في ساقية أو مستنقع أيغتسل من الجنابة أو يتوضأ منه للصلاة إذا كان
لا يجد غيره، والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ولا مدا للوضوء وهو متفرق، فكيف
يصنع وهو يتخوف أن تكون السباع قد شربت منه؟ فقال: إذا كانت يده نظيفة
فليأخذ كفا من الماء بيد واحدة، ولينضحه خلفه، [وكفا أمامه] (10)، وكفا عن يمينه،
وكفا عن شماله، فإن خشي أن لا يكفيه غسل رأسه ثلاث مرات ثم مسح جلده
بيده، فإن ذلك يجزئه. وإن كان الوضوء غسل وجهه ومسح يده على ذراعيه
ورأسه ورجليه، وإن كان الماء متفرقا وقدر أن يجمعه، وإلا اغتسل من هذا وهذا،

(1) المعتبر: ج 1 ص 90.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 5 س 18.
(3) مختلف الشيعة: ج 1 ص 233.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 242.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 23 س 9.
(6) ذكرى الشيعة: ص 12 س 11.
(7) الإستبصار: ج 1 ص 9 ذيل الحديث 11.
(8) وسائل الشيعة: ج 10 ص 120 ب 9 من أبواب الماء المطلق ح 15.
(9) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(10) ما بين المعقوفين ساقط من س.
295

فإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسله، فلا عليه أن يغتسل ويرجع
الماء فيه، فإن ذلك يجزئه (1).
ولعل معناه أي يغسل بعض أعضائه، ثم يأخذ مما انفصل منه لغسل الباقي به
وحده، أو مع بقية الماء.
ومعنى أوله أنه مع القلة يكفيه أن يأخذ كفا من الماء بيد واحدة، أي ليس
عليه أن يملأ كفيه، فيغسل بدنه بثلاث (2) أكف من الماء بعد ما كان غسل رأسه، وإن
لم يتسع الماء لذلك غسل رأسه ثلاثا ثم مسح سائر بدنه كالدهن.
وأورد للاعتراض (3) على عدم جواز التطهر بالمستعمل خبر ابن مسكان عن
صاحب له أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل ينتهي إلى الماء القليل في الطريق
فيريد أن يغتسل وليس معه إناء والماء في وهدة (4)، فإن هو اغتسل رجع غسله في
الماء، كيف يصنع؟ قال: ينضح بكف بين يديه، وكفا من خلفه، وكفا عن يمينه، وكفا
عن شماله، ثم يغتسل (5).
وأجاب تارة بالحمل على الأغسال المندوبة، وأخرى على الضرورة.
وعندي أن ظاهره المنع من استعمال المستعمل، فهو مؤكد لمذهبه لا منافي
ليفتقر إلى الجواب، فإن الظاهر أن السائل أراد (فإن هو اغتسل فيه) يعني أن الماء
أقل من الكر، فإن دخله واغتسل فيه، رجع إليه ماء غسله المنفصل من بدنه، كيف
يصنع حتى لا يمتزج به ماء غسله؟ فأجاب عليه السلام: بأنه لا يدخل الماء، بل يمسح
بدنه بأكف من الماء ليبتل، فيسهل جريان الماء عليه، ثم يغتسل من خارج.
(والمستعمل في غسل النجاسة) أي ما انفصل بالعصر أو بنفسه من

(1) مسائل علي بن جعفر ومستدركاته: ص 207 المسألة 447.
(2) في ص و ك (بأربع).
(3) في ك (للاعراض).
(4) الوهدة: بالفتح فالسكون المنخفض من الأرض. مجمع البحرين: ج 3 ص 167 (مادة
وهد).
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 157 ب 10 من أبواب الماء المضاف ح 2.
296

المتنجس بعد الصب عليه لتطهيره ويسمى الغسالة (نجس) كما في الإصباح (1)
والشرائع (2) والمعتبر (3) وظاهر المقنع (4).
(وإن لم يتغير بالنجاسة) كان من الغسلة الأولى فيما يجب تعدد غسله، أو
من غيرها، كما يقتضيه الاطلاق، ونص عليه في التحرير (5) والتذكرة (6)
والمنتهى (7). وكلامه فيه يعطي أن النزاع إنما هو في الغسلة الأخيرة. وفي نهاية
الأحكام: إن الأقرب أن زيادة الوزن كالتغير (8).
ودليل النجاسة عموم ما دل على نجاسة القليل بملاقاة النجاسة والمتنجس (9).
وما في الخلاف (10) والمنتهى (11) والمعتبر (12) من خبر عيص بن القاسم قال: سألته
عن رجل أصابه قطر من طشت فيه وضوء، فقال: إن كان من بول أو قذر فيغسل ما
أصابه (13).
وإذا وجب تعدد الغسل فالغسالة هل هي في النجاسة كالمحل قبلها حتى إذا
كانت غسالة الأولى فأصابت شيئا وجب غسله العدد، وإن كانت غسالة الثانية
نقصت واحدة وهكذا؟ أو كهو قبل الغسل حتى يجب كمال العدد مطلقا؟ وجهان:
من أن نجاستها فرع نجاسة المحل فيخف بخفتها، وهو الأقرب وفاقا للشهيد (14)
ومن أن نجاستها ليست إلا النجاسة التي يجب لها العدد، والخفة في المحل إنما هي

(1) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 424.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 55.
(3) المعتبر: ج 1 ص 91.
(4) المقنع: ص 6.
(5) تحرير الأحكام: ص 5 س 29.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 5 س 23.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 24 س 17.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 244.
(9) زيادة من ك.
(10) الخلاف: ج 1 ص 179 المسألة 135.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 24 س 18.
(12) المعتبر: ج 1 ص 90.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 156 ب 9 من أبواب الماء المضاف ح 14.
(14) الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 310.
297

لنفي الحرج، إذ لولاها لم يطهر، وهو خيرة نهاية الإحكام (1) بناء على نجاستها
مطلقا.
ويحكى طهارتها عن الحسن والناصريات والسرائر (2). وليس في
الناصريات إلا الفرق بين ورود النجاسة على الماء وعكسه (3).
والاستدلال: بأنا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد على النجاسة لأدى
إلى أن الثوب لا يطهر من النجاسة، إلا بايراد كر من الماء عليه.
قالوا: فلا ينجس وهو في المحل، فعند الانفصال أولى. وفيه أنه يمكن أن
يقول: إنه عند الانفصال ماء وردت عليه النجاسة.
وليس في السرائر إلا حكاية ما في الناصريات واستحسانه، مع أن قبله
متصلا به، والماء الذي ولغ فيه الكلب والخنزير إذا أصاب الثوب وجب غسله،
لأنه نجس، وإن أصابه من الماء الذي يغسل به الإناء، فإن كان من الغسلة الأولى
يجب غسله، [وإن كان من الغسلة الثانية أو الثالثة لا يجب غسله] (4). وقال بعض
أصحابنا: لا يجب غسله، سواء كان من الغسلة الأولى أو الثانية، وما اخترناه
المذهب (5)، إنتهى.
ودليل هذا القول - أعني الطهارة - الأصل، وما سيأتي في ماء الاستنجاء، وما
سمعته من الناصريات.
والجواب: أن الأصل معارض بما دل على نجاسة القليل بملاقاة النجاسة [أو
المتنجس] (6) وماء الاستنجاء مستثنى من عمومه بالنص والاجماع، ولا يلزم من
نجاسة المنفصل [أن لا] (7) يطهر المحل، فإنه إنما يطهر إذا انفصل عنه.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 244.
(2) الحاكي عنهم في كشف الالتباس: ص 18 س 3 (مخطوط).
(3) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 215 المسألة 3.
(4) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(5) السرائر: ج 1 ص 180.
(6) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(7) في ص (إن لم).
298

وأيضا فعند الانفصال يرد عليه النجاسة، وقبله الأمر بالعكس.
وأيضا فالنجاسة ليست إلا وجوب الاجتناب أو ما يقتضيه، ولا بعد في
وجوب الاجتناب عن المنفصل دون الباقي.
وفي نهاية الإحكام احتمل النجاسة مطلقا (1)، وكون الغسالة كالمحل بعدها،
حتى أن الغسالة الأخيرة طاهرة، وما قبلها ينقص الواجب في المتنجس بها عن
الواجب في المحل.
ودليله: أن الماء الواحد غير المتغير بالنجاسة لا يختلف أحكام أجزائه طهارة
ونجاسة، والغسالة الأخيرة لا شبهة في طهارة الباقي منها في المحل، فكذا
للمنفصل، وعليها قياس ما قبلها، ويعرف بما مر ما عليه من المنع.
وفرق في الخلاف بين الثوب وآنية الولوغ، فحكم بنجاسة الغسالة الأولى
للثوب، لخبر العيص المتقدم، ولأنه ماء قليل لاقى نجاسة، وبطهارة الغسالة الثانية
له، للأصل (2)، وما ورد في ماء الاستنجاء.
ويمكن أن يكون إنما يوجب غسل الثوب مرة (3) وحكم بطهارة غسالة الولوغ
مطلقا، للأصل، وما مر عن الناصريات.
ثم حكم بأنه إذا صب الماء على الثوب النجس وترك تحته أجانة يجتمع فيها
ذلك الماء فإنه نجس (4)، وأطلق. ولعله يريد الغسالة الأولى، أو مجموع الغسالتين
بقرينة السابق.
وحكم في باب الأواني إذا تنجست من المبسوط بطهارة غسالة الولوغ
مطلقا (5)، وكذا في فصل تطهير الثياب والأبدان منه. إلا أنه احتاط فيه من غسالة
الغسلة الأولى (6)، واحتاط القاضي من غسالته مطلقا (7).

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 244.
(2) الخلاف: ج 1 ص 179 - 181 المسألة 135.
(3) ليست في ك و م و س.
(4) الخلاف: ج 1 ص 184 المسألة 140.
(5) المبسوط: ج 1 ص 15.
(6) المبسوط: ج 1 ص 36.
(7) المهذب: ج 1 ص 29.
299

وفي فصل ستر العورة من الصلاة: الماء الذي يزال به النجاسة نجس، لأنه
ماء قليل، فالظاهر نجاسته. وفي الناس من قال: ليس بنجس إذا لم يغلب على أحد
أوصافة، بدلالة أن ما بقي في الثوب جز منه، وهو طاهر بالاجماع، فما انفصل
عنه فهو مثله. وهذا أقوى، والأول أحوط، والوجه فيه أن يقال: إن ذلك عفي عنه
للمشقة (1). إنتهى.
وعلى طهارتها، هل يطهر من الحدث؟ في المعتبر (2) والمنتهى (3) الاجماع
على العدم، وبه ما مر، من قول الصادق عليه السلام في خبر ابن سنان: الماء الذي يغسل
به الثوب أو يغتسل به من الجنابة لا يتوضأ به وأشباهه (4) وفي نهاية الإحكام: إنه
لا يرفع بها عند القائلين بالتنجيس (5).
(عدا ماء الاستنجاء) للقبل والدبر (فإنه طاهر) كما في الخلاف (6)
والجامع (7) والشرائع (8) وظاهر المقنعة (9) وعبارات المبسوط (10) والنهاية (11)
والسرائر (12) ومصباح (13) السيد يحتمله، والعفو عنه، وهو خيرة ابن إدريس (14) في
مسألة له، والمنتهى (15) والبيان (16) والذكرى (17)، وفيه وفي السرائر: الاجماع على
القدر المشترك (18).

(1) لم يذكره في فصل ستر العورة بل ذكره في فصل حكم الثوب والبدن، راجع المبسوط: ج 1
ص 92 - 93.
(2) المعتبر: ج 1 ص 90.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 24 س 22.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 155 ب 9 من أبواب الماء المضاف ح 13.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 244.
(6) الخلاف: ج 1 ص 180 - 181 المسألة 135.
(7) الجامع للشرائع: ص 24.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 16.
(9) المقنعة: ص 47.
(10) المبسوط: ج 1 ص 16.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 221.
(12) السرائر: ج 1 ص 97.
(13) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 91.
(14) السرائر: ج 1 ص 97.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 24 س 24.
(16) البيان: ص 46.
(17) ذكرى الشيعة: ص 9 س 9.
(18) السرائر: ج 1 ص 98.
300

وفي الذكرى: إن الفائدة تظهر في استعماله (1)، فإنه على الطهارة (مطهر)
من الخبث والحدث، لعموم ما دل على ذلك في الماء الطاهر من غير معارض،
بخلافه على العفو. وبالطهارة صحيح عبد الكريم بن عتبة الهاشمي: سأل
الصادق عليه السلام عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي استنجى به
أينجس ذلك ثوبه؟ فقال: لا (2).
وبالقدر المشترك صحيح الأحول سأله عليه السلام: أستنجي ثم يقع ثوبي فيه وأنا
جنب، فقال: لا بأس به (3). وحسنه: سأله عليه السلام أخرج من الخلا فأستنجي بالماء
فيقع ثوبي في ذلك الماء الذي استنجيت به، فقال: لا بأس به (4). ولا يفرق هذه الأخبار وكلام الأكثر بين الغسلة الأولى وغيرها، كما هو نص السرائر (5).
وخص في الخلاف بالغسلة الثانية (6)، ولعله لبعد الطهارة، أو العفو مع اختلاطه
بأجزاء النجاسة في الأولى، وللجمع بين هذه وما مر من مضمر العيص فيمن أصابه
قطر من طشت فيه وضوء، فقال: إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصابه (7).
وإنما له هذا الحكم (ما لم يتغير بالنجاسة) في أحد أوصافه المعروفة،
(أو يقع على نجاسة خارجة) ومنها الدم الخارج من السبيلين، والمتعدي من
الحدثين المتفاحش الخارج عن المعتاد، والمنفصل منهما مع الماء إذا امتاز، وما
إذا سبقت اليد إلى محل النجو على الماء، وكأنه لا خلاف في الشرطين.
ويرشد إلى الأول ما في العلل من مرسل الأحول سأل الصادق عليه السلام عن

(1) ذكرى الشيعة: ص 9 س 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 161 ب 13 من أبواب الماء المضاف ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 160 ب 13 من أبواب الماء المضاف ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 160 ب 13 من أبواب الماء المضاف ح 1.
(5) السرائر: ج 1 ص 180.
(6) الخلاف: ج 1 ص 179 المسألة 135.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 156 ب 9 من أبواب الماء المضاف ح 14.
301

الرجل يستنجي فيقع ثوبه في الماء الذي استنجى به، فقال: لا بأس به. فسكت،
فقال: أو تدري لم صار لا بأس به؟ قال: لا والله جعلت فداك، فقال عليه السلام: إن الماء
أكثر من القذر (1).
وفي الذكرى: إن الزيادة في الوزن كذلك (2)، واقتصر في البيان على التلون (3)،
ولعله أراد التمثيل.
(والمستعمل في الأغسال المندوبة مطهر إجماعا) منا، وعن أحمد
روايتان (4)، وجعل المفيد التجنب عنه أفضل (5)، وكذا غسالة النجس بعد التطهير طهور.
ومن الأصحاب من نجسها وإن ترامت لا إلى نهاية. ولعله تمسك باستلزام
انفصال الماء المصبوب على المحل المطهر، مع بقاء أجزاء من الماء الذي طهر به
فيه انفصال تلك الأجزاء، وهي نجسة لملاقاتها نجاسة المحل، إلا أنه عفي عنها
ما بقيت في المحل، فإذا انفصلت لم يعف عنها.
ثم الكلام في الباقي من هذه الغسالة الأخيرة كذلك، فإذا صب على المحل
ماء آخر فكذلك، وهكذا.
(ويكره الطهارة بالمشمس) لقوله صلى الله عليه وآله في خبر إبراهيم بن عبد الحميد
لعائشة وقد وضعت قمقمتها في الشمس لغسل رأسها وجسدها: لا تعودي فإنه
يورث البرص (6). [وفي خبر السكوني: الماء الذي تسخنه الشمس لا تتوضؤوا به
ولا تغتسلوا به ولا تعجنوا به، فإنه يورث البرص (7)] (8). وهو يعم ما قصد
تشميسه (9) وما لم يقصد، كما نص عليه في المبسوط (10) ونهاية الإحكام (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 161 ب 13 من أبواب الماء المضاف ح 2.
(2) ذكرى الشيعة: ص 9 س 11.
(3) البيان: ص 46.
(4) الفتاوى الكبرى: ج 1 ص 20.
(5) المقنعة: ص 64.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 150 ب 6 من أبواب الماء المضاف ح 1.
(7) علل الشرائع: ج 1 ص 281 ح 2.
(8) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(9) في ط (تسخينه).
(10) المبسوط: ج 1 ص 9.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 226.
302

واشترط القصد في السرائر (1) والجامع (2) والخلاف (3)، وفيه الاجماع على
كراهة التوضئ به.
وهل يكره غير الطهارة من الاستعمالات؟ نص ابن إدريس (4) على العدم،
وأطلق الاستعمال في النهاية (5) والمهذب (6) والجامع (7)، واقتصر في الفقيه (8)
والهداية (9) والذكرى (10) على الطهارة والعجن كما في الخبر الثاني، وفي كتب
المصنف (11) والمحقق (12) [والإصباح (13) والبيان (14) على الطهارة، وفي
المبسوط (15) والخلاف على الوضوء (16).
وإنما يكره المشمس (في الآنية) كما في النهاية (17) والسرائر (18) وكتب
المحقق (19)] (20) لا في الأنهار والمصانع ونحوها، وفي التذكرة (21) ونهاية الإحكام
[الاجماع عليه (22). والظاهر العموم لكل آنية وكل بلد، كما قطع به في التذكرة (23)،
لعموم النص والفتاوى. واحتمل في المنتهى (24) ونهاية الإحكام] (25) الاختصاص

(1) السرائر: ج 1 ص 95.
(2) الجامع للشرائع: ص 20.
(3) الخلاف: ج 1 ص 54 المسألة 54.
(4) السرائر: ج 1 ص 95.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 211.
(6) المهذب: ج 1 ص 27.
(7) الجامع للشرائع: ص 20.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 7.
(9) الهداية: ص 13.
(10) ذكرى الشيعة: ص 8 س 18.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 5 س 25، نهاية الإحكام: ج 1 ص 226، تذكرة الفقهاء: ج 1
ص 3 س 4، إرشاد الأذهان ج 1 ص 238، تحرير الأحكام: ج 1 ص 5 س 28.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 15، المعتبر: ج 1 ص 39.
(13) الإصباح (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 425.
(14) البيان: 47.
(15) المبسوط: ج 1 ص 9.
(16) الخلاف: ج 1 ص 54 المسألة 4.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 211.
(18) السرائر: ج 1 ص 95.
(19) شرائع الاسلام: ج 1 ص 15، المعتبر: ج 1 ص 39، المختصر النافع: ص 4.
(20) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(21) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 5.
(22) نهاية الإحكام: ج 1 ص 226.
(23) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 5.
(24) منتهى المطلب: ج 1 ص 5 س 31.
(25) ما بين المعقوفين ساقط من م.
303

بالبلاد الحارة والأواني المنطبعة كالحديدية والرصاصية والنحاسية عدا ما صفا
جوهره كالذهب والفضة، بناء على استناد الكراهة إلى ايراث البرص (1).
وإنما يتحقق فيما ذكر، لأن الشمس إذا أثرت في تلك الأواني استخرجت
منها زهومة (2) تعلو الماء، ومنها يتولد المحذور، وإنما يقوى تأثيرها في البلاد الحارة.
والأظهر كما استظهر في المنتهى (3). واحتمل في التذكرة (4)، وقطع به في
الذكرى بقاء الكراهة بعد زوال السخونة (5).
(و) يكره إجماعا كما في الخلاف (6) (تغسيل الميت بالمسخن
بالنار) للنصوص كقول الباقر عليه السلام في صحيح زرارة: لا تسخن الماء للميت (7).
وقول الصادق عليه السلام في مرسل يعقوب بن يزيد: لا تسخن للميت الماء، لا تعجل له
النار (8). وقولهما عليهما السلام [في مرسل عبد (9) الله] بن المغيرة: لا يقرب الميت ماء
حميما (10). وفي المراسم: فإنه يضره (11).
(إلا مع الحاجة) كما في شدة البرد، بحيث يتعذر أو يتعسر معه التغسيل
أو اسباغه، أو يخاف به الغاسل على نفسه. وفي الخلاف: أو يكون على بدن

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 226.
(2) الزهومة: ريح لحم سمين منتن، وقال الجوهري الزهومة بالضم الريح المنتنة والزهم
بالتحريك: مصدر قولك زهمت يدي بالكسر من الزهومة، فهي زهمة أي دسمة.
وقال الأزهري: الزهومة عند العرب كراهة ريح بلا نتن أو تغير، وذلك مثل رائحة لحم غث أو
رائحة لحم سبع. انظر لسان العرب 6: 103 (مادة زهم).
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 5 س 31.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 7.
(5) ذكرى الشيعة: ص 8 س 19.
(6) الخلاف: كتاب الجنائز: ج 1 ص 692 المسألة 470.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 693 ب 10 من أبواب غسل الميت ح 1.
(8) المصدر السابق ح 3.
(9) في ص (لعبد).
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 693 ب 10 من أبواب غسل الميت ح 2.
(11) المراسم: ص 49.
304

الميت نجاسة لا يقلعها إلا الماء الحار (1). وفي المهذب: أو لتليين أعضائه
وأصابعه (2)، وهما خارجان عن الغسل.
إلا أن الأخبار أفادت كراهة التسخين للميت مطلقا، وينبغي الاقتصار على
دفع الضرورة. ولذا قال المفيد: فليسخن له قليلا (3). وعلي بن بابويه [في رسالته:
وليكن فاترا، وكذا روي عن الرضا عليه السلام (4). ثم في رسالته: ولا تسخن الماء إلا أن
يكون شتاء باردا فتوقي الميت] (5) مما توقي منه نفسك.
[وروي عن الرضا عليه السلام: ولا تسخن له ماء إلا أن يكون ماء باردا جدا فتوقي
به الميت مما توقي منه نفسك (6)] (7). وفي الفقيه قال أبو جعفر عليه السلام: لا تسخن الماء
للميت (8). وروي في حديث آخر: إلا أن يكون شتاء باردا فتوقي الميت مما توقي
منه نفسك (9). (10)
وظاهر جملة (فتوقي) في العبارات الثلاث التعلق بالاستثناء. وقد يفهم منه
أن الميت يتضرر بالماء البارد حينئذ كما تتضرر به.
ويجوز أن يكون تضرره لعدم التمكن من تطهيره وإسباغ غسله. ويجوز أن لا
يكون المقصود إلا تجنيبه ما تجتنبه، وإن لم يعد إليه ضرر باستعماله.
ويحتمل التعلق بالنهي، أي تجنب الميت مما تجتنبه نفسك من التسام أو فتور
الجسد المؤدي بالميت إلى الاستعداد، لخروج النجاسة منه.
والمسألتان مستطردتان في الفصل، لمناسبة التسخين بالشمس أو النار
للاستعمال، والنهي عنهما للنهي عن المستعمل.

(1) الخلاف: ج 1 ص 692 المسألة 470.
(2) المهذب: ج 1 ص 57.
(3) المقنعة: ص 82.
(4) لم نعثر عليه في الكتب المتوفرة لدينا.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(6) فقه الرضا: ص 167.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من ك.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 142 ح 394.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 142 ذيل الحديث 395.
(10) من قوله: وروي عن الرضا عليه السلام إلى هنا ساقط من ص.
305

(وغسالة الحمام) وهي المستنقع المجتمع عن غسالات الناس، ويسمى
الجية مشددة وبالهمز كجعة (لا يجوز استعمالها) وفاقا للفقيه (1) ورسالة علي
بن بابويه (2) والنهاية (3) والنافع (4) والسرائر (5)، لقول الكاظم عليه السلام في خبر حمزة بن
أحمد: لا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام، فإنه يسيل فيها ما يغتسل به
الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم (6). وقول الصادق عليه السلام في
خبر ابن أبي يعفور المرسل: لا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها غسالة الحمام، فإن
فيها غسالة ولد الزنا، وهو لا يطهر إلى ستة (7) آباء، وفيها غسالة الناصب وهو
شرهما (8).
وفي خبر آخر له موثق رواه الصدوق في العلل: إياك أن تغتسل من غسالة
الحمام، ففيها يجتمع غسالة اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل
البيت وهو شرهم، فإن الله تبارك وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب، وإن
الناصب لنا أهل البيت لأنجس منه (9).
قال ابن إدريس: وهذا إجماع، وقد وردت به عن الأئمة: آثار معتمدة
قد أجمع عليها، لا أحد خالف فيها، فحصل الاجماع على متضمنها، ودليل
الاحتياط يقتضي ذلك (10)، إنتهى.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 116 ذيل الحديث 234.
(2) نقله عنه في منتهى المطلب: ج 1 ص 25 س 12.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 203.
(4) المختصر النافع: ص 4.
(5) السرائر: ج 1 ص 90.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 158 ب 11 من أبواب الماء المضاف ح 1.
(7) كذا في النسخ المعتمدة، وفي الوسائل (سبعة).
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 159 ب 11 من أبواب الماء المضاف ح 4.
(9) علل الشرائع: ج 1 ص 292 ذيل الحديث 1.
(10) السرائر: ج 1 ص 91.
306

والتعليل في الأخبار نص في أن علة النهي نجاستها، وظاهر إطلاق النهي فيها
ترجيح الظاهر من حال الغسالة على أصل طهارتها، ويعضده الاحتياط. فينبغي
الاجتناب عنها.
(إلا مع العلم بخلوها من النجاسة) كما في النافع (1)، وعليه ينزل إطلاق
الصدوقين (2) والشيخ (3) وابن إدريس (4)، لانتفاء الدليل على الاجتناب عنها
حينئذ، وعموم أدلة الطهورية وجواز الاستعمال.
وفي مرسل أبي يحيى الواسطي عن الكاظم عليه السلام: إنه سئل عن مجتمع الماء
في الحمام من غسالة الناس يصيب الثوب، قال: لا بأس (5).
وقوى في المنتهى (6) بقاءها على أصل الطهارة ما لم يعلم نجاستها، كما في
المعتبر (7)، للأصل، والعمومات، وضعف الأخبار الأولة، مع احتمال اختصاصها
بما علم اشتماله على الغسالات المذكورة فيها، ومنع الاجماع الذي ادعاه ابن
إدريس.
وقد يؤيده [ما نص من الأخبار على] (8) طهارة أرض الحمام وما عليها من
الماء، كصحيح محمد بن مسلم قال للصادق عليه السلام: الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره
اغتسل من مائه؟ قال: نعم، لا بأس أن يغتسل منه الجنب، ولقد اغتسلت فيه ثم
جئت فغسلت رجلي، وما غسلتها إلا مما لزق بهما من التراب (9).
وصحيحه قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام جائيا من الحمام وبينه وبين داره قذر،

(1) مختصر النافع: ص 4.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 12 ذيل الحديث 16، ولم نعثر على قول علي بن بابويه.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 203.
(4) السرائر: ج 1 ص 90.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 154 ب 9 من أبواب الماء المضاف ح 9.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 25 س 17.
(7) المعتبر: ج 1 ص 92.
(8) في ص و ك (أخبار).
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 111 ب 7 من الماء المطلق ح 2.
307

فقال: لولا ما بيني وبين داري ما غسلت رجلي، ولا تجنبت (10) ماء الحمام (2).
وخبر زرارة قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام يخرج من الحمام فيمضي، كما هو لا يغسل
رجله حتى يصلي (3). ولكن تحتمل - وخصوصا الأخير - أن الاختصاص بحمام
علمت طهارة أرضه.
ثم أوضح معنى المستعمل في إزالة النجاسة الذي حكم بنجاسته فقال:
(والمتخلف في الثوب بعد عصره) الواجب في غسله لإزالة النجاسة عنه
(طاهر) قوى العصر أو ضعف، لطهر المحل. وقيل: نجس، وعفي عنه، للحرج (4)،
وإن وجب غسله مرتين. فالطاهر هو المتخلف فيه بعد العصر الأخير إن أوجبناه،
وإلا فالمتخلف في الغسلة الأخيرة.
(فإن انفصل) المتخلف الطاهر بالعصر مرة أخرى (فهو نجس) لما
عرفت من أنه إنما ينجس بالانفصال.
وإن انفصل بصب الماء عليه، قيل: نجس أيضا - كما عرفت - وتعمه العبارة،
وقيل: إذا حكم بطهارة المحل فالمتخلف طاهر، وإن انفصل بعد العصر (5).

(1) في الوسائل تحقيق الرباني (يجنب) وفي نسخة تحقيق مؤسسة آل البيت: ونسخة م و
س و ص من النسخ المعتمدة (نحيت).
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 111 ب 7 من الماء المطلق ح 3.
(3) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 379 ح 1174.
(4) المعتبر: ج 1 ص 91.
(5) المهذب البارع: ج 1 ص 119 - 120.
308

(الفصل الرابع)
(في تطهير المياه النجسة)
(أما القليل فإنما يطهر بإلقاء كر) فصاعدا طاهر، جاري أو غيره (دفعة
عليه) أو إلقائه في الكر. أو بالجملة باتصاله واتحاده به دفعة لا دفعتين، أو
دفعات بأن يلقى عليه مرة نصف كر ثم نصف آخر، أو يلقى في نصف كر ويلقى
عليه نصف آخر، أو يلقى عليه نصفا كر ولو دفعة، فلا يطهر بشئ من ذلك.
وأما الدفعة بالمعنى الذي اعتبره جمع من المتأخرين فلا دليل عليها.
وماء الغيث كالجاري، ولما اعتبر الكرية في الجاري صح الحصر حقيقيا بناء
على اعتبارها في الغيث أيضا، أو جريانه مجرى الجاري للكر مطلقا، واتحاد إلقاء
الكر عليه وعكسه في المعنى، والظاهر إضافيته. وإن كان تغير بالنجاسة فلا بد من
زواله قبل الالقاء أو معه، وإلا فكر آخر، وهكذا كالكثير.
وهل يعتبر الممازجة واختلاط أكثر الأجزاء بالأكثر أو الكل بالكل؟ اعتبرها
في التذكرة (1) كالمعتبر (2) (3) ونحوهما (4) الذكرى (5)، لأن النجس لو غلب الطاهر

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 8.
(2) في ط (كما في المعتبر).
(3) المعتبر: ج 1 ص 51.
(4) في ص (ونحوهما وفي).
(5) ذكرى الشيعة: ص 8 س 20.
309

نجسه مع الممازجة، فمع التميز يبقى على حاله، وهو ممنوع.
والأقرب الاكتفاء بالاتحاد والاتصال، كما في المنتهى (1) والتحرير (2) ونهاية
الأحكام (3). إذ مع الاتصال لا بد من اختلاط شئ من أجزائهما، فإما أن ينجس
الطاهر، أو يطهر النجس، أو يبقيان على ما كانا عليه. والأول والثالث خلافا ما
أجمع عليه، فتعين الثاني.
وإذا طهر ما اختلط من الأجزاء طهر الباقي، إذ ليس لنا ماء واحد في سطح
واحد يختلف أجزاؤه طهارة ونجاسة بلا تغير. وأيضا لا خلاف في طهر الزائد على
الكر أضعافا كثيرة بالقاء كر عليه وإن استهلكه.
وربما كانت نسبة ما يقع فيه الاختلاط منه ومن أجزاء النجس إلى مجموع
أجزائه، كنسبة ما يقع فيه الاختلاط بين القليل والكثير عند أول الاتصال. فأما أن
يقال هنا: إنه يطهر الأجزاء المختلطة، ثم هي تطهر ما جاورها، وهكذا إلى أن يطهر
الجميع، فكذا فيما فيه المسألة.
وأما أن [لا يحكم بالطهارة إلا إذا اختلط الكر الطاهر بجميع أجزاء النجس،
و] (4) يحكم ببقائه على الطهارة، وبقاء الأجزاء الغير المختلطة من النجس على
النجاسة إلى تمام الاختلاط. وقد عرفت أنه ليس لنا ماء واحد في سطح واحد
يختلف أجزاؤه من غير تغير.
وأيضا فالماء جسم لطيف سيال تسري فيه الطهارة سريعا، كما تسري
النجاسة، ولا دليل على الفرق بينهما.
و (لا) يطهر (بإتمامه) بطاهر أو نجس (كرا)، كما في رسيات

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 1 س 26.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 4 س 29.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 257.
(4) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
310

السيد (1)، والسرائر (2)، والمراسم (3)، والمهذب (4)، والجواهر (5)، والوسيلة (6)،
والإصباح (7)، والجامع (8)، والإشارة (9)، والمبسوط (10) في وجه، وإنما طهره ابن
حمزة (11) بإتمامه بطاهر. (على الأصح) وفاقا للخلاف (12) والشرائع (13)
والمعتبر (14)، للأصل والنهي عن استعمال غسالة الحمام مع بلوغها الكر وأزيد
غالبا، واشتراط عدم تنجس الماء ببلوغه كرا. فالناقص إذا وصل بالماء النجس
يحكم بنجاسته، وبعد غلبة غرفة من الماء الطاهر على النجس الناقص عن الكر
بغرفه حتى يطهره، وبعد أن يطهر الماء نجس العين - كالبول - إذا فرض إتمامه
الكر مع استهلاكه فيه مع لزومه، وإن نفاه الشيخ ونفى عنه الشك (15).
ودليل الخلاف، [الاجماع على] (16) ما ادعاه ابن إدريس (17)، وعموم نحو:
الماء طهور لا ينجسه شئ إلا ما غير طعمه أو لونه أو رائحته. ونحو: (فلم تجدوا
ماء فتيمموا) (18)، وقولهم:: إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا أو نجاسة (19). وأن
الكرية مانعة من التأثير بالنجاسة من غير فارق بين وقوعها قبل أو بعد، وأنه لا
خلاف في إناء إذا وجدنا نجاسة في الكر غير مغيرة، لم يحكم بتأثره إذا تساوى

(1) جوابات المسائل الرسية الأولى (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثانية): ص 361.
(2) السرائر: ج 1 ص 63.
(3) المراسم: ص 36.
(4) المهذب: ج 1 ص 23.
(5) جواهر الفقه: ص 5 المسألة 1.
(6) الوسيلة: ص 73.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 25 ص 4.
(8) الجامع للشرائع: ص 18.
(9) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 120 س 8.
(10) المبسوط: ج 1 ص 7.
(11) الوسيلة: ص 73.
(12) الخلاف: ج 1 ص 194 المسألة 149.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 12.
(14) المعتبر: ج 1 ص 51.
(15) المبسوط: ج 1 ص 7.
(16) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(17) السرائر: ج 1 ص 66.
(18) المائدة: 6.
(19) عوالي اللآلي: ج 1 ص 198 ح 341.
311

احتمالا وقوعها قبل الكرية وبعدها، وإنما لتساوي الحكمين لتعارض أصلي،
تأخر كل من الكرية ووقوع النجاسة لحدوثهما. وضعف الكل واضح.
(ولا) يطهر (بالنبع) من الكر الواقف (من تحته) ترشيحا، أو تدريجا.
بأن يصعد إليه في فوارة في داخله بحيث لا يرتفع الماء بالفوران (1) حتى يرد على
النجس (2) من علو فيطهر حينئذ، كما في الذكرى (3) والبيان (4)، فإنه لا بد من تسلط
المطهر، وكذا لا يطهر بالنبع من العين، إلا إذا قوي النبع، ولم يكن ترشحا، واتصل
حتى بلغ النابع المتسلط على النجس كرا، على المختار من اشتراط الكرية في
الجاري، سواء جرى وخرج عن اسم البئر أو لا، على المختار من عدم تنجس
البئر إلا بالتغير.
وهو إشارة إلى خلاف إطلاق المبسوط، حيث فيه: والماء الذي يطرأ عليه
فيطهره، لا فرق بين أن يكون نابعا من تحته أو يجري إليه أو يقلب فيه، فإنه إذا بلغ
ذلك مقدار الكر طهر النجس (5).
قال في المنتهى (6) - وفاقا للمعتبر (7) -: فإن أراد [بالنبع ما يكون نبعا من
الأرض ففيه إشكال، من حيث أنه ينجس بالملاقاة، فلا يكون مطهرا، وإن
أراد] (8) به ما يوصل إليه من تحته، فهو حق.
وفي نهاية الإحكام: ولو نبع من تحته فإن كان على التدريج لم يطهره، وإلا
طهر (9). وفي التذكرة: لو نبع الماء من تحته لم يطهره وإن أزال التغير. خلافا
للشافعي، لأنا نشترط في المطهر وقوعه كرا دفعة (10).
ثم لما كان القليل ينجس بملاقاة النجاسة - وإن لم يتغير بها - كان يكفي في

(1) في ص (بالفوارة).
(2) في ص (المتنجس).
(3) ذكرى الشيعة: ص 9 س 25.
(4) البيان: ص 44.
(5) المبسوط: ج 1 ص 7.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 11 س 25.
(7) المعتبر: ج 1 ص 51.
(8) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 257.
(10) تذكره الفقهاء: ج 1 ص 3 السطر الأخير.
312

طهره الاتصال بكر طاهر فصاعدا - كما مر - إذا لم يتغير بها.
(وأما الكثير) لكونه لا ينجس إلا بالتغير بها (فإنما يطهر بذلك إذا
زال) عنه (التغير) عنده، أو كان قد زال قبله، (وإلا وجب إلقاء كر آخر)
عليه، (فإن زال وإلا فآخر، وهكذا) حتى يزول.
(ولا يطهر بزوال التغير (1) من نفسه، أو بتصفيق الرياح، أو بوقوع
أجسام) نجسة أو (طاهرة فيه غير الماء) من تراب ونحوه، كما في
الجامع (2)، وفاقا للمبسوط (3) والسرائر (4) والمهذب (5).
وفي المنتهى (6): إنه المشهور، استصحابا [للنجاسة المعلومة] (7) وعملا بالنهي
عن استعمالها إلى أن يعلم زوالها بدليل شرعي، مع كون الغالب افتقار الطهارة إلى
ورود مطهر عليه.
وتحتمل الطهارة بذلك كما احتملها في نهاية الإحكام في الزوال بنفسه (8)،
وكأنه لم يرد اختصاصه به، لاستناد النجاسة إلى التغير، وقد زال. وخصوصا على
القول بطهارة النجسين إذا اجتمعا فتما (9) كرا، لعدم الاشتراط حينئذ بورود المطهر.
وإن استترت الصفة الحادثة بالنجاسة بمسك أو زعفران أو نحوهما لم يطهر قطعا.
وللشافعي في التراب قولان مبنيان على أنه مزيل أو ساتر (10).
وكذا لا يطهر بزواله بورود الماء عليه ما لم يبلغ الوارد عليه دفعة كرا، وإن زاد
عليه الجميع إلا على القول بطهارة القليل بإتمامه كرا، فيحتمل الطهارة به. كما
يقتضيه إطلاق المبسوط (11) والمراسم (12) والوسيلة (13) والجامع (14)، لأن المجموع

(1) في الإيضاح: (التغيير).
(2) الجامع للشرائع: ص 18.
(3) المبسوط: ج 1 ص 6.
(4) السرائر: ج 1 ص 62.
(5) المهذب: ج 1 ص 23.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 11 س 17.
(7) في ص (لنجاسة المعلوم).
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 258.
(9) في م (فيها) وفي س (فيه).
(10) المجموع: ج 1 ص 133.
(11) المبسوط: ج 1 ص 7.
(12) المراسم: ص 36.
(13) الوسيلة: ص 73.
(14) الجامع للشرائع: ص 18.
313

بعد الورود ماء كثير لم يتغير بالنجاسة، فلا يحمل خبثا. والعدم كما في السرائر (1)،
لأن كثرة المورود (2) عليه لا ينفع هنا لتغيره، فلا بد من كثرة الوارد.
ثم إذا زال التغير بنفسه أو بأحد ما ذكر (فيكفي) في الطهر ورود (الكر)
عليه (وإن لم يزل به) التغير، (لو كان (3)) وهو ظاهر. وفي اعتبار الممازجة
ما مر.
وتردد هنا في التذكرة (4)، وكذا تردد (5) فيما لو زال التغير بطعم الكر أو لونه
العرضيين (6).
والأقوى عندي العدم، لأنه ساتر إلا مع العلم بالزوال لو خلا الكر عن الطعم
أو اللون.
(ولو تغير بعضه وكان الباقي كرا) أو أزيد (طهر بزوال التغير)
بنفسه، بناء على عدم اشتراط الممازجة، و (بتموجه) لا بحيث يقطع الاتصال
عن الكر الباقي، أو يسري التغير إليه بحيث لا يبقى الغير المتغير كرا.
(والجاري) المتنجس بالتغير - وإنما يكون عنده ما بلغ منه كرا فصاعدا -
(يطهر) بزوال التغير بنفسه - بناء على ما عرفت - و (بتكاثر الماء) عليه من
خارج (وتدافعه) بنفسه، ويجوز كونهما بمعنى واحد، (حتى يزول التغير)
جميعه أو بعضه، مع بقاء غير المتغير منه كرا أو أقل، كما يقتضيه إطلاقه هنا وفي
غيره.
ولا يرد عليه: أنه إن استوعبه التغير أو كان الباقي أقل من الكر، فعلى ما
اختاره من اعتبار الكرية لزمه أن لا يطهر بذلك، لأن كل ما يتجدد نبعه أقل من
الكر فينجس. وهكذا لابتنائه على اعتبار الدفعة في القاء الكر المطهر، بمعنى إيقاع

(1) السرائر: ج 1 ص 63.
(2) في س و م (الورود).
(3) في الإيضاح وجامع المقاصد: (وإن لم يزل به التغير لو كان).
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 23.
(5) في ص (لو تردد).
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 3 س 23.
314

الملاقاة بالاسرار والأكثر دفعة عرفية، وقد عرفت أن معناها الاتصال وهو متحقق
في النابع. وأما منبع الأنهار الكبار الذي ينبع الكر أو أزيد منه دفعة فلا اشكال فيه.
نعم، ينبغي التربص في العيون الصغار ريثما (1) ينبع الكر فصاعدا متصلا، إذ
ربما ينقطع في البين فينكشف (2) عدم اتصال [الكر، فاتصال] (3) تجدد النبع إلى نبع
الكر كاشف عن الطهر بأول تجدده، [لا أنه] (4) إنما يطهر بنبع الكر بتمامه، كما أن
الراكد يطهر بأول القاء الكر عليه، وإن لم يلق عليه جميعه.
نعم على اعتبار الممازجة لا بد في الطهر (5) من نبعه بتمامه وممازجته، كما
لا بد في الكر الملقى على الراكد.
ثم على ما أطلقه آنفا من عدم طهر القليل بالنبع من تحته [ينبغي عدم طهر
الجاري أيضا بالنبع] (6) من تحته، إلا أن ينبع الكر أو أزيد دفعة. ويمكن تخصيص
السابق بالنبع من الراكد، لاطلاق قول الصادق عليه السلام لابن أبي يعفور: إن ماء الحمام
كماء النهر يطهر بعضه بعضا (7). وفحوى قول الرضا عليهما السلام في صحيح محمد بن
إسماعيل: ماء البئر واسع لا يفسده شئ إلا أن يتغير ريحه أو طعمه، فينزح حتى
يذهب الريح ويطيب الطعم، لأن له مادة (8). ويؤيده حكمه بطهر (9) البئر بالنزح
حتى يزول التغير.
(والمضاف) المتنجس يطهر (بإلقاء كر) راكد أو جاري عليه
(دفعة) أو القاءه فيه وامتزاجه به (وإن بقي) فيه (التغير) بأوصاف
المضاف.

(1) في ك و م و س (ربما).
(2) في ص (فيكشف).
(3) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(4) في ص و ك (لأنه).
(5) في س (التطهير)، وفي م (التطهر).
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 112 ب 7 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 127 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(9) في م (بتطهير)، وفي س (تطهير).
315

ولو قال: وإن تغير به، كان أوضح (1)، لما عرفت من اشتراط تنجس المطلق
الكثير بالتغير بالنجاسة، خلافا لظاهر المبسوط (2) كما عرفت.
(ما لم يسلبه الاطلاق، فيخرج) إن سلبه إياه (عن الطهورية)، وهو
واضح، لا الطهارة كما في المبسوط، لما مر، وتقدم ما فيه، وخصوصا ما فرضه من
إلقاء الكر عليه، لبقاء المضاف في محله المتنجس ولم يرد على المحل مطهر،
فيسري نجاسته إلى ما فيه.
(أو يكن التغير بالنجاسة فيخرج) حينئذ (عن الطهارة) قطعا، وإن
لم يسلبه الاطلاق.
(وماء البئر) يطهر (بالنزح) الذي كتدافع الجاري، [بالاجماع
والنصوص] (3) (حتى يزول التغير) كما في المقنعة (4) والمهذب (5)
والإصباح (6)، لأنه سبب النجاسة، فتزول بزواله، ولقول الصادق عليه السلام لزرارة:
فإن غلب الريح نزحت حتى تطيب (7). ولسماعة: وإن أنتن حتى يوجد ريح النتن
في الماء، نزحت البئر حتى يذهب النتن من الماء (8). وفي صحيح الشحام (9)
وحسنه: فإن تغير الماء فخذه (10) حتى يذهب الريح (11). [وقول الرضا عليه السلام في
صحيح ابن بزيع: ماء البئر واسع لا يفسده شئ، إلا أن يتغير ريحه أو طعمه فينزح
منه حتى يذهب الريح] (12) ويطيب طعمه، لأن له مادة (13). ويحتمل غير

(1) في س (أفصح).
(2) المبسوط: ج 1 ص 5.
(3) ليس في م و س.
(4) المقنعة: ص 66.
(5) المهذب: ج 1 ص 21.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 1، ص 135 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 4.
(9) الكافي: ج 3 ص 5 ح 3.
(10) في الكافي (فخذ منه).
(11) الكافي: ج 3 ص 5 ح 3.
(12) ما بين المعقوفين ساقط من س و م.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 126 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 6.
316

الأخير نزح الكل.
(وأوجب القائلون بنجاستها بالملاقاة) عدا المفيد (1) وبني زهرة (2)
وإدريس (3) والبراج (4) نزح الجميع إذا تغيرت، للعلم باختصاص التقديرات بغير
المتغير، إذ ربما لا يزول بها التغير، فلا يعلم الطهارة ما لم ينزح الكل، ولقول
الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: فإن أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة
ونزحت البئر (5). وفي خبر أبي خديجة في الفأرة إذا [تفسخت فيه ونتنت] (6) نزح
الماء كله (7).
ويحتملان نزح المتغير، بمعنى النزح المزيل للتغير، والأول إجمال النزح. فإن
تعذر نزح الكل، فعند الصدوقين (8) وسلا ر (9) وابن حمزة (10) والمحقق في الشرائع
يجب التراوح (11)، لأنه حكم ما يجب فيه ذلك فيتعذر، وروي ذلك عن الرضا عليه السلام (12).
وفي النافع (13) والمعتبر (14) والدروس: الأكثر من المقدر وزوال التغير (15)،
للجمع بين الأخبار المتقدمة، وامتثال الأمر في التقديرات، وزوال أثر النجاسة مع
عسر التراوح، وأصل عدم وجوبه.
وأوجب بنو زهرة (16) وإدريس (17) وسعيد (18) والشهيد في الذكرى (19) من أول

(1) المقنعة: ص 67.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 8.
(3) السرائر: ج 1 ص 70.
(4) المهذب: ج 1 ص 21.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 127 باب 14 من أبواب الماء المطلق ح 10.
(6) في الوسائل (انتفخت فيه أو نتنت).
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 138 ب 18 من أبواب الماء المطلق ح 4.
(8) حكي عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 190، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 19.
(9) المراسم: ص 35.
(10) الوسيلة: ص 74.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 13.
(12) فقه الرضا: ص 94.
(13) المختصر النافع: ص 3.
(14) المعتبر: ج 1 ص 60.
(15) الدروس الشرعية: ج 1 ص 120.
(16) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 7 و 8.
(17) السرائر: ج 1 ص 70.
(18) الجامع للشرائع: ص 19.
(19) ذكرى الشيعة: ص 10 س 12.
317

الأمر أكثر الأمرين، ويحتمله اللمعة (1)، لحصول الجمع به بين ما ذكر، وأصل
عدم وجوب نزح الكل.
وظاهر اللمعة إزالة التغير أولا، ثم نزح المقدر، لوجوب الإزالة قطعا،
ووجوب المقدر بدون التغير (2)، وهو أحوط. ويجري الوجوه على القول بوجوب
المقدرات تعبدا.
وأوجب كل من قال بنجاستها بالملاقات، أو وجوب المقدرات تعبدا أنواعا
من النزح بمجردها من دون تغير، فمنها:
(نزح الجميع بوقوع المسكر) النجس، وهو المائع بالأصالة كما سيأتي.
ونص عليه هنا وفي الذكرى (3)، وهو ظاهر المقنعة (4) والنهاية (5) والاقتصاد (6)
والسرائر (7) والغنية (8) والمهذب (9)، لتعبيرهم بالشراب المسكر.
أما كثير الخمر فكأنه لا خلاف فيه، وقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي:
وإن مات فيها بعير أو صب فيها خمر فلينزح (10). وفي الإستبصار: فلينزح الماء
كله (11). وفي صحيح ابن سنان: وإن مات فيها ثور أو صب فيها خمر نزح الماء
كله (12). وفي صحيح معاوية بن عمار: في البئر يبول فيها الصبي أو يصب فيها بول
أو خمر ينزح الماء كله (13). ويضعف الأخير، لاشتماله على البول، خصوصا بول الصبي.
وفي المقنع: في قطرة منها عشرون دلوا (14)، لقول الصادق عليه السلام في خبر زرارة:

(1) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 277.
(2) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 277.
(3) ذكرى الشيعة: ص 10 س 30.
(4) المقنعة: ص 67.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 207.
(6) الإقتصاد: ص 253.
(7) السرائر: ج 1 ص 72.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 8.
(9) المهذب: ج 1 ص 21.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ذيل الحديث 6.
(11) الإستبصار: ج 1 ص 35 ذيل الحديث 93.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ذيل الحديث 1.
(13) المصدر السابق: ح 4.
(14) المقنع: ص 11.
318

سأله عن بئر قطر فيها قطرة [بول أو] (1) دم أو خمر، فقال: الدم والخمر
والميت ولحم الخنزير، في ذلك كله واحد ينزح منه عشرون دلوا (2). وظهور
الكثرة من الصب في الأخبار الأولة.
وأما غيرها من المسكرات فألحقت بها في المشهور لدخولها في الخمر، لنحو
قوله 9: كل مسكر خمر (3). وقوله: ما أسكر كثيرة فالجرعة منه خمر (4) (5).
وقوله: الخمر من خمسة: العصير من الكرم، والنقيع من الزبيب، والبتع من العسل،
والمزر من الشعير، والنبيذ من التمر (6). وقول الكاظم عليه السلام: ما فعل فعل الخمر فهو
خمر (7). وقوله: ما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر (8). وفيه أن شيئا من ذلك لا
يفيد دخولها في إطلاق الخمر.
نعم، إن ثبت شمولها لها، لغة أو عرفا - كما قاله بعض اللغويين - أو ثبت
الاجماع على الحكم، كما في الغنية (9) والسرائر (10) ثبت، وإلا ثبت أيضا بناء على
نزح الجميع لما لا نص فيه.
وسأل كردويه أبا الحسن عليه السلام عن البئر يقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول
أو خمر، قال: ينزح منها ثلاثون دلوا (11). واحتمل في المعتبر (12) العمل به وبخبر

(1) ما بين المعقوفين زيادة من ص والوسائل.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 260 ب 15 من أبواب الأشربة المحرمة، قطعة من الحديث 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 17 ص 271 ب 17 من أبواب الأشربة المحرمة ح 12.
(5) كذا في النسخ المعتمدة، وفي الوسائل (حرام).
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ص 221 - 222 ب 1 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1 و 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 273 ب 19 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 17 ص 273 ب 19 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(10) السرائر: ج 1 ص 71.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(12) المعتبر: ج 1 ص 58.
319

العشرين، جميعا بالحمل على التفاضل.
(أو الفقاع) كما في كتب الشيخ (1) ومن بعده (2). وفي السرائر (3) والغنية
الاجماع عليه (4)، ويؤيده ما في الأخبار من أنه خمر (5)، وهي كثيرة. وما في
بعضها من أنه خمر مجهول (6)، أو خمرة استصغرها الناس (7)، وربما يؤيده عدم
دخوله في إطلاق الخمر.
(أو المني) مما له نفس سائلة، كما في كتب الشيخ (8) ومن بعده (9)، [وفي
السرائر (10) والغنية الاجماع عليه (11)، وفي المعتبر (12) والمنتهى (13) وشرح النهاية
لأبي علي: إنهم لم يقفوا فيه على نص (14). فيجوز ابتناء حكمه على وجوب الجميع
لما لا نص فيه.
(أو دم الحيض أو الاستحاضة أو النفاس) كما في كتب الشيخ (15) ومن
بعده (16)،] (17) إلا النهاية (18) فاقتصر فيها على دم الحيض، وفي السرائر (19)

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 207، المبسوط: ج 1 ص 11، الجمل والعقود: ص 55، الإقتصاد: ص 253.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 13، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 259.
(3) السرائر: ج 1 ص 70.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 287 ب 27 من أبواب الأشربة المحرمة.
(6) وسائل الشيعة: ج 17 ذيل الحديث 8 ص 289 ب 27 من أبواب الأشربة المحرمة ح 8.
(7) وسائل الشيعة: ج 17 ص 292 ب 28 من أبواب الأشربة المحرمة ح 1.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 207، المبسوط: ج 1 ص 11، الجمل والعقود: ص 55، الإقتصاد: ص 253.
(9) الجامع للشرائع: ص 19، شرائع الاسلام: ج 1 ص 13.
(10) السرائر: ج 1 ص 13، الجامع للشرائع: 19.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490، س 16.
(12) المعتبر: ج 1 ص 59.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 14 س 10.
(14) لا يوجد لدينا.
(15) المبسوط: ج 1 ص 11، الجمل والعقود: ص 55، الإقتصاد: ص 253.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 13، الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 259.
(17) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(18) النهاية ونكتها: ج 1 ص 207.
(19) السرائر: ج 1 ص 70.
320

والغنية (1) الاجماع [على الثلاثة] (2). ولم نقف لها على نص، بل يشملها نصوص
الدم القليل.
واستدل لها في المعتبر (3) ونكت النهاية (4) بغلظ حكمها. وفي المختلف (5) بعدم
النص، وهو يتم في الكثيرة منها. وفي المعتبر: إنها كسائر الدماء (6).
(أو موت بعير) فيها، أو وقوع ميتة فيها، لما مر من صحيح الحلبي (7)،
والاجماع كما في السرائر (8) والغنية (9). ونسب في الذكرى إلى الشهرة (10)، وسأل
عمرو بن سعيد بن هلال أبا جعفر عليه السلام عما بين الفأرة والسنور إلى الشاة ففي كل
ذلك يقول: سبع دلا، قال: حتى بلغت الحمار والجمل، فقال: كر من ماء (11). وهو
مع الضعف يحتمل أنه عليه السلام قال: لما دون الحمار والجمل.
واحتمل الشيخ اختصاصه بالحمار، والسكوت عن الجمل (12)، لعلم السائل
بما سمعه منه من وجوب الكل، ونزح الكر إذا تعذر الكل.
والبعير كالانسان يشمل الذكر والأنثى باتفاق أئمة اللغة، لكن قال الأزهري:
هذا كلام العرب، ولكن لا يعرفه إلا خواص أهل العلم باللغة. ووقع في كلام
الشافعي في الوصية: لو قال أعطوه بعيرا لم يكن لهم أن يعطوه ناقة، فحمل البعير
على الجمل. ووجهه أن الوصية مبنية على عرف الناس لا على محتملات اللغة
التي لا يعرفها إلا الخواص (13)، إنتهى.

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(2) ساقط من س.
(3) المعتبر: ج 1 ص 59.
(4) نكت النهاية: ج 1 ص 207.
(5) مختلف الشيعة: ج 1 ص 197.
(6) المعتبر: ج 1 ص 59.
(7) وسائل الشيعة: ج 6 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 6.
(8) السرائر: ج 1 ص 70.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(10) ذكرى الشيعة: ص 10 س 28.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 133 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 208.
(13) المصباح المنير: ج 1 ص 74 (مادة بعر).
321

وقال الغزالي في بسيطه والمذهب: إنه يتناول الذكر، ولا يدخل فيه الناقة.
وخرج طوائف من أصحابنا قولا: إن الناقة يندرج فيه ومن كلام أئمة اللسان أن
البعير من الإبل كالانسان من الآدمي والناقة كالمرأة (1)، إنتهى.
وهل يشمل الكبير والصغير؟
في العين: إنه البازل (2). وفي الصحاح (3) والمحيط (4) وتهذيب اللغة: إنه إنما
يقال لما أجذع (5). وقد يظهر الشمول من فقه اللغة للثعالبي (6)، وقطع به في
المنتهى (7) والمعتبر (8) والذكرى (9) ووصايا التذكرة (10) والكتاب.
وأوجب الصدوق (11) الجميع للثور، لما مر من صحيح ابن سنان (12). وعن ابن
داود (13) أنه قال: لم أجده في كتابه، قال: وعندي أنه اشتباه خطي، أي اشتبه
البعير بالثور. وظاهر الباقين وجوب الكر له.
وأوجب القاضي الجميع لعرق الإبل الجلالة، قال: وذكر ذلك في عرق الجنب
إذا كان جنبا من حرام (14). والشهيد: للعصير إذا اشتد (15)، ونجسناه لشبهه بالخمر.
والحلبي: لروث ما لا يؤكل، وبوله عدا بول الرجل والصبي (16). وعن البصري:
لخروج الكلب والخنزير حيين (17). وعن بعضهم: للفيل (18). ويعمه

(1) لا يوجد لدينا كتابه.
(2) العين: ج 2 ص 132 (مادة بعر).
(3) الصحاح: ج 2 ص 593 (مادة بعر).
(4) القاموس المحيط: ج 1 ص 375 (مادة بعر).
(5) تهذيب اللغة: ج 2 ص 377 (مادة بعر).
(6) فقه اللغة: ص 86 (مادة بعر).
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 12 س 10.
(8) المعتبر: ج 1 ص 57.
(9) ذكرى الشيعة: ص 10 س 28.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 485 س 13.
(11) الهداية: ص 14.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(13) لا يوجد لدينا كتابه.
(14) المهذب: ج 1 ص 21.
(15) ذكرى الشيعة: ص 13 س 28.
(16) الكافي في الفقه: ص 130.
(17) لا يوجد لدينا كتابه ونقله عنه في الذكرى: ص 10 س 34.
(18) لم نعثر على قائله ونقله عن البعض الشهيد في ذكرى الشيعة: ص 10 س 34.
322

كلام القاضي، لايجابه لما كان مثل البعير أو أكبر (1).
(فإن تعذر) نزح الجميع لغزارة الماء (تراوح عليها أربعة رجال) لا
نساء ولا صبيان، للخروج عن مسمى القوم في أحد الخبرين الآتيين، والنص على
الرجال في الآخر (يوما) كاملا من الفجر الثاني إلى غروب الشمس.
وبمعناه قول الصدوق (2) والسيد: من الغدوة إلى الليل (3)، وقول الشيخ (4) وابن
حمزة: من الغدوة إلى العشية أو العشاء (5)، وما في الإصباح: من الغداة إلى
الرواح (6)، وربما قيل: من طلوع الشمس.
(كل اثنين دفعة) فكل اثنين منهم يريحان الآخرين، لخبر معاوية بن
عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن بئر يقع فيها كلب أو فأرة أو خنزير، قال: تنزف
كلها، [ثم قال:] (7) فإن غلب عليه الماء فلينزف يوما إلى الليل، ثم يقام عليها قوم
يتراوحون اثنين اثنين فينزفون يوما إلى الليل وقد طهرت (8).
أي (ثم قال عليه السلام) لتفسير النزف إلى الليل وتفصيله، أو (ثم) للتفصيل، أو
المعنى (ثم أقول) أو (ثم أسمع) أو المعنى: فإن غلب الماء حتى يعسر نزف الكل،
فلينزف إلى الليل حتى ينزف، ثم إن غلب حتى لا ينزف. وإن نزف إلى الليل أقيم
عليها قوم يتراوحون.
وقول الرضا عليه السلام فيما روى عنه: فإن تغير الماء وجب أن ينزح الماء كله، فإن
كان كثيرا وصعب نزحه فالواجب عليه أن يكتري عليه أربعة رجال يستقون منها
على التراوح من الغدوة إلى الليل (9).

(1) المهذب: ج 1 ص 21.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 19.
(3) لم نعثر عليه في كتب السيد المتوفرة لدينا ونقله عنه المحقق في المعتبر: ج 1 ص 60.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 207.
(5) الوسيلة: ص 74.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 143 ب 23 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(8) فقه الرضا: ص 94.
323

والخبران وإن ضعفا، لكن لا يعرف من الأصحاب خلاف في العمل بهما.
وفي الغنية: الاجماع عليه (1)، ويؤيده الاعتبار، وإلا لزم التعطيل أو الترجيح
من غير مرجح.
ولا فرق بين طويل الأيام وقصيرها، ولا يجزي الليل ولا الملفق منهما.
والأقرب وجوب إدخال جز (2) من الليل من باب المقدمة.
ويجزي تراوح أكثر من أربعة رجال إذا لم يؤد إلى قلة (3) المنزوح، للدخول
في عموم النص والفتوى، ولا يجزي الأقل وإن نهض بعمل الأربعة، للخروج عنهما.
وقد يقال: يشمل أول الخبرين تراوح ثلاثة، بل يحتمل الاكتفاء بواحد يقوى
على النزح يوما كاملا، بأن يكون المعنى: فلينزح منه واحد يوما إلى الليل، ثم إن
تعذر أقيم عليها قوم يتراوحون.
واستقرب في المنتهى (4) والتذكرة (5)، الاجتزاء باثنين يقويان على عمل
أربعة.
وقطع في التذكرة بإجزاء أربعة صبيان، وأربع نسوة، قال: لصدق القوم
عليهم (6) واحتمله في المنتهى (7) كالمعتبر (8).
قال ابن إدريس وكيفية التراوح: أن يستقي اثنان بدلو واحد يتجاذبانه، إلى أن
يتعبا، فإذا تعبا قام الاثنان إلى الاستقاء وقعدا هذان يستريحان، إلى أن يتعب
القائمان، فإذا تعبا قعدا، وقاما هذان واستراح الآخران، وهكذا (9).
وقيل: يكون أحدهما فوق البئر يمتح بالدلو، والآخر فيها يملؤه (10). ولا دلالة

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(2) في س و م و ص و ك (جزأين).
(3) في ص (القلة قلة).
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 13 س 2.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 36.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 36.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 13 س 1.
(8) المعتبر: ج 1 ص 77.
(9) السرائر: ج 1 ص 70.
(10) روض الجنان: ص 148 س 8.
324

للنص على شئ منهما.
والأحوط اختيار ما ينزح به من الماء أكثر من الطريقين أو علم غيرهما.
(و) منها: (نزح كر لموت الدابة أو الحمار أو البقرة)، كما في
مصباح السيد (1) والنهاية (2) والشرائع (3). وزيد في الوسيلة (4) والإصباح: ما أشبهها
في الجسم (5). وكذا في المقنعة (6) والمراسم (7)، لكن عبر (8) فيهما مكان الدابة
بالفرس.
وفي المبسوط: للحمار والبقرة وما أشبههما في الجسم (9).
وفي المهذب: للخيل والبغال والحمير وما أشبهها في الجسم (10).
ونحوه في الكافي (11). وفي الجامع: للخيل والبغال والحمير والبقر (12) [وفي
الغنية: للخيل وشبهها في الجسم، وحكى الاجماع عليه (13)، وفي السرائر: للخيل
والبغال والحمير] (14) أهلية ووحشية، والبقر كذلك، وما أشبهها في الجسم (15).
وفي النافع: للحمار والبغل، ونسبه للفرس والبقرة إلى الثلاثة (16). واقتصر
الصدوق على الحمار (17).

(1) لا يوجد لدينا.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 208.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 13.
(4) الوسيلة: ص 74.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 3.
(6) المقنعة: ص 66.
(7) المراسم: ص 35.
(8) في م و س و ك (غير).
(9) المبسوط: ج 1 ص 11.
(10) المهذب: ج 1 ص 21.
(11) الكافي في الفقه: ص 130.
(12) الجامع للشرائع: ص 19.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 10 و س 16.
(14) ما بين الهلالين ساقط من س.
(15) السرائر: ج 1 ص 72.
(16) مختصر النافع: ص 2.
(17) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 17 ذيل الحديث 22.
325

وفي المعتبر: أنه لم يعرف رادا له (1) [وينص عليه] (2) خبر عمرو بن سعيد ابن
هلال سأل أبا جعفر عليه السلام حتى بلغ الحمار والجمل والبغل، فقال: كر من ماء (3)، كذا
في المعتبر (4) وموضع من التهذيب بزيادة البغل (5). ولم نظفر بنص على الكر
لغيرهما، ولا يفيده المماثلة في الجسم. ولذا استوجب المحقق دخول الفرس
والبقرة فيما لا نص فيه (6).
ولا ينافيه صحيح الفضلاء، عن الصادقين عليهما السلام: عن البئر يقع فيه الدابة
والفأرة والكلب والطير فيموت، قال: يخرج ثم ينزح من البئر دلا، ثم اشرب
وتوضأ (7). ونحوه خبر البقباق، عن الصادق عليه السلام (8). لاجمال دلاء.
فلا يتيقن الطهارة ما لم ينزح الكل، ولا قرينة في الاقتران بما اقترن بها على
شئ، ولا جهة لأن يقال الأصل عدم الزيادة على أقل ما يدخل في الدلاء وهي
عشرة أو أحد عشر أو ثلاثة، فإن الأصل بقاء النجاسة (9) إلا على القول بالتعبد.
(و) منها نزح (سبعين دلوا لموت الانسان) فيها، أو وقوع ميت منه
لم يغسل، ولم يقدم الغسل إن وجب قتله فقتل لذلك، وإن يمم أو كان شهيدا إن
نجسناه، خلافا للمشهور بالاجماع، كما في الغنية (10) والمنتهى (11) وظاهر

(1) المعتبر: ج 1 ص 61.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ك.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء ح 5.
(4) المعتبر: ج 1 ص 60.
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 235 ح 679 و ص 242 وذيل الحديث 698.
(6) المعتبر: ج 1 ص 61.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 135 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 135 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 6.
(9) في م (الطهارة).
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 13 س 18.
326

المعتبر (1). وبه خبر عمار، عن الصادق عليه السلام (2)، وفي حسن محمد بن مسلم، عن
أحدهما عليهما السلام: في الميتة يقع في البئر إذا كان له ريح نزح منها عشرون دلوا (3).
[وتقدم قول الصادق عليه السلام في خبر زرارة: الدم والخمر والميت ولحم الخنزير في
ذلك كله واحد ينزح منه عشرون دلوا (4).] (5).
قال في المنتهى: إلا أن أصحابنا لم يعملوا بالعشرين، فيكون الاستدلال بها
ساقطا (6).
(و) منها نزح (خمسين) دلوا (للعذرة) أي فضلة الانسان، كما في
تهذيب اللغة (7) والغريب (8) ومهذب الأسماء (9). ونص ابن إدريس على عذرة بني
آدم (10).
وفي الذكرى: الظاهر أن العذرة فضلة الآدمي، لا نهم كانوا يلقونها في
العذرات، أي الأفنية، قال: وأطلقها الشيخ في التهذيب على غيره، ففي فضلة غيره
احتمال، قال: ولا فرق بين فضلة المسلم والكافر هاهنا مع احتماله لزيادة
النجاسة بمجاورته (11)، إنتهى.
وفي المعتبر: إنها والخرء مترادفان، يعمان فضلة كل حيوان (12).
وإنما يجب الخمسون للعذرة (الرطبة) كما في النهاية (13) والمبسوط (14)

(1) المعتبر: ج 1 ص 62.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 141 - 142 ب 21 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 142 ب 22 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من ص و م.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 13 س 25.
(7) تهذيب اللغة: ج 2 ص 311 (مادة عند) وفيه: (قال أبو عبيدة: وإنما سميت عذرة الناس
بهذا لأنها كانت تلقى بالأفنية...).
(8) لا يوجد لدينا.
(9) لا يوجد لدينا.
(10) السرائر: ج 1 ص 79.
(11) ذكرى الشيعة: ص 11 س 24.
(12) المعتبر: ج 1 ص 760.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 208.
(14) المبسوط: ج 1 ص 12.
327

والمراسم (1) والوسيلة (2) والإصباح (3). ويجوز إرادتهم بها ما يؤدي إلى ذوبانها
وميعانها في الماء.
واعتبر الصدوق (4) والسيد (5) والمحقق (6) الذوبان، كما في الخبر (7)، والمفهوم
منه الميعان. والظاهر أنه يكفي ميعان بعضها، لعدم الفرق بين قليلها وكثيرها.
وظاهر السيد أنه بمعنى التقطع.
وفي المقنعة: إن كانت رطبة أو ذابت وتقطعت (8). وظاهره أيضا تفسير الذوبان
بالتقطع. وصريح المهذب (9) والكافي (10) والسرائر (11) والغنية (12) والجامع (13)
الاكتفاء بالتقطع أو الرطوبة.
ويمكن إرادتهم بالتقطع ما يؤدي إلى الميعان، وبالترديد بينه وبين الرطوبة
أنه لا فرق بين أن يكون رطبة فوقعت في البئر فذابت فيها، وأن تكون يابسة
فوقعت فيها وبقيت حتى ذابت.
وتحتم الخمسين هو المشهور [بين الأصحاب] (14). والمستند أن أبا بصير سأل
الصادق عليه السلام عن العذرة تقع في البئر، فقال عليه السلام: ينزح منها عشرة دلا، فإن ذابت
فأربعون أو خمسون دلوا (15). ولما احتملت (أو) أن يكون من كلام الراوي تعينت
الخمسون، ليحصل اليقين. وعند الصدوق فيها أربعون إلى

(1) المراسم: ص 35.
(2) الوسيلة: ص 75.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 3.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 18 ذيل الحديث 22.
(5) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا والظاهر أنه في المصباح كما عن مفتاح الكرامة:
ج 1 ص 110 س 9.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 13.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 140 ب 20 من أبواب الماء المطلق ح 1 و 2.
(8) المقنعة: ص 67.
(9) المهذب: ج 1 ص 22.
(10) الكافي في الفقه: ص 130.
(11) السرائر: ج 1 ص 79.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 12.
(13) الجامع للشرائع: ص 19.
(14) زيادة من س.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 18.
328

خمسين (1)، فجعل (أو)
من كلامه عليه السلام.
(والدم الكثير) في المشهور، ولم نظفر بمستنده. وفي الغنية: الاجماع
عليه (2)، ونفى في السرائر الخلاف فيه ممن عدا المفيد (3). وأوجب المفيد فيه عشرة
دلا (4). وسيأتي استنباطها، لنحو دم الرعاف أو ذبح الطير.
وعن مصباح السيد: للدم ما بين دلوا إلى عشرين (5)، من غير فصل.
والمتبادر الكثرة في نفسه (كذبح الشاة) كما في الشرائع (6) والسرائر وفيه:
أنه أقله (7). وعن المصنف (8) والقطب الراوندي: إنها بالنسبة إلى ماء البئر (9)،
فيختلف باختلافه قلة وكثرة. واحتمله الشهيد لاختلاف الماء لذلك في التأثير (10)،
ويعارضه أنه كما يختلف بذلك في التأثر يختلف بذلك في تجدد النبع على
العكس، فإذا كثر لم يتجدد إلا بنزح الكثير.
وسأل علي بن جعفر أخاه عليه السلام في الصحيح: عن الرجل ذبح شاة فاضطربت
فوقعت في بئر ماء وأوداجها تشخب دما هل يتوضأ من تلك البئر؟ قال: ينزح ما
بين ثلاثين دلوا إلى أربعين دلوا، ثم يتوضأ منها (11).
وظاهر الفقيه (12) العمل عليه، وهو خيرة المعتبر (13) والذكرى (14) والمنتهى (15)

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 140 ب 20 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(3) السرائر: ج 1 ص 79.
(4) المقنعة: ص 67.
(5) لا يوجد لدينا، ونقله عنه في منتهى المطلب: ج 1 ص 14 س 1.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 13.
(7) السرائر: ج 1 ص 79.
(8) لم نعثر عليه في كتبه المتوفرة لدينا ونقله عنه في روض الجنان: ص 150 س 2.
(9) المصدر السابق.
(10) ذكرى الشيعة: ص 11 س 25.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 141 ب 21 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(12) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 20 ح 29.
(13) المعتبر: ج 1 ص 65.
(14) ذكرى الشيعة: ص 10 السطر الأخير.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 14 س 3.
329

والمختلف (1) بناء على النجاسة، وهو الأقرب.
والمشهور أن ذلك في (غير الدماء الثلاثة) ففيها الكل كما عرفت.
واحتمل لحوق دم نجس العين بها.
(و) منها نزح (أربعين) دلوا (لموت الثعلب أو الأرنب أو الخنزير
أو السنور أو الكلب) وشبهه، كما في الشرائع (2). ولعل المراد شبه كل منها.
وفي المقنعة: إذا ماتت فيها شاة أو كلب أو خنزير أو سنور أو غزال أو ثعلب
وشبهه في قدر جسمه (3). يعني شبه كل منها. ونحوه في النهاية (4) والمبسوط (5)
والمراسم (6)، وكذا الوسيلة (7) والمهذب (8) والإصباح بزيادة النص على الأرنب (9)،
ونحوها السرائر بزيادة النص على ابن آوى وابن عرس (10).
واقتصر ابن سعيد على الشاة وشبهها (11)، والمحقق في النافع على الكلب
وشبهه، ونسب الثعلب والأرنب إلى إلحاق الشيخين (12).
والمستند قول الصادق عليه السلام لسماعة: وإن كانت سنورا أو أكبر منه نزحت منها
ثلاثين دلوا أو أربعين دلوا (13). وفي خبر الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن علي:
والسنور عشرون أو ثلاثون أو أربعون دلوا والكلب وشبهه (14).
قال الشيخ: قوله عليه السلام: (الكلب وشبهه) يريد به في قدر جسمه، وهذا يدخل

(1) مختلف الشيعة: ج 1 ص 200.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 13.
(3) المقنعة: ص 66.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 208.
(5) المبسوط: ج 1 ص 11.
(6) المراسم: ص 35.
(7) الوسيلة: ص 74 - 75.
(8) المهذب: ج 1 ص 22.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 4.
(10) السرائر: ج 1 ص 76.
(11) الجامع للشرائع: ص 19.
(12) مختصر النافع: ص 3.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 135 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 4.
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 134 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 3.
330

فيه الشاة والغزال والثعلب والخنزير وكل ما ذكر (1) - يعني في المقنعة - وعدم
الالتفات إلى الثلاثين والعشرين للاحتياط، لاحتمال كون (أو) من كلام الراوي.
وفي المعتبر عن كتاب الحسين بن سعيد، عن القاسم، عن علي، عن
الصادق عليه السلام قال: سألته عن السنور، فقال: أربعون وللكلب وشبهه (2). وفي
الهداية (3) والمقنع: في الكلب والسنور ثلاثون أو أربعين (4)، لما في الخبرين من
الترديد. وفي المقنع: وقد روي سبعة دلا، قال: وإن وقعت في البئر شاة فانزح
منها سبعة أدل (5). ولعله أشار بالرواية إلى خبر عمرو بن سعيد بن هلال قال: سألت
أبا جعفر عليه السلام عما يقع في البئر ما بين الفأرة والسنور إلى الشاة، فقال: كل ذلك
نقول: سبع دلا (6).
وفي الفقيه: وإن وقع فيها كلب نزح منها ثلاثون دلوا [إلى أربعين دلوا]، (7) وإن
وقع فيها سنور نزح منها سبعة دلا (8). وهو مبني على عدم إدخال الكلب في هذه
الرواية، لعدم نصه عليه مع نجاسته، وإن كان الظاهر دخوله باعتبار الجثة. ثم قال:
وإن وقعت شاة وما أشبهها في بئر ينزح منها تسعة دلا إلى عشرة دلا (9). ولعله
لقول الصادق عليه السلام في خبر إسحاق بن عمار: فإذا كانت شاة وما أشبهها فتسعة أو
عشرة (10).

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 236 ذيل الحديث 680.
(2) المعتبر: ج 1 ص 66.
(3) الهداية: ص 14.
(4) المقنع: ص 10.
(5) المقنع: ص 10.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 17 ذيل الحديث 22.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 21 ذيل الحديث 32.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 137 ب 18 من أبواب الماء المطلق ح 3.
331

وفي المقنع: إن في الخنزير عشرين دلوا (1)، لما مر من خبر زرارة عن
الصادق عليه السلام (2). وفي صحيح الشحام (3) وحسنه (4) عنه عليه السلام: في الفأرة والسنور
والدجاجة والطير والكلب، قال: فإذا لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس
دلا (5). وفي خبر عمار: إنه عليه السلام سئل عن بئر يقع فيها كلب أو فأرة أو خنزير،
قال: ينزف كلها (6). والظاهر رفع (كلها) ب‍ (ينزف). ويمكن نصبه على الظرفية،
ورفعه على الابتداء وحذف الخبر، أي كلها كذلك، فلا يكون صريحا في نزح الكل
إن لم يكن النزف صريحا فيه، بناء على أن نزف الدم خروج كثير منه. لكن أئمة
اللغة نصوا على كونه بمعناه.
وقال عليه السلام في صحيح أبي بصير: فإن سقط فيها كلب فقدرت أن تنزح ماءها
فافعل (7). وفي صحيح أبي مريم كان أبو جعفر عليه السلام يقول: إذا مات الكلب في البئر
نزحت (8). وظاهرهما نزح الكل، وليسا صريحين فيه، ويحتمل الثلاثة التغير
والفضل.
(أو لبول الرجل) بلا خلاف منهم، قليلا كان أو كثيرا. وفي الغنية:
الاجماع عليه (9)، وبه خبر علي بن أبي حمزة عن الصادق عليه السلام (10)، وهو ضعيف.
ولا يجدي ما في المعتبر من أن تغيره بعد موت الكاظم عليه السلام (11).

(1) المقنع: ص 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 135 باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(4) ساقط من ص.
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 233 ح 675.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 136 باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 8.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 136 باب 17 من أبواب الماء المطلق قطعة من ح 11.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 134 باب 17 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 133 باب 16 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(11) المعتبر: ج 1 ص 68.
332

واستقرب في المنتهى (1) العمل بما مر من خبر كردويه عن أبي الحسن عليه السلام:
إن في قطرة من البول ثلاثين (2). ونزل عليه صحيح ابن بزيع: كتب إلى رجل أن
يسأل الرضا عليه السلام عن البئر يكون في المنزل للوضوء فيقطر فيه قطرات من بول أو
دم أو يسقط فيها شئ من عذرة كالبعرة أو نحوها، ما الذي يطهرها حتى يحل
الوضوء منها للصلاة؟ فوقع عليه السلام في كتابه بخطه: ينزح منها دلا (3).
والعمل على الأول لجهل كردويه وما روي عنه، وترك الأصحاب لخبره هنا،
ولزوم تحصيل اليقين بالطهارة إن نجسنا البئر، وللاحتياط إن قلنا بالتعبد.
وقال الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: في البئر يبول فيها الصبي أو
يصب فيها بول أو خمر، فقال: ينزح الماء كله (4). ويحتمل التغير والفضل. ونصب
(كله) على الظرفية، والابتداء به مع تقدير خبر له.
ولا فرق بين بول المسلم والكافر للعموم، وقيل: بالفرق (5)، لتضاعف النجاسة
بملاقاة بدن الكافر. ولا يلحق به بول المرأة، [بل أما لا نص عليه، أو فيه.
وفي بول الصبية ثلاثون، لخبر كردويه (6)، كما في المعتبر (7)] (8) خلافا
للسرائر (9) والغنية (10) والمهذب (11) والإصباح (12) والإشارة (13) والتحرير (14)،

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 15 س 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 130 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 21.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 134 باب 15 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(5) السرائر: ج 1 ص 73.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 133 ب 16 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(7) المعتبر: ج 1 ص 68.
(8) ما بين المعقوفين ساقط من ك و ص.
(9) السرائر: ج 1 ص 78.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 15.
(11) المهذب: ج 1 ص 22.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 4.
(13) إشارة السبق: ص 81.
(14) تحرير الأحكام: ص 5 س 2.
333

للخروج عن النص.
وادعى ابن إدريس تواتر الأخبار عنهم: بالأربعين لبول الانسان (1)،
[ولم يعرف غيره ما ادعاه. وفي الغنية (2)] (3) الاجماع [على الأربعين] (4) لبول
الانسان البالغ. نعم يتجه التساوي على خيرة المنتهى (5)، كما اختاره فيه، لاطلاق
خبره (6).
(و) منها نزح (ثلاثين) دلوا (لماء المطر المخالط للبول أو العذرة
وخر الكلاب) كما في الشرائع (7)، لأن كردويه سأل أبا الحسن عليه السلام عن ذلك،
فقال: ينزح منها ثلاثون دلوا وإن كانت مبخرة (8).
وفي الفقيه: مكان ماء المطر ماء الطريق (9). وإطلاق النص والفتوى يشمل كل
بول، واستهلاك ما ذكر في الماء وامتيازه. وفي المبسوط: متى وقع في البئر ماء
خالطه شئ من النجاسات مثل ماء المطر والبالوعة وغير ذلك، نزح منها أربعون
دلوا، للخبر (10). ونحوه في الإصباح (11).
وفي السرائر: إنه قول غير واضح، ولا محكي، بل يعتبر النجاسة المخالطة
للماء. فإن كانت منصوصة نزح المنصوص، وإلا نزح الكل (12)

(1) السرائر: ج 1 ص 78.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(3) ما بين المعقوفين ساقط من ك و ص، وأبدل فيهما (وادعى ابن زهرة).
(4) في ص و ك (عليها). وفي س و م (أربعين).
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 15 س 6.
(6) زاد في ص و ك (في المعتبر: أن في بولها وبول الصبية ثلاثين لخبر كردويه) علما أن هذه
العبارة قد تقدمت قبل قليل.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 14.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 133 ب 16 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 22 ح 35.
(10) المبسوط: ج 1 ص 12.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 4.
(12) السرائر: ج 1 ص 81.
334

وعلى الأول لو خالط الماء أحد ما ذكر، فإن كان مما نص (1) له على أقل كبول
الصبي والعذرة اليابسة اقتصر عليه، وإلا اكتفى بالثلاثين، وإن نص له على أكثر
كبول الرجل، أو وجب له الجميع كبول النساء وخر الكلاب. ولا يلحق بها غيرها
إذا خالط ماء المطر. ولا ينسحب الحكم إذا انضم إليها غيرها، واحتمل في
الذكرى (2).
(و) منها نزح (عشر) دلا (للعذرة اليابسة) التي لم تلبث (3) في
البئر إلى أن تذوب أو تتقطع بلا خلاف كما في السرائر (4). وفي الغنية: الاجماع
عليه (5)، وبه ما مر من خبر أبي بصير (6).
(والدم القليل) في نفسه أو بالنسبة إلى البئر على الخلاف غير الدماء
الثلاثة، كما في المهذب (7) [والغنية (8) والسرائر (9)] (10) والجامع (11)، وفي المراسم
غير دم الحيض والنفاس (12).
(كذبح الطير والرعاف القليل) وما دون ذلك كقطرة أو قطرات، وعلى
قول ابن إدريس: وما زاد إلى ذبح الشاة (13)، هذا هو المشهور.
وفي الغنية: الاجماع عليه (14). وقد مر صحيح ابن بزيع، عن الرضا عليه السلام إنه
ينزح لقطرات من الدم دلاء (15). وسأل علي بن جعفر أخاه عليه السلام في الصحيح

(1) في ص (لا نص).
(2) ذكرى الشيعة: ص 11 س 28.
(3) في س (تثبت).
(4) السرائر: ج 1 ص 79.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 140 ب 20 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(7) المهذب: ج 1 ص 22.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 13.
(9) السرائر: ج 1 ص 79.
(10) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(11) الجامع للشرائع: ص 19.
(12) المراسم: ص 35 - 36.
(13) السرائر: ج 1 ص 79.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(15) وسائل الشيعة: ج 1 ص 142 ب 21 من أبواب الماء المطلق ح 3.
335

عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة فوقعت في بئر هل يصلح أن يتوضأ منها؟ قال: ينزح
منها دلا يسيرة، ثم يتوضأ منها. [وسأله في الصحيح عن رجل يستقي من بئر
فرعف فيها هل يتوضأ منها؟] (1) قال: تنزح منها دلا يسيرة (2).
فحملوا مطلق الخبرين على العشر، لأنها أكثر عددا يميز بالجمع، وقيد
اليسيرة في الثاني قد يصلح قرينة على إرادة معنى جمع القلة، وقد مر قول
الصادق عليه السلام لزرارة في قطرة من الدم: ينزح منه عشرون دلوا (3). فلو جعل مفسر
الماء أجمل في الخبرين لم يبعد.
وعن مصباح السيد إنه ينزح للدم ما بين دلو واحد إلى عشرين (4)، من غير
تفصيل (5). وفي المقنعة: [عشر في الكثير وخمس في القليل (6)، ولا نعرف
مستندهما. وقال الصدوق في المقنع:] (7) وإن قطر في البئر قطرات من دم فاستق
منها عشرة أدل، ثم قال: وإن وقع في البئر قطرة دم أو خمر أو ميتة أو لحم خنزير،
فانزح منها عشرين دلوا (8). وهو مضمون خبر زرارة (9)، فلعله يحمله على
الاستحباب.
(و) منها نزح (سبع لموت) كبار (الطير كالحمامة والنعامة وما
بينهما) كما في السرائر (10). وبالجملة: ما فوق العصفور، ويفهم من الشرائع (11)
والنافع (12)، وغيرهما اقتصروا على الدجاجة والحمامة خاصة،

(1) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 141 ب 21 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(4) لا يوجد لدينا.
(5) في م (تفسير).
(6) المقنعة: ص 67.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(8) المقنع: ص 10 و 11.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(10) السرائر: ج 1 ص 77.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 14.
(12) مختصر النافع: ص 3.
336

كالصدوق (1). وبزيادة (ما أشبههما) كالشيخين (2) وغيرهما، وعليه حكى الاجماع في
الغنية (3). ولا يبعد إرادتهم التعميم أيضا، والأخبار عامة وهي: نحو قول
الصادق عليه السلام في خبر يعقوب بن عيثم: إذا وقع في البئر الطير والدجاجة والفأرة،
فانزح منها سبع دلا (4). وخبر سماعة: سأله عليه السلام عن الفأرة تقع في البئر أو الطير،
قال: إن أدركته قبل أن ينتن نزحت منها سبع دلا (5).
وخبر علي بن أبي حمزة: سأله عليه السلام عن الطير والدجاجة تقع في البئر، قال:
سبع دلا (6). وعن الرضا عليه السلام: إذا سقط في البئر فأرة أو طائر أو سنور أو ما أشبه
ذلك فمات فيها ولم ينفسخ نزح منه سبعة أدل من دلا هجر، والدلو أربعون رطلا،
وإذا انفسخ نزح منها عشرون دلوا (7).
وسمعت قول الصادق عليه السلام في صحيح الشحام (8) وحسنه: في الفأرة والسنور
والدجاجة والطير والكلب ومثلها ما لم ينفسخ أو يتغير طعم الماء يكفيك خمس
دلا (9). ولم يستبعد المحقق (10) العمل به. وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خبر
إسحاق في الدجاجة ومثلها يموت في البئر: ينزح منها دلوان أو ثلاثة (11). وجمع
في الإستبصار بينه وبين أخبار السبع، تارة بالتفسخ وعدمه، وأخرى بالجواز

(1) المقنع: ج 1 ص 10.
(2) المقنعة: ص 66، النهاية ونكتها: ج 1 ص 208.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 128 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 12.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 135 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 136 ب 18 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(7) فقه الإمام الرضا: ص 92.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 135 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(9) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 233 ح 675.
(10) المعتبر: ج 1 ص 70.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 137 ب 18 من أبواب الماء المطلق ح 3.
337

والفضل (1).
(وللفأرة مع التفسخ) وهو التقطع (أو الانتفاخ) كما في المقنعة (2)
والكافي (3) والمراسم (4) والوسيلة (5) والغنية (6) والجامع (7) والشرائع (8)، وفي الغنية:
الاجماع عليه (9). واقتصر الشيخ (10) والصدوق (11) والقاضي (12) والمحقق في
النافع (13) وشرحه (14) على التفسخ، وهو المروي، ولم نعرف شاهدا بخصوص
الانتفاخ.
وما قاله ابن إدريس من أن حد التفسخ الانتفاخ (15)، [مبني على أن
الانتفاخ] (16) يوجب تفرق الأجزاء، وإن لم تتقطع في الحس ولم يبن بعضها من
بعض بينونة ظاهرة. ولكن قد يشك في دخوله في المتبادر منه عرفا، وإن أيده
الاحتياط، ولذا غلطه المحقق (17).
والاعتبار قد يفرق بين المنتفخة بلا تفسخ ظاهر، والمتفسخة ظاهرا. فإن
تأثير الثانية أقوى، ومستند الحكم مع الاجماع المدعى، نحو قول الصادق عليه السلام
لأبي بصير: أما الفأرة وأشباهها فينزح منها سبع دلا (18). [مع ما مر من قوله عليه السلام
في صحيح الشحام (19) وحسنه: ما لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس

(1) الإستبصار: ب 20 من أبواب حكم الآبار ج 1 ص 36 - 39.
(2) المقنعة: ص 66.
(3) الكافي في الفقه: ص 130.
(4) المراسم: ص 36.
(5) الوسيلة: ص 75.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 14.
(7) الجامع للشرائع: ص 19.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 14.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 208.
(11) المقنع: ص 10.
(12) المهذب: ج 1 ص 22.
(13) المختصر النافع: ص 3.
(14) المعتبر: ج 1 ص 72.
(15) السرائر: ج 1 ص 77.
(16) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(17) المعتبر: ج 1 ص 71.
(18) وسائل الشيعة: ج 1 ص 136 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 11.
(19) وسائل الشيعة: ج 1 ص 135 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 7.
338

دلا (1)] (2). وخبر أبي عيينة: إنه عليه السلام سئل عنها، فقال: إذا خرجت فلا بأس، وإن
تفسخت فسبع دلا (3). وقوله عليه السلام في خبر أبي سعيد المكاري: إذا وقعت الفأرة
في البئر فتسلخت فانزح منها سبع دلا (4). كذا في الإستبصار (5)، وأكثر نسخ
التهذيب، وفي بعضها (6) والمعتبر: فتفسخت (7)، والتسلخ من أفراد التفسخ.
وعن مصباح السيد: في الفأرة سبع، وروي ثلاث (8). وفي المقنع: إن وقعت
فيها فأرة فانزح منها دلوا واحدا، وأكثر ما روي في الفأرة إذا تفسخت سبعة
دلا (9). ومضى أن الصادق عليه السلام سئل في خبر عمار عن بئر يقع فيها كلب أو فأرة
أو خنزير، قال: ينزف كلها (10). وأنه يحتمل التغير والفضل.
وسئل عليه السلام في خبر أبي خديجة عنها، فقال: إذا ماتت ولم تنتن فأربعين دلوا،
وإذا انتفخت فيه أو (11) نتنت نزح الماء كله (12). وحمل على الاستحباب.
وعن مسائل علي بن جعفر: إنه سأل أخاه عليه السلام عن فأرة وقعت في بئر
فأخرجت وقد تقطعت هل يصلح الوضوء من مائها؟ قال: ينزح منها عشرون دلوا
إذا تقطعت، ثم يتوضأ (13). ويوافقه ما مر عن الرضا عليه السلام (14)، فليحمل أيضا على
الاستحباب.

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 233 ح 675.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 128 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 13.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 137 ب 19 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(5) الإستبصار: ج 1 ص 39 ح 110.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 233 ح 637.
(7) المعتبر: ج 1 ص 72.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) المقنع: ص 10.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 136 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 8.
(11) كذا في الوسائل، وفي النسخ المعتمدة (و).
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 138 ب 18 من أبواب الماء المطلق ح 4.
(13) مسائل علي بن جعفر: ص 198 ح 423.
(14) فقه الرضا: ص 92.
339

(ولبول الصبي) الأكل للطعام، رضيعا أو غيره كما يظهر مما يأتي، موافقا
لكلام الأكثر والمحقق في النافع (1)، وإن قابله بالرضيع لكنه فسر الرضيع في شرحه
بمن لم يأكل الطعام (2)، وقوبل في الذكرى (3) والدروس (4) بالرضيع وفسر الرضيع
في الذكرى بمن يغتذى باللبن في الحولين أو يغلب عليه، قال: فلو غلب غيره
فليس برضيع (5).
ولم يعتبر ابن إدريس الأكل وعدمه، فجعل من في الحولين رضيعا لبوله دلوا
واحدا، أكل الطعام أو لا، فطم أو لا، والسبع لمن زاد عليهما، بناء على تفسير
الرضيع بمن في سن الرضاع الشرعي (6).
وقال المحقق: ولست أعرف التفسير من أين نشأ (7). ونحوه في المختلف (8)،
ووجوب السبع هنا هو المشهور.
وفي السرائر (9) والغنية (10): إن عليه الاجماع، وحمل عليه قول الصادق عليه السلام
في مرسل منصور بن حازم: ينزح [منها سبع دلا إذا بال فيها الصبي (11). ومضى
صحيح معاوية بن عمار عنه عليه السلام: ينزح] (12) الماء كله (13)، له وتأويله.
وعن مسائل علي بن جعفر: إنه سأل أخاه عليه السلام عن صبي بال في بئر هل
يصلح الوضوء منها؟ فقال: ينزح الماء كله (14).

(1) المختصر النافع: ص 3.
(2) المعتبر: ج 1 ص 72.
(3) ذكرى الشيعة: ص 11 س 33.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 120 درس 17.
(5) ذكرى الشيعة: ص 11 س 33.
(6) السرائر: ج 1 ص 78.
(7) المعتبر: ج 1 ص 72.
(8) مختلف الشيعة: ج 1 ص 207.
(9) السرائر: ج 1 ص 78.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 133 ب 16 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(12) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 134 ب 16 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(14) مسائل علي بن جعفر: ص 198 ح 424.
340

وأطلق سلا ر السبع لبول الصبي (1). وعند الصدوق (2) والسيدان في بول الصبي
الأكل للطعام ثلاث دلا (3). وروي في النافع (4) والسرائر (5) [وفي بعض
الكتب (6)] (7) عن [الرضا عليه السلام] (8). وقد مضى في صحيح ابن بزيع: دلا لقطرات من
البول (9). فيحتمل أن يكونا حملاه على الثلاث.
وأوجب ابن حمزة السبع في بول الصبي، وأطلق، ثم أوجب الثلاث في بوله
إذا أكل الطعام ثلاثة أيام، ثم أوجب واحدة في بوله إذا لم يطعم (10). ولعله جمع أدلة
المقادير الثلاثة، لكن لم نعرف مستند خصوص الأكل ثلاثة أيام.
(واغتسال الجنب) كما في كتب المحقق (11)، أو ارتماسه كما في كتب
الشيخين (12) وسلا ر (13) وبني حمزة (14) وإدريس (15) والبراج (16) وسعيد (17)
وغيرهم. وزاد المفيد: مباشرته لها وإن لم يرتمس (18). وأنكره ابن إدريس (19)
لأصل الطهارة، قال: ولولا الاجماع على الارتماس لما كان عليه دليل. وذكر
المحقق: إن الموردين للفظ الارتماس ثلاثة أو أربعة، فكيف يكون

(1) المراسم: ص 36.
(2) المقنع: ص 10.
(3) لا يوجد لدينا كتابه، نعم حكاه عنه المحقق في معتبره: ج 1 ص 72. الغنية (الجوامع
الفقهية): ص 490 س 14.
(4) المختصر النافع: ص 3.
(5) السرائر: ج 1 ص 78.
(6) فقه الرضا: ص 94.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من ك.
(8) ساقط من س.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 130 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 21.
(10) الوسيلة: ص 75.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 14.، المختصر النافع: ص 3، المعتبر: ج 1 ص 71.
(12) المقنعة: ص 67، النهاية ونكتها: ج 1 ص 208، والمبسوط: ج 1 ص 12.
(13) المراسم: ص 36.
(14) الوسيلة: ص 75.
(15) السرائر: ج 1 ص 79.
(16) المهذب: ج 1 ص 22.
(17) الجامع للشرائع: ص 19.
(18) المقنعة: ص 67.
(19) السرائر: ج 1 ص 79.
341

إجماعا؟! (1).
واعترض على كل من ذكر الارتماس بخلو الأخبار عنه، فإنها بلفظ الوقوع،
كقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: وإن وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلا (2).
[أو بلفظ النزول كقوله عليه السلام في صحيح ابن سنان: إن سقط في البئر دابة صغيرة أو
نزل فيها جنب نزح منه سبع دلا (3)] (4). أو الدخول كقول أحدهما عليهما السلام في صحيح
ابن مسلم: إذا دخل الجنب البئر نزح منها سبع دلا (5). أو الاغتسال كخبر أبي
بصير: سأل الصادق عليه السلام عن الجنب يدخل البئر فيغتسل منها؟ قال: ينزح منها سبع
دلا (6).
واختار (7) حمل الأخبار الثلاثة الأول على الاغتسال بقرينة الأخير، وبناء
على خروج الماء - بالاغتسال فيه - عن الطهورية، كالقليل.
واحتمل بعضهم نجاسة البئر خاصة بالاغتسال أو الدخول، واختصاصها
بالتأثر والتنجس بالنجاسة الحكمية، وهو ظاهر المفيد (8) وابن إدريس (9).
وفي المنتهى: أما نحن فلما أوجبنا النزح للتعبد قلنا بالوجوب هاهنا عملا
بهذه الروايات (10). ونص ابن إدريس على الاشتراط بخلو بدنه من نجاسة
عينية (11)، بناء على وجوب نزح الكل للمني وكل مقدر لما قدر له. وفي المنتهى:
ونحن لما لم يقم عندنا دلالة على وجوب النزح للمني لا جرم لما

(1) المعتبر: ج 1 ص 71.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق قطعة من ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(4) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 142 ب 22 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 143 ب 22 من أبواب الماء المطلق ح 4.
(7) في س (واحتمل).
(8) المقنعة: ص 67.
(9) السرائر: ج 1 ص 79.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 15 س 27.
(11) السرائر: ج 1 ص 79.
342

توقفنا في هذا
الاشتراط (1).
قلت: لو قلنا بالنجاسة لم نجتز على الاجتزاء بالسبع للمني، ومع القول بالتعبد
فالأخبار مطلقة، والأصل البراءة من الزائد.
ثم في الذكرى: إن جعلنا النزح لاغتسال الجنب لإعادة الطهورية فالأقرب
إلحاق الحائض والنفساء والمستحاضة به، للاشتراك في المانع، وإن جعلناه تعبدا
لم يلحق، قال: ولو نزل ماء الغسل إليها أمكن المساواة في الحكم للمساواة في
العلة. أما القطرات (2) فمعفو عنها قطعا كالعفو عن الإناء الذي يغتسل منه
الجنب (3).
(ولخروج الكلب منها حيا) عند الأكثر، لقول الصادق عليه السلام في صحيح
أبي مريم: إذا وقع - يعني الكلب - فيها ثم أخرج منها حيا نزحت منها سبع دلا (4).
ومضى صحيح الشحام (5) وحسنه: إن في موته خمس دلا (6). فلو قيل
باجزائها وكون السبع مستحبة كان وجها.
وأوجب ابن إدريس له أربعين دلوا (7)، استضعافا لخبر السبع، مع ورود
الأربعين في موته، فلا يزيد إذا خرج حيا. وفي الذكرى عن البصروي: نزح الكل،
لخروجه وخروج الخنزير حيين (8). ولعل دليله ما مر من خبري عمار (9) وأبي
بصير (10) المتقدمين في موته.
(و) منها نزح (خمس) دلا (لذرق جلا ل الدجاج)، كما في

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 15 س 25.
(2) في ص (قطرة).
(3) ذكرى الشيعة: ص 11 س 30.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 134 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 135 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 233 ح 675.
(7) السرائر: ج 1 ص 77.
(8) ذكرى الشيعة: ص 10 س 34.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 136 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 8.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 136 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 11.
343

المقنعة (1) والكافي (2) والمراسم (3) والمهذب (4) والسرائر (5) والشرائع (6)،
وفي النهاية (7) والمبسوط (8) والوسيلة (9) والجامع (10) والإصباح (11) لذرق
الدجاج مطلقا، بناء على نجاسته مطلقا. وعلى كل لم يظهر مستنده، وقد يدعى
الاجماع عليه.
واحتمل الدخول في العذرة، فيكون فيه عشر، وإن ذاب فأربعون أو خمسون.
وهما ممنوعان، فهو مما لا نص فيه.
(و) منها نزح (ثلاث) أدل (للفأرة) مع عدم التفسخ أو الانتفاخ في
المشهور. وفي الغنية: الاجماع عليه (12)، وبه صحيح معاوية بن عمار: سأل
الصادق عليه السلام عن الفأرة والوزغة [تقع في البئر] (13)، قال: ينزح منها ثلاثة دلا (14).
وكذا صحيح ابن سنان عنه عليه السلام (15). ومضى في صحيح الشحام (16) وحسنه: إن فيها
إذا لم تنفسخ خمس دلا (17). فليحمل على الفضل.
وأوجب الصدوقان لها دلوا واحدا، إلحاقا لها بالعصفور (18). أو لما روي من أن

(1) المقنعة: ص 68.
(2) لم نعثر عليه ونقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 215.
(3) المراسم: ص 36.
(4) المهذب: ج 1 ص 22.
(5) السرائر: ج 1 ص 79.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 14.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 209.
(8) المبسوط: ج 1 ص 12.
(9) الوسيلة: ص 75.
(10) الجامع للشرائع: ص 19.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ص 4.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(13) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 137 ب 19 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(15) وسائل الشيعة: ج 1 ص 138 ب 19 من أبواب الماء المطلق ذيل الحديث 2.
(16) وسائل الشيعة: ج 1 ص 135 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(17) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 237 ح 684.
(18) المقنع: ص 10، ونقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 203.
344

غلام الصادق عليه السلام: استقى من بئر فخرج في الدلو فأرتان، فأمر بإراقته، وفي
المرة الثانية فأرة فقال أيضا: أرقه، ولم يخرج في الثالثة فقال: صبه في الإناء (1).
وقال السيد: إن في الفأرة سبع دلا، وقد روي ثلاثة (2). ولم يفصل إلى التفسخ
وعدمه.
(والحية) في المشهور، وفي الغنية: عليه الاجماع (3). تفسخت أم لا، بلا
خلاف كما في السرائر (4)، ولم يظهر لنا مستنده. واستدل عليه في المعتبر (5)
والمنتهى بقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: إذا سقط في البئر حيوان صغير
فمات فيها فانزح دلا (6). بحمل الدلاء على الثلاث، للأصل، مع ثبوت القرينة
على عدم إرادة العشر هنا، لوجوب سبع للدجاجة التي هي أعظم منها. وفي
المختلف: إنها لا تزيد عن الدجاجة (7).
وفي خبر إسحاق، عن الصادق عليه السلام: إن عليا عليه السلام كان يقول: الدجاجة ومثلها
يموت في البئر ينزح منها دلوان أو ثلاثة (8). بل تساوي الفأرة وفيها ثلاثة. وضعف
الكل ظاهر، فإن مساواتها الفأرة - وإن سلمت - فالحمل عليها قياس، وخبر
إسحاق غير معمول به، ومثل الدجاجة ليس نصا في نحو الحية.
وقد حملوا الدلاء المطلقة والمقيدة باليسيرة على عشر.
وقال الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: إن سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل
فيها جنب نزح منها سبع دلا (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 128 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 14.
(2) لم نعثر عليه ونقله عنه في المختلف: ج 1 ص 203.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(4) السرائر: ج 1 ص 83.
(5) المعتبر: ج 1 ص 75.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 16 س 17.
(7) مختلف الشيعة: ج 1 ص 214.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 137 ب 18 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 1.
345

وفي المعتبر عن رسالة علي بن بابويه: إن وقع فيها حية أو عقرب أو خنافس
أو بنات وردان فاستق للحية دلوا، وليس عليك فيما سواها شئ (1). وفي المختلف
عنها: فاستق منها للحية سبع دلا. واحتج له فيه بأنها كالفأرة أو أكبر، فلا ينقص
عنها للأولوية (2). ولا يزيد، للأصل. وحكي عن بعض نسخها: فاستق منها للحية
دلا.
ثم إيجاب النزح لها مبني على أن لها نفسا سائلة. وربما يشكك (3) فيه،
ويمكن اختلاف أنواعها.
(ويستحب) نزح الثلاث (للعقرب والوزغة) كما في المعتبر (4)
والجامع (5)، إلا أن في المعتبر نصا على موتهما دون الجامع. وفي السرائر نفي
الخلاف عن الوجوب بموتهما (6)، وسمعت عبارة علي بن بابويه (7)، وقال ابنه في
المقنع: فإن وقعت في البئر خنفساء أو ذباب أو جراد أو نملة أو عقرب أو بنات
وردان وكل ما ليس له دم فلا تنزح منها شيئا (8).
وظاهر النهاية (9) والمبسوط (10) والمهذب (11) والإصباح وجوبها لموتهما (12)،
وهو ظاهر الكافي في العقرب (13)، وهو صريح الغنية، وفيها الاجماع عليه (14)،
وظاهر الفقيه وجوبها لوقوع الوزغة (15) من غير تصريح بموتها ولا تعرض

(1) المعتبر: ج 1 ص 74.
(2) مختلف الشيعة: ج 1 ص 214.
(3) في ك و م و ط (يشكل).
(4) المعتبر: ج 1 ص 74.
(5) الجامع للشرائع: ص 19.
(6) السرائر: ج 1 ص 83.
(7) حكاه عنه المحقق في معتبره: ج 1 ص 74.
(8) المقنع: ص 11.
(9) النهاية ونكتها: ح 1 ص 208.
(10) المبسوط: ج 1 ص 12.
(11) المهذب: ج 1 ص 22.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 4.
(13) الكافي في الفقه: ص 130.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 21.
346

للعقرب،
وكذا المقنعة على نسخة التهذيب (1).
وصريح ابن حمزة وجوبها لموت الوزغة، وحكم بتنجس الماء القليل
بوقوعها ووقوع العقرب فيه، واستثناهما من الحشار (2)، وكذا القاضي (3).
وفي النهاية: كل ما وقع في الماء فمات فيه مما ليس له نفس سائلة فلا بأس
باستعمال ذلك الماء، إلا الوزغ والعقرب خاصة، فإنه يجب إهراق ما وقع فيه
وغسل الإناء (4). وهو يحتمل النجاسة والتحرز عن السم والكراهة الشديدة، كما
في المبسوط [من قوله:] (5) ويكره ما مات فيه الوزغ والعقرب خاصة (6).
أما دليل عدم الوجوب فالأصل والاجماع على طهارة ميتة ما لا نفس له، كما
في الخلاف (7) والغنية (8) والسرائر (9)، والنصوص عليها مع انتفاء الدليل [على
نجاستهما] (10)، بخصوصهما.
ورد في المختلف بجواز الوجوب للسم (11)، ونحو قول الصادق عليه السلام في خبر
أبي بصير: كل شئ سقط في البئر ليس له دم مثل العقارب والخنافس وأشباه ذلك
فلا بأس (12). وخبر جابر: سأل أبا جعفر عليه السلام عن السأم أبرص يقع (13) في البئر،
قال: ليس بشئ، حرك الماء بالدلو (14). وليس نصا في موته.
وحمله الشيخ على عدم التفسخ (15). وأفتى بمضمونها الصدوق في

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 245 ذيل الحديث 705.
(2) الوسيلة: ص 73 و 75.
(3) المهذب: ج 1 ص 22.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 204.
(5) ليس في س.
(6) المبسوط: ج 1 ص 10.
(7) الخلاف: ج 1 ص 188 المسألة 145.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(9) السرائر: ج 1 ص 83.
(10) في ص (بنجاستها).
(11) مختلف الشيعة: ج 1 ص 213.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 136 ب 17 من أبواب الماء المطلق ح 11.
(13) في الوسائل (يقع في).
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 139 ب 18 من أبواب الماء المطلق ح 8.
(15) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 245 ذيل الحديث 708.
347

المقنع (1).
وأما دليل الاستحباب أو الوجوب فصحيحا معاوية بن عمار (2) وابن سنان،
عن الصادق عليه السلام: في الفأرة [والوزغة تقع في البئر قال: ينزح منها ثلاث دلا (3).
وخبر هارون بن حمزة الغنوي: سأله عليه السلام عن الفأرة] (4) والعقرب وأشباههما تقع
في الماء فيخرج حيا هل يشرب من ذلك الماء أو يتوضأ به؟ قال: يسكب منه
ثلاث مرات، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة، ثم يشرب منه ويتوضأ منه، غير الوزغ
فإنه لا ينتفع بما وقع فيه (5). لأنه إذا وجب لها حية فميتته أولى، وضعفه عن إفادة
الوجوب ظاهر، لظهوره في الماء الراكد وتسويته بين قليله وكثيره، ونفي الانتفاع
بما يقع فيه الوزغ مع قوة طهارة الجميع، وعدم تنجس الماء القليل بوقوعها فيه
حية.
وعن يعقوب بن عيثم: إنه سأله عليه السلام سام أبرص وجدناه قد تفسخ في البئر،
قال: إنما عليك أن تنزح منها سبع أدل (6). وظاهر التهذيب (7) العمل به. وحمل في
الإستبصار على الاستحباب (8). وعن منهال: إنه سأل عليه السلام عن العقرب يخرج من
البئر ميتة، قال: استق منه عشرة دلا (9). وحمل في التهذيب (10) على الاستحباب.

(1) المقنع: ص 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 137 ب 19 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب الماء المطلق ذيل الحديث 2 ج 1 ص 138.
(4) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 138 ب 19 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 138 ب 19 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(7) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 245 ذيل الحديث 707.
(8) الإستبصار: ج 1 ص 41 ذيل الحديث 115.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 143 ب 22 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(10) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 231 ذيل الحديث 667.
348

وفي الكافي (1) وفي بعض نسخ المقنعة (2): إن في وقوع الوزغة دلوا واحدا،
لأن يعقوب بن عيثم سأل الصادق عليه السلام عن بئر في مائها ريح يخرج منها قطع
جلود، فقال: ليس بشئ، لأن الوزغ ربما طرح جلده، إنما يكفيك من ذلك دلو
واحد (3). ونحوه مرسل عبد الله بن المغيرة عنه عليه السلام (4).
وفي المراسم: إن في موتها دلوا (5). ويمكن الاحتجاج له بالخبرين، لأنه لا
نفس لها ليتنجس بالموت، فلا فرق بين حالتيها.
(و) منها نزح (دلو للعصفور وشبهه) في الجسم في المشهور، لقول
الصادق عليه السلام في خبر عمار بعد الأمر بنزح دلا لوقوع الطير المذبوح بدمه فيها:
وما سوى ذلك مما يقع في بئر الماء فيموت فيه، فأكثره الانسان ينزح منها سبعون
دلوا، وأقله العصفور ينزح منها دلو واحد، وما سوى ذلك فيما بين هذين (6).
وفي الغنية: الاجماع عليه (7)، وفسر بما دون الحمامة من الطيور. وفي
الفقيه (8) والمقنع (9) والهداية: إن الأصغر الصعوة (10)، ولم يتعرض فيها لما أشبهها.
وروي نحوه عن الرضا عليه السلام (11). ومضى قول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: إذا
سقط في البئر شئ صغير فمات فيها فانزح منها دلا (12).

(1) الكافي في الفقه: ص 130.
(2) المقنعة: ص 67.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 139 ب 19 من أبواب الماء المطلق ذيل الحديث 9.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 139 ب 19 من أبواب الماء المطلق ح 9.
(5) المراسم: ص 36.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 142 ب 21 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 17 ذيل الحديث 22.
(9) المقنع: ص 10.
(10) الهداية: ص 14.
(11) فقه الرضا: ص 93 و 94.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 132 ب 15 من أبواب الماء المطلق ح 6.
349

ومضت الأخبار بسبع أو خمس في مطلق الطير (1)، فلو احتيط بذلك كان
أولى. وعن الراوندي اشتراط شبهه بكونه مأكول اللحم (2)، احترازا عن الخفاش،
فهو كالفأرة لأنه نجس، وهو ممنوع.
(وبول الرضيع) في الحولين، كما في الشرائع (3) (4) والروض (5) والروضة
البهية (6) والمسالك (7)، لأنه رضيع شرعا، وللاحتياط.
(قبل اغتذائه بالطعام) في المشهور، لكن فسر في المعتبر بمن لم يأكل
الطعام، وقوبل في غيره بمن أكله (8). وفي النافع (9) والفقيه (10) والهداية (11)
والمقنع (12) أطلق الرضيع، وفي المهذب (13) والوسيلة (14) والشرائع (15) بول الصبي
الذي لم يطعم. فيحتمل شموله لمن زاد على الحولين.
ونص ابن إدريس على الدلو الواحدة للرضيع (16)، بمعنى من في الحولين،
أكل الطعام أم لا. والذي ظفرنا به خبر علي بن أبي حمزة: سأل الصادق عليه السلام عن
بول الصبي الفطيم يقع في البئر، فقال: دلو واحد (17). وإذا لم يجب في بوله إلا
واحدة فالرضيع أولى. ولما كان بوله نجسا لم يمكن أن يقال: لا يجب فيه شئ.

(1) في ك (الطير لأنه نجس).
(2) لم نعثر عليه ونقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 74.
(3) جامع المقاصد: ج 1 ص 144.
(4) في س و ص و م و ط (الشرح).
(5) روض الجنان: ص 155 س 14.
(6) الروضة البهية: ج 1 ص 270.
(7) مسالك الأفهام: ج 1 ص 3 س 31.
(8) المعتبر: ج 1 ص 72.
(9) المختصر النافع: ص 3.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 17 ذيل الحديث 22.
(11) الهداية: ص 14.
(12) المقنع: ص 10.
(13) المهذب: ج 1 ص 22.
(14) الوسيلة: ص 75.
(15) شرائع الاسلام: ج 1 ص 14.
(16) السرائر: ج 1 ص 78.
(17) وسائل الشيعة: ج 1 ص 133 ب 16 من أبواب الماء المطلق ح 2.
350

وفي المهذب البارع: إن الرضيع هو المعبر عنه بالفطيم في الروايات (1). ولعله
حمله على المشرف على الفطام. وقد يمكن أن يشير إليه قول الشيخ في
الإستبصار: ويجوز أن يحمل على بول صبي لم يأكل الطعام (2).
وأوجب الحلبيان له ثلاث أدل (3). وعبر ابن زهرة بالطفل العام للأنثى، وادعى
الاجماع عليه (4). وقد يحتج لهما بما مر من صحيح ابن بزيع الموجب لقطرات من
البول نزح دلاء (5).
(فروع) ثمانية:
(أ: أوجب بعض هؤلاء) المنجسين للبئر بالملاقات، كالسيد (6) وابني
سعيد (7) وبني زهرة (8) وإدريس (9) والبراج (10) (نزح الجميع فيما لم يرد فيه
نص) للأصل، مع الاجماع على طهارتها بذلك وعدم تعطلها، فإن تعذر
فالتراوح.
(و) أوجب (بعضهم) كابن حمزة (11) والشيخ في المبسوط (12) - وإن
احتاط بالجميع - نزح (أربعين) دلوا، لقولهم:: ينزح منها أربعون دلوا وإن
صارت مبخرة، كذا في المبسوط ولم نره مسندا، ولم نعلم صدره (13)، لنعلم أن

(1) المهذب البارع: ج 1 ص 102.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 34 ذيل الحديث 90.
(3) الكافي في الفقه: ص 130، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 15.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 16.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 130 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 21.
(6) الإنتصار: ص 11.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 14، والجامع للشرائع: ص 19.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 37.
(9) السرائر: ج 1 ص 71.
(10) المهذب: ج 1 ص 21.
(11) الوسيلة: ص ص 75.
(12) المبسوط: ج 1 ص 12.
(13) في ص (صدوره).
351

الأربعين لماذا وجبت؟
وقد يقرب بناء على أنها تطهر إذا تغيرت بالنزح إلى زوال التغير، بأن من البين
أنها إذا لم تتغير لم يجب أزيد من ذلك، فلا يجب النزف، [ولا قائل] (1) بأكثر من
الأربعين إذا لم نقل بالنزف.
واحتج له في نهاية الإحكام (2) بما مر من رواية كردويه في الماء المخالط
للبول والعذرة وخرء الكلاب (3)، وكذا في المنتهى، وفيه: أنها تدل على نزح
ثلاثين، ومع ذلك فالاستدلال بها لا يخلو من تعسف (4).
قلت: لعله لجهل كردويه، وكونها في ماء مطر مخلوط بأشياء بأعيانها، ثم هي
نص فيما تضمنته (5)، فلا يجدي في المسألة. ولعل الاحتجاج بها لأنها المتضمنة
للفظ (المبخرة) المذكور في المبسوط مع الأربعين، فكأنه يقول: لعل الشيخ روى
خبر كردويه بلفظ (أربعين) ولم نظفر به إلا بلفظ (ثلاثين) وعن البشرى اختيار
ثلاثين (6)، وهو خيرة المختلف (7)، لخبر كردويه بعد تسليمه.
واحتمل في المعتبر أن لا يجب شئ، عملا بما دل من النصوص على أنها لا
ينجس ما لم يتغير، خرج ما نص على النزح له منطوقا أو مفهوما، ويبقى الباقي
داخلا في العموم مع الأصل. قال: وهذا يتم لو قلنا: إن النزح للتعبد لا للتطهير. أما
إذا لم نقل ذلك فالأولى نزح مائها أجمع (8).
قلت: ويمكن إتمامه على الآخر بجواز اختصاص نجاسة البئر بما نص على
النزح له. واحتمل وجه خامس هو تقدير التغيير والنزح إلى زواله.
(ب: جز الحيوان وكله سواء) للأصل والاحتياط. وقد يحتمل دخول

(1) في م (وللقائل).
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 260.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 133 ب 16 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 17 س 37.
(5) في ص (تضمنت).
(6) لا يوجد لدينا.
(7) مختلف الشيعة: ج 1 ص 217.
(8) المعتبر: ج 1 ص 78.
352

الجز فيما لا نص فيه إذا لم يجب فيه [إلا أقل] (1) مما ينزح للكل. (وكذا صغيره
وكبيره) سواء إذا شملهما اللفظ كالأكثر لا كالرجل والصبي، ولا البعير على نص
أكثر أهل اللغة - كما عرفت - وعن الصهرشتي إلحاق صغار الطيور بالعصفور (2)،
ولا دليل له (3).
(و) كذا (ذكره وأنثاه) إذا عمهما اللفظ كالأكثر، ومنه الدجاجة كجرادة
بنص أهل اللغة، ولا كالرجل والصبي [ولا البقرة، كما يأتي في الوصايا. (ولا
فرق في الانسان) والجنب، والرجل والصبي] (4) (بين المسلم والكافر)
وفاقا لاطلاق الأكثر، والأخبار، ونص المحقق (5).
وأوجب ابن إدريس النزف لموت الكافر ووقوع ميتته فيها (6)، استنادا إلى أن
نجاسة الكفر مما لا نص فيه. فإذا نزل فيها وباشر ماءها حيا وجب النزف، فكيف
يجب سبعون إذا مات بعد ذلك؟! وكذا إذا وقع فيها ميتا، فإن الموت لا يخفف
نجاسته، وكذا إذا نزلها جنبا لذلك. هذا مع سبق المسلم إلى الفهم عند الاطلاق،
وتسبب الموت والجنابة بمجردهما لما قدر، والكفر أمر آخر.
وادعى المحقق: إن نص موت الانسان نص على الكافر بعمومه (7)، وإذا لم
يجب في ميتته إلا سبعون فأولى في حيه. واحتمل في الجنب تارة عموم نصه له،
وأخرى أن السبع إنما يجب لغسله ولا غسل للكافر. والأظهر الأحوط عدم
الدخول في نصهما.
واختار المصنف زوال نجاسة الكافر (8) بالموت في المختلف (9) والتذكرة (10)

(1) في ص و م (الأقل).
(2) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 73.
(3) في ص (عليه).
(4) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(5) المعتبر: ج 1 ص 63.
(6) السرائر: ج 1 ص 73.
(7) المعتبر: ج 1 ص 63.
(8) في ط و ك (الكفر).
(9) مختلف الشيعة: ج 1 ص 195.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 23.
353

والنهاية (1) والمنتهى (2)، لاستنادها إلى الاعتقاد الفاسد الزائل بالموت، فحكم
بمساواته للمسلم إذا وقع ميته فيها.
ونص ابن إدريس على مساواة بول الكافر لبول المسلم (3). واحتمل بعضهم
الفرق، لتضاعف النجاسة بملاقاة بدنه، وقد يمنع.
ونص الشهيد في البيان على تخصيص الرضيع بابن المسلم (4).
(ج: الحوالة في الدلو) لما لم يعين في الشرع (على المعتاد) على
تلك البئر بعينها أو نوعها، بمعنى أنه لو كانت بئر لم يعتد فيها النزح بدلو اعتبر ما
اعتيد على مثلها، وكذا لو اعتيد على بئر دلو والعادة في مثلها أكبر أو أصغر،
فالمعتبر العادة في مثلها لا فيها. ولو اختلف عادة أمثالها فالأغلب.
فإن تساوت فلعل الأصغر مجزي، والأكبر أحوط. وهذا عندي أولى من أن
يقال: إن اختلف العادة على عين تلك البئر اعتبر الأغلب، فإن تساوت فالأصغر
أو الأكبر، ولو اعتيد على مثلها في البلد [دلو، وفي غيره] (5) غيرها اعتبر الأغلب.
وكذا لو لم يعتد في البلد على مثلها دلو، ولو اعتبر الأغلب على مثلها في البلاد،
وقيل: اعتبر أقرب البلاد إليه فالأقرب (6).
وقد يحتمل الاكتفاء في كل بئر بأصغر دلو أعتيدت على أصغر بئر بطريق
الأولى، فإنها إذا اكتفى بها في البئر الصغيرة القليلة الماء ففي الغزيرة أولى. ويندفع
على التعبد أو تعليل النزح بتجدد النبع، فإنها لا يفيده في الغزيرة.
وعن بعض الأصحاب تعيين الدلو بالهجرية، وهي ثلاثون رطلا، وقيل:
أربعون (7). وروي عن الرضا عليه السلام: في الفأرة والطائر والسنور (8)، وقد مضى.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 260.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 13 س 37.
(3) السرائر: ج 1 ص 78.
(4) البيان: ص 45.
(5) ليس في ص.
(6) مسالك الأفهام: ج 1 ص 3 س 38.
(7) لم نعثر على قائله ونقل القول في جامع المقاصد: ج 1 ص 146.
(8) فقه الرضا: ص 92.
354

ولعله لذلك قال القاضي: والمعتبر في هذا الدلو بالمعتاد، لا بما ذهب إليه قوم أنه من
دلا هجر، أو مما يسع أربعين رطلا، لأن الخبر في ذلك جاء مقيدا (1). إذا كان
الظاهر أن الغرض من النزح اخراج المتأثر وتجديد النبع لم يشترط خصوص
الدلو، بل يجزي النزح بآنية من خزف أو خشب أو نحاس أو غيرها.
وكذا لا يشترط العدد (فلو اتخذ آلة تسع العدد) ونزح بها دفعة
(فالأقرب الاكتفاء). وخيرة المعتبر (2) والمنتهى (3) والتحرير (4) العدم، اقتصارا
على المنصوص، ولأن تكرير النزح أعون على التموج والتدافع وتجدد النبع.
(د: لو تغيرت البئر بالجيفة حكم بالنجاسة من حين الوجدان)
للجيفة فيها إن لم يعلم سبقها، وإن انتفخت أو تفسخت وسبق التغير، للأصل،
وإمكان الانتفاخ والتفسخ أو الاستعداد له قبل الوقوع، وإمكان التغير بالمجاورة أو
بغيرها.
وتقدم قولهم: عليهم السلام الماء كله طاهر حتى يعلم أنه قذر (5). وأن الصادق عليه السلام
سئل عمن وجد في إنائه فأرة منسلخة وقد توضأ من الإناء مرارا أو اغتسل أو
غسل ثيابه، فقال عليه السلام: إن كان رآها قبل أن يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم
فعل ذلك بعد ما رآها في الإناء فعليه أن يغسل ثيابه ويغسل كل ما أصابه ذلك
الماء، ويعيد الوضوء والصلاة، وإن كان إنما رآها بعد ما فرغ من ذلك وفعله، فلا
يمس من الماء شيئا، وليس عليه شئ، لأنه لا يعلم متى سقطت فيه. ثم قال: لعله
أن يكون إنما سقطت فيه تلك الساعة التي رآها (6).
وعن أبي حنيفة: إن كانت الجيفة منتفخة أو متفسخة أعاد صلوات ثلاثة أيام

(1) المهذب: ج 1 ص 23.
(2) المعتبر: ج 1 ص 77.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 18 س 2.
(4) تحرير الأحكام: ص 5 س 8.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 100 ب قدس سره من أبواب الماء المطلق ح 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 106 ب 4 من أبواب الماء المطلق ح 1.
355

بلياليها، وإلا صلوات يوم وليلة (1).
وفي التحرير (2) والبيان (3) يحكم بالنجاسة من حين وجدان التغير.
(ه‍: لا تجب النية في النزح) للأصل، ولأنه إزالة نجاسة أو بمنزلتها،
إذ على القول بالتعبد، [فإنما تعبدنا] (4) بترك الاستعمال قبل النزح. (فيجوز أن
يتولاه) المجنون أو (الصبي) إلا في التراوح على ما مر (أو الكافر مع عدم
المباشرة) المنجسة.
(و: لو تكثرت النجاسة) الواقعة في البئر (تداخل النزح مع
الاختلاف) في النوع كالثعلب والأرنب، والمقدر كالثعلب والدم (وعدمه)
فلو مات فيها ثعلبان أو ثعلب وأرنب لم ينزح إلا أربعون، ولو مات فيها ثعلب
ووقع فيها دم كثير كفت خمسون، لحصول الامتثال.
أما في المتخالفة فلأنه في نحو ما ذكر - مثلا - يصدق أنه وقع الدم فنزحت
خمسون دلوا، ووقع الثعلب فنزحت أربعون دلوا. ولا نية في النزح، ولا استحالة
في اجتماع علل شرعية على معلول واحد، فإنها معرفات.
وأما في المتماثلة (5) فلذلك، ولأن الواقع منها في النصوص يعم الواحد
والكثير، ولأن العقل لا يفرق بين بول رجل مرة، وبوله مرتين، أو بول رجلين، ولا
بين قطرات منفردات من الدم، وما في الكثير منه بقدرها، ولأن النجاسة الواحدة
الكلبية (6) والبولية ونحوهما لا يتزايد بتزايد الأجزاء.
واحتمل في المنتهى العدم (7)، وظاهره احتماله في القبيلين المتماثلة وغيرها،
لأن كثرة الواقع يزيد شياع النجاسة في الماء، ولذا اختلف النزح باختلاف الواقع
في الجثة وإن كان طاهرا في الحياة.

(1) الفتاوى الهندية: ج 1 ص 20 س 30.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 5 س 12.
(3) البيان: ص 46.
(4) ليس في س.
(5) في س و ط (المماثلة).
(6) في م و ط (الكلية).
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 18 س 21.
356

ويؤيده الاحتياط والاستصحاب، وأصل تعدد المسبب بتعدد السبب، وهو
خيرة الشهيد، قطعا فيهما في الدروس (1) والبيان (2)، وفي الذكرى قطعا في
المختلفة، وتقريبا في المتماثلة، قال: أما الاختلاف بالكمية كالدم، فإن خرج من
القلة إلى الكثرة فمنزوح الأكثر، وإن زاد في الكثرة فلا زيادة في القدر، لشمول
الاسم (3).
وحكم ابن إدريس بتداخل المتماثلة دون المختلفة (4) وقطع المحقق بعدم
تداخل المختلفة واحتمل الوجهين في المتماثلة (5).
قلت: و [كذا الظاهر أن] (6) يستثنى من الخلاف وقوع أجزاء حيوان واحد
متعاقبة فيتداخل قطعا، وإلا زادت على كله أضعافا. وكذا ما ينزح له الكل،
ويتداخل مثله ويداخله غيره، إذ لا مزيد عليه، وهو الأظهر عند التراوح.
(ز: إنما يجزي العدد) أو الكر أو التراوح (بعد اخراج) عين
(النجاسة أو استحالتها) واستهلاكها اتفاقا، كما في المنتهى (7)، لظهور أن لا
فائدة في النزح مع بقاء النجاسة. فلو تمعط شعر نجس العين، أو تفتت (8) لحم الميتة
فيها نزح حتى يعلم خروج الجميع ثم ينزح المقدر، فإن تعذر لم يكف التراوح.
قال الشهيد: ولو كان شعر طاهر العين أمكن اللحاق لمجاورته النجس مع
الرطوبة، وعدمه لطهارته في أصله. قال: ولم أقف في هذه المسألة على فتيا لمن
سبق منا (9) إنتهى.
ويحتمل الاجتزاء باخراج عين النجاسة في أول دلو، واحتساب تلك الدلو
من العدد، لاطلاق النصوص والفتاوى.

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 121 درس 17.
(2) البيان: ص 46.
(3) ذكرى الشيعة: ص 10 س 18.
(4) السرائر: ج 1 ص 77.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 14.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ك.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 18 س 26.
(8) في م و س (بقيت).
(9) ذكرى الشيعة: ص 11 س 37.
357

وأما خبر علي بن حديد، عن بعض أصحابنا قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام
في طريق مكة فصرنا إلى بئر فاستقى غلام أبي عبد الله عليه السلام دلوا فخرج فيه
فأرتان، فقال عليه السلام: أرقه، فاستقى آخر فخرج فيه فأرة، فقال عليه السلام: أرقه، فاستقى
الثالث فلم يخرج فيه شئ، فقال: صبه في الإناء، فصبه في الإناء (1). فيحتمل حياة
الفيران.
والعذرة اليابسة من النجاسات، اختصت بزيادة النزح لها بعد الاستحالة.
(ح: لو غار الماء سقط النزح) لانتفاء محله، فإنه الماء لا البئر. (فإن
عاد) إلى البئر نبع الماء (كان) النابع (طاهرا) كما في بعض مسائل
السيد (2)، وفي المعتبر بعد التردد (3)، لأنه وإن احتمل أن يكون هو الغائر احتمل
أن يكون غيره، والأصل الطهارة. ولا ينجس بأرض البئر، فإنها تطهر بالغور، كما
يطهر بالنزح كلا أو بعضا، فإنه كالنزف. واحتمل بعضهم قصر طهارة الأرض على
النزح، فينجس (4) بها المتعدد.
(ولو اتصلت بالنهر الجاري طهرت) سواء تساوى قراراهما أو (5)
اختلفا. وعبارة التذكرة (6) تعطي التسوية بين التساوي ووقوع الجاري فيها، وذلك
لحصول الاتحاد به المدخل لمائها في الجاري فيلحقه حكمه. ولم يكتف الشهيد
في الذكرى (7) والدروس (8) بتسنم الجاري عليها، بناء على عدم الاتحاد. وهو إن
سلم ففي غير الواقع فيها، إذ لا شبهة في الاتحاد به والمنحدر (9) من الجاري إلى
نجس من أرض أو ماء أو غيرهما لا ينجس ما بقي اتصاله. فماء البئر يتحد بماء
طاهر، وليس لنا ماء واحد مختلف بالطهارة

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 128 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 14.
(2) مسائل شتى (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الرابعة): ص 330.
(3) المعتبر: ج 1 ص 78.
(4) في م (فينزح).
(5) في ط و ص (و).
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 38.
(7) ذكرى الشيعة: ص 10 س 6.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 120 درس 17.
(9) في س (والمتجدد).
358

والنجاسة بدون التغير، إلا أن يلتزم
تنجس المنحدر، وهو بعيد.
ولو سلم أمكن التزام تنجس ما يدخل ماؤها من الجاري مع تساوي
القرارين، وبمثله يظهر طهرها بالقاء كر عليها دفعة.
واستشكل في نهاية الإحكام (1)، وخص المحقق طهارتها بالنزح (2)، فلم
يطهرها باتصالها بالمتصل بالجاري، اقتصارا على المنصوص المفتى به.
والظاهر أن اقتصار النصوص والفتاوى على النزح مبني على الغالب الأخف
الأخفى، والغيث إذا جرى إليها عند النزول من السماء كالجاري. ولا ينافيه خبر
كردويه المتقدم (3)، فإن ظاهره بقاء عين العذرة وخرء الكلاب مع ماء المطر. ولو
أجريت البئر دخل ماؤها في الجاري قطعا، ولو أجريت بعد التنجس فهل يطهر
الجميع أو الباقي عند المنبع بعد انفصال ما كان يجب نزحه أو لا يطهر شئ منه
حتى ينزح الواجب؟ أوجه، احتملت في الذكرى (4)، أوجهها الأول.
(ولو) تغيرت بالنجاسة ثم (زال تغيرها بغير النزح والاتصال)
بالجاري أو الكثير (فالأقرب نزح الجميع، وإن زال) التغير (ببعضه لو
كان) متحققا (على إشكال) من الاستصحاب، وعدم أولوية البعض (5)،
وانتفاء علامة الطهارة التي كانت زوال التغير، وتنجس الجميع بالتغير، فلا يطهر إلا
باخراج الجميع. فإن الاكتفاء باخراج البعض واستهلاك الباقي في النابع المتجدد
عند تحقق التغير كان لما مر من الأدلة المنتفية هنا، ومن الاكتفاء بالبعض مع تحقق
التغير، فبدونه أولى. وعلى الأقرب إن تعذر النزف فلا تراوح هنا، بل ينزح ما يعلم
به نزح الجميع، ولو في أيام، ووجهه واضح.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 259.
(2) المعتبر: ج 1 ص 79.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 133 ب 16 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(4) ذكرى الشيعة: ص 10 س 7.
(5) في م و س (العفو).
359

(الفصل الخامس)
(في الأحكام) للمياه
(يحرم استعمال الماء النجس في الطهارة وإزالة النجاسة) أي يأثم
بذلك، فإنه مخالفة للشرع. وأما استعماله في صورة الطهارة أو الإزالة مع اعتقاد
أنهما لا يحصلان به فلا إثم فيه، وليس استعمالا له فيهما.
وفسر الحرمة في نهاية الإحكام: بعدم الاعتداد بالفعلين (1) (مطلقا) أي
اختيارا أو اضطرارا، ولا تفيد التقية الاضطرار، فإنها لا يضطر إلى نية الطهارة أو
الإزالة، ويحرم استعماله اتفاقا، (وفي الأكل والشرب اختيارا) ويجب
اضطرارا.
(فإن تطهر به لم يرتفع حدثه، ولو صلى) بتلك الطهارة (أعادهما)
أي الطهارة والصلاة (مطلقا) في الوقت وخارجه، كان عالما بالفساد والنجاسة
أو جاهلا، وفاقا لابن سعيد (2) وظاهر الصدوقين (3) والمفيد (4)، فلا صلاة إلا
بطهور، ولا طهور بنجس. وللنهي عن التطهر بالنجس المقتضي للفساد.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 246.
(2) الجامع للشرائع: ص 20.
(3) نقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 241، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 11
ذيل الحديث 15.
(4) المقنعة: ص 66.
360

وقصر أبو علي وجوب الإعادة على بقاء الوقت إذا سبق العلم فنسيه (1).
والشيخ في النهاية (2) والمبسوط (3) والقاضي عليه إذا لم يكن سبق العلم (4).
ومبنى الخلاف على اشتراط الصلاة بالتطهر بطاهر في نفسه، أو بزعم
المكلف، ولا خلاف في عدم التكليف إلا بالتطهر بالطاهر بزعمه، وعدم المؤاخذة
إن خالف الواقع، لاستحالة تكليف الغافل. ومبنى الخلاف بين الشيخ وأبي علي
على تفريطه بالنسيان وعدمه، والعدم أقوى.
ولا خلاف في وجوب تطهير البدن وإعادة الطهارة لما يستقبل من الصلوات.
وهو يؤيد اشتراط طهارة الماء في نفسه، كما يؤيده اتفاقهم على الإعادة في
الوقت.
وتردد ابن إدريس إذا لم يعلم بالنجاسة ولا سبق العلم بها بين الإعادة
وعدمها، في الوقت وخارجه (5). وظاهره الإعادة مطلقا مع العلم أو سبقه. ولو فعل
ذلك تقية وأمكنه التدارك في الوقت فعل قطعا، وإلا كان كفاقد الطهورين.
(أما لو غسل ثوبه) أو بدنه (به فإنه) يعيد الغسل قطعا و (يعيد
الصلاة) التي أوقعها معه (إن) كان (سبقه العلم) بالنجاسة فنسيها أو لا
(مطلقا) في الوقت وخارجه، كما في ظاهر المقنع (6) والفقيه (7) والمقنعة (8)
وصريح جمل العلم والعمل (9) والجمل والعقود (10) وصريح النهاية (11)

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 243.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 210.
(3) المبسوط: ج 1 ص 13.
(4) المهذب: ج 1 ص 27.
(5) السرائر: ج 1 ص 88.
(6) المقنع: ج 1 ص 5.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 11 ذيل الحديث 15.
(8) المقنعة: ص 66.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 35.
(10) الجمل والعقود: ص 56.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 210.
361

والمبسوط (1) والخلاف (2) والوسيلة (3) والمهذب (4) والسرائر (5) والغنية (6) للإجماع كما في
الأخيرين وشرح الجمل للقاضي (7)، وانتفاء الشرط الذي هو طهارة الثوب
والبدن.
والأخبار كثيرة جدا، كما مر من بعض الأخبار فيمن توضأ قبل الاستنجاء (8)،
وكصحيح زرارة (9) المقطوع وحسنه (10) عن الباقر عليه السلام قال: أصاب ثوبي دم رعاف
أو شئ من مني فعلمت أثره إلى أن أصيب له الماء، فأصبت وحضرت الصلاة
[ونسيت أن بثوبي شيئا وصليت، ثم إني ذكرت بعد ذلك، قال: يعيد الصلاة] (11)
ويغسله.
وخبر سماعة: سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يرى بثوبه الدم فنسي أن يغسله
حتى صلى، قال: يعيد صلاته، كي يهتم بالشئ إذا كان في ثوبه، عقوبة
لنسيانه (12). وصحيح ابن أبي يعفور: سأله عليه السلام عن الرجل يكون في ثوبه نقط الدم
لا يعلم به ثم يعلم فينسى أن يغسله فيصلي ثم يذكر بعد ما صلى، أيعيد صلاته؟
قال: يغسله ولا يعيد صلاته، إلا أن يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد
الصلاة (13).
واستحسن المحقق (14) عند النسيان عدم الإعادة مطلقا. وحكى في التذكرة

(1) المبسوط: ج 1 ص 13.
(2) الخلاف: كتاب الصلاة ج 1 ص 478 المسألة 221.
(3) الوسيلة: ص 76.
(4) المهذب: ج 1 ص 27.
(5) السرائر: ج 1 ص 88.
(6) الغنية (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 376.
(7) شرح جمل العلم والعمل: ص 55.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 208 ب 88 من أبواب نواقض الوضوء ح 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1006 ب 7 من أبواب النجاسات ح 2.
(10) علل الشرائع: ص 361 ح 1.
(11) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1064 ب 42 من أبواب النجاسات ح 5.
(13) الإستبصار: ج 1 ص 76 ح 611.
(14) المعتبر: ج 1 ص 441.
362

عن الشيخ بفعله ما كلف به وأصل البراءة (1). وصحيح العلاء: سأل الصادق عليه السلام
عمن يصيب ثوبه الشئ ينجسه فينسى أن يغسله وصلى فيه ثم ذكر أنه لم يكن
غسله، أيعيد الصلاة؟ قال: لا يعيد، قد مضت صلاته وكتبت له (2).
ورد في التهذيب بالشذوذ ومعارضتها بالأخبار. واحتمل فيه اختصاصه
بنجاسة معفو عنها (3).
وحمل في الإستبصار على خروج الوقت، لصحيح علي بن مهزيار: قال: كتب
إليه سليمان بن رشيد يخبره أنه بال في ظلمة الليل، وأنه أصاب كفه برد نقطة من
البول لم يشك أنه أصابه ولم يره، وأنه مسحه بخرقة ثم نسي أن يغسله وتمسح
بدهن فمسح به كفيه ووجهه ورأسه ثم توضأ وضوء الصلاة فصلى، فأجابه بجواب
قرأته بخطه: أما ما توهمت مما أصاب يدك فليس بشئ إلا ما تحقق، فإن تحققت
ذلك كنت حقيقا أن تعيد الصلوات التي كنت صليتهن بذلك الوضوء بعينه، ما كان
منهن في وقتها، وما فات وقتها فلا إعادة عليك لها من قبل أن الرجل إذا كان ثوبه
نجسا لم يعد الصلاة إلا ما كان في وقت، وإذا كان جنبا أو صلى على غير وضوء
فعليه إعادة الصلوات المكتوبات اللواتي فاتته، لأن الثوب خلاف الجسد (4).
ولعل المراد بالتعليل أن الأهم في الصلاة زوال الحدث. فمن صلى محدثا
أعاد الصلاة مطلقا، وأما من صلى مع نجاسة بدنه أو ثوبه فلا يعيد إلا في الوقت.
ويجوز صحة وضوء ذلك الرجل بزوال ما على أعضاء وضوئه من النجاسة.
والمكتوب إليه مجهول. ويحتمل علي بن مهزيار، فيكون قائل: فأجاب بجواب
قرأته بخطه، الراوي عنه وهو كل من أحمد بن محمد وعبد الله بن محمد.
ويحتمل عود ضمير (بخطه) إلى سليمان بن رشيد، ولافتراق الوقت،

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 97 س 39.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1064 ب 42 من أبواب النجاسات ح 3.
(3) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 424 ح 1345.
(4) الإستبصار: ج 1 ص 183 - 184 ذيل الحديث 642 و ح 643.
363

وخارجه بأصل البراءة من القضاء الذي لا يثبت إلا بأمر جديد، وأصل البقاء على
الذمة في الوقت إلى العلم بالخروج عن العهدة.
ونفى عنه البأس في المنتهى (1)، وهو خيرة الإرشاد (2) والتحرير (3)
والتلخيص (4) والتبصرة (5).
(وإلا) يكن سبقه العلم بالنجاسة (ففي الوقت خاصة) كما في
المبسوط (6) والغنية (7) والمهذب (8) وباب المياه من النهاية (9)، لما عرفت من أصلي
شغل الذمة في الوقت والبرأة من القضاء، ونحو صحيح وهب بن عبد ربه عن
الصادق عليه السلام: في الجنابة تصيب الثوب ولا يعلم بها صاحبه فيصلي فيه ثم يعلم
بعد ذلك، قال: يعيد إذا لم يكن علم (10). وهو يحتمل التصريح بالشرط تنصيصا
على الحكم عنده ودفعا، لتوهم الخلاف، ويعلم الحكم في خلافه للأولى.
ويحتمل أن يكون المعنى: إذا لم يكن علم حتى أتم الصلاة، فإنه إن علم فيها
قطعها واستأنف ولا إعادة. ويحتمل أن يكون الشرط من كلام الراوي أكد به كون
سؤاله فيما إذا لم يكن علم. ويحتمل الانكار، ولعله أظهر إن كان الشرط من
كلامه عليه السلام.
وخبر أبي بصير: سأله عليه السلام عن رجل صلى وفي ثوبه بول أو جنابة، فقال: علم
به أو لم يعلم فعليه الإعادة، إعادة الصلاة إذا علم (11). وإنما يتم إن كان المعنى عليه
الإعادة إذا علم كان علم به أو لم يعلم. ويحتمل أن يكون قوله عليه السلام، علم به أو لم

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 83 س 2.
(2) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 240.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 21.
(4) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 274.
(5) تبصرة المتعلمين: ص 17.
(6) المبسوط: ج 1 ص 13.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 503 س 28.
(8) المهذب: ج 1 ص 27.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 210.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1060 ب 40 من أبواب النجاسات ح 8.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1061 ب 40 من أبواب النجاسات ح 9.
364

يعلم تقسيما، ثم ابتداء فقال: عليه الإعادة إذا كان علم. وحمل في المنتهى مع الأول
على النسيان (1).
وخبر ميمون الصيقل: سأله عليه السلام عن رجل أصابته جنابة بالليل فاغتسل، فلما
أصبح نظر فإذا في ثوبه جنابة، فقال: الحمد لله الذي لم يدع شيئا إلا وله حد، إن
كان حين قام نظر فلم ير شيئا فلا إعادة عليه، وإن كان حين قام لم ينظر فعليه
الإعادة (2). وفيه أنه تعمد الاهمال.
وعند الأكثر [لا إعادة] (3) عليه مطلقا، وهو خيرة المنتهى (4) والتحرير (5)
والتبصرة (6) والتلخيص (7) والارشاد (8)، وهو الأقوى، للأصل والأخبار، وهي
كثيرة جدا، كقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إن أصاب ثوب الرجل الدم
فصلى فيه وهو لا يعلم فلا إعادة عليه، وإن هو علم قبل أن يصلي فنسي فصلى فيه
فعليه الإعادة (9). وصحيح العيص: سأله عليه السلام عن رجل صلى في ثوب رجل أياما،
ثم إن صاحب الثوب أخبره أنه لا يصلي فيه، قال: لا يعيد شيئا من صلاته (10).
وخبر محمد بن مسلم: سأل أحدهما عليهما السلام عن الرجل يرى في ثوب أخيه دما
وهو يصلي، قال: لا يؤذنه حتى ينصرف (11). وأيده المحقق بقول الصادق عليه السلام
في صحيح ابن مسلم: إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة
الصلاة، وإن أنت نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت فيه ثم رأيته بعد فلا إعادة

(1) منتهى المطلب: ج 1 183 س 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1062 ب 41 من أبواب النجاسات ح 3.
(3) في ص (الإعادة).
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 183 س 2.
(5) تحرير الأحكام: ص 25 س 27.
(6) تبصرة المتعلمين: ص 17.
(7) تلخيص المرام: (سلسلة الينابيع الفقهية) ج 26 ص 247.
(8) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 240.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1060 ب 40 من أبواب النجاسات ح 7.
(10) المصدر السابق: ح 6.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1059 ب 40 من أبواب النجاسات ح 1.
365

عليك، وكذلك البول (1).
قال الشهيد: ولو قيل: لا إعادة على من اجتهد قبل الصلاة ويعيد غيره أمكن،
لهذا الخبر. ولقول الصادق عليه السلام في المني تغسله الجارية ثم يوجد: أعد صلاتك،
أما أنك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شئ، إن لم يكن إحداث قول ثالث (2)،
إنتهى.
وفي السرائر: إنه لا خلاف في سقوط القضاء هنا (3)، وفي الغنية الاجماع
عليه (4)، ويظهر الخلاف من المنتهى، لنسبته إلى أكثر الأصحاب (5).
وعبارة المقنعة يحتمل القضاء لقوله: من صلى في ثوب يظن أنه طاهر ثم
عرف بعد ذلك أنه كان نجسا ففرط في صلاته فيه من غير تأمل له، أعاد ما صلى
فيه في ثوب طاهر من النجاسات (6).
ومن أفراد المسألة ما إذا علم بالنجاسة أو ذكرها بعد النسيان في الصلاة [فإن
ذكرها فيها بعد النسيان] (7) فإن وجبت الإعادة على الناسي مطلقا وجب
الاستئناف هنا، وإن لم يجب مطلقا طرح الثوب عنه إن أمكن بلا فعل مناف
للصلاة، وإلا استأنف، إلا عند الضيق ففيه إشكال، وعلى التفصيل بالوقت
وخارجه استأنف مع السعة، وعند الضيق يطرح الثوب إن أمكن بلا فعل المنافي،
وإلا فلا إشكال.
وسأل علي بن جعفر في الصحيح أخاه عليه السلام عن الرجل يصيب ثوبه خنزير
فلم يغسله فذكر وهو في صلاته كيف يصنع به؟ قال: إن كان دخل في صلاته
فليمض، وإن لم يكن دخل في الصلاة فلينضح ما أصاب من ثوبه، إلا أن يكون فيه

(1) المعتبر: ج 1 ص 432.
(2) ذكرى الشيعة: ص 17 س 17.
(3) السرائر: ج 1 ص 88.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 27.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 182 س 35.
(6) المقنعة: ص 149.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
366

أثر فيغسله (1).
ويحتمل أن يكون الأمر بالمضي في صلاته، لاحتمال اليبوسة أو العلم بها،
ولذا قال: فلينضح ما أصاب، ولا يدفعه قوله: (إلا أن يكون فيه أثر فيغسله)
لاحتمال إرادة وجوب غسله حينئذ، دخل في الصلاة أو لا.
وفي السرائر، عن كتاب المشيخة للحسن بن محبوب، عن عبد الله بن سنان،
عن الصادق عليه السلام قال: إن رأيت في ثوبك دما وأنت تصلي ولم تكن رأيته قبل
ذلك فأتم صلاتك، فإذا انصرفت فاغسله، قال: وإن كنت رأيته قبل أن تصلي فلم
تغسله ثم رأيته بعد وأنت في صلاتك فانصرف فاغسله وأعد صلاتك (2). وفي تتمة
ما مر من مقطوع زرارة (3) وحسنه عن الباقر عليه السلام، قال: إن رأيته في ثوبي وأنا في
الصلاة، قال: تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رأيته، وإن لم تشك
ثم رأيته رطبا قطعت وغسلته ثم بنيت على الصلاة، لأنك لا تدري لعله شئ وقع
عليك، فليس ينبغي أن تنقض اليقين بالشك أبدا (4). وهو يحتمل التفريط والاهمال
دون النسيان.
وإن لم يكن علم بالنجاسة إلا في الصلاة ففي النهاية: يطرح الثوب ويصلي
فيما بقي عليه من الثياب، فإن لم يكن عليه إلا ثوب واحد غسله واستأنف
الصلاة (5). ويوافقه في الاستئناف خبر أبي بصير، عن الصادق عليه السلام: في رجل
صلى في ثوب فيه جنابة ركعتين ثم علم به، قال: عليه أن يبتدئ الصلاة (6). وما مر

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1017 ب 13 من أبواب النجاسات ح 1.
(2) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 592.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1006 ب 7 من أبواب النجاسات ح 2، و ص 1061 ب 41 ح 1
و ص 1603 ب 42 ح 2 و ص 1065 ب 44 ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1065 ب 44 من أبواب النجاسات ح 1، وعلل الشرائع: ص 361 ح 1.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 325.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1066 ب 44 من أبواب النجاسات ح 4.
367

من قوله عليه السلام في صحيح محمد بن مسلم: إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في
الصلاة فعليك إعادة الصلاة (1).
وفي المبسوط: يطرح الثوب ويصلي فيما بقي عليه، وإن لم يكن عليه غيره
طرحه، فإن كان بالقرب منه ما يستتر به أو عنده من يناوله ذلك، استتر به وأتم
الصلاة، وإلا قطعها واستتر بطاهر واستأنف الصلاة، وإن لم يجد ثوبا طاهرا أصلا
تمم صلاته من قعود إيماء (2). وهو فتوى المحقق (3) والمصنف (4) في كتبهما، وإن
خلا غير التحرير (5) والمنتهى (6) عن ذكر الصلاة عاريا قاعدا بالايماء.
وبمعنى طرح الثوب النجس، إزالة النجاسة عنه. وفي حكم تعذر استبدال
الساتر إلا بالمنافي تعذر طرح النجس أو إزالة النجاسة عنه إلا به. وسمعت الأمر
بالاتمام في خبر ابن سنان المحكي عن كتاب المشيخة لابن محبوب (7)، وفي خبر
داود بن سرحان، عن الصادق عليه السلام: في الرجل يصلي فأبصر في ثوبه دما، أنه
قال: يتم (8). وحمل في التهذيب على كون الدم أقل من درهم (9).
وفي حسن حريز، عن محمد بن مسلم قال: قلت له: الدم يكون في الثوب
علي وأنا في الصلاة، قال: إن رأيته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل، وإن لم يكن
عليك غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1022 ب 16 من أبواب النجاسات ح 2.
(2) المبسوط: ج 1 ص 38.
(3) المعتبر: ج 1 ص 445 ومختصر النافع: ص 19 وشرائع الاسلام: ج 1 ص 54.
(4) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 240 وتبصرة المتعلمين: ص 17 ومختلف الشيعة: ج 1 ص 487
ومنتهى المطلب: ج 1 ص 182 س 16 وتحرير الأحكام: ج 1 ص 25 س 26.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 25 سطر 26.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 184 س 15.
(7) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 592.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1026 ب 20 من أبواب النجاسات ح 3.
(9) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 423 ذيل الحديث 1344.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1027 ب 20 من أبواب النجاسات ح 6.
368

وفي المعتبر: إنه على القول بإعادة الجاهل في الوقت يستأنف في الوقت
مطلقا (1).
قلت: هذا مع ظهور سبق النجاسة على الصلاة. ويحتمل كلام الشيخ في
الكتابين عدمه (2)، ولكن المحقق يرى لزوم الاستئناف في الوقت بناء عليه وإن لم
يظهر، بل ظهر العدم لقوله: لو وقعت عليه النجاسة وهو في الصلاة ثم زالت وهو لا
يعلم ثم علم استمر على حاله على ما قلناه. وعلى القول الثاني يستقبل الصلاة (3).
وكذا المصنف في النهاية (4) والمنتهى (5)، وقطع الشهيد بالاتمام إذا أمكن
الطرح أو الإزالة بلا منافي مع الجهل بسبق النجاسة، علم بتجددها في الصلاة أو
لا (6). وهو الوجه الذي يفيده النظر في الأخبار ما سمعته فيها. وغيرها كقول
الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن وهب البجلي: لو أن رجلا رعف في صلاته
وكان معه ماء أو من يشير إليه بماء فيناوله فمال برأسه فغسله فليبن على صلاته
ولا يقطعها (7).
وقطع في الذكرى مع العلم بسبقها على الابتناء على القولين، قال: وحينئذ لو
علم بعد خروج الوقت وهو متلبس في الصلاة أمكن عدم التفاته، مصيرا إلى
استلزامه القضاء المنفي قطعا (8). وقطع بما احتمله هنا في البيان (9).
(وحكم المشتبه بالنجس حكمه) في وجوب الاجتناب عنه، تطهرا
وشربا، وجد غير ما فيه الاشتباه أولا، إلا مع الاضطرار إلى الشرب أو عدم

(1) المعتبر: ج 1 ص 441.
(2) المبسوط: 1 ص 38 والنهاية ونكتها ج 1 ص 270.
(3) المعتبر: ج 1 ص 443.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 246 - 247.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 184 س 19.
(6) ذكرى الشيعة: ص 17 س 19.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1246 ب 2 من أبواب قواطع الصلاة ح 11.
(8) ذكرى الشيعة: ص 17 س 21.
(9) البيان: ص 42.
369

انحصار ما فيه الاشتباه إجماعا، كما في الخلاف (1) والغنية (2) والمعتبر (3)
والتذكرة (4) ونهاية الإحكام (5) وظاهر السرائر (6)، ولتوقف الاجتناب عن النجس
الواجب على الاجتناب عنهما، ولخبر سماعة: سئل الصادق عليه السلام عن رجل معه
إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدري أيهما هو وليس يقدر على ماء
غيره، قال: يهريقهما ويتيمم (7). ونحوه خبر عمار عنه عليه السلام (8).
ولوجوب التطهر بما يعتقده طاهرا ولا يعتقد طهارة المشتبه، فلا يخرج عن
العهدة [بالتطهر به] (9)، والأصل البراءة من التطهر بأحدهما والصلاة، ثم بالآخر
وإعادة الصلاة.
(ولا يجوز له) عندنا (التحري) أي الاجتهاد، والحكم على أحدهما
بكونه أحرى بالاستعمال لأمارة أو لا لها، كان المشتبه بالطاهر نجسا، أو نجاسته
تساوي الطاهر والنجس عددا، أو اختلفا.
وللعامة قول بالتحري مطلقا إلا مع الاشتباه بالنجاسة، وآخر به إن زاد عدد
الطاهر (10).
(وإن انقلب أحدهما) لم يجز استعمال الباقي، كما جوزه بعض العامة (11)
بناء على أصل طهارته، إذ لو تم جازت مع بقائهما بأيهما أريد، (بل) عليه أن
(يتيمم مع فقد غيرهما) من متيقن الطهارة.
ومن العامة من أوجب عليه تكرير الطهارة والصلاة أزيد من عدد النجس

(1) الخلاف: ج 1 ص 196 المسألة 153.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 29.
(3) المعتبر: ج 1 ص 105.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 10 س 2.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 248.
(6) السرائر: ج 1 ص 85.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 113 ب 8 من أبواب الماء المطلق.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 116 ب 8 من أبواب الماء المطلق ح 14.
(9) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(10) المجموع: ج 1 ص 180 - 181.
(11) المجموع: ج 1 ص 185.
370

بواحد، مع صب الماء على أعضاء الطهارة في كل طهارة سوى الأولى، لإزالة
المحتمل من التنجس بما قبلها (1).
واحتمله المصنف في النهاية (2)، لأنه محصل للصلاة بطهارة يقينية، ولكن
الأصل البراءة. وحكم في التحرير بعدم ارتفاع الحدث وبطلان الصلاة (3)، ولعله
لأمره هنا بالتيمم، فهو كما لو توضأ متضررا به.
واحتمل أيضا في النهاية وجوب استعمال أحدهما في إزالة النجاسة مع
عدم (4) الانتشار، لأولوية الصلاة مع شك النجاسة منها مع تيقنها، قال: ومع
الانتشار إشكال، قال: فإن أوجبنا استعمال أحدهما في إزالة النجاسة فهل يجب
الاجتهاد أم يستعمل أيهما شاء؟ الأقوى الأول، فلا يجوز له أخذ أحدهما إلا
بعلامة يقتضي ظن طهارة المأخوذ أو نجاسة المتروك، لتعارض أصل الطهارة
وتيقن النجاسة، وعرفنا أن ذلك الأصل متروك، إما في هذا أو ذاك، فيجب النظر
في التعيين. ويحتمل عدمه، لأن الذي يقصده بالاستعمال غير معلوم النجاسة،
والأصل الطهارة، وإنما منعناه لاشتباه، وهو مشترك بينهما (5)، إنتهى.
(ولا تجب) في جواز التيمم (الإراقة) لهما، كما في المقنعة (6)
والنهاية (7) وظاهر الصدوقين (8)، لظاهر الخبرين (9)، ولتحقق فقدان الماء الموجب
للتيمم في الآية (10) وفاقا لابن إدريس (11) والمحقق (12)، للأصل وقصر الآية على ما
يجوز استعماله. (بل قد يحرم) الإراقة (عند خوف العطش) ونحوه.

(1) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 51.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 251.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 6 س 23.
(4) ليس في س.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 249.
(6) المقنعة: ص 69.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 207.
(8) المقنع: ص 9 ومن لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 82.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 113 و 116 ب 8 من أبواب الماء المطلق ح 2 و 14.
(10) النساء: 43، والمائدة: 6.
(11) السرائر: ج 1 ص 85.
(12) المعتبر: ج 1 ص 103.
371

ويحتمل الإراقة في الخبرين، وكلام الصدوقين والشيخين الامتناع من
الاستعمال، أو (1) الاحتياط فيه بالإراقة، لئلا يسهو أو يغفل فيستعمل، خصوصا
والمفيد أوجب الإراقة والوضوء من ماء آخر (2).
(ولو اشتبه المطلق بالمضاف) مع طهارتهما (تطهر بكل واحد منهما
طهارة) كما في المبسوط (3) والخلاف (4) والجواهر (5)، لوجدانه الماء وتمكنه من
الطهارة بيقين، ويجزم بالنية في كل منهما، لوجوبهما عليه شرعا، ولا يضر كون
إحداهما مشتبه بالمضاف قطعا. وجوزت الشافعية هنا التحري (6).
وفي نهاية الإحكام عن بعض الأصحاب سقوط الطهارة المائية (7)، وكأنه
القاضي حيث حكي عنه في المختلف: إنه إذا اشتبه المطلق بالمستعمل في الكبرى
كان الأحوط ترك استعمالهما معا (8)، والمضاف كالمستعمل. ولعل دليله فقدانه
الماء، لعدم العلم بمائية شئ منهما، مع أصل البراءة من التكرير واشتمال النية
على التردد.
وفي المختلف: ويجئ على قول ابن إدريس في الثوبين المشتبهين عدم
التكرير. وسيأتي البحث فيه إن شاء الله تعالى (9).
ولو كان المزج لا يسلب الاطلاق فالأحوط المزج. واحتمل في نهاية
الأحكام التخيير بينه وبين تكرير الطهارة (10).
(ومع انقلاب أحدهما فالأقرب وجوب الوضوء) بل التطهر بالباقي،
(والتيمم) لتوقف تحصيل يقين الطهارة عليهما، ولوجوب التطهر بالباقي قبل

(1) في م (و).
(2) المقنعة: ص 69.
(3) المبسوط: ج 1 ص 8.
(4) الخلاف: ج 1 ص 199 المسألة 158.
(5) جواهر الفقه: ص 8 س 6.
(6) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 50.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 251.
(8) مختلف الشيعة: ج 1 ص 250.
(9) مختلف الشيعة: ج 1 ص 250.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 251.
372

الانقلاب، فكذا بعده، وللشك في وجود (1) شرط التيمم الذي هو عدم الماء.
(وكذا) لو انحصر الساتر في ثوبين أحدهما نجس وجبت الصلاة فيهما، كما
يأتي. و (يصلي في الباقي من الثوبين) إذا تلف أحدهما (وعاريا) لتوقف
يقين الخروج عن [عهدة الصلاة] (2) عليهما، ولوجوب الصلاة فيهما في الباقي قبل
تلف الآخر فكذا بعده.
(مع احتمال) وجوب (الثاني) في المسألتين (خاصة) وهو التيمم
والصلاة عاريا، [إن أوجبنا الصلاة عاريا] (3) على من لا يجد إلا ساترا نجسا،
لأنه غير واجد للماء أو الساتر بيقين، ولا يضر الاحتمال إذا لم يمكن (4) اليقين،
[والأصل البراءة] (5).
وللفرق بين حالتي التلف وعدمه بحصول اليقين عند العدم بالوجود في
الجملة. ثم بين المسألتين فرق واضح، لوجود الساتر والشك في نجاسته، بخلاف
الماء للطهارة، فالشك في وجود أصله. ولذا قد يتخيل الاكتفاء بالصلاة في الثوب
الباقي، كما مر عن بعض العامة في انقلاب أحد المائين المشتبهين (6).
(ولو اشتبه) الماء المباح (بالمغصوب وجب اجتنابهما) لوجوب
الاجتناب عن المغصوب المتوقف (7) عليه، ولا يعارضه عموم نحو قولهم::
كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه (8)، ولا أن
الواجب التطهر بما يعلم غصبيته، ويتحقق بالتطهر بأحدهما.
(فإن تطهر بهما فالوجه البطلان) للنهي المفسد للعبادة. ويحتمل الصحة
لفعله الطهارة بالمباح قطعا، وجاهل الحكم كعالمه، واستشكل في

(1) في س (وجوب).
(2) في ص (من العهدة).
(3) ما بين المعقوفين ساقط من ك.
(4) في م و س (يكن).
(5) ما بين المعقوفين ساقط من س و م.
(6) المجموع: ج 1 ص 185.
(7) في س (المتولي).
(8) تهذيب الأحكام: ج 9 ص 79 ح 337.
373

نهاية الإحكام (1)
(ولو غسل ثوبه أو بدنه من النجاسة به) أي المغصوب (أو (2)
بالمشتبه به طهر) قطعا وإن أثم، لأنه ليس عبادة مشروطة بالقربة المنافية
للمعصية مع طهورية الماء. قال في نهاية الإحكام: وغسل مس الميت إن قلنا: إنه
عبادة كالوضوء، وإلا فكغسل الثوب (3).
(وهل يقوم ظن النجاسة مقام العلم؟) كما يعطيه قول الشيخ في باب ما
يجوز الصلاة فيه من الثياب والمكان وما لا يجوز، [وما يجوز السجود عليه وما
لا يجوز] (4) من النهاية: ولا تجوز الصلاة في ثوب قد أصابته النجاسة مع العلم
بذلك أو غلبة الظن (5) (فيه نظر) من الأصل، وقول الصادق عليه السلام في خبر
حماد: الماء كله طاهر حتى تعلم أنه قذر (6). وفي خبر عمار: كل شئ نظيف حتى
تعلم أنه قذر (7). [وصحيح ابن سنان: إن أباه سأل الصادق عليه السلام وهو حاضر أنه
يعير الذمي ثوبه وهو يعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير، فيرده عليه،
أيغسله قبل الصلاة فيه؟ فقال عليه السلام: صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك، فإنك أعرته
إياه وهو طاهر ولم تستيقن أنه نجسه (8)] (9). وهو خيرة القاضي (10) وابن إدريس
في باب لباس المصلي ومكانه (11).
ومن ابتناء أكثر الأحكام على الظنون (12)، وامتناع ترجيح المرجوح على

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 249.
(2) في ص (و).
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 250.
(4) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 325.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 100 ب 1 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1054 ب 37 من أبواب النجاسات ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1095 ب 74 من أبواب النجاسات ح 1.
(9) ما بين المعقوفين ساقط من ك.
(10) المهذب: ج 1 ص 20.
(11) السرائر: ج 1 ص 268.
(12) في س و م (المظنون).
374

الراجح، والاحتياط في بعض الصور، وهو خيرة الحلبي (1).
و (أقربه ذلك إن استند) الظن (إلى سبب) يفيده شرعا، كشهادة
عدلين، عملا بعموم أدلته، والاحتياط في بعض الصور. ويجوز تعميم العلم في
الأخبار لهذا الظن، وفي التذكرة كقول العدل (2)، (وإلا) كأسئار مدمني الخمر
والصبيان وما في أواني المشركين (فلا) عملا بالأصل والأخبار، والاحتياط
في بعض الصور، وتنزيل كلامي الشيخ (3) والحلبي (4) على ذلك ممكن.
(ولو شهد عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول) ولم يجز إذا فقد غيره
واضطر إلى استعماله في طهارة أو شرب (وإن استند) قوله (إلى السبب)
للأصل المؤيد بالنصوص بلا معارض. وقبل الشافعي (5) قوله مع استناده إليه.
وعلى قول الحلبي يجب القبول إذا أفاد الظن وإن لم يذكر السبب (6)، وهو خيرة
موضع من التذكرة (7) كما سمعت (8).
ويحتمل عود ضمير (استند) إلى القبول، فيكون استثناء مما ذكره من قيام
الظن مقام العلم إذا استند إلى سبب، وتنبيها على أن السبب لا يفيد ما لم يفد الظن
شرعا ونصا على خلاف التذكرة (9)، ويؤيده الاتيان بالواو في قوله: (ولو شهد).
واحتمل في نهاية الإحكام وجوب التحرز عما شهد عدل بنجاسته إذا وجد
غيره، كما تقبل روايته، قال: والشهادة في الأمور المتعلقة بالعبادة كالرواية، قال:
ولو لم يجد غيره فالأقوى عدم الرجوع إليه - يعني قول العدل - لما فيه من
تخصيص عموم الكتاب (10).
(ويجب قبول) شهادة (العدلين) بالنجاسة، كما في المبسوط (11)

(1) الكافي في الفقه: ص 140.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 10 س 10.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 325.
(4) الكافي في الفقه: ص 140.
(5) المجموع: ج 1 ص 176.
(6) الكافي في الفقه: ص 140.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 10 س 10.
(8) في س و م (مر).
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 10 س 10.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 252.
(11) المبسوط: ج 1 ص 9.
375

والسرائر (1) والمعتبر (2)، بشرط ذكرهما السبب كما في التذكرة (3)، أو العلم
بالوفاق، لعموم أدلته وقبولها في أعظم منها. وفي السرائر حصول العلم بها
شرعا (4). ولذا لم يناف ما أفتى به هنا اعتراضه في باب لباس المصلي ومكانه،
وعبارة النهاية: بأن الأصل الطهارة، فلا يرجع عنها إلا بالعلم دون غلبة الظن (5).
وعبارة الكتاب موجهة للأقوال، رافعة للنزاع، بأن ما يحصل من شهادة
عدلين قد يسمى بالظن، وقد يسمى بالعلم. ولكن القاضي نص على عدم قبول
شهادتهما (6)، ويعطيه كلام الخلاف (7) وهو أحد وجهي المبسوط (8)، لإفادتها الظن،
فلا يعارض العلم بالطهارة.
(فإن عارضهما) في الشهادة (مثلهما) بحيث يوجب تصديق كل من
الشهادتين تكذيب الأخرى، كما إذا شهد اثنان بوقوع النجاسة فيه في الساعة
الفلانية من يوم كذا وشهد آخران بأنهما كانا مراعيين له في تمام تلك الساعة فلم
يقع فيه، أو شهد اثنان بوقوع نجاسة [بعينها في ساعة بعينها] (9) في هذا الإناء
والآخران بوقوعها فيها في الآخر لا في الأول (فالوجه إلحاقه بالمشتبه)
بالنجس، كما في المعتبر (10) والسرائر (11)، وإن (12) اقتصرا على الإنائين.
أما في مسألة الإنائين فلارتفاع أصل الطهارة بالشهادة على النجاسة مع
تعارض البينتين في مفاديهما. فإن كلا منهما يفيد نجاسة إناء وطهارة الآخر، وهو
يعطي الاشتباه. ولأنهما جميعا يثبتان نجاسة ما فيهما، فيجب اجتنابهما، وذلك
حكم المشتبه، ولا يدفع إحداهما قبول الأخرى، لتقدم الاثبات على النفي.

(1) السرائر: ج 1 ص 86.
(2) المعتبر: ج 1 ص 54.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 10 س 10.
(4) السرائر: ج 1 ص 86.
(5) السرائر: ج 1 ص 268.
(6) المهذب: ج 1 ص 30.
(7) الخلاف: ج 1 ص 201 المسألة 162.
(8) المبسوط: ج 1 ص 8.
(9) ما بين المعقوفين ساقط من ص و م.
(10) المعتبر: ج 1 ص 54.
(11) السرائر: ج 1 ص 87.
(12) ليس في ص.
376

وفيه أنه إنما يتقدم عليه إذا ترجح بأنها قد تشاهد ما لم تشاهده الأخرى،
ومثل النفي في المسألة لا يضعف عن الاثبات. وأيضا شهادة كل منهما مركبة من
الاثبات والنفي، فلا معنى لتصديقهما في جز وتكذيبهما في آخر.
وخيرة الخلاف (1) والمبسوط (2) والمختلف (3) طهارة المائين، لأن التعارض
يسقط البينتين فيبقى أصل طهارتهما، وهو قوي لا يندفع بما قيل: من حصول العلم
بنجاسة أحدهما في الجملة بالشهادتين، فإنه إنما يحصل لو لم يختلفا في المشهود به.
وفي الخلاف: الطهارة وإن لم تتناف الشهادتان بناء على اعتبار أصل
الطهارة، وعدم سماع الشهادة بالنجاسة (4). وهو أحد وجهي المبسوط (5).
[وأما في المسألة الأخرى، فلان بينة الطهارة مقررة للأصل، والناقلة هي بينة
النجاسة فهي المسموعة] (6)، ولكن لما تأيد الأصل بالبينة ألحقناه بالمشتبه.
ويحتمل الطهارة لتأيد بينتها بالأصل، ولتعارض البينتين الموجب لتساقطهما
والرجوع إلى الأصل.
(ولو أخبر الفاسق بنجاسة مائه) أي ما بيده وفي تصرفه (أو
طهارته) [بعد النجاسة (قبل) لأنها مما لا يعلم غالبا إلا من قبله، مع أصل
صدق المسلم، وللحكم بنجاسة نفسه وطهارته] (7) إذا أخبر، فكذا فيما بيده،
وللزوم الحرج الظاهر إن لم يقبل قوله في طهارة ما بيده كلزومه في طهارة نفسه.
وقطع في التذكرة (8) ونهاية الإحكام (9) بالقبول في الطهارة، واستقربه في
النجاسة في التذكرة (10)، واستشكله فيها في النهاية (11)، وكذا فرق في المنتهى

(1) الخلاف: ج 1 ص 201 المسألة 162.
(2) المبسوط: ج 1 ص 8.
(3) مختلف الشيعة: ج 1 ص 251.
(4) الخلاف: ج 1 ص 201 المسألة 162.
(5) المبسوط: ج 1 ص 8.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(7) ما بين المعقوفين ساقط من س.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 14.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 253.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 15.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 253.
377

فاستقربه في النجاسة وجعله الوجه في الطهارة (1).
فإن أراد الطهارة الأصلية صح، إلا أنه لا مدخل فيها لأخباره، وإن أراد
الطارئة بعد النجاسة المعلومة، [فلا يظهر الفرق بينهما] (2). ثم نص في التذكرة على
أن اخباره بالنجاسة إن كان بعد طهارة الغير به لم يلتفت إليه (3)، لأنه إخبار
بنجاسة الغير، كما لا يلتفت إلى قول البائع باستحقاق المبيع للغير بعد البيع.
(ولو علم بالنجاسة بعد) فعل (الطهارة وشك في سبقها عليها
فالأصل) التأخر، وهو يقتضي (الصحة) أي صحة الطهارة، وسمعت النص (4)
على خصوصه.
(ولو علم سبقها) على الطهارة (وشك في بلوغ الكرية) عند وقوع
النجاسة (أعاد) كما في المعتبر (5)، أي الطهارة بعد إزالة النجاسة عن بدنه. وكذا
كل ما فعله بتلك الطهارة من الصلوات على الخلاف المتقدم، لاشتراط عدم
الانفعال بالكرية. والأصل عدم الخروج عن عهدة الطهارة والصلاة، لاشتراطها
بطهارة الماء (6) الغير المعلومة.
ويحتمل العدم - كما احتمل في موضع من المنتهى (7) - لأصل طهارة الماء،
وعموم النص والفتوى على أن كل ماء طاهر ما لم يعلم تنجسه (8)، ولم يعلم هنا.
والأصل البراءة من الإعادة.
(ولو شك في نجاسة الواقع) فيه، كما لو شك في كون الواقع دما، أو في كون
الميتة الواقعة فيه مما (9) له نفس (بنى على الطهارة) لأصلها في الماء والواقع.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 10 س 1.
(2) في ص و ك (فلعل الفارق الحرج).
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 15.
(4) وسائل الشيعة: ب 42 من أبواب الوضوء ج 1 ص 330.
(5) المعتبر: ج 1 ص 54.
(6) في ك (المائين).
(7) منتهى الأحكام: ج 1 ص 9 س 23.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 99 ب 1 من أبواب الطهارة ح 2.
(9) في س (مما ليس).
378

(وينجس القليل بموت ذي النفس السائلة فيه) بلا تذكية، أو وقوع
ميته (1) فيه (دون غيره) لطهارته عندنا، خلافا للشافعي في أحد قوليه (2)، وإن
نجسه بالموت قولا واحدا.
(وإن كان) ذو النفس السائلة (من حيوان الماء كالتمساح) فإن ميتته
نجسة عندنا ينجس بها الماء، خلافا لأبي حنيفة فلا ينجس الماء بموت ما يعيش
فيه (3)، وهو ظاهر الخلاف (4).
(ولو اشتبه استناد موت الصيد) المجروح بما يحلله إن مات به (في)
الماء (القليل) مع خلو عضوه الملاقي له عن النجاسة (إلى الجرح أو الماء
احتمل العمل) في الصيد والماء (بالأصلين). فيحكم بحرمة الصيد ونجاسته
لأصل عدم الذكاة وطهارة الماء لأصلها، والشك في نجاسة الواقع فيه، وهو خيرة
التحرير (5).
(والوجه المنع) من العمل بهما والحكم بنجاسة الماء، كما احتاط به
المحقق (6)، لأن العمل بالأصلين إنما يصح إذا لم يتنافيا، وهما متنافيان، لاستلزام
حرمة الصيد ونجاسته نجاسة الماء، واستلزام طهارة الماء طهارة الصيد وحله.
فلما كان المذهب حرمة الصيد ونجاسته - لعدم العلم بتحقق شرط الحل - حكمنا
بنجاسة الماء.
ولا يندفع بما يقال: من أن طهارة الماء إنما يستلزم الجهل بنجاسة الصيد لا
طهارته، فإن المراد بالطهارة والنجاسة ما يظهر لنا، ونحن مكلفون بالعمل على
وفقه لا ما في نفس الأمر. فالعمل بأصل عدم الذكاة يقتضي نجاسة الصيد، بمعنى
وجوب اجتنابه واجتناب الملاقي له وخصوصا بالرطوبة، ومنه الماء المفروض.
والعمل بأصل طهارة الماء يقتضي جواز استعماله، ولا بأن يقال: العمل بأصلين

(1) في ط (ميتته).
(2) الأم: ج 1 ص 5.
(3) المبسوط للسرخسي: ج 1 ص 57.
(4) الخلاف: ج 1 ص 189 المسألة 146.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 6 س 15.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 16.
379

متنافيين إنما يمتنع في محل واحد، لأن العمل بهما في محلين إنما يجوز إذا لم
يستلزمه في محل واحد، وهاهنا كذلك، لاستلزامه وجوب الاجتناب عن الماء وعدمه.
(ويستحب التباعد بين البئر والبالوعة) التي فيها المياه النجسة في
المشهور (بقدر خمس أذرع مع صلابة الأرض) وجبليتها (أو فوقية)
قرار (البئر وإلا فسبع) أذرع، لقول الصادق عليه السلام إذ سئل في مرسل قدامة بن
أبي زيد الجماز عما بينهما: إن كان سهلا فسبعة أذرع، [وإن كان جبلا فخمسة
أذرع (1). وفي خبر الحسين بن رباط: إذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع، وإذا
كانت فوق البئر فسبعة أذرع] (2) من كل ناحية وذلك كثير (3). واقتصر في الفقيه على
اعتبار الصلابة والرخاوة (4)، كما في الخبر الأول.
وفي المقنع: وإن أردت أن تجعل إلى جنب بالوعة بئرا فإن كانت الأرض
صلبة فاجعل بينهما خمسة أذرع، وإن كانت رخوة فسبعة أذرع. وروي: وإن كان
بينهما أذرع فلا بأس وإن كانت مبخرة إذا كانت البئر أعلى الوادي (5). لعله أشار
بالرواية إلى ما ستسمعه من خبر الديلمي.
واستحب أبو علي التباعد باثني عشر ذراعا مع الرخاوة [وعلو البالوعة] (6)،
وبسبعة مع العلو وصلابة الأرض أو التحاذي في سمت القبلة، ونفى البأس إذا
كانت البئر أعلى (7).
ويناسبه خبر محمد بن سليمان الديلمي، عن أبيه: إنه سأل الصادق عليه السلام عن
البئر يكون إلى جنبها الكنيف، فقال: إن مجرى العيون كلها مع مهب الشمال، فإذا

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 145 ب 24 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 145 ب 24 من أبواب الماء المطلق ح 3.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 18 ذيل الحديث 22.
(5) المقنع: ص 11 و 12.
(6) ليس في ص.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 247 مع اختلاف.
380

كانت البئر النظيفة فوق الشمال والكنيف أسفل منها لم يضرها إذا كان بينهما أذرع،
وإن كان الكنيف فوق النظيفة فلا أقل من اثني عشر ذراعا، وإن كانت تجاهها
بحذاء القبلة وهما مستويان في مهب الشمال فسبعة أذرع (1).
وأفتى بمضمونه الصدوق في المقنع (2) قبيل ما سمعته من عبارته. وقد يفهم من
عبارتيه الفرق بين البالوعة والكنيف، وليس كذلك، فإنما ذكر في إحداهما الحكم
عند صلابة الأرض ورخاوته، وفي الأخرى الحكم عند الفوقية وعدمها.
ويؤيده نص الفقيه، ففيه: تباعد البئر والكنيف بسبع أو خمس مع الرخاوة أو
الصلابة (3). وفي التلخيص: يستحب تباعد البئر عن البالوعة بسبع أذرع. [مع
الرخاوة والتحتية، وإلا فخمس (4). وكذا في بعض نسخ الإرشاد، وفي بعضها:
يستحب تباعد البئر عن البالوعة بسبع أذرع] (5) إذا كانت الأرض سهلة، أو كانت
البالوعة فوقها، وإلا فخمس (6). وهما مخالفان للمشهور.
وروى الحميري في قرب الإسناد، عن محمد بن خالد الطيالسي، عن العلاء
إنه سأل الصادق عليه السلام عن البئر يتوضأ منها القوم وإلى جانبها بالوعة، قال: إن كان
بينهما عشرة أذرع وكانت البئر التي يستقون منها مما يلي الوادي فلا بأس (7). ثم
خبر الديلمي أفاد أن الشمال فوق بالنسبة إلى الجنوب، فأيهما كان في جهة
الشمال كان أعلى من الآخر إذا كان في جهة الجنوب وإن تساوى القراران. ولما
أفتى الصدوق بمضمونه علم اعتباره لذلك، ونحوه أبو علي (8).
ويؤيده قول الصادق عليه السلام في مرسل قدامة: الماء يجري إلى القبلة [إلى يمين،

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 145 ب 24 من أبواب الماء المطلق ح 6.
(2) المقنع: ص 11 - 12.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 18 ذيل الحديث 22.
(4) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 271.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 238.
(7) قرب الإسناد: ص 16.
(8) نقله عنه في المختلف: ج 1 ص 247.
381

ويجري عن يمين القبلة إلى يسار القبلة، ويجري عن يسار القبلة إلى يمين
القبلة] (1)، ولا يجري من القبلة إلى دبر القبلة (2). فالظاهر أن المراد بالقبلة قبلة بلد
الإمام، ونحوه من البلاد الشمالية. ويعضده الاعتبار، لكون معظم المعمورة في
الشمال وانغمار الجنوبي من الأرض في الماء، حتى لم ير العمارة في الجنوب من
قبل بطليموس.
(و) لا تجب تباعدهما بنحو ما ذكر اتفاقا، كما يظهر منهم، وحكى في
المنتهى (3) بمعنى أنه (لا يحكم بنجاسة البئر مع التقارب ما لم يعلم وصول
ماء البالوعة إليها مع التغير عندنا)، معشر من لم ينجس البئر إلا به، (ومطلقا
عند آخرين) للأصل، وما مر من طهارة كل ماء حتى يعلم أنه قذر (4). وقول
الرضا صلوات الله عليه في خبر محمد بن القاسم: في البئر بينها وبين الكنيف
خمسة وأقل وأكثر، قال: ليس يكره من قرب ولا بعد، يتوضأ منها ويغتسل ما لم
يتغير الماء (5). ومن اكتفى بالظن نجسها بظن الاتصال.
واحتاط المحقق بتطهير البئر إذا تغيرت تغيرا يصلح أن يكون من البالوعة (6).
وبالعمل بمضمر (7) خبر زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير قالوا: قلنا له: بئر
يتوضأ منها يجري البول قريبا منها أينجسها؟ فقال: إن كانت البئر في أعلى الوادي
والوادي يجري فيه البول من تحتها فكان بينهما قدر ثلاثة أذرع أو أربعة أذرع لم
ينجس ذلك شئ، وإن كان أقل من ذلك نجسها، قال: وإن كانت البئر في أسفل
الوادي ويمر الماء عليها وكان بين البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجسها، وما كان أقل

(1) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 145 ب 24 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 19 س 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 99 ب 1 من أبواب الماء المطلق ذيل الحديث 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 146 ب 24 من أبواب الماء المطلق ح 7.
(6) المعتبر: ج 1 ص 80.
(7) في س (بمضمونه).
382

من ذلك فلا يتوضأ منه (1).
(ويكره التداوي بالمياه الحارة من الجبال التي يشم منها رائحة
الكبريت) لقول الصادق عليه السلام في خبر مسعدة بن صدقة: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله
عن الاستشفاء بالحمآت - وهي العيون الحارة التي تكون في الجبال التي توجد
منها رائحة الكبريت - فإنها من فوح جهنم (2). ولا يكره استعمالها بغير ذلك،
للأصل، وهو نص الصدوق (3) والشيخ (4) وغيرهما.
وكره القاضي استعمالها مطلقا (5). وعن أبي علي على كراهة التطهر بها
واستعمالها في العجين (6).
(و) يكره (ما مات فيه الوزغة والعقرب) كما في المبسوط (7)
والإصباح (8) والشرائع (9) والمعتبر (10) (أو خرجتا منه) حيتين، كما في الوسيلة
في الوزغة مع الحكم فيها بعد بنجاستهما (11)، لأن سماعة سأل الصادق عليه السلام عن
جرة وجد فيها خنفساء قد مات، قال: ألقه وتوضأ منه، وإن كان عقربا فارق الماء
وتوضأ من ماء غيره (12).
وسأله هارون بن حمزة الغنوي عن الفأرة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء
فيخرج حيا، هل يشرب من ذلك الماء ويتوضأ منه؟ قال: يسكب منه ثلاث
مرات، وقليله وكثيره بمنزلة واحدة ثم يشرب منه ويتوضأ منه، غير الوزغ فإنه لا

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 144 ب 24 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 160 ب 12 من أبواب الماء المضاف ح 3.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 19 ذيل الحديث 24.
(4) المبسوط: ج 1 ص 13.
(5) المهذب: ج 1 ص 27.
(6) لم نعثر عليه.
(7) المبسوط: ج 1 ص 10 - 11.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 5.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 16.
(10) المعتبر: ج 1 ص 103.
(11) الوسيلة: ص 76.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 172 ب 9 من أبواب الأسئار ح 6.
383

ينتفع بما يقع فيه (1).
وسأل أبو بصير أبا جعفر عليه السلام عن الخنفساء تقع في الماء أيتوضأ منه قال: نعم
لا بأس به، قال: فالعقرب، قال: أرقه (2). وعدم الحرمة، لطهارتهما، وطهارة ميتهما،
لعدم النفس لهما، وخصوص ما في قرب الإسناد للحميري من خبر علي بن جعفر:
سأل أخاه عليه السلام عن العقرب والخنفساء وأشباههن تموت في الجرة أو الدن يتوضأ
منه للصلاة، قال: لا بأس به (3).
وفي النهاية: وجوب إهراق ما ماتتا فيه وغسل الإناء (4). وفي المهذب:
استثناؤهما من الحكم [بعدم نجاسة] (5) ما وقع فيه ما لا نفس له (6).
(ولا يطهر العجين بالنجس) بالذات أو بالعرض (بخبزه) كما في
النهاية (7) هنا، وإن احتيط في أطعمته بالاجتناب (8). وفي الإستبصار: وإن احتمل
الاختصاص بماء البئر المتنجس لا بالتغير (9). وفي ظاهر الفقيه (10) والمقنع (11) حيث
أجيز فيهما أكل الخبز مما عجن من ماء بئر وقع فيها شئ من الدواب فماتت،
عملا بمرسل ابن أبي عمير الصحيح، عن الصادق عليه السلام: في عجين عجن وخبز ثم
علم أن الماء كانت فيه ميتة، قال: لا بأس، أكلت النار ما فيه (12).
وخبر أحمد بن محمد بن عبد الله بن الزبير: أن جده سأله عليه السلام عن البئر يقع
فيه الفأرة أو غيرها من الدواب فيموت فيعجن من مائها أيؤكل ذلك؟ قال: إذا

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 172 ب 9 من أبواب الأسئار ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 172 ب 9 من أبواب الأسئار ح 5.
(3) قرب الإسناد (مسائل علي بن جعفر): ص 84.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 204.
(5) في ص (بنجاسة).
(6) المهذب: ج 1 ص 26.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 211.
(8) النهاية ونكتها: ج 3 ص 108.
(9) الاستبصار: ج 1 ص 30 ذيل الحديث 77.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 14 ذيل الحديث 18.
(11) المقنع: ص 10.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 129 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 18.
384

أصابته النار فلا بأس بأكله (1). وفيها جواز طهارة المائين، لكثرة الأول، وانتفاء
النفس عن الميتة، وعدم تنجس البئر، وأكل النار ما فيها مما يستخبث.
(بل) إنما يطهر العجين (باستحالته رمادا) كما في السرائر (2)، ويعطيه
كلام الأكثر، ومنهم الشيخان في التهذيب (3) والمبسوط (4) والمقنعة (5)، لحكمهم
بالنجاسة، وذلك للأصل، وضعف الخبرين سندا ودلالة. ومرسل ابن أبي عمير: إن
الصادق عليه السلام سئل عن العجين يعجن من الماء النجس، كيف يصنع به؟ قال: يباع
ممن يستحل أكل الميتة (6). ومرسل آخر له عنه عليه السلام: إنه يدفن ولا يباع (7).
وخبر زكريا بن آدم: سأل أبا الحسن عليه السلام عن خمر أو نبيذ قطر في عجين أو
دم، قال: فسد، قال: أبيعه من اليهود والنصارى وأبين لهم؟ قال: نعم، فإنهم
يستحلون شربه (8). وإلى هذه الأخبار أشار بقوله: (وروي بيعه على مستحل
الميتة أو دفنه).
واستقرب في المنتهى عدم البيع، ثم احتمله على غير أهل الذمة وإن لم يكن
ذلك بيعا حقيقة، قال: ويجوز إطعامه الحيوان المأكول اللحم، خلافا لأحمد (9).
قلت: ولعدم البيع وجوه:
منها: الخبر الذي سمعته.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 17.
(2) السرائر: ج 1 ص 89
(3) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 14 ذيل الحديث 136.
(4) المبسوط: ج 1 ص 13.
(5) المقنعة: ص 582.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 174 ب 11 من أبواب الأسئار
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 174 ب 11 من أبواب الأسئار ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1056 ب 38 من أبواب النجاسات ح 8.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 180 س 8.
385

ومنها: عدم نجاسته وإن كانت عرضية، لعدم قبوله التطهير (1)، وهو ممنوع،
لاحتمال طهره بوضعه في الكثير أو الجاري حتى ينفذ في أعماقه نفوذا تاما، ولو
سلم فحرمة البيع ممنوعة.
ومنها: أن الكفار عندنا مخاطبون بالفروع، فيحرم عليهم أكل هذا الخبز وبيعه
منهم إعانة لهم على أكله فيحرم. وأما احتمال الفرق بين الذمي وغيره، فلأن الذمي
معصوم المال، فلا يجوز أخذ ماله ببيع فاسد، بخلاف غيره.
وهل يطهر باستحالته فحما؟ وجهان.
قيل: ولو طهر بالخبز لطهر الثوب والإناء إذا جففا بالنار (2).

(1) في ص " قبولها التطهر ".
(2) لم نعثر عليه.
386

(المقصد الثالث)
(في النجاسات)
(وفيه فصلان:)
387

(الأول)
(في أنواعها)
(وهي) كما في الجامع (1) والنافع (2) والشرائع (3) (عشرة):
الأول والثاني: (البول والغائط من كل حيوان ذي نفس سائلة غير
مأكول) اللحم من الطير أو غيرها، في المشهور لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر
عبد الله بن سنان: إغسل ثوبك من أبوال كل ما لا يؤكل لحمه (4). [وفي خبر آخر
له: إغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه (5)] (6). ولعموم العذرة، مع عموم نحو
صحيح علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن الحمامة والدجاجة وأشباههما تطأ
العذرة ثم تدخل الماء أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا، إلا أن يكون الماء كثيرا قدر كر
من ماء (7). والعموم ممنوع، للإجماع كما في الغنية (8)، وهو ظاهر في غير رجيع

(1) جامع المقاصد: ج 1 ص 160.
(2) المختصر النافع: ص 18.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 51.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1008 باب 8 من أبواب النجاسات ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1008 ب 8 من أبواب النجاسات ح 2.
(6) ما بين المعقوفين ساقط من س و ص.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 115، ب 8 من أبواب الماء المطلق ح 13 و ص 117 ب 9 ح 4.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 89 س 3.
389

الطير وبول الصبي الذي لم يأكل اللحم، والاحتياط في بعض الوجوه، والاجماع
على نجاسة روث ما بوله نجس كما في الناصريات (1).
وعند الحسن (2) والجعفي (3) والصدوق في الفقيه رجيع الطير طاهر (4)، لقول
الصادق عليه السلام في حسن أبي بصير: كل شئ يطير فلا بأس بخرئه وبوله (5). وقول
الباقر عليه السلام في خبر غياث: لا بأس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف (6).
وعن نوادر الراوندي عن موسى بن جعفر، عن آبائه: عليهم السلام إن
أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن الصلاة في الثوب الذي فيه أبوال الخفافيش ودماء
البراغيث، فقال: لا بأس (7). وللأصل والاحتياط في بعض الوجوه.
وفي المبسوط: طهارة رجيع الطيور إلا بول الخشاف (8)، لخبر داود الرقي:
سأل الصادق عليه السلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فأطلبه ولا أجده، قال: إغسل
ثوبك (9). ويحتمل الاستحباب بعد التسليم.
والمستعمل في الأغسال المندوبة مطهر إجماعا منا، وعن أحمد روايتان (10)،
وجعل المفيد التجنب عنه أفضل (11)، وكذا غسالة النجس بعد التطهير طهور.
ولم ينجس أبو علي بول الصبي ما لم يأكل اللحم (12)، لقول علي عليه السلام في خبر

(1) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 216 المسألة 12.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 456.
(3) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 13 س 7.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 71 ذيل الحديث 164.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1013 ب 10 من أبواب النجاسات ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1031 ب 23 من أبواب النجاسات ح 5.
(7) بحار الأنوار: ج 80 ص 110 ح 13.
(8) المبسوط: ج 1 ص 39.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1013 ب 10 من أبواب النجاسات ح 4.
(10) الفتاوى الكبرى: ج 1 ص 20.
(11) المقنعة: ص 64.
(12) نقله عنه في المختلف: ج 1 ص 456.
390

السكوني: ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا بوله قبل أن يطعم، لأن لبن الغلام
يخرج من العضدين والمنكبين (1). ونقول بموجبه إن سلمناه، لأنا نوجب صب
الماء لا الغسل.
(وإن كان التحريم عارضا كالجلال) وموطوء الانسان فهو كذلك، كما
في كتب المحقق (2)، وفي الغنية (3) والنزهة (4) والإشارة (5) في الجلا ل. وفي
المهذب: في الدجاج والإبل الجلالة (6)، وذلك لعموم النصوص (7) والفتاوى.
وفي الغنية الاجماع (8). وفي التذكرة نفى الخلاف (9).
(و) الثالث: (المني من كل حيوان ذي نفس سائلة وإن كان
مأكولا) بالاجماع والنصوص (10)، خلافا للشافعي [في قول (11)، وأحمد] (12) في
رواية (13).
(و) الرابع: (الدم) الخارج (من) عرق (ذي النفس السائلة) من
العرق (مطلقا) مأكولا وغيره بالنصوص (14) وإجماع المسلمين كما في

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1003 ب 3 من أبواب النجاسات ح 4.
(2) المعتبر: ج 1 ص 414، وشرائع الاسلام: ج 1 ص 51.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 27.
(4) نزهة الناظر: ص 18 - 19.
(5) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): ص 79 وفي نسخة ص (والتذكرة).
(6) المهذب: ج 1 ص 51.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1013 ب 10 من أبواب النجاسات.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 27.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 4 س 27.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1021 ب 16 من أبواب النجاسات.
(11) الأم: ج 1 ص 55.
(12) في س (وقول واحد).
(13) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 735.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1100 باب 82 من أبواب النجاسات.
391

المنتهى (1)، وإن كان ظاهر أبي علي طهارة ما نقص عن سعة درهم منه ومن سائر
النجاسات إلا المني ودم الحيض (2). ويجوز إرادته العفو كما في المختلف (3).
(و) الخامس: (الميتة منه) أي ذي النفس السائلة مطلقا بالاجماع
والنصوص (4)، إلا ميت الآدمي قبل البرد - على قول - وبعد الغسل. وظاهر
الخلاف طهارة ميتة الحيوان المائي (5). ويجوز بناؤه على الغالب من انتفاء النفس
عنه.
(و) السادس والسابع: (الكلب والخنزير) البريان بالاجماع
والنصوص (6)، وإن اكتفى الصدوق برش ما أصابه كلب الصيد برطوبة (7).
(وأجزاؤهما) نجسة (وإن لم تحلهما الحياة كالعظم) والشعر وفاقا
للمشهور، لشمول نجاستهما لجميع أجزائهما، وعموم الأمر بغسل ما أصابهما
برطوبة مع كون الغالب إصابة الشعر، وأمر من يعمل بشعر الخنزير بغسل يده في
عدة أخبار، كخبر سليمان الإسكاف: سأل الصادق عليه السلام عن شعر الخنزير يخرز
به، قال: لا بأس به ولكن يغسل يده إذا أراد أن يصلي (8). ويمكن أن يكون للتحرز
عما لا يؤكل لحمه، لا عن النجس.
وفي الناصريات: وطهارة شعرهما، لخروجه عن جملة الحي، إذ لم تحله
الحياة، فلا يعمه نجاسته (9). وظاهره الاجماع عليه. وضعفهما ظاهر.
ويراد (10) له الحمل على شعر الميتة، وهو أضعف. ونحو صحيح زرارة: سأل

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 163 س 4.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 475.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 480.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1050 ب 34 من أبواب النجاسات.
(5) الخلاف: ج 1 ص 189 المسألة 146.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1015 و 1017 ب 12 و 13 من أبواب النجاسة.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 73 ذيل الحديث 167.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1017 - 1018 ب 13 من أبواب النجاسات ح 3.
(9) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 218 المسألة 19.
(10) في ص و م (يزاد) وفي س (يزداد).
392

الصادق عليه السلام عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر أيتوضأ
من ذلك الماء؟ قال: لا بأس (1). وإنما يتم لو كانت الإشارة إلى الماء الذي استقى
وكان قليلا قد لاقاه الحبل، والكل ممنوع.
(و) الثامن: (المسكرات) المائعة طبعا، كما في المنتهى (2) والتذكرة (3)
والمدنيات (4) والذكرى (5) والبيان (6)، وظاهر المقنعة (7) والناصريات (8) والنهاية (9)
ومصباح الشيخ (10) والغنية (11) والوسيلة (12) والمهذب (13)، لتعبيرهم بالشراب المسكر،
وأطلق الأكثر ومنهم الشيخ في الجمل (14) والمبسوط (15).
أما نجاسة الخمر فحكى عليها في النزهة: الاجماع (16)، وفي السرائر: إجماع
المسلمين (17)، ونفى عنها الخلاف منهم في المبسوط (18)، وفي الناصريات (19)
والغنية (20) ممن يعتد به. والأخبار الآمرة بغسل الثوب والأواني منها، والناهية عن
الصلاة في ثوب أصابته كثيرة، وظاهرهما النجاسة وإن لم يكونا نصين فيها.
وليست الآية (21) أيضا نصا فيها، وإن نفى في التهذيب الخلاف عن كون الرجس هو

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 125 ب 14 من أبواب الماء المطلق ح 2.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 167 س 28.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 7 س 37.
(4) لا يوجد عندنا.
(5) ذكرى الشيعة: ص 13 س 26.
(6) البيان: ص 39.
(7) المقنعة: 73.
(8) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 217 المسألة 16.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 266 و 268.
(10) مصباح المتهجد: ص 13.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 29.
(12) الوسيلة: ص 78.
(13) المهذب: ج 1 ص 51.
(14) الجمل والعقود: ص 57.
(15) المبسوط: ج 1 ص 36.
(16) نزهة الناظر: ص 18.
(17) السرائر: ج 1 ص 179.
(18) المبسوط: ج 1 ص 36.
(19) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 217 المسألة 16.
(20) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 29.
(21) المائدة: 90.
393

النجس (1). ولم ينجسها الحسن (2)، وحكي عن الجعفي (3)، وهو ظاهر الفقيه (4)،
لتجويزه الصلاة في ثوب أصابته.
ويحتمل العفو وإن كانت نجسة، ودليلهم الأصل، ونحو خبر الحسين بن أبي
سارة: سأل الصادق عليه السلام إن أصاب ثوبي شئ من الخمر أصلي فيه قبل أن أغسله،
قال: لا بأس، أن الثوب لا يسكر (5). وصحيح الحميري في قرب الإسناد عن ابن
رئاب: سأله عليه السلام عن الخمر والنبيذ المسكر يصيب ثوبي أغسله أو أصلي فيه؟
قال: صل فيه، إلا أن تقذره فيغسل منه موضع الأثر، أن الله تبارك وتعالى إنما حرم
شربها (6).
ويحتملان [الصلاة عليه و] (7) التقية، لاشتهار العفو عن قليلها عندهم. [وكون
الثوب مما لا تتم فيه الصلاة، والأخير ظاهر في الصلاة فيه بعد الغسل وزوال العين
وإن بقي الأثر] (8).
وأما نحو خبر ابن أبي سارة: سأله عليه السلام إنا نخالط اليهود والنصارى
والمجوس، وندخل عليهم وهم يأكلون ويشربون فيمر ساقيهم فيصب على ثيابي
الخمر، قال: لا بأس، إلا أن تشتهي أن تغسله (9). فليس فيه جواز الصلاة فيه.
وأما خبر حفص الأعور: سأله عليه السلام عن الدن يكون فيه الخمر ثم نجففه نجعل
فيه الخل؟ قال: نعم (10). فيحتمل التجفيف بعد الغسل، مع أنه لم يتضمن إلا جعل

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 178 ذيل الحديث 816.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 469.
(3) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 13 س 27.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 74 ح 167.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 1057 ب 38 من أبواب النجاسات ح 10.
(6) قرب الإسناد: ص 76.
(7) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(8) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1057 باب 38 من أبواب النجاسات ح 12.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1074 ب 51 من أبواب النجاسات ح 2.
394

الخل فيه. وأما الخبر عن الصادقين عليهما السلام أنهما سئلا عن شراء ثياب يصيبها الخمر
وودك (1) الخنزير عند حاكتها، أنصلي فيها قبل أن نغسلها؟ فقالا: نعم لا بأس، أن
الله إنما حرم أكله وشربه، ولم يحرم لبسه ومسه والصلاة فيه (2). فلاشتماله على
ودك الخنزير متروك الظاهر قطعا، [إلا أن يراد الصلاة عليها] (3).
وأما سائر الأشربة المسكرة فكأنه لا فارق بينها وبين الخمر، وفي
الناصريات: إن كل من حرم شربها نجسها (4). [وفي الخلاف: الاجماع على
نجاستها (5)] (6). وقال الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: في النبيذ ما يبل الميل
ينجس حبا من ماء (7).
ويعضده الأخبار الناصة على شمول الخمر لجميعها، وذهاب جماعة من أهل
اللغة إليه.
ومن الأخبار خبر علي بن إبراهيم في تفسيره عن أبي الجارود، عن أبي
جعفر عليه السلام: وإنما كانت الخمر يوم حرمت بالمدينة فضيخ (8) البسر والتمر، فلما نزل
تحريمها خرج رسول الله صلى الله عليه وآله فقعد في المسجد ثم دعا بآنيتهم التي كانوا ينبذون
فيها فأكفأها كلها، ثم قال: هذه خمر فقد حرمها الله، وكان أكثر شئ أكفى من ذلك
يومئذ عن الأشربة الفضيخ، ولا أعلم أكفى من خمر العنب شئ إلا إناء واحد كان

(1) الودك: الدسم من اللحم والشحم، ودك الميتة: ما يسيل منها انظر المنجد مادة (ودك).
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1057 ب 38 من أبواب النجاسات ح 13.
(3) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية) ص 217 المسألة 16.
(5) الخلاف: كتاب الأشربة ج 3 ص 216 المسألة 3 (طبعة اسماعيليان).
(6) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1056 ب 38 من أبواب النجاسات ح 6.
(8) الفضيخ: عصير العنب، وهو أيضا شراب يتخذ من البسر المفضوخ وحده دون أن تمسه
النار، وهو المشدوخ. راجع اللسان مادة (فضخ).
395

فيه زبيب وتمر جميعا. فأما عصير العنب فلم يكن يومئذ بالمدينة منه شئ (1).
(ويلحق) يجوز فيه فتح الياء فيكون فتوى باللحوق، وضمها فيحتمل
حكاية الالحاق (بها) أي المسكرات (العصير) العنبي، كما في البيان (2)
وشرح الإرشاد لفخر الاسلام (3)، ولعله منه الزبيبي لا الحصرمي. وحكى فخر
الاسلام عن المصنف (4) أنه كان يجتنب عصير الزبيب، وأطلق العصير في الأكثر،
ومنه جميع كتب المصنف (5).
(إذا غلى واشتد) كما في المعتبر (6) والشرائع (7)، أو غلى فقط كما في
النزهة (8) والتلخيص (9) والتحرير (10) وأطعمة الكتاب (11)، أو غلى بنفسه لا بالنار كما
في الوسيلة (12).
وعلى كل فلم أظفر لنجاسته بدليل سوى دعوى الدخول في الخمر، وإليها
الإشارة بقوله: ويلحق بها وهي ممنوعة، ونحو قول الصادق عليه السلام في خبر أبي
بصير وقد سئل عن الطلا: إن طبخ حتى يذهب منه اثنان ويبقى واحد فهو حلال،
وما كان دون ذلك فليس فيه خير (13). وفي مرسل محمد بن الهيثم: إذا تغير عن
حاله وغلى فلا خير فيه حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه (14). وضعف دلالته واضح،

(1) تفسير القمي: ج 1 ص 180.
(2) البيان: ص 39.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) في ط: عن الصادق عليه السلام.
(5) مختلف الشيعة: ج 1 ص 469 ونهاية الإحكام: ج 1 ص 272 وتذكرة الفقهاء: ج 1 ص 7
س 38 وتحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 12 وتلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية):
ج 26 ص 273.
(6) المعتبر: ج 1 ص 424.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 52.
(8) نزهة الناظر: ص 21.
(9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 273.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 12.
(11) قواعد الأحكام: كتاب الصيد والذباحة والأطعمة والأشربة ج 2 ص 158 س 10.
(12) الوسيلة: كتاب المباحات في أحكام الأشربة ص 365.
(13) وسائل الشيعة: ج 17 ص 226 ب 2 من أبواب الأشربة المحرمة ح 6.
(14) وسائل الشيعة: ج 17 ص 226 باب 2 من أبواب الأشربة المحرمة ح 7.
396

فالأقوى الطهارة وفاقا للحسن (1) والشهيد (2) وظاهر النافع (3) والتبصرة (4).
وتردد في التذكرة قبل الاشتداد (5). ولعل ابن حمزة إنما فصل بما ذكر
للدخول في الخمر إذا غلى بنفسه لا بالنار (6).
ثم لا بد من اشتراط عدم ذهاب ثلثيه، إذ معه يطهر، كما يحل إجماعا إذا غلى
بالنار، سواء ذهبا عند الطبخ أو بعد البرد كما نص عليه في النهاية (7) والوسيلة (8).
وخبر عبد الله بن سنان، عن الصادق عليه السلام قال: العصير إذا طبخ حتى يذهب منه
ثلاثة دوانيق ونصف ثم يترك حتى يبرد فقد ذهب ثلثاه وبقي ثلثه (9). وكذا إذا
غلى بنفسه أو بالشمس في ظاهر المصنف (10) وأبي (11) سعيد (12)، ويأتي خلافه.
والغليان: هو الانقلاب وصيرورة الأسفل أعلى، كما نص عليه الصادق عليه السلام
لحماد بن عثمان إذ سأله عنه، فقال: القلب (13). والاشتداد: القوام والثخانة
المحسوسة التي تنفك عن الغليان.
وفسر في الذكرى بالشدة المطرية (14). وفي شرح الإرشاد لفخر الاسلام:

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 469.
(2) البيان: ص 39.
(3) مختصر النافع: كتاب الأطعمة والأشربة في المائعات ص 247.
(4) تبصرة المتعلمين: كتاب الأطعمة والأشربة في المائعات ص 169.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 7 س 39.
(6) الوسيلة: كتاب المباحات في أحكام الأشربة ص 365.
(7) النهاية ونكتها: كتاب الأطعمة والأشربة ج 3 ص 109.
(8) الوسيلة: كتاب المباحات في أحكام الأشربة ص 365.
(9) وسائل الشيعة: ج 17 ص 232 ب 5 من أبواب الأشربة المحرمة ح 7.
(10) قواعد الأحكام: كتاب الصيد والذباحة في المايعات ج 2 ص 158 س 10.
(11) في س و م (وابني سعيد) وفي ص (بني) وفي ك (ابن).
(12) الجامع للشرائع: كتاب المباحات ص 394.
(13) وسائل الشيعة: ج 17 ص 229 ب 3 من أبواب الأشربة المحرمة ح 3.
(14) ذكرى الشيعة: ص 13 س 28.
397

المراد به عند الجمهور الشدة المطرية (1)، وعندنا: أن يصير أسفله أعلاه بالغليان،
أو يقذف بالزبد.
(و) التاسع: (الفقاع) بالاجماع، كما في الانتصار (2) والغنية (3)
والخلاف (4) والمنتهى (5) وظاهر المبسوط (6) والتذكرة (7) وغيرهما. وأيد بدخوله
في الخمر كما نصت عليه الأخبار (8)، وخبر هشام بن الحكم: سأل الصادق عليه السلام
عنه، فقال: لا تشربه فإنه خمر مجهول، وإذا أصاب ثوبك فاغسله (9). وهو كما في
المدنيات: شراب معمول من الشعير (10). وفي الإنتصار (11) ورازيات السيد: إنه
كان يعمل منه ومن القمح (12). وفي مقداديات الشهيد: كان قديما يتخذ من الشعير
غالبا ويصنع حتى يحصل فيه النشيش والقفران (13)، وكأنه الآن يتخذ من الزبيب
أيضا، ويحصل فيه هاتان الخاصتان أيضا.
(و) العاشر: (الكافر) مشركا أو غيره، ذميا أو غيره، وفاقا للمشهور.
وفي الناصريات (14) والانتصار (15) والسرائر (16) والمنتهى (17) وظاهر التذكرة (18) ونهاية

(1) لا يوجد لدينا.
(2) الإنتصار: ص 197.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 29.
(4) الخلاف: كتاب الأشربة ج 3 ص 221 المسألة 6، ولكنه تعرض لحرمة شربه واستدل
بالاجماع ولم يتعرض لنجاسته. (ط اسماعيليان).
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 167 س 23.
(6) المبسوط: ج 1 ص 36.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 7 س 39.
(8) الكافي: ج 6 ص 422 كتاب الأشربة في الفقاع.
(9) وسائل الشيعة: ج 17 ص 288 ب 27 من أبواب الأشربة المحرمة ح 8.
(10) لا يوجد لدينا.
(11) الإنتصار: في مسائل الأشربة ص 199.
(12) المسائل الرازية (رسائل المرتضى المجموعة الأولى): ص 101.
(13) المسائل الرازية (رسائل المرتضى المجموعة الأولى): المسألة 1 ص 101.
(14) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 216 المسألة 10.
(15) الإنتصار: ص 10.
(16) السرائر: ج 1 ص 73.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 168 س 12.
(18) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 4.
398

الأحكام الاجماع عليه (1)، وفي الغنية: إن كل من قال بنجاسة المشرك، قال
بنجاسة غيره من الكفار (2)، وفي التهذيب: إجماع المسلمين عليه (3). وكأنه أراد
إجماعهم على نجاستهم في الجملة لنص الآية (4)، وإن كانت العامة يأولونها
بالحكمية.
وخلافا لظاهر أبي علي لقوله: التنزه عن سؤر جميع من يستحل المحرمات
من ملي وذمي وما ماسوه بأبدانهم أحب إلي إذا كان الماء قليلا. وقوله: ولو تجنب
من أكل ما صنعه أهل الكتاب من ذبائحهم وفي آنيتهم، وكذلك ما صنع في أواني
مستحلي الميتة ومؤاكلتهم ما لم يتيقن طهارة أوانيهم وأيديهم كان أحوط (5).
وللمفيد على ما حكي عن رسالته الغرية (6)، ولظاهر النهاية في موضع لقوله:
ويكره أن يدعو الانسان أحدا من الكفار إلى طعامه فيأكل معه، فإن دعاه فليأمره
بغسل يديه ثم يأكل معه إن شاء (7)، لكنه صرح (8) قبله في غير موضع بنجاستهم
على اختلاف مللهم وخصوص أهل الذمة. ولذا اعتذر له ابن إدريس بأنه أورد
الرواية الشاذة إيرادا لا اعتقادا (9).
والمحقق في النكت بالحمل على الضرورة أو المؤاكلة في اليابس، قال:
وغسل اليد لزوال الاستقذار النفساني الذي يعرض من ملاقاة النجاسات العينية
وإن لم يفد طهارة اليد (10).

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 273.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 15.
(3) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 223 ذيل الحديث 637.
(4) التوبة: 28.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: كتاب الصيد والذباحة ص 679 س 30 وليس فيه قوله:
(التنزه.... الماء قليلا).
(6) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 96.
(7) النهاية ونكتها: كتاب الأطعمة والأشربة في الأطعمة المحظورة والمباحة ج 3 ص 107.
(8) النهاية ونكتها: كتاب الأطعمة والأشربة في الأطعمة المحظورة والمباحة ج 3 ص 106.
(9) السرائر: كتاب الأطعمة والأشربة في الأطعمة المحظورة والمباحة: ج 3 ص 123.
(10) النهاية ونكتها: كتاب الأطعمة والأشربة في الأطعمة المحظورة والمباحة ج 3 ص 107.
399

وعلى الجملة فلا خلاف عندنا في نجاسة غير اليهود والنصارى من أصناف
الكفار، كما في المعتبر (1)، وإنما الخلاف إنما يتحقق فيهم، والآية (2) نص على
نجاسة المشركين منهم ومن غيرهم، والأخبار الدالة على نجاسة أهل الكتاب
كثيرة كصحيح علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن رجل اشترى ثوبا من السوق،
قال: إن اشتراه من مسلم فليصل فيه، وإن اشتراه من نصراني فلا يصل فيه حتى
يغسله (3). وخبر سعيد الأعرج: سأل الصادق عليه السلام عن سؤر اليهودي والنصراني
أيؤكل أو يشرب؟ قال: لا (4).
وقوله عليه السلام في خبر إسماعيل بن جابر: لا تأكل من ذبائح اليهود والنصارى
ولا تأكل في آنيتهم (5). وخبر أبي بصير، عن أحدهما عليهما السلام: في مصافحة المسلم
اليهودي والنصراني، قال: من وراء الثوب، فإن صافحك بيده فاغسل يدك (6).
وعلى نجاسة المجوس نحو خبر محمد بن مسلم: سأل أحدهما عليهما السلام عن
رجل صافح مجوسيا، قال: يغسل يده ولا يتوضأ (7). وقول الصادق عليه السلام في
صحيح زرارة: في آنية المجوس إذا اضطررتم إليها فاغسلوها (8).
وأما خبر عمار: سأله عليه السلام عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو إناء غيره إذا
شرب على أنه يهودي؟ فقال: نعم، قال: فمن ذلك الماء الذي يشرب منه؟ قال:
نعم (9). فيحتمل كثرة الماء وغسل الإناء، واحتمال اليهودية دون القطع بها، أي
على ظن أنه يهودي، وكون المعنى إذا شرب على كونه يهوديا، بمعنى أن يكون
حلف

(1) المعتبر: ج 1 ص 95.
(2) التوبة: 28.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1071 ب 50 من أبواب النجاسات ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1019 ب 14 من أبواب النجاسات ح 8.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1092 ب 72 من أبواب النجاسات ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1019 ب 14 من أبواب النجاسات ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1018 ب 14 من أبواب النجاسات ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1020 ب 14 من أبواب النجاسات ح 12.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 165 ب 3 من أبواب الأسئار ح 3.
400

أن يشرب منه فهو يهودي ثم شرب فهل ينجس الإناء والماء؟ لما روي: من
حلف بملة غير الاسلام كاذبا فهو كما قال (1).
وأما خبر زكريا بن إبراهيم: إنه دخل عليه عليه السلام فقال: إني رجل من أهل
الكتاب وإني أسلمت وبقي أهلي كلهم على النصرانية وأنا معهم في بيت واحد لم
أفارقهم بعد، فآكل من طعامهم؟ فقال له: يأكلون لحم الخنزير، قال: لا، ولكنهم
يشربون الخمر، فقال: كل معهم واشرب (2). فيحتمل الأكل والشرب معهم، لا في
أوانيهم، أو فيها بعد غسلها. والسؤال عن أكلهم الخنزير، لأن دسومته يمنع الأواني
من التطهر غالبا.
وكذا خبر إسماعيل بن جابر: سأله عليه السلام عن طعام أهل الكتاب، فقال: لا
تأكله، ثم سكت هنيئة ثم قال: لا تأكله، ثم سكت هنيئة ثم قال: لا تأكله ولا تتركه
تقول أنه حرام، ولكن تتركه تنزها عنه، أن في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير (3).
يحتمل الطعام اليابس أو الذي لم يباشروه، ولكنه في أوانيهم التي يكون فيها الخمر
أو لحم الخنزير غالبا فلا تطهر بسهولة.
وكذا صحيح محمد بن مسلم: سأل أحدهما عليهما السلام عن آنية أهل الذمة، فقال: لا
تأكلوا في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيها الميتة والدم ولحم الخنزير (4). يحتمل التنزه
عنها بعد الغسل لما يعلقها من الدسومة.
وصحيح علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن اليهودي والنصراني يدخل يده
في الماء أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا، إلا أن يضطر إليه (5). يحتمل الاضطرار
للتقية. وصحيح العيص: سأل الصادق عليه السلام عن مؤاكلة اليهودي والنصراني، فقال:

(1) السنن الكبرى للبيهقي: كتاب الجنايات باب التغليظ على من قتل نفسه ج 8 ص 23.
(2) وسائل الشيعة: ج 16 ص 385 ب 54 من أبواب الأطعمة والأشربة ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 16 ص 385 ب 54 من أبواب الأطعمة والأشربة ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 16 ص 385 ب 54 من أبواب الأطعمة والأشربة ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 9 ص 1020 ب 14 من أبواب النجاسات ح 2.
401

لا بأس إذا كان من طعامك وسأله عن مؤاكلة المجوسي، فقال: إذا توضأ فلا بأس
[إذا كان من طعامك (1)] (2). فيحتمل المؤاكلة على خوان واحد، لا في آنية واحدة،
ولا في الرطب بحيث يؤدي إلى المباشرة برطوبة، بل قوله: إذا كان من طعامك
يحتمل ما لم يعالجوه برطوبة. ولعل وضوء المجوسي لرفع الاستقذار.
وقوله عليه السلام في صحيح المعلى: لا بأس بالصلاة في الثياب التي يعملها
المجوس والنصارى واليهود (3). يحتمل ما لا يعلم مباشرتهم لها برطوبة، والصلاة
فيها بعد غسلها [والصلاة عليها] (4). وقس على ما ذكر كل ما يوهم طهارتهم من
الأخبار.
و (سواء كان) الكافر (أصليا أو مرتدا) فهو نجس، لعموم الأدلة،
(وسواء انتمى إلى الاسلام كالخوارج) والنواصب (والغلاة) والمجسمة،
وكل من أنكر ضروريا من ضروريات الدين مع علمه بأنه من ضرورياته.
(أو لا) وأرسل الوشاء، عن الصادق عليه السلام: إنه كره سؤر ولد الزنا واليهودي
والنصراني والمشرك وكل ما خالف الاسلام، وكان أشد ذلك عنده سؤر
الناصب (5). وسأله عليه السلام خالد القلانسي: ألقى الذمي فيصافحني، قال: امسحها
بالتراب وبالحائط. قال: فالناصب؟ قال: اغسلها (6).
وتقدم في قوله عليه السلام: إياك أن تغتسل من غسالة الحمام، ففيها يجتمع غسالة
اليهودي والنصراني والمجوسي والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم، فإن الله
تبارك

(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 384 ب 53 من أبواب الأطعمة والأشربة ح 4.
(2) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1093 ب 73 من أبواب النجاسات ح 2.
(4) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 165 ب 3 من أبواب الأسئار ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1019 ب 14 من أبواب النجاسات ح 4.
402

وتعالى لم يخلق خلقا أنجس من الكلب، وأن الناصب لنا أهل البيت أنجس
منه (1).
وعن الفضيل: دخل على أبي جعفر عليه السلام رجل محصور عظيم البطن فجلس
معه على سريره فحياه ورحب به، فلما قام قال: هذا من الخوارج كما هو، قال:
قلت: مشرك؟ فقال: مشرك والله، أي والله مشرك (2).
وأما المجسمة ففي المبسوط (3) والتحرير (4) والمنتهى (5) والدروس (6) والبيان
نجاستهم (7)، ويعطيها ما سيأتي من عبارة الكتاب، وزادوا فيما عدا الدروس
المشبهة، وزاد الشيخ المجبرة (8).
ويدل [على نجاستهم] (9) الأخبار الناصة بكفرهم، كقول الرضا عليه السلام: من قال
بالتشبيه والجبر فهو كافر (10). وقوله عليه السلام: والقائل بالجبر كافر، والقائل بالتفويض
مشرك (11). وقول الصادق عليه السلام: إن الناس في القدر على ثلاثة أوجه: رجل يزعم أن
الله عز وجل أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم الله في حكمه فهو كافر،
ورجل يزعم أن الأمر مفوض إليهم فهذا قد أوهن الله في سلطانه فهو كافر (12)، الخبر.
والمجسمة مشبهة. واستدل في الكشاف على كفر المجبرة بقوله تعالى:
(سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك
كذب الذين من قبلهم) (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 159 ب 11 من أبواب الماء المضاف ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 18 ص 569 ب 10 من أبواب حد المرتد ح 55 مع اختلاف.
(3) المبسوط: ج 1 ص 14.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 15.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 168 س 27.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 124 درس 19.
(7) البيان: ص 39.
(8) المبسوط: ج 1 ص 14.
(9) ساقط من ص.
(10) وسائل الشيعة: ج 18 ص 558 ب 10 من أبواب حد المرتد ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 18 ص 557 ب 10 من أبواب حد المرتد ذيل الحديث 4.
(12) وسائل الشيعة: ج 18 ص 559 ب 10 من أبواب حد المرتد ح 10.
(13) تفسير الكشاف: ج 2 ص 77.
403

ويدل عليه استتباعه لابطال النبوات والتكاليف رأسا، فكفرهم أوضح من كفر
المشبهة والمجسمة بل أكثر الكفار، إلا أن يكونوا من الحمق بحيث لا يتفطنون
لذلك، فهم ليسوا من الناس في شئ.
وفي البيان تقييد المجسمة والمشبهة بالحقيقة (1)، يعني القائلين بأنه تعالى
جسم كخلقه في صفة ملزومة للحدوث [لا من] (2) يلزمهم ذلك، وهم له منكرون
كالأشاعرة. أو يعني من قال بأنه جسم حقيقة، أي كسائر الأجسام في الحقيقة
ولوازمها لا من يطلق عليه الجسم، ويقول: إنه جسم لا كالأجسام فينتفي عنه
جميع ما يقتضي الحدوث والافتقار والتحديد، وكذا من شبهه بالحادثات حقيقة،
أي في الحقيقة أو لوازمها المقتضية للحدوث والفقر. والأمر كما قال، ولعل إطلاق
غيره منزل عليه وضعف في المنتهى نجاسة المجبرة (3).
وفي التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5) والمعتبر (6) والذكرى: نجاسة المجبرة
والمجسمة (7). وعبارة الكتاب الآتية نص في طهارة المجبرة والمشبهة.
(ويلحق بالميتة ما قطع من ذي النفس السائلة حيا وميتا) كما في
الشرائع (8)، لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير في أليات الغنم تقطع وهي
أحياء: إنها ميتة (9). وفي خبر الكاهلي أن في كتاب علي عليه السلام: إن ما قطع منها ميت
لا ينتفع به (10). وفي مرسل أيوب بن نوح: إذا قطع من الرجل قطعة فهي

(1) البيان: ص 39.
(2) في ص (ولا).
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 27 س 22.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 8 وفيه نقله عن الشيخ ولم يفتي بذلك.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 239 وفيه نقله عن الشيخ ولم يفتي بذلك.
(6) المعتبر: ج 1 ص 97 وفيه نقله عن الشيخ ولم يفتي بذلك.
(7) ذكرى الشيعة: ص 13 س 3 وفيه نقله عن الشيخ ولم يفتي بذلك.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 52.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 295 ب 30 من أبواب الصيد والذبائح ح 3.
(10) المصدر السابق: ح 1.
404

ميتة (1).
ويأتي غيرها في الصيد والذباحة، ولوجود معنى الموت فيه، والاستصحاب
في أجزاء الميتة، والنصوص على أنه لا ينتفع من الميتة بشئ، وعلى نجاسة
خصوص جلدها، والحكم باستواء الأجزاء المنفصلة من الحي والميت مما قطع به
الفاضلان (2) ومن بعدهما، وهو الظاهر، ولم أظفر لمن قبلهما بنص على أجزاء
الحي إلا على أليات الغنم. وفي الخلاف (3) والنهاية (4) والمبسوط (5) على وجوب
غسل المس على من مس قطعة من الآدمي حيا أو ميتا. وفي الخلاف: الاجماع
عليه (6).
وفي المنتهى (7) ونهاية الإحكام: الأقرب طهارة ما ينفصل من بدن الانسان
من الأجزاء الصغيرة مثل البثور والثالول وغيرها (8)، لمشقة الاحتراز والرواية،
ولعلها صحيح علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يكون به الثالول أو الجرح
هل يصلح له أن يقطع الثالول وهو في صلاته أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح
ويطرحه؟ قال: إن لم يتخوف أن يسيل الدم فلا بأس (9).
ويمكن الحمل على كونه بصدد الصلاة لا في أثنائها، وحمل القطع والنتف
على أمر الغير بهما. ثم إنه خبر واحد لا يعارض الأخبار الكثيرة الناصة على
النجاسة، ولا تتم دلالته إلا إذا لم [يكن القطع أو النتف بآلة. ولم] (10) يجز حمل
المصلي النجاسة مطلقا، وهو ممنوع كما يأتي. وضعف ما قيل: من أن نحو هذه

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 931 ب 2 من أبواب غسل المس ح 1.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 52، ونهاية الإحكام: ج 1 ص 269.
(3) الخلاف: كتاب الجنائز المسألة 490 ج 1 ص 701.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 268.
(5) المبسوط: ج 1 ص 37.
(6) كالمصدر السابق.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 166 س 14.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 271.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1082 ب 63 من أبواب النجاسات ح 1.
(10) ما بين المعقوفين ساقط من صد و ك.
405

الأجزاء لو كانت نجسة لكانت نجسة مع الاتصال، لعروض الموت لها واضح.
ثم في التذكرة: المسك طاهر إجماعا، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يتطيب به،
وكذا فأرته عندنا، سواء أخذت من حية أو ميتة، وللشافعي فيه وجهان (1). وفي
موضع من الذكرى: المسك طاهر إجماعا وفأرته وإن أخذت من غير المذكى (2)،
وظاهرهما الاجماع على طهارة فأرته مطلقا.
وفي نهاية الإحكام: والمسك طاهر وإن قلنا بنجاسة فأرته المأخوذة من
الميتة كالأنفحة، ولم ينجس بنجاسة الظرف للحرج (3). وفي المنتهى: فأرة المسك
إذا انفصلت عن الظبية في حياتها أو بعد التذكية طاهرة، وإن انفصلت بعد موتها
فالأقرب النجاسة (4).
وعندي: أن فأرته نجسة إذا لم تؤخذ من المذكى، وكذا ما فيها من المسك مع
رطوبته عند الانفصال، لعموم ما دل على نجاسة ما ينفصل من حي أو ميت،
وخصوصا جلد الميتة.
وإن قلنا بتعدي نجاسته مع اليبس، فالمسك نجس، وإن كان يابسا إذا لم
يؤخذ الفأرة من المذكى. والحمل على الإنفحة قياس، والحرج وحده لا يصلح
دليلا مع اندفاعه غالبا بالأخذ من المسلم. نعم إن ثبت الاجماع على الاستثناء كان
هو الحجة. وما في المنتهى من الفرق بين الانفصال في حياتها وبينه بعد موتها من
غير تذكية، غريب لا أعرف له وجها
وسأل علي بن جعفر في الصحيح أخاه عليه السلام عن فأرة المسك يكون مع من
يصلي وهي في جيبه أو ثيابه، قال: لا بأس بذلك (5). وكتب عبد الله بن جعفر في
الصحيح إلى أبي محمد عليه السلام: يجوز للرجل أن يصلي ومعه فأرة مسك فكتب: لا

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 7 س 11.
(2) ذكرى الشيعة: ص 14 س 5.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 271.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 166 س 9.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 314 ب 41 من أبواب لباس المصلي ح 1.
406

بأس به إذا كان ذكيا (1). وهو مفسر لاطلاق الأول، وإن أمكن أن يكون المعنى إذا
لم يعرضه نجاسة من خارج، وبحكم الذكاة الأخذ من مسلم.
وفي الذكرى: المراد به أن يكون طاهرا، ويحتمل أمرين: أحدهما: التحرز من
نجاسة عارضة له. والثاني: التحرز مما يؤخذ من الظبي في حال الحياة بجلده، لأن
السؤال عن فأرة المسك (2)، إنتهى.
(ولا ينجس) اتفاقا وبالنصوص (3) (من الميتة ما لا تحله الحياة) أي
الحس (كالعظم) ومنه القرن والسن والظفر والمنقار والظلف والحافر، وبحكمه
البيض المكتسي قشره الأعلى.
(والشعر) ومثله الصوف والوبر والريش من غير فرق بين جزها ونتفها،
إلا أنها إذا نتفت غسل موضع الاتصال وإن لم ينفصل معها شئ من غيرها من
الأجزاء، وإلا غسلت بعد إزالته. وللعامة في هذه الأشياء أقوال مخالفة لنا (4).
(إلا ما كان من نجس العين كالكلب والخنزير والكافر) فإنه نجس،
خلافا للسيد (5) كما عرفت، وهو وإن لم يصرح بالخلاف إلا في الأولين، لكن
استدلاله بأن شعرهما ليس من جملة الحي منهما لعدم الحياة فيه يعم الكافر.
(والدم المتخلف في اللحم) والعرق (مما لا يقذفه المذبوح) بعد
خروج ما يقذفه بتمامه (طاهر) بلا خلاف، لخروجه عن الدم المسفوح. ولا
فرق في المذبوح بين المأكول وغيره كما يقتضيه إطلاقه، ويحتمل الاختصاص
بالمأكول، [لعموم الأخبار بنجاسة الدم (6)، والاجماع إنما ثبت على طهارة

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 315 ب 41 من أبواب لباس المصلي ح 2.
(2) ذكرى الشيعة: ص 14 س 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1088 ب 68 من أبواب النجاسات.
(4) المجموع: ج 1 ص 230 و ص 236.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 218 المسألة 19.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1100 ب 82 من أبواب النجاسات.
407

المتخلف في المأكول] (1)، للإجماع على أكل لحمه الذي لا ينفك عنه.
(وكذا دم ما لا نفس له سائلة كالسمك وشبهه) طاهر إجماعا، كما في
الخلاف (2) والغنية (3) والسرائر (4) والمعتبر (5) والمختلف (6) والمنتهى (7). وقال أبو
علي: فأما ما يظهر من السمك بعد موته فليس ذلك عندي دما، وكذلك دم
البراغيث وهو إلى أن يكون نجوا لها أولى من أن يكون دما (8).
وقال الصادق عليه السلام في خبر السكوني: إن عليا عليه السلام كان لا يرى بأسا بدم ما لم
يذك يكون في الثوب يصلي فيه الرجل، يعني دم السمك (9). وسأله عليه السلام ابن أبي
يعفور في الصحيح عن دم البق والبراغيث، فقال: ليس به بأس (10) ومن العبارات ما
يدل على نجاسته مع العفو عنه، ويمكن تأويلها.
وكذا ميتته طاهرة بالاجماع (11) والنصوص (12)، إلا أن يكون منها ما يكون
نجس العين كالوزغة والعقرب، ونجسها الشافعي (13).
(وكذا ميتته) طاهرة كما في النافع (14) وشرحه (15) والشرائع (16)، للأصل
وعدم نص بالعموم. وفي التذكرة (17) ونهاية الإحكام لطهارة ميتته (18)، يعني أنه

(1) ما بين المعقوفين ساقط من م.
(2) الخلاف: ج 1 ص 476 المسألة 219.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 24.
(4) السرائر: ج 1 ص 174.
(5) المعتبر: ج 1 ص 421.
(6) مختلف الشيعة: ج 1 ص 474.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 163 س 20.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 447.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1030 ب 23 من أبواب النجاسات ح 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1030 ب 23 من أبواب النجاسات ح 1.
(11) الخلاف: ج 1 ص 476 المسألة 219.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1051 ب 35 من أبواب النجاسات.
(13) المحلى: ج 1 ص 105.
(14) مختصر النافع: ص 18.
(15) التنقيح الرائع: ج 1 ص 147.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 52.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 6 س 22.
(18) نهاية الإحكام: ج 1 ص 269.
408

طاهر حيا وميتا بجميع أجزائه وفضلاته. فاستثناء المني يفتقر إلى دليل، وليس:
وظاهر الأكثر نجاسته مطلقا، لاطلاق النصوص بنجاسته (1). ويمكن تنزيل كلامهم
على الخصوص.
(والأقرب طهارة المسوخ) عدا الخنزير، وفاقا للمشهور، للأصل
وخصوص الأخبار في بعضها كأخبار العقرب والفأرة والوزغة والعاج
وغيرها (2). وفي المراسم (3) والوسيلة (4) والإصباح: نجاسة لعابها (5). وفي
المبسوط: إنه لا يجوز بيع الأعيان النجسة كالكلب والخنزير وجميع المسوخ (6).
وفي بيوع الخلاف: لا يجوز بيع القرد، للإجماع على أنه مسخ نجس، وأنه لا
يجوز بيع ما كان كذلك (7)، وفي أطعمته: إن المسوخ كلها نجسة (8).
ولكن في الإقتصاد (9): غير الطير على ضربين: نجس العين ونجس الحكم،
فنجس العين هو الكلب والخنزير، فإنه نجس العين نجس السؤر نجس اللعاب،
وما عداه على ضربين: مأكول وغير مأكول، فما ليس بمأكول كالسباع وغيرها من
المسوخات مباح السؤر، وهو نجس الحكم (10).
فيحتمل إرادته في الكتابين نجاسة حكمها. ويؤيده حكمه في الخلاف بجواز
التمشط بالعاج واستعمال المداهن منه، وحكى عليه الاجماع (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1021 ب 16 من أبواب النجاسات.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 171 ب 9 من أبواب الأسئار، وليس في الباب ذكر من (العاج)
نعم في الباب 72 من أبواب آداب الحمام ج 1 ص 427 من الوسائل استحباب التمشط بالعاج.
(3) المراسم: ص 55.
(4) الوسيلة: ص 78.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 23.
(6) المبسوط: كتاب البيوع في ما يصح بيعه وما لا يصح ج 2 ص 165.
(7) الخلاف: كتاب البيوع ج 3 ص 183 المسألة 306.
(8) الخلاف: كتاب الأطعمة ج 3 ص 264 المسألة 2 (ط اسماعيليان).
(9) في ص (الذكرى والاقتصاد).
(10) الإقتصاد: ص 254.
(11) الخلاف: ج 1 ص 67 المسألة 14.
409

(و) الأقرب طهارة (من عدا (1) الخوارج والغلاة والنواصب
والمجسمة من) فرق (المسلمين) إلا أن ينكر ضروريا من ضروريات الدين
مع علمه بضروريته. ولما كان مراده من عداهم من فرق الاسلام المعروفين لم
يضر نجاسة منكر الضروري وممن عداهم المشبهة والمجبرة، وتقدمتا. وطهارة
من عداهم هو المشهور.
ودليله الأصل ولزوم الحرج، والاجماع على عدم احتراز الأئمة عليهم السلام
والأصحاب عنهم في شئ من الأزمنة. وعن السيد نجاسة غير المؤمن، لكفره (2)
بالأخبار الناطقة به (3).
والجواب: إنهم منافقون، فهم كفار أجري عليهم أحكام المسلمين استهزاء بهم
ودفعا للحرج عن المؤمنين، ولقوله تعالى: (إن الدين عند الله الاسلام) (4). وقوله:
(ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) (5)، فالايمان هو الاسلام، فغير المؤمن
غير مسلم، فهو كافر.
والجواب: أن من المعلوم بالنصوص مغايرة الايمان للإسلام، قال تعالى:
(قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا) (6)، والأخبار فيه لا
تحصى كثيرة، فغير الاسلام بمعنى المباين له، والايمان أخص منه، وبمنزلة فرد
من أفراده، على أنا نسلم (7) كونهم كفارا منافقين، ولقوله تعالى: (كذلك يجعل الله
الرجس على الذين لا يؤمنون) (8).
وجوابه: أن الايمان بالمعنى الخاص المراد هنا اصطلاح جديد لا يعلم إرادته

(1) في ص (عد).
(2) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا ونقله عنه في جامع المقاصد: ج 1 ص 164.
(3) وسائل الشيعة: ج 18 ص 557 و 558 و 559 ب 10 من أبواب حد المرتد ح 4، 5، 10.
(4) آل عمران: 19.
(5) آل عمران: 85.
(6) الحجرات: 14.
(7) في ط (نمنع).
(8) الأنعام: 125.
410

في الآية، مع المناقشة في كون الرجس فيها بمعنى النجاسة، بل فسر بالعذاب.
ونجس ابن إدريس سؤر غير المؤمن، والمستضعف الذي لا يعرف اختلاف
الآراء، ولا يبغض أهل الحق، وفسر المؤمن بالمصدق بالله وبرسله وبكل ما
جاءت به (1).
(و) الأقرب طهارة (الفأرة والوزغة والثعلب والأرنب) وفاقا لابن
إدريس (2) والمحقق (3)، للأصل والأخبار، كصحيح علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام
عن العظاية والحية والوزغ يقع في الماء فلا يموت أيتوضأ منه للصلاة؟ قال: لا
بأس به. وعن فأرة وقعت في حب دهن وأخرجت قبل أن تموت أيبيعه من مسلم؟
قال: نعم ويدهن منه (4).
وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر عمار: لا بأس بسؤر الفأرة إذا شربت من الإناء
أن يشرب منه ويتوضأ منه (5). وصحيح الفضيل: سأل الصادق عليه السلام عن فضل الهرة
والشاة والبقرة والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع، قال: فلم أترك
شيئا إلا سألته عنه، فقال: لا بأس به، حتى انتهيت إلى الكلب فقال: رجس نجس
لا يتوضأ بفضله (6). وخبر علي بن راشد: سأل أبا جعفر عليه السلام عن جلود الثعالب
يصلى فيها؟ قال: لا، ولكن تلبس بعد الصلاة (7). لدلالة إباحة لبسها على ذكاتها.
وفي المقنعة: إن الفأرة والوزغة كالكلب والخنزير في غسل ما مساه برطوبة،
ورش ما مساه بيبوسة (8). [وفي المراسم: إنهما كهما في رش ما مساه بيبوسة (9)] (10).

(1) السرائر: ج 1 ص 84.
(2) السرائر: ج 1 ص 187.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 52.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1049 ب 33 من أبواب النجاسات ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 171 ب 9 من أبواب الأسئار ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1014 ب 11 من أبواب النجاسات ح 1. وفيه: (الفضل أبي العباس).
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 258 ب 7 من أبواب لباس المصلي ح 4.
(8) المقنعة: ص 70.
(9) المراسم: ص 56.
(10) ما بين المعقوفين ساقط م س.
411

وأفتى الحلبيان بنجاسة الثعلب والأرنب (1). وكذا في باب لباس المصلي ومكانه
من المقنعة (2)، وفي الغنية: الاجماع عليها (3)، والقاضي بنجاستهما مع الوزغ، وكره
سؤر الفأرة (4).
وفي موضع من الفقيه والمقنع: إن وقعت فأرة في حب دهن فأخرجت قبل أن
تموت، فلا بأس أن يدهن منه ويباع من مسلم (5). وفي موضع آخر منهما: إن
وقعت فأرة في الماء ثم خرجت ومشت على الثياب فاغسل ما رأيت من أثرها،
وما لم تره انضحه بالماء (6). وهو مضمون خبر علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام بعدة
طرق (7). ووقوع الكلامين في الكتابين يعطي إرادة الاستحباب من الثاني.
وفي موضع من مصباح السيد: لا بأس بأسآر جميع حشرات الأرض وسباع
ذوات الأربع إلا أن يكون كلبا أو خنزيرا (8). وفي آخر منه: لا يجوز الصلاة في
جلود ما خص بالنجاسة كالكلب والخنزير والأرنب (9). ويجوز أن يكون ذكره
الأرنب حكاية لقول غيره.
وفي موضع المبسوط: يكره ما مات فيه الوزغ والعقرب (10). وفي آخر منه: إن
الأربعة كالكلب والخنزير في وجوب إراقة ما باشرته من المياه، وغسل ما مسته
برطوبة، ورش ما مسته بيبوسة (11).
[وفي موضع من النهاية: إن الأربعة كالكلب والخنزير في وجوب غسل ما

(1) الكافي في الفقه: ص 131، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 15.
(2) المقنعة: كتاب الصلاة في لباس المصلي ص 150.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 15.
(4) المهذب: ج 1 ص 51.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 14 ذيل الحديث 19، والمقنع: ص 10.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 74 ذيل الحديث 167، والمقنع: ص 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1049 ب 33 من أبواب النجاسات ح 2.
(8) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 425.
(9) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 426.
(10) المبسوط: ج 1 ص 10.
(11) المبسوط: ج 1 ص 37.
412

مسته برطوبة، ورش ما مسته بيبوسة] (1). وفي موضع آخر منه: إنه لا بأس بما
شربت منه فأرة (2).
ودليل نجاستها بعض الأخبار، كخبر علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام: في الفأرة
تقع في الماء ثم تخرج وتمشي على الثياب (3)، وخبره أيضا: سأله عليه السلام عن الفأرة
والكلب إذا أكلا من الخبز أو شماه، قال: يطرح ما شماه، ويؤكل ما بقي (4). ونحوه
خبر عمار، عن الصادق عليه السلام (5). ومرسل يونس عنه عليه السلام: إنه سئل هل يجوز أن
يمس الثعلب والأرنب أو شيئا من السباع حيا أو ميتا؟ قال: لا يضره ولكن يغسل
يده (6). وما سلف من خبر هارون بن حمزة الغنوي عنه عليه السلام: إنه لا ينتفع بما يقع
فيه الوزغ (7)، وما مر من الأخبار في النزح للوزغ أو سام أبرص (8). والجواب: بعد
تسليمها الحمل على الاستحباب.
(و) الأقرب طهارة (عرق الجنب من الحرام) كما في رسالة المفيد
إلى ولده (9) والمراسم (10) والسرائر (11) وكتب المحقق (12)، للأصل، وإطلاق نحو خبر
أبي بصير: سأل الصادق عليه السلام عن القميص يعرق فيه الرجل وهو جنب حتى يبتل
القميص، قال: لا بأس، وإن أحب أن يرشه بالماء فليفعل (13). خلافا

(1) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 267.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 267.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1049 ب 33 من أبواب النجاسات ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1052 ب 36 من أبواب النجاسات ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1050 ب 34 من أبواب النجاسات ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 138 ب 19 من أبواب الماء المطلق ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 137 ب 19 من أبواب الماء المطلق.
(9) لا يوجد لدينا كتابه ونقله ابن إدريس في السرائر: ج 1 ص 181.
(10) المراسم: ص 56، وفيه: (ندب).
(11) السرائر: ج 1 ص 181.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 53، والمعتبر: ج 1 ص 415، والمختصر النافع: ص 18 وفيه:
(والكراهية أظهر).
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1038 ب 27 من أبواب النجاسات ح 8.
413

للصدوقين فلم
يحلا الصلاة فيه (1)، وظاهره النجاسة، والقاضي (2) والشيخ في الخلاف (3) والنهاية (4).
ونسبه في المبسوط إلى رواية أصحابنا (5) والمفيد في المقنعة (6). ويحتمل
كلامه الاحتياط، وعليه حمله الشيخ (7)، ونسبه ابن زهرة إلى إلحاق أصحابنا (8)،
وتردد ابن حمزة (9)، واستدل في الخلاف على نجاسته بالاجماع والاحتياط (10)،
والأخبار المروية في التهذيب والاستبصار، والذي فيهما صحيح الحلبي: سأل
الصادق عليه السلام رجل أجنب في ثوبه وليس معه ثوب غيره، قال: يصلي فيه، وإذا
وجد الماء غسله (11). وصحيح أبي بصير: سأله عليه السلام عن الثوب يجنب فيه الرجل
ويعرق فيه، فقال: أما أنا فلا أحب أن أنام فيه، وإن كان الشتاء فلا بأس ما لم يعرق
فيه (12). وضعف دلالتهما واضح.
نعم روي عن الرضا عليه السلام: إن عرقت في ثوبك وأنت جنب وكانت الجنابة من
الحلال فيجوز الصلاة فيه، وإن كانت حراما فلا يجوز الصلاة فيه حتى يغسل (13).
وروى الكليني بإسناده عن محمد بن علي بن جعفر عنه عليه السلام: في الحمام يغتسل
فيه الجنب من الحرام (14). وعن علي بن الحكم، عن رجل، عن أبي الحسن عليه السلام: لا

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 67 ذيل الحديث 153، والهداية: ص 21. ولم نعثر على قول
علي بن بابويه.
(2) المهذب: ج 1 ص 51.
(3) كتاب الصلاة ج 1 ص 483 المسألة 227.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 268.
(5) المبسوط: ج 1 ص 38.
(6) المقنعة: ص 71.
(7) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 271 ذيل الحديث 799.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 26.
(9) الوسيلة: ص 78.
(10) الخلاف: ج 1 ص 483 المسألة 227.
(11) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 271 ح 799، والاستبصار: ج 1 ص 187 ح 12.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1039 ب 27 من أبواب النجاسات ح 10.
(13) فقه الرضا (ع): ص 84.
(14) الكافي: كتاب الزي والتجمل في باب السواك ج 6 ص 503 ح 38.
414

تغتسل من غسالة ماء الحمام، فإنه يغتسل فيه من الزنا (1)، الخبر.
وفي الذكرى: عن ابن إدريس بن يزداد الكفرتوثي أنه كان يقول بالوقف،
فدخل سر من رأى في عهد أبي الحسن عليه السلام وأراد أن يسأله عن الثوب الذي
يعرق فيه الجنب أيصلى فيه؟ فبينا هو قائم في طاق باب لانتظاره عليه السلام حركه أبو
الحسن بمقرعة وقال مبتدئا: إن كان من حلال فصل فيه، وإن كان من حرام فلا
تصل فيه (2). وفي المناقب لابن شهرآشوب: إن علي بن مهزيار أراد أن يسأله عن
ذلك، فقال: إن كان عرق الجنب في الثوب وجنابته من حرام لا يجوز الصلاة فيه،
وإن كان جنابته من حلال فلا بأس (3).
ثم الأخبار وكلام الأصحاب يعم العرق الحادث عند الجنابة وغيره، وقيل
باختصاصه بالأول (4). ويعم الحرمة ذاتا كالزنا واللواط والاستمناء باليد، أو
عرضا كالوطئ في الحيض والصوم والظهار قبل التكفير. واستشكل في المنتهى (5)
ونهاية الإحكام (6) في الأخير، واستقرب الطهارة في الحيض والصوم.
(و) الأقرب طهارة عرق (الإبل الجلالة) كما في المراسم (7) والنافع (8)
والشرائع (9) وظاهر السرائر (10)، للأصل، خلافا للشيخين (11) والقاضي (12)، لقول
الصادق عليه السلام في حسن حفص بن البختري: لا يشرب من ألبان الإبل الجلالة، وإن
أصابك شئ من عرقها فاغسله (13)، وفي صحيح هشام بن سالم: لا تأكل لحوم

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1039 ب 27 من أبواب النجاسات ح 13.
(2) ذكرى الشيعة: ص 14 س 20.
(3) المناقب لابن شهرآشوب: ج 4 ص 414.
(4) لم نعثر عليه.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 170 س 17.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 275.
(7) المراسم ص 56.
(8) المختصر النافع: ص 18.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 53.
(10) السرائر: ج 1 ص 181.
(11) المقنعة: ص 71، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 268.
(12) المهذب: ج 1 ص 51.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1021 ب 15 من أبواب النجاسات ح 2.
415

الجلالة، وإن أصابك من عرقها شئ فاغسله (1). وهو خيرة المنتهى (2). وهو
الظاهر، إذ لا معارض للخبرين، فلا جهة لحملها على الاستحباب، والأخير يعم
الإبل وغيرها، ولذا نص في النزهة (3) على العموم، واقتصر الأكثر على الإبل،
ونص في المنتهى (4) ونهاية الإحكام على الاختصاص بها (5) مع ذكر الخبرين.
وفي المنتهى قال: اقتصارا على مورد النص وعملا بالأصل (6)، وفيه ما فيه.
(والمتولد من الكلب والشاة) مثلا (يتبع الاسم) طهارة ونجاسة،
وافق اسم أحدهما أو خالفه. وكذا المتولد من كلب وخنزير، بل من كلب وكلبة، أو
خنزير وخنزيرة أيضا على الأقوى. فلو تولد من كلبين أو كلب وخنزير وهرة أو
حيوان غير معروف كان طاهرا على الأقوى، للأصل وتعلق الحكم بالاسم، ولا
مدخل لنجاسة الأصلين. واستشكل في المتولد من كلب وخنزير إذا خرج عن
اسمهما في المنتهى (7) والتذكرة (8) ونهاية الإحكام (9)، وقوى الشهيد نجاسته (10)
مطلقا.
(وكلب الماء طاهر) للأصل، وخروجه عن اسم الكلب عرفا، ولكونه
الخز كما يقال وفي صحيح عبد الرحمان بن الحجاج: سأل أبا عبد الله عليه السلام رجل
وأنا عنده عن جلود الخز، فقال: ليس بها بأس، فقال الرجل: جعلت فداك أنها في
بلادي وإنما هي كلاب يخرج من الماء، فقال أبو عبد الله عليه السلام: إذا خرجت من
الماء تعيش خارجة من الماء؟ فقال الرجل: لا، قال: فلا بأس (11). ونجسه ابن

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1021 ب 15 من أبواب النجاسات ح 1.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 170 س 18.
(3) نزهة الناظر: ص 19.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 170 س 18.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 275.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 170 س 18.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 166 س 33.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 1.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 271.
(10) ذكرى الشيعة: ص 14 س 10.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 263 ب 10 من أبواب لباس المصلي ح 1.
416

إدريس بناء على عموم الاسم له (1). واحتمل في البيان نجاسته ونجاسة الخنزير
المائي (2).
(ويكره ذرق الدجاج) غير الجلا ل، كما في الإستبصار (3) والمراسم (4)
والنافع (5) والنزهة (6)، لخبر محمد بن عيسى، عن فارس قال: كتب إليه رجل
يسأله عن ذرق الدجاج يجوز الصلاة فيه؟ فكتب: لا (7).
وأفتى بظاهره الصدوق (8) والشيخان (9) في غير الإستبصار، فنجسوه. وهو
مع الضعف والاضمار معارض بقول أبي جعفر عليه السلام في خبر وهب بن وهب: لا
بأس بخر الدجاج والحمام يصيب الثوب (10)، وعموم الأخبار (11) والأصل.
واحتمل التقية، والاختصاص بالجلا ل.
(و) يكره (بول البغال والحمير والدواب وأرواثها) كما عليه المعظم،
ومنهم الشيخ (12) في غير النهاية، للأصل، ودخولها في عموم نصوص (13) طهارة
الأبوال والأرواث مما يؤكل لحمها، وخصوص خبر أبي الأغر النحاس أنه قال
للصادق عليه السلام: إني أعالج الدواب فربما خرجت بالليل وقد بالت وراثت فيضرب

(1) السرائر: في أحكام التكسب ج 2 ص 220.
(2) البيان: ص 39.
(3) الإستبصار: ج 1 ص 178 ذيل الحديث 619.
(4) المراسم: ص 56.
(5) مختصر النافع: ص 18.
(6) نزهة الناظر: ص 20.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1013 ب 10 من أبواب النجاسات ح 3.
(8) المقنع: ص 5.
(9) المقنعة: ص 71، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 265.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1013 ب 10 من أبواب النجاسات ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1013 ب 10 من أبواب النجاسات.
(12) المبسوط: ج 1 ص 36، والاستبصار: ج 1 ص 179 ذيل الحديث 6 والاقتصاد: ص 254.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1009 ب 9 من أبواب النجاسات.
417

أحدها بيدها أو برجلها فينضح على ثوبي، فقال: لا بأس به (1). وخبر المعلى بن
خنيس، وابن أبي يعفور قالا: كنا في جنازة وقدامنا حمار فبالت فجاءت الريح
ببوله حتى صكت وجوهنا وثيابنا، فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرناه،
فقال عليه السلام: ليس عليكم بأس (2).
وما رواه الحميري في قرب الإسناد صحيحا عن علي بن رئاب: إنه سأله عليه السلام
عن الروث يصيب ثوبه وهو رطب، فقال: إن لم تقذره فصل فيه (3). وعن علي بن
جعفر: إنه سأل أخاه عليه السلام عن الدابة تبول فيصيب بولها المسجد أو حائطه أيصلى
فيه قبل أن يغسل؟ قال: إذا جف فلا بأس (4). وعنه سأله عليه السلام عن الثوب يوضع في
مربط الدابة على بولها أو روثها، قال: إن علق به شئ فليغسله، وإن أصابه شئ
من الروث أو الصفرة التي تكون معه فلا تغسله من صفرة (5).
وما رواه البزنطي في نوادره عن الفضل، عن محمد الحلبي قال للصادق عليه السلام:
فأطأ على الروث الرطب، قال: لا بأس، أنا والله ربما وطأت عليه ثم أصلي ولا
أغسله (6). وما في كتاب مسائل علي بن جعفر: إنه سأل أخاه عليه السلام عن الطين يطرح
فيه السرقين يطين به المسجد أو البيت أيصلى فيه؟ قال: لا بأس (7). وهو يحتمل
تطيين السطح والجدران، فلا يكون نصا في الطهارة.
وفي النهاية وجوب إزالتها (8)، وهو المحكي عن أبي علي (9)، لنحو حسن بن
محمد بن مسلم: سأل الصادق عليه السلام عن أبوال الدواب والبغال والحمير، فقال:

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1009 ب 9 من أبواب النجاسات ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1011 ب 9 من أبواب النجاسات ح 14.
(3) قرب الإسناد: ص 76.
(4) قرب الإسناد: ص 94.
(5) قرب الإسناد: ص 118.
(6) السرائر (نوادر البزنطي): ج 3 ص 555.
(7) مسائل علي بن جعفر: ص 224 ح 505 وفيه (التبن) بدل (السرقين).
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 265.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 457.
418

اغسله، فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كله، فإن شككت فانضحه (1).
وخبر الحلبي: سأله عليه السلام عن أبوال الخيل والبغال، فقال: اغسل ما أصابك
منه (2). وخبر أبي مريم: سأله عليه السلام عن أبوال الدواب وأرواثها، فقال: أما أبوالها
فاغسل ما أصابك، وأما أرواثها فهي أكثر من ذلك (3). ونحوه خبر عبد الأعلى بن
أعين، عنه عليه السلام: في أبوال الحمير والبغال (4). إن كان معنى كونها (أكثر) كونها أكثر
نجاسة من الأبوال.
وحمله المحقق على أنها أكثر من أن يجب إزالتها، أي أنها لكثرتها يلزم
الحرج بالتكليف بإزالتها (5). ويؤيده قول الصادق عليه السلام في خبر الحلبي: لا بأس
بروث الحمر، واغسل أبوالها (6).
وحينئذ يكون الخبران دليل الطهارة، إذ لا فارق بين الأرواث والأبوال.
وحملهما وغيرهما الشيخ تارة على التقية (7) وأخرى على الكراهة (8).
وأيد الأخير بخبر زرارة، عن أحدهما عليهما السلام: في أبوال الدواب يصيب الثوب
فكرهه (9). وكره القاضي كل بول أو روث أو ذرق مما يؤكل لحمه (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1010 ب 9 من أبواب الطهارة ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1011 ب 9 من أبواب الطهارة ح 11.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1011 ب 9 من أبواب النجاسات ح 8.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1011 ب 9 من أبواب النجاسات ح 13.
(5) المعتبر: ج 1 ص 414.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1009 ب 9 من أبواب النجاسات ح 1.
(7) الإستبصار: ج 1 ص 189 ذيل الحديث 625.
(8) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 265 ذيل الحديث 772.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1010 ب 9 من أبواب النجاسات ح 7.
(10) المهذب: ج 1 ص 52.
419

(فروع) ستة:
(أ: الخمر المستحيل في بواطن حبات العنب) أي المستحيل خمرا
في بواطنها (نجس) عندنا، لعموم الأدلة، خلافا لبعض الشافعية (1) قياسا على
بواطن الحيوانات، والأصل ممنوع فضلا عن فرعه.
(ب: الدود المتولد من الميتة أو العذرة) أو غيرهما من النجاسات
(طاهر) للأصل من غير معارض، وسأل علي بن جعفر أخاه عليه السلام عن الدود يقع
من الكنيف أيصلى فيه؟ قال: لا بأس إلا أن ترى أثرا فتغسله (2)، والنصوص (3)
والفتاوى بطهارة ميتة ما لا نفس له عامة، وللشافعية وجه بالنجاسة (4)، واحتملها
المحقق لتكونها من النجاسة (5)، وهو من الضعف بمكان.
(ج: الآدمي ينجس بالموت) عندنا وإن لم يبرد كما يأتي ويأتي الخلاف
فيه إلا من وجب قتله فاغتسل قبله فقتل لذلك السبب بعينه وإلا المعصوم عليه السلام
والشهيد وسيأتي، وعلى نجاسة الاجماع كما في الخلاف (6) والغنية (7)
والمعتبر (8) والتذكرة (9) والنصوص (10)، والأصح عند الشافعية (11) طهارته.
(والعلقة) أي الدم الغليظ لا الخارج من العرق (نجسة) كما في

(1) فتح العزيز (بهامش المجموع): ج 1 ص 159.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1099 ب 80 من أبواب النجاسات ج 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1051 ب 35 من أبواب النجاسات.
(4) المجموع: ج 1 ص 131.
(5) المعتبر: ج 1 ص 102.
(6) الخلاف: كتاب الجنائز ج 1 ص 700 المسألة 488.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 3.
(8) المعتبر: ج 1 ص 420.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 7 س 12.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1050 ب 34 من أبواب النجاسات.
(11) مغني المحتاج: ج 1 ص 78 س 23، والفتح العزيز (بهامش المجموع): ج 1 ص 162.
420

الخلاف (1) والمبسوط (2) والسرائر (3) والجامع (4) والنافع (5) وشرحه (6)،
إجماعا كما في الخلاف (7)، (وإن كانت في البيضة) كما في الأخيرين.
واستدل مع الاجماع بالاحتياط وعموم أدلة نجاسته، وهما ممنوعان، والأصل
الطهارة، فإن تم الاجماع كان هو الحجة، بل قد منع بعضهم الدخول في اسم الدم
عرفا، خصوصا التي في البيضة. ولذا حكي عن الشيخ (8) حلها. ثم الذي في
السرائر نجاسة العلقة التي يستحيل إلى المضغة (9)، وفي المعتبر نجاسة المتكونة
من نطفة الآدمي (10).
ولعل ذكر الآدمي للتمثيل، لنصه على نجاستها في البيضة أيضا، ولا أعرف
جهة لجعل المسألتين فرعا واحدا، ونجاسة المستحيل في بواطن حبات العنب
فرعا آخرا.
(د: اللبن تابع) لذاته، فالطاهرة طاهرة اللبن، والنجسة ذاتا أو عرضا
- بالجلل أو الوطء أو الموت - نجسة. ووقع الخلاف في موضعين:
الأول: لبن الصبية فنجسه ابن حمزة (11)، وحكي عن ظاهر أبي علي، لقول
أمير المؤمنين عليه السلام في خبر السكوني: لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل أن
يطعم، لأن لبنها يخرج من مثانة أمها، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا بوله قبل
أن يأكل الطعام، لأن لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين (12). وهو مع الضعف

(1) الخلاف كتاب الصلاة ج 1 ص 490 المسألة 232.
(2) المبسوط: كتاب الصلاة ج 1 ص 92.
(3) السرائر: ج 1 ص 188.
(4) الجامع للشرائع: ص 25.
(5) مختصر النافع: كتاب الأطعمة والأشربة ص 245.
(6) المهذب البارع: كتاب الأطعمة ج 4 ص 222.
(7) الخلاف كتاب الصلاة ج 1 ص 491 المسألة 232.
(8) لم نعثر عليه.
(9) السرائر: ج 1 ص 188.
(10) المعتبر: ج 1 ص 422.
(11) الوسيلة: ص 78.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 460.
421

يحتمل الاستحباب.
والثاني: لبن الميتة فالأكثر على طهارته من الحيوان الطاهر، للأصل
والأخبار، كصحيح زرارة: سأل الصادق عليه السلام عن اللبن يكون في ضرع الشاة وقد
ماتت، فقال: لا بأس به (1). وفي الخلاف: الاجماع عليه (2). ونجسه سلا ر (3) وابن
إدريس (4) والمحقق (5) والمصنف (6) في كتبه، وجعله المشهور في المنتهى (7).
وقال ابن إدريس بغير خلاف عند المحصلين من أصحابنا، ودليله أنه مائع لاقى
جسد الميتة النجس فينجس (8)، كما إذا حلب في إناء نجس، وهو ممنوع. ولخبر
وهب بن وهب، عن الصادق عليه السلام: إن عليا عليه السلام سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن
فقال عليه السلام: ذاك الحرام محضا (9). وهو شاذ ضعيف.
(ه‍: الإنفحة: وهي لبن مستحيل) إلى شئ أصفر (في جوف
السخلة) من كل ذي كرش يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ كالجبن، فلا
يكون إلا وهي رضيعة (طاهرة وإن كانت) السخلة (ميتة) بالاجماع (10)
والنصوص (11)، خلافا للشافعي (12) وأحمد (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 16 ص 366 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة قطعة من حديث ح 10.
(2) الخلاف: ج 1 ص 519 المسألة 262.
(3) المراسم: ص 211.
(4) السرائر: كتاب الصيد والذبائح ج 3 ص 112.
(5) شرائع الاسلام: كتاب الأطعمة والأشربة ج 3 ص 223، والمختصر النافع: كتاب الأطعمة
والأشربة ص 245.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 7، وتذكرة الفقهاء: ج 1 ص 7 س 34، ونهاية الإحكام:
ج 1 ص 270.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 165 س 21.
(8) السرائر: كتاب الصيد والذبايح ج 3 ص 112.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 367 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 11.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 165 س 35.
(11) وسائل الشيعة: ج 16 ص 364 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة.
(12) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 61.
(13) المجموع: ج 2 ص 570.
422

والمعروف في معنى الإنفحة ما ذكر، وفي السرائر (1) كالصحاح (2): أنها كرش
الحمل والجدي ما لم يأكل، فإذا أكل فهي كرش.
(و: جلد الميتة لا يطهر بالدباغ) إجماعا على ما في الإنتصار (3)
والناصريات (4) والخلاف (5) والغنية (6) ونهاية الإحكام (7) وغيرها، وللأصل،
وعموم (حرمت عليكم الميتة) (8)، ونحو قوله صلى الله عليه وآله: لا تنتفعوا من الميتة
بشئ (9). وقول أبي الحسن عليه السلام للفتح بن يزيد الجرجاني: لا ينتفع من الميتة
بإهاب ولا عصب (10).
ومن الناس من زعم أن الجلد لا يسمى إهابا بعد الدباغ، ولا يلتفت إليه.
وخصوص نحو خبر أبي بصير، عن الصادق عليه السلام: إن علي بن الحسين عليه السلام كان
يبعث إلى العراق فيؤتى بالفرو فيلبسه، فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص
الذي يليه فكان يسأل عن ذلك، فقال: إن أهل العراق يستحلون لباس جلود الميتة
ويزعمون أن دباغه ذكاته (11). وقول الصادق عليه السلام لعبد الرحمن بن الحجاج: زعموا
أن دباغ جلد الميتة ذكاته ثم لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلا على
رسول الله صلى الله عليه وآله (12).
وطهره أبو علي، لخبر الحسين بن زرارة، عن الصادق عليه السلام: في جلد شاة ميتة
يدبغ فيصب فيه اللبن أو الماء فأشرب منه وأتوضأ؟ قال: نعم يدبغ وينتفع به، ولا

(1) السرائر: كتاب الصيد والذبائح ج 3 ص 112.
(2) الصحاح: ج 1 ص 413 مادة (نفح).
(3) الإنتصار: ص 12.
(4) الناصريات (جوامع الفقهية): ص 218 المسألة 20.
(5) الخلاف: ج 1 ص 60 المسألة 9.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 8.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 300.
(8) المائدة: 3.
(9) المنتقى من أخبار المصطفى: ج 1 ص 39 ح 94.
(10) وسائل الشيعة: ج 16 ص 366 ب 33 من أبواب الأطعمة المحرمة ح 7.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 338 ب 61 من أبواب لباس المصلي ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1081 ب 61 من أبواب النجاسات ذيل الحديث 4.
423

تصل فيه (1). وظاهر الصدوق طهارته وإن لم يدبغ، أو نجاسته حكما بمعنى عدم
التعدي، لأنه قال في المقنع: ولا بأس أن يتوضأ من الماء إذا كان في زق من جلد
ميتة (2).
وأرسل في الفقيه عن الصادق عليه السلام: إنه سئل عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن
والسمن والماء ما ترى فيه؟ فقال: لا بأس بأن تجعل (3) فيها ما شئت من ماء أو لبن
أو سمن وتتوضأ منه وتشرب، ولكن لا تصل فيها (4). والخبران لشذوذهما
وضعفهما لا يعارضان الأخبار المستفيضة، بل المتواترة على ما ذكر في الذكرى (5)
وعمل الأصحاب، بل إجماعهم عليها.
(ولو اتخذ منه حوض لا يتسع الكر نجس الماء فيه، وإن احتمله)
فملأ منه دفعة (فهو نجس والماء طاهر، فإن توضأ منه جاز إن كان الباقي
كرا فصاعدا) وإلا فلا، والكل واضح، ولا يتوهم فساد الوضوء، لكونه استعمالا
للميتة، فهنا استعماله إنما هو جعل الماء فيه لا إفراغه منه.

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة ج 1 ص 501.
(2) المقنع: ص 6.
(3) في ص (تحمل).
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 11 ح 15.
(5) ذكرى الشيعة: ص 16 س 15.
424

(الفصل الثاني)
(في الأحكام)
(يجب إزالة النجاسة عن البدن، والثوب للصلاة، والطواف، ودخول
المساجد) إن حرم إدخال النجاسة إليها مطلقا، وإلا فمع التعدي، (وعن
الأواني لاستعمالها) فيما يشترط بالطهارة.
و (لا) يجب عن شئ منها وجوبا (مستقرا) وإن أطلق نحو:
(فاجتنبوه) (1) (وثيابك فطهر والرجز فاهجر) (2)، ولعله إجماعي كما قيل (3).
ويجب وجوبا مستقرا عن المساجد والضرائح المقدسة والمصاحف المشرفة.
و (سواء) في وجوب الإزالة (قلت) النجاسة (أو كثرت).
وفي السرائر عن بعض الأصحاب: إنه إذا ترشش على الثوب والبدن مثل
رؤوس الإبر من النجاسات، فلا بأس بذلك (4). وعن ميافارقيات السيد: العفو عن
البول إذا ترشش [على الثوب أو البدن] (5) عند الاستنجاء كرؤوس الإبر (6).

(1) المائدة: 90.
(2) المدثر: 4 و 5.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 14.
(4) السرائر: ج 1 ص 180.
(5) زيادة في م.
(6) جوابات المسائل الميافارقيات (رسائل الشريف المرتضى): ج 1 ص 288.
425

ويدفعه العمومات، وخصوص نحو صحيح عبد الرحمن بن الحجاج: سأل
الكاظم عليه السلام عن رجل يبول بالليل فيحسب أن البول أصابه فلا يستيقن فهل
يجزئه أن يصب على ذكره إذا بال ولا يتنشف؟ قال: يغسل ما استبان أنه قد
أصابه، وينضح ما يشك فيه من جسده وثيابه، ويتنشف قبل أن يتوضأ (1).
وخبر الحسن بن زياد: إن الصادق عليه السلام سئل عن الرجل يبول فيصيب بعض
فخذه قدر نكتة من بوله فيصلي ثم يذكر بعد أنه لم يغسله، قال: يغسله ويعيد
صلاته (2).
(عدا الدم فقد عفي) في الصلاة بالاجماع والنصوص (3) (عن قليله في
الثوب والبدن) كما في الانتصار (4) والسرائر (5) والجامع (6) والشرائع (7)، واقتصر
في الفقيه (8) والهداية (9) والمقنعة (10) والمبسوط (11) والخلاف (12) والمراسم (13)
والغنية (14) وكثير: على الثوب، وأطلق في كثير.
وما رأيناه من الأخبار مختصة بالثوب إلا خبر مثنى بن عبد السلام قال
للصادق عليه السلام: إني حككت جلدي فخرج منه دم، فقال: إن اجتمع قدر حمصة
فاغسله، وإلا فلا (15).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 225 ب 11 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1025 ب 19 من أبواب النجاسات ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1026 ب 20 من أبواب النجاسات.
(4) الإنتصار: ص 13.
(5) السرائر: ج 1 ص 77.
(6) الجامع للشرائع: ص 23.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 53.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 71 ذيل حديث 165.
(9) الهداية: ص 15.
(10) المقنعة: 69.
(11) المبسوط: ج 1 ص 36.
(12) الخلاف: كتاب الصلاة ج 1 ص 476 المسألة 220.
(13) المراسم: ص 55.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 30.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1027 ب 20 من أبواب النجاسات ح 5.
426

وفي المنتهى: حكم البدن حكم الثوب في هذا الباب، ذكره أصحابنا، ويؤيده
رواية المثنى بن عبد السلام، ولأن المشقة موجودة كالثوب، بل أبلغ، لكثرة
وقوفها، إذ لا يتعدى إلى الثوب غالبا إلا منه (1). والمفهوم من الثوب الملبوس لا
المصحوب، فلا يتعدى إليه الرخص، [ولكن في بطلان الصلاة باستصحاب
النجس نظر] (2).
واستشكل في المنتهى (3) ونهاية الإحكام (4). وكلام ابن زهرة يوهم
اختصاص العفو بدم القروح والجروح (5) مع سهولة الإزالة. ويجوز تعميم القروح
والجروح في كلامه لما في بدن المصلي منها وغيره، فإنما أراد بدمها غير الدماء
الثلاثة.
ويظهر من الحسن تردد في العفو أو اختيار لعدمه، لقوله: إذا أصاب ثوبه دم
فلم يره حتى صلى فيه ثم رآه بعد الصلاة وكان الدم على قدر الدينار غسل ثوبه
ولم يعد الصلاة، وإن كان أكثر من ذلك أعاد الصلاة. ولو رآه قبل صلاته أو علم أن
في ثوبه، دما ولم يغسله حتى صلى غسل ثوبه قليلا كان الدم أو كثيرا، وقد روي
أن لا إعادة عليه إلا أن يكون أكثر من مقدار الدينار (6).
(و) القليل (هو ما نقص) سعته (عن سعة الدرهم) كما هو المشهور،
للأصل، والاحتياط، واختصاص أكثر الأخبار به (7)، لا ما يكون بقدرها كما في
المراسم (8). وحكي عن السيد (9)، لخبر محمد بن مسلم: إنه قال لأبي جعفر عليه السلام:
الدم يكون في الثوب علي وأنا في الصلاة، قال: إن رأيته وعليك ثوب غيره

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 173 س 36.
(2) ما بين المعقوفين زيادة في ك.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 174 س 1.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 287.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 30.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 477.
(7) وسائل الشيعة: ج 20 ص 1026 ب 20 من أبواب النجاسات.
(8) المراسم: ص 55.
(9) الإنتصار: ص 14.
427

فاطرحه وصل، وإن لم يكن عليك ثوب غيره فامض في صلاتك، ولا إعادة
عليك ما لم يزد على مقدار الدرهم، وما كان أقل من ذلك فليس بشئ، رأيته قبل
أو لم تره (1).
والمراد بالدرهم هو الكبير الوافي المضروب من درهم وثلث على نص
الصدوق (2) والسيد (3) والشيخين (4) والأكثر. قال في المعتبر: ويسمى (البغلي)
نسبة إلى قرية بالجامعين (5)، ونحوه في التذكرة (6). قيل: على هذا فالغين مفتوحة
واللام مشددة (7).
وفي الذكرى: إنه البغلي - بإسكان الغين - وهو منسوب إلى رأس البغل، ضربه
الثاني في ولايته بسكة كسروية وزنه ثمانية دوانيق. قال: والبغلية كانت تسمى
قبل الاسلام الكسروية، فحدث لها هذا الاسم في الاسلام والوزن بحاله، وجرت
في المعاملة مع الطبرية وهي أربعة دوانيق، فلما كان زمن عبد الملك جمع بينهما،
واتخذ الدرهم منهما، واستقر أمر الاسلام على ستة دوانيق، قال: وهذه التسمية
ذكرها ابن دريد، وحكى النسبة إلى قرية بالجامعين قولا، واستدل له بأن هذه
الدراهم لا بد من تقدمها على الاسلام ليحمل عليها الأخبار. وأجاب بما أشار إليه
آنفا من أنها متقدمة، وإنما الحادث التسمية (8).
وفي المهذب البارع: إن الذي سمع من الشيوخ فتح الغين وتشديد اللام. ورد
على ما في الذكرى بأن اتباع المشهور بين الفقهاء أولى من اتباع المنقول عن ابن دريد (9).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1027 ب 20 من أبواب النجاسات ح 6.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 72 ذيل حديث 165.
(3) الإنتصار: ص 13.
(4) المقنعة: ص 69، والخلاف: كتاب الصلاة ج 1 ص 477 المسألة 220.
(5) المعتبر: ج 1 ص 430.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 25.
(7) الظاهر هو صاحب مدارك الأحكام: ج 2 ص 314 حيث قال: ويسمى البغلي نسبة إلى
قرية بالجامعين، وضبطها المتأخرون بفتح العين وتشديد اللام.
(8) ذكرى الشيعة: ص 16 س 25.
(9) المهذب البارع: ج 1 ص 240.
428

ثم اعتبار البغلي هو الذي عليه المحقق (1) والمصنف في كتبه (2)، وعامة من
بعدهما، ونصا في المعتبر (3) والتذكرة (4) أنه الوافي المضروب من درهم وثلث،
وكذا الشهيد في الذكرى (5) كما حكينا عنهم.
وظاهر السرائر تغايرهما، لقوله: إن الشارع عفا عن ثوب وبدن أصابه منه
دون سعة الدرهم الوافي، وهو المضروب من درهم وثلث، وبعضهم يقول: دون
قدر الدرهم البغلي، وهو منسوب إلى مدينة قديمة يقال: لها بغل قريبة من بابل
والغسالون بينها وبينها قريب من فرسخ، متصلة ببلد الجامعين، تجد فيها الحفرة
دراهم واسعة، شاهدت درهما من تلك الدراهم، وهذا الدرهم أوسع من الدينار
المضروب بمدينة السلام المعتاد، يقرب سعته من سعة أخمص الراحة. قال: وقال
بعض من عاصرته ممن له علم بأخبار الناس والأنساب: إن المدينة والدرهم
منسوبة إلى ابن أبي البغل، رجل من كبار أهل الكوفة، اتخذ هذا الموضع قديما،
وضرب هذا الدرهم الواسع، فنسب إليه الدرهم البغلي، وهذا غير صحيح، لأن
الدراهم البغلية كانت في زمن الرسول صلى الله عليه وآله قبل الكوفة (6)، انتهى.
ثم اختلف في السعة المعتبرة هنا، فإن بها العبرة دون الوزن، فسمعت ابن
إدريس يقول: إنه شاهد درهما من البغلية، فكان يقرب سعته من سعة أخمص
الراحة أي ما انخفض منها. واعتبر الحسن سعته دينار (7)، وسمعت عبارته.
وفي مسائل علي بن جعفر: إنه سأل أخاه عليه السلام عن الدمل يسيل منه القيح
كيف يصنع؟ قال: إن كان غليظا أو فيه خلط من دم فاغسله كل يوم مرتين غدوة
وعشية، ولا ينقض ذلك الوضوء، وإن أصاب ذلك ثوبك قدر دينار من الدم

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 53.
(2) مختلف الشيعة: ج 1 ص 477، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 74، منتهى المطلب: ج 1 ص 172 س 27.
(3) المعتبر: ج 1 ص 429.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 25.
(5) ذكرى الشيعة: ص 16 س 25.
(6) السرائر: ج 1 ص 177.
(7) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 430.
429

فاغسله ولا تصل فيه حتى تغسله (1).
وعن أبي علي اعتبار سعة العقد الأعلى من الابهام (2). قال المحقق: والكل
متقارب، والتفسير الأول أشهر (3). وحكى اعتبار سعة العقد الأعلى من السبابة
ومن الوسطى.
وفي الفقيه: والدم إذا أصاب الثوب فلا بأس بالصلاة فيه ما لم يكن مقداره
مقدار درهم واف، والوافي ما يكون وزنه درهما وثلثا، وما كان دون الدرهم
الوافي فقد يجب غسله، ولا بأس بالصلاة فيه، وإن كان الدم دون حمصة فلا بأس
بأن لا يغسل (4).
والذي أفهمه من هذا الكلام أن ما دون الدرهم من الدم نجس يجوز فيه
الصلاة، وما دون حمصة طاهر. ولعله عليه نزل خبر المثنى (5)، وبه جمع بينه وبين غيره.
ونص أبو علي على أنه لا ينجس الثوب بما نقص عن سعة الدرهم الذي
سعته كعقد الابهام الأعلى من كل نجاسة، إلا دم الحيض والمني (6).
والعفو عن القليل ثابت في كل دم (إلا دم الحيض) اتفاقا، كما يظهر منهم،
وقال الصادقان عليهما السلام في خبر أبي بصير: لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره غير دم
الحيض، فإن قليله وكثيره في الثوب إن رآه أو لم يره سواء (7).
(و) ألحق به الشيخ (8) ومن تبعه (9) (الاستحاضة والنفاس) واحتمل

(1) مسائل علي بن جعفر: ص 173 ح 305.
(2) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 430.
(3) المعتبر: ج 1 ص 430.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 71 ذيل الحديث 165.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1027 ب 20 من أبواب النجاسات ح 5.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 475.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1028 ب 21 من أبواب النجاسات ح 1.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 266.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 33، والسرائر: ج 1 ص 176، والوسيلة: ص 77.
430

السيد في الإنتصار إلحاق النفاس (1)، وفي الغنية: الاجماع على إلحاقهما (2)، وهو
ظاهر الخلاف (3). وفي السرائر نفى الخلاف عنه (4). ونسبه المحقق إلى الشيخ
وقال: ولعله نظر إلى تغليظ نجاسته، لأنه يوجب الغسل، واختصاصه بهذه المزية
دليل على قوة نجاسته على باقي الدماء، فغلظ حكمه في الإزالة (5).
قلت: ويكفي في إلحاقهما عدم الاجماع على العفو عنهما، لاستلزامه عموم
أدلة وجوب الإزالة، ولذا قطع به المصنف هنا وفي غيره (6).
وزاد ابن حمزة (7) والقطب الراوندي دم الكلب والخنزير (8). واستحسنه
المصنف في التحرير (9).
(و) عمم هنا وفي التذكرة (10) والمنتهى (11) ونهاية الإحكام (12) دم (نجس
العين) فيشمل الكافر والميتة، واستدل بملاقاته البدن النجس الغير المعفو، وهو
مبني على تزايد نجاسة نجس العين، وقد يمنع. وأنكره ابن إدريس غاية الانكار
وقال: إنه مخالف للإجماع (13).
(وعفي أيضا) في الصلاة بلا خلاف (عن دم القروح اللازمة والجروح
الدامية وإن كثر) كما قال أحدهما عليهما السلام لمحمد بن مسلم في الصحيح: وإن كانت
الدماء تسيل (14).

(1) الإنتصار: ص 14.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 33.
(3) الخلاف: ج 1 ص 476 المسألة 220.
(4) السرائر: ج 1 ص 176.
(5) المعتبر: ج 1 ص 429.
(6) مختلف الشيعة: ج 1 ص 476، وتذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 17، منتهى المطلب: ج 1
ص 172 س 7.
(7) الوسيلة: كتاب الصلاة في أحكام النجاسات ص 77.
(8) لم نعثر عليه في فقه القرآن ونقله عنه في السرائر: ج 1 ص 177.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 29.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 19.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 173 س 33.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 285.
(13) السرائر: ج 1 ص 177.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1029 ب 22 من أبواب النجاسات ح 4.
431

(مع مشقة الإزالة) إذ لا حرج في الدين، ويريد الله اليسر لا العسر، ولا
يكلف نفسا إلا وسعها، والأخبار بخصوصها كثيرة. وإذا لم يشق الإزالة والتطهير
بأن لا يتضرر به ولا يكون الدم دائم السيلان بل يكون لخروجه فترات تسع كل
منها الصلاة، وجب اقتصارا في الترخص على موضع اليقين. وكذا إن أمكنت إزالة
ما زاد منه على القليل.
واستشكل في نهاية الإحكام (1) وإن أمكنت إزالة البعض، لكن يبقى بعد كثير
منه فهل يجب التجفيف؟ وجهان، احتمل في نهاية الإحكام (2).
وعند وجوب الإزالة كلا أو بعضا يجب شد الموضع - إن تيسر - عند الصلاة
تحفظا من الخروج، كما أشار إليه البزنطي في نوادره بقوله: إن صاحب القرحة
التي لا يستطيع صاحبها ربطها ولا حبس دمها يصلي ولا يغسل ثوبه في اليوم أكثر
من مرة (3).
وأطلق في الخلاف (4) والمبسوط (5) عدم وجوبه، وأن حمله على الاستحاضة
قياس. وفي الخلاف: الاجماع عليه، وزيادة أنه حرج منفي في الشرع (6)، فيمكن
تخصيص ما فيها بما يتضمن الحرج، والرخصة مقصورة على موضع الضرورة
اقتصارا على اليقين. فلو تعدى إلى موضع آخر وجب التطهير كما قربه في
المنتهى (7) ونهاية الإحكام (8).
وأما خبر عمار: سأل الصادق عليه السلام عن الدمل يكون بالرجل فينفجر وهو في
الصلاة، قال: يمسحه ويمسح يده بالحائط أو بالأرض ولا يقطع الصلاة (9). فمع
التسليم يحتمل انفجاره بالقيح والصديد دون الدم، ومسحه باليد إذا علم سيلانه إن

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 285.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 285.
(3) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 558.
(4) الخلاف: ج 1 ص 252 المسألة 225.
(5) المبسوط: ج 1 ص 35.
(6) الخلاف: ج 1 ص 252 المسألة 225.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 172 س 24.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 286.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1030 ب 22 من أبواب النجاسات ح 8.
432

لم يمسحه إلى أعضائه وثيابه، فإنما يمسحه إزالة له وتخفيفا للنجاسة عن نفسه.
والعفو يشمل البدن والثوب كما نطقت به الأخبار (1) والأصحاب. ولكن إن
أمكنت إزالة [الدم عند الصلاة عن] (2) البدن كلا أو بعضا ووجبت، وجب تطهير
الثوب أيضا [عما زاد على درهم] (3)، أو إبداله إن أمكن كما في المنتهى (4) ونهاية
الأحكام (5)، ولكن أطلق فيهما وجوب الابدال مع الامكان. وفي الثاني لو تمكن
من أبداله بما فيه أقل مما يزيد على الدرهم فاشكال، أقربه عدم الوجوب.
والوجوب عندي أظهر، واستشكل الابدال في التحرير (6) مطلقا.
(و) عفى أيضا، بالنصوص (7) والاجماع كما في الإنتصار (8) والخلاف (9)
والسرائر (10) وظاهر التذكرة (11) (عن النجاسة مطلقا فيما لا تتم الصلاة)
للرجل (فيه منفردا) لعدم ستره العورتين.
(كالتكة والجورب والخاتم والنعل وغيرها) كالسوار والقلنسوة
والدملج والسير. وزاد ابن إدريس السيف والسكين (12)، ولعله أراد ما يلبس منهما
من السير والنجاد لا نفسهما أو غلافهما. والصدوقان العمامة، ووجه بأنها على
تلك الهيئة لا يتم الصلاة فيها (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1028 ب 22 من أبواب النجاسات.
(2) في س (القطرة من).
(3) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 172 س 24.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 286.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 27.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1045 ب 31 من أبواب النجاسات.
(8) الإنتصار: ص 38.
(9) الخلاف: كتاب الصلاة ج 1 ص 479 المسألة 223.
(10) السرائر: ج 1 ص 184.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 96 س 36.
(12) السرائر: ج 1 ص 184.
(13) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 486، والهداية: ص 15.
433

وحملها الراوندي على عمامة صغيرة لا تستر العورتين كالعصابة (1).
(من الملابس خاصة) كما هو نص السرائر (2) وظاهر الأكثر، للأصل،
والاحتياط، واختصاص النصوص بها (3). وقد يظهر من الإنتصار (4) والمعتبر (5) العموم،
ومال إليه الشهيد في الذكرى (6) والدروس (7)، وعليه بعض المتأخرين، وليس بجيد.
[ولم يحق للمصلي بحمل النجاسة] (8)، ولا يختص العفو ببعضها دون بعض -
كما توهمه بعض العبارات - لعدم اتجاهه.
وإنما يعفى عنها فيها (إذا كانت في محالها) للأصل، والاحتياط،
والاقتصار في الرخصة على اليقين المتبادر إلى الفهم، من نحو قول الصادق عليه السلام
في مرسل إبراهيم بن أبي البلاد: لا بأس بالصلاة في الشئ الذي لا تجوز الصلاة
فيه وحده يصيبه القذر مثل القلنسوة والتكة والجورب (9). فلو كانت التكة في جيبه
أو على عاتقه لم يجز.
واحتمل العموم في نهاية الإحكام (10) لقوله عليه السلام في مرسل عبد الله بن سنان:
كل ما كان على الانسان أو معه مما لا تجوز الصلاة فيه وحده، فلا بأس أن يصلى
فيه وإن كان فيه قذر (11). وهو خيرة الدروس (12) والذكرى (13).

(1) لم نعثر عليه في فقه القرآن ونقله عنه في المعتبر ج 1 ص 435.
(2) السرائر: ج 1 ص 184.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1045 ب 31 من أبواب النجاسات.
(4) الإنتصار: مسائل الصلاة ص 38.
(5) المعتبر: ج 1 ص 434.
(6) ذكرى الشيعة: كتاب الصلاة ص 17 س 1.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 126 درس 20.
(8) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1046 ب 31 من أبواب النجاسات ح 4.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 283.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1046 ب 31 من أبواب النجاسات ح 5.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 126 درس 20.
(13) ذكرى الشيعة: ص 17 س 1.
434

(ولو زاد الدم عن سعة الدرهم مجتمعا وجبت إزالته) إجماعا كما
عرفت (والأقرب في) الدم (المتفرق الإزالة إن بلغه لو جمع) وفاقا
لسلار (1) وابني حمزة (2) والبراج (3) قصرا، للرخصة على اليقين، ولاطلاق قول
أبي جعفر عليه السلام في خبر إسماعيل الجعفي: في الدم يكون في الثوب إن كان أقل من
قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة، وإن كان أكثر من قدر الدرهم وكان رآه فلم يغسله
حتى صلى فليعد صلاته (4). ولمحمد بن مسلم: لا إعادة عليك ما لم يزد على مقدار
الدرهم (5).
وجعله الشيخ في المبسوط (6) وابن إدريس أحوط (7). وعند ابني سعيد (8)
والمصنف في التلخيص: لا يجب الإزالة وإن زاد على فرض الاجتماع أضعافا
للعفو عن كل، فالكل كذلك (9). وفيه منع العفو عن الكل أولى، فإنه إنما يعفى عنه
إذا لم يجامعه الباقي، ولو سلم فلا يلزم تساوي كل، والكل في الحكم. ولقول
الصادق عليه السلام في صحيح ابن أبي يعفور: ويغسله ولا يعيد صلاته، إلا أن يكون
مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة (10). وقولهما عليهما السلام في مرسل جميل:
لا بأس بأن يصلي الرجل في الثوب وفيه الدم متفرقا شبه النضح، وإن كان قد رآه
صاحبه قبل ذلك فلا بأس به ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم (11).
وإذا جعل مجتمعا فيهما حالا مقدرة، أي ما لم يكن بتقدير الاجتماع قدره

(1) المراسم: ص 55.
(2) الوسيلة: ص 77.
(3) المهذب: ج 1 ص 51.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1026 ب 20 من أبواب النجاسات ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1027 ب 20 من أبواب النجاسات قطعة من ح 6.
(6) المبسوط: ج 1 ص 36.
(7) السرائر: ج 1 ص 178.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 53، والجامع للشرائع: ص 23.
(9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 273.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1026 ب 20 من أبواب النجاسات ح 1.
(11) المصدر السابق: ح 4.
435

سقط الاستدلال (1) وإن سلم أنه خلاف الظاهر. وكذا إذا كان المعنى ما لم يجتمع
من الجميع قدر الدرهم، أي لم يكن الكل بقدره.
وفي النهاية: العفو ما لم يتفاحش (2) قال المحقق: ليس للتفاحش تقدير
شرعي، وقد اختلف قول الفقهاء فيه - يعني من العامة - فبعض قدره بالشبر وبعض
بما يفحش في القلب، وقدره أبو حنيفة بربع الثوب. والوجه المرجع فيه إلى العادة،
لأنها كان كالأمارة الدالة على المراد باللفظ (3) إذا لم يكن له مقدر شرعا ولا
وضعا (4). ولم أظفر بسند لاعتبار التفاحش، إلا ما أرسله بعض الإسماعيلية عن
الصادقين عليهما السلام أنهما رخصا في النضح اليسير منه ومن سائر النجاسات مثل دم
البراغيث وأشباهه، قال: قالا: فإذا تفاحش غسل (5). وهو مع الضعف مشتمل على
ما لا نقول به من سائر النجاسات.
ويمكن تنزيل عبارة النهاية على معنى آخر، فإنها كذا: وإن أصاب الثوب دم
وكان دم حيض - إلى قوله - وإن كان دم رعاف أو فصد أو غيرهما من الدماء وكان
دون مقدار الدرهم مجتمعا في مكان، فإنه لا يجب إزالته إلا أن يتفاحش ويكثر،
فإن بلغ مقدار الدرهم فصاعدا وجبت إزالته (6). فيحتمل انقطاع قوله: (إلا أن
يتفاحش) أي لكن إن تفاحش وجبت إزالته، وتفسير التفاحش بقوله: (فإن بلغ
مقدار الدرهم).
(ويغسل الثوب) وغيره (من النجاسات العينية) أي التي أعيانها
موجودة في المتنجس (حتى يزول العين) والأثر كما سيأتي.
وأراد بالعين هنا ما يعم الأثر، فإنه أجزاء صغار من العين تزول بالغسل لا
عرض كالرائحة واللون، يعني أن حد الطهارة هو زوال العين، كما سأل ابن المغيرة

(1) في ص: (الاستدلال فيها).
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 266.
(3) في س و م: (بالتلفظ).
(4) المعتبر: ج 1 ص 431.
(5) دعائم الاسلام: ج 1 ص 117.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 266.
436

في الحسن أبا الحسن عليه السلام للاستنجاء حد؟ قال: لا، حتى ينقي ما ثمة (1). ولا عبرة
بعدد إلا البول للنص، كما سيشير إليه للأصل، وبطلان القياس. أو (2) لا عبرة به في
البول أيضا كما قربه في المنتهى (3). أو المراد أنه لا بد من زوال العين، فإن ثبت
التعدد في البول، ففي غيره أولى كما في التحرير (4) والمنتهى (5)، وكلامه في نهاية
الأحكام ككلامه هنا (6).
واعلم أن في البول أخبارا كثيرة تنطق بوجوب غسل ما أصابه مرتين (7)،
وعليه الأكثر. وقرب العدم في المنتهى (8) للأصل. واحتمال (9) لفظ مرتين في الأكثر
أن يكون من لفظ الراوي - أي قال عليه السلام ذلك مرتين - واحتمال الاستحباب،
وليس بجيد.
أما غيره [أي غير البول] (10) فالمصنف في التحرير (11) والمنتهى على أن ما له
ثخن وقوام - كالمني - أولى بالتعدد من البول (12). وأيده بقول الصادق عليه السلام للحسين
ابن أبي العلاء في الصحيح: في البول يصيب الجسد صب عليه الماء مرتين، فإنما
هو ماء (13).
قلت: ويمكن حمل ما ليس له ثخن وقوام كالمياه النجسة على البول بهذا
الخبر، وبصحيح محمد بن مسلم: إنه ذكر المني وشدده وجعله أشد من البول (14).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1033 ب 25 من أبواب النجاسات ح 2.
(2) في ص: (و).
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 175 س 18.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 33.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 175 س 19.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 279.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1001 ب 1 من أبواب النجاسات.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 175 س 18.
(9) في ص: (واحتمل).
(10) ما بين المعقوفين زيادة من ص.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 33.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 175 س 19.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1001 ب 1 من أبواب النجاسات ح 4.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1022 ب 16 من أبواب النجاسات ح 2.
437

وفي المعتبر بعد التردد لشبهة: يكفي المرة بعد إزالة العين (1) لقوله صلى الله عليه وآله: (في
دم الحيض حتيه ثم اغسليه) والأمر المطلق يتناول المرة (2). ولعله لا خلاف
بينهما، فإنه إنما اكتفي بالمرة بعد إزالة العين، والباقي بعدها نجاسة حكمية. هذا في
غير الأواني، وسيأتي في بحثها كلامهما فيها.
وفي اللمعة (3) والألفية: الغسل من كل نجاسة مرتين (4). وفي الدروس: ويكفي
المرة بعد زوال (5) العين، وروي في البول مرتين، فيحمل غيره عليه (6). وهو
يحتمل التردد في وجوب مرتين في غير البول مطلقا، أي مع بقاء عينه وزوالها،
من ورودهما في البول مطلقا وغيره أولى، ومن منع الأولوية. ويحتمل التردد في
البول أيضا للنسبة إلى الرواية. ويحتمل العدم، بأن يريد أنه لا بد في النجاسة
العينية من مرتين: إحداهما لزوال العين، والأخرى بعدها، فقد روي في البول
مرتين (7).
وفي الذكرى: يكفي الغسل مرة في غير الإناء لقول النبي صلى الله عليه وآله: (في دم
الحيض حتيه ثم اغسليه) وكذا أوامر الغسل، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار. أما
البول فيجب تثنيته، لقول الصادق عليه السلام: في الثوب يصيب البول: اغسله مرتين،
الأولى للإزالة والثانية للانقاء. ولو قيل في الباقي كذلك كان أولى لمفهوم الموافقة،
فإن نجاسة غير البول أشد، وظاهر التعليل (8). يعني قوله: الأولى للإزالة والثانية
للانقاء. وفيه أنه ليس في شئ من كتب الأخبار والفروع إلا في المعتبر، وهو من
كلام صاحبه. ثم الأولوية لعلها يختص بالنجاسات الثخينة كما في التحرير

(1) في ص و م: (أشبهه) وفي س و ك: (أشبه).
(2) المعتبر: ج 1 ص 435.
(3) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 305.
(4) الألفية والنفلية: ص 49.
(5) في ص: (إزالة).
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 125 درس 19.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1001 ب 1 من أبواب النجاسات.
(8) ذكرى الشيعة: ص 15 س 3.
438

والمنتهى. ونفى في البيان التعدد (1) في غير إناء الولوغ (2)، كما نسب في الذكرى
إلى المبسوط (3).
(أما) النجاسة (الحكمية كالبول اليابس في الثوب) أو غيره، وفي
نهاية الإحكام: وكالخمر والماء النجس إذا لم يوجد له رائحة ولا أثر (4). والمراد
إذا يبسا (فيكفي غسله مرة) لأن المرتين إحداهما لإزالة العين والأخرى
لإزالة الأثر، والعين هنا زائلة، ولحصول الامتثال للأوامر المطلقة.
والأقوى وجوب العدد في البول، لاطلاق الأمر بغسل ما أصابه مرتين،
وضعف الدليلين في الغاية، والاحتياط والأصل. وكذا غيره إن حملناه عليه، وهو
خيرة التذكرة (5) ومحتمل نهاية الإحكام (6).
(ويجب العصر) في غسل الثوب من كل نجاسة عينية أو حكمية، لدخوله
في مفهومه. فإن انتفى فهو صب لا غسل كذا في المعتبر (7) والمنتهى (8). ويؤيده
ورود الأخبار في تطهير البدن بلفظ الصب، وفي تطهير الثوب بلفظ الغسل.
وفي خبر الحسين بن أبي العلاء سأل الصادق عليه السلام عن البول يصيب الجسد،
قال: صب عليه الماء مرتين فإنما هو ماء. وسأله عن الثوب يصيبه البول، قال:
اغسله مرتين (9). وعن الصبي يبول على الثوب، قال: يصب عليه الماء ثم
يعصره (10).
وحسن الحلبي سأله عليه السلام عن بول الصبي، قال: يصب عليه الماء، فإن كان قد

(1) في س: (التعدي).
(2) البيان: ص 40.
(3) ذكرى الشيعة: ص 15 س 5.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 277.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 9 س 10.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 278.
(7) المعتبر: ج 1 ص 435.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 175 س 29.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1001 ب 1 من أبواب النجاسات ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1002 ب 3 من أبواب النجاسات ح 1.
وسائل الشيعة: ج 2 ص 1003 ب 3 من أبواب النجاسات ح 2.
439

أكل فاغسله غسلا. وقوله عليه السلام في صحيح أبي الفضل: إذا أصاب ثوبه من الكلب
رطوبة فاغسله، وإن مسحه جافا فاصبب عليه الماء (1).
وفي الخلاف: إن حد الغسل صب الماء حتى ينزل (2)، ونحوه في نهاية
الأحكام (3). وفيه (4) وفي التذكرة: إن الغسالة نجسة فلا يطهر مع بقائها، فلا بد من
العصر (5).
وفي الذكرى (6) والبيان (7): إنه لاخراج أجزاء النجاسة. وفيهما وخصوصا
الأول: إن انفصال الماء قد يكفي في ذلك من غير افتقار إلى العصر (8). وعلى
دخوله في مفهومه لا بد في كل غسل من (9) عصر كما في السرائر (10) والمعتبر (11).
ونص في المدنيات على الاكتفاء بعصر واحد (12)، فيحتمل عصرا بعد الغسلتين
كما في الفقيه (13) والهداية (14) ويحتمل عصرا بينهما كما في اللمعة (15).
وفي التذكرة: ولو جف من غير عصر ففي الطهارة إشكال، ينشأ من زوال
الغسالة بالجفاف والعدم، لأنا نظن انفصال أجزاء النجاسة في صحبة الماء بالعصر
لا بالجفاف (16).
ثم إن كان مما لا يمكن عصره اكتفى بالدق والتقليب كما في المنتهى (17)
والتحرير (18) ونهاية الإحكام (19) للضرورة، وكونهما بمنزلة العصر في اخراج

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1015 ب 12 من أبواب النجاسات ح 1.
(2) الخلاف: ج 1 ص 484 المسألة 229.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 278.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 278.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 9 س 9.
(6) ذكرى الشيعة: ص 14 س 35.
(7) البيان: 41.
(8) ذكرى الشيعة: ص 14 س 35، البيان: ص 41.
(9) ليس في س و م.
(10) السرائر: ج 1 ص 187.
(11) المعتبر: ج 1 ص 435.
(12) لا يوجد لدينا.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 68 ذيل الحديث 156.
(14) الهداية: ص 14.
(15) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 305.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 9 س 15.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 176 س 3.
(18) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 34.
(19) نهاية الإحكام: ج 1 ص 278.
440

الغسالة وأجزاء النجاسة.
وفي قرب الإسناد (1) للحميري وكتاب المسائل لعلي بن جعفر: إنه سأل أخاه
عن الفراش يكون كثير الصوف فيصيبه البول كيف يغسل؟ قال: يغسل الظاهر ثم
يصب عليه الماء في المكان الذي أصابه البول حتى يخرج من جانب الفراش
الآخر (2).
وأما صحيح إبراهيم بن أبي محمود: سأل الرضا عليه السلام عن الطنفسة (3)
والفراش يصيبهما البول كيف يصنع بهما وهو ثخين كثير الحشو؟ قال: يغسل ما
ظهر منه في وجهه (4). فبمعنى أنه يغسل ما علم وصول البول إليه من وجهه، أو
مبني على عدم نفوذه.
وسأل إبراهيم بن عبد الحميد أبا الحسن عليه السلام عن الثوب يصيبه البول فينفذ
إلى الجانب الآخر، وعن الفرو وما فيه من الحشو، فقال: اغسل ما أصاب منه
ومس الجانب الآخر، فإن أحببت مس شئ منه فاغسله، وإلا فانضحه بالماء (5).
ومعنى قول السائل أنه (نفذ) متوجها إلى الجانب الآخر وإن لم يبلغه، ولعل معنى
قوله عليه السلام: (اغسل) ما علم إصابة البول له ونفوذه إليه، وأما الجانب الآخر فمسه
فإن وجدت عليه رطوبة البول فاغسله، أي اغسل الثوب بحيث ينفذ الماء من أحد
جانبيه إلى الآخر، وإن لم تجد عليه شيئا من رطوبة فانضحه بالماء.
وفي المنتهى (6) والتحرير (7) ونهاية الإحكام: إنه لا بد في البدن من الدلك (8)،
لقول الصادق عليه السلام لعمار في إناء يشرب فيه الخمر يغسله ثلاث مرات. سئل يجزئه

(1) قرب الإسناد: 118.
(2) مسائل علي بن جعفر: ص 192 ح 397.
(3) الطنفسة والطنفسة والطنفسة، وجمعها طنافس: البساط والحصير.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1004 ب 5 من أبواب النجاسات ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1004 ب 5 من أبواب النجاسات ح 2.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 175 س 29.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 34.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 278.
441

أن يصب فيه الماء؟ قال: لا يجزئه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلاث مرات (1).
فاقتصاره في الجواب أولا على الغسل، ثم لما سئل أيجزيه الصب؟ أجابه بايجاب
الدلك دليل على دخوله في مفهومه، ولما وجب دلك الإناء فالبدن مثله.
وفيه جواز اختصاصه بالخمر لشدة نفوذها، ولعل الدلك يدخل في مفهوم
الغسل منها لذلك، فلا يعم الحكم غيرها ثم الأخبار الواردة في تطهير البدن كلها
بلفظ الصب (2)، وهو يعضد الاكتفاء به. وهو الأقوى، وخيرة الذكرى (3) والمعتبر (4).
وقال الكليني، في البول: وروي أنه ماء ليس بوسخ فيحتاج أن يدلك (5).
نعم لا شبهة في وجوبه في نجاسة لا يعلم زوال عينها بدونه.
ونعم ما فعل في المنتهى، فقال بعد ذلك: إن الأقرب استحبابه مع تيقن زوال
النجاسة (6)، كما استحبه في التذكرة (7) والمدنيات (8) وأوجب (9) ابن حمزة في
نجاسة غير مرئية غير مس حيوان نجس (10).
ثم عصر الثوب لا بد منه في كل نجاسة (إلا في بول الرضيع (11) فإنه يكتفي
بصب الماء عليه) اتفاقا كما في ظاهر الخلاف (12)، ولحسن الحلبي: سأل
الصادق عليه السلام عن بول الصبي، قال: تصب عليه الماء، فإن كان قد أكل فاغسله
غسلا والغلام والجارية في ذلك شرع سواء (13).
وفي نوادر الراوندي عن أمير المؤمنين عليه السلام: بال الحسن والحسين عليهما السلام على

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1074 ب 51 من أبواب النجاسات ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1001 - 1002 ب 1 من أبواب النجاسات ح 3 و 4 و 7.
(3) ذكرى الشيعة: ص 15 س 19.
(4) المعتبر: ج 1 ص 435.
(5) الكافي: ج 3 ص 21 ذيل الحديث 7.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 176 س 2.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 9 س 42.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) في س و م: (وأوجبه) وفي ص: (ولوجوبه).
(10) الوسيلة: ص 78.
(11) في جميع النسخ: (الصبي).
(12) الخلاف: ج 1 ص 484 المسألة 229.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1003 ب 3 من أبواب النجاسات ح 2.
442

ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله قبل أن يطعما، فلم يغسل بولهما من ثوبه (1).
والمشهور اختصاص الصبي بذلك مع ظهور مساواة الصبية له من حسن
الحلبي، لاحتمال اختصاص ما فيه من التساوي بما بعد الأكل مع الأصل والاحتياط.
وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر السكوني: لبن الجارية وبولها يغسل منه
الثوب قبل أن تطعم، لأن لبنها يخرج من مثانة أمها، ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب
ولا من بوله قبل أن يطعم، لأن لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين (2).
ورواية أبي داود من العامة عنه عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: بول الغلام
ينضح وبول الجارية يغسل (3). وعن لبابة بنت الحارث قالت: كان الحسن بن
علي عليهما السلام في حجر رسول الله صلى الله عليه وآله فبال عليه، فقلت: أعطني أزارك لأغسله،
فقال: إنما يغسل من بول الأنثى (4).
وعبارة الصدوقين (5) كحسن الحلبي، فيحتمل الخلاف والوفاق. وفي
الذكرى: وفي بول الصبية قول بالمساواة، والعصر أولى (6).
وسأل الحسين بن أبي العلاء في الصحيح عن الصادق عليه السلام عن الصبي يبول
على الثوب، قال: يصب عليه ثم يعصره (7). ويحتمل الاستحباب وغير الرضيع.
وجعل في المنتهى (8) والمعتبر (9) إحدى الروايتين في بول الصبي،
والأخرى ما سبق.
وأما خبر عثمان بن عيسى، عن سماعة سأله عن بول الصبي يصيب الثوب،

(1) نوادر الراوندي: ص 39.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1003 ب 3 من أبواب النجاسات ح 4.
(3) سنن أبي داود: ج 1 ص 103 ح 377.
(4) سنن أبي داود: ج 1 ص 102 ح 375.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 68 ذيل الحديث 156، ونقله عن الصدوقين في مختلف
الشيعة: ج 1 ص 460.
(6) ذكرى الشيعة: ص 14 س 36.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1002 ب 3 من أبواب النجاسات ح 1.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 176 س 29.
(9) المعتبر: ج 1 ص 450.
443

فقال: اغسله (1). فيحتمل غير الرضيع وإرادة الصب، مع الضعف والاضمار.
والرضيع هو الذي لم يطعم كما نص عليه الأخبار (2)، والأكثر في الحولين أو
بعدهما كما نص عليه في نهاية الإحكام (3) والموجز الحاوي (4). والعبرة بأكله
الغذاء عن شهوته وإرادته كما في المعتبر (5) والمنتهى (6)، لا الدواء أو النادر (7)،
وإلا تعلق الغسل بأول الولادة لاستحباب تحنيكه بالتمر.
وفسره ابن إدريس بمن لم يبلغ سنتين (8). ويمكن أن يريد الرضيع الذي لم
يبلغهما إن لم يأب عنه كلامه في البئر، فلا مخالفة إلا في اعتباره الكون فيهما وهو
أحوط، وخيرة الشرح (9) والروض (10) والمسالك (11).
ثم الصب بمفهومه يشمل ما ينفصل معه الماء وغيره والمستوعب وغيره
فيشمل الرش، إلا أن السابق إلى الفهم المستوعب ثم الغسل أن تضمن العصر،
فمقابلته به في الأخبار (12) والفتاوى (13) يفيد عدم اعتباره (14)، ولما لم يكن دليل
على الانفصال لم يعتبر أيضا، وإن لم يتضمنه وكان حده الانفصال كما في
الخلاف (15) ونهاية الإحكام (16) كانت مقابلته به نصا في عدم وجوب الانفصال
كما في الخلاف (17).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1003 ب 3 من أبواب النجاسات ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1002 ب 3 من أبواب النجاسات.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 278.
(4) الموجز الحاوي (الرسائل العشر): ص 59.
(5) المعتبر: ج 1 ص 436.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 176 س 31.
(7) في ص: (لا لدواء أو النوادر).
(8) السرائر: ج 1 ص 187.
(9) جامع المقاصد: ج 1 ص 173.
(10) روض الجنان: ص 167 س 16.
(11) مسالك الأفهام: ج 1 ص 18 س 10.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1003 ب 3 من أبواب النجاسات ح 2 و 4.
(13) الخلاف: ج 1 ص 484 المسألة 229، والمعتبر: ج 1 ص 436.
(14) في س و م: (عموم).
(15) الخلاف: ج 1 ص 484 المسألة 229.
(16) نهاية الإحكام: ج 1 ص 278.
(17) الخلاف: ج 1 ص 484 المسألة 229.
444

وفي نهاية الإحكام مراتب إيراد الماء ثلاث: النضح المجرد، ومع الغلبة، ومع
الجريان (1).
وفي التذكرة بعد الحكم بالصب لبول الصبي: وقال الشافعي وأحمد: يكفي
الرش، وهو قول، لنا فيجب فيه التعميم، فلا يكفي إصابة الرش بعض مورد
النجاسة، وأكثر الشافعية على اعتبار الغلبة، ولم يكتفوا بالبل (2).
(ولو اشتبه موضع النجاسة) من الثوب أو البدن أو غيرهما (وجب
غسل جميع ما يحتمل ملاقاتها له) ليحصل يقين الطهارة كما حصل يقين
النجاسة، وللنصوص وهي كثيرة (3)، والاجماع كما في المعتبر (4) والمنتهى (5)
والتذكرة (6).
وقال ابن شبرمة: يتحرى (7)، وقال عطاء: ينضح الجميع (8).
(وكل نجاسة عينية) أي نجس بالذات فضلا عما بالعرض (لاقت محلا
طاهرا، فإن كانا يابسين لم يتغير المحل عن حكمه) للأصل والنصوص (9)
والاجماع (إلا الميت) من الناس أو غيرهم.
(فإنه ينجس الملاقي له مطلقا) لاطلاق نحو حسن الحلبي سأل
الصادق عليه السلام عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميت؟ فقال: يغسل ما أصاب
الثوب (10).
وخبر إبراهيم بن ميمون سأله عليه السلام عن رجل يقع ثوبه على جسد الميت؟ قال:

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 289.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 9 س 11.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1005 ب 7 من أبواب النجاسات.
(4) المعتبر: ج 1 ص 437.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 180 س 34.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 10 س 2.
(7) الشرح الكبير (المغني لابن قدامة): ج 1 ص 297.
(8) المصدر السابق.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1034 ب 26 من أبواب النجاسات.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1050 ب 34 من أبواب النجاسات ح 2.
445

إن كان غسل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه، وإن كان لم ويغسل فاغسل ما أصاب
ثوبك منه (1). ومرسل يونس عنه عليه السلام هل يحل أن يمس الثعلب أو الأرنب أو شيئا
من السباع حيا أو ميتا؟ قال: لا يضره، ولكن يغسل يده (2). وتوقيع صاحب
الزمان عليه السلام إلى محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري: في إمام مات فأخر وتقدم
بعض القوم فأتم الصلاة ليس على من مسه إلا غسل اليد (3).
ونسبه في التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5) إلى ظاهر الأصحاب، واحتمل في
النهاية (6) والمنتهى (7) حكمية النجاسة عند اليبس. فلو مس (8) رطبا قبل غسل يده
لم يحكم بنجاسته، واستظهره فيما يأتي في الكتاب.
والأقوى على ما في الذكرى من اشتراط التنجس بالرطوبة للأصل (9)،
وضعف دلالة الأخبار المذكورة، [بل صريح الأولين غسل ما أصاب الثوب من
رطوبات المس لا غسل الثوب] (10) وعموم قول الصادق عليه السلام في خبر ابن بكير:
كل يابس ذكي (11)، وخصوص صحيح علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن الرجل
يقع ثوبه على حمار ميت هل يصلح له الصلاة فيه قبل أن يغسله؟ قال: ليس عليه
غسله وليصل فيه، ولا بأس (12).
وأفتى بمضمونه في الفقيه (13) والمقنع (14)، وصحيحه سأله عليه السلام عن الرجل وقع

(1) المصدر السابق ح 1.
(2) المصدر السابق ح 3.
(3) الإحتجاج: ج 2 ص 482.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 59 س 30.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 173.
(6) المصدر السابق.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 127 السطر الأخير.
(8) في س و م: (فلو مس يده).
(9) ذكرى الشيعة: ص 16 س 6.
(10) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 248 ب 31 من أبواب أحكام الخلوة ح 5.
(12) مسائل علي بن جعفر: ص 116 ح 51.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 73 ذيل الحديث 167.
(14) المقنع: ص 6.
446

ثوبه على كلب ميت؟ قال: ينضحه بالماء ويصلي فيه، ولا بأس (1).
وعن ابن إدريس: إن الملاقي لميت الناس برطوبة إنما ينجس بنجاسة (2)
حكمية (3).
ورده الفاضلان (4). وكلامه يحتمل غير ذلك كما أوضحناه في المناهج (5).
(ويستحب رش الثوب الذي أصابه الكلب أو الخنزير أو الكافر
يابسين) كما في كتب المحقق (6)، وكذا المهذب، لكن لم ينص فيه على
الاستحباب، بل ظاهره الوجوب (7)، لقول الصادق عليه السلام في صحيح الفضل: إن
أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله، وإن مسه جافا فاصبب عليه الماء (8).
وفي مرسل حريز: إذا مس ثوبك كلب فإن كان يابسا فانضحه، وإن كان رطبا
فاغسله (9). وفي صحيح الحلبي: في ثوب المجوس يرش بالماء (10). وصحيح علي
ابن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن خنزير أصاب ثوبا وهو جاف هل يصلح الصلاة فيه
قبل أن يغسله؟ قال: نعم ينضحه بالماء ثم يصلي فيه (11).
وفي المراسم زيادة الفأرة والوزغة (12)، وكذا في المقنعة، لكن ليس فيها
الكافر (13).

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 75 ح 169.
(2) في س و ك و م: (نجاسة).
(3) السرائر: ج 1 ص 163.
(4) المعتبر: ج 1 ص 420، ومنتهى المطلب: ج 1 ص 127 س 36.
(5) لا يوجد لدينا.
(6) المعتبر: ج 1 ص 439، المختصر النافع: ص 19، شرائع الاسلام: ج 1 ص 54.
(7) المهذب: ج 1 ص 52.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1034 ب 26 من أبواب النجاسات ح 2.
(9) المصدر السابق ح 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1093 ب 73 من أبواب النجاسات ح 3.
(11) مسائل علي بن جعفر: ص 118 ح 61.
(12) المراسم: ص 56.
(13) المقنعة: ص 70.
447

وفي النهاية (1) والمبسوط (2) زيادتهما مع الثعلب والأرنب، وإسقاط الكافر
في النهاية لا المبسوط (3). وعبر في الجامع بكل حيوان نجس (4).
ونص (5) النهاية (6) وظاهر الباقي الوجوب، كما نص ابن حمزة على وجوبه
للسبعة (7)، وذلك لظاهر الأمر، إلا المبسوط، فنص فيه على استحباب نضح الثوب
لإصابة كل نجاسة مع اليبس (8).
وقصر الحكم في التذكرة (9) والمنتهى (10) والتحرير (11) ونهاية الإحكام (12) على
الكلب والخنزير لوضوح سندهما، بخلاف الباقي.
ولا فرق في المشهور بين كلب الصيد وغيره. وفرق الصدوق فقال: من
أصاب ثوبه كلب جاف ولم يكن كلب صيد فعليه أن يرشه بالماء، وإن كان رطبا
فعليه أن يغسله، وإن كان كلب صيد وكان جافا فليس عليه شئ، وإن كان رطبا
فعليه أن يرشه بالماء (13). وفي الجامع: وروي إن كان كلب صيد لم يرش هذا في
الثوب (14).
وإن كان الملاقي البدن ففي التذكرة (15) والتحرير (16) ونهاية الإحكام مسحه
بالتراب بمس الكلب أو الخنزير مع يبسهما خاصة (17). وفي الوسيلة: وجوب
مسحه للسبعة (18)، وكذا في النهاية، لكن لم يصرح فيها بالوجوب، واقتصر على

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 267.
(2) المبسوط: ج 1 ص 37.
(3) المبسوط: ج 1 ص 39.
(4) الجامع للشرائع: ص 23.
(5) في ص و م (ونص في).
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 267.
(7) الوسيلة: ص 77.
(8) المبسوط: ج 1 ص 38.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 10 س 1.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 177 س 2.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 25 س 2.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 280.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 73 ذيل الحديث 167.
(14) الجامع للشرائع: ص 23.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 10 س 1.
(16) تحرير الأحكام: ج 1 ص 25 س 4.
(17) نهاية الإحكام: ج 1 ص 280.
(18) الوسيلة: ص 77.
448

المس باليد (1). ونحوها المقنعة إلا أنه ليس فيها الثعلب والأرنب، وعمم في غير
الكافر الملاقاة لليد وغيرها من الجسد (2).
واستحب في المبسوط مسح البدن بالتراب إذا لاقى أي نجاسة بيبوسة (3).
وفرق القاضي بين ملاقاة الكلب أو الخنزير أو الكافر لليد أو لغيرها من الجسد،
فحكم على اليد بالمسح بالتراب، وعلى غيرها بالرش كالثوب (4). وأطلق سلا ر
الرش لكل ما لاقى أحد الخمسة (5)، وهي غير الثعلب والأرنب.
والذي ظفرت به خبر خالد القلانسي قال للصادق عليه السلام: ألقى الذمي
فيصافحني، قال: امسحها بالتراب أو (6) بالحائط، قال: فالناصب؟ قال: اغسلها (7).
وفي المعتبر: لا نعرف للمسح بالتراب وجوبا أو استحبابا وجها (8). وفي
المنتهى: وأما مسح الجسد فشي ذكره بعض الأصحاب ولم يثبت (9).
(ولو كان أحدهما رطبا نجس المحل) ووجب غسله لأحد ما مر
كسائر النجاسات.
(ولو صلى وعلى بدنه أو ثوبه نجاسة مغلظة، وهي التي لم يعف عنها
عالما أو ناسيا أعاد) الصلاة (مطلقا) في الوقت أو خارجه، أما مع العلم
فإجماعي، وأما عند النسيان فهو المشهور، ويعضده الأخبار (10). وفيه قول بالعدم
مطلقا، وآخر إذا خرج الوقت. وقد مر الكلام فيه.
(ولو جهل النجاسة أعاد في الوقت) وفاقا للشيخ (11) وابني زهرة (12)

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 267.
(2) المقنعة: ص 70 - 71.
(3) المبسوط: ج 1 ص 38.
(4) المهذب: ج 1 ص 52.
(5) المراسم: ص 56.
(6) في م و ط و ك (أو).
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1019 ب 14 من أبواب النجاسات ح 4.
(8) المعتبر: ج 1 ص 439.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 177 س 9.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1063 ب 42 من أبواب النجاسات.
(11) المبسوط: ج 1 ص 38.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 26.
449

والبراج (1)، وخلافا للأكثر وتقدم الكلام فيه.
(لا خارجه) بلا خلاف كما في السرائر (2)، وفي الغنية اتفاقا (3)، وفي
المنتهى عند الأكثر (4).
(ولو علم) بها (في الأثناء) ولم يكن سبق علمه بها أزالها أو (ألقى
الثوب واستتر بغيره) من باقي ما عليه من الثياب أو من خارج (وأتم) الصلاة
(ما لم يفتقر إلى فعل كثير أو استدبار).
وبالجملة ما ينافي الصلاة (فيستأنف) إن افتقر إليه، وكذا إن كانت في بدنه
أزالها إن لم يفتقر، وإلا استأنف، سواء ظهر سبقها على الصلاة أو لا، علم تأخرها
أولا. ويحتمل الاستئناف مطلقا وإذا ظهر السبق، وتقدم جميع ذلك.
(وتجتزئ المربية للصبي ذات الثوب الواحد أو المربي للصبي) ذو
الثوب الواحد (بغسله في اليوم) والليلة (مرة ثم يصلي باقيه) أي في باقي
اليوم العام لليل (فيه) و (إن نجس بالصبي) أي ببوله (لا بغيره).
أما حكم المربية فمشهور، وبه خبر أبي حفص، عن الصادق عليه السلام: إنه سأل
عن امرأة ليس لها إلا قميص واحد ولها مولود فيبول عليها كيف تصنع؟ قال: تغسل
القميص في اليوم مرة (5). ويعضده الحرج، والعمل به يقتضي ما في المهذب من
قصر الحكم على المربية (6)، وينجس ثوبها لا بدنها ببول المولود لا بغائطه،
وعمومه للصبي والصبية.
وخصه الشيخ بالصبي (7)، وتبعه الأكثر ومنهم المصنف، قال في النهاية:
اقتصارا في الرخصة على المنصوص، وللفرق، فإن بول الصبي كالماء، وبول

(1) المهذب: ج 1 ص 27.
(2) السرائر: ج 1 ص 183.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 27.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 183 س 27.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1004 ب 4 من أبواب النجاسات ح 1.
(6) المهذب: ج 1 ص 52.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 270.
450

الصبية أصفر ثخين وطبعها أحر، فبولها ألصق بالمحل (1).
وتردد في التذكرة من الاقتصار على المنصوص، ومن الاشتراك في
المشقة (2). ولم يخصوا (3) الحكم بالتنجس (4) ببوله، حتى قيل: إن البول في
الخبر يعم الغائط توسعا (5).
واستشكل في التذكرة (6) ونهاية الإحكام (7) من اختصاص النص بالبول
وغلظ الغائط، ومن الاشتراك في المشقة، ثم استقرب العموم. ومن المتأخرين من
حمل البدن على الثوب بادعاء الاشتراك في المشقة. وأما المربي فحمله المصنف
على المربية، للاشتراك في المشقة وانتفاء مدخل للأنوثة (8).
ولما لم يكن عليها إلا الغسل في اليوم مرة، لم يكن عليها الغسل ليلا، بلا
حاجة إلى تعميم اليوم لليل كما في المنتهى (9) والتذكرة (10) ونهاية الإحكام (11).
وأشار المحقق (12) إلى ما ذكرناه.
وهي بالخيار في الغسل أي وقت شأت من اليوم لا الليل، والأحوط أن لا
تغسله إلا عند فريضة (13) من الخمس، والأولى عند الظهر، وتأخيرها وتعجيل
المغرب والعشاء لرجاء إيقاع (14) الأربع مع الطهارة، ولا أقل من خفة النجاسة.
واحتمل الوجوب في التذكرة (15).

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 288.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 98 س 16.
(3) في م: (يخص).
(4) في س: (بالتنجيس).
(5) روض الجنان: ص 167 س 26.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الصلاة ج 1 ص 98 س 16.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 288.
(8) في س و ط (للأنوثية).
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 176 س 35.
(10) تذكرة الفقهاء: كتاب الصلاة ج 1 ص 98 س 18.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 288.
(12) المعتبر: ج 1 ص 444.
(13) في ص: (فريضته).
(14) في ك: (اتفاق).
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 98 س 16.
451

ولا فرق في المولود بين الأكل للطعام وغيره. وفي نهاية الإحكام: الأقرب
وجوب عين الغسل، فلا يكفي الصب مرة واحدة، وإن كفى في بوله قبل أن يطعم
الطعام عند كل نجاسة (1).
قلت: ويحتمل الاكتفاء، ولا فرق في المولود بين الواحد والمتعدد لعموم
الخبر (2)، وإن لم يعم المولود مع ازدياد (3) المشقة وإن زادت النجاسة.
وهل يجب عليها استعارة ثوب آخر، أو (4) استيجارها إن أمكنها؟ وجهان:
من أصل البراءة وصدق أنه ليس لها إلا قميص واحد، ومن الاحتياط وأصل عدم
العفو واحتمال كونها ممن لها أكثر من قميص.
(ولو) كان له ثوبان نجس أحدهما و (اشتبه الطاهر بالنجس، وفقد
غيرهما) وتعذر التطهير، ولم يتعد نجاستها إلى البدن عند اللبس (صلى في كل
واحد منهما الصلاة الواحدة) وفاقا للمشهور، لتوقف يقين البراءة عليه،
وحصول اليقين بذلك بصلاة جامعة لشرائطها، فلا يجوز العدول عنه.
ولأن صفوان بن يحيى كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الرجل معه ثوبان
فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو، وحضرت الصلاة وخاف فوتها، وليس
عنده ماء كيف يصنع؟ قال: يصلي فيهما جميعا (5). وخلافا لابني إدريس (6)
وسعيد (7) فأوجب الصلاة عاريا، وحكاه الشيخ في الخلاف عن بعض
الأصحاب (8)، وفي المبسوط رواية (9).
واحتج ابن إدريس بالاحتياط، واعترض بكون المشهور أحوط، وأجاب بوجهين:

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 288.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1004 ب 4 من أبواب النجاسات ح 1.
(3) في س و ص: (مع أن زيادة).
(4) في س و ص: (و).
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1082 ب 64 من أبواب النجاسات ح 1.
(6) السرائر: ج 1 ص 184.
(7) الجامع للشرائع: ص 24.
(8) الخلاف: ج 1 ص 481 المسألة 224.
(9) المبسوط: ج 1 ص 39.
452

أحدهما: أنه لا بد عند الشروع في الصلاة من العلم بطهارة الثوب، وهو هاهنا
مفقود، بل لا بد من الجزم في نية كل عبادة يفعلها، والصلاة مشروطة بطهارة
الثوب، والمصلي هنا لا يعلم في شئ من صلاته طهارة ثوبه، فلا يعلم أن ما
يفعل (1) صلاة.
وثانيهما: أن الواجب عليه إنما هي صلاة واحدة، ولا يعلم أيتهما هي
الواجبة، فلا يمكنه نية الوجوب في شئ منهما (2).
والجواب عنهما: أنه مأمور بفعلهما، فهما واجبتان عليه، وإنما يجب عليه
تحصيل يقين طهارة الثوب مع الامكان، وكل منهما صلاة شرعية له، فإن عليه فعل
الصلاة مع ثوبه المشتبه بالنجس لا الطاهر، إذ لا يقدر عليه.
وقد قيل: إن الجزم إنما يجب مع الامكان. ثم ما ذكر منقوض بمن اشتبه عليه
القبلة، فإنه يوافقنا على فعل أربع صلوات إلى أربع جهات. وأيضا فكما أن الصلاة
مشروطة بطهارة الثوب مشروطة بنفسه، وفقده أقوى من فقد وصفه، فكيف يمكنه
الصلاة عاريا ولا يمكنه مع اشتباه ثوبه بالنجس؟!
(و) على المختار (لو تعدد النجس زاد في الصلاة على عدده
بواحد) وتندفع المشقة المتوهمة بتأخير الصلاة. وللحنابلة قول بالفرق بين
الواحد والمتعدد، فأجاز (3) التحري في الأخير (4).
ولو اشتبه النجس واحدا أو متعددا بما لا يحصر من (5) الطاهرات احتمل العفو
للحرج، والعدم أوجه، للفرق بينه وبين المرأة المحرمة المشتبهة بالمحللات (6)
والحيوان الموطوء المشتبه بغيره بخفة المشقة هنا، وزوالها غالبا بالتطهير.
ولو لم يعلم عدد النجس صلى فيما يعلم صلاته في طاهر، فإن كثر وشق ففي

(1) في س و ص: (ما فعله) و ك: (يفعله).
(2) السرائر: ج 1 ص 185.
(3) في ك و س و م (فأجيز).
(4) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 53.
(5) ليس في س و م.
(6) في س و ص: (بالمحلات).
453

التذكرة الوجه التحري دفعا للمشقة (1). وفي الذكرى: إن التحري وجه (2). ولو وجد
طاهرا بيقين تعينت صلاته فيه.
(ومع الضيق) عن تكرير الصلاة الواجب (يصلي عاريا) كما في
الجواهر (3) والشرائع (4)، كما لو لم يجد إلا النجس يقينا.
والأقوى ما في التذكرة (5) ونهاية الإحكام (6) من الصلاة فيما يحتمله الوقت،
لأن فقد الشرط يقينا أسوأ من احتماله، مع أن انتفاء أصل الساتر أسوأ من انتفاء صفته.
(ولو لم يجد إلا النجس بيقين نزعه وصلى عاريا) كما في النهاية (7)
والمبسوط (8) والخلاف (9) والسرائر (10) والكامل (11) والشرائع (12)، لخبر الحلبي عن
الصادق عليه السلام في رجل أصابته جنابة وهو بالفلاة وليس عليه إلا ثوب واحد
وأصاب ثوبه مني، قال: يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا فيومئ إيماء (13).
وخبر زرعة، عن سماعة: سأله عن رجل يكون في فلاة من الأرض وليس
عليه إلا ثوب واحد، وأجنب فيه، وليس عنده ماء كيف يصنع؟ قال: يتيمم ويصلي
عريانا قاعدا يومئ إيماء (14). ونحوه مضمر آخر لزرعة عن سماعة، إلا أن فيه:
يتيمم ويصلي عريان قائما يومئ إيماء (15) وللإجماع كما ادعى في الخلاف (16).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 97 س 11.
(2) ذكرى الشيعة: كتاب الصلاة، ص 17 س 11.
(3) جواهر الفقه: ص 21 مسألة 61.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 54.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 97 س 11.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 282.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 270.
(8) المبسوط: ج 1 ص 91.
(9) الخلاف: ج 1 ص 474 المسألة 218.
(10) السرائر: ج 1 ص 186.
(11) نقله عنه في منتهى المطلب: ج 1 ص 182 س 16.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 54.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1068 ب 46 من أبواب النجاسات ح 4.
(14) المصدر السابق ح 1.
(15) المصدر السابق ح 3.
(16) الخلاف: ج 1 ص 475 المسألة 218.
454

وخير (1) في المنتهى (2) والمعتبر بينه وبين الصلاة في الثوب (3)، وهو المحكي عن
أبي علي (4).
واحتمل في التهذيب (5) جمعا بين ما مر وصحيح علي بن جعفر: سأل
أخاه عليه السلام عن رجل عريان وحضرت الصلاة، فأصاب ثوبا نصفه دم أو كله دم،
يصلي فيه أو يصلي عريانا؟ قال: إن وجد ماء غسله، وإن لم يجد ماء صلى فيه
ولم يصل عريانا (6).
وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله: سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يجنب
في ثوب وليس معه غيره ولا يقدر على غسله، قال: يصلي فيه (7). وإن أمكن عدم
تنجس الثوب.
وخبر محمد الحلبي: سأله عليه السلام عن الرجل يجنب في الثوب أو يصيبه بول،
وليس معه ثوب غيره، ولا يقدر على غسله؟ قال: يصلي فيه إذا اضطر إليه (8)
وخبره سأله عليه السلام عن الرجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله؟
قال: يصلي فيه (9). وهو أقوى، بل الأحوط والأقوى الصلاة في الثوب لما عرفت
من أن فقد الساتر أسوأ من فقد صفته، وللزوم إيماء العاري للركوع والسجود،
وجلوسه إن لم يأمن المطلع، ولضعف الأخبار الأولة عن معارضة الأخيرة.
(و) على كل (لا إعادة عليه) في الوقت أو خارجه.
(و) كذا (لو لم يتمكن من نزعه لبرد أو غيره صلى فيه) قطعا (ولا

(1) في ص: (وخيره).
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 182 س 27.
(3) المعتبر: ج 1 ص 445.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 490.
(5) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 224 ذيل الحديث 885.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1068 ب 45 من أبواب النجاسات ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1067 ب 45 من أبواب النجاسات ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1067 ب 45 من أبواب النجاسات ح 7.
(9) المصدر السابق ح 3.
455

إعادة) عليه. أما إذا صلى عاريا فقولا واحدا كما في المنتهى (1).
وأما إذا صلى في الثوب فأوجب الشيخ (2) عليه الإعادة إذا تمكن من الصلاة
في الطاهر، مع أنه لا يجوز الصلاة فيه إلا مع الضرورة، ولخبر عمار، عن
الصادق عليه السلام إنه سأل عن رجل ليس عليه إلا ثوب ولا تحل الصلاة فيه وليس يجد
ماء يغسله كيف يصنع؟ قال: يتيمم ويصلي، فإذا أصاب ماء غسله وأعاد
الصلاة (3). ورواه الصدوق (4) أيضا مرسلا مقطوعا. والأقوى العدم كما في
السرائر (5) والشرائع (6) والمعتبر (7) والمنتهى (8) للأصل، وضعف الخبرين، واحتمال
الاستحباب [وأن يراد بإعادة الصلاة فعل غيرها صلاة في الصلوات الآتية في
ثوبه ذلك] (9).
(وتطهر الحصر والبواري) كما في المهذب مع التنصيص على أن غيرهما
لا يطهر (10).
(و) المشهور أن (الأرض) مثلهما، وزيد في المبسوط (11) والجامع: كل
ما عمل من نبات الأرض غير القطن والكتان (12).
(و) في الكتاب والارشاد (13) والتذكرة (14) (النبات والأبنية) وفي نهاية
الأحكام (15) والتلخيص (16) والمختلف: الأبنية والأشجار (17)، وفي التبصرة: الأبنية

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 182 س 31.
(2) الخلاف: ج 1 ص 476 المسألة 218.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1067 ب 45 من أبواب النجاسات ح 8.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 248 ح 754.
(5) السرائر: ج 1 ص 186.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 54 - 55.
(7) المعتبر: ج 1 ص 445.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 182 س 32.
(9) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(10) المهذب: ج 1 ص 52.
(11) المبسوط: ج 1 ص 90.
(12) الجامع للشرائع: ص 24.
(13) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 240.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 32.
(15) نهاية الإحكام: ج 1 ص 290.
(16) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 274.
(17) مختلف الشيعة: ج 1 ص 484.
456

وحدها (1)، وفي التحرير: النباتات (2) وشبهها (3)، وفي كتب الشهيد: ما لا ينقل (4)،
وكذا في الشرائع: ما لا يمكن نقله كالنباتات والأبنية (5)، وما لا ينقل يشمل
الأواني المثبتة والعظيمة.
وفي المنتهى: ما لا ينقل مما ليس بأرض كالنباتات وغيرها، وما أشبه
الحصير مما يعمل من نبات الأرض غير القطن والكتان (6). وعن فخر الاسلام:
عموم الحكم للنباتات وإن انفصلت كالخشب والآلات المتخذة من النباتات (7).
وفي المعتبر: فيما عدا الأرض مما لا ينقل تردد (8).
والنبات يشمل الثمار ما دامت على أشجارها كما نص عليه ابن فهد (9)، وإن
حان قطافها كما في الروضة البهية (10)، واستثناؤها في نهاية الإحكام (11).
وفي الموجز الحاوي: الأرض وما اتصل بها ولو ثمرة، والأبنية ومشابهها ولو
حصا (12) ووتدا، وكذا السفينة والدولاب وسهم الدالية والدياسة (13)، وفي المهذب
البارع: يلحق بالأرض مجاورها إذا اتصل بها كالطين الموضوع عليها تطيينا أو
على السطح، وكذا الجص المثبت بإزاء الحائط حكمه حكم البناء، وكذا المطين
به، وكذا القير على الحوض والحائط، ويلحق بالأبنية مشابهها وما اتصل بها مما
لا ينقل عادة كالأخصاص، والأخشاب المستدخلة في البناء، والأجنحة

(1) تبصرة المتعلمين: ص 17.
(2) في س و ك: (النبات).
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 25 س 7.
(4) ذكرى الشيعة: ص 15 س 22، اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 314، البيان: ص 39، الدروس
الشرعية: ج 1 ص 125 درس 20.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 55.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 178 س 11.
(7) لم نجده في كتبه، ونقله عنه في المهذب البارع: ج 1 ص 256.
(8) المعتبر: ج 1 ص 447.
(9) المهذب البارع: ج 1 ص 256.
(10) الروضة البهية: ج 1 ص 314.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 240.
(12) في جميع النسخ المعتمدة (خصا) وفي س (جصا).
(13) الموجز الحاوي (الرسائل العشر): ص 60.
457

والرواشن (1) والأبواب المغلقة وأغلاقها، والرفوف المسمرة، والأوتاد المستدخلة
في البناء (2) إنتهى.
وعلى الجملة فهذه الأشياء كلها أو بعضها تطهر (بتجفيف) عين
(الشمس) لها بالاشراق عليها (خاصة) لا بتجفيف حرارتها، ولا بتجفيف
الهواء وحده كما توهمه عبارة الخلاف في موضع (3)، ولا يضر انضمامه إلى إشراق
الشمس لعدم الخلو عنه غالبا.
(من نجاسة) لا يبقى عينها إذا جف المحل مثل (البول وشبهه كالماء
النجس لا ما يبقى عين النجاسة فيه) بعد الجفاف، لصحيح زرارة سأل أبا
جعفر عليه السلام عن البول يكون على السطح أو في المكان الذي يصلى فيه، فقال: إذا
جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر (4). وقوله عليه السلام لأبي بكر الحضرمي: ما
أشرقت عليه الشمس فقد طهر (5). وبه استدل على عموم الحكم لكل ما لا ينقل.
وخبر عمار، عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن الشمس هل تطهر الأرض، فقال:
إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فأصابته الشمس ثم يبس الموضع
فالصلاة على الموضع جائزة، فإن أصابته الشمس ولم ييبس الموضع القذر وكان
رطبا فلا يجوز الصلاة عليه حتى ييبس، وإن كانت رجلك رطبة أو جبهتك رطبة
أو غير ذلك منك ما يصيب ذلك الموضع القذر فلا تصل على ذلك الموضع القذر
وإن كان غير الشمس أصابه حتى ييبس فإنه لا يجوز ذلك (6). كذا في

(1) الرواشن جمع روشن، وهي: أن تخرج أخشابا إلى الدرب وتبني عليها وتجعل لها قوائم
من أسفل. مجمع البحرين ج 6 ص 255.
(2) المهذب البارع: ج 1 ص 256.
(3) الخلاف: ج 1 ص 218 المسألة 186.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1042 ب 29 من أبواب النجاسات ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1043 ب 29 من أبواب النجاسات ح 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1042 ب 29 من أبواب النجاسات ح 4.
458

الاستبصار (1) وبعض نسخ التهذيب (2)، وفي أكثرها: (وإن كان عين الشمس
أصابه) وحينئذ يكون ظاهرا في عدم الطهارة، والأول أوضح، ويؤيده تذكير
(أصابه) فالأظهر أن الثاني من سهو النساخ.
وأما نحو صحيح زرارة وحديد بن حكيم سألاه عليه السلام عن السطح يصيبه البول
ويبال عليه أيصلى في ذلك الموضع؟ فقال: إن كان تصيبه الشمس والريح وكان
جافا فلا بأس به، إلا أن يكون يتخذ مبالا (3). وصحيح علي بن جعفر سأل
أخاه عليه السلام عن البواري قصبها يبل بماء قذر أيصلى عليه؟ قال: إذا يبست لا
بأس (4). فلا يدل على الطهارة ولا على العفو، إلا إذا ظهر إرادة السجود على
نفسها بلا حائل ولا دليل عليها.
وفي الخلاف: الاجماع على طهارة الأرض والحصر والبواري من البول (5)،
وفي السرائر الاجماع على تطهير الشمس في الجملة (6)، واقتصر في المقنعة (7)
والخلاف (8) والنهاية (9) والمراسم (10) والإصباح (11) على البول.
ونص في المنتهى على الاختصاص به. لكونه المنصوص، قال: ورواية عمار
وإن دلت على التعميم إلا أنها لضعف سندها لم يعول عليها (12).
وفي المبسوط: مع التعميم لكل نجاسة مائعة من البول وشبهه نص على أن
الشمس لا تطهر من الخمر، وأن حملها على البول قياس (13).
قال المحقق: وفيه إشكال، لأن معوله على رواية عمار، وهي تتضمن البول

(1) الإستبصار: ج 1 ص 193 ح 675.
(2) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 273 ح 802.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1042 ب 29 من أبواب النجاسات ح 2.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) الخلاف: ج 1 ص 495 المسألة 236.
(6) السرائر: ج 1 ص 182.
(7) المقنعة: ص 71.
(8) الخلاف: ج 1 ص 495 المسألة 236.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 268.
(10) المراسم: ص 56.
(11) إصباح الشيعة (الينابيع الفقهية): ج 2 ص 24.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 178 س 9.
(13) المبسوط: ج 1 ص 93.
459

وغيره (1). وفي المختلف (2) والتذكرة (3) ونهاية الإحكام: إن الخمر كالبول (4)،
واستدل له في المختلف بخبر عمار (5).
قلت: ولعل الشيخ لا يرى الخمر مما يزول عينه بالجفاف، ولعلها كذلك. وفي
النزهة: قصر التطهير على الأرض والبواري، قال: فأما الحصر فلم أقف على خبر
بهذا الحكم فيها إلا من طريق العموم، وهو ما رواه أبو بكر الحضرمي وذكر
الخبر (6).
قلت: لم أعرف في اللغة فرقا بين الحصير والبارية، وفي الصحاح (7)
والديوان (8) والمغرب: إن الحصير هو البارية (9).
وفي المبسوط (10) والمنتهى: إن حجر الاستنجاء إن جف بالشمس وكانت
النجاسة (11) مائعة كالبول طهر (12).
ويعضده عموم خبري عمار (13) والحضرمي (14). وقيل بالعدم، لانقلابه منقولا،
ولو تم لم يطهر الرمل والأرض ذات الحصى (15). ولم ينص في النهاية على طهارة
شئ من هذه الأشياء بالشمس، وإنما فيها أنها إذا جفت بالشمس جاز السجود
عليها، ولا يجوز إذا جفت بغيرها (16).
وفي الوسيلة: النص على أنه إنما يجوز السجود عليها إذا كانت الجبهة

(1) المعتبر: ج 1 ص 447.
(2) مختلف الشيعة: ج 1 ص 484.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 32.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 290.
(5) مختلف الشيعة: ج 1 ص 484.
(6) نزهة الناظر: ص 21.
(7) الصحاح: ج 2 ص 631 مادة (حصر).
(8) ديوان الأدب: ج 1 ص 405، باب (فعيل).
(9) لا يوجد كتابه لدينا.
(10) المبسوط: ج 1 ص 16.
(11) في س و ك و م: (نجاسته).
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 46 س 17.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1042 ب 29 من أبواب النجاسات ح 4.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1043 ب 29 من أبواب النجاسات ح 5.
(15) القائل صاحب الموجز الحاوي (الرسائل العشر): ص 60 مع اختلاف.
(16) النهاية ونكتها: ج 1 ص 268.
460

يابسة، وأنه لا يجوز السجود عليها إذا جفت بغير الشمس وإن كانت الجبهة
يابسة (1). وظاهره أنه لا يرى طهارتها بل العفو. ويحتمله كلام النهاية (2) وحكي
عن الراوندي (3).
واستجاده المحقق في المعتبر، ثم حكى استدلال الشيخ على الطهارة
بالاجماع، وخبر عمار، وخبر علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن البواري يصيبها
البول هل يصلح الصلاة عليها إذا حفت من غير أن تغسل؟ قال: نعم، وقوله صلى الله عليه وآله:
جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، أينما أدركتني الصلاة صليت.
ثم اعترض بأن غاية الأخبار جواز الصلاة عليها، ونحن لا نشترط طهارة
موضع المصلي، بل نكتفي بطهارة موضع الجبهة. ثم قال: ويمكن أن يقال: الإذن
في الصلاة عليها مطلقا دليل جواز السجود عليها، والسجود يشترط طهارة محله.
قال: ويمكن أن يستدل بما رواه أبو بكر الحضرمي وذكر الخبر.
قال: ولأن الشمس من شأنها الاسخان والسخونة تلطف الأجزاء الرطبة
وتصعدها، فإذا ذهب أثر النجاسة دل على مفارقتها المحل، والباقي يسير تحيله
الأرض إلى الأرضية فيطهر، لقول أبي عبد الله عليه السلام: التراب طهور. قال: وقال في
المبسوط: ويتيمم منها، وفي قوله عندي تردد (4). وهذا اضطراب منه،.
واحتاط أبو علي بالاجتناب، إلا أن يكون الملاقي من الأعضاء يابسا (5).
وقد يستدل على عدم الطهارة مع الأصل بخبر أحمد بن محمد، عن محمد بن
إسماعيل بن بزيع سأله عن الأرض والسطح يصيبه البول أو ما أشبهه هل يطهره
الشمس من غير ماء؟ قال: كيف تطهر من غير ماء؟! (6) ويجاب باحتمال أن يراد
أنه إذا جف بغير الشمس فلا يطهر بها إلا بالماء، ليجف بالشمس ثانيا.

(1) الوسيلة: ص 79.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 268 - 269.
(3) حكاه عنه في المعتبر: ج 1 ص 446.
(4) المعتبر: ج 1 ص 446.
(5) حكاه في المصدر السابق.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1043 ب 29 من أبواب النجاسات ح 7.
461

(وتطهر النار ما أحالته) رمادا أو دخانا كما في الخلاف (1) والمبسوط (2)
والسرائر (3) والتحرير (4) والارشاد (5) ونهاية الإحكام (6) والمنتهى (7) وسيأتي.
وظاهر المنتهى (8) والتذكرة (9) الاجماع على طهارة [دخان الأعيان
النجسة، وفي الخلاف: الاجماع على طهارة] (10) رمادها (11)، وهو ظاهر
المبسوط (12).
وفي السرائر: الاجماع عليها (13)، ويدل على طهارتهما من النجاسات
والمتنجسات جميعا مغايرتهما لما انقلب إليهما حقيقة واسما، فلا يعمهما الحكم
بالنجاسة، ولا يجزي فيهما الاستصحاب، وبه يعلم طهارة البخار أيضا، وأيضا
فالناس مجمعون على عدم التوقي من رماد النجاسات وأدخنتها وأبخرتها.
وحكم في المنتهى بنجاسة ما يتقاطر من بخار النجس، إلا أن يعلم تكونه من
الهواء (14). وكذا في المدنيات (15): إن غلب على الظن تصاعد الأجزاء المائية معه
بالحرارة، ويدفعه عدم خلو البخار من ذلك عادة مع اتفاق الناس على عدم
التوقي، ولا يفترق الحال بين نفسه وما يتقاطر منه، وهو واضح، ويأتي حكم
الخزف والأجر، وتقدم خبر العجين بالنجس.
وأما الاستحالة نورة أو جصا فكأنها كالاستحالة رمادا أو ترابا أو خزفا،
والأولان أظهر في الأول كالأخير في الأخير، وسيأتي تتمة الكلام في الرماد
والدخان، وفي الفحم وجهان.

(1) الخلاف: ج 1 ص 499 المسألة 239.
(2) المبسوط: كتاب الأطعمة ج 6 ص 283.
(3) السرائر: ج 3 ص 121.
(4) تحرير الأحكام: ج 2 ص 161 س 33.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 230.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 291.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 179 س 27.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 180 س 20.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 28.
(10) ما بين المعقوفين ساقط من ط.
(11) الخلاف: ج 1 ص 500 المسألة 239.
(12) المبسوط: ج 6 ص 283.
(13) السرائر: ج 3 ص 121.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 180 س 21.
(15) لا يوجد لدينا.
462

(و) تطهر (الأرض باطن النعل) أي أسفله (وأسفل القدم) كما في
المختصر الأحمدي مع التعميم لكل ما يجعل وقاء للرجل (1). والمعتبر (2)
والشرائع (3) مع زيادة الخف، واقتصر في النافع على الخف والقدم (4).
وفي المقنعة (5) والمراسم (6) والجامع (7) والنزهة على النعل والخف (8)، وكذا في
المنتهى مع التوقف في القدم (9)، وكذا التحرير، ولكن زاد فيه: أن الصحيح
طهارتها (10)، وفي الوسيلة (11) والتبصرة: على الخف (12)، وفي الإشارة (13)
والتلخيص على النعل (14).
وطهارة الكل قوية، للحرج وإطباق الناس قديما وجديدا على صلاة الحفاة
والمتنعلين (15) ودخولهم المساجد من غير إلزام غسل الأقدام أو النعال مع غلبة
الوطء على النجاسات، ونحو قوله صلى الله عليه وآله: إذا وطأ أحدكم الأذى بخفيه فطهورهما
التراب (16). وفي خبر آخر: إذا وطأ أحدكم بنعليه الأذى فإن التراب له طهور (17).
وقول الصادق عليه السلام في صحيح الأحول: في الرجل يطأ على الموضع الذي
ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا: لا بأس إذا كان خمسة عشر ذراعا أو نحو
ذلك (18). وحسن المعلى سأله عليه السلام عن الخنزير يخرج من الماء فيمر على الطريق

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 447.
(2) المعتبر: ج 1 ص 447.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 55.
(4) المختصر النافع: ص 20.
(5) المقنعة: ص 72.
(6) المراسم: ص 56.
(7) الجامع للشرائع: ص 24.
(8) نزهة الناظر: ص 21.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 179 س 14.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 25 س 14.
(11) الوسيلة: ص 79.
(12) تبصرة المتعلمين: ص 18.
(13) إشارة السبق: ص 80.
(14) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ص 274.
(15) في ك و م (المنتعلين).
(16) سنن أبي داود: ج 1 ص 105 ح 386، وليس فيه: (أحدكم).
(17) سنن أبي داود: ج 1 ص 105 ح 385.
(18) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1046 ب 32 من أبواب النجاسات ح 1.
463

فيسيل منه الماء وأمر عليه حافيا، فقال: أليس ورأه شئ جاف؟ قال، قلت: بلى،
قال: فلا بأس، إن الأرض يطهر بعضها بعضا (1).
وخبر البزنطي في نوادره عن المفضل بن عمر، عن محمد الحلبي قال: قلت
له: إن طريقي إلى المسجد في زقاق يبال فيه، فربما مررت فيه وليس علي حذاء
فيلصق برجلي من نداوته، فقال عليه السلام: أليس تمشي بعد ذلك في أرض يابسة،
قلت: بلى، قال: فلا بأس، إن الأرض تطهر بعضه بعضا (2).
وصحيح زرارة: سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل وطأ على عذرة، فساخت
رجله فيها، أينقض ذلك وضوئه، وهل يجب عليه غسلها؟ فقال: لا يغسلها إلا أن
تقذرها، ولكنه يمسحها حتى يذهب أثرها ويصلي (3). وظهر من ذلك أن طهارة
القدم أظهر.
والظاهر أن الصنادل من النعال كما في الذكرى (4)، وألحق بها بعضهم خشبة
الزمن والأقطع.
ولا يشترط المشي للأصل، بل يكفي المسح، كما نص عليه خبر زرارة (5).
ولا بد من زوال العين والأثر، كما نص عليه هو وأبو علي (6)، ثم أكثر النصوص
تشمل الأرض الطاهرة والنجسة - اشترط الطهارة أبو علي وجماعة - واليابسة
والرطبة.
وفي نهاية الإحكام: أما لو وطأ وحلا فالأقرب عدم الطهارة (7). وظاهر أبي
علي الطهارة بالمسح بكل جسم طاهر إذا زال العين والأثر (8). واحتمله المصنف
في النهاية (9)، ويعمه خبر زرارة. وظاهر الخلاف عدم طهارة الخف بالدلك

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1047 ب 32 من أبواب النجاسات ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1048 ب 32 من أبواب النجاسات ح 9.
(3) المصدر السابق ح 7.
(4) ذكرى الشيعة: ص 15 س 27.
(5) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 447.
(6) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 447.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 291.
(8) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 447.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 291.
464

بالأرض (1).
(وتطهر الأرض بإجراء الماء الجاري) ومنه المطر حال نزوله (أو
الزائد على الكر) من الراكد، بل الكر كما في سائر كتبه (2) (عليها). ويكفي في
الاجراء فتح الطريق إليها بحيث يصل إليها جز من الماء الكثير أو الجاري متصلا
به، مستوعبا لها، كل ذلك مع زوال عين النجاسة وأثرها معه أو قبله.
واعتبار الزيادة على الكر هنا يشعر بأنه لو أجرى إليها من الكر لم تطهر، فإنه
يشترط بقاء الكر بعد جريان جز مطهر منه إليها كما أشعر كلامه - فيما تقدم - على
اشتراط كرية مادة ماء الحمام زيادة على ما يجري منها، ولا جهة لشئ من ذلك
عندي.
وأما اشتراط الزيادة إذا ألقى الماء عليها دفعة فكأنه مقطوع بفساده. ويمكن
ابتناء اشتراط الزيادة على بقاء النجاسة أو أثرها في الأرض، بحيث يغير شيئا من
الماء، أو بشرب أول جز من الأرض النجسة أول جز مما أجري من الكثير بفتح
الطريق منه، أو الالقاء عليه.
و (لا) يطهر (بالذنوب) من الماء (وشبهه) من المياه القليلة الراكدة كما
في الخلاف (3) والمبسوط (4) والسرائر (5) وإن قهر النجاسة وأزال أثرها ولم يكن لها
عين ولا أثر وفاقا للمحقق (6)، إلا أن يكون حجرا أو شبهه، بحيث ينفصل عنها
الماء انفصاله عن البدن والأواني فيطهر، وينجس المنفصل من الماء وما يلاقيه
كسائر الغسالات، وذلك لانفعال القليل بالنجاسة، فكيف يطهر ما لا ينفصل عنه؟!
وكيف يبقى على الطهارة كما في الخلاف؟! وكيف يبقى المنفصل منه وما يلاقيه

(1) الخلاف: ج 1 ص 217 المسألة 185.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 25 س 10، ونهاية الإحكام: ج 1 ص 290، ومنتهى المطلب:
ج 1 ص 178 س 22، وتذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 37.
(3) الخلاف: ج 1 ص 494 المسألة 235.
(4) المبسوط: ج 1 ص 92.
(5) السرائر: ج 1 ص 188.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 55.
465

على الطهارة كما في المبسوط والسرائر؟! وأما طهارة الباقي في الثوب والآنية
بعد انفصال ما ينفصل بالعصر أو الافراغ فبالاجماع.
واستدل الشيخ بنفي الحرج، وما روي أن أعرابيا بال في المسجد، فأمر
رسول الله صلى الله عليه وآله بإهراق ذنوب من ماء (1). وهو مع التسليم يحتمل اشتمال الذنوب
على الكثير وحجرية المكان، بحيث ينفصل الماء عنه إلى خارج المسجد، والصب
بعد جفاف البول، لترطيب الأرض حتى يجف بالشمس، والصب لإزالة العين،
ليطهر بالجفاف بالشمس.
وفي الذكرى: إن الخبر مقبول، واستبعد التأويل بما عدا الأول. وقال: نعم.
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بالقاء التراب الذي أصابه البول وصب الماء على مكانه.
ونسب فيه إلى الشيخ وابن إدريس تعدد الذنوب بتعدد البول (2). وإنما في
المبسوط (3) والسرائر أنه: إذا بال الانسان على الأرض، فتطهيره أن يطرح عليه
ذنوب من ماء، فإن بال اثنان وجب أن يطرح مثل ذلك، وعلى هذا أبدا (4).
(ويطهر الخمر بالانقلاب خلا) بالنصوص (5) والاجماع والأصل، لزوال
الحقيقة النجسة وحدوث حقيقة أخرى.
(وإن طرح فيها) قبل الانقلاب (أجسام طاهرة) للعلاج أو غيره
فاستهلكت أو (6) استحالت أو بقيت إلى الانقلاب لم ينجس الخمر المتخللة، بل
طهرت بطهارتها كطهارة أوانيها كما يأتي في الصيد والذبائح أنه لا فرق بين بقاء
ما يعالج به واستهلاكه، وذلك لاطلاق الأخبار والأصحاب طهارتها.
وإن تخللت بالعلاج، فيشمل بقاء ما عولجت به بعد التخلل، مع أنه لا يعقل

(1) الخلاف: ج 1 ص 494 المسألة 235.
(2) ذكرى الشيعة: ص 15 س 31.
(3) المبسوط: ج 1 ص 92.
(4) السرائر: ج 1 ص 188.
(5) وسائل الشيعة: ج 17 ص 296 ب 31 في عدم تحريم الخل.
(6) في ص: (و).
466

الفرق بين ما يعالج به وغيره، وبين أوانيها وغيرها، ولأن نجاستها تابعة لنجاسة
الخمر وفرع لها، فلا بعد في زوالها إذا طهرت. ولخبر عبد العزيز بن المهتدي إنه
كتب إلى الرضا عليه السلام العصير يصير خمرا فيصب عليه الخل وشئ يغيره حتى
يصير خلا، قال: لا بأس به (1).
ونص الشيخ (2) وأبو علي (3) على أنه إذا جعل خمر في خل، أو خل على
خمر حل، وطهر إذا علم التخلل بمضي وقت يتخلل فيه مثله.
وجعل الشيخ علامته تخلل الخمر التي أخذ منها شئ فجعل في الخل، وإنما
أنكر ابن إدريس والمحقق والمصنف في التحرير كون ذلك علامة.
ففي السرائر: إن الخل صار نجسا بالاجماع بوقوع الخمر فيه، ولا دلالة على
طهارته بعد ذلك، ولا إجماع، لأنه ليس له حال ينقلب إليها، ولا يتعدى طهارة
ذلك الخمر المنفرد، واستحالته وانقلابه إلى الخل الواقع فيه قليل الخمر المختلط به
الذي حصل الاجماع على نجاسته (4).
وفي النافع: الخمر تطهر إذا انقلبت خلا ولو كان بعلاج، ولا تحل لو ألقي فيها
خل استهلكها. وقيل: لو ألقي في الخل خمر من إناء فيه خمر لم يحل حتى يصير
ذلك الخمر خلا وهو متروك (5).
وفي الشرائع: تطهر الخمر إذا انقلبت خلا، سواء كان بعلاج أو من قبل نفسها،
وسواء كان ما يعالج به عينا باقية أو مستهلكة، وإن كان يكره العلاج، ولا كراهية
فيما ينقلب من نفسه، ولو ألقي في الخمر خل حتى يستهلكه لم يحل، ولم يطهر.
وكذا لو ألقي في الخل خمر فاستهلكه الخل. وقيل: يحل إذا ترك حتى يصير الخمر

(1) وسائل الشيعة: ج 17 ص 297 ب 31 في عدم تحريم الخل... ح 8.
(2) النهاية ونكتها: ج 3 ص 113.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: كتاب الصيد وتوابعه ص 689 س 7.
(4) السرائر: ج 3 ص 133.
(5) المختصر النافع: ص 247.
467

خلا، ولا وجه له (1).
وفي التحرير: الخمر يحل لو انقلب خلا، سواء انقلب بعلاج أو بغير علاج،
وإن كان العلاج مكروها، ولا فرق بين استهلاك ما يعالج به أولا، ولو عولج
بنجاسة أو بشئ نجس أو باشره كافر لم يطهر بالانقلاب، ولو ألقي في الخمر خل
حتى استهلكه الخل أو بالعكس لم يحل ولم يطهر. وقول الشيخ: إذا وقع قليل خمر
في خل لم يجز استعماله حتى يصير ذلك الخمر خلا ليس بجيد (2).
فظاهر هذه العبارات إنكار أن يكون تخلل الخمر الخارجة التي أخذ منها
شئ، فجعل في الخل علامة على تخلل ما جعل فيه، فيحكم ببقاء الحرمة
والنجاسة، إذ لا طريق إلى العلم بالتخلل. ولو فرض العلم به فالظاهر اتفاقهم على
الحل والطهارة.
وأجيب في المختلف عما ذكروه: بأن انقلاب الخمر إلى الخل يدل على
تمامية استعداد انقلاب ذلك الخمر إلى الخل، والمزاج واحد، بل استعداد الملقى
في الخل لصيرورته خلا أتم، ولكن لا يعلم لامتزاجه بغيره، فإذا انقلب الأصل
المأخوذ منه علم انقلابه أيضا (3).
قلت: على أن عبارة النهاية كذا: وإذا وقع شئ من الخمر في الخل لم يجز
استعماله إلا بعد أن يصير ذلك الخمر خلا (4). وهي لا تنص على أن تخلل الخمر
الخارج علامة على تخلل الملقى [في الخل لاحتمال الإشارة إلى الخمر
الملقى] (5).
وأما قوله في الإرشاد: ولو مزج الخمر بالخل واستهلكه الخل لم يحل (6). فهو
رد على أبي حنيفة حيث يحلل الخمر بمجرد استهلاكه بالخل (7).

(1) شرائع الاسلام: ج 3 ص 228.
(2) تحرير الأحكام: ج 2 ص 161 س 18.
(3) مختلف الشيعة: ص 689 س 5.
(4) النهاية ونكتها: ج 3 ص 113.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(6) إرشاد الأذهان: ج 2 ص 113.
(7) المبسوط للسرخسي: ج 24 ص 7.
468

وفهم بعضهم من تلك العبارات أن الخمر إذا ألقي في الخل لم يطهر وإن تخلل
كما هو نص الدروس لتنجس الخل به (1)، ولم يعرض له مطهر، ففرق بين المسألة
ومسألة العلاج بما يبقى عينه بعد التخلل بإطلاق الأخبار والفتاوى في العلاج (2)،
وليس في غيره إلا خبر عبد العزيز بن المهتدي (3) إن لم يكن الخل مما يعالج به
الخمر، والراوي عنه اليقطيني، والرواية بالكتابة.
وعندي في العلاج أيضا نظر لاحتمال اختصاصه بغير الأجسام والأجسام
المستهلكة قبل التخلل، بل للنقلية إلى الخمر قبله أو إلى الخل معه.
ويمكن اختصاص عبارة الكتاب بالعلاج وبالأجسام غير الباقية عند التخلل،
لكنه ينص فيما بعد على التعميم لما يبقى كما عرفت.
(ولو لاقتها نجاسة أخرى) أو نجس للعلاج أو غيره (لم تطهر)
الخمر (بالانقلاب) وإن لم يكن لتلك النجاسة عين باقية فيها، لأنه إنما يزيل
نجاسة الخمرية، وهو مبني على مضاعفة النجاسة، فإن منعت طهرت.
(وطين الطريق) الحاصل بالمطر أو غيره من الطاهرات، في العمران كان
أولا (طاهر ما لم يعلم ملاقاة النجاسة له) للأصل، والخبر الآتي، ومن نزل
ظن النجاسة منزلة العلم، فهو عنده طاهر ما لم يعلم أو يظن النجاسة.
(ويستحب إزالته بعد ثلاثة أيام) إلا إذا كان في طريق نظيف استنظافا،
وعملا بقول أبي الحسن عليه السلام في مرسل محمد بن إسماعيل، في طين المطر أنه: لا
بأس به أن يصيب الثوب ثلاثة أيام، إلا أن يعلم أنه قد نجسه شئ بعد المطر، فإن
أصابه بعد ثلاثة أيام فاغسله، وإن كان الطريق نظيفا لم تغسله (4). ونص القاضي (5)

(1) الدروس الشرعية: ج 3 ص 18 درس 204.
(2) في ك: (فالفرق).
(3) وسائل الشيعة: ج 17 ص 297 ب 31 عدم تحريم الخل... ح 8.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1096 ب 75 من أبواب النجاسات ح 1.
(5) المهذب: ج 1 ص 51.
469

على وجوب إزالته بعد ثلاثة (1).
(ودخان الأعيان النجسة ورمادها طاهران) كما في الخلاف، وفيه
الاجماع في الرماد (2) والمبسوط وظاهره الاجماع (3)، والسرائر ونفى فيه
الخلاف (4)، وظاهر التذكرة (5) والمنتهى أيضا الاجماع على طهارة الدخان (6).
ويدل على طهارتهما مع ذلك ما عرفت.
ويمكن إرادة طهارة الرماد من صحيح الحسن بن محبوب سأل أبا
الحسن عليه السلام عن الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد
أيسجد عليه؟ فكتب عليه السلام بخطه: إن الماء والنار قد طهراه (7). وظاهر المعتبر التردد
في الرماد (8).
وفي أطعمة الشرائع: ودواخن الأعيان النجسة عندنا طاهرة، وكذا ما أحالته
النار فصيرته رماد أو دخانا على تردد (9). فأما التردد في الرماد أو في عموم
الطهارة لكل ما أحالته نجس العين كان أو متنجسا، بناء على احتمال
الاستصحاب في المتنجس.
(وفي تطهير الكلب والخنزير إذا وقعا في المملحة فصارا ملحا
والعذرة) ونحوها (إذا امتزجت بالتراب وتقادم عهدها حتى استحالت
ترابا) كما قد يعطيه إطلاق موضع من المبسوط بجواز التيمم بتراب القبر منبوشا
أو غيره (10).
(نظر) من انتفاء النص مع الأصل، وبقاء الأجزاء الأرضية أو الملحية، أو

(1) 888 في س: (ثلاثة أيام).
(2) 889 الخلاف: ج 1 ص 499 - 500 مسألة 239.
(3) 890 المبسوط: ج 6 ص 283.
(4) 891 السرائر: ج 3 ص 121.
(5) 892 تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 28.
(6) 893 منتهى المطلب: ج 1 ص 180 س 20.
(7) 894 وسائل الشيعة: ج 2 ص 1099 ب 81 من أبواب النجاسات ح 1.
(8) 895 المعتبر: ج 1 ص 452.
(9) 896 شرائع الاسلام: ج 3 ص 226.
(10) المبسوط: ج 1 ص 32.
470

المائية المتنجسة بأعيانها وإن اكتسى غير الملح في الأول الصورة الملحية، وهو
خيرة المعتبر (1).
وفي المنتهى (2) والتحرير (3) ونهاية الإحكام في الأول (4) وموضع من
المبسوط في الثاني (5). ومن أن مناط الأحكام الشرعية الأسماء، وباختلافها
يحكم عرفا باختلاف الحقائق، وإرشاد طهارة الدخان والرماد إليه، وإطلاق
طهورية التراب، ونحو قوله صلى الله عليه وآله: جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا أينما
أدركتني الصلاة صليت (6). وهو خيرة المعتبر (7) والمنتهى (8) ونهاية الإحكام في
الثاني (9) والبيان (10) والدروس (11) والذكرى (12) وظاهر المدنيات فيهما (13) مع إشارة
في الذكرى إلى تردد في الأول (14)، وهو الأقوى عندي وإن كان في الاطلاقين ما
فيهما لظهور أن المراد التراب الطاهر، فالعجب من فرق بين المسألتين لوجودهما
في الثانية دون الأولى.
(ويكفي) في التطهير (إزالة العين والأثر) وهو الصفة السهلة الزوال
التي يدل بقاؤها على بقاء أجزاء من العين وفي المنتهى: وهو اللون (15). وأما
الرائحة فلا يعني اللون السهل الزوال كما يصرح به ما بعده.
(وإن بقيت الرائحة) العسرة الإزالة كالخمر (واللون العسر الإزالة
كدم الحيض) ولذا ورد السؤال عنه في أخبار، والوصف بالعسر إن اختص

(1) المعتبر: ج 1 ص 451.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 179 س 24.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 25 س 16.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 292.
(5) المبسوط: كتاب الصلاة ج 1 ص 93.
(6) عوالي اللآلي: ج 2 ص 208 ح 130.
(7) المعتبر: ج 1 ص 452.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 179 س 33.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 292.
(10) البيان: ص 39 40.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 125 درس 20.
(12) ذكرى الشيعة: ص 15 س 29.
(13) لا يوجد لدينا.
(14) ذكرى الشيعة: ص 15 س 30.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 171 س 28.
471

باللون كما هو الظاهر فلعله عسر زواله، بخلاف الرائحة كما يفيده كلام المنتهى (1).
وفي المعتبر: إجماع العلماء على عدم العبرة ببقائهما (2).
وقال ابن المغيرة في الحسن لأبي الحسن عليه السلام للاستنجاء حد؟ قال: لا حتى
ينقى ما ثمة، قال: فإنه ينقى ما ثمة ويبقى الريح، قال: الريح لا ينظر إليها (3).
وعنه صلى الله عليه وآله: في الدم لا يضرك أثره (4).
وعن الرضا عليه السلام إنه سئل عن الرجل يطأ في الحمام وفي رجله الشقاق فيطأ
البول والنورة فيدخل الشقاق أثر أسود مما وطأ من القذر وقد غسله كيف يصنع به
وبرجله التي وطأ بها، أيجزئه الغسل أم يخلل بأظفاره ويستنجي فيجد الريح من
أظفاره ولا يرى شيئا؟ فقال عليه السلام لا شئ عليه من الريح والشقاق بعد غسله (5).
وفي نهاية الإحكام القطع بأن لا عبرة باللون العسر الزوال دون الرائحة
العسرة الزوال، قال: ولو بقيت الرائحة كرائحة الخمر وهي عسرة الإزالة فالأقرب
الطهارة كاللون يجامع مشقة الإزالة (6).
قلت: ويظهر منه أن الفرق لوجود النص في اللون دونها، وسمعت النص فيهما.
قال: ولو بقي اللون والرائحة وعسر إزالتهما ففي الطهارة إشكال، ينشأ من
قوة دلالة بقاء العين، ومن المشقة المؤثرة مع أحدهما فيعتبر معهما. قال: ولو بقي
طعمه لم يطهر، سواء بقي مع غيره من الصفات أو منفردا لسهولة إزالة الطعم (7).
(ويستحب) في التطهير من دم الحيض ونحوه (صبغه بالمشق) وهو
المغرة (وشبهه) مما يختلط به فيستره كما في المنتهى (8) ونهاية الإحكام (9)

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 190 س 36.
(2) المعتبر: ج 1 ص 436.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1033 ب 25 من أبواب النجاسات ح 2.
(4) عوالي اللئالي: ج 2 ص 183 ح 50.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1034 ب 25 من أبواب النجاسات ح 6.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 279.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 279.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 171 س 27.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 279.
472

والمعتبر (1)، وقريب منه في الذكرى (2). أو ليذهب الأثر كما في المقنعة (3)
والنهاية (4).
وينص عليه خبر علي بن أبي حمزة إنه سألت الكاظم عليه السلام أم ولد لأبيه أنه
صاب ثوبها دم الحيض فغسلته فلم يذهب أثره، فقال: اصبغيه بمشق حتى يختلط
ويذهب (5).
وفي التهذيب: ويذهب أثره (6).
وأسقط في المعتبر قوله: (ويذهب أثره)، واستدل به على عدم العبرة بالأثر،
قال: ولو كان الأثر نجسا لما اجتزء بالصبغ (7).
وفي نهاية الإحكام: إنه لو بقي اللون لعسر زواله كدم الحيض استحب صبغه
بما يستره، لأن نسوة رسول الله صلى الله عليه وآله سألته عن دم الحيض يصيب الثوب، وذكرن
له أن لون الدم يبقى، فقال: ألطخن بزعفران. وعن الصادق عليه السلام: صبغه بمشق (8).
يعني به خبر عيسى بن منصور: سأل الصادق عليه السلام عن امرأة أصاب ثوبها من دم
الحيض فغسلته فبقي أثر الدم في ثوبها، فقال: قل لها تصبغه بمشق حتى يختلط (9).
ولعلهما فهما من ذهاب الأثر ذهابه في الحس (10) واستتاره ولا بأس به.
(ويستحب الاستظهار) بإعجام الطاء وإهمالها في كل نجاسة (بتثنية
الغسل وتثليثه بعد إزالة العين) أي الغسل ثانيا وثالثا بعد إزالة العين أولا
لأخبار المرتين في البول، مع قول الصادق عليه السلام للحسين بن أبي العلاء: صب عليه

(1) المعتبر: ج 1 ص 437 وليس فيه: (ويستره).
(2) ذكرى الشيعة: ص 14 س 34.
(3) المقنعة: ص 71.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 266.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 603 ب 52 في أبواب الحيض ح 1.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 272 ح 800.
(7) المعتبر: ج 1 ص 437.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 279.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1033 ب 25 من أبواب النجاسات ح 3.
(10) في س و ص و ك: (الحسن).
473

والماء مرتين فإنما هو ماء (1)، وتقدم. ومضمر زرارة: كان يستنجي من البول ثلاث
مرات (2). وفي بعض لكتب عن أمير المؤمنين عليه السلام قال في المني يصيب الثوب:
يغسل مكانه، فإن لم يعرف مكانه وعلم يقينا أنه أصاب الثوب غسله كله ثلاث
مرات، يفرك في كل مرة ويغسل ويعصر (3).
(وإنما يطهر بالغسل) بالقليل (4) (ما يمكن نزع الماء المغسول به
عنه) لينتزع معه النجاسة (لا ما لا يمكن كالمائعات النجسة) والطين
والعجين والكاغذ والصابون النجس.
(وإن أمكن إيصال الماء إلى) جميع (أجزائها بالضرب) لبقاء
النجاسة فيها وتنجيس (5) ما يصل إليها من الماء.
قال في التذكرة: ما لم يطرح في كر فما زاد أو في جار بحيث يسري الماء إلى
جميع أجزائه قبل اخراجه منه، فلو طرح الدهن في ماء كثير وحركه حتى تخلل
الماء أجزاء الدهن بأسرها طهر، وللشافعية قولان. وكذا العجين بالنجس إذا مزج
به حتى صار دقيقا وتخلل الماء جميع أجزائه (6).
وكذا استقرب في نهاية الإحكام طهارة الدهن بذلك (7). وقطع بها في موضع
من المنتهى (8). وفي موضع أخر منه: لا يطهر غير الماء من المائعات، خلافا
للحنابلة حيث جوزوا تطهير الدهن بأن يلقى عليه ماء كثير ويضرب جيدا، وهو
باطل، لعدم العلم بالوصول (9). ويمكن أن يريد بالكثير ما دون الكر، لكن قد يأباه
التعليل بما ذكر.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1001 ب 1 من أبواب النجاسات ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 242 ب 26 من أبواب أحكام الخلوة ح 6.
(3) دعائم الاسلام: ج 1 ص 117، وفيه (يعرك) بدل (يفرك).
(4) في س و م: (القليل).
(5) في س و م: (وتنجيسها).
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 9 س 41.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 281.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 180 س 17.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 12 س 7.
474

في المنتهى أيضا: الصابون إذا انتقع في الماء النجس والسمسم والحنطة إذا
انتقعا كان حكمها حكم العجين، يعني في عدم الطهارة بالقليل. قال (1): وقال أبو
يوسف، الحنطة والسمسم والحبة إذا تنجست بالماء واللحم إذا كان مرقه نجسا
يطهر بأن يغسل ثلاثا ويترك حتى يجف في كل مرة فيكون ذلك كالعصر. قال: وهو
الأقوى عندي، لأنه قد ثبت ذلك في اللحم مع سريان أجزاء الماء النجسة فيه،
فكذا ما ذكرناه (2). وهو خيرة نهاية الإحكام (3)، لكن إنما فيها أنها تقبل الطهارة
من غير تفصيل بما حكاه عن أبي يوسف.
وعندي فيه نظر، والأولى قصر طهارتها، ونحوها على الكثير والجاري كما
فعله الشهيد (4).
(فروع) ستة:
(أ: لو جبر عظمه بعظم نجس وجب نزعه مع الامكان) بلا مشقة بلا
خلاف كما في المبسوط (5)، وفي الذكرى إجماعا (6)، وإن امتنع منه أجبره الحاكم
عليه كما في الكتابين (7) ونهاية الإحكام (8) والخلاف (9).
ولا يجب مع المشقة، وتصح الصلاة لانتفاء الحرج في الدين. قال في نهاية
الأحكام: سواء خاف التلف أو الألم الكثير أو اليسير أو الشين على إشكال (10)،
وفي موضع آخر منها: ولو خاف من نزعه هلاكا أو إتلاف عضو أو مرضا أو شيئا،
لم يجب نزعه سواء فرط بجعله أو لا. قال: ولو لحقه يسير ألم لم يعذر (11). قال فيه

(1) ليس في س و ص.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 180 س 11.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 281.
(4) ذكرى الشيعة: ص 15 س 2.
(5) المبسوط: ج 1 ص 92.
(6) ذكرى الشيعة: ص 17 س 32.
(7) المبسوط: ج 1 ص 92، ذكرى الشيعة: ص 17 س 33.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 284.
(9) الخلاف: ج 1 ص 492 المسألة 233.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 284.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 381.
475

وفي التحرير: لا فرق بين أن يكتسي اللحم أو لا (1).
وفي التذكرة عن أبي حنيفة أنه لا يجب قلعه مع الاكتساء وإن لم يلحقه ضرر
ولا ألم، لأنه صار باطنا (2). واحتمله الشهيد في الذكرى (3) وعن بعض
الشافعية (4) وجوب قلعه وإن أدى إلى التلف، لجواز قتل الممتنع من الصلاة وهو
بحكمه. وفي المنتهى، قيل: يجب قلعه ما لم يخف التلف (5).
ولو مات لم يجب قلعه للأصل مع ما فيه من المثلة وهتك حرمة الميت، وكون
الغرض منه صحة ما يشترط بالطهارة، وعن بعض العامة أن الأولى قلعه لئلا يلقى
الله بمعصيته (6). وضعفه ظاهر.
(ب: لا يكفي إزالة عين النجاسة بغير الماء) وما مر من المطهرات
(كالفرك) وسائر المائعات للأصل، والأمر بالغسل في الأخبار، والاجماع في
الفرك. وطهر أبو حنيفة من المني اليابس بالفرك (7)، وكذا أحمد من مني الرجل
خاصة (8). ومضى قول السيد بالطهارة بسائر المائعات (9).
(ولو كان الجسم صقيلا كالسيف) والمرآة (لم يطهر بالمسح)
حتى يزول النجاسة ما لم يرد عليه ما مر من المطهرات وفاقا للمشهور، لمثل ما
مر، خلافا للسيد (10)، بناء على أن علة النجاسة هي العين، فيزول بزوالها.
(ج: لو صلى حاملا لحيوان) طاهر (غير مأكول صحت صلاته)
لا نعرف فيه خلافا [وقال الصادق عليه السلام في خبر عمار: لا بأس أن تحمل المرأة
صبيها وهي تصلي، وترضعه وتتشهد (11). وسأل الكاظم عليه السلام أخوه علي بن جعفر

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 24 س 23.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 98 س 26.
(3) ذكرى الشيعة: ص 17 س 33.
(4) المجموع: ج 3 ص 137 - 138.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 184 س 31.
(6) المجموع: ج 3 ص 138.
(7) المبسوط للسرخسي: ج 1 ص 81.
(8) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 736.
(9) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 219 المسألة 22.
(10) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا، ونقله عنه العلامة في المختلف ج 1 ص 493.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1274 ب 24 من أبواب قواطع الصلاة ح 1.
476

على ما في قرب الإسناد للحميري عن المرأة تكون في صلاة الفريضة وولدها إلى
جنبها يبكي، هل يصلح لها أن تتناوله فتصعده في حجرها وتسكته وترضعه؟ قال:
لا بأس (1)] (2).
وقد روي أن الحسنين عليهما السلام كانا يركبان ظهر رسول الله صلى الله عليه وآله في الصلاة (3)
وأنه صلى الله عليه وآله كان يحمل إمامة بنت أبي العاص في الصلاة (4) وسأل في الصحيح علي
بن جعفر أخاه عليه السلام: عن رجل صلى وفي كمه طير، قال: أن خاف عليه الذهاب
فلا بأس (5). والطير يعم المأكول وغيره.
ولا يضر اشتماله على ما في باطنه من النجاسة، كما لا يضر ما في باطن
المصلي نفسه (بخلاف القارورة المصمومة) بشمع أو رصاص أو غيرهما
(المشتملة على النجاسة) في داخلها، فلا تصح صلاة حاملها وفاقا
للمبسوط (6) والجواهر (7) والسرائر (8) والإصباح (9) والجامع (10)، لأنه حامل
للنجاسة.
ولا تصح الصلاة مع حملها، لأن عبد الله بن جعفر كتب إلى أبي محمد عليه السلام
يجوز أن يصلي ومعه فأرة مسك؟ فكتب: لا بأس به إذا كان ذكيا (11). فشرط
الذكاة.

(1) قرب الإسناد: 101.
(2) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(3) مسند أحمد بن حنبل: ج 2 ص 513.
(4) صحيح البخاري: ج 1 ص 137، وصحيح مسلم: ج 1 ص 385 ح 543.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 336 ب 60 من أبواب لباس المصلي ح 1.
(6) المبسوط: ج 1 ص 94.
(7) جواهر الفقه: ص 22 المسألة 64.
(8) السرائر: ج 1 ص 189.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 25.
(10) الجامع للشرائع: ص 26.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 315 ب 41 من أبواب لباس المصلي ح 2.
477

وسأل علي بن جعفر في الصحيح أخاه عليه السلام عن الرجل يصلي ومعه دبة من
جلد حمار أو بغل، قال: لا يصلح أن يصلي وهي معه (1). ونحوها (2) المذبوح من
الحيوان الطاهر الغير المأكول، كما في الذكرى (3) لصيرورة الظاهر والباطن سواء
بعد الموت، وخلافا للمعتبر (4).
وفي الخلاف: إنه ليس لأصحابنا فيها نص، والذي يقتضيه المذهب أنه لا
ينقض الصلاة، وبه قال ابن أبي هريرة من الشافعية، غير أنه قاسه على حيوان
طاهر في جوفه النجاسة، واستدل بأن قواطع الصلاة طريقها الشرع، ولا دليل فيه
على أن ذلك يبطلها، قال وإن قلنا: إنه يبطل الصلاة لدليل الاحتياط كان قويا،
ولأن على المسألة الاجماع، فإن خلاف ابن أبي هريرة لا يعتد به (5).
قال المحقق: والوجه عندي الجواز، وما استدل به الشيخ ضعيف، لأنه سلم
أنه ليس على المسألة نص لأصحابه، وعلى هذا التقدير يكون ما استدل به من
الاجماع هو قول جماعة من فقهاء الجمهور، وليس في ذلك حجة عندنا ولا
عندهم أيضا. قال: والدليل على الجواز أنه محمول لا يتم به الصلاة منفردا،
فيجوز استصحابه في الصلاة لما قدمناه من الخبر. ثم يقول: الجمهور عولوا على
أنه حامل نجاسة فتبطل صلاته كما لو كانت على ثوبه، ونحن نقول: النجاسة على
الثوب منجسة له فتبطل لنجاسة الثوب لا لكونه حاملا نجاسة ونطالبهم بالدلالة
على أن حمل النجاسة مبطل للصلاة إذا لم تتصل بالثوب والبدن (6)، انتهى. ونحوه
في المنتهى (7).
وغاية مدلول الخبرين النهي عن حمل الميتة لا كل نجاسة، مع أن الأول إنما

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 337 ب 60 من أبواب لباس المصلي ح 2 و 3.
(2) في س: (ونحوهما) وفي م و ص: (ونحوها الحيوان).
(3) ذكرى الشيعة: ص 17 س 30.
(4) المعتبر: ج 1 ص 443.
(5) الخلاف: ج 1 ص 503 - 504 المسألة 244.
(6) المعتبر: ج 1 ص 443.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 184 س 25.
478

يعطي البأس إذا لم يكن ذكيا، والكراهة بأس، وليس في الثاني نص على كون
الجلد جلد ميتة، وكما يجوز حمله عليه يجوز حمله على الكراهة.
وفي الذكرى: إن في خبر علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام: قلع الثالول ونتف
اللحم في الصلاة تنبيها على جواز حمل النجاسة، وأنه على الجواز لا حاجة إلى
شد رأسها إذا أمن التعدي، ومن شرطه من العامة فلأن مأخذه القياس على
الحيوان (1).
(ولو كان وسطه) مثلا (مشدودا بطرف حبل طرفه الآخر مشدود
في نجاسة صحت صلاته) كما في المبسوط (2) والخلاف (3) والجواهر (4) وفي
المنتهى (5) لا خلاف بين علمائنا فيه (6).
(وإن تحركت) النجاسة (بحركته) ما لم يقلها بحركته كما في المعتبر (7)
والجامع (8)، لأنه لم يحمل النجاسة في ثوبه أو غيره. وعلى ما سمعته عن المعتبر
والمنتهى وإن أقلها، لأنها ليست في الثوب. وللعامة قول بالبطلان مطلقا (9)، وآخر
إن تحركت النجاسة بحركته (10).
وفي المبسوط (11) والخلاف (12) والتذكرة (13) والجامع: إنه لو لبس ثوبا أحد
طرفيه نجس وهو على الأرض ولا يقله بحركته في الصلاة صحت إذا كان ما عليه
منه طاهرا، تحرك الطرف النجس بحركته أو لا (14)، لخروج النجس منه عن حد ثوبه.
(د: ينبغي في الغسل) القليل (15) (ورود الماء على النجس) كما في

(1) ذكرى الشيعة: ص 17 س 28.
(2) المبسوط: ج 1 ص 94.
(3) الخلاف: ج 1 ص 503 المسألة 243.
(4) جواهر الفقه: ص 26 مسألة 86.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 185 س 16.
(6) زيادة من س و ط.
(7) المعتبر: ج 1 ص 432.
(8) الجامع للشرائع: ص 25.
(9) المجموع: ج 3 ص 148.
(10) المجموع: ج 3 ص 148.
(11) المبسوط: ج 1 ص 94.
(12) الخلاف: ج 1 ص 501 المسألة 241.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 96 س 23.
(14) الجامع للشرائع: ص 25.
(15) في ص و ك (بالقليل).
479

الناصريات (1) والسرائر (2) ليقوى على إزالة النجاسة ويقهرها، (فلو عكس)
كان جعل المتنجس في إناء من ماء (نجس الماء) لثبوت انفعال القليل، (ولم
يطهر المحل) ولذا ورد النهي عن إدخال اليد في الإناء قبل الغسل، وإنما لا
ينفعل مع الورود للحرج والاجماع.
وفي الذكرى: وهذا ممكن في غير الأواني وشبهها مما لا يمكن فيه الورود،
إلا أن يكتفي بأول وروده، مع أن عدم اعتباره مطلقا متوجه، لأن امتزاج الماء
بالنجاسة حاصل على كل تقدير، والورود لا يخرجه عن كونه ملاقيا للنجاسة.
وفي خبر الحسن بن محبوب، عن أبي الحسن عليه السلام في الجص يوقد عليه بالعذرة
وعظام الموتى أن الماء والنار قد طهراه، تنبيه عليه (3)، إنتهى.
قلت: وأوضح منه صحيح محمد بن مسلم سأل الصادق عليه السلام عن الثوب
يصيبه البول، قال: اغسله في المركن مرتين، فإن غسلته في ماء جار فمرة
واحد (4).
(ه‍: اللبن إذا كان ماؤه نجسا أو نجاسة طهر بالطبخ) كما في
الخلاف (5) والمبسوط (6) والنزهة (7) (على إشكال) مما مر من خبر ابن
محبوب في الجص (8)، وابن أبي عمير في الخبر (9)، وحكاية الشيخ الاجماع عليه
في الخلاف (10)، ومن الأصل، وضعف الخبرين، لارسال الثاني، ومعارضته بغيره،

(1) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 215 المسألة 3.
(2) السرائر: ج 1 ص 181.
(3) ذكرى الشيعة: ص 15 س 36.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1002 ب 2 من أبواب النجاسات ح 1.
(5) الخلاف: ج 1 ص 499 المسألة 239.
(6) المبسوط: ج 1 ص 94.
(7) نزهة الناظر: ص 21.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1099 ب 81 من أبواب النجاسات ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 129 ب 18 من أبواب الماء المطلق ح 1.
(10) الخلاف: ج 1 ص 500 المسألة 239.
480

وكتابة الأول وعدم نصوصيته.
(ولو كان بعض أجزائه نجاسة كالعذرة) فكذلك، لاستحالتها رمادا،
ولخبر ابن محبوب.
(و: لو صلى في نجاسة معفو عنها كالدم اليسير أو فيما لا يتم
الصلاة فيه منفردا في المساجد بطلت) الصلاة مع التعدي إليها قطعا، وبدونه
إن حرمنا إدخال النجاسة إليها مطلقا وأوجبنا اخراجها عنها، لأن الصلاة ضد
للاخراج المأمور به، فتكون منهيا عنها.
481

(كلام في الآنية)
من جهة الطهارة والتطهير والتطهر بها وغيرها.
وقد جرت العادة بإلحاق الكلام فيها ببحث النجاسات أو المياه النجسة
لاختصاصها في إزالة النجاسة عنها ببعض الأحكام، وكونها آلة للتطهير من
الحدث والخبث.
(وأقسامها) من حيث الأحكام (ثلاثة):
(أ: ما يتخذ من الذهب أو الفضة، ويحرم استعمالها في الأكل
والشرب) إجماعا، كما في التحرير (1) والذكرى (2)، وفي الخلاف إطلاق كراهة
استعمالها (3)، وحملت في المعتبر (4) والمختلف (5) والذكرى على التحريم (6)،
وهو بعيد عن عبارته (7)، وأخبار النهي كثيرة، ولا داعي إلى حملها على الكراهة.
(و) كذا يحرم استعمالها في (غيرهما) أي غير ما ذكر عندنا كما في

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 25 السطر الأخير.
(2) ذكرى الشيعة: ص 18 س 3.
(3) الخلاف: ج 1 ص 69 المسألة 15.
(4) المعتبر: ج 1 ص 454.
(5) مختلف الشيعة: ج 1 ص 494.
(6) ذكرى الشيعة: ص 18 س 3.
(7) في ك زيادة: (هنا لكنه صرح في زكاته بالحرمة).
482

التحرير (1) والمنتهى (2) وفي التذكرة عند علمائنا أجمع (3)، ويعضده العمومات.
ومن الأصحاب من اقتصر على الأكل والشرب كالصدوق (4) والمفيد (5)
وسلا ر (6) والشيخ في النهاية (7)
(وهل يحرم اتخاذها لغير الاستعمال كتزيين المجالس؟) كما في
المبسوط (8) [وزكاة الخلاف (9)] (10) (فيه نظر، أقربه التحريم) لتعلق النهي
بأعيانها المتناول لاتخاذها، وقول الكاظم عليه السلام: آنية الذهب والفضة متاع الذين لا
يوقنون (11)، واشتماله على السرف والخيلاء، وكسر قلوب الفقراء، وتعطيل المال،
لاستلزام حرمة استعمالها حرمة اتخاذها بهيئة الاستعمال كآلات اللهو، وهو خيرة
المحقق (12).
وفي الذكرى: ولتزيين المجالس أولى بالتحريم لعظم الخيلاء به وكسر قلوب،
الفقراء، وفي المساجد والمشاهد نظر لفحوى النهي وشعار التعظيم (13) إنتهى.
ومن الأصل انصراف النهي ظاهرا إلى الاستعمال، وحصول الخيلاء، وكسر
القلوب في الجواهر الثمينة، ولا سرف إذ لا اتلاف، وحرمة التعطيل ممنوعة. ولو
سلمت فلا تعطيل ما أمكن الكسر والانفاق، وحرمة الاتخاذ كهيئة الاستعمال
المحرم ممنوعة، وإنما الظاهر من كونها متاعا لغير الموقنين أنهم يستمتعون بها
وظاهره استعمالها، وهو خيرة المختلف (14).

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 26 س 1.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 186 س 12.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 67 س 18.
(4) المقنع: ص 143.
(5) المقنعة: ص 584.
(6) المراسم: ص 210.
(7) النهاية ونكتها: ص 584.
(8) المبسوط: ج 1 ص 13.
(9) الخلاف: ج 1 ص 90 المسألة 104.
(10) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(11) وسائل الشيعة: ج 16 ص 400 ب 61 من أبواب الأطعمة والأشربة ح 4.
(12) المعتبر: ج 1 ص 456.
(13) ذكرى الشيعة: ص 18 س 7.
(14) مختلف الشيعة: ج 1 ص 494.
483

(ويكره) استعمال (المفضض) كما في الشرائع (1) والخلاف (2)، لكن
سوى فيه بينه وبين أواني الذهب والفضة، وسمعت حمل كلامه على التحريم، ولذا
نسب إليه التحريم. والمصبب بالفضة مفضض.
ودليل الكراهة نحو قول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: لا تأكل في آنية من
فضة ولا في آنية مفضضة (3). وخبر بريد عنه عليه السلام: إنه كره الشرب في الفضة وفي
القداح المفضضة، وكذلك أن يدهن في مدهن مفضض والمشط كذلك (4). واشتماله
على الخيلاء والسرف والتعطيل. بل هو أولى بالأخيرين من المصنوع (5) من
النقدين.
ودليل الجواز الأصل، وقوله عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان: لا بأس بأن
يشرب الرجل في القدح المفضض (6).
(وقيل) في المبسوط (7) والمهذب (8) والجامع (9) وظاهر النهاية (10)
والسرائر (11): (يجب اجتناب موضع الفضة) لقول الصادق عليه السلام في خبر
عبد الله بن سنان: واعزل فمك عن موضع الفضة (12). وفي خبر بريد: فإن لم يجد
بدا من الشرب في القدح المفضض عدل بفمه عن موضع الفضة (13)، وهو خيرة

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 55.
(2) الخلاف: ج 1 ص 69 المسألة 15.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1085 ب 66 من أبواب النجاسات ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1085 ب 66 من أبواب النجاسات ح 2.
(5) في س و ص و م (المصوغ).
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1086 ب 66 من أبواب النجاسات ح 5.
(7) المبسوط: ج 1 ص 13.
(8) المهذب: ج 1 ص 28.
(9) الجامع للشرائع: ص 391.
(10) النهاية ونكتها: ج 3 ص 106.
(11) السرائر: ج 3 ص 123.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1086 ب 66 من أبواب النجاسات ح 5.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1086 ب 66 من أبواب النجاسات ح 3.
484

التذكرة (1) والمنتهى (2) ونهاية الإحكام (3) والذكرى (4) والدروس (5) والبيان (6)
وظاهر الإرشاد (7)، وهو الأقوى، لظاهر الأمر.
واستحبه المحقق (8) للأصل. وصحيح معاوية بن وهب إنه سأل الصادق عليه السلام
عن الشرب في القدح فيه ضبة من فضة، قال: لا بأس ألا أن يكره الفضة فينزعها (9).
وضعفها واضح.
وفي نهاية الإحكام: لا فرق بين المضبب بالفضة أو الذهب في ذلك،
لتساويهما في المنع والعلة (10). يعني المنع من أوانيهما، والعلة فيه من السرف
والخيلاء وكسر القلوب، والعلية ممنوعة.
وفي المنتهى: إنه لم يقف في المضبب بالذهب للأصحاب على قول، وأن
الأقوى الجواز (11) للأصل. قال: نعم هو مكروه. إذ لا ينزل عن درجة الفضة،
وإنما يسلم (13) إن ثبت أن العلة هي السرف وكسر القلوب والخيلاء.
واحتمل في الذكرى المساواة (14) لأصل (15) الإناء، والمنع لقوله صلى الله عليه وآله في
الذهب والحرير: هذان محرمان على ذكور أمتي (16).
(ب: المتخذ من الجلود ويشترط) في استعمالها مطلقا، بناء على
حرمة استعمال الميتة مطلقا (طهارة أصولها وتذكيتها) إلا على قولي

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 67.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 187 س 13.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 299.
(4) ذكرى الشيعة: ص 18 س 10.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 128 درس 21.
(6) البيان: ص 43.
(7) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 240.
(8) المعتبر: ج 1 ص 455.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1086 ب 66 من أبواب النجاسات ح 4.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 299.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 187 س 15.
(13) في س و م: (سلم).
(14) ذكرى الشيعة: ص 18 س 11.
(15) في س و ك و م: (كأصل).
(16) عوالي اللآلي: ج 1 ص 296 ح 204.
485

الصدوق (1) وأبي علي (2).
ولا يشترط الدباغ (سواء أكل لحمها أو لا) كما اشترطه الأكثر للأصل،
وإطلاق النصوص بجواز الصلاة في المذكى والركوب عليه (3).
(نعم يستحب الدبغ فيما لا يؤكل لحمه) وفاقا للمحقق (4) تفصيا من
خلافهم ولإزالة الزهومات. ولما روي في بعض الكتب عن الرضا عليه السلام: من أن
دباغة الجلد طهارته (5).
(أما المتخذ) من الأواني (من العظام فإنما يشترط فيه طهارة الأصل
خاصة) لا التذكية لطهارتها من الميتة، وعند السيد لا يشترط طهارته أيضا (6).
(ج: المتخذ من غير هذين) القسمين (يجوز استعماله مع طهارته
وإن غلا ثمنه) أكثر من أواني النقدين بأضعاف للأصل والاجماع، وإن أمكن
السرف والخيلاء وكسر القلوب لما عرفت من منع عليتها، خلافا للشافعي في أحد
قوليه (7) فحرم المتخذ من الجواهر الثمينة كالياقوت ونحوها، بناء على الأولوية
بكسر القلوب والخيلاء والسرف.
(وأواني المشركين طاهرة وإن كانت مستعملة ما لم يعلم مباشرتهم
لها برطوبة) اتفاقا، إلا ممن يجري الظن مجرى العلم، وما في الأخبار من النهي
عنها إما على العلم بالمباشرة أو على الكراهة (8) كما في المعتبر (9) والمنتهى (10)
ونهاية الإحكام (11).

(1) المقنع: ص 6 - 7.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 501.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 255 ب 5 من أبواب لباس المصلي.
(4) المعتبر: ج 1 ص 463.
(5) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 302.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 218 المسألة 19.
(7) المجموع: ج 1 ص 247.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1091 ب 66 من أبواب النجاسات.
(9) المعتبر: ج 1 ص 462.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 190 س 22.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 296.
486

(ويغسل الآنية) اتفاقا من غير أبي علي كما في المنتهى (1) (من ولوغ
الكلب ثلاث مرات) ونسب في الجامع إلى الرواية (2).
والمشهور أن (أولاهن بالتراب) لقول الصادق عليه السلام في صحيح الفضل:
اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء (3). وفي الغنية الاجماع عليه (4)، وفي
الإنتصار (5) والخلاف (6) وجمل العلم والعمل (7): إحداهن بالتراب (8)، وفي
الوسيلة: إحداههن بالتراب، وروي وسطاهن (9)، وفي الفقيه (10) والمقنع: مرة
بالتراب ومرتين بالماء (11) وفي موضعين من المقنعة: إن وسطاهن بالتراب (12)، وفي
الإنتصار (13) والغنية: الاجماع على وجوب مسحه بالتراب وغسلتين بالماء (14).
وأوجب أبو علي سبعا أولاهن بالتراب لوجوب السبع في الفأرة (15) كما يأتي
والكلب أنجس. ولقول الصادق عليه السلام في خبر عمار: يغسل من الخمر سبعا، وكذا
الكلب (16). وقول النبي صلى الله عليه وآله في خبر أبي هريرة: إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم
فليغسله سبعا أولاهن بالتراب (17). وهما ضعيفان معارضان بالأصل.
وقول الصادق عليه السلام في خبر الفضل: اغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 190 س 5.
(2) الجامع للشرائع: ص 24.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1091 ب 70 من أبواب النجاسات ح 1.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 12.
(5) الإنتصار: ص 9. الخلاف: ج 1 ص 178 المسألة 133.
(6) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 23.
(7) المصدر السابق.
(8) الوسيلة: ص 80.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 9 ذيل الحديث 10.
(10) المقنع: ص 12.
(11) المقنعة: ص 65 و 68.
(12) الإنتصار: ص 9.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 489 س 11.
(14) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 495.
(15) وسائل الشيعة: ج 17 ص 294 ب 30 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2.
(16) السنن الكبرى للبيهقي: ج 1 ص 240.
487

مرتين (1)، كما في المعتبر (2). وقول النبي صلى الله عليه وآله في خبر أبي هريرة أيضا: إذا ولغ
الكلب في إناء أحدكم فليغسله ثلاث مرات (3). وفي خبر آخر له: فليغسله ثلاثا أو
خمسا أو سبعا (4). ووجوب السبع في الفأرة إن سلم فلعله للسم أو غيره.
وفي التذكرة (5) والمنتهى (6) والدروس (7) والبيان اشتراط طهارة التراب (8)
ليكون مطهرا. واحتمل العدم في نهاية الإحكام (9) للأصل والعموم، واحتمال كونه
لقلع النجاسة.
(و) يغسل (من ولوغ الخنزير سبع مرات بالماء) وجوبا لصحيح
علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن خنزير شرب من إناء كيف يصنع به؟ قال: يغسل
سبع مرات (10).
وفي المبسوط (11) وفي الخلاف (12) والمصباح (13) ومختصره (14)
والمهذب (15): إنه كولوغ الكلب، لشمول اسمه له، ولوجوب غسل الإناء ثلاثا من
كل نجاسة، وهما ممنوعان، مع أن التراب لا يعم النجاسات.
وفي المبسوط: إن أحدا لم يفرق بينهما، وظاهر الأكثر أنه كسائر
النجاسات (16). وفي المعتبر (17) واللمعة: استحباب السبع فيه (18).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1015 ب 12 من أبواب النجاسات ح 2.
(2) المعتبر: ج 1 ص 458.
(3) سنن الدارقطني: ج 1 ص 66 ح 16 و 17.
(4) سنن الدارقطني: ج 1 ص 65 ح 13.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 9 س 38.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 189 س 23.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 135 درس 19.
(8) البيان: ص 40.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 293.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1017 ب 13 من أبواب النجاسات ح 1.
(11) المبسوط: ج 1 ص 15.
(12) الخلاف: ج 1 ص 186 المسألة 143.
(13) مصباح المتهجد: ص 14.
(14) لا يوجد لدينا.
(15) المهذب: ج 1 ص 29.
(16) المبسوط: ج 1 ص 15.
(17) المعتبر: ج 1 ص 460.
(18) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 308.
488

(ومن الخمر والجرذ) وهو كما في العين (1). والمحيط ذكر الفأر وفي
النهاية الأثيرية: أنه الذكر الكبير من الفأر (2) وفي الصحاح (3) والمعرب والمغرب:
إنه ضرب من الفأر، وعن ابن سيدة: ضرب منها أعظم من اليربوع أكدر في ذنبه
سواد (4)، وعن الجاحظ: إن الفرق بين الجرذ والفأر كفرق ما بين الجواميس والبقر
والبخاتي والعراب (5).
(ثلاث مرات) كما في الشرائع (6) والنافع (7). وفي الخلاف (8) لايجابه
الثلاث بالماء في كل نجاسة سوى الولوغ. وفي كتاب الصيد والذبائح من النهاية (9)
والأطعمة والأشربة من المهذب (10): في الخمر لأصل البراءة من الزائد،
والاحتياط في الثلاث لورود النص والفتوى بها في مطلق النجاسة.
وقول الصادق عليه السلام في خبر عمار في قدح أو إناء يشرب فيه الخمر، قال:
يغسله ثلاث مرات. وسأل: أيجزئه أن يصب فيه الماء؟ قال: لا يجزئه حتى يدلكه
بيده ويغسله ثلاث مرات (11).
واشترط في النهاية (12) في الطهارة بالثلاث كون الآنية من صفر أو زجاج أو
جرار خضر أو خزف، لا من خشب أو قرع أو شبهها (13).

(1) كتاب العين: ج 6 ص 94 مادة (جرذ).
(2) النهاية لابن الأثير: ج 1 ص 258 (مادة جرذ).
(3) الصحاح: ج 2 ص 561 مادة (جرذ).
(4) المخصص: السفر الثامن ج 2 ص 98 مادة (جرذ).
(5) كتاب الحيوان: ج 7 ص 176 مادة (الزندبيل).
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 56.
(7) مختصر النافع: ص 20.
(8) الخلاف: ج 1 ص 182 المسألة 138.
(9) النهاية ونكتها: ج 3 ص 106.
(10) المهذب: ج 2 ص 432.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1074 ب 51 من أبواب النجاسات ح 2.
(12) النهاية ونكتها: ج 3 ص 111 112.
(13) النهاية ونكتها: ج 3 ص 111 و 112.
489

(ويستحب السبع) كما في الجامع (1) والشرائع (2) والنافع (3) والمعتبر (4)،
وقول الصادق عليه السلام في خبر عمار في الإناء يشرب فيه النبيذ يغسله سبع مرات (5).
وفي خبره أيضا: إغسل الإناء الذي يصيب فيه الجرذ ميتا سبع مرات (6).
وصريح طهارة النهاية (7) والوسيلة (8) وجوب السبع من موت الفأرة وكل
مسكر، وهو ظاهر الإصباح (9) والمصباح (10) ومختصره (11)، إلا أن فيها الخمر
وحدها. وصريح الذكرى (12) في المسكر والجرذ، والدروس (13) والبيان (14)
والألفية في الفأرة والخمر (15)، وظاهر المقنعة في كل مسكر (16)، والمراسم (17) في
الخمر وموت الفأرة والحية، وظاهر المقنع في الجرذ (18)، وظاهر المبسوط في كل
مسكر (19)، وجمل الشيخ (20) واقتصاده في الخمر (21)، وفيها روايتها في موت
الفأرة. وتعميم الفأرة إما لوجود خبر فيها، أو لكون الجرذ ذكر الفأر، أو الكبير منه
كما سمعته من بعض أهل اللغة.
وفي المهذب: إنه لا يجوز استعمال أواني المسكرات إذا كانت مما ينشف
الماء مثل الخشب والفخار الغير المغضور، وأنه روي جواز استعمالها إذا غسلت

(1) الجامع للشرائع: ص 24.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 56.
(3) مختصر النافع: ص 20.
(4) المعتبر: ج 1 ص 460 و 461.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 294 ب 30 من أبواب الأشربة المحرمة ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1076 ب 53 من أبواب النجاسات ح 1.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 204.
(8) الوسيلة: ص 80.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 425.
(10) مصباح المتهجد: ص 14.
(11) لا يوجد لدينا.
(12) ذكرى الشيعة: ص 15 س 14.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 125 درس 19.
(14) البيان: ص 40.
(15) الألفية: ص 50.
(16) المقنعة: ص 73.
(17) المراسم: ص 36 وفيه: (الخمر خاصة).
(18) المقنع: ص 11.
(19) المبسوط: ج 1 ص 15.
(20) الجمل والعقود: ص 57.
(21) الإقتصاد: ص 254.
490

سبعا، والاحتياط الأول (1). وصريح السرائر (2) والمعتبر (3) وسائر كتب
المصنف (4) سوى التلخيص والتبصرة الاكتفاء بغسلة واحدة إذا زالت العين والأثر
للأصل وضعف الأخبار.
(و) تغسل الآنية (من باقي النجاسات ثلاثا) بالماء (استحبابا
والواجب الانقاء) وإزالة العين والأثر ولو بغسلة واحدة، وفاقا للأكثر للأصل
واستحباب (5) الثلاث، لخبر عمار: إنه سأل الصادق عليه السلام عن الكوز والإناء يكون
قذرا كيف يغسل وكم مرة يغسل؟ قال: ثلاث مرات يصب فيه ماء فيحرك فيه، ثم
يفرغ منه ذلك الماء ثم يصب فيه ماء آخر فيحرك فيه، ثم يفرغ ذلك الماء ثم يصب
فيه ماء آخر فيحرك فيه، ثم يفرغ منه وقد طهر (6).
وأوجبها أبو علي (7) والشهيد في الذكرى (8) والدروس (9) والشيخ في كتبه (10)
إلا في المبسوط (11) فجعلها أحوط، ونحوه الشرائع (12) والنافع (13) والإصباح (14).
واستدل في الخلاف (15) بالجز والاحتياط دون الاجماع كما في المعتبر (16)

(1) المهذب: ج 1 ص 28.
(2) السرائر: ج 1 ص 92.
(3) المعتبر: ج 1 ص 462.
(4) مختلف الشيعة: ج 1 ص 499، تذكرة الفقهاء: ج ص 9 س 26، نهاية الإحكام: ج 1
ص 295، إرشاد الأذهان: ج 1 ص 240، تحرير الأحكام: ج 1 ص 26 س 12، منتهى
المطلب: ج 1 ص 189 س 31.
(5) في ص: (واستحب).
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1076 ب 53 من أبواب النجاسات ح 1.
(7) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 461.
(8) ذكرى الشيعة: ص 15 س 15.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 125 درس 19.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 204، الخلاف: ج 1 ص 182 المسألة 138، الجمل والعقود: ص 57.
(11) المبسوط: ج 1 ص 15.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 56.
(13) المختصر النافع: ص 20.
(14) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 5.
(15) الخلاف: ج 1 ص 182 المسألة 138.
(16) المعتبر: ج 1 ص 462.
491

والذكرى (1)، وفي اللمعة (2) والألفية (3) وجوب مرتين حملا على البول.
وأوجب ابن حمزة مرة في مباشرة الحيوانات النجسة بغير الولوغ وهي
الكلب والخنزير والكافر والثعلب والأرنب والفأرة والوزغة، وثلاثا في غيرها
وغير الخمر وموت الفأرة وولوغ الكلب (4). ولعله أخرج مباشرتها عن مفهوم كون
الإناء قذرا.
(وهذا الاعتبار) المذكور في الولوغ وما بعده وجوبا واستحبابا إنما هو
(مع صب الماء) القليل الغير الجاري (في الآنية، أما لو وضعت في
الجاري) الكثير على اختياره (أو الكر) الراكد (فإنها تطهر مع زوال
العين) والأثر، وقد عرفت شمول العين له في بعض الاطلاقات (بأول مرة)
كان الزوال عندها أو قبلها، بلا تعفير في الولوغ كما هو نص نهاية الإحكام (5)
وظاهر المختلف (6) بناء على أن المقصود من التعفير إزالة العين.
وقد فرض هنا الزوال أو بعد التعفير كما في البيان (7). ويحتمله التذكرة (8) أو
الإشارة (9) إلى ما بعد ولوغ الكلب من الأعداد، بناء على ظهور عدم الطهارة من
الولوغ بأول مرة لاشتراط التعفير قبل الغسل.
وأطلق في المبسوط: إن إناء الولوغ إذا وقع في الكر حصلت له غسلة واحدة
ثم يخرج ويتمم غسله، مع أنه اشترط كون التعفير قبل الغسلتين (10). فإما أن يريد
الوقوع بعده أو لا يرى التعفير، أو تقديمه عند الوقوع في الكثير.
ودليل ايجابه العدد مع الوقوع في الكثير هو العمومات، وفيه أيضا: إن وقع
الإناء في ماء جاري وجرى الماء عليه لم يحكم له بالثلاث غسلات، لأنه لم

(1) ذكرى الشيعة: ص 15 س 16.
(2) اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 310.
(3) الألفية: ص 49.
(4) الوسيلة: ص 77.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 296.
(6) مختلف الشيعة: ج 1 ص 498.
(7) البيان: ص 40.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 9 س 32.
(9) إشارة السبق: ص 80.
(10) المبسوط: ج 1 ص 14.
492

يغسله، ولا دليل على طهارته بذلك. ونحوه في المهذب (1).
قال المحقق: وفي قوله إشكال، وربما كان ما ذكره حقا إن لم يتقدم غسله
بالتراب، لكن لو غسل مرة بالتراب وتعاقبت عليه جريات كانت الطهارة أشبه (2).
وقطع في المنتهى باحتساب كل جرية غسلة، قال: إذ القصد غير معتبر،
فجرى مجرى ما لو وضعه تحت المطر. قال: ولو خضخضه في الماء - يعني الكثير
- وحركه بحيث يخرج تلك الأجزاء الملاقية عن حكم الملاقاة ويلاقيه غيرها
احتسب بذلك غسلة ثانية كالجريات، ولو طرح فيه ماء لم يحتسب به غسلة حتى
يفرغ منه، سواء كان كثيرا بحيث يسع الكر أو لم يكن، خلافا لبعض الجمهور فإنه
قال في الكبير إذا وسع قلتين لو طرح فيه ماء وخضخض احتسب به غسلة ثانية.
والوجه أنه لا يكون غسلة إلا بتفريغه منه مراعاة للعرف، ولو كان المغسول
مما يفتقر إلى العصر لم يحتسب له غسلة إلا بعد عصره - يعني إذا صب عليه
الكثير - لعموم دليله. قال: والأقرب عندي بعد ذلك كله أن العدد إنما يعتبر لو صب
الماء فيه، أما لو وقع الإناء في ماء كثير أو ماء جار وزالت النجاسة طهر (3).
ونحوه في التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5)، يعني من غير اعتبار تعدد الجريات
أو الخضخضة، عملا بأصل البراءة، وحملا لاطلاق الأخبار على الغالب في
بلادها، وفرقا بين ما ينفعل من الماء وما لا ينفعل.
ويؤيده قول الصادق عليه السلام فيما مر من صحيح ابن مسلم في الثوب يصيب
البول: اغسله في المركن مرتين فإن غسلته في ماء جار فمرة واحدة (6). وتبعه فيه
الشهيد في كتبه (7)، وعندي فيه نظر، خصوصا في الكثير الراكد.

(1) المهذب: ج 1 ص 29.
(2) المعتبر: ج 1 ص 460.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 189 س 15.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 9 س 10.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 279.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1002 ب 2 من أبواب النجاسات ح 1.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 125 درس 19، ذكرى الشيعة: ص 15 س 10.
493

ونص الصدوق (1) على اعتبار المرتين إذا غسل الثوب من البول في الراكد.
وحمله الشهيد على القليل والاستحباب (2).
(فروع) خمسة:
(أ: لو تطهر من آنية الذهب أو الفضة أو) الآنية (المغصوبة)
بالاغتراف منها أو الصب منها في اليد ثم التطهر (3) بما في اليد لا بوضع الأعضاء
فيها للطهارة أو الصب منها على أعضاء الطهارة (أو جعلها مصبا لماء الطهارة
صحت طهارته) كما في المبسوط (4) والمهذب (5) والجواهر (6) والمعتبر (7) في
غير المغصوبة، لأنه (وإن فعل محرما) باستعمالها، لكنه استعملها
استعمالات كل منها متقدم على جز من أجزاء الطهارة أو متأخر عنه، فلا يتناول
التحريم شيئا من أجزائها، خلافا لبعض العامة (8) وهما منهم أنه استعمل المحرم
في العبادة (9).
قال في المنتهى: ولو قيل: إن الطهارة لا تتم إلا بانتزاع الماء المنهي عنه،
فيستحيل الأمر بها لاشتمالها (10) على المفسدة كان وجها (11) إنتهى.
وعندي في حرمة الاغتراف منها أو صب ما فيها على الأعضاء تردد،
ولأنها (12) من الافراغ الذي لا دليل على حرمته.
وقد تبطل الطهارة من المغصوبة ولو بالاغتراف أو الصب في اليد لا على
أعضاء الطهارة، لمنافاتها المبادرة إلى الرد الواجبة، والمنافاة ممنوعة مطلقا، وقد

(1) الهداية: ص 14.
(2) ذكرى الشيعة: ص 15 س 17.
(3) في س و ص و م: (التطهير).
(4) المبسوط: ج 1 ص 13.
(5) المهذب: ج 1 ص 28.
(6) جواهر الفقه: ص 10 المسألة 12.
(7) المعتبر: ج 1 ص 456.
(8) المجموع: ج 1 ص 251 و 252.
(9) في ص: (العبادات).
(10) في ط (اشتماله).
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 186 س 20.
(12) في س و ص و ك: (لأنهما).
494

لا تجب المبادرة.
نعم، إن وجبت وتحققت المنافاة وقلنا بالنهي عن الأضداد الخاصة توجه
البطلان. وهذا (بخلاف الطهارة في الدار المغصوبة) فإنها تبطل، لأن
الطهارة فيها عين التصرف فيها المنهي عنه، وهو ممنوع، لأن التصرف فيها هو
الكون فيها، [والتصرف في فضائها حركة الأعضاء فيه] (1)، وليس شئ من ذلك
من أجزاء الطهارة في شئ، وإنما الكون في المكان من لوازم الجسم، وأجزاء
الطهارة جريان الماء على الأعضاء، لكنه يتوقف على الحركات والمسح، وليس
إلا التحريك، ولكنه تحريك اليد على العضوين، ويتوقف على التحريك في
الفضاء، وهو خيرة المعتبر (2)، وتردد ابن إدريس (3) في بعض مسائله.
(ب: لا) يجوز أو لا يجب في الولوغ أن (يمزج التراب بالماء) في
الغسلة التي بالتراب كما في السرائر (4) وفاقا لظاهر الأكثر، عملا بإطلاق
النصوص (5) والفتاوى وأصل البراءة، ولخروج الطهارة بالمزج عن اسمه.
ودليل ابن إدريس أن الغسل حقيقة في إجراء المائع (6)، فظاهر قوله عليه السلام:
(إغسله بالتراب) (7) إغسله بالماء مع التراب، كما في نحو غسل الرأس بالسدر
والخطمي، وحمله على الدلك بالتراب مجاز بعيد، وهو قوي كما في المنتهى (8).
(ج: لو فقد التراب) لإناء الولوغ (أجزاء مشابهه) في قلع النجاسة
(من الأشنان والصابون) ونحوهما كما في المبسوط (9) والأحمدي (10)، وفيه

(1) ما بين المعقوفين ساقط من س و م.
(2) المعتبر: ج 1 ص 456.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) السرائر: ج 1 ص 91.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1090 ب 70 من أبواب النجاسات ح 2.
(6) السرائر: ج 1 ص 91.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1091 ب 7 من أبواب النجاسات ح 1.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 188 س 33.
(9) المبسوط: ج 1 ص 14.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 497.
495

إطلاق ما قام مقام التراب بلا تقييد بفقدانه، ويحتمله المبسوط واحتمل (1) في
التحرير (2).
ودليل الاجزاء في الجملة حصول الغرض الذي هو انقلاع أجزاء النجاسة
بالجميع، وربما كان بعضها أبلغ فيه من التراب فيكون أولى، وضعفه ظاهر، لأصل
بقاء النجاسة، وعدم العبرة بالعلة المستنبطة، مع أن التراب دون أشباهه أحد
الطهورين، فالوجه الاقتصار على النص، من غير فرق بين حالتي الضرورة
وعدمها، وهو خيرة المعتبر (3) والمنتهى (4).
(ولو فقد الجميع اكتفى بالماء) كما في المبسوط (5) لما في إبقاء الإناء
على النجاسة من المشقة، وضعفه ظاهر، وهو كما في المنتهى (6) يحتمل الغسل به
(ثلاثا) تحصيلا ليقين الطهارة وتحقيقا للتثليث وإقامة للماء مقام التراب لكونه
أبلغ في الإزالة، وهو ممنوع.
ويحتمل سقوط الغسلة الأولى والاكتفاء بمرتين، لسقوط الغسل بانتفاء ما
يغسل به، وانتفاء الدليل على قيام غيره مقامه، وقواه في المنتهى، وقربه في
التحرير (7). ولا احتمال له على اعتبار المزج. والأقوى عدم الاكتفاء به ثلاثا
مطلقا فضلا عن اثنتين، إلا أن يعلم أن التراب رخصة لا عزيمة.
(ولو خيف فساد المحل باستعمال التراب فكالفاقد) لاشتراك المشقة
(ولو غسله بالماء عوض التراب) اختيارا (لم يطهر) وفاقا لظاهر
الشيخ (8) (على إشكال) من الخروج عن النص من غير داع والأصل، ومن أن

(1) في س و م: (واحتمله).
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 26 س 6.
(3) المعتبر: ج 1 ص 459.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 188 س 26.
(5) المبسوط: ج 1 ص 14.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 188 س 20.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 26 س 5.
(8) المبسوط: ج 1 ص 14.
496

الماء أبلغ في القلع، وهو ممنوع بعد تسليم عليته.
(د: لو تكرر الولوغ) من كلب واحد أو متعدد (لم يتكرر الغسل)
عندنا، للأصل، وشمول النصوص الواحد والكثير (1). وللشافعي عند تعدد الكلب
وجهان (2).
(ولو كان) التكرر (3) (في الأثناء) أي الولوغ الثاني في أثناء
الغسلات من الأول (استأنف) الغسلات من غير إكمال لما بقي للأول ولا
اكتفاء بالاكمال. ولو تنجس في الأثناء بنجاسة أخرى فإن كفاها الباقي من
الغسلات اكتفى بإكمالها، وإلا زيد لها بعد الاكمال باقي ما يجب لها.
(ه‍: آنية الخمر من القرع والخشب والخزف غير المغضور) أي
المطلي بما يسد المسام ويمنع نفوذ الماء من قولهم: أردت أن آتيك فغضرني أمر
- أي منعني - أو من قولهم: قوم مغضورون إذا كانوا في نعمة وخير (كغيره) في
التطهر بما مر وفاقا للمشهور، لعموم أدلة الطهارة، وأصل زوال حكم النجاسة
بزوال عينها مع رعاية المأمور به من الغسل، وخلافا للشيخ في النهاية (4) وابني
الجنيد (5) والبراج (6)، لقول أحدهما عليهما السلام لابن مسلم في الصحيح: نهى رسول
الله صلى الله عليه وآله عن الدبا والمزفت (7). وقول الصادق عليه السلام لأبي الربيع الشامي: نهى رسول
الله صلى الله عليه وآله عن الدبا والمزفت والحنتم والنقير، قلت: وما ذلك؟ قال: الدبا القرع،
والمزفت: الدنان، والخثم جرار خضر، والنقير خشب كان أهل الجاهلية ينقرونها
حتى يصير لها أجواف ينبذون فيها (8). ولأن للخمر حدة ونفوذا، فإذا لم تكن الآنية

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1091 ب 70 من أبواب النجاسات.
(2) المجموع: ج 2 ص 584.
(3) في س و ص و م: (التكرار).
(4) النهاية ونكتها: ج 3 ص 111.
(5) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 467.
(6) المهذب: ج 1 ص 28.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1075 ب 52 من أبواب النجاسات ح 1.
(8) المصدر السابق ح 2.
497

مغضورة داخلتها فاستقرت فيها ولم يزل بالماء.
والجواب: حمل الخبرين على الكراهة، ومنع عدم الزوال بالماء فإنه ألطف،
فينفذ فيما نفذت فيه، ولهم أن يقولوا: إنما ينفذ إذا لم يكن قد استقر جرم الخمر
المانع من نفوذه، والخبران خاصان فليقدمان على العمومات، هذا مع أصل بقاء
النجاسة.
498

(المقصد الرابع)
(في الوضوء)
(وفصوله ثلاثة:)
499

(الأول)
(في أفعاله) الواجبة
سواء كانت النية من الأفعال أو الشروط، أو مترددة بينهما، لجواز إدخالها
فيها تغليبا واتساعا لغاية شبهها بها، فجواز ذكرها في فصل الأفعال وإن لم تعد
منها تطفلا، أو لكونها شرط صحتها، إذ ليس فيها أنها من الأفعال، بل أنها من
الفروض.
ولولا تثنية الغسلات في المندوبات لصح اختصاص الفصل بأفعاله كلها، لأن
سائر المندوبات أفعال خارجة عنه إلا البدأة بالظاهر والباطن، فإنها من
الكيفيات، ويمكن اخراج التثنية من الأفعال بتكلف.
(وفروضه) من الأفعال وكيفياتها أو الشروط (سبعة):
(الأول:)
(النية)
(وهي) قصد الشئ، أو الجد في طلبه أو الجهة المنوية أي المقصودة.
والمعتبر في العبادات (إرادة) العبد (إيجاد الفعل) المأمور به إيجابا أو
ندبا (على الوجه المأمور به شرعا) من الوجوب أو الندب إن اعتبرا في النية
كما سينص عليه، أو على الكيفية المأمور بها إن لم يعتبرا، أو يكفي في اعتبار
501

الكيفية قصدها إجمالا. وعلى عدم اعتبار الوجوب أو الندب لا بد من أن لا ينوي الخلاف.
ويمكن إرادتهما من الوجه على هذا التقدير أيضا، بحمل اعتبارهما على أن
لا ينوي الخلاف، ولا يشمل التعريف نية التروك، ومنها الصوم والاحرام، ويمكن
إلحاقهما بالأفعال.
وليست المقارنة للفعل المنوي مأخوذة في مفهومه، وفاقا لظاهر الأكثر،
ومنهم المصنف في أكثر كتبه (1) لعدم الدليل، وفي تسليكه أنها إرادة مقارنة (2)،
ونسبه ابنه في الفخرية إلى المتكلمين وإلى الفقهاء (3) نحو ما في الكتاب. وفي
قواعد الشهيد (4) وذكراه: إن السابق على الفعل عزم لا نية (5).
(وهي شرط) عندنا (في كل طهارة عن حدث) مائية أو ترابية،
فإنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى (6)، وما أمرنا إلا لنعبد الله مخلصين
له الدين (7) خلافا لأبي حنيفة (8) والثوري فلم يشترطاها في المائية (9).
وفي المعتبر عن أبي علي وجوبها لكل طهارة (10)، وفي الذكرى عنه استحبابها،
ثم قال: لا أعلمه قولا لأحد من علمائنا (11)، وقال أيضا: ودلالة الكتاب والأخبار
على النية، مع أنها مركوزة في قلب كل عاقل يقصد إلى فعل أعني الأولين عن ذكر
نيات العبادات وتعليمها (12).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 14 س 41، نهاية الإحكام: ج 1 ص 29، منتهى المطلب: ج 1 ص
55 س 19.
(2) لا يوجد لدينا.
(3) الرسالة الفخرية (كلمات المحققين): ص 423.
(4) القواعد والفوائد: ج 1 ص 93.
(5) ذكرى الشيعة: ص 80 س 9.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 34 - 35 ب 5 من أبواب مقدمة العبادات ح 10.
(7) إشارة إلى قوله تعالى في سورة البينة: 5 (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين).
(8) بداية المجتهد: ج 1 ص 8، المجموع: ج 1 ص 313.
(9) بداية المجتهد: ج 1 ص 8، المجموع: ج 1 ص 313.
(10) المعتبر: ج 1 ص 138.
(11) ذكرى الشيعة: ص 80 س 10.
(12) ذكرى الشيعة: ص 80 س 3.
502

و (لا) اشتراط بها في الطهارة (عن خبث) عندنا وأكثر العامة (1)
(لأنها كالترك) فإنها إزالة النجاسة. والتروك لا تشترط بالنية للأصل الخالي
عن المعارض، ولأن الغرض فيها الأعدام وإن كانت ضرورة أو غفلة. نعم يشترط
بها استحقاق الثواب عليها.
ولبعض العامة (2) قول باشتراط الطهارة عن الخبث بها.
(ومحلها القلب) اتفاقا (فإن نطق بها مع عقد القلب صح) النية أو
المشروط بها أو النطق (وإلا فلا، ولو نطق) عمدا أو سهوا (بغير ما قصده،
كان الاعتبار بالقصد) والكل ظاهر.
ولا يستحب النطق كما في التذكرة (3) وفاقا لأكثر الشافعية (4)، بناء على أن
اللفظ أعون له على خلوص القصد، وفاقا للتحرير (5) والخلاف (6) لعدم الدليل.
نعم إذا أعان على الخلوص فلا شبهة في رجحانه لذلك، بل يجب إن لم يكن بدونه
كما في نهاية الإحكام (7).
وفي النفلية: استحباب الاقتصار على القلب (8). وعن بعض الشافعية وجوب
اللفظ (9).
والحق أنه لا رجحان له بنفسه، ويختلف باختلاف الناوين وأحوالهم، فقد
يعين على القصد فيترجح، وقد يخل به فالخلاف، وبذلك يمكن ارتفاع الخلاف
عندنا.
(ووقتها استحبابا عند غسل كفيه المستحب) للوضوء، وهو إذا توضأ
من حدث البول أو الغائط أو النوم واغترف من إناء لا يسع كرا، والكفان خاليتان

(1) المجموع: ج 1 ص 310.
(2) المبسوط للسرخسي: ج 1 ص 72.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 14 س 42.
(4) المجموع: ج 1 ص 316.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 9 س 14.
(6) الخلاف: ج 1 ص 308 س 14.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 445.
(8) النفلية: ص 112.
(9) المجموع: ج 1 ص 316.
503

من عين النجاسة وفاقا للأكثر، بناء على كونه من الأجزاء المندوبة للوضوء، وهو
غير معلوم، ولذا جعل في البيان (1) والنفلية (2) التأخير إلى غسل الوجه أولى.
وتوقف ابن طاووس في البشرى (3)، وإذا جاز التقديم عند غسل الكفين جاز
عند المضمضة والاستنشاق أيضا.
وظاهر الغنية (4) وموضع من السرائر: إنها إنما تقدم عندهما لا عند غسل
الكفين (5) والنصوص بخروجهما من الوضوء كثيرة، ولعلها ترشد إلى خروج غسل
الكفين.
وفي نهاية الإحكام: لا خلاف في أن المضمضة والاستنشاق من سننه، وكذا
غسل الكفين عندنا (6) إنتهى.
وفي التذكرة (7) والمنتهى (8) والذكرى (9) ولو وجب غسلهما ليقين النجاسة أو
استحب لا للوضوء، بل لمباشرة مظنون النجاسة - مثلا - أو أبيح كالمحدث بالريح،
فلا نية عنده وفاقا للدروس (10).
وفي الذكرى احتمالها في الواجب (11) ولو حرم كما عند قلة الماء فلا نية عنده
قطعا.
وهل يجوز المقارنة للتسمية أو السواك؟ نص نهاية الإحكام (12) وشرح
الإرشاد لفخر الاسلام وغيرهما: العدم (13)، وفي الروض الاجماع عليه (14)، وفي

(1) البيان: ص 7.
(2) النفلية: ص 112.
(3) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 80 س 32.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 18.
(5) السرائر: ج 1 ص 98.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 28 - 29.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 20 س 38.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 49 س 31.
(9) ذكرى الشيعة: ص 83 س 3.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 90 درس 3.
(11) ذكرى الشيعة: ص 81 س 2.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 29.
(13) لا يوجد لدينا.
(14) روض الجنان: ص 30 س 27.
504

الذكرى ظاهر الأصحاب والأحاديث أنهما من سننه (1)، ولكن لم يذكر
الأصحاب إيقاع النية عندهما، ولعله لسلب اسم الغسل المعتبر في الوضوء عنهما.
قلت: ظهور كونهما من سننه بمعنى أجزائه المسنونة ممنوع، بل الأخبار تؤيد
العدم إلا قوله صلى الله عليه وآله: السواك شطر الوضوء (2).
(و) وقتها (وجوبا) بمعنى عدم جواز التأخير (عند ابتداء أول جز
من غسل الوجه)، فإنه أول الأجزاء الواجبة من الوضوء، فإن تأخرت عنه لم
يقارنها جميعه. ومعناه كما في الغنية (3) مقارنة آخر جز من النية لأول جز من
غسل الوجه، حتى تؤثر بتقدم جملتها على جملة الوضوء، لا أن يقارن بأولها أول
غسل الوجه وآخرها ما بعده أو آخر الوضوء، للزوم خلو بعض الوضوء من النية
مع تعذر الثاني.
وعن أبي علي: لو عزبت النية عنه قبل ابتداء الطهارة ثم اعتقد ذلك وهو في
عملها أجزأه ذلك (4). ويمكن أن يريد بابتدائها غسل الكفين وما بعده إلى غسل
الوجه.
وقطع المعظم بأنها لو تقدمت على جميع أفعال العبادة من غير اتصال بها لم
تصح، إما لدخول المقارنة في مفهومها كما سمعت، أو لدلالة النصوص على كون
المكلف ناويا حين العمل.
وعن الجعفي: لا بأس إن تقدمت النية العمل أو كانت معه (5). ويمكن أن يريد
التقدم مع المقارنة المعتبرة، ثم الغفلة عنها. وبالمعية استدامتها فعلا إلى انتهاء
العمل، وبالجملة الاستدامة فعلا أو حكما.

(1) ذكرى الشيعة: ص 83 س 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 354 ب 3 من أبواب السواك ح 3.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 14.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 305.
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 80 س 7.
505

وقضية الأصل وجوب استدامتها من أول الوضوء وغيره من العبادات إلى
آخرها فعلا لاقتضاء النصوص وقوع الأعمال مقارنة لها، لكن لما تعذرت - غالبا -
في الأعمال الطويلة وتعسرت في القصيرة لم يوجبوها.
(و) إنما حكموا بأنه (يجب استدامتها حكما إلى آخر الوضوء)
وغيره.
قال في المبسوط: ومعنى ذلك أن لا ينتقل من تلك النية إلى نية تخالفها (1)،
ونحوه في الشرائع (2) والمنتهى (3) والجامع (4) والتذكرة (5) ونهاية الإحكام (6).
ونسبه الشهيد إلى الأكثر وقال: وكأنه بناء منهم على أن الباقي مستغن عن
المؤثر (7). ولعله أراد أنه إذا خلص العمل لله ابتداء بقي الخلوص وإن غفل عنه في
الأثناء.
وفي الغنية (8) والسرائر: أن يكون ذاكرا لها، غير فاعل لنية تخالفها (9). ولعلهما
غير مخالفين، وإنما أرادا تفسير الذاكر لهما بغير الفاعل بنية تخالفها. ولعل من
فسره بتجديد العزم كلما ذكر أيضا غير مخالف.
(ويجب في النية القصد إلى) فعل الوضوء لأجل (رفع الحدث، أو
استباحة فعل مشروط بالطهارة) كما في المبسوط (10) والوسيلة (11)
والجامع (12) والمعتبر (13)، لأنه إنما شرع لذلك، فإن لم يقصد الوضوء على الوجه
المأمور به ولاشتراك الفعل المكلف به بين ما شرع لنفسه أو لغاية، فلا بد في النية

(1) المبسوط: ج 1 ص 19.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 20.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 55 س 26.
(4) الجامع للشرائع: ص 35.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 15 س 2.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 28.
(7) ذكرى الشيعة: ص 81 س 5.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 18.
(9) السرائر: ج 1 ص 98.
(10) المبسوط: ج 1 ص 18.
(11) الوسيلة: 51.
(12) الجامع للشرائع: ص 35.
(13) المعتبر: ج 1 ص 139.
506

من التعرض لذلك تميزا للمنوي، والاكتفاء بأحدهما، لاستلزامه الآخر، بل اتحاده
به - كما في المعتبر (1) - لآخذ المنع من صحة الصلاة ونحوها في مفهوم الحديث،
ولا معنى للاستباحة إلا زوال المانع.
وفي الكافي (2) والغنية (3) والمهذب (4) والإصباح (5) والإشارة (6) وجوب القصد
إليهما، لافتراقهما معنى ووجودا في دائم الحدث، والمتيمم لاستباحتهما خاصة،
والحائض لرفع غسلها الأكبر من غير استباحة. وإذا كان رفع الحدث بمعنى رفع
المانعية، وعمم الاستباحة التامة والناقصة زوال الافتراق وجودا، واقتصر السيد
على الاستباحة (7)، وكذا الشيخ في الإقتصاد (8)، واقتصر في عمل يوم وليلة على
الرفع (9).
والأقوى عدم وجوب شئ منهما للأصل من غير معارض، فإن الواجب
قصد فعل المأمور به، على الوجه المأمور به من الأجزاء والكيفيات، وأما وجوب
قصد ما شرع لأجله فلا دليل عليه. نعم اعتقاده من توابع الايمان، ولا مدخل له
في النية، والتميز حاصل بقصد نفس الفعل، فإنه مما لم يشرع إلا لغاية.
ولعل من أوجب التعرض لهما أو لأحدهما أراد نفي ضد ذلك، بمعنى أن
الناوي لا يجوز له أن ينوي الوجوب أو الندب لنفسه، فلا شبهة في بطلان الوضوء
حينئذ.
أما إذا نواه مع الغفلة عن جميع ذلك فلا دليل على بطلانه. قال ابن طاووس:

(1) المعتبر: ج 1 ص 139.
(2) الكافي في الفقه: ص 132.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 4 - 5.
(4) المهذب: ج 1 ص 43.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 6.
(6) إشارة السبق: ص 70.
(7) نقله عنه في غاية المراد: ص 5 س 12 (مخطوط).
(8) الإقتصاد: ص 243.
(9) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 142.
507

لم أعرف نقلا متواترا ولا آحادا يقتضي القصد إلى رفع الحدث أو استباحة
الصلاة (1) إنتهى.
(و) لا شبهة في أنه يجب (التقرب) به (إلى الله تعالى) بل هو
حقيقة النية الواجبة، ومعناه طلب القرب إليه تعالى، أي رفع الدرجة لإطاعته. ولو
نوى إطاعته وموافقة أمره وإرادته مع الغفلة عن طلب رفع الدرجة والتقرب، كان
أولى بالجواز، ولا بد من الاخلاص، أي عدم شوب ذلك بغاية أخرى من رياء أو
غيره.
(و) يجب أن ينوي (أن يوقعه لوجوبه) إن وجب (أو ندبه) إن لم
يجب (أو لوجههما) وهو اللطف عند أكثر العدلية، وترك المفسدة اللازمة من
الترك عند بعض المعتزلة، والشكر عند الكعبي ومجرد الأمر عند الأشعرية (على
رأي) وفاقا للغنية (2) والسرائر (3) والمهذب (4) والكافي (5) وإن لم يذكر فيهما
الوجه لما مر من وجوب قصد المأمور به على الوجه المأمور به، وفيه ما مر.
نعم، لا شبهة أنه لو نوى الخلاف بطل، ويمكن تنزيل كلامهم عليه، كما قد
يشعر به عبارة نهاية الإحكام هنا (6). وفي الصلاة منها: ويجب أن يقصد إيقاع
الواجب لوجوبه والمندوب لندبه أو لوجههما، لا للرياء وطلب الثواب وغيرهما (7).
وفيه أن الرياء يندفع بالاخلاص في التقرب وذكره، وأن التقرب طلب للثواب.
وفي الوسيلة اعتبار الوجوب وصفا لا غاية (8)، وهو ظاهر المنتهى (9). يناسبه
اعتبار الشيخ له كذلك في الصلاة (10).

(1) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 80 س 29.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 12.
(3) السرائر: ج 1 ص 98.
(4) المهذب: ج 1 ص 43.
(5) الكافي في الفقه: ص 132.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 29.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 447.
(8) الوسيلة: ص 51.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 56 س 31.
(10) المبسوط: ج 1 ص 101.
508

ودليله أولا: وجوب تمييز المنوي وقطع الابهام عنه، ولا يتم بدونه، ووجوب
نحو هذا التمييز محل نظر. نعم، يتجه في نحو صلاة الظهر فإنها نوعان: فريضة
ونافلة.
وثانيا: أن الوجوب والندب صفتان للمنوي، وجهتان مختلفتان، ولا بد من نية
الفعل على الجهة المشروعة وهو ممنوع، بمعنى أنه لا يصح إذا نوى الواجب ندبا
أو العكس. أما مع الغفلة فلا، وعبارة الشرائع يحتمل الوصف والغاية (1)، وقد قيل
باعتبارهما جميعا، فينوي الوضوء الواجب لوجوبه (2).
وعندي أنه لا بد من التعرض للوجوب أو الندب، وصفا أو غاية إن لم يتميز
المنوي بدونه كما أشرت إليه، والوضوء إن سلم كونه كذلك فهو كذلك إن لم ينو به
استباحة نحو صلاة واجبة أو مندوبة. أما إذا نويت فهي كافية، ولذا قال المحقق في
المعتبر: وفي اشتراط نية الوجوب والندب تردد، أشبهه عدم الاشتراط إذا قصد
الاستباحة والتقرب (3).
وكما يحصل التمييز بالوصف يحصل بالغاية، فلا فرق بين أن ينوي الوضوء
الواجب أو الوضوء لوجوبه، وإن كان الوصف أظهر. ولذا استدل ابنا زهرة (4)
وإدريس (5) على اعتبارهما الوجوب أو وجهه بالتمييز، وإيقاع الفعل على الوجه
المأمور به. وكذا اعتبر المصنف في التذكرة نية صلاة معينة لوجوبها أو لندبها،
واستدل بالتمييز (6).
(وذو الحدث الدائم) الذي لا يرتفع زمانا يسع الصلاة مثلا (كالمبطون،
وصاحب السلس، والمستحاضة ينوي الاستباحة) لا الرفع، فإنه يستبيح
بطهارته ولا يرتفع حدثه لدوامه، إلا أن ينوي رفع المنع من نحو الصلاة، فيكون
بمعنى الاستباحة. وأما رفع الماضي فهو الذي ينويه غير دائم الحدث.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 78.
(2) ذخيرة المعاد: ص 264 س 22 - 23.
(3) المعتبر: ج 1 ص 139.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 12.
(5) السرائر: ج 1 ص 98.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 111 س 11.
509

والفرق بأنه ينوي رفعا مستمرا، بخلاف دائم الحدث غير موجه، بل العكس
أظهر، لعدم انتقاض وضوء دائم الحدث بما يتجدد بخلاف غيره. وأيضا ربما تجدد
الحدث لدائمه في أثناء الوضوء غير مرة، ويبعد رفع مثل هذا الوضوء لما مضى من
الأحداث.
والتحقيق: أن الحدث أثر للأمور المخصوصة لا يختلف فيه المكلفون
باختلاف أحوالهم، ولا الأمور المؤثرة ذلك الأثر. ومن المعلوم صحة صلاة دائم
الحدث مع تجدده بعد وضوئه وفي أثنائه وفي الصلاة، فصلاته صحيحة مع
الحدث، فلم يجب عليه الوضوء لرفعه، وإنما وجب لاشتراط صلاته به، ولا دليل
على اشتراطها برفع الماضي خاصة، خصوصا مع تجدد الحدث في أثناء الوضوء.
فإن ضم إلى نية الاستباحة نية الرفع لغا كما في الذكرى (1) والفخرية (2)،
ويحتمل البطلان لنيته خلاف ما جعله الشارع غاية، وفيه أن البطلان به ممنوع.
نعم على القول بوجوب التعرض للرفع أو الاستباحة في النية لا يخلو البطلان
حينئذ من قوة، وسواء عندي نوى رفع الماضي أو أطلق كما عرفت.
(فإن اقتصر على) نية (رفع الحدث فالأقوى) بناء على لزوم
التعرض له أو للاستباحة في نية الوضوء (البطلان) لاغفاله الواجب من نية
الاستباحة، ونية غيره مما ليس غاية لفعله شرعا، وقد يكون محالا.
ويحتمل الصحة بناء على استلزام ارتفاع الحدث استباحة الصلاة، فنيته
تستلزم نيتها، ولا يرد جواز الغفلة عن اللازم لدخول المانع من صحة الصلاة في
مفهوم الحدث، ولا يعقل قصد رفعه مع الغفلة عن الاستباحة.
نعم يضعف بكون المنوي خلاف الغاية الشرعية. وأما على عدم لزوم التعرض
للغاية في النية فيقوى الصحة، بناء على منع البطلان بنية غير الغاية الشرعية.

(1) ذكرى الشيعة: ص 81 س 33.
(2) الرسالة الفخرية (كلمات المحققين): ص 424.
510

(فروع) اثني عشر:
(أ: لو ضم) في النية إلى القربة ما لا ينفك عنه من (التبرد) أو التسخن
أو نحوهما (صح) كما في المبسوط (1) والجامع (2) والشرائع (3) والمعتبر في
التبرد أيضا (4)، وغيره نصا في الشرائع (5).
واقتضاء في الباقية (على إشكال) من منافاته الاخلاص، وهو خيرة
نهاية الإحكام (6) والايضاح (7) والبيان (8)، ومن أنه يحصل له، نواه أم لا، فمع
تذكره لا يخلو من قصده غالبا، ويعتبر اخلاء القصد عنه.
وبعبارة أخرى: لا شبهة في أنه إذا وجد المكلف مائين حارا وباردا جاز له
اختيار البارد في الهواء الحار، والحار في البارد، وما ذاك إلا لأنه يريد التبريد
في الأول، والتسخين في الثاني. فهو كما لو جهر بالتكبير لاعلام المأمومين.
واحتمل الشهيد في قواعده أن يقال: إن كان غرضه الأصلي القربة، ثم طرأ
التبرد عند ابتداء الفعل لم يضر. وإن انعكس أو كان الغرض مجموعهما لم يصح (9).
وهو الوجه، وعليه ينزل إطلاق الأصحاب.
(ولو ضم الرياء بطل) لعدم الاخلاص. ولا خلاف في أنه لا يستحق به
الثواب حينئذ. وهل يجزي بمعنى الخروج عن عهدة التكليف والخلاص من
العقاب وعدم وجوب الإعادة؟ ظاهر الإنتصار الاجزاء (10)، والمشهور عدمه.
وفي قواعد الشهيد: إنه لا نعلم فيه خلافا إلا من السيد (11). ويقوي الاجزاء
أصل البراءة، وأن الواجب أمران، أحدهما: الفعل المأمور به. والآخر: الاخلاص

(1) المبسوط: ج 1 ص 19.
(2) الجامع للشرائع: ص 35.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 20.
(4) المعتبر: ج 1 ص 140.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 20.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 29.
(7) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 36.
(8) البيان: ص 7.
(9) القواعد والفوائد: ج 1 ص 80.
(10) الإنتصار: ص 17.
(11) القواعد والفوائد: ج 1 ص 79.
511

في نيته. ولا يوجب الاخلال بالأخير الاخلال بالأول، وإن أوجب الإثم. وأخذ
الاخلاص في مفهوم العبادات حتى يلزم أن لا يكون الواقع بدونه وضوء أو
صلاة أو نحوهما، ممنوع. وقوله صلى الله عليه وآله: (إنما الأعمال بالنيات) (1) ليس على
ظاهره لتحقق حقيقة العمل بدونها، فالمعنى صحتها أو كمالها أو ثوابها، والصحة
غير متعينة للتقدير ليفيد عدم الاجزاء.
وفيه أنها أقرب المجازات إلى الحقيقة، لكن غايته توقف الصحة على أن لا
يقع، لا عن قصد إليها إلا على نية القربة فضلا عن الاخلاص، ولذا اجتزأ السيد (2)
في ظاهره المقصود به على الرياء فحسب.
(ب: لا يفتقر) عندنا (إلى تعيين الحدث) الذي ينوي رفعه (وإن
تعدد) الصادر عنه للأصل.
(فلو عينه) وكان هو الواقع فلا كلام في الصحة وإن كان غيره فسيأتي.
وإن وقعت أحداث، فعين بعضا منها (ارتفع الباقي) وصحت الطهارة، كان
المنوي آخر أحداثه أو لا، لأنها متداخلة الآثار، فلا يرتفع أثرا واحدا منها إلا
وارتفع أثر الجميع.
وللشافعي قول بالبطلان (3)، واحتمله في نهاية الإحكام (4)، لأنه لم ينو إلا
رفع البعض فيبقى الباقي، وهو كاف في المنع من نحو الصلاة. وآخر بالصحة إن
كان المنوي آخر الأحداث وإلا بطلت.
واحتمل في نهاية الإحكام ارتفاع المنوي خاصة بناء على تعدد الآثار بتعدد
الأسباب، فإن توضأ ثانيا لرفع آخر صح، وهكذا إلى آخر الأحداث (5).
وإن نوى مع رفع البعض بقاء الباقي، ففي نهاية الإحكام (6) والبيان (7) والدروس

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 35 ب 5 من أبواب مقدمة العبادات ح 10.
(2) الإنتصار: ص 17.
(3) المجموع: ج 1 ص 326.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 31.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 31.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 31.
(7) البيان: ص 7.
512

القطع بالبطلان لتناقض القصدين (1)، فأشبه قوله: أرفع الحدث لا أرفعه، وهو
تلاعب بالطهارة. وعلى الاحتمال الذي حكيناه يتعين الصحة.
وفي الذكرى: فيه وجهان من التناقض، ومن أنه نوى رفع الحدث فيحصل
له، لأن لكل امرئ ما نوى، وهو يستلزم ارتفاع غيره (2).
(وكذا لو نوى استباحة صلاة معينة استباح ما عداها) إذا لم يكن
دائم الحدث، ولا ينقض وضوئه، ولم ينف استباحتها قطعا، إذ لا تستباح صلاة
إلا بارتفاع جميع الأحداث، وعنده تستباح سائر الصلوات، سواء اكتفى
بالاستباحة أو ضم إليها الرفع مطلقا، أو رفع بعض ما وقع من الأحداث، إلا أن
ينفي رفع الباقي وقلنا بالبطلان حينئذ، ولم نقل بمعارضته بنية الاستباحة التي لا
يتم إلا بارتفاع الجميع.
(وإن نفاها) أي استباحة ما عداها فكذلك يستباح ويلغى النفي، لأن لكل
امرئ ما نوى، وقد نوى استباحة صلاة وهي تستلزم استباحة ما عداها.
وللشافعي قول بالبطلان (3)، واحتمله في نهاية الإحكام، لأنه نوى خلاف
مقتضى الطهارة، ولتناقض القصدين (4)، وهو فتوى الدروس (5) والبيان (6)، وهو
قوي بناء على لزوم التعرض للاستباحة عينا أو تخييرا. وآخر باستباحة ما نواه،
كما أن ذا الحدث الدائم إنما يستبيح بطهارته صلاة واحدة. وإن نوى استباحة
صلاة صلاها عمدا بطل على القول بوجوب التعرض للاستباحة عينا أو تخييرا
إلا أن يضم الرفع ولم نوجبه وغلطا فكالغلط في الحدث.
و (سواء) في جميع ذلك (كانت المعينة فرضا أو نفلا) لاشتراكهما

(1) الدروس الشرعية: ج 1 ص 90 درس 3.
(2) ذكرى الشيعة: ص 81 س 11.
(3) المجموع: ج 1 ص 327، فتح العزيز: ج 1 ص 321.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 31.
(5) الدروس الشرعية: ج 1 ص 90 درس 3.
(6) البيان: ص 8.
513

في المبيح.
(ج: لا تصح الطهارة) كغيرها من العبادات عندنا (من الكافر) وإن
عرف الله ووافق ما يوقعه الحق ومعتقده (لعدم التقرب في حقه) وإن نواه،
لأن التقرب إنما يتم بما يتلقى من الشارع، ولم يتلقه الكافر منه (إلا) غسل
الذمية (الحائض الطاهرة) أي إذا طهرت من حيضها، وكانت (تحت
المسلم) فإنه يصح (لإباحة الوطء إن شرطنا) فيها (الغسل) كما في
إيلا المبسوط (1)، وذلك (للضرورة).
قال الشهيد - وأجاد -: ولو قيل بتسويغ الوطء من غير غسل للضرورة كان
قولا (2).
قلت: وهو مقرب البيان، قال: وارتكاب هذه الضرورة أولى من ارتكاب
شرع غسل بغير نية صحيحة.
قال: والعامة لما لم تكن القربة معتبرة عندهم حكموا بالصحة (3).
ثم المصنف وإن حكم هنا وفي المنتهى (4) والنهاية بصحة غسلها لضرورة حق
الزوج (5) لكن لا يرفع به حدثها (فإن أسلمت أعادت) الغسل للوط وغيره،
وللشافعي وجه بالعدم (6).
(ولا تبطل) الطهارة (بالارتداد بعد الكمال) مائية أو ترابية كما في
الخلاف (7) والجواهر (8) للأصل من غير معارض، فلو عاد إلى الاسلام قبل الحدث
لم يعد الطهارة المشروط بها. وللشافعي أقوال ثالثها بطلان التيمم خاصة (9)، وهو
خيرة المنتهى، لأنه نوى به الاستباحة وانتفت بالارتداد (10). قال في الذكرى: قلنا

(1) المبسوط: ج 5 ص 140.
(2) ذكرى الشيعة: ص 82 س 1.
(3) ذكرى الشيعة: ص 82 س 1.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 56 س 14، نقله عن الشافعي ولم يفتي به.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 28.
(6) المجموع: ج 1 ص 331.
(7) الخلاف: ج 1 ص 168 المسألة 121.
(8) جواهر الفقه: ص 12 المسألة 20.
(9) المجموع: ج 2 ص 301.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 55 س 14.
514

ما دام الكفر (1).
(ولو حصل) الارتداد (في الأثناء) بطلت الطهارة، فإن عاد (أعاد)
لوجوب استدامة النية المشتملة على القربة فعلا أو حكما، والارتداد ينافيها. وفي
الذكرى (2) والدروس (3) إنه إن عاد في الأثناء بنى بنية مستأنفة مع بقاء البلل.
(د: لو عزبت النية في الأثناء صح الوضوء) لما عرفت من عدم
وجوب استدامتها فعلا (وإن) كانت (اقترنت بغسل الكفين) المستحب
وعزبت عند غسل الوجه فإن الواجب المقارنة بأول أفعاله الواجبة أو المندوبة، ثم
الاستدامة حكما، خلافا للشافعي في أصح الوجهين عنده (4) حيث أوجب
المقارنة فعلا لغسل الوجه الواجب، لأن المقصود من العبادات واجباتها وسننها
توابع، وقد مر الكلام في كون غسل الكفين من الأجزاء المسنونة.
(نعم لو نوى) مجرد (التبرد) مثلا (في باقي الأعضاء) أو جميعها
(بعد عزوب النية، فالوجه البطلان) إن لم يتدارك، كما لو نواه أولا لانتفاء
النية الأولى حقيقة وحصول غيرها، فيكون أقوى. فإن أحدث نية التبرد عند غسل
اليد - مثلا - ثم ذكر والوجه رطب أعاد غسلها وصح الوضوء، وإن جف الوجه بطل.
ويقوى عندي عدم البطلان بنية التبرد وإن يتدارك، بناء على جواز ضمها إلى
نية القربة حقيقة، لأن الاستدامة حكما في حكم الاستدامة فعلا.
(ه‍: لو نوى رفع حدث) بعينه (والواقع غيره فإن كان غلطا صح)
الوضوء لعدم وجوب التعرض لعين الحدث، فلا يضر الغلط فيها، كذا في نهاية
الأحكام (5) والتذكرة (6) ومحتملها. وفتوى البيان (7) ومقرب الذكرى البطلان (8)،
وهو أقوى، على القول بوجوب التعرض للرفع عينا أو تخييرا، إلا أن يضم

(1) ذكرى الشيعة: ص 82 س 7.
(2) ذكرى الشيعة: ص 82 س 7.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 90 درس 3.
(4) المجموع: ج 1 ص 320 - 321.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 30.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 15 س 35.
(7) البيان: ص 8.
(8) ذكرى الشيعة: ص 81 س 13.
515

الاستباحة ولم نوجب الضم، (وإلا) يكن غلطا، بل عمدا (بطل) لتلاعبه.
(و: لو نوى) بالطهارة (ما يستحب له) باعتبار الحدث، ولا يشترط
فيه (كقراءة القرآن) وكتابته والنوم والكون على طهارة ودخول المساجد
والأخذ في الحوائج، لا التجديد الذي يستحب لا باعتبار الحدث، وكان ممن
يرتفع حدثه لا كالحائض تتوضأ للذكر، والغاسل للتكفين، والمتيمم لصلاة الجنازة
وقصد بوضوئه كمال تلك الأمور أو نفسها مطلقة لا جوازها.
(فالأقوى الصحة) بمعنى ارتفاع الحدث به، وجواز الدخول به في الصلاة
ونحوها. كما استحسنه المحقق لنيته، الفضل الذي إنما يحصل بارتفاع الحدث (1).
خلافا للمبسوط (2) والسرائر لعدم الاشتراط بالطهارة وارتفاع الحدث (3).
ويندفع باشتراط الفضل بذلك، ويجوز أن يريد: إذا نوى الاستباحة أو أطلق
لا الكمال فيرتفع النزاع. وما قيدنا به عبارة الكتاب نص نهاية الإحكام (4)
والتذكرة يوافقه في التجديد (5).
وتوقف في المنتهى (6) والتحرير (7) في أجزاء المجدد ندبا لو ظهر أنه كان
محدثا. وظاهر التذكرة (8) والمنتهى (9) والمختلف انصراف نية الطهارة لنفس تلك
الأمور مطلقة إلى فضلها (10).
وتوقف في التحرير في صحتها لهذه الأمور (11)، ولعله للتوقف في الانصراف
إلى الفضل.
وتوقف الشهيد في الوضوء للنوم لأنه نوى وضوء للحدث، يعني يبعد أن

(1) المعتبر: ج 1 ص 140.
(2) المبسوط: ج 1 ص 19.
(3) السرائر: ج 1 ص 105.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 32.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 15 س 24.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 55 س 35.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 9 س 19.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 15 س 23.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 55 س 34.
(10) مختلف الشيعة: ج 1 ص 276.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 9 س 19.
516

يستباح بما غايته الحدث ما يشترط فيه ارتفاعه، قال: وألحقه في المعتبر
بالصحيح، لأنه قصد النوم على أفضل أحواله، ولما في الحديث من استحباب
النوم على طهارة، وهو مشعر بحصولها. قال: ولك أن تقول: لا يلزم من استحباب
النوم على الطهارة صحة الطهارة للنوم، إذ الموصل إلى ذلك وضوء رافع للحدث،
فلينو رفعه أو استباحة مشروط به لا مناف له. قال: والتحقيق أن جعل النوم غاية
مجازا، إذ الغاية هي الطهارة في آن قبل النوم، بحيث يقع النوم عليها، فيكون من
باب الكون على طهارة، وهي غاية صحيحة (1).
قلت: استحباب الوضوء لنوم الجنب لا معنى له إلا التفيئة بالنوم أو التنظيف.
ثم قال: ولو نوت الحائض بعد طهرها إباحة الوطء فالأقرب الصحة لما قلناه،
وخصوصا على القول بحرمته قبل الغسل، ويحتمل البطلان، لأن الطهارة لحق الله
ولحق الزوج، فلا تبعض، بل تكلف طهارة صالحة لهما. ويجاب: بأن القربة
حاصلة، وإباحة الوطء على الكمال، أو الصحة موقوف على رفع الحدث، فهما
منويان (2)، انتهى.
(ز: لو شك في الحدث بعد يقين الطهارة الواجبة) أو المندوبة المبيحة
(فتوضأ احتياطا ثم تيقن الحدث، فالأقوى الإعادة) لأنه لم ينو
الوجوب، ولا رفع الحدث لتردده فيه، وكذا الاستباحة.
ويحتمل العدم بناء على أن نية الوجه والرفع إنما يلزم مع الامكان، وإلا لم
يكن للاحتياط فائدة، وعلى الاكتفاء بالقربة لا إعادة قطعا.
(ح: لو أغفل لمعة في) الغسلة (الأولى) من وضوء واجب
(فانغسلت في) الغسلة (الثانية) التي أوقعها (على قصد الندب
فالأقوى) بناء على اعتبار الوجه (البطلان) إلا أن يعلم فيعيد غسل اللمعة
قبل جفاف السابق، للزوم وقوع بعض الوضوء بنية الندب.

(1) ذكرى الشيعة: ص 81 س 20.
(2) ذكرى الشيعة: ص 81 س 25.
517

ويحتمل الصحة بناء على أن الوجه إنما يعتبر على وفق اعتقاده، أو على أنه
نوى الوجوب بجملة الوضوء أولا، وهو كاف لعدم وجوب نية كل عضو عضو.
وإنما نوى الندب بالغسلة الثانية، وهي إنما تكون غسلة ثانية لغير اللمعة، وأما لها
فهي غسلة أولى وهو ناوي بها الوجوب في ضمن نيته للجملة، ولكنه أخطأ فظنها
من الغسلة الثانية المندوبة مع اتحاد الطهارة، وكون المصلحة في تثنية الغسل
انغسال ما بقي من الغسلة الأولى، كما يرشد إليه قول أبي جعفر عليه السلام في حسن
زرارة وبكير: والثنتان تأتيان على ذلك كله (1).
وفي الذكرى: وربما بنى على أن نية المنافي (2) بعد عزوب النية، هل يؤثر أم
لا؟ وعلى أن الوضوء المنوي به ما يستحب له الطهارة يصح أم لا؟ قال: وقد
ينازع في تصور البناء على الأصل الثاني، بناء على عدم صحة الوضوء المندوب
قبل الواجب لمن عليه واجب (3).
وأما إذا غفل عن نية الندب بالثانية، أو نوى بها الوجوب لنذر أو شبهه، أو كان
الوضوء مندوبا، تعينت الصحة (4).
وأطلق احتمال الوجهين في المنتهى (5) والنهاية (6)، بناء على أنه لم ينو رفع
الحدث بالثانية، ويضعف بعدم وجوبه في كل عضو عضو.
(وكذا لو) أغفل لمعة في وضوء مبيح ثم (انغسلت في تجديد
الوضوء) فالأقوى - بناء على اعتبار الرفع أو (7) الاستباحة - البطلان، لبطلان
الأول قطعا، وعدم نية رفع الحدث أو الاستباحة في الثاني، وإن نوى به الوجوب
لنذر أو شبهه وكان الأول أيضا مندوبا، إلا إذا غفل عن الطهارة الأولى فلم ينو
التجديد بالثانية، بل الرفع أو الاستباحة.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 273 ب 15 من أبواب الوضوء ذيل الحديث 3.
(2) في ط (الثاني).
(3) ذكرى الشيعة: ص 82 س 32.
(4) في ص و ك: (فالصحة متعينة).
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 55 س 35.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 34.
(7) في ص: (و).
518

ويحتمل الصحة كما يتعين على الاكتفاء بالقربة أو بها مع الوجه واتحد بناء
على أن الوجه والرفع إنما يعتبران على وفق الاعتقاد والمجدد طهارة شرعية،
والظاهر شرعها لكمال الطهارة وتدارك الخلل في السابقة، وهو ظاهر
المبسوط (1).
(ط: لو فرق النية على الأعضاء بأن قصد عند غسل الوجه رفع
الحدث عنه) أي نوى غسله لرفع الحدث عنه خاصة أو عنه وعن عضو آخر
كالرأس مثلا (وعند غسل اليدين الرفع عنهما) خاصة أو مع عضو آخر
وهكذا (لم يصح) الوضوء، لأن الحدث أثر متعلق بجملة المكلف برفعه
الطهارة بجملتها لا بعضو عضو ليرفعه عن كل عضو غسله أو مسحه، ولذا لا يجوز
مس المصحف بالوجه المغسول قبل تمام الوضوء.
وفي نهاية الإحكام: لأن الوضوء عبادة واحدة، فلا يجوز تفريق النية على
أبعاضها كالصوم والصلاة (2)، إنتهى.
وسواء كان قد نوى جملة الوضوء لرفع الحدث جملة ثم فرق النية كذلك أو
لا، فإن التفريق كذلك نية للمنافي، ويمكن منع المنافاة.
وكذا لا يصح لو نوى الوضوء ابتداء لرفع الحدث عن الأعضاء الأربعة كما في
التذكرة (3) لعين ما عرفت. واحتمل الشهيد الصحة هنا وفي السابقة، لتوهم السريان
من الأعضاء المنوية إلى الجملة (4).
هذا كله على القول بلزوم التعرض للرفع عينا أو تخييرا، وعلى العدم يقوي
الصحة للاتيان بالواجب من النية، وما زاد فهو لغو. ويحتمل البطلان، لأنه مخالفة
لإرادة الشارع، وكذا إذا ضم الاستباحة ولم نوجبه احتمل الوجهان لذلك.
ولو فرق النية، بأن شرع فيها عند غسل الوجه ولم يتمها إلا بعده أو عند

(1) المبسوط: ج 1 ص 19.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 34.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 15 س 27.
(4) ذكرى الشيعة: ص 82 س 27.
519

تمامه، بطل قطعا كما في المنتهى (1) لخلو بعض الوضوء من النية قطعا.
(أما لو) فرقها بأن لم ينو الوضوء جملة بل (نوى غسل الوجه) خاصة
(عنده) أي عند غسله (لرفع الحدث) مطلقا لا عن الوجه خاصة أو مع
عضو آخر أو الاستباحة (و) نوى (غسل اليمنى عنده لرفع الحدث)
كذلك أو الاستباحة (وهكذا فالأقرب الصحة) وهو أحد قولي الشافعي (2)، إذ
ليس الوضوء إلا الأفعال المخصوصة وقد نواها، ولا دليل على وجوب نيتها
جملة، ولا يفيد التعليل بالرفع أو الاستباحة أن تكون العلة تامة.
وفي التذكرة (3) والمنتهى: إنه إذا صح غسل الوجه لنيته في ضمن نية المجموع
فصحته بنية خاصة به أولى (4). ويحتمل البطلان لأنه لم يعهد من الشارع، وهو
ممنوع. والوضوء البياني خالي عن (5) النية رأسا، ولكونه عبادة واحدة كالصوم
والصلاة، ولذا يكفيه نية واحدة.
ومنعه في التذكرة (6) والمنتهى (7)، وسمعت اعترافه بالوحدة في النهاية (8)، ومع
ذلك استقرب فيها أيضا الصحة مع هذا التفريق، معللا بأنه كما أن المقصود من
مجموع هذه الأفعال رفع الحدث عن المكلف كذا من كل فعل، لكن لا يحصل
المقصود إلا بجملة الأفعال، فلا يجوز أن يمس المصحف بوجهه المغسول. وأما إذا
فرق كذلك بعد نية الوضوء جملة فالصحة متعينة.
(ي: لو نوى قطع الطهارة) أي نقضها (بعد الاكمال لم تبطل) قطعا
للأصل وانحصار النواقض في غيرها، (ولو نواه في الأثناء) بطلت في الباقي
وإن أوقعه ما لم يرجع و (لم تبطل فيما مضى) فإذا رجع أتى بالباقي وصحت
طهارته وإن كانت وضوء (إلا أن يخرج عن الموالاة) فتبطل لذلك، قطع به

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 56 س 25.
(2) المجموع: ج 1 ص 329.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 15 س 27.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 56 س 23.
(5) في ص: (خال من).
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 15 س 28.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 56 س 26.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 34.
520

الشيخ (1) وابنا سعيد (2) والمصنف هنا وفي التحرير (3) والمنتهى (4)، وقربه في
التذكرة (5)، لوقوع السابق صحيحا.
والأصل عدم انتقاضه كما لا تنتقض الطهارة بنية القطع بعد إكمالها، وليس هذا
من تفريق النية في شئ بل من تكريرها، فإنه نوى جملة الوضوء أولا. وكذا عند
التدارك نوى إتمام ما نواه أولا ولو سلم فهو تفريق بعد نية الجملة مؤكد لها، وهو
مبني على كون الطهارة أفعالا كثيرة كما في قواعد الشهيد (6)، لا عبادة واحدة: وقد
ينافيه الاكتفاء فيها بنية واحدة، أو على أن المعتبر من الاستدامة في العبادة
الواحدة أن لا يقع شئ من أجزائها لا مع النية حقيقة أو حكما، وفيه نظر، فالحكم
مشكل كما في الهادي (7).
وقيل: نية القطع تنافي الاستدامة، لكن العبادة إن اشترط (8) بعضها ببعض
كالصلاة يبطل بها كلها، وإلا المستقبل منها خاصة كالطهارة، وهو أيضا مما لا
أفهمه.
(يا: لو وضأه غيره لعذر، تولى هو النية) كما في المعتبر (9) لا الموضأ
وإن كان من أهلها بالاسلام والكمال، فإنه كالآلة، وكمحصل الماء والمخاطب
بالوضوء هو المولى له ولا تولية في النية، لتمكنه منها.
قال الشهيد: ولو نوى المباشر معه كان حسنا، لأنه الفاعل حقيقة كذبح الهدي.
قال: ولا تجزئ نية المباشر قطعا لعدم جواز الاستنابة في النية يعني هنا، إذ هي
مقدورة تعلق مراد الشارع بها من المكلف بعينه (10).

(1) المبسوط: ج 1 ص 19.
(2) المعتبر: ج 1 ص 140، الجامع للشرائع: ص 35.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 9 س 22.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 56 س 8.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 15 س 13.
(6) القواعد والفوائد: ج 1 ص 94.
(7) الهادي: ص 11 س 11 (مخطوط).
(8) في ص و م: (شرط).
(9) المعتبر: ج 1 ص 141.
(10) ذكرى الشيعة: ص 81 س 36.
521

(يب: كل من عليه طهارة واجبة ينوي الوجوب) بطهارته، ولا يجوز
له نية الندب. قال الشهيد: فلو نوى الندب عمدا أو غلطا، بنى على اعتبار الوجه (1).
قلت: والأقوى البطلان مع العمد وإن لم نعتبر الوجه، ثم لا شبهة في عدم
جواز نية الندب بالطهارة الواجبة.
وهل يجوز فعل الطهارة المندوبة مع وجوب الطهارة؟ كأن يتوضأ المشغول
بفرض الصلاة أداء أو قضاء للمس أو التنفل أو نحوهما؟ كلام المصنف في
المنتهى والتذكرة والنهاية وما سيأتي عن قريب في الكتاب، وكلام الشهيد في كتبه
يعطي العدم (2)، لأنه لما اشتغلت ذمته بواجب مشروط بالطهارة وجبت عليه وإن
كانت موسعة، فكيف ينوي بها الندب وإن كان يقصد إيقاع ندب مشروط بها؟!
وبعبارة أخرى كيف ينوي من وجب عليه الوضوء ورفع حدثه أنه يتوضأ
ندبا؟! وإن قصد فعل ما يكفيه الوضوء المندوب فإن معنى الندب أنه لا يجب
عليه، مع أنه وجب عليه باشتغال ذمته بواجب مشروط به، وليس هذا كمن عليه
صلاة واجبة فيصلي ندبا إن جوزناه، لتباين الصلاتين.
قال الشهيد: والحدث يرتفع وإن لم يقصد فعل ما عليه من الواجب، لأن
وجوب الوضوء مستقر هنا عند سببه، يعني إذا دخل وقت الصلاة الواجبة، مثلا
كان له أن يتوضأ واجبا وإن لم يقصد أن يستبيح به الصلاة الواجبة، ولو ظن
البراءة من موجب الطهارة فنوى الندب، فهو كمن نوى التجديد فظهر أنه كان
محدثا.
وحكم في التذكرة (3) بالصحة مع حكمه فيها ببطلان الطهارة المجددة،
واحتمل في المنتهى في الطهارة المجددة الوجهين من أنها شرعية، ومن أنه لم

(1) ذكرى الشيعة: ص 82 س 13.
(2) البيان: ص 8، الدروس الشرعية: ج 1 ص 90 درس 3، ذكرى الشيعة: ص 82 س 17،
اللمعة الدمشقية: ج 1 ص 320.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 16 س 6.
522

ينو رفع الحدث ولا ما يتضمنه، فهو كما لو نوى التبرد (1).
(وغيره) لا يجوز له أن (ينوي) إلا (الندب) فإنه الوجه المأمور به،
إلا أن يطلق، ولم يوجب التعرض للوجه، (فإن نوى الوجوب) بطلت عمدا
كان أو سهوا، كما يقتضيه إطلاقه هنا وفي التذكرة (2) والنهاية (3) والمنتهى (4).
ويحتمل الصحة مع السهو قويا إن لم يوجب التعرض للوجه، وضعيفا إن
أوجبناه. واحتمل في النهاية (5) الصحة مطلقا، بناء على وجوب الطهارة بنفسها
بمجرد الحدث الموجب لها وإن لم تشتغل الذمة بمشروط بها، وإن كانت وضوء
لكن يتضيق بالاشتغال أو على دخول الندب في ضمنه، إذ المميز جواز الترك،
وهو غير مراد، وهي عندي ضعيفة.
ولو شك في حصول الموجب فالأصل العدم فينوي الندب، وأولى به ظن
العدم، فإن تبين الخلاف فالأقوى الصحة، واستشكلها في التذكرة (6) وفي نهاية
الأحكام: إنه إن كان مع تعذر العلم صحت، وإلا فلا (7).
وإذا أتى بالطهارة بنية الوجوب وكانت باطلة (وصلى به) أي بالطهارة
لأنه فعل أو بما فعل فرضا بعد دخول وقتها (أعاد) الطهارة والصلاة، (فإن
تعددتا) أي الطهارة والفريضة (مع تخلل الحدث) بأن تطهر بنية الوجوب
قبل دخول وقت فريضة، ثم لما دخل وقتها صلاها بتلك الطهارة، ثم أحدث، ثم
تطهر بنية الوجوب، وإن كان قبل دخول وقت فريضة أخرى، ثم لما دخل وقتها
صلاها بالطهارة الثانية (أعاد) الفريضة (الأولى خاصة) لبطلان الطهارة
الأولى، دون الثانية، لصحة الطهارة الثانية، لوقوعها بعد اشتغال ذمته بالفريضة
الأولى فأصاب في نية الوجوب بها تعمدها، أو لا علم ببطلان الصلاة الأولى

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 55 س 34.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 16 س 3.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 30.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 56 س 31.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 30.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 16 س 6.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 32.
523

أولا (1)، كما يقتضيه إطلاقه هنا وفي التذكرة (2) والمنتهى (3) والنهاية (4).
وقد يشكل إذا زعم صحة الأولى، ولا سيما إذا تعمد نية الوجوب، فيحتمل
حينئذ بطلان الثانية أيضا.
(ولو دخل الوقت) للفريضة (في أثناء) الطهارة (المندوبة) ولم
يكن علم عند ابتدائها تقرب الوقت كذلك، أو كانت الطهارة غسلا فلم يزال حتى
دخل في الأثناء.
(فأقوى الاحتمالات) وجوب (الاستئناف) لها بنية الوجوب لا
إتمامها ندبا، لوجوب الطهارة عليه بدخول الوقت. وقد عرفت امتناع المندوبة
ممن عليه واجبة، أو إحداث نية الوجوب في الباقي خاصة، لأنه تبعيض
للطهارة.
ويحتمل الاتمام ندبا تحرزا من إبطال العمل، وبناء للباقي على الماضي مع
وقوع النية على الوجه المعتبر، وأصل البراءة من الاستئناف، أو إحداث نية
أخرى. ويحتمل الثالث عملا بمقتضى الخطاب في الباقي، وأصل الصحة في
الماضي مع وقوع التبعيض في موارد.
(الثاني) من فروض الوضوء:
(غسل الوجه)
بالنص (5) والاجماع (بما يحصل به مسماه) وهو إجراء الماء عليه، كما
يشهد به العرف واللغة والوضوء البياني، ونحو قولهم عليهم السلام يجري عليه الماء (6).
وحقيقته انتقال بعض أجزائه إلى محل بعض ولو بإعانة يد أو غيرها (وإن

(1) ليس في ص و م.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 16 س 2.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 56 س 31.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 32.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 283 ب 17 من أبواب الوضوء.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 335. ب 46 من أبواب الوضوء ح 2 و 3.
524

كان كالدهن) بفتح الدال كما في المقنعة (1) والنهاية (2) والمبسوط (3)
والناصريات (4) والمهذب (5) والسرائر (6) والنافع (7) والشرائع (8) والمعتبر (9) لقول
أبي جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: يأخذ أحدكم الراحة من الدهن فيملأ بها
جسده، والماء أوسع من ذلك (10). وفي حسنه مع زرارة إنما يكفيه مثل الدهن (11).
(مع الجريان) كما هو نص الناصريات (12) والمبسوط (13) والسرائر (14)
والمهذب (15) وقضية كلام المحقق في الثلاثة (16)، ويدل عليه مع الآية (17) قول أمير
المؤمنين عليه السلام في خبر إسحاق بن عمار: الغسل من الجنابة والوضوء يجري منه ما
أجرى من الدهن الذي يبل الجسد (18).
وأطلق في المقنعة (19) والنهاية (20)، إلا أنهما لم يتعرضا له إلا عند الضرورة،
وكأنهما أرادا الجريان، إذ لا دليل على إجزاء ما دونه عند الضرورة.
وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: إذا مس جلدك الماء فحسبك (21).

(1) المقنعة: ص 59.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 220.
(3) المبسوط: ج 1 ص 23.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 42.
(5) المهذب: ج 1 ص 45.
(6) السرائر: ج 1 ص 100.
(7) المختصر النافع: ص 6 و 8.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 23.
(9) المعتبر: ج 1 ص 182.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 274 ب 15 من أبواب الوضوء ح 7.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 340 ب 52 من أبواب الوضوء ح 1.
(12) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 42.
(13) المبسوط: ج 1 ص 23.
(14) السرائر: ج 1 ص 100.
(15) المهذب: ج 1 ص 45.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 23، المعتبر: ج 1 ص 182، المختصر النافع: ص 8.
(17) النساء: 43.
(18) وسائل الشيعة: ج 1 ص 341 ب 52 من أبواب الوضوء ح 5.
(19) المقنعة: ص 53.
(20) النهاية ونكتها: ج 1 ص 231.
(21) وسائل الشيعة: ج 1 ص 341 ب 52 من أبواب الوضوء ح 3.
525

يحتمل دفع وهم وجوب الدلك وبيان حكم المسح.
وخبر علي بن جعفر: سأل أخاه عليه السلام عن الرجل الجنب أو على غير وضوء لا
يكون معه ماء وهو يصيب ثلجا وصعيدا أيهما أفضل أيتيمم أم يمسح بالثلج
وجهه؟ قال: الثلج إذا بل رأسه وجسده أفضل، فإن لم يقدر على أن يغتسل به
فليتيمم (1) ليس نصا في ذلك، لجواز إرادة المسح مع الجريان والأفضلية، إما في
ضمن الوجوب أو للمشقة التي تجوز التيمم وإن لم تعينه.
وكذا ما في الكافي من المرسل المقطوع: في رجل كان معه من الماء مقدار
كف وحضرت الصلاة، فقال: يقسمه أثلاثا: ثلث للوجه، وثلث لليد اليمنى، وثلث
لليسرى (2) لجواز الجريان. وفي الذكرى: ولعلهما أرادا ما لا جريان فيه أو
الأفضلية (3).
وفي المعتبر: ظن قوم أن دهن الأعضاء في الطهارة يقصر عن الغسل، ومنعوا
الاجتزاء به إلا في حال الضرورة، وهو خطأ، فإنه لو لم يسم غسلا لما اجتزء به،
لأنه لا يكون ممتثلا وإن كان غسلا لم يشترط فيه الضرورة (4).
(وحده) أي الوجه بالنص (5) والاجماع، (من قصاص شعر الرأس)
أي منتهى منبته عند الناصية، وهو عند انتهاء استدارة الرأس وابتداء تسطيح
الجبهة، فالنزعتان من الرأس (إلى محادر شعر الذقن) أي المواضع التي
ينحدر فيها الشعر عن الذقن، ويسترسل (طولا، وما اشتملت عليه الابهام
والوسطى) من مستوي الخلقة (عرضا) بالنص (6) والاجماع، كما هو الظاهر

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 975 ب 10 من أبواب التيمم ح 3.
(2) الكافي: ج 3 ص 27 ح 9.
(3) ذكرى الشيعة: ص 85 س 7.
(4) المعتبر: ج 1 ص 379.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 283 ب 17 من أبواب الوضوء.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 283 ب 17 من أبواب الوضوء ح 1.
526

ونص الخلاف (1) والغنية (2).
وفي المعتبر (3) والمنتهى: أنه مذهب أهل البيت: (4)، وفي الذكرى: إنه
القدر الذي غسله النبي صلى الله عليه وآله بنقل أهل البيت عليهم السلام، والقدر الذي رواه
المسلمون (5).
(ويرجع الأنزع) وهو فاقد شعر الناصية (والأغم) وهو أشعر الجبهة (
وقصير الأصابع) بالنسبة إلى وجهه (وطويلها إلى مستوي الخلقة) لبناء
الحدود الشرعية على الغالب.
ويعلم من التحديد خروج الزائد من اللحية طولا أو عرضا، ودخول مواضع
التحذيف، وهي منابت الشعر الخفيف بين النزعة والصدغ، أو ابتداء العذار كما في
الروضة البهية (6) والمسالك (7) قطعا، وفي الذكرى احتياطا (8) خلافا للتذكرة (9)
والمنتهى (10) بناء على دخولها في الرأس لنبات الشعر عليها، وضعفه ظاهر.
وأما الصدغ: وهو (11) ما فوق العذار من الشعر، فلا تشمله الإصبعان. ونص
صحيح زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام على خروجه من الوجه (12). وأدخله فيه بعض
الحنابلة (13)، وقد يظهر من الراوندي في الأحكام (14).
وأما العذار: وهو ما حاذى الإذن من الشعر، فظاهر المبسوط (15) والخلاف (16)

(1) الخلاف: ج 1 ص 76 المسألة 23.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 20.
(3) المعتبر: ج 1 ص 141.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 56 س 33.
(5) ذكرى الشيعة: ص 83 س 12.
(6) الروضة البهية: ج 1 ص 332.
(7) مسالك الأفهام: ج 1 ص 5 س 30.
(8) ذكرى الشيعة: ص 83 س 35.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 16 س 20.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 56 س 36.
(11) في ص: (فهو).
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 283 ب 17 من أبواب الوضوء ح 1.
(13) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 99.
(14) فقه القرآن: ص 13.
(15) المبسوط: ج 1 ص 20.
(16) الخلاف: ج 1 ص 76.
527

دخوله، وصريح التحرير (1) والمنتهى الخروج (2)، وفي الذكرى (3) والدروس (4)
الاحتياط بغسله، وفي المعتبر (5) والتذكرة (6) ونهاية الإحكام خروج ما خرج منه
عن إحاطة الإصبعين (7)، وهو الوجه. والصحيح خروج البياض الذي بين الإذن
والعذار عن مسمى العذار لغة وعرفا، وظاهر المنتهى الدخول (8)، ومن الناس من
توهمه العذار.
وأما العارض: وهو ما تحت العذار من جانبي اللحية إلى شعر الذقن، فكلام
أبي علي يعطي دخوله (9)، وقطع به الشهيد (10)، وفي المنتهى القطع بالخروج (11)،
وفي نهاية الإحكام بخروج ما خرج منه عن إحاطة الإصبعين وهو الوجه (12)،
ويتضمنه قول الشيخ (13) والمحقق ما استرسل من اللحية طولا وعرضا لا يجب
إفاضة الماء عليه لأنها ليست من الوجه (14). ويمكن تنزيل كلام الأولين عليه.
(و) يجب أن (يغسل من أعلى الوجه، فإن نكس بطل) كما في
المبسوط (15) والوسيلة (16) والإصباح (17) والشرائع (18) والمعتبر (19)، ونسب في
التذكرة (20) إلى الأكثر للاحتياط والوضوء البياني مع وجوب التأسي، وقوله صلى الله عليه وآله:

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 9 السطر الأخير.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 57 س 14.
(3) ذكرى الشيعة: ص 83 س 35.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 91 درس 3.
(5) المعتبر: ج 1 ص 141.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 16 س 22.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 36.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 57 س 15.
(9) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 83 س 31.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 91 درس 3.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 57 س 14.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 36.
(13) المبسوط: ج 1 ص 20.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 21.
(15) المبسوط: ج 1 ص 20.
(16) الوسيلة: ص 50.
(17) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 6.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 21.
(19) المعتبر: ج 1 ص 143.
(20) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 16 س 39.
528

هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به (1).
ولو كان منكوسا لتعين النكس ولم يقل به أحد، ولأن أبا جعفر عليه السلام حكى
وضوئه صلى الله عليه وآله في صحيح زرارة (2) وحسنه (3) فأسدل الماء من أعلى الوجه، ولقول
الكاظم عليه السلام لأبي جرير الرقاشي: لا تعمق في الوضوء، ولا تلطم وجهك بالماء
لطما، ولكن اغسله من أعلى وجهك إلى أسفله بالماء مسحا (4). خلافا للسيد (5)
وابني إدريس (6) وسعيد (7) للأصل، وجواز حكاية بعض صور وضوئه صلى الله عليه وآله أو
الغالب، واحتمال خبر أبي جرير تحديد الوجه دون بيان مبدأ الغسل ومنتهاه،
وإرسال الخبر النبوي.
(ولا يجب غسل مسترسل اللحية) طولا أو عرضا إجماعا وإن سلم
دخوله في الوجه عرفا، لكونه مما يواجه به، لخروجه عن الحد المنصوص (8)
وللأصل مع توجه المنع على دخوله في الوجه، ولذا لا يقال: طال وجهه أو عرض
أو قصر بزيادته أو نقصانه.
وأوجبه مالك (9) والشافعي في أحد قوليه (10)، وأحمد في رواية (11).
واستحبه الشهيد، وحكاه عن أبي علي، لأن أبا جعفر عليه السلام في حكاية وضوء

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 38 ح 76.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 274 ب 15 من أبواب الوضوء ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 275 ب 15 من أبواب الوضوء ح 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 280 ب 15 من أبواب الوضوء ح 22.
(5) الإنتصار: ص 16، جوابات المسائل الموصليات (رسائل الشريف المرتضى المجموعة
الأولى): ص 213.
(6) السرائر: ج 1 ص 100.
(7) الجامع للشرائع: ص 35.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 324 ب 46 من أبواب الوضوء.
(9) المدونة الكبرى: ج 1 ص 17، بداية المجتهد: ج 1 ص 11.
(10) الأم: ج 1 ص 40، المغني: ج 1 ص 100.
(11) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 101.
529

النبي صلى الله عليه وآله سيل الماء على أطراف لحيته، وفهمه من استحباب التخليل بطريق
الأولى (1).
وضعف الدليلين واضح، مع أن أبا جعفر عليه السلام قال لزرارة في الصحيح: الوجه
الذي قال الله عز وجل وأمر الله عز وجل بغسله الذي لا ينبغي لأحد أن يزيد عليه،
ولا ينقص منه، إن زاد عليه لم يؤجر، وإن نقص منه أثم ما دارت عليه الوسطى
والابهام من قصاص شعر الرأس إلى الذقن (2).
(ولا) يجب (تخليلها) أي اللحية إذا كثفت حتى يصل الماء ما تحتها
من البشرة المستورة بها للأصل والاجماع كما هو الظاهر، ونص الخلاف (3)
والناصريات (4) والوضوءات البيانية المتضمنة لغرفة أو كف من الماء، للوجه،
وإطلاق نحو قول أبي جعفر عليه السلام في حسن زرارة: إن الله وتر يحب الوتر، فقد
يجزيك من الوضوء ثلاث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين (5).
وفي صحيحه: كل ما أحاط به الشعر فليس على العباد أن يطلبوه ولا يبحثوا
عنه (6). وفي موثقه: إنما عليك أن تغسل ما ظهر (7). وصحيح ابن مسلم: سأل
أحدهما عليهما السلام عن الرجل يتوضأ أيبطن لحيته؟ قال: لا (8).
وللعامة قول بالوجوب (9).

(1) ذكرى الشيعة: ص 84 س 30.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 284 ب 17 من أبواب الوضوء ح 1.
(3) الخلاف: ج 1 ص 75 - 75 المسألة 22.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 220 المسألة 26.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 306 ب 31 من أبواب الوضوء ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 335 ب 46 من أبواب الوضوء ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 303 ب 29 من أبواب الوضوء ح 6.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 334 ب 46 من أبواب الوضوء: ح 1.
(9) المجموع: ج 1 ص 376.
530

وهل يستحب؟ اختاره في التذكرة (1) ونهاية الإحكام (2) للاستظهار، قال:
ولأنه عليه السلام كان يخللها.
وجعله الشهيد أولى (3) ونفاه في المنتهى (4) كالمحقق (5) وهو ظاهر النفلية (6)
والبيان (7) وهو عندي أقوى لعدم ثبوته عنه عليه السلام، واحتمال إخلاله بالموالاة،
وظاهر النهي في صحيح ابن مسلم وخبر الرقاشي المتقدمين آنفا، واحتمال
دخوله في التعدي المنهي.
(وإن خفت) اللحية فلم تستر البشرة (وجب) التخليل، كما نص عليه
ابنا أبي عقيل (8) والجنيد (9)، واقتضاه كلام السيد في الناصريات (10)، لأن ما
يبصر من البشرة من الوجه الواجب غسله، من غير انتقال إلى غيره، فإنه إنما
ينتقل إلى الشعر إذا ستر البشرة، فإن الوجه ما يواجه به عند التخاطب، والخبران
إنما نفيا البحث عما أحاط به الشعر، وعن باطن اللحية، وللاستصحاب
والاحتياط. خلافا للمبسوط (11) والمعتبر (12)، وظاهر كل من أطلق وهو خيرة
المنتهى (13) والارشاد (14) والتلخيص (15) والتحرير (16)، استنادا إلى إطلاق الخبرين،
وهو ممنوع كما عرفت.
وعدم التعرض له في شئ من الوضوءات البيانية مع نص أكثرها على

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 16 س 31.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 36.
(3) ذكرى الشيعة: ص 84.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 57 س 17.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 21.
(6) النفلية: ص 43.
(7) البيان: ص 8.
(8) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 142.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 280.
(10) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 220 المسألة 26.
(11) المبسوط: ج 1 ص 20.
(12) المعتبر: ج 1 ص 142.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 57 س 20.
(14) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 223.
(15) تخليص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 263.
(16) تحرير الأحكام: ج 1 ص 9 س 31.
531

الاكتفاء بغرفة، ويدفعه كثافة لحاهم عليهم السلام (1). ونص حسن زرارة المتقدم على
الاكتفاء بغرفة مطلقا، ويدفعه لفظة (قد) وما ورد من تقسيم كف من الماء ثلاثة
ثلث للوجه، وهو مرسل مقطوع مشروط بحصول الغسل المعتبر.
ثم لا يخفى أن الشعر إذا خف كان من شأنه ستر أجزائه لجميع ما تحتها
وخلالها من البشرة بالتناوب باختلاف أوضاع الرائي والمرئي، فلا يخلو شئ
منها من الاستتار تحتها في بعض الأحيان لبعض الأوضاع، ومن الانكشاف في
بعض لأوضاع أخرى، فلا جهة لتحير المتأخرين في كون النزاع في البشرة
المستورة بالشعر الخفيف أو المنكشفة خلاله، ودعوى بعضهم الاجماع على
وجوب المنكشفة وقصره الخلاف على المستترة.
(وكذا) لا يجب التخليل (لو كانت) اللحية (للمرأة، بل) إنما عليها
أن (تغسل الظاهر على الذقن) بل الوجه إن كانت كثيفة وفاقا للمبسوط (2)
والمهذب (3) والجواهر (4) والمعتبر (5)، إلا أنهم لم يفرقوا بين الكثيفة والخفيفة.
ونص في المبسوط (6) على التساوي كلحية الرجل، وذلك لعموم صحيح (7) زرارة
وموثقه (8)، وانتقال اسم الوجه. وأوجب الشافعي تخليلها مطلقا (9) للندرة.
(وكذا شعر الحاجب والأهداب والشارب) والعنفقة لا يجب عندنا
تخليل كثيفها لانتقال الاسم، وعموم صحيح زرارة (10) وموثقه (11) والاجماع كما

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 306 ب 31 من أبواب الوضوء ح 2.
(2) المبسوط: ج 1 ص 22.
(3) المهذب: ج 1 ص 43.
(4) جواهر الفقه: ص 10 المسألة 15.
(5) المعتبر: ج 1 ص 142.
(6) المبسوط: ج 1 ص 22.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 335 ب 46 من أبواب الوضوء ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 303 ب 29 من أبواب الوضوء ح 6.
(9) المجموع ج 1 ص 376، مغني المحتاج: ج 1 ص 52.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 335 ب 46 من أبواب الوضوء ح 2.
(11) المصدر السابق ح 3.
532

في الخلاف (1) خلافا للشافعي (2) لندرة كثافتها، وفي خفيفها مثل الكلام في خفيف
اللحية.
(الثالث:)
(غسل اليدين)
وفي جعله فعلا واحدا موافقة لما رووا (3) عن ابن عباس: إن الوضوء غسلتان
ومسحتان (4).
يجب الابتداء فيهما (من المرفق) وإدخاله والانتهاء (إلى أطراف
الأصابع، فإن نكس أو لم يدخل المرفق بطل) الوضوء إجماعا في الثاني،
مما عدا زفر وداود وبعض المالكية (5)، ووفاقا للأكثر في الأول ومنهم ابن سعيد (6)
لمثل ما مر في الوجه، وقول الصادق عليه السلام في خبر هيثم بن عروة: وقد سأله عن
الآية ليس هكذا تنزيلها إنما هو فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق (7). ولأن
زرارة وبكيرا سألا في الصحيح والحسن أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول
الله صلى الله عليه وآله، فحكاه لهما، وذكر أنه عليه السلام غمس كفه اليسرى فغرف بها غرفة فأفرغ
على ذراعه اليمنى فغسل بها ذراعه من المرفق إلى الكف لا يردها إلى المرفق، ثم
غمس كفه اليمنى فأفرغ بها على ذراعه اليسرى من المرفق وصنع بها مثل ما صنع
باليمنى (8). وخلافا للسيد (9) وابن إدريس (10) للأصل وإطلاق النصوص.
(و) يجب أن (تغسل) اليد (الزائدة مطلقا) فوق المرفق أو تحته أو
فيه (إن لم تتميز عن الأصلية) بالتساوي بطشا ومقدارا وغيرهما من باب

(1) الخلاف: ج 1 ص 77 المسألة 25.
(2) المجموع: ج 1 ص 377.
(3) في س و ك و م: (ورد).
(4) عمدة القارئ: ج 2 ص 238.
(5) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 107.
(6) الجامع للشرائع: ص 35.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 285 ب 19 من أبواب الوضوء ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 272 ب 15 من أبواب الوضوء ح 3.
(9) الإنتصار: ص 18.
(10) السرائر: ج 1 ص 99.
533

المقدمة.
(وإلا غسلت إن كانت تحت المرفق) أو نبتت (1) فيه لكونها حينئذ من
أجزاء ما يجب غسله لا أن كانت فوقها، لخروجها عن الحد المأمور به، وعن
إطلاق اليد المأمور بغسلها وفاقا للمبسوط (2) والمهذب (3) والجواهر (4) والمعتبر (5)
والشرائع (6)، سواء كانت قصيرة لا يحاذي شئ منها محل الفرض أولا، إلا
أن يلتصق شئ منها بمحل الفرض، فيجب غسله خاصة كما في نهاية
الأحكام (7).
واحتمل في التذكرة (8) والذكرى (9) غسل المحاذي من غير القصيرة، تنزيلا
له منزلة ما من المرفق، مع استضعافه في الذكرى وهو أحد وجهي الشافعي (10).
ولعل إطلاق المبسوط والجواهر بعدم غسل ما فوق المرفق محمول على قيد
الامتياز من الأصلية كما في الذكرى (11).
وأوجب في الإرشاد (12) والتلخيص (13) والمختلف (14). واحتمل في التذكرة
غسل اليد الزائدة مطلقا فوق المرافق أو تحته وإن تميزت من الأصلية للأمر بغسل
الأيدي، من غير استثناء للزائدة (15)، والمنع من عدم دخول الزائدة في إطلاقها.
وأطلق في الشرائع غسل اليد الزائدة (16)، ويمكن حملها على غير المتميزة.
(و) يغسل (اللحم والإصبع الزائدان) ونحوهما (إن كانا تحت

(1) في س و ك و م: (ثبت).
(2) المبسوط: ج 1 ص 21.
(3) المهذب: ج 1 ص 44.
(4) جواهر الفقه: ص 10 المسألة 13.
(5) المعتبر: ج 1 ص 144.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 21.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 38.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 17 س 12.
(9) ذكرى الشيعة: ص 85 س 31.
(10) المجموع: ج 1 ص 388.
(11) ذكرى الشيعة: ص 85 س 29.
(12) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 223.
(13) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 263.
(14) مختلف الشيعة: ج 1 ص 288.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 17 س 12.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 21.
534

المرفق) أو فيه لا فوقه، وإن طال حتى حاذى بعضه بعض محل الفرض.
(ولو) قطعت يده و (استوعب القطع محل الفرض سقط الغسل)
لتلك اليد إجماعا وفي المنتهى (1) ونهاية الإحكام (2) والذكرى (3) والدروس:
استحباب غسل الباقي من العضد بالماء (4) وفي المبسوط: استحباب مسحه (5)،
وفي التذكرة: استحباب مسح موضع القطع (6).
(وإلا) يستوعبه (غسل ما بقي) منها في محل الفرض اتفاقا.
وهل إذا قطعت من المرفق بحيث أبينت من مفصل العضد والساعد من غير قطع
عظم العضد وجب غسل رأس العضد؟ ففي التذكرة (7) والذكرى (8) الوجوب، وهو
فتوى الشيخ (9) والقاضي (10) وأبي علي (11) لكون المرفق مجموع رأسي عظمي العضد
والذراع مع وجوب غسل المرفق أصالة، فإذا أبين بعضه بقي الباقي ووجب غسله.
وصحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن رجل قطعت يده من المرفق كيف
يتوضأ؟ قال: يغسل ما بقي من عضده (12).
ولا جهة (13) لما في المنتهى (14) نهاية الإحكام (15) والذكرى (16) من حمله على
قطع جميع المرفق واستحباب الباقي من العضد.
وفي المنتهى العدم (17)، بناء على أن وجوب غسل المرفق من باب المقدمة.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 59 س 8.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 38.
(3) ذكرى الشيعة: ص 58 س 35.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 92 درس 3.
(5) المبسوط: ج 1 ص 21.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 17 س 4.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 17 س 5.
(8) ذكرى الشيعة: ص 58 س 37.
(9) المبسوط: ج 1 ص 21.
(10) المهذب: ج 1 ص 44.
(11) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 287.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 337 ب 49 من أبواب الوضوء ح 2.
(13) في ص: (وجهة).
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 59 س 9.
(15) نهاية الإحكام: ج 1 ص 38.
(16) ذكرى الشيعة: ص 85 س 35.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 59 س 9.
535

وفي نهاية الإحكام احتماله لذلك (1)، أو كون المرفق طرف عظم الساعد خاصة.
وفي الشرائع (2) والمعتبر (3) والتحرير (4) والارشاد سقوط الغسل إن قطعت من
المرفق (5)، وهو يحتمل قطع المرفق بتمامه، والقطع من المفصل.
(فروع) أربعة:
(أ: لو افتقر الأقطع) اليدين (إلى من يوضئه بأجرة وجبت)
الأجرة (مع المكنة وإن زادت عن أجرة المثل) أضعافا، وكذا إن افتقر إلى
عبد يشتريه لذلك وجب ولو بأضعاف قيمته لحصول المكنة، كما يجب شراء الماء
بأضعاف قيمته ومن العامة من لم يجب (6) الأجرة (7) للأصل، ولأنه كمن لا يقدر
على الاستقلال في القيام، ولا يجب عليه الأجرة لو وجد من يقيمه بأجرة، والأصل
ممنوع.
واحتمل في الذكرى عدم وجوب الزائد على أجرة المثل للضرر، وإلا يجد
من يوضئه أو أجرته تيمم مع المكنة (وإلا سقطت) الصلاة عنه (أداء
وقضاء) لكونه فاقد للطهورين (8)، ويأتي السقوط عنه كذلك.
(ب: لو طالت أظفاره فخرجت عن حد اليد وجب غسلها) لدخوله
فيها عرفا، وعدم تحديدها شرعا بما يخرج عنه كالوجه. وفي الذكرى: الفرق
بينهما وبين فاضل اللحية باتصالها بمتصل دائما (9) وفي التذكرة (10) والمنتهى (11)
ونهاية الإحكام احتمال كونها كفاضل اللحية (12). وللشافعي وجهان (13).

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 38.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 21.
(3) المعتبر: ج 1 ص 144.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 10 س 4.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 223.
(6) في س و ك و م: (يوجب).
(7) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 109.
(8) ذكرى الشيعة: ص 86 س 5.
(9) ذكرى الشيعة: ص 85 س 26.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 17 س 15.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 59 س 25.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 41.
(13) المجموع: ج 1 ص 387.
536

(ولو كان تحتها وسخ يمنع وصول الماء) إلى البشرة (وجب إزالته
مع المكنة) كما في المعتبر (1) لوجوب غسل البشرة، واحتمل العدم في
المنتهى (2) لكونه ساترا عادة كاللحية، ولعموم البلوى، فلو وجبت الإزالة
لبينوه عليهم السلام.
(ج: لو انكشطت جلدة من محل الفرض وتدلت منه، وجب
غسلها) لعدم خروجها من أجزاء ما يجب غسله. (ولو) خرجت منه و
(تدلت من غير محله سقط) غسلها لخروجها عما يجب غسله، ولو لم تخرج
بالانكشاط من محله، ولكن تدلت من غيره وجب غسل ما بقي منها في المحل
قطعا. وفي الخارج المتدلي من غيره وجهان: من الخروج، ومن الاتحاد كالظفر الطويل.
(ولو انكشطت من غير محل الفرض) وامتدت إلى أن انكشط بعض
مما في المحل (وتدلت منه وجب غسلها) بتمامها. قال في المنتهى: لأن
أصلها في محل الفرض (3)، يعني فيكون كالظفر الطويل.
ويحتمل وجوب غسل ما من المحل منها دون الفاضل إبقاء لكل منهما على
ما كان قبل الانكشاط، ولو لم يمتد الانكشاط إلى المحل ولكن تدلت منه، لم
يجب غسلها، كالشعر المتدلي من الرأس إلى الوجه، وإن انفصلت من أحد
المحلين والتحم رأسها في الآخر وتجافى الوسط، غسل ما في محل الفرض ومن
طرفيها وما حاذاه من الوسط المتجافي وباطنه وما تحته دون الباقي.
(د: ذو الرأسين والبدنين يغسل أعضاءه مطلقا) أي وجهيه وأيديه
علمت الزيادة أو لا حكم بالوحدة أو الكثرة كما في التذكرة (4) والمنتهى (5) ونهاية
الأحكام (6). أما مع العلم بالزائد فلدخوله في إطلاق اسم الوجه واليد، وهو ممنوع.
وأما مع التعدد فلاتحادهما في الحقو فما دونه، والحدث متعلق بالجملة، فلا يرتفع

(1) المعتبر: ج 1 ص 144.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 59 س 26.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 59 س 20.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 17 س 17.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 59 س 27.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 41.
537

ما لم يغسلا كلاهما أعضاءهما، لاتحاد نسبتهما إلى المتحد فيهما.
ويحتمل مع التعدد اكتفاء كل منهما في صلاته بغسل أعضائه، بناء على أن
الحدث إنما يتعلق بالذات لا الأعضاء، وهما متغايران ذاتا، ولا بد مع التعدد أن لا
يغسل أعضاء أحدهما إلا نفسه دون الآخر حذرا من التولية. ومع التعدد وتمكن
أحدهما من المائية دون الآخر هل يتيممان أو يأتي كل منهما بما يمكنه؟ وجهان،
ثانيهما الوجه على اكتفاء كل منهما بطهارته في صلاته، وأولهما الوجه على
الآخر، بناء على كون طهارتيهما طهارة واحدة، فلا يتبعض مع احتمال التعدد
لتعدد المكلف.
(الرابع:)
(مسح الرأس)
(والواجب أقل ما يقع عليه اسمه) كما في التبيان (1) والمجمع (2)
وروض الجنان (3) وأحكام القرآن للراوندي (4) والمبسوط (5) والجمل والعقود (6)
والسرائر (7) والإصباح (8) والجامع (9) والنافع (10) وشرحه (11) والشرائع (12) وفي الأربعة
الأول أنه مذهب الأصحاب، ودليله الأصل والعموم. وقول أبي جعفر عليه السلام في
صحيح زرارة وبكير: إذا مسحت بشئ من رأسك أو بشئ من قدميك ما بين
كعبيك إلى أطراف الأصابع فقد أجزأك (13).

(1) التبيان: ج 3، ص 451.
(2) مجمع البيان: ج 3 ص 164.
(3) روض الجنان: ص 33 ص 21.
(4) فقه القرآن: ج 1 ص 29.
(5) المبسوط: ج 1 ص 21.
(6) الجمل والعقود: ص 39.
(7) السرائر: ج 1 ص 101.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 7.
(9) الجامع للشرائع: ص 36.
(10) المختصر النافع: ص 6.
(11) المعتبر: ج 1 ص 145.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 21.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 291 ب 23 من أبواب الوضوء ح 4.
538

وفي المقنعة (1) والتهذيب (2) والخلاف (3) وجمل السيد (4) والغنية (5)
والمراسم (6) والكافي (7) والمهذب (8) وموضع آخر من أحكام الراوندي (9): إن
الأقل مقدار إصبع، فيحتمل أن يريدوا به أقل المسمى كما يظهر من الخلاف
لاستدلاله بهذا الخبر.
لكن تأباه عبارة التهذيب، فإنه استدل باطلاق الآية، وقال: ولا يلزم على
ذلك ما دون الإصبع، لأنا لو خلينا والظاهر لقلنا بجواز ذلك، لكن السنة منعت
منه (10)، ونحوه كلام الراوندي (11).
(ويستحب) كون الممسوح (بقدر ثلاث أصابع) مضمومة كما في
المقنعة (12) والمبسوط (13) والخلاف (14) والجمل والعقود (15) والغنية (16)
والمراسم (17) والوسيلة (18) والسرائر (19) والمعتبر (20) والشرائع (21)
والمهذب (22) والإصباح (23) ومصباح السيد (24) وجمله (25)، لقول أبي جعفر عليه السلام

(1) المقنعة: ص 48.
(2) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 89 ذيل الحديث 236.
(3) الخلاف: ج 1 ص 82 المسألة 29.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 24.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 29.
(6) المراسم: ص 37.
(7) الكافي في الفقه: ص 132.
(8) المهذب: ج 1 ص 44.
(9) فقه القرآن: ج 1 ص 29.
(10) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 89 ذيل الحديث 236.
(11) فقه القرآن: ج 1 ص 29.
(12) المقنعة: ص 44.
(13) المبسوط: ج 1 ص 21.
(14) الخلاف: ج 1 ص 81 المسألة 29.
(15) الجمل والعقود: ص 40.
(16) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 29.
(17) المراسم: ص 37.
(18) الوسيلة: ص 52.
(19) السرائر: ج 1 ص 101.
(20) المعتبر: ج 1 ص 145.
(21) شرائع الاسلام: ج 1 ص 21.
(22) المهذب: ج 1 ص 44.
(23) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 7.
(24) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 145.
(25) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 24.
539

في صحيح زرارة: المرأة يجزئها من مسح الرأس أن تمسح مقدمه قدر ثلاث
أصابع ولا تلقي عنها خمارها (1). وفي خبر معمر: يجزئ من المسح على الرأس
موضع ثلاث أصابع، وكذلك الرجل (2).
ثم ظاهر المقنعة (3) والمهذب (4) والجامع (5) والشرائع (6) والتحرير (7)
والنفلية استحباب كون عرض الممسوح كذلك (8). واستظهر بعضهم استحبابه في
الطول، ولظاهر الأجزاء في الخبرين أوجبه الشيخ في عمل يوم وليلة (9)، وهو
المحكي عن خلاف السيد (10). وقصر في النهاية الاكتفاء بإصبع على الضرورة (11)،
وهو خيرة الدروس (12). واحتمل في المختلف إرادته الفضل (13).
وفي الفقيه: وحد مسح الرأس أن يمسح بثلاث أصابع مضمومة من مقدم
الرأس (14). واحتمل في المختلف إرادته أن محل الفرض في المسح ذلك بحيث
أي شئ وقع منه أجزأه (15).
قلت: وهو عن العبارة بعيد نعم لو كان قال أن يمسح مقدار ثلاث أصابع لم
يكن بذلك البعيد، ويزيده بعدا قوله في الهداية: إن حد الرأس مقدار أربع أصابع
من مقدمه (16)، ثم الخبران يحتملان الأجزاء في الفضل، والأول يحتمل تحديد
محل المسح، وتعلق الأجزاء بعدم القائها الخمار.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 293 ب 24 من أبواب الوضوء ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 294 ب 24 من أبواب الوضوء ح 5.
(3) المقنعة: ص 44.
(4) المهذب: ج 1 ص 44.
(5) الجامع للشرائع: ص 34.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 21.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 10 س 9.
(8) الألفية والنفلية: ص 93.
(9) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 142.
(10) الإنتصار: ص 19.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 219.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 92 درس 3.
(13) مختلف الشيعة: ج 1 ص 289.
(14) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 45 ذيل الحديث 88.
(15) مختلف الشيعة: ج 1 ص 290.
(16) الهداية: ص 17.
540

وعن أبي علي يجزئ الرجل في المقدم إصبع، والمرأة ثلاث أصابع (1). ولعله
استند في الفرق إلى صحيح زرارة الذي سمعته الآن، مع نحو خبر حماد عن
الحسين: سأل الصادق عليه السلام عن رجل معتم يثقل عليه نزع العمامة للبرد، قال:
ليدخل أصابعه (2).
ويستحب المسح (مقبلا ويكره مدبرا) كما في المبسوط (3)
والسرائر (4) والإصباح (5) والشرائع (6) والنافع (7) وشرحه (8)، ولا يحرم كما في
الخلاف (9) والوسيلة (10) وظاهر النهاية (11) والفقيه (12)، وحكي عن السيد (13) للأصل
والاطلاق وقول الصادق عليه السلام في صحيح حماد: لا بأس بمسح الوضوء مقبلا
ومدبرا (14).
وإنما يكره تفصيا من الخلاف، واحتياطا لغلبة الاقبال، ودليل الباقين
الاحتياط. وقوله صلى الله عليه وآله: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به (15). وفي الخلاف
الاجماع عليه (16).

(1) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 86 س 18.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 293 ب 24 من أبواب الوضوء ح 2.
(3) المبسوط: ج 1 ص 21.
(4) السرائر: ج 1 ص 100.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 7.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 22.
(7) المختصر النافع: ص 6.
(8) المعتبر: ج 1 ص 145.
(9) الخلاف: ج 1 ص 83 المسألة 31. وفيه: (لا يجوز).
(10) الوسيلة: ص 50 وفيه (ترك الاستقبال).
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 219.
(12) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 45 ذيل الحديث 88 وفيه: (عدم الجواز).
(13) الإنتصار: ص 19.
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 286 ب 20 من أبواب الوضوء ح 1.
(15) وسائل الشيعة: ج 1 ص 308 ب 31 من أبواب الوضوء ح 11.
(16) الخلاف: ج 1 ص 83 المسألة 31.
541

(ومحله المقدم) عندنا (فلا يجزئ غيره) بالاجماع والنصوص،
ونحو قول الصادق عليه السلام في صحيح الحسين بن أبي العلاء: إمسح الرأس على
مقدمه ومؤخره (1)، يحتمل التقية. وغير الوضوء، والمسح بعد الوضوء الذي قاله
في مرسل سهل، قال: إذا فرغ أحدكم من وضوئه فليأخذ كفا من ماء فليمسح به
قفاه، يكون ذلك فكاك رقبته من النار (2). وكذا يحتمله والتقية خبره أيضا:
سأله عليه السلام عن الوضوء يمسح الرأس مقدمه ومؤخره، فقال: كأني أنظر إلى عكنة
في رقبة أبي يمسح عليها (3). وقوله عليه السلام في مرفوع أحمد بن محمد بن عيسى إلى
أبي بصير: مسح الرأس واحدة من مقدم الرأس ومؤخره (4)، يحتمل رابعا هو
التخيير بين الاقبال والادبار.
وأما خبر الحسين بن عبد الله سأله عليه السلام عن الرجل يمسح رأسه من خلفه
وعليه عمامة بإصبعه أيجزئه ذلك؟ فقال: نعم. فهو كما قال الشيخ: يحتمل مسح
المقدم بإصبعه التي يدخلها من خلف (5). ولا يجزئ الغسل عنه عندنا ولو بماء
الوضوء الباقي على اليد صح وجهان (6)، وعن أحمد روايتان (7).
وقال الصادق عليه السلام: يأتي على الرجل ستون وسبعون سنة ما قبل الله منه
صلاة، قيل: كيف ذلك؟ قال: لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه (8). ويظهر من الذكرى
الاجزاء للضرورة (9).
(و) قطع بعض المتأخرين بأن المراد بالغسل الذي (لا يجزئ) هو

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 290 ب 22 من أبواب الوضوء ح 6.
(2) المصدر السابق ح 7.
(3) المصدر السابق ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 292 ب 23 من أبواب الوضوء ح 7.
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 90 ح 240.
(6) الحاوي الكبير: ج 1 ص 118.
(7) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 111.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 294 ب 25 من أبواب الوضوء ح 2.
(9) ذكرى الشيعة: ص 89 س 7.
542

(الغسل عنه) بماء جديد، أو باجراء ماء الوضوء على العضو بالتقطير من غير
مسح اليد، وأنه لو أجرى عليه باليد أجزاء لصدق المسح، وهو متجه لولا ظهور
اتفاق الأصحاب وأكثر من عداهم على تباين حقيقتي الغسل والمسح.
(ولا) يجزئ عندنا (المسح على حائل) لخروجه عن المأمور به.
ومن العامة من جوز المسح على العمامة (1)، ومنهم من جوزه على الرقيق الذي
ينفذ منه الماء إلى الرأس (2).
وصحيح محمد بن مسلم، عن الصادق عليه السلام في الرجل يحلق رأسه ثم يطليه
بالحناء ثم يتوضأ للصلاة، فقال: لا بأس بأن يمسح رأسه والحناء عليه (3)، يحتمل
الضرورة وعدم الاستيعاب للمقدم وبقاء أثره ولونه خاصة أو جسمه على البشرة
تحت الشعر الذي يكفي المسح عليه، وعطف (الحناء) على (رأسه)، أي لا بأس
بأن يمسح الحناء الذي عليه ثم يتوضأ.
وصحيح عمر بن يزيد سأله عليه السلام عن الرجل يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له
في الوضوء، قال: يمسح فوق الحناء (4) يحتمل الضرورة واللون والانكار، وكون
الحناء على البشرة تحت الشعر الذي يجزئ المسح عليه، ومفعولية (فوق)
للمسح، أي يمسح أعلاه الذي [ليس عليه حناء، أو] (5) على الشعر الذي
يجوز المسح عليه.
(وإن كان) الحائل (من شعر الرأس غير المقدم) منه الذي على
المقدم من الرأس، فكذلك لا يجوز المسح عليه اتفاقا، لخروجه عن المقدم
وحيلولته، (بل) يجب (إما على البشرة) وإن سترها الشعر المختص بها،
خلافا لبعض العامة فأوجبه على الشعر قياسا على اللحية (6) (أو على الشعر

(1) المجموع: ج 1 ص 407.
(2) المجموع: ج 1 ص 408.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 321 ب 37 من أبواب الوضوء ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 321 ب 37 من أبواب الوضوء ح 3.
(5) ما بين المعقوفين زيادة من ص و ك.
(6) المجموع: ج 1 ص 404.
543

المختص بالمقدم إذا لم يخرج) بالاسترسال أو المد (عن حده، فلو)
خرج و (مسح على المسترسل) وهو الزائد منه على ما يحاذي بشرة المقدم
(أو على الجعد الكائن في حد) مقدم (الرأس إذا خرج بالمد عنه لم
يجزئ) لأنه لم يمسح مقدم الرأس.
(الخامس:)
(مسح الرجلين)
(والواجب) منه إما في الطول فمن رؤوس أصابعهما إلى الكعبين، وهل
يجب إدخال الكعبين في المعتبر؟ الأشبه لا، لما تقدم من خبر الأخوين (1). [وفيه
احتمال كونه في العرض] (2).
وخيرة المنتهى (3) والتحرير (4) الدخول، لأن (إلى) في الآية إما بمعنى (مع)
أو للغاية فيدخل، لعدم انفصالها، ولكونهما من جنس الرجلين.
وقال المبرد: يجب دخول الغاية إذا كانت من جنس المغيا، ولوجوب
الابتداء بهما عند النكس (5)، فيجب عند الانتهاء إليهما لعدم القائل بالفرق، وللزوم
وجوب مسحهما في حال، وسقوطه في أخرى.
وقد يمنع الوجوب ولا حجة له في أن أبا الحسن عليه السلام رؤي بمنى يمسح ظهر
قدميه من أعلى القدم إلى الكعب، ومن الكعب إلى أعلى القدم (6)، لوجوه واضحة.
واحتمل في المعتبر (7) والذكرى (8) ضعيفا أن يكون ظهر القدم كمقدم الرأس

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 291 ب 23 من أبواب الوضوء ح 4.
(2) ما بين المعقوفين ليس في ص و ك.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 64 السطر الأخير.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 10 س 21.
(5) نقله عنه في منتهى المطلب: ج 1 ص 65 س 2 نقلا بالمعنى.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 286 ب 20 من أبواب الوضوء ح 3.
(7) المعتبر: ج 1 ص 151، ذكره فتوى لا احتمالا.
(8) ذكرى الشيعة: ص 89 س 10.
544

يجزئ في طوله المسمى كعرضه، بناء على كون الآية لتحديد الممسوح، بمعنى
وجوب وقوع المسح على ما دخل في الحد تسوية بينه وبين المعطوف عليه،
ولخبر الأخوين (1). ثم ذكر الشهيد: إن عمل الأصحاب على الاستيعاب (2).
وأما في العرض فالواجب (أقل ما يقع عليه اسمه) اتفاقا كما في
المعتبر (3) والمنتهى (4) وظاهر التذكرة (5)، وللأصل وخبر الأخوين.
(ويستحب) مسح (مقدار ثلاث أصابع) لقول أبي جعفر عليه السلام فيما مر
من خبر معمر، وكذلك الرجل (6). وفي التذكرة عن بعض الأصحاب الوجوب (7).
وفي النهاية (8) وأحكام الراوندي: إن الأقل إصبع (9)، وفي الإشارة (10) وظاهر
الغنية: إن الأقل إصبعان (11)، وفي النهاية (12) والمقنعة (13) والمبسوط (14) والجمل
والعقود (15) والوسيلة (16) والغنية (17) استحبابه بالكف، لصحيح البزنطي سأل
الرضا عليه السلام عن المسح على القدمين كيف هو؟ فوضع كفه على الأصابع فمسحها
إلى الكعبين إلى ظاهر القدم، قال، فقلت: جعلت فداك لو أن رجلا قال: بإصبعين
من أصابعه هكذا، فقال: لا إلا بكفه (18). وفي الإشارة استحب تفريج أصابع الكفين (19).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 291 ب 23 من أبواب الوضوء ح 4.
(2) ذكرى الشيعة: ص 89 س 12.
(3) المعتبر: ج 1 ص 145.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 67 س 35.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 18 س 15.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 294 ب 24 من أبواب الوضوء ح 5.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 18 س 15.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 219.
(9) فقه القرآن: ج 1 ص 29.
(10) إشارة السبق: ص 71.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 33.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 219.
(13) المقنعة: ص 48.
(14) المبسوط: ج 1 ص 22.
(15) الجمل والعقود: ص 40.
(16) الوسيلة: ص 52.
(17) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 32.
(18) وسائل الشيعة: ج 1 ص 293 ب 24 من أبواب الوضوء ح 4.
(19) إشارة السبق: ص 71.
545

(ومحله ظهر القدم) إجماعا، وعن أمير المؤمنين عليه السلام: لولا أني رأيت
رسول الله صلى الله عليه وآله يمسح ظاهر قدميه لظننت أن باطنهما أولى بالمسح من
ظاهرهما (1).
وأما قول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: إذا توضأت فامسح قدميك ظاهرهما
وباطنهما، ثم قال: هكذا، فوضع يده على الكعب وضرب الأخرى على باطن
قدميه، ثم مسحهما إلى الأصابع (2).
ومرفوع أحمد بن محمد بن عيسى إلى أبي بصير عنه عليه السلام: مسح الرأس
واحدة من مقدم الرأس ومؤخره، ومسح القدمين ظاهرهما وباطنهما (3).
فمع التسليم يحتملان التقية بأحد وجوه:
منها: أن العامة القائلين بغسلهما ربما يعبرون عنه بمسحهما (4).
ومنها: أن منهم من أوجب مسحهما وأوجب الاستيعاب (5).
ومنها: أن في مسح الظاهر والباطن على الوجه الذي في خبر سماعة يوهم
الناس الغسل.
واحتمل الشيخ في الثاني إرادة جواز الاستقبال والاستدبار (6).
وقد عرفت أن طوله (من رؤوس الأصابع إلى الكعبين، وهما) عظمان
مكعبان موضوعان على (حد المفصل بين الساق والقدم) كما في كتب
التشريح وظاهر العين (7) والصحاح (8) والمجمل (9) ومفردات الراغب (10)،
للاحتياط، وصحيح زرارة وبكير سألا أبا جعفر عليه السلام أين الكعبان؟ قال: هاهنا.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 292 ب 23 من أبواب الوضوء ح 9.
(2) المصدر السابق ح 6.
(3) المصدر السابق ح 7.
(4) راجع عمدة القارئ: ج 2 ص 239.
(5) أحكام القرآن للجصاص: ج 2 ص 345.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 82 ذيل الحديث 215.
(7) العين: ج 1 ص 207 مادة (كعب).
(8) الصحاح: ج 1 ص 213 مادة (كعب).
(9) مجمل اللغة: ج 3 ص 787 مادة (كعب).
(10) المفردات: ص 433.
546

يعني المفصل دون عظم الساق (1).
ولا ينافيه ما روي من وصف الكعب في ظهر القدم، كأنه إشارة إلى رد العامة
من أنه الظنبوبان (2)، والمشهور أنهما النابتان في ظهر القدمين، وهما قبتاهما،
واستفاض نقل الاجماع عليه.
ويؤيده ما نص من الأخبار على المسح على النعلين من غير استبطان
الشراكين، خصوصا على دخول الكعبين (3). ثم إنه في المختلف (4) والمنتهى (5)
والتذكرة (6) نزل عبارات الأصحاب كلها على ما اختاره، وهو بعيد.
(ولو نكس المسح جاز) كما في النهاية (7) والمبسوط (8) والاستبصار (9)
والمراسم (10) والمهذب (11) والجامع (12) والنافع (13) وشرحه (14) والإصباح (15)
والإشارة (16)، وحكي عن الحسن للأصل (17)، وما مر من قول الصادق عليه السلام في
صحيح حماد: لا بأس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا (18). وفي خبر آخر له: لا بأس
بمسح القدمين مقبلا ومدبرا (19). ولأن يونس أخبره من رأى أبا الحسن عليه السلام بمنى

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 272 ب 15 من أبواب الوضوء ح 3.
(2) الظنب: هو حرف العظم اليابس من السباق، مجمع البحرين: ج 2 ص 113 مادة (ظنب).
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 321 ب 38 من أبواب الوضوء.
(4) مختلف الشيعة: ج 1 ص 293.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 64 س 12.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 18 س 14.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 219.
(8) المبسوط: ج 1 ص 22.
(9) الإستبصار: ج 1 ص 61 ح 1.
(10) المراسم: ص 38.
(11) المهذب: ج 1 ص 44.
(12) الجامع للشرائع: ص 36.
(13) المختصر النافع: ص 6.
(14) المعتبر: ج 1 ص 151.
(15) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 7.
(16) إشارة السبق: ص 71.
(17) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 291.
(18) وسائل الشيعة: ج 1 ص 286 ب 20 من أبواب الوضوء، ح 1.
(19) المصدر السابق ح 2.
547

يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم إلى الكعب، ومن الكعب إلى أعلى القدم (1).
خلافا لابن إدريس (2) والصدوق (3) للاحتياط، والوضوءات البيانية.
(ولو استوعب القطع محل الفرض) من الرجلين (سقط المسح، وإلا
مسح على الباقي) وهو ظاهر، وسأل ابن مسلم في الحسن أبا جعفر عليه السلام عن
الأقطع اليد والرجل، قال: يغسلهما (4). وسأل رفاعة في الصحيح الصادق عليه السلام عنه
قال: يغسل ذلك المكان الذي قطع منه (5)، ولعل الغسل تغليب.
(ويجب المسح على البشرة) عندنا (و) لا (يجوز على الحائل
كالخف وشبهه) والشعر المختص بالرجل، كما يشعر به العبارة كالشرائع (6)، إلا
(للضرورة أو التقية خاصة) وتخصيص التقية، وهي من الضرورة لما سيظهر.
أما عدم الجواز على الخف ونحوه في السعة فعليه الاجماع والنصوص. وأما
عدمه على الشعر المختص فلعله الظاهر، لأن إحاطة الشعر بالرجل نادر جدا، فلا
يعمه إطلاق إلا الرجل، ولا النهي عن التعمق والبحث عما أحاط به الشعر.
وأما الجواز على الخف أو غيره للضرورة فللعمومات، وخصوص أخبار
الجبائر، وخصوص خبر أبي الورد سأل أبا جعفر عليه السلام عن الخفين هل فيهما
رخصة؟ فقال: لا، إلا من عدو تتقيه أو ثلج تخاف على رجليك (7).
والعدو في الخبر يشمل العدو دينا، فيشمل التقية المعروفة، ويجوز المسح لها
كسائر العمومات، خلافا للمقنع (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 286 ب 20 من أبواب الوضوء، ح 3.
(2) السرائر: ج 1 ص 100.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 45 ذيل الحديث 88.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 337 ب 49 من أبواب الوضوء ح 3.
(5) المصدر السابق ح 4.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 22.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 322 ب 38 من أبواب الوضوء ح 5.
(8) المقنع: ص 6.
548

وأما قول أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الأربعمائة من الخصال: ليس في
شرب المسكر والمسح على الخفين تقية (1)، وقول الصادق عليه السلام لأبي عمر الجمحي
كما في المحاسن: والتقية في كل شئ إلا في شرب النبيذ والمسح على الخفين (2).
ومضمر زرارة في الحسن قال: ثلاثة لا أتقي فيهن أحدا: شرب المسكر
ومسح الخفين، ومتعة الحج (3)، فيحتمل الاختصاص بهم: كما قال زرارة. ولم
يقل الواجب عليكم أن لا تتقوا فيهن أحدا، وأنه لا حاجة إلى فعلها غالبا للتقية،
لأن العامة لا ينكرون المتعة ولا خلع الخف للوضوء ولا الاجتناب عن المسكر،
وإن كان فعلها على بعض الوجوه قد يوهمهم الخلاف، ولعله يدخل في تأويل
الشيخ (4)، لأنه لا تقية لمشقة يسيرة لا تبلغ إلى النفس أو المال، [على أنه يمكن
التمتع على وجه لا يظهر لهم] (5). ولو دارت التقية بين الغسل والمسح على الخف،
فالغسل أولى كما في التذكرة (6) لخروج الخف عن الأعضاء.
(فإن زال السبب) للمسح على الحائل (ففي الإعادة) للطهارة (من
غير حدث) كما في المبسوط (7) والمعتبر (8) (إشكال) من الأصل، وصحة
طهارته الموجبة لارتفاع حدثه، وهو خيرة الجامع (9).
وقد يمنع ارتفاع الحدث، ومن أنها طهارة ضرورية، فيتقدر بقدر الضرورة،
بمعنى أن استباحة الصلاة بها متقدرة بالضرورة، فتزول بزوالها، بناء على عدم
ارتفاع الحدث بها. فلا يرد ما في الذكرى من أن المتقدر بقدر فعلها لا بقاء
حكمها (10)، وهو أقوى، وهو وخيرة المنتهى (11)، ومقرب التذكرة (12).

(1) الخصال: ج 2 ص 614.
(2) المحاسن: ص 259 ح 309.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 321 ب 38 من أبواب الوضوء ح 1.
(4) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 362 ذيل الحديث 1093.
(5) ما بين المعقوفين ليس في س و م.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 18 ص 34.
(7) المبسوط: ج 1 ص 23.
(8) المعتبر: ج 1 ص 154.
(9) الجامع للشرائع: ص 35.
(10) ذكرى الشيعة: ص 90 س 22.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 66 س 7.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 18 س 31.
549

وفي التحرير: إنه أحوط (1). وإن زالت الضرورة قبل اختلال الموالاة وجب
المسح كما يقتضيه كلام المبسوط (2) والمعتبر (3) والمنتهى (4)، ويأتي العدم على
عدم الإعادة.
(ولا يجزئ الغسل عنه) عندنا (إلا للتقية) وقال الصادق عليه السلام في
صحيح زرارة: لو إنك توضأت فجعلت مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت أن ذلك
من المفروض لم يكن ذلك بوضوء، ثم قال: إبدأ بالمسح على الرجلين، فإن بدا لك
غسل فغسلته فامسح بعده ليكون آخر ذلك المفروض (5). وظاهره أنه بدا له في
الغسل بعد المسح، وأنه يستحب له المسح حينئذ مرة أخرى، مع احتمال أن
يكون قد غسل ولم يكن قد مسح فعليه الختم بالمسح ما لم يختل الموالاة.
وقوله عليه السلام: (ثم أضمرت) أن ذلك من المفروض يحتمل إضمار أن الغسل
مفروض، واضمار أن المسح في ضمن الغسل من المسح المفروض المجزئ.
وقال المفيد: فإن أحب الانسان أن يغسل رجليه لإزالة أذى عنهما وتنظيفهما
أو تبريدهما فليقدم ذلك قبل الوضوء، ثم ليتوضأ بعده، ويختم وضوئه بمسح
رجليه حتى يكون بذلك ممتثلا أمر الله تعالى في ترتيب الوضوء، فإن نسي تنظيف
رجليه بالغسل قبل الوضوء أو آخره بسبب من الأسباب فليجعل بينه وبين وضوئه
مهلة، ويفرق بينهما بزمان قل أم كثر، ولا يتابع بينه ليفصل الوضوء المأمور به من
غيره إن شاء الله (6). ولعله فسر الخبر بما ذكره.
(ويجب أن يكون مسح الرأس والرجلين ببقية نداوة الوضوء) على
اليدين باتفاق من عدا أبا علي منا كما في التذكرة (7)، وفي المعتبر: إنه فتوى

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 10 س 18.
(2) المبسوط: ج 1 ص 22.
(3) المعتبر: ج 1 ص 154.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 66 س 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 296 ب 25 من أبواب الوضوء ح 12.
(6) المقنعة: ص 48.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 17 س 35.
550

أصحابنا اليوم (1)، وفي الذكرى: استقر عليه إجماعنا بعد ابن الجنيد (2)، إنتهى.
ويدل عليه النصوص والوضوءات البيانية، وليس كلام أبي علي نصا في
جواز الاستئناف اختيارا، فإنه قال: إذا كان بيد المتطهر نداوة يستبقيها من غسل
يديه يمسح بيمينه رأسه ورجله اليمنى، وبيده اليسرى رجله اليسرى، وإن لم
يستبق نداوة أخذ ماء جديدا لرأسه ورجليه (3)، إنتهى. ولعل الماء الجديد في
كلامه يعم ما يأخذه من نحو اللحية والأشفار.
قال الشهيد: والظاهر أن باطن اليد أولى، نعم لو أختص البلل بالظاهر وعسر
نقله أجزأ. قال: لو تعذر المسح بالكف فالأقرب جوازه بالذراع (4).
(فلو استأنف) ماء جديدا لمسح أحدها اختيارا (بطل) الوضوء، وما
يوهم الاستئناف من الأخبار محمولة بعد التسليم على التقية أو الغسل.
(ولو جف ماء الوضوء) عن اليدين (قبله) أي المسح لا للإخلال
بالموالاة (أخذ) الماء (من لحيته) ولو من المسترسل منها طولا أو عرضا
كما في الذكرى (5) بناء على استحباب غسله، والأحوط من غيره لما مر في
استحباب غسله، وهو فتوى نهاية الإحكام (6).
(وحاجبيه وأشفار عينيه) وبالجملة من وجهه، (ومسح به) قطع به
الأصحاب ونطقت به النصوص، وهل يجوز اختيارا؟ قيل: نعم، والوجه العدم
للاحتياط والوضوءات البيانية، ونحو قول أبي جعفر عليه السلام في حسن زرارة:
وتمسح ببلة يمناك ناصيتك وما بقي من بلة يمينك ظهر قدمك اليمنى، وتمسح ببلة
يسارك ظهر قدمك اليسرى (7).

(1) المعتبر: ج 1 ص 154.
(2) ذكرى الشيعة: ص 86 س 26.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 296.
(4) ذكرى الشيعة: ص 87 س 8.
(5) ذكرى الشيعة: ص 87 س 18.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 45.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 272 ب 15 من أبواب الوضوء ح 2.
551

(فإن لم يبق نداوة) على شئ من ذلك (استأنف) الوضوء إن أمكن
فعله، بحيث يقع المسح ببل الوضوء، وهو أيضا مقطوع به مروي، وإلا استأنف له
ماء جديدا كما في المعتبر (1) والمنتهى (2) والبيان (3) للضرورة، ولم يجوزه في
التحرير (4).
وفي التذكرة: لو جف ماء الوضوء للحر أو الهواء المفرطين استأنف الوضوء،
ولو تعذر أبقى جز من يده اليسرى ثم أخذ كفا غسله به وعجل المسح على
الرأس والرجلين (5). ونحوه في الذكرى قال: ولا يقدح قصد إكثار الماء لأجل
المسح، لأنه من بلل الوضوء (6).
وفي نهاية الإحكام: لو أتى بأقل مسمى الغسل لقلة الماء حالة الهواء والحر
المفرطين بحيث لا يبقى رطوبة على اليد وغيرها فالأقرب المسح، إذ لا ينفك عن
أقل رطوبة وإن لم يؤثر ولا يستأنف ولا يتيمم. قال: وهل يشترط حالة الرفاهية
تأثر المحل؟ الأقرب ذلك (7).
قلت: وما في التحرير يحتمل البناء على أحد ما في الكتابين (8)، ويحتمل
إيجابه التيمم إذا لم يمكن المسح ببقية البلل بوجه.
(السادس:)
(الترتيب)
وهو واجب بالاجماع والنصوص، بأن (يبدأ بغسل وجهه، ثم بيده
اليمنى، ثم اليسرى، ثم يمسح رأسه، ثم يمسح رجليه) لا يجوز تقديم شئ
من ذلك على ما قبله، ولا الجمع بينها أو بين اثنين منها دفعة.

(1) المعتبر: ج 1 ص 147.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 61 س 31.
(3) البيان: ص 9.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 10 س 19.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 17 س 41.
(6) ذكرى الشيعة: ص 87 س 19.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 43.
(8) تحرير الأحكام: ص 10 س 30.
552

(ولا ترتيب بينهما) أي الرجلين كما في الفقيه (1) والمراسم (2)، وحكي
عن ابني الجنيد (3) وأبي عقيل وعلي بن بابويه (4)، ويقتضيه إطلاق ابن سعيد
وجوب تقديم اليمين على اليسار (5)، وكذا الشيخ في الخلاف (6)، إلا أن ظاهره
اليمين واليسار من اليدين، ويحتمله كلام ابن سعيد.
وعدم الترتيب بينهما هو المشهور، ودليله الأصل والاطلاقات حتى
الوضوءات البيانية. وخبر محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري كتب إلى الحجة
صلوات الله عليه يسأله عن المسح عليهما بأيهما يبدأ باليمين أو يمسح عليهما
جميعا معا، فأجاب عليه السلام: يمسح عليهما جميعا معا؟ فإن بدأ بإحداهما قبل
الأخرى، فلا يبدأ إلا باليمين (7). ونفى ابن إدريس في بعض فتاويه الخلاف فيه (8).
ودليل الموجبين الاحتياط، وقول الصادق عليه السلام في حسن ابن مسلم: إمسح
على قدميك وابدأ بالشق الأيمن (9). وما في رجال النجاشي مسندا إلى عبد
الرحمن بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أمير المؤمنين عليه السلام من قوله: إذا
توضأ أحدكم للصلاة فليبدأ باليمين قبل الشمال من جسده (10). وما روي عن
النبي صلى الله عليه وآله إنه كان إذا توضأ بدأ بميامنه (11)، والوضوء البياني مع قوله صلى الله عليه وآله: هذا
وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به (12).

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 45 ذيل الحديث 88. وفيه: (مبتدأ بالرجل اليمنى في
المسح قبل اليسرى) فراجع ذلك.
(2) في المراسم: ص 38.
(3) نقله عنهما في الشيعة: ج 1 ص 298.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 45 ذيل الحديث 88.
(5) الجامع للشرائع: ص 36.
(6) الخلاف: ج 1 ص 95 المسألة 42.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 316 ب 34 من أبواب الوضوء ح 5.
(8) السرائر: ج 1 ص 102.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 316 ب 34 من أبواب الوضوء ح 2.
(10) رجال النجاشي: ص 7.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 316 ب 34 من أبواب الوضوء ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 308 ب 31 من أبواب الوضوء ح 11.
553

ويمكن حمل الأخبار الثلاثة الأول على الترتيب بين اليدين، وعلى
الاستحباب كما في المعتبر (1) والمنتهى (2) والتذكرة (3) والنفلية (4)، استنادا إلى ما
ورد من أنه تعالى يحب التيامن (5).
(فإن أخل به) أي الترتيب الواجب (أعاد) الوضوء (مع الجفاف)
المخل بالموالاة (وإلا) أعاد الغسل أو المسح (على ما يحصل معه
الترتيب) كما نطقت به الأخبار وأفاده الاعتبار (والنسيان ليس عذرا)
عندنا، وللشافعي فيه وجهان (6).
(ولو استعان بثلاثة للضرورة فغسلوه) أي أعضاؤه الثلاثة دفعة أو
غمسها نفسه في الماء (دفعة لم يجز) لكن يحصل له غسل الوجه، فإن غمس
الأعضاء في الجاري ونوى غسل اليد اليمنى بعد الوجه ثم اليسرى بعدها
بالجريات المتعاقبة صحت الأعضاء المغسولة، لكن في المسح إشكال.
وإن غمسها في الواقف ففي الذكرى الاكتفاء بهذه النيات، لحصول مسمى
الغسل مع الترتيب الحكمي (7)، وفي التذكرة حصول غسل الوجه به (8). فإن أخرج
اليدين معا أو اليسرى قبل اليمنى انغسلت اليمنى خاصة، وإن أخرج اليمنى قبل
اليسرى انغسلتا. ولو نكس مرارا ترتب الوضوء مهما أمكن، وصح إن نوى عند كل
عضو واستمرت النية من أول الأفعال إلى آخرها.
وإن نوى عند (9) غسل الوجه أو الغسل المستحب قبله إن أجزناه ولم يستمر
فعلا بل حكما، ففي الصحة وجهان في الذكرى (10) من الامتثال، ومن الفصل
بالأجنبي، فلا يكفي الاستمرار الحكمي.
(السابع:)
(الموالاة)

(1) المعتبر: ج 1 ص 156.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 96 س 20.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 19 س 42.
(4) الألفية والنفلية: ص 93.
(5) عوالي اللآلي: ج 2 ص 200 ح 101.
(6) المجموع: ج 1 ص 441.
(7) ذكرى الشيعة: ص 91 س 2.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 19 السطر الأخير.
(9) ليس في س و م.
(10) ذكرى الشيعة: ص 91 س 4.
554

بالاجماع والأخبار (و) هل هي عبارة عن متابعة الأعضاء بحيث لا يجف
السابق عند اللاحق وإن لم يتتابعا حقيقة أو عرفا كما في الجمل والعقود (1)
والمراسم (2) والغنية (3) والوسيلة (4) والسرائر (5) والنافع (6) والشرائع (7) والذكرى (8)
والدروس (9) والبيان (10) والألفية (11) وظاهر الكامل (12).
أو المتابعة الحقيقية حتى (يجب أن يعقب كل عضو بالسابق عليه عند
كماله) غسلا أو مسحا من غير تراخ كما في المقنعة (13) والنهاية (14)
والمبسوط (15) والخلاف (16) والاقتصاد (17) وأحكام الراوندي (18) والمعتبر (19)
وكتب المصنف الأقرب الأول (20)، للأصل، وإطلاق النصوص، وإطلاق نحو قول
الصادق عليه السلام في صحيح منصور بن حازم فيمن توضأ فبدأ بالشمال قبل اليمين:
يغسل اليمين ويعيد اليسار (21)، لشموله العامد.

(1) الجمل والعقود: ص 40.
(2) المراسم: ص 38.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 20.
(4) الوسيلة: ص 50.
(5) السرائر: ج 1 ص 101.
(6) المختصر النافع: ص 6.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 22.
(8) ذكرى الشيعة: ص 91 س 8.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 93 درس 3.
(10) البيان: ص 10.
(11) الألفية والنفلية: ص 44.
(12) لا يوجد لدينا.
(13) المقنعة: ص 48.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 220.
(15) المبسوط: ج 1 ص 23.
(16) الخلاف: ج 1 ص 93 المسألة 41.
(17) الإقتصاد: ص 243.
(18) لا يوجد لدينا هذا الكتاب ووجدناه في فقه الراوندي: ج 1 ص 29.
(19) المعتبر: ج 1 ص 156 - 157.
(20) نهاية الإحكام: ج 1 ص 49، منتهى المطلب: ج 1 ص 70 س 25، تحرير الأحكام: ج 1 ص 10 س 29.
(21) وسائل الشيعة: ج 1 ص 317 ب 35 من أبواب الوضوء ح 2.
555

واستند للثاني بالاحتياط والوضوء البياني، مع قوله عليه السلام: لا يقبل الله الصلاة
إلا به (1)، واستفادة الفورية إما من مطلق الأمر، أو من الفاء المفيدة للتعقيب، أو
من الاجماع، وقول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي، اتبع وضوءك بعضه بعضا (2).
[وفي خبر الحكم بن حكيم: فيمن نسي الذراع والرأس أنه يعيد الوضوء إن
الوضوء يتبع بعضه بعضا (3)] (4)، والأصل يعارض الاحتياط والبيان لأفعال الوضوء
[إن سلمت الموالاة] (5). ولو وجب اتباعه في الموالاة لزم البطلان بالاخلال معها،
مع عدم جفاف السابق ولم يقولوا به، والأمر لا يفيد الفورية ولا فاء الجزاء،
والاجماع ممنوع، والاتباع يحتمل الترتيب وعلى القولين.
(فإن أخل) بها مع اعتدال حاله والماء والهواء (وجف السابق) قبل
اللاحق (استأنف) الوضوء للأخبار، وهي كثيرة، كصحيح معاوية بن عمار قال
للصادق عليه السلام: ربما توضأت فنفد الماء، فدعوت الجارية فأبطأت علي بالماء،
فيجف ضوئي، فقال: أعد (6). وكان عليه الاجماع، ولا فرق بين أن يكون التأخير
لنفاذ الماء أو لا، وقد توهم عبارة الصدوقين في الرسالة (7) والمقنع قصر الاستئناف
على الجفاف لنفاذ الماء، وإلا أتم الوضوء، جف ما سبق أو لم يجف (8) لظاهر خبر
حريز عن الصادق عليه السلام (9) كما حكى عن مدينة العلم (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 308 ب 31 من أبواب الوضوء ح 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 318 ب 35 من أبواب الوضوء ح 9.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 315 ب 33 من أبواب الوضوء ح 6.
(4) ما بين المعقوفين ليس في س و ص.
(5) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 314 ب 33 من أبواب الوضوء ح 3.
(7) نقله عنه في من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 57.
(8) المقنع: ص 6.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 314 ب 33 من أبواب الوضوء ح 4.
(10) لا يوجد لدينا كتابه، ونقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 91 س 12.
556

وفي التهذيب (1) وغيره موقوف على حريز (2)، قال: فإن جف الأول قبل أن
أغسل الذي يليه، قال: جف أو لم يجف إغسل ما بقي. ويمكن حمله مع كلامهما
على الجفاف لنحو شدة الحر أو جفاف بعض الأعضاء خاصة، والخبر على جفاف
المتلو خاصة.
ثم هل يعتبر في الجفاف جميع ما سبق، أو أي منه، أو قبل كل عضو متلوه؟
الوجه الأول كما في المعتبر (3) والمنتهى (4) والتذكرة (5) ونهاية الإحكام (6)
والبيان (7) وظاهر الخلاف (8) والنهاية (9) والكامل (10) والكافي (11) للأصل، والاتفاق
على جواز أخذ البلل من الوجه للمسح إن لم يبق على اليد، ولأن النصوص إنما
نطقت بالبطلان إذا جف الوضوء، وظاهره جفاف الجميع.
وخيرة الناصريات (12) والمراسم (13) والسرائر (14) الإشارة (15) والمهذب (16)
الأخير، إلا أن ظاهر سلا ر وابن إدريس جعل اليدين عضوا واحدا، واعتبر سلا ر
رطوبتهما عند المسحين جميعا، وهذا مبني على تفسير الموالاة بذلك، فإنها اتباع
الأعضاء بعضها بعضا، فالجفاف وعدمه إنما يعتبران في العضوين المتصلين.
وحكى الثاني عن أبي علي (17)، فاشترط بقاء الرطوبة على جميع الأعضاء إلى

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 88 ح 232.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 72 ح 3.
(3) المعتبر: ج 1 ص 57.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 70 س 29 - 30.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 20 س 11.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 220.
(7) البيان: ص 10.
(8) الخلاف: ج 1 ص 93 المسألة 41.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 220.
(10) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 91 س 36.
(11) الكافي في الفقه: ص 132.
(12) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 221 المسألة 33.
(13) المراسم: ص 38.
(14) السرائر: ج 1 ص 103.
(15) إشارة السبق: ص 71.
(16) المهذب: ج 1 ص 45.
(17) لم نعثر عليه. نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 307.
557

مسح الرجلين ليقرب من الموالاة الحقيقية، ولعموم جفاف الوضوء الوارد في
الأخبار جفاف بعضه.
ثم على تخصيص الجفاف بمتلو كل عضو عضو هل يعتبر ذلك في الأعضاء
الممسوحة؟ نص السرائر ذلك (1)، وظاهر غيره العدم، وهو الأظهر.
(وإلا) يجف السابق مع الاخلال بالمتابعة واعتدال ما ذكر (فلا)
استئناف عليه على القولين كما في التذكرة (2)، وفي المنتهى: الوجه اشتراط
البطلان بالجفاف (3).
قلت: وهو خيرة المعتبر لحصول الامتثال فيما أمر بغسله أو مسحه وإن عصى
بالاخلال بالموالاة وإن أخل بها عمدا لا لضرورة (4)، وللأصل، واختصاص
نصوص الاستئناف بالجفاف.
ونص المبسوط وظاهر غيره الاستئناف مع الاخلال بالمتابعة عمدا لا
لضرورة (5)، وهو قوي، بناء على وجوب المتابعة حقيقة، لاخلاله بهيئة الوضوء
الواجبة، واختصاص النصوص بالنسيان أو العذر، ولولا هذه النصوص لوجب
الاستئناف مطلقا.
(وناذر الوضوء مواليا) حقيقة يصح نذره وإن لم نوجبها لرجحانها قطعا،
لكونها مسارعة إلى الخير واحتياطا واحترازا (6) عن عروض مبطل، وحينئذ لو
كان المنذور مطلقا، كأن نذر أن يتوضأ مواليا أو يتوضأ في يوم كذا أو شهر كذا أو
نحوهما مواليا، فكل ما يفعله غير موالي خارج عن المنذور، وعليه الاتيان بغيره
للمنذور. فإن خرج الوقت ولم يأت به حنث، وحكم ما أتى به غير موالي فيه حكم
سائر الوضوءات.

(1) السرائر: ص 103.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 20 س 10.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 70 س 30.
(4) المعتبر: ج 1 ص 157.
(5) المبسوط: ج 1 ص 23.
(6) في ك و م: (واعتراضا).
558

وإن كان معينا، كأن نذر أن يتوضأ جميع وضوءاته أو جميعها في يوم كذا أو
شهر كذا أو (1) نحو ذلك، أو (2) هذا الوضوء بعينه مواليا ثم توضأ المنذور (لو أخل
بها) عمدا لا لعذر (فالأقرب الصحة) مع عدم الجفاف إن قلنا بها بدون النذر،
قلنا بوجوب الموالاة بدون النذر أو لا للامتثال في الوضوء. وإن عصى في هيئته
فهي واجب آخر، كمن نذر أن يحج حجة الاسلام ماشيا فحجها راكبا، أو يصلي
الفريضة في المسجد فصلا ها في غيره، وخصوصا إذا لم يوجب الموالاة أصالة،
لكونه وضوء شرعيا رافعا للحدث.
ويحتمل البطلان على عدم وجوب الموالاة أصالة، أو البطلان باختلالها،
لأنه نوى به الوضوء المشروط بالموالاة بالنذر، ولم يتحقق الشرط.
وأما على ما اختاره المصنف من وجوب الموالاة أصالة والصحة (3) مع
الاخلال بها فلا احتمال للبطلان، لعدم ظهور الفرق بين وجوب الموالاة أصالة أو
بالنذر. إلا أن يقال: صيغة النذر يدل على الاشتراط، بخلاف النصوص الدالة على
وجوبها، ودلالة الصيغة ممنوعة، خصوصا إذا قال: لله علي الموالاة في وضوئي،
ولا بعد في بناء البطلان على غير ما اختاره وإن قطع بالاختيار وأتى هنا بلفظ
الأقرب. وعلى البطلان لا كفارة لعدم الحنث إلا أن يفوت الوقت ولم يأت
بالمنذور.
(و) على الصحة فعليه (الكفارة) للحنث

(1) في ص و ك: (و).
(2) في س و م: (و).
(3) في س و ص و ك: (والصحة إلا).
559

(الفصل الثاني)
(في مندوباته)
(ويتأكد السواك) أي استعماله وهو الاستياك، لأن معظم أهل اللغة على
مرادفة السواك للمسواك، أو قيل بمرادفته للاستياك. وبالجملة الاجماع
والنصوص (1) على استحباب الاستياك مطلقا، وتأكده في مواضع منها عند الوضوء
للأخبار، كقول النبي صلى الله عليه وآله في صحيح معاوية بن عمار: وعليك بالسواك عند كل
وضوء (2).
وليكن قبله، فإن لم يفعل فبعده، لقول الصادق عليه السلام للمعلى بن خنيس:
الاستياك قبل أن يتوضأ. قال: أرأيت إن نسي حتى يتوضأ؟ قال: يستاك ثم
يتمضمض ثلاث مرات (3). وهذا معنى قول الشهيد في النفلية قبله وبعده (4).
ويمكن استحبابه فيهما مطلقا لاطلاق الأخبار بالسواك لكل صلاة (5) أو

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 360 ب 13 من أبواب السواك.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 353 ب 3 من أبواب السواك ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 354 ب 4 من أبواب السواك ح 1.
(4) الألفية والنفلية: ص 93.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 355 ب 5 من أبواب السواك.
560

عندها، والظاهر أن ما يفعله قبل وضوء كل صلاة فهو لها وعندها.
واستظهر في الذكرى تقديمه على غسل اليدين (1) لهذا الخبر، بناء على دخول
غسلهما في الوضوء. وفي عمل يوم وليلة للشيخ: فإن أراد النفل تمضمض
واستنشق ثلاثا، فإن استاك أولا كان أفضل (2). وفي العبارة اختيار كونه من سنن
الوضوء. واحتمل في نهاية الإحكام كونه سنة برأسها، قال: فلو نذر سنة دخل على
الأول (3).
قلت: ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله: السواك شطر الوضوء (4). وأدناه الاستياك بالإصبع،
لنحو قوله صلى الله عليه وآله في خبر السكوني: التسوك بالابهام والمسبحة عند الوضوء
سواك (5). وبقضبان الشجر أفضل، لأنه أبلغ في التنظيف. وقد روي: أن الكعبة
شكت إلى الله عز وجل ما تلقى من أنفاس المشركين، فأوحى إليها: قري يا كعبة
فإني مبدلك بهم قوما يتنظفون بقضبان الشجر (6).
ويستحب (وإن كان بالرطب) من القضبان أو غيرها (للصائم) كما في
الفقيه (7) والمقنع (8) والمقنعة (9) والنهاية (10) والمبسوط (11) والنافع (12) والجامع (13)
والشرائع (14) والسرائر (15) للعمومات، وخصوص صحيح الحلبي سأل الصادق عليه السلام

(1) ذكرى الشيعة: ص 93 س 23.
(2) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 142.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 52.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 354 ب 13 من أبواب السواك ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 359 ب 9 من أبواب السواك ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 348 ب 7 من أبواب السواك ح 13.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 110 ذيل الحديث 1865.
(8) المقنع: ص 60.
(9) المقنعة: ص 356.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 399.
(11) المبسوط: ج 1 ص 273.
(12) المختصر النافع: ص 66.
(13) الجامع للشرائع: ص 158.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 190.
(15) السرائر: ج 1 ص 388.
561

أيستاك الصائم بالماء وبالعود الرطب؟ فقال: لا بأس به (1).
وخبر موسى بن أبي الحسن الرازي سأل الرضا عليه السلام عن السواك في شهر
رمضان، فقال: جائز. فقيل: إن السواك الرطب يدخل رطوبته في الحلق؟ فقال:
الماء للمضمضة أرطب من السواك الرطب، فإن قال قائل: لا بد من الماء للمضمضة
من أجل السنة فلا بد من السواك من أجل السنة التي جاء بها جبرئيل إلى
النبي صلى الله عليه وآله (2) خلافا للاستبصار (3) والكافي (4) والإشارة (5) والحسن (6) وابني
زهرة (7) والبراج (8) فكرهوه له بالرطب، وهو أقوى، لنحو قول الصادق عليه السلام في
حسن الحلبي: لا يستاك بسواك رطب (9).
وفي خبر محمد بن مسلم: يستاك الصائم أي النهار شاء ولا يستاك بعود
رطب (10). وفي خبر أبي بصير: لا يستاك الصائم بعود رطب (11). وخبر عبد الله بن
سنان عنه عليه السلام: إنه كره للصائم أن يستاك بسواك رطب، وقال: لا يضر أن يبل
سواكه بالماء ثم ينفضه حتى لا يبقى فيه شئ (12).
وفي التهذيب: إن الكراهة في هذه الأخبار إنما توجهت إلى من لا يضبط نفسه
فيبصق ما يحصل في فمه من رطوبة العود، فأما من يتمكن من حفظ نفسه فلا بأس

(1) وسائل الشيعة: ج 7 ص 58 ب 28 في أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 7 ص 58 ب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 4.
(3) الإستبصار: ج 2 ص 92 ذيل الحديث 3.
(4) الكافي في الفقه: ص 179.
(5) إشارة السبق: ص 122.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 3 ص 426.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 509 س 29.
(8) المهذب: ج 1 ص 193.
(9) المصدر السابق ح 10.
(10) وسائل الشيعة: ج 7 ص 59 ب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 8.
(11) وسائل الشيعة: ج 7 ص 58 ب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 7
(12) وسائل الشيعة: ج 7 ص 59 ب 28 من أبواب ما يمسك عنه الصائم ح 11.
562

باستعماله على كل حال (1).
و (آخر النهار وأوله) للصائم وغيره (سواء) وكرهه (2) الشافعي (3)
للصائم آخر النهار (و) يتأكد (وضع الإناء) الذي يغترف منه للوضوء
(على اليمين، والاغتراف بها) لما روي: أنه صلى الله عليه وآله كان يحب التيامن في
طهوره وتنعله وشأنه كله (4)، وللوضوءات البيانية، ولأن ذلك أمكن في الاستعمال،
وأدخل في الموالاة، ولو كان الإناء مما يصب منه كالإبريق استحب وضعه على
اليسار كما في نهاية الإحكام (5).
(والتسمية) إذا ضرب يده في الماء كما في صحيح محمد بن قيس عن أبي
جعفر عليه السلام (6)، أو عند غسل الوجه كما في بعض الوضوءات البيانية، ولو جمع كان
أولى، ولو تركها ابتداء عمدا أو سهوا أتى بها متى ذكر كما في الذكرى (7)، وإن تردد
المصنف في العمد في النهاية (8) والتذكرة (9)، ولعله تردد في كونه تداركا كما ذكر
في المنتهى (10) والتحرير أنه لم يأت بالمستحب حينئذ (11).
(والدعاء) عند التسمية بقوله: اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من
المتطهرين. وعن أمير المؤمنين عليه السلام إنه كان يقول: بسم الله وبالله، وخير الأسماء
لله، وأكبر الأسماء لله، وقاهر لمن في السماء، وقاهر لمن في الأرض. الحمد لله
الذي جعل من الماء كل شئ حي وأحيى قلبي بالايمان، اللهم تب علي وطهرني
واقض لي بالحسنى، وأرني كل الذي أحب، وافتح لي بالخيرات من عندك إنك

(1) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 263 ذيل الحديث 787.
(2) في ص و م: (وكره).
(3) الأم: ج 2 ص 101.
(4) صحيح مسلم: ج 1 ص 226 ح 66.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 53.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 276 ب 15 من أبواب الوضوء ح 12.
(7) ذكرى الشيعة: ص 92 س 12.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 55.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 20 س 27.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 50 س 12.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 8 س 19.
563

سميع الدعاء (1). وعن النبي صلى الله عليه وآله: يا علي إذا توضأت فقل: بسم الله، اللهم إني
أسألك تمام الوضوء، وتمام الصلاة، وتمام رضوانك، وتمام مغفرتك (2). فهذا زكاة
الوضوء.
(وغسل الكفين) من الزندين، وإن أطلق الأصحاب والأخبار اليدين كما
في التيمم والدية، لأنهما المتبادران هنا، واقتصارا على المتيقن، هذا في غير
الجنابة. أما فيها فمن الأخبار ما نص على الكفين (3)، وهو الأكثر، ومنها ما نص
على اليدين من المرفقين، ولذا قطع بالمرفقين في النفلية (4). وعن الجعفي إلى
المرفقين أو إلى نصفهما (5)، لخبر يونس في غسل الميت: ثم اغسل يديه ثلاث
مرات كما يغسل الانسان من الجنابة إلى نصف الذراع (6).
(قبل إدخالهما الإناء) إن كان يغترف منه، وإلا فقبل غسل الوجه إن لم
يغترف من الكثير أو الجاري أو مطلقا كما يظهر (مرة من حدث النوم والبول،
ومرتين من الغائط، وثلاثا من الجنابة) وذكره هنا استطرادا، هذا هو
المشهور، بل الظاهر الاتفاق كما في المعتبر (7)، وبه حسن الحلبي عن
الصادق عليه السلام (8). وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر حريز: يغسل الرجل يده من النوم
مرة، ومن الغائط والبول مرتين، ومن الجنابة ثلاثا (9). فيحتمل كون الأفضل في
البول الغسل مرتين وأن يكون المراد اجتماع البول والغائط.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 299 ب 26 من أبواب الوضوء ح 7.
(2) جامع الأخبار: ص 64 - 65 فصل 29.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 504 ب 26 من أبواب الجنابة ح 10.
(4) الألفية والنفلية: ص 98.
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 104 س 22.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(7) المعتبر: ج 1 ص 165.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 301 ب 27 من أبواب الوضوء ح 1.
(9) المصدر السابق ح 2.
564

واكتفى الشهيد في البيان (1) والنفلية (2) بمرة في غير الجنابة، وأطلق في
اللمعة مرتين في غيرها (3).
وهل هو لدفع وهم النجاسة، أو تعبد محض؟ قرب الثاني في المنتهى (4) ونهاية
الأحكام، قال: فلو تيقن طهارة يده استحب له غسلها (5) قبل الادخال، مع
تخصيصه بالقليل في المنتهى. قال: فلو كانت الآنية تسع الكر لم يستحب، وكذا لو
غمس يده في نهر جار (6). وقوله فيه بعدم افتقاره إلى نية كما في التحرير (7)، قال:
لأنه معلل بوهم النجاسة، ومع تحققها لا تجب النية، فمع توهمها أولى، ولأنه قد
فعل المأمور به وهو الغسل فيحصل الاجزاء، وكأنه ذكر دليلين مبنيين على
الاحتمالين، إذ لا يلزم النية في كل متعبد به.
وفي التذكرة: في افتقاره إلى النية وجهان من حيث إنها عبادة، أو لتوهم
النجاسة (8). وفي نهاية الإحكام أيضا: فيه وجهان من أنه لوهم النجاسة أو من
سنن الوضوء، وفيها أيضا: إن قلنا العلة وهم النجاسة، اختص بالقليل، وإلا فلا (9).
قلت: الأخبار خالية من التعليل خلا خبر عبد الكريم بن عتبة الهاشمي، عن
الصادق عليه السلام فيمن استيقظ، قال: لأنه لا يدري حيث باتت يده فليغسلها (10). ثم
هي بين مطلق يشمل من يغترف من إناء وغيره، ومقيد بالاغتراف منه لا بحيث
يوجب تخصيص المطلقات، فالتعميم أولى.
(والمضمضة والاستنشاق) بالنصوص وهي كثيرة (11)، والاجماع على ما

(1) البيان: ص 11.
(2) الألفية والنفلية: ص 92.
(3) اللمعة الدمشقية: ص 4.
(4) منتهى المطلب: ص 49 س 29.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 54.
(6) منتهى المطلب: ص 49 س 29.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 8 س 17.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 20 س 37.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 54.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 301 ب 27 من أبواب الوضوء ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 302 ب 29 من أبواب الوضوء.
565

في الغنية (1). وقال الحسن: إنهما ليسا بفرض ولا سنة (2)، لقول أبي جعفر عليه السلام في
خبر زرارة: ليس المضمضة والاستنشاق فريضة ولا سنة، إنما عليك أن تغسل ما ظهر (3).
ويحتمل السنة فيه وفي كلام الحسن الواجب، ويحتملان أنهما ليسا من
الأجزاء الواجبة أو المسنونة للوضوء وإن استحبا كما قال أبو جعفر عليه السلام في
صحيح زرارة: المضمضة والاستنشاق ليسا من الوضوء (4). وقال العسكري عليه السلام
في خبر الحسن بن راشد: ليس في الغسل ولا في الوضوء مضمضة ولا
استنشاق (5). وقال الصادق عليه السلام لأبي بصير: ليس هما من الوضوء، هما من
الجوف (6). وإن احتملت هذه الأخبار ونحوها أنهما ليسا (7) من فرائضه، كقول
الصدوق في الهداية: إنهما مسنونان خارجان من الوضوء، لكون الوضوء كله فريضة (8).
وليكونا (ثلاثا ثلاثا) إجماعا كما في الغنية (9)، ولأن ابن الشيخ أسند في
أماليه إلى أمير المؤمنين عليه السلام إنه كتب إلى محمد بن أبي بكر: وانظر إلى الوضوء
فإنه من تمام الصلاة، وتمضمض ثلاث مرات، واستنشق ثلاثا (10) الخبر.
واستحب في التذكرة (11) ونهاية الإحكام الكون بست غرفات، المضمضة
بثلاث والاستنشاق ثلاث (12). وفي مصباح الشيخ (13) ومختصره (14) ونهايته (15)

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 491 س 18.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 278.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 303 ب 29 من أبواب الوضوء ح 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 303 ب 29 من أبواب الوضوء ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 304 ب 29 من أبواب الوضوء ح 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 304 ب 29 من أبواب الوضوء ح 9.
(7) في ص و ك: (ليس).
(8) الهداية: ص 17.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 26.
(10) أمالي الشيخ: ج 1 ص 29.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 1.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 56.
(13) مصباح المتهجد: ص 7.
(14) لا يوجد لدينا.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 217.
566

والمقنعة (1) والوسيلة (2) والمهذب (3) والإشارة (4) الاقتصار على كف لكل منهما.
وظاهر الإقتصاد (5) والجامع (6) الاكتفاء بكف لهما، والأمر كذلك، لكن لم يتعرضا
لغير ذلك.
وفي المبسوط: لا فرق بين أن يكونا بغرفة واحدة أو بغرفتين (7). وفي
الإصباح: ويتمضمض ثلاثا ويستنشق ثلاثا بغرفة أو غرفتين أو ثلاث (8). ثم في
المبسوط: ولا يلزمه أن يدير الماء في لهواته، ولا أن يجذبه بأنفه (9)، يعني جذبا
إلى أقصى الخياشيم.
وفي المنتهى: ويستحب إدارة الماء في جميع الفم للمبالغة، وكذا في
الأنف (10). ونحوه في التذكرة مع استثناء الصائم (11)، وهو أنسب بالتنظيف.
وفي ثواب الأعمال مسندا إلى السكوني، عن جعفر عليه السلام، عن آبائه عليهم السلام عن
النبي صلى الله عليه وآله: ليبالغ أحدكم في المضمضة والاستنشاق، فإنه غفران لكم ومنفرة
للشيطان (12).
ثم في المنتهى (13) ونهاية الإحكام: لو أدار الماء في فمه ثم ابتلعه فقد امتثل (14).
وظاهر الذكرى اشتراط المج (15)، ولعله غير مفهوم من المضمضة، كما أن
الاستنشار لا يفهم من الاستنشاق، ولذا جعل (16) في النفلية مستحبا آخر (17).

(1) المقنعة: ص 43.
(2) الوسيلة: ص 52.
(3) المهذب: ج 1 ص 43.
(4) إشارة السبق: ص 71.
(5) الإقتصاد: ص 242.
(6) الجامع للشرائع: ص 34.
(7) المبسوط: ج 1 ص 20.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 7.
(9) المبسوط: ج 1 ص 20.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 51 س 12.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 2.
(12) ثواب الأعمال: ص 35.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 51 س 13.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 56
(15) ذكرى الشيعة: ص 93 س 18.
(16) في ص: (جعله).
(17) النفلية: ص 93.
567

ويستحب تقديم المضمضة كما في الوسيلة (1) والتحرير (2) والتذكرة (3)
ونهاية الإحكام (4) والذكرى (5) والنفلية (6)، لفعل أمير المؤمنين عليه السلام (7).
وفي المبسوط: إنه لا يجوز تقديم الاستنشاق (8)، وفي الجامع: إنه يبدأ
بالمضمضة (9)، وفي المقنعة (10) والمصباح (11) ومختصره (12) والمهذب (13) والبيان:
إنه يتمضمض ثم يستنشق (14).
فيجوز إرادتهم الاستحباب والوجوب بمعنى أنه الهيئة المشروعة، فمن أخل
بها لم يأت بالاستنشاق المندوب، فإن اعتقد ندبه مع علمه بمخالفته الهيئة
المشروعة أثم، ولكن في انحصار الهيئة المشروعة في ذلك نظر، مع أن المروي
في الكافي من فعل أمير المؤمنين عليه السلام العكس (15).
(والدعاء عندهما وعند كل فعل) بالمأثورات، والحمد عند النظر إلى
الماء وعند الفراغ كما روي (16). وعن الرضا عليه السلام: أيما مؤمن قرأ في وضوئه (إنا
أنزلناه في ليلة القدر) خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (17). وعن الباقر عليه السلام: من قرأ
على أثر وضوئه آية الكرسي مرة أعطاه الله ثواب أربعين عاما، ورفع له أربعين
درجة، وزوجه الله تعالى أربعين حوراء (18).
(وبدأة الرجل) في الغسلة الأولى (بغسل ظاهر ذراعيه، وفي الثانية

(1) الوسيلة: ص 52.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 8 س 20
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 1 و 2.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 56.
(5) ذكرى الشيعة: ص 93 س 18.
(6) النفلية: ص 93
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 305 ب 29 من أبواب الوضوء ح 13.
(8) المبسوط: ج 1 ص 20.
(9) الجامع للشرائع: ص 34.
(10) المقنعة: ص 43.
(11) مصباح المتهجد: ص 7.
(12) لا يوجد لدينا.
(13) المهذب: ج 1 ص 43.
(14) النفلية: ص 93.
(15) الكافي: ج 3 ص 70 ح 6.
(16) وسائل الشيعة: ج 1 ص 282 ب 16 من أبواب الوضوء.
(17) فقه الرضا عليه السلام: ص 70.
(18) جامع الأخبار: فصل 22 ص 45.
568

بباطنهما، والمرأة بالعكس فيهما) كما في المبسوط (1) والنهاية (2) والغنية (3)
والإصباح (4) والإشارة (5) والشرائع (6) وفي الغنية (7) والتذكرة: الاجماع عليه (8).
وفي السرائر: ابتداؤه بالظاهر بالكف الأول، وبالباطن بالكف الثاني، والمرأة
بالعكس (9). والأكثر، ومنهم الشيخ في غير المبسوط والنهاية (10) والفاضلان في
النافع (11) وشرحه (12) والمنتهى (13) على إطلاق بدأة الرجل بالظاهر، والمرأة
بالباطن، كقول الرضا عليه السلام في خبر ابن بزيع: فرض الله على النساء في الوضوء أن
يبدأن بباطن أذرعهن، وفي الرجال بظاهر الذراع (14).
فيجوز أن يريدوا بالبدأة ابتداء الغسلة الأولى، ويحملوا عليه الخبر، وأن
يريدوا ابتداء الغسلتين كلتيهما كما فهمه الشهيد (15). ويؤيده أن في جمل الشيخ (16)
والوسيلة (17) والجامع (18): استحباب وضع الرجل الماء على ظاهر ذراعيه، والمرأة
بالعكس. وزاد ابن سعيد جعل الغسل المسنون كالواجب (19).
(والوضوء بمد) ومن العامة من أوجبه (20)، ولا خلاف عندنا في عدم
الوجوب، والاستحباب مما قطع به المعظم، ونطقت به الأخبار.

(1) المبسوط: ج 1 ص 20.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 218.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 26.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 7.
(5) إشارة السبق: ص 71.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 24.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 27.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 19.
(9) السرائر: ج 1 ص 101.
(10) الجمل والعقود: ص 40.
(11) المختصر النافع: ص 7.
(12) المعتبر: ج 1 ص 167.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 51 س 30.
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 328 ب 40 من أبواب الوضوء ح 1.
(15) ذكرى الشيعة: ص 94 س 28.
(16) الجمل والعقود: ص 40.
(17) الوسيلة: ص 52.
(18) الجامع للشرائع: ص 34.
(19) الجامع للشرائع: ص 34.
(20) المبسوط للسرخسي: ج 1 ص 45.
569

والمد: رطلان وربع بالعراقي، ورطل ونصف بالمدني. والمشهور في الرطل
أنه مائة وثلاثون درهما وهي أحد وتسعون مثقالا، فالمد مائتان واثنان وتسعون
درهما ونصف.
وفي زكاة الأموال من التحرير (1) والمنتهى: إن الرطل تسعون مثقالا، وهي
مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم (2). وحكى في البيان رواية (3).
وفي خبر إبراهيم بن محمد الهمداني، عن أبي الحسن العسكري عليه السلام: إن
الرطل مائة وخمسة وتسعون درهما (4). وفي خبر سليمان بن حفص المروزي،
عن أبي الحسن عليه السلام: إن المد مائتان وثمانون درهما (5). وبه أفتى الصدوق في
المقنع (6). وعن أركان المفيد: من توضأ بثلاث أكف مقدارها مد أسبع (7). قال
الشهيد: وهو بعيد الفرض (8).
قلت: ويقرب تثليث الكف لكل عضو حتى يكون مقدار التسع مدا.
وقال: إن المد لا يكاد يبلغه الوضوء، فيمكن أن يدخل فيه ماء الاستنجاء (9).
وأيده بفعل أمير المؤمنين عليه السلام مع قوله لابن الحنفية: ائتني بإناء من ماء أتوضأ
للصلاة (10).
(وتثنية الغسلات) وفاقا للأكثر، لنحو صحيح معاوية بن وهب: سأل
الصادق عليه السلام عن الوضوء، فقال: مثنى مثنى (11). وقوله عليه السلام في خبر صفوان:

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 62.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 497 س 17.
(3) البيان: كتاب الزكاة ص 178.
(4) وسائل الشيعة: ج 6 ص 237 ب 7 من أبواب زكاة الفطرة ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 338 ب 50 من أبواب الوضوء ح 3.
(6) المقنع: ص 8.
(7) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 95 س 9.
(8) ذكرى الشيعة: ص 95 س 10.
(9) ذكرى الشيعة: ص 95 س 7.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 41 ح 84.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 310 ب 31 من أبواب الوضوء ح 28.
570

الوضوء مثنى مثنى (1). وفي خبر ابن بكير: من لم يستيقن أن واحدة من الوضوء
يجزئه لم يؤجر على الثنتين (2). وفي مرسل عمرو بن أبي المقدام: إني لأعجب
ممن يرغب أن يتوضأ اثنتين اثنتين، وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله اثنتين اثنتين (3).
وفي مرسل الأحول: فرض الله له الوضوء واحدة واحدة، ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله
للناس اثنتين اثنتين (4).
ويحتمل الجمع (5) إيقاع كل غسلة بغرفتين والتجديد، والأولان والرابع أن
الوضوء غسلتان ومسحتان والأخير الانكار.
وفي الغنية (6) والسرائر: الاجماع على الاستحباب لعدم الاعتداد بالخلاف (7)
وفي الخلاف عن بعض الأصحاب كون الثانية بدعة (8) والبزنطي (9) والكليني (10)
والصدوق (11) على أنه لا يؤجر عليها، وهو أقوى للأصل، والوضوءات البيانية،
خصوصا وفي بعضها: هذا وضوء من لم يحدث. أي لم يتعد، مع ما ورد أن من
تعدى في الوضوء كمن نقصه (12). ونحو قول الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير:
الوضوء واحدة فرض واثنتان لا يؤجر والثالثة بدعة (13) ولعبد الكريم بن عمر: وما
كان وضوء علي عليه السلام إلا مرة مرة (14).
وفي خبر ابن أبي يعفور الذي رواه البزنطي في نوادره: إعلم أن الفضل في

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 310 ب 31 من أبواب الوضوء ح 29.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 307 ب 31 من أبواب الوضوء ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 309 ب 31 من أبواب الوضوء ح 16.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 308 ب 31 من أبواب الوضوء ح 15.
(5) في ص و ك: (الجميع).
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 9.
(7) السرائر: ج 1 ص 100.
(8) الخلاف: ج 1 ص 87 المسألة 38.
(9) السرائر: (المستطرفات) ج 3 ص 553.
(10) الكافي: ج 3 ص 27 ذيل الحديث 9.
(11) من لا يحضره الفقيه: ص 39 ذيل الحديث 80.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 308 ب 31 من أبواب الوضوء ح 13.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 307 ب 31 من أبواب الوضوء ح 3.
(14) المصدر السابق ح 7.
571

واحدة (1). وفي خبر الأعمش الذي رواه الصدوق في الخصال: هذه شرائع الدين
لمن تمسك بها وأراد الله هداه، إسباغ الوضوء كما أمر الله عز وجل في كتابه الناطق
غسل الوجه واليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس والقدمين إلى الكعبين مرة مرة،
ومرتان جائز (2). وفي خبر داود الرقي الذي رواه الكشي في معرفة الرجال: ما
أوجبه الله فواحدة، وأضاف إليها رسول الله صلى الله عليه وآله واحدة لضعف الناس (3).
وفيما أرسل في الفقيه: والله ما كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلا مرة مرة، قال:
وتوضأ النبي صلى الله عليه وآله مرة مرة، فقال: هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة إلا به (4).
(والأشهر التحريم في) الغسلة (الثالثة) وأنها بدعة، لقول
الصادق عليه السلام فيما مر من مرسل ابن أبي عمير: إنها بدعة (5).
وفي خبر داود الرقي له: من توضأ ثلاثا ثلاثا فلا صلاة له. ولداود بن زربي:
توضأ مثنى مثنى، ولا تزيدن عليه، فإنك إن زدت عليه فلا صلاة لك (6).
والوجه فساد الوضوء بها كما في الكافي (7) والتحرير (8) والمختلف (9)
والتذكرة (10) والمنتهى (11) ونهاية الإحكام (12) والبيان (13) والدروس (14) لاستلزامه
المسح بماء جديد، ولذا قيد الفساد في الأخير بغسل اليسرى ثلاثا، ولاخلالها
بالموالاة إن أوجبناها وأبطلنا الوضوء بدونها.
ويؤيده الخبران، وخصوصا الأخير. خلافا للمعتبر قال: لأنه لا ينفك عن ماء

(1) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 553.
(2) الخصال: ص 603 ح 9.
(3) اختيار معرفة الرجال: ص 312 الرقم 564.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 38 ح 76.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 307 ب 31 من أبواب الوضوء ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 312 ب 32 من أبواب الوضوء ح 2.
(7) الكافي في الفقه: ص 133.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 10 س 32.
(9) مختلف الشيعة: ج 1 ص 286.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 10.
(11) منتهى المطلب: ج 2 ص 71 س 28.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 40.
(13) البيان: ص 11.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 93 درس 4.
572

الوضوء الأصلي (1). وقال المفيد: إن التثليث تكلف، فمن زاد على ثلاث أبدع
وكان مأزورا (2). وقال الحسن: إن تعدى المرتين لم يؤجر (3). وقال أبو علي: إن
الثالثة زيادة غير محتاج إليها (4). وفي مصباح الشيخ: إن ما زاد على اثنتين تكلف
غير مجزئ (5). والظاهر إرادته الافساد.
(ولا تكرار في المسح) عندنا لا وجوبا ولا استحبابا للإجماع
والنصوص والأصل، والوضوءات البيانية.
قال الشهيد: ولأنه يخرج عن مسماه (6). واستحب الشافعي تثليثه (7)، وأوجب
ابن سيرين التثنية (8). ثم الشيخان (9) وابنا حمزة (10) وإدريس (11) نصوا على
الحرمة، وابن إدريس على أنه بدعة.
قال الشهيد: ويمكن حمل كلامهم على المعتقد شرعيته (12). وفي التذكرة إنه إن
كرر معتقدا وجوبه فعل حراما، ولم يبطل وضوئه، ولو لم يعتقد وجوبه فلا بأس (13).
قلت: وكذا إن اعتقد استحبابه أثم.
وأما صحة الوضوء فلخروجه عنه، وفي الذكرى: إنه لا خلاف فيها (14).
وأما انتفاء الحرمة بدون اعتقاد الوجوب أو الاستحباب فهو الوجه كما في
كتب الشهيد أيضا (15) وفيها الكراهة، لأنه تكلف ما لا حاجة إليه.
(ويكره الاستعانة) بمن يصب له الماء على يده لا على أعضاء وضوئه

(1) المعتبر: ج 1 ص 160.
(2) المقنعة: ص 49.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 285.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 285.
(5) مصباح المتهجد: ص 7.
(6) ذكرى الشيعة: ص 95 س 32.
(7) الأم: ج 1 ص 32.
(8) أنظر المجموع: ج 1 ص 432.
(9) المقنعة: ص 46، المبسوط: ج 1 ص 23.
(10) الوسيلة: ص 50.
(11) السرائر: ج 1 ص 100.
(12) ذكرى الشيعة: ص 95 س 35.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 15.
(14) ذكرى الشيعة: ص 95 س 34.
(15) راجع الدروس الشرعية: ج 1 ص 93 درس 4، واللمعة الدمشقية: ص 4.
573

فإنه توضئة للأخبار (1)، ولا بأس باستحضار الماء للأصل، والخروج عن النصوص
لتضمنها الصب، وفعلهم:.
(والتمندل) وفاقا لابني سعيد (2)، وفي كتب الشيخ (3) والوسيلة (4)
والإصباح استحباب تركه (5). وذلك لقول الصادق عليه السلام في خبر محمد بن حمران
وغيره: من توضأ وتمندل كتب له حسنة، ومن توضأ ولم يتمندل حتى يجف
وضوئه كتب له ثلاثون حسنة (6). وفي صحيح محمد بن مسلم وغيره نفي البأس عنه (7).
وفي عدة أخبار: إنه كان لأمير المؤمنين عليه السلام خرقة كان يمسح بها وجهه إذا
توضأ (8). وعن إسماعيل بن الفضل: إنه رأى الصادق عليه السلام توضأ للصلاة ثم مسح
وجهه بأسفل قميصه، ثم قال: يا إسماعيل إفعل هكذا، فإني هكذا أفعل (9).
(ويحرم التولية) وهي التوضئة بصب الغير الماء على أعضاء الوضوء كلا
أو بعضا وإن تولى هو الدلك (اختيارا) لأنه المأمور بالغسل والمسح،
وللوضوءات البيانية، مع قوله صلى الله عليه وآله: لا يقبل الله الصلاة إلا به (10)، ولوجوب
تحصيل اليقين بارتفاع الحدث، وللإجماع على ما في الإنتصار (11) والمنتهى (12)،
وإن عد أبو علي تركها من المستحبات (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 335 ب 47 من أبواب الوضوء.
(2) الجامع للشرائع: ص 35.
(3) الجمل والعقود: ص 38، المبسوط: ج 1 ص 23.
(4) الوسيلة: ص 52.
(5) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 334 ب 45 من أبواب الوضوء ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 333 ب 45 من أبواب الوضوء ح 1 و 6.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 334 ب 45 من أبواب الوضوء ح 8 و 9.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 333 ب 45 من أبواب الوضوء ح 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 318 ب 31 من أبواب الوضوء ح 11.
(11) الإنتصار: ص 26.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 68 س 33.
(13) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 301.
574

(الفصل الثالث)
(في أحكامه)
(يستباح بالوضوء الصلاة) مطلقا (والطواف) الواجب (للمحدث
إجماعا ومس كتابة القرآن) له في الأقوى، (إذ يحرم مسها عليه على
الأقوى) وفاقا للخلاف (1) والتهذيب (2) والفقيه (3) والكافي (4) وأحكام
الراوندي (5) وابني سعيد (6)، لقوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون) (7). وفيه احتمال
العود على (كتاب مكنون) والتطهير من الكفر. ولكن حكى في المجمع عن
الباقر عليه السلام: أن المعنى المطهرون من الأحداث والجنابات، وأنه لا يجوز للجنب
والحائض والمحدث مس المصحف (8).
ولخبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام عمن قرأ القرآن، وهو على غير وضوء،

(1) الخلاف: ج 1 ص 99 المسألة 46.
(2) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 126 ذيل الحديث 240.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 87 ذيل الحديث 191.
(4) الكافي: ج 3 ص 50 ح 5.
(5) فقه القرآن للراوندي: ج 1 ص 49.
(6) الجامع للشرائع: ص 39، شرائع الاسلام: ص 27.
(7) الواقعة: 79.
(8) مجمع البيان: ج 9 - 10 ص 226.
575

فقال: لا بأس، ولا يمس الكتاب (1). ومرسل حريز، عنه عليه السلام إنه كان عنده ابنه
إسماعيل، فقال: يا بني اقرأ المصحف، فقال: إني لست على وضوء، فقال: لا تمس
الكتابة، ومس الورق واقرأه (2). وقول أبي الحسن عليه السلام في خبر إبراهيم بن
عبد الحميد: المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا، ولا تمس خيطه وتعلقه، إن
الله يقول: (لا يمسه إلا المطهرون) (3).
وخلافا للمبسوط (4) وابني إدريس (5) والبراج (6) للأصل، واحتمال الأخبار
بعد تسليمها الكراهة، لورود جواز مس الجنب ما عليه اسم الله أو اسم رسوله من
الدراهم، فالمحدث أولى، وفيه احتمال عدم مس الاسم.
(وذو الجبيرة) أي الخرقة أو اللوح أو نحوهما المشدودة على عضو من
أعضاء الوضوء انكسر فجبر يجب عليه أن (ينزعها) عند الوضوء، ويغسل ما
تحتها أو يمسحه (مع المكنة، أو يكرر الماء) عليها إن كانت على محل الغسل.
(حتى يصل البشرة) أو يغمس العضو في الماء ليصل البشرة، كما قال
الصادق عليه السلام في خبر عمار: إذا أراد أن يتوضأ، فليضع إناء فيه ماء ويضع موضع
الجبر في الماء حتى يصل الماء إلى جلده، وقد أجزأه ذلك من غير أن يحله (7).
وكذا ينزعها أو يكرر الماء إن كانت على محل المسح، وتتضمن المكنة طهارة
المحل أو إمكان تطهيره كما في نهاية الإحكام (8) وإلا تضاعفت النجاسة.
قلت: فإن لم يتضاعف أمكن الوجوب لأصل عدم انتقال الغسل أو المسح إلى
الجبيرة، وهو قضية إطلاق العبارة هنا.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 269 ب 12 من أبواب الوضوء ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) المصدر السابق ح 3.
(4) المبسوط: ج 1 ص 23.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 304.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 304.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 27 3 ب 39 من أبواب الوضوء ح 7.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 64.
576

ثم إذا أمكن النزع والتكرير أو الوضع في الماء فهل يتخير بينهما أو يتعين
النزع؟ الأقرب الأول، وفاقا لظاهر التحرير (1) ونهاية الإحكام (2)، للأصل،
وحصول الغسل المعتبر شرعا، وظاهر التذكرة الثاني (3)، ولعله استنادا إلى قول
الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: وإن كان لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثم
ليغسلها (4).
(فإن تعذرا) أي النزع والتكرير ولو بنجاسة المحل مع عدم إمكان التطهير
ولزوم مضاعفة النجاسة أو مطلقا (مسح عليها) أي الجبيرة ولو في محل
الغسل اتفاقا كما في الخلاف (5) والتذكرة (6) والمنتهى (7) وظاهر المعتبر (8)،
وللأخبار (9). واحتمل في نهاية الإحكام وجوب أقل مسمى الغسل (10) وهو جيد،
ولا ينافيه الأخبار لدخوله في المسح.
وهل يجوز المسح عليها بدلا من الغسل إذا أمكن نزعها والمسح على
البشرة؟ الوجه العدم كما في نهاية الإحكام (11)، ويقتضيه كلام المعتبر وإن كانت
البشرة نجسة، ولا بد من استيعاب الجبيرة بالمسح إذا كانت على موضع الغسل كما
في الخلاف (12) والتذكرة (13) ونهاية الإحكام (14)، كما وجب استيعاب المحل
بالغسل، وجعل في المبسوط أحوط (15). ووجه العدم صدق المسح بالمسمى،
ويجري المسح عليها.

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 10 السطر الأخير.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 64.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 37.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 326 ب 39 من أبواب الوضوء ح 2.
(5) الخلاف: ج 1 ص 158 المسألة 110.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 38.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 72 س 10.
(8) المعتبر: ج 1 ص 161.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 326 - 328 ب 39 من أبواب الوضوء.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 65.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 64.
(12) الخلاف: ج 1 ص 160 المسألة 111.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 22 س 1.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 65.
(15) المبسوط: ج 1 ص 23.
577

(وإن كان ما تحتها نجسا) للعموم، ولو كانت الجبيرة نجسة ففي التذكرة
وجوب وضع طاهر عليها والمسح عليه (1). واحتمل الشهيد اجراؤها مجرى
الجرح في غسل ما حولها فقط (2).
ولو كثرت الجبائر بعضها على بعض، ففي نهاية الإحكام في إجزاء (3) المسح
على الظاهر إشكال، أقربه، ذلك لأنه بالنزع لا يخرجه عن الحائل (4).
وفي حكم الجبيرة ما يشد على الجروح أو القروح أو يطلي عليها أو على
الكسور من الدواء للأخبار (5).
ولو كان في محل الغسل كسر أو قرح أو جرح مجرد ليس عليه جبيرة أو
دواء، ولا يمكن غسله. فإن أمكن مسحه وجب كما في نهاية الإحكام، قال: لأنه
أحد الواجبين لتضمن الغسل إياه، فلا يسقط بتعذر أصله (6)، وهو خيرة
الدروس (7)، وتردد في الذكرى (8).
وإن لم يمكن فهل يجب وضع جبيرة أو لصوق عليه؟ أوجبه في تيمم
المنتهى (9) ونهاية الإحكام (10)، واحتمله هنا في نهاية الإحكام مع سقوط فرض
الوضوء (11) وسقوط فرض ذلك العضو خاصة، فيغسل ما حوله خاصة كما في
المعتبر (12) والنهاية (13) والتذكرة (14)، لحسن الحلبي سأل الصادق عليه السلام عن الجرح،

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الطهارة، في أحكام الوضوء، ج 1 ص 21 س 42.
(2) ذكرى الشيعة: ص 97 س 2.
(3) في س و ك و م: (اجراء).
(4) نهاية الإحكام: 1 ص 66.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 320 ب 37 من أبواب الوضوء.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 66.
(7) الدروس الشرعية: ص 94 درس 4.
(8) ذكرى الشيعة: ص 97 س 4.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 136 س 32.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 196.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 66.
(12) المعتبر: ج 1 ص 410.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 66.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 66 س 36.
578

قال: إغسل ما حوله (1) ونحوه خبر عبد الله بن سنان عنه عليه السلام (2)، ولكنهما لا
ينفيان المسح على نحو الجبيرة.
وفي الذكرى: إما الجواز فإن لم يستلزم ستر شئ من الصحيح فلا إشكال
فيه، وإن استلزم أمكن المنع لأنه ترك للغسل الواجب والجواز عملا بتكميل
الطهارة بالمسح (3) إنتهى.
ولو كان المحل نجسا لا يمكن تطهيره، فالكلام فيه ما مر، وسوى في نهاية
الأحكام بينه وبين تعذر المسح (4).
(وفي الاستئناف) للطهارة (مع الزوال) للعذر كما في المبسوط (5)
والمعتبر (6) (إشكال) كما في الشرائع (7) والمعتبر (8) مما مر في المسح على
حائل للضرورة ثم زالت، والاستئناف أقوى، ولا يعيد ما صلاه به اتفاقا منا كما
في المنتهى (9) خلافا للشافعي (10).
(والخاتم والسير وشبههما إن منع وصول الماء) نزع أو (حرك
وجوبا، وإلا استحبابا) كما في السرائر (11) والمعتبر (12) استظهارا، ولخبر
الحسين ابن أبي العلاء سأل الصادق عليه السلام عن الخاتم إذا اغتسل، قال: حوله من
مكانه، وقال: في الوضوء تديره، فإن نسيت حتى تقوم في الصلاة فلا آمرك أن
تعيد الصلاة (13).
(وصاحب السلس والمبطون) إذا لم يقدرا على التحفظ (يتوضآن

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 326 ب 39 من أبواب الوضوء ح 2.
(2) المصدر السابق ح 3.
(3) ذكرى الشيعة: ص 97 س 18 - 19.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 66.
(5) المبسوط: ج 1 ص 23.
(6) المعتبر: ج 1 ص 162.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 23.
(8) المعتبر: ج 1 ص 162.
(9) منتهى المطلب: ج 2 ص 72 س 34.
(10) الأم: ج 1 ص 43 - 44.
(11) السرائر: ج 1 ص 105.
(12) المعتبر: ج 1 ص 161.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 329 ب 41 من أبواب الوضوء ح 2.
579

لكل صلاة) كما في السرائر (1) والنافع (2) وشرحه في السلس صريحا والمبطون
ظاهرا (3)، وفي الخلاف في السلس (4)، فإن ما يصدر عنهما حدث ناقض للوضوء.
ولا دليل على العفو عنه مطلقا، واستباحتهما أكثر من صلاة بوضوء واحد مع تخلل
حدثهما مع عموم الأمر بالوضوء عند كل صلاة خرج المتطهر إجماعا، فيبقى
الباقي ولا يتوضآن، إلا (عند الشروع فيها) فإن قدما لم يكن دليل على العفو
عن الحدث المتجدد.
وتردد في نهاية الإحكام (5)، وفي المبسوط: إن لصاحب السلس أن يصلي
بوضوء واحد صلوات كثيرة، لأنه لا دليل على وجوب التجديد، والحمل على
المستحاضة قياس (6).
وجوز له في المنتهى الجمع بين الظهرين وبين العشائين (7)، لقول
الصادق عليه السلام في صحيح حريز: إذا كان الرجل يقطر منه البول والدم إذا كان حين
الصلاة اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا، ثم علقه عليه وأدخل ذكره فيه، ثم صلى، يجمع
بين الصلاتين الظهر والعصر، يؤخر الظهر ويعجل العصر بأذان وإقامتين، ويؤخر
المغرب ويعجل العشاء بأذان وإقامتين، ويفعل ذلك في الصبح (8).
وفيه احتمال أن يكون فيمن يمكنه التحفظ مقدار الصلاتين [والجمع للخبث
لا الحدث] (9). واحتمل في نهاية الإحكام الأوجه الثلاثة في السلس ما في
الكتاب وما في المبسوط وما في المنتهى، واستشكل في جواز الجمع بين
الصلاتين خارج الوقت (10).

(1) السرائر: ج 1 ص 351.
(2) المختصر النافع: ص 6.
(3) المعتبر: ج 1 ص 163.
(4) الخلاف: ج 1 ص 249 المسألة 221.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 67.
(6) المبسوط: ج 1 ص 68.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 73 س 34.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 210 ب 19 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(9) ما بين المعقوفين زيادة في ص.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 67.
580

وأما مضمر عثمان بن عيسى، عن سماعة قال: سألته عن رجل يأخذه تقطير
في فرجه إما دم وإما غيره، قال: فليصنع خريطة وليتوضأ وليصل، فإنما ذلك بلا
ابتلي به، فلا يعيدن إلا من الحدث الذي يتوضأ منه (1). فالظاهر أنه ليس في
السلس، بل في تقطير الدم والصديد والبلل الذي لا يعلم كونه بولا، ويصح كل
صلاة صلياها بوضوء.
(وإن تجدد حدثهما) فيها أو بينهما إذا بادر إلى الصلاة من غير حاجة إلى
تجديد الوضوء في الصلاة والبناء كما في السرائر (2) والوسيلة (3) والإصباح (4)،
وفي الجامع (5) والمنتهى (6) والمعتبر (7) في المبطون خاصة.
وفي النهاية فيه صريحا، وفي السلس احتمالا لقوله: والمبطون إذا صلى ثم
حدث به ما ينقض صلاته، فليعد الوضوء وليبن على صلاته، ومن به سلس البول
فلا بأس أن يصلي كذلك بعد الاستبراء (8). فيحتمل الإشارة بذلك إلى ما ذكره في
المبطون، ويحتمل إلى حاله التي عليها من تجدد البول، أي لا بأس أن يصلي كما
هو عليه.
وما ذكرناه من عدم الحاجة إلى التجديد فتوى المختلف (9) والتذكرة (10)
ونهاية الإحكام (11) استنادا إلى ما يفجؤه في الصلاة إن نقض الطهارة أبطل الصلاة،
وهو ممنوع.
لكن يؤيده الأصل والحرج والاحتياط، لكون الوضوء أفعالا كثيرة، وربما

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 189 ب 7 من أبواب نواقض الوضوء ح 9.
(2) السرائر: ج 1 ص 350.
(3) الوسيلة: كتاب الصلاة ص 114.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 635.
(5) الجامع للشرائع: ص 90.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 74 س 2 و 3.
(7) المعتبر: ج 1 ص 163.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 369.
(9) المختلف: ج 1 ص 375.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 29.
(11) نهاية الإحكام: ص 68.
581

افتقر إلى تكريره.
ودليل الخلاف نحو قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: صاحب البطن
الغالب يتوضأ ويبني على صلاته (1). ويحتمل من غير بعد أن يراد أنه يعتد (2)
بصلاته.
وفي موثقه: صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته فيتم ما بقي (3).
ويحتمل أنه تجدد الوضوء بعد ما صلى صلاته ثم يرجع في الصلاة فيصلي
الصلاة الباقية عليه.
وصحيح الفضيل بن يسار سأله عليه السلام أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو
أذى أو ضربانا، فقال: انصرف ثم توضأ وابن علي ما مضى من صلاتك ما لم
تنقض الصلاة متعمدا، وإن تكلمت ناسيا فلا شئ عليك، وهو بمنزلة من تكلم في
الصلاة ناسيا، قال: وإن قلب وجهه عن القبلة؟ قال: نعم وإن قلب وجهه عن
القبلة (4). بناء على شموله المبطون أو فهمه من فحواه.
ويحتمل الانصراف عن الصلاة بمعنى إتمامها، ثم الوضوء لغيرها، والاعتداد
بالصلاة الماضية ما لم يأت بما ينقضها متعمدا، وإن تكلم فيها ناسيا بالأنين ونحوه
لما كان به، فلا شئ عليه، كمن تكلم ناسيا لغير ذلك في صلاته، ولا بد من قصر
القلب عن القبلة على غير الاستدبار.
ويحتمل أن يكون معنى (أكون) في الصلاة أكون بصددها وفي العزم عليها،
فقال عليه السلام: انصرف عما بك أو اذهب فتوضأ وصل ولا تعد ما فعلته من الصلوات
قبل هذا السؤال، مع ما وجدته بنفسك من الغمز أو الأذى أو الضربان ما لم تكن
نقضتها متعمدا. فالحاصل كراهة الصلاة مع المدافعة.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 210 ب 19 من أبواب الخلوة ح 3.
(2) في ص: (لا يعتد).
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 210 ب 19 من أبواب الخلوة ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1242 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 9.
582

وخبر أبي سعيد القماط: إنه سمع رجلا يسأل الصادق عليه السلام عن رجل وجد
غمزا في بطنه أو أذى أو عصرا من البول وهو في الصلاة المكتوبة في الركعة
الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة، فقال: إذا كان أصاب شيئا من ذلك فلا بأس
بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف إلى مصلا ه الذي كان يصلي فيه، فيبني
على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصلاة بكلام.
قال أبو سعيد: قلت: فإن التفت يمينا أو شمالا أو ولى عن القبلة؟ قال: نعم كل
ذلك واسع، إنما هو بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاث من
المكتوبة، فإنما عليه أن يبني على صلاته ثم ذكر سهو النبي صلى الله عليه وآله (1). وهو مع
الضعف والاشتمال على سهو النبي صلى الله عليه وآله يحتمل ما مر من النوافل المكتوبة،
وأخبار بناء المتيمم إذا أحدث في الصلاة، وهي مع التسليم إنما يتعداه بالقياس.
ثم من أوجب التجديد في الصلاة والبناء إنما يوجبه إذا كان له فترات لا إذا
استمر الحدث متواليا كما نص عليه ابن إدريس (2)، ثم يجب عليه التحفظ من
تنجس ثوبه أو سائر بدنه بالبول أو الغائط بنحو ما في صحيح حريز (3)، فإن أهمل
مع الامكان فتعدت النجاسة أعاد، وإن أمكنه التحفظ من الحدث إذا اختصر
الصلاة أو جلس أو اضطجع أو أومأ للركوع والسجود وجب كما في السرائر (4).
(وكذا المستحاضة) تتوضأ لكل صلاة عندها، وتكتفي بذلك وإن تجدد
حدثها كما يأتي.
(وغسل الأذنين) كما أوجبه الزهري (5) لكونهما من الوجه،
(ومسحهما) كما استحبه الجمهور، وأوجبه إسحاق بن راهويه (6) وأحمد في

(1) وسائل الشيعة: ج 4 س 1242 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 11.
(2) السرائر: ج 1 ص 351.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 210 ب 19 من أبواب أحكام الخلوة ح 1.
(4) السرائر: ج 1 ص 351.
(5) المجموع: ج 1 ص 413.
(6) المجموع: ج 1 ص 416.
583

وجه (1) (بدعة) عندنا، ومن العامة من يغسل ما أقبل منهما ويمسح ما أدبر (2).
(وكذا التطوق) أي مسح العنق عند مسح الرأس بدعة عندنا، لخلو
النصوص والوضوءات البيانية عنه، واستحبه الشافعي (3).
نعم روي عن الصادق عليه السلام: إذا فرغ أحدكم من وضوئه فليأخذ كفا من ماء
فليمسح به قفاه يكون فكاك رقبته من النار (4). وإذ كانت هذه بدعا (5) فلا يجوز
شئ منها.
(إلا للتقية) فقد يجب (وليس) شئ منها إلا للتقية (مبطلا) للأصل
بل لغو، وإن اعتقد المشروعية والجزئية مع احتمال الابطال حينئذ.
(ولو تيقن الحدث وشك في الطهارة تطهر) وجوبا (دون العكس)
وهما واضحان يدل عليهما الاجماع والاعتبار والنصوص، (ولو تيقنهما
متحدين) مثلا وبالجملة متفقي العدد.
(متعاقبين) أي كل طهارة من متعلق الشك عقيب حدث لا طهارة أخرى،
وكل حدث منه عقيب طهارة لا حدث آخر، (وشك في المتأخر) منهما.
(فإن لم يعلم حاله قبل زمانهما تطهر) وجوبا كما هو المشهور لتكافؤ
الاحتمالين الموجب، لتساقطهما الرافع ليقين الطهارة الواجب للمشروط بها.
(وإلا) بل علم السابق (استصحبه) أي استلزم يقينه ذلك كونه على مثل
السابق عليهما، أو بنى على مثل السابق كأنه استصحبه، لأنه إن علم السابق
عليهما بلا فصل فهو عالم بأنه على مثله، وإن علم السابق عليهما بفصل أو
احتمال فصل، فإن كان الطهارة علم بانتقاضها وارتفاع ناقضها وهو شاك في
انتقاض الرافع، وإن كان الحدث علم بارتفاعه وانتقاض رافعه وهو شاك في

(1) المجموع: ج 1 ص 414.
(2) نيل الأوطار: ج 1 ص 202 ح 1.
(3) الأم: ج 1 ص 26.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 290 ب 22 من أبواب الوضوء ح 7.
(5) في ص: (بدعة).
584

ارتفاع الناقض.
واحتمل في المعتبر البناء على خلاف السابق، فإنه إن كانت الطهارة علم
بانتقاضها وهو شاك في ارتفاع الناقض، وإن كان الحدث علم بارتفاعه وهو شاك
في انتقاض الرافع. وفيه ما عرفت من أنه عالم بارتفاع ناقض السابق أو انتقاض
رافعه أيضا.
وقد يقال بمثله المعتاد التجديد، فإن ظاهر غيره أن لا يكون أوقع الطهارة بعد
السابق، إلا بعد الحدث فيكون متطهرا شاكا في الحدث، وقد يبني على السابق
مطلقا علم التعاقب أو لا بناء على تساقط ما تأخر، فيرجع إلى السابق. وفيه أن
الانتقال عنه معلوم، وأطلق الأكثر وجوب التطهر (1) من غير تعرض للسابق.
(ولو علم ترك) غسل (عضو) أو بعضه أو مسحه في الوضوء أو بعده
(أتى به وبما بعده) إن لم يجف البلل مع الاعتدال على ما مر.
(فإن جف البلل استأنف) الوضوء مع الاعتدال، وقال أبو علي: لو بقي
موضع لم يبتل فإن كان دون الدرهم بله وصلى، وإن كان أوسع أعاد على العضو
وما بعده، وإن جف ما قبله استأنف. وذكر أنه حديث أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وآله،
وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام، وابن منصور عن زيد بن علي عليه السلام (2).
قال في المختلف: ولا أعرف هذا التفصيل لأصحابنا، وإنما الذي يقتضيه
أصول المذهب وجوب غسل الموضع الذي تركه، سواء كان بقدر سعة الدرهم أو
أقل، ثم يجب غسل ما بعده من أعضاء الطهارة والمسح مع بقاء الرطوبة، ووجوب
استئناف الطهارة مع عدمها، ولا يجب غسل جميع ذلك، بل من الموضع المتروك
إلى آخره إن أوجبنا الابتداء من موضع بعينه، والموضع خاصة إن سوغنا
النكس (3).

(1) في س و م: (التطهير).
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 307 - 308.
(3) مختلف الشيعة: ج 1 ص 307.
585

قال الشهيد: ولك أن تقول: هب أن الابتداء واجب من موضع بعينه، فلا يلزم
غسله وغسل ما بعده إذا كان قد حصل الابتداء، للزوم ترتيب أجزاء العضو في
الغسل، فلا يغسل لاحقا قبل سابقه، وفيه عسر منفي بالآية (1).
قلت: ولا بأس بما قاله.
وأرسل في الفقيه عن الكاظم عليه السلام إنه سئل عن المتوضئ يبقى من وجهه
موضع لم يصبه الماء، فقال: يجزئه أن يبله من بعض جسده (2). وأسند نحوه في
العيون عن محمد بن سهل، عن أبيه، عن الرضا عليه السلام (3).
قال الشهيد: فإن أريد بله ثم الاتيان بالباقي فلا بحث، وإن أريد الاقتصار
عليه أشبه قول ابن الجنيد (4).
قلت: ويحتمل أن لا يكون شرع في غسل اليد فضلا عما بعده.
(ولو شك في شئ من أفعال الطهارة فكذلك) يأتي به وبما بعده إن لم
يجف البلل (إن كان على حاله) أي الطهارة، أو حال الطهارة، أو حاله في
الطهارة من قعود أو قيام أو غيرهما، أو حال الفعل المشكوك فيه، أي لم ينتقل إلى
آخر من أفعال الطهارة.
والمشهور الأولان اللذان بمعنى واحد مع الأصل، ووجوب تحصيل يقين
الطهارة، وبه صحيح (5) زرارة وحسنه (6)، عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا كنت قاعدا
على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعيك أم لا فأعد عليهما وعلى جميع ما شككت
فيه أنك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء، فليست
الطهارة كالصلاة في عدم الالتفات إلى الشك في فعل منها إذا انتقل إلى فعل آخر

(1) ذكرى الشيعة: ص 96 س 10.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 60 ح 33 1.
(3) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 22 ح 49.
(4) ذكرى الشيعة: ص 96 س 12.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 330 ب 42 من أبواب الوضوء ح 1.
(6) الكافي: ج 3 ص 33 ح 2.
586

منها. ولعل الفارق النص والاجماع على الظاهر.
والثالث وإن لم أظفر بقائل به، لكنه يناسب الشك في أجزاء الصلاة. ويحتمله
قول الصادق عليه السلام: إذا شككت في شئ من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس
شكك بشئ، إنما الشك في شئ لم تجزه (1).
وقول الصدوق في المقنع: ومتى شككت في شئ وأنت في حال أخرى (2)
فامض، ولا تلتفت إلى الشك (3). لكنه نص في الفقيه (4) والهداية (5) على المشهور.
وأما الثاني - وهو اعتبار حاله عند الطهارة من قعود أو قيام - فلم أر قائلا به
صريحا، لكنه ظاهر الفقيه (6) والهداية (7) والمقنعة (8) والسرائر (9) والذكرى (10)، وهو
أظهر لقوله: لو أطال القعود فالظاهر التحاقه بالقيام.
واحتمل في نهاية الإحكام لقوله: الظاهر تعليق الإعادة وعدمها مع الشك في
بعض الأعضاء على الفراغ من الوضوء وعدمه، لا على الانتقال عن ذلك
المحل (11).
وعندي أن الانتقال وحكمه - كطول القعود - يعتبر في الشك في آخر
الأعضاء دون غيره. وإن كثر شكه ففتوى السرائر (12) ومقرب نهاية الإحكام (13)
والذكرى: إنه ككثير السهو في الصلاة للعسر والحرج (14). ثم فتوى نهاية الإحكام (15)

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 330 ب 42 من أبواب الوضوء ح 2.
(2) في ص: (آخر).
(3) المقنع: ص 7.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 61 ذيل الحديث 136.
(5) الهداية: ص 17.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 60 ذيل الحديث 136.
(7) الهداية: ص 17.
(8) المقنعة: ص 49.
(9) السرائر: ج 1 ص 104.
(10) ذكرى الشيعة: ص 98 س 6.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 61.
(12) السرائر: ج 1 ص 104.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 61.
(14) ذكرى الشيعة: ص 98 س 10.
(15) نهاية الإحكام: ج 1 ص 61.
587

ومقرب الذكرى إن الشك في النية كالشك في بعض الأعضاء، (وإلا) يكن على
حاله عند الشك (1).
(فلا التفات إليه في الوضوء) اتفاقا وللحرج والأخبار، كقول الباقر عليه السلام
في صحيح زرارة (2) وحسنه: فإذا قمت عن الوضوء وفرغت منه وقد صرت في
حال أخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمى الله مما أوجب الله
عليك فيه وضوئه لا شئ عليك فيه (3). وفي مضمر بكير بن أعين: هو حين يتوضأ
أذكر منه حين يشك (4).
وإن كان الشك في بعض أعضاء الغسل فإن كان في غير الأخير لم يلتفت إذا
انصرف عنه وإن لم ينتقل من مكانه كالوضوء للحرج، ولأنه حين يغتسل أذكر منه
حين يشك، ولارشاد حكم الوضوء إليه. ولصحيح زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام عن
رجل ترك بعض ذراعيه أو بعض جسده من غسل الجنابة، فقال: إذا شك وكانت به
بلة وهو في صلاته مسح بها عليه، وإن كان استيقن رجع فأعاد عليهما ما لم يصب
بلة، فإن دخله الشك وقد دخل في صلاته فليمض في صلاته ولا شئ عليه (5).
وإن كان في الأخير وكان الغسل مرتبا ولم يعتد الموالاة فيه أتى به وإن انتقل عن
حاله للأصل من غير معارض.
(و) لا التفات في (المرتمس والمعتاد) للموالاة (على إشكال) من
الأصل ووجوب تحصيل يقين الطهارة، ومن معارضة الأصل بالظاهر المفيد لظن
الاتمام، والاشكال حقيقة في اعتبار هذا الظن، وفي حكم اعتياد الموالاة إيقاع
المشروط بالطهارة.

(1) ذكرى الشيعة: ص 98 س 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 330 ب 42 من أبواب الوضوء ح 1.
(3) الكافي: ج 3 ص 33 ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 331 ب 42 من أبواب الوضوء ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 524 ب 41 من أبواب الجنابة ح 2.
588

(ولو ترك غسل أحد المخرجين) أو كليهما (وصلى أعاد الصلاة
خاصة) لا الوضوء، وقد مر الكلام فيه، ويجب إعادة الصلاة في الوقت
وخارجه (وإن كان ناسيا) إلا على الخلاف المتقدم في الصلاة مع النجاسة
المنسية، أو جاهلا على قول، (أو جاهلا بالحكم) فليس الجهل عذرا.
(ويشترط) في صحة الطهارة. (طهارة محل الأفعال عن الخبث)
وإلا نجس الماء وخرج عن الطهورية، إلا إذا لم يمكن التطهير، فقد عرفت احتمال
وجوب مسمى الغسل أو المسح على المحل النجس، ولكن المصنف أوجب
المسح على حائل طاهر. وهل يكفي ماء واحد للتطهير من الخبث والحدث؟
الأقوى - وخيرة نهاية الإحكام (1) - نعم، وظاهر العبارة العدم.
و (لا) يشترط في صحتها طهارة (غيره) من الأعضاء إجماعا على ما
في نهاية الإحكام (2).
قلت: إلا على القول بإعادة الوضوء على تارك الاستنجاء.
(ولو جدد) الطهارة (ندبا وذكر إخلال عضو من إحديهما أعاد
الطهارة والصلاة) إن صلى بعدهما أو بينهما (وإن تعددت) الصلاة حتى
صلى بكل طهارة صلاة، فإنه يعيد الثانية أيضا (على رأي) وفاقا لابن
إدريس (3)، فإن الندب لا يجزئ عن الواجب مع احتمال الاخلال في الواجب،
فالطهارة مشكوكة. وكذا لو جدد واجبا بالنذر وشبهه على ما اختار من لزوم نية
الرفع أو الاستباحة، وخلافا للشيخ (4) والقاضي (5) وابني حمزة (6) وسعيد (7)
فصححوا ما وقع بعد الثانية مع إيجابهم نية الرفع أو الاستباحة، فلعلهم استندوا إلى
أن شرع التجديد لتدارك الخلل في السابق.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 63.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 62.
(3) السرائر: ج 1 ص 105.
(4) الخلاف: ج 1 ص 203 المسألة 166.
(5) جواهر الفقه: ص 11 المسألة 19.
(6) الوسيلة: ص 53.
(7) الجامع للشرائع: ص 37.
589

وفي المعتبر: الوجه صحة الصلاة إذا نوى بالثانية الصلاة، لأنها طهارة شرعية
قصد بها تحصيل فضيلة لا تحصل إلا بها (1)، فهو ينزل نية هذه الفضيلة منزلة نية
الاستباحة. وقوى في المنتهى (2) صحة الصلاة، بناء على شكه في الاخلال بشئ
من الطهارة الأولى بعد الانصراف فلا عبرة به، وهو قوي محكي عن ابن
طاووس (3).
واستوجبه الشهيد قال: إلا أن يقال: اليقين هنا حاصل بالترك وإن كان شاكا
في موضعه، بخلاف الشك بعد الفراغ، فإنه لا يقين بوجه (4).
قلت: ولعله لا يجدي.
(ولو توضأ وصلى وأحدث ثم توضأ وصلى أخرى ثم ذكر الاخلال
المجهول) المحل (أعادهما) أي الصلاتين (مع الاختلاف) في الركعات
(عددا) لعلمه ببطلان إحداهما لا بعينها (بعد) استئناف (الطهارة) وعدم
الاجتزاء بالطهارة الثانية، للشك في صحتها، إلا على خيرة المنتهى (5).
(ومع الاتفاق) في العدد (يصلي ذلك العدد) مرة (وينوي به ما في
ذمته) كما في المعتبر (6) والشرائع (7)، بناء على عدم لزوم تعيين المقضي للأصل.
قيل: إلا مع ندبية الطهارتين أو الثانية فيعيد صلاتيهما لانكشاف وجوب
الثانية، لاشتغال الذمة بالصلاة الأولى، وفيه نظر. وأطلق الشيخ (8) والقاضي (9) وابن
سعيد (10) إعادة الصلاتين بناء على وجوب التعيين.
(و) على المختار (لو كان الشك في) طهارة (صلاة) من صلوات
(يوم) فعل كلا بطهارة رافعة أو علم فعل اثنتين منها كذلك ولم يعلم الباقية ولا

(1) المعتبر: ج 1 ص 173.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 75 س 21.
(3) البيان: ص 12.
(4) ذكرى الشيعة: ص 100 س 11.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 75 س 22.
(6) المعتبر: ج 1 ص 173.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 25.
(8) المبسوط: ج 1 ص 24.
(9) جواهر الفقه: ص 11 المسألة 17.
(10) الجامع للشرائع: ص 37.
590

علم عين الاثنتين.
(أعاد صبحا ومغربا وأربعا) عما في ذمته إن كان حاضرا من غير ترديد،
وهو أيسر، وربما كان أحوط، أو مع الترديد بين الرباعيات الثلاث. ونص
الشيخ على إعادة الخمس مع نصه على أن من فاتته إحدى الخمس اكتفى
بثلاث (1).
(والمسافر) على المختار (يجتزئ بالثنائية والمغرب، ولو) علم أنه
(كان الاخلال من طهارتين) من الخمس (أعاد) الحاضر (أربعا صبحا
ومغربا وأربعا مرتين) بينهما المغرب، بناء على وجوب الترتيب مع النسيان.
(والمسافر يجتزئ بثنائيتين) أولهما عما عدا العشاء والثانية عما عدا
الصبح (والمغرب بينهما، والأقرب جواز إطلاق النية فيهما) أي الرباعية
للحاضر والثنائية للمسافر (والتعيين).
ولا يتعين الاطلاق بناء على توهم أنه لا مجال للتعيين لعدم القطع بما يعينه،
لأن القطع إنما يعتبر عند الامكان مع إمكانه للوجوب من باب المقدمة، كما لا
يتعين التعيين كما قال (2) به الشيخ (3) ومن تبعه.
ويحتمل تعيين الاطلاق لذلك، ومنع الوجوب من باب المقدمة، وإمكان القطع
بالاطلاق عما في الذمة. فدفع بهذا الكلام ما يتوهم مما تقدمه من تعين الاطلاق،
أو الأقرب جواز الاطلاق في الرباعيتين كلتيهما والتعيين فيهما، وكذا في
الثنائيتين.
ولا يتعين التعيين في الأخيرة منهما بناء على تعين المتأخرة عن المغرب
للعشاء، فإنه لا ينافي جواز الاطلاق، والأصل البراءة من لزوم التعيين، ولأن
انحصارها فيها يصرف إليها الاطلاق، على أن تعينها للعشاء إنما هو على تقدير

(1) المبسوط: ج 1 ص 25.
(2) في س و م: (قاله).
(3) المبسوط: كتاب الصلاة ج 1 ص 121.
591

فوات المغرب والعشاء، وهو يجوز كون الفائت الظهر والعصر، فالرباعية الأولى
تنصرف إلى الظهر، فلو عين الثانية عشاء بقيت العصر في الذمة.
ولما جوز التعيين فيهما اندفع الوهم السابق أيضا، أي وجوب الاطلاق الذي
قد يوهمه الكلام السابق، أو الأقرب جواز الاطلاق الثلاثي في الرباعيتين كلتيهما
والرباعي في الثنائيتين، وإن كان التعرض للظهر في الرباعية الثانية والصبح في
الثنائية الثانية لغوا، مع احتمال العدم كما في الذكرى (1)، وهو أقوى عندي، لأنه
ضم معلوم الانتفاء، وفي حكم صلاة الظهر مرتين في يوم.
وأيضا لا يصح الاطلاق الرباعي في الثنائية الأولى، لعدم صحة العشاء، فإنها
إن كانت فاتت فبعد أخرى.
وإذا عين الرباعيتين كلتيهما أو الثنائيتين (فيأتي) وجوبا (بثالثة)
رباعية معينة، أو ثنائية مطلقة بين اثنتين، وهو ظاهر، ويجوز له إطلاق إحداهما
وتعيين الأخرى، واحتمل في الذكرى العدم (2) لعدم ورود رخصة، وهو ضعيف.
(و) عند تعيين إحداهما (يتخير بين تعيين الظهر أو العصر أو
العشاء). وعلى كل (فيطلق بين الباقيتين) أي يجوز له الاطلاق بينهما
(مراعيا للترتيب) فإن عين الظهر فإنما يعينها في الأولى رباعية يفعلها لا فيما
بعدها.
ثم إذا فعل رباعية أخرى يطلق بين العصر والعشاء، أي يفعلها عما في الذمة
بلا ترديد، أو معه فلا بد من فعلها مرتين بينهما المغرب، أو فعل العشاء معينة بعدها
عملا بالترتيب.
وإن عين العصر فإنما يعينها في الرباعية الثانية، وسواء عين الرباعية الأولى
أو أطلقها، ولا بد له من رباعية ثالثة أيضا بعد المغرب مطلقة أو معينة. وإن عين
العشاء فإنما يعينها في الأخيرة، ويجب عليه حينئذ قبل المغرب رباعيتان معينتان

(1) ذكرى الشيعة: ص 99 س 22.
(2) ذكرى الشيعة: ص 99 س 27.
592

أو مطلقتان بين الظهرين.
والحق ما في الذكرى من أنه تكلف محض لا فائدة فيه (1).
ويحتمل - بناء على ما سبق - أنه إذا عين الظهر لم يكن له إلا فعل رباعيتين
أخرتين معينتين العصر والعشاء بينهما مغرب لتعين ما قبل المغرب للعصر وما
بعدها للعشاء، وإذا عين العصر لم يكن له إلا رباعية أخرى بعد المغرب معينة
للعشاء.
فدفع بهذا الكلام الاحتمال بمثل ما عرفت، ودفع أيضا احتمال أن لا يجوز له
تعيين الظهر لعدم تعينها عليه، وإن جاز بعد رباعية مطلقة تعيين العصر لتعينها قبل
المغرب، وكذا تعيين العشاء لتعينها بعد المغرب.
واحتمال أنه إذا أتى برباعية مطلقة لم يجز له التعيين بعدها وخصوصا
العصر، لدخولها في المطلقة بوجه، ولا يجوز تعلق قوله: فيطلق بين الباقيتين
بالعشاء خاصة، بناء على أنه إذا عين الظهر أو العصر لم يكن له بد من رباعيتين
أخرتين، فلا ينفعه الاطلاق، بخلاف ما إذا عين العشاء فيكفي رباعية واحدة
مطلقة، لأنها لا تكفي جواز كون الفائت الظهرين، والمسافر يتخير بين تعيين
الصبح أو الظهر أو العصر أو العشاء، فيطلق بين الباقيات مراعيا للترتيب على
قياس الحاضر.
واعلم أنه يمكن فهم جواز إطلاق أحدهما تعيين الأخرى من هذه العبارة
كما فعلناه. ويمكن تنزيل قوله: (والأقرب جواز إطلاق النية فيهما والتعيين) عليه
بإعادة ضمير (فيهما) على الحاضر والمسافر، أو الحضر والسفر، و (2) جعل الواو
في (والتعيين) بمعنى (مع).
(وله) من أول الأمر (الاطلاق الثنائي) للرباعية، أي بين الظهرين
خاصة (فيكتفي بالمرتين) أي برباعية أخرى بعد المغرب مطلقة بين العصر

(1) ذكرى الشيعة: ص 99 س 29.
(2) في س و م: (أو).
593

والعشاء لا معينة للعشاء، ولا مطلقة بين الظهر والعشاء كما في المنتهى (1)، لاحتمال
كون الفائت الظهرين، كما إذا أطلق ثلاثيا. وأما المسافر فإن أطلق الثنائية ثنائيا لم
يكن له بد من ثنائيتين أخريين (2).
(ولو كان الترك) لبعض الأعضاء (من طهارتين في)
جملة (يومين) مع فعل كل صلاة من صلاتهما (3) بطهارة رافعة، أو فعل صلاتين
كذلك مشتبهتين.
(فإن ذكر التفريق) أي أن كلا من الطهارتين في يوم (صلى) الحاضر
(عن كل يوم ثلاث صلوات) والمسافر اثنتين، وهي عين ما مضى، وإنما
ذكره ليعطف عليه قوله: (وإن ذكر جمعهما في يوم واشتبه) في يومين
(صلى) الحاضر فيهما (أربعا) والمسافر فيهما ثلاثا، وهو أيضا عين ما
عرفت.
(و) إنما (تظهر الفائدة) لهذا الفرض (في) صورتين:
الأولى: تتشعب إلى صور عند (تمام) صلوات (أحد اليومين) حتم
(وتقصير) صلوات (الآخر حتما، فيزيد) على الأربع (ثنائية) بعد
المغرب، لاحتمال فوات المغرب والعشاء المقصورة، فيصلي ثنائية مطلقة بين
الصبح والظهرين، ثم رباعية مطلقة بين الظهرين، [ثم المغرب ثم ثنائية بين
الظهرين] (4) والعشاء، ورباعية بين العصر والعشاء، يتخير في تقديم الثنائية
الأخيرة عليها وتأخيرها عنها.
(أو بالتخيير) بين القصر والاتمام فيهما مع اختياره القصر في أحدهما
والتمام في الآخر، أو التخيير في أحدهما (5) مع اختيار القصر فيه، وتحتم الاتمام
في الآخر أو العكس، فيلزمه حكم اختياره في القضاء. وكذا لو شك في اختياره

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 76 س 2.
(2) في س و م: (أخرتين).
(3) في س و ك و م: (صلواتهما).
(4) ما بين المعقوفين زيادة من س و ص و م.
(5) في س و م: (أحدهما تحتم).
594

احتياطا، وفي الكثير الاكتفاء بأربع إن لم يختر (1). ولعله أراد الشك.
ويحتمل بقاء اختياره في القضاء، فله اختيار التمام وإن كان اختار القصر أداء
[لأن عبارته كذا: فإن اختار الاتمام في يوم التخيير يكتفي بأربع، صبح ورباعية
ومغرب، وإذا اختار التقصير وجبت الخامسة، وإن لم يختر أحدهما اكتفى بأربع
أيضا] (2) وبالعكس. وقيل: يتحتم القصر في القضاء مطلقا (3).
والصورة الثانية: أن يكون الشك في وقت العشائين أو العشاء الآخرة من
اليوم الثاني.
(و) اخترنا (وجوب تقديم فائتة اليوم على حاضرته لا غير) فإن
الاشتباه بين اليومين يفيد عدم جواز فعل العشائين أو العشاء أو لا ثم القضاء.
ويحتمل إفادته الجواز لأصل البراءة من الترتيب، ويمكن إذا فعلهما أن لا
يكون عليه شئ لشكه في اشتغال ذمته بالقضاء.
ويدفع الاحتمال بتوقف أدائهما على العلم ببراءة الذمة من فاتته اليوم،
ويقوى على المواسعة مطلقا، وأما على المضايقة مطلقا فلا فائدة للاشتباه
بخصوصه، فمع الحضور في اليومين يقضي صبحا، ثم رباعية عن الظهرين، ثم
مغربا بين الأداء والقضاء، ثم رباعية بين قضاء العصر وبين العشاء مرددة بين
الأداء والقضاء.
ومع السفر فيهما يصلي ثنائية عن الصبح والظهرين، ثم مغربا بين الأداء
والقضاء، ثم ثنائية بين الظهرين قضاء والعشاء مرددة، ومع الاختلاف ثنائية
كذلك، ثم رباعية عن الظهرين، ثم مغربا مرددة ثم ثنائية بين الظهرين قضاء
والعشاء مرددة، ورباعية بين العصر قضاء والعشاء مرددة.
ويحتمل تعلق قوله: (لا غير) بقوله: (تظهر الفائدة) أي إنما تظهر في هاتين
الصورتين لا غير.

(1) في س و م: (يتخير).
(2) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(3) ذكرى الشيعة: ص 100 س 8.
595

(ولو جهل الجمع والتفريق) واحتملهما (صلى) كما إذا علم التفريق
(عن كل يوم ثلاث صلوات) مع وجوب التمام فيهما، واثنتين مع القصر
وأربعا عن أحدهما، واثنتين عن الآخر مع الاختلاف تحصيلا ليقين البراءة.
وزاد في المنتهى على مثل قوله هذا قوله قبله: ولو لم يعلم هل هما ليومه أو
ليومه وأمسه؟ وجب عن يومه أربع صلوات وعن أمسه ثلاث (1). وهو عين الجهل
بالجمع والتفريق، ولعله أراد وجوب الأربع ليومه إذا لوحظ وحده مع تحصيل
يقين البراءة، والثلاث لامسه كذلك، وإن أجزأته ألست إذا اجتمعا.
(وكذا البحث لو توضأ خمسا لكل صلاة طهارة عن حدث ثم ذكر
تخلل حدث بين الطهارة والصلاة واشتبه) الحدث المتخلل. ونص الشيخ (2)
وابنا البراج (3) وسعيد (4) على أنه إذا كان عقيب طهارة واحدة من الخمس وجب
إعادة الصلوات الخمس كلها، مع نصهم على اكتفاء من فاتته أحدهن (5) بصبح
ورباعيته ومغرب.
(ولو صلى الخمس بثلاث طهارات) عن ثلاثة أحداث ثم علم
الاخلال في أحدها (6) أو معاقبة الحدث لها قبل الصلاة، (فإن) علم أنه
(جمع بين الرباعيتين بطهارة) فإن جمع بين الظهرين خاصة (صلى أربعا
صبحا ومغربا وأربعا مرتين) أحدهما (7) الظهر، لأنه لم يفته العصر إلا بعد
الظهر، والأخرى عن العصر والعشاء وله فعل المغرب قبلهما والصبح بعد الجميع.
وفي البين وإن جمع بينهما وبين الصبح فكذلك، لكن يجب تقديم الصبح على
الرباعيتين لا المغرب، وإن جمع بينهما وبين المغرب فكذلك، لكن يؤخر المغرب
عن الرباعيتين لمكان العصر ويتخير في الصبح، وإن جمع بين العصر والعشائين

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 76 س 4.
(2) المبسوط: ج 1 ص 25.
(3) جواهر الفقه: ص 11 المسألة 17.
(4) الجامع للشرائع: ص 37.
(5) في ص: (إحداهن).
(6) في ص: (إحداها).
(7) في ص و ك: (إحداهما).
596

صلى صبحا وأربعا عن الظهرين ثم مغربا ثم عشاء ويتخير في الصبح.
(والمسافر يجتزئ بثنائيتين والمغرب بينهما) إن جمع بين الصبح
والظهر خاصة، أو بين الظهرين أو العصر والعشائين، وإن جمع بين الصبح
والظهرين فلا بد له من ثنائية أخرى، ولا ترتيب حينئذ بين المغرب وشئ من الثنائيات.
(وإلا) فإن علم أنه لم يجمع بين رباعيتين بطهارة (اكتفى بالثلاث)
فإن جمع بين الصبح والظهر وأفرد العصر بطهارة ثم جمع بين العشائين صلى
صبحا ثم مغربا ثم أربعا عن الثلاث، وإن جمع بين الصبح والظهر ثم بين العصر
والمغرب صلى صبحا ثم أربعا ثم مغربا، وإن اشتبه الأمر بين الصورتين لزمته أربع
للزوم رباعيتين بينهما المغرب، ليحصل البراءة على التقديرين.
وإن احتمل جمعه بين الرباعيتين وعدمه فاشتبه عليه الأمر بين جميع (1)
الصور الست صلى الخمس كلها، لاحتمال الثالثة (2) فيجب تقديم رباعيتين على
المغرب والرابعة والسادسة، فيجب تأخير رباعية عنها، ومنه علم وجوب الخمس
إن علم الجمع بين رباعية (3) واشتبه عليه بين الصور الأربع كل ذلك في الحاضر،
ولا حكم للمسافر هنا، إذ لا بد له من الجمع بين ثنائيتين.
(ويجب) إجماعا أن تكون (الطهارة بماء مملوك) للمتطهر، ومنه
المأذون في استعماله فإنه يملك بالاستعمال أو بالإذن (أو مباح) للناس (4) غير
مملوك لأحد.
(طاهر) فلا يجوز بالمغصوب والنجس، ولا يصح وإن اختلف في قضاء
الصلاة إذا تطهر بالنجس جاهلا، بخلاف الخبث، فإنه يرتفع بالمغصوب وإن حرم
رفعه به، والفرق اشتراط النية والتقرب في رفع الحدث دونه، ولا يصحح (5) الإذن
المتأخر ولا المتقدم مع جهل المأذون لاقدامه على الغصب بزعمه، واستشكله في

(1) في س و م: (من جميع) و ص و ك: (بين جمع).
(2) في ص: (الثلاثة).
(3) في ص و ك: (رباعيتين).
(4) في ك: (له أو الناس).
(5) في ص و م: (يصح).
597

نهاية الإحكام (1)، والأصح تبعية الماء المستنبط في الأرض المغصوبة لها كما في
نهاية الإحكام (2) والذكرى (3).
(ولو جهل غصبية الماء صحت طهارته) للامتثال وعدم اشتراط العلم
بانتفاء الغصب، لكن لو اشتبه المغصوب بغيره اجتنبهما، فإن تطهر بهما ففي
التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5) البطلان للنهي المضاد لإرادة الشارع.
قال في التذكرة: ويحتمل الصحة، لأنه توضأ بماء مملوك (6). ويندفع بما في
نهاية الإحكام من عدم وقوعه على الوجه المطلوب شرعا (7).
(وجاهل الحكم) وهو بطلان الطهارة (لا يعذر) لاقدامه على المعصية
عامدا، وارتكابه المنهي عنه عالما، وانتفاء الدليل على عذره. وفي التحرير: إن
جاهل التحريم لا يعذر (8). ولعله لأن أحكام الوضع لا تختلف بالعلم والجهل، مع
أن قبح التصرف في ملك الغير بغير إذنه عقلي ظاهر لمعظم العقلاء.
واستشكل في نهاية الإحكام في جاهل الحكم (9). فإن أراد جاهل التحريم
فلأنه بزعمه لم يقدم على المعصية، مع أن الناس في سعة مما لم يعلموا، والغافل
غير مكلف، فلا يتوجه إليه النهي المفسد. وإن أراد جاهل البطلان فلعله بزعمه
يتقرب (10) بطهارته، لغفلته عن بطلانها، بل النهي عنها.
(ولو سبق العلم) بالغصبية ثم نسيه فتطهر به (فكالعالم) عند الطهارة
لتفريطه بالنسيان، ولا يعجبني بل الأقوى صحة طهارته كما في الذكرى لرفع
النسيان (11)، وقبح تكليف الغافل.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 249.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 250.
(3) ذكرى الشيعة: ص 12 س 17.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 6 س 14.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 250.
(6) تذكرة الفقهاء: ج ص 6 ص 14.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 250.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 11 س 10.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 249.
(10) في س و ك و م: (لزعمه التقرب) وفي ص: (بزعمه التقرب).
(11) ذكرى الشيعة: ص 146 س 12.
598