الكتاب: ذخيرة المعاد (ط.ق)
المؤلف: المحقق السبزواري
الجزء: ١ ق ١
الوفاة: ١٠٩٠
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية

ذخيرة المعاد
في شرح الارشاد
للعلامة المحقق ملا محمد باقر السبزواري
مؤسسة آل البيت عليهم السلام
لإحياء التراث.
1

كتاب الطهارة
وبه نستعين
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خيار خلقه سادات الأنام محمد وآله الطاهرين الكرام الاجلاء العظام كتاب الطهارة أي هذا
كتاب الطهارة والكتاب اسم منفرد وجمعه كتب بضم التاء وسكونها وهو فعال من الكتب بفتح الكاف سمى به المكتوب كالخلق بمعنى المخلوق وكقولهم هذا درهم ضرب
الأمير ومعناه الجمع ومنه تكتب بنوا فلان إذا تجمعوا ومنه الكتاب لأنه يجمع أمورا متفرقة من المسائل والطهارة مصدر طهر بضم العين وفتحها وهي لغة النظافة وقد
نقلت في الاصطلاح إلى المعنى الشامل للوضوء والغسل والتيمم وقد اختلف كلام الأصحاب في تعريفها ولا يكاد يوجد تعريف خال عن الطعن حتى زعم بعضهم ان
التعريف لفظي والاطناب في هذا الباب قليل الجدوى في أمر الدين فالاشتغال بالامر الأهم أولي والنظر في أقسامها وأسبابها وهي الاحداث الموجبة للطهارة و
معنى السبب عند الأصوليين الوصف الظاهر المنضبط الذي جعله الشارع مناط الحكم شرعي كالوقت لوجوب الصلاة وما يحصل به وهو الماء والتراب وتوابعها
كاحكام الخلوة والنجاسات وكيفية ازالتها واحكام الأواني وغيرها
الأول في أقسامها وهي وضوء وغسل وتيمم أي منقسمة إليها انقسام الكلى إلى جزئياته وكل منها واجب
وندب فالوضوء يجب بأصل الشرع للصلاة والطواف الواجبين والتقييد بالوجوب بناء على عدم وجوب الوضوء لصلاة النافلة وإن كان شرطا في صحتها لجواز
تركه مع ترك المشروط به وقد يتوهم وجوب الوضوء لها بناء على توجه الذم على تاركه إذا اتى بالنافلة في تلك الحال غفلة عن أن الذم ليس لترك الوضوء بل للفعل
المذكور وربما أعان على هذا التوهم اطلاق الواجب عليه مجازا لمشاركته مع الواجب في الشرطية وقد يعبر عنه بالوجوب الشرطي إشارة إلى علاقة التجوز وهذا الحكم
أعني وجوب الوضوء للصلاة الواجبة اجماعي وتدل عليه الاخبار والآية وتندرج في الواجب اليومية وغيرها من بقية الصلاة الواجبة ولا يحتاج إلى اخراج
صلاة الميت ان قلنا إن اطلاق الصلاة عليها مجاز والمعروف من مذهب الأصحاب ان الوضوء ليس واجبا لنفسه بل انما يجب عند اشتغال الذمة بواجب
مشروط به حتى أن المصنف في التذكرة والمدقق الشيخ على والشهيد الثاني نقلوا الاجماع عليه وحكى الشهيد في الذكرى قولا بوجوب الطهارات أجمع بحصول أسبابها
وجوبا موسعا لا يتضيق الا لظن الوفاة أو لضيق وقت العبادة المشروطة بها واحتمل المصنف في النهاية وجوب الوضوء بحدث وأسبابه استدل الأولون بقوله تعالى
إذ أقمتم إلى الصلاة فاغسلوا الآية إذ المراد والله أعلم إذا أردتم القيام إلى الصلاة أو معنى اخر يقاربه لا نفس القيام إلى الصلاة والا لزم وجوب الوضوء مؤخرا
عن الصلاة وهو باطل اجماعا والاستدلال بالآية من وجهين الأول ان هذا الكلام يستفاد منه بحسب العرف ان المطلوب الغسل والمسح لأجل الصلاة كما
إذا قيل إذا أردت الحرب فخذ سلاحك يفهم منه الاخذ لأجل الحرب وفيه انه لا منافاة بين الوجوب لأجل الصلاة وبين وجوبه في نفسه فيجوز ان يجتمع الوج؟؟ ان
الثاني ان مفهوم الشرط حجة عند أكثر الأصوليين فالآية تدل على عدم وجوب الوضوء عند عدم إرادة الصلاة فلا يكون واجبا لنفسه وفيه ان
المسلم حجية مفهوم الشرط إذا لم يكن للتعليق بالشرط فائدة أخرى سوى التخصيص وهيهنا ليس كذلك إذ يجوز أن تكون الفائدة هيهنا بيان ان الوضوء واجب
لأجل الصلاة وإن كان واجبا في نفسه فيكون الغرض متعلقا بالوجوب العارض له حين إرادة الصلاة باعتبار التوصل به إليها وكونه من مصالحها
مع أنه يستفاد من هذا التعليق كون الوضوء شرطا لصحة الصلاة إذ يستفاد منه وجوب الوضوء سابقا على الصلاة فالاتيان بالصلاة بدون الوضوء كان ضدا
للواجب المذكور وضد الواجب قبيح منهى عنه ولا يجوز التعبد بالقبيح المنهى عنه على ما حققناه في أصول الفقه وان خالف في كلتا المقدمتين جماعة من الأصوليين
وسيجيئ في بعض مباحث هذا الكتاب إشارة اجمالية إلى تحقيق الامر فيهما بل يمكن ان يقال الآية حجة عليهم إذ يستفاد منها وجوب الوضوء عند إرادة القيام و
قد تكون الإرادة متحققة قبل الوقت فيلزم على هذا ان يكون الوضوء قبل الوقت واجبا وهم نافون لذلك متحاشون عنه واستدلوا أيضا بما رواه الشيخ
في كتاب الصلاة في أوايل باب تفصيل ما تقدم ذكره عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر ع قال إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة ولا صلاة الا بطهور
وأورده الصدوق في الفقيه مرسلا عن أبي جعفر ع وجه الاستدلال بهذا الخبر اشتراط وجوب الطهور بدخول الوقت والمشروط عدم عند عدم الشرط و
في ترتب الفعل الدال على التجدد على دخول الوقت دلالة على ذلك وأورد عليه بعضهم ان المشروط وجوب الطهور والصلاة معا وانتفاء هذا المجموع يتحقق
بانتفاء أحد جزئيه فلا يتعين انتفاؤهما معا ولعل غرضه ان المشروط وجوب المجموع على سبيل الاستغراق الافرادي فكأنه قيل إذا دخل الوقت وجب كل واحد
من الامرين واللازم من ذلك على تقدير حجية مفهوم الشرط رفع الايجاب الكلى عند انتفاء الشرط لا ان المشروط مجموع الامرين من حيث هو مجموع إذ ذلك بعيد جدا بقى الكلام في التجدد المستفاد من الفعل ويمكن ان يقال تعليقه بالشرط بناء على أن الوجوب المؤكد انما يكون عند دخول الوقت أو باعتبار
ان اتصافه بنوع من الوجوب وهو الوجوب لغيره متجدد عند الوقت وارتكاب هذا التأويل أقرب من حمل ما يعارضه على خلاف الظاهر كما سيظهر على أن هذه
الصيغة شاع استعمالها في مجرد الثبوت من غير إرادة التجدد الفعلي شيوعا تاما فيقال وجب كذا ويجب كذا مستعملين في أصل الثبوت يظهر ذلك للمتتبع واما
الاجماع المنقول ففيه ان الظاهر أن هذه المسألة مما لم يصرح فيه القدماء بشئ وانما تجدد الكلام في الوجوب الغيري ومقابله بين المتأخرين وكلام
لقد ماء مجمل خال عن هذا التعيين نعم كلام ابن بابويه ظاهره الوجوب الغيري حيث قال باب وقت وجوب الطهور وأورد خبر زرارة مذكور وهو ليس
بصريح فيه واثبات الاجماع في مثل هذه المسائل الناشئة بين المتأخرين لا يخلو عن تعذر أو تعسر سيما مع وجود الخلاف كما عرفت ويدل على وجوب
الوضوء لنفسه الاخبار التي علق فيها الوجوب على وجود الأسباب وهي كثيرة منها قول الصادق ع في حديث رواه الشيخ عن زيد الشحام في الصحيح ان
عليا ع كان يقول من وجد طعم النوم فإنما أوجب عليه الوضوء وقوله ع فيما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح فإذا نامت الاذن والعين والقلب
وجب الوضوء وقول أبى الحسن ع فيما رواه الكليني عن معمر بن خلاد في الصحيح إذا خفى عليه الصوت فقد وجب عليه الوضوء إلى غير ذلك من الأحاديث
والحاصل انه وقع التعارض بين تلك الأحاديث وبين الخبر السالف في الجملة فلابد من ارتكاب التأويل إما في الخبر السابق ويعضده قرب التأويل
فيه وكثرة معارضه واما في تلك الأحاديث وتعضده الشهرة بين الأصحاب ولولاها لكان القول بوجوب الوضوء لنفسه متجها الا ان الاجتراء على خلاف
المشهور مشكل والمسألة محل التوقف
ومس كتابة القران ان وجب لما لم تكن الغاية هنا واجبة بأصل الشرع لم يصفه بالوجوب بل اتى بطريق الشرط بخلاف
2

الأوليين وهذا الحكم مبنى على تحريم المس للمحدث بالحدث الأصغر وهو المشهور بين الأصحاب حتى أن الشيخ في الخلاف نقل اجماع الفرقة عليه والحق بها أبو
الصلاح اسم الله تعالى وخالف الشيخ في المبسوط فزعم الكراهة وهو المحكي عن ابن البراج وابن إدريس قال في الذكرى بعد نسبته الكراهة إلى المبسوط ويلزم ابن
الجنيد الكراهة لأنه يكره ذلك للجنب والحائض وحدثهما أقوى وقد يريد ان بالكراهة الحرمة ولا يخفى ان حمل كلام الشيخ على الحرمة يخالف ما قال في موضع اخر
من المبسوط بعد تقسيم الوضوء إلى الواجب والمندوب فالواجب هو الذي يجب الاستباحة الصلاة أو الطواف لا وجه لوجوبه الا هذين حجة الأول وجهان
الأول قوله تعالى انه لقران كريم في كتاب مكنون لا يمسه الا المطهرون واستدلال بهذه الآية مبنى على ارجاع ضمير لا يمسه إلى القران وكون الجملة صفة
للقران أو خبرا ثالثا لان وحينئذ يكون النفي بمعنى النهى قيل نقلا عن التبيان ومجمع البيان وعندنا ان الضمير يعود إلى القران فلا يجوز لغير الطاهر مسه قيل
وينبه عليه قوله تعالى تنزيل من رب العالمين فإنه صفة للقران أو خبر اخر لان وما نقل عن بعض الصادقين من أن المراد المطهرون من الاحداث والخباثات
وفى بعض الأخبار الذي ينبغي ان يعد من الصحاح نسب المنع إلى الآية الشريفة ولقائل أن يقول لا يتعين ارجاع الضمير إلى القران فيجوز ان يكون راجعا إلى
الكتاب ويكون المعنى في كتاب مكنون أي اللوح المحفوظ لا يمس ذلك الكتاب الا الملائكة المطهرون من ادناس الذنوب كما ذكره صاحب الكشاف ويرجحه قرب
المرجع وابقاء الجملة على ظاهرها وكلام التبيان ومجمع البيان وإن كان مشعرا باتفاق الأصحاب على ارجاع الضمير إلى القران لكن في اثباته اشكال ولو سلم رجوع الضمير
إلى القران يحتمل ان يكون المراد لا يمسه الا المطهرون لكونه في اللوح المحفوظ ابقاء للجملة على ظاهرها وأيضا على تقدير الرجوع إلى القران والعدول عن ظاهرا الخبرية
الحمل على النهى التحريمي غير لازم إذ يجوز ان يكون المراد لا ينبغي ان يمسه الا من هو على الطهارة من الناس كما قال صاحب الكشاف وحينئذ لا يستفاد منها أكثر من الكراهة
وقد يقال إذا تعذرت الحقيقة يتعين الحمل على أقرب المجازات إليها وهو ههنا التحريم إما بطريق النهى أو الاخبار وهو لا يصفو عن شوب التأمل ثم على تقدير التنزل
عن ذلك كله يمكن ان يقال يصدق المطهر على الطاهر من الحدث الأكبر بل على الطاهر من الأخباث فلا يقتضى الطهارة عن الحدث الأصغر وقد يقال الطهارة حقيقة
في المعنى الشرعي لثبوت الحقائق الشرعية وحينئذ يتم الاستدلال بالآية وفيه انا لا نسلم ثبوت حقيقة شرعية فيها سلمنا لكن يحتمل الحمل على المجاز حذرا عن التأويل
الذي ذكر ولابد للترجيح من دليل مع ما يرد عليه من الأبحاث التي ذكرنا اخرا وبالجملة اثبات التحريم بالآية لا يخلو عن اشكال نعم لو ثبت صحة الخبر الدال على أن المراد
بالآية ذلك كان هو المعتمد لكني لم اطلع في هذا الباب الاعلى خبر لا يبلغ درجة الصحة الوجه الثاني الاخبار منها ما رواه الشيخ عن أبي بصير في الموثق قال سئلت
أبا عبد الله ع عمن قرا في المصحف وهو على غير وضوء قال لا باس ولا يمس الكتاب وليس في سند هذه الرواية ما يوجب التوقف الا من جهة أبي بصير والحسين بن المختار
فان الحسين واقفي واما أبو بصير فان كثيرا من أصحابنا المتأخرين يتوقفون فيه زعما منهم اشتراكه بين الثقة والظاهر عندي انه لا توقف من هاتين الجهتين إما
الجهة الأولى فلما حققته من عدم اشتراك أبي بصير بين الثقة وغيره بل هو إما يحيى بن أبي القاسم أو ليث بن البختري المرادي وكلاهما ثقتان واحتمال غيرهما
بعيد سيما إذا كانت الرواية عن الصادق عليه السلام فإنه لا يحتمل حينئذ غيرهما وما زعم من أن يحيى واقفي توهم وسيجيئ تحقيق ذلك في مسألة الكر ولأجل ذلك ألحقت اخبار أبي بصير
بالصحاح إذا لم يكن قادح في الصحة من غير جهته وعلى هذه القاعدة جريت في مباحث هذا الشرح
واما الحسين بن المختار فهو وإن كان واقفيا على ما ذكر الشيخ
في رجاله لكن نقل المصنف عن ابن عقدة عن علي بن الحسن بن فضال توثيقه وذكر المفيد في ارشاده ان الحسين من خاصة الكاظم عليه السلام وثقاته وأهل العلم والودع
والفقه من شيعته وذكر ثقة الأسلم في الكافي قال عن الحسين بن المختار قال لي الصادق رحمك الله وقد روى جماعة من الثقات عنه نصا على الرضا عليه السلام وفى
رواية حماد بن عيسى كتابه وحماد ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه اشعار بالاعتماد على نقله وبالجملة هذا الخبر من الموثقات والصحيح عندي العمل بالاخبار
الموثقة إذا سلمت عن معارض أقوى منها فانى اعمل بكل خبر يحصل الظن بنسبته إلى المعصوم عليه السلام وعلى هذه القاعدة تدور رحى العمل بالترجيحات في هذا الكتاب
وغير خاف على اللبيب إفادة الخبر المذكور للظن وتحقيق هذا المقام ليس من وظيفة هذا الشرح بل هو نظر أصولي يتعلق بفنه وانما الغرض هيهنا الإشارة
إلى الأصل الذي يبنى كثير من الترجيحات في هذا الشرح عليه ومنها لما رواه الشيخ عن حريز في الصحيح عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان إسماعيل بن أبي
عبد الله عليه السلام عنده فقال يا بنى اقرأ المصحف فقال انى لست على وضوء فقال لا تمس الكتاب ومس الورق واقراه وانما صححنا الخبر عن حريز مع أنه من رواية المفيد
عن أحمد بن محمد عن أبيه وأحمد بن محمد هذا إما مشترك بين أحمد بن محمد بن الحسن بن الوليد وأحمد بن محمد بن يحيى أو مختص بالأول على ما رجحه بعض العلماء وهما غير
موثقين في كتاب الرجال لأن الظاهر أنهما من مشايخ الإجازة وليسا بصاحب كتاب والغرض من ذكرهما رعاية اتصال السند والاعتماد على الأصل المأخوذ
منه فلا يضر جهالتهما وعدم ثقتهما وما يوجد في كلام الأصحاب من تصحيح الاخبار التي أحدهما أو نظيرهما في الطريق مبنى على هذا لا على التوثيق وفى هذا الخبر
ضعف من حيث الارسال لكن الخبر صحيح إلى حماد بن عيسى وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وفيه اشعار ما بقوة الخبر ومنها ما رواه الشيخ عن إبراهيم
بن عبد الحميد في القوى عن أبي الحسن عليه السلام قال المصحف لا تمسسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس حظه ولا تعلقه ان الله تعالى يقول لا يسمه الا المطهرون ومنها ما رواه
الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح على الظاهر أنه سأل أخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن الرجل أيحل له ان يكتب القران في الألواح والصحيفة وهو على غير وضوء قال لا ولا يخفى
ان صحة الاستدلال بالاخبار الثلاثة الأول موقوف على ثبوت ان صيغة النهى المذكورة في الاخبار المنقولة عن الأئمة عليه السلام ظاهرة في التحريم وللتأمل فيه مجال
وان قلنا ابانها حقيقة فيه في القران والأحاديث النبوية على ما هو التحقيق ووجه التأمل شيوع استعمال النهى في الكراهة في الأخبار المذكورة شيوعا تاما يوجب
الشك في ظهورها في معنى التحريم كما افاده بعض الأصحاب ونحوه الكلام في دلالة الامر على الوجوب وعلى هذا فلابد في مواضع الاستدلال بالنهي على التحريم من
الاستعانة بانضمام قرينة توجب الظهور فيه وحصولها في محل البحث غير واضح ويمكن ان يجعل الشهرة امارة لذلك ولكنه لا يصفو عن ثبوت التأمل بالكلية
إما الخبر الأخير فلعل صلاحيته للتأييد أقرب بيانه انه مصروف عن ظاهره وهو تحريم كتابة القران للمحدث إذ لا اعلم قائلا به من الأصحاب فالخبر محتاج إلى التأويل
إما بحمل نفى الحلية على نفى الإباحة لا نفى لجواز المقابل للتحريم واما بان يقال الحكم مبنى على الغالب من وقوع المس عند الكتابة إذ عدم وقوع مس المكتوب للكاتب عند
الكتابة مما يحتاج إلى التحفظ التام وهو قليل خلاف الشائع الغالب والخبر على التأويل الثاني يوافق المدعى دون الأول ولا يبعد ترجيح الثاني فاذن الخبر يصلح
للتأييد حجة القول الثاني أصل الإباحة وانه لم يعهد من السلف منع الصبيان من المس وللتأمل في التعليلين مجال والمسألة محل اشكال وإن كان لترجيح
القول الأول وجه ويستحب لمندوبي الأولين
لا خلاف في استحباب الوضوء للصلاة المستحبة وكذا في اشتراط صحتها به ويجوز الدخول به في الفرائض والظاهر أنه
لا خلاف في ذلك ونقل اتفاقهم عليه ابن إدريس وفى المنتهى انه قول أهل العلم واما الطواف المستحب ففي كون الوضوء شرطا لصحته أو لوقوعه على الوجه الأكمل
3

خلاف وسنذكر في محله انشاء الله تعالى
ودخول المساجد وقراءة القران وحمل المصحف والنوم وصلاة الجنائز والسعي في حاجة وزيارة المقابر ونوم الجنب
تخصيصه بالذكر لزيادة الاهتمام لورود الخبر فيه بخصوصه ولئلا يتوهم عدم شرعية الوضوء للجنب وجماع المحتلم قبل الغسل وعلل في الخبر بأنه لا يؤمن ان
يجيئ الولد مجنونا لو حملت من ذلك الجماع وذكر الحائض لله تعالى في وقت كل صلاة وسيجئ مستندة والكون على طهارة والكون يحتمل قرائته بالجر يعنى يستحب
الوضوء لأجل البقاء على الطهارة وبالرفع عطفا على الضمير المستتر في يستحب أو على الابتداء وحذف الخبر قال الشارح الفاضل ان أراد الكون فان نوى
رفع الحدث فلا ريب في الصحة وحصول ما نواه إذ لا يحصل الكون عليها الا مع ارتفاعه مع الاختيار وهو إحدى الغايتين وان نوى الاستباحة بشئ مما
يتوقف على الوضوء حصل المقصود أيضا لزوما لكن يكون الكون حينئذ تابعا وان نوى الكون على طهارة فقد قرب الشهيد رحمه الله الأجزاء كما حكينا عنه وهو حسن لأنه
إحدى الغايات المطلوبة للشارع ولأنه يستلزم الرفع لان الكون على طهارة لا يتحقق الا معه انتهى كلامه وللتأمل في بعض ما ذكره مجال والتجديد المشهور بين
الأصحاب استحباب التجديد لكل صلاة ويدل عليه ما روى من أن النبي صلى الله عليه وآله واله كان يجدد لكل صلاة وروى الوضوء على الوضوء نور على نور وروى من جدد
وضوءه من غير حدث جدد الله توبته من غير استغفار وروى أن تجديد الوضوء لصلاة العشاء يمحو لا والله وبلى والله اورد هذه الأخبار ابن بابويه مرسلا
وروى الكليني عن سماعة بن مهران في القوى قال قال أبو الحسن موسى عليه السلام من توضأ للمغرب كان وضوءه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في نهاره الا الكبائر
وعن سماعة باسناد فيه ارسال قال كنت عند أبي الحسن عليه السلام فصلى الظهر والعصر بين يدي وجلست عنده حتى حضر المغرب فدعا بوضوء فتوضأ للصلاة ثم
قال لي توضأ فقلت جعلت فداك انا على وضوء فقال وان كنت على وضوء ان من توصأ للمغرب كان وضؤه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في يومه الا الكبائر
ومن توضأ للصبح كان وضوءه ذلك كفارة لما مضى من ذنوبه في ليلته الا الكبائر وفى الصحيح عن سعدان وهو غير موثق في كتب الرجال لكن له أصل يرويه
جماعة من الثقات منهم صفوان بن يحيى عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله قال الطهر على الطهر عشر حسنات ومقتضى هذه الأخبار واستحباب التجديد لكل صلاة و
موثقة ابن بكير الآتية عن قريب محمولة على النهى عن الوضوء بدون اليقين بالحدث على جهة الابتداء باعتقاد بطلان الأول جمعا بين الأدلة والحمل على النهى
عن التجديد مطلقا كما هو ظاهر الخبر لا يوافق عمل الأصحاب وقال أبو جعفر بن بابويه في تأويل الأحاديث الواردة بتكرر الوضوء مرتين ان معناها تجديد الوضوء
قال وقولهم الثالثة لا يؤجر عليها يريد به التجديد الثالث وتمثل بأنه يستحب الاذان والإقامتان للظهر والعصر ومن اذن للعصر كان أفضل والاذان الثالث
بدعة لا اجر له وكلامه يحتمل أمرين أحدهما نفى الاجر على التجديد الثالث وإن كان لصلاة ثالثة وثانيهما نفى الاجر عليه إذا كان الكل صلاة واحدة قال المصنف في؟؟؟؟ فان أراد الأول فقد خالف المشهور وان أراد الثاني فلم
اقف فيه على نص والطاهر ان مراده المعنى الثاني أو التجديد لصلاة واحدة أكثر من مرة واحدة بقرينة التشبيه واعلم أن مقتضى هذه الأخبار استحباب التجديد
لمن لم يصل بالأول أيضا كما قطع به المصنف في التذكرة وتوقف فيه الشهيد في الذكرى واحتمله للعموم وعدمه لعدم نقل مثله وكذلك مقتضى الاخبار استحباب
التجديد لصلاة واحدة أكثر من مرة واحدة ورجح الشهيد في الذكرى العدم وهو أحد احتمال كلام الصدوق وتوقف فيه المصنف في المخ احتج الشهيد بالأصل
وبإزائه إلى الكثرة المفرطة وأنت خبير بما في التعليلين والحق المصنف في التذكرة بالصلاة سجود التلاوة والشكر واحتمل في الذكرى الحاق الطواف به اعلم أن في كلام
الأصحاب استحباب الوضوء في مواضع أخرى لم يذكرها المصنف لعل المستند في هذه الأحكام كلها النصوص لكن لم اطلع على نص في بعضها وذكر بعض علمائنا
المتأخرين ان الذي يجتمع من الاخبار وكلام الأصحاب انه يستحب الوضوء للصلاة والطواف المندوبين ومس كتاب الله وقرائته وحمله ودخول المساجد
واستدامة الطهارة وهو المراد بالكون عليها والتاهب لصلاة الفريضة قبل دخول وقتها ليوقعها في أول الوقت
وللتجديد وصلاة الجنازة وطلب
الحوائج وزيارة قبور المؤمنين وما لا يشترط فيه الطهارة من مناسك الحج وللنوم ويتأكد في الجنب وجماع المحتلم قبل الغسل وذكر الحائض وجماع المرأة الحامل
مخافة مجيئ الولد أعمى القلب بخيل اليد بدونه وجماع غاسل الميت ولما يغتسل وإذا كان الغاسل جنبا ولمريد ادخال الميت قبره ووضوء الميت مضافا
إلى غسله على قول ولارادة وطى جارية بعدا نوى وبالمذي في قول قوى والرعاف والقئ والتخليل المخرج للدم إذا كرههما الطبع والخارج من الذكر
بعد الاستبراء والزيادة على أربعة أبيات شعر باطل والقهقهة في الصلاة عمدا والتقبيل بشهوة ومس الفرج وبعد الاستنجاء بالماء للمتوضئ قبله ولو كان
قد استجمر وقد ورد بجميع ذلك روايات الا ان في كثير منها قصورا من حيث السند انتهى كلامه ولا يبعد ان يقال لا يضر ضعف الاسناد بعد اشتهار مدلول
الخبر بين الأصحاب لكن الظاهر أن شهرة التي تجبر كسر ضعف السند الشهرة بين المتقدمتين من الأصحاب لا المتأخرين منهم ووجودها في جميع المواضع
المذكورة غير ظاهر نعم يمكن ان يقال أدلة السنن مما يتسامح فيه بينهم بنا على ما ورد عن الصادق عليه السلام بأسانيد مختلفة فيها الحسن والصحيح وان اختلف ألفاظ
الحديث وعباراته ان من سمع شيئا من الثواب على شئ فصنعه كان له وان لم يكن على ما بلغه لكن لا يخفى ان هذا الوجه انما يفيد مجرد ترتب الثواب على
ذلك الفعل لا انه فرد شرعي تترتب عليه الأحكام الوضعية المترتبة على الافراد الواقعية واعلم أن الوضوء المستحب الذي لم يجامع الحدث الأكبر ان قصد
به الصلاة النافلة صح وجاز به الدخول في الفريضة على ما مر ذكره وان قصد به غاية أخرى غير الصلاة مما يشترط فيه الوضوء ان قلنا باشتراط الوضوء في غير
الصلاة فالمشهور بين أصحابنا المتأخرين انه كذلك أيضا وظاهر ابن إدريس خلافه حيث قال واجماعنا منعقد على أنه لا يستباح الصلاة الأبنية رفع
الحدث أو استباحة الصلاة بالطهارة وان قصد بالوضوء ما لا يشترط فيه الطهارة كدخول المساجد وقراءة القرآن أو قصد الكون على الطهارة أو قصد
وضوء مطلقا ففيه أقوال بين الأصحاب
الأول يصح الوضوء مطلقا ويرتفع الحدث ويجوز به الدخول في الفريضة مال إليه المحقق في المعتبر وجعله بعض المتأخرين
قولا مشهورا حيث قال الظاهر من مذهب الأصحاب جواز الدخول في العبادة الواجبة المشروطة بالطهارة بالوضوء المندوب الذي لا يجامع الحدث الأكبر
مطلقا وادعى بعضهم عليه الاجماع ولم اطلع على ما نسبه إلى بعضهم من دعوى الاجماع الا في كلام ابن إدريس حيث قال ويجوز ان يؤدى بالطهارة المندوبة
الفرض من الصلاة بدليل الاجماع من أصحابنا لكن عموم كلامه مخصص بما إذا قصد بالطهارة المندوبة صلاة النافلة أو رفع الحدث جمعا بينه وبين
ما حكى عنه سابقا الثاني عدم ارتفاع الحدث به مطلقا وهو قول الشيخ في المبسوط والمحكى عنه في جواب المسائل الحلبيات واليه ذهب ابن إدريس الثالث
صحة الوضوء مطلقا بمعنى ارتفاع الحدث به وجواز الدخول به في الفريضة الا إذا نوى وضوء مطلقا والى هذا القول مال المصنف في المنتهى
الرابع صحته بالمعنى
المذكور ان نوى ما يستحب له الطهارة لأجل الحدث كقراءة القران وعدمها ان نوى ما يستحب لا للحدث كتجديد الوضوء وهو قول المصنف في التذكرة الخامس
عدم الصحة إن كان الاستحباب الا باعتبار الحدث كتجديد الوضوء وكذا إن كان الاستحباب باعتبار الحدث لكن لم يقصد الكمال وصحته ان قصد الكمال في الصورة
4

المذكورة وهو قول المصنف في النهاية السادس الصحة ان قصد ايقاع ما الطهارة مكملة له على الوجه الأكمل وكذا ان قصد به الكون على الطهارة وعدم الصحة
في غير الصورتين وهو قول الشهيد في الذكرى قال فيه وفى نية الوضوء للنوم نظر لأنه نوى وضوء الحدث والحقه في المعتبر بالصحيح لأنه قصد النوم على
أفضل أحواله ولما في الحديث من استحباب النوم على طهارة وهو مشعر بحصولها ولك ان تقول لا يلزم من استحباب النوم على الطهارة صحة الطهارة للنوم
إذ الموصل إلى ذلك وضوء رافع للحدث فلينو رفعه أو استباحة شئ مشروط به لا مناف له والتحقيق ان جعل النوم غاية مجازا ذا الغاية هي الطهارة في أن قبل النوم
بحيث يقع النوم عليها فيكون من باب الكون على طهارة وهي غاية صحيحة انتهى واعلم أن كلام الأصحاب في هذا الباب لا يخلو عن اضطراب والخلاف في هذا المقام يحتمل
أمرين أحدهما ان يكون الخلاف في صحة الوضوء بمعنى كونه واقعا على الوجه المطلوب شرعا وبه يشعر كلام الشهيد في الذكرى وثانيهما ان يكون الخلاف في ارتفاع
الحدث به وجواز الدخول به في الفريضة إن كان واقعا على جهة الصحة وهو ظاهر الباقين والأقرب عندي صحة الوضوء وارتفاع الحدث به في كل موضع تحقق
شرعية الوضوء ولم يجامع الحدث الأكبر ويدل على الأول ان الظاهر أن حقيقة الوضوء ليس الا الافعال المعينة التي ذكرها الله تعالى في كتابه والنهى والنية خارجه عن حقيقته
والقدر الذي ثبت اشتراط صحة الوضوء به انما هو القربة على تقدير تمامية الدليل عليه ولم يثبت اشتراط صحته بنية استباحة أمر مشروط به فإذا ثبت شرعية
الوضوء لأمر ما صح الوضوء له ولا يتوقف على النية المذكورة فتم ما قلناه بل نقول قوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا صلاة الا بطهور ويقتضي شرعية الوضوء مطلقا
الا لمانع شرعي لما تحقق من أن التكليف بالمشروط يقتضى التكليف بالشرط والشرط الموقوف عليه للصلاة مطلق الطهور والظاهر أنه صادق على الافعال
المعلومة مطلقا والنية خارجة عن حقيقته ولم يثبت اعتبار نية الغاية فمطلق الوضوء مأمور به شرعا ويدل على الثاني ان الاتيان بأفعال الصلاة على الحالة
المذكورة يقتضى الأجزاء لاطلاق الامر بالصلاة ولم يثبت الا اشتراطها بطهارة صحيحة شرعا وقد حصلت فمن أراد اثبات اشتراطها بأمر زائد على ما ذكرنا
احتاج إلى دليل وهو منتف لا يقال ظاهر الآية وجوب الوضوء على من قام إلى الصلاة مطلقا سواء حصلت له الطهارة المذكورة أم لا فلا يصح الاكتفاء به لأنا
نقول إن الآية مخصصة بالمحدثين اتفاقا وسيجيئ بعض الأخبار الدالة على ذلك فلا يصح التعليق بها فيما ذكر ولا يخفى ان الاستدلال المذكور مبنى على أن
الصلاة حقيقة في الأركان المخصوصة مطلقا والشرائط خارجة عن مدلولها الحقيقي ولو قلنا إن الصلاة اسم للأركان المخصوصة الجامعة لشرائط الصحة
الواقعة على الوجه الشرعي لم يتم هذا الاستدلال إذ لمانع ان يمنع ان الصلاة الواقعة على الحالة المذكورة
جامعة لشرائط الصحة ويدل على ما ذكرناه أيضا
ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن بكير عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا استيقنت انك قد توضأت فإياك ان تحدث وضوء ابدا حتى تستيقن انك
قد أحدثت وأورده الكليني في الكافي بالسند المذكور بهذه العبارة وإذا استيقنت انك أحدثت فتوضأ وإياك ان تحدث وضوء ابدا حتى يستيقن انك
قد أحدثت وليس في طريق هذا الخبر من يتوقف في شانه الا ابن بكير فإنه فطحي وبكير فإنه غير موثق في كتب الرجال وعندي انه لا يحسن التوقف من هاتين
الجهتين إما الأولى فلان ابن بكير ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وأقروا لهم بالفقه على ما ذكره الشيخ أبو عمرو الكشي وظاهر الشيخ في العدة اتفاق
الأصحاب على العمل برواياته مع توثيق أئمة الرجال له والعادة تقضى بان وقوع التوقف في تصحيح روايات المخالف والاحتياط في الجرأة على توثيقه والتحرز
من اكثار الرواية عنه أكثر من الموافق ومع هذا فتوثيق الأصحاب لابن بكير ومخالطتهم إياه ورواية اجلالهم كابن أبى عمير وصفوان وغيرهما عنه مما يدل على
كمال ثقته وجلالته وضبطه وحيث كان مدار الامر عندي في التعويل على الاخبار حصول الظن بمدلول الخبر وكان الظن بأمثال هذه الأخبار غير قاصر عن
الظن الحاصل بكثير من الصحاح لم يكن لنا بد من العمل بأمثال هذه الأخبار والتعويل عليها والظن حاصل باتفاق القدماء على العمل بمثل هذه الأخبار وعلى
هذه القاعدة تدور رحى مباحث هذا الشرح واما بكير فليس في شانه توثيق صريح لكن ذكر في رجال الكشي بعض الروايات الصحيحة الدالة على مدح عظيم في شانه
وبعض الروايات المعتبرة الدالة على حسن حاله وفى صحة الرواية إلى ابن بكير وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه اشعار باعتبار الرواية والمفهوم من
طريقة القدماء العمل بأمثال هذه الروايات وبذلك يحصل الظن بمدلول مثل هذه الأخبار فلا يبعد التعويل عليها عند سلامتها عن معارض يوجب
وههنا وضعفها واستدل بعضهم على ما ذكرناه بأنه متى شرع الوضوء كان رافعا للحدث إذ لا معنى الصحة الوضوء الا ذلك ومتى ثبت ارتفاع الحدث انتفى وجوب
الوضوء للصلاة وفيه بحث لجواز ان يكون الغرض من الوضوء وقوع تلك الغاية المترتبة عليه عقيبه وان لم يقع رافعا واستدل عليه بعضهم بعموم ما دل في
الأخبار الكثيرة على أن الوضوء لا ينتقض الا بالحدث وفيه نظر لأن عدم الانتقاض لا يقتضى ترتب جميع ما يترتب على كل وضوء بل يقتضى استحباب ما ثبت ترتبه
على ذلك الوضوء فتدبر
والغسل يجب لما وجب له الوضوء إما للصلاة والطواف فاجماعي واما للمس عند وجوبه فمبنى على تحريم المس للجنب وهو معروف بين الأصحاب وقد
نقل ابن زهرة اجماع الأصحاب عليه ونقل المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى اجماع أهل الاسلام وكذا نقل الاجماع الشارح الفاضل ونقل في الذكرى القول
بالكراهة عن ابن الجنيد لكنه ذكر انه قد يطلق الكراهة ويريد به التحريم فينبغي ان يحمل عليه ونسب بعض الشارحين للشرائع إلى الشيخ في المبسوط القول بالكراهة
وهو خطا فان الشيخ في المبسوط صرح بالتحريم نعم كره ذلك للمحدث ومراده المحدث بالحدث الأصغر كما هو الشائع وحكى بعض الشارحين عن الذكرى حكاية القول بالكراهة
عن الشيخ ولم أر هذه الحكاية في الذكرى ومستند هذا الحكم ما مر في المحدث مضافا إلى عدم ظهور الخلاف ههنا ويؤيده ما رواه الكليني في باب الحائض والنفساء
يقران القران عن داود بن فرقد في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن التعويذ تعليق على الحائض قال نعم ولا باس قال وقال تقرأ وتكتبه
ولا تصيبه يدها وروى أنها لا تكتب القران وروى الشيخ عن داود في الصحيح عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن التعويذ يعلق على الحائض قال لا باس وقال
تقرأه ولا تكتبه ولا تمسه ولدخول المساجد مع اللبث في غير المسجدين وفيهما يكفي في الوجوب مجرد الدخول وقراءة العزائم ومعنى العزائم نفس السجدات الواجبة فاطلاقها
على السور من باب خذف المضاف أي سور العزائم وتسميتها عزائم لايجاب الله تعالى إياها على العباد كما هو أحد معا في الغريمة ان وجبا بنذر وشبهه إذ لا وجوب
لأحدهما بأصل الشرع والمصنف اطلق وجوب الغسل بهذه الأمور الخمسة من غير فصل بين الاحداث الموجبة للغسل والتفصيل انه لا خلاف في وجوب غسل الجنابة
لكل واحد من هذه الأمور على ما نقله جماعة من الاحداث والظاهر أنه لا خلاف في وجوب غسل الحيض للغايات الثلث المتقدمة والمشهور بين علمائنا وجوبه لدخول
المساجد وقراءة العزائم أيضا وقوى بعض المتأخرين عدم الوجوب واما النفساء فقيل إنها كالحائض اجماعا واما غسل الاستحاضة فقيل إن وجوبه للصلاة
والطواف موضع وفاق وفى المس قولان وفى دخول المساجد وقراءة العزائم اشكال واما غسل المس فلم اطلع على شئ يقتضى اشتراطه في شئ من العبارات و
سيجيئ مسند هذه المسائل وتحقيقها في محله انشاء الله تعالى
ويجب الغسل أيضا لصوم الجنب إذا بقى من الليل مقدار فعله على المشهور خلافا لابن بابويه وسيجيئ في تحقيقه في
5

محله انشاء الله تعالى ولا منافاة بين وجوب الشئ لنفسه ووجوبه للغاية أيضا فكلام المصنف لا ينافي القول بوجوب الغسل لنفسه ولم يذكر المصنف الحائض والنفساء
وفى الحاقهما بالجنب اشكال سيجيئ تحقيقه في محله انشاء الله تعالى والمستحاضة مع غمس القطنة أي يجب الغسل لصوم المستحاضة مع الغمس وهذا يشمل حاليتها الوسطى
والعليا وسيجيئ تحقيق هذه المسألة وتفصيلها انشاء الله تعالى
وتستحب الغسل للجمعة لا خلاف بين الأصحاب في مشروعيته غسل الجمعة ورجحان فعله والأخبار الدالة
عليه متظافرة واختلف الأصحاب في وجوبه واستحبابه فالمشهور بين الأصحاب استحبابه حتى أن الشيخ في الخلاف نقل الاجماع عليه وقال أبو جعفر بن بابويه
غسل الجمعة واجب على الرجال والنساء في السفر والحضر الا انه رخص للنساء في السفر ثم قال بعد ذلك غسل الجمعة سنة واجبة وظاهر الكليني أيضا وجوب غسل
الجمعة وهو المنقول عن علي بن بابويه ويدل على الأول ما رواه الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الغسل في الجمعة
والأضحى والفطر قال سنته وليس بفريضة وعن زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألت عن غسل الجمعة فقال سنة في السفر والحضر الا ان يخاف
المسافر على نفسه القر ويدل على الثاني ما رواه الشيخ عن محمد بن عبد الله وعبد الله بن المغيرة في الصحيح أو الحسن عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته
عن الغسل يوم الجمعة فقال واجب على كل ذكر وأنثى من عبد أو حر وقد يتوقف في اسناد هذا الخبر بناء على أنه رواية أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن عبد الله
وعبد الله بن المغيرة واحمد انما يروى في الأسانيد المتكثرة والطرق المختلفة عن ابن المغيرة بالواسطة والغالب ان يكون الواسطة أباه وهو من الممدوحين
وقد تكون الواسطة أيوب بن نوح ومحمد بن خالد البرقي وهما ثقتان وفى عدة أسانيد روايته عن محمد بن عبد الله بواسطة ابن أبي نصر وعلى هذا فالقدر
المتيقن حسن هذه الرواية ومع هذا فلا يحصل الشك في الاعتماد عليها كما نبهنا عليه مرارا وما رواه الكليني والشيخ عنه عن عبد الله بن المغيرة في الحسن
بإبراهيم بن هاشم عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن الغسل يوم الجمعة فقال واجب على كل ذكر وأنثى من عبد أو حر وعن ابن أبي نصر وهو ممن أجمعت
العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن محمد بن عبيد الله وهو غير موثق قال سألت الرضا عليه السلام عن غسل يوم الجمعة فقال واجب على كل ذكر وأنثى من عبد أو حر وما
رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام في جملة حديث والغسل فيها يعنى يوم الجمعة واجب وما رواه الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن
هاشم قال قال أبو جعفر عليه السلام لا تدع غسل يوم الجمعة فإنه سنة وشم الطيب والبس صالح ثيابك وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال فإذا زالت فقم وعليك
السكينة والوقار وقال الغسل واجب يوم الجمعة وعن منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال الغسل يوم الجمعة على الرجال والنساء في الحضر وعلى الرجال في
السفر وأورده في موضع اخر بهذا الاسناد وزاد عليه وليس على النساء في السفر وفى رواية أخرى انه رخص للنساء في السفر لقلة الماء وعن حماد في الحسن بإبراهيم
عن حريز عن بعض أصحابنا عن أبي جعفر عليه السلام قال لابد من غسل الجمعة في السفر والحضر فمن نسى فليعد من الغد وروى فيه رخصة للعليل وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم
في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال اغتسل يوم الجمعة الا أن تكون مريضا أو تخاف على نفسك وعن علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن النساء أعليهن غسل الجمعة
قال نعم وما رواه ابن بابويه والشيخ عن سماعة بن مهران باسنادين لا يبعد وان يعدا من الموثقات انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجمعة فقال واجب في
السفر والحضر الا انه رخص للنساء في السفر لقلة الماء وما رواه ابن بابويه عن أبي بصير في الضعيف انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدع غسل يوم الجمعة ناسيا أو
متعمدا فقال إذا كان ناسيا فقد تمت صلاته وإن كان متعمدا فليستغفر الله ولا يعد ويرد على حجة القول الأول ان اطلاق السنة على ما ثبت بقول النبي صلى الله عليه وآله دون الكتاب
شائع ذائع فلا يتعين حملها على مقابل الواجب وعلى حجة القول الثاني ان اطلاق الواجب على المستحب المؤكد شائع ولم يثبت كون المعنى الاصطلاحي مراد في الاخبار
وروايات منصور وحريز ومحمد بن مسلم وعلي بن يقطين وأبى بصير دلالتها على الوجوب غير ظاهر وتحقيق المقام انه يمكن الجمع بين الاخبار بوجهين الأول
ان يقال المراد بالسنة المستحب واطلاق الوجوب محمول على الاستحباب المؤكد الثاني ان يقال المراد بالواجب معناه الاصطلاحي وبالسنة مقابل ما ثبت بالكتاب
ويؤيد الأول قرب هذا الحمل فان الظاهر أن السؤال كان عن حكم غسل الجمعة باعتبار الوجوب والاستحباب فلا يناسبه الجواب بأنه مما قرره النبي صلى الله عليه وآله ولم يرد في
الكتاب ويؤيده أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن القاسم عن علي وفيهما اشتراك بين الثقة وغيره قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل العيدين أو أجب هو فقال
هو سنة قلت فالجمعة قال هو سنة وما رواه الكليني والشيخ عنه في الصحيح عن الحسين بن خالد وهو غير موثق قال سألت أبا الحسن الأول عليه السلام كيف صار غسل يوم
الجمعة واجبا قال إن الله تعالى أتم صلاة الفريضة بصلاة النافلة وأتم صيام الفريضة بصيام النافلة وأتم وضوء النافلة بغسل الجمعة ما كان من ذلك من
سهوا ونقصان وأورده الشيخ في موضع اخر بأدنى تفاوت في الاسناد وفيه وأتم وضوء الفريضة بغسل يوم الجمعة يؤيده أيضا أصالة عدم الوجوب و
كونه أشهر بين الأصحاب فظهر مما ذكرنا ان القول بالاستحباب لا يخلو عن رجحان والمسألة لا تصفو عن الاشكال والتردد واما ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل ينسى الغسل يوم الجمعة حتى صلى قال إن كان في وقت فعليه ان يغتسل ويعيد الصلاة وان مضى الوقت فقد جازت
صلاته فمحمول على الاستحباب انه لا اعلم قائلا بوجوب ذلك من الأصحاب والاحتياط في الدين يقتضى المواظبة على هذه السنة المتأكدة والاعتناء بها فقد ورد
الترغيب العظيم على فعلها واللوم والتعنيف البالغ على تركها فروى الكليني والشيخ عن الأصبغ قال كان علي عليه السلام إذا أراد ان يولج الرجل يقول والله لانت أعجز من
تارك الغسل يوم الجمعة فإنه لا يزال في طهر إلى يوم الجمعة الأخرى وروى الشيخ عن أبي ولاد الحناط عن أبي عبد الله عليه السلام قال من اغتسل يوم الجمعة فقال اشهد ان لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله اللهم صل الله على محمد وال محمد واجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين كان له طهرا من الجمعة إلى الجمعة
ورواه ابن بابويه مرسلا وروى ابن بابويه مرسلا عن الصادق عليه السلام غسل يوم الجمعة طهور وكفارة لما بينهما من الذنوب من الجمعة إلى الجمعة وروى الشيخ عن سهل بن اليسع في القوى انه
سال أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يدع غسل يوم الجمعة ناسيا أو غير ذلك قال إن كان ناسيا فقد تمت صلاته وإن كانت متعمدا فالغسل أحب إلى وان هو فعل فليستغفر
الله ولا يعود وينبغي تنبيهه على أمور
الأول المشهور بين الأصحاب ان وقت غسل الجمعة من طلوع الفجر إلى الزوال ونقل الاجماع على امتداده إلى الزوال
الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى بل نقل المحقق الاجماع على اختصاص الاستحباب بما قبل الزوال وقال الشيخ في موضع من الخلاف وقته
إلى أن يصلى الجمعة وظاهره يخالف القول الأول ويحتمل الموافقة بان يكون ذكر صلاة الجمعة كناية عن الزوال ويدل على التحديد الأول إما على عدم الأجزاء قبل
الفجر فلعدم صدق اليوم قبل طلوع الفجر ويؤيده رواية بكير الآتية في أغسال ليالي رمضان ويدل على اجزائه بعد طلوع الفجر ما رواه الكليني عن زرارة الفضيل
باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم والاخر قوى قالا قلنا له أيجزى إذا اغتسلت بعد الفجر للجمعة قال نعم ويدل عليه أيضا حسنة زرارة ومرسلة جميل الا
نيتان في مسألة تداخل الأغسال وشهد للتحديد الثاني قوله عليه السلام في حسنة زرارة السابقة وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال ويؤيد اختصاص الاستحباب بما
6

قبل الزوال أو ما قبل صلاة الجمعة ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن جعفر بن عثمان وهو مشترك بين الثقة ومن لم يوثق في كتب الرجال عن سماعة
بن مهران وهو ثقة لكنه واقفي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل لا يغتسل يوم الجمعة في أول النهار قال يقضيه من اخر النهار فإن لم يجد فليقضه يوم السبت
وقول الشيخ في الخلاف غير بعيد لاطلاق الروايات وحصول الغرض الذي صار سببا لغسل الجمعة فقد روى عن الصادق عليه السلام قال كانت الأنصار تعمل في نواضحها
فإذا كان يوم الجمعة جاؤوا فتأذى الناس بارواح إباطهم وأجسادهم فأمرهم رسول الله بالغسل يوم الجمعة فجرت بذلك السنة وحينئذ يحمل الامر بالغسل قبل الزوال
في حسنة زرارة على الاستحباب بقرينة الأوامر السابقة عليه واللاحقة له بل لو لم يكن الاجماع المنقول سابقا أمكن القول باتساع وقته إلى اخر النهار لعموم الأدلة
وعدم ظهور كون القضاء في رواية سماعة بالمعنى المعروف بين الأصوليين الثاني لوفاته الغسل قبل الزوال قضاه بعد الزوال أو في يوم السبت
عن المشهور بين الأصحاب وخصه ابن بابويه بما إذا كان الفوات لنسيان أو عذر والأصل في هذا الباب رواية سماعة ومرسلة حريز السابقتان وما رواه الشيخ
عن ابن بكير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل فاته الغسل يوم الجمعة قال يغتسل ما بينه وبين الليل فان فاته اغتسل يوم السبت واما ما رواه عن
ذريح في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل هل يقضى غسل الجمعة قال لا فخصص جمعا بين الأدلة بالعذر والتعميم في رواية سماعة وابن بكير يقتضى ترجيح المشهور
وعدم الاختصاص بالعذر وهل يلحق بما ذكر ليلة السبت قيل نعم وهو خروج عن النصوص
الثالث يجوز تقديم غسل الجمعة يوم الخميس لمن خاف عوز
الماء في يوم الجمعة والسارح الفاضل عمم الحكم لخائف فوت الأداء وفاقا للشيخ والأصل في هذا الباب ما رواه الشيخ عن محمد بن الحسين والظاهر أنه الثقة عن بعض
أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لأصحابه انكم لتأتون غدا منزلا ليس فيه ماء فاغتسلوا اليوم لغد فاغتسلنا يوم الخميس للجمعة وما رواه الكليني والشيخ
وابن بابويه في القوى عن ابنتي موسى بن جعفر قالتا كنا مع أبي الحسن عليه السلام بالبادية ونحن نريد بغداد فقال لنا يوم الخميس اغتسلا اليوم لغد يوم الجمعة فان
الماء غدا بها قليل يوم فاغتسلنا الخميس ليوم الجمعة وضعف الروايتين منجبر بالشهرة وعمل الأصحاب مع ما عرفت من المساهلة في أدلة السنن والروايتان مختصتان بصورة
عوز الماء ومستند التعميم الذي ذكره الشارح الفاضل غير واضح والوجه عدم التعدي من المنصوص الرابع قيل الظاهر أن ليلة الجمعة كيوم الخميس فلا يجوز التقديم
الا إذا خاف عوز الماء وبه قطع الشيخ في الخلاف مدعيا عليه الاجماع وللتأمل فيه مجال إذ المذكور في الرواية يوم الخميس فالتعدي منه إلى غيره يحتاج إلى دليل ولو تمكن
من قدم غسله يوم الخميس من الغسل يوم الجمعة استحب له ذلك لعموم الأدلة وبه صرح ابن بابويه رحمه الله وغيره الخامس ذكر جماعة من الأصحاب انه كلما قرب
من الزوال كان أفضل لتأكد الغرض بذلك وفيه تأمل وقد يقال أفضل وقتي التعجيل والقضاء ما كان أقرب إلى وقت الأداء وهو اخر الأول وأول الثاني ومستنده
غير معلوم وأول ليلة من رمضان والظاهر أنه اجماعي ويدل عليه ما رواه الشيخ والكليني عن سماعة باسناد لا يبعد ان يعد من الموثقات قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجمعة فقال واجب في السفر والحضر الا انه رخص للنساء في السفر لقلة الماء وقال غسل الجنابة واجب وغسل الحائض إذا طهرت واجب
وغسل الاستحاضة واجب إذ احتشت بالكرسف فجاز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل صلوتين وللفجر غسل فإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل كل
يوم مرة والوضوء لكل صلاة وغسل النفساء واجب وغسل المولود واجب وغسل الميت واجب وغسل من غسل ميتا واجب وغسل المحرم واجب وغسل يوم
عرفة وغسل الزيارة واجب الا من علة وغسل دخول البيت واجب وغسل دخول الحرم يستحب وغسل ليلة إحدى وعشرين سنة وغسل ليلة ثلث وعشرين
سنة لا تتركها لأنه يرجى في إحديهن ليلة القدر وغسل يوم الفطر وغسل يوم الأضحى سنة لا أحب تركها وغسل الاستخارة مستحب وزاد في الكافي يستحب
العمل في غسل الثلث ليالي من شهر رمضان ليلة تسعة عشر واحدى وعشرين وثلث وعشرين وليلة نصفه لا اعلم فيها نصا على الخصوص ويظهر من كلام
المصنف في النهاية ان به رواية وقال الشيخ في المصباح وان اغتسل ليالي الافراد كلها خاصة ليلة النصف كان فيه فضل كثير وسبع عشرة وتسع عشرة واحدى
وعشرين وثلث وعشرين والظاهر أنه انفاقي بين الأصحاب ويدل عليه ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال الغسل في سبع عشرة
موطنا ليلة وسبع عشرة من شهر رمضان وهي ليلة التقى الجمعان وليلة تسع عشرة وفيها تكتب الوفد وفدا لسنة وليلة إحدى وعشرين وهي التي
أصيبت فيها أوصياء الأنبياء وفيها رفع عيسى بن مريم عليه السلام وقبض موسى عليه السلام وليلة ثلث وعشرين ترجى فيها ليلة القدر ويومى العيدين وإذا دخلت
الحرمين ويوم تحرم ويوم الزيارة ويوم تدخل البيت ويوم التروية ويوم عرفة وإذا غسلت ميتا أو كفنته أو مسببته بعد ما يبرد ويوم الجمعة وغسل الجنابة فريضة
وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاغتسل وعن بكير بن أعين في الضعيف قال سألت أبا عبد الله عليه السلام أي الليالي اغتسل في شهر رمضان قال في تسع عشرة
وفى إحدى وعشرين وفى ثلث وعشرين والغسل أول الليل قلت فان نام بعد الغسل قال هو مثل غسل يوم الجمعة إذا اغتسلت بعد الفجر أجزاك وغير ذلك من
الروايات الصحيحة وغيرها وليلة الفطر ذكره الشيخان ويدل عليه ما رواه الشيخ عن الحسن بن راشد في الضعيف قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان الناس يقولون إن المغفرة
تنزل على من صام شهر رمضان ليلة القدر فقال يا حسن ان القادر يجار انما يعطى اجره عند فراغه وكذلك العيد قلت فما ينبغي لنا ان نعمل فيها فقال إذا
غربت الشمس فاغتسل فإذا صليت الثلث ركعات فارفع يديك وقل تمام الحديث ويومى العيدين وحكى فيه اجماع الأصحاب ويدل عليه صحيحة محمد بن مسلم السابقة
وغيرها من الأخبار المعتبرة قال الشهيد في الذكرى الظاهر أن غسل العيدين ممتد بامتداد اليوم عملا باطلاق اللفظ ويتخرج من تعليل الجمعة انه إلى الصلاة أو
إلى الزوال الذي هو وقت صلاة العيد وهو ظاهر الأصحاب انتهى وليلة نصف رجب هذا مشهور ولم اطلع فيه على نص وعلل بشرف الوقت ويظهر من كلام
المصنف في النهاية ان به رواية وشعبان يدل عليه روايتان فيهما ضعف ويوم المبعث وهو السابع والعشرون من رجب ذكره الشيخ في الجمل والمصباح على ما حكاه
المحقق في المعتبر ولم اطلع على رواية والغدير نقل فيه الاجماع ويدل عليه الرواية والمباهلة هو الرابع والعشرون من ذي الحجة على المشهور وقيل هو الخامس والعشرون
منه واختاره المحقق ويدل عليه رواية سماعة السابقة الا انها وردت بلفظ الوجوب ولعله لشدة الاستحباب وربما ينقل الاجماع على عدم الوجوب وعرفت
نقل فيه الاجماع ويدل عليه روايات منها رواية سماعة السابقة وغسل الاحرام على المشهور بين الأصحاب حتى
قال الشيخ في التهذيب انه سنة بلا خلاف و
نسب إلى ابن أبي عقيل القول بالوجوب واسند السيد المرتضى القول بالوجوب إلى أكثر الأصحاب حكى ذلك المصنف في المختلف والروايات في هذا الباب مختلفة ففي
بعضها انه سنة وفى بعضها انه فرض وفى بعضها انه واجب ويمكن الجمع إما بحمل الفرض والواجب على تأكد الاستحباب أو حمل السنة على ما ثبت بقول النبي صلى الله عليه وآله والأصل
يضد الأول كما أن الاحتياط يوافق الثاني
والطواف وزيارة النبي والأئمة عليهم السلام كل ذلك للرواية وما ورد بلفظ الوجوب محمول على تأكد الاستحباب
وقضاء صلاة الكسوف العارض للشمس أو القمر للتارك عمدا مع استيعاب الاحتراق اختلف الأصحاب في غسل قاضى صلاة الكسوف فقال الشيخ في الجمل باستحبابه
7

إذا احترق القرص كله وترك الصلاة متعمدا واختاره أكثر المتأخرين منهم المصنف والمفيد وعلم الهدى على تركها متعمدا من غير اشتراط استيعاب الاحتراق ونقل عن السيد المرتضى في المسائل المصرية
الثالثة وأبى الصلاح وسلار القول بالوجوب ومن القائلين بوجوبه بالشرطين المذكورين الشيخ في النهاية والأقرب عندي الاستحباب إذا تعمد الترك سوء احترق القرص كله أم لا ويدل
عليه ما رواه الشيخ عن حماد عن حريز في الصحيح عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا انكسف القمر فاستيقظ الرجل ولم يصل فليغتسل من غد وليقض الصلاة وان لم يستيقظ ولم يعلم
بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء بغير غسل وهذه الرواية ارسالها غير ضائر لأنها رواية معمولة عند الأصحاب مشهورة بينهم مع أن في صحتها إلى حماد بن عيسى وهو ممن أجمعت
العصابة على تصحيح ما يصح عنه اشعارا بحسنها والاعتماد عليها والغالب على حريز الرواية عن الثقات وفيه أيضا اشعار بحسنها وينضاف إلى هذا كله المسامحة في أدلة السنن
ولا يقدح اختصاصها بحكم القمر لأن الظاهر عدم القائل بالفصل فينسحب الحكم في الشمس أيضا فان قلت ظاهر هذه الرواية وهو القضاء في صورة عدم العلم مطلقا غير
معمول به بين أكثر الأصحاب وفيه الاخبار المعتمدة الآتية في محله فينبغي ان يخص بصورة احتراق الجميع قلت الذي يستفاد من الاخبار عدم وجوب القضاء الا في
الصورة المذكورة لا عدم استحبابه نعم لو ثبت الاجماع على عدم الاستحباب تعين المصير إلى تخصيص الخبر بصورة احتراق الجميع لكن الاجماع عليه غير ثابت ولا ادعاه
أحد احتج القائل بالوجوب بالرواية المذكورة وقول أحدهما عليهما السلام في اخر صحيحة محمد بن مسلم السابقة وغسل الكسوف إذا احترق القرص كله فاغتسل والجواب
عن الأول ان الامر في اخبارنا غير واضحة الدلالة على الوجوب مع أن قوله عليه السلام في اخر الخبر فليس عليه الا القضاء بغير غسل محمول على الاستحباب لما أشرنا إليه
من أن حملة على الوجوب ينافي الاخبار المعتمدة فلابد إما من حمله على الاستحباب أو تخصيصه بصورة استيعاب الاحتراق ولا يخفى بترجيح الأول وهذا مما
يقوى قرب حمل الامر المذكور في الخبر على الاستحباب وعن الثاني انه لا اختصاص فيه بالقضاء بل ظاهره الأداء ووجوب الغسل والحال هذه غير معمول به بين
الأصحاب فينبغي حمله على الاستحباب ولا ترجيح لتخصيصه بالقضاء على الحمل المذكور والمولود حين ولادته على المشهور بين الأصحاب وقال شاذ منا بوجوبه استنادا
إلى رواية سماعة السابقة ولعل الوجوب في الرواية محمول على تأكد الاستحباب بقرينة انضمام ما ثبت استحبابه وللسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاثة أيام مع حصول
الرؤية اختلف فيه الأصحاب فقال أبو الصلاح بوجوبه وابن البراج باستحبابه واختاره المصنف ولعل المستند فيه ما قال ابن بابويه في الفقيه وروى أن من
قصد إلى رؤية مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبة قال المحقق بعد نقل هذه الرواية ولم يثبت عندي ما ذكره رحمه الله وبالجملة مستند الوجوب غير
واضح لعدم ثبوت صحة الرؤية عدم وضوح كون المراد بالوجوب معناه المصطلح ولا يبعد القول بالاستحباب للرواية المذكورة ولا فرق بين المصلوب
الشرعي وغيره ولا بين ان يكون مصلوبا على الهيئة المعتبرة شرعا وغيره عملا باطلاق الدليل ولتوبة سواء كانت عن فسق أو كفر والتقييد بالفسق
في كثير من عبارات الأصحاب يقتضى خروج الصغائر وصرح المفيد بالتقييد بالكبائر وقال المصنف في المنتهى سواء كان الفسق مشتملا على صغيرة أو كبيرة
والأصل في هذه المسألة ما روى الشيخ والكليني والصدوق عن أبي عبد الله عليه السلام ان رجلا جاء إليه فقال له ان لي جيرانا ولهم جوار يتغنين و
يضربن بالعود فربما دخلت المخرج فأطيل الجلوس استماعا منى لهن فقال له عليه السلام لا نفعل فقال والله ما هو شئ آتيه برجلي انما هو سماع أسمعه بإذني فقال
الصادق عليه السلام تالله أنت إما سمعت الله يقول إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا فقال الرجل كأني لم اسمع بهذه الآية من كتاب الله
عز وجل من عربي ولا عجمي لا جرم انى قد تركتها فانى استغفر الله فقال له الصادق عليه السلام قم فاغتسل وصل ما بذلك فلقد كنت مقيما على أمر عظيم ما كان
أسوء حالك لو مت على ذلك استغفر الله وسئله التوبة من كل ما يكره فإنه لا يكره الا القبيح والقبيح دعه لأهله فان لكل أهلا قال المحقق بعد نقل الرواية وهذه
مرسلة وهي متناولة لصورة معينة فلا يتناول غيرها والعمدة فتوى الأصحاب مضافا إلى أن الغسل جبر فيكون مرادا ولأنه تفال الغسل الذنب والخروج من دنسه
انتهى وصلاة الحاجة وصلاة الاستخارة ليس المراد أي صلاة أوقعها المكلف لهذين الامرين بل صلوات مخصوصة ورد النص باستحباب الغسل قبلها أو
بعدها وهي مذكورة في مظانها وغسل دخول الحرم والمسجد والحرام ومكة والكعبة والمدينة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله للنص في الجميع ولا يتداخل أي
لا يتداخل هذه الأغسال بان يكفي غسل واحد عند اجتماع سببين أو أكثر من أسباب الغسل والى هذا ذهب جماعة من الأصحاب منهم المصنف استنادا إلى أن
كل واحد منهما سبب مستقل في استحباب الغسل والأصل عدم التداخل والتداخل في بعض الصور على خلاف الأصل خارج عن هذا الحكم بدليل مختص به
ولاعتبار نية السلب ولا يخفى ضعف هاتين الحجتين لأنا لا نسلم ان الأصل عدم التداخل وقد تحقق عندي في الانظار الأصولية بطلان التمسك بأمثال هذه
الأصول وسيجيئ إشارة إليه في مباحث المياه في مسألة تطهير المضاف مع أنه تقدير التسليم معارض بأصل عدم تعلق التكليف بالامر الزائد ولا حجة على اعتبار نية
السبب مع مخالفته لأصل عدم الوجوب على أن هذا لا يقتضى عدم التداخل لجواز الجمع في النية وتفصيل المسألة وتحقيقها انه إذ اجتمع على المكلف غسلان
فصاعدا فاما ان يكون الكل واجبا أو مستحبا أو يكون بعضها واجبا وبعضها مستحبا فههنا أقسام ثلثة
الأول ان يكون الكل واجبا وحينئذ فان
قصد الجميع في النية فالظاهر اجزاؤه عن الجميع وان لم يقصد تعيينا أصلا بل نوى مطلقا من غير قصد حدث
معينا كالجنابة أو الحيض مثلا فالظاهر اجزاؤه
عن الجميع ان تحقق ما يعتبر في صحة النية من القربة وغيرها ان قلنا باعتبار أمر زائد على القربة وان قصد حدثا معينا فإن كان الجنابة فالمشهور بين الأصحاب اجزاؤه
عن غيره بل قيل إنه متفق عليه وإن كان غيرها ففيه قولان والأظهر انه كالأول وظاهر القول بعدم التداخل عدم الأجزاء مطلقا
وقال المصنف في النهاية وان
نوى الأدون كالحيض فالأقوى عدم ارتفاع الجنابة فان رفع الأدون لا يستلزم رفع الاعلى فان اقترن بالوضوء احتمل رفعها لوجود مساوى الغسل للاذن في
الدخول في الصلاة معهما وعدمه فان الوضوء لا تأثير له في رفع حدث الجنابة ولا غسل الحيض لقصوره ويحتمل قوة الحيض لافتقاره في رفعه إلى طهارتين واستغناء
الجنابة عن أحدهما انتهى كلامه ولا يخفى ان الاستناد إلى مثل هذه التعليلات الاعتبارية في الأمور الشرعية مما يخالف طريقة أصحابنا المتمسكين بالنصوص المحترزين
عن التعويل على الأقلية والاستحسانات والاعتبارات العقلية ولعل غرض المصنف ومن يحذو حذوه في ايراد أمثال هذه التعليلات واضعف منها
بمراتب في كثير من المباحث الشرعية مجرد ايراد نكتة من غير تعويل عليه أو استناد في الحكم إليه أو الغرض الرد على العامة جريا على مقتضى أصولهم لكن لا يجرى هذان
التوجيهات في كثير من المواضع وهم اعرف بمقاصدهم وأغراضهم لنا على ما ذكرنا ورجحنا ان مقتضى التكليف الاغتسال بعد حصول السبب كالحيض والجنابة ويصدق
على الغسل الواحد انه اغتسال بعد حصول الحيض فيحصل امتثال كلا التكليفين المقتضى للاجزاء عن الجميع وليس مقتضى التكليف الاغتسال بعد حصول السبب
اغتسالا مغاير الاغتسال الذي به تمثيل المكلف الاخراذ في ذلك خروج عن اطلاق الامر إلى التقييد والتخصيص من غير حجة والتحقيق يدفعه ولنا أيضا ما رواه
الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك إلى قال إذا اغتسلت بعد طلوع الفجر أجزأك غسلك ذلك
8

للجنابة والجمعة وعرفة والنحر والحلق والذبح والزيارة وإذا اجتمعت عليك حقوق أجزأك عنها غسل واحد ثم قال وكذلك المراة يجزيها غسل واحد لجنابتها
واحرامها وجمعتها وغسلها من حيضها وعيدها وربما يظن أن عدم التصريح باسم الامام المروى عنه في أمثال هذه الأخبار موجب لضعفها والحق ان الامر ليس
كذلك لان الماهر المتصفح يعلم أن زرارة وأمثاله لا يروون الا عن الإمام عليه السلام وان قدماء الأصحاب لا يروون في كتبهم ومصنفاتهم التي يعولون عليها ويبنون احكامهم
عليها الا ما روى عن المعصوم عليه السلام والامر الذي صار سببا لعدم التصريح باسمهم عليهم السلام في كثير من المواضع ان كثيرا من مصنفي كتب اخبارنا القديمة
كانوا يروون عن الأئمة عليهم السلام مشافهة ويوردون جملة ما يروونه في كتبهم في مقام واحد وإن كانت الاحكام التي فيها مختلفة ويصرحون في أولها
باسم الامام الذي أسندت تلك الأخبار إليه ويكتفون في الباقي بالاضمار فيقولون وسألته أو قال ونحو ذلك إلى أن ينتهى الاخبار المروية عنه وكثير
من القدماء أيضا وافقهم على نقل تلك الأخبار على الوجه الذي نقل في الأصل الأول ثم طرا على تلك الأخبار النقل إلى كتب أخرى تخالف تلك الكتب بحسب
الغرض والترتيب والأبواب وتقطعت بعض تلك الأخبار عن بعض وتفرقت على الأبواب والمباحث التي رتب الكتاب الأخير عليها وأورد الناقل تلك الأخبار
على الوجه الذي في الكتاب الأول بعينه من الاضمار والاجمال وغفل عن وقوع الالتباس بسببه لزوال الارتباط الذي يحسن ذلك بسببه فصار هذا سببا للامر المذكور
ولكن الامر غير خفى على المتصفح عند امعان النظر وإذا قد عرفت ان غاية ما يحصل من البحث والنظر في أكثر المواضع الظن بالحكم لم تكن الاحتمالات البعيدة قادحة في حصول
الغرض فينبغي ان يحفظ ما ذكرنا في المباحث الآتية على أنه قد اورد هذا الخبر ابن إدريس في اخر السرائر في جملة الأحاديث المنتزعة من كتب المشيخة التقدمين
فاورد هذه الرواية فيما نقل من كتاب حريز ابن عبد الله السجستاني قال نقلا عن الكتاب المذكور وقال زرارة عن أبي جعفر عليه السلام إذا اغتسلت إلى اخر الحديث
فعلى هذا يكون الخبر صحيحا لان كتاب حريز أصل معتمد معول عليه بين الأصحاب وأورد الشيخ في التهذيب هذا الخبر عن زرارة عن أحدهما عليهما السلام بأدنى
تفاوت في المتن باسناد فيه علي بن السندي وهو ممن لم يصرحوا بتوثيقه الا ان الكشي نقل عن نصر بن الصباح توثيقه ونضر بن الصباح غالى المذهب غير موثق
في كتبهم الا ان الكشي كثيرا ما ينقل عنه الكلام في الرجال وفيه اشعار باعتماد ما على قوله ومع ذلك يشكل التعويل على مجرد توثيقه ويفهم من كلام المصنف انه زعم
الاتخاذ بين علي بن السندي وعلي بن السرى وحكم بتعديل علي بن السرى ونقله عن النجاشي وابن عقدة وفى عبارة التهذيب والسرائر بدل الحجامة الجمعة ولعل
عبارة الكافي تصحيف وأورد ابن إدريس هذا الخبر من كتاب النوادر لمحمد بن علي بن محبوب أيضا بصورة ما ذكره الشيخ الا في قوله فإذا اجتمعت لله عليك
حقوق أجزأك عنها غسل واحد فإنه ذكره هكذا فإذا اجتمعت لك وعليك حقوق أجزأك عنها غسل واحد وحكى ابن إدريس بعد ايراد الحديث من كتاب
النوادر زيادة هذه صورتها وقال زرارة حرم اجتمعت في حرمه يجزيك لها غسل واحد ولعله من كلام زرارة وكانها مستفادة من حديث الميت الآتي و
كان الحرمة هيهنا بمعنى الحق ويحتمل ان يكون قوله لك إشارة إلى المندوب وعليك إشارة إلى الواجب وذكر ابن إدريس ان نسخة كتاب النوادر التي نقل
الأحاديث منها بخط الشيخ أبى جعفر الطوسي ويشهد لما ذكرناه ما رواه الكليني عن جميل بن دراج باسناد فيه علي بن حديد وفى شانه تأمل عن بعض أصحابنا
عن أحدهما عليهما السلام أنه قال إذا اغتسل الجنب بعد طلوع الفجر اجزا عنه ذلك الغسل من كل غسل يلزمه في ذلك اليوم وما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح
قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ميت مات وهو جنب كيف يغسل وما يجزيه من الماء قال يغسل غسلا واحدا يجزى ذلك للجنابة ولغسل الميت لأنهما حرمتان اجتمعتا في
حرمة واحدة وعن شهاب بن عبد ربه في الحسن قال سألت أبا عبد الله عن الجنب يغسل الميت أو من غسل ميتا أيأتي أهله ثم يغتسل قال هما سواء لا باس
بذلك إذا كان جنبا غسل يديه وتوضأ وغسل الميت وهو جنب وان غسل ميتا ثم اتى أهله توضأ ثم اتى أهله ويجزيه غسل واحد لهما والاتشهاد بهذا الخبر
على المطلوب انما يتم على القول بوجوب غسل الميت وما رواه الشيخ عن زرارة في الموثق عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا حاضت المراة وهي جنب أجزأها غسل
واحد وعن أبي بصير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن رجل أصاب من امرأته ثم حاضت
قبل ان تغتسل قال تجعله غسلا واحدا وعن عمار الساباطي
في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المراة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل ان تغتسل قال إن شائت ان تغتسل فعلت وان لم تفعل ليس عليها شئ فإذا طهرت اغتسلت غسلا
واحدا للحيض والجنابة وعن حجاج الخشاب في الموثق قال سألت أبا عبد الله عن رجل وقع على امرأته فطمست بعدما فرغ أتجعله غسلا واحدا إذا طهرت أو
تغتسل مرتين قال تجعله غسلا واحدا عند طهرها وعن عبد الله سنان باسناد فيه محمد بن عيسى عن يونس وفيه توقف عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن
المراة تحيض وهي جنب هل عليها غسل الجنابة قال غسل الجنابة والحيض واحد ولا يضر اختصاص هذه الأخبار بالجنابة والحيض إذا الظاهر عدم القائل بالفصل
والأخبار الكثيرة الدالة على أن الميت الجنب يغسل غسلا واحدا لا يخلو عن تأييد ما للمطلوب وتدل على الأجزاء عن الجنابة وان قصد غيرها قوله تعالى وان كنتم جنبا
فاطهروا فان المراد بالأطهار الاغتسال والظاهر أن نية كونه للجنابة ليس معتبرا في حقيقته وبهذا التقريب يمكن الاستدلال عليه بقوله تعالى ولا جنبا الا عابري
سبيل حتى تغتسلوا الصدق الاغتسال ويدل عليه عموم الأخبار الواردة في بيان غسل الجنابة من غير تقييد والعمومات الدالة على جواز الدخول في الصلاة
بعد الغسل من غير تقييد بناء على ما ذكرنا من تحقق الاغتسال مطلقا وقد يستشكل الحكم بالاجزاء في صورة تعيين أحد الاحداث بناء على اتحاد معنى الحدث وعدم القصد
إلى رفعه وفيه انا لا نسلم اشتراط نية رفع الحدث المطلق في حصوله على أن لقائل أن يقول نية رفع حدث الجنابة مثلا يستلزم حصوله لقوله عليه السلام انما لكل امرئ
ما نوى وهو يستلزم رفع الحدث بل عينه لاتحاد معنى الحدث كما ذكروا بالجملة الحدث معنى واحد كما ذكره وتلك الأسباب معرفات له فملاحظة الحدث وصف
كونه معلولا عن سبب معين يخرجه عن حقيقته والا مثل الاعراض عن هذه الوجوه إلى النصوص الثاني أن تكون الأغسال كلها مستحبة ولا يبعد القول
بالتداخل سواء قصد الأسباب بأسرها أم لا لصدق الامتثال ودلالة بعض الأخبار السابقة عليه وما قال المحقق من أنه يشترط نية السبب في الغسل المستحب
فدليله غير واضح والأصل عدم الاشتراط وذهب المصنف في النهاية والتذكرة إلى أنه لو نوى غسلا معينا لم يدخل غيره فيه ولو نوى بالواحد الجميع فالوجه
الأجزاء والأقرب ما ذكرناه الثالث ان يكون بعضها واجبا وبعضها مستحبا كما لو اجتمع مع غسل الجنابة مثلا غسل مندوب أو أغسال مندوبة
فان نوى الجميع اجزاؤه غسل واحد وكذا لو نوى الجنابة دون غسل الجمعة كذا ذكره الشيخ في الخلاف والمبسوط ومنعه المصنف واستشكله المحقق من حيث إنه
يشترط نية السبب وفيه المنع السابق والأقرب مختار الشيخ لبعض الأدلة السابقة إما لو نوى الجمعة مثلا دون الواجب فقال الشيخ انه لم
يجزه لأنه لم ينو الجنابة فيكون حدثه باقيا ولا يجزيه عن الجمعة لان المراد به التنظيف وهو لا يحصل مع بقاء الحدث وهذا هو المشهور وفيه نظر لدلالة
بعض الأخبار السابقة وصدق الامتثال على الأجزاء عنهما ويدل عليه ما روى ابن بابويه في الفقيه ان من جامع في أول شهر رمضان ثم نسى الغسل
9

حتى خرج شهر رمضان ان عليه ان يغتسل ويقضى صلاته وصومه الا ان يكون قد اغتسل للجمعة فإنه يقضى صلاته وصومه إلى ذلك اليوم ولا
يقضى ما بعد ذلك مع أنه رحمه الله ضمن في أول الكتاب ان لا يورد فيه الا ما يحكم بصحته ويعتقده حجة بينه وبين ربه وهذا يقتضى في الجملة نوع قوة
في الخبر خصوصا إذا كان في أوايل كتابه
احتج المصنف على عدم التداخل في صورة اجتماع الواجب والندب بوجهين الأول ان غسل الجنابة واجب فالفرد الذي
يأتي به ان قصده واجبا لم يجزء عن الجمعة وان قصده مستحبا لم يجزء عن الجنابة وان جمع بينهما يلزم اعتقاد النقيضين وقد يقال نية الوجوب يستلزم
نية الندب لاشتراكهما في ترجيح الفعل ولا يضر اعتقاد منع الترك لأنه مؤكد للغاية وهو ضعيف لأنه المباينة والتضاد بين الواجب والندب مما لا
خفاء فيه وربما يتوهم امكان اجتماع جهة الوجوب والندب في شئ واحد من جهتين بمعنى ان يكون شئ واحد فردا للطبيعة التي تعلق بها التكليف الايجابي
مع كونه فردا للطبيعة التي تعلق بها التكليف الاستحبابي لا ان يكون ذلك الفرد متصفا بالجهتين معا في نفسه فإذا اتى المكلف بالفرد المذكور يحصل امتثال
كلا التكليفين وفيه نظر إذ الطبيعة انما تكون متعلقة للتكاليف باعتبار اتحادها مع افرادها في الخارج فإذا تعلق التكليف الاستحبابي بطبيعة كان
معناه في الحقيقة يرجع إلى أن ما يصدق عليه هذه الطبيعة يستحب فعله ويجوز تركه فلو كان بعض افرادها مما لا يجوز تركه لم يكن القدر المشترك بين تلك
الافراد جائز الترك فلا يتعلق به التكليف الاستحبابي وهذا خلف فإذا لا يجوز ان يكون الامر الذي لا يجوز تركه فردا للطبيعة المستحبة نعم يمكن ان يكون أمر واحد فردا
للطبيعة المستحبة وفردا للطبيعة الواجبة فردا يجوز تركه بان يأتي بفرد اخر لا مطلقا ومحل البحث خارج عن هذا القسم فتدبر والأقرب ان يقال لما دل الدليل
على اجزاء غسل واحد عنهما يلزم ان يقال إحدى الوظيفتين يتأدى بالأخرى بمعنى انه يحصل له ثوابها وان لم يكن من افرادها حقيقة كما تتأدى صلاة التحية
بالفريضة والصوم المستحب بالقضاء أو يقال ما دل على استحباب غسل الجمعة مخصص بصورة لا يحصل سبب الوجوب والمراد من كونه مستحبا انه مستحب من حيث
كونه غسل الجمعة يعنى مع قطع النظر عن طريان العارض المقتضى للوجوب الثاني قوله عليه السلام انما لكل امرئ ما نوى والجواب ان هذه الرواية مع اجمالها مخصصة بالاخبار
السابقة الدالة على التداخل جمعا بين الأدلة وان نوى المكلف الفعل من غير تعيين الأسباب كلا أو بعضها فالقول بالاجزاء غير بعيد لعموم الأدلة السالفة
وعدم انتهاض دليل على اشتراط نية السبب وقال المصنف في النهاية فان نوى مطلق الغسل على وجه الوجوب انصرف إلى الواجب وان نوى المطلق ولم يقيد بوجه الوجوب
فان شرطنا في الندب نية لم يقع عن أحدهما
والتيمم يجب للصلاة والطواف الواجبين لاشتراطهما بالوضوء أو الغسل وكون التيمم بدلا عنهما
ولخروج الجنب من
المسجدين وجوب التيمم للخروج وتحريمه بدونه مشهور بين الأصحاب بل قال المصنف في المنتهى انه قول علمائنا وقال المحقق في المعتبر هذا مذهب فقهائنا ومستنده
الاجماع منا على تحريم المرور في المسجدين للجنب وحكى في الذكرى عن ابن حمزة القول بالاستحباب والأول أقرب والأصل في هذا الباب ما رواه الشيخ عن أبي حمزة في
الصحيح قال قال أبو جعفر عليه السلام إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله فاحتلم فاصابته جنابة فليتيمم ولا يمر في المسجد الا متيمما ولا باس ان يمر
في سائر المساجد ولا يجلسان فيها وجه الدلالة على ما اخترناه إما كون الامر للوجوب ان قلنا بذلك في اخبارنا مطلقا وبمعونة انضمام الشهرة واما ان مقتضى الأدلة
المنع من كون المجنب في شئ من المسجدين مطلقا والخبر المذكور دل على جواز الكون المقارن للتيمم والخروج بعده فبذلك تخصص العمومات ويبقى سائر الأكوان مندرجا
تحت عموم المنع ويلزم من ذلك وجوب التيمم وينبغي التنبيه على أمور الأول ظاهر جماعة من الأصحاب وجوب التيمم وان أمكن الغسل وساوى زمانه زمان التيمم
أو قصر عنه وبه صرح المدقق الشيخ على واختاره بعض المتأخرين وخالف فيه جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في الدروس والشارح الفاضل في جملة من كتبه فإنهم
ذهبوا إلى تعين الغسل عند امكانه وتساوى زمانه لزمان التيمم أو نقصه عنه وحصول الامن من تلويث المسجد والآية واحتمل في الذكرى تقديم الغسل
مطلقا عند امكانه وكذا الشارح الفاضل في شرح الشرائع من غير تقييد بالقصور أو المساواة وقال في شرح هذا الكتاب وانما قيد جواز الغسل في المسجد
مع امكانه بمساواة زمانه لزمان التيمم أو قصوره عنه مع أن الدليل يقتضى تقديمه مطلقا مع امكانه لعدم العلم بالقائل تقديمه مطلقا والا لكان القول به متجها
ففي هذه المسألة وجوه ثلثه والأقرب عندي الأوسط ويدل عليه ان فرض تحقق الماء في المسجد وامكان الاغتسال من غير حصول تلويث المسجد؟؟؟؟
مع قصور زمانه عن زمان التيمم أو مساواته له نادر بحسب العادة والمتعارف جدا بل هو مجرد فرض عقلي والتتبع التام كاشف عن أن الأخبار الواردة
عن الأئمة عليهم السلام مبنى على المتعارف المعتاد وليس نظرهم عليهم السلام في احكامهم على الفروض النادرة والاحتمالات البعيدة إذا عرفت هذا فاعلم أن في
صورة امكان الغسل مع الامن من التلويث لا يصح الاستناد إلى الخبر الدال على التيمم في ايجابه فحينئذ إن كان زمان الغسل قاصرا عن زمان
التيمم لزم عليه الغسل لأنه لا يخلو ما ان يجب عليه حينئذ الغسل أو التيمم ويجوز له الخروج بدون شئ منهما لا سبيل إلى الثالث للاجماع عليه ولان اقتضاء التمكن
من الغسل جواز الخروج بدون الامرين بعيد جدا فثبت وجوب المكث عليه بمقدار الغسل أو التيمم ولما ثبت بالأدلة تحريم اللبث في المسجد مطلقا كان جوازه
متقدرا بقدر الضرورة واقتضاء الدليل وهو الاقتصار على القدر الأقل وهو زمان الغسل وبهذا ثبت المطلوب وإن كان زمان الغسل مساويا لزمان التيمم فا
لأمر فيه كالسابق انه يجب عليه حينئذ على ما بيناه أحد الامرين من الغسل أو التيمم إما على سبيل التخيير أو على سبيل التعيين لا وجه لتعيين التيمم لعدم الدليل
عليه فثبت جواز الغسل وإذا ثبت جوازه يلزم وجوبه لان الغسل يقتضى ارتفاع حدث الجنابة ففي زمان الخروج ليس بجنب يقينا واما التيمم فلا يقتضى
ذلك يقينا فلا يحصل اليقين لعدم جنابته في زمان الخروج والنهى عن الكون في المسجد مجنبا يقتضى تحصيل البراءة اليقينية فيجب الاقتصار على
ما تحصل به وإن كان زمان الغسل أكثر من زمان التيمم تعين التيمم سواء كان زمان الغسل أكثر من زمان التيمم مع زمان الخروج أم لا إما الأول فظاهر لان الذي
ثبت بالدليل وجوب أحد الامرين من التيمم أو الغسل فيجب الاقتصار على أقلهما لبثا واما الثاني فلان الكون الزائد على مقدار التيمم مما يتعذر له الغسل
مع حصول الاضطرار أو إليه فيستباح بالتيمم بناء على ما سيجيئ في محله من أن التيمم يبيح ما يبيح المائية عند تعذرها فالتيمم موجب لقلة الكون المحرم لكن لا يخفى ان
في صورة يكون زمان الغسل أكثر من زمان التيمم لكن يكون مساويا لزمان الخروج يحتمل جواز الغسل بعد التيمم ولا يبعد عدم جوازه ووجوب الخروج إما إذا أمكن
الغسل خارج المسجد ترجيحا للاجتياز على اللبث وفى صورة يكون زمان الغسل أكثر من زمان التيمم وأقل من زمان الخروج يحتمل وجوب الغسل بعد التيمم لان
تكون الزائد على زمان الغسل المشتمل عليه الخروج مما يمكن الغسل له فيجب ويحتمل التخيير بين الغسل والخروج أو وجوب الخروج في صورة التمكن من الغسل خارجا
ترجيحا للاجتياز الكثير على اللبث القليل ثم ما ذكرنا من التفاصيل انما يتجه إذا كان كل واحد من الغسل أو التيمم متضمنا للبث وأما إذا كان أحدهما متضمنا
للبث وأمكن الأخر على سبيل الاجتياز فيحصل في الأحكام المذكورة نوع شك مثلا أمكن التيمم اجتيازا في زمان الخروج ولا يمكن الغسل الا مع اللبث وكان
10

زمان الغسل قاصرا عن زمان التيمم بيانه ان الظاهر من الأدلة تعلق تكليفات ثلثة بالنسبة إلى المجنب النهى عن كونه في المسجدين والنهى عن لبثه فيه لاندراجه في
العمومات الدالة على النهى عن لبث الجنب في المسجد مطلقا والنهى عن اجتيازه في المسجدين ففي الصورة المذكورة اختيار الغسل يوجب قلة التخصيص فيما دل على الأول و
الثالث دون الثاني وفى اختيار التيمم ينعكس الامر ويعضد الأول أولوية اختيار قلة التخصيص فيما يدل على الأكثر من تكليف واحد والثاني كثرة ما دل على
النهى عن اللبث وأولوية اختيار قلة التخصيص في الأقل وبالجملة للتأمل في هذا المقام نوع وجه وقد يستدل على هذا القول بحمل الخبر الدال على التيمم على الغالب
من عدم امكان الغسل أو حصول التلويث به جمعا بينه وبين ما دل على اشتراط فقد الماء في صحة التيمم وظاهره تسليم كون ظاهر الخبر العموم وفيه نظر لأنه
على تقديره اختيار عموم الخبر لو سلم وجود أمر دال بظاهره على اشتراط عدم الماء في صحة التيمم مطلقا سواء كان ولصلاة واجبة أم لا قلنا كون الجنب في المسجد محرم
فيما عدا الكون بمقدار التيمم المخرج عن العمومات بمقتضى الخبر المذكور لعدم الدليل على خروج زمان الغسل عن العمومات حينئذ إذ لا دليل على تسويغ الكون
بمقدار زمان الغسل واخراجه عن العمومات الا الاضطرار إلى كون ما فيلزم وجوب الغسل في صورة قصور زمانه عن زمان الخروج وجوازه في صورة المساواة
مع تأمل فيهما أو دوران الامر بينه وبين التيمم لعدم جواز الخروج بدونهما فيلزم الغسل في صورة مساواة زمانه لزمان التيمم أو قصوره عنه وحيث أسلم عموم
ما دل على وجوب التيمم لا يتجه شئ من الأمور المذكورة للغسل بل كان عموم ما دل على النهى عن الكون في المسجد بالنسبة إلى الغسل سالما عن المعارض
العقلي والنقلي فلا مقتضى لجوازه حينئذ فيلزم تحقق شرط التيمم وهو عدم التمكن الشرعي من استعمال الماء حجة القول الأول النظر إلى عموم الخبر ظاهرا وجوابه يعلم مما ذكرنا الثاني
اطلاق كلام المصنف يقتضى عدم الفرق بين المحتلم وغيره سواء أجنب في المسجد أو دخل فيه مجنبا وبه صرح بعض الأصحاب وعلل ذلك باشتراك الجميع في العلة وهو
تحريم قطع شئ من المسجد مجنبا مع امكان الطهارة وبعدم تعقل الفرق بين المحتلم وغيره وفيه تأمل لتحريم لبث
الجنب في المسجد بمقتضى الاخبار خرج عنه عنه المحتلم
بمقتضى النص السابق فيبقى غيره مندرجا تحت المنع وليس ما ذكره من العلة منصوصة حتى ينسحب في غيره فيكون الحكم بالتشريك من القياس الممنوع منه وعدم
ظهور الفرق لا يقتضى عدمه في الواقع نعم لو أمكن التيمم في أثناء الخروج من غير استلزامه لزيادة الكون لا يبعد وجوبه لقطع بقية الطريق وكذا لو كان زمان
المكث الحاصل في التيمم أقل من زمان الخروج مع تأمل في الأخير
الثالث هل يبيح هذا التيمم الصلاة وغيرها مما يشترط فيه الطهارة قيل لا لوجوب الخروج عقيبه
متحريا أقرب الطرق وذكر الشارح الفاضل هيهنا تفصيلا ملخصه ان الغسل إما ان يكون ممكنا في المسجد أم لا فإن كان ممكنا وقلنا بتقديم التيمم على الغسل
لم يصح الدخول به في الصلاة للاجماع على عدم إباحة الصلاة بالتيمم مع التمكن من الغسل وان لمن يمكن في المسجد فإن كان ممكنا خارج المسجد فالوجه أيضا عدم اباحته
الصلاة لان وقوعها في المسجد ممتنع لوجوب المبادرة إلى الخروج وبعد الخروج متمكن من الغسل فيفسد التيمم وانما شرع التيمم في المسجد لاحتياج الخروج
إلى الطهارة مع عدم امكان الغسل له وان لم يكن الغسل ممكنا خارج المسجد فالوجه ان هذا التيمم مبيح للصلاة وغيرها لعدم المانع فان التيمم مع تعذر
المائية يبيحه ما تبيحه الا على قول ولد المصنف من عدم إباحة دخول المساجد مطلقا بالتيمم وسيأتي بطلانه ونمنع حينئذ وجوب المبادرة إلى الخروج وتحرى أقرب
الطرق لان ذلك مشروط بامكان الغسل خارجا جمعا بين قولهم هنا وقولهم إن التيمم يبيح ما تبيحه المائية ومن جملته اللبث والصلاة انتهى ملخص كلامه
وفيه نظر والصواب ان يقال لا يخلو إما ان يكون الغسل في زمان التيمم ممكنا في المسجد أم لا فإن كان ممكنا وقلنا بتقديم التيمم فلا يخلو إما ان يكون ممكنا في المسجد
بعد الفراغ من التيمم أيضا أم لا فإن كان ممكنا بعد الفراغ من التيمم لم يصح به الدخول في الصلاة لا يخلو ما ان يكون ممكنا خارج المسجد أيضا أم لا وعلى التقديرين
صح ما ذكرنا إما على الأول فلانه متمكن من الغسل فلا يجوز له الصلاة بالتيمم واما على الثاني فلان الكون في
المسجد بمقدار الغسل صار مباحا له بسبب التيمم لتعذر
الغسل لهذا الكون تعذرا مسوغا للتيمم فصار متمكنا من الغسل فلا يجوز له الصلاة بالتيمم وعلى التقدير الأول لم يجز له الكون الزائد على الخروج متحريا أقرب
الطرق لعموم النهى عن كون الجنب في المسجد الا ما خرج بدليل وهو الكون بمقدار الخروج وعلى التقدير الثاني جاز له الكون بقدر زمان الغسل بسبب
التيمم وان لم يكن ممكنا في المسجد بعد الفراغ من التيمم فلا يخلو إما ان يكون ممكنا بعد الفراغ من التيمم خارج المسجد أم لا وعلى الأول لم تصح الصلاة به لما ذكر و
لا الكون الزائد على الخروج وعلى الثاني صحت الصلاة به ولم يجب عليه الخروج كما ذكره الشارح الفاضل وان لم يكن الغسل ممكنا فلا يخلو ما ان يكون ممكنا
بعد الفراغ منه في المسجد أم لا فإن كان ممكنا لم يصح الصلاة به كما ذكر وحكم الكون ما ذكر في الشق الأول وان لم يكن بعد الفراغ منه ممكنا في المسجد فاما ان يكون
ممكنا خارج المسجد أم لا وعلى الأول لم تصح الصلاة به ولا الكون الزائد وعلى الثاني صحت كما علمت فظهر من هذا التفصيل ان كلام الشارح الفاضل رحمه الله لم
يصح على اطلاقه لكنه رحمه الله نظر إلى أن الغالب عدم الانفكاك بين التمكن من الغسل في ابتداء التيمم وبعد الفراغ منه الرابع هل يلحق بالجنب الحائض
قيل نعم استناط إلى مرفوعة محمد بن يحيى السابقة واختاره الشهيد وانكره المحقق في المعتبر استضعافا للرواية ولان التيمم طهارة ممكنة في حق الجنب
عند تعذر الماء ولا كذلك الحائض فإنها لا سبيل لها إلى الطهارة ولعل غرضه من هذا التعليل نوع تأييد ثم أثبت الاستحباب ولعله بناء على المسامحة
في أدلة السنن واعترض الشهيد رحمه الله على ما ذكر من التعليل بأنه اجتهاد في مقابلة النص وبالمعارضة باعترافه بالاستحباب وعلى ما ذكرنا يندفع ذلك وفى
الذكرى نقل عن ابن الجنيد انه إذا اضطر الجنب أو الحائض إلى دخول المساجد تيمما ثم قال ويبعد إرادة منقطعة الحيض في الخبر وفى كلامه وجاز ان يكون
التيمم مبيحا لهذا وإن كان الحدث باقيا فإنه لا يرفع الحدث في موضع امكانه بالمائية فكيف في موضع استحالته ثم على القول بالالحاق لا يبعد الحاق النفساء
كما صرح به الشارح الفاضل لكونها حائضا في المعنى دون المستحاضة
الخامس هل يستحب التيمم لباقي المساجد استقرب ذلك الشهيد في الذكرى لما
فيه من القرب إلى الطهارة ولا يزيد الكون فيه عن الكون في التيمم في المسجد وليس بجيد لعدم النص ووجود الفارق فان الجواز في المسجدين مشروط بالطهارة
دون باقي المساجد فلا يصح ارتكاب اللبث المحرم في التيمم لأجل ما ليس فيه مشروطا به واستحباب الغسل للجواز في المساجد لا يستلزم المدعى كما لا يخفى والندب لما
عداه لا يبعد القول ببدليته التيمم في كل موضع يحتاج إلى الطهارة للروايات الصحيحة الدالة على كون التراب طهورا وكونه بمنزلة الماء وكونه أحد الطهورين وما
ثبت توقفه على نوع خاص منها لا على مطلق الطهارة ففيه اشكال وسيجيئ الكلام في تحقيقه في مبحث التيمم وفى بدليته للأغسال المستحبة مطلقا اشكال و
حكم الشارح الفاضل بالاستصحاب على القول بكونها رافعة للحدث ولا يخفى ان ظاهر كلام المصنف هنا يقتضى عدم وجوب التيمم لمس كتابة القران ودخول المساجد
عند تعذر الغسل وهو خلاف لما صرح به في غير هذا الكتاب وقد يجب الثلاثة بالنذر وشبهه كاليمين والعهد على شرائطها المذكورة في مواقعها و
يشترط في انعقاد نذر كل واحد منها الرجحان على المشهور من اشتراط رجحان المنذور في انعقاد النذر ولو نذر الوضوء فهل ينصرف إلى وضوء يكون رافعا للحدث
11

أو مبيحا للصلاة على القول بعدم حصول ذلك في مطلق الوضوء أم لا بل يعم الوضوء مطلقا فيه وجهان أقويهما الثاني فعلى الثاني ينعقد نذر الوضوء في
زمان معين وان لم يكن محدثا فيه نعم يشترط صحته ومشروعيته فلا ينعقد نذره مع غسل الجنابة وما قيل من انعقاد نذر الوضوء دائما محل التأمل وعلى الأول
فإن كان محدثا فالامر فيه واضح وإن كان متطهرا فالذي ذكره الشارح الفاضل انه لم يجب عليه الوضوء لامتناع تحصيل الحاصل ولا الحدث لعدم وجوب
تحصيل شرط الواجب المشروط ويتوجه عليه المنازعة في كون الوضوء الرافع مستحبا مشروطا بل يقال إنه مستحب مطلق والحدث شرط لوجوده لا لاستحبابه
على أن الوضوء مستحب مطلق والوضوء الرافع فرد منه فلو نذره وجب لكونه فردا للوضوء المطلق الراجح مطلقا ولا يشترط كون الفرد من حيث الخصوص راجحا حتى
ينعقد نذره كما في الصلاة في موضع لا مزية ولابد لبيان الحق في هذا المقام وتحقيقه من تمهيد مقدمتين إحديهما ان المكلف إذا جمع بين مباح ومندوب مثلا
في النذر وتعلق أعز منه بالمجموع من حيث هو مجموع أو بكل واحد واحد على سبيل الاستغراق بان يكون غرضا واحدا لا بكل واحد واحد على حده فالظاهر عدم
انعقاد النذر وعلى القول باشتراط الرجحان في المنذور إما لأن عدم رجحان أحد الجزئين يستلزم عدم رجحان المجموع وهو واضح واما لان المجموع لا وجود له على حده حتى يتصف بالرجحان أو
عدمه وثانيهما ان الاتيان بالوضوء الرافع للحدث في الحقيقة ليس الا الاتيان بالحدث في زمان سابق في الواقع والآتيان بالوضوء في زمان لاحق لان
الوضوء الموصوف بهذا الوصف مسبب عن الامرين المذكورين والتكليف بالمسبب تكليف بأسبابه حقيقة على ما تبين في محله إذا عرفت هذا فاعلم أن
المكلف إذا نذر الوضوء في زمان معين لم يكن محدثا فيه فمتعلق النذر حقيقة الحدث في زمان سابق في الواقع والوضوء في زمان لاحق له كما ذكر في
المقدمة الثانية والحدث لا رجحان له لكونه مستلزما لتفويت الكون على طهارة في زمان ما وللأصل مع انتفاء الدليل على رجحانه فلا يكون للمجموع رجحان
لا يقال الوضوء الرافع راجح وهو مما يتوقف على الحدث فيكون الحدث مصلحة راجحة لتوقف الامر الراجح عليه لأنا نقول لا رجحان لخصوص الوضوء الرافع من حيث إنه
رافع فتوقفه على الحدث لا يقتضى رجحانه وذلك بناء على أن الرافعية خصوصية ملحقة بالوضوء إذا اتفق ان يكون بعد الحدث وانضمام هذا القيد إليه لا
يوجب مزية رجحانه فما توقف هو عليه باعتبار هذه الخصوصية لا يكتسب رجحانا باعتبار وتوقفها عليه لان الموقوف عليه لخصوص الفرد الراجح لا يكون راجحا الا
إذا كان للخصوصية رجحان الا ترى ان المشي إلى المواضع المكروهة مما يتوقف عليه الصلاة فيما وهي فرد لطبيعة الصلاة الراجحة مع أنه لا رجحان للمشي إلى تلك
المواضع فاذن علم بما ذكرنا انه لا ينعقد النذر المذكور بحيث يجب عليه وضوء رافع ولو اتفقت المرأة حائضا في الوقت المعين في النذر وحضر وقت صلاة
بنى على الوجهين واما الغسل فان قيده في نذره بأحد أسبابه انعقد وان اطلقه أوقعه على أحد تلك الأسباب وان قيام بزمان لم يوجد فيه شئ من أسبابه
فيمكن ان يقال إن النذر باطل لان الوجوب العارض بسبب النذر تابع لرجحان المنذور في نفسه ولما كان رجحان المنذور هنا رجحانا مشروطا مقيدا
بوجود السبب كان الواجب أيضا كذلك فإذا لم يتحقق السبب لم يكن هناك وجود بسبب النذر واصلا ويمكن ان يقال الغسل مثلا كغسل الجنابة راجح مطلقا وإن كان وجوده
به ومشروط بوجود السبب وتقريبه ان غسل الجنابة مثلا مستتبع لثواب مترتب على فعله ولما كان مشروعيته متوقفة على وجود السبب كان وجود السبب من حيث
كونه مستتبعا لمشروعيته غسل الجنابة المستتبع للثواب مصلحة راجحة ولكان مثل تحصيل النصاب لأجل الزكاة لكن هذا مبنى على عدم رجحان الغسل بدون
السبب أو مزية ثواب ذي السبب على غيره والأول مما قد اختلف فيه والثاني مما أمكن النزاع فيه واما التيمم فلما مشروعيته مشروطة بعدم الماء أو عدم التمكن
من استعماله كان ذلك شرطا في انعقاد نذره مع التعيين فإن لم يتفق ذلك بطل نذره ولم يجب عليه اتحاد السبب لما مر وان اطلق توقفه هذا مع تعيين
إحدى الطهارات ومع الاطلاق فان قصد المعنى الشرعي توقف على ثبوته وتعيينه وان قصد المعنى الاصطلاحي بنى على تحقيق المعنى المنقول إليه اصطلاحا
وقد اختلف فيه فمنهم من جعل الطهارة اسما لما يبيح العبادة من الأقسام الثلاثة دون إزالة الخبث ومنهم من اطلقها على إزالة الخبث أيضا وقد يقال ربما
يظهر من كلام بعض المتقدمين اطلاقها على مطلق الثلاثة سواء كانت مبيحة أم لا والأكثرون على الأول وهل يحمل على المائية خاصة أو الترابية أو التخيير فيه
أوجه منشؤها ان اطلاق الطهارة على الأقسام الثلاثة إما بطريق الاشتراك أو التواطؤ أو التشكيك أو الحقيقة والمجاز فعلى الأولين الثالث وكذا على
الثالث على الأظهر ويحتمل انصرافه إلى الفرد الأقوى لأنه المتيقن والى الأضعف لأصالة البراءة من الزائد والاحتمالان ضعيفان وعلى الرابع الأول لان الأصل
في الاطلاق الحقيقة
النظر الثاني في أسباب الوضوء والمراد بالسبب هنا الوصف الدال على المخاطبة بالطهارة وجوبا أو ندبا ولو بالقوة لئلا
يخرج حدث الصبى والمجنون والحائض لان التخلف لفقد الشرط أو وجود المانع لا يقدح في السببية والسبب أعم من الموجب لان الايجاب انما يكون عند المخاطبة
بالواجب المشروط بالطهارة فيها يجب لغيره على المشهور أو عند وجوب السبب فيما يجب لنفسه الا ان يراد بالموجب أعم من أن يكون موجبا بالفعل أو يكون من شانه
ذلك وهو خلاف المتبادر وكذا السبب أعم من الناقض لان النقض يقتضى سبق الطهارة فالتعبير عن الاحداث بالسبب أولي ومما ذكرنا علم أن الفرق بين الموجب
والناقض عموم من وجه وكيفيته انما يجب الوضوء من البول والغائط والريح من الموضع المعتاد المراد به المخرج الطبيعي ووجوب الوضوء بهذه الأشياء مما لا
خلاف فيه وتدل عليه الأخبار المستفيضة بل المتواترة وفى حكم المعتاد لو اتفق المخرج في غيره لا اعلم فيه خلافا وحكى المصنف في المنتهى الاجماع عليه والحق به الخارج
من غير الطبيعي مع انسداده وظاهر المصنف في المنتهى دعوى الاجماع عليه وان لم ينسد الطبيعي فان صار الخروج معتاد فالمشهور بين المتأخرين النقض مطلقا
ويظهر من المنتهى وجود الخلاف فيه
واحتمل في النهاية عدم النقض به إذا خرج من فوق المعدة أو محاذيه وذهب الشيخ إلى نقض ما خرج من تحت المعدة دون
ما فوقه من غير استفصال وذهب ابن إدريس إلى النقض مطلقا والمسألة عندي محل التردد واحتج الشيخ بالآية وبعدم تناول الاسم لما خرج مما فوق المعدة
وهو ضعيف لان الآية تنصرف إلى المعنى المعهود المتعارف وعدم تناول الاسم ممنوع احتج ابن إدريس بالآية وهو أيضا ضعيف لما ذكرنا من انصرافها إلى
المعهود المتعارف فان قلت قد روى الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يوجب الوضوء الا من الغائط أو بول أو ضرطة أو فسوة تجد ريحها
وهذا الخبر وما في معناه يدل على صحة قول ابن إدريس قلت ليس الناقض ذات الاحداث المذكورة بل وصف متعلق بها فينصرف إلى المعهود الغالب وهو خروجها
على الوجه الطبيعي الشائع فان قلت قد دلت الأخبار الكثيرة على حصر الناقض فيما خرج من الطرفين الأسفلين أو الذكر أو الدبر وفيه دلالة على عدم حصول
النقض بغير ذلك الا في مواضع الاجماع فما وجه التردد في المسألة قلت قد أشرنا سابقا إلى أن التصفح كاشف عن أن النظر في الاحكام المودعة في الأحاديث
المنقولة عن أصحاب العصمة عليهم السلام انما هو مقصور على الشائع المتعارف لا على الفروض النادرة فلعل
الحصر في الاخبار مبنى على ذلك فلا يعلم منها حكم
الفروض المذكورة فيبقى حكمها في معرض الجهل والاشتباه فان قلت فاذن يرتفع حكم النقص عنها نظرا إلى أن الوضوء لا ينتقض الا باليقين بالحدث على
12

ما دل عليه بعض الأخبار الصحيحة قلت الذي افهم من الخبر عدم حصول الانتقاض بالشك في ثبوت ما وجد كونه حدثا ولا يدخل فيه الشك في حدثية ما يتقن
وجوده وبالجملة الشك في المسألة ليس مقصورا فيه وسيجيئ لهذا زيادة بيان في بعض نظائر هذه المسألة وبما ذكرنا يعلم أن اليقين ببراءة الذمة من التكليف
الثابت يقتضى ايجاب الوضوء في الصورة المذكورة لما ثبت من اشتراط الصلاة بالطهارة والشك في بقائها في الصورة المذكورة فتدبر واعلم أن الظاهر على القول باعتبار
الاعتناد فيما خرج من غير المخرجين النظر إلى العرف لأنه المقول في أمثال هذه الأمور وحدده بعض الأصحاب بالمرتين وهو غير ثابت وقياسه على الحيض فاسد وفى
نقض الخارج لا على وجه الانفصال بان تخرج المقعدة ملطخة بشئ من الغائط وجهان والتقييد بالمعتاد يخرج الريح إذا كان من الذكر وكذا من قبل المرأة وهو اختيال المصنف
في المنتهى وفى التذكرة حكم بنقض الخارج من قبل المراة لأنه له طريقا إلى الجوف وفاقا للمعتبر والتعليل ضعيف والمسألتان محل التردد لعدم النص والنوم
الغالب على الحاستين وهما السمع والبصر غلبة معطلة لهما لا مطلق الغلبة والمعتبر في الغلبة التحقيقة عند السلامة من الآفة والتقديرية مع عدمها والظاهر أن
القول ببطلان الوضوء بالنوم في الجملة اجماعي نسبه المحقق في المعتبر إلى علمائنا أجمع والمشهور بطلان الوضوء به مطلقا ونقل الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة
عليه ونقل في التهذيب اجماع المسلمين على بطلان الوضوء بالنوم الغالب من غير استفصال وذكر ابن بابويه في كتابه خبرا عن سماعة انه سئل الرجل يخفق
رأسه وهو في الصلاة قائما أو راكعا فقال ليس عليه وضوء ورواية أخرى مرسلة عن الكاظم عليه السلام انه سئل عن الرجل يرقد وهو قاعد قال لا وضوء
عليه ما دام قاعدا لم ينفرج قال في المختلف فإن كان هاتان الروايتان مذهبا له فقد صارت المسألة خلافية والظاهر أن الروايتين مذهب له بناء
على ما قرره في أول الكتاب ولهذا نسب في المعتبر والتذكرة إلى ابن بابويه أنه قال إن النوم ليس بناقض إذا كان قاعدا لم ينفرج ونقل في المختلف عن علي بن بابويه
انه لم يعد النوم في النواقض والأول أقرب لنا ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال قلت لأبي جعفر وأبى عبد الله عليهما السلام ما ينقض الوضوء فقال ما يخرج
من طرفيك الأسفلين من الذكر والدبر من الغائط والبول أو منى أو ريح والنوم حتى يذهب العقل وكل النوم يكره الا أن تكون تسمع الصوت وعن زرارة في
الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال لا ينقض الوضوء الا ما خرج من طرفيك أو النوم وعن زرارة في الصحيح قال قلت له الرجل ينام وهو على وضوء أتوجب
الخفقة والخفقتان عليه الوضوء فقال يا زرارة قد تنام العين ولا ينام القلب والاذن فإذا نامت العين والاذن والقلب وجب الوضوء قلت فان خرك
إلى جنبه شئ ولم يعلم به قال لا حتى يستيقن انه قد نام حتى يجئ من ذلك أمر بين والا فإنه على يقين من وضوء به ولا ينقض اليقين ابدا بالشك ولكن ينقضه
بيقين اخر وروى الكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفقة والخفقتين فقال ما أدرى ما الخفقة والخفقتان ان الله
يقول بل الانسان على نفسه بصيرة ان عليا عليه السلام كان يقول من وجد طعم النوم قائما أو قاعدا فقد وجب عليه الوضوء قال الجوهري خفق الرجل أي
حرك رأسه وهو ناعس وفى الحديث كانت كانت رؤوسهم يخفق خفقة أو خفقتين وروى الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل هل ينقض
وضوءه إذا نام وهو جالس قال إن كان يوم الجمعة في المسجد فلا وضوء عليه وذلك أنه في حال ضرورة وذكر الشيخ ان الخبر محمول على عدم التمكن من الوضوء وان
عليه حينئذ التيمم قال لان ما ينقض الوضوء لا يختص بيوم الجمعة والوجه فيه انه يتيمم ويصلى فإذا انقض الجميع توضأ وأعاد الصلاة لأنه انما يقدر على الخروج من الرحمة
قال بعض الأصحاب وفيما ذكره رحمه الله بعد ولعل الوجه في ذلك مراعاة التقية بترك الخروج للوضوء في تلك الحال أو عدم تحقق القدر الناقض من النوم
مع رجحان احتماله بحيث لو كان في غير الموضع المقروض لحسن الاحتياط بالإعادة وحيث انه في حال ضرورة فالاحتياط ليس بمطلوب منه وعن عبد الله
ابن المغيرة ومحمد بن عبد الله قال سألنا الرضا عليه السلام عن الرجل ينام على دابته فقال إذا ذهب النوم بالعقل فليعد الوضوء وفى سند هذه الرواية
كلام مر ذكره في مثله في غسل الجمعة وروى ابن بابويه عن زرارة في الصحيح انه سئل أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام عما ينقض الوضوء فقالا ما خرج من
طرفيك الأسفلين الذكر والدبر من غائط أو بول أو منى أو ريح والنوم حتى يذهب العقل وروى الشيخ عن عبد الحميد بن عواض في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام
قال سمعته يقول من نام وهو راكع أو ساجد أو ماش على أي الحالات فعليه الوضوء وروى الشيخ عن زيد الشحام في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخفقة
والخفقتان ان الله تعالى يقول بل الانسان على نفسه بصيرة ان عليا عليه السلام كان يقول من وجد طعم النوم فإنما أوجب عليه الوضوء وتدل عليه صحيحة معمر بن
خلاد المذكورة في المسألة الآتية ومما يدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عبد الله الأشعري في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا ينقض الوضوء الا حدث
والنوم حدث وأورد على هذا الحديث اشكال وهو ان صورته بحسب الظاهر قياس من الشكل الثاني والمقدمة الأولى منه مركبة من مقدمتين إحديهما لا
ينقض الوضوء شئ غير الحدث والثانية ينقض الوضوء حدث وانضمام شئ منهما مع الكبرى لا ينتج إذ على الأول لا يتكرر الأوسط والثاني لا تفيد الموجبتين في الشكل الثاني ويمكن ان يقال
ليس المراد بالحدث في المقدمة الأولى حدثا معينا ولا حدثا ما وإن كان ظاهره ذلك مع قطع النظر عن خصوص المقام بل يراد بمعاونة المقام الحدث أي حدث كان على سبيل
العموم كما يقال لأحب الا عالما ولا أبغض الا جاهلا ومنه قوله تعالى علمت نفس ما قدمت وأخرت فيصير في قوة قولنا كل حدث ناقض فينضم إلى الكبرى
وينتظم منه قياس على الشكل الرابع ويعكس ويصير من الشكل الأول وليس الترتيب ملحوظا بل الغرض الإشارة إلى المقدمتين من غير ترتيب فعلى يكون هذا
الكلام مسوما لبيان ناقضية النوم ويمكن ان يقال الغرض المطلوب أولا وبالذات بهذا الحديث نفى النقض عما ليس بحدث نحو اللمس والقيئ والقهقهة كما
تقوله جمع من العامة فحكم عليه السلام بنفي النقض عما ليس بحدث ولما لم يكن اسم الحدث واضح الصدق على النوم في اللغة والعرف مع أنه من الأمور الناقضة للوضوء
صرح باطلاقه عليه والمقتضى لهذا التصريح إما دفع توهم عدم النقض به من ظاهر الحصر واما الجواب عن سؤال يرد على الحصر وهو ان النوم ناقض وهو خارج عن الحصر
بحسب الظاهر وذكر المصنف في المختلف ان كل واحد من الاحداث فيه جهتا اشتراك وامتياز وما به الاشتراك وهو مطلق الحدث مغاير لما به الامتياز وهو خصوصية كل واحد
من الاحداث ولا شك في أن تلك الخصوصية ليست باحداث والا كان ما به الاشتراك داخلا فيما به الامتياز وذلك يوجب التسلسل وإذا انتفى الحدثية عن المميزات لم
يكن لها مدخل في النقض وانما يستند النقض إلى المشترك الوجود في النوم على ما حكم به في المقدمة الثانية ووجود العلة يستلزم وجود المعلول فثبت النقض في النوم وهو
المراد ويرد عليه ان انتفاء الحدثية عن المميز مسلم لا عن الامر المميز أي الفرد فقوله إذا انتفى الحدثية عن المميزات لم يكن لها مدخل في النقض ممنوع وكذا قوله وانما يستند النقض
إلى المشترك الموجود في النوم كيف وصدق الأحكام الشرعية على الطبائع الكلية باعتبار وجودها في الخارج متحدة مع افرادها فيكون للخصوصيات مدخل فيما يصدق على الكلى والأخبار الدالة
على أن النوم ناقض للوضوء كثيرة واكتفينا بذكر الصحاح منها لحصول الكفاية بها واستدل عليه المصنف في المنتهى بالآية أيضا وذكر ان المفسرين اجمعوا
على أن المراد بها إذا قمتم من النوم ونسبه الشيخ في الخلاف إلى المفسرين وروى الشيخ عن ابن بكير في الموثق قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام
13

قوله إذا قمتم إلى الصلاة ما يعنى بذلك إذا قمتم إلى الصلاة قال إذا قمتم من النوم قلت ينقض النوم الوضوء فقال نعم إذا كان يغلب على السمع ولا يسمع الصوت
واما ما رواه الشيخ عن عمران بن حمران في القوى انه سمع عبدا صالحا يقول من نام وهو جالس لم يتعمد النوم فلا وضوء عليه وما رواه عن سيف بن؟؟؟؟
في الصحيح عن بكر بن أبي بكر الحضرمي وهو غير مذكور في كتب الرجال قال سألت أبا عبد الله عليه السلام هل ينام الرجل وهو جالس فقال كان أبى بتول إذا نام الرجل
وهو جالس مجتمع فليس عليه وضوء وإذا نام مضطجعا فعليه الوضوء فحملهما الشيخ على نوم لا يغلب العقل وهو غير بعيد لأنه الغالب في حال القعود ويمكن حملها على
التقية لموافقتها لمذاهب أكثر العامة مع عدم حسن سندهما وكذلك الحكم في الاخبار الموافقة لهما في المعنى واستشهد الشيخ لما ذكره من التأويل بما رواه عن أبي
الصباح الكناني في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يخفق وهو في الصلاة فقال إن كان لا يحفظ حدثا منه إن كان فعليه الوضوء و
إعادة الصلاة وإن كان يستيقن انه لم يحدث فليس عليه وضوء ولا إعادة والاستشهاد به على ما ذكره مشكل بل لا يبعد تطبيقه على قول ابن بابويه وانما ارتكبنا
التأويل في هذه الأخبار ترجيحا للأكثر الأصح الأشهر المعتضد بالقران على غيره مما يقرب التأويل فيه
والجنون والاغماء والسكر ذكر المصنف في المنتهى انه لا يعرف
فيه خلافا بين أهل العلم وذكر الشيخ في التهذيب اجماع المسلمين في الأولين واستدل عليه بما رواه عن معمر بن خلاد في الصحيح قال سألت أبا الحسن عليه السلام
عن رجل به علة لا يقدر على الاضطجاح الوضوء يشتد عليه وهو قاعد مستند بالوسائد فربما أغفى وهو قاعد على تلك الحال قال يتوضأ قلت إن الوضوء يشد
عليه فقال إذا خفى عنه الصوت فقد وجب الوضوء عليه وأورد غلبه ان هذا مختص بالنوم لان الاغفاء بمعنى النوم فلا ينطبق على المطلوب وأجيب بمنع عموم
الشرطية فلا يختص بالسؤال ورد بان الضمير في قوله عنه يرجع إلى الرجل المحكي عنه فلا يعم قيل الأجود الاستدلال عليه بما دل على حكم النوم من باب التنبيه فإنه إذا
أوجب الوضوء بالنوم الذي يجوز معه الحدث وجب بالاغماء والسكر بطريق أولي وفيه تأمل والاستحاضة القليلة انما خصها بالذكر لان غرضه ذكر ما
يوجب الوضوء خاصة وليس كذلك المتوسطة والكثيرة فان كلا منهما من حيث هي هي لا يوجب الوضوء فقط لإيجابه الغسل في بعض الأحوال فاندفع النقض بالمتوسطة
بناء على انها توجب الوضوء فقط على بعض الأحوال أعني ما عدا الصبح وايجاب الاستحاضة القليلة للوضوء فقط هو المشهور بين الأصحاب وحكى عن ابن أبي عقيل عدم
ايجابها الوضوء ولا الغسل وعن ابن الجنيد ايجابها لغسل واحد وسيأتي تحقيقه في محله لا غير يحتمل ان يكون قيدا للاستحاضة أي لا غيرها من حالتيها الوسطى
والكبرى ويمكن ان يكون تأكيدا للحصر المستفاد من انما يعنى لا يجب الوضوء بشئ غير الأمور المذكورة وهذا الحكم أعني عدم وجوب الوضوء بشئ غير ما ذكره متفق
عليه بين الأصحاب الا في مواضع
الأول المذي وهو ما يخرج عند الملاعبة أو التقبيل على ما قال الجوهري وغيره وقريب منه ما قال الهروي من أنه
ارق ما يكون من النطفة عند الممازحة والتقبيل وما قال ابن الأثير من أنه البلل اللزج الذي يخرج من الذكر عند ملاعبة النساء وعدم بطلان الوضوء به مشهور
حتى نقل في التذكرة الاجماع عليه وخالف فيه ابن الجنيد فزعم أن ما يخرج من المذي عقيب الشهوة يكون ناقضا واحتمله الشيخ في الاستبصار استحبابا وظاهر
التهذيب بطلان الوضوء بما خرج عن شهوة ويكون خارجا عن المعهود المعتاد من كثرته والأقرب الأول لما رواه الشيخ عن زيد الشحام في الصحيح قال قلت لأبي
عبد الله عليه السلام المذي ينقض الوضوء قال لا ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد انما هو بمنزلة البزاق والمخاط وعن محمد بن إسماعيل في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته
عن المذي فامر بي بالوضوء منه ثم أعدت عليه سنة أخرى فامر بي بالوضوء منه وقال إن عليا عليه السلام أمر المقداد ان يسئل رسول الله صلى الله وعليه واله واستحيى ان يسأله فقال فيه الوضوء
قلت فإن لم توضأ قال لا باس به وعن ابن سنان يعنى عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال ثلث يخرجن من الإحليل وهي المنى وفيه الغسل والودي ففيه الوضوء
لأنه يخرج من دريرة البول قال والمذي ليس فيه وضوء انما هو بمنزلة ما يخرج من الانف وعن زيد الشحام وزرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إن سال من ذكرك شئ من مذى أو وزي فلا تغسله ولا تقطع له الصلاة ولا تنقض له الوضوء انما هو بمنزلة النخامة كل شئ خرج منك بعد الوضوء فإنه من
الحبائل وعن ابن أبي عمير في الصحيح عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال ليس في المذي من الشهوة ولا من الإنعاظ ولا من القبلة ولا من مس الفرج ولا
من المضاجعة وضوء ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد وعن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المذي فقال إن عليا عليه السلام كان رجلا نداء فاستحيى
ان يسال رسول الله صلى الله عليه وآله لمكان فاطمة عليها السلام فامر المقداد ان يسأله وهو جالس فقال له ليس بشئ وما رواه الكليني عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم
قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن المذي يسيل حتى يصيب الفخذ فقال لا يقطع صلاته ولا يغسله من فخذه انه لم يخرج من مخرج المنى انما هو بمنزلة النخامة وعن بريد
بن معوية في الحسن بإبراهيم قال سألت أحدهما عن المذي فقال لا ينقض الوضوء ولا يغسل منه ثوب ولا جسد انما هو بمنزلة المخاط والبزاق وعن زرارة في
الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن سال من ذكرك شئ وذي أو ودي وأنت في الصلاة فلا تغسله ولا تقطع الصلاة ولا تنقض له الوضوء وان بلغ عقيبك
فإنما ذلك بمنزلة النخامة وكل شئ خرج منك بعد الوضوء فإنه من الحبائل أو من البواسير وليس بشئ فلا تغسله من ثوبك الا ان نقدره إلى غير ذلك من الاخبار
وتدل عليه أيضا الأخبار الكثيرة الدالة على حصر الناقض في أشياء مخصوصة ليس المذي منها واما ما رواه الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن
عن المذي أينقض الوضوء قال إن كان من شهوة نقض وفى الموثق عن الكاهلي وهو ممدوح قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن المذي فقال ما كان منه شهوة فتوضأ
منه وعن أبي بصير في القوى قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام المذي الذي يخرج من الرجل قال أحد لك فيه حدا قال قلت نعم جعلت فداك قال فقال إن خرج منك
على شهوة فتوضأ وان خرج منك غير على ذلك فليس عليك فيه وضوء فالوجه في هذه الأخبار حملها على الاستحباب أو على التقية جمعا بينها وبين الأخبار السابقة
المعتضدة بالأصل والشهرة مع قوتها بحسب الأسانيد ووضوح الدلالة وقرب التأويلين المذكورين واما ما رواه يعقوب بن يقطين في الصحيح
قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يمذى وهو في الصلاة من شهوة أو من غير شهوة قال المذي منه الوضوء فمحمول على الاستحباب أيضا أو التقية لأنه مذهب
أكثر العامة ويؤيد حملها على الاستحباب صحيحة محمد بن إسماعيل السابقة وأولها الشيخ في التهذيب بأنها محمولة على التعجب لا الاخبار وفيه بعد احتج المصنف في
المختصر لابن الجنيد برواية محمد بن إسماعيل الواردة بدون قوله قلت فإن لم أتوضأ إلى اخر الخبر وقد اورده الشيخ كذلك عنه في الصحيح عن الرضا عليه السلام وذكر ان هذا
الخبر شاذ فلا تعارض الأخبار الدالة على نفى الوضوء من المذي وذكر ان راوي هذا الحديث بعينه روى جواز ترك الوضوء من المذي فعلم أن المراد هنا منها
ضرب من الاستحباب وهو حسن
الثاني قال ابن الجنيد من مس ما انضم عليه الثقبتان نقض وضوءه ومس ظهر الفرج من الغير ناقض للطهارة من المحلل
والمحرم وقال أبو جعفر بن بابويه رحمه الله إذا مس رجل باطن دبره أو باطن إحليله فعليه ان يعيد الوضوء وإن كان في الصلاة قطع الصلاة وتوضأ وأعاد الصلاة
وان فتح إحليله أعاد الوضوء والصلاة والمشهور انه لا ينقض الوضوء شئ من ذلك كله وهو أقرب ويدل عليه مضافا إلى الأخبار الدالة على حصر الناقص في أشياء
14

محصورة ليس فيها شئ من ذلك اخبار منها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال ليس في القبلة ولا المباشرة ولا مس الفرج وضوء عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال ليس في القبلة ولا مس الفرج
ولا الملامسة وضوء وما رواه الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر عليه السلام قال ليس في القبلة ولا مس الفرج ولا المباشرة وضوء ويؤيده عموم
ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يعبث بذكره في الصلاة المكتوبة قال لا باس به وعن سماعة في الموثق قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يمس ذكره أو فرجه أو أسفل من ذلك وهو قائم يصلى أيعيد وضوءه فقال لا باس بذلك انما هو من جسده وتدل عليه أيضا صحيحة
ابن أبي عمير السابقة وما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في القوى قال سألته عن رجل مس فرج امرأته قال ليس عليه شئ وان شاء غسل يده
احتجا على ما نقل عنهما بما رواه أبو بصير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا قبل الرجل المراة من شهوة أو مس فرجها أعاد الوضوء وما رواه عمار الساباطي في الموثق
عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الرجل يتوضأ ثم يمس باطن دبره قال نقض وضوءه وان مس باطن إحليله فعليه ان يعيد الوضوء وإن كان في الصلاة قطع الصلاة
ويتوضأ ويعيد الصلاة وان فتح إحليله أعاد الوضوء وأعاد الصلاة والجواب انهما لا يصلحان لمعارضة الأخبار السابقة المعتضدة بالشهرة والأصل فيحمل
هذان الخبران على الاستحباب وخبر أبي بصير معارض بالاخبار الدالة على عدم وجوب الوضوء بالقبلة وخبر عمار معارض بما رواه عمار أيضا في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام
في المراة تكون في الصلاة فتظن انها قد حاضت قال تدخل يدها فتمس الموضع فان رأت شيئا انصرفت وان لم تر شيئا أتمت صلاتها
الثالث أكثر علمائنا
على أن القبلة لا ينقض الوضوء وقال ابن الجنيد ينقض قبلة المحرم إذا كان بشهوة والاحتياط إعادة الوضوء إذا كانت في محلل والأقرب الأول لصحيحي زرارة السالفتين
وحسنة زرارة وصحيحة ابن أبي عمير السابقتين وما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القبلة ينقض الوضوء قال لا باس حجة ابن الجنيد
خبر غير نقى السند لا يصلح معارضا للاخبار السابقة فليحمل على الاستحباب الرابع أكثر الأصحاب على أن القهقهة لا تنقض الوضوء خلافا لابن الجنيد والأقرب
الأول للعمومات السابقة احتج ابن الجنيد بخبر غير صحيح نحمله على الاستحباب الرابع الحقنة لا تنقض الوضوء للعمومات السابقة خلافا لابن الجنيد الخامس الدم
الخارج من السبيلين إذا شك في خلوه من النجاسة احتج بحجة اعتبارية ضعيفة
ويجب على المتخلي للبول والغائط ستر العورة أي جلوسه بحيث لا يرى عورته الناظر
المحترم الا ما استثنى كالزوجة والمملوكة غير المزوجة والمعتدة وكذا يجب ستر العورة في غير حال الخلوة ويدل عليه مضافا إلى اتفاق الأصحاب ما رواه الشيخ
عن حريز في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه وما رواه الكليني عن رفاعة بن موسى في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام الا بمئزر وأسنده ابن بابويه إلى النبي صلى الله عليه وآله مرسلا وما رواه الشيخ عن أبي بصير باسناد فيه
توقف عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن ابائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام قال إذا تعرى أحدكم نظر إليه الشيطان فطمع فيه فاستتروا وعن حماد بن عيسى باسناد
فيه جهالة عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال قيل له ان سعيد بن عبد الملك يدخل مع جواريه الحمام قال ولا باس إذا كان عليه وعليهن الأزر لا يكونون عراة
كالحمر ينظر بعضهم إلى سوءة بعض وعن أبي بصير في القوى قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام يغتسل الرجل بارزا فقال إذا لم يره أحد فلا باس وقول أبى الحسن عليه السلام في رواية
حمزة بن أحمد بعد السؤال عن الحمام ادخله بمئزر وغض بصرك وقول علي بن الحسين عليهما السلام لسدير لما دخل في الحمام بغير ازار ما يمنعكم من الأزر فان رسول الله صلى الله عليه وآله
قال عورة المؤمن على المؤمن حرام رواه الكليني وابن بابويه وفى مرفوعة سهل قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا يدخل الرجل مع ابنه الحمام فينظر بعورته وروى محمد بن
عمر عن بعض من حدثه ان أبا جعفر عليه السلام كان يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام الا بمئزر قال فدخلت ذات يوم الحمام فتنور فلما ان أطبقت النورة
على بدنه القى المئزر فقال له مولى بأبي أنت وأمي انك توصينا بالمئزر ولزومه وقد ألقيته عن نفسك فقال إما علمت أن النورة قد أطبقت العورة وروى محمد بن
جعفر عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يدخل الرجل مع ابنه الحمام فينظر إلى عورته وقال ليس للوالدين ان ينظر إلى عورة الولد وليس للولد ان
ينظر إلى عورة الوالد وقال لعن رسول الله صلى الله عليه وآله الناظر والمنظور إليه في الحمام بلا ميزر ورواه علي بن الحكم عن رجل من بني هاشم عن أبي الحسن عليه السلام بعد سؤاله عن الحمام
لا تدخل الحمام الا بميزر وغض بصرك وقال ابن بابويه وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى
لهم فقال كل ما كان لي كتاب الله تعالى من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنا الا في هذا الموضع فإنه هو الحفظ من أن ينظر إليه وما دل من تلك الأخبار على تحريم النظر إلى
العورة تدل على وجوب الستر لتحريم المعاونة على الاثم والغرض من ايراد تلك الأخبار حصول الغرض بالتحاق بعضها ببعض فلا يضر عدم دلالة بعضا على تمام المقصود
وضعف اسناد بعضها واما ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان باسناد فيه توقف عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن عورة المؤمن على المؤمن حرام فقال نعم فقلت
أعني سفليه فقال ليس حيث تذهب انما هو إذاعة سره وعن حذيفة بن منصور في الصحيح على الأقرب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام شئ يقوله الناس عورة المؤمن
على المؤمن حرام فقال ليس حيث تذهب انما عنى عورة المؤمن ان يزل زلة أو يتكلم بشئ يعاب عليه فيحفظ عليه ليعيره به يوما ما وعن زيد الشحام في الضعيف
عن أبي عبد الله عليه السلام في عورة المؤمن على المؤمن حرام فقال ليس ان يكشف فيرى منه شيئا انما هو انى تزرى عليه أو تعيبه فقد أجيب عن هذه الأخبار
بأنها لا تنافى تحريم النظر إلى العورة لأنها انما تضمن تفسير هذا اللفظ المعين أعني قولهم عورة المؤمن على المؤمن حرام ولا يلزم من عدم إرادة تحريم النظر
من هذا اللفظ نفى التحريم رأسا مع امكان حمل الحصر فيها على المبالغة والتأكيد
واما ما رواه الكليني عن عبد الله بن يعفور في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
أيتجرد الرجل عند صب الماء يرى عورته أو يصب عليه الماء أو يرى عورة الناس قال كان أبى بكيرة ذلك من كل أحد فلا ينافي ما ذكرناه لان معنى الكراهة ليس
مقصورا على المعنى المتعارف الأصولي بل أعم منه فلا ينافي التحريم والأصح ان العورة القبل والدبر للاجماع على كونهما عورة ولا دليل على تحريم الزائد فيكون
منفيا بالأصل والظاهر أن البيضتين منها ويدل على ما ذكرنا ما رواه الشيخ عن علي بن إسماعيل الميثمي عن محمد بن حكيم في القوى قال الميثمي لا اعلمه الا قال رأيت
أبا عبد الله عليه السلام أو من رآه متجردا وعلى عورته ثوب فقال إن الفخذ ليست من العورة وعن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابه في الضعيف عن أبي الحسن الماضي عليه السلام
قال العورة عورتان القبل والدبر والدبر مستور بالأليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة ورواه الكليني أيضا بزيادة قوله واما القبل فاستره بيدك
بعد قوله والدبر مستور بالأليتين قال وفى رواية أخرى فاما الدبر فقد سترته الأليتان واما القبل فاستره بيدك وقال ابن بابويه قال الصادق عليه السلام الفخذ ليست
من العورة وروى عبد الله الرافقي قال دخلت حماما بالمدينة فإذا شيخ كبير وهو قيم الحمام فقلت يا شيخ لمن هذا الحمام قال لأبي جعفر محمد على عليهما السلام فقلت
أكان يدخله قال نعم فقلت كيف كان يضع قال كان يدخل فيبدأ فيطلى عانته وما يليها ثم يلف ازاره على أطراف إحليله ويدعوني فاطلي له سائر جسده فقلت
له يوما من الأيام الذي يكره ان أراه قد رايته قال كلا ان النورة ستحرم واما ما رواه الكليني عن بشير النبال في الضعيف قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الحمام فقال
15

تزيد الحمام قلت نعم قال فامر باسخان الحمام ثم دخل فاتزر بازار وعظي ركبته وسرته ثم أمر صاحب الحمام فطلى جسده ما كان خارجا من الازار ثم قال
اخرج عنى ثم طلى هو ما تحته بيده ثم قال هكذا فافعل لمحمول على الاستحباب قضيته للجمع
وعدم استقبال القبلة واستدبارها والظاهر أن المراد
بالاستقبال الاستقبال بجميع البدن وكذا الاستدبار لا بالمخرج خاصة كما قد يتوهم والمستفاد من الاخبار اختصاص ذلك بحال التغوط والبول ويحتمل
شموله لحالة الاستنجاء أيضا لما رواه الشيخ عن عمار بن موسى في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يزيد ان يستنجى كيف يقعد قال كما يعقد للغائط
ومعنى وجوب عدم الاستقبال وجوب ضد الاستقبال لان التكليف في الحقيقة متعلق به وانتسابه إلى العدم ظاهري في الصحارى بفتح الراء على الأفصح
جمع صحراء كعذراء وعذارى وقد يكسر على قلة وهي البرية والمراد هنا مقابل البنيان والبنيان تحريم الاستقبال والاستدبار للمتخلى مطلقا هو المشهور
بين الأصحاب وابن الجنيد استحب ترك الاستقبال في الصحراء ولم يذكر البنيان ولا الاستدبار وقال المفيد في المقنعة ولا يستقبل القبلة ولا يستدبرها
ولكن يجلس على استقبال المشرق ان شاء أو المغرب ثم قال وإذا دخل الانسان دارا قد بنى فيها مقعد للغائط على استقبال القبلة أو استدبارها لم يضره
ذلك وانما يكره ذلك في الصحارى والمواضع التي يمكن فيها الانحراف عن القبلة والظاهر من العبارة المنقولة عن سلار التحريم في الصحارى والكراهة في البنيان في نقل مذهب المفيد فحكى عنه في المعتبر التحريم في الصحارى
واضطرب كلام الأصحاب في نقل مذهب المفيد فحكى عنه في المعتبر التحريم في الصحارى والكراهة في البنيان وكلام المقنعة غير صريح في التحريم في
الصحارى ولا الكراهة بالمعنى المتعارف في البنيان مع أنه سوى بين الصحارى والمواضع التي يمكن فيها الانحراف فنسبة الفرق بين الصحارى والبنيان
على الاطلاق إليه محل النظر وحكى عنه المصنف في المنتهى والتذكرة والشهيد في الدروس التحريم في الصحارى ولم يذكر الكراهة وقال في المختلف بعد نقل عبارة المفيد
وهذا الكلام يعطى الكراهة في الصحارى والإباحة في البنيان وهو ظاهر كلام الشهيد في الذكرى والكل لا يوافق كلامه في المقنعة وحكى المدقق الشيخ على عن
بعض الأصحاب القول بكراهة الاستقبال والاستدبار مطلقا وقائله غير معلوم والحجة على المشهور ما روى الشيخ عن عيسى بن عبد الله الهاشمي في القوى عن
أبيه عن جده عن علي عليه السلام قال قال لي النبي صلى الله عليه وآله إذا دخلت المخرج فلا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولكن شرقوا أو غربوا وعن ابن أبي عمير في الصحيح عن عبد
الجنيد بن أبي العلاء الثقة أو غيره رفعه قال سئل الحسن بن علي عليهما السلام ما حد الغائط قال لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها
وما رواه الكليني والشيخ عنه عن علي بن إبراهيم قال خرج أبو حنيفة من عند أبي عبد الله عليه السلام وأبو الحسن موسى عليه السلام قائم وهو غلام فقال له أبو حنيفة يا غلام أين
يضع الغريب ببلدكم فقال اجتنب أفنية المساجد وشطوط الأنهار ومساقط الثمار ومنازل النزال ولا تستقبل القبلة لغائط ولا بول وارفع ثوبك
وضع حيث شئت وما رواه الكليني عن محمد بن يحيى باسناده رفعه قال سئل أبو الحسن عليه السلام ما حد الغائط قال لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح
ولا تستدبرها مضافا إلى التعليلات الاعتبارية والاستناد إليها في التحريم مشكل للتأمل في أسانيدها وعدم وضوح دلالتها على التحريم لشيوع استعمال
النواهي في اخبارنا في الكراهة وانضمام ما يقول الأصحاب بكراهته يؤيده فالقول بالاستحباب غير بعيد ويؤيده وجود الكنيف في دار أبى الحسن عليه السلام مستقبل القبلة
رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل بن بزيع في الحسن والمسألة محل التردد والاحتياط التجنب ومما يدل على فضله ما رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل في الحسن عن أبي الحسن عليه السلام
الرضا عليه السلام انه سمعه يقول من بال حذاء القبلة ثم ذكر فانحرف عنها اجلالا للقبلة وتعظيما لها لم يقم من مقعده ذلك حتى يغفر له واحتج سلار بما ذكرناه من
التأييد السابق وأجيب عنه بأنه غير دال على أنه عليه السلام جلس عليه مع جواز الانحراف والظاهر أن التشريق والتعزيب مستحب للرواية السالفة ونقل عن بعض
المدققين القول بالوجوب تمسكا بظاهر الامر وأيده بقوله عليه السلام ما بين المشرق والمغرب قبلة وان قبلة البعيد هي الجهة وفيها اتساع واعترض عليه بقصور
الرواية من حيث السند فلا يصح للتعويل في الحكم المخالف للأصل ولعدم الوقوف على مصرح بالوجوب واستضعف تأييده بأنه مع سلامة سنده محمول
على الناسي أو يأول بما يرجع إلى المشهور وهو حسن الا انه يفهم التردد منه في سلامة الرواية وليس في موقعه لان الرواية صحيحة اوردها ابن بابويه عن معوية
بن عمار في الصحيح والظاهر أنه لو قلنا بالتحريم واشتبه الجهة وأمكن تحصيل العلم أو الظن بها وجب من باب المقدمة لوجوب تحصيل الظن بالامتثال مع
الامكان وان لم يمكن تحصيل شئ من الامارات سقط فروع الأول قال الشيخ في المبسوط إذا كان الموضع مبينا على الاستقبال أو الاستدبار
وامكنه الانحراف عنه وجب عليه ذلك فإن لم يمكنه لم يكن عليه شئ بالحلوس قال المحقق وكانه يريد مع عدم التمكن من غبره الثاني كره في المنتهى استقبال
بيت المقدس لأنه قد كان قبلة ولا يحرم للنسخ وفى الحكم بالكراهة نظر لفقد النص الثالث احتمل المصنف في النهاية اختصاص كراهة الاستدبار بالمدينة
وما ساواها لان استدبار الكعبة فيها يوجب استقبال بيت المقدس قال الشهيد وهذا الاحتمال لا أصل له
ويجب غسل مخرج البول بالماء خاصة عند علمائنا أجمع
على ما حكاه المحقق والعلامة وغيرهما وتدل عليه اخبار كثيرة منها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال لا صلاة الا بطهور ويجزيك من الاستنجاء
ثلثة أحجار بذلك جرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله واما البول فإنه لابد من غسله وعن جميل بن دراج في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا انقطعت درة البول فصب
الماء وعن بريد بن معوية في القوى عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال يجزى من الغائط المسح بالأحجار ولا يجزى من البول الا الماء وعن زرارة في الصحيح قال توضأت يوما
ولم اغسل ذكرى ثم صليت فسألت أبا عبد الله عليه السلام فقال اغسل ذكرك واعد صلاتك وعن ابن أذينة في الصحيح قال ذكر أبو مريم الأنصاري ان الحكم بن عيينة
بال يوما ولم يغسل ذكره متعمدا فذكرت ذلك لأبي عبد الله عليه السلام قال بئس ما صنع عليه ان يغسل ذكره ويعيد صلاته ولا يعيد وضوءه وعن يونس بن يعقوب
في الموثق قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط أو بال يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين و
الاخبار في هذا الباب كثيرة واختلف الأصحاب في أقل ما يحصل به الطهارة في غسل مخرج البول على قولين الأول ان أقل ما يجزى في غسل مخرج البول مثل
ما على الحشفة اختاره الشيخان وابنا بابويه والمحقق استنادا إلى ما رواه الشيخ عن نشيط بن صالح في القوى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته كم يجزى من
الماء في الاستنجاء من البول فقال مثلا ما على الحشفة من البلل ويشكل الاستناد إليه لعدم وضوح سنده ومعارضته بما رواه الشيخ عن نشيط في
الموثق عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجزى من البول ان يغسله بمثله هذا مع عدم صراحته في عدم اجزاء الأقل من المثلين ومعارضته بما
سيجيئ فحملها على الاستحباب ممكن الا ان الشهرة وعدم استيلاء المثل بعد حصول اليقين بوصوله بتمام موضع الملاقاة يعضد الوجوب والمفهوم من عبارة
أكثر القدماء والرواية ان المراد تحديد أقل مقدار الماء الذي به يغسل وقد وقع الخلاف في تفسيره بين جمع من المتأخرين فقيل إنه كناية عن وجوب غسل
مخرج البول مرتين والتعبير بذلك لبيان أقل ما يجزى ويمكن ان يحمل عليه كلام ابن بابويه حيث قال ويصب على إحليله من الماء مثلي البول يصبه مرتين واستشكل
16

ذلك بأن المزيل لابد ان يكون مستوليا على النجاسة والمثل لا يكون مستوليا على البلل المماثل فلا يجزى المثلان منفصلين وذكر بعض المتأخرين
انه يمكن اعتبار المماثلة بين الماء المغسول به وبين القطرة المختلقة على الحشفة بعد خروج البول فان تلك القطرة يمكن اجراؤها على المخرج وأغلبيتها على البلل
الذي يكون على حواشيه وقيل إن المراد الغسلة الواحدة لاشتراط الغلبة في المطهر وهو لا يحصل بالمثل وشيخنا الشهيد في الذكرى اعتبر الفضل بين
المثلين مع أنه اكتفى في تحقق المرتين في غير الاستنجاء بالانفصال التقديري ووجهه المدقق الشيخ على بان اعتبار ذلك لتعدد الغسل حق لا لان
التعدد لا يتحقق الا بذلك بل لان التعدد المطلوب بالمثلين لا يوجد بدون ذلك لان ورود المثلين دفعة واحدة غسلة واحدة ولو غسله بأكثر من المثلين
بحيث يتراخى اجزاء الغسل بعضها عن بعض في الزمان لم يشترط الفضل والأقرب على القول بوجوب الغسل مرتين اعتبار الانفصال الحقيقي ليصدق التعدد
عرفا فيحصل الامتثال القول الثاني انه لا يتقدر ما يحصل به الإزالة بقدر بل تحصل الطهارة بما سمى غسلا واليه ذهب أبو الصلاح قال المصنف وهو الظاهر من
كلام ابن البراج ويقوى هذا المذهب اطلاق الروايات وما رواه الكليني والشيخ عنه عن ابن المغيرة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي الحسن عليه السلام قال قلت
له للاستنجاء حد قال لا حتى ينقى ما ثمة قلت فإنه ينقى ما ثمة وينقى الريح قال الريح لا ينظر إليها وموثقة
يونس بن يعقوب السابقة عن قريب وبعض الروايات تدل
على وجوب غسل البول مرتين كرواية الحسين بن أبي العلا في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين فإنما
هو ماء ورواية أبى اسحق النحوي في الحسن عنه عليه السلام قال سألته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين اوردهما الشيخ ويؤيده ان المستفاد من ظاهر كلام
المحقق نقل الاجماع على وجوب غسل البول عن الثوب والجسد مرتين حيث نسب ذلك إلى علمائنا في مبحث النجاسات ولقائل أن يقول خبرا ابن المغيرة ويونس بن
يعقوب خاصان بالاستنجاء فيخص بهما عموم هذين الخبرين بما عدا الاستنجاء مع أن المتبادر المنساق إلى الذهن منهما ما عدا الاستنجاء على أن حملهما على الاستحباب
غير بعيد ولمن يقتصر في الاحتجاج على الصحاح أن يقول اشتراك تلك الأخبار جميعا في عدم الصحة ووقع التعارض بينهما فيلزم العدول عنها إلى مقتضى
الأخبار الصحيحة وهو الاكتفاء بالمرة لاطلاق الأخبار الصحيحة الواردة في الاستنجاء وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل يبول بالليل
فيحسب ان البول اصابه ولا يستيقن فهل يجزيه ان يصب على ذكره إذا بال ولا ينتشف قال يغسل ما استبان انه اصابه وينضح ما شك فيه من سجده أو ثيابه
واما اسناد كلام المحقق بنقل الاجماع فقد يقال انما استفيد من كلام المحقق اختصاص دعوى الاجماع بإزالة البول من غير محل الاستنجاء لأنه حكى في مبحث
الاستنجاء عن أبي الصلاح أنه قال أقل ما يجزى ما أزال عين البول عن رأس فرجه
ثم احتج الاعتبار مثلي ما على الحشفة بوجهين الأول رواية نشيط السابقة
مؤيدة بما روى من أن البول إذا أصاب الجسد يصب عليه الماء مرتين الثاني ان غسل النجاسة بمثلها لا يحصل معه اليقين بغلبة المطهر على النجاسة
ولا كذا لو غسل بمثليها وأشار بعد هذا إلى رواية نشيط المتضمنة للاكتفاء بالمثل وقال إنها مقطوعة السند فالعمل بالأولى ولا يخفى عليك ان الاجماع
لو كان متحققا عنده هنا لكان أجدر بالذكر في الاحتجاج من الوجهين اللذين استدل بهما وهو حسن فظهر ان القول بجواز الاكتفاء بالغسل الموجب
للنقاء قوى لكن العمل بالغسلتين أولي وأحوط لما فيه من الاستظهار والخروج من الخلاف والثلث أكمل لما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال كان
يستنجى من البول ثلث مرات الحديث والمراد بوجوب غسل مخرج البول الوجوب من باب المقدمة لتوقف الصلاة الواجبة عليه فيكون واجبا
موسعا يتضيق بتضيق وقت الصلاة وقول الشارح الفاضل المحقق واطلاق الوجوب قبل الوقت مجاز محل تأمل وقولهم لا معنى لوجوب الشرط
قبل زمان المشروط وجوب ممنوع واعلم أنه ذكر المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى انه إذا لم يجد الماء لغسل مخرج البول أو تعذر استعماله لمانع كالجرح اجزا
مسحه بما يزيل عين النجاسة كالحجر والخرق والكرسف وشبهه لأنه يجب إزالة عين النجاسة واثرها فإذا تعذرت إزالة الأثر تعينت إزالة العين و
فيه نظر إذ لا دليل على وجوب إزالة النجاسة الا على الوجه المطهر وحيث تعذرت كان ايجاب التجفيف محتاجا إلى دليل ولم اطلع عليه نعم لو أن عدم
التجفيف مقتضيا لتنجيس الثوب والبدن كان الحكم بوجوبه متجها ثم المصنف صرح بأنه لو وجد الماء بعد ذلك وجب عليه الغسل ولا يجتزى بالمسح المتقدم و
قد ادعى صاحب المدارك الاجماع عليه وهو المرتبط بالأدلة السابقة لكن ظاهر كلام المحقق في المعتبر والشرائع خلافه ولعله غير مراد له وروى الشيخ
عن ابن أبي عمير في الصحيح عن جنان بن سدير الثقة الواقفي قال سمعت رجلا يسال أبا عبد الله عليه السلام فقال انى ربما بلت فلا أقدر على الماء وربما يشد ذلك
على فقال إذا بلت وتمسحت فامسح ذكرك بريقك فان وجدت شيئا فقل هذا من ذاك ورواه الكليني في الحسن عن حنان وعن سماعة في القوى قال
قلت لأبي الحسن موسى عليه السلام انى أبول ثم أتمسح بالأحجار فيجيئ ما يفسد سراويلي قال ليس به باس ولابد من تأويلهما بما يوافق ما ذكرنا وفى الذكرى ان خبر حنان
متروك وروى الشيخ عن العيص بن القاسم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء يمسح ذكره الحجر وقد عرق ذكره وفخذاه
قال يغسل ذكره وفخذيه وسألته عمن مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه يغسل ثوبه قال لا قال بعض الأصحاب ولعل المراد بعجز الخبر كون
إصابة اليد بغير الموضع الذي حصل به المسح ومنشأ الشبهة المفنضية للسؤال احتمال سريان التنجيس لليد كلها بسبب رطوبة العرق وكذا يجب غسل مخرج الغائط
وهو في اللغة ما انخفض من الأرض سمى الحدث المعلوم غائطا تسمية له باعتبار ما يقع فيه غالبا مع التعدي والظاهر أن المراد به في عبارات الأصحاب تعدى
حواشي الدبر فإن لم يصل إلى الالية فيظهر من التذكرة نقل الاجماع على ذلك وكذا يفهم الاجماع من كلام الشارح الفاضل ولولا ذلك لم يبعد تفسيره بوصول
النجاسة إلى محل لا يعتاد وصولها إليه ولا يصدق على ازالتها اسم الاستنجاء كما ذكره صاحب المدارك فان الدليل يساعد عليه وهذا الحكم مما نقل الاجماع
عليه الشهيدان وقال في المعتبر انه مذهب أهل العلم واستدل عليه بروايتين عامتين كما صرح به بعض العلماء واحتج له المصنف في المنتهى بعموم الاخبار المتضمنة للامر
بغسل مخرج الغائط موجها له بأنه ثبت جواز الاستجمار في غير المتعدى فيكون العام لم بحاله بالنسبة إلى المتعدى ولا يخفى ان الأخبار الدالة على الاكتفاء بالأحجار
مطلقه من غير تفصيل بالمتعدى وغيره فإن لم يكن اجماع على الحكم المذكور كان للتأمل مجال
نعم لو فسر التعدي بذلك المعنى الأخر صح بلا ريب حتى يزول
العين والأثر المستفاد من الاخبار ان الواجب في الاستنجاء من الغائط هو الانقاء والتفصيل الذي ذكره المصنف من وجوب إزالة الأثر مع العين هنا
والاكتفاء بالعين إذا كان المزيل حجرا موافقا للشيخ في المبسوط وجماعة من الأصحاب لم نطلع على رواية يذكر فيها هذا التفصيل واختلفوا في تفسير الأثر فقيل إنه
الرسم الدال عليها وقيل هو اللون لأنه عرض لا يقوم بنفسه فلابد له من محل جوهري يقوم به وهو النجاسة إذ الانتقال على الاعراض محال فوجود
اللون دليل على وجود العين فيجب ازالته ولا يلزم مثل ذلك في الرائحة لأنها قد تحصل بتكيف الهواء وفيه انه يجوز قيام اللون بالمحل الطاهر بالمجاورة
17

كما جوز ثم تكيف الهواء بالمجاورة والفرق تعسف على انا لا نسلم ان وجود اجزاء مصغرة غير محسوسة يقوم به اللون فيتأثر
وأيضا سيجيئ ان اللون معفو عنه في النجاسات فهنا أولي وقيل إن المراد به ما يتخلف على المحل عند مسح النجاسة وتنشيفها وقريب منه ما قيل إنه الأجزاء اللطيفة العالقة بالمحل التي
لا تزول الا بالماء واختاره الشارح الفاضل في شرح الشرائع وحد سلار الاستنجاء بان يصر الموضع والمشهور خلافه وهو أقرب لحسنة ابن المغيرة الدالة على أن
حده النقاء ويؤيده موثقة يونس بن يعقوب ويؤيده ان حصول الصرير يختلف باختلاف الماء فيسقط اعتباره ولا عبرة بالرائحة وتدل عليه حسنة ابن
المغيرة واطلاق الاخبار واعترض شيخنا الشهيد في الذكرى بان وجود الرائحة يرفع أحد أوصاف الماء وأجاب مرة بالعفو عنها للنص والاجماع واخرى بان
الرائحة إن كان محلها الماء بخس لانفعاله وإن كان محله اليد أو المخرج فلا وهو حسن ويتخير مع عدمه أي التعدي بين ثلثة أحجار طاهرة والظاهر أن جواز الاستنجاء
بالأحجار مع عدم التعدي اجماعي بين الأصحاب ويدل عليه عدة روايات واما اشتراط الطهارة وبالشك في حصول الإزالة بدونها واشتراط صحة الصلاة
بها فلا يحصل اليقين بالبراءة مع تأمل فيه ونقل المصنف الاجماع عليه في المنتهى واحتج مع ذلك بما نقل في بعض الأخبار المرسلة عن أبي عبد الله عليه السلام قال جرت السنة
في الاستنجاء بثلاثة أحجار ابكار قال وهذه الرواية وإن كانت مرسلة الا انها موافقة للمذهب ولأنه إزالة النجاسة فلا يحصل بالنجس وعلى تقدير الاستعمال ففي
حكم المحل احتمالات أحد ما نختم الماء لان الإزالة بالأحجار مرخصة فيجب قصرها على مورد النص وبه حكم الشهيدان الثاني بقاء المحل على حاله فيجزى فيه الاستجمار وهذا
احتمال ذكره المصنف في المنتهى والنهاية ووجهه بان النجس لا يتأثر بالنجاسة وفيه ضعف
الثالث التفصيل فإن كانت نجاسة بغير الغائط تعين الماء والا أجز الاستجمار
؟؟؟؟ غيره وهو مختار المصنف في القواعد ودخل في اطلاق العبارة الحجر المستعمل ثانيا على تقدير النقاء بدونه وبه قطع المصنف وهو خيرة المحقق في المعتبر وهو قريب لعموم
الدلائل وعدم ما يصلح للمنع وشبهها من كل جسم طاهر مزيل للنجاسة الا ما استثنى عند الشيخ وجمهور المتأخرين ونقل الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة عليه
وكذا ابن زهرة والمحكى عن سلار انه لا يجزى في الاستجمار الا ما كان أصله الأرض وعن ابن الجنيد أنه قال إن لم يحضر الاحجار يمسح بالكرسف وما قام مقامه ثم قال
ولا اختار الاستطابة بالاجر والخرف الا إذا لبسه طين أو تراب يابس وعن المرتضى أنه قال يجوز الاستنجاء بالأحجار وما قام مقامه من المدر والخرق ويدل على
خصوص البغض صحيحة حريز عن زرارة قال كان يستنجى من البول ثلث مرات ومن الغائط وبالمدر والخرق والظاهر عود الضمير إلى المعصوم بقرينة الحال
ومعونة ما ظهر من عادتهم في مثل هذا الاستعمال لا إلى زرارة وغيره وصحيحة زرارة أيضا قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كان الحسين بن علي عليهما السلام يتمسح من الغائط
بالكرسف ولا يغسل اوردهما الشيخ في التهذيب وما رواه الكليني في الحسن عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال في قول الله عز وجل ان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين
قال كان الناس يستنجون بالكرسف والأحجار ثم أحدث الوضوء وهو خلق كريم فامر به رسول الله صلى الله عليه وآله وصنعه فأنزل الله في كتابه ان الله يحب التوابين ويحب
المتطهرين والقول بجواز الاستنجاء بالكرسف والخرق والمدر حسن لوجود الرواية الصحيحة معتضدة بغيرها واما بغيرها فيمكن التأمل فيه بناء على عدم رواية
صحيحة دالة عليه والترجيح للجواز بناء على دلالة الخبرين وهما معا معتضدين بالشهرة لا يقصران عن الصحيح بل قيل إن الأولى منهما لا يقصر عن الصحيح إذ ليس في
طريقها من يتوقف فيه الا إبراهيم بن هاشم واخباره من الاخبار المعتمدة عند الأصحاب وان لم يكن في شانه توثيق صريح بل اخباره يعد عند بعضهم من الصحاح
وعلى هذا جرى المصنف في كثير من المواضع واما خبر يونس ابن يعقوب فلا توقف فيه الا من جهة يونس فإنه وإن كان ثقة لكن نقل الكشي عن حمدويه عن بعض
أصحابه انه فطحي ونقل عن محمد بن مسعود انه عده من فقهاء أصحابنا الفطحية وذكر الصدوق انه فطحي لكن ذكر الكشي في شأنه عدة اخبار حسنة تدل على حسن حاله
وذكر النجاشي مع مهارته في الفن وضبطه انه قد قال بعبد الله ثم رجع ولم يذكر الشيخ في كتاب الرجال والفهرست انه فطحي وقد عرفت ما أشرنا إليه سابقا
من أن طريقنا العمل بأمثال هذه الأخبار واشترط الصلابة وعدم الصقالة والزوجة في كلامهم بناء على عدم الإزالة بما انتفى فيه أحد تلك الأمور ولو
اتفق الإزالة فقيل لا يجزى واحتمل الشارح الأجزاء لحصول الغرض وهو حسن واستثنى المحترم وهو أقسام فما كتب فيه شئ من كلام الله تعالى أو الأحاديث
أو التربة الحسينية فقد يحكم بكفره وذلك عند عدم العلم والعمد فلا يتصور حينئذ التطهير واما مع جهله فالظاهر التطهير كما نقل عن جماعة ان قلنا بالعموم في المطهر
ومنه العظم والروث والظاهر أنه اجماعي كما ادعاه المصنف في المنتهى وصاحب المعتبر وتدل عليه رواية ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن استنجاء الرجل
بالعظم أو البعر أو العود إما العظم والروث فطعام الجن وذلك مما اشترطوا على رسول الله صلى الله عليه وآله فقال لا يصلح بشئ من ذلك والرواية ضعيفة اوردها الشيخ
في التهذيب وعد منه المطعوم بل ربما يدعى الاجماع على عدم اجزائه واستدل عليه في المعتبر بأن له حرمة تمنع من الاستهانة وربما يناقش من صحة هذا
الوجه وبان طعام الجن منهى عنه فطعام أهل الصلاح أولي بدلالة الفحوى وفيه تأمل واشترط المصنف في النهاية كون المزيل جافا تعويلا على أن البلل
الذي عليه ينجس بإصابة النجاسة ويعود شئ منه إلى محل النجو فيحصل عليه نجاسة أجنبية فيكون قد استعمل الحجر النجس وان الرطب لا يزيل النجاسة
بل يزيد التلويث والانتشار ثم احتمل الأجزاء لان البلل يبخس بالانفصال كالماء الذي يغسل به النجاسة لا بإصابة النجاسة ويرد على الوجهين انهما
يختصان بالبلل الكثير المتميز وفى توجيه لاحتمال نظر إذا كان البلل متميزا أو اعترض الشهيد رحمه الله بان النجاسة العارضة للبلل من نجاسة المحل فلا يؤثر
ووجه في التذكرة اشتراط الجفاف بان الرطب لا ينشف الحل وهذا على تقدير صحته لا يتم في غير المسحة الأخيرة وهل يحصل الأجزاء في المواضع التي قلنا
بالتحريم استقر به المصنف في المنتهى وعدمه المحقق في المعتبر وفاقا للشيخ في المبسوط وابن إدريس بل ادعى ابن زهرة الاجماع على عدم اجزاء العظم والروث والمطعوم
واستدل عليه في المعتبر بان المنع مستصحب حتى يثبت رفعه بدليل شرعي والشيخ بان النهى يدل على الفساد وهو ممنوع في الأحكام الوضعية وقد يجاب
عن حجة المحقق بان الاستصحاب مرتفع بعموم ما دل على الاكتفاء بما حصل به النقاء وفيه تأمل والمسألة محل تردد وإن كان المشهور لا يخلو عن قوة مزيلة للعين
ولا يشترط هنا زوال الأثر والمعتمد حصول النقاء كما هو مقتضى الاخبار وبين الماء لكن الأخير أفضل لما رواه الشيخ عن هشام بن الحكم في الصحيح على الظاهر
عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا معشر الأنصار ان الله قد أحسن عليكم
الثناء فماذا تصنعون قالوا نستنجي بالماء واحتج المحقق بان الماء أقوى
المطهرين
وأضاف إليه في المنتهى بقول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة ويجزيك من الاستنجاء ثلثة أحجار فإنه يدل على أفضلية غيره عليه وهو الماء ولو لم ينق
بالثلاثة وجب الزائد والظاهر أنه اجماعي ويستحب ان لا يقطع الا على وتر ذكره جماعة من الأصحاب ودل عليه رواية عيسى بن عبد الله قال في المعتبر والرواية
من المشاهير وفى حكم عدم النقاء الشك في النقاء ولو نقى المحل بالأقل من ثلثة وجب الاكمال هذا هو المشهور ونقل عن المفيد عدم الوجوب واختاره
المصنف في المختلف وكلام الشيخ غير صريح في أحد الامرين واستدل على المشهور بقوله عليه السلام في صحيحة زرارة ويجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار وبقوله عليه السلام في صحيحة
18

زرارة أيضا جرت السنة في اثر الغائط بثلاثة أحجار ان يمسح العجان وهذا الاستدلال لا يخلو عن ضعف واستدل الشارح الفاضل بروايتين
من طريق العامة وهو ضعيف واستدل أيضا بان الحجر لا يزيل النجاسة بالكلية فلابد من المنع في استصحابها في الصلاة الا في موضع التقدير الشرعي وفيه
تأمل واستدل الآخرون بان المقصود إزالة النجاسة وقد حصل وفيه تأمل ولحسنة ابن المغيرة حيث قال هل للاستنجاء حد فقال عليه السلام لا حتى ينقى ما ثمة والاستنجاء
يطلق على غسل موضع النجو ومسحه كما شهد له النقل ونص عليه أهل اللغة ولموثقة يونس بن يعقوب السابقة وهذا المذهب قوى واما الاستدلال بما
رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كان علي بن الحسين عليه السلام يتمسح من الغائط بالكرسف ولا يغسل وعن زرارة في الصحيح أيضا قال كان
يستنجى من البول ثلث مرات ومن الغائط بالمدر والخرق فضعيف ويكفى ذو الجهات الثلث نقل المصنف عن الشيخ أنه قال اجزا عنه بعض أصحابنا والأحوط اعتبار
العدد ثم اختار المصنف الأجزاء ونقله عن ابن البراج وهو مختار الشهيد والشيخ على وذهب المحقق وجماعة من المتأخرين إلى عدم الأجزاء واختاره الشهيد
الثاني وولده احتجوا للأول بأن المراد من الاحجار الثلاثة ثلث مسحات كما قيل اضربه عشرة أسواط فان المراد عشر ضربات بالسوط وبأن المقصود إزالة النجاسة
وهي حاصلة بذلك وبأنها لو انفصلت أجزأت فكذا مع الاتصال وأي عاقل يفرق بين الحجر بغيره متصلا ومنفصلا وبان الثلاثة لو استجمروا بهذا الحجر لأجزأ
كل واحد عن حجر وبقول النبي صلى الله عليه وآله إذا جلس أحدكم لحاجته فليمسح ثلث مسحات وأجيب عن الأول بأنه فرق بين قولنا اضربه عشرة أسواط وبين قولنا اضربه
بعشرة أسواط ولا نسلم ان معنى الأخير ما ذكره فالتشبيه غير موافق وأيضا هذا المعنى مجاز مخالف للأصل لا يصار إليه الا عند القرينة كما في المثال على أن الشك
في كونه حقيقة أو مجاز يكفي المعترض لان التطهير يحتاج إلى الاثبات وعن الثاني بان المقصود إزالة النجاسة على الوجه المعتبر شرعا وحصوله ممنوع وعن الثالث
بأنه قياس لحال الاتصال بالانفصال واستبعاد التفرقة غير مسموع مع وجد وفارق هو النص والغالب في أبواب العبادات رعاية جانب التعبد والفرق بين
استجمار كل واحد بالواحد وبين استجمار الواحد بكل واحد واضح لحصول الامتثال في الأول دون الثاني واما الاستناد إلى حديث المسحات كما وقع في كلام الشهيد
والشيخ علي فضعيف لكونه ضعيف الاسناد عاميا على الظاهر على أنه مطلق وخبر الاحجار مقيد والمقيد يحكم على المطلق احتج في المعتبر بقوله عليه السلام لا يستنجى أحدكم دون
ثلثة أحجار وبقول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة جرت السنة في اثر الغائط الحديث ويمكن الاستدلال أيضا بقوله عليه السلام في صحيحة زرارة يجزيك من الاستنجاء ثلثة
أحجار وبأن الشك في حصول البراءة يقتضي استصحاب نجاسة المحل حتى يثبت المزيل ويمكن الجواب عن الأول بان الخبر ضعيف عامي فلا يصلح للحجية وعن الثاني
بان كون ذلك سنة لا يستلزم عدم جواز غيره وعن الثالث ان المفهوم انما يكون حجة إذا ثبت انه ليس للتخصيص فائدة أخرى ويجوز ان يكون سبب التخصيص
تحقق النقاء بذلك غالبا أو كونه أفضل الافراد ويؤيده ثبوت الأجزاء بغيرها من الخرق والمدر فان الحمل على ما ذكرنا أولي من القول بالمفهوم وارتكاب التخصيص
والأجود الاستدلال على مختار المصنف بعموم خبر ابن المغيرة ويونس بن يعقوب ومنه يظهر الجواب عن الرابع وينبغي التنبيه على أمور الأول لو استجمر بحجر ثم غسله
أو كسر ما نجس منه جاز الاستجمار به ثانيا قال المصنف في المنتهى قال ويحتمل على قول الشيخ عدم الأجزاء محافظة على صورة لفظ العدد وفيه بعد قال بعض الأصحاب
والاحتمال المذكور قريب وان استبعده اللهم الا ان يخرج بالكسر عن اسم الحجر الواحد أو كان استعماله في الزيادة على الثلث حيث لا يحصل النقاء بها الثاني
المعروف بين الأصحاب حصول الأجزاء بالاستجمار من غير فرق بين استيعاب المحل في كل مسح وبين توزيع المسحات على اجزاء المحل احتج له المحقق في المعتبر بحصول
الامتثال على التقديرين وأورد عليه انه مع التوزيع يكون بمنزلة المسحة الواحدة وأجاب بان المسحة الواحدة لا يتحقق معه العدد المعتبر ووافقه المصنف في المنتهى
ونقل فيه عن بعض الفقهاء منع ذلك لأنه يكون تلفيقا فيكون بمنزلة مسحة واحدة ولا يكون تكرارا واستضعفه بانا لو خلينا والأصل لأجزأ بالواحدة المزيلة
لكن لما دل النص على التعدد وجب اعتباره وقد حصل والظاهر من قوله بعض الفقهاء أهل الخلاف شهد له الممارسة ويظهر من كلام جماعة من أصحابنا المتأخرين
ان للأصحاب قولا بعدم اجزاء التوزيع قال بعض الأصحاب وأظنه توهما نشأ من نسبة العلامة القول بذلك إلى بعض الفقهاء الثالث ذكر المحقق ان الأفضل
مسح المحل كله بكل حجر وجعله الشيخ في المبسوط انه أولي وأحوط وذكر المصنف في النهاية والتذكرة ان الأحسن والأحوط في كيفية الاستجمار ان يصنع واحدا على مقدم الصفحة
اليمنى فيمسحها به إلى مؤخرها ويديره إلى الصفحة اليسرى فيمسحها به من مؤخرها إلى مقدمها ويرجع على الموضع الذي بدا به ويضع الثاني على مقدم الصفحة
اليسرى ويفعل به مثل ذلك ويمسح بالثالث الصفحتين معا قال وينبغي وضع الحجر على موضع طاهر بقرب النجاسة لأنه لو وضعه على النجاسة لأبقى منها شيئا وينشرها
فيتعين حينئذ الماء ثم إذا انتهى إلى النجاسة أدار الحجر قليلا حتى يرفع كل جزء منه جزء من النجاسة ولو امره من غير إدارة لنقل النجاسة من موضع إلى اخر فتعين الماء و
لو امره ولم ينقل فالأقرب الأجزاء لان الاقتصار على الحجر رخصة وتكليف إدارة الحجر تضييق بان الرخصة ويحتمل عدمه لان الجزء الثاني من المحل يلقى ما ينجس من
الحجر والاستنجاء بالنجس لا يجزي انتهى كلامه وما قربه متجه ونقل عن ابن الجنيد أنه قال إذا أراد ان يستطيب بالثلاثة الاحجار جعل حجرين للصفحتين وحجرا للمشربة تدينه
ثم يقلبه والمشربة بفتح الراء وضمها مجرى الحدث من الدبر ولم نطلع في اخبارنا على هذه التفاصيل وقيل إن ما
ذكره ابن الجنيد مروى من طريق العامة
الرابع
لو ترك الاستنجاء وصلى عامدا أعاد الصلاة والظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين الأصحاب ولو تركه نسيانا فالمشهور بين الأصحاب انه يعيد الصلاة سواء كان في الوقت أو في
خارجه دون الوضوء ونقل عن ابن الجنيد أنه قال إذا ترك غسل البول ناسيا يجب الإعادة في الوقت ويستحب بعد الوقت وقال أبو جعفر ابن بابويه من صلى و
ذكر بعد ما صلى انه لم يغسل ذكره فعليه ان يغسل ذكره ويعيد الوضوء والصلاة ومن نسى ان يستنجى من الغائط حتى صلى لم يعد الصلاة يدل على الأول اخبار كثيرة
منها ما رواه الشيخ عن عمرو بن أبي نصر في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أبول وأتوضأ وأنسى استنجائي ثم أذكر بعد ما صليت قال اغسل ذكرك واعد صلاتك
ولا تعد وضوئك وعن زرارة في الصحيح قال توضأت يوما ولم اغسل ذكري ثم صليت فسألت أبا عبد الله عليه السلام عن ذلك فقال اغسل ذكرك واعد صلاتك
ورواه الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم ويدل على عدم الوضوء أيضا ما رواه الشيخ والكليني بتفاوت في المتن عن علي بن يقطين في الصحيح
عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يبول فلا يغسل ذكره حتى يتوضأ وضوء الصلاة قال يغسل ذكره ولا يعيد وضوءه وعن عمرو بن أبي نصر في الصحيح
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يبول فينسى ان يغسل ذكره ويتوضأ قال يغسل ذكره ولا يعيد وضوءه وما رواه الكليني عن ابن أبي عمير في الموثق عن بعض
أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول وينسى ان يغسل ذكره قال يغسل ذكره ويعيد الصلاة احتج ابن الجنيد بما رواه الشيخ عن هشام بن سالم في
الضعيف بأحمد بن هلال عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يتوضأ وينسى ان يغسل ذكره وقد بال فقال يغسل ذكره ولا يعيد الصلاة وهذا الخبر مع ضعفه لا يدل
على التفصيل الذي ذكره ابن الجنيد فظاهره مخالف لما عليه الأصحاب فالتعويل عليه مشكل احتج ابن بابويه على إعادة الوضوء بما رواه الشيخ عن أبي بصير في الموثق
19

قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان أهرقت الماء ونسيت ان تغسل ذكرك حتى صلبت فعليك إعادة الوضوء وغسل ذكرك وعن سليمان بن خالد في الصحيح عن أبي
جعفر عليه السلام في الرجل يتوضأ وينسى غسل ذكره قال يغسل ذكره ثم يعيد الوضوء وعن سماعة باسناد فيه تأمل قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا دخلت الغائط
فقضيت الحاجة فلم تهرق الماء ثم توضيت ونسيت ان تستنجي فذكرت بعد ما صليت فعليك الإعادة فان كنت أهرقت الماء فنسيت ان تغسل ذكرك حيت صليت
فعليك إعادة الوضوء والصلاة وغسل ذكرك لا (؟؟) البول مثل البراز ورواه الكليني أيضا والجواب ان هذه الأخبار ومحمولة على الاستحباب جمعا بين الاخبار ويدل
على عدم إعادة الصلاة في نسيان الاستنجاء من الغائط ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر عن أخيه موسى ابن جعفر عليهما السلام قال سألته عن رجل ذكر وهو في صلاته انه
لم يستنج من الخلاء قال ينصرف ويستنجي من الخلاء ويعيد الصلاة وان ذكر وقد فرغ من صلاته اجزاه ذلك ولا إعادة عليه وما رواه الشيخ عن حماد بن عثمان
في الصحيح عن عمار بن موسى الثقة الفطحي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لو أن رجلا نسى ان يستنجي من الغائط حتى يصلى لم يعد الصلاة وأجيب عن الثاني بالقدح
في الاسناد لمكان عمار وعنهما بالحمل على صورة استنجى بالأحجار ونوى الاستنجاء بالماء وهو حمل بعيد وأكثر الأخبار الدالة على الإعادة مخصوصة بالبول فلا
يعارض خبر عمار فيمكن الجمع بينه وبين الأخبار السابقة بحمل هذا الخبر على نسيان الاستنجاء من الغائط أو حمل الأخبار السابقة على الاستحباب ولكن الاجتزاء على
خلاف المشهور المخالف للاخبار مشكل واما ما رواه الشيخ عن عمرو بن أبي نصر في القوى قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني صليت فذكرت اني لم اغسل ذكرى بعد ما
صليت أفأعيد فقال لا فلا يقاوم الأخبار السابقة وحمله الشيخ على نفي إعادة الوضوء وهو تأويل بعيد
ويستحب تقديم الرجل اليسرى دخولا واليمنى خروجا
هذا الحكم مشهور بين الأصحاب وعلل بالفرق بين دخول الخلاء ودخول المسجد وقال المحقق في المعتبر لم أجد هذا حجة غير أن ما ذكره الشيخ وجماعة من الأصحاب حسن
والمراد في البنيان ظاهر واما في الصحراء فيمكن ان يراد موضع الجلوس فإذا بلغ إليه قدم اليسرى وإذا فرغ قدم اليمنى صرح به المصنف في النهاية قيل ويلوح من
كلام بعض المتأخرين اختصاص الحكم بالبنيان وتغطية الرأس قال في المعتبر يستحب تغطية الرأس عند دخول الخلاء والتسمية وعليه اتفاق الأصحاب روى علي بن
أسباط مرسلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا دخل الكنيف يقنع رأسه ويقول سرا في نفسه بسم الله وبالله لكن علي بن أسباط واقفي والحجة انه يا من مع تغطية رأسه
من وصول الرائحة إلى دماغه وذكر المفيد رحمه الله انها من سنن النبي صلى الله عليه وآله انتهى وما ذكره رحمه الله مذكور في المقنعة مع غير ذلك من العلل كالامن من عبث الشيطان
ولما فيه من اظهار الحياء من الله تعالى لكثرة نعمه على العبد وقلة الشكر منه وعلله الصدوق بأنه اقرار غير مبرئ نفسه من العيوب
والاستبراء عند جمهور الأصحاب
وعزى المصنف إلى الشيخ في الاستبصار القول بالوجوب ونقله ابن إدريس عن بعض الأصحاب واختلف عبارات الأصحاب في كيفيته فقال ابن بابويه ليمسح بإصبعه
من عند المقعدة إلى الأنثيين ثلث مرات ثم ينتر ذكره ثلث مرات وقال ابن الجنيد على ما نقل عنه إذا بال فيستحب ان ينتر ذكره من أصله إلى طرفه ثلث مرات ليخرج
شئ إن كان بقى في المجرى وقال المفيد في المقنعة فإذا فرغ من حاجته وأراد الاستبراء فليمسح بإصبعه الوسطى تحت أنثييه إلى أصل القضيب مرتين أو ثلثا ليخرج ما فيه
من بقية البول وقال الشيخ في النهاية فإذا فرغ فليمسح بإصبعه من عند مخرج البول إلى أصل القضيب ثلث مرات ثم يمر إصبعه على القضيب وينتره ثلث مرات و
قريب منه عبارة المبسوط ونقل منه بعض المتأخرين اعتبار المسحات التسع المشهورة ولا يخفى عدم دلالته عليه وان حملها على ما نقل عن ابن بابويه غير بعيد
وحكى الفاضلان عن المرتضى نحو ما قاله ابن الجنيد وقال في المعتبر بعد نقله الكلام الشيخين والمرتضى وكلام الشيخ أبلغ في الاستظهار وقال ابن زهرة في الغنية إما البول فيجب
الاستبراء منه أو لا بنتر القضيب والمسح من مخرج النجو إلى رأسه ثلث مرات ليخرج ما لعله باق في المجرى وادعى اجماع الفرقة فلعله اطلق الوجوب على معنى الأعم و
قال ابن حمزة في الوسيلة المسح من مخرج النجو إلى أصل القضيب بالإصبع في الاستبراء ثلث مرات وينتر القضيب بين الابهام والسبابة ثلث مرات وهو موافق
لابن بابويه وقال ابن إدريس وكيفيته ان يمسح بإصبعه من عند مخرج النجو إلى أصل القضيب ثلث مرات ثم يمر إصبعه على القضيب ويخرطه ثلث مرات وهو قريب
من كلام الشيخ وذكر المصنف والمحقق في الشرايع وجماعة من المتأخرين تبعا لهما انها المسح باليد من عند المقعدة إلى أصل القضيب ثلثا ومنه إلى رأسه ثلثا
وينتره ثلثا وفى هذا الكيفية زيادة على المستفاد من العبارات السابقة الا ان يحمل كلام الشيخ عليه وهو غير متعين والمصنف لم ينقل في مقام نقل الخلاف لا
كلام المرتضى فلعله ظن موافقة الشيخين له وليس الامر كذلك كما لا يخفى وقال الشهيد في الدروس يمسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثم إلى رأسه ثم عصر الحشفة ثلثا
ثلثا والتنحنح؟؟ ثلثا وقال في البيان يمسح ما بين المقعدة إلى أصله ثم ينتره ثم عصر الحشفة مثلثا والتنحنح الذي ذكره الشهيد ذكره المصنف أيضا في بعض كتبه
من غير التقييد بالتثليث ونقل الشهيد في الذكرى التثليث التنحنح عن سلار وحكم صاحب المعالم بكون ذلك وهما وما ذكره المرتضى رحمه الله انسب بالرواية
روى الشيخ عن حفص بن البختري في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول قال ينتره ثلثا ثم إن سال حتى يبلغ الساق فلا يبالي والنتر الجذب بقوة وجنوة
وروى الكليني عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل بال ولم يكن معه ماء قال يعصر أصل ذكره إلى طرفه ثلث عصرات وينتر طرفه
فان خرج بعد ذلك شئ فليس من البول ولكنه من الحبائل وذكرها الشيخ بعينه الا انه ذكر بدل طرفه ذكره وروى الشيخ عن ابن أبي عمير في الصحيح عن جميل بن صالح
الثقة عن عبد الملك بن عمرو وهو غير موثق عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول ثم يستنجي ثم يجد بعد ذلك بللا قال إذا بال فخرج ما بين المقعدة والأنثيين
ثلث مرات وغمز ما بينهما ثم استنجى فان سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي فظهر بما ذكرنا ان الزيادات التي ذكرها المتأخرون مع اضطرابها واختلافها غير موجودة
في الروايات وغير موافقة لما ذكره القدماء لكن لا حرج فيها فان الظاهر أن العلة هي اخراج بقايا البول ولكثرة الاستظهار مدخل في حصول الغرض قال في القاموس
استنتر من بوله احتبذ به واستخرج بقية من الذكر عند الاستنجاء حريصا عليه مهتما به وقريب منه في نهاية ابن الأثير وينبغي التنبيه على أمور الأول
لا نعرف خلافا بين علمائنا في أن البلل المتجدد بعد الاستبراء لا حكم له وان الخارج مع عدم الاستبراء بحكم البول يجب غسل الموضع وإعادة الوضوء فهنا حكمان
إما الحكم الأول فقد نقل ابن إدريس الاجماع عليه وتدل عليه الأخبار المذكورة وما رواه الكليني عن ابن أبي يعفور في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
بال ثم توضأ وقام إلى الصلاة فوجد بللا قال لا يتوضأ انما ذلك من الحبائل وتدل عليه أيضا صحيحة زيد الشحام وزرارة ومحمد بن مسلم وحسنة زرارة السابقة
في مبحث أسباب الوضوء ولابد من تقييد اطلاق هذه الأخبار بالاخبار السابقة جمعا بين الأدلة واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن عيسى قال كتب إليه
رجل هل يجب الوضوء مما خرج من الذكر بعد الاستبراء فكتب نعم فلا يصلح لمعارضة الأخبار السابقة فيحمل على الاستحباب إذ لفظ الوجوب في الاخبار
غير صريح في المصطلح عليه بين الأصوليين وحمله الشيخ في الاستبصار على التقية لموافقته لمذهب أكثر العامة واستضعف في المنتهى بجهالة المكتوب
إليه وضعف المكاتبة واما الحكم الثاني وهو انتقاض الوضوء بالخارج قبل الاستبراء فالظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ونقل ابن إدريس الاجماع عليه
20

ولعل مستنده مفهومات الأخبار السابقة مضافا إلى قوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان السابقة في مبحث نواقض الوضوء والودي فمنه الوضوء لأنه
يخرج من دريرة البول فلابد من تخصيصه بصورة عدم الاستبراء جمعا بين الأدلة والمفهومات المذكورة وان لم تكن صريحة في المدعى إذ يمكن ان يكون
المراد منها الاستحباب لكنها توجب تقوية الخير السابق وتعضده أيضا الشهرة بين الأصحاب والاجماع المنقول وعدم ظهور الخلاف وتوقف اليقين بالبراءة
من التكليف الثابت عليه إذ قد ثبت اشتراط صحة الصلاة بالوضوء من الحدث لقوله عليه السلام لا صلاة الا بطهور إذ المراد بالطهور طهور غير مرتفع بالحدث وحصوله
في محل البحث مشكوك والشك في الشرط يستلزم الشك في المشروط ثم الظاهر عدم الفرق بين كونه موجبا للوضوء ووجوب غسل الموضع وانه في حكم البول كما
صرح به جماعة من الأصحاب ويدل عليه التعليل المذكور في خبر ابن سنان والظاهر أنه لا خلاف فيه بينهم وإن كان المصرح به في كلام كثير منهم هو الأول الثاني
الاستبراء ثابت للذكر اجماعا وأثبته جماعة للأنثى فتستبرئ عرضا ونفاه المصنف استنادا إلى الأصل فلا حكم للخارج المشتبه منها للأصل وللتأمل فيه وجه الثالث
ذكر المصنف في التذكرة والشهيد في الذكرى انه يستحب الصبر هنيئة قبل الاستبراء ومستنده غير معلوم بل اللائح من بعض الأخبار خلافه فقد روى الشيخ عن جميل بن
دراج في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا انقطعت درة البول فصب الماء وعن داود الصرمي في القوى قال رأيت أبا الحسن عليه السلام الثالث عليه السلام غير مرة يبول ويصب الماء
من ساعة والدعاء دخولا وخروجا وعند الاستنجاء وهو استفعال من النجو وهو الحدث الخارج والمراد به غسل الموضع أو مسحه كما نص عليه أئمة اللغة وعند
الفراغ منه
روى الكليني والشيخ عنه عن معاوية بن عمار باسناد فيه توقف قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا دخلت المخرج فقل بسم الله اللهم إني
أعوذ بك من الخبيث المخبث الرجس النجس الشيطان الرجيم وإذا خرجت فقل بسم الله والحمد لله الذي عافاني من الخبيث المخبث وأماط عني الأذى وإذا توضأت
فقل اشهد ان لا إله إلا الله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وروى الشيخ عن عبد الله بن ميمون القداح في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام
عن ابائه عن علي عليهم السلام انه كان إذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذي رزقني لذته وابقى قوته في جسدي واخرج عني اذاه يا لها نعمة ثلثا وعن الصادق
قال قال النبي صلى الله عليه وآله إذا انكشف أحدكم لبول أو غير ذلك فليقل بسم الله فان الشيطان يغض بصره قال الصدوق في الفقيه كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد دخول
المتوضي قال اللهم إني أعوذ بك من الرجس النجس الخبيث المخبث الشيطان الرجيم اللهم أمط عني الأذى وأعذني من الشيطان الرجيم وإذا استوى جالسا للوضوء
قال اللهم اذهب عني القذى والأذى واجعلني من المطهرين وإذا تزجر تزجر قال اللهم كما (؟؟؟) هنيئا طيبا في عافية فاخرج مني خبيثا في عافية وكان عليه السلام يقول ما
من عبد الا وبه ملك موكل يلوى عنقه حتى يظهر إلى حدثه ثم يقول له الملك يا ابن ادم هذا رزقك فانظر من أين أخذته والى ما صار فعند ذلك ينبغي للعبد إذ
يقول اللهم ارزقني الحلال وجنبني الحرام قال الصدوق وكان عليه السلام يثني؟؟ عليا عليه السلام إذا دخل الخلاء ويقول الحمد لله الحافظ المؤدي فإذا خرج مسح بطنه وقال الحمد لله الذي
اخرج عني اذاه وابقى في قوته فيالها من نعمة لا يقدر القادرون قدرها وكان الصادق عليه السلام إذا دخل الخلاء يقنع رأسه ويقول في نفسه بسم الله وبالله ولا إله إلا الله
رب اخرج مني الأذى سرحا بغير حساب واجعلني لك من الشاكرين فيما تصرفه عنه من الأذى والغم الذي لو حبسته عني لهلكت لك الحمد اعصمني من شر هذه البقعة
واخرجني منها سالما وحل بيني وبين طاعة الشيطان الرجيم
ويستحب الجمع بين الماء والأحجار لما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد في الصحيح عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي
عبد الله عليه السلام قال جرت السنة في الاستنجاء بثلاثة أحجار ابكار وتتبع بالماء ويستحب ارتياد المكان المناسب لما روى الشيخ عن سليمان الجعفري قال بت مع الرضا عليه لسلام في
سفح حبل فلما كان اخر الليل قام فتنحى وصار على موضع مرتفع فبال وتوضأ وقال من فقه الرجل ان يرتاد لموضع بوله وبسط سراويله فقام عليه وصلى صلاة
الليل ولبعض الروايات الآتية وذكر جماعة من الأصحاب استحباب الاستتار واستحباب تأخير كشف العورة حتى يدنوا (؟؟) الأرض والاعتماد في الجلوس على
الرجل اليسرى واحتجوا على الأول والثاني بالتأسي وعلى الثالث بتعليم النبي صلى الله عليه وآله أصحابه ذلك وذكر المفيد استحباب الابتداء في الاستنجاء بمخرج الغائط ويدل عليه
موثقة عمار الساباطي ويكره الجلوس في الشوارع جمع شارع وهو الطريق الأعظم كما قاله الجوهري ولعل المراد هنا أعم والمذكور في الرواية الطرق النافذة والمشارع
جمع مشرعة وهي موارد المياه كشطوط الأنهار ورؤس الأبار والمذكور في بعض الروايات شطوط الأنهار وفي بعضها شفير بئر ماء يستعذب منها أو نهر يستعذب وفيئ
النزال اي منازلهم كما في الرواية وتحت الأشجار المثمرة وهذا في المملوك والمباح واما ملك النير فلا يجوز بغير اذنه وقال الشارح الفاضل وهي ما من شأنها الثمر
وان لم تكن مثمرة بالفعل لاطلاق الخبر ولان بقاء المعنى المشتق منه غير شرط في صدق المشتق عندنا وفيه نظر لأن اطلاق الرواية بحيث يشمل ما ذكره ممنوع
فان في بعضها مساقط الأثمار وفي بعضها تحت الأشجار المثمرة وفي بعضها تحت شجرة فيها ثمرتها وشمولها لما لم يكن فيه بالفعل ممنوع ولو لم يشترط بقاء المشتق
منه في صدق المشتق يلزم صدق المثمرة على ما أثمر في وقت لا على ما من شانه ذلك كما لا يخفى وقال الصدوق لا يجوز التغوط في فيئ النزال وتحت الأشجار
المثمرة والعلة في ذلك ما قاله أبو جعفر الباقر عليه السلام ان لله تبارك وتعالى ملائكة وكلهم بنبات الأرض من الشجر والنخل فليس من شجرة ونخلة الا ومعها من الله عز وجل
ملك يحفظها وما كان فيها ولولا أن معها من يحفظها لاكلها السباع وهو أم الأرض إذا كان فيها أثمرتها وانما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يضرب أحد من المسلمين
خلاء تحت شجرة أو نخلة وقد أثمرت لمكان الملائكة الموكلين بها قال ولذلك يكون الشجرة والنخل انسا إذا كان فيه حمله لان الملائكة تحضره وفي هذا الخبر دلالة على
اختصاص الحكم بوجود الثمرة ولعله أراد بعدم الجواز المعنى الشامل للكراهة ومواضع اللعن وفسر في بعض الروايات عن علي بن الحسين عليه السلام بأبواب الدور واستقبال
جرم النيرين الشمس والقمر لا جهتهما لما روى من نهى النبي صلى الله عليه وآله واحتمل الشهيدان كراهة استدبارهما معللا بالمساواة في الاحترام وحكم المصنف في النهاية بنفي كراهة
الاستدبار ورواية السكوني والكاهلي يختصان بالاستقبال في البول والأصحاب عمموا الحكم بالنسبة إلى الحدثين ذكر ابن بابويه في الفقيه وسئل الحسن بن
علي عليهما السلام ما حدا الغائط قال لا تستقبل القبلة ولا تستدبرها ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها وفي خبر اخر لا تستقبل الهلال ولا تستدبرها وقال المفيد في المقنعة لا يجوز لاحد ان يستقبل
بفرجه قرصي الشمس والقمر في بول ولا غائط وظاهره التحريم والريح بالبول الأنسب تعليقة بالأخير ليوافق المشهور وما صرح به في غير هذا الكتاب والأكثر خصوا ذلك
بالبول والاستقبال ومستند هذا الحكم مرسلة ابن أبي عمير قال سئل الحسن بن علي عليه السلام ما حد الغائط قال لا تستقبل القبلة ولا تستدبر (؟؟؟) ولا تستقبل الريح ولا تستدبرها
وليس في هذه الرواية تعرض للبول فلا يناسب المدعى وقد تنبه بذلك الشهيد رحمه الله فأطلق من غير تخصيص بالبول ووجه الاحتجاج بعضهم بان المراد من الغائط
التخلي وهو غير بعيد والرواية تضمنت الاستدبار أيضا ولم يذكره الأكثر والمتجه عدم الفرق بناء على العمل بهذه الرواية وبه حكم الشهيد رحمه الله والبول في الصلبة و
ما في معناها مما هو مظنة العود وللتوقي عن النجاسة والتاسي بالنبي صلى الله عليه وآله لما روى في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان النبي صلى الله عليه وآله أشد الناس توفيا من البول كأنه إذا
أراد البول تعمد إلى مكان مرتفع من الأرض أو إلى مكان من الأمكنة فيه التراب الكثير كراهة ان ينضح عليه البول وفي ثقوب الحيوان لما روى من نهى النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك
21

ولأنه لا يؤمن من حيان يلسعه كما اتفق لسعد ابن عبادة وقيل إنها مساكن الجن
وفي الماء جاريا وراكدا الا ان الكراهة في الراكد أشد على المشهور ونقل عن ظاهر علي
بن بابويه في رسالته نفي الكراهة في الجاري احتجوا بما رواه الشيخ عن الحسين عن بعض أصحابه عن مسمع عنه عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام انه نهى ان يبول الرجل في
الماء الجاري الا من ضرورة وقال إن للماء أهلا قال في المعتبر لا تنافي بين الروايتين لان الجواز لا ينافي الكراهة ولا يخفي ان ظاهر الرواية نفي الكراهة في الماء الجاري
وكذلك ما رواه الشيخ عن سماعة باسناد لا يبعد ان يعد من الموثق قال سألته عن الماء الجاري يبال فيه قال لا باس وعن ابن بكير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام
قال لا باس بالبول في الماء الجاري وعن عنبسة بن مصعب في الضعيف قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يبول في الماء الجاري قال لا باس إذا كان الماء جاريا ورواية مسمع
ضعيف لا تصلح لمعارضة تلك الأخبار وروى الصدوق في العلل حديثا صحيح الاسناد يدل على المنع من البول في الماء النقيع ثم اعلم أن المذكور في الروايات
البول وبعض الأصحاب اقتصر على موضع الرواية وبعضهم سوى بينه وبين الغائط وذكر بعضهم ان ثبوت الكراهة في البول يقتضي ثبوتها في الغائط بطريق أولي
وضعفه ظاهر ويكره أيضا البول قائما لما روى الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال من تخلى على قبر أو بال قائما أو بال في ماء قائما أو مشى في حذاء واحد
أو شرب قائما أو خلا في بيت وحده وبات على غمر فأصابه شئ من الشيطان لم يدعه الا ان يشاء الله وأسرع ما يكون الشيطان إلى الانسان وهو على بعض هذه
الحالات فان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج في سرية فاتى وادى مخبة فنادى أصحابه الا ليأخذ كل رجل منكم بيد صاحبه ولا يدخلن رجل وحده ولا يمضي رجل وحده قال
فتقدم رجل وحده فانتهى إليه وقد صرع فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وآله فاخذه بإبهامه فغمزها ثم قال بسم الله اخرج حيث اتى رسول الله صلى الله عليه وآله فقام الغمر بالتحريك الدسم
(؟؟؟) من اللحم قال ابن الأثير وغيره لغير ذلك من الاخبار ويكره التطميح بالبول لما روى الصدوق عن النبي صلى الله عليه وآله مرسلا انه نهى ان يطمح الرجل ببوله في الهواء من السطح
أو من شئ المرتفع ولرواية مسمع والسكوني وذكر الشيخ وبعض الأصحاب انه يكره الجلوس في أفنية الدور ولم اطلع على مستند له بل الموجود في بعض الروايات
أفنية المساجد قيل وربما لاح من كلام بعض المتأخرين الاستناد في التعميم إلى رواية عامية واختلف كلام أهل اللغة في تفسير الفناء فقال الجوهري فناء الدار
ما امتد من جوانبها وفي النهاية والقاموس انها المتسع امام الدار ومن الأصحاب من فسره بما قال الجوهري ثم قال المراد منه هنا حريم الدار خارج المملوك منها
والأكل والشرب هذا الحكم مشهور بين الأصحاب واحتج عليه في المعتبر بأنه يتضمن الاستقذار الدال على مهانة النفس واحتج عليه أيضا في المنتهى بما روى الصدوق في
الفقيه مرسلا قال دخل أبو جعفر الباقر عليه السلام الخلاء فوجد لقمة خبز في القدر فأخذها وغسلها ودفعها إلى مملوك معه فقال يكون معك كلها إذا خرجت فلما
خرج عليه السلام قال أين اللقمة قال اكلتها يا ابن رسول الله فقال إنها ما استقرت في جوف أحد الا وجبت له الجنة فاذهب فأنت حر فاني أكره ان استخدم رجلا من أهل الجنة
وذلك لان تأخيره عليه السلام مع ما فيه من الثواب العظيم وتعليقه على الخروج يدل على مرجوحية الاكل وليس في الرواية تعرض لحال الشرب والحق به واحتج عليهم بعضهم
بالاشتراك في المعنى وفيه ما فيه والسواك لما روى الشيخ عن الحسن بن أشيم قال اكل الأشنان يذيب البدن والتدلك بالخزف يبلي الجسد والسوالك في الخلاء
يورث البخر
والاستنجاء باليمين لما روى من قوله عليه السلام انه من الجفاء وروى الشيخ نهى النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك وروى عن أبي جعفر عليه السلام إذا بال الرجل فلا يمس ذكره بيمينه
وذكر بعض الأصحاب انه يكره الاستجمار باليمين أيضا واحتج بان النبي صلى الله عليه وآله كانت يمناه لطهوره وطعامه ويسراه لخلائه وما كان من اذى وباليسار فيها خاتم
عليه اسم الله تعالى وأنبيائه وأئمته عليهم السلام والمراد باسم الأنبياء والأئمة عليهم السلام ما قصد به أحدهم لا ما قصد به اسم موافق لاسمهم والرواية مخصوصة
باسم الله تعالى والحق به اسم الأنبياء والأئمة للتعظيم وكره بعضهم استصحاب ذلك في الخلاء مطلقا قال الصدوق ولا يجوز للرجل ان يدخل إلى الخلاء ومعه خاتم عليه
اسم الله أو مصحف فيه القران وروى الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لا يمس الجنب درهما ولا دينارا عليه اسم الله إلى أن
قال ولا يدخل المخرج وهو عليه وعن أبي القاسم في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال قلت له الرجل يريد الخلاء وعليه خاتم فيها فيه اسم الله تعالى قال ما أحب ذلك
قال فيكون اسم محمد قال لا باس ويكره استصحاب دراهم بيض غير مصرورة لرواية غياث عن الصادق عليه السلام ويكره الاستنجاء وعلى يده خاتم فضة من أحجار زمرد
قال لا باس به ولكن إذا أراد الاستنجاء نزعه ورواه الكليني وفي فسخ الكافي زمرد بدل زمزم قال في الذكرى وسمعناه يعني الزمرد مذاكرة وأورد على الرواية
الأولى ان زمزم من المسجد فلا يجوز اخذ الحصى منه وأجيب باستثنائه بالنص وبان الحكم مبني على الوقوع فلا يلزم جوازه واستبعد بعضهم الوجهين سيما
الأول بناء على أن مثل هذا النص لا تكفي لتخصيص ما وقع الاتفاق عليه من تحريم اخذ الحصى من المسجد ووجهه بما يخرج من البئر على وجه الاصلاح ويكره طول
الجلوس على الخلاء وروى أنه يورث الباسور والكلام لرواية صفوان وقال ابن بابويه ولا يجوز الكلام على الخلاء لنهي النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك وروى أن من تكلم
على الخلاء لم يقض حاجته بغير الذكر ويدل عليه ما رواه الكليني عن أبي حمزة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال مكتوب في التورية التي لم تغير ان موسى سال ربه فقال
إلهي انه يأتي على مجالس أعزك واجلك ان أذكرك فيها فقال يا موسى ان ذكري حسن على كل حال والحاجة لانتفاء الحرج والتقييد بالحاجة يخرج ما لو حصل
الغرض بغير الكلام كالتصفيق وشبهه وآية الكرسي لما رواه الصدوق عن عمر بن يزيد في الصحيح وقد سأله عن التسبيح في المخرج وقراءة القرآن لم يرخص في
الكنيف أكثر من أية الكرسي ويحمد الله أو أية الحمد لله رب العالمين واستثنى حكاية الاذان أيضا لما رواه الصدوق في الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لمحمد بن
مسلم يا ابن مسلم لا تدعن ذكر الله على كل حال ولو سمعت المنادي ينادي بالاذان وأنت على الخلاء فاذكر الله عز وجل قل كما يقول وهذه الرواية مذكورة
في كتاب علل الشرايع بطريق صحيح واما طريقها في الفقيه فلا يعد من الصحاح عند الأكثر لان في طريق الصدوق إلى محمد بن مسلم أولاد البرقي ولم يوثقوهم
في كتب الرجال ولكن التحقيق عندي يقتضي الحاقه بالصحاح لان الصدوق صرح في أول كتابه بأن جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول فالظاهر أن
نقل الرواية المذكورة من كتاب أحمد بن أبي عبد الله البرقي إذ ليس للمتأخر عنه كتاب وتلك الكتب كانت معروفة عندهم وذكر الوسائط ومشايخ الإجازة
رعاية لاتصال السند فلا يضر عدم ثقتهم ومن هذا القبيل ذكر أولاد احمد في الطريق ويعضد هذه الرواية غيرها مما يدل على مدلولها كرواية أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن سمعت الاذان وأنت على الخلاء فقل مثل ما يقول المؤذن ولا تدع ذكر الله عز وجل في تلك الحال لان ذكر الله حسن على كل حال
وعن سليمان بن مقبل المذي قال قلت لأبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام لأي علة يستحب للانسان إذا سمع الاذان أن يقول كما يقول المؤذن وإن كان على
البول أو الغائط قال لان ذلك يزيد في الرزق وبهذا ظهر ضعف ما ذكره الشارح الفاضل من استثناء الحيعلات من حكاية الاذان بناء على أنه ليس بذكر و
عدم النص عليه بالخصوص واستثنى من الكلام رد السلام لعموم الامر به واستثني المصنف الحمد عند العطسة وتسميت العاطس محتجا بكونهما ذكرا
وتجب في الوضوء
النية نقل جماعة من الأصحاب الاجماع على وجوب النية في الوضوء كالشيخ في الخلاف والمصنف في التذكرة وابن زهرة في النهاية والغنية قال في المعتبر انه مذهب الثلاثة واتباعهم
22

وابن الجنيد ثم قال لم اعرف لقدمائنا نصا على التعيين ونقل الشهيد في الذكرى عن ابن الجنيد القول باستحبابها والقول بأنه لو غربت عنه النية
قبل ابتداء الطهارة ثم اعتقد ذلك وهو في عملها أجزأه ذلك وعن الجعفي القول بأنه لا باس ان تقدمت النية العمل أو كان معه وهي لغة مطلق العزم و
إما شرعا فقد اختلف عبارات الأصحاب وأقاويلهم في القدر الواجب منها فالمفيد في المقنعة والشيخ في النهاية اكتفيا بالقربة وهو المحكي عن المحقق في
بعض رسائله وفي المبسوط ذكر نية الرفع أو استباحة مشروط بالطهارة ولم يذكر القربة قال الشهيد والظاهر أنه تركها لظهورها والمحقق في المعتبر صرح بالقربة
واحد الامرين وعدم اشتراط الوجوب أو الندب واختاره في الشرايع القربة والوجوب أو الندب مع عدم اشتراط
أحد الامرين المذكورين وابن زهرة في الغنية جمع بين الأربعة وبين الطاعة واختار
الشهيد القربة والوجوب أو الندب واحد الامرين والمصنف في القواعد ذكر القربة واحد الامرين والوجوب والندب أو جهتهما وهنا أقوال أخر نقلها الشهيد
في الذكرى
الأول الاستباحة قال إنه يلوح من كلام المرتضى الثاني الجمع بين القربة والوجه والرفع والاستباحة ونسبه إلى أبي الصلاح وابن البراج وابن
حمزة والراوندي الثالث الوجوب أو وجهه إن كان واجبا أو الندب والرفع والاستباحة ذكر انه مستفاد من تفاريق كلام ابن إدريس قال إنه لم يذكر
القربة وادعى الاجماع على وجوب نية الرفع والاستباحة الرابع اطلاق النية ونسبه إلى الجعفي وسلار واعلم أنه ثبت بالأدلة الكثيرة تحريم الرياء في
العبادات وايجاب ان يكون الفعل لله وهذا يقتضي أن تكون العلة الغائية للفعل هو إرادة التقرب إلى الله سبحانه بأحد المعنيين أعني موافقة ارادته
أو طلب الرفعة ونيل الثواب عنده بمعنى انه كلما ذكر الفعل في أثنائه كان معتقدا ان الغرض منه التقرب فان ثبت اجماع على وجوب أمر زائد على ذلك كان
هو المعتمد والا كان للتأمل مجال قال صاحب البشرى على ما حكى عنه الشهيد رحمه الله في الذكرى لم اعرف نقلا متواترا ولا آحاد أيقتضي القصد إلى رفع
الحدث والاستباحة لكن علمنا يقينا انه لابد من نية القربة والا كان هذا من باب اسكتوا عما سكت الله عنه والظاهر أن من ذكر النية من القدماء وأطلق
لم يقصد سوى ما ذكرنا وأكثرهم لم يذكروها وكأنهم أغناهم التشديد العظيم الواقع في الشريعة في تحريم الريا وايجاب ان يكون الطاعات لله عن ذكرها
بخصوصها ولعل لهذه العلة لم يقع حديث النية في شئ من الأخبار الواردة في بيان حقائق الوضوء والصلاة وغيرهما خصوصا في مواقع التعليم
والبيان مع عموم البلوى بها وشدة الاحتياج إليها وغاية اشفاقهم على شيعتهم ومن هنا يظهر ان أمر النية هين مسامح فيه لا يجري فيها التدقيقات التي
ذكرها المتأخرون حتى استصعب على رهط من الناس فوقعوا في الشدة والوسواس على خلاف ما عهد من سنن الأئمة وطريقه كبراء القوم وعظماء الأسلاف
ومن هنا قال بعض الفضلاء لو (؟؟؟) العباد بغير نية كان تكليفا بما لا يطاق واقترب من الحق نعم الامر المهم اخلاص العمل وتصفيتها عن شوب الرياء
الذي هو اخفى من دبيب النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء وتخليصها عن الأغراض الفاسدة والدواعي الباطلة وهو مرتبة مستصعبة
لا ينال أقصاها الا الأنبياء والأولياء والصديقون وكانه إشارة إليه ما روى عن كلام مولينا أمير المؤمنين عليه السلام تخليص العمل من الفساد أشد من طول الجهاد
وتتفاوت درجات المريدين في نيل هذه البغية ودرك هذا المطلب وانما يحصل الترقي على مراقيه العالية والصعود على مراتبه السامية بسبب كثرة الرياضات
الشرعية وقوة المجاهدات العقلية وتطويع القوى للقوى العاقلة وكسر الدواعي البدنية والتزهد في الدنيا البائدة الهامدة وخط الأغراض الزائلة الفاسدة
والتحلي بحلية الصالحين واقتفاء اثار المتقين جعلنا الله وإياكم من الواصلين إلى هذه الدرجة الفائزين بنيل هذه البغية فإنها من أعاظم مطالب
الطالبين ثم اعلم أنهم استدلوا على وجوب النية بقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين الآية وفيه نظر سيظهر وبقوله عليه السلام انما الأعمال بالنيات
بناء على أن الظاهر من الحصر انتفاء حقيقة العمل عند انتفاء النية وحيث تعذر العمل على هذا نحمله على أقرب المعاني إليه وهو نفي الصحة والمشروعية وفيه
نظر لان الأعمال أعم من العبادات بحسب اللغة والعرف ولم يثبت هنا حقيقة شرعية توجب حملها عليها أو توجب التشكيك في حملها على المعنى اللغوي فيجب
حملها على المعنى اللغوي وحينئذ لو حمل الحصر على نفي الصحة بدون النية يلزم التخصيص واخراج غير العبادات فيجب الحمل على نفي الثواب بدونها حتى لا يلزم ذلك
ومقاومة قرب المجاز اللازم في الأول اللازم في الثاني ممنوعة ولو نوقش في لزوم حمل الأعمال على المعنى اللغوي كانت غاية الأمر الشك في مدلوله فلم يبق
وثوق في الحمل على نفي الصحة في مقام الاستدلال
على أن الخبر غير صريح في الدلالة على وجوب النية بالمعنى المصطلح لما فيه من الاجمال وقريب منه الاستدلال
بحديث لا عمل الا بنية وانما لكل امرئ ما نوى بل هو اخفى دلالة على المطلوب وهي عند المصنف إرادة الفعل فبدون الإرادة لا يكون ناويا بل إن صدر
الفعل كان على سبيل السهو والنسيان لوجوبه أو ندبه وقال في القواعد وان بوقعه لوجوبه أو ندبه أو لوجههما والمراد بالوجه الغاية التي لأجلها كان ذلك الحكم وهو كونه لطفا في التكاليف العقلية
أو كونه اخلالا بالمفسدة الحاصلة في الترك وعند أبي القاسم البلخي من المعتزلة كونه شكرا لنعم الله تعالى وعند الأشعرية ان الاحكام انما شرعت لمجرد
الأمر والنهي لا لأجل غاية أخرى بناء على نفي قاعدة التحسين والتقبيح العقليين ونفي الغرض عن أفعاله تعالى ثم الظاهر أن هذا الحكم من المصنف مبنى على ما ذكره
في كتبه الكلامية وفاقا للمحقق الطوسي وغيره ممن يذهب مذهب العدل انه يشترط في استحقاق الثواب على فعل الواجب ان يوقع لوجوبه أو لوجه وجوبه
والمندوب كذلك لا للذة أو عادة أو غيرهما والظاهر من كلام المصنف انه وجب عليه الجمع بين غاية التقرب والوجوب التعليلي فلو فعله لوجوبه من غير ملاحظة
التقرب أو فعله متقربا من غير أن يكون الوجوب علة للفعل وان لاحظ اتصافه بالوجوب لم يكف ومن هنا يظهر ان القائلين باشتراط نية الوجوب أو الندب
منهم من يكتفي بقصد أحدهما من غير ملاحظة تعليل الفعل به كما هو ظاهر الأكثر ومنهم من لم يكتف بذلك بل الشهيد رحمه الله في الدروس جمع بين الوجوب
الوصفي والتعليلي في نية الصلاة وقد ينقل عن الشهيد رحمه الله ان ذكر الوجوب هنا لاخراج عبادة وفيه ان القربة كاف لاخراج الرياء ومما استدل
به على اشتراط نية الوجوب أو الندب وجهان الأول ان ايقاع الفعل على وجهه واجب لا يتم الا بذلك ورد بأنه ان أريد بوجوب ايقاع الفعل على وجهه ايقاعه على الوجه المأمور به شرعا فمسلم لكن كون النية المذكورة مما يعتبر
شرعا أول البحث وان أريد به ايقاعه مع قصد وجهه الذي هو الوجوب أو الندب فممنوع وهل هو الا مصادرة الثاني ان الوضوء يقع تارة على وجه الوجوب
وتارة على وجه الندب فحيث كان أحد الامرين مطلوبا اشتراط تشخيصه بأحد الامرين ليتميز عن مقابله وفيه ان اجتماع القسمين في زمان واحد ممنوع
على أن التميز لا يتوقف على ما ذكرتم لجواز حصوله بالغاية واستدل نا في الاشتراط بمفهوم الحصر في قوله
تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله الآية فلو زيد عليه لكان
نسخا لمنافاة الزيادة له واستضعف بمنع ان مطلق الزيادة مناف للاخلاص والحصر بل انما ينافيهما ما ينافي الاخلاص والأولى التمسك بأصل الإباحة
واطلاق الآية قال المحقق في بعض تحقيقاته الذي ظهر لي ان نية الوجوب والندب ليست شرطا في صحة الطهارة وانما يفتقر الوضوء إلى نية القربة وهو
اختيار الشيخ أبي جعفر الطوسي رحمه الله في النهاية فان الاخلال بنية الوجوب ليس مؤثرا في بطلانه ولا اضافتها مضرة ولو كانت غير مطابقة لحال الوضوء في
23

وجوبه وندبه وما يقول المتكلمون من أن الإرادة تؤثر في حسن الفعل وقبحه فإذا نوى الوجوب والوضوء مندوب فقد قصد ايقاع الفعل على غير وجهه
كلام شعري ولو كان له حقيقة لكان الناوي مخطئا في نيته ولم تكن البينة مخرجة للوضوء عن التقرب به انتهى كلامه وهو حسن
متقربا إلى الله تعالى والمراد به موافقة إرادة الله
تعالى وامتثال امره أو نيل الثواب عنده تشبيها لرفعة الشأن بقرب المكان ولا ريب في اجزاء الأول وكونه أفضل من الثاني لكونه أقرب إلى درجة الاخلاص وأنسب
بمقام العبودية وعليه مدائح كثيرة في الكتاب والسنة واما الثاني وهو طلب الثواب وفي حكمه الخوف من العقاب فقد نقل الشهيد رحمه الله في قواعده عن الأصحاب
القول ببطلان العبادة بهاتين الغايتين وبه قطع السيد رضي الدين ابن طاوس ثم اختار الشهيد في القواعد وفي الذكرى الصحة محتجا بان قصد الثواب لا يخرج عن ابتغاء
الله بالعمل لان الثواب لما كان من عند الله فمبتغيه مبتغ لوجه الله في الجملة ولا يقدح كون تلك الغاية باعثة على العبادة لان الكتاب والسنة مشتملة على المرهبات
والايعاد بالعقوبات وعلى المرغبات من المدح والثناء في العاجل والجنة ونعيمها في الاجل قال رحمه الله ولو قصد المكلف الطاعة لله تعالى وابتغاء وجهه كان كافيا و
يكفي عن الجميع قصد الله سبحانه هذا ما افاده رحمه الله ويدل على اجزاء العبادة بهما كثير من الظواهر كقوله تعالى يدعون ربهم خوفا وطعما ويدعوننا رغبا ورهبا
وقوله تعالى رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وأقام الصلاة وايتاء الزكاة يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والابصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا
واستدل بعضهم في ذلك إلى قوله تعالى يا أيها الذين امنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون اي راجين للفلاح أو لكي تفلحوا
قاله الطبرسي وللتأمل فيه مجال ومما يؤيد اجزاء الصلاة ما روى عنهم عليهم السلام من بلغة ثواب من الله على عمل فعمله التماس ذلك الثواب أؤتيه وان لم يكن الحديث
كما بلغه وغير ذلك مما يدل على المدح بالاعمال خوفا ورجاء في الأخبار الكثيرة بل يستفاد ذلك من الترغيبات والترهيبات المشتمل عليها الكتاب والسنة ويؤيد
ذلك صعوبة الخلاص من ذلك خصوصا بالنسبة إلى العوام ومن قصرت درجته عن منازل الكاملين فتكليفهم بمثل هذه المرتبة التي لا يصل إليها إلا أخلص العارفين بعيد نعم بين هذه المرتبة والمرتبة السابقة بون
بعيد وأشار الصادق عليه السلام إلى تفاوت درجات العباد فيما روى عنه هارون بن خارجه في الحسن قال إن العباد ثلثة قوم عبدوا الله عز وجل خوفا فتلك عبادة
العبيد وقوم عبدوا الله تبارك وتعالى طلب الثواب فتلك عبادة الاجراء وقوم عبدوا الله عز وجل حباله قتلك عبادة الأحرار وهي أفضل العبادة
وهذا يدل على اجزاء غيرها وبالجملة الظاهر أن المكلف إذا اتى بالفعل لله من غير قصد اخر أو امتثالا لأمر ما وموافقة لإرادته أو لكونه أهلا للعبادة أو
حباله أو انقيادا أو إجابة لدعوته أو ابتغاء لمرضاته إلى غير ذلك كان مجزيا وانما اثر الأصحاب لفظ القربة مع غموض معناها اقتفاء لوقوعها كثير في الألفاظ
الشرعية كقوله تعالى الا انها قرية لهم وقوله تعالى ويتخذ ما ينفق قربات وقوله عليه السلام أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد ثم لا يخفى ان الأقرب في الاستدلال على وجوب
القربة بالاخبار الدالة على تحريم الرياء في العبادات مطلقا وايجاب ان يكون الأعمال لله واما الاستدلال عليه بقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله الآية
بأنه حصر فيها غاية كل أمر في العبادة حال الاخلاص ولو حصل الامتثال بدون الاخلاص لم تكن الغاية منحصرة فيه والضمير وإن كان لأهل الكتاب لكن يثبت حكمه
في حقنا قوله تعالى بعد ذلك وذلك دين القيمة اي المستمرة على جهة الصواب على ما قاله الإمام الطبرسي فللتأمل فيه مجال إذ يجوز ان يكون المراد بالاخلاص تخصيص
العبادة بالله تعالى من دون غير من الألهة كقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الها واحدا لا اله الا هو سبحانه وتعالى عما يشركون وقوله تعالى قل انما أمرت ان أعبد
الله ولا أشرك به وقوله تعالى أمر ان لا تعبدوا الا إياه ذلك الدين القيم وما رواه الكليني عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل
حنيفا مسلما قال خالصا مخلصا ليس فيه شئ من عبادة الأوثان وأيضا ليس هنا حصر الغاية في مجرد العبادة في حال الاخلاص بل ضم إليه الصلاة والزكاة فلا يلزم
وجوب الاخلاص في عبادة وأيضا يجوز ان يكون المراد من الدين الملة أو يكون المراد الطاعة لكن يكون التعريف للعهد إشارة إلى الطاعة التي يتحقق به أصل الدين ويؤيده قوله تعالى وان
الدين عند الله الاسلام وقوله تعالى من يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه وعلى هذا لا يلزم الا وجوب الاخلاص في أصل الدين والملة لا في كل عبارة وكذا الاستدلال بقوله تعالى فادعوا الله مخلصين
له الدين لمنع ان المراد بالاخلاص فيه نية التقرب ومنع العموم في كل عبادة لان الامر لا يدل على التكرار وكذا قوله تعالى قل الله أعبد مخلصا له ديني بناء على وجوب
التأسي لما فيه من بعض المنوع السابقة على أن وجوب التأسي انما يكون عند العلم بوجه الوجوب واثباته هنا يحتاج إلى بيان وفي وجوب نية رفع الحدث
أو الاستباحة للصلاة أو شئ اخر مشروط بالوضوء قولان احتج النافي بالأصل والموجب بقوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا اي لأجل الصلاة فان ذلك
هو المفهوم منه لغة فإذا قيل إذا لقيت الأمير فخذا هبتك وإذا لقيت الأسد فخذ سلاحك يفهم منه طلب الاخذ لأجل لقاء الأمير والأسد ولا معنى لفعله
لأجل الصلاة الا نية استباحتها به وفيه بحث لان غاية ما يلزم مما ذكرتم ان يكون الوجوب لأجل الصلاة على أن يكون الظرف قيدا للوجوب لا وجوب الوضوء
لأجل الصلاة على أن يكون الظرف قيد ا للوضوء حتى إذا لم يصدر عنه الوضوء المعلل المغيى بكونه لأجل الصلاة لم يكن ممتثلا على أنه لو سلم ذلك لا يلزم منه
وجوب نية الاستباحة عند الفعل كما يدعونه ويرد عليه أيضا ان هذا الدليل لو تم لدل على وجوب نية الاستباحة تعيينا كما هو مذهب المرتضى
لا التخيير بينه وبين الرفع لان المستفاد من الآية وجوب نية الاستباحة كما ادعوا فإن كان ذلك ظاهرا في الوجوب العيني ثبت ما قلنا والا فلا خفاء في أن
القول بكون شئ قائما مقامه بدلا عنه يحتاج إلى دليل فإذا انتفى الدليل كان القول بتعين الاستباحة متعينا فاندفع ما
يقال في الجواب من أن الاستباحة
أحد الفردين الواجبين واحد افراد الواجب المخير يصدق عليه الوجوب بقول مطلق ثم نقول إما ان يكون نية الرفع يستلزم نية الاستباحة أم لا وعلى
الأول كان صحة النية باعتبار اشتماله على نية الاستباحة المطلوبة وكان ضم الرفع إليه لغوا عبثا لا عبرة به وعلى الثاني كانت النية غير صحيحة لعدم اشتمالها
على نية الاستباحة المطلوبة فلا معنى للتخيير فاندفع ما يقال في الجواب من أن نية الرفع يستلزم فيه الاستباحة ولا يحتاج دفعه إلى تكلف دفع الاستلزام البين كما ارتكبه الشارح الفاضل إذ الظاهر أن المراد يرفع الحدث رفع الحالة التي لا يصح معها الدخول
في الصلاة وغيرها من غايات الوضوء وهذا مستلزم للاستباحة لزوما بينا فان منعه مانع كان للقائل بالتخيير أن يقول إن مرادنا برفع الحدث هذا المعنى فلا
وجه لمنعه
وتجب استدامتها حكما إلى الفراغ بمعنى ان لا ينوى نية تنافي النية الأولى بان يقصد ابطال العمل أو ما يعلم أنه يبطل العمل أو يقصد ببعض
الأجزاء الرياء أو غاية أخرى غير التقريب وان رجع إلى النية الصحيحة قبل الاتيان بشئ من الافعال أو بعده مع عدم جفاف الأعضاء السابقة صح وضوءه وهذا
الحكم بناء على ما ذكرنا من أن الاخبار والاجماع دالان على وجوب ان يكون الفعل لله وأن يكون القصد منه التقريب فإذا نوى في الأثناء نية أخرى مخالفة للنية
الأولى لم يكن ما يأتي به بعد تليك النية لله تعالى ولم يقصد به التقريب إليه فلم يصدق ان مجموع العمل لله إما لو رجع إلى القصد الأول كان المجموع حاصلا بالغرض
الصحيح ولم يثبت ان تخلل هذه النية الفاسدة ضائر وقال ابن زهرة في الغنية الغرض الثالث استمرار حكم هذه النية إلى حين الفراغ من العبادة
وذلك بان يكون ذاكرا لها غير فاعل لنية تخالفها بالاجماع وفسر الشهيد الاستدامة الحكيمة في الذكرى بالبقاء على حكمها والعزم على مقتضاها استنادا
24

إلى أن مقتضى الدليل الاستدامة الفعلية لكن لما تعسر ذلك أو تعذر اكتفى بالاستدامة الحكمية دفعا للحرج ولعل مراده من العزم المذكور العزم
عليه كلما ذكر لا مطلقا ولكون هذا التقييد مذكورا في قواعده وتصريحه في الذكرى وغيره بأن غروب الاستدامة غير قادح في الصحة فلا يرد ان ما ذكره
يقتضى بطلان عبادة الذاهل في الأثناء وهو باطل اجماعا على أن الاجماع المذكور ممنوع والمستند ما سمعته من كلام ابن زهرة ولا ان الاستدامة المذكورة
هي بعينها الاستدامة الفعلية التي نفاها أو لا بل هي نفس النية إذ هي عبارة عن العزم المخصوص على أن المراد من العزم المذكور مجرد العزم على الفعل على الوجه
الذي قصد أولا من غير ملاحظة سائر الخصوصيات المعتبرة في النية وكان مراد الشهيد رحمه الله من الدليل الذي جعل مقتضاه الاستدامة الفعلية خبر انما الأعمال بالنيات
وفي دلالته على ذلك تأمل لأنه على تقدير تسليم ان المراد منه نفي الصحة بدون النية يجوز ان يكون المراد من الأعمال الأعمال المعهودة من الشارع كالصلاة
والحج وغيرهما والاجزاء غير داخلة في ذلك الا على سبيل التضمن والدلالة التضمنية ملغاة في أمثال هذه المواضع فغاية ما يلزم وجوب تلبس العمل
بالنية ومقارنته بها وهو لا يقتضي بقاءها إلى اخره فإنه غير مستفاد من الملابسة المفهومة من الباب الا ترى ان قوله عليه السلام لا صلاة الا بطهور ولا صلاة الا
بفاتحة الكتاب لا يقتضى الا ملابسة الصلاة بهما من غير استصحاب مستمر كما في قوله تعالى اقرا باسم ربك وقولهم بالرقاء والبنين فاورد عليه أيضا بان مقتضى
الدليل على تقدير تمامه الاستدامة الفعلية بقدر الامكان لعدم الدليل الدال على الاكتفاء بالاستدامة الحكمية حتى يقال إنه بدل مخصوص فلا ينتقل
إلى غيره ويمكن ان يقال قد دل الدليل على استمرار العزم مع باقي الخصوصيات وغير العزم منفي بالاجماع فيبقى العزم على المقتضى واجبا لكنه رحمه الله لم يتمسك بنفي ذلك
بل بنفي الحرج وفيه ما فيه ثم إنه رحمه الله نسب (؟؟) الذي ذكرنا أولا إلى الشيخ في المبسوط وكثير من الأصحاب ثم قال وكانه بناء منهم على أن الباقي مستغن عن المؤثر وقيل إنه
في رسالة الحج بنى كلا التفسيرين على أن الباقي هل هو محتاج إلى المؤثر أم لا وهو ضعف جدا فلو نوى المكلف بوضوءه التبرد خاصة من دون انضمام القربة وسائر
ما يعتبر في النية
أو ضم الرياء إلى التقرب بطل هذا وهو المشهور بين الأصحاب والمحكى عن ظاهر كلام السيد المرتضى القول باجزاء العبادة المنوي بها الرياء بمعنى سقوط
القضاء لا حصول الثواب وهو مبني على قاعدته من عدم الملازمة بين صحته الأعمال وقبولها فبالصحة يحصل الامتثال وبالقبول يستحق الثواب والاستدلال على
المشهور بقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله الآية ضعيف فإنه مع المنوع السابقة يرد عليه أيضا ان ليس المراد حصر غاية كل عبادة في العبادة حال الاخلاص والا
لم يصح عطف الصلاة والزكاة عليه بل المراد حصر غاية الجميع في ذلك وحينئذ يجوز ان يكون أصل العبادة غاية لبعض الأوامر والاخلاص غاية لبعضها فلا يلزم
اشتراط العبادة بالاخلاص مع امكان النزاع في كون ذلك إشارة إلى الحصر المذكور جوز أن تكون إشارة إلى العبادة في حال الاخلاص فلا يلزم الوجوب
في حقنا بخلاف ما لو ضم التبرد هذا الحكم مشهور بين الأصحاب لعدم منافاة الضميمة لنية القربة كنية الغازي القربة والغنيمة وقيل بالبطلان لمنافاته
الاخلاص المعتبر شرعا واثبات ذلك لا يخلو عن اشكال وقال الشهيد في قواعده يحتمل ان يقال إن كان الباعث الأصلي هو القرية ثم طرأ التبرد عند الابتداء في
الفعل لم يضر وإن كان الباعث الأصلي هو التبرد فلما اراده ضم القربة لم يجزو كذا إذا كان الباعث مجموع الامرين لأنه لا أولوية حينئذ فتدافعا وتساقطا
والظاهر أن نية القربة إن كانت غالبة فالمتجه الصحة والا فمحل اشكال هذا كله إذا لم تكن الضمير أمرا راجحا شرعا والا فالوجه الصحة مطلقا ومن هذا الباب
قصد الامام بتكبيرة الاحرام اعلام القوم وضم الصائم إلى الصوم نية الحمية وإرادة تأسي الغير به عند اظهار الخير ويقارن بها غسل اليدين المستحب
لأجل الوضوء على تفصيل يأتي من كون الغسل عن النوم أو البول أو الغائط لا من الريح ولا إذا كان مستحبا بسبب اخر كما إذا أراد الوضوء بعد الاكل أو واجبا
كما إذا كانت بخسة كذا ذكره بعض الأصحاب وهو مخصوص بغسل اليدين دون باقي المستحبات كالسواك والتسمية وادعى الشارح الاجماع عليه ويمكن القول بان
الغسل في الصورة الأخيرة الاجل الوضوء ويؤيده ما ورد من التعليل في النائم بأنه لا يدري أين باتت يده ومن كون الغسل من ماء قليل من اناء واسع الرأس وسيأتي
الكلام فيه واولى بالجواز تقديمها عند المضمضة والاستنشاق ونقل عن ابن إدريس انه جوز التقديم عند غسل
اليدين في الغسل دون الوضوء بل في
الوضوء ان يقارن المضمضة والاستنشاق حسب ومثل ذلك قال ابن زهرة تعليلا بأنها من مندوبات الوضوء وقال الشهيدان ذلك تحكم ونقل عن بعض أهل العلم
التوقف فيهما نظرا إلى أن مسمى الوضوء الحقيقي غيرهما وللقطع بالصحة إذا قارن غسل الوجه دون غيره ويمكن تأييده بأنه ثبت توقف صحة الوضوء على
نية ما وعند التقديم يحصل الشك في حصول الشرط فيجب الاخذ بالمتيقن وذلك بناء على أن التكليف إذا كان مرددا بين أمرين يجب الاخذ بما يحصل به اليقين
بالبراءة وقد حققناه في غير هذا الكتاب ويمكن دفعه بان القدر الثابت اشتراط الوضوء بنية شاملة للجميع ولم يثبت أكثر من ذلك فيكون تقييد اطلاق الآية
متقدرا بهذا القدر ومن هنا يظهر قولة القول بالتوسعة كما هو المشهور لكن الأحوط تأخير النية إلى ابتداء غسل الوجه وافراد المسنونات السابقة بنية
واما المستحبات الواقعة في أثناء الوضوء فلا يجب التعرض لها حال النية بل يكفي نية التقرب حال فعلها والمقارنة المذكورة على سبيل الجواز والسعة
لا الوجوب ويتضيق عند غسل الوجه والمراد ابتداءه إذ لو اخر عن ذلك لم يكن مجموع الفعل حاصلا بنية التقرب ولا متلبسا بالنية ويلوح مما نقلنا سابقا
عن الجعفي وابن الجنيد الخلاف في ذلك وغسل الوجه بما يسمى غسلا قال الشارع الفاضل هو في اللغة امرار الماء على وجه التنظيف والتحسين وإزالة الوسخ ونحوها
والمراد هنا ما يحصل معه الجريان على جميع اجزاء ما يجب غسله وأقله ان يجري جزء من الماء على جزئين من البشرة ولو بمعاون انتهى والأقرب تحديده بالعرف والظاهر أن
الغسل المأمور به في الوضوء لا يحصل بدون الجريان ويؤيده ما رواه الشيخ والكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر عليه السلام قال الجنب ما جرى
ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد اجزاه ويحدد الجريان بالعرف واما الروايات الدالة على اجزاء مثل الدهن مثل ما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن
مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم ورواه الكليني باسنادين أحدهما السند السابق عن أبي جعفر عليه السلام قال انما الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من
يطيعه ومن يعصيه وان المؤمن لا ينجسه شئ انما يكفيه مثل الدهن وما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول الغسل من
لجنابة والوضوء يجزى منه ما اجرى من الدهن الذي يبل الجسد ولولا في طريق هذه الرواية غياث بن كلوب لكانت من (؟؟؟) إما غياث فلم يوثقوه
في كتب الرجال ويظهر من كلام الشيخ في العدة انه عامي لكن الأصحاب يعلمون باخباره وما رواه الكليني باسناد فيه توقف عن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال
يأخذ أحدكم الرائحة من الدهن فيملا بها جسده والماء أوسع من ذلك وما رواه الشيخ عن زرارة في الموثق بابن بكير والحسن بن علي بن فضال قال سألت أبا جعفر
عليه السلام عن غسل الجنابة قال افض على رأسك ثلث اكف وعن يمينك وعن يسارك انما يكفيك مثل الدهن فقد حلمها الشهيد رحمه الله على الدهن الذي يحصل
معه الجريان توفيقا بينه وبين مفهوم الغسل ولان أهل اللغة يقولون دهن المطر الأرض إذا بلها بلا يسير أو يخدش الأخير ان حمل الدهن على هذا المعنى
25

بعيد بل الظاهر أن المراد من الدهن اطلاء الجسد بالدهن ويؤيده رواية محمد بن مسلم السابقة والتأويل الأول أيضا بعيد في هذه الرواية وحملها على الضرورة
أو عوز الماء على ما ذكره الشيخان أقرب ويؤيده ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال أسبغ الوضوء ان وحدت ماء والا فإنه يكفيك اليسير وعلى ما ذكر تحمل الروايات
الدالة على اجزاء القليل وان لم يكن بلفظ الدهن مثل ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام في الوضوء قال إذا مس جلدك الماء فحسبك
وما رواه الشيخ والكليني عن هارون بن حمزة الغنوي في القوى عن أبي عبد الله عليه السلام قال يجزيك من الغسل والاستنجاء ما بللت يدك وذكر الشارح ان التمثيل من بالغ في وصف
تقليل الغسل بالذهن مبنى على ضرب من المبالغة في جواز تقليل الجريان وربما يقال لا مانع من أن يكون ذلك على سبيل الحقيقة لوقوعه في الأخبار المعتبرة قال ابن إدريس وبعض أصحابنا
يذهب في كتاب له إلى اطلاق الدهن من غير تقييد للجريان والأقرب ارتكاب التأويل في تلك الأخبار كما ذكر وقوفا على ظاهر الآية
والأخبار الواردة بالغسل والصب والإفاضة وما دل على غرفة لكل عضو وبعضده عمل الأصحاب وتوقف اليقين بالبراءة من التكليف الثابت عليه وعلى كل
تقدير فلا ريب في كون الاسباغ أفضل لرواية الحلبي السابقة قال المصنف في التذكرة يستحب ان يزيد في ماء الوجه على باقي الأعضاء لما فيه من الغضون والشعور و
الدواخل والخوارج وقد روى علي عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يكثر فيه الماء وفيه أيضا انه يستحب مسح المافين بالإصبعين لإزالة الرمض لفعل النبي صلى الله عليه وآله قال في
الذكرى رواه من فعله أبو امامة ولم أره من طريقنا ولكنه حسن للاستظهار وهل يجب الدلك المشهور بين الأصحاب العدم لصدق الغسل بدونه وأوجبه ابن الجنيد
لاشتمال الوصول البياني عليه وهو موقوف على ثبوت ما يشتمل عليه الوضوء البياني وفيه كلام سيجيئ والأكثر منعوا من وجوب الدلك مع اعترافهم بوجوب ما اشتمل
عليه الوضوء البياني الا ما أخرجه الدليل حتى بنوا عليه احكاما وعلى المشهور غمس العضو في الماء بدون الدلك جائز وحكى عن السيد جمال الدين بن طاوس في البشرى
انه لم يجوز الغمس لأنه يستلزم الاستيناف بماء جديد في المسح وأورد عليه ان ذلك لا يسمى استينافا فاعرفا وهو المعتمد في أمثال ذلك ولو نوى عند اخر
ملاقاة الوضوء للماء كان أحوط وأقرب من التخلص عن هذه الشبهة
من قصاص مثلث القاف والضم أعلى وقصاص الشعر منتهى منبته من مقدمه أو مؤخرة أو حو
إليه كما نص عليه أهل اللغة والمراد هنا منتهى شعر الناصية شعر الرأس إلى محاذر شعر الذقن والمراد إلى طرف الذقن وهو مجمع اللحيين اللذين ثبت عليهما
الأسنان السفلى طولا وما دارت عليه الابهام بكسر الهمزة وهي الإصبع العظمى والإصبع الوسطى عرضا والظاهر أنه لا خلاف في هذا التحديد بين الأصحاب ونقل
الاجماع عليه الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية ويدل عليه ما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال له اخبرني عن حد الوجه الذي ينبغي
ان يتوضأ الذي قال الله عز وجل فقال الوجه الذي أمر الله عز وجل بغسله الذي لا ينبغي لاحد ان يزيد عليه ولا ينقص منه ان زاد عليه لم يوجر وان نقص
منه اثم ما دارت عليه الابهام والوسطى من قصاص شعر الرأس إلى الذقن وما جرت عليه الإصبعان من الوجه مستديرا فهو من الوجه وما سوى ذلك فليس
من الوجه فقال الصدغ من الوجه قال لا وأوردها الكليني والشيخ عن زرارة باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم من غير تصريح بالامام المنقول
عنه وقد أشرنا سابقا إلى أن ذلك غير ضائر سيما مع التصريح في الفقيه باسناده إلى الإمام عليه السلام وفي الخلاف والمعتبر نقله عن حريز عن أحدهما عليهما السلام وعن
ابن الجنيد الاسارة إلى كونها عن الباقر عليه السلام وقد يعد اسناده في الكتابين صحيحا وليس بجيد إذ في الطريق محمد بن إسماعيل الذي يروى الكليني عنه وهو
مشترك بين الثقة وغيره واحتمال كونه بان بزيع الثقة الجليل (؟؟) جدا وقد بين ذلك صاحب المنتقى وغيره بما لا مزيد عليه وبالجملة هذا الاسناد ليس عندي
من الصحيح المصطلح عليه وعلى هذا جريت في مباحث هذا الكتاب ويدل على بعض التحديد السابق ما رواه الكليني والشيخ باسناده عنه عن إسماعيل ابن مهران
في الضعيف قال كتبت إلى الرضا عليه السلام سأله عن حد الوجه فكتب إلى من أول الشعر إلى اخر الوجه كذلك الجنبين والأصحاب فهموا من الرواية الأولى ان الحد الطولي
من قصاص الشعر اي منتهى شعر الناصية إلى الذقن وحده العرضي ما اشتملت عليه الابهام والوسطى وانما حملوا القصاص على منتهى شعر الناصية وإن كان
أعم منه بحسب اللغة إما لكون ذلك هو المبادر في مثل هذه العبارة أو لان التحديد لموضع الاشتباه وغير هذا الموضع مما ارتفع عن النزعتين لا اشتباه
في كونه من الرأس فكأنه عليه السلام قال ما دارت عليه الإصبعان من المبدء المذكور إلى منتهاه من الموضع الذي يظنه الناس وجها ولهذا بينه بقوله عليه السلام وما جرت عليه
الإصبعان مما بظنه الناس وجها فلا يلزم على هذا الحمل دخول النزعتين وهما البياضان المكتنفان للناصية في التحديد ولا دخول الصدغين فيه لان الصدغ
على ما فسره المصنف في المنتهى الشعر الذي بعد انتهاء العذار أو المحاذي لرأس الاذن وينزل عن رأسها قليلا وغيره من الفقهاء مما يقرب منه وهو ليس مما دارت
عليه الإصبعان غالبا لان المراد بالدوران الحركة حول الشئ وعلى هذا يندفع ما اورد على الأصحاب بان ظاهر الرواية على هذا الحمل يوجب خروج بعض ما دخل
في التحديد كالصدغين لاشتمال الإصبعين عليهما غالبا ودخول بعض ما ليس من الوجه عندهم كالنزعتين لأنهما تحت القصاص ثم إنه رحمه الله حمل الرواية
على معنى اخر وهو ان كلا من طول الوجه وعرضه هو اشتمل عليه الابهام والوسطى بمعنى ان الحظ الواسل من القصاص إلى طرف الذقن وهو مقدار ما بين
الإصبعين غالبا إذا فرض ثبات وسطه وأدير على نفسه ليحصل شبه دائرة فذلك القدر هو الوجه الذي يجب غسله وذلك لان الجار والمجرور في قوله عليه السلام
من قصاص شعر الرأس إما متعلق بقوله دارت أو صفة مصدر محذوف والمعنى ان الدوران يبتدئ من القصاص منتهيا إلى الذقن واما حال من الموصول
الواقع خبرا عن الوجه وهو لفظه ما ان جوزنا الحال عن الخبر والمعنى ان الوجه هو القدر الذي دارت عليه الإصبعان حال كونه من القصاص إلى الذقن فإذا
وضع طرف الوسطى مثلا على فصاص الناصية وطرف الابهام على اخر الذقن ثم أثبت وسط انفراجهما ودار طرف الوسطى مثلا على الجانب الأيسر إلى
أسفل دار طرف الابهام على الجانب الأيمن إلى فوق وتمت الدائرة المستفادة من قوله عليه السلام مستديرا وهذا الوجه مع كونه خلاف المتبادر إلى الأذهان يستلزم
خروج بعض الجنينين عن الوجه والظاهر أنه لم يذهب إليه أحد وهو مناف لما يفهم من الوجه عرفا ومن هنا جعل الموافق والمخالف مبدأ الوجه جمعا
التسطيح حتى جعلوا الدخول فيه والخروج عنه ضابطا في هذا الباب على أن قوله عليه السلام طول الوجه بقدر ما بين الإصبعين غالبا محل تأمل ثم اعلم أن المستفاد
من الرواية المذكورة خروج الصدغين عن الوجه وهو مذهب جمهور العلماء وقيل إنه اجماعي وبه يشعر عبارة الشيخ في التهذيب لكن نقل
الشهيد في الذكرى عن ظاهر الراوندي في الاحكام غسل الصدغين ولا اشكال في خروج الصدغ عن الوجه على تفسير الفقهاء لكن فسره أهل اللغة
بما بين العين إلى الاذن كما يدل عليه صريح كلام ابن الأثير وظاهر كلام غيره وعلى هذا معنى قوله عليه السلام انه ليس من الوجه انه ليس كله بين الوجه ولا ينافي ان
يكون بعضه من الوجه واما العذار وهو النابت على العظم الناتي الذي هو سمت الصماخ وما انحط عنه إلى وقد الاذن فذهب جماعة من العلماء منهم
الفاضلان إلى عدم كونهما من الوجه بل يومي عبارة التذكرة إلى كون ذلك اجماعيا وصرح في المنتهى بعدم استحبابه أيضا وفي التحرير بتحريمه إذا اعتقده
26

وظاهر عبارة الشيخ في المبسوط والخلاف يدل على خلاف ذلك وزعم الشهيد رحمه الله ان ظاهر عبارة ابن أبي عقيل وابن الجنيد أيضا يدل على خلافه لكن ما
نقله من عبارتهما غير دال على مطلوبه والأقرب الأول لعدم شمول الإصبعين لهما غالبا واتصالهما بالصدغين والاستدلال على وجوب غسله بأن
العارض يجب غسله وهو متصل بالعذار وقريب من محاذاته وكذا شعر الخدين ولعدم مفصل يقف الغسل عليه دون العذر أو لأنه اخذ بالاحتياط ضعيف
وعلى ما ذكرنا لم يجب غسل البياض الذي بين الاذن والعذار بطريق أولي والظاهر أنه اتفاقي بين الأصحاب واما العارض وهو الشعر المنحط عن القدر
المحاذي للاذن نابتا على اللحية إلى الذقن فقد قطع الشهيدان بوجوب غسلهما واختاره الشيخ على بل ظاهر عبارة الشهيد الثاني في شرح الشرائع دعوى
الاجماع على ذلك وفيه تأمل التصريح المصنف في المنتهى بعدم وجوب غسله من غير نقل خلاف وقال المصنف في النهاية لا يجب غسل ما خرج من حد الإصبعين منهما لخروجهما عن
حد الوجه والضمير يرجع إلى العذار والعارض وهذا قريب لمقتضى الرواية السابقة واما ما يقال من أن التحديد العرضي المذكور انما يعتبر في وسط التدوير من
الوجه خاصة والا لوجب غسل ما نالته الابهام وان تجاوز العارض وهو باطل اجماعا ففيه ان التخصيص المذكور خلاف الظاهر وخروج شئ منه بالاجماع لا
يوجب التخصيص في غير محله مع أن التحديد مخصوص بمواضع الاشتباه وما خرج عن العارض خارج عن الوجه بلا شبهة واما مواضع التحذيف وهو ما بين الصدغ
والنزعة من منابت الشعر الخفيف الذي يتصل بالرأس فقيل لا يجب غسله لبنات الشعر عليه متصلا بعشر الرأس وفيه ان اتصاله بعشر الرأس لا يوجب
كونه منه إذا كان متميزا عنه كما هو الواقع وللأصل ووجوب تحصيل اليقين بالبراءة من التكليف الثابت يدفعه وقيل يجب لأنه المستفاد من تحديد أعلى
الوجه بمنابت شعر الرأس وفيه ان المتبادر من مبدأ التحديد منتهى شعر الناصية قال في الذكرى الأحوط انها من الوجه لاشتمال الإصبعين على طرفها و
لوقوعها في التسطيح والمواجهة وفيهما ضعف ان جعل المقصود بهما الحكم لكنه جعلهما علة للاحتياط ولا ريب في كون غسلهما أحوط مع عدم نية الوجوب الا فيما
يشتمل عليه الإصبعان منه واما الأذنان فليسا من الوجه باتفاق الأصحاب ودلالة لاخبار وما يدل على خلافه من
الاخبار محمول على التقية كل ذلك من
مستوى الخلقة والتحديد في الرواية بحسب الغالب وغيره يحال عليه فيغسل ما يغسله
ولا يجزى غسل الوجه منكوسا هذا هو المشهور بين الأصحاب وذهب
السيد المرتضى وابن إدريس إلى استحباب ذلك حجة الأول وجوه منها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح ورواه الكليني عن زرارة باسناد فيه توقف
بتفاوت ما في المتن قال حكى لنا أبو جعفر عليه السلام وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بقدح من ماء فادخل يده اليمنى فاخذ كفا من ماء فاسد لها على وجهه من أعلى الوجه ثم
مسح بيده الحاجبين جميعا ثم أعاد اليسرى في الماء فاسد لها على اليمنى ثم مسح جوانبها ثم أعاد اليمنى في الاناء ثم صبها على اليسرى فصنع بها كما صنع باليمنى
ثم مسح بقية ما بقى في يده رأسه ورجليه ولم يعدها في الاناء الحديث
فان فعله عليه السلام بيانا للمجمل فيكون وجوب ابتدائه بالأعلى متعينا وفيه انه لا اجمال في الآية
حتى بحمل فعله عليه السلام على البيان وابتداؤه يجوز ان يكون لأجل قرب هذا الفرد إلى العادة أو لكونه أفضل الفردين الواجبين أو يكون اتفاقيا فلا يدل
على الوجوب ويؤيده كون ذلك غير مذكور في كثير من الروايات المشتملة على حكاية وضوئه صلى الله عليه وآله ورواه هذا الراوي بعينه من غير نقل ذلك ومنها قول
أبي جعفر عليه السلام في حسنة زرارة المنقولة في الكافي فوضعها على جنبيه وهو قريب من الأول احتجاجا وجوابا ومنها انه عليه السلام توضأ مرة مرة ثم قال هذا وضوء لا يقبل
الله الصلاة الا به فتعين البداة بالأعلى بناء على أنه عليه السلام بدا بالأعلى إما لبعض الأخبار الدالة على ذلك أو لأنه صلى الله عليه وآله لو عكس لزم بعينه العكس وهو خلاف الاجماع
وأيضا هو مكروه على ما سمله القائلون بجواز النكس فكيف يصدر عنه صلى الله عليه وآله فثبت ابتداؤه صلى الله عليه وآله بالأعلى فيجب ذلك بمقتضى الخبر ولا يخفى ان هذه الرواية اوردها ابن
بابويه مرسلا والظاهر أنه من طريق العامة صرح به علم الهدى في الانتصار وابن زهرة في الغنية فاثبات حجيتها لا يخلو عن اشكال الا ان ايراد الصدوق لها مع التزامه
ان لا يورد في كتابه الا ما يحكم بصحته مما يقويها وان لم يوجب الحكم بصحتها ويمكن ان يقال عدم القبول لا يستلزم عدم الأجزاء عند السيد إذ يتحقق بعدم
ترتب الثواب فلا دلالة في الخبر على اشتراط البدأة بالأعلى ويمكن دفعه بالاستعانة بالاجماع المركب لكن اثباته لا يخلو عن اشكال ولقائل أن يقول دلالة
عدم القبول على عدم الاجراء أو على عدم الثواب بالكية ليس له وضوح تام لشيوع استعماله في فوات الكمال والثواب التام ويؤيده اشتمال الوضوء المحكي على بعض
المندوبات والظاهر أن عدم القبول له ظهور ما في البطلان فيكون لهذا الخبر دلالة ما على المشهور لكن الاستدلال به مع معارضة الاطلاق الآية والاخبار مشكل
مع امكان ان يقال يجوز ان يكون هذا إشارة إلى الغسلات والمسحات التي فعلها مرة من غير إشارة إلى جميع خصوصياتها حذرا عن لزوم التخصيص وما
نقموا نتمه لهذا الخبر وهو قوله صلى الله عليه وآله ثم توضأ مرتين وقال هذا وضوء من ضاعف الله له الاجر لا يخلو عن تأييد ما لذلك ثم ما قالوا من أنه عليه السلام بدا في الوضوء
المذكور بالأعلى ممنوع والخبر؟؟ الذي أشير إليه لا دلالة فيه على ذلك وقد علمت ما في التعليل الثاني واما قولهم النكس مكروه فلم يفعله النبي صلى الله عليه وآله ففيه انه يجوز ان
يفعله بيانا للجواز وقد يقال إن المراد لا يقبل الله الصلاة الا بمثله فالواجب أقل ما يصدق معه المماثلة وانتفاؤها رأسا بالبداة بغير الاعلى ممنوع وفيه
نظر لأنه إذا تعذر الحمل على الحقيقة يجب ان يحمل على أقرب المحازات إليها وهو المماثلة من جميع الجهات على أن حملها على المماثلة المطلقة يوجب خروج الكلام
عن الفائدة وهو بعيد ومنها قول أبي جعفر عليه السلام في حكاية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فغسل يده اليمنى من المرفق إلى الأصابع لا يرد الماء إلى المرفق رواه الشيخ عن زرارة
وبكير ابني أعين ويستفاد منه الحكم في اليد ويجرى في الوجه للاجماع المركب وأنت خبير بما فيه وفي طريق هذه الرواية عثمن بن عيسى وهو واقفي غير موثوق
به الا انه قيل إنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وذكر الشيخ في العدة ان الأصحاب يعملون برواياته وقد روى قريبا من ذلك الكليني عنهما
بطريق حسن ومنها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن الهشيم بن عروة في الضعيف قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى
المرافق فقال ليس هكذا تنزيلها انما هي فاغسلوا وجوهكم وأيديكم من المرافق ثم أمر يده من مرفقه إلى أصابعه وفيه ان الرواية ضعيفة مع أن ظاهرها
مناف لما تواتر من القراءات ولا دليل على حجية مثله حجة القول الثاني اطلاق الآية الاخبار واحتج لهذا القول في المختلف بعموم عليه السلام لا باس بمسح الوضوء
مقبلا ومدبرا وهو استدلال ضعيف وعلى القول بالمشهور فالواجب صب الماء على على الوجه واتباعه بالباقي واما ما توهمه بعض القاصرين من عدم جواز
غسل جزء من الأسفل قبل الاعلى وان لم يكن في سميته فضعيف فاسد بلا ريب ولا يجب تحليل اللحية وإن كانت أو للمرأة هذا هو المشهور واليه
ذهب الشيخ والمحقق في بعض كتبه قال الشيخ في الخلاف ولا يجب ايصال الماء إلى أصل شئ من شعر الوجه مثل شعر الحاجبين والأهداب والعذار والشارب
بالاجماع
وذهب المصنف في عدة من كتبه والشهيد في بعض كتبه إلى وجوب التخليل في اللحية الخفيفة وفسر بما ترى البشر في مجلس التخاطب من خلاله ونسب المصنف
القول بذلك في التذكرة إلى ابن أبي عقيل وفي المختلف إلى المرتضى وابن الجنيد واعترض عليه الشهيد رحمه الله بان عبارتهما غير دالة على مطلوبه وحملها على المشهور وذكر
27

ان ما ذكره العلامة في التذكرة مخالف لظاهر الأصحاب ومشهور العامة أيضا لان عندهم يجب تحليل ما عدا اللحية خف أو كثف والتفصيل بالخفة والكثافة تحص
اللحية عندهم وليس مذهب المصنف كذلك حجة المشهور وجوه منها ان الوجه اسم لما يواجه به ظاهرا فلا يتبع غيره ومنها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال قلت له أرأيت
ما كان تحت الشعر قال ما أحاط به الشعر فليس للعباد ان يغسلوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء ورواه الصدوق عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له
أرأيت ما أحاط به الشعر فقال كل ما أحاط الله به من الشعر فليس للعباد ان يطلبوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجرى عليه الماء ومنها ما رواه الشيخ والكليني عن محمد بن مسلم
في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام في الرج يتوضأ أيبطن لحيته قال لا ومنها الأخبار المستفيضة الدالة على جواز الاكتفاء بالغرفة الواحدة في غسل الوجه إذ يستبعد ان
يحصل بالغرفة الواحدة غسل المنابت وأصول الشعر وفيه ضعف لوجوب غسل البشرة الظاهرة خلال الشعور على كل حال كما سيجيئ وما يكفي لها لا يبعد ان يكفي
لمنابت الشعر ومنها ما روى أن رسول الله صلى الله عليه وآله توضأ فغرف غرفة غسل بها وجهه وهو قريب
من السابق استدلالا وايرادا ومع أنه صلى الله عليه وآله كثيف اللحية كما نقل فلا يدل
على المطلوب أصلا ومنها ما رواه الشيخ عن زرارة في القوى عن أبي جعفر عليه السلام ليس المضمضة والاستنشاق فريضة ولا سنة وانما عليك ان تغسل ما ظهر
ولفظة انما للحصر وفي الرواية تأمل من حيث السند وفيها أيضا ضعف اخر من حيث اشتمالها على حكم مخالف للاخبار الكثيرة ومذهب أكثر الأصحاب واعلم أنهم
فسروا الخفيف بما يرى البشرة من خلاله في مجلس التخاطب أو ما يصل الماء إلى لبنية من غير مبالغة والكثيف مقابله وذكروا ان البشرة الظاهرة في خلال
الشعور يجب غسله بلا خلاف وحينئذ يقل الجدوى في الخلاف المذكور كما قاله بعض العلماء وان أردت تحقيق المقام فاعلم أن الخلاف المذكور يحتلم وجودها ثلثة
وان اختلف عبارات الأصحاب في ظهور الانطباق على بعضها دون بعض الأول ان الشعور إذا كانت بحيث يظهر بعض البشرة من خلالها ويسر بعضها بها
هل يجب غسل البشرة المستورة أم لا وبتحرير الخلاف على هذا الوجه صرح الثاني الشهيد (؟؟) ان الشعور التي لا تشتر ما تحتها عرفا هل يجب غسل ما تحتها أم لا والظاهر من
المختلف ان الخلاف في ذلك الثالث ان البشرة التي تظهر في بعض مجالس التخاطب دون بعض هل يجب غسله أم لا وبعض الفضلاء حرر الخلاف على هذا الوجه
وعلى الوجه الأول فالأقرب المشهور للأدلة السابقة وإن كان في بعض منها ضعف وعلى الثاني فالأقرب خلافه لصدق اسم الوجه عليها على الظاهر وحصول
المواجهة بها ولخبري التحديد ويؤيده رواية زرارة الدالة على وجوب غسل الظاهر ودخوله في قوله عليه السلام كل ما أحاط به الشعر غير ظاهر وكذا صدق التبطين عليه
لأن الظاهر أن المراد به غسل الباطن وما نحن فيه في حد الظاهر وبالجملة يتوقف اليقين بالبراءة عليه وعلى الوجه الثالث فللتوقف فيه مجال وإن كان للقول
بوجوب التخليل رجحان ثم اعلم أنهم ذكروا ان البشرة الظاهرة في خلال الشعور يجب غسلها على أي حال بل نقلوا الاجماع عليه وذكر بعض أفاضل الشارحين
ان ذلك غير واضح الدليل ثم ذكر ان الظاهر من الاخبار عدم الوجوب لأن الظاهر منها الاكتفاء بإيصال الماء إلى ظاهر الوجه بكف واحد مع المبالغة وبكفين على تقدير
عدمها وأظن عدم الوصول إلى ما بين الشعور من المواضع الصغيرة بذلك وفيه نظر لأنه يمكن الاستدلال على ما منعه بان اسم الوجه صادق عليها يتوقف اليقين
بالبراءة عليه ويؤيده خبر التحديد وخبر زرارة الدال على وجوب غسل الظاهر واما ما ذكر من عدم وصول كف واحد إلى المواضع الصغيرة جدا محل المبالغة محل
التأمل نعم قد لا يحصل العلم بذلك وحينئذ لا يبعد القول بعدم الكفاية فان الرواية لا تدل على الأجزاء على كل حال نعم المستفاد من الروايات ان أمر الغسل لا يغير فيه
التعمق والتدقيق التام والتكلفات الشائعة بين المبتدعين وأهل الوسواس بل المستفاد منها انه هين مسامح يكتفى فيها بالظن الغالب والمبالغة في
الجملة لصدق الغسل عرفا بذلك وبالجملة حال البشرة الظاهرة في خلال الشعور حال غيرها من اجزاء الوجه وما ذكر دال على عدم لزوم المبالغة التامة ولا اختصاص
له بالبشرة المذكورة وهل يستحب تخليل اللحية الخفيفة نفاه المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى وتدل عليه صحيحة محمد بن مسلم السابقة وأثبته المصنف في التذكرة والشهيد
في الذكرى ولو مع الكثافة قال لما رووه ان النبي صلى الله عليه وآله أنه قال امرني جبرئيل عن ربي ان اغسل فنكى عند الوضوء وهما جانبا العنفتقة أو طرف اللحيين عندها وفي
الغريبين مجمع اللحيين ووسط الذقن وهما قيل العظمان الناشزان أسفل من الاذنين وقيل هما ما يتحركان من الماضع دون الصدغين وعنه عليه السلام انه كان
ينضح عابته وهي الشعر تحت الذقن وان عليا عليه السلام كان يخلل لحيته انتهى والوقوف على ظاهر الخبر الصحيح أولي قال في الذكرى الأولى استحباب إفاضة الماء على ظاهر اللحية
طولا وعرضا وصرح به ابن الجنيد وفي خبر زرارة الصحيح عن الباقر عليه السلام في حكاية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ثم غمس كفه في الماء ثم وضعه على جبينه وسيله على أطراف
لحيته ثم أمر يده على وجهه وظاهر جبينيه مرة واحدة وفي الكافي وسد له على أطراف لحيته انتهى وهو حسن
ويجب غسل اليدين مبتدئا بهما وجوبا عند المصنف
من المرفقين بكسر الميم وفتح الفاء وبالعكس وهو موصل الذراع في العضد قاله الجوهري وغيره وهو المكان الذي يرتفق به اي يتكأ عليه قال الشهيد هو مجمع
عظمي الذراع والعضد لا نفس المفصل وعلى هذا فشئ منه داخل في العضد وشئ منه داخل في الذراع وهو المفهوم من كلام الشهيد والمصنف في بعض كتبه وفسره بعض
شراح قانون الطب بمفضل الساعد والعضد إلى أطراف الأصابع بدلالة الكتاب والسنة والاجماع على وجوب غسل هذا المقدار واما الابتداء بالمرفق فقد ظهر
الخلاف فيه ولبحث عنه سابقا ويدخل المرفقين في الغسل بالجماع أصحابنا وأكثر العامة صرح بذلك جماعة من الأصحاب وذكر الفاضل الشارح ان وجوب
غسل المرفق لا خلاف فيه انما الخلاف في أن سبب الوجوب هل هو النص أو الاستنباط من باب المقدمة وتظهر الفائدة في وجوب غسل جزء من العضد
فيما لو قطعت اليد من المرفق والآية غير دالة على الوجوب الأصلي لان الغاية تكون داخلة كقوله تعالى من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى وقولهم حفظت القران
من أوله إلى اخره وقد تكون خارجه كما قوله تعالى وأتموا الصيام إلى الليل وقوله تعالى فنظرة إلى ميسرة والأكثر على خروج الغاية صرح به نجم الأئمة قال الشيخ
أبو علي الطبرسي في جوامع الجامع لا دليل في الآية على دخول المرافق في الوضوء الا ان أكثر الفقهاء ذهبوا إلى وجوب غسلها وهو مذهب أهل البيت عليهم السلام
انتهى واما إلى في الآية بمعنى مع فلم نطلع على دليل يدل عليه الا ان الشيخ في الخلاف ذكر انه قد ثبت عن الأئمة عليهم السلام ان المراد بها في الآية معنى مع وهو مصدق
فيما ادعاه واما قولهم الغاية تدخل في المغيى حيث لا مفصل محسوس فيه تأمل وكذا في قولهم المجانس داخل في الابتداء والانتهاء واستدل الأصحاب بروايات
ضعيفة قاصرة عن الدلالة على الوجوب الأصلي فان بعضها تدل على أنه عليه السلام ابتداء من المرافق ولفظة من غير دالة على دخول المبدأ فان الأكثر على عدم دخول
حدى الابتداء والانتهاء ومع ذلك فعله عليه السلام لا يدل على الوجوب الا إذا كان بيانا للمجمل وهو هنا ممنوع إذ لا اجمال في الآية على شئ من المذاهب فان عند
البعض الكلام حقيقة في الدخول فلا اجمال وبعضها تدل في الجملة على أنه عليه السلام ادخل المرفق في الغسل وفيه ما قد عرفت واما ما يدل على أن الأقطع يغسل ما
بقى من عضده أو من المكان الذي قطع منه فمع عدم طراحته في الوجوب يجوز ان يكون مختصا به بان يكون غسل شئ من المرفق بدلا عن غسل اليد
في حقه واجبا وسيجئ تتمة الكلام فيه وينبغي التنبيه على أمور الأول قال في الذكرى الأقرب وجوب تحليل الشعر لو كان على اليد وان كتف لتوقف
28

غسل اليد عليه قال وهل يجب غسله الأقرب ذلك لأنه من توابع اليد وهو حسن الثاني هل يجب غسل الظفران خرج عن اليد فيه وجهان
والوجوب قول المصنف والشهيد وهو حسن تحصيلا للبراءة اليقينية ولو كان تحته وسخ مانع من وصول الماء فالذي حكم به المصنف والشهيد في الذكرى
وجوب ازالته واستشكله المصنف في المنتهى فقال لقائل أن يقول إنه حائل عما يجب غسله يمكن ازالته من غير مشقة فيجب ويمكن ان يقال إنه ساتر عادة
فكان يجب على النبي صلى الله عليه وآله بيانه ولما لم يبين دل على عدم الوجوب ولأنه يستر عادة فأشبه ما يستر الشعر من الوجه ثم قرب الأول وما قربه غير بعيد لكن الصواب
تقييده بالوسخ المانع من وصول الماء إلى البشرة الظاهرة إما المانع من بشرة مستورة تحت الظفر بحيث لا يظهر للحس لولا الوسخ فالظاهر عدم الوجوب مع امكان
النزاع في أصل الغسل نظرا إلى صدق غسل اليد بدونه ولم يثبت أمر النبي صلى الله عليه وآله اعراب البادية وأمثالهم بذلك أمر وجوب مع أن الظاهر عدم انفكاكهم
عن ذلك الثالث قال في الذكرى لو ثقبت يده وجب ادخال الماء الثقب لأنه صار ظاهرا فلو التحم سقط وهو حسن الا انه ينبغي التقييد بالقدر الظاهر
من الثقب الرابع قال في الذكرى لو كان في يده سلعة وجب غسلها وتخليل غصونها وما تحتها الشمول الاسم لها والظاهر عندي ان يجعل الضابط
في هذا الباب وجوب غسل ما ظهر من العضو ولو نكس الغسل بان ابتدا بالأصابع بطل الغسل فان تدارك قبل الجفاف صح الوضوء والا بطل هذا
هو المشهور خلافا للمرتضى وابن إدريس والكلام فيه كالوجه حجة وجوابا
ولو كان له يد زائدة وجب غسلها إن كانت تحت المرفق مطلقا أو فوقه ولم يتميز عن الأصلية
بلا خلاف كما صرح به بعضهم إما إذا كانت فوقه وتميزت فقولان أحدهما انه كذلك واختاره المصنف لصدق اسم اليد عليها حقيقة ولصحة تقسيمها إلى يد زائده واصلية
وبهذا التقريب يندفع عنه ما يقال من أن التقسيم لا يستلزم صدق المقسم على الأقسام كما في تقسيم الحيوان إلى الأبيض وغيره ولا يحتاج إلى اثبات
عموم تلك الدعوى وجعل التقسيم هناك هو الحيوان الأبيض لا مطلقا احتج أيضا بالمعارضة بما تحت المرفق واعترض عليه بان اليد محمولة على المعهود المتعارف
اسم اليد على الزائدة لا يكفي في الوجوب والمعارضة غير لازمة لان ما تحت المرفق لم يوجب غسله لكونه يدا بل لكونه في محل الفرض فكان من جملة
كغير اليد من الأجزاء التي لا يصدق عليها اسمها حقيقة ولا مجازا وفيه تأمل لان كونه في محل الفرض لا يكفي للوجوب إذا لم تكن يد أولا من اجزائها لان الواجب
غسل اليد وهو يستلزم غسل اجزائها دون غيرها والمسألة محل اشكال للشك في كون الإضافة في قوله تعالى وأيديكم محمولة على العهد أو على العموم
فان ثبت الأول لم يجب غسل الزائد فوق المرفق وكان للنزاع في وجوب غسل الزائد تحت المرفق أيضا مجال ان لم يدفعه الاجماع والا كان الظاهر وجوب غسلها
سواء ثبت العموم أو كان مشكوكا تحصيلا للبراءة من التكليف الثابت ولعل المتبادر الأول وأما إذا كانت خارجة من نفس المرفق فيجب غسلها
عند المصنف بالطريق الأولى واما على التحقيق ففيه اشكال وتعلم الزائدة بقصرها ونقص أصابعها وفقد البطش وضعفه وكذا يجب غسل اللحم الزائد
تحت المرفق والإصبع الزائدة وكذا اللحم الزائد في المرفق لا فوقه لخروجه عن محل الفرض ومقطوع اليد من دون المرفق يغسل الباقي لما رواه الشيخ
عن رفاعة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الأقطع اليد والرجل كيف يتوضأ قال يغسل ذلك المكان الذي قطع منه وروى الكليني عن
رفاعة باسنادين أحدهما عن الحسان والاخر من الموثقات قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأقطع قال يغسل ما قطع منه وروى الكليني والشيخ عن محمد بن
مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الأقطع اليد والرجل قال يغسلهما والظاهر أن هذا الحكم اجماعي فكفى للمستند فيه ما ذكرنا
وان أمكن المناقشة في الدلالة ويسقط وجوب غسل اليد لو قطعت من المرفق هذا بناء على أن وجوب غسل المرفق من باب المقدمة متجه فإذا
زال الاشتباه بالقطع من المفصل سقط الوجوب وكذا إذا كان وجوب غسله أصالة وقلنا بان المرفق هو المفصل لانتفاء محل الوجوب لكن روى الشيخ
والكليني عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن رجل قطعت يده من المرفق كيف يتوضأ قال يغسل ما بقى من عضده وظاهر
الرواية ان حمل على الوجوب مخالف للاجماع على ما ادعاه المنصف في المنتهى فالحمل على الاستحباب ليس أبعد من حمله على أنه يغسل بقية المرفق فيحمل عليه وعمل ابن الجنيد بمضمون
الرواية وكانه لم يعتد بخلاف المصنف فنقل الاجماع على خلافه وقيل إذا كان وجوب غسل المرفق أصالة لم يسقط لان المرفق هو العظمان المتداخلان فإذا
ذهب أحدهما وجب غسل الأخر إذ لا يسقط الميسور بالمعسور وفيه تأمل والاستدلال عليه بقوله عليه السلام إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم أولي لكنه مبنى على تفسير
المرفق بما ذكروا إذا كان القطع مما فوق المرفق فيسقط الفرض وادعى الاجماع عليه في المنتهى لكن المنقول عن ابن الجنيد خلافه واما مقطوع الرجل فيفهم حاله مما ذكر في
مقطوع اليد ولم اطلع على نص يدل على حكمه غير أن الصدوق لما روى عن الكاظم عليه السلام ما تقدم قال وكذلك روى في قطع الرجلين ويجب مسح بشره مقدم الرأس
دون سائر جوانبه بدلالة الاخبار واتفاق الأصحاب فروى الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال قال أبو عبد الله عليه السلام امسح الرأس على مقدمه وعن محمد بن مسلم
أيضا في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال مسح الرأس على مقدمة وعن محمد بن مسلم أيضا في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام انه ذكر المسح فقال امسح على مقدم رأسك و
امسح على القدمين وابدا بالشق الأيمن إلى غير ذلك من الاخبار وما ورد على خلاف ذلك ضعيف متروك باتفاق الأصحاب أو شعره اي شعر المقدم
المختص به إذ به يحصل الامتثال فلا يجزى على شعر غير المقدم وإن كان موضوعا عليه ولا على شعر غير مختص به كالطويل بحيث يخرج بمدة عن حده والممنوع منه
الجزء الخارج بالمد لا أصله وما يتصل به بأقل اسمه اي يجب المسح بأقل ما يصدق عليه المسح من غير تحديد في الماسح والممسوح على المشهور بين المتأخرين وبه صرح الشيخ
في المبسوط حيث قال لا يتحدد بحد وابن إدريس وقال المصنف في المختلف المشهور بين علمائنا الاكتفاء في مسح الرأس والرجلين بإصبع واحدة اختاره الشيخ في أكثر كتبه وابن
أبي عقيل وابن الجنيد وسلار وأبو الصلاح وابن البراج وابن إدريس ونقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه وفي المقنعة يجزى إصبع يضعها عليه عرضا والثلث
أسبغ وقال الشيخ في النهاية والمسح بالرأس لا يجوز أقل من ثلث أصابع مضمومة مع الاختيار فان خاف البرد
من كشف الرأس اجزاء مقدار إصبع واحدة وقال
ابن بابويه حد مسح الرأس ان يمسح بثلث أصابع مضمومة من مقدم الرأس ومثله نقل عن المرتضى وهذا في المشهور مستحب ونقل في الذكرى عن الراوندي
انه لا يجوز أقل من إصبع والأقرب الأول
لما رواه الشيخ عن زرارة وبكير ابني أعين عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في المسح تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك
وإذا مسحت بشئ من رأسك وبشئ من قدميك ما بين كعبيك إلى أطراف الأصابع أجزأك وعن زرارة وبكير ابني أعين في الصحيح انهما سألا أبا جعفر عليه السلام عن
وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فدعا بطشت أو تور فيه مأثم حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن انتهى إلى اخر ما قال الله سبحانه وامسحوا برؤسكم وأرجلكم فإذا مسح بشئ من رأسه
أو بشئ من رجليه قدميه ما بين الكعبين إلى اخر أطراف الأصابع فقد اجزاه وروى ونحوا منهما الكليني عن زرارة وبكير في الحسن بإبراهيم بن هاشم
في جملة حديث طويل وما رواه الصدوق عن زرارة في الصحيح والشيخ والكليني عنه باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم بتفاوت ما في المتن قال قلت
29

لأبي جعفر عليه السلام الا تخبرني من أين علمت وقلت المسح ببعض الرأس وببعض الرجلين فضحك ثم قال يا زرارة قال رسول الله صلى الله عليه وآله ونزل به الكتاب من الله تعالى لان
الله تعالى يقول اغسلوا وجوهكم فعرفنا ان الوجه كله ينبغي له ان يغسل ثم قال وأيديكم إلى المرافق ثم فصل بين الكلامين فقال وامسحوا برؤسكم فعرفنا
حين قال برؤسكم ان المسح ببعض الرأس لمكان الباء ثم وصل الرجلين بالرأس كما وصل اليدين بالوجه فقال وأرجلكم إلى الكعبين فعرفنا حين وصلهما
بالرأس ان المسح على بعضهما الحديث واما الاستدلال بما رواه الشيخ عن حماد بن عيسى في الصحيح عن بعض أصحابه عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يتوضأ وعليه
الحمامة قال يرفع العمامة بقدر ما يدخل إصبعه فيمسح على مقدم رأسه فضعيف ونحوه ما روى والكليني عن حماد في القوى عن الحسين قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام
رجل توضأ وهو معتم فثقل عليه نزع العمامة لمكان البرد قال ليدخل إصبعه واحتج في المختلف للمخالف برواية أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن
المسح كيف هو فوضع يده كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظهر القدم فقلت جعلت فداك لو أن رجلا قال بأصبعين من أصابعه قال لا الا بكفه ولا يخفى
عدم دلالته على المدعى بوجه ويمكن الاستدلال بما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال قال أبو جعفر عليه السلام المراة يجزيها من مسح الرأس ان تمسح مقدمه مقدار ثلث
أصابع ولا تلقى عنها خمارها ورواه الشيخ والكليني أيضا باسناد من الحسان وجه الدلالة ان الظاهر من الأجزاء كونه أقل الواجب وعن معمر بن عمر في القوى عن أبي جعفر عليه السلام
قال يجزى في المسح على الرأس مقدار موضع ثلث أصابع وكذلك الرجل والجواب عنهما انهما يجوز ان لا يكون الغرض تحديد أقل مراتب الأجزاء بل كان الغرض نفي ما
اشتهر بين المخالفين وكان التخصيص بهذا المقدار للاستحباب سلمنا دلالته على ما ذكرتم لكن يجيب تأويله جمعا بينه وبين ما هو أقوى منه مع أن الأجزاء في الخبر
الأول يحتمل ان يكون باعتبار عدم وضع الخمار إذ هي مأمورة بالوضع كما في بعض الروايات روى الشيخ باسناد فيه جهالة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تمسح المراة بالرأس كما
يمسح الرجل انما المراة إذا أصبحت مسحت رأسها وتضع الخمار عنها فإذا كان الظهر والعصر والمغرب والعشاء تمسح بناصيتها والمستفاد من هذه الرواية استحباب وضع
القناع لها في الصبح دون البواقي وجماعة من الأصحاب الحقوا بالصبح المغرب أيضا ومستنده غير واضح واعلم أن الظاهر أن من أوجب المسح بمقدار ثلث أصابع
جعل التحديد للممسوح لا للماسح كما صرح به بعض الأصحاب وذكر الشيخ على أن المراد هذا المقدار في عرض الرأس لا في طوله وذكره الشهيد الثاني في شرح النفلية لكن
عبارته في شرح الشرائع تدل على خلافه ولعله يومى إليه عبارة النهاية ثم اعلم أن المستفاد من خبر زرارة السابق ان الباء في الآية للتبعيض فلا يضر انكار جماعة من
الأصوليين لذلك ولا انكار سيبويه مجئ الباء للتبعيض في سبعة عشر موضعا من كتابه ولا ما قال ابن جنى من أن أهل اللغة لا يعرفون هذا المعنى وانما يورده
الفقهاء مع أنه مع كونه شهادة على النفي معارض باقرار الأصمعي مع ما قيل من أنه أشد انسا بكلام العرب من سيبويه ونظراته وقد وافقه على ذلك أبو علي
الفارسي وابن كيسان والقتيبي وابن مالك وأكثر عليه من الشواهد والدلائل قبل والكوفيون أيضا قال بعض أصحابنا والظاهر أنهما يعني سيبويه وابن جني
نفياه عن بعض أصحابنا البصريين لا غير صرح به ابن جني ويؤيد كون الباء في الآية للتبعيض انه يتعدى بنفسه ولولا الباء للتبعيض لما كان لها فائدة ونحن لا نحتاج
إلى زيادة خوض فيه لما صح عن أهل البيت عليهم السلام من كونها في الآية للتبعيض ولا يجزى الغسل عنه بدون المسح لعدم حصول الامتثال وروى الشيخ عن
زرارة في الصحيح قال قال لو أنك توضأت فجعلت مسح الرجلين غسلا ثم أضمرت ان ذلك هو المفترض لم يكن ذلك بوضوء ثم قال ابدأ بالمسح على الرجلين فان
بدالك غسل فغسلته فامسح بعده ليكون اخر ذلك المفروض وعن محمد بن مروان في القوى قال قال أبو عبد الله عليه السلام انه يأتي على الرجل ستون سنة أو سبعون
سنة ما قبل (الله)؟ منه صلاة قلت وكيف ذلك قال لأنه يغسل ما أمر الله بمسحه والظاهر أن معنى الغسل اجراء الماء على العضو ومعنى المسح امرار اليد مع رطوبة سواء
كان مع الجريان أم لا فيكون بين حقيقة المسح والغسل عموم من وجه فلا يضره كثرة الماء في المسح بحيث يحصل منه جريان قليل وبه صرح الشهيد في الذكرى فقال
ولا يقدح قصد اكثار الماء لأجل المسح لأنه من بلل الوضوء وكذا لو مسح بماء جار على العضو وان أفرط في الجريان لصدق الامتثال ولان الغسل غير مقصود
انتهى وبالجملة الظاهر أن الجريان القليل غير ضار إذا لم يقصدان المفروض غسل وهذا امتثال له لصدق المسح عليه فيشمله اطلاق الآية والاخبار إذ يصدق
عليه المسح بالبلة ولم يقيد البلة في الاخبار بالقلة وللخروج من العسر والضيق وانه لم يعهد انهم عليهم السلام أمروا بتخفيف الرطوبة خصوصا في مواقع التعليم
مع عموم البلوى ووقوع الحاجة إذ لا يخلو اليد في أكثر الأحيان بعد الفراغ من الوضوء عن رطوبة يحصل به مسمى الغسل ولم ينقل انهم عليهم السلام كانوا ينفضون
الأيدي تخفيفا للرطوبة مع توفر الدواعي على نقل أمثاله إن كانت ولم يذكر السلف أيضا ذلك فلا يبعد ان يحصل بمجموع ذلك الظن بما ذكرنا وحينئذ كانت
المقابلة بين المسح والغسل في الآية باعتبار المغايرة لا المباينة الكلية والمراد من الغسل الممنوع منه في الخبر الغسل بدون المسح أو مع قصد وجوب
الغسل ولعل هذا مراد المصنف هنا وفي التذكرة حيث نقل فيها اجماع الأصحاب على أن الغسل لا يجزى عن
المسح فظهر بذلك ان ما ذكره جماعة من الأصحاب من أن
بين حقيقي الغسل والمسح تبيانا وان الجريان قادح في المسح تمسكا بدلالة الاخبار الآية على اختصاص كل من المسح والغسل بأعضائه وبالاجماع المنقول في التذكرة
ضعيف ويستحب المسح مقبلا لم اطلع فيه على دليل صالح وتمسك في المعتبر بالتفصي عن الخلاف وذهب الأكثر منهم الشيخ في النهاية والخلاف والمرتضى وابن حمزة
إلى الوجوب لوقوع الخلاف فيه فيجب فعل المتيقن وهو ضعيف والأقرب عدم الوجوب لاطلاق الآية وما رواه الشيخ عن حماد بن عثمان والصحيح عن أبي
عبد الله عليه السلام قال لا باس بمسح الوضوء مقبلا ومدبرا وفيه تأمل سيظهر ويدل عليه كثير من العمومات
ولا يجوز على حائل كعمامة لعدم حصول الامتثال والظاهر أنه
اجماعي ويدل عليه بعض الأخبار والمنافي ما ول أو غيرها كالحناء على الأشهر لعدم حصول الامتثال وروى الشيخ عن محمد بن يحيى في الصحيح رفعه عن أبي عبد الله صلى الله عليه وآله
في الذي يخضب رأسه في الحناء ثم يبدو له في الوضوء قال لا يجوز حتى يصيب بشرة رأسه الماء ويدل على جواز المسح على الحناء ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد في الصحيح
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يخضب رأسه بالحناء ثم يبدو له في الوضوء قال يمسح فوق الحناء وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يحلق
رأسه ثم يطلبه بالحناء ويتوضأ للصلاة فقال لا باس بان يمسح رأسه والحناء عليه وحملها الشيخ على المشقة بإزالة الحناء وربما ياولان باثر الحناء وهو اللون
المجرد وفيه بعد وينبغي التنبيه على أمور الأول قال في الذكرى الظاهر أن باطن اليد أولي في المسح نعم لو اختص البلل بالظاهر وعسر نقله اجزاء ولو تعذر المسح
بالكف فالأقرب جوازه بالذراع ويرد عليه ان المفهوم من الأوامر إما ان يكون المسح بالكف أو الأعم منه فعلى الأول لا يتجه الحكم ببدلية المسح بالذراع الا بدليل
وعلى الثاني يلزم اجزاؤه من غير ضرورة الثاني لا يستحب مسح جميع الرأس عندنا قال في الذكرى والأقرب كراهيته وحرمه ابن حمزة وفي الخلاف اجمعنا
على أنه بدعة وقال ابن الجنيد لو مسح من مقدم رأسه إلى مؤخره اجزاه إذا كان غير مغنقد (؟؟؟) ولو اعتقد فرضه لم يجزه الا ان يعود إلى مسحه واستضعفه
في الذكرى باشتماله على الواجب فلا يؤثر الاعتقاد في الزائد وهو حسن وأبو الصلاح أبطل الوضوء لو تدين بالزيادة في الغسل أو المسح الثالث من منع
30

من الغسلة الثانية لا يجوز المسح ببللها عنده إما الثالثة فان قلنا بتحريمها لم يجز وان قلنا بجوازها فالأقرب عدم الأجزاء على القول باشتراط كون
المسح من بلل الوضوء فالأقرب عدم الأجزاء على القول باشتراط كون المسح من بلل الوضوء لأنه ليس من بلل الوضوء وربما يجوز الأجزاء لاختلاطه بماء
الوضوء وهو المنقول عن المعتبر الرابع هل يشترط تأثير المسح في المحل فيه وجهان ومختار المصنف في النهاية الاشتراط الخامس لو مسح العضو وعليه بلل فهل
يكون مجزيا قيل نعم وقيل لا وهو قول المصنف في المختلف ووالده والأول أقرب لحصول الامتثال وهو مختار المحقق وابن إدريس والمصنف في المنتهى بل قال المحقق لو كان
في ماء وغسل وجهه ويديه ثم مسح برأسه ورجليه جاز لان يديه لم ينفك عن ماء الوضوء ولم يضره ما كان على قدميه من الماء احتج المصنف بأنه يستلزم المسح بماء جديد
وهو ممنوع قال في الذكرى لو غلب ماء المسح رطوبة الرجلين ارتفع الاشكال ويجب مسح بشرة الرجلين بدلالة الكتاب واجماع الفرقة وتواتر ذلك عن الأئمة
عليهم السلام ويستفاد من التخصيص هنا بالبشرة والتعميم في الرأس بالنسبة إلى البشرة والشعر انه لا يجزى المسح على الشعر هنا بأقل اسمه بحسب عرض الرجل
ولا يجب الاستيعاب العرضي ونقل المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والتذكرة الاجماع على ذلك لكن رواية ابن أبي نصر السابقة تدل على الاستيعاب العرضي
فيحمل على الاستحباب كما أشار إليه الشيخ في النهاية ويؤيد الرواية المذكورة ما رواه الشيخ عن عبد الاعلى مولى آل سام في القوى قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام عثرت
فانقطع ظفري فجعلت على إصبعي مرارة فكيف اصنع بالوضوء قال تعرف هذا وأشباهه من كتاب الله عز وجل قال الله ما جعل عليكم في الدين من حرج امسح عليه و
حملها على الوجوب ينافي الاجماع المنقول من رؤوس الأصابع إلى الكعبين هذا هو المشهور قال المصنف في المنتهى لا يجب استيعاب الرجلين بالمسح بل الواجب من رؤوس الأصابع
إلى الكعبين ولو بإصبع واحدة وهو مذهب علمائنا أجمع وظاهر هذه العبارة دعوى الاجماع على وجوب لاستيعاب الطولي لكن المحقق في المعتبر تردد في ذلك ثم
رجح الوجوب تمسكا بقوله تعالى إلى الكعبين واحتمل في الذكرى العدم وجعل الوجوب أحوط قال وعليه فتوى الأصحاب ويمكن الاستدلال على الأول بوجهين
الأول الآية فان الظاهر كون التحديد للمسح أو يقال التحديد للممسوح والظاهر من مسح الشئ ء استيعابه ويضعف الأول بان موافقة سياق الآية يقتضي الحمل
على تحديد الممسوح كما في قوله تعالى إلى المرافق وان سلم كونها ظاهرة في تحديد المسح في نفسها مع أنه قد نوقش فيه ويخدش ذلك ما ذكره الشيخ من أنه ثبت عن
الأئمة عليهم السلام ان المراد بالى في الآية معنى مع ويؤيد انه ليس لتحديد المسح على الاخبار لا دالة على جواز النكس وسيجيئ مع ما فيه على أنه قد ثبت بصحيحة زرارة
السابقة في مسح الرأس ان المراد من المسح على الرجلين المسح ببعضها وانه موصول بالمسح بالرأس والباء للتبعيض فعلى هذا لو ثبت كون التحديد للمسح لا يلزم الا
وجوب المسح على بعض الرجل منتهيا إلى الكعبين ويؤيد ذلك قراءة الجر لأنه على ذلك التقدير يكون الأرجل معطوفة على الرأس وقد ثبت انه لا استيعاب في مسح
الرأس فكذا في المعطوف عليه ويمكن دفعه بالاجماع المركب وفي اثباته اشكال ويضعف الثاني بان هذا لا يجرى على قراءة الجر ولا نسلم ان المسح بالشئ ظاهر في
الاستيعاب إذ فرق بين المسح بالشئ وبين مسح الشئ على ما ذكره فخر الدين الرازي وغيره سلمنا لكن المراد بالمسح بالرأس بعضه كما عرفت فكذا في المعطوف عليه
على أنه قد ظهر بخبر زرارة ان المراد من مسح الرجل بعضها كما مر مع أن الاستيعاب ظاهرا وباطنا بل ظاهرا فقط خلاف ما ذهب إليه الأصحاب كما مر الثاني صحيحة أحمد بن
أبي نصر السابقة في مسح الرأس فإنها تدل على الاستيعاب ونحوه ما رواه الشيخ عن أحمد بن أبي نصر في الصحيح قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن المسح على القدمين كيف هو
فوضع بكفه على الأصابع ثم مسحها إلى الكعبين فقلت له لو أن رجلا قال بأصبعين من أصابعه هكذا إلى الكعبين قال لا الا بكفه كلها ويضعف بأنه محمولة
على الاستحباب كما عرفت ويمكن الاستدلال على الثاني بان المراد من الآية على ما استفيد من صحيحة زرارة الامر بمسح بعض الرجل وهذا مطلق يتحقق بدون
الاستيعاب لا يقال يفهم من الآية البعض المنتهى إلى الكعب وكل من ذهب إلى هذا إلى وجوب الاستيعاب الطولي فالتقييد لازم بالاجماع لأنا نقول لا نسلم الصغرى لجواز ان
يكون التحديد للممسوح كما مر مع امكان المناقشة في الكبرى ومما يقوى ذلك قول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة وبكير ابني أعين السابقة في مسح الرأس فإذا مسح بشئ
من رأسه أو بشئ من رجليه ما بين الكعبين إلى اخر أطراف الأصابع فقد اجزاه وهذا كما أنه يدل على عدم وجوب لاستيعاب يؤيد كون التحديد في الآية للممسوح
ويمكن المناقشة في دلالتها على عدم الاستيعاب بأنه يجوز ان يكون قوله عليه السلام ما بين الكعبين بدلا لقوله شئ أو عطف بيان له فيكون المعنى فإذا مسح بما بين الكعبين
ويكون الباء للالصاق والمراد بما بين الكعبين كله كما يقال ما بين المشرق والمغرب قبله الا انه يستبعد ذلك كثيرا فيما روى الكليني في الحسن عن زرارة وبكير
عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل ثم قال إن الله عز وجل يقول يا أيها الذين امنوا إذا قمتم إلى الصلاة فغسلوا وجوهكم وأيديكم فليس له ان يدع شيئا من وجهه
الا غسله وامر بغسل اليدين إلى المرفقين فليس له ان يدع شيئا من يديه إلى المرفقين فليس له ان يدع شيئا الا غسله لان الله يقول اغسلوا وجوهكم
وأيديكم إلى المرافق ثم قال وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين فإذا مسح بشئ من رأسه أو بشئ من قدميه ما بين الكعبين إلى أطراف الأصابع فقد اجزاه
الحديث ويستفاد من هذا الحديث حيث قال فإذا مسح بالفاء الظاهر في التفريع وإن كان بمعاونة المقام عدم لزوم الاستيعاب في المسح وان التحديد في الآية
للممسوح يظهر ذلك للمتدبر في سياق الحديث ومما يؤيد ما ذكرنا ما رواه الشيخ عن معمر بن عمر في القوى عن أبي جعفر عليه السلام قال يجزى في المسح على الرأس موضع ثلث
أصابع وكذلك الرجل والأحوط العمل بما عليه الأصحاب وهل يجب ادخال الكعب فيه قولان أحوطهما ذلك واختار في المعتبر عدم الوجوب لحديث الأخوين وله قوة
ويؤيده ما يدل على عدم وجوب استبطان الشراكين وعلى القول بوجوب الاستيعاب الطولي يجب ادخال شئ منه من باب المقدمة
وهما اي الكعبان مجمع القدم واصل
الساق وهو المفصل بين الساق والقدم هذا مختار المصنف وتبعه الشهيد في الرسالة وصاحب الكسر والفاضل الأردبيلي والشيخ بهاء الملة والدين على وجه
سنذكر وبالغ في انكار المصنف جماعة من أصحابنا المتأخرين منهم الشهيد رحمه الله ونسبوه إلى مخالفة الاجماع والتحقيق معهم إذ الظاهر أن قول المصنف مخالف لما ذهب
إليه الأصحاب ونقلوا الاجماع عليه بل الكعب عند الأصحاب عبارة عن العظم الناتي في وسط القدم عند معقد الشراك ونقل المرتضى في الانتصار والشيخ
في التهذيب والخلاف والاجماع على ذلك وقال الشيخ أبو علي الطبرسي في مجمع البيان واما الكعبان فقد اختلف في معناهما فعند الإمامية هما العظمان
الناتيان في ظهر القدم عند معقد الشراك وقال ابن زهرة هما الناتيان في وسط القدم عند معقد الشراك وذكر من جملة الأدلة اجماع الفرقة
وقال المحقق في المعتبر وعندنا الكعبان هما العظمان الناتيان في وسط القدم وهما معقد الشارك وهذا فذهب فقهاء أهل البيت عليهم السلام ثم ذكر
في جملة الأدلة الاجماع والعبارات المنقولة عن علمائنا المتقدمين والمتأخرين يقارب ما ذكرنا وستسمع شيئا منها في طي الكلام المنقول عن المختلف
واسند ابن الأثير هذا القول إلى الشيعة وصاحب لباب التأويل أسنده إلى الشيعة وكل من قال بالمسح فلا عبرة بنقل جمع من العامة ما يخالف ذلك
عن أصحابنا لقلة تتبعهم لكلام الأصحاب ويدل على ما ذكرنا ما رواه الكليني والشيخ عنه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته
31

عن المسح على القدمين كيف هو فوضع كفه على الأصابع فمسحها إلى الكعبين إلى ظاهر القدم وفى بعض نسخ الكافي على الكعبين فان المراد بظاهر
القدم ما إذ تقع منه فان الظواهر اشراف الأرض ويقال لما ارتفع وغلط من الأرض والعجب أنه لم يذكر الشهيدان هذه الرواية مع كونها أقوى ما ورد
في هذا الباب ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن ميسر وهو ممدوح وقد وثقه علي بن الحسين على ما نقل الكشي عن أبي جعفر عليه السلام قال الوضوء واحد ووصف
الكعب في ظهر القدم ورواه في موضع اخر بالاسناد عن ميسرة وثلاثة الوضوء واحدة ووصف الكعب في ظهر القدم وعن ميسر في القوى عن أبي جعفر عليه السلام قال
الا أحكي لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال ثم وضع يده على ظهر القدم ثم قال هذا هو الكعب قال وأومأ بيده إلى أسفل العرقوب ثم قال إن هذا هو الظنوب
ووجه التأييد ان الكعب بالمعنى الذي ذكره المصنف ليس على ظهر القدم فان المفصل بين شيئين خارج عنهما ويمكن المنازعة في الدلالة لكنهما يصلحان التأييد
وجعل الفاضل الشارح مضمون الخبر من المتواترات عن أهل البيت عليهم السلام وفيه تأمل ويؤيد ما ذكرناه ما روى الشيخ عن زرارة في الحسن بن ثعلبة
بن ميمون عن أبي جعفر عليه السلام ان عليا عليه السلام مسح على النعلين ولم يستبطن الشراكين قال الشيخ يعني إذا كانا عربيين لأنهما لا يمنعان من وصول الماء إلى الرجل
بقد ما يجب فيه عليه المسح وما رواه زرارة وبكير ابني أعين في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال في المسح تمسح على النعلين ولا تدخل يدك تحت الشراك
وروى الكليني عن زرارة باسناد فيه ضعف عن أبي جعفر عليه السلام قال توضأ علي عليه السلام فغسل وجهه وذراعيه ثم مسح على رأسه وعلى نعليه ولم يدخل يده تحت
الشراك وعن زرارة وبكير في الحسن عن أبي جعفر عليه السلام لا تدخل أصابعك تحت الشراك ولقائل أن يقول لم يثبت الاستيعاب الطولي فلا حجة فيها ويمكن ان يقال إن
ثبت استحباب الاستيعاب الطولي كفى في دلالة الصحيحة المذكورة والحسنة المنقولة في الكافي لان الخبر فيها في قوة النهي وعلى كل تقدير فتلك الروايات
حجة على المصنف إذ هو قائل بوجوب الاستيعاب الطولي لكن يستثنى المسح على النعل من هذا الحكم وبالجملة فتلك الروايات فيها تأييد ما والذي يؤيد ما (؟؟)
كونه أقرب بحسب اللغة وأنسب باشتقاقه كما سنذكر والعجب أن المصنف في المنتهى فسره بما يوافق المشهور ونقل اتفاق الأصحاب عليه فان قلت قد روى
الشيخ في الصحيح عن زرارة وبكير ابني أعين عن أبي جعفر عليه السلام انهما قالا له أصلحك الله فأين الكعبان قال هيهنا يعنى المفصل دون عظم الساق فقالا هذا ما
هو قال عظم الساق وروى الكليني عن زرارة وبكير ابني أعين في الحسن بإبراهيم بن هاشم في اخر حديث طويل انهما سألا أبا جعفر عليه السلام قال فقلنا أين الكعبان
قال ههنا يعنى المفصل دون عظم الساق فقلنا هذا ما هو فقال هذا من عظم الساق والكعب أسفل من ذلك الحديث وهذان الخبران يدلان
على مطلوب المصنف قلت إذا تعارض الخبران وكان أحدهما موافقا لعمل الأصحاب والاخر مخالفا فالترجيح لما عليه عمل الأصحاب فالترجيح لرواية ابن أبي نصر مع
علو اسنادها وتأيدها بباقي الاخبار والشواهد اللغوية وغيرها كما ستسمع مع أن خبر الأخوين غير صريح في كون الكعب هو المفصل بل يدل على أنه
قريب منه حيث قال هيهنا إذ فرق بينه وبين هذا وبالجملة تعيين التأويل في خبر الأخوين إما بان يقال إنه عليه السلام أشار بقوله هيهنا نحو ظهر القدم فاشتبه
الامر على الراوي فتوهم كونه إشارة إلى المفصل إذ ظاهر ان إشارة القائم أو الجالس نحو قبة القدم لا يتميز عن الإشارة إلى المفصل حسبا
فظن الراوي المفضل كعبا أو يقال إن غرض الراوي بكونه يعني المفصل ليس انه الكعب بل المراد ان الإشارة هيهنا كان نحو المفصل دون عظم الساق ولا ينافي
كون الكعب شيئا اخر قريب منه لما في لفظة هيهنا من السعة أو انه عليه السلام أشار نحو المفصل فقال هيهنا من غير تعيين وكان الغرض مجرد نفي مذهب المخالفين
إذا طلق المفصل على العظم الناتي للمجاورة مجازا ويحتمل على بعد أن يكون إشارة إلى مفصل اخر كالمفصل بين الأصابع والمشط أو المفصل من المشط والرسغ
وبالجملة اطلاق المفصل على العظم الناتي محتمل ولهذا بعض العامة الموافق لنا في القول بان الكعب هو العظم الناتى في ظهر القدم يطلق عليه المفصل حكى
عن صدر الشريعة من أفاضل العامة في رواية هشام عن محمد هو المفصل الذي في وسط القدم عند معقد الشراك لكن الأصح انها العظم الناتى التي ينتهى
إليه عظم الساق انتهى فان قلت كيف استدل الشيخ في التهذيب والخلاف والمحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى بخبر الأخوين على أن الكعب هو
العظم الناتى قلت لعل غرضهم الاستدلال به على نفي مذهب المخالف على تعيين الكعب بخصوصه انا عرفت هذا فاعلم أن المصنف قال في المختلف يراد بالكعبين هنا
المفصل بين الساق والقدم وفي عبارة علمائنا اشتباه على غير المحصل فان الشيخ وأكثر الجماعة قالوا إن الكعبين هنا الناتيان في وسط القدم قاله الشيخ في كتبه
قال السيد الكعبان هما العظمان الناتيان في وسط القدم عند معقد الشراك وقال أبو الصلاح هما معقد الشراك وقال المفيد رحمه الله هما قبة القدمين امام
الساقين ما بين المفصل والمشط وقال ابن أبي عقيل الكعبين ظهر القدم وقال ابن الجنيد الكعب في ظهر القدم دون عظم الساق وهو المفصل الذي قدام العرقوب
لنا ما رواه الشيخ وذكر رواية الأخوين ثم قال وما رواه ابن بابويه عن الباقر عليه السلام وقد حكى وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله إلى أن قال ومسح على مقدم رأسه وظهر قدميه وهو
يعطى استيعاب المسح لجميع ظهر القدم ولأنه أقرب إلى ما حده به أهل اللغة انتهى كلامه وفيه نظر من وجوه الأول ان الظاهر من كلامه انه حمل عبارات الأصحاب على مدعاه
مع أنه يأبى عنه غاية الاباء كما لا يخفى على المتدبر نعم عبارة ابن الجنيد تدل على مدعاه إن كان قوله وهو المفصل الذي قدام العرقوب من كلامه لا من كلام
المصنف الا ان ذلك غير معلوم بل الامر بالعكس ومما يؤيد ذلك أن الشهيد رحمه الله حيث نقل العبارات لم ينقل هذه التتمة بعد نقل كلام ابن الجنيد ومخالفته لباقي
الأصحاب في مثل هذه المسألة الاتفاقية بعيد الثاني ما ذكره خلاف ما ذهب إليه الأصحاب ونقلوا الاجماع عليه كما عرفت الثالث انه تنفيه الروايات السالفة واما
خبر الأخوين فقد عرفت الجواب عنه الرابع احتجاجه بخبر زرارة حيث قال ومسح على مقدم رأسه وظهر قدميه بأنه يعطى الاستيعاب مدفوع لأنا لا نسلم ان المسح على
الشئ معناه الاستيعاب سلمنا لكن قوله مسح على مقدم رأسه ليس بمعنى الاستيعاب فكذا المعطوف عليه إذ لو سلم انه ظاهر في الاستيعاب في نفسه لكن مع وجود
ما ذكرنا ممنوع بقرينة المناسبة وتوافق اجزاء الكلام سلمنا لكن وجوب مسح ظهر القدم مستوعبا خلاف ما ينقلون عليه الاجماع وتدل عليه الاخبار فيلزم
ان لا يحمل عليه سلمنا لكن مسحه عليه السلام لا يدل على الوجوب فلعله كان مبنيا على الاستحباب الخامس كون ذلك أقرب إلى ما حده به أهل اللغة ممنوع كيف وقد ذكر بعض
علمائنا ان أهل اللغة هنا متفقون على أن الكعب هو الناتى في ظهر القدم حيث يعقد موضع الشراك بل هذا نسب باشتقاقه لأنه مأخوذ من كعب إذا ارتفع
ومنه كعب ثدي الجارية إذا علايق كاعب إذ أنثى ثديها ومنه يقال الكعب لكل ما له ارتفاع وبه سميت الكعبة كعبة قال الهروي في الغريبين وبهذا احتجت العامة
على أن الكعب هو الناتى عن الطرين والظاهر أن اطلاقه على العقبين الابنوبين بهذا الاعتبار قال الجوهري كعوب الرمح النواشز في أطراف الأنابيب
وهذا المعنى ذكره صاحب القاموس حيث ذكر من جملة معاينه الكعب العظم الناشز فوق القدم وهو أحد احتمالي كلام الجوهري حيث قال الكعب العظم الناشز عند
ملتقى الساق والقدم وقوله عند ملتقى الساق والقدم باعتبار قربه من الملتقى والاحتمال الآخران يكون المراد به المعنى المعروف عند العامة موافقا لكلام ابن الأثير
32

الآتي ولما ذكره ابن إدريس في المجمل حيث قال هو عظم طرف الساق عند ملتقى القدم والساق وقال أبو عبيدة الهروي في الغريبين وكل شئ علاء وارتفع فهو
كعب ونحوه قال ابن الأثير أيضا الكعبان العظمان الناتيان عند مفصل الساق والقدم عن الجنبين وذهب قوم إلى انها العظمان اللذان في ظهر القدم وهو
مذهب الشيعة ومنه قول يحيى بن الحرث رأيت القتلى يوم زيد بن علي فرأيت الكعاب في وسط القدم بل يظهر من الصحاح والمغرب ان القول بان الكعب في ظهر القدم قول
شائع بين الناس حيث قالا وأنكر الأصمعي قول الناس انه في ظهر القدم ونقل الشهيد في الذكرى عن العلامة اللغوي عميد الرؤساء انه صنف كتابا في تحقيق الكعب وأكثر في الشواهد على أن الكعب
هو الناشز في ظهر القدم امام الساق حيث يقع معقد الشراك من النعل وقال الشهيد أيضا لغوية الخاصة متفقون على أن الكعب ما ذكرنا ولغوية العامة مختلفون
ثم ذكروا من أحسن ما ورد في ذلك ما ذكره أبو عمر الزاهد في كتاب فائت الجمهرة قال اختلف الناس في الكعب فأخبرني أبو نصر عن الأصمعي انه الناتى في أسفل الساق عن يمين
وشمال وأخبرني سلمة عن الفراء قال هو في مشط الرجل وقال هكذا برجله قال أبو العباس فهذا الذي يسميه الأصمعي الكعب هو عند العرب المنجم قال وأخبرني سلمة عن الفراء
عن الكسائي قال قعد محمد بن علي بن الحسين عليهم السلام في مسجد كان له وقال هيهنا الكعبان قال فقالوا هكذا ولكنه هكذا وأشار إلى مشط رجله فقالوا له ان الناس
يقولون هكذا قال في القاموس المشط سلاميات ظهر القدم وقال في الصحاح السلاميات عظام الأصابع وفى القاموس السلامي عظام صغار طول إصبع وأقل في اليد
والرجل في سلاميات شئ وعظام المشط على ما يستفاد من كتب التشريح عظام يتصل بها عظام الأصابع فإنهم ذكروا ان القدم مركبة من ستة وعشرين عظما راجعة
إلى أقسام ستة عظم الكعب وعظم العقب وهو عمدة الساق وكالأساس له والعظم الرواني وعظام أربعة للرسغ انها تتصل عظام المشط وعظام خمسة للمشط بها
تتصل الأصابع وأربعة عشر عظما للأصابع فقد ظهر مما تلونا عليك ان المعنى الذي ذكره المصنف أبعد بحسب
اللغة ولم اطلع عليه الا في القاموس حيث ذكره من
جملة معانيه فقال وكل مفصل للعظام يسمى كعبا وفى التفسير الكبير لفخر الدين الرازي حيث نقل من حجة الامامية ان المفصل قد يسمى كعبا مع اشعار هذه العبارة
بقلة الاطلاق والمعنى المذكور في الكتابين أعم من المفصل المقصود هيهنا ثم اعلم أن الشيخ بها الملة والدين رحمه الله قد تصدى لانتصار مذهب المصنف وأكثر من التشيع على
منكر به وبالغ في ذلك حتى ظن أنه الحق الذي لا ريب فيه والصدق الذي لا شبهة يعتريه والنص الصحيح بذلك شاهد وكلام الأصحاب عليه مساعد وما ذكره المشرحون يدل
عليه وما اورده المحققون من أهل اللغة يرشد إليه وكلام العامة صريح في نسبة هذا القول إلينا ثم فصل هذا الاجمال وتلخيص كلامه ان الكعب يطلق على معان
أربعة الأول ما ذكر الثاني المفصل الثالث عظم مستدير عند ملتقى الساق والقدم تحت عظم الساق له زائدتان ناتيتان داخلتان في حفرتي قصبتي الساق
الرابع الناتيتان عن طرفي الساق وهو الكعب عند العامة ومراد العلامة المعنى الثالث ولهذا قد يعبر عنه بالمفصل وقد يعبر عنه بمجمع الساق والقدم وقد يعبر عنه
بالعظم الناتى وحديث الأخوين صريح في هذا المعنى غير قابل للتأويل والروايتان المنقولتان عن ميسر غير آب عن الحمل عليه فان العظم المذكور في القدم وعبارات
الأصحاب أيضا لا تأبى عن الحمل عليه فإنه في وسط القدم وله نتو في الواقع وإن كان خفيا عن الحس بل عبارة ابن الجنيد صريح في المدعى وأهل اللغة صرحوا بأن
المفاصل التي بين أطراف الأنابيب ويسمى كعابا قال في الصحيح كعوب الرمح النواشز في أطراف الأنابيب وقال في المغرب الكعب العقدة بين الانبوبين في القصب وقال أبو
عبيدة الكعب هو الذي في أصل القدم ينتهى إليه الساق بمنزلة كعاب القناة وذكره صاحب القاموس وذكر الرازي في تفسيره ان المفصل يسمى كعبا وأسنده
جماعة من العامة كالرازي والنيشابوري وصاحب الكشف إلى الامامية وهو المعنى الذي بحث عنه علماء التشريح هذا ملخص كلامه وعندي انه افراط في القول فان
العظم المستدير المذكور أمر خفى لا يعرفه الا أرباب التشريح فيستبعد ان يكون هو المراد بالكعب المعرف باللام في الآية واما قوله رواية الأخوين صريح في هذا المعنى
غير قابل للتأويل فقد عرفت ما فيه بل يمكن ان يقال الرواية تنفيه لأن الظاهر من سياق الخبر ان إشارته عليه السلام كان إلى جانب اخر غير جانب عظم الساق أي الناتيين من الجانبين
مع أن العظم المستدير المذكور في وسطهما بحيث احتويا عليه من أكثر الجوانب فتكون الإشارة إليه عين الإشارة إليهما في أكثر الأحيان وقوله لعدم أبا الروايتين
عن الحمل عليه لكونه في ظهر القدم مدفوع لان العظم المذكور تحت قصبة الساق بحيث دخل زائدتاه في حفرتي قصبتي الساق وهو موضوع بين الطرفين الناتيين
من قصبتي الساق اللذين يسميهما الناس الكعبين وهذا الطرفان يحتويان عليه من جوانبه أي من أعلاه وقفاه وجانبيه الانسى والوحشي صونا له من الانخلاع صرح
به الآملي في شرح القانون فالقول بكون مثله في ظهر القدم بعيد ولهذا قال في الصحاح والمغرب وأنكر الأصمعي قول الناس انه في ظهر القدم مع أن القول بان الكعب هو
العظم المستدير المذكور منسوب إلى الأصمعي كما ذكره الرازي وغيره ونسبه رحمه الله إليه وكذا قوله عبارات الأصحاب غير آبية عن الحمل عليه مدفوع لأن الظاهر أن الكعب بالمعنى
الذي ذكره ليس في ظهر القدم كما ذكرنا والظاهر من الناتى الناتى بحسب الحس ويؤيده انهم قالوا العظمان الناتيان معرفا باللام المشير إلى العهد والحضور في الأذهان وما
ذكره معنى خفى غير معروف فيستبعد فيه التقريب وأيضا الظاهر من وسط القدم وسطه الطولى لا العرضي مع أن العظم المذكور ليس معقدا للشراك فإنه نحت
الساق وقول المفيد رحمه الله في خلاف ما ادعاه بحيث لا يحتمل غيره والشيخ في التهذيب حيث شرح كلام المفيد نقل الاجماع على أن الكعب هو المعنى الذي ذكره المفيد رحمه الله
والمحقق صرح بأنه الناتى في مشط القدم مع ادعائه اجماع أهل البيت واما عبارة ابن الجنيد فقد عرفت الكلام فيها واما الاستشهادات اللغوية التي تمسك بها فعندي
انها غير دالة على مدعاه فان ما نقل من الصحاح والمغرب لا يدل على أن كل مفصل يسمى كعبا لجواز ان يكون اطلاق الكعب على النواشز بين أطراف الأنابيب باعتبار
نشوزها لا كونها مفاصل بل ذلك أقرب باشتقاقه واما عبارة أبى عبيدة فغير دالة على مدعاه فإنه يجوز ان يكون محمولة على الناتى عن طرفي الساق ولذا
احتج بها العامة على اثبات مرامهم والمصنف وغيره حيث نقلوا هذا الاحتجاج عنهم لم يعترضوا بعدم الدلالة بل ذكروا ان ذلك دال على تسميته كعبا لا على حصر معنى
الكعب في ذلك مع أنه يحتمل الحمل على المعنى الذي ذكرنا كما ادعاه بعض الفضلاء واما صاحب القاموس فموضع الاستشهاد من كلامه في جملة معاني الكعب والذي
يلعب به وهو غير دال على ما ذكروه بل الظاهر أن المراد به ما يلعب به أصحاب النرد ويؤيده قول ابن الأثير في النهاية حيث قال الكعاب فصوص النرد واحدها كعب وكعبة
واللعب بها حرام واما الرازي فحيث أسند إلى الامامية القول بأن الكعب هو العظم المستدير ذكر في جملة ما نقل من احتجاجهم ان المفصل يسمى كعبا وإذ قد عرفت ان هذه
النسبة خطأ عرفت ضعف الاستشهاد بكلامه ونسبة جمع من العامة هذا المذهب إلى الأصحاب مع مخالفته لصريح عباراتهم ومعارضة نسبة فرقة منهم إلى
الأصحاب خلافه غير معتبرة وكذا تسمية علماء التشريح ذلك كعبا لا عبرة به إذا خالف ما ذكرنا من الأدلة والشواهد فقد ظهر بما ذكرنا ان الأقرب في هذه المسألة
هو القول المشهور لكن ينبغي الاحتياط ان لا يترك ويمكن الجمع بين الروايات بان يقال الكعب يبتدئ من مبدء العظم الناتى على ظهر القدم وينتهى إلى المفصل
والإشارة إلى المفصل في رواية الأخوين باعتبار انه ينتهى إليه الكعب واطلاق الكعب على الناتى على ظهر القدم في غيرها من الروايات باعتبار كونه مبدأ الكعب
وحينئذ يرتفع ثمرة الخلاف ان قلنا بوجوب ادخال الكعب وبهذا الوجه يمكن تأويل كلام المصنف بوجه يطابق المشهور
ويجوز المسح على الرجلين منكوسا بان يبتدأ
33

بالكعب ويختم بالأصابع كالرأس والمنقول عن ظاهر المرتضى وابني بابويه المنع عنه وبه قطع ابن إدريس واستدل على الأول بصحيحة حماد بن عثمن المتقدمة في مسح الرأس
وبصحيحة أخرى له عنه عليه السلام لا باس بمسح الرجلين مقبلا ومدبرا وما رواه الكليني والشيخ عن يونس قال اخبرني من رأى أبا الحسن عليه السلام؟؟؟؟ يمسح ظهر قدميه من أعلى القدم
إلى الكعب ومن الكعب إلى أعلى القدم ويرد على أن الكل ان الروايات غير دالة على جواز النكس منفردا بل يجوز ان يكون المراد منها الجمع بين المقبل والمدبر فلعل
ذلك مستحب الا انى لم اطلع على قول باستحباب ذلك بل إنهم افتوا بأنه لا تكرار في المسح وفى رواية يونس زيادة في الكافي يأبى عن هذا الحمل وهو قوله ويقول
الامر في مسح الرجلين موسع من شاء مسح مقبلا ومن شاء مسح مدبرا فإنه من الامر الموسع وفى سند هذه
الرواية ضعف لان في طريقه محمد بن عيسى عن يونس
وذكر الصدوق وشيخه ابن الوليد ان ما تفرد به محمد بن عيسى عن يونس لا يعمل به والراوي مجهول مع أن تلك الزيادة يحتمل ان يكون من كلام الراوي مع جهالته
فلا يصح للاحتجاج ويمكن الاستدلال بالاطلاقات كصحيحة زرارة وبكير السالفة وكثير من الاطلاقات الدالة على الامر بمسح القدم أو اجرائه مطلقا والاستدلال
على المذهب الأخر بقوله تعالى إلى الكعبين ضعيف لجواز ان يكون التحديد للممسوح أو إلى بمعنى مع رعاية للتناسب بينه وبين السابق كما مر وكذا الاستدلال
بالوضوء المحكي لجواز الاستحباب خصوصا مع المعارض وكذا رواية البزنطي وقد مر ولا يجوز المسح على حائل كخف وغيره اختيارا باتفاق الأصحاب ودلالة الاخبار
وعدم صدق الامتثال ويجوز للتقية باتفاق الأصحاب وهل يشترط في جواز التقية عدم المندوحة فيه قولان والضرورة كالبرد ذكر ذلك ابن بابويه والشيخ
وجماعة من الأصحاب والمستند فيه ما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمن وهو من الثقات الاجلاء الذين جمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن محمد بن النعمان
المشترك بين الثقة ومن لم يوثق عن أبي الورد وهو غير موثق قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ان أبا ظبيان حدثني انه رأى عليا عليه السلام أراق الماء ثم مسح على الخفين فقال
كذب أبو ظبيان إما بلغك قول علي عليه السلام فيكم سبق الكتاب الخفين فقلت فهل فيها رخصة فقال لا الا من عد وتقية أو من ثلج تخاف رجليك ولا يبعد ان يقال
عدم حسن الرواية منجبر بعمل الأصحاب فإنه من القرائن القوية الموجبة لغلبة الظن مع أن في صحتها إلى حماد اشعار إما بحسنها ولو زالت الضرورة فقال الشيخ في
المبسوط والمحقق في المعتبر بوجوب الإعادة واستقربه المصنف في التذكرة وذهب جماعة إلى العدم لأنها طهارة شرعية ولم يثبت كون ذلك ناقضا ويمكن الاستدلال
على الأول بعموم الآية فإنها تدل على وجوب الوضوء عند إرادة الصلاة مطلقا الا ما أخرجه الدليل ويضعف بما قيل من أن الآية مفيدة بالمحدثين بالاجماع وبنقل
المصنف اجماع المفسرين على أن المراد إذا قمتم من النوم ونسب ذلك الشيخ إلى المفسرين وورد بذلك رواية ابن بكير وهي لا يقصر عن الصحاح مضافا إلى العموم في الآية
ليس بحسب الوضع اللغوي بل بحسب العرف والقرائن فانصرافها إلى الغالب الكثير العهد غير بعيد واما ما قيل من أن الامر في الآية محمول على الندب فضعيف و
يمكن ترجيح الثاني لرواية عبد الله بن بكير عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا استيقنت انك أحدثت فتوضأ وإياك ان تحدث وضوء ابدا حتى تستيقن
انك قد أحدثت وهذه الرواية من الحسان أو الموثقات وقد سبقت بوجه أخرى في شرح ما يستحب له الوضوء وفى الاستدلال بالاخبار الدالة على حصر ناقض
الوضوء في الاحداث تأمل مر الكلام في مثله في شرح الخبر يستحب له الوضوء وكذا في الاستدلال بها استصحاب التقاء على الطهارة لقول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة
ليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا تأمل سيجئ تحقيقه في مبحث الماء المضاف ومن كان مخالفا ومسح على الخفين مقلدا أو مجتهدا ثم استبصر و
وقف على خطيئة فالمشهور بين الأصحاب انه لا يعيد صلاته قال في المعتبر اتفقوا على أنه لا يعيد شيئا من عبادته التي فعلها سوى الزكاة وذهب المرتضى رحمه الله
إلى أن يعيد الصلاة ويدل على الأول ما رواه زرارة وبكير والفضيل ومحمد بن مسلم وبريد العجلي عن الباقر والصادق عليهما السلام قالا في الرجل يكون في بعض هذه
الحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية ويعرف هذه الامر ويحسن رأيه يعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو صدقة أو حج أو ليس عليه إعادة شئ من ذلك
قال ليس عليه إعادة شئ من ذلك غير الزكاة لابد ان يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها انما موضعها أهل الولاية
مسألة يجوز المسح على النعل العربي وان لم يدخل يده تحت الشراك قال ابن الجنيد فيما حكى عنه في النعال وما كان منها غير مانع لوصول الراحة والأصابع أو
بعضها إلى مماسة القدمين فلا باس بالمسح عليهما قال وقد روى المسح عليهما عن أمير المؤمنين عليه السلام والباقر والصادق عليهما السلام وان رسول الله صلى الله عليه وآله توضأ ومسح على
نعليه فقال له المغيرة أنسيت يا رسول الله قال بل أنت نسيت هكذا امرني ربى قال وروى الطبري والساجي وغيرهما ان رسول الله صلى الله عليه وآله مسح عليهما وعن أمير المؤمنين عليه السلام
وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وأوس بن أوس وروى عن أبي ظبيان وزيد الجهني ان أمير المؤمنين عليه السلام توضأ ومسح عليهما وظاهر كلامه عدم اختصاص ذلك
بالنعل العربي فينسحب الحكم في الغير المركب على الخشب إذا كان في عرض الشراك تقريبا وتوقف فيه في كرة وكذا لو ربط رجليه بسير للحاجة بل عبثا قال في الذكرى
إما السير للحاجة فهو ملحق بالجبائر واما العبث فان منع فالأقرب الفساد ان أوجبنا المسح إلى الكعبين وهو حسن ولو غسل رجليه مختارا بطل وضوءه لعدم
الامتثال وقد مر الكلام في تحقيق هذا المقام واحترز بالاختيار عن التقية فيجوز الغسل حينئذ ولو دارت التقية بين الغسل والمسح على الخف فذكر الأصحاب وجوب
الغسل لكونه أقرب إلى المفروض وللنظر في هذا التعليل مجال فتأمل ولو انعكس بان مسح في موضع التقية فالظاهر البطلان لتحريم الفعل المقتضى للفساد في العبادات
ويجب مسح الرأس والرجلين ببقية نداوة الوضوء قال الشهيد رحمه الله استقر عليه اجماع أصحابنا بعد ابن الجنيد وذهب ابن الجنيد إلى جواز الاستيناف عند
عدم بلة الوضوء قال وكذلك استحب إذا كان وضاء وجهه مرتين ويظهر من كلام الشيخ في العدة ان هذا من الخلافات المعروفة بين الشيعة ونسب القول بعدم
جواز الاستيناف في الخلاف إلى أكثر أصحابنا ونقل المرتضى وابن زهرة اجماع الفرقة حجة المشهور الأخبار الواردة في وصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله الدالة على أنه صلى الله عليه وآله لم يجدد ماء
بل مسح ببقية الندى كصحيحة زرارة وصحيحة الأخوين المذكورتين في التهذيب وحسنه الأخوين ورواية زرارة ورواية بكير ورواية محمد بن مسلم المذكورات
في الكافي وصحيحة أبى عبيدة الحذاء الدالة على أن الباقر عليه السلام لم يجدد ماء في الوضوء ويرد على الكل ما أشرنا سابقا من أنه يجوز ان ذلك لكونه أفضل الفردين
أو بيانا للجواز حتى لا يتوهم وجوب الاستيناف كما توهمه العامة واستدل في المعتبر بان الامر للفور والاستيناف ينافيه وهو ضعيف جدا قال صاحب
المدارك والأجود الاستدلال عليه بصحيحة زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام ان الله وتر يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلث غرفات واحده للوجه واثنتان
للذراعين وتمسح ببلة يمناك ناصيتك وما بقى من بلة يمناك ظهر قدمك اليمنى وتسمح ببلة يسراك ظهر قدمك اليسرى فان الجملة الخبرية هنا بمعنى
الامر وهو يقتضى الوجوب وهذه الرواية اوردها الكليني باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم وفى الأخر محمد بن إسماعيل الذي يروى عنه الكليني
وهو مشترك بين الثقة وغيره لكن طريقة صاحب المدارك ان يعده من الصحاح وأورد الشيخ هذه الرواية بطريق حسن وفى الاستدلال بها ضعف إذ يجوز
ان يكون قوله عليه السلام ثم تسمح معطوفا على ثلث غرفات بتقديران وعطف الفعل على المفرد بتقدير ان شائع في كلام البلغاء مع ما فيه من الخلوص عن عطف
34

الإنشاء على معنى الخبر وعن لزوم تعين المسح على الناصية والرجل اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى فإنه لم يعلم فتوى الأصحاب عليه وحينئذ يكون ارتباطه بقوله عليه السلام
ان الله وتر يحب الوتر على أن المسحات ثلثه على أن اثبات ان حمل الخبر على معنى الاستحباب أبعد من حمله على الوجوب خصوصا في الأخبار الخاصة لا يخلو عن اشكال
بل سياق الرواية مناسب لحمله على الجواز أو الارشاد كما لا يخفى على المتدبر فظهر ان ما ذكره بعض أفاضل الشارحين من أن الخبر يفهم منه وجوب المسح بالبلة
وأيضا يدل على كون مسح الرأس والرجل اليمنى باليد اليمنى ومسح اليسرى باليسرى ولعل بالوجوب لم يقل أحد وليس الخبر بصحيح بل هو حسن فلا يبعد الاستحباب
محل النظر قال في الذكرى وضرورة ابن الجنيد يدفعها مشهور خلف بن حماد المرسل عن أبي عبد الله قلت له الرجل ينسى مسح رأسه وهو في الصلاة قال إن كان في لحيته
بلل فليمسح به قلت فإن لم يكن له لحية قال يمسح من حاجبيه ومن أشفار عينيه وفى انتقاضه باثبات المدعا تأمل لعدم صراحة الامر في الوجوب واحتمال الحمل على
الغالب من عدم التمكن من الماء في حال الصلاة واعلم أن الروايات السابقة وان لم يدل على وجوب المسح ببقية البلل لكن دل على جواز ذلك فما دل على خلافه نحو ما رواه
الشيخ عن معمر بن خلاد في الصحيح قال سئلت أبا الحسن يجزى الرجل ان يمسح قدميه بفضل رأسه فقال برأسه لا فقلت أبماء جديد فقال برأسه نعم وعن أبي بصير في الصحيح
على الأقرب قال سألتا أبا عبد الله عليه السلام عن مسح الرأس قلت امسح مما في يدي من الندا رأسي قال لا بل تضع يدك في الماء محمول على التقية لمعارضته بما هو أقوى منه مع مخالفته
لاجماع الفرقة وابن الجنيد غير قائل بوجوب الاستيناف فليس له التمسك بالروايتين وله ان يستدل باطلاق الآية وبما نقل المحقق في المعتبر حيث قال وذكر البزنطي
في جامعه عن جميل عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال حكى لنا وضوء رسول اله صلى الله عليه وآله وقال ثم مسح بما بقى في يده رأسه ورجليه ثم قال احمد البزنطي وحدثني المثنى عن زرارة
وأبى حمزة عن أبي جعفر عليه السلام مثل حديث جميل في الوضوء الا انه في حديث المثنى ثم وضع يده في الاناء فمسح رأسه ورجليه وفيه انه لا يصلح معارضا للاخبار السالفة إذ الظاهر
كون الوضوء المحكي في الجميع واحدا مع احتمال التعدد مع امكان المناقشة في دلالة الخبر على الاستيناف ويؤيد مذهب ابن الجنيد ما رواه الشيخ عن أبي بصير في الضعيف
عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل يسعى ان يمسح على رأسه فذكره هو في الصلاة فقال إن كان استيقن ذلك انصرف فمسح على رأسه ورجليه واستقبل الصلاة وان شك فلم
يدر مسح أو لم يمسح فليتناول من لحيته إن كانت مبتلة وليمسح على رأسه وإن كان امامه ماء فليتناول منه فيمسح به رأسه والرواية لا تصلح للدلالة لاختصاصها
بصورة الشك التي لم يجب عليه المسح فيجوز ان يكون محمولا على استحبابه على الوجه المذكور في الصورة المذكورة قال في المعتبر دليلنا على وجوب المسح ببقية البلل انه عليه السلام
مسح ببقية البلل وفعله عليه السلام بيان للمجمل فيجب وهو معارض بالأحاديث المبيحة للاستيناف لكن القول بوجوب المسح بقيه البلل أولي في الاستطهار للعبادة وهذا
الكلام يدل على وجود أحاديث دالة على إباحة الاستيناف ولعل مراده بالإباحة الجواز بالمعنى الأعم فيكون إشارة إلى صحيحتي عمر وأبي بصير فان استأنف ماء جديد أبطل
وضوءه لعدم الامتثال بناء على ما ذكر فان جف البلل عن يديه اخذ من لحيته وأشفار عينيه ومسح به ويجوز الاخذ من هذه المواضع من غير جفاف اليد لكونه من
بلل الوضوء ولا يصدق عليه الاستيناف ويشكل بما رواه الشيخ باسناد لا يبعدان بعد موثقا عن عبيد الله بن مسكان وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه
عن مالك بن أعين وهو غير موثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال من نسى مسح رأسه ثم ذكر انه لم يمسح رأسه فإن كان في لحيته بلل فليأخذ منه وليمسح رأسه وان لم يكن في لحيته بلل
فلينصرف وليعد الوضوء لتخصيص الحكم فيها باللحية لكن لا يبعد ان يقال إنه محمول على الغالب حيث يكون جفاف اللحية عند جفاف جميع الأعضاء قيل ولا يختص الاخذ
بهذه المواضع بل يجوز من جميع مخال الوضوء وتخصيص الشعر لكونه محل البلل ويجرى فيه المناقشة السابقة فان جف جميع ذلك بطل الوضوء الا مع الضرورة كافراط الحر
وقلة الماء فيجوز حينئذ الاستيناف ولو أمكن القاء جزء من اليد اليسرى ثم الصب عليه أو غمسه وتعجيل المسح به وجب مقدما على الاستئناف بناء على عدم جوازه ويجب
في الوضوء الترتيب يبدأ بغسل الوجه ثم اليد اليمنى ثم اليسرى ثم يمسح الرأس ثم الرجلين والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب وتدل عليه الأخبار المستفيضة ولا ترتيب
بينهما على المشهور حتى قال ابن إدريس لا أظن أحدا منا مخالفا في ذلك ويدل عليه اطلاق الآية والاخبار والمحكى عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل وسلار وظاهر ابن بابويه
وجوب تقديم اليمنى وعن بعض الأصحاب جواز المعية خاصة واختار الشارح الفاضل القول الثاني وعلل بأنه لم يكن في الوضوء البياني الا كذلك والا لزم تعين خلافه وهو
باطل اجماعا فيلزم وجوب تقديم اليمنى وفيه ضعف كما مر لكن تدل عليه رواية محمد بن مسلك في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر المسح فقال امسح على مقدم رأسك فامسح
على القدمين وابدا بالشق الأيمن الا انك قد عرفت ان دلالة الامر في اخبارنا على الوجوب ليس بذلك الواضح فلا ينتهض لتخصيص اطلاق الآية والاخبار وتجب الموالاة
لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الموالاة وانما الخلاف في تفسيرها فقيل معناها ان يغسل كل عضو قبل ان يجف ما تقدمه وهو المشهور بين الأصحاب حتى قال الشهيد في الذكرى
وكلام الشيخين ظاهر في المتابعة وظاهر المبسوط عدم الأجزاء بالمخالفة ففيه وفاء لحق الواجب الا انه في الجمل وافق الأصحاب في اعتبار الجفاف فانحصرت المتابعة في المفيد رحمه الله
ولو حمل قوله لا يجوز على الكراهة انعقد الاجماع وقيل إنها وجوب المتابعة اختيار أو الجفاف اضطرار الا انه لا يبطل الا بالجفاف واختاره المحقق والمصنف فقال
وفي المتابعة اختيارا فان اخر بعض الأعضاء عن بعض فجف المقدم بطل الوضوء وهذا مذهب الشيخ في الخلاف ونسبه في المعتبر إلى المرتضى في المصباح وقيل إنها
المتابعة اختيار أو مراعاة الجفاف اضطرارا ويبطل بترك المتابعة اختيار أو هو ظاهر المبسوط والأقرب الأول ويدل على بطلان الوضوء في صورة الجفاف ما رواه
الكليني والشيخ عن أبي بصير في الموثق عن أبي عبد الله قال إذا توضأت بعض وضوئك فعرضت لك حاجة حتى يبس وضوءك فأعد وضوئك فان الوضوء لا
يتبعض وفى الكليني حتى ينشف بدل حيت يبس وجه الدلالة ان الظاهر أن المراد من التعليل ان الوضوء الشرعي ليس أمر يتبعض ويتفرق ويؤيده ما رواه الشيخ عن معوية
بن عمار قال قلت لأبي عبد الله ربما توضأت فنفد الماء فدعوت الجارية فأبطأت على بالماء فيجف وضوئي قال
أعد ورواها الشيخ والكليني باسناد قوى ويمكن النزاع في كون الأول
بالإعادة دالا على البطلان ولهذا جعلناها من المؤيدات ويؤيده اتفاق الأصحاب وتوقف البراءة اليقينية عليه والوضوء البياني واما ما رواه الشيخ عن حريز في الصحيح في الوضوء
يجف قال قلت فان جف الأول قبل ان اغسل الذي يليه قال جف أو لم يجف اغسل ما بقى قلت وكذلك غسل الجنابة قال هو تلك المنزلة وابدء بالرأس ثم افض على ساير حدك قلت وإن كان بعض
يوم قال نعم فحملها الشيخ على صورة الاضطرار وليخسف الريح العظيمة أو الحر الشديد ونقل في الذكرى ان هذا الحديث مما أسنده الصدوق إلى الصادق عليه السلام في كتاب مدينة العلم وذكر ان حملها
على التقية انسب للتسوية بينه وبين غسل الجنابة في ظاهر الخبر ويدل على عدم البطلان بترك المتابعة اختيارا وكذا عدم الاثم اطلاق الآية والاخبار ويؤيد عدم البطلان ما رواه الشيخ
والكليني عن زرارة باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم قال قال أبو جعفر عليه السلام تابع بين الوضوء كما قال الله عز وجل ابدء بالوجه ثم باليدين ثم امسح الرأس والرجلين ولا فقد من
شيئا بين يدي شئ تخالف ما أمرت به فان غسلت الذراع قبل الوجه فابدء بالوجه واعد على الذراع وان مسحت الرجل قبل الرأس فامسح على الرأس قبل الرجل ثم أعد على الرجل الحديث وما رواه
35

الشيخ عن منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يتوضأ فيبدأ بالشمال قبل اليمين قال يغسل اليمين ويعيد اليسار إذ الظاهر من الخبرين
في مقام البيان انه لبس يجب شئ اخر الا ما ذكره عليه السلام احتج المصنف على وجوب المتابعة بوجوه
الأول ان الامر في قوله تعالى فاغسلوا وجوهكم يقتضى الفور لأنه الأحوط
ولقوله تعالى سارعوا إلى مغفرة من ربكم فاستبقوا الخيرات الثاني أوجب غسل الوجه واليدين والمسح عقيب إرادة القيام إلى الصلاة بلا فصل وفعل الجميع
دفعه متعذر فيحمل على الممكن وهو المتابعة الثالث رواية أبي بصير السالفة حكم عليه السلام بان الوضوء لا يتبعض وهو صادق مع الجفاف وعدمه الرابع رواية الحلبي في
الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال اتبع وضوءك بعضه بعضا والمفهوم من المتابعة فعل كل واحد عقيب الأخر وهذه الرواية اوردها الشيخ والكليني في الحسن
بإبراهيم بن هاشم وتمامه هكذا عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا نسق الرجل ان بغسل يمينه قبل شماله ومسح رأسه ورجليه فذكر بعد ذلك غسل يمينه
وشماله ومسح رأسه ورجليه وإن كان انما نسى شماله فليغسل الشمال ولا يعبد على ما كان توضأ وقال مع وضوءك بعضه بعضا الخامس ان ذلك أحوط فان
اليقين مما يحصل معه السادس الاستدلال بالوضوء البياني على الوجه الذي عرف السابع ما رواه الشيخ في الصحيح عن ازرارة قال سئل أحدهما عن رجل بدا بيده
قبل وجهه وبرجليه قبل يديه قال يبدأ بما بدأ الله به وليعد ما كان ولو لم يجب الموالاة لم نجب إعادة الجميع بل ما عدا الوجه الثامن ما رواه أبو بصير في الموثق عن أبي
عبد الله عليه السلام قال إن نسبت فغسلت ذراعيك قبل وجهك فأعد غسل وجهك ثم اغسل ذراعيك بعد الوجه والإعادة يستلزم سبق الفعل أو لا التاسع
روى محمد بن يعقوب في كتابه عن حكم بن حكيم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسى من الوضوء الذراع والرأس قال يعيد الوضوء ان الوضوء يتبع بعضه بعضا والجواب
عن الأول انا لا نسلم ان الامر فيها للفور بل هو للطلب مطلقا كما هو التحقيق عند المصنف والاحتياط لا يستلزم الوجوب والجواب عن الآيتين ان استعمال الامر فيهما
للاستحباب أو الرجحان المطلق وإن كان محازا إذ لو حمل على الوجوب يلزم تخصيصات كثيرة ولم يثبت رجحان مثله على المجار وكان في لفظ المساعة والاستباق ايماء
إلى ذلك مع امكان النزاع في عموم المغفرة على أنه لو حمل الامر والآية على الفور يلزم عدم جواز تأخير الوضوء عن وقت إرادة الصلاة والظاهر أنه لم يقل به أحد
وعن الثاني بان الفاء في الآية لو كانت بمعنى التعقيب يلزم ان لا يكون بين الإرادة والغسل فصل وكذا بين الإرادة والمسح لان المعطوف في حكم المعطوف
عليه فيلزم المقارنة بين الغسل والمسح ولم يفل به أحد فاحتيج إلى أن يقال الفورية في المسح غير مرادة بالاتفاق فيبقى الغسل على ظاهره من الفورية وليس
هذا التأويل المستلزم لاختلاف حال المعطوف والمعطوف عليه أبعد من أن يقال الفاء هيهنا منسلخ عن مغنى عدم التراخي بل هي مستعملة في الترتيب فقط
أو في الجزائية من غير ترتيب أصلا لابد للترجيح من دليل على أنه لو حملت على هذا المعنى يلزم عدم جوازنا خبر الوضوء عن وقت الإرادة ولم يقل به أحد
وأيضا لو حمل على هذا المعنى يلزم ان يكون غسل الوجه اليدين معا بعد الإرادة وهو خلاف ما ثبت من الترتيب ولا يصح حملها على التعقيب بلا مهلة بالنسبة
إلى غسل الوجه واليد فلا يلزم المتابعة ونقل الفاضل الشارح جوابا عن هذا الاستدلال بأن الفاء الدالة على التعقيب بلا مهلة هي العاطفة واما
الداخلة على جزاء الشرط لقد نصوا على عدم إفادتها التعقيب وعن الثالث بأنه لو حمل التبعيض في التعليل المذكور على التفريق المطلق يلزم وجوب الإعادة
بترك المتابعة اختيارا واضطرارا لكونه خبرا على الظاهر وتعليلا للإعادة والتالي باطل اتفاقا والمصنف لم يقل بوجوب الإعادة في صورة الاختيار أيضا على أن
حمله على التفريق المطلق لا مناسب مفهوم الغاية الذي اشتمل عليه المعلل فحمل التبعيض على الامر الخاص أعني كون بعضه جافا وبعضه رطبا غير بعيد
مع أن مثل هذه الدلالة الخفية مع مخالفة المدلول للمصنف لا يكفي لتقييد الآية والاخبار وعن الرابع انا لا نسلم ان المراد بالاتباع الموالاة لم لا يجوز ان يكون
المراد به الترتيب كما يظهر ذلك من سياق الخبر وعن الخامس ان الكلام في الوجوب الذي يحصل به الاثم لا في الاجت‍؟؟؟ عن السادس بما مر غير مرة وأجاب عنه
الشارح بأنه لو وجب مراعاته بهذا المعنى توجب علمنا المطابقة بين زمان هلنا والقدر الذي تابع فيه من الزمان ولم يقل به أحد فسقطت دلالته و
فيه ان عدم وجوب المطابقة بهذا المعنى بناء على الاجماع لا تستلزم عدم وجوب المتابعة مطلقا فان القائل بوجوب موافقة الوضوء المحكي يلزم عليه القول بوجوب موافقته الا فيما أخرجه الدليل وعن السابع
بأنه ليس في الرواية غسل الوجه وقوله بدا بيده قبل وجهه لا يستلزم ذلك وبالجملة حاصل جوابه عليه السلام ان حكم من بدأ باليد قبل الوجه ان يبدأ بالوجه و
يعيد على ما كان سابقا على غسل الوجه وهذا لا يتضمن غسل الوجه ثانيا على أن وجوب الموالاة انما يستلزم وجوب غسل الوجه ثانيا إذا حصل فصل بعد
غسل الوجه أولا وليس في السؤال ما يدل على ذلك محمل الخبر على ما ذكر بعيد وأيضا طريقه الجمع بين هذا الخبر وبين حسنة زرارة وصحيحة منصور السابقتين
يقتضى الحمل على ما ذكرنا وان سلم كونه خلاف الظاهر فان قلت الجمع بين البداة باليد قبل الوجه والبداه بالرجلين قبل الرأس يقتضى ظاهره الاتيان
بغسل الوجه سلمنا لكن لا خفاء في عموم السؤال بالنسبة إليه فاطلاق الجواب بإعادة ما كان يقتضى إعادة الوجه أيضا فاندفع الجواب الأول قلت ليس في العبارة
دلالة على اجتماع الامرين في وضوء واحد بل الغرض السؤال عن حكم كل واحد منهما وما في قوله ما كان يجوز أن تكون موصولة عهدية إشارة إلى اليدين والرجلين
وعن الثامن بأنه لو حمل على ظاهره يلزم التخصيص لأنه أمر بإعادة غسل الوجه سواء حصل فصل بعد الأول أم لا فيجوز حملا الإعادة على المعنى المجازى ان لم نقل
برجحان التخصيص على المجاز وعلى تقدير القول بذلك نقول إن ذلك محمول على صورة الجفاف أو نحمل على استحباب الإعادة على المعنى المجازى جمعا بينه وبين ما
بدل على خلافه مثل ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال سئلته عن رجل توضأ ونسى غسل يساره فقال يغسل
يساره وحدها ولا يعيد وضوء شئ غيرها وحسنه الحلبي وصحيحة منصور ابن حازم السابقتين عن قريب وما رواه الشيخ عن منصور في الصحيح قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عمن نسى ان يمسح رأسه حتى قام في الصلاة قال ينصرف ويمسح رأسه ورجليه وما رواه الشيخ عن أبي بصير في الصحيح عندي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته
عن رجل توضأ ونسى ان يمسح رأسه حت قام في الصلاة قال ينصرف فيمسح رأسه ثم يعيد الصلاة إلى غير ذلك من الروايات بل جمعا بينه وبين تتمة هذا
الخبر وهي قوله عليه السلام فان بدأت بذراعك الأيسر قبل الأيمن فأعد على الأيمن ثم اغسل اليسار وان نسيت مسح رأسك حتى تغسل رجليك فامسح رأسك ثم
اغسل رجليك إذ الظاهر من ذلك في مقام البيان عدم وجوب غسل الوجه مع أن الموالاة بالمعنى المتنازع فيه فيستلزم ذلك فمع المعارضة يلزم التأويل
تبة وعن التاسع بحمله على الاستحباب أو تخصيصه بصورة الجفاف لما ذكرنا مع ما في سنده من الضعف فروع الأول المنقول عن ابن الجنيد
اشتراط بقاء البلل على جميع الأعضاء السابقة وعن ظاهر المرتضى وابن إدريس اعتبار العضو السابق ونقل في الذكرى عن ظاهر الباقين ان المبطل جفاف
الجميع لا البعض لكن لا يخفى ان ظاهر عبارة ابن البراج وأبى الصلاح أيضا يوافق المرتضى وكلام ابن زهرة وابن حمزة والكيدري أيضا يحتمله واعتبر سلار بقاء الرطوبة
على الوجه عند غسل اليدين وعلى اليدين عند المسح والقول بان المبطل جفاف الجميع لا البعض أقرب لاطلاق الآية والاخبار وكون الظاهر من قوله عليه السلام في
36

خبر أبي بصير حتى يبس وضوئك جفاف جميع الوضوء واحتج عليه في المعتبر باتفاق الأصحاب على أن الناسي للمسح يأخذ من شعر لحيته وأجفانه ان لم يبق
في يده نداوة ويضعف باحتمال اختصاص ذلك بالناسي أو ان الجفاف للضرورة غير مبطل الثاني لو والى وضوءه فاتفق الجفاف لم يقدح ذلك في
صحة الوضوء لاطلاق الآية والاخبار واختصاص الاخبار المتضمنة للبطلان بصورة الجفاف الحاصل بترك المتابعة والتفريق وذكر الشهيد في الذكرى
ان الأخبار الكثيرة تدل على خلاف ذلك ولم نطلع عليها الثالث مقتضى الأدلة الاعتبار بالبلل والجفاف الحسى لا التقديري فلو كان في الهواء رطوبة
زائدة أو أكثر في ماء الوضوء بحيث لو اعتدل شئ منهما لم يجف لم يضر وفى عبارات كثير من الأصحاب التقييد باعتدال الهواء ولعل الغرض منه اخراج الهواء
الحار جدا كما ذكر الشهيد رحمه الله لاغتفار الجفاف حينئذ
الرابع لو تعذر المسح بالبلل للضرورة جاز الاستيناف لصدق الامتثال ونفى الحرج واختصاص وجوب
المسح بالبلل بحالة الامكان قال الشهيد رحمه الله ولو أمكن غمس العضو أو اسباغ الوضوء المتأخر وجب ولم يستأنف وهو حسن على القول بتحريم الاستيناف وذو
الجبيرة على عضو كسير من أعضاء الوضوء والجبيرة العيدان التي يجبر بها العظام
قال بعض العلماء والفقهاء يطلقونها على ما يشد به القروح والجروح أيضا
ويساوون بينهما في الاحكام ينزعها ان أمكن وكانت على محل المسح يشترط طهارة العضو أو امكان التطهير لوجوب الصاق الماسح بالممسوح وإن كانت على محل
الغسل وأمكن النزع والغسل من غير نجاسة تخير بين ان ينزعها أو تكرار الماء عليها حتى يصل إلى البشرة ويجرى عليها على الوجه المعتبر شرعا ويشترط في ذلك
طهارة المحل وامكان الاجراء عليه على وجه التطهير ويجب ايصال الماء إلى البشرة ان لم يمكن النزع وأمكن وضع العضو في الماء بحيث يصل الماء إلى البشرة على الوجه
المعتبر شرعا على المشهور بين المتأخرين ويمكن ان يعلل بان اجراء الماء على العضو عند المكنة واجب بمقتضى عموم الأدلة ويمكن المنازعة فيه باحتمال ان يقال الغسل
المستفاد من الأدلة عرفا ما كان خاليا عن الحائل والا لزم جواز الاكتفاء به وان أمكن النزع والظاهر أنهم لا يقولون به الا ان يقال هذا مستثنى بالاجماع ويمكن الاستدلال
عليه بما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل ينكسر ساعده أو موضع من مواضع الوضوء فلا يقدر ان يحله لحال الجبر
إذا جبر كيف يصنع قال إذا أراد ان يتوضأ فليضع اناء فيه ماء ويضع الجبيرة في الماء حتى يصل الماء إلى جلده وقد اجزاه ذلك من غير أن يحله وهذا الاستدلال
انما يتم بمعونة توقف اليقين بالبراءة من التكليف الثابت عليه نعم ان صح ان الغسل مختص بعدم الحائل يحصل التعارض بين هذا الخبر وبين صحيحتي عبد الرحمن
الآتية والجمع بحمل هذا على الاستحباب متجه ويظهر من كلام الشيخ في التهذيب والاستبصار انه قائل بوجوب ذلك حيث حمل هذه الرواية فيهما على الاستحباب عند المكنة
وعدم الضرر والا مسح عليها إن كان ظاهرها طاهرا أو أمكن تطهيرها قال الشيخ في الخلاف الجبائر والجراح والدماميل وغير ذلك إذا أمكن نزع ما عليها وغسل
الموضع وجب ذلك أمكن نزع ما عليها فإن لم يتمكن من ذلك بان يخاف التلف أو الزيادة في العلة مسح عليها وتمم وضوءه وادعى عليه اجماع الفرقة وقال في المعتبر
والجبائر ينزع ان أمكن والا مسح عليها ولو في موضع الغسل وهو مذهب الأصحاب وقريب منه عبارة المصنف في التذكرة وقال في المنتهى الجبائر تنزع مع المكنة والا مسح عليها
واجزاء عن الغسل وكذا العصابة التي تعصب بها الجرح والكسر وهو مذهب علمائنا أجمع ويدل على الحكم المذكور في الجبائر ما رواه الشيخ في الصحيح إلى كليب الأسدي قال سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن الرجل إذا كان كسيرا كيف يصنع بالصلاة قال إن كان يتخوف على نفسه فليمسح على جبائره وليصل ويمكن عد هذه الرواية من الحسان لان الكشي
قد روى حديثا يدل على المدح في شأن كليب وله كتاب يرويه جماعة من أجلاء الأصحاب مثل صفوان وابن أبي عمير وهما من أعاظم الثقات ممن أجمعت العصابة على تصحيح
ما يصح عنهم وصرح الشيخ في العدة بأنهما لا يرويان الا عن الثقات ففي روايتهما عن كليب دلالة على حسن حاله وسيجيئ لهذا زيادة توضيح في بعض المباحث الآتية
وفى صحة الرواية المذكورة إلى فضالة الواقع في الطريق وهو ممن قيل إنه أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه اشعار ما بحسن هذه الرواية ومع هذا كله فعمل الأصحاب
بمدلول هذه الرواية مما ينجبر سندها واما القروح فيدل على الحكم المذكور فيها ما رواه الكليني والشيخ عن
الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل
عن الرجل يكون به القرحة في زراعه ونحو ذلك من موضع الوضوء فيعصبها بالخرقة ويتوضأ ويمسح عليها إذا توضأ فقال إن كان يؤذيه الماء فليمسح على الخرقة وإن كان
لا يؤذيه الماء فلينزع الخرقة ثم ليغسلها قال وسألته عن الجرح كيف يصنع به في غسله قال اغسل ما حوله ويعارضه ما رواه الكليني باسنادين أحدهما
من الصحاح عن عبد الرحمن بن الحجاج الثقة قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الكسر تكون عليه الجبائر أو تكون به الجراحة كيف يصنع بالوضوء وعند غسل الجنابة
وغسل الجمعة قال يغسل ما وصل إليه الغسل مما ظهر مما ليس عليه الجبائر ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطيع غسله ولا ينزع الجبائر ويعبث بجراحته ورواه الشيخ عن
محمد بن يعقوب بأحد الاسنادين وهو الصحيح منهما واقتصر على أبى الحسن وروى الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا إبراهيم عن الكسير تكون عليه
الجبائر كيف يصنع بالوضوء وغسل الجنابة وغسل الجمعة قال يغسل ما وصل إليه مما ظهر مما ليس عليه الجبائر ويدع ما سوى ذلك مما لا يستطاع غسله ولا ينزع الجبائر
ولا يعبث بجراحته ولا يخفى ان إعادة النفي في قوله ولا يعبث بجراحته يناسب زيادة الجرح في السؤال كما في الخبر السابق وعدم إعادة صرف النفي كما في الخبر السابق يناسب السؤال في هذا الخبر قال بعض الأصحاب
ولولا التصريح باسم الرضا عليه السلام في الخبر السابق لاحتمل قويا ان يكون خبرا واحدا وحمل الشهيد رحمه الله قوله ويدع ما سوى ذلك على أنه يدع غسله وهذا لا ينافي وجوب المسح
وهو خلاف الظاهر كما لا يخفى على المستأنس بسياق الأحاديث لكن لا محيص في مقام الجمع الا بارتكابه أو حمل معارضه على الاستحباب ويقوى الأول عمل الأصحاب والاجماع المنقول
والثاني قرب التأويل وأولوية ابقاء الأقوى من الاخبار على ظاهره وضعف الاجماعات المنقولة كما سنشير إليه إشارة اجمالية في مبحث سبب الجنابة بل الظاهر من
طريقه التخيير بين المسح والاكتفاء بغسل ما حولها حيث قال ومن كان به في المواضع التي يجب عليها الوضوء قرحة أو جراحة أو دماميل ولم يؤذه حلها فليحلها ويغسلها
وان اضربه حلها فليمسح يده على الجبائر والقروح ولا يحلها ولا يعبث بجراحته وقد روى في الجبائر عن أبي عبد الله عليه السلام قال يغسل ما حولها بل لا يبعد ان يقال ظاهر الكليني
أيضا جواز الاكتفاء بغسل ما حولها حيث اورد ما يدل عليه من الاخبار إذ قاعدة القدماء العمل مما يورد دونه في كتبهم من الاخبار ومن ذلك يعلم مذاهبهم وفتاويهم
وقل ان يذكروا شيئا بطريق الفتوى وذلك غير خفى المتتبع على وبالجملة لولا الاجماع المنقول سابقا كان القول باستحباب المسح متجها لكن الاجتراء على خلافه لا يخلو
عن اشكال ثم لا يخفى ان الجرح لا مستند له الا الاجماع المنقول فيبنى على حجيته وترجيحه على ما يدل بظاهره على خلافه كحسنة الحلبي السالقة ما رواه الشيخ والكليني عن
عبد الله بن سنان باسناد فيه توقف عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الجرح كيف يصنع به صاحبه قال يغسل ما حوله فان ثبت ذلك أولنا الخبرين إما بالتأويل و
السابق أو التخصيص بغير صورة الاجماع كما إذا كان الجرح عليه مجردا أو كانت عليه خرقة لا يمكن تطهيرها وفيهما بعد ظاهر وفى اثبات حجية الاجماع المنقول عسر واضح لكنه
يوجب نوع تأمل في العمل بمقتضى الخبرين فيحصل التعارض بين الأصل ووجوب تحصيل اليقين بالبراءة من التكليف الثابت والاحتياط فيما عليه الأصحاب ثم اعلم أنهم
صرحوا بالحاق الجروح والقروح بالجبيرة وبعضهم ادعى الاجماع عليه ونص جماعة منهم على عدم الفرق بين أن تكون الجبيرة مختصة بعضو أو شاملة للجميع وفى مبحث التيمم
37

جعلوا من أسبابه الخوف من استعمال الماء بسبب القرح والجرح من غير تقييد بتعذر وضع شئ عليهما والمسح عليه في كلام الأكثر نعم صرح المصنف في المنتهى بهذا التقييد
حيث قال فيجب التيمم لو كان الجرح مما يمكن شده وغسل الباقي ومسح الخرقة التي عليه بالماء وجب ولا يتيمم وان لم يمكن ذلك بتيمم وصرح بذلك في النهاية أيضا
وقال في المنتهى في مبحث الوضوء ولو كان على الجميع يعنى جميع الأعضاء جبارا ودواة يتضرر بإزالته جاز المسح على الجميع ولو استمر بالمسح تيمم وقال في المنتهى في مبحث التيمم
سابقا على الكلام الذي نقلته عنه لو أمكن الجرح غسل بعض جسده أو بعض أعضائه في الوضوء جاز له التيمم ونقل عن الشيخ انه لا يغسل الأعضاء الصحيحة أصلا و
ان غسلها ثم تيمم كان أحوط ثم نقل عن بعض أقوال المخالفين ممن أوجب الغسل ونقل احتجاجهم بما رواه جابر قال خرجنا في سفر وأصاب رجلا يتجة في وجهه
ثم احتلم فسال أصحابه هل تجدون لي رخصة في التيمم قالوا ما نحد لك رخصة وأنت قادر على الماء فاغتسل فمات فلما قدمنا على النبي صلى الله عليه وآله فأخبر بذلك فقال قتلوه
قتلهم الله الا تسألوا إذ لم يعلموا فإنما شفاء العى السؤال انما يكفيه ان يتيمم ويعصب على جرحه ثم يمسح عليه ثم يغسل سائر جسده فأجاب عنه بأنه يحتمل ان يكون قوله و
أيعصب عطفا على أن يتيمم ونحن نقول بموجبه فإنه يجوز ان يعصب على الجراح خرقة ويغسل جسده ويمسح على تلك الجرحة وحاصله حصول الاكتفاء بالتيمم والتعصيب والمسح
وغسل سائر الجسد على معنى انكل واحد منهما كاف ويحتمل ان يكون عطفا على لفظة يتيمم ويكون الواو بمعنى أو ولا استبعاد في ذلك والمستفاد من ظاهر كلامه هذا
القول بالتخيير ويحتمل ان يكون غرضه حصول الكفاية بكل واحد وإن كان على سبيل الترتيب كما صرح به صاحب الذكرى ويؤيده كلام المصنف لاحقا ولعل ما صرح به المصنف
مراد الباقين جمعا بين كلامهم في الموضعين واعلم أيضا ان أكثرهم أوردوا الاحكام السابقة في الوضوء ولم ينصوا على تعميمه بالنسبة إلى الطهارتين والمحقق في
الشرائع قال من كان على أعضاء طهارته جبائر والمصنف في المنتهى صرح بعدم الفرق بين الطهارتين مدعيا انه قول عامة العلماء إذا عرفت هذان علم أن هذا
التعميم يشكل في القروح والجروح لدلالة اخبار معتبرة على انتقال المجنب إلى التيمم من غير تقييد مثل ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن
الجنب تكون به القروح قال لا باس بان لا يغتسل ويتيمم وروى الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون به القروح والجراحة يجنب قال
لا باس بان لا يغتسل ويتيمم وما رواه الشيخ عن داود بن سرحان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل تصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد
فقال لا يغتسل ويتيمم ورواه الشيخ عن ابن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في الرجل تصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يكون يخاف على نفسه البرد فقال لا يغتسل
يتيمم وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الموثق عن أحدهما عليهما السلام في الرجل تكون به القروح في جسده فتصيبه الجنابة قال بتيمم وما رواه الصدوق عن محمد بن مسلم
باسناد صحيح عندي انه سال أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يكون به القروح والجراحات فيجنب فقال لا باس بان يتيمم ولا يغتسل بل يشكل هذا الحكم في الكسير أيضا لدلالة ما رواه الشيخ
عن ابن أبي عمير في الصحيح عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال ييمم المجدور والكسير إذا اصابتهما الجنابة على الانتقال إلى التيمم ويؤيده ما رواه محمد بن يعقوب وابن بابويه
مرسلا عن الصادق عليه السلام ان المبطون والكسير ييممان ولا يغتسلان وتحقيق المقام انه ان ثبت صحة الاحتجاج بالاجماع في وجوب مسح الكسير مطلقا وعدم الانتقال إلى التيمم
يلزم حمل ما دل على التيمم بصورة تعذر المسح أو صور أخرى لم يثبت فيه اجماع كما سنشير إليه لكن الظاهر عدم صحة الاحتجاج المذكور وظني مخالفة الصدوق والكليني
فيه والتأويلان المذكوران في نهاية البعد والعدول عن ظواهر الأخبار المذكورة في غاية الاشكال وعلى هذا يلزم تخصيص رواية كليب بما عدا الجنابة وما في
حكمهما جمعا بين الاخبار وحينئذ يقع التعارض بين ما دل على التيمم وخبري عبد الرحمن بن الحجاج ويمكن الجمع بينهما بالتخيير أو حمل اخبار التيمم على صورة التضرر بالغسل
وكذا الحال في القروح وهذا الجمع هنا أقرب لاختصاص الرواية الدالة على المسح فيها بالوضوء مع السلامة عن معارضة خبر عبد الرحمن والحال في الجريح كالكسير وتوضيح
الاحتجاج فيه على وجوب المسح في الوضوء يؤل الخبران الدال على جواز الاكتفاء بغسل ما حولها بالتأويل الذي أشرنا إليه سابقا وفيه بعد والأحوط الجمع بين التيمم
والغسل فروع الأول حكم الطلاء الحائل حكم الجبيرة أيضا لما رواه الشيخ عن الوشاء في الحسن به عن أبي الحسن عليه السلام في الدواء إذا كان على يدي الرجل أيجزيه ان يمسح
على طلى الدواء فقال نعم يجزيه ان يمسح عليه وهي محمولة على دواء لا يمكن ازالته ويؤيده رواية عند الاعلى مولى آل سام وقد مرت في مبحث المسح الثاني يظهر من
التذكرة وجوب مسح الجرح المجرد ان أمكن ونسب في الذكرى الميل بذلك إلى المعتبر أيضا تحصيلا لشبة الغسل عند تعذر حقيقته وفيه ضعف فان قلنا به وتعذر
ففي وجوب وضع لصوق المسح عليه احتمال أيضا واحتمل الشهيد في الذكرى القول بوجوب هذا الوضع والمسح وان قلنا بعدم المسح على الجرح مع امكانه ليحاذي الجبيرة وما
عليه لصوق ابتداء قال والرواية مسلطة على فهم عدم الوجوب وقال فيه أيضا لو لم يكن على الجرح خرقة غسل ما حوله محتجا بحسنة الحلبي وعبد الله بن سنان
السابقتين ويظهر منه صحة الاكتفاء بذلك فعلى هذا لا يجب عليه المسح عند المكنة وعدم الضرر ويمكن المناقشة بان الروايتين مصروفتان عن ظاهرهما
عندهم للاجماع المنقول سابقا وليس التزام التخصيص فيهما باخراج ما عدا الصورة المذكورة أقرب من التأويل الذي أشير إليه سابقا لكن الظاهر أن التخصيص المذكور
أقرب وتؤيد ما ذكره رواية عبد الرحمن أيضا فتدبر فيهما والاحتياط في المسح فلا حجة فيهما وكذا الحال إذا لم يمكن المسح وأمكن وضع شئ والمسح عليه هذا في الوضوء واما في
الغسل فمقتضى الروايات الكثيرة التيمم والأحوط الجمع وهل الحكم في الكسير كذلك فيه اشكال لاختصاص النص الدال على المسح بصورة الجبيرة فيحتمل عند عدمها وجوب
التيمم خصوصا للجنب بناء على ما عرفت من الاخبار والأحوط الجمع بين الجميع والرواية الواردة في الستر وحينئذ شمل المجرد لكنه دال على المسح على الخرقة الموضوعة فعلى
هذا لو أمكن المسح على نفسها نفى تقديمه على المسح على الخرقة اشكال ولو لم يمكن المسح على الخرقة وأمكن المسح على نفسها ففي الوضوء مع ذلك أو العدول إلى التيمم اشكال
هذا في الوضوء واما في الغسل فمقتضى الروايات التيمم وإذا لم يمكن المسح على الكسير والقرح المجردين على شئ يوضع عليه ففي الاكتفاء بغسل ما حوله أو العدول إلى
التيمم اشكال ومقتضى اطلاقات الأصحاب الثاني وهو قريب في الغسل وفى الجرح اشكال والاحتياط في الكل حسن الثالث قال في الذكرى لو كانت الخرقة
بخسة ولا يمكن تطهيرها فالأقرب وضع طاهر عليها تحصيلا للمسح ويمكن جراؤها مجرى الجرح في غسل ما حولها وقطع الفاضل بالأول ولا يخفى انه فرق بين الجرح
والكسر بحسب المستند إما الجرح فلان الخبرين السابقين دلا على عدم وجوب المسح فيه خرج عنه ما دخل في الاجماع المدعى ان ثبت صحة الاحتجاج به فيبقى غيره
داخلا في عموم الخبر وفيه المناقشة السابقة واما الكسير ففيه اشكال للشك في صدق المسح على الجبيرة عند المسح على الظاهر الموضوع عليه وتعارض الأصل وجوب
تحصيل اليقين بالبراءة والقول بوجوب المسح في القروح أظهر بحسب المستند ولو ثبت التسوية بينها بالاجماع المركب أمكن انسحاب الحكم الثابت للبعض في الباقي
الرابع لو لم يمكن المسح على الجبيرة ولا على الخرقة الموضوعة على الجرح فمقتضى صحيحة عبد الرحمن وجوب غسل ما حولها ويدل على ذلك خبر الحلبي وعبد الله بن سنان
لكنهما خاضان بالجرح وتعارضهما الأخبار الدالة على تيمم المجنب ويمكن الجمع بالتخيير أو حمل اخبار التيمم على صورة تعذر الغسل وظاهر الأصحاب التيمم والجمع أحوط
الخامس لو عمت الجبائر أو الدواء كل عضو مسح على الجميع ولو تضرر بالمسح تيمم ولا ينسحب في خائف البرد فيؤمر بوضع حائل وامسح عليه بل يتيمم لعدم النص هناك
38

السادس إذا كان الحامل موجودا فلا فرق بين كونه خرقة أو غيرها وكذا لا فرق بين مواضع المسح والغسل في ذلك لكن إذا كان موضع المسح كفى المسمى كالمبدل
منه وإن كان موضع الغسل ففي الاستيعاب تردد وقد قطع الفاضلان بوجوب الاستيعاب اجراء الحكم المبدل منه عليه ويشكل بصدق المسح على الشئ بالمسح على جزء
منه كالمسح على الرجلين وجعل الشيخ في المبسوط الاستغراق أحوط واستحسنه الشهيد رحمه الله وهو حسن السابع إذا أمكن جريان الماء على الجبيرة لم يجب وكفى المسح
للأصل واطلاق الامر واحتمل المصنف في النهاية وجوب أقل ما يسمى غسلا الثامن إذا كان العضو مريضا لا يجرى فيه حكم الجبيرة بل لابد من التيمم لفقدا النص
الدال على انسحاب الحكم المذكور فيه وجعل الشيخ في الخلاف والمبسوط الجمع بين التيمم وغسل الباقي أحوط التاسع إذا زال العذر لم يجب إعادة الصلاة
اجماعا وهل يجب إعادة الوضوء فيه تردد ومختار المصنف وجوب الإعادة وفاقا للشيخ والمحقق واختار الشهيدان والشيخ على عدم الوجوب وقد مر ما يصلح للاحتجاج
من الطرفين مع الاشعار بالترجيح هذا ما حضرني في هذه المسألة وفى عبارة المصنف اجمال واختلال لا يخفى عليك بعد الإحاطة بما ذكرنا
وصاحب السلس وهو
الذي لا يستمسك بوله يتوضأ لكل صلاة على الأشهر الأقرب لان مقتضى الأدلة ان الحدث مطلقا يوجب الوضوء ويمنع من المشروط به الا انه اعتبار ذلك لما امتنع
مطلقا للتعذر كان الوضوء لكل صلاة حيث لا تعذر فيه باقيا على الوجوب وتدل عليه الآية للامر بالوضوء فيها عند القيام إلى الصلاة الا ما خرج بالدليل و
نقل عن الشيخ في المبسوط جواز الجمع بين الصلوات الكثيرة بوضوء واحد وخص المصنف في المنتهى جواز الجمع بالظهرين والعشائين خاصة استنادا إلى ما رواه الصدوق
عن حريز في الصحيح ورواه الشيخ معلقا عن حريز وطريقه إلى حريز صحيح في الفهرست ولم يذكر طريقه إليه في التهذيب عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا كان الرجل يقطر
منه البول والدم إذا كان في الصلاة اتخذ كيسا وجعل فيه قطنا ثم علقه عليه وادخل ذكره فيه ثم صلى يجمع بين الصلاتين الظهر والعصر يؤخر الظهر ويجعل العصر
باذان وإقامتين ويؤخر المغرب ويعجل العشا باذان وإقامتين ويفعل ذلك في الصبح إما لكون الجمع ظاهرا في كون الصلاتين بوضوء واحد ولعدم ظهور فائدة
الجمع الا بذلك وفيه نظر لجواز ان يكون الجمع الا على سبيل الوجوب أو الاستحباب باعتبار اخذ الكيس تخفيفا للنجاسة أو فائدة أخرى غير معلومة وعدم العلم بالشئ
لا يستلزم عامه سلمنا دلالة ضعيفة على ما ذكر لكن لا تصلح مخصصا للآية والأخبار الكثيرة فان قلت ما رواه الشيخ عن سماعة باسناد لا يبعد ان يعد موثقا
قال سألته عن رجل اخذه يقطر من فرجه إما دم واما غيره قال فليضع خريطة وليتوضأ وليصل فإنما ذلك بلاء ابتلى به فلا يعيدن الا من الحدث الذي يتوضأ
منه يشعر بفتوى المبسوط كما قاله الشهيد في الذكرى بل قيل إنه دال على ذلك قلنا لا نسلم ذلك انما المستفاد منه العفو من استصحاب النجاسة في حال الصلاة
للضرورة ولا يستفاد منه عدم إعادة الوضوء لصلوات أخرى إذا كان الخارج حدثا كالبول بل هي بالدلالة على نقبض ذلك انسب وكذا المستفاد من حسنة منصور وحازم
قال قلت لا بعبد الله عليه السلام الرجل يعتريه البول ولا يقدر على حبسه قال إذا لم يقدر على حسبه فالله أولي بالعذر يجعل خريطة اوردها الكليني العفو عن استصحاب البول
بعد أن يجعل خريطة ولا دلالة فيها على سقوط الوضوء بالبول مطلقا فلا وجه لما قيل من أنه مشعر بقول الشيخ في المبسوط واعلم أنهم حكموا بوجوب الاستظهار في
منع التعدي بقدر الامكان لشد الخريطة ويدل عليه الأخبار السابقة وغيرها مثل ما رواه الشيخ عن الحلبي باسناد فيه توقف لمكان محمد بن عيسى والظاهر أنه
ابن عبيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن تقطير البول قال يجعل خريطة إذا صلى مضافا إلى ما يدل على تطهير وجواب الثياب واما وجوب تغيير الخريطة أو تطهيرها
لكل صلوه فغير مستفاد من الرواية وهو غير مذكور في كلامهم هذا ثم الظاهر أن الحكم المذكور انما يكون إذا لم يكن له في الوقت فترة معتادة نسع الطهارة والصلاة لتحقق
الضرورة التي هي مناط سقوط الطهارة وكذا المبطون وهو لغة عليل البطن من البطن بالتحريك وهو داء البطن والمراد هنا من يعتريه الحدث من غائط أو ريح بحيث لا يمكنه
التحفظ يتوضأ لكل صلاة وتفصيل المسألة ان المبطون ان امكنه التحفظ إما بالشد أو انتظار فترة معتادة بقدر الطهارة والصلاة فالظاهر وجوبه على ما صرح به جماعة
من الأصحاب والا فلا يخلو بها إما ان يكون مستمرا بحيث لا يمكن الدخول في الصلاة على طهارة أم لا وعلى الأول فالمستفاد من كلامهم انه يتوضأ لكل صلاة ويغتفر الحدث في الأثناء
وهو صحيح دفعا للحرج وتحصيلا للطهارة بقدر الامكان قال في الذكرى الظاهر أن المبطون أيضا يجدد لكل صلاة لمثل ما قلناه ولم أرهم صرحوا به الا ان فتواهم بالوضوء
للحدث الطارئ في أثناء الصلاة يشعر به وعلى الثاني وهو ان يدخل في الصلاة متطهرا ثم فجاءه الحدث مستمرا فالمشهور انه يتطهر ويبنى لما رواه الصدوق عن محمد بن مسلم
باسناد صحيح عندي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال صاحب البطن الغالب يتوضأ ويبنى على صلاته وعدها المصنف والشهيدان من الصحاح وقد يتوقف فيه بناء على أن في طريق الصدوق
إلى محمد بن مسلم علي بن أحمد بن عبد الله البرقي وأبوه احمد وهما غير مذكورين في كتب الرجال والصحيح عندي عدها من الصحاح لان الصدوق صرح في أول الكتاب بأن
جميع ما فيه مستخرج من الكتب المشهورة المعتمدة والظاهر أن الرجلين ليسا بصاحب كتاب معروف معتمد فالظاهر أن النقل من كتاب أحمد بن أبي عبد الله أو كتاب من هو أعلى
طبقة منه وتلك الكتب كانت معروفة عندهم وجهالة الواسطة بينه وبين أصحاب تلك الكتب غير ضائر بل الغرض من ايراد الوسائط اسناد الاخبار واعتبار اتصالها
من غير أن يكون التعويل على نقلهم بل هم من مشايخ الإجازة وعلى هذا نجري في مباحث هذا الشرح ونعد مثل هذه الأخبار صحيحا مع التقييد بقولي على الظاهر أو عندي
إشارة إلى مثل هذا الامر وقد يتوقف في مثل هذا الخبر على أن في طريقه محمد بن خالد البرقي وقد قال النجاشي في شانه انه ضعيف في الحديث والظاهر أنه لا توقف من هذه
الجهة لان الشيخ وثق محمد بن خالد ولعل مراد النجاشي انه يروى عن الضعفاء ويعتمد المراسيل لا ان الضعيف فيه نفسه وكلامه لا يخلو من اشعار بذلك وبهذا يحصل
ويؤيده قول ابن الغضائري في ترجمة محمد بن خالد ان حديثه يعرف وينكر ويروى عن الضعفاء كثيرا ويعتمد المراسيل وروى الشيخ بطريق موثق بابن بكير عن محمد بن
مسلم عن أبي جعفر عليه السلام صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته فيتم ما بقى وفى موضع اخر بذلك الاسناد بعينه صاحب البطن الغالب يتوضأ ثم يرجع في صلاته
فيتم ما بقى وبسند اخر موثق عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن المبطون فقال تبنى على صلاته وهذه الطرق أيضا معتبرة جدا لان ابن بكير وإن كان فطحيا
لكنه من أجلاء الثقات ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم فلا وجه للتوقف في هذا الخبر مع اشتهاره ونكرره في الكتب واعتضاده بعمل الأصحاب ويناسبه ما سيجيئ
من أن المتيمم المحدث في الأثناء يبنى ويؤيده رواية الفضيل ابن يسار في الصحيح قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو ضربانا فقال انصرف ثم توضأ و
ابن علي ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا فان تكلمت ناسيا فلا شئ عليك وهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا قلت وان قلب وجهه عن القبلة قال وان قلت وجهه عن القبلة
فالعمل به غير بعيد ورواية الفضيل غير دال على المحدث في الأثناء ولهذا وردته بلفظ التأييد والمصنف مع اعترافه بصحة الخبرين لم يعمل بهما بل قال في المختلف والوجه عندي
ان عذره إن كان دائما لا ينقلع فإنه يبين على صلاته من غير أن يجدد وضوء كصاحب السلس وإن كان يتمكن من تحفظ نفسه بمقدار زمان الصلاة فإنه يتطهر ويستأنف
الصلاة ويدل على التفصيل ان الحدث المتكرر لو نقض الطهارة لأبطل الصلاة لان شرط صحة الصلاة استمرار الطهارة واما مع التمكن من التحفظ فإنه يجب عليه الاستيناف
لأنه متمكن من فعل الصلاة وكلامه لا يخلو عن مصادرة لان من يحكم بوجوب الوضوء والبناء لا يسلم اشتراط صحة الصلاة بالطهارة المستمرة من أولها إلى اخرها والاستناد
39

إلى ما دل على أن الحدث يقطع الصلاة مندفع للزوم أنكا؟ للتخصص أو تفبب فيه جمعا بينه وبين ما ذكر هنا كما أنه مخصص بالمستحاضة والسلس اجماعا بل بالمبطون أيضا و
ما قيل من أن الصلاة مشروطه بالطهارة اجماعا فلو انتقض بطلت الصلاة أيضا ممنوع أدلا فسلم الاجماع على اشتراطها بالطهارة المستمرة واعلم أن بعض الأصحاب قيد
الحكم المذكور بعدم الاستلزام للمنافي كالاستدبار والظاهر أن الحكم والوضوء والبناء المذكور مقيد بعدم الكثرة الموجبة للمشقة وقال الشهيد في الذكرى هل يستحب مضمون
الرواية في السلس ممكن ذلك لاستوائهما في الموجب وإشارة الروايات إلى البناء بالحدث مطلقا والوجه العدم لان أحاديث التحفظ في الكيس والقطن مشعرة باستمرار الحدث ولأنه
لا مبالاة به والظاهر أنه لو كان في السلس؟ نران وفى البطن تواتر أمكن حكم كل منهما إلى الأخر انتهى كلامه وهو غير بعيد لكن اتبانه مشكل
ويستحب للمتوضئ وضع الاناء على اليمين
إن كان مما يغترف منه باليد والاغتراف بها أي باليمين مطلقا قال في المعتبر بعد ذكرهما وهو مذهب الأصحاب احتج بأنه أمكن في الاستعمال وهو نوع تدبير وروى عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وآله ان الله محب
التيامن في كل شئ والاعتراف باليمين كذلك والمستفاد من أكثر الروايات المنقولة عن أبي جعفر عليه السلام في حكاية وضوء رسول الله انه عليه السلام اغترف بيده اليمنى لغسل الوجه واليد اليسرى
وانه اغترف بيده لغسل يده اليمنى والمستفاد من بعضها انه عليه السلام اغترف باليمنى لغسل الجميع وفى بعضها انه عليه السلام دعا يعقب فيه شئ من ماء فوضعه بين يديه وهذا ينافي الحكم الأول
وذكر المفيد رحمه الله انه يأخذ الماء لغسل يده اليمنى فيديرها إلى يده اليسرى ثم يغسل يده اليمنى واحتج عليه الشيخ بوضوء أمير المؤمنين عليه السلام في الرواية الآتية وهو غير دال على ذلك إذ
المستفاد منه انه عليه السلام اخذ الماء بيده اليسرى للاستنجاء ولا يدل على أن الاخذ كان باليسرى إلى اخر الوضوء وبرواية دالة على خلافه ولتسمية نقل جماعة الاجماع عليه ويدل عليه
ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا وضعت يدك في الماء فقل بسم الله وبالله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين فإذا فرغت فقل
الحمد لله رب العالمين قال الصدوق وكان أمير المؤمنين عليه السلام إذا توضأ قال بسم الله وبالله وخير الأسماء وأكبر الأسماء وقاهر لمن في السماوات وقاهر لمن في الأرض الحمد لله الذي
جعل من الماء كل شئ حي وأحيى قلبي بالايمان اللهم تب على وطهرني واقض لي بالحسنى وأرني كل الذي أحب وافتح لي بالخيرات من عندك يا سميع الدعاء وان اقتصر على بسم الله
اخر ألما رواه الشيخ عن عيص بن القاسم في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال من ذكر اسم الله تعالى على وضوءه فكأنما اغتسل وفى الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سميت في الوضوء طهر جسدك كله وإذا لم تسم لم يظهر من جسدك الا ما مر عليه الماء وفى رواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام يا أبا محمد من توضأ فذكر اسم الله
طهر جميع جسده ومن لم يسم لم يطهر من جسده الا ما مر عليه الماء وفى تلك الأخبار دلالة على استحباب التسمية وعدم وجوبها مضافا إلى أنه لم ينقل ذلك في الوضوء
المحكي فما يدل عليه بعض روايات ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام من أن النبي صلى الله عليه وآله أمر من توضأ ثلثا بإعادة الوضوء حتى سمى محمول على الاستحباب وحمل الشيخ
التسمية فيه على النية وهو بعيد وكذا حمله على نية الاستباحة كما احتمله المحقق وطعن المحقق في سنده لمكان الارسال ثم قال ولو قيل مراسيل ابن أبي عمير يعمل بها
الأصحاب منعنا ذلك لان في رجاله من طعن الأصحاب فيه فإذا ارسل احتمل ان يكون الراوي أحدهم وعلى ما قررنا من أن الغرض من هذه الأخبار تحصيل الظن لا
يقدح الاحتمال الذي ذكره المحقق لأنه نادرا قليل جدا فلا ينافي الظن ولهذا اشتهر بين الأصحاب العمل بمراسيل ابن أبي عمير وذكر الشيخ في العدة انه لا يروى الا عن
الثقات وذكر الكشي انه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وسيجيئ لهذا زيادة توضيح في بعض المباحث الآتية ولو نسيها في الابتداء تدارك في الأثناء كما في الاكل
لاطلاق الأخبار السابقة وهو يقتضى ان يكون حكم العمد أيضا ذلك واستقربه الشهيد في الذكرى واحتمل الشارح الفاضل في الأخير العدم وتثنية الغسلات لا خلاف
في جواز الاكتفاء بغسله واحدة وتدل عليه الأخبار المستفيضة الواردة في بيان وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله فإنها مع كثرتها تدل على أنه عليه السلام غسل كل عضو من الأعضاء المغسولة
مرة واحدة بكف واحد ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني عن زرارة باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم ورواه الشيخ بالحسن مهما قال قال الباقر عليه السلام ان الله وتر
يحب الوتر فقد يجزيك من الوضوء ثلث غرفات واحدة للوجه واثنتان للذراعين الحديث وما رواه الشيخ عن أبي عبيدة الحذاء في الصحيح قال وضاءت أبا جعفر عليه السلام بجمع وقد
بال فناولته ماء فاستنجى ثم اخذ كفا فغسل له وجهه وكفا غسل به ذراعه الأيمن الحديث وما رواه الكليني عن حماد بن عثمن في الصحيح قال كنت قاعدا عند أبي عبد الله عليه السلام فدعا بماء
فملا به كفه فعم به وجهه ثم ملا كفه فعم به يده اليمنى ثم ملا كفه فعم به يده اليسرى ثم مسح على رأسه ورجليه وقال هذا وضوء من لم يحدث حدثا يعنى به التعدي في الوضوء الحديث
وما رواه الكليني عن زرارة وبكير ابني أعين في الحسن بإبراهيم بن هاشم قالا سألنا أبا جعفر عليه السلام عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله ثم ساق صفة الوضوء إلى أن قالا فقلنا أصلحك
الله فالغرفة الواحدة يجزى للوجه وغرفة للذراع فقال نعم إذا بالغت فيها والثنتان تأتيان على ذلك كله وما رواه الشيخ عن ميسر في الحسن عن أبي جعفر عليه السلام قال الوضوء واحدة
واحدة وما رواه الكليني بأسانيد ثلثة واحدة منها من الصحاح وواحدة منها من الحسان عن عبد الكريم والظاهر أنه الثقة الواقفي ورواه الشيخ في الضعيف منها ورواه
بعين الاسناد في الاستبصار لكن فيه ما كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله الا مرة مرة ثم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الوضوء فقال ما كان وضوء علي عليه السلام الا مرة مرة وما رواه
الشيخ والكليني عن يونس بن عمار في الضعيف قال سألت أبا عبد الله عن الوضوء للصلاة فقال مرة مرة انما الكلام في استحباب الغسلة الثانية واليه ذهب معظم
الأصحاب حتى قال ابن إدريس المرتان فضيلة باجماع المسلمين ثم قال ولا تلتفت إلى خلاف من خالفه من أصحابنا بأنه لا تجوز المرة الثانية لأنه إذا تعين المخالف وعرف اسمه
ونسبه فلا يعتد بخلافه ويظهر دعوى اجماع الفرقة عليه من كلام المرتضى في الانتصار وابن زهرة في الغنية أيضا والكلام المستفاد ابن بابويه في الفقيه انه لم يؤجر على
الثانية وهو المنقول عنه في المقنع ونسب إليه ابن إدريس القول بالتحريم وقال الشيخ في الخلاف وفى أصحابنا من قال إن الثانية بدعة وليس بمعول عليه ونقل
بعضهم عن الثقة الجليل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أنه قال في نوادره واعلم أن الفضل في واحدة واحدة ومن زاد على اثنتين لم يوجر وقال محمد بن يعقوب الكليني بعد
نقله لرواية عبد الكريم السابقة هذا دليل على أن الوضوء انما هو مرة مرة لأنه صلى الله عليه وآله كان إذا ورد عليه أمران كلاهما طاعة لله اخذ بأحوطهما وأشدهما
على بدنه وان الذي جاء عنهم أنه قال الوضوء مرتان انه لمن لم يقنعه مرة واستزاده فقال مرتان ثم قال ومن زاد على مرتين لم يؤجر وهذا غاية الحد في الوضوء الذي
من تجاوزه اثم ولم يكن له وضوء ويدل على المشهور ما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الوضوء فقال مثنى مثنى وعن صفوان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال الوضوء مثنى مثنى
وعد جماعة من الأصحاب منهم المصنف في المنتهى والمختلف هذا الخبر من الصحاح وذكر المحقق الشيخ حسن في المنتقى انه ليس بصحيح ومحصل كلامه ان الشيخ
نقله معلقا عن أحمد بن محمد عن صفوان عن أبي عبد الله عليه السلام وصفوان إن كان ابن مهران كما تقتضيه الرواية عن الصادق عليه السلام بغير واسطة فاحمد هو ابن أبي نصر لأنه
الذي يروى عن ابن مهران بغير واسطة وطريق الشيخ إلى أحد كتابي ابن أبي نصر غير صحيح ولم يعلم أن اخذ الشيخ من أي الكتابين وإرادة غير أحمد بن أبي نصر يقتضى تحقق
الواسطة مع جهالته وإن كان صفوان هو ابن يحيى فروايته عن أبي عبد الله عليه السلام انما يكون بالواسطة فعدم ذكرها ينافي الصحة ولا يخفى ان الظاهر أن كتب ابن أبي
نصر وأمثاله من الكتب المعروفة المعول عليها كان مشهورا بينهم مستغنيا عن الوسائط في النقل وانما يكون ذكر الوسائط في أكثر الامر مبنيا على رعاية اتصال الا
الاسناد لئلا يتوهم ان ضاع الخبر أو رعاية لدأب المحدثين والأخباريين أو الذهاب القطع حتى لا يفضى إلى الاحتلال في كثير من المواضع وعلى هذا فجهالة الوسائط غير
40

صائر في صحة الرواية وإن كان صفوان هو ابن يحيى فما ذكره من تحقق الواسطة صحيح وهو قادح في الصحة المصطلح عليها لكن صفوان ممن أجمعت العصابة على تصحيح
ما يصح عنهم والظاهر من حاله وجلالة شانه انه لا يروى الا عن الثقات وقد نص على ذلك الشيخ في العدة وهذا يعملون الأصحاب بمراسيله وقد صرح بذلك الشهيد في
الذكرى فعلى هذا تحقق الواسطة غير قادح في الاعتماد على الخبر وبالجملة هذا الخبر من الاخبار المعتمدة ورواية زرارة في القوى عن أبي عبد الله عليه السلام قال الوضوء مثنى مثنى
من زاد لم يوجر عليه وجه الدلالة ان الظاهر أن المراد بالوضوء الموضوع في تلك الأخبار حقيقة الوضوء الواجبة أو الوضوء الكامل إذ حملها على منتهى مرتبة جوازه بعيد
عن أسلوب مثل هذا الكلام جدا وحيث تعذر حمله على حقيقة الوضوء الواجبة فمقتضى الاجماع والاخبار تعين الثاني فاندفع ما قيل من أنه يمكن حمله على أن المراد بيان
نهاية الجواز جمعا بينه وبين ما دل على مذهب ابن بابويه مستشهدا بحسنه الأخوين السابقة وضعف الاستشهاد ظاهر على أن خبر زرارة يدل على حصول الأجزاء بالغسلة الثانية
بناء على أظهر الاحتمالين من ارجاع الضمير إلى المصدر المفهوم من زاد وهو دليل الاستصحاب وكذا ما يقال من أنه محمول على الغرفتين على طريقة نفى البأس نعم يمكن ان يقال
يجوز حمل ما دل على المرة على غسلة واحدة واخبار التثنية على أن المراد بها غرفتان على طريقة الاستحباب فلا يتعين الجمع المشهور لكن لا اعلم أحدا من الأصحاب ذهب إلى هذا فالاجتراء
على القول به مشكل فحمل تلك الأخبار على التحديد جمعا بينه وبين ما سيجيئ غير بعيد وكذا حملها على التقية لما قيل من أن العامة ينكرون الوحدة ويوردون اخبار التثنية
ومما يوافق المشهور أيضا ما رواه بأسناد منقطع أبو جعفر الأحول عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال فرض الله الوضوء واحدة واحدة ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله الوضوء للناس اثنتين
اثنتين ذكرها ابن بابويه وحملها على الانكار لا الاخبار وما رواه باسناد منقطع عمرو بن أبي المقدام قال حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول انى لاعجب ممن يرغب ان
يتوضأ اثنتين اثنتين وقد توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله اثنتين اثنتين ذكرها ابن بابويه وحملها على التحديد وكذلك ما روى أن مرتين أفضل معناه التجديد وكذلك ما روى في مرتين
انه اسباغ ولعله إشارة إلى ما رواه في كتاب عيون أخبار الرضا عليه السلام حيث نقل ما كتب الرضا عليه السلام للماء؟ ون عن الفضل بن شاذان باسنادين لا يخلو عن اعتبار وذكر فيه ثم الوضوء كما أمر
الله تعالى في كتابه غسل الوجه واليدين إلى المرفقين ومسح الرأس والرجلين مرة واحدة وظاهره ان يكون المرة إشارة إلى الجميع ثم ذكر بعد تمام الرواية سندا أخرى للرواية
قويا وزاد فيه أشياء على السابق وذكر في جملته الوضوء مرة مرة فريضة واثنتان أسباع وذكر ان الرواية الأولى عندي أصح ورواها باسناد اخر احتج ابن بابويه على ما نقله
مرسلا عن الصادق عليه السلام أنه قال والله ما كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله الا مرة مرة وبأنه توضأ رسول الله صلى الله عليه وآله فقال هذا وضوء لا يقبل الله الصلاة الا به ونقل بعض الأخبار
الدالة على مرتين حمل بعضها على الانكار وبعضها على التحديد كما مر وأجيب عنه بان المراد في الخبرين الوضوء الذي فعله رسول الله صلى الله عليه وآله بيانا ويؤيده قوله عليه السلام هذا وضوء لا يقبل الله
الصلاة الابة فإنه بدل على أنه عليه السلام كان في بيان أقل الواجب وأيده بعضهم بما نقل من طريق العامة تتمة لهذا الخبر وهو قوله ثم توضأ مرتين وقال هذا وضوء من ضاعف
الله له الاجر ويؤيد مذهب ابن بابويه الأخبار الدالة على حكاية وضوء رسول الله صلى الله عليه وآله وصحيحة أبى عبيدة الحذاء وصحيحة حماد بن عثمن وموثقة عبد الكريم إذ يستبعد تركهم عليه السلام
لهذه السنة وحمل الكل على أنه كأن في مقام بيان أقل الواجب مع أنه لا اشعار فيها عليه بعيد خصوصا موثقة عبد الكريم وبعض الأخبار الواردة في صفة وضوئهم عليه السلام
مع اشتماله على ذكر المندوبات كخبر عبد الرحمن بن كثير الهاشمي لخلوه عن ذكر التثنية وتؤيده حسنة ميسر وبعض الأخبار الموافقة لها في المعنى وما رواه الكليني عن داود
بن فرقد في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن أبى كان يقول إن للوضوء حدا من تعداه لم يوجر وكان أبى يقول انما يتلدد فقال له رجل وما حده قال تغسل
وجهك ويديك وتمسح رأسك ورجليك قال تلدد التفت يمينا وشمالا وتحير وما رواه ابن بابويه مرسلا عن الصادق عليه السلام من توضأ مرتين لم يوجر ويومى إلى أفضليته
الوحدة قوله عليه السلام في صحيحة زرارة ان الله وتر يحب الوتر ثم تقريع ما بعده عليه ويؤيده ما رواه الشيخ باسناد مجهول عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال الوضوء
واحدة فرض واثنتان لا يؤجر والثالثة بدعة وأجاب عنه في المختلف بان المراد منه ان من يعتقدان الثانية فرض كالأولى لم يوجر عليه بدلالة ما رواه عبد الله بن بكير عن أبي
عبد الله عليه السلام قال من لم يستيقن ان الواحدة من الوضوء لم يؤجر على الثنتين وهذه الرواية اوردها الشيخ باسناد فيه توقف بالجملة الجمع بين الاخبار إما ترجيح المشهور وحمل تلك الأخبار
على الوضوء البياني لأقل الواجب ترجيحا للشهرة والاجماع المنقول سابقا وإن كان دون اثباته مع مخالفة المشايخ الثلاثة خرط القتاد والتأويل المذكور لا
يجرى في بعض الأخبار السابقة فيحتاج فيه إلى تأويل واما بترجيح المذهب لاخر وحمل اخبار التثنية على التقية أو التجديد ولعله أظهر وقد تحمل على معنى اخر وهو ان المراد بقوله عليه السلام
الوضوء مثنى مثنى ان الوضوء الذي فرضه الله على العباد انما هو غسلتان ومسحتان لا كما يزعمه المخالفون من أنه ثلث غسلات ومسحة واحدة وقد اشتهر عن ابن عباس انه كان
يقول الوضوء غسلتان ومسحتان ومما يؤيد هذا الاحتمال ما رواه يونس بن يعقوب في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الوضوء الذي افترضه الله على العباد لمن جاء من الغائط
أو بال قال يغسل ذكره ويذهب الغائط ثم يتوضأ مرتين مرتين فان المراد الغسلتان والمسحتان لا تثنية الغسلات فإنها ليست ما افترضه الله على العباد ولا يخفى ان حمل لفظة مرتين
على هذا المعنى بعيد جدا قوله عليه السلام في خبر زرارة من زاد لم يؤجر عليه لا يناسبه وحمل خبر يونس على أنه عليه السلام وصف الفرد الكامل من الطبيعة الواجبة أقرب من هذا الحمل فكان السائل
سأل عن فرد من افراد الطبيعة الواجبة فأجاب عليه السلام بالفرد الكامل لا انه سال عن فرد يكون ذلك الفرد واجبا فلا تأييد فيه ثم في عد هذا الخبر من الصحاح نظر بل الصحيح انه من الموثقات
وهذه المسألة محل اشكال والأحوط الأولى الاجتزاء بالغسلة الواحدة تغضيا عن الخلاف بل بالغرفة الواحدة تأسيا بأصحاب الصمة فان ما نقل من وضوئهم عليهم السلام لم يكن
الا بغرفة واحدة وإن كان جواز الغرفتين مقتضى لاطلاقات مع عدم ظهور قائل بنفيه فرعان الأول من زاد على الواحدة معتقدا وجوبها فمقتضى خبر عبد الله بن
بكير السالف عدم الاجر ولا يبطل لصدق الامتثال للثاني المشهور تحريم الثالثة لكونها احداثا في الدين ما ليس منه واستدل عليه المشهور بكونها منافية للموالاة الواجبة وهو مبنى
على مذهبه من وجوب المتابعة وتدل عليه مرسلة ابن أبي عمير السابقة وقال ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمقيد
بعدم الأخر والمفيد حكم بتحريم ما زاد على الثالثة استنادا
إلى قوله عليه السلام في خبر زرارة الوضوء مثنى مثنى من زاد عليه لم يؤجر وهو لا ينطبق على دعواه وأبو الصلاح حكم ببطلان الوضوء بالثالثة وارتضى جماعة من المتأخرين ان مسح
بمائها وهو حسن بعد ثبوت وجوب المسح ببقية ماء الوضوء واستوجه المحقق في المعتبر الجواز لان اليد لا ينفك عن ماء الوضوء الأصلي وهو ضعيف كما لا يخفى
الدعاء عند كل
فعل في الفقيه قال الصادق عليه السلام بينا أمير المؤمنين عليه السلام ذات يوم جالس مع ابنه محمد بن الحنفية إذ قال يا محمد آتني باناء من ماء أتوضأ للصلاة فاتاه محمد بالماء فأكفاه بيده اليمنى
على يده اليسرى ثم قال بسم الله وبالله والحمد لله الذي جعل الماء طهورا ولم يجعله نجسا قال ثم استنجى فقال اللهم حصن فرجى واعفه واستر عورتي وحرمني على النار قال ثم
تمضمض فقال اللهم لقني حجتي يوم ألقاك وأطلق لساني بذكرك وشكرك ثم استنشق فقال اللهم لا تحرم علي ريح الجنة واجعلني ممن يشم ريحها وروحها وطيبها قال ثم غسل
وجهه فقال اللهم بيض وجهي يوم تسود فيه الوجوه ولا تسود وجهي يوم تبيض فيه الوجوه ثم غسل يده اليمنى فقال اللهم اعطني كتابي بيمنى والخلد في الجنان بيساري
وحاسبني حسابا يسيرا ثم غسل يده اليسرى فقال اللهم لا تعطني كتابي بيساري ولا تجعلها مغلولة إلى عنقي وأعوذ بك رب من مقطعات النيران ثم مسح رأسه فقال
اللهم غشني برحمتك وبركاتك وعفوك ثم مسح رجليه فقال اللهم ثبتني على الصراط يوم تزل فيه الاقدام وجعل سعيي فيما يرضيك عنى ثم رفع رأسه فنظر إلى محمد فقال
41

يا محمد من توضأ مثل وضوئي وقال مثل قولي خلق الله تبارك وتعالى من كل قطرة ملكا يقدسه ويسبحه ويكبره فيكتب الله عز وجل ثواب ذلك له إلى يوم القيامة
ورواه الشيخ مسندا عن عبد الرحمن بن كثير الهاشمي عن الصادق عليه السلام وإذا فرغ المتوضى يستحب أن يقول الحمد لله رب العالمين كما مر في خبر زرارة وزاد المفيد رحمه الله اللهم اجعلني من
التوابين واجعلني من المتطهرين وقال الصادق عليه السلام زكاة الوضوء أن يقول اللهم إني أسئلك تمام الوضوء وتمام الصلاة وتمام رضوانك والجنة وغسل اليد من الزندين إذا
كان في الوضوء على ما حده جماعة من الأصحاب عملا بالمتيقن والأكثر لم يجدوه قبل ادخالهما الاناء إذا كان الاناء واسع الرأس بمقتضى الروايتين الآتيتين لكن ما رواه الشيخ
عن حريز في القوى عن أبي جعفر عليه السلام قال يغسل الرجل يده من النوم مرة ومن الغائط والبول مرتين ومن الجنابة ثلثا يقتضى التعميم وخصه بعضهم بالقليل حملا للرواية على الغالب
وعمم الشارح الفاضل بالنسبة إلى القليل والكثير عملا بعموم اللفظ مرة من حدت النوم لرواية عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يبول ولم يمس يده
اليمني شئ أيدخلها في وضوئه قبل ان يغسلها قال لا حتى يغسلها قلت فإنه استيقظ من نومه ولم يبل أيدخل يده في وضوئه قبل ان يغسلها قال لا لأنه لا يدرى حيث باتت يده فليغسلها
والامر محمول على الاستحباب جمعا بينه وبين ما دل على جواز الترك والبول ومرتين من الغائط وثلثا من الجنابة لما رواه الشيخ عن الحلبي في الحسن بمحمد بن عيسى الأشعري قال سألته
عن الوضوء كم يفرغ الرجل على يده اليمنى قبل ان يدخلها في الاناء قال واحدة من حدث البول واثنتان من الغائط وثلث من الجنابة ورواه الكليني عن الحلبي بتفاوت ما في
المتن باسناد حسن بإبراهيم بن هاشم ولو تداخلت الأسباب دخل موجب الأقل تحت الأكثر والمضمضة والاستنشاق على المعروف من المذهب نقل المصنف في النهاية الاجماع عليه
ويدل عليه الاخبار ويحمل ما دل على نفيه على عدم الوجوب جمعا والمنقول عن ابن أبي عقيل انه ليس بفرض ولا سنة فلعله أراد بها السنة الحتمية والظاهر أن المراد ثلثا ثلثا وادعى ابن
زهرة الاجماع على استحباب ذلك قال في المنتهى المضمضة إدارة الماء في الفم والاستنشاق اجتذابه في الانف ويستحب إدارة الماء في جميع الفم للمبالغة وكذا في الانف وقال الشارح
الفاضل وكيفيتهما ان يبدأ بالمضمضة ثلثا بثلث اكف من ماء على الأفضل ولو فعلها بكف واحد أجز أو يدير الماء في فيه إلى أقصى الحنك ووجهي الأسنان واللثات ممرا مسبحه وابهامه
عليها لإزالة ما هناك من الأذى ثم يستنشق ثلثا كذلك ويجذب الماء إلى خياشيمه ان لم يكن صائما والأفضل مج الماء ولو ابتلعه جاز وليكونا باليمين ولو فعلها على غير هذا الوجه
تأدت السنة وإن كان أدون فضلا ويشترط تقديم المضمضة عليه فلو عكس صحت المضمضة خاصة فيعيده بعدها وجوز المصنف في النهاية الجمع بينهما بأن يتمضمض مرة وهو
يستنشق مرة وكذا ثلثا سواء كان الجميع بغرفة أم بغرفتين أم بأزيد وإن كان الأول أفضل انتهى ولا يخفى ان هذه التفاصيل غير مستفادة من الرواية وأكثرها مأخوذ من كلام
المصنف في المنتهى والشهيد في الذكرى استنادا إلى ما روى من طريق العامة من قوله عليه السلام بالغ في الاستنشاق الا ان يكون صائما وما ذكر الشهيدان من كون الأصل ان يكونا
بثلث اكف فلم اطلع على دليله وقد قال الشيخ في المبسوط ولا فرق بين ان يكونا بغرفة واحدة أم بغرفتين ولا يلزم ان يدير الماء في لهواته ولا ان يجذبه بأنفه وقال فيه أيضا ولا يجوز
تقديم الاستنشاق على المضمضة وذكر المصنف ان كيفيات الافعال المندوبة إذا عدها وفعلها على وجه المشروعية كان مأثوما في اعتقاده والا كان لاغيا
وبداة الرجل
بظاهر ذراعيه في الغسلة الأولى الواجبة وبباطنهما في الغسلة الثانية المستحبة عكس المراة لما رواه الكليني والشيخ عنه عن محمد بن إسماعيل باسناد فيه جهالة عن الرضا عليه السلام
قال فرض الله على النساء في الوضوء ان يبدأن ببطان أذرعهن وفى الرجال بظاهر الذراع ورواه ابن بابويه مرسلا عن الرضا عليه السلام وضعف الرواية منجبر بعمل الأصحاب
مع المسامحة في أدلة السنن ولفظ الغرض فيها محمول على المبالغة وما ذكر المصنف من الفرق بين الغسلة الأولى والثانية وفاقا للشيخ في المبسوط والمحقق غير واضح الدليل ح
والأقرب عدم الفرق كما هو ظاهر المنتهى وهو منسوب إلى جماعة منهم والوضوء بمد للأخبار المستفيضة الدالة على أنه فعل كذلك رسول الله صلى الله عليه وآله والظاهر أنه اجماعي بين الأصحاب
كما يفهم من التذكرة وغيرها قال في الذكرى المد لا يكاد يبلغه الوضوء فيمكن ان يدخل فيه ماء الاستنجاء كما تضمنته رواية ابن كثير عن أمير المؤمنين عليه السلام وقد يقال في صحيحة ابن أبي
عبيدة الحذاء السالفة اشعار بذلك ويؤيده ما سيجيئ من دخول ماء انقاء الفرج في صاع الغسل وقد يقال هذا انما يتمشى على القول بعدم استحباب الغسلة الثانية
وعدم كون المضمضة والاستنشاق من الوضوء الكامل واما على القول بذلك فلا فان ماء الوضوء بانضمام ما ذكرنا وانضمام كف أو كفين لغسل اليد يصير ثلث عشرة أو أربع
عشرة والمدعى إما اعتبرناه لا يزيد على ربع المن التريزى بشئ يعتد به وهذا المقدار لا يزيد على ما ذكرنا ويستحب السواك والظاهر أنه قبل غسل اليدين لرواية المعلى ابن خنيس
ولنورد في هذا المقام نبذة من الاخبار المتعلقة به فروى الكليني عن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير
سواك قال وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لولا أن أشق على أمتي لامرتهم بالسواك مع كل صلاة وعن أبي أسامة عن أبي عبد الله عليه السلام قال من سنن المرسلين السواك وعن محمد بن مسلم في
الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله ما زال جبرئيل يوصيني بالسواك حتى خفت ان أحفي أو أدرد وهما دقة الأسنان وتساقطهما وفى الحسن عن ابن أبي عمير عن ابن بكير عمن ذكره
عن أبي جعفر عليه السلام في السواك فقال لا تدعه في كل ثلث ولو أن تمره مرة وعلى باسناده قال أدنى السواك ان تدلك بإصبعك وعن صفوان في الصحيح عن المعلى بن عثمن عن المعلى بن خنيس قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن السواك بعد الوضوء فقال الاستياك قبل ان تتوضأ قلت أرأيت ان نسى حتى يتوضأ قال يستأله ثم يتمضمض ثلث مرات قال الكليني وروى أن
السنة في السواك في السحر وروى عن أبي بكر بن أبي سمال قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا قمت بالليل فاستك فان الملك يأتيك فيضع فاه على فيك وليس من حرف تتلوه وتنطق
به الا صعد به إلى السماء فليكن قول طيب الريح قال الصدوق قال الصادق عليه السلام أربع من سنن المرسلين التعطر والسواك والنساء والحناء وقال أمير المؤمنين ان أفواهكم
طرق القران فطهروها بالسواك وقال النبي صلى الله عليه وآله في وصيته لعلى عليه السلام يا علي عليك بالسواك عند وضوء كل صلاة وقال صلى الله عليه وآله السواك شطر الوضوء وقال صلى الله عليه وآله لكل شئ طهور وظهور
الفم السواك والسواك من الحنفية وهي عشر سنن خمس في الرأس وخمس في الجسد فاما التي في الرأس فالمضمضة والاستنشاق والسواك وقص الشارب والفرق لمن طول
شعر رأسه ومن لم يفرق شعره فرقه الله يوم القيامة بمنشار من نار واما التي في الجسد فالاستنجاء والختان وحلق العانة وقص الأظفار ونتف الإبطين وقال أبو جعفر
الباقر عليه السلام في السواك لا تدعه في كل ثلاثة أيام ولو أن ثمرة مرة واحدة وقال النبي صلى الله عليه وآله اكتحلوا وترا واستاكوا عرضا وترك الصادق عليه السلام السواك قبل ان يقبض بسنتين
وذلك أن أسنانه ضعفت سال علي بن جعفر أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن الرجل يستاك مرة بيده إذا قام إلى صلاة الليل وهو يقدر على السواك قال إذا خاف الصبح
فلا باس به وروى لو علم الناس ما في السواك لا يأتوه معهم في اللحاف وقال الصادق عليه السلام في السواك اثنا عشر خصلة هو من السنة ومطهرة للفم ومجلاة للبصر ويرضى الرحمن ويبيض
الأسنان ويذهب بالحفر ويشد اللثة ويشتهي الطعام ويذهب بالبلغم وتزيد في الحفظ ويضاعف الحسنات ويفرح به الملائكة والاخبار في هذا الباب كثيرة وروى ابن بابويه
عن الصادق عليه السلام إذا توضأ الرجل صفق وجهه بالماء فإنه إن كان ناعسا استيقظ وإن كان يجد البرد فزع فلم يجد البرد وأفتى به والده وأورده في التهذيب وعارضه بخبر السكوني عنه عليه السلام قال
رسول الله صلى الله عليه وآله لا تضربوا وجوهكم بالماء إذا توضأ ثم وجمع بينهما بحمل هذا على الأولى والأول على الإباحة وفيه بعد ويستحب فتح العينين عند الوضوء لما روى ابن بابويه مرسلا
ان النبي صلى الله عليه وآله قال افتحوا عيونكم عند الوضوء لعلها لا ترى نار جنهم
ويكره الاستعانة في الوضوء وهي طلب الإعانة على فعلها وتتحقق بصب الماء في اليد لا بصبه على العضو وهل
تتحقق باحضار الماء وتسخينه حيث يحتاج إليه فيه وجهان وكثير من الروايات تدل على أنهم عليهم السلام يدعون الماء للوضوء ولا يباشرون احضاره والأصل في هذا الحكم ما رواه
42

الكليني والشيخ عنه عن الوشا قال دخلت على الرضا عليه السلام وبين يديه إبريق يريد ان يتهيأ منه للصلاة فدنوت لأصب عليه فابى ذلك وقال مه يا حسن فقلت لم تنهاني ان أصبه
على يدك تركه ان أوجر فقال توجر أنت وأوزر انا فقلت له وكيف ذلك فقال إما سمعت الله يقول فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا
فها انا ذا أتوضأ للصلاة وهي العبادة فأكره ان يشركني فيه أحد وما رواه الشيخ عن شهاب ابن عبد ربه في القوى عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا توضأ لم يدع
أحدا يصب عليه الماء فقيل له يا أمير المؤمنين لم تدعهم يصبون عليك الماء قال لا أحب ان أشرك في صلواتي أحدا ورواه بن بابويه مرسلا وعدم صحتهما غير قادح في العمل
هما للانحبار بعمل الأصحاب مع المسامحة في أدلة السنن وصحيحة أبى عبيدة الحذاء الدالة على أنه صب الماء على يد أبى جعفر عليه السلام محمولة على حال الضرورة أو بيان الجواز وليس هذا تأويلا
في هذا الخبر بحملها على خلاف الحقيقة وظاهر ما يستفاد من اللفظ فاندفع ما يقال من أن ذلك محمول على صحة المعارض على أنه لا يبعد ان يقال الخبر الموافق لعمل الأصحاب وإن كان
ضعيفا يصلح لمعارضة الصحيح والتعبير بالاستعانة كما وقع في عبارة الأكثر يقتضى عدم الكراهة لو أعان من لم يطلب منه ذلك لكن الخبرين المذكورين الدالين على الكراهة
يدفع ذلك بل يدل على الكراهة وان لم يطلب منه ذلك ويمكن ان يقال باب الاستفعال قد يأتي لغير طلب الفعل بل للفعل نفسه كاستقر واستعلى واستبان بمعنى قر وعلا وبان و
كاستيقن واستبان بمعنى أيقن وأبان فيحمل كلامهم على ذلك ونقل عن ابن مالك انها يأتي للاتخاذ أيضا كاستاجر ويمكن الحمل عليه وعلى هذا يكون الحكم مختصا بالمعين ظاهرا لكن
التكليف متعلق بالمتوضئ واما المعين فيمكن دخوله أيضا لأنه موجد الإعانة حقيقة ولأنه معين على المكروه والتمندل هذا مذهب الشيخ في أكثر كتبه وجماعة من الأصحاب لما روى
ابن بابويه مرسلا عن الصادق عليه السلام من توضأ وتمندل كتبت له حسنة ومن توضأ ولم يتمندل حتى يجف وضوئه كتب له ثلاثون حسنة والمنقول عن ظاهر المرتضى في شرح الرسالة
عدم الكراهة وهو أحد قولي الشيخ استضعافا لدليل الكراهة وتؤيده صحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المسح بالمنديل قبل ان يحف قال لا باس به وما رواه الشيخ
في باب آداب الاحداث من الزيادات عن إسماعيل بن الفضل في الموثق قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام توضأ للصلاة ثم مسح وجهه بأسفل قميصه ثم قال يا إسماعيل افعل هكذا فانى
هكذا افعل ورواية أبى بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بمسح الرجل وجهه بالثوب إذا كان الثوب نظيفا ورواية منصور بن حازم قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام وقد توضأ
وهو محرم ثم اخذ منديلا فمسح به وجهه والظاهر أن التمندل المسح بالمنديل فلا يلحق به غيره اقتصارا على مورد النص وبعضهم عبر عن التمندل بمسح الأعضاء وجعله بعضهم شاملا
للمسح بالمنديل والذيل دون الكم وبعضهم الحق به التجفيف بالنار والشمس معللا بأنه إزالة اثر العبادة ولا شعار قوله عليه السلام حتى يجف وضوءه به وهو ضعيف ويحرم التولية اختيارا
فيبطل الوضوء بها وانما يتحقق بغسل العضو لا بصب الماء على يده وصرح به المصنف في المنتهى بكون الحكم المذكور اجماعيا بين الأصحاب ويلوح ذلك من المعتبر وجعله في الانتصار
من متفردات الامامية الا ان كلام ابن الجنيد يدل على استحباب المباشرة بنفسه والصحيح الأول والدليل عليه قوله تعالى فاغسلوا الآية لان اسناد الفعل إلى الفاعل المباشر حقيقي
والى غير مجازى والكلام محمول على الحقيقة ويجوز عند الضرورة بل يجب قال في المعتبر وعليه اتفاق الفقهاء واحتج عليه بأنه توصل إلى الطهارة بالقدر الممكن وفيه نظر لان
المكلف مأمور بمباشرة الفعل فإذا امتنع سقط لعدم امكان التكليف بما لا يطاق وايجاب فعل الغير بدله يحتاج إلى دليل سمعي واحتج عليه الشهيدان بان المجاز يصار إليه مع
تعذر الحقيقة وضعفه غير خفى وفى صورة العجز يتولى السنة بنفسها إذ لا عجز عنها ولو نويا معا كان حسنا مع مطابقة نية كل منهما لفعله ولو أمكن التبعض ببعض ولو احتاج
إلى اجرة وجبت لوجوب مقدمة الواجب المطلق ولو زادت عن أجرة المثل مع القدرة الا مع
الاجحاف ويجب الوضوء وجميع الطهارات الشرعية بماء مطلق وسيجيئ تعريفه
وتحقيق مهيته وهذا الحكم معروف بين الأصحاب بل نقل بعضهم الاجماع وخالف فيه ابن بابويه فجوز رفع الحدث بماء الورد وسيجيئ وجه الاستدلال في هذه المسألة في
احكام المياه ظاهر مملوك أو مباح ويدخل في المباح المأذون فيه مع كونه ملكا للغير ومراد المصنف بوجوب الوضوء بذلك ان الوضوء الواجب الشرعي الطبيعة المقيدة بهذه الخصوصية
فلا يكون غيره فردا للمأمور به أو المراد بالوجوب الاشتراط بناء على أن من تطهر بالمضاف لم يكن مأثوما بل كانت طهارته فاسدة الا عند من يعتقد شرعيتها ولو تيقن الحدث
وشك في الطهارة المراد اليقين بوجود الحدث في زمان معين والشك في الطهارة بعده فلا ينافي اليقين بالحدث الشك في الطهارة كما قد يتوهم ولا حاجة إلى تكلف حمل
اليقين على الظن فإنه مع كونه تكلفا لا يجدى نفعا فاسد والمراد بالحدث السبب أو الأثر المترتب عليه وتخصيصه بالثاني بدون ما ذكرنا غير نافع أو تيقنهما وشك في المتأخر بان
يعلم وجودهما في زمان معين لكن لم يعرف المتقدم والمتأخر بعينه سواء علم الحالة السابقة عليهما لا أو شك في شئ منه أي من الوضوء بان شك في الاتيان ببعض
أفعاله وهو على حاله أي على حال الوضوء لم يفرغ منه بعد أعاد الوضوء في الصورتين الأوليين والعضو المشكوك فيه مع ما بعده رعاية للترتيب في الصورة الأخيرة وفى العبادة
اجمال واطلاق لفظ الإعادة لا يخلو عن اختلال إما وجوب الوضوء في الصورة الأولى فالظاهر أنه اجماعي ويدل عليه عموم الآية والاخبار وقوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا تنقض اليقين
ابدا بالشك ولكن ينقضه يقين اخر واما الثانية فأطلق الأكثر خصوصا المتقدمون الحكم بذلك من غير تقييد تحصيلا لليقين بالطهارة عند الدخول في الصلاة
وهو قوى الا ان يعلم حاله قبلهما ويعلم من عادته شيئا فيبنى عليه وحينئذ يخرج عما نحن فيه فان المراد الشك المستمر لا مجرد الشك في الابتداء والدليل عليه ان الامر بالوضوء للقائم
إلى الصلاة عام بالنسبة إلى جميع الحالات عرفا فلا يتخصص الا بالقدر الذي يقتضيه الاجماع ولا اجماع فيما نحن فيه فيكون داخلا في عموم الآية وأيضا يستفاد من الاخبار لك
المستفيضة وجوب الوضوء على من أحدث وهذا قد أحدث فيكون الوضوء واجبا عليه والامتثال مشكوك فيه فلا يخرج عن العهدة الا بالوضوء ليحصل اليقين بالامتثال
وأيضا الواجب عليه الصلاة مع الطهارة فيجب الاتيان بها يقينا لان اليقين بالتكليف يستدعى اليقين بالامتثال وفى المسألة قولان آخران أحدهما انه ينظر إلى الحال
السابق عليهما فان جهلها تطهر وان علمها اخذ بضد ما علمه اختاره المحقق الشيخ على ويظهر من المحقق في المعتبر الميل إليه لأنه نقل مذهب الثلاثة وتردد فيه ثم ذكر توجيهه
ثم قال يمكن ان يقال ينظر إلى حاله قبل تصادم الاحتمالين فإن كان حدثا بنى على الطهارة لأنه تيقن انتقاله عن تلك الحال إلى الطهارة ولم يعلم تجدد الانتفاض وصار متيقنا
للطهارة شاكا في الحدث فيبنى على الطهارة وإن كان قبل تصادم الاحتمالين متطهرا بنى على الحدث لعين ما ذكرناه من التنزيل وفيه نظر لأنه وان علم الانتقال إلى
طهارة لا يعلم رفعها لكنه يعلم أيضا وجود حدث لا يعلم رفعه وصدق الانتقال غير مؤثر في الفرق ووجود طهارة لا يعلم رفعها لو كان كافيا للحكم بالطهارة يلزم ان يكون متطهرا
في الصورة الثانية أيضا وثانيهما الاخذ بالحال السابق ان علمه واختاره المصنف في المختلف حيث قال إن كان الزمان السابق على زمان تصادم الاحتمالين محدثا وجب عليه الطهارة
وإن كان متطهرا لم يجب مثاله انه إذا تيقن عند الزوال انه نقض طهارة وتوضأ عن حدث وشك في السابق فإنه يستصحب حال السابق على الزوال فإن كان في تلك الحال متطهرا
فهو على طهارته لأنه تيقن انه نقض تلك الطهارة وتوضأ ولا يمكن ان يتوضأ عن حدث مع بقاء تلك الطهارة ونقض الطهارة الثانية مشكوك فيه فلا يزول عن اليقين بالشك
وإن كان قبل الزوال محدثا فهو الان محدث لأنه تيقن ان انتقل عنه إلى طهارة ثم نقضها والطهارة بعد نقضها مشكوك فيها انتهى ولعل مراده في موضوع الحكم المذكور
من يعلم من حاله عدم التوالي بين الحدثين والطهارتين مع فرض التساوي في العدد بشهادة المثال الذي ذكره فإنه ناطقة بكون الحدث ناقضا والطهارة رافعة فلا يرد
عليه انه يجوز توالى الحدثين والطهارتين فلا يتم ما ذكره نعم على الفرض المذكور؟؟؟ ما ذكره عن مسألة الشك إلى اليقين وله أن يقول مرادي بالشك المفروض في أصل المسألة أعم من الشك المبتدأ أو
43

المستمر وذلك غير عزيز في كلامهم كما في مسألة الشاك في مبدأ السعي وهو يعلم الزوجية والفردية وغير ذلك صرح به في القواعد فقيدهما بكونهما ننخدن متعاقبين ثم حكم باستصحاب
الحالة السابقة ومراده من الاستصحاب الأزمة مسامحة ومن هنا يعلم الجمع بين ما ذكره المصنف والأصحاب وقال الشارح الفاضل ما ملخصه انه ان علم التعاقب فلا ريب والا فإن كان
لا يعتاد التجديد بل انما يتطهر دائما طهارة رافعة للحدث فإن كان السابق حدثا فالأوجه الحكم بضد السابق لضعف الحكم بوجوب الطهارة عند العلم بوقوعها على الوجه
المعتبر والشك في تعقب الحدث لها في الصورة المفروضة وليس يقين الحدث مكاف ليبقين بالطهارة لأن الطهارة قد علم تأثيرها في رفع الحدث إما الحدث فغير معلوم نقضه
للطهارة لاحتمال التوالي فيرجع إلى يقين الطهارة مع الشك في الحدث وإن كان السابق طهارة فالأوجه الحكم بالطهارة لكن هذا القسم يرجع إلى التعاقب وإذا انتفى تلك القيود
وجب عليه الطهارة وفى حكمه بالطهارة في صورة يعلم من حاله عدم التجدد ويعلم كون السابق حدثا لما ذكرنا من الأدلة الدالة على وجوب الطهارة الشاملة للصورة المفروضة
واليقين بحدث لا يجوز معها الدخول في الصلاة مكاف لليقين بالطهارة والفرق الذي ذكره غير مؤثر في اختلاف الحكم فان الحدث المستصحب لعدم البقاء على حكم الطهارة
متيقن وعدم استناد النقض إليه يقينا غير قادح ولو كان اليقين بالطهارة الصحيحة مع الشك وزوالها موجبا للحكم بالطهارة يلزم ذلك في صورة انتفاء القيود أيضا
والتخصيص بان الطهارة الرافعة موجب لذلك عند الشك بالانتقاض وعدم المكافاة لليقين بالحدث الرافع لا مطلقا مما لا يحصله دليل واعلم أن هذه المسألة ينشعب إلى صور
اثنى عشر لأن الطهارة والحدث إما تيقنهما متحدين أي متساويين في العدد متعاقبين أي لا يتوالى مثلان بينهما واما تيقنهما من دون شئ من القيدين أو مع تحقق الأول دون الثاني
أو بالعكس فالصور أربع وعلى كل تقدير ما ان يعلم حاله قبل زمانهما متطهرا أو محدثا أو لا يعلم شيئا فيصير اثنى عشر ويظهر حكم الكل؟؟؟؟؟ واما الثالثة فلا خلاف فيها بين الأصحاب
ويدل ع؟ وجوب تحصيل اليقين بالبراءة وما رواه الشيخ عن زرارة بأسانيد ثلثه فيها الصحيح والحسن ورواه الكليني باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم
عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أغسلت ذراعيك أم لا فأعد عليها وعلى جميع ما شككت فيه انك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء فإذا قمت
من الوضوء وفرغت منه وقد صرت في حال أخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما سمى الله عليك وضوءه فلا شئ عليك قال في الذكرى موافقا لابن إدريس لو كثر شكه
فالأقرب الحاقه بحكم الشك لكثير في الصلاة دفعا للحرج ووافقه الشيخ على وهو غير بعيد ويؤيده قوله عليه السلام في حسنة زرارة وأبى بصير الواردة فيمن كثر شكه في الصلاة بعد أن
قال يمضى في شكه لا تعود والخبيث من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في التوهم ولا يكثرن نقض الصلاة فإنه إذا فعل ذلك
ثلث مرات لم يعد الشك ثم قال انما يريد الخبيث ان يطاع فإذا عصى لم يعد إلى أحدكم فان ذلك في قوة التعليل فيتعدى إلى غير المسؤول عنه والطاهر الحاف النية بباقي الافعال
في الحكم المذكور
ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث أو شك في شئ منه بعد الانصراف لم يلتفت إما الحكم الأول فادعى جماعة منهم المحقق والمصنف الاجماع عليه ويدل عليه قوله عليه السلام
في صحيحة زرارة لا تنقض اليقين ابدا بالشك وقوله عليه السلام في موثقة عبد الله بن بكير عن أبيه إذا استيقنت انك توضأت فإياك ان تحدث وضوء ابدا حتى تستيقن انك قد
أحدثت ولا فرق بين ان يكون الحدث مشكوكا أو مظنونا كما صرح به المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والنهاية والتحرير وربما يتوهم ان الحكم المذكور مبنى على الظن لبقاء
اثر الطهارة بمقتضى الاستصحاب وان الحكم دائر معه فلو ارتفع الظن المذكور وجب الوضوء وهو توهم فاسد مندفع بالاخبار وكلام الأصحاب فما يدل عليه الخبران السابقان
وما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له أجد الريح في بطني حتى أظن أنها قد خرجت فقال ليس عليك وضوء حتى تسمع
الصوت أو تجد الريح قال إن إبليس يجئ فيجلس بين أليتي الرجل فيفسو ليشككه واما الحكم الثاني فالظاهر أنه اجماعي وتدل عليه رواية زرارة السابقة وما رواه الشيخ عن بكير
بن أعين في الحسن قال قلت الرجل يشك بعد ما يتوضأ قال هو حين يتوضأ أذكر منه حين يشك
وعن عبد الله بن أبي يعفور في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا شككت
في شئ من الوضوء وقد دخلت في غيره فليس شكك بشئ انما الشك إذا كنت في شئ لم تجزه واعلم أن جماعة من أصحابنا المتأخرين منهم المدقق الشيخ على والشهيد الثاني
فسر والانصراف بالفراغ من الوضوء وان لم ين؟؟؟ ن مكانه حتى قال في شرح اللمعة ولو شك في بعضه بعد انتقال عنه وفراغه منه لا يلتفت والحكم منصوص متفق عليه وقال
صاحب المدارك عدم الالتفات إلى الشك في شئ من أفعال الوضوء بعد الانصراف عن أفعاله وان لم ينتقل عن محله فاجماعي ومراده من الانصراف الفراغ كما يستفاد من
لواحق كلامه وهو المفهوم من كلام الشهيد في البيان وقال المصنف في النهاية الظاهر تعليق الإعادة وعدمها مع الشك في بعض الأعضاء على الفراغ من الوضوء وعدمه لا على الانتقال
من ذلك المحل ولا يخفى ان ظاهر كثير من عبارات أصحابنا المتقدمين وصريح بعضها يخالف لك بل يشعر كتبه منها بان المراد في صورة عدم الالتفات القيام عن الوضوء
عموم بعضها باعتبار الانتقال عن محله وبعضها دال على عدم كفاية الفراغ قال ابن بابويه من شك في شئ من وضوئه وهو قاعد على حال الوضوء فليعد ومن قام عن
مكانه ثم شك في شئ من وضوئه فلا يلتفت إلى الشك الا ان يستيقن وقال المفيد مع المقنعة ومن كان جالسا على حال الوضوء لم يفرغ منه إلى أن قال وجب عليه إعادة
الوضوء من أوله ليقوم من مجلسه وقد فرغ من وضوئه على يقين فان عرض له شك فيه بعد فراغه منه وقيامه من مكانه لم ينبت إلى ذلك وقضى باليقين عليه وقال
الشيخ في النهاية فان شك في الوضوء وهو جالس على حال الوضوء لم يفرغ منه وجب عليه استيناف الوضوء فان شك في شئ بعد انصرافه من حال الوضوء لم يلتفت
إلى الشك وبنى على الوضوء ثم قال ومن شك في غسل الوجه وساق الكلام إلى أن قال فان شك في مسح رأسه وقد مسح رجليه رجع فمسح برأسه ثم رجليه بما يفي في يديه
إلى أن قال فإن لم يبق من ذلك نداوة وجب عليه إعادة الوضوء فان انصرف من حال الوضوء ومد شك في شئ من ذلك لم يلتفت إليه ومضى على يقينه ولعل مراده بحال الوضوء
الحال التي كان في وقت الوضوء عليها ويتحذى على ذلك كلامه رحمه الله في المبسوط وعد ابن زهرة مما يوجب إعادة الوضوء الشك في الوضوء وهو جالس عليه ومما لا يوجب
الإعادة الشك فيه بعد ما قام عنه والشك في غسل عضو كذلك وقال ابن زهرة ولا تجوز الصلاة الا بطهارة متيقنة فان شك وهو جالس في شئ من واجبات الوضوء
استأنف ما شك فيه فان نهض متيقنا لتكامله لم يلتفت إلى شك يحدث له وقال ابن إدريس ومن عرض له وهو في حال الوضوء لم يخرج عنه شك إلى أن قال فإن كان الشك
العارض بعد فراغه وانصرافه من مغتسله وموضعه لم يحمل الشك وألقاه لأنه لا يخرج من حد الطهارة الا على يقين من كمالها وليس ينقض الشك اليقين وقال الشهيد
في الذكرى بعد نقل خبر زرارة السابقة وذكر القيام والقعود تبين الحال نعم لو طال القعود فالظاهر التحاقه بالقيام وقال في الدروس ولو انتقل عن محله ولو تقديرا لم يلتفت
وكانه أراد بالانتقال التقديري الجلوس الطويل فظهر بما ذكرنا ان الاجماع الذي يفهم من كلام الشهيد الثاني وصاحب المدارك محل النظر وكان الشهيد الثاني استشعر
بذلك فقال في شرح هذا الكتاب بعد نقله لخبر زرارة السالفة وهذه الرواية كما يحتمل ان يريد بحاله حال الوضوء كما قلناه أو لا يحتمل ان يراد به حال المتوضى فيعود الضمير
إلى الفاعل المضمر في قوله ولو شك فعلى هذا يرجع ما دام على حاله التي توضأ عليها وان فرغ من أفعال الوضوء لكن يرجح الأول ما رواه عبد الله بن أبي يعفور ونقل الرواية
السالفة والتحقيق انه ان فرغ من الوضوء متيقنا للاكمال ثم عرض له الشك فالظاهر عدم وجوب إعادة شئ لقوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا تنقض اليقين ابدا بالشك ولخبر
ابن بكير السالف ولبعض الاخبار السالفة في هذه المسألة لكن الاستدلال بصحيحة زرارة وموثقة ابن بكير انما يتم إذا كان المراد باليقين الجزم إما لو اعتبر فيه الثبات والمطابقة فلا وان شك
44

بعد ما كان فارغا ولم يعلم هل حصل اليقين بالاكمال أولا أم لا فان قام من مكانه واشتغل بشئ من اخر فكذلك للاخبار السالفة وإن كان جالسا على حالته الأول فمقتضى
كلام من أشرنا إليهم من المتأخرين انه كذلك وبعض الأخبار السابقة لا يخلو عن دلالة عليه ويلوح من كلام المفيد والشيخ في النهاية وابن زهرة بل ابن إدريس أيضا انه يعتبر اليقين
أولا وطريق الاحتياط واضح
ولو جدد الوضوء ندبا احترز بذلك عما جدده وجوبا بالنذر وشبهه فإنه يرفع الحدث عند المصنف في هذا الكتاب لأنه لم يشترط نية الرفع أو الاستباحة
ثم ذكر بعد الصلاة الواقعة بعدهما اخلال عضو من أحدث الطهارتين مع جهل التعيين أعاد الطهارة والصلاة لامكان ان يكون الخلل في الأولى فتكون الثانية واقعة على
غير وجهها الواقعي فيكون باطلا الا مع ندبية الطهارتين بان توضأ قبل حصول السبب ثم جدد الوضوء ندبا ثم دخل الوقت فصلى به ثم ذكر الاخلال المجهول فان الصلاة صحيحة حينئذ
لحصول الجرم سلامة أحد بهما وتحقيق المسألة ان يقال إذا توضأه المكلف وضوء رافعا للحدث فرضا أو نقلا ثم جدد وضوء اخر بنية الندب أو الوجوب ثم ذكر الاخلال بعضو من أحدهما
فلا يخلو ما ان يكتفى القربة في نية الوضوء أم لا فعلى الأول صح وضوءه وصلاته مطلقا وكذا ان قلنا برفع المجدد الحدث كما سنبين وعلى الثاني ان اعتبرنا الوجه مع ذلك من دون أحد الامرين
فإن كان الوجه الملحوظ معتبرا على تقدير فساد الأولى كما إذا توضأ ندبا قبل دخول الوقت للتهيؤ مثلا ثم جدد
ندبا كذلك فهو كالسابق في الصحة وان لم يكن معتبرا على التقدير المذكور
كما إذا توضأ واجبا ثم جدد ندبا فوجهان ناشئان من عدم اشتمال الثاني على الوجه المعتبر لو كان الخلل في الأول ومن كون المكلف مأمورا بايقاع الفعل على الوجه الذي يعتقد كون الفعل عليها دون الامر
الواقعي إذ ليس مناط التكليف الواقع وان اعتبرنا نية الرفع أو الاستباحة فان قلنا باشتراط أحدهما عند المكنة بان يكون ذاكرا لوجود الحدث لا مطلقا فالظاهر الصحة أيضا لاشتمال
إحدى الطهارتين على جميع ما يعتبر فيها؟؟؟؟؟ ولعل الشيخ نظر إلى ذلك حيث اختار في المبسوط الصحة مع قوله فيه باشتراط أحد الامرين في النية أو نظر إلى أن الغرض من شرعية التجديد
تدارك خلل السابق لو اشتمل عليه فاندفع عنه ما يعزى إليه من المناقضة وان قلنا بتوقف صحة الصلاة على الوضوء المشتمل على نية أحدهما مطلقا كما اختاره ابن إدريس وادعى
اجماع الأصحاب عليه وهو الذي يقتضيه الدليل المشهور على وجوب نية الاستباحة ان تم فيحتمل البطلان لجواز ان يكون الخلل في الطهارة الأولى ولا تكفى الثانية لعدم
اشتمالها على أحد الامرين المذكورين ويحتمل الصحة كما اختاره المصنف في المنتهى بناء على كونه داخلا في الشك بعد الفراغ فصح الأولى ونقله الشهيد رحمه الله في البيان عن السيد
جمال الدين بن طاوس واستوجهه العلامة وقد يقال فرق بين الصورتين بان اليقين هنا حاصل في الترك وانما حصل الشك في موضعه بخلاف الشك بعد الفراغ فإنه
لا يقين فيه أصلا والمتبادر من الاخبار المتضمنة لعدم الالتفات إلى الشك بعد الفراغ الوضوء المتجدد الذي حصل الشك فيه بعد الفراغ منه وهو متجه لا يقال
انساق بعض الافراد إلى الأذهان وتبادر الافهام إليه لا يوجب تخصيص العمومات باخراج الباقي عنها لأنا نقول قد أشرنا سابقا إلى أن النظر في الاخبار المنقولة عنهم عليهم
السلام انما يكون مقصورا على الافراد الغالبة الشائعة لا مطلقا كما يفصح عنه التتبع ويؤيد الصحة مطلقا قوله عليه السلام في رواية ابن بكير السالفة إذا استيقنت انك توضأت
فإياك ان تحدث وضوء ابدا حتى تستيقن انك قد أحدثت ويؤيده ما يقال من أن الظاهر من فحاوي الاخبار ان شرعية المجدد انما هو لاستدراك ما وقع في الأول
من الخلل لكن ذلك لم يثبت عندي ويؤيده أيضا ما رواه ابن بابويه في الفقيه من اجزاء غسل الجمعة من غسل الجنابة مع نسيانه ويناسيه ما اتفق عليه الأصحاب من
اجزاء صوم يوم الشك بنية الندب عن الواجب وما ورد من استحباب الغسل في أول ليلة من شهر رمضان تلافيا لما عساه فات من الأغسال الواجبة ونحو ذلك واعلم أنه
لا خلاف بينهم في شرعية التجديد ونقل دعوى الاجماع على ذلك من جماعة منهم واختلفوا في حصول الإباحة به لو ظهر فساد السابق فقال بذلك الشيخ في المبسوط
وقواه في الدروس ووجهه في المعتبر لكن قيده بما إذا قصد ايقاع الصلاة على الوجه الأكمل لكونه فضيلة لا تحصل الا به ومنهم من أنكر ذلك والأقرب مختار المبسوط لما ذكرنا
والتفصيل ان الوضوئين إما واجبان أو مندوبان أو بالتفريق وعلى كل تقدير فالثاني إما ان يكون مجددا أم لا فالصور ثمان الأولى ان يكونا واجبين والثاني
غير مجدد كما لو توضأ للفريضة بعد دخول وقتها ثم ذهل عنه وتوضأ وضوء واجبا أو تيقن الحدث وشك في الطهارة أو تيقنهما وشك في الماخر فتوضأ ثم ذكر الوضوء متأخرا
عن الحدث والظاهر عدم وجوب الإعادة في الصورة المذكورة بالاتفاق الثانية ان يكونا واجبين والثاني مجدد واجب كما لو نذر التجديد فان اكتفينا بالقربة أو
بالقربة مع الوجه فالوجه الصحة والا فالتفصيل الذي ذكرنا سابقا الثالثة ان يكونا مندوبين والثاني غير مجدد كما لو توضأ قبل دخول الفريضة للتأهب أو الصلاة
نافلة ثم ذهل عنه قبل دخول الفريضة فتوضأ كذلك وحكمه كالأول ولو توضأ قبل دخول الفريضة ندبا ثم دخل الفريضة فصلى ثم ذهل عن الوضوء فتوضأ ندبا للتأهب
لفريضة أخرى ففيه اشكال ينشأ من أنه لو كان الخلل في الوضوء الأول لم يبرأ ذمته عن الصلاة الواجبة التي صلى به فلم يكن الوضوء الثاني مشتملا على الوجه الواقعي ومن
اشتماله على الوجه الذي يعتقده الرابعة ان يكونا مندوبين والثاني مجدد فلا يخلو إما ان يكون وقوع الثاني قبل اشتغال الذمة بالغاية الواجبة أم لا وعلى الأول
فالوجه الصحة بناء على الاكتفاء بالقربة أو هي مع الوجه وعلى الثاني ففيه وجهان من حيث النظر إلى الظاهر أو الواقع الخامسة ان يكون الأول مندوبا والثاني مجدرا واجبا
كما لو نذر التجديد والحكم فيه كالثانية وهو وقع الثاني في وقت براءة الذمة عن الواجب أمكن في الحكم المذكور مناقشة بعيدة السادسة الصورة بحالها والثاني غير مجدد
كما لو توضأ للنافلة أو للتأهب ثم ذهل عنه وتوضأ للفريضة بعد دخول الوقت وحكمها كالأولى السابعة ان يكون الأول واجبا والثاني مندوبا مجددا وحكمه يستفاد
من التفاصيل السابقة الثامنة الصورة بحالها والثاني مندوب غير مجدد كما لو توضأ للصلاة الواجبة في وقتها ثم ذهل عنه وتوضأ للتأهب لفريضة أخرى قبل دخول وقتها
فان قلنا بالقربة والوجه بحسب الظاهر واكتفينا بذلك فالوجه الصحة والا فحكمه ما يعرف من المباحث السالفة واعلم أنهم حكموا بإعادة الصلاة الواقعة بالوضوء الأول مطلقا
عند التردد المذكور وفيه اثبات اعادته بعد خروج الوقت اشكال ولو تعددت الصلاة الواقعة بعد الطهارة الثانية أيضا كما لو تعددت الطهارة أعاد والصلوتين الطهارة إذ لا
فرق بين الصلاة الواحدة والمتعددة وقد مر الكلام في ذلك ولو تطهر وصلى واحدث والمراد مرتبا وان لم يكن الواو للترتيب عند المصنف وجمهور المحققين ثم تطهر وصلى
كذلك ثم ذكر اخلال عضو مجهول بالنسبة إلى الطهارتين وان علم عينه كالوجه مثلا أعاد الصلاتين بعد الطهارة ان اختلفتا عددا كالمغرب والعشاء لفساده إحديهما بفساد لا
يمكن الترديد للاختلاف والا أي وان لم يكونا مختلفين عددا كالظهر والعصر فالعدد أي وجب فريضة بعدد إحديهما مرددا بينهما في النية على قول معظم الأصحاب لصدق
الامتثال بالترديد وللأصل السالم عن معارضة كونه مقدمة للواجب ولقائل ان يمنع الأول بناء على أن الفائت الفعل مع نية التعيين فمجرد الفعل غير كاف في القضاء
لا يقال نية التعيين متعذر لأنا نقول لا نسلم ذلك إذ يمكن تعيين وجوب الجميع عليه وإن كانت الفائت واحدا تحصيلا لليقين إذ لا؟؟؟؟ في ايجاب الظهر مثلا ثانيا عند
الشك بحصولها أولا كما إذا شك في الاتيان بالظهر في وقت فان الظاهر أنه يفعلها حينئذ بنية الظهر جزما وان وقعت أولا في الواقع ثم إن كفى في الاتيان بالظهر مثلا أداء نية ما في
الذمة أو وظيفة الوقت يصح الاستدلال وان منازع في الثاني بناء على أن المسألة من باب اليقين في أصل التكليف والشك في عنوان ما يحصل الامتثال والظاهر أن القضاء
لا يثبت له كونه ظهرا مثلا فان الله تعالى أوجب على المكلفين صلاة معينة في وقت معين وهو المراد بالظهر ثم أوجب على المكلفين الاتيان بمثله عند نواتها ولا يصدق على
هذه الصلاة كونها ظهرا بل انما هي بدل عنها فلا يمكن في القضائية كونها ظهرا فما دل على الاتيان بمثل الفائت كان المراد منه الاتيان بمثله في جميع الخصوصيات سوى نية كونه
45

ظهرا ومغربا مثلا ونية كونه أداء فإذا اتى بالواحدة حصل الامتثال وبهذا التحرير يظهر صحة التعليلين فتدبر أوجب الشيخ في المبسوط قضاء الصلاتين تحصيلا لليقين حتى أوجب
قضاء الخمس لو صلاها بخمس طهارات ثم ذكر الاخلال المذكور في واحدة منها مع تخلل الحدث ووافقه أبو الصلاح وابن زهرة على ما نقل عنهما وعلى ما ذكره المصنف ومن وافقه يجزيه في هذا
الفرض ثلث فرائض رباعية مرددة ثلاثيا وصبح ومغرب ويشكل من حيث اختلاف هيئة العشاء والظهرين جهرا أو اخفاتا فلا يكون الواحدة مجزئة عنها ولكنهم ذكروا انه مخير بين الجهر و
الاخفات في صورة التردد بين الجهري والاخفاتي
والشيخ وافق الجماعة في الاجتزاء بثلث ممن فاته فريضة مجهوله من الخمس معولا على النص الوارد فيمن نسى فريضة مجهولة وقد يستدل
على المشهور بالرواية المذكورة إما لكون العلة في الجميع واحدا أو لكون المتنازع فيه داخلا في موضوع الخبر إذ نسيان ما هو شرط لصحة الصلاة في قوة نسيان الصلاة الشرعية ولا يخفى ضعف الأول
واما الثاني فموقوف على أن تكون الصلاة اسما للأركان المستجمعة لجميع الشرائط لا لنفس الأركان واليه يتطرق المنع وفى قول أبى جعفر عليه السلام في حسنة زرارة وان نسيت الظهر حتى صليت
العصر فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك فانوها الأولى ثم صل العصر فإنما هي أربع مكان أربع تأييد ما للقول المشهور ومن لا يكتفى بالواحدة المرددة ينظر إلى فوات الجزم المعتبر في النية
وفيه ان اعتبار الجزم مطلقا ممنوع مع كون ذلك مشترك الالزام لان من أعاد الصلاتين يجزم قطعا بان إحديهما في ذمته فكيف يجزم بكل واحدة
ولقائل أن يقول إذا اعتبر الجزم بالتعيين في الأداء كان معتبرا في القضاء لوجوب القضاء كما فاتت وليس ذلك متعذرا في القضاء لامكان وجوب الجميع تعيينا تحصيلا لليقين وإن كان
الفائت واحدا ولا فساد في وجوبها ثانيا وان وقعت أولا في الواقع ويمكن دفعه بما ذكرنا سابقا واعلم أن الوضوءين يمكن فرضهما واجبين وهو ظاهر ومندوبين بأن توضأ
قب دخول وقت الفريضة للتأهب ثم صلى بعد دخول الوقت ثم أحدث وتوضأ لاخرى قبل دخول وقتها ثم صلى ثم ذكر الاخلال المذكور ومتفرقين ويعلم المثال بالمقايسة
واستشكل بعضهم صورة الندبين والندب بعد الواجب لجواز ان يكون الخلل من الأولى فتفسد الصلاة فتبقى في الذمة فيقع الندب في غير موقعه وفيه ان المكلف كان
مأمورا بايقاع الفعل على الوجه الذي يعتقد اتصاف الفعل به وإن كان بحيث لو اطلع على الواقع زال تلك الاعتقاد والامر الواقعي غير مؤثر إذا لم يعلمه ولو كان الفوات
في صلاة السفر فالمشهور الأجزاء في ابهام الواحدة من الخمس الثنائية المرددة رباعيا والمغرب وفى ابهام الاثنين بالثنائية المرددة ثلاثيا قبل المغرب وبعدها ومنع من ذلك
ابن إدريس بل أوجب الخمس لعدم النص وأصالة وجوب التعيين ولو كان الترك من طهارتين في يوم مرددا بين خمس فعند الشيخ ومن وافقه يجب الخمس وعلى المشهور يكفي
أربع للمقيم صبح ثم رباعية مرددة بين الظهر والعصر ثم مغرب ثم رباعية مرددة بين العصر والعشاء لانطباقه على الاحتمالات الممكنة وهي عشرة ولو ردد بين الرباعيات
الثلث في الرباعية الأولى لم يضر ولكن يجوز اسقاطه اكتفاء بالترديد الثنائي في الرباعيتين ولو قصد الظهر أيضا في الرباعية الثنائية فلغو لان الظهر إن كانت في
الذمة فقد صلاها فلا فائدة في قصدها وهل ذلك ضار فيه وجهان ناشيان من أنه اتى بالواجب فيكون الزائد لغوا غير قادح للأصل ومن انه كالترديد بين النافلة والفريضة
بل هنا أبلغ لان الظهر في حكم صلاة غير مشروعة للنهي المشهور عن النبي صلى الله عليه وآله لا تصلى صلاة واحدة في اليوم مرتين كما قيل وعلى القول المشهور هل يجوز التعيين يمكن العدم لأنه
تعيين ما لا يعلمه ولا يظنه بخلاف الترديد وبخلاف الصبح والمغرب لعدم امكان الاتيان بالواجب بدونه ولامكان الأداء بفعل واحد فالاتيان بالزائد عليه على وجه العبادة
من غير دليل شرعي بدعة قال في الذكرى الأصل فيه ان العدل عن التعيين إلى الترديد هل هو رخصة وتخفيف على المكلف أو هو لمصادفة النية أقوى الظنين فعلى الأول
يجزى التعيين بطريق أولي وعلى الثاني لا يجزى وهل يجوز الجمع بين الترديد التعيين بان يصلى واحدة على التعيين ويردد في الثاني استقرب المصنف في القواعد ذلك وحينئذ يجب
الاتيان بفريضة ثالثة لعدم العلم بالبراءة بدونها ولا يتعين عليه في الفريضة الثالثة اطلاق ولا تعيين ويحتمل تعين التعيين لما ذكرنا سابقا والمقيم إذا عين الظهر بعد
لصبح ردد ثنائيا بين العصر والعشاء مرتين قبل المغرب وبعده ان صح ذلك لا يكون انضمام اللغو قادحا إذ مرة مرددة ومرة معينة كذلك رعاية للترتيب إذ هو ممكن من غير افتقار إلى
فعل زائد فلا ينافي ذلك سقوط الترتيب المنسى وان عين العصر اطلق ثنائيا بين الظهر والعشاء مرتين إحديهما بعد الصبح وقبل العصر والاخرى بعد المغرب ان صح أو مرة مرددة
ومرة معينة وفى الذكرى انه تردد ثنائيا مرتين في الصورتين ولم يذكر احتمال نية التعيين في الرباعية الثنائية فان قصد تعين ذلك فهو خطأ بل يحتمل تعين كما احتمله
في صورة قصد الظهر في الرباعية الثنائية في صورة عدم الجمع بين الترديد والتعيين وعلى هذا القياس ان عين العشاء قال في الذكرى والحق انه تكلف محض لا فائدة فيه بل لا ينبغي
فعله على القول المشهور ولو كان الترك من طهارتين والشك في طهارات صلوات يومين فهى تنقسم إلى أقسام ثلثة لأنه إما ان يعلم تفريق الطهارتين في اليومين أو يذكر جمعهما
في يوم واحد لكنه مشكوك فيه أو يجهل كلام من الجمع والتفريق فالصور ثلث الأولى ان يعلم التفريق ولا يخلو ما ان يكون متما فيهما حتما أو مقصرا فيهما حتما أو متما في أحدهما حتما مقصرا في الأخر حتما أو
متما في أحدهما حتما مخيرا في الأخر واختار التمام أو اختار القصر أو مقصرا في أحدهما حتما مخيرا في الأخر واختار القصر أو التمام أو مخيرا فيهما واختار التمام أو القصر أو التفريق فالصور عشرة
فعلى الأول يجب عليه عن كل يوم ثلث صلوات صبحا ومغربا ورباعية مرددة ثلاثيا مراعيا للترتيب بين وظيفتي اليومين بتقديم إحدى الوظيفتين على الأخرى لا في كل منهما
وعلى الثاني يجب عليه عن كل يوم صلوتين مغربا وثنائيا مرددة رباعيا مراعيا للترتيب كما ذكرنا وعلى الثالث يصلى ثلثا أو اثنتين مرتبا بين الامرين ان علم السابق والا فيصلى
ثنائية مرددة رباعيا ثم رباعية مرددة ثلاثيا ثم مغربا ثم ثنائيا مرددة رباعيا ومغربا اخر أين اتفق والرباعية كالأولى والخامسة كالثالثة والسادسة كالثانية والسابعة
كالثالثة والثامنة كالأولى والتاسعة كالثانية والعاشرة كالثالثة كل ذلك أن قلنا ببقاء التخيير في القضاء وان قلنا بتحتم القصر اختلف أكثر تلك الأحكام وسيجيئ تحقيق
لك في محله الثانية ان يعلم الجمع واشتبه والصور أيضا عشر على قياس السابق فعلى الأولى يجب ان يصلى أربعا صبحا ورباعيتين بينهما المغرب وعلى الثانية يصلى ثنائيتين
والمغرب بينهما وعلى الثالثة يصلى خمسا ثنائية يطلق فيها ثلاثيا بين الصبح والظهر والعصر ثم رباعية يطلق فيها بين الظهرين ثم مغربا ثم رباعية يطلق فيها بين العصر
والعشاء وثنائية يطلق فيها بينهما وبين الظهر والرابعة كالأولى والخامسة كالثالثة والسادسة كالثانية والسابعة كالثالثة والثامنة كالأولى والتاسعة كالثانية
والعاشرة كالثالثة الثالثة ان يجهل اجتماع الطهارتين في يوم واحد وتفريقهما في يومين مجوزا كلا منهما فإن كان مقيما فيهما لزمه ست صلوات لان التفريق محتمل و
مقتضاه الست المذكورة كما عرفت وضابط الترتيب توسيط مغرب بين الرباعيتين وتقديم الصبح على الرباعية الأولى وإن كان مقصرا فيهما لزمه أربع وضابط
الترتيب توسيط مغرب بين الثنائيتين وإن كان متما في أحدهما مقصرا في الأخر فإن كان السابق التمام لزمه الست ثنائية مرددة ثلاثيا ثم رباعية مرددة ثلاثيا ثم مغرب ثم رباعية مرددة بين العصر والعشاء
وثنائية مرددة رباعيا ولا ترتيب بينهما ومغرب أين اتفق ولو اتفق إحدى المغربين بعد الرباعية الثانية والاخرى في ترتيبهما المذكورة صح الاكتفاء بالترديد الثنائي في
الرباعية الأولى وإن كان السابق القصر لزمه الست أيضا ثنائية مرددة رباعيا ثم رباعية مرددة ثنائيا بين الظهرين ثم مغرب ثم رباعية مرددة ثلاثيا وثنائية مردده رباعيا
ومغرب أين اتفق ولو اتفق إحدى المغربين قبل الرباعية الأولى والاخرى في ترتيبهما المذكورة صح الاكتفاء في الرباعية الثنائية بالترديد الثنائي بين العصر والعشاء وان اشتبه
فلا يعلم كون السابق قصرا أو تماما لزمه الست أيضا كالسابق الا انه يثلث الترديد في الرباعيتين الا ان يتفق إحدى المغربين بعد الرباعية الثانية مع كون الأخرى في مرتبتها
فيصح الاكتفاء بالترديد الثنائي في الرباعية الأولى أو يتفق قبل الرباعية الأولى فيصح الاكتفاء بالترديد الثنائي في الرباعية الثانية وعلى ما ذكرنا فقس الاحتمالات السبعة الباقية
46

فقول الشهيد في الذكرى حيث قال ولو اشتبه عليه الجمع والتفريق فكالعلم بالتفريق لا يصح على الاطلاق وجميع ما ذكرنا كان نيا؟؟؟ على كون تمام اليوم على حال واحد من القصر أو التمام
ولو ببعض فتختلف الاحكام وأنت بعد الإحاطة بما ذكر ما لا يخفى عليك شئ من ذلك على المشهور ولو ذكر الخلل المذكور في وقت العشائين صلى المغرب بنية الأداء والعشاء مرددا بين
الأداء والقضاء كما صرح بالشارح ويحتمل قويا تعين العشاء أداء ورباعية مرددة بين الظهرين ولو ذكر بعد الترديد ما نسيه فإن كان في الأثناء بعدل إلى الجزم على ما صرح به الشهيد
رحمه الله وإن كان بعد الفراغ فيحتمل الأجزاء لاتيانه بالمأمور به ويحتمل العدم لوجوب قصد التعيين عند ذكره واستقرب الشهيد رحمه الله الأول
النظر الثالث في أسباب الغسل انما
يجب بالجنابة بفتح الجيم والحيض والاستحاضة على تفصيل يأتي والنفاس بكسر النون ومس الأموات من الناس بعد بردهم بالموت وقبل الغسل وجوب الغسل بهذه الأشياء اجماعي الا
الا خبر فقول منع منه السيد المرتضى رحمه الله وسيجيئ تحقيقه في محله انشاء الله سبحانه وغسل الأموات معطوف على الضمير المستتر في يجب أو مبتدأ محذوف الخبر وانما غير الأسلوب لأنه ليس على نهج الأغسال
السابقة وكل الأغسال لابد معها من الوضوء الا الجنابة هذا حكمان الأول عدم وجوب الوضوء مع غسل الجنابة والظاهر أنه اجماعي بين الأصحاب ونقل الاجماع جماعة كثيرة منهم ويدل
عليه الأخيار المستفيضة منها ما رواه الشيخ عن حكم بن حكيم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام من غسل الجنابة فقال افص عن كفك ووصف الغسل إلى أن قال قلت إن الناس
يقولون يتوضأ وضوء الصلاة قبل الغسل فضحك وقال أي وضوء انقى من الغسل وأبلغ ومنها ما رواه عن أحمد بن محمد في الصحيح قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن غسل الجنابة فقال يغسل
ثم وصف الغسل إلى أن قال لا وضوء فيه ومنها ما رواه عن زرارة في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة فقال يبدأ ووصف الغسل إلى أن قال ليس قبله ولا بعده
وضوء منها ما رواه عن يعقوب بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيل عليه السلام قال الجنب يغتسل ووصف إلى أن قال ثم قد قضى
الغسل ولا وضوء فيه عليه إلى غير ذلك من الاخبار وعسى ان يجيئ طرف منها عن قريب وقد يستدل عليه بقوله تعالى وان كنتم جنبا فاطهروا فان المراد بالأطهار الاغتسال وادعى المحقق
اجماع المفسرين عليه وقال الشيخ من اغتسل فقد أطهر بلا خلاف وفيه ان دلالة الآية على خلافه أظهر فان الظاهر كون هذه الشرطية معطوفة على الشرطية السابقة وحينئذ كان وجوب
الوضوء عند القيام إلى الصلاة باقيا على عمومه ويمكن ان يقال الأقرب أن تكون هذه الجملة معطوفة على جملة فاغسلوا بتقدير الشرط لمرجحات خمسة الأول القرب الثاني ان
الظاهر أن ما بعدها متعلق بحال القيام إلى الصلاة كما قبلها فيكون المتوسط أيضا كذلك الثالث ان الشرطية السابقة يحتاج إلى تأويل اجماعا فان الوضوء عند القيام إلى الصلاة
غير واجب للمتطهرين فيجب تأويله إما بارتكاب التخصيص أو تقدير الشرط بقرينة عطف قوله إن كنتم جنبا والشرطية الأخيرة عليه فيكون التقدير ان كنتم محدثين واجدين
للماء فتوضأ وان كنتم جنبا كذلك فاطهروا وان كنتم جنبا أو محدثين معذورين فتيمموا والثاني أقرب فان ارتكاب تأويل يدل الكلام عليه أولي من غيره حذرا من الاجمال المنافى
لغرض الإفادة والبيان الرابع استشهاد أبى جعفر عليه السلام بهذه الآية على عدم وجوب الوضوء مع غسل الجنابة كما يظهر من رواية محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ان أهل الكوفة يروون
عن علي عليه السلام انه كان بأمر بالوضوء قبل الغسل من الجنابة فقال كذبوا على علي عليه السلام ما وجدوا في كتاب علي عليه السلام قال الله وان كنتم جنبا فاطهروا رواه الشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم
عن يعقوب بن شعيب الثقة عن حريز أو عمن رواه عن محمد بن مسلم وفى تردد يعقوب بين حريز وغيره اشعار بأن من روى عنه ممن يحسن حاله فالخبر لا يخلو عن اعتبار الخامس
ما ذكره بعضهم من أنها لو كانت معطوفة على قوله إذا قمتم لكان المناسب إذا وفيه تأمل لان القيام إلى الصلاة لما كان أمرا متحقق الوقوع باعتبار كونه واجبا على المؤمنين
ليس لهم ان يتركوه كان المناسب فيه إذا اشعارا بأن هذا ليس أمرا يصح ان يرتاب فيه لقوة المقتضى له وتأكد الداعي إليه بخلاف الجنابة فإذا كان الأقرب ان لا تكون معطوفة
على قوله تعالى إذا قمتم على أنه على تقدير أن تكون هذه الجملة معطوفة على الشرطية السابقة يمكن ان يقال إن الآية دالة على عدم وجوب الوضوء مع الجنابة لان التفصيل قاطع
للشركة وقد يستدل على المطلوب بقوله تعالى لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا غير المنع بالغسل فلا يتوقف على غيره لوجوب
مخالفة ما بعد الغاية لما قبلها ولئلا يلزم جعل ما ليس بغاية غاية فان قلت في الآية احتمال اخر وهو ان يكون المراد النهى عن دخول مواضع الصلاة إما بتقدير المضاف
أو حمل القرب من الصلاة على حضور مواضعها وهو المنقول عن جماعة من المفسرين بل قد يرجح ذلك بان المعنى الأول يحتاج إلى ارتكاب التخصيص أو إلى حمل قوله تعالى الا عابري سبيل
على المعذورين مطلقا لا خصوص المسافرين ليستقيم الحصر وذلك خلاف الظاهر وأيضا ما بعد الآية غنية عن هذا الاستثناء فالآية على ذلك الحمل مشتملة على تكرار وأيضا يحتاج إلى
تخصيص العابرين بالمتيممين وهذا الوجه مما رجحه الشيخ الطبرسي وقال إنه منقول عن أبي جعفر عليه السلام قلنا لو سلمنا صحة ما ذكرتم من المرجحات لكن لنا مرجحات أقوى من ذلك لكون
تقدير المضاف أو حمل القرب من الصلاة على حضور مواضعها من غير قرينة بعيدا جدا مع أن القول بمنع السكران عن مواضع الصلاة غير معلوم هو لازم على الحمل الأخير وأيضا
اخر الآية متعلق بحال الصلاة إذ الحدث الأصغر لا يمنع الدخول عن المساجد وهذا قرينة على أن المراد النهى عن الصلاة جنبا وأيضا على المعنى الأخير يلزم الاحتياج إلى التخصيص
في المستثني منه لاختصاصه بغير المعذور ولا يكفي تتمة الآية في الدلالة على الاستثناء لاختصاصها بالصلاة كما ذكرنا وأيضا يلزم الاحتياج إلى التخصيص في المستثنى أيضا لان المجنب
لا يجوز له الدخول في المسجدين اجتيازا على أن ما ذكرتم من لزوم التكرار في الحمل الأول غير صحيح فان الاستثناء اخرج المعذورين عن الحكم لصحة الحصر وتتمة الآية بيان لحال المعدودين
وحكمهم فهى تفصيل لما علم اجمالا وأيضا لا احتياج إلى تخصيص العابرين بالمتيممين لان المستفاد منه عدم تحريم القرب بدون الغسل على العابر لا جوازه له من غير توقف على شرط آخر
والحق ان الاحتمال الثاني راجح على الأول لان إرادة المسافر من قوله تعالى عابري سبيل يحتاج إلى تجوز لأنه ان جعل حالا كما هو الظاهر كان الظاهر منه من كان في حال العبور وان قلنا بأن
المستثنى حقيقة في الماضي لان هيئة الحال مقتضية لذلك غالبا وان حمل على الصفة إما بان يكون استثناء مفرغا في موضع الصفة أو بان يكون الا بمعنى غير كما يفهم من الكشاف و
غيره وان لم يستقم لتوفقه على عدم جواز الحمل على الاستثناء كان مختصا بمن كان في حال العبور ان قلنا بان المستثنى حقيقة في الحال فقط وكان شائلا للمقيم الذي كان عابرا
في الماضي على القول الآخر فلا يختص بالمسافر فيحتاج إلى أن يقال المراد بعابري سبيل من كان متعرضا لذلك وهذا شانه وغرضه وإن كان نازلا وهذا لا يستقيم الاعلى ضرب
من التجوز ولان حمل العابر على المعذور مطلقا بعيد جدا وعلى المسافر ينافي الحصر فيحتاج إلى التخصيص مع الاحتياج إلى التخصيص بغير الواجد أيضا ولحصول الاستغناء بما بعد
الآية من هذا الاستثناء وان لم يكن تكرارا لا يقال في هذا الاستثناء فائدة وهي انه يستفاد منه ان التيمم لا يرفع الحدث لأنا نقول هذا غير مسلم عند التحقيق فان الاستثناء
باعتبار الغاية فكأنه قال لا تقربوا الصلاة جنبا الا ان يرتفع جنابتكم بالغسل الا ان تكونوا مسافرين فلا يجدد المنع هناك بزوال الجنابة بسبب الغسل بل التيمم واما ما ذكره من
وجوه الخلل في الوجه الثاني فأكثرها مندفع بوجود القرينة على حذف المضاف أو على حمل القرب على حضور مواضع الصلاة وهو قوله تعالى الا عابري سبيل ومع وجود القرينة
لا اشكال فيه واتفق الأئمة على أن ما بعد الآية متعلق بحال الصلاة بل لما مهم الامر بالغسل لدخول المساجد كان لسائل أن يقول على المعذور الذي لم يجد الماء فذكر حكم
المعذورين مطلقا إذا أوجب عليهم الطهارة ولم يجدوا الماء من غير اختصاص لذلك بإرادة الصلاة أو دخول المساجد فكأنه قال غير الواجد للماء حكمه التيمم في موضع تجب عليه الطهارة
وكان التفصيل مستفادا من السنة نعم لو كان الكلام في الصلاة كانت المناسبة والسلامة عن التخصيص أكثر لكن ليس ذلك بحيث يصلح للترجيح ومن هنا يعلم الجواب عما ذكر
من لزوم التخصيص في المستثنى منه وكذا التخصيص في المستثنى غير لازم لان مقتضى الاستثناء عدم تحريم الجواز في كل مسجد لا جوازه في أي مسجد كان كما قيل مع جواز ان يكون نزول الآية قبل حرمة الاجتياز
47

فيهما فلم يبق الا ان القول بمنع السكران عن دخول المساجد غير معلوم فان ثبت الاجماع يمكن ان يقال يجوز ان يكون الامر كذلك أولا ثم نسخ لكن لم يثبت ومما يؤيد ترجيح الوجه الثاني بعض
الأخبار الصحيحة المنقولة عن أبي جعفر عليه السلام حيث استدل فيها بهذه الآية على تحريم دخول الجنب للمساجد وانما قلنا بلفظ التأييد لأنه يمكن ان يقال ليس في الخبر دلالة على انحصار معنى الآية
فيه فلعله يكون بعض بطون الآية وإن كان غيره أيضا مرارا وفى الآية وجه ثالث منقول عن بعض فضلاء فن العربية من أصحابنا في كتاب الفه في الصناعات البديعية وهو ان المراد
بالصلاة في قوله تعالى لا تقربوا الصلاة معناها الحقيقي وفى قوله تعالى ولا جنبا الا عابري سبيل مواضعها
قال في الكتاب المذكور عند ذكر الاستخدام بعد ما عرفه بأنه عبارة عن أن يأتي
المتكلم بلفظة مشتركة بين معنيين متوسطة بين قرينتين يستخدم كل قرينة منهما معنى من معيني تلك اللفظة وقد جاء في الكتاب العزيز من ذلك قوله تعالى لا تقربوا الصلاة الآية
فاستخدم سبحانه لفظة الصلاة المعنيين أحدهما إقامة الصلاة بقرينة قوله سبحانه حتى تعلموا ما تقولون والاخر موضع الصلاة بقرينة قوله جل شانه ولا جنبا الا عابري سبيل
انتهى واستحسن هذا الوجه بعض الفضلاء قال ولا يضره عدم اشتهار الاستخدام بهذا المعنى بين المتأخرين من علماء المعاني ويمكن حمل الرواية على هذا الوجه ولو جعل الاستخدام في
القرب كان أظهر وعندي ان في هذا الوجه تكلف وعدول عن الظاهر وهيهنا وجه رابع وهو ان يكون المراد بالقرب المنهى المعنى الأعم في التلبس بفعلها والتوجه إليها وحضور مواضعها
بقرينة قوله تعالى الا عابري سبيل ولا اشكال فيه الا لزوم التخصيص ابن ثبت جواز دخول المساجد للسكران والامر فيه هين ولا يبعد ان يكون هذا الوجه أحسن الوجوه فتدبر والله أعلم
بحقائق كلامه وهل يستحب الوضوء مع غسل الجنابة المشهور العدم خلافا للشيخ في التهذيب فإنه قال فيه بالاستحباب استنادا إلى ما رواه عن أبي بكر الحضرمي في القوى عن أبي جعفر عليه السلام قال
سألته كيف اصنع إذا جنبت قال اغسل كفك وفرجك وتوضأ وضوء الصلاة ثم اغتسل ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني والشيخ عنه في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن مسكان
وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن محمد بن ميسر وهو غير موثق في كتب الرجال قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل الجنب ينتهى إلى الماء القليل إلى اخر السؤال قال يضع يده
ويتوضأ ويغتسل وبأزائهما روايات دالة على كون الوضوء مع الغسل بدعة كما في مرسلة محمد بن أحمد بن يحيى الوضوء قبل الغسل وبعده بدعة واستضعفه الشيخ بالارسال وروى الشيخ
عن عبد الله بن سليمان باسناد مجهول قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول الوضوء بعد الغسل بدعة وحمل الشيخ هذه الأخبار على ما إذا اعتقد كون الوضوء مع الغسل واجبا واحتمل في الخبرين
الأخيرين التخصيص بما عدا غسل الجنابة لان المسؤول في هذه الأغسال ان يكون الوضوء فيها قبلها ولا يخفى انه لا تنافى بين الخبرين الأخيرين والخبرين الدالين على استحباب الوضوء
قبل الغسل فانحصرت المعارضة في المرسلة المذكورة والظاهر أنه يضعف عن المقاومة فان رجحناها نظرا إلى اشتهار مدلولها حملنا الخبرين على التقية لموافقتهما لمذهب العامة
فإنهم متفقون على استحباب الوضوء مع غسل الجنابة وبعضهم ذهب إلى الوجوب
الثاني وجوبه مع باقي الأغسال سوى غسل الميت كما سيجيئ وهو المشهور بين الأصحاب خلافا للسيد المرتضى
وابن الجنيد ويدل على الأول وجوه منها قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة الآية خرج عنها الجنب للاجماع والنص فيبقى غيره داخلا في عموم الآية ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير
عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل غسل قبله وضوء الا غسل الجنابة ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان الثقة أو غيره عن أبي عبد الله عليه السلام قال في كل غسل
وضوء الا الجنابة وعدها المصنف من الحسان وليس بشئ ومنها ما رواه عن علي بن يقطين في القوى عن أبي الحسن عليه السلام قال إذا أردت ان تغتسل للجمعة فتوضأ واغتسل ومنها الاستصحاب
ويدل عليه أيضا عموم الأخبار الدالة على أن الحدث يوجب الوضوء وفى الكل نظرا ما الأول فلان الآية وإن كانت عامة لكنها تتخصص بالأدلة الآتية جمعا بين الأدلة ومما يضعف الاستناد إليه ما نقل
المصنف في المنتهى اجماع المفسرين على أن المراد إذا قمتم من النوم ونسبه في الخلاف إلى المفسرين ويدل عليه بعض الروايات المعتبرة وقد مر في بحث نواقض الوضوء وقد يناقش في عمومها لعدم
اشتمالها على شئ من أدوات العموم والاجماع لا يقتضى العموم بالنسبة إلى محل النزاع وفيه نظر واما في الثاني فلعدم دلالة الخبر على الوجوب بل مدلوله أعم من الوجوب والاستحباب
واعترف به المحقق في بحث وضوء الميت حيث قال لا يلزم من كون الوضوء في الغسل ان يكون واجبا بل من الجائز ان يكون غسل الجنابة لا يجوز فعل الوضوء فيه وغيره
يجوز ولا يلزم من الجواز الوجوب وكذا المصنف في المختلف والعجب انهما مع اعترافهما بذلك استدلا بهذا الخبر ههنا على وجوب الغسل في غير الجنابة وتبعهما في الامرين الشارح الفاضل
وأيضا لو سلم كونه ظاهرا في الوجوب لكن يلزم حملها على المعنى الأعم جمعا بينه وبين ما يدل على عدم وجوب الوضوء مع غسل الميت إذ هذا الحمل ليس أبعد من التخصيص وأيضا لو تم
الاستدلال يلزم ان يكون الوضوء متعينا قبل الغسل على سبيل الوجوب ولم يقل بذلك كثير منهم وأيضا مع قطع النظر عن ذلك كله نقول ارتكاب التأويل لازم في هذا الخبر
جمعا بينه وبين ما هو أقوى منه كما ستعرف ومن هنا يظهر الجواب عن الثالث وقد يقال إن هذه الرواية عين السابق لان الموجود في التهذيب رواية ابن أبي عمير بطريقين
أحدهما عن رجل والاخر عن حماد بن عثمن أو غيره فهى بالحقيقة رواية واحدة مرسلة فلا يصح عدها روايتين وقد يجاب بالقدح في سند الرواية لمكان الارسال وقد طعن
المحقق في المعتبر والشهيد الثاني في شرح الدراية في مراسيل ابن أبي عمير مع احتمال ان لا يكون الارسال منه بل من غيره وهذا عندي ضعيف لتصريح الشيخ بان ابن أبي عمير
لا يروى الا عن الثقات وكونه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه واشتهارا لمراسيله بين الأصحاب على هذا يندفع الاحتمال الذي ذكره مع كونه خلاف الظاهر وسيجيئ
لهذا زيادة تحقيق انشاء الله تعالى واما عن الرابع فلعدم دلالة الرواية على الوجوب بل عدم صحة حملها عليه واما الخامس فلان الاستصحاب يرتفع بالأدلة كما ستعرف مع ما فيه من الضعف
واما عن السادس فلان تلك الأخبار مخصصة بمقتضى الأدلة الآتية ويدل على القول الأخير ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال الغسل يجزى عن الوضوء
وأي وضوء أطهر من الغسل والظاهر من المفرد المعرف باللام في أمثال هذه المواضع العموم إذ الحمل على العهد يقتضى سبق معهود وليس ههنا والحمل على العهد الذهني ينافي غرض البيان والإفادة ويؤيده التعليل المستفاد
من قوله عليه السلام وأي وضوء أطهر من الغسل فإنه ظاهر في العموم إذ لا خصوصية لغسل الجنابة في هذا الحكم وقد يقال إذا أمكن حمل المعرف باللام على معنى معهود لم يجب الحمل على العموم
وغسل الجنابة من بين الأغسال لحصول سببه في أكثر الأحيان وكثرة الاحتياج إليها حتى صار غيره بالنسبة إليه بمنزلة الناد والمعدوم كان بمنزلة الحاضر المعهود في الذهن
فالحمل عليه غير بعيد وعندي ان هذا الكلام متجه إذا كان غير غسل الجنابة نادرا قليل الوقوع وليس الامر كذلك بل الظاهر العموم بمعونة التعليل ويدل عليه أيضا قوله عليه السلام في صحيحة
حكم بن حكيم السابقة وأي وضوء انقى من الغسل وأبلغ فإنه ظاهر في العموم والسؤال عن الجنابة لا يخصصه لان خصوص السؤال لا يوجب تخصيص العام لكن المناقشة في العموم
ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل إذا اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده
فقال لا ليس عليه قبل ولا بعد قد أجزأها الغسل وما رواه الشيخ باسناد فيه اشتراك بين الضعيف وغيره عن حماد بن عثمن عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يغتسل للجمعة أو غير ذلك
أيجزيه من الوضوء فقال أبو عبد الله عليه السلام وأي وضوء أطهر من الغسل وبإسناد فيه جهالة واشتراك ان محمد بن عبد الرحمن الهمداني كتب إلى أبى الحسن الثالث عليه السلام يسأله عن الوضوء للصلاة
في غسل الجمعة فكتب لا وضوء للصلاة في غسل الجمعة ولا غيره وحمل الشيخ رحمه الله تلك الروايات الثلث على ما إذا اجتمعت هذه الأغسال مع غسل الجنابة وهو بعيد ومما يؤيد هذا القول
كثير من الأخبار الواردة في أحكام الحائض والمستحاضة والنفساء فإنهم عليهم السلام ذكروا انها تغتسل وتصلى من غير ذكر للوضوء في مقام البيان المقتضى لذلك ان أوجب وللمقابلة في التقسيم
مع الوضوء في بعضها ففي صحية زرارة فان جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ثم صلت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل وفى صحيحة ابن سنان المستحاضة تغتسل عند صلاة
الظهر وتصلى الظهر والعصر ثم تغتسل عند المغرب وتصلى المغرب والعشاء ثم تغتسل عند الصبح وتصلى الفجر وفى صحيحة عبد الرحمن ابن الحجاج إن كانت صفرة فلتغتسل ولتصل إلى
48

إلى قوله عليه السلام وإن كان دما ليست بصفرة فلتمسك عن الصلاة أيام قرنها ثم لتغتسل ولتصل وفى صحيحه حسين بن نعيم الصحاف فان انقطع الدم عنها قبل ذلك فلتغتسل ولتصل وفى صحيحة
معوية بن عمار فإذا أجازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر إلى قوله وإن كان الدم لا يثقب الكرسف وضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء
وقوله عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين فإذا رق وكانت صفرة اغتسلت وصلت وفى صحيحة صفوان تغتسل وتستدخل قطنة وتجمع بين صلوتين بغسل إلى غير ذلك من الاخبار مما
يؤيد ذلك كثير من الأخبار الواردة في بيان صلوات الحوائج وغيرها من الصلاة المرغبات التي استحب لها الغسل فقد ذكر فيها انها تغتسل وتصلى من غير ذكر للوضوء مع أنه يستفاد
من سياقها لزوم البيان لو كان الوضوء لازما ومما يؤيد ذلك الأخبار الواردة في أن غسل الحيض مثل الجنابة وانهما واحد ولعله يجيئ شئ منها في محله وبمثله استدل المصنف على عدم
وجوب الوضوء مع غسل الميت وبمثله استدل الشيخ على ذلك أيضا وأجاب بان الوضوء معلوم بدليل اخر ويؤيده الخبر الدال على كون الوضوء مع الغسل بدعة والخبران الدالان على أن
الوضوء بعد الغسل بدعة لكنهما لا ينافيان قول من قال بوجوب الوضوء مقدما وهذه المسألة محل اشكال وإن كان الاظهر مذهب السيد والاحتياط في المشهور والقائلون بوجوب
الوضوء مع الغسل في غير الجنابة اختلفوا فمختار الشيخ في المبسوط انه يجوز إما قبل الغسل واما بعده والتقديم أفضل واليه ذهب جماعة من المتأخرين وقال الشيخ في بعض كتبه على ما نقل
عنه بوجوب تقديم الوضوء على الغسل وهو المنقول عن أبي الصلاح والمفيد وظاهر كلام ابني بابويه والآية والأصل يعضد الأول واحتج الآخرون بمرسلة أبى ابن عمير السابقة
وأجاب عنه المصنف بالحمل على الاستحباب ويؤيد هذا القول الخبران الدالان على كون الوضوء بعد الغسل بدعة فهيهنا مقاصد المقصد الأول في الجنابة وهي في اللغة البعد وشرعا
ما يوجب البعد عن احكام الطاهرين من الانزال أو الجماع الموجب للغسل وهي تحصل للرجل والمراة بانزال المنى مطلقا يقظة ونوما بشهوة أو بغير شهوة بلا خلاف بين الأصحاب بل بين
جميع المسلمين على ما ذكره جماعة من الأصحاب الا ان أبا حنيفة يخص الحكم بالخارج بشهوة والأخبار الدالة على ذلك كثيرة ولا فرق في ذلك بين الرجل والمراة بالاجماع المذكور والأخبار الدالة عليه
متظافرة وما ورد على خلافه ما ول أو مطروح ولو تيقن ان الخارج منى ولم يكن على الصفات الآتية وجب الغسل لعموم الاخبار ولو خرج المنى من غير الموضع الخلقي فهل يكون ناقضا مطلقا
أو يلحق بالحدث الأصغر الخارج عن غير المعتاد فيعتبر فيه الاعتياد أو الانسداد اختار المصنف الأول لعموم قوله عليه السلام الماء من الماء والشهيد الثاني ولو اعتبرنا هناك تحيته المعدة احتمل
اعتبار الصلب هنا وقربه المصنف في النهاية والقولان مبنيان على النظر إلى العموم اللفظي أو الحمل على الغالب وان قلنا بالثاني كان المعتبر في الخنثى خروج المنى من الفرجين معا لا
من أحدهما الا مع الاعتياد ولو أحس بانتقال المنى عند الشهوة فامسك ذكره فلم يخرج فلا غسل للأصل ولو خرج المنى بعد الانتقال والامساك لزمه الغسل لوجود السبب سواء
اغتسل قبله أم لا وسواء كان الخروج بشهوة أم لا وكذا لو خرج منه المنى فاغتسل ثم خرج منه شئ اخر منه قال المصنف واليه ذهب علمائنا ولو رأى أنه قد احتلم ثم استيقظ ولم يجد شيئا
لم يجب عليه الغسل ولو مشى بعد ذلك أو تحرك فخرج المنى وجب ولو رأى بللا لا يتحقق انه منى لا يجب الغسل ولو خرج منى الرجل عن فرج المراة لم يجب عليها الغسل وكذا لو كان مشكوكا
لما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد بأسنا لا يبعد ان يعد موثقا عن أبي عبد الله عليه السلام قلت والمراة يخرج منها شئ بعد الغسل قال لا يعيد قلت فما الفرق بينهما قال لان ما
يخرج من المراة انما هو من ماء الرجل وعن منصور في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ذلك وقال لان ما يخرج من المراة ماء الرجل نعم لو علمت الاختلاط وجب قال في الذكرى لو شك
فالأحوط الوجوب للاحتياط المظنون وفى خبر سليمان بن خالد عنه عليه السلام ما يخرج منها من ماء الرجل ولو خرج المنى بلون الدم فالاحتمالان وقرب الشهيد الوجوب تغليبا للخواص ووجه
العدم ان المنى كان في الأصل دما فلما لم يستحل الحق بالدماء وبالجماع في قبل المراة حتى تغيب الحشفة مع سلامتها بلا خلاف ظاهر بين الأصحاب وادعى جماعة منهم الاجماع على
ذلك وتدل عليه الأخبار المستفيضة مثل ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته متى يجب الغسل على الرجل والمراة قال إذا ادخله فقد وجب الغسل
والمهر والرجم وعن محمد بن إسماعيل في الصحيح قال سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يجامع المراة قريبا من الفرج فلا ينزلان متى يجب الغسل فقال إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل قلت
التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة قال نعم إلى غير ذلك من الاخبار والمراد بالتقاء الختانين تحاذيهما لعدم امكان الالتقاء حقيقة فان موضع الختان في المراة على
الفرج ومدخل الذكر في أسفله وبينهما ثقبة البول وذكر الختانين ليس للتخصيص فلو فرض انتفاؤهما أو أحدهما ثبت الحكم لعموم خبر محمد بن مسلم ولو قطعت الحشفة فالمعتبر
ادخال قدرها على ما ذكره جماعة من الأصحاب ولو بقى شئ منها فقال الشهيدان المعتبر ادخال الباقي ان لم يذهب المعظم ومقتضى خبر محمد بن مسلم وجوب الغسل بمجرد الادخال والتقييد
بغيبوبة الحشفة يقتضى عدم الوجوب قبل ذلك وهو كذلك للأصل وظاهر الخبر
وفى دبر الآدمي كذلك وان لم ينزل الماء إما وجوب الغسل بالجماع في دبر المراة فعليه معظم الأصحاب
ومختار الشيخ في النهاية والاستبصار عدم الوجوب وهو المحكي عن ظاهر سلار قال المصنف وروى ابن بابويه في كتابه عدم ايجاب الغسل وكانه يشير إلى رواية الحلبي الآتية وهي غير دالة
على ذلك وكلام الشيخ في المبسوط مختلف وادعى السيد المرتضى الاجماع على وجوب الغسل بذلك فقال لا اعلم خلافا بين المسلمين في أن وطى الرجل في الموضع المكروه من ذكر أو أنثى يجرى
مجرى الوطي في القبل مع الايقاب وغيبوبة الحشفة في وجوب الغسل على الفاعل والمفعول به وان لم يكن انزال ولا وجدت في الكتب المصنفة لأصحابنا الامامية الا ذلك ولا سمعت
من عاصرني منهم من شيوخهم نحوا من ستين سنة الا بذلك فهذه مسألة اجماع من الكل ولو شئت ان أقول إنه معلوم بالضرورة من دين الرسول صلى الله عليه وآله انه لا خلاف بين الفريقين
في هذا الحكم فان داود وان خالف في أن الايلاج في القبل إذا لم يكن معه انزال لا يوجب الغسل فإنه لا يفرق بين الفرجين كما لا يفرق باقي الأمة بينهما في وجوب الغسل بالايلاج في كل
واحد منهما واتصل لي في هذه الأيام عن بعض الشيعة الإمامية ان الوطي في الدبر لا يوجب الغسل تعويلا على أن الأصل عدم الوجوب أو على خبر يذكر انه موجود في منتخبات سعد
أو غيرها فهذا مما لا يلتفت إليه إما الأول فباطل لان الاجماع والقرآن وهو قوله أو لامستم النساء يزيل حكمه واما الخبر فلا يعتمد عليه في معارضة الاجماع والقرآن مع أنه لم يفت به فقيه
ولا اعتمده عالم مع أن الاخبار تدل على ما أردناه لان كل خبر يتضمن تعليق الغسل بالجماع والايلاج في الفرج فإنه يدل على ما ادعيناه لان الفرج يتناول القبل والدبر إذ لا خلاف
بين أهل اللغة والشرع انتهى كلامه على ما نقله المصنف عنه ويلوح من كلام ابن إدريس أيضا دعوى الاجماع على ذلك ويدل عليه ظاهر الآية لان المراد بالملامسة فيها الجماع وهو
أعم من الاتيان لكل من الفرجين ووجوب التيمم بشئ مع عدم وجوب المبدل عنه به مستبعد جدا مع كون الظاهر أن ذكرها في الآية إشارة إلى الجنابة المذكورة سابقا و
يؤيده قول أحدهما عليهما السلام في رواية محمد بن مسلم السابقة إذا ادخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم إذ الادخال صادق في الدبر إذ تخصيص محل الادخال ببغض ما يتعارف
فيه ذلك خلاف الظاهر ويؤيده ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن الباقر عليه السلام قال جمع عمر ابن الخطاب أصحاب النبي صلى الله عليه وآله فقال ما تقولون في الرجل يأتي أهله فيخالطها ولا ينزل
فقالت الأنصار الماء من الماء وقال المهاجرون إذ التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل فقال عمر لعلى عليه السلام ما تقول يا أبا الحسن فقال علي عليه السلام أتوجبون عليه الحد والرجم ولا توجبون عليه
صاعا من ماء إذا التقى الختانان فقد وجب عليه الغسل فقال عمر القول ما قال المهاجرون؟؟؟؟ ما قال الأنصار قال ابن بابويه وكان علي عليه السلام يقول كيف لا يوجب الغسل والحد يجب
فيه ويؤيده مرسلة حفص بن سوقه عمن اخبره قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي أهله من خلفها قال هو أحد الماء يتين فيه الغسل وانما اوردنا تلك الثلاثة بلفظ التأييد لتطرق
التأمل إلى كل واحد منهما وقد يستدل عليه بالاجماع المنقول سابقا قال المصنف بعد نقل ما ذكرنا من كلام السيد المرتضى هذا يدل على أن الفتوى بذلك متظاهرة مشهورة في زمن
السيد المرتضى بل ادعاءه الاجماع يقتضى وجوب العمل به لأنه صادق نقل دليلا وخبر الواحد كما يخ؟ في نقل المظنون فكذا في المقطوع وتبعه على ذلك غير واحد من المتأخرين وفيه
49

نظر وتحقيق ذلك في الأصول وسيجيئ إشارة اجمالية إلى ذلك نعم أمثال هذا يصلح للتأييد وأن يكون قرينة على صحة المدعى وربما يتأمل في ذلك أيضا ومما يؤيد ذلك أيضا ما يفهم من كلام السيد من
وجود ما يدل على تعليق الغسل بالجماع والايلاج في الفرج ويفهم ذلك الأخير من كلام المحقق في المعتبر أيضا حيث قال ولان الدبر فرج إذ الفرج موضع الحدث قبلا كان أو دبرا
أو الجماع في الفرج موجب للغسل بالأحاديث المشهور واستدل الشيخ بما رواه الحلبي في الصحيح قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يصيب المراة فيما دون الفرج أعليها غسل ان هو انزل ولم تنزل
هي قال ليس عليها غسل وان لم ينزل هو فليس عليه غسل ومرفوعة البرقي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا اتى الرجل المراة في دبرها فلم ينزل فلا غسل عليهما وان انزل فعليه الغسل ولا غسل عليها ونقل
في الاستبصار حديث حفص بن سوقه وقال إنه مرسل مقطوع الاسناد مع أنه خبر واحد وما هذا حكمه لا يعارض به الاخبار المسندة على أنه ممكن ان يكون ورد مورد الثقة لأنه موافق
لمذهب العامة وتمسك ببرائة الذمة عن وجوب الغسل ويؤيد إلى قوله أيضا ما رواه عن أحمد بن محمد في الصحيح عن بعض الكوفيين ورفعه إلى أبى عبد الله قال في الرجل يأتي المراة في دبرها وهي
صائمة قال لا ينقض صومها وليس عليها غسل وعن علي بن الحكم في الصحيح أيضا عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا اتى الرجل المراة في الدبر وهي صائمة لم ينقض صومها وليس عليها غسل اوردهما
الشيخ في كتاب الصوم والجواب عن الأول انا نقول بمقتضاها فانا لا نسلم اختصاص الفرج بالقبل بل هو أعم منه قيل إنه مأخوذ من الانفراج فيكون شاملا للدبر أيضا ومما ينفى اختصاصه
بالقبل قوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون وعن الثاني بضعف السند لارساله والجواب بان الاتيان في الدبر أعم من غيبوبة الحشفة ولا دلالة للعام على الخاص فيحمل على عدم الغيبوبة
جمعا ضعيف واما براءة الذمة فرفعها أدلة الوجوب وعن الروايتين الأخيرتين بضعف السند للارسال والمسألة عندي محل النظر وإن كان المشهور لا يخلو من رجحان ما واما وجوب الغسل بوطئ
الغلام فعليه الأكثر حتى أن السيد المرتضى ادعى الاجماع عليه وقال الشيخ رحمه الله إذا أولج ذكره في دبر المراة أو الغلام فلأصحابنا فيه روايتان أحدهما يجب الغسل عليهما والثانية لا يجب عليهما وعول
المرتضى في وجوب الغسل بالاجماع المركب فما دعى ان كل من أوجب الغسل بالغيبوبة في دبر المراة أوجبه
في دبر الذكر وكل من نفى نفى ولما كان الوجوب في الأول ثابتا بالأدلة المتقدمة كان
الحق مع القائلين به فيكون الامام داخلا فيهم ويلزم من ذلك الوجوب في الثاني هذا تحرير ما نقل عن المرتضى رحمه الله وبالجملة خرق الاجماع المركب واحداث قول ثالث على أصول الامامية غير جايز و
إن كان للعامة فيه أقوال مختلفه وهذه الحجة صحيحة إذ ثبت دعوى الاجماع المذكور وقد منعه المحقق فقال ولم أتحقق إلى الان ما ادعاه فالأولى التمسك فيه بالأصل ورده جماعة من المتأخرين
بأن الاجماع المستدل بخبر الواحد حجة لا يقصر عن اخبار الآحاد في الظنيات وكفى بالسيد ناقلا
ولا يخفى ان حجية الاجماع عندنا جاء على العلم بدخول المعصوم في جملة المجمعين وثبوت الاجماع
بهذا المعنى بعد عصر الأئمة عليهم السلام في غاية الاشكال لتفرق العلماء وانتشارهم في البلدان واطراف أقاليم الأرض مع استتار البعض واختفائه والعادة يقتضى من العلم بمثل هذا الاتفاق متعذر
أو متعسر ولقد أجاد المحقق حيث قال في المعتبر واما الاجماع فعندنا حجة باعتبار دخول المعصوم عليه السلام فلو خلا المأة من فقهائنا عن قوله لما كان حجة ولو حصل في اثنين لكان قولهما حجة لا باعتبار اتفاقهما
بل باعتبار قوله فلا تغتر إذا بمن يتحكم فيدعى الاجماع باعتبار الخمسة والعشرة من الأصحاب مع جهالة قول الباقين الا مع العلم القطعي بدخول المعصوم عليه السلام في الجملة والتزم الشهيد في الذكرى
وفاقا للشيخ في العدة انه لو جاز في مجهول مظهر لمذهب الخلاف ان يكون هو الامام وان اظهار ذلك المذهب على طريق التقية اعتبر قوله في تحقق الاجماع فظهر بذلك إذ معرفة
تفاق الناس على قول من الأقوال حيث يعلم دخول المعصوم في جملتهم في غاية الاشكال فان قلت يحصل العلم بموافقة المعصوم عليه السلام في بعض الأحكام بحسب القرائن الكثيرة كما إذا ظهر في حكم من الاحكام المهمة
التي يقع الاحتياج إليها غالبا ويعم البلوى بها اتفاق المشهورين من الامامية ولم يعلم بالتتبع التام المخالف له أو قادح فيه طاعن عليه فحينئذ يحصل العلم بان هذا مذهب الأئمة عليه السلام لأنا نعلم حينئذ ان
عمل أصحابنا الإمامية ممن عاصر الأئمة عليهم السلام كان على ذلك والا لنقل بمقتضى العادة وإذا كان عملهم جميعا أو أكثر مشاهيره على شئ ما من الاحكام الشايعة التي يقع الاحتياج إليها في غالب
الأوقات يعلم موافقة الامام إذ عن المعلوم ان جماعة كثيرة من العلماء والأتقياء ولقلة الحديث وحفاظ الرواية كانوا في عصر ظهور المعصومين عليهم السلام قرنا بعد قرن وخلفا بين سلف في مدة متطاولة
متمادية تنيف على ثلاثمأة سنين وكان جماعة منهم مشهورين بالعلم والتقوى متصدين للرواية والفتوى منصوبين لذلك من قبلهم عليه السلام وكانوا مختلفين في مجالس المعصومين فائزين بادراك
لقائهم اخذين حقائق المسائل عنهم عليهم السلام بالسماع والعيان على جهة القطع واليقين دون الظن والتخمين لما عهد من أطوارهم من انكار الظنون والأهواء والتجنب عن الأقيسة والآراء
وكانوا متمكنين في كثير من الأحيان من استعلام الحق في الوقايع التي حصل احتياجهم إليها ودفع البلوى بها ومن المعلوم ان جماعة من أمثالهم إذا اتفق عملهم أو فتاويهم على شئ كان ذلك موافقا
لعمل المعصوم وقوله تنبه إذ من خلاف العادة ان يتفقوا كذلك بدون ان يحصل لهم العلم مع تمكنهم منه
وقد تدبر جماعة عن هذا المقام حتى قال في الذكرى ان الأصحاب يتمسكون بما يجدونه في شرايع
أبى الحسن بن بابويه عن اعوال النصوص لحسن ظنهم به وان فتواه كروايته ولهذه العلة تربهم يرجحون الاخبار الضعيفة المعمولة عند المتقدمين الموافقة لفتاوى اكثري على اخبار صحيحة الأسانيد
على أنه لا يصح في العادات ان لا يعلم المعصومون عليهم السلام بعملهم وفتواهم إذا كان مستمرا كذلك أو علموا ولم ينكروا عليهم مع كثرة اشفاقهم عليهم أو اجتهادهم في هدايتهم وتعليمهم ولو كان شئ من ذلك
ثابت النقل إليه لان رواة الحديث ونقله الاخبار وحفظة الآثار على كثرتهم وانتشارهم في أقطار الأرض وطول مساعيهم وتؤمر دواعيهم أخذوا العلم والرواية عن أصحاب الأئمة عليهم السلام و
لحقهم آخرون واخذوا عنهم وكذلك يعقب السلف الخلف والآتي الماضي وهلم اجرا إلى زمن المشايخ المتأخرين عنهم الذين دونوا العلم وضبطوا الأقوال وميزوا بين الخلاف والوفاق
رضوان الله عليهم أجمعين فلا يكون قول من أقوال المتقدمين خارجا من أقوال مولآء خصوصا إذا حكموا بالاتفاق الا ان يكون قولا نادرا مطروحا عند المشهورين من أصحابنا
المتقدمين بل عمل اثنين أو ثلثه منهم يوجب ما ذكرنا لولا احتمال ان يكون اعتمادهم على رواية غير متواترة أو خبر صدر عن المعصوم تقية أو لمصلحة من المصالح متأولا بتأويل خفى مع
وجود المعارض لكن هذه الاحتمالات يرتفع في الصورة التي ذكرنا قلت الامر كما ذكرت إذا حصل العلم باتفاق جماعة من أصحاب الأئمة ولكن طريق هذا العلم منسد في زماننا هذا الا في قليل
من المسائل التي صارت من ضروريات دين الإمامية كوجوب المسح في الوضوء وعدم جواز المسح على الخف وبطلان القياس وأمثالها واما في غيرها من المسائل فلا فان غاية ما يمكن
لنا الاطلاع على مذاهب أكثر المتأخرين عن قدماء أرباب الحديث وهم أصحاب كتب الفقه ولا يحصل العلم بمذاهب جميعهم لكثرة الكتب وانتشار المصنفات ولهذا لا يحصل العلم بمذاهب
القدماء وأصحاب الأئمة فإنهم لم يكن من عادتهم ان يصنفوا كتبا يذكرون فيه أقوالهم وفتاويهم بل كان من عادتهم جمع الاخبار المعتمدة التي وصل إليهم وكانوا يعلمون بها كما يظهر بالتتبع
وعلى هذا كان يمضى السلف فان تحرير الفتاوى وتصنيف كتب الفقه بعدا زمان الأئمة عليهم السلام مدة طويله فمذاهب أصحاب كتب الفتاوى لا يكشف عن مذاهب أصحاب الاخبار واتفاق
أكثر الفقهاء لا يدل على موافقة المعصوم عليه السلام وبالجملة لا يخلو إما ان يوجد في المسألة خبر أم لا فان وجد خبر في المسألة كان النظر على الخبر والمتجه التعويل على الظن الحاصل به بعد النظر في معارضه
واعتبار القواعد الصحيحة المقررة في الترجيح فكنا مستغنين هناك عن تجشم هذا البحث فإن لم يوجد في المسألة خير بعد التتبع فالعلم بمذاهب قدماء أرباب الحديث مشكل جدا إذ لا
سبيل إلى هذا الا أمران أحدهما فتاوى الفقهاء المتأخرين عنهم وقد عرفت انه غير ناهض بالدلالة عليه وثانيهما نقل بعض الفقهاء اجماع الفرقة على المسألة وهو أيضا ضعيف لما عرفت من
تعارض الاطلاع على الاجماع بالمعنى المعروف عند الأصحاب فمرادهم بالاجماعات المنقولة في كتبهم في كثير من المسائل بل أكثرها لا يكون محمولا على معناه الظاهر بل إما يرجع إلى اجتهاد من الناقل
بسبب القرائن والامارات التي اعتبرها إلى أن المعصوم عليه السلام موافق في هذا الحكم أو مرادهم الشهرة أو اتفاق أصحاب الكتب المشهورة إلى غير ذلك من المعاني المحتملة وقد نبه على هذا الشهيد في الذكرى
(؟؟؟؟؟ شد إلى هذا ان منهم من يدعى الاجماع على حكم من الاحكام ثم يدعى اخر الاجماع على خلافه وقد يفتى المدعى بخلافه
50

ووجود الخلاف من المشاهير في ما ادعى عليه الاجماع كثيرا جدا حتى لا يوجد باب من أبواب الفقه الا وقد وجد مسائل متعددة من هذا القبيل ومن نظر في شرحنا هذا يطلع على كثير من هذا
الباب ومن أراد ان يشهد على ما ذكرناه فلينظر إلى كتاب الانتصار للسيد المرتضى والخلاف للشيخ أبى جعفر الطوسي والغنية لابن زهره والسرائر لابن إدريس فإنها مشتملة على ادعاء الاجماع
في كثير من المسائل المودعة فيها مع وجود الخلاف في كثير منها حتى من المدعى وقد سرى هذه الطريقة إلى المتأخرين مثل المصنف والشهيدان وغيرهم والذي ظهر لي من تتبع كلام المتأخرين
انهم كانوا ينظرون إلى كتب الفتاوى الموجودة عندهم في حال التأليف فإذا رأوا اتفاقهم على حكم قالوا إنه اجماعي ثم إذا اطلعوا على تصنيف اخر خالف مؤلفة للحكم المذكور رجعوا
عن الدعوى المذكورة ويرشد إلى هذا كثير من القرائن التي لا يناسب المقام تفصيلها إذ ليس المقام محل استقصاء هذا الباب فإنه متعلق بفن الأصول وانما الغرض البينة على حقيقة الحال
ومع هذا فلا أنكر حصول الظن به في بعض الأحيان ولكن في حجيته على الاطلاق نظر من القرائن التي توجب التقوية والتأييد ولا يصلح لتأسيس الحكم فيما افهم والله أعلم بحقيقة الحال
ومع هذا كله ينبغي ان لا يترك الاحتياط في أمثال هذه المواضع إذا عرفت هذه الجملة فاعلم أن العمدة في وجوب الغسل بوطئ الغلام الاجماع الذي نقله السيد فان ثبت فذاك والا
كان الامر التوقف واما الاحتجاج بفحوى قضية الأنصار فضعيف ويمكن ان يقال قد ثبت بقوله عليه السلام لا صلاة الا بطهور اشتراط صحة الصلاة بالطهور ولحصوله في محل البحث مشكوك و
الشك في الشرط يوجب الشك في المشروط فيجب الغسل تحصيلا للبراءة اليقينية من التكليف الثابت فروع الأول للوطوءة قبلا كالواطئ بلا خلاف بين الأصحاب وتدل عليه صحيحه محمد بن
مسلم السابقة واما الموطوئة دبرا ففتوى الأصحاب انه كالواطئ وتردد في المنتهى في وجوب الغسل عليها قال ويلوح من كلام ابن إدريس الوجوب واستدل بكلام أمير المؤمنين عليه السلام في قضية الصحابة
وفى الاستدلال به اشكال نعم انه يصلح للتأييد ويؤيده أيضا الاجماع المنقول في كلام السيد سابقا وكذا الحكم في الموطوء ويؤيد الأول خاصة خبر محمد بن مسلم ولا فرق بين الحي والميت فاعلا
وقابلا لعموم الأدلة وربما ظهر من كلام الشيخ تردد فيه ولا يتعلق بالميت غسل لخروجه عن التكليف ولا فرق بين ان يكون الموطوء أو الواطئ نائما أو مستيقظا في وجوب الغسل عليهما
إذا كان الدخول في قبل المرأة وكذا لا فرق إذا كان فعل المستيقظ أو قوله متعلقا بالنائم في غير الدخول في القبل في تعلق الحكم بالمستيقظ ان رجحنا الوجوب في وطى الدبر مطلقا
وفى تعلقه بالنائم تأمل لعدم جريان الأدلة وفى التذكرة اطلق الحكم بالوجوب الثاني لو أولج الواضح دبر الخنثى وجب الغسل عليهما ان قلنا بوجوب الغسل بوطئ الآدمي مطلقا فاعلا
كان أو قابلا وفى قبلها وجهان فقيل لا يجب لجواز زيادته وأوجب في التذكرة لصدق التقاء الختانين ووجوب الحد ومنعهما الشهيد في الذكرى قبله ولا يجب بايلاج الخنثى في قبل امرأة ولا
بايلاج الخنثى في الخنثى دبرا كان أو قبلا ولو أولج رجل في قبل الخنثى وأولجت في قبل امرأة أوجب الغسل على الخنثى لامتناع الخلو عن الموجب والرجل والمرأة كواجدي المنى على الثوب
المشترك الثالث هل يجب الغسل بوطئ البهيمة اختار الشيخ في المبسوط والخلاف العدم لفقد النص وعدم دليل واستحسن المحقق وخالف فيه المصنف وذكر ان المرتضى قال قولا يدل على أن
أصحابنا أوجبوا الغسل بالايلاج في فرج البهيمة وتبعه على ذلك جماعة من المتأخرين واحتج عليه بفحوى قضية الأنصار مع أن مختاره وجوب التعزير بوطئ البهيمة دون الحد وتوقف المصنف
في النهاية في وطى البهيمة مع جزمه بوجوب الغسل لو غاب فرج الدابة في فرجه الرابع ايلاج الصبى في المبالغة وبالعكس يوجب الغسل على البالغ منهما وفى الأخر نظر وكذا الصبى في الصبية
ويبنى على أن هكذا الحكم هل هو من خطاب الوضع أو الاقتضاء وتظهر الفائدة في المنع من المساجد وقراءة العزايم ومس كتابة القران وفى استباحتها بغسله الان وجهان وكذا في الاكتفاء
بهذا الغسل بعد البلوغ الخامس الملفوف كغيره وان غلظت اللفافة لعموم الأدلة ونقل عن المصنف انه احتمل السقوط في غير اللينة لفوات اللذة وهو ضعيف السادس الغسل يجب
على الكافر كساير العبادات لحصول السبب ولا يسقط بالاسلام لبقاء السبب ولا يصح منه في حال الكفر لعدم صحة النية منه السابع لو اغتسل ثم ارتد لم يبطل غسله بلا خلاف بين الأصحاب ولو
اشتبه المنى بان يكون الخارج مشتبها هل هو منى أم لا اعتبر بالشهوة المقارنة له بان يتلذذ بخروجه والدفق قال الله تعالى من ماء دافق وفتور الجسد وكان المراد به انكسار الشهوة
لأنها صفات لازمة للمنى غالبا فيرجع إليها عند الاشتباه وفيه تأمل والصحيح الاستناد إلى ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر عليه السلام في الصحيح عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن
الرجل يلعب مع المراة ويقبلها فيخرج منه المنى فما عليه قال إذا جاءت ودفع وفتر لخروجه فعليه الغسل وإن كان انما هو شئ لم يجد له فترة ولا شهوة فلا باس قال الشيخ في التهذيب قوله وإن كان
انما هو شئ لم يجد له فترة ولا شهوة فلا باس معناه إذا لم يكن الخارج الماء الأكبر لان من المستبعد في العادة والطبايع ان يخرج المنى من الانسان ولا يجد منه شهوة ولا لذة وانما أراد
انه إذا اشتبه على الانسان فاعتقد انه منى وان لم يكن في الحقيقة منيا يعتبر بوجود الشهوة من نفسه فإذا وجد وجب عليه الغسل وإذا لم يجد علم أن الخارج ليس بمنى ويؤيد ما ذكره
الشيخ ان السائل رتب خروج المنى على الملاعبة والتقبيل مع أن الغالب حصول المذي عقيبهما دون المنى فبين عليه السلام حكم الخارج بقسميه ومن الأصحاب من جعل من صفاته الخاصة التي يرجع إليها عند
الاشتباه رائحة الطلع والعجين رطبا وبياض البيض جافا ويشكل بعدم النص واحتمال عموم الوصف وما ذكرنا من الخواص عند الاشتباه وعند اليقين لا يتوقف على اعتبار ذلك
بل يحكم بوجوب الغسل وان انفك عن ذلك وفى المريض لا يعتبر الدفق لما رواه الشيخ عن عبد الله بن أبي يعفور في الصحيح عن أبي عبد الله قال قلت له الرجل يرى في المنام ويجد
الشهوة فيستيقظ فينظر فلا يجد شيئا ثم يمكث الهوين بعد فيخرج قال إذا كان مريضا فليغتسل وان لم يكن مريضا فلا شئ عليه قال قلت له فما الفرق بينهما قال لان الرجل إذا
كان صحيحا جاء الماء بدفقه قوية وإن كان مريضا لم يجئ الا بعد ورواها الكليني في الحسن وروى الشيخ والكليني عن زرارة في الحسن قال إذا كنت مريضا فاصابتك شهوة فإنه ربما كان هو
الدافق لكنه يجيئ مجيئا ضعيفا ليس له قوه لمكان مرضك ساعة بعد ساعة قليلا قليلا فاغتسل منه والظاهر أن النقل عن المعصوم بقرينة الحال وأسنده الصدوق في علل الشرايع إلى أبي جعفر عليه السلام
واما ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل احتلم فلما انتبه وجد بللا قليلا قال ليس بشئ الا ان يكون مريضا فإنه يضعف فعليه الغسل فإنها
محمولة على صورة حصول الشهوة ويفهم من عدم اعتبار الدفق فيه اشتراطا اجتماع الشهوة عند الخروج والانكسار بعده وهو مبنى على الغالب حتى لو فرض الانفكاك مع تيقن كونه
منيا كان منيا كان محكوما بذلك والمفهوم من الرواية اعتبار مجرد الشهوة
ولو وجد على جسده أو ثوبه المختص بلبسه أو النوم عليه بان لا يشاركه فيه غيره وإن كانت المشاركة
على سبيل التناوب منيا وجب الغسل على الواحد ولو كان صبيا حكم ببلوغه إذا كان ذلك في زمان الامكان وحده المصنف في المنتهى باثني عشر سنه والأصل فيه ان الثوب إذا كان
مختصا به كان خروج المنى منه معلوما فيكون جنبا فيجب عليه الغسل وما رواه الشيخ عن سماعة في الموثق قال سألته عن الرجل يرى في ثوبه المنى بعد ما يصح ولم يكن رأى في منامه انه قد
احتلم قال فليغتسل وليغسل ثوبه ويعيد صلاته قال الشيخ وروى هذا الحديث بلفظ اخر أحمد بن محمد عن عثمان بن عيسى عن سماعه قال سئلت أبا عبد الله عن الرجل ينام ولم ير في
نومه انه احتلم فوجد في ثوبه وعلى فخذه الماء فهل عليه غسل قال نعم قال المحقق بعد نقل الرواية على الوجه الأول وسماعه وإن كان واقفيا لكن عمل الأصحاب على مضمون روايته هذه والنظر
يؤيدها والأظهر انه يحكم على واجد المنى بالجنابة من اخر أوقات امكانها استصحابا للطهارة المتيقنة إلى أن يعلم الرافع الترجيح لأصل البراءة وحينئذ يحكم عليه بالجنابة ويجب عليه
قضاء ما صلى من ذلك الوقت إلى أن يتحقق طهارة واقعة وقال الشيخ في المبسوط ينبغيان تقول يجب ان يقضى كل صلاة صلها من عند اخر غسل اغتسل من جنابة أو من غسل يرفع حدث الحدث
هذا بالنسبة إلى الحدث واما باعتبار النجاسة الخبيثة فيبنى على أن الجاهل بنجاسة الثوب هل عليه إعادة ما صلى قيام لا وعلى الأول يمكن استناد البطلان إليهما والى الأول خاصة مع الغسل
(الموجب لرفع؟؟؟؟ اتفاقا والى الثاني خاصة مع الغسل الموجب لرفع الحدث ولا يجب الغسل لو وجده في المشترك ثوبا وفراشا)
51

على أحد المتشاركين لاحتمال ان يكون من المشارك الأخر منتقى استصحاب الطهارة على حاله ويدل عليه قول
أحدهما عليهما السلام لا ينقض اليقين ابدا بالشك وفى حكم الاشتراك
إذا احتمل في الثوب المختص ان يكون المنى الموجود فيه عن غيره لا يقال رواية سماعة ينفى ذلك لأنا نقول إنها محمولة على الغالب من عدم احتمال ان يكون المنى الموجود في الثوب من غيره
عادة يؤيده وقوع الرواية على الوجه الأخر المنقول سابقا وما رواه الشيخ عن أبي بصير في القوى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصيب بثوبه منيا ولم يعلم أنه احتلم قال ليغسل
ما وجد بثوبه وليتوضأ وحملها الشيخ على الثوب المشترك واعلم أن الظاهر أن مراد الأصحاب من الثوب المشترك أعم من أن اشتراكه على سبيل المعية أو النوبة واستدلالهم على عدم وجوب
الغسل باحتمال ان يكون المنى من غيره يساعد على ذلك وفسره الشيخ على والشهيد الثاني بالمشترك على سبيل المعية وأوجبوا الغسل على صاحب النوبة الا ان يعلم السبق وقال الشهيد
في الدروس ولو اشترك الثوب أو الفراش فلا غسل لهم يستحب ولو قيل بان الاشتراك إن كان معا سقط عنهما وان تعاقب وجب على صاحب النوبة كان وجها ولو لم يعلم صاحب النوبة فكالمعية
انتهى والأقرب عدم الوجوب على صاحب النوبة لاحتمال ان يكون من غيره ويقين الطهارة لا يزول بالشك ولو علم السبق سقط عنه قطعا ولم يجب على الأول الا مع التحقق وبالجملة عموم
صحيحة زرارة يقتضى عدم الوجوب الا مع علم الواجد ثم اعلم أن وجود المنى في الثوب المشترك لا يوجب تعلق احكام الجنب على أحد المشاركين فيجوز لهم ان يفعلوا ما يفعله الطاهر من مس
المصحف وقراءة الغرائم ودخول المساجد وإن كان على سبيل الاجتماع وفى انعقاد عدد الجمعة بهما وائتمام أحدهما بالآخر قولان اختار المحقق العدم وتبعه عليه جماعة من المتأخرين فحكموا
ببطلان صلاة المأموم لأنه بين ان يكون هو وامامه جنبا وفيه ان الجنابة الواقعية غير مؤثرة إذا كان المصلى محكوما عليه بالطهارة الشرعية وكانت صلاته صحيحة شرعا وبالجملة
يتوقف صحة الصلاة على رفع الجنابة المعلومة وإذا كانت صلاة الامام محكوما عليها بالصحة جامعة للشرائط والأركان الشرعية وكذا صلاة المؤتم صح اقتداء أحدهما بالآخر للعمومات واختار
المصنف الانعقاد والصحة وتبعه بعضهم ولا يخلو عن قولة والأحوط الأول ولا فرق في اعتبار الاشتراك والاختصاص بين قيام الواجد عن موضعه أم لا والمستفاد من كلام الشيخ في النهاية
وجوب الغسل لو وجده قبل القيام واعترض عليه ابن إدريس بعدم الفرق وذكر المصنف انه لا خلاف بينهما فان الشيخ أيضا قائل بذلك لكنه اعتبر هذا التفصيل في صورة القيام بناء على الغالب
ولم يعتبر في غيره لنذوره وهل يستحب الغسل على المشاركين ذكر الأصحاب ذلك وكانه لعموم الأدلة المقتضية لرجحان الاحتياط في الدين ولا يصح فيه الا نية الاستحباب أو الرجحان المطلق وما ذكره
الشيخ على والشهيد الثاني من أنه ينوى الوجوب مع قولهما باستحباب ذلك غريب ولو تبين الاحتياج إليه ففي الاجتزاء به قولان
ويحرم عليه قراءة الغرائم وابعاضها ونقل اجماع الفرقة
عليه جماعة من الأصحاب قال في المعتبر يجوز للجنب والحائض ان يقرأ ما شاء آمن القران الا سور الغرائم وهي اقرا باسم ربك الذي خلق والنجم وتنزيل السجدة وحم السجدة روى ذلك البزنطي
في جامعه عن المثنى عن الحسن الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام وهو مذهب فقهائنا أجمع انتهى ويدل عليه ما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم في الموثق عن أبي جعفر عليه السلام قال الحائض والجنب
بقرآن شيئا قال نعم ما شاء الا السجدة ويذكر ان الله على كل حال وسيجيئ نقله عن كتاب علل الشرائع بطريق صحيح وما رواه عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قال أبو جعفر عليه السلام
الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب يقران من القران ما شاء الا السجدة ويدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه ولا يقربان المسجد الحرمين والروايتان وان كانتا غير
صريحتين في السورة لكن ذلك مشهور بين الأصحاب معمول فيما بينهم وذكر المتأخرون من جملتها قراءة البسملة بقصد أحدها لو مس كتابة القرآن والظاهر أن ذلك اجماعي بين الأصحاب ونقل
اجماع الأصحاب عليه جماعة منهم كالشيخ والمحقق والمصنف في المنتهى والتذكرة والنهاية وابن زهرة والشهيدان بل ادعى الفاضلان اجماع أهل الأسلم وقال المصنف في النهاية هنا لا
خلاف في تحريم مس كتابة القرآن أو شئ مكتوب عليه اسم الله تعالى وان وقع في المحدث ونقل في الذكرى عن ابن الجنيد القول بالكراهة وذكر انه كثيرا ما يطلق الكراهة ويريد التحريم
فينبغي ان يحمل كلامه عليه ونسبة القول بالكراهة إلى الشيخ في المبسوط خطأ وقد أشرنا إلى ذلك سابقا وطريق الاستدلال على هذا المطلوب أيضا قد مر سابقا والمراد بكتابة القران صور
الحروف ومنه التشديد على الظاهر وفى الاعراب وجهان ويعرف كون المكتوب قرانا بعدم احتمال غيره أو بالنية والمراد بالمس الملاقاة بخرء من البشرة والظاهر أنه لا يحصل بالشعر لعدم صدق
المس عرفا وفى الظفر وجهان أو شئ مكتوب عليه اسم الله تعالى المراد مس الكتابة كما صرح به في المعتبر واحتج عليه برواية عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يمس الجنب درهما ولا دينارا عليه
اسم الله تعالى ثم قال والرواية وإن كانت ضعيفة السند لكن مضمونها مطابق لما يجب من تعظيم الله سبحانه انتهى ولولا الشهرة التامة بين الحكماء في الحكم المذكور حتى أن ابن زهرة
في الغنية نقل الاجماع عليه وكذا المصنف في النهاية حمل الرواية المذكورة على الاستحباب جمعا بينه وبين ما نقل المحقق من كتاب الحسن بن محبوب عن خالد عن أبي الربيع عن أبي عبد الله عليه السلام في الجنب
يمس الدراهم وفيها اسم الله واسم رسوله قال لا باس به ربما فعلت ذلك الا ان عمل الأصحاب يمنعنا من الاجتراء عليه فيحمل الخبر المذكور على نفى الباس عن مس الدرهم دون الكتابة
وأسماء الأنبياء والأئمة عليهم ونقل ابن زهرة الاجماع عليه ونسبه في المعتبر إلى الشيخين قال ولا اعرف المستند ولعل الوجه رفع أسمائهم عليهم السلام عن ملاقاة ما ليس بطاهر وليس
حجة موجبة للتحريم والقول بالكراهة انسب انتهى وهو حسن واللبث في المساجد هذا الحكم مشهور بين الأصحاب حتى نقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه وقال في المنتهى لا نعرف فيه مخالفا
الا من سلار فإنه كرهه ويظهر من كلام ابن بابويه انه يجوز ان ينام الجنب في المسجد والمعتمد الأول لما رواه الصدوق في كتاب علل الشرائع عن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي
جعفر عليه السلام قالا قلنا له الحائض والجنب يدخلان المجسد أم لا قال الحائض والجنب لا يدخلان المسجد الا مجتازين ان الله تبارك وتعالى يقول ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا
ويأخذان من المسجد ولا يضعان فيه شيئا قال زرارة قلت له فما بالهما يأخذان منه ولا يضعان فيه قال لأنهما لا يقدران على اخذ ما فيه الا منه ويقدران على وضع ما بيدهما في غيره قلت
فهل يقران من القران شيئا قال نعم ما شاء الا السجدة ويذكر ان الله على كل حال وروى الشيخ عن أبي حمزة في الصحيح قال قال أبو جعفر عليه السلام إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد
الرسول صلى الله عليه وآله فاحتلم فاصابته جنابة فليتيمم ولا يمر في المسجد الا متيمما ولا باس ان يمر في سائر المساجد ولا يجلس في شئ من المساجد وعن محمد بن حمران في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سألته عن الجنب يجلس في المسجد قال لا ولكن يمر فيه الا المسجد الحرام ومسجد المدينة وعن جميل في الحسن قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجنب يجلس في المساجد قال لا ولكن يمر فيها كلها الا
المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله ورواه الكليني بسند اخر وفى حسنة محمد بن مسلم السابقة عن أبي جعفر عليه السلام ويدخلان المسجد مجتازين ولا يقعدان فيه ولا يقربان المسجدين الحرمين واما
رواية محمد بن القاسم عن الرضا عليه السلام عن الجنب ينام في المسجد فقال يتوضأ ولا باس ان ينام في المسجد ويمر فيه متروكة عند الأصحاب مع اشتراك محمد بن القاسم بين الثقة وغيره
فلا تعارض الاخبار والأول واعلم أن العمدة في هذا الباب الاستدلال بالاخبار واما الاستدلال بالآية فمشكل لعدم تعين هذا المعنى فيه واحتمال غير ذلك كما عرفت سابقا
والمستفاد مما ذكرنا من الاخبار جواز الاجتياز للجنب في المساجد الا المسجدين ولا يعتبر دخوله من باب وخروجه من اخر بل صدق السلوك وعدم اللبث على الظاهر وهل له التردد في جوانب
المسجد بحيث يخرج عن اسم المجتاز قطع الفاضل الشارح بالعدم وفاقا للشيخ على لعدم صدق الاجتياز حينئذ لا يقال رواية جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام قال للجنب ان يمشى في
المساجد كلها ولا يجلس فيها الا المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله يقتضى جواز المشي مطلقا وربما يكون في مقابلة المرور بالجلوس في بعض الأخبار السالفة اشعار بذلك لأنا نقول
في طريق رواية جميل هذه سهل بن زياد فتكون صحيحة لا تصلح معارضة لصحيحة زرارة السابقة مع كونها غير صريحة في العموم بل هي محمولة على الغالب فيكون الترجيح لمقتضى خبر زرارة
للصحة والصراحة وقد يلحق بالمساجد في هذا الحكم المشاهد والضرائح المشرفة لاشتمالها على فائدة المسجد مع زيادة الشرف بالمنسوب إليه وللتوقف فيه مجال ووضع شئ فيها هذا مذهب
الأصحاب عدا سلار فإنه كرهه وادعى ابن زهرة الاجماع عليه والأصل في هذا الباب ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجنب والحائض
52

يتناولان من المسجد المتاع يكون فيه قال نعم ولكن لا يضعان في المسجد شيئا وغيرها من الاخبار منها صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم السالفة وخص بعض المتأخرين التحريم بالوضع
المستلزم للبث وعموم الخبر يدفعه ولا فرق بين ان يكون الوضع من داخل أو خارج لعموم الرواية صرح بذلك الشهيد الثاني وقد يحض الحكم بالأول لكونه الفرد الشائع والاجتياز في
المسجدين للاخبار السابقة ولكن للتأمل في اثبات التحريم بها مجال لعدم وضوح دلالة النهى في اخبارنا على التحريم ونقل ابن زهرة الاجماع عليه وقال في التذكرة إليه ذهب علماؤنا والصدوق
والمفيد اطلقا المنع من دخول المسجد الا مجتازا من غير ذكر الفرق بين المسجدين وغيره
ويكره له الأكل والشرب الا بعد المضمضة والاستنشاق قال في التذكرة وهو مذهب علمائنا و
ونقل ابن زهرة الاجماع عليه وفى المعتبر انه مذهب الخمسة واتباعهم والذي أقول إنه يكفيه غسل يده والمضمضة لما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال المجنب إذا أراد ان يأكل ويشرب غسل
يده وتمضمض وغسل وجهه واكل وفى رواية أخرى إذا كان الرجل لم يأكل ولم يشرب حتى يتوضأ ذكرها ابن بابويه في كتابه عن جعفر عن أبيه عليه السلام انتهى وقال في المنتهى ويكره له الأكل والشرب
قبل المضمضة والاستنشاق أو الوضوء وخص الشيخان والسيد المرتضى بالمضمضة والاستنشاق وفى الشرائع تخف الكراهة بالمضمضة والاستنشاق ويستفاد منه بقاء الكراهة
معهما وصرح في النافع بزوال الكراهة بهما وقال الصدوق في كتابه والجنب إذا أراد ان يأكل أو يشرب قبل الغسل لم يجز له الا ان يغسل يديه ويتمضمض ويستنشق فإنه ان اكل وشرب
قبل ان يفعل ذلك خيف عليه من البرص قال وروى أن الاكل على الجنابة يورث الفقر والذي اطلعت عليه روايات أربع الأول ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيأكل الجنب قبل ان يتوضأ قال انا لنكسل ولكن بغسل يده أو يتوضأ أو الوضوء أفضل الثاني ما رواه الشيخ عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم وقد مضى في كلام
المحقق الثالث فيما رواه السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام ولا يذوق شيئا حتى يغسل يديه ويتمضمض فإنه يخاف منه الوضح والوضح يكنى به عن البرص قاله الجوهري الرابع ما رواه ابن بابويه عن
الصادق عليه السلام كما مر في كلام المحقق وليس في تلك الروايات دلالة على كراهة الأكل والشرب بدونهما ولا على توقف زوال الكراهة أو خفتها عليهما وينبغي ان يراعى في الاعتذار بذلك عدم تراخى
الأكل والشرب عنه كثيرا على وجه لا يبقى بينهما ارتباط عادى ويتعدد بتعدد الأكل والشرب الا مع الاتصال ومس المصحف على المشهور والمراد مس ما عدا المكتوب وذهب السيد المرتضى إلى عدم
الجواز استنادا إلى رواية إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال المصحف لا تمسه على غير طهر ولا جنبا ولا تمس خطه ولا تعلقه ان الله تعالى يقول لا يمسه الا المطهرون رواها الشيخ في القوى
والجواب انها مع عدم نقاء سندها محمولة على الكراهة إذ السيد يوافق في جواز تعليقه وفيه ان حمل بعض النواهي الواقعة فيها على الكراهة لدليل من خارج لا يوجب العدول عن الظاهر
في الباقي لكن في ظهور النهى في اخبارنا في عدم الجواز تأمل واما ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام عن الرجل أيحل له ان يكتب القران في الألواح والصحيفة وهو على غير
وضوء قال لا فهو غير معمول بظاهره عند الأصحاب فيحمل على الكتابة إذا كانت بحيث يوجب مس كتابة القران والأحوط مذهب السيد وذكر المصنف كراهة حمل المصحف أيضا بغير غلافه ونقل
من العامة أقوالا مختلفة في تفسير الغلاف فقيل إنه الجلد وقيل لو مسه بللكم جاز وقيل إنه شئ اخر غير انكم والجلد كالخريطة واختار المصنف الأول والمستفاد من الرواية كراهة تعليقه
حسب واما الفرق بين ان يحمل بغلافه أم لا فلا اعرف مستنده والنوم الا بعد الوضوء نقل ابن زهره اجماع الأصحاب عليه وكذا المحقق والمصنف ويدل عليه ما رواه ابن بابويه عن عبد الله
الحلبي في الصحيح قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل أينبغي له ان ينام وهو جنب قال يكره ذلك حتى يتوضأ قال ابن بابويه وفى حديث اخر قال انا أنام على ذلك حتى أصبح وذلك انى أريد
ان أعود والخضاب نقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه وقال المحقق انه مذهب الثلاثة وقال ابن بابويه في كتابه ولا باس ان يختضب الجنب ويجنب مختضبا ويحتجم ويذكر الله وينتور ويذبح
ويلبس الخاتم وينام في المسجد ويمر فيه وهو مشعر بنفي الكراهة لكنه غير صريح فيه والأقرب الأول ويدل عليه ورود النهى عنه في عدة اخبار وفى بعضها الا أحب له ذلك بانضمام روايات
وردت بنفي الباس والكل مشترك في القصور من حيث السند وأجود ما اطلعت عليه في هذا الباب رواية الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بان يختضب الرجل وهو جنب واستدل
المصنف على الكراهة بأن ذلك يمنع وصول الماء إلى ظاهر الجوارح التي عليها الخضاب المحقق ولعله رحمه الله نظر إلى أن اللون غرض وهو لا ينتقل فيلزم حصول اجزاء من الحناء في محل اللون
ليكون وجود اللون بوجودها لكنها حفيفة لا تمنع الماء منعا تاما فكرهت لذلك وفيه تكلف واضح والظاهر كراهة الجنابة للمختضب أيضا وقال المفيد فان أجنب بعد الاختضاب لم يخرج
ويدل على ما ذكرنا النهى عنه في عدة روايات وحمل كلام المفيد على فعلها اتفاقا لا اختيار الجريان تعليله الأول هنا ثم نقل الروايات الدالة على المنع ثم قال وربما يكون المفيد
رحمه الله اطرح هذه الروايات لضعف سندها ونحن فلا نراها تقصر عن إفادة الكراهة لاشتهارها في النقل وحمل الروايات الواردة بنفي البأس على نفى الخطر للجمع وهو حسن ولا يخفى ان
رواية أبي سعيد قال قلت لأبي إبراهيم عليه السلام أيختضب الرجل وهو مجنب قال لا قلت فيجنب وهو مختضب قال لا ثم سكت قليلا ثم قال يا أبا سعيد الا أدلك على شئ تفعله قلت بلى قال إذا
اختضبت بالحناء واخذ الحناء ماخذه وبلغ فجامع يدل على تفصيل في الحكم المذكور وقراءة ما زاد على سبع آيات اختلف الأصحاب في جواز قراءة ما عدا الغرائم فالمشهور جواز ذلك حتى نقل
المرتضى والشيخ والمحقق الاجماع عليه والمنقول عن سلار في أحد قوليه تحريم القراءة مطلقا وعن ابن البراج تحريم ما زاد على سبع آيات ونسبه في المختصر إلى الشيخ في كتابي الحديث وكلامه
في التهذيب دال على ذلك بظاهره لكن كلامه في الاستبصار غير دال عليه بل ذكر فيه ذلك على سبيل الاحتمال في مقام الجمع بين الروايات ثم احتمل الجمع بحمل الدال على الاقتصار
على العدد على الندب ونقل في المنتهى والسرائر عن بعض الأصحاب تحريم ما زاد على سبعين وقال في
المبسوط الأحوط ان لا يزيد على سبع أو سبعين والأقرب الأول لعموم قوله تعالى فاقرأوا ما
تيسر منه وعموم ما دل على استحباب قراءة القرآن من غير تقييد ولما رواه الشيخ عن الفضيل بن يسار في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال لا بأس ان يتلو الجنب الحائض القران وعن الحلبي
في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته أتقرأ النفساء والحائض والجنب والرجل يتغوط القران فقال يقرأون ما شاؤوا وما رواه الكليني والشيخ عنه عن ابن بكير في الموثق قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن الجنب يأكل ويشرب ويقرأ القران قال نعم يأكل ويشرب ويقرء ويذكر الله عز وجل ما شاء والأخبار الدالة على جواز القراءة للجنب الا العزائم فان قلت ما رواه الشيخ
عن سماعة باسناد لا يبعد ان يعد موثقا قال سألته عن الجنب هل يقرا القران قال ما بينه وبين؟؟؟؟ آيات وفى رواية زرعة عن سماعة سبعين أية يدل على تحريم الزائد على
السبع أو السبعين قلت دلالة الخبر على التحريم غير واضح على أن حمله على الكراهة متعين جمعا بينه وبين ما هو أقوى منه سندا ودلالة ويؤيد ذلك ورودها تارة بالسبع واخرى بالسبعين
واما كراهة الزائد على السبع فمشهور بين المتأخرين ونسبه في المعتبر إلى الشيخ واحتج برواية سماعة ثم قال زرعة وسماعة واقفيان مع ارسال الرواية وروايتهما هذه منافيه لعموم الروايات
المشهور الدالة على اطلاق الاذن عدا السجدة وانما اخترنا ما ذهب إليه الشيخ رحمه الله تفصيا عن ارتكاب المختصر فيه انتهى كلامه رحمه الله وفيه تأمل ويؤيد الكراهة ما يقال من اشتهار النهى عن قراءة القرآن
للجنب والحائض في عهد النبي صلى الله عليه وآله بين الرجال والنساء ومن ثم تخلس عبد الله رواحة من تهمة امرأته بأمته بشعر موهما القراءة فقال صدق الله ورسوله وكذب بصرى فأخبر النبي صلى الله عليه وآله
فضحك حتى بدت نواجذه وما نقل عن علي عليه السلام لم يكن يحجب النبي صلى الله عليه وآله عن قراءة القرآن شئ سوى الجنابة لكن الروايتان من طريق العامة فلا يصلح للاعتماد أصلا وهل يشترط التوالي
بين السبع الظاهر العدم فالمعتبر حصوله في جميع أوقات جنابته قيل ويصدق السبع ولو بواحدة مكررة سبعا وفيه اشكال تشتد الكراهة فيما زاد على سبعين أية بل قيل بالتحريم
وقد عرفت تحقيق المقام ويجب عليه الغسل بسبب الجنابة وان لم يكن مخاطبا بمشروط بالطهارة اختلف المتأخرون في أن الغسل هل هو واجب لنفسه أو واجب لغيره فذهب
الراوندي وجماعة من الأصحاب إلى الأول واختاره المصنف ونقله عن والده رحمه الله بحسب الباقون منهم ابن إدريس والمحقق والشهيدان إلى الثاني وقد أطنب ابن إدريس في التشنيع على
مخالفيه في ذلك والظاهر أن المتقدمين لم يصرحوا بأحد الامرين على الخلاف انما نشأ بين المتأخرين كما نقل المصنف في المنتهى والمختصر الخلاف عنهم ومعنى وجوبه لغيره ان جهت وجوبه وشرعية
53

التوصل به إلى شئ من الغايات المشروطة به حتى لو فرض العلم أو الظن باثناء وجوب الغاية لم يجب وتظهر فائدة الخلاف في أمرين الأول ان الجنابة سبب تام في وجوب الغسل على
الأول فمتى حصلت الجنابة وجب الغسل وإن كانت الذمة برية من غاية مشروطة به فينوي الوجوب حينئذ لكن الوجوب موسع لا يتضيق الا بتضييق الغاية المشروطة به وعلى الثاني تكون
الجنابة سببا ناقصا في وجوب الغسل وانما يتم عند شغل الذمة بمشروط به فينوي الوجوب حينئذ وقبل ذلك لو فعل لا يكون الا ندبا فلا يصح حينئذ نية الوجوب وبالجملة ينوى الوجوب قبل الوقت
على الأول والندب على الثاني وفيه نظر إذ لا مانع من أن يكون الفعل واجبا لغيره ومع ذلك بفعل وجوبا قبل دخول وقته إذا كان وجوب الغاية في وقتها مظنونا الا ترى ان قطع المسافة ليس واجبا لنفسه بل واجب للحج ومع ذلك لم يجب ايقاعه لأجل زمان الحج وإذا كان قطع المسافة
قبل زمان الحج واجبا لم يصح فعله بنية الندب بل الوجوب
بل نقول صحة الصوم مشروط بالاغتسال من الجنابة سابقا عند الأكثر وما لا يتم الواجب المطلق الا به فهو واجب فيكون الغسل
واجبا للصوم قبل دخول وقته فحينئذ إما ان يفعله بنية الوجوب وبنية الندب والثاني غير صحيح إذ لا يمكن ايقاع الفعل بقصد الندب إما اعتقد انه واجب فثبت الأول ويلزم منه ان وجوب
الشئ لغيره لا ينافي ايقاعه سابقا عليه بنية الوجوب لكن الظاهر أن تقابلين بوجوب الغسل لغيره قاطعون بأنه ينوى الندب قبل دخول زمان الغاية الواجبة حتى أن الشهد في الذكرى
فسر الوجوب لغيره بكون الموجب دخول الوقت أو أحد الامرين منه ومن الحدث بشرط الأخر وهذا تفسير للملزوم باللازم ان صحت الملازمة بين الامرين إذ ليس هذا عين معنى وجوب
الشئ لغيره الثاني لو ظن الوفاة قبل شغل ذمته بالمشروط به وجب المبادرة إلى الغسل على الأول ولا يجوز التأخير عن وقت يظن الموت بالتأخير بخلاف الثاني فان قلت الظاهر أنه لا خلاف
بين الفريقين في صحة الغسل وشرعيته قبل دخول الوقت وانه إذا فعل سابقا على الوقت لم يجب عليه بعد دخوله فيكون الغسل قبل دخول الوقت والغسل بعده متشاركين في حصول
البراءة بكل واحد منهما والعصيان بتركهما جميعا فيكون إرادة الشارع متعلقة بايقاع الفعل في هذا الوقت أو ذاك وهذا دليل على أن كلا منهما فرد للواجب الموسع بلا فرق بينهما فكيف يعقل
القول بعدم الوجوب قبل الوقت قلت مجرد ما ذكرت غير كاف في الوجوب قبل الوقت يقتضى أمرا اخر وهو حصول العصيان بتركه حينئذ في بعض الأحوال وهو وقت
يظن الفوات بالتأخير والقائلون بعدم الوجوب قبل الوقت ينكرون ذلك فلعلهم يقولون الغسل مكلف به قبل الوقت بتكليف استحبابي وبعد الوقت بتكليف ايجابي مشروطة
ببقاء الحدث والآتيان بالغسل قبل الوقت احتج القائلون بوجوبه لغيره بوجوه الأول قوله تعالى وان كنتم جنبا فاطهروا ويمكن الاستدلال بها من وجوه الأول ان يقال إنها معطوفة على
قوله تعالى فاغسلوا بتقدير الشرط في المعطوف عليه فيكون تقدير الكلام إذا أردتم القيام إلى الصلاة فان كنتم جنبا فاطهروا ويستفاد من هذه العبارة وجوب الاطهار لأجل الصلاة
فإنه إذا قيل إذا أدت الحرب فخذ سلاحك يفهم منه عرفا طلب اخذ السلاح لأجل الحرب الثاني ان يقال بعد تقدير الكلم على الوجه السابق ان الكلام في قوة الشرطية لان إذا ههنا مستعملة
في الشرطية وإن كان في الأصل لنا فيه ومفهوم الشرط حجة ويلزم منه انتفاء الوجوب عند انتفاء إرادة الصلاة فيكون الوجوب لغيره الثالث ان يقال إنها معطوفة على الوضوء المشروط
بالصلاة اجماعا والتيمم المشروط بها اتفاقا معطوف عليه فلو لا كون حكمه كذلك لزم تهافت كلامه تعالى بتوسيطه معطوفا بين عبادتين مشروطتين كذلك مصرحا بالاشتراط في أولهن بقوله إذا
قمتم قضبة للشرط الرابع ان يقال إنه معطوف على الوضوء المشروط بالصلاة اتفاقا فيكون كذلك لوجوب التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه الخامس ان يقال مع قطع النظر عن كونه معطوفا
على الوضوء بل على الجملة السابقة ان التوسيط الذكرى بين الوضوء والتيمم يقتضى المشاركة معهما في الحكم المذكور والجواب عن الأول ان غاية ما يلزم منه وجوبه لأجل الصلاة وذلك لا ينافي
وجوبه لنفسه أيضا فيجوز ان يجتمع فيه الوجوبان ولا يفهم منه التخصيص ولا يراد النية لوجوبه لغير الصلاة كالطواف ومس كتابة القران وغيرها بالاتفاق وعن الثاني حجية مفهوم الشرط انما
يكون إذا لم يكن للتعليق بالشرط فائدة أخرى سوى التخصيص ويجوز أن تكون الفائدة ههنا بيان ان الغسل واجب لأجل الصلاة فيكون الغرض متعلقا ببيان الوجوب العارض له عند إزادة
الصلاة لأجلها وإن كان واجبا في نفسها ولو لم يعلق بالشرط المذكور لا يفهم منه ذلك مع أنه يستفاد من التعليق المذكور فائدة أخرى وهي اشتراط الصلاة به منضما إلى معناه المطابقي
بأوجز لفظ أحسن أسلوب وذلك لأنه يستفاد منه وجوب الاطهار سابقا على الصلاة فالاتيان بالصلاة بدونه كان ضدا للواجب وضد الواجب قبيح لا يجوز التعبد به على ما تقرر من أصول أصحابنا
في مظانه اللائقة به وأيضا الجزاء مجموع الشرطتين على سبيل الاستغراق الافرادي إذ الكلام في قوة قولنا إذا قمتم إلى الصلاة فان كنتم محدثين فتوضأوا وان كنتم جنبا فاطهروا فاللازم
من الشرطية انتفاء المجموع عند انتفاء الشرط لا انتفاء كل واحد فيجوز ان يكون المنفى عند عدم إرادة الصلاة وجوب الوضوء عند الحدث لا وجوب الغسل عند الجنابة فإذا قيل إذا كان
وقت الظهر فزيد في المسجد وعمر ولم يكن منافيا لان بكون أحدهما قبل هذا الوقت في المسجد وأيضا لو سلم ان ذلك خلاف الظاهر لكن حمل الكلام عليه ليس أبعد من إرادة المفهوم بالنسبة إلى
كل منهما وارتكاب التخصيص فيه إذ الاطهار قد يجب لغير الصلاة كالطواف ومس القران ودخول المساجد بل يجب الغسل لأجل الصلاة وان لم يرد الصلاة إذ لو لم يرد الصلاة ولم يغتسل
ولم يصل كان معاقبا على ترك الغسل كما أنه معاقب على ترك الصلاة وبالجملة ارتكاب هذه التخصيصات الكثيرة ليس أهون مما ذكرنا وأيضا لو سلم دلالة ضعيفة على ما ذكرتم لكنه لا يصلح معارضا
لأدلة القائلين بوجوب الغسل لنفسه وقد يمنع كون الشرطية المذكورة معطوفة على الوضوء بتأويل الشرط بل يقال إنها كونها معطوفة على الشرطية السابقة أظهر لكن ذلك عندي
غير موافق للتحقيق وقد مر ذلك في أوائل مباحث الغسل وعن الثالث انا لا نسلم انه معطوف على الوضوء بل هذه الشرطية معطوفة على شرطية ان كنتم محدثين فتوضأ واو لا نسلم الاشتراك
مع الوضوء والتيمم حينئذ سلمنا لكن هذا مجرد أولوية واستحسان لا يصلح للاحتجاج سلمنا لكن لا يصلح معارضا لأدلة المخالفين في ذلك كما سيجيئ وأيضا لا نسلم ان وجوب الوضوء والتيمم
مشروط بالصلاة والاتفاق الذي ذكره ممنوع كيف وقد نقل الشهيد رحمه الله في الذكرى قولا بوجوب الطهارات أجمع بوجود أسبابها واحتمل المصنف ذلك في النهاية في الوضوء مع أن الظاهر أن
هذا الخلاف متجدد بعد زمن الشيخ الطوسي رحمه الله وكلام المتقدمين غير مصرح في أحد الامرين وحصول الاتفاق بالمعنى المعتبر عند الإمامية في ذلك الزمان متعذر أو متعسر بل اتفاقهم
في أكثر الامرين في ذلك الزمان يرجع إلى الشهرة بين اتباع الشيخ رحمه الله ولم اطلع على نقل الاتفاق على ذلك الا من المصنف في التذكرة والمدقق الشيخ على والشهيد الثاني رحمهم الله
واما قوله مصرح بالاشتراط في اوليهن بقوله إذا قمتم فممنوع وقد مر الكلام عليه في أوائل كتاب الطهارة ومن هنا يظهر بعض طرق الجواب عن الرابع والخامس مع انا لا نسلم وجوب التساوي بين المعطوف عليه مطلقا ولا نسلم ان التوسيط
الذكرى يقتضى المشاركة الحكمية على أنه يمكن ان يقال الآية حجة عليهم إذ يستفاد منها وجوب الغسل عند إرادة الصلاة بناء على كونه معطوفا على الوضوء بتقدير الشرط أو ادعاء
المشاركة مع الوضوء في الاحكام وقد يكون الإرادة متحققة قبل الوقت ويلزم من ذلك وجوب الطهارة قبل الوقت وهم يتحاشون عن ذلك وهذا ابطال لقولهم بوجوب الغسل
لغيره بابطال لازمه على زعمهم الثاني ومن أدلتهم قول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة ولا صلاة الا بطهور قال الشهيد رحمه الله وهذا الخبر
لم يذكره المتعرضون لبحث هذه المسألة وهو من أقوى الاخبار دلالة وسندا اورده في التهذيب في باب تفضيل الصلاة والاستدلال بالخبر بناء على اعتبار مفهوم الشرط
وفى تعليق الفعل الدال على التجدد اشعار بذلك والجواب ان المشروط مجموع الطهور والصلاة على سبيل الاستغراق الافرادي واللازم من ذلك انتفاء المجموع المتحقق بانتفاء
أحد جزئيه عند انتفاء الشرط فلا يتعين انتفاؤهما واما التجدد المستفاد من الفعل فيمكن ان يقال تعليقه على الشرط بناء على أن تأكد الوجوب وشدته متجدد عند الوقت
أو يتجدد الوجوب في ضمن نوع منه وهو الوجوب لأجل الغير عند الوقت على أن هذه الصيغة شاع استعمالها في مجرد الثبوت من غير إرادة التجدد وأيضا مفهوم الشرط غير معتبر
ههنا حذرا من لزوم التخصيص فيه لأنه قد يجب الطهور قبل دخول الوقت لأجل غايات اخر غير الصلاة وبالجملة ارتكاب ان التخصيص الذكرى لأجل التأكيد وشدة الاهتمام
ولتمهيد اشتراط الصلاة به لا التخصيص الحكمي ليس أبعد من ذلك وأيضا فدلالة هذا الخبر دلالة مفهوم لا يصلح معارضا لما سنذكر من أدلة القائلين بوجوب الغسل لنفسه
54

الثالث ما رواه الشيخ في الصحيح إلى عبد الله بن يحيى الكاهلي وهو ممدوح عن الصادق عليه السلام في المراة يجامعها الرجل فتحيض وهو في المغتسل هل تغتسل قال قد جائها ما يفسد الصلاة
فلا تغتسل علل عليه السلام عدم الغسل بمجئ ما يفسد الصلاة عاطفا بقا التفريع فدل بطريق الايماء على أن وجوب الغسل انما كان ناشئا عن وجوب الصلاة والا لزم عدم مطابقة الجواب
للسؤال إذ لا يلزم من ابطال الصلاة ابطال الطهارة والمسؤول عنه انما هو فعل الغسل حال الحيض فالجواب عنه بمجئ مفسد الصوم لو لم يرد ما قلناه لم يكن مطابقا للسؤال سيما
والإمام عليه السلام قد علم من قول السائل بمجئ المفسد لها والجواب عنه انه يجوز ان لا يكون وجوب الغسل الا في وقت يصح ارتفاع الحدث فحيث لم يصح ذلك لم يجب الغسل فأشار عليه السلام بقوله قد جاءها
ما يفسد الصلاة إلى أن حدثها لا يرتفع حينئذ فلا يجب عليه الغسل وأيضا يمكن ان يكون غرض السائل انه هل يجب عليها الغسل في وقت الحيض أو في ذلك الوقت الذي هي في المغتسل على أن
يكون الظرف قيدا للغسل فأجاب عليه السلام بقوله المذكور إشارة إلى أن الغسل انما يتضيق وجوبه بتضيق الصلاة فلا يجب عليها في ذلك الوقت لعدم تضيق الصلاة ويؤيد ذلك رواية
عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المراة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل ان يغتسل قال إن شاءت ان تغتسل فقلت وان لم تفعل ليس عليها شئ فإذا طهرت اغتسلت
غسلا واحدا للحيض والجنابة وبالجملة صحة التعليل انما يكون بناء على مقدمة خارجية وكما يمكن أن تكون تلك المقدمة ما ذكرتم يمكن أن تكون ما ذكرنا على أنه لو سلم ان هذا خلاف الظاهر لكن
يجب ارتكابه جمعا بين الأدلة ولهم وجوه أخر ضعيفة جدا ذكرها المصنف في المنتهى ويدل على وجوب الغسل لنفسه ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته متى يجب
الغسل على الرجل والمراة فقال إذا دخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم والاستدلال ان السائل سال عن وقت الوجوب وزمانه فأجاب عليه السلام بوقت الالتقاء وهو أعم من أن يكون زمانا لوجوب
الغاية أم لا وأيضا يستفاد منه الا ان الادخال سبب تام لوجوب الغسل ولو كان الغسل واجبا لغيره يلزم ان لا يكون كذلك فإنه إذا لم يبق المكلف إلى زمان وجوب الغاية بشرائط التكليف
مع حصول الادخال سابقا على ذلك يلزم ان لا يكون الغسل واجبا عليه مع حصول الادخال وأيضا لو ادخل واغتسل قبل الوقت مندوبا ثم دخل الوقت لم يجب عليه الغسل فلم يكن الادخال
علة لوجوب الغسل وحمله على أن المراد إذا ادخله فقد وجب الغسل بشرط وجوب الغاية مع عدم هذا التقييد في المعطوف عليه بعيد جدا ويحتاج إلى تقييد أو تخصيص اخر وذلك لان الغسل
انما يجب في زمان الغاية إذا لم يفعل سابقا فإذا خصص الوجوب بزمان الغاية يلزم تقييد أو تخصيص اخر وما رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل في الصحة قال سألت الرضا عليه السلام عن الرجل يجامع
المراة قريبا من الفرج فلا ينزلان متى يجب الغسل فقال إذا التقى الختانان وجب الغسل وقوله صلى الله عليه وآله الماء من الماء وقول علي عليه السلام انما الغسل من الماء الأكبر وقول أبى الحسن عليه السلام في صحيحة علي بن يقطين
إذا وضع الختان وجب الغسل وصحيحة الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام افعلى المفخذ غسل قال نعم إذا انزل إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة الموافقة لها يدل عليه قول علي عليه السلام في قضية
المهاجرين والأنصار أتوجبون عليه الحد والرجم ولا توجبون عليه صاعا من ماء قال الفاضل الشارح وما ذكر
من الأخبار الدالة على أن وجوبه معلق على الالتقاء والماء ونحوهما غير مقيد
باشتراط وجوب عبادة مشروطة بالغسل معارض بالأوامر الدالة على وجوب الوضوء وباقي الأغسال غير مقيدة بالصلاة كقول النبي صلى الله عليه وآله من نام فليتوضأ ونقل اخبارا اخر من
هذا القليل ثم قال وكالحكم بوجوب غسل الثوب والبدن والاناء من النجاسة مع الاتفاق على أن المراد بذلك الوجوب المشروط وما أجاب عن ذلك فهو الجواب عما احتج به لغسل الجنابة
قال في الذكرى أو الأصل فيه انه لما كثر علم الاشتراط اطلق الوجوب وغلب الاستعمال فلا يردان تقييد تلك الأخبار ليس بأولى من تقييد مفهوم خير زرارة المتقدم ونحوه بما عدا
غسل الجنابة فان المرجح فيه أصالة براءة الذمة من الطهارة عند الخلو من مشروط بها مضافا إلى ما ذكر من المعارضة انتهى وفيه نظرا ما أولا فلان العدول عن الظاهر في بعض الموارد للاجماع
أو دليل اخر لا يوجب انسحاب ذلك في غيره واما ثانيا فلانا لا نسلم ان وجوب الوضوء وباقي الأغسال مشروط بالغاية وقد مر ذلك واما ثالثا فقول الشهيد رحمه الله محل التأمل لأنا لا نسلم كثره علم الاشتراط
ومن أين علم ذلك وكثر وقد عرفت ضعف أدلة ذلك واما رابعا فلانه لو سلم خبر زرارة في مدعاهم لكن ارتكاب التأويل فيه أولي لان ارتكاب التأويل في خبر واحد أولي من ارتكابه في الأخبار الكثيرة
المستفيضة مع أن المنطوق راجح على المفهوم وان مفهوم خبر زرارة لا يصح على عمومه بالاتفاق كما عرفت ومما يؤيد وجوب الغسل لنفسه ما رواه الشيخ صحيحة عن عبد الرحمن أبى
عبد الله في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يواقع أهله أيتام على ذلك قال إن الله يتوفى الأنفس في منامها ولا يدرى ما يطرقه من البلية إذا فرغ فليغتسل واعلم أن القائلين
بوجوب الغسل لغيره صرحوا بان الغسل قبل دخول زمان وجوب الغاية مندوب وحينئذ يرد عليهم الغسل لأجل الصوم الا ان يخصوا بما عداه كما ذكره بعضهم ويرد عليهم أيضا ان الصلاة
مشروطة بالغسل وما لا يتم الواجب المطلق الا به فهو واجب فيكون الغسل المتوقف عليه واجبا وظاهر ان الموقوف عليه للصلاة ليس الغسل في وقت الصلاة بل يحصل بالغسل
الكائن قبل زمان الصلاة فيكون كلا الامرين فردا للواجب فيكون الغسل قبل الوقت واجبا وعلم من ذلك أن المكلف إذا علم وجوب الغاية في وقتها وحينئذ اغتسل قبل الوقت بينة
الوجوب بالمعنى المصطلح صح غسله وان قلنا بان الغسل واجب لغيره كما جوزه بعض أفاضل الشارحين وان قلنا بعدم اعتبار الوجه أو قلنا باعتباره لكن قلنا قصد الوجوب
غير ضار في المندوب وكما اختاره الشهيد رحمه الله زال الاشكال وكذا لو قصد الوجوب الشرطي أو المعنى الأعم وقد ظهر مما تلونا عليك في هذا المبحث ان القول بوجوب غسل الجنابة لنفسه قوى
والظاهر أن له وجوبان أحدهما لنفسه والاخر من حيث كونه مقدمة للواجب ولهذا يتضيق بتضيق الغاية ويتسع بسعته فلا يكون هذا دليلا على عدم كونه واجبا لنفسه؟؟؟؟ به
بعضهم ولو لم يجب نية الوجه ضعف فائدة هذه المسألة
وتجب فيه النية وقد فصل تحقيق ذلك في الوضوء واستدلال من أوجب نية الاستباحة بالآية هيهنا أضعف ونقل عن
جمع من المتأخرين ان دائم الحدث كالمستحاضة يقتصر على نية الاستباحة وانه لا يصح منه نية الرفع لاستمرار الحدث فارقا بينهما بان الاستباحة عبارة عن رفع المنع بخلاف رفع
الحدث فان معناه رفع المانع وهو مستمر ولهذا وجب عليه تجديد الوضوء لكل صلاة وفيه نظر لأن الظاهر أن الحدث الذي يمكن رفعه الحالة المعنوية التي لا يصح معها الدخول في العبادة
فمتى صح للمكلف الدخول في الصلاة ارتفع عنه تلك الحالة غاية الأمران زوالها قد يتجدد يتحدد يتغيى بغاية كالمتيمم ودائم الحدث فالقول بجواز نية رفع الحدث مطلقا كما هو المنقول عن
شيخنا الشهيد في بعض تحقيقاته لا يخلو عن قوة والمبطون والسلس كالصحيح بالنسبة إلى الغسل ان قلنا بان الحدث المتخلل غير مبطل وعلى القول بالابطال يحتمل الصحة هنا للضرورة
وهل يجتزى بالغسل في الصلاة الواحدة من غير وضوء فيها وجهان ناشئان من الحاقه بالوضوء وعدم النص والأخير أقرب عند الشروع في مستحبات الغسل كغسل اليدين والمضمضة والا
الاستنشاق أو واجباته كأول جزء من الرأس في الترتيبي وجزء من البدن في الارتماسي وقد تقدم تفصيله في الوضوء استدامة الحكم بالمعنى الذي حققناه في مبحث الوضوء حتى يفرغ من
الغسل فلو نوى في الأثناء منافيا بطلت النية الأولى فان عاد أعادها وصح الغسل ان لم يطل الفصل بحيث يخل بالموالاة أو طال ولم يكن الغسل مما يشترط فيه الموالاة والا أعاد الغسل ولو
أخل بالموالاة فيما لا يعتبر فيه كالجنابة ثم عاد إلى الباقي لم يفتقر إلى نية مستأنفة على ما هو الظاهر من اطلاقاتهم وأوجب المصنف في النهاية على ما حكى عنه تجديد النية متى اخر بما يعتد به ليتميز عن
غيره وتبعه في الذكرى مع طول الزمان وغسل بشرة جميع الجسد بأقله أي بأقل الغسل وهو ما اشتمل على الجريان تحقيقا لمسمى الغسل قال في المعتبر الغسل اسم لاجراء الماء على المحل ذكر ذلك
علم الهدى في المصباح فقال إنه يجزى في الضوء ما جرى مثل الدهن الا انه لابد ان يكون مما يتناوله اسم الغسل والمسح ولا ينتهى في القلة إلى ما يسلب الاسم وما قاله السيد حسن لأنه لو اقتصر عن مسمى
الغسل لما تحقق الامتثال ويؤيد ما ذكرناه ما رواه يعقوب بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول الغسل من الجنابة والوضوء يجزى منه ما اجرى مثل الدهن الذي يبل الجسد
انتهى ويؤيده قوله أحدهما عليهم السلام في صحيحة محمد وقد سئل عن الجنابة فما جرى الماء عليه فقد طهره وقوله عليه السلام في صحيحة زرارة فما جرى عليه الماء فقد اجزاه وقول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة
الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد اجزاء وما ورد باجزاء مثل الدهن فإنه محمول على ما يحصل معه الجريان ومما يدل عليه الامر بإفاضة الماء في كثير من الاخبار والمراد بالبشرة
55

ظاهر الجلد واحترز بها عن الشعر فلا يجب غسله خفيفا كان أو كثيفا الا ان يتوقف غسل البشرة عليه فيجب حينئذ من باب المقدمة فلا يجب على المراءة نقص الظفائر إذا وصل الماء إلى
أصول الشعر بدونه قال في المنتهى ولا نصرف خلافا في أن الماء إذا وصل لم يجب الحل وكذا يجب تخليل ما أي الشئ الذي لا يصل إليه أي إلى الجسد الماء الا به أي بالتخليل لوجوب غسل جميع ظاهر البدن
بلا خلاف بينهم قال في المنتهى ويجب عليه ايصال الماء إلى جميع الظاهر من بدنه دون البواطن منه بلا خلاف وسقوط تخليل الكثيف الكائن في وجه المتوضى بناء على اعتبار غسل الوجه واخذه
من المواجهة فينتقل الاسم إلى الوجه بخلافه في الغسل لخروجه عن اسم البدن والبشرة والوارد وجوب غسلهما ومن ثم يجب تخليل شعر البدن في الوضوء وان كثف لتوقف غسل اليد
عليه وعدم انتقال الاسم إلى الشعر واستقرب في الذكرى وجواب غسل شعر اليد هناك لأنه من توابع اليد أيضا ولم أر مصرحا بخلافه ووجوب اليقين بالبراءة من التكليف الثابت
تقضيه ومن البواطن التي لم يجب غسلها باطن الاذن والأنف والطاهر ان الثقب الذي في الاذن كذلك إذا كان بحيث لا يرى باطنه للأصل ولقوله عليه السلام في خبر زرارة انما عليك ان تغسل
فاظهر وحكم الشيخ على بوجوب ايصال الماء إلى باطنه مطلقا وهي يجب إزالة الوسخ تحت الظفر إذا لم يتضمن الشدة والعسر فيه وجهان اختار بعضهم الوجوب واحتمل المصنف في المنتهى عدم الوجوب
لأنه ساتر عادة فلو وجب ازالته لبنيه النبي صلى الله عليه وآله وحيث لم يبين لم يجب ثم استقرب الوجوب وقد مر الكلام فيه في مبحث الوضوء
والترتيب بين الأعضاء الثلاثة يبدأ بالغسل في الرأس مع
الرقبة إلى أصل الكتف كما في عبارة المفيد وفى كلام ابن زهرة إلى أصل العنق ومؤداهما واحد ثم بالجانب
الأيمن ثم بالأيسر وهو من متفردات علمائنا ونقل اجماع الطائفة عليه
المرتضى والشيخ وابن زهرة وابن إدريس والمصنف ولم يذكر الترتيب في البدن الصدوقان نفيا واثباتا وظاهر ذلك في مقام بيان كيفية الغسل عدم الوجوب ونقل الشهيد عن ظاهر كلام ابن
الجنيد أيضا عدم وجوب الترتيب في البدن وقال قول ابن الجنيد مسبوت وملحوق بخلافه ونقل عن ابن أبي عقيل انه عطف الأيسر بالواو قال وأبو الصلاح أوجب الترتيب ثم قال بعد غسل
الأيسر ويختم بغسل الرجلين فان ظن بقاء شئ من صدره وظهره لم يصل إليه الماء فليسبغ بإراقة الماء على صدره وظهره ويدل على وجوب الترتيب مضافا إلى نقل الاجماع السابق
ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن غسل الجنابة فقال تبدأ بكفيك ثم بغسل فرجك ثم تصب على رأسك ثلثا ثم تصب على سائر جسدك
مرتين فما جرى الماء عليه فقد طهره ورواها الكليني بتفاوت ما في المتن عن محمد باسنادين أحدهما من الصحاح وروى الكليني والشيخ عنه عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال
قلت كيف يغتسل الجنب فقال إن لم يكن أصاب كفه منى غمسها في الماء ثم بدا بفرجه فأنقاه ثم صب على رأسه ثلث اكف ثم صب على منكبه الأيمن مرتين وعلى منكبه الأيسر مرتين فما جرى
عليه الماء فقد اجزاه والظاهر أن اضمارها غير قادح إذ الظاهر كون النقل عن الإمام عليه السلام على ما بيناه سابقا وأسنده في المعتبر إلى أبي عبد الله عليه السلام ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن حريز
في القوى عن أبي عبد الله عليه السلام قال من اغتسل من جنابة ولم يغسل رأسه ثم بدا له ان يغسل رأسه لم يجد بدا من إعادة الغسل وروى الكليني هذه العبارة عن حريز عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام
في الحسن بإبراهيم بن هاشم ويدل على الترتيب أيضا صحيحة حريز السابقة في مبحث الموالاة في الوضوء ولا يخفى ان المستفاد من هذه الروايات وجوب الترتيب بين الرأس والجسد دون
اليمين واليسار واستدل عليه بأنه لا قائل بوجوب الترتيب في الرأس خاصة فالفرق احداث قول ثالث وبنقل الاجماع عليه من الشيخ وغيره وبان اليقين برفع الحدث يتوقف عليه
وبان اليقين بالصلاة الواجبة لا يسقط الا الغسل المرتب وبأنه قد ثبت الترتيب في الطهارة الصغرى ولا قائل به فيها الا وهو قائل بالترتيب في الكبرى وبأن النبي صلى الله عليه وآله بدا بميامنه لكونه
أفضل أو لكونه لو لم يبدأ باليمين كان مبتدأ باليسار إما واجبا أو مندوبا والقسمان باطلان أو نقول لو بدا بغير اليمين يلزم تعين وجوبه لكون ذلك في مقام البيان وهو باطل
اجماعا وإذا ثبت انه عليه السلام بدا باليمين ثبت تعين وجوب ذلك لان فعله صلى الله عليه وآله بيان للمجمل وهذه الوجوه كلها ضعيفة قال المحقق اعلم أن الروايات دلت على وجوب تقديم الرأس على الجسد ولا
تدل على تقديم اليمنى على الشمال لان الواو لا يقتضى ترتيبا فإنك لو قلت قام زيد ثم عمرو وخالد دل ذلك على تقديم قيام زيد على عمر واما تقديم عمرو على خالد فلا لكن فقهائنا
اليوم بأجمعهم يفتون بتقديم اليمين على الشمال ويجعلونه شرطا في صحة الغسل وقد افتى بذلك الثلاثة واتباعهم انتهى كلامه ويمكن الاستدلال عليه بالاخبار الدالة على
وجوب تقديم اليمين على اليسار في غسل الميت مضافا إلى دعوى الاجماع هناك منضما إلى رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال غسل الميت مثل غسل الجنب وسند هذه الرواية معتبر
لا يبعد ان يعد من الصحاح واعلم أنه روى الشيخ عن زرارة في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة فقال تبدأ فتغسل كفيك ثم تفرغ بيمينك على شمالك فتغسل
فرجك ومرافقك ثم تمضمض واستنشق ثم تغسل جسدك من لدن قرنك إلى قدميك وعن حكم بن حكيم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة فقال افض على كفك اليمنى من
الماء فاغسلها ثم اغسل ما أصاب جسدك من اذى ثم اغسل فرجك وافض على رأسك وجسدك فاغتسل وان كنت في مكان نظيف فلا يضرك ان لا تغسل رجليك وان كنت في مكان ليس
بنظيف فاغسل رجليك وعن يعقوب بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن غسل الجنابة فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيل عليه السلام فقال الجنب يغتسل يبدأ فيغسل يديه إلى
المرفقين قبل ان يغمسها في الماء ثم يغسل ما اصابه من اذى ثم يصب على رأسه وعلى وجهه وعلى جسده كله ثم قد قضى الغسل ولا وضوء عليه وعن أحمد بن محمد في الصحيح قال سألت أبا الحسن
عليه السلام عن غسل الجنابة فقال تغسل يدك اليمنى من المرفقين إلى أصابعك وتبول ان قدرت على البول ثم تدخل يدك في الاناء ثم اغسل ما أصابك منه ثم أفضل على رأسك وجسدك
ولا وضوء فيه وعن سماعة في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أصاب الرجل جنابة فأراد الغسل فليفرغ على كفيه فليغسلهما دون المرفق ثم يدخل يده في انائه ثم يغسل فرجه ثم ليصب
على رأسه ثلث مرات ملاء كفيه ثم يضرب بكف من ماء على صدره وكف بين كتفيه ثم يفض الماء على جسده كله وعن أبي بصير في الصحيح عندي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الجنابة
فقال تصب على يديك الماء فتغسل بكفيك ثم تدخل يدك فتغسل فرجك ثم تمضمض وتستنشق وتصب الماء على رأسك ثلث مرات وتفيض على جسدك الماء وعن زرارة في الموثق
بابن بكير قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن غسل الجنابة فقال افض على رأسك ثلث اكف وعن يمينك وعن يسارك انما يكفيك مثل الدهن وهذه الأخبار دالة على سقوط الترتيب
لأن عدم ذكر الترتيب في مقام البيان إذا كان واجبا بعيد جدا ودلالة الأوامر في اخبارنا على الوجوب غير واضح حتى يلزم حمل المطلق على المقيد لكن الاجتراء على خلاف المعمول
بين الأصحاب المدعى عليه الاجماع مشكل كما أن اثبات وجوب الموافقة أيضا مشكل ولعلهم عليهم السلام تركوا في الأخبار المذكورة ذكر الترتيب اعتمادا على معرفة الرواة ذلك لاشتهاره
في ذلك الزمان عنهم عليهم السلام ولولا الاجماع المنقول سابقا لكان الجمع بين الاخبار بحمل الأخبار الدالة على الترتيب على الاستحباب متجها واما الخبر الدال على أن الصادق عليه السلام أمر
بعض الجواري بان تغسل الجسد أولا ثم الرأس لمصلحة فحمله الشيخ على وهم الراوي بدلالة ان الراوي بعينه نقل تلك الواقعة بعينها على خلاف ذلك ولا يخفى ان اثبات ان
الواجب تقديم مجموع الرأس مع العتق لا يخلو عن اشكال لخلو الاخبار عن هذا التعيين انما الموجود فيها ذكر الرأس من غير هذا التعيين بل المستفاد من خبر يعقوب بن
يقطين وخبر أبي بصير اطلاق الرأس على المناتب خاصة وعبارات كثير من الأصحاب خال عن هذا التعيين بل المذكور فيها الرأس مجملا ولكن نص على هذا التحديد المفيد وابن
زهرة والشهيد ومن تأخر عنه وقال في الذكرى يبدأ بغسل الرأس مع الرقبة نص عليه المفيد والجماعة انتهى والظاهر أن ذلك مراد الباقين من الأصحاب أيضا لكن استنباطه من الروايات
لا يخلو عن اشكال ويمكن ان يقال يفهم ذلك من مقابلة الرأس مع المنكب في خبر زرارة السابق لكن ليس فيه تصريح بتقديم غسل مجموع الرأس بل بتقديم الصب على الرأس
على المنكب فلعله يفهم بحسب القرائن ان المراد من الصب الغسل تدبر الا في الارتماس يعنى الاغتماس في الماء والمراد به الدخول تحت الماء مرة واحدة عرفية فلا يضر الاحتياج إلى
التخليل بان كان كثيف الشعر أو كان به ممكنة ببطنه أو كان لجلده مكاسر لعدم الخلوص عن أمثال هذه الأشياء عادة وحينئذ يسقط الترتيب فعلا ونية وحكما والأصل في هذا الباب
56

مضافا إلى الاجماع من الأصحاب ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال ولو أن رجلا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة اجزاءه ذلك وان لم يدلك جسده وعن
الحلبي في الحسن قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة اجزاءه ذلك من غسله وروى الصدوق عن الحلبي قال حدثني من سمعه يقول إذا اغتمس
الجنب في الماء اغتماسه واحدة اجزاءه ذلك ونقل الشيخ رحمه الله في المبسوط عن بعض الأصحاب انه يترتب حكما قال الشهيد في الذكرى وما نقله الشيخ يحتمل أمرين أحدهما وهو الذي عقله عنه الفاضل
انه يعتقد الترتيب حال الارتماس ويظهر ذلك من كلام المعتبر حيث قال وقال بعض الأصحاب يترتب حكما فذكره بصيغة الفعل المتعدى وفيه ضمير يعود إلى المغتسل ثم احتج بان اطلاق الامر
لا يستلزم الترتيب والأصل عدم وجوبه الثاني ان الغسل بالارتماس في حكم الغسل المرتب بعبر الارتماس وتظهر الفائدة لو وجد لمعة مغفلة فإنه يأتي بها وبما بعدها ولو قيل يسقط الترتيب بالمرة أعاد الغسل من رأس
لعدم الوحدة المذكورة في الحديث وفيما لو نذر الاغتسال مرتبا فإنه يبرأ بالارتماس لا على معنى الاعتقاد المذكور لان ذكره بصورة اللازم المسند إلى الغسل أي بترتب الغسل في نفسه
حكما وان لم يترتب فعلا وصرح بذلك الشيخ في الاستبصار فقال المرتمس يترتب حكما وان لم يترتب فعلا لأنه إذا خرج من الماء حكم أولا بطهارة رأسه ثم جانبه الأيمن ثم جانبه الأيسر
والتحقيق ان الترتيب الحكمي بمعاينه لا وجه له إذ لا دليل عليه عقلا ولا نقلا انما المعلوم من الاخبار الاجتزاء في الغسل بارتماسة واحدة وسقوط الترتيب فيه مطلقا واثبات أمر اخر
يحتاج إلى دليل وللمتأخرين في هذا المقام أبحاث كثيرة أظنها قليل لجدوى في أمر الدين تركتها لذلك واعلم أن ما دل على اجزاء الارتماس مختص بغسل الجنابة وصرح به الشهيد في الذكرى لكنه
قال لم يفرق أحد بينه وبين غيره من الأغسال فإن لم يثبت ما ذكره من الاجماع كان انسحاب الحكم المذكور في غير الجنابة مطلقا محل التأمل نعم يدل على الحاق غسل الحيض به ما دل على
اتحادهما وكذا غسل الميت فتدبر فروع
الأول الحق جماعة منهم ابن الجنيد على ما حكى عنه بالارتماس في الماء الوقوف تحت المطر في سقوط الترتيب والحق الشيخ في المبسوط
القعود تحت المجرى أيضا وفى التذكرة طرد الحكم في ماء الميزاب وشبهه واختاره الشارح الفاضل وعن بعض الأصحاب انه الحق صب الاناء الشامل للبدن أيضا قال الشهيد وهو لازم للشيخ
رحمه الله وكانه بناء على أن الشيخ صرح بالحاق المجرى مع أنه ليس في الرواية وهذا يدل على أنه تعدى عن مورد النص إلى ما يشبهه في المعنى فيكون الحكم منسحبا في الكر وابن إدريس بالغ في منع
اجراء غير الارتماس مجراه اقتصارا على محل الوفاق وتحصيلا للبراءة اليقينية واختاره المحقق والشهيد والشيخ على وهو أقرب بناء على اعتبار ما دل على وجوب الترتيب في غسل
الجنابة لعموم دلالته على اعتبار الترتيب الا ما اخرج بالاخبار المختصة بالارتماس في الماء فيكون غيره داخلا في العموم واستدل على سقوط الترتيب في شبه الارتماس
بوجهين الأول انه مساو للارتماس في وحدة شمول الماء عرفا وبما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن الرجل هل يجز به من غسل الجنابة
ان يقوم في القطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى ذلك قال إن كان يغسله اغتساله بالماء اجزاه ذلك وجه الاستدلال ان كاف التشبيه مقدرة في قوله عليه السلام إن كان يغسله
اغتساله بالماء أو نقدر مصدرا موصوفا تقديره إن كان يغسله غسلا مساويا اغتساله فالغسل بالمطر إذا كان مساويا بقسم من قسمي الاغتسال بالماء كان مجزيا فإذا كان الماء غزيرا
بحيث يحصل الغسل دفعة واحدة عرفية صدق عليه انه يغسله غسلا مساويا للاغتسال بالماء لمساواته لاحد نوعيه وهو الارتماسي فيكون مجزيا كالارتماس من غير ترتيب وفى الوجهين
نظر إما في الأول فلان مجرد الاشتراك في وصف لا يقتضى المشاركة في جميع الأحكام وكون مناط الأجزاء وحده شمول الماء عرفا ممنوع واما في الثاني فلانا لا نسلم انه يحصل بماء
المطر الغسل دفعة واحدة إذ من المعلوم حصول التراخي لا يقال ليس الواجب الدفعة الحقيقية بل الواجب الدفعة العرفية لان التراخي في زمان يحصل تخليل الشعر الكثيف أو يصل
الماء إلى مكاسر الجلد أو عكن بطن السمين غير قادح فيكون التراخي في زمان قليل حتى يصل ماء المطر إلى جميع الأعضاء غير قادح أيضا لأنا نقول القدر الثابت ان التراخي في زمان يحصل
الماء إلى امتثال ما ذكرتم مما لا يحصل الانفكاك منه غالبا غير ضار لا مطلق التراخي وبالجملة التراخي المعلل بهذه الأشياء الضرورية إذا لم يخل لم يلزم عدم اخلال مطلق التراخي سلمنا
لكن المراد بالمساواة والمماثلة ما كانت من جميع الجهات على ما هو المستفاد من سياق مثل هذا الكلام لا في الجملة والارتماس في الماء يخالف الاغتسال في المطر من حيث إن الأول دخول
في الماء واغتماس ونزول فيه بحيث يغطيه الماء دون الأخير فلا تكون المماثلة التامة حاصلة على أن تعميم الخبر بالنسبة إلى الفرد النادر الذي نشك في أنه هل يوجد أم لا خلاف ما
ينساق الأذهان إليه مع أنه على تقدير تمامه لا يجرى في غير المطر فالاستدلال به على شبه الارتماس مطلقا محل النظر قال المحقق بعد نقل الخبر المذكور وهذا الخبر مطلق ينبغي ان يقيد
بالترتيب في الغسل وهو حسن وبهذا الخبر استدل بعضهم كما نقل في المختلف على أن الترتيب الحكمي معتبر في الارتماسي وهو ضعيف جدا الثاني لو أخل بالترتيب يجب الإعادة على
ما يحصل معه الترتيب ولا يقدح عند الأصحاب عدم الموالاة لكونه غير معتبر في غسل الجنابة لما رواه الكليني والشيخ عنه عن حماد بن عيسى في الحسن وهو ممن أجمعت العصابة
على تصحيح ما يصح عنه عن إبراهيم بن عمر اليماني وظاهر النجاشي توثيقه وضعفه ابن الغضائري ولكن الاعتماد على النجاشي أكثر عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن عليا عليه السلام لم ين ئاسا ان
يغسل الجنب رأسه غدوة ويغسل سائر جسده عند الصلاة وفى صحيحة حرير السابقة في مبحث موالاة الوضوء قال قلت وكذلك غسل الجنابة قال هو بتلك المنزلة
وابدا بالرأس ثم افض على سائر جسدك قلت وإن كان بعض يوم قال نعم وقضية أم إسماعيل المنقولة بطريق صحيح تدل عليه أيضا فلو بقى لمعة من جسده لم يصلها الماء
اجزاه غسله إن كان في الأيسر وكذلك إذا كان في الأيمن لكن تجب إعادة الأيسر بناء على وجوب تحصيل الترتيب وروى الكليني عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي
عبد الله عليه السلام قال اغتسل أبى من الجنابة فقيل له قد أبقت لمعة في ظهرك لم يصبها الماء فقال ما كان عليك لو سكت ثم مسح تلك اللمعة بيده ورواه عن أبي بصير أيضا وروى
الشيخ عن إبراهيم بن أبي محمود في الصحيح قال قلت للرضا عليه السلام الرجل يجنب فيصيب جسده ورأسه الخلوق والطيب والشئ اللزق مثل علك الروم والظرب وما أشبهه فيغتسل فإذا
فرغ وجد شيئا بقى في جسده من اثر الخلوق والطيب وغيره قال لا باس وظاهر الرواية عدم وجوب غسل ما بقى عليه اثر الخلوق ولو اغتسل غير المرتب كالمرتمس ثم وجد تلك
اللمعة ففي وجوب الإعادة نظر قال في المنتهى وكان والدي يذهب إلى الوجوب لان المأخوذ عليه الارتماس دفعة واحدة بحيث يصل الماء إلى سائر الجسد في تلك الدفعة ومن
المعلوم عدم الأجزاء مع عدم الوصول ثم قال ويمكن ان يقال بالاجزاء مع غسل تلك اللمعة لان الترتيب سقط في حقه وقد غسل أكثر بدنه وأجزأه لقول أبى عبد الله عليه السلام فما
جرى عليه الماء فقد اجزاه قال وفى الأول قوة واختار في القواعد عدم وجوب الإعادة وبعضهم فصل فقال إن طال الزمان وجب الإعادة والا كفى غسل اللمعة ويمكن ان
يقال حصل الاغتماس في الماء فيكون مجزيا لمقتضى الخبر إذ ليس فيه التقييد بوصول الماء إلى كل جزء بحيث يقدح فيه تخلف النادر من غير تعمد فلم يكن عليه الا غسل تلك اللمعة
الثالث قال الشيخ في المبسوط وإن كان على بدنه نجاسة أزالها ثم اغتسل فان خالف واغتسل أولا فقد ارتفع حدث الجنابة وعليه ان يزيل النجاسة إن كانت لم تزل وان زالت
بالاغتسال فقد اجزاه عن غسلها ورده جماعة من المتأخرين فاشترطوا طهارة المحل في صحة الغسل وان الغسلة الواحدة لا تكفى لإزالة النجاسة الحكمية والعينية لان اختلاف
السبب يقتضى تعدد المسبب ولانفعال الماء القليل بالنجاسة وماء الغسل يشترط فيه الطهارة اجماعا وفيه نظر لأنا لا نسلم ان اختلاف السبب عن السبب الأخر لان مقتضى التكليف وجوب
المسبب عند حصول السبب إما كونه شيئا مغايرا للامر المسبب ينعتق بعد المسبب الأخر فتكليف زائد يحتاج إلى دليل والأصل عدمه فظهر ان ما يقال من أن الأصل عدم التداخل ضعيف واما الوجه
الثاني فاتمامه يحتاج إلى اثبات ان ماء الغسالة ينجس قبل الانفصال عن المحل ومع ذلك لا يجرى في نجاسته يكون في اخر البدن ويمكن الاستدلال على اشتراط طهارة المحل بقول
أبي عبد الله عليه السلام في صحيحة حكم بن حكيم في بيان غسل الجنابة ثم اغسل ما أصاب جسدك من اذى ثم اغسل فرجك وافض على رأسك ويؤيده قول أبى الحسن عليه السلام في صحيحة يعقوب يقطين
57

ثم يغسل ما اصابه من اذى ثم يصب على رأسه ويؤيده ما روى في الصحيح الخبر من الامر بغسالة ما اصابه المنى أولا والامر بغسل الفرج أولا في عدة اخبار ويؤيده نقل ابن زهرة الاجماع على
وجوب تطهير الجسد أولا وجعل الشيخ على اشتراط طهارة المحل من الشائع في السنة الفقهاء وبعد ثبوت وجوب التطهير سابقا يلزم الاشتراط بناء على أن العبادة المنهية فاسدة
ويشكل في صورة النسيان ويمكن ان يقال الخبر السابق في بيان كيفية الغسل لا يقتضى الاشتراط ولقائل أن يقول كثير من الأخبار الواردة في بيان كيفية الغسل خال عن هذا وحمل
هذه الأخبار على الاستحباب الشائع في الاخبار أو الحمل على الغالب من عدم حصول إزالة المنى بالغسلة الواحدة أهون من ارتكاب التقييد في الأخبار الكثيرة ويرجح الأول الأصل وقرب
التأويل والثاني وجوب تحصيل البراءة اليقينية من التكليف الثابت وبالجملة المقام محل التردد والاحتياط في تقديم التطهير وعن المصنف في بعض كتبه الاكتفاء بغسلة واحدة للامرين
معا إذا كان مما لا ينفعل كالكثير واستثنى من القليل ما إذا كانت النجاسة في اخر العضو فان الغسلة تطهره ويرفع الحدث الرابع الظاهر التخيير في غسل العورة مع الجانبين
كما صرح به الشهيد رحمه الله لحصول الامتثال وغاية ما لزم من الدليل تقديم الشق الأيمن وليس العورة منه بل يستوى نسبتها إلى الطرفين وكذا البيضتان وجعل في الذكرى غسلهما مع
الجانبين أولي وهو أحوط الخامس قال المفيد ولا ينبغي له ان يرتمس في الماء الراكد فإنه إن كان قليلا أفسده وإن كان كثيرا خالف السنة بالاغتسال فيه قال الشيخ فالوجه فيه ان الجنب
حكمه حكم النجس إلى أن يغتسل فمتى لاقي الماء الذي يصح فيه قبول النجاسة فسد واستدل عليه مما رواه ابن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أتيت البر
وأنت جنب ولم تجدد لو أو لأشياء تغترف به فيتمم بالصعيد فان رب الماء ورب الصعيد واحد لا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم وهذا مختص بالبئر والفساد أعم من النجاسة وعلى ان النزول
في الكثير يخالف السنة بما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح قال كتبت إلى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء أو يستقى فيه من بئر فيستنجى فيه الانسان من بول أو يغتسل فيه
الجنب ما حده الذي لا يجوز مكنب لا تتوضأ من مثل هذا الا من ضرورة إليه وهو غير دال على مدعاه وقال في الذكرى ولو تمسك بصيرورة الماء مستعملا وحمل الفساد عليه كان انسب بمذهبهما وسيجيئ
الكلام في تحقيق الماء المستعمل في رفع الحدث ويستحب الاستبراء والمراد به الاجتهاد في إزالة بقايا المنى المتخلفة في المحل بالبول والاجتهاد بالاستبراء المعهود لا الاستبراء المعهود مطلقا وقال المفيد
إذا عزم الجنب على التطهير بالغسل فيستبرأ بالبول ليخرج ما بقى من المنى في مجاريه فإن لم يتيسر له ذلك فليجتهد في الاستبراء ومثله نقل عن ابن البراج وصرح الشيخ في المبسوط وابن حمرة وابن زهرة
بوجوب أحد الامرين بل نقل ابن زهرة الاجماع عليه ونقل الشهيد القول بالوجوب عن الكيدري وابن البراج وظاهر صاحب الجامع وعن أبي الصلاح يلزم لاستبراء وعن ابن بابويه فأجتهد
ان تبول واحتج الشيخ في الاستبصار على الوجوب بالاخبار المتضمنة لإعادة الغسل مع الاخلال به عند روية البلل وفيه ضعف ويمكن الاستدلال عليه بقول أبى الحسن عليه السلام في صحيحة أحمد بن محمد
في صفة الجنابة وتبول ان قدرت على البول ثم تدخل يدك وخبر أحمد بن هلال قال سألته عن رجل اغتسل قبل ان يبول فكتب ان الغسل بعد البول الا ان يكون ناسيا فلا يعيد منه الغسل
ويرد عليهما عدم صراحتهما في الوجوب مع ضعف سند الثاني واضماره فالقول بالاستحباب قوى كما ذهب إليه المرتضى وابن إدريس والفاضلان لقوله تعالى ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا
ولخلو أكثر الأخبار الواردة في بيان كيفية الغسل عن ذلك وللأصل في الأول تأمل والوجوب أحوط قال ابن بابويه من ترك البول على اثر الجنابة أو شك تردد بقية الماء في بدنه فتورثه
الداء الذي لا دواء له قال في الذكرى وهو مروى في الجعفريات عن النبي صلى الله عليه وآله وقال فيه أيضا لا باس بالوجوب محافظة على الغسل من طريان مر عليه ومصيرا إلى قول معظم الأصحاب واخذا بالاحتياط قال
في المنتهى لو جامع ولم ينزل لم يجب عليه الاستبراء ولو رأى بللا يعلم أنه منى وجب عليه الإعادة إما المشتبه فلا ووجهه بان الحكم بكون البلل مبنيا بناء على الغالب من استخلاف الأجزاء بعد
الانزال وهذا المعنى غير موجود مع الجماع الخالي عن الانزال ووافقه الشهيدان والشيخ على في ذلك الا أنه قال الشهيد الأول هذا مع تيقن عدم الانزال ولو جوزه أمكن استحباب
الاستبراء اخذا بالاحتياط إما وجوب الغسل بالبلل فلا ويرد عليهم عموم الروايات كما ستطلع عليه من غير تفصيل وانتفاء الفائدة ممنوع إذ عسى ان ينزل ولم يطلع عليه أو احتبس شئ
في المجاري لكون الجماع مظنة نزول الماء وهل يختص بالرجل فيه قولان والاختصاص مذهب المصنف وظاهر المبسوط والوسيلة وهو المنقول عن ظاهر الجمل وكامل ابن البراج وابنا بابويه والجعفي
لم يذكروا المراة كما نقل الشهيد رحمه الله وفى المقنعة تستبرئ المراة بالبول فإن لم يتيسر لها فلا شئ عليها وأطلق أبو الصلاح الاستبراء وفى النهاية سوى بين الرجل والمراة في الاستبراء بالبول أو الاجتهاد
وقال ابن زهرة بسقوط وجوب الاستبراء بالبول من المراة وظاهر كلامه نقل الاجماع عليه وظاهر خبر أحمد بن محمد وأحمد بن هلال يؤيد قول المفيد إذ لا اختصاص فيهما بالرجل وعلل السقوط منها
جماعة منهم المصنف بتغاير مخرج البول والمنى من المراة وفيه ضعف قال في الذكرى لو رأت بللا بعد الغسل أمكن تنزيله على استبراء الرجل لو قلنا باستبرائها ولو قلنا بالعدم أمكن ان يكون
كرجل لم يستبرئ فتعيد حيث يعيد وأن يكون كمن استبرأ لان اليقين لا يرفع بالشك ولم يصدر منها تفريط انتهى والأقرب الاحتمال الأخير لما ذكر وللأصل واختصاص اخبار الإعادة
بالرجل ولخبر سليمان بن خالد وصحيحة منصور الآتيتين هذا في صورة الاشتباه وكذا الحكم لو علم أن الخارج منى لجواز ان يكون منى الرجل وللخبرين وقطع ابن إدريس بوجوب الغسل
إذا علمت أن الخارج منى لعموم الماء من الماء وفيه اجمال لا يدفع ما ذكرنا فان
فلو وجد المغتسل المستبرئ بللا مشتبها بعده لم يلتفت وبدونه يعيد الغسل إذا رأى المغتسل بللا بعد الغسل فان
علمه منيا أو بولا لحقه حكمه اجماعا وان انتفى العلم بذلك فلا يخلو ما بال واستبراء أو لم يفعل شيئا منهما أو بال ولم يستبرئ أو استبرأ ولم يبل مع الامكان أو التعذر فالصور خمس الأولى بلل
واستبراء ولا إعادة عليه اتفاقا ويدل عليه الأصل والأخبار الآتية الدالة على عدم وجوب الغسل والاخبار السالفة في مبحث الاستنجاء الدالة على عدم وجوب الوضوء ويؤيد قوله عليه السلام
في صحيحة زرارة لا تنقض اليقين ابدا بالشك الثانية ان ينتفى الأمران والأظهر وجوب إعادة الغسل وهو المشهور بين الأصحاب ونقل ابن إدريس الاجماع عليه ونقل الشهيد رحمه الله عن
المصنف أيضا نقل الاجماع عليه ويظهر من الصدوق في الفقيه الاكتفاء في هذه الصورة بالوضوء فإنه بعد أن
اورد الخبر المتضمن لإعادة الغسل قال وروى في حديث اخر إن كان قد رأى بللا
ولم يكن قد بال فليتوضأ ولا يغتسل قال مصنف الكتاب إعادة الغسل أصل والخبر الثاني رخصة والأول أظهر ويدل عليه ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته
عن رجل أجنب فاغتسل قبل ان يبول فخرج منه شئ قال يعيد الغسل قلت فالمراة يخرج منها بعد الغسل قال لا يعيد قلت فما الفرق بينهما قال لان ما يخرج من المراة انما هو من ماء الرجل
وهذه الرواية جعلها بعضهم من الصحاح وفى طريقها في الكافي والتهذيب عثمن بن عيسى وهو واقفي الا انه نقل الكشي قولا بأنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وصرح الشيخ في العدة
بان الأصحاب يعملون برواياته والمصنف حسن طريق الصدوق إلى سماعة وفيه عثمن بن عيسى وإبراهيم بن هاشم وتوقف فيه عند ذكره وفى كتب الاستدلال حكم بضعفه وطريقها في الاستبصار
صحيح إذ فيها أحمد بن محمد عن ابن مسكان من غير توسط عثمان بن عيسى بينهما كما في غيره لكن الظاهر السقوط بقرينة الكافي والتهذيب وان نقل أحمد بن محمد عن ابن مسكان غير متعارف ويدل
عليه أيضا ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم في الصحيح وهي مثل ذلك وقال ما يخرج من المراة ماء الرجل وعن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يخرج من إحليله بعد ما
اغتسل شئ قال يغتسل ويعيد الصلاة الا ان يكون بال قبل ان يغتسل فإنه لا يعيد غسله قال محمد وقال أبو جعفر عليه السلام من اغتسل وهو جنب قبل ان يبول ثم يجد بللا فقد انتقض
غسله وإن كان قد بال ثم اغتسل ثم وجد بللا فليس ينقض غسله ولكن عليه الوضوء لان البول لم يدع شيئا ويؤيده مفهوم حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الرجل يغتسل
ثم يجد بللا وقد كان بال قبل ان يغتسل قال إن كان بال قبل الغسل فلا يعيد الغسل وموثقة سماعة قال سألته عن الرجل يجنب ثم يغتسل قبل ان يبول فيجد بللا بعد ما يغتسل قال يعيد الغسل فإن كان بال
قبل ان يغتسل فلا يعيد غسله ولكن يتوضأ ويستنجى ورواية معوية بن ميسرة قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في رجل رأى بعد الغسل شيئا قال إن كان قد بال بعد جماعة قبل
الغسل فليتوضأ وان لم يبل حتى اغتسل ثم وجد البلل فليعد الغسل وليس في طريق هذه الرواية من يتوقف فيه الا معوية بن ميسرة إذ لم ينص الأصحاب بتوثيقه لكن له كتاب
58

يرويه ابن أبي عمير وفيه اشعار بحسن حاله فان قلت ما رواه الشيخ عن جميل بن دراج في القوى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل تصيبه الجنابة فنسى ان يبول حتى يغتسل ثم يرى
بعد الغسل شيئا أيغتسل قال لا قد تعصرت ونزل من الحبائل رواية أحمد بن هلال السابقة يقتضيان عدم وجوب الإعادة في صورة النسيان واحتمل ذلك الشيخ في التهذيب وفى
الاستبصار أيضا بل قال فيه بعد نقل خبر ابن هلال فجاء هذا الخبر مفسرا للأحاديث كلها بالوجه الذي ذكرناه من أنه يختص ذلك من تركه ناسيا مع امكان الجمع بينهما وبين الاخبار السالفة بحمل الاخبار السالفة
على الاستحباب ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن عبد الله بن هلال في القوى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجامع أهله ثم يغتسل قبل ان يبول ثم يخرج منه شئ بعد الغسل فقال لا شئ عليه
ان ذلك مما وضعه الله عنه وعن زيد الشحام في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أجنب ثم اغتسل قبل ان يبول ثم رأى شيئا قال لا يعيد الغسل ليس ذلك الذي رأى شيئا قلت رواية
جيل غير نقى السند لان في طريقها علي بن السندي وهو غير موثق فلا تصلح معارضته للاخبار السابقة مع أن ظاهرها يقتضى عدم الفرق بين العامد والناسي في عدم وجوب شئ فان
قوله عليه السلام قد تعصرت ونزل من الحبائل بمنزلة التعليل وهو غير معمول بين الأصحاب بل التفرقة بين الناسي والعامد أيضا غير معمول بينهم وانما ذكرها الشيخ على سبيل الاحتمال واما خبر
أحمد بن هلال فضعيف لان أحمد بن هلال مطعون عليه جدا مع ما فيه من الاضمار فيجوز ان يكون نقله من غير المعصومين عليهم السلام مع أنه ليس فيه انه رأى البلل بعد الغسل فلا دلالة فيه على المدعا واما حمل الأخبار السابقة
على الاستحباب والعدول عن الظاهر فغير لازم لعدم صلاحية المعارض للمعارضة مع مخالفة ذلك لعمل الأصحاب واما خبر عبد الله بن هلال فغير نقى السند لان الراوي غير موثق
ومع ذلك شاذ غير معمول عليه وخبر زيد الشحام ضعيف لان في طريقه المفضل بن صالح وقد قال ابن الغضائري والمصنف انه كذاب يضع الحديث واما ما روى ابن بابويه من الاكتفاء
بالوضوء بخبر غير معلوم السند غير مشهور بينهم فلا يصلح للتعويل فالأحوط بل الأقوى المصر إلى ما ذهب إليه معظم الأصحاب
الثالثة بال ولم يستبرئ وحكمه عدم وجوب إعادة الغسل ووجوب
الوضوء إما الأول فللاخبار السالفة والأصل واما الثاني فلصحيحة محمد بن مسلم وموثقة سماعة وخبر معوية بن ميسرة ويؤيده مفهوم صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول
قال ينتره ثلثا ثم إن سال حتى يبلغ السوف فلا يبالي وكذا حسنة محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل بال ولم يكن معه ما قال يعصر أصل ذكره إلى ذكره ثلث عصرات وينتر طرفه فان خرج بعد ذلك
شئ فليس من البول ولكنه من الحبائل وهو مروى في الكافي بتفاوت ما ورواية عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يبول ثم يستنجى ثم يجد بعد ذلك بللا قال إذا بال فخرط ما بين المقعدة
والأنثيين ثالث مرات وغمز ما بينهما ثم استنجى فان سال حتى يبلغ السوق فلا يبالي وكذا الحكم في غير هذه الموضع فان بال ولم يستبرى ثم توضأ ثم وجد بللا فإنه يجب عليه إعادة الوضوء وان سيبرأ
لم يجب عليه الإعادة والظاهر أنه لا خلاف في الحكمين بين الأصحاب ونقل ابن إدريس الاجماع فيهما وقد مر البحث عن الحكمين في مبحث الاستنجاء ويؤيد الحكم في الجملة الأول مضافا إلى ما مر هناك الأخبار المذكورة
هيهنا واما الأخبار الدالة على عدم وجوب إعادة الوضوء بوجدان البلل بعده فخصص بصورة الاستبراء جمعا بين الاخبار ورعاية العمل الأصحاب وحمل الشيخ رواية ابن ميسرة الدالة
على إعادة الوضوء ان بال تارة على أن يكون ما خرج منه بولا وتارة على الاستحباب وقال الشهيد بعد نقل ذلك عن الشيخ قلت هذان الحملان ظاهرهما انه لا يجب مع الاستثناء شئ ثم قال
وقد روى في باب الاستنجاء ونقل بعض ما نقلنا من الاخبار ثم قال ومفهوم هذه الأخبار انه لو لم يستبرئ حكم بالنقض بل روى إعادة الوضوء بالخارج بعد الاستبراء ورواه الصفار عن محمد بن عيسى قال كتب
إليه رجل هل يجب الوضوء مما يخرج من الذكر بعد الاستبراء فكتب نعم حملها الشيخ على الندب فكيف ينبغي الوجوب مع الاشتباه وعدم الاستبراء مع أن الشيخ والجماعة مفتون بانتفاض الوضوء
بالبلل إذا لم يستبرى صرح بذلك في المبسوط في باب الاستنجاء ونقل ابن إدريس فيه الاجماع وكذا نقل الاجماع على عدم انتفاض الوضوء لو استبرى ثم رأى البلل انتهى كلامه رحمه الله وكلام الشيخ رحمه الله وان لم يكن صريحا في
استحباب الوضوء في صورة عدم الاستبراء لكن يظهر من حيث حمل الرواية بعمومه على الاستحباب ولم يتعرض لاحتمال حملها على الوجوب تنزيلها على صورة عدم الاستبراء مع قرب هذه الاحتمال
الرابعة استبرأ ولم يبل مع امكان البول فالظاهر فيه وجوب الإعادة تمسكا بعموم الأخبار السابقة وهو المشهور بين المتأخرين والمستفاد من كلام الشيخ في المبسوط وعبارة المصنف في القواعد والمحقق
في الشرائع عدم الوجوب الخامسة استبرأ ولم يبل مع تعذر البول فالمشهور بين الأصحاب عدم وجوب الإعادة وظاهر التذكرة وجوبها وتوقف المصنف في المنتهى ومقتضى عموم الأخبار السابقة
وجوب الإعادة وبامر من الخبرين الدالين على عدم وجوب الإعادة لا يصلح معارضا لها ومع ذلك عام لا يمكن تقييده بصورة التعذر كما نقله الشيخ رحمه الله الا بدليل واما خبر جميل
فمخصوص بالناسي وليس فيه التقييد بتعذر البول بحصوله ولا الاجتهاد فلا ينفع شيئا فعلم من ذلك أن قول الشهيد
في الذكرى دل على اجراء الاجتهاد رواية جميل وكذا كلام الشارح الفاضل حيث
قال ودل على اجزاء الاجتهاد مع عدم التمكن من البول قوله عليه السلام في رواية جميل بن دراج إلى اخر ما نقله محل التأمل فتدبر واعلم أن المنى الخارج أو المشتبه حدث جديد فالصلاة الواقف قبله صحيحة لحصولها
في وقت الطهارة واستجماع شرائط الصحة ونقل ابن إدريس عن بعض الأصحاب القول بوجوب عادتها ورده لعل المستند خبر محمد بن مسلم السالف ويمكن حمله على الاستحباب أو على
الصلاة الواقعة بعد وجدان البلل وربما تخيل فساد الغسل الأول لان المنى باق في مخرجه لا في مقره كما قاله بعض العامة ووهنه واضح لان الغسل يفسد بما خرج لا بما بقى في غير مقره
ومن ثمة لو حبسه لم يجب به الغسل عندنا وعند أكثرهم كما نقل عنهم
وكذا يستحب امرار اليد على الجسد ما فيه من المبالغة في ايصال الماء إلى البشرة قال في المعتبر هو اختيار علماء أهل البيت
عليهم السلام وفى المنتهى انه مذهب أهل البيت عليهم السلام وكذا يستحب تحليل ما يصل إليه الماء بدون التخلص كمعاطف الاذنين وما تحت يدي المراة والشعر الخفيف والمراد بوصول
الماء إليه وصوله إلى ما تحته من البشرة ولعل ذلك لما فيه من الاستظهار والمضمضة والاستنشاق ثلثا ثلثا بعد غسل اليدين من الزندين على ما ذكره هما الشهيدان رحمهما الله للخبر
المذكور في الوضوء ونقل الشهيد عن الجعفي انه يغسلهما إلى المرفقين أو إلى نصفهما لما فيه من المبالغة في التنظيف والاخذ بالاحتياط واعلم أن الاخبار تختلف في التحديد ففي رواية
أبي بصير الصحيح عندي عن أبي عبد الله تصب على يديك الماء فتغسل كفيك وفى صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام تبدأ بكفيك وفى صحيحة حكم بن حكيم عن أبي عبد الله عليه السلام افض على
كفك اليمنى فاغسلها وفى رواية أبى بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام اغسل كفك وفى صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام تبدأ فتغسل كفيك ثم تفرغ يمينك على شمالك فتغسل فرجك
ومرافقك وفى صحيحة يعقوب بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام يبدأ فيغسل يديه إلى المرفقين قبل ان يغمسها في الماء وفى صحيحة أحمد بن محمد عن أبي الحسن عليه السلام تغسل يدك اليمنى من المرفق إلى أطراف
أصابعك وفى موثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام فليفرغ كفيه فليغسلهما دون المرفق وفى رواية يونس عن رجاله عنهم عليهم السلام في صفة غسل الميت ثم اغسل يده ثلث مرات
كما يغتسل الانسان من الجنابة إلى نصف الذراع والمستفاد من تلك الأخبار التخيير والظاهر أن غسلهما من المرفق أبلغ وصرح المصنف هنا باستحباب غسل اليدين وإن كان مرتمسا أو تحت المطر
أو مغتسلا من اناء يصبه عليه من غير ادخال وهو حسن لعموم صحيحة زرارة ورواية أبي بصير لكن ليس فيهما تعيين عدد الثلاثة كما ذكره الأصحاب وقد مر بعض ما يتعلق بهذا المقام في
مبحث الوضوء والغسل بصاع فما زاد ونقل المصنف والمحقق اجماع الأصحاب عليه ويدل عليه روايات كثيرة منها ما رواه الشيخ عن أبي بصير ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام انهما سمعا يقول
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل بصاع من ماء ويتوضأ بمد وعن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يتوضأ بمد ويغتسل بصاع والمد رطل ونصف والصاع سنة أرطال
قال الشيخ يعنى أرطال المدينة فيكون تسعة أرطال بالعراقي وعن زرارة ومحمد بن مسلم وأبى بصير في الصحيح عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام انهما قالا توضأ رسول الله واغتسل
بصاع ثم قال اغتسل هو وزوجته بخمسة امداد من اناء واحد قال زرارة فقلت له كيف صنع هو قال بدا هو فضرب بيده في الماء قبلها وابقى فرجه ثم ضربت فأبقت فرجها ثم
أفاضت هو وأفاضت هي على نفسها حتى فرغا فكان الذي اغتسل به رسول الله صلى الله عليه وآله ثلثة امداد والذي اغتسلت به مدين وانما اجزاء عنهما لأنهما اشتركا جميعا ومن انفرد بالغسل وحده فلا
بدله من صاع قوله عليه السلام لا يدله من صاع محمول على الاستحباب لرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد اجزاه وغير ذلك من الاعباد وقد مر
59

طرف من ذلك وروى الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل بصاع وإذا كان معه بعض نسائه يغتسل بصاع ومد
وروى الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن وقت غسل الجنابة كم يجزى من الماء فقال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل بخمسة امداد بينه وبين صاحبته
ويغتسلان جميعا من اناء واحد إلى غير ذلك من الاخبار ويستفاد من صحيحة الفضلاء ان ماء انقاء الفرج داخل في صاع الغسل ويحرم التولية في الغسل بان يصب الماء غيره لتعلق الامر
به فيجب ان يأتي بالمأمور به بنفسه والمنقول عن ظاهر ابن الجنيد جواز ذلك وهو ضعيف ويكره الاستعانة فيه نحو صب الماء على اليد لتغسل وقد مر تحقيقها في مبحث الوضوء فروع
الأول قال جماعة من الأصحاب باستحباب غسل كل عضو ثلثا لما فيه من الاسباغ ودلالة الصاع عليه والأولى الاستدلال عليه بالمساواة بينه وبين غسل الميت كما يستفاد
من بعض الأخبار المعتبرة مع ثبوت التثليث في غسل الميت وقد دل الاخبار ههنا على تثليث الصب على الرأس وفى بعضها ثم ليصب على رأسه ثلث مرات فلا كفيه وفى بعضها ثم تصب على
سائر جسدك مرتين وهذا لا ينافي استحباب التثليث لجواز ان يكون ذلك إشارة إلى بيان الواجب ويكون المراد من الغسل مرتين إشارة إلى غسل اليمين واليسار وأن يكون الغسل مرتين
مستحبا ويكون التثليث اكد والثاني أقرب بقرينة المقابلة لقوله عليه السلام تصب على رأسك ثلثا قال في الذكرى وابن الجنيد حكم يغسل الرأس ثلثا واجتزا بالدهن في البدن قال ولا اختار ايثار
ذلك مع امكان الماء واستحب ابن الجنيد أيضا للمرتمس ثلث غوصات تخلل شعره ويمسح سائر جسده عقيب كل غوصة قال في الذكرى ولا باس به لما فيه من صورة التكرار ثلثا حقيقة وفيه
تأمل الثاني عد جماعة من الأصحاب من المندوبات الموالاة وهو حسن لما فيه من المبادرة إلى الطاعة والمسابقة إلى المغفرة قيل وللتحفظ من طريان المفسد لان المعلوم من صاحب
الشرع وذريته المعصومين ذلك الثالث يستحب الدعاء لما رواه محمد بن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام يقول في غسل الجمعة اللهم طهر قلبي من كل آفة تمحق ديني وتبطل عملي ويقول في غسل
الجنابة اللهم طهر قلبي وزك عملي واجعل ما عندك خيرا لي اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين وفى المصباح تقول عند الغسل اللهم طهرني وطهر قلبي واشرح لي صدري
واجر على لساني مدحتك والثناء عليك اللهم اجعله لي طهورا وشفاء ونورا انك على كل شئ قدير وقال المفيد إذا فرغ من غسله فليقل اللهم طهر قلبي إلى اخر ما مر قال في الذكرى ولعل
استحباب ثواب الدعاء للغسل شامل حال الاغتسال وبعده قال ابن بابويه من اغتسل للجمعة فقال اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل
على محمد وال محمد واجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين كان طهرا من الجمعة إلى الجمعة الرابع قال في الذكرى الأقرب استحباب غسل المسترسل من الشعر لدلالة فحوى خبر من ترك
شعره من الجنابة عليه وهذا إشارة إلى ما روى الشيخ عن حجر بن زائدة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في النار الخامس حكم المصنف باستحباب تخليل
المعاطف والغضون ومنابت العشر والخاتم قبل إفاضة الماء للغسل ليكون بعد من الاسراف وأقرب إلى ظن وصول الماء قال في الذكرى وقد نبه عليه قدماء الأصحاب السادس عد
المصنف البداة بغسل ما على جسده من الأذى والنجاسة من المستحب وكأنه حمل الامر الوارد بذلك على
الاستحباب بقرينة المعطوف عليه وفيه تأمل السابع لا يجب الترتيب في نفس العضو للأصل
وظاهر اطلاق النصوص وهل يستحب غسل فالأعلى قال في الذكرى الظاهر نعم لأنه أقرب إلى التحفظ من النسيان ولان الظاهر من صاحب الشرع فعل ذلك الثامن لا يستحب تجديد الغسل
للأصل والاقتصار على مورد النص في الوضوء ولو أحدث المغتسل في أثنائه أي أثناء الغسل بماء أي بحدث يوجب الوضوء اعاده أي الغسل وفى هذه المسألة أقوال ثلثة الأول إعادة
الغسل كما اختاره المصنف وهو مذهب الشيخ وابنى بابويه واختاره الشهيدان الثاني وجوب الاكمال والوضوء خاصة وهو مذهب المرتضى والمحقق واختاره جماعة من المتأخرين الثالث
الاكتفاء بمجرد الاكمال وهو مذهب ابن البراج وابن إدريس واختاره الشيخ على ولا يخلو عن قوة ويدل عليه قوله تعالى ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا وجه الاستدلال انه سبحانه عنى المنع
عن مقاربة الصلاة إلى غاية حصول الاغتسال فيعد حصوله لم يكن جواز الصلاة متوقفا على شئ اخر تحقيقا المعنى الغاية ووجوب مخالفة ما بعد الغاية لما قبلها ولما رواه الشيخ عن يعقوب
بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن غسل الجنابة هل فيه وضوء أم لا فيما نزل به جبرئيل عليه السلام فقال الجنب يغتسل يبدأ إلى أن قال ثم قد قضى الغسل ولا وضوء عليه وجه الاستدلال
بهذا الحديث ان من أحدث في الأثناء ثم أتم الغسل كما وصف عليه السلام صدق عليه انه قد قضى الغسل ولا وضوء عليه وبالجملة كلامه عليه السلام في قوة قولنا من فعل كذلك فقد قضى الغسل ولا وضوء عليه والمحدث
في الأثناء داخل في الموضوع فيكون داخلا في المحمول أيضا إذ التخصيص خلاف الأصل لا يقال الأخبار الدالة على أن الحدث يوجب الوضوء عام خرج منه الاحداث الواقعة قبل الاغتسال بالأدلة
فتكون الاحداث الواقعة في أثنائه داخلة في عموم الأخبار المذكورة لأنا نقول محصل ما يستفاد من تلك الأخبار يرجع إلى قضية هي قولنا كل من أحدث حدثا أصغر وجب عليه الوضوء و
ومحصل هذا الخبر الذي احتجبنا به إلى قضية أخرى هي قولنا كل من اغتسل من الجنابة وفرغ منه لم يجب عليه الوضوء حينئذ والنسبة بينهما عموم من وجه فاما ان يخصص الأول الثاني أو الامر
بالعكس لا وجه للأول لأنه على هذا التقدير يرجع محصل القضية الثانية إلى قولنا كل من اغتسل من الجنابة لم يجب عليه الوضوء الا ان يصدق عليه انه أحدث حدثا أصغر وهو خلاف
الاجماع وخلاف ما علم من الكتاب والاخبار وفيه مناقشة دقيقه يندفع بالتأمل الصادق نعم لو كان خبر خاص يخصه باخراج محل النزاع لم يكن مخالفا للاجماع وكان صحيحا وليس فليس
نعم يرد عليه ما أشرنا إليه سابقا من أن النظر في الأخبار الواردة عنهم عليهم السلام انما يكون مقصورا على الافراد الشائعة الغالبة لا الافراد النادرة التي لا يتبادر إليه الأذهان
يدل عليه أيضا قول الصادق عليه السلام في صحيحة زرارة ليس قبله ولا بعده وضوء وجه الاستدلال قريب من السابق وبالجملة يصح تقسيمه إلى قولنا سواء أحدث في الأثناء أم لا وذلك أية العموم
ويرد عليه ما أشرنا إليه وقول الصادق عليه السلام في موثقة عمار الساباطي وقد سئل عن الرجل إذا اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده فقال لا ليس
عليه قبل ولا بعد قد اجزاءه الغسل الحديث ويؤيده في الجملة قوله عليه السلام في بعض الأخبار الصحيحة الغسل يجزى عن الوضوء وأي وضوء أطهر من الغسل وبعض الأخبار الدالة على أن الوضوء
بعد غسل الجنابة بدعة والنظر الذي أشرنا إليه يتطرق إلى الكل وذكر بعض الأصحاب ان الصدوق روى في كتاب عرض المجالس عن الصادق قال لا باس بتبعيض الغسل فتغسل يدك وفرجك
ورأسك وتخر غسل جسدك إلى وقت الصلاة ثم تغسل جسدك إذا أردت ذلك فان أحدثت حدثا من بول أو غائط أو ريح أو منى بعد ما غسلت رأسك من قبل ان تغسل جسدك فأعد
الغسل من أوله ولو صح هذا الحديث لتعين العمل به لكن سنده غير معلوم حجة الفريق الأول وجوه أقواها وجهان
الأول ما ذكره المصنف في النهاية وهو ان الحدث الأصغر لو تعقب كمال الغسل
أبطل حكم الاستباحة ففي ابعاضه أولي فلابد من تجديد طهارة لها وهو الان جنب إذ لا يرتفع الا بكمال الغسل فيسقط اعتبار الوضوء والجواب منع الأولوية بل نقول القدر المسلم ان الحدث
الأصغر إذا لم يجامع الاكر فهو سبب لوجوب الوضوء وإذا جامع الأكبر فلا تأثير له أصلا لابد لذلك من دليل الا ترى انه بعد الغسل يقتضى الوضوء وفى الأثناء لا يقتضيه عندكم فلم لا
يجوز ان لا يؤثر في الأثناء أصلا ويؤثر تأثيرا يرتفع ببعض الغسل لابد لنقضه من دليل وقريب منه كلام الشهيد في الذكرى حيث رجح مذهب المصنف لامتناع الوضوء في غسل الجنابة
وامتناع خلو الحدث عن اثر هنا مع تأثيره بعد الكمال وجوابه يظهر مما فردنا الثاني ما ذكره الشارح الفاضل وهو ان غسل الجنابة يرفع اثر الحدث الأكبر واصغر على تقدير وجوده قبل
الغسل فهو مؤثر تام لرفعهما معا فكل جزء منه مؤثر ناقص في رفعهما بمعنى ان له صلاحية التأثير ولهذا لو أخل بلمعة يسيرة لا من بدنه لم يرتفع الحدث أصلا لان كمال التأثير موقوف على
كل جزء من الغسل فإذا فرض عروض حدث أصغر في أثنائه فلابد لرفعه من مؤثر تام وهو إما الغسل بجميع اجزائه كما قررناه أو الوضوء والثاني منتف في غسل الجنابة للاجماع على عدم مجامعة
الوضوء الواجب له وما بقى من اجزاء الغسل ليس مؤثرا تاما لرفعه فلابد من اعادته من رأس والجواب انا لا نسلم ان غسل الجنابة يرفع اثر الحدث الأصغر إذ لا نسلم ان الحدث الأصغر إذا جامع
الجنابة يكون له اثر يحتاج إلى رافع ولا دليل عليه إذ لا يستقل العقل بالحكم عليه ولا اجماع فيه انما الاجماع على أن الاحداث إذا حصلت مع عدم مجامعتها لجنابة كانت سببا لوجوب الوضوء
60

ولا دلالة للكتاب أيضا عليه فلا يتخيل ههنا دليل الا الأخبار الدالة على أن الاحداث موجبة للوضوء وتلك الأخبار مخصصة بما عدا صورة مقارنة الجنابة كما ذكرنا وعلى تقدير العموم غير نافع لأنه
خلاف المدعا سلمنا ان الاحداث مطلقا يحتاج إلى رافع لكن لم لا يجوز ان يكون بعض الغسل كافيا لرفعه في صورة التخلل وكفاية الشئ لشئ في بعض الصور لا يقتضى العموم والانسحاب في
غيره ثم دعواه الاجماع على عدم مجامعة الوضوء الواجب له في المسألة المتنازع فيها محل النظر ومما ذكرنا يعلم اندفاع قوله رحمه الله لما دلت الأدلة بل الاجماع على أن الاحداث المعدودة سبب في
وجوب الطهارة ثبت له الحكم سواء تعددت أو اتحدت وتداخلها مع اتفاقها أو دخول الأصغر تحت الأكبر في الجنابة مع فرض الاجتماع لا يوجب سقوط ما ثبت لها من السببية ودل عليه
الدليل وانعقد عليه الاجماع فالأصل فيها ان يكون كل واحد منها سببا تاما في مسببها احتج المحقق على مذهبه بان الحدث الأصغر يوجب الوضوء وليس موجبا للغسل ولا لبعضه فيسقط
وجوب الإعادة ولا يسقط حكم الحدث بما بقى من الغسل ثم الزم القائلين بسقوط الوضوء بأنه يلزمه لو بقى من الغسل قدر الدرهم من جانبه الأيسر ثم تعوظ ان يكتفى عن وضوئه
بغسل موضع الدرهم وهو باطل والجواب انا لا نسلم ان الحدث الأصغر مطلقا يوجب الوضوء انما الموجب للوضوء الحدث الذي لا يجامع الجنابة ثم قوله ولا يسقط حكم الحدث بما بقى من الغسل
ممنوع والالزام الذي ذكره فمع كونه محض استبعاد لا ينفع في الأحكام الشرعية غير وارد لأنه إذا عقل ارتفاع حدث الجنابة بغسل هذا القدر اليسير وبقاؤه مع ما يترتب عليه من الآثار بدونه
فلم لا يجوز ان يرتفع به الحدث الأصغر أيضا ونظيره وارد عليه فإنه إذا غسل قدر درهم من الرأس ثم أحدث يلزمه ان لا يكفيه غسل تتمة الأعضاء ولا تسوغ له الطهارة الا بعد الوضوء مع أنه غسل
أعضاء الوضوء ضمنا وقد يقال وجوب الوضوء لان الحدث المتخلل لابد له من رافع وهو إما الغسل بتمامه أو الوضوء والأول منتف لتقدم بعضه فتعين الثاني والجواب انا لا نسلم ان الحدث
المتخلل يحتاج إلى رافع إذ لا نسلم ان له تأثيرا إذا جامع الجنابة سلمنا لكن لا نسلم حصر الرافع فيما ذكره
لجواز ارتفاعه ببعض الغسل لابد لذلك من دليل وقد يستدل بالآية ويبعد عدم
تأثيره في ايجاب الوضوء حينئذ مع عدم تأثيره فيه بعد تمام الغسل وفيه ان الآية مختصة بغير الجنب بقرينة المقابلة كما مر سابقا والمحدث بالحدث المتخلل يصدق عليه انه مجنب فيكون الواجب
عليه الاطهار لا الوضوء لان التفصيل قاطع للشركة فتكون عدم وجوب الوضوء مستصحبا إلى أن يحصل سبب الوضوء في غير حال الجنابة فدلالة الآية على نقيض مدعاه أكثر والاستبعاد الذي
ذكره ظاهر الضعف والمسألة محل تردد وإن كان الاكتفاء بالاتمام لا يخلو عن قوة ما والاحتياط في ضم الوضوء وإعادة الغسل فروع الأول قال في الذكرى لو كان الحدث من المرتمس فان
قلنا بسقوط الترتيب حكما فان وقع بعد ملاقاة الماء لجميع البدن أوجب الوضوء لا غير والا فليس له اثر وان قلنا بوجوب الترتيب الحكمي القصدي فهو كالمرتب وان قلنا بحصوله في نفسه وقصرناه
بتفسير الاستبصار أمكن انسحاب البحث انتهى وأنت خبير بان الدفعة المعتبرة في الارتماسي ليست دفعة حقيقة فيجوز تخلل الحدث في أثناء الغسل الارتماسي وان قلنا بسقوط الترتيب الحكمي وإذ
قد عرفت بطلان الترتيب الحكمي بمعانيه فلا فائدة في تحقيق ما يبتنى عليه الثاني لو أحدث في أثناء الغسل المكمل بالوضوء على المشهور كالحيض مثلا هل يطرد الخلاف فيه أو يتعين الاتمام
والوضوء احتمل في الذكرى الأول مع أولوية الثاني وبه حكم المصنف في النهاية مع حكمه بإعادة الغسل في الجنابة ووجهه ان الحدث الأصغر يوجب الوضوء الا ما خص بدليل ولا دليل هنا وقد يتخيل
إعادة الغسل هنا بناء على أن كل واحد من الوضوء والغسل مؤثر ناقص في رفع الحدث المطلق فحصول تأثيرهما موقوف على حصولهما تاما ولهذا لو أخل بلمعة يسيرة لم يرتفع حدته فإذا حصل
الحدث في الأثناء لم يكف الاتمام والوضوء بل يحتاج إلى إعادة الغسل ويؤيده عموم الخبر المنقول من كتابه عرض المجالس وربما توهم بعضهم انسحاب ذلك فيما إذا كان الحدث بعد الغسل وقبل
الوضوء بتقريب التخييل المتقدم والمنع متوجه إلى ما ذكره للاتفاق على جواز الصوم بالغسل خاصة مع توقفه على رفع الحدث الأكبر غير المس وكذا على جواز دخول المساجد وقراءة العزائم مما لا
يتوقف جوازه على رفع الحدث الأكبر غير المس وكذا على جواز دخول المساجد وقراءة العزائم مما لا يتوقف جوازه على رفع الحدث الأصغر وهذا يدل على أن الوضوء لا دخل له في رفع الحدث الأكبر وان
قلنا ذلك بأن الحدث موجب له مع الغسل فكان قائما مقام الأصغر والأكبر وكل واحد من الوضوء الغسل الرافعين له ينصرف إلى موجبه لا ان لكل واحد منهما مدخلا في رفع كل واحد منهما
ويمكن ان يقال يكفي الاتمام ههنا كما رجحناه في الجنابة لعموم موثقة عمار الساباطي وقد مر وفيها أيضا المراة مثل ذلك إذا اغتسلت من حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل ولا بعد ويؤيده
كتابة أبى الحسن الثالث إلى محمد بن عبد الرحمن الهمداني لا وضوء للصلاة في غسل الجمعة ولا غير ويؤيده في الجملة ما يدل على اجزاء الغسل من الوضوء وما يدل على أن غسل الحيض مثل الجنابة
وانهما واحد وهذه المسألة محل تردد والأحوط فيه كما في المسألة السابقة اتمام الغسل والوضوء وأحوط منه الإعادة والوضوء الثالث حكى عن بعض القائلين بوجوب اتمام الغسل
والوضوء الاكتفاء بإعادة الغسل عند نية القطع لبطلان الغسل بذلك اورد بان نية القطع لا يؤثر في ابطال ما سبق عليها المقصد الثاني في الحيض المشهور ان الحيض لغة
بمعنى السيل يقال حاض الوادي إذا سأل وبعضهم اعتبر في صدق اسمه القوة فاطلقه لغة على السيل بقوة ثم نقل إلى الدم الذي يقذفه الرحم إذا بلغت المراة ثم تعتادها غالبا في أوقات
معلومة ويمكن ان يكون اطلاقه على المعنى المتعارف حقيقة لغوية من غير نقل كما يظهر ذلك من كلام أهل اللغة قال الجوهري يقال حاضت المراة تحيض حيضا ومحيضا فهى حائض وحائضة إلى أن
قال وحاضت السمرة حيضا وهي شجرة تسيل منها شئ كالدم وأشار إليه المحقق في المعتبر حيث ذكر أولا ما هو المشهور ثم قال ويجوز ان يكون من رؤية الدم كما يقال حاضت الأرنب إذا رأت
الدم وحاضت السمرة إذا خرج منها الصمغ الأحمر قال في القاموس حاضت المراة تحيض حيضا إذا سال دمها وفى المجمل الحيض حيض المراة وحيض السمرة وفى المغرب حاضت المراة حيضا ومحيضا
خرج الدم من رحمها لكن كلامهم غير صريح في كون ذلك حقيقة إذ قد يذكرون المعاني المجازية أيضا وبالجملة كل من الامرين محتمل وترجيح الأخير بكون الأصل عدم النقل معارض
يكون المجاز خيرا من الاشتراك ولا غرض يعتد به في تحقيق ذلك
وهو في الأغلب والتقييد بالأغلبية للتنبيه على أنه قد يكون بخلاف ذلك لان الصفرة والكدرة في أيام الحيض حيض كما سيجيئ اسود
أي دم اسود على حذف الموصوف وواثقا الصفة وذلك شائع مشهور فلا يقدح في التعريفات لوضوح القرينة حار يخرج بحرقة وهي اللذع الحاصل من خروج الدم وبدفع وحرارة والمستند
في هذه الأوصاف اخبار كثيرة منها ما رواه الشيخ والكليني عن حفص ابن البختري في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال دخلت على أبى عبد الله عليه السلام امرأة فسألته عن المراة يستمر بها الدم فلا يدرى
حيض هو أو غيره قال فقال لها ان دم الحيض حار عبيط اسود له رفع وحرارة ودم الاستحاضة أصفر بارد فإذا كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة والعبيط بمعنى الخالص الطري
وذكر الحرارة مرتين في الخبر إما للتأكيد أو أراد بالثانية معنى الحرقة المذكورة في الحديث الأخر وعن معوية بن عمار في القوى ويعدها بعضهم من الصحاح وبعضهم من الحيتان قال قال
أبو عبد الله عليه السلام ان دم الاستحاضة والحيض ليس يخرجان من مكان واحد ان دم الاستحاضة بارد وان دم الحيض حار وفى اخر موثقة إسحاق بن جرير الطويلة دم الحيض ليس خفاء به
هو دم حار تجد له حرقة ودم الاستحاضة دم فاسد بارد ومقتضى هذه الروايات ان حصول هذه الأوصاف علامة للحيض فمتى تحقق فيه تلك الأوصاف حكم بكونه حيضا الا بدليل فان
اشتبه دم الحيض بالعذرة أي بدم العذرة وهي البكارة وضعت قطنة فان خرجت القطنة مطوقة فهو دم عذرة والا وان لم تخرج القطنة مطوقة بل مستنقعة بالدم فحيض لما رواه
الكليني والشيخ عن زياد ابن سوقة في الصحيح قال سئل أبو جعفر عليه السلام عن رجل اقتض امرأته أو أمته فرأت دما كثيرا لا ينقطع عنها يومها كيف تصنع بالصلاة قال تمسك الكرسف فان خرجت
القطنة مطوقة بالدم فإنه من العذرة تغسل وتمسك معها قطنة وتصلى وان خرج الكرسف منغمسا فهو من الطمث تقعد عن الصلاة أيام الحيض وما رواه الكليني عن خلف بن حماد
بأسانيد ثلثة فيها الصحيح والحسن ورواه الشيخ باسناد حسن عن الكاظم عليه السلام وهي طويله قال في اخر لها بعد أن التفت يمينا وشمالا مخافة ان يسمع كلامه أحد وبعد ان قال يا خلف سر الله
فلا تذيعوه ولا تعلموا هذا الخلق أصول دين الله بل ارضوا لهم ما رضي الله لهم من ضلال تستدخل القطنة ثم تدعها مليا ثم تخرجها اخراجا رفيقا فإن كان الدم مطوقا في القطنة فهو
من العذرة وإن كان مستنقعا في القطنة فهو من الحيض ويظهر من المحقق في الشرائع والنافع التوقف في الحكم الثاني وصرح في المعتبر فقال لا ريب في أنها إذا خرجت مطوقة كان من
61

العذرة فان خرجت مستنقعة فهو محتمل فان يقضى انه من العذرة مع التطوق قطعا فلهذا اقتصر في الكتاب على الطرف المتيقن انتهى وفيه تأمل لأنه فرض الكلام في دم يكون بصفة الحيض
فلا وجه للتوقف في شئ من الحكمين لدلالة الخبرين مع صحة اسنادهما صريحا عليهما مع أنه قد صرح في المعتبر بان ما تراه المراة من الثلاثة إلى العشرة يحكم بكونه حيضا وانه لا عبرة بلونه
ما لم تعلم أنه لقرحة أو عذرة ونقل عليه الاجماع فلا وجه للتوقف هنا وكان غرضه التوقف قبل ثلاثة أيام والأقرب ترجيح كونها حيضا وعدم التوقف فيه وقال الشارح الفاضل
في المسألة المذكورة وضعت قطنة بعد أن تستلقى على ظهرها وترفع رجليها ثم تصبر هنيئة ثم تخرجها اخراجا
رقيقا ثم قال ومستند ذلك روايات عن أهل البيت عليهم السلام لكن
في بعضها الامر باستدخال القطنة من غير تقييد باستلقاء وفى بعضها ادخال الإصبع مع الاستلقاء وطريق الجمع حمل المطلق على المقيد والتخيير بين الإصبع والكرسف أظهر في
الدلالة وقال بعض المتأخرين عنه ما ذكره رحمه الله لم اقف عليه في شئ من الأصول ولا نقله ناقل في كتب الاستدلال والذي وقفت عليه رواية زياد بن سوقة وخلف بن حماد المتقدمتان وهما
خاليتان عن قيد الاستلقاء وادخال الإصبع فالأظهر الاكتفاء بما تضمنته الرواية الثانية من وضع القطنة والصبر هنيئة واخراجها برفق وهو حسن فان الامر على ما ذكره فيما
اعتم وماء أي الدم الخارج من المراة ولو كان بصفة الحيض قبل اكمال التسع ومن الأيمن وبعد الياس أي بلوغها سن اليأس من الحيض والوالد وأقل من ثلاثة أيام بلياليها متوالية والزائد
عن أكثره أي أكثر الحيض والزائد عن أكثر النفاس فليس بحيض إما الحكم الأول ففي المعتبر انه اتفاقي وقال إنه مذهب أهل العلم ويدل عليه ما رواه الشيخ في كتاب الطلاق من التهذيب
عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال قال أبو عبد الله عليه السلام ثلث يتزوجن على كل حال التي لم تحض ومثلها لا تحيض قلت وما حدها قال إذا اتى لها أقل من تسع سنين والتي لم تدخل بها والتي
لم تدخل بها والتي قد يئست من المحيض ومثله لا تحيض قال قلت وما حدها قال إذا كان لها خمسون سنة وفى هذه الرواية ضعف وفى موثقه عبد الرحمن الآتية في مسألة الياس ما لم
تبلغ تسع سنين فإنها لا تحيض ومثلها لا تحيض وقد قيد بالقمرية لأنها المتعارف وهنا بحث مشهور وهو ان المصنف وغيره ذكروا ان الحيض للمرة دليل على بلوغها وان لم يجامعها السن وههنا
حكموا بأن الدم الذي يكون قبل التسع ليس بحيض وأجيب عنه بوجهين الأول ان المراد الدم المحكوم بكونه حيضا دالا على البلوغ هو الذي يكون بعد اكمال التسع قبل العشرة فإنهم اختلفوا
في أن بلوغها بالسن عشرة أو تسعة وعلى القولين لو رأت دما بشرائط الحيض بعد بلوغ التسع فهو حيض ورد بان هذا لا يصح على قول من جعل بلوغها اكمال التسع فإنه على قوله لم يكن الحيض
دليلا على البلوغ الثاني ان الاعتبار بالحيض مع الشك في السن والاشتباه واما مع العلم بالسن فلا اعتبار بالدم الذي يكون قبله وإن كان بصفات الحيض فلا اشكال واما الحكم الثاني
وهو ان الدم الخارج من الأيمن ليس بحيض فقد اختلف فيه كلام الأصحاب فمذهب الأكثر منهم الصدوق والشيخ في النهاية والمبسوط وابن إدريس والمصنف ما ذكر هنا وان الخارج من الأيسر حيض
والمنقول عن ابن الجنيد ان الحيض يعتبر عن الجانب الأيمن وكلام الشهيد في كتبه مختلف ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف الرواية فقد روى الشيخ في التهذيب عن محمد بن يحيى مرفوعا
عن ابان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام فتات منا قرحة في جوفها والدم سائل لا تدرى من دم الحيض أو من دم القرحة فقال مرها فلتستلق على ظهرها وترفع رجليها وتستدخل إصبعها الوسطى
فان خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض وان خرج من الجانب الأيمن فهو من القرحة هكذا وجدنا في النسخ المعتبرة ونقله المحقق في المعتبر عن التهذيب وروى محمد بن يعقوب هذا الحديث
بينهما إلى قوله فان خرج الدم من الجانب الأيمن فهو من الحيض وان خرج من الجانب الأيسر فهو من القرحة وبه افتى ابن الجنيد والمصنف في المنتهى والمختصر نقل رواية الشيخ في التهذيب مثله قال
المحقق بعد نقل رواية الكليني ولعله وهم من الناسخ وذكر الشهيد في الذكرى ان كثيرا من نسخ التهذيب موافق لذلك واما النسخة الأخرى فالمنقول عن ابن طاوس في البشرى انه حكم
بتدليسها واعترض عليه بان التدليس انما يكون في السند دون المتن فالأسد ان يقال إن الرواية مضطربة وقد يقال إن الاضطراب انما يكون عند التساوي وعدم المرجح وههنا المرجح
موجود مع رواية الأيسر بأنه حيض بفتوى الشيخ عضمونها ولا يعارضه رواية محمد بن يعقوب لان الشيخ اعرف بوجوه الحديث واضبط خصوصا مع فتوى الأصحاب بمضمونه واعترض
باشك في كون ذلك ترجيحا مع ما قد عرفت من أن أكثر نسخ التهذيب موافق للكافي وإذا لم يحصل بذلك الترجيح فلا أقل من المساواة الموجب للاضطراب وقد تمنع كون الشيخ
اضبط واعرف بوجوه الحديث بل قد يرجح رواية الكليني لتقدمه وحسن ضبطه لكن الشهرة بين الأصحاب وفتواهم بمضمون ما ذكره المصنف خصوصا ابن بابويه فان الظاهر أنه لا يفتى الا بما صح
عنده مع قوة ضبطه وكثرة علمه يدفع ذلك وبالجملة لو اطرح هذه الرواية بضعفها واضطرابها وارسالها ومخالفتها للاعتبار لان القرحة يحتمل كونها من كل من الجانبين لم يكن بعيدا
وحينئذ يلزم الرجوع إلى الأصل واعتبار الأوصاف قال المحقق الروية مقطوعة مضطربة فلا اعمل بها اعلم أن الرواية مختصة بالدم المشتبه بالقرحة وكذا عبارات أكثر الأصحاب
وكلام المصنف دال على اعتبار الجانب مطلقا وقد يقال الجانب إن كان له مدخل في حقيقة الحيض وجب اطراده والا فلا والأحسن الوقوف مع النص قال الشارح الفاضل وللتوقف في هذه المسألة
وجه واضح وإن كان ولابد فالعمل مما عليه الأكثر وهو غير بعيد واما الحكم الثالث فالظاهر أنه لا خلاف فيه وادعى في المعتبر الاجماع عليه وقال إنه مذهب أهل العلم لكن الخلاف في حد الياس
وسيجيئ تحقيقه واما الحكم الرابع وهو ان الناقص عن ثلثة ليس بحيض فهو متفق عليه بين الأصحاب وفى اشتراط التوالي خلاف سيجيئ تحقيقه والحكم الخامس أيضا متفق عليه كما سيجيئ
بيانه وكذا بيان الحكم السادس في محل
وتيأس المراة غير القرشية وهي المنسوبة إلى قريش بأبيها على المشهور وقيل إن المنتسب بالام أيضا كذلك وهذا الاحتمال هيهنا أرجح منه في نظائره لان للام
مدخلا شرعيا في حكم الحيض في الجملة بسبب مناسبة الأمزجة ويقاربها ومن ثم اعتبرت الحالات وبناتهن في المبتدأة والمراد بالقرشية من انتسب إلى نضر بن كنانة والنبطية وهي المنسوبة إلى النبط
والذي يتحصل من كلام أهل اللغة كالجوهري والمطرزي وابن الأثير وصاحب القاموس لهم جيل أي صنف ينزلون بالبطائح بين العراقين الكوفة والبصرة قال الجوهري وفى كلام أيوب
بن القرية أهل عمان عرب استنبطوا وأهل البحرين نبط استعربوا ببلوغ خمسين سنة أي باكمال خمسين سنة والظاهر أنه الهلالية لكونها المتبادر من الاطلاقات وإحديهما أي القرشية
وللنبطية ببلوغ ستين لا خلاف بين الأصحاب في أن ما تراه المراة بعد سن الياس ليس بحيض وانما اختلفوا فيما يتحقق به الياس فذهب الشيخ في النهاية إلى أنه خمسون سنة مطلقا واختاره
المحقق في كتاب الطلاق من الشرائع وقيل باعتبار الستين في القرشية والخمسين في غيرها وهذا القول مشهور بين الأصحاب خصوصا المتأخرين منهم ومن أصحاب هذا القول من الحق
النبطية بالقرشية وهم المفيد ومن تبعه ومنهم من لم يلحق كالشيخ في المبسوط وابن بابويه وكالمحقق في المعتبر حجة القول الأول ما رواه الكليني والشيخ عنه في القوى والمشهور انه صحيح وعند
بعض الأصحاب حسن عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال حد التي يأست من المحيض خمسون سنة وقول الصادق عليه السلام في رواية عبد الرحمن بن الحجاج السابقة عند شرح قول المصنف وما قيل
اكمال التسع بعد قول الراوي وما حدها يعنى التي يئست من المحيض ومثلها لا تحيض قال إذا كان لها خمسون سنة وما رواه الكليني والشيخ في الضعيف عن أحمد بن أبي نصر عن بعض أصحابنا قال
قال أبو عبد الله عليه السلام المراة التي قد يئست من المحيض حدها خمسون سنة ونقله المحقق في المعتبر من كتاب أحمد بن أبي نصر وعلى هذا فلا يضر ضعف السند في التهذيب والكافي والارسال الذي
فيه غير ضائر لان ابن أبي نصر من جملة من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وهو من جملة أعاظم الاجلاء الذي يعظم شانه ان يروى عن غير الثقة وقد صرح الشيخ في العدة بأنه لا يروى
الا عن التقات حجة القول الثاني ما رواه الشيخ في باب زيادات النكاح عن عبد الرحمن الحجاج في الموثق أو الحسن قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ثلث يتزوجن على كل حال التي قد
يئست من المحيض ومثلها لا تحيض قلت ومتى يكون كذلك قال إذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض والتي لم تحض ومثلها لا تحيض قلت ومتى يكون كذلك قال ما لم
تبلغ تسع سنين فإنها لا تحيض ومثلها لا تحيض والتي لم تدخل بها ورواية مرسلة ذكرها الكليني حيث قال بعد نقل رواية ابن أبي نصر السابقة وروى ستون سنة أيضا قال في المعتبر وروى
الشيخ في التهذيب عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قلت متى يكون يئست من المحيض وقبلها لا تحيض قال إذا بلغت ستين سنة فقد يئست من المحيض ومثلها لا تحيض وفى
62

وفى سند هذه إلى عبد الرحمن ضعف حجة القول الثالث ما رواه الشيخ والكليني في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض الأصحاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا بلغت المراة خمسين سنة لم تر
حمرة وفى التهذيب حمراء الا أن تكون امرأة من قريش وارسال هذه الرواية غير قادح في صحة التعويل عليها بعين التقريب الذي ذكر في رواية ابن أبي نصر والمسألة تحل تردد لاختلاف الروايات
فيمكن ترجيح القول الأول باعتبار كثرة الروايات الدالة عليه وعدم صحة الرواية الدالة على اعتبار السنين وعدم صراحة رواية ابن أبي عمير في كون الحمرة نراه لقرشية بعد الخمسين حيضا
إذ لا منافاة بين رؤيتها الحمرة وعدم اعتبار الشارح تلك الحمرة حيضا بان يكون المراد في الخبر بيان الحال الغالب في النساء مع أنه ليس في الخبر ذكر السنين ويمكن ترجيح العمل برواية بن أبي
عمير نظرا إلى معاضدة الشهرة واما الحاق النبطية بالقرشية فلا نص عليه كما اعترف به غير واحد من القائلين به قال المدقق الشيخ على ويمكن ان يستأنس له بان الأصل عدم الياس
فيقتصر فيه على موضع الوفاق ثم قال والاخذ بالاحتياط في بقاء الحكم بالعدة وتوابع الزوجية استصحابا لما كان لعدم القطع بالمنافى أولي وفى نظر لان التمسك إلى أصل العدم
والاستصحاب ضعيف عندي لا يصلح لتأسيس الحكم الشرعي عليه وان اشتهر الاستناد إليه في كثير من لمواضع بين كثير من المتأخرين وتمام تحقيقه في الأصول وسيجيئ إشارة اجمالية إليه في
مباحث المياه والاحتياط الذي ذكره معارض بمثله فلا يصلح للتعويل عليه ثم إن قلنا بالفرق بين القرشية وغيرها فكل امرأة علم نسبها فحكمها واضح واما من اشتبه نسبها كما هو الغالب
في هذه الأزمان من عدم انضباط انساب غير الهاشميات فالامر فيها مشكل وربما بحكم بالحافها بغير القرشيات استنادا إلى أن الأصل عدم كونها قرشية ويعضده استصحاب التكليف بالعبادة
إلى أن يتحقق المسقط وفيه نظر لما أشرنا إليه من ضعف التمسك بالأصل والاستصحاب مع أن أصل عدم كونها قرشية معارض بنظيره ويمكن ان يقال العمومات الدالة على وجوب الصلاة
والصيام شامل لما خرج عنه الحائض التي علمت كونها حائضا للاجماع والاخبار لعدم وضوح دلالتها بالنسبة إلى غيرها فيبقى غيرها مندرجا تحت العمومات ويعضده قوله عليه السلام لا تنقض
اليقين ابدا بالشك ولكن تنقضه بيقين اخر ويعارض ما ذكرنا الأخبار السابقة الدالة بعمومها على وجوب اعتبار صفة الحيض مطلقا فالمسألة محل اشكال ويجرى نحو هذا الاشكال
فيمن جهل سنه فتدبر
وأقله أي الحيض ثلاثة أيام متواليات وأكثره عشرة بلا خلاف فيه بين الأصحاب الا في اشتراط التوالي في الأيام الثلاثة حكى ذلك جماعة منهم ويدل عليه
الأخبار المستفيضة منها ما رواه الشيخ عن يعقوب بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام قال أدنى الحيض ثلاثة وأقصاه عشرة ومنها ما رواه الكليني عن معوية بن عمار باسنادين
أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم والاخر صحيح على المشهور عن أبي عبد الله عليه السلام قال أقل ما يكون الحيض ثلاثة أيام وأكثر ما يكون عشرة أيام ومنها ما رواه الكليني والشيخ عن صفوان
بن يحيى باسناد صحيح في المشهور قوى عندي قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن أدنى ما يكون من الحيض فقال أدناه ثلثة وابعده عشرة ورواه الكليني باسناد اخر حسن منهما ما رواه الشيخ عن محمد بن
مسلم في الحسن أو الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال أقل ما يكون من الحيض ثلاثة أيام وإذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهى من الحيضة الأولى وإذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى
مستقبلة وعن الحسن بن علي بن زياد الخزاز في الحسن أو الموثق عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن المستحاضة كيف تصنع إذا رأت الدم وإذا رأت الصفرة وكم تدع الصلاة فقال أقل الحيض
ثلثة وأكثره عشرة وتجمع بين الصلاتين ومنها ما رواه الكليني والشيخ باسناد فيه جهالة عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن أدنى ما يكون من الحيض قال ثلاثة أيام
وأكثره عشرة وروى الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام ان أكثر ما يكون الحيض ثمان وادنى ما يكون منه ثلثة وقد ذكر الشيخ في التهذيب انه شاذ أجمعت العصابة
على ترك العمل به وفى الاستبصار ان اجماع الطائفة على خلافه قال ولو صح كان معناه ان المراة إذا كان من عادتها ان لا يختص أكثر من ثمانية أيام ثم استحاضت واستمر بها الدم
حتى لا يتميز لها دم الحيض من دم الاستحاضة فان أكثر ما يحتسب به امام الحيض ثمانية أيام بئسما جرت عادتها قبل استمرار الدم وهو تأويل بعيد وأوله في المنتهى المنتفى بحمله على إرادة الأكثرية
بحسب العادة والغالب لا في الشرع والامر كذلك فان بلوغ العشرة على سبيل الاعتياد غير معهود وهو حسن إذا عرفت هذا فاعلم أن الأصحاب اختلفوا في اشتراط التوالي في الأيام الثلاثة
فذهب أكثر الأصحاب منهم الشيخ في الجمل والمرتضى وابنا بابويه إلى أن أقله ثلاثة أيام متواليات وقال الشيخ في النهاية ان رأت يوما ويومين ثم رأت قبل انقضاء العشرة ما يتم به ثلثة
فهو حيث وان لم تر حتى تمضى عشرة فليس بحيض ولا يبعد ترجيح القول الأول للعمومات الدالة على التكليف بالعبادات خرج صورة التوالي والصور التي لا نزاع فيها فبقى غيرها
مندرجا تحت العمومات ولان المتبادر من قولهم عليه السلام أدنى الحيث ثلثة وأكثر عشرة الثلاثة والعشرة المتوالية واما الاستناد إلى عدم حصول اليقين بالسبب فلا يعتبر لقوله عليه السلام لا تنقض اليقين
ابدا بالشك فضعيف لان محل البحث يرجع إلى الشك في المسألة وهو غير مفهوم من الخبر وسيجئ له زيادة تحقيق في مبحث الماء المضاف احتج الشيخ بما رواه عن يونس في القوى عن بعض
رجاله عن أبي عبد الله قال أدنى الطهر عشرة أيام وذلك أن المراة أول ما تحيض ربما كانت كثيرة الدم فيكون حيضها عشرة أيام فلا يزال كلما كبرت نقصت حتى ترجع إلى ثلاثة أيام فإذا
رجعت إلى ثلاثة أيام ارتفع حيضها ولا يكون أقل من ثلاثة أيام فإذا رأت المراة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة فان استمر بها الدم ثلاثة أيام فهى حائض وان انقطع الدم بعد ما رأته
يوما أو يومين اغتسلت وصلت وانتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام فان رأت في تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتى يتم لها ثلاثة أيام فذلك الذي رأته في أول الأمر
مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض وان مر بها من يوم رأت عشرة أيام ولم تر الدم فذلك اليومان الذي رأته لم يكن من الحيض انما كان من علة ما من قرحة في الجوف
واما من الجوف فعليها ان يعيد الصلاة تلك اليومين التي تركتها لأنها لم يكن حائضا فيجب ان تقضى ما تركت من الصلاة في اليوم واليومين وان تم لها ثلثة فهو من الحيض وهو أدنى
الحيض ولم يجب عليها القضاء ولا يكون الطهر أقل من عشرة أيام الحديث روى هذه الرواية الكليني والشيخ باسناده عنه وما رواه عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر عليه السلام
قال إذا رأت المراة الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الأولى وإن كان بعد العشرة فهو من الحيضة المستقبلة والجواب عن الرواية الأولى الطعن في السند لان في الطريق إسماعيل بن مراد وهو غير موثق ولا ممدوح مع
ما فيه من الارسال
فلا تصلح دافعة لما ذكرنا من الأدلة وعن الثانية بعدم دلالتها على مدعاه فان مقتضاها ان ما رأته في العشرة فهو من الحيضة الأولى وليس فيها تعيين للقدر الذي يحصل به الحيضة
الأولى فمن رأت ثلثة ثم انقطع ثم جاء في العشرة ولم يتجاوز فهو من الحيضة الأولى لأنه لا يكون بين الحيضتين أقل من عشرة أيام فلا دلالة فيها على قول الشيخ قال الشارع الفاضل
وعلى هذا القول يعنى عدم اعتبار التوالي رأت الأول والخامس والعاشر فالثلثة حيض لا غير فإذا رأت الدم يوما وانقطع فإن كان يغمس القطنة وجب الغسل لأنه إن كان حيضا فقد
وجب الغسل للحكم بان أيام النقاء طهره ان لم يكن حيضا فهو استحاضة والغامس منها توجب الغسل وان لم يغمسها وجب الوضوء خاصة لاحتمال كونه استحاضة فان رأته مرة ثانية يوما مثله
أو انقطع فكذلك فإذا رأته ثالثة في العشرة ثبت ان الأول حيض وتبين بطلان ما فعلت من الوضوء أو قد ثبت ان الدم حيض توجب انقطاعه الغسل فلا يجزى عنه الوضوء ولو اغتسلت
للأولين احتياطا ففي اجزائه نظرا انتهى والمستفاد منه ان أيام النقاء المتخللة بين أيام الدم طهر وهو مناف لكون أقل الطهر عشرا ولا اعلم فيه خلافا بين الأصحاب وقد نقل جماعة منهم الاتفاق
عليه وذكر المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر وغيرهما من الأصحاب انها لو رأت ثلثة ثم رأت العاشر كانت الأيام الأربعة وما بينها من أيام النقاء حيضا والمسألتان من باب أحد ثم اعلم أن
الأصحاب اختلفوا في المعنى المراد بالتوالي وظاهر الأكثر الاكتفاء بحصول مسمى الدم في كل واحد من الأيام الثلاثة وان لم يستوعبه ولعل ذلك ظاهر عموم الروايات واعتبر مع ذلك بعض
المتأخرين انها إذا رأته في أول جزء من أول ليلة من الشهر تراه في اخر جزء من اليوم الثالث بحيث يكون عند غروبه موجودا وفى اليوم الوسط يكفي أي جزء كان منهم وبعضهم اعتبر الاتصال في الثلاثة بحيث
متى وضعت الكرسف في أي جزء كان من الجزاء الثلاثة تلوث واليه ذهب الشيخ جمال الدين ابن فهد والمدقق الشيخ على واعلم أن ظاهر الأصحاب ان الليالي معتبرة في الثلاثة وبه صرح ابن
الجنيد قال الشارح الفاضل وقد صرح بدخولها في بعض الأخبار وفى عبارة بعض الأصحاب وهي أي العشرة أقل الطهر لا اعلم خلافا في ذلك بين الأصحاب ونقل الاتفاق جماعة منهم و
63

يدل عليه ما رواه الشيخ والكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال لا يكون القرء في أقل من عشرة فما زاد وأقل ما يكون عشر إلى أن ترى الدم ومرسلة يونس السابقة في المسألة
المتقدمة فليستا بصريحتين في المطلوب وما بينهما أي ما بين الثلاثة والعشرة يكون حيضا بحسب العادة
وتستقر إلى العادة بشهرين متفقين في حصول الحيض بينهما عددا أي في عدد
أيام الحيض ووقتا أي في وقت حصوله فإذا رأته في الشهر الأول في السبعة الأولى وفى الشهر الثاني في السبعة الأولى فقد استقرت العادة عددا أو وقتا فإذا رأته في أول الثالث تحيضت برؤيته
ولو تجاوز العشرة رجعت إلى ما استقر لها من عادته وثبوت العادة بالمرتين مما نقل عليه اتفاق أصحابنا ومن العامة من ذهب إلى انها تثبت بالمرة الواحدة والأصل في هذا الباب ما رواه الشيخ
عن يونس باسناد فيه توقف عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام في جملة حديث طويل قال فان انقطع الدم لوقته من الشهر الأول سواء حتى توالت عليها حيضتان أو ثلث فقد علم الان ان ذلك
قد صار لها وقت وخلقا معروفا فتعمل عليه وتدع ما سواه ويكون سيئها فيما يستقبل ان استحاضت فقد صارت سنة إلى أن يجلس اقراءها وانما جعل الوقت ان توالى عليها حيضتان أو ثلث
حيض لقول رسول الله صلى الله عليه وآله للتي تعرف أيامها دعى الصلاة أيام أقرائك فعلمنا انه لم يجعل القرء الواحد سنة لها فيقول دعى لصلاة أيام قرئك ولكن فبين لها الأقراء فأدناه حيضتان فصاعدا
الحديث وفى مقطوعة سماعة بن مهران الآتية فإذا اتفق شهران عدة أيام سواء فتلك عادتها قيل ولو رأت الدم الثالث في اخر الشهر الثاني تحيضت بالعدد أيضا مع عبور العشرة وفى هذا
الحكم على اطلاقه تأمل فيستفاد من تحقيق المباحث الآتية قيل وهذه تستظهر بثلاثة في أوله لتقدمه على وقت العادة والظاهر عندي خلافه كما سيأتي ولا يعتبر في استقراء العادة استقرار الطهر
قاله المصنف والشارع الفاضل وخالف في ذلك الشهيد في الذكرى فاعتبر في استقرار العادة وقتا وعددا تحقق عادة الطهر فبدونه تستقر العدد حسب فعلى هذا تستظهر برؤية الدم الثالث إلى ثلثة
وإن كان في وقت المتقدم بناء على الاستظهار للمبتدأة والمضطربة قال الشهيد رحمه الله بعد الإشارة إلى الخلاف في اعتبار عادة الطهر في استقرار العادة وتظهر الفائدة لو تغاير الوقت في الثالث
فإن لم نعتبر استقرار الطهر جلست لرؤية الدم وان اعتبرناه فبعد الثلاثة أو حضورا الوقت هذا ان تقدم على الوقت ولو تأخر أمكن ذلك استظهار أو يمكن القطع بالحيض هنا انتهى وفى الجلوس
بعد حضور الوقت قبل الثلاثة إذا رأته قبل الوقت بناء على اعتبار عادة الطهر مشكل ان قلنا باستظهار المبتداة والمضطربة ثم ما ذكره المصنف من استقرار العادة بالوقت والعدد ليس على جهة الانحصار
بل العادة قسمان آخران أحدهما ان يتفق في العدد دون الوقت كما إذا رأت في أول الشهر سبعة وبعد انقضاء أقل الظهر سبعة فيستقر عددا على ما ذكره جماعة من الأصحاب لكن يكون بحسب الوقت
كالمضطربة على إذا رأت دما ثالثا وتجاوز العشرة رجعت إلى العدد على ما قالوا فان استمر الدم فلا اعلم تصريحا في حكم الدم الرابع والظاهر الحاقه بمضطربة الوقت الذاكرة للعدد وسيجيئ حكمه
وهذه تستظهر في أوله لعدم استقرار الوقت بناء على القول باستظهار المضطربة والمبتدأة وثانيهما ان يتفق في الوقت خاصة كما لو رأت سبعة في أول شهر وثمانية في أول الثاني فيستقر
بحسب الوقت فإذا رأت الدم الثالث في الوقت ترك العبادة وهل تكون مضطربة بحسب العدد فتتحيض بثلاثة أو ثبت لها أقل العددين لتكرره فيه وجهان اختار اولهما المدقق الشيخ على واستجوده
الشارح الفاضل وثانيهما المصنف في النهاية والشهيد في الذكرى واعلم أن المتبادر من الشهر المعتبر في تحقق العادة المذكور في كلام المصنف وغيره الشهر الهلالي كما هو الغالب في الاستعمال الشائع
على الألسنة وهو ظاهر الخبرين واعتبار العادة عددا ووقتا بدون اعتبار الطهر لا يتصور في غير الهلالي ويحتمل ان يكون المراد بالشهر العدة التي وقع فيها طهر وحيث صحيحين وبه صرح المصنف في النهاية
وهكذا فسره ولده فخر المدققين والشهيد رحمهم الله تعالى وكلاهما محتمل في عبارات الأصحاب الا ان فهم الهلالي منها أرجح وفرع المدقق الشيخ على اختيار إرادة الهلالي نظر إلى أنه الأغلب في
الاستعمال وعادات النساء فقال فلو رأت ثلثة ثم انقطع عشرة ثم رأته وعبر العشرة فلا وقت لها لعدم تماثل الوقت باعتبار الشهر واعترض عليه الشارح الفاضل بان تكرر الطهر يحصل
الوقت وقد صرح بذلك في المعتبر والذكرى وحكاه فيه عن المبسوط والخلاف ولا يخفى ان ما ذكره من أن تكرر الطهر يحصل الوقت وإن كان محتملا الا ان اثباته نظرا إلى النصوص لا يخلو عن اشكال واثبات
اتفاق عليه أيضا مشكل واعلم أن العادة كما تحصل بالأخذ والانقطاع كذا تحصل بالتمييز فلو ميز دمها شهرين رأت فيهما سواء تحققت عادتها كذا ذكره الأصحاب ولكن ظاهر الخبرين المذكورين
لا يشمله واعلم أيضا ان الظاهر من مذهب أصحابنا ان ذات العادة تترك الصلاة والصوم برؤية الدم ونقل الاجماع عليه المحقق في الشرائع ونسبه في المعتبر إلى علمائنا والظاهر أن مرادهم بذات العادة
ههنا الوقتية والعددية أو الوقتية فقط دون العددية ثم لا يخلو إما ان يكون رؤية الدم في وقت العادة أو قبله أو بعده ففي الأول تترك العبادة بلا ريب ومما يدل عليه ما رواه الشيخ و
الكليني عن محمد بن مسلم باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم والاخر قوى عندي صحيح على المشهور قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المراة ترى الصفرة في أيامها فقال لا نصلى حتى
تنقضي أيامها فان رأت الصفرة غير أيامها توضأت وصلت واما الثاني فظاهر جمع من الأصحاب انه تترك العبادة لان العادة قد يتقدم وقد يتأخر قال الشيخ في المبسوط إذا استقرت العادة ثم
تقدمها أو تأخر عنها الدم بيوم أو يومين إلى العشرة حكم بأنه حيض وان زاد على العشرة فلا واشترط الشهيد الثاني في شرح الشرايع في ترك المعتادة العبادة أن تكون رؤية الدم
في أيام العادة وهذا الاختلاف يجرى في الدم المتأخر عن العادة أيضا وجعل بعضهم احتمال عدم الاستظهار ههنا أقوى نظرا إلى أن التأخير شرطن حصوله لأنه يزيده انبعاثا نظرا إلى
العادة والأقرب ان المعتادة تترك العبادة برؤية الدم سواء كان في أيام العادة وقبلها أو بعدها إذا كان الدم بصفة الحيض لعموم قول الصادق عليه السلام في حسنة حفص بن البختري المذكورة
في أوائل هذا المقصد فإذا كان للدم رفع وحرارة وسواد فلتدع الصلاة وما رواه الشيخ عن سماعة في الموثق قال سألته عن المراة ترى الدم قبل وقت حيضها قال فلتدع الصلاة
فإنه ربما يعجل بها الوقت ويؤكده الاخبار الآتية عن قريب في حكم المبتدأة ويؤيده ما رواه الشيخ عن عيض بن القاسم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة ذهبت طمثها سنين ثم عاد
إليها شئ قال ترك الصلاة حتى تطهر وينصابه إلى ذلك لزوم الحرج والعسر في الاستظهار فان تقدم العادة كثير غالب واما ما رواه الكليني والشيخ عن أبي بصير باسناد يعد من الموثق أو
الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام في المراة ترى الصفرة قال إن كان قبل الحيض فهو من الحيض وإن كان بعد الحيض بيومين فليس من الحيض وعن علي بن أبي حمزة في الضعيف قال سئل أبو عبد الله عليه السلام
وانا حاضر عن المراة ترى الصفرة فقال ما كان قبل الحيض فهو من الحيض وما كان بعد الحيض فليس منه وما رواه الكليني عن معوية بن حكيم في الموثق قال قال الصفرة قبل الحيض بيومين
فهو من الحيض وبعد أيام الحيض ليس من الحيض وهي في أيام الحيض حيض فلا ينافي ما ذكرناه لان قوله عليه السلام ما كان بعد الحيض فليس من الحيض المراد به ما إذا رأت الدم في أيام العادة وانقضت فما
كان بعد ذلك بيومين ليس من الحيض بل لا يبعد ان يقال تلك الأخبار مؤيدة لما ذكرنا في الجملة هذا حكم ذات العادة واما المبتداة فهل تترك الصلاة بمحض رؤية الدم أو يجب
عليها الاستظهار للعبادة ثلاثة أيام اختلف الأصحاب في ذلك فذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ والمصنف في المنتهى والمختصر الا انها تترك العبادة بروية الدم وذهب جماعة من الأصحاب منهم
السيد المرتضى وابن الجنيد وأبو الصلاح وابن إدريس والمحقق إلى انها تحتاط للعبادة بثلاثة أيام واختاره المصنف في بعض كتبه والظاهر أن موضع الخلاف أعم من أن يكون الدم بصفة الحيض أم لا
كما صرح به ابن إدريس والشهيد ونبه عليه المحقق وكلام المصنف في المختلف يشعر بان موضع الخلاف ما إذا كان الدم بصفة تحيض والخلاف المذكور واقع في المضطربة أيضا قال في البيان والمضطربة
كالمبتدأة عند بعضهم قال وعندي انها إذا ظنت الدم حيضا تركت وعليها تحمل رواية إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السلام إذا قدرت القبيلة بيومين ولعل المراد بالمضطربة من لم يعرف عادتها يقينا وان
عرفتها ظنا فلا يتجه ما اورد عليه من أن المضطربة ليس لها أيام حتى تحمل الرواية عليه ولعل الأقرب الأول إذا كان الدم بصفة الحيض لعموم حسنة حفص بن البختري السابقة وما رواه الشيخ عن
محمد بن مسلم في الموثق عن أبي جعفر عليه السلام في المراة تطهر في أول النهار في رمضان أتفطر أو تصوم فلا تفطر وفى المراة ترى الدم من أول النهار في شهر رمضان أتفطر أم تصوم قال تفطر انما فطرها من
الدم وعن محمد بن مسلم في الموثق قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن المراة ترى الدم غدوة أو ارتفاع النهار أو عند الزوال قال تفطر وإذا كان ذلك بعد العصر أو بعد الصلاة فلتمض على صلاتها
ولتقض ذلك اليوم وروى الكليني والشيخ عن أبي الورد في القوى قال سألت أبا جعفر عن المراة التي يكون في صلاة الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم قال تقوم من مسجدها ولا تقضى
64

الركعتين الحديث وعن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام في المراة يكون في الصلاة فتظن انها قد حاضت قال تدخل يدها فتمس الموضع فان رأت شيئا انصرفت وان لم تر
شيئا أتمت صلاتها وفى موثقة الفضل بن يونس عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال وإذا رأت المراة الدم بعد ما يمضى زوال الشمس أربعة اقدام فتمسك عن الصلاة ويمكن المناقشة في هذه الأخبار
بأنه لا يمكن حمل الدم في هذه الأخبار على اطلاقه فيحمل على المعهود وهو ما كان في أيام العادة لكن الظاهر أن حملها على المعهود وهو ما كان يصفه الحيض أقرب من ذلك والغرض من ايراد هذه الأخبار
الاستدلال بانضمام بعضها مع الباقي حتى يعيد ظنا قويا لا ببعضها بانفراده وروى الكليني والشيخ عن سماعة في الموثق قال سألته عن الجارية البكر أول ما تحيض تقعد في الشهر يومين و
في أشهر ثلاثة أيام تختلف عليها لا يكون طمثها في الشهر عدة أيام سواء قال فلها ان تجلس وتدع الصلاة ما دامت ترى الدم ما لم يجز العشرة فإذا اتفق شهران عدة أيام سواء لتلك أيامها لو روى الشيخ
عن عبد الله بن بكير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال المراة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر الدم تركت الصلاة عشرة أيام ثم تصلى عشرين يوما فان استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة
ثلاثة أيام وصلت سبعة وعشرين يوما وعن عبد الله بن بكير أيضا في الموثق قال في الجارية أو ما تحيض يدفع عليها الدم فيكون مستحاضة انها تنتظر بالصلاة فلا تصلى حتى يمضى أكثر ما يكون
من الحيض فإذا مضى ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة ثم صلت فمكثت تصلى بقية شهرها ثم تترك الصلاة في المرة الثانية أقل ما تترك المراة الصلاة وتجلس أقل ما يكون من الطمث
وهو ثلاثة أيام الحديث ويمكن المناقشة في هذين الخبرين بأنه لا يصدق أول ما تحيض الا بعد ثلاثة أيام إذ بذلك يعلم كونها حيضا واما الاستدلال بما رواه الشيخ عن منصور بن حازم في
الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال أي ساعة رأت الدم فهى تفطر الصائمة إذا طمثت وأمثالها مما ذكر فيه الطمث ويرد عليه ان للمانع ان يمنع صدق الطمث الا على ما كان في أيام العادة أو بعد ثلاثة أيام
احتج المحقق على ما اختاره بأن مقتضى الدليل لزوم العبادة حتى يتيقن ولا تيقن قبل استمراره ثلاثة أيام والجواب ان اليقين بالمسقط حاصل لما ذكرنا من الأدلة ولا بشرط اليقينة
يكون الدم حيضا بل يكفي الظن وهو حاصل بحصول الأوصاف ثم قال المحقق ولو قيل لو لزم ما ذكرته قبل الثلاثة لزم بعدها لجواز ان ترى ما هو اسود يتجاوز فيكون هو حيضها لا الثلاثة قلنا
الفرق ان اليوم واليومين ليس حيضا حتى يستكمل ثلثا والأصل عدم الثلاثة حتى يتحقق إما إذا استمر ثلثا فقد كمل ما يصلح ان يكون حيضا ولا يبطل هذا الا مع التجاوز والأصل عدمه
ما لم يتحقق ولا يخفى ان أصالة العدم لا يكفي في حصول اليقين الذي اعتبره سابقا والصفرة والكدرة أي والدم ذو الصفرة وهي لون الأصفر وذو الكدرة وهي ضد الصفر في أيام الحيض حيض
والمراد بأيام الحيض أيام العادة ويحتمل ان يكون المراد به ما يحكم على الدم الواقع فيها بكونه حيضا سواء كانت أيام العادة أو غيرها قال المصنف وألوان الدماء ستة السود الخالص وهو حيض اجماعا
والبياض وليس بحيض اجماعا والحمرة والخضرة الصفرة والكدرة وهي حيض ان صادفت أيامه والذي يدل على أن الصفرة والكدرة في أيام العادة قبلها حيض الأخبار السابقة في المسألة
المتقدمة وفى مرسلة يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام كل ما رأت المراة في أيام حيضها من صفرة أو حمرة فهو من الحيض وكل ما رأته بعد أيام حيضها فليس من الحيض وروى الكليني عن إسماعيل الجعفي باسناد فيه ضعف عن أبي
عبد الله عليه السلام قال إذا رأت المراة الصفرة قبل انقضاء أيام عدتها لم تصل وإن كانت صفرة بعد أيام قرئها صلت لكن يخدش هذا الحكم ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال
سألت أبا الحسن موسى عليه السلام عن امرأة نعست وبقيت ثلثين ليلة أو أكثر ثم طهرت وصلت ثم رأت دما أو صفرة فقال إن كان صفرة فلتغتسل ولتصل ولا تمسك عن الصلاة وإن كانت دما
ليست بصفرة فلتمسك عن الصلاة أيام قرئها ثم لتغتسل ولتصل ولتغتسل ولابد من حملها على صورة لم يتفق الدم في أيام عادتها ويكون المراد بقوله عليه السلام أيام قرئها أي بعد أيام قرئها
كما أن الدم الأسود الحار الواقع في أيام الطهر يحكم بأنه فساد أي استحاضة وانما سميت فسادا لأنها مرض مخصوص ينشأ من اختلال البدن وانحراف المزاج بخلاف الحيض فإنه دال على
اعتدال المزاج ومن ثم كان عدم الحيض ستة أشهر في الجارية ممن شأنها ذلك عيبا ترد به وإذا وجب الحد على المستحاضة لا تحد حتى تبرا وانما حكم بذلك لان حصول الأوصاف مبنى على الغالب
واعلم أن الدم المحكوم بكونه حيضا متى انقطع على العشرة أو ما دونه يحكم بكونه حيضا مطلقا في المشهور بينهم وسيجئ تحقيقه ولو تجاوز الدم عشرة فقد امتزج الحيض بالطهر فلا يخلو إما ان يكون
المراة ذات عادة وقتية وعددية أو وقتية فقط أو عددية كذلك أو مبتدأة أو مضطربة ناسية الوقت والعدد أو للعدد خاصة مع ذكر أول الوقت أو وسطه اخره أو وقت منه في الجملة أو ناسية للوقت
خاصة وعلى هذا فالمدة التي ترى فيها الدم إما ان يقصر بصفة عن العدة المحفوظة أولا وعلى التقادير فاما ان يتحقق لها يتميز أم لا وسيجيئ احكامها مفصلة والمبتدأة بكسر الدال وفتحها
اسم فاعل أو مفعول وفسرها المصنف ومن تأخر عنه بمن لم يستقر لها عادة سواء رأت الدم أول مرة أم لا والمضطربة بمن استقر لها عادة ثم اضطرب عليها وفسر المحقق في المعتبر المبتداة بأنها التي رأت
الدم أول مرة والمضطربة بأنها التي لم تستقر لها عادة وجعل الناسية للعدد قسيما لها والاختلاف في ذلك لفظي الا ثمرة له وقد يقال فائدته رجوع من لم تستقر لها عادة إلى الأقارب والاقران
فإنه انما يكون على التفسير الأول دون الثاني وهو ضعيف لان المستند في هذا الباب النصوص والحكم بذلك فيها غير معلق على المبتداة ليكون مبنيا على تفسيرها ويختلف باختلافه والمصنف
لما أراد تفصيل هذه المسألة قال ولو تجاوز الدم عشرة أيام رجعت ذات العادة المستقرة إليها ومعنى رجوعها إليها جعل مقدار العادة حيضا والباقي استحاضة فتقضى ما تركته
من صوم أو صلاة لثبوت كونها طاهرة فيه وما احتملته من كونه حيضا قد تبين فساده وتفصيل المسألة ان المعتادة لا يخلو ما ان يكون ذات تمييز أم لا وعلى الثاني فلا ريب في أول التعويل
على العادة وعلى الأول فلا يخلو إما أن تكون العادة والتمييز متوافقان في الوقت والعدد أم لا فان توافقا فلا خفاء في المسألة أيضا وان تخالفا فلا يخلو ما ان يكون بينهما أقل الطهر أم لا فإن كان
بينهما أقل الطهر فالذي قطع به جماعة من الأصحاب انها تجعلهما حيضا وفيه اشكال نظرا إلى النصوص فان مقتضاها كما ستسمع ان المستحاضة يجعل أيامها حيضا والباقي استحاضة فالظاهر
الرجوع إلى العادة ويظهر من المصنف في النهاية التردد بين جعلهما حيضا وبين التعول على التمييز وبين التعويل على العادة وان لم يكن بينهما أقل الطهر فان أمكن الجمع بينهما بان لا يتجاوز المجموع
العشرة فالذي صرح به غير واحد من المتأخرين انه تجمع بينهما وللشيخ فيه قولان أحدهما ترجيح التمييز والاخر ترجيح العادة ولعله الأقرب وان لم يمكن الجمع بينهما كما إذا رأت في العادة صفرة و
قبلها أو بعدها بصفة الحيض وتجاوز المجموع العشرة فقال أكثر الأصحاب منهم الشيخ في الجمل ترجع إلى العادة وقواه في المبسوط بعد أن حكم بالتميز أولا وهو مذهب المفيد والمرتضى واتباعهم
واختاره المحقق والمصنف وقال الشيخ في النهاية يرجع إلى التمييز وحكى المحقق في الشرائع قولا بالتخيير ورجح المدقق الشيخ على تقديم العادة المستفادة من الاخذ والانقطاع دون
المستفادة من التمييز حذرا من لزوم زيادة الفرع على أصله والأقرب الأول للاخبار الكثيرة الدالة على اعتبار العادة مطلقا من غير تقييد بانتفاء التمييز
من ذلك ما رواه الشيخ عن إسحاق بن
جرير في الموثق قال سألتني امرأة منا ان ادخله على أبي عبد الله عليه السلام فاستاذنت لها فاذن لها فدخلت ومعها مولاة لها فقالت له يا أبا عبد الله ما تقول في المراة تحيض فتجوز أيام حيضها
قال إن كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة قالت فان الدم يستمر بها الشهر والشهرين والثلاثة كيف تصنع بالصلاة قال تجلس أيام حيضها ثم تغتسل
لكل صلوتين قالت له ان أيام حيضها أتختلف عليها وكان يتقدم الحيض اليوم واليومين والثلاثة ويتأخر مثل ذلك فما علمها به قال دم الحيض ليس به خفاء هو دم حار تجد له حرقة ودم
لاستحاضة دم فاسد بارد وفى صحيحة الحسين بن نعيم الصحاف فلتمسك عن الصلاة عدم أيامها التي كانت تقعد في حيضتها وعن زرارة في الموثق عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن
لطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع قال تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة وروى الكليني والشيخ ثلثة باسناد قوى عندي صحيح على المشهور عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما المستحاضة
تنظر أيامها فلا تصلى فيها ولا يقربها بعلها فإذا جازت أيامها وذات الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر الحديث وروى الشيخ عن محمد بن عمرو بن سعيد في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته
من الطامث كم حد جلوسها فقال تنتظر عدة ما كانت تحيض ثم تستظهر بثلاثة أيام ثم هي مستحاضة وعن محمد بن عمرو بن سعيد أيضا في الصحيح نحوه وعن زرارة في الصحيح قال قلت له النفساء متى
صلى قال تعقد قدر حيضها وتستظهر بيومين فان انقطع الدم والا اغتسلت إلى أن قال قلت فالحائض قال مثل ذلك سواء فان انقطع عنها الدم والا فهى مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء
65

ثم يصلى ولا تدع الصلاة على حال الحديث وعن سماعة في الموثق قال سألته عن امرأة رأت الدم في الحبل قال تقعد أيامها التي كانت تحيض فإذا زاد الدم على الأيام التي كانت تقعد
استظهرت بثلاثة أيام ثم هي مستحاضة وعن سماعة في الموثق قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن المستحاضة فقال تصوم شهر رمضان الا الأيام التي كانت تحيض فيها ثم يقضيها بعد وعن
يونس بن يعقوب في الموثق قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام امرأة رأت الدم في حيضها حتى جاوز وقتها متى ينبغي لها ان تصلى قال تنظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام الحديث إلى
غير ذلك من الأخبار الكثيرة التي في معنى الأخبار المذكورة كصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله ورواية محمد الحلبي ورواية إسماعيل الجعفي الاتيان في حكم المستحاضة وصحيحة محمد بن مسلم
الآتية في مسألة الاستظهار وتدل عليه صريحا الرواية الطويلة التي رواها الشيخ باسناد فيه توقف عن يونس عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام والرواية مذكورة في التهذيب
والكافي تركت ايرادها لطولها من أراد فليرجع إلى الكتابين ولعل حجة من اعتبر التميز حسنة حفص بن البختري السابقة في أوصاف الحيض ولعل حجة القائل بالتميز الجمع بينها وبين الأخبار السابقة
والجواب ان الخبر المذكور محمول على انتفاء العادة بقرينة قولها لا تدرى هو حيض أو غيره وهذا أقرب من الجمع بالتخيير وقوفا على ظواهر الأخبار المعتبرة الكثيرة ولو لم تكن للمراة عادة و
كان لها تمييز رجعت ذات التميز إليه سواء كانت مبتدأة أو مضطربة والمراد بذات اليمين هنا التي ترى الدم على نوعين أو أنواع بعضها مشابه الحيض فيجعله حيضا والباقي استحاضة ويدل
على ذلك الأخبار السابقة الدالة بعمومها على اعتبار صفة الحيض ولا يخفى ان مرسلة يونس الطويلة دالة على اختصاص اعتبار التمييز بالمضطربة وان للمبتدأة حكما اخر وهو التحيض بالسبع أو
الست لكن المشهور بين الأصحاب رجوع المبتداة والمضطربة إلى التمييز حتى قال المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى انه مذهب علمائنا واعلم أن القدر الذي يستفاد من الروايات في اعتبار صفة الحيض
الحرارة والدفع والسواد لكن المصنف ومن تبعه من المتأخرين اعتبروا قوة الدم وضعفه وذكروا ان القوة والضعف تعتبر بإحدى صفات ثلث اللون فالأسود قوى والأحمر والأحمر قوى الأشفر
قوى الأصفر والأكدر ذو الرائحة فذو الرائحة الكريهة أقوى مما لا رائحة له والثخن فالثخين أقوى من الرقيق قال المصنف ولا يشترط اجتماع الصفات بل كل واحدة تقتضي القوة فلو كان بعض
دمها موصوفة بصفة واحدة والبعض خال من الجميع فالموصوف أقوى ولو كان لبعض صفة ولبعض صفتان فذو الصفتين أقوى وذو الثلث أقوى من ذي الاثنين قال ولو كان في البعض
صفة وفى الأخر صفة أخرى احتمل تقديم السابق لقوته وعدم التمييز لعدم الأولوية في الصفات المعتبرة وليس التقدم دليلا على الحيض وذكر بعض المتأخرين انه لو كان أحدهما أنتن
رائحة من الأخر فهو أقوى منه وللتأمل في هذه التفاصيل مجال لفقد نص دال عليها وعدم ظهور اجماع فيها وقد يتفق لذات التمييز بناء على الأصل المذكور المعمول بين المتأخرين
ترك العبادة شهرا متواليا فما زاد بان ترى الأحمر عشرة فإنها تجلس فيها بناء على ما ذكره الأصحاب من أن كل دم يمكن ان يكون حيضا فهو حيض ثم ترى من بعده أقوى من عشرة فتجلس الأقوى
ويتبين ان الأول استحاضة ثم ترى بعده أقوى منهما قال في المعتبر لو رأت ثلثه أصفر تركت الصلاة الصوم إلى العاشر فان رأت بعد ذلك اسود تركت الصلاة أيضا حتى تأخذ في الأسود
عشرا فان انقطع فالأسود حيض وما تقدمه طهر فان تجاوز فلا تمييز قال ولو قيل هنا تحتاط من أول الدم عشرة بالصلاة والصوم فان انقطع الأسود على عشرة فما دون فهو حيض وقضت
الصوم كان حسنا وهو حسن واعلم أنه يشترط في تحقق التمييز أمور الأول اختلاف صفة الدم بان يكون بعضه مشابه الحيض دون بعض الثاني انه لا ينقص المشابه عن ثلثه وهل يعتبر توالى
الأيام بحيث لا يتخلل في أثنائها الوصف الضعيف يبنى على اعتبار توالى الأيام الثلاثة في الحيض وعدمه الثالث ان لا يزيد عن عشرة وهذا الاشتراط مشهور بين الأصحاب حتى أن المصنف نقل اتفاقهم
على ذلك وفى كلام الشيخ في المبسوط اضطراب فإنه اعتبر أولا في التميز ان لا يزيد ما كان بصفة الحيض على عشرة ثم قال بعده بأسطر وكذلك إذا رأت يعنى المبتداة دم الاستحاضة خمسة أيام ثم رأت ما هو بصفة
دم الحيض باقي الشهر يحكم في أول يوم ترى ما هو بصفة دم الحيض إلى تمام العشرة أيام بأنه حيض وما بعد ذلك استحاضة فان استمر على هيئة جعلت بين الحيضة والحيضة الثانية عشرة أيام طهرا
وما بعد ذلك من الحيضة الثانية وكلامه هذا ينافي ما اعتبره أولا ويمكن ترجيح قول الشيخ بان مقتضى حسنة حفص بن البختري انها تجعل ما رأت بصفة الحيض حيضا وحينئذ إذا تجاوز الدم
المذكور عشرة لا تتحيض في الزائد لحصول المانع من اعتباره حيضا ولا دليل على وجوب العدول عما جعلته أولا حيضا وفيه تأمل وبالجملة هذا الحكم عندي محل اشكال الرابع ان لا ينقص الضعيف
مع أيام النقاء عن أول الطهر وبهذا الاشتراط صرح جماعة من المتأخرين منهم المصنف في النهاية وفيه قول بعدم الاشتراط قيل فلو رأت خمسة اسود ثم أربعة أصفر ثم عاد الأسود عشرة فعلى الأول
لا تمييز لها وعلى الثاني حيضها خمسة انتهى ونحوه قال الشهيد في الذكرى ويفهم من كلام الشيخ في المبسوط عدم اعتبار هذا الشرط وانه يجعل في الصورة المذكورة الحيض عشرة فإنه قال فان رأت ثلثي
أيام مثلا دم الحيض ثم رأت ثلثه أيام دم الاستحاضة ثم رأت إلى تمام العشرة دم الحيض إلى أن قال وان جاز العشرة أيام ما هو بصفة الحيض وبلغ ستة عشر يوما كانت العشرة أيام كلها حيضا
وقضت الصوم والصلاة في الست الأولة ويدل على أنه لا تمييز لها في الصورة المذكورة انه لا يمكن جعل المجموع حيضا لأنه يزيد على عشرة وتخصيص البعض دون بعض من غير دليل مجازفة و
الترجيح بالتقدم محل اشكال ويدل على عدم اعتبار هذا الشرط ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب في الموثق قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام المراة ترى الدم ثلثه أيام أو أربعة قال تدع الصلاة قلت
فإنها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة قال تصلى قلت فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة قال تدع الصلاة تصنع ما بينهما وبين شهر فان انقطع عنها والا فهى بمنزلة المستحاضة وعن أبي
بصير في الموثق قال سئلت أبا عبد الله عن المراة ترى الدم خمسة أيام والطهر خمسة أيام وترى الدم أربعة أيام والطهر ستة أيام قال إن رأت الدم لم تصل وان رأت الطهر صلت ما
بينها وبين ثلثين يوما فإذا تمت ثلاثون يوما فرات دما صبيبا اغتسلت واستشفرت واحتشت بالكرسف في وقت كل صلاة فإذا رأت صفرة توضأت قال الشيخ في الاستبصار
الوجه في هذين الخبرين ان تحملهما على امرأة اختلطت عادتها في الحيض وتغيرت عن أوقاتها وكذلك أيام أقرائها واشتبهت عليها صفة الدم فلا يتميز بهام الحيض عن غيره فإنه
إذا كان كذلك فعرضتها إذا رأت الدم ان تترك الصلاة وإذا رأت الطهر صلت إلى أن تعرف عادتها قال ويحتمل ان يكون حكم امرأة مستحاضة اختلطت عليها أيام الحيض وتغيرت
عادتها واستمر بها الدم ويشبه صفة الدم فترى ما شبيه دم الحيض أربعة أيام وترى ما يشبه دم الاستحاضة مثل ذلك ولم يحصل لها العلم بواحد منهما فان فرضها ان تترك الصلاة كلما
رأت ما يشبه دم الحيض وتصلى كلما رأت ما يشبه دم الاستحاضة إلى شهر وتعمل بعد ذلك ما تعمله المستحاضة ويكون قوله إذا رأت الطهر ثلاثة أيام أو أربعة عبارة عما يشبه دم الاستحاضة لان
الاستحاضة بحكم الطهر ولأجل ذلك قال في الخبر ثم تعمل ما تعمله المستحاضة وذلك لا يكون الا مع استمرار الدم وفيه تصريح بعدم اشتراط كون الضعيف أقل الطهر قال في المعتبر بعد تأويل الشيخ وهذا
تأويل لا باس به ولا يقال الطهر لا يكون أقل من عشر لأنا نقول هذا حق لكن هذا ليس طهرا على اليقين ولا حيضا بل هو دم مشتبه تعمل فيه بالاحتياط ولا يخفى ان التأويل الثاني بعيد وان
الوجه ما ذكره الشيخ أولا وبمضمونه قال الشيخ في المبسوط صريحا وعلى هذا لا يكون الخبر منافيا للاشتراط المذكور فتدبر
واعلم أن الظاهر من اطلاق كلام المصنف وغيره ان المضطربة إذا ذكرت العدد
دون الوقت أو الوقت دون العدد ووجدت تمييز اعتبر التمييز وإن كان منافيا لاعتبار العدد والوقت ولا بعد فيه إذ لا دليل على اعتبار خصوص الوقت أو العدد عند معارضة للتمييز فان الأدلة
الدالة على اعتبار العادة مختصه بذاكرة الوقت والعدد معا فلا ينسحب في غيره فإذا ما دل على اعتبار التمييز سالم عن مقاومة المعارض لكن لا يخفى ان ظاهر بعض الروايات المذكورة في
حكم العادة كصحيح محمد بن عمرو بن سعيد وصحيحة زرارة تدل على اعتبار العدد لكنه لا يشمل جميع الشهور في صورة يستمر الدم أشهرا بل يختص بالأول وقال المدقق الشيخ على قد تقدم ان المضطربة
من نسيت عادتها وقتا وعددا أو وقتا أو عددا والحكم برجوعها إلى التمييز مطلقا لا يستمر لان ذاكرة العدد الناسية للوقت لو عارض تمييزها عدد أيام العادة لم يرجع إلى التمييز بناء على ترجيح العادة على التمييز وكذا القول في ذاكرة الوقت ناسية العدد قال
66

ويمكن الاعتذار عنه بان المراد برجوعها إلى التمييز ما إذا طابق تمييزها العادة بدليل ما ذكر من ترجيح العادة على التمييز واعترض عليه بأنه لا يظهر لاعتبار التمييز فائدة على هذا
الاعتذار وذكر الشارح الفاضل ان الاشكال لا يتحقق في ذاكرة العدد خاصة الا في صورة زيادة العدد على التمييز أو نقصانه عنه وفى الصورتين بجمع بينهما لامكان الجمع فيندفع
الاشكال واما ذاكرة الوقت خاصة فالاشكال ثابت فيها لتحقق المنافاة باعتبار علمها بالوقت قال بعض المتأخرين ويمكن ان يقال باعتبار التمييز في الطرف المنسى خاصة أو تخصيص
المضطربة بالناسية للوقت والعدد
فان فقد أي العادة والتمييز رجعت المبتداة وقد مر الكلام في تفسيره إلى عادة أهلها وهن الأقارب من الأبوين أو أحدهما ولا يعتبر العصبة
لعدم الدليل ويعلل أيضا بان المعتبر الطبيعة وهي جاذبة من الطرفين وهذا الحكم أعني رجوع المبتداة إلى عادة أهلها مع فقد التمييز مشهور بين الأصحاب ونسبه في المعتبر إلى الخمسة واتباعهم
وحجتهم عليه ما رواه الشيخ والكليني عن سماعة باسناد فيه ارسال قال سألته عن جارية حاضت أول حيضها فدام دمها ثلثة أشهر وهي لا تعرف أيام أقرائها قال أقراؤها مثل اقراء نسائها
فإن كان نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام وأقله ثلاثة أيام وعن زرارة ومحمد بن مسلم في الموثق بعلى بن الحسن بن فضال عن أبي جعفر عليه السلام قال المستحاضة تنظر بعض نسائها
فتقتدى باقرائها ثم تستظهر على ذلك بيوم مضافا إلى أن الحيض تعمل فيه بالعادة وبالامارة كما ترجع إلى صفات الدم ومع اتفاقهن يغلب على الظن انها كإحداهن إذ من النادر ان تشذ واحدة
من جميع الأهل هذا والتعليل لا يصلح للحجية ولعل غرضهم منه التأييد واما الخبران وان كانا غير صحيحين لكن الثاني خبر معتمد يصلح للتعويل لكنه يدل على جواز الاقتداء ببعض نسائها مطلقا
وهو خلاف المعروف من مذهبهم واما الخبر الأول فضعيف السند الا ان الشيخ في الخلاف نقل اجماع الفرقة على العمل بمضمونه فبذلك يصح التعويل ومقتضاه انها ترجع إليهن مع اتفاقهن
وبه صرح الفاضلان ورجح الشهيد اعتبار الأغلب مع الاختلاف ولا دليل عليه ولا فرق بين الحية من الأهل والميتة المعلومة عادتها ولا بين المساوية في السن والمخالفة ولا بين
البلدية لها وغيرها لعموم النص وقرب المصنف في النهاية اعتبار الأقارب مع تقارب الأسنان قال فلو اختلفن فالأقرب ردها إلى من هو أقرب إليها ورجح الشهيد في الذكرى اعتبار البلد
في الأهل والاقران محتجا بان للبلدان اثرا في تخالف الأمزجة ونقل الشارح الفاضل عن بعض مشايخه اعتبار البلد فان فقد فاقرب البلدان إلى بلدها فالأقرب عموم النص
يدفع ذلك كله فان اختلفن أو فقدن إما بعدمهن أصلا أو بموتهن وعدم علمها بعادتهن أو بعدم تمكنها من استعلام حالهن رجعت إلى اقرائهن أي ذوات أسنانها كما في بعض عبارات
الأصحاب قال الشارح الفاضل ليس في كلام الأصحاب تعيين للقدر الذي يتحقق به الاقران في السن وفى الصحاح القرن مثلك في السن قال والظاهر الرجوع في ذلك إلى العرف وهو دال
على أن من ولدن في السنة والواحدة اقران وفيما زاد عنها اشكال وهذا الحكم ذكره الشيخ في المبسوط وجمع من الأصحاب وربما يفهم من بعض عباراتهم التخيير بين المراجعة إلى الأهل والاقران وحكى
المصنف عن المرتضى وابن بابويه عدم ذكر الاقران ومال إليه وأنكر الرجوع إلى الاقران المحقق في المعتبر فقال ونحن نطالب بدليله فإنه لم يثبت ولو قال كما يغلب على الظن انها كنسائها مع اتفاقهن
يغلب في الاقران منعنا ذلك فان ذوات القرابة بينها مشابهة في الطباع والجنسية والأصل يقوى الظن مع اتفاقهن بمساواتها لهن ولا يخفى ان انكار ظن الموافقة عند اتفاق الاقران
لا يخلو عن بعد الا ان اثبات وجوب العمل بالظن المذكور يحتاج إلى دليل واعترض الشهيد في الذكر على كلام المحقق بأن لفظ نسائها دال عليه لان الإضافة يصدق بأدنى ملابسة ولما لابسها
في السن والبلد صدق عليهن النساء واما المشاكلة فمع السن واتحاد البلد تحصل غالبا قال ليس في كلام الأصحاب منع منه وان لم يكن فيه تصريح به قال نعم الظاهر اعتبار اتحاد البلد في
الجميع لان للبلدان اثرا ظاهرا في تخالف الأمزجة ويرد عليه ان الملابسة المذكورة لو كانت كافية في صحة المراجعة لم يستقم اشتراط اتحاد البلد والسن بل يلزم صحة الاكتفاء بأحدهما لصدق
الملابسة في أحدهما لتكثر وجوه الملابسات وذلك يؤدى إلى ما هو متيقن بالاجماع وتوقف تمامية المشاكلة ومقاربة الطبيعة على اجتماع الامرين لا يصلح مخصصا لعموم النص ولقائل
أن يقول يستعين في تخصيص النص بالاجماع الدال على عدم صحة الاكتفاء بأحد الامرين المذكورين أو غيرها فيبقى ما لم يثبت الاجماع على نفيه داخلا في عموم النص وحينئذ يبقى الكلام في اشتراط
اتحاد البلد فان الأكثر لم يعتبروه والحق ان حمل اللفظ على هذا المعنى العام خلاف الظاهر خصوصا مع استلزام ذلك للتخصيص البعيد بل المتبادر منه الأقارب فاذن القول بعدم النظر
إلى الاقران أقرب فان اختلفن أي الاقران ولو بواحدة كما تقدم أو فقدن ببعض المعاني السابقة تحيضت في كل شهر هلالي بسبعة أيام أو ثلاثة أيام من شهر وعشرة أيام من شهر اخر
للأصحاب في هذه المسألة أقوال كثيرة منها انها مخيرة بين التحيض في الشهر الأول ثلاثة أيام وفى الشهر الثاني عشرة وبين التحيض في كل شهر سبعة أيام وهو قول الشيخ في الجمل وموضع في المبسوط ومنها
انها تجعل عشرة أيام حيضا وعشرة أيام طهرا وعشرة أيام حيضا وهو قول الشيخ في موضع من المبسوط ومنها التخيير بين التحيض في كل شهر سبعة أيام وبين التحيض في الشهر الأول عشرة وفى
الشهر الثاني ثلثة وهو ظاهر الشيخ في النهاية ومنها التخيير بين الثلاثة من الأول والعشرة من الثاني وبين الستة وبين السبعة وهو قول الشيخ في الخلاف ومنها التخيير بين الثلاثة من شهر وعشرة
من اخر وبين الستة وبين السبعة وهو مختار المصنف وجماعة من الأصحاب ومنها التحيض في الأول بثلاثة وفى الثاني بعشرة وهو قول ابن البراج ومنها عكس ذلك نقله ابن إدريس
عن بعض الأصحاب ومنها التحيض في كل شهر بستة أيام نقله ابن ابن إدريس أيضا عن بعضهم ومنها انها تتحيض في كل شهر بعشرة أيام نقله المحقق عن بعض فقهائنا ومنها انها تجلس من ثلثة إلى
عشرة وهو قول المرتضى وظاهر ابني بابويه ومنها انها تترك الصلاة في كل شهر ثلاثة أيام وتصلى سبعة وعشرين يوما وهو قول ابن الجنيد واختاره المحقق في المعتبر والذي وصل إلينا في
هذا الباب روايات أربع الأولى قوله عليه السلام في مرسلة يونس الطويلة وتحيض في كل شهر في علم الله بسبعة أيام أو ستة أيام ومقتضاها التخيير بين الستة والسبعة وينقل عن بعضهم الاحتجاج
به على السبعة ولا وجه له واستضعف هذه الرواية المحقق في المعتبر بأن رواية محمد بن عيسى عن يونس ضعيفة استثناها الصدوق ودفعه الشهيد بالشهرة في النقل والافتاء بمضمونه حتى
عد اجماعا الثانية ما رواه الشيخ عن عبد الله بن بكير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال المراة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر الدم تركت الصلاة عشرة أيام ثم تصلى عشرين يوما فان
استمر بها الدم بعد ذلك تركت الصلاة ثلاثة أيام وصلت سبعة وعشرين يوما قال الحسن وقال ابن بكير هذا مما لا يجدن ومنه بدا الثالثة ما رواه الشيخ عن عبد الله بن بكير أيضا في
الموثق قال في الجارية أول ما تحيض يدفع عليها الدم فيكون مستحاضة انها تنتظر بالصلاة فلا تصلى حتى يمضى أكثر ما يكون من الحيض فإذا مضت ذلك وهو عشرة أيام فعلت ما تفعله المستحاضة ثم
صلت فمكثت تصلى بقية شهرها ثم تترك الصلاة في المرة الثانية أقل ما تترك امرأة الصلاة وتجلس أقل ما يكون من الطمث وهو ثلاثة أيام فان دام عليها الحيض صلت في وقت الصلاة التي
صلت وجعلت وقت طهرها أكثر ما يكون من الطهر وتركها الصلاة أقل ما يكون من الحيض وبهاتين الروايتين استدلوا على التحيض بالثلاثة والعشرة ومقتضاهما التحيض بالثلاثة دائما في غير الدور
الأول ولا دلالة فيهما على التحيض بالعشرة بعد الثلاثة كما هو رأى الشيخ واتباعه الرابعة رواية سماعة السابقة وهي موافقة لقول ابن بابويه واعلم أن الأخبار الواردة في هذا الباب لم تبلغ
شئ منها حد الصحة كما قاله المحقق في المعتبر والمصنف في المختلف لكن عندي انه لا يبعد العمل بروايتي ابن بكير لما أشرنا إليه في المباحث السابقة من حصول الظن بمثل تلك الأخبار وهو غاية ما يحصل من
الأدلة التي تعول عليها في الاحكام الفقهية ولا يبعد أيضا العمل بمرسلة يونس لاشتهارها بين الأصحاب فلعل ذلك جابر لضعفها الا ان العمل بالاحتياط في أمثال هذه المواضع أوجه قال المحقق
بعد استضعافه للرواية الواردة في هذا الباب والوجه عندي ان تتحيض كل واحدة منهما يعنى المبتدأة والمضطربة بالتفسير الذي ذكره وهي من لم تستقر لها عادة ثلاثة أيام لأنه المتيقن في الحيض
وتصلى وتصوم بقية الشهر استظهارا وعملا بالأصل في لزوم العبادة انتهى ويؤيد ما ذكره حصول الاتفاق بالتحيض ثلاثة أيام ولا دليل على الباقي بناء على استضعاف الروايات فتبقى الأدلة الدالة على لزوم
العبادة سالمة عن المخصص ولا ريب ان ما ذكره أحوط وهل المراد بقوله عليه السلام ستة أو سبعة في رواية يونس التخيير أو العمل بما يؤدى اجتهاده إليه ويغلب على ظنه انه الحيض قيل بالثاني واختاره المصنف
في النهاية لأنه لولا ذلك يلزم التخيير بين فعل الواجب وتركه وهو منقوض بأيام الاستظهار واختار المحقق الأول تمسكا بظاهر اللفظ قال وقد يقع التخيير في الواجب كما يتخير المسافر بين
67

الاتمام والتقصير في بعض المواضع وهو متجه والتحقيق ان الواجب يخرج في الصورة المذكورة عن الوجوب
بل يتصف بمجرد الفضيلة والرجحان ومتى اختارت عددا كان لها وضعها
متى شاءت من الشهر وكان أوله أولي ومقتضى روايتي ابن بكير اخذ الثلاثة بعد العشرة ثم اخذها بعد السبعة والعشرين دائما
والمضطربة الناسية لعددها وقتا وعددا وهي
المعروفة بالمتحيرة لا ترجع عند فقد التمييز إلى الأهل والاقران بل تتحيض بالسبعة أو الثلاثة والعشرة والقول برجوعها إلى الروايات هو المشهور بين الأصحاب ونقل الشيخ في الخلاف
الاجماع عليه وذهب في المبسوط إلى أنه تعمل بالاحتياط فتفعل ومن أول الشهر إلى اخره ما تفعله المستحاضة وتغتسل بعد الثلاثة لكل صلاة لاحتمال انقطاع الدم عندها وجعل المصنف في
القواعد هذا القول أحوط ويتفرع عليه فروع جليله قال في الذكرى والقول بالاحتياط غير متيقن بالآية والخبر وقال في البيان الاحتياط هنا بالرد إلى أسوء الاحتمالات ليس مذهبا
لنا وفى الجمل انها تتحيض في كل شهر سبعة أيام وقال في النهاية فإن كانت المراة لها عادة الا انه اختلط عليها العادة واضطربت وتغيرت عن أوقاتها وأزمانها فكلما رأت الدم تركت الصلاة والصوم
وكلما رأت الطهر صلت وصامت إلى أن ترجع إلى حال الصحة وقد روى أنها تفعل ذلك ما بينها وبين شهر ثم تفعل ما تفعله المستحاضة ونحوه قال ابن بابويه الا انه قيده بالشهر كما في
الرواية قال المصنف والظاهر أن مراد ابن بابويه والشيخ رحمهما الله انها ترى الدم الذي بصفة دم الحيض أربعة أيام والطهر الذي هو النقاء خمسة أيام وترى تتمة العشرة أو الشهر بصفة دم
الاستحاضة فإنها تتحيض بما هو صفة دم الحيض ولا يحمل ذلك على ظاهره وقال أبو الصلاح ان المضطربة ترجع إلى عادة نسائها إلى التمييز ثم تتحيض بسبعة وقال ابن إدريس إذا فقد التمييز
كان فيها الأقوال الستة المذكورة في المبتدأة وقد ذكر في المبتداة ستة أقوال الأول التحيض بالثلاثة ثم العشرة الثاني عكسه الثالث سبعة أيام الرابع ستة أيام الخامس ثلاثة أيام في
كل شهر السادس التحيض بعشرة والطهر بعشرة وهذه المسألة محل اشكال لفقد دليل صالح على ترجيح بعض هذه المذاهب والاستدلال على الرجوع إلى السبعة والستة لمرسلة يونس
ضعيف لاختصاص هذا الحكم فيها بالمبتدأة ورجح المحقق في المعتبر انها تتحيض بثلاثة أيام وتصلى وتصوم بقية الشهر استظهارا وعملا بالأصل في لزوم العبادة وهو متجه الا انه لا دليل
على تخصيص الثلاثة بزمان فيشكل الامر في ذلك فتدبر ولو ذكرت المضطربة الوقت دون العدد فلا يخلو إما ان تذكر أوله أو اخره أو وسطه أو شيئا منه في الجملة فقد ذكر كثير من الأصحاب انه
لو ذكرت أو الحيض أكملته ثلثة لتيقنه ولا اعرف نصا عليه الا انه موافق للاعتبار وكذا الحكم فيما يأتي وحينئذ تبقى السبعة بعدها مشكوك فيها بين الحيض والطهر فيحتمل ان يجعل طهرا بناء على أن
الثلاثة هي الحيض المتيقن فيتحقق التكليف بالعبادة في الباقي وهو اختيار المحقق في المعتبر والشهيد في البيان ويحتمل رجوعها إلى الروايات وهو قول اخر للشهيد وقواه الشارح الفاضل
استنادا إلى صدق النسيان الموجب للحكم في حديث السنن وفيه نظر لما أشرنا إليه سابقا من أن اعتبار الستة والسبعة في حديث السنن مخصوص بالمبتدأة فلا يشمل محل البحث
ويحتمل أمرها بالاحتياط إلى تمام العشرة وبالجمع بين التكاليف والاخذ بأشد الأحوال واختاره المصنف ولو ذكرت اخره فهو نهايتها أي الثلاثة فتجعلها حيضا والكلام في السبعة السابقة
كما مر في المسألة المتقدمة وتعمل في باقي الزمان الزائد على الثلاثة في الصورتين ما تعمله المستحاضة وتغتسل للحيض كذا في المتن لانقطاع الحيض أي لانقطاعه في كل وقت يحتمل الانقطاع وهو في الصورة الأولى بعد
الثلاثة وعند كل صلاة أو غاية مشروطة بالطهارة بناء على عدم وجوب غسل الحيض لنفسه وحينئذ ان قلنا بالتداخل بين الأغسال كما هو الظاهر تجب عليها للصلوات الخمس خمسة أغسال وان
قلنا بعدم التداخل تجب عليها للصلوات الخمس ثمانية أغسال مع كثرة الدم خمسة لانقطاع الحيض وثلاثة للاستحاضة قيل ولا تداخل هنا لان استمرار الدم يمنع التداخل وهو ضعيف فان
قلنا بالتداخل تخيرت في تقديم أيهما شاءت وكذا للوضوء وعلى القول بالتداخل لا يبعد وجوب المسارعة إلى الغسل بين الصلاتين ووجوب الغسل للاستحاضة أيضا مع الاخلال بالمسارعة
المذكورة وتجب عليها مع ذلك أن تترك تروك الحائض بناء على القول بالاحتياط فيجتمع عليها تكاليف الحائض والمستحاضة والمنقطعة وفى الصورة الثانية وهي لو علمت اخر الحيض يجتمع
عليها في السبعة السابقة تكليف الحائض والمستحاضة دون المنقطعة وانما يجب عليها غسل الانقطاع في اخر الثلاثة ولو علمت وسط الحيض تعين ما بين الطرفين فان ذكرت يوما
واحدا خفته بيومين وان ذكرت يومين خفتهما بأخريين فيكون المتيقن أربعة وكان الحكم في بقية الزمان كما مر ولو ذكرت وقتا في الجملة فهو الحيض المتيقن فعلى الاحتياط تكمله عشرة تجمع
فيها بين التكاليف الثلاثة وتجعله نهاية عشرة تجمع فيها بين تكليف الحائض والمستحاضة خاصة وعلى القول برجوعها إلى الروايات تكملها احديها ان قصر عنها قبله أو بعده أو بالتفريق
وان ساوى إحديهما كان لها الاقتصار عليه واعلم أن كل موضع أمرت بالعشرة أو بالرجوع إلى رواية يشترط في ذلك عدم علمها بقصور عدد حيضها عن العشرة أو الرواية فلو علمت قصورها
اقتصرت على ما تعلم وتقضى ذاكرة الوقت خاصة على القول بالاحتياط صوم أحد عشر يوما من شهر رمضان لاحتمال الكسر وطروء الحيض في أثناء يوم فيتم في أثناء الحادي عشر فيفسد
اليومان الا ان تعلم عدم الكسر فلا يجب عليه الا العشرة وحينئذ يحمل اطلاق من حكم بقضاء العشرة ولو قصر الوقت الذي علمته اقتصرت عليه كما لو علمت أن حيضها في التسعة الأولى من
الشهر فلا تقتضي العاشر ولو ذكرت المضطربة العدد خاصة فإن لم تعرف قدر الدور وابتداءه لم تخرج عن التخيير المطلق الا في نقصان العدد وزيادته على الروايات كما إذا علمت العدد
ولم تعلم أن عدد دورها كم هي ولا ابتداء دورها أو عرفت ان عدد دورها ثلاثون مثلا ولكن لم تعلم ابتداء دورها أو علمت أن ابتدأ دورها يوم كذا ولكن لم تعلم عدد الدور ففي هذه الصور
يحتمل الرجوع إلى الروايات ويحتمل الاحتياط في كل الزمان وان حفظت قدر الدور وابتدائه وعدد حيضها فقدر العدد من أوله لا يحتمل الانقطاع ويحتمل الطهر والحيض وما بعده يحتمل الثلاثة إلى اخر
الدور ان لم يعلم فإنها في ذلك كما إذا علمت أن حيضها لم تكن في العشرة الأخيرة وفيه أوجه أحدها انها تتخير في وضع عددها في أي وقت شائت من الدور وثانيها انها تجتهد في تخصيص الأيام ومع
عدم الامارة تتخير وأول الوقت أولي وثالثها انها تعمل بالاحتياط وهو قول الشيخ في المبسوط واختاره المصنف هنا فقال عملت في كل وقت من أوقات الضلال ما تعمله المستحاضة وتركت تروك الحائض
وتغتسل للحيض في كل وقت يحتمل الانقطاع وهو ما زاد على العدد من أول الدور وتقتضي عادتها ان علمت عدم الكسر والا زادت عليها يوما هذا أي الاحتياط في جميع الوقت وعدم تحقق الحيض
يقينا انما يكون ان نقص العدد الذي ذكرته عن نصف الزمان الذي أضلته فيه كما لو أضلت خمسة في الشهر أو ساواه كما لو أضلت خمسة في العشرة الأولى من الشهر ولو زاد العدد
عن نصف الزمان فالزائد وضعفه حيض يقين من وسط الزمان لاندراجه تحت العدد على كل تقدير وفى العبارة مسامحة كالخامس والسادس لو كان العدد الذي أضلته ستة في العشرة
الأولى من الشهر مثلا ويبقى لها من العدد أربعة فعلى القول بالتخيير يضممها إلى اليومين متقدمة أو متأخرة أو بالتفريق وعلى القول بالاحتياط تجمع في الأربعة المتقدمة على اليومين بين عمل
المستحاضة وتروك الحائض وفى الأربعة المتأخرة تجمع بين الامرين وغسل الانقطاع في وقت العبادة المشروطة بالطهارة ومن هنا يعلم احكام مسائل المزج ولنورد من هذا الباب
مثالا واحدا وهو ما لو ذكرت ذات العشرة مزج أحد نصفى الشهر بالآخر بيوم فقد أضلت العشرة في ثمانية عشر بضعف الزائد على نصفها وهو يومان في وسط الزمان يعنى السادس
عشر والخامس عشر حيض يبقين أو الستة الأولى من الشهر والستة الأخيرة منه طهر بيقين فعلى القول بالاحتياط تجمع في الثمانية الأولى من الزمان بين عمل الاستحاضة وتروك الحائض
وتزيد في الثمانية الأخيرة منه غسل الانقطاع في وقت العبادة المشروطة بالطهارة وقص على هذا ما يرد عليك من فروض هذه المسألة واعلم أن لم اطلع على من فرق في الأحكام المذكورة
المضطربة الوقت بين الشهر الأول وباقي الشهور بل عباراتهم تشمل الجميع من غير فرق وعدم الفرق مصرح في بعض عباراتهم ولو قيل تجلس في الشهر الأول من حين رأت
الدم عدة ما كانت تحيض ثم تعمل في بقية الشهر عمل المستحاضة ويجزى في بقية الشهر الأحكام المذكورة لم يكن بعيد عن الصواب نظرا إلى ظاهر صحيحتي محمد بن عمرو بن سعيد وصحيحة زرارة المذكورة
في حكم ذات العادة وكل دم يمكن ان يكون حيضا فهو حيض سواء كان بصفة دم الحيض أم لا ولا اعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب بل في كلام المحقق والمصنف انه اجماعي والظاهر أن مرادهم
بالامكان سلب الضرورة عن الجانب المخالف فيدخل فيه ما تحقق كونه حيضا كرؤيتها ما زاد على الثلاثة في أيام العادة وما زاد على العادة مع الانقطاع على العشرة وما رأته قبل العادة
68

مع تخلل أقل الطهر بينه وبين الحيض السابق والامكان إما باعتبار المراة كالبلوغ وعدم الياس أو مدة الحيض كبلوغ الثلاثة وعدم الزيادة على العشرة أو وقت الحيض كتخلل أقل
أطهر بينه وبين الحيض السابق أو دوامه كتوالي الأيام الثلاثة على القول به أو المحل كخروجه من الجانب الأيمن مع اعتباره مطلقا وعند الاشتباه بالقرحة وحال الحائض كعدم الحمل ان
قلنا بعدم الحيض حال الحمل وأوصاف الدم كالحمرة مع السواد حيث يتحقق التمييز واستشكل بعض المتأخرين هذه المسألة من أصلها من حيث استلزامه ترك المعلوم ثبوته في الذمة
تعويلا على مجرد الامكان ثم قال والأظهر انه انما يحكم بكونه حيضا إذا كان بصفة الحيض أو كان في العادة وما ذكر متجه نظرا إلى الدليل لكن جرأة الخروج عما عليه الأصحاب لا يخلو عن اشكال وإن كان
الدليل على حجية ما نقلوا عليه الاجماع مفقودا فتدبر ولو رأت المراة الدم ثلاثة أيام وانقطع ثم رأت العاشر خاصة بان انقطع عليه وان تجدد بعده فالعشرة حيض هذا هو المعروف من مذهب
الأصحاب ويدل على أن الدمين حيض ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الحسن أو الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال أقل ما يكون من الحيض ثلاثة أيام وإذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهى من الحيضة الأولى وإذا
رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى مستقبلة وعن محمد بن مسلم أيضا في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا رأت المراة الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الأولى وإن كان بعد
العشرة فهو من الحيضة المستقبلة وعلى ان أيام النقاء ليس بطهر ما دل على أن أقل الطهر عشره أيام فإنه إذا ثبت ان الأول الدم والثاني حيض لا يمكن ان يكون النقاء المتخلل طهرا لأنه لا يكون أقل من
عشرة وإذا لم يكن طهرا كان حيضا ولا فرق في الحكم المذكور بين المعتادة غيرها وكذا الحكم لو رأت الدم فيما دون العشرة بطريق أولي قال الشارح الفاضل والضابط ان كل دمين فصاعدا
في العشرة تخللهما نقاء أو أكثر وحكم على الأول بكونه حيضا فان الجميع حيض وان عبر الثاني العشرة فالحيض الأول خاصة ان لم تكن ذات عادة أو كانت ولم يصادف الدم الثاني جزء منها انتهى
ويشكل الامر في صورة لا يكون الدم الأول بصفة الحيض ويكون الدم الثاني بصفة الحيض ولم يتجاوز ما كان منه بصفة الحيض العشرة فتدبر ويجب عليها الاستبراء وهو برأ الرحم من الدم عند
الانقطاع لدون العشرة فان خرجت القطنة تقية فطاهرة يجرى عليها الاحكام والا صبرت المعتادة يومين ثم تغتسل وتصوم فان انقطع على العاشر يتبين ان الجميع حيض فما عملت في
أيام الاستظهار موافق للواقع وما عملته بعدها باطل لكن لا حرج عليه في فعل ما فعلته من صلاة وصوم ووقاع للاذن الشرعي وحينئذ قضت ما صامت من العشرة بعد أيام الاستظهار
والا أي وان لم ينقطع على العاشر فلا قضاء لما صامت بعد أيام الاستظهار لتبين وقوعه في أيام الطهر والمبتدأة تصبر حتى تنقى أو تمضى عشرة تنقيح هذا المقام يتم برسم مسائل الأولى
الحائض إذا انقطع دمها ظاهرا لدون العشرة وجب عليها الاستبراء على ما ذكره الأصحاب وهو طلب براءة الرحم من الدم بادخال القطنة والصبر هنيئة ثم اخراجها فإن لم يكن عليها شئ من
الدم فهى طاهرة والا فلا والأصل فيه ما رواه الشيخ والكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا أرادت الحائض ان تغتسل فلتستدخل قطنة فان خرج منها شئ من الدم فلا تغتسل
وان لم تر شيئا فلتغتسل وان رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ ولتصل والظاهر حصوله بأي كيفية اتفق لاطلاق الرواية المذكورة قيل والأولى ان تعتمد برجلها اليسرى على حائط وشبهه
وتستدخل القطنة بيدها اليمنى لما رواه الشيخ عن شرجيل الكندي عن أبي عبد الله عليه السلام قال له كيف تعرف الطامث طهرها قال تعمد برجلها اليسرى على الحائط وتستدخل الكرسف
بيدها اليمنى فإن كان مثل رأس الذباب خرج على الكرسف وهذه الرواية ضعيفة السند وروى الكليني عن يونس في القوى عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن امرأة تقطع عنها
الدم فلا تدرى أطهرت أم لا قال تقوم قائما وتلزق بطنها بحائط وتستدخل قطنة بيضاء وترفع رجلها اليمنى فان خرج على رأس القطنة مثل رأس الذباب دم عبيط لم تطهر وان لم يخرج
فقد طهرت تغتسل وتصلى وروى الشيخ في الصحيح عن عثمن بن عيسى عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له المراة ترى الطهر وترى الصفرة أو الشئ فلا تدرى أطهرت أم لا قال فإذا كان
كذلك فلتقم فلتلصق بطنها إلى حائط وترفع رجلها إلى حائط كما رأيت الكلب يصنع إذا أراد ان يبول ثم تستدخل الكرسف فإذا كان ثمة من الدم مثل رأس الذباب خرج فان خرج دم فلم
تطهر وان لم يخرج فقد طهرت الثانية متى حصل النقاء وجب عليها الغسل على المعروف من المذهب ويدل عليه الأدلة الدالة على التكليف بالعبادات وعدم ما يدل على السقوط وصحيحة
محمد بن مسلم السالفة وغيرها من الاخبار مثل ما رواه الكليني في الصحيح إلى داود مولى ابن المعز العجلي عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المراة تحيض ثم تمضى وقت طهرها وهي ترى
الدم قال فقال تستظهر بيوم إن كان حيضها دون العشرة أيام فان استمر الدم فهى مستحاضة وان انقطع الدم اغتسلت وصلت قال قلت له فالمراة يكون حيضها سبعة أيام أو ثمانية
أيام حيضها دائم مستقيم ثم تحيض ثلاثة أيام لم ينقطع عنها الدم وترى البياض لا صفرة ولا دما قال تغتسل وتصلى قلت تغتسل وتصلى ثم يعود الدم قال إن رأت الدم أمسكت عن
الصلاة والصيام قلت فإنها ترى الدم يوما وتطهر يوما قال فقال إذا رأت الدم أمسكت وإذا رأت الطهر صلت فإذا مضت أيام حيضها واستمر بها الطهر صلت فإذا رأت الدم فهى مستحاضة
وقد انتظمت لك أمرها كله ويظهر من كلام ابن إدريس وجوب قول بالاستظهار مع النقاء وهو ضعيف ولو اعتادت النقاء في أثناء العادة ثم رؤية الدم بعده لم يبعد عدم وجوب الغسل
لاستلزام وجوبه الحرج والعسر بتكرر الغسل مع تكرر النقاء ويحتمل الوجوب لعموم الأدلة واحتمال عدم العود
الثالثة اتفق الأصحاب على ثبوت الاستظهار لذات العادة مع استمرار
الدم إذا كانت عادتها دون العشرة حكاه المحقق في المعتبر والأصل في هذا الباب روايات كثيرة منها ما رواه الشيخ عن ابن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن الحائض كم تستظهر
فقال تستظهر بيوم أو يومين أو ثلثة وعن محمد بن عمرو بن سعيد في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن الطامث كم حد جلوسها فقال تنتظر عدة ما كانت تحيض ثم تستظهر بثلاثة أيام ثم هي
مستحاضة وعن محمد بن عمرو بن سعيد عن أبي الحسن عليه السلام نحو امنه وعن زرارة في الصحيح قال
قلت له النفساء متى تصلى قال تجلس قدر حيضها وتستظهر بيومين فان انقطع الدم والا اغتسلت إلى أن قال قلت
فالحائض قال مثل ذلك سواء فان انقطع عنها الدم والا فهى مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء ثم تصلى وعن سعيد بن يسار باسناد لا يبعد ان يعد موثقا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المراة تحيض
ثم تطهر وربما رأت بعد ذلك الشئ من الدم الرقيق بعد اغتسالها من طهرها فقال تستظهر بعد أيامها بيومين أو ثلثة ثم تصلى وعن زرارة في الموثق بابن بكير عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته
عن الطامث تقعد بعد أيامها كيف تصنع قال تستطهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة الحديث وروى الكليني والشيخ عن سماعة في الموثق قال سألته عن المراة ترى الدم قبل وقت
حيضها قال فلتدع الصلاة فإنه ربما تعجل بها الوقت فإذا كان أكثر من أيامها التي كانت تحيض فيهن فلتربص ثلاثة أيام بعد ما تمضى أيامها فإذا تربصت ثلاثة أيام فلم ينقطع الدم عنها فلتصنع
كما تصنع المستحاضة ورواية سماعة الآتية في مسألة حيض الحامل انها تستظهر بثلاثة أيام وفى موثقة إسحاق بن جرير إن كان أيام حيضها دون عشرة أيام استظهرت بيوم واحد ثم هي مستحاضة
وروى المحقق في المعتبر عن الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة عن أبي أيوب الثقة عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في الحائض إذا رأت دما بعد أيامها التي كانت ترى الدم فيها فلتقعد عن الصلاة يوما
أو يومين ثم تمسك قطنة فان صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين كل صلوتين بغسل ويصيب منها زوجها ان أحب وحلت لها الصلاة وروى الكليني عن عبد الله بن المغيرة في الحسن عمن اخبره
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كانت أيام المراة عشرة أيام لم تستظهر فإذا كانت أقل استطهرت والاخبار في هذا الباب كثيرة وفيما ذكرناه كفاية إذا عرفت هذا فاعلم أن الأصحاب اختلفوا هيهنا
في أمرين أحدهما في قدر الاستظهار فقال الشيخ في النهاية تستظهر بعد العادة بيوم أو يومين وهو مذهب ابن بابويه والمفيد وقال في الجمل ان خرجت ملوثة بالدم فهى بعد حائض تصبر حتى
تنقى وقال المرتضى في المصباح تستظهر عند استمرار الدم إلى عشرة فان استمر عملت ما تعمله المستحاضة ومن المتأخرين من اختار التخيير بين اليوم واليومين والثلاثة وقوى في الذكرى
جواز الاستظهار إلى العشرة وجوز ذلك في البيان لمن ظن كونه حيضا قال الشارح الفاضل وكانه يريد به ظن الانقطاع على العشرة والا فمع التجاوز ترجع ذات العادة إليها وان ظنت
غيرها حجة الأول الروايات الدالة على الاستظهار بيوم أو يومين وحجة المرتضى ما رواه الشيخ في الضعيف عن عبد الله بن المغيرة عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام في المراة ترى الدم فقال إن كان
قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة وإن كانت أيامها عشرا لم تستظهر وعن يونس بن يعقوب في الموثق قال قلت لأبي عبد الله امرأة رأت الدم في حيضها حتى جاوز وقتها متى ينبغي لها ان تصلى
69

قال تنظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستطهر بعشرة أيام فان رأت الدم دما صبيبا فلتغتسل في وقت كل صلاة قال الشيخ رحمه الله معنى قوله بعشرة أيام إلى عشرة وحروف الصفات تقوم
بعضها مقام بعض وهو حسن وحجة القول الثالث روايات ابن أبي نصر وعمرو بن سعيد وسماعة والظاهر عندي ان القول بالتخيير بين الكل قوى كما قواه الشهيد رحمه الله في الذكرى جمعا بينه
الأدلة الا ان الاحتياط في عدم الخروج عن مقتضى الأخبار الصحيحة وثانيهما ان الاستظهار المذكور هل هو على سبيل الوجوب أو الاستحباب أو مطلق الجواز ظاهرا كلام الشيخ في النهاية والجمل
والمرتضى في المصباح الوجوب وقيل بالاستحباب ونسب إلى الأكثر وقال في المعتبر الأقرب عندي انه على الجواز وعلى ما ينقلب عند المراة في حيضها وقيل إنه محمول على الجواز وهو الأقرب لنا على
عدم الوجوب الأخبار الدالة على جواز عدم الاستظهار مثل ما رواه الكليني والشيخ عنه باسناد قوى عندي صحيح على المشهور عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال المستحاضة تنطر
أيامها فلا تصلى ولا يقربها بعلها فإذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر الحديث وعن عبد الله بن سنان في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته
يقول المراة المستحاضة التي لا تطهر قال تغتسل عند صلاة الظهر فتصلى إلى أن قال لا باس بان يأتيها بعلها متى شاء الا أيام قرئها وعن ابن سنان في الصحيح أيضا قريبا منه وعن سماعة
في الموثق قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المستحاضة قال فقال تصوم شهر رمضان الا الأيام التي كانت تحيض فيها وفى الصحيح عن مالك بن أعين قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن المستحاضة
كيف يغشاها زوجها قال تنظر الأيام التي كانت تحيض فيها وحيضها مستقيمة فلا يقربها في عدة تلك الأيام من ذلك الشهر ويغشاها فيما سوى ذلك من الأيام وعن ابن أبي يعفور في
الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال المستحاضة إذا مضت أيام قرئها اغتسلت واحتشت الحديث ويدل عليه أيضا قوله عليه السلام يحتضى أيام أقرائك ولنا على عدم الاستحباب ان استحباب ترك العبادة
لا وجه له والتزام وجوب العبادة أو استحبابها على تقدير اختيار الغسل بعيد جدا حجة القول بالوجوب ورود الامر به في عدة اخبار سبق ذكرها والجواب بعد تسليم ظهور الامر في اخبارنا في
الوجوب انها تصرف عن الظاهر جمعا بين الأدلة وحجة القول بالاستحباب الجمع بين الأخبار السابقة وقد سبق جوابه قال بعض المتأخرين ويمكن الجمع بين الاخبار بحمل اخبار الاستظهار على ما إذا كان
الدم بصفة الحيض والاخبار المتضمنة للعدم على ما لم يكن كذلك وفيه ان التفصيل غير مستفاد من نص دال عليه فارتكابه بدونه تحكم وحمل المصنف في المنتهى الاخبار الواقع باستظهار اليوم أو اليومين أو الثلاثة
على التفصيل اعتمادا على اجتهاد المراة في قوة المزاج وضعفه الموجبين لزيادة الحيض وقلته لا على التخيير نظرا إلى عدم جواز التخيير في الواجب وفيه تأمل الرابعة الحق الشارح الفاضل بالمعتادة
وقتا وعددا في الاحكام السابقة المعتادة عددا وهو غير بعيد نظرا إلى ظاهر صحيحتي محمد بن عمرو وصحيحة زرارة وإن كان أكثر النصوص يختص بالأول الخامسة ذكر المصنف وغيره ان الدم متى انقطع
على العاشر يتبين ان الجميع حيض فيجب عليها قضاء صوم العشرة وإن كانت صامت بعد أيام الاستظهار دون الصلاة وتوقف فيه بعض المتأخرين لفقد ما يصلح دليلا مع أن مقتضى الأخبار السابقة
ما بعد أيام الاستظهار لا يجب عليه قضاء ما صام فيها السادسة المشهور انه إذا تجاوز الدم العشرة في الصورة المذكورة يتبين ان ما بعد أيام العادة طهر فتقضى صلاة
أيام الاستظهار كما أنه تقتضي صومه اتفاقا واستشكله المصنف في النهاية ونقل عن المنتهى القول بعدم الوجوب والذي وجدته في المنتهى خلافه وفى وجوب القضاء تأمل نظرا إلى ظواهر الأخبار السابقة
واستدل على وجوب القضاء بعموم فإنه صلاة والجواب ان الصورة التي منع المكلف فيها شرعا عن الصلاة ليست مصداق فوات الصلاة السابعة ذكر المصنف وغيره ان المبتدأة تجب
عليها الصبر مع استمرار الدم إلى النقاء أو مضى عشرة وهو متجه إذا كان الدم بصفة الحيض وبدون ذلك ففيه اشكال والأكثر لم يذكروا لها وللمضطربة استظهارا وصرح الشهيد في الدروس
باستطهارهما وفى الذكرى أوجب استطهار المبتداة بيوم عند رجوعها إلى نسائها لقول أبى جعفر عليه السلام في موثقة زرارة ومحمد بن مسلم تجب للمستحاضة ان تنظر بعض نسائها فتقتدى باقرائها ثم
تستطهر على ذلك بيوم وقد تتقدم العادة وتتأخر فتترك المعتادة الصلاة برؤية الدم في صورة التقدم والتأخر وقد مر ما يصلح دليلا لهذا الحكم ولو رأت المعتادة العادة والطرفين واحدهما
ولم يتجاوز العشرة فالجميع حيض بناء على أن كل دم ينقطع على العشرة فجميعه حيض وقد سبق اشكال في بعض صور هذه المسألة والا أي وان لم يتجاوز الدم العشرة فالعادة حيض دون الطرفين
لما سبق من أن الدم إما تجاوز العشرة رجعت ذات العادة إليها ويجب الغسل عند الانقطاع باتفاق الأصحاب ودلالة الأخبار المستفيضة وقيد الشارح الفاضل الوجوب بوجوب ما لا
يتم به كالصلاة والطواف للاجماع على عدم وجوب هذا الغسل لغيره ووجه تعليق الوجوب على الانقطاع وفاقا للمعتبر بأنه وقت تمام السبب فيتعلق الوجوب عليه كما يقال يجب على الحائض
القضاء إن كان لا يتحقق الا عند الطهر ولا يخفى ان الشهيد في الذكرى نقل قولا بوجوب الطهارات لنفسه عند وجوب أسبابها ويظهر من المصنف في المنتهى ان له تأملا في هذه المسألة لأنه ذكر
ان وجوب الغسل عليها مشروط بوجوب الغاية ثم قال وإن كان للنظر فيه مجال إذ الامر ورد مطلقا بالوجوب وقد مر تحقيق هذه المسألة سابقا قال بعض المتأخرين ايقاع هذه الأغسال
الواجبة على وجه الاستحباب مشكل جدا وكيفية كغسل الجنابة وهو مذهب العلماء كافة قاله غير واحد من الأصحاب ويدل عليه مضافا إلى الاطلاقات ما رواه الشيخ باسناد معتبر عن عبد الله
الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال غسل الجنابة والحيض واحد وعن أبي بصير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته أعليها غسل مثل غسل الجنب قال نعم يعنى الحائض والمشهور انه لابد له من الوضوء سابقا على
الغسل أو لاحقا له وقد مر في أوائل مباحث الأغسال خلاف المرتضى رحمه الله مع تحقيق الحق في هذه المسألة وأكثر القائلين بوجوب الوضوء خيروا بين تقديم الوضوء على الغسل وتأخيره عنه مع أفضليته
التقديم نظرا إلى روايتي ابن أبي عمير السابقة هناك ونقل عن الشيخ في الجمل القول بوجوب تقديم الوضوء للحائض والنفساء على الغسل ونقله المحقق عن الراوندي في الرابع ولعل مستندهم
ما رواه ابن أبي عمير عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل غسل قبله وضوء الا غسل الجنابة والجمع بينه وبين تلك الرواية الأخرى يقتضى الحمل على الاستحباب ويتخير بين نية الرفع والاستباحة
فيهما على الحالين وعن ابن إدريس انها تنوى نية الاستباحة لا الرفع في صورة تقديم الوضوء وهو ضعيف ويحرم عليها في زمان رؤية الدم كل مشروط بالطهارة كالصلاة والطواف ومس
كتابة القران إما الصلاة والطواف فالظاهر أنه اتفاقي لا اعلم خلافا فيه واما تحريم المس فمعروف بين الأصحاب بل نقل بعضهم الاتفاق عليه ونقل عن ابن الجنيد اطلاق الكراهة عليه
لكنه قد يتعلق الكراهة ويريد التحريم والكلام فيه كما في الجنب وقد مر تحقيقه في محله ولا يصح منها الصوم بلا خلاف والنصوص به مستفيضة من طرق العامة والخاصة من ذلك ما
روى الشيخ عن محمد بن مسلم في الموثق عن أبي جعفر عليه السلام في المراة تطهر في أول النهار في رمضان أتفطر أو تصوم قال تفطر وفى المراة ترى الدم من أول النهار في شهر رمضان أتفطر أو تصوم
قال تفطر انما فطرها من الدم وفى توقف صحة صومها على الغسل وجهان وسيجيئ تحقيقه في كتاب الصوم انشاء الله تعالى ولا يصح طلاقها مع الدخول وحضور الزوج أو حكمه هذا مذهب أصحابنا
بلا خلاف نية بينهم وقد أجمع علماء الأسلم على تحريمه قال الفاضلان وانما اختلفوا في الصحة فذهب علماؤنا إلى عدم الصحة والفقهاء الأربعة إلى الصحة واخبارنا دالة على التحريم
والبطلان ويختص الحكم بحضور الزوج وفى حكم الحاضر من تمكن من استعلام حالها أو لم يبلغ غيبته الحد المسوغ للجواز وفى تقديره أقوال بين علمائنا فقيل إنه ثلثة أشهر وقيل شهر
وقيل المعتبر ان يعلم انتقالها من الطهر الذي واقعها فيه إلى اخر بحسب عادتها وهو المعروف بين المتأخرين وسيجيئ تحقيقه في كتاب الطلاق انشاء الله تعالى
ويحرم عليها اللبث في المساجد
والظاهر أن هذا الحكم متفق عليه بين الأصحاب الا ما حكى عن سلار من القول بالكراهة بل قال في المنتهى انه مذهب عامة أهل العلم وتدل عليه صحيحة محمد بن مسلم وحسنته السابقتان في احكام
الجنابة وتخصيص التحريم باللبث يدل على جواز الاحتياز لهن وهو كذلك وهذا الحكم مختص بغير المسجدين إما هما فقد قطع الأصحاب بتحريم الدخول إليهما مطلقا لقوله عليه السلام في رواية ابن مسلم ولا يقربان
المسجدين الحرمين ويظهر من المحقق في المعتبر التوقف في ذلك حيث قال واما تحريم المسجدين اجتيازا فقد جرى في كلام الثلاثة واتباعهم ولعله لزيادة حرمتهما على سائر المساجد وتشبيها للحائض
بالجنب فليس حالها بأخف من حاله واستناد الحكم إلى النص الذي أشرنا إليه أحسن مما ذكره ولم يذكر المصنف تحريم وضع الحائض شئ في المساجد وقد ذكره الأصحاب لا اعلم خلافا بينهم الا ما حكى
عن سلار من الكراهة وقد مر في مباحث الجنابة ما يدل عليه ويزيده تأكيدا ما رواه الشيخ والكليني عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته كيف صارت الحائض تأخذ ما في المسجد ولا
70

تصنع فيه فقال لان الحائض تستطيع ان تصنع ما في يدها في غيره ولا تستطيع ان تأخذ ما فيه الا منه وتحرم على الحائض قراءة العزائم هذا الحكم متفق عليه بين أصحابنا وقد مر ما
يدل عليه من الاخبار في احكام الجنابة وكذا ابعاضها ولو فرض منها قراءة سورة السجدة وأتمت وجب عليها السجود وأشار إليه المصنف بقوله فتسجد لو تلت إحدى السجدات أو استمعت
من غيرها ولا تحريم فيه والبحث هنا في مواضع الأول المشهور بين الأصحاب ان الحائض إذا استمعت السجدة تسجد ولا يحرم عليه وذهب الشيخ إلى أنه يحرم عليها السجود بناء على أنه
يشترط في السجود الطهارة من النجاسات وادعى في ذلك عدم الخلاف ولأقرب جواز السجود لها وعدم التحريم لاطلاق الأدلة وما رواه الشيخ عن أبي عبيدة الحذاء في الموثق والكليني
عنه في الصحيح قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الطامث تسمع السجدة قال إن كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها وعن أبي بصير في الموثق عن أبي عبد الله قال إن صليت مع قوم فقرا الامام
اقرا باسم ربك إلى أن قال والحائض تسجد إذا سمعت السجدة وعن أبي بصير في الضعيف قال قال إذا قرئ شئ من العزائم الأربعة فسمعتها فاسجد وان كنت على غير وضوء وان كنت
جنبا وإن كانت المراة لا تصلى وسائر القران أنت فيه بالخيار ان شئت سجدت وان شئت لم تسجد ونقل الشيخ الرواية الأولى وحملها على الاستحباب مع أنه حكم بالمنع وقال لا يجوز الا لطاهر
من النجاسات بلا خلاف الثاني هل السجود عليها على سبيل الوجوب أم لا الأكثر على الأول وبعضهم على الثاني وهو قول الشيخ رحمه الله وعندي في المسألة ترد وحجة المشهور اطلاق الأدلة وحجة
الشيخ ما رواه عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح أو الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الحائض هل تقرأ القران وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة قال تقرأ ولا تسجد والشيخ جمع بين
هذه الرواية وروايتي أبي بصير بحمل الروايتين على الاستحباب وحمل هذه على الجواز وهو غير بعيد وأجاب المصنف عن هذه الرواية في المختصر باستضعاف السند وبالحمل على المنع من قراءة العزائم قال
وكأنه عليه السلام قال تقرأ القران ولا تسجد أي لا تقرأ العزيمة التي تسجد لها واطلاق المسبب على السبب مجازا جائز وهو بعيد جدا وأجاب عنه جماعة من المتأخرين بالحمل على السجدات المستحبة بدليل قوله
تقرأ ولا يخلو عن بعد والدلالة منتفية وبالجملة الوجه في تأويل الخبر المذكور أحد الامرين مما ذكره الشيخ والمتأخرون وترجيح أحدهما على الأخر بوجه واضح يصلح للاعتماد غير ظاهر وإن كان تأويل
الشيخ لا يخلو عن رجحان ما الا ان مجرد ذلك لا يكفي لتخصيص اطلاقات الأدلة تأمل فالمسألة محل الاشكال الثالث على تقدير القول بالوجوب هل يختص بالاصغاء والاستماع أو يعم
السماع من غير قصد فيه قولان ولا يختص هذا الخلاف بالحائض بل عام لها ولغيرها والى القول الأول ذهب المحقق وهو ظاهر اختيار المصنف واليه ذهب الشيخ في الخلاف مدعيا عليه اجماع الفرقة والى
القول الثاني ذهب ابن إدريس مدعيا عليه الاجماع حجة الأول ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل سمع السجدة قال لا يسجد الا ان يكون منصتا لقراءته مستمعا
لها أو يصلى بصلاته فاما ان يكون في ناحية وأنت في أخرى فلا تسجد إذا سمعت وفى طريق هذه الرواية محمد بن عيسى عن يونس وفيه كلام يوجب التوقف وحجة القول الآخر عمومات الأدلة
واستضعاف الخبر المذكور والمسألة عندي محل التردد ويحرم على زوجها وطؤها فيعزز اتفق العلماء على تحريم وطى الحائض قبلا بلا خلاف في ذلك بينهم بل نقل عن جماعة منهم التصريح
بكفر مستحل ذلك الا ان يدعى في ذلك شبهة محتملة وقد صرح بذلك الشارح الفاضل ولا ريب في أن من فعل
ذلك فقد فعل محرما وتدل عليه الآية والأخبار الدالة عليه مستفيضة وكذا لا ريب
في أن فاعل ذلك يستحق التعزيز بما يراه الحاكم مع علمه بالحيض وحكمه ويحكى عن أبي علي بن الشيخ أبى جعفر رحمه الله تقديره بثمن حد الزاني ومستنده في ذلك غير معلوم وان جهل الحيض أو نسيه فلا شئ
عليه وان جهل الحكم فقد صرح غير واحد من الأصحاب بأنه لا شئ عليه وللتأمل فيه مجال وان اشتبه الحال فإن كان لتحيرها فقد مر حكمه وإن كان لغير ذلك كما في الزائد على العادة فالإباحة
تقتضي الجواز مضافا إلى الأخبار السابقة في حكم المعتادة ومنع المصنف في المنتهى عن الوطي في صورة استمرار الدم تغليبا لجانب التحريم ولو أخبرت المراة بالحيض فالظاهر وجوب القبول وعند عدم التهمة
لما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال العدة والحيض إلى النساء وروى الكليني والشيخ عنه عن زرارة في الحسن عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال العدة والحيض إلى النساء إذا ادعت صدقت
وروى الشيخ باسناد معتبر عن عبد الله بن المغيرة عن إسماعيل بن أبي زياد وهو ضعيف عن جعفر عن أبيه عليهما السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قال في امرأة ادعت انها حاضت في شهر واحد ثلث
71

حيض فقال كلفوا نسوة من بطانتها ان حيضها كان فيما مضى على ما ادعت فان شهدن صدقت والا فهى كاذبة قوله عليه السلام من بطانتها أي من أهلها وخاصتها استعارة من بطانة الثوب وحمل الشيخ
هذا الخبر على صورة تكون المراة متهمة قال بعض العلماء ومفاد الحديث على تقدير العمل به أخص مما ذكره الشيخ إذ الدعوى فيه مخالفة للعادة الجارية قليلة الوقوع واستدل بعضهم على قبول
قول المراة في الحيض بقوله تعالى ولا يحل لهن ان يكتمن ولولا وجوب القبول لما حرم الكتمان وفيه تأمل ولو ظن كذبها قيل لا يجب القبول وهو قول الشارح الفاضل وقيل يجب واختاره المصنف في النهاية و
الشهيد في الذكرى ويدل عليه عموم الرواية ولو اتفق الحيض في أثناء الوطئ وجب النزع فان استدام فكالمبتدئ ويجب على المراة الامتناع فتعزد لو طاوعته لكن لا كفارة عليها بالاتفاق ويستحب
الكفارة في أوله بدينار وفى أوسطه بنصفه وفى اخره بربعه الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في أن الكفارة على الواطي على سبيل الرجحان وانما اختلفوا في وجوبها واستحبابها فذهب المفيد المفيد و
المرتضى وابنا بابويه والشيخ في الخلاف والمبسوط إلى الوجوب وذهب الشيخ في النهاية الا الاستحباب واختاره أكثر المتأخرين وهو الأقرب لما رواه الشيخ عن عيص بن القاسم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل واقع امرأته وهي طامث قال لا تلتمس فعل ذلك قد نهى الله ان يقربها قلت فان فعل أعليه كفارة قال لا اعلم فيه شيئا يستغفر الله وعن زرارة في الموثق عن أحدهما عليهما السلام قال سألته
عن الحائض يأتيها زوجها قال ليس عليه شئ يستغفر الله ولا يعود احتج القائلون بالوجوب بالاخبار الدالة على الكفارة والجواب انها محمولة على الاستحباب جمعا بين الأدلة على أن الأخبار الواردة
بالكفارة مختلفة وفيه تأييد للاستحباب ففي بعضها انه يتصدق بدينار وفى بعضها ان عليها نصف دينار وفى بعضها انه يتصدق على مسكين بقدر شبعه وفى بعضها التفصيل المشهور و
التفصيل بالفرق بين المضطر وغيره أو الشباب وغيره كما قاله الراوندي لا عبرة به الثاني ما ذكره المصنف من التقدير وهو المعروف بين الأصحاب ذهب إليه الثلاثة واتباعهم واليه ذهب ابن بابويه في
الفقيه وقال في المقنع يتصدق على مسكين بقدر شبعه وجعل ما ذكره الثلاثة رواية ومستند المشهور ما رواه الشيخ عن داود بن فرقد في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام في كفارة الطمث انه يتصدق إذا كان
في أوله بدينار وفى أوسطه نصف دينار وفى اخره ربع دينار قلت فإن لم يكن عنده ما يكفر قال فليتصدق على مسكين واحد والا استغفر الله ولا يعود فان الاستغفار توبة وكفارة لمن لم يجد السبيل
إلى شئ من الكفارة وعلى هذه الرواية حملوا الأخبار الواردة مطلقا بالتصدق بدينار ونصف دينار وعندي ان حملها على التخيير أقرب واعلم أن الأخبار الواردة في هذا الباب لم يبلغ شئ منها حد الصحة
لكنها معتبرة عند الأصحاب معمولة بينهم فالعمل عليها صحيح متجه قال المحقق في المعتبر لا يمنعنا ضعف طريقها عن تنزيلها على الاستحباب لاتفاق الأصحاب على اختصاصها بالمصلحة الراجحة إما وجوبا
أو استحبابا فنحن بالتحقيق عاملون بالاجماع لا بالرواية الثالث المشهور بين الأصحاب ان المعتبر في الأول والوسط والاخر اعتبار عادة المراة فالأول لذات الثلاثة اليوم الأول وهكذا ولذات
الأربعة هو مع ثلث الثاني ولذات الخمسة مع ثلثيه وعلى هذا القياس وعن سلار ان الوسط ما بين الخمسة إلى السبعة وعن الراوندي اعتبار العشرة دون العادة وهما ضعيفان الرابع لا فرق في
الزوجة بين الدائمة والمنقطعة الحرة والأمة لعموم الأدلة وهل يلحق بالأجنبية المشتبهة أو المزني بها في الكفارة فيه وجهان ويشهد للالحاق ما رواه الشيخ باسناد لا يبعد ان يعد موثقا عن أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام قال من اتى حائضا فعليه نصف دينار لعموم الرواية ولو وطئ أمته تصدق بثلاثة امداد قاله الشيخ والصدوق استنادا إلى بعض الروايات المعتبرة انه يتصدق على عشرة
مساكين ولا فرق حينئذ بين أول الحيض ووسطه واخره الخامس مصرف هذه الكفارة الفقراء والمساكين من أهل الايمان على ما صرح به جماعة من الأصحاب ولا يعتبر التعدد بل يكفي الواحد السادس
قالوا المراد بالدينار المثقال من الذهب الخالص قال في الذكرى قدر الشيخان الدينار بعشرة دراهم والخبر خال منه وفى اجزاء القيمة تردد وكذا في اشتراط كونه مضروبا السابع ذكر جماعة من
الأصحاب ان النفساء في الأحكام المذكورة كالحائض غير أنه يمكن اجتماع زمانين أو ثلثة في وطى النفساء وفى تعدد الكفارة حينئذ نظر الثامن هل يتكرر الكفارة يتكرر الموجب فيه أقوال الأول
التكرر مطلقا الثاني عدمه مطلقا الثالث تكرره ان اختلف الزمان كما إذا كان بعضه في أول الحيض وبعضه في وسطه أو تخلل التكفير وهو أقرب واختاره المصنف والشهيد رحمهما الله؟؟؟ على عدم التكرر
71

بدون الامرين ان الحكم معلق على وجود السبب ومقتضاه تحقق الكفارة عند وجود السبب وقد حصل بواحد إذ ليس مقتضى الأدلة الا ايجاب الكفارة بسبب كل فرد ما كونها كفارة
مغايرة لما يلزم بسبب فرد اخر فلا يلزم من اطلاق الأدلة فمن ادعى هذا التخصيص فعليه البيان وما يدعى من أن كل فعل سبب في وجوب الكفارة والأصل عدم التداخل كلام ضعيف و
لنا على التكرر عند اختلاف الوقت ان كل فعل سبب لأمر مغاير لمقتضى الفعل الأخر فلا يستقيم التداخل ههنا وعلى التكرر عند تخلل التكفير ان الفعل سبب للكفارة الواقعة بعده
فلا يحصل الامتثال بالفعل السابق
ويكره وطؤها أي الحائض بعد انقطاعه أي دم الحيض قبل الغسل هذا هو المشهور بين الأصحاب ونقل عن ابن بابويه القول بتحريمه قبل الغسل و
كلامه فيمن لا يحضره الفقيه غير دال على ذلك بل ظاهره خلافه ذلك فإنه قال ولا يجوز مجامعة المراة في حيضها لان الله عز وجل نهى عن ذلك فقال ولا تقربوهن حتى يطهرن يعنى بذلك
الغسل من الحيض فإذا كان الرجل شبقا وقد طهرت المراة وأراد زوجها ان يجامعها قبل الغسل أمرها ان يغسل فرجها ثم يجامعها وظاهر هذه العبارة انتفاء التحريم بدون الغسل ويظهر من
كلام الشيخ أبى على الطبرسي في مجمع البيان ان مذهب الأصحاب زوال التحريم بالوضوء أو غسل الفرج وفى المعتبر ان ظاهر بعض عباراتهم وجوب غسل الفرج والأقرب عندي عدم توقف
زوال التحريم على الغسل لنا ما رواه الكليني عن محمد ابن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر في المراة ينقطع دم الحيض في اخر أيامها قال إذا أصاب زوجها شبق قلنا مرها فلتغتسل فرجها ثم يمسها ان شاء
وروى الشيخ عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قريبا منه وروى أيضا عن محمد بن مسلم في الموثق عن أبي جعفر عليه السلام قريبا منهما وروى الشيخ عن علي بن يقطين في الموثق عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن
الحائض ترى الطهر أيقع عليها زوجها قبل ان تغتسل قال لا باس وبعد الغسل أحب إلى وروى الكليني عن علي
بن يقطين في الضعيف عن أبي الحسن عليه السلام نحوا منه وروى الشيخ عن عبد الله بن بكير
وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن بعض أصحابنا عن علي بن يقطين عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا انقطع الدم ولم تغتسل فليأتها زوجها ان شاء والظاهر أن في سند هذا الحديث اختلالا
كما لا يخفى على الماهر بطبقات الرجال وروى الشيخ في الحسن أو الموثق عن عبد الله بن المغيرة وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عمن سمعه عن العبد الصالح عليه السلام في المراة إذا طهرت من
الحيض فثم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتى تغتسل فان فعل فلا باس به وقال تمس الماء أحب إلى واستدل عليه أيضا بقوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن بالتخفيف كما قراء به السبعة أي يخرجن
من الحيض يقال طهرت المراة إذا انقطع حيضها جعل سبحانه غاية التحريم انقطاع الدم فثبت الحل بعده عملا بمفهوم الغاية لان التحقيق انه حجة وفيه نظر لان ما ذكره من معنى الطهارة وإن كان
صحيحا لغة لكن يجوز ان يكون المراد معناها الشرعي والحقيقة الشرعية وان لم يثبت الا انه لم يثبت نفيها أيضا والاحتمال كاف في مقام المنع سلمنا لكن لا ترجيح لقراءة التخفيف على قراءة التشديد
ومقتضاها ثبوت التحريم قبل الاغتسال فيجب حمل الطهارة هيهنا على المغنى الشرعي جمعا بين القرائتين سلمنا ان الطهارة بمعناها اللغوي لكن وقع التعارض بين المفهوم والمنطوق فيكون
الترجيح للثاني مع أنه مؤيد بمفهوم الشرط في قوله تعالى فإذا تطهرن فاتوهن وهذا التأييد مبنى على أن الامر الواقع بعد الخطر للجواز المطلق إما إذا كان للرجحان المطلق فمفهومه انتفاء رجحان الاتيان
عند عدم التطهر وهو كذلك عند القائلين بجوازه عند عدمه لكونه مكروها عندهم وكذلك الحال إذا كان الامر المذكور للإباحة بمعنى تساوى الطرفين احتج القائلون بالتحريم بقوله تعالى ولا
تقربوهن حتى يطهرن بالتشديد وبما رواه الشيخ عن أبي بصير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن امرأة كانت طامثا فرات الطهر أيقع عليها زوجها قبل ان تغتسل قال لا حتى تغتسل
قال وسألته عن امرأة حاضت في السفر ثم طهرت فلم تجد ماء يوما أو اثنين يحل لزوجها ان يجامعها قبل ان تغتسل قال لا يصلح حتى تغتسل وفى الموثق عن أبان بن عثمن وهو ممن أجمعت العصابة
على تصحيح ما يصح عنهم عن عبد الرحمن قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة حاضت ثم طهرت في سفر فلم تجد الماء يومين أو ثلثة هل لزوجها ان يقع عليها قال لا يصلح لزوجها ان يقع عليها حتى
تغتسل وعن سعيد بن يسار في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له المراة تحرم عليها الصلاة أفلزوجها ان يأتيها قبل ان تغتسل قال حتى تغتسل والجواب عن الآية انه لم يثبت ان التطهير حقيقة
شرعية في المعنى الشرعي حتى يفهم منه معنى الاغتسال وتمام الدليل يحتاج إلى ذلك إذ لو أريد به المعنى اللغوي يجوز ان يكون المراد به انقطاع الدم بالكلية أو زيادة التنظيف الحاصل بسبب غسل
72

الفرج وفيه انه لا ينطبق على المشهور أو يقال على تقدير ان يكون المراد المعنى اللغوي ان تفعل قد جاء في كلامهم بمعنى فعل كقولهم تبين وتبسم وتطعم بمعنى بان وبسم وطعم قيل ومن هذا الباب المتكبر
في أسماء الله تعالى بمعنى الكبير وإذا ثبت ذلك تعين الحمل عليه جميعا بين القرائتين وهذا أولي من حمل النهى في قراءة التشديد على الكراهة ولما بعد الطهر بناء على سبق العلم بتحريمها حالة
الحيض من صدر الآية أعني قوله تعالى فاعتزلوا النساء في المحيض أو حمله على المعنى الشامل للكراهة والتحريم سلمنا لكن الطهارة أعم من الوضوء فلا يفهم منه الاغتسال وهذا الجواب لا يوافق المشهور
من عدم اشتراط الوضوء أيضا في حمل الوطي والجواب عن الروايات انها محمولة على الكراهة جمعا بين الأدلة والتحقيق ان دلالة الآية على شئ من التحريم والجواز غير واضح فيجب العدول عنها إلى الروايات
ومقتضاها نظرا إلى قضية الجمع الجواز كما عرفت ويكره للحائض الخضاب لو رود النهى عنه في الاخبار وفى بعضها نفى البأس عنه والحمل على الكراهة مقتضى الجمع وفى موثقة أبي بصير يخاف عليها
الشيطان عند ذلك وعلله المفيد بأن ذلك يمنع من وصول الماء إلى ظاهر جوارحهن وهو ضعيف وحمل المصحف قال في المعتبر إن كان بعلاقته فاجماع الأصحاب على الكراهية ولمس هامشه على
المشهور بين الأصحاب وجزم ذلك المرتضى رحمه الله ويدل على الكراهة رواية إبراهيم بن عبد الحميد السابقة في أوائل كتاب الطهارة قال المحقق في المعتبر بعد نقل الرواية وانما نزلنا هذا على الكراهية
نظرا إلى عمل الأصحاب ولا باس بتقليبه بعود ونحوه لعدم صدق المس والجواز في المساجد قاله الشيخ في الخلاف واتباعه وحجته غير معلوم قاله المصنف في المنتهى ثم احتمل كون سبب الكراهة إما جعل
المسجد طريقا واما ادخال النجاسة إليه والتعليل الأول يقتضى كراهة الاجتياز في المساجد مطلقا من غير اختصاص بالحائض والثاني ينافي ما ذهب إليه من تحريم ادخال النجاسة في المسجد مطلقا وقراءة
غير الغرائم وفى المعتبر انه مذهب علمائنا لا يختلفون في ذلك ولولا ذلك لكان القول بعدم الكراهة مطلقا متجها لظاهر الأخبار المعتبرة الدالة على نفى الباس والتفضيل المذكور في الجنب من الفرق
بين السبع والزائد عليه غير منسحب هيهنا ويكره الاستمتاع منها بما بين السرة والركبة اتفق العلماء على جواز الاستمتاع من الحائض بما فوق السرة وما تحت الركبة قاله جماعة من الأصحاب
واختلفوا فيما بينهما خلا موضع الدم فالمشهور بينهم جواز الاستمتاع به ومنه الوطي في الدبر وخالف في ذلك السيد المرتضى رحمه الله فذهب في شرح الرسالة إلى عدم جواز الاستمتاع بما بين السرة والركبة
مطلقا والأقرب الأول للأصل ولقوله تعالى والذين هم لفروجهم حافظون الا على أزواجهم أو ما ملكت ايمانهم فإنهم غير ملومين إذ ظاهرها نفى اللوم عن الاستمتاع بهن مطلقا ترك العمل به في موضع
الحيض للأدلة الدالة عليه فيبقى غير ذلك سليما عن مدافعه المعارض ويدل على ذلك من جهة الروايات ما رواه الشيخ عن عبد الله بن بكير في الموثق وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح
عنهم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا حاضت المراة فليأتها زوجها حيث ما اتقى موضع الدم وعن عمر بن يزيد في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما للرجل من الحائض قال ما بين
أليتيها وما لا يوقب وما رواه الكليني في الموثق إلى عبد الملك بن عمرو وهو غير مصرح بالتوثيق ورواه الشيخ عن عبد الملك باسناد فيه اشتراك قال سألت أبا عبد الله عليه السلام ما لصاحب
المرأة الحائض منها قال كل شئ عد القبل بعينه وينقى قول المرتضى أيضا ما رواه الشيخ عن هشام بن سالم في القوى عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يأتي المراة فيما دون الفرج وهي حائض قال
لا بأس إذا اجتنب ذلك الموضع وعن عمر بن حنظلة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما للرجل من الحائض قال ما بين الفخذين وروى الكليني عن معوية بن عمار في القوى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته
عن الحائض ما يحل لزوجها منها قال ما دون الفرج وعن عبد الله بن سنان في الضعيف قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما يحل للرجل من امرأته وهي حائض قال ما دون الفرج وعن عبد الملك ابن عمرو في
الضعيف قال سألت أبا عبد الله عليه السلام ما يحل للرجل من المراة وهي حائض قال كل شئ غير الفرج ثم قال انما المراة لعبة الرجل فان قلت ينافي ما ذكرتم قوله تعالى ويسئلونك عن المحيض قل هو اذى
فاعتزلوا النساء في المحيض الآية للامر بالاعتزال الشامل المطلق الاستمتاع والنهى عن المقاربة الشاملة لذلك قلت لا نسلم ذلك إذا الظاهر أن المحيض هيهنا اسم مكان بمعنى موضع الحيض
كالمبيت والمقيل لا اسم الزمان ولا المصدر والا يلزم ارتكاب التخصيص البعيد للاتفاق على عدم وجوب اعتزالهن بالكلية وأيده بعضهم بان الحكم بالاعتزال على تقدير ان يكون اسم الزمان
72

أو المصدر لما يشمل ما بعد زمان الحيض فكان منتهاه معلوما فنقل الفائدة في قوله تعالى حتى يطهرن واما حديث النهى عن المقاربة فقد أجيب عنه ان الظاهر منها عن المجامعة وإن كانت
أعم منها لغة وعلى كل تقدير فحملها على المعنى العام يستلزم التخصيص البعيد وحملها على المجامعة أولي منه وان قلنا بأنه مجاز ويؤيد ذلك ما روى أن أهل الجاهلية كانوا إذا حاضت
المراة لم يؤاكلوها ولم يجالسوها على فراش ولم يساكنوها في بيت كفعل اليهود والمجوس فلما نزلت اخذ المسلمون بظاهر اعتزالهن فاخرجوهن من بيوتهم فقال ناس من الاعراب يا رسول الله
البرد شديد والثياب قليله فان أثرناهن بالثياب هلك سائر أهل البيت وان استأثرنا بها هلكت الحيض فقال صلى الله عليه وآله انما أمرتم ان تعتزلوا مجامعتهن إذا حضن ولم يأمركم باخراجهن من
البيوت كفعل الأعاجم وقيل إن النصارى كانوا يجامعونهن ولا يبالون بالحيض واليهود كانوا يعتزلوهن في كل شئ فامر الله بالاقتصاد بين الامرين وروى أن اليهود كانوا يعتزلون
النساء في زمان الحيض فسال أصحاب النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فنزلت فقال اصنعوا كل شئ الا النكاح في قوله تعالى فإذا تطهرن فاتوهن نوع تأييد لما ذكرناه لان المراد من الاتيان المجامعة
احتج المرتضى بالآية والاخبار فمنها ما رواه ابن بابويه عن عبيد الله الحلبي في الصحيح ورواه الشيخ باسناد قوى عن أبي عبد الله عليه السلام في الحائض ما يحل لزوجها منها قال تتزر بازار إلى الركبتين
وتخرج سرتها ثم له ما فوق الازار وروى الشيخ عن أبي بصير في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الحائض ما يحل لزوجها منها قال تتزر بإزار إلى الركبتين وتخرج ساقها وله ما فوق الازار
وعن حجاج الخشاب في الموثق قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحائض والنفساء ما يحل لزوجها منها قال تلبس درعا ثم تضطجع معه والجواب عن الآية قد مر وعن الاخبار انها محمولة على الكراهة
أو التقية جمعا بين الأدلة ونحوه الجواب عما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل ما يحل له من الطامث قال لا شئ حتى تطهر ويستحب ان تتوضأ
الحائض عند كل صلاة وتجلس في مصلاها ذاكرة لله تعالى هذا هو المشهور بين الأصحاب لكن جماعة من الأصحاب لم يعينوا لها مكانا وقال المفيد ناحية من مصلاها ونقل عن ابن بابويه القول
بالوجوب ويدل على الأول ما رواه الكليني والشيخ عنه عن زيد الشحام في الحسن بإبراهيم ابن هاشم قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول ينبغي للحائض ان تتوضأ عند وقت كل صلاة ثم
تستقبل القبلة فتذكر الله عز وجل بمقدار ما كانت تصلى ويدل على رجحان فعل ذلك حسنة محمد بن مسلم وغيرها ولعل حجة ابن بابويه ما رواه الكليني والشيخ عنه بإسنادين
أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا كانت المراة طامثا فلا تحل لها الصلاة وعليها ان تتوضأ وضوء لصلاة عند وقت كل صلاة ثم تقعد في موضع
طاهر فتذكر الله عز وجل وتسبحه وتهلل وتحمده بمقدار صلاتها ثم تفرغ لحاجتها وهو غير صريح في الوجوب مع أن طريقة الجمع بين الأدلة تقتضي الحمل على الاستحباب فالأقرب ذلك
وعدم تعيين المكان هو المعتمد كما قاله في المعتبر لخلو الاخبار عنه وفى مشروعية التيمم لها عند تعذر الوضوء وجهان ويجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة هذا الحكم مما لا خلاف
فيه وتدل عليه الاخبار المستنبضة وفى قضاء الصوم المنذور الذي وافق أيام الحيض وجهان وقرب المصنف عدم الوجوب واختار الشهيد الوجوب وهل يلحق باليومية غيرها من
الصلوات الواجبة عند عروض أسبابها كالكسوف وجهان أقربهما ذلك واستثنى الزلزلة لان وقتها تمام العمر ويجب عليها القضاء إذا أدركت من أول الوقت مقدار الطهارة
وأداء الصلاة لما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال في امرأة إذا دخل وقت الصلاة وهي طاهرة فاخرت الصلاة حتى حاضت قال تقضى إذا طهرت وعن
عبد الرحمن بن الحجاج قال سألته عن المراة تطمث بعدما تزول الشمس ولم تصل الطهر هل عليها قضاء تلك الصلاة قال نعم وروى الشيخ والكليني في الصحيح إلى أبى الورد وهو غير موثق
قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن المراة التي تكون في صلاة الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم قال تقوم من مسجدها ولا تقضى الركعتين قال فان رأت الدم وهي في صلاة المغرب
وقد صلت ركعتين فلتقم من مسجدها فإذا طهرت فلتقض الركعة التي فاتتها وبمضمونها عمل ابن بابويه ولو أدركت من أول الوقت أقل مما ذكر لم يجب عليها القضاء عند أكثر الأصحاب
ونقل عن ظاهر ابن بابويه والمرتضى القول بوجوب القضاء إذا أدركت مقدار أكثر الصلاة واستدل على الأول بان وجوب الأداء ساقط ووجوب القضاء تابع لوجوب الأداء وفيه
نظر والوجه ان يستند في ذلك إلى أصل عدم الوجوب ان طهرت في اخر الوقت بمقدار الطهارة وأداء ركعة وجب الأداء مع الاخلال القضاء ونقل في المدارك اجماع الأصحاب على هذا
الحكم ونقل عن المصنف في المنتهى أنه قال لا خلاف فيه بين أهل العلم وذكر الشيخ في التهذيب ان المراة إذا طهرت بعد زوال الشمس إلى أن يمضى فيه أربعة اقدام فإنه يجب عليها قضاء الظهر والعصر
معا وإذا طهرت بعد أن يمضى أربعة اقدام فإنه يجب عليها قضاء العصر لا غير ويستحب لها قضاء الظهر إذا كان طهرها إلى مغيب الشمس وبهذا الوجه جمع بين الاخبار المختلفة الواردة في هذا الباب و
نحوه قال في النهاية والمبسوط وما ذكره الشيخ طريقة حسنة في الجمع بين الاخبار فمما يدل على عدم الوجوب في الصورة المذكورة ما رواه الشيخ والكليني عن الفضل ابن يونس في الموثق قال سألت أبا الحسن
الأول عليه السلام قلت المراة ترى الطهر قبل غروب الشمس كيف تصنع بالصلاة قال إذا رأت الطهر بعد أن يمضى من زوال الشمس أربعة اقدام فلا تصلى الا العصر لان وقت الظهر دخل عليها وهي
في الدم وخرج عنها الوقت وهي في الدم فلم يجب عليها ان تصلى الظهر وما طرح الله عنها في الصلاة وهي في الدم أكثر قال وإذا رأت المراة الدم بعدما يمضى زوال الشمس أربعة اقدام فلتمسك عن الصلاة
فإذا طهرت من الدم فلتقض الظهر لان وقت الظهر دخل عليها وهي طاهر وخرج عنها وقت الظهر وهي طاهر فضيعت صلاة الظهر فوجب عليها قضاؤها ويؤيده ما رواه الشيخ عن معمر بن يحيى في
الحسن بثعلبة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الحائض تطهر عند العصر تصلى الأولى قال لا انما تصلى الصلاة التي تطهر عندها ورواه الكليني عن معمر بن عمر وهو غير موثق ولعل الأوجه ما في التهذيب
وعن محمد بن مسلم في الموثق عن أحدهما عليهما السلام قال قلت المراة ترى الطهر عند الظهر فتشتغل في شأنها حتى تدخل وقت العصر قال تصلى العصر وحدها فان ضيعت فعليها صلاتان ومما
يوافق المشهور ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا طهرت المراة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر والعصر وان طهرت من اخر الليل فلنصل المغرب والعشاء
ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح إلى داود الزجاجي عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا كانت المراة حائضا وطهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر فان طهرت في الليل صلت المغرب والعشاء الآخرة
وعن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا طهرت المراة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء وان طهرت قبل ان يغيب الشمس صلت الظهر والعصر وعن عمر بن حنظلة عن الشيخ
قال إذا طهرت المراة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء وان طهرت قبل ان تغيب الشمس صلت الظهر والعصر ويمكن الجمع بين هذه الأخبار بوجهين الأول حمل خبر الفضل على التقية
والثاني حمل خبر ابن سنان وما في معناها على الاستحباب والثاني أقرب لعدم طهور كون مدلول خبر الفضل معمولا بين العامة بل المشهور بينهم خلافه فتعين الثاني فظهر ان قول الشيخ قوى
متجه وسنعيد الكلام في هذه المسألة في مبحث مواقيت الصلاة
المقصد الثالث في دم الاستحاضة ودم النفاس الاستحاضة في الأصل استفعال من الحيض قال الجوهري
استحيضت المراة أي استمر بها الدم بعد أيامها فهى مستحاضة وقال ابن الأثير الاستحاضة ان يستمر بالمراة خروج الدم بعد أيام حيضها المعتاد يقال استحيضت فهى مستحاضة وظاهر ذلك
عدم سماعها على صيغة المعلوم قيل ويستعمل لفظ الاستحاضة في دم فساد يخرج من عرق في أدنى الرحم يسمى العاذل ويوافقه ما قال في القاموس المستحاضة من يسيل دمها لا من المحيض
بل من عرق العاذل دم الاستحاضة في الأغلب أصفر بارد لقول الصادق عليه السلام في حسنة حفص بن البختري السابقة في أوائل مباحث الحيض ودم الاستحاضة أصفر بارد رقيق لقوله عليه السلام في خبر علي بن
يقطين تدع الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط فإذا رق وكانت صفرة اغتسلت يخرج من الرحم بفتور ومستند هذا
الوصف غير معلوم وفائدة التقييد بالأغلب ان دم الاستحاضة
قد يكون اسود واحمر كالزائد من العادة مع تجاوز العشرة فإنه يحكم بكونه استحاضة وإن كان بصفة الحيض والناقص عن ثلاثة أيام مما ليس بقرح ولا جرح فهو استحاضة لما سبق من أن دم
الحيض لا يكون أقل من ثلاثة أيام ولابد من استثناء النفاس ومع هذا يشكل الحكم فيما لم يكن الدم بصفة الاستحاضة وكذا الزائد عن العادة مع تجاوز العشرة هذا التقييد هو المشهور بين
المتأخرين وقد تقدم في احكام الحيض ان المستفاد من الاخبار ان ما تجده المراة بعد أيام العادة وبعد أيام الاستظهار فهو استحاضة مطلقا سواء انقطع على العاشر أم لا والمستفاد من كلام
73

المصنف ان ما تجده المراة في أيام الاستظهار استحاضة عند تجاوز الدم العشرة حتى أنه يجب عليها قضاء ما فاتها من العبارات وقد مر عدم ظهور دليل عليه لكن الاحتياط فيه وكذا الزائد عن زمان
النفاس لما سيجيئ مع الياس استحاضة لما مر من عدم كونه حيضا ويشكل إذا لم تكن بصفة الاستحاضة مسألة هل يجتمع الحيض مع الحبل أم لا بل ما يراه مع الحبل استحاضة فالأكثر
على أن الحيض يجتمع مع الحبل وهو اختيار أبى جعفر بن بابويه والسيد المرتضى واختاره المصنف في كتبه وقال الشيخ في النهاية وكتابي الاخبار ما تجده المراة الحامل في أيام عادتها يحكم بكونه حيضا وما تراه
بعد عادتها بعشرين يوما فليس بحيض واستحسنه المحقق في المعتبر ونقل المحقق وغيره عن الشيخ في الخلاف أنه قال اجماع الفرقة على أن الحامل المستبين حملها لا تحيض وانما اختلفوا في حيضها قبل
ان يستبين حملها ونحوه قال في المبسوط وقال ابن الجنيد والمفيد رحمه الله لا يجتمع حيض مع حمل ويدل على القول الأول ما رواه الكليني والشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل
عن الحلبي ترى الدم أتترك الصلاة قال نعم ان الحبلى ربما قذفت بالدم وما رواه الكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى ترى الدم وهي حامل كما كانت
ترى قبل ذلك في كل شهر هل تترك الصلاة قال تترك إذا دام ورواه الشيخ أيضا في الصحيح وما رواه الشيخ عن صفوان في الصحيح قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة
أيام تصلى قال تمسك عن الصلاة وما رواه الشيخ والكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الحبلى ترى الدم كما كانت أيام حيضها مستقيما في كل شهر قال
تمسك عن الصلاة كما كانت تصنع في حيضها فإذا طهرت صلت وما رواه الشيخ عن أبي المغرا في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحبلى قد استبان ذلك منها ترى الدم كما ترى
الحائض من الدم قال تلك الهراقة وإن كان دما كثيرا فلا تصلين وإن كان قليلا فلتغتسل عند كل صلوتين وعن أبي بصير في الصحيح عندي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الحبلى تر الدم
؟؟ نعم انه ربما قذفت المراة بالدم وعن حريز في الصحيح عمن اخبره عن أبي جعفر عليه السلام وأبى عبد الله عليهما السلام في الحبلى ترى الدم قال تدع الصلاة فإنه ربما بقى في الرحم الدم ولم يخرج وتلك الهراقة أو عن سماعة
في الموثق قال سألته عن امرأة رأت الدم في الحبل قال تقعد أيامها التي كانت تحيض فإذا زاد الدم على الأيام التي كانت تقعد استطهرت بثلاثة أيام ثم هي مستحاضة وعن إسحاق بن عمار في الموثق
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المراة الحبلى ترى الدم اليوم واليومين قال إن كان دما عبيطا فلا تصلى ذينك اليومين وإن كانت صفرة فلتغتسل عند كل صلوتين وما رواه الكليني عن
سليمان بن خالد في الحسن بإبراهيم عن هاشم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك الحبلى ربما طمثت فقال نعم وذلك أن الولد في بطن امه غذاؤه الدم فربما كثر ففضل عنه فإذا فضل دفعته فإذا دفعته
حرمت عليها الصلاة وعن محمد بن مسلم باسناد فيه ارسال عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن المراة الحبلى قد استبان حملها ترى ما ترى الحائض من الدم قال تلك الهراقة من الدم إن كان
دم احمر كثير فلا تصلى وإن كان قليلا أصفر فليس عليها الا الوضوء احتج الشيخ في كتابي الأخيار على ما اختاره فيهما بما رواه الكليني والشيخ باسناده عن الحسين بن نعيم الصحاف في الصحيح قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان أم ولدى ترى الدم وهي حامل كيف تصنع بالصلاة قال فقال إذا رأت الحامل الدم بعد ما يمضى عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم من الشهر
الذي ترى فيه الدم من الشهر الذي كانت تقعد فيه فان ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث فلتتوضأ وتحتشي بكرسف وتصلى فإذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت
ترى فيه الدم بقليل أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي كانت تقعد في أيام حيضها فان انقطع الدم عنها قبل ذلك فلتغتسل ولتصل وان لم
ينقطع الدم عنها الا بعد ما تمضى الأيام التي كانت ترى الدم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل وتحتشي وتستثفر وتصلى الظهر والعصر الحديث ورواه الشيخ باسناد اخر موثق وهذا الحديث
حديث معتبر جدا صريح في المطلوب فالمتجه التعويل عليه وحينئذ تحمل الأخبار المطلقة السالفة على هذا التفصيل لان المفصل يحكم على المجمل وهذا التأويل في تلك الأخبار غير بعيد لان
بناؤها على الغالب من كون الحيض في زمان العادة احتج المانعون من وقوع الحيض في الحبل بما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام أنه قال قال النبي صلى الله عليه وآله ما كان الله يفعل حيضا مع
حبل يعنى إذا رأت المراة الدم وهي حامل لا تدع الصلاة الا ان ترى على رأس الولد انا ضربها الطلق ورأت الدم تركت الصلاة اورده الشيخ وما رواه الشيخ عن حميد بن المثنى في الصحيح قال
سألت أبا الحسن عليه السلام عن الحبلى ترى الدفعة والدفعتين من الدم في الأيام وفى الشهر وفى الشهرين قالت تلك الهراقة ليس تمسك هذه عن الصلاة والجواب عن الخبر الأول انه خبر ضعيف
لا يصلح لمعارضة الأخبار السابقة
وعن الثاني انه غير دال على موضع النزاع لان الدم المذكور في الخبر لم تجمع شرائط الحيض فإن كان الدم لا يغمس القطنة أي لا يثقبها إلى الخارج بحيث
يصل إلى الخرقة وان دخل في باطن القطنة كثير أوجب عليها الوضوء لكل صلاة على المشهور بين الأصحاب ونسبه المحقق في المعتبر إلى الخمسة واتباعهم وذهب ابن أبي عقيل إلى أنه لم يجب عليها
في هذه الحالة وضوء ولا غسل وذهب ابن الجنيد إلى أنه تجب عليها في هذه الحالة في كل يوم وليلة غسل حجة الأول ما رواه الشيخ عن زرارة في الموثق بابن بكير عن أبي جعفر عليه السلام قال سالت
عن الطامث تقعد بعدد أيامها كيف تصنع قال تستظهر بيوم أو يومين ثم هي مستحاضة فلتغتسل وتستوثق من نفسها وتصلى كل صلاة بوضوء ما لم تنفذ الدم فإذا نفذ
اغتسلت وصلت وقول الصادق عليه السلام في جملة حديث قوى عندي صحيح على المشهور رواه الكليني والشيخ عنه عن معوية بن عمار وإن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت
كل صلاة بوضوء وقول أبي عبد الله عليه السلام في صحيحة الحسين بن نعيم الصحاف فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة وهذه الأخبار
وان لم تكن صريحة في وجوب الوضوء عليها عند وقت كل صلاة لما عرفت من أن الامر وما في معناه غير صريح في ذلك في اخبار الأئمة عليهم السلام الا ان اشتراط صحة الصلاة بالطهارة و
الشك في حصولها بدون ذلك يقتضى المصير إلى المشهور بناء على توقف اليقين بالبراءة من التكليف الثابت عليه وتعضده الشهرة أيضا وحجة ابن أبي عقيل غير معلوم واما حجة ابن الجنيد
فلعله ما رواه الشيخ عن سماعة باسناد لا يبعد ان يعد موثقا قال المستحاضة إذا ثقب الدم الكرسف اغتسلت لكل صلوتين غسلا وللفجر غسلا فإن لم يجز الدم الكرسف فعليها
الغسل كل يوم مرة والوضوء لكل صلاة وان أراد زوجها ان يأتيها فحين تغتسل هذا إذا كان دما عبيطا فإن كانت صفرة فعليها الوضوء والجواب انه محمول على الاستحباب جمعا بين
الأدلة ومما يؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن إسماعيل الجعفي في القوى عن أبي جعفر عليه السلام قال المستحاضة تقعد أيام قرئها ثم تحتاط بيوم أو؟ من فان هي رأت طهر اغتسلت وان هي لم تر طهرا
اغتسلت واحتشت فلا تزال تصلى بذلك الغسل حتى يظهر الدم على الكرسف فإذا ظهر أعادت الغسل وأعادت الكرسف ووجب عليها أيضا مع ذلك تغيير القطنة على المعروف بين الأصحاب
ويظهر من المنتهى انه متفق عليه بيننا فان ثبت ذلك والا كان للتأمل فيه مجال لفقد الدليل عليه مع أن لظاهر رواية إسماعيل الجعفي السالفة نوع منافاة له ويظهر من الشارح
الفاضل ان به نص ولم اطلع عليه وقد تعلل بعدم العفو عن هذا الدم في الصلاة قليلة وكثيره وفيه نظر لما سيجيئ من الدليل على العفو عن نجاسته ما لا يتم الصلاة فيه مطلقا وذكر
غير واحد من الأصحاب انه يجب عليها أيضا غسل ظاهر الفرج وهو ما يبدو منه عند الجلوس على القدمين إذا اصابه الدم وهو مبنى على عدم العفو عن هذا الدم مطلقا وسيجيئ تحقيقه
في محله قال المصنف في النهاية وفى وجوب تغيير الخرقة اشكال أقربه ذلك أن وصل الدم إليها والا فلا وان غمسها وجب مع ذلك المذكور في القسم الأول تغيير الخرقة والغسل لصلاة الغداة
والكلام في تغيير القطنة والخرقة وغسل ظاهر الفرج كما في المسألة السابقة واما الغسل لصلاة الغداة والوضوء للصلوات الأربع فهو المشهور بين الأصحاب قاله المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط
والخلاف والمرتضى وابنا بابويه ونسب إلى سلار وأبى الصلاح وابن البراج وابن إدريس والمنقول عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل انهما سويا بين هذا القسم وبين القسم الذي يأتي في وجوب ثلثة أغسال عليها
واختاره المحقق في المعتبر ورجحه المصنف في المنتهى واختاره جماعة عن المتأخرين وهو أقرب لنا عموم ما رواه الشيخ عن عبد الله وهو ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال المستحاضة تغتسل
عند صلاة الظهر وتصلى الظهر والعصر ثم تغتسل عند المغرب فتصلى المغرب والعشاء ثم تغتسل عند الصبح فتصلى الفجر ولا باس ان يأتيها زوجها متى شاء الا في أيام حيضها الحديث
وما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام وهو قريب من السابق وروى الشيخ عن عبد الله بن سنان في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قريبا ومنها لنا
74

أيضا لصحيحة بن المعز أو موثقة إسحاق بن عمار السابقتين في تحقيق اجتماع الحيض مع الحبل وصحيحة محمد بن مسلم السابقة في مسألة الاستظهار ولنا أيضا عموم ما رواه الكليني الشيخ عنه عن
معوية بن عمار باسناد قوى عندي صحيح على المشهور بين المتأخرين حسن عند بعضهم عن أبي عبد الله عليه السلام قال المستحاضة تنتظر أيامها فلا تصلى فيها ولا يقربها بعلها وإذا جازت أيامها ورأت
الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر والعصر تؤخر هذه وتعجل هذه والمغرب والعشاء غسلا تؤخر هذه وتعجل هذه وتغتسل للصبح الحديث وعن صفوان بن يحيى في الصحيح على المشهور والقوى
عندي عن أبي الحسن عليه السلام قال قلت له جعلت فداك إذا مكثت المراة عشرة أيام ترى الدم ثم طهرت مكثت ثلثة طاهرا ثم رأت الدم بعد ذلك أتمسك عن الصلاة قال لا هذه مستحاضة تغتسل
وتستدخل قطنة بعد قطنة وتجمع بين صلوتين بغسل ويأتيها زوجها ان أراد وما رواه الكليني عن محمد الحلبي في الصحيح على المشهور عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المراة تستحاض فقال قال أبو جعفر
وسئل رسول الله صلى الله عليه وآله عن المراة تستحاض فأمرها ان تمكث أيام حيضها لا تصلى فيه ثم تغتسل وتستدخل قطنة وتستثفر بثوب ثم تصلى حتى يخرج الدم من وراء الثوب وقال تغتسل المراة الذمية بين
كل صلوتين وما رواه الشيخ عن الفضيل وزرارة في القوى أو الأقوى منه عن أحدهما عليهما السلام قال المستحاضة تكف عن الصلاة أيام أقرائها وتحتاط بيوم أو اثنين ثم تغتسل كل يوم وليلة ثلث
مرات وتحتشي لصلاة الغداة وتغتسل وتجمع بين الظهر والعصر بغسل وتجمع بين المغرب والعشاء بغسل الحديث احتج المفصلون بصحيحة الحسين بن نعيم الصحاف عن الصادق عليه السلام حيث قال فيها وان
لم ينقطع عنها الدم الا بعد أن تمضى الأيام التي كانت ترى الدم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل ولتحتش ولتستثفر وتصلى الظهر والعصر ثم لتنظر فإن كان الدم فيما بينهما وبين المغرب لا يسيل من
خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة ما لم تطرح الكرسف عنها فان طرحت الكرسف عنها وسال الدم وجب عليها الغسل قال وان طرحت الكرسف عنها ولم يسل الدم فلتتوضأ
ولتصل ولا غسل عليها قال وإن كان الدم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقى فان عليها ان تغتسل في كل يوم وليلة ثلث مرات وتحتشي وتصلى تغتسل للفجر وتغتسل
للظهر والعصر وتغتسل للمغرب والعشاء الآخرة قال وكذلك تفعل المستحاضة وما رواه الشيخ عن زرارة ورواه الكليني بأسانيد ثلثة منها الصحيح ومنها الحسن قال قلت له النفساء متى تصلى قال تقعد
بقدر حيضها وتستظهر بيومين فان انقطع الدم والا اغتسلت واحتشت واستثفرت صلت فان جاز الدم الكرسف تعصبت واغتسلت ثم صلت الغداة بغسل والظهر والعصر بغسل والمغرب
والعشاء بغسل وان لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد قلت والحائض قال مثل ذلك سواء فان انقطع عنها الدم والا فهى مستحاضة تصنع مثل النفساء سواء ثم تصلى وبموثقه سماعة للمسابقة
والجواب عن الرواية الأولى انه عليه السلام جعل الاستحاضة على قسمين أحدهما الدم الذي لم يسل ولم يوجب فيها غسلا وثانيهما الدم السائل وأوجب فيه الغسل ولا دلالة في ذلك على ما ذكروه من وجوب
غسل واحد في المتوسطة لصلاة الصبح إذ ليس فيها ذكر للمتوسطة صلا ولعل الموضع الذي توهموه محل الاحتجاج قوله عليه السلام فان طرحت الكرسف عنها وسأله الدم وجب عليها الغسل ولا دلالة فيه
على محل النزاع وهو ما لم يحصل السيلان ولا على تعيين كون الغسل للفجر والصحيح ان الغسل للجنس ما بعده كالمبين له وان المراد بالسيلان ثقب القطنة فيشمل القسمين الوسطى والكبرى للمقابلة فيه
وبين القسم الذي لم يوجب فيه غسلا وبالجملة دلالة الخبر على نقيض مدعاهم كما لا يخفى على المتدبر وعن الثانية باحتمال ان يكون المراد بقوله وان لم يجز الدم الكرسف صلت بغسل واحد
غسل الانقطاع بل لا يبعد ان يقال هذا الاحتمال أظهر ويؤيد ذلك اطلاق الغسل وعدم تعيين كونه لصلاة الفجر ولا تعيين الصلاة بكونه صلاة يوم وليلة وشمول قوله وان لم يجز الدم الكرسف
للقليلة بل اختصاصه بها على الظاهر والجمع بينه وبين قوله فان جاز الدم الكرسف قصبت واغتسلت فإنه شامل للمتوسطة وأيضا يحتمل ان يكون المراد منه القليلة أو يكون الغسل على سبيل
الاستحباب سلمنا ظهور الخبر فيما ذكروا لكن يجب حمله على بعض الوجوه المذكور جمعا بين الأدلة وبالجملة عندي ان هذا الخبر أيضا يدل على نقض مدعاهم والمحقق في المعتبر أنكر الوسطى واعتمد في
دفع هذا الخبر على الطعن في طريقة فقال إن المفتى فيه جهول فلعله ممن لا يجب ابتاع قوله قال ولو قيل هذا تقرير لا يساعد عليه النظر وزرارة على صفة العدالة فلا يقول فيها الا توقيفا
قلنا هو لم ينت وانما أخبر ولا عهدة على المخبر إذا حكى القول وان لم يعلم صدقه وتبعه المصنف في المنتهى وجماعة من المتأخرين في الطعن في اسناد الخبر المذكور ولقد أحسن بعض أفاضل المتأخرين حيث
قال بعد نقل كلام المحقق وما أعجبه وابعده عن مقتضى الذوق السليم بعد فرض عدالة الراوي وصحة عقيدته فكيف انضم إلى ذلك جلالة قدره وعدد فضله مع ما هو معلوم من عادة
السلف في مثله وليت شعري أين وجد المحقق لزرارة أو غيره من رواة أحاديثنا حكاية استفتاء لغير المعصوم واثبات ما يفتيه به في عضوين ما يرونه ما هذا بموضع شك ولا مظنا ريبة وانما
هي غفلة عن حقيقة الحال وقلة تدبر في محل الحاجة الشديدة إلى كثرته وقد اعتبر بمثله المتأخرون فاقتفوا فيه الأثر والتحقيق أحق ان يتبع انتهى ومما يؤيد ان هذه الرواية مسند إلى الإمام عليه السلام
في خصوص هذا الموضع ان الشيخ قال بعد هذه الرواية بصفحة تقريبا وقد مضى حديث زرارة فيما رواه الحسين بن سعيد عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام مشروحا لم يتقدم ما
يصلح ان يكون هو المراد سوى الخبر المذكور والجواب مما ذكرنا يعلم عن الرواية الأخيرة وان سال الدم من
الكرسف وجب مع ذلك المذكور في القسم السابق غسل للظهر والعصر تجمع بينهما
بان تؤخر الأولى إلى اخر وقت فضيلتها وتقدم الثانية في أول وقتها والظاهر أن الجمع على هذا الوجه الخاص على وجه الأفضلية وغسل للمغرب والعشاء تجمع بينهما الظاهر أنه لا خلاف
بين الأصحاب في وجوب الأغسال الثلاثة ان هذا القسم ويدل عليه الأخبار السابقة وغيرها مثل ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن ابن أبي عبد الله في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
المستحاضة أيطأها زوجها وهل تطوف بالبيوت قال تقعد قرءها الذي كانت تحيض فيه فإن كان قرؤها مستقيما فلتأخذ به وإن كان فيه خلاف لتحتط بيوم أو يومين ولتغتسل و
لتستدخل كرسفا فإذا ظهر عن الكرسف فلتغتسل ثم تضع كرسفا اخر ثم تصلى فإذا كان دما سائلا فلتؤخر الصلاة إلى الصلاة ثم تصلى الصلاتين بغسل واحد وكل شئ اشتملت
به الصلاة فليأتها زوجها ولتط؟ ر بالبيت واختلف الأصحاب في وجوب الوضوء مع الأغسال وتعدده بتعدد الصلاة فالشيخ في النهاية والمبسوط اقتصر على الأغسال وكذا المرتضى وابنا
بابويه وابن الجنيد على ما نقل عنهم وقال المفيد انه تجمع بين الظهرين بوضوء واختاره المحقق وذهب ابن إدريس إلى وجوب الوضوء لكل صلاة واليه ذهب حماد والمتأخرين والأول
أقرب لما سلف في أوائل مباحث الغسل والظاهر الأخبار المذكورة هيهنا فان قوله عليه السلام تغتسل وتصلى وقوله تجمع بين الصلاتين بغسل وما في معنى ذلك ظاهر فيما ذكرناه احتج المتأخرون
بعموم قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وفيه نظر لما مر من اختصاص الآية بالمحدثين ولم يثبت كون الدم الخارج بعد الغسل حدثا لابد لذلك من دليل وقد بالغ المحقق
في نفى هذا القول فقال وظن غالط من المتأخرين انه يجب على هذه مع هذه الأغسال وضوء مع كل صلاة ولم يذهب إلى ذلك أحد من الطائفتان قال ويمكن ان يكون غلطه لما ذكره
الشيخ رحمه الله في المبسوط والخلاف ان المستحاضة لا تجمع بين فرضين فظن انسحابه على مواضعها وليس على ما ظن بل ذلك يختص بالموضع الذي تغتسل فيه على الوضوء وينبغي التنبيه على
أمور الأول ذكر غير واحد من الأصحاب ان وجوب الأغسال الثلاثة انما يكون مع استمرار الدم سائلا إلى وقت العشاءين فلو طرات القلة بعد الصبح فغسل واحد أو بعد
الظهرين فغسلان خاصة لعل ذلك هو المتجه وإن كان طريق المناقشة فيه غيره فسد نظر إلى عموم الاخبار الثاني ذكر جماعة من الأصحاب ان اعتبار الجمع بين الصلاتين انما هو
لتحصيل الاكتفاء بغسل واحد فلو أفردت كل صلاة بغسل جاز واستحسنه المصنف في المنتهى وقال إنه لا يعرف خلافا في الجواز في بعض الروايات الموثقة انه تغتسل عند وقت كل صلاة وهو
مؤيد لذلك بان يحمل على عدم الجمع ويمكن حمله على الأوقات الثلاثة والأول أقرب وفى رواية يونس الطويلة ان فاطمة بنت أبي جميش كانت تغتسل في كل صلاة الثالث يكفي في وجوب الغسل
حصول السبب مطلقا سواء كان في وقت الصلاة أم لا أم المعتبر حصوله في وقت الصلاة فيه قولان اختار اولهما جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في البيان والشارح الفاضل واختار ثانيهما الشهيد في الدروس
ومال إليه في الذكرى والأول أقرب نظرا إلى عموم الأدلة الدالة على أن الكثرة موجبة للغسل من غير تخصيص موقت الصلاة وقوله عليه السلام في صحيحة الحسين بن نعيم الصحاف ثم لتنظر فإن كان الدم لا يسيل
فيما بينها وبين المغرب فلتتوضأ ولا غسل عليها وإن كان إذا أمسكت يسيل من خلفه صبيبا فعليها الغسل وفى الذكرى ان هذه الرواية مشعره بوقت الصلاة ولا وجه له ويتفرع على الخلاف
75

ما لو طرات القلة أو الانقطاع بعد الكثرة السابقة على وقت الصلاة استمر إلى الفراغ في الصلاة فعلى الأول يجب عليها الغسل دون الثاني ولو كان عروض الكثرة بعد الظهرين
والظاهر أنه لا يتوقف صحة الصوم على الغسل على القولين إما على القول بعدم وجوب الغسل عليها فظاهر واما على القول الآخر فلان هذا الحديث موجب للغسل في الليلة المستقبلة لصلاتها
فلا يتوقف عليه الصوم الحاضر وقرب في الذكرى توقف الصوم عليه وتوقف فيه المصنف في التذكرة الرابع اشترط جماعة من الأصحاب في صحة صلاتها معاقبتها للغسل وهو غير بعيد ولا
يقدح في ذلك الاشتغال بمقدمات الصلاة كالستر وتحصيل القبلة والاذان والإقامة وأمثالها وفى انتظار الجماعة قولان اختار المصنف في النهاية والشهيد في الدروس عدم القدح بذلك ومنعه
بعضهم لعدم الضرورة وفى اعتبار معاقبة الصلاة للوضوء قولان أحدهما نعم لحصول الحدث المتقضي لعدم العفو الا فيما دل الدليل عليه وفيه منع واضح والثاني لا للأصل واختاره المصنف في المختلف
الخامس لم يتعرض الأصحاب لمقدار زمان اعتبار الدم ولا المقدر القطنة ولعل التعويل في ذلك على المعتاد والمتعارف السادس ذكر الأصحاب ان المراة إذا أرادت صلاة الليل تجمع بينها
وبين صلاة الفجر بغسل واحد ولا اعلم فيه خلافا بينهم ولم اطلع على نص دال عليه وهي مع فعل ذلك المذكور من الوضوء والغسل وتغيير القنطة والخرقة بحسب حال الدم بحكم الطاهر فيصح منها جميع
ما يصح منها من الطاهر كالصلاة والصوم ودخول المساجد وغيرها والظاهر عدم توقف الصوم على ما عدا الغسل وفى توقفه على الغسل كلام سيجيئ تحقيقه ومثله قراءة الغرائم والظاهر أن مس
كتابة غير متوقف على تغيير القطنة وغسل الفرج ولا يبعد توقفه على الوضوء عندهم ان لنا بتحريم المس للمحدث بالأحدث الأصغر بناء على أن المستحاضة بدون الوضوء في حكم المحدث والنصوص خال
من هذه التفاصيل والظاهر جواز دخولها المساجد بدون ما ذكر وفى جواز وطيها قبلا بدون ذلك أقوال منها الجواز بدون الغسل والوضوء واختاره جماعة من الأصحاب منهم المحقق في المعتبر ومنها
توقفه على الغسل خاصة ومنها توقفه على الوضوء أيضا ومنها توقفه على جميع ما يتوقف عليه الصلاة ونسبه في الذكرى إلى ظاهر الأصحاب وقد صرح المفيد القول بتوقفه على نزع الخرق غسل الفرج
أيضا والأول أقرب وإن كان الأخير أحوط لنا قوله تعالى ولا تقربوهن حتى يطهرن وقوله تعالى فإذا تطهرن فاتوهن وللعمومات الدالة على جواز وطى النساء مطلقا الا ما خرج بالدليل وقوله عليه السلام في صحيحة عبد الله
ابن سنان وموثقته ولا باس ان يأتيها بعلها متى شاء الا في أيام حيضها وقد يستدل بقوله عليه السلام في رواية صفوان بن يحيى السابقة ويأتيها زوجها إذا أراد وفيه تأمل حجة القول الثاني ما رواه
الشيخ عن مالك بن أعين في القوى قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن المستحاضة كيف يغشاها زوجها قال تنظر الأيام التي تحيض فيها وحيضتها مستقيمة فلا يقربها في عدة تلك الأيام من ذلك الشهر
ويغشاها فيما سوى ذلك من الأيام ولا يغشاها حتى يأمرها فتغتسل ثم يغشاها ان أراد ونقل في المعتبر عن عبد الملك بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام قريبا من ذلك وتبعه غير واحد من المتأخرين ولم يذكروا
رواية مالك ولعل الواقع برواية ملك واسناده إلى عبد الملك سهو والجواب بعد الإغماض من السند انه يجوز ان يكون المراد من الغسل المذكور في الرواية غسل الحيض سلمنا لكنها محمولة
على الكراهة جمعا بين الأدلة ولو سلم ظهورها في التحريم وهذا هو الجواب عن رواية سماعة المذكورة في حكم القليلة حجة القول الثالث بل الأخير قول أحدهما عليهما السلام في رواية زرارة
والفضيل المنقولة بطريق قوى فإذا حلت لها الصلاة حل لزوجها ان يغشاها والجواب عنه بعد الإغماض عن السند انه غير دال على المدعى إذ المراد بحلية الصلاة جواز الدخول فيها بالخروج
من الحيض وزوال المانع الاضطراري وان توقف على شرط كما يقال لا يجوز الصلاة في المكان المغصوب فإذا خرج منه حلت الصلاة وان توقف على شرط أو شروط كالطهارة وأمثالها بل ربما
يدعى ظهور هذا الاحتمال وأمثالها ويمكن الاستدلال عليه أيضا بقول الصادق عليه السلام في صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله السابقة في المسألة المتقدمة وكل شئ استحلت به الصلاة فليأتها
زوجها والجمع بين هذه الرواية وبين صحيحة ابن سنان السابقة ممكن بوجهين أحدهما حمل هذه الرواية على
الاستحباب وثانيهما ارتكاب التخصيص في رواية ابن سنان بان يقال المراد نفى البأس
بشرط حصول الطهارة فترجيح أحد التأويلين على الأخر بوجه يصلح للتعويل غير ظاهر فسقط التعلق بالروايات وبقى التعويل في الجواز على الآيات والعمومات المعتضدة بالأصل والاحتياط
واضح ولو أخلت بالاغسال لم يصح الصوم هذا مذهب الأصحاب وربما يدعى اتفاقهم عليه ويظهر من الشيخ في المبسوط التوقف في هذا الحكم حيث أسنده إلى رواية الأصحاب والأصل في هذه
المسألة ما رواه الكليني والشيخ عن علي بن مهزيار في الصحيح قال كتبت إليه امرأة طهرت من حيضها أو نفاسها من أول شهر رمضان ثم استحاضت وصلت وصامت شهر رمضان من غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة لكل صلوتين فهل يجوز
صومها وصلاتها أم لا فكتب تقضى صومها ولا تقضى صلاتها لان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة عليها السلام والمؤمنات من نسائه بذلك ورواه الصدوق عن علي بن مهزيار بأسانيد ثلثة
فيها الصحيح وربما يتوقف في هذه الرواية نظرا إلى اضمارها وتضمنها ايجاب قضاء الصوم دون الصلاة وهو متروك بين الأصحاب ويندفع الأول مما مر مرارا من أن النقل في أمثال هذه الأخبار
عن الإمام عليه السلام والإضمار غير قادح ويدل عليه ان في الكافي كتبت إليه عليه السلام وفى الفقيه فكتب عليه السلام والثاني بان ايراد الصدوق دليل على أنه يعمل بمقتضاه وكذا كلام الشيخ حيث قال لم
يأمرها بقضاء الصلاة إذا لم تعلم أن عليها لكل صلوتين غسلا أو لا تعلم ما يلزم المستحاضة واما مع العلم بذلك والترك له على العمد يلزمها القضاء ولعل غرض الشيخ الفرق فيما ذكر بين
الصلاة والصوم فان الحكم بالمساواة بينهما وحمل قضاء الصوم على حال العلم وعدم قضاء الصلاة على حال الجهل تأويل فاسد وتعسف ظاهر وحملها بعض الأصحاب على أن المراد انه لا يجب عليها
قضاء جميع الصلوات لان منها ما كان في حال الحيض وهو بعيد قال في المنتقى والذي يختلج بخاطري ان الجواب الواقع في الحديث غير متعلق بالسؤال المذكور فيه والانتقال إلى ذلك من
وجهين أحدهما قوله فيه ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يأمر فاطمة إلى اخره فان أمثال هذه العبارات انما يستعمل فيما يكثر وقوعه ويتكرر وكيف يعقل كون تركهن لها تعلمه المستحاضة في شهر رمضان
جهلا كما ذكره الشيخ أو مطلقا مما يكثر وقوعه والثاني ان هذه العبارة بعينها مضت في حديث من اخبار الحيض مرادا بها قضاء الحائض الصوم دون الصلاة وبينا وجه تأويلها على ما يروى في
اخبارنا من أن فاطمة عليها السلام لم تكن تطمث ولا يخفى ان للعبارة بذلك الحكم مناسبة ظاهرة شهد بها السليقة لكثرة وقوع الحيض وتكرره والرجوع إليه صلى الله عليه وآله في حكمه وبالجملة فارتباطها بذلك
الحكم ومنافرتها لقضية الاستحاضة مما لا يرتاب فيه أهل الذوق السليم وليس بالمستبعد ان يبلغ الوهم إلى وضع الجواب مع غير سؤاله فان من شأن الكتابة في الغالب ان يجمع الاسؤلة
المتعددة فإذا لم ينعم الناقل نظره فيها يقع له نحو هذا الوهم انتهى وهو حسن ثم لا يخفى ان الظاهر من الرواية ان ترك جميع الأغسال موجب لقضاء الصوم واطلاق كلام المصنف يقتضى حصول
فساد الصوم بالاخلال بشئ من الأغسال وقيد ذلك جماعة من المتأخرين بالاغسال النهارية وحكموا بعدم توقف صحة الصوم على غسل الليلة المستقبلة وترددوا في غسل الليلة الماضية
وذكر الشارح الفاضل انها ان قدمت غسل الفجر ليلا أجزاءها عن غسل العشاءين بالنسبة إلى الصوم وان اخرته إلى الفجر بطل الصوم هنا وان لم يكن التقديم واجبا وهذه التفاصيل
غير مستفادة من النص والظاهر عدم وجوب تقديم غسل الفجر عليه للصوم وربما احتمل وجوب التقديم وهو ضعيف وتوقف في ذلك المصنف في النهاية وعلى تقدير وجوب التقديم
هل يعتبر التضييق حيت يجب الاقتصار في التقديم على ما يحصل به الغرض أم يجوز فعله في الليل مطلقا فيه وجهان والظاهر عدم وجوب الكفارة عند الاخلال بالاغسال وذكر ذلك
جماعة من الأصحاب منهم المصنف في التذكرة والشهيدان وغيرهم ولو أخلت بالوضوء أو الغسل لم يصح صلاتها وكذا تغيير القطنة والخرقة وغسل الفرج عندهم علل بأنها اخلالها مع ببعض
ما ذكر إما محدثة أو ذات نجاسة لم يعف عنها فلا تصح صلاتها وغسلها كالحائض في جميع الأحكام والمشهور بين جماعة منهم انه يتعين عليها نية الاستباحة دون الرفع إذا كان قبل
الانقطاع وفيه نظر وذكر بعضهم انه يستثنى من ذلك الموالاة فإنها معتبرة في هذا الغسل تقليلا للحدث وذلك إذا لم يكن الغسل للانقطاع ولا تجمع بين الصلاتين بوضوء وقد
مر تحقيق هذا في المباحث السابقة والمستفاد من كلام المصنف عدم الفرق في ذلك بين صلاة النافلة وغيرها وهو المشهور بينهم ويدل عليه عموم الأدلة وجوز الشيخ صلاة ما شائت
من النافلة بوضوء الفريضة قال في الذكرى ولو جوزنا لها فعل القضاء انسحب الخلاف قال نعم يجوز لها الجمع بين الفرائض والنوافل بغسل واحد لوقته وينبغي التنبيه على أمور الأول
ذكر الشيخ ان انقطاع دم الاستحاضة بعد الوضوء يوجب الوضوء ولم يذكر البر بل كلامه ظاهر في العموم وقيده بعض الأصحاب بالبئر والموجب في الحقيقة هو الدم السابق على الانقطاع
76

لا نفس الانقطاع ويرد عليه ان دم الاستحاضة يوجب الوضوء تارة والغسل أخرى فايجاب الوضوء خاصة تحكم قال في الذكرى وهذه المسألة لم نظفر فيها بنص من قبل أهل البيت
عليهم السلام ولكن ما افتى به الشيخ هو قول العامة بناء منهم على أن حدث الاستحاضة يوجب الوضوء لا غير فإذا انقطع بقى على ما كان عليه ولما كان الأصحاب يوجبون به الغسل
فليكن مستمرا ويرد عليه ان العفو ثابت للدم الخارج بعد الطهارة قبل الصلاة بمقتضى النصوص فلم يكن مؤثرا في النقض والانقطاع ليس بحدث ولو قيل النصوص مختلفة بصورة
الاستمرار قلنا فحينئذ اثبات كون الدم المنقطع يوجب الوضوء يحتاج إلى دليل يدل على كونه حدثا وليس ههنا ما يصلح لذلك ولقائل أن يقول العفو ثابت له بالنسبة إلى الصلاة التي
توضأت أو اغتسلت لها لا مطلقا بل ظاهر الأدلة ان الدم إذا كان كثيرا مثلا يوجب الأغسال الثلاثة فيثبت له حكمه من وجوب الغسل لأجل الصلاة الآتية وان قلت العفو بالنسبة إلى
الصلاة التي تطهرت لها ولو ثبت اجماع على عدم الفرق بين الصلاتين في صورة الانقطاع يلزم استواء الصلاتين في العفو وعدمه والمسألة محل اشكال وعلى كل تقدير فالظاهر عدم
الفرق بين ما إذا كان الانقطاع قبل الدخول في الصلاة أو بعده والشيخ فرق بينهما فأوجب الوضوء في الأول لان دمها حدث وقد زال العذر وظهر حكم الحدث ولم يوجب في الثاني لأنه دخلت
في الصلاة دخولا مشروعا ولا دليل على ايجاب الخروج وفيه نظر لان الحدث كما يمنع من ابتداء الصلاة يمنع من استدامتها والتمسك بالاستصحاب ضعيف كما سيأتي تحقيقه في بعض
المباحث الآتية وقد أشار إليه ابن إدريس ومال المحقق إلى عدم وجوب الاستيناف مطلقا لما مر من أن خروج الدم بعد الطهارة معفو عنه فلا يكون ناقضا والانقطاع ليس بحدث
وقال في الذكرى لا أظن أحدا قال بالعفو عن هذا الدم الخارج بعد الطهارة مع تعقب الانقطاع انما العفو عنه مع قيد الاستمرار واعترض عليه بعموم الاذن لها في الصلاة بعد
الوضوء وهو يقتضى العفو عما يخرج منها من الدم بعد ذلك مطلقا وعندي في هذا المقام تردد وتوقف الثاني الظاهر أنه لو كان انقطاع الدم بعد الطهارة انقطاع فترة إما
لاعتيادها أو باخبار ثقة عارف لم يؤثر في نقض الطهارة كما قاله غير واحد من الأصحاب واطلاق كلام الشيخ يقتضى حصول النقض به مطلقا واعتبر المصنف قصور زمان الفتور عن الطهارة
والصلاة فلو طالت بقدرها وجبت الإعادة فلو لم تعدها وصلت فاتفق العود قبل الفراغ على خلاف العادة وجب عليها إعادة الصلاة الثالث ذكر الأصحاب انه يجب على المستحاضة
الاستظهار في منع الدم من التعدي بقدر الامكان استنادا إلى أن الامر بالاحتشاء والاستثفار الذي ورد به النقل
واستثفار الثياب هو ان يدخل الرجل ثوبه بين رجليه كما
يفعل الكلب بذنبه قال ابن الأثير وفى المغرب استثفر المصارع ازاره وبإزاره إذا اتزر به ثم رد طرفيه بين رجليه فعرزهما في حجزته من خلفه قال واما حديث جهة استثفرى فالاستثفار
ثمة مثل التلجم قال وكيف ما كان فهو من الثفر بالتحريك وهو من السرج ما يجعل تحت ذنب الدابة انتهى وبالجملة المراد بالاستثفار ههنا التلجم تشتد خرقة على وسطها كالتكة وتأخذ خرقة
أخرى وتعقد أحد طرفيها بالأولى من قدام وتدخلها بين فخذيها وتعقد الطرف الآخر من خلفها بالأولى قاله الشارح الفاضل وغيره وبنحو منه فسر ابن الأثير الاستثفار الواقع
في حديث المستحاضة وكذا يلزم الاستظهار في منع التعدي على السلس والمبطون لبعض الروايات الدالة على ذلك والظاهر عدم وجوب تغيير الشداد عند كل صولة في السلس
والمبطون وكذا الظاهر عدم وجوب شد الجروح والدماميل التي لا ترقى قال في المعتبر ولا يجب على من به السلس أو به جرح لا يرقى ان يغير الشداد عند كل صلاة وان وجب ذلك في
المستحاضة لاختصاص الاستحاضة بالنقل والتعدي قياس وتبعه في ذلك بعض الأصحاب وهو يدل على نص يدل على تغيير الشداد في المستحاضة ولم اطلع عليه وقال المصنف في النهاية ولو خرج الدم
بعد الشد فإن كان لغلبته لم يبطل الوضوء وإن كان لتقصيرها في الشد بطل وكذا لو زالت العصابة الضعف الشد وزاد خروج الدم بسببه ولو اتفق ذلك في الصلاة بطلت وللتأمل
فيما ذكره مجال وكذا فيما ذكره بعض الأصحاب من وجوب الاستظهار المذكور في أثناء النهار للصوم
واما النفاس فدم الولادة معها أو بعدها لا قبلها النفاس بالكسر ولادة
المراة يقال نفست ونفست بضم النون وفتحها مع كسر الفاء وفى الحيض بفتح النون قاله الهروي وقد تكرر ذكرها بمعنى الولادة والحيض وهو مأخوذ إما من النفس وهو الدم وانما سمى بذلك
لان النفس التي هي اسم لجملة الحيوان قوامها بالدم واما من خروج النفس يعنى الولد واما من تنفس الرحم بالدم واعتمد في المغرب على الأول وأنكر الأخيرين وقد نقل في عرف الفقهاء إلى
الدم الخارج بعد الولادة أو معها على المشهور بين الأصحاب قاله الشيخ في المبسوط والخلاف ومن تبعه وقال المرتضى النفاس هو الدم الذي تراه المراة عقيب الولادة ونحوه كلام الشيخ في الجمل و
المصنف في المختصر جمع بين القولين فقال والظاهر أنه لا منافاة بينهما فان كلام الشيخ محمول على الغالب لان النفاس يجب ان يكون عقيب الولادة وبالجملة فالدم الذي رأته المراة عند الطلق
قبل ظهور الولد فليس بنفاس باتفاقنا على ما حكاه بعض الأصحاب بل هو استحاضة ان قلنا بان الحيض لا يجتمع مع الحبل والا فحيض وهل يعتبر تخلل أقل الطهر بينه وبين النفاس فيه
وجهان أظهرهما العدم كما اختاره المصنف في التذكرة والمنتهى وما رأته بعد الولادة فهو نفاس بالاتفاق أيضا على ما حكى وما رأته مع الولادة ففيه الخلاف السابق والظاهر أنه نفاس أيضا لحصول
المعنى المشتق منه وخروجه بسبب الولادة فيشمله عموم الأدلة ويصدق المعية بمقارنة خروج ما يعد ادميا وهو ظاهرا وخروج مبدأ نشوا دمى وإن كان مضغة على اليقين ذكره الفاضلان
ومن تبعهما وهو متجه ان صدق الولادة معه إما النطفة والعلقة وهي القطعة من الدم الغليظ فقد قطع جماعة من الأصحاب منهم الفاضلان في المعتبر والمنتهى بعدم ترتب الحكم
عليها وفى الذكرى لو فرض العلم بكون العلقة مبدأ نشوء انسان بقول أربع من القوابل كان نفاسا قال والنطفة أبعد ونقل الشارح الفاضل عن بعض المحققين التوقف فيه
لانتفاء التسمية ثم قال ولا وجه له بعد فرض العلم وفيه ان العلم بكونه مبدأ نشوء انسان لا يستلزم تسمية ولادة عرفا أو لغة والظاهر أنه يتحقق المعية بخروجه مع جزء وإن كان منفصلا
ولاحد لأقله بل يجوز ان يكون لحظة وقد حكى اتفاق الأصحاب على ذلك إذ لا تحديد له في الشرع وقد روى الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام انه سئل عن النفساء قال تدع
الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط وذكر اللحظة لا يفيد التقدير بل مبالغة في القلة كقوله عليه السلام تصدقوا ولو بتمرة ولو بشق تمرة ويجوز ان يخلو الولادة عن الدم ولا نفاس حينئذ لأصالة
البراءة عن ترتب الاحكام عليه واختصاص الأدلة بغيره وقد حكى بعضهم اتفاق الأصحاب على ذلك وأكثره عشرة أيام للمبتدأة في الحيض والمضطربة العادة في الحيض إما بنسيانها
عددا ووقتا وعددا وان ذكرت الوقت إما ذات العادة المستقرة في الحيض فأيامها اختلف الأصحاب في أكثر مدة النفاس فذهب الشيخ في النهاية إلى أنه عشرة أيام وهو المحكي عن علي بن بابويه
وأبى الصلاح وابن البراج واختاره ابن إدريس ونسبه في المبسوط إلى أكثر الأصحاب وقال المفيد رحمه الله في المقنعة وأكثر النفاس ثمانية عشر يوما ثم قال قد جاءت الاخبار معتمدة ان أقصى مدة النفاس
عشرة أيام وعليها اعمل لوضوحها عندي وقال السيد المرتضى انها ثمانية عشر يوما واليه ذهب ابن بابويه في كتابه وهو المنقول عن ابن الجنيد وسلار وقال ابن أبي عقيل في كتابه المتمسك
على ما حكاه المحقق في المعتبر أيامها عند آل الرسول عليهم السلام أيام حيضها وأكثره أحد وعشرون يوما فان انقطع دمها في تمام حيضها صلت وصامت وان لم ينقطع صبرت ثمانية عشر
يوما ثم استظهرت بيوم أو يومين وإن كانت كثيرة الدم صبرت ثلاثة أيام ثم اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت قال المحقق وقد روى ذلك البزنطي في كتابه عن جميل عن زرارة
ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام وحكى الشيخ في المبسوط ان ما زاد على الثمانية عشر لا خلاف بين الأصحاب ان حكمه حكم الاستحاضة وحكى ابن إدريس عن السيد المرتضى أنه قال في مسائل
خلافه عندنا ان الحد في نفاس المراة أيام حيضها التي تعهدها وقد روى أنها تستظهر بيوم أو يومين وروى في أكثره خمسة عشر يوما وروى أكثر من ذلك والا ثبت ما تقدم وذهب جماعة
من الأصحاب منهم المصنف في عدة من كتبه والشهيد في الذكرى والدروس إلى أن ذات العادة المستقرة في الحيض تتنفس بقدر عادتها والمبتدأة والمضطربة بعشرة أيام وذهب في المختلف
إلى أن ذات العادة ترجع إلى عادتها والمبتدأة ثمانية عشر يوما وقال الشهيد في البيان وأكثره للمعتادة عادتها ولغيرها عشرة ثم قال ولو كانت مبتدأة وتجاوز العشرة فالأقرب الرجوع
إلى التمييز ثم النساء ثم العشرة والمضطربة إلى العشرة مع فقد التمييز واختلف الروايات في هذا الباب اختلافا فاحشا فكثير منها يدل على أن أيام النفاس هي أيام الحيض فمنها ما رواه
77

الكليني عن زرارة بأسانيد ثلثة فيها الصحيح والحسن قال قلت له النفساء متى تصلى قال تعقد بقدر حيضها وتستظهر بيومين فان انقطع الدم والا اغتسلت واحتشت واستثفرت
وصلت الحديث ورواه الشيخ أيضا عن زرارة في الصحيح وما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال النفساء تكف عن الصلاة أيامها التي كانت تمكث فيها ثم تغتسل كما تغتسل
المستحاضة وما رواه الكليني والشيخ عنه عن الفضيل بن يسار وزرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أحدهما عليهما السلام قال النفساء تكف عن الصلاة أيام أقرائها التي كانت تمكث فيها ثم
تغتسل وتعمل كم تعمل المستحاضة ورواه الشيخ باسناد اخر قوى وما رواه الشيخ والكليني عن يونس بن يعقوب في الموثق قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول النفساء تجلس أيام حيضها التي
كانت تحيض ثم تستظهر وتغتسل وتصلى وعن زرارة في الموثق بابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في الحيض وتستظهر بيومين وما رواه الشيخ عن
يونس في الموثق والظاهر أنه ابن يعقوب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة ولدت فرات الدم أكثر مما كانت ترى قال فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام فان رأت
دما ضيبا فلتغتسل عند وقت كل صلاة الحديث ولعل المراد بقوله بعشرة أيام إلى عشرة أيام وعن مالك بن أعين في القوى قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء يغشاها زوجها وهي
في نفاسها من الدم قال نعم إذا قضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها ثم تستظهر فلا باس بعد أن يغشاها زوجها يأمرها فتغتسل ثم يغشاها ان أحب وقال الشيخ
في التهذيب والاستبصار وقد روينا عن ابن سنان ان أيام النفاس مثل أيام الحيض ولم أجده في الكتابين وروى الكليني في الصحيح إلى عبد الله بن بكير وهو ممن أجمعت العصابة
على تصحيح ما يصح عنهم عن عبد الرحمن بن أعين وليس في شانه توثيق قال قلت له ان امرأة عبد الملك ولدت فعد لها أيام حيضها ثم أمرها فاغتسلت واحتشت وأمرها ان تلبس ثوبين نظيفين
وأمرها بالصلاة فقالت له لا تطيب نفسي ان ادخل المسجد فدعني أقوم خارجا عنه واسجد فيه فقال قد أمر به رسول الله صلى الله عليه وآله قال وانقطع الدم عن المراة ورأت الطهر وامر علي عليه السلام بهذا قبلكم
فانقطع الدم عن المراة ورأت الطهر فما فعلت صاحبتكم قال ما أدرى ولعل المراد بعبد الملك المذكور في الرواية ابن أعين بقرينة سؤال أخيه وكثير من الاخبار يدل على أن أيام النفاس
ثمانية عشر أو سبعة عشر أو قريبا منهما فمنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن النفساء كم تقعد قال إن أسماء بنت عميس أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله ان تغتسل لثمان
عشرة ولا باس ان تستظهر بيوم أو يومين وروى نحوا منه عن محمد بن مسلم في الموثق عن ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول تقعد النفساء تسع عشر ليلة فان رأت دما صنعت كما تصنع
المستحاضة وعن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام كم تقعد النفساء حتى تصلى قال ثمان عشرة سبع عشرة ثم تغتسل تحتشى وتصلى وعن زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام ان
أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله حين أراد الاحرام بذى الحليفة ان تحتشى بالكرسف والخرق وتهل بالحج فلما قدموا ونسكوا المناسك فاتت لها ثماني عشرة فأمرها
رسول الله صلى الله عليه وآله ان تطوف بالبيت وتصلى ولم تنقطع عنها الدم ففعلت ذلك وروى قريبا منه الكليني والشيخ عنه عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم وما رواه الصدوق عن معوية
بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن أسماء بنت عميس نفست بمحمد بن أبي بكر بالبيداء لأربع بقين من ذي القعدة في حجة الوداع فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله فاغتسلت واحتشت وأحرمت ولبت
مع النبي صلى الله عليه وآله فلما قدموا مكة حتى نفروا من منى وقد شهدت المواقف كلها عرفات وجمعا ورمت الجمار ولكن لم تطف بالبيت ولم تسع بين الصفا والمروة فلما نفروا من منى أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله
فاغتسلت وطافت بالبيت وبالصفا والمروة وكان جلوسها في أربع بقين من ذي القعدة وعشر من ذي الحجة وثلاثة من أيام التشريق وأجاب الفاضلان عن هذه الروايات بأنها
لا تصلح المعارضة الاخبار المتضمنة للرجوع إلى العادة لأنها أكثر والكثرة امارة لرجحان ولان العمل بها أحوط للعبادة وأشبه بمقتضى الدليل وقد ذكر الشيخ في تأويل هذه الأخبار
وجوها أحسنها الحمل على التقية فقال إن كل من يخالفنا يذهب إلى أن أيام النفاس أكثر مما نقوله قال ولهذا اختلف ألفاظ الأحاديث كاختلاف العامة في مذاهبهم وذكر الشيخ وغيره
في تأويل ما تضمن قضية أسماء انها محمولة على تأخر سؤالها للنبي صلى الله عليه وآله حتى انقضت المدة المذكورة فيكون أمرها بعد الثماني عشر وقع اتفاقا لا تقديرا واستشهدوا له بصحيحة زرارة السابقة
لأنه قال فاتت لها ثماني عشرة ولم يقل انه أمرها بالقعود ثماني عشرة ليلة ولما رواه الشيخ عن محمد وفضيل وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام ان أسماء بنت عميس نفست بمحمد إلى أن قال فلما قدموا
ونسكوا المناسك سألت النبي صلى الله عليه وآله عن الطواف وبالبيت والصلاة فقال لها منذ كم ولدت فقال منذ ثماني عشرة فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله ان تغتسل وتطوف الحديث ويدل عليه صريحا ما رواه
الكليني والشيخ بأسناده عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه رفعه قال سألت امرأة أبا عبد الله عليه السلام فقالت انى كنت اقعد في نفاسي عشرين يوما حتى افتوني بثماني عشر يوما فقال أبو عبد الله عليه السلام
ولم أفتوك بثمانية عشر يوما فقال الرجل للحديث الذي روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لأسماء بنت عميس حين نفست بمحمد بن أبي بكر فقال أبو عبد الله عليه السلام ان أسماء سألت رسول الله صلى الله عليه وآله
وقد اتى لها ثمانية عشر يوما ولو سألته قبل ذلك لأمرها ان تغتسل وتفعل كما تفعل المستحاضة قال في المنتقى بعد نقل هذا الحديث ووجدت في كتاب الأغسال حديثا مسندا يشبه ان
يكون هذا الحديث المرفوع اختصارا له والكتاب المذكور منسوب إلى أحمد بن محمد بن عباس صاحب كتاب مقتضب الأثر في عد الأئمة الاثني عشر وقد عده الشيخ والنجاشي في جملة من كتبه
وذكر النجاشي انه كان صديقا له ولوالده وانه سمع منه شيئا كثيرا قال ورأيت شيوخنا يضعفونه فلم ارو عنه شيئا وتجنبته وكان من أهل العلم والأدب القوى وطيب الشعر وحسن
الخط رحمه الله هذا لفظ النجاشي وصورة الحديث الذي أشرنا إليه هكذا حدثني أحمد بن محمد بن يحيى قال حدثنا أسعد ابن عبد الله قال حدثنا إبراهيم بن هاشم عن عثمن بن عيسى عن عمر بن أذينة عن
حمران بن أعين قال قالت امرأة محمد بن مسلم وكانت ولو را اقرا أبا جعفر عليه السلام وأخبره انى كنت اقعد في نفاسي أربعين يوما وان أصحابنا ضيقوا على فجعلوها ثمانية عشر يوما فقال أبو جعفر عليه السلام
من فتاها بثمانية عشر يوما قال قلت الرواية التي رووها في أسماء بنت عميس انها نفست بمحمد بن أبي بكر بذى الحليفة فقالت يا رسول الله كيف اصنع فقال اغتسلي واحتشي وأهلي بالحج
فاغتسلت واحتشت ودخلت مكة ولم تطف ولم تسع حتى انقضى الحج فرجعت إلى مكة فاتت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله أحرمت ولم أطف ولم اسع فقال لها رسول الله صلى الله عليه وآله وكم لك اليوم
فقالت ثمانية عشر يوما فقال لها فاخرجي الساعة فاغتسلي واحتشي وطوفي واسعى فاغتسلت وطافت وسعت وأحلت قال أبو جعفر عليه السلام انها لو سألت رسول الله صلى الله عليه وآله قبل ذلك وأخبرته
لأمرها بما أمرها به
قلت فما حد النفساء فقال تقعد أيامها التي تطمث فيهن أيام أقرائها فان هي طهرت والا استطهرت بيومين أو ثلاثة أيام ثم اغتسلت واحتشت فإن كان انقطع الدم
فقد طهرت وان لم ينقطع فهى بمنزلة المستحاضة تغتسل لكل صلوتين وتصلى ثم قال صاحب المنتقى والحق ان هذا التأويل بعيد عن أكثر الاخبار المتضمنة لقصة أسماء فاعتماد الحمل
على التقية في الجميع أولي وهو حسن ولعل في عدوله عليه السلام عن التصريح بالجواب في صحيحة محمد بن مسلم والاكتفاء بنقل قصة أسماء التي ليست بصريح في الحكم بل نقل مشعر بذلك في مقام الجواب اشعارا
بالتقية فان التتبع شهد بأنهم عليهم السلام كثيرا ما يعدلون في مواضع التقية عن التصريح بالجواب بنقل رواية أو حكاية يفهم منه السائل أو السامع المعنى المناسب للتقية وللمتدبر العارف
بأطوارهم عليهم السلام إلى سبيل معرفة المقصود ولهذا نظائر في كلامهم عليهم السلام فاحفظ ذلك فإنه سينفعك في بعض المواضع وبالجملة الأقرب التعويل على الأخبار الدالة على الرجوع إلى
العادة لكثر لها وصراحتها وبعد التأويل فيها وقرب احتمال التقية في معارضتها لا يقال القائل بمضمون تلك الأخبار المعارضة لما ذكرتم من العامة غير ظاهر فكيف تحملونها على التقية
لأنا نقول القضية المذكورة لما كانت شائعة متعارفة لا سبيل لانكارها كان ذكرها والتمسك بها في مقام التقية من حيث اقتضائه عدم اظهار المذهب والاشعار بخلافه مما
يقرب من قول المخالفين والتقليل في مخالفة المذهب الصحيح مناسبا ولو كان في ذلك مجرد العدول عما عرفت الشيعة به عندهم لكان كافيا في تحصيل غرض التقية قال في المنتقى
ولو استبعد كون التفصيل المذكور في قضية أسماء بكماله منزلا على التقية لأمكن المصير إلى أن القدر الذي يستجد ذلك فيه منسوخ لأنه متقدم والحكم بالرجوع إلى العادة متأخر
وإذا تعذر الجمع تعين النسخ ويكون التقرير للحكم بعد نسخة محمولا على التقية لان في ذلك تعليلا للمخالفة ومع تأدي التقية بالأدنى لا يتخطى إلى الاعلى ويمكن الجمع بين الاخبار
78

بالتخيير بين الغسل بعد انقضاء العادة والصبر إلى انقضاء الثمانية عشر لكن الأول أقرب وعلى كل تقدير فلا ريب في أن للمعتادة الرجوع إلى العادة لاستفاضة الروايات بذلك
وصراحتها في المطلوب ولا يبعد ان يقال لها الاستظهار إلى عشرة أيام لموثقة يونس بن يعقوب السابقة وقد ذكر الشيخ في التهذيب انه لا خلاف بين المسلمين ان عشرة أيام إذا رأت
المراة الدم من النفاس وما زاد على ذلك مختلف فيه هذا حكم المعتادة واما المبتداة فيشكل الامر فيه لعدم نص دال على حكمها صريحا والمصنف في المختصر ذهب إلى أن أيام نفاسها ثمانية عشر نظرا إلى
الأخبار الدالة على أن أيام النفاس ثمانية عشر بناء على أن المعارض فيها مخصوص بالمعتادة وفيه ان تخصيص تلك الأخبار بالمبتدأة تخصيص بعيد وقد يقال إن أسماء تزوجت بابي بكر بعد موت
جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه وكانت قد ولدت منه عدة أولاد ويبعد جدا ان لا يكون لها في تلك المدة كلها عادة في الحيض وهو متجه وقد يناقش في الحكم المذكور بان الحكم بالرجوع
إلى العادة يدل على ارتباط النفاس بالحيض واختلاف عادات النساء لا يقتضى الا اخذ المبتداة بالأكثر منها وهو لا يزيد على العشرة فالقدر المذكور من التفاوت بين المعتادة والمبتدأة
لا يساعد عليه الاعتبار وبالجملة حكم المبتداة محل التردد والاشكال وطريق الاحتياط أسلم وقد ورد في المسألة وروايات أخر دالة على اعتبار ما زاد على ما ذكر فمنها ما رواه الشيخ عن علي بن
يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن النفساء كم يجب عليها ترك الصلاة قال تدع الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط إلى ثلثين يوما فإذا رق وكانت صفرة اغتسلت وصلت
إن شاء الله تعالى ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال تقعد النفساء إذا لم ينقطع عنها الدم ثلثين أربعين يوما إلى الخمسين ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن يحيى الخثعمي في القوى
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن النفساء فقال كما كانت تكون مع ما مضى من أولادها وما جربت قلت فكم تلد فيما مضى قال بين الأربعين والخمسين ومنها ما رواه عن أبي بصير في الموثق
عن أبي عبد الله عليه السلام قال النفساء إذا ابتليت بأيام كثيرة مكثت مثل أيامها التي كانت تجلس قبل ذلك واستظهرت بمثل ثلثي أيامها ثم تغتسل وتحتشي وتصنع كما تصنع المستحاضة وإن كانت لا تعرف
أيام نفاسها فابتليت جلست بمثل أيام أمها وأختها أو خالتها واستظهرت بثلثي ذلك ثم صنعت كما تصنع المستحاضة وتحتشي وتغتسل وفى بعض الروايات الضعيفة انها تقعد أربعين
يوما وأجاب الشيخ عنها بالحمل على التقية وهو حسن وقال ابن بابويه والاخبار التي رويت في قعودها أربعين يوما وما زاد إلى أن يظهر معلولة كلها وردت للتقية لا يفتى بها الا أهل الخلاف
واعلم أن الشارح الفاضل ذكر ان الرجوع إلى العادة انما يكون عند تجاوز العشرة إما إذا انقطع على العشرة فالجميع نفاس وقد نبه عليه المصنف ولا يخفى ان دليله غير واضح بل المستفاد من
عموم الأخبار السابقة خلافه وحكمها كالحائض في كل الاحكام الا الأقل قال في المنتهى وحكم النفساء حكم الحائض في جميع ما يحرم عليها ويكره ويباح ويسقط عنها من الواجبات ويستحب وتحريم
وطئها وجواز الاستمتاع بما دون الفرج لا نعلم فيه خلافا بين أهل العلم وقال في المعتبر والنفساء كالحائض فيما يحرم عليها ويكره وهو مذهب أهل العلم لا اعلم فيه خلافا ويستثنى من الحكم
المذكور أمور الأول الأقل الثاني الأكثر فان في أكثر النفاس خلافا مشهورا بخلاف الحيض الثالث ان الحيض قد يدل على البلوغ بخلاف النفاس فان الدلالة حصلت بالحمل الرابع انقضاء العدة
بالحيض غالبا دون النفاس ولو حملت من زنا ورأت قرائن في زمان الحمل حسب النفاس قرأ اخر وانقضت العدة به الخامس ان الحائض انما ترجع إلى عادتها في الحيض عند التجاوز بخلاف النفساء
فإنها ترجع إلى عادة الحيض لا النفاس السادس ان الحائض ترجع إلى عادة نسائها في بعض الصور بخلاف النفساء وكذا لا ترجع المبتداة والمضطربة إلى الروايات ولا إلى التمييز في النفاس بخلاف
الحيض السابع لا يشترط في النفاسين مضى أقل الطهر كما في التوأمين بخلاف الحيض الثامن النية كما إذا أرادت تخصيص الحدث الموجب للغسل فان هذه تنوى النفاس وتلك الحيض وغسل
النفساء كالحائض والظاهر أنه مذهب العلماء كافة كما قال المحقق في المعتبر ويدل عليه اطلاق الامر بالغسل ويتفرع على اتحاد النفساء والحائض في الاحكام ان النفساء لو استحيضت بان تجاوز
دمها العشرة فإن كانت مبتدأة أو مضطربة جعلت ما بعد العشرة والثمانية عشر استحاضة تعمل فيها ما تعمل المستحاضة حتى يدخل الشهر المتعقب للشهر الذي ولدتا فيه فترجعان مع استمرار الدم
إلى التغيير ثم ترجع المبتداة إلى عادة الأقارب والاقران ثم إلى الروايات والمضطربة مع فقد التمييز إليها وإن كانت معتادة جعلت عادتها النفاس والباقي استحاضة وان وجدت في الشهر
الأول أياما لا تنقص على الثلاثة ولا تزيد على العشرة بصفة الحيض مع تخلل الدم الذي ليس بصفة بينها وبين النفاس فمقتضى ما اخترنا في الحيض من أن التعويل حينئذ على مجرد العادة عدم
التحيض بها وعلى ما اختاره المتأخرون من التحيض بها بناء على أن الرجوع إلى مجرد العادة عند عدم امكان الجمع بينهما وبين التمييز فجعلها حيضا ولو انقطع دم النفاس ثم عاد الدم بعد
انقضاء العشرة فعلى المشهور حيض مطلقا وعلى ما اخترته سابقا حيض إن كان بصفته والا ففيه النظر الذي أشير إليه في مباحث الحيض ولو لم يتخلل أقل الطهر فلا يبعد ان يكون حيضا أيضا إن كان
بصفة إذ لا دليل على اعتبار أقل الطهر بين الحيض والنفاس ولو تراخت ولادة أحد التوابين وهما الولدان في بطن واحد بعدد أيامها من التوام الثاني لصدق الولادة عنده فيثبت له حكمه
وابتداؤه أي ابتداء نفاسها من ولادة التوام الأول لصدق الاسم والظاهر أن كل ما تراه المراة بعد كل منهما نفاس مستقل فيثبت له حكمه لا ان المجموع نفاس واحد كما تشعر بي العبارة ويمكن تخلل
الطهر بين النفاسين وإن كان بعيدا ويتفرع على كونها نفاسين ما لو ولدت الثاني لدن وعشرة من ولادة الأول ولم تر بعد ولادة الأول الا يوما واحدا مثلا وانقطع في باقي الأيام المتخللة
فإنه يحكم بكونه طهرا وان رأت يعد ولادة الثاني في العشرة بخلاف ما لو حكم بكونهما نفاسا واحدا بناء علما سيجيئ من أن الانقطاع المتخلل في أثناء العشرة بحكم النفاس وتردد المحقق في
كون الدم العارض قبل ولادة الثاني نفسا بناء على انها حامل ولا نفاس مع الحمل ثم اختار كونه نفاسا لحصول مسمى النفاس وهو تنفس الرحم به بعد الولادة فيكون لها نفاسا ولو
رأت الدم يوم العاشر فهو النفاس وهذا انما يستقيم على قول من يجعل أيام النفاس عشرة مطلقا واما على رأى المصنف فيحتاج إلى تقييد وتفصيله ان المعتادة لدون العشرة إذا رأت الدم
في جزء من أيام العادة وانقطع على العاشر فالجزء الذي رأت الدم فيه إلى العاشر نفاس بناء على ما سبق من أن دم الحيض إذا انقطع على العاشر فالجميع حيض وقد عرفت ان للاشكال فيه
سبيلا وان تجاوز العشرة فذلك الجزء نفاس خاصة واما من كانت عادتها عشرة أو كانت مبتدأة أو مضطربة فرات الدم يوم العاشر فهو النفاس سواء تجاوز العاشر أو انقطع عليه
واعلم أن هذا الحكم مقطوع به في كلامهم واستشكله بعض أصحابنا المتأخرين بناء على عدم العلم باستناد هذا الدم إلى الولادة وعدم ثبوت الإضافة إليها عرفا ولو رأته أي العاشر
والأول خاصة فالعشرة نفاس هذا متفرع على اتحاد حكم الحائض والنفساء مطلقا الا ما خرج بالدليل وان لم يثبت اجماع على الكلية المذكورة كان للتأمل في الحكم المذكور مجالا لفقد
النص الدال عليه ولابد من التقييد بما إذا انقطع الدم على العاشر كما مرت الإشارة إليه ولو فرض تجاوز العشرة فالحكم كذلك إن كانت عادتها عشرة أو كانت مبتدأة أو مضطربة على قول
المصنف والا فنفاسها الأول خاصة وان صادف الثاني جزء من العبادة فجميع العادة نفاس
المقصد الرابع في غسل الأموات وما يتبعه من التكفين والتحنيط والدفن
وغسل الميت وهو واجب على الاحياء المكلفين بلا خلاف وفيه ثواب عظيم فروى الكليني من سعد الإسكاف عن أبي جعفر عليه السلام قال أيما مؤمن غسل مؤمنا فقال إذا قلبه اللهم
ان هذا بدن عبدك المؤمن وقد أخرجت روحه منه وفرقت بينهما فعفوك عفوك الا غفر الله له ذنوب سنة الا الكبائر وعن سعد بن طريف عن أبي جعفر عليه السلام قال من غسل ميتا نادى
فيه الأمانة غفر له قلت وكيف يؤدى فيه الأمانة قال لا يخبر بما يرى وعن إبراهيم بن عثمن عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما من مؤمن يغسل مؤمنا ويقول وهو يغسله رب عفوك عفوك
الا عفى الله عنه وعن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام قال كان فيما ناجى الله به موسى وبه قال يا رب ما لمن غسل الموتى قال اغسله من ذنوبه كما ولدته امه على الكفاية لا على الأعيان فإذا
أفي به بعض المكلفين سقط عن الباقين وكذا باقي احكامه أي الأحكام المتعلقة بالميت من توجيهه إلى القبلة وتكفينه وتحنيطه ودفنه لا بذل الكفن والحنوط وماء الغسل فإنه مستحب
كما سيأتي وهل المعتبر في السقوط عن المكلفين العلم بوقوع الفعل على الوجه الشرعي أم يكفي الظن الغالب بذلك فيه قولان أقربهما الأول لتحقق التلكيف وعدم دليل دال على سقوطه
بالظن والى الثاني ذهب جماعة عن الأصحاب منهم المصنف استنادا إلى أن العلم بان الغير يفعل كذا في المستقبل ممتنع فلا تكليف به والممكن انما هو تحصيل الظن والاستبعاد وجوب حضور
79

جميع أهل البلد الكثير عند الميت حتى يدفن وفيه ان العلم بقيام الغير حاصل بالمشاهدة أو اخبار جماعة يوجب العلم وليس الوجوب وجوبا مضيقا حتى يجب حضور أهل البلد
جميعا ابتداء نعم من علم الموت وجب عليه الحضور للقيام بالواجبات إذا لم يحصل له العلم القيام الغير بذلك ولا بعد فيه إذا الغالب حصول العلم العادي بذلك في بلاد المسلمين واكتفى بعض
المتأخرين شهادة العدلين في حصول السقوط وذكر الشارح الفاضل ان شهادة العدلين إن كانت بان الفعل قد وقع فمسلم دون ما إذا كانت بأنه يقع أو يلبس فيه ولا يخفى ان اخبار
العدلين بان الفعل قد وقع إذا لم يحصل العلم به انما ينفع لو ثبت ان الشارع جعله حجة في جميع المواضع وللنظر فيه مجال لكل ميت مسلم ومن هو يحكمه على المشهور بين الأصحاب وخالف في ذلك
المفيد رحمه الله فقال في المقنعة ولا يجوز لاحد من أهل الايمان ان يغسل مخالفا للحق في الولاية ولا يصلى عليه الا ان يدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية وهو المنقول عن ابن البراج وهو
ظاهر ابن إدريس واستدل الشيخ في التهذيب للمفيد بان المخالف لأهل الحق كافر فيجب ان يكون حكمه حكم الكفار الا ما خرج بالدليل وإذا كان غسل الكافر لا يجوز فيجب ان يكون غسل
المخالفين أيضا غير جائز قال والذي يدل على أن غسل الكافر لا يجوز اجماع الأمة لأنه لا خلاف بينهم في أن ذلك مخطور في الشريعة ولا يخفى ان اتمام هذا الدليل يتوقف على اثبات
ان المخالف كالكافر في جميع الأحكام ولم يثبت ذلك ولم اطلع على دليل يدل على وجوب الغسل لكل مسلم ولا اجماع ههنا فلأصل يقتضى عدم وجوب تغسيل غير المؤمن وفى حكم المسلم
الطفل المتولد من مسلم وكذا المجنون والحق به أيضا لقيط دار الاسلام وكذا لقيط دار الكفر إذا أمكن من تولده من مسلم وللتأمل فيه مجال وفى وجوب تغسيل مسبى المسلم نظر للشك في التبعة
في جميع الأحكام وكذا في الطفل المتخلف من الزاني المسلم ويدخل في الكلية المذكورة جميع فرق المسلمين عدا الخوارج وهم أهل النهروان ومن دان بمذهبهم ويطلق على كل من كفر عليا عليه السلام
والغلاة جمع غال وهو من اعتقد إلهيه أحد من الناس والشائع اطلاقه على من اعتقد إلهية على علي عليه السلام وكذا يجب استثناء كل من حكم بكفره من فرق المسلمين كالنواصب والمجصمة بل كل من فعل
فعلا أو قال قولا تحقق به كفره وبالجملة لا يجوز تغسيل الكافر مطلقا سواء كان قريبا أو بعيدا وكذا لا يجوز تكفينه ودفنه عند الأصحاب وقد حكى اجماعهم على ذلك وكذا الصلاة عليهم
للآية ويؤيد قوله تعالى ومن يتولهم منكم فإنه منهم ولكون ذلك اكراما لا يصلح للكافر ولما رواه الكليني عن عمار في الموثق عن الصادق عليه السلام سأله عن النصراني يكون في السفر وهو مع المسلمين فيموت
قال لا يغسله المسلم ولا كرامة ولا يدفنه ولا يقوم على قبره وعن المرتضى انه جوز مواراته ان لم يكن من يواريه ويغسل المخالف غسله ولو لم يعرف كيفية الغسل عندهم جاز تغسيله غسل
أهل الحق على المشهور بينهم ويجب عند الاحتضار وهو وقت الشروع في نزع الروح سمى به إما الحضور الملائكة عنده أو لحضور أهله أو لحضور المؤمنين لغرض التجهيز أو لحضور عقل المريض
في تلك الساعة كما ورد في الخبر توجيهه أي الميت إلى القبلة بان يلقى الميت على ظهره ويجعل باطن قدميه إلى القبلة بحيث لو جلس كان مستقبلا للقبلة والحكم بوجوب الاستقبال هو
المشهور بين الأصحاب وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر إلى استحباب الاستقبال والأصل في هذا الباب اخبار كثيرة منهما ما رواه الكليني والشيخ عنه عن سليمان
ابن خالد في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا فات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبل باطن قدميه
ووجهه إلى القبلة وعن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن إبراهيم الشعيري عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام في توجيه الميت قال يستقبل بوجهه القبلة ويجعل قدميه إلى القبلة
وعن معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الميت فقال استقبل بباطن قدميه القبلة ودلالة هذه الأخبار على الوجوب غير واضح لما تكررت الإشارة إليه من أن الامر وما
في معناه غير واضح الدلالة على الوجوب في اخبارنا مع أنه لا دلالة في شئ من تلك الأخبار على كون التوجيه في حال الاحتضار بل يدل على كون ذلك بعد الموت نعم روى ابن بابويه
مرسلا عن علي عليه السلام قال دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على رجل من ولد عبد المطلب وهو في السوق وقد وجه لغير القبلة فقال وجهوه إلى القبلة فإنكم إذا فعلتم ذلك أقبلت عليه الملائكة واقبل الله
عز وجل عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتى يقبض واستدل أيضا على الوجوب بأنه سنة مستمرة بين الأصحاب والتابعين وظاهرها الوجوب والظاهر أن غاية ما يستفاد من هذه الأدلة الاستحباب
قال المحقق في المعتبر بعد نقل نبذة من الأدلة على الوجوب ما استدللنا به على الوجوب ضعيف ولان التعليل في الرواية كالقرينة الدالة على الفضيلة مع أنه أمر في واقعة معينة فلا يدل على العموم
والاخبار الأخر المنقولة عن أهل البيت عليهم السلام ضعيف السند لا يبلغ أن تكون حجة في الوجوب فاذن ما ذكره الشيخ أولي لان استقبال القبلة في مواطن الأدعية والاسترحام حسن
على كل حال واعلم أنه لا خلاف بين أصحابنا في الكيفية المذكورة للتوجيه ويدل عليه الأخبار المذكورة والظاهر أنه يسقط الاستقبال عند اشتباه القبلة وربما احتمل التوجيه إلى
الجهات المختلفة وهو ضعيف لان الغرض متعلق بتوجيهه إلى القبلة بحيث يموت متوجها وهو ممتنع في الصورة المذكورة وهل يسقط بالموت أو يجب دوام الاستقبال به حيث أمكن
فيه وجهان والذي يظهر من عدة من الاخبار اعتبار الاستقبال بعد الموت لكن لا دليل على الدوام والاستمرار فلعل الامتثال يحصل بدون ذلك والأحوط الاستقبال إلى أن
ينقل الغسل وفى الذكرى ان ظاهر الاخبار سقوط الاستقبال بموته وان الواجب ان يموت إلى القبلة قال وفى بعضها احتمال دوام الاستقبال ونبه عليه ذكره حالة الغسل ووجوبه حال
الصلاة والدفن وان اختلفت الهيئة عندنا ولم اطلع على ما ذكره من الاخبار نعم في المرسلة المنقولة عن الفقيه
اشعار بذلك
ويستحب التلقين وهو التفهيم يقال غلام لقن أي
سريع الفهم بالشهادتين والاقرار بالأئمة عليهم السلام ويدل على ذلك روايات منها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا حضرت الميت
قبل ان يموت فلقنه شهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وعن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال كنا عنده وعنده حمران إذ دخل عليه مولى له فقال
له جعلت فداك هذا عكرمة في الموت وكان يرى رأى الخوارج وكان منقطعا إلى أبى جعفر عليه السلام فقال لنا أبو جعفر عليه السلام انظروني حتى ارجع إليكم قلنا نعم فما لبث ان رجع فقال إما انى لو أدركت
عكرمة قبل ان يقع النفس موقعها لعلمته كلمات ينتفع بها ولكني أدركه وقد وقعت النفس موقعها فقلت جعلت فداك وما ذاك الكلام فقال هو والله ما أنتم عليه فلقنوا
موتاكم عند الموت شهادة ان لا إله إلا الله والولاية وروى الكليني عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال ما من أحد يحضره الموت الا وكل به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر
ويشككه في دينه حتى يخرج نفسه فمن كان مؤمنا لم يقدر عليه فإذا حضرتم موتاكم فلقنوهم شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يموت قال الكليني وفى رواية أخرى
قال فلقنه كلمات الفرج والشهادتين وتسمى له الاقرار بالأئمة واحدا بعد واحد حتى ينقطع عنه الكلام وعن أبي بكر الحضرمي قال قال أبو عبد الله عليه السلام والله لو أن عابد وثن وصف
ما تصفون عند خروج نفسه ما طمعت النار من جسده شيئا ابدا وكلمات الفرج لما رواه الكليني والشيخ عنه عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا أدركت
الرجل عند النزع فلقنه كلمات الفرج لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن وما تحتهن ورب
العرش العظيم والحمد لله رب العالمين قال وقال أبو جعفر عليه السلام لو أدركت عكرمة عند الموت لنفعته فقيل لأبي عبد الله عليه السلام بما إذا كان ينفعه قال يلقنه ما أنتم عليه ويستحب للمتحضر متابعة
الملقن في ذلك لما رواه الكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضى فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله قل لا إله إلا الله
العلي العظيم لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين فقال ما فقال رسول
الله صلى الله عليه وآله الحمد لله الذي استنقذه من النار وعن عبد الله بن ميمون القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أمير المؤمنين عليه السلام إذا حضر أحدا من أهل بيته الموت قال له قل لا إله إلا الله العلي العظيم
سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما بينهما ورب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين فإذا قالها المريض قال له اذهب فليس عليك بأس وروى الكليني عن سالم
ابن أبي حفصة عن أبي عبد الله عليه السلام قال حضر رجلا الموت فقيل يا رسول الله ان فلانا قد حضره الموت فنهض رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه ناس من أصحابه حتى اتاه وهو مغمى عليه قال فقال يا ملك
80

الموت تكف عن الرجل حتى اسائله فافاق الرجل فقال النبي صلى الله عليه وآله رأيت قال رأيت بياضا كثيرا وسوادا كثيرا قال فأيهم كان أقرب إليك منك فقال السواد فقال النبي صلى الله عليه وآله قل اللهم اغفر لي الكثير
من معاصيك واقبل منى اليسير من طاعتك فقاله ثم أغمي عليه فقال يا ملك الموت خفف عنه حتى اسائله فافاق الرجل فقال ما رأيت فقال رأيت بياضا كثيرا وسوادا كثيرا قال
فأيهما كان أقرب إليك فقال البياض فقال رسول الله صلى الله عليه وآله غفر الله لصاحبكم قال فقال أبو عبد الله عليه السلام إذا حضرتم ميتا فقولوا له هذا الكلام ليقوله وروى ابن بابويه مرسلا عن الصادق عليه السلام
قال اعتقل لسان رجل من أهل المدينة على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله في مرضه الذي مات فيه فدخل عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال له قل لا إله إلا الله فلم يقدر عليه فأعاد رسول الله صلى الله عليه وآله فلم يقدر عليه وعند رأس
الرجل امرأة فقال لها هل لهذا الرجل أم فقالت نعم يا رسول الله انا امه فقال لها أفراضية أنت عنه أم لا فقالت بل ساخطة فقال صلى الله عليه وآله فانى أحب ان ترضى عنه فقالت قد رضيت عنه لرضاك
يا رسول الله فقال له قل لا إله إلا الله فقال قل يا من يقبل اليسير ويعفوا عن الكثير اقبل منى اليسير واعف عنى الكثير انك أنت العفو الغفور فقالها فقال له ماذا ترى فقال ارى أسودين فدخلا
على قال أعدها فأعادها فقال ما ترى فقال قد تباعدا عنى ودخل أبيضان وخرج الأسودان فما أراهما ودنا الأبيضان منى الان يأخذان بنفسي فمات من ساعته وروى عن رسول الله صلى الله عليه وآله لقنوا موتاكم
لا إله إلا الله فان من كان اخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة ويستحب توبة واستنابة لما يفهم من الاخبار من قبول التوبة وإن كان مخالفا إلى ذلك الوقت ويستحب ان يقرا عنده سورة
والصافات صفا للرواية ونقله إلى مصلاه الذي يكثر الصلاة فيه أو عليه إذا تعسر عليه الموت واشتد به النزع لما رواه الكليني والشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا عسر على الميت موته ونزعه قرب إلى مصلاه الذي كان يصلى فيه وعن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال إذا أشد عليه النزع فضعه في مصلاه الذي كان يصلى فيه أو عليه وروى الكليني
عن ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال إن أبا سعيد الخدري قد رزقه الله هذا الرأي وانه اشتد نزعه فقال احملوني إلى مصلاي فحملوه فلم يلبث ان هلك والتغميض لعينيه واطباق فيه بعد
موته لما رواه الشيخ عن زرارة في الموثق بابن بكير قال ثقل ابن لجعفر وأبو جعفر جالس في ناحية فكان إذا دنا منه انسان قال لا تمسه فإنما يزداد ضعفا واضعف ما يكون في هذه الحال ومن مسه في هذه
الحال أعان عليه فلما قضى الغلام أمر به فغض عيناه رشد لحياة ثم قال إن نجزع ما لم ينزل أمر الله فإذا نزل أمر الله فليس لنا الا التسليم ثم دعا بدهن فادهن واكتحل ودعا بطعام فاكل ومن معه
ثم قال هذا هو الصبر الجميل ثم أمر به فغسل ولبس جبة خز ومطرف خز وعمامة خز وخرج فصلى عليه وعن أبي كهمش قال حضرت موتى إسماعيل وأبو عبد الله عليه السلام جالس عنده فلما حضره
الموت شد لحيته وغمضه وغطى عليه الملحنة ثم أمر بتهنئة فلما فرغ من امره دعا بكفنه فكتب في حاشية الكفن إسماعيل يشهد ان لا إله إلا الله ومد يده إلى جنبيه وساقيه ان كانتا مقبضتين
ذكره الأصحاب وقال في المعتبر لم اعلم على ذلك نقلا عن أهل البيت عليهم السلام ولعل ذلك ليكون أطوع للغاسل وأسهل للدرج وتغطيته بثوب لرواية أبى كهمش السابقة عن قريب والتعجيل
أي تعجيل تجهيزه والظاهر أنه لا خلاف في استحباب تعجيل دفن الميت وقد روى الكليني عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله يا معشر الناس لا ألافين رجلا مات له ميت ليلا فانتظر به الصبح
ولا رجلا مات له ميت نهارا فانتظر به الليل لا تنتظروا بموتاكم طلوع الشمس ولا غروبها عجلوا بهم إلى مضاجعهم يرحمكم الله قال الناس وأنت يا رسول الله يرحمك الله وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا مات الميت فلا يقبل الا في قبره واستحباب التعجيل عام لكل مؤمن الا المشتبه فينتظر به إلى أن يتحقق موته فان في دفنه إعانة على قتله وقد روى عن الكاظم عليه السلام ان أناسا
دفنوا احياء ما ماتوا الا في قبورهم وقد ذكر من علاماته انخساف صدغيه ونيل انفه وامتداد جلده ووجهه وانخلاع كفه من ذراعه واسترخاء قدميه وتقلص أنثييه إلى فوق مع تدلى الجلدة وقال
ابن الجنيد من علامته زوال النور من بياض العين وسوادها وذهاب النفس وذهاب البيض وعن جالينوس ان
أسباب الاشتباه الاغماء ووجع القلب وافراط الرعب أو الغم أو الفرح أم الأذية
المنجدرة فيستبرأ ببيض عروق بين الأنثيين أو عرق يلي الحالب والذكر بعد الغمز الشديد أو عرق في باطن الالية أو تحت اللسان أو في بطن المنخر وروى الكليني عن هشام بن الحكم في الحسن عن أبي
الحسن عليه السلام في المصعوق والغريق قال ينتظر به ثلاثة أيام الا ان يتغير قبل ذلك وعن إسحاق بن عمار في الموثق قال سألته عن الغريق أيغتسل قال نعم ويستبرأ قلت وكيف يستبرأ قال يترك
ثلاثة أيام قبل ان يدفن وكذلك أيضا صاحب الصاعقة فإنه ربما ظنوا انه مات ولم يمت وعن عمار في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال الغريق يحبس حتى يتغير ويعلم انه قد مات ثم يغسل و
يكفن قال وسئل عن المصعوق فقال إذا صعق حبس يومين ثم يغسل ويكفن وروى الشيخ مثله عن إسحاق بن عمار عن الصادق وعن أبي إبراهيم عليه السلام ينبغي للغريق والمصعوق ان يتربص به
ثلثا لا يدفن الا ان يجيئ منه ريح تدل على موته وروى الكليني والشيخ عنه عن إسماعيل بن عبد الخالق بأسناد فيه توقف عن أبي عبد الله عليه السلام خمس ينتظر بهم الا ان يتغيروا الغريق و
المعصوق والمبطون والمهدوم والمدخن والظاهر أن التحديد باليومين والثلاثة في بعض تلك الأخبار مبنى على الغالب من حصول العلم بعد ذلك والضابط الانتظار إلى حصول العلم و
يكره طرح الحديد على بطنه ذكر ذلك جماعة من الأصحاب منهم الشيخان وقال الشيخ سمعناه مذاكرة من الشيوخ رحمهم الله تعالى واحتج في الخلاف باجماع الفرقة وذكر المصنف وجماعة انه يكره غير
الحديد أيضا وينقل عن ابن الجنيد خلاف في ذلك ويكره أيضا حضور الجنب والحائض عنده قال المحقق في المعتبر وبكراهة ذلك قال أهل العلم ويدل عليه ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب عن أبي
عبد الله عليه السلام قال لا تحضر الحائض الميت ولا الجنب عند التلقين ولا باس ان يليا غسله وعن علي بن أبي حمزة قال قلت لأبي الحسن عليه السلام المراة تقعد عند رأس المريض وهي حائض في حد الموت فقال
لا باس ان تموضه وإذا خافوا عليه وقرب ذلك فلتتنح عنه قال المحقق والحديثان وإن كان ضعيف سندهما فان فتوى الفضلاء بكراهة ذلك والظاهر اختصاص الكراهة بزمان الاختصار
إلى أن يتحقق الموت ويحتمل استمرار كراهة الحضور هل تزول بالتيمم عند تعذر الغسل فيه وجهان وهل تزول بانقطاع الدم قبل الغسل فيه وجهان أيضا ولعل زوال الكراهة في الصورتين
أقرب واولى الناس بغسله أوليهم بميراثه والمراد من يرث أولي ممن لا يرث واحتجوا عليه بقوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض وما رواه الشيخ عن عبد الله بن المغيرة باسنادين
لا يبعد ان يكون صحيحا وعبد الله ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن غياث بن إبراهيم الرازي وهو مجهول عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال يغسل الميت أولي الناس
به والرواية غير دالة على أن الأولوية على سبيل الوجوب بحيث يحرم على الغير فعله بدون اذن الولي ولا على أن المراد الأولوية في الميراث قال بعض المتأخرين ولا يبعد ان يراد
أشد الناس علاقة واعلم أنه ذكر المصنف وغيره ان الرجال في كل مرتبة أولي من مراتب الإرث أولي من النساء في تلك المرتبة من غير فرق بين ان يكون الميت رجلا أو امرأة وذكروا
ان الميت لو كان امرأة لا يمكن للولي لذكر مباشرة تغسيلها اذن للمماثل فلا يصح بدون ذلك وقيل باختصاص الحكم بالرجال واما النساء فالنساء أولي بغسلهن ومستنده غير ظاهر
نعم لو قيل باختصاص الحكم بالرجال واما النساء فلا أولوية للرجال في تغسيلهن لم يكن بعيدا لاختصاص الرواية المذكورة التي هي الأصل في هذه المسألة بمن يمكن مباشرة الغسل له
فيجب الرجوع في غيره إلى مقتضى الأصل والعمومات وذكر غير واحد من الأصحاب انه مع فقد الولي أو امتناعه يعتبر اذن الامام ثم الحاكم ومستنده غير واضح
والزوج أولي بزوجته من جميع
أقاربها في كل احكام الميت لما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال الزوج أحق بالمراة حتى يضعها في قبرها قال في المعتبران مضمون الرواية متفق عليه فعلى هذا لا ينافي العمل
بها معارضة صحيحة حفص بن البختري وغيرها وسيجيئ لهذا زيادة تحقيق في كتاب الصلاة ولا فرق في الحكم المذكور بين الدائمة والمنقطعة لاطلاق الدليل ويشترط المماثلة بين
الغاسل والمغسول في الذكورة والأنوثة اختيارا فيجب ان يغسل كل من الرجل والمراة مثله وقد حكى الاتفاق على ذلك واستثنى من ذلك مواضع منها ما أشار إليه المصنف بقوله ويجوز
لكل من الزوجين تغسيل الأخر اختيارا اختلف الأصحاب في تغسيل كل من الزوجين الأخر فذهب الأكثر إلى جواز ذلك اختيارا فمنهم من لم يشترط كون التغسيل من وراء الثياب
وهو المنقول عن السيد المرتضى في شرح الرسالة وابن الجنيد والجعفي وظاهر الشيخ في الخلاف والمبسوط ومنهم من اشترط ذلك وهو المنقول عن الشيخ في النهاية وابن زهرة
واختاره غير واحد من المتأخرين وذهب الشيخ في كتابي الاخبار إلى اختصاص ذلك بحال الاضطرار والأقرب الأول لما رواه الشيخ والكليني عن منصور بن حازم في الصحيح
81

قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يخرج في السفر ومعه امرأته يغسلها قال نعم وامه وأخته ونحو هذا يلقى على عورتها خرقة ورواه ابن بابويه أيضا وعن محمد بن مسلم في
الحسن قال سألته عن الرجل يغسل امرأته قال نعم انما يمنعها أهلها تعصبا واما ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يموت وليس معه الا النساء قال تغسله امرأته
لأنها منه في عدة وإذا ماتت لم يغسلها لأنه ليس منها في عده فمحمول على التقية لموافقته لقول أبي حنيفة والثوري والأوزاعي على ما نقل عنهم وحملها الشيخ على إرادة تغسيل الزوج لها
مجردة وهو حمل بعيد ويدل على اعتبار كون الغسل من وراء الثياب روايات كثيرة منها ما رواه الكليني والشيخ عن أبي الصباح الكناني في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يموت في السفر
في ارض ليس معه الا النساء قال يدفن ولا يغسل والمراة يكون مع الرجل قال تكون بتلك المنزلة تدفن ولا تغسل الا ان يكون زوجها معها فإن كان زوجها معها غسلها من فوق
الدرع ويسكب الماء عليها سكبا ولا ينظر إلى عورتها ويغسله امرأته ان مات والمراة ليست بمنزلة الرجال المراة أسوء منظرا إذا ماتت وعن داود بن سرحان في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام
مثله ومنها ما رواه الكليني والشيخ عن الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله الا النساء قال تغسله امرأته وذو قرابة إن كانت له وتصب النساء
عليه الماء صبا وفى المراة إذا ماتت يدخل زوجها يده تحت قميصها فيغسلها ومنها ما رواه الشيخ والكليني عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عليه السلام باسناد لا يبعد ان يعد موثقا قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يموت وليس عنده من يغسله الا النساء هل تغسله النساء فقال تغسله امرأته أو ذات محرمه وتصب عليه النساء الماء صبا من فوق الثياب وعن سماعة في الموثق قال
سألته عن المراة إذا ماتت فقال يدخل زوجها يده تحت قميصها إلى المرافق فيغسلها وعن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام نحوا منه وروى الشيخ عن الحلبي أيضا باسناد فيه جهالة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال سئل عن الرجل يغسل امرأته قال نعم من وراء الثياب لا ينظر إلى شعرها ولا إلى شئ منها والمراة تغسل زوجها لأنه إذا مات كانت في عدة منه وإذا ماتت هي فقد انقضت عدتها و
منها رواية عبد الله بن سنان الآتية عند شرح قول المصنف ويأمر الأجنبية ويمكن الجمع بين هذه الأخبار والخبرين السابقين بوجهين أحدهما تقييد الخبرين السابقين بناء على أن
المطلق يحمل على المقيد عند التعارض وعليه عول من اشترط كون التغسيل من وراء الثياب لكن هذا التأويل بعيد جدا في صحيحة منصور فإنها كالصريحة في أن المعتبر ستر العورة وحسب و
العجب ان بعض الأصحاب استدل بالصحيحة المذكورة على الاشتراط المذكور ثانيهما حمل تلك الأخبار على
الأفضلية والاستحباب وهو المتجه ثم لا يخفى ان تلك الروايات لا تصلح أن تكون حجة
لاشتراط كون الغسل من وراء الثياب في الزوج والزوجة جميعا لاختصاصها بتغسيل الزوجة بل ظاهر غير واحد من تلك الأخبار مخالفة حكم الزوج للزوجة لكن القائلين بالاشتراط
لم يفرقوا بينهما ومما يدل على عدم اشتراط كون التغسيل من وراء الثياب ما رواه الكليني والشيخ وابن بابويه عن عبد الله بن سنان في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
أيصلح له ان ينظر إلى امرأته حين تموت أو يغسلها ان لم يكن عندها من يغسلها وعن المراة تنظر إلى مثل ذلك من زوجها حين يموت قال لا باس بذلك انما يفعل ذلك أهل المراة كراهة
ان ينظر زوجها إلى شئ يكرهونه منها وما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الحسن قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا مات الرجل مع النساء غسلته امرأته فإن لم تكن امرأته معه غسلته
أوليهن به وتلف على يدها خرقة احتج من ذهب إلى اختصاص الحكم بحال الاضطرار بما رواه الشيخ عن أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام قال لا يغسل الرجل المراة الا ان لا يوجد امرأة وأجاب عنه المصنف بالمنع
من السند وبالحمل على الاستحباب أو على الرجل الأجنبي قال ويكون الاستثناء إشارة إلى ما روى أنه يغسل من الأجنبية وجهها وكفيها واعلم أن اطلاق النصوص والفتاوى يقتضى عدم الفرق
في الزوجة بين الدائمة والمنقطعة والحرة والأمة قالوا والمطلقة رجعية زوجه بخلاف البائنة وفى الذكرى ولا عبرة بانقضاء عدة المراة عندنا بل لو نكحت جاز لها تغسيله وإن كان الفرض
بعيدا وفى المولى منها والظاهر عنها نظر ويجوز للسيد تغسيل أمته الغير المزوجة والمعتدة ومدبرته وأم ولده لأنهن في حكم الزوجة دون المكاتبة وفى تغسيل الأمة للسيد أقوال أحدها
الجواز الاستصحاب حكم الملك وثانيهما المنع لانتقالها إلى الورثة وثالثها تخصيص الجواز بام الولد لما رواه إسحاق بن عمار باسناد لا يخلو عن قوة عن جعفر عن أبيه ان علي بن الحسين عليهما السلام أوصى
ان يغسله أم ولد له إذا مات فغسلته ومنها ما أشار إليه المصنف بقوله ويغسل الخنثى المشكل بالنصب محارمه بالرفع من وراء الثياب لعدم امكان الوقوف على المماثل والمراد بالمحرم ههنا
من حرم نكاحه ومؤيدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة كالأم والأخت وبنتها وزوجة الأب والولد واحترز بالتأييد عن أخت الزوجة وبنت غير المدخول بها حيث توقف نكاحها على
مقارنة الأخت والام قال الشارح الفاضل وقد صرح بهذا القيد جماعة من الأصحاب ومن تركه فإنما هو لظهوره والمصنف في كثير من كتبه والمحقق في المعتبر لم يذكروا المعاصرة هنا في
تعريف المحرمية ووجهه غير واضح ومنها ما ذكره المصنف بقوله ويغسل الرجل الأجنبي بنت ثلث سنين فما دون مجردة وكذا المراة يجوز لها تغسيل ابن ثلث سنين فما دون مجردا اختيارا
عند جماعة من الأصحاب منهم المصنف وشرط الشيخ في النهاية عدم المماثل وجوز المفيد في المقنعة تغسيل ابن خمس سنين مجردا وإن كان أكثر من خمس سنين غسلته من وراء الثياب واعتبر في البنت ثلث سنين وجوز
الصدوق تغسيل بنت أقل من خمس سنين مجردة ومنع المحقق في المعتبر من تغسيل الرجل الصبية مطلقا وجوزه للمراة تغسيل ابن الثلث اختيارا واضطرارا نظرا إلى أن الشرع اذن في
اطلاع النساء على الصبى لافتقاره إليهن في التربية بخلاف الصبية والأصل حرمة النظر وفى الأصل المذكور نظر ونقل المصنف في النهاية والمنتهى اجماعنا على جواز تغسيل الرجل الصبية
والذي اطلعت عليه في هذا الباب روايات ثلث الأولى ما رواه الكليني والشيخ عنه في الموثق إلى أبى النمير مولى الحرث بن المغيرة البصري وهو مجهول قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام حدثني عن
الصبى إلى كم تغسله النساء فقال إلى ثلث سنين الثانية قال الشيخ في التهذيب ورى محمد بن أحمد بن يحيى قال مرسلا روى في الجارية تموت مع الرجل يقال إذا كانت بنت أقل من خمس سنين أو ست
دفنت ولم تغسل وحكى عن ابن طاوس أنه قال لفظ أقل هنا وهم وحكم في المعتبر والذكرى ان هذا الحديث مضطرب الاسناد والمتن قال في الذكرى وفى جامع محمد بن الحسن إذا كانت بنت
أكثر من خمس أو ست دفنت ولم تغسل وإن كانت بنت أقل من خمس غسلت قال واسند الصدوق في كتاب المدينة ما في الجامع إلى الحلبي عن الصادق عليه السلام ونقل الصدوق في الفقيه
عن الجامع كما في الذكرى قال وذكر عن الحلبي حديثا في معناه عن الصادق عليه السلام الثالث ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الصبى تغسله امرأة
فقال انما تغسل الصبيان النساء وعن الصبية ولا تصاب امرأة تغسلها قال يغسلها رجل أولي الناس بها إذا عرفت هذا فاعلم أنه لا ريب في جواز تغسيل الصبى لثلث سنين
للروايتين المذكورتين مع اعتضاد ذلك بالأصل والعمومات والظاهر أنه اتفاق بينهم وفى غير ذلك تأمل ولا يبعد القول بالجواز نظرا إلى الأصل والعمومات والى عدم ثبوت
تحريم النظر إلى الصبى والصبية ويعلم من ذلك أن القول بالتحديد بالخمس لا يخلو عن قوة والمفهوم من تحديد السن هنا والصلاة عليه ان منتهاه الموت ولا اعتبار بما بعده لا حال
الغسل كما قد يتوهم ومنها المحرمية فيجوز لكل من الرجل والمراة تغسيل الأخر إذا كان محرما من وراء الثياب وهل يشترط في ذلك تعذر المماثل ذهب إليه الأكثر وذهب ابن إدريس
والمصنف في المنتهى إلى جوازه اختيارا من فوق الثياب والأظهر عندي جواز ذلك اختيارا نظرا إلى صحيحة منصور وحسنة الحلبي وحسنة عبد الله بن سنان السابقات في مسألة تغسيل
الزوجين وهل يعتبر كون ذلك من وراء الثياب مقتضى الأخبار المذكورة عدم اعتبار ذلك واليه ذهب صاحب المدارك والذي صرح به الأصحاب اعتبار كون التغسيل
من وراء الثياب ولم أجد قولا بخلافه سوى ما نقلته عن المدارك وتامر المراة المسلمة الأجنبية مع فقد المسلم وذات الرحم الرجل الكافر بالغسل لنفسه ثم يغسل الميت المسلم
غسله أي غسل المسلم وكذا يأمر المسلم الأجنبي المراة الكافرة بان تغتسل لنفسها يغسل لنفسه ثم تغسل الميتة المسلمة غسل المسلمات مع فقد المسلم وذي الرحم هذا الحكم ذكره الشيخان و
اتباعهما وتوقف فيه المحقق في المعتبر واستقرب الدفن من غير غسل حجة الأول ما رواه الشيخ عن عمار بن موسى في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل المسلم يموت في
السفر وليس معه رجل مسلم ومعه رجال نصارى ومعه عمته وخالته كيف يصنع في غسله قال تغسله عمته وخالته في قميصه ولا يقربه النصارى وعن المراة تموت في سفرها وليس معها امرأة
82

مسلمة ومعهم نساء نصارى وعمها وخالها معها مسلمون قال يغسلونها ولا تقربنها النصرانية كما كانت تغسلها غير أنه يكون عليها درع فيصب الماء من فوق الدرع قلت فان
مات رجل مسلم وليس معه رجل مسلم ولا امرأة مسلمة من ذوي قرابته ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ليس بينه وبينهم قرابة قال يغتسل النصارى ثم يغسلونه فقد اضطر وعن المراة
المسلمة تموت وليس معها امرأة مسلمة ولا رجل مسلم من ذوي قرابتها ومعها نصرانية ورجال مسلمون قال تغتسل النصرانية ثم تغسلها وعن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن ابائه عن علي
عليهم السلام قل اتى رسول الله صلى الله عليه وآله نفر فقالوا ان امرأة توفيت معنا وليس ذو محرم فقال كيف صنعتم فقالوا صببنا عليها الماء صبا فقال إما وجدتم امرأة من أهل الكتاب تغسلها
فقالوا لا قال أفلا يتمموها واحتج المحقق بعد استضعاف الخبرين بان الغسل مفتقر إلى النية والكافر لا تصح منه القربة وفيه منع والظاهر عدم العدول عن الخبرين لما أشرنا إليه سابقا
من أن الظاهر جواز العمل بالاخبار الموثقة خصوصا مع اعتضادها بغيرها وبالشهرة بين الأصحاب وسلامتها عن المعارض وتأيدها بالعمومات وهل تجب إعادة الغسل لو وجد من
يجوز له تغسيله من المسلمين فيه قولان أقربهما نعم لان المأمور به لم يوجد للتعذر فان ارتفع العذر لم يكن هناك معدل عن وجوبه ولو لم يوجد المماثل أصلا ولا ذو الرحم فالمشهور
بين الأصحاب انه لا يغسل ونقل المحقق في المعتبر الاجماع عليه وصرح الشيخ في عدة من كتبه بسقوط التيمم أيضا وبه قطع المصنف وفيه قول بوجوب الغسل من وراء الثياب وهو المحكي
عن المفيد وعن ابن زهرة انه شرط تغميض العينين والأول أقرب لنا ما رواه ابن بابويه عن عبد الله ابن أبي يعفور في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يموت في السفر مع النساء
ليس معهن رجال كيف يصنعن به قال يلففنه لفا في ثيابه ويدفنه ولا يغسلنه ورواه الشيخ باسناد فيه اشتراك بين الثقة وغيره وما رواه ابن بابويه عن عبيد الله الحلبي في الصحيح عن
أبي عبد الله عليه السلام انه سأله عن المراة تموت في سفر وليس معها ذو محرم ولا نساء قال تدفن كما هي بثيابها وعن الرجل يموت وليس معه ذو محرم ولا رجال قال يدفن كما هو في ثيابه ورواه الشيخ باسناد
فيه جهالة وما رواه الكليني عن داود بن فرقد في الصحيح قال سمعت صاحبا لنا يسال أبا عبد الله عليه السلام عن المراة تموت مع رجال ليس فيهم ذو محرم هل يغسلونها وعليها ثيابها فقال إذا
يدخل ذلك عليهم ولكن يغسلون كفيها ورواه باسناد اخر أيضا ضعيف وما رواه الشيخ عن داود بن فرقد في الصحيح قال مضى صاحب لنا يسال أبا عبد الله عليه السلام عن المراة تموت مع رجال ليس
فيهم ذو محرم هل يغسلونها وعليها ثيابها فقال إذا يدخل ذلك عليهم ولكن يغسلون كفيها وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري في الصحيح قال سألته عن امرأة مات مع رجال قال تلف
وتدفن ولا تغسل وعن سماعة في الموثق قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل مات وليس عنده الا النساء قال تغسله امرأة ذات محرم منه وتصب النساء عليها الماء ولا يخلع ثوبه وإن كانت
امرأة ماتت مع رجال وليس معها امرأة ولا محرم لها فليدفن كما هي في ثيابها وإن كان معها ذو محرم لها غسلها من فوق ثيابها ويدل عليه أيضا صحيحة أبى الصباح الكناني ورواية داود بن
سرحان السابقتين في مسألة تغسيل الزوجين وبإزاء هذه الروايات روايات أخرى لا تصلح لمعارضة هذه الأخبار لضعفها منها ما رواه الشيخ عن زيد بن علي في الضعيف عن ابائه عن علي
قال إذا مات الرجل في السفر مع النساء ليس فيهن امرأته ولا ذو محرم من نسائه قال يوزرنه إلى الركبتين ويصببن عليها الماء صبا ولا ينظرن إلى عورته ولا يلمسنه بأيديهن ويطهرنه وإذا كان
معه نساء ذوات محرم يوزرنه ويصببن عليه الماء صبا ويمسسن من جسده ولا يمسسن فرجه وعن جابر في الضعيف عن أبي جعفر عليه السلام في رجل مات ومعه نسوة وليس معهن رجل قال
يصببن الماء من خلف الثوب ويلففنه في أكفانه من تحت الستر ويصببن صبا ويدخلنه قبره والمراة تموت مع الرجال ليس معهم امرأة قال يصبون الماء من خلف الثوب ويلفونها في أكفانهم
ويصلون ويدفنون وحمل الشيخ هذين الخبرين على الاستحباب ومنها ما رواه الشيخ عن أبي سعيد في الضعيف قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في المراة إذا ماتت مع قوم ليس لها فيهم ذو محرم
يصبون الماء عليها صبا ورجل مات مع نسوة ليس فيهن له محرم فقال أبو حنيفة يصببن الماء عليه صبا فقال أبو عبد الله عليه السلام بل يحل ان يمسسن منه ما كان يحل لهن ان ينظرن منه إليه
وهو حي فإذا بلغن الموضع الذي لا يحل لهن النظر إليه ولا مسه وهو حي صببن الماء عليه صبا ومنها ما رواه الشيخ عن المفضل بن عمر في الضعيف قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك ما تقول
في المراة تكون في السفر مع الرجال ليس فيهم ذو محرم لها ولا امرأة فتموت المراة فما تصنع بها قال تغسل منها ما أوجب الله عليها التيمم ولا تمس ولا تكشف لها شئ من محاسنها التي أمر الله
بسترها فقلت كيف يصنع بها قال يغسل باطن كفيها ثم يغسل وجهها ثم يغسل ظهر كفيها وعن أبي بصير في الضعيف قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن امرأة ماتت في سفر وليس معها نساء
ولا ذو محرم فقال يغسل منها موضع الوضوء ويصلى عليها ويدفن واما ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان باسناد لا يبعد ان يعد صحيحا قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول المراة
إذا ماتت مع الرجال فلم يجدوا امرأة يغسلها غسلها بعض الرجال من وراء الثوب ويستحب ان يلف على يديه خرقة فقد حملها الشيخ على تخصيص الرجال بذوي الأرحام وتجب إزالة النجاسة
العرضية عن بدنه أولا قبل الشروع في الغسل والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ونقل المصنف في المنتهى انه لا خلاف فيه بين العلماء وعلل بأنه يجب التقديم لئلا ينجس القليل
بملاقات النجاسة وبأنه إذا وجبت إزالة الحكمية فالعينية أولي وفيه نظر وقد يستدل عليه بقوله عليه السلام في رواية الكاهلي ثم ابدأ بفرجه بماء السدر والحرض فاغسله ثلث غسلات وفى
رواية يونس واغسل فرجه وانفه ثم اغسل رأسه بالرغوة وفيه نظر لان الامر بغسل الفرج لا يتعين لان يكون لنجاسة بل أعم منه فيجوز ان يكون ذلك تعبدا سواء كان الفرج
يخشى أم لا ومع ذلك فلا يدل على عموم الدعوى على أن ظهور الامر في اخبارنا في الوجوب غير واضح ويمكن الاستناد إلى توقف البراءة من التكليف الثابت عليه مضافا إلى الاجماع
المنقول وفيه تأمل والمناقشة في هذا الحكم باستلزامه طهارة المحل الواحد من نجاسة دون نجاسة ضعيف وذكر الشارح الفاضل ان هذا الاشكال منتف على قول السيد المرتضى
لأنه ذهب إلى كون بدن الميت ليس بخبث بل الموت عنده من قبيل الاحداث كالجنابة فحينئذ تجب إزالة النجاسة الملاقية لبدن الميت كما إذا لاقت بدن الجنب واعترض عليه بان مقتضاه انه
لا يجب تقديم الإزالة على الشروع في الغسل بل يكفي طهارة كل جزء من البدن قبل غسله وهو خلاف ما صرحوا به هنا مع أن في تحقق الخلاف في نجاسة بدن الميت نظر فان المنقول عن المرتضى
رضي الله عنه عدم وجوب غسل الميت لا عدم نجاسة الميت بل حكى المحقق عنه في شرح الرسالة التصريح بنجاسته وعن الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة وهو حسن وسيجيئ في محله ثم يغسله
بماء السدر كالجنابة ثم بماء الكافور كذلك أي كالجنابة ثم بالقراح أي الخالص كذلك أي كالجنابة وتنقيح هذا المقام يتم ببيان أمور الأول المشهور بين الأصحاب انه يجب تغسيل الميت ثلثا
بالسدر والكافور والقراح وحكى عن سلار القول بأنه يجب مرة واحدة بالقراح والأول أقرب لتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه وللاخبار المستفيضة الدالة على وقوع
الامر بالتغسيل على هذا الوجه والامر وان لم يكن صريحا في ذلك في الاخبار المنقولة عن الأئمة عليهم السلام لكن يمكن الاستعانة بفهم الأصحاب والاشتهار بينهم مع تأمل فيه والاخبار
في هذا الباب كثيرة ولنكتف بحديثين منها خوفا من التطويل روى الكليني عن عبد الله بن مسكان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن غسل الميت فقلت اغسله بماء و
سدر ثم اغسله على اثر ذلك غسلة أخرى بماء وكافور وزريرة إن كانت واغسله الثالثة بماء قراح ثلث غسلات لجسده كله قال نعم قلت يكون عليه ثوب إذا غسل قال فاستطعت
ان يكون عليه قميص فغسله من تحته وقال أحب ممن غسل الميت ان يلف على يده الخرقة حين يغسله ورواه الشيخ باسناده عن محمد بن يعقوب بتفاوت ما في المتن وروى الشيخ عن
الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أردت غسل الميت فاجعل بينك وبينه ثوبا يستر عورته إما قميصا أو غيره ثم تبدأ بكفيه وتغسل رأسه ثلث مرات بالسدر ثم سائر جسده وابدا
بشقه الأيمن فإذا أردت ان تغسل فرجه فخذ خرقة نظيفة علقها على يدك اليسرى ثم ادخل يدك من تحت الثوب الذي على فرج الميت فاغسله من غير أن ترى عورته فإذا فرغت من غسله
بالسدر فاغسله مرة أخرى بماء وكافور وشئ من حنوطه ثم اغسله بماء تجب غسلة أخرى احتج سلار بالأصل وبقوله عليه السلام وقد سئل عن الميت يموت وهو جنب يغسل غسلا واحدا والحجتان
ضعيفتان الثاني للمشهور بين الأصحاب انه يجب في هذا الغسل النية كغيره من الأغسال والمحكى عن المرتضى عدم الوجوب وان لهذا الغسل كإزالة الخبث وتردد فيه المحقق في المعتبر و
83

اطلاق الأدلة عدم ذكر النية وأصالة عدم التخصيص والتقييد يقتضى قوة قول السيد وإن كان الاحتياط فيما ذهب
إليه أكثر الأصحاب وهل يعتبر في كل غسل من الأغسال الثلاثة أم
يكفي نية واحدة للجميع قولان أظهرهما الثاني لأنه في الحقيقة فعل واحد مركب منها ويعتبر وقوع النية من الغاسل وهو الصاب لان حقيقة الغسل وهو جريان الماء على العضو انما
يحصل منه فلو كان أحدهما صابا والاخر مقلبا لا يكفي نية المقلب واستقرب الشهيد في الذكرى اجزائها منه ولو اشترك جماعة في غسله مجتمعا فالظاهر اعتبار وقوع النية من كل
واحد منهم ولو اشتركوا على سبيل الترتيب بان غسل كل منهم بعض أعضائه اعتبرت النية من كل واحد منهم عند أول فعله الثالث الظاهر وجوب الترتيب في الغسلات وقد
حكى اجماعنا عليه الشهيد في الذكرى والظاهر أيضا وجوب الترتيب بين الأغسال الثلاثة وقوفا على الأخبار الواردة بكيفية غسل الميت وعملا بما يحصل به البراءة من التكليف الثابت
وحكى عن ابن حمزة القول بالاستحباب الرابع ذكر جماعة من المتأخرين انه يسقط الترتيب بغمس الميت في الماء مرة واحدة تعويلا على رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال غسل
الميت مثل غسل الجنب وهو غير بعيد واستضعف بعضهم هذه الرواية وقد مر الكلام في هذا في مبحث الجنابة في صفة الترتيب الخامس المشهور بين الأصحاب انه يكفي في السدر والكافور
مسماه ويحكى عن المفيد تقدير السدر برطل وعن ابن البراج رطل ونصف وعن بعضهم اعتبار سبع مدقات والظاهر أن المعتبر ما يصدق معه انه ماء سدر وكافور وهل يعتبر كون
السدر مطحونا أو ممروسا فيه قولان أقربهما نعم لتوقف صدق الاسم عليه ولو كان الخليط قليلا لا يصدق معه الاسم لم يجز ولو خرج الماء بالخليط عن الاطلاق ففي جواز التغسيل به قولان
ويدل على الجواز اطلاق الاخبار ونقل في الذكرى اتفاق الأصحاب على جواز ترغية السدر وهو مؤيد للجواز السادس هل المعتبر في القراح مجرد كونه مطلقا وإن كان فيه شئ
من الخليطين أو يشترط فيه الخلو عن الخليطين أم يعتبر فيه الخلو عن كل شئ حتى التراب فيه أقوال ولا يبعد ترجيح الأوسط وان فقد السدر والكافور غسل ثلثا بالقراح اختلف
الأصحاب في هذه المسألة فقيل يجب مرة بالقراح واختاره الشهيد وقيل يجب ثلثا واختاره المصنف احتج الأولون بالأصل والشك في وجوب الزائد فلا يجب وبأن المراد بالسدر الاستعانة
على النظافة وبالكافور تطيب الميت وحفظه من تسارع التغير وتعرض الهوام فكأنهما شرط في الماء فيسقط الماء عند تعذرهما لانتفاء الفائدة ولأنه كغسل الجنابة وفيه نظر لان
الأصل مرتفع بثبوت التكليف المطلق وعدم ما دل على صحة الاكتفاء بغسل واحد فنجب الأغسال الثلاثة تحصيلا للبراءة اليقينية من التكليف الثابت والوجه الاعتباري الذي ذكر
ضعيف لا يصلح لتأسيس الحكم الشرعي والمماثلة بينه وبين غسل الجنابة في الترتيب والكيفية لا في الوحدة والتعدد واحتج الباقون بأن المأمور به شيئان فإذا تعذر أحدهما
لم يسقط الأخر ولقوله عليه السلام لا يسقط الميسور بالمعسور وقوله عليه السلام إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم وفيه نظر لان كل واحد من الامرين مأمور به من حيث تعلق التكليف بالمجموع لا بالأصالة
فإذا تعذر المجموع لم يلزم وجوب أحد الجزءين بدله الا بدليل لان وجوب الجزء من حيث إنه جزء لوجوب الكل والروايتان على تقدير تسليم سندهما غير واضحتي الدلالة على معنى يشمل
محل البحث فيشكل التعليق بهما ولا يبعد ترجيح القول الثاني نظرا إلى ما أشرنا إليه من توقف البراءة اليقينية من التكليف اليقيني عليه وكذا الحكم لو فقد أحد الخليطين ولو فقد
السدر (فالمشهور انه لا يقوم الخطمي مقامه ويحكى عن الشيخ خلافه ولو فقد ماء غسلتين دون الخليط فقيل يغسل بالقراح وقيل يغسل بماء
السدر) ولو وجد الماء الغسلتين احتمل تقديم الكافور واحتمل تقديم القراح واحتمل‌ الجمع وذكر جماعة من الأصحاب انه يعتبر التمييز بين الغسلات على تقدير عدم الخليط بالنية
فينوي البدلية عن السدر ثم الكافور ثم القراح وعند تعذر أحد الأغسال هل يجب التيمم عنه فيه قولان ولو وجد الخليط قبل الدفن فهل تجب الإعادة فيه قولان أظهرهما الوجوب
لان الاكتفاء بالغسل بدون الخليط انما كان منوطا بالضرورة فإذا ارتفعت لم يكن هناك معدل عن العمل باطلاق التكليف والظاهر أنه لا يسقط الغسل بمسه مع تحقق الأغسال الناقصة
عند تعذر الكامل وقد صرح بذلك جماعة من الأصحاب واولى منه التيمم ولو خيف من تغسيله تتأثر جلده كالمحترق والمجدور يمم هذا مذهب الأصحاب ونقل الشيخ عليه اتفاق جميع الفقهاء
الا الأوزاعي واستدل الشيخ بما رواه عن زيد بن علي عن ابائه عن علي عليه السلام قال إن قوما اتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا يا رسول الله مات صاحب النار وهو مجدور فان غسلناه تسلخ فقال يمموه
والرواية ضعيفة لان في سندها جماعة من الزيدية وان لم تكن المسألة اجماعية كان للتوقف فيه مجال لفقد دليل دال عليه سيما على القول بكون غسل الميت إزالة خبث كما ذهب
إليه المرتضى رحمه الله وفى بعض الروايات اشعار بعدم الوجوب روى الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح عن أبي الحسن عليه السلام في الجنب والمحدث والميت إذا حضرت الصلاة ولم يك معهم من الماء الا
يقدر ما يكفي أحدهم قال يغتسل الجنب ويدفن الميت ويتيمم الذي هو على غير وضوء لان الغسل من الجنابة فريضة وغسل الميت سنة والتيمم للاخر جائز وهل يكفي التيمم
الواحد أو يجب المتعدد بحسب تعدد الأغسال فيه قولان وذكر الشارح الفاضل المعتبر وضع يد الحي على الأرض وامراره على جهة الميت ويده ودليله غير واضح ويستحب وضعه أي
الميت على ساجة وهي خشب مخصوص والمراد بها هنا مطلق الخشبة وعلل ذلك بأن فيه حفظ جسده من التلطخ قالوا وينبغي كونه على مرتفع لئلا يعود إليه ماء الغسل وأن يكون
مكان الرجلين اخفض حذرا عن اجتماع الماء تحته وليكن حال الغسل مستقبل القبلة استحبابا عند أكثر الأصحاب بل قال المحقق انه اتفاق أهل العلم ونقل عن ظاهر الشيخ في
المبسوط القول بالوجوب واختاره المصنف في المنتهى ورجحه المدقق الشيخ على والأول أقرب إما رجحان الاستقبال فللامر به في عدة اخبار واما عدم وجوبه فلما رواه الشيخ عن يعقوب بن يقطين
باسناد فيه توقف قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الميت كيف يوضع على المغتسل موجبها وجهه نحو القبلة أو يوضع على يمينه ووجهه نحو القبلة قال يوضع كيف تيسر وجه الدلالة انه
لو تيسر جهلين أو أكثر لزم التخيير بمقتضى الخبر وهو مناف لوجوب الاستقبال فاندفع ما يقال إن الخبر لا ينافي الامر به لان ما لا تيسر لا يجب قطعا وليكن تحت الظلال لما رآه الشيخ عن علي
ابن جعفر في الصحيح قال سألته عن الميت يغسل في القضاء قال لا باس وان يستر بستر فهو أحب إلى ووقوف الغاسل عن يمينه لقول الصادق عليه السلام لا يجعله بين رجليه بل يقف من جانبيه وفيه انه أعم من
المدعى وغمز بطنه في الغسلتين الأوليين لرواية الكاهلي ويونس الآتيين فلا يتسحب المسح في الثالثة بل يكره ولو خرج منه نجاسة بعد الغسل وفى أثنائه غسلت ولا يعاد الغسل والحكم
المذكور ثابت في كل ميت الا في الحامل التي مات ولدها في بطنها حذرا من الاجهاض قال الشهيد في البيان ولو أجهضت بذلك فعليه عشر دية امه والذكر لله تعالى حال الغسل ويتأكد
بالدعاء المأثور وصب الماء إلى حفيرة ولتكن تجاه القبلة لقوله عليه السلام في حسنة سليمان بن خالد وكذلك إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة فيكون مستقبل باطن قدميه ووجهه
القبلة ويكره ارساله في الكنيف وهو الموضع المعد لقضاء الحاجة ويلحق به بالوعة البول ولا باس بالبالوعة المعدة لصب الماء ونحوه لما رواه الشيخ عن محمد بن الحسن الصفار في الصحيح قال كتبت
إلى أبى محمد عليه السلام هل يغسل الميت وماؤه الذي يصب عليه يدخل في بئر كنيف فوقع يكون ذلك في بلاليع وتليين أصابعه برفق نقل المحقق في المعتبر الاجماع عليه ويدل عليه قوله عليه السلام في رواية
الكاهلي الآتية ثم تلين أصابعه وحكم عن ابن أبي عقيل القول بالمنع محتجا بقوله عليه السلام في خبر طلحة بن زيد ولا تغمز له مفصلا وحملها الشيخ على ما بعد الغسل وهو متجه وغسل فرجه بماء قد مزج
بالحرض وهو الأشنان والسدر بان يمزجهما معا بالماء ويغسل فرجه لرواية الكاهلي الآتية ويغسل رأسه بالرغوة السدر أولا قبل الغسل بالسدر كذا ذكره جماعة من الأصحاب لكن المستفاد
من الاخبار المتعددة ان تغسيل الرأس برغوة السدر محسوب من الغسل بالسدر الواجب لا انه مستحب متقدم يدل على ذلك رواية الكاهلي ويونس الآتيتان وما رواه الشيخ عن
الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الصادق عليه السلام قال إذا أردت غسل الميت فاجعل بينك وبينه ما يستر عورته إما قميصا واما غيره ثم تبدأ بكفيه وتغسل رأسه ثلث مرات بالسدر
ثم سائر جسده وابدا بشقه الأيمن وتكرار غسل كل عضو ثلثا لرواية الكاهلي ويونس الآتيتان وان يوضأ قبل الغسل بعد إزالة النجاسة العرضية اختلف الأصحاب في وضوء الميت
فالمشهور بينهم استحبابه ونقل عن ظاهر أبى الصلاح القول بالوجوب والأول أقرب إما رجحان فعله فللامر به في عدة اخبار منها ما رواه الشيخ عن حرير في الصحيح قال اخبرني أبو عبد الله عليه السلام
قال الميت يبدأ بفرجه ثم يوضأ وضوء الصلاة الحديث واما عدم وجوبه فللأصل وعدم ذكره في مقام البيان في كثير من الأخبار الواردة في بيان كيفية تغسيل الميت وما يرتبط بذلك
84

بل صحيحة يعقوب بن يقطين كالصريحة في ذلك حيث قال سالت العبد الصالح عليه السلام عن غسل الميت فيه وضوء الصلاة أم لا فقال غسل الميت يبدأ بمرافقه فيغسل بالحرض ثم
يغسل وجهه ورأسه إلى أن قال ثم يغسل الذي غسله يده قبل ان يكفنه إلى المنكبين ثم إذا كفنه اغتسل حجة أبى الصلاح مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام
قال في كل غسل وضوء الا غسل الجنابة والجواب عنه انه غير دال على الوجوب بل أعم منه ومن الاستحباب وقد مر تحقيقه في أوائل مباحث الأغسال وله ان يحتج بالأوامر الواردة بالوضوء
وجوابه انها محمولة على الاستحباب جمعا بين الأدلة وتنشيفه بثوب للرواية ويكره اقعاده على المشهور بين الأصحاب ونقل الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة عليه وقد ورد الامر بالاقعاد
في روايات متعددة فيها الصحيح وحملها الشيخ على التقية المحقق مال إلى العمل بمضمونها ثم قال ولا باس ان يعمل بما ذكره الشيخ من تجنبه؟؟ لك والاقتصار على ما اتفق على جوازه
وقص أظفاره وترجيل شعره وهو تسريحه هذا هو المشهور بين الأصحاب ومستنده ورود النهى بها في مرسلة ابن أبي عمير عن الصادق عليه السلام ونقذ الشيخ اجماع الفرقة على أنه لا يجوز قص
أظفاره ولا تنظيفها من الوسخ بالخلاف ولا تسريح لحيته وجعل حلق رأسه مكروها وبدعة وكره حلق عانته وإبطه وخف شاربه قال في الذكرى ولعل مراده الكراهية ويؤيد
انه ذكر كراهة قلم الأظفار بعد ذلك وابن حمزة حرم القص والحلق وتسريح الرأس واللحية ولعل الأقرب الكراهة لعدم ثبوت التحريم وقال المصنف يخرج الوسخ من أظفاره بعود عليه قطن
مبالغة في التنظيف قال في الذكرى ويدفعه نقل الاجماع مع النهى عنه في خبر الكاهلي وهو حسن ولو فعل شئ من ذلك دفن ما ينفصل من الأظفار والشعر معه ولنذكر في هذا المقام
روايتي الكاهلي ويؤنس المشتملتين على أكثر احكام تغسيل الميت تبعا للشارح الفاضل ولا يضر ضعف الاسناد فيهما لاشتهارهما بين الأصحاب روى الكليني والشيخ باسناده عنه
عن الكاهلي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن غسل الميت فقال استقبل بباطن قدميه القبلة حتى يكون وجهه مستقبل القبلة ثم تلين مفاصله فان امتنعت عليك فدعها ثم ابدأ
فرجه بماء السدر والحرض فاغسله ثلث من غسلا وأكثر من الماء وامسح بطنه مسحا رفيقا ثم تحول إلى رأسه فابدأ بشقه الأيمن من لحيته ورأسه ثم تثنى بشقه الأيسر من رأسه ولحيته ووجهه
فاغسله برفق وإياك والعنف واغسله غسلا ناعما ثم اضجعه على شقه الأيسر ليبدو لك الأيمن ثم اغسله من قرنه إلى قدمه واسمح يدك على ظهره وبطنه ثلث غسلات ثم رده على جنبه
الأيمن حتى يبدو لك الأيسر فاغسله بماء من قرنه إلى قدمه وامسح يدك على ظهره وبطنه ثلث غسلات ثم رده على قفاه فابدأ بفرجه بماء الكافور فاصنع كما صنعت أول مرة اغسله
ثلث غسلات بماء الكافور والحرض وامسح يدك على بطنه مسحا رفيقا ثم تحول إلى رأسه فاصنع كما صنعت أولا بلحيته من جانبيه كليهما ورأسه ووجهه بماء الكافور ثلث غسلات ثم رده إلى
الجانب الأيسر حتى يبدو لك الأيمن ثم اغسله من قرنه إلى قدمه ثلث غسلات وادخل يدك تحت منكبيه وذراعيه ويكون الذراع والكف مع جنبه ظاهرة كلما غسلت شيئا منه أدخلت
يدك تحت منكبيه وفى باطن ذراعيه ثم رده على ظهره ثم اغسله بماء القراح كما صنعت أولا تبدأ بالفرج ثم تحول إلى الرأس واللحية والوجه حتى تصنع كما صنعت أولا بماء قراح ثم ادفره
بالخرقة ويكون تحتها القطن تدفره به ادفارا قطنا كثيرا ثم تشد فخذيه على القطن بالخرقة شدا شديدا حتى لا تخاف ان يظهر شئ وإياك ان تقعده أو تغمز بطنه وإياك ان تحشوني
مسامعه شيئا فان خفت ان يظهر من المنخر شئ فلا عليك شئ ان تصير ثم قطنا فإن لم تخف فلا تجعل فيه شيئا ولا تخلل أظفاره وكذلك غسل المراة قوله عليه السلام في الرواية ثم ادفره بالخرقة
إلى قوله تدفره به ادفارا قال في الذكرى هكذا وجدته في الرواية والمعروف تثفر به اثفارا من اثفرت الدابة اثفارا انتهى والادفار بمعنى التطيب فلمل المراد تطييب الخرقة أو الغرض
حصول التطييب للميت بسبب الخرقة والقطن المانعين من خروج النجاسات وروى الكليني والشيخ بأسناده عنه عن إبراهيم بن هاشم في الحسن عن رجاله عن يونس عنهم عليهم السلام
قال إذا أردت غسل الميت فضعه على المغتسل مستقبل القبلة فإن كان عليه قميص فاخرج يده من القميص واجعل قميصه على عورته وارفعها من رجليه إلى فوق الركبة وان لم يكن عليه
قميص فالق على عروته خرقه واعمد إلى السدر فصيره في طست وصب عليه الماء واضربه بيدك حتى ترفع رغوته واعزل الرغوة في شئ وصب الأخر في الإجانة التي فيها الماء ثم اغسل
يده ثلث مرات كما تغتسل الانسان من الجنابة إلى نصف الزراع واغسل فرجه وانفه ثم اغسل رأسه بالرغوة وبالغ في ذلك واجتهد ان لا يدخل الماء منخريه ومسامعه ثم اضجعه إلى جانبه
الأيسر وصب الماء من نصف رأسه إلى قدمه ثلث مرات وادلك بدنه دلكا رفيقا وكذلك ظهر وبطنه ثم اضجعه على جانبه الأيمن فافعل به مثل ذلك ثم صب ذلك الماء من الإجانة واغسل
الإجانة بماء قراح واغسل يديك إلى المرفقين ثم صب الماء في الآنية وألق فيه حبات كافور وافعل به كما فعلت في المرة الأولى ابدأ بيديه ثم بفرجه وامسح بطنه مسحا رفيقا فان خرج
شئ فانقه ثم اغسل رأسه ثم اضجعه على جنبه الأيسر كما فعلت أول مرة ثم اغسل يديك إلى المرفقين والآنية وصب فيه ماء القراح واغسله بماء القراح كما غسلت في المرتين الأوليين
ثم نشفه بثوب طاهر واعمد إلى القطن فذر عليه شيئا من حنوطه وضعه على فرجه قبل ودبر واحش القطن في دبره لئلا يخرج منه شئ وخذ خرقه طويلة عرضها شبر فشدها من حقويه
وضم فخذيه ضما شديد أو لفها في فخذيه ثم اخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن واغمزها في الموضع الذي لفف فيه الخرقة ويكون الخرقة طويلة تلف فخذيه من حقويه إلى
ركبتيه لفا شديدا فإذا فرغ الغاسل من غسله وجب ان يكفنه في ثلثة أثواب ميزر وقميص وازار بغير الحرير تنقيح هذا المقام يتم ببيان أمور الأول المشهور بين الأصحاب ان
الواجب في الكفن ثلثة أثواب بل قال المحقق في المعتبر انه مذهب فقهائنا أجمع عدا سلار فإنه اقتصر على ثوب واحد ولعل الأقرب الأول لما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال قلت
لأبي جعفر عليه السلام العمامة للميت من الكفن هي قال لا انما الكفن المفروض ثلثة أثواب تام لا أقل منه
يوارى فيه جسده كلمه فما زاد فهو سنة إلى أن تبلغ خمسة فان زاد على خمسة فمبتدع والعمامة سنة قال أمر النبي صلى الله عليه وآله
بالعمامة وعمم النبي عليه واله السلام ولقينا أبو عبد الله عليه السلام ونحن بالمدينة ومات أبو عبيدة الحذاء وبعث معنا بدينار فأمرنا بان نشترى حنوطا وعمامة ففعلنا هكذا صورة الحديث
في أكثر نسخ التهذيب المعتمدة وقد نقل كذلك في المعتبر والمنتهى والمنتقى وغيرها من الكتب وفى بعض نسخ التهذيب ثلثة أثواب وثوب تام لا أقل منه ويؤيد هذه النسخة ما رواه
الكليني عن زرارة ومحمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم هاشم قالا قلنا لأبي جعفر عليه السلام العمامة للميت من الكفن قال لا انما الكفن المفروض ثلثة أثواب وثوب تام لا أقل منه يوارى به جسده كله
وساق الحديث بنحو مما في رواية زرارة وعلى هذا يضعف الاستدلال بهذا الخبر وبالجملة ظاهر الخبر على هذا الوجه يقتضى وجوب أربعة أثواب ولا نعرف به قائلا من الأصحاب وحمله
بعض الأصحاب على التقية أو على أنه بيان لاحد الثلاثة ويحتمل من غير بعد إرادة التخيير بينه وبين الثلاثة كما هو مذهب سلار ولكن الجمع بينه وبين الرواية الأخرى المعتضدة بغيرها
من الروايات وتوقف اليقين بالبراءة من التكليف الثابت على الأثواب الثلاثة يقتضى المصير إلى ما ذكرنا ويؤيد ما ذكرناه ما رواه الكليني والشيخ باسناده عنه عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي
جعفر عليه السلام قال يكفن الرجل في ثلثة أثواب والمراة إذا كانت عظيمة في خمسة درع وقميص ومنطق وخمار ولفافتين وما رواه الشيخ عن سماعة في الموثق قال سألته عما يكفن به الميت
فقال ثلثة أثواب وانما كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلثة أثواب ثوبين صحاريين وثوب حبرة والصحارية يكون باليمامة وكفن أبو جعفر عليه السلام في ثلثة أثواب وعن يونس في الحسن عن بعض رجاله
عن أبي عبد الله عليه السلام وأبى جعفر عليه السلام قال الكفن فريضة للرجال ثلثة أثواب والعمامة والخرقة ستة واما للنساء ففريضة خمسة أثواب ويدل على رجحان فعله ما رواه الشيخ عن أبي مريم الأنصاري
في الصحيح قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثوبين صحاريين صحار قرية باليمن نسب الثوب إليها وقيل هو من الصحرة وهي حمرة خفية وعن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن
هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام قال كتب أبى في وصيته ان أكفنه بثلاثة أثواب أحدهما رداء له حبرة كان يصلى فيه يوم الجمعة وثوب اخر وقميص فقل لأبي لم تكتب هذا فقال أخاف ان يغلبك
الناس فان قالوا كفنه في أربعة أو خمسة فلا تفعل قال وعممه بعد بعمامة وليس تعد العمامة من الكفن انما يعد ما يلف به الجسد احتج في الذكرى لسلار برواية زرارة المنقولة عن بعض
نسخ التهذيب وله الاحتجاج بصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم السابقة والجواب ان صحة الاستدلال بها متوقفة على تعيين حملها على معنى التخيير وللمنع سبيل إليه الثاني ذهب أكثر الأصحاب
85

منهم الشيخان والمرتضى وابن بابويه بتعيين القميص وذهب ابن الجنيد والمحقق في المعتبر وبعض المتأخرين إلى التخيير بين الأثواب الثلاثة وبين القميص والثوبين ولعل الترجيح؟؟؟
فان ذلك هو المستفاد من الأخبار السابقة احتجوا بوصية الباقر عليه السلام وبما رواه الشيخ في الصحيح إلى حمران بن أعين وهو غير مصرح بالتوثيق لكن في شانه اخبار كثيرة دالة على مدحه
عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت ما الكفن قال تؤخذ خرقة فتشد بها سفله وتضم فخذيه بها لتضم ما هناك وما تصنع من القطن أفضل ثم تكفن بقميص ولفافة وبرد تجمع فيه الكفن
ودلالته على الوجوب غير واضح والحمل على الاستحباب طريق الجمع ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن سهل عن أبيه في القوى عن أبي الحسن عليه السلام في جملة حديث قال قلت يدرج في ثلثة أثواب قال لا باس به
والقميص أحب إلى الثالث ذكر الشيخان واتباعهما في الثياب الثلاثة الواجبة الميزر ولم أجد في الروايات ما يدل عليه بل الروايات المذكورة دالة على اعتبار القميص والثوبين الشاملين
أو ثلثة أثواب وبمضمونها قال ابن الجنيد حيث قال لا باس ان يكون الكفن ثلثة أثواب يدرج فيها ادراجا أو ثوبين وقميصا ويحتمله كلام الصدوق في الفقيه حيث قال والكفن المفروض ثلثة
قميص وازار ولفافة سوى العمامة والخرقة فلا تعد من الكفن لان الازار يطلق لغة على الميزر وعلى ما يلتحف به أي يلبس فوق الثياب ويفهم من بعض عبارات ابن بابويه ان الميزر عبارة
عن الخرقة المشقوقة التي تشد بها الفخذان وغاية ما يمكن ان يقال في ترجيح القول المشهور ان في بعض الروايات دلالة على أنه يلف به الازار ثم اللفافة فيكون المراد به الميزر لا ما يلتحف به فإنه
يكون فوق الثياب وفيه تكلف مع أنه على تقدير التسليم لا يكفي لتخصيص الأخبار السابقة والمسألة محل اشكال الرابع قال الشارح الفاضل المفهوم في تقدير الميزر عرفا ان يستر
ما بين السرة والركبة ويجوز كونه إلى القدم بإذن الوارث أو وصية الميت النافذة قال ويحتمل الاكتفاء فيه بما تستر العورة وعندي إذا الاحتمال بعيد وذكر ان القميص ثوب يصل إلى نصف
الساق لأنه المتعارف ويجوز إلى القدم مع مراعاة ما تقدم ويمكن جوازه مطلقا الخامس ذكر المدقق الشيخ على أنه يراعى في جنس هذه الأثواب المتوسط باعتبار اللائق بحال الميت عرفا
فلا يجب الاقتصار على أدون المراتب وان ماكس الورثة أو كانوا صغارا حملا لاطلاق اللفظ على المتعارف واستحسنه الشارح الفاضل وهو غير بعيد وللتردد فيه مجال السادس يعتبر في الأثواب
الثلاثة كونها بغير الحزير المحض ونقل المحقق في المعتبر اتفاق الأصحاب عليه ويدل عليه ما رواه الشيخ في الحسن عن الحسن بن راشد في الصحيح قال سألته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قز وقطن هل
يصلح ان يكفن فيها الموتى قال إذا كان القطن أكثر من القز فلا باس وأرسله الصدوق عن الهادي عليه السلام فمن اشتراطه شرط في رفع البأس كون القطن أكثر علم منه انه لو كان القز خالصا لم يجز قال المحقق وغيره
العصب ضرب من برود اليمن سمى بذلك لأنه يصنع بالعصب وهو بنت باليمن والمشهور بين الأصحاب انه لا فرق في الحكم المذكور بين الرجل والمراة ونقل الشهيد في الذكرى اتفاقنا عليه واحتمل المصنف
في النهاية كراهته للمراة لإباحته لها في حال الحياة وهذا التعليل ضعيف لكن إذا لم يكن الاجماع المنقول متحققا كان في تعميم الحكم بالنسبة إلى النساء طريقا للنزاع لعدم ثبوت عموم مفهوم
الخبر المذكور والظاهر عدم جواز التكفين بالجلد لان الثوب يختص عرفا بالمنسوج واختلف الأصحاب في الشعر والوبر فاجازه جماعة منهم المحقق في المعتبر لصدق الثوب عليه وعدم المانع منه
ومنعه ابن الجنيد والظاهر أنه لا يجوز التكفين بالنجس وقد نقل الاتفاق على ذلك الشهيد في الذكرى وان يمسح مساجده بالكافور على المشهور بين الأصحاب ونقل الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة
عليه وأضاف المفيد إلى المساجد السبعة طرف الأنف الذي كان يرغم به في السجود والحق الصدوق السمع والبصر والفم والمغابن وهي الاباط وأصول الأفخاذ واختلف الروايات في هذا الباب
روى الشيخ عن عبد الله بن سنان باسناد لا يبعد ان يعد صحيحا قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام كيف يصنع بالحنوط قال يضع في فمه ومسامعه واثار السجود من وجهه وبدنه وركبتيه وعن الحلبي في الحسن
بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أردت ان تحنط الميت فاعمد إلى الكافور فامسح به اثار السجود منه ومفاصله كلها ورأسه ولحيته وعلى صدره من الحنوط وقال الحنوط للرجل
والمراة سواء قال وأكره ان يتبع بمجمرة وعن الكاهلي والحسين بن المختار باسناد فيه اشتراك عن أبي عبد الله عليه السلام قال يوضع الكافور من الميت على موضع المساجد وعلى اللبة وباطن القدمين
وعلى الركبتين والراحتين والجبهة واللبة قال الجوهري اللبة المنحر وهو موضع القلادة من الصدر من كل شئ وعن زرارة باسناد فيه اشتراك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام
قال إذا جففت الميت عمدت إلى الكافور فمسحت به اثار السجود ومفاصله كلها واجعل في فمه ومسامعه ورأسه ولحيته من الحنوط وعلى صدره وفرجه وقال حنوط الرجل والمراة سواء وعنهم عليهم السلام
ثم اعمد إلى كافور مسحوق وضعه على جبهته موضع سجوده وامسح بالكافور على جميع مغابنه من اليدين والرجلين ومس راحتيه والمستفاد من رواية عبد الله بن سنان ورواية زرارة المذكورتين
رجحان جعل الكافور في سمعه وبصره ويدل عليه أيضا قوله عليه السلام في موثقة سماعة إذا كفنت الميت نذر على كل ثوب شيئا من الذريرة والكافور واجعل شيئا من الحنوط على مسامعه ومساجده
وفى موثقة عمار واجعل الكافور في مسامعه واثر السجود منه وفيه وبمضمون هذه الروايات عمل ابن بابويه والمشهور بين المتأخرين كراهة ذلك استنادا إلى ما رواه عن عبد الرحمن بن
أبي عبد الله بأسناد فيه توقف قال قال لا تجعل في مسامع الميت حنوطا وفى رواية يونس ولا تجعل في منخريه ولا في بصره ومسامعه ولا وجهه قطنا ولا كافورا وفى رواية عثمن النوا ولا تمس
مسامعه بكافور وفى حسنة حمران بن أعين ولا تقربوا اذنيه شيئا من الكافور إلى أن قال قلت فالحنوط كيف اصنع به قال يوضع في منخره وموضع سجوده ومفاصله والشيخ جمع
بين الروايات بحمل في الأخبار الدالة على جعل الكافور في سمعه وبصره على معنى على فان حروف الجر يقوم بعضها مقام بعض وجمع المحقق بين الروايات بالحمل على الجواز وعلى الكراهة وهو
بعيد لان الامر ظاهر في الوجوب والرجحان المطلق ويجزى في المسح بأقله عند جماعة من الأصحاب لحصول الامتثال وقال الشيخان والصدوق أقله مثقال وأوسطه أربعة دراهم
وأكمل منه وزن ثلثة عشر درهم وثلث وقال الجعفي أقله مثقال وثلث وقال ابن الجنيد أقله مثقال وأوسطه أربعة مثاقيل واختلف الاخبار في هذا الباب فروى الكليني و
الشيخ عنه عن ابن أبي نجران في الضعيف عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال أقل ما يجزى من الكافور للميت مثقال وروى الشيخ عن الكاهلي وحسين بن المختار في الضعيف عن أبي
عبد الله عليه السلام قال القصد من الكافور أربعة مثاقيل وعن عبد الرحمن بن أبي نجران باسناد فيه توقف عن بعض رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أقل ما يجزى من الكافور للميت
مثقال ونصف نقل المحقق هذه الروايات وما رواه الشيخ عن علي بن إبراهيم في الصحيح رفعه قال السنة في الحنوط ثلثة عشر درهما وثلث أكثره ثم قال وفى الروايات ضعف فإذا
الواجب الاقتصار على ما يحصل به الامتثال ويحمل ما ذكر على الفضيلة وفسر ابن إدريس المثاقيل المذكورة بالدراهم وطالبه ابن طاوس بالمستند والأكثر على عدم مشاركة الغسل
للحنوط في المقادير المستحبة ويؤيده مرفوعة علي بن إبراهيم المتقدمة وحكى عن بعض الأصحاب القول بالمشاركة ولا يجب استيعاب المساجد بل يكفي مسماها لحصول الامتثال بدون
الاستيعاب وهذا الحكم ثابت في كل ميت الا المحرم فلا يجوز تحنيطه بالكافور ولا وضعه في ماء غسله بل يدفن بغير كافور ولا غيره من أنواع الطيب ويدل على ذلك روايات منها ما رواه الشيخ
عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام وأبى عبد الله عليه السلام قال سألتهما عن المحرم كيف يصنع به إذا مات قال يغطى وجهه ويصنع به كما يصنع بالحلال غير أنه لا يقرب طيبا ومنها ما رواه عن عبد
الرحمن بن أبي عبد الله باسناد لا يبعد ان يكون صحيحا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن المحرم يموت كيف يصنع به فقال إن عبد الرحمن بن الحسن مات بالأبواء مع الحسين عليه السلام وهو محرم ومع الحسين
عبد الله بن العباس وعبد الله بن جعفر فصنع به كما صنع بالميت وغطى وجهة لم يمسسه طيبا قال وذلك كان في كتاب علي عليه السلام ومنها ما رواه في الموثق ان أبى مريم وهو مشترك بين الثقة
ومن لم يوثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال خرج الحسين بن علي عليهما السلام وعبد الله وعبيد الله ابنا العباس وعبد الله بن جعفر ومعهم ابن للحسن عليه السلام يقال له عبد الرحمن فمات بالأبواء وهو
محرم فغسلوه وكفنوه ولم يحنطوه وحمروا وجهه ورأسه ودفنوه وعن سماعة في الموثق قال سألته عن المحرم يموت فقال يغسل ويكفن بالثياب كلها ويغطى وجهه ويصنع به
كما يصنع بالمحل غير أنه لا يمس الطيب والمشهور بين الأصحاب انه يغطى رأسه وحكى عن ابن أبي عقيل انه أوجب كشف رأسه ووجهه والأول أقرب نظرا إلى الروايات المذكورة والعمومات
الدالة على حكم الميت خرج حكم الكافور بنص مختص به فيبقى غيره من الاحكام داخلا في عموم النص وابن أبي عقيل نظرا إلى استصحاب حكم الاحرام في حال الموت وهو ضعيف ولا
86

فرق في الحكم المذكور بين الاحرامين ولا بين موته قبل الحلق والتقصير أو بعده قبل طواف الزيارة ويحتمل على بعد اختصاص الحكم بالأول لخروج الثاني عن صورة المحرمين قبل تلبسه واكله ما لا
يلبسه ويأكله المحرم ولو مات بعد الطواف ففي تحريم الطيب حينئذ نظر من اطلاق اسم المحرم عليه وحل الطيب له حيا فهنا أولي ورجح المصنف في النهاية الثاني ولا يبعد ترجيح الأول ويدفن بغير كافور لو تعذر لحصول
العذر الموجب الترخيص ويستحب ان يكون ثلثة عشر درهما وثلثا على المشهور بين الأصحاب وعن ابن البراج تقديره بثلاثة عشر درهما ونصف والمتجه الأول ويدل عليه ما رواه الكليني والشيخ عنه عن علي
بن إبراهيم رفعه قال السنة في الحنوط ثلثة عشر درهما وثلث أكثره وقال إن جبرئيل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله بحنوط فكان وزنه أربعين درهما فقسمه رسول الله صلى الله عليه وآله ثلثة اجزاء جزءا له وجزءا لعلى
وجزءا لفاطمة واعلم أن كلام المصنف في النهاية دال على تقديم التكفين على التحنيط وبعض الروايات ويدل على تقديم التحنيط وبمثله عبر الشهيد في الذكرى والبيان واطلاق أكثر الاخبار يقتضى عدم الترتيب
والظاهر عدم وجوب النية فيه نظرا إلى الأصل واغتسال الغاسل قبل التكفين ان أراد هو التكفين والمراد به غسل المس أو الوضوء وعلل ذلك في التذكرة بان الغسل من المس واجب فاستحب الفورية وهو
تعليل ضعيف والمستفاد من بعض الأخبار تقديم التكفين على الغسل روى الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عنه عليه السلام انه يغسل يديه من المغابن ثم يكفنه ثم يغتسل ونحوه في صحيحة يعقوب بن يقطين
وفى بعض الأخبار الموثقة انه يغسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الركبتين ثم يكفن واما الوضوء فلم اطلع على ذكره في النص فضلا عن تقديمه وزيادة حبرة بكسر الحاء وفتح الباء ثوب يمنية
عبرية منسوب إلى العبر وهو موضع أو جانب الوادي غير مطردة بالذهب للرجل هذا هو المشهور بين الأصحاب وقال المحقق انه مذهب علمائنا وانكره من عداهم وقال ابن أبي عقيل في كتابه المتمسك
على ما نقل عنه السنة في اللفافة أن تكون حبرة يمانية فان أعوزهم فثوب بياض وقريب منه كلام أبى الصلاح حيث قال كما قد حكى عنه الأفضل ان يكون اللفاف ثلثا إحديهن حبرة يمانية
حجة الأولين صحيحة أبى مريم الأنصاري وحسنة الحلبي وموثقة سماعة السابقات في أوائل مباحث التكفين والحق انه لا دلالة فيها على كون الحبرة زائدة على الأثواب الثلاثة انما يدل على كون الحبرة
إحدى الثلاثة كما هو قول ابن أبي عقيل واعترف الشهيد في الذكرى بعدم دلالة الروايات على مدعاهم قال فالحجة عليهم اعتبار كونه غير مطرزة بالذهب لكون ذلك اتلاف غير مأذون فيه و
زار في الذكرى المنع من المطرزة بالحرير أيضا للتعليل المذكور وظاهر بعض الأخبار المذكورة أفضلية الحمراء وذكر جماعة من الأصحاب انه لو تعذر الأوصاف كفى لبعض فإن لم يوجد فلفافة أخرى
ودليله غير واضح والمصنف خصص الحكم بالرجل والمشهور استحبابها للمراة أيضا وخرقة لفخذيه والأصل فيه اخبار كثيرة منها ما رواه الكليني والشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال الميت يكفن
في ثلثة سوى العمامة والخرقة تشد بها وركيه لكيلا يبدر منه شئ والخرقة والعمامة لابد منهما وليستا من الكفن ومنها رواية الكاهلي ويونس السابقتين في اخر بحث غسل الميت وفى موثقة عمار
الساباطي ثم بالخرقة فوق القميص على أليتيه وفخذه وعورته ويجعل طول الخرقة ثلثة أذرع ونصفا وعرضها شبر ونصف وفى رواية معوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام وخرقة تعصب بها وسطه
وأكثر عبارات الأصحاب مشتملة على أنه يلف بها فخذيه من غير تفصيل والظاهر أن السنة تتأدى بشدها من الخفرين ولفها على الفخذين بأي وجه اتفق وذكر بعض المتأخرين في كيفية
وضع الخرقة ان يربط أحد طرفيها في وسط الميت إما بان يشق رأسها أو يجعل فيها خيط ونحوه ثم تدخل الخرقة بين فخذيه ويضم بها عورة ضما شديد ويخرجها من تحت الشد والذي
على وسطه ثم يلف حقويه وفخذيه بما بقى لفا شديدا فإذا انتهت ادخل طرفها تحت الجزء الذي انتهت عنده منها ولا باس بالعمل على بهذا الوجه ويعمم الرجل بعمامة محنكا والظاهر أنه لا خلاف
فيه بين الأصحاب حكى اتفاقهم على ذلك المحقق في المعتبر ويدل عليه اخبار كثيرة منها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال قلت لأبي جعفر عليه السلام العمامة للكفن من الميت هي قال لا إلى قوله والعمامة
سنة قال أمر النبي صلى الله عليه وآله بالعمامة وعمم النبي عليه واله السلم وبعثنا أبو عبد الله عليه السلام ونحن بالمدينة ومات أبو عبيدة الحذاء وبعث معنا بدينار فأمرنا بان نشترى حنوطا وعمامة ففعلنا ويدل
على استحباب التحنيك ما رواه الكليني والشيخ عنه عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام في العمامة للميت قال حنكه وقد ورد في كيفيته روايات منها قول
87

الصادق عليه السلام في رواية عثمن النوا رواه الكليني والشيخ عنه في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي أيوب الخزاز الثقة عن عثمن النوا وهو غير موثق وإذا عممته فلا تعممه عمة الأعرابي قلت كيف اصنع
قال خذ العمامة من وسطها وانشرها على رأسه ثم ردها إلى خلفه واطرح طرفيها على صدره وفى رواية يونس عنهم عليهم السلام ثم يعمم تؤخذ وسط العمامة فيثنى على رأسه بالتدوير ثم تلقى فضل الأيمن على
الأيسر والأيسر على الأيمن وتمد على صدره وفى صحيحة عبد الله بن سنان وعمامة تعصب بها رأسه ويرد فضلها على رجليه هكذا في التهذيب وكانه تصحيف وفى الكافي فيرد فضلها على وجهه وفى
رواية معوية بن وهب عن الصادق عليه السلام وعمامة تعميم بها ويلقى فضلها على وجهه وفى مؤثقة عمار الساباطي وليكن طرف العمامة متدليا على جانبه الأيسر قدر شبر يرمى بها على وجهه وفى حسنة
حمران ابن أعين ثم خذوا عمامته فانشروها مثنية على رأسه واطرح طرفيها من خلفه وابرز جهته ويزاد للمراة لفافة أخرى لثدييها ذكره الشيخان ومن تبعهما من المتأخرين عنهما والأصل
فيه ما رواه الكليني والشيخ عنه عن سهل بن زياد عن بعض أصحابه رفعه قال سألته كيف تكفن المراة قال كما يكفن الرجل غير أنه تشد على ثدييها خرقة تضم الثدي إلى الصدر وتشد إلى
ظهرها ويصنع لها الكفن أكثر مما يصنع للرجال ويحشى القبل والدبر بالقطن والحنوط ثم تشد عليها الخرقة شدا شديدا وهذه الرواية ضعيفة لكن لا يبعد العمل بها نظرا إلى الشهرة
بين الأصحاب والمسامحة في أدلة السنن ونمطا وهو لغة ضرب من البسط قاله في القاموس والصحاح وزاد ابن الأثير له حمل رقيق وفى المغرب انه ثوب من صوف يطرح على الهودج وذكر
هذا المعنى في القاموس أيضا وفى الذكرى انه ثوب من صوف فيه خطط مأخوذ من الأنماط وهي الطرائق ونسب هذا التفسير إلى جماعة من الأصحاب ويفهم من كلام الأصحاب انه ثوب زينة وفسره
ابن إدريس بالحبرة وفاقا للشيخ في الاقتصار والأكثر على مغايرته لها واستحسنه الأكثر للمرأة وقال المفيد يزاد للمرأة في الكفن ثوبين وهما لفافتان أو لفافة ونمط ووافقه المصنف في التذكرة و
كثير من الأصحاب لم يفرق بين الرجل والمراة في الحكم المذكور والخمس للرجل في كلام كثير منهم غير الخرقة والعمامة وفى عبارة ابن البراج ان مع عدمه يجعل له لفافة أخرى كما يجعل بدل الخرقة
لفافة احتج القائل باستحبابه للمراة بما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال يكفن الرجل في ثلثة أثواب والمراة إذا كانت عظيمة في خمسة درع ومنطق وخمار ولفافتين
وليس في هذا الخبر دلالة على المطلوب أصلا فان المراد بالدرع القميص والمنطق ما يشد به الوسط وكان المراد به ما يشد به الثديان والخمار القناع وليس في الرواية حديث النمط أصلا
وقناعا عوض العمامة يدل عليه صحيحة محمد بن مسلم السابقة وغيرها والذريرة لا اعلم خلافا بين الأصحاب في استحباب تطييب الكفن بالذريرة وفى المعتبر نقل اتفاق العلماء عليه ويدل عليه
روايات منها قوله عليه السلام في رواية عمار الساباطي ويجعل على كل ثوب شيئا من الكافر ويطرح على كفنه ذريرة وفى رواية سماعة إذا كفنت الميت فذر على كل ثوب شيئا من الذريرة
وذكر الشيخ انه يستحب جعلها على القطن الذي يوضع على الفرجين ولعل مستنده قوله عليه السلام في رواية الكاهلي ثم ادفره بالخرقة يكون تحتها القطن يدفره به ادفارا لان الادفار التطييب وفى
دلالته على المدعى تأمل وذكر المصنف في المنتهى انه لا يستحب نثرها على اللفافة الظاهرة ورواية سماعة تنقيه واختلف كلام الأصحاب في تفسير الذريرة اختلافا كثيرا فقال المحقق في المعتبر
والمصنف في التذكرة انها الطيب المسحوق وقال الشيخ في التبيان هي فتات قصب الطيب وهو قصب يجاء به من الهند كأنه قصاب وقال في المبسوط والنهاية يعرف بالقمحة بضم القاف وتشديد الميم المفتوحة
والحاء المهملة أو بفتح القاف وتخفيف الميم كواحدة القمح وذكر على ابن الحسين المسعودي في كتاب مروج الذهب ان أنواع الأفاويه خمسة وعشرون صنفا ذكر من ذلك السيلخة والورس واللازن
والزباد وقصب الذريرة وذكر ان أصل الطيب خمسة أصناف المسك والكافور والعود والعنبر والزعفران والأفاويه ما يعالج به الطيب كالتوابل للطعام وقال الصغاني اللغوي فيما حكى عنه هي
فعيلة بمعنى مفعولة وهي ما يذر على الشئ وقصب الذريرة دواء يجلب من الهند وباليمن يجعلون اخلاطا من الطين يسمونها الذريرة وقال ابن إدريس في السرائر والذي أراه انها نبات طيب غير الطيب
المعهود يقال له القمحان نبات طيب يجعلونه على رأس دن الخمر ويطين عليه لتكسبها منه الريح الطيبة قد ذكره التابعة الذبياني في شعره وفسره علماء أهل اللغة على ما شرحناه وذكرناه
وقال صاحب الكتاب البارع قال الأصمعي وغيره يقال للذي يعلو الخمر مثل الذريرة القمحان قال النابغة الجعدي إذا فصلت خواتمه علاه بيبس القمحان على المدام وفى المعتبر ان هذا
87

التفسير خلاف المعروف بين العلماء وقال في الذكرى وليس في الاستشهادين صراحة بالمطلوب ولا في كلامه تعيين له وقال الراوندي قيل إنها حبوب يشبه حب الحنطة التي يسمى بالقمح يدق
تلك الحبوب كالدقيق لها ريح طيب قال وقيل الذريرة هي الورد والسنبل القرنفل والقسط والأشنة وكلها نبات ويجعل فيها الاذن ويدق جميع ذلك كذا نقل الشهيد عن الراوندي
وقال الشارح الفاضل وجدت بخط شيخنا الشهيدان نقلا عن بعض الفضلاء ان قصب الذريرة هي القمحة التي يؤتى بها من ناحية نهاوند واصلها قصب نابت في أجمة في بعض الرساتيق
تحيط بها حيات والطريق إليها على عدة عقبات فإذا طال ذلك القصب ترك حتى يجف ثم يقطع عقدا وكعابا ثم يعبى في جواليق فإذا اخذ على عقبة من تلك العقبات المعروفة صار ذريرة
وان سلك به على غير تلك العقبات بقى قصبا لا يصلح الا للوقود وقال في المدارك بعد نقل تفسير المعتبر والظاهر أن المراد به طيب خاص معروف بهذا الاسم الان في بغداد وما والاها هذا
ما قيل في تفسير هذه اللفظة وحقيقة الحال عندي غير واضحة والجريدتان من النخل هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب حكى اتفاقهم على ذلك جماعة منهم قال الشارح الفاضل والجريدة العود
الذي يجرد عنه الخوص ولا يسمى جريدا ما دام عليه الخوص وانما سمى سعفا قال الشيخ المفيد في المقنعة والأصل في وضع الجريدة مع الميت ان الله تعالى لما هبط ادم عليه السلام من جنته إلى الأرض استوحش
فسأل الله تعالى ان يؤنسه بشئ من أشجار الجنة فأنزل الله إليه النخلة فكان يأنس بها في حياته فلما حضرته الوفاة قال لولده انى كنت انس بها في حياتي وارجو الانس بها بعد وفاتي فإذا مت فخذوا
منها جريدا وشقوه بنصفين وضعوهما معي في أكفاني ففعل ولده ذلك وفعلته الأنبياء بعده ثم اندرس ذلك في الجاهلية فأحياه النبي صلى الله عليه وآله وفعله وصارت سنة متبعة والروايات الواردة
في فضل الجريدة كثيرة من طريق العمامة والخاصة قال الشيخ وقد روى من طريق العامة في فضل التخضير
شئ كثير من الأخبار الواردة في فضله من طريقنا ما رواه الصدوق عن زرارة في
الصحيح قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أرأيت الميت إذا مات لم يجعل معه الجريدة فقال تتجافى منه العذاب والحساب ما دام العود رطبا انما الحساب والعذاب كله في يوم واحد في ساعة واحدة قدر ما يدخل القبر
ويرجع القوم وانما يجعل السعفتان لذلك فلا يصيبه عذاب ولا حساب بعد جفوفهما انشاء الله تعالى ورواه الكليني باسناد حسن ومنها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن ابن مسكان في الصحيح وهو
ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام قال يوضع للميت جريدتان واحدة في اليمين والاخرى في اليسار قال وقال الجريدة تنفع المؤمن والكافر و
وعن حريز وفضيل وعبد الرحمن بن أبي عبد الله في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قيل لأبي عبد الله عليه السلام لأي شئ توضع مع الميت الجريدة قال إنه يتجافى عنه ما دامت رطبة قال الشيخ المفيد وقد
روى عن الصادق عليه السلام ان الجريدة تنفع المحسن والمسئ والا أي وان لم يوجد من النخل فمن الخلاف والا فمن السدر والا فمن الخلاف والا فمن شجر رطب هذا مذهب المفيد وسلار وذهب جماعة
من الأصحاب منهم الشيخ في النهاية والمبسوط والمحقق في الشرائع إلى تقديم السدر على الخلاف وذهب ابن بابويه والشيخ في الخلاف والجعفي إلى أنه مع تعذر النخل تؤخذ من شجر رطب وهو اختيار ابن البراج وابن إدريس والشهيد في
الدروس والبيان ذكر بعد الخلاف قبل الشجر الرطب شجر الرمان حجة الشيخ في النهاية ما رواه الكليني والشيخ عنه عن سهل ابن زياد عن غير واحد من أصحابه قالوا قلنا
له جعلت فداك ان لم نقدر على الجريدة فقال عود السدر قلنا فإن لم نقدر قال عود الخلاف ويدل على قول الصدوق ما رواه الصدوق عن علي بن بلال في الحسن بإبراهيم بن هاشم انه
كتب إلى أبى الحسن الثالث عليه السلام الرجل يموت في بلاد ليس فيها نخل فهل يجوز مكان الجريدة شئ من الشجر غير النخل فإنه روى عن ابائكم عليهم السلام انه يتجافى عنه العذاب ما دامت الجريدتان رطبتين
وانهما تنفع الكافر والمؤمن فأجاب عليه السلام يجوز من شجر اخر رطب ورواه الكليني والشيخ أيضا بغير هذا السند بتفاوت في المتن والجمع بين الروايتين ممكن بحمل التفصيل المشتمل عليه رواية سهل
على الأفضلية وحمل هذه الرواية على الجواز وتأدى السنة قال الشيخ والكليني بعد نقل رواية علي بن بلال وروى علي بن إبراهيم في رواية أخرى قال يجعل بدلها عود الرمان ولعل هذا
مستند الشهيد في ذكر شجر الرمان بعد الخلاف لكن الرواية غير دالة على هذا التفصيل والجمع بين هذه الرواية وبين رواية سهل ممكن بالتخيير واختلف الأصحاب في مقدر الجريدة فقال
أكثر علمائنا منهم الشيخان بكون طولها قدر عظم الذراع وقال أبو جعفر بن بابويه طول كل واحدة قدر عظم الذراع قال وإن كانت قدر ذراع فلا باس وإن كان قدر شبر فلا باس
وقال ابن أبي عقيل مقدار كل واحدة أربع أصابع إلى ما فوقها واختلفت الروايات في هذا الباب ففي حسنة جميل انها قدر شبر وفى رواية يونس قدر زراع قال في الذكرى والكل جائز لثبوت
الشرعية مع عدم القاطع على قدر معين واختلف الأصحاب في محلها فالمشهور بينهم ان تجعل إحديهما من جانبه الأيمن من ترقوته يلصقها بجلده والاخرى من الجانب اليسار بين القميص
والإزار ذهب إليه الصدوق في المقنع والشيخان وجمهور المتأخرين وقال علي بن بابويه والصدوق في غير المقنع يجعل اليمنى مع ترقوته يلصقه بجلده واليسرى عند وركه بين القميص
والإزار وقال ابن أبي عقيل واحدة تحت إبطه اليمنى وقال الجعفي إحديهما تحت إبطه الأيمن والاخرى نصف مما يلي الساق ونصف مما يلي الفخذ ويدل على القول الأول ما رواه الكليني والشيخ
عنه عن جميل بن دراج في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قال إن الجريدة قدر شبر توضع من عند الترقوة إلى ما بلغت من ما يلي الجلد الأيمن والاخرى في الأيسر من عند الترقوة إلى ما بلغت
من فوق القميص ويدل عليه أيضا رواية الحسن بن زياد الصيقل وما رواه الكليني عن فضيل بن يسار في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال يوضع للميت جريدتان واحدة في الأيمن والاخرى في الأيسر
ويدل على القول الأخير رواية يونس عنهم عليهم السلام واما القولان الآخران فمستندهما غير معلوم وفى بعض الروايات انها توضع من أصل اليدين إلى الترقوة وفى بعضها من عند ترقوته
إلى يده تلف مع ثيابه قال المحقق في المعتبر بعد أن ضعف الروايات الواردة في هذا الباب ومع اختلاف الروايات والأقوال يجب الجزم بالقدر المشترك بينها وهو استحباب وضعها مع
الميت في كفنه أو في قبره بأي هذه الصور شئت وهو حسن الا ان الأولى العمل على المشهور لقوته بحسب الشهرة ورجحانه بحسب المستند كل ذلك عند الامكان ومع التعذر التقية مثلا يوضع
حيث يمكن ولو في القبر للرواية ولو نسيت أو تركت فالأولى جواز وضعه على القبر للرواية وهل تشق أو تكون صحيحة قيل الرواية تقتضي الأول والتعليل يقتضى الثاني وفيه تأمل و
ذكر الأصحاب استحباب وضع القطن على الجريدتين وكانه لغرض استبقاء الرطوبة الدال عليه التعليل وكتبته ا؟؟ مه أي الميت وانه يشهد الشهادتين والاقرار بالأئمة عليهم السلام على اللفافة
والقميص والإزار والجريدتين ذكر ابن بابويه استحباب كتابة الشهادة بالتوحيد وزاد الشيخان ومن تبعهما الباقي ومستند هذا الحكم ما رواه الشيخ عن أبي كهمش في القوى قال حضر
موت إسماعيل أبو عبد الله جالس عنده فلما حضره الموت شد لحييه وغمضه وغطى عليه الملحفة ثم أمر بتهيئته فلما فرغ من امره دعا بكفنه فكتب في حاشية الكفن إسماعيل يشهد ان لا إله إلا الله
وهذه الرواية مختصة بالشهادة بالتوحيد ولا دلالة فيها على عموم المكتوب عليه لكن ذكر ذلك كثير من الأصحاب وأضاف جماعة منهم الشيخ في المبسوط وابن البراج والشهيد العمامة
معللا بعدم تخصيص الخبر وفيه نظر ويستحب أن تكون الكتابة بالتربة فإن لم توجد فبالإصبع ذكر ذلك جماعة من الأصحاب منهم الشيخان وذكر بعضهم انها يكون بالطين والماء وذكر
بعضهم انه تكون بالطين الأبيض والماء عند فقد التربة الحسينية والا فبالإصبع والنص خال في تعيين المكتوب به لكن الكتابة بالتربة الحسينية أولي تشرفا وتبركا بها والظاهر اشتراط التأثير في الكتابة لكون ذلك هو المتعارف واما الكتابة بالإصبع مع تعذر التربة
أو الطين فذكره جماعة من الأصحاب منهم الشيخان ولم اطلع على مستنده وسحق الكافور باليد خوفا من الضياع وهذا الحكم ذكره جماعة من الأصحاب وأسنده المحقق في المعتبر
إلى الشيخين وقال لم أتحقق مستنده وفى المبسوط يكره سحقه بحجر أو غير ذلك وجعل فاضله على صدره أي صدر الميت ذكر ذلك جماعة من الأصحاب وعلل بأنه سجد في سجدة الشكر وقد يستدل
عليه بما رواه الكليني والشيخ عنه عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أردت ان تحنط الميت فاعمد إلى الكافور فامسح به اثار السجود منه ومفاصله كلها ورأسه
ولحيته وعلى صدره من الحنوط ولا يخفى انه لا يستفاد من الرواية اختصاص الحكم بالفاضل وخياطة الكفن بخيوطه قال الشيخ وجماعة من الأصحاب ومستنده غير معلوم
والتكفين
بالقطن قال المحقق في المعتبر انه مذهب العلماء كافة ويدل عليه اخبار منها ما رواه الشيخ عن أبي خديجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به والقطن لامة محمد صلى الله عليه وآله
ويستحب كونه أبيض الا الحبرة تقول أبى جعفر عليه السلام كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلثة أثواب برد احمر حبرة وثوبين أبيضين صحاريين وروى الكليني عن أبي القداح عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال
88

رسول الله صلى الله عليه وآله البسوا البياض فإنه أطيب وأطهر وكفنوا فيه موتاكم وعن مثنى الحناط عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله البسوا البياض فإنه أطيب وأطهر وكفنوا فيه موتاكم ويكره التكفين
بالسواد للرواية ويكره الكتان هذا هو المشهور بين الأصحاب وقال ابن بابويه ولا يجوز ان يكفن الميت في كتان ولا إبريسم ولكن في القطن ومستند المسألة رواية أبى خديجة السابقة
في المسألة المتقدمة ونهى الصادق عليه السلام في مرسلة يعقوب بن يزيد عن تكفين الميت في الكتان والاكمام المبتدأة مستندة ما رواه الشيخ عن محمد بن سنان في الضعيف عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام
قال قلت الرجل يكون له القميص أيكفن فيه قال اقطع ازراره قلت وكمه قال لا انما ذلك إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له كما فاما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه الا الأزرار ويؤيد انتفاء الكراهة
في غير الأكفان المبتدأة ما رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح قال سألت أبا جعفر عليه السلام ان يأمر لي بقميص أعده لكفني فبعث إلى فقلت كيف اصنع قال انزع ازاره والكتبة بالسواد
ذكره الشيخ وجماعة من الأصحاب وعلل بان فيه نوع استبشاع وبان وظائف الميت متلقاة توقيفا فيتوقف على الدلالة وفيه تأمل وذكر بعض الأصحاب انه يكره الكتبة بسائر الاصباغ أيضا
غير البياض وللتأمل فيه مجال وجعل الكافور في سمعه وبصره وقد مر تحقيق ذلك سابقا وتجمير الأكفان بالمجمرة وهو ما يدخن به الثياب ونقل في المعتبر اجماع فقهائنا على كراهة ذلك
وقال ابن بابويه يكره ان يجمر أو يتبع بمجمرة ولكن يجمر الكفن ومستند المسألة قول الصادق عليه السلام في حسنة الحلبي السابقة في مسألة التحنيط وأكره ان يتبع بجمرة وما رواه الشيخ عن أبي حمزة في
الصحيح قال قال أبو جعفر عليه السلام لا تقربوا موتاكم النار يعنى الدخنة وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن النبي صلى الله عليه وآله نهى ان تتبع جنازة بمجمرة والحق انه لا دلالة في هذه الروايات على كراهة
تجمير الأكفان فلا ينافي ما يدل على عدم كراهة ذلك انما يدل على كراهة اتباع الميت بالمجمرة نعم روى الكليني والشيخ عنه عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابه عن أبي
عبد الله عليه السلام قال لا تجمر الكفن وعن المفضل ابن عمر ومحمد بن مسلم في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام لا تجمروا الأكفان ولا تمسوا موتاكم بالطيب الا الكافور فان الميت بمنزلة
المحرم ويدل على قول ابن بابويه ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الحسن بالوشا عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بدخنة كفن الميت وينبغي للمرء المسلم ان يدخن ثيابه إذا كان يقدر
ويؤيده ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم معلقا والظاهر أن الرواية موثقة عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يحمر الميت بالعود فيه المسك وربما جعل على النعش الحنوط وربما لم يجعله وكان يكره ان يتبع
الميت بالمجمرة وحمل الشيخ هذين الخبرين على التقية لموافقتهما لمذهب العامة وهو حسن وكفن المرأة واجب على زوجها وإن كانت موسرة لا اعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب ونقل الشيخ في
الخلاف الاجماع عليه واستدلوا عليه بأن الزوجية باقية إلى حين الوفاة ولهذا يجوز تغسيلها ورؤيتها وجاز ميراثها فيجب ثبوتها لأنها من احكام الزوجية والكفن من جملة ذلك وبان
من وجبت نفقته وكسوته حال الحياة وجب تكفينه كالمملوك فكذا الزوجة وبالاجماع المنقول وبما رواه الشيخ عن السكوني عن الصادق عليه السلام عن ابائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام قال على الزوج
كفن امرأته إذا ماتت وللنظر في هذه الأدلة مجال واستدل بعض المتأخرين بما رواه ابن بابويه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكفن من جميع المال وقال عليه السلام كفن المراة
على زوجها إذا ماتت وفيه انه يجوز ان يكون قوله قال عليه السلام من كلام الصدوق فيكون الخبر من المراسيل والظاهر أن هذين الخبرين مع عدم ظهور الخلاف بين الأصحاب يكفي لصحة التعويل عليه وكذا
اطلاق النص والفتاوى يقتضى عدم الفرق في الزوجة بين الدائمة والمستمع بها ولا بين المطيعة والناشزة ولا بين الحرة واحتمل بعض المتأخرين اختصاص الحكم بالدائمة لكونها المتبادر
عند الاطلاق وهو غير بعيد والحق بالكفن مؤنة التجهيز الواجب على ما صرح به جماعة من الأصحاب وتوقف فيه صاحب المدارك والحكم مختص بالزوج الموسر عند الأصحاب ويحتمل شموله
للمعسر أيضا مع الامكان نظرا إلى اطلاق النص ولو أوصت بالكفن نفذت عن الثلث سقط عن الزوج ولا يلحق واجب النفقة بالزوجة الا المملوك فان كفنه على المولى وقد حكى الاجماع عليه
وإن كان مدبرا أو أم ولد أو مكاتبا مشروطا أو مطلقا لم يتحرر منه شئ قالوا ولو تحرر منه شئ فبالنسبة وتغدم الكفن من الأصل لا خلاف في هذا الحكم بين الأصحاب ويدل عليه ما رواه ابن
بابويه والكليني عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال الكفن من جميع المال وما رواه الكليني وابن بابويه عن زرارة في الصحيح قال سألته عن رجل مات وعليه دين بقدر ثمن
كفنه قال يجعل ما ترك في ثمن كفنه الا ان يتجر عليه بعض الناس فيكفنونه ويقضى عليه مما ترك وعن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال أول شئ يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية
ثم الميراث واطلاق الأدلة وكلام الأصحاب يقتضى تقديم الكفن على حق المرتهن والمجني عليه وغير ماء المفلس وبه صرح بعض الأصحاب ويحتمل تقديم حق المرتهن والمجني عليه ويحتمل تقديم
حق المجني عليه دون المرتهن وانما يقدم الكفن الواجب من الأصل دون المندوب فلو أوصى به توقف على الخروج من الثلث أو إجازة الوارث بعد اخراج الديون والحق بالكفن
مؤنة التجهيز ثم يقدم بعد الكفن ومؤنة التجهيز الدين ثم الوصية من الثلث والباقي ميراث وسيجيئ تفصيل هذه الأحكام في كتاب الوصايا إن شاء الله تعالى ويستحب للمسلمين بذل الكفن
لو فقد ولا يجب وكذا القول في باقي مؤنة تجهيزه والظاهر أنه لا خلاف في الحكمين بين العلماء إما الحكم الأول فيدل عليه روايات منها ما رواه الكليني عن سعد بن طريف في الحسن عن أبي جعفر عليه السلام قال
من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم القيامة واما عدم الوجوب فللأصل السالم عن المعارض ولو كان للمسلمين بيت مال موجود كفن منه لأنه معد للمصالح وذكر جماعة من الأصحاب
انه يجوز تكفينه من الزكاة عند الحاجة إليه وقيل بل يجب والمستند ما رواه الشيخ عن الحسن بن محبوب في الصحيح وقيل إنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن الفضل بن يونس الكاتب
الثقة الواقفي قال سألت أبا الحسن موسى عليه السلام فقلت له ما ترى في رجل من أصحابنا يموت ولم يترك ما يكفن به اشترى له كفنه من الزكاة فقال اعط عياله من الزكاة قدر ما يجهزونه فيكونون
هم الذين يجهزونه قلت فإن لم يكن له ولد ولا أحد يقوم بأمره فاجهزوه انا من الزكاة فقال إن أبى كان يقول إن حرمة بدن الميت ميتا كحرمته حيا فوار بدنه وعورته وجهزه وكفنه وحنطه
احتسب بذلك من الزكاة وتوقف في هذا الحكم بعض المتأخرين نظرا إلى أن الفضل كان واقفيا على ما ذكره الشيخ وعندي العمل بمضمون هذه الرواية بناء على ما عرفت من أن طريقتي العمل
بالاخبار الموثقة والمستفاد من الرواية تقديم الدفع إلى الورثة ليكونوا هم المجهزون ولو خرج منه نجاسة بعد التكفين غسلت من جسده وكفنه فهنا مسئلتان الأولى
إذا خرجت النجاسة من الميت ولاتت بدنه فالمشهور بين الأصحاب انه يغسل ولا تجب إعادة الغسل وقال ابن أبي عقيل بوجوب إعادة الغسل لنا على عدم وجوب إعادة الغسل ما رواه الشيخ عن روح بن عبد الرحيم في الموثق
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن بدا من الميت شئ بعد غسله فاغسل الذي بدا منه ولا تعد الغسل وعن عبد الله بن يحيى الكاهلي والحسين بن المختار في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قالا
سألناه عن الميت يخرج منه الشئ بعد ما يفرغ من غسله قال يغسل ذلك ولا يعاد عليه الغسل وروى الكليني عنه والظاهر رجوع الضمير إلى سهل بن زياد عن بعض أصحابه رفعه
قال إذا غسل الميت ثم أحدث بعد الغسل فإنه يغسل الحدث ولا يعاد الغسل والامر في اخبارنا وان لم يكن صريحا في الوجوب لكن لا يبعد ان يجعل عمل الأصحاب وفهمهم علة لفهم الوجوب
ولنا على عدم وجوب إعادة الغسل الأصل السالم عن المعارض مضافا إلى الأخبار المذكورة احتج في المختلف لابن أبي عقيل بان الحدث ناقض للغسل فوجب اعادته وهو ضعيف جدا
الثانية إذا خرج من الميت شئ فأصاب الكفن فذهب أكثر الأصحاب منهم الصدوقان إلى أنه يجب غسله ما لم يطرح في القبر وقرضها بعده ونقل عن الشيخ انه اطلق وجوب قرض
المحل احتج الأولون بان في القرض اتلافا للمال وهو منهى عنه فيقتصر في ذلك على محل الاتفاق وفيه ان عموم الاخبار الآتية دالة على القرض فيتخصص به ما دل على تحريم اتلاف
المال ويدل على قول الشيخ ما رواه عن ابن أبي عمير وأحمد بن محمد باسناد لا يبعد ان يعد صحيحا عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا خرج من الميت شئ بعد ما يكفن فأصاب
الكفن قرض من الكفن رواه الكليني عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام وروى الشيخ عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح عن عبد الله بن يحيى الكاهلي
ويعد من الممدوحين عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا خرج من منخر الميت الدم أو الشئ بعد الغسل فأصاب العمامة أو الكفن قرض بالمقراض وروى عن الكاهلي باسناد فيه اشتراك بين الثقة
وغيره نحوا منه وروى الكليني عن الكاهلي في الضعيف نحوا منه ولا يخفى ان الجمع بين هذه الأخبار السابقة الدالة على الغسل ممكن بوجهين أحدهما تخصيص الأخبار السابقة بصورة
89

لم تصب النجاسة الكفن حملا للمطلق على المقيد وثانيهما الحمل على التخيير واما التفصيل بما قبل الدفن وما بعده فغير مستفاد من الأدلة اورد بعضهم للشيخ الاحتجاج برواية ابن أبي
عميره أحمد بن محمد ورواية الكاهلي وأجاب أولا بالطعن في السند بأرسال الأولى وعدم توثيق الكاهلي وثانيا بالمعارضة برواية روح وفيه نظر ويجب ان يطرح معه في الكفن ما يسقط
من شعره وجسده لا اعلم خلافا في ذلك وقال المصنف في التذكرة انه مذهب العلماء كافة ويدل عليه ما رواه الكليني والشيخ عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام
قال لا يمس من الميت شعر ولا ظفر وان سقط منه شئ فاجعله في كفنه وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الموثق قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الميت يكون عليه الشعر فيحلق عنه قال لا يمس
منه شئ اغسله وادفنه والشهيد يصلى عليه من غير غسل ولا كفن بل يدفن بثيابه الظاهر أنه لا خلاف في هذا الحكم بين الأصحاب بل قال المحقق في المعتبر انه اجماع أهل العلم خلا سعيد بن
المسيب والحسن فإنهما أوجبا غسله لان الميت لا يموت حتى يجنب قال ولا عبرة بكلامهما وادعى المصنف انعقاد الاجماع على خلافهما ومستند هذه المسألة روايات متعددة منها ما رواه الكليني و
الشيخ عنه عن أبان بن تغلب في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الذي يقتل في سبيل الله أيغسل ويكفن ويحنط قال يدفن كما هو في ثيابه الا ان يكون به رمق ثم مات فإنه يغسل ويكفن
ويحنط ويصلى عليه ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على حمزة وكفنه لأنه كان جرد ورواه ابن بابويه باسناده عن ابان وفى طريقه إليه جهالة وما رواه الكليني والشيخ عنه عن أبان بن تغلب في الحسن بإبراهيم بن هاشم
قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول الذي يقتل في سبيل الله يدفن بثيابه ولا يغسل الا ان يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت بعد فإنه يغسل ويكفن ويحنط ان رسول الله صلى الله عليه وآله كفن حمزة في ثيابه
ولم يغسله ولكنه صلى عليه وما رواه الصدوق عن أبي مريم الأنصاري في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال الشهيد إذا كان به رمق غسل وكفن وحنط وصلى عليه وان لم يكن به رمق كفن في أثوابه ورواه
الكليني والشيخ عن أبي مريم باسناد لا يقصر عندي من الموثقات وما رواه الكليني والشيخ بأسناده عنه عن إسماعيل بن جابر وزرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت كيف رأيت الشهيد يدفن بدمائه
قال نعم في ثيابه بدمائه ولا يحنط ولا يغسل ويدفن كما هو ثم قال دفن رسول الله صلى الله عليه وآله عمه حمزة في ثيابه بدمائه التي أصيبت فيها وردها النبي صلى الله عليه وآله برداء فقصر عن رحليه فدعا له باذخر فطرحه عليه فصلى عليه
سبعين صلاة وكبر عليه سبعين تكبيرة إلى غير ذلك من الروايات وبعض الروايات الضعيفة يدل على أن الشهيد إذا مات من يومه أو من الغد فواروه في ثيابه وان بقى أياما حتى يتغير جراحته
غسل وقال الشيخ انه موافق للعامة ولسنا نعمل به وفى بعض الروايات الموثقة ان عليا عليه السلام لم يغسل عمار بن ياسر ولا هاشم ابن عتبة المر قال ودفنهما في ثيابهما ولم يصل عليهما وذكر الشيخ
انه وهم من الراوي لان الصلاة لا تسقط على كل حال إذا عرفت هذا فاعلم أن الأصحاب اشترطوا في الحكم المذكور شيئين أحدهما ان يكون مقتولا بين يدي النبي أو الامام عليهم السلام و
الحق به نائبه الخاص ولا يخفى ان هذا التخصيص غير مستفاد من الروايات بل الروايات شاملة لكل مقتول في سبيل الله سواء كان بين يدي النبي صلى الله عليه وآله أو الإمام عليه السلام أم لا كمن قتل في عسكر المسلمين
ازارهمهم عدد يخاف منه على بيضة الأسلم واضطروا إلى قتاله ولهذا قال المحقق في المعتبر بعد أن غرى اشتراط ذلك إلى الشيخين والأقرب اشتراط الجهاد السائغ حسب فقد يجب والجهاد وان لم
يكن الإمام عليه السلام موجودا ثم قال واشتراط ما ذكره الشيخان زيادة لم يعلم من النص والى هذا التعميم ذهب الشهيد في الذكرى وهو متجه وثانيهما ان يموت في المعركة وانه لو مات في غير المعركة يغسل والأدلة
غير ناهضة بالدلالة على ذلك بل المستفاد من صحيحة ابان ان الحكم منوط بعدم ادراك المسلمين إياه وبه رمق سواء مات في المعركة أم لا وانه لو أدركه المسلمون وبه رمق يغسل سواء مات في المعركة
أم لا واعترف بذلك جماعة من الأصحاب واطلاق الأدلة وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق بين الصغير والكبير ولا بين المقتول بالحديد وغيره كالخشب والصدم واللطم ولا بين من عاد سلاحه
إليه فقتله وغيره حتى الموجود في المعركة ميتا وعليه اثر القتل ولو خلا عنه فللأصحاب فيه قولان ولا فرق بين الجنب وغيره على المشهور بين الأصحاب ونقل عن ابن الجنيد وجوب الغسل
على الجنب واسند بعضهم هذا القول إلى السيد المرتضى تعويلا على حجة ضعيفة وعدم التكفين مشروط ببقاء الثياب أو شئ منها فلو جرد عنها كفن لقضية حمزة رضي الله عنه ولا فرق
90

في دفنه بثيابه بين إصابة الدم لها وعدمها واختلف كلام الأصحاب فيما ينزع عنه فالمشهور بين المتأخرين انه ينزع عنه الفرو والجلود كالخفين لعدم صدق اسم الثياب عليه سواء اصابه
الدم أم لا وكذا الحكم في السلاح وقال الشيخ يدفن معه جميع ما اصابه الدم الا الخفين وقد روى أنهما إذا أصابهما الدم دفنا معه واستثنى في الخلاف مما يدفن معه الجلود واستثنى المفيد السراويل
والفرو والقلنسوة بشرط ان لا يصيبهما دم والخلاف مطلقا واستثنى ابن بابويه الخلاف والفرو والمنطقة والقلنسوة بالشرط المذكور واستثنى ابن إدريس السلاح مطلقا والفرو والقلنسوة بالشرط
المذكور والذي وصل إلينا في هذا الباب رواية واحدة وهي ما رواه الكليني والشيخ عنه عن زيد بن علي عن ابائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين عليه السلام ينزع عن الشهيد الفرو والخف و
القلنسوة والعمامة والمنطقة والسراويل الا ان يكون اصابه الدم فان اصابه دم ترك ولا يترك عليه شئ معقود الا حل والرواية ضعيفة لا يصلح للتعويل لان رجالها زيدية غير موثقة
والترجيح للقول الأول وعلم أنه قد يطلق الشهيد في الاخبار على المقتول دون أهله وماله وعلى المبطون والنفساء وليسوا داخلين في المراد هيهنا وصدر الميت كالميت في جميع احكامه واستشكل
وجوب التحنيط والتكفين بالقطع الثلث وقال المفيد إذا وجد بعض الميت وفيه الصدر فهو كما لو وجد كله وقال الشيخ في النهاية والمبسوط إن كان موضع الصدر صلى عليه وقال في الخلاف إن كان صدره
وما فيه قلبه صلى عليه وقال المحقق والذي يظهر لي انه لا تجب الصلاة الا ان يوجد ما فيه القلب أو الصدر واليدان وعظام الميت والذي وصل إلى في هذا الباب روايات تسع الأولى ما رواه
الكليني والشيخ عنه عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه أبى الحسن عليه السلام قال سألته عن الرجل يأكله
السبع والطير فيبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به قال يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن فإذا كان
الميت نصفين صلى على النصف الذي فيه القلب الثانية ما رواه الشيخ عن خالد بن ماد القلانسي وهو مثل الأول الثالثة ما رواه الكليني والشيخ عنه عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن
هاشم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا قتل قتيل فلم يوجد الا لحم بلا عظم لم يصل عليه وان وجد عظم بلا لحم صلى عليه وفى الكافي قال وروى أنه لا يصلى على الرأس إذا أفرد من الجسد الرابعة ما رواه الكليني
والشيخ عن عبد الله بن الحسين عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا وسط الرجل نصفين على صلى النصف الذي فيه القلب الخامسة ما رواه الكليني والشيخ عن محمد بن خالد في
الصحيح عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا وجد الرجل قتيلا فان وجد له عضو من أعضائه تام صلى على ذلك العضو ودفن وان لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه ودفن ورواه ابن بابويه
مرسلا عن الصادق عليه السلام السادسة ما رواه ابن بابويه عن الفضل بن عثمن الأعور باسناد فيه توقف لمكان محمد بن عيسى بن عبيد عن الصادق عن أبيه عليهما السلام في الرجل يقتل فيوجد رأسه في
قبيلة ووسطه وصدره ويداه في قبيلة والباقي منه في قبيلة فقال ديته على من وجد في قبيلة صدره ويداه والصلاة عليه ورواه الشيخ أيضا في الضعيف السابعة ما نقله المحقق في المعتبر عن جامع البزنطي عن أحمد بن
محمد بن عيسى عن بعض أصحابنا يرفعه قال المقتول إذا قطع أعضاؤه يصلى على العضو الذي فيه القلب ولا يخفى ان في نقل البزنطي عن أحمد بن محمد بن عيسى بعد لا يخفى على الماهر بطبقات
الرجال الثامنة ما رواه المحقق عن جامع البزنطي عن أبي عبد الله عن أبي المغيرة قال بلغني عن أبي جعفر عليه السلام انه يصلى على كل عضو رجلا كان أو يدا أو الرأس جزءا فما زاد فإذا نقص عن رأس
أو يد أو رجل لم يصل عليه التاسعة ما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لا يصلى على عضو رجل من رجل أو يد أو رأس منفردا فإذا كان البدن يصلى عليه
فإن كان ناقصا من الرأس واليد والرجل احتج المصنف بالرواية السادسة والسابعة وفيه انهما مع ضعف سندهما لا يدلان على مدعاه لان السادسة تدل على وجوب الصلاة
على الصدر واليدين لا على الصدر خاصة والسابعة تدل على وجوب الصلاة على العضو الذي فيه القلب خاصة فلا ينطبق على المدعى مع أن الصلاة لا تستلزم التغسيل والتكفين
فلا يدلان على مدعاه ولا يبعد القول بوجوب التغسيل والتكفين والصلاة على العظام بغير لحم عملا بصحيحة علي بن جعفر وإن كان في اثبات دلالتها على الوجوب نوع تأمل و
المستفاد من تلك الرواية ان الباقي جميع عظام الميت بناء على أن إضافة الجمع تفيد الاستغراق والظاهر عدم وجوب التحنيط لعدم ذكره في الرواية ولا يبعد أيضا القول بوجوب
الصلاة على النصف الذي فيه القلب عملا بالصحيحة المذكورة ويستفاد من حسنة محمد بن مسلم انه يصلى على العظم بغير لحم مطلقا والقول بوجوب ذلك غير معلوم وحملها على الاستحباب
90

غير بعيد والمستفاد من الرواية الخامسة الصلاة على العضو التام وقريب منه الثامنة والرواية ضعيفة ولا يبعد القول باستحباب ذلك والأحوط الحاق ما فيه القلب مطلقا والصدر
واليدين بالنصف الذي فيه القلب عملا بالرواية السادسة والسابعة وذات العظم والسقط لأربعة كذلك الا في الصلاة فهنا مسئلتان الأولى ان ذات العظم يغسل ويكفن
ويدفن والى هذا ذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخان والمصنف واحتج عليه في الخلاف باجماع الفرقة ولم اطلع على نص يدل على هذا الحكم واعترف بذلك جماعة من الأصحاب وقال في
الذكرى ويلوح ما ذكره الشيخان من خبر علي بن جعفر لصدق العظام على التامة والناقصة واعترض عليه بمنع صدق العظام على الناقصة لان الجمع المضاف يفيد العموم مع أن الرواية
متضمنة للصلاة والشيخان لا يقولان بذلك وذكر الشارح ان نقل الاجماع من الشيخ كاف في ثبوت الحكم المذكور بل ربما كان أقوى من النص وهو ضعيف مناف لما صرح به من
استضعاف التمسك بمثل هذا الاجماع والتشنيع على التعويل عليه وهل يجب التكفين بالقطع الثلث فيه نظر ورجح الشارح الفاضل ذلك واحتمل اعتبار القطعة حال الاتصال وإن كانت
القطع الثلث تنالها وجبت ولو نالتا منها اثنتان كفتاء وان نالت واحده كفت وهل الحكم في المبانة من الحي كما في المبانة من الميت نفاه المحقق في المعتبر وأثبته المصنف واستقرب ذلك
الشهيد في الذكرى والأول أقرب للأصل ويؤيده ما ذكره المحقق وانها من جملة لا تغسل ولا تصلى عليها وأجاب عنه الشهيد بان الجملة لم يحصل فيها الموت بخلاف القطعة الثانية
ان السقط إذا كان له أربعة أشهر فصاعدا غسل الغسل المعهود وكفن ودفن ذلك كثير من الأصحاب وقد صرح الشهيد ومن تأخر عنه انه يكفن بالقطع الثلث ويحنط وذكر المحقق انه
يغسل ويلف في خرقة ويدفن والأصل في هذه المسألة ما رواه الشيخ عن أحمد بن محمد في الصحيح عمن ذكره قال إذا تم للسقط أربعة أشهر غسل وما رواه الكليني والشيخ عن سماعة في الموثق
عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن السقط إذا استوت خلقته يجب عليه الغسل واللحد والكفن قال نعم كل ذلك يجب إذا استوى وما رواه الكليني عن زرارة في الضعيف عن أبي عبد الله
قال السقط إذا تم له أربعة أشهر غسل ولا معارض لهذه الروايات مع قبول الأصحاب لها فيستقيم التعويل عليها كما ذكره المحقق وغيره والحكم في الرواية الثانية معلق على استواء الخلقة
لا على بلوغ الأربعة فلا ينطبق على ما ذكره الأصحاب الا ان يكون بينهما تلازم وادعى بعضهم كون المتبادر من الكفن القطع الثلث فيدل رواية سماعة على اعتباره وللتأمل فيه
مجال على أن الظاهر كون الوجوب باتفاق علمائنا على ما نقله المحقق في المعتبر والخالية من عظم تلف في خرقة وتدفن من غير غسل هذا هو المشهور بين المتأخرين واختار المحقق في
المعتبر عدم وجوب اللفظ لانتفاء الدليل عليه وهو متجه وكذا السقط لأقل من الأربعة أشهر يلف في خرقة ويدفن وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب وقال المحقق انه مذهب العلماء خلا ابن سيرين
ويظهر من المصنف دعوى الاجماع عليه والأصل فيه ما رواه الكليني والشيخ عنه عن محمد بن الفضيل في الضعيف قال كتبت إلى أبى جعفر عليه السلام أسأله عن السقط كيف يصنع به قال السقط
يدفن بدمه في موضعه وهذه الرواية خالية من ذكر اللف بل ظاهرها انه يدفن مجردا ويؤمر من وجب قتله بالاغتسال أو لا غسل الأموات بالخليطين ثم لا يغسل بعد قتله وكذا تقدم
التحنيط على ما ذكره الشيخ واتباعه وزاد ابنا بابويه والمفيد تقديم التكفين أيضا والأصل فيه ما رواه الكليني والشيخ عن مسمع كردين في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال المرجوم
والمرجومة يغتسلان ويحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك ثم يرجمان ويصلى عليهما والمقتص منه بمنزلة ذلك يغتسل ويتحنط ويلبس الكفن ويصلى وروى الشيخ عن مسمع باسناد فيه
ارسال مثله وتعدد الاسناد وعمل الطائفة بمدلول الخبر ينجبر ضعفه قال المحقق ان الخمسة واتباعهم افتوا بذلك وانه لا يعرف في ذلك خلافا ونحوه قال في الذكرى والذي يفهم من صريح
الرواية تقديم الأمور المذكورة ولا يخلو عن دلالة ما على عدم الوجوب بعد القتل حيث إنه عليه السلام ذكر الصلاة واكتفى به في مقام البيان واستدل عليه بعدم مشروعية التعدد
وهو متجه ان ثبت الاجماع على ذلك وبالجملة مذهب الأصحاب هذا وفى وجوب الغسل بمسه بعد الموت تردد ومن مس ميتا من الناس بعد برده بالموت قبل تطهيره بالغسل
أو مس قطعة ذات عظم أبينت منه أو من حي وجب عليه الغسل تفتيح هذا المقام يتم ببيان أمور الأول اختلف الأصحاب في وجوب غسل مس الميت فذهب أكثر الأصحاب منهم
الشيخان وابنا بابويه إلى وجوبه وذهب السيد المرتضى إلى الاستحباب حجة الأول ما رواه الشيخ والكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال قلت الرجل يغمض
الميت أعليه غسل قال إذا مسه بحرارته فلا ولكن إذا مسه بعدما يبرد فليغتسل قلت فالذي يغسله يغتسل قال نعم الحديث وعن عاصم بن حميد في الصحيح قال سألته عن الميت إذا
مسه الانسان أفيه غسل قال فقال إذا مسست جسده حين يبرد فاغتسل وعن إسماعيل بن جابر في الصحيح قال دخلت على أبي عبد الله عليه السلام حين مات ابنه إسماعيل الأكبر فجعل يقبله
وهو ميت فقلت جعلت فداك أليس لا ينبغي ان يمس الميت بعدما يموت ومن مسه فعليه الغسل فقال إما بحرارته فلا باس انما ذاك إذا برد وعن معوية بن عمار في الصحيح قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام الذي يغسل الميت عليه غسل قال نعم قلت فإذا مسه وهو سخن قال لا غسل عليه فإذا برد فعليه الغسل وما رواه الكليني والشيخ عنه عن حريز في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن
أبي عبد الله عليه السلام قال من غسل ميتا فليغتسل قال وان مسه ما دام حارا فلا غسل عليه فإذا برد ثم مسه فليغتسل الحديث وعن عبد الله بن سنان في الضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال
يغتسل الذي غسل الميت وان قبل الميت انسان بعد موته وهو حار فليس عليه غسل ولكن إذا مسه وقبله وقد برد فعليه الغسل ولا باس ان يمسه بعد الغسل وتقبله ولا يخفى ان
الامر وما في معناه في اخبارنا غير واضح الدلالة على الوجوب فالاستناد إلى هذه الأخبار في اثبات الوجوب لا يخلو عن اشكال ويستفاد من هذه الأخبار اختصاصا الغسل بحال برده ويستفاد
من رواية ابن سنان ان تعلق الحكم بما قبل الغسل قال المصنف في المنتهى وهو مذهب علماء الأمصار ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال من مس الميت عند
موته وبعد غسله والقبلة ليس به باس الثاني من غسل غسلا خليطا صحيحا مع تعذر الخليطين فهل يجب الغسل بمسه فيه ترددا قربه العدم لتقييد الوجوب بما قبل الاغتسال
الثالث لو تعذر الغسل وأوجبنا التيمم فهل يجب الغسل بمسه فيه تردد نظرا إلى تعليق حكم الوجوب بما قبل الغسل وكون التيمم بمنزلته نظرا إلى بعض الأخبار الرابع
ذكر جماعة من الأصحاب انه لا يجب الغسل بمس الشهيد تخصيصا للروايات بالميت الذي يجب تغسيله وفيه تردد الخامس هل يجب الغسل بمس عضو كمل غسله قبل اكمال الغسل
فيه قولان أقربهما الوجوب على القول بوجوب غسل المس لان الأدلة عامة خرج ما بعد الغسل بالنص والاجماع فيبقى غيره سالما عن مدافعة المعارض وقيل بعدم الوجوب واختاره
الشهيد استنادا إلى صدق كمال الغسل بالنسبة إلى ذلك العضو والى عدم وجوب المس لو كان منفصلا فكذا مع الاتصال لعدم تعقل الفرق والوجهان ضعيفان السادس
المشهور بين الأصحاب وجوب الغسل بمس قطعة فيها عظم سواء أبينت من حي أو ميت ونقل الشيخ اجماع الفرقة عليه ويظهر من بعض عباراتهم اختصاص الحكم بالمبانة من الميت ويحكى عن ابن
الجنيد القول بوجوبه ما بينه وبين سنة وتوقف فيه المحقق في المعتبر واستدل على الوجوب بما رواه الشيخ عن أيوب بن نوح في الصحيح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال
إذا قطع من الرجل قطعة فهى ميتة فإذا مسه الانسان فكل ما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسه الغسل فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه ولا يبعد ان يقال ارسال الرواية مندفع
بالشهرة بين الأصحاب لكن قال المحقق الذي أراه التوقف في ذلك فان الرواية مقطوعة والعمل بها قليل ودعوى الشيخ الاجماع لم يثبت وغايته الاستحباب تفصيا من اطراح قول
الشيخ والرواية ويظهر من هذا ان ما ذكره الشيخ لم يكن فتوى مشهورا بين قدماء الأصحاب قال الشهيد بعد نقل كلام المحقق قلت هذه القطعة نجسة قطعا لوجوب غسلها
لما مر وهي بعض من جملة ما يجب الغسل بمسها وخصوصا في الميت فكل دليل دل على وجوب الغسل بمس الميت دل عليها ولان الغسل يجب بمسها متصلة فما الذي أخرجها من الوجوب
بانفصالها ولأنه يلزم عدم الغسل لو مس جميع الميت ممزعا والخبر المنقول المقبور عنده حجة وكذا المقترن بالقرينة والامران حاصلان في الخبر والاجماع المنقول بخبر الواحد حجة عند كثير وابن
الجنيد سابق على الشيخ وقد افتى بوجوبه فالتوقف في هذه بخصوصها لا وجه له لان الأصحاب ينحصرون في موجب غسل الميت على الاطلاق وهم الأكثر وفى نافيه على الاطلاق وهم المرتضى
91

ومن اخذ اخذه فالقول بوجوبه في موضع دون موضع لم يعهد ويرد عليه ان النجاسة لا تستلزم وجوب الغسل بالمس وجزئيتها لما يجب الغسل بمسه لا يستلزم اتصافها
بهذا الوصف حال كونها منقطعة إذ المسلم ثبوت هذا الوصف حال الاتصال لا مطلقا إذ الدليل مختص بالميت وهو صادق على الحملة حسب وشمول الأجزاء المنقطعة ممنوع
مع أن ذلك على تقدير تمامه يستلزم ثبوت الحكم في غير ذات العظم أيضا وهم نافون لذلك وقوله لا يسقط الحكم بالانفصال ممنوع فلو تمسك في هذا بالاستصحاب فهو
ضعيف قد أشرنا إليه مرارا وبطلان عدم وجوب الغسل بمس غسل جميع الأجزاء ممزعا ممنوع وحصول القرينة والقبول في الخبر غير واضح وكذا ما ذكره من عدم القائل بالفصل
وأكثر ما ذكره من الوجوه مختص بالمبانة من الميت ومدعاه أعم منه وبالجملة للتوقف في هذه المسألة مجال والاحتياط فيما اشتهر بين الأصحاب وهل العظم المجرد من اللحم
بحكم ذات العظم فيه قولان أقربهما العدم لأصالة البراءة وقيل نعم واختاره الشهيد لدوران الغسل معه وجودا وعدما وهو ضعيف قال الشارح الفاضل هذا في غير السن
والضرس إما فيهما فالقول بالوجوب أشد ضعفا لأنهما في حكم الشعر والظفر قال هذا مع الانفصال إما مع الاتصال فيمكن المساواة والوجوب لأنه جزء من جملة يجب بمسها الغسل
ولو خلت القطعة المبانة من حي أو ميت من عظم أو كان الميت من غير الناس مما له نفس سائله غسل يده خاصة ولو قال غسل العضو اللامس لكان أولي إما وجوب غسل
العضو اللامس في الصورتين فلما سيجيئ من نجاسة الميتة واما عدم وجوب الغسل في الصورة الأولى فلمرسلة أيوب بن نوح السابقة في المسألة المتقدمة مضافا إلى الأصل السالم
عن المعارض واما في الصورة الثانية فلبعض الأخبار الدالة عليه مضافا إلى الأصل السالم عن المعارض
النظر الرابع في أسباب التيمم أي الأسباب المسوغة له وكيفيته
يجب التيمم التيمم لغة القصد قال الله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون أي لا تقصدوا الردى من المال تنفقون منه وقال عز وجل فتيمموا صعيدا طيبا أي اقصدوا و
نقل في الشرع إلى الضرب على الأرض والمسح بالأعضاء المخصوصة على وجه القربة ووجوبه ثابت بالكتاب والسنة قال الله تعالى وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من
الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه وهيهنا اشكال وهو انه سبحانه جمع بين هذه الأشياء في الشرط المرتب عليه جزاء
واحد هو الامر بالتيمم مع أن سببيته الأولين للترخص بالتيمم والثالث والرابع لوجوب الطهارة عاطفا بينهما بأو المقتضية لاستقلال كل واحد منها في ترتب الجزاء مع أنه
ليس كذلك إذ متى لم يجتمع أحد الآخرين مع واحد من الأولين لم يترتب الجزاء وهو وجوب التيمم وأجيب عن هذا الاشكال بوجوه الأول ان اوفى قوله عن شأنه أو جاء بمعنى الواو
كقوله تعالى وأرسلناه إلى مائة الف أو يزيدون الثاني قال البيضاوي وجه هذا التقسيم ان المترخص بالتيمم إما محدث أو جنب والحال المقتضية له في غالب الامر إما مرض أو سفر والجنب
لما مر ذكره اقتصر على بيان حاله والمحدث لما لم يجز ذكره ذكر أسبابه ما يحدث بالذات وما يحدث بالعرض واستغنى عن تفصيل أحواله بتفصيل أحواله الجنب وبيان العذر مجملا وكانه
قيل وان كنتم جنبا مرضى أو على سفر أو محدثين من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء وهذا الوجه لا
يوافق ما ثبت عندنا من أن المراد بالملامسة الجماع الثالث قال صاحب
الكشاف جوابا عن الاشكال الذي ذكرنا قلت راد سبحانه ان يرخص للذين وجب عليهم التطهير وهم عارفون للماء في التيمم بالتراب فخص أولا من بينهم مرضاهم وسفرهم
لانهم المتقدمون في استحقاق بيان الرخصة لهم لكثرة المرض والسفر وغلبتهما على سائر الأسباب الموجبة للرخصة ثم عم كل من وجب عليه التطهير وأعوزه الماء الخوف عدوا وسبع
أو عدم آلة استقاه أو ارهاق في مكان لا ماء فيه أو غير ذلك مما لا يكثر كثرة المرض والسفر انتهى كلامه وقيل في توضيح كلامه ان القصد إلى الترخيص في التيمم لكل من وجب عليه
التطهير ولم يجد الماء فقيد عدم الوجدان راجع إلى الكل وقيد وجوب التطهير المكنى عنه بالمجيئ بمن الغائط أو الملامسة اللذين هما من أغلب أسباب وجوب التطهير معتبر في الكل
حتى المرضى والمسافرين وذكرهما تخصيص قبل التعميم بناء على زيادة استحقاقهما للترخيص وغلته المرضى والسفر على سائر أسباب الرخصة فكأنه قيل إن جاء أحد منكم من الغائط
أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء خصوصا المرضى والمسافرين فتيمموا ووجه سببيته مضمون الشرط المضمون الجزاء ظاهر هذا ولكن ينبغي ان يفسر عدم وجدان الماء بعدم القدرة
على استعماله لتفيد ترخيص المريض الواجد للماء العاجز عن الاستعمال ويصح ان المرض سبب من الأسباب الغالبة والا فهو باعتبار العجز عن الحركة والوصول إلى الماء من الأسباب النادرة
لا الغالبة وما ذكره من حمل عدم الوجدان على عدم القدرة هو المستفاد من كلام جماعة من المحققين وهو مجاز حسن في مثل هذا المقام واما جعل عدم الوجدان قيدا للجميع فلا
يخلو عن شئ لأنه إذا جمع بين الأشياء في سلك واحد ويكون شئ واحد وهو عدم الوجدان قيدا للجميع كان المناسب ان يكون لكل واحد منهما مع قطع النظر عن القيد مناسبة ظاهرة
مع الترخيص بالتيمم وذلك منتف في الأخيرين الا عند جعل عدم الوجدان قيدا مختصا وكلام صاحب الكشاف غير آب عن ذلك والأحسن ان يقال قوله سبحانه فلم تجدوا ماء
قيد للأخيرين مختص بهما لكنه في الأولين مراد بمعاونة المقام فإنه سبحانه لما أمر بالوضوء والغسل كان هيهنا مظنة سؤال يخطر بالبال فكان سائلا يقول إذا كان
الانسان مسافرا لا يجد الماء أو مريضا يخاف من استعماله الضرر فما حكمه فأجاب سبحانه ببيان حكمه وضم سائر المعذورين فكأنه قال وان كنتم في حال الحدوث والجنابة مرضى تستضرون
باستعمال الماء أو مسافرين غير واجدين للماء أو كنتم جنبا أو محدثين غير واجدين للماء وان لم تكونوا مرضى أو على سفر فتيمموا صعيدا طيبا والتصريح بالجنابة والحدث ثانيا
مع اعتبارهما في المريض والمسافر أيضا لئلا يتوهم اختصاص الحكم للمذكور بالجنب لكونه بعده وقد يقال في قوله تعالى أو لامستم النساء في موقع ان كنتم جنبا مع التفنن والخروج عن التكرار
تنبيه على أن الامر هيهنا ليس مبنيا على استبقاء الموجب في ظاهر اللفظ فلا يتوهم أيضا حصر موجب الوضوء في المجيئ من الغائط وعلى كل حال فيه تنبيه على أن كونهم محدثين ملحوظ
في ايجاب الوضوء واما الاخبار فكثيرة منها قول النبي صلى الله عليه وآله الصعيد الطيب طهور المسلم وان لم يجد الماء عشر سنين وقول الصادق عليه السلام ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا
إلى غير ذلك مما سيجيئ في مواضعه لما يجب له الطهارتان الذي ثبت بالدليل ان التيمم طهور عند فقد الماء كما سيجيئ فما وجب له الطهارة المطلقة يجب له التيمم عند تعذر المائية
وما وجب له نوع خاص منها كالصوم بالنسبة إلى الغسل واثبات وجوب التيمم له لا يخلو عن اشكال ويمكن الاستدلال عليه بقوله عليه السلام في بعض الأخبار الصحيحة هو بمنزلة الماء وانما يجب عند فقد الماء مع الطلب على
الوجه المعتبر شرعا كما سيجيئ وعليه اجماع العلماء كافة الا من شذ ويستوى في ذلك الحاضر والمسافر وتدل عليه الآية والأخبار الكثيرة المذكورة في طي المباحث الآتية وقال بعض
العامة الصحيح الحاضر إذا عدم الماء كالمحبوس ومن انقطع عنه الماء يترك التيمم والصلاة تعويلا على حجة ضعيفة أو تعذر استعماله للمرض بان يخاف زيادته وبطوء برئه أو عسر علاجه
أو خاف حدوثه وان لم يكن حاصلا حال الاستعمال ولا فرق في ذلك بين المرض العام بجميع البدن أو المختصة ببعض الأعضاء ويدل على الجميع الا صورة خوف الحدث والآية وعلى الجميع
قوله تعالى ما جعل عليكم في الدين من حرج وعلى بعضها قوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة واما الرواية في هذا الباب فقد روى الكليني والشيخ عنه عن محمد بن سكين وغيره
في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام ان قيل له ان فلانا اصابته جنابة وهو مجدور فغسلوه فمات فقال قتلوه الا سألوا الا يمموه ان شفاء العى السؤال قال وروى ذلك في الكسير
والمبطون يتيمم ولا يغتسل وروى محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الجنب يكون به القروح قال لا باس بان لا يغتسل يتيمم وروى داود بن سرحان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام
في الرجل يصيبه الجنابة وبه جروح أو قروح أو يخاف على نفسه من البرد فقال لا يغتسل ويتيمم وروى ابن أبي عمير مرسلا عن الصادق عليه السلام قال يؤمم المجدور والكسير إذا اصابتهما الجنابة
وروى ابن أبي نصر في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه السلام في الرجل تصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يخاف على نفسه البرد قال لا يغتسل يتيمم والمشهور بين الأصحاب عدم الفرق بين متعمد
الجنابة وغيره في تسويغ التيمم له عند التضرر بالماء وقال المفيد وان أجنب نفسه مختارا وجب عليه الغسل وان خاف منه على نفسه ولم يجزه التيمم واسند في المعتبر إلى الشيخين القول
92

بعدم جواز التيمم وان خاف التلف أو زيادة المرض واسند في المنتهى إلى الشيخ القول بأن المتعمد وجب عليه الغسل وان لحقه برد الا ان يخاف على نفسه التلد والذي ذكره في المبسوط والنهاية
انه يتيمم عند خوف البرد على نفسه ويعيد الصلاة عند الاغتسال إذا كانت الجنابة عمدا وفى التهذيب ان الأولى له ان يغتسل على كل حال وفى الخلاف وافق المصنف والمنقول عن ظاهر
كلام ابن الجنيد عدم اجزاء التيمم للمتعمد ويدل على الأول عموم الآية المذكورة بانضمام الاجماع المركب ان نوقش في شمول لجميع المواد مع انتفاء الحرج المعلوم من الآية وقوله عليه السلام لا
ضرر ولا اضرار وعموم الأخبار السابقة وقوله تعالى ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة لكن هذا لا يشمل تمام المدعى ويؤيد ذلك أن الجنابة على هذا التقدير غير محرم نقل الاجماع عليه
المحقق في المعتبر فلا يترتب على فاعله التغرير بالنفس الذي هو بمنزلة العقوبة ويؤيد صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أجنب في سفر ولم يجد الا الثلج أو
ماء جامدا فقال هو بمنزلة الضرورة يتيمم ولا ارى ان يعود إلى هذه الأرض التي يوبق دينه واستدل الشيخ في الخلاف بصحيحة عبد الله بن سليمان عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل كان
في ارض باردة فتخوف ان هو اغتسل ان يصيبه عنت من الغسل كيف يصنع قال يغتسل وان اصابه ما اصابه وفى التهذيب تتمة لهذا الخبر وهي هذه قال وذكر انه كان وجعا شديد الوجع
فاصابته جنابة وهو في مكان بارد وكانت ليلة شديدة الريح باردة قد تلوث الغلمة فقلت لهم احملوني فاغسلوني فقالوا انا نخاف عليك فقلت ليس بد فحملوني ووضعوني على
خشبات ثم صبوا على الماء فغسلوني وصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تصيبه الجنابة في ارض باردة ولا يجد الماء وعسى ان يكون الماء جامدا قال يغتسل على ما
كان وفى التهذيب تتمة لهذا الخبر وهو هذه حدثه رجل انه فعل ذلك فمرض شهرا من البرد فقال اغتسل على ما كان فإنه لابد من الغسل وذكر أبو عبد الله عليه السلام انه اضطر إليه وهو مريض فاتوه
به مسخنا فاغتسل وقال لابد من الغسل وأجاب في المعتبر بأنهما ليستا صريحتين في الدلالة لان العنت المشقة
وليس كل مشقة تلفا وقوله على ما كان ليس حجة في موضع النزاع وان دل باطلاقه
فدفع الضرر المظنون واجب عقلا لا يرتفع باطلاق الرواية ولا يخص بها عموم نفى الجرح انتهى وهو حسن وبالجملة ينبغي حملها على المشقة اليسيرة واما تتمة الخبر فيمكن ان يرجع الضمير في قوله
حدثه رجل إلى غير المعصوم عليه السلام ومما يضعف الاحتجاج بالخبرين انهما لا يختصان بالمتعمدة هما على هذا الوجه غير معمول بين الأصحاب والتأويل الذي ذكرنا ليس أبعد من التخصيص خصوصا
إذا اقتضا الجمع بينه وبين اخبار اخر أخص منه ووافق الكتاب والعقل قال المحقق ثم هاتان الروايتان معارضتان بروايات ونقل رواية داود بن سرحان والبزنطي وقد مضتا ثم قال وهاتان
أرجح بوجوه أحدها انه أيسر واليسر مراد الله تعالى الثاني انهما ناصان على موضع النزاع والأولتان مطلقتان وغرضه انهما أخص مطلقا فتكون مخصصتين على التعيين الثالث ان
مع العمل بهاتين يمكن العمل بالأولتين على جهة الاستحباب كما ذهب إليه الشيخ في التهذيب واما مرفوعة علي بن إبراهيم قال قال إن أجنب فعليه ان يغتسل على ما كان منه وان احتلم تيمم و
مرفوعة علي بن أحمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن مجدور اصابته جنابة قال إن كان أجنب هو فليغتسل وان احتلم فليتيمم فضعف سندهما يمنع من التعويل عليهما مع معارضتهما
بأقوى منهما وأجيب عنه أيضا بأنهما لم يتضمنا موضع النزاع لجواز ان يكون لا مع الخوف على النفس وفيه نظر ويدل على عدم وجوب إعادة الصلاة روايات كثيرة منها صحيحة محمد بن مسلم قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد وصلى ثم وجد الماء فقال لا يعيد ان رب الماء رب الصعيد فقد فعل أحد الطهورين واما رواية جعفر بن بشير عمن رواه عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل اصابته جنابة في ليلة باردة يخاف على نفسه التلف ان اغتسل قال يتيمم فإذا امن البرد اغتسل وأعاد الصلاة وروى جعفر بن بشير عن عبد الله
بن سنان أو غيره عن أبي عبد الله عليه السلام مثل ذلك فضعيفة كما اعترف به الشيخ رحمه الله فقال إنه خبر مرسل منقطع الاسناد لان جعفر بن بشير في الرواية الأولى قال عمن رواه وهذا مجهول
يجب اطراحه وفى الرواية الثانية قال عن عبد الله بن سنان أو غيره فأورده وهو شاك فيه وما يجرى هذا المجرى لا يجب العمل به نعم يمكن الاستدلال بما رواه ابن بابويه في الصحيح عن عبد الله
ابن سنان انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل تصيبه الجنابة في الليلة الباردة ويخاف على نفسه التلف ان اغتسل فقال يتيمم ويصلى فإذا امن البرد اغتسل وأعاد الصلاة لكنها غير مشتملة على
قيد التعمد ومع ذلك معارضة بما هو أقوى منها فالأولى حملها على الاستحباب قال في المعتبر والوجه عندي انه لا إعادة لان التيمم عند الخوف على النفس إما ان يكون مبيحا للصلاة أم لا يكون فإن كان
مبيحا سقط القضاء لأنه اتى بصلاة مستكملة للشرائط وان لم يكن مبيحا لم يجيب الأداء فالقول بوجوب الأداء مع وجوب القضاء مما لا يجتمعان لكن الأداء واجب فالقضاء غير واجب و
هو جيد الثاني المريض والجريح الذي لا يخاف الضرر باستعمال الماء كالصداع والحمى الحارة لا يجوز له التيمم وخالف فيه بعض العامة محتجا بعموم الآية وفيه ان الآية غير صريحة في العموم
لجواز ان يكون قوله تعالى فلم تجدوا قيدا للجميع وأيضا يحتمل ان يكون المراد المرض الذي يخاف معه بقرائن الحال والمقام فلا يلزم العموم الثالث إذا خاف حدث ومرض يسير أو زيادته بحيث
يتحمل عادة كالصداع ووجع الضرس فظاهر عبارة المصنف والمحقق عدم جواز التيمم وبه صرح المصنف في غير هذا الكتاب في النهاية على الجواد على مطلق المرض مال إليه الشهيد في الذكرى حيث استشكل
حكم الفاضلين بعدم جواز التيمم بالعسر والحرج وبقول النبي صلى الله عليه وآله لا ضرر ولا اضرار مع تجويز التيمم بالشين وقواه الشيخ على وزاد في الاحتجاج انه لا وثوق في المرض بالوقوف على الحد اليسير و
قد يقال ربما كان الخلاف مرتفعا في المعنى فإنه مع الضرورة والمشقة الشديدة يجوز التيمم عند الجميع لان المرض والحال هذه لا يكون يسيرا ومع انتفاء المشقة وسهولة الأرض لا يسوغ التيمم
عند الجميع أيضا وهو غير ثابت وما ذكره الفاضلان لا يخلو عن رجحان لان عموم المرض المذكور في الآية بحيث يشمل الضرر اليسير محل النظر فيبقى ما نحن فيه تحت العمومات الدالة على وجوب
الوضوء والغسل ويؤيد ذلك صحيحة عبد الله بن سليمان وصحيحة محمد بن مسلم وقد مضتا واما الحرج والضرر المنفيان بالآية والخبر ففيهما اجمال يشكل الحكم بشمولهما لموضع النزاع والاحتياط
الجمع في الصورة المفروضة الرابع لو خاف من شدة البرد وامكنه تسخين الماء أو استعماله على وجه يا من الضرر كان يغتسل عضوا عضوا ثم يستره وجب ولم يجز له التيمم ولو احتاج إلى شراء
حطب أو استجار من يسخنه وجب مع المكنة ولو احتاج تحصيل الماء إلى حركة عنيفة ولم يمكنه تحملها عادة لكبر أو مرض تعين التيمم ولو وجد من تناوله الماء بأجرة وجب مع المكنة وأدلة الكل
ظاهرة الخامس في حكم المرض العجز عن الوصول إلى الماء بسبب ضيق الوقت بحيث لا يدرك منه بعد الطهارة قدر ركعة على المشهور بين المتأخرين وان قدر على الماء بعد الوقت بان يكون
قريبا منه وقال المحقق من كان الماء قريبا منه وتحصيله ممكن لكن مع فوات الوقت أو كان عنده وباستعماله يفوت لم يجز له التيمم وسعى إليه لأنه واجد والأقرب الأول لوجوب الصلاة
عليه وعدم جواز تأخيرها عن الوقت بالعمومات الدالة على ذلك وحيث تعذرت الطهارة المائية لها تعين التراب لأنه أحد الطهورين وهو بمنزلة الماء بمقتضى الأخبار الصحيحة ولا نسلم
وجود أمر دال على وجوب السعي إلى الوضوء مثلا حينئذ ولا يقدح وجدان الماء إذا لم يمكنه الطهارة به لأجل الصلاة السادس ذكر المصنف وغيره ان المرجع في معرفة التضرر بالماء الظن
المستند إلى الوجدان الحاصل بالتجربة أو غيرها أو اخبار عدل ولو حصل الظن باخبار فاسق أو صبي أو امرأة ومخالف غير متهم في دينه فقال في التذكرة الأقرب القبول لأنه يجرى مجرى
العلامات كما يقبل قول القصاب الفاسق في التذكية وتبعه المتأخرون ولم أر مصرحا بخلافه وعلله بعضهم بان غاية ما يقيد به الآية الشريفة اعتبار ظن الضرر فيكفي حصوله بأي وجه
اتفق وهذا انما يتم إذا لم يكن قوله تعالى فلم يجدوا قيدا للجميع واليه يتطرق المنع ومع ذلك لا يجرى في المرض المتوقع ويمكن دفع الأول بما ذكرنا من أن الأقرب ان يكون عدم الوجدان قيدا
للأخيرين والثاني بانضمام دعوى الاجماع المركب بل الظاهر من كلام الأصحاب حيث ذكروا من أصحاب الترخيص الخوف من استعمال الماء حيث نقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه وقال
في المعتبر تسبيح المريض التيمم مع خوف التلف اجماعا قال وهل يستبيحه لخوف الزيادة في العلة أو بطؤها أو الشين مذهبنا نعم كحصول الترخيص بمجرد الخوف وان لم يكن مع الظن أو كان بمجرد
الجبن أو للبرد المولم في الحال بان يكون برد الماء شديدا لا يتحمل مثله عادة وان امن العاقبة فان يسوغ له التيمم كما صرح به في المنتهى والنهاية لانتفاء الحرج والضرر ويؤيده صحيحة محمد بن
مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أجنب في سفر ولم يجد الا الثلج أو ماء جامدا قال هو بمنزلة الضرورة يتيمم فإنها بعمومها تشمل البرد الذي لا يخشى عاقبة إما لو تألم بما يمكن
93

تحمله عادة لم يجز التيمم قطعا قال الشارح الفاضل ويمكن المنع من التيمم مع البرد الذي لا يخشى عاقبته مطلقا لظاهر الخبر وهو الظاهر من اختيار الشهيد رحمه الله والخبر الذي ذكره إشارة إلى رواية عبد الله
ابن سليمان السالفة الدالة على أن الصادق عليه السلام اغتسل في ليلة شديدة البرد مع شدة الوجع وقوله عليه السلام في الخبر المذكور ويغتسل على ما كان يدل عليه أيضا وكذا تدل عليه صحيحة محمد بن
مسلم السالفة أيضا والعمومات الدالة على وجوب الطهارة المائية وهو ظاهر اختيار المصنف في القواعد وللتأمل في هذه المسألة مجال وحكم الحر في ذلك حكم البرد وانما خصه المصنف بالذكر لأنه
الأغلب في المنع وكذا الشين قال الشارح الفاضل هو ما يعلو البشرة من الخشونة المشوهة للخلقة وربما بلغت تشقق الجلد وخروج الدم انتهى وقد قطع الأصحاب بكون الشين موجبا
للترخيص بالتيمم ونقل الاجماع عليه في المنتهى حيث قال لو خاف الشين باستعمال الماء أجاز له التيمم قاله علماؤنا أجمع وظاهر المعتبر أيضا ذلك كما نقلنا سابقا وصرح المصنف في النهاية بأنه
لا فرق بين شدته وضعفه وقيده في بعض مواضع المنتهى بكونه فاحشا حيث قال لا فرق في الخوف بين خوف التلف أو زيادة المرض أو تباطؤ البرء والشين الفاحش قال الشارح
الفاضل وهو أولي قال بعض الشارحين واما الشين فهو أيضا ان وصل إلى أن يسمى مرضا ويحصل به الضرر الغير المتحمل كما قد يقع في بعض البلدان بالنسبة إلى بعض الأبدان
فهو ملحق بالمرض ومشترك معه في دليله والا فيشكل الحكم به وبأنه مرض مطلقا وهو حسن ويؤيد ما ذكره من الاشكال صحيحة عبد الله بن سليمان ومحمد بن مسلم السابقتان والعمومات
الدالة على وجوب الطهارة المائية الا ما ثبت خروجه عنها قال الشيخ في الخلاف إذا لم يخف الزيادة أو التلف غير أنه يشينه استعمال الماء ويؤثر في خلقته ويغير شيئا منه ويشوه به يجوز
له ان يتيمم لان الآية غاية في كل خوف وكذلك الاخبار وللشافعي فيه قولان فاما إذا لم يشوه خلقته ولا يزيد في علته ولا يخاف التلف وان اثرا قليلا فلا خلاف انه لا يجوز له التيمم قال الشارح
الفاضل ومتى خشى شيئا من الأشياء المذكورة لم يجز استعمال الماء لوجوب حفظ النفس فلو خاف واستعمله ففي الأجزاء نظر من امتثال أمر الوضوء والغسل ومن عدم الاتيان بالماء و
به الان فيبقى في العهدة والنهى عن استعماله في الطهارة المقتضى للفساد في العبارة وهو أقرب وما ذكره جيد إن كان الضمير يرجع إلى عدم الأجزاء لان امتثال الامر ممنوع أو خوف العطش
الحاصل أو المتوقف في زمان لا يحصل فيه الماء عادة أو بقرائن الأحوال قال في المعتبر ولو خشى العطش يتمم ان لم يكن في الماء سعة عن قدر الضرورة وهو مذهب أهل العلم كافة وقال في المنتهى
وقد أجمع كل من يحفظ عنه العلم على أن المسافر إذا كان معه الماء وخشي العطش حفظ ماء للشرب وتيمم وكذلك نقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه وتدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي
عبد الله عليه السلام أنه قال في رجل اصابته جنابة في السفر وليس معه الا ماء قليل يخاف ان هو اغتسل ان يعطش قال إن خاف عطشا فلا يهرق منه قطرة وليتيمم بالصعيد فان الصعيد
أحب إلى وقريب منه حسفة وصحيحة الحلبي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الجنب يكون معه الماء القليل فان هو اغتسل به خاف العطش أيغتسل به أو يتيمم قال بل يتيمم وكذلك إذا أراد الوضوء
وموثقة سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون معه الماء في السفر فيخاف قلته قال يتيمم بالصعيد ويستبقى الماء فان الله عز وجل جعلهما طهورا الماء والصعيد فروع
الأول لا فرق في وجوب التيمم بين الخوف الحالي وخوف العطش في المستقبل لعموم الدليل فان ظن فقدان الماء غدا يتيمم واستبقى الماء وان علم وجود الماء في الغد توضأ به وان ظن فقال
في المنتهى يحتمل الحاقه بالعالم وبالأول لان الأصل العدم ويمكن ترجيح الثاني لا لما ذكره من التعليل لضعفه بل لحصول الخوف المقتضى للترخيص واختاره في التذكرة ولا فرق في خوف العطش
بين الخوف على النفس أو شئ من الأطراف أو حصول مرض أو زيادته أو خوف ضعف يعجز معه عن المشي أو تخلف الرفقة أو مزاولة أمور السفر حيث يحتاج إليها بل الخبر أعم من الجميع
فإنه ذكر فيه مطلق خوف العطش الثاني لو خاف على رفيقه العطش استبقى الماء وتيمم على ما ذكره الأصحاب واستدل عليه بان حرمة أخيه المسلم كحرمته ولان حرمة المسلم اكد من حرمة
الصلاة فان حفظ المسلم أرجح في نظر الشرع من الصلاة بدليل انها تقطع الصلاة لحفظ المسلم من الحرق والغرق وان ضاق وقتها ويؤكد ذلك الأخبار الواردة في وجوب رعاية
حقوق المسلمين بأعظم من تلك وكذا لو وجد عطشانا يخاف تلفه وجب ان يسقيه الماء ويتيمم خلافا لبعض الجمهور الثالث الحق الفاضلان وغيرهما بذلك الدواب
المحترمة فجعلوا الخوف من عطشها موجبا للرخصة واحتج عليه في المعتبر بان الخوف على الدواب خوف على المال ومعه يجوز التيمم وقد يقال إنه مشكل على اطلاقه لان مطلق ذهاب
المال غير مسوغ للتيمم ولهذا وجب صرف المال الكثير الذي لا يضر فوته في شراء الماء فيمكن القول بوجوب ذبح الدابة واستعمال الماء واجد له غير مضطر إليه فلا يسوغ له التيمم الرابع
وقد استثنى مما ذكر غير المحترم من الحيوان كالمرتد عن فطرة والحربي والكلب العقور والخنزير وكل ما يجب قتله الخامس قال في المنتهى لو خاف على حيوان الغير التلف ففي
وجوبه اشكال فان أوجبناه فالأقرب رجوعه على المالك بالثمن انتهى والأقرب عدم جواز التيمم حينئذ للقدرة على الماء وعدم دليل صالح لتخصيص العمومات الدالة على وجوب
الطهارة المائية السادس لو أمكن ان يتطهر به ويجمع المتساقط من الأعضاء للشرب على وجه يكتفى به وجب جمعا بين الحقين السابع لو كان معه ماءان طاهر ونجس
وخشي العطش فقد حكم الأصحاب بأنه يستبقى الطاهر لشربه ويتيمم لان رخصة التيمم أوسع من رخصة استعمال الماء النجس وبأنه قادر على شرب الطاهر فلا يستبيح النجس فجرى
وجوده مجرى عدمه ويمكن المناقشة في الوجهين الثامن لو تطهر به في موضع العطش فالظاهر البطلان للنهي المقتضى للفساد في العبارات واستقرب المصنف في النهاية الأجزاء
لامتثال أمر الوضوء وفيه منع ظاهر أو خوف اللص أو السبع في طريق الماء سواء كان على النفس أو المال ونقل الفاضلان الاجماع عليه وعد ابن زهرة من أسباب جواز التيمم
الخوف من العدو ونقل الاجماع عليه والأصل فيه رواية يعقوب بن سالم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل لا يكون معه ماء والماء عن يمين الطريق ويساره غلوتين أو نحو ذلك
قال لا امره ان يعزر بنفسه فتعرض له لص أو سبع ورواية داود الرقي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أكون في السفر وتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال ان الماء قريب منا فاطلب الماء واما
في وقت يمينا وشمالا قال لا تطلب الماء ولكن تيمم فانى أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل وتأكلك السبع وتؤيد ذلك صحيحة الحلبي انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يمر بالركية
وليس معه دلو قال ليس عليه ان يدخل الركية لان رب الماء هو رب الأرض فليتيمم فإنها محمولة على صورة خوف أو مشقة شديدة والقدح في سند الأولين غير قادح في العمل بهما بعد
اطباق الأصحاب على العمل بمضمونهما واعتضادهما بالقرائن وموافقتهما لمقتضى العقل نعم لا دلالة فيهما على حكم المال ويمكن الاستدلال عليه بالعمومات الدالة على وجوب حفظ المال
وصيانته عن الضياع فان قلت معارض بما دل على وجوب الوضوء والغسل ويمكن ارتكاب التخصيص والتأويل في كل منهما فما وجه ترجيح ما ذكرت قلت المرجح موافقته لعمل الأصحاب
واعتضاده بانتفاء الحرج والضرر المستفاد من الآية والخبر وقوله تعالى يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر إذ في تعريض المال للصوص حرج عظيم ومهانة على النفس يستنكف منها
العقلاء بخلاف بذل المال الكثير اختيارا فإنه لا غضاضة فيه على أهل المروة ولعل هذا هو الفارق بين التلف والشراء قال الشهيد الثاني في شرح الشرائع لا فرق بين كثير
المال وقليله والفارق بينه وبين الامر ببذل المال الكثير لشراء الماء النص لاكون الحاصل في مقابلة المال في الأول هو الثواب لبذله في عبادة اختيارا وفى الثاني العوض وهو
منقطع لان تارك المال للص وغيره طلبا للماء داخل في موجب الثواب أيضا قيل وكانه أشار بالنص إلى روايتي يعقوب بن سالم وداود الرقي الدالتين على جواز التيمم مع الخوف من
اللص المتناولين باطلاقهما الخوف عن فوات المال القليل والكثير وصحيحة صفوان المتضمنة للامر بشراء ماء الوضوء وإن كان بألف درهم مع التمكن منه ولا يخفى ان تناول الخبرين
للخوف الحاصل من فوت المال محل التأمل إذ التعزير في الخبر الأول معنا تعريض النفس للتهلكة وفى الخبر
الثاني لا تعرض للص أصلا فالأولى ان يجعل إشارة إلى ما دل على الامر
باصلاح المال مطلقا كما أشار إليه في شرح هذا الكتاب والحق بما ذكرنا الخوف على الأطراف أو البضع أو العرض والخوف على الفاحشة أيضا كذلك سواء في ذلك الذكر والأنثى وكذا
لو خاف على أهله ان مضى إلى الماء وتركهم لصا أو عدوا أو سبعا وحكم في المعتبر بان الخوف الحاصل بسبب الجبن كذلك وقال في المنتهى فيه نظر ووافق المحقق في غيره واستقربه الشهيد في
94

الذكرى واليه ذهب جماعة من المتأخرين وهو غير بعيد لكونه ضررا بل ربما أدي الجبن إلى ذهاب العقل الذي هو أقوى من كثير مما يسوغ التيمم لأجله نعم لو كان الجبن يسير الا
ينشأ عنه ضرر ففي الحاقه تأمل وحكم الشارح الفاضل بالعدم أو خوف ضياع المال بسبب السعي إلى الماء وان لم يكن من اللص أو السبع ويمكن ان يريد بخوف اللص أو السبع الخوف على
النفس وغيرها وبقوله أو ضياع المال ضياعه بسببهما وقد مر ما يصلح دليلا لهذه المسألة أو عدم الآلة المحتاج إليها في تحصيل الماء كالدلو والرشا حيث يحتاج إليها ولو تمكن من شد
الثياب بعضها ببعض والتوصل به إلى الماء إما بالعصر والطهارة بالمعتصر أو جعلها آلة الاستقاء وإن كان بشق البعض المستلزم لنقص الثمن وجب مع عدم التضرر بذلك ويتحقق عدم
الآلة وكذا الماء بعدم وجودهما معه أو مع باذل ولو بعوض مقدور غير مجحف أو إعارة لها أو هبة له أو بوجودهما مع من لا يعطى الا بثمن مع عدم الثمن في الحال أو في المال بحيث يتمكن
فيه منه وأمكن التأجيل إليه وكذا لو وجدت الآلة أو نزح الماء أو تسخينه بأجرة مع عدمها كذلك ولو وجد الماء بثمن لا يقدر عليه فبذل له الثمن فالظاهر وجوب القبول كما ذهب إليه الشيخ
والمصنف في المنتهى لوجوب الطهارة المائية وعدم ما يصلح دليلا للانتقال إلى البذل واستشكله المحقق بان فيه منة في العبادة ولا يجب تحمل المنة ولهذه العلة ذهب المصنف في التذكرة
والنهاية والشهيدان إلى عدم الوجوب وفى كلتا المتقدمتين منع قال الفاضل الشارح في تعليل ما اختاره ذلك مما يمتن به عادة ويحصل به حذر وغضاضة وامتهان على نفوس
الأحرار ولا فرق في ذلك بين القليل والكثير لعدم انضباط أحوال الخلق في ذلك فاعلا وقابلا فربما عد بعضهم القليل كثير أو يشق على بعضهم تحمل القليل كالكثير فالمرجع في
ذلك إلى جنس ما يمتن به عادة كما لم يفرق بين قليل الماء وكثيره في وجوب قبوله اعتبارا بالجنس والحق ان اثبات الأمور الشرعية بمثل هذه التعليلات مشكل على أن دفع
الامتنان إن كان علة للترخيص يلزم جعله مدارا للامر حتى يكون العبرة بحصول المنة فقد يحصل في القليل وقد لا يحصل في الكثير فجعل العلة الجنس يحتاج إلى دليل على أن الفرق
المذكور بين الماء وثمنه خصوصا بين كثير الماء ممن عادته المنة لمن يشق عليه ذلك وبين قليل الثمن ممن ليس من عادته ذلك لمن لا يشق القبول عليه من غير فارق شرعي محل نظر
تام والظاهر أن المنذور على وجه يدخل فيه المحتاج يجب قبوله قول واحد ولا يجوز مكابرة مالك الماء والآلة عليها لانتفاء الضرورة بخلاف الماء للعطش والطعام للمجاعة ولو علم مع قوم
ماء فعليه ان يطلبه منهم إذا احتمل البذل على الظاهر ويحتمل عدم الوجوب وكذا الحكم في استيهاب الثمن ولو امتنع من اتهاب الماء لم يصح صلاته بالتيمم ما دام الماء باقيا في يد الموهب المعتم على
الهبة خلافا لبعض العامة ولو فقد الثمن لكنه يمكنه التكسب والشراء وجب عليه ذلك خلافا للشافعية ولو وجده أي الثمن وخاف الضرر على نفسه بدفعه عوضا عن المال أو الآلة لم يجب
جاز التيمم بل لم يجز قال في المعتبر إذا لم يوجد الا ابتياعا وجب مع القدرة وان كثر الثمن كذا قال علم الهدى وقيل ما لم يضر به في الحال وهو أشبه وصرح بان القول الثاني للشيخ وذكر انه فتوى
فضلائنا وفقهاء الجمهور قال وانما قلنا إنه أشبه لان من خشى من لص اخذ ما يحجب به لم يجب عليه السعي وتعرض المال للتلف وإذا ساغ التيمم هنا دفعا لهذا القدر ساغ هنا وبينه
على ذلك ما رواه يعقوب بن سالم ونقل الرواية السالفة وتوجه ما ذكره نفى الحرج والعسر والضرر والمستفاد من الآية والخبر ويؤيده وجوب حفظ الماء لدى الحاجة فحفظ ثمنه أولي و
الظاهر أن خوف الضرر على نفوس الرفقة المسلمين كذلك واما البهائم المحترمة كما ذكره الفاضل الشارح ففيه تأمل لما ذكرنا سابقا ولو وجده أي الماء بثمن لا يضره في الحال الظاهر منه
ومن كلام غيره ان المراد به الزمان الحاضر فلا عبرة لخوف ضرره في المال لامكان تجدد ما يندفع به الضرر ويحتمل ان يكون المراد به حال نفسه ليعم الضرر الحاضر والمتوقع حيث يحتاج
إلى المال المبذول في المستقبل الذي لا يتجدد فيه ما يندفع به الضرر عادة وصرح المصنف بذلك في التذكرة وقيد وجوب الشراء في التذكرة والمنتهى بالاستغناء عنه هو حسن دفعا للحرج والضرر
فمتى لم يضره كذلك وجب الشراء لوجوب الطهارة المائية التي لا يتم الا بذلك ووجوب تحصيل ما لا يتم الواجب الا به وان زاد الثمن عن ثمن المثل اضعافا مضاعفة على المشهور بين الأصحاب
لأنه واجد للماء لقدرته عليه بالثمن المقدور عليه المفروض عدم التضرر به ولصحيحة صفوان قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر على الماء فوجد
قدر ما يتوضأ به بمائه درهم أو بألف درهم وهو واجد لها يشترى ويتوضأ أو يتيمم قال لا بل يشترى قد أصابني مثل هذا فاشتريت وتوضأت وما يشترى بذلك مال كثير وخالف في ذلك
ابن الجنيد واختلف كلامهم في نقل مذهبه ففي المنتهى انه يقال بعدم وجوب الشراء إذا وجد بثمن زائد عن ثمن المثل زيادة كثيرة وأما إذا كانت الزيادة يسيرة فظاهر المنتهى ان وجوب
الشراء حينئذ اجماعي بين الأصحاب وفى التذكرة قال ابن الجنيد منا والشافعي لا يجب الشراء وان زاد يسيرا وفى المعتبر قال ابن الجنيد منا إذا كان الثمن غاليا تيمم وصلى وأعاد إذا وجد الماء على اشكال
ينشأ مما ذكروا من أن خوف ضياع المال اليسير بالسعي إلى الماء يوجب التيمم فلا يجب بذل الكثير للاشتراك في المعنى ولأنه تضييع المال قليله وكثيره يشترك في تحريم تضييعه ولقوله عليه السلام
لا ضرر ولا اضرار ولعل هذه الوجوه متمسك ابن الجنيد والجواب عن الأول ان بذل المال الكثير اختيارا في طلب عبادة شرعية نيلا للمثوبات الأخروية ليس فيه إهانة واذلال موجب
ماء ضرر والعمر المنفيين بالنص كما هو شأن صرف الأموال الخطيرة في مصارف الخيرات بخلاف تعريض المال قليلها وكثيرها للسراق واللصوص فان فيه إهانة وغضاضة يستوحش
منها الأحرار وهذا هو الفارق بين الامرين ولان الثاني تضييع للمال وتمكين للغصب المحرم فيكون محرما بالأدلة الدالة على ذلك دون الأول واما الفرق بان اللازم في الفرع انما
هو الثواب وهو اضعاف ما وقع واللازم في الأصل انما هو العوض وهو مساو لما اخذ ففيه انه إذا ترك المال لابتغاء الماء دخل في حين الثواب أيضا لو كان مكلفا بذلك وعن الثاني
بالمنع من كون ذلك تضييعا كيف ويحصل بذلك جميل الذكر وجزيل الدخر وعن الثالث بالمنع من كونه ضررا لما ذكرنا مع النقض بصورة المساواة وعلى القول باعتبار ثمن المثل كان
العبرة بثمن المثل بالنسبة إلى الماء بحسب الزمان والمكان لان للماء في نفسه قيمة وعن بعض العامة ان المعتبر اجرة الاستقاء والنقل إلى ذلك المكان إذ لا ثمن للماء وهو ضعيف واطلاق
عبارة المصنف يقتضى عدم الفرق بين المجحف وغيره واختار ذلك الشهيد الثاني في شرح الشرائع وقيد المصنف في التذكرة والشهيد في الذكرى وجوب الزائد عن ثمن المثل بعدم الاجحاف
بالمال وإن كان مقدرا للحرج والعسر وقال في المنتهى لو كانت الزيادة كثيرة مجحفا بماله سقط عنه وجوب الشراء ولا نعلم فيه مخالفا انتهى ولا خفاء في أن الاجحاف إذا كان ضارا بحاله
لم يجب الشراء والا فالحكم لا يخلو عن اشكال الا ان يثبت اجماع فروع الأول قال في المعتبر لو بذل له بثمن غير مجحف إلى أجل وكان قادرا عليه وجب قبوله وان شغلت ذمته لان
له سبيلا إلى تحصيل الماء من غير اجحاف وان لم يكن قادرا عليه لم يجب وقد يستشكل الأول بأن شغل الذمة بالدين الموجب للذلة مع عدم الوثوق بالوفاء وقت الحلول وتعريض
نفسه لضرر المطالبة وامكان عروض الموت له مشغول الذمة ضرر عظيم وفيه انه قادر على الأداء وقت الاجل بمقتضى العادة فرضا وتلك المضار مجرد احتمال لا يكفي لسقوط التكليف
الثابت وقد زاد المصنف في المنتهى فقال لو كان عليه دين مستغرق وجب عليه الشراء في الذمة ان وجد البائع لأنه متمكن الثاني الظاهر تقديم النفقة الواجبة على شراء الماء للطهارة
الثالث قال المصنف في النهاية لو وجد ماء موضوعا في الفلاة في حب أو كوز ونحوه للسابلة جاز له الوضوء ولم يستبيح له التيمم لأنه واجد الا ان يعلم أو يظن وضعه للشرب ولو كان كثيرا دلت
الكثرة على تسويغ الوضوء منه قال في المنتهى في صورة الكثرة لا خلاف في الجواز وللتأمل في صورة الشك بإذن المالك وكذا الآلة يجب شراؤها وان زاد ثمنها على ثمن المثل مع القدرة
وعدم الضرر ولو لم يوجد الا بالبذل وجب القبول على ما اخترنا ولو تعذر الشراء وأمكن الاستيجار تعين ولو أمكن كل منهما تخير ولو غصب آلة الاستقاء صحت طهارته بخلاف ما لو
غصب الماء ولو فقده أي الماء وجب عليه الطلب غلوة سهم والغلوة بفتح الغين مقدار الرمية والمراد ما كان من الرامي المعتدل بالآلة المعتدلة في الأرض الحزنة بفتح الحاء وسكون الزاء
المعجمة أي ما غلظ من الأرض وفى الخبر بلفظ الحزونة ولعل المراد مافيا لحزنة بضم الحاء وهي الجبال الغلاظ وبالجملة المراد بها خلاف السهلة وهي المشتملة على الأشجار والأحجار والعلو والهبوط
مراعيا ذلك من كل جانب مستوعبا وقدر سهمين في السهلة وهي خلاف الحزنة لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الطلب عند رجاء الإصابة وعدم الضرر نقل اجماع الفرقة على ذلك ابن
95

ابن زهرة في الغنية والمحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والتذكرة ويدل عليه ظاهر الآية والاخبار فان عدم الوجدان انما يتحقق عرفا بعد الطلب أو اليقين بالعدم وحسنة زرارة عن
أحدهما عليهما السلام قال إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف ان يفوته فليتيمم وليصل في اخر الوقت وإذا وجد الماء فلا قضاء عليه وليتوضأ لما يستقبل وعن السكوني
عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي عليهم السلام أقل تطلب الماء في السفر إن كانت الحزونة فغلوة وإن كانت سهولة فغلوتين لا تطلب أكثر من ذلك واما رواية يعقوب بن سالم ورواية داود الرقي المتقدمتان ورواية
علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال فقال له داود بن كثير أفأطلب الماء يمينا وشمالا فقال لا تطلب الماء يمينا ولا شمالا ولا في شبران وجدته في الطريق توضأ وان لم تجد فامض فمحمولة
على حال الضرورة والخوف لكن هذا التأويل في الرواية الأخيرة لا يخلو عن بعد الا انها غير صحيحة ومع ذلك لا تقاوم الأدلة المتقدمة واختلف كلام الأصحاب في حد الطلب فقال الشيخ في
في المبسوط والطلب واجب قبل تضييق الوقت في رحله وعن يمينه وعن يساره وسائر جوانبه رمية سهم أو سهمين إذا لم يكن هناك خوف وقال في النهاية ولا يجوز له التيمم في اخر الوقت الا
بعد طلب الماء في رحله وعن يمينه ويساره بمقدار رمية أو رميتين إذا لم يكن هناك خوف وقال المفيد في المقنعة ومن فقد الماء فلا يتيمم حتى يدخل وقت الصلاة ثم يطلب امامه
وعن يمينه وعن شماله مقدار رمية سهمين من كل جهة إن كانت الأرض سهلة وإن كانت حزنة طلبه في كل جهة مقدار رمية سهم وقال ابن زهرة ولا يجوز فعله الا بعد طلب الماء رمية
سهم في الأرض الحزنة وفى الأرض السهلة رمية سهمين يمينا وشمالا واماما ووراء باجماعنا وقال ابن إدريس وحد ما وردت به الروايات وتواتر به النقل في طلبه إذا كانت الأرض
سهلة غلوة سهمين وإذا كانت خزنة فغلوة سهم واحد والمنقول عن أبي الصلاح مثل المفيد وقال صاحب الوسيلة فيها وانما يصح التيمم بعد طلبه قبل التضييق عن اليمين
واليسار مقدار رمية في حزنة الأرض ورميتين في سهلها قال في المنتهى بعد نقل طرف من عبارات الأصحاب ولم يقدره السيد المرتضى في الجمل ولا الشيخ في الخلاف والجمل
بقدر ولم نقف في هذا الباب على رواية سوى رواية السكوني وهي ضعيفة الا انها معتضدة بالشهرة وعمل الأصحاب كما قاله الفاضلان ويؤيدها نقل ابن زهرة الاجماع وادعاء
ابن إدريس تواتر الاخبار بها قال في المعتبر التقدير بالغلوة والغلوتين رواية السكوني وهو ضعيف غير أن الجماعة عملوا بها والوجه انه يطلب من كل جهة يرجو فيها الإصابة
ولا يكلف التباعد بما يشق ورواية زرارة تدل على أنه يطلب دائما ما دام في الوقت حتى يخشى الفوات وهو حسن والرواية واضحة السند والمعنى انتهى وفيه ان الرواية المذكورة
غير معمولة عند الأصحاب ومع ذلك معارض بكثير من الأخبار الدالة على جواز التيمم في سعة الوقت فالعمل به مشكل فالأولى ان يحمل على الاستحباب أو يرتكب فيها تأويل اخر
ولولا نقل ابن زهرة الاجماع وابن إدريس تواتر الاخبار على التحديد المذكور لم يبعد ان يجعل مدار الامر صدق عدم الوجدان العرفي وان زاد على الحد المذكور أو نقص فروع
الأول لو خاف على نفسه أو ماله لو فارق مكانه لم يجب الطلب وقد مر ما يصلح دليلا لذلك الثاني قال في المنتهى ينبغي له ان يطلب الماء في رحله ثم إن رأى ما تقضى العادة بوجود
الماء عنده كالخضرة قصده وطلب الماء عنده وان زاد على المقدر ولو بقربه قربة طلبها ثم قال والحاصل وجوب الطلب عندما يغلب على الظن وجود الماء عنده وهو حسن لان صدق عدم
الوجدان العرفي انما يكون بعد ذلك الثالث لو تيقن عدم الماء سقط الطلب لانتفاء الفائدة والامر بالطلب محمول على الغالب ولو ظن لم يسقط لجواز كذب الظن ولو تيقن عدم
الماء في بعض الجهات سقط الطلب من تلك الجهة خاصة الرابع لو تيقن وجود الماء لزم السعي إليه مع المكنة وعدم الضرر وبقاء الوقت سواء كان قريبا أو بعيدا وسواء لم يستلزم
فوات مطلوبه أو استلزم على تردد في الأخير وقال في المعتبر من تكرر خروجه من مضره كالحطاب والحشاش لو حضرته الصلاة ولا ماء فان امكنه العود ولما يفت مطلوبه عاد ولو تيمم لم يجزيه
وان لم يمكنه الا بفوات مطلوبه ففي التيمم تردد أشبهه الجواز دفعا للضرر انتهى قيل والظن أيضا كاليقين ولو كان البعد قد انتهى إلى حد لا تجد في الوقت لم يجب الطلب لعدم الفائدة
الخامس قال في المنتهى لو كان بطلب الماء فظهرت قافلة كثيرة لزمه طلب الماء من جميعهم ما لم يخف فوت الصلاة فيطلبه حينئذ إلى أن يبقى من الوقت قدر الفعل فيتيمم ويصلى وهو
حسن ان لم يبلغ الطلب المذكور إلى حد الحرج والمشقة العظيمة السادس لا يكفي طلب الغير الا ان يحصل به العلم بالانتفاء وهو خيرة المصنف في المنتهى نعم لو عجز لم يبعد وجوب الاستنابة
ويحتسب لهما السابع قال المصنف وغيره لا يكفي الطلب قبل الوقت إذا أمكن التجدد بعده ويشكل بان الامر بالطلب مطلق غير مقيد بالوقت مع أنه صدق عدم الوجدان
بالطلب قبله وعدم وجوب الشرط قبل وجوب المشروط نعم رواية زرارة السابقة تدل على الطلب في الوقت ان لم يحمل على الاستحباب الثامن استقرب المصنف في المنتهى والنهاية
وجوب إعادة الطلب للصلاة الثانية وفيه الاشكال السابق لكن تدل عليه رواية زرارة ان لم يحمل على الاستحباب التاسع قال في المعتبر إذا تيمم ثم طلع عليه ركب لم يجب السؤال
ولا استدلالهم على الماء العاشر يجب طلب التراب لو فقد حيث يجب التيمم لأنه شرط الواجب المطلق كالماء ولو وجد ما لا يكفيه للطهارة تيمم ولا يتبعض الطهارة بان يغسل
بما يجده ثم تيمم على الباقي ولا فرق في ذلك بين الطهارتين وبهذا التعميم صرح المصنف في المنتهى والتذكرة وأسنده إلى علمائنا والدليل عليه قوله تعالى فلم تجدوا ماء فان الظاهر منه
بحسب القرائن والمقام ان المراد عدم وجدان الماء الذي يكفي لكمال الطهارة كما لا يخفى على المندوب بأساليب
الكلام كقوله تعالى في كفارة اليمين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فان المراد
والله أعلم فمن لم يجد اطعام عشرة مساكين ولهذا لم يجب اطعام البعض لو تمكن منه وعن بعض العامة ان الجنب إذا وجد ماء لا يكفيه لطهارته استعمل الماء وتيمم وحكى عن بعض الشافعية
ذلك في الحدث الأصغر استنادا إلى أنه واجد للماء وهو ممنوع المستند معلوم مما ذكرنا قال الفاضل الشارح وربما حكى عن الشيخ في بعض أقواله التبعيض واحتمل المصنف في النهاية وجوب
صرف الماء إلى بعض أعضاء المجنب لجواز وجود ما يكمل طهارته وسقوط الموالاة بخلاف المحدث والمعتمد ما ذكره في التذكرة والمنتهى من عدم الفرق مسندا ذلك إلى الأصحاب لعدم التمكن
من الطهارة المائية فتكون ساقطة وتؤيد ذلك صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في رجل أجنب في سفر ومعه ماء قدر ما يتوضأ به قال يتيمم ولا يتوضأ به وصحيحة الحلبي عن أبي
عبد الله عليه السلام مثله ورواية الحسين بن أبي العلاء قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب ومعه من الماء قدر ما يكفيه لوضوء الصلاة أيتوضأ بالماء أو يتيمم قال يتيمم وما رواه ابن بابويه
عن محمد بن حمران النهدي وجميل بن دراج في الصحيح انهما سألا أبا عبد الله عليه السلام عن امام قوم اصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلى بهم
قال لا ولكن يتيمم ويصلى بهم فان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا ورواه الشيخ في التهذيب بأدنى تفاوت وفى موضع اخر باسناد اخر مع مخالفة في المتن وروى ابن
بابويه عن عبيد الله بن علي الحلبي في الصحيح انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب ومعه قدر ما يكفيه من الماء لوضوء الصلاة أيتوضأ بالماء أو يتيمم قال لا بل يتيمم الا ترى انه انما حصل
عليه نصف الوضوء إذ لو كان غسل بعض الأعضاء واجبا لبينه عليه السلام ويؤيد ذلك حسنة الحلبي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض
ليصل وكذا لو تضرر بعض أعضائه بالمرض تيمم ولم يغسل الصحيح وقال الشيخ في المبسوط والخلاف ولو غسلها وتيمم كان أحوط ولو وسع الماء للغسل أو الوضوء في غير الجنابة وجب صرفها في الغسل
على القول بكفايته على الوضوء واما على القول الآخر فيحتمل التخيير وتقديم الغسل وحكم في النهاية بأنه مخير بين الغسل به والتيمم عوضا عن الوضوء وبين الوضوء وصرف الباقي إلى
بعض أعضاء الغسل ثم التيمم عوضا عن الغسل ولو وجد ما يكفيه لإزالة النجاسة خاصة أزالها وتيمم يعنى لو كان على بدن المحدث نجاسة ومعه من الماء ما يكفي لإزالة النجاسة أو رفع
الحدث لا لهما جميعا فإنه يتيمم ويزيل النجاسة بالماء والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب قال في المعتبر لا اعلم في هذه خلافا بين أهل العلم وفى المنتهى لا نعرف فيه خلافا وفى التذكرة انه
اجماعي وكذا لو كانت النجاسة على ثوبه أو شئ اخر مما يتوقف صحة الصلاة على الإزالة عنه وعلل ذلك بان الطهارة المائية لها بدل هو التيمم بخلاف إزالة النجاسة فيجب صرفها فيها والتيمم
جمعا بين الحقين ولولا الاجماع المنقول أمكن المناقشة في الامر المذكور هذا الحكم مشروط بوجود ما يتيمم به ولو فقده قدم الطهارة المائية بناء على اشتراط صحة الصلاة بالطهور وعدم
96

اشتراطها بإزالة النجاسة ونقل التصريح بذلك عن جماعة وينبغي تقييد الحكم المذكور بكون النجاسة غير معفو عنها والثوب مما يحتاج إلى لبسه في الصلاة إما لعدم الساتر أو
الاضطرار إن كانت النجاسة فيه والحكم المذكور على سبيل الوجوب فلو خالف وتوضأ لم يكن صحيحا لما قد حققنا في الأصول من أن الامر بالشئ يستلزم قبح اضداده الخاصة والنهى
عنها وإذا كان الوضوء قبيحا منهيا عنه لم يكن فردا للطبيعة المطلوبة للشارع ولا يصح التعبد به وقد حققنا ذلك أيضا في الأصول فيكون باطلا وتمام تحقيق المسئلتين طويل
لا يناسب هذا المقام قال الشارح الفاضل فلو خالف وتطهر أساء وفى صحتها نظر من الطهارة بماء مملوك مباح فيصح ومن النهى عن الطهارة اللازم للامر باستعمال الماء في إزالة النجاسة
إذ الامر بالشئ يستلزم النهى عن ضده والنهى في العبادة يدل على الفساد ثم قال وفى توجيه النظر من الجانبين نظر إما الأول فلمنع كلية الكبرى المطوية لأنها محل النزاع ولانتقاضها بمن
تطهر بما ذكر مع يقين الضرر لمرض ونحوه واما الثاني فلما تحقق في الأصول من أن الامر بالشئ يستلزم النهى عن ضده العام وهو مطلق الترك لا الأضداد الخاصة فلا يتم الدليل وفيه
نظرا ما أولا فلان الطهارة بماء مملوك مباح فرد للمأمور به إذ الامر في الآية متعلق بالغسل والمسح مطلقا لا يتخصص الا بدليل فيكون الطهارة المذكورة مجزئة الا ان يثبت مقيد للآية مخرج
لها عنها والأصل عدمه فلا يصح منع المقدمة المطلوبة الا ان يقال إنه منهى لأنه ضد للمأمور به فلم يكن فردا للطبيعة المطلوبة لكنه حيث ذهب إلى أن الامر بالشئ لا يستلزم النهى عن
اضداده الخاصة ليس له ان يتمسك بذلك ان جعل الكبرى المطوية ان كل طهارة بماء مملوك لم يثبت فسادها بدليل صحيحة يندفع النقض أيضا واما ثانيا فلما تحقق عندي من أن
الامر بالشئ يستلزم النهى عن اضداده الخاصة ثم قال وعلى كل حال فالوجه عدم الأجزاء لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه فلم يتحقق الأجزاء كما تحقق في الأصول انتهى وهذا
التعليل يحتمل وجهين أحدهما ان الوضوء في الصورة المذكورة ليس مأمورا به فلا يكون صحيحا والثاني ان الصلاة حينئذ ليست مأمورا بها لان المأمور بها الصلاة بالتيمم فلا يكون الصلاة
صحيحة وكلاهما منظور فيه إما الأول فلانه فرد للطبيعة المطلوبة فيكون مجزئا بيان الأول انه يصدق عليه الغسل والمسح المذكور في الآية إذ لا تقييد فيها ولا مخصص يوجب خروجه
عنهما لابد له من دليل وبيان الثاني ان الاتيان بالمأمور به يقتضى الأجزاء واما الثاني فلان القدر المسلم ان التيمم في الصورة المذكورة والطهور صادق على الوضوء المفروض
فيكون الشرط متحققا وبالجملة التكليف بالتيمم لا يقتضى اشتراط الصلاة به ولا تخصيص الطهور في قوله عليه السلام لا صلاة الا بطهور بالتيمم الا على تسليم المقدمتين الأصوليتين
المذكورتين تدبر واستقرب المصنف في التذكرة الا جزاء ان جوز وجود المزيل في الوقت والا فلا ولعله مبنى على أن الطهارة بالماء المذكور في صورة تجويز وجود المزيل غير مخطور و
هو غير بعيد
ولا يصح التيمم الا بالأرض اختلف الأصحاب فيما يجزى في التيمم فقال الشيخ لا يجوز التيمم الا بما يقع عليه اسم الأرض اطلاقا سواء كان عليه تراب أو كان حجرا أو حصا
أو غير ذلك نقله في المعتبر عن المرتضى وابن الجنيد واختاره المحقق والمصنف وأكثر المتأخرين والمنقول عن المرتضى في شرح الرسالة أبى الصلاح انه لا يجزى في التيمم الا التراب الخالص
أي الصافي من مخالطة ما لا يقع عليه اسم الأرض كالزرنيخ والكحل وأنواع المعدن وهو ظاهر كلام المفيد واختيار الشافعي من العامة والمنقول عن ابن أبي عقيل انه جوز التيمم
بالأرض وبكل ما كان من جنسها كالكحل والزرنيخ ونقل الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية والمصنف في المنتهى اجماع الفرقة على عدم جوز التيمم بمثل الكحل والزرنيخ ويدل
على الأول قوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا والصعيد وجه الأرض على ما نص عليه فضلاء اللغة كالخليل والزجاج ونقله تغلب عن ابن الأعرابي قال الزجاج الصعيد ليس هو
التراب انما هو وجه الأرض ترابا أو غيره كذا نقل عن الطبرسي والزمخشري من غير نقل معنى اخر وقال المطرزي في المغرب الصعيد وجه الأرض ترابا كان أو غيره قال الزجاج لا
اعلم خلافا بين أهل اللغة في ذلك وقال في القاموس الصعيد التراب ووجه الأرض وفى الأساس وعليك بالصعيد أي اجلس على الأرض وصعيد الأرض وجهها وبينا على
صعيد طيب وفى الغريبين وقوله تعالى فتيمموا صعيدا الصعيد التراب والصعيد وجه الأرض ونقل الجوهري عن
تغلب انه وجه الأرض وعليه قوله تعالى فتصبح صعيدا زلفا
أي ارضاه لساء مزلقة ومثله قوله عليه السلام يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة على صعيد واحد أي ارض واحدة ويؤيده ما نقل عنه عليه السلام جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وتدل عليه
الأخبار المستفيضة كقول الصادق عليه السلام في صحيحة عبد الله بن سنان إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض وليصل وفى صحيحة الحلبي ان رب الماء هو رب الأرض
فليتيمم وفى صحيحة محمد بن مسلم فان فاتك الماء لم تفتك الأرض فان وجد أن الأرض انما ينفع لو جاز التيمم لها وحسنة الحلبي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا لم يجد الرجل
طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض وليصل الحديث وفى رواية الحسين بن أبي العلا ان رب الماء هو رب الأرض فليتيمم وغيرها احتج المرتضى على ما نقل عنه بان الصعيد في
الآية هو التراب بالنقل عن أهل اللغة حكاه ابن دريد في الجمهرة عن أبي عبيدة وفى المنتهى قال ابن دريد الصعيد هو التراب الخالص الذي لا يخالطه سبخ ولا رمل ونقله في كتاب
الجمهرة عن أبي عبيدة المعمر بن المثنى وقال ابن فارس الصعيد هو التراب وقال ابن عباس الصعيد التراب ولقوله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا ولو كانت
الأرض طهورا لم يكن لذكر التراب فائدة ولقوله عليه السلام التراب طهور المسلم وأجاب في المعتبر بأنه لا يلزم من تسمية التراب طهورا ان لا يسمى به الأرض بل جعله اسما للأرض أولي لأنه
يستعمل فيهما فيكون حقيقة في القدر المشترك بينهما وهو الأرضية دفعا للاشتراك والمجاز فيكون التراب صعيدا باعتبار كونه أرضا لا باعتبار كونه ترابا واما الخبران
فالتمسك بهما تمسك بدلالة الخطاب وهي متروكة في معرض النص اجماعا وقد يقال إنه غير ناهض برد كلام السيد إما قوله لا يلزم من تسمية التراب صعيدا ان لا يسمى به
الأرض فلان السيد انما استدل بقوله أئمة اللغة الصعيد التراب كما قاله الجوهري والصعيد هو التراب الخالص كما حكاه ابن دريد بتعريف المسند إليه باللام الجنسية
وهو يفيد قصر المسند إليه على المسند كما قاله علماء المعاني في قولنا الكرم هو التقوى والحسب هو المال من افادتهما ان الكرم ليس شيئا وراء التقوى والحسب ليس شيئا وراء
المال وليس هذا استدلالا بمجرد تسمية التراب صعيدا واما قوله إن تمسك السيد بالحديث تمسك بدلالة الخطاب ففيه نظر ظاهر فان قوله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا
وترابها طهورا لا ريب انه في معرض التسهيل والتخفيف وبيان امتنان الله سبحانه على هذه الأمة المرحومة وهو من قبيل قوله بعثت بالشريعة السهلة السمحاء وظاهر انه لو كان
غير التراب من اجزاء الأرض طهورا أيضا لكان التراب لغوا صريحا وتوسيطه في البين مخلا بانطباق الكلام على ما يقتضيه المقام وكان مقتضى الحال أن يقول جعلت في الأرض
مسجدا وطهورا فإنه ادخل في الامتنان وليس هذا استدلالا بمفهوم الخطاب بل بأمر اخر وهو لزوم خروج الكلام النبوي عن قانون البلاغة على ذلك التقدير على أن دلالة
الخطاب إذا اعتضدت بالقرائن الحالية أو المقالية فلا كلام في اعتبارها ولذلك يعزر من قال لخصمه انا ليست زانيا وبهذا يظهر ان كلام السيد في أعلى مراتب السدار وفيه نظر
إما أولا فلان ما ذكره من أن تعريف المسند إليه باللام الجنسية يفيد الحصر ان أراد دائما فممنوع ومن مارس كتب اللغة علم أنهم يذكرون للفظ واحد كذلك معاني متعددة فكيف يستقيم
الحصر في كل واحد واما ثانيا فلانه لا شك ان التمسك بالخبر المذكور ليس تمسكا بالمنطوق بل بالمفهوم وما ذكره لو تم كان دليلا على حجية المفهوم في هذا المقام لا انه دلالة غير
دلالة الخطاب ثم قوله لا ريب انه مذكور في معرض التسهيل ممنوع لم لا يجوز ان يكون الغرض منه بيان الحكم وكان الغرض من التخصيص شئ اخر غير الحصر من الاحتمالات التي
ذكرها القادحون في حجية المفهوم ولو سلم ان الغرض منه ما ذكره لكن يجوز ان يكون في ذكر لفظة التراب فائدة أخرى تقاوم ما فات من زيادة إفادة التسهيل الحاصلة
يتركها وهي التصريح بتعميم التراب وإن كان منفصلا عن الأرض ورفع توهم حذف مضاف غير المدعى أو يكون التيمم بالتراب أفضل إلى غير ذلك من الفوائد الممكنة فمثل هذه الدلالة
لا يكفي مخصصا للأحاديث الصحيحة الصريحة كما لا يخفى على ذي لب هذا معنى كلام المحقق وهي متروكة في موضع النص اجماعا ثم لو سلم ان الظاهر مما ذكره من كلام اللغويين لكن ينبغي
97

تأويله جمعا بين كلام من ذكر وكلام غيرهم من أفاضل أهل العربية ولو سلم عدم احتمال التأويل لكن لا يصلح معارضا لما ذكرنا من كلام اللغويين المصرحين بكون الصعيد
الأرض وبعضهم صرح بأنه غير مختص بالتراب بل الزحاج صرح بأنه لا يعلم فيه خلافا كما نقل المطرزي وأيضا على السيد زائدا على ما ذكر ان ذكر التراب في الخبر خرج مخرج الغالب
واتفق القايلون بدلالة الخطاب على أن حجيته انما يكون عند عدم ذلك على أن الرواية مذكورة بحذف التراب أيضا كما مر فقوله كلام السيد في أعلى مراتب السداد محل تأمل وإذا
أحطت خبرا بما ذكرناه علمت أن الأقوى المشهور فيجوز التيمم بالأحجار وغيرها من وجه الأرض لكن لم يبعد ان يقال بشرط ان يكون عليها شئ ما من الغبار أو نحوه مما يعلق باليد لما سيجيئ
من دلالة بعض الأخبار الصحيحة على التعليق فانتظر احتج أبو حنيفة بقوله صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض وطهورا فكل ما جازت ان يسجد عليه مما كان منها يجوز الطهور به ولأنه جزء من الأرض فلعل
ذلك حجة ابن أبي عقيل أيضا وضعفها ظاهر كالتراب وإن كان نديا لما مر من الحجية روى رفاعة بن موسى في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب
ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه فان ذلك توسيع من الله عز وجل وارض النورة وارض الجص قبل الاحراق الوقوع اسم الأرض عليهما ومنع من ذلك ابن إدريس لكونهما
معدنا وهو ضعيف وشرطا الشيخ في النهاية في جواز التيمم بها فقد التراب وفيه انه ان صدق اسم الأرض عليهما صح التيمم بهما اختيارا والا فلا يصح اضطرارا لفقد الدليل واما نفس
النورة والجص بعد الاحراق فالمشهور المنع من التيمم بهما لعدم صدق اسم الأرض عليهما والمنقول عن المرتضى وسلار جواز التيمم بهما قال المحقق وما ذكره علم الهدى في المصباح
هو رواية السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام انه سئل عن التيمم بالجص فقال نعم فقيل بالنورة فقال نعم فقيل بالرماد فقال لا انه لا يخرج من الأرض انما يخرج من
الشجرة وهذا السكوني ضعيف لكن روايته حسنة لأنه ارض فلا يخرج باللون والخاصة عن اسم الأرض كما لا يخرج الأرض الصفراء والحمراء والأقوى اعتبار الاسم مطلقا كما ذهب
إليه المصنف واختلف الأصحاب في الخزف فقيل لا يجوز التيمم به واختاره المحقق محتجا بأنه خرج بالطبخ عن اسم الأرض وقد يمنع ذلك وقيل بالجواز الشك في تحقق الاستحالة و
لصدق اسم الأرض على المحرقة حقيقة وفيه ان الشك لا ينفع بل نصير الا على القول بحجية الاستصحاب في الأمور الخارجة وهو ضعيف وان بقاء الاسم ممنوع قال في المعتبر بعد أن
قطع بخروج الخزف عن اسم الأرض بالطبخ ولا يعارض بجواز السجود لجواز السجود على ما ليس بأرض كالكاغذ واعترض عليه بان مقتضى الروايات الصحيحة المنع من السجود على
غير الأرض ونباتها الذي لا يؤكل أو يلبس فمتى سلم خروج الخزف بالطبخ عن اسم الأرض وجب القول بامتناع السجود عليه إلى أن يثبت دليل الجواز كالكاغذ انتهى وكذا الحكم في
الخزف المدقوق حتى صار كالتراب وتراب القبر الملاصق للميت فان غير ذلك لا يحتاج إلى التنصيص سواء تكرر النبش أم لا إذا لم يعلم فيه نجاسة خلافا لبعض العامة حيث منع
من جواز التيمم بها إذا تكرر النبش ولو علم الاختلاط بالنجس كما إذا كان الميت نجس العين لم يجز والاختلاط بالعظم واللحم الطاهرين غير ضار مع الاستهلاك والمستعمل أي
الممسوح به أو المتساقط لا المضروب عليه لاستغنائه عن البيان لصدق اسم الأرض عليه والظاهر أنه اجماعي بين الأصحاب وخالف فيه بعض العامة قياسا على الماء ولا يصح التيمم
بالمعادن لعدم صدق الأرض عليها قال في المنتهى ولا يجوز التيمم بما ليس بأرض مطلقا كالمعادن والنبات المستحق والأشجار وغيرها سواء كان متصلا بالأرض أو لا وسواء كان
من جنسها أو لم يكن وهو مذهب علمائنا أجمع والرماد سواء كان رماد الخشب أو الأرض لصدق اسم الأرض عليه واستقرب المصنف في النهاية جواز التيمم برماد الأرض وهو مشكل واما خبر السكوني السالف
فضعيف يشكل التعويل عليه قال في التذكرة لو احترق التراب حتى صار رمادا فإن كان خرج عن اسم الأرض لم يصح التيمم به وهو حسن والأشنان والدقيق لعدم صدق الاسم واما
رواية عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الدقيق يتوضأ به قال لا باس ان يتوضأ به فمع ضعف سندها محمول على المعنى اللغوي لعدم امكان حملها على المعنى الشرعي
أي الطهارة بالماء والمغصوب للنهي عن الاستعمال المقتضى لفساد في العبادات والمراد بالمغصوب ما ليس مملوكا ولا مباحا ولا مأذونا فيه ولو تيمم في مكان مغصوب بتراب مباح لم يبطل
تيممه لتوجه النهى إلى أمر خارج عن حقيقة ولو حبس في مكان مغصوب ولم يجد ماء مباحا أو وجد وكان استعماله ضارا بالمكان فهل يجوز التيمم بترابه مع فقد غيره أم لا فيه وجهان
إما الوضوء بالماء المغصوب فلا يصح أصلا لأنه يتضمن اتلافا غير مأذون فيه نعم لو ربط في ماء مغصوب وتعذر عليه الخروج ولم يلزم من الاغتسال به زيادة اتلاف تكن تمشى الوجهين
والنجس قال في المنتهى لا نعرف فيه مخالفا لقوله تعالى صعيدا طيبا قال المفسرون معناه الطاهر وهو حسن لكن يمكن المناقشة في أن المراد به الطاهر بالمعنى الشرعي وقد يستند
بقوله صلى الله عليه وآله وترابها طهورا إذا النجس لا يعقل كونه مطهرا لغيره وفيه أيضا مناقشة ويجوز التيمم بالوحل مع عدم التراب ولو أمكن تجفيفه وجمعه في مكان ثم الضرب عليه وجب ويشترط
في جواز التيمم بالوحل عدم الغبار على الثوب ونظائره ولو لم يعلم الغبار على الثوب ومثله وجب التيمم به وان فقد تيمم بالوحل والظاهر أنه لا خلاف في الامرين بين الأصحاب ويظهر نقل الاتفاق على ذلك من المعتبر
والمنتهى وتدل عليه صحيحة أبي بصير على الظاهر عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كنت في حال لا يقدر الا على الطين فتيمم به فان الله أولي بالعذر إذا لم يكن معك ثوب جاف أو لبد تقدر
ان تنقصه وتيمم به وموثقة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال اصابه الثلج فلينظر لبد سرجه فتيمم من غباره أو من شئ معه وإن كان في حال لا يجد الا الطين فلا باس ان يتيمم منه وصحيحة
رفاعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كانت الأرض مبتلة فيها تراب ولا ماء فانظر أجف موضع تجده فتيمم منه فان ذلك توسع من الله عز وجل قال وإن كان في ثلج فلينظر لبد سرجه
فليتمم من غباره أو شئ مغبر وإن كان في حال لا يجد الا الطين فلا باس ان يتيمم منه واختلف الأصحاب في كيفية التيمم بالوحل فقال الشيخان انه يضع يديه على الوحل ويفركهما
ويتيمم به وقيل يضع يديه على الوحل ويتربص فإذا يبس تيمم به واستوجهه في التذكرة وحكى عن ابن عباس أنه قال يطلى بالطين فإذا جف تيمم به قال المحقق الوجه ما ذكره الشيخ عملا بظاهر
الروايات وهو حسن ويشترط في الوحل ان يكون أصله مما يصح التيمم به كما صرح به المصنف في النهاية وكذا يجوز التيمم بالحجر معه أي مع التراب اختلف الأصحاب في التيمم بالحجر الصلد الذي
لا غبار عليه كالرخام فقال الشيخ في المبسوط والخلاف يجوز التيمم به اختيار أو قيد في النهاية جواز التيمم بها بعدم القدرة على التراب وكذا المفيد في المقنعة ووافقه ابن إدريس ونقل عن
ابن الجنيد كلام ظاهره المنع منه مطلقا وأسنده الشهيد إلى ظاهره لكن يخالف ذلك ما نقل المحقق عنه كما مر سابقا والمصنف في المختلف نقل الاجماع على جواز التيمم بالحجر عند فقد
التراب وينافيه ظاهرا ذلك كما نقل المحقق عن المرتضى في شرح الرسالة وأبى الصلاح من عدم جواز التيمم بغير التراب فلعل غرضهما صورة الاختيار حجة القول بجواز التيمم
به اختيارا صدق الأرض عليه اجماعا كما نقل في المعتبر ودل عليه اللغة والعرف واما القول بجواز التيمم به في حال الاضطرار دون الاختيار فيرد عليه انه ان صدق على الحجر اسم
الأرض جاز التيمم به اختيارا للأدلة الدالة على ذلك والا لم يصح اضطرارا أيضا لعدم الدليل ويكره التيمم بالسبخة بالتحريك والتسكين وهي الأرض المالحة النشاشة وعرفها
المصنف في النهاية بأنها التي لا تنبت وهذا على المشهور ومنع ابن الجنيد من التيمم بها لأنها استحالت وهو ممنوع حجة المشهور على الجواز صدق اسم الأرض عليها حقيقة واما دليل الكراهة
فغير ظاهر ولو علاها الملح لم يجز حتى يزيله والرمل إما الجواز فلصدق اسم الأرض عليه واما دليل الكراهة فغير معلوم ولو فقده في العبادة خلل لان ارجاع الضمير إلى جميع المذكورات
توجب تقديم الوحل على الغبار والى التراب ينافي تقديم الاحجار مثلا عليه والى الأرض لا يناسب تذكير الضمير لكونها مؤنثة سماعية تيمم بغبار ثوبه ولبد سرجه وعرف
دابته والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب نقل اتفاق الأصحاب عليه الفاضلان وتدل عليه صحيحة رفاعة وموثقة زرارة ورواية أبي بصير وقد مضى الكل عند شرح
قول المصنف ويجوز بالوحل وصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أرأيت المواقف ان لم يكن على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على النزول قال يتيمم من لبده واو سرجه أو معرفة دابته
فان فيها غبارا ويصلى وينبغي التنبيه على أمور الأول ظاهر العبارة التخيير وهو أشهر واليه ذهب المرتضى والمفيد حيث قال إذا حصل في ارض وحلة وهو محتاج إلى التيمم
98

ولم يجد ترابا فلينفض ثوبه أو عرف دابته إن كان راكبا أو لبد سرجه فان خرج من شئ من ذلك غبرة تيمم بها وان لم يخرج منه غبرة فليضع يديه على الوحل إلى اخر ما ذكره وذكر
الشيخ في النهاية للتيمم مراتب فاولها التراب فان فقده فالحجر فان فقد تيمم بغبار عرف دابته أو لبن سرجه فإن لم تكن معه دابة تيمم بغبار ثوبه فإن لم يكن معه شئ من ذلك تيمم بالوحل
وقال ابن إدريس لا يعدل إلى الحجر الا إذا فقد التراب ولا يعدل إلى غبار ثوبه الا إذا فقد الحجر والمدر ولا يعدل عن غبار ثوبه إلى عرف دابته ولبد سرجه الا بعد فقدان غبار ثوبه
ولا يعدل إلى الوحل الا بعد فقدان ذلك والأقرب الأول لصحيحة رفاعة وأبى بصير وموثقة زرارة فان المستفاد منه التخيير ويؤيده التعليل المستفاد من صحيحة زرارة وذكر المصنف
الثلاثة لكونها مظنة للغبار لا للحصر فلو كان معه بساط وما شاكله مما يجمع الغبار تيمم به لعموم الخبر الثاني اطلق الشيخ فقال تيمم بغبار ثوبه ويوافقه صحيحة زرارة وصحيحة رفاعة
وموثقة زرارة وظاهر عبارة المفيد وسلار وجوب النفض والتيمم بالغبار الخارج منه وتوافقه رواية أبي بصير السابقة واليه ذهب ابن الجنيد حيث قال كل غبار علاء جسما
من الأجسام غير السبخة وغير الحيوان أو كان فيه كامنا فاستخرج منه عدم وجوده مفردا جاز التيمم منه والظاهر اشتراط الاحساس بالغبار والنفض ليحصل ذلك عند فقده
فلا يكفي الغبار الكامن من غير احساس به ولعل ذلك مراد الشيخ أيضا وبهذا يمكن الجمع بين الاخبار وكلام الأصحاب فلو فرض عدم الغبار أصلا لم يجز التيمم به لان الغبرة بالغبرة
الثالث ظاهر الأكثر اشتراط فقد الأرض مطلقا أو التراب في جواز التيمم بما ذكر وظاهر عبارة المرتضى جوازه مع وجود التراب والأول أظهر للشك في صدق التيمم بالصعيد
عليه ولدلالة بعض الأخبار السالفة عليه كصحيحة رفاعة وغيرها الرابع المشهور ان التيمم بالحجر مقدم على
التيمم بالغبار وذهب سلار إلى عكس ذلك والأقرب الأول ووجهه
يعلم بعد الإحاطة بما سلف الخامس لو اختص بعض الأشياء المذكورة بكثرة الغبار فهل يتعين التيمم به قال الشارح الفاضل نعم واثباته لا يخلو عن اشكال السادس
يشترط كون الغبار مما يجوز ان يتيمم بمثله ذكره المرتضى وابن إدريس واستجوده المصنف السابق لو لم يوجد الا الثلج فقال المفيد فليكسر وليتوضأ بمائه وان خاف على نفسه
من ذلك يضع باطن راحته اليمنى على الثلج ويحركه عليه باعتماد ثم يرفعها بما فيها من نداوة يمسح بها وجهه ثم يضع راحته اليسرى على الثلج ويصنع بها كما باليمنى ويمسح بها يده
اليمنى من مرفقه إلى أطراف الأصابع كالدهن إلى اخر ما ذكره ثم قال وإن كان محتاجا إلى التطهير بالغسل صنع به كما صنع عند وضوئه وقال الشيخ ما يقاربه والمنقول عن علم الهدى
انه يتيمم بنداوته واليه أومأ ابن الجنيد كما نقل عنه وهو المنقول عن سلار وقال آخرون بسقوط الطهارة واختار المصنف مذهب الشيخ قال المحقق في المعتبر والتحقيق عندي انه
ان أمكن الطهارة بالثلج بحيث يكون به غاسلا فإنه يكون مقدما على التراب بل مساويا للماء في التخيير عند الاستعمال وان قصر عن ذلك لم يكف في حصول الطهارة وكان التراب معتبرا
دونه بحيث لو تيمم به مع فقد التراب أو مع وجوده لم تحصل به طهارة لان الثلج ليس أرضا فلا يجوز التيمم به وإن كان يمكن غسل الأعضاء به فقد أمكنت الطهارة المائية فلم يجز استعمال
التراب معها ولا عبرة بالدهن لأنه لا يسمى غسلا فلا يحصل به الطهارة الشرعية الا ان يراد بالدهن ما يجرى على العضو وإن كان قليلا وهو حسن وبالجملة نقول إنه الله تعالى أمرنا
بالغسل وعند تعذره بالمسح بالأرض ويعتبر في الغسل الجريان فإذا حصل بالثلج ذلك كان مقدما على التيمم والا لم يصح به التوضي ولا التيمم لأنه انما يكون بالأرض فاثبات التوضي
به كما ذهب إليه الشيخ والتيمم به كما ذهب إليه المرتضى يحتاج إلى دليل احتج المصنف على ما اختاره بان المتوضى أو المغتسل يجب عليه مماسة أعضاء الطهارة بالماء واجراؤه عليها فإذا تعذر
الثاني وجب الأول عند امكانه وأيده بما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب في السفر لا يجد الا الثلج قال يغتسل بالثلج أو ماء النهر
وبما رواه معوية بن شريح قال سال رجل أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده قال يصيبنا الدمق والثلج ونريد ان نتوضأ فلا نجد الا ماء جامدا فكيف أتوضأ أدلك به جلدي قال نعم وبالاخبار
الدالة على كفاية مثل الدهن في الوضوء وقول أبى جعفر عليه السلام إذا مس جلدك الماء فحبسك وقول أبى جعفر عليه السلام يجزيك من الغسل والاستنجاء ما بللت يمينك وغيرها مما في معناها والجواب
عن الأول ان ههنا تكليف واحد متعلق بالغسل لا تعلق له بكل من الامساس والاجراء على حدة فإذا تعذر الغسل سقط التكليف واثبات شئ اخر بدله يحتاج إلى الدليل وعن التأييد
الأول ان الجريان معتبر في الاغتسال فلا دلالة فيه على المدعى وعن التأييد الثاني بان المراد الدلك الذي يحصل به الجريان بقرينة قوله كيف أتوضأ جمعا بينه وبين رواية
محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجنب في السفر فلا يجد الا الثلج أو ماء جامدا قال هو بمنزلة الضرورة يتيمم واما الأخبار الدالة على اجزاء القليل من الماء كالدهن وما
يقارب ذلك ففيه انه لا يصح حملها على ظاهرها لمخالفتها لظاهر الآية وعمل الأصحاب وغيرها من الأخبار الدالة على وجوب الغسل وبعض الأخبار الدالة على اعتبار الجريان وبعد
الاكتفاء ببل اليد مطلقا في الاستنجاء فيلزم ارتكاب التأويل فيها إما بحملها على قدر يحصل معها الجريان أو حملها على حال الضرورة ولا ترجيح للثاني على الأول فلا ينتهض باثبات المدعى
ومع ذلك كله ينبغي ان لا يترك الاحتياط احتج المرتضى على ما نقل عنه برواية محمد بن مسلم السابقة عن قريب والجواب انه يجوز ان يكون المراد التيمم بالتراب بل ذلك أقرب إذ هو المتبادر
وقوله لا يجد الا الثلج أي مما يصح الاغتسال به ثم لا يخفى ان الشيخ في النهاية شرط في استعمال الثلج عدم الماء والتراب وفى كتابي الاخبار أوجب استعمال الثلج فان عجز استعمل التراب واحتج بما رواه
علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن الرجل الجنب أو على غير وضوء ولا يكون معه ماء وهو يصيب ثلجا وصعيدا أيها أفضل أيتيمم أو يمسح بالثلج وجهه قال
الثلج إذا بل رأسه وجسده أفضل فإن لم يقدر على أن يغتسل فليتيمم وفيه ضعف فإنها محمولة على ما يحصل به الجريان بقرينة قوله فإن لم يقدر على أن يغتسل واسم التفضيل فيها من
قبيل قولهم العسل أحلى من العسل كما قيل الثامن يستحب ان يكون التيمم من ربا الأرض وعواليها على المشهور لأنها أبعد من ملاقاة النجاسة وروى غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال
قال أمير المؤمنين عليه السلام لا وضوء من موطأ قال النوفلي يعنى ما تطأ عليه برجلك لكن الروايتين غير ناهضتين بتمام المدعى والأولى تأخيره إلى اخر وقت الصلاة لا نعلم قائلا معينا في
عدم جواز التيمم قبل دخول وقت الغاية ونقل اجماع الفرقة عليه جماعة كثيرة منهم الفاضلان والشهيدان والشيخ على وغيرهم الا ان الشهيد في الذكرى ذكر في مبحث وجوب الغسل
لغيره أو لنفسه وربما قيل بطرد الخلاف في الطهارات كلها وهذا يدل على وجود القول بوجوب التيمم لنفسه أيضا ولو لم يثبت الاجماع المذكور وأمكن المناقشة في الحكم المذكور ثم إنهم
اختلفوا في جواز التيمم في سعة الوقت على أقوال ثلثة الأول عدم الجواز ووجوب التأخير إلى اخر الوقت واليه ذهب الأكثرون منهم الشيخ والمرتضى وأبو الصلاح وسلار وابن حمزة
وهو الظاهر من كلام المفيد ونقل الاجماع عليه الشيخ على ما نقل عنه والمرتضى وابن زهرة وقال ابن إدريس التيمم عند جميع أصحابنا الا من شد ممن لا يعبؤ بقوله لأنه قد عرف باسمه
ونسبه انما يجب في اخر الوقت وعند خوف فوات الصلاة وخروج وقتها ولا يجوز ان يستعمل قبل اخره وتضييقه على وجه من الوجوه الثاني انه يجوز في أول الوقت مطلقا وهو المنقول
عن أبي جعفر بن بابويه ونقله الشهيد عن ظاهر الجعفي وقواه المصنف في المنتهى والتحرير والشهيد في البيان قال في الذكرى والشيخ في الخلاف لم يحتج بالاجماع هنا ولعله نظر إلى خلاف الصدوق
وعدم تصريح المفيد في المقنعة به وفى الأركان لم يذكره وكذا ابن بابويه في الرسالة وقال البزنطي في الجامع على ما نقل عنه الشهيد لا ينبغي لاحد ان يتيمم الا في اخر وقت الصلاة وفيه اشعار
بالاستحباب وعن ابن الجنيد جواز التقديم عند العلم أو الظن الغالب بفواته إلى اخر الوقت واستجوده المحقق في المعتبر واختاره المصنف في العدة من كتبه لكن انما قيد بالعلم ولم
يذكر الظن واليه يؤمى كلام ابن أبي عقيل والأوسط لا يخلو عن قوة ويدل على نفى القول الأول قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة إلى قوله سبحانه فلم تجدوا ماء أمر سبحانه كل مريد للصلاة
عند عدم وجدان الماء بالتيمم ومن سعى في تحصيل الماء ولم يجده صدق عليه انه غير واجد للماء مريد للصلاة سواء كان في ضيق الوقت أم لا فصح له التيمم وأجاب عنه المرتضى في
الانتصار بان الاستدلال بهذه الآية يتوقف على اثبات ان للمكلف ان يريد الصلاة في أول الوقت ونحن نخالف فيه ونقول ليس له ذلك وفيه نظر لان لو سلم تحريم الإرادة في أول
99

الوقت عند العلم بالحكم لكن لا يلزم منه عدم وجودها فإذا وجدت لزم المشروط وهو ايجاب التيمم وأيضا ليس المراد الإرادة المتصلة بفعل الصلاة بشرعية الطهارة في أول الوقت
فمن أراد الصلاة في اخره فإذا أراد الصلاة المتأخرة عن زمان الإرادة والحال انه لا مانع منه فقد تحقق الشرط هذا كله على تقدير ان لا يكون قوله تعالى وان كنتم مرضى عطفا
على قوله إذا أقمتم كما هو الظاهر وعلى التقدير الأخر يصير الاستدلال أقوى لكنه يلزم وجوب التيمم وان لم يرد الغاية قال السيد وهذا لا يقوله أحد وقوله تعالى لا تقربوا الصلاة
إلى قوله تعالى فلم تجدوا ماء وجه الاستدلال ما سبق ولا يجرى هنا جواب السيد وقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل فان ذلك عام والأصل عدم التخصيص
وعموم الأخبار الدالة على جواز الصلاة في سعة الوقت وقول الصادق عليه السلام هو بمنزلة الماء وقوله إن الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا وقوله فقد فعل أحد الطهورين
وتدل عليه صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام فان أصاب الماء وقد صلى بتيمم وهو في وقت قال تمت كصلاته ولا إعادة عليه وأولها الشيخ بوجهين أحدهما ان المراد انه صلى
في الوقت فيكون الظرف قيدا للصلاة لا لإصابة الماء وثانيهما ان المراد انه شرع في الصلاة ولم يتمها قال الشهيد انهما من التأويلات البعيدة وقد يؤول بوجهين اخريين
أحدهما ان المراد به من ظن ضيق الوقت فشرع في الصلاة ثم انكشف فساد ظنه وثانيهما ان المراد به من كان جاهلا بوجوب التضييق فلعله يكون الجاهل معذورا في هذا الحكم
والكل عدول عن الظاهر لا يصح ارتكابه في الخبر الا لدليل أقوى منه ولو قالوا في تأويل الخبر ان المراد من تيمم للصلاة في اخر الوقت وصلى ثم دخل وقت صلاة أخرى فصلى في سعة
الوقت ثم وجد الماء وهو في وقت كان أقرب من التأويلات المذكورة ويدل عليه أيضا موثقة يعقوب بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل تيمم وصلى ثم أصاب الماء وهو في
وقت قال قد مضت صلاته ولتطهر وتؤيد ما ذكرناه رواية معوية ميسرة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل في السفر لا يجد الماء ثم صلى ثم اتى الماء وعليه شئ من الوقت
أيمضي على صلاته أم يتوضأ ويعيد الصلاة قال يمضى صلاته فان رب الماء رب التراب ولا يخفى ان معوية بن ميسرة لم ينص الأصحاب بجرحه ولا توثيقه الا انه يروى عنه ابن أبي
عمير وقد نص الشيخ في العدة على أن ابن أبي عمير لا يروى الا عن الثقات وهذا مما يغطى لهذا الخبر قوة وتؤيده أيضا رواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل تيمم وصلى
ثم بلغ الماء قبل ان يخرج الوقت فقال ليس عليه إعادة الصلاة وفى طريق هذا الخبر عثمن بن عيسى وهو واقفي الا انه نقل الكشي قولا بأنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح
عنهم وهذا يوجب اعتباره في الجملة وعلى كل تقدير يصلح الخبر للتأييد وأول الشيخ تلك الأخبار الثلاثة أيضا بالوجهين السابقين ولا يخفى بعدهما فيها خصوصا في الأخيرين
والتأويلان الآخران أيضا على ما فيهما من البعد عن الظاهر يجريان فيها وكذا التأويل الذي ذكرنا لكنه فيها أبعد من السابق وتؤيده أيضا رواية علي بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام
قال قلت له أتيمم وأصلي ثم أجد الماء وقد بقى على وقت فقال لا تعد الصلاة فان رب الماء هو رب الصعيد وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة لكن لا تخلو عن تأييد ما وتدل على
ما ذكرناه صحيحة يعقوب بن يقطين مع علوا اسنادها قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل تيمم فصل فأصاب بعد صلاته ماء أيتوضأ ويعيد الصلاة أم يجوز صلاته قال إذا وجد الماء
قبل ان يمضى الوقت توضأ وأعاد فان مضى الوقت فلا إعادة عليه وهذا الخبر يدل على ما ذكرناه من وجوه منها ان مفهوم الشرطية الأولى انه إذا لم يجد الماء قبل مضى
فلا إعادة عليه وهذا أعم من أن يبقى شئ من الوقت بعد الصلاة أم لا ومنها ان مقتضى هذه الشرطية ان عليه الإعادة وانما هي وجدان الماء قبل مضى الوقت ولو كان
التأخير واجبا كانت علة الإعادة عدم التأخير ومنها ان الظاهر أن المراد من الشرطية الأخيرة انه ان مضى الوقت ولم يجد الماء فلا إعادة عليه وهذا أعم من أن يبقى شئ من
الوقت أم لا والعجب أن المصنف استدل بهذا الخبر على وجوب التأخير عند امكان وجود الماء ومما يؤيد ما ذكرناه عموم الأخبار الدالة على تعليق ايجاب التيمم بحصول الجنابة أو بهما
مع فقد الماء كمرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال يؤمم المجدور والكسير إذا اصابتهما الجنابة وصحيحة عبد الله بن أبي يعفور وعنبسة بن مصعب
عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلو أو لا شيئا تغترف به فتيمم بالصعيد وصحيحة عبيد الله ابن علي الحلبي سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل إذا أجنب
ولم يجد الماء قال يتيمم بالصعيد فإذا وجد الماء فليغتسل ولا يعيد الصلاة وصحيحة عبد الله ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا
فليمسح من الأرض وليصل فإذا وجد ماء فليغتسل وقد أجزأته صلاته التي صلى وغير ذلك مما في معناها وتؤيده أيضا رواية داود الرقي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أكون في السفر
وتحضر الصلاة وليس معي ماء ويقال ان الماء قريبا منا فاطلب الماء وانا في وقت يمينا وشمالا قال لا تطلب الماء ولكن تيمم الحديث ويؤيده أيضا صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم قلنا لأبي
جعفر عليه السلام رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلى قال لا ولكن يمضى في صلاته فيتمها ولا
ينقضها لمكان الماء لأنه دخلها وهو على طهر يتيمم ويؤيده أيضا ما في صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قلت فان أصاب الماء وقد دخل وقت الصلاة قال فلينصرف وليتوضأ ما لم
يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين فان الظاهر أن هذا التفصيل انما يصح إذا كانت الصلاة في سعة الوقت وفى معناها غيرها من الاخبار
ويؤيده أيضا في الجملة عموم الأخبار الدالة على أن من تيمم يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء ويؤيده أيضا ان التأخير إلى اخر الوقت عسر وحرج خصوصا في العشاء فيبعد ان يكون
التكليف واجبا ومما ذكرنا يمكن استفادة الأدلة على نفى المذهب الأخير أيضا وان لم يدل عليه جميعه حجة المشهور وجوه الأول الاجماع نقله السيد والشيخ على ما نقل عنه
وغيرهما الثاني حسنة زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم وليصل في اخر الوقت ورواه
أيضا زرارة عن أحدهما عليهما السلام بتبديل لفظة فليطلب بقوله فليمسك لكن في طريقه ضعف للقسم بن عروة الثالث صحيحة محمد بن مسلم قال سمعته يقول إذا لم تجد ماء وأردت
التيمم فاخر التيمم إلى اخر الوقت فان فاتك الماء لم يفتك الأرض الرابع قول أبي عبد الله عليه السلام في صحيحة محمد بن حمران اعلم أنه ليس ينبغي لاحد ان يتيمم الا في اخر الوقت والجواب
عن الأول بمنع الاجماع في موضع النزاع وعن الثاني بان مضمونها وجوب الطلب ما دام الوقت باقيا وهو غير معمول عند الأصحاب والقول به غير معلوم الا من المحقق
فإنه يظهر منه ميل ما إليه وهذا مما يضعف الاحتجاج به فإنه لا يصلح معارضا للاخبار السابقة لعدم صحتها وقلتها بالنسبة إليها ومعارضتها لظاهر الكتاب فيجب حملها
على الاستحباب أو تأول بتأويل اخر ومما يؤيد الحمل على الاستحباب صحيحة محمد بن حمران فان الظاهر من قوله ليس ينبغي الكراهة لا التحريم فان استعماله فيها أكثر كما قاله المحقق و
غيره وعن الثالث بأنه قال سمعته والمسموع منه مجهول كذا ذكر المحقق وفيه نظر ولو سلم فيجب تأويلها بالحمل على الاستحباب لما ذكرنا من العلة على أن الامر بالطلب
في الخبر الأول يؤذن بإمكان الحصول والا لكان عبثا فيدل على وجوب التأخير عند رجاء الحصول كما ذهب إليه ابن الجنيد لا مطلقا وكذا الكلام في الخبر الثاني فان
قوله عليه السلام فان فاتك الماء لم تفتك الأرض يقتضى الشك في فوات الماء وعن الرابع بان الظاهر من الكلام المذكور الكراهة فهو بالدلالة على نقيض المطلوب أشبه ولهذا
استدل به بعض الأفاضل على ما اخترنا من عدم المضايقة ولهم ان يحتجوا أيضا بقول أبي عبد الله عليه السلام
في صحيحة عبد الله بن بكير فإذا تيمم الرجل فليكن في اخر الوقت
فان فاته الماء فلن يفوته الأرض وجوابه يعلم مما ذكرنا احتج المصنف على وجوب التأخير مع امكان وجود الماء بوجوه الأول حسنة زرارة وصحيحة محمد بن مسلم السابقتان
الثاني لو جاز التيمم في أول الوقت والصلاة به حينئذ لما وجب اعادتها بعد وجود الماء لان الامر للاجزاء فإذا جاز التيمم والصلاة به في أول الوقت كان ممتثلا للامر فخرج
به عن العهدة فلم يجب عليه الإعادة والثاني باطل لصحيحة يعقوب بن يقطين وقد سلف ذكرها الثالث ان طلب الماء واجب للاجماع ولقوله تعالى فلم تجدوا ماء وعدم
100

الوجدان انما يثبت وبعد الطلب ولأنه شرط للصلاة فيجب طلبه والاجتهاد في تحصيله عند الاعواز وإذا كان الطلب واجبا كان واجبا بعد دخول وقت الصلاة
إذا لم تجب الصلاة ولا شئ من شرائطه قبل الوقت اجماعا وإذا وجب الطلب بعد الوقت سقط وجوب الصلاة في أول الوقت ويلزم تأخيرها إلى اخر الوقت للاجماع
المركب الرابع ان الله تعالى جعل التراب وبدلا عن الماء عند فقدانه وانما يعلم الفقدان عند التضييق إذ قبله يجوز وجود الماء فيكون الشرط وهو فقدان الماء مشكوكا
فيه فكذا المشروط والجواب عن الخبرين انهما محمولان على الاستحباب جمعا بين الأدلة ويؤيد ذلك رواية محمد بن حمران كما مر وعن الثاني انه الامر بالإعادة لا يستلزم الخلل
في الصلاة التي فعلها أولا انما يكون كذلك إذا كان اطلاق الإعادة في عبارات الحديث على المعنى المصطلح الأصولي حسب وذلك غير معلوم سلمنا لكن تخصيص الإعادة
بصورة وجود الماء فقط يقتضى صحة الفعل أولا فيجب التأويل في لفظة؟؟؟؟ للضرورة وبالجملة قد ذكرنا سابقا ان هذه الرواية دالة على جواز التيمم في سعة الوقت وأين
هي من الدلالة على التضييق وعن الثالث بمنع الاجماع المركب الذي ادعاه على أن وجوب الطلب بعد دخول الوقت ممنوع وقد سبقت الإشارة إلى ذلك مع أن الطلب قد لا يجب
إذا تيقن عدم الماء وعن الرابع بأن شرط التيمم انما هو عدم وجدان الماء وهو يتحقق بالطلب في الجملة وعدم الوصول إليه ولا يتوقف على العلم بفقدانه في جميع الوقت فظهر من
هذه الجملة ان الاظهر بحسب قواعد الاستدلال مذهب ابن بابويه لكن يخدشه شهرة خلافه بين الأصحاب ونقل جماعة الاتفاق عليه فان ذلك من الامارات القوية وظهر
ان القول بالتفصيل لا يخلو عن وجه للاخبار السابقة والامر دائر بين حملها على الاستحباب الشائع في الأحاديث وابقاء الآيات والعمومات الكثيرة على ظواهرها أو حملها
على الوجوب وارتكاب التأويل في الآيات والعمومات المذكورة والأول انسب وأقرب وللتردد طريق إلى هذه المسألة حذرا عن الحكم بخلاف المشهور المدعى عليه الاجماع فينبغي ان لا
يترك الاحتياط في أمثال هذه المواضع وينبغي التنبيه على أمور الأول لو تيمم لصلاة في ضيق وقتها ثم دخل وقت صلاة أخرى فهل يجوز له اداؤها في أول وقتها على القول
بالتضيق الاظهر نعم كما اختاره الشيخ في المبسوط لان المانع من الصلاة في أول الوقت انما هو الأخبار الدالة على تأخير التيمم وهي لا تتناول التيمم فيبقى العمومات الدالة على جواز
بالصلاة في سعة الوقت بحالها من غير تخصيص ويؤيده عموم صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام يصلى الرجل يتيمم واحد صلاة الليل والنهار كلها فقال نعم ما لم يحدث أو يصب
ماء وغير ذلك مما في معناها الثاني لو تيمم لصلاة فريضة جاز له الدخول في صلوات أخرى من غير إعادة التيمم والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب وتدل عليه
صحيحة زرارة السابقة وصحيحة أخرى له عنه عليه السلام في الرجل يتيمم قال يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء وصحيحة زرارة عن أبي عبد الله في رجل تيمم قال يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء وصحيحة
حماد بن عثمن قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء أتيمم لكل صلاة قال لا هو بمنزلة الماء إلى غير ذلك من الاخبار لا يقال عموم قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة
يقتضى الوضوء والتيمم لكل صلاة الا ما خرج بالدليل لأنا نقول إنها مخصوصة بالمحدثين بالاجماع على ما قيل ويؤيد ذلك ما نقل المصنف في المنتهى من اجماع المفسرين على أن
المراد بها إذا قمتم من النوم ونسبه في الخلاف إلى المفسرين وقد وردت به رواية صحيحة كما مر في مبحث الوضوء واما ما رواه الشيخ عن أبي همام في الصحيح عن الرضا عليه السلام قال يتيمم لكل
صولة حتى يوجد الماء فمحمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة وكذا رواية السكوني مع ضعفها الثالث من عليه فائتة فالأوقات كلها يصلح للتيمم صرح بذلك
جماعة من عظماء الأصحاب لعموم قوله عليهم السلام ومتى ذكرت صلاة فاتتك صليتها إلى غير ذلك من العمومات والأخبار الدالة على التضييق لها ظهور في إرادة الصلاة الحاضرة
فلا يصلح لتخصيص ما ذكرنا من العمومات ويجوز به الدخول في الفرائض الحاضرة للأخبار المذكورة ولقوله عليه السلام في صحيحة جميل ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا إذ الظاهر منه انه يثبت
له جميع احكام الماء الا ما خرج بالدليل الرابع حكم المحقق والشهيد في الذكرى بجواز التيمم للصلاة النافلة المرتبة في سعة وقتها وهو غير بعيد لعموم الأدلة وامكان
اختصاص الأخبار الدالة على وجوب التيمم في اخر الوقت بما كان للصلاة الفريضة إذ هي المعهود المتبادر وكلام الشارح الفاضل يشعر باعتبار التضييق وتردد في القبر
في جواز التيمم للنافلة المبتداة ثم قال والجواز أشبه لعدم التوقيت والمراد بها تعجيل الأخر في كل وقت وفواته بالتأخير متحقق وهو حسن لعموم الأدلة واختاره الشهيد
وجعل وقته إرادة فعلها ولو تيمم في الأوقات المكروهة للنافلة للمبتدأة فالظاهر الصحة واليه ذهب الشهيد رحمه الله لان الكراهة لا تنافى الانعقاد وحكم المصنف في التذكرة والمحقق
في المعتبر بعدم الجواز الخامس يتيمم لصلاة الآية كالكسوف لحصولها وللجنازة لحضورها لان وقت الخطاب بالصلاة ويمكن دخول وقتها بتغسيل الميت لاباحتها حينئذ وان
لم يتهيأ للصلاة قال في الذكرى بعد ذكر هذا الاحتمال بل يمكن دخول وقتها بموته لأنه الموجب للصلاة وغيرها من احكام الميت ولا يخلو عن اشكال بل الأولى فعلها عند
إرادة الصلاة ويتيمم للاستسقاء باجتماع الناس في المصلى واستقرب في الذكرى جوازه بإرادة الخروج إلى الصحراء وهو غير بعيد واحتمل الجواز بطلوع الشمس يوم الثالث
وهو مشكل السادس يجوز الدخول بتيمم النافلة في الفريضة والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب نقل الاجماع عليه الشيخ في الخلاف والمصنف في المنتهى وتدل عليه الأخبار السابقة
وعلى ما ذكرنا من الاحكام يضعف فائدة التضييق فان المكلف بالصلاة الواجبة يتيمم للنافلة ثم يصلى الفريضة في سعة وقتها وقال الشارح الفاضل ولو أراد احداث
التيمم في حال سعة وقت الحاضرة فلينذر صلاة ركعتين في تلك الحال ويتيمم لها ثم يصلى الحاضرة مع السعة والاحتياج إلى هذه الحيلة مبنى على أنه لم يجوز التيمم لصلاة النافلة المبتداة بناء على أنه لم يجوز التيمم لصلاة
النافلة في سعة وقتها وهو الظاهر من كلامه لكن يرد عليه حينئذ ان الظاهر أن انعقاد النذر متوقف على مشروعية المتعلق قبل النذر والامر حينئذ ليس كذلك فتأمل السابع
لو دخل مسجدا فالظاهر جواز التيمم لصلاة التحية لان وقتها بعد الدخول مضيق الثامن لو ظن دخول الوقت ولا طريق له إلى العلم فتيمم ثم طهر فساد ظنه فاستقرب في الذكرى
البطلان وفيه اشكال التاسع لو ظن ضيق الوقت لامارة فتيمم وصلى ثم بان غلطه فالأقرب عدم الإعادة ذهب إليه المحقق والشهيد والمنقول عن ظاهر كلام
الشيخ في كتبه الاخبارية وجوب الإعادة لنا انه صلاة مشروعة مشتملة على شرائط الصحة فيكون مج؟؟ لو لم يثبت ان ضيق الوقت شرط بل القدر المسلم على تقدير
التضييق انما هو وجوب تأخير التيمم إلى زمان يخاف الفوت ويحصل الظن بالتضييق وللعمومات الكثيرة الدالة على أن من صلى يتيمم فليس عليه الإعادة والظاهر الآية قال المحقق
ويمكن ان يستدل على ذلك برواية زرارة ومعوية بن ميسرة ويعقوب بن سالم عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام ونقل مضمون الأخبار المذكورة سابقا ثم قال و
لا وجه لها على القول بالتضييق الا ما ذكرناه واما رواية منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل يتيمم فصلى ثم أصاب الماء فقال إما انا فكنت فاعلا انى أتوضأ وأعيد فحملها
على الصورة المذكورة بعيد والأولى حملها على الاستحباب ولهذا نسب عليه السلام الإعادة إلى نفسه وحملها الشيخ على من صلى في أول الوقت مستدلا عليه برواية يعقوب بن يقطين السالفة
وقال في الذكرى فحوى الخبرين صحة التيمم في أول الوقت إما الأول فلانه عليه السلام أسند الإعادة إلى نفسه ولو كان ذلك واجبا لكان المكلف به عاما واما الثاني فلانه علق الإعادة
على وجدان الماء في الوقت وقضيته انه لو لم يجد لم يعد لمفهوم الشرط المستفاد من لفظة إذا وحينئذ يمكن حملها على استحباب الإعادة توفيقا بينها وبين الأخبار الدالة على عدم
الإعادة بالوجدان في الوقت ودلالة الخبر الأول على ما ذكره انما يكون على فرض تسليم حمله على ما ذكره الشيخ رحمه الله فيكون بحثا الزاميا العاشر لو تيمم لمس المصحف وقراءة القرآن وغيرها
فالظاهر استباحة الباقي وجواز الدخول بذلك في الفريضة صرح به المصنف في المنتهى والتذكرة بل عبارة التذكرة تشعر بالاتفاق ويدل عليه قول الصادق عليه السلام هو
بمنزلة الماء وغير ذلك من الأخبار الماضية ويجب فيه أي في التيمم النية للفعل وهي القصد بالقلب إليه ونقل جماعة منهم المصنف والمحقق اجماع أهل الاسلام عليه وقد مر ما
101

ينفعل في الاستدلال عليه واما الاستدلال بقوله تعالى فتيمموا صعيدا فضعيف لوجوبه إن كان واجبا أو ندبه إن كان مندوبا والكلام في ذلك كما مر في مبحث الوضوء
متقربا وقد مر الكلام في ذلك ولا يجوز دفع الحدث هذا هو المشهور ونقل الاجماع عليه وجوز الشهيد رحمه الله نية الرفع إلى غايته معينة ومنعه الشارح الفاضل وأطلق فيه والتحقيق
ان الحدث يطلق على معان الأول الامر المقتضى للحالة المقتضية للطهارة كالنوم الثاني الحالة المقتضية للطهارة وهي المعلولة للامر الأول الثالث حالة لا يباح معها الدخول في
الصلاة إذا عرفت هذا فاعلم أن نية رفع الأمر الأول غير معقول أصلا وذلك ظاهر واما الثاني فيرتفع في الطهارة المائية بالكلية وانما يكون تجدده بسبب حدث اخر واما في الطهارة
الترابية فلا يرتفع إذ المراد بارتفاعها زوالها بحيث لا يحصل الا لحدث آخر وليس الامر هناك كذلك لأنه إذا وجد الماء تجب الطهارة وليس وجود الماء حدثا نقل الاجماع على ذلك المحقق
بل الحدث الأول كان باقيا وانما تخلف ايجابه للطهارة المائية لفقد الماء فإذا حصل الماء حصل ايجابه لها فان قلت إن كان المراد بالحدث بالمعنى الأول الامر الموجب للطهارة على أي
تقدير وجد لم يكن البول مثلا حدثا لان لحصوله ومن دائم الحدث لا يوجب الطهارة وإن كان المراد أعم من ذلك فلم لا يجوز ان يكون وجود الماء للمتيمم حدثا لإيجابه في بعض الأوقات قلت لنا
ان يخصص مفهوم الحدث بمعنى يشمل الاحداث ونخرج الماء بإضافة بعض القيود إذ لا مشاحة في ذلك صونا لما نقلوا عليه الاجماع عن التغيير واما المعنى الثالث فيرتفع في الطهارة
الترابية إلى أمد معين فيصح نيته وعلى هذا فالظاهر أن النزاع لفظي فان من منع من نية رفع الحدث أراد نية رفع المعنى الثاني والمعنى الثالث وأراد برفعه زواله بالكلية إلى حدث
اخر ومن جوز ذلك إلى أمد معين فقد قصد المعنى الثالث والكل صحيح في المعنى ويجوز الاستباحة ينبغي حمل الجواز على المعنى الأعم حتى لا ينافي المعهود من مذهب المصنف من وجوبها
والكلام فيه أيضا كما في الوضوء وهل يجب نية البدلية عن الوضوء أو الغسل حيث كان بدلا عنه فيه أقوال الأول الوجوب واليه ذهب الشيخ في الخلاف وعليه بنى ما لو نسى الجنابة وتيمم للحدث
انه لا يجزى لكنه ذكر في المسألة فان قلنا متى نوى بتيممه استباحة الصلاة من حدث جاز الدخول في الصلاة وكان قويا قال والأحوط الأول وذكر ان لا نص للأصحاب في مسألة النسيان
الثاني عدم الوجوب والثالث التفضيل باعتبار ذلك أن قلنا باتحادهما واليه يميل كلام الشهيد رحمه الله ونقله عن المحقق وكلامه غير دال على عدم الأجزاء على القول بالتفضيل لفوات
نية البدلية بل لعدم تحقق الضربتين المعتبرتين فيما كان بدلا من الغسل ويتفرع عليه انه لو ذكر الجنابة بعد النية وضرب مرة ثانية للسيدين اجزاه كما لو قلنا بالاتحاد والأقرب
عدم الاعتبار مطلقا لاطلاق الآية وعموم الاخبار نعم يشترط في الفرع المذكور أن تكون الضربة الثانية بنية صحيحة وقد يستدل على الأول باشتراط التمييز وهو ضعيف واختلف
الأصحاب في وقت النية فذهب الأكثر إلى أنه عند الضرب على الأرض وبه قطع المصنف في المنتهى وجوز في النهاية تأخيرها إلى حين مسح الجبهة تنزيلا للضرب منزلة اخذ الماء في الطهارة المائية
والأول أقرب لان الضرب أحد الواجبات المتعلقة للخطاب فتحتاج إلى النية بخلاف اخذ الماء فان وجوبه من باب المقدمة إذا توقف الغسل عليه ولهذا لو غمس العضو في الماء لم يجب الاخذ
بخلاف مسح الجبهة مثلا في التراب فإنه غير مجز قطعا ويتفرع على القولين ما لو أحدث بعد الضرب وقبل مسح الجبهة فعلى الثاني لا يستأنف دون الأول وهو الأصح لان مقتضى الحدث
المنع من الصلاة إلى أن يثبت المبيح وحصول الإباحة بمجرد المسح غير معلوم لجواز ان يكون المسح المجموع المركب منه ومن الضرب وجزم المصنف في النهاية بعدم بطلان الضرب بذلك مع اعترافه
بان أول أفعال التيمم المفروضة الضرب وفيه ما فيه مستدامة الحكم إلى اخر التيمم بمعنى انه لا ينوى في الأثناء نية تنافى النية الأولى أو بعض مميزاتها فلو نوى المنافى احتاج إلى تجديد النية
للثاني ان لم يفعل بنية منافية والا كان البطلان مبنيا على اشتراط الموالاة وعن المصنف في النهاية وجوب استدامتها فعلا إلى مسح الجبهة فلو غربت قبله بطل ودليله غير معلوم
وقد مر تحقيق الاستدامة الحكمية في مبحث الوضوء ثم يضرب بيديه على التراب لم اطلع على خلاف بين الأصحاب في وجوبه وشرطيته فلو استقبل العواصف حتى لصق صعيدها بوجهه
ويديه لم يجزه ويدل عليه موثقة زرارة على المشهور قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم فضرب بيده الأرض ثم رفعها الحديث ورواية ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه السلام في التيمم قال تضرب
بكفيك الأرض وغيرها من الأحاديث وتحقيق هذه المسألة يحتاج إلى بيان أمور
الأول معظم الأصحاب عبروا بلفظ الضرب وهو الوضع المشتمل على اعتماد يحصل به مسماه عرفا
فلا يكفي الوضع المجرد عنه وبعضهم عبر بلفظ الوضع كالشيخ في النهاية وفى الذكرى الظاهر أن الضرب باعتماد غير شرط لان الغرض قصد الصعيد وهو حاصل بالوضع وبه جزم المدقق
الشيخ على مستدلا بان اختلاف الاخبار وعبارات الأصحاب في التعبير بالضرب والوضع يدل على أن المراد بهما واحد والأقرب الأول لورود الامر بالضرب في عدة اخبار معتبرة كقوله عليه السلام
في رواية زرارة تضرب بيديك ثم تنفضهما وصحيحة إسماعيل بن همام التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين ورواية ليث السالفة وغيرها ولا ينافي ذلك ما ورد في بعض الأخبار المتضمنة
لوصف تيمم النبي صلى الله عليه وآله من أنه اهوى بيده إلى الأرض فوضعهما على الصعيد وما يقرب منه من الاخبار لان الوضع أعم من الضرب ونقل وقوع الأعم لا يستلزم صحة جميع افراده ومن هذا ظهر
اندفاع احتجاج المدقق الشيخ على ولو نوقش في كون الوضع أعم من الضرب بناء على أنه يفهم عرفا من
الوضع معنى مباينا للضرب كان اللازم أيضا حمل الوضع على المعنى الأعم وإن كان مجازا صونا للاخبار الكثيرة الدالة على الضرب من
التأويل فان ارتكاب التأويل في الأقل أولي ولكون هذا الحمل أقرب من حمل الأخبار الدالة على الضرب على الاستحباب أو الضرب فيها على الوضع ولكون ارتكاب التأويل في كلام الراوي
أولي من ارتكابه في كلام الإمام عليه السلام فان لفظ الوضع واقع في كلام الراوي حكاية عن فعله عليه السلام الا في خبر واحد على الظاهر من احتمالين ويؤيد ذلك الشهرة ووجوب تحصيل البراءة
اليقينية واما ما ذكره الشهيد رحمه الله من الحجة فجوابه ان الآية يحتمل وجهين الأول ان يكون المراد معناه الظاهر أي القرب من الصعيد والتوجه إليه ويكون وجوب الوضع أو الضرب معلوما
من السنة الثاني ان يكون المراد منه خصوص الوضع أو الضرب مجازا لكن اليقين انما يحصل بدليل خارجي فالحكم بكونها شاملة للوضع مطلقا محل تأمل الثاني ظاهر الأصحاب انه يشترط
في وضع اليدين ان يكون دفعة فلو ضرب بإحدى يديه واتبعه بالأخرى لم يجز ويدل عليه ان المفهوم من قوله عليه السلام تضرب بكفيك في خبر ليث وتضرب بيديك في خبر زرارة وقوله فضرب
بيديه في صحيحة زرارة وغيرها ذلك الا ترى انه إذا قيل اضرب بيديك على فلان لم يمتثل الا بضربهما معا في زمان واحد وربما يفهم ذلك من قوله عليه السلام ضربة واحدة للوجه ويمكن
الاستدلال عليه بوجه آخر سنشير إليه الثالث يجب وضع باطنهما مبسوطا صرح به المفيد وابن إدريس والشهيد والظاهر أنه مراد الباقين وألفاظ الاخبار وإن كانت عامة لكن يبعد
ان يكون تبادر ذلك منها مع عمل الأصحاب وتوقف البراءة عليه وكون المعلوم من عملهم عليهم السلام ذلك كافيا في التخصيص ويمكن الاستدلال عليه بوجه آخر سنشير إليه في مسألة
وجوب الترتيب والبدأة بالأعلى نعم لو تعذر الضرب بباطن اليدين لم يبعد وجوبه بظاهره لعموم بعض الأدلة الرابع يشترط كون المضروب عليه من جنس الأرض فلا يكفي غيرها ولا
فرق بين كونه على الأرض وغيرها بل لو كان التراب على بدنه أو على بدن غيره اجزاء الضرب عليه ولو كان على وجهه تراب صالح للضرب لم يبعد ان يكون مجزيا في الضرب لحصول
الامتثال وربما يقال بعدم الأجزاء لان ذلك غير المعهود من صاحب الشرع الخامس المشهور انه لا يجب علوق شئ من التراب باليد والمسح به ونقل المحقق عن المرتضى التصريح بذلك وانه لا
يعرف لأصحابنا في هذا نصا وبعضهم نقل عن ظاهر ابن الجنيد انه يجب المسح بالمرتفع على اليد من التراب حجة الأول وجوه الأول عدم الدليل فيكون منتفيا بالأصل الثاني اجماع
الأصحاب على استحباب نفض اليدين من التراب بعد الضرب وورود الأخبار الصحيحة به ولو كان العلوق معتبر الماء وقع الامر بإزالته الثالث ثبت ان الصعيد وجه الأرض لا التراب
فسقط اعتبار العلوق الرابع ان الضربة الواحدة كافية ولو كان المسح بالعالق معتبرا لما حصل الاكتفاء بها لان الغالب عدم بقاء العالق لليدين ويمكن الجواب عن الأول بما سيجيئ
من الدلالة على وجوب العلوق والمسح به وعن الثاني بان الغرض عن النفض ليس إزالة العالق بالكلية لان الأجزاء الصغيرة الغبارية اللاصقة لا يخلص بأجمعها بمجرد النقض من غير مبالغة
وليس في الاخبار ما يدل على المبالغة في النفض بحيث لا يبقى شئ منها بل وقع الامر بالنفض المطلق ولعل الفرض منه تقليل ما عسى ان يصير موجبا لتشوية الوجه من الأجزاء الترابية
102

الكثيرة اللاصقة باليد فلا دلالة في ذلك على المدعى ومن هنا يظهر الجواب عن الرابع وعن الثالث بمنع جواز الاكتفاء بالأرض الخالي عن الغبار بعد ثبوت الدلالة على اعتبار العلوق
كما سيجيئ احتج في المختلف لابن الجنيد بقوله تعالى وامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه أي من التراب وأجاب بالمنع عن عود الضمير إلى الصعيد وقال في الذكرى فان احتج ابن الجنيد لاعتبار الغبار بظاهر قوله تعالى
منه ومن للتبعيض منعناه لجواز كونه لابتداء الغاية مع أنه في رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ان المراد من ذلك التيمم قال لأنه علم أن ذلك أجمع لم يجز على الوجه لأنه يعلق من ذلك الصعيد ببعض
الكف ولا يعلق ببعضها وفى هذا إشارة إلى أن العلوق غير معتبر انتهى وتحقيق هذا المقام يحتاج إلى البحث عن معنى من في الآية الشريفة ثم البحث عن مدلول الرواية ليتضح حقيقة الحال
فاعلم أن الأقوال في معنى من في هذه الآية الشريفة ثلثة الأول انها الابتداء الغاية فيكون المعنى ان المسح يبتدى من الصعيد أو من الضرب عليه كأنه أمر ان يكون مسح الوجه موصولا بتيمم الصعيد
من غير تحلل الثاني انها للسببية وضمير منه للحدث المفهوم من الكلام السابق كما يقال تيممت من الجنابة وعليه قوله تعالى مما خطيئاتهم أغرقوا وقول الشاعر وذلك من نبأ جائني وقول الفرزدق
يغضى حيا ويغضى من مهابته ويحتمل ارجاع الضمير إلى عدم وجدان الماء أو إلى عدم المجموع ويرد عليه انه خلاف الظاهر ومتضمن لارجاع الضمير إلى الابعد مع امكان الارجاع إلى الأقرب مع
استلزامه لجعل لفظة منه تأكيد الا ناسيا إذا السببية يفهم من الفاء ومن جعل المسح في معرض الجزاء وتعليقه بالوصف المناسب المشعر بالعلية الثالث انها للتبعيض وضمير منه للصعيد
كما تقول أخذت من الدراهم وأكلت من الطعام فهذه هي الاحتمالات التي ذكروها ويحتمل ان يكون للبدلية كما في قوله تعالى أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة وقوله تعالى لجعلنا منكم
ملائكة في الأرض يخلفون وقوله تعالى لن تغنى عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئا أي بدل طاعة الله أو بدل رحمة الله وحينئذ يرجع الضمير إلى الماء ويكون المعنى فلم تجدوا ماء فتيمموا
الصعيد بدل الماء وهذا أيضا لا يخلو عن بعد وقوم من النحاة أنكروا مجئ من البدلية فقالوا التقدير أرضيتم بالحياة الدنيا بدلا من الآخرة فالمفيد للبدلية متعلقا المحذوف وكذلك
الثاني وهذا أيضا يجرى هيهنا لكنه خلاف الظاهر ولعل حملها على التبعيض أقرب الوجوه وصحيحة زرارة الآتية ظاهرة الانطباق عليه ولهذا اختاره صاحب الكشاف وخالفت
الحنفية القائلين بعدم اشتراط العلوق مع توغله في متابعة أقوالهم وتهالكه في انتصار مذاهبهم فقال في الكشاف فان قلت قولهم إنها لابتداء الغاية قول متعسف فلا يفهم أحد من
العرب من قول القائل مسحت برأسه من الدهن ومن الماء ومن التراب الا معنى التبعيض قلت هو كما تقول والاذعان للحق أحق من المرء أو قد يقال عدم فهم العرب من هذه الأمثلة الا
ما ذكره قد يكون للغرض المعروف عندهم من التدهين والتنظيف ونحو ذلك مع امكان المنع عند الاطلاق في قوله من التراب على أنه يمكن ان يقال إنها في الأمثلة كلها للابتداء كما
هو الأصل فيها واما التبعيض فإنما جاء من لزوم تعلق شئ من الدهن والماء باليد فيقع المسح به ونحوه التراب ان فهم فلا يلزم مثله في الصعيد الأعم من التراب والصخر والانصاف
انها ان استعملت فيما يصلح للعلوق وإن كان باعتبار غالب افراده كان المتبادر منها التبعيض وان استعملت فيما لا يصلح لذلك كان المفهوم منها الابتدائية وعدم صلاحية المقام لغيرها
قرينة عليها وما يقال من أن حملها على التبعيض غير مستقيم لان الصعيد يتناول الحجر كما صرح به أئمة اللغة والتفسير وحلمها على الابتداء متعسف وليس بعيد حلمها على السببية وقد
جعل التعليل من معاني من صاحب مغنى اللبيب وعلى تقدير ان لا يكون حقيقة فلا أقل ان يكون مجازا ولابد من ارتكاب المجاز هنا إما في الصعيد أو في من ولا ريب ان التوسع في
حروف الجر أكثر فمندفع لبعد هذا الاحتمال الذي ذكره كما بينا وقرب الحمل على التبعيض وتبادره إلى الذهن وان سلمنا استلزامه حمل الصعيد على المعنى المجازى فظهر ان ظاهر الآية
موافق لمذهب ابن الجنيد واما قول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة ثم قال فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم فلما ان وضع الوضوء عمن لم يجد الماء أثبت بعض الغسل
مسحا لأنه قال بوجوهكم ثم وصل بها وأيديكم منه أي من ذلك التيمم لأنه علم أن ذلك أجمع لا يجزى على الوجه
لأنه يغلق من ذلك الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها فقوله عليه السلام لأنه علم أن
ذلك إلى اخر يحتمل بحسب بادئ النظر وجوها ثلثة الأول ان يكون تعليلا لقوله عليه السلام أثبت بعض الغسل مسحا فيصير المعنى جعل بعض محل الغسل محل المسح لأنه علم أن ذلك أي الصعيد المضروب
عليه أو العالق باليد كله لا يجرى على الوجه ان جعلنا التيمم في قوله عليه السلام أي من ذلك التيمم بمعنى ما تيمم به وذلك بناء على أن الظاهر أن يكون المشار إليه باسم الإشارة في الموضعين واحدا
أو علم أن التيمم كله لا يجرى على الوجه ان جعلنا التيمم بمعناه الظاهر وذلك أيضا بناء على اتحاد المشار إليه وكلاهما غير مستقيم إما الثاني فظاهر واما الأول فلان الصالح لكونه علة لما ذكر
انما هو عدم جريان الصعيد على كل الوجه لا عدم جريان كل الصعيد على الوجه كما هو مفاد قوله عليه السلام لأنه علم أن ذلك أجمع لا يجرى على الوجه ثم تعليله بقوله لأنه يعلق من ذلك
الصعيد إلى اخر الثاني ان يكون تعليلا لقوله عليه السلام قال بوجوهكم وهو قريب من الأول الثالث ان يكون تعليلا لقوله عليه السلام أي من ذلك التيمم ويجب حينئذ ان يكون المراد بالتيمم ما يتيمم به أي وجه
الصعيد الذي مسته اليدان عند الضرب وأن يكون من للتبعيض فيصير المعنى جعل الواجب مسح بعض الصعيد المتيمم به لأنه علم أن كله لا يجرى على الوجه لأنه يعلق من ذلك المتيمم به
الصعيد ببعض الكف ولا يعلق ببعضها فلا يكون كله جاريا على الوجه وقد يظن تعين الاحتمالين الأولين وعدم صحة الأخير وأنت خبير بفساد ذلك وان الأقرب من الاحتمالات الأخيرة
وعلى هذا يستفاد من الخبر وجوب المسح بالعالق وان من في الآية للتبعيض فاذن ظهر ان مذهب ابن الجنيد لا يخلو عن قوة وان احتمال حمل من في الآية كما ذكره الفاضلان والشهيد مرجوح
وان قول الشهيد في الخبر إشارة ان العلوق غير معتبر محل نظر السادس قد بينا اشتراط مقارنة النية للضرب أو الوضع لأنه أول الافعال وهل يكفي النية في حال استمرار الوضع أو
الضرب الظاهر لا ان قلنا بوجوب الضرب واما ان قلنا بان الواجب الوضع ففيه احتمالان ورجح الشيخ عدم الأجزاء وهو غير بعيد ومال الشارح الفاضل إلى الأجزاء السابع اعتبار
الضرب باليدين معا انما هو مع الامكان فلو قطعت إحديهما بحيث لم يبق من محل الفرض شئ سقط الضرب بها واقتصر على الضرب بالأخرى ومسح الوجه بها ولو قطعت من المفصل
فالظاهر عدم وجوب الضرب بما بقى لعدم الدليل واستقربه الدليل المصنف في المنتهى ولو قطعنا معا مسح وجهه بالتراب لقوله عليه السلام لا يسقط الميسور بالمعسور وقوله عليه السلام إذا أمرتكم بشئ فاتوا
منه ما استطعتم إذ لهما طهور ما في المدعى مع اشتهارهما على السنة الفقهاء وان أمكن المناقشة فيهما لعدم ظهور الصحة واحتمال الأول واحتمال ان يكون لفظة ما في الخبر الثاني موصوفة
فلا يفيد المدعا ويمكن رفع المناقشة الأخيرة بعد تسليم هذا الاحتمال بالاستعانة بالاجماع المركب لكن اثبات الدخول به في الصلاة لا يخلو عن اشكال ونقل في المختصر عن المبسوط
سقوط فرض التيمم عنه محتجا بان الدخول في الصلاة انما يسوغ مع الطهارة المائية فان تعذرت فمع مسح الوجه والكفين فلا يزول المنع الا بالمجموع ورده بان التكليف بالصلاة
غير ساقط والا لسقطت الطهارة المائية أو بقطع أحد العضوين وليس كذلك اجماعا وإذا كان التكليف ثابتا وجب فعل الطهارة وليس بعض أعضائها بشرط في الأخر فيجب الاتيان
بالممكن ويمكن مع عدم سقوط الصلاة في صورة فقد الماء وقطع العضوين الا بدليل وعدم السقوط في غير هذه الصورة بالاجماع لا يستلزم عدم السقوط وأول المصنف كلام الشيخ بان
المراد سقوط فرض التيمم عن اليدين أو سقوط جملة التيمم من حيث هو وما حكاه عنه من الدليل ينافي هذا التأويل وفى حكم القطع ما لو كان بيده جراحة يمنع من الضرب بهما وكذلك لو كانت
اليدان نجسين وتعذرت الإزالة وكانت النجاسة متعدية فتوجب تنجيس التراب مع تأمل فيه إما لو لم تكن متعدية فالظاهر وجوب الضرب بهما لعموم الأدلة قال الشارح الفاضل
في صورة تعدد الضرب بالباطن يضرب بالظهر ان خلا منها وهو غير بعيد والحق في الذكرى بالنجاسة المتعدية الحائلة ورد بجواز المسح على الجبيرة وخصوصية النجاسة لا اثر لها في المنع الا
إذا تعدت نعم لو أمكن إزالة الجرم ولو بنجاسة أخرى لم يبعد الوجوب وفى ترجيح الضرب بالباطن مع الحائلة أو بالظاهر مع خلوة عنها اشكال ثم يمسح بهما أي باليدين جميعا للاخبار الآتية
خلافا لابن الجنيد حيث اكتفى بالمسح باليمنى جهته وحدها من القصاص والمراد به منتهى منبت شعر الناصية إلى طرف الأنف الاعلى وهو الذي يلي اخر الجبهة قال في الذكرى وهذا القدر
متفق عليه بين الأصحاب وأوجب بعضهم الجبين أيضا وأوجب بعضهم الصدوق مسح الحاجبين أيضا والمنقول عن علي بن بابويه وجوب استيعاب الوجه قال في الذكرى وفى كلام الجعفي
103

اشعار به وعن المرتضى في الناصرية نقل الاجماع على عدم وجوب الاستيعاب ويدل عليه الآية بناء على ما عرفت من أن الباء فيها للتبعيض ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة
السابقة واعلم أن الاخبار مختلفة في هذا الباب فبعضها تدل على التبعيض مطلقا من غير تعيين كصحيحة زرارة السابقة وبعضها تدل على وجوب مسح الجبين كصحيحة زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام قال رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم لعمار في سفر
له يا عمار بلغنا انك أجنبت فكيف صنعت قال تمرغت يا رسول الله في التراب قال فقال له كذلك يتمرغ الحمار أفلا صنعت كذا ثم اهوى بيده إلى الأرض فوضعهما على الصعيد ثم
مسح جبينه بأصابعه وكفيه إحديهما بالأخرى ثم لم يعد ذلك وحسنة زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم فضرب بيده الأرض ثم رفعها فنفضها ثم مسح بها جبينه وكفيه مرة
واحدة ورواية عمرو بن أبي المقدام عن أبي عبد الله عليه السلام انه وصف التيمم فضرب بيديه على الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح على جبينه وكفيه مرة واحدة وفى بعض النسخ جبينه
وبعضها تدل على وجوب مسح الجبهة كموثقة زرارة على المشهور وعندي انها لا تقصر عن الصحاح لان وجود ابن بكير في الطريق غير قادح في الصحة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن التيمم فضرب
بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ثم مسح بهما جبهته وكفيه مرة وحدة وأكثر الاخبار دالة بظاهرها على وجوب مسح الوجه كله كما ذهب إليه علي بن بابويه كصحيحة داود بن النعمان قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التيمم قال إن عمار اصابته جنابة فتمعك كما تتمعك الدابة فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يهز به يا عمار تمعكت كما تتمعك الدابة فقلنا له فكيف التيمم فوضع يده
على الأرض ثم رفعها فمسح وجهه ويديه فوق الكف قليلا وصحيحة زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول وذكر التيمم وما صنع عمار فوضع أبو جعفر عليه السلام كفيه في الأرض ثم مسح وجهه وكفيه
ولم يمسح الذراعين بشئ وكذلك صحيحة محمد بن مسلم وحسنة الكاهلي وحسنة أبى أيوب الخزاز ورواية سماعة ورواية ليث المرادي ورواية أخرى لزرارة ولعل تلك الأخبار
متمسك علي بن بابويه والأقرب حمل تلك الأخبار على الاستحباب أو على التقية أو على أن المراد من مسح الوجه مسح بعضه ابقاء للاخبار المعتضدة بالقرائن المشهورة بين الأصحاب المخالفة
للعامة على حالها مع كون تلك الأخبار اقبل للتأويل وعدم بعد هذه التأويلات فيها قال في المعتبر فان احتج علي بن بابويه برواية ليث المرادي عن أبي عبد الله عليه السلام ونقل الرواية السالفة
ثم قال فالجواب الطعن في السند فان الراوي حسين بن سعيد عن محمد بن سنان ومحمد ضعيف جدا وليس كذلك روايتنا فإنها سليمة السند فتكون أرجح وأنت خبير بضعف هذا
الكلام فان هيهنا اخبارا كثيرة من الصحاح موافقة لمذهب ابن بابويه فالأولى أن تكون تلك الأخبار حجة له لا ما ذكره فلا ترجيح من الجهة التي ذكره لا يقال روى الشيخ في الاستبصار
هذه الرواية عن الحسين بن سعيد عن ابن مسكان عن ليث المرادي والظاهر أن ابن مسكان عبد الله فيكون هذا
الخبر صحيحا فكيف حكم المحقق بضعفه لأنا نقول الظاهر
سقوط ابن سنان بقرينة التهذيب وبعد رواية الحسين بن سعيد عن ابن مسكان من غير واسطة وبالجملة إذا قام هذا الاحتمال لم يبق وثوق بصحة الخبر ثم قال رحمه الله وأجاب
علم الهدى بان قال المراد الحكم كافة إذا مسح كفيه كان لمن غسل ذراعيه في الطهارة وبمثل ذلك أجاب الشيخ رحمه الله وهو تأويل بعيد ولا يخفى ان الشيخ أجاب أيضا بالحمل على التقية لموافقتها
مع العامة وهو حسن ثم قال المحقق الجواب العمل بالخبرين فيكون مخيرا بين مسح الوجه أو بعضه لكن لا يقتصر على أقل من الجبهة وقد أو ماء إلى هذا ابن أبي عقيل فقال ولو أن
رجلا تيمم فمسح ببعض وجهه اجزاه انتهى ولولا نقل الاجماع على وجوب مسح الجبهة لم يبعد القول بالتخيير بين مسح الجبهة والجبين جمعا بين الاخبار لكن الاجتراء على خلاف المشهور مشكل
ولا يخفى ان مستند مسح الحاجبين بخصوصهما غير معلوم فروع الأول قال في المنتهى ظاهر عبارة المشايخ يقتضى وجوب الابتداء من القصاص والانتهاء إلى الطرف
فلو نكس بطل وانما قال ظاهر عباراتهم لانهم قالوا من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الاعلى ويجوز ان يكون التحديد للمسوح وابن بابويه لم يذكر ذلك قال في الذكرى فلو نكس
فالأقرب المنع إما المساواة الوضوء واما للتيمم البياني وفيه نظر لان المساواة مع الوضوء يحتاج إلى دليل واما متابعة التيمم البياني فاما يلزم لو كان اجمال في كيفية المسح حتى يكون
الفعل مبنيا أو ثبت ان الواقع كان البداة بالأعلى على جهة الوجوب حتى يلزم التأسي وكلاهما ممنوعان ويمكن ان يقال في كثير من الاخبار وقع السؤال عن كيفية التيمم
ففعله عليه السلام في مقابلة السؤال يكون بيانا لحقيقة التيمم إذ الظاهر عدم اختصاص السؤال بفرد منه أو نوع منه فكل ما فعله عليه السلام حينئذ كان واجبا الا ان يثبت خلافه وحينئذ نقول لا يخلو
إما ان يكون فعله عليه السلام على جهة الابتداء بالأعلى أو العكس لا سبيل إلى الثاني والا يلزم نفية وهو باطل اجماعا فثبت الأول وحينئذ يلزم وجوب ذلك واشتراط التيمم به وبذلك
يثبت الترتيب أيضا وجوب المسح والضرب بباطن اليدين وكونهما معا إلى غير ذلك من الاحكام مع أن قوله عليه السلام أفلا صنعت كذا في صحيحة زرارة السالفة الواردة في قضية
عمار في قوة الامر بالكيفية البيانية واحتمال ان يكون فعلهم بيانا لفرد كامل منه أو لفرد صحيح أو يكون الواقع النكس تعليما للسائل ويكون جواز غيره معلوما له احتمالات بعيدة
ويخدش ما ذكرنا اطلاق الآية وغيرها لكن اليقين بالبراءة متوقف عليه الثاني يجب المسح بالكفين معا لدلالة بعض الأخبار السابقة عليه واعتضاد ذلك بالشهرة و
توقف البراءة عليه والتمسك بالتيمم البياني كما ذكرنا وجوز ابن الجنيد المسح باليد اليمنى الثالث قال في الذكرى والأقرب وجوب ملاقاة بطن الكفين للجبهة وهو حسن لما مر في
ضرب اليدين وللوجه الذي عن قريب ولا يجب استيعاب مجموع اليدين لما في صحيحة زرارة السابقة ان النبي صلى الله عليه وآله مسح جبينه بأصابعه ثم يمسح ظهر كفه اليمنى وحده من الزند
وهو موصل طرف الذراع في الكف ويسمى الرسغ بضم الراء فالسين المهملة فالغين المعجمة إلى أطراف الأصابع هو المشهور بين الأصحاب وقال أبو جعفر بن بابويه في التيمم الذي بدل
الغسل مسح على ظهر يديه فوق الكفين قليلا فان قصد من باب المقدمة لم يكن مخالفا للمشهور وقال علي بن بابويه امسح يديك من المرفقين إلى الأصابع ونقل ابن إدريس عن
قوم من أصحابنا ان المسح على اليدين من أصول الأصابع رؤوسها والأقرب الأول ويدل على ما بقى غيره سوى القول الأخير الآية بناء على أن الباء للتبعيض كما مر وان ثبت ما ادعاه
جماعة كثيرة منهم من أن اليد حقيقة فيما تحت الذراع أمكن الاستدلال بالآية على ما ذكرنا وان لم يكن الباء للتبعيض ويدل على ما اخترناه الأخبار المستفيضة كقول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة
زرارة ثم مسح وجهه وكفيه ولم يمسح الذراعين بشئ وقول الرضا عليه السلام في صحيحة إسماعيل بن همام التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين وفى صحيحة زرارة السابقة ثم مسح جبينه بأصابعه
وكفيه إحديهما بالأخرى ثم لم يعد ذلك إذ لو كان الزائد على ذلك واجبا لبينه في مقام البيان واما قوله ثم لم يعد ذلك فلا دلالة له على المدعى إذ يحتمل ان يكون حرف المضارعة
مضموما فيكون المراد انه لم يكرر المسح وقريب منه حسنة زرارة السابقة ورواية عمرو بن أبي المقدام وموثقة زرارة وحسنة الكاهلي واما قول الصادق عليه السلام في صحيحة داود بن النعمان
نسح وجهه ويديه فوق الكف قليلا وقول عليه السلام في حسنة أبى أيوب الخزاز ثم مسح فوق الكف قليلا فالظاهر أنه لا ينافي ما ذكرناه بل يؤيده لان وجوب مسح مجموع الكف يقتضى ادخال
جزء من الذراع من باب المقدمة وأوله المصنف في المختصر بوجهين أحدهما ان المراد بقوله قليلا انه لا يجب ايصال الغبار إلى جميع العضو وان وجب استيعابه بالمسح أو يكون الراوي رأى
الإمام عليه السلام ماسحا من أصل الكف فتوهم المسح من بعض الذراع والحق ان ذلك تكلف لا اضطرار إليه واعلم أن بعض الأخبار يدل على مذهب ابن بابويه كصحيحة محمد بن مسلم قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن التيمم فضرب بكفيه الأرض ثم مسح بهما وجهه ثم مسح بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع واحدة على ظهرها وواحدة على بطنها ثم ضرب بيمينه الأرض ثم
صنع بشماله كما صنع بيمينه ثم قال هذا التيمم على ما كان فيه الغسل وفى الوضوء الوجه واليدين إلى المرفقين وألقى ما كان عليه مسح الرأس والقدمين فلا توهم بالصعيد ورواية
سماعة قال سألته كيف التيمم فوضع يده على الأرض فمسح بها وجهه وذراعيه إلى المرفقين وفى رواية ليث بن البختري وتمسح بهما وجهك وذراعيك والشيخ أول تلك الأخبار
بان المراد بالمسح إلى المرفق الحكم لا الفعل فإذا مسح ظاهر الكف فكأنه غسل ذراعيه في الوضوء لأنه حصل له حكمه وهو حمل بعيد ومع ذلك لا يجرى في خبر محمد بن مسلم فالأولى
حملها على التقية أو الاستحباب وحملها المحقق على الجواز حيث قال الحق عندي ان مسح ظاهر الكفين لازم ولو مسح الذراعين جاز أيضا عملا بالاخبار كلها لكن الكفين على
104

الوجوب وما زاد على الجواز لأنه اخذ بالمتيقن وقد يقال بالتخيير في الضربة الثانية بين ضرب مجموع اليدين على الأرض مرة أو بالتفريق كما في صحيحة محمد بن مسلم جمعا بينهما وبين غيرها
وهو غير بعيد واما القائل بوجوب المسح من أصول الأصابع فيحتمل ان يكون مستنده رواية حماد بن عيسى عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله انه سئل عن التيمم فتلا هذه الآية والسارق والسارقة
فاقطعوا أيديهما وقالوا اغسلوا بوجوهكم وأيديكم إلى المرافق وقال امسح على كفيك من حيث موضع القطع وقال وما كان ربك نسيا وموضع القطع من أصول الأصابع
عند الأصحاب وهذه الرواية مع ارسالها مخالفة للأخبار المستفيضة المعمولة بين الأصحاب فلا تعويل عليها فروع الأول المشهور بين الأصحاب ان محل المسح ظهور
الكفين بل المصنف انه لا خلاف في ذلك بين القائلين بعدم وجوب الاستيعاب ويدل عليه حسنة الكاهلي قال سألته عن التيمم فضرب بيده على البساط فمسح بها وجهه ثم مسح كفيه أحدهما
على ظهور الأخر وعدم صحتها غير قادح لاعتضادها بعمل الأصحاب لا يقال أكثر الأخبار المعتبرة انما تضمنت فمسح الكفين وظاهر ذلك الاستيعاب لأنا نقول الجمع بين الاخبار يقتضى
حملها على مسح الظاهر وهذا ليس بحمل بعيد وخبر الكاهلي وإن كان لا يقاوم الأخبار المذكورة من حيث الذات لكنه بانضمام عمل الأصحاب على مدلوله يصلح لمعارضة تلك الأخبار الثاني
يعتبر في المسح كونه بباطن اليد كما ذكره الأصحاب تمسكا بالتيمم البياني على الوجه الذي ذكرنا سابقا ولو تعذر المسح بالباطن فذكر جماعة من المتأخرين انه يمسح بالظاهر وهو حسن لعموم الآية
وغيرها والتخصيص بالباطن بالقدر الذي اقتضاه الدليل وهو صورة الاختيار الثالث لو كان له يد زائدة فكما سلف في الوضوء ولو مسح باليد الزائدة التي لا يجب
مسحها فالظاهر عدم الأجزاء بناء على انصراف اليد إلى المعهود المتبادر الرابع ذكر المصنف انه يجب البداة بالزند وتبعه على ذلك جماعة ممن تأخر عنه وهو ظاهر أكثر الأصحاب والكلام
فيه كما في الوجه ثم يمسح ظهر اليد اليسرى ببطن اليد اليمنى ونقل في التذكرة اجماع الأصحاب على وجوب تقديم اليمنى على اليسرى وفى صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة اشعار به وسيجيئ
تتمة الكلام فيه وما ذكر من الاكتفاء بضربة واحدة انما يكون إذا كان التيمم بدلا من الوضوء وإن كان التيمم بدلا من الغسل ضرب للوجه ضربة مقارنة بالنية ولليدين أخرى اختلف
الأصحاب في عدد الضربات على أقوال أربعة الأول ان الواجب في الجميع ضربة واحدة واليه ذهب علم الهدى في شرح الرسالة واختاره ابن الجنيد وابن أبي عقيل والمفيد في الرسالة
القوية الثاني اعتبار الضربتين مطلقا وهو المنقول عن المفيد في الأركان وحكى المحقق في المعتبر والمصف في المنتهى والمختصر هذا القول عن علي بن بابويه الثالث اعتبار
ثلث ضربات قاله علي بن بابويه في الرسالة حيث قال فيها على ما نقل عنه إذا أردت ذلك فاضرب بيديك على الأرض مرة واحدة وانفضهما وامسح بهما وجهك ثم اضرب بيسارك الأرض
فامسح بها يمينك من المرفق إلى أطراف الأصابع ثم اضرب بيمينك الأرض فامسح بها يسارك من المرفق إلى أطراف الأصابع ولم يفرق بين الوضوء والغسل قال الشهيد ورواه ابنه في
المقنع واسند هذا القول في المعتبر إلى قوم منا الرابع اعتبار الضربة إذا كان بدلا من الوضوء وضربتين إذا كان بدلا من الغسل واختاره المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط
والنهاية وهو اختيار أبى جعفر بن بابويه وسلار وأبى الصلاح وابن إدريس وابن حمزة وأكثر المتأخرين ومنشأ الخلاف في هذه المسألة اختلاف الاخبار فبعضها يتضمن ذكر المرة
مطلقا من غير تقييد كرواية ابن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وقد سلف وعندي انها لا تقصر عن الصحاح ووجود ابن بكير في الطريق غير قادح وحسنة زرارة بالسابقة أيضا وحسنة
الكاهلي ورواية عمرو بن أبي المقدام وقد سلف الكل ورواية أخرى لزرارة لكن في طريقها ضعف للقسم بن عروة ورواية سماعة وبعضها تدل على جواز الاكتفاء بالمرة على وجه
لها دلالة واضحة على شموله للجنابة واختصاصه بها كصحيحتي زرارة وداود بن النعمان الواردتين في قضية عمار وصحيحة أخرى لزرارة في قضية عمار وحسنة أبى أيوب الخزاز وبعضها
يدل على المرتين صحيحة إسماعيل بن همام الكندي عن الرضا عليه السلام وقال التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين وصحيحة محمد وهو ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن التيمم فقال مرتين
مرتين للوجه واليدين ورواية ليث عن أبي عبد الله عليه السلام وقد سلفت وفى طريقها ضعف لابن سنان وفى الجمع بين تلك الأخبار طريقان الأول ما اختاره المفصلون وهو تخصيص ما تضمن
المرة بما كان بدلا عن الوضوء وما تضمن مرتين بما كان بدلا عن الجنابة واستدلوا على هذا الجمع بروايتين أحدهما صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له كيف التيمم قال هو ضرب
واحد للوضوء والغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ثم تنفضهما نفضة للوجه ومرة لليدين الحديث والثاني صحيحة محمد بن مسلم المتضمنة لمسح الذراع وقد سلفت وفيه
نظر إما أولا فلان كلا من الاخبار المتضمنة للضربة والضربتين واردة في مقام البيان عند السؤال عن كيفية التيمم مطلقا من غير اختصاص له بشئ من الوضوء أو الغسل
فوقوع الجواب المختص بأحد الامرين عن غير قرينة دالة على التخصيص بعيد جدا واما ثانيا فلان كلا من صحيحتي زرارة وصحيحة داود بن النعمان يقتضى اجزاء المرة الواحدة فيما
كان بدلا عن الجنابة بل الظاهر أنه منساق في بيان ما كان بدلا عنها وحمله على ما كان بدلا عن الوضوء في غاية البعد وهذا الاحتمال في صحيحة داود واحدى صحيحتي زرارة و
حسنة أبى أيوب فارجع وتأمل وكذلك يبعد الحمل على أن الغرض بيان كيفية المسح وتحديده فاهمال عدد الضربات غير قادح إذا الظاهر خصوصا في الاخبار الثلاثة المذكورة ان
الغرض تعليم كيفية التيمم مطلقا لا خصوص بعض الكيفيات والظاهر من حال الراوي عدم الاهمال في النقل لو كانت ضربة أخرى خصوصا في الاخبار متعددة لتوفر الدواعي
عليه وبد الصوارف عنه والمصنف في المختصر تشبث بأحد هذه الاحتمالات في جواب بعض الأخبار المذكورة وهو ضعيف واما ثالثا فلان مثل هذا الجمع من غير دليل
صالح للدلالة تحكم صرف وما ذكروا في الدلالة عليه لا يصلح لها إما صحيحة محمد بن مسلم فظاهر بل هي موافقة لمذهب علي بن بابويه واما صحيحة زرارة فلان الظاهر أن قوله عليه السلام والغسل
من الجنابة مجرور معطوف على الوضوء وقوله عليه السلام ضرب واخذ أي نوع واحد للوضوء والغسل ثم شرع في بيان كيفيته لا ان تنزل على تمام الكلام عند قوله ضرب لواحد
للوضوء ويبتدأ بقوله والغسل من الجنابة على أن يكون مرفوعا على الابتداء ويكون قوله تضرب خبرا عنه وان فيه من التعسف وبتر النظم ما لا يخفى من غير ضرورة داعية
نعم نقل المحقق هذا الخبر في المعتبر بوجه آخر لا يستقيم حمله على ما ذكرنا حيث قال وروى في بعض اخبار الأئمة التفصيل فنصار إليه لأنه وجه من الترجيح من ذلك رواية حريز
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قلت كيف التيمم قال ضربة واحدة للوضوء وللغسل من الجنابة تضرب إلى اخر ما مر من الحديث لكن ما وجدته في كتب الحديث الا على الوجه السابق
فالاحتجاج بما في المعتبر مع حصول هذا الاختلاف مشكل مع امكان الجمع بوجه آخر ومما يؤيد ضعف التفصيل المذكور موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سألته عن التيمم من الوضوء والجنابة ومن الحيض للنساء سواء فقال نعم الطريق الثاني في الجمع حمل اخبار المرتين على الاستحباب وحمل اخبار المرة على الوجوب وهذا طريقة
المرتضى رحمه الله ولو ثبت خبر دال على التفصيل أمكن الحمل على أن الاستحباب في الغسل اكد وهذه الطريقة استحسنها المحقق في المعتبر وعندي انها أقوى وأسد وإن كان اخبار
المرتين قابلة للحمل على التقية أيضا ويؤيد مذهب السيد اطلاق الآية أيضا ولعل مستند ابن بابويه في وجوب الثلاثة صحيحة محمد بن مسلم السالفة ويمكن حملها على التقية
أو الاستحباب وأجاز المحقق العمل بها والأحوط ان لا يترك المرتان فيهما وقوى فاعلي ظواهر الأخبار الصحيحة وما قيل من احتمالات فوات الموالاة لو قلنا بالمرة فضعيف جدا
لان ذلك غير قادح في حصولها لو قلنا بوجوبهما كما سيجيئ ثم اعلم أن المصنف في المنتهى استدل على القول بالتفصيل بصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام ان التيمم من الوضوء
مرة ومن الجنابة مرتان وهذه الرواية غير موجودة في كتب الحديث على ما أظن وكانه وهم نشأ من عبارة الشيخ في التهذيب حيث قال بعد جمع الاخبار بالتفصيل مع انا
اوردنا خبرين مفسرين لهذه الأخبار أحدهما عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام والاخر عن ابن أبي عمير عن ابن أذينة عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام وان التيمم
من الوضوء مرة واحدة ومن الجنابة مرتان وهو إشارة إلى الخبر المتقدم المتضمن لضربات ثلثة وكانه رحمه الله نقل حاصل ما فهمه فظن المصنف انه حديث اخر مغاير للأول ولهذا
105

لم يذكره المصنف في المختلف ولا غيره ثم لا يخفى ان ظاهر كلام الأصحاب المساواة بين الأغسال في كيفية التيمم قال المفيد في المقنعة وكذلك تصنع الحائض والنفساء والمستحاضة
بدلا من الغسل ولم يذكر التيمم بدلا من الوضوء واستدل عليه الشيخ بما رواه عن أبي بصير قال وسألته عن تيمم
الحائض والجنب سواء إذا لم يجد ماء قال نعم وبموثقة عمار
السابقة قال الشهيد وخرج بعض الأصحاب وجوب تيممين على غير الجنب بناء على وجوب الوضوء هنالك ولا باس به والخبران غير مانعين منه لجواز التساوي في الكيفية
لا الكمية والأظهر الاكتفاء بالتيمم الواحد بناء على ما ذهبنا إليه من وحدة الكيفية مطلقا وعدم وجوب نية البدلية وعلى ما اخترنا من اجزاء الغسل مطلقا عن الوضوء كما هو مذهب
المرتضى فلا اشكال هيهنا لكن الأحوط ما ذكره
ويجب الترتيب فيه كما وقع في الذكر يبدأ بالضرب ثم يمسح الجبهة ثم ظهر الكف اليمنى ثم اليسرى وهو مجمع عليه بين الأصحاب كما
ذكره المصنف في المنتهى والتذكرة واستدل عليه بوجوه الأول قوله تعالى فامسحوا بوجوهكم وأيديكم فان الواو للترتيب عند القراء وفيه نظر لان المذهب المشهور المنصور كونها للجمع
من غير ترتيب الثاني التقدم لفظا يستدعى سببا لاستحالة الترجيح من غير مرجح ولا سبب الا التقديم وجوبا وفيه منع واضح الثالث انه عليه السلام رتب في مقابلة الامتثال
فيكون واجبا وفيه نظر لان وجوب التأسي انما يكون عند العلم بجهة الوجوب أو اجمال المكلف به وفى كليهما منع ويمكن الاستدلال عليه بفعلهم عليهم السلام في مقابلة
السؤال عن كيفية التيمم مطلقا كما في اخبار متعددة وانه يستفاد من بعض الأخبار الصحيحة الواردة في قضية عمار الامر بالكيفية التي فعل عليه السلام فيكون الترتيب واجبا لأن الظاهر أنه
عليه السلام فعله مرتبا والا لزم تعين عدمه وهو باطل اجماعا وقد أشرنا إليه سابقا والمناقشة في هذا الاستدلال وإن كانت ممكنة الا ان عمل الأصحاب واتفاقهم مع
توقف التيقن بالبراءة عليه يدفعها واستدل عليه السيد المرتضى بان كل من أوجب الترتيب في المائية أوجب هنا فالتفرقة منفية بالاجماع وقد ثبت وجوبه هناك
فثبت هنا ولم يذكر المصنف هيهنا الموالاة وقد قطعوا بوجوبها وأسنده في المنتهى إلى علمائنا واحتج عليه بقوله تعالى فتيمموا أوجب علينا التيمم عقيب الإرادة بقدر الامكان
وفيه نظر لان المراد بالتيمم هيهنا المعنى اللغوي وهو القصد لا المعنى الاصطلاحي أيضا وإذا أراد المكلف التيمم في أول الوقت يجوز له التأخير اتفاقا ولو كان المراد بالفاء
هيهنا التعقيب بلا مهلة يلزم عدم جواز ذلك مع أنه قد نوقش في كون الفاء الجزائية مقيدة للتعقيب بلا مهلة واستدل عليه الشارح الفاضل بالعطف بألفا في قوله
تعالى فتيمموا فامسحوا لدلالتها على التعقيب بغير مهلة في مسح الوجه بعد تيمم الصعيد الذي هو قصده والضرب عليه فيلزم فيما عدا ذلك من الأعضاء لعدم القائل بالفصل
ولقائل أن يقول لو كانت الفاء ههنا بمعنى التعقيب بلا مهملة يلزم وجوب مسح الوجه واليدين معا بعد القصد وهو باطل فاحتيج إلى أن يقال الفورية في مسح اليدين غير
مراد بالاتفاق فيبقى مسح الوجه على ظاهره من الفورية وليس هذا التأويل المستلزم لاختلاف حال المعطوف والمعطوف عليه بحسب الفعل العامل فيهما أقرب من أن
يقال القاء هيهنا منسلخة عن معنى الفورية والمقصود منه مجرد الترتيب وبالجملة لابد من ترجيح أحد المجازين على الأخر من دليل واستدل عليه أيضا بان التيمم البياني
توبع فيه فيجب التأسي واعترض عليه بان التأسي إما يجب فيما يعلم وجوبه وهو منتف هيهنا إذ من الجائز ان يكون المتابعة انما وقعت اتفاق لا لاعتبارها بخصوصها
ويمكن دفع هذا الاعتراض وتصحيح الدليل المذكور بالوجه الذي أشرنا إليه في الترتيب ولو قلنا باختصاص التيمم باخر الوقت بالمعنى الذي ذكروه كانت الموالاة واجبة لتقع
الصلاة في الوقت والظاهر أن المراد بالموالاة ههنا هي المتابعة عرفا فلا يضر التراخي اليسير الذي لا يضر لصدق التوالي عرفا كما صرح به الشارح الفاضل العسر الانفكاك منه
ولو أخل بالموالاة ففي بطلان التيمم به ترد ولم يذكر المصنف وجوب المباشرة أيضا ولا ريب فيه لان حقيقة الامر طلب الفعل من المأمور ويجب الاستنابة في الافعال دون
النية عند الضرورة فيضرب المعين بيدي العليل ان أمكن والا فبيدي نفسه كذا ذكر الأصحاب ولم اقف على دليل واضح في هذا الباب وكذا يجب الاستيعاب للأعضاء
الممسوحة بالمسح والظاهر أنه لا خلاف فيه انما الخلاف في القدر الزائد ودليله ما مرت الإشارة إليه مرارا واما الأعضاء الماسحة فالظاهر عدم وجوب استيعابها بحيث
يمسح بجميع بطن الكف كما صرح به الفاضل الشارح لاطلاق الأدلة ولدلالة صحيحة عمار السابقة على أنه عليه السلام مسح جبينه بأصابعه ولا يشترط فيه أي التيمم ولا في الوضوء
طهارة بدن المتطهر غير الأعضاء التي هي محل الفرض من العينية إما الوضوء فظاهر لجوازه في سعة الوقت وكذا القول في التيمم على القول بجوازه مع السعة واما على
القول بالتضييق فالذي اختاره المحقق في المعتبر اشتراط تقديم إزالة النجاسة ونقله عن الشيخ في النهاية وبه قطع الشهيد في الدروس والقول الأخر العدم ونسبه المحقق
إلى الشيخ في الخلاف والذي في النهاية والمبسوط وجوب تقديم الاستنجاء على التيمم ولم يذكر الشرطية وفى الخلاف يجوز تقديم التيمم ولعله أراد به الأجزاء ولهذا احتج
بان الامرين واجبان فكيف وقعا تحقق الامتثال قال وكل ظاهر يتضمن الامر بالوضوء أو الاستنجاء يتضمن ذلك والأقرب بناء على القول بوجوب التضييق وجوب
تأخير التيمم عن الإزالة واشتراط ذلك لظاهر اخبار التضييق الدالة على وجوب التيمم في اخر الوقت واستلزام ذلك قبح التيمم قبل ذلك واستلزام النهى في العبادة الفساد
وقوى الشهيد رحمه الله الثاني بناء على جواز تأخير شرائط الصلاة عن التيمم بل يظهر من كلامه انه لا نزاع في عدم وجوب تحصيل القبلة والساتر قبل التيمم وفيه تأمل
هذا كله مع امكان الإزالة ولو تعذر فلا نزاع في صحة التيمم بدونها ويفهم من فحوى كلام المصنف اشتراط طهارة المحل في صحة التيمم واستدل عليه في الذكرى بان التراب
ينجس بملاقات النجس فلا يكون طيبا وبمساواته أعضاء الطهارة المائية والأول أخص من المدعا والثاني قياس مخص ومقتضى اطلاق الأدلة عدم الاشتراط قيل و
المصرح بالاشتراط قليل من الأصحاب لكن الاحتياط فيما ذهبوا إليه ولو تعذرت الإزالة سقط اعتبارها وجب التيمم ولو كانت متعدية إلى التراب فاطلاق
الأدلة يقتضى كونه كذلك لكن الشهيد وغيره قيد والحكم بوجوب التيمم بعدم التعدي وكذا يقتضى التيمم مع الحائلة ان تعذرت ازالتها وفحوى كلامه وجوب طهارة
الغسل والمسح في الوضوء أيضا وفيه اشكال بل اطلاق الأدلة يقتضى خلاف ذلك وان الطهارة من الحدث والخبث قد يحصل بغسل واحد والاستدلال عليه بان اختلاف السبب
يوجب اختلاف المسبب ضعيف ولو أخل بالطلب ثم وجد الماء مع أصحابه أو في رحله أعاد قد مر سابقا وجوب الطلب على المكلف إذا اتسع الوقت مع امكان وجود الماء
ورجاء حصوله فلو أخل بالطلب حينئذ وتيمم وصلى فلا يخلو ما ان يكون ذلك في سعة الوقت أو في ضيقه فإن كان ذلك في سعة الوقت كان التيمم والصلاة باطلين إما على القول
بعدم صحة التيمم في سعة الوقت فظاهر إما على القول الآخر فلان الصلاة حينئذ منهية لكونها ضدا للواجب والنهى في العبادة يستلزم الفساد وإن كان ذلك في ضيق الوقت
بحيث لو اشتغل بالطلب فاتت الصلاة فله صورتان الأولى استمرار الاشتباه وعدم وجوب الإعادة لأنه مكلف
بالصلاة المشروط بالطهور وحيث تعذرت المائية
تعينت الترابية والآتيان بالمأمور به يقتضى الأجزاء فلا قضاء عليه لان وجوب القضاء مشروط بفوات الأداء وللعمومات الدالة على أن من صلى بتيمم لم يجب عليه الإعادة
وقال الشيخ في المبسوط والخلاف لو أخل بالطلب لم يصح تيممه ويلزم على قوله وجوب الإعادة لو تيمم وصلى وبه قطع الشهيد في الدروس والبيان واستشكله المحقق في المعتبر لعلة
ترجع إلى ما ذكرنا واستقرب المصنف في المنتهى وجوب الإعادة وأنت خبير بما فيه ويمكن حمل كلام الشيخ على ما إذا أخل بالطلب وتيمم في سعة الوقت الثانية لو أخل بالطلب
وضاق الوقت فتيمم وصلى ثم وجد الماء في رحله ومع أصحابه فالذي ذكره الفاضلان ومن تبعهما من المتأخرين وجوب الإعادة ولم اقف على نص في هذا الباب
للمتقدمين عليهم نعم يلزم على قول الشيخ ذلك بطريق أولي قال الشيخ على والظاهر كلام المصنف في المنتهى دعوى الاجماع على ذلك ولم؟ عليه وأظنه وهما نشأ من قول
106

المصنف في المنتهى دعوى في صورة النسيان والتفريط أعاد قاله علماؤنا والحق بما ذكر ما لو وجد الماء في الفلوات واستندوا في هذا الباب إلى رواية أبي بصير قال سألته
عن رجل كان في سفر وكان معه ماء فتيمم وصلى ثم ذكر ان معه ماء قبل ان يخرج الوقت قال عليه ان يتوضأ ويعيد الصلاة وهذه الرواية مخصوصة بالناسي وبمن وجد
الماء وهو في الوقت فيكون خارجا عن محل النزاع ولا يستقيم عندي استضعافه بوجود عثمن بن عيسى في الطريق لما قيل إنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه ويظهر من
كلام الشيخ في العدة اتفاق الأصحاب على العمل برواياته ولا بابي بصير لما سيجيئ في مبحث الكر ولا بعدم صراحة استناده إلى الإمام عليه السلام لما مر سابقا قال الشارح الفاضل
وضعفه منجبر بالشهرة كما نبه عليه الذكرى وفيه ان الضعف ينجبر بالشهرة بين المتقدمين إما مطلقا فمحل تأمل والخبر المذكور ولم يعمل بمضمونه المرتضى لأنه حكم باجزاء التيمم في
صورة النسيان بل الشيخ وغيره أيضا لان الشيخ حكم بعدم الإعادة في صورة الاجتهاد والطلب والوجه ان مقتضى الأدلة عدم وجوب الإعادة لان الاتيان بالمأمور
به يقتضى الأجزاء وللعمومات الدالة على ذلك وقد مر طرف منها نعم لو ثبت اجماع على وجوب الإعادة كان هو الحجة والظاهر عدمه لكن الاحتياط في الإعادة فروع الأول
لو نسى الماء في رحله وصلى بالتيمم اجزاه عند علم الهدى وقال الشيخ ان اجتهد وطلب لم يعد والا أعاد وقال الصدوق ان ذكر في الوقت أعاد والتفصيل الذي ذكره الشيخ حسن
إن كان في سعة الوقت بناء على جواز التيمم في السعة وان لم يجتهد وضاق الوقت عن الطلب ونسى الماء فالظاهر عدم وجوب الإعادة لما سبق من الأدلة ورواية أبي بصير غير
واضحة الدلالة على الوجوب بل يثبت منها الرجحان المطلق والاحتياط في الإعادة الثاني لو أراق الماء قبل الوقت أو مر بماء فلم يتطهر ودخل الوقت ولا ماء تيمم وصلى
ولا إعادة والظاهر أنه اجماعي ولو كان ذلك بعد دخول الوقت فكذلك ذكر ذلك في المعتبر من غير نقل خلاف الامن العامة ويدل عليه ما ذكرنا من أن الاتيان بالمأمور به يقتضى الأجزاء
ومن العمومات الدالة على ذلك وقطع الشهيد في الدروس والبيان بوجوب الإعادة وجعله المصنف في التذكرة احتمالا قال فحينئذ يعيد واحدة لا ما بعدها ويحتمل قضاء كل صلاة دونها
بوضوء واحد في اعارته والأصح السقوط مطلقا الثالث لو كان الماء موجودا عنده فأخل باستعماله حتى ضاق الوقت عن الطهارة به والصلاة فهل يتيمم ويؤدى أم يتطهر
ويقضى ظاهر اطلاق الشيخ الثاني حيث حكم ببطلان التيمم والصلاة قبل الطلب للفاقد وقد صرح المحقق بما هو أبلغ منه حيث قال من كان الماء قريبا منه وتحصيله ممكن
لكن مع فوات الوقت أو كان عنده وباستعماله يفوت لم يجز له التيمم وسعى إليه واختار المصنف في المنتهى والتذكرة الأول وهو أقرب لان المكلف مأمور بالصلاة في وقتها بمقتضى
الآية وغيرها وقد ثبت اشتراطها بالطهور ووجوبه لها إما الماء مع امكانه والصعيد مع تعذر استعماله للصلاة ولما تعذر استعمال الماء للصلاة في الصورة المذكورة تعين الصعيد لقوله عليه السلام في
صحيحة حماد بن عثمن وهو بمنزلة الماء وقول الصادق عليه السلام ان رب الماء هو رب الأرض وفى صحيحة جميل ان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا احتج المحقق بأنه
غير واجد وغرضه ان وجوب التيمم معلق بعدم وجدان الماء ومفهومه عدم وجوبه عند وجدان الماء والجواب ان المراد بالماء في الآية ليس طبيعة الماء مطلقا بل المراد به
والله تعالى اعلم الماء الذي تمكن الطهارة به للصلاة وبقرينة المقام أو المراد بعدم وجدان الماء عدم التمكن من استعماله للصلاة كما ذكره غير واحد من المحققين فان أمثال
هذه المعاني يستفاد من هذه العبارة عرفا بانضمام القرائن ومراعاة السوابق ولهذا حكموا بوجوب التيمم وان وجد ماء لا يكفي لطهارته وليس المراد الماء الذي يمكن
الطهارة به لصلاة ما بل للصلاة الحاضرة الواجبة عليه في وقتها الأداء وبالجملة وجوب حمل الكلام على المعنى الحقيقي مع وجود أمثال هذه القرائن للحمل على المعنى المجازى
ممنوع وفرق الشيخ على بين ما لو كان الماء موجود اعتده بحيث يخرج الوقت لو استعمله وبين من كان الماء بعيدا عنه بحيث لو سعى إليه لخرج الوقت فأوجب الطهارة
المائية على الأول دون الثاني وفيه تحكم واضح وهل يجوز التيمم لو تمكن من الطهارة المائية وادراك ركعة من الصلاة حكم في التذكرة بالعدم وفيه اشكال بوجوب
مجموع الصلاة في الوقت فإذا تعذر الماء له تعين الصعيد والاحتجاج عليه بقوله عليه السلام من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة لا يخلو عن ضعف لأنه دال على
ادراك الصلاة بذلك لا جواز التأخير بهذا المقدار فتأمل ولو عدم الماء والتراب الطاهرين وما في حكم التراب من الحجر والغبار والوحل سقطت الصلاة أداء وقضاء
إما سقوطها أداء فهو ظاهر الأصحاب بحيث لا نعلم مخالفا فيه على التعيين الا ان المحقق في الشرائع حكى قولا بالصلاة والإعادة قيل وكانه نظر إلى ما ذكره الشيخ في
المبسوط من تنجيزه بين تأخير الصلاة أو الصلاة والإعادة وهو غير دال على ما ذكره ويفهم من كلام المصنف أيضا وجود القول بذلك والمنقول عن المفيد رحمه الله في رسالته إلى ولده أنه قال
وعليه ان يذكر الله تعالى في أوقات الصلاة بمقدار صلاته ويدل على سقوط الأداء قوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا صلاة الا بطهور فإنه يفهم اشتراط صحة الصلاة مطلقا
بالطهور فإذا تعذر الطهور وكان مكلفا بالصلاة فلا يخلو إما ان يكون المأمور به الصلاة المتلبسة بالطهارة أم لا وعلى الأول لزم التكليف بما لا يطاق وعلى الثاني يلزم
عدم اشتراطها مطلقا بالطهارة واما القضاء فالذي اختاره الشيخان والمرتضى وابن إدريس الوجوب واختاره الشهيد ونقل عن المرتضى في المسائل الناصرية أنه قال ليس
لأصحابنا في هذا نص صريح وحكى المحقق عن المفيد قولا اخر بعدم الوجوب واختاره واليه ذهب المصنف والأقرب وجوب القضاء لعموم ما دل على وجوب قضاء الفوائت
كقول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة ومتى ذكرت صلاة تليها وفى صحيحة أخرى لزرارة أربع صلوات يصليها الرجل في كل وقت صلاة فاتتك فمتى ذكرتها أديتها الحديث احتجوا السقوط
القضاء بان القضاء انما يثبت وجوبه بأمر جديد ولم يثبت الامر في المتنازع فيه ولان الأداء لم يتحقق وجوبه فلا يجب القضاء وضعفهما ظاهر واحتج الشهيد رحمه الله على وجوب القضاء
بقوله عليه السلام من فاته صلاة فريضة فليقضها إذ من لا يجب عليه الأداء لا يجب عليه القضاء كالصبي والمجنون ويؤيده ان الفريضة فعليه بمعنى مفعولة أي مفروضة وهي الواجبة
ويبعد ان يكون المراد الواجبة على غيره لكونه خلاف المتبادر ووقوع الاحتياج إلى التقدير ويندفع بمنع اختصاص وجوب القضاء بمن وجب عليه الأداء لانتقاضه بالساهي
والنائم ويندفع ما ذكره من التأييد بان هذا اللفظ قد صارت علما للصلوات المخصوصة التي من شأنها كونها فريضة مع قطع النظر عمن فرضت عليه ولهذا يطلقون
عليها هذا الاسم من غير ملاحظة انتسابها إلى الفاعل فيقولون صلاة الفريضة عددها كذا وحكمها كذا وبالجملة هذا المعنى يتبادر عنه عند الاطلاق وذلك أية
الحقيقة وينقضه أي التيمم كل نواقض الطهارة الكبرى والصغرى ويزيد نواقض التيمم على نواقضها وجود الماء مع التمكن من استعماله بحيث يرتفع الموانع المسوغة
للتيمم والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب والاخبار بذلك مستفيضة وهل يعتبر مضى زمان يتمكن فيه من فعل الطهارة المائية أم يكفي التمكن من أول الأمر وان
حصل الكاشف لعدمه ثانيا بان يتلف الماء قبل اتمامه مثلا فيه اشكال وإن كان ظاهر اطلاقات الاخبار الثاني وقد يستدل عليه بان الخطاب متوجه إلى المكلف
بالطهارة بالماء وتوجه التكليف بالطهارة المائية ينافي بقاء التيمم وبأن وجوب الجزم بالنية يقتضى وجوب الطهارة بالماء فيرتفع حكم التيمم وفيه ان المراد بتوجه الخطاب
بالطهارة المائية إن كان توجهه بفعله في نفس الامر فممنوع وإن كان المراد توجه الخطاب بالاشتغال به والتوجه إليه فمسلم لكن الكبرى ممنوعة والجزم بالنية انما هو بحسب
الظاهر قبل ظهور الكاشف وقد يستدل على الأول بأن المكلف غير مأمور بالطهارة لاستحالة التكليف في زمان لا يسعه ولهذا لو علم من أول الأمر انه لا يتمكن من الاكمال لم
ينتقض تيممه وفيه انه ان أراد عدم التكليف بمجموع الفعل فمسلم لكن يجوز ان يكون التكليف بالشروع في الفعل بناء على ظنه بأنه مكلف بالمجموع للظن بالتمكن منه
كافيا في رفع اثر التيمم وان أراد عدم التكليف بالفعل أصلا فممنوع والمستند ظاهر وانتفاء التكليف في صورة العلم بعدم التمكن في مبدأ الامر لا يوجب انتفاؤه مطلقا وحيث
107

كان وجود الماء ناقضا فان وجده قبل دخوله في الصلاة انتقض تيممه وتطهر نقل الاجماع على ذلك جماعة من الأصحاب ويدل عليه الاخبار وان وجده وقد تلبس بالصلاة
ولو بالتكبيرة أتم وفى هذه المسألة أقوال الأول ما ذكره المصنف واليه ذهب المفيد والشيخ في أحد قوليه وهو المنقول عن المرتضى في مسائل الخلاف وشرح الرسالة وابن البراج
واختاره ابن إدريس والمحقق واليه ذهب أكثر المتأخرين ولا يخلو عن رجحان الثاني انه يرجع ما لم يركع فإذا ركع فليمض في صلاته واليه ذهب الصدوق والشيخ في النهاية وهو
المنقول عن ابن أبي عقيل والجعفي والمرتضى في أحد قوليه ونقله المحقق عن ابن الجنيد أيضا الثالث يرجع ما لم يقرؤا واليه ذهب سلار الرابع وجوب القطع بعد الشروع مطلقا
إذا غلب على ظنه سعة الوقت بقدر الطهارة والصلاة وعدم وجوب القطع وان لم يمكنه ذلك واستحباب القطع ما لم يركع ونقله الشهيد رحمه الله عن ابن حمزة وقال أيضا حكم
ابن حمزة باستحباب القطع والقرض وضيق الوقت مشكل الخامس ما نقله الشهيد أيضا عن ابن الجنيد حيث قال وإذا وجد المتيمم الماء بعد دخوله في الصلاة قطع ما لم يركع
الركعة الثانية فان ركعها مضى في صلاته فان وجده بعد الركعة الأولى وخاف من ضيق الوقت ان يخرج ان قطع رجوت ان يجزيه ان لا يقطع صلاته واما قبله فلابد من
قطعها مع وجود الماء ومنشأ الاختلاف بين الأصحاب اختلاف الروايات فروى محمد بن حمران في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له رجل تيمم ثم دخل في الصلاة وقد
كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثم يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة قال يمضى في الصلاة واعلم أنه ليس ينبغي لاحد ان يتيمم الا في اخر الوقت وروى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام
قال قلت فان أصاب الماء وقد دخل في الصلاة قال فلينصرف فليتوضأ ما لم يركع فإن كان قد ركع فليمض في صلاته فان التيمم أحد الطهورين وروى عبد الله بن عاصم قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء فتيمم ويقوم في الصلاة فجاء الغلام فقال هو ذا الماء فقال إن كان لم يركع فلينصرف وليتوضأ وإن كان قد ركع فليمض في
صلاته وهذه الرواية مروية في التهذيب عن عبد الله بن عاصم بثلاث طرق أنقاها ما رواه عن محمد بن علي بن محبوب عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي عن جعفر بن بشير
عن عبد الله بن؟؟؟؟ وفى الحسن بن الحسين الكلام وان وثقه النجاشي لان الشيخ نقل عن ابن بابويه تضعيفه واما عبد الله بن عاصم فغير مذكور في كتب الرجال لكن يظهر
مما سننقل من كلام المحقق توثيقه فأصحاب القول الأول احتجوا برواية ابن حمران ورجحوه على غيره وبقوله عليه السلام ان الشيطان ليأتي أحدكم فينفخ بين أليتيه فلا ينصرف أحدكم
من الصلاة حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا ولعله من طرق العامة وبان التيمم بدل من الماء عند الاعواز وقد تحقق متصلا بالمقصود وفى الأخيرين ضعف ولقوله تعالى لا
تبطلوا أعمالكم وسيجيئ إن شاء الله في كتب الصلاة تحقيق معنى الآية وان الاستدلال بها في أمثال هذه المباحث لا يخلو عن اشكال واحتج المصنف أيضا بوجوه أخر لا تخلو عن ضعف
قال المحقق في المعتبر فان احتج الشيخ بالروايات الدالة على الرجوع ما لم يركع فالجواب عنه ان أصلها عبد الله بن عاصم فهى في التحقيق رواية واحدة وتعارضها روايتنا
فهى أرجح من وجوه أحدها ان محمد بن حمران أشهر في العدالة والعلم من عبد الله بن عاصم والأعدل مقدم الثاني انها أخف وأيسر واليسر مراد الله الثالث ان مع العمل
بروايتنا يمكن العمل بروايته أيضا بان ينزلها على الاستحباب ومع العمل بروايته لا يمكن العمل بروايتنا فتكون روايتنا أرجح وكانه رحمه الله غفل عن رواية زرارة على أنه يستفاد
من كلامه انحصار طريق الجمع في الحمل على الاستصحاب وليس كذلك إذ يجوز الجمع بحمل المطلق على المقيد وأصحاب القول الثاني احتجوا برواية زرارة وعبد الله بن
عاصم وأجيب بان المراد بالدخول في الصلاة القرب منها أو الشروع في مقدماتها كالاذان وبقوله ما لم يركع ما لم يتلبس بالصلاة وبقوله وإن كان قد ركع فدخوله في الصلاة
تسمية للكل باسم الجزء والكل خلاف الظاهر جدا نعم الحمل على الاستحباب وجه قريب في الجمع وقد يستدل عليه بالاخبار الدالة على اجزاء التيمم إلى أن يجد الماء وأجيب عنه بان
ذلك دلالة مفهوم لا يصلح معارضا للمنطوق وقد يستدل أيضا بعموم أية الوضوء والغسل مع الوجدان ومفهوم أية التيمم المقيدة بعدم الوجدان وفيه ضعف
لان المراد منها الامر بالطهارة حين إرادة القيام إلى الصلاة والمتبادر منها زمان قبل زمان الشروع وتحقيق المقام ان الجمع بين الأدلة مقدم على طرح بعضها وطريق
الجمع هيهنا شيئان أحدهما ان تحمل خبر عبد الله بن عاصم وما في معناه على الاستحباب والثاني ان يقيد خبر محمد بن حمران الدال على الامضاء إذا حصل الماء بعد
الركوع ويرجح الثاني على الأول بالأكثرية وكون زرارة اعدل واعلم على الظاهر واعتضاد ذلك بالاخبار الدالة على أن غاية اجزاء التيمم وجدان الماء واشتراك محمد بن
سماعة ومحمد بن حمران في طريق الخبر الآخر بين الثقة وغيره ولكن الصواب ترجيح الأول لأن اطلاق الامر
على الاستحباب أمر شائع في اخبارنا حتى توقف بعضهم في
كون ذلك حقيقة أو مجازا فليس في الحمل عليه بعد وكان الكلام على حقيقة حينئذ وقوله عليه السلام في اخر الخبر فان التيمم أحد الطهورين لا يخلو عن تأييدنا لذلك واما تقييد خبر ابن
حمران بما بعد الركوع فتأويل بعيد جدا إذ مثل هذا التعميم والاجمال في مقام البيان واستعلام الحكم لا يناسب داب الحكيم العارف باللسان وهو غير مانوس من أطوارهم عليهم السلام
على أن قوله حين يدخل في الصلاة كالصريح في أن المراد أوائل الصلاة فالحمل على هذا المعنى البعيد في قوة الاطراح فلا يعارضه مرجحات الشق الآخر واما اشتراك محمد بن
سماعة ومحمد بن حمران فغير قادح لان القول بان المراد بهما الثقة دون غيره لا يخلو من ترجيح ما ويؤيده ان هذه الرواية رواه بن أبي نصر عن محمد بن سماعة وقد
صرح الشيخ في العدة بان ابن أبي نصر لا يروى الا عن الثقات وصرح المحقق بان ابن حمران راوي هذه الرواية ثقة كما مر فيما نقلناه من كلامه واما تأييد مفهوم
الغاية الذي ذكره فضعيف لأنه لابد من تخصيصه إما بخبر زرارة أو بخبر ابن حمران غاية الأمر ان تخصيصه على الثاني أكثر ومجرد هذا مرجح ضعيف لا يقاوم ما ذكرنا والذي
يؤيد ما ذكرناه ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم قال قلت في رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فتيمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين
أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلى قال لا ولكنه يمضى في صلاته ولا ينقضها لمكان انه دخلها وهو على طهور بتيمم فان التعليل يقتضى وجوب المضي في الصلاة مع الدخول
فيها مطلقا ولعل حجة ابن الجنيد ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن رجل صلى ركعة على تيمم ثم جاء رجل ومعه قربتان من ماء قال يقطع الصلاة ويتوضأ ثم يبنى على
واحدة لكن في طريقه علي بن السندي وفيه ضعيف واما حجة سلار وابن حمزة فغير معلومة وينبغي التنبيه على أمور الأول ظاهر كلام المصنف ان المعتبر في المضي وعدم الرجوع الاتيان
بتكبير وبه مصرح للشيخان وابن إدريس وكلام الشهيد في البيان انه لا يلتفت في الأثناء وهذا يدل على عدم الالتفات ولو كان وجدان الماء قبل اتمام التكبير وينطبق عليه
الرواية الا ان يقال الدخول في الصلاة انما يتحقق باتمام التكبير وفيه تأمل الثاني قال في الذكرى حيث قلنا لا نرجع فهو للتحريم للنهي عن ابطال العمل ولحرمة الصلاة
فلا يجوز انتهاكها وفيه نظر لأنه لو ثبت دليل دال بعمومه على تحريم ابطال العمل لكان مخصص بخبر زرارة وعبد الله بن عاصم فان أقل مراتبهما الحمل على الاستحباب كما ذكرنا نعم
يصح هذا فيما بعد الركعة الأولى بعد اثبات تحريم ابطال الفريضة ثم قال وتفرد الفاضل بجواز العدول إلى النقل لان فيه الجمع بين صيانة الفريضة عن الأبطال وازاء
الفريضة بأكمل الطهارتين والأصح المنع لان العدول إلى النقل ابطال للعمل قطعا والحمل على تأسي الاذان والجمعة قياس باطل ولأنه لو جاز العدول إلى النفل لجاز الأبطال
بغير واسطة وهو لا يقول به انتهى كلامه والحكم بتسوية العدول والابطال بغير واسطة في التحريم يحتاج إلى دليل كما أن الحكم بجواز العدول أيضا لكونه حكما شرعيا يحتاج إلى
الدليل وعلى كل تقدير لو ضاق الوقت حرم ذلك قطعا الثالث إذا حكمنا باتمام الصلاة مع وجود الماء إما لكونه قد تجاوز محل القطع أو قلنا بالاكتفاء بالشروع
فهل يعيد التيمم لو فقد الماء بعد الصلاة أم لا قيل لا واختاره المحقق والمصنف في أحد قوليه والشهيدان وبعض المتأخرين محتجين بان المانع الشرعي كالمانع العقلي
108

ولا يجب الحكم باستمرار التيمم إلى الفراغ قطعا وعند الفراغ لا يتمكن من استعمال الماء وقيل نعم وهو مذهب الشيخ في المبسوط واختاره المصنف في المنتهى ومال إليه في التذكرة لأنه
متمكن من الماء عقلا والحكم معلق عليه ومنع الشرع من الأبطال لا يخرجه عن حقيقة التمكن لأنه صفة حقيقة لا يتغير بالأحكام الشرعية وعدم فساده بالنسبة إلى
الصلاة التي هو فيها للاذن في اتمامها حذرا من ابطال العمل إما غيرها فلا مانع من بطلانها بالنسبة إليه وللمانع طريق في أدلة الطرفين لكن الظاهر بقرائن الأحوال
ان المراد بقوله عليه السلام في صحيحة زرارة وغيرها يجزيه ذلك إلى أن يجد الماء وجدان الماء الذي يتمكن من استعماله شرعا ولهذا لو وجد ماء مملوكا للغير مع منعه عن الاستعمال لم يبطل
التيمم عند التمكن العاري عن استعمال فعلى هذا فالقول بعدم بطلان التيمم لا يخلو عن رجحان إذا ثبت عدم جواز ابطال الفريضة لكن إذا كان ذلك بعد الركعة الأولى وفرع
بعضهم على قول الشيخ انه لا يجوز العدول إلى فائتة سابقة لانتقاض التيمم بالنسبة إلى كل صلاة غير هذه قال في الذكرى بعد أن استقرب الجزم بعدم انتقاض التيمم والاحتجاج
عليه واما قضية العدول فابلغ في الصحة لان العدول إن كان واجبا والمعدول إليه بدل مما هو فيها بجعل الشرع فكيف نحكم ببطلانها وإن كان مستحبا كمن عدل عن الحاضرة
إلى الفائتة عند من لم يقل بالترتيب بين الحواضر والفوائت فهو أيضا انتقال إلى واجب من واجب غايته ان الانتقال غير متعين وإن كان واجبا مخيرا وبالجملة المحكوم عليه
بالصحة هو نوع الصلاة التي شرع فيها لا هذا الشخص بعينه والشيخ انما قال في حق الصلوات المستقبلة انتهى ولقائل أن يقول القائل ببطلان التيمم بالنسبة إلى الصلوات
المستقبلة انما ينظر إلى اعتبار الوجدان العاري في زوال حكم التيمم فقوله لجواز اتمام الصلاة أو وجوبه كان مبنيا على النص الدال عليه فيجب الاقتصار على مورده وحينئذ
نقول الظاهر من قوله عليه السلام يمضى في الصلاة المضي في الصلاة التي شرع فيها وبعد العدول لا يكون مضيا لهذه الصلاة فإذا أمكن المضي كان وجوبه منفيا وإذا تعذر لوجوب رعاية الترتيب كان
التكليف بالمضي ساقطا ولا يلزم وجوب العدول ووجوب العدول مشروط ببقاء الطهارة بالنسبة إلى المعدول إليه وبالجملة صدق المضي على العدول في محل المنع الرابع لو كان في نافلة ثم وجد
الماء احتمل مساواته للفريضة في جواز المضي لاطلاق الأخبار الدالة على المضي وبه جزم الشهيدان ويحتمل قويا انتقاض تيممه لانتفاء المانع من استعمال الماء عقلا وشرعا لجواز
قطع النافلة الخامس لو كان في صلاة غير معينة عن القضاء كبعض الصور السالفة عند من أوجب القضاء فاستجود الشهيد البطلان لوجوب الإعادة بوجود الماء
بعد الفراغ ففي أثناء الصلاة أولي قال ويمكن المنع لعموم النهى عن الأبطال والمحافظة على حرمة الصلاة انتهى وترجيح هذا الاحتمال بناء على اطلاق الرواية لا يخلو عن وجه
السادس لو أحدث المتيمم في الصلاة ووجد الماء قال المفيد إن كان الحدث عمدا أعاد وإن كان نسيانا تطهر وبنى وتبعه الشيخ في النهاية وابن حمزة وابن أبي عقيل حكم بالبناء
في التيمم ولم يشترط النسيان بالحدث وشرطوا عدم تعمد الكلام وعدم استدبار القبلة واستندوا بصحيحة زرارة ومحمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال قلت له رجل دخل
في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة ثم أحدث فأصاب الماء قال يخرج ويتوضأ ثم يبنى على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم وفى صحيحة أخرى لزرارة ومحمد بن مسلم قال زرارة
فقلت له دخلها وهو متيمم فصلى ركعة واحدث فأصاب ماء قال يخرج ويتوضئ ويبنى على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم وفى الفقيه ثم يبنى وروى زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
القطع والبناء إذا وجد الماء ولم يذكر الحدث وقد سبقت والصدوق اورد الرواية الصحيحة فكأنه عامل بها وحسن المحقق في المعتبر ما قاله الشيخان قال لان الاجماع على أن الحدث
عمدا يبطل الصلاة فيخرج من اطلاق الرواية ويتعين حمله على غير صورة العمد لان الاجماع لا يصادمه الرواية ولا باس بالعمل بها على الوجه الذي ذكره الشيخان فإنها رواية مشهورة
وخالف ابن إدريس في هذا الحكم للتسوية بين نواقض الطهارتين وان التروك متى كانت من النواقض لم يفرق فيها بين العامد والناسي وعليهما منع ظاهر ووافقه المصنف وابن إدريس
واحتج بان صحة الصلاة مشروطة بدوام الطهارة وقد زال شرطه فيزول الشروط وبأن الاجماع واقع على أن ناقض الطهارة مبطل للصلاة وبأن الصلاة لو فعلت بطهارة
مائية انتقضت فكذا الترابية لأنها أحد الطهورين ولان الاجماع واقع على أن الفعل الكثير مبطل للصلاة وهو حاصل هنا بالطهارة الواقعة في الأثناء وما ذكره كله في
معرض المنع وأجاب عن الخبر بانا نحمل الرواية على الصلاة كما تقدم اطلاقا لاسم الكل على الجزء وقوله يخرج ويتوضأ ويبنى على ما مضى من صلاته إشارة إلى الاجتزاء بتلك
الصلوات السابقة على التيمم على أن الأحاديث لا تدل على التفصيل الذي ذكره الشيخان ولا يخفى ان التأويل الذي ذكره بعيد جدا فالعمل بمدلول الرواية لا يخلو عن قوة
قال في الذكرى لفظة الرواية يبنى على ما بقى وليس فيها ما مضى فضعف التأويل وفيما عندنا من النسخ ما مضى موافقا وما ذكره من أن المراد بما مضى الصلوات التي صلاتها بالتيمم
تامة محتمل قال بعض الأصحاب قوله عليه السلام في اخر الكلام التي صلى بالتيمم قرينة قوية على إرادة هذا المعنى وفيه تأمل والحق ان هذا الاحتمال لا يخلو عن بعد وظاهر الحديث كما يفهم
من صدره ان الكلام مفروض في أول صلاة صلاها بالتيمم ولفظة ثم في قوله ثم يبنى يناسب ما ذكرنا وما ذكره المصنف من حمل الركعة على الصلاة تكلف مستغنى عنه لا حاجة إليه
قال بعض الأصحاب قوله العلامة ان الأحاديث لا يدل على التفصيل ليس بجيد لأنها بتقدير دلالتها على أصل الحكم لا يخلو عن ظهور في الاختصاص بحالة عدم التعمد وقال في الذكرى
لفظ الرواية يبنى على ما بقى وليس فيها ما مضى فضعف التأويل قال بعض الأصحاب قول الشهيد عجيب فان الرواية مذكورة في التهذيب مرتين وفى كتاب من لا يحضره الفقيه
وكلها متفقة مع تعدد النسخ على لفظ ما مضى وحكاها كذلك أيضا الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر حتى أن الشهيد رحمه الله نقلها في مسألة من وجد الماء في أثناء الصلاة في حمله كلام
الشيخ في الخلاف بهذه الصورة وفى عبارات القدماء شهادة بهذا أيضا لوقوفهم في التأدية مع ألفاظ النصوص غالبا فمما رايته كذلك عبارة المفيد في المقنعة المحكية في التهذيب وغيره
وعبارة ابن أبي عقيل وهو حسن ثم قال مع أن الفرق بين اللفظين هنا والتفاوت بين مفاديهما قليل عند التأمل فان الجمع بين كلمة بيني وبين لفظ ما بقى باقيين
على ظاهرهما غير متصور وليس التجوز في يبنى حرصا على نفى الاحتمال بأولي من حمل ما بقى على إرادة ما سلم من الحدث المبطل وقوفا مع المعهود واقتصارا في اثبات الأحكام
الشرعية على ما يتضح إليه سبيل وينتفى فيه الاحتمال القادح في دلالة الدليل انتهى والحق ان ظاهر الروايات يوافق مذهب الشيخين فالقول به غير بعيد
ويستباح به كل ما
يستباح بالطهارة المائية من الصلاة والطواف ودخول المساجد وغيرها وصرح بهذا التعميم المصنف في المنتهى من غير خلاف الا من الأوزاعي ويدل عليه عموم الاخبار
كقوله صلى الله عليه وآله يا أبا ذر يكفيك الصعيد عشر سنين وقول الصادق عليه السلام في صحيحة حماد هو بمنزلة الماء وفى صحيحة محمد بن مسلم فيمن صلى بتيمم لا يعيد ان رب الماء رب الصعيد
فقد فعل أحد الطهورين في صحيحة زرارة التيمم أحد الطهورين وفى صحيحة جميل يتيمم ويصلى بهم فان الله عز وجل جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا لكن هذه الروايات يدل على أنه يستباح بالتيمم ما
يستباح بالطهارة المائية من حيث توقفه على الطهور المطلق إما ما يتوقف على النوع الخاص منه كالصوم مثلا فالظاهر عدم انتهاض الروايات المذكورة بالدلالة عليه
الا خبر حماد فان له بظاهره دلالة عليه وقوله عليه السلام يكفيك الصعيد عشر سنين لا يخلو عن تأييد ما للمدعى وخالف في الحكم المذكور فخر المدققين فإنه زعم أن المتيمم لا
يجوز له الدخول في المساجد محتجا بقوله تعالى ولا جنبا الا عابري سبيل حتى تغتسلوا حيث جعل غاية التحريم الغسل فلا يزول بالتيمم والحق به مس كتابة القران لعدم فرق
الأمة بينهما هنا ويلزم تحريم الطواف للجنب أيضا بالتيمم لاستلزامه دخول المسجد وان لم يصرح به وأجيب عنه بالمنع من دلالة الآية على ما ذكره لان إرادة المساجد من
الصلاة مجاز لا يصار إليه الا مع القرينة مع احتمالها لغير ذلك المعنى احتمالا ظاهرا وهو ان يكون متعلق النهى الصلاة في أحوال الجنابة الا في حال السفر لجواز تأديتها
حينئذ بالتيمم وفيه نظر لما ذكرنا في أوائل مباحث الغسل من الترجيح لذلك المعنى في تفسير الآية وبينا وجود القرينة على ذلك مع أن بعض الأخبار الصحيحة يدل عليه كما
109

بينا هناك وقد يجاب أيضا بان الظاهر أن المراد بالخبث حيث إذ اطلق الخبث المحض الذي لم يحصل معه المطهر أصلا وفيه تأمل والصواب ان يقال قوله سبحانه وان كنتم المرضى أو على سفر
إلى اخر الآية متصلا بذلك بمنزلة الاستثناء عن الحكم المذكور فكأنه قال لا تدخلوا مواضع الصلاة مجنبين بدون الغسل الا ان تكونوا معذورين فيجوز لكم ذلك بالتيمم ومن
تأمل في سياق الآية علم أن الاستدلال بها على القول المشهور أقرب على أن تخصيص الآية بالاخبار الكثيرة الصحيحة المعتضدة بعمل الطائفة والاشتهار بينهم غير بعيد ولا بعيد المتيمم تيمما
مشروعا ما صلى به مطلقا لأنه صلى صلاة مأمورا بها فتكون مجزئة ولان ايجاب القضاء يحتاج إلى دليل لان وجوب القضاء يحتاج إلى دليل لان وجوب القضاء بتكليف جديد ولا دليل
عليه فيكون منتفيا ولما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض وليصل فإذا وجد
ماء فليغتسل وقد أجزأته صلاته التي صلى وصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد وصلى ثم وجد الماء فقال لا يعيد ان رب الماء رب
الصعيد فقد فعل أحد الطهورين وصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام فان أصاب الماء وقد صلى بتيمم وهو في وقت قال تمت صلاته ولا إعادة عليه وفى صحيحة عبد الله
بن علي الحلبي فإذا وجد الماء فليغتسل ولا يعيد الصلاة وصحيحة عيص قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يأتي الماء وهو جنب وقد صلى قال يغتسل ولا يعيد الصلاة وحسنة
الحلبي قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إذا لم يجد الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض وليصل فإذا وجد ماء فليغتسل وقد أجزأته صلاة التي صلى وحسنة زرارة عن أحدهما
عليهما السلام قال إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت فإذا خاف ان يفوته الوقت فليتيمم وليصل في اخر الوقت فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه إلى غير ذلك من الاخبار وقد
وقع الخلاف في هذه المسألة في مواضع الأول نقل عن السيد المرتضى ان الحاضر إذا تيمم لفقد الماء وجب عليه الإعادة إذا وجده ولم نقف له على حجة يعتد به والأقوى عدم
الإعادة لما ذكرنا من الأدلة الثاني لو تيمم وصلى مع سعة الوقت ثم وجد الماء في الوقت فان قلنا باختصاص التيمم بأخر الوقت بطلت صلاته مطلقا سواء وجد الماء أم لا و
ان قلنا بجوازه مع السعة فالأقرب عدم الإعادة وهو خيرة المحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى والمنقول عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل القول بوجوب الإعادة وهو ضعيف
لنا ما ذكرنا من الأدلة ولنا أيضا موثقة يعقوب بن سالم ورواية معوية ابن ميسرة ورواية أبي بصير وقد سلف الكل عند شرح قول المصنف والأولى تأخيره إلى اخر وقت
الصلاة فان كل واحد من تلك الروايات تدل على أنه لا يعيد إذا وجد الماء وعليه شئ من الوقت ولنا أيضا صحيحة عيص قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل يأتي الماء وهو جنب
وقد صلى قال يغتسل ولا يعيد الصلاة احتج المخالف بقوله عليه السلام في صحيحة يعقوب بن يقطين السالفة في المبحث المذكور إذا وجد الماء قبل ان يمضى الوقت توضأ وأعاد و
الجواب انها محمولة على الاستحباب جمعا بين الأدلة الثالث ذهب الشيخ إلى أن من تعمد الجنابة وخشي على نفسه من استعمال الماء تيمم وصلى ويعيد إذا وجد الماء
والباقون على خلافه وهو أقرب وقد مر الكلام في تحقيقه الرابع ذهب الشيخ في النهاية والمبسوط إلى أن من منعه زحام الجمعة عن الخروج يتيمم ويصلى ويعيد إذا وجد الماء والمشهور خلافه
وهو أقرب لما ذكرنا من الأدلة ولعل مستند الشيخ ما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام انه سئل عن رجل يكون في وسط الزحام يوم الجمعة أو يوم عرفة
لا يستطيع الخروج من المسجد من كثرة الناس قال يتيمم ويصلى معهم ويعيد إذا انصرف ورواية سماعة عن أبي عبد الله عن أبيه عن علي عليهم السلام انه سئل عن رجل يكون
وسط الزحام يوم الجمعة أو يوم عرفة فأحدث أو ذكر انه على غير وضوء ولا يستطيع الخروج عن كثرة الزحام قال يتيمم ويصلى معهم ويعيد إذا انصرف والرواية الأولى ضعيفة جدا
وفى طريق الثانية زرعة وسماعة وهما واقفيان ومحمد بن عيسى وفيه شئ فحملها على الاستحباب غير بعيد الخامس لو كان الثوب نجسا ولا ماء معه نزعه وصلى عاريا يتيمم ولا
إعادة عليه إما لو لم يتمكن من نزعه صلى فيه بتيمم وهل يجب الإعادة أم لا المشهور العدم والمنقول عن الشيخ وجوب الإعادة وقال في المبسوط أيضا من كان على بعض بدنه نجاسة ولا يقدر
على ما يزيل به ذلك تيمم وصلى ثم يعيد فيما بعد إذا غسل الموضع والمشهور خلافه وهو أقرب ولعله عول في الحكم الأول على رواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل
ليس عليه الا ثوب ولا تحل الصلاة فيه وليس يجد ما يغسله كيف يصنع قال يتيمم ويصلى فإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة وهي غير ناهضة بالدلالة على الوجوب والحمل على
الاستحباب غير بعيد ويؤيد ما ذكرنا في الجملة عدم ذكر الإعادة في صورة نجاسة الثوب في بعض الروايات كصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام عن قال سألته عن رجل عريان
وحضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو كله أيصلى عريانا قال إن وجد ماء غسله وان لم يجد ماء صلى فيه ولم يصل عريان قال إن وجد وغيرهما مما في معناها وعلى قول الشيخ
هل تجب الإعادة عند غسل النجاسة أو عند وجود الماء الكافي للطهارتين ظاهر كلامه وظاهر الرواية الأولى السادس ذهب ابن الجنيد إلى أن من لم يجد الماء الا بثمن غال
يتيمم ويعيد والمشهور خلافه وهو الصحيح السابع ظاهر كلام الشيخ ان من أخل بالطلب فتيمم عند ضيق الوقت وجب عليه الإعادة والمشهور خلافه وهو أقرب وقد مر الكلام
الثامن المشهور فيه ان من أخل بالطلب ثم وجد الماء في رحله أو عند أصحابه وجب عليه الإعادة وقد مر الكلام عليه التاسع لو أراق الماء بعد دخول الوقت فالأقوى عدم
وجوب الإعادة وقيل بوجوبها وقد مر ذلك ويختص الجنب بالماء المباح والمبذول للأحوج ويتيمم المحدث والميت إذا اجتمع الحيان مع الميت ومعهم من الماء ما يكفي لأحدهم
فإن كان الماء ملكا أو مبذولا لأحدهم فلا خفاء في اختصاصه به ولا يجوز مقاهرته عليه ولا يجوز له بذله لغيره لوجوب صرفه في الطهارة وإن كان مباحا وجب على كل من الحيين
المبادرة إليه فان سبق أحدهما إلى حيازته كان ملكا له وان أثبتا اليد عليه دفعة كان ملكا لكل واحد منها على سبيل الاشتراك ولو توافيا دفعة اشتركا ولو تغلب أحدهما انهم
وهل يملك قال الفاضلان نعم واستشكله الشهيد في الذكرى بأنه إزالة أولوية غيره وهذا في معنى الملك قال وهذا مطرد في كل أولوية كالتحجير والتعشيش ورد بان تملك المباحات
مفتقر إلى الحيازة مع النية ولم يحصل الشرطان الا للمتغلب وإن كان ملكا لهم جميعا أو لمالك يسمح ببدله فلا ريب في أن للمالك التخصيص بالبعض أو الامساك وانما الكلام في الأولى
فقال الشيخ في النهاية انه الجنب واختاره المصنف وقيل الميت وقال الشيخ في الخلاف إن كان لأحدهم فهو أحق به وان لم يكن لواحد بعينه تخيروا في التخصيص لأنها فروض اجتمعت وليس بعضها
أولي من بعض فتعين التخيير ولان الروايات اختلف على وجه لا ترجيح فيحمل على التخيير كذا نقل عنه ومقتضاه انتفاء الأولوية ومختار المصنف أقرب لما رواه ابن بابويه في الصحيح
عن عبد الرحمن بن أبي نجران انه سال أبا الحسن موسى بن جعفر عليه السلام عن ثلثة نفر كانوا في سفر أحدهم جنب والثاني ميت والثالث على غير وضوء وحضرت الصلاة ومعهم من
الماء قدر ما يكفي أحدهم من يأخذ الماء وكيف يصنعون فقال يغتسل الجنب ويدفن الميت بتيمم ويتيمم الذي هو على غير وضوء لان الغسل من الجنابة فريضة وغسل الميت
سنة والتيمم للاخر جائز ورواه الشيخ مرسلا واحتج القائل بتقديم الميت بان الجنب يستدرك طهارته والميت لا استدراك لطهارته وبرواية محمد بن علي عن بعض أصحابه
قلت الميت والجنب يتفقان ولا يكون الماء الا بقدر كفاية أحدهما أيهما أولي قال يتيمم الجنب ويغتسل الميت والجواب عن الأول ان مثل هذه الاعتبارات لا تكفى مستندا
للأحكام الشرعية خصوصا في معرض النص مع أنه معارض بان الجنب متعبد بطهارته دون الميت وبان الجنب يترتب على طهارته غايتان أحدهما استباحة الصلاة دون
الميت وعن الثاني ما يطعن في سند الخبر بالضعف والارسال والإضمار فلا يصلح معارضا للخبر الصحيح المعتضد بالشهرة وغيره من الاخبار كخبر حسين بن نصر الأرمني قال سألت
أبا الحسن الرضا عليه السلام عن القوم يكونون في السفر فيموت منهم ميت ومعهم جنب ومعهم ماء قليل قدر ما يكفي أحدهما أيهما يبدأ به قال يغتسل الجنب ويترك الميت لان هذا فريضة
وهذا سنة وروى حسن التفليسي قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن ميت وجنب اجتمعا ومعهما ماء يكفي أحدهما أيهما يغسل قال إذا اجتمعت سنة وفريضة بدى بالفرض قال في المعتبر بعد
110

نقل رواية الحسن التفليسي ومرسلة محمد بن علي عندي ان رواية التفليسي أرجح بتقدير ان لا يكون الماء لأحدهم لأنها متصله والعامل بها من الأصحاب كثير والاخرى مقطوعة ولو احتج
بصحيحة عبد الرحمن كان أولي ولو كان الماء لغيرهم والتمس الأولى ولم يجوز لغيره أو أوصى للأولى أو نذر استحق الجنب دون غيره واستعمل غيره قهرا لم يجز إن كان المستعمل فيه الحي
قطعا وإن كان هو الميت بنى على أن غسله هل هو طهارة حقيقية أو هو تنظيف كما نقل عن المعتبر أو إزالة نجاسة فعلى الأول يبطل الغسل وعلى الأخيرين يأثم المتولي ويجزى
ولو دفع الموصى له أو المنذور هبة له إلى غيره فهل ينتقل منه إلى المدفوع إليه فيصح طهارته به أم لا فيه اشكال واختار المصنف في بعض نظائره الثاني ويمكن ترجيح الأول لان
النهى في المعاملات لا يستلزم الفساد إما لو أوصى أو نذر لخصوص العمل فلا يصح دفعه ولا ينتقل إليه قطعا ولو كفى الماء للمحدث خاصة اختص به ويحتمل صرفه إلى أعضاء
الجنب توقعا للباقي إذا كان ذلك مرجو الحصول في وقت الصلاة ولو قصر عنهما تعين الجنب لاشتراط الموالاة في الوضوء فلو استعمله وتعذر الاكمال تيمم ولو أمكن الجمع بان يتوضأ
المحدث ثم يجمع الماء ويغتسل به الميت وجب بناء على جواز التطهير بالمستعمل في الحدث الأكبر قال الشهيد
رحمه الله بعد نقل رواية الحسن فيه إشارة إلى عدم طهورية المستعمل والا لأمر بجمعه
وفيه ان الرواية محمولة على الغالب من عدم امكان الجمع في مثل هذا الماء القليل الذي لا يكفي الا لأحدهم ولو كان الماء مما يكفي للجنب أو المحدثين فصاعدا فلم اطلع فيه على تصريح
من الأصحاب ورواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قوم كانوا في سفر فأصاب بعضهم جنابة وليس معهم من الماء الا ما يكفي الجنب لغسله أيتوضؤون هم هو أفضل أو يعطون
الجنب فيغتسل وهم لا يتوضأون هم ويتيمم الجنب يقتضى ترجيح المحدثين ولو اجتمع المحدثين والميت فقيل الميت أولي لشدة حاجته الخبر والمرسل وفيه تأمل لضعف الاعتبار الذي
ذكره واما الخبر فلم يكن معمولا في الأصل فكيف في الفرع ولو جامعهم ماس ميت أو ذات دم أو مزيل الطيب عن المحرم أو إذا اجتمع البعض مع البعض ففي الترجيح اشكال لفقد النص و
التخيير حسن وللقرعة وجه قال في الذكرى لو قلنا بتوقف وطى الزوج على الغسل أمكن أولوية الحائض والنفساء بالنسبة إلى الجنب لقضائهما حق الله وحق الزوج وهذا التعليل على
تقدير صحته مخصوص بذات الزوج الحاضر وما في حكمه وتقديم مزيل الخبث على غيره لا يخلو عن وجه لعدم البدل لإزالة الخبث لكن يجب تقييده بوجود التراب وما في حكمه والا
لانعكس الحكم بصحة الصلاة مع النجاسة اضطرارا وعدم صحتها بدون الطهور والمضطر لعطش أولي من الجميع قطعا ولو أحدث المجنب المتيمم أعاد بدلا من الغسل وإن كان الحدث
أصغر نقل المحقق في المعتبر اجماع العلماء كافة على أن التيمم لا يرفع الحدث وقيل يرفع واختلف في قائله فقيل هو أبو حنيفة وقيل هو مالك مع أن عبد البر من أصحاب
الحديث منهم على أن التيمم لا يرفع الحدث واحتج عليه المحقق بان المتيمم تجب عليه الطهارة عند وجود الماء بحسب الحدث السابق فلو لم يكن الحدث السابق باقيا لكان وجوب
الطهارة بوجود الماء إذ لا وجه غيره ووجود الماء ليس حدثا بالاجماع ولأنه لو كان حدثا لوجب استواء المتيممين في موجبه ضرورة استوائهم فيه لكن هذا باطل لان المحدث لا
يغتسل والمجنب لا يتوضأ وبتسمية النبي صلى الله عليه وآله المتيمم جنبا كما يستفاد من بعض اخبار العامة إذا عرفت هذا فاعلم أن المجنب إذا تيمم بدلا من الغسل ثم أحدث حدثا أصغر ثم وجد ماء
يكفي للوضوء فالمشهور ان الواجب عليه التيمم بدلا عن الغسل وكذا لو لم يجد ماء أصلا فإنه تيمم بدلا من الغسل لان الجنابة باقية لعدم ارتفاع الحدث بالتيمم وانما كان اثر التيمم الاستباحة
فإذا زالت الاستباحة بسبب الحدث عاد المكلف إلى حالته الأولى فاحتيج إلى التيمم بدلا من الغسل واستدل عليه أيضا بقول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة ومتى أصبت الماء فعليك
الغسل ان كنت جنبا واستدل عليه أيضا بصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في رجل أجنب في سفر ومعه قدر ما يتوضأ به قال يتيمم ولا يتوضأ به ونقل عن السيد المرتضى
في شرح الرسالة انه يتوضأ لان حدثه الأول قد ارتفع وجاء ما يوجب الصغرى وقد وجد من الماء ما يكفي لها فيجب استعماله ولعل مراده من ارتفاع الحدث ارتفاعه إلى زمن
التمكن من الغسل لا ارتفاعه مطلقا إذ الظاهر أنه لا خلاف في وجوب الغسل عند التمكن منه ويدل عليه صحيحة زرارة السابقة ويجئ على قوله وجوب التيمم بدلا من الوضوء
إذا أحدث حدثا أصغر ولم يجد الماء أصلا وأجيب عنه بالمنع عن ارتفاع الحدث بل القدر المعلوم ارتفاعه إلى زمان وجدان الماء أو الحدث لا مطلقا وللاعتراض في أدلة القول الأول أيضا طريق لأنا قد حققنا سابقا انه لو أريد بالحدث
الحالة المانعة من دخول الصلاة أمكن القول بأنه يرتفع بالتيمم إلى غاية معينة نعم أمكن النزاع في تسمية حدثا والامر فيه هين وحينئذ نقول الحدث الأكبر مستتبع لحالة هي المنع من
الدخول في الصلاة إلى أن يتحقق الغسل والتيمم عند تعذره والحدث الأصغر مستتبع لحاله هي المنع من الدخول في الصلاة إلى أن يتحقق الوضوء أو التيمم أو الغسل في صورة مجامعته للحدث الأصغر واحدى الحالتين مغايرة للأخرى وقد يجتمعان وقد يفترقان إذا عرفت هذا
فلقائل أن يقول التيمم رافع للحالة الأولى إلى غاية معينة هي التمكن من الغسل وعند حصول الحدث الأصغر تحصل الحالة الثانية لا انه ترجع الحالة الأولى ولا ريب في
ارتفاع هذه الحالة بالوضوء فيجب الوضوء للتمكن منه لابد لنفى جواز ما ذكرنا من المقدمات من دليل واما صحيحة زرارة فغير دالة على المدعى بل انما يدل على وجوب
الغسل عند التمكن منه وهو خلاف المدعى واما صحيحة محمد بن مسلم فغير دالة على نفى الوضوء بعد التيمم والكلام فيه قال في الذكرى بعد نقل كلام السيد يمكن
ان يريد بارتفاع حدثه استباحة الصلاة وان الجنابة لم تبق مانعة فلا يثبت إلى مخالفة الاجماع واعترض عليه الشارح الفاضل ان هذه الإرادة لا تدفع الضعف
لان الاستباحة إذا لم تستلزم الرفع فبطلانها بالحدث يوجب تعلق حكم الحدث الأول انتهى ولو أريد بالاستباحة زوال المنع الحاصل بالحدث الأكبر أمكن تصحيح كلامه
فتدبر ويجوز التيمم مع وجود الماء للجنازة هذا الحكم ذكره الشيخ ونقل عليه الاجماع وقال ابن بابويه وفى خبر يتيمم لها ان أحب وقال ابن الجنيد ولا باس بالتيمم في المبصر
للجنازة إذا خاف فوتها احتج الشيخ باجماع الفرقة وبما رواه زرعة عن سماعة قال سألته عن رجل مرت به جنازة وهو على غير طهر قال يضرب يديه على حائط فيتيمم قال
المحقق وفيما ذكره الشيخ اشكال إما الاجماع فلا نعلمه كما علمه واما الرواية فضعيفة من وجهين أحدهما ان زرعة وسماعة واقفيان والثاني ان المسؤول في الرواية مجهول
فاذن التمسك باشتراط عدم الماء في جواز التيمم أصل ولان الرواية ليست صريحة في الجواز مع وجود الماء لكن لو قيل إذا فاجأته الجنازة وخشي فوتها مع الطهارة تيمم لها
كان حسنا لأن الطهارة لما لم يكن شرطا وكان التيمم أحد الطهورين فمع خوف الفوات لا باس بالتيمم لان حال المتيمم أقرب إلى شبه المتطهرين ويدل على استحباب في
التيمم في الصورة التي ذكره حسنة الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يدركه الجنازة وهو على غير وضوء فان ذهب يتوضأ فاتته الصلاة عليها قال يتيمم ويصلى
ويدل على قول الشيخ ما رواه الكليني والشيخ عن حريز في الصحيح عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال الطامث تصلى على الجنازة لان ليس فيها ركوع ولا سجود والجنب
يتيمم ويصلى على الجنازة والترجيح لقول الشيخ لان ضعف الروايتين منجبر بعمل الأصحاب مع المسامحة في أدلة السنن وهل يشترط نية البدلية الظاهر العدم والظاهر أنه
ليس له الدخول به في غيرها من الصلوات لان شرعية الاكتفاء بالتيمم مع وجود الماء على خلاف الأصل فيقتصر على مورده النظر الخامس فيما تحصل به الطهارة
بقسميها إما الطهارة الترابية فقد بيناها واما الطهارة المائية فبالماء المطلق لا غير هذا هو المشهور بين الأصحاب ونقل الاجماع عليه المحقق في الشرائع والمصنف في النهاية والشهيد في
الذكرى والروض ونقل ابن زهرة أيضا الاجماع على عدم جواز الوضوء بغير الماء وخالف في ذلك الصدوق فقال في الفقيه ولا باس بالوضوء والغسل من الجنابة والاستيال بماء الورد
وحكى الشيخ في الخلاف عن قوم من أصحاب الحديث منا انهم أجازوا الوضوء بماء الورد والأقرب الأول لنا قوله تعالى فلم تجدوا ماء فتيمموا أوجب عند عدم الماء الذي هو حقيقة
في المطلق التيمم فلا يجوز الطهارة بالمضاف لانتفاء الواسطة بين الطهارتين وما رواه أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون معه اللبن أيتوضأ منه للصلاة قال لا
انما هو الماء والصعيد وكلمة انما للحصر بنص أهل اللغة وقضاء العرف ولان الصلاة لا تصح بدون الطهارة الشرعية وكون الوضوء بالماء طهارة شرعية متيقنة وغير ذلك مشكوك
111

فيه فلا يصل به اليقين بالبراءة ويؤيد كثير من الأخبار الواردة في كيفية الغسل لاشتمالها على الغسل فيكون وجوبه متعينا وقول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة في الوضوء
إذا مس جلدك الماء فحسبك وقوله عليه السلام في صحيحة زرارة الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيرة فقد اجزاه وقول أحدهما عليهما السلام في صحيحة محمد بن مسلم فما
جرى عليه الماء فقد طهره واستدل عليه في المختلف بقوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به وجه الاستدلال انه تعالى حض التطهير بالماء فلا يقع بغيره إما
المقدمة الأولى فلانه تعالى ذكرها في معرض الامتنان فلو حصلت الطهارة بغيره كان الامتنان بالأعم من أحد قسمي الطهور أولي ولم يكن للتخصيص بالذكر فائده و
إما الثانية فظاهرة وفيه نظر لجواز ان يكون التخصيص بأحدهما أبلغ وأقوى أو أكثر وجود أو أعم نفعا وأسهل تحصيلا فيكون الامتنان فيه أظهر وبالجملة التخصيص الذكرى
لا يدل على التخصيص الحكمي واما مذهب ابن بابويه فحجته غير معلومه وقال في المعتبر ربما كان مستنده ما رواه سهل بن زياد عن محمد بن عيسى عن يونس عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل
يتوضأ بماء الورد ويغتسل به وقال لا باس وأجاب بالطعن في السند لضعف سهل ومحمد بن عيسى أو بمنع الدلالة ثانيا لأنه يحتمل السؤال عن الوضوء والغسل به للتطيب والتحسن
لا لرفع الحدث ولان التسمية بماء الورد قد يكون بإضافة قليلة لا بطلبه اطلاق الماء وقد بالغ الشيخ في رد هذا الخبر فقال إنه خبر شاذ شديد الشذوذ وان تكرر في الكتب
والأصول فإنما أصله يونس عن أبي الحسن عليه السلام ولم يرو غيره وقد أجمعت العصابة على ترك العمل بظاهره وما يكون هذا حكمه لا يعمل به ثم أوله بعد ذلك بحمل الوضوء على التحسين
وان قرن بالصلاة إذ المراد به انه يتطيب للصلاة فإنه أفضل من قصد التلذذ حسب دون وجه الله تعالى وأوله أيضا بما ذكره المحقق أخيرا فان قيل قد روى الشيخ في الصحيح عن
عبد الله بن المغيرة عن بعض الصادقين قال إذا كان الرجل لا يقدر على الماء وهو يقدر على اللبن فلا يتوضأ باللبن انما هو الماء أو التيمم فإن لم يقدر على الماء وكان نبيذا
فانى سمعت حريز يذكر في حديث ان النبي صلى الله عليه وآله قد توضأ بنبيذ ولم يقدر على الماء فما الوجه فيه قلنا قد ذكر الشيخ وغيره انه يجوز ان يكون المسند إليه غير الإمام قال
في المختصر بعض الصادقين لا ينصرف قطعا إلى الامام بل ولا ظاهرا ولا يخفى ان الظاهر من مثل هذه العبارة كون المراد منه الإمام عليه السلام لكن وقع في خصوص هذا الخبر مانع عن هذا
الظهور لأن الظاهر أن قوله فإن لم يقدر على الماء إلى اخر الخبر من تتمة كلام بعض الصادقين وعلى هذا لا يصح حمله على الإمام عليه السلام وبالجملة نقول إما ان يكون المراد من قوله بعض
الصادقين الإمام عليه السلام ويكون قوله فإن لم يقدر كلام مستأنف قاله عبد الله بن المغيرة أو يكون المراد ببعض الصادقين غير الإمام عليه السلام ويكون القول المذكور من كلامه وعلى
التقديرين يندفع الاشكال للارسال على الأول فيما هو محل الاشكال وعدم حجية الكلام باسره على الثاني وذكر الشيخ أيضا انه أجمعت العصابة على أنه لا يجوز التوضي
بالنبيذ فسقطت دلالته قال ولو سلم من ذلك كله نحمله على الماء الذي طيب بتميرات طرح فيه إذا كان الماء كر أو ان لم يبلغ حدا يسلبه الاطلاق لان النبيذ في اللغة ما
نبذ فيه الشئ واحتج عليه الشيخ بما رواه سماعة عن الكلبي التشابه انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن النبيذ فقال حلال فقال إما ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك
فقال شهشه ذلك تلك الحمرة المنبتة قال جعلت فداك فأي نبيذ تعنى قال إنه أهل المدينة شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله تغير الماء وفساد طبائعهم فأمرهم ان ينبذوا فكان الرجل
يأمر خادمه ان ينبذ له فيعمد إلى كف من تمر فيقذف فيه في الشن فمنه شربه ومنه طهره فقلت وكم كان عدد التمر الذي في الكف فقال ما حمل الكف قلت واحدة أو اثنتين
فقال ربما كانت واحدة وربما كان ثنتين فقلت وكم كان يسع الشن فقال ما بين الأربعين إلى الثمانين إلى فوق ذلك فقال بأي الأرطال فقال أرطال مكيال العراق
وكذا إزالة النجاسة والحصر اضافي بالنسبة إلى الماء المضاف والا فقد يكون غير الماء مزيلا كالأرض وغيرها وما ذكره هو المشهور بين الأصحاب والمنقول عن السيد المرتضى و
المفيد القول بجواز إزالة النجاسة بغير الماء من المائعات ويحكى عن ابن أبي عقيل ما يدل بظاهره على جواز ذلك عند الضرورة وظاهر ما نقل انه يرى في جواز الاستعمال
في رفع الحدث أيضا لكن الأكثر لم يذكروا خلافه في المسألة السابقة الا ان الشهيد رحمه الله نبه عليه في الذكرى احتج الأولون بوجوه الأول ورود الامر بالغسل من النجاسة
بالماء في اخبار كثيرة والمفهوم من الماء عند الاطلاق المطلق فروى الحسين بن أبي العلاء قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين
وروى أبو إسحاق النحوي عنه عليه السلام وروى الحلبي في الحسن قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الصبى قال يصب عليه الماء وجه الدلالة في هذه الأخبار انه لو كان الغسل بغير
الماء جائزا لكان المكلف مخيرا والتعيين ينافيه وروى الصدوق في الصحيح عن محمد الحلبي انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب في ثوبه وليس معه غيره قال يصلى فيه فإذا وجد
الماء غسله ولو كان هنا طريق اخر إلى الطهارة غسل بالماء لم يجز الصلاة فيه إلى حين وجدان الماء بل كان يجب عليه تحصيل الغسل بغير الماء ويمكن الجواب عنه بان هذه الأخبار
معارضة بما يدل على وجوب الغسل من غير تقييد بالماء كما سيجيئ وكما أنه يمكن الجمع بحمل المطلق على المقيد يمكن الجمع بحمل الأخبار المذكورة على الاستحباب
أو على الغالب من أنه لا يستعمل في الإزالة غير الماء وحمل صحيحة الحلبي السابقة على الغالب فان التمكن من غير الماء وفى تطهير الثوب النجس مع عدم التمكن من الماء في تطهيره نادر
ومن أراد ترجيح أحد الوجهين على الأخر فعليه البيان واعترض أيضا على الدليل المذكور بان الامر وامر المذكورة مخصوصة بنجاسات معينة فلا يفيد المدعى الكلية وأجاب
عنه المحقق على ما نقل عنه بأنه لا قائل هنا بالفرق الثاني قوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء وهو مثل ما مر في المسألة السابقة استدلالا وجوبا الثالث ما رواه
السكوني عن الصادق عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الماء يطهر ولا يطهر وجه الاستدلال انه لو لم يختص بهذا الحكم لم يكن للتخصيص فائدة وهو ضعيف جدا الرابع ان ملاقاة
المائع للنجاسة يقتضى نجاسة والنجس لا تزال به النجاسة ويرد عليه ان مستند نجاسة المائع بالملاقات انما هو الاجماع كما سيجيئ واثباته فيما نحن فيه مشكل على أنه يمكن ان يقال إنه
ينجس ويزيل النجاسة كما في الغسالة على القول بنجاستها لابد لنفيه من دليل واعترض عليه أيضا بان مثله وارد في المطلق القليل فان النجاسة تزول به مع تنجسه بالملاقاة
وأجاب عنه المحقق على ما نقل عنه بالمنع من نجاسة المطلق عند وروده على النجاسة كما هو مذهب المرتضى وبان مقتضى الدليل التسوية بينهما لكن ترك العمل به
في المطلق للاجماع ولضرورة الحاجة إلى الإزالة والضرورة يندفع بالمطلق فلا يستوى به غيره لما في ذلك من نكير المخالفة للدليل الخامس انها طهارة يراد لأجل الصلاة
فلا يجوز الا بالماء كطهارة الحدث بل اشتراط الماء هنا أولي لان اشتراطه في النجاسة الحكمية يعطى أولوية
اشتراطه في النجاسة الحقيقة قال في المختصر بعد نقل هذا الدليل لا
يقال هذا قياس لأنا نمنع كونه قياسا وانما هو استدلال بالاقتضاء فان التنصيص على الأضعف يقتضى أولوية ثبوت الحكم في الأقوى كما في دلالة تحريم التأفيف على
تحريم الضرب وفيه نظر لأنه يشترط في باب الاقتضاء بعد مفهوم الموافقة العلم بالعلة وكونه في المسكوت عنه أولي كما في مثال التأفيف وادعاء ذلك فيما نحن فيه محل تأمل
واضح وكون النجاسة الحكمية أضعف في محل المنع كيف ويشترط في رفع الحكمية ما لا يشترط في غيره السادس منع الشارع من استصحاب الثوب النجس في الصلاة قبل الغسل
مطلقا فيكون بعد الغسل بغير الماء كذلك عملا بالاستصحاب وفيه نظر لان التحقيق في الاستصحاب ان دليل الحكم إن كان عاما يقتضى الاستمرار بحكم بثبوت الحكم واستمراره
إلى أن يثبت دليل على انتقاض الحكم وإذا كان مختصا بوقت فلا يحكم باستمرار الحكم فيما بعد الوقت المحدود الذي دل الدليل على ثبوت الحكم فيه وهيهنا كذلك لان العمدة
في اثبات الحكم المذكور هو الاجماع والاجماع اقتضى عدم جواز الصلاة مع الثوب الذي لا يكون مغسولا بوجه لا مطلقا فلا ينسحب في غيره حجة القول الثاني وجوه الأول الاجماع
حكاه في المختصر عن المرتضى ونقل عن المحقق انه ذكر في بعض تصنيفات المفيد والمرتضى أضافا القول بالجواز إلى مذهبنا وأجاب عنه في المختلف بأنه لو قيل إنه يعنى الاجماع على
112

خلاف دعوا وأمكن ان أريد به اجماع أكثر الفقهاء إذ لم يوافقه على ما ذهب إليه من وصل إلينا خلافه واعترض عليه بان وفاق المفيد له محكى في غير موضع من كتب الأصحاب
وقد حكاه هو أيضا في بعض كتبه قال المحقق بعد ما ذكر إضافة المفيد والمرتضى القول بالجواز إلى مذهبنا إما علم الهدى فإنه ذكر في الخلاف انه انما أضاف ذلك إلى المذهب لان
من أصلنا العمل بدليل العقل ما لم يثبت الناقل وليس في الأدلة العقلية ما يمنع من استعمال المائعات في الإزالة ولا ما يوجبها ونحن نعلم أنه لا فرق بين الماء والخل في
الإزالة بل ربما كان غير الماء أبلغ فحكمنا حينئذ بدليل العقل واما المفيد فإنه ادعى في مسائل الخلاف ان ذلك مروى عن الأئمة عليهم السلام قال المحقق إما نحن فقد فرقنا بين
الماء والخل فلا يرد علينا ما ذكره علم الهدى واما المفيد فنمنع دعواه ونطالبه بنقل ما ادعاه الثاني قوله تعالى وثيابك فطهر انه أمر بتطهير الثوب ولم يفصل بين الماء وغيره
ويرد عليه ان الطهارة في الآية إما أن تكون محمولة على المعنى الشرعي بناء على ثبوته أو يكون محمولة على المعنى اللغوي إما على المعنى الأول فلا نسلم حصولها على تقدير الغسل
بغير الماء لابد لذلك من دليل وعلى الثاني نقول مقتضى الآية وجوب تطهير الثياب بهذا المعنى ولا يلزم من ذلك جواز الدخول في الصلاة مع الثوب الطاهر بهذا الوجه
لابد له من دليل ومما يضعف هذا الاستدلال الأخبار الدالة على أن المراد به التشمير أو التقصير كحسنة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام في قول الله عز وجل وثيابك
فطهر قال وثيابك ارفعها لا تجرها فإذا قام قائمنا كان هذا اللباس وفى بعض الروايات عن أبي الحسن عليه السلام ان الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وآله وثيابك فطهر وكانت ثيابه طاهرة وانما
امره بالتشهير وعن سلمة بياع القلانس قال كنت عند أبي جعفر عليه السلام إذ دخل عليه أبو عبد الله عليه السلام فقال يا بنى الا تطهر قميصك فذهب فظننا ان ثوبه قد اصابه شئ فرجع قال إنه
هكذا فقلنا جعلنا فداك ما القميصة فقال كان قميصه طويلا فأمرته ان يقصره ان الله عز وجل يقول وثيابك فطهر وقد نقل في تفسيرها أقوالا مختلفة فقيل إن
المراد تقصير الثياب وقيل فطهر عن أن تكون مغصوبة أو محرمة وقيل المراد نفسك فطهر من الرزائل قيل وسئل ابن عباس عن قوله وثيابك فطهر فقال لا تلبسها على معصية
ولا عذر إما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي وانى بحمد الله لا ثوب فاخر لبست ولا من عذره أتقنع وهذه الاختلافات أيضا لا تخلو عن مدخل في وهن هذا الاستدلال
والاستدلال المذكور حكاه في المختصر عن المرتضى وانه اعترض على نفسه بالمنع من تناول الطهارة للغسل بغير الماء ثم أجاب بأن تطهير الثوب ليس بأكثر من إزالة النجاسة عنه وقد
زالت بغير الماء مشاهدة لان الثوب لا تلحقه عبارة وأجاب عنه المصنف بان المراد على ما ويرد في التفسير لا تلبسها على معصية ولا عذر فان الغادر الفاجر يسمى دنس الثياب سلمنا
ان المراد بالطهارة المتعارف شرعا لكن لا دلالة على أن الطهارة بأي شئ تحصل بل دلالتها على أن الطهارة انما تحصل بالماء الولي إذ مع الغسل بالماء يحصل الامتثال قطعا وليس كذلك
لو غسلت بغيره وقوله النجاسة قد زالت حسا قلنا لا يلزم من زواله بالحسن زواله شرعا فان الثوب النجس لو يبس بلله بالماء النجس أو بالبول لم يطهر وان زالت النجاسة عنه
مع أنه يعنى المرتضى رحمه الله أجاب حين سئل عن معنى نجس العين ونجس الحكم بان الأعيان ليست نجسته لأنها عبارة من جواهر مركبة وهي متماثلة فلو نجس بعضها النجس سائرها وانتفى
الفرق بين الخنزير وغيره وقد علم خلافه وانما التنجيس حكم شرعي ولا يقال نجس العين الا على وجه المجاز دون الحقيقة وإذا كانت النجاسة حكما شرعيا لم يزل عن المحل الا بحكم شرعي
فحكمه رحمه الله بزوالها عن المحل لزوالها حسا ممنوع وعن المحقق انه أجاب عن الآية بنحو مما ذكر المصنف ثم اورد ان الغسل بغير الماء يزيل عين الدنس فيكون طاهرة فأجاب أولا بمنع زوال عين
النجاسة بأن النجاسة إذا مازجت المائع شاعت فيه فالباقي في الثوب تعلق به حصة النجاسة وبان النجاسة ربما سرت في الثوب فسدت مسامه فتمنع غير الماء من الولوج حيث
هي وتبقى مرتكبة في محلها وأجاب ثانيا بعد تسليم زوال عين النجاسة لا نسلم زوال نجاسة تخلفها فان المائع بملاقاة النجاسة بصير عين نجاسة فالبلة المتخلفة منه في الثوب
بعض المنفصل النجس فيكون نجسا أو نقول للنجاسة الرطبة اثر في تعدى حكمها إلى المحل كما أن النجاسة عند ملاقاة المائع يتعدى نجاستها إليه فعند وقوع النجاسة الرطبة يعود
اجزاء الثوب الملاقية لها نجسة شرعا وتلك العين المنفعلة لا تزول بالغسل والأقرب في جواب الاحتجاج ما ذكرنا الثالث اطلاق الامر بالغسل من النجاسة من غير تقييد بالماء
فمن ذلك قوله عليه السلام فيما رواه الجمهور ثم اغسله ومنه ما روى الأصحاب عن الصادق عليه السلام أنه قال لابن أبي يعفور وقد سأله عن المنى يصيب الثوب ان عرفت مكانه فاغسله فان خفى
عليك مكانه فاغسله كله وقول الصادق عليه السلام في حسنة الحلبي إذا احتلم الرجل فأصاب ثوبه منى فليغسل الذي اصابه وقول أحدهما عليهما السلام في صحيحة محمد بن مسلم وقد سأله عن
البول يصيب الثوب اغسله مرتين والاخبار مشحونة بهذا الاطلاق وحكى عن المرتضى انه احتج بهذا الوجه وتعرض لنقل لجملة من الاخبار واعترض على نفسه بان اطلاق
الامر بالغسل يصرف إلى ما يغسل به في العادة ثم أجاب بالمنع من ذلك مستندا بأنه لو كان كذلك لوجب المنع من غسل الثوب بماء الكبريت والنفط ولما جاز ذلك اجماعا علمنا
عدم الاشتراط بالعادة وان المراد بالغسل ما يتناوله اسمه حقيقة وأجابوا عن ذلك بان الغسل حقيقة في الغسل بالماء محتجين بالسبق إلى الذهن عند الاطلاق كما في قولهم
اسقنى وقد يقال إنه حقيقة شرعية فيما ذكر والظاهر أن الغسل أعم منه لغة والحقيقة الشرعية فيه غير ثابته لكن الفرد الشائع المتعارف منه الغسل بالماء ومجرد التعارف
لا يوجب تقييد الطبيعة الكلية الا ان يصل إلى أحد يصير حقيقة عرفية فيه والظاهر أن الامر ههنا ليس كذلك وأجابوا أيضا بان الاطلاق فيما ذكروا محمول على التقييد لما ذكرنا
من الأخبار السابقة وهو متجه في مقام المنع الرابع ان الفرض من الطهارة إزالة عين النجاسة كما شهد به حسنة حكم بن حكيم الصيرفي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أبول فلا
أصيب الماء وقد أصاب يدي شئ من البول فامسحه بالحائط والتراب ثم يعرق يدي فامسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي قال لا بأس به رواية غياث بن إبراهيم عن أبي
عبد الله عليه السلام عن أبيه عن علي عليهم السلام قال لا باس ان يغسل الدم بالبصاق وأجاب عنه المحقق بان خبر حكم بن حكيم مطرح لان البول لا يزول عن الجسد بالتراب باتفاق منا ومن
الخصم وخبر غياث متروك لان غياثا تبرى ضعيف الرواية فلا يعمل على ما ينفرد به ولو صحت نزلت على جواز الاستعانة في غسله بالبصاق لا لتطهر المحل به منفردا فان جواز غسله
به لا يقتضى طهارة المحل ولم يتضمن الخبر ذلك فقد ظهر بما ذكرنا ان الأدلة من الطرفين محل التأمل ويمكن ان يقال وجوب تحصيل اليقين بالبراءة من التكليف الثابت يقتضى
العمل على المشهور عند التمكن من غسل الثوب بالماء لأنه علم بالاجماع ان الصلاة مشروطة بلبس الثوب الطاهر وإذا لم يكن مغسولا بالماء فكونه ظاهرا مشكوك فيه فلا يحصل البراءة
اليقينية لا يقال التكليف متعلق بالصلاة المطلقة والتقييد انما يكون بقدر الضرورة وما اقتضاه الدليل والعمدة في هذا الباب هو الاجماع كما أشرنا إليه وهو لا يقتضى
الا الطهارة الشاملة للقسمين فالتقييد بهذا القدر لازم ومن ادعى الزيادة لابد له من دليل لأنا نقول وقع الاجماع على وجوب كون لباس المصلي طاهرا بالمعنى الذي
قرره الشارع انما الخلاف في تحقق افراده فهنا حقيقة مجملة معينة عند الشارع والكل متفقون على اشتراطه انما الخلاف في أن بعض الأشياء هل هو مما جعله الشارع فردا لتلك الطبيعة أم لا والتقييد لازم في نفس الامر والشك في كون الشئ فردا للطبيعة
المقيدة أم لا فلا يحصل اليقين بالبراءة بمثل هذا الفرد المشكوك وعلى ما ذكره فلو لم يقدر المكلف على تطهير الثوب بالماء وقدر على تطهيره الثوب بالمائعات وجب
تحصيلا للبراءة وفى الوجه المذكور تأمل لأنا لا نسلم حصول الاجماع على الامر المذكور بل ذهب كل فريق إلى اشتراط نظافة الثوب بالقدر الذي وافق رأيهم نعم يمكن
التمسك في اشتراط طهارة الثوب بالنصوص فإنه يمكن استفادة ذلك من اخبار متعددة لم يبعد الاكتفاء بالتحاق بعضها ببعض لكن لقائل أن يقول إذا لاقي الجسم المغسول
بالمائع ماء قليلا لم ينجس لعموم ما دل على طهارة الماء الا ما اخرج بالدليل كما سيجيئ ولم يثبت هيهنا نجاسة الجسم المذكور حتى ينفعل الماء بملاقاته ولو كان الجسم
113

المذكور نجسا لا نفعل به باتفاق القائلين بانفعال القليل بالملاقات أو يقال عدم انفعال الماء القليل بملاقاة النجاسة مع القول بالانفعال ونجاسة الجسم احداث قول ثالث
لكن طريق المنع إلى بعض مقدماته غير مسند فتدبر
والماء المطلق ما يصدق عليه اطلاق الاسم من غير قيد وصدق الماء عليه مقيدا كماء النهر وماء البئر لا ينافي صدق
لمطلق أيضا والمضاف بخلافه أي ما لا يصدق الماء عليه من غير قيد بل انما يصدق عليه مقيدا فيقال ماء الورد وماء الزعفران وغير ذلك وهما أي المطلق والمضاف في الأصل
أي في أصل الخلقة قبل عروض نجاسة طارية عليهما طاهران لا خلاف في كونهما طاهرين في أصل الخلقة ولا في طهورية الماء المطلق بمعنى كونه مطهرا لغيره واستدلوا على الأخير
مضافا إلى الاجماع بقوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء طهورا فكثير من العلماء فسره بالطاهر في نفسه المطهر لغيره وذكره أهل اللغة أيضا والشيخ في التهذيب أسنده إلى لغة العرب
ويؤيده شيوخ استعماله في هذا المعنى في كثير من الاخبار الخاصية والعامية فعنه عليه السلام التراب طهور المؤمن وعنه عليه السلام جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا وعنه عليه السلام أيضا وترابها
طهورا فان حمل الطهور في هذا الخبر على المطهر أقرب وعنه عليه السلام وقد سئل عن الوضوء بماء البحر هو الطهور ماؤه الحل ميتة وقول الصادق عليه السلام في صحيحة محمد بن حمران وجميل يتيمم ويصلى
فان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا وقوله عليه السلام في موثقة سماعة يتيمم بالصعيد ويستبقى الماء فان الله عز وجل جعلهما طهورا الماء والصعيد وجعل بعضهم من هذا
القبيل قوله عليه السلام طهور اناء أحدكم إذ ولغ فيه الكلب ان يغسل سبعا وهو غير معلوم لجواز ان يكون الطهور ههنا بمعنى الطهارة كما حمله عليها المطرزي وحمله بعضهم على معنى ما يتطهر
به وهو خلاف الظاهر قال بعضهم الطهور بالفتح من الأسماء المتعدية وهو المتطهر غيره وأيده بعضهم بأنه يقال ماء طهور ولا يقال ثوب طهور ولا شئ يختص به الماء يقتضى ذلك
الا التطهير ويؤيد كون الطهور في الآية بمعنى المطهر موافقتها لقوله تعالى وانزل من السماء ماء ليطهركم به واحتج عليه الشيخ بأنه لا خلاف بين أهل النحو ان اسم فعول موضوع
للمبالغة وتكرر الصفة الا ترى انهم يقولون فلان ضارب ثم يقولون ضروب إذا تكرر منه ذلك وكثر قال وإذا كان كون الماء طاهرا ليس مما يتكرر ويتزايد فينبغي ان
يعتبر في اطلاق الطهور عليه غير ذلك وليس بعد ذلك الا انه مطهر ولو حملناه على ما حملناه عليه لقطة الفاعل لم يكن فيه زيادة فائدة وهذا فاسد ويرد عليه ان هذا الاحتجاج
موقوف على ثبوت الحقيقة الشرعية وهي في معرض المنع وانما قلنا بتوقفه على ذلك لان المعنى اللغوي للطهارة قابل للزيادة فيجوز ان يكون استعمال الصيغة باعتبار
زيادة نظافة الماء ونزاهته سلمنا ثبوت الحقائق الشرعية وان للطهارة حقيقة شرعية لكن يجوز ان يكون اطلاق الصيغة باعتبار ان الماء النازل من السماء لا يقبل
النجاسة بأدنى سبب كالملاقاة بخلاف سائر المائعات فله قوة ومزية في الطهارة فصح باعتبارها اجراء صيغة المبالغة سلمنا لكن لما تعذر اجراء فعول على
حقيقته في الطهارة الشرعية وجب العدول إلى المجاز ولا ترجيح للتجوز بحمله على المطهر على التجوز بحمله على المعنى اللغوي لابد للترجيح من دليل على أنه لا يلزم بهذا الدليل كون
ذلك معناه لغة والكلام فيه وقد يعترض على الشيخ ان هذا اثبات الوضع بالاستدلال وفيه انه يجوز ان يكون غرض الشيخ ان هذا المعنى أقرب المعاني إلى الحقيقة فليحمل
عليه عند تعذرها لكن الشأن في اثبات ذلك وعن بعض العامة انكار دلالة الطهور على غير الطهارة محتجا بان فعولا يفيد المبالغة في فائدة فاعل كما يقال أكول وضروب
لزيادة الاكل والضرب ولا يفيد شيئا مغايرا له وكون الماء مطهرا مغاير لمعنى الطاهر فلا يتناوله المبالغة وبقوله تعالى وسقاهم ربهم شرابا طهورا إذ ليس المراد به المطهر إذ ليس
هناك نجاسة فإن كان غرضه تفي غير الطهارة باعتبار المبالغة حقيقة فصحيح وإن كان الغرض ونفيه رأسا فباطل كيف وقد جاء الطهور بمعنى ما يتطهر به باتفاق من وصل
إلى كلامه من أهل اللغة واما الاحتجاج بالآية فضعيف لأنه يجوز ان يكون المراد بالطهور في الآية المطهر أي المنظف لأنه ينظف البطن عما اكل فيخرج عن جلده رشحا كما نقل أو لأنه
يطهر شاربه عن الميل إلى الحسنات والالتفات إلى ما سوى الحق تعالى قيل وقد روى مثل ذلك عن الصادق عليه السلام قال صاحب الكشاف طهورا بليغا في طهارته
وعن أحمد بن يحيى هو ما كان طاهرا في نفسه مطهرا لغيره فإن كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة كان سديدا أو يعضده قوله تعالى وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به والا فليس فعول
من التفعيل في شئ والطهور في العربية على وجهين صفة واسم صفة فالصفة ماء طهور كقولك طاهر والاسم
كقولك لما يتطهر به طهور كالوضوء والوقوف لما يتوضأ
به ويتوقد به النار وقولهم تطهرت طهورا حسنا كقولك وضوء حسنا ذكره سيبويه ومنه قوله صلى الله عليه وآله لا صلاة الا بطهور أي بطهارة واعترضه النيشابوري بأنه حيث
سلم ان الطهور في العربية على الوجهين اندفع النزاع لان كون الماء مما يتطهر به هو كونه مطهرا لغيره فكأنه سبحانه قال وأنزلنا من السماء ماء هو آلة الطهارة ويلزمه
ان يكون طاهرا في نفسه قال ومما يؤكد هذا التفسير انه تعالى ذكره في معرض الانعام فوجب حمله على الوصف الأكمل وظاهر ان المطهر أكمل من الطاهر ونظيره قوله وينزل عليكم
من السماء ماء ليطهركم به وأورد عليه ان تسليمه ذلك ليس على وجه يصح كونه مرارا هنا وقد صرح بكونه حينئذ اسما غير صفة أي لا يوصف به وذلك لان أسماء الآلة كأسماء
الزمان والمكان لا يوصف بها من المشتقات كما هو المصرح به في النحو فكيف يستلزم ذلك التسليم اندفاع النزاع على أن نزاعه انما هو في كون التطهير من مفهومه و
الموضوع له كما هو صريح قوله فإن كان ما قاله شرحا لبلاغته في الطهارة كان سديدا وحينئذ لو صح التوصيف به وكان هو مرادا كان النزاع باقيا لتغاير مفهومي المطهر وآلة
الطهارة وان تلازما هنا ولذلك لم يلزم مثل هذا التلازم في نظيرهما كليا ولا صحت نسبة الفعل إلى الآلة كذلك بل ولا مجازا وذكر المطرزي نحوا مما ذكره صاحب الكشاف
فقال الطهور بالفتح مصدر بمعنى التطهير ثم قال واسم لما يتطهر به كالسحور والفطور وصفة في قوله تعالى ماء طهورا وما حكى عن تغلب ان الطهور ما كان طاهرا في نفسه
مطهرا لغيره إن كان هذا زيادة بيان لنهايته في الطهارة فصواب حسن والا فليس فعول من التفعيل شئ وقياس هذا على ما هو مشتق من الافعال المتعدية كتطوع
ومنوع غير سديد وبعد اللتيا والتي يبقى الكلام في دلالة الآية على العموم فإنه لم يعلم منها ان كل ماء منزل من السماء ولا ان كل ماء ينزل من السماء طهور لجواز أن تكون
الصفة مخصصة وقد يقال إن ظاهر قوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء بقدر وأسكناه في الأرض وانا على ذهاب به لقادرون وقال ظاهر قوله تعالى ألم ان الله انزل من
السماء ماء فسلكه ينابيع في الأرض يدل على أن أصل الماء النابع أيضا من السماء وفى الدلالة على العموم تأمل واستدلوا أيضا بقوله تعالى وأنزلنا من السماء ماء ليطهركم به و
في دلالتها على طهورية المياه مطلقا بالمعنى الشرعي نظر وبقوله عليه السلام خلق الماء طهورا وفيه تأمل والأجود الاستدلال عليه بصحيحة جميل وموثقة سماعة السابقتين فان لاقتهما
نجاسة فأقسامهما أربعة الأول المضاف وهو ما لا يصدق عليه اسم الماء الا بقيد وإن كان في الأصل مطلقا كالمعتصر من الأجسام كماء الورد والماء المطلق في أصله الممتزج
بها أي بالأجسام مزجا يسلبه الاطلاق كالمرق سواء كان الممزوج ماء مضافا أو غيره إما لو بقى المطلق الممتزج على اطلاقه أو صار بالمجموع ماء مطلقا جاز استعمال الجميع في
الطهارة خلافا فالبعض العامة حيث أوجب القاء مقدار المضاف وهو ضعيف جدا ولو توقف الطهارة على المزج وجب خلافا للشيخ حيث لم يوجبه وان جوزه والأول
أقرب لوجوب الطهارة المائية عند المكنة لاطلاق الامر بها في الآية من غير تقييد وما يتوقف عليه الواجب المطلق واجب ولو قيل المراد بعدم الوجدان في الآية معناه
الظاهر لا عدم التمكن أمكن النزاع في دلالة الآية لكن الشيخ قائل بأن المراد به عدم التمكن ويدل عليه أيضا تعليق وجوب الوضوء والغسل بالاحداث في اخبار كثيرة خرج عنه
صور عدم التمكن وحصول الضرر بالدليل فبقى ما نحن فيه داخلا فيها ولو مازج المطلق مضاف عار عن الوصف كمنقطع الرائحة من ماء الورد فقال الشيخ بحكم للأكثر فان تساويا
ينبغي القول بجواز استعماله لان الأصل الإباحة وان قلنا يستعمل ذلك ويتيمم كان أحوط كذا نقاع عنه وعن ابن البراج ان الأقوى انه لا يجوز استعماله في رفع الحدث ولا
114

إزالة النجاسة ويجوز في غير ذلك ونقل مباحثة جرت بينه وبين الشيخ رحمه الله وخلاصتها تمسك الشيخ رحمه الله بأصل الإباحة وتمسك هو بالاحتياط وقال المصنف والحق عندي
خلاف القولين معا فان جواز التطهير به تابع لاطلاق الاسم فإن كانت الممازجة أخرجته عن الاطلاق لم تجز الطهارة به والا جاز ولا اعتبر في ذلك المساواة والتفاضل
فلو كان ماء الورد أكثر وبقى اطلاق اسم الماء أجزأت الطهارة به لان امتثل المأمور به وهو الطهارة بالماء المطلق وما ذكره المصنف حسن لان مناط الاعتبار اطلاق الاسم
عرفا وهو غير دائر مع التساوي أو التفاضل فمتى صدق عليه الماء مطلقا صح الطهارة به وإن كان الممتزج به أكثر والا لم يصح وان فرض كونه أقل ثم قال المصنف وطريق معرفة
ذلك أن يقدر ماء الورد باقيا على أوصافه ثم تعتبر ممازجته حينئذ فيحمل عليه منقطع الرائحة كذا ذكر في المختلف وفيه نظر لان العبرة بصدق الاسم وهو يختلف باعتبار اختلاف الممازج
في وجود الأوصاف وعدمها وشدتها وضعفها فربما كان قليل من ذي الوصف يسلب الاطلاق ومن عديمه لم يسلب فالأقرب ابتناء الحكم على العرف قيل والتقدير
الذي ذكره الشيخ غير بعيد بل مقتضى العرف لكن انضباطه بما حدده مشكل فالإحالة عليه أولي وهو حسن والمصنف لم يتعرض لتوجيه التقدير في المختصر ووجهه في النهاية بان
الاخراج عن الاسم سالب للطهورية وهذا الممازج لا يخرج عن الاسم بسلب الموافقة في الأوصاف فيعتبر بغيره ليحصل ما طلبناه كما يفعل ذلك في حكومات الجراح وفيه نظر
لأنه إذا سلم عدم الاخراج عن الاسم لزم جواز الطهارة به لكونه يبتنى عليه وقد وافقه على هذا القول الشهيد في الدروس ونقل عن الشيخ على في بعض فوائده اختيار هذا القول
في الدروس ونقل عن الشيخ على بعض فوائده اختيار هذا وتوجيهه بان الحكم لما كان دائرا مع بقاء اسم الماء مطلقا وهو انما يعلم بالأوصاف وجب تقدير
اسم الماء مطلقا وهو انما يعلم بالأوصاف وجب تقدير بقائها قطعا كما يقدر الحر عبدا في الحكومة وأنت خبير بما فيه وإن كان أحسن مما ذكره المصنف وبالجملة يمكن استعلام
الحال إذا علم مقدار الماءين في الجملة ولا يبتنى على التقدير المحكي عن المصنف انه ذكر في بعض كتبه انه يجب التقدير على وجه تكون المخالفة وسطا ولا مقدر الأوصاف التي
قبل ذلك وبه جزم الشهيد في الذكرى ونقل عن الشيخ على أنه واستوجهه بأنه بعد زوال تلك الأوصاف صارت هي وغيرها على حد سواء فيجب رعاية الوسط
لأنه الأغلب والمتبادر عند الاطلاق قال وانما قلنا إن الزايل هنا لا ينظر إليه بعد الزوال لأنه لو كان المضاف في غاية المخالفة في أوصافه فنقصت مخالفته لم يعتبر
ذلك القدر الناقص وكذا لو زالت أصلا ورأسا واعترض عليه بان كلامه الأخير يقتضى كون المقدر هو أقل ما يتحقق معه الوصف لا الوسط لان نقصان المخالفة
لو انتهى إلى حد لم يبق معه الا أقل ما يصدق به المسمى لم يؤثر ذلك النقصان ولا اعتبر مع الوصف الباقي في أمر اخر فكذا مع زوال الوصف من أصله واعتبار الأغلبية والتبادر
مما لا وجه له وهو مسمى المضاف ينجس بكل ما يقع فيه من النجاسة قليلا كان أو كثيرا سواء غيرت النجاسة أحد أوصافه أم لا قال في المعتبر هذا مذهب الأصحاب لا اعلم فيه خلافا
ونقل المصنف في التذكرة والمنتهى أيضا اتفاق علمائنا عليه والشهيدان أيضا نقلا الاجماع عليه وهذا أقوى في الاحتجاج واحتجوا أيضا بما رواه زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال
إذا وقعت الفارة في السمن فمات فإن كان جامدا فالقها وما يليها وكل ما بقى وإن كان ذائبا فلا تأكله واستصبح به والزيت مثل ذلك وفى معناها اخبار اخر مذكورة في
مواضعها وروى السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن قدر طبخت فإذا في القدر فارة قال يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل وبأن المائع قابل
للنجاسة والنجاسة موجبة لنجاسة ما يلاقيه فيظهر حكمها عند الملاقاة ثم تسرى النجاسة بممازجة المائع بعضه بعضا وأورد على الأول ان مورد الرواية ليس مما نحن فيه
والنظر إلى الاشتراك في المائعية وانما هي المقتضية للنجاسة حينئذ بقرينة المقابلة لحكم الجمهور وان الماء المطلق خرج بالدليل ممكن لكنه عين التكليف وعلى الأخيران قبول
المائع للنجاسة إن كان باعتبار الرطوبة المقتضية للتأثر عند ملاقاة النجس فمن البين انها موجودة في كثير من افراد الجامد الذي من شانه الميعان كالسمن ولا ريب في
عدم تأثر بنجاسة ما يتصل به من اجزائه المحكوم بنجاستها مع تحقق الملاقاة بينهما وقد صرح بهذا الحديث الذي احتجوا به وإن كان باعتبار الدليل الدال عليه فكان الأولى
الاحتجاج به على تقدير وجوده والظاهر أن الملحوظ في الاحتجاج هو الاحتمال الأول إذ لم نجد في الروايات ما يقتضى تعلق الحكم بعنوان المائع على جهة العموم وانما ورد معلقا
بمائع خاص فيحتاج التعدية إلى ارتكاب التكلف الذي أشرنا إليه ويرد عليه أيضا ان الماء المفروض جسم واحد متصل وليس له اجزاء متعددة ملاقية بعضها ببعض حقيقة فمن
أراد اثبات نجاسة الجميع يلزم عليه ان يدعى ان كل جسم مائع لاقي جانبا منه نجاسة فإنه ينجس جميع جوانبه وهو باطل إذ لا نص عليه ولا اجماع كيف وقد تخلف الحكم في
المياه التي لا ينفعل بملاقات النجاسة وبالجملة هذا الوجه غير ناهض باثبات المطلوب واما الخبران فمختصان بمورد خاص فالعمدة الاجماع ان أمكن اثباته مسألة للأصحاب
في طريق تطهير المضاف إذا عرض له التنجس أقوال الأول ما ذهب إليه الشيخ في المبسوط حيث قال لا يطهر يعنى المضاف الا بان يختلط بما زاد على الكر من المطلق ثم ينظر فان
سلبه اطلاق اسم الماء لم يجز استعماله بحال وان لم يسلبه اطلاق اسم الماء وغير أحد أوصافه إما لونه أو طعمه أو رائحته لم يجز استعماله أيضا بحال الثاني ما ذهب إليه المصنف في
التحرير وهو موافق لما ذكره الشيخ الا في اعتبار الزيادة على الكر الثالث ما اختاره المصنف في النهاية والتذكرة وهو الاكتفاء بممازجته الكر بشرط بقاء الاطلاق بعد الامتزاج ولا اثر
لتغير أحد الأوصاف واليه ذهب جمع من المتأخرين منهم الشهيدان الرابع ما اختاره المصنف في المنتهى والقواعد وهو الاكتفاء بممازجة الكر له من غير اشتراط للزيادة عليه ولا
لعدم تغيره في أحد أوصافه الثلاثة بالمضاف ولا لعدم سلبه الاطلاق وان خرج المطلق بذلك عن كونه مطهرا ونقل الشهيد في البيان قولا بطهارته بملاقات المطلق
الكثير وان بقى الاسم وجعل في الذكرى القول بطهارته بمجرد الاتصال وان بقى الاسم أحد قولي المصنف والأقرب الاكتفاء بالكرية وان التغير في الأوصاف غير مؤثر في النجاسة إذا
بقى اطلاق الاسم بعد الامتزاج وأما إذا سلب الاسم ففيه تردد وكذا إذا اتصل بالكثير من غير امتزاج ففي طهارته بمجرد ذلك تردد لنا على الاكتفاء بالكر ان الغرض من الكثرة عدم
قبول المطلق للنجاسة بسبب ملاقاته للنجس والكرية كاف في ذلك فاعتبار الزيادة مستغنى عنه ولعله وقع في كلام الشيخ على سبيل المساهلة في التعبير وعلى عدم تأثير تغير أحد
الأوصاف بالمضاف العمومات الدالة على طهارة الماء وطهوريته في الأخبار الدالة على عدم انفعال الكر بالنجاسة خرج عنه ما إذا تغير بالنجاسة فبقى الغير داخلا تحت العام وبالاخبار
الصحيحة الدالة على طهارة الماء ما لم يتغير بالنجاسة كما سيجيئ إذ لم يدل دليل على أن التغيير بالمتنجس يوجب النجاسة وأما إذا سلب الاسم فالتردد فيه ينشأ من أن الكر بعد امتزاجه
بالمضاف حينئذ صار مضافا ولم يصدق عليه الماء حتى يندرج تحت العمومات السابقة فيمكن ان يقال إنه نجس لأن الماء المضاف قبل امتزاجه بالكر كان نجسا فيستصحب فيه الحكم
المذكور إلى أن يثبت الرافع لان اليقين لا ينتقض الا باليقين وإذا ثبت نجاسة بعد الامتزاج يلزم منه نجاسة الجميع لان الكر المفروض بعد سلب اسم الاطلاق عنه ينفعل
بذلك المضاف الممتزجة به ويرد عليه ان التحقيق ان استمرار الحكم تابع لدلالة الدليل على الاستمرار ثانيا والا فلا فههنا لما دل الاجماع على استمرار النجاسة في الماء المضاف
النجس إلى زمان ملاقاته مع الماء الكثير حكمنا به وبعد الملاقاة فالحكم مختلف فيه فاثبات الاستمرار حينئذ يحتاج إلى دليل لا يقال قول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة ليس ينبغي لك ان
تنقض اليقين ابدا بالشك ولكن تنقضه بيقين اخر يدل على استمرار احكام اليقين ما لم يثبت الرافع لأنا نقول التحقيق ان الحكم الشرعي الذي تعلق به اليقين إما ان يكون مستمرا
بمعنى ان له دليل دال على الاستمرار بظاهره أم لا وعلى الأول فالشك في رفعه على أقسام الأول إذا ثبت ان الشئ الفلاني رافع لحكمه لكن وقع الشك في وجود الرافع الثاني ان
الشئ الفلاني رافع للحكم معناه مجمل فوقع الشك في كون بعض الأشياء هل هو فرد له أم لا الثالث ان معناه معلوم ليس بمجمل لكن وقع الشك في اتصاف بعض الأشياء به وكونه فردا
115

له لعارض كتوقفه على اعتبار متعذرا وغير ذلك الرابع وقع الشك في كون الشئ الفلاني هل هو رافع للحكم المذكور أم لا والخبر المذكور انما يدل على النهى عن النقض
بالشك وانما بعقل ذلك في الصورة الأولى من تلك الصور الأربعة دون غيرها من الصور لان في غيرها من الصور لو نقض الحكم بوجود الامر الذي شك في كونه
رافعا لم يكن النقض بالشك بل انما حصل النقض باليقين بوجود ما يشك في كونه رافعا أو باليقين بوجود ما يشك في استمرار الحكم معه لا بالشك فان الشك
في تلك الصور كان حاصلا من قبل ولم يكن بسببه نقض وانما حصل النقض حين اليقين بوجود ما يشك في كونه رافعا للحكم بسلبه لان الشئ انما يستند إلى العلة
التامة أو الجزء الأخير منه فلا يكون في تلك الصور نقض للحكم اليقيني بالشك وانما يكون ذلك في صورة خاصة غيرها فلا عموم في الخبر ومما يؤيد ذلك أن السابق
على حدا الكلام في الرواية والذي جعل هذا الكلام دليلا عليه احكام من قبيل الصورة الأولى فيمكن حمل المفرد المعرف باللام عليه إذ لا عموم له بحسب الوضع بل هو موضوع
للمعهد كما صرح به بعض المحققين من علماء العربية وانما دلالته على العموم بسبب ان احتمال في مثل هذه المواضع ينافي الحكمة وتخصيصه بالبعض ترجيح من غير مرجح
وظاهر ان الفساد المذكور انما يكون حيث ينتفى ما يصلح بسببه الحمل على العهد وسبق الكلام في بعض أنواع المهية سبب ظاهر لصحة الحمل على العهد من غير لزوم
فساد نعم يتجه ثبوت العموم في جميع افراد النوع المعهود وليس هذا من قبيل تخصيص العام ببنائه على سبب خاص كما لا يخفى على أن الاستدلال في المسألة الأصولية
باخبار الآحاد مما منعه جماعة من المحققين بل نقل عليه الاجماع وهذا أيضا يوجب وهن هذا الاستدلال على هذا الوجه مع أن الخبر بظاهره مختص بحكم يكون له
استمرار لان ظاهر النقض ذلك فلا دلالة في الخبر على ما نحن فيه أصلا واما تفصيل احكام تلك الصور مع قطع النظر عن هذا الخبر فليس هذا موضع بيانه فتدبر جدا ويمكن
ان يقال إن الماء بعد الامتزاج طاهر إما المطلق الذي صار مضافا فلان الأصل في كل شئ الطهارة ما لم تثبت
النجاسة ولم تثبت النجاسة ههنا كما عرفت واما
المضاف فبعين هذا الدليل لان الثابت كان نجاسته إلى زمان الملاقاة وبعد الملاقاة فنجاسته مشكوك فيه والأصل الطهارة وهذا أيضا عندي منظور فيه لأنا
لا نسلم ان الأصل في كل شئ الطهارة لأن الطهارة والنجاسة حكمان شرعيان وكل منهما يعلم ببيان الشارع ولا شئ يدل على عموم الطهارة في كل شئ الا
ما يخرج بالدليل وربما يوجد ذلك في الماء المطلق حسب لا يقال رواية عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام كل شئ نظيف حتى يعلم أنه قذر يدل على
ذلك لأنا نقول قدر الذي يعلم دلالة الخبر عليه ان الأشياء طاهرة عند الجهل بعروض النجاسة لها أو كونها إحدى النجاسات لا عند الجهل بكونه نجسة أم لا شرعا
وسيجيئ زيادة بيان لذلك وما نحن فيه من قبيل الأخير فعلم أن اثبات هذا الأصل لا يخلوا عن اشكال نعم ان قلنا إن الأصل في الأشياء الإباحة لزم
جواز الشرب من مثل هذا الماء لكن البراءة اليقينية تقتضي تنزيه الجسد والثياب عنه في الصلاة والوضوء والوضوء بغيره وعلى ما ذكرنا لو لم يوجد الا ماء
قليل لا يكفي للطهارة لكن يمكن اتمامه بشئ من الماء المفروض بحيث لا يسلبه الاطلاق أو قلنا بجواز الطهارة بالماء المضاف ولم يوجد غيره ماء اخر ففي وجوب
الطهارة به اشكال ويمكن ترجيح الوجوب في الأول بان الماء القليل الذي تم به طاهر بمقتضى العمومات الدالة على طهارة المياه الا ما اخرج بالدليل
وبهذا الوجه يمكن تخريج الطهارة في محل البحث لكن لا يخلو عن تكلف ولو كان الثوب نجسا وكان المكلف مضطرا بلبسه ولا يمكن تطهيره الا بهذا الماء لم يبعد
الوجوب تحصيلا للبراءة اليقينية ان قلنا بجواز التطهير بالمياه المضافة ومما ذكرنا علم وجه التردد أيضا في طهارة المضاف النجس في صورة اتصاله بالمطلق
من غير امتزاج مزيل للاسم واستدل على الاشتراط بقاء الاطلاق بان المضاف يتوقف طهره على شيوعه في المطلق بحيث يستهلك وهذا لا يتم بدون
بقاء المطلق على اطلاقه وإذا لم يحصل الطهارة للمضاف وصار المطلق لخروجه عن الاسم قابلا للانفعال فلا جرم ينجس الجميع وفى توقف طهر المضاف على ما ذكره
منع واضح وقد يقال معترضا على عدم اشتراط بقاء الاسم طهارة النجس متوقفه على شيوع الماء الطاهر في جميع اجزائه واختلاطها به وذلك غير معلوم على أنه
بالشيوع ينفصل اجزاء المطلق بعضها عن بعض فيزول وصف الكثرة فينجس بالملاقات وهو ضعيف وقيل في الاحتجاج على عدم اشتراط بقاء الاسم ان بلوغ
الكرية سبب لعدم الانفعال من دون التغيير بالنجاسة فلا يؤثر المضاف في تنجيسه باستهلاكه إياه لقيام السبب وليس ثم عين نجسة يشار إليها يقتضى التنجيس
وفيه ضعف لان المقتضى لما ذكره الكرية مع الاطلاق واللازم من ذلك ثبوت الحكم الذي ذكره ما دام ماء مطلقا ومع استهلاك المضاف للمطلق يرتفع
الوصف المقتضى له وقيل في الاحتجاج لاشتراط عدم التغيير ان المضاف بعد تنجيسه صار في حكم النجاسة وكما ينجس الملاقى له ينجس المتغير به وضعفه ظاهر إذ لا نسلم انه صار في حكم
النجاسة ان أراد بذلك جميع الأحكام والا لم يفد ولا يخفى ان محل البحث بالنظر إلى القول الأخير على ما إذا بقى المضاف في الكثير فلو انعكس الفرض وجب الحكم بعدم الطهارة جزما لان مكان
المضاف متنجس به وما لم يصر مطلقا لا يطهر فترده إلى النجاسة لملاقاته إياه
الثاني الجاري من الماء المطلق والمراد به النابع غير البئر سواء جرى على وجه الأرض أم لا
والجاري لا عن مادة لا يسمى جاريا عرفا ولا ينجس الجاري الا بتغير أحد أوصافه الثلاثة والمراد بها اللون والطعم والرائحة دون غيرها من الصفات بالنجاسة فلو تغير في أحد
أوصافه بالنجس أو بمجاورة النجاسة لم ينجس خلافا للشيخ في الحكم الأول على ما أشرنا إليه في بحث المضاف وكلام المصنف يشتمل على حكمين الأول نجاسة الجاري بالتغيير المذكور
وهو مذهب العلماء كافة على ما ذكره المصنف والمحقق ويدل عليه من طريق العامة قوله صلى الله عليه وآله خلق الله الماء طهورا لا ينجسه شئ الا ما غير لونه أو طعمه أو ريحه ومن طريق الخاصة صحيحة حريز
عن أبي عبد الله عليه السلام قال كلما غلب الماء على ريح الجيفة فتوضأ من الماء واشرب فإذا تغير الماء وتغير الطعم فلا تتوضأ ولا تشرب ورواية أبى خالد القماط انه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول في الماء يمر به
الرجل وهو نقيع فيه الميتة والجيفة إن كان الماء قد تغير ريحه أو طعمه فلا تشرب ولا تتوضأ منه وان لم يتغير ريحه وطعمه فتوضأ واشرب ولا يخفى ان الاخبار الخاصية غير مشتملة
على ذكر اللون فيما اعلم لكن كفى لمستنده الخبر الأول وإن كان عاميا لعمل الأمة بمدلوله وقبولهم له على أن الحسن بن أبي عقيل ادعى انه قد تواتر عن الصادق عن ابائه عليهم السلام ان الماء
طاهر لا ينجسه شئ الا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته ثم المعتبر من التغيير عند أكثر الأصحاب ما يظهر للحس فلو كانت النجاسة مصلوبة الصفات لم تؤثر في الماء وان كثرت
لانتفاء التغير الذي هو مناط التنجيس والمصنف رحمه الله ذهب إلى وجوب تقدير المخالفة في النجاسة محتجا بان التغير الذي هو مناط النجاسة دائر مع الأوصاف فإذا فقدت وجب تقديرها
وهو اعاده للمدعى واحتج عليه فخر المدققين بان الماء مقهور بالنجاسة لأنه كلما لم يكن الماء مقهورا بالنجاسة لم يتغير بها على تقدير المخالفة وينعكس بعكس النقيض إلى قولنا
كلما تغير على تقدير المخالفة كان مقهورا ويتوجه عليه منع كلية الأولى فان المخالف يقول بعدم المقهورية مع تغيره بالنجاسة على تقدير المخالفة وقد يقال يمكن الاحتجاج
بان المضاف المسلوب الأوصاف لو وقع في الماء وجب اعتباره إما بقلة الأجزاء وكثرتها أو بتقديره مخالفا في الأوصاف على اختلاف القولين وإذا وجب الاعتبار في الجملة للمضاف فلنجاسة أولي
ولان عدم وجوب التقدير يفضى إلى جواز الاستعمال وان زادت النجاسة على الماء اضعافا وهو كالمعلوم البطلان فوجب تقدير الأوصاف لأنها مناط التنجيس وعدمه وأنت خبير بان الراجح في باب
المضاف الاعتبار بصدق الاسم دون غيره فلا يتم ما ذكره أولا وأيضا الامر المعلوم المنع من الاستعمال عند استهلاك النجاسة الماء لكثر بها وذلك لا يقتضى وجوب التقدير والمنع عن؟؟؟
الماء إذا لم تكن النجاسة بهذه المرتبة من الكثرة فظهر ان قول الأكثر لا يخلو عن قوة وهل المعتبر على القول بتقدير المخالفة وهو الوصف الأشد كحدة الخل وذكاء المسك وسواد الحبر لمناسبة
116

النجاسة تغليظ الحكم أو الوسط لأنه الأغلب ظاهر المصنف في النهاية الأول حيث قال ويعتبر ما هو الأحوط وفى الذكرى ينبغي فرض مخالف أشد اخذا بالاحتياط والثاني منسوب
إلى بعض المتأخرين ويحتمل اعتبار الأقل تغليب لجانب الطهارة وقد مر ما يؤيده أيضا في باب المضاف واستقرب اعتبر بعضهم اعتبار أوصاف الماء وسطا نظرا إلى شدة اختلافها في قبول
التغير وعدمه كالعذوبة والملوحة والرقة والغلظة والصفا والكدرة وهو مشكل إذا لم يكن الماء خارجا عن أوصافه الأصلية أو كان على الوصف القوى ولو اشتمل الماء على صفة
يمنع من ظهور التغير فيه فالظاهر وجوب تقدير خلو الماء عن ذلك الوصف لتحقق التغير حقيقة غاية الأمر انه مستور عن الحس وقد نبه عليه الشهيد في البيان ولو شك في
استناد التغير إلى النجاسة لم ينجس لقول الصادق عليه السلام كل ماء طاهر حتى تعلم أنه قدر الثاني عدم نجاسة الجاري بدون التغير وأطلق المصنف هنا وفى باقي كتبه اعتبر الكثرة في هذا الحكم
فبدونها ينجس بالملاقاة عنده والمشهور الأول نقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه ويظهر ذلك من كلام الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر أيضا وقال الشهيد في الذكرى انه لم نقف في ذلك
على مخالف مما سلف واستقربه الشهيد الثاني لتصريح المصنف باعتبار الكرية وفيه ان الظاهر أن مراده بمن سلف من تقدم على المصنف لأنه قد نقل عن المصنف اعتبار ذلك بغير فصل والمشهور
لا يخلو عن رجحان وتدل عليه العمومات الدالة على طهورية الماء الا ما خرج بالدليل كقول الصادق عليه السلام في صحيحة محمد بن حمران وجميل فان الله جعل التراب طهورا كما جعل الماء طهورا
وقوله عليه السلام في موثقة سماعة فان الله جعلهما طهورا الماء والصعيد والعمومات الدالة على جواز استعمال الماء بدون التغير كصحيحة حريز ورواية أبى خالد القماط وغيرهما خرج الواقف القليل
فيبقى غيره داخلا في عموم الخبر واما الأخبار الدالة على انفعال القليل بالملاقاة فبعضها لا عموم فيها حتى يشمل محل النزاع كقوله عليه السلام إذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شئ إذ العموم في مفهومه
غير ثابت فيحمل على الامر المنفى وبعضها مختص بالأواني وأمثالها كما سيجيئ وبعضها المتبادر منها ذلك نعم روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهم السلام قال
سألته عن الحمامة والدجاجة وأشباههن تطأ العذرة ثم تدخل في الماء يتوضأ منه للصلاة قال لا الا ان يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء وهذا بعمومه شامل المحل النزاع وهو
معارض للاخبار السابقة ومخصص لها إما بالنسبة إلى ما يدل على طهارة الماء مطلقا فلكونه أخص منه مطلقا واما بالنسبة إلى ما يدل على عدم الانفعال بدون التغير فهو وإن كان أعم
من وجه لكن تخصيصه به ينافي القول بانفعال القليل بالملاقات لكن لقائل أن يقول ليس المفرد المعرف باللام على حد الصيغ الموضوعة للعموم وانما يحمل على العموم من حيث إن
إرادة البعض من غير مساعدة قرينة دالة عليه ترجيح من غير مرجح والاجمال ينافي الحكمة وهذا انما يتم إذا لم يكن للحمل على البعض مرجح وحينئذ نقول من الجائز ان لم يكن القليل
من الجاري شائعا في بلد السائل والمسؤول عنه خصوصا في المواضع التي يتعارف ان تطأه الدجاجة والحمامة وأشباههن كالدور والمساكن وحمل المفرد المعرف باللام
على الافراد الشائعة التي تتبادر إليه الأذهان غير بعيد فليحمل عليه صونا للاخبار الكثيرة المؤيدة بالشهرة المعتضدة بنقل الاجماع والمؤيدات الآتية الا بالقدر المتحقق
واما المؤيدات فمنها صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب طعمه لان له مادة
وهذا الخبر قد جعله غير واحد من الأصحاب من جملة الأدلة ولى فيه تأمل لان التحقيق في العلة المنصوصة ان الحكم يتعدى إلى كل موضع يوجد فيه العلة إذا شهدن الحال
والقرائن على أن خصوص متعلقها الأول لا مدخل له في الحكم لا مطلقا واثبات الشهادة المذكورة هيهنا لا يخلو عن اشكال وما قيل من أن خصوصيته البئر لا يصلح للتعليل وشهادة
الحال بذلك ظاهرة لمن أحاط خبرا باحكام البئر وحينئذ ينحصر المقتضى لنفى الانفعال في وجود المادة وهي موجودة في مطلق النابع فاتمامه على وجه يطمئن القلب مشكل على أن
قوله عليه السلام لان له مادة يجوز ان يكون تعليلا لقوله فينزح حتى يذهب الريح وحينئذ لا يتم الاستدلال ومنها صحيحة محمد بن إسماعيل قال سمعت رجلا يقول لأبي عبد الله
انى ادخل الحمام في السحر وفيه الجنب وغير ذلك فأقوم واغتسل فينضح على بعد ما افرغ من مائهم قال أليس هو جار قلت بلى قال لا باس ومنها صحيحة داود بن سرحان قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في ماء الحمام قال هو بمنزلة الجاري واستدل عليه أيضا بوجوه الأول أصالة الطهارة فان الأشياء كلها على الطهارة الا ما نص الشارح على نجاسته
لأنها مخلوقة لمنافع العباد ولا يتم النفع الا بها والحق ان اثبات أصالة الطهارة بالدليل العقلي متعذر أو متعسر وما ذكره في بيانه ضعيف لحصول المنافع بالنجس أيضا الثاني
قول الصادق عليه السلام في ما روى عنه بطرق متعددة كل ماء طاهر حتى تعلم أنه قدر وفيه نظر لأن الظاهر المعلوم القدر من الخبر ان الماء على الطهارة إذا شك في عروض النجاسة له لا إذا
شك في كون الشئ سببا للنجاسة شرعا أم لا فان الحمل على أن الجهل بالحكم الشرعي موجب للطهارة بعيد غير مانوس بل الأقرب ان يكون المراد ان كل ماء طاهر حتى يعلم أنه بعض
الأشياء المتصفة بالنجاسة لا ان كل ماء طاهر حتى يعلم اتصافه بالنجاسة وبين المعنيين فرق وقد وقع نظير ذلك مفسرا في كلام الصادق عليه السلام فروى مسعدة بن صدقة عنه عليه السلام
قال سمعته يقول كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك مثل الثوب قد اشتريته وهو سرقة أو المملوك عندك ولعله حر قد باع نفسه
أو خدع فبيع أو قهرا أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة الثالث صحيحة الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام
قال لا باس ان يبول الرجل في الماء الجاري وفيه ضعف الرابع الاجماع الذي يظهر من كلام المعتبر مؤيدا بكلام الشهيد في الذكرى واثباته مشكل احتج المصنف بقوله عليه السلام في صحيحة معوية
ابن عمار ومحمد بن مسلم إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ والجواب انه لا عموم لمفهومه فيحمل على القدر المتيقن ابقاء للمنطوق المعتضد بالشهرة والامارات على عمومه الا فيما اقتضاه
الدليل واعلم أن الشهيد في الدروس اشترط دوام النبع في عدم انفعال القليل من الجاري بالملاقاة وتبعه بعض المتأخرين وهذا الشرط لا يخلو عن اجمال ونقل عن المتأخرين
في تفسيره وجهان الأول ان المراد بالدوام عدم الانقطاع في أثناء الزمان ككثير من المياه التي يخرج في زمان الشتاء وينقطع في الصيف واعترض عليه بان هذا المعنى
وإن كان له قرب بالنظر إلى ظاهر اللفظ لكنه مستبعد في نفسه جدا لأنه لا شاهد له من الاخبار ولا يساعد عليه الاعتبار فهو تخصيص لعموم الدليل بمجرد التشهي وذكر الفاضل
الشيخ على أن أكثر المتأخرين عن الشهيد رحمه الله ممن لا تحصيل لهم فهموا هذا المعنى من كلامه وهو منزه عن أن يذهب إلى مثله فإنه تقييد لاطلاق النص بمجرد الاستحسان وهو
أفحش اغلاط الفقهاء وبالغ في توجيه فساده حتى قال إنه ليس محط نظر فقيه فيحتاج إلى الكلام عليه والاعتناء برده الثاني ما فهمه الفاضل الشيخ على وجعله الظاهر
وهو ان المراد بدوام النبع استمراره حال الملاقاة واستحسنه بعض المتأخرين وقال في تقريبه ما ملخصه ان مناط الحكم لعدم انفعال القليل من الجاري بالملاقاة وجود
المادة وهو متخلف في مثل القليل الذي يخرج بطريق الترشح إذ ليس له فيما بين زماني الترشح مادة فيحصل الشك عند الملاقاة فيلزم الحكم بالانفعال عملا بالعموم
الدال عليه السالم عن معارضة وجود المادة والشرط المذكور لاخراج ذلك ولولاه لكان داخلا لصدق النبع عليه ثم اورد ان ما هذا شانه ربما حصل له في بعض الأوقات
قوة بحيث يظهر وجود المادة فيلزم عدم الانفعال حينئذ مع أن ظاهر الشرط يقتضى نجاسة ثم قال ويمكن ان يقال الشرط منزل على الغالب من عدم العلم بوجود المادة في مثله
وقت الملاقاة ويكون حكم ذلك الفرض النادر محالا على الاعتبار وهو شاهد بمساواته للمستمر ولا يخفى عليك ان التقريب الذي ذكره محل التأمل لان الأدلة الدالة على
انفعال القليل بالملاقاة لا عموم له بحيث يشمل ما نحن فيه على أن انفعال القليل في النبع لا يقدح في صدق المادة عرفا ويمكن التوجيه بان المراد بدوام النبع ما يحترز به عما
كان له نبع ثم انقطع بحيث لا يصدق عليه الجاري والنابع عرفا فإذا لاقاه حينئذ نجس وحينئذ يتم الاشتراط لكنه مع
كونه خلاف ظاهر العبارة لا يزيد على اشتراط النبع فتدبر فان تغير
بخس المتغير خاصة هذا الحكم يختلف باختلاف الماء بحسب القلة والكثرة والاستواء وعدمه واستيعاب النجاسة عمود الماء وعدمه وتمام الكلام فيه يحتاج إلى تمهيد بحث هو
117

ان الشهيد الثاني رحمه الله ذهب إلى أن استواء سطح الماء غير معتبر في الكر فلو بلغ الماء المتواصل المختلف السطوح كرا لم ينفعل شئ منه بملاقات النجاسة وذكر ان كلام الأصحاب خال من تقييد
الكر المجتمع بكون سطوحه مستوية وعد منهم المصنف فإنه اطلق في جهة الحكم بعدم الانفعال بملاقات النجاسة في مسألة الغديرين الموصول بينهما بساقيه إذا بلغ المجموع مع الساقية
كرا من غير اشتراط استواء السطوح وكذا في القليل المتصل الجاري وعزى إلى جماعة من متأخري الأصحاب اضطراب الفتوى في هذا الباب ورأيت ذلك في كلام الشهيد رحمه الله فإنه قال
في الدروس لو كان الجاري لا عن مادة ولاقته النجاسة لم ينجس ما فوقها مطلقا ولا ما تحتها إن كان جميعها كرا فصاعدا الا مع التغيير فأطلق الحكم بعدم نجاسة ما تحت موضع الملاقاة
وإذا بلغ المجموع كرا من غير اشتراط استواء السطح ثم قال بعد ذلك بقليل لو اتصل الواقف بالجاري اتحدا مع مساواة سطحهما وكون الجاري أعلى لانعكس ويكفى في العلم فوران
الماء من تحت الواقف فاعتبر في صدق الاتحاد مساواة السطحين أو علو الكثير وقال في البيان لو اتصل الواقف القليل بالجاري واتحد سطحهما أو كان الجاري أعلى اتحدوا
لو كان الواقف أعلى فلا وقال في الذكرى بعد حكمه بان اتصال القليل النجس بالكثير مماسة لا يطهره ولو كانت الملاقاة بعين ملاقاة النجاسة القليل بعد الاتصال ولو بساقيه لم ينجس
القليل مع مساواة السطحين أو علو الكثير واما ما نقله من المصنف من اطلاق الحكم فهو كذلك في أكثر كتبه لكنه في التذكرة قيده حيث قال لو وصل بين الغديرين بساقية اتحدا ان اعتدل
الماء والا في حق السافل فلو نقص الاعلى عن كر انفعل بالملاقات والمحقق في المعتبر اطلق الحكم حيث قال الغدير ان الطاهران إذا وصل بينهما بساقية صارا كالماء الواحد فلو وقع في
أحدهما نجاسة لم ينجس ولو نقص كل واحد منهما عن الكر إذا كان مجموعهما مع الساقية كرا فصاعدا الا أنه قال متصلا بذلك لو نقص الغدير عن كر فنجس فوصل بغدير فيه كر ففي
طهارته تردد والأشبه بقاؤه على النجاسة لأنه ممتاز عن الطاهر والنجس لو غلب على الطاهر نجسه مع ممازجته فكيف مع مباينته وهذا الكلام يؤذن بفرضه الحكم في غديرين
سطحهما مستو فيخرج الكلام عن الاطلاق لكنه اطلق الحكم بالطهارة في الواقف المتغير إذا كان الباقي كرا وكذا في الماء الواقف في النهر فإذا نقول الماء البالغ كرا لا يخلو إما ان يكون
سطحه مستويا أم لا فإن كان سطحه مستويا فلم اطلع على خلاف في أنه لا ينفعل بالنجاسة وان أمكن المناقشة فيه باعتبار عدم صدق الوحدة العرفية في بعض الصور وإذ لم يكن سطحه مستويا
فلا يخلو إما ان يكون يبلغ كرا أم لا فإن لم يبلغ كرا فلا يخلو إما ان يكون ملاقاة النجاسة للأعلى أو للأسفل وعلى الأول فمذهب الشهيد الثاني ومقتضى الاطلاقات السابقة عدم نجاسته
ومقتضى العبارات المنقولة عن الشهيد وكلام المصنف في التذكرة نجاسته وعلى الثاني مذهب الشهيد الثاني ومقتضى الاطلاقات السابقة وكلام المصنف في التذكرة عدم نجاسته ومقتضى
كلام الشهيد ومن تبعه النجاسة حيث اشترطوا استواء السطح أو علو الكثير وان بلغ الاعلى كرا فلا ريب في عدم قبوله للنجاسة بدون التغير وكذا الأسفل مع بلوغه الكرية وان
لم يبلغ فالأكثر صرحوا بأنه لا ينجس بملاقاة النجاسة ولم أجد مصرحا بخلافه لكن المصنف في المنتهى والتذكرة بعد اشتراطه كرية مادة الحمام وقف في الحاق الحوض الصغير ذي
المادة في غيره به وقال في النهاية بعد اشتراط الكثرة في مادة الحمام ولو كان الحوض الصغير في غير الحمام وله مادة فالأقرب الحاقه بالحمام لمساواته في المعنى والحكمة في هذه العبارات
اشعارا بالخلاف وبعضهم اعتبر الفرق بين الاتصال الحاصل بالميزاب ونحوه وبين ما يكون بالساقية في الأرض المنحدرة فحكم بما يتقويه الاعلى في الثاني دون الأول هذا
تحرير الأقوال في هذه المسألة احتج الشهيد الثاني بعموم ما دل على عدم انفعال مقدار الكل بملاقاته للنجاسة واعترض عليه بما محصله يرجع إلى أن النص متضمن للسؤال عن الماء
المجتمع ويقدم السؤال عن بعض أنواع المهية عهد ظاهر فلتحمل عليه لفظة الماء فيما دل على اشتراط الكرية في عدم الانفعال لان عموم المفرد المعرف بالام ليس من حيث كونه موضوعا
لذلك على صيغ العموم بل باعتبار منافاته عدم ارادته للحكمة والمنافات المذكورة انما يكون عند عدم العلم وفيه نظر إذ لا تخصيص في النصوص الدالة على ما ذكرنا السؤال عن الماء
المجتمع يظهر ذلك بالمراجعة إليها نعم يرد عليه ان في صورة عدم الاستواء لا نسلم الاتحاد بين المائين فلا يصدق على كل منهما ان الماء بلغ كرا وذلك موقوف على اتحاده
مع الماء الآخر عرفا وهو ممنوع هناك وللمستدل أن يقول بصدق الوحدة العرفية في بعض صور عدم الاستواءة وضعه مكابرة فثبت الحكم فيه بالدليل الذي ذكر وينسحب في غيره للاجماع المركب
لكن الشأن في اثباته والأقرب ما اختاره الشهيد الثاني للعمومات الدالة على طهورية المياه الا ما اخرج بالدليل وللعمومات الدالة على عدم نجاسة الماء بدون التغير خرج عنه الماء
القليل إذا لم يتصل بماء اخر بحيث يكون المجموع كرا بالدليل فيبقى غيره داخلا في عموم الاخبار إذ لا عموم في أدلة انفعال القليل بالملاقاة بحيث يشمل محل النزاع إذ بعضها
مختص بمياه الأواني وأمثالها وبعضها لا عموم فيها كمفهوم قوله عليه السلام إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ وعسى ان يجئ زيادة توضيح لذلك لا يقال صحيحة علي بن جعفر السابقة
تدل على نجاسة كل ماء قليل بملاقات النجاسة سواء اتصل بماء اخر أم لا لأنا نقول لا نسلم ذلك لان المفرد المعرف باللام فيها محمول على الافراد الغالبة التي ينساق إليها الأذهان
وشمولها لكل فرد للطبيعة ممنوع كما أشرنا إليه ومما ذكرنا يعلم ضعف ما قال بعض المتأخرين من أنه ليس اعتبار المساواة في الجملة بالبعيد لان ظاهر الاخبار المتضمنة لحكم الكر اشتراطا وكمية
اعتبار الاجماع في الماء وصدق الوحدة والكثرة في تحقق ذلك في كثير من الصور نظر وذكر هذا القائل في توجيه القليل والمتصل بالكثير إذا كان أعلى منه بالكثير المستوى السطوح حتى لا ينسحب فيه
الاعتبار الذي ذكره ان المقتضى لعدم انفعال النابع بالملاقاة هو وجود المادة ولا ريب ان تأثير المادة انما هو باعتبار إفادتها الاتحاد بالكثرة وليس الزائد منها على الكر بمعتبر في نظر الشارع
فيرجع حاصل المقتضى إلى كونه متصلا بالكر على جهة جريانه إليه واستيلائه عليه وهذا المعنى بعينه موجود فيما نحن فيه فيجب ان يحصل مقتضاه ويؤيد ذلك حكم ماء الحمام فانا لا نعلم
من الأصحاب مخالفا في عدم انفعاله بالملاقاة مع بلوغ المادة كرا والأخبار الواردة فيه شاهدة بذلك أيضا وليس لخصوصية الحمام عند التحقيق مدخل في ذلك وما ذكره من أن المقتضى لعدم انفعال
التابع بالملاقاة هو وجود المادة إشارة إلى التعليل المذكور في خبر محمد بن إسماعيل السالف وأنت خبير بضعف دلالتها على العموم خصوصا فيما ليس بنابع وقوله ليس لخصوصية الحمام عند التحقيق مدخل
في ذلك محل تأمل وعلى القول بالحاق القليل المتصل بالكثير المستوى السطوح دون ما إذا لم يكن أعلى منه فهل يعتبر استواء السطوح في المادة بالنظر إلى عدم انفعال ما تحتها أم لا فيه وجهان
وصرح بعضهم بالعدم لصدق المادة الكثيرة مع الاختلاف ولان المادة المعتبرة في النابع ليست بمستواه ويحتمل خلافه لاحتمال ان يكون المراد من المادة ما لا ينفعل بملاقاة النجاسة
وههنا ليس كذلك وعلى هذا القول يعتبر الاستواء في عدم انفعال المادة بنفسها قطعا ولو لاقتها نجاسة نجس موضع الملاقاة ولا يلزم نجاسة ما فوقها لأن النجاسة لا تسرى من الأسفل
إلى الاعلى وهل يلزم نجاسة ما لاقتها إذا لم يكن فيه كر مجتمع يحتمل ذلك لأنه ماء قليل لاقي نجسا وربما استبعد ذلك حيث يكون الماء كثيرا جدا لا سيما انفعال اخر جزء منه بملاقاة أول
الجزء على ما هو شأن ما ينفعل بالملاقاة ويحتمل العدم إذ لا دلالة في أدلة انفعال القليل بملاقاة النجس على انفعاله بملاقاته مطلقا على أي نحو كانت وليس مجرد الاتصال بالنجس موجبا للنجاسة شرعا
لتخلف ذلك في كثير من الموارد وهذا هو الكلام في الواقف واما الجاري فلا ريب في عدم اشتراط استواء السطوح في عدم الانفعال بالملاقات على القول بعدم اشتراط الكريه كما هو المشهور واما عند المصنف
القائل باشتراط الكرية في الجاري فاشتراط استواء السطح محتمل لكن الظاهر من كلامه انه يكتفى هنا ببلوغ مجموع الماء مقدار الكر وان اختلفت سطوحه بخلاف الواقف كأنه يشترط فيه في بعض
كتبه المساواة على بعض الوجوه ولم يتعرض لذلك هنا قال بعض الفضلاء فكأنه يرى للجاري خصوصية عن الواقف في الجملة وان شاركه في انفعال قليله بالملاقات ولعل الخصوصية كون الغالب فيه عدم الاستواء
فلو اعتبرت المساواة على حد ما ذكره في الواقف للزم الحكم بتنجيس الأنهار العظيمة بملاقاة النجاسة أوائلها التي لا تبلغ مقدار الكر ولو بضميمة ما فوقها وذلك معلوم الانتفاء إذا عرفت هذا فاعلم أنه إذا تغير الجاري بالنجاسة فلا يخلو إما ان
118

يكون النجاسة مستوعبة له أم لا وعلى الأول نجس أجمع وعلى الثاني نجس المتغير قطعا واما الباقي فيختلف بحسب اختلاف حال الماء فلا يخلو إما ان يكون الماء مستوى السطوح
أم لا وعلى التقديرين إما ان تستوعب النجاسة عمود الماء وهو ما بين حافتي المجرى عرضا وعمقا أم لا وعلى الأول إما ان يبلغ ما يلي المتغير من غير جهة المنبع كر أم لا فهذه ست
صور الأولى ان يكون السطوح مستوية ولا تستوعب النجاسة عمود الماء ولا ريب في اختصاص المتغير بالنجاسة إذا بلغ الباقي كرا وان لم يبلغ فيبنى على الخلاف في اشتراط
الكرية في الجاري الثانية الصورة بحالها لكن استوعب النجاسة عمود الماء وكان ما يلي المتغير من غير جهة المنبع كرا وحكمها كالأولى لكن يشترط في بقاء ما يلي المتغير إلى جانب
المنبع على الطهارة ان يكون كرا بناء على القول باشتراط الكرية في الجاري وعن بعضهم الحكم بعدم الانفعال مع القلة وان اعتبرنا الكرية استنادا إلى أن جهة المنبع في الجاري
أعلى سطحا فلا تسرى النجاسة إليه وفيه منع واضح لان الجريان قد يتحقق مع المساواة خصوصا المساواة العرفية التي هي مناط الاعتبار الثالثة الصورة بحالها
ولكن يكون ما يلي المتغير من غير جهة المنبع دون الكر ولا ريب في نجاسة لقلته مع ملاقاته للنجاسة وحكم ما قبل المتغير كما قبلها الرابعة ان تختلف السطوح ولم تستوعب
النجاسة العمود وهي كالصورة الأولى في الحكم بناء على ما ذكرنا من عدم اشتراط استواء السطوح في الماء الجاري وان قلنا باشتراط الكرية فيه الخامسة الصورة بحالها
ولكن استوعبت النجاسة العمود وكان ما بعده بالغا قدر الكر فلا يخلو إما ان يكون سطوح ما بعده مستويا أم مختلفا وعلى الأول فلا ريب في بقائه على الطهارة وعلى الثاني
فهو مبنى على الخلاف المتقدم في اشتراط استواء سطوح مقدار الكر في الواقف وعدمه ومن التفصيل المذكور فيه يستفاد الحكم هيهنا واما ما يلي المنبع فهو طاهر قطعا وان
اعتبرنا الكرية في الجاري إن كان فوقه والا فيشترط في طهارته الكرية بناء على القول باعتبارها في الجاري السادسة الصورة بحالها ولكن كان ما بعد المتغير دون الكر
ولا ريب في نجاسته وحكم ما قبل المتغير كما قبلها ويطهر بتدافع الماء الطاهر عليه حتى يزول التغير تمام الكلام في هذه المسألة يحتاج إلى تقديم بحث هو انه هل يكفي في تطهير الماء مجرد
الاتصال أم لابد من الممازجة والاستيلاء اختلف فيه كلام الأصحاب وظهر من فتوى جماعة منهم الاضطراب فمن صرح بعدم الاكتفاء بالاتصال المحقق في المعتبر في مسألة الغديرين
الموصول بينهما بساقية والمصنف في التذكرة في المسألة المذكورة والشهيد في الذكرى حكم بعدم طهارة القليل بمماسته الكثير واعتبر المصنف في هي؟ والنهاية في تطهير الحوض الصغير من
الحمام غلبة المادة عليه بحيث يستولى عليه ولم يكتف باجرائها إليه وقريب منه في التحرير واكتفى المصنف بمجرد الاتصال في المنتهى في مسألة الغديرين على الظاهر من كلامه وجعل في التحرير
الأولى زوال النجاسة بالاتصال في المسألة المذكورة وقريب منه في النهاية واكتفى الشهيد في اللمعة بمجرد الملاقاة وقال الشارح في الروضة يشمل اطلاق المساواة ما لو تساوى
سطحاهما أو اختلفا مع علو المطهر على النجس وعدمه والمصنف لا يرى الاجتزاء بالاطلاق في باقي كتبه بل يعتبر الدفعة والممازجة وعلو المطهر أو مساواته انتهى وممن جعل المناط
الاتصال الفاضل الشيخ على والشهيد الثاني لكنه قيد المساواة أو علو المطهر وصدق لوحدة العرفية في بعض كتبه وأطلق في البعض وحجة من اعتبر الامتزاج ان النجس في
صورة عدم الامتزاج متميز عن الطاهر فيكون على حكمه وفيه انه ان أراد بالتمييز عدم صدق الوحدة العرفية بينه وبين الظاهر فالصغرى ممنوع كلية وان أراد أعم من ذلك
فالكبرى ممنوع على انا لا نسلم توقف الطهارة على عدم التمييز لابد لذلك من دليل ويمكن الاستدلال عليه بوجهين آخرين الأول أصالة عدم الطهارة؟؟؟ فان حكم النجاسة
مستصحب إلى أن يثبت الرافع ولم يثبت ان مجرد الاتصال كاف ويرد عليه ما أشرنا إليه سابقا من أن استمرار الحكم تابع لدلالة الدليل الدال عليه فإذا دل الدليل عليه ثبت و
الا فلا وههنا القدر المسلم استصحاب النجاسة إلى زمان الاتصال حسب سلمنا الاستصحاب لكنه دليل ظني وقد عارضه ههنا أقوى منه وهو العمومات الدالة على طهورية
المياه مطلقا والعمومات الدالة على طهارة الماء الذي لم يتغير بالنجاسة فيكون العمل بها متعينا سلمنا عدم قوة المعارض لكن ترجيح الاستصحاب عليه يحتاج إلى دليل الثاني
توقف البراءة اليقينية على الاجتناب عنه ما لم يمتزج يقتضى الحكم بنجاسة ويرد عليه دلالة العمومات المذكورة على الطهارة فتحصل البراءة اليقينية على أن البراءة اليقينية قد يقتضى
استعماله كما إذا انحصر الماء فيه واحتجنا إلى الطهارة احتج الشارح الفاضل على الاكتفاء بمجرد الاتصال وعدم الاحتياج إلى الامتزاج بالأصل ولعدم تحقق الامتزاج لأنه ان أريد به
امتزاج مجموع الأجزاء لم يتحقق الحكم بالطهارة لعدم العلم بذلك بل ربما علم عدمه وان أريد به البعض لم يكن المطهر للبعض الأخر الامتزاج بل مجرد الاتصال فيلزم إما القول
بعدم طهارته أو القول بالاكتفاء بمجرد الاتصال ولان الأجزاء الملاقية للطاهر يظهر بمجرد الاتصال قطعا فيطهر الأجزاء التي تليها لاتصالها بالكثير الطاهر وكذا القول في بقية الأجزاء
ولان اتصال القليل بالنابع قبل النجاسة كاف في رفع النجاسة وعدم قبولها وان لم يمتزج فكذا بعدها لأن عدم قبول النجاسة انما هو لصيرورة المائين ماء واحدا
بالاتصال وهو بعينه قائم في المتنازع فهذه وجوه أربعة وفى الكل نظر إما الأول فلما أشرنا إليه من أن كلا من الطهارة والنجاسة حكم شرعي يحتاج إلى دليل ولا مدخل للعقل فيها
وأجيب عنه أيضا بمعارضته لاستصحاب النجاسة واما الثاني فلانا نقول غرض القائل باشتراط الامتزاج ان الماء النجس الذي له وحدة حقيقية لا يطهر الا بان يصدق على مجموعه من
حيث هو مجموع انه ممتزج معه مستهلك فيه وذلك انما يحصل بامتزاج بعض اجزائه مع المطهر ونفوذه في بعض اجزاء المطهر حتى يصدق على المجموع انه ممتزج معه وحينئذ يلزم طهارة
المجموع ويلزم من ذلك طهارة الأجزاء الغير الممتزجة باتصال خاص وهو اتصال مجامع لصدق الامتزاج على المجموع للاتفاق عليه ولا يلزم من كون اتصال خاص سببا للطهارة بدليل
شرعي كون الاتصال مطلقا سببا لها لكونها غير مورد الدليل ولا نص هنا على علة مشتركة توجب تعدية الحكم واما الثالث فلانه موقوف على أن للماء اجزاء متعددة بالفعل
بعضها ملاق لبعض وهو ممنوع بل ليس ههنا الا جسم واحد متصل حصل الاتصال لطرفة بالجسم الطاهر واثبات كون ذلك مطهرا له يحتاج إلى دليل شرعي على انا لو سلمنا تعدد
الأجزاء وتلاقي بعضها بالبعض في الحقيقة أو في العرف لكن لنا ان نقول كون الماء مطهرا لنفسه على أي وجه اتفق ملاقاته لها يحتاج إلى دلالة شرعية وهي هنا ممنوعة والعمومات الدالة على طهورية
الماء لا يدل الا على كونه طهورا في الجملة فيحتاج في اجرائها إلى خصوص المواد إلى ضميمة الاجماع وهو في محل النزاع ممنوع واما الرابع فلان عدم الانفعال بملاقاة النجاسة حال كونه طاهرا
بسبب الاتصال لا يستلزم زوال النجاسة بسببه وما ذكر في تعليله ضعيف والأجود الاستدلال عليه بالعمومات الدالة على طهورية الماء وبالعمومات الدالة على طهارة الماء إذا لم يكن
متغيرا بالنجاسة لا يقال قول أبى جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة لا تنقض اليقين ابدا بالشك ولكن تنقضه بيقين اخر يقتضى استصحاب النجاسة إلى أن يثبت الرافع لأنا نقول قد أشرنا في
احكام المضاف إلى أن الاستدلال بهذا الخبر في أمثال هذه المواضع غير صحيح ومع قطع النظر عن ذلك نقول ليس النقض ههنا بالشك بل باليقين المستفاد من الدليل الدال على
وجوب العمل بالعام ما لم يثبت تخصيصه بدليل كما هو الواقع ههنا فاندفع الايراد لكن يرد عليه ان كثيرا من الاخبار الآتية في مبحث نجاسة القليل بالملاقات دال على النهى من
الوضوء بالقليل النجس بالنجاسة المذكورة فيها على وجه يعم الأوقات فيكون هذا الحكم مستصحبا فيها إلى أن يثبت الرافع والنهى فيها وان احتمل الرجحان المطلق لكن باقي أدلة نجاسة
القليل بالملاقاة قرينة على أن ليس المراد به فيها ذلك وحينئذ يجب قصر الصلاة بصورة الامتزاج لكونها مورد الاتفاق وبدونه لا يصح الحكم بالطهارة لعدم الدليل ولا يمكن تخصيص
هذه الأخبار بتلك العمومات بناء على القول بانفعال القليل بالملاقات مع كونها أخص مطلقا من بعض تلك العمومات فاذن ثبت ان القليل لا يطهر بالاتصال ثم يضم إليه دعوى الاجماع
على عدم الفصل حتى يعم الحكم لكن المعارض أن يقول مقتضى العمومات السابقة طهارة الكر النجس بالاتصال بعد زوال التغير لسلامتها في دلالتها عليها عن المعارض ثم يضم إليه
دعوى الاجماع على عدم الفصل حتى يعم الحكم والتحقيق انه ان ثبت الاجماع على عدم الفصل كان الدليلان متعارضين ولابد من ترجيح أحدهما على الأخر من دليل ولا يبعد ترجيح
119

أحدهما على الأخر من دليل ولا يبعد ترجيح اخبار القليل لكثرتها وعندي التوقف في هذه المسألة والاحتياط في العمل أصوب إذا عرفت هذا فاعلم أن الجاري إذا حكم بنجاسة
يتوقف طهره من نفسه على زوال تغيره وتدافع المادة وتكاثرها عليه حتى يستهلكه ان اعتبرنا الامتزاج في تطهير الماء واما على القول بالاكتفاء بمجرد الاتصال فالمنقول عن ظاهر
بعضهم توقفه عن ذلك أيضا نظرا إلى أن الاتصال المعتبر في التطهير هو الحاصل بطريق العلو على النجس أو المساواة له وليس ذلك بمتحقق في المادة لأنها باعتبار خروجها من
الأرض لا يكون الا أسفل منه وهذا التعليل لا يتم على اطلاقه ومن المتأخرين من قال إن كان للمادة نحو علو على الماء النجس أو مساواة له فالمتجه الحكم بالطهارة عند زوال التغير بناء
على الاكتفاء بالاتصال والا فاشتراط التدافع والتكاثر متعين والمنقول عن جمع من المتأخرين حصول الطهارة بمجرد زوال التغير وعللوه بوجود المادة واختاره الفاضل
الشيخ على وهو غير بعيد للعمومات السابقة وسائر ما يدل على عدم انفعال الجاري بالملاقاة وجميع ذلك على ما اخترنا من عدم انفعال الجاري بالملاقاة سواء قلت أو كثرت لا اشكال
فيه واما على القول باشتراط الكرية وعدم الانفعال ففيه اشكال والمصنف اطلق في كتبه طهارة الجاري المتغير بتكاثر الماء وتدافعه عليه ولا يخفى ان ذلك لا يتم على ما ذهب إليه
من انفعال ما دون الكر من الجاري بالملاقاة إذ ما يتجدد من الماء عند استيعاب التغير لجميع الماء أو لبعضه بحيث لا يبلغ ما عدا المتغير الا يبلغ مقدار الكر فيلزم انفعاله بسبب
ملاقاة المتغير وهكذا يقال فيما بعده فلا يتصور حصول الطهارة به وان استهلك المتحد والمتغير وكلامه صريح في خلافه ولو التزمه قائل يلزم عليه بقاء الأنهار العظيمة على النجاسة
وعدم قبول التطهير من نفسه بلا مطهر خارج إذا استوعب التغير أوائلها المتصلة بالمنبع ولا ريب في بطلان ذلك فيمكن ان يجعل هذا من جملة الأدلة على بطلان الاشتراط المذكور و
يظهر من كلام المصنف في حكم تغيير البئر انه يرى بعض النزح وان أمكن إزالة التغير بغيره وعن بعض المتأخرين انه حمله على أنه ناظر إلى اشتراط الكرية في عدم انفعاله لكونه من جملة أنواع
الجاري الذي يعتبر فيه الكرية فلا يصلح المادة بمجردها للتطهير حتى يزول التغير واعترض عليه بان حكمه بحصول الطهارة بمثل ذلك في مطلق الجاري الذي هو العنوان في الاشتراط
ينافي هذا الحمل ولو نظر إلى ذلك في حكم البئر لكان مورد الشرط أعني مطلق الجاري أحق بهذا النظر وهو حسن ثم لا يخفى ان طريق تطهير الجاري لا ينحصر فيما ذكر بل يمكن تطهيره بغير
ذلك مما يطهر به الواقف وسيجيئ تفصيله إن شاء الله تعالى وماء الحمام والمراد به ما في الحياض الصغار مما لا يبلغ الكر إذا كانت له مادة من كر فصاعدا وماء الغيث حال تقاطره
كالجاري إما الحكم الأول فلصحيحة داود بن سرحان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أتقول في ماء الحمام قال هو بمنزلة الماء الجاري ورواية بكر بن حبيب عن أبي جعفر عليه السلام قال ماء الحمام ولا
باس به إذا كانت له مادة وقول الصادق عليه السلام في رواية ابن أبي يعفور ماء الحمام كماء النهر يطهر بعضه بعضا والخبر الأول والثالث وان كانا عامين لكن الظاهر أنه لا خلاف في اختصاص
الحكم بصورة وجود المادة بين القائلين بنجاسة القليل بالملاقاة فيخصان بها لذلك وللخبر الثاني وضعفه منجر بالشهرة والمشهور اعتبار الكثرة في مادة الحمام وقال المحقق ولا
اعتبار بقلة المادة وكثرتها لكن لو تحقق نجاستها لم يطهر بالجريان وهذا باطلاقه يدل على عدم اعتبار الكثرة في المادة وان لم يبلغ مع ماء الحوض كرا ولعل مستنده اطلاق
الأخبار السابقة واعترض عليه بمنع الدلالة إما الرواية الأولى فلعدم التعرض فيها للقلة ولا لتأثير المادة فجاز إرادة الكثير منه ولئن سلمنا العموم في لفظه فلا ريب ان
عموم اشتراط الكرية أقوى دلالة منه تخصيصه به واما الثانية فلانها وإن كانت ظاهرة في القليل والمادة فيها مطلقة الا ان احتمال البناء على الغالب من أكثرية المادة أو
إرادة الكثير من لفظة المادة نظرا إلى المتعارف منه يقتضى ضعفه عن مقاومة عموم اعتبار الكرية وفيه نظر إما أولا فلان عدم التعرض للقلة وتأثير المادة لا ينفى صحة
التمسك بها باعتبار عمومها ولا يوجب تعين إرادة الكثير منه وبالجملة ماء الحمام أعم من الجميع لكن خرج منه القليل الذي لم يتصل بالمادة أصلا باتفاق القائلين بنجاسة القليلان
بالملاقاة فيبقى غيره داخلا في عموم الخبر واما ثانيا فلانا لا نسلم عموم اشتراط الكرية في عدم الانفعال بالملاقاة فان الأدلة الدالة على انفعال القليل بالملاقاة لا عموم
لها بحيث تشمل محل النزاع كما سيظهر ويعضد مذهب المحقق العمومات الدالة على طهورية مطلق الماء والعمومات الدالة على طهارة مطلق الماء الذي لم يتغير بالنجاسة السالمة
عن معارضة دليل دال على نجاسة بالملاقاة فظهر ان مذهبه لا يخلو عن قوة لكن الاحتياط فيما ذهب إليه معظم الأصحاب ثم اعلم أن المصنف وكثيرا من الأصحاب اطلقوا اشتراط كرية
مادة الحمام وكانه بناء على الغالب من عدم مساواة مادة الحمام للحوض والا فالمتجه حينئذ الاكتفاء بكون مجموع
المادة مع الحوض كرا كما حكموا في مسألة الغديرين وصرح بعضهم
بالتفصيل ثم ظاهر هذا الاطلاق يدل على اعتبار المساواة في الكر كما صرح به في التذكرة لكن كلام التذكرة يدل على عدم انفعال السافل وما هنا يقتضى انفعال السافل أيضا فيكون
حكم الحمام أغلظ من غيره والحال يقتضى العكس كما صرحوا به والمصنف بعد اعتباره في التذكرة الكثرة في مادة الحمام استشكل انسحاب حكمه في غيره مع تصريحه فيه بتقوى الأسفل
بالأعلى على أن بلغ المجموع الكر ويمكن الجمع بالفرق بين الاتصال الحاصل بالميزاب وشبهه وبين ما يكون الساقية في الأرض المنحدرة حيث إن الامر في الحمام غالبا على الوجه الأول
وقد فرض اتصال الغديرين بالوجه الثاني وحينئذ لا يلزم كون الحمام أغلظ الا انه تقييد لكلامهم من غير دليل واكتفى الشهيد الثاني بناء على أصله السابق ببلوغ المجموع من
المادة والخوض مقدار الكر مع التواصل مطلقا وهو غير بعيد كما أشرنا إليه وعن بعض المتأخرين انه ذكر ان بلوغ المجموع قدر الكر كان مطلقا اجماعا وان اطلاق الأصحاب اشتراط
كرية المادة مبنى على الغالب من كثرة اخذ الماء من الحوض وعن بعضهم انه عد اشتراط اطلاق الكرية في المادة قولا مغايرا للتفصيل باستواء السطوح وعدمه ومقتضاه وجود
القائل باشتراط كرية المادة وحدها وان استوت السطوح وما أبعد ما بين الكلامين والظاهر أنهما بعيدان عن الصواب ثم إن عرض لحوض الحمام نجاسة فطريق تطهيره اجراء المادة
عليه فإن كان للمادة علو فلا يخلو ما ان يكتفى بالاتصال في تطهير أم نعتبر الامتزاج وعلى الأول فيعتبر زيادتها على الكر بمقدار الماء المنحدر عنه المتصل بالحوض ولك لان الأجزاء التي
تتصل بالحوض منها ما ينفصل في الحكم عن المادة لكونها أسفل منها فيعتبر في عدم انفعالها بملاق؟ الحوض اتصالها بمادة كثيرة عالية ثم إن لم نعتبر في المادة تساوى السطوح
بالنسبة إلى عدم انفعال ما تحته فالمعتبر ان يكون أعلاه بمقدار الكر ولا يعتبر زائدا على ذلك الا ان نفرض تغير بعضه بسبب النجاسة فيشترط في التطهير زيادته على الكر حتى
يسلم مقدار الكر عن ذلك وان اعتبرنا ذلك كما هو أحد الاحتمالين في المسألة فالمعتبر ان يكون في أعلاه مقدار الكر مجتمعا وعلى الثاني فيعتبر في المادة زيادتها على الكر
بمقدار ما يتوقف عليه صدق الامتزاج وعلى أحد الاحتمالين السابقين تعتبر الزيادة بمقدار الماء المنحدر في المجرى أيضا ووجه الأخير قد عرف واما الأول فلما عرفت من أن
الأجزاء التي تتصل بالحوض منها تنفعل بملاقاة ماء الحوض لولا اتصالها بمادة كثيرة عالية عليه وهكذا في كل جزء يدخل في الحوض إلى أن يصدق الامتزاج المعتبر في التطهير
وان فرض اجزاء المادة إليه متساوية كما يتفق في بعض البلاد من جعل موضع الاتصال أسفل الحوض كفى اتصالها بالحوض على أحد القولين وجريانها إليه بقوة إلى أن يحصل
الامتزاج على القول الآخر والظاهر أنه لا يعتبر حينئذ زيادتها على الكر وهذه الأحكام انما تكون على القول باشتراط علو المادة الكثيرة أو مساواته في عدم الانفعال بالملاقات
واما على القول بالاكتفاء ببلوغ المجموع مقدار الكر كما هو الراجح فلا يشترط زيادة المادة على الكر والظاهر أن اطلاق المصنف في كتبه طهارة ماء الحوض بتكاثر المادة وغلبتها عليه
مقيد بما ذكرناه لان كرية المادة وحدها معتبرة عنده في عدم انفعال السافل فيجب ان تبقى المادة على الكرية ما بقى الحوض على النجاسة تدبر واما الحكم الثاني وهو ان ماء
الغيث حال تقاطره كالجاري فهو المشهور بين الأصحاب ذهب إليه الفاضلان والشهيد وغيرهم ويلوح من كلام الشيخ في التهذيب والمبسوط اشتراط الجريان من الميزاب ونسب ذلك إلى
صاحب الجامع حجة الأولين صحيحة هشام انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن السطح يبال عليه فتصيبه السماء فتكف فيصيب الثوب فقال لا باس به ما اصابه من الماء أكثر منه وصحيحة
120

علي بن جعفر انه سأل أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلى فيه قبل ان يغسل فقال لا يغسل ثوبه ولا رجله يصلى
فيه ولا باس وما رواه الكليني في الكافي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث قلت فيسيل على ماء من المطر ارى فيه التغير وارى فيه اثار القذر فتقطر القطرات على وينتضح على
منه والبيت يتوضأ على سطحه فيكف على؟؟ يا بناء قال ما بذا باس ولا تغسله كل شئ يراه ماء المطهر فقد طهر وما رواه الكليني عن أبي الحسن عليه السلام في طين المطر انه لا بأس به أيصيب
الثوب ثلاثة أيام الا ان يعلم أنه قد نجسه شئ بعد المطر فان اصابه بعد ثلاثة أيام فاغسله وإن كان الطريق نظيفا لم تغسله وفى من لا يحضره الفقيه وسئل عليه السلام عن طين
المطر يصيب الثوب فيه البول والعذرة والدم فقال طين المطر لا ينجس وفى دلالة تلك الأخبار على المدعا نظرا ما الأول فلانه يدل على عدم نجاسة ماء المطر بملاقاة النجاسة إذا
ورد عليها وستعلم ذهاب المرتضى ومن تبعه إلى عدم انفعال القليل من الواقف بملاقاة النجاسة إذا ورد عليها مع حكمهم بنجاسته في عكسه فلا دلالة في الخبر على عدم انفعاله مطلقا
فلا يثبت بذلك كونه كالجاري ولا انفصاله عن الواقف في الحكم واما الثاني وإن كان دالا على عدم انفعال القليل من ماء المطر بملاقاة النجاسة بعد تسليم نجاسة الخمر لكن فيه
اشعارا بالجريان وان لم يكن من الميزاب ولعل ذكر الميزاب في كلام الشيخ للتمثيل لا للتعيين فلا دلالة فيه على نفى مذهب الشيخ وأيضا غاية ما يستفاد منه ان ماء المطر لا ينفعل بملاقاة
النجاسة وبمجرد ذلك لا يلزم ان يثبت له جميع احكام الجاري حتى تطهير المياه وغيرها ويمكن دفعه بالاستعانة بالاجماع المركب ان ثبت واما الثالث فلضعف الرواية بالارسال وأيضا
بعضهم اورد عليه انها في الدلالة قرينة من صحيحة هشام وكانه نظر إلى أن الظاهر من قوله عليه السلام كلما تراه المطر ورد عليه المطر ويمكن ان يقال المطر الذي ورد عليه النجاسة إذا ورد على الشئ يطهره
لعموم الخبر ويلزم منه طهارته وأيضا يستفاد من الخبر انه يطهر المياه النجسة ويلزم ان يثبت له سائر احكام الجاري عملا بالاجماع المركب لكن في اثباته عسر ويمكن التعويل على هذا
الخبر بان يقال ضعفه منجبر بالشهرة وعمل الأصحاب واما الرابع والخامس فلضعف الرواية بالارسال مع عدم العموم ويمكن دفعه بالاستعانة بالاجماع المركب ان ثبت حجة الشيخ ما رواه
في الحسن عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام في ميزابين سالا أحدهما بول والاخر ماء المطر فاختلطا فأصاب ثوب رجل لم يضر ذلك وفى الصحيح عن علي بن جعفر انه سأل أخاه أبا الحسن
موسى ابن جعفر عليهما السلام عن البيت يبال على ظهره ويغتسل من الجنابة ثم يصيبه المطر يؤخذ من مائه فيتوضأ به للصلاة فقال إذا جرى فلا باس وروى محمد بن حمران عن أبي
عبد الله عليه السلام قال لو أن ميزابين سالا ميزاب ببول وميزاب بماء فاختلطا ثم أصابك ما كان به باس وفى دلالة تلك الأخبار على مطلوب الشيخ نظر إما الأول فلانه لا اشعار فيه
باختصاص الحكم وكذا الثالث واما الثاني فلان في السؤال اشعارا بصورة الجريان فيجوز ان يكون التخصيص في الجواب لذلك وتنبيها على قوة الحكم في الصورة المفروضة ونحن
نحتاج إلى الحمل على ما ذكر أو غيره جمعا بينه وبين غيره وحمله المصنف في المنتهى على الجريان من السماء وهو حمل بعيد واعلم أن يتفح هذه المسألة يتم بأمور الأول إذا وقع المطر على
ماء نجس غير متغير فان جرى إليه من ميزاب ونحوه فلا ريب في تطهيره الماء النجس لكن يبنى على الخلاف في أنه هل يكفي الاتصال أو يشترط الامتزاج في التطهير فعلى
الأول يكفي في التطهير وصوله إليه وعلى الثاني يتوقف على التكاثر والتمازج وان لم يحصل الجريان فالمحصول المشهور حصول التطهير بالتقاطر خلافا لما يلوح من كلام الشيخ من اشتراط
الجريان لكن على القول باعتبار الممازجة لم يبعد اعتبار قدر يعتد به وإذ قد عرفت ان كثيرا من الأخبار الدالة على انفعال القليل بالملاقاة ظاهر في دوام المنع فلا يصح الحكم
بتطهير القليل بنزول المطر عليه الا في محل اليقين وهو الجريان من الميزاب ونحوه والتكاثر عليه الا ان يعول على المرسلة السابقة ويقال ضعفه منجبر بالشهرة وعمل الفرقة واما
الكثير فسالم عن دوام المنع فيمكن القول بطهارته بمجرد التقاطر بناء على العمومات الدالة على الطهارة الا ان عدم ظهور القائل بالفرق يمنعنا عن الاجتراء على ذلك والاحتياط أصوب و
نقل الشهيد الثاني عن بعض أفاضل السادة من معاصريه انه يكتفى في التطهير بقطرة واحدة وذكر انه غير بعيد لكن العمل على خلافه وقال ولده في المعالم انه غلط لان المقتضى
لذلك إما كونه في حكم الجاري أو النظر إلى ظاهر الآية حيث دلت على كونه مطهرا بقول مطلق وكلاهما فاسد إما الأول فلانا وان نزلنا إلى القول بثبوت احكام الجاري له مطلقا
الا انك قد علمت أن المقتضى لطهارة الماء بمجرد الاتصال على القول به هو كون الجزء الملاقى للكثير يطهر بملاقاته عملا بعموم ما دل على كون الماء مطهرا وبعد القول بطهارته يتصل
بالجزء الثاني وهو متقو بالكثير الذي منه طهره فيطهر الجزء الثاني وهكذا ولا يذهب عليك ان هذا التوجيه لا يتوجه هنا إذا قضى ما يقال في القطرة الواقعة انها يطهر ما يلاقيه
ولا ريب ان الانقطاع لا ينفك عن ملاقاتها وهي بعده في حكم القليل كما علمت فليس للجزء الذي طهر بها مقو حينئذ ليستعين به على تطهير ما يليه بل هو معها حين الانقطاع ماء قليل
فيعود إلى الانفعال بملاقاة النجس واما الثاني فقد مر الكلام فيه وبينا انه ليس له عموم سلمنا ولكن صدق التطهير يتوقف على إصابة المطهر للمحل النجس أو لأكثره ومن المعلوم ان القطرة
لا يتحقق فيها ذلك والتقريب الذي ذكر للكثير لا يتأتى فيها انتهى وفيه نظر لان اتصال هذه الأجزاء بعضها ببعض على فرض صحته انما يكون في زمان واحد لا ان الجزء الأول تبصل
بالثاني في زمان ثم الثاني بالثالث وهكذا فإذا سلم ان القطرة الواحدة في حكم الجاري وان الاتصال يكفي في التطهير كما هو المفروض يلزم طهارة الجميع في زمان اتصال القطرة
بالماء لأنها طهرت الجزء الأول وهو في هذا الزمان طهر الجزء الثاني وهكذا وبالجملة صدق الواقف عليه في الزمان اللاحق لزمان الاتصال وقد حصل طهارة الجميع قبله وهو زمان
الاتصال الثاني إذا وقع على ماء قليل طاهر فإن كان بطريق الجريان فلا ريب في أنه يفيده تقويا فيصير كالجاري والا فيبنى على الخلاف في اشتراط الجريان وعدمه الثالث
إذا أصاب في حال تقاطره متنجسا كالأرض ونحوها واستوعب موضع النجاسة وزالت العين إن كانت فإن كان بطريق الجريان فلا ريب في التطهير والا فمقتضى المرسلة السابقة
حصول الطهارة به وتؤيده الرواية الواقعة في طين المطر إذ الظاهر عدم القائل بالفصل ويؤيده حصول الغسل بماء طاهر لا ينفعل بملاقاة النجاسة كما استفيد من صحيحة هشام
وغيرها والظاهر عدم الخلاف بينهم في حصول الطهارة بذلك حتى أن الشيخ اكتفى في تطهير الأرض بالماء القليل نعم على هذا الوجه يلزم اعتبار صدق تعدد الغسل فيما يعتبر فيه ذلك
ويمكن ان يقال أيضا لم يثبت وجوب الاجتناب عن الأرض بعد حصول ما ذكرنا والأصل عدمه وهذا مبنى على أن الأصل في الأشياء الإباحة واستدل عليه صاحب المعالم بصحيحة هشام
ابن سالم قال ولابد من كون الماء الواقع أكثر من النجاسة لجعله في الحديث علة لحصول الطهارة وكون مورد السؤال فيه السطح لا يقتضى اختصاص الحكم به لان التعليل يدل على
التعدية إلى كل ما يوجد فيه العلة إذ الحال شاهدة بعدم مدخلية الخصوصية فيها وقد بينا وجوب التعدية حينئذ وفيه نظر لان صحة الاستدلال بهذا الخبر على ما ذكره بنية
على تعين ارجاع الضمير في قوله عليه السلام ما اصابه إلى السطح وهو ممنوع بل على ارجاعه إلى الثوب فكأنه قال عليه السلام القطرة الواصلة إلى الثوب غالب على البول الذي لاقاه وأيضا ما ذكره من
الدليل على تعدية الحكم على تقدير تمامه انما يصح إذا رجع ضمير منه إلى مطلق النجاسة وليس كذلك بل الظاهر رجوع الضمير إلى البول فلا يلزم الانسحاب في كل نجاسة الرابع
إذا انقطع التقاطر صار ماء المطر في حكم الواقف والظاهر أنه مما لا خلاف فيه
الثالث الواقف والمراد به ما ليس بنابع كمياه الحياض والأواني نبه بهذا على رد المفيد وسلار
حيث ذهبا إلى أن ماء الحياض والأواني ينفعل بملاقاة النجاسة وسيجيئ البحث والعذر ان جمع عذير وهو القطعة من الماء يغادرها السيل أي يتركها إن كان قدرها كر أو هو
الف ومائتا رطل بالعراقي اعلم أن لمعرفة الكر طريقتين الأول أحدهما اعتبار المقدار وهو ما ذكره المصنف ومستنده مرسلة ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام
قال الكر الف ومائتا رطل قال المحقق في المعتبر وعلى هذا عمل الأصحاب وظاهره اتفاق الأصحاب على العمل بمضمونها فيكون جابرا لارسالها مع ما يقال من أنه لا يرسل ابن أبي
عمر الا عن الثقات واختلف الأصحاب في تعيين الأرطال فذهب الأكثر منهم الشيخان وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس والفاضلان وجمع من المتأخرين إلى انها العراقي وقدره
121

مائة وثلثون درهما وذهب علم الهدى وابن بابويه إلى أنه مدني وقدره مأة وخمسة وتسعون درهما والأول أقرب لنا ان الحمل على العراقية يقتضى مقاربة التقدير بالوزن
للتقدير بالمساحة بخلاف الحمل على المدينة فإنه يبعد عنه فيكون الأول أولي وما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام ان الكر ستمائة رطل والمراد به رطل مكة
لأنه لا يجوز ان يريد به رطل العراق ولا رطل المدينة لكونهما متروكا عند الأصحاب كما ذكره الشيخ في التهذيب فتعين المكي وهو ضعف العراقي ولان الأصل طهارة الماء خرج
عنه ما نقص عن الأرطال العراقية بالاتفاق فيبقى ما عداه وفى الثالث نظر لان المستفاد من قوله عليه السلام إذا بلغ الماء كر ألم ينجسه شئ وغير ذلك أن حصولها موجب لعدم الانفعال
وانتفاؤها موجب للانفعال فإذا حصل الشك في الكرية كان حكمها من الانفعال وعدمه مشكوكا وتعيين أحدهما يحتاج إلى دليل فان قلت الدليل العمومات الدالة على
طهارة الماء قلت تخصيص تلك العمومات بالخبر المذكور والشك انما حصل في كون محل النزاع فردا للمخصص أم لا فتعين أحدهما يحتاج إلى دليل واستدل أيضا بعموم قوله عليه السلام كل
ماء طاهر حتى تعلم أنه قذر وأنت خبير بما فيه وقد نبهناك عليه في نظائره واحتج المرتضى على ما نقل عنه بالاحتياط وبأنهم عليهم السلام من أهل المدينة فينبغي حمل كلامهم على عادة
بلدهم وعندي انه لو قال الظاهر أن السؤال كان في المدينة والأقرب ان الأوزان انما يحمل على بلد السؤال كما لا يخفى على من تبتع مجارى العادات كان أحسن وأجيب عن استدلاله الأول
بالمعارضة بمثله فان المكلف مع تمكنه من الطهارة المائية لا يسوغ له العدول إلى الترابية ولا يحكم بنجاسة الماء الا بدليل فإذا لم يقم على النجاسة فيما نحن فيه دليل كان الاحتياط
في استعمال المائية واعترض عليه بان الأخبار الدالة على اعتبار الكرية اقتضت كونها شرطا لعدم انفعال الماء بالملاقاة فما لم يدل دليل شرعي على حصول الشرط يجب الحكم بالانفعال
وفيه نظر لان مقتضى الدليل عدم الانفعال عند وجود الشرط ونقيضه عند عدمه فإذا شك في حصول الشرط كان الجزاء مشكوكا لا متيقنا وانما يلزم ما ذكره لو كان العلم
أو الظن بالكرية معتبرا في مفهوم الشرط وليس كذلك إذ الألفاظ موضوعة للمعاني من غير اعتبار العلم أو الظن في مدلولاتها وعن الثاني بان المهم في نظر الحكيم رعاية ما يفهمه السائل
وذلك انما يحصل بمخاطبته بما عهده من عادة بلده وحينئذ يجوز ان يكون السائل عراقيا كالمرسل فيكون السؤال
على وفق عادته
وبالجملة لا ترجيح من هذه الجهة أو ما حواه ثلثة
أشبار ونصف طولا في عرض في عمق هذا هو الطريق الثاني من طريق معرفة الكر واختلف الأصحاب فيه على مذاهب الأول ما ذهب إليه المصنف وهو ما بلغ تكبيره اثنين
وأربعين شبرا وسبعة أثمان شبر واليه ذهب أكثر الأصحاب ومستندهم ما رواه أبو بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكر من الماء كم يكون قدره قال إذا كان الماء ثلثة أشبار و
نصف في مثله ثلثة أشبار ونصف في عمقه من الأرض فذلك الكر من الماء واهمال تقدير البعد الثالث غير ضائر لأن الظاهر الاعتماد فيه على ما علم من البعدين الآخرين والاكتفاء في المحاورات بالمقام
ودلالة سوق الكلام غير نادر وقد يقال يمكن توجيهها على وجه يسلم عن الاهمال المذكور بإعادة الضمير في قوله عليه السلام في مثله إلى ما دل عليه قوله عليه السلام ثلثة أشبار ونصفا أي في مثل ذلك
المقدار لا في مثل الماء إذ لا محصل له وكذا الضمير في قوله عليه السلام في عمقه أي في عمق ذلك المقدار من الأرض وفى ارجاع ضمير في عمقه إلى ما ذكره تكلف واضح ومع هذا لا يستفاد منه كون
العمق هذا المقدار كما لا يخفى على المتدبر وذكر الشارح الفاضل ان المسكوت عنه هيهنا العمق واعترض عليه بان المسكوت عنه العرض واما العمق فمبين لان قوله عليه السلام في عمقه
من الأرض إما حال من مثله أو نعت لثلاثة أشبار الذي هو بدل من مثله ولولا الحمل على هذا لصار قوله في عمقه من الأرض كلا ما منقطعا متهافتا واستضعفت هذه الرواية
بأحمد بن محمد بن يحيى فإنه مجهول وعثمان بن عيسى فإنه واقفي وأبى بصير فإنه مشترك بين الثقة وغيره واعترف يضعفها المحقق في المعتبر حيث قال وعثمان بن عيسى واقفي وروايته
ساقطة ولا تضع إلى من يدعى الاجماع هنا فإنه يدعى الاجماع في محل الخلاف وكانه إشارة إلى ابن زهرة حيث ادعى اجماع الفرقة على التحديد المذكور ولا يخفى امكان دفع هذه الوجوه
المذكورة في ضعفها إما أبو بصير فاشتبه حاله على كثير من أصحابنا المتأخرين فزعموا اشتراكه بين الثقة الامامي وغيره واستضعفوا اخباره على كثرتها والراجح عندي ان رواياته
صحيحة إذا لم يكن في الطريق قادح من غير جهة وان الاشتراك المذكور توهم ولنذكر جهات التوهم ثم نشتغل بالجواب عنها ومن وجوه التوهم فيه انه مشترك بين جماعة منهم يوسف
ابن الحرث وهو غير موثق في كتاب الرجال بل في الخلاصة واختيار الرجال للشيخ ان يوسف بن الحرث من أصحاب الباقر عليه السلام يكنى أبا بصير بالياء بعد الصاد بترى والجواب ان أبا بصير
إذا اطلق ينصرف إلى المعهود المشهور المعروف بين الأصحاب ويوسف بن الحرث هذا مجهول غير مذكور في الفهرست وكتاب النجاشي فكيف ينصرف المطلق إليه وفى كتاب الكشي
أبو نصر يوسف بن الحرث ويحتمل اتحادهما ووقوع التصحيف في كتاب الشيخ على أن رواية أبي بصير هذه عن الصادق عليه السلام يوسف بن الحرث من أصحاب الباقر عليه السلام فلا يضر هيهنا ومنها
انه مشترك بين جماعة منهم عبد الله بن محمد الأسدي والجواب عنه نحو من السابق ومنها انه مشترك بين جماعة منهم يحيى بن القسم الحذاء وهو واقفي والجواب عنه ان أبا بصير يحيى
ابن القاسم أو يحيى بن أبي القاسم الثقة غير يحيى بن القسم الحذاء الواقفي والشاهد لذلك أمور من ذلك أن أبا بصير يحيى بن القاسم أسدي كما يظهر من رجال النجاشي والكشي واختيار
الرجال والخلاصة ورجال العقيقي ويحيى بن القسم الحذاء أزدي كما يفهم من كتاب رجال الكشي ومن ذلك أنه ذكر الشيخ في قر يحيى بن أبي القاسم يكنى أبا بصير مكفوف واسم أبى
القاسم اسحق وقال بعده بلا فصل يحيى بن أبي القاسم الحذاء وهذا يشهد للمغايرة بينهما وفى ظاهر يحيى بن القسم الحذاء واقفي ثم قال يحيى بن أبي القاسم يكنى أبا بصير وهذا أيضا يعطى
الغايرة وفى كش في العنوان في يحيى بن أبي القاسم أبي بصير ويحيى بن القسم الحذاء وهذا أيضا يعطى المغايرة ومن ذلك أنه ذكر النجاشي والشيخ في اختيار الرجال ان أبا بصير مات سنة خمسين
ومائة وهذا ينافي كونه واقفيا لان وفاة الكاظم عليه السلام في سنة ثلث وثمانين ومائة ومن القرائن ان النجاشي مع كمال ضبطه ونقده للرجال لم يذكر ان أبا بصير كان واقفيا بل قال يحيى بن
القاسم أبو بصير الأسدي وقيل أبو محمد ثقة وجيه روى عن أبي جعفر وأبى عبد الله عليه السلام وقيل يحيى بن أبي القسم واسم أبى القاسم اسحق وروى عن أبي الحسن موسى عليه السلام وكذا لم يذكر الشيخ
في الفهرست انه واقفي وكذا العقيقي بل ذكر الشيخ في ظاهر يحيى بن القسم الحذاء واقفي فصار منشأ التوهم حيث يوهم الاتحاد ومبدأ التوهم المصنف حيث قال في خلاصة الرجال يحيى بن القاسم
الحذاء بالحاء المهملة من أصحاب الكاظم عليه السلام كان يكنى أبا بصير بالباء المنقطة تحتها نقطة والتاء بعد الصاد وقيل إنه أبو محمد واختلف قول علمائنا فيه فقال الشيخ الطوسي رحمه الله انه واقفي
وروى الكشي ما يتضمن ذلك قال وابن بصير يحيى بن القاسم الحذاء الأزدي هكذا يكنى أبا محمد قال محمد بن مسعود سألت ابن الحسن بن فضال عن أبي بصير هذا هل كان متهما بالغلو فقال
بالغلو فلا ولكن كان مخلطا ثم نقل كلام النجاشي والعقيقي ثم رجح قبول روايته وظني ان ما نقله من الشيخ من كون أبي بصير واقفيا منشأ توهمه الاتحاد بين الرجلين وفى الكشي قال في يحيى بن أبي
القاسم أبي بصير ويحيى بن القاسم الحذاء محمد وبه ذكره عن بعض أشياخه يحيى بن القسم الأزدي واقفي ثم نقل روايتين من طريق الواقفية يدلان على أن أبا بصير روى ما يدل على أن
موسى بن جعفر عليه السلام هو القائم ثم نقل رواية أخرى تدل على أن يحيى ابن القاسم الحذاء كان ملتويا على الرضا عليه السلام وانه رجع عن ذلك ثم قال بعد نقل هذه الرواية وأبو بصير هذا يحيى بن
القاسم يكنى أبا محمد قال محمد بن مسعود إلى اخر ما نقله المصنف ولعل منشأ توهم المصنف أمران أحدهما الروايتان ولعلهما كذب من الواقفية على أبي بصير الثاني قوله وأبو بصير هذا فجعل
المشار إليه بقوله هذا يحيى بن القاسم الحذاء المتصل ذكره بهذا الكلام وليس كذلك بل المراد بقوله أبو بصير هذا أبو بصير المذكور في العنوان فان العنوان صريح في التغاير ومنها
ان أبا بصير كنية لليث بن البختري المرادي وأورد الكشي روايات تدل على الطعن فيه والجواب ان الروايات الدالة على فضله وكمال درجة وعلو شانه أكثر وأصح وأشهر وأكثر ما ورد
بالطعن فيه قابل للتأويل وعلى ما ذكرنا لا وجه للتوقف في روايات أبي بصير واما عثمن بن عيسى فقد نقل الكشي قولا بأنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم ويظهر من كلام الشيخ
في العدة ان الأصحاب يعلمون باخبار عثمن بن عيسى على وجه يؤذن بالاتفاق فاخباره مما يفيد الظن وعليه مدار علمنا في الترجيحات واما أحمد بن محمد بن يحيى فالظاهر أن لفظة ابن
122

يحيى وقعت في الاسناد سهوا في عبارة التهذيب والرواية رواها الكليني في الكافي عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد بن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن أبي بصير والظاهر أن أحمد بن محمد الواقع
في الطريق هو أحمد بن محمد بن عيسى بقرينة رواية محمد بن يحيى عنه روايته عن عثمان بن عيسى ونقله الشيخ في الاستبصار باسناده إلى الكليني ببقية السند كما في الكافي وفى التهذيب
نقله باسناده إلى محمد بن يعقوب ببقية السند لكنه زاد على أحمد بن محمد بن يحيى والمظنون ان لفظة ابن يحيى وقعت في عبارة التهذيب سهوا من الشيخ أو بعض الناسخين وكم من مثل
هذا في التهذيب فظهر بما ذكرنا ان الخبر معتمد فتدبر الثاني ما ذهب إليه الصدوق وجماعة من القميين على ما حكى عنهم وتبعهم المصنف في المختصر والشهيد الثاني في الروضة والشيخ على
في بعض كتبه وهو اعتبار الأشبار الثلاثة في الابعاد الثلاثة واسقاط النصف لرواية إسماعيل بن جابر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الماء الذي لا ينجسه شئ قال كر قلت وكم
الكر قال ثلثة أشبار في ثلثة أشبار واستضعفها المحقق في المعتبر بقصورها عن إفادة المدعى لما فيها من
الاخلال بذكر البعد الثالث وفيه نظر لاشتراك ذلك بين الروايتين والجواب
واحد وهو شيوع مثل هذه العبارة وإرادة الضرب في الابعاد الثلاثة نعم قد نوزع في سنده بناء على أن الشيخ رواها في التهذيب بطريقين في أحدهما عبد الله بن سنان وفى الأخر محمد بن
سنان والراويان قبل وبعد متحدان واحتمال روايتهما معا له منتف قطعا لاختلافهما في الطبقة والذي يظهر من التتبع ان الواقع في طريق هذه الرواية هو محمد بن سنان وان ذكر
عبد الله سهو فتكون ضعيفة لضعف محمد بن سنان ومن الروايات الواردة في هذا الباب صحيحة إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الماء الذي لا ينجسه شئ قال ذراعان عمقه
في ذراع وشبر سعته قال في المعتبر بعد نقل هذه الرواية وهذه حسنة ويحتمل ان يكون قدر ذلك كر أو استوجه بعض المتأخرين مضمون هذه الرواية لكني لم اطلع على قائل بالعمل
بمضمونه من المتقدمين عليه ولو حمل الخبر على أن هذا تحديد الكر في المدور دون المربع صار قريبا من مذهب القميين ولا يزيد عليه الا شئ يسير ولعله مبنى على المتعارف من اهمال
الكسور إذا كان التفاوت مسامحا وكانه يشعر به ايراد لفظ السعة دون الطول والعرض فعلى هذا الخبر من مؤيدات مذهب ابن بابويه بناء على أن حملها على غير ذلك يوجب طرحها لكونه
غير معمول عند الأصحاب ومما يؤيد مذهب القميين كونه أقرب بالتقدير بالمقدار من غيره على ما ذكره المصنف في المختلف وما نقله شيخنا الشهيد في الذكرى عن ابن طاوس انه ما إلى رفع
النجاسة بكل ما روى لا يخرج في الحقيقة عن قول القميين فان الظاهر أنه يحمل الزائد عليه على الندب الثالث ما نقل عن القطب الراوندي وهو ما بلغت ابعاده الثلاثة عشرة أشبار
ونصفا من غير اعتبار التكسير ولا يخفى ما في هذا التحديد من التفاوت العظيم فإنه قد يكون مساحته مساوية لمساحة الكر على القول المشهور وقد يكون ناقصة عنها قريبة منها وقد تكون
بعيدة عنها جدا كما لو كان طوله تسعة أشبار وعرضه شبر أو عمقه نصف عشير فان مساحته أربعة أشبار ونصف فما ذكره الفاضل الشارح من أن أبعد الفروض عنها ما لو كان كل
من عرضه وعمقه شبرا وطوله عشرة أشبار ونصفا محل تأمل مع أن المناسب ان يذكر فرضا لا يريد مجموع الابعاد فيه على عشرة ونصف وليس ما ذكر كذلك الرابع ما بلغ تكسيره مائة شبر
وهو المنقول عن ابن الجنيد ومأخذ هذين القولين غير معلوم قال في المختصر وما أشد تنافر ما بين هذين القولين ويدفع مذهب ابن الجنيد الأخبار السابقة وغيرها كالخبر الدال على أن الكر أكثر من رواية والخبر الدال على أن الكر
نحو حب من حباب المدينة والتقدير بالأرطال أيضا يدفع هذين المذهبين فانحصر الخلاف المعتد به في المذهبين الأولين والتوقف في ترجيح أحدهما على الأخر حسن وما نقل عن
ابن طاوس ليس بعيد عن الصواب لو صح السند وقد يرجح الأول بناء على أن عدم الانفعال بالنجاسة مشروط بكونه قدر الكر فلابد للعلم بحصول الشرط من
دليل وقد علمت انتفاؤه بالنسبة إلى القدر الأقل وأنت خبير بما فيه فلا تغفل بشير مستوى الخلقة ترجيحا للغالب المتعارف وحمل الخبر عليه لم ينجس الا بتغير أحد أوصافه الثلاثة يعنى
اللون والطعم والرائحة بالنجاسة أي بواسطة ملاقاتها لا بالمجاورة ولا بملاقاة المنجس وهذه الأحكام لا خلاف فيها بين الأصحاب الا بنجاسة الماء بملاقاة المنجس فان للشيخ فيه خلاف ضعيف
وقد مر الأخبار الدالة على هذه الأحكام في الاحكام الجاري فان تغير الكر بها على الوجه المذكور نجس أجمع إن كان كرا من غير زيادة لنجاسة المتغير ونقصان الباقي عن الكر إن كان فتنفعل بالملاقاة
ويطهر الماء النجس بالقاء كر طاهر عليه دفعة واحدة عرفية فإن لم يزل التغير المفروض فكر اخر وهكذا حتى يزول التغير اعلم أنه اختلف كلام الأصحاب في ذلك فمنهم من اعتبر الدفعة ومنهم من اطلق
وتحقيق الكلام ان نقول إن اعتبرنا في عدم انفعال الكر في علو الكثير والمساواة في السطح فالمتجه حينئذ اشتراط الدفعة لان وقوعه تدريجا يوجب خروجه عن المساواة فتنفعل الأجزاء التي
هي أسفل بملاقاة النجس وينقص الباقي عن الكر فلا يصلح لإفادة الطهارة والمراد بالدفعة العرفية لعدم امكان الحقيقة ولا يخفى ان القاء الماء بحيث لا يخرج عن المساواة متعسرا و
متعذر في كثير من الأحيان فلعل القائل باشتراط المساواة يكتفى هيهنا بصدق الاجتماع والوحدة العرفية وان اختلفت السطوح في الجملة وان لم نعتبر ذلك فلا يخلو إما ان يشترط في
التطهير الامتزاج أم يكتفى بالاتصال وعلى الأول فالمتجه عدم اشتراط الدفعة بل المبسوط يحصل به ممازجة الطاهر للنجس حتى لو فرض حصول ذلك قبل القاء تمام الكر فيه حصل التطهير حينئذ و
على الثاني لا تعتبر الدفعة في حصول الطهارة بل يكفي مجرد الاتصال ويشترط على جميع التقادير ان لا يتغير شئ من المطهر بالنجاسة فلو فرض ان الماء متغير فمن اللازم ان يزيل التغير أو لا
أو يلقى الكر عليه دفعة بحيث لا يتغير شئ منه أو يزيد في المقدار الماء المطهر على الكر بحيث يسلم مقدار الكر عن التغير والشارح الفاضل لما لم ير اعتبار المساواة وفهم ذلك من كلام
أكثر الأصحاب استوجه عدم اشتراط الدفعة وحمل كلام من ذكرها منهم كالمصنف على إرادة الاتصال وذلك غير متعين لان كلام المصنف في مادة الحمام يدل على انفعال السافل من الماء
فلعله اشترط الدفعة بناء على ذلك وممن اكتفى بمجرد الاتصال الشهيد في الذكرى واعترض عليه الفاضل الشيخ على بان فيه تسامحا لان وصول أول جزء منه إلى النجس يقتضى نقصانه عن الكر
فلا تطهر ولورود النص بالدفعة وتصريح الأصحاب بها فلعل ما ذكره مبنى على أن الشهيد رحمه الله اعتبر في عدم الانفعال استواء السطوح أو علو الكثير فلا يرد عليه انه يكفي في الطهارة بلوغ المطهر الكر
حال الاتصال إذا لم يتغير بعضه بالنجاسة وان نقص بعد ذلك مع أن مجرد الاتصال لا يقتضى النقصان نعم يرد عليه ان ما ذكره من النص غير موجود في شئ من كتب الحديث ولا في كتب الا
الاستدلال مثل المنتهى على احاطته بالاخبار بل استدل فيها على طهارة الكثير المتغير بالقاء الكر دفعة بان الطارئ غير قابل للنجاسة لكثرته والمتغير مستهلك فيه فيطهر وقد سبقه
على هذا الاستدلال المحقق في طهارة القليل الغير المتغير ولو كان هنا نص لكان أحق بالذكر مما ذكر ومما تحصل به طهارة الكر النجس اتصاله بالماء النابع وفى معناه الجاري عن مادة
كثيرة واعتبار المساواة أو العلو وعدمها واشتراط الامتزاج وعدمه يعلم من السابق ويحصل طهارته أيضا بنزول الغيث عليه وقد مر الكلام في ذلك والمشهور انه لا يطهر بزوال التغير من
قبل نفسه أو بتصفيق الرياح أو وقوع أجسام طاهرة عليه وذهب يحيى بن سعيد صاحب الجامع إلى أنه يطهر بذلك واحتمل ذلك المصنف في النهاية ويمكن الاستدلال عليه بالعمومات الدالة
على طهارة الماء المتغير وفيه تأمل حجة المشهور انه ماء محكوم بنجاسة شرعا فلا يطهر الا بدليل شرعي وهذا انما يتم إذا ثبت دليل دال على دوام النجاسة وليس ذلك بموجود على سبيل العموم
الا ان كثيرا مما دل على انفعال القليل بالملاقاة يدل على دوام المنع فلو كان الكر النجس حاصلا من اجتماع المياه القليلة النجسة يلزم فيه استصحاب الحكم الا بدليل رافع يحتاج تعميم
الحكم إلى ثبوت الاجماع المركب فتدبر ومما ينبغي التنبيه عليه ان الشيخ رحمه الله ذكر في المبسوط بعد ذكر بعض المياه النجسة من الواقف والطريق إلى تطهير هذه المياه ان يطرأ عليها كر من ماء مطلق
ثم ذكر بعد أسطر متعلقة بهذا الحكم والماء الذي يطرأ عليه فيطهره لا فرق بين ان يكون نابعا من تحته أو يجرى إليه أو نقلت فيه فإنه إذا بلغ ذلك مقدار الكر طهر النجس والاخفاء في أن
مراده بالنابع الكر من الواقف إذا نبع من تحت الماء النجس لا الجاري وقال في الخلاف لا يطهر الا ان يرد عليه كر من ماء والمحقق بعد نقله لكلام المبسوط ثم نقله لعبارة الخلاف قال وهذا أشبه
بالمذهب لان النابع ينجس بملاقاة النجاسة وان أراد بالنابع ما يوصل من تحته لا ان يكون نبعا من الأرض فهو
صواب وتبعه على هذا المصنف في المنتهى فحكى كلام الشيخ في الكتابين ثم قال إن
أراد بالنابع ما يكون نبعا من الأرض ففيه اشكال من حيث إنه ينجس بالملاقاة فلا يكون مطهرا وان أراد به ما يوصل من تحته فهو حق ومرادهما من النابع من الأرض ان يجعل الكر من
123

الماء تحت الماء النجس ثم يوصل بينهما حتى يجرى إليه بطريق النبع ومن قسمه ان يوصل بين الحوضين المتساويين من تحتها فإنه لا ينفعل الماء حينئذ لأنه يجرى إلى الحوض النجس متساويا وبعضه
غفل عن مراد المحقق فحمل النابع على مرادف الجاري فاستقرب كلامه لمخالفته بحسب الظاهر لما هو المعهود منه في حكم الجاري فإنه لا يقول بانفعاله بالملاقاة ويرى ان كلام العلامة جار على
رأيه في الجاري مشيا على ظاهر الحال من عدم بلوغ النابع في الفرض المذكور ومقدار الكر والا لكان من قبيل التطهير بالكر على جهة القلب فيه وذكر بعضهم بعد نقل الاستغراب المذكور
والتحقيق عندي ان الامر بالعكس فان في كلام الشيخ اشعارا بان المراد بالنابع في الفرض الذي ذكره هو البئر ونقل عبارة طويلة من الخلاف لا دلالة فيها على ما ذكره ثم قال ولا
يخفى ان اراده البئر من النابع يوجه كلام المحقق حيث إنه يقول بانفعاله بالملاقاة ويشكل كلام العلامة لأنه لا يقول به والتشبث بجهة اشتراط الكرية انما يتوجه مع ظهور كون المفروض
ناقصا عنها وليس بظاهر وما ذكر من القرينة عليه ضعيف الدلالة وقد كان الأولى مع البناء على هذا تفصيل المسألة على أن له في النهاية كلاما يؤذن بعدم البناء في هذا الحكم
على الجهة المذكورة حيث قال لو نبع من تحته يعنى القليل النجس فإن كان على التدريج لم يطهر والأطهر ولا يخفى ان من تأمل في كلامهم عرف ان ليس مرادهم من النابع البئر وعرفت
ان مرادهم ما ذكرنا فلا يراد الاشكال الذي ذكر ثم لا يخفى ان كلام المصنف في هذه المسألة مختلف فاستشكل الحكم في المنتهى معللا بأنه ينجس بالملاقاة كما نقلنا وفصل في النهاية
وبمثله صرح الشهيد في الذكرى والبيان وأطلق القول بعدم الطهارة في القواعد والتحرير وقال في التذكرة لو نبع الماء من تحت الواقف النجس لم يطهره وان زال التغير وقال بعضهم ان
هذا الحكم على ظاهره مشكل لان المقتضى لعدم تطهيره له كون ماء النجس أعلى حال الاتصال أو نقصان النابع عن مقدار الكر وكلاهما منظور فيه إما الأول فلو جود مثله في الجاري
وقد حكم بطهارته مع التكاثر وإزالة التغير والفرق بين الموضعين ليس بواضح إما الثاني فلانه لا وجه لتخصيص الحكم بالنابع من تحت لأنه جار في مطلق النابع الناقص عن الكر فان
الأجزاء الواقعة بينه على النجس المختلط به ينفعل بذلك عنده فأي نكته في التخصيص بما ذكره وهذا القائل حمل النابع في كلام المصنف على مرادف الجاري فاعترض بما ذكر وعلى ما
ذكرنا من معنى كلامهم يندفع هذا الاعتراض لان الفرق بين الجاري وغيره غير خفى وإن كان أكثر فالمتغير خاصة إن كان الباقي كرا ويطهر بالقاء كر طاهر عليه دفعة فإن لم يحصل
بذلك إزالة التغير فكر حتى يزول التغير أو يتموجه حتى يستهلكه الطاهر ولا ينحصر طريق تطهيره فيما ذكر بل له طرق أخرى كما عرفت وإن كان أقل من كر نجس بجميع ما يلاقيه من النجاسة
وان لم يتغير وصفه بهذا مذهب جمهور الأصحاب نجاسة القليل بمجرد الملاقاة عدا ما يستثنى وذهب الحسن بن أبي عقيل إلى أنه لا ينجس الا بالتغير والمسألة محل اشكال لاختلاف الروايات
جدا لكن الرجحان للأول للأحاديث الكثيرة الدالة باجتماعها وتعاضد بعضها ببعض على المطلوب كصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام وسئل عن الماء تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب
وتغتسل فيه الجنب قال إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ فدل بمفهوم الشرط على أن ما دون الكر يثبت له التنجيس في الجملة ولا يقدح عدم دلالتها على عموم الانفعال في جميع المياه
ولكل نجاسة وعلى أي حال وقعت لأنه يستفاد منها الانفعال في الجملة ثم يضاف إليه الاجماع الظني على
عدم الفصل الا في مواضع الخلاف كما سيجيئ حتى يعم وكذا الكلام في غيرها من الاخبار التي لا عموم فيها وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له غدير ماء مجتمع تبول فيه
الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل فيه الجنب قال إذا كان قدر كر لم ينجسه شئ والكر ستمائة رطل وصحيحة معاوية بن عمار وحسنته عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه
شئ وصحيحة ابن أبي نصر قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يدخل يده في الاناء وهي قدرة قال يكفي الاناء وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الحمامة والدجاجة
وأشباههن تطأ العذرة ثم تدخل في الماء يتوضأ منه للصلاة قال لا الا ان يكون الماء كثيرا قدر كر من ماء قيل وجهة المنع إما سلب طهارته أو سلب طهوريته والثاني منتف اجماعا
فثبت الأول وصحيحة محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الكلب يشرب من الاناء قال اغسل الاناء وعن السنور قال لا باس بان يتوضأ من فضلها انما هي من السباع وصحيحة أبى العباس الفضل بن
عبد الملك عن أبي عبد الله عليه السلام انه سأله عن فضل الحرة والشاة والبقرة وغيرها حتى انتهى إلى الكلب فقال رجس بخس لا يتوضأ بفضله واجتنب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة
ثم بالماء قرب منها اخبار متعددة ضعيفة السند كمرسلة حريز ورواية معوية بن شريح ورواية معوية بن ميسرة وصحيحة زرارة قال قلت كيف يغتسل الجنب فقال إن لم يكن
أصاب كفه منى غمسها في الماء الحديث وفى موثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه الا ان ترى في منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا توضأ
ولا تشرب وفى موثقة عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدرى أيهما هو وليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما جميعا
ويتيمم وفى معناه رواية سماعة وفى موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عما شربت منه الدجاجة قال إن كان في منقارها قذر لم يتوضأ منه ولم يشرب وان لم يعلم أن في منقارها قذرا
توضأ واشرب وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر عليهما السلام قال سألته عن رجل رعف فامتحظ فصار ذلك الدم قطعا صغارا فأصاب اناءه هل يصلح الوضوء منه قال إذا لم يكن
شئ يستبين في الماء فلا باس فإن كان شيئا بنيا فلا يتوضأ منه وسال عمار الساباطي أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يجد في انائه فارة وقد توضأ من ذلك الاناء مرارا وغسل منه ثيابه
واغتسل ومذ كانت الفارة متسلخة فقال إن كان رأها في الاناء قبل ان يغتسل أو يتوضأ أو يغسل ثيابه ثم فعل ذلك بعد ما رآها في الاناء فعليه ان يغسل ثيابه ويغسل كل ما اصابه
ذلك الماء ويعيد الوضوء والصلاة وإن كان انما رأها بعد ما فرغ من ذلك وفعله فلا يمس من الماء شيئا وليس عليه شئ لأنه لا يعلم متى سقط فيه ثم قال لعله ان يكون انما سقطت فيه تلك
الساعة التي رآها وموثقة سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أصاب الرجل جنابة فادخل يده في الاناء فلا باس ان لم يكن أصاب يده شئ من المنى وفى رواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سألته عن الرجل يجعل الركوة أو التور فيدخل إصبعه فيه قال إن كانت يده قذرة فأهرقه إلى غير ذلك من الاخبار ويؤيده غير واحد من الأخبار الواردة في تحديد الكر احتج ابن أبي عقيل
بأنه قد تواتر عن الصادق عليه السلام عن ابائه عليهم السلام ان الماء طاهر لا ينجسه الا ما غير لونه أو طعمه أو رائحته وانه سئل عليه السلام عن الماء النقيع والغدير واشباههما فيه الجيف والقذر وولوغ الكلاب وتشرب
منه الدواب وتبول فيه أيتوضأ منه فقال لسائله إن كان ما فيه من النجاسة غالبا على الماء فلا يتوضأ منه وإن كان الماء غالبا على النجاسة فتوضأ منه واغتسل وسئل الباقر عليه السلام عن القربة
والجرة من الماء تسقط فيها فارة وجرد أو غيره فيموتون فيها فقال إذا غلب رائحته على طعم الماء أو لونه فارقه وان لم يغلب عليه فاشرب منه وتوضأ واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية وهذه
الأحاديث عامة في القليل والكثير والأخبار الدالة على الكثير مقيدة ولا يجوز ان يكونا في وقت واحد للتنافي
بينهما بل أحدهما سابق فالمتأخر يكون ناسخا والمتأخر هنا مجهول فلا يجوز
ان نعمل بأحد الخبرين دون الأخر ويبقى التعويل على الكتاب الدال على طهارة الماء مطلقا وأجيب عنه بعد سلامة سندها انها مطلقة وما ذكرناه نحن مقيد ويجب حمل المطلق على المقيد
جمعا بين الأدلة ولا منافاة بينهما وليس بواجب تأخير المقيد عن المطلق ولو تأخر لم يكن ناسخا لحكم المطلق واحتج أيضا باخبار اخر ضعيفة السند والدلالة ومما يدل على مذهبه بعمومه صحيحة
حريز ورواية أبى خالد القماط الدالتين على طهارة الماء الذي لم يتغير والجواب ما ذكر من حمل المطلق على المقيد وهذا أولي من ارتكاب التأويل فيما ذكرناه من الاخبار لكثرتها واعتضادها
بالشهرة ومنها صحيحة محمد بن إسماعيل بزيع قال كتبت إلى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء أو يستقى فيه من بئر فيستنجى فيه الانسان من بول أو يغتسل فيه الجنب ما حده الذي لا يجوز
فكتب لا تتوضأ من مثل هذا الماء الا من ضرورة إليه وجوابه الحمل على الغالب من كون الغدير يسع مقدار الكر ومما يمكن ان يحتج به لمذهبه حسنة محمد بن ميسر قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الرجل الجنب ينتهى إلى الماء القليل في الطريق ويريد ان يغتسل منه وليس معه اناء يغرف به ويداه قذرتان قال يضع يده ويتوضأ ويغتسل هذا مما قال الله عز وجل ما جعل عليكم في الدين
من حرج وجوابه ظاهر مما قررناه ومنها صحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر أيتوضأ من ذلك الماء قال لا باس ويمكن عنه
124

بعد ثبوت نجاسة شعر الخنزير بتأويله بما ذكره الشيخ رحمه الله وهو ان المراد حبل لا يصل إلى الماء وإن كان بعيدا جمعا بين الأدلة ومنها ما رواه سماعة قال سألته عن الرجل يمر بالميتة في الماء قال
يتوضأ من الناحية التي ليس فيها الميتة ومنها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رواية من ماء سقطت فيها فارة أو جردا وصعوة ميتة قال إذا انفسخ فيها فلا تشرب من مائها ولا تتوضأ
وم‍؟ ها وإن كان غير متفسخ فاشرب منه وتوضأ واطرح الميتة إذا أخرجتها طرية وكذلك الجرة وجب الماء والقرية وأمثال ذلك من أوعية الماء قال وقال أبو جعفر عليه السلام إذا كان الماء أكثر من رواية
لم ينجسه شئ تفسخ فيه أو لم يتفسخ الا ان يجيئ له ريح يغلب على ريح الماء والجواب ان هذه الرواية ضعيفة لان في طريفة علي بن حديد وضعفه الشيخ في كتابي الحديث وأولها الشيخ بتأويل
بعيد هو انه يجوز ان لا يكون المراد جرة واحدة إذ ليس في الخبر التخصيص بذلك ومنها رواية زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جلد الخنزير يجعل دلوا يستقى به الماء قال لا باس به وفى
طريقتها أبو زياد الهدى وهو مجهول ورواها ابن بابويه مرسلا وأولها الشيخ بان الغرض نقى اليأس عن استعمالها في سقى الدواب والزرع وغيرها لا مطلقا ويؤيده غير ذلك من الاخبار لكن
الكل مشترك في ضعف الاسناد وينبغي التنبيه على أمور الأول جمهور الذاهبين إلى انفعال القليل بالملاقاة لم يفرقوا بين قليلها وكثيرها وخالف في ذلك الشيخ في الاستبصار
فذهب إلى أن الدم القليل الذي لا يدركه الطرف كرؤس الإبر إذا أصاب الماء يعفى عنه تمسكا بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه أبى الحسن عليه السلام قال سألته عن رجل رعف فانتحط فصار ذلك الدم
قطعا صغارا فأصاب اناءه هل يصلح الوضوء منه قال إن لم يكن شيئا يستبين في الماء فلا باس فإن كان شيئا بينا فلا يتوضأ منه كذا في الكافي وفى التهذيب ان لم يكن شئ بالرفع
والأول أدل على مذهب الشيخ فلا تغفل وأجاب عنه في المعتبر بان هذا ليس بصريح في إصابة الماء ولعل معناه إذا أصاب الاناء وشك في وصوله إلى الماء اعتبرنا الادراك ويشهد لذلك
ما رواه الكليني باسناده عن علي عن أخيه موسى عليه السلام قال وسألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فقطر قطرة في انائه هل يصلح الوضوء منه قال لا ولم يعتبر الاستبانة وهذا التأويل حسن لكنه
انما يتوجه مع وجود المعارض وقد عرفت ان ما دل على انفعال القليل بالملاقاة لا يدل على العموم كما أشرنا إليه فلا اضطرار في العدول عن الظاهر نعم اطلاق رواية عمار تدل عليه في الجملة
لكن الاكتفاء بمجردها في تأويل الخبر المذكور وتخصيص غيرهما من العمومات الدالة على طهارته أو طهوريته لا يخلو عن اشكال ثم الاستشهاد الذي ذكره محل التأمل وكيف يصلح للمعارضة
مع أن مورد السؤال فيها القطرة ومحل النزاع الصغار المشتبهة برؤس الإبر وهو رد السؤال في الخبر الآخر القطع الصغار ويرد على الشيخ ان مورد الرواية دم الانف فالتعميم لا يخلو عن اشكال
واشكل منه الحاقه في المبسوط كل ما لا يستبين لكن لما عرفت ان العمدة في تعميم الحكم بانفعال القليل بالملاقاة لتمسك بالاجماع على عدم القائل بالفضل وهو غير جار في محل الخلاف لا جرم كان
ما نحن فيه داخلا في عموم أدلة الطهارة واعلم أن متأخري الأصحاب غفلوا من كلام الشيخ الثاني انه يرى في هذه المسألة للماء مع قليل الدم خصوصية وقال بعض الأصحاب الذي
يختلج ببالي ان كلامه ناظر إلى القول الذي يعزى إلى ابن إدريس حكايته عن بعض الأصحاب من أنه لا باس بما يترشش على الثوب أو البدن مثل رؤوس الإبر من النجاسات وأقله الالتفات إليه
في الدم عملا بظاهر الخبر ولا ريب ان اثبات الخصوصية في ذلك للدم أقرب إلى الاعتبار من اثباتها للماء وقد اتفقت كلمة المتأخرين على حكاية خلاف الشيخ هنا في مسائل الماء حيث
اتفق ذكره فيها وبعد ملاحظة ما قلنا يتبين ان حكايته في احكام النجاسات انسب وفيه تأمل احتج الفاضلان على ما ذهبا إليه بأنه ماء قليل وقع فيه نجاسة فانفعل عنها ولحقه حكم التنجيس
كغيرها من النجاسات وجوابه ظاهر مما أسلفنا الثالث ليس في شئ من الروايات المذكورة دلالة على انفعال القليل لوروده على النجاسة ومن ثم ذهب المرتضى في المسائل الناصرية إلى
عدم نجاسة القليل لوروده على النجاسة وهو حسن لعموم أدلة الطهارة الا ما أخرجه الدليل الرابع المشهور اختصاص الانفصال بالملاقاة ربما دون الكر وان ما بلغه لا ينجس بالملاقاة مطلقا
وخالف فيه الشيخ المفيد وسلار فإنهما ذهبا إلى أن ماء الحياض والأواني ينجس بملاقات النجاسة وان بلغ مقدار الكر والأقرب الأول لعموم الأدلة الدالة على عدم انفعال مقدار الكر
بالملاقاة والحجة المحكية عنهما هي التمسك بعموم النهى عن استعمال ماء الأواني مع ملاقاة النجاسة وجوابه ان ما دل على ذلك مخصص بصورة القلة جمعا بين الاخبار والمرجح قوة دلالة
الأخبار الدالة على عدم انفعال مقدار الكر بالملاقاة وقرب التخصيص المذكور فان الحمل على الغالب من أن ماء الأواني قريب راجح على تأويل مخالفة وبقى الكلام في الحياض فإنهم لم يتعرضوا
فنفى الحجة فوجه التسوية بينهما وبين الأواني غير معلوم ويطهر بالقاء كر طاهر عليه دفعة وأنت بعد الإحاطة بما أسلفنا ذكره لا يخفى عليك تحقيق هذه المسألة ولا ينحصر طريق تطهيره
في ذلك بل يمكن بوجوه أخر كالاتصال بالجاري أو الكثير أو نزول الغيث عليه على التفاصيل السابقة الخامس في تطهير القليل باتمامه كرا خلاف فذهب الأكثر منهم الشيخ في الخلاف
وابن الجنيد والفاضلان والشهيدان إلى عدم حصول الطهارة به وقال المرتضى في بعض رسائله انه يطهر وتبعه على ذلك جماعة من الأصحاب فمنهم من فرق بين اتمامه بالنجس والطاهر
ومنهم من عمم الحكم ومنهم من اطلق وممن تبع المرتضى على هذا القول ابن إدريس وسلار والفاضل الشيخ على وتردد الشيخ في المبسوط والأول أقرب لنا ان كثيرا من الأخبار الدالة على انفعال القليل بالملاقات
تدل على دوام المنع كما أشرنا إليه مرارا فلا يرتفع هذا الحكم الا بدليل شرعي وهو مففو؟؟ لضعف حجج المخالف وقد يستدل بعموم مفهوم قوله عليه السلام إذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شئ زعما منه انه
يستفاد منه على استصحاب نجاسة القليل وفيه نظر لان مقتضى هذه الشرطية حصول الانفعال للقليل وهو لا يستلزم رواية احتج المرتضى بوجهين أحدهما ان البلوغ يستهلك
النجاسة فيستوى وقوعها قبل البلوغ وبعده وبأنه لولا الحكم بالطهارة بعد البلوغ لما حكم بطهارة الماء الكثير إذا وجد فيه نجاسة لأنه كما يحتمل وقوعها بعد البلوغ يحتمل قبله فلا
يكون الحكم بالطهارة أولي لكن الاجماع على الحكم بطهارته والوجهان ضعيفان إما الأول فلانه قياس محض لأنه يرجع إلى التسوية بين دفع النجاسة الطارئة بعد البلوغ والحاصلة
قبله والأول منصوص والتسوية بينه وبين الثاني قياس محض مع وجود الفارق فان الماء في صورة التأخر قوى على دفع النجاسة لطهارته بخلاف صورة التقدم فإنه عنه اجتماعه
لنجاسة اجزائه كلا أو بعضا متقهر بالنجاسة فلا يقوى على دفعه واما الثاني فلان الوجه في الحكم بالطهارة في الصورة التي ذكره ليس ما ذكره فلعله أصالة الطهارة حتى يثبت خلافها و
الأخبار الدالة على ذلك واحتج ابن إدريس على مختاره بالاجماع وبقوله عليه السلام إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا وهو عام وزعم أن هذه الرواية مجمع عليها عند المخالف والموالف وبقوله تعالى
وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به وقوله فان كنتم جنبا فاطهروا وقوله فلم تجدوا ماء فتيمموا وقوله صلى الله عليه وآله لأبي ذر إذا وجدت الماء فأمسه جسدك وبقوله عليه السلام إما انا فلا أريد
ان أحثي على رأسي ثلث حثيات فإذا انى قد طهرت والجواب إما عن الاجماع فيمنع ثبوته ومنع حجية الاجماع المنقول بخبر الواحد خصوصا ممن ظهر منه في نقل الاجماع ما يخرج إلى تأويله
إلى خلاف المعنى المعروف قال المحقق بعد نقل احتجاجه بالاجماع انا لم نقف على هذا في شئ من كتب الأصحاب ولو وجد كان نادرا بل ذكره المرتضى في مسائل منفردة وبعد لا اثنان أو ثلثة
ممن تابعه ودعوى مثل هذا اجماعا غلط إذ ليسا بدعوى المائة حتى نعلم دخول الامام فيهم فكيف بفتوى الثلاثة والأربعة واما الخبر الأول فهو غير مروى في كتب الأصحاب بل هو من الأحاديث
المرسلة فالتعويل عليه مشكل قال المحقق انا لم نروه مسندا والذي رواه مرسلا المرتضى رحمه الله والشيخ أبو جعفر وأجاد ممن جاء بعده والخبر المرسل لا نعمل به وكتب الحديث عن الأئمة خالية
عنه أصلا واما المخالفون فلم اعرف به عاملا سوى ما يحكى عن ابن حي وهو زيدي منقطع المذهب وما رأيت أعجب ممن يدعى اجماع المخالف والمؤالف فيما لا يوجد الا نادرا فاذن الرواية ساقطة
واما أصحابنا فرووا عن الأئمة عليهم السلام إذا كان الماء قدر كر لم ينجسه شئ وهذا صريح في أن بلوغه كرا هو المانع لتأثره بالنجاسة ولا يلزم من كونه لا ينجسه شئ بعد البلوغ رفع ما
كان ثابتا فيه ومنجسا قبله والشيخ رحمه الله قال بقولهم عليهم السلام ونحن قد طالعنا كتب الاخبار المنسوبة إليهم فلم نر هذا اللفظ وانما رأينا ما ذكرناه وهو قول الصادق عليه السلام إذا كان الماء قدر
قدر كر لم ينجسه شئ ولعل غلط من غلط في هذه المسألة لتوهمه ان معنى اللفظين واحد انتهى وقال الشارح الفاضل وما يقال من أن الاجماع المنقول بخبر الواحد المحكوم بكونه حجة عند جماعة
من المحققين كاف في ثبوت الخبر وان لم يسند انما يتم من ضابط ناقد للأحاديث لا من مثل هذا الفاضل وإن كان غير منكور التحقيق فإنه لا يتحاشى في دعاويه مما يتطرق إليه القدح و
125

وقد بيناه هنا وقد طعن فيه بذلك جماعة من فضلائنا من أهل عصر وغيره واما الاستدلال بالعمومات فجوابه انها مخصوصة بالماء الطاهر جزما فان ثبت طهارة هذا الماء كان
داخلا فيه والا فلا فروع الأول لو جمد الماء القليل فلاقته نجاسة فهل يحكم بنجاسته بناء على أنه لم يخرج عن حقيقته بسبب الجمود فهو ماء قليل فينجس بملاقاة النجاسة أو
يكون في حكم الجامدات فيختص موضع الملاقاة بالنجاسة المنقول عن المنتهى الثاني ووجهه بان جموده يمنع من شياع النجاسة فيه فلا يتعدى موضع الملاقاة وهو حسن لان جموده
أخرجه عن المائية لغة وعرفا فلا يشمله احكام الماء التابعة للتسمية وتردد في التحرير الثاني قال في المنتهى لو وقع في الماء القليل المائع الملاصق بما زاد عن الكر من الثلج نجاسته ففي
نجاسته نظر فإنه يمكن ان يقال ماء متصل بالكر فلا يقبل التنجيس ويمكن ان يقال ماء قليل متصل بالجامد اتصال مماسة لا ممازجة واتحاد فأشبه المتصل بغير الماء في انفعاله عن النجاسة لقلته
والتعليل الأول ضعيف لان التقوية انما يحصل بالاتصال بالكر من الماء والثلج لا يصدق عليه اسم الماء لكن في تعميم أدلة نجاسة القليل بحيث يشمل محل النزاع عسر فتدبر الثالث لو عرض
الجمود للماء بعد النجاسة فتطهيره يتوقف على عودة مانعا لامتناع مداخلة الطاهر لاجزائه وفيها ما هو باق على الجمود الرابع إذا جهد الكثير التحق بالجامدات على ما اختاره الشهيد رحمه الله وغيره
منهم المصنف في النهاية فينجس بملاقاة النجاسة المحل الملاقى منه ويطهر باتصال الكثير به بعد زوال العين إن كانت ولو ألقيت النجاسة وما يكتفها أو موضع الملاقاة حيث لا عين لها بقى ما عداه على الطهارة و
المنقول عن المرتضى انه لو لاقت النجاسة ما زاد على الكر من الماء الجامد فالأقرب عدم التنجيس ما لم يغيره محتجا بان الجمود لا يخرجه عن حقيقته بل مؤكد لثبوتها لأنه معلول للبرودة التي هي مقتضى
الطبيعة واثار الحقيقة كلما قربت كان اكد في ثبوتها وفيه ضعف ظاهر لان الجمود يخرجه عن الاسم لغة وعرفا والحكم بعدم انفعال مقدار الكر معلق به نقل المصنف بهذا ورجع عن هذا
الحكم في النهاية واستشكله في التحرير الخامس لو وجد نجاسة في الكر وشك في وقوعها قبل الكرية أو بعدها فهو ظاهر لقول الصادق عليه السلام الماء طاهر حتى تعلم أنه قذر ولو شك في بلوغ الكرية
فقال المصنف ومن تبعه انه نجس ولم أر تصريحا بخلافه وعلل ذلك بان المقتضى وهو ملاقاة النجاسة موجود والمانع وهو الكرية مشكوك والأصل عدمه وعندي هذا التعليل في غاية الضعف
لكونه مبنيا على حجية الاستصحاب في الأمور الواقعية والقول به ضعيف جدا مع أنه يعارضه أصل الطهارة وبالجملة سبب الحكم بالنجاسة ملاقاتها مع كون الماء قليلا وهو مشكوك فيكون
مقتضى الخبر السابق الطهارة فتدبر السادس لو طارت الذبابة عن النجاسة إلى الثوب أو الماء فعند الشيخ عفو وهو المنقول عن المحقق في الفتوى لعسر الاحتراز ولعدم الجزم ببقائها
لجفافها في الهواء قال في الذكرى وهو يتم في الثوب دون الماء ولا يذهب عليك ان الحكم بعموم نجاسة القليل بالملاقاة انما هو بانضمام عدم القائل بالفصل وهو غير جار في محل الخلاف فالمتجه
هيهنا الحكم بالطهارة
الرابع ماء البئر عرفها شيخنا الشهيد في الشرح بأنه مجمع ماء نابع من الأرض لا يتعداها غالبا ولا يخرج عن مسماها عرفا وقد يقال القيد الأخير موجب لاجمال التعريف
لان العرف الواقع لا يظهر أي عرف هو اعرف زمانه صلى الله عليه وآله أم عرف غيره وعلى الثاني العام أو الخاص مع أنه يشكل إرادة عرف غيره صلى الله عليه وآله وأجيب بتعين حمله على العرف العام لعدم ثبوت الحقيقة
الشرعية ليس لغة فيه حد معلوم ولا لزمانهم عليهم السلام عرف ثابت فتعين حمله على العرف العام في هذا الزمان إذ الأصل موافقته لعرف زمان النبي صلى الله عليه وآله لان الأصل عدم النقل وفى العمل بهذا
الأصل وثبوته مطلقا تأمل وربما خصه بعضهم بعرفه صلى الله عليه وآله أو عرف أحد الأئمة عليهم السلام فما ثبت له الاسم في زمانهم كالموجود في العراق والحجاز لحقه الحكم والا فلا ان تغير بالنجاسة نجس
اجماعا ويطهر بالنزح حتى يزول التغير هذا بناء على ما اختاره المصنف من عدم نجاسة البئر بالملاقات وعدم وجوب نزح المقدر كما سيجيئ ظاهر لصحيحة محمد بن إسماعيل الآتية والأخبار الدالة
على النزح محمولة على الاستحباب بناء على هذا القول وما دل على نزح الجميع في صورة التغير فسيجيئ الجواب عنه واما على القول بالانفعال ففيه أقوال ومنشأها اختلاف
الروايات فبعضها يدل على الاكتفاء بزوال التغير كصحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرضا عليه السلام قال ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير ريحه أو طعمه فينزح حتى يذهب الريح ويطيب
طعمه وصحيحة أبى أسامة عن أبي عبد الله عليه السلام في الفارة والسنور والدجاجة والكلب والطير قال إذا لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء يكفيك خمس دلاء وان تغير الماء فخذه حيت يذهب الريح وبعضها
يدل على وجوب نزح الجميع كقول الصادق عليه السلام في صحيحة معوية بن عمار فان أنتن غسل الثوب وأعاد
الصلاة ونزحت البئر فاختلف الأصحاب على أقوال ثمانية الأول وجوب نزح الجميع
فان تعذر فالتراوح وهو المحكي عن المرتضى وسلار الثاني نزح الجميع فان تعذر فإلى ان يزول التغير واليه ذهب الشيخ رحمه الله الثالث النزح حتى يزول التغير وهو قول المفيد
وجماعة منهم الشهيد في البيان الرابع نزح أكثر الامرين من استيفاء المقدر وزوال التغير وهو قول ابن زهرة واختاره الشهيد في الذكرى الخامس نزح أكثر الامرين لكان
للنجاسة مقدر والا فالجميع فان تعذر فالتراوح ذهب إليه ابن إدريس واختاره الشيخ على بناء على القول بالانفعال واليه ذهب الشارح الفاضل السادس نزح الجميع
فان غلب الماء اعتبر أكثر الامرين من زوال التغير والمقدر ذهب إليه الشهيد في الدروس السابع نزح ما يزيل التغير أولا ثم استيفاء المقدر بعده إن كان لتلك النجاسة مقدر والا فالجميع
فان تعذر فالتراوح نقله صاحب لم عن بعض معاصريه انما نسب إلى المحقق أيضا الثامن أكثر الامرين إن كان لها مقدر والا فزوال التغير ونسب إلى بعض المتأخرين واختاره
صاحب لم بناء على القول بالانفعال وهو أقرب بناء عليه لنا ان الجمع بين صحيحة محمد بن إسماعيل وأبى أسامة وبين ما دل على نزح المقدر انما يحصل بذلك فإنه إذا وجب نزح المقدر
مع مجرد الملاقاة من دون التغير فوجوبه مع التغير الذي هو ملاقاة النجاسة مع وصف زائد مؤكد في الاحتياج إلى التطهير أولي فإذا حصل بإزالة التغير كما هو في غالب الأوقات
فذاك والا احتجنا إلى استيفائه والخبر الدال على إزالة التغير فمحمول على الغالب من حصول الاستيفاء بعد زوال التغير بالنزح جمعا هذا إذا كان هناك تقدير والا تعين الاكتفاء بإزالة
التغير عملا بمدلول الخبرين الصحيحين بقى الكلام في معارضة صحيحة معوية بن عمار فإنها تدل على وجوب نزح الجميع والتحقيق ان الجمع بينهما وبين الخبرين انما يستقيم على وجهين الأول
ان تحمل الصحيحة المذكورة على صورة يحصل زوال التغير بنزح الجميع أو يقال المراد بنزح البئر النزح من البئر ويكون؟؟؟ ان غسل الثوب وإعادة الصلاة والنزح المقدر الشرعي انما يجب في
صورة تغير البئر لكن هذا التأويل انما يستقيم على مذهب القائلين بعدم نجاسة البئر بالملاقاة أو يقال المراد بنزح البئر نزح أكثره ونسبة النزح إلى البئر مجاز العلاقة لا يقتضى ان
يكون المنزوح تمام مائه بل يكفي الأكثر لصحة التجوز الثاني ان يخصص الحكم بنزح الجميع تصوره امكانه وما دل على زوال التغير بصورة عدم امكان نزح الجميع ولا يخفى ان الجمع أقرب وأنسب
مع أن فيه ارتكاب لتخصيص واحد بخلاف الثاني فتدبر حجة القول الأول على وجوب نزح الجميع صحيحة معوية بن عمار ورواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال وسئل عن
بئر وقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال ينزف كلها يعنى مع التغير إذ بدونه يكفي ما دون ذلك لما دلت عليه الأخبار الكثيرة وانه ماء محكوم بنجاسة فيجب اخراجه أجمع وعلى اعتبار
التراوح انه قائم مقام نزح الجميع في كل صورة تعذر والجواب عن الأول قد علم بما ذكرنا وعن الثاني ان الخبر ضعيف السند فلا يصلح معارضا للخبر الصحيح مع أنه غير دال على اعتبار
التغير وانما جعل ذلك تأويلا له جمعا بينه وبين ما خالف ظاهره وإذا جاز ذلك فالحمل على تغير يتوقف زواله على نزح الجميع ممكن لضرورة الجمع أيضا فان ارتكاب التأويل في غير الصحيح خصوصا
إذا لم يكن ظاهره معمولا أولي وعن الثالث ان المحكوم بالنجاسة المتغير حسب فلا يجب اخراج غيره سلمنا لكن الدليل دل على طهارته وهو الصحيحتان المذكورتان ومن هنا ظهر سقوط
القول بالتراوح فإنه فرع لوجوب نزح الجميع وقد ظهر ضعفه وحجة القول الثاني ان فيه جمعا بين ما دل على نزح الجميع وما دل على اعتبار زوال التغير وجوابه قد ظهر بما حققنا سابقا
وحجة القول الرابع نحو مما قررناه فيما له مقدر والجواب انه مخصوص بماله مقدر دون غيره فان اكتفوا فيه بزوال التغير فهو عين ما اخترناه فلا بتكره والا كان مدفوعا بالحجة التي ذكرنا
وحجة الخامس على نزح أكثر الامرين ما ذكرنا واما على نزح الجميع لما ليس له مقدر فبنوه على مذهبهم بما لا نص فيه حيث حكموا بنزح الجميع لعدم دليل دال على تعيين البعض وهذا لا يجرى
هيهنا لوجود الدليل على التعيين وحجة السادس مأخوذ من حجة الثاني والرابع وجوابه يعلم مما حققنا وحجة السابع بالنظر إلى ماله مقدر ان وقوع النجاسة ذات المقدر سبب لنزح
126

المقدر والتقدير سبب لنزح ما يزول به ولا منافاة بينهما فيعلم كل منهما عمله وتقديم مزيل التغير لكون الجمع لا يتم الا به واما بالنسبة إلى ما لا مقدر له فكما قيل في حجة الخامس والجواب الجزاء
الأول انه إذا حصل إزالة التغيير في حصل في ضمنه نزح المقدر حصل امتثال كلا التكليفين فلا احتياج إلى استيفاء المقدر ثانيا على أن المستفاد من الخبرين الدالين على إزالة التغير
حصول الاكتفاء بها وعدم الاحتياج إلى الزائد لكن احتجنا إلى تخصيصهما في صورة لا يحصل استيفاء المقدر بعد إزالة التغير لضرورة الجمع فحيث لم تكن هذه الضرورة كما في الصورة المفروضة
كان القول بتخصيصهما فاسدا وعن الأخير كما ذكرنا في الجواب عن الخامس
مسألة لو زال تغيرها بنفسها أو بعلاج فبناء على القول بالانفعال هل يجب نزح الجميع أم يكفي المزيل
التقديري فيه وجهان اختار اولهما المصنف في التذكرة واستشكله في النهاية والقواعد وقواه الشهيد في الذكرى لعدم أولوية البعض ولتوقف اليقين عليه واختار ثانيهما الشهيد الثاني وهو ظاهر البيان واليه
ذهب صاحب لم؟ استنادا إلى أن مع بقاء التغير يكفي نزح القدر الذي تحصل به الإزالة فمع زواله أولي وان لم يتغير لم ينجس وأكثر أصحابنا حكموا بالنجاسة اختلف الأصحاب في نجاسة البئر بالملاقات
فذهب الأكثر إلى النجاسة حتى أن ابن زهرة نقل الاجماع وابن إدريس نفى الخلاف وذهب بعضهم إلى عدم النجاسة واليه ذهب ابن أبي عقيل والمصنف وأكثر المتأخرين عنه وهو المنقول عن الشيخ حسين
بن عبيد الله الغضايري والشيخ مفيد الدين الجهم وجعل ذلك في المختلف قولا ثانيا للشيخ ثم مذهب المصنف في أكثر كتبه ومن تبعه والمتأخرين استحباب النزخ ومذهبه في المنتهى وجوبه تعبدا
وهو منسوب إلى الشيخ في التهذيب وربما نسب إلى الشيخ في التهذيب القول بالنجاسة وعدم ايجاب إعادة الطهارة به وجعل بعضهم هذه النسبة وهما ونقل عنه أنه يقول في كتابي
الحديث بعدم الانفعال بمجرد الملاقاة لكنه يوجب النزح فالمستعمل لمائها بعد ملاقاة النجاسة وقبل العلم بها لا تجب عليه الإعادة بخلاف ما لو كان الاستعمال بعد العلم فإنه حينئذ منهى قبل
النزح والنهى في العبادة يستلزم الفساد وفيه نظر التصريح الشيخ في باب المياه من الزيادات بنجاسة البئر مما يقع فيه وانما نسب القول باستحباب النزح أيضا إلى الشيخ وليس هذا في كتبه المعروفة فكأنه
يوجد في غيره وذهب الشيخ أبو الحسن محمد بن محمد البصري والى الطهارة بشرط بلوغ الكرية قيل وهو لازم على المصنف لأنه يشترط الكرية في مطلق الجاري والبئر من أنواعه ونقل في الذكرى عن الجعفي
أنه قال يعتبر فيه ذراعان في الابعاد الثلاثة فلا ينجس ثم حكم بالنزح فالأقرب عندي الطهارة واستحباب النزح خصوصا إذا كان كرا مضافا إلى العمومات الدالة على طهارة الماء الذي لم يتغير مطلقا والعمومات
الدالة على طهورية الماء مطلقا روايات الأولى صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح أيضا قال كتبت إلى رجل أسأله ان يسئل أبا الحسن الرضا عليه السلام فقال ماء البئر واسع الحديث وهذا الخبر على الوجه
الذي في التهذيب يحتمل بحسب بادي النظر ان لا يكون الجواب للإمام عليه السلام لكنه مندفع عند التحقيق بعد التأمل في شواهد الحال وقرائن المقال وهو يسوغ في العادة ان ينقل الثقة الضابط
الناقل في جملة رواياته كلاما لغير المعصوم ثم نقله الأصحاب في كتبهم وكرروه واحتجوا بذلك وفى هذا الخبر دلالة على المطلوب من وجهين الأول انه نفى عن ماء البئر الفساد بدون التغير
مطلقا ومن أنواعه النجاسة فيكون منتفية على أنه يحتمل ان يكون المراد من الفساد خصوص النجاسة إذ به يتعلق الغرض الحكمي وقوله واسع لا يخلو من ايماء إليه الثاني تحديد النزح بذهاب التغير يقتضى
عدم وجوب الزائد عليه ولو كان استيفاء المقدر بسبب ملاقاة النجاسة واجبا يلزم وجوبه في صورة التغير بطريق أولي فلو لم يحصل بعد إزالة التغير يلزم نزح الباقي مع أن الرواية تنفيه وأجاب عنها
الشيخ في الاستبصار بان المعنى انه لا يفسده شئ افسادا لا يجوز الانتفاع بشئ منه الا بعد نزح جميعه الا ما يغيره فإذا لم يتغير فإنه ينزح منه مقدار وينتفع بالباقي ويرد عليه ان عدم جواز الانتفاع
بشئ منه كذلك يتحقق مع عدم التغير أيضا في كثير من النجاسات عند القائلين بالتنجيس كما أنه قد يجوز الانتفاع بشئ منه بدون نزح الجميع مع التغير في صورة لا يتوقف زوال التغير على نزح الجميع
بمقتضى هذه الرواية فاطلاق القول بعدم جواز الانتفاع بشئ منه بدون نزح الجميع مع التغير وجوازه مطلقا بدونه كذلك غير مستقيم والمحقق بعد نقل الرواية على الوجه المنقول عن التهذيب
أجاب عنها بوجوه أحدها الطعن في الرواية فان المكاتبة تضعف عن الدلالة والثاني يحتمل لا يفسده فسادا يوجب التعطيل الثالث المعارضة بخبر محمد بن إسماعيل وجوابه انه لا فرق
بين المكاتبة والمشافهة إذا حصل الوثوق بأنها عن الامام ولهذا نقل عنه حيث قال قال والظاهر أن المراد به الامام لا الراوي كما لا يخفى والجواب عن الثاني ظهر بما أسلفنا واما المعارضة
فسيأتي الجواب عنه وأجيب عن هذا الاستدلال أيضا بان دلالة هذا الخبر على عدم النجاسة من قبيل عدم دلالة العام ودلالة ما دل على النجاسة من قبيل دلالة الخاص والخاص مقدم
على العام وأيضا الخبر المستفاد منه متروك الظاهر للقطع بنجاسة الماء مطلقا بتغير اللون وفيه نظر لأنا لا نسلم وجود ما دل على نجاسة الماء بأشياء مخصوصة فان قصد الأخبار الدالة على النزح
قلنا ليس وجه النزح منحصرا في النجاسة فلعله يكون الغرض منه تطيب الماء وإزالة النفرة الحاصلة بسبب وقوع النجاسة فيها ولو سلم فنقول تعين حمل العام على الخاص انما يكون إذا لم يمكن
حمل الخاص على معنى يكون الحمل عليه أقرب من ارتكاب التخصيص في العام ولا خفاء في أن حمل اخبار النزح على الاستحباب تنظيفا للماء وتطييبا له أقرب من هذا التخصيص واما قوله الخبر
متروك الظاهر فجوابه أولا انه يجوز ان يكون تغير اللون مقتضيا لتغير الطعم وثانيا ان ارتكاب التخصيص لضرورة داعية إليه لا يقتضى طرحها أو تخصيصها بغير مورد الضرورة الثانية
صحيحة أخرى له عليه السلام عن الرضا عليه السلام قال ماء البئر لا يفسده شئ الا ان يتغير الثالثة صحيحة أخرى له عنه عليه السلام ماء البئر واسع لا ينجسه شئ الا ان يتغير به الرابعة صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر
قال سألته عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أو زنبيل من سرقين أيصلح الوضوء منه قال لا باس وأجيب عنه بان العذرة والسرقين أعم من النجس فلا يدل عليه لعدم
دلالة العام على الخاص وبان السؤال وقع عن الزنبيل المشتمل عليهما ووقوعه في البئر لا يستلزم اصابتهما الماء وبامكان ان يراد لا باس بعد نزح الخمسين ولا يذهب عليك ما في هذه؟؟؟
من البعد لان العذرة فضلة الانسان لغة وعرفا والسرقين وإن كان أعم منه الا ان المراد هنا النجس لبعد سؤال الفقيه عن الطاهر وبعد التنزيل عن ذلك الاستفصال دليل عموم
الحال ووقوع الزنبيل في البئر يستلزم دخول ما فيه إليها عادة وحمل السؤال على الاحتمال البعيد المخالف الظاهر من جهات شئ والجواب عنه بعيد عن عادتهم عليهم السلام وإرادة نفى الباس مع نزح
المقدر يستلزم دخول ما فيه إليها عادة وحمل السؤال على خير البيان عن وقت الحاجة بل هي كما قيل الغاز مناف للحكمة فلا يصح الحمل عليه الخامسة صحيحة معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته
يقول لا يغسل الثوب ولا يعد الصلاة فما وقع في البئر الا ان ينتن فان أنتن غسل الثوب وأعاد الصلاة ونزحت البئر وأجاب عنه في المعتبر بان معوية المذكور لا نعرفه فلعله غير أبى عثمان ففي
الرواة عده بهذا الاسم منهم الثقة ومنهم غيره وجوابه ان القراين شاهدة بان المراد به معوية بن عمار الثقة يظهر ذلك بالامارات الرجالية على أن هذا الاشكال في التهذيب واما في
الاستبصار فالراوي معين كما نقلنا وأجاب ثانيا بان لفظ البئر يقع على التابعة والغدير فلعل السؤال عن بئر يكون ماؤها محقونا فتكون الأحاديث الدالة على وجوب نزح البئر
عن أعيان المنزوحات مختصة بالنابعة ويكون هذا متناولا لغيرها مما هو محقون ولا يخفى ما فيه وأجاب ثالثا بأنه حديث واحد تعارضه أحاديث كثيرة والكثرة امارة
الرجحان ورابعا بما ملخصه ان دلالته من حيث العموم فتقدم الأحاديث الدالة على أعيان المنزوحات تقديما للخاص على العام ولا يخفى عليك الجواب عنهما بعد اتقان ما
ما أسلفنا ونقل بعضهم عنه في المعتبر أيضا أنه قال في الطريق حماد وهو مشترك بين الثقة والضعيف وأجاب بانا نقطع بان حمادا هذا هو ابن عيسى الثقة الصدوق
لرواية الحسين بن سعيد عنه وروايته عن ابن عمار وهذا السند متكرر في كتب الأحاديث مع التصريح بأنه ابن عيسى على وجه لا يحصل شك في أن المراد مع الاطلاق
كما يظهر للمتتبع وهو حسن الا ان ما نقله عن المعتبر غير موجود فيما عندنا من النسخ الصحيحة فلعله يوجد في غيره السادسة صحيحة أخرى لمعوية بن عمار عن الصادق عليه السلام في الفارة
127

تقع في البئر فيتوضأ الرجل منها وهو لا يعلم أيعيد الصلاة ويغسل ثوبه فقال لا يعيد الصلاة ولا يغسل ثوبه السابعة صحيحة أبى أسامة وأبى يوسف يعقوب بن هيثم عن أبي عبد الله
قال إذا وقع في البئر الطير والدجاجة والفأرة فانزح منها سبع دلاء قلت فما قول في صلاتنا ووضوئنا وما أصاب ثيابنا فقال لا باس به الثامنة موثقة أبان بن عثمن عن
أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الفارة تقع في البئر لا يعلم بها الا بعد ما يتوضأ منها ان عاد الصلاة فقال لا وهاتان لا تقصران من الصحاح وإن كان في طريقهما أبان بن عثمن وقيل إنه
ناووسي لأنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه على ما نقل الكشي فيكون وجوده في الطريق غير ضار في الاحتجاج ولا تقصر روايته عن الصحاح التاسعة موثقة أبي بصير قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام بئر يستقى منها ويتوضأ به وغسل منه الثياب وعجن به ثم علم أنه كان فيها ميت قال لا باس ولا يغسل الثوب ولا تعاد منه الصلاة ورواها ابن بابويه مرسلا
العاشرة موثقة عمار قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن البئر يقع فيها زنبيل عذرة يابسة أو رطبة قال لا باس إذا كان فيها ماء كثير ومما يؤيد المطلوب صحيحة زرارة عن أبي عبد الله قال
سألته عن الحبل يكون من شعر الخنزير يستقى به الماء من البئر أيتوضأ من ذلك الماء قال لا باس وتؤيده أيضا ما نقل ابن بابويه في الفقيه مرسلا عن الصادق عليه السلام قال كانت بالمدينة بئر في وسط مزبلة وكانت الريح تهب
فيلقى فيها القذر وكان النبي صلى الله عليه وآله يتوضأ منه وتؤيده اخبار اخر غير نفى السند تركنا ذكرها خوفا من الإطالة وتؤيده أيضا اختلاف اخبار النزح اختلافا كثيرا ووقوعها فيها
ليس بنجس وهذا من علامات الاستحباب وكذا التخيير بين مقادير النزح في كثير من الاخبار ويؤيده أيضا ان حصول الطهارة بالنزح على القول بالنجاسة لا يخلو عن بعد لأنه ينجس
الدلو والرشأ ويتساقطان الماء من الدلو وتوهم المعارضة في صورة التغير ضعيف وعلى القول بالنجاسة يلزم نجاسة ماء طاهر بادخاله في بئر طاهر كالكر من الماء إذا كان
فيه شئ من النجاسة وهذه الاشياج وإن كانت استبعادات لا تصلح دليلا شرعيا لكن لا تخلو عن تأييد ما حتى جعلها بعضهم عن الدلائل وبالجملة مؤيدات الطهارة كثيرة
فالقول بها متجه خصوصا إذا كان الماء كثير العموم الأدلة الدالة على عدم انفعال مقدار الكر بالملاقاة وبعد اشتراط الخروج من البئر في عدم الانفعال مع أن ظاهر الحال يقتضى
وليس الغرض من هذا الاستدلال بل التأييد فان قلت ما ذكرت من الأدلة دال على عدم النجاسة فمن أين اخترت
استحباب النزح ولم لا يجوز ان يكون واجبا قلت دليلنا
على استحباب النزح الجمع بين صحيحة محمد بن إسماعيل السابقة واخبار النزح مؤيدا بالقرائن الدالة على أن المراد بها الاستحباب كما أشرنا إليه احتج القائلون بالتنجيس بوجوه
الأول ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح قال كتبت إلى رجل أسأله ان يسال أبا الحسن عليه السلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء فيقطر فيها قطرات من بول أو دم أو تسقط
فيها شئ من عذرة كالبعرة ونحوها ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء منها للصلاة فوقع عليه السلام بخطه في كتابي تنزح منها دلاء وهي في قوة طهرها بان تنزح منها دلاء ليطابق الجواب و
السؤال وطهرها بالنزح يقتضى نجاستها قبله الثاني ما رواه علي بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن موسى بن جعفر قال سألته عن البئر تقع فيها الدجاجة والحمامة أو الفارة أو الكلب
أو الهرة فقال يجزيك ان تنزح منها دلاء فان ذلك يطهرها إن شاء الله الثالث لو كان طاهرا لما ساغ التيمم لكن التالي بط؟؟ فالمقدم مثله ما الملازمة فلأن جواز التيمم مشروط بفقد
الماء الطاهر واما بطلان التالي فلوجهين أحدهما صحيحة عبد الله بن يعفور وعنبسة ابن مصعب عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا أتيت البئر وأنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغترف به
فتمم بالصعيد فان رب الماء رب الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم ماءهم الثاني لو لم يجز التيمم لزم أحد الامرين إما جواز استعمال ماء البئر بغير نزح أو اطراح
الصلاة وهما باطلان إما الأول فلانه لو صح لما وجب النزح لكنه باطلا بالأحاديث المتواترة الدالة على وجوبه واما الثاني فبالاجماع الرابع الاستدلال بالخبر المذكور
لأنه عليه السلام نهى عن الافساد والوقوع فيه وهذا دال على أن الوقوع فيه سيلزم الافساد والمفهوم من الافساد هنا النجاسة كما اعترف به الخصم في اخبار الطهارة الخامس النقل
المستفيض الشائع بوجوب النزح من الخاص والعام ونقله في المعتبر عن جماعة من الصحابة والتابعين وقد يقال عليه عمل الامامية في ساير الاعصار والامصار السادس عمل أكثر الأصحاب
وهو وان لم يكن حجة قطعية لكن يفيد أولوية فإذا انضم إلى ما ذكر من الأحاديث حصل القطع بالحكم والجواب عن الأول بان هذا الخبر وإن كان له ظهور في مقصودكم لكنه معارض
بصحيحة محمد بن إسماعيل السالفة فيجب الجمع ولا ريب في كونها أقوى دلالة لصراحتها وبعد وجه الدلالة واشتمالها على التعليل والتأكيد والاستثناء بخلاف هذا الخبر فتعين
تأويله بان تحمل الطهارة فيه على المعنى اللغوي أو المرتبة الكاملة من الطهارة ويكون المراد بقوله حتى يحل الوضوء منها زوال المرجوحية ورجح الشارح الفاضل هذا
الخبر على نظيره بالتصريح ههنا بان المجيب هو الامام لاخبار الثقة الضابط انه بخطه عليه السلام فهى في قوة المشافهة بخلاف الأولى لعدم ذكر ذلك فيها بل كما يحتمل ان يكون المجيب
هو الإمام عليه السلام يحتمل ان يكون هو الرجل المسؤول ان يسال أو غيره لكن عود الضمير
فيها في قوله فقال باعتبار رجحان عوده إلى الأقرب يرجح كون المجيب الامام ان ذلك ظاهر وهذا نص وبأنه مشتمل على الامر بالنزح المستلزم للنهي والخطر عن استعمال
الماء قبل ذلك لنجاسة واشتمال الأول على إباحة الاستعمال والأول أرجح وباعتضاده بعمل الأصحاب وفيه نظر لان استناد خبر الطهارة إلى الرضا عليه السلام منصوص في الاستبصار
والمناقشة التي ذكرها تتوجه إلى ما في التهذيب حسب وقد نقلنا صحيحتين اخرتين لمحمد بن إسماعيل منقولا عن الرضا عليه السلام نصا إحديهما دالة على نفى الفساد بدون التغير نقلتها
عن التهذيب في باب الزيادات وثانيتهما دالة على نفى النجاسة بدون التغير نقلته عن الكافي باسناد الخبر الذي يحتج به القائلون بالنجاسة بعينه وكان الشارح الفاضل رحمه الله
غفل عن تلك الأخبار وتمسك بما ذكر واما الترجيحان الآخران فلا يصلحان مقاوما لما ذكرنا من قوة الدلالة والاعتضاد بالاخبار الكثيرة والاعتبارات العقلية
وعن الثاني باحتمال إرادة المعنى اللغوي من الطهارة فلا يدل على حصول النجاسة ولو سلم فضرورة الجمع يقتضى الحمل عليه أو على أن المراد بالطهارة كما لها ومما يضعف الاحتجاج
بالخبرين كون ظاهرهما متروكا عند القائلين بالنجاسة وعن الثالث بمنع الملازمة فان شرط جواز التيمم فقد الماء المأذون في استعماله شرعا لا فقد الطاهر مطلقا الا ترى ان
المستعمل في إزالة الحدث الأكبر ظاهر عند الأكثر أصحابنا مع ايجابهم التيمم عنده والوجه الثاني من وجهي ابطال الثاني مندفع لأنا نختار جواز الاستعمال بدون النزح واما
اخبار النزح فسيجيئ الجواب عنها وعن الرابع بان النهى عن الوقوع والافساد ليس باعتبار ان وقوع الجنب فيها يستلزم النجاسة بل لان وقوعه فيها يستلزم تغيير الماء
واثاره الطين وتنفر الطباع عنه مع الاحتياج إلى الشرب عنه وهذا هو السر في الامر بالتيمم فإنه يكفي فيه أدنى مانع كما يستفاد من تصفح مواضع الترخيص به وبالجملة
الكلام غير دال على أن الوقوع فيها يستلزم كل نوع من الافساد حتى يلزم استلزامه للنجاسة وقوله المفهوم من الافساد هنا النجاسة ممنوع كما لا يخفى على المتأمل وما
يقال من أن الافساد قد وقع في أحاديث الفريقين مهما اعترض أحدهما فهو وارد على الأخر مندفع لان المستفاد من خبر الطهارة نفى الفساد المقتضى لنفى جميع أنواعه بخلافه
ههنا فإنه لا يستفاد ثبوت كل نوع من الفساد بسبب الوقوع في البئر ومن أين يلزم ذلك وعن الخامس بان اخبار النزح غير دالة على النجاسة بوجه ولهذا وقعت فيما ليس بمنجس أيضا
نعم ظاهرها وجوب النزح ان قلنا إن الأوامر في اخبارنا ظاهرة في الوجوب مع أنها شايعة في الاستحباب والرجحان المطلق شيوعا تاما يوجب وهنا بالغا في الظهور المذكور
لكن حملها على الاستحباب تأويل قريب راجح في الأغلب على أكثر التأويلات ووجوه الجمع فلتحمل عليه تلك الأخبار جمعا بينه وبين صحيحة محمد بن إسماعيل السالفة المؤيدة ببعض
الامارات المشيرة إلى أن المراد بتكليف النزح الاستحباب والنقل عن الصحابة والتابعين على وجه يصلح للاحتجاج غير ثابث وكذا ما نقل عن الامامية فان كونه على وجه الوجوب
غير معلوم وعن السادس بان انضمام عمل الأكثر مع ما ذكروا من الخبر لا يوجب قوة تقاوم دلالة ما ذكرنا من الاخبار مع أن المصنف في المنتهى منع عمل الأكثر أيضا حجة البصروي
128

على ما نقل عن بعض الأصحاب رواية الحسن بن صالح الثوري عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كان الماء في الركى كرا لم ينجسه شئ والمراد بالركى الأبار واستدل له مع ذلك لعموم
ما دل على اشتراط الكرية في عدم الانفعال ويمكن الاستدلال له بالخير العاشرة ما نقلنا من اخبار الطهارة والجواب عن الأول ان هذا الخبر ضعيف السند جدا ومع ذلك
دلالته دلالة المفهوم فلا يصح المعارضة الأخبار السابقة وهذا هو الجواب عن الثالث مع أن الخبر غير صحيح وعن الثاني انه لا دلالة فيها على انفعال القليل مطلقا حتى يشمل محل النزاع
كما أشرنا إليه مرارا سلمنا لكن يجب تخصيصها جمعا بين الأدلة وأوجبوا نزح الجميع في موت البعير هو في الإبل بمنزلة الانسان كما نص عليه أهل اللغة وجماعة من الأصحاب فيشمل
الذكر والأنثى في الصغير والكبير والظاهر أنه لا خلاف في هذا الحكم بين الأصحاب إما على وجه الوجوب أو الاستحباب ونقل ابن زهرة اتفاق الأصحاب على وجوب نزح الجميع فيه
وعده ابن إدريس من المتفق عليه بينهم وتدل عليه صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سقط في البئر شئ صغير فمات فيها فانزح منها سبع دلاء قال فان وقع فيها جنب فانزح منها
سبع دلاء وان مات فيها بعيرا وصب فيها خمر فلينزح وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إن سقط في البئر دابة صغيرة وانزل فيها جنب نزح منها سبع دلاء
فان مات فيها ثورا ونحوه أو صب فيها خمر نزح الماء كله واما رواية عمرو بن سعيد بن هلال قال سألت أبا جعفر عليه السلام عما يقع في البئر ما بين الفارة والسنور إلى الشاة فقال
كل ذلك يقول سبع دلاء حتى بلغت الحمار والجمل فقال كر من ماء فحملها الشيخ على أنه جواب عن حكم الحمار تعويلا في حكم الحمل على ما عرف من وجوب نزح الجميع وهو بعيد جدا
والصواب ردها لعدم صلاحيتها لمقاومة الخبر الصحيح لان رواية مجهول الحال وضعفها المحقق بان رواية عمرو بن سعيد فطحي وتبعه على ذلك المصنف والشهيد وأورد عليهم ان
عمرو بن سعيد الفطحي من أصحاب الرضا عليه السلام وهذه الرواية عن الباقر عليه السلام لان الراوي عن عمرو بن سعيد عمر بن يزيد وهو من رجال الصادق عليه السلام وتصريح الشيخ أيضا بان عمرو بن سعيد بن
هلال من أصحاب الصادق عليه السلام والأقرب الحاق الثور بالبعير قيل إنه مذهب أكثر الأصحاب وتدل عليه صحيحة عبد الله بن سنان السابقة وعن ابن إدريس انه اكتفى فيه بالكر وذكر المصنف
ان الشيخين واتباعهما لم يذكروه لكنهم أوجبوا نزح كر للبقرة ونقل صاحب الصحاح اطلاق البقرة عليه ولا يخفى ان عرف هذا الزمان لا يوافق ما نقل من الصحاح ولكن
يحتمل ان يكون هذا العرف متجددا بعد زمانهم والشيخان وان لم يذكر الثور صريحا لكنه داخل في عموم كلامهم حيث ذكر وأنزح كر للحمار والبقرة وأشباههما واحتج عليه
الشيخ في التهذيب بخبر عبد الله بن سنان المشتمل على ذكر الثور صريحا ووقوع المنى أوجب الشيخ نزح الجميع للمنى ويستفاد من كلام ابن زهره وابن إدريس نقل اتفاق الأصحاب
عليه والاخبار خاليه عنه ونقل عن كثير من الأصحاب التصريح بان النص خالية عنه وحكاه في الذكرى عن الشيخ أبى على ولد الشيخ في شرح نهاية والده وقال في المعتبر لم اقف
على ما يدل بمنطوقه على وجوب نزح الماء بالمنى بل يمكن ان يقال ماء محكوم بنجاسة ولم يثبت طهارته باخراج بعضه فيجب نزحه وهذا الوجه لو تم يختص القول بانفعال
البئر بالملاقاة والمنى باطلاقه شامل المنى الانسان وغيره مما له نفس سائله وربما قيل باختصاص بمنى الانسان وادخال غيره فيما لا نص فيه والوجه ادخال الجميع ودم الحيض
والاستحاضة والنفاس ذهب إليه الشيخ وجماعة ونقل ابن زهرة اجماع الأصحاب وابن إدريس عدها في جملة المتفق عليه بينهم واعترف جماعة منهم بعدم النص فيها على
الخصوص قال في المعتبر بعد نسبة ذلك إلى الشيخ واتباعه والاعتراف على عدم النص فيه ولعل الشيخ نظر إلى اختصاص دم الحيض بوجوب إزالة قليله وكثيره عن الثوب فغلط
حكمه في البئر والحق به الدمين الأخوين لكن هذا التعليل ضعيف فالأصل ان حكمه حكم بقية الدماء عملا بالأحاديث المطلقة وفى التسوية بينه وبين غيره من الدماء نظر
سيأتيك وجهه واحتج له في المختلف بنحو احتجاج المحقق في حكم المنى وقد عرفت حاله والمسكر ذكر الشارح الفاضل والفاضل الشيخ على وبعض المتأخرين ان المراد به المائع
بالأصالة لعدم نجاسة مثل الحشيشة ولا يخفى ان أكثر عبارات الأصحاب حال عن التقييد وفى نهاية الشيخ شراب مسكر وكذا في غيبة ابن زهرة ولعل ذلك مراده الباقين والحكم
المذكور ومشهوره بين الأصحاب ونقل ابن زهره وابن إدريس الاتفاق عليه وتدل عليه صحيحة الحلبي وعبد الله بن سنان السابقتان وصحيحة معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
في البئر يبول فيها الصبى أو يصب فيها بول أو خمر فقال ينزح الماء كله وهذه الرواية متضمنة لنزح الجميع للبول ولا قائل به وحملها الشيخ على حصول التغير به والمحقق
على الاستحباب بالنسبة إلى البول بناء على القول بالوجوب وأورد بعضهم على خبر ابن سنان انه مشكل مخالف للمشهور في الدابة الصغيرة فيشكل التعويل عليه والمشهور بين
الأصحاب عدم الفرق بين قليل الخمر وكثيره حتى جعل ابن إدريس ذلك من جملة المتفق عليه بينهم ودليلهم عليه هذه الروايات وفيه نظر لان السبب لا يصدق على مثل القطرة
وانكاره مكابرة وذهب ابن بابويه في المقنع على ما نقل منه انه ينزح للقطرة من الخمر عشرون دلوا وهو مروى عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام بئر قطر فيها قطرة دم أو خمر قال
الدم والخمر والميت ولحم الخنزير في ذلك كل واحد ينزح منه عشرون دلوا فان غلب الريح نزحت حتى تطيب وهذه الرواية ضعيف السند وظاهرها الاكتفاء بالعشرين
في الخمر وما ذكر معه ولا قائل يمر فيما اعلم وروى كردويه قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن البئر تقع فيها قطرة دم أو نبيذ مسكر أو بول أو خمر قال ينزح منها ثلاثون دلوا وهذا
وهذا الخبر أيضا ضعيف ويظهر من المحقق الميل إلى العمل بهما وإذ قد عرفت ان الأخبار المتقدمة لا تشمل مثل القطرة والأخيرين ضعيفان لا يصلحان للدلالة فالحاق القطرة
بما لا نص فيه وجه ويمكن ان يقال بناء على القول بالنجاسة ان استحباب النجاسة غير ثابت الا بالقدر الذي اقتضاه الدليل فيجب الاقتصار في الحكم بالنجاسة وبقائها على القدر
المتيقن وبعد نزح العشرين لا دليل على بقاء النجاسة فتسلم العمومات الدالة على الطهارة بالنسبة إليه سالمة عن المعارض ومنه يعلم أن قول الصدوق غير بعيد واعلم أن
الروايات المذكورة انما تضمنت حكم الخمر الا ان معظم الأصحاب لم يفرقوا بين الخمر وسائر المسكرات واحتج عليه في المعتبر بعد الاعتراف بعدم حديث يدل عليه نطقا بما
ورد في بعض الأخبار من أن كل مسكر خمر وتبعه على هذا الاستدلال جماعة ممن تأخر عنه وفيه تأمل لان الرواية غير صريح في تسمية المسكر خمرا بل يجوز ان يكون المراد
اشتراكه مع الخمر في التحريم لأنها مسوقة لبيانه والانكار على من خص التحريم بالخمر وحمل الخبر عليه غير بعيد جمعا بين الخبر والمستفاد من اللغة والعرف من تسميته خمرا
والفقاع ذكر المرتضى في الانتصار ان الفقاع هو الشراب المتخذ من الشعير والأولى الرجوع عنه إلى العرف إذا لم يعلم اطلاقه على ما علم حله وطهارته كماء الزبيب الذي لم يتغير
عن حقيقته والحكم المذكور ذكره الشيخ وجماعة ممن تأخر عنه ويستفاد من كلام ابن زهرة وابن إدريس نقل الاتفاق عليه وليس فيه نص على الخصوص واحتج المحقق ومن تبعه باب
الفقاع خمر لقول الصادق عليه السلام في رواية هشام بن الحكم وقد سأله عن الفقاع انه خمر مجهول وقول الكاظم عليه السلام انه خمرا استصغرها الناس ويود عليه ما سبق والحق الشهيد في الذكرى بالخمر العصير
العنبي بعد الاشتداد لشبهه به وهو قياس محض مسألة حكى الشهيد عن أبي الصلاح ايجاب نزح الجميع لبول ما لا يؤكل لحمه ولو لوثه الأبوال الرجل والصبي ونسب إلى ابن البراج
ايجاب الجميع بعرق الإبل الجلالة وعرق الجنب من حرام وعن البصروي الحاق خروج الكلب والخنزير حيين وعن بعضهم الحاق الفيل ولم اطلع على دليل الشئ من ذلك كله ولعلهم بنوا
هذه الأحكام على ايجاب نزح الجميع فيما لا نص فيه فان تعذر نزح الجميع لكثرته تراوح عليها أربعة رجال يوما التراوح تفاعل من الراحة لان كل اثنين
يريحان صاحبهما وهذا الحكم ذكره الشيخان واتباعهما وذكر المصنف في المنتهى انه لا يعرف فيه مخالفا بين القائلين بالتنجيس ونقل عليه
ابن زهرة اجماع الفرقة ومستنده موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل قال في اخره وسئل عن بئر وقع فيها كلب أو فارة أو خنزير قال ينزف كلها فان غلب عليه الماء فلينزف يوما إلى الليل
ثم يقام عليها قوم يتراوحون اثنين فينزفون يوما إلى الليل وقد طهرت والرواية غير صحيحة لان في طريقها جماعة من الفطحية وقد تضمنت ما لا يقولون به وهو ايجاب نزح الماء
129

كله للكلب أو الفارة مع أن ظاهرها يقتضى النزح يومين حيث قال ثم يقام عليهما وكلمة ثم موجود في الأصول المصححة ومحكية في بين الرواية في كتب الاستدلال الا المعتبر فإنها
فيه ساقطه فالتمسك بمثل هذه الرواية في غاية الاشكال ويمكن ان يقال يكفي في العمل بها الاعتضاد بالشهرة وعمل الأصحاب وعلى القول بالاستحباب لاشكال بناء
على ما عرفت غير مرة من جواز المسامحة في أدلة السنن وذكر المحقق في المعتبر ان هذه وان ضعف سندها فالاعتبار يؤيدها من وجهين أحدهما عمل الأصحاب على رواية
عمار لثقته حتى أن الشيخ ادعى في العدة اجماع الامامية على العمل بروايته ورواية أمثاله ممن عددهم وهذا الكلام من المحقق مناف لما ذكره في أصوله من انكار هذا الاجماع
ومنع ثبوته لكنه حسن ان ثبتان باقي الرواية الداخلة في سندها من هذا القبيل الثاني انه إذا وجب نزح الماء كله وتعذر فالتعطيل غير جائز والاقتصار على نزح البعض
تحكم والنزح يوما يتحقق معه زوال ما كان في البئر فيكون العمل به لازما وفيه نظر ظاهر واعلم أن كلامهم في تحديد اليوم مختلف ففي عبارة المفيد من أول النهار إلى اخره وتبعه
عليه ابن زهرة وهو المحكي عن المرتضى وأبى الصلاح وسلار وفى عبارة الصدوقين من غدوة إلى الليل وفى نهاية الشيخ من الغدوة إلى العشية ومثله في المبسوط وقال ابن إدريس
أول النهار حين يحرم على الصائم الأكل والشرب واخره حتى يحل له الافطار وقد يوجد في بعض كتب أصحابنا من الغدوة إلى العشية وليس في ذلك ما ينافي ما ذكرنا لان الغدوة
والغداة عبارة عن أول النهار بغير خلاف بين أهل اللغة العربية وفيه تأمل لتصريح اللغويين بان الغدوة ما بين صلاة الغداة إلى طلوع الشمس وحمل كلام من ذكرنا أول النهار
واخره على هذا المعنى غير بعيد وكذا الرواية لأنه أقرب إلى المتعارف ومن هنا يظهر ان الشهيد رحمه الله ما ذكره بعد نقل طرف من عبارات الأصحاب حيث قال والظاهر أنهم أرادوا
يوم الصوم فليكن من طلوع الفجر إلى غروب الشمس لأنه المفهوم من اليوم مع تجديده بالليل محل التأمل وكذا ما ذكره المتأخرون عنه ووجوب ادخال جزء من الطرفين
من باب المقدمة وجعل الشهيد رحمه الله ذلك أولي وربما يزاد عليه فيقال يجب تقديم تهيئة آلات النزح قبل الجزء المذكور وقال المحقق بعد نقل طرف من عبارات
الأصحاب ومعاني هذه الألفاظ متقاربة فيكون النزح من طلوع الفجر إلى غروب الشمس أحوط وهو حسن والمصنف في المنتهى نفى العلم بالخلاف بعد تفسير اليوم بهذا ولا ريب في
كون الاحتياط فيه وان مكن حمله على المتعارف من يوم الأجرة ونحوها فروع الأول ذكر الشارح الفاضل في كيفية ان يكون أحدهما فوق البئر يمسح فيها بالدلو والاخر
فيها يملاه وتبعه عليه الفاضل الشيخ حسن ومأخذه غير معلوم والأولى ان يكونا معا فوق البئر يمنحان بالدلو معا كما ذكره بعض المتأخرين لأنه أقرب إلى المتعارف وقد صرح
به ابن إدريس حيث قال وكيفية التراوح ان يستقى اثنان بدلو واحد يتجاذبانه إلى أن يتعبا فإذا تعبا قعد أو قام هذان واستراح الآخران الثاني استثنى زمان الصلاة
جماعة والاجتماع في الاكل تمسكا باقتضاء العرف له واقتصر بعضهم على الأول فارقا بينهما بان الثاني يمكن حصوله في حال الراحة بخلاف الأول لان الفضيلة الخاصة لا تحصل
الا به وربما نفى بعضهم الاستثناء من أصله الثالث المذكور في كلام الأصحاب تراوح أربعة رجال فلا تجزى النساء ولا الصبيان وعن بعض الأصحاب الأخير عليه السلام بهم واستحسن ذلك
بعض المتأخرين وقيده بعدم قصور تزحمهم عن نزح الرجال وفيه تأمل ويفهم من كلام المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى ان لفظة القوم في الرواية شاملة لهم وفيه تأمل لان
اطلاقه على الرجال خاصة أقرب بحسب اللغة لتصريح جماعة من أهل اللغة بذلك وان نقل عن بعضهم اطلاقه على النساء أيضا فلا شك في كونه نادرا قال الجوهري القوم
القوم الرجال دون النساء وقال ابن الأثير في النهاية القوم في الأصل مصدر قام فوصف به ثم غلب على الرجال دون النساء ولذا قابلهن به يعنى في قوله تعالى لا يسخر قوم من
قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء وقال صاحب الكشاف القوم الرجال خاصة لانهم القوام بأمور النساء قال الله تعالى الرجال قوامون على النساء وقال أيضا
اختصاص القوم بالرجال صريح في الآية وفى قول زهير ما قوم آل حصين أم نساء واما قولهم في قوم ثمود وقم عاد هم الذكور والإناث فليس لفظ القوم
بمتعاط للفريقين ولكن قصد ذكر الذكور وترك ذكر الإناث لأنهن توابع لرجالهن انتهى الرابع الظاهر اجزاء الزائد على الأربعة لاطلاق لفظ القوم وقيده في الذكرى
بما إذا لم يحصل بطؤ بسبب الكثرة وعلله فيه بأنه من باب مفهوم الموافقة وفيه تأمل والظاهر عدم اجزاء ما دون الأربعة وان أمكن حصول الغرض بالاثنين اقتصارا
على مورد الرواية واستقرب في التذكرة الاجتزاء بالاثنين اللذين ينهضان بعمل الأربعة الخامس يتعين ان يكون في النهار فلا يجزى الليل ولا الملفق منه ومن النهار
وان زاد على مقدار اليوم اقتصارا على مورد النص ولا فرق في اليوم بين الطويل والقصير واستحب في الذكرى تحرى الأطول حيث لا ضرر لما فيه من المبالغة في التطهير
ونزح كر لموت الحمار على المعروف بين الأصحاب ونسبه في المنتهى إلى أكثر الأصحاب ونسبه في المعتبر إلى الخمسة واتباعهم قال والمستند رواية عمرو بن سعيد عن أبي جعفر عليه السلام
وان ضعف سندها فالشهرة يؤيدها وانى لم اعرف من الأصحاب رادا لها والطعن فيها بطريق التسوية بين الحمل والحمار والبغل غير لازم لان حصول التعارض في أحد
الثلاثة لا يسقط استعمالها في الباقي ثم نقل الجواب الذي نقلنا عن الشيخ سابقا قال يلزم منه التعمية في الجواب وهو ينافي حكمة المجيب وفيه نظر لان حديث الكر وقع جوابا
عن المجموع فاما ان يأول بأنه جواب عن البعض وقد فرضه وحكم بأنه الغاز واما ان يطرح البعض فلا يبقى الوثوق فيشكل التعلق به مع أنه رد هذا الخبر سابقا بالضعف
كما نقلنا عنه في حكم البعير لكن لا يبعد ان يكون هذا المقدار كافيا للندبية ويمكن الحاق الحمار بالثور في نزح الجميع لاندراجه في لفظ نحوه الواقع في صحيحة عبد الله بن
سنان السابقة ويمكن الاكتفاء فيه بالدلاء لدخوله في الدابة فتشمل صحيحة الفضلاء الآتية ولا يخفى ان مثل هذه الاختلاف قرينة الاستحباب والبقرة لم اطلع فيها على
نص بخصوصه واعترف بذلك غير واحد من الأصحاب ونسبه في المعتبر إلى الثلاثة وقال نحن نطالبهم بدليل ذلك والأجود الحاق البقرة بالثور لصحيحة ابن سنان السابقة ويمكن
الاكتفاء فيها بالدلاء أيضا لما عرفت وشبههما كالبغل والفرس وغيرهما على ما ذكره الثلاثة واتباعهم ولم اطلع على نص فيها واعترف بذلك غير واحد من الأصحاب واحتج
المحقق للبغل برواية عمرو بن سعيد وقال بعض المتأخرين لم اقف على ادراج البغل في الرواية الا في هذا الكتاب وبعض تصانيف المتأخرين وغدى انه اتباع له وقد رواها
الشيخ والاستبصار خالية عنه وحكاه في التهذيب مرة ثانية كذلك وذكرها العلامة في المنتهى والمختلف خالية عنه والامر كما ذكره والظاهر أن نظر الشهيد رحمه الله حيث
قال للحمار والبغل في الاظهر عن الباقر عليه السلام وليس في بعض الروايات البغل على ذلك وقد يقال إنه موجود في موضع من التهذيب بدل الجمل وذكر العا؟ انه أكثر التصفح فلم
نجده وأقوى ما ورد في هذا الباب صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم وبريد بن معوية العجلي عن أبي عبد الله
وأبي جعفر عليهما السلام في البئر تقع فيها الدابة والفأرة والكلب والطير فتموت
قال تخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم اشرب وتوضأ ويندرج في الدابة الفرس والبغل وغيرهما وقرب المحقق في المعتبر الحاق الفرس بما لا نص فيه وهو في مشكل لدخوله
في عموم هذا الخبر والمصنف في المنتهى استدل بهذه الرواية على ما هو المشهور من نزح كر للفرس والبقرة وبناؤه على مقدمات كثيرة فيها تعسف تام وعدول عن سنن التحقيق
من أراد فليرجع إليه ونزح سبعين دلوا من دلاء العادة المرجع في الدلو إلى العادة وان قلنا بالحقائق الشرعية إذ لم يثبت للشرع فيها حقيقة ولا
يعرف لزمان المعصومين عليهم السلام فيها عرف ليحمل عليه ولا في اللغة حد ثابت فالتعويل على العرف العام في زماننا إذ لا سبيل الا إليه فيرجع إلى ما يصدق عليه الدلو عرفا
صغيرا كان أو كبيرا وقيل المراد الدلاء الهجرية ثلاثون رطلا وعن الجعفي أربعون رطلا ولو اعتيد في ذلك البئر نوع فالأجود الاقتصار عليه ان صدق عليه الاسم
عرفا لا مطلقا كما ذهب إليه بعض المتأخرين حيث اكتفى بالمعتاد عليها وإن كان مثل انية فخار إذا كان مما يستقى به الانسان غالبا وقيده الشارح الفاضل والشيخ على بالمعتاد
130

على تلك البئر ولعل مرادهم النوع المعتاد على مثل تلك البئر وهو غير بعيد وإن كان اثباته لا يخلو عن اشكال ولو اختلف المعتاد ولم يغلب البعض فالأصغر مجز والأكبر أولي وان غلب
البعض فهو أولي ولو نزح باناء عظيم ما يخرجه الدلاء المقدرة فقد قطع المصنف في كثير من كتبه بالاجزاء واستقرب في المعتبر عدم الأجزاء لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه
واختاره المصنف في المنتهى والشهيد في الدروس والبيان واليه ذهب الشهيد الثاني وهو حسن لان الامر بالتطهير وقع بنحو خاص فالتعدي منه إلى غيره يحتاج إلى دليل وليس في موت
الانسان قال المحقق هذا مذهب علمائنا ممن أوجب النزح وفى المنتهى انه مذهب القائلين بالتنجيس أجمع ونقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه والأصل فيه موثقة عمار الساباطي
قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل ذبح طيرا فوقع بدمه في البئر فقال ينزح منها دلاء هذا إذا كان ذكيا فهو هكذا وما سوى ذلك مما يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكبره الانسان
ينزح منها سبعون دلوا وأقله العصفور ينزح منها دلو واحد وما سوى ذلك فيما بين هذين قال المحقق لا يقال رجال هذا السند فطحية لأنا نقول هذا حق لكن هم الثقات مع
سلامته عن المعارض ثم هذه الرواية معمول عليها بين الأصحاب عملا ظاهرا وقبول الخبر بين الأصحاب مع عدم الراد له يخرجه إلى كونه حجة فلا يعتد اذن بمخالف فيه ولو عدل إلى غيره لكان عدولا عن المجمع على الطهارة
به إلى الشاذ الذي ليس بمشهور وهو باطل لخبر عمر بن حنظلة المتضمن لقوله عليه السلام خذ ما اجتمع عليه أصحابك واترك الشاذ الذي ليس بمشهور وكلامه هذا دال على وجوب العمل باخبار
اشتهرت بين الأصحاب وعملا بمدلولها وإن كان في بعض رواتها قدح مع عدم معارض أقوى منه وغير بعيد لان العمدة في الاخبار في باب الاحتجاج ما اقترن به قرينة قوية
موجبة لغلبة الظن بصحة مدلوله وعمل الطائفة وتلقيهم الخبر بالقبول من أقوى القرائن الدالة على ذلك كما أن تركه لهم وردهم إياه من القرائن الدالة على عدم صحته وانتسابه
إلى المعصوم عليه السلام ولهذا كثيرا ما تترك الأخبار الصحيحة بناء على أن الأصحاب تركوا العمل بمدلولها لان هذا مما يضعف الظن بحصة مدلوله ومن نظر بعين التأمل والاستبصار وانعم
الفكر البالغ المستقصى في أدلة حجية اخبار الآحاد والشواهد والامارات المقتضية لها علم أن من رد مثل هذه الأخبار ثم سلك مسلك العمل باخبار الآحاد لكان متحكما صرفا مفرقا
بين المدلولات مع اجتماعها واشتراكها في الدلائل ولو شئت لبنيت حقيقة هذه الدعوى وكشف قناع الخفاء عنها لكنه يقتضى كلاما طويلا لا يناسب وظيفة هذا
الكتاب ان ذلك خروج عن الفن إلى غيره فاذن لا تعتمد على قول من يقول إن كان الاجماع واقعا على مضمون الخبر كان هو الحجة ولا حاجة إلى ما ذكر من الاعتبارات
ونحن معاشر القائلين بعدم نجاسة البئر بالملاقاة لا نحتاج إلى زيادة تجشم في تصحيح هذا الخبر إذ هو على ما به يكفي مستندا للحكم الاستحبابي واعلم أن الأكثر ذهبوا
إلى عدم الفرق في ذلك بين المسلم والكافر نظرا إلى عموم اللفظ وفرق ابن إدريس بينهما فأوجب للكافر نزح الجميع ونسب ذلك إلى الشيخ أبى على أيضا وذكر ابن إدريس كلاما
طويلا مضطربا حاصله إلى أن الكافر إذا باشر بجسمه الماء ثم خرج وهو حي وجب نزح الجميع لاجماع الطائفة عليه فإذا دخل الماء وهو حي ثم مات فيه فكذلك
لان الموت لا يطهر النجس بل ينجس الطاهر ثم اورد على نفسه انه قد ورد انه ينزح إذا مات انسان في البئر سبعون دلوا وهو عام في المؤمن والكافر وقد اورد الشيخ
ذلك وكذا المفيد وابن بابويه فأجاب عنه بوجوه الأول ان النكرة لا تفيد الاستغراق انما المفيد له المعرف باللام وهذا الكلام ناظر إلى أنه نظر إلى كلامهم
في الكتب لا إلى متن الرواية لان لفظ الانسان في الرواية معرف باللام قال وأيضا الرواية كما وردت بما ذكره السائل فقد وردت بخلاف ذلك وهو انه إذا ارتمس
الجنب في البئر ينزح منها سبع دلاء والرواية عامة فمن قال بالعموم هنا في لفظ الانسان يلزمه القول بالعموم هناك فيه وهو بط؟ بالاتفاق ثم ذكر كلاما طويلا حاصله
تسليم العموم وحكمه بصحته لكن يجب حمل العام على الخاص فيجب تخصيص هذا العام باخراج الكافر عنه بدليل الاجماع وكلامه ضعيف وأجاب عنه المحقق وملخصه منع الاجماع
على وجوب نزح الجميع بملاقات الكافر بل أنكر القول به فكيف الاجماع الشيخ بذلك في المبسوط
فليس على سبيل الجزم بل على سبيل الاحتياط مع أنه مبنى على توهمه انه من قبيل ما لا نص فيه فان تمسك في ايجابه نزح الجميع بأنه لا دليل على مقدر فحينئذ نقول الدليل موجود
لتناول لفظ الانسان للكافر والمسلم فإذا وجب في موته سبعون لم يجب في مباشرته أكثر لان الموت يتضمن المباشرة فيعلم نفى ما زاد عن مفهوم النص وأجاب عن المعارضة بالجنب
بوجوه أحدها ان الارتماس من الجنابة للطهارة فيكون ذلك قرينة دالة على من له عناية بالطهارة وهو المسلم الثاني ان نقول إما ان يكون هنا دليل دال على تخصيص
حكم الجنب بالمسلم أم لا وعلى الأول فالحكم بالتخصيص لذلك الدليل والا قلنا بالعموم هناك أيضا فانا لم نره زاد على الاستبعاد شيئا والاستبصار ليس حجة الثالث ان مقتضى
الدليل العمل بالعموم في الموضعين وامتناعنا من استعمال أحد العمومين في العموم لا يلزم منه اطراح العموم الأخر لأنا نتوهم ان لاحد العمومين مخصصا والتوقف عنه انما هو
لهذا لوهم فان صح والا به قلنا مطلقا فالالزام غير وارد ثم ليس هذا نقضا على مسئلتنا بل نقض على استعمال اللام في الاستغراق إن كان فيلزم ان لا ينزل قوله الزانية
والزاني فاجلدوا على العموم لأنا لم نزل الجنب هنا على العموم هذا ملخص كلامه وحكم بعض المتأخرين بضعفه بنا على أن الحيثية معتبرة في جميع موجبات النزح فمعنى
وجوب نزح السبعين لموت الانسان ان نجاسة موته يقتضى ذلك فالعموم الواقع فيه انما يدل على تساوى المسلم والكافر في الاكتفاء لنجاسة موتهما بنزح السبعين
فإذا انضم إلى ذلك جهة أخرى للنجاسة كالكف ونحوه لم يكن للفظ دلالة على الاكتفاء به الا ترى انه لو كان بدون المسلم متنجسا بشئ من النجاسات وكان العين
غير موجودة لم يكف نزح المقدر عن الامرين ولو تم ما ذكروه لاقتضى الاكتفاء وهم لا يقولون به وبالجملة الكفر أمر عرضي للانسان كملاقاة النجاسة ولكل منهما
تأثير في بدنه بالتنجيس فكان العموم غير متناول النجاسة الملاقاة لا يتناول نجاسة الكفر ثم بنى على هذا الأصل تصحيح المعارضة ودفع ايرادات المحقق بأسرها
ثم ذكر ان ملاحظة الحيثية يرشدك إلى رد كلام المحقق في هذا المقام من أصله لابتنائه على اغفالها وذكر ان قول المحقق ان الارتماس من الجنابة انما يراد للطهارة
ضعيف لخلو أكثر الأخبار الواردة في الجنب عن ذكر الاغتسال وانما ذكر فيها النزول والوقوع وفيه نظر لان الانسان المعرف باللام في الخبر مفيد للعموم بانضمام
القرائن فيرجع محصل الكلام إلى قولنا كل انسان سواء كان مسلما أو كافرا ان وقع في البئر فمات فيه وجب نزح السبعين ويؤيده صحة الاستثناء فحينئذ ان اعتبرنا المفهوم
كان المستفاد منه ثبوت نزح السبعين من غير زيادة لوقوع الكافر وموته أيضا والا لم يكن نفى الزيادة على السبعين معلوما لكن كان نزح السبعين مخصوصا عليه فلم
يكن من قبيل ما لا نص فيه غاية ما يمكن ان يقال إن تعليق الشئ بالوصف المناسب يشعر بعلية المبدأ وهذا يقتضى ان يكون العلة في وجوب نزح السبعين وثبوته لكل
فرد من افراد الموضوع الوقوع في البئر والموت فيه لان الواجب نزح السبعين بسبب الموت حتى لا ينافي شئ اخر بسبب الكفر ومن أين يستفاد هذا الدلالة نعم لو كان
الكفر من الأمور العرضية الخارجية عن اشخاص الانسان بحسب العرف والعادة كتنجس بدن الانسان كان إلى ما ذكره طريق لكنه ليس الامر كذلك ولا ينفع كون الكفر خارجا
عن قوام الشخص بحسب العادة لان العبرة في أمثال هذه المواضع بالعادة وبالجملة إذا وقع كافر في البئر فمات لم يكن هناك الا وقوع فرد معين من الانسان وصوته
فيه فيجب السبعين حسب وأما إذا كان بدنه متنجسا أو كان للنجاسة عين أو لم يكن كان هنا أمر اخر اجبني بالنسبة إلى وقوع فرد من الانسان في البئر وصوته فيه لان
التنجس بنجاسة خارجة مما لا دخل له في خصوصيات الافراد المتعارفة الانسانية بحسب العرف والعادة فمن المحتمل ايجاب نزح اخر لذلك الامر العرضي بخلاف الكفر
فإنه خصوصية لصنف متعارف من افراد الانسان ومن هنا يعلم الفرق بين ما نحن فيه وبين النظير الذي ذكره بعد تسليم عدم تداخل النزح على أن التخصيص باخراج
الافراد النادرة ليس كالتخصيص باخراج الافراد الشائعة فتدبر جدا فإنك ان تأملت ما ذكرنا عرفت صحة ايرادات المحقق واندفاع أكثر الاعتراضات عنه وان
131

الصحيح على القول بنجاسة البئر بالملاقاة وجوب نزح السبعين في موت الكافر اعلم أن كلام ابن إدريس والمحقق صريح في أن مورد النزاع وقوعه حيا وموته في البئر ومن
الأصحاب من يحكى عنه انه يحصل مورد النزاع وقوعه هنا فرجح فيه التسوية ثم ذكر وقوعه حيا وموته وحكم فيه بالفرق واستند في الأول إلى العموم وفى الثاني إلى أن مباشرة
الكافر حيا سبب في نجاسة الماء وملاقاته ميتا سبب اخر فيثبت لكل حكمه وأنت خبير بما فيه لان مورد النزاع ليس ما ذكر والرواية غير شاملة له بل مختصة بالثاني فلا يصح الاستدلال
بالعموم واحتجاجهم الثاني استدلال في مقابلة النص ومنهم من حكى انه حرف استدلال ابن إدريس فتوهم انه يرجع إلى وجوب الجميع لوقوعه حيا بالاعتبار عدم النص يقتضى وجوبه
مع الوقوع ميتا بطريق أولي لزيادة نجاسة بالموت فأجاب عنه بمنع بقاء النجاسة بعد الموت ومن ثم لا يغسل ولا يدفن في مقابر المسلمين وجعل التحقيق في الجواب
انه استدلال في مقابلة النص وفيه ما فيه والمصنف في المختصر منع بقاء نجاسة الكفر بعد الموت وحكم بوجوب نزح السبعين بناء على القول بالتنجيس لوقوعه ميتا نظرا إلى العموم
ثم قال وان وقع حيا ثم مات فكذلك لأنه لو باشرها حيا نزح له ثلاثون وأنت خبير بان العموم الذي ادعى محل تأمل واستقرب كلامه بعض المتأخرين وحكم بفساد التسوية التي
ذكرها بعد منعه لبقاء نجاسة الكفر بعد الموت وجعل مورد الحديث الوقوع ميتا كما أفصح به تمسكه في حكم الوقوع ميتا بالعموم فان اللازم من ذلك كون نزح السبعين
واجبا لنجاسة الموت فقط إذ ليس هناك غيرها بزعمه وحينئذ فإذا وقع حيا ومات اقترن بها أمر اخر غير منصوص عنده وهو المباشرة حيا فيجب لها ما يجب لغير المنصوص
فكيف يقول بعد هذا انه ان وقع حيا ومات فكذلك ولا يذهب عليك ان كلام المصنف مبنى على وجوب نزح الثلثين لوقوع الكافر كما صرح به ههنا أو وجوب الأربعين
بناء على وجوب ذلك فيما لا نص فيه عنده مع أن مذهبه تداخل النزح وحينئذ يندفع عنه هذا الاستغراب وخمسين في العذرة الذائبة العذرة فضلة الانسان قيل سميت بذلك
لانهم كانوا يلقونها في العذرات أي الأفنية والموجود في الصحاح ضد ذلك قال العذرة فناء الدار سميت بذلك لان العذرة كانت تلقى إليه والمراد بالذوبان تفرق
اجزائها في الماء وشيوعها فيه واحتمل بعض الأصحاب الاكتفاء بذوبان بعض الأجزاء نظر إلى أن القلة أو الكثرة غير معتبرة فلو سقط
مقدار البعض الذائب منفرد أو ذاب لاثر فانضمام الغير إليه لا يمنع التأثير وللتأمل فيه مجال والحكم المذكور مسند إلى الثلاثة واتباعهم والشيخ ذكر ذلك في العذرة
الرطبة وقال المفيد إن كانت العذرة رطبة وذابة وتقطع فيها نزح منها خمسون دلوا وعن المرتضى فان ذابت وتقطعت فخمسون دلوا واستدل عليه ابن زهرة
باجماع الفرقة وذهب الصدوق في الفقيه والمقنع إلى أنه يستقى أربعون إلى خمسين ان ذابت فيها وهو منقول عن أبيه واختاره المحقق في المعتبر بعد ما نقل مذهب
الثلاثة وانه لم يقف به على شاهد والأصل في هذا الباب رواية أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن العذرة تقع في البئر قال نزح منها عشر دلاء فان ذابت فأربعون
أو خمسون دلوا قال المصنف في المختلف ويمكن ان يقال ايجاب أحدهما يستلزم ايجاب الأكثر لأنه مع الأقل غير متيقن للبرائة وانما يعلم خروجه عن العهدة بفعل الأكثر وفيه
نظر لان التخيير بين الامرين لا يقتضى وجوب الأكثر عينا فتحصل البراءة بالأقل فدلالتها على مذهب الصدوق أقوى لكن الرواية ضعيفة السند ومع ذلك تعارضه
صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سئل عن بئر ماء وقع فيها زنبيل من عذرة رطبة أو يابسة أيصلح الوضوء منها قال لا باس وصحيحة محمد بن إسماعيل الدالة على
جواز الاكتفاء في وقوع العذرة في البئر بنزح دلاء ويمكن ان يقال هذه الرواية مخصصة للروايتين وضعفها منجبر بعمل الأصحاب والتحقيق ان الحمل على الاستحباب
أولي وهذه الاختلافات انما نشأت منه بناء على الاختلاف في مراتب الاستحباب باعتبار شدة التأكيد وعدمهما واختلاف الأبار بحسب الغزارة والنزارة وضيق المجاري
وسعتها وكثرة الاخذ منها وعدمه قال المصنف في المنتهى بعد نقله لهذه الرواية وانها تتضمن مذهب الصدوق ويمكن التعدية إلى الرطبة للاشتراك في شياع الأجزاء ولأنها
تصير حينئذ رطبة وفيه نظر لأنا لا نسلم ان الرطوبة يقتضى الذوبان مطلقا ولو سلم لم يكن من باب تعدية الحكم واما قولها ولأنها تصير حينئذ رطبة فلا وجه له والدم الكثير غير الثلاثة كذبح
الشاة وهو مذهب الشيخ وابن البراج وسلار وابن إدريس وقال المفيد ينزح الكثير عشر دلاء والمنقول عن
المرتضى انه ينزح للدم ما بين دلو واحد إلى العشرين وعن ابني بابويه إذ وقع فيها قطرات من دم ينزح منها دلاء ولم يعينا العدد ولم يذكرا حديث القليل والكثير والصدوق روى في ذبح الشاة
من ثلثين إلى أربعين وفى دم الدجاجة والحمامة دلاء ولم نقف على حجة لقول الشيخ والمرتضى واما ما ذهب إليه المفيد فاحتج عليه الشيخ بصحيحة محمد بن إسماعيل قال كتبت إلى رجل أسأله
ان يسال أبا الحسن الرضا عليه السلام عن البئر تكون في المنزل للوضوء فتقطر فيها قطرات من بول أو دم ويسقط فيها شئ من عذرة كالبعرة أو نحوها ما الذي يطهرها حتى يحل الوضوء
منها للصلاة فوقع عليه السلام في كتابي بخطه ينزح منها دلاء قال وجه الاستدلال من هذا الخبر أنه قال ينزح منها دلاء وأكثر عدد يضاف إلى هذا الجمع عشرة فيجب ان يؤخذ به إذ لا
دليل على ما دونه واعترض عليه بأنه لاشعار في الخبر على الكثرة التي هي مورد البحث بل ظاهر في إرادة القلة كما اعترف به في الاستبصار وبان كلامه مبنى على كون الدلاء جمع
قلة وليس كذلك لانحصار جموع القلة في اوزان أربعة مشهورة أو خمسة عند بعضهم وليس هو منها فيكون جمع كثرة كما ذكر في الاستبصار في البحث عما يجب لموت الكلب وبان
حمل الدلاء على جمع القلة يقتضى الأجزاء بأقل مدلولاته وهو الثلاثة لأن اطلاق اللفظ يدل على أن المطلوب المهيته بأي فرد اتفقت والمحقق اعترض على الشيخ بانا نسلم
ان أكثر عدد يضاف إلى الجمع عشر لكن لا نسلم ذلك إذا جرد عن الإضافة فإنه لا يعلم من قوله عندي دراهم انه لم يجز عن زيادة من عشرة ورده المصنف في المنتهى بان الإضافة ههنا
وان جردت لفظا لكنها مقدرة والا لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة وحينئذ فلابد من اضمار عدد يضاف إليه يحمل على العشرة التي هي أقل ما يصلح إضافة إلى هذا الجمع اخذا
بالمتقن وحوالة على الأصل من براءة الذمة واعترض عليه بأنه لا يلزم من عدم التقدير تأخير البيان انما يلزم لو لم يفهم بدون التقدير معنى وههنا ليس كذلك فان لصيغ
الجموع الواقعة في أمثال هذه المقامات معنى يتبادر منها وهي أي مقدار كان مما يصدق عليه ولو أقلها وعلى تقدير وجوب التقدير ليس على تقدير العشرة دليل وتوجيهه
فاسد إذ هي الأكثر على ما ذكره الشيخ وهو بصدر انتصاره لا الأقل فكيف يوجهه بما لا يلايمه واحتج في المختلف بان هذا جمع كثرة وأقله ما زاد على العشر بواحد فيحمل عليه ولا
يخفى ان مقتضى هذا الاحتجاج كون الواجب إحدى عشرة وأين المدعى منه وأقوى ما ورد في هذه المسألة صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن رجل ذبح شاة
فاضطربت فوقعت في بئر ماء وأوداجها تشنجت دما هل يتوضأ من تلك البئر قال ينزح منها ما بين الثلثين إلى الأربعين دلوا ثم يتوضأ ولا باس به ونقلها الصدوق في الفقيه فالظاهر أنه
عامل بها قيل وعمل بهذه الرواية جماعة من الأصحاب وهو جيد غير أن ظاهر البعض العمل بمضمونها في مطلق الدم الكثير وعندي فيه نظر إذ ليس فيها ما يقتضى العموم فينبغي ان يكون
العمل بها في موردها ويلحق ما عداه بغير المنصوص انتهى وهل يستوى في الحكم المذكور دم نجس العين وغيره فتوى الأصحاب ذلك وقد يرجح لغلظ نجاسته واختصاص مورد الخبر بدم ذبح
الشاة وعلى المشهور فالمعتبر من القلة والكثرة ما كانت في نفسها وقال القطب الراوندي ان المعتبر ما كان بالنسبة إلى ماء البئر في الغزارة والنزارة ونقله المحقق قطب الدين
الرازي عن المصنف وهو اعتبار حسن لكن لا يساعده النص فلا عبره به وأربعين في موت السنور والكلب واليه ذهب الشيخان وجماعة ممن ببعضها وتمسك فيه ابن زهرة باجماع الفرقة وقال الصدوق
في الفقيه وان وقع فيها كلب نزح منها ثلاثون دلوا إلى أربعين دلوا وان وقع فيها سنور نزح منها سبع دلاء وقال في المقنع على ما نقل عنه وان وقع فيها كلب أو سنور فانزح
منها ثلثين دلوا إلى أربعين دلوا قد روى سبع دلاء احتج الشيخ بما رواه الحسين بن سعيد عن القاسم عن علي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الفارة تقع في البئر إلى أن قال والسنور
عشرون أو ثلاثون أو أربعون دلوا والكلب وشبهه وبما رواه سماعة وقال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفارة تقع في البئر إلى أن قال وإن كانت سنورا أو أكبر منه نزحت منها ثلثين
132

دلوا وليس في هذين الخبرين دلالة على تعيين الأربعين وأجاب الشيخ عن ذلك بانا إذا علمنا على ما ذكرناه من نزح الأربعين فلا خلاف بين أصحابنا في جواز استعمال ما بقى من الماء
وتكون أيضا الاخبار الذي تتضمن أقل من ذلك داخلة في جملته وإذا عملنا على غير ذلك تكون واقعين بهذا الخبر جملة وصائرين إلى المختلف فيه فلأجل هذا عملنا على نهاية ما وردت
به الاخبار وضعفه ظاهر وبالجملة في الرواية الأولى ضعف الاسناد والثانية غير صحيحة لكنها معتبرة وفيهما ضعف الدلالة لكن روى المحقق الأولى على وجه اخر يدل
على تعيين الأربعين فنقل عن كتاب الحسين بن سعيد عن القاسم عن علي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن السنور فقال أربعون دلوا وللكلب وشبهه وكان الصدوق استند فيها ذهب
إليه سماعة ولكنها لا تخلو عن اجمال بالنسبة إلى حكم الكلب فاستفادته منها لا يخلو عن اشكال واما ما ذكره في الفقيه فلم نطلع مستنده وزعم المصنف في المختصر
ان الروايتين السابقتين دالتان وفيه تأمل واضح واما الرية بالسبع التي أشار إليه الصدوق وأفتى بها في الفقيه فكأنها رواية عمرو بن سعيد بن هلال قال سألت أبا جعفر عليه السلام
عما يقع في البئر ما بين الفارة والسنور إلى الشاة فقال كل ذلك يقول سبع لكن راويها مجهول كما مر واعلم أن ههنا روايات أخر دالة على خلاف الحكم السابق كصحيحة زرارة
ومحمد بن مسلم وبريد العجلي عن أبي عبد الله وأبي جعفر عليه السلام في البئر تقع فيها الدابة والفأرة والكلب والطير فتموت قال تخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم اشرب وتوضأ وصحيحة
علي بن يقطين عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال سألته عن البئر تقع فيها الحمامة والدجاجة والفأرة والكلب فيها يجزيك ان تنزح منها دلاء فان ذلك يطهرها إن شاء الله وصحيحة أبى
أسامة عن أبي عبد الله عليه السلام في الفارة والسنور والدجاجة والكلب والطير قال إذا لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء وان تغير الماء فخذه حيت يذهب الريح ورواية أبى
العباس الفضل البقباق قال قال أبو عبد الله عليه السلام في البئر تقع فيها الفارة والدابة أو الكلب أو الطير فتموت قال تخرج ثم ينزح من البئر دلاء ثم يشرب منه ويتوضأ وفى رواية أبى مريم
قال حديثا جعفر قال كان أبو جعفر عليه السلام يقول إذا مات الكلب في البئر نزحت ورواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن بئر يقع فيها كلب أو فارة أو خنزير
قال ينزح كلها والأقرب في الجمع بين الروايات حمل الأخبار المشتملة على الأكثر على الاستحباب وحمل الشيخ صحيحة الفضلاء وصحيحة علي بن يقطين ورواية الفضل على أنه عليه السلام أجاب
عن بعض ما تضمنه السؤال من الفارة والطير تعويلا في الثاني على المعروف من مذهبه وذكر أيضا انه يجوز ان يكون المراد بالدلاء الأربعين فإنه جمع الكثرة وهو ما زاد
على العشرة وحمل رواية أبى أسامة على الخروج حيا ولا يخفى ضعف تلك المحامل واما الروايتان الأخيرتان فحملهما الشيخ على حصول التغير والوجه عندنا تقييده بالتغيير الذي
يتوقف زواله على نزح الجميع وقد مر تحقيقه وأجاب المحقق عن رواية أبى أسامة بأنها متروكه عند المفتين وعن رواية زرارة بأنه غير مقدرة فيجوز أن تكون إشارة إلى
ما رواه الحسين بن سعيد عن القاسم عن علي وعن رواية أبى مريم بأنها محتملة إذ قوله نزحت يحتمل ان يراد به الأربعين وعن رواية عمار بضعف السند لكون رواية فطحيا
فلا نعمل بها مع وجود المعارض السليم ولا يخفى ما فيه والقول بالاستحباب سهل الخطب علينا والخنزير
والثعلب والأرنب الحق الشيخان بالكلب ما أشبهه في جسمه مثل المذكورات و
الشاة والغزال وغيرها واستدل عليه الشيخ بالرواية السابقة في موت الكلب حيث قال فيها والكلب وشبهه وفيه اشكال لعدم الدليل على أن المراد المشابهة في قدر الجسم لو سلم
فالمشابهة غير مسلم كما ذكره المحقق حيث قال الثعلب يشبه السنور إما الكلب فهو بعيد عن شبهه والرواية انما أحالت في الشبه على الكلب فالاستدلال اذن ضعيف واعلم أن الصدوق
ذهب الفقيه في وقوع الشاة وما أشبههما تسعة دلاء إلى عشرة وتدل عليه رواية إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان يقول الدجاجة ومثلها تموت
في البئر ينزح منها دلوان وثلاثة فإذا كانت شاة وما أشبههما فتسعة أو عشرة لكن الرواية ضعيفة لان في طريقة غياث بن كلوب وهو مجهول الحال واسحق فطحي ونقل عن الصدوق
في المقنع أنه قال وان وقعت في البئر شاة فانزح منها سبعة أدل وكانه استدل إلى رواية عمرو بن سعيد هلال السابقة عن قريب وهي أيضا ضعيفة كما مر ورجح المحقق العمل بالرواية الأولى
تمسكا بسلامة سندها وضعف رواية عمرو فيه ما فيه ثم حكى عن الشيخين ايجاب نزح الأربعين للشاة وان الشيخ احتج بمشابهتها للكلب ورده بان احتجاجه بالمشابهة ليس بصريح
فالصريح أولي لأنه استدلال بالمنطوق إذ التوقف فيه أولي لعدم ثبوت المشابهة وضعف الاخبار وذكر بعض المتأخرين ان الاظهر نزح الجميع للخنزير لصحيحة ابن سنان
الوادة في الثور ونحوه ولى فيه تأمل وبول الرجل واليه ذهب الخمسة واتباعهم تعويلا على رواية علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن بول الصبى الفطم يقع في البئر
فقال دلوا واحد قلت بول الرجل قال نزح منها أربعون دلوا وطريق هذه الرواية غير صحيح لكن لا يبعد ان يقال ضعفها منجبر بالشهرة بين الأصحاب وقد دلت صحيحة معوية عمار
السابقة في حكم الخمر على وجوب نزح الجميع إذا بال فيها صبي أو صب فيها بول وفى رواية كردديه وجوب نزح الثلثين للقطرة من البول وقد تقدم صحيحة محمد ابن إسماعيل الدالة
على نزح دلاء للقطرات من البول قال المحقق بعد نقل رواية ابن أبي حمزة ورواية معوية بن عمار وكردويه والترجيح لجانب الأولى لاشتهارها في العمل وشذوذ غيرها بين المفتين
لا يقال على ابن أبي حمزة واقفي لأنا نقول لغيره انما هو في موت موسى عليه السلام فلا يقدح فيما قبله على أن هذا الوهن لو كان حاملا وقت الاخذ عنه لانجبرت بعمل الأصحاب وقبولهم وفيه تأمل لان
المعتبر سلامة الراوي وقت الأداء لا التحمل والنقل عن الصادق عليه السلام لا يدل على أن أدائه كان في زمنه عليه السلام نعم ترجيحها بسبب فتوى الأصحاب غير بعيد واستقرب المصنف في المنتهى العمل بصحيحة
محمد بن إسماعيل لسلامة سندها قال ويحمل أدلاء في البول على رواية كردويه فإنها لا باس بها ورواية معوية بن عمار تحمل على التغيير البول أو على الاستحباب وفيه تأمل لان رواية
كردويه ضعيف السند ومع ذلك مشتملة على قطرات الدم وغيرها وظاهر الجواب التسوية بين الكل والمصنف لا يقول بها وان لم ترجح خبر علي بن أبي حمزه باعتبار الشهرة لي يبعد العمل بصحيحة
معوية ابن عمار في الكثير لدلالة الانصباب وبصحيحة محمد بن إسماعيل في القليل لظهور القطرات فيه واعلم أن الأكثر فرقوا في هذا الحكم بين الرجل والمراة اعتمادا على رواية علي بن أبي حمزة
الواردة في بول الرجل وذكر ابن زهرة فيما يوجب الأربعين بول الانسان البالغ وتمسك باجماع الفرقة وذهب ابن إدريس إلى عدم الفرق محتجا بتواتر الاخبار عن الأئمة عليهم السلام بان ينزح
لبول الانسان أربعون دلوا وهذا عموم في جنس الناس قال المحقق ونحن نسلم انها انسان ونطالبه ابن وجد الأربعون معلقة على بول الانسان ولا ريب انه وهم انتهى وقال المصنف في المختصر
كتب علمائنا خالية عما ادعى تواتره ولم يبلغنا خبر في كتاب ولا مذاكرة تدل على دعواه فهى اذن ساقطة بالكلية وهو مع انكاره عليه فيه وفى المنتهى أيضا وافقه في التحرير وقال في
المنتهى لا فرق بين بول المراة والرجل ان عملنا برواية محمد بن بزيع أو برواية كردويه وان عملنا برواية علي بن أبي حمزة حصل الفرق وهو حسن وكذا لا فرق ان عملنا برواية معوية بن عمار
ثم الفارقون اختلفوا في بولها فذهب المحقق إلى وجوب نزح ثلثين لرواية كردويه والحقه جماعة بما لا نص فيه وعلى كل تقدير لا فرق بين الصغيرة والكبيرة واما بول الخنثى فأطلق جماعة
الحاقه بما لا نص فيه ولم يذكره المحقق وابن إدريس ودليلهما آت فيه وعن بعض الأصحاب انه يجب فيه الأكثر الامرين من الأربعين وموجب ما لا نص فيه واستحسنه الشارح الفاضل اخذا
بالمتيقن والظاهر أنه ملحق بما لا نص فيه ان رجحنا العمل بخبر علي بن أبي حمزة وطرحنا غيره للشك في حصول الموجب والا لم يكن فرق بينه وبين غيره ثم اعلم أن ظاهر الأصحاب عدم الفرق
لان بول المسلم والكافر وهو الصحيح لعموم الأدلة ونقل بعض المتأخرين انه احتمل الفرق بناء على أن لنجاسة الكفر تأثير أو لهذا لو وقع في البئر ماء متنجس بملاقاة بدن الكافر يوجب نزح الجميع
فكيف يكتفى لبوبه بأربعين قال وهذا وارد في سائر فضلائه ومثله دم نجس العين واعترض بان هذا القائل يرى التسوية في مسألة الميت وبين الامرين تدافع وعن بعض المتأخرين
انه احتمل الفرق في العذرة نظر إلى زيادة نجاسة عذرة الكافر بالمجاورة وجزم في البول بعدم الفرق لعموم لفظ الرجل وضعف القولين ظاهر وقال في المعالم والتحقيق ان الحيثية معتبرة
في الجميع كما أشرنا إليه في مسألة موت الانسان واللازم من ذلك عدم الاكتفاء بالمقدر بحثيته عند مصاحبة أخرى لما سيأتي من عدم تداخل المنزوحات عند تعدد أسبابها ولا ريب ان ملاقاة
133

النجاسة لنجاسة أخرى على وجه مؤثر يوجب لها قوة واعتبار زائدا على حقيقتها والدليل الدال على نزح مقدار مخصوص لها غير متناول لما سواها فكيف يكون كافيا عن الجميع بتقدير
الاجتماع وفيه نظر لما هناك عليه في مسألة وقوع الميت من بطلان حديث الحيثية التي ذكرها وأي دليل عليها مع أن عدم التداخل محل كلام كما سيجيئ وفى وقوع نجاسة لم يرد
فيها نص وقيل الجميع عرف الشهيد رحمه الله في الشرح النص بأنه القول أو الفعل الصادر عن المعصوم الراجح المانع من النقيض وغير المنصوص ما لم يرد فيه ذلك فاخرج عن النص ما دل على
الشئ بظاهره وغير مطابق لما ذكره الأصحاب في بعض الموارد مما لا يدل عليه الدليل الا بعمومه كادخال الكافر في الانسان واخراجه عما لا نص فيه بل على هذا لم يبق نص أصلا
فان جميع الافراد ليس منصوصا لاحتمال التخصيص ولا معينا لاحتمال خروجه عن المقصود فالصواب ان يجعل المنصوص ما ثبت بدليل نقلي أعم من أن يكون نصا بالمعنى المذكور
أو ظاهرا إذا عرفت هذا فاعلم أن هذه المسألة لا يجزى على القول بعدم انفعال البئر بالملاقاة لان استحباب النزح أو وجوبه تعبدا موقوف على ورود الامر به والمفروض عدمه
واما القائلون بالتنجيس فاختلفوا على أقوال الأول ما اختاره المصنف وهو وجوب نزح الأربعين ونقله عن ابن حمزة والشيخ في المبسوط الثاني ما ذهب إليه المحقق
وابن زهرة وابن إدريس وهو منسوب إلى أكثر المتأخرين من القائلين بالتنجيس وهو وجوب نزح الجميع الثالث وجوب نزح الثلثين ونقله الشهيد في الشرح عن السيد جمال الدين
طاوس ونفى عن الباس حجة الأول قولهم عليهم السلام ينزح منها أربعون دلوا وان صارت منجرة على ما نقله الشيخ في المبسوط وهذه الرواية موجودة في شئ من كتب الأصول وصدرها
المتضمن لمورد للحكم غير معلوم وظاهرها متروك فالتعويل عليه مشكل وقد يقال الشيخ ثقة ثبت فلا يضر ارساله لأنه لا يرسل الا عن الثقات وان الظاهر من احتجاجه به دلالة
صدره المحذوف على محل النزاع وفيه تأمل لأنه لو جاز العمل بالمرسلة المذكورة لشرف المرسل لجاز العمل بجميع المرسلات المذكورة في كتب الشيخ مع أن الأصحاب غير عاملين بها على
الاطلاق واما قوله الظاهر دلالة صدره على محل النزاع فمحل تأمل لان الاحتجاج انما يدل على ظنه بها وذلك غير كاف في الاستدلال لاحتمال الخطأ في الظنون واحتج عليه المصنف
في النهاية برواية كردويه الآتية وهو وهم وفى المنتهى بسبب الاحتجاج بها عليه إلى البعض ثم قال وهي انما نزح ثلثين ومع ذلك فالاستدلال بها لا يخلو عن تعسف وهو حسن حجة
القول الثاني انه ماء محكوم بنجاسته فيتوقف الحكم بالطهارة على الدليل وليس على ما دون الجميع دليل واضح فلا سبيل إلى العلم بالطهارة بدون ذلك ويرد عليه ان يرجع
هذا الاستدلال موقوف على حجية الاستصحاب وهي ممنوعة الا فيما دل الدليل على دوام الحكم وهو هنا ممنوع وأيضا صحيحة محمد بن إسماعيل بزيع تدل على طهر البئر مع التغير
بالنزح حتى يزول التغيير كما مر من غير فرق بين النجاسات فإذا لم يجب مع التغيير نزح الجميع مطلقا فمع عدمه أولي وقد يرجح بهذا الاعتبار القول بالأربعين بناء على أن الأقوال منحصرة
في الثلاثة وإذا انتفى القول بنزح الجميع يبقى القولان الآخران ولا دليل على الاجتزاء بالثلثين فيبقى القول بالأربعين وفيه تأمل لأنها على تقدير ثبوت انحصار الأقوال في الثلاثة و
عدم قائل اخر لا يلزم من عدم الدليل بالاجتزاء بالثلثين وجوب الأربعين الا بناء على الاستصحاب وقد عرفت ما فيه حجة القول الثالث رواية كردويه عن أبي الحسن عليه السلام عن بئر يدخلها
ماء المطر فيه البول والعذرة وخرء الكلاب قال ينزح منها ثلاثون دلوا وإن كانت منجبرة ومعناها المنتنة وروى بفتح الميم والخاء ومعناها موضع النتن والاستدلال
بهذه الرواية عجيب لان نزح الثلثين فيها معلق على أشياء مخصوصة فصارت تلك الأشياء من قبيل المنصوص عليه ولكن لم يكن النزاع في شئ فمن العلم منه ان ما لا
يرد عليه نص يكون حكمه من هذا القبيل مع ضعف سندها الجهالة كردويه واما المناقشة بان الخبر لو دل على المتنازع كان ما لا فيه منصوصا فضعيفة جدا ومما ذكرنا
يعلم أن البئر إذا تغيرت بالنجاسة وجب نزح ما يزيل التغير على القول بالتنجيس لرواية ابن بزيع والا لم يكن القول بالاكتفاء بالثلثين بعيدا إذ لا دليل على بقاء النجاسة بعد
نزح الثلثين لضعف الاستصحاب فتبقى العمومات الدالة على الطهارة سالمة عن المعارض واما ايجاب الثلثين على القول بالتنجيس فمتجه ان ثبت الانحصار الأقوال في الثلاثة
وعدم قائل اخر وقال المحقق في المعتبر يمكن ان يقال إن كل ما لم يقدر له منزوح لا يجب فيه نزح عملا برواية معوية المتضمنة قول أبي عبد الله عليه السلام لا يغسل الثوب ولا يعاد الصلاة
عما يقع في البئر الا ان تنتن ورواية ابن بزيع ان ماء البئر واسع لا يفسده شئ الا ان يتغير وهذا يدل بالعموم فيخرج منه ما دلت عليه النصوص بمنطوقها أو نحويها
ويبقى الباقي داخلا تحت هذا العموم وهذا يتم لو قلنا إن النزح للتعبد لا للتطهير وكلامه حسن وفى المسألة قول اخر أحدثه بعض المتأخرين وهو الاكتفاء ينزح ما يزيل لو كان
ان وجد إلى العلم به سبيل والا فالجميع وليس ذلك بطريق التعيين على التقديرين لان المقدار المطهر غير معلوم ومع بلوغ أحدهما يعلم حصوله واثبات عدم الطهارة لغيره
وبدون ذلك بدون التمسك بالاستصحاب مشكل وثلثين في وقوع ماء المطر مخالطا للبول والعذرة وخرء الكلاب قاله كثير من الأصحاب تمسكا برواية كردويه المذكورة
في المسألة السابقة وفى طريق الرواية ضعف فالتمسك به في اثبات الحكم المذكور مشكل وأورد بعض الأصحاب على هذا الحكم اشكالا حاصله ان ترك الاستفصال في النجاسات المذكورة يقتضى التسوية بين افراده المحتملة فيستوى حال العذرة رطبة
كانت أم لا والبول إذا كان بول رجل أم لا وقد حكموا بنزح خمسين للعذرة الرطبة وأربعين لبول الرجل مع افراد كل منهما فكيف يجتزى بالثلثين مع اجتماعهما وانضمامهما
بغيرهما من النجاسات وأجيب عنه بوجهين الأول بالحمل على استهلاك ماء المطر لأعيان النجاسات ورد بأنه على تقدير الاستهلاك لا فرق بين ماء المطر وغيره وقد فرقوا مع أن
هذا الحمل خلاف ظاهر الرواية الثاني جواز استناد التخصيص إلى مصاحبة ماء المطر ومن نظر إلى ما ينفعل عنه البئر وما يطهر به واشتمالها على الجميع بين المتباينات كالهر والخنزير
وتفريق المتماثلات كالكلب والكافر يزول عنه الاستبعاد وهذا الجواب حسن لولا ضعف الرواية والمذكور في الفقيه ماء المطر المخالط بالأشياء المذكورة فالأجود على
القول بالتنجيس العدول عن هذه الرواية الأخبار الصحيحة الواردة بنزح المقادير المعينة لتلك النجاسات واما على القول باستحباب النزح فالامر أسهل وعشر في العذرة اليابسة
غير المنقطعة على المشهور بين الأصحاب من غير خلاف معلوم ونقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه والمستند رواية أبي بصير وقد مرت في حكم العذرة الرطبة وطريقها ضعيف لان
فيه عبد الله بن بحر وهو من الضعف للمذمومين الا ان عمل الأصحاب يكفي جابرا لها خصوصا على ما اخترنا من استحباب النزح والدم القليل غير الثلاثة كذبح الطير والرعاف اليسير
هذا مذهب الشيخ وتبعه عليه جماعة منهم المصنف وهو اختيار الصدوق في المقنع على ما نقل عنه وقال في الفقيه وان قطر فيهما قطرات من دم استقى منها دلاء وقال المفيد في المقنعة وإن كان
الدم قليلا نزح منها خمس دلاء ولعل مستند الشيخ صحيحة محمد بن إسماعيل السابقة في حكم الدم الكثير فإنه وان احتج به في التهذيب للدم الكثير لكنه ذكر في الاستبصار انها
ظاهره في الدم القليل ولابد من ضميمة المقدمات المذكورة هناك لاتمام التقريب وأنت خبير بما يرد عليه وفى معنى الخبر المذكور موثقة عمار الساباطي المشتملة على حكم الانسان
الميت والحق ما ذكره ق؟؟؟ عملا بمدلول الرواية المذكورة قبل؟؟؟؟ يرجع إلى الاكتفاء بأقل ما يصدق معه مفهوم الجمع وهو الثلاثة وإن كان لفظ الدلاء على وزان جموع الكثرة
فان التفرقة بين الامرين غير معتبرة في العرف المستمر لو ثبت كون الصيغ حقائق فيها لغة ويؤيد ذلك صحيحة علي بن جعفر عن أخيه أبى الحسن عليه السلام قال سألته عن رجل ذبح دجاجة أو حمامة
فوقعت في بئر هل يصلح ان يتوضأ عنها قال ينزح منها دلاء يسيرة ثم يتوضأ منها وسألته عن رجل يستقى من بئر فرعف فيها هل يتوضأ منها قال ينزح منها دلاء يسيرة واختار المحقق
في المعتبر والمصنف في المنتهى المصير إلى نزح دلاء يسيرة بعد نقل ذلك عن ابن بابويه وحجة المفيد غير معلومة وسبع في موت الطير كالحمامة والنعامة وما بينهما كذا ذكره الأصحاب واختلف الروايات
ففي رواية أبى أسامة وأبى يوسف يعقوب بن عثيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا وقع في البئر الطير والدجاجة والفأرة فانزح منها سبع دلاء وروى القسم عن علي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الفارة تقع في البئر قال سبع دلاء قال وسألته عن الطير والدجاجة تقع في البئر قال سبع دلاء وروى سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفارة تقع في البئر أو الطير قال إن أدركته
قبل ان ينتن نزحت منها سبع دلاء وبعض الروايات تدل على خلاف ما ذكر كرواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عليه السلام ان عليا عليه السلام كان يقول الدجاجة ومثلها تموت في البئر ينزح منها
134

دلوان وثلاثة وفى صلحة زيد الشحام دلالة على نزح خمس دلاء للدجاجة والطير إذا لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء وفى صحيحة الفضلاء وصحيحة علي بن يقطين ورواية الفضل البقباق دلالة
على نزح دلاء ويمكن الجمع بين ما دل على الدلاء وغيره بحمل المطلق على المقيد واما بين روايات السبع والخمس فيوجهن إما حمل السبع على الاستحباب واما تخصيص روايات السبع بصورة
حصول التفسخ واما رواية إسحاق بن عمار فلعدم صحة سندها قاصرة عن معارضة الأخبار المذكورة وقد جمع الشيخ بينها وبين روايات السبع بأحد الوجهين المذكورين والأول
منهما حسن وفى الفارة إذا تفسخت أو انتفخت هذا مذهب المفيد وهو المنقول عن أبي الصلاح وسلار وذهب الشيخ ومن تبعه إلى وجوب السبع في الفارة إذا تفسخت والا فثلث وعن المرتضى
في المصباح أنه قال في الفارة سبع وروى ثلث وفى الفقيه إذا تفسخت فسبع والا فدلو واحد واختلف الروايات في هذا الباب في الأكثر سبع دلاء كصحيحة أبى أسامة وأبى يوسف ورواية
القسم عن علي ورواية سماعة ورواية عمرو بن سعيد وعموم صحيحة عبد الله سنان المنقولة سابقا في حكم البعير وفى بعضها دلاء من غير تعيين كصحيحة الفضلاء وصحيحة علي بن يقطين ورواية
الفضل البقباق وقد مضت الكل وفى بعضها ما يدل على الثلث كصحيحة معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفارة والوزغة تقع في البئر قال ينزح منها ثلث دلاء وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
مثله وطريق الجمع حمل الاخبار السبع على صورة التفسخ ويدل على تعيين هذا الطريق من الجمع رواية أبى عيينة قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الفارة تقع في البئر فقال إذا خرجت فلا باس
وان تفسخت فسبع واستدل الشيخ على هذا الجمع برواية أبي سعيد المكارى عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا وقعت الفارة في البئر فتسلخت فانزح منها سبع دلاء قال فكان هذا الحديث
مفسر للحديثين المتقدمين واعترض عليه بان الرواية بلفظ التسلخ كما في نسخ التهذيب والاستبصار وفرق بينه وبين التفسخ لكن لا يخفى ان في بعض نسخ التهذيب وتفسخت ونقلها المحقق أيضا
كذلك ومما يدل على اختصاص السبع بصورة التفسخ صحيحة أبى أسامة عن أبي عبد الله عليه السلام في أشياء من جملتها الفارة قال ما لم يتفسخ أو يتغير طعم الماء فيكفيك خمس دلاء قال المحقق بعد
نقل الروايات الدالة على الثلث والسبع وحمل ما تضمن السبع على التفسخ والاخرى على عدمه وان رواية أبي سعيد الكاري تشهد لذلك وضعف أبي سعيد لا يمنع من العمل بروايته على
هذا الوجه لأنها تجرى مجرى الامارة الدالة على الغرق وان لم تكن حجة في نفسها ولعل حجة المرتضى على مذهبه ظنه تواتر الأخبار الواردة بالسبع دون غيره فعول عليها لأنه لا يعمل باخبار
الآحاد واما مذهب المفيد والمصنف من الحاق الانتفاخ بالتفسخ فمستنده غير المعلوم قال المحقق لم اقف له على شاهد وحكى عن أبي إدريس أنه قال حد التفسخ الانتفاخ والعرف واللغة
على خلافه وقطع المحقق بكونه غلطا وبول الصبى والمراد به الذكر لم يبلغ واكل الشئ كما يعلم منه كلام الشيخين في المقنعة والمبسوط والنهاية وغيرهما وقال الشارح الفاضل هو الذكر
الذي زاد سنة على الحولين ولم يبلغ قال وفى حكمه الرضيع الذي يغلب اكله على رضاعة أو يساويه وما ذكره المصنف من نزح السبع في بول الصبى مذهب الشيخين ومن تبعهما وقال
الصدوق وان بال فيها صبي إذا كان قد اكل فاستق منها ثلثة دلاء وهو اختيار المرتضى والحجة لهما غير معلومة واما حجة الأول فما رواه الشيخ عن منصور بن حازم قال حدثني
عدة من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال ينزح منها سبع دلاء إذا بال فيها الصبى أو وقعت فيها فارة أو نحوهما وفيها ارسال لكن قوله حدثني عدة من أصحابنا يدل على استفاضتها
عنده فهو خبر معتبر والمستفاد من رواية على ابن أبي حمزة المنقولة في بول الرجل نزح دلو واحدة لبول الصبى الفطيم وحملها الشيخ على صبي لم يأكل الطعام وهو بعيد جدا لان وصفه بالفطيم
يضارد هذا التفسير لكن الترجيح للرواية الأولى وفى رواية معوية بن عمار ينزح الجميع إذا بال فيها صبي وحملها الأصحاب على الاستحباب أو حصول التغير وهو حسن لان ظاهرها غير معمول
بينهم واغتسال الجنب الخالي من نجاسة عينية هذا الحكم مشهور بين الأصحاب وتدل عليه روايات الأولى صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال إذا دخل الجنب البئر نزح منها سبع دلاء
الثانية صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن سقط في البئر دابة صغيرة أو نزل فيها جنب فانزح منها سبع دلاء الثالثة صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال فان وقع فيها جنب فانزح منها سبع دلاء
الرابعة رواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجنب يدخل في البئر فيغتسل منها سبع دلاء وهل المعتبر مجرد دخوله فيها لو اغتساله فيها وارتماسه ظاهر الاخبار الأول لعدم
التقييد بالاغتسال أو ظاهر الفاضلين الثاني ورجحه جماعة منهم الشارح الفاضل التعليق الحكم على الاغتسال في رواية أبي بصير والمطلق يحمل على المقيد وفيه نظر فإنه مع قطع النظر عن
ضعف الرواية المذكورة بعبد الله بن بحر الواقع في الطريق ليس التقييد الا في السؤال والجواب عن ذلك المقيد لا يوجب تخصيص الحكم ونفيه عما عداه ولا يلزم التخصيص في الأخبار العامة
لعدم المعارضة وابن إدريس اختار الثالث مدعيا عليه الاجماع وعبارة الشيخين تؤذن به واشترط جماعة من الأصحاب خلو بدن المجنب عن نجاسة عينية إذ لو كان عليه نجاسة عينية لوجب
لها مقدرها إن كان والا كان مبنيا على الخلاف وتوقف المصنف في المنتهى حيث غرى الاشتراط إلى ابن إدريس ثم قال ونحن لما لم يتم عندنا دلالة على وجوب النزح للمنى توقفنا
عن هذا الاشتراط انتهى والحمل على الغالب من عدم خلو المجنب عن المنى غير بعيد إذ قد عرفت ان قول الشيخ ومن تبعه بنزح الجميع في وقوع المنى مما لا دليل عليه وقد صرح
بعدم النص فيه الشيخ أبو علي وجماعة وعلى هذا يندفع الاعتراض على المصنف بأنه لا وجه لتوقفه في ذلك مع كون النصوص واردة بمجرد دخول الجنب في البئر للاغتسال وليس من
لوازم الجنابة النجاسة خصوصا مع اشتهار وجوب نزح الجميع للمنى بين الأصحاب إذ لا خفاء في أن القول بالانفعال بغير النجاسة من غير دليل صريح لا يخلو عن اشكال وهو خلاف المقرر
في الأذهان الشائع في الألسنة فحمل العام على افراده الغالبة الشائعة غير بعيد هذا على تقدير القول بالانفعال واما على القول الآخر فالامر أسهل ثم على اشتراط الخلو هل النزح مجرد تعبد أم لنجاسة
البئر أم لسلب طهوريته الظاهر الأول لان الامر بالنزح أعم من الأخيرين ولا دلالة للعام على الخاص وذهب الشارح الفاضل إلى الثاني بناء منهم على أن الماء المستعمل في الجناية غير مطهر
وبرد على الثاني ان الامر بالنزح غير مقتض لذلك مع بعد الانفعال بغير النجاسة وكون ماء البئر أسوء حالا من القليل والمضاف وما يقال من أن الاستبعاد مندفع بالنص فإنما يصح لو سلمنا
وجود نص دال عليه هو ممنوع وعلى الثالث ما ذكرنا من عدم دلالة النصوص عليه وانها أعم من الاغتسال فلا يمكن البناء على ما ذكروا مع أن المحقق صرح في نكت النهاية وغيره على ما نقل
منه بان الماء الذي ينفعل بالاستعمال عند من قال به انما هو القليل غير الجاري فيكون حكمه هنا مخالفا لما ذكره هناك وقد يقال صيرورة الماء مستعملا بالاغتسال يتوقف على ارتفاع الحدث
ووقوع الغسل على الوجه المعتبر شرعا وخبر عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام المتضمن للنهي عن نزوله إلى البئر يقتضى فساد غسله فلا يرتفع حدثه وفيه نظر لان النهى في الحديث انما وقع عن الوقوع
فيها ولعله مبنى على الخوف على النفس أو كونه مقتضيا لاثارة الطين والحماء فيتغير ألما مع الحاجة إليه في الشرب وربما لا يحصل بذلك في النزول ولان الخبر ظاهر في بئر لا يكون مملوكا للمغتسل
وعلى كل تقدير لا يجرى الكلام في الغسل المتأخر عن الوقوع وهل يحكم بارتفاع حدثه بالاغتسال في البئر قيل نعم وهو مذهب المصنف في المنتهى والنهاية وقيل لا واليه ذهب الشيخ
واختاره الشهيد في البيان والشيخ على وهو لا يجامع القول بان النزح لأجل سلب الطهورية من حيث كون الماء مستعملا والأول أقرب لحصول الامتثال وعدم ما يحصل مانعا احتج الشيخ على
ذهب إليه بان خبر عبد الله بن أبي يعفور صريح في النهى عن الوقوع في البئر وذلك مقتضى لفساد الفعل وقد مر الجواب عنه واما ما يقال في الجواب من منع ان النهى عن العبادة
بل عن الوقوع في الماء وافساده وهو انما يتحقق بعد الحكم بطهر الجنب لا بمجرد دخوله في البئر فلا يضر هذا
النهى لتأخره وعدم كونه عن نفس العبارة الا ان يقال الوسيلة إما إلى المحرم محرمة
وإن كانت قبل زمانه فمندفع لان صدق الافساد وإن كان متأخرا عن الغسل ذاتا عند القائل به لكن المفسد في الحقيقة هو الغسل إذ ليس بعد الغسل فعل اخر يمكن توجه النهى إليه وانما الموجود
اثر الفعل المنهى وقد يقال يصح الغسل ويرتفع الحدث ان أوقعه بطريق الارتماس وان مع الترتيب يصح منه ما قبل وصول مائه إلى البئر خاصة وفيه نظر لتعلق الحكم عندهم على الاغتسال
وهو لا يتحقق الا بالاكمال وخروج الكلب حيا ذهب إليه أكثر الأصحاب وذهب ابن إدريس إلى وجوب نزح الأربعين والأول أقرب لنا صحيحة أبى مريم قال حدثنا جعفر قال كان أبو جعفر عليه السلام
يقول إذا مات الكلب في البئر نزحت وقال جعفر عليه السلام إذا وقع فيها ثم اخرج منها حيا نزح سبع دلاء ويستفاد من صحيحة أبى أسامة نزح الخمس ومن صحيحة علي بن يقطين وصحيحة الفضلاء
نزح دلاء ولو قيل بالاكتفاء يسمى الدلاء وحمل رواية الخمس والسبع على الفضل والاستحباب لم يكن بعيدا احتج ابن دريس بأنه لم يرد فيه نص متواتر وخبر الواحد ليس بحجة وانما أوجب
135

الأربعين دون الجميع لأنه بموته ينزح له أربعون فلا تزيد نجاسته حيا على نجاسته ميتا بل بالعكس فان الموت يصير ما ليس بنجس مما له نفس سائلة نجسا فكيف النجس فإذا لم يقتض
الموت زيادة على الأربعين فوقوعه حيا أول بعدم الزيادة وهو جيد على أصله من ترك العمل باخبار الآحاد ولا يصح عندنا معاشر العاملين باخبار الآحاد وأجاب عنها المصنف في المختلف بمنع
عدم أولوية الحي فان هذه احكام شرعية تتبع الاسم ولهذا أوجب في الفارة مع تفسخها وتقطع اجزائها وانفصالها بالكلية نزح سبع دلاء وأوجب نزح الجميع في البعرة منها لعدم
ورود النص فيها وثبوته هنا مع أن الأولوية ثابتة ولم يعتد بها هو فلم لم يوجب نزح الجميع وفيه نظر لان منع الأولوية المذكورة تعسف ظاهر وقوله إن الاحكام يتبع الاسم مسلم لكن ليس
المدعى ان دليل نزح الأربعين شاملة له حتى يرد عليه ذلك بل الغرض ان صورة وقوعها وخروجها حيا لا نص فيه فيكون مما لا نص فيه الا ان ايجاب نزح الجميع فيما لا نص فيه كما هو مختاره لا يتأتى هنا لدلالة الاكتفاء بالأربعين
في صورة الموت على نفى الزائد هيهنا بطريق أولي وليس على ما دون الأربعين دليل فيتعين الأربعون لتوقف يقين البراءة عليه واما الأولوية في المثال الذي ذكره لا وجه له
وكان عليه أن يقول فلم لم يوجب السبع هنا فان طريقه الأولوية يقتضى الحاق غير المنصوص بالمنصوص لا العكس وعلى ذلك التقدير أيضا لا يسلم عن المنع والفرق بينه وبين ما نحن فيه ظاهر
لا سترة فيه كيف ونجاسة الفارة مغايرة بالذات لنجاسة البعرة وليس بينهما اشتراك في معنى يتصور تحقق الأولوية بواسطته بخلاف الكلت في الحالين كما لا يخفى ولقائل أن يقول
ثبوت السبع في صورة التفسخ عام فيشتمل ما إذا تفسخ بحيث يلاقى البئر ما في جوفها من البعر وإذا كان كذلك فوجب السبع في ملاقاة البعر حسب أولي لكن حينئذ يرد الاعتراض على ابن إدريس في عدم الحاق البعر بالفارة
لان فرق بينهما فإنه خلاف التحقيق لا هيهنا مسألة أوجب الشيخ في التهذيب نزح السبع لسام أبرص إذا تفسخ في البئر استنادا إلى رواية يعقوب بن عثيم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام سام
أبرص وجدناه قد تفسخ في البئر قال انما عليك ان تنزح منها سبع أدل قلت فثيابنا التي قد صلينا فيها نغسلها ويعيد الصلاة قال لا ثم قال الشيخ وسال جابر بن يزيد الجعفي أبا جعفر عليه السلام
عن السام أبرص في البئر قال ليس بشئ حرك الماء بالدلو وحمله على صورة عدم التفسخ جمعا بينه وبين الخبر الأول والصدوق اورد الروايتين وهما دليل على أنه عامل بمضمونهما
كما هو معلوم من قاعدته واستوجه المحقق في المعتبر الاستحباب استضعافا للرواية ولان ما لا نفس له لا ينجس الشئ بموته وهو حسن وخمس في ذرق الدجاج هذا مذهب الشيخ وابن
حمزة وقيد المفيد بالجلال وتبعه عليه جماعة كسلار وابن البراج وأبو الصلاح وابن إدريس قال المصنف والأصل في ذلك أن ذرق الدجاج هل هو نجس أم لا وقد ذكر غير واحد
من الأصحاب عدم النص في هذا الحكم قال في المعتبر بعد نقل القولين وفى القولين اشكال إما الاطلاق فضعيف لان ما ليس بجلال ذرقه طاهر وكل رجيع طاهر لا يؤثر في البئر تنجسا
إما الجلال فذرقه نجس لكن بعد نزحه بالخمسة في موضع المنع ويطالب قائله بالدليل وقال المصنف في المختلف بعد الاعتراف بعدم النص ويمكن الاحتجاج بأنه ماء محكوم بنجاسته فلا يطهر
بدون النزح والتقدير مستفاد من رواية محمد بن إسماعيل ونقل الخبر السالف الدال على نزح دلاء في أشياء من جملتها العذرة كالبعرة ونحوها ثم قال والاحتجاج به بعيد لعدم
دلالته على التقدير وانما يستدل به على أن لا يجزى أقل من خمسة من حيث إنه جمع كثرة واعترض عليه بأنه مبنى على عموم لفظ الغدرة وهو خاص بفضله الانسان كما نص عليه أهل اللغة
ولا يخفى ان المستفاد من الخبر اطلاقه على المعنى الأعم حيث قال كالبعرة واعترض عليه أيضا بأنه موقوف على ثبوت كون جموع الكثرة حقائق فيها وليس بمعلوم وقد توقف
فيه المصنف في المنتهى ولو سلم فالاستعمال العرفي مستمر على خلافه ثم اللازم على تقديره التقدير بما زاد على العشرة وثلث في موت الفارة مع عدم التفسخ عند الشيخ ومع عدم الانتفاخ
أيضا عند المفيد وعند الصدوقين دلو واحدة في صورة عدم التفسخ وقد مر الكلام في هذه المسألة والحية ذهب إليه أكثر الأصحاب وليس عليه نص بخصوصه كما اعترف به جماعة
من الأصحاب قال المحقق في المعتبر ويمكن ان يستدل عليه بما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سقط في البئر حيوان صغير فمات فيها فانزح منها دلاء فينزل على الثلث لأنه أقل محتملاته
وهذا الاستدلال غير بعيد وقال المحقق في المعتبر والذي أراه وجوب النزح في الحية لان لها نفس سائله وميتتها بخسة واستبعد ذلك بعض المتأخرين واحتج في المختلف برواية
عمار عن أبي عبد الله عليه السلام فيما يقع في البئر فيموت فيه واكبره الانسان نزح منها سبعون دلوا وأقلها العصفور تنزح منها واحدة واختصاص القلة بالعصفور يقتضى زيادة الحية عليه
والتقدير بالثلث لمساواة الحية للفارة في قدر الجسم ولرواية إسحاق بن عمار الدالة على نزح دلوين وثلاثة في موت الدجاجة ومثلها في البئر بتقريب ان الحية لا تزيد على قدر
الدجاجة في الجسم وفى الوجهين تكلف ظاهر وحكى في المعتبر عن علي بن بابويه في رسالته نزح دلو في وقوع الحية وحكى في المختصر عنه في الرسالة نزح سبع دلاء وذكر من حجية كونها
في قدر الفارة أو أكبر وضعف الحجة ظاهر وحكى في العالم عن الرسالة المذكورة نزح دلاء للحية ويمكن تنزيله على المشهور مسألة حكم الشيخان والصدوق ومن تبعهما في موت الوزغة
ثلث دلاء وأبو الصلاح وسلار دلو واحدة وابن إدريس منع من ذلك ولم يوجب شيئا والمحقق استحب النزح وكذا المصنف احتج الشيخ بصحيحة معوية عمار عن الصادق عليه السلام قال سألته عن
الفارة والوزغة تقع في البئر قال ينزح منها ثلث وكذا في صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه السلام احتج أبو الصلاح وسلار بما رواه ابن بابويه قال سئل يعقوب عثيم
أبا عبد الله عليه السلام فقال له بئر ماء في مائها ريح تخرج منها قطع جلود فقال ليس بشئ لان الوزغ ربما طرح جلده وانما يكفيك من ذلك دلو واحد وضعف الحجة ظاهر إذ لا دلالة
فيها على الوجوب احتج ابن إدريس بأنه لا نفس له سائلة فلا ينجس الماء بموته واستجوده المصنف وربما يعلل وجوب النزح بحصول التيمم في الماء لا من حيث النجاسة ولعل كلام الشيخين
مبنى على ما ذهبا إليه من نجاسة الوزعة وسيجيئ الكلام عليه والقول باستحباب نزح الثلث حسن مسألة أوجب الشيخ وجماعة نزح الثلث لموت العقرب وقال علي بن بابويه ليس
فيه شئ ولم يذكره المفيد وجماعة حجة الشيخ رواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليه السلام قال
سألته عن الفارة والعقرب واشباههما تقع في الماء فتخرج حيا هل يشرب من ذلك
الماء أو يتوضأ به قال يسكب ثلث مرات وقليله وكثيره بمنزلة واحدة ثم يشرب منه ويتوضأ منه غير الوزع فإنه لا ينتفع بما وقع وإذا كان في صورة الخروج حيا ثلث دلاء فمع الموت
أولي والحجة ضعيفة احتج المانعون بأنه لا نفس له فلا ينجس الماء بموته وبقول الصادق عليه السلام في رواية عمار الساباطي وقد سئل عن الخنفساء والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت
في البئر والزيت وشبهه قال كل ما ليس له دم فلا باس ورواية ابن مسكان عن الصادق عليه السلام قال وكل شئ يسقط في البئر ليس له دم مثل العقارب والخنافس وأشباه ذلك فلا باس ووصفها
المصنف بالصحة وفيه نظر لان طريقها ابن سنان والظاهر أنه محمد وهو ضعيف والقول باستحباب النزح متجه وفى رواية منهال بن عمرو عن الصادق عليه السلام قلت له العقرب تخرج من البئر ميتة
قال استق عشرة دلاء وحملها الشيخ على الاستحباب وهو غير بعيد ودلو في العصفور هذا الحكم مشهور بين الأصحاب من غير خلاف معلوم لكن قال الصدوق وأكبر ما يقع في البئر الانسان
فيموت فيها فينزح منها سبعون دلوا أصغر ما يقع فيها الصعوة فتنزح منها دلو واحدة وفيما بين الانسان والصعوة على قدر ما يقع فيها وكذا نقل عن أبيه في الرسالة وهذا ظاهر في الخلاف لان الصعوة عصفور
صغير على ما قال في القاموس والأصل في هذا الباب قول الصادق في موثقة عمار وأقل العصور ينزح منها دلوا واحد وعدم صحتها غير قادح لعمل الأصحاب بمدلولها خصوصا على القول بالاستحباب
كما فذهب إليه وشبهه كذا ذكر الشيخ وغيره ودليل غير ظاهر ونقل المحقق عن الصهر شئ ان كل طائر في حال صغره ينزح له دلو واحدة كالفرخ لأنه يشابه العصفور ثم قال ونحن نطالبه بدليل التخطي
إلى المشابهة ولو وجده في كتب الشيخ أو كتب المفيد لم تكن حجة ما لم يوجد الليل وهذا يدل على أن منكر لالحاق الشبه مع أنه ذكر حديث الشبه في الشرايع والنافع وذكر الفاضل الشارح
انه يدخل في شبهه كل ما دون الحمامة في الحجم وانه لا يلحق به الطير في حال صغره وفيه تأمل وحكى عن الراوندي استثناء الخفاش عن هذا الحكم قال المحقق نحن نطالبه من أين علم نجاسته فان
التفت إلى كونه مسخا طالبناه بتحقيق كونه مسخا ثم بالدلالة على نجاسته المسخ وقد روى في شواز الاخبار انه مسح لكن لا حجة في مثلها وبول الرضيع الذي لم يعتد بالطعام المراد بالرضيع على ما يعلم
من كلام الشيخين وغيرهما من لم يأكل بعد وفسره الشهيد في الذكرى بمن يغتذى باللبن في الحولين أو يغلب عليه فلو غلب غيره فليس برضيع والشارح الفاضل ان لم؟؟؟ الطعام في الحولين اعتذاء غالبا ومساويا
وابن إدريس من كان في الحولين سواء اكل أو لم يأكل وسواء فطم ادم لا قال المحقق في المعتبر ولست اعرف هذا التفسير من أين نشأ وهذا الحكم ذهب إليه الشيخان وابن البراج مستند إلى رواية
136

علي بن أبي حمزة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن بول الصبى الفطيم يقع في البئر قال دلو واحد وهو غير مورد المسألة فلعل الاستدلال بمفهومه من حيث إن نزح دلو في الفطيم يقتضى عدم
وجوب الزائد في الرضيع منضما إلى أنه لا يعهد مقدار أقل من دلو مع أن بعض الروايات دالة على أن أقل المقادير دلو واحد لكن إذا كان منطوقها مطروحا عند الأصحاب فكيف يمكن الاستدلال
بمفهومها وقال أبو الصلاح وابن زهرة ينزح ثلث دلاء واحتج ابن زهرة باجماع الفرقة وضعفه ظاهر ومقتضى صحيحة معوية بن عمار السابقة نزح الجميع في بول الصبى من غير تفصيل
فكأنه محمول على صورة التغير وقيد الشهيد في البيان الرضيع بابن المسلم ووجهه بعضهم بأنه مبنى على اعتبار وابن الجنيد في موجبات النزح وفيه تأمل وقد بينا ضعف هذا الأصل سابقا
وكل ذلك عندي مستحب وقد بينا الدليل عليه سابقا وهيهنا مباحث متفرقة الأول صرح جماعة من الأصحاب بعدم انحصار طريق تطهير البئر في النزح حيث يحكم بنجاسته فيشارك غيره
من المباح في الطهارة بممازحة الجاري والقاء الكر عليه ونزول الغيث والمستفاد من كلام المحقق في المعتبر انحصار طريق التطهير في النزح والى الأول ذهب المصنف وقال الشهيد في الذكرى وامتزاجها
بالجاري مطهر لأنه أقوى من جريان النزح باعتبار دخول مائها في اسمه وكذا لو اتصل بالكثير إما لو وردا من فوق عليها فالأقوى انه لا يكفي لعدم الاتحاد في المسمى والأقرب مذهب المحقق لان القائل
بنجاسته البئر بالملاقاة انما يتمسك بالاخبار الدالة على النزح فالمستفاد منها عنده نجاسة البئر وانها لا تطهر الا بالنزح مضافا إلى خبر محمد بن إسماعيل فإنه ظاهر في انحصار طريق التطهير
في النزح وما دل على حصول الطهارة بمثل الاتصال أو الامتزاح بالجاري وغيرها يرجع في الأكبر على المختار عندي إلى عدم دليل على بقاء النجاسة
بعد حصول الامر المذكور وهو غير جار
ههنا فان تمسك متمسك بالعمومات الدالة على الطهارة قلنا الخاص مقدم لكن حمل اخبار النزح على الغالب من انحصار المطهر فيه حمل قريب فللتوقف في هذه المسألة طريق وإن كان لما
ذكرنا رجحان وعلى القول باستحباب النزح أو كونه تعبدا فالظاهر عدم السقوط الثاني إذا تكثرت النجاسة فللأصحاب فيه أقوال الأول التداخل مطلقا ذهب إليه المصنف الثاني عدم التداخل
مطلقا استقربه الشهيد واليه ذهب جمع من المتأخرين منهم الشهيد الثاني وولده الثالث التفصيل بالفرق بين المختلفة والمتماثلة قال المحقق في المعتبر إن كانت الأجناس مختلفة لم تتداخل النزح كالطير والانسان ولو
تساوى المنزوح كالكلب والسنور وإن كان النجس واحدا ففي التداخل تردد وجه التداخل ان النجاسة من الجنس الواحد لا تتزايد إذ النجاسة الكلية أو البولية موجودة
في كل جزء فلا تتحقق زيادة توجب زيادة النزح ووجه عدم التداخل ان كثرة الواقع تؤثر كثرة في مقدار النجاسة فتؤثر شياعا في الماء زائدا ولهذا اختلف النزح بتعاظم الواقع وموته
وإن كان طاهرا في الحياة والأقرب التداخل مطلقا لنا ان مقتضى كل واحد من التكليفين وتحصيل النزح المقدر عقيب السبب من غير تقييد بكونه نزحا مغايرا لما ينزح المسبب الأخر فاستيفاء
المقدر يوجب امتثال الامرين فيحصل البراءة حجة القول الثاني ان الأصل في الأسباب ان يعمل عملها ولا تتداخل مسبباتها قالوا ظاهر الأدلة في الأكثر تعليق الحكم بالفرد من الجنس فادعا
تناول الاسم فيها للمتعدد مطلقا في خير المنع وكذا دعوى حصول الامتثال في صورة التغاير بفعل الأكثر والجواب منع الأصل المذكور فإنه دعوى بلا دليل واما دعوى تعليق الحكم
بالفرد فعلى تقدير تسليم غير منافع لان كل واحد من الفردين لا يقتضى المقدار المقيد بكونه مغايرا لما نزح بالآخر بل يقتضى نزح المقدر الشرعي من غير التقييد المذكور
فينزح الأكثر يحصل الامتثال ولا يتوقف اثبات التداخل على ادعاء تناول الاسم للجميع ومما قررنا يعلم اندفاع المنع الثاني أيضا حجة الثالث يعلم من الكلام المنقول عن المحقق وجوابه يعلم
مما قررنا ثم القائلون بعدم التداخل مطلقا استثنوا من ذلك ما إذا حصل بالتكثر في المتماثل انتقال إلى حال لها مقدر كما إذا وقع قليل دم ثم وقع بعده ما يخرجه من القلة إلى الكثرة
فاكتفوا فيه ممزوح الكثير وزاد الشهيد في الاستثناء ما إذا كان المتكثر داخلا تحت الاسم كزيادة كثرة الدم فلا زيادة في القدر حينئذ لشمول الاسم وعلى القول المذكور لو وسع الماء
لنزح المقادير فالامر واضح واما مع القصور فالظاهر الاكتفاء بنزح الجميع وكذا لو كان المقدر لكل واحد منها أو لبعضها نزح الجميع وفى الاكتفاء بتراوح واحد عند الانتقال إليه نظر من حيث
لزوم مساواة البدل للمبدل منه ومن حيث إن الاكتفاء بالمرة في المبدل منه مبنى على انعدام متعلق الحكم أعني المبدل منه وليس كذلك في البدل واعلم أن بعض الأصحاب الحق جزء الحيوان
بكله في نزح المقدرة له واستشكله البعض نظر إلى حصول المغايرة بين الكل والجزء فالحقه بغير النصوص وهو حسن لكن يلزم ان يستثنى ما إذا كان منزوح الكله أقل مما ينزح لما لا نص فيه فان الاكتفاء بالشئ للكل يقتضى الاكتفاء
137

به للجزء بطريق أولي ولو اتفق وقوع الأجزاء كلها في أكثر من دفعة كفى لها نزح مقدر الجملة ولو وجد جزان فما زاد ولم يعلم كونهما من واحد فقال الشهيد الأجود التضاعف واستوجه بعضهم نزح
أقل الأمرين من المقدر للكل من كل منهما ومن منزوح غير المنصوص أو هو محتمل على القول بنجاسة البئر بالملاقاة الا انه على ما اخترنا من التداخل يلزم رعاية التداخل عند اعتبار الكل
من كل منهما واما على القول بكون النزح تعبدا فالأجود اعتبار أقل الأمور من الثلاثة يعنى المقدر للكل من كل منهما منزوح غير المنصوص إذ لم يعلم كونهما من اثنين والأصل براءة الذمة من الزائد وعلى
القول بالنجاسة أيضا لا يبعد ترجيح هذا الاحتمال نظر إلى العمومات الدالة على الطهارة وانتفاء الاستصحاب فيما زاد على المتيقن وإذا مات الحيوان الحامل في البئر وذو الرجيع النجس فالظاهر عدم
التضاعف وان اخترنا عدم التداخل وبه صرح الشهيد في الذكرى قال ما لانضمام المخرج المانع من الدخول أو الاطلاق قدر النزح نعم لو انفتح المخرج أو غيره تضاعف انتهى وحكمه بالتضاعف في الصورة
المذكورة مبنى على مذهبه من عدم التداخل الثالث لا ينجس جوانب البئر بما يصيبها من الماء المنزوح للمشقة المنفية ويحكم بالطهارة عند مفارقة اخر الدلاء والمتساقط معفو عنه للمشقة العظيمة
ولأن الطهارة معلقة على النزح وقد حصل والظاهر عدم وجوب غسل الدلو كما صرحوا به والظاهر عدم الخلاف فيه وعلل بعدم البيان من الشارع ولأنه لو كان نجسا لتعدت إلى الماء ويلزم
أن تكون زيادة النزح موجبة لنجاسة الماء وهل ينجس النازح ما يلاقيه من الماء المنزوح على القول بالانفعال فيه وجهان أقربهما نعم وصرح الشهيد بالعدم معللا بعدم أمر الشارع وفيه تأمل الرابع
قال المصنف في المنتهى لو وجب نزح عدد معين فزج الدلو الأول ثم صب فيها فالذي أقول تفريعا على القول بالتنجيس انه لا يجب نزح ما زاد على العدد عملا بالأصل ولأنه لم تزد النجاسة بالنزح
ولا القاء وكذا لو القى الدلو الأوسط إما لو القى الدلو الأخير بعد انفصاله عنها فالوجه دخوله تحت النجاسة التي لم يرد فيها نص والفرق بين الولد الأخير وغيره محل تأمل وكذا الاستناد إلى الأصل في
الحكم الأول وقد سوى الشهيد بين الجميع في عدم وجوب شئ سوى إعادة مثل الواقع للأصل وللنظر فيه مجال ولو القى دلو من المنزوح في بئر طاهرة قال الشهيد رحمه الله الأقرب وجوب منزوحه يعنى ما يجب
للنجاسة التي هو بعض منزوحها وقال المصنف في النهاية الأقوى عدم التجاوز عن قدر الواجب في تلك النجاسة وسوى بين الدلو الأخير وغيره واستوجه في المنتهى الحاقه بغير المنصوص واستقرب في التي ير الالحاق
به ان زاد منزوح تلك النجاسة على الأربعين وقال صاحب المعالم التحقيق في ذلك بناء على القول بالانفعال ايجاب نزح أقل الأمرين من مقدر النجاسة المقتضية للنزح منزوح غير منصوص فان الاكتفاء
بالمقدر لتلك النجاسة إذا كان هو الأقل يقتضى الاكتفاء للمتنجس بطريق الأولى لأنه أضعف حكما منها كالجزء وأما إذا كان الأقل منزوح غير المنصوص فلان النجاسة مغايرة للمتنجس بها قطعا فالدليل
الدال على وجوب المقدر لها لا يتناوله فيتوقف ايجاب الزيادة له على الدليل وفى دليل الجزء الأول تأمل لان الأولوية التي ادعاها ممنوعة وفرق بين ما نحن فيه وبين الجزء والكل فان الأولوية هنا
ثابتة بناء على اندراج الجزء تحت الكل ففي صورة وقوع الكل وقع الجزء مع شئ زائد وليس الامر كذلك هيهنا لان المتنجس حقيقة أخرى مغايرة للنجس نعم لا يبعد ان يقال لما لم يثبت استصحاب
للنجاسات يجب الاقتصار في الحكم ببقائها على قدر المتيقن فبعد نزح أقل الأمرين لا سبيل إلى الحكم ببقاء النجاسة فيندرج تحت العمومات الدالة على الطهارة ولو كان الواقع جميع الماء المنزوح فهو كما
لو وقع الدلو الواحد كما نص عليه الشهيد في البيان وربما استبعد ذلك من حيث إن ملاقاته لماء البئر يؤثر فيه انفعالا والاكتفاء بنزح مقدر النجاسة حينئذ يقتضى لاقتصار على نزح
المقدار الواقع فيلزم طهر المنفعل من غير نزح شئ منه وفيه ان الواقع إذا شاع في اجزاء البئر صار من جملتها حتى لو كان عين نجاسة صار في مسمى البئر لاستهلاكها فإذا استهلك في البئر و
انتشر في اجزائها خرج بالنزح بعضها وبقى بعضه مستهلكا في البئر وحصلت الطهارة ولم تتوقف الطهارة على كون المنزوح أكثر من الواقع فقد يمكن وقوع متنجس في البئر يكون المنزوح اللازم
له أقل من الواقع فيها ولو وقع المنزوح له وماؤه المنزوح في الطاهرة الطهارة تداخل النزح كما صرح به المصنف وبه طرح الشهيد في البيان وهذا ليس بجيد منه لأنه لا يرى التداخل وقد يوجه بان الواقع نجاسة
واحدة في الحقيقة وطريق المنع إليه واضح الخامس تطهر البئر بفور ماها على ما صرح به جماعة من الأصحاب فإذا عاد ماؤها بعد ذلك فهو الطاهر لا يجب له نزح وعللوه بان المقتضى للطهارة
137

ذهاب الماء وهو يحصل بالغور كما يحصل بالنزح ولا يعلم كون الغائر فالأصل الطهارة مضافا إلى النزح لم يتعلق بالبئر بل بمائها وقد انعدم والتعليل جاد فيما إذا أجريت بحيث لم يبق فيه شئ وبعضهم أبقى الطهارة
في صورة الجريان حسب وفيه نظر لاشتراك التعليل وتزيد صورة الجريان بحصول العلم بان الآتي غير الذاهب السادس يجب اخراج النجاسة قبل الشروع في النزح والظاهر أنه اتفاقي بين القائلين
بالتنجيس وذكر ذلك المصنف في المنتهى وقال في الذكرى لو تمعط الشعر في الماء نزح حتى يظن خروجه إن كان شعر نجس العين فان استمر الخروج استوعب فان تعذر لم يكف التراوح ما دام
الشعر لقيام النجاسة والنزح بعد خروجها أو استحالتها وكذا لو تفلت اللحم ولو كان شعر طاهر العين أمكن اللحاق لمجاورته النجس مع الرطوبة وعدم لطهارته في أصله ولم اقف في هذه
المسألة على فتيا لمن سبق وهو جيد السابع لا يعتبر في النزح النية وظاهرهم الاتفاق عليه ولا يعتبر في النازح البلوغ والاسلام فيجوز ان يتولاه الصبى والكافر مع عدم مباشرته الماء
ولا يعتبر الذكورية ولا الانسانية الا في التراوح ولا يعتبر الدلو في النزح لإزالة التغير ولا في نزح الجميع وكذا في نزح الكر لان الفرض اخراج هذا المقدار وقد جعل تتمة لا يجوز استعمال
الماء النجس وما هو بحكمه كالمشتبه بالنجس والمراد بعدم الجواز التحريم بناء على أن استعمال المكلف الماء النجس فيما يسمى طهارة في نظر الشرع مع اعتقاد شريعته والاعتداد به بدعه
وادخال في الدين ما ليس منه ويحتمل ان يكون المراد به عدم الاعتداد به مجازا في الطهارة مطلقا أي سواء كان في حال الاختيار والاضطرار بقرينة قرينة ويجوز ان يكون القصد؟؟ منه؟؟
التعميم بالنسبة إلى رفع الحدث والخبث اطلاقا للطهارة على المعنى الأعم مجازا ولا في الأكل والشرب اختيارا بدليل الكتاب والاجماع
ولو اشتبه النجس من الإناءان اجتنبا وجوبا ولا
يجوز له التحري وهو الاجتهاد في طلب الأخرى للاستعمال وهو الطاهر لقرينة خلافا للشافعي وتيمم عند عدم التمكن من غيره والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ونقل الاتفاق
عليه المحقق والمصنف وغيرهما وتدل عليه موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام في حديث طويل سئل عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدرى أيهما هو وليس يقدر
على ماء غيره قال يهريقهما جميعا ويتيمم ورواية سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل معه إناءان فيهما ماء وقع في أحدهما قذر لا يدرى أيهما هو وليس يقدر على ماء غيره قال يهريقهما
ويتيمم والروايتان غير صحيحتين لكن ضعفهما منجبر بعمل الأصحاب ونقلهم الاتفاق على مدلولهما ونقل عن المصنف الاستدلال عليه بان اجتناب النجس واجب وما لا يتم الواجب الا به فهو
واجب واعترض عليه بان اجتناب النجس لا يقطع بوجوبه الا مع تحققه بعينه لا مع الشك فيه وقد ثبت نظيره في حكم واجدى المنى في الثوب المشترك واعترف به الأصحاب في غير المحصور أيضا
والفرق بينه وبين المحصور غير واضح عند التأمل ويستفاد من قواعد الأصحاب انه لو تعلق الشك بوقوع النجاسة في الماء وخارجه لم ينجس الماء بذلك ولم يمنع من استعماله وهو
مؤيد لما ذكرنا ولقائل أن يقول كثير من الأخبار الدالة على انفعال القليل بالملاقاة وغيرها دال على وجوب الاجتناب من غير تقييد بتعينه بخصوصه بل هو أعم فيلزم الاجتناب
من كل من الاناءين في الصورة المفروضة من باب المقدمة وليس واجد المنى نظير ما ذكرنا للشك في حصول المقتضى هناك وكذا لو تعلق الشك بوقوع النجاسة في الماء وخارجه واما
خروج غير المحصور عن هذا الحكم فبدليل لا يستلزم التعدية نعم بهذا المسلك لا يلزم عموم الحكم الا بضم الاجماع وهذا الاستدلال في صورة التعيين أولا والاشتباه ثانيا
أقوى وأظهر مما استدل به المحقق على الحكم المذكوران يقين الطهارة في كل منهما معارض بيقين النجاسة ولا رجحان فيتحقق المنع وفيه تأمل وينبغي التنبيه على أمور الأول نص كثير
من الأصحاب كالشيخين والفاضلين على عدم الفرق في وجود الاجتناب مع الأشباه بالنجس من وقوعه في اناءين أو أكثر والحديثان المذكوران يختصان بالإناءين ولعل المستند في الحكم
بالتعميم الاجماع ويمكن الاستدلال عليه بالوجه الذي أشرنا إليه ونبه بعضهم على عدم الفرق بين كون المائين في إنائين أو غديرين والحال فيه كما ذكر الثاني قال المصنف في المنتهى لو كان أحد الإنائين
متيقن الطهارة والاخر مشكوك النجاسة كما لو انقلب أحد المشتبهين ثم أشبه الثاني بمتيقن الطهارة وجب الاجتناب واستشكله بعضهم بان الفرض المذكور خارج عن مورد النص ومحل
الوفاق المدعى فلابد لما ذكره من دليل وليس بذلك الواضح ولم أر من تعرض له من الأصحاب سواه ولا يخفى انه يمكن الاستدلال بالوجه الذي أشرنا إليه وبأنه ثبت وجوب الاجتناب
من كل واحد من الاناءين قبل انقلاب أحدهما من غير تخصيص بوقت معين فيدوم الحكم فيجب الاجتناب عن كل ماء اشتبه بأحدهما من باب المقدمة الثالث مقتضى النص وكلام الأصحاب
وجوب التيمم والحال هذه إذا لم يكن المكلف ممكنا من الماء الطاهر مطلقا وقد يخ؟؟ بما إذا لم يمكن الصلاة بطهارة متيقنة المتيقنة بهما كما إذا أمكن الطهارة بأحدهما والصلاة ثم تطهير الأعضاء
مما لاقاه الوضوء والوضوء بالآخر ويمكن الاستدلال عليه بالآية الا ان الخبرين وعمل الأصحاب يدفعه الرابع المنقول عن الشيخين والصدوقين وجوب اهراق الماء في صورة الاشتباه الا
ان كلام الصدوقين ربما اشعر باختصاص الحكم بحال إرادة التيمم وقد يقال عبارة الشيخ في النهاية محتملة للامرين ومنع ابن إدريس والمصنف عن وجوب الإراقة وكان مستند الأولين
ظاهر الروايتين حيث حكم فيهما بالإهراق وقال المحقق في المعتبر واما الامر بالإراقة فيحتمل ان يكنى عن الحكم بالنجاسة لا تختم الإزالة لان استيقاءه قد يتعلق به غرض إما التطهير أو الاستعمال
في غير الطهارة أو الأكل والشرب وقد يكنى عن النجاسة بالإراقة في كثير من الاخبار تفخيما للمنع ويؤيد ما ذكره وقوع الامر بالإراقة في ادخال اليد القذرة في الماء القليل في عدة اخبار
ولم يعلم قائل بالوجوب هناك ولعل ذلك بناء على فهمهم منها إرادة النجاسة على سبيل الكناية والنكتة في هذا التعبير تفخيم المنع لكن العمل على ظاهر النص أحوط وأجاب المصنف في المختلف
با؟؟؟ في سندها وهو مناف لما ذكر في المنتهى من قبولهما والاستدلال بهما على أصل المسألة قال في المعتبر قبل وجوب الإراقة ليصح التيمم لأنه مشروط بعدم الماء وهو تأويل ضعيف لان
وجود الماء الممتنع لاستعماله لا يمنع التيمم كالمغصوب وما يمنع من استعماله مرض أو عدو وضع الشارع أقوى الموانع وهو حسن الخامس أو أصاب أحد الاناءين جسم ظاهر بحيث ينجس
بالملاقاة لو كان الملاقى معلوم النجاسة فهل يجب اجتنابه كالنجس أم يبقى على أصل الطهارة فيه وجهان والثاني هو المنقول عن الشيخ على وعن الشهيد الثاني الميل إليه واختاره صاحب المعالم
وصاحب المدارك استناد إلى أن احتمال ملاقاة النجاسة لا يرفع الطهارة المتيقنة وقد روى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال ليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا ولى في
هذا الاستدلال تأمل والأجود الاستدلال عليه بقول المصنف عليه السلام في موثقة عمار الساباطي كل شئ نظيف حتى تعلم أنه قذر لكنها غير صحيحة ولم يبعد العمل بها حيث تعمل بالموثقات مع سلامتها
عن المعارض واعتمادها بالأصل ويؤيده في الجملة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سئل أبى أبا عبد الله عليه السلام وانما حاضرا في غير الذمي ثوبي وانا اعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم
الخنزير فيرده على فاغسله قبل ان اصلى فيه فقال أبو عبد الله عليه السلام صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو ظاهر ولم يستيقن نجاسته فلا باس ان تصلى فيه حتى يستيقن
انه نجسه وقيل بالأول وهو مذهب المصنف في المنتهى محتجا بان المشتبه بالنجس حكمه حكم النجس وفيه ان القدر المسلم ان المشتبه بالنجس حكمه حكم النجس في عدم صحة استعماله في الطهارة لا مطلقا لابد لذلك
من دليل ولعل ما قلناه مراد الأصحاب والأحوط الأول وإن كان الثاني أقوى السادس لا يبعد ان يكون المشتبه بالمغصوب كالمشتبه بالنجس في وجوب الاجتناب عنه وبطلان الطهارة به
للنهي عن استعمال كل منهما ويشكل نظر إلى صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال حتى تعرف الحرام بعينه وما في معناها من الاخبار واما المشتبه بالمستعمل
في الطهارة الكبرى على القول بعدم ارتفاع الحدث به فالظاهر وجوب الطهارة بهما كما صرح به الشيخ في المبسوط لان المستعمل في الطهارة الكبرى ينجس وانما لا يرتفع به الحدث على أحد القولين
فإذا تطهر بهما حصلت الطهارة بماء واقع للحدث واما المشتبه بالمضاف فقد قطعوا بوجوب الطهارة بكل منهما وانه لو انقلب أحدهما يجب الوضوء بالآخر ثم التيمم ويمكن توجيهه بان الحكم بالوضوء
معلق بوجدان الماء والحكم بالتيمم معلق بعدم وجدانه فإذا وجد ما يشك في كونه ما كان كل من وجوب الوضوء والتيمم مشكوكا إذ لا ترجيح لأحدهما على الأخر فيجب الوضوء والتيمم معا حتى تحصل
البراءة اليقينية وبهذا التوجيه ظهر اندفاع ما يقال الماء الذي يجب استعماله في الطهارة إن كان هو ما علم كونه ماء مطلقا فالمتجه الاجتزاء بالتيمم وعدم وجوب الوضوء به كما هو الظاهر وإن كان
هو ما يعلم كونه مضافا اكتفى بالوضوء فالجمع بين الطهارتين غير واضح نعم يبقى الكلام في أن ما ذكروا من تقديم الوضوء في الصورة المذكورة فوجهه غير ظاهر السابع لو توهم إصابة النجاسة
أو شك فيها فلا ريب في عدم تأثيره واما صح الظن ففيه أقوال منها اعتباره مطلقا وهو المحكي عن ابن البراج واسند في النهاية عدم قبول العدلين إلى الشيخ أيضا ومنها ان استند إلى السبب قام
138

مقام العلم والا فلا قاله المصنف في القواعد وفسر الشيخ على الاستناد إلى السبب ما اعتبر الشارع سببيته كاخبار العدلين ومثله اخبار المالك ويعلم ذلك من كلام المصنف في المنتهى حيث قال لو
أخبر عدل بنجاسة الماء لم يجب القبول إما لو شهد عدلان فالأولى القبول وقال في موضع اخر لو أخبر العدل بنجاسة انائه فالوجه القبول ولو أخبر الفاسق بنجاسة انائه فالأقرب
القبول أيضا واستشكل ذلك في النهاية ومنها ما قاله المصنف في التذكرة وهو انه ان استند الظن كقول العدل فهو كالمتيقن والا فلا واحتمل المصنف في النهاية وجوب التحرز مع اخبار
العدل الواحد بنجاسة اناء بعينه قال ولو لم يوجد غيره فالأقوى عدم الرجوع إليه ويعلم من كلام الشارح الفاضل القطع بقبول قول ذي اليد مطلقا قيل وما فصله المصنف
في المنتهى هو المشهور بين المتأخرين وقد ذكر نحوه في موضع اخر من التذكرة وجزم المحقق في المعتبر بعدم القبول مع اخبار العدل الواحد وحكى عن ابن البراج القول بعدم القبول
في العدلين أيضا واسند في النهاية عدم قبول العدلين إلى الشيخ أيضا وظاهر الشيخ في المبسوط عدم قبول اخبار العدل الواحد مطلقا ويظهر من كلامه التردد في قبول اخبار العدلين
وربما نقل عن بعض الأصحاب النص على اشتراط القبول في العدلين بتبيين السبب المقتضى لنجاسة الوقوع الخلاف فيه ان يعلم الوفاق فيكفي بالاطلاق وعن جماعة منهم انهم قيدوا
الحكم بقبول اخبار الواحد بنجاسة مائه بما كان الاخبار قبل الاستعمال فلو كان بعده لم يقبل النظر إلى نجاسة المستعمل له فان ذلك في الحقيقة اخبار بنجاسة الغير ولا يكفي فيه الواحد
وإن كان عدلا ولا لخروج الماء عن ملكه بالاستعمال وبهذا التقيد صرح المصنف في التذكرة أيضا حجة الأول
ان الشرعيات كلها ظنية والعمل بالمرجوح مع قيام الراجح باطل و
وأجيب عنه بالمنع من العمل بمطلق الظن شرعا وثبوته في مواضع مخصوصة لدليل مختص بها لا يقتضى التعدية إلى غيره وحجة الثاني ان الطهارة معلومة بالأصل وشهادة الشاهدين بثمر الظن فلا يترك لأجله المعلوم وأجيب عنه بان الحكم بشهادة الشاهدين معلوم ولهذا لو كان الماء مبيعا لرده
المشترى وانما يحصل ذلك بعد الحكم بالشهادة وللتأمل في هذا الجواب مجال ومن هذا الجواب يعلم حجة القول الثالث في قبول اخبار العدلين واما دليل الحاق قول المالك
بالعدلين فغير معلوم خصوصا إذا كان فاسقا مع أن منطوق أية التثبت يدفعه وكذا الكلام في قبول قول صاحب اليد مطلقا وحجة الرابع على ما ذكره
المصنف في النهاية انه شهادة في الأمور المتعلقة بالعادة كالرواية والواحد منها غير مقبول وفيه ما فيه والأجود والاستدلال عليه بفحو قوله تعالى ان جاءكم فاسق
بنبأ فتبينوا لكن اثبات عموم مفهومه لا يخلو عن اشكال مع معارضته بالآيات الدالة على النهى عن اتباع الظن وبقول الصادق عليه السلام في موثقة عمار الساباطي كل شئ نظيف حتى تعلم أنه
قذر وفى صحيحة زرارة الطويلة قلت فإن لم أكن رأيت موضعه وعلمت انه قد اصابه فطلبته فلم أقدر عليه فلما صليت وجدته قال تغسله وتعيد قلت فان ظننت انه قد اصابه
ولم أتيقن ذلك فنظرت فلم أر شيئا ثم صليت فرأيت فيه قال تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك ان
تنقض اليقين بالشك وفيه دلالة ما على مذهب ابن البراج ويدل عليه في خصوص الماء قول الصادق عليه السلام فيما روى عنه بعدة أسانيد وان أشركت في الضعف كل ماء طاهر حتى
تعلم أنه قذر والعمومات الكثيرة الدالة على طهارة الماء الا ما خرج بالدليل فان ثبت عدم القائل بالفعل لزم عموم الحكم ويدل على عدم اعتبار الظن أيضا صحيحة عبد الله ابن سنان
السابقة وصحيحة معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثياب السابرية تعملها المجوس وهم أخباث وهم يشربون الخمر ونساؤهم على تلك الحال ألبسها ولا اغسلها
وأصلي فيه قال نعم قال معوية تقطعت له قميصا وخطته وقتلت له ازارا من السابري ثم بعثه بها يوم الجمعة حين ارتفع النهار فكأنه عرف ما أريد فخرج بها إلى الجمعة وصحيحة عبيد الله
بن علي الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في ثوب المجوسي فقال يرش بالماء وصحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا عليه السلام الخياط والقصار يكون يهوديا أو نصرانيا وأنت تعلم أنه
يبول ولا يتوضأ ما تقول في عمله قال لا باس أو قول الصادق عليه السلام في حسنة الحلبي إذا احتلم الرجل فأصاب ثوبه منى فليغسل الذي اصابه فان ظن أنه اصابه ولم يستيقن ولم ير مكانه
فلينضحه بالماء وقول أمير المؤمنين عليه السلام ما أدرى أبول أصابني أم ماء إذا لم اعلم وبعض الأخبار الدالة على جواز استعمال أواني المشركين والأخبار الدالة على طهارة الحمامات وسيجيئ في موضعه وغيرها من الاخبار ومما ذكرنا علم أن
قول ابن البراج قوى لكن للتردد في صورة اخبار العدلين طريق فتدبر ويتفرع على القبول النيتية في نجاسة الماء فرعان الأول ان البراج قوى لكن لا يقع التعارض في اناء
واحد بان تشهد إحدى البينتين بعروض النجاسة له في وقت معين ويشهد الأخرى بعدمه لإعادتها النظر إليه في ذلك الوقت والقطع بعدم حصول النجاسة فيه وفى هذه
المسألة أقوال الأول الحاقه بالمشتبه واختاره المصنف في التذكرة والقواعد وقواه الشهيد الثاني على ما نقل عنه الثاني القول بالطهارة إما لترجيح بنية
الطهارة لاعتضادها بالأصل كما هو المحكي عن بعض الأصحاب واما للحكم بتساقط البينتين والرجوع إلى حكم الأصل كما قواه الشهيد في البيان الثالث العمل بنية النجاسة لأنها ناقلة عن حكم
الأصل وبنية الطهارة مقررة والناقل أولي عند التعارض والقول بسقوط البينتين والرجوع إلى حكم الأصل أقوى العموم الأدلة الدالة على الطهارة الا ما خرج بالدليل الثاني ان يتعارضا
في اناءين بان تشهد أحدهما بان النجس هو هذا بعينه وتشهد الأخرى بأنه هو الأخر وفيه أقوال الأول انه ان أمكن الجمع وجب الحكم بنجاسة الماءين
والا فكذلك لأنهما يصيران بذلك كالمشتبه بالنجس واليه ذهب المحقق في المعتبر والمصنف في النهاية الثاني انهما يصيران بذلك كالمشتبه بالنجس فيحكم بنجاستهما واليه ذهب المصنف في التحرير
والشهيد في الذكرى والشيخ على في شرح القواعد وهو المنقول عن الشهيد الثاني في بعض فوائده ولعل حكمهم بالاشتباه مقيد بصورة عدم امكان للجمع فيرجع حاصله إلى
القول الأول الثالث تسقط الشهادتين ويبقى الماء على أصل الطهارة قاله الشيخ في الخلاف الرابع ان أمكن العمل بشهادتهما وجب وان تنافيا اطرح الجميع وحكم بالأصل الطهارة اختاره
المصنف في المختلف وابن إدريس حكم بالنجاسة في صورة امكان الجمع واضطرب في التقدير الأخر فادخله في عموم وجوب القرعة لكل مشكل أولا ثم أخرجه عنه قصرا للقرعة على مواضع مخصوصة
واستبعد ان يكون القرعة طريقا في تمييز الأواني والثياب المشبهة بالنجس وأمثالها ثم ذكر انه لم يتحقق في هذه المسألة نجاسة أحدهما ولا أولوية للعمل بإحدى الشهادتين وانما حصل شك
في نجاسة أحدهما ولا ترجيح بالشك عن اليقين الذي هو الطهارة ثم افتى بعد ذلك كله بنجاسة الاناءين وقبول شهادة الأربعة لان ظاهر الشرع ان شهادتهم صحيحة ولان شهادة الاثبات
لها مزية على شهادة النفي لأنها قد شهدت بأمر زائد قد يخفى على من شهد له بالنفي لأن النفي هو الأصل وشهادة الاثبات ناقلة عنه وزيادة عليه والأقرب على القول لسماع البينة
في النجاسة الأول لنا في صورة امكان الجمع انه لا تعارض بين البينتين فيجب ان يعمل بمقتضى الكل واما في صورة عدم امكان الجمع فنقول الاتفاق حاصل من البينتين على نجاسة
أحد الاناءين والتعارض انما هو في التعيين فنحكم بما لا تعارض فيه ونتوقف في موضع التعارض احتج الشيخ على ما نقل عنه بان الماء على أصل الطهارة وليس على وجوب القبول من الفريقين
ولا من واحد منهما دليل فوجب طرحهما وبقى الماء على حكم الأصل والجواب عنه انه لا مقتضى للاطرح التعارض وهو منفى بالنسبة إلى غير المعين على أنه لا تعارض في صورة مكان
الجمع أصلا ويمكن ان يكون كلام الشيخ ناظر إلى عدم قبول البينة بالنجاسة كما ذهب إليه ابن البراح وفى كلامه في المبسوط ايذان بالتردد في الحكم المذكور ولكن القول بذلك غير معروف عنه
احتج المصنف في المختصر بأنه مع امكان الجمع حصل المقتضى لنجاسة الاناءين فيثبت الحكم وهو امتناع الجمع كل واحدا من الشهادتين تنافى الأخرى يعلم قطعا كذب إحديهما وليس تكذيب
إحديهما أولي من تكذيب الأخرى فيجب طرح شهادتهم للتنافي والرجوع إلى الأصل وهو الطهارة وجوابه يعلم مما ذكرنا من جواب حجة الشيخ واما الايراد على
ما ذكر ابن إدريس فغير خفى بعد التأمل الثالث إذا كان معه إناءان فولغ الكلب في أحدهما واشتبها عليه وأخبره عدل بعين ما ولغ فيه الكلب لا يقبل منه على ما ذكره الشيخ في المبسوط
والخلاف وحكى الشيخ في الخلاف بعد الحكم بذلك عن بعض العامة القبول واستدل برواية سماعة وعمار فإنه أمر بإراقة الاناءين والتيمم ولم يقل الا ان يشهد عدل وأيضا قال علمنا أنه
لا يجوز له استعمالهما باجماع الفرقة وايجاب القبول من العدل يحتاج إلى دليل وهو حسن الرابع رجح في الذكرى الطهارة عند ظن إصابة النجاسة في غير المستند إلى العدلين وحكم
باستحباب الاجتناب بشرط ان يكون الظن ناشيا عن سب ظاهر كشهادة العدل وادمان الخمر الخامس إذا وقع الاشتباه في طهارة الواقع في الماء القليل ونجاسته بنى على أصل الطهارة ولا
139

خلاف يعرف في ذلك ولو وقع سيد مجروح حلال اللحم نجس الميتة في الماء القليل فمات واشتبه استناد موته إلى التذكية أو الماء مع خلو موضع الملاقاة من النجاسة فالأظهر انه من ذلك
القبيل وهو أحد القولين في هذه المسألة اختاره المصنف في بعض كتبه وقواه الفاضل الشيخ على وحكم جمع من الأصحاب منهم المصنف في أكثر كتبه والشهيدان رحمهما الله فنجاسة الماء
وتوقف المحقق لنا أصالة طهارة الماء السالمة عن معارضة اليقين بملاقاة النجاسة فان الشك في استناد الموت إلى الماء يقتضى الشك في النجاسة فتبقى العمومات الدالة
على طهارة الماء سالمة عن المعارض واما الحكم بالتحريم فمبنى على عدم العلم بالتذكية لا على العلم بعدمها احتجوا بان تحريم الصيد حينئذ ثابت بالاجماع وجملة من الاخبار منها صحيحة الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن رجل رمى صيدا وهو على جبل أو حائط فيخرق فيه السهم فيموت فقال كل منه وان وقع في الماء من رميتك فمات فلا تأكل منه والحكم بتحريم اللحم يدل على
عدم تحقق الذكاة وذلك يقتضى الحكم بموته حتف انفه وهو ملزوم للنجاسة والجواب المنع من دلالة حرمة اللحم على عدم تحقق الذكاة بل انما يدل على عدم العلم بتحقق الذكاة فان
مجرد ذلك يكفي علة للتحريم لاشتراط الحل بأمر وجودي هو التذكية وهي غير معلومة فالتحريم مبنى على عدم العلم بحصول شرط الحل فيعمل حينئذ بكل من اصلى طهارة الماء وتحريم اللحم
ومن هنا ظهر اندفاع ما يقال من أن العمل بالأصلين انما يكون مع امكانه وهو منتف ههنا لان طهارة الماء يستلزم عدم نجاسة الصيد المقتضى لعدم موته حتف أنفيه و
وتحريم اللحم يستلزم عدم التذكية المستلزم لموته حتف انفه فالعمل بهما يفضى إلى الجميع بين المتنافيين وذلك لان طهارة الماء لا يستلزم عدم نجاسة الصيد في الواقع
بل يستلزم عدم العلم بنجاسة وكذلك تحريم اللحم لا يستلزم عدم التذكية بل يستلزم عدم العلم بالتذكية فاللازم من المقدمتين عدم العلم بالموت حتف انفه وعدم العلم بعد
الموت حتف انفه ولا تناقض فيه وهو واضح ويستحب تباعد البئر عن البالوعة التي يرمى فيها ماء النزح أو غيره من النجاسات بسبع أذرع إذا كانت الأرض سهلة أي رخوة أو كانت
البالوعة فوقها بان يكون قرارها أعلى من قوله البئر ولا اعتبار بوجه الأرض والا فخمس أذرع المشهور بين الأصحاب استحباب التباعد بين البئر والبالوعة بمقدار خمسة أذرع إن كانت البئر فوق
البالوعة أو كانت الأرض صلته والا فسبع أذرع والمستفاد من عبارة المصنف مخالف للمشهور ولما ذكره في غير هذا الكتاب وصرح جماعة منهم باعتبار الفوقية بالجهة حتى يستوى
القرار ان بناء على أن جهة الشمال أعلى فحكموا بفوقية ما كان في جهة الشمال فعلى هذا يصير أقسام المسألة باعتبار صلابة الأرض ورخاوتها وكون البئر أعلى بحسب القرار أو
أسفل أو مساويا وكونها في جهة المشرق أو المغرب أو الجنوب أو الشمال أربعا وعشرين واستندوا في اعتبار الجهة إلى رواية محمد بن سليمان الديلمي الآتية وهو مشكل إذ لم يعلموا
بها في أصل المسألة وفى رواية قدامة بن أبي زيد الآتية اشعار ما به وخالف ابن الجنيد المشهور واختلف النقل عنه فالمشهور أنه يقول إن كانت الأرض رخوة والبئر تحت البالوعة
فليكن بينهما اثنا عشرة ذراعا وإن كانت صلبة أو كانت البئر فوق البالوعة فليكن بينهما سبع أذرع حكى ذلك عنه المصنف وغيره وحكى صاحب المعالم أنه قال في المختصر لا استحب
الطهارة من بئر تكون بئر النجاسة التي تستقر من أعلاها في مجرى الوادي الا إذا كان بينهما في الأرض الرخوة اثنتا عشرة ذراعا وفى الأرض الصلبة سبعة أذرع فإن كانت تحتها
والنظيفة أعلاها فلا باس وإن كانت محاذيتها في سمت القبلة فإذا كانت بينهما سبعة أذرع تسليما لما رواه ابن يحيى عن سليمان الديلمي عن أبي عبد الله عليه السلام والذي يستفاد من
هذه العبارة انه يرى التقدير بالاثني عشر بشرطين رخاوة الأرض وتحتية البئر ومع انتفاء الشرط الأول سبع وكذا مع استواء القرار إن كانت المحازاة في سمت القبلة بان
يكون أحدهما في جهة المشرق والاخرى في محاذاتها من جهة المغرب وكلامه ناظر إلى اعتبار الفوقية في الجهة فحيث يكون المحاذاة في غير جهة القبلة تكون إحديهما في جهة الشمال فتصير أعلى حجة المشهور رواية الحسن بن
رباط عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن البالوعة يكون فوق البئر قال إذا كانت أسفل من البئر فخمسة أذرع وإذا كانت فوق البئر فسبعة أذرع من كل ناحية وذلك كثير ورواية
قدامة بن أبي زيد الحمار عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته كم أدنى ما يكون بين البئر والبالوعة فقال إن كان سها؟؟؟ أنبع أذرع إن كان جبلا فخمسة أذرع ثم قال يجرى الماء إلى القبلة إلى
يمين ويجرى عن يمين القبلة إلى يسار القبلة ويجرى عن يسار القبلة إلى يمين القبلة ولا يجرى من القبلة إلى يسار القبلة قيل وجه الاحتجاج ان في كل من الروايتين اطلاقا وتقييدا أفيجمع بينهما بحمل المطلق
على المقيد وذلك أن التقدير بالسبع فيهما مطلق فيقيد في الأولى بالرخاوة لدلالة الثانية على الاكتفاء بالخمس مع الجبلية التي هي الصلابة وتقييد في الثانية بعدم فوقية
البئر لدلالة أولي على اجزاء الخمس مع أسفلية البالوعة ولا يخفى ان طريق الجمع غير منحصر فيما ذكر إذ كما يمكن ابقاء التقدير بالخمس في الخبرين على ظاهره وارتكاب التقييد في
التقدير بالسبع كذلك يمكن العكس فيقال التقدير بالخمس في الخبر الأول مقيد بالصلابة لدلالة الثانية على السبع في صورة الرخاوة وتقييد في الثانية بعدم فوقية البالوعة لدلالة
الأولى على السبع في صورة فوقية البالوعة والاحتمالات العقلية في طريق الجمع بين الخبرين أربعة الأول ترجيح التقدير بالخمس فيهما الثاني ترجيح التقدير بالسبع فيهما الثالث
ترجيح الخمس في الأول دون الثاني الرابع عليه والاحتمالان الأخيران غير صحيحتين لاستلزام الأول منهما ان لا يكون للصلابة والرخاوة مدخلا في الحكم أصلا فيوجب طرح الثاني
واستلزام الثاني منهما ان لا يكون للفوقية والتحتية مدخل في الحكم أصلا فيوجب طرح الخبر الأول فيبقى الاحتمالان الأولان ولابد في ترجيح أحدهما على الأخر من دليل ولا يبعد
الاكتفاء في ترجيح الأول بعمل الأصحاب والشهرة بينهم مع اعتضاده بالأصل البراءة والظاهر أن المراد من قوله في الرواية الأولى فسبعة أذرع من كل ناحية انه لا يكفي البعد بهذا المقدار
من جانب واحد من جوانب البئر إذا كان البعد بالنظر إليها متفاوتا وزعم الشارح الفاضل ان الرواية التي هي مستند الحكم فيها ليس ما يدل على حكم التساوي وانه مسكوت عنه
قال واعتبار السبع في المسألة المفروضة مع موافقته المشهور أبلغ في الاستظهار ولا يخفى ان عدم دخول حكم التساوي في مدلول الخبر الأول يوجب دخوله تحت الخبر الثاني سليما
عن المعارض فيعتبر في صورة التساوي السبع عند الرخاوة والخمس عند الصلابة فليست مسكوتا عنه وحجة ابن الجنيد الرواية التي أشار إليها وهي رواية محمد بن سليمان الديلمي
عن أبيه قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن البئر تكون إلى جنبها الكنيف فقال لي ان مجرى العيون كلها من مهب الشمال فإذا كانت البئر النظيفة فوق الشمال والكنيف أسفل منها لم يضرها إذا كان
بينهما أذرع وإن كان الكنيف فوق النظيفة فلا أقل من اثنى عشر ذراعا وإن كانت تجاها بحذاء القبلة وهما مستويان في مهب الشمال فسبعة أذرع وفى دلالتها على مطلوب ابن الجنيد نظر
إما على الوجه الذي اشتهر نقله عنه فظاهر واما على الوجه الذي نقل عنه في المختصر فلانه لا يفصل في صورة فوقيه الكنيف بالرخاوة والصلابة في الرواية دون كلامه وأيضا انه
نقى الباس في صورة علو المطهر وهو ظاهر في عدم اعتبار التقدير هو في الرواية مقيد بان يكون بينهما الزرع وقد يجمع هذه الرواية وبين روايتي المشهور بحمل اطلاق الأذرع في صورة
فوقية البئر على الخمس وتقييد التقدير بالسبع في صورة المحاذاة برخاوة الأرض وتحتية البئر وحمل الزائد على السبع في صورة فوقيته الكنيف على المبالغة في القدر المستحب ولا
يخفى تكلف الحمل الأول وفساد الثاني لان فرض المحاذاة مستفاد من الخبر خصوصا بانضمام المقابلة بصورتي علو كل منهما فكيف يجامع الحمل على تحتية البئر واما الثالث فغير بعيد وقد
يحمل التقدير بالاثنتي عشرة على ما إذا كان علو الكنيف بالقرار والجهة وحمل السبع في الرواية السابقة على ما يكون بالقرار فقط أو بأحدهما وهو غير بعيد ولا يخفى اشتراك الروايات
المتقدمة في ضعف الاسناد وقد وردت رواية أخرى في الحسن عن زرارة ومحمد بن مسلم وأبى بصير قالوا قلنا له البئر يتوضأ منها يجرى البول قريبا منها ينجسها قال فقال إن
كانت البئر في أعلى الوادي فالوادي يجرى فيه البول من تحتها وكان بينهما قدر ثلثة أذرع أو أربعة أذرع لم ينجس ذلك شئ وإن كانت البئر في أسفل الوادي ويمر الماء عليها وكان
بين البئر وبينه تسعة أذرع لم ينجسها وما كان أقل من ذلك لم يتوضأ منه قال زرارة فقلت له فإن كان يجرى بلزقها وكان لا يثبت على الأرض فقال ما لم يكن له قرار فليس به باس وان
استقر منه قليل فإنه لا يثقب الأرض ولا يغوله حتى يبلغ البئر وليس على البئر فيه باس فيتوضأ منه انما ذلك إذا استنقع كله وزاد في الكافي بعد قوله لم ينجس ذلك شئ وإن كان أقل
من ذلك ينجسها وهذه الرواية أجود ما ورد في هذا الباب كما صرح به المحقق بعد حكمه بعدم انفكاك الأخريين عن ضعف حيث قال وأجودها الأخيرة مع أنهم لم يتبينوا العاقل؟؟
140

لكن في ذلك احتياط فلا باس وفيه إشارة إلى ما قد يقال من أن رواتها لم يسندوها إلى الإمام عليه السلام فيجوز ان يكون قولهم قلنا له إشارة إلى بعض العلماء قال بعض الأصحاب ثم قال وهذا الاحتمال
وإن كان مرجوحا الا انه غير ممتع وعندي ان هذا الاحتمال ساقط عن درجة الاعتبار فان القرائن الواضحة شاهدة بان مثل هؤلاء الاجلاء لا يسندون الا إلى الإمام عليه السلام
والتعويل في المسألة على الخبرين الأولين أقرب لاعتضادهما بالشهرة والأصل مخالفة ظاهر الخبر الأخير للقول بعدم انفعال البئر بالملاقاة كما هو التحقيق بل ظاهره متروك عند القائلين
بالانفعال أيضا باتفاقهم على ما حكاه المصنف في المنتهى واعلم أن المشهور ان البئر لا ينجس بالبالوعة وان تقاربتا الا ان يعلم وصول نجاستها إلى الماء بناء على القول بالانفعال أو بتغيره على
ما اخترناه ويدل عليه مضافا إلى العمومات الدالة على طهارة الماء مطلقا أو ماء البئر رواية محمد بن القاسم عن أبي الحسن عليه السلام في البئر بينها وبين الكنيف خمسة وأقل وأكثر يتوضأ
منها قال ليس يكره من قرب ولا بعد يتوضأ منها ويغتسل ما لم يتغير الماء ورواية أبي بصير قال نزلنا في دار فيها بئر إلى جنبها بالوعة ليس بينهما الا نحو من ذراعين فامتنعوا من الوضوء
منها فشق ذلك عليهم فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرناه فقال توضأوا منها فان لتلك البالوعة مجارى تصب في واد ينصب في البحر وحينئذ تعين التأويل في حسنة الفضلاء وقد قيل
الظاهر من سوقها كونها مفروضة في محل يكثر ورود النجاسة عليه ويظن فيه النفوذ وما هذا شانه لا يبعد افضاؤه مع القرب إلى تغير الماء لا سيما إذا طال الزمان فلعل
الحكم بالتنجيس حينئذ ناظر إلى شهادة القرائن بان يكون جريان البول في مثله يفضى إلى حصول التغير في أوصاف الماء أو تقول ان كثرة ورود النجاسة على المحل مع القرب يثمر ظن
الوصول إلى الماء في الجملة بل ربما حصل معه العلم بقرينة الحال وهو موجب للاستقذار ولا ريب في مرجوحية الاستعمال معه قبل النزح فيكون الحكم بالتنجيس والنهى عن الاستعمال
محمولين على غير الحقيقة وهو جائز لضرورة الجمع والحمل الأخير عندي أولي مسألة قال المحقق في المعتبر إذا تغير ماء البئر تغيرا يصلح ان يكون من البالوعة ففي نجاسة تردد لاحتمال ان
يكون لا منها وان بعد والأحوط التطهير لان سبب النجاسة قد وجد فلا يحال على غيره لكن هذا ظاهر لا قاطع والطهارة في الأصل مثبته فلا تزال بالظن وجزم المصنف في المنتهى ببقائه على الطهارة وقواه
الشهيد في الذكرى وهو حسن واسناد؟؟ الحيوان كلها طاهرة عدا الكلب والخنزير والكافر والناصب والسؤر ما يبقى بعد الشرب كما فسره به أهل اللغة والمحقق في المعتبر ولعل المبحوث عنه هنا ماء
قليل باشره فم الحيوان وفسره الشهيد ومن تأخر عنه بماء قليل باشره جسم حيوان وقال ابن إدريس في السرائر السؤر عبارة عما شرب منه الحيوان لو باشره بجسمه من المياه وسائر المائعات
والسور تابع للحيوان في النجاسة وقد وقع الخلاف في مواضع باعتبار الخلاف في النجاسة الأول سور اليهود والنصارى فحكى المحقق عن المفيد قولين أحدهما النجاسة ذكره في أكثر كتبه والاخر
الكراهة ذكره في الرسالة الغرية وهو المنقول عن ظاهر ابن الجنيد الثاني سؤر المجسمة والمجبرة فذهب الشيخ في بعض كتبه إلى نجاسة وخالفه في المجسمة بعض الأصحاب ووافقه بعض وخالفه الأكثر
في المجبرة الثالث سؤر من لم يعتقد الحق غير المستضعف فقال ابن إدريس بنجاسته ونقل بعض الأصحاب عن المرتضى القول بنجاسة غير المؤمن وهو يقتضى نجاسة سؤره والباقون على خلاف
ذلك الرابع سوء ولد الزنا فالمحكى عن المرتضى القول بنجاسة لأنه كافر وينسب القول بكفره إلى ابن إدريس أيضا وربما نسب إلى الصدوق أيضا القول بنجاسة سؤره لكن كلامه ليس بصريح فيه الخامس
سؤر ما عد الخنزير من أنواع المسوخ فذهب الشيخ إلى نجاستها فينجس سؤرها وهو المحكي عن ابن الجنيد وابن حمزة والأكثر على خلافه وحوالة تحقيق هذه المسائل إلى مباحث النجاسات
أولي ثم في تبعية السؤر للحيوان في الطهارة خلاف فذهب أكثر الأصحاب كالفاضلين والشهيدين وجمهور المتأخرين إلى طهارة سؤر كل حيوان طاهر وهو المحكي عن المرتضى في المصباح والشيخ في
الخلاف واختاره في النهاية لكنه استثنى فيها سؤر ما اكل الجيف من الطير وعن المرتضى وابن الجنيد استثناء الجلال وظاهر الشيخ في التهذيب المنع من سؤر ما لا يؤكل لحمه وكذا في الاستبصار
لكن استثنى فيه سور الفارة ونحو الباري والصقر من الطيور وذهب الشيخ في المبسوط إلى أن سؤر ما لا يؤكل لحمه من الحيوان الذي في الحضر غير الطير لا يجوز استعماله الا ما لا يمكن التحرز منه كالهرة
والفأرة والحية وغير ذلك والأقرب مختار الأكثر للعمومات الدالة على طهارة المياه الا ما خرج بالدليل وللاخبار الكثيرة الواردة بطهارة كثير مما وقع النزاع فيه كصحيحة الفضل أبى
العباس قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن فضل الهرة والشاة والبقرة والإبل والحمار والخيل والبغال والوحش والسباع فلم اترك شيئا الا سألته عنه فقال لا بأس به حتى انتهيت إلى
الكلب فقال رجس نجس لا توضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الكلب يشرب من الاناء قال اغسل
الاناء وعن السنور قال لا باس ان يتوضأ من فضلها انما هي من السباع ورواية معوية بن شريح قال سئل عذافر أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده عن سؤر السنور والشاة والبقرة والبعير
والحمار والفرس والبغل والباع تشرب منه أو تتوضأ منه فقال نعم اشرب منه وتوضأ قال قلت له الكلب قال لا قلت أليس هو سبع قال لا وانه نجس ورواية معوية بن ميسرة
عن أبي عبد الله عليه السلام وذكر مثله وصحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال في كتاب علي عليه السلام ان الهر سبع ولا باس بسؤره وانى لاستحيى من الله ان ادع طعاما لان الهرة اكل منه ورواية أبى الصباح
عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان علي عليه السلام يقول لا تدع فضل السنور ان تتوضأ منه انما هي سبع وصحيحة معوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الهرة انها من أهل البيت وتتوضأ من سؤرها
وصحيحة أبى مريم الأنصاري عن أبي جعفر عليه السلام قال في كتاب علي عليه السلام لا امتنع من طعام طعم منه السنور ولا من شراب شرب منه السنور وصحيحة جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن سور الدواب
والغنم والبقر أيتوضأ منه ويشرب قال لا باس وموثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عما يشرب منه بازا وصقر أو عقاب فقال كل شئ من الطير يتوضأ مما يشرب منه
الا ان ترى في منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب ورواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ان أبا جعفر كان يقول لا باس بسؤر والفأرة إذا
شربت من الاناء ان يشرب منه ويتوضأ منه وبهاتين الروايتين احتج الشيخ في الاستبصار للاستثناء الذي حكيناه واحتج للمنع من سؤر غير المأكول بما رواه عن عمار بن موسى
عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عما يشرب منه الحمام فقال كل ما يؤكل لحمه يتوضأ من سؤره ويشرب وجوابه ان دلالة مفهوم معارض بما هو أقوى منه فتكون متروكة وأجاب عنه في المختصر
بوجه آخر ملخصه انا لو سلمنا كون المفهوم حجة يكفي في دلالته مخالفة المسكوت عنه للمنطوق في الحكم الثابت للمنطوق والحكم الثابت للمنطوق الوضوء بسور ما لا يؤكل لحمه ومخالفة
المسكوت عنه للمنطوق لا يقتضى ان يكون كل ما يؤكل لحمه على خلاف ذلك بل يجوز انقسامه إلى ما يجوز الوضوء منه وما لا يجوز كالكلب والخنزير فان الانقسام حكم مخالف لاحد القسمين
والصواب ان يجعل هذا الايراد قدحا في اعتبار المفهوم ههنا بان يقال يجوز ان يكون التخصيص بالوصف المذكور بناء على عدم ثبوت الحكم بدونه كلية إذ لا يصلح هذا ايرادا بعد
تسليم دلالة المفهوم لأن الظاهر أن من اعتبر المفهوم اعتبر نفى الحكم عن جميع افراد المورد التي قيد بالوصف عند انتفاء الوصف فتدبر ثم لا يخفى ان مقتضى الاخبار المتضمنة لنفى الباس
عن سؤر الهرة وغيرها من السباع طهارتها بمجرد زوال العين لأنها لا تكاد تنفك عن النجاسات خصوصا الهرة فان العلم بمباشرتها للنجاسة متحقق في أكثر الأوقات وقد نفى منها الباس
عن سورها مطلقا ولولا ما ذكرناه للزم صرف اللفظ إلى افراد النادرة بل تأخير البيان عن وقت الجاجة وبالجملة الظاهر أن زوال العين كاف في طهارة الحيوان سواء غابت أم لا وبه صرح
المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والتذكرة فإنهما قالا إن الهرة لو اكلت ميتا ثم شربت من الماء القليل لم ينجس بذلك سواء غابت أو لم تغب ومثله قال الشيخ في الخلاف وحكى عن بعض العامة
أنه قال إن شربت قبل ان تغيب عن العين لا يجوز الوضوء به ثم استدل باجماع الفرقة على طهارة سور الهر وعدم فصلهم وقال المصنف في النهاية لو تنجس فم الهرة بسبب كأكل فأرة وشبهه
ثم ولغت في ماء قليل ونحن نتيقن نجاسة فمها فالأقوى النجاسة لأنه ماء قليل لاقي نجاسة والاحتراز تعسر عن مطلق الولوغ الا عن الولوغ بعد تيقن نجاسة الفم ولو غابت عن العين واحتمل
ولوغها في ماء كثير أو جار لم ينجس لان الاناء المعلوم الطهارة فلا يحكم بنجاسة بالشك ويظهر منه الميل إلى عدم الاكتفاء بزوال العين بل يحتاج إلى التطهير الشرعي وعلى ذلك التقدير
فالاكتفاء بمجرد الاحتمال بناء على أصل الاستصحاب كما هو مذهب المصنف لا يخلو عن اشكال نعم ان لم نقل بالاستصحاب كان القول بالطهارة متجها لعموم موثقة عمار السابقة مراد المعتضدة بالأصل
السالم عن المعارض هذا حكم غير الآدمي واما الآدمي فقد قيل إنه يحكم بطهارته لعينيته زمانا يمكن فيه إزالة النجاسة بشرط علمه بالنجاسة وأهليته للإزالة بكونه مكفا عالما بوجوب الإزالة
141

أو استحبابها وقيل لا يحكم بالطهارة الا بتلبسه بما يشترط فيه الطهارة وعن بعضهم القول بانا نحكم بطهارته لعينيته زمانا يمكن فيه إزالة النجاسة وأطلق ولعل مراده الاشتراط بالعلم وأهلية الإزالة
والمستعمل في رفع الحدث طاهر مطهر الماء القليل المستعمل في رفع الحدث الأصغر طاهر مطهر لا نعلم فيه خلافا بين الأصحاب وحكى المصنف اجماعهم عليه وقال المحقق في المعتبر انه مذهب فقهائنا
وان لم يعلم فيه خلافا والدليل على طهارته العمومات الدالة على طهارة المياه الا ما خرج بالدليل وعلى كونه مطهرا العمومات الدالة على كون الماء مطهرا مطلقا لا ما خرج بالدليل
والعمومات الدالة على جواز استعمال الماء المطلق في إزالة الخبث ورفع الحدث وتؤيده رواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بان يتوضأ بالماء المستعمل إلى أن قال
واما الذي يتوضأ الرجل فيغسل به وجهه ويده في شئ نظيف فلا باس ان يأخذ غيره ويتوضأ به ورواية زرارة عن أحدهما عليهما السلام قال كان النبي صلى الله عليه وآله إذا توضأ اخذ ما يسقط من وضوئه
فيتوضأون به والمستعمل في رفع الأكبر أيضا ظاهر باجماع الأصحاب على ما حكاه المصنف والمحقق وابن إدريس واحتجوا مع ذلك بان التنجيس مستفاد من دلالة الشرع وحيث
فلا تنجيس وتدل عليه العمومات الدالة على طهارة المياه الا ما خرج بالدليل وتدل عليه أيضا صحيحة الفضيل الآتية وغيرها من الاخبار وفى جواز رفع الحدث به ثانيا خلاف
بين الأصحاب فمنعه الصدوقان والشيخان ونسبه في الخلاف إلى أكثر أصحابنا واستوجهه المحقق في المعتبر للتفصي من الاختلاف والاخذ بالاحتياط وذهب المرتضى وابن زهرة
وابن إدريس إلى الجواز وعليه كثير من المتأخرين كالفاضلين والشهيدين وهو أقرب لنا حصول الامتثال في الأوامر الدالة على الوضوء والغسل ولاشتراط التيمم بعدم وجدان
الماء في الآية وللعمومات الدالة على طهورية الماء مطلقا الا ما خرج بالدليل ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أبي الحسن الأول عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيب الماء في ساقيه
أو مستنقح أو يغتسل منه للجنابة أو يتوضأ منه للصلاة إذا كان لا يجد غيره والماء لا يبلغ صاعا للجنابة ولا مدا للوضوء وهو متفرق فكيف يصنع به وهو يتخوف ان يكون السباع
قد شربت منه قال إذا كانت يده نظيفة فليأخذ إلى أن قال فإن كان في مكان واحد وهو قليل لا يكفيه لغسل فلا عليه ان يغتسل ويرجع الماء فيه فان ذلك يجزيه وبعضهم استشهد على
المطلوب بصحيحة الفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام قال في الرجل الجنب يغتسل فيتضح من الماء في الاناء فقال لا باس ما جعل عليكم في الدين من حرج وفى هذا الاستشهاد ضعف كما ستعلم
احتج المانعون برواية عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجنابة لا يتوضأ به وأشباهه ورواية حمزة بن أحمد عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته أو سأله غيري من الحمام
فقال ادخله بمئز وغض بصرك ولا تغتسل من البئر التي يجتمع فيها ماء الحمام فإنه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم وصحيحة محمد بن مسلم عن
أحدهما عليهما السلام قال سألته عن ماء الحمام فقال ادخله بازار ولا تغتسل من ماء اخر الا ان يكون فيه جنب إذ تكثير أهله فلا يدرى فيهم جنب أم لا وبان ما لا قطع بجواز استعماله لا يتيقن معه
رفع الحدث والأصل يقتضى بقاءه والجواب إما عن الروايتين الأوليين فبضعف سندهما فلتحملا على الغالب من عدم خلو بدن المجنب عن النجاسة أو على الاستحباب واما عن الرواية
الأخيرة فإنها قاصر عن الدلالة ومقتضاها إباحة الاغتسال بغير ماء الحمام إذا كان فيه جنب لا الامر بذلك سلمنا لكن حملها على ظاهرها يوجب الاجتناب عند الشك بوجود الجنب وهو
خلاف الاجماع وأيضا عموم ماء الحمام بالنسبة إلى الكثير يوجب العدول عن ظاهرها وليس الحمل على الاستحباب
أبعد من تأويل اخر فلتحمل عليه وأيضا هذا الحمل طريق للجمع بينه وبين ما دل على عدم انفعال ماء الحماء بقول مطلق لصحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الحمام فيه الجنب وغيره اغتسل
من مائه قال نعم لا باس ان يغتسل منه الجنب الحديث وليس هذا الحمل أبعد من التخصيص واما عن الاستدلال الأخير فبان الأدلة التي ذكرناها دالة على جواز استعماله فلا يبقى شك
في حصول الامتثال بناء على حجية الظواهر فروع الأول حكى المصنف في المنتهى وولده في الشرح اجماع الأصحاب على جواز استعمال المستعمل في رفع الحدث الأكبر في إزالة النجاسة وهو
مقتضى الأدلة العامة وقد يظن وقوع الخلاف فيه بناء على أن الشهيد رحمه الله في الذكرى قال بعد أن نقل عن الشيخ والمصنف الجواز وقيل لا لان قوته استوفيت وقد يقال إنه غير صريح
في ذلك لجواز ان يكون القائل من العامة وهو أحد قولي الشافعي كما نقل المصنف في التذكرة لكن ذلك خلاف الظاهر الثاني موضع الخلاف ما إذا كان بدن المغتسل خاليا من نجاسة عينية فلو
كان البدن متنجسا كان حكم المتساقط حكم المستعمل في إزالة الخبث الثالث المستعمل في الأغسال المندوبة باق على تطهيره كالمستعمل في الوضوء ونفى الشيخ الخلاف فيه بين الأصحاب في
الخلاف واحتمل الشهيد في الذكرى الحاق مستعمل الصبى بها بناء على عدم ارتفاع حدثه ولهذا يجب عليه الغسل عند بلوغه الرابع إذا وجب الغسل من حدث مشكوك فيه كمن
تيقن الجنابة والغسل وشك في السابق فهل يصير الماء به مستعملا استشكله المصنف في النهاية والمنتهى من حيث إنه في الأصل مطهر ولم يعلم وجود ما يزيل عنه لعدم العلم بالحدث
ومن حيث إنه اغتسل من الحدث وذلك معلوم وان لم يكن الحدث معلوما وانه أزال مانعا من الصلاة فانتقل المنع إليه كالمتيقن ولا يبعد ترجيح الأول الخامس قال في الذكرى
يصير الماء مستعملا بانفصاله عن البدن فلو نوى المرتمس في القليل بعد تمام الارتماس ارتفع حدثه وصار مستعملا بالنسبة إلى غيره وان لم يخرج واستشكل بان اطلاق الحكم صيرورته مستعملا قبل الخروج ينافي الحكم بان الاستعمال
يتحقق بانفصاله عن البدن فان مقتضى ذلك توقف الاستعمال على خروجه أو انتقاله تحت الماء إلى محل اخر ولعله انما اعتبر الانفصال عن البدن بالنظر إلى نفس المغتسل
دون غيره كما هو الظاهر إذ لولا ذلك لوجب افراد كل موضع من البدن بماء جديد والاخبار ناطقة بخلافه والبدن كله في الارتماس بمنزلة عضو واحد واما بالنسبة إلى غير
المغتسل فالظاهر صدق الاستعمال بمجرد إصابة الماء للمحل المغسول بنية الغسل ويحصل ذلك بمجرد النية والارتماس من غير توقف على الخروج أو الانتقال وتظهر الفائدة
بالنظر إلى المغتسل فيما لو تبين له بقاء لمعة من بدنه كان نجس بساتر لها قبل خروجه من الماء أو انتقاله فيه ولم نقل بفساد الغسل حينئذ بل اكتفينا بغسلها إما مطلقا أو مع صدق
الوحدة فان قلنا بتوقف صدق الاستعمال بالنسبة إليه على الانفصال اجزاءه غسلها من ذلك الماء والا فلا والمصنف في النهاية عكس ذلك فجزم بكونه مستعملا بالنسبة إليه بدون
الانفصال وان لم يخرج وتردد في الحكم بالنظر إلى غيره وحكم في المنتهى بصيرورته مستعملا بالنسبة إليهما قبل الانفصالة ولو غاص جنبان في الماء أو نويا دفعة بعد الارتماس
ارتفع حدثهما ولو اتفق بقاء لمعة من أحدهما فالظاهر تفريعا على القول بالمنع عدم اجزاء غسلها من ذلك السادس قال المصنف في النهاية نوى قبل تمام الانغماس إما في أول
الملاقاة أو بعد غمس بعض البدن احتمل ان لا يصير مستعملا كما لو ورد الماء على البدن فإنه لا يحكم بكونه مستعملا بأول الملاقاة لاختصاصه بقوة الورود وللحاجة إلى رفع الحدث
وغير عسر افراد كل عضو بماء جديد وهذا المعنى موجود سواء كان الماء وازداد وهو وما احتمله هو الأقرب واستقربه في المنتهى ووجه ظهر مما ذكرنا السابع قال في المنتهى لو اغتسل
من الجنابة وبقيت في العضو لمعة لم يصبها الماء فصرف الميل الذي على العضو إلى تلك اللمعة حاز على ما اخترنا يعنى عدم المنع من المستعمل وليس للشيخ فيه نص والذي ينبغي
ان يقال على مذهبه عدم الجواز في الجناية فإنه لم يشترط في المستعمل الانفصال والشيخ وان لم يصرح بالاشتراط كما ذكره لكن الظاهر أنه مراده والا يلزم عدم الاجتزاء باجراء
الماء من عضو إلى اخر ويذهب إليه أحد لو غسل رأسه خارجا ثم ادخل يده في القليل فالظاهر أنه ان قصد غسلها صار الماء بعد اخراجها مستعملا وإن كان ادخلها لاخذ الماء لم يتحقق
الاستعمال واستقربه المصنف في المنتهى وظاهر النهاية التوقف فيه الثامن قال المصنف لو غسل مرتبا فتساقط الماء من رأسه أو من جانبه الأيمن عليه صار مستعملا وليس له استعمال الباقي
على قول الشيخ وفيه تأمل لان من جملة المانعين من استعمال المستعمل الصدوق وقد قال في الفقيه وان اغتسل الجنب فنزل الماء من الأرض فوقع في الاناء أو سال من بدنه في الاناء
فلا باس به وما ذكر بنصوص في عدة اخبار منها صحيحة الفضل السابقة ورواية شهاب بن عبد ربه عبد الله عليه السلام أنه قال في الجنب يغتسل فيقطر الماء من جسده في الاناء
وينتضح الماء من الأرض فيصير في الاناء وانه لا باس بهذا كله وقوله عليه السلام في رواية سماعة فما انتضح من مائه في انائه بعدما وصفت وصنعت فلا باس والشيخ اورد جملة من تلك الأخبار
في التهذيب ولم يتعرض لها بتأويل أو رد أو بيان معارض مع تصريح فيه بالمنع من المستعمل وفيه اشعار بعدم صدق الاستعمال به عنده أيضا التاسع إذا جمع الماء
142

المستعمل فبلغ كرا فصاعدا قال الشيخ في المبسوط يزول عنه حكم المنع واختاره المصنف في المنتهى تفريعا على القول بالمنع وقال المحقق لا يزول وتردد الشيخ في الخلاف والأقرب مختار المحقق على
القول بالمنع لنا ان ثبوت المنع معلوم شرعا فيقف ارتفاعه على وجود الدلالة وهي؟؟؟؟ قال المحقق وما يدعى من قول الأئمة عليهم السلام إذا بلغ الماء كرا لم يحمل خبثا لم نعرفه ولا نقلناه
عنهم ونحن نطالب المدعى فقل هذا اللفظ بالاسناد إليهم واستند المصنف والشيخ في الخلاف إلى وجوه ضعيفة في رفع الخبث نجس سواء تغير بالنجاسة أم لا اختلف الأصحاب في نجاسة القليل
المستعمل في إزالة الخبث إذا لم يتغير بالنجاسة فقال الشيخ في المبسوط انه نجس وقال في الناس من قال لا ينجس إذا لم يغلب النجاسة على أحد أوصافه وهو قوى والأول أحوط وقال أيضا في المبسوط لا يجب
غسل الثوب بما يصيبه من الماء الذي يغسل به اناء الولوغ سواء كان من الغسلة الأولى والثانية وان قلنا إنه يغسل من الغسلة الأولى كان أحوط وقال فيه وإذا ترك تحت الثوب النجس
إجانة وصب عليه الماء وجرى الماء في الإجانة لا يجوز استعماله لأنه نجس وظاهر الشهيد في الذكرى والشارح الفاضل في الشرح القول بعدم نجاسة وهو المنقول عن الشيخ على في بعض فوائده
قيل ويغرى إلى جماعة من مقتدى الأصحاب المصير إليه وذهب المرتضى وابن إدريس إلى عدم نجاسة إذا ورد على المحل وذهب الفاضلان وجماعة من المتأخرين منهم الشهيدان في بعض كتبهما إلى نجاسة
واختلف كلام الشيخ في الخلاف فحكم بنجاسة الأولى من غسالة الثوب دون الثانية وبطهارة غسالة الاناء من ولوغ الكلب مطلقا احتج القائلون بالتنجيس بأنه ماء قليل لا في نجاسة فينجس
وبما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال الماء الذي يغسل به الثوب أو يغتسل به من الجنابة لا يتوضأ به وأشباهه وبما رواه العيص بن القاسم قال سألته عن رجل اصابته قطرة
من طست فيه وضوء قال إن كان من بول أو قذر فيغسل ما أصاب وفيهما نظر إما الأول فلمنع كلبة كبراه فان احتجوا بمفهوم الشرط في قوله عليه السلام إذا بلغ الماء كرا لم ينجسه شئ قلنا الحكم لمعلق
على الشرط في المنطوق هو نفى الانفعال بشئ من النجاسات على سبيل العموم على ما هو شأن النكرة الواقعة في سياق النفي فيكون مفهومه على تقدير موته ثبوت الانفعال عن بعض النجاسات
لغير محل النطق فلا عموم هذا مع قطع النظر عن منع عموم نفى الحكم في جميع المياه وعلى كل حال كما سبق إليه الإشارة وقد مر ان اثبات عموم انفعال القليل بالملاقاة انما يتم
بانضمام الاجماع المركب فلا يجزى في موضع النزاع واما الثاني فلانه أعم من المدعى فان النهى عن الوضوء أعم من النجاسة ثم في عطف الجناية عليه اشعار بذلك وأيضا عموم الماء
الذي يغسل به الثوب بالنسبة إلى القليل والكثير وعموم الثوب بالنسبة إلى الطاهر وغيره يقتضى اخراج الكلام عن ظاهره وليس الحمل على الاستحباب أبعد من التخصيص هذا كله مع
ضعف سند الرواية واما الثالث فلضعف سندها وقصور دلالة ولم اطلع عليه في كتب الحديث المشهورة وانما اوردها الشيخ والمحقق والمصنف في الخلاف والمعتبر والمنتهى مرسلة
مع اعتراف المحقق بضعفه وقال الشهيد انه مقطوع فالتمسك بمثله مشكل احتج السند المرتضى على ما نقل عنه بانا لو حكمنا بنجاسة الماء القليل الوارد على النجاسة لادى
ذلك إلى أن الثوب لا يطهر من النجاسة الا بايراد كر من الماء عليه والتالي بط؟؟ فالمقدم مثله بيان الشرطية ان الملاقى للثوب ماء قليل فلو نجس حال الملاقاة لم يطهر الثوب لان
النجس لا يطهر غيره وأجاب عنه في المختلف بالمنع من الملازمة قال فانا نحكم بتطهير الثوب والنجاسة في الماء بعد انفصاله عن المحل وفيه نظر لان المقتضى للنجاسة انما هو ملاقاة الماء للنجاسة فإذا لم تحصل النجاسة
عند الملاقاة وحصلت بعدها يلزم تخلف المغلول عن العلة الموجبة ووجوده بدونها وهو باطل نعم يمكن ان يقال لا منافاة بين طهارة الثوب المغسول
وما يتصل به من الماء ونجاسة الماء المنفصل إذا اقتضت الأدلة ذلك لكن الشأن في اثباته احتج الشيخ في الخلاف على نجاسة الغسلة الأولى في غسل الثوب بأنه ماء قليل ومعلوم حصول
النجاسة فيه فوجب ان تحكم بنجاسة وبرواية العيص بن القاسم السابقة وعلى طهارة الثانية بان الماء على أصل الطهارة ونجاسة يحتاج إلى دليل واحتج على طهارة
غسالة اناء الولوغ بان الحكم بالنجاسة يحتاج إلى دليل وليس في الشرح ما يدل عليه قال أيضا فلو حكمنا بنجاسة لما طهر الاناء ابدا لأنه كلما اغسل فما تبقى فيه
من التدافع ويكون نجسا فإذا طرح فيه ماء اخر نجس أيضا وذلك يؤدى إلى أن لا يطهر ابدا ولا يخفى ما فيه من الاختلال والتدافع والأقرب طهارة الغسالة إذا اورد الماء
على النجاسة لعموم أدلة طهارة الماء السالمة عن معارضة ما دل على انفعال القليل بالملاقاة وأما إذا ورد النجاسة على الماء فالمستفاد من بعض الأخبار الدالة على
انفعال القليل بالملاقاة نجاسة لكنه مختص ببعض المواد فان ثبت الاجماع على عدم النفي كان الحكم منسحبا في الكل والا فلا
عن جماعة من الأصحاب التصريح بان من قال بطهارة الغسالة اعتبر فيها ورود الماء على النجاسة لكن لا يخفى انه لا تقييد بذلك في كلام بعضهم بل ظاهره العموم ومن ذلك عبارة الشهيد
143

فإنه مال إلى الطهارة مطلقا واستوجه عدم اعتبار الورود في التطهير وينبغي التنبيه على أمور الأول إذا قلنا بالتنجيس فالظاهر عدم الحاق نجاسة الماء نجاسة المحل في الحكم بل يكفي في التطهر الغسل
واحدة وهو اختيار صاحب المعالم ونقله عن بعض مشايخه المعاصرين له ويحكى عن الأصحاب ههنا أقوال أخر منها ان الغسالة كالمحل قبل الغسل مطلقا ومنها انها كالمحل قبل تلك
الغسلة فيجب غسل ما اصابه ماء الغسلة الأولى مرتين والثانية مرة وينتسب إلى الشهيد ومن تأخر عنه ومنها انها كالمحل بعد تلك الغسلة وهو اختيار الشيخ في الخلاف ولم اطلع على وجه صحيح لذلك
الأقوال وعلى كل تقدير فلا ريب في أن الماء الوارد على المحل بعد الحكم بطهارته طاهر ونقل عن الشهيد في حاشية الألفية انه حكى عن بعض الأصحاب القول بنجاسة وان ترامى لا إلى
نهاية محتجا بأنه ماء قليل لاقي نجاسة وبيانه ان طهارة المحل بالقليل خلاف الأصل المقرر من نجاسة القليل بالملاقاة فيقصر فيه على موضع الحاجة وهو المحل دون الماء وفيه ضعف
ظاهر الثاني نقل المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى الاجماع على أن هذا الماء وان قيل بطهارته لا يرتفع به الحدث وكذا غيره مما تزال به النجاسة واحتجا مع الاجماع برواية عبد الله بن سنان
السالفة ورجما قيل ظاهر كلام الشهيد في الدروس ان بجواز رفع الحدث به قائلا حيث عدد في الأحوال عند حكاية الخلاف فيه القول بأنه كرافع الأكبر والقول بطهارته إذا ورد على
النجاسة وجعلهما قولين ويمكن ان يقال المقابلة بين القولين بناء على أن الأول إشارة إلى القول بالطهارة وان لم يكن واردا على النجاسة لكن ذلك ينافي ما قال جماعة منهم من أن
القائلين بالطهارة اشترطوا فيها ورود الماء على النجاسة وعلى كل تقدير فما نقله الفاضلان هو المعتمد الثالث قال المصنف في المنتهى إذا غسل الثوب من البول في إجانة بان يصب عليه
الماء فسد الماء وخرج من الثانية طاهرا لم تحدت الآنية في الغسلتين لو تعددت واحتج بطهارة الثوب بوجهين أحدهما انه قد حصل الامتثال يغسله مرتين فيكون طاهر والا لم
يدل الامر على الأجزاء الثاني ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار
فمرة وقد يستشكل حكمه بطهارة الثوب مع الحكم بفساد الماء المجتمع تحته في الإجانة سيما بعد حكمه بنجاسة الماء بانفصاله عن المحل المغسول فان الماء بعد انفصاله عن المحل المغسول يلاقيه في الآنية فيلزم
تنجيسه وقد يتكلف في حل الاشكال بان المراد بالانفصال خروجه عن الثوب أو الاناء المغسول فيه تنزيلا للاتصال الحاصل باعتبار الاناء ومنزلة ما يكون في نفس المغسول للحديث المذكور
ولا يخفى ابن بناء الخبر على طهارة الغسالة أولي من ارتكاب هذا التكلف فان ذلك انما يصح إذا ثبت دليل واضح على نجاسته الغسالة وقد عرفت انتفاءه الرابع محل الخلاف الماء الذي لم يتغير
بالنجاسة عند الاستعمال فلو تغير بها نجس اجماعا والمعتبر من التغيير هو الحاصل في أحد أوصافه الثلاثة واستقرب المصنف في النهاية زيادة الوزن فيه مجرى التغيير وهو بعيد والموافق
له غير معلوم وبالجملة هو مطالب بالدليل الإماء الاستنجاء فإنه ظاهر ما لم يتغير بالنجاسة أو يقع على نجاسة خارجة استثنى الأصحاب من الغسالة ماء الاستنجاء من الحدثين فحكموا بعدم وجوب
الاجتناب عنه بلا خلاف بينهم لما في ذلك من الحرج والعسر المنفى ولصحيحة عبد الكريم بن عتبة الهاشمي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقع ثوبه على الماء الذي استنحى به أينجس ذلك
ثوبه قال لا وحسنة محمد بن النعمان الأحول في الحسن قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اخرج من الخلاء فاستنجى بالماء فيقع ثوبي في ذلك الذي استنجيت به فقال لا باس به ورواية محمد بن النعمان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له استنجى يقع ثوبي فيه وانا جنب فقال لا باس به واشترط في طهارته عدم تغيره بالنجاسة وعدم وقوعه على نجاسة خارجة عن المحل ويشترط أيضا
عدم كون الخارج من المخرج غير الحدثين لعدم صدق الاستنجاء معه واشترط جماعة من الأصحاب ان لا يخالط نجاسة الحدثين نجاسة أخرى وان لا ينفصل مع الماء اجزاء متمايزة لأنها كالنجاسة
الخارجة ينجس بها الماء بعد مفارقة المحل واشتراطهما أحوط وإن كان للتوقف فيه مجال لعموم النص وقال في الذكرى إذا زاد وزنه اجتنب وهذا أيضا هي قول المصنف في النهاية في مطلق
الغسالة وظاهر هذا الكلام ان زيادة الوزن سبب لوجوب الاجتناب وقد حكى عنه انه جعل عدم زيادة الوزن شرطا للعفو عنه وظاهر هذا توقف العفو على العلم بعدم الزيادة
وهو بعيد لا يليق ان ينسب بماله واما الأول وإن كان محتملا لكن لا دليل عليه فينفيه اطلاق النصوص ومقتضى اطلاق النص وكلام الأصحاب عدم الفرق بين المخرجين والا بين
الطبيعي وغيره ولا بين التعدي وغيره الا ان يتفاحش على وجه لا يصدق على ازالته اسم الاستنجاء ولا فرق بين سبق الماء اليد ولا بين سبقها إياه ويكسب إلى بعضهم اشتراط سبقه
143

؟؟ وهو ضعيف لان وصول النجاسة إليها لازم على كل حال نعم إذا لم يكن اتصال النجاسة إليها من حيث جعلها آلة للغسل بل لغرض اخر كان في قوة النجاسة الخارجية وهل الرخصة في ماء الاستنجاء على
سبيل العفو أو مبنى على طهارته الظاهر الثاني العمومات الدالة عليه ولحصول الامتثال في رفع النجاسات به مضافا إلى عدم العموم فيما دل على انفعال القليل بالملاقاة واليه ذهب الشيخان قيل و
نقل عليه الاجماع هو الأول منقول عن السيد المرتضى وفى كلام المحقق في المعتبر اجمال فيمكن ان يحمل على
كلا القولين لكن ظاهره اختيار الثاني ونسب إليه الشارح الفاضل اختيار الأول
ولا وجه له واعجب من ذلك أن الشهيد في الذكرى حكى عنه في المعتبر أنه قال ليس في الاستنجاء تصريح بالطهارة وانما هو العفو وتبعه الفاضل الشيخ على وهو وهم لأنه حكى عن الشيخين القول
بالطهارة ثم نقل عبارة المرتضى وقال كلامه صريح في العفو وليس بصريح في الطهارة واعلم أن ثمرة هذا الخلاف انما يظهر في استعماله ثانيا في إزالة الخبث أو في التناول واما رفع الحدث
به وبأمثاله فقد سبق نقل الاجماع على منعه والكل متفقون على عدم نجاسة ما يلاقيه غسالة والحمام نجسة ما لم يعلم خلوها من النجاسة اختلف الأصحاب في غسالة الحمام فقال الصدوق لا يجوز
التطهير بغسالة الحمام لأنه يجتمع فيه غسالة اليهودي والمجوسي والمبغض لآل محمد صلى الله عليه وآله وهو شرهم وقريب منه كلام أبيه على ما نقل عنه وقال الشيخ في النهاية وغسالة الحمام لا يجوز استعمالها
على حال وادعى ابن إدريس الاجماع على ذلك ووجود الاخبار المعتمدة حيث قال وغسالة الحمام وهو المستنقع الذي يسمى الجية لا يجوز استعمالها على حال تركه وهذا اجماع وقد وردت به
عن الأئمة عليهم السلام اثار معتمدة قد أجمع الأصحاب عليها لا أحد خالف فيها وقال المحقق لا يغتسل بغسالة الحمام الا ان يعلم خلوها من النجاسة ومثله كلام المصنف في القواعد والشهيد في البيان
وليس في هذه العبادات تصريح بالنجاسة بل مقتضاها عدم جواز الاستعمال بل الظاهر أن بن بابويه قائل بطهارتها لأنه نقل الرواية الدالة على نفى الباس إذا أصابت الثوب
والمصنف صرف في هذا الكتاب بالنجاسة قيل وربما تبعه بعض من تأخر واستقرب في المنتهى الطهارة ويغرى هذا القول إلى غيره من الأصحاب قال الشارح الفاضل وهو الظاهر أن
لم يثبت الاجماع على خلافه واختار الفاضل الشيخ على انها عند الشك في نجاستها على الحكم الثابت لها قبل الاستعمال وظاهر التعليل المذكور في كلام الصدوقين انهما لا يقولان
بالمنع مطلقا وهو ظاهر المعتبر والذي ورد في هذا الباب روايات ثلث الأولى رواية حمزة بن أحمد عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته أو سال غيري عن الحمام فقال ادخله بمئزر وغض بصرك و
لا تغسل من البئر الذي يجتمع فيها ماء الحمام فإنه يسيل فيها ما يغتسل به الجنب وولد الزنا والناصب لنا أهل البيت وهو شرهم الثانية رواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تغتسل
من البئر الذي يجتمع فيها (غسالة الحمام وان فيها غسالة ولد الزنا وهو لا يطهر إلى ستة اباء وفيها غسالة الناصب وهو شرهما وليس في هذين
الخبرين دلالة على النجاسة) بل انما يدلان على ما قاله الصدوقان والتعليل يدل على انتفاء الحكم عند انتفاء العلة لكنهما ضعيفان خصوصا الأخيرة الثالثة رواية أبى يحيى الواسطي
عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن الماضي قال سئل عن مجتمع الماء في الحمام من غسالة الناس يصيب الثوب قال لا باس ونقله ابن بابويه عن أبي الحسن عليه السلام مرسلا وهذه الرواية دالة على الطهارة
لكن فيها ضعف لارسالها وجهالة أبى يحيى الواسطي وما ذكره الشيخ في النهاية من تعميم المنع فلم نقف على له حجة قال المحقق في المعتبر وبعض المتأخرين قال وغسالة الحمام وهو المستنقع
به لا يجوز استعمالها على حال وقال هذا اجماع وردت به اخبار معتمدة قد أجمع عليها ودليل الاحتياط يقتضيها ونقل لفظ النهاية وهو خلاف الرواية وخلاف ما ذكر ابن
بابويه ولم نقف على رواية لهذا الحكم سوى تلك الرواية رواية مرسلة ذكرها الكليني قال بعض أصحابنا عن ابن جمهور وهذه مرسلة وابن جمهور ضعيف جدا فأين الاجماع وأين الاخبار
المعتمدة نحن نطالبه بما اذعاه وافرط في دعواه انتهى ومما ذكرنا علم أن القول بالنجاسة لا دليل عليه والعمومات الدالة على طهارة المياه تنفيه ومقتضى العمومات الدالة
على طهورية المياه يقتضى عدم المنع من استعماله في الطهارة عند عدم العلم بالنجاسة لكن لم يبعد القول بالمنع استنادا إلى الخبرين المذكورين فان ضعفهما منجبر بالشهرة وعمل الفرقة
ثم لا يخفى ان الروايتين على تقدير حجيتهما القول بالمنع مختصان بالبئر يجتمع فيها ماء الحمام فالحاق المياه المنحدرة في سطح الحمام مما لا دليل عليه وابعد من ذلك الحاقها بها في النجاسة
مع أنه قد ورد روايات دالة بظاهرهما على خلافه كصحيحة محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الحمام يغتسل فيه الجنب وغيره اغتسل من مائه قال نعم لا باس ان يغتسل منه الجنب
ولقد اغتسلت فيه ثم جئت فغسلت رجلي وما غسلتهما الا مما لزق بهما من التراب وصحيحة محمد بن مسلم أيضا قال رأيت أبا جعفر عليه السلام يخرج من الحمام فيمضى كما هو لا يغسل رجليه حتى
يصلى ونكر الطهارة بالمسخن بالشمس في الأواني هذا مشهور بين الأصحاب حتى نقل الشيخ في الخلاف الاجماع عليه لكنه اشترط في الحكم القصد إلى ذلك وصرح بالتعميم في المبسوط وأطلق في النهاية
144

وكذا أكثر الأصحاب والأصل فيه ما رواه إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن عليه السلام قال دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على عايشة وقد وضعت؟؟؟ ها في الشمس فقال يا حميراء ما هذا قال اغسل و
رأسي وجسدي قال لا تعودي فإنه يورث البرص وما رواه إسماعيل ابن زياد عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الماء الذي يسخنه الشمس لا توضأوا به ولا تغتسلوا به ولا
تعجنوا فإنه يورث البرص وهاتان الروايتان وان لم تسلم سندهما لكن كفى في الاسناد إليهما اعتضادهما بعمل الأصحاب وظاهر الخبر الأول يوافق ما ذكره الشيخ في الخلاف من اشتراط
القصد لكن الخبر الثاني عام ولا ضرورة تدعوا إلى حمله على الخاص والاجماع الذي نقله الشيخ وإن كان على الخاص لكن شهرة مضمون العام بين الأصحاب واعتبار العلة مع
المسامحة في أدلة السنن يقتضى التعميم فاذن عدم الفرق متجه ودليل حمل الروايتين على الكراهة وإن كان ظاهرهما التحريم رعاية الجمع بينهما وبين ما رواه الشيخ عن محمد بن سنان
قال حدثني بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بان يتوضأ بالماء الذي يوضع في الشمس مع اتفاق الأصحاب على عدم التحريم ولا فرق في ثبوت الكراهة بين أن تكون الآنية منطبعة أم لا وبين ان يكون
قطر حار أم لا وقد نص عليه كثير من الأصحاب لعموم النص واحتمل المصنف في النهاية اشتراط كونه في الأواني المنطبعة غير الذهب والفضة لان الشمس إذا اثرت فيها استخرجت منها هوية
تعلق الماء ومنها يتولد المحذور واتفاقه في البلاد المفرطة الحارة دون الباردة والمعتدلة لضعف تأثير الشمس فيها ثم احتمل التعميم لعدم توقف الكراهة على خوف المحذور عملا
باطلاق النهى والتعرض للمحذور إشارة إلى حكمته فلا يشترط حصولها في كل صورة وظاهر الخبر الثاني عدم الفرق بين ان يكون في الآنية وغيرها من حوض أو نهر أو
ساقية لكن المصنف في النهاية والتذكرة حكى الاجماع على نفى الكراهة في غير الآنية وهل يشترط القلة في الماء فيه احتمالان والى كل منهما ذهب بعض الأصحاب والحق بعضهم بالطهارة
سائر وجوه الاستعمال من تناول وإذا نجاسة واقتصر الشهيد في الذكرى على استعماله في الطهارة والعجين وفاقا للصدوق وهو حسن اقتصارا على مورد النص واحتمل المصنف في التذكرة
بقاء الكراهة لو زال الشمس وبه قطع الشهيد في الذكرى وتبعه جماعة من المتأخرين استنادا إلى الاستصحاب وبقاء التعليل وصدق الاسم بعد الزوال إذ المشتق لا يشترط فيه
بقاء المبدأ وفى الأولين نظر واما الثالث فغير بعيد بناء على أن مبد الاشتقاق ههنا هو المتسخن لا السخونة فلا يرد عليه ان عدم اشتراط البقاء انما يكون عند عدم طريان
وصف وجودي كما هو الواقع ههنا فتدبر ثم لا يخفى ان الكراهة مختصة بصورة يوجد ماء غيره إما في صورة الانحصار فتزول الكراهة للمنافاة بين رجحان الترك ووجوب الفعل
وتوهم عموم الكراهة ضعيف والمسخن بالنار في غسل الأموات هذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب على ما حكاه المصنف في المنتهى ويدل عليه صحيحة زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام لا تسخن الماء
للميت ورواية عبد الله ابن المغيرة عن رجل عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال لا تقرب الميت ماء حميما وغير ذلك من الروايات قال الشيخ ولو خشى الغاسل من البرد انتفت الكراهة
وقيده المفيد بالقلة فقال يسخن قليلا وتبعهما في أصل الاستثناء جمع من الأصحاب والصدوقان أيضا استثنيا حال شدة البرد لكن الظاهر من كلامهما ان ذلك لرعاية حال الميت لا الغاسل
وفى الفقيه أسنده إلى الرواية ولا باس في استعمال المسخن بالنار في غير الأموات لا نعرف في ذلك خلافا بينهم واستثنى الشهيد من ذلك ما لو اشتدت السخونة بحيث يفضى
إلى عسر الاسباغ فقال الأولى الكراهة حينئذ لفوات الأفضلية وسور الجلال والمراد به المغتذى بعذرة الانسان محضا إلى أن نبت عليه لحمه واشتد عظمه بحيث يسمى في العرف جلالا
قبل ان يستبرى بما يزيل الجلل وأكمل الجيف وقد سبق خلاف المرتضى وابن الجنيد في طهارة سور الجلال وخلاف الشيخ في طهارة سور اكل الجيف وان الأقرب فيهما الطهارة واما
دليل الكراهة فغير معلوم لكن ذلك مشهور بين الأصحاب ولا باس به تفصيا من الخلاف والحائض المتهمة قال الشيخ في النهاية يكره استعمال سور الحائض إذا كانت متهمة
فإن كانت مأمونة فلا باس وأطلق في المبسوط كراهة سؤرها وهو المنقول عن المرتضى في المصباح وابن الجنيد أيضا واختار الفاضلان والشهيدان مختار النهاية
وظاهر الشهيد القول بعدم الجواز مع التقييد المذكور وحجة الأول موثقة علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام في الرجل يتوضأ بفصل الحائض قال إذا كانت
مأمونة فلا باس وموثقة عيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن سؤر الحائض قال توضأ منه وتوضأ من سور الجنب إذا كانت مأمونة وتغسل يدها
قبل ان تدخلها الاناء وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يغتسل هو وعايشة في اناء واحد ويغتسلان جميعا وهذه الرواية مروية في الكافي بطريق اخر فيه شئ وفيها
قال وسألته عن سور الحائض قال لا توضأ منه وتوضأ من سور الجنب إذا كانت مأمونة ومقتضاها عموم الكراهة وحجة الثاني رواية عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله قال سؤر الحائض تشرب منه
144

ولا تتوضأ ورواية الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام في الحائض تشرب من سؤرها ولا تتوضأ منه ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته هل يتوضأ من فضل الحائض قال لا وأجاب الأولون
بان ضرورة الجمع يقتضى حمل المطلق على المقيد وهو حسن لكن لا يخفى ان الأخبار الدالة على العموم بأسرها غير نقى السند فيجب الاقتصار على موضع يساعده اتفاق الأصحاب وهو
محل الوصف فالصواب الاقتصار عليه في الحكم والتوقف في غيره ثم لا يخفى ان إناطة الكراهة بغير الماء مؤنة كما وقع في بعض تعبيراتهم أولي من الإناطة بالمتهمة كما وقع في كلام المصنف
وتونا مع مضمون الرواية والفرق بين الامرين غير خفى واعلم أن المستفاد من الاخبار كراهة الوضوء بسؤر الحائض خاصة دون الشرب وغيره بل روايتا عنبسة والحسين صريحتان
في نفى كراهة الشرب واطلاقهم كراهة سؤرها مؤذن بالتعليم فلا تغفل والحق في البيان بالحائض المتهمة كل متهم واختاره الشهيد الثاني وللنظر فيه مجال والبغال والحمير هذا
هو المشهور بين الأصحاب ولم اطلع على دليل عليه وكراهة اللحم غير مستلزمة لكراهة السؤر وقيل بكراهة سؤر كل مكروه اللحم وقيل بكراهة سؤر كل حيوان غير مأكول اللحم وفيه
خروج عن خلاف الشيخ ويدل عليه ما رواه الكليني عن الوشا عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال يكره سور كل شئ لا يؤكل لحمه والفأرة قال في المعتبر لا باس بسؤر الفارة والحية
وكذا لو وقعتا في الماء وخرجتا وحكى عن الشيخ في النهاية ان الأفضل ترك استعماله ثم احتج المحقق برواية إسحاق بن عمار السابقة الدالة على نفى البأس بالوضوء والشرب من سؤر الفارة
وهي غير منافية لما ذكره الشيخ فإنه صرح بنفي البأس فيه قبل العبارة التي حكاها عنه المحقق لكن ذكر ان الأفضل تركه نعم يتجه المطالبة بدليل ما ذكره من الأفضلية ولعله نظر إلى ما
سيأتي من رجحان غسل الثوب مما لاقته الفارة برطوبة والحية القول بذلك للشيخ واتباعه واختار المحقق في المعتبر عدم الكراهة وهو الاظهر للأصل وعدم ظهور دليل
للكراهة وما مات فيه الوزغ منع عنه الشيخ في النهاية وهو ظاهر الصدوقين واختاره الفاضلان ومن تبعهما الكراهة وتدل عليه صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال
سألته عن الغطاية والحية والوزغ يقع في الماء فلا يموت أيتوضأ منه للصلاة فقال لا باس به فالرواية في الدلالة على النهى محمول على الكراهة والعقرب وقد روى عن الباقر عليه السلام الامر
بإراقة ما يقع فيه العقرب ولعله للتنزيه
النظر السادس فيما يتبع الطهارة النجاسات عشر البول والغائط من ذي النفس السائلة وفسره بالدم الذي يجتمع في العروق ويخرج إذا قطع شئ
منها بسبيلان وقوة وفسره المحقق بالدم الذي يخرج من عرق من غير تقييد بالقوة أو السيلان ولعلهما لازم له والقيد توضيحي غير المأكول بالأصالة كالأسد أو بالعرض كالجلال
ومثله موطوءة الانسان لا خلاف في نجاسته غائط الانسان وبوله وكذا كل ما لا يؤكل لحمه الا فيما يستثنى مما وقع الخلاف فيه ونقل الاتفاق عليه الفاضلان والأخبار الدالة
على الامر بغسل الثوب مما اصابه من البول مستفيضة الا ان المتبادر منها بول الانسان فيقتصر عليه المفرد المعرف باللام إذ لا عموم له ويؤيده عدم لزوم التخصيص ويدل
على نجاسة البول من غير المأكول حسنة عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام اغسل ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه قيل وجه الدالة ان الامر حقيقته في الوجوب وإضافة
الجمع تفيد العموم ونفى ثبت وجوب الغسل في الثوب وجب في غيره إذ لا قائل بالفصل ولا معنى للنجس شرعا الا ما وجب غسل الملاقى له بل أكثر الأعيان النجسة انما استفيد نجاستها
من أمر الشارع بغسل الثوب أو البدن من ملاقاتها مضافا إلى الاجماع المنقول في أكثر الموارد وفيه تأمل واما الأدوات فلم اطلع على دليل يدل على نجاستها من غير المأكول على
وجه العموم ولعل المستند فيه الاجماع في كل موضع لم يتحقق الخلاف فيه وقد وقع الخلاف في موضعين أحدهما رجيع الطير فذهب الصدوق وابن أبي عقيل والجعفي إلى طهارته مطلقا وقال
الشيخ في المبسوط بول الطيور وذرقها كلها ظاهر الا الخشاف وقال في الخلاف كل ما اكل فذرقه طاهر وما لم يؤكل فذرقه نجس واليه ذهب أكثر الأصحاب واحتج المحقق بما دل على
نجاسة العذرة مما لا يؤكل لحمه قال فإنه يتناول محل النزاع لان الخرء والعذرة واعترض عليه بعضهم بأنه لا دليل على نجاسة عذرة ما لا يؤكل لحمه على وجه العموم وقال انا لم نقف
في هذا الباب الا على حسنة عبد الله بن سنان ولا ذكر أحد من الذين وصل إلينا كلامهم في هذا احتجاجهم لهذا الحكم سواها وهي واردة في البول ولم يذكرها هو في بحثه للمسألة
بل اقتصر على نقل الاجماع فلا يدرى لفظ العذرة أين وقع معلقا عليه الحكم ولا يخفى ان بعض الأخبار دالة على نجاسة العذرة من غير تقييد كصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام
رجل وطئ على عذرة فساحت رجله فيها أينقض ذلك وضوءه وهل يجب عليه غسلها فقال لا يغسلها الا ان يقذرها ورواية الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يطأ في العذرة
145

أو البول ليعيد الوضوء قال لا ولكن يغسل ما اصابه وغيرهما من الاخبار فلعل قول المحقق ما دل على نجاسة العذرة مما لا يؤكل لحمه إشارة إلى هذه الأخبار بانضمام اخراج غير
مأكول اللحم بدليل خاص لكن يرد عليه ان الظاهر أن العذرة مختصة بفضلة الانسان على ما دل عليه العرف
ونص عليه أهل اللغة فلا يتم الاستدلال على العموم واستدل
على هذا القول في المختلف بحسنة عبد الله بن سنان السابقة وبان الذمة مشغولة بالصلاة قطعا فيتوقف اليقين بالبراءة على الاجتناب عنها ويرد على الأول انه مخصوص
بالبول فلا يشمل محل النزاع وعلى الثاني انه لم يثبت اشتراط الصلاة بثوب طاهر عن مثله فيبقى التكليف بالصلاة على عمومه إذ الأصل عدم التقييد فيحصل اليقين بالبراءة
لحصول الامتثال حجة القول بالطهارة الأصل وقول الصادق عليه السلام كل شئ طاهر حتى يعلم أنه قذر وفيه تأمل وما رواه الشيخ في الحسن عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل شئ يطير
لا باس بخرئه وبوله وهي متناولة للمأكول وغيره ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سئل عن الرجل يرى في ثوبه خرء الطير أو غيره هل يحكه وهو
في صلاته قال لا باس وأجاب المصنف في المختصر عن الرواية الأولى بأنها مخصوصة بالخشاف اجماعا فيختص بما شاركه في العلة وهو عدم كونه ماكولا وهو في غاية الضعف لمنع
الاجماع المذكور مع أنه حكى في صدر المسألة القول بالطهارة عن ابن بابويه وابن أبي عقيل ونقل القول بالنجاسة عن الشيخ في المبسوط خاصة وتمنع كون العلة في استثناء الخفاش
على القول به كونه غير مأكول اللحم وبالجملة هذا من القياس الممنوع منه وأجيب عنها بالحمل على المأكول خاصة جمعا بينهما وبين رواية ابن سنان المتقدمة وفساده واضح لعدم
المعارضة بينهما وعدم انحصار طريق الجمع فيما ذكر ومما ذكرنا علم أن المتجه القول بطهارة ذرق الطير للرواية المتقدمة المعتضدة بالأصل والرواية الأخرى مع سلامتها عن المعارض
واما البول فان فرض وقوعها من الطير ففيه تردد للمعارضة بين حسنة ابن سنان بن أبي بصير ويمكن ترجيح الأولى لاعتضادهما بالشهرة بين الأصحاب ويمكن ترجيح الثاني لاعتضادها بالأصل وكون
الدلالة على العموم فيها أظهر احتج الشيخ رحمه الله على استثناء الخشاف بما رواه عن داود الرقي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الخشاشيف يصيب ثوبي فاطلبه ولا أجده قال اغسل ثوبك
وهذه الرواية مع ضعف سندها معارضة بما رواه غياث عن جعفر عن أبيه قال لا باس بدم البراغيث والبق وبول الخشاشيف مع كون الخبر الأخير أوضح سند اوردها الشيخ بالشذوذ
قال ويجوز ان يكون محمولة على التقية والتحقيق انه ان رجحنا خبر ابن سنان كان القول بنجاسة الخشاف متجها ولم يصلح خبر غياث لمعارضة والا كان حكمه حكم غيره من الطيور مما لا يؤكل
لحمه ولا يصلح خبر داود لمعارضة فلا خصوصية لبول الخشاف واما خرؤه فالظاهر أنه طاهر ووجهه ظاهر مما أسلفنا الموضع الثاني من مواضع الخلاف بول الرضيع قبل ان
يأكل الطعام والمشهور انه نجس ونقل فيه المرتضى الاجماع على ما حكى عنه ويدل عليه مضافا إلى العمومات حسنة الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الصبى قال يصب عليه الماء
فإن كان قد اكل فاغسله وعن ابن الجنيد انه حكم بطهارة بول الصبى الذي لم يأكل اللحم واحتج له برواية السكوني عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام قال لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب
قبل ان تطعم لان لبنها يخرج من مثانة أمها ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا بوله قبل ان يطعم لان لبن الغلام يخرج من العضدين والمنكبين وهذه الرواية مع ضعف سندها
غير دالة على مدعاه مع الأصحاب معترفون بمضمونه فإنهم انما يكتفون عنه في التطهير عنه بصب الماء ولا يوجبون الغسل بقى الكلام في رجيع ما لا نفس له وبوله والمشهور بين
الأصحاب طهارتهما ولا نعرف قائلا منهم خالف في ذلك الا ان المحقق تردد في الشرائع المعتبر فقال إما رجيع ما لا نفس له كالذباب والخنافس ففيه تردد أشبهه
انه طاهر لأنه ميتة ودمه ولعابه طاهر وصارت فضلاته كعصارة البنات ولا يخفى ان مقتضى الأصل السالم عن المعارض طهارته مسألة أطبق الأصحاب على أن البول والروث
من كل حيوان مأكول اللحم طاهر ولم يختلفوا الا في موضعين الأول في أبوال الدواب الثلث الفرس والحمار والبغل واروا؟ فالمشهور طهارتها على كراهيته والمنقول عن
ابن الجنيد النجاسة واليه ذهب الشيخ في النهاية واختار الأول في سائر كتبه والمبسوط متأخر عن النهاية فيكون القول بالطهارة فيه رجوعا إلى المشهور لم يبق
مخالف الا ابن الجنيد قال المحقق بعد نقل الخلاف عن ابن الجنيد وعن الشيخ في النهاية ان على القول بالكراهة عامة الأصحاب
حجة القول بالطهارة وجوه الأول الأصل الثاني اتفاق من عدا ابن الجنيد على ما ذكرنا الثالث عموم ما دل على طهارة مما يؤكل لحمه لشموله لمحل النزاع إذ الأنواع المذكورة مأكول اللحم
145

على ما يأتي بيانه في موضعه إن شاء الله تعالى فروى الشيخ والكليني في الحسن عن زرارة انهما قالا لا تغسل ثوبك من بول شئ يؤكل لحمه وروى الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل
ما اكل لحمه فلا باس بما يخرج منه الرابع ما دل على خصوص محل النزاع فروى الصدوق في الفقيه عن ابن الأغر النخاس انه سال أبا عبد الله عليه السلام فقال انى أعالج الدواب فربما خرجت بالليل
وقد بالت وراثت فتضرب إحديهما بيدها ورجلها فينضح على ثيابي فقال لا باس به ورواه الكليني في الكافي بأدنى تفاوت في المتن والسند وقد يناقش في حجية هذه الرواية بناء على أن راويها
مجهول لعدم ذكره في كتب الرجال والظاهر أنها لا تقصر عن الروايات المعتمدة لان الراوي عن صفوان وابن أبي عمير والظاهر أن مثل هذين الشيخين الثقتين الجليلين الذين قد
أكثر الأصحاب من الثناء عليهما واتفقوا على ثقتهما وجلالتهما لا يرويان الا عن ثقة فان النقل عن الضعفاء من جملة القواوح والطغون كما لا يخفى على متتبع كتب الرجال مع أن الشيخ مصرح
في العدة بان صفوان وابن أبي عمير لا يرويان الا عن الثقات فروايتهما عنه بل ساير روايات التي اوردها الصدوق فان الطريق إلى الكل واحد قرينة واضحة على حسن حاله مضافا
إلى ما ذكر الصدوق من شأن كتابه من أن جميع ما فيه مستخرج من كتب مشهورة عليها المعول واليها المرجع وانه يحكم بصحته وبالجملة هذا من الاخبار التي لا سبيل إلى ردها خصوصا
مع اعتضادها بالشهرة بين العلماء والأصل ومخالفة العامة وروى الشيخ عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بروث الحمير واغسل أبوالها وجه الدلالة ففي الباس عن الروث فيكون الامر
بغسل الثوب عن البول محمولا على الاستحباب لعدم القائل بالفصل فيما يظهر وقد يضعف هذا الخبر بناء على أن في طريقة البرقي وضعفه النجاشي وان وثقة الشيخ وفى طريقه ابان وفيه اشكال
والظاهر أنه لا يقصر عن الصحاح إما البرقي فكلام النجاشي غير صريح في تضعيفه فإنه قال إنه ضعيف في الحديث ويمكن ان يكون هذا إشارة إلى ما ذكره ابن الغضائري من أن حديثه
يعرف وينكر وانه يروى عن الضعفاء ويعتمد المراسيل فلا يكون هذا طعنا ولا ينافي ما ذكره الشيخ عن توثيقه واما ابان فالظاهر أنه أبان بن عثمن الأحمر وعندي انه لا اشكال فيه لأنه
ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم وأقروا لهم بالفقه على ما ذكره الكشي وكتابه كتاب معتبر بين الطائفة رواه الكوفيون والقميون بطرق وأسانيد متعددة ولا طعن فيه الا ما
نقل الكشي عن محمد بن مسعود عن ابن فضال انه ناووسي ولم يذكر ذلك غيره والجارج مثل المجروج وبالجملة لا سبيل إلى رد روايته وروى الشيخ عن المعلى بن خنيس وعبد الله
بن أبي يعفور قالا كنا في جناره وقد أمنا حمار فبال فجاءت الريح ببوله حتى صكت وجوهنا وثيابنا فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرناه فقال ليس عليكم باس وروى أبو مريم قال قلت لأبي عبد الله
ما تقول في أبوال الدواب وأرواثها قال إما أبوالها فاغسل ما أصابك إما أرواثها فهى أكثر من ذلك وروى عبد الاعلى بن أعين قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أبوال الحمير والبغال
قال اغسل ثوبك قال قلت فأرواثها قال هو أكثر من ذلك قال المحقق رحمه الله يعنى ان كثرتها يمنع التكليف بإزالتها وفى طريق هذه الروايات الثلث ضعف لكنها تصلح للتأييد ووجه
الاستدلال من الأخيرين كما مر في صحيحة الحلبي حجة القول بالنجاسة روايات كصحيحة الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام (عن أبوال
الخيل البغال فقال اغسل ما أصابك منه وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله عليه السلام) عن رجل يمسه بعض أبوال البهائم أيغسله أم لا فقال يغسل بول الحمار
والفرس والبغل فاما الشاة وكل ما يؤكل لحمه فلا باس ببوله وحسنة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البان الإبل والغنم والبقر وأبوالها فقال لا توضأ منه إلى أن قال وسألته
عن أبوال الدواب والبغال والحمير فقال (اغسله فإن لم تعلم مكانه فاغسل الثوب كله فان شككت فانزحه ورواية سماعة قال سألته من بول السنور والكلب والحمار
والفرس) فقال كأبوال الانسان ويعضده ما رواه الشيخ باسناد لا يقصر عن الموثق عن أبي بصير قال سألته عن كر من ماء مررت به وانا في سفر قد بال فيه
حمار أو بغل أو انسان قال لا يتوضأ منه ولا تشرب منه وبإسناد لا يقصر عن القوى عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الماء النقيع تبول فيه الدواب فقال إن تغير الماء فلا تتوضأ منه
وان لم تغيره أبوالها فتوضأ منه وكذلك الدم إذا سال في الماء وأشباهه اورد الشيخ الخبرين في باب آداب الاحداث من التهذيب والجواب ان تلك الأخبار محمولة على الكراهة جمعا بين الاخبار
وهو حمل قريب شائع بل لا يبعد ادعاء ان ذلك ليس خلاف الظاهر ويؤيده ما رواه زرارة عن أحدهما عليهما السلام في أبوال الدواب يصيب الثوب فكرهه فقلت ليس لحومها حلالا قال
بل ولكن ليس مما جعله الله للاكل ويؤيده الامر بالنضح في حسنة محمد بن مسلم فإنه محمول على الندب باتفاق الخصم فيمكن ان يجعل قرينة على الباقي ويمكن ان يجمع بين الروايات بحمل اخبار
النجاسة على التقية لموافقتها لبعض العامة وبالجملة بحسب ترجيح اخبار الطهارة لاعتضادها بالأصل والشهرة ومخالفة العامة ويجب التأويل في اخبار النجاسة خصوصا إذا أمكن فيها مثل هذه
146

التأويلات القريبة وقد يقال تكلف الجمع فرع حصول التعارض والمصير إلى التأويل انما يصح عند قيام المعارض وذلك مفقود ههنا فان في اخبار التنجيس ما هو صحيح السند وليس في جانب
الطهارة حديث صحيح وأنت إذا أحطت خبرا بما أسلفناه أمكنك ان تقول ان التعارض بين الاخبار ثابتة بانضمام مقدمة هي اشتراك الأبوال والأرواث في الحكم بناء على عدم القائل بالفصل
وحجة القول بالتنجيس لا يتم بدون ضم هذه المقدمة أيضا لخلو اخباره عن حكم الروث واختصاص الامر بغسل الأبوال بما إذا أصابت الثوب أو البدن والمدعى عموم الحكم بنجاستها فلا
يتم بدون انضمام المقدمة المذكورة قال المحقق بعد نقل جملة من الروايات الواردة في هذا الباب فخلص من هذا تطابق اخبارنا على طهارة الروث وتصادمها على البول فيقتضى الكراهة
عملا بالروايتين ولان تعارض النقل يثمر الطهارة بوجهين أحدهما ان الأصل الطهارة فيكون طرفها أرجح الثاني ما روى عن أبي عبد الله عليه السلام كل شئ نظيف حتى
تعلم أنه قذر والى ما ذكره يتطرق شوب الاشكال والمعتمد ما ذكرناه والاحتياط في العمل خصوصا في مورد النص وهو إصابة البول للثوب أو البدن حسن الموضع الثاني ذرق الدجاج
والمشهور طهارته وخالف فيه الشيخان فذهبا إلى نجاسته والشيخ وافق المشهور في كتاب الحديث فيمكن ان يقال الخلاف منحصر في المفيد والأقرب الطهارة لرواية وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عليهما السلام
قال لا باس بخرؤ الدجاج والحمام يصيب الثوب وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة لكنها معتضدة بالأصل وعملا أكثر الأصحاب ولعموم موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل
ما اكل لحمه فلا باس بما يخرج منه احتج الشيخ لقول المفيد برواية فارس قال كتب إليه رجل يسأله عن ذرق الدجاج تجوز الصلاة فيه فكتب لا والجواب والعطن في الرواية فان داويها
مذموم جدا قال الشيخ فارس بن حاتم غال ملعون ونقل الكشي عن الفضل بن شاذان انه ذكر في بعض كتبه ان من الكذابين المشهورين فارس بن حاتم ونقل أشياء لا حاجة إلى نقلها وفى ذمه
أشياء كثيرة مع اضمار الرواية ومخالفتها للمشهور فلا يلتفت إليها هذا إذا لم يكن جلالا واما الجلال فذرقه نجس اجماعا حكى الاجماع عليه المصنف في المختصر والمنى من كل حيوان ذي نفس سائله وإن كان
ماكولا لا خلاف بين الأصحاب في نجاسة منى الآدمي حكاه المصنف في التذكرة والأخبار الدالة على وجوب غسل المنى من الثوب والجسد مستفيضة كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في المنى يصيب
الثوب قال إن عرفت مكانه فاغسله وان خفى عليك مكانه فاغسله كله وصحيحة محمد بن مسلم أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال ذكر المنى فشدده وجعله أشد من البول الحديث وما رواه الصدوق
في الصحيح عن الحلبي انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أجنب في نومه وليس معه ثوب غيره قال يصلى فيه فإذا وجد الماء غسله والاخبار بهذا المضمون كثيرة لا فائدة تعتد بها في الإطالة بذكرها
مستقصى إذا عرفت هذا فاعلم أن حكم منى غير الآدمي مما له نفس حكم منى الآدمي عند الأصحاب لا نعرف في ذلك خلافا عنهم وحكى المصنف الاجماع عليه وكذا ابن زهرة وجعل الحجة عليه في المنتهى عموم
ما دل على نجاسة المنى ولم يتمسك بالاجماع وكذا المحقق في المعتبر فإنه عمم الحكم في أصل المسألة واحتج عليه بالاخبار وفى دلالة الاخبار على العموم نظر لا يخفى بل الذي يظهر منها حكم منى
الآدمي قال بعض المتأخرين ويمكن ان يحتج له بجعله أشد من البول في صحيح محمد بن مسلم فإنه وان شهدت القرينة الحالية في مثله بإرادة منى الانسان الا ان فيه اشعارا بكونه أولي بالتنجيس من
البول وكما حكم بنجاسة بول ينبغي ان يكون لميته هذه الحالة وعندي فيه تأمل الا ان الحكم مقطوع به عند الأصحاب مدعى عليه الاجماع فلا مجال للتوقف فيه واما منى ما لا نفس له فظاهر جماعة
من الأصحاب القطع بطهارته في عبارة الفاضلين اشعار بنوع اشكال فيه قال المحقق في منى ما لا نفس لم تردد أشبهه الطهارة وفى المنتهى الأقرب طهارة ووجه الاشكال عند من
تمسك في نجاسة ذي النفس مطلقا بالعموم ظاهر لأنه لاختصاص في الاخبار بمنى ذي النفس فإذا نظر إلى عموم اللفظ كان شاملا للجميع وكان اخراج منى ما لا نفس له عن الحكم محتاجا إلى دليل
واما عند من تمسك فيه بالاجماع فيبقى على أصل الإباحة ولا يلحق بالمنى المذي وهو الماء الذي يخرج عقيب الملاعبة والملامسة والودي بالدال المهملة وهو الذي يخرج عقيب البول بل هما
طاهران عند جمهور الأصحاب لا نعرف فيه مخالفا الا ابن الجنيد فإنه قال على ما حكى عنه ما كان من المذي ناقضا طهارة الانسان غسل منه الثوب والجسد ولو غسل من جميعه كان أحوط وفسر الناقض للطهارة بما كان عقيب
شهوة والأول أصح لصحيحة زيد الشحام وزرارة ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إن سال من ذكرك شئ من مذى أو ودي فلا تغسله ولا تقطع له الصلاة
ولا تنقض له الوضوء انما ذلك بمنزلة النخامة الحديث وصحيحة ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام
146

قال ليس في المذي من الشهوة ولا من الإنعاظ هو لا من القبلة ولا من مس الفرج ولا من المضاجعة وضوء ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد وقريب منها رواية إسحاق بن عمار وحسنة زيد الشحام وغيرها من الاخبار
المعتضدة بالأصل وعمل أكثر الأصحاب واما ما ورد من الأخبار الدالة على الامر بالغسل كروايتي الحسين بن أبي العلا المحمول على الاستحباب جمعا بين الاخبار ويؤيد ما رواه الحسين بن أبي
العلى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المذي يصيب الثوب قال لا باس به فلما وردنا عليه قال ينضحه بالماء والميتة من ذي النفس السائلة مطلقا سواء كان ادميا أو غيره دون ما لا
نفس له فهنا ثلث الأولى ميتة ذي النفس غير الآدمي وهي نجسة بالاجماع على ما حكاه الشيخ والمحقق والمصنف وابن زهرة والشهيد ولم ينقل خلاف في ذلك عن أحد الا ان ابن بابويه
روى مرسلا عن الصادق عليه السلام انه سئل عن جلود الميتة تجعل فيها اللبن والسمن والماء ما ترى فيه قال لا باس بان تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن وتتوضأ منه وتشرب ولكن لا
تصل والظاهر من قاعدته الممهدة في صدر الكتاب قبل ذلك بقليل ان ذلك مذهب له ولم يستدل المحقق على الحكم المذكور بل اكتفى بنقل الاجماع عليه واستدل عليه المصنف في المنتهى بان
تحريم ما ليس بنجس ولا فيه ضرر كالسم يدل على نجاسته وفيه منع واضح ومما يدل على النجاسة أشياء يكفي في الدلالة اجتماعها وان أمكن المناقشة في بعضها فمنها ما رواه الشيخ
في الحسن عن حريز قال قال أبو عبد الله عليه السلام لزرارة ومحمد بن مسلم اللبن واللباء والبيضة والشعر والصوف والقرن والناب والحافر وكل شئ ينفصل من الشاة والدابة فهو
ذكى وان أخذته منه بعد أن يموت فاغسله وصل فيه وجه الدلالة ان الظاهر أن الامر بالغسل انما هو لنجاسة الأجزاء المصاحبة له من الجلد ويتوجه عليه ان ذلك
يموت فاغسله وصل فيه وجه الدلالة ان الظاهر أن الامر بالغسل انما هو لنجاسة الأجزاء المصاحبة له من الجلد ويتوجه عليه غير متيقن لجواز ان يكون لإزالة
الأجزاء المتعلقة به من الجلد واللحم المانعة من الصلاة فيه كما يشعر به قوله اغسله وصل فيه وفى بعض النسخ الصحيحة من التهذيب قال قال عبد الرحمن بن أبي عبد الله لزرارة
ومحمد بن مسلم لكن الظاهر أن الامر على نقلنا أولا كما في الاستبصار وان الأخيرة سهو ومنها الأخبار الدالة على النهى عن اكل الزيت ونحوها من المائعات إذا مات فيها فارة ونحوها
كصحيحة معوية بن وهب عن أبي عبد الله عن الفارة والدابة تقع في الطعام والشراب فتموت فيه فقال إن كان سمنا أو عسلا أو زيتا فإنه ربما يكون بعض هذا فإن كان الشتاء فانزع
ما حوله وكله وإن كان للصيف فادفعه حتى تسرج وإن كان ثروا فاطرح الذي كان عليه ولا يترك طعامك من أجل دابة مات عليه وفى صحيحة سعيد الأعرج انه سال أبا عبد الله عليه السلام
عن الفارة تموت في الزيت فقال لا تأكله ولكن أسرج به وقد مر في أوائل احكام المضاف بعض الأخبار الدالة على مضمونها والظاهر أن المنع من الاكل والامر بالاسراج في المائع التي مات فيها
الفارة أو الدابة لأجل نجاستها لكن ليس صريحا فيه ومنها رواية أبى القاسم الصيقل وولده قال كتبوا إلى الرجل جعلنا الله فداك انا قوم نعمل السيوف وليست لنا معيشة
ولا تجارة غيرها ونحن مضطرون إليها وان علاجنا من جلود الميتة من البغال والحمير الأهلية لا يجوز في أعمالنا غيرها فيحل لنا عملها وشراؤها وبيعها ومسها بأيدينا وثيابنا و
نحن نصلى في ثيابنا ونحن محتاجون إلى جوابك في هذه المسألة يا سيدنا لضرورتنا إليها فكتب عليه السلام اجعل ثوبا للصلاة وفيها ضعف لجهالة الراوي وفى طريقها محمد بن عيسى
وفيه شئ ومنها رواية القاسم الصيقل قال كتبت إلى الرضا عليه السلام انى اعمل اغمار السيوف من جلود الحمر الميتة فتصيب ثيابي فاصلي فيها فكتب إلي اتخذ ثوبا لصلاتك فكتبه إلى أبى جعفر الثاني عليه السلام
كنت كتبت إلى أبيك بكذا وكذا فصعب على ذلك فصرت أعملها من جلود الحمر الوحشية الذكية فكتب عليه السلام إلى كل اعمال البر بالصبر يرحمك الله فإن كان ما تعمل وحشيا ذكيا فلا
باس وهذه الرواية أيضا ضعيفة ومنها مرفوعة محمد بن يحيى عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يفسد الماء الا ما كانت له نفس سائلة
(ورواية حفص بن غياث عن جعفر بن محمد عليه السلام قال لا يفسد الماء الا ما له نفس سائله وقول الصادق عليه السلام) في رواية ابن مسكان وكل شئ سقط في البئر ليس له دم
مثل العقارب والخنافس وأشباه ذلك فلا باس الثانية ميتة الآدمي بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل ولا خلاف بين الأصحاب في نجاسة وقد تكرر في كلامهم نقل
الاجماع عليه ويدل عليه بعض الأخبار السابقة وما رواه الشيخ عن محمد بن الحسن الصفار في الصحيح قال كتبت إليه رجل أصاب يديه أو بدنه ثوب الميت الذي يلي جلده قبل ان يغسل هل
يجب عليه غسل يديه أو بدنه فوقع إذا أصاب يدك جسد قبل ان يغسل فقد يجب عليك الغسل وحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميت
فقال يغسل ما أصاب الثوب ورواية إبراهيم بن ميمون قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يقع ثوبه على جسد الميت قال إن كان غسل الميت فلا يغسل ما أصاب ثوبك منه وإن كان
147

لم يغسل الميت فاغسل ما أصاب ثوبك منه وقصور هاتين الروايتين عن الصحة غير قادح لما عرفت مرارا سيما بعد انضمامها إلى عمل الأصحاب وبعض الأخبار السابقة وفى نجاسة
قبل البرد قولان ولا يبعد ترجيح النجاسة نظرا إلى عموم الأدلة والتلازم بين النجاسة ووجوب غسل المس ممنوع الثالثة ميتة غير ذي النفس وقد تكرر في كلام الأصحاب نقل
الاجماع على طهارته واستثنى الشيخ في النهاية الوزغ والعقرب والأول أقرب ويدل عليه مضافا إلى الأخبار السابقة موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام سئل عن الخنفساء
والذباب والجراد والنملة وما أشبه ذلك يموت في الزيت والسمن والطعام فقال لا باس كل وقد وقع في بعض الأخبار الامر بإراقة ما وقع فيه العقرب وهو غير دال على النجاسة
لجواز استناد ذلك إلى وجود السم في الماء وأجزاؤها نجسة سواء أبينت من حي أو ميت كان الحجة في ذلك الاجماع إذ بعضهم لم يذكروا حجة عليه وبعضهم اقتصروا في توجهه على
مساواة لكل للجزء أو لوجود معنى الموت فيها وفى الوجهين تأمل وفى رواية الحسن بن علي قال سألت أبا الحسن عليه السلام قلت جعلت فداك ان أهل الجبل تثقل عليهم أليات الغنم
فيقطعونها فقال حرام هي قلت جعلت فداك فيستصبح بها فقال إما تعلم أنه يصيب اليد والثوب وهو حرام اشعار ما بالنجاسة لكن الاستدلال بها مع ضعف السند
والدلالة مشكل وفى رواية ضعيفة ان ما قطع منها يعنى أليات الغنم ميت لا ينتفع به وفى رواية أخرى ضعيفة انها ميتة ولا ينفعان الا بانضمام دعوى الاجماع على نجاسة الميتة على
وجه العموم إذ لا دليل عليه سوى ذلك والتمسك بالاجماع في أصل المدعى أهون من ذلك ومن هنا يظهر قوة القول بطهارة الأجزاء الصغيرة المنفصلة عن بدن الانسان كالثبور
والثالول واستقر به المصنف في المنتهى والنهاية وعللها في النهاية بعدم امكان التحرز وبالرواية ولم بينها وكانه أراد بها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون
به الثالول أو الجرح هل يصلح له ان يقطع الثالول وهو في صلاته أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويطرحه قال إن لم يتخوف ان يسيل الدم فلا باس وان تخوف ان يسيل فلا يفعله
وهذه الرواية ظاهرة في المدعى عاضدة للأصل من حيث دلالتها على عدم الفرق بين كون المس برطوبة أو يبوسة إذ لو خص الحكم بنحو معين لبينه كما وقع في خوف السيلان الا ما لا تحله
الحياة كالصوف والشعر والوبر والعظم والظفر والطلف؟ والقرن والحافر والريش والبيض إذا اكتسى القشر الاعلى وهذه عشرة أشياء لا اعرف خلافا بين الأصحاب في طهارة ذلك كله وتدل
عليه صحيحة حريز السابقة وصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ان الصوف ليس فيه روح وظاهر هذا التعليل طهارة كل ما لا روح فيه فيتناول
العشرة المذكورة وصحيحة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الإنفحة تخرج من الجدي الميت قال لا باس به قال اللبن يكون في ضرع الشاة وقد ماتت قال لا باس به قلت والصوف و
الشعر وعظام الفيل والبيضة تخرج من الدجاجة فقال كل هذا لا باس به وموثقة الحسين بن زرارة قال كنت عند
أبي عبد الله عليه السلام وأبى ليسأله عن المس من الميتة والبيضة من الميتة
وانفحة الميتة فقال كل هذا ذكى قال الكافي والتهذيب وزاد فيه علي بن عقبه وعلى ابن الحسن بن رباط قال والشعر والصوف كله ذكى وفى رواية صفوان على الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال الصوف والشعر والوبر والريش وكل نابت لا يكون ميتا قال وسألته عن البيضة من بطن الدجاجة الميتة قال تأكلها وعن يونس عنهم عليهم السلام قالوا خمسة أشياء زكية مما فيها منافع الخلق
الإنفحة والبيض والصوف والشعر والوبر وروى ابن بابويه في الفقيه والخصال عن الصادق عليه السلام قال عشرة من الميتة زكية القرن والحافر والعظم والأنفحة واللبن والشعر والصوف والرقيق
والبيض وينبغي البحث عن أشياء الأول ويستفاد من صحيحة زرارة السابقة وغيرها استثناء الانفخة أيضا ولا اعرف فيه خلافا بين الأصحاب ونقل الاجماع عليه ابن زهرة وهو الظاهر من
المنتهى ويدل عليه أيضا ما رواه صفوان عن الحسين بن زرارة عنه عليه السلام قال سألته أبى عن الإنفحة تكون في بطن العتاق أو الجدي وهو ميت قال لا باس وعن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام في حديث طويل يذكر ان
فيه رجلا سأله عن الجبن وانه ربما جعلت فيه أنفخة الميت فقال ليس به باس ان الإنفحة لها عروق ولا فيها دم ولا لها عظم انما تخرج من بين فرث ودم وانما الإنفحة
بمنزلة دجاجة ميتة أخرجت منها بيضة واختلف كلام أهل اللغة في تفسيرها فقال الجوهري الإنفحة بكسر الهمزة وفتح الفاء
مخففة كرش الحمل والجدي ما لم يأكل وفى القاموس انه شئ يستخرج عن بطن الجدي الواضع أصفر فيعصر في صوفه فيغلظ كالجبن قال وتفسير الجوهري الإنفحة بالكرش سهو وقد وقع الاختلاف في تفسيرها في
كلام الأصحاب أيضا ففسرها في السرائر بنحو مما ذكره الجوهري وفسرها المصنف بما يوافق القاموس فقال إنها لبن مستحيل في جوف الصخلة وعلى الثاني كان الجلد الحاوي
147

للبن محكوما بالنجاسة وعلى الأول كان الجلد المذكور طاهرا وهل يحتاج ظاهره إلى الغسل فيه احتمالان اولهما منقول عن الشهيد الثاني في بعض فوائده وتوقف في الروضة وفى اطلاق الأصحاب
الحكم بالطهارة اشعار بالثاني وفى الذكرى الأولى تطهير ظاهرها من الميتة للملاقاة ونظهر ذلك ظاهر البيضة والأكثر اطلقوا القول بطهارتها من غير تعرض بحال ظاهرها من حيث ملاقاته
بالرطوبة للميتة والظاهر على قياس ما ذكروا في الصوف المقلوع احتياجه إلى الغسل ولكن الاخبار وردت مطلقة وما تضمن منها الامر بالغسل مخصوص بالصوف والشعر ونحوهما بقرينة قوله وصل
فيه وفى كلام المصنف من النهاية ما يدل على أنه يرى نجاسة ظاهرها الثاني المشهور بين الأصحاب عدم الفرق في الحكم بطهارة الصوف والشعر والوبر بين كونها مأخوذة من الميتة بطريق الجز
والقلع الا انه يحتاج في صورة القلع إلى غسل موضع الاتصال وخص الشيخ في النهاية مما إذا أخذت بالجز والأول أقوى باطلاق الاخبار فالتقييد يحتاج إلى دليل والامر بالغسل في بعض الروايات قرينة
على إرادة القلع بخصوصه لعدم وجوب الغسل مع الجز وقد يعلل كلام الشيخ بان أصولها المتصلة باللحم من جملة اجزائه وانما يستكمل استحالتها إلى أحد المذكورات بعد تجاوزها
عنه وفيه منع واضح لأن المفروض عدم صدق اسم المذكورات على المتصل باللحم الثالث الظاهر طهارة المذكورات سوى الإنفحة مطلقا في الحيوان المحلل وغيره إذا كان طاهرا
حال الحياة لا نعرف خلافا في ذلك الا في البيض فقد فرق المصنف بين كونه من مأكول اللحم وغيره فحكم بطهارة الأول ونجاسة الثاني وقد نص الشهيد على عدم الفرق وهو حسن إما
الإنفحة فيمكن التردد فيها بناء على أن أكثر الاخبار التي يتمسك فيها في طهارتها مسوقة لبيان الحل ومنه استفيد الحكم بطهارتها وذلك مفقود في غير المحلل لكن عدم الدليل على
نجاسة الميتة بحيث تتناول هذه الأجزاء والاطلاق الأصحاب الحكم بطهارتها من غير تقييد واستفصال مع الأصل بعض الأخبار السابقة الدالة على طهارة الإنفحة من غير تقييد
يقتضى طهارتها الرابع ليس في أكثر الأخبار الدالة على طهارة البيض تعرض لاشتراط اكتساء القشر الاعلى لكن الأصحاب اشترطوا ذلك وبه رواية غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام
في بيضة خرجت من است دجاجة ميتة قال إن اكتست الجلد الغليظ فلا باس بها فكأنهم حملوا الاطلاق الواقع في تلك الأخبار على التقييد المستفاد من هذه الرواية لكن في طريق الرواية
ضعف ويمكن ان يقال إن ضعفها منجبر بعمل الأصحاب ونقل عن الصدوق في المقنع انه لم يتعرض لهذا الشرط وكلام الأصحاب مختلف في التعبير عن هذه الشرط فبعض المتقدمين اقتصر على
مدلول الرواية فعبر بالجلد الغليظ ووافقه الشيخ في النهاية وبعضهم عبر بالجلد الفوقاني وجماعة منهم المحقق والشهيد عبروا بالقشر الاعلى وفى كلام المصنف في جملة من كتبه
الجلد الصلب والظاهر أن وصف الصلابة زائد على القيد المعتبر في الرواية فالاقتصار على الرواية المعتضدة بالأصل غير بعيد وحكى المصنف عن بعض الجمهور انه ذهب إلى طهارة
البيض وان لم يكتس القشر الاعلى محتجا بان عليه غاشية رقيقة تحول بينه وبين النجاسة ثم قال والأقرب عندي انها إن كانت قد اكتست الجلد الاعلى وان لم يكن صلبا فهى
طاهرة لعدم الملاقاة والا فلا وما ذكره حسن الخامس ذهب الصدوق والشيخ وكثير من الأصحاب إلى أن اللبن من الميتة طاهر ونقل الشيخ في الخلاف على ما حكم عنه وابن زهرة
في الغنية اجماع الأصحاب عليه وقال ابن إدريس في السرائر اللبن نجس بغير خلاف عند المحصلين من أصحابنا لأنه مائع في ميتة ملامس لها ووافقه على الحكم بالتنجيس جماعة
من الأصحاب منهم الفاضلان والأول أقرب وتدل عليه صحيحة زرارة وحسنة حريز السابقتان وموثقة الحسين بن زرارة السابقة احتجوا للثاني بوجهين أحدهما ما أشار
إليه ابن إدريس من أنه مائع لاقي نجسا فينجس وثانيهما رواية وهب بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام ان عليا سئل عن شاة ماتت فحلب منها لبن فقال علي عليه السلام ذلك الحرام محضا والجواب
عن الأول يمنع الكبرى فان الدليل الدال على نجاسة الميتة لا يستفاد منه ذلك ولم ينعقد على ذلك الاجماع وعن الثاني بضعف الرواية فلا تصلح معارضا للأخبار الصحيحة
قال الشيخ انها رواية شاذة لم يروها غير وهب بن وهب وهو ضعيف جدا عند أصحاب الحديث وجوز حملها على التقية وجواب المصنف في المختلف من الخبرين الدالين على الطهارة بأنهما
محمولان على إذا قاربت الشاة الموت جمعا بين الأدلة فضعيف لما عرفت من عدم صلاحية الخبر والاعتبار الذي ذكروه لمعارضة الأخبار الصحيحة وارتكاب التأويل انما يكون عند
قيام المعارض السادس قال في التذكرة فارة المسك طاهرة سواء أخذت من حي أو ميت وقريب منه كلامه في النهاية وقال في الذكرى المسك طاهر اجماعا وفأرته وان أخذت
من غير المذكى واستقرب في المنتهى نجاستها ان انفصلت بعد الموت والأقرب الأول لصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن فارة المسك تكون مع الرجل وهو يصلى وهي معه في
148

جيبه أو ثيابه فقال لا باس بذلك ويمكن ان يحتج لما ذكره المصنف في المنتهى بما رواه عبد الله بن جعفر في الصحيح قال كتبت إليه يعنى أبا محمد هل يجوز للرجل ان يصلى ومعه فارة
مسك قال لا باس بذلك إذا كان ذكيا وجه الدلالة ان المستفاد من الخبران من افرادها ما ليس مذكى والجواب ان انتفاء كونها ذكاة غير مستلزم للنجاسة وكذا المنع من استصحابها في
الصلاة مع أنه يجوز ان يكون المراد من الذكي الطاهر الذي لم تعرض له نجاسة من خارج والأحوط عدم استصحابها في الصلاة الا مع التذكية ويكفى شراؤها من مسلم السابع
جمهور الأصحاب على نجاسة الميتة من كل حيوان ذي نفس سائله وإن كان مائيا وعن الشيخ في الخلاف أنه قال
إذا مات في القليل ضفدع أو ما لا يؤكل لحمه مما يعيش في الماء لا ينجس الماء به قال دليلنا ان
الماء على أصل الطهارة والحكم بنجاسة يحتاج إلى دليل روى عنهم عليهم السلام انهم قالوا إذا مات فيما حياته لا ينجس وهو يتناول هذا الموضع واحتجاج الشيخ لا يخلو عن قوة الا ان يثبت تناول
ويدعنيه الأصحاب من الاجماع لموضع النزاع ودون اثباته فرط القتاد الا من نجس العين كالكلب والخنزير والكافر هذا هو المشهور بين الأصحاب وخالف فيه السيد المرتضى فنقل عنه انه ذهب
إلى طهارة ما لا تحله الحياة من نجس العين حجة الأول أمران الأول (ان الحكم بالنجاسة معلق على السعي فيشتمل جميع اجزائه الثاني انه وقع الامر بالغسل عند ملاقاة الكلب والخنزير من غير استفصال) عن الأجزاء التي وقع الإصابة بها في كثير من الاخبار الآتية وذلك دليل على عموم الحكم خصوصا إذ كان الغالب
حصول الملاقاة بالشعر ومما يدل عليه أيضا ما رواه الشيخ مسندا عن برد الاستكاف قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك انا نعمل شعر الخنزير فربما نسى الرجل فيصلى وفى يده
شئ منه قال لا ينبغي له ان يصلى وفى يده شئ منه وقال خذوه فاغسلوا فما له رسم فلا تعلموا به وما لم يكن له رسم فاعلموا به واغسلوا أيديكم منه ولا يبعد الحاق هذه الرواية بالصحاح وإن كان في طريقه برد
الإسكاف ولم يوثقوه علماء الرجال لان له كتابا يرويه ابن أبي عمير عنه ويمكن ان يستفاد من ذلك توثيقه على ما أشرنا إليه غير مرة وعن سليمان الإسكاف قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن شعر الخنزير يحرز به قال لا باس ولكن يغسل يده إذا أراد ان يصلى وفى معناهما غيرهما من الاخبار وقد روى الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له ان رجلا من مواليك
يعمل الحمائل بشعر الخنزير قال إذا فرغ فليغسل يده حجة المرتضى على ما نقل عنه ان ما لا تحله الحياة ليس من نجس العين لا انه انما يكون من جملته إذا كان محلا للحيوة وان ما لا
تحله الحياة من نجس العين كالمأخوذ من الميتة والجواب عن الأول بان مرجع الاعتبار اطلاق اللغة والعرف وهما غير مساعدتين على الفرق المذكور وعلى الثاني بأنه قياس مع وجود
الفارق فان منشأ التنجيس في الميتة صفة الموت وهي منتفية فيما لا تحله الحياة وللسيد ان يتمسك بما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الحبل
يكون من شعر الخنزير تسقى به الماء من البئر أيتوضأ من ذلك الماء قال لا باس وفى الموثق عن الحسين بن زرارة عنه عليه السلام قال قلت فشعر الخنزير يعمل به حبلا يستقى به من البئر التي
يشرب منها ويتوضأ منها قال لا باس به وجه الدلالة بعد الانفكاك من الملاقاة بالرطوبة لليد والماء وإذا ظهر منه حكم شعر الخنزير يستفاد منه العموم لعدم القائل بالفصل
والشيخ قد حمل الخبر الأول على أنه لم يصل الشعر إلى الماء ولا يخلو عن بعد والمصنف ذكر الحديث الثاني في المنتهى وتكلم عليه بضعف الاسناد بنحو مما ذكره الشيخ من التأويل للجمع بين الأدلة
والتحقيق انه وقع التعارض بين هذين الخبرين وما يعارضهما ويمكن ترجيح هذين الخبرين بناء على أن حمل ما يعارضهما على استحباب الغسل تأويل قريب وكذا اخراج ما لا تحله الحياة
من موضع النجاسة فان ذلك أقرب من التأويل الذي ذكروه في الخبرين ويمكن ترجيح ما يعارضهما لكثرتها واعتضادها بعمل الأصحاب فللتوقف في هذه المسألة وجه وإن كان المشهور
رجحان ما ولا يخفى ان دليل المشهور لا يشمل الكافر فلعله ملحق بأخويه لعدم القائل بالفصل والدم من ذي النفس السائلة ونقل الاجماع عليه في التذكرة وقال المحقق في المعتبر الدم كله نجس
عدا دم ما لا نفس له سائلة قليله وكثيره وهو مذهب علمائنا الا ابن الجنيد فإنه قال إذا كانت سعته سعة الدرهم الذي سعته كعقد الابهام العليا لم ينجس الثوب وسيجيئ الكلام على ما ذهب إليه ابن الجنيد
وان الظاهر من الروايات إرادة العفو عن الناقص عن الدرهم واعلم أن الروايات مستفيضة بنجاسة الدم فمنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت أصاب
ثوبي دم رغاف أو غيره أو شئ من منى فعلمت اثره إلى أن أصيب له الماء فأصبت وحضرت الصلاة ونسيت ان بثوبي شيئا وصلت ثم ذكر بعد ذلك قال
148

تعيد الصلاة وتغسله قلت فانى لم أكن رأيت موضعه وعلمت انه قد اصابه فطلبته فلم أقدر عليه فلما صليت وجدته قال تغسله وتعيد قلت فان ظننت انه قد اصابه ولم اتقن ذلك فنظرت فلم
أر شيئا ثم صليت فرأيته فيه قال تغسله ولا تعيد الصلاة قلت لم ذلك قال لأنك كنت على يقين من طهارتك ثم شككت فليس ينبغي لك ان تنقض اليقين بالشك ابدا الحديث ومنها ما رواه
الشيخ والصدوق عن علي بن جعفر في الصحيح انه سال أخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن رجل عريان وحضرت الصلاة فأصاب ثوبا نصفه دم أو كله دم يصلى فيه أو يصلى عريانا قال إن وجد ماء غسله
وان لم يجد ماء صلى فيه ولم يصل عريانا وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يأخذه الرعاف في الصلاة كيف يصنع قال ينفصل فيغسل انفه وروى
الشيخ في الحسن عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله عن رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم قال إن علم أنه أصاب ثوبه جنابة أو دم قبل ان يصلى ثم يصلى فيه ولم يغسله فعليه ان يعيد ما صلى وعن سماعة
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرى بثوبه الدم فنسى ان يغسله حتى يصلى قال يعيد صلاته كي يهتم بالشئ إذا كان في ثوبه عقوبة نسيانه وفى موثقة عمار كل شئ من الطير يتوضأ سما
يشرب منه الا ان ترى في منقاره دما فان رأيت في منقاره دما فلا تتوضأ منه ولا تشرب وفى صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن رجل رعف وهو يتوضأ فقطر قطرة
في انائه هل يصلح الوضوء منه قال لا والاخبار في هذا الباب كثيرة ويستفاد من كثير منها عموم الحكم بانضمام العرف وقرائن الأحوال وترك الاستفصال وان يكن بلفظ دال على العموم
لغة ولا يستفاد منها الذي ذكره الأصحاب من تخصيصه بدم ذي النفس واخراج الدم المختلف في الذبيحة وتنقيح المقام ان نقول الدم لا يخلو إما ان يكون دم ذي النفس أم لا فإن كان دم ذي
النفس فلا يخلو إما ان يكون دما مسفوحا أي خارجا من العرق بقوة أم لا وعلى الثاني فلا يخلو إما ان يكون دما متخلفا في الذبيحة أم لا والآن ينقسم بحسب انقسام المذبوح إلى مأكول
اللحم وغيره وان لم يكن دم ذي النفس فلا يخلوا إما ان يكون دم سمك أم لا فههنا أقسام ستة الأول الدم المسفوح ولا ريب في نجاسته وذكر المصنف في المنتهى ان ذلك مذهب علماء الاسلام
والاخبار دالة عليه واستدل عليه المصنف بقوله تعالى قل لا أجد فيما اوحى إلى محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس ولعله مبنى على حمل
الرجس على معنى النجس وان الضمير غير مختص بلحم الخنزير والثاني مسلم وان أمكن المناقشة فيه فان تخصيص لحم الخنزير بالتعليل خلاف الظاهر إما الأول فغير مسلم لان أهل اللغة لم يعدوا
النجس من معاني الرجس وقد ذكروا له معاني كثيرة منها القدر وهو أعم من النجس الثاني الدم المتخلف بعد الدم في حيوان مأكول اللحم والظاهر أنه حلال طاهر بغير خلاف يعرف ونقل الاجماع
عليه المصنف في المختصر ويمكن الاستدلال عليه بالآية المذكورة مضافا إلى الاجماع المنقول لأنه يستفاد من الآية حصر المحرم في الأشياء المذكورة فيكون ما عداها حلالا ويلزم من ذلك
طهارتها للاجماع على التحريم النجس لا يقال النسبة بين الآية والأخبار الدالة على نجاسة الدم من غير تقييد عموم من وجه فيجوز تخصيص كل للاخر فلم رجحتم الآية على الاخبار مع اعتضاد
الاخبار بقوله تعالى حرمت الميتة والدم وقوله تعالى انما حرم عليكم الميتة والدم لأنا نقول ارتكاب التخصيص في الاخبار أولي لان دلالة الآية على العموم أصرح وأظهر للاستثناء وقوة
الدلالة بانضمام مفهوم الوصف المستفاد من الآية مع أنه لو تخصص الآية بالاخبار يرجع محصل المعنى عند التصريح به لا يحرم شئ غير الدم المسفوح وأخويه الا الدم وهو غير جيد مع أن
عمل الأصحاب أيضا مرجح قوى الثالث الدم المتخلف في حيوان غير مأكول اللحم وظاهر الأصحاب الحكم
بنجاسته لعدم استثنائهم له عن الدم المحكوم بالنجاسة ويدل عليه العموم المستفاد
من بعض الأخبار السابقة قال صاحب المعالم وتردد في حكمه بعض من عاصرناه من مشايخنا ومنشأ التردد من اطلاق الأصحاب الحكم بنجاسة الدم مما له نفس مدعين الاتفاق عليه وهذا بعض افراده
ومن ظاهر قوله تعالى أو دما مسفوحا حيث دل على حل غير المسفوح وهو يقتضى طهارته قال ويضعف الثاني بان ظاهرهم الاطباق على تحريم ما سوى الدم المتخلف في الذبيحة ودم السمك على
ما فيه والمتبادر من الذبيحة ما يكون من المأكول فدم ما لا يؤكل لحمه حرام عندهم مطلقا وعموم ما دل على تحريم الحيوان الذي هو دمه يتناوله أيضا إذا كثر الأدلة غير مقيدة باللحم وانما علق التحريم
فيها بالحيوان فيتناول جميع اجزائه لا يرد مثله في المحلل لقيام الدليل هناك على تخصيص التحليل باللحم واجزاء اخر معينة وبالجملة فحل الدم مع حرمة اللحم أمر مستبعد جدا لا سيما بعد ما قررناه
من ظهور الاتفاق بينهم فيه وتناول الأدلة بظاهرها له وإذا ثبت التحريم هنا لم يبق للآية دلالة على طهارته انتهى كلامه وهو حسن وبالجملة الآية مخصصة باتفاق الأصحاب وظواهر الأدلة
الدالة على تحريم ما لا يؤكل لحمه الرابع ما عدا المذكورات من الدماء التي لا تخرج بقوة من عرق ولا لها كثرة وانصباب لكنه مما له نفس وظاهر الأصحاب الاتفاق على نجاسة ويستفاد ذلك أيضا
من بعض الأخبار التي يختص بغير المسفوح فارجع وتدبر وظاهر المعتبر والتذكرة نقل الاجماع عليه ويتوهم من تقييد المصنف في جملة من كتبه الدم المحكوم بالنجاسة بالمسفوح طهارة هذا القسم والذي
149

قبله بل يفهم من كلامه في المنتهى حصر النجس في المسفوح وكذا من كلامه في المختلف حيث قال محتجا على طهارة المتخلف في الذبيحة هو طاهر اجماعا لانتفاء المقتضى للتنجيس وهو السفح ولولا مثل هذا الكلام
لأمكن ان يقال مراده من المسفوح ما كان من ذي النفس كما يرشد إليه كلام ابن زهرة حيث استثنى منه ما ليس منه ان حمل على معناه الظاهر والظاهر أن ما يفهم من ظاهر كلام المصنف غير مراد له
وان الغرض من التقييد بالمسفوح اخراج مثل المتخلف في الذبيحة وغيرها مما حكموا باستثنائها وانه لا ريب لاحد منهم في نجاسة الدم المبحوث عنه الخامس دم السمك والظاهر أن طهارته اجماعي بين
الأصحاب وقد نقل الاجماع عليه الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية وابن إدريس في السرائر والمحقق في المعتبر والمصنف في المختلف والشهيد في الذكرى وذكر المصنف في المختلف ان ظاهر تقسيم الشيخ للدم في
المبسوط والجمل يعطى حكمه بنجاسة دم السمك البق والبراغيث مع أنه لا تجب أظلة قليله وكثيره وتجاوز المتأخرون عن ذلك فجزموا بهذه النسبة ولم يقطع هو بل جعل ذلك ظاهر كلامه والحق كما
ذكره بعض المتأخرين ان هذه النسبة خطأ وانما نشأ من سوء عبارة الشيخ رحمه الله وان ظاهر كلامه غير مراد له ويظهر ذلك لمن راجع كلامه في الخلاف فإنه ذكر فيه كلاما نظير الماء ذكر في المبسوط والجمل بعد ما
نقل اجماع الفرقة على الطهارة قبل ذلك بسطر فحيث جمع بين العبارة المذكور؟؟ في عبارة واحدة دل ذلك على أنه متجوز في تلك العبارة وقد وقع كلام سلار وابن حمزة أيضا نظير كلام الشيخ والظاهر أنهما
أيضا متجوز ان فيما ذكرا لكن التأويل في كلام سلار أبعد فمن أراد اذعان ما ذكرناه فعليه ان يرجع إلى كلامهم مع التدبر ثم اعلم أن المصنف استدل على طهارة دم السمك بوجوه الأول
الاجماع الثاني قوله تعالى أحل لكم صيد البحر وطعامه وهو يدل على إباحة تناول كل اجزائه وفى دلالة الآية على العموم تأمل الثالث قوله تعالى قل لا أجد الآية الرابع انه يجوز اكله بدمه من غير أن يسفح
منه اجماعا ولو كان نجسا يحرم اكله الخامس ان علة النجاسة السفح وهو منتف في دم السمك وفيه تأمل السادس ما روى السكوني عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام كان لا يرى بأسا بدم ما لم يذك
يكون في الثوب فيصلى فيه يعنى دم السمك ولا يخفى ان الاستدلال الثالث يقتضى القول بحل دم السمك وكذا الثاني والرابع على تقدير الصحة ولا اعلم التصريح بذلك الا في هذا الكتاب والمنته؟؟ وحيث
استدل بالآيتين على الطهارة وبين وجه الدلالة في الأولى بأنها تقتضي إباحة السمك بجميع اجزائه وفى الثانية بأنها ظاهرة في انحصار المحرم من الدم في المسفوح ودم السمك ليس بمسفوح يجب
ان لا يكون محرما وذلك يقتضى طهارته وفى كلام ابن إدريس حيث استدل بالآيتين على الوجه المذكور وبالدليل الرابع الذي ذكره المصنف وقال في المعتبر مستدلا على طهارة دم السمك و
لان دم السمك لو كان نجسا لوقفت إباحة اكله على سفح دمه بالذبح كحيوان البر ولكن الاجماع على خلاف ذلك فإنه يجوز اكله بدمه وللشهيد الثاني في الروضة عبارة تظهر منها الحكم بالحل وظاهر
كثير من عباراتهم تخصيص التحليل بالدم المتخلف في الذبيحة وتعميم التحريم في غيره من الدماء قيل وقد وقع التصريح بذلك أيضا في كلام بعضهم والتنصيص على تحريم دم السمك بالخصوص والظاهر أنه لا حجة لهم
عليه الا الاستحباب وهو موضع نظر وإذا لم يثبت ذلك كانت الآية دليلا قويا على حله وطهارته السادس دم غير السمك مما لا نفس له وقد نقل جماعة من الأصحاب الاجماع على طهارة دم كل حيوان لا
نفس له كالشيخ وابن زهرة وابن إدريس والفاضلان والشهيد ويوهم كلام الشيخ في المبسوط والجمل وكلام سلار وابن حمزة المخالفة في ذلك وقد نبهناك على ما يندفع به هذا الوهم ويدل عليه مضافا إلى
الاجماع المنقول صحيحة عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في دم البراغيث قال ليس به باس قال قلت إنه يكثر ويتفاحش قال وان كثر وروايتا الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دم
البراغيث في (الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة قال لا وان كثر ورواية محمد بن ريان قال كتبت إلى الرجل عليه السلام هل يجر دم البق مجرى دم البراغيث
) وهل يجوز لاحد ان يقيس بدم البق على البراغيث فيصلى فيه وان يقيس على نحو هذا فيعمل به فوقع عليه السلام تجوز الصلاة والطهر منه أفضل وينبغي التنبيه على أمور الأول حكى المحقق عن الشيخ انه حكم
بطهارة الصديد والقيح ثم قال وعندي في الصديد تردد أشبهه النجاسة لأنه ماء الجرح يخالطه يسير دم ولو خلا من ذلك لم يكن نجسا وخلافنا مع الشيخ يؤل إلى العبارة انه لا يوافق لأنه يوافق على هذا التفصيل إما
القيح فان مازجه دم نجس بالممازج وان خلا من الدم كان طاهر ولا يقال هو مستحيل من الدم لأنا نقول لا نسلم ان كل مستحيل من الدم لا يكون طاهر كاللحم واللبن انتهى كلامه وما فعله حسن الثاني المشهور بين الأصحاب طهارة القئ
ونقل الشيخ في المبسوط عن بعض الأصحاب نجاسة ويدل على الأول مضافا إلى الأصل موثقة عمار الساباطي انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن القئ يصيب الثوب فلا
يغسل قال لا باس به وعن عمار انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يتقيأ في ثوبه أيجوز ان يصلى فيه ولا يغسله قال لا باس ولعل عدم صحة الخبرين غير قادح بعد
عمل أكثر الأصحاب بمضمونها واعتضادهما بالأصل وحجة القا؟ بالنجاسة غير معلومة ونقل في المختصر له حجة يرجع محصله إلى قياسه على الغائط والدم وهو ضعيف جدا
149

الثالث المسك طاهر اجماعا كما قاله المصنف في التذكرة ويؤيده الأصل وما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان يتطيب به وكان أحب الطيب إليه والكلب والخنزير لا خلاف في نجاستهما بين الطائفة
وقد تكرر نقل؟ اجماعهم عليه في كلامهم وتدل عليه الأخبار المستفيضة كصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام قال سألته عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل قال
يغسل المكان الذي اصابه وصحيحة الفضل بن أبي العباس قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله وان مسه جافا صبب عليه الماء وصحيحة محمد بن مسلم قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الكلب يصيب شيئا من جسد الرجل قال يغسل المكان الذي اصابه وصحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير
فلم يغسله فتذكر وهو في صلاته كيف يصنع به قال إن كان دخل في صلاته فليمض وان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه الا ان يكون فيه اثر فيغسله قال وسألته عن خنزير
شرب من اناء كيف يصنع به قال يغسل سبع مرات وقوله فلينضح أراد به ما إذا كانت الإصابة بغير رطوبة
وبقرينة قوله الا ان يكون فيه اثر ويؤيده مرسلة حريز عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا مس ثوبك كلب فإن كان يابسا فانضحه وإن كان رطبا فاغسله ورواية القسم عن علي عنه عليه السلام قال سألته عن الكلب يصيب الثوب قال انضحه وإن كان رطبا فاغسله وقد مر في مسألة
انفعال القليل بملاقاة النجاسة صحيحة أبى العباس الفضل وصحيحة محمد وغيرها مما يدل على نجاسة الكلب وقد ورد بخلاف ما ذكرنا روايات لكنها لا تصلح لمعارضة الأخبار المذكورة خصوصا
بعد اعتضادها بعمل الأصحاب يجب تأويل تلك الروايات جمعا بين الاخبار * فروع * الأول قال في الذكرى المتولد بين الكلب والخنزير نجس في الأقوى لنجاسة أصلية ومثله قال
الشهيد الثاني بل صرح بعدم الفرق بين موافقته لأحدهما في الاسم ومباينته لهما واستشكل المصنف الحكم في صورة المباينة والاشكال في موقعه لان حكم النجاسة معلق على الاسم فإذا
فرض انتفاء صدق الاسم كان اثبات النجاسة محتاجا إلى دليل ومجرد التولد من النجس غير كاف في الحكم بالنجاسة الثاني ما يتولد بين أحدهما وبين حيوان فالظاهر أنه يتبع الاسم
كما قاله كثير من الأصحاب لم ينقلوا فيه خلافا ويلوح من النهاية والمنتهى نوع خلاف فيه حيث استقرب الحكم المذكور الثالث أكثر الأصحاب على طهارة كلب الماء حملا للفظ على
المتبادر منه وعن ابن إدريس المخالفة في ذلك بناء على أن اطلاق الكلب عليه حقيقة وهو ممنوع وأجزائهما لا نعرف خلافا في ذلك بين الأصحاب الا فيما لا تحله الحياة من اجزائهما فقد
خالف فيه السيد المرتضى وحكم بطهارته وقد مر البحث عنه والكافر بجميع اصنافه وان أظهر الأسلم إذا جحد ما يعلم ثبوته من الدين ضرورة كالخوارج وهم أهل النهروان ومن دان بمقالتهم
سموا بذلك لخروجهم على الإمام عليه السلام بعد أن كانوا من حزبه أو لخروجهم من الأسلم كما وصفهم النبي صلى الله عليه وآله بأنهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرامي ونقل عن الباقر عليه السلام انهم مشركون والغلاة
توهم الذين اعتقدوا في واحد من الأئمة انه الاله وقد يطلق الغالي على من قال بإلهية أحد من الناس واعلم أن جماعة من الأصحاب ادعوا الاجماع على نجاسة كل كافر كالمرتضى والشيخ وابن
زهرة والمصنف في عدة من كتبه لكن المصنف في المعتبر أشار إلى نوع خلاف فيه فقال الكفار قسمان يهود ونصارى ومن عداهما إما القسم الثاني فالأصحاب متفقون على نجاستهم
واما الأول فالشيخ قطع في كتبه بنجاستهم وكذا علم الهدى والاتباع وابنا بابويه وللمفيد قولان أحدهما النجاسة ذكره في أكثر كتبه والاخر الكراهة ذكره في الرسالة الغرية وقد تنسب
المخالفة إلى الشيخ في النهاية وابن الجنيد أيضا لكن في نسبة ذلك إلى النهاية تأمل فتلخص من ذلك أن القول بنجاسة من عدا اليهود والنصارى والمجوس من أصناف الكفار موضع وفاق بين
الأصحاب وقد صرح بذلك المحقق وغيره واما أهل الكتاب فالظاهر من كلام ابن الجنيد المخالفة فيه ويوافقه المفيد في أحد قوليه ولعل مدعى الاجماع يعتقد رجوع المفيد إلى موافقة
المشهور مع عدم اعتداده بمخالفة ابن الجنيد لأنه يعمل بالقياس لكن القول بطهارة سؤرهم مما نسبه بعض المتأخرين إلى ابن أبي عقيل أيضا والعجب أن الشيخ في التهذيب نقل اجماع المسلمين
على نجاسة الكفار مطلقا مع أن مخالفة جمهور العامة لهذا الحكم مما لا خفاء فيه حتى أن السيد المرتضى جعلها من متفردات الامامية احتج الأصحاب على نجاسة من عدا أهل الكتاب بوجهين
الأول قوله تعالى انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا ويرد عليه ان اتمام هذا الدليل يتوقف على اثبات ان لفظ النجس حقيقة شرعية في المعهود بين
الفقهاء أو ساعد على ذلك عرف يعلم وجوده في زمن الخطاب وكلا الامرين في معرض المنع وانما قلنا بالتوقف المذكور لان كلام أهل اللغة غير مقيد لكون معنى النجس هو المعهود
بينهم بل ذكر بعضهم انه المستقذر وبعضهم انه ضد للطاهر والمراد بالطهارة في عرف أهل اللغة معناها اللغوي لا يقال الفاء في قوله تعالى فلا يقربوا المسجد دالة على سببية النجاسة
للمنع من دخول المساجد وذلك انما يصح على تقدير حمل النجاسة على المعنى الشرعي إذ ليس القذارة مطلقا سببا للمنع لأنا نقول القدر المعلوم سببية نجاسة المشركين للمنع لا للنجاسة
مطلقا دلت على القذارة لا يلزم ان يكون كل قذارة سببا للمنع ويرد عليه أيضا ان الحكم في الآية مختص بالمشرك والمدعى أعم من ذلك وقد يدفع بان التعميم مستفاد
من عدم القائل بالفصل ولا يناقش في دلالة الآية بان النجس مصدر فلا يصح وصف الجثة به الا مع تقدير كلمة ذو ولا دلالة في الآية معه لجواز ان يكون الوجه في نسبتهم إلى
النجس عدم انفكاكم من النجاسات العرضية لانهم لا يتطهرون ولا يغتسلون والمدعى نجاسة ذواتهم وأجيب عنه بان المصدر يصح الوصف بها إذا كثرت معانيها في الذات كما يقال رجل
عدل والتحقيق ان الوصف بالمصدر بها إذا كثرت معانيها في الذات كما يقال رجل عدل لكنه مبنى على التأويل فمن الناس من قدر
كلمة ذو وجعل الوصف بها مضافة إلى المصدر ومنهم من جعله واردا على جهة المبالغة باعتبار تكثر الوصف في الموصوف حتى كأنه تجسم منه والظاهر كونه أرجح من الأول قيل
وعليه تعويل المحققين الثاني قوله تعالى كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون وفيه نظر لأنا نسلم ان الرجس بمعنى النجس لغة أو عرفا ولم يثبت كونه حقيقة شرعية فيه قال
المحقق لا يقال الرجس العذاب رجوعا إلى أهل التفسير لأنا نقول حقيقة اللفظ يعطى ما ذكرناه فلا يستند إلى مفسر برايه ولان الرجس اسم لما يكره فهو يقع على موارده بالتواطؤ فيحمل على
الجميع عملا بالاطلاق وفيه نظر فان كون حقيقة اللفظ معطية لما ذكره محل تأمل فان الرجس لغة يجيئ لمعان منها القذر والعمل المؤدى إلى العذاب والشك والعقاب والغضب والمأثم
وكل ما استقذر من عمل واثبات انه حقيقة في البعض مجاز في غيره يحتاج إلى دليل مع ما قيل من أن المتبادر من سوق الآية إرادة الغضب والعذاب كما ذكره أكثر المفسرين على أن النجس بالمعنى
الشرعي ليس من جملة تلك المعاني فلا ينفع الاشتراك المعنوي سلمنا لكن اطلاقه على ما يكره لا يقتضى وجوب حمله على جميع موارده على سبيل العموم لان صدق المطلق لا يقتضى صدق
جميع افراده واحتج الأصحاب على نجاسة أهل الكتاب بطريقين الأول عموم الآيتين إما الثانية فظاهرة بعد فرض دلالتها على التنجيس واما الأولى فيحتاج إلى اثبات شرك أهل الكتاب
واستدل عليه بان الشرك متحقق في المجوس منهم لما قيل من أنهم يقولون بالهين اثنين النور والظلمة وفى اليهود والنصارى بدليل قوله تعالى سبحانه وتعالى عما يشركون عقيب حكايته
عن الهود وقولهم إن العزيز ابن الله وعن النصارى ان المسيح ابن الله وقوله تعالى بعد حكايته انهم تخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله سبحانه وتعالى عما يشركون الثاني الأخبار الدالة
على ذلك منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن فراش اليهودي والنصراني ينام عليه قال لا باس ولا يصلى في ثيابهما وقال لا يأكل المسلم
مع المجوسي في قصعة واحدة ولا يقعده على فراشه ولا مسجده ولا يصافحه قال وسألته عن رجل اشترى ثوبا من السوق للبس لا يدرى لمن كان هل تصلح الصلاة فيه قال إن اشتراه من
مسلم فليصل فيه وان اشتراه من نصراني فلا يصل فيه حتى يغسله ومنها ما رواه الكليني عن علي بن جعفر في الصحيح عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال سألته عن مؤاكلة المجوسي في قصعة واحدة
وارقد معه على فراش واحد وأصافحه فقال لا ومنها ما رواه علي بن جعفر في الصحيح أيضا سال أخاه موسى بن جعفر عليهما السلام عن النصراني يغتسل مع المسلم في الحمام قال إذا علم أنه نصراني
اغتسل بغير ماء الحمام الا ان يغتسل وحده على الحوض فيغسله ثم يغتسل وسأله عن اليهودي والنصراني يدخل
يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة قال لا ان يضطر ولعل المعنى في صدر هذا
الحديث ان اجتماع المسلم مع النصراني حال الاغتسال يوجب إصابة ما يتقاطر من بدن النصراني لبدن المسلم فينجسه فيلزم عدم صحة الغسل بماء الحمام واما عند اغتسالهما منفردين فلا
150

باس بذلك وعند تقدم غسل النصراني يغسل المسلم الحوض ثم يغسل ولعل الحكم مفروض فيما إذا كان الاغتسال بأخذ من ماء الحوض لا بالورود فيه يرشد إليه ايراده
بلفظة على دون في وينبغي ان يفرض فيما إذا لم يبلغ ماء الحوض مقدار الكر ولم يتصل بالمادة حال الاغتسال ويكون للمسلم سبيل إلى اجرائه ليتصور امكان غسل الحوض ولا يخفى ان استثناء
حال الاضطرار عن المنع من الوضوء بما يدخل اليهودي والنصراني يده فيه لا يخلو عن دلالة على الطهارة وان المنع محمول على الاستحباب وأشار إليه المحقق وأجاب بأنه لعل المراد بالوضوء
التحسين لا الرفع قال ويلزم من المنع كالتحسين المنع من رفع الحديث بل أولي وفيه تعسف ظاهر وكذا ما يقال الاستثناء حال الضرورة إشارة إلى تسويغ استعماله في غير الطهارة عند
الاضطرار وأقرب منهما حمل الاضطرار على حال التقية ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن رجل صافح مجوسيا قال يغسل يده ولا يتوضأ
ومنها ما نقله ابن إدريس في كتاب السرائر عن جامع البزنطي قال وسألته عن الرجل يشترى ثوبا من السوق لبيسا لا يدرى لمن كان يصلح له الصلاة فيه قال إن كان اشتراه من مسلم فليصل
فيه وان اشتراه من نصراني فلا يلبسه ولا يصلى فيه حتى يغسل ومنها ما رواه الصدوق في الموثق عن سعيد الأعرج انه سال أبا عبد الله عن سؤر اليهودي والنصراني يؤكل أو يشرب
قال لا رواه الكليني والشيخ بطريق حسن لكن باسقاط قوله يؤكل أو يشرب ومنها ما رواه أبو بصير عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن انية أهل الذمة والمجوس فقال
لا تأكلوا في آنيتهم ولا من طعامهم الذي يطبخون ولا في آنيتهم الذي يشربون منها الخمر ورواية هارون بن خارجة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انه أخالط المجوس فاكل من طعامهم
قال لا ورواية سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن طعام أهل الكتاب ما يحل منه قال الحبوب ومنها ما رواه الكليني في باب اللباس الذي يكره وما لا يكره في الموثق عن أبي بصير
عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت الطيلسان يعمله المجوس اصلى فيه قال أليس يغسل بالماء قلت بلى قال لا باس قلت الثوب الجديد يعمله الحائك اصلى فيه قال نعم وروى الشيخ في باب الاحداث
من الزيادات عن عيسى بن عمر مولى الأنصار في الضعيف انه سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يحل له ان يصافح في المجوسي فقال لا فسأله أيتوضأ إذا صافحهم قال نعم ان مصافحتهم
ينقض الوضوء هذا غاية ما يمكن ان يحتج به للنجاسة وفيه نظر إما الاحتجاج بالآيتين فلما عرفت على أن اثبات كونهم مشركين بالمعنى المقصود في الآية لا يخلو عن اشكال فان الظاهر أن
المراد بالمشرك من اعتقد لله شريكا في الإلهية ويجوز ان يكون اطلاق المشرك عليهم في قوله تعالى سبحانه وتعالى عما يشركون بمعنى اخر كما هو الظاهر فلا يتم الاستدلال قيل
وقد ورد في اخبارنا ان معنى اتخاذهم الأحبار والرهبان أربابا من دون الله امتثالهم أوامرهم ونواهيهم لا اعتقادهم انهم آلهة وربما كان في الآيات المتضمنة العطف المشركين
على أهل الكتاب وبالعكس بالواو اشعار بالمغايرة واما الاخبار فلكونها معارضة بأقوى منها دلالة فحملها على الاستحباب غير بعيد ويدل على هذا الحمل بعض الأخبار الآتية قال
الشهيد الثاني أكثر اخبار النجاسة يلوح منها إرادة الكراهة فان النهى عن المصافحة والاجتماع على الفراش الواحد لابد من حمله على الكراهة إذ لا خلاف في جوازه والامر بغسل اليد
من المصافحة مع كون الغالب انتفاء الرطوبة محتاج إلى الحمل على خلاف الظاهر أيضا وهذا كله يوجب ضعف دلالتها فيقرب فيها ارتكاب التأويل وذلك بحمل نواهيها على الكراهة
وأوامرها على الاستحباب واطلاق النهى عن الصلاة في الثوب قبل الغسل أيضا يحتاج إلى تأويل على أن الأخبار الدالة على النهى من مؤاكلتهم أو الاكل عن طعامهم أو الاكل عن
انائهم أو شرب سؤرهم غير دالة على نجاستهم لعدم انحصار علة شئ مما ذكر في النجاسة الا ان يثبت عدم القائل بالفصل واما حجة القول بطهارة أهل الكتاب فهى الأصل وظاهر
قوله تعالى وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم والعرف قاض في مثله بالعموم والاعتبار الذي ذكروها في عموم المفرد المعرف بالام جار ههنا فيجب الحمل على العموم إذ لا قرينة على إرادة
نوع خاص وإذا ثبت العموم والغالب في الطعام المصنوع المباشرة بالأيدي مع قبوله الانفعال من حيث الرطوبة يلزم طهارة المباشرة لاستلزام الحل الطهارة والأخبار الكثيرة
منها صحيحة إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا عليه السلام الجارية النصرانية تخدمك وأنت تعلم أنها نصرانية ولا تتوضأ ولا تغتسل من جنابة قال لا باس تغسل يديها ومنها صحيحة إبراهيم بن
أبي محمود أيضا قال قلت للرضا عليه السلام الخياط أو القصار يكون يهوديا أو نصرانيا وأنت تعلم أنه يبول ولا يتوضأ ما تقول في عمله قال لا باس ومنها صحيحة عيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن مؤاكلة اليهودي والنصراني فقال لا باس إذا كان من طعامك وسألته عن مؤاكلة المجوسي فقال إذا توضأ فلا باس ومنها صحيحة إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما
تقول في طعام أهل الكتاب فقال لا تأكله ثم سكت هنيئة ثم قال لا تأكله (ثم سكت هنيئة ثم قال لا تأكله) ولا تتركه تقول انه حرام ولكن تتركه تنزه عنه ان في آنيتهم الخمر ولحم الخنزير وقد يقال إن هذا الحديث معلول
المتن لأنه يدل على أنه عليه السلام نهى ثم سكت ثم نهى ثم سكت ثم أمر في الثالث بالتنزه عنه وهذا يؤذن بالتردد في حكمه وحاشاهم سلام الله عليهم من التردد فيما يصدر عنهم من الاحكام
فان احكامهم ليست صادرة عن الظن وفيه نظر لأن علة السكوت ثم الامر ليست منحصرة في التردد فيجوز ان يكون ذلك لمصلحة أخرى قال الشهيد الثاني تعليل النهي في هذه
الرواية بمباشرتهم للنجاسات يدل على عدم نجاسة ذواتهم إذ لو كانت نجسة لم يحسن التعليل بالنجاسة العرضية التي قد يتفق وقد لا يتفق ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما
عليهما السلام قال سألته عن انية أهل الذمة فقال لا تأكلوا في آنيتهم إذا كانوا يأكلون فيه الميتة والدم ولحم الخنزير ومنها حسنة الكاهلي قال (سأل) رجل أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده عن
قوم مسلمين حضرهم رجل مجوسي يدعونه إلى طعامهم فقال إما انا فلا ادعوه ولا أواكله فاني لأكره ان أحرم عليكم شيئا يصنعونه في بلادكم ومنها رواية زكريا بن إبراهيم قال دخلت
على أبي عبد الله (ع) فقلت اني رجل من أهل الكتاب واني أسلمت وبقى أهلي كلهم على النصرانية وانا معهم في بيت واحد لم أفارقهم بعد فاكل من طعامهم فقال لي يأكلون لحم الخنزير قلت لا ولكنهم
يشربون الخمر فقال لي كل معهم واشرب ومنها صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام وقد سأله عن اليهودي والنصراني يدخل يده في الماء أيتوضأ منه للصلاة قال لا الا ان يضطر إليه
وقد ذكرت في حجج النجاسة لكنها بالدلالة على الطهارة أشبه وان أمكن الايراد عليه بأنه غير صريح في الطهارة لجواز حمل الاضطرار المستثنى على حال التقية ومنها موثقة عمار الساباطي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يتوضأ من كوز أو اناء غيره إذا شرب على أنه يهودي فقال نعم قلت فمن ذاك الماء الذي يشرب منه قال نعم هذا غاية ما يمكن ان يحتج به
للطهارة ويرد على التعلق بالآية إما أولا فلانا لا نسلم ان المراد بالطعام مطلق المأكول لجواز ان يكون المراد به الحنطة بناء على أن استعمال لفظ الطعام في البر حقيقة أو غلب استعماله فيه
قال صاحب المجمل قال بعض أهل اللغة الطعام البر خاصة وذكر حديث أبي سعيد كنا نخرج صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله صاعا من طعام أو صاعا من كذا وقال صاحب الصحاح و
ربما خص اسم الطعام بالبر وقال في القاموس الطعام البر وكل ما يؤكل وقال في المغرب الطعام اسم لما يؤكل وقد غلب على البر ومنه حديث أبي سعيد ولأجل ذلك ذكر المحاملي والاقطع
في كتابيهما الخلاف بين الشافعي وأبي حنيفة في الوكيل الشراء الطعام هل يخص بالحنطة أو بها وبالدقيق قال الأقطع والأصل في ذلك أن الطعام المطلق اسم للحنطة ودقيقها سلمنا
ان الآية بظاهرها عامة الا ان الاخبار ناطقة بتخصيصه منها ما رواه الصدوق عن هشام ابن سالم في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم قال العدس
والحمص وغير ذلك ورواها الشيخ بطريق لا يبعد ان يعد من الصحيح (ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح) عن قتيبة قال سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام فقال له الرجل اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب
حل لكم وطعامهم حل لهم فقال الحبوب والبقول وقد يقال في تخصيص الآية بالحبوب وشبهها اشكال وحاصله ان الحبوب ونحوها داخلة في عموم الطيبات وعطف الخاص على العام انما
يجوز مع وجود نكتة ولا نكتة هيهنا الا إذا حمل الطعام على العموم فان النكتة حينئذ ظاهرة من حيث إن تعليق التحليل بالطيبات يؤذن بان طعام أهل الكتاب ليس محللا على الاطلاق
إذ المانع منه لا ينفك عن ملاقاة النجاسة غالبا أو من مخالطة بعض المحرمات فيحسن لذلك افراده بالذكر وبيان الرخصة فيه وأجيب عنه بان مثل هذه النكتة يمكن اعتبارها على تقدير
التخصيص فان الاحتمال قائم في الحبوب ونحوها وذلك لان المباشرة بأيديهم والمزاولة في وقت التصفية وغيرها لا يؤمن معها ملاقاة ما يوجب التنجيس أو يقتضي الاستخباث فبين
151

سبحانه ان قيام مثل الاحتمال لا يخرجه عن وصف الطيب الذي هو مناط الحل واحتمل فيها وجه اخر وهو ان يكون الحكم بحل طعام كل من فريقي المسلمين وأهل الكتاب للآية كناية عن
عدم إرادة قطع الوصلة بين الفريقين رأسا كما تشعر به المباينة الدينية وكون منساق جملة من الآيات المتقدمة لبيان ما حرم على المسلمين والكفار يستحلونه وقوله سبحانه في
جملة من الآيات اليوم يئس الذين كفروا من دينكم ثم قوله ويسئلونك ماذا أحل لهم فغير مستبعد بعد هذا كله ان يقع في الوهم انقطاع الوصلة بين المسلمين والكفار بكل وجه فذكر
سبحانه ما يزيل الوهم وسوغ للمسلمين اعطاء أهل الكتاب طعامهم بالبيع ونحوه وأباح لهم اخذ أهل الكتاب كذلك وجعله دليلا على عدم التكليف بالتقاطع في أمثال ذلك ولابد من
ارتكاب نحو هذا التقريب في ذكر حل طعام المسلمين لأهل الكتاب فيقرب اعتباره في الطرف الآخر واما ثانيا فلانه لو سلم ان المراد بالآية العموم لكن الظاهر منها ان طعامهم من حيث إنه
طعامهم حل لكم وذلك لا ينافي نجاسة بسبب أمر عرضي هو ملاقاتهم له بالرطوبة وفيه تأمل ويرد على التعلق بالاخبار انه يجوز حملها على التقية جمعا بينها وبين ما يعارضها من الأخبار السابقة
الموافقة لعمل أكثر الأصحاب المخالفة لجمهور العامة وربما كان في بعض الأخبار السابقة اشعار بذلك والتحقيق انه لولا الشهرة العظيمة بين العلماء وادعاء جماعة منهم الاجماع
على نجاسة أهل الكتاب كان القول بطهارتهم متجها لصراحة الأخبار الدالة على الطهارة على كثرتها في المطلوب وبعد حمل الكل على التقية وقرب التأويل في اخبار النجاسة بحملها على
الاستحباب والكراهة فإنه حمل قريب خصوصا إذا تأيد ببعض القرائن كما مر على أن شيئا منها غير دال على النجاسة وان حمل على الايجاب والتحريم الا ان يثبت عدم القائل بالفصل فتدبر
جدا وعليك بالاحتياط واعلم أن الطريق إلى اثبات نجاسة الخوارج والغلاة انهم كفار لامكان الخوارج ما هو من ضروريات الدين واعتقاد الغلاة الوهمية غير الله سبحانه وإذا
ثبت كفرهم ثبت نجاستهم للاجماع المنقول سابقا فان التعويل في نجاستهم مبنى على ثبوت الاجماع ويلحق بهم النواصب وهم الذين ينصبون العداوة لأهل البيت عليهم السلام ويدل
عليه ما رواه الشيخ عن الوشا عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام انه كره سؤر ولد الزنا واليهودي والنصراني والمشرك وكل ما خالف الاسلام وكان أشد ذلك عنده سؤر الناصب وفي رواية حمزة بن أحمد
عن أبي الحسن عليه السلام ورواية ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام السابقتين في مبحث غسالة الحمام تأييد ما للمطلوب وكذا في الأخبار الدالة على تحريم ذبائحهم. * وينبغي التنبيه على أمور الأول
حكم الشيخ في المبسوط بنجاسة المجسمة والمجبرة ولم يرتض ذلك المحقق واحتج للطهارة بفقد الدليل على النجاسة ولظاهر بعض الأخبار ووافق في المجسمة جماعة من الأصحاب
واختلف كلام المصنف في نجاستهم فاستقرب في المنتهى نجاسة المجسمة والمشبهة واختاره في القواعد واستقرب في التذكرة والنهاية طهارتهم واختلف كلام الشهيد أيضا في كتبه واحتج المصنف
في المنتهى على نجاستهم بأنهم يعتقدون انه تعالى جسم وكل جسم محدث ويرد عليه ان الظاهر المقتضى للكفر القول بالحدوث ولا مجرد التجسم فلعلهم زعموا برأيهم الفاسد عدم المنافاة
بين الجسمية والقدم الذاتي ولا يلزم من القول بالملزوم القول باللازم ومن الأصحاب من فرق بين المجسمة في الحقيقة وهم الذين يزعمون أن الله جسم كالأجسام والمجسمة
بالتسمية وهم الذين يقولون إن الله تعالى جسم كالأجسام فجزم بنجاسة الأول وتردد في الثاني واعترضه بعضهم بان الدليل الدال على الأول دال على الثاني واما المجبرة فذهب
إلى نجاستهم الشيخ وحكم المتأخرون بضعفه قال في المنتهى يمكن ان يكون مأخذ الشيخ في حكمه بنجاسة سؤر المجسمة والمجبرة قوله تعالى كذلك يجعل الله الرجس على الذين لا يؤمنون
ثم استضعف تنجيس سؤر المجبرة وأنت خبير بضعف دلالة الآية على ما ذكر ويمكن ان يكون نظر الشيخ إلى استدلال المعتزلة على كفر المجبرة بقوله تعالى سيقول الذين أشركوا لو
شاء الله ما أشركنا ولا اباؤنا ولا حرمنا من شئ كذلك كذب الذين من قبلهم ذاقوا بأسنا قال صاحب الكشاف اخبار بما سوف يقولونه وبما قالوه وقال الذين أشركوا لو
شاء الله ما عبدنا من دونه من شئ يعنون بكفرهم وتمردهم ان شركهم وشرك ابائهم وتحريم ما أحل الله بمشية الله وارادته ولولا مشيته لم يكن شئ من ذلك كمذهب
المجبرة بعينه كذلك كذب الذين من قبلهم اي جاؤوا بالكذب المطلق لان الله عز وجل ركب في العقول وانزل في الكتب ما دل على غناه وبراءته من مشية القبائح وارادتها والرسل أخبروا
بذلك فمن علق وجود القبائح من الكفر والمعاصي بمشية الله وارادته فمن كذب التكذيب كله وهو تكذيب الله وكتبه ورسله ونبذ أدلة العقل والسمع وراء ظهره انتهى كلامه
ولقائل أن يقول يجوز ان يكون قوله تعالى كذلك كذب الذين من قبلهم إشارة إلى قوله سابقا على هذه الآية فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمة اي مثل هذا التكذيب لك في أن الله تعالى منع
من الشرك ولم يحرم ما حرموه كذب الذين من قبلهم ويكون مرادهم لو شاء الله ما أشركنا انهم على الحق المرضى عند الله لا الاعتذار عن ارتكاب هذه القبائح بإرادة الله تعالى
إياها وإذ قد عرفت ان العمدة في اثبات نجاسة الكفار على أصنافها هو الاجماع وهو غير جار في محل النزاع كان القول بالنجاسة هيهنا عاريا عن الدليل ولا يبعد القول بالطهارة تمسكا
بظاهر ما رواه ابن بابويه في كتابه حيث قال وسئل علي عليه السلام أيتوضأ من فضل وضوء جماعة المسلمين أحب إليك أو يتوضأ من ركو أبيض محمر فقال لا بل من فضل وضوء جماعة المسلمين
فان أحب دينكم إلى الله الحنيفية السمحة السهلة إذ هذه الرواية معتضدة بالأصل سالمة عن المعارض والظاهر أن المسلم شامل لمن أظهر الشهادتين الا ما اخرج بالدليل وينضاف
إليه العمومات الدالة على طهارة المياه وطهوريتها الا ما اخرج بالدليل إذ يلزم منه طهارة سؤرهم ثم يلزم عموم الحكم إذ الظاهر عدم القائل بالفصل. الثاني: ذهب ابن إدريس
إلى نجاسة من لم يعتقد الحق عدا المستضعف حكاه عنه جماعة من الأصحاب ولم يتعرضوا النقل حجته ويحكى
عن المرتضى القول بنجاسة غير المؤمن لقوله تعالى كذلك يجعل الله الرجس على
الذين لا يؤمنون ولقوله تعالى ان الدين عند الله الاسلام ومن يتبع غير الاسلام دينا فلن يقبل منه والايمان يستحيل مغايرته للاسلام فمن ليس (بمؤمن ليس) بمسلم ويرد على الأول ما عرفت من منع
كون المراد من الرجس النجس بالمعنى المعهود مع ابتنائه على إرادة المعنى العرفي من الايمان في الآية وهي في معرض المنع واما الاستدلال الثاني فمع ظهور ضعفه مندفع بقوله تعالى قالت
الاعراب أمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا والأكثر على طهارتهم واحتج عليه المحقق بان النبي صلى الله عليه وآله لم يكن يجتنب سؤر أحدهم وكان يشرب من الموضع الذي تشرب منه عائشة وبعده
لم يجتنب علي عليه السلام سؤر أحد من الصحابة مع منابذتهم له ولا يقال ذلك تقية لأنه لا يصار إليها الا مع الدلالة ثم احتج بالرواية التي نقلناها عن الفقيه وبرواية عاصم بن القاسم عن أبي عبد الله عليه السلام
ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يغتسل هو وعائشة في اناء واحد وبان النجاسة حكم مستفاد من الشرع فيقف على الدلالة ولا يخفى انه يمكن النظر في بعض تلك الوجوه لكنها بمجموعها يوجب الظن القوي
بالمطلوب مضافا إلى العمومات الدالة على طهارة الماء وطهوريته بالتقريب الذي ذكرناه في المسألة السابقة. الثالث: حكى عن ابن إدريس انه حكم بنجاسة ولد الزنا وعلله بأنه كافر
وذكر في المختصر ان القول بكفره منقول عن السيد المرتضى وابن إدريس ثم قال وباقي علمائنا حكموا باسلامه وهو الحق وربما نسب إلى الصدوق القول بنجاسة سؤره لكن كلامه ليس بصريح
فيه فإنه قال لا يجوز الوضوء بسؤر اليهودي والنصراني وولد الزنا والمشرك وكل من خالف الاسلام وعدم جواز الوضوء أعم من النجاسة الا ان ذكره مع المشرك ونحوه قرينة على إرادة النجاسة
قال المحقق وربما يعلل المانع بأنه كافر ونحن نمنع ذلك ونطالبه بدليل دعواه ولو ادعى الاجماع كما ادعاه بعض الأصحاب كانت المطالبة باقية فانا لا نعلم ما ادعاه انتهى وربما يستند
إلى القائل بنجاسة الاحتجاج بمرسلة الوشا السابقة وضعفه ظاهر وله ان يستند بالروايتين المذكورتين في بحث غسالة الحمام ويندفع بضعف السند والدلالة ويدل على الطهارة
الأصل وكونه محكوما بالاسلام ظاهرا وان سؤره طاهر لما أشرنا إليه من العمومات فيلزم العموم لعدم القائل بالفصل. الرابع: ظاهر كلام المصنف في التذكرة ان ولد الكافرين يتبعهما
في النجاسة بغير خلاف حيث ذكر ذلك من غير إشارة إلى خلاف ولا استدلال عليه كما هو شانه في ايراده المسائل الاتفاقية ونقل ايراد المسألة كذلك جماعة من الأصحاب لكن المصنف في
النهاية إشارة إلى نوع خلاف أو تردد فيه حيث قال الأقرب في أولاد الكفار التبعية لهم وإذ قد عرفت ان التعويل في اثبات نجاسة الكفار على الاجماع كان الحكم بالنجاسة متوقفا على صدق عنوان
الكفر أو ثبوت الاجماع ههنا على الخصوص واثباته مشكل والاستدلال على النجاسة بأنه حيوان متفرع من حيوانين نجسين فيثبت له حكمهما كالكلب والخنزير ضعيف لان المقتضى للتبعية
152

صدق الاسم وكون المتولد مطلقا مقتضيا لذلك ممنوع إذا تمهد هذا فاعلم أن بعض الأصحاب استثنى من الحكم بنجاسة ولد الكافر هنا ما إذا سباه المسلم واستشكل
ذلك لعدم الدليل واقتضاء الاستصحاب بقاء على النجاسة إلى أن يثبت المزيل ثم ذكر ان ظاهر الأصحاب عدم الخلاف بينهم في طهارته والحال هذه وانما اختلفوا في تبعيته
للمسلم في الاسلام بمعنى ثبوت احكام المسلم له وهذا أمر اخر زائد على الحكم بالطهارة لكن صرح الشهيد في الذكرى ببناء الحكم بطهارته أو نجاسته على الخلاف في تبعيته
للمسلم وعدمها والظاهر أن الحكم بنجاسة بعد سبي المسلم له الا دليل عليه لان الاجماع غير متحقق على النجاسة حينئذ وقد عرفت ان الاستصحاب لا يتم الا إذا دل الدليل على استمرار الحكم
والامر ههنا ليس كذلك وحينئذ يتجه احتجاج المصنف وغيره للطهارة بالأصل لكن يرد عليه انه يعمل بامتثال هذه الاستصحاب فيكون ذلك حجة عليه ولا يبعد القول بالطهارة للأصل
مضافا إلى ما ذكرنا من العمومات الدالة على طهارة الماء وطهوريته الا ما اخرج بالدليل بالتعريب الذي ذكرناه مرارا والمسكرات المراد بها المائع بالأصالة سواء كان خمرا
أو غيرها من الأنبذة المسكرة فهيهنا بحثان الأول: في الخمر والمشهور بين الأصحاب نجاستها حتى قال السيد المرتضى لا خلاف بين المسلمين في نجاسة الخمر الا ما يحكى عن شداد لا
اعتبار بقولهم وقال الشيخ رحمه الله الخمر نجسة بلا خلاف وقال ابن زهرة الخمر نجسة بلا خلاف ممن يعتد به ونقل ابن إدريس اجماع المسلمين عليه والمحكى عن ابن أبي عقيل أنه قال من أصاب ثوبه
أو جسده خمر أو مسكر لم يكن عليه غسلهما لان الله تعالى انما حرمهما تعبدا لا لأنهما نجسان وقال ابن بابويه لا باس بالصلاة في ثوب اصابه خمر لان الله تعالى حرم شربها ولم يحرم الصلاة
في ثوب اصابته وعزى في الذكرى إلى الجعفي وفاق الصدوق وابن أبي عقيل ويستفاد من بعض الروايات الآتية تحقق الخلاف في نجاسة الخمر بين متقدمي الأصحاب ويظهر من المحقق في
المعتبر نوع تردد فيه حجة القائلين بالتنجيس وجوه الأول: الاجماع بناء على أن الاجماع المنقول بخبر الواحد حجة. الثاني: قوله تعالى انما الخمر والميسر والأزلام رجس من عمل الشيطان
فاجتنبوه طريق الاحتجاج بالآية وجهان الأول الوصف بالرجاسة وصف بالنجاسة لتراد فيهما الثاني انه تعالى أمر بالاجتناب وهو موجب للتباعد المستلزم للمنع من الاقتران بجميع الأنواع
لان معنى اجتنابهما كونه في جانب غير جانبها. الثالث: الاخبار كصحيحة علي بن مهزيار قال قرأت في كتاب عبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك روى زرارة عن أبي جعفر وأبي
عبد الله عليه السلام في الخمر يصيب ثوب الرجل انهما قال لا باس ان يصلي فيه انما حرم شربها وروى غير زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال إذا أصاب ثوبك خمر أو نبيذ يعنى المسكر فاغسله ان عرفت
موضعه وان لم تعرف موضعه فاغسله كله وان صليت فيه فأعد صلاتك فاعلمني ما اخذ به فوقع بخطه عليه السلام وقراته خذ بقول أبي عبد الله عليه السلام وموثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) قال لا يصلى في بيت
فيه خمر ولا مسكر لان الملائكة لا تدخله ولا يصلى في ثوب قد اصابه خمر أو مسكر حتى يغسل ورواية يونس عن بعض من رواه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أصاب ثوبك خمرا أو نبيذ
مسكر فاغسله ان عرفت موضعه وان لم تعرف موضعه فاغسله كله فان صليت به فأعد صلاتك ورواية خيران الخادم قال كتبت إلى الرجل أسأله عن الثوب يصيبه الخمر ولحم
الخنزير أيصلي فيه أم لا فان أصحابنا قد اختلفوا فيه فكتب لا تصل فيه فإنه رجس ورواية زكريا بن ادم قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيه لحم كثير ومرق
قال يهراق المرق أو يطعمه أهل الذمة أو الكلب واللحم اغسله وكله وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الدن يكون فيه الخمر هل يصلح ان يكون فيه الخل أو ماء كامخ أو زيتون فقال
إذا غسل فلا باس وعن الإبريق فيه خمر أيصلح ان يكون فيه ماء قال إذا غسل فلا باس وقال في قدح أو اناء وهو يشرب فيه الخمر قال يغسله ثلث مرات سئل أيجزيه ان يصب فيه الماء قال
لا يجزيه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلث مرات وموثقة عمار أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام في الاناء يشرب فيه النبيذ فقال يغسله سبع مرات وجه الدلالة عدم القائل بالفصل وموثقة
عمار أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال لا تصل في ثوب اصابه خمر أو مسكر واغسله ان عرفت موضعه فإن لم تعرف موضعه فاغسله كله فان صليت فأعد صلاتك وصحيحة الحلبي قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دواء يعجن بالخمر فقال لا والله ما أحب ان انظر إليه فكيف أتداوى به انما هو بمنزلة شحم الخنزير أو لحم الخنزير وفي بعض الروايات انه بمنزلة الميتة وفي رواية أبي
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ما يبل الميل ينجس حبا من ماء هو ثلثا يعني النبيذ وجه الدلالة ان الظاهر عدم القائل بالفصل وصحيحة عبد الله بن سنان قال سال أبي أبا عبد الله عليه السلام الذي يعير
ثوبه بمن يعلم أنه يأكل الخنزير ويشرب الخمر فيرده أيصلي فيه قبل ان يغسله قال لا يصلي حتى يغسله وصحيحة عبد الله بن سنان قال سال أبي أبا عبد الله عليه السلام وانا حاضر اني أعير الذمي ثوبي وانا اعلم أنه
يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرده علي فاغسله قبل ان أصلي فيه فقال أبو عبد الله عليه السلام صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر ولم تستيقن نجاسته فلا باس ان تصلي
فيه حتى تستيقن انه نجسه وجه الدلالة ان كلام السائل يعطي نجاسة الخمر فتقرير الإمام عليه السلام على هذا الاعتقاد كما يظهر من تعليله عليه يؤذن بصحته هذا غاية ما يمكن الاحتجاج به على القول
بالنجاسة وفيه نظر إما الاجماع فلعدم ثبوته على وجه يكون حجة ولهذا لم يحتج به المحقق والتمسك بالآية ضعيف بكلا وجهيه إما الأول فلا لا نسلم ان الرجس حقيقة في النجس لأنه يجئ
في اللغة لمعان أقر بها إليه القذر واثبات انه حقيقة في القذر مجاز في غيره يحتاج إلى دليل سلمنا لكن القذر في كلامهم أعم من النجس بالمعنى الشرعي لكن لا يصلح ان يكون مرادا
هيهنا أو لا يلزم ان يكون الأنصاب والأزلام أقذارا بهذا المعنى والظاهر أنه لم يقل بذلك أحد ولهذا قال جماعة من الفحول انه رجس خبر للمضاف المحذوف وهو نعاطي هذه الأشياء فان
الذي تستنجسه العقول وتعافه يقينا من هذه الأشياء تعاطيها على الوجوه المقتضية للمفاسد الظاهرة المشهورة والمتعلقة بها كشرب الخمر وما يتعلق بها من حفظها وبيعها وشرائها وغير
ذلك للشرب ولعب الميسر وما يتعلق به وعبادة الأنصاب وتعظيمها وما يتعلق بذلك والاستقسام بالأزلام وما يتعلق به وعلى هذا لا يصح إرادة النجس منه وان جعل رجس خبر للخمر
كما هو الوجه المرجوح وقدر خبر المذكور لم يصح حمله على معنى النجس أيضا لاقتضائه كون المعنى في الخبرين مختلفا مع أن الظاهر في أمثاله الاتفاق وكون المذكور قرينة على المحذوف وحمل الرجس
على معنى النجس وغيره على سبيل عموم المجاز أو الاشتراك وإرادة كل منهما بالنسبة إلى البعض مع عدم قرينة دالة عليه في نهاية البعد غير لائق بأوضاع الألفاظ واستعمالاتها بل
كاد ان لا يحتمله الاستعمال وكذا جعله خبرا للخمر وجعل خبر البواقي قوله تعالى من عمل الشيطان فبعيد وكذا حمله على النجس وجعله خبرا للكل وارتكاب التجوز في الاسناد بالنسبة إلى البعض فان
مقتضى اللفظ والتركيب ان يكون المعنى والاسناد بالنسبة إلى الجميع واحدا فاذن إما ان يراد بالنجس الماء ثم أو العمل المستقذر أو القذر الذي تعاف منه العقول كما يوجد في كلام جماعة
من المفسرين وبالجملة حمله على معناه الحقيقي على تقدير التسليم وارتكاب بعض تلك الوجوه البعيدة مرجوح بالنسبة إلى حمله على ما ذكرنا من المعاني مجازا سلمنا التساوي لكن لابد للترجيح
من دليل وقد يقال الحمل على معنى النجس متعين لان الشيخ في التهذيب نقل الاجماع على أن الرجس هو النجس لكن لا يخفى ان ثبات الاجماع المذكور في غاية الاشكال واما الثاني فمبني على
تحقيق مرجع الضمير في قوله فاجتنبوه وفيه وجوه منها ان يكون راجعا إلى المضاف المحذوف اي التعاطي واختاره صاحب الكشاف الثاني ان يكون عائدا إلى عمل الشيطان ذكره الإمام الطبرسي
الثالث ان يكون راجعا إلى الرجس واحتمله الطبرسي الرابع ان يكون عائدا إلى المذكورات بتأويل ما ذكر وفهم الاجتناب المنهى عنه بحيث يمكن جعله دليلا للنجاسة انما يتم
على بعض تلك الوجوه ولا ترجيح له على غيره فلا يتم الاحتجاج على أن الظاهر أن المراد بالاجتناب في الجميع على نسق واحد مع أن الظاهر من الاجتناب في الخمر الشرب وما أشبهه كتحريم
الأمهات واما التمسك بالاخبار فيرد عليه انها معارضة بمثلها أو أقوى منها مع عدم صحة أكثرها من حيث السند وحملها على الاستحباب غير بعيد فليحمل عليه ولا يخفى ان ما
دل منها على غسل الإناء من الخمر غير دال على النجاسة لجواز ان يكون ذلك تعبديا ويكون الغرض التنزه عن الأجزاء الخمرية التي قلما يقع الانفكاك عنها وكذا تعليل التنزه
عن انية أهل الكتاب بأنهم يشربون فيها الخمر وكذا ما دل على نزح ماء البئر إذا صب فيها خمر وكذا المنع مما وقع فيه الخمر من المرق والطبيخ والعجين لجواز ان يكون ذلك الاحتراز عن الأجزاء
الخمرية بل يمكن المناقشة بان الامر بغسل الثياب فيما دل عليه غير دال على النجاسة أيضا وكذا الامر بإعادة الصلاة وقوله عليه السلام انه بمنزلة الشحم ونظائره غير واضح الدلالة على النجاسة لجواز ان يكون
153

المراد انه بمنزلته في التحريم وخبر عبد الله بن سنان غير واضح الدلالة على أن السائل يعتقد نجاسة الخمر لجواز ان يكون ذكره للخمر مع لحم الخنزير بناء على أنه يعتقد استخباث التحرز عنه حجة
القول بالطهارة صحيحة الحسن بن أبي سارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان أصاب ثوبي شئ من الخمر أصلي فيه قبل ان اغسله قال لا باس ان الثوب لا يسكر وما رواه الثقة الصدوق عبد الله بن
جعفر الحميري في كتاب قرب الإسناد في الصحيح عن علي بن رئاب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الخمر والنبيذ المسكر يصيب ثوبي اغسله أو أصلي فيه قال صل فيه الا ان تقذره فتغسل منه
موضع الأثر ان الله تبارك وتعالى انما حرم شربها وموثقة عبد الله بن بكير قال سال رجل أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده عن المسكر والنبيذ يصيب الثوب قال لا باس ورواية الحسين بن
موسى الحناط قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل شرب الخمر ثم يمجه من فيه فيصيب ثوبي فقال لا باس وراوي هذه الرواية غير مصرح بالتوثيق لكن له كتاب يرويه ابن أبي عمير والظاهر أن
جلالة شانه يمنعه عن أن يروى عن الضعفاء مع أن الشيخ في العدة صرح بأنه لا يروى الا عن الثقات ولا يقدح روايته عمن حكم بالضعف أحيانا لان العرض مما ذكرنا الظن بثقة
المروى عنه ولا يقدح في الظن وقوع خلافه إذا كان ذلك نادرا جدا فاذن الحاق هذه الرواية بالصحاح غير بعيد ورواية أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصاب ثوبي نبيذ
أصلي فيه قال نعم قلت له قطرة من نبيذ قطرت في حب اشرب منه قال نعم ان أصل النبيذ حلال وان أصل الخمر حرام وجه الدلالة ان الظاهر عدم القائل بالفصل وحمل الشيخ النبيذ المذكور
في هذه الرواية على النبيذ الحلال وهو غير بعيد ورواية الحسن بن أبي سارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انا نخالط اليهود والنصارى والمجوس وندخل عليهم وهم يأكلون ويشربون فيمر ساقيهم
فيصب على ثيابي الخمر قال لا باس به الا ان تغسله ورواية حفص الأعور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الدن يكون فيه الخمر ثم يجفف يجعل فيه الخل قال نعم وروى ابن بابويه مرسلا قال سئل
أبو جعفر عليه السلام وأبو عبد الله عليه السلام فقيل لهما انا نشتري ثيابا يصيبها الخمر وودك الخنزير عند حياكتها أنصلي فيه قبل ان نغسلها فقالا نعم لا باس انما حرم الله اكله وشربه ولم يحرم
لبسه ومسه والصلاة فيه وروى هذا الخبر الصدوق في كتاب علل الشرائع والاحكام بطريق صحيح عن بكير عن أبي جعفر عليه السلام وأبي الصباح وأبي سعيد والحسن النبال عن أبي عبد الله عليه السلام و
روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام عن الرجل يمر في ماء المطر وقد صب فيه خمر فأصاب ثوبه هل يصلي فيه قبل ان يغسله فقال لا يغسل ثوبه ولا رجله ويصلي فيه
ولا باس وفي كتاب قرب الإسناد عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام بهذه العبارة سألته عن رجل مر في ماء مطر قد صب فيه خمر الحديث وروى صاحب كتاب قرب الإسناد عن عبد
الله بن الحسن العلوي عن جده علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن رجل مر بمكان قد رش فيه خمر قد شربته الأرش وبقى نداه أيصلى فيه قال إن أصاب مكانا غيره فليصل
فيه وان لم يصب فلا باس ويمكن تأويل هذه الروايات بحملها على التقية بناء على أن أكثر امراء بني أمية وبني العباس الذين كانوا في زمن الأئمة عليهم السلام وأصحاب الشوكة والسلطنة منهم كانوا
مولعين بشرب الخمر غير متحرزين عنه فغير بعيد ان يكونوا يزعمون طهارة الخمر ويرغبون إلى القول به فجائت التقية من هذه العلة وان لم يكن ذلك فتوى مشهورا بين العامة
والتحقيق انه يمكن ترجيح اخبار الطهارة لكثرة الصحيح منها ووضوح دلالتها وبعد التأويل فيها لان الحمل على
التقية إذا لم يكن قولا معروفا بين العامة مذهبا لمشاهير العلماء والمفتين بينهم
بعيد وكذا تظاهر الملوك والامراء بالقول به والذهاب إليه والاضرار بمن خالفه بحيث تجب التقية مع شذوذه بين فقهائهم ومشاهيرهم وندرته عندهم وعدم الاعتداد بقائله
منهم حتى أن الشيخ نفى الخلاف في نجاسة الخمر وابن إدريس ادعى اجماع المسلمين عليه بعيد جدا ولو كان اصرار أمرائهم وسلاطينهم على طهارته بهذه المرتبة من الشدة لكان افتاء
أكابر علمائهم ومشاهير فقهائهم على الطهارة إذ هم أولي بقبول احكامهم والميل إليهم والخوف عنهم بل الظاهر أن امراء بني أمية وبني العباس في زمن الباقر والصادق عليهما السلام
لم يكونوا متظاهرين بشرب الخمر علانية وانما يفعلونه في السر مع أن الحمل على التقية في قوة الاطراح فلا ينبغي ارتكابه الا عند الضرورة وانتفاء وجه قريب ومن البين ان حمل الأوامر والنواهي
في اخبارنا على الاستحباب والكراهة شائع ذائع حتى كأنه الحقيقة كما أشرنا إليه مرارا فالجمع بين الاخبار بهذا الوجه أوجه مع اعتضاد اخبار الطهارة بالأصل والعمومات الدالة على
طهورية المياه على سبيل العموم ومن جملتها الملاقى للخمر بل بظاهر القرآن أيضا فإنه إذا وجد ماء ملاقيا للخمر يلزم بمقتضى القول بالتنجيس الاجتناب عنه ومقتضى الآيات الوضوء و
الغسل به وعدم العدول إلى التيمم وفي الأخير نظر يمكن دفعه عند التأمل ويمكن ترجيح اخبار النجاسة لاشتهارها بين الطائفة واعتضادها بالاجماع المنقول وكون خبر علي بن مهزيار
الدالة عليه أصح ما ورد في هذا الباب مع كونه منقولا عن الامام الأخير فيكون العمل به راجحا وبالجملة لولا الشهرة العظيمة والاجماع المنقول كان القول بالطهارة متجها لكن الشهرة
والاجماع المذكور يمنعنا من الاجتراء عليه وإن كان له رجحان ما فاذن الاحتياط وترك الفتوى فيه متجه كما يميل إليه كلام المحقق في المعتبر حيث قال بعد اختيار المشهور والاحتجاج
عليه بالآية وغيرها الوجه ان الاخبار المشار إليها من الطرفين ضعيفة وبين وجه ضعف ما نقله منها ثم قال وما عدا هذه الأخبار مثلها في الضعف وما صح منها غير دال
على موضع النزاع لان الخبر الدال على المنع مما يقع فيه الخمر من طبيخ أو عجين يحتمل ان يكون المنع منه للنجاسة بل لتحريمه فإذا مازج المحلل حرمه كما لو وقع في القدر دهن من حيوان
محرم فإذا نمنع منه لتحريمه لا لنجاسته والاستدلال بالآية فيه اشكال لكن مع اختلاف الأصحاب والأحاديث يؤخذ بالأحوط في الدين هذا كلامه وهو حسن لكنه في حكمه
بعدم وجود الخبر الصحيح من الطرفين تأمل البحث الثاني " في سائر الأنبذة المسكرة وحكمها في التنجيس حكم الخمر لا نعرف في ذلك خلافا بين الأصحاب واحتج عليه في المعتبر بان
المسكر خمر فيتناوله حكم الخمر إما انه خمر فلان الخمر انما سمى بذلك لكونه يخمر العقل ويستره فما ساواه في المسمى يساويه في الاسم ولما رواه علي بن يقطين عن أبي الحسن الماضي عليه السلام
قال إن الله سبحانه لم يحرم الخمر لاسمها ولكن حرمها لعاقبتها فما كان عاقبته عاقبة الخمر فهو خمر وروى عطاء ابن بشار عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله كل مسكر
حرام وكل مسكر خمر وفي كلا الوجهين نظر إما الأول فلانه اثبات اللغة بالاستدلال وهو ممنوع عند المحققين واما الثاني فلان الظاهر من اللغة والعرف ان الخمر حقيقة في
المسكر من العنب وغاية ما يستفاد من الخبرين اطلاق الخمر على كل مسكر وهو أعم من الحقيقة بل المجاز خير من الاشتراك والنقل وكون الأصل في الاستعمال الحقيقة انما يكون عند عدم
استلزامها للنقل أو الاشتراك على أنه يجوز ان يكون المراد اشتراكه مع الخمر في التحريم لان الكلام مسوق لبيانه ولا يبعد ان يقال قوله في خبر عطا كل مسكر خمر مما يؤذن بالاشتراك
في جميع الأحكام لان ذلك طاهر الحمل والتأسيس خير من التأكيد لكن جعله من المؤيدات أولي ومما يؤكد ذلك صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
الخمر من خمسة العصير من الكرم والنقيع من الزبيب والتبع من النسل والمرر من الشعير والنبيذ من التمر ومما يدل على التسوية المذكورة صحيحة علي بن مهزيار وموثقة عمار السابقتين
واعلم أن الحكم بنجاسة المسكر مخصوص عند الأصحاب بما هو مائع بالأصالة كما نبه عليه كثير منهم فالجامد بالأصالة طاهر وان حصل له الميعان والمائع بالعكس والعصير إذا
غلا واشتد الحق بعض الأصحاب بالخمر في التنجيس العصير إذا غلا واشتد ولم يذهب ثلثاه وفي المعتبر يحرم مع الغليان حتى يذهب الثلثان ولا ينجس الا مع الاشتداد
وحكى فيه عن بعض الأصحاب انه اكتفى في الحكم بالتنجيس بمجرد الغليان وقال المصنف في التذكرة العصير إذا غلا حرم حتى يذهب ثلثاه وهل ينجس بالغليان أو يقف على الشدة اشكال
ومما نقلنا يعلم أن تفسير بعض المتأخرين للاشتداد الواقع في كلام الأصحاب هنا بالثخانة المسببة عن مجرد الغليان ضعيف وتوجيهه بان الغليان الحاصل بسبب
النار مقتض لتصاعد الأجزاء البخارية الموجبة لتحقق قوام ماله وان ما يحصل بغير النار مستند إلى سبب مجفف للرطوبة فاسد فان مطلق التصاعد والتجفيف لا يقتضى
حصول القوام الذي يوجب صدق الاشتداد لغة أو عرفا فلا ينفع على أنه لو تم يلزم حصول الاشتداد قبل الغليان في كثير من الصور مع أن صحته يقتضى المصير إلى الاكتفاء
بمجرد الغليان لا حمل كلامهم عليه فان كلامهم يأبى عن ذلك غاية الاباء واعلم أن القائل بنجاسة العصير قليل من الأصحاب كما يستفاد من الذكرى فإنه نقل القول بذلك
154

عن ابن حمزة والمحقق ونقل توقف المصنف في النهاية فيه ثم قال ولم نقف لغيرهم على قول بالنجاسة ثم قال ولا نص على نجاسة غير المسكر وهو منتف هنا واعترف في البيان بعدم النص
عليه وذكر الشهيد الثاني ان نجاسته من المشاهير بغير أصل ونقل عن ابن أبي عقيل التصريح بطهارته ويمكن ترجيحه للأصل والعمومات التي أشرنا إليه مرارا واما التحريم فلا خلاف
فيه بين الأصحاب وهل يلحق به عصير الزبيب إذا غلا في النجاسة لا اعلم بذلك قائلا واما في التحريم فالأكثر على عدمه فيحل طبيخ الزبيب له ذهاب ثلثيه بالشمس غالبا وخروجه عن
مسمى العنب وقيل بتحريمه وهو المنقول عن بعض المتقدمين ونقله الشهيد في الدروس عن بعض معاصريه والأول أقرب ويدل عليه مضافا إلى الأصل الآيات الدالة على حصر المحرمات
كقوله تعالى قل لا أجد فيما اوحى إلي محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة أو دما مسفوحا الآية وقوله انما حرم عليكم الميتة والدم الآية وغيرهما خرج عنه العصير العنبي بالاجماع فيبقى
غيره داخلا في العموم والآيات الدالة على حل الطيبات فان الظاهر أن الطيب ما لا يستقذره النفوس وقول الصادق عليه السلام كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي وقول الصادق عليه السلام في صحيحة محمد بن
مسلم انما الحرام ما حرم الله عز وجل في القرآن وقوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم ليس الحرام الا ما حرم الله في كتابه ثم قال اقرأ هذه الآية قل لا أجد الآية فان قلت قد روى عبد الله بن سنان
في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل عصير اصابته النار فهو حرام حتى يذهب ثلثاه ويبقى ثلثه وروى حماد بن عثمان في الصحيح عن أبي عبد الله قال لا يحرم العصير حتى يغلى وروى حماد بن
عثمان أيضا في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن شرب العصير قال يشرب ما لم يغل فإذا غلا فلا تشربه قال قلت جعلت فداك اي شئ الغليان قال القلب وروى ذريح في الموثق
قال سمعت أبا عبد الله يقول إذا نش العصير أو غلا حرم إلى غير ذلك من الاخبار وهذه الأخبار تدل على تحريم كل عصير عند الغليان ولا يختص بالعصير العنبي إذ الظاهر من كلام
أهل اللغة والعرف عدم الاختصاص خرج عنه ما حل بالاجماع فيبقى عصير الزبيب والتمر تحت عموم التحريم قلت يحصل الظن بعد تتبع الأحاديث وكلام الأصحاب بشيوع استعمال
العصير فيما يختص بالعنب ويؤيد ذلك ما قال ابن بابويه في الفقيه ولها يعنى الخمرة خمسة أسامي العصير وهو من الكرم والنقيع وهو من الزبيب إلى اخر ما ذكره وتؤيد ذلك صحيحة عبد الرحمن بن
الحجاج السابقة وما في معناه وإذا كان كذلك تعين حمل العصير في تلك الأخبار عليه وإن كان مجازا حذرا عن ارتكاب التخصيص البعيد الذي قد منع صحته جماعة من الأصوليين فان
صدور مثل هذه الكلية منهم عليهم السلام مع خروج أكثر افراد الموضوع بعيد جدا والعموم في الاخبار الثلاثة الأخيرة غير صريح بل حمل المفرد المعرف باللام على الافراد السابقة
التي يتبادر إليه الأذهان غير بعيد وقد فصلنا الكلام فيه مرارا ويمكن النزاع في دلالة الخبر الثاني باعتبار النزاع في عموم الغاية وبالجملة ارتكاب ما ذكرنا في هذه الأخبار أهون
من حملها على العموم وارتكاب التخصيص المذكور فيهما وفي عمومات الآيات والاخبار المذكورة احتج القائل بالتحريم برواية علي بن جعفر عن أخيه أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن الزبيب هل
يصلح ان يطبخ حتى يخرج طعمه ثم يؤخذ ذلك الماء فيطبخ حتى يذهب ثلثاه ويبقى الثلث ثم يوضع ويشرب منه السنة قال لا باس به والجواب ان الرواية ضعيفة لوجود سهل بن
زياد في الطريق وان المفهوم ضعيف في مقابلة ما ذكرنا خصوصا إذا كان مفهوم كلام السائل على أن مفهومه وجود الباس عند عدم ذهاب الثلثين وفي دلالته على التحريم
نظر واعلم أن في الكافي في باب صفة الشراب الحلال بعض الأخبار الموهمة للتحريم لكن لا دلالة له عليه عند التأمل الصحيح فارجع وتدبر واما عصير التمر فقد اختلف في حله وقد يستدل
على التحريم بموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام سئل عن النضوح المعتق كيف يصنع به حتى يحل قال خذ ماء التمر فاغله حتى يذهب ثلثا ماء التمر وفي دلالته على المطلوب نظر وانما تعرضنا
في هذا المقام لبعض هذه المسائل مع أنه لم يكن موقعه لعموم البلوى به وكثرة الاحتياج إليه والفقاع نقل ابن زهرة والمصنف اجماع الأصحاب عليه ونقل المحقق عن الشيخ أنه قال الحق
أصحابنا الفقاع بالخمر يعني في التنجيس وهذا انفراد للطائفة ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المنقول قول أبي الحسن عليه السلام في جواب مكاتبة ابن فضال هو الخمر وفيه حد شارب الخمر وقول
أبي عبد الله عليه السلام في موثقة عمار هو خمر وقول أبي الحسن الرضا عليه السلام في رواية سليمان بن جعفر هو خمر مجهول وما كتب الرضا عليه السلام في حسنة الوشا حرام وهو خمر وفي بعض الروايات هو
خمر مجهول وفيه حد شارب الخمر وفي بعضها هي الخمرة بعينها وفي بعضها لا تقربه فإنه من الخمر ولا يخفى انه وان أمكن ايراد النظر السابق هيهنا لكن الانصاف ان من هذه الأخبار يستفاد
انه مثل الخمر في جميع الأحكام وتؤيده رواية أبي جميل البصري قال كنت مع يونس بن عبد الرحمن ببغداد وانا أمشي معه في السوق ففتح صاحب الفقاع فقاعه فأصاب يونس
فرأيته قد اغتم لذلك حتى زالت الشمس فقلت له الا تصلي فقال ليس أريد ان أصلي حتى ارجع إلى البيت واغسل هذا الخمر من ثوبي قال فقلت هذا رأيك أو شئ ترويه فقال
اخبرني هشام بن الحكم انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن الفقاع فقال لا تشربه فإنه خمر مجهول وإذا أصاب ثوبك فاغسله وينبغي لنا ان يلحق بهذا المقام مباحث الأول: حرم ابنا
بابويه الصلاة في ثوب عرق فيه الجنب من الحرام وأوجب المفيد غسله وكذا الشيخ وابن الجنيد وابن البراج على ما حكى عنهم وقال ابن زهرة الحق أصحابنا بالنجاسات عرق الجنب من حرام
وذهب سلار وابن إدريس والفاضلان وعامة المتأخرين إلى القول بالطهارة ونقل ابن إدريس عن المفيد انه رجع إلى القول بالطهارة في رسالته إلى ولده وهو أقرب لنا مضافا
إلى الأصل ما رواه الشيخ في الحسن عن أبي أسامة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الجنب يعرق في ثوبه أو يغتسل فيعانق امرأته ويضاجعها وهي حائض أو جنب فيصيب جسده من
عرقها قال هذا كله ليس بشئ وما رواه عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القميص يعرق فيه الرجل وهو جنب حتى يبتل القميص فقال لا باس وان أحب ان يرشه بالماء فليفعل
إلى غير ذلك من الروايات احتج الشيخ في الخلاف باجماع الفرقة وطريقة الاحتياط والاخبار ولم يتعرض لنقلها بل أحالها إلى كتابي الحديث والموجود في كتابي الحديث مما يناسبه فيما
اعلم روايتان أحدهما صحيحة الحلبي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل أجنب في ثوبه وليس معه ثوب غيره قال يصلي فيه وإذا وجد الماء غسله وأولها الشيخ بوجهين أحدهما ان يكون
المراد ما إذا عرق فيه الجنب من حرام الثاني ان يكون المراد ما إذا أصاب الثوب نجاسة وجعل هذا الاحتمال في الاستبصار أشبه وهو حسن الثاني رواية أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الثوب يجنب فيه الرجل ويعرق فيه فقال إما انا فلا أحب ان أنام فيه وإن كان الشتاء فلا باس ما لم يعرق فيه قال الشيخ الوجه في هذا الخبر ضرب من الكراهة ويمكن ان يكون
محمولا على أنه إذا كانت الجنابة من حرام والجواب انا لا نسلم الاجماع وقد قدح فيه المحقق وتردد الشيخ في المبسوط ونسب الشهيد إليه انه قوى الكراهة ورجع المفيد إلى القول بالطهارة
فلعل الاجماع المنقول في كلام الشيخ وغيره محمول في الغالب على الشهرة واما طريقة الاحتياط فلا يخفى ضعف التمسك به واما الخبران فلا دلالة لهما على المدعا فان الظاهر من الخبر
الأول كون المقتضى لغسل الثوب هو إصابة المني ومن الخبر الثاني ان المقتضى للتنزه احتمال سريان النجاسة الحاصلة بالمني مع عدم دلالته على وجوب الاجتناب مع أن
قوله عليه السلام إما انا فلا أحب ان أنام فيه يأبى عن الحمل على إرادة الجنب من حرام ولا يخفى انه ذكر الشهيد في الذكرى بعد أن حكى عن المبسوط نسبة الحكم بالنجاسة إلى رواية الأصحاب ولعله ما
رواه محمد بن همام باسناده إلى إدريس بن يزداد الكفرثوثي انه كان يقول بالوقف فدخل سر من رأى في عهد أبي الحسن عليه السلام وأراد ان يسأله عن الثوب الذي يعرق فيه الجنب أيصلي
فيه فبينما هو قائم في طاق باب لانتظاره عليه السلام حركه أبو الحسن عليه السلام بمقرعة وقال مبتدئا إن كان من حلال فصل فيه وإن كان من حرام فلا تصل فيه وروى الكليني باسناده إلى الرضا عليه السلام
في الحمام يغتسل فيه الجنب من الحرام وعن أبي الحسن عليه السلام لا يغتسل من غسالته فإنه يغتسل فيه من الزنا انتهى كلامه ولم يتعرض لهذه الروايات في هذا المقام غيره والروايتان الأخيرتان مع
عدم صراحتهما (في المدعى) ضعيفتا السند واما الأولى فلم اطلع عليها في كتب الحديث المشهورة وحال سندها غير واضح والظاهر عدم الصحة ومع ذلك كله ينبغي ان لا يترك
الاحتياط في أمثال هذه المقامات الثاني: ذهب الشيخان إلى نجاسة عرق الإبل الجلالة وهو المحكي عن ابن البراج ونسبه ابن زهرة إلى أصحابنا وذهب سلار وابن إدريس
وجمهور المتأخرين إلى الطهارة واختاره المصنف ونسبه إلى الأكثر حجة الأول صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تأكلوا لحوم الإبل الجلالة وان أصابك من عرقها فاغسله
155

حمل الآخرون الروايتين على الاستحباب واستندوا في الحكم بالطهارة إلى الأصل وان الإبل الجلالة ليست نجسة فلا ينجس عرقها كغيره من الحيوانات وفيه اشكال لان الحمل على الندب على
طريقتهم انما يصح عند وجود المعارض وهو منتف هيهنا والتمسك بالأصل انما يصح عند عدم المخرج والقياس على سائر الحيوانات ضعيف فتدبر الثالث أوجب الشيخ
في النهاية غسل ما يصيبه الثعلب أو الأرنب أو الفارة والوزغة من الثوب أو البدن مع الرطوبة مع أنه ينافي باب المياه عما وقعت فيه الفارة من الماء الذي في الآنية إذا خرجت منه
وكذا إذا شربت وجعل الأفضل ترك استعماله على كل حال واقتصر المفيد على الفارة والوزغة فجعلهما كالكلب والخنزير في غسل الثوب إذا مساه برطوبة واثرا فيه وحكى عن أبي
الصلاح القول بنجاسة الثعلب والأرنب وهو قول ابن زهرة وللصدوقين كلام يؤذن بنجاسة الوزغ وذهب ابن
إدريس إلى طهارة الجميع واختاره الفاضلان وحكاه المصنف
عن والده واليه ذهب جمهور المتأخرين وهو أقرب لنا الأصل المعتضد بصحيحة الفضل أبي العباس السابقة مرارا أو لنا على خصوص الثعلب رواية الحسن بن شهاب قال سألت أبا عبد
الله عليه السلام عن جلود الثعالب إذا كانت ذكية أيصلي فيه قال نعم لا باس والحسن راوي هذا الخبر مجهول الا انه يرويه صفوان عن جميل عنه وهذا قرينة واضحة على كونه من المعتمدين
فيكون الخبر من الأخبار المعتبرة وتؤيده رواية عبد الرحمن الحجاج قال سألته عن اللحاف من الثعالب والجرز منه أيصلي فيها أم لا قال إذا كان ذكيا فلا باس وعلى خصوص الفارة والوزغة
صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الغطاية والحية والوزغ تقع في الماء فلا تموت أيتوضأ منه للصلاة قال لا باس وسألته عن فارة وقعت في حب دهن فأخرجت
منه قبل ان تموت أيبيعه من مسلم قال نعم ويدهن منه وصحيحة سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الفارة تقع في السمن والزيت ثم تخرج منه حيا قال لا باس باكله و
رواية إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام ان أبا جعفر عليه السلام كان يقول لا باس بسؤر الفارة إذا شربت من الاناء ان يشرب منه ويتوضأ منه احتج المخالف بصحيحة علي بن جعفر عن أخيه
موسى عليه السلام قال سألته عن الفارة الرطبة قد وقعت في الماء تمشى على الثياب أيصلي فيها قال اغسل ما رأيت من اثرها ولم تره فانصحه (فانضحه خ ل) بالماء ومرسلة يونس عن بعض أصحابه عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سألته هل يجوز ان يمس الثعلب والأرنب أو شيئا من السباع حيا أو ميتا قال لا يضره ولكن يغسل يده ورواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الكلب
والفأرة إذا اكلا من الخبز وشبهه قال يطرح منه ويؤكل الباقي وعن الغطاية تقع في اللبن قال يحرم اللبن وقال إن فيها السم وصحيحة معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن الفارة والوزغة تقع في البئر قال ينزح منها ثلثة دلاء ولولا نجاسة الوزغة لم يجب لها النزح بالموت وان موت مالا نفس له غير مؤثر في التنجيس وصحيحة علي بن جعفر
عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الفارة والكلب إذا اكلا من الخبز أو شماه أيؤكل قال يطرح ما شماه ويؤكل ما بقى والجواب ان هذه الأخبار معارضة بما دل على الطهارة وحملها
على استحباب التنزه غير بعيد ورواية يونس ضعيفة السند للارسال وكون الراوي عنه محمد بن عيسى وهو مما يوجب ضعفها كما مر واحتج ابن زهرة لنجاسة الثعلب والأرنب
بالاجماع على ما هو دابة في أكثر المسائل وجوابه المنع من ثبوته الرابع ذهب الشيخ في بعض كتبه إلى نجاسة المسوخات على ما حكى عنه وعزى ذلك إلى سلار وابن حمزة
وعن بعض الأصحاب الحكم بنجاسة لعابهما والأكثر على طهارة غير الخنزير منها عينا ولعابا وهو أقرب للأصل المعتضد بصحيحة الفضل أبي العباس حجة القائلين بالتنجيس ان بيعها محرم
ولا وجه لذلك الا النجاسة واحتجوا على الأول برواية مسمع عن أبي عبد الله عليه السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن القرد ان يشترى أو يباع والجواب أولا منع الأول لضعف الرواية مع اختصاصها بالقرد
وثانيا بمنع الثاني إذ لا دليل على انحصار المقتضى فيما ذكره الخامس المنقول عن ظاهر كلام ابن الجنيد نجاسة لبن الصلبية لرواية النوفلي عن السكوني عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام قال لبن الجارية وبولها
يغسل منه الثوب قبل ان يطعم لان لبنها يخرج من مثانة أمها وخالف في ذلك جمهور الأصحاب استضعافا للرواية وأوردها الصدوق رحمه الله فيمن لا يحضره الفقيه والظاهر من القاعدة التي مهدها
من أنه لا يورد فيها الا ما يفتى به ويحكم بصحته انه موافق لابن الجنيد الا ان يقال الرواية ليست بصريحة في النجاسة ولا في وجوب الغسل فحملها على استحباب غير بعيد كما نقل عن جماعة
من الأصحاب السادس قال المحقق ما يولد من النجاسات كدود الحش وصراصره ففي نجاسته تردد وجه النجاسة انها كائنة من النجاسة فتبقى على النجاسة ووجه الطهارة
الأحاديث الدالة على طهارة ما مات فيه حيوان الا نفس له من غير تفصيل وترك التفصيل دليل إرادة الاطلاق ولان تولده في النجاسة معلوم إما منها فغير معلوم فلا يحكم بنجاسة وقوة توجيه
جانب الطهارة غير خفي على أنه لو سلم كونها متولدة من النجاسة لا يلزم منه نجاستها إذ لا نسلم نجاسة ما تولد من النجاسة مطلقا ونجاسة ولد الكلب ليس باعتبار التولد منه بل باعتبار
صدق الاسم وقد ذكر ذلك كله المصنف جاز ما بالطهارة
وتجب إزالة النجاسات عن الثوب والبدن للصلاة وجوبا مشروطا بوجوب الغاية وكون النجاسة مما لا تعفى عنها ولم يكن عنده غير الثوب
النجس ولعل اطلاق المصنف اعتماد على الظهور وهذا الحكم اجماعي بين الأصحاب حكاه في المعتبر والمشهور انه لا فرق بين قليل النجاسة وكثيرها الا في الدم فان فيه تفصيلا تمسكا للأحاديث
المطلقة الدالة على وجوب إزالة النجاسات من غير تفصيل ونقل عن ابن الجنيد أنه قال كل نجاسة وقعت على ثوب وكانت عينها فيه مجتمعة أو منقسمة دون سعة الدرهم الذي يكون سعته كعقد
الابهام الاعلى لم ينجس الثوب بذلك الا أن تكون النجاسة دم حيض أو منيا فان قليلهما وكثيرهما سواء والمعروف ان خلافه في العقود هو خلاف ظاهر كلامه فلعل في عبارته توسعا وفي المعتبر أسند إليه
القول بالعفو هنا وفاقا لما هو المعروف وفي حكم الدم نسب إليه القول بطهارة القليل منه ولم نقف لابن الجنيد على مستند وقد احتج له المصنف في المختلف بالقياس على الدم وأجاب عنه بان نجاسة المذكورات
أغلظ من الدم فقياس حكمها على المني أولي والطواف هذا هو المشهور بين الأصحاب استنادا إلى قوله عليه السلام الطواف بالبيت صلاة وفيها قصور من حيث السند والمتن وسيجيئ تحقيق المسألة في محله
إن شاء الله تعالى ودخول المساجد هذا الحكم مشهور في كلام الأصحاب وقال الشهيد الظاهر أنه اجماعي ونقل عن الشيخ أنه قال في الخلاف لا خلاف في أن المساجد يجب ان تجنب النجاسة ونقل
ابن إدريس اجماع الأمة عليه واستدلوا عليه بقوله تعالى انما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام رتب النهي على النجاسة فيكون تقريبها حراما ومتى ثبت التحريم في المسجد الحرام ثبت
في غيره لعدم القائل بالفصل ولقول النبي صلى الله عليه وآله جنبوا مساجدكم النجاسة وللاجماع على منع الكفار والظاهر أن العلة هي النجاسة وبقوله تعالى وثيابك فطهر وبقوله تعالى طهرا بيتي للطائفين
وبالأمر بتعاهد النعل ولوجوب تعظيم شعائر الله وفي الكل نظر لأنا لا نسلم ان المراد بالنجس في الآية المعنى الشرعي لابد بذلك من دليل سلمنا لكن النهي مرتب على نجاسة المشرك
لا على النجاسة مطلقا حتى يلزم الانسحاب في غيره سلمنا لكن يجوز تخصيص الحكم بمسجد الحرام وعدم القائل بالفصل غير ثابت وعدم العلم بالشئ غير مستلزم
لعدمه واما الخبر فسنده غير معلوم وذكر ذلك الشهيد وغيره فالتمسك به لا يخلو عن اشكال ولا يبعد ان يقال اشتهار مدلوله والعمل به يكفي لجبر ضعفه والاجماع على
منع الكفار غير دال على المدعا لمنع كون العلة هي النجاسة مطلقا واما قوله تعالى وثيابك فطهر فعلى تقدير تسليم كون المراد بالطهارة فيه المعنى المصطلح لا يلزم المطلق
لان الامر فيه مطلق فلا يلزم منه الدوام فليحمل على القدر المتيقن واما قوله تعالى طهرا بيتي فيجوز ان يكون المراد به تطهير البيت عن الأصنام ويجوز الاختصاص
بالبيت الحرام واختصاص الحكم بالشرع السابق واما الامر بتعاهد النعل فمحمول على الاستحباب فلا يلزم منه المدعا والتعظيم غير دال على المدعا فتدبر وبالجملة
لو لم تكن المسألة اجماعية كان للنظر فيه مجال ولا يخفى ان ظاهر عبارة المصنف والمحقق تحريم ادخال النجاسة إلى المساجد مطلقا من غير فرق بين النجاسة المتعدية وغيرها
وهو ظاهر ابن إدريس مدعيا عليه اجماع الأمة وبه صرح المصنف في غير هذا الكتاب حتى قال في الذكرى لو
كان معه خاتم نجس وصلى في المسجد لم تصح صلاته واستدلوا عليه
بالآية والخبر وأنت خبير بضعف دلالة الآية واما الخبر فعلى تقدير صحته غير دال على المدعا فان مجانبة النجاسة يحصل بعدم تعديها إلى المساجد ومن هنا
اقتصر جمع من المتأخرين على النجاسة المتعدية وهو غير بعيد اقتصارا في الحكم المخالف للأصل على موضع الوفاق ويؤيده ما نقل الشيخ في الخلاف والشهيد في الذكرى من الاجماع على
156

جواز ادخال الحيض من النساء في المساجد مع عدم انفكاكهن من النجاسة وكذا الصبيان على ما نقل الشهيد رحمه الله ويؤيده قوله عليه السلام في صحيحة معاوية ابن عمار الواردة في المستحاضة و
إن كان الدم لا يثقب الكرسف توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء ويتحقق تلويث المسجد بتلويث شئ من اجزائه والآية المختصة به وفي الأخير تأمل ان لم يثبت الاجماع
عليه والحق الشهيدان بالمسجد في هذا الحكم الضرائح المقدسة والمصحف والآية الخاصة به كالجلد وقد قطع الأصحاب بوجوب الإزالة على الفور كفاية لعموم الخطاب ولو ادخلها مكلف فهل
يتعين عليه الاخراج الظاهر العدم وفاقا للشارح الفاضل وخالف فيه الشهيد في الذكرى ولو أخل بالإزالة وصلى مع ضيق الوقت صحت صلاته ولو صلى مع السعة ففيه قولان مبنيان
على أن الامر بالشئ هل يستلزم النهى عن ضده الخاص وان النهى في العبادة هل يستلزم الفساد والمسألتان من غوامض المسائل الأصولية واستيفاء الكلام فيهما لا يناسب وظيفة
الكتاب الا اني أشير إلى ما هو التحقيق عندي في المسئلتين إشارة اجمالية إما الأولى فنقول في تحقيقه ان اتصاف الاعدام بمثل الحسن والقبح والمصلحة والمفسدة وأمثالها من الأمور التي
هي مبدأ الآثار الخارجية ليست من حيث الذات بل باعتبار الامر الذي هو منشأ انتزاعها لان العدم أمر عقلي اعتباري لا تحصل له في الخارج انما حصوله في الأذهان فقط فلا يمكن ان
يكون مبدأ للأثر الا باعتبار الأصل المأخوذ منه فالحكم منسوب إلى أصله بالذات والحقيقة واليه بالعرض والمجاز إذا تمهد هذا فنقول إذا كلف الشارع بالصلاة مثلا فلا شك ان نقيض
الصلاة وهو عدمها قبيح مكروه للامر وليس العدم صادرا عن المكلف ولا قبيحا ولا اختياريا الا باعتبار ما ينتزع منه وهو السكون أو حركة آخر ضد للصلاة فيكون كلا الامرين قبيحا
فيكون منهيا وبالجملة عدم كل حركة لا يكون مكلفا به أمرا ونهيا الا باعتبار السكون أو حركة اخر ضدها على سبيل التخيير في الامر والجمع في النهي وهذه المقدمة ظاهرة لمن أنعم النظر وان
غفل عنها كثير من الأزكياء وحينئذ لا احتياج إلى أن يقال الأضداد الخاصة مقدمة للترك فيكون مثله في الحكم حتى يعترض عليه الموقوف عليه للترك انتفاء علل الوجود كالإرادة
والشوق والتصور وليس وجود الضد (من علل انتفاء الضد) الأخر انما هو من مقارناته واما الثانية فنقول إذا كلف الشارع بالطبيعة الكلية فذلك يقتضي حسنها وكونها مصلحة ومرادا على الأصول
العدلية والطبيعة الكلية لا يتصف بذلك الا باعتبار ايجادها مع افرادها في الخارج فحينئذ لا يخلو إما ان يكون كل فرد منها حسنا ومصلحة مرادا أم يكون بعض الافراد كذلك دون بعض
لا سبيل إلى الثاني لأنه لم يكن على هذا التقدير القدر المشترك بين تلك الافراد مصلحة مرادا بل كان المتصف بذلك بعض الافراد فلم يكن غرض الحكيم متعلقا بايجاد الطبيعة على
اي وجه كان بل كان الغرض الحكمي متعلقا بايجاد بعض افرادها الخاصة فلم تكن الطبيعة مكلفا به وبالجملة تعلق الإرادة بالطبيعة الكلية يقتضى ان لا يكون بعض افرادها منافيا للمراد
والا لكانت الإرادة متعلقة بما عداه هذا خلف وهذه المقدمة ظاهرة بعد التدبر البالغ إذا تمهد هذا فنقول لا شك في أن المنهى عنه قبيح تعلقت الإرادة بتركه فلا يمكن ان يكون
فردا للطبيعة المأمور بها على ما بينا فلا يحصل به الامتثال فيلزم الفساد فتدبر جدا وعن الآنية للاستعمال إذا كان الاستعمال موجبا لتعدي النجاسة مشروطا بالطهارة كالاكل
والشرب اختيارا للاجماع وكذا يجب ازالتها عن مسجد الجبهة للنص وعن المساجد السبعة عند أبي الصلاح وعن المصلي باسره عند المرتضى والظاهر من مذهب المصنف ومن تبعه
حيث لا يوجبون الشرط قبل وجوب المشروط تقييد الحكم بدون الوقت وعفى في الثوب والبدن عن دم القروح والجروح اللازمة ولا اعلم في أصل العفو عن هذا الدم خلافا بين
الأصحاب وتدل عليه اخبار كثيرة منها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل يخرج به القروح فلا تزال تدمى كيف يصلي فقال يصلي
وإن كانت الدماء تسيل وصحيحة ليث المرادي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يكون به الدماميل والقروح فجلده وثيابه مبلوة دما وقيحا فقال يصلي في ثيابه ولا يغسلها ولا شئ عليه
وعن ليث أيضا في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يكون به الدماميل والقروح فجلده وثيابه مبلوة دما وقيحا وثيابه بمنزلة جلده قال يصلي في ثيابه ولا شئ عليه ولا يغسلها ورواية
عبد الرحمن بن أبي عبد الله الصحيحة على الظاهر قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الجرح يكون في مكان لا يقدر على ربطه فيسيل منه الدم والقيح فيصيب ثوبي فقال دعه فلا يضرك ان لا تغسله
ورواية أبي بصير الملحقة بالصحاح على الظاهر قال دخلت على أبي جعفر عليه السلام وهو يصلي فقال لي قائدي ان في ثوبه دما فلما انصرف قلت له ان قائدي اخبرني ان في ثوبك دما فقال إن بي دماميل و
لست اغسل ثوبي حتى تبرأ ورواية سماعة بن مهران عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا كان بالرجل جرح فأصاب ثوبه من دمه فلا يغسل حتى تبرأ وينقطع الدم وما رواه الشيخ عن عمار
الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الدمل يكون بالرجل فينفجر وهو في الصلاة قال يمسحه ويمسح يده بالحائط أو بالأرض ولا يقطع الصلاة إذا عرفت هذا فاعلم أن كلام
الأصحاب مختلف في تعيين الحد الموجب للترخيص فقيل بالعفو عنه مطلقا إلى أن يبرأ القروح والجروح سواء شقت ازالته أم لا وسواء كان له فترة ينقطع فيها أم لم يكن واختاره الفاضل
الشيخ علي والشارح الفاضل وجماعة من المتأخرين عنه وهو الظاهر من كلام الصدوق في الفقيه الا انه خص الحكم بالجرح فقال وإن كان بالرجل جرح سائل فأصاب ثوبه من دمه
فلا باس بان لا يغسله حتى يبرأ وينقطع الدم واعتبر بعضهم سيلان الدم دائما وعدم الانقطاع وهو المستفاد من كلام المفيد في المقنعة والمصنف في بعض كتبه والشهيد في بعض كتبه
وهو ظاهر الشيخ في الخلاف واعتبر المحقق في المعتبر السيلان في جميع الوقت أو تعاقب الجريان على وجه لا يتسع فتراتها لأداء الفريضة واختاره الشهيد في الذكرى وناط المصنف في القواعد
العفو بحصول المشقة وهو الظاهر من كلام ابن زهرة في الغنية وجمع في المنتهى والتحرير بينه وبين عدم وقوف جريانها فجعلهما المناط في العفو وهو المستفاد من كلام ابن إدريس
في السرائر وظاهر المصنف في النهاية اعتبار المشقة وحدها واستشكل وجوب إزالة البعض إذا لم يشق وأوجب فيها وفي المنتهى ابدال الثوب مع الامكان معللا بانتفاء المشقة فينتفي
الترخيص واعلم أنه على هذا لا يبقى لهذا الدم خصوصية فان ايجاب إزالة البعض عند عدم المشقة يقتضي وجوب التحفظ عن التكاثر والتعدي بقدر الامكان وغير ذلك مغتفر في سائر
النجاسات فلم يكن لهذا الدم خصوصية مع أن الظاهر أن لهذا الدم خصوصية والمنقول عن ظاهر جماعة منهم ان الخصوصية هنا ثابتة عند الكل ونقل عن الفاضل الشيخ علي
انه ذكر في بعض مصنفاته ان الشيخ نقل الاجماع على عدم وجوب عصب الجرح وتقليل الدم بل يصلي كيف كان وان سال وتفاحش ان يبرأ قال وهذا بخلاف المستحاضة والسلس
والمبطون إذ يجب عليهم الاحتياط في منع النجاسة وتقليلها بحسب الامكان وكلام الشيخ في النهاية والمبسوط مجمل فإنه جعل فيهما مناط العفو والجروح اللازمة والقروح الدامية قل أو كثر فيحتمل
ان يكون مراده باللازمة ما كان باقيا لم يندمل ويحتمل ان يكون مراده بها ما استمر خروج الدم منه والظاهر الأول وبه فسر كلام المصنف الفاضل الشيخ علي واعترض عليه بأنه غير
المعهود من مذهبه والحق انه غير بعيد بمن عادته من انتشار الرأي واختلاف المذهب خصوصا في هذه المسألة والقول الأول لا يخلو عن قوة لاطلاق الاخبار وعدم الاستفصال
فيها وقوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم وإن كانت الدماء تسيل ظاهر الدلالة على أولوية الحكم في صورة عدم السيلان وربما يتوهم من قوله في جملة هذا الحديث فلا تزال تدمى ان الحكم
مفروض فيما هو دائم السيلان وهو ضعيف لا لان هذا القيد مذكور في السؤال والعبرة بالجواب لان الجواب معلق على ما وقع السؤال عنه وبيان حكم له ولا دلالة في الجواب على العموم
بل لأنه ليس معنى قوله فلا يزال يدمى ان جريانها متصل دائما بل معناه ان الدم يتكرر خروجه منها ولو حينا بعد حين فإذا قيل فلان لا يزال يتكلم بكذا فكان معناه عرفا انه يصدر
منه ذلك وقتا بعد وقت لا انه دائمي ورواية أبي بصير وسماعة دالتان على المدعا صريحا وبالجملة كون غاية العفو البرء أقوى مستفاد من الروايات وهل المراد بالبرء الاندمال
أو الامن من خروج الدم فيه وجهان ويستفاد من الروايات أيضا انه لا يجب ابدال الثوب ولا تجفيف النجاسة ولا عصب موضع الدم بحيث يمنعه من الخروج وظاهر الشيخ في الخلاف انه اجماعي
بين الطائفة وما ذكره المصنف في المنتهى من وجوب الابدال تدفعه الروايات خصوصا صحيحة ليث حيث قال عليه السلام فيها يصلي في ثيابه ولا يغسلها ولا شئ عليه وينبغي التنبيه على أمور
الأول قال المصنف في المنتهى لو تعدى الدم عن محل الضرورة في الثوب أو البدن بان يمس بالسليم من بدنه دم الجرح أو بالطاهر من ثوبه فالأقرب عدم الترخيص فيه واستحسنه صاحب
157

المعالم وفيه تألم لان ذلك خلاف الظاهر من الاخبار الثاني إذا لاقي هذا الدم جسم برطوبة ثم لاقي الجسم بدن صاحب الدم أو ثوبه فهل ثبت فيه العفو أم لا فيه
وجهان استقرب ثانيهما المصنف في المنتهى والنهاية قصرا للرخصة على مورد النص ولم اطلع على هذا الفرع في كلام غيره لكنهم ذكروا نظيره في الدم القليل المعفو عنه فاختار جماعة
العفو بتقريب ان المتنجس بالشئ أضعف حكما منه وهذا التقريب يجرى ههنا ويمكن ان يستفاد من الروايات ثبوت العفو في العرق ونحوه مما يقع الانفكاك عنه نادرا الثالث
ذكر المصنف في عدة من كتبه انه يستحب لصاحب القروح والجروح غسل ثوبه في كل يوم مرة واحتج عليه بأن فيه تطهيرا غير مشق فكان مطلوبا لرواية سماعة قال سألته عن الرجل
به القرح أو الجروح فلا يستطيع ان يربطه ولا يغسل دمه قال يصلى ولا يغسل ثوبه الا كل يوم مرة فإنه لا يستطيع ان يغسل ثوبه كل ساعة والوجه الأول ضعيف واما الثاني فغير
بعيد التعويل عليه وإن كان الخبر ضعيفا بناء على ما عرفت مرارا من المساهلة في أدلة السنن وعن ما دون سعة الدرهم البغلي من الدم المسفوح مجتمعا نقل المصنف والمحقق وغيرهما
اجماع الفرقة عليه ولم ينقل أحد منهم خلافا في هذه المسألة الا انه يلوح من كلام ابن أبي عقيل نوع مخالفة فيها فقد حكى عنه المصنف في المختلف أنه قال إذا أصاب ثوبه دم فلم يره حتى صلى
فيه ثم رآه بعد الصلاة وكان الدم على قدر الدينار غسل ثوبه ولم يعد الصلاة وإن كان أكثر من ذلك أعاد الصلاة ولو رآه قبل صلاته أو علم أن في ثوبه دما ولم يغسله حتى صلى
غسل ثوبه قليلا كان الدم أو كثيرا وقد روى أنه لا إعادة عليه الا ان يكون أكثر من مقدار الدينار وتدل عليها صحيحة عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في
دم البراغيث قال ليس به باس قال قلت إنه يكثر ويتفاحش قال وان كثر قال قلت فالرجل يكون في ثوبه نفط الدم لا يعلم به ثم يعلم فينسى ان يغسله فيصلى ثم يذكر بعدما صلى أيعيد
صلاته قال يغسله ولا يعيد صلاته الا ان يكون مقدار الدرهم مجتمعا فيغسله ويعيد الصلاة وحسنة محمد بن مسلم قال قلت له الدم يكون في الثوب علي وانا في الصلاة قال إن
رايته وعليك ثوب غيره فاطرحه وصل وان لم يكن عليك غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك وما لم يزد على مقدار الدرهم من ذلك فليس بشئ رايته أو لم تره فإذا كنت
قد رايته وهو أكثر من مقدار الدرهم فضيعت غسله وصليت فيه صلاة كثيرة فأعد ما صليت فيه ورواية إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال في الدم يكون في الثوب إن كان أقل
من قدر الدرهم فلا يعيد الصلاة وإن كان أكثر من قدر الدرهم وكان رآه فلم يغسله حتى صلى فليعد صلاته وان لم يكن رآه حتى صلى فلا يعيد الصلاة ومرسلة جميل بن دراج عن
بعض أصحابنا عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليه السلام انهما قالا لا باس بان يصلي الرجل في الثوب وفيه الدم متفرقا شبه النضح وإن كان قد رآه صاحبه قبل ذلك فلا باس به ما لم يكن مجتمعا قدر الدرهم
وكذا نقل المصنف في غير واحد من كتبه اجماع الفرقة على عدم العفو عن الزائد عن الدرهم ويدل عليه الأخبار الدالة على نجاسة الدم وما دل على وجوب طهارة الثوب في الصلاة والاخبار
المذكورة في هذه المسألة واختلف الأصحاب فيما كان بمقدار الدرهم فذهب الأكثر منهم الصدوقان والشيخان والفاضلان إلى وجوب ازالته والمنقول عن المرتضى وسلار القول
بالمعفو عنه حجة الأول يرجع إلى وجوه الأول ان مقتضى الدليل وجوب إزالة قليل النجاسة وكثيرها لقوله عليه السلام انما يغسل الثوب من البول والغائط والمني والدم وهذا اللفظ
باطلاقه يقتضي وجوب إزالة الدم كيف كان فيترك منه ما وقع الاتفاق على العفو عنه حسب وعليه اعتمد المحقق في المعتبر الثاني قوله تعالى وثيابك فطهر وهو عام تركناه
فيما نقص عن الدرهم بدليل مختص به فيبقى غيره مندرجا تحت العموم ولا يخفى ان اتمام هذا الدليل يتوقف على اثبات العموم في الآية وان المراد بالتطهير المعنى العرفي وذلك لا يخلو
عن اشكال الثالث صحيحة عبد الله بن أبي يعفور السابقة فإنها دالة على إعادة الصلاة مع النسيان وهو ينافي العفو الرابع مرسلة جميل بن دراج السابقة الخامس رواية إسماعيل
الجعفي السابقة فإنه علق فيها الحكم بعدم الإعادة على وصف الأقلية فينتفي بانتفائه عملا بمفهوم الشرط وهذا الوجه ضعيف جدا السادس ان الذمة مشغولة بالصلاة يقينا و
لا تحصل البراءة اليقينية الا بإزالته فيجب واحتج الآخرون بحسنة محمد بن مسلم السابقة وبان الله تعالى أباح الصلاة في قوله إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا عند تطهير الأعضاء
الأربعة فلو تعلقت الإباحة بغسل نجاسة لكان ذلك زيادة لا تدل عليها وبرواية إسماعيل الجعفي فإنه علق فيها الحكم بالإعادة على وصف الأكثرية فينتفي عند انتفائه و
أجاب المصنف عن الأول بان محمد بن مسلم لم يسنده إلى امام وعدالته وإن كان يقتضى الاخبار عن الامام الا ان ما ذكرناه من الأحاديث لا لبس فيه وعن الثاني بان الآية لا تدل على الإباحة
عند تطهير الأعضاء الأربعة بل على اشتراط تطهيرها في الصلاة وعن الثالث بأنه لم يذكر في الرواية حديث المساواة والمفهومان فيها متعارضان وفي جوابه الأول نظر لما أشرنا
إليه مرارا من أن ذلك غير ضائر إذ من المعلوم بحسب القرائن المتكثرة ان السؤال في الخبر عن الإمام عليه السلام ولعل الحامل على نحو هذا الاضمار في هذه الأخبار انه وقعت سؤالات متعددة
في احكام مختلفة عن امام واحد مع اتصال بعضها بالبعض ونقلت كذلك في كتب القدماء مع التصريح باسم الامام المسؤول في أول السؤالات والاعتماد على الاضمار في الباقي للاستغناء
عن ايراد الظاهر ثم لما حولت تلك الأخبار إلى كتب أخرى ووقعت الاقتطاع بينها لغرض ايراد كل حكم في الباب اللائق به أو مصلحة أخرى حصلت الغفلة ووقع اللبس للمتأخرين
لبعد عهدهم بالأصول ولقد كان اللائق بالمصنفين التجنب عن مثل هذا الاجمال تجويد المراسم التعليم واشفاقا على
المتأخرين عنهم وقد يقال في الجواب عن الأول ان خبر
ابن مسلم هذا معارض بخبر ابن أبي يعفور والترجيح لذلك لكونه من الصحاح وهذا من الحسان وعلى تقدير المساواة فخبر ابن مسلم أقرب إلى التأويل إذ يمكن حمل ذكر الزيادة عن مقدار
الدرهم فيه على كونها إشارة إلى أن اتفاق كون الدم بمقدار الدرهم فحسب بعيد جدا وان الغالب فيه الزيادة والنقصان ومما يرشد إلى هذا قوله في رواية إسماعيل الجعفي إن كان
أقل من الدرهم فلا يعيد الصلاة وإن كان أكثر فليعد صلاته ولم يتعرض لحال مساواته للدرهم فالظاهر أنه لا وجه لتركه الا بعد وقوعه ولا يخفى ان هذا التأويل تأويل حسن الا
انه لا ينحصر الجمع فيه لامكان الجمع بحمل ما دل على الإعادة في مقدار الدرهم على الاستحباب وهو أيضا تأويل قريب واثبات كون التأويل الأول أقرب لا يخلو عن اشكال فقوله خبر ابن
مسلم أقرب إلى التأويل محل تأمل والتحقيق انه وقع التعارض بين الروايتين وكل منهما قابل للتأويل بوجه صحيح لكن يمكن ترجيح رواية ابن أبي يعفور لصحتها واعتضادها بالشهرة
بين الأصحاب وبمرسلة جميل وكون العمل بها موجبا لقلة التخصيص فيما دل على وجوب إزالة الدم عن الثوب ومناسبتها لطريقة الاحتياط وتحصيل البراءة اليقينية واعتضادها
بالآية في الجملة وإن كان في دلالة الآية تأمل ومن يتوقف في حجية الخبر الحسن خصوصا في صورة لا يسلم عن مثل هذه المعارضات يتقوى عنده هذا الترجيح وبالجملة القول المشهور
لا يخلو عن قوة ومع ذلك للتردد في المسألة وجه لكن اجمال معنى الدرهم وعدم انضباط سعته مما ينفي فائدة هذا الاختلاف فإنه لم يبين في الروايات المراد بالدرهم ولم يثبت
حقيقة شرعية فيه ولا عرف زمان الأئمة عليهم السلام حتى يحمل عليه وكلام الأصحاب مختلف في تفسيره وتحديده فالمشهور بينهم انه الدرهم الوافي المضروب من درهم وثلث ذكره
الصدوق والمفيد والشيخ وابن زهرة وغيرهم الا ان الشيخ لم يذكر لفظة الوافي ولم يذكروا هؤلاء انه مسمى بالبغلي وقال المحقق في المعتبر الدرهم هو الوافي الذي وزنه درهم وثلث
وسمى البغلي نسبة إلى قرية بالجامعين وقريب منه كلام المصنف في التذكرة والمحكى عن جماعة من المتأخرين انه على هذا التفسير مفتوح الغين مشدد اللام ويظهر من كلام
المصنف ان الدرهم المعفو عنه يسمى بالبغلي اتفاقا وقال ابن إدريس انه الدرهم الوافي المضروب من درهم وثلث وبعضهم يقول دون قدر الدرهم البغلي منسوب إلى مدينة قديمة
يقال لها بغل قريبة من بابل بينها وبينها قريب من فرسخ متصلة ببلدة الجامعين تجد فيها الحفرة والغسالون دراهم واسعة شاهدت درهم من تلك الدراهم وهذا الدرهم
أوسع من الدينار المضروب بمدينة السلم المعتاد تقرب سعته من سعة أخمص الراحة وقال لي بعض من عاصرته ممن له علم باخبار الناس والأنساب ان المدينة والدرهم منسوبة
إلى ابن أبي البغل رجل من كبار أهل الكوفة اتخذ هذا للموضع قديما وضرب هذا الدرهم الواسع فنسب إليه الدرهم البغلي وهذا غير صحيح لان الدراهم البغلية كانت في زمن الرسول عليه السلام
158

وقبل الكوفة انتهى كلامه والمراد بأخمص الراحة ما انخفض منها قال الجوهري الأخمص ما دخل من باطن القدم فلم يصب الأرض وقال الشهيد في الذكرى ان الدرهم الوافي هو البغلي
باسكان الغين وهو منسوب إلى رأس البغل ضربه الثاني في ولايته بسكة كسروية وزنه ثمانية دوانيق والبغلية تسمى قبل الاسلام الكسروية فحدثت لها هذا الاسم في الاسلام
والوزن بحاله وجرت في المعاملة مع الطبرية وهي أربعة دوانيق فلما كان زمن عبد الملك جمع بينهما واتخذ الدراهم منهما واستقر أمر الاسلام على ستة دوانيق قال وهذه التسمية
ذكرها ابن رزيد؟ وقيل منسوب إلى بغل قرية بالجامعين كان يوجد بها دراهم يقرب سعتها من أخمص الراحة لتقدم الدراهم على الاسلام قلنا لا ريب في تقدمها وانما التسمية حادثة فالرجوع
إلى المنقول أولي انتهى كلامه رحمه الله ويعلم منه ان الدرهم كان يطلق على البغلي وغيره وان البغلي ترك في زمان عبد الملك وزمان الباقر والصادق عليهما السلام متأخر عن ذلك فحمل
الدرهم الواقع في النصوص عليه لا يخلو عن اشكال ويظهر مما ذكرنا وقوع الاختلاف في تفسير الدرهم وفي تقديره أيضا اختلاف لأنه قد علمت أن المشهور ان وزنه درهم وثلث والمستفاد
من كلام ابن إدريس انه بمقدار أخمص الراحة ونقل المحقق عن ابن أبي عقيل بعد الكلام الذي حكيناه عنه ان المراد منه ما كان بسعة الدينار وعن ابن الجنيد ان سعته كعقد الابهام
الاعلى قال والكل متقارب والتفسير الأول أشهر ونقل عن بعض المتأخرين بعض الأصحاب انه لا تناقض بين هذه التقديرات لجواز اختلاف افراد الدرهم من الضارب الواحد
كما هو الواقع واخبار كل واحد عن فرد رآه واعترض عليه بأن هذا انما يصح على تقدير الاتفاق في التفسير وهو غير معلوم من كلامهم وذكر الشارح الفاضل وغيره بعد نقل
ان ابن إدريس شاهده وانه يقرب سعته من سعة أخمص الراحة وشهادة ابن إدريس في قدره مسموعة مريدين بذلك الاعتماد على التقدير الذي ذكره وفيه تأمل لان شهادته
مبنية على أحد التفسيرين فالاعتماد عليه موقوف على ثبوته وبالجملة ترجيح أحد التفسيرين والبناء على بعض التقديرات يحتاج إلى حجة وهي غير معلومة فاللازم الوقوف على القدر
الأقل تحصيلا للبراءة اليقينية وفي المتفرق خلاف فذهب سلار إلى وجوب إزالة الدم إذا زاد على مقدار الدرهم سواء كان مجتمعا أو متفرقا دون ما إذا كان بمقدار الدرهم
أو نقص منه وذهب ابن حمزة والمصنف وأكثر المتأخرين إلى وجوب إزالة الدم المتفرق إذا بلغ المجموع على تقدير الاجتماع مقدار الدرهم وقال الشيخ في النهاية لا يجب ازالته ما لم يتفاحش
واختاره المحقق في المعتبر وقال في المبسوط ما نقص عنه لا يجب ازالته سواء كان في موضع واحد من الثوب أو في مواضع كثيرة بعد أن يكون كل موضع أقل من مقدار الدرهم وان قلنا
إذا كان جميعه لو جمع كان مقدار الدرهم وجب ازالته كان أحوط للعبارة وجعل ابن إدريس الأقوى والأظهر في المذهب عدم الوجوب واليه ذهب المحقق في الشرائع والنافع هو
أقرب لنا صحيحة عبد الله بن أبي يعفور السابقة فان الظاهر من قوله الا ان يكون مقدار الدرهم مجتمعا ان يكون مجتمعا خبرا ليكون ومقدار اسمه ولا ينافي ذلك كون
السؤال (عن المتفرق وهو لفظ الدم فان الظاهر كون السؤال) عن النقط باعتبار مجموعه وباعتبار كل جزء منه فكأنه قال عليه السلام في الجواب لا يعيد صلاته باعتبار شئ من ذلك الا ان يكون مقدار الدرهم مجتمعا بان يكون شئ من
النقاط بمقدار الدرهم ولو جعل مجتمعا حالا محققة أفادت اشتراط الاجتماع أيضا إذ يصير المعنى حينئذ الا ان يكون الدم مقدار الدرهم حال كونه مجتمعا وكذا لو جعل خبرا بعد خبر
الا ان هذين الاحتمالين بعيدان لا يسلمان عن التكلف كما لا يخفى على المتأمل وبهذه الرواية احتج المحقق في المعتبر على ما اختاره ثم قال والرواية صحيحة سليمة عن المعارض و
هو حسن لكن لا دلالة فيها على القيد الذي ذكره وأجاب المصنف عن الاستدلال بهذه الرواية بأنه كما يحتمل ان يكون المراد (اشتراط الاجتماع يحتمل) ان يكون المراد مقدار الدرهم لو كان مجتمعا فالحاصل انه كما
يحتمل في المجتمع ان يكون خبرا لكان احتمل ان يكون حالا مقدرة واعترض عليه بان الحال المقدرة هي التي زمانها غير زمان عاملها كمررت برجل معه صقر صائدا به غدا اي مقدرا
فيه الصيد وهنا لابد من اتحاد زمان الحال وعاملها وقد يقال الأولى ان يجعل حالا محققة ويقدر الاجتماع فيه وفيه ان تقدير الاجتماع فيه خلاف الظاهر من اللفظ فالمصير إليه مما
لا يساعد الحجة عليه وتؤيد ما اخترناه مرسلة جميل السابقة فان دلالتها على المدعا أوضح وإن كان احتمال تقدير
الاجتماع غير ممتنع فيها يظهر جميع ذلك عند التأمل احتجوا بوجوه
الأول ان الحكم معلق على مقدار الدرهم في حسنة محمد بن مسلم وهو أعم من المجتمع والمتفرق وقريب منه الاحتجاج برواية إسماعيل بن جابر الثاني رواية عبد الله بن أبي يعفور السابقة
فان الحكم فيها مفرد مفروض في المتفرق الثالث ان الأصل وجوب إزالة الدم بقوله تعالى وثيابك فطهر خرج عنه ما نقص عن الدرهم فيبقى الباقي مندرجا في الاطلاق الرابع ان النجاسة
البالغة قدرا معينا لا تتفاوت الحال باجتماعها وتفرقها في المحل والجواب عن الأول ان مقدار الدم في الخبر مختص بالمجتمع لقيام المعارض وهو تخصيص غير بعيد لكون
المتبادر منه المقدار الواحد لا المقادير المتعددة والجواب عن الثاني قد ذكر والجواب عن الثالث قد علم من المباحث السالفة والرابع ظاهر الضعف وعلى القول بوجوب
الإزالة فهل ينسحب الحكم في المتفرق في الثياب المتعددة أو فيها وفي البدن فيقدر جميع ما فيها أو لكل واحد من الثوب والبدن حكم بانفراده فلا ينضم أحدهما إلى الأخر ولكل ثوب حكم
كذلك فلا يضم بعضها إلى بعض ولا إلى البدن فيه أوجه والذي رجحه الفاضل الشيخ علي والشارح الفاضل الأول واعلم أن التفاحش المذكور في كلام الشيخ لم يبين مقداره قال المحقق
في المعتبر ليس للتفاحش تقدير شرعي وقد اختلف قول الفقهاء فيه فبعض قدره بالشبر وبعض مما يفحش في القلب وقدره أبو حنيفة بربع الثوب والمرجع فيه إلى العادة لأنها
كالامارة الدالة على المراد باللفظ إذا لم يكن له قدر شرعا ولا وضعا وينبغي التنبيه على أمور الأول مورد الروايات المتضمنة للعفو تعلق النجاسة بالثوب وقال في المنتهى لا
فرق في ذلك بين الثوب والبدن وأسنده إلى الأصحاب وعللها بالاشتراك في المشقة وهو مقتضى الأصل وتؤيده رواية مثنى بن عبد السلام عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له اني
حككت جلدي فخرج منه دم فقال إن اجتمع منه قدر حمصة فاغسله والا فلا ولعل المراد قدر الحمصة وزنا لا سعة الثاني إذا أصاب الثوب وجهي الدم فإن كان بالتفشي فدم واحد
والا فدمان كما نقل عن جماعة من الأصحاب وفصل الشهيد بين الرقيق والصفيق ونص المصنف في المنتهى بعدم الفرق وإحالة ذلك إلى العرف حسن الثالث لو أصاب الدم المعفو
عنه رطب طاهر ففي انسحاب العفو فيه قولان اختار ثانيهما المصنف في المنتهى محتجا بأنه ليس بدم فوجب ازالته بالأصل السالم عن المعارض ولأن الاعتبار بالمشقة المستندة إلى كثرة الوقوع
وذلك غير موجود في صورة النزاع واليه ذهب الشهيد في البيان وقيل بالأول لأصالة البراءة عن وجوب ازالته ولان المتنجس بالشئ أضعف حكما منه واليه ذهب الشهيد في الذكرى
وللتأمل في هذه المسألة مجال وإن كان للقول الثاني رجحان ما لأنه قد ثبت باجتماع اخبار متعددة وجوب طهارة الثوب في الصلاة واشتراطها به وقد ثبت العفو في المستصحب
للدم وانسحاب ذلك في المتنجس يحتاج إلى دليل واثبات الأولوية لا يخلو عن اشكال فان قلت مستند انفعال الرطب الملاقى للنجاسة هو الاجماع واثباته في هذا المقام لا يخلو
عن اشكال لان القدر المسلم ثبوته فيما لاقي النجس بالاتفاق والامر ههنا ليس كذلك لان الدم القليل المعفو عنه ليس بنجس عند ابن الجنيد قلت احتمال النجاسة يكفينا لان اليقين
بالبراءة عن التكليف الثابت يقتضى ثبوت طهارة الثوب شرعا وعلى كل تقدير لو أزال عين الدم بما لا يطهرها فالظاهر بقاء العفو لخفة النجاسة واستقربه المصنف في المنتهى
الرابع قال الشهيد في الدروس لو اشتبه الدم المعفو منه بغيره كدم الفصد بدم الحيض فالأقرب العفو ولو اشتبه الدم الطاهر بغيره فالأصل الطهارة ونقل في توجيهه عن بعض
الأصحاب بناء الحكمين على القاعدة المقررة في استثناء الشئ بين المحصور وغيره وهي الالحاق بغير المحصور من حيث إن الحصر على خلاف الأصل واعترض عليه بان هذا الكلام متجه
بالنظر إلى الحكم الأول لعدم انحصار المعفو عن قليله من الدماء دون غير المعفو عنه واما في الحكم الثاني فظاهر الفساد لان كلا من الدم الطاهر والنجس غير منحصر وقد يوجه بان
أصالة الطهارة لم ترد في نفس الدم بل فيما لاقاه على معنى ان طهارته إذا علمت قبل ملاقاة هذا الدم فالأصل بقاؤها إلى أن يعلم المقتضى للنجاسة ومع الاشتباه لا علم وقد يقال
لهذا التوجيه وجه الا ان لنا توجيها أحسن منه وهو انه لا معنى للنجس الا ما أمر الشارع بإزالته أو اجتنابه ولا للطاهر الا مالا تكليف فيه بأحد الامرين فإذا حصل الاشتباه كان مقتضى
159

الأصل هو الطهارة بمعنى براءة الذمة من التكليف بواحد من الامرين واعتبار هذا التوجيه في الحكم الأول أولي وقد تلخص مما حكيناه توجيهات ثلثة للحكم الثاني إما الأول
ففيه نظر لما ذكر من عدم جريان القاعدة فيها ولو سلم فلا نسلم صحة القاعدة المذكورة إذ غاية ما يستفاد عند السلامة عن امارة الخلاف الظن بناء على أن الحاق الفرد
بالأغلب مظنون وحجية هذا الظن يحتاج إلى دليل واما الثاني فان قصد ان الأصل طهارة الأشياء بحكم العقل ففيه نظر وان قصد ان الأصل طهارتها بالدليل فحسن لكن كان
الأولى الإشارة إليه واما الثالث ففيه نظر لأنه قد ثبت التكليف بالصلاة واشتراطها بطهارة الثياب فتحصيل اليقين بالبراءة يكون موقوفا على العلم بالطهارة وهو منتف
فيما نحن فيه فالأولى التمسك في الحكم المذكور بقول الصادق عليه السلام في موثقة عمار كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر وتؤيده رواية عبد الله بن سنان قال سال أبي أبا عبد الله عليه السلام وانا
حاضر اني أعير الذمي ثوبي وانا اعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرد علي فاغسله قبل ان أصلي فيه فقال أبو عبد الله عليه السلام صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنك أعرته إياه وهو طاهر
ولم تستيقن انه نجسه (لا باس ان تصلي فيه حتى تتيقن انه نجسه) وقد مر ما يدل عليه في مسألة الإنائين المشتبهين واما الحكم الأول ففيه اشكال لما عرفت من ضعف القاعدة ووقوع التعارض بين أدلة العفو والأدلة الدالة
على وجوب إزالة الدم وامكان التخصيص في كل منهما ولقائل ان يرجح عدم العفو بناء على أن اليقين ببراءة الذمة يتوقف عليه فتدبر جدا الخامس قال المصنف في النهاية لو كان الدم اليسير
في ثوب غير ملبوس أو في متاع أو في انية أو آلة فاخذ ذلك بيده وصلى وهو حامل له احتمل الجواز لعموم الترخيص والمنع لانتفاء المشقة وفيه نظر لمنع عموم الترخيص ومنع كون العلة في الترخيص
هي المشقة حسب والأول أقوى للأصل السالم عن المعارض فان الحكم بوجوب طهارة لباس المصلي على خلاف الأصل مستفاد من الأدلة المختصة به فلا ينسحب في غيره الا بدليل اخر وليس فليس
غير الثلاثة لا نعرف بين الأصحاب خلافا في أن دم الحيض لا يعفى عن كثيره وقليله في الصلاة وفي عبارة المعتبر اشعار بعدم الخلاف حيث نسب هذا الحكم إلى الأصحاب وتدل عليه رواية أبي
سعيد المكاري عن أبي بصير عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قال لا تعاد الصلاة من دم لا تبصره غير دم الحيض فان قليله وكثيره في الثوب ان رآه وان لم يره سواء قال المحقق لا يقال
الراوي عن أبي بصير أبو سعيد وهو ضعيف والفتوى موقوفة عن أبي بصير وقوله ليس بحجة لأنا نقول الحجة عمل الأصحاب بمضمونه وقبولهم له وان أبا جعفر بن بابويه قاله والمرتضى والشيخان
واتباعهما وما ذكره المحقق حسن الا ان ما ذكره من كون الفتوى موقوفة على أبي بصير محل النظر لان الامر كذلك في التهذيب واما في الكافي فمسند إلى أحدهما عليهما السلام ثم قال ويؤيد ذلك أن
مقتضى الدليل وجوب إزالة قليل الدم وكثيره عملا بالأحاديث الدالة على إزالة الدم كقوله عليه السلام لأسماء حتيه ثم اقرضيه ثم اغسليه بالماء وما رواه مسورة بن كليب عن أبي عبد الله عليه السلام عن الحائض
قال تغسل ما أصاب ثيابها من الدم لكن ترك العمل بذلك في بعض الدماء لوجود المعارض فلا يجب العمل به في
الباقي وفي هذا التأييد تأمل وان قطع النظر عن ضعف الاسناد لان
النسبة بين هذين الخبرين وما دل على العفو في الناقص عن الدرهم عموم من وجه فارتكاب التخصيص في أحدهما دون الأخر يحتاج إلى دليل ولعل الحجة عمل الأصحاب واتفاقهم لان أحد التأويلين
إذا وافق عمل الطائفة فهو أولي وبذلك يندفع ضعفهما وعلى انه إذا لم يثبت الترجيح كان العمل بالخبرين متعينا لتوقف اليقين بالبراءة من التكليف الثابت عليه واما المناقشة على
كلامه بأنه لم يظهر في الاخبار المعتمدة حديث مطلق في ايجاب إزالة الدم بحيث يصلح لتناول القليل من دم الحيض بل هي إما ظاهرة في الكثير أو مفروضة في غير دم الحيض فمندفع بما أشرنا
إليه في مبحث نجاسة الدم من أنه يستفاد من الاخبار بحسب القرائن ايجاب إزالة الدم مطلقا وقد يقال يمكن التمسك في هذا الحكم بالاخبار الدالة على منافاة نجاسة ثوب المصلي لصحة صلاته
فان ذلك واردة في عدة أحاديث معتبرة ومن البين ان ملاقاة دم الحيض وان قل مقتضية للتنجيس ويعضد هذا الاعتبار ظاهر قوله تعالى وثيابك فطهر ملاحظة وجوب التأسي
على ما هو محقق في الأصول ودليل العفو عن قليل (الدم) غير صالح لتناول دم الحيض فلا مقتضى لخروجه عن عموم الحكم المستفاد من تلك الأخبار وفيه نظر لأن الظاهر من الأخبار الدالة
على العفو العموم فيختص به عموم الأخبار المذكورة فارجع وتدبر واما دم الاستحاضة والنفاس فقد نسب المحقق إلى الشيخ الحاقهما بدم الحيض في الحكم المذكور ثم قال ولعله نظر إلى تغليظ
نجاسته لأنه يوجب الغسل واختصاصه بهذه المزية يدل على قوة نجاسته على باقي الدماء فغلظ حكمه في الإزالة وقد يوجه الحاق النفاس بأنه دم حيض محتبس وفي التوجيهين تأمل إما الأول فظاهر و
إما الثاني فلان الحكم معلق على دم الحيض وهو غير صادق على النفاس ودم نجس العين قال المحقق والحق بعض فقهاء العجم منا دم الكلب والخنزير ولم يعطنا العلة ولعله نظر إلى ملاقاة
جسدهما (ونجاسة جسدهما) غير معفو عنه وقد حكى المصنف في المختلف عن الراوندي وابن حمزة الحاق دم الكلب والخنزير والكافر بالدماء الثلاثة وعن ابن إدريس منعه مدعيا انه خلاف اجماع الامامية ثم اختار الالحاق
استنادا إلى توجيه يرجع محصله إلى ما أشار إليه المحقق والحق ان الأخبار الدالة على العفو شاملة لدم نجس العين وشموله له يجري مجرى النطق به فاخراجه عنه يحتاج إلى دليل
خاص وما يقال من أن الحيثية مرعية في جميع هذه المواضع والحكم منوط بها فالعفو متعلق بنجاسة الدم من حيث هي فإذا انضم إليها حيثية أخرى كملاقاة جسم نجس كان لتلك الحيثية
المنضم إليها حكم نفسها وفيه نظر لمنع دلالة الكلام على الحيثية المذكورة وقد ذكرنا نظير ذلك وأوضحناه في مسألة النزح لموت الانسان في البئر على أن استفادة النجس نجاسة أخرى من
ملاقاة النجاسة يحتاج إلى دليل فان الاجماع لا يساعد عليه ولا دليل له سواه فتدبر وعفى أيضا عن نجاسة ما لا يتم الصلاة فيه حال كونه منفردا كالتكة والجورب وشبههما في محالها وان
نجسا بغير الدم لا نعرف في أصل هذا الحكم خلافا بين الأصحاب وان اختلفوا في تفصيله وتدل عليها روايات كثيرة منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمن عمن اخبره عن أبي عبد الله (ع) في
الرجل يصلي في الخف الذي قد اصابه قذر فقال إذا كان مما لا يتم فيه الصلاة فلا باس وهذه الرواية من الروايات المعتمدة والارسال فيها غير ضائر لان الراوي عن حماد بن عثمن
صفوان بن يحيى والظاهر من علو درجته وجلالة قدره انه لا يروى الا ما صح عنده ولهذا أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وكذا حماد بن عثمان ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح
عنه فالظاهر أنه لا يروى الا عن الثقات ومنها ما رواه عن زرارة في الموثق عن أحدهما عليهما السلام قال كل ما كان لا يجوز فيه الصلاة وحده فلا باس بان يكون عليه الشئ مثل القلنسوة
والتكة والجورب وما رواه زرارة أيضا قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان قلنسوتي وقعت في بول فأخذتها فوضعتها على رأسي (ثم صليت) فقال لا باس وما رواه عن إبراهيم بن أبي البلاد عمن حدثهم عن أبي
عبد الله عليه السلام قال لا باس بالصلاة في الشئ التي لا تجوز الصلاة فيه وحده يصيبه القذر مثل القلنسوة والتكة والجورب وما رواه عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل مالا تجوز فيه الصلاة
وحده فلا باس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم والقلنسوة والخف والزنار يكون في السراويل ويصلي فيه وما رواه عن عبد الله بن سنان عمن اخبره عن أبي عبد الله عليه السلام قال كل ما كان
على الانسان أو معه مما لا تجوز الصلاة فيه وحده فلا باس ان يصلى فيه وإن كان فيه قذر مثل القلنسوة والتكة والكمرة والنعل والخفين وما أشبه ذلك وضعف الاسناد في هذه الأخبار
غير قادح لان التحاق بعضها ببعض مع اعتضادها بالشهرة وعمل الأصحاب ومخالفة العامة وعدم المعارض يكفي ناهضا باثبات المدعا إذا عرفت هذا فاعلم أن المحقق والشهيد في أكثر
كتبه وجماعة من المتأخرين عمموا الحكم في كل ما لا يتم فيه الصلاة منفردا سواء كان ملبوسا أو محمولا وابن إدريس خص الحكم بالملبوس واختاره المصنف وزاد قيدا اخر وهو ان يكون في محالها
وتبعه في القيدين الشهيد في البيان ونقل عن قطب الراوندي قصر الحكم على خمسة أشياء القلنسوة والتكة والجورب والخف والنعل والأقرب الأول للأصل فان غاية ما يستفاد من الأدلة
وجوب طهارة ثياب المصلي من النجاسة إما طهارة محمولة فلا دليل عليه وتعضده مرسلة عبد الله بن سنان واطلاق رواية زرارة السابقتان فروع الأول الحق
الصدوق بما ذكر العمامة استنادا إلى أن الصلاة لا تتم فيها وحدها وهو المنقول عن والده في الرسالة وحكى في المعتبر عن الراوندي أنه قال يحمل على عمامة صغيرة كالعصابة لأنها لا يمكن ستر
العورة بها وبالجملة حملها على العمامة الكبيرة مشكل لأنه يمكن ستر العورة بها ويمكن ان يكون المراد انه لا يمكن ستر العورة بها إذا كانت على تلك الكيفية المخصوصة والمسألة محل اشكال
للشك في صدق الثوب على العمامة عرفا وإذا لم يصدق عليها الثوب كان القول بالالحاق متجها لان الدليل الدال على وجوب تطهير لباس المصلي مختص بالثوب فيبقى غيره على الأصل
160

لكن في عدم التمثيل بالعمامة في الاخبار والتمثيل بالقلنسوة وغيرها اشعار بأن الحكم فيها ليس كذلك والا لكان العمامة أحق بالتمثيل كما لا يخفى على المتأمل الثاني لو حمل المصلي قارورة
فيها نجاسة مشدودة الرأس لم تبطل صلاته على الأظهر قال الشيخ في الخلاف وذكر انه ليس لأصحابنا فيها نص وبه قال ابن أبي هريرة من أصحاب الشافعي وحكى عن غيره من العامة القول
بالبطلان واستدل بان قواطع الصلاة طريقها الشرع ولا دليل في الشرع على أن ذلك تبطل الصلاة ثم قال ولو قلنا إنه تبطل الصلاة لدليل الاحتياط كان قويا ولان
على المسألة اجماعا لعدم الاعتداد بخلاف ابن أبي هريرة وجزم الشيخ في المبسوط بالبطلان واستوجه المحقق الجواز محتجا بأنه محمول لا تتم الصلاة فيه منفردا ثم قال والجمهور عولوا على أنه
حامل نجاسة فتبطل صلاته كما لو كانت على ثوبه ونحن نقول النجاسة على الثوب منجسة له فتبطل الصلاة لنجاسة الثوب لا لكونه حامل نجاسة ونطالبهم بالدلالة على أن حمل النجاسة
مبطل للصلاة إذا لم يتصل بالثوب والبدن قال وما استدل به الشيخ ضعيف لأنه سلم انه ليس على المسألة نص لأصحابه وعلى هذا التقدير يكون ما استدل به من الاجماع هو قول جماعة
من فقهاء الجمهور وليس في ذلك حجة عندنا ولا عندهم أيضا وكلام المحقق حسن وما اختاره جيد وذهب المصنف إلى مختار المبسوط ونسب إلى ابن إدريس واحتج عليه المصنف بأنه حامل نجاسة فتبطل
الصلاة وبالاحتياط وضعفهما ظاهر وعلى ما اخترنا لا حاجة إلى شد رأس القارورة كما نبه عليه الشهيد في الذكرى قال ومن اعتبر القيد من العامة لم يقل بالعفو عما لا يتم الصلاة فيه منفردا
بل مأخذه القياس على حمل الحيوان الثالث قال في المعتبر لو حمل حيوانا طاهرا غير مأكول أو صبيا لم تبطل صلاته لان النبي صلى الله عليه وآله حمل امامة وهو يصلي وركب الحسين عليه السلام على ظهره وهو
ساجد واحتج عليه بعض الأصحاب بالأصل السالم عن المعارض وهو حسن الرابع استحب الشيخان وابن زهرة تطهير ما لا يتم الصلاة فيه منفردا عن النجاسة ولم اطلع على
دليله وفي بعض الأخبار الصحيحة دلالة على استحباب تطهير النعل الخامس قال المصنف في المنتهى لو شرب خمرا أو اكل ميتة ففي وجوب قيئه نظر أقربه الوجوب لان شربه محرم واستدامته
كذلك فيه تأمل لأصالة البراءة وعلى القول بالوجوب لم يبعد بطلان الصلاة في سعة الوقت بناء على أن الامر بالشئ يستلزم النهي عن ضده والنهي عن العبادة يستلزم الفساد
وقد يستدل على البطلان بأنه حامل نجاسة وضعفه ظاهر السادس قال المصنف في التذكرة لو ادخل دما نجسا تحت جلده وجب عليه اخراج ذلك الدم مع عدم الضرر وإعادة كل صلاة
صلها مع ذلك الدم واستشكل بخروجه عن حد الظاهر وبصيرورته كجزء من دمه وبالجملة القدر الثابت وجوب تطهير ظواهر البدن واما البواطن فليس في الأدلة ما يقتضي وجوب
تطهيرها بل فيها ما يدل على العفو عنها فيكون أصل البراءة على حاله واطلاق الصلاة غير مقيد بشرط لا يدل عليه الدليل فيحصل الامتثال فظهر ضعف القول بوجوب إعادة
الصلاة واولى بالعفو ما لو احتقن الدم بنفسه تحت الجلد وأكثر العبارات المتضمنة لهذا الحكم ظاهرة فيما عداها الا ان الشهيد في البيان والدروس قد عبر بما يتناول بظاهره
للصورة المذكورة وهو بعيد فلعل ذلك من باب القصور في التأدية السابع إذا جبر عظمه بعظم نجس وجب قلعه ما لم يخف التلف أو المشقة على ما ذكره جماعة من الأصحاب
واحتمل الشهيد في الذكرى عدم الوجوب إذا اكتسى اللحم لالتحاقه بالباطن وهو حسن وجزم الشيخ في المبسوط ببطلان الصلاة مع الاخلال بالقلع عند المكنة لأنه حامل لنجاسة غير معفو عنها
واستشكل ذلك لخروجها عن حد الظاهر ولأنها نجاسة متصلة كاتصال دمه وبالجملة الظاهر خلاف ما ذكره بالتقريب المذكور في المسألة السابقة ولو جبره بعظم ميت طاهر العين في حال
الحياة غير الآدمي جاز لعدم تنجس العظم والشعر بالموت ولو جبره بعظم ادمي أمكن القول بالجواز للطهارة ولما رواه الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام انه سأله عن الرجل يسقط منه فيدخل
سن ميت مكانه قال لا باس وعلى القول بوجوب دفنه تعين المنع ولابد من العصر الا في بول الرضيع لابد في هذا المقام من شرح نبذة من الأحكام المتعلقة بإزالة النجاسة في عدة مسائل
الأولى يعتبر في إزالة نجاسة البول عن غير الرضيع عن الثوب بالماء القليل غسله مرتين وقال المحقق انه مذهب علمائنا وظاهره الاتفاق وظاهر الشيخ في المبسوط حيث حكم باختصاص العدد
بالولوغ المخالفة واكتفى المصنف بالمرة إذا كان جافا قيل ويظهر من فحوى كلامه في جملة من كتبه الاكتفاء بها مطلقا واستقرب في المنتهى الاكتفاء بالمرة مطلقا لكن بعد حكمه بوجوب المرتين وإقامة
الأدلة عليه ونفي الشهيد في البيان اعتبار التعدد الا في الولوغ وتدل على الأول صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن البول يصيب الثوب فقال اغسله مرتين وصحيحة
ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البول يصيب الثوب قال اغسله مرتين وصحيحة محمد بن مسلم أيضا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثوب يصيبه البول قال اغسله في المركن
مرتين فان غسلته في ماء جار فمرة واحدة ورواية الحسين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين فإنما هو ماء وسألته عن الثوب يصيبه
البول قال اغسله مرتين وهذه الرواية قد عدوه من الحسان لعدم التصريح بتوثيق الحسين في كتب الرجال ولم يبعد الحاقه بالصحاح لان الحسين ممن يروى عنه صفوان وابن أبي عمير
وقد نص الشيخ في العدة على أنهما لا يرويان الا عن الثقات ويحكى عن السيد جمال الدين بن طاوس في البشرى تزكية وفي رجال النجاشي في شانه كلام لا يستفاد منه التوثيق الا انه ليس
بصريح فيه وبالجملة هذه الرواية من الأخبار المعتبرة احتج المصنف في المنتهى للاكتفاء بالمرة إذا لم تكن النجاسة مرئية بان المطلوب من الغسل انما هو إزالة العين والأثر والجاف لا عين له فيكفي
فيه المرة وبان الماء غير مطهر عقلا لأنه إذا استعمل في المحل جاور به النجاسة فينجس وهكذا دائما وانما عرفت طهارته بالشرع بتسميته طهورا بالنص فإذا وجد استعمال الطهور مرة عمل عمله من
الطهارة ويرد على الأول انا لا نسلم ان المطلوب من الغسل مجرد ما ذكره بل هو تعبد شرعي فالواجب تحصيل ما قرره الشارع وجعله مناط الاعتبار فلا يصلح الاكتفاء بمجرد ذلك مطلقا لا بدليل
وهو منتف نعم حكى الشهيد في الذكرى وبعض التابعين له زيادة في رواية الحسين بعد قوله اغسله مرتين صورتها الأولى للإزالة والثانية للانقاء وهذه الزيادات يستفاد منها ان
الاحتياج إلى المرتين انما يكون فيما كان للنجاسة عين فيخص بها عموم باقي الاخبار الا انها غير موجودة في كتب الحديث المشهورة لكنها موجودة في المعتبر وكانها من كلام المحقق والوهم
نشأ من ذلك وعلى الثاني لا نسلم دلالة الآية على أن كل ماء مطهر لكل ما لاقاه بأي وجه كان سلمنا لكن الأخبار المذكورة خاصة فيخص بها عموم الآية ولمن يكتفي بالمرة ان يحتج باطلاق
صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن رجل يبول بالليل فيحسب ان البول اصابه فلا يستيقن فهل يجزئه ان يصب على ذكره إذا بال ولا ينشف قال يغسل ما استبان انه اصابه
وينضح ما يشك فيه من جسده أو ثيابه إذ الظاهر منه في مقام بيان الحكم ان الواجب عليه في صورة اليقين بالإصابة مجرد الغسل ولا ريب في تحققه بالمرة ويمكن الجواب بان هذا الخبر معارض
للاخبار السابقة ويمكن الجمع بوجهين الأول حمل الأخبار السابقة على الاستحباب وهذا الخبر على مطلق الأجزاء الثاني حمل الأخبار السابقة على الوجوب وحمل هذا الخبر على أن المراد
بيان الفرق بين صورة اليقين بالإصابة والشك فيها بوجوب الغسل في الأول والنضح في الثاني لا تعيين طريق الإزالة والثاني راجح على الأول لكونه مع قربه معتضدا بعمل
الطائفة والشهرة بينهم ولان ارتكاب التأويل في خبر واحد أولي من ارتكابه في الاخبار المتعددة ويمكن الاستدلال أيضا بحسنة عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام اغسل
ثوبك من أبوال ما لا يؤكل لحمه وبالاطلاقات الدالة على وجوب الغسل من النجاسات مطلقا من غير تفصيل والجواب ان الخاص مقدم على العام والمطلق على المقيد فيحمل المطلق على المقيد
جمعا بين الأدلة وحمل اخبار التقييد على الاستحباب وإن كان ممكنا لكن الترجيح لما ذكرنا بالتقريب السابق ومن هنا يظهر ان للقول الأول رجحان ما مع موافقته للاحتياط وضابطة
يحصل اليقين بالبرائة هذا حكم الثوب واما البدن فالأكثر على عدم الفرق بينه وبين الثوب في الحكم المذكور والمحقق جمع بينهما حيث قال إن التعدد مذهب الأصحاب لكنه جعل المرتين
في الثوب غسلا وفي البدن صبا وجعل وجه الفرق بين الغسل والصب ان الغسل يتضمن العصر والصب مالا عصر معه قال واما الفرق بين الثوب والبدن فلان البول يلاقي ظاهر البدن
ولا يرسب فيه فيكفي صب الماء لأنه يزيل ما على ظاهره وليس كذلك الثوب لأن النجاسة ترشح فيه فلا يزول الا بالعصر واقتصر المصنف في المنتهى والتحرير على الثوب في العبارة التي حكم فيها
بوجوب المرتين قال بعض المتأخرين لو قيل باختصاص المرتين بالثوب والاكتفاء في غيره بالمرة المزيلة للعين كان وجها قويا للأصل وحصول الغرض من الإزالة واطلاق الامر بالغسل المقا (للنقاء)
161

للمرة وضعف الاخبار المتضمنة للمرتين في غير الثوب وفيه تأمل لان خبر الحسين بن أبي العلا متضمن لحكم الجسد وهو من الأخبار المعتبرة وكذلك حسنة أبي إسحاق النحوي عن الصادق عليه السلام قال
سألته عن البول يصيب الجسد قال صب عليه الماء مرتين ولا يبعد ان يكون اجتماع هذين الخبرين مع الشهرة ونقل الاتفاق كافيا في اثبات المرام هذا حكم البول في غير الاستنجاء واما
الاستنجاء فقد مر تحقيقه الثانية المنقول عن ظاهر جماعة من الأصحاب طرد الكم بالمرتين من نجاسة البول في
غير الثوب والبدن مما يشبههما فيعتبر الغسلتان فيما يمكن اخراج الغسالة منه
بالعصر من الأجسام المشبهة بالثوب والصب مرتين فيما لا مسام لها بحيث ينفذ فيه الماء كالخشب والحجر واستثنى البعض من ذلك الاناء فاكتفى بالمرة وسيجيئ حكمه ولعلهم نظروا في هذه التعدية إلى
المشابهة الصرفة أو مع ادعاء الأولوية في الفرع والأول قياس غير معتبر واثبات الثاني مشكل فاذن الاقتصار في الحكم على مورد النص غير بعيد كما نقل التصريح به عن بعض الأصحاب
وربما يفهم ذلك من كلام المحقق رحمه الله وقد ورد في بعض الأخبار الصحيحة اطلاق الامر بالغسل في الفراش ونحوه إذا اصابه البول وستسمعه عن قريب الثالثة ذكر جماعة من الأصحاب منهم
الشهيد في الذكرى انه يكفي في المرتين التقدير ووجه ذلك بدلالة فحوى الاكتفاء بالمسمى عليه وضعفه ظاهر وربما كان التعويل في ذلك على الزيادة الموجودة في بعض كتب الأصحاب في خبر
الحسين بن أبي العلا السالفة وهي تعليل المرتين بان الأولى للإزالة والثانية للانقاء وقد عرفت ما فيها واعتبر الشهيد الثاني الفصل بينهما وهو حسن لتوقف صدق المرتين المأمور
بهما عليه الرابعة هل يعتبر التعدد في الغسل إذا وقع المغسول في الماء الجاري أو الراكد الكثير فيه قولان وسيجيئ تحقيقه في مبحث الولوغ الخامسة المعروف بين الأصحاب توقف طهارة
الثياب وغيرها مما يرسب فيه الماء على العصر وقال المصنف في التذكرة لو جف الثوب من غير عصر ففي الطهارة اشكال ينشأ من زوال النجاسة بالجفاف والعدم لأنا نظن انفصال اجزاء النجاسة
في صحبة الماء بالعصر لا بالجفاف وقال الشهيد في البيان لو أخل بالعصر في موضعه فالأقرب عدم الطهارة لأنا نحيل خروج اجزاء النجاسة به وجعل في الذكرى الأولى الشرطية واحتج المحقق في المعتبر
على اشتراط العصر بان النجاسة ترشح في الثوب فلا يزول الا بالعصر وبان الغسل انما يتحقق في الثوب ونحوه بالعصر وعلله المصنف في النهاية بان الغسالة نجسة فيجب اخراجها ولا يخفى اختلاف مقتضى
هذه الأدلة واحتج عليه المصنف في المنتهى أيضا برواية أبي العباس الصحيحة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا أصاب ثوبك من الكلب رطوبة فاغسله وان مسه جافا فاصبب عليه الماء ورواية الحسين بن
أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال وسألته عن الثوب يصيبه البول قال اغسله مرتين وسألته عن الصبي يبول على الثوب قال يصب عليه الماء قليلا ثم يعصره وفي هذه الأدلة نظر إما الأول
فلاختصاصه بصورة يتوقف اخراج النجاسة على العصر والمدعى أعم منه واما الثاني فلمنع دخول العصر في مفهوم الغسل وعرفا بل الظاهر أنه يتحقق بالصب المشتمل على الجريان والاستيلاء
والانفصال واما الثالث فلمنع نجاسة الغسالة سلمنا لكن طريق ازالتها غير منحصر في الغسل فلعلها تحصل بالجفاف فلا يتعين وجوب العصر ودعوى حصول ظن انفصال اجزاء النجاسة
مع الماء بالعصر بخلاف الجفاف المجرد لا دليل عليه وقد يستدل على طهارة الماء المتخلف في المحل مع العصر وبدونه بعموم الأدلة الدالة على طهارة الثوب بالغسل المتحقق بدون العصر على الظاهر
وقد اعترف الأصحاب بطهارة المتخلف في المحل بعد العصر وان أمكن اخراجه عنه بقوة ولعل الحكم واحد عند التأمل واما الرابع فلان ما يستفاد من الرواية مغايرة الصب للغسل ولا كلام
فيه خصوصا مع تصريحهم بان المراد بالصب الرش ومغايرته مع الغسل لا يتوقف على اعتبار العصر في الغسل واما الخامس فلان الظاهر أن المراد بالصبي الرضيع للاكتفاء في طهارته بصب
الماء القليل مع اعتبار المرتين في غيره ووجوب العصر هناك متروك عند الأصحاب فيحمل الخبر على الاستحباب أو يخص بصورة يتوقف اخراج النجاسة على العصر والأول أظهر قال بعض
أفاضل المتأخرين والتحقيق يقتضى إناطة الحكم بما يتحقق منه مسمى الغسل في العرف ويعلم معه إزالة النجاسة بأسرها وبناء الزائد على ذلك على نجاسة الغسالة وطهارتها وهو حسن ثم
الظاهر من كلام المحقق في المعتبر وجوب العصر مرتين فيما يجب غسله كذلك واكتفى الشهيد في اللمعة بعصر بين الغسلتين وقال الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه والثوب إذا اصابه البول غسل
في ماء جار مرة وان غسل في ماء راكد فمرتين ثم يعصر ومقتضاه الاكتفاء بعصر واحد بعد الغسلتين والأول أحوط السادسة ظاهر كلام المصنف هنا والمحقق في الشرائع يقتضى عدم الفرق
في اعتبار العصر بين ان يقع الغسل في القليل أو الكثير لكن المصنف جزم في التذكرة والنهاية باختصاص الحكم بالقليل وسقوطه في الكثير واليه ذهب أكثر المتأخرين وهو حسن السابعة كثير من الذاكرين
لاعتبار العصر نصوا على الاكتفاء فيما يعتبر ذلك فيه بالدق والتغميز وفي عبارات المصنف التغليب والدق وعلله في المنتهى والنهاية بالضرورة وقيد الحكم بصورة سريان النجاسة واكتفى بغسل
الظاهر عند عدم السريان وعلله الشهيد في الذكرى بالرواية ووافقه جماعة من المتأخرين كما حكى عنهم وجملة ما اطلعنا عليه من الروايات في هذا الباب روايتان إحديهما ما رواه
المشايخ الثلاثة في الصحيح عن إبراهيم بن أبي محمود قال قلت للرضا عليه السلام الطنفسة والفراش يصيبهما البول كيف يصنع بهما وهو ثخين كثير الحشو قال يغسل ما ظهر منه في وجهه الثانية
ما رواه الكليني عن إبراهيم بن عبد الحميد قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الثوب يصيبه البول فينفذ إلى الجانب الآخر وعن الفرو وما فيه من الحشو قال اغسل ما أصاب منه ومس الجانب الآخر
فان أصبت مس شئ منه فاغسله والا فانضحه بالماء ولعل المراد بقوله مس الجانب الآخر الامر باختيار الجانب الذي لم يقع الإصابة منه هل وصل إليه شئ من النجاسة
بالنفوذ وقوله عليه السلام فان أصبت مس شئ منه معناه ان حصل لك الاحساس بشئ من النجاسة فاغسله لحصول العلم بها والا فانضحه على ما هو المقرر عند الشك في الإصابة وليس في شئ من
الروايتين دلالة على المدعا بل الظاهر من ترك التعرض لغير الغسل قرينة واضحة على نفي اعتبار العصر وبدليه زيادة على الغسل نعم ان ثبت اعتبار شئ منها في مفهوم الغسل تعين
وجوبه لكن الظاهر عدمه الثامنة اعتبر المصنف في النهاية والتحرير الدلك في البدن واحتج له في المنتهى برواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن قدح أو اناء يشرب فيه الخمر
قال يغسله ثلث مرات سئل أيجزأه ان يصب فيه الماء قال لا يجزئه حتى يدلكه بيده ويغسله وقرره بوجهين أحدهما انه أمر بذلك في الاناء لأجل ملاقاة النجاسة وهذا المعنى
موجود في البدن وغيره وثانيهما انه أجاب في صدر الحديث بالغسل ولو لم يتضمن الدلك ثم أوجبه بعد ذلك لكان تأخيرا للبيان عن وقت الحاجة وذلك غير جائز ثم اورد على نفسه
رواية الحسين بن أبي العلا المتضمنة للامر بالصب مرتين إذا أصاب البول البدن من غير تعرض للدلك وأجاب بعدم المنافاة بين وجوب الصب ووجوب الدلك وهذه الحجة ضعيفة
فإنه لو سلم صحة الحديث يجوز اختصاص الحكم بالمحل أو الحال جميعا فان القدح مظنة علوق النجاسة فاحتاج إلى زيادة الاستظهار والخمر أشد لصوقا بمحله من البول فمن الجائز ان
يكون الامر بالدلك فيه لعدم العلم بزوال النجاسة ومع فرض ذلك في البول يلزم وجوب الدلك لذلك لا لوجوب الدلك بخصوصه ومما ذكر يعلم ضعف الوجه الثاني أيضا مع أنها
معارض بما رواه عمار أيضا عن الصادق عليه السلام من الاكتفاء في غسل الإناء من الخمر بالمرة الخالية من الدلك وكان المصنف استشعر بضعف هذه الحجة فقال بعد تقريره لها والأقرب ان الدلك
في الجسد مستحب مع تيقن زوال النجاسة وهو مختار المحقق في المعتبر قيل وفي كلام جماعة من الأصحاب اعتباره بقول مطلق وهو حسن التاسعة المشهور في كلام المتأخرين
ان ما لا يمكن اخراج الغسالة منه كالتراب لا سبيل إلى طهارته بالماء القليل وكانه مبنى على نجاسة الغسالة وعدم الاكتفاء في اخراجها بالتجفيف بناء على الظن المنقول سابقا ولو ابتنى
على اعتبار العصر في الغسل يلزم ان لا يحصل طهارته بالكثير أيضا ويقع الاحتياج إلى تكلف خروجه بالاجماع والتزام حصول الطهارة له من دون الغسل وعلى هذا لا يصح هذا الحكم عند
من نوى طهارة الغسالة أو يكتفى في خروج الغسالة بالجفاف على ما هو التحقيق في الامرين والشيخ في الخلاف مع ذهابه إلى نجاسة الغسالة قال فيه إذا بال على موضع من الأرض فتطهيرها ان
يصب الماء عليه حتى يكاثره ويقهره فيزيل لونه وطعمه وريحه قال فإذا زال حكمنا بطهارة المحل وطهارة الوارد عليه ولا يحتاج إلى نقل التراب ولا قطع المكان وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة
إن كانت الأرض رخوة فصب عليه الماء فنزل الماء عن وجهها إلى باطنها طهرت الجلدة العليا دون السفلى التي وصل الماء والبول إليها وإن كانت الأرض صلبة فصب الماء إلى المكان
فجرى عليه إلى مكان اخر طهر مكان البول ونجس المكان الذي انتهى إليه الماء فلا يطهر حتى يحفر التراب ويلقى عن المكان ثم احتج الشيخ بان التكليف بما زاد على ذلك حرج منفى بالآية وبالرواية
162

العامية المشهورة المتضمنة أمر النبي صلى الله عليه وآله باهراق الذنوب من الماء على بول الأعرابي لما بال في المسجد وقوله لهم بعد ذلك علموا ويسروا ولا تعسروا واثبات وجه الأول مشكل واما الرواية فضعيفة
لأنها عامية وراويها أبو هريرة وقد حكى المحقق محصول كلام الشيخ ثم استشكله بان الرواية ضعيفة ومنافية للأصل لأنا بينا ان الماء المنفصل عن محل النجاسة نجس سواء تغير أو لم يتغير
لأنه ماء قليل لاقي النجاسة ثم حكم بطهارة الأرض بأشياء وذكر من جملتها ان يغسل بماء يغمرها ثم يجرى إلى موضع اخر فيكون ما انتهى إليه نجسا ولم يفرق بين رخاوة الأرض وصلابتها وربما
يحصل التوقف مع الرخاوة لعدم انفصال الماء المغسول به عن المحل الا ان نقول باغتفاره ووافق ابن إدريس الشيخ في الحكم السابق قال بعض العلماء بعد نقل صحيحة عبد الله بن سنان عن
أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة في بيوت المجوس فقال رش وصل وفي هذين الخبرين نوع اشعار بالاكتفاء في زوال النجاسة عن الأرض بصب الماء عليها والا لم يكن للرش في المواضع
المذكورة فائدة وهو حسن الا ان الاستدلال بمجرد ذلك مشكل ثم قال وكذا في صحيحة هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في السطح يبال عليه فتصيبه السماء فيكف فيصيب الثوب قال لا باس به ما
اصابه من الماء أكثر منه ووجه الاشعار به تعليق نفي الباس بكون الماء الذي أصاب المحل أكثر من البول وانه ليس بالبعيد كون أداة التعريف في الماء للعهد الذهني لا لخارجي وفيه تأمل
لجواز رجوع الضمير في قوله ما اصابه إلى الثوب وقد ذكرنا ذلك في حكم ماء المطر عند نقل الحديث هناك وقد يصوب رأي الشيخ بانتفاء الدليل على التكليف بما زاد عليه وصدق مسمى الإزالة
والغسل المعتبرين في مثله ويرد على الوجه الأول انه لم يثبت دليل على طهارته بمجرد ما ذكر وكما أن النجاسة حكم شرعي يحتاج إلى دليل فكذلك الطهارة لأنه حكم شرعي يحتاج إلى دليل
يعلم بتوقيف الشارع فاذن يقتضى تعين التكليف بالصلاة المشترطة بطهارة الثياب (تنزيه الثياب) عن ملاقاة مثله بالرطوبة تحصيلا لليقين بالبراءة فيجب تطهيره لذلك نعم لا يثبت بهذا الوجه
الذي ذكرنا وجوب الاجتناب عنه مطلقا ويرد على الثاني انا لا نسلم وجود ما دل على اعتبار الغسل والإزالة في كل مادة بحيث يشمل محل النزاع إذ الاخبار مختصة بالثوب والبدن فتدبر
العاشرة اختلف الأصحاب في حكم غير البول من سائر النجاسات إذا أصابت غير الأواني فذهب جمع منهم إلى الاكتفاء بالمرة الواحدة وهو مذهب الشيخ في المبسوط واللائح من كلام
المحقق في المعتبر واختاره الشهيد في البيان ومال إليه في الذكرى واليه ذهب الشهيد الثاني لاطلاق الامر بالغسل المتناول للمرة وذهب إلى جماعة اعتبار المرتين وهم بين مطلق للقول على
وجه يظهر منه العموم ومقتصر على الثوب والبدن بل على الثوب فقط وقال المصنف في التحرير يغسل الثوب من البول مرتين والثخينة أولي بتعداد الغسل إما ما لا يشاهد من النجاسات فإنها تطهر بالمرة
وقال في المنتهى النجاسات التي لها قوام وثخن كالمني أولي بالتعدد في الغسلات قال ويؤيده قول أبي عبد الله (ع) في رواية الحسين بن أبي العلاء وقد سأله عن البول يصيب الجسد صب عليه
الماء مرتين فإنما هو ماء فإنه يدل بمفهومه على أن غير الماء أكثر عددا وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) انه ذكر المني فشدده وجعله أشد من البول وتمسك بعضهم
بالخبر المتضمن لتعليل ايجاب المرتين بان واحدة تزيل واخرى تطهر ثم توجيه الاقتصار على الثوب أو عليه وعلى البدن أو إلى التعدية إلى غيرهما قد علم مما مر في البول والجواب عن هذه الوجوه
منع أولوية التعدد وأقصى ما نسلمه توقف إزالة هذه النجاسات على أمر زائد على ما يعتبر في البول وأقله الحت والفرك المزيل للنجاسة ولا يلزم منه اعتبار التعدد خصوصا ان اعتبر بعد
زوال العين وقريب منه الكلام في الرواية الأولى واما الرواية الثانية فلا دلالة لها على المطلوب فان الظاهر التشديد في المني باعتبار التأكيد في وجوب ازالته وشدة اثم من أخل به
ردا لما ذهب إليه العامة من القول بطهارته ولا دلالة في الرواية على أن التشديد باعتبار كيفية الغسل واما التمسك الأخير فقد علمت حاله مما سلف وذهب الشهيد في اللمعة والرسالة و
الفاضل الشيخ علي إلى وجوب المرتين في الجميع والتحقيق ان ما حكم بنجاسته على وجهين الأول ما استفيد نجاسته من أمر الشارع بغسله وحينئذ فالظاهر الاكتفاء بالمرة لصدق الامتثال ولان
الظاهر في مقام البيان انه لو وجب شئ زائد على الغسل لبينه الثاني ما استفيد نجاسته من الاجماع والامر فيه مشكل فيحتمل اعتبار المرتين استصحابا لحكم النجاسة إلى أن يعلم المزيل
والنظر إلى عموم كون الماء مطهرا لكنهما لا يسلمان عن الايراد لما عرفت من ضعف دلالة الاستصحاب المذكور مع ما قد عرفت من ضعف الوجه الثاني عن قريب ويحتمل الثاني اقتصارا في
الحكم بالتنجيس على موضع الوفاق وهو ما قبل المرة استنادا إلى أصل البراءة من الزيادة فيما بعدها ويرد عليه ما ذكرنا في المسألة السابقة من أنه إذا لم يثبت الطهارة يلزم الاجتناب
عنه في الصلاة تحصيلا لليقين بالبراءة من التكليف الثابت نعم ان ثبت الاجماع على عدم الفرق بين القسمين كما هو الظاهر اتجه القول بالاكتفاء بامرة مطلقا فتدبر الحادية
عشر اعتبر السيد المرتضى على ما نقل عنه في إزالة النجاسة بالماء القليل ورود الماء على النجاسة فلو عكس نجس الماء ولم يفد المحل طهارة وبه قطع المصنف في جملة من كتبه وهو ظاهر الشيخ
والمحقق وبه قطع الشهيد في الدروس ولكنه استثنى فيه نحو الاناء وقال في الذكرى الظاهر اشتراط ورود الماء على النجاسة لقوته بالعمل إذ الوارد عامل وللنهي عن ادخال اليد في الاناء فلو عكس
نجس الماء ولم يطهر قال وهذا ممكن في غير الأواني وشبهها مما لا يمكن فيه الورود الا ان يكتفى بأول وروده ثم قال مع أن عدم اعتباره مطلقا متوجه لان امتزاج الماء بالنجاسة حاصل على
كل تقدير والورود لا يخرجه عن كونه ملاقيا للنجاسة وفي خبر الحسن بن محبوب عن أبي الحسن عليه السلام في الجص يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ان الماء والنار قد طهراه تنبيه عليه وقد يقال الحق انه
لا يراد بالورود أكثر من هذا والا لم يتحقق الورود في شئ مما يحتاج فصل الغسالة عنه إلى معونة شئ اخر وفي التنبيه الذي ذكره تأمل وتحقيق المقام ان توجيه الفرق المذكور بناء على القول بعدم
نجاسة القليل بالملاقاة فإذا كان الوارد الماء كما ذهب إليه المرتضى رحمه الله واضح بناء على استبعاد التطهير بالماء النجس وكذا على قول من زعم أن التنجيس انما يعرض للغسالة بعد انفصاله عن المحل في صورة
الورود واما على القول بان الغسالة في حال ملاقاته للثوب أيضا نجس فأقصى ما يمكن ان يقال في تصويره ان الظاهر من حال ما حكم بنجاسته شرعا عدم صلاحيته لإفادة التطهير لكن لما دلت
الأدلة على حصول الطهارة بالماء القليل واقتضت القاعدة انفعاله بملاقاة النجاسة يلزم من ذلك ارتكاب الاستثناء فيما ذكرناه من عدم صلاحية الماء النجس للتطهير لكن الاستثناء
متقدر بقدر الضرورة فيجب قصره على القدر الثابت المجمع عليه وهو صورة ورود الماء والحق انه لم يثبت المنافاة بين انفعال الماء وافادته التطهير فيحكم بطهارة المغسول مطلقا لصدق
الغسل المعتبر وحصول الامتثال نعم إن كان الماء نجسا بغير هذا الوجه لم يصلح للتطهير بدليل مختص به ثم لا
يخفى ان الأدلة الدالة على انفعال القليل بالملاقاة لا عموم لها بحيث يشمل صورة عدم ورود
النجاسة بل هي مختصة ببعض النجاسات الواردة على الماء ومقتضى ذلك الحكم بطهارة الماء في صورة عدم ورود النجاسة لا تخصيصها بصورة ورود الماء فمتى جعل مبنى الفرق انفعال الماء و
عدمه كان عليه ان يجعل مدار الفرق ورود النجاسة وعدمه وحينئذ لا احتياج إلى استناد نحو الأواني ولا حمل الورود على ما يقع أولا الثانية عشر مالا ينفصل الغسالة عنه بالعصر
إما مائع أو غيره إما الثاني كالصابون والفواكه والجر والحبوب وما جرى هذا المجرى فالظاهر أنه لا خلاف بينهم في طهارته بالكثير إذا تخلله وأصاب جميع الأجزاء المحكوم بنجاستها وذكر
جمع من الأصحاب انه لا يطهر بالغسل القليل واستشكل بعض المتأخرين ذلك لوجوه الأول انه مستلزم للضرر والحرج المنفى الثاني ان المتخلف من الماء في هذه المذكورات ربما كان
أقل من المتخلف في الحشايا بعد الدق والتغميز وقد حكموا بطهارتها بذلك الثالث انه لم يثبت تأثير ذلك في المنع مع اطلاق الامر بالغسل المتحقق بالقليل والكثير وفي الأخير نظر لأنه
ليس في الأدلة فيما اعلم ما دل على الامر بالغسل في كل مادة بحيث يشمل مورد النزاع لاختصاصها بالبدن والثوب وبعض المواد الخاصة فتعدية الحكم إلى غيرها يحتاج إلى دليل والمسألة
محل تردد والاحتياط عدم الاكتفاء بالقليل واما الأول فالظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في عدم طهارتها بالقليل ومال جماعة إلى أن غير الماء المطلق من المائعات غير قابل للتطهير
مطلقا ما دام باقيا على حقيقته وظاهر كلام المصنف في التذكرة امكان طهارتها بان تطرح في ماء جار أو كر فما زاد بحيث يسرى الماء إلى جميع اجزائه قبل اخراجه منه وذكر فيه وفي المنتهى والنهاية انه لو
صب الدهن النجس في كر فما زاد ومازجت حتى يحلل الماء جميع اجزاء الدهن بأسرها طهر ووافقه الشهيد في الذكرى على مختار التذكرة لكن أفرد الدهن بالذكر ونسب القول بطهره إلى التذكرة
وقد سبق في بحث المضاف أقوال مختلفة في حكم المضاف النجس منها طهره بالامتزاج بالماء الكثير وان سلبه اطلاق الاسم ومنها طهره بمجرد الاتصال بالماء الكثير وينسحب تلك الاحتمالات
163

في المائع مطلقا الا ان يثبت اجماع على خلافه واثبات كون بعض الوجوه المذكورة مطهرا مشكل كما أن اثبات عدمه أيضا مشكل لفقد دليل تام على أحد الجانبين فالمسألة محل الاشكال
وان قلنا بتوقف الطهارة على وصول الماء إلى كل جزء من اجزائه أشكل الحكم بالطهارة في الدهن وأمثاله لما ذكره جماعة من أن العلم بوصول الماء إلى جميع اجزاء الدهن غير ممكن بل قد يعلم
خلافه لان الدهن يبقى في الماء مودعا فيه غير مختلط به وانما يصيب سطحه الظاهر واما غيره من المائعات فالظاهر على القول المذكور ان تطهيرها يتوقف على شيوعها في الماء واستهلاك
فيه بحيث لا يبقى شئ من اجزائه ممتاز إذ مع الامتياز لا يحصل العلم بنفوذ الماء إلى ذلك الجزء وإذا حصل الاستهلاك على الوجه المذكور لم يبق المائع على الحقيقة التي كان
عليها والظاهران مثل هذا لا يسمى تطهيرا في الاصطلاح ومن هيهنا قيل إن النزاع بين المصنف وغيره في تطهير غير المضاف من المائعات لفظي وهو غير بعيد وعلى القول المذكور
فالثوب المصبوغ بالمتنجس المائع يتوقف طهره قبل الجفاف على استهلاك الماء للاجزاء المائعة من الصبغ وكذا القول في ليقة الحبر المتنجس إما بعد التجفيف فيمكن طهارة الثوب وان بقى
اجزاء الصبغ فيه إذا علم نفوذ الماء في جميع تلك الأجزاء واما طهارة الليقة ففيه اشكال لان الاجتماع الحاصل في اجزائها موجب لعدم نفوذ الماء في الأجزاء الداخلة الا بعد المرور
على الخارجة وتكرر مرور الماء على اجزاء الحبر موجب لتغيره وخروجه من الاطلاق والحال ان التطهير متوقف على بقاء الماء على اطلاق الاسم ولو فرض الامر على خلاف ذلك حصلت
الطهارة ولو فرضت المماثلة بين بعض أنواع الصبغ والحبر في الحكم المذكور كان له حكم الحبر وبالجملة الحكم يختلف في أنواع الصبغ والحبر فينبغي اعتبار ذلك الثالثة عشر
قال في المنتهى الصابون إذا انتقع في الماء النجس والسمسم والحنطة إذا انتقعا كان حكمهما حكم العجين يعني في عدم قبول التطهير بالماء لان ظاهره ذلك في العجين ثم حكى عن بعض العامة
أنه قال في الحنطة والسمسم إذا تنجسا بالماء واللحم إذا كان مرقه نجسا يطهر بان يغسل ثلثا ويترك حتى يجف في كل مرة فيكون ذلك كالعصر ثم قال وهو أقوى عندي لأنه قد ثبت ذلك
في اللحم مع سريان اجزاء الماء النجسة فيه فكذا ما ذكرناه ولا يخفى ان الحكم بالغسل ثلثا وكذا تنزيل الجفاف منزلة العصر غير معهود عن مذهب المصنف ولعل مراده من الحكم بقوة ما حكاه ليس الا
اثبات القبول للتطهير واما اعتبار التعدد والجفاف فغير منظور إليه ويؤيد ذلك تعليل الحكم بحال اللحم مع أن الثابت على ما قرره هو وغيره طهارته بالغسل إذا وقع في مرقه ما يقتضى
التنجيس ويؤيده أيضا انه اقتصر في النهاية على الحكم بقبولها للتطهير ثم ما دل على الحكم المذكور في اللحم روايتان الأولى رواية السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن قدر
طبخه وإذا في القدر فارة قال يهراق مرقها ويغسل اللحم ويؤكل والاخرى رواية زكريا ابن ادم قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن قطرة خمر أو نبيذ مسكر قطرت في قدر فيها لحم كثير ومرق
قال يهراق المرق أو يطعمها أهل الذمة أو الكلاب واللحم اغسله وكله وقد يقال كلتا الروايتان ضعيفتان فالتعويل في الحكم على الثبوت في اللحم ليس بجيد ومع هذا فالحق ان امكان التطهير
في الكل ثابت لكنه موقوف على العلم باستهلاك الماء الطاهر لاجزاء النجس ويزيد في خصوص اللحم زوال الأجزاء الدهنية التي حكم بنجاستها في حال المائعية واما ما عرض له التنجيس وهو جامد
فإنما ينجس ظاهره ويطهر بالغسل كسائر الجامدات وفيه نظر لأنه غير بعيد التعويل على الروايتين بناء على سلامتها عن المعارض وكونهما معمولين عند الأصحاب مشهورين
بينهم وعلى تقدير التسليم فاثبات توقف التطهير على ما ذكره يحتاج إلى دليل إذ لا دليل على استصحاب حكم النجاسة في محل النزاع على ما أشرنا إليه مرارا ثم إن قلنا بتوقف طهارة
اللحم على زوال الأجزاء الدهنية المذكورة فالظاهر أن الموقوف عليه زوال الأجزاء التي وقعت النجاسة فيها مما لاقي ظاهر اللحم أو يفسد فيه بعد وقوع النجاسة الا ان يكون متصلا
بالأول متحدا معه فتدبر الرابعة عشر زوال حكم النجاسة يتوقف على زوال العين إن كان لها عين أو استحالتها وذلك في مواضع مخصوصة سيجيئ بيانها ولا عبرة ببقاء
اللون والرائحة قد حكى المحقق اجماع العلماء على ذلك والظاهر أنه لا خلاف فيه الا أنه قال المصنف في النهاية بعد أن حكم بان بقاء اللون غير ضائر ولو بقيت الرائحة كرائحة الخمر وهي عسرة الإزالة
فالأقرب الطهارة كاللون لجامع مشقة الإزالة ولو بقى اللون والرائحة وعسر ازالتهما ففي الطهارة اشكال والظاهر ما ذكرناه لحسنة ابن المغيرة عن أبي الحسن عليه السلام قال قلت له الاستنجاء حد قال
لا حتى ينقى ماثمه (ماشمه خ ل) قال (فإنه ينقى ماثمة) ويبقى الريح قال الريح لا ينظر إليها ويدل على اغتفار اللون رواية علي بن أبي حمزة عن العبد الصالح عليه السلام قال سألته أم ولد لأبيه فقالت جعلت فداك اني أريد ان
أسئلك عن شئ وانا استحيى منه قال سليني ولا تستحي قلت أصاب ثوبي دم الحيض فغسلته فلم يذهب اثره قال اصبغيه بمشق حتى يختلط به ويذهب اثره وعن عيسى بن منصور قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام امرأة أصاب ثوبها من دم الحيض فغسلته فبقى اثر الدم في ثوبها قال قل لها تصبغه بمشق حتى يختلط وعن أبي بصير قال سألته امرأة ان بثوبي دم الحيض وغسلته
ولم يذهب اثره قال اصبغيه بمشق ولو كان زوال اللون شرط في زوال النجاسة لم يكن للامر بالصبغ فائدة إذ الظاهر أن فائدته اخفاء لون النجاسة عن الحس وعدم صحة الروايات
واختصاصها ببعض المواد غير قادح لانجبار ضعفها بالشهرة وعمل الأصحاب والاجماع المنقول وعدم القائل
بالفصل ويدل عليه أيضا اطلاق الامر بالغسل الحاصل مع بقاء اللون
والرائحة ويؤيده ضعف الاستناد إلى استصحاب النجاسة في محل البحث الا في بول الرضيع فإنه يكفي فيه الصب ولا يحتاج إلى العصر على المشهور بين الأصحاب بحيث لا نعلم فيه مخالفا وظاهر كلام
الفاضلين حيث ذكرا هذا الحكم ونسبا المخالفة فيه إلى العامة كونه اتفاقيا بين الأصحاب ونقل اتفاقهم عليه الشيخ في الخلاف وربما يتوهم من كلام المصنف في التذكرة ان للأصحاب في هذه المسألة
قولين أحدهما الاكتفاء بالصب وثانيهما الاكتفاء بالرش وانهما متغايران ومن تأمل في كلامه يجد ان هذا التوهم خطأ وان ما زعم قولا مغايرا إعادة للقول المذكور أولا وان المراد بالصب
والرش في هذا الموضع ايراد الماء مع الغلبة بدون التقاطر والسيلان ومن جملة ما ينبه على ذلك أنه قد يورد هذا الحكم بلفظ الصب وقد يورد بلفظ الرش وقد ذكره في النهاية بلفظ الرش
ويشترط ان يصيب الماء جميع موضع البول وذكر ان مراتب ايراد الماء ثلثة النضح المجرد ومع غلبة الماء ومع الجريان ولا حاجة في الرش إلى الدرجة الثالثة قطعا وهل يحتاج إلى الثانية
الأقرب ذلك ويفترق الرش والغسل بالسيلان والتقاطر ومستند هذا الحكم ما رواه الكليني والشيخ عن الحلبي في الحسن قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن بول الصبي قال يصب عليه
الماء فإن كان قد اكل فاغسله غسلا والغلام والجارية شرع سواء وتؤيده رواية السكوني عن جعفر عن أبيه ان عليا عليه السلام قال لبن الجارية وبولها يغسل منه الثوب قبل ان تطعم لان
لبنها يخرج من مثانة أمها ولبن الغلام لا يغسل منه الثوب ولا بوله قبل ان يطعم لان لبن الغلام يخرج من العضدين المنكبين والخبر الأول يكفي مستندا لهذا الحكم وان لم يكن صحيحا بعد
اعتضاده بعمل الطائفة وتأيده بالرواية الثانية مضافا إلى حسنه برواية إبراهيم بن هاشم وهو ممن يرى بعض الأصحاب الاعتماد على روايته بشهادة القرائن على حسن حاله والاعتماد
على نقله فان قلت قد روى الحسين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصبي يبول على الثوب قال يصب عليه الماء قليلا ثم يعصره وعن سماعة قال سألته عن بول الصبي يصيب
الثوب فقال اغسله قلت فإن لم أجد مكانه قال اغسل الثوب كله وهذان الخبران ينافيان الأول مع اعتضادهما بالاخبار الدالة على اعتبار الغسل مرتين في البول تلت عمل
الأصحاب بمدلول الأول يرجح العمل به وارتكاب التأويل في الأخيرين إما الأولى منهما يحمل على الاستحباب أو على أن يكون الغرض من العصر اخراج اجزاء النجاسة كما يشعر به قوله يبول على
الثوب واما الثانية فقد حملها الشيخ على إرادة الصب من الامر بالغسل أو على أن المراد بالصبي من اكل الطعام والثاني أقرب من الأول والحمل على الاستحباب أقرب منهما واما الأخبار الدالة
على اعتبار الغسل مرتين في البول لمخصص جمعا بين الأدلة وقد نوقش في عمومها بناء على أن العموم فيها مستند إلى القرائن لا إلى عموم اللفظ وفي شهادة القرائن على دخول
بول الرضيع نظر وكان الظاهر العموم لولا المعارض ويعتبر في الصب الاستيعاب لإصابة البول لا الانفصال الا ان يتوقف عليه زوال عين النجاسة مع احتمال الاكتفاء به مطلقا
لاطلاق النص والحكم معلق في الرواية على صبي لم يأكل وكذا في كلام الشيخ وغيره ويحكى عن ابن إدريس تعليق الحكم بالحولين وذكر جماعة من المتأخرين منهم الفاضل الشارح ان المراد
بالرضيع من لم يغتذ بغير اللبن كثيرا بحيث يزيد على اللبن أو يساويه ولم يتجاوز الحولين وقال المحقق في المعتبر المعتبر ان يطعم ما يكون غذاء له ولا عبرة بما يلعق دواء أو من الغذاء في الندرة
164

ولا تصغ إلى من يعلق الحكم بالحولين فإنه مجازف بل لو اشتغل بالغذاء قبل الحولين يتعلق ببوله وجوب الغسل وقال المصنف في المنتهى هذا التخفيف متعلق بمن لم يأكل وحده ابن إدريس
بالحولين وليس شيئا إلى أن قال بل الأقرب تعلق الحكم بطعمه مستندا إلى ارادته وشهوته والا لتعلق الغسل بساعة الولادة إذ يستحب تحنيكه بالتمر وكلام الفاضلين متقارب في
المعنى وهو حسن مرتبط بالدليل واعلم أن أكثر الأصحاب ذهبوا إلى قصر الحكم على الصبي فبول الصبية يجب منه الغسل كالكبير والمنقول عن الشيخ علي بن بابويه عدم الفرق بين الصبي
والصبية والأول أشبه فان مستند الحكم خبر الحلبي بضميمة اتفاق الأصحاب على العمل وهو مفقود في الصبية فيبقى العمومات الدالة على الغسل بحاله وحينئذ يجب التأويل في قوله عليه السلام والغلام و
الجارية شرع سواء قال المحقق انه محمول على التسوية في التنجيس لا في حكم الإزالة مصيرا إلى ما افتى به الأكثر من الأصحاب ولا يخفى انه تأويل بعيد وقال الشيخ قوله الغلام والجارية سواء
معناه بعد اكل الطعام وكلامه يحتمل وجهين الأول ان يكون المراد الغلام بعد الاكل (والجارية بعد الاكل) متساويان والثاني ان يكون المراد الغلام بعد الاكل سواء مع الجارية مطلقا ولعل الأخير أوجه
وتكتفي المربية للصبي بغسل ثوبها الواحد في اليوم مرة ذكر ذلك الشيخ في النهاية والمبسوط وتبعه عليه المتأخرون والحجة فيه على ما ذكره الفاضلان ما رواه الشيخ عن أبي حفص عن أبي عبد الله عليه السلام
قال سئل عن امرأة ليس لها قميص ولها مولود فيبول عليها كيف تصنع قال تغسل القميص في اليوم مرة وان تكرار بول الصبي يمنع التمكن من ازالته فجرى مجرى دم القرح الذي لا يمنع من استصحاب
الثوب في الصلاة قال المحقق وكما يجب اتباع الرواية هناك دفعا للحرج فكذا هنا لتحقق الحرج في الإزالة وفيه نظر لضعف الرواية لان راويها أبا حفص مشترك بين الثقة والضعيف
وفي طريقها محمد بن يحيى المعاذي وهو ضعيف واعتبار الحرج يقتضى إناطة الحكم به لان تحديده بحد معين والالحاق بدم القرح قياس والعمل هنالك باعتبار صلاحية المستند وهي
منتفية ههنا ثم على تقدير العمل بالرواية هل يعم الحكم في الصبي والصبية أو يختص بالأول ذهب أكثر المتأخرين منهم الشهيدان إلى الأول نظرا إلى أن المذكور في الرواية المولود وهو أعم
منهما ونقل عن بعض الأصحاب ان المتبادر من المولود الصبي وكلام المصنف في النهاية مشعر به والظاهر أن الرخصة مقصورة على البول لأنه مورد النص وبه جزم جماعة من المتأخرين منهم الشارح
الفاضل واستشكله المصنف في التذكرة والنهاية والظاهر من كلام الشهيد عدم الفرق بين الحدثين وربما يقرب بأنه ربما كفى عن الغائط بالبول كما هو عاده قاعدة لسان العرب في ارتكاب الكناية
فيما يستهجن التصريح به وهو ضعيف فان مجرد الاحتمال غير كاف لاثبات الحكم وعسر التحرز موجود في البول دون غيره فلا بعد في اختصاص الحكم به والمراد باليوم على ما ذكره أكثر الأصحاب ما
يشمل الليلة وهو حسن لدلالة فحوى الكلام عليه وإذ اجتزأت في اليوم مرة فقد دخلت الليلة في الجملة وقد يتوقف فيه نظرا إلى خلو اللفظ عنه وهل يلحق المربي بالمربية فيه وجهان
صار إلى اولهما المصنف في التذكرة والنهاية معللا بوجود المشقة فيهما واختاره الشهيد وانكره جماعة اقتصارا على مورد النص وهو أقرب وإذا كان الولد متعددا ففي ثبوت العفو وعدمه احتمالان
منشأهما وجود المقتضى للعفو والزيادة مؤكد له وكون التعدد مقتضيا لكثرة النجاسة ومن الجائز اختصاص العفو بالقليل وبالأول جزم الشهيدان وهو غير بعيد وإذا كان له أكثر من
ثوب ولكن احتاج إلى لبسها لبرد أو غيره فقال بعض الأصحاب انه في حكم الواحد ولو اتحد الثوب ولكن أمكنها تحصيل غيره بالاستيجار ونحوه ففي ثبوت العفو وعدمه وجهان من صدق
الوحدة المنوط بها الحكم ومن انتفاء المشقة وتوقف فيه الشارح الفاضل واستقرب جماعة من المتأخرين الثاني وبعضهم الأول وهو أقرب ولا عفو عن نجاسة البدن لفقد النص
وقلة المشقة فيه بالنسبة إلى الثوب وربما يقال بانسحاب الرخصة فيه وهو ضعيف والأقرب وجوب الغسل فلا يكفي الصب مرة واحدة وان كفى في بوله قبل ان يطعم الطعام ذكر ذلك المصنف في
النهاية وهو حسن والحاصل ان الصب انما يكتفى به عند تكرير الإزالة بحسب الحاجة واما مع الاقتصار على المرة فلابد من الغسل وقوفا مع النص والأولى ايقاع غسل الثوب اخر النهار لتوقع الصلوات
الأربع في حال الطهارة ذكر ذلك جماعة من الأصحاب وهل يجب ايقاع الصلاة عقيب غسل الثوب والتمكن من لبسه ان اقتضت العادة نجاسة بالتأخير فيه نظر ولو أخلت بالغسل فالظاهر
وجوب قضاء آخر الصلوات لجواز تأخير الغسل إلى وقته وهذه الأحكام كلها مبنية على ثبوت أصل الحكم والعمل بمستنده وفيه توقف مسألة ذهب جماعة من الأصحاب منهم الشهيد
إلى العفو عن نجاسة ثوب الخصي الذي يتواتر بوله إذا غسله مرة في النهار واحتجوا لذلك بالحرج والمشقة مع رواية عبد الرحيم القصير قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام أسأله عن خصي يبول فيلقى من
ذلك شدة ويرى البلل بعد البلل فقال يتوضأ وينضح ثوبه في النهار مرة واحدة والرواية ضعيفة لجهالة عبد الرحيم وفي طريقها سعدان بن مسلم وهو ضعيف والذاكرون للمسألة
بعد اعترافهم بذلك جعلوه منجبرا باعتبار الحرج والمشقة وقال المحقق بعد نقل الرواية والرواية المذكور ضعيف فلا عمل على روايته وربما صير إليها دفعا للحرج وفي الاستناد إلى
الحرج تأمل ظاهر وأيضا ليس في الرواية حديث الغسل والمصنف في المنتهى لم يذكر الغسل بل اقتصر على توجيه العمل بمدلول الرواية بنحو مما ذكر واستوجه في التذكرة بعد تضعيف الرواية وجوب
تكرار الغسل والعمل بمضمون الرواية مع التعسر دفعا للمشقة وفيه تأمل وإذا علم موضع النجاسة غسل وان اشتبه غسل جميع ما يحصل فيه الاشتباه إذا اشتبه موضع النجاسة فلا يخلو إما ان يكون
في ثوب واحد أم لا فإن كان في ثوب واحد يجب غسل كل موضع يحتمل كونها فيه ولو قام الاحتمال في الثوب كله وجب غسله وهذا مما لا خلاف فيه عندنا وفي المعتبر انه مذهب علمائنا وفي المنتهى
انه مذهب علمائنا أجمع وانما خالف فيه جماعة من العامة لنا الأخبار الكثيرة كصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال في المني الذي يصيب الثوب فان عرفت مكانه فاغسله وان خفى عليك
مكانه فاغسله كله وصحيحة زرارة في حديث طويل قال قلت فاني قد علمت أنه اصابه ولم أدري أين هو فاغسله قال تغسل ثوبك من الناحية التي ترى انه قد أصابها حتى تكون على يقين من
طهارتك واستناده إلى الإمام عليه السلام معلوم بشهادة القرائن وأوردها الصدوق في كتاب علل الشرائع بطريق حسن مسندا إلى الباقر عليه السلام وحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا احتلم
الرجل فأصاب ثوبه مني فليغسل الذي اصابه فان ظن أنه اصابه مني ولم يستيقن ولم ير مكانه (فلينضحه بالماء وان استيقن انه قد اصابه ولم ير مكانه) فليغسل ثوبه كله فإنه أحسن إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة وإن كان في ثياب متعددة أو غيرها
فلا يخلو إما ان يكون محصورا أم لا وعلى الثاني لا اثر للنجاسة فيبقى كل واحد من الأجزاء التي وقع فيها الاشتباه باقيا على أصل الطهارة والظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين الأصحاب وعلى الأول
فالمنقول عن ظاهر جماعة من الأصحاب انه لا خلاف في وجوب اجتناب ما حصل فيه الاشتباه ولم يذكروا عليه حجة ولعله الاجماع ثم على تقدير وجوب الاجتناب هل يكون بالنسبة إلى ما
يشترط فيه الطهارة حتى إذا كان ماء أو ترابا لم تجز الطهارة به ولو كان ثوبا لم تجز الطهارة فيه إذ يصير بمنزلة النجس في جميع الأحكام حتى لو لاقاه جسم طاهر تعدى حكمه إليه فاختار جماعة من
المتأخرين الأول وظاهر المصنف في المنتهى الثاني فان كلامه وإن كان مفروضا في مسألة الاناءين لكن الظاهر عدم التفرقة والأول أقرب وقد مر في مسألة الاناءين المشتبهين ما يرشدك
إليه بقى الكلام في تحقيق معنى المحصور فاعلم أن جمعا من الأصحاب جعلوا المرجع فيه إلى العرف ومثلوا له بالبيت والتبيين ولغير المحصور بالصحراء وذكر بعضهم انه يمكن جعل المرجع في
صدق الحصر وعدمه إلى حصول الحرج والضرر بالاجتناب عنه وفيه تأمل وربما يفسر غير المحصور بما تعسر عده وحصره وفي المقام اشكال إذ لا شاهد عليه من جهة النص وانما التعويل على عبارات
الفقهاء ولا يظهر من اللغة والعرف معنى مشخص لهذا اللفظ وفي كلامهم اختلاف في التمثيل فبعضهم فسر المحصور بالبيت والتبيين وبعضهم بالتبيين والثلاثة مسألة حكى عن الشيخ
في الخلاف أنه قال إذا أصاب الثوب نجاسة فغسل نصفه وبقى نصفه فان المغسول يكون ظاهرا ولا يعتدى نجاسة النصف الآخر إليه وحكى عن بعض العامة أنه قال لا يطهر النصف المغسول لأنه
مجاور لاجزاء نجسة فتسرى إليه النجاسة فينجس قال الشيخ وهذا باطل لان ما يجاوره اجزاء جافة لا يتعدى نجاستها إليه ولو تعدت لكان يجب ان يكون إذا نجس جسم ان ينجس العالم كله
لان الأجسام كلها متجاورة ثم قال وروى عن النبي صلى الله عليه وآله وعن أئمتنا عليهم السلام انه إذا وقعت الفارة في سمن جامد أو في زيت القى وما حوله واستعمل الباقي ولو كانت النجاسة تسري
لوجب ان ينجس الجميع وهذا خلاف النص وما ذكره الشيخ جيد في موقعه واقتفى اثره الفاضلان وغيرهما ولو نجس أحد الثوبين واشتبه غسلا وهذا كالمستغنى عنه لدخوله في المسألة السابقة
ولعله انما ذكره تمهيدا لقوله ومع التعذر يصلى الواحدة فيهما مرتين وهذا قول الشيخ وأكثر الأصحاب ونقل في الخلاف عن بعض علمائنا انه يطرحهما ويصلي عريانا وجعله في المبسوط رواية و
165

واختاره ابن إدريس بعد نقله عن بعض الأصحاب والأول أقرب لنا انه متمكن من الصلاة في الثوب الطاهر مستجمعا لجميع الشرائط المعتبرة في الصلاة وإذا صلى عاريا يفوت
عنه بعض الشرائط المعتبرة فيها أعني ستر العورة فتجب الصلاة فيها وما رواه ابن بابويه عن صفوان بن الحسن لإبراهيم بن هاشم عن أبي الحسن عليه السلام انه كتب إليه يسأله عن رجل كان
معه ثوبان فأصاب أحدهما بول ولم يدر أيهما هو وحضرت الصلاة وخاف فوتها وليس عنده ماء كيف يصنع قال يصلي فيهما جميعا قال ابن بابويه رحمه الله يعني على الانفراد
وهذه الرواية نقلها الشيخ بطريق اخر وايراد ابن بابويه لها على ما علم من حسن حال إبراهيم بن هاشم وعمل أكثر الأصحاب بمدلولها كان في العمل واختصاصها بالبول غير ضار به لعدم
القائل بالفصل ويدل عليه ما سيعلم من جواز الصلاة في الثوب المتيقن النجاسة وعدم وجوب الصلاة عاريا فعند الشك بالنجاسة لكن اتمام هذا الدليل يتوقف على التمسك بالاجماع المركب
إذ المستفاد منه عدم تعين الصلاة عاريا ومما يدل عليه أيضا من أن وجوب الاجتناب عن الثوب المشتبه انما يستند إلى الاجماع كما عرفت فحيث (انتفى) فيه الاجماع كما هو محل النزاع لم يكن عن
الصحة مانع لحصول الامتثال واما احتجاج ابن إدريس فحصله يرجع إلى أن اقتران وجوه الافعال بها واجب وقصد الوجوب وجه يقع عليه الصلاة فتكون واجبا وهو
منتف في صورة تعدد الصلاة وان الواجب عليه عند ايقاع كل فريضة ان يقطع بطهارة ثوبه وهو منتف عند افتتاح كل صلاة فالجواب عن الأول بالمنع من وجوب الاقتران
المذكور سلمنا لكن عند التمكن لا مطلقا سلمنا لكنه حاصل فإنه يقصد وجوب كل واحد من الصلاتين فان ستر العورة بالساتر الطاهر لما كان واجبا وكان تحصله موقوفا على
الاتيان بالصلاتين تعين فيكون الصلوتان واجبتين من باب المقدمة وعن الثاني بالمنع فان ذلك شرط مع القدرة لا مع الاشتباه فروع الأول قال في المنتهى لو كان معه
متيقن الطهارة تعين للصلاة ولم يجز له ان يصلي في الثوبين لا متعددة ولا منفردة قال ولو كان أحدهما طاهر والاخر نجسا نجاسة معفوا عنها تخير في الصلاة في أيهما كان و
الأولى له الصلاة في الطاهر وكذا لو كانت إحدى النجاستين المعفو عنهما في الثوب أقل من الأخرى كان الأولى الصلاة في الأقل الثاني لو كان له ثياب نجسة وطاهرة وحصل الاشتباه
صلى الفرض بعدد النجسة وزاد صلاة واحدة على ذلك العدد ليعلم وقوع الصلاة في ثوب طاهر ولو كثرت الثياب بحيث يشق ذلك يحتمل الوجوب بقدر المكنة ويحتمل التخيير الثالث
لو ضاق الوقت عن الصلاة في الجميع صلى فيما يحتمله الوقت وإن كانت واحدة وله الخيرة في الصلاة في اي الأثواب شاء الا ان يظن طهارة أحدهما فحينئذ لم يبعد التعين وقيل يصلي
عاريا الرابع لو كان عليه صلوات متعددة مترتبة وجب مراعاة الترتيب فيها فلو كان عليه ظهر وعصر صلى الظهر فيهما ثم صلى العصر فيهما ولو صلى الظهر في أحدهما ثم العصر فيه ثم صلاهما في
الثوب الأخر على الترتيب المذكور لم يبعد جوازه كما ذكره المصنف في النهاية ولو صلى الظهر في أحدهما ثم العصر فيه ثم صلاهما في الثوب الأخر على خلاف الترتيب لم يصح العصر الخامس لو فقد أحد
المشتبهين قيل صلى في الأخر وعاريا والظاهر الاكتفاء بالصلاة في الباقي لجواز الصلاة في متيقن النجاسة ففي غيره أولي وكلما لاقي النجاسة برطوبة نجس سواء كانا رطبين أو أحدهما والظاهر أنه لا خلاف
في ذلك بين الأصحاب ولعل ذلك هو المستند والرطوبة المؤثرة ما يتعدى شئ منها إلى الملاقى على ما ذكره جماعة من الأصحاب فالقليلة التي بلغت حدا لا يتعدى في حكم اليبوسة ولا ينجس لو كانا يابسين
والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب الا في الميتة فان فيه أقوالا أحدها انها مؤثرة مطلقا صرح به المصنف في النهاية قيل وفي بعض عبارات المحقق اشعار به وثانيهما عدم التأثير مطلقا الا مع
الرطوبة وهو المنقول عن بعض المتأخرين وثالثها التفصيل بموافقة القول الأول في ميتة الآدمي والثاني في ميتة غيره واختاره المصنف في التذكرة والشهيد في الذكرى ورابعها موافقة القول
الأول في ميتة الآدمي مطلقا وايجاب الغسل بملاقاة ميتة غيره مع اليبوسة دون النجاسة ويستفاد من كلام المصنف في المنتهى استقراب هذا حجة القول الأول بالنظر إلى ميتة الآدمي اطلاق الامر
بغسل الثوب إذا أصاب جسد الميت في حسنة الحلبي ورواية إبراهيم بن ميمون المتقدمتين في نجاسة الميتة وبالنظر إلى ميتة غير الآدمي مرسلة يونس بن عبد الرحمن عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام
قال سألته هل يجوز ان يمس الثعلب والأرنب أو شيئا من السباع حيا أو ميتا قال لا يضره ولكن يغسل يده وتوجيه الدلالة في الامرين ترك الاستفصال الدال على التعميم وحجة القول
الثاني قول الصادق عليه السلام في موثقة عبد الله بن بكير كل يابس ذكى وحجة القول الثالث بالنظر إلى الجزء الأول ما ذكر في حجة القول الأول وبالنظر إلى الجزء الثاني الأصل أو
حجة القول الثاني مع استضعاف خبر يونس والظاهر عدم التأثير في ميتة غير الآدمي الا مع الرطوبة واما في الآدمي فتردد وتدل على الأول موثقة عبد الله ابن بكير السابقة
معتضدة بالأصل ولا يبعد الحاقها بالصحاح لان ابن بكير ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وتؤيده صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يقع ثوبه على حمار
ميت هل تصح الصلاة فيه قبل ان يغسله قال ليس عليه غسله وليصل فيه ولا باس به وعدم القائل بالفصل يقتضي التعميم وانما أوردناهما بلفظ التأييد دون الدلالة
لان الغالب وقوع الثوب على الكلب والحمار وأمثالهما ملاقاة ما لا تحله الحياة من اجزائهما ولعل ذلك مستثنى عن أصل الحكم وخبر يونس ضعيف السند مع أن ظاهره
يقتضي ثبوت الحكم في الحي وليس الامر كذلك وأيضا ظاهره وجوب غسل اليد بملاقات ما لا تحله الحياة من الأجزاء وهو خلاف ما دل عليه الخبران الصحيحان السابقان
ووجه التردد في الثاني حصول التعارض بين رواية ابن بكير وحسنة الحلبي لكون النسبة بينهما عموما ممن وجه والترجيح لا يخلو عن اشكال وهل القطع المبانة من الحي
يلحق بالآدمي قد سبق ان الأصحاب يلحقونها بالتنجيس بالميتة فعلى القول الأول مؤثرة مطلقا وعلى القول الثالث مشكل لكون الظاهر من اطلاقهم الالحاق مساواتها
للميت وعدم تناول الدليل لها ولا يخفى رجحان الثاني وتنظر المصنف في الوجوب بمس الصوف ونحوه من صدق اسم مس الميتة ومن كون الممسوس لو جز كان طاهرا فلا يؤثر اتصاله
نجاسة الماس والظاهر عدم التناول الدليل لها فتبقى على الأصل بقى الكلام في أن المتنجس بنجاسة الميتة مع اليبوسة هل مؤثر للتنجيس في غيره إذا لاقاه رطبا المشهور نعم ولا اعرف
فيه خلافا الا من المصنف وابن إدريس فإنه ذهب المصنف في المنتهى والقواعد إلى أن النجاسة الحاصلة عن مس الميت بغير رطوبة حكمية لا يتعدى إلى غير الماس وان لاقاه رطبا واحتج عليه
بالأصل وعدم دليل التنجيس واعترض عليه بان النصوص دلت على وجوب غسل الملاقى لبدن الميت وما ذاك الا لنجاسة ومن حكم النجس تنجيسه لغيره إذا لاقاه برطوبة
وفيه تأمل واما ابن إدريس فقد حكى عنه القول بأنه إذا لاقي شئ من جسد الميت مائعا حكم بنجاسة ولولا في ذلك المائع مائعا اخر لم ينجس الثاني وكلامه ليس
بصريح في ذلك فإنه قال إذا لاقي جسد الميت اناء وجب غسله ولو لاقي ذلك الاناء مائعا لم ينجس المائع والاناء لما كان أعم من الرطب واليابس كان
كلامه ظاهرا فيما نقل عنه ولو كان غرضه اليابس يرجع قوله إلى ما ذكره المصنف واحتج ابن إدريس على عدم نجاسة المائع الملاقى للملاقى جسد الميت بأنه لم
يلاق جسد الميت وحمله على ذلك قياس والأصل في الأشياء الطهارة إلى أن يقوم دليل لأن هذه النجاسات حكميات وليست عينيات وبأنه لا خلاف في أن
المساجد يجب ان تجنب النجاسات العينية وقد اجمعنا على من أن غسل ميتا له ان يدخل المسجد ويجلس فيه ولو كان نجس العين لما جاز ذلك ولأن الماء
المستعمل في الطهارة الكبرى طاهر بلا خلاف ومن جملة الأغسال غسل من مس ميتا ولو كان ما لاقي الميت نجسا لما كان الماء الذي يغتسل به طاهرا وأجاب
المحقق عن تلك الوجوه إما عن الأول فإنه لا يصلح دليلا على دعواه بل يصلح جوابا لمن يستدل على نجاسة المائع الملاقى للإناء بالقياس على نجاسة الاناء الملاقى للميت
لكن لم يستدل بذلك أحد بل نقول لما أجمع الأصحاب على نجاسة الملاقى للميت وأجمعوا على نجاسة المائع إذا وقعت فيه نجاسة لزم من مجموع القولين نجاسة المائع فما ذكره
لا يصلح دليلا ولا جوابا وعن الثاني بمنع ما ادعاه من الاجماع على جواز الاستبطان كما يمنع من على يديه نجاسة وعن الثالث انا نسلم طهارة الماء المستعمل في الكبرى ونمنع طهارة
الماء المستعمل في غسل إذا لم يغسل اليد إليه سابقا فان نجاسته ليست مستندة إلى رفع النجاسة الحكمية بل إلى نجاسة اليد كالجنابة فإنه إذا لم يغسل البدن من المني لم يحكم بطهارة الماء المستعمل و
166

انما يحكم بطهارته إذا خلا البدن عن النجاسات العينية هذا تلخيص ما ذكره المحقق ثم قال فقد بان ضعف ما ذكره المتأخر اللهم الا ان نقول الميت ليس بنجس وانما يجب الغسل تعبدا
كما هو مذهب الشافعي لكن هذا مخالف لما ذكره الشيخ أبو جعفر فإنه ذكر انه نجس باجماع الفرقة وقد سلم هذا المتأخر نجاسته ونجاسة ما يلاقى بدنه ولو قال إذا (انا نوجب) أوجب غسل
ما لاقي بدنه ولا نحكم بنجاسة ذلك الملاقى قلنا فحينئذ يجوز استصحابه في الصلاة والطهارة به لو كان ماء ثم يلزم ان يكون الماء الذي يغسل به الميت طاهرا مطهرا ويلزم حينئذ ان يكون ملاقاته
مؤثرة في الثوب منعا وغسلا وغير مؤثرة في الماء القليل وهو باطل انتهى ولعله أراد من النجاسة التي نقل الاجماع على تنجيس المائع بوقوعها فيه أعم من المتنجس حتى يتم التقريب
ولو تم ذلك يندفع كلام ابن إدريس والمصنف وكأنهما ينازعان في ثبوت الاجماع المذكور ثم اعلم أن ثبوت التأثير بالنجاسة في ميت الآدمي انما يكون بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل
واما بعد التطهير فهو طاهر باجماع أهل العلم كما ذكره المحقق وتدل عليه رواية إبراهيم ابن ميمون السابقة
ولو صلى مع نجاسة ثوبه أو بدنه عامدا أعاد في الوقت وخارجه نقل الفاضلان
الاجماع عليه وتدل عليه صحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رأيت المني قبل أو بعد ما تدخل في الصلاة فعليك إعادة الصلاة وان نظرت في ثوبك فلم تصبه ثم صليت
فيه ثم رايته بعد فلا إعادة عليك وكذلك البول وصحيحة إسماعيل الجعفي وحسنة محمد بن مسلم وقد مضتا في
حكم الدم الذي هو أقل من الدرهم وحسنة عبد الله بن سنان
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل أصاب ثوبه جنابة أو دم قال إن كان علم أنه أصاب ثوبه جنابة قبل ان يصلي ثم صلى فيه ولم يغسله فعليه ان يعيد ما صلى وإن كان يرى أنه
أصاب شئ فنظر فلم ير شيئا اجزاءه ان ينضحه بالماء إلى غير ذلك من الاخبار واطلاق الأصحاب يقتضى عدم الفرق بين ان يكون عالما بالحكم الشرعي أو جاهلا بل صرح المصنف
وغيره بان جاهل الحكم عامد لان العلم ليس شرطا للتكليف واستشكله بعضهم لقبح تكليف الغافل ثم قال الحق انهم ان أرادوا بكون الجاهل كالعامد انه مثله في وجوب الإعادة في الوقت
مع الاخلال بالعبادة فهو حق لعدم حصول الامتثال المقتضى لبقاء المكلف تحت العهدة وان أرادوا انه كالعامد في وجوب القضاء فهو على اطلاقه مشكل لان القضاء فرض مستأنف
فيتوقف على الدليل فان ثبت مطلقا أو في بعض الصور ثبت الوجوب والا فلا وان أرادوا انه كالعامد في استحقاق العقاب فمشكل لان تكليف الجاهل بما هو جاهل به تكليف بما لا يطاق
نعم هو مكلف بالبحث والنظر إذا علم وجوبهما بالعقل أو الشرع فيأثم بتركهما لا بترك ذلك المجهول انتهى وبالجملة الظاهر أن التكليف متعلق بمقدمات الفعل كالنظر والسعي والتعلم
والا لزم تكليف الغافل أو التكليف بما لا يطاق والعقاب يترتب على ترك النظر لكن لا يبعد ان يكون متضمنا لعقاب التارك مع العلم ولا يخفى انه يلزم على هذا ان لا يكون الكفار
مخاطبين (بالأحكام وانما يكونون مخاطبين) بمقدمات الاحكام وهذا خلاف ما قرره الأصحاب وتحقيق هذا المقام من المشكلات والغرض الفقهي متعلق بحال الإعادة والقضاء وهما ثابتان في المسألة المذكورة
بعموم الأخبار السابقة والناسي يعيد في الوقت خاصة اختلف الأصحاب في حكم الناسي فذهب الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف والمفيد في المقنعة والمرتضى في المصباح وابن بابويه وابن إدريس
إلى أنه كالذاكر يجب عليه الإعادة مطلقا ونقل ابن إدريس الاجماع عليه ونقل المصنف في التذكرة عن الشيخ في بعض أقواله انه لا يعيد مطلقا وذهب الشيخ في الاستبصار إلى أنه بعيد
في الوقت خاصة واختاره المصنف هنا ومنشأ هذا الخلاف اختلاف الروايات فتدل على الأول صحيحة زرارة قال قلت له أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شئ من مني فعلمت اثره إلى أن
أصبت الماء فأصبت وقد حضرت الصلاة ونسيت ان بثوبي شيئا وصليت ثم اني ذكرت بعد ذلك قال تعيد الصلاة وتغسله والقطع في هذه الرواية غير ضار على ما أشرنا إليه
مرارا مع أنه أسنده الصدوق في كتاب علل الشرائع إلى الباقر عليه السلام وصحيحة عبد الله أبي يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام السابقة في حكم الدماء المعفو عنه وموثقة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إن كان أصاب ثوب الرجل الدم يصلي فيه وهو لا يعلم فلا إعادة عليه وان هو علم قبل ان يصلي فنسى فصلى فعليه الإعادة وموثقة سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الرجل يرى بثوبه الدم فينسى ان يغسله حتى يصلي قال يعيد صلاته (كالتهيم) بالشئ إذا كان في ثوبه عقوبة لنسيانه وروى الحسن بن زياد قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل
يبول فيصيب بعض فخذه نكتة من بوله فيصلي ثم يذكره بعد انه لم يغسله قال يغسله ويعيد صلاته ورواية ابن مسكان قال بعثت بمسألة إلى أبي عبد الله عليه السلام مع إبراهيم بن ميمون
قلت تسأله عن الرجل يبول فيصيب فخذه قدر نكتة من بوله فيصلي ويذكر بعد ذلك أنه لم يغسلها قال يغسلها ويعيد صلاته ويدل عليه أيضا عموم الأخبار السابقة في
المسألة المتقدمة ويدل على الثاني ما رواه الشيخ في الصحيح عن العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه الشئ ينجسه فينسى ان يغسله فيصلى فيه ثم يذكر
انه لم يكن غسله أيعيد الصلاة قال لا يعيد قد مضت الصلاة وكتبت له وهذه الرواية كالصريحة في عدم الإعادة في الوقت بمعونة التعليل المفهوم من قوله عليه السلام قد مضت الصلاة
وكتبت له قال المحقق في المعتبر وعندي ان هذه الرواية حسنة والأصول تطابقها لأنه صلى صلاة مشروعة مأمورا بها فيسقط الفرض بها ويؤيد ذلك قوله عليه السلام غفر لامتي الخطأ
والنسيان وفي التعليل والتأييد الذي ذكره تأمل ومراده من الحسن ليس المعنى المصطلح فان سند هذه الرواية في أعلى مراتب الصحة وقد ذكر بعض الأصحاب ان هذه الرواية حسنة
وانها لا تقاوم الأخبار الصحيحة وهو وهم وكانه جرأه على ذلك الجري على ظاهر عبارة المعتبر من غير مراجعة إلى الأصول وحمل الشيخ النجاسة المذكورة في هذه الرواية على النجاسة المعفو
عنها وهو بعيد جدا وجمع الشيخ في الاستبصار بين الروايات بالتفصيل الذي نقل عنه واستدل عليه بما رواه علي بن مهزيار قال كتب إليه سليمان بن رشيد يخبره انه بال في
ظلمة الليل وانه أصاب كفه برد نقطة من البول لم يشك انه اصابه ولم يره وانه مسحه بخرقة ثم نسى ان يغسله وتمسح بدهن فمسح به كفيه ووجهه ورأسه ثم توضأ وضوء الصلاة فصلى
فاجابه بجواب قرأته (بخطه) إما ما توهمت مما أصاب يدك فليس بشئ الا ما تحققت فان تحققت ذلك كنت حقيقا ان تعيد الصلوات التي صليتهن بذلك الوضوء بعينه ما كان منهن في وقتها
وما فات وقتها فلا إعادة عليك لها من قبل ان الرجل إذا كان ثوبه نجسا لم يعد الصلاة الا ما كان في وقت وإذا كان جنبا أو صلى أو على غير وضوء فعليه إعادة الصلوات
المكتوبات اللواتي فاتته لان الثوب خلاف الجسد ولعل مراده عليه السلام بقوله الثوب خلاف الجسد جواب سؤال مطوي كان سائلا يقول كما أن طهارة الثوب عن الأخباث شرط في صحة
الصلوات فكذلك الطهارة عن الاحداث فما الوجه في وجوب الإعادة مطلقا عند فقدان الثانية دون الأولى فأجاب عليه السلام بان الطهارة الثانية متعلقة بالبدن والأولى بالثوب
والثوب خلاف البدن فلا يلزم انسحاب حكم البدن في الثوب مطلقا وان صحت المشاركة في الحكم أحيانا كما في محل البحث باعتبار النجاسة الخبثية ويحتمل على بعد أن يكون
المراد ان نجاسة الثوب العينية خلاف نجاسة البدن الحكمية واستضعف هذه الرواية جماعة لجهالة الكاتب والمكتوب إليه وفيه انه لا يضر جهالة الكاتب إذ المدار على قول علي بن مهزيار
الثقة حيث قال فاجابه بجواب قراءته بخطه واما المكتوب إليه فالظاهر أنه الإمام عليه السلام بالتقريب المذكور مرارا ومثل هذه المكاتبة لا تضعف عن المشافهة بشهادة العدل وقد يقال في هذه
الرواية اشكالات الأول انها تقتضي عدم اشتراط طهارة أعضاء الوضوء قبل ورود مائه عليها الثاني ان اليد الماسحة لا ريب في تنجسها بما مسه فتنجس الرطوبة التي عليها فكيف يصلح
المسح بالبلل النجس الثالث ان قوله عليه السلام كنت حقيقا ان تعيد الصلوات التي صليتهن بذلك الوضوء بعينه يعطى انه لو أحدث عقيب ذلك الوضوء وتوضأ وضوء اخر وصلى به صلوات
فإنه لا يعيدها مع أن العلة مشتركة ويمكن رفع الاشكالات إما الأول فبمنع اشتراط طهارة أعضاء الوضوء قبل ورود الماء وتجويز رفع الخبث والحدث بغسل واحد إذ لا دليل
على الاشتراط المذكور واما الثاني فلانه ليس في الرواية ما يدل على نجاسة جزء اليد الملاقى للرأس حين التمسح بالدهن حيت ينجس الرأس فينجس اليد ثانيا بملاقاة الرأس عند مسح
الوضوء وفيه انه على هذا لم يكن شئ منه نجسا بناء على طهارة أعضاء الوضوء أيضا وهذا ينافي الحكم في الخبر بالإعادة في الوقت بناء على النجاسة والوجه انه يلتزم نجاسة
الرأس بالادهان ويقال ليس في الخبر ما يدل على نجاسة جميع اجزاء الرأس ولا يجب الاستيعاب في مسح الرأس حتى يلزم نجاسة اليد بمسح الرأس ولا ما يدل على مسح الرجلين باليد
167

التي مسح بها الرأس ولا ما يدل على مسح الرجلين بالجزء الذي مسح به الرأس ولو سلم ذلك يجوز ان يكون مسح الرجلين بجزء اخر أو يكون مسحهما بمجموع الكف كما هو وظيفة الاستحبابية
فيحصل القدر الواجب بملاقاة غير الجزء النجس وبعض تلك الاحتمالات وإن كان بعيدا لكن أحد تلك الأمور ليس بعيدا بحيث يوجب طرح الرواية واما الثالث فلان الظاهر أن
المراد إعادة الصلوات باعتبار الوضوء المذكور قبل الاتيان بوضوء صحيح ولا ينافي وجوب الإعادة باعتبار اخر وفيه نظر لان وضوء السابق إما ان يكون صحيحا أم لا والأول لا
يوافق قوله عليه السلام تعيد الصلاة التي صليتهن بذلك الوضوء بعينه فإنه يشعر بان منشأ الإعادة فساد في الوضوء والثاني لا يوافق الحكم في اخر الخبر بان فساد الوضوء يقتضى فساد الفوائت
ويمكن ان يختار الأول ويقال المراد بالصلوات التي صليتهن بذلك الوضوء يعني على تلك الحال من نجاسة الرأس وفيه بعد والوجه ان يقال قوله عليه السلام بذلك الوضوء متعلق بقوله ان
يعتد والغرض الاشعار بان ذلك الوضوء ليس بباطل فتصح الصلاة به حتى لا يتوهم السائل بطلان الوضوء والحاجة إلى وضوء جديد لصحة الصلاة باعتقاد الوجوب وقد وقع النهي
عنه في قوله عليه السلام إياك ان تحدث وضوء ابدا حتى تستيقن انك قد أحدثت وبعض المتأخرين جعل بعض الاشكالات المذكورة منشأ للاضطراب الموجب
لرد الخبر واعلم أن المسألة محل الاشكال فيمكن اختيار المشهور ترجيحا لكثرة الاخبار وشهرتها ويمكن العمل بمدلول خبر العلا وحمل الأخبار الدالة على الإعادة مطلقا على الاستحباب وحمل
الخبر الدال على الإعادة في الوقت على تأكد الاستحباب وكان في قوله عليه السلام كنت حقيقا ان تعيد الصلوات نوع اشعار بذلك مع أن العمل بمدلول الخبر المفصل غير بعيد والأظهر بحسب
قواعد الجمع بين الأدلة الأوسط فتدبر والجاهل لا يعيد مطلقا هذا هو المشهور بين الأصحاب واليه ذهب المفيد والمرتضى والشيخ في موضع من النهاية وابن إدريس والفاضلان والشهيد
وهو أقرب وقال في المبسوط يعيد في الوقت لا في خارجه واختاره في باب المياه من النهاية أيضا وقال الشهيد في الدروس بعد نقل هذا القول وحملناه في الذكرى على من يستر بدنه وثوبه
عند المظنة للرواية وظاهر الأصحاب الاتفاق على عدم وجوب القضاء لو لم يعلم حتى خرج الوقت ونقل ابن إدريس في السرائر وابن فهد في المهذب الاجماع عليه ونسبه في المنتهى إلى أكثر علمائنا
وهو مشعر بالخلاف فيه لنا انه صلى صلاة مأمورا بها فتكون مجزئة وايجابها ثانيا لا دليل عليه فتكون منتفيا وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد
الله (ع) عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة من انسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته قال إن كان لم يعلم فلا يعيد وصحيحة إسماعيل الجعفي السابقة في حكم الدم المعفو عنه وصحيحة
محمد بن مسلم وموثقة أبي بصير السابقتين عن قريب ورواية أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل يصلي وفي ثوبه جنابة أو دم حتى فرغ من صلواته ثم علم قال قد مضت
صلاته ولا شئ عليه واستدل عليه أيضا بصحيحة عيص بن القسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى في ثوب رجل أياما ثم إن صاحب الثوب اخبره انه لا يصلى فيه قال لا يعيد شيئا
من صلاته وفي الدلالة تأمل وقال الشهيد في الذكرى بعد نقل صحيحة محمد بن مسلم السابقة لو قيل لا إعادة على من اجتهد قبل الصلاة أمكن العمل بهذا الخبر ولقول الصادق عليه السلام في المني
تغسله الجارية ثم يوجد أعد صلواتك إما انك لو كنت غسلت أنت لم يكن عليك شئ ان لم يكن احداث قول ثالث وفيه تأمل إذ ليس في هاتين الروايتين دلالة على ما ذكره إما السابقة
فلان دلالتها على ما ذكره من باب دليل الخطاب وهو غير حجة إذا كان الشرط خرج مخرج الغالب كما في محل البحث واما الأخرى فلان الحكم بالإعادة ربما كان مبنيا على عدم وقوع الغسل
على الوجه المعتبر شرعا ولو احتج بما رواه الشيخ عن ميمون الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت رجل اصابته جنابة بالليل فاغتسل فلما أصبح نظر فإذا في ثوبه جنابة فقال الحمد لله
الذي لم يدع شيئا الا وله حدان كان حين قام نظر فلم ير شيئا فلا إعادة عليه وإن كان حين قام لم ينظر فعليه الإعادة كان انسب الا انها ضعيف السند احتج الشيخ على ما نقل عنه
بأنه لو علم بالنجاسة في أثناء الصلاة وجبت الإعادة فكذا إذا علم في الوقت بعد الفراغ والجواب منع الملازمة إذ لا دليل عليها والأولى له ان يستدل بما رواه الشيخ في الصحيح عن وهب بن
عبد ربه عن أبي عبد الله عليه السلام في الجنابة تصيب الثوب ولم يعلم بها صاحبه فيصلى فيه ثم يعلم بعد قال يعيد إذا لم يكن علم وأجاب عنه الشيخ في التهذيب بالحمل على أنه إذا لم يعلم في حال
الصلاة وكان قد سبقه العلم بحصول النجاسة في الثوب وهو بعيد يمكن حملها على ما إذا وجد المني في الثوب المختص فيعيد الصلاة بهذا الاعتبار ويمكن حملها على الاستحباب أيضا ويحتمل
فيها سقوط حرف النفي وتوهم الراوي وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل صلى وفي ثوبه بول أو جنابة فقال علم به أو لم يعلم فعليه إعادة الصلاة إذا علم وحملها الشيخ
على عدم العلم حال الاستقبال بالصلاة وحملها على الاستحباب أقرب ويتعين التأويل فيها ترجيحا للاخبار المعتضدة بالشهرة ولو علم في الأثناء استبدل ولو تعذر الا بالمبطل
أبطل إذا وجد المصلي على ثوبه أو جسده نجاسة وهو في الصلاة فاما ان يعلم سبقها على الصلاة أم لا فهنا مسئلتان الأولى ان يعلم السبق وقد صرح الشيخ في المبسوط والنهاية و
الفاضلان ومن تبعهم بأنه تجب عليه إزالة النجاسة أو القاء الثوب النجس وستر العورة بغيره مع الامكان واتمام الصلاة وان لم يمكن الا بفعل المبطل كالفعل الكثير والاستدبار بطلت
صلاته واستقبلها بعد إزالة النجاسة وقال المحقق وعلى قول الشيخ الثاني يستأنف وأشار إلى ما قال الشيخ في المبسوط من إعادة الجاهل بالنجاسة حتى إذا فرغ من الصلاة وكذلك بنى
جماعة منهم الشهيد الإعادة هيهنا على القول بإعادة الجاهل لكن بعضهم قيدوه بصورة لا يضيق الوقت عن التطهير وأداء ركعة إذ لا يجب القضاء على ذلك القول وفي البناء تأمل لعدم
اللزوم بين الامرين مع أن الشيخ صرح في المبسوط في موضعين بوجوب المضي في الصلاة مع التمكن من القاء الثوب وستر العورة بغيره مع حكمه فيه قبل ذلك بلا فصل بإعادة الجاهل
في الوقت والذي وصل إلينا في هذه المسألة روايات الأولى رواية زرارة الطويلة قال قلت أصاب ثوبي دم رعاف أو غيره أو شئ من مني إلى أن قال قلت إن رايته في ثوبي وانا
في الصلاة قال تنقض الصلاة وتعيد إذا شككت في موضع منه ثم رايته وان لم تشك ثم رايته رطبا قطعت الصلاة وغسلته ثم بنيت على الصلاة لأنك لا تدري لعله شئ
أوقع عليك وقد طعن فيها المصنف بناء على أن زرارة لم يسندها إلى الامام وأنت خبير بما فيه مع أن الصدوق اسندها إلى الباقر عليه السلام في كتاب علل الشرائع الثانية صحيحة محمد بن مسلم
السابقة عن قريب الدالة على إعادة الصلاة إذا علم بعد الدخول الثالثة حسنة محمد بن مسلم قال قلت له الدم يكون في الثوب علي وانا في الصلاة قال إن رأيت وعليك ثوب غيره
فاطرحه وصل وان لم يكن عليك غيره فامض في صلاتك ولا إعادة عليك الرابعة صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيب ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو في
صلاته كيف يصنع به قال إن كان دخل في صلاته فليمض وان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه الا ان يكون فيه اثر فيغسله قال بعض المتأخرين مقتضى هاتين
الروايتين وجوب المضي في الصلاة لكنه اعتبر في الأولى طرح الثوب النجس إذا كان عليه غيره والجمع بين الروايات يتحقق بحمل ما تضمن الامر بالاستيناف على الاستحباب وان جاز المضي
في الصلاة مع طرح الثوب النجس إذا كان عليه غيره والا مضى ولا باس بالمصير إلى ذلك ولا يخفى ان في دلالة الخبرين على وجوب المضي في الصلاة تأمل إما حسنة محمد بن مسلم فللاختلاف في متنه
في كتب الأحاديث ففي التهذيب بعد قوله ولا إعادة عليك وما لم يزد على مقدار الدرهم من ذلك فليس بشئ رايته
أو لم تره وفي الاستبصار ما لم تزد بدون الواو وفي الكافي ما لم تزد على مقدار
الدرهم وما كان أقل من ذلك فليس بشئ وهذه انما تدل على ما ذكره إذا كانت على الوجه الذي في التهذيب حسب فاذن يرتفع الوثوق في دلالتها واما صحيحة علي بن جعفر فلانه يجوز ان يكون الاستثناء
فيها قيد المجموع الشرطيتين وحينئذ لا دلالة على وجوب المضي بل يدل على وجوب الغسل واما بالنسبة إلى وجوب البناء بعد الغسل أو الإعادة فجملة لا دلالة لها على شئ منهما فاذن ظهر انه ليس
في الخبرين الأخيرين دلالة على ما ينافي الخبرين الأولين حتى نحتاج إلى الجميع (الجمع) الخامسة موثقة سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يرى بثوبه الدم فينسى ان يغسله حتى يصلي قال
يعيد صلاته الحديث وفيها دلالة على وجوب الإعادة إذا ذكر في أثناء الصلاة إذ الظاهر من قوله حتى يصلي بلفظ المضارع شموله للصورة المذكورة السادسة موثقة داود بن
سرحان عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي فابصر في ثوبه دما قال يتم وحملها الشيخ على ما إذا كان الدم أقل من مقدار الدرهم وهو غير بعيد بناء على تنكير الدم وعدم تقييده بالكثرة إذ لو
168

كان مراد السائل الدم الكثير لكان الأنسب تقييده بالكثرة وبالجملة ارتكاب التأويل في غير الصحيح أولي خصوصا إذا كان مرجوحا بسبب الوحدة والجمع بين الاخبار بحمل الأخبار السابقة
على الاستحباب وحمل هذه على الجواز ممكن أيضا ولعل الأول أولي وقوفا على ظاهر الأخبار الكثيرة مع صحة أكثرها وعلى كل تقدير فمستند التفصيل المذكور في كلام المصنف وكثير من الأصحاب
غير ظاهر وعندي ان إعادة الصلاة في سعة الوقت مطلقا أحوط الثانية ان لا يعلم السبق والظاهر أنه يجب طرح النجس وإزالة النجاسة واتمام الصلاة إذا لم يتضمن المبطل
الأصل السالم عن المعارض لظهور الروايات المتضمنة للاستيناف إذا كانت النجاسة متقدمة على الصلاة وعلى الاستيناف إذا تضمنت الإزالة المبطل (العمومات) الدالة على بطلان الصلاة
بفعل المبطل وصحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يأخذه الرعاف والقيئ في الصلاة كيف يصنع قال ينفتل فيغسل انفه ويعود في صلاته وان تكلم فليعد صلاته
وليس عليه وضوء وصحيحة إسماعيل بن عبد الخالق قال سألته عن الرجل يكون في جماعة من القوم يصلي بهم المكتوبة فيعرض له رعاف كيف يصنع قال يخرج فان وجد ماء قبل ان يتكلم
فليغسل الرعاف ثم ليعد فليبن على صلاته ومقتضى هاتين الروايتين بناء مع عدم الكلام مطلقا والقائل به من الأصحاب غير معلوم وتؤيد ما ذكرناه صحيحة معوية بن وهب
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرعاف أينقض الوضوء قال لو أن رجلا رعف في صلاته وكان عنده ماء أو من يشير إليه بماء فتناوله فقال برأسه فغسله فليبن على صلاته لا يقطعها
وفي رواية علي بن يقطين عن أبي الحسن عليه السلام ورواية أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام دلالة على أن الرعاف ينقض من غير تفصيل وحملها الشيخ على رعاف يحتاج ازالته إلى فعل المبطل وهو حسن جمعا
بين الاخبار واعلم أن الشارح الفاضل جعل الحكم المذكور مطلقا سواء كان في صورة السبق أم لا مبنيا على ما اختاره المصنف من عدم إعادة الجاهل في الوقت وهذا البناء لو سلم صحته
لا يجرى في صورة (علمه) علم بالنجاسة قبل الدخول في الصلاة ثم نسيها وذكر في الأثناء فروع: الأول لو صلى ثم رأى النجاسة وشك هل كانت عليه في الصلاة أم لا فالصلاة
ماضية قال المصنف في منتهى لا نعرف فيه خلافا بين أهل العلم عملا بالأصلين الصحة وعدم النجاسة ويمكن الاستدلال عليه بما دل على أن الشك بعد الفراغ من الصلاة غير ملتفت
إليه كصحيحة زرارة الثاني لو وقعت عليه نجاسة وهو في الصلاة ثم زالت ولما يعلم ثم علم استمر على حاله قال في المعتبر وعلى القول الثاني يعني إعادة الجاهل في الوقت يستأنف
وأنت خبير بما فيه الثالث لو علم بالنجاسة السابقة في أثناء الصلاة عند تضيق الوقت عن الإزالة والاستيناف فقد قطع الشهيد في البيان بوجوب الاستمرار ومال
إليه في الذكرى موجها باستلزام القضاء المنفي واثبات القضاء لا يخلو عن اشكال مع عموم ما دل على الإعادة قيل الحق بناء هذه المسألة على أن ضيق الوقت عن إزالة النجاسة هل
يقتضي انتفاء شرطيتها أم لا بمعنى انه يتعين عليه الصلاة مع النجاسة أو الاشتغال بالإزالة والقضاء وهي مسألة مشكلة من حيث اطلاق النصوص المتضمنة لإعادة الصلاة مع
النجاسة المتناولة لهذه الصورة ومن أن وجوب الصلوات الخمس في الأوقات المعينة قطعي واشتراطها بإزالة النجاسة على هذا الوجه غير معلوم ولا يخفى ان القول بالصلاة مع النجاسة
والقضاء بعد الإزالة هناك غير بعيد جمعا بين الأدلة لكن هيهنا مشكل لان عموم الأخبار السابقة يقتضي قطع الصلاة والإعادة فتدبر ولو نجس الثوب وليس له غيره صلى
عريانا اختلف الأصحاب في ذلك فذهب الشيخ وجماعة منهم ابن البراج وابن إدريس على ما نقل عنهما إلى وجوب النزع والصلاة عاريا واختاره المحقق في الشرائع والمصنف في أكثر كتبه وذهب
المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والشهيدان وجماعة من المتأخرين إلى أن المصلي مخير بين الصلاة فيه وعاريا وزاد الشهيدان أفضلية الصلاة فيه وهو المنقول عن ابن الجنيد من
المتقدمين حجة الشيخ اجماع الفرقة ذكره في الخلاف وبان النجاسة ممنوع من الصلاة فيها فمن أجاز الصلاة فيها فعليه الدلالة وبما رواه سماعة قال سألته عن رجل يكون في فلاة
من الأرض ليس عليه الا ثوب واحد وأجنب فيه وليس عنده ماء كيف يصنع قال يتيمم ويصلي عريانا قاعدا ويؤمى وما رواه محمد بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل اصابته جنابة
وهو بالفلاة وليس الا ثوب واحد وأصاب ثوبه مني قال يتيمم ويطرح ثوبه ويجلس مجتمعا ويصلي فيؤمى وأجيب عن الأول بمنع ثبوت الاجماع وعن الثاني بالاخبار الدالة على تعين
الصلاة فيه وعن الثالث بضعف السند للقطع ووجود زرعة وسماعة في الطريق وعن الرابع بضعف السند أيضا لان في طريق الرواية محمد بن عبد الحميد ولم يوثق صريحا
حجة القول الآخر صحيحة محمد بن علي الحلبي انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون له الثوب الواحد فيه بول لا يقدر على غسله قال يصلي فيه وصحيحة الحلبي أيضا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل أجنب في ثوبه وليس معه غيره قال يصلي فيه فإذا وجد الماء غسله وصحيحة علي بن جعفر انه سال أخاه موسى بن جعفر عليه السلام عن رجل عريان وحضرت الصلاة فأصاب ثوبا
نصفه دم أو كله أيصلي فيه أو يصلي عريانا فقال إن وجد ماء غسله وان لم يجد ماء صلى فيه ولم يصل عريانا وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل
يجنب في ثوب ليس معه غيره ولا يقدر على غسله قال يصلي فيه وطريق الاحتجاج بها الجمع بينها وبين الأخبار السابقة بالتخيير وأيده بعضهم ينقل المصنف في المنتهى الاجماع على جواز
الصلاة عاريا واقتصر البعض على التمسك بهذا الوجه في العدول عن ظاهر الأخبار المذكورة وأجاب الشيخ رحمه الله عن هذه الأخبار بحمل الصلاة على صلاة الجنازة أو بان المراد الصلاة
فيه إذا لم يتمكن من نزعه وحمل خبر علي بن جعفر على أن المراد بالدم الحاصل على الثوب ما يجوز الصلاة فيه كدم السمك ولا يخفى بعد هذه المحامل والجمع بالتخيير غير بعيد وقد يتأمل
في ذلك بناء على أن الأخبار الدالة على الصلاة عاريا لم يبلغ حد الصحة والاجماع لم يثبت ويمكن ان يقال ضعف الخبرين منجبر بالشهرة بين الأصحاب والاجماع المنقول وعلى كل
تقدير فالظاهر أن الصلاة في الثوب أولي فان تعذر للبرد وغيره صلى فيه ولا يعيد هذا هو المشهور وقال الشيخ بوجوب الإعادة استنادا إلى موثقة عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام
انه سئل عن رجل ليس عليه الا ثوب ولا تحل له الصلاة فيه وليس يجد ماء يغسله كيف يصنع قال يتيمم ويصلى فإذا أصاب ماء غسله وأعاد الصلاة وحملها في الاستبصار على حال
الضرورة ولا دلالة في الخبر عليه وحملها في التهذيب على ايجاب إعادة الصلاة مع الثوب فلو صلى عاريا لم تجب عليه الإعادة ولا يخفى ان سند الرواية لم يبلغ حد الصحة فحمل الرواية على الاستحباب
غير بعيد فروع: الأول المنقول عن بعض المتأخرين ان لكل من البدن والثوب بالنظر إلى تعذر الإزالة حكما برأسه فإذا تعددت النجاسة فيهما واختص التعذر بأحدهما
وجب الإزالة عن الأخر ولو اختصت بأحدهما وكانت متفرقة وأمكن إزالة بعضها وجب وبتقدير اجتماعها فإن كانت دما وأمكن تقليله بحيث ينقص عن مقدار الدرهم وجب أيضا
والا ففي الوجوب نظر ولا يخفى ان التفرقة التي ذكرها بين المتفرق والمجتمع محل تأمل الثاني قال المصنف في النهاية لو كان في ثوبه أو على جسده مني أو دم حيض أو بول وهناك ما لاقاه
دم أقل من سعة الدرهم احتمل وجوب غسله به لأنه أزال المانع من الدخول في الصلاة فكان واجبا كالطاهر قال ويحتمل العدم لبقاء حكم النجاسة المغلظة وان زالت العين و
هذا الاحتمال أقرب إلى الصواب مما ذكره أولا الثالث ربما يفهم من كلام الفاضلين والشهيد حيث ذكروا وجوب مس المخرج بحجر ونحوه عند تعذر الإزالة محتجا بان الواجب
إزالة العين والأثر فحيث تعذرت إزالة الأثر بقيت إزالة العين انهم يرون وجوب تخفيف مطلق النجاسة عند تعذر ازالتها وان ذلك بدل اضطراري للطهارة من النجاسات
كبدلية التيمم ونقل عن بعضهم التصريح بالموافقة وتنظر فيه بعض المتأخرين بان وجوب إزالة العين والأثر حكم واحد مستفاد من دليل والامر بالمركب انما يقتضى الامر
باجزائه على الاجتماع لا مطلقا وحينئذ فلابد في اثبات التكليف بجزء منها على الانفراد من دليل غير الامر بالمركب وهو مفقود في المتنازع بل ظاهر الاخبار المسوغة للصلاة مع النجاسة
عند تعذر الإزالة نفي التكليف بأمر اخر سوى الإزالة باعتبار اطلاق الاذن من غير تعرض للتخفيف بوجه وما ورد في بعض الروايات من ذكر المسح للبول عن تعذر غسله لا يصلح
شاهدا على العموم لان الوجه فيه منع النجاسة من التعدي إلى غير محلها من الثوب أو البدن وهو أمر اخر غير التخفيف انتهى وهو كلام حبل متين (الحبل المتين) وتطهر الشمس ما تجففه من البول وشبهه
من النجاسات التي لا جرم لها بان تكون مائية أو كان لها جرم لكن أزيل بغير المطهر وبقى لها رطوبة وليس تطهيرها للبول وشبهه مطلقا بل الكائنة في الأرض والبواري والحضر ومالا ينقل
169

عادة كالأبنية والبنات هذا هو المشهور بين المتأخرين وذهب المحقق في الشرائع والشهيدان ومن تبعهم وذهب المصنف في المنتهى إلى اختصاص الحكم المذكور بالبول ونقل عن الشيخ
في الخلاف انه ذهب إلى اختصاص الحكم بالأرض والبواري والحصر واختاره المحقق في النافع وجمع المفيد في المقنعة والشيخ في المبسوط بين الخصوصيتين المذكورتين من غير تعرض لما عدا المذكور
وصرح في المبسوط بالتخصيص الأول ونقل عنه انه عمم في موضع اخر من المبسوط كالخلاف وحكى المصنف في المختلف عن الراوندي أنه قال الأرض والبارية والحصير هذه الثلاثة فحسب إذا أصابها البول فجففها
الشمس حكمها حكم الطاهر في جواز السجود عليها ما لم تصر رطبة ولم يكن الجبين رطبا ونقل المصنف عن الشيخ أبي القاسم رحمه الله وذهب صاحب الوسيلة على ما في النسخة الموجودة عندي إلى انها
لا تطهر بذلك ولكن تجوز الصلاة عليها إذا لم يلاق شيئا منها بالرطوبة دون السجود عليها وجعل ابن الجنيد الأحوط تجنبها ونقل المحقق عن الراوندي وصاحب الوسيلة انهما ذهبا
إلى أن الأرض والبواري والحصر إذا أصابها البول وجففها الشمس لا يطهر بذلك ولكن يجوز السجود عليها واستجوده ثم احتج للقول بالطهارة ويظهر من ذلك ومشكلاته في موضع اخر
رجوعه إلى القول بالطهارة والذي وصل إلينا فيما يرتبط بهذه المسألة روايات الأولى ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن البول يكون على السطح أو في المكان
الذي أصلي فيه فقال إذا جففته الشمس فصل عليه فهو طاهر الثانية صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن البواري يصيبها البول هل تصلح الصلاة عليها إذا جفت من
غير أن تغسل قال نعم لا باس الثالثة صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن البواري تبل قصبها بماء قذرا يصلى عليه قال إذا يبست لا باس الرابعة صحيحة زرارة وحديد بن
حكيم الأزدي قالا قلنا لأبي عبد الله عليه السلام السطح يصيبه البول ويبال عليه أيصلي في ذلك الموضع فقال إن كان يصيبه الشمس والريح وكان جافا فلا باس به الا ان يكون تتحده (تحته خ ل) مبالا ورواه
الكليني بأدنى تفاوت الخامسة صحيحة محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألته عن الأرض والسطح يصيبه البول وما أشبهه هل تطهره الشمس من غير ماء قال كيف يطهر من غير ماء السادسة موثقة
عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الشمس هل تطهر الأرض قال إذا كان الموضع قذرا من البول أو غير ذلك فأصابه الشمس ثم يبس الموضع فالصلاة على الموضع جائزة فان
اصابته الشمس ولم ييبس الموضع القذر وكان رطبا فلا تصل على ذلك الموضع القذر وإن كان غير الشمس اصابه حتى يبس فإنه لا يجوز ذلك السابعة رواية أبي بكر عن أبي جعفر عليه السلام قال
يا أبا بكر ما أشرقت عليه الشمس فقد طهر وحكم ابن إدريس بشذوذ هذه الرواية وقال المصنف ونحن نقول إنها لا تحمل على اطلاقها بل على الأرض والبواري وشبهها توفيقا بين الأدلة
إذا عرفت هذا فاعلم أن أقصى حجج القائلين بالطهارة وجوه الأول الاجماع نقله الشيخ في الخلاف الثاني الروايات كرواية زرارة وعلي بن جعفر وعمار وأبي بكر وجه المصنف الدلالة برواية
عمار بان السؤال وقع عن الطهارة فلو لم يكن الجواب الذي وقع ما يفهم منه السائل الطهارة أو عدمها لزم تأخير البيان عن وقت الحاجة لكن الجواب الذي وقع لا يناسب النجاسة
فدل على الطهارة وأورد عليه صاحب حبل المتين ان عدوله عليه السلام عن الجواب بأنه طاهر إلى الجواب بجواز السجود عليه مشعر بعدم الطهارة وأيضا في اخر الحديث اشعار بذلك فان في نهيه عليه السلام
عن ملاقاة ذلك الموضع برطوبة وإن كان عين الشمس اصابته حتى يبس دلالة ظاهرة عليه وكذا في وصفه عليه السلام ذلك الموضع بالقذارة وأيضا فاللازم على تقدير تسليم عدم دلالة
للحديث على شئ من الطهارة والنجاسة انما هو تأخير البيان عن وقت الخطاب وكون ذلك الوقت وقت الحاجة ممنوع وربما يوجد في بعض نسخ التهذيب بدل عين الشمس بالعين المهملة
والنون غير الشمس بالغين المعجمة والراء والصحيح الموجود في النسخ الموثوق بها هو الأول ولعل مبنى كلام العلامة على الثاني وحينئذ سنعيد استدلاله قوة ما لضعف الاشعار بعدم الطهارة
انتهى والمظنون عندي ان الصحيح غير الشمس بالغين المعجمة ونقله المصنف وغيره على هذا الوجه وفاقا لما في الاستبصار وحينئذ يضعف الاشعار بعدم الطهارة كما اعترف به والحاصل انه يحتمل حينئذ
ان يكون قوله وإن كان غير الشمس اصابه شرطا وجزاؤه قوله فإنه لا يجوز ذلك وعلى هذا فللخبر احتمالان أحدهما ان يكون قوله عليه السلام وإن كانت رجلك رطبة مرتبة بصورة يبوسة الموضع
بالشمس ومقتضاه عدم الطهارة وثانيهما ان يكون مرتبطه بصورة اصابه الشمس مع عدم يبوسة الموضع فكأنه عليه السلام قسم المسألة اقساما ثلثه فحكم في صورة إصابة الشمس ويبس الموضع بها
جواز الصلاة عليها وفي صورة الإصابة وعدم اليبوسة بها عدم جواز الصلاة عليها مع الرطوبة فيستفاد من فحواه جواز الصلاة عليها مع اليبوسة وجواز الصلاة عليها في
الصورة الأولى مع الرطوبة أيضا وفي صورة عدم إصابة الشمس واليبوسة بغيرها عدم جواز الصلاة عليها مطلقا ويحتمل ان يكون قوله وإن كان غير الشمس موصولا بالسابق فهذه
احتمالات ثلثة ومقتضى الاحتمال الثاني الفرق بين إصابة الشمس مع عدم اليبوسة بها وبين حصول اليبوسة بغيرها مع عدم الإصابة والظاهر أنه لم يقل به أحد فلم يبق
الا الاحتمالان الآخران والمستفاد من الأول عدم الطهارة دون الأخير وترجيح أحد الاحتمالين على الأخر لا يخلو عن اشكال وقد يظن ظهور الأول وليس بذلك البعيد وبالجملة وقد
روى الشيخ في أواخر أبواب الزيارات من كتاب الصلاة هذه الرواية بالاسناد باسقاط قوله وان غير الشمس اصابه ولا يجرى فيه التفصيل المذكور وظاهره الدلالة على عدم الطهارة فتدبر
وأورد المحقق على الاستدلال برواية عمار وعلي بن جعفر بان غايتها الدلالة على جواز الصلاة عليها ونحن فلا نشترط طهارة موضع الصلاة بل نكتفي باشتراط طهارة موضع الجبهة
قال ويمكن ان يقال الاذن في الصلاة عليه مطلقا دليل على جواز السجود عليها والسجود يشترط طهارة محله ثم قال ويمكن ان يستدل بما رواه أبو بكر الحضرمي ونقل الرواية السابقة وبأن
الشمس من شأنها الاسخان والسخونة تلطف الأجزاء الرطبة وتصعدها فإذا ذهب النجاسة دل على مفارقتها المحل والباقي يسير يحيله الأرض إلى الأرضية فيظهر لقول أبي عبد الله عليه السلام
التراب طهور ويرد عليه ان مقتضى الايراد الذي ذكره ففي تأثير الشمس بكل وجه والمستفاد من الرواية الفرق بين اليبوسة الحاصلة من الشمس وغيرها ويرد على ما ذكر في دفع الاشكال
انا لا نسلم اشتراط طهارة محل السجود بكل وجه كيف وقد ذهب الراوندي إلى جواز السجود عليها مع القول بنجاستها ولو جعل وجه الدفع دلالة الاذن في الصلاة مطلقا على جواز السجود
مع رطوبة الجبهة بعرق ونحوه بل وعلى المباشرة ينافي المساجد المكشوفة غالبا كاليدين وإن كانت رطبة وهو يقتضى الطهارة كان له وجه الا ان لقائل أن يقول نحمل الخبر على أن المراد
انه لا مانع من الصلاة كلية وان عرض في بعض الأوقات مانع وليس هذا الحمل أبعد من ارتكاب التخصيص البعيد ويؤيده ان علي بن جعفر قد روى عن أخيه عليه السلام جواز الصلاة على المحل
الجاف المتنجس بالبول وان لم يصبه الشمس وقد وقع نظيره في الاخبار كثيرا ومع ذلك لا يجرى الوجه المذكور في رواية عمار الثالث ان المقتضى للتنجيس هو الأجزاء التي عدمت
باسخان الشمس فيزول الحكم الرابع قول النبي صلى الله عليه وآله جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فحيثما أدركتني الصلاة صليت وهذا عام وفي دلالة هذه الحجج على المدعا نظر إما الاجماع فلعدم (ثبوته واما رواية زرارة فلعدم)
دلالتها على العموم واما رواية علي بن جعفر فلان ظاهرها غير معمول بين الأصحاب مع أن المستفاد منها جواز الصلاة عليها وهو غير واضح الدلالة على الطهارة واما رواية عمار فلكونها
غير دالة على الطهارة على ما مر ذكره واما رواية أبي بكر فضعيف السند مع أن ظاهره غير معمول بين الأصحاب ويمكن حملها على أن المراد ان كل ما أشرقت عليه الشمس ظاهر بمعنى ان نجاسته
لا تتعدى كما في قوله عليه السلام يابس زكى واما الوجه الثالث فضعفه ظاهر لان مقتضاه ان يكون زوال العين مطلقا مطهرا والمصنف لا يقول به والوجه الرابع لا يخلو عن ضعف احتج
النافون للطهارة على ما نقله المصنف بصحيحة محمد بن إسماعيل وبالاستصحاب ويرد على الأول ان هذه الرواية معارضة بصحيحة زرارة السابقة وخبر زرارة أوضح متنا وأظهر دلالة
على المدعا إذ حمل الطهارة فيه على المعنى اللغوي بعيد جدا فتعين التأويل في خبر محمد بن إسماعيل وهو يحتمل وجوه منها ان يراد من الماء الذي سئل عن تطهير الشمس بدونه ما يبل
به الموضع إذا كان جافا إذ ليس في السؤال اشعار بوجوده في المحل حال اشراق الشمس فيحمل على ما إذا جف قبل اشراقها وهذا المعنى قريب إلى لفظ السؤال فلا بعد في هذا التأويل
ومنها ان يراد من الماء الرطوبة الحاصلة من النجاسة فكأنه قال هل تطهره إذا كان جافا فأجاب عليه السلام بانكار ذلك ومنها ان يكون انكار الطهارة بدون الماء عائدا إلى مجموع ما وقع
في السؤال بعد حمل المشابهة في قوله وما أشبهه على المماثلة في أصل النجاسة فيتناول النجاسات التي لها أعيان كالدم وتأثير الشمس فيها انما يتصور بعد ذهاب العين فكأنه قال
170

في الجواب من النجاسات ماله عين ولا يتصور تطهير الشمس لها الا ان يتوسط الماء المزيل للعين ومنها الحمل على التقية لموافقتها لمذهب جماعة من العامة ولا يخفى ان التأويل
الأول أقرب التأويلات وأجاب المصنف عن الوجه الثاني بان حكم الاستصحاب ثابت مع بقاء الأجزاء النجسة إما مع عدمها فلا والتقدير عدمها بالشمس ولا يخفى ان هذا الجواب من
المصنف غير موافق لما هو المعهود من مذهبه من قبول مثل هذه الاستصحاب نعم هو موافق للتحقيق الذي أشرنا إليه مرارا وفاقا لما ذهب إليه جماعة من المحققين من أن الحكم
بالبقاء والاستمرار تابع للدليل الدال على الحكم فان دل على الاستمرار ثبت والا فلا ومن تتبع يعلم أن ما دل من النصوص على بقاء حكم النجاسة وان لم تبق أعيانها مختصة
بالبدن والثوب والآنية وانما التعويل فيه فيما عدا ذلك على الاجماع ومن الظاهر أن الاجماع لا يقتضى انسحاب الحكم واستمراره إذ القدر الثابت منه ثبوت الحكم في الحالة الأولى
واثباته في الحالة الثانية يحتاج إلى دليل وليس ههنا ما يصلح لذلك ونعم ما قال بعض المحققين من أن الاستصحاب المردود أكثر ما يكون فيما يدرك المسألة الاجماع إذا عرفت
هذه الجملة فاعلم أن الظاهر عندي في هذه المسألة الطهارة عند الخصوصيتين المذكورتين إما الطهارة فلصحيحة زرارة السابقة وترجيحه على خبر محمد بن إسماعيل لبعد التأويل
فيها واعتضادها بالشهرة بين الأصحاب وبرواية أبي بكر الصالحة للتأييد وبصحيحة زرارة السابقة أيضا وبالعمومات الدالة على طهورية التراب الا ما اخرج بالدليل فان قلت صحيحة
زرارة مختصة بالأرض قلت قوله المكان الذي أصلي فيه في الخبر المذكور شامل لمثل البواري والحصر عرفا ولعل هذا مع عدم ظهور القائل بالفصل وعموم رواية أبي بكر
كاف في الدلالة على التعميم واما اعتبار الاختصاص بالبول فلعدم شمول الصحيحة المذكورة لغيره ورواية أبي بكر وإن كانت عامة الا انها ضعيفة السند والدلالة فلا تصلح لتأسيس
الحكم واما رواية عمار فمع كونها ضعيف السند غير دال على الطهارة فان قلت يستفاد من خبر عمار جواز السجود فيما جففه الشمس من البول وغيره وذلك إما باعتبار الطهارة في
الجميع (أو العفو في الجميع) من دون الطهارة أو الطهارة في البعض والعفو في البعض لا سبيل إلى الثاني لان صحيحة زرارة دالة على الطهارة في البعض ولا إلى الثالث لعدم القائل به فثبت الأول وأيضا
كما أنه لم يدل الدليل في غير البول على حصول الطهارة على ما ذكرت فلم يدل على بقاء النجاسة أيضا فيكون المقام الدال على طهارة التراب دالا على طهارته وإذا ضم عدم القائل بالفصل
انسحب الحكم في غير التراب أيضا قلت لما ذكرت وجه الا ان اثبات عدم القائل بما ذكر في الوجهين لا يخلو عن اشكال فيشكل التعويل عليه واما التخصيص الثاني فلعدم دليل واضح على
ثبوت الحكم في غير المواد المخصوصة ولا يخفى ان في صورة انتفاء إحدى الخصوصيتين المذكورتين لا دليل على النجاسة أيضا الا ان اليقين بالبراءة من التكليف بتطهير البدن والثوب في الصلاة
يقتضى تنزيه البدن والثياب عن ملاقاة الموضع بالرطوبة وينبغي التنبيه على أمور الأول إذا يبس الموضع بغير الشمس ثم صب عليه ماء مطهر فجففته فالمشهور بين المتأخرين
حصول الطهارة ويؤيده خبر زرارة السابقة المذكورة في الكافي والتهذيب ورواية محمد بن إسماعيل ببعض التأويلات ويؤيد النجاسة مفهوم خبر زرارة وخبر عمار عند التأمل والحق
انه لا يصلح شئ من ذلك للدلالة فالمسألة محل تردد الثاني جمهور الأصحاب على أن الجفاف الحاصل بغير الشمس لا يثمر طهارة ونقل المصنف اجماع الأصحاب عليه وقال الشيخ في الخلاف
الأرض إذا أصابها نجاسة مثل البول وما أشبهه وطلعت عليها الشمس أو هبت عليها الريح حتى زالت عين النجاسة فإنها تطهر ويجوز السجود عليها والتيمم بترابها وان لم يطرح
عليها الماء واحتج باجماع الفرقة وقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا قال والطيب ما لم يعلم فيه نجاسة ومعلوم زوال النجاسة عن هذه الأرض وانما يدعى حكمها وذلك يحتاج إلى دليل
وقال في موضع اخر وان جف بغير الشمس لم يطهر ونقل المصنف في المختلف ان ابن إدريس اخذ ذلك على الشيخ قال والظاهر أن مراد الشيخ بهبوب الريح المزيلة للاجزاء الملاقية للنجاسة الممازجة
لها وليس مقصود الشيخ ذهاب الرطوبة عن الأجزاء كذهابها بحرارة الشمس وفيه تعسف ويمكن توجيه قول الشيخ بان الدليل الدال على بقاء النجاسة بعد زوال العين هو الاجماع
والشيخ قد ادعى الاجماع في محل النزاع فلا أقل من أن يكون ذلك دليلا على انتفاء الاجماع على خلافه وإذا لم يثبت الاجماع على بقاء النجاسة كان الظاهر الطهارة بمقتضى العمومات
التي أشرنا إليه ويؤيده ذكر الريح في خبر زرارة نعم رواية عمار دلت على النجاسة لكن عدم صحة سندها يمنع التعويل عليه عند من لم يعمل بالموثقات واما نحن فنرى العمل بها وربما
يستشهد للشيخ بما رواه الصدوق في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن البيت والدار لا يصيبهما الشمس ويصيبهما البول ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما
إذا جفا قال نعم وبقرينة ان الاذن في الصلاة مطلقا يقتضي عدم الفرق بين رطوبة الجبهة ويبوستها وذلك دليل الطهارة الا ان هذا الفهم فيما نحن فيه يقتضى حصول الطهارة
بمطلق الجفاف إذ لا تعرض في الخبر للريح ولا قائل بالعموم فيما يعلم وربما يجعل ذلك وجها لحمل الخبر على إرادة الجفاف الحاصل بالريح ليسلم من اشكال المخالفة لما عليه الأصحاب ولا
يخفى ان تأويل الخبر بما أشرنا إليه سابقا ليس أبعد من ارتكاب التخصيص فاذن يضعف الاستشهاد الثالث عد جماعة من المتأخرين فيما تطهر الشمس مما لا ينقل الثمرة على
الشجرة وصرح المصنف في النهاية بخلافه ولا يخفى ان الحاقها بالمنقول إذا كان أوان القطع أولي الرابع ذكر جماعة من المتأخرين ان الباطن فيما تطهره الشمس كالظاهر فيطهر إذا جف
الجميع وكانت النجاسة متصلة إما مع الانفصال كوجهي الحائط إذا كانت النجاسة فيها غير خارقة فتخصيص الطهارة بما صدق عليه الاشراق وهو حسن وتطهر النار ما احالته وصيرته
رمادا من الأعيان النجسة على المشهور بين الأصحاب وتردد فيه المحقق في الشرائع احتج الشيخ في الخلاف للطهارة باجماع الفرقة وبما رواه الحسن بن محبوب في الصحيح انه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الجص يوقد
عليه بالعذرة وعظام الموتى ويجصص به المسجد أيسجد عليه فكتب إليه بخطه ان الماء والنار قد طهراه قال المحقق وفي احتجاج الشيخ اشكال إما الاجماع فهو اعرف به ونحن فلا
نعلمه واما الرواية فمن المعلوم ان الماء الذي يمازج الجص وهو ما يحيل به وذلك لا يطهر اجماعا والنار لم يصيره رمادا وقد اشترط صيرورة النجاسة رمادا وصيرورة العظام والعذرة
رمادا بعد الحكم بنجاسة الجص غير مؤثر طهارته ثم قال ويمكن ان يستدل باجماع الناس على عدم التوقي من دواخن السراجين النجسة فلو لم يكن ظاهرا بالاستحالة لتورعوا منه وقريب
منه كلام المصنف في المنتهى ومحصل الاشكال من وجهين باعتبار اسناد التطهير إلى الماء وذلك لان تطهير الماء إما ان يكون لنفس الجص أو للعذرة الموقدة عليه لا وجه للأول لان
تطهيره للجص فرع حصول النجاسة له وفي نجاسته بدخان الأعيان النجسة اشكال وعلى تقدير تسليم حصول النجاسة له كيف يطهر بالماء للمازج مع أنه غير مطهر اجماعا ولا وجه للثاني
لان العذرة الموقدة عليه ان خرجت عن حقيقتها خروجا يوجب دخولها في حقيقة الأجسام الطاهرة لم يحتج إلى تطهير الماء لها فلم يصح اسناد التطهير إلى الماء وان بقيت على ما كانت عليها
لم يفسدها الماء طهارة الثاني باعتبار اسناد التطهير إلى النار وذلك لما عرفت من أن ذلك فرع حصول النجاسة للجص وفيه اشكال وعلى تقدير التسليم لم يصيره النار رمادا
فكيف يطهره ويمكن الجواب بان مراد السائل ان العذرة الموقدة على الجص يختلط به وغرضه استعلام حالها بعد الاحراق فإنها لو كانت نجسة لزم نجاسة الجص المختلط بها لملاقاتها
له برطوبة الماء الممتزج به فأجاب عليه السلام بان الماء والنار قد طهراه على أن يكون المراد من الطهارة المسندة إلى الماء معناها اللغوي لأن الماء يفيد الجص نوع تنظيف يوجب إزالة النفرة
الحاصلة من اشتماله على العذرة والعظام المحرقة وهذا غير مناف لإرادة المعنى الشرعي من تطهير النار إذ لا مانع من الجمع بين المعنى الحقيقي والمجازي إذا دلت القرينة عليه ويحتمل
ان يراد فيهما المعنى المجازى ويكون الطهارة الشرعية مستفادة بما علم من الجواب ضمنا وعلى هذا فاندفع الاشكال بحذافيره وقد يقال يمكن ان يقال إن المراد بالماء في كلامه عليه السلام ماء المطر
الذي يصيب ارض المسجد المجصصة بذلك الجص إذ ليس في الحديث ان ذلك المسجد كان مسقفا وان المراد يوقد عليه بحيث يختلط به تلك الأعيان كان يوقد بها من فوقه مثلا
لكن يبقى اشكال اخر وهو ان النار إذا طهرته أولا فكيف يحكم بتطهير الماء له ثانيا انتهى وقد يستدل على الطهارة بالأصل وبان الحكم بالنجاسة متعلق على الاسم فيزول بزواله والوجه
الثاني يقتضى عدم الحكم بالنجاسة لا الحكم بالطهارة واما الأول ففيه ما قد أشرنا إليه مرارا من أن الاستناد إلى الأصل في الحكم بالطهارة لا يخلو عن اشكال لأنه حكم شرعي يتوقف على
171

توقيف الشارع فالمسألة محل تأمل ويمكن الاستناد في الطهارة إلى العمومات الدالة على طهارة المياه بالتقريب الذي أشرنا إليه مرارا وينبغي التنبيه على أمور (أشياء) الأول مورد
الحديث وكلام كثير من الأصحاب كما هو استحالة عين النجاسة وعمم بعضهم الحكم بحيث يتناول المتنجس أيضا تعويلا على أن ثبوت ذلك في أعيان النجاسات يقتضى ثبوته في المتنجس بها
أيضا بطريق أولي وللتأمل فيه مجال والحكم بأحد الطرفين لا يخلو عن اشكال الثاني ذكر جمع من الأصحاب ان الدخان المستحيل من الأعيان النجسة طاهر أيضا كالرماد ولم اقف على
نص وربما ينظر إلى أن تغير الحقيقة فيه أقوى من الرماد فيثبت فيه الحكم لمفهوم الموافقة وفيه تأمل ويعزى إلى بعضهم نقل الاجماع عليه وتردد في طهارته المحقق في الشرائع ولم يذكره في المعتبر
وينسب إلى الشيخ في المبسوط القول بنجاسة دخان الدهن النجس معللا بأنه لابد من تصاعد بعض اجزائه قبل إحالة النار لها بواسطة السخونة وفي التعليل نظر وقال المصنف في النهاية بعد الحكم
بطهارة الدخان مطلقا للاستحالة كالرماد انه لو استصحب شيئا من اجزاء النجاسة باعتبار الحرارة المقتضية للصعود فهو نجس ولهذا نهى عن الاستصباح بالدهن النجس تحت الظلال لعدم
انفكاك ما يستحيل في الدخان عن استصحاب اجزاء دهنية اكتسب حرارة أو حيث ملاقاة الظل وفيه تأمل الثالث الحق بعضهم بالرماد الفحم محتجا بزوال الصورة والاسم وتوقف فيه الشارح
الفاضل والتوقف في محله الرابع اختلف الأصحاب في طهارة الطين النجس إذا احالته النار خزفا أو آجرا فذهب الشيخ في الخلاف والمصنف في النهاية وموضع من المنتهى والشهيد في البيان إلى طهارته
واختاره صاحب المعالم وتوقف المحقق في المعتبر والمصنف في موضع اخر من المنتهى وحكم جماعة منهم الشارح الفاضل بعدم الطهارة حجة القول بالطهارة وجوه الأول اجماع الفرقة نقله الشيخ
في الخلاف الثاني صحيحة الحسن بن محبوب السابقة الثالث أصالة الطهارة بناء على أن مدرك الحكم بالتنجيس في مثله بعد ذهاب العين انما هو الاجماع ولا ريب في انتفائه بعد الطبخ وفيه نظر لمنع
ثبوت الاجماع ولعدم شمول الرواية لموضع النزاع وضعف التمسك بأصالة الطهارة على ما أشرنا إليه مرارا حجة القول بالنجاسة انه لم يخرج بالطبخ عن مسمى الأرض كما لم يخرج الحجر عن مسماها
مع كونه أقوى تصلبا منه واستوائها في العلة المقتضية لذلك وهي عمل الحرارة في ارض أصابها رطوبة وفيه نظر لأن عدم الخروج عن اسم الأرض لا يوجب الحكم بالنجاسة فإنه تابع للدليل
الدال عليها وهو مقصور على حالة مخصوصة فلا يتعدى إلى غيرها على أن ادعاء عدم الخروج عن الاسم محل
تأمل ولعل منشأ الحكم بذلك ملاحظة ما ذكر من اشتراكهما في علة الصلابة و
كونها في الحجر أقوى لكن العرف يحكم بفساد ذلك ويصدق اسم الأرض على الحجر دون الخزف وقد تنبه لذلك المحقق في المعتبر فقال في بحث التيمم ان الخزف خرج بالطبخ عن اسم الأرض فلا يصح
التيمم به ثم ذكر جوازه بالحجر محتجا بأنه ارض اجماعا الخامس إذا استحالت الأعيان النجسة ترابا أو دودا فالمشهور بين الأصحاب الطهارة وهو قول الشيخ في موضع من المبسوط ويعزى إليه في المبسوط
قول اخر بالنجاسة في صورة الاستحالة بالتراب وتردد المحقق في ذلك وتوقف المصنف في التذكرة والتحرير والقواعد في صورة الاستحالة ترابا وجزم بالطهارة في صورة الاستحالة دودا و
لعل الأول أقرب للعمومات الدالة على طهورية التراب السالمة عن المعارض السادس قال في المعتبر لو كانت النجاسة رطبة ومازجت التراب فقد نجس فلو استحالت النجاسة
بعد ذلك وامتزجت ببقية الأجزاء الترابية على النجاسة والمستحيلة أيضا لاشتباهها بها وهو حسن السابع إذا عجن العجين بالماء النجس ثم خبز لم يطهر على المشهور بين الأصحاب
وقال الشيخ في الاستبصار وفي موضع من النهاية انه يطهر حجة الأول ان المفروض كون الماء نجسا والنار لا تخرج عن العجين المخبوز جميع الماء وانما تجفف بعض رطوبته فيفتقر الحكم
بطهارة باقي الرطوبة إلى الدليل وما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا وما أحسبه الا حفص بن البختري قال قيل لأبي عبد الله عليه السلام في العجين يعجن من الماء النجس كيف
يعجن به قال يباع ممن يستحل اكل الميتة وفي الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال يدفن ولا يباع وفيه نظر إما الأول فلان الاستصحاب عندي تابع للدليل
الدال على الحكم وهو إما الاجماع أو الخبر والأول غير مقتض للاستصحاب في محل النزاع واما الثاني فمقتضاه النهي عن استعمال الماء النجس في الطهارة والشرب ولا يخفى عدم جريان ذلك
في محل البحث وبهذا يندفع ما يقال من أن العجين ينجس بالماء النجس والنار لم تحله بل جففته فأزالت بعض رطوبته وذلك لا يكفي في التطهير وذلك لان نجاسة العجين مسلم لكن استصحاب
النجاسة في محل النزاع ممنوع لفقد الدليل عليه واما الثاني فلكون الروايتين معارضتين بما سيجيئ احتج الشيخ في الاستبصار بما رواه في الصحيح عن ابن أبي عمير عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام
في عجين عجن وخبز ثم علم أن الماء كانت فيه ميتة قال لا باس اكلت لنار ما فيه وبما رواه عن عبد الله بن الزبير قال سألت أبا عبد الله عن البئر تقع فيها الفارة أو غيرها من الدواب
فتموت فيعجن من مائها أيؤكل ذلك الخبز قال إذا اصابته النار فلا باس باكله وأجيب عنهما أولا بالطعن في السند إما الأولى فبالارسال وفيه تأمل واما الثانية فبان من جملة زوالها
أحمد بن الحسن الميثمي وقال النجاشي انه كان واقفيا وأحمد بن محمد بن عبد الله بن الزبير وجده وهما مجهولان وثانيا لعدم صراحة الروايتين في نجاسة الماء الذي عجن به إما الأولى
فلاحتمال كون الماء الذي وقعت فيه الميتة كرا واحتمال كون الميتة مما لا نفس لها واما الثانية فلعدم ظهور المقتضى للنجاسة فيما سوى تعليق نفي الباس عن اكله بإصابة النار
ومن الجائز ان يكون منشأ الباس مع عدم إصابة النار كراهة ما ماتت فيه الفارة ونحوها من الماء والمسألة محل تردد لأنه وقع التعارض بين الاخبار فيجوز ترجيح خبر في
النجاسة وارتكاب التأويل في خلافهما لاعتضادهما بالشهرة ويجوز العكس لاعتضاد ما دل على الطهارة بالأصل وبما دل على حمل ما لم يثبت النهي فيه وقرب الجمع بحمل خلافه على
استحباب التنزه أو يقال يتعين الدفن والبيع عند عدم الخبر لا مطلقا فلا تعارض بين الاخبار ولعل احتمال الطهارة أقرب واعلم أن المصنف وقف في العمل بمدلول الرواية المتضمنة لبيع العجين
النجس ممن يستحل الميتة ثم قال ويمكن ان يحل البيع على غير أهل الذمة وان لم يكن ذلك بيعا في الحقيقة واعترض عليه بان العجين النجس عين مملوكة يمكن الانتفاع بها نفعا محللا في
علف الحيوان وغيره فلا مانع من جواز بيعه من المسلم مع الاعلام بحاله كالدهن النجس وكذا من مستحله من أهل الذمة وغيرهم لعدم ثبوت كون ذلك مأثما حتى يتعلق به النهي
في قوله تعالى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان ولما رواه الشيخ بسندين أحدهما صحيح والاخر حسن عن الحلبي قال سمعت يقول إذا اختلط الذكي بالميتة باعه ممن يستحل الميتة واكل
ثمنه الثامن اختلف الأصحاب في طهارة الخنزير إذا وقع في المملحة واستحال ملحا والعذرة إذا وقعت في البئر فصار حماء فذهب المحقق في المعتبر والمصنف في عدة من كتبه إلى عدم
حصول الطهارة بذلك وتوقف في التذكرة والقواعد وذهب جماعة منهم الفخر المدققين والشهيدان والشيخ علي إلى الطهارة وهو أقرب للعمومات الدالة على حل ما عدا شيئا مخصوصة ومن
جملتها الملح المذكور والحل يستلزم الطهارة مضافا إلى أن الحكم بالنجاسة منوط باسم مخصوص فلا يبقى عند زواله لغة وعرفا كما فيما نحن فيه احتج الفاضلان بان النجاسة قائمة
بالاجزاء لا بأوصاف الأجزاء فلا تزول بتغير أوصاف محلها وتلك الأجزاء باقية فتكون النجاسة باقية والجواب ان النجاسة قائمة بالاجزاء بشرط الوصف لا مطلقا واعلم أن
فخر المدققين خرج بقاء النجاسة تارة على أن النجاسة ذاتية لهذه الأعيان واخرى على أن الباقي مستغن عن المؤثر وزوالها على احتياجه وفيه ضعف والحق ان تخرج المسائل
الفقهية على أمثال هذه القواعد قوى الوهن وينبغي ان نفرض المسألة فيما إذا كان ماء المملحة كرا نظرا إلى أن الأرض تنجس عند القلة وكذلك الماء ويلزم من ذلك نجاسة ما
يلاقيهما من الملح واستحاله الماء ملحا غير مؤثر في تطهير الملح المتنجس به التاسع من باب الاستحالة المطهرة استحالة النطفة حيوانا ظاهرا والماء النجس بولا لحيوان مأكول
اللحم والغذاء النجس روثا أو لبنا لمأكول اللحم والدم النجس قيحا أو جزء من حيوان لا نفس له والظاهر أنه لا خلاف في شئ من ذلك ومنه استحالة الخل خمرا ولو بعلاج وقد
نقل المصنف اتفاق علماء الاسلام عليه إذا كانت استحالته من قبل نفسه والاخبار في هذا الباب كثيرة كموثقة عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأخذ
الخمر فيجعله خلا قال لا باس وموثقة عبيد بن زرارة أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الرجل باع عصيرا فحبسه السلطان حتى صار خمرا فجعله صاحبه خلا فقال إذا تحول عن
اسم الخمر فلا باس به ويمكن الحاق الروايتين بالصحاح لما أشرنا إليه من أن وجود ابن بكير في الطريق غير قادح وحسنة زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الخمر العتيق
172

يجعل خلا قال لا باس وفي بعض الأخبار المنع مما لم يكن من قبل نفسه وحمل الشيخ على الاستحباب وهو حسن ويطهر العصير على تقدير نجاسته باستحالته خلا عندهم كالخمر وبذهاب
ثلثيه وقد يستدل على الأول بان العصير أولي بالحكم من الخمر وفيه تأمل واما الثاني فلدلالة النصوص الكثيرة على زوال التحريم بذهاب الثلثين وهو يستلزم الطهارة والمعروف بينهم
انه يطهر بطهارة العصير أيدي مزاوليه وثيابهم وآلات الطبخ حتى لو أصاب العصير شيئا في حال الحكم بنجاسته ثم جفت الرطوبة الحاصلة منه بحيث علم ذهاب ثلثي ما أصاب حكم
بالطهارة وإذ قد عرفت ان مأخذ نجاسة العصير منحصر في كلام الأصحاب وان للقول بطهارته رجحانا سهل الحظر في هذه الأحكام وتعين المصير إلى موافقتهم في الأمور المتعلقة ههنا بالطهارة
العاشر قال المصنف في المنتهى البخار المتصاعد من الماء النجس إذا اجتمع منه نداوة على جسم صقيل وتقاطر فهو نجس الا ان يعلم بكونه من الهواء كالقطرات الموجودة على طرف اناء
في أسفله جمد نجس فإنها طاهرة هذا كلامه والظاهر أن الحكم بالطهارة غير متوقف على العلم بالتكون من الهواء بل يكفي فيه احتمال ذلك فتدبر والأرض باطن النعل والقدم
والخف سواء كان إزالة النجاسة بالمشي أو الدلك وسواء كان على التراب أو الحجر أو الرمل واصل الحكم مما لا نعرف فيه خلافا بين الأصحاب لكن المصنف في التحرير استشكل ثبوته في
القدم وعزى في المنتهى القول بمساواته للنعل والخف إلى بعض الأصحاب وذكر ان في رواية صحيحة دلالة عليه قال بعد ذلك عندي فيه توقف وكلامه في سائر كتبه مصرح
في التسوية وكذا كلام جمهور المتأخرين وابن الجنيد من المتقدمين والمفيد وسلار اقتصرا على النعل والخف ولم يذكرا القدم بنفي ولا اثبات وجماعة من المتقدمين لم
يذكروا المسألة من أصلها ويدل على أصل الحكم روايات منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام رجل وطى على عذرة فساخت رجله فيها أينقض ذلك
وضوءه وهل يجب عليه غسلها فقال لا يغسلها الا ان يقذرها ولكنه يمسحها حتى يذهب اثرها ويصلي ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال جرت
السنة في اثر الغائط بثلاثة أحجار ان يمسح العجان ولا يغسله ويجوز ان يمسح رجليه ولا يغسلهما ومنها ما رواه الكليني في الصحيح عن الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام قال في الرجل
يطأ على الموضع الذي ليس بنظيف ثم يطأ بعده مكانا نظيفا قال لا باس إذا كانت خمسة عشر ذراعا ونحو ذلك وعن المعلى بن خنيس في الحسن قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الخنزير يخرج من الماء فيمر على الطريق فيسيل عليه الماء أمر عليه حافيا قال أليس وراءه شئ جاف قلت بلى فقال لا باس ان الأرض يطهر بعضه بعضا وعن محمد الحلبي قال نزلنا
في مكان بيننا وبين المسجد زقاق قذر فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فقال أين نزلتم فقلت نزلنا في دار فلان فقال إن بينكم وبين المسجد زقاق قذرا وقلنا له ان
بيننا وبين المسجد زقاقا قذرا فقال لا باس الأرض يطهر بعضها بعضا قلت فالسرقين الرطب أطأ عليه فقال لا يضرك مثله ولعل المراد بقوله الأرض يطهر بعضها
بعضا ان النجاسة الحاصلة في أسفل القدم ونحوها بملاقاة الأرض المتنجسة يطهر بالمسح في موضع اخر من الأرض فسمى زوال الأثر الحاصل من الأرض تطهيرا لها كما سمى إزالة البول
تطهيرا له فيقال الماء مطهر للبول ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن فضالة وصفوان بن يحيى عن عبد الله بن بكير عن حفص بن أبي عيسى قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني وطأت عذرة
بخفي ومسحته حتى لم أر فيه شيئا ما تقول في الصلاة فيه فقال لا باس وهذه الرواية لا دلالة لها على المطلوب فإنه يكفي في جواز الصلاة فيه كونه مما لا يتم الصلاة ولا يقتضي
ذلك طهارته الا انهم أوردوها في الاحتجاج ولا يخفى ان روايتي زرارة دالتان على حكم القدم مع صحتها فلا وجه لتوقف المصنف فيه ورواية الأحول تظمنت اعتبار المشي نحو
خمسة عشر ذراعا وكذا نقل عن أبي الجنيد من أنه قال في مختصره وإذا وطأ الانسان برجليه أو بما هو وقاء لهما نجاسة رطبة أو كانت رجله رطبة والنجاسة يابسة أو رطبة فوطأ
بعدها نحوا من خمسة عشر ذراعا أرضا طاهرة يابسة طهر ما مس النجاسة من رجله والوقاء لها ولو غسلها كان أحوط ولو مسحها حتى تذهب عين النجاسة واثرها بغير ماء أجزأه (فيما)
إذا كان ما مسحها به طاهرا ولعل الغرض من هذا التحديد في الرواية بيان مقدر المشي الذي يحصل به زوال عين النجاسة غالبا والحمل على هذا الرعاية الجمع بينها وبين غيرها وفي
قوله نحو ذلك إعانة عليه وكان ذلك أيضا مراد ابن الجنيد لتصريحه بمدلول خبر زرارة في اخر كلامه كما علمت فروع الأول لا يشترط جفاف النجاسة
قبل الدلك ولا ان يكون لها جرم لاطلاق الروايات فلو كان أسفل القدم أو النعل متنجسا بنجاسة غير مرئية كالبول اليابس طهر بمجرد المشي على الأرض واعتبر بعض العامة كون
النجاسة ذات جرم وأن تكون جافة قبل الدلك وهو ضعيف الثاني ذكر الشارح الفاضل ان اطلاق النص والفتوى يقتضي عدم الفرق في الأرض بين الطاهرة وغيرها
وقد قطع الشهيد في الذكرى بوجوب طهارتها وهو المنقول عن جماعة من الأصحاب وصرح به ابن الجنيد في العبارة المنقولة عنه فاطلاق القول باطلاق الفتاوى محل
نظر واما النص فأكثره مطلق وفي رواية الأحول اشعار بالطهارة والقول باشتراط الطهارة أحوط وإن كان عدم الاشتراط لا يخلو عن قوة الثالث نقل عن جماعة من
متأخري الأصحاب اشتراط الجفاف في الأرض وقد مر ذلك في كلام ابن الجنيد ونفاه المصنف في النهاية ووافقه الشارح الفاضل مشترطا عدم خروج الأرض بالرطوبة
عن اسمها وذكر ان الرطوبة اليسيرة التي لا تحصل منها تعد غير قادحة على القولين والقول بالاشتراط أحوط وإن كان القول بعدمه أقوى الرابع قال في النهاية لو
وطأ وحلا فالأقرب عدم الطهارة وفيه اشكال لعموم الاخبار الخامس قال المصنف في النهاية لو دلك النعل والقدم بالأجسام الصلبة كالخشب أو مشى عليها فاشكال
ولعل منشأ الاشكال إناطة الحكم بالطهارة بالمسح المذهب للأثر في صحيحة زرارة وان المعروف بين الأصحاب اختصاص الحكم بالأرض وإن كان كلام ابن الجنيد دالا على
العموم فيمكن حمل الرواية على الافراد الغالبة والأول لا يخلو عن قوة السادس لا فرق بين الخف والنعل وغيرهما مما يتنعل به ولو من الخشب كالقبقاب وخشب الأقطع ملحق بالنعل
أو القدم صرح بذلك جماعة من المتأخرين وتردد الشارح الفاضل في الحاقها بأحدهما نظرا إلى عدم صدق شئ منهما عليها لكنه جزم بالالحاق في غير موضع ونقل عن بعض
المتأخرين استبعاد الحاق القبقاب لتوقف الالحاق على صدق اسم النعل عليه وإذ قد عرفت ضعف الاستناد إلى الأصحاب في موضع الخلاف أمكن الاستدلال على انسحاب
الحكم في الكل بالتقريب مر مرارا خاتمة لمبحث إزالة النجاسات في الاحكام
الأواني يحرم استعمال أواني الذهب والفضة في الأكل والشرب وغيره قال المصنف في المنتهى جمع
من يحفظ عنه العلم على تحريم الأكل والشرب في الآنية المتخذة من الذهب والفضة الا ما نقل عن داود انه يحرم الشرب خاصة وعن الشافعي في القديم ان النهي نهى لتنزيه
وقال فيه أيضا وهل يحرم استعمالها مطلقا في غير الأكل والشرب قال به علماؤنا ونقل اتفاق الأصحاب على تحريم الاستعمال مطلقا في التذكرة والذكرى وقال الشيخ
في الخلاف يكره استعمال أواني الذهب والفضة ولعل مراده التحريم والاخبار بذلك مستفيضة من طريق العامة والخاصة فروى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
لا تشربوا في انية الذهب والفضة ولا تأكلوا في صحافها فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة وعن علي عليه السلام أنه قال الذي يشرب من انية الذهب والفضة انما يجرجر في
بطنه نار جهنم يقال جرجر الشراب اي صوت والمراد انه بفعله يستحق العذاب على أبلغ وجوهه ومن طرق الخاصة ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن إسماعيل ابن بزيع
قال سألت الرضا عليه السلام عن انية الذهب والفضة فكرهها فقلت قد روى بعض أصحابنا انه كان لأبي الحسن عليه السلام مرآة مليسة فضة فقال لا والله انما كان لها حلقة من فضة
هي عندي ثم قال إن العباسي حين (عزر) عمل له قضيب مليس من فضة نحو ما يعمل للصبيان يكون فضته نحوا من عشرة دراهم فامر به أبو الحسن فكسر وفي الحسن عن الحلبي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تأكل في انية من فضة ولا في انية مفضضة وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام انه نهى عن انية الذهب والفضة ورواها ابن بابويه عن ابان
عن محمد بن مسلم والظاهر أنه أبان بن عثمان وطريق الصدوق إليه صحيح فلم يبعد الحاق الرواية بالصحاح
وعن داود بن سرحان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تأكل في انية الذهب
173

والفضة وعن موسى بن بكر عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال انية الذهب والفضة متاع الذين لا يؤقنون ونقله ابن بابويه مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله وعن بريد عن أبي عبد الله عليه السلام انه
كره الشرب في الفضة وفي القداح المفضضة وكذلك ان يدهن في مدهن مفضض والمشط كذلك وروى ابن بابويه عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام لا ينبغي الشرب في انية الفضة والذهب
وبعض هذه الروايات غير دالة على المطلوب لكن أوردناها استقصاء للروايات واعلم أن روايات الخاصة خال عن التصريح بتحريم الشرب والاستعمالات مطلقا واستدلوا
عليه بخبر محمد بن مسلم لان النهي لا يتعلق بالذوات بل بوجوه الانتفاعات عرفا وبرواية موسي بن بكر وبالتنبيه المستفاد من (روايات) العامة فروع الأول المشهور بين
الأصحاب تحريم اتخاذ أواني الذهب والفضة لغير الاستعمال أيضا لخبري محمد بن مسلم وموسى ابن بكر ويؤيده انه تعطيل للمال فيكون سرفا وفي الأول والأخير تأمل والاستناد
إلى مجرد رواية موسى بن بكر مع ضعف سندها لا يخلو عن اشكال واستقرب المصنف في المختصر الجواز استضعافا لأدلة المنع الثاني لا يحرم المأكول والمشروب في أواني الذهب
والفضة لان النهي عن الاستعمال لا يتناول المستعمل وعن المفيد تحريمه ويلوح من كلام أبى الصلاح على ما نقل عنهما وحديث يجرجر محمول على أنه سبب في دخول النار
لامتناع إرادة الحقيقة الثالث المشهور بين الأصحاب انه لو تطهر من انية الذهب والفضة لم يبطل وضؤه ولا غسله لان نزاع الماء ليس جزء من الطهارة بل لا يحصل
الشروع فيها الا بعده فلا يكون له اثر في بطلان الطهارة وقال المصنف في المنتهى لو قيل إن الطهارة لا تتم الا بانتزاع الماء المنهى عنه فيستحيل الامر بها لاشتمالها على المفسدة كان
وجها وهو جيد حيث تحقق التوقف المذكور إما لو تطهر مع امكان الطهارة بماء اخر قبل فوات الموالاة فالظاهر الصحة لخروج الانتزاع عن حقيقتها وعدم توقفها
عليه ومثله صب ماء الطهارة فيها الرابع لو اتخذ اناء من ذهب أو فضة ومموهة بنحاس أو رصاص حرم استعماله لوجود المنهى عنه الخامس الظاهر عدم تحريم اتخاذ اليسير
من الذهب والفضة كقبيعة السيف ونعله وضبة الاناء والسلسلة وخلقة القصعة وتحلية المرأة بها وربط الأسنان بها واتخاذ الانف منها كما روى في حلقة قصعة
النبي صلى الله عليه وآله وقبيعة سيفه وأنف عرفجة بن أسعد بإذن النبي صلى الله عليه وآله ثم اتخذه من ذهب لما أنتن كذا نقل العامة وكان للكاظم عليه السلام مراة عليها فضة وعن الصادق عليه السلام كان نعل سيف
رسول الله صلى الله عليه وآله وقائمته فضة وكان بين ذلك حلق من فضة ولدرعه ثلث حلقات من فضة روى عبد الله بن سنان في الحسن عن الصادق عليه السلام قال ليس بتحلية السيف باس
بالذهب والفضة وروى عن داود بن سرحان عن الصادق عليه السلام قال ليس في تحلية المصاحف والسيوف بالذهب والفضة باس وعن الصادق عليه السلام انه كانت بره ناقة رسول الله صلى الله عليه وآله
من فضة وروى عن الصادق عليه السلام انه (عرض عليه) قرانا معشرا بالذهب وفي اخره منورة مكتوبة بالذهب فلم يعب سوى كتابة القران بالذهب وقال لا يعجبني ان كتب القران الا بالسواد (بالعواد) كما كتب
أول مرة ولا باس باتخاذ ما ليس باناء كالصفائح في قائم السيف والميل قال في المعتبر (اتخاذ اليسير) من الفضة كالحلقة للسيوف والقصعة والسلسلة التي سعت لها الاناء جائز ثم قال
وفيما عدا ذلك مما ليس باناء تردد أشبهه الكراهية إذا كان فيه غرض صحيح كالصفائح في قائم السيف والميل لما يختص به من الانتفاع ونقل كسر أبي الحسن عليه السلام القضيب
الملبسة وقال إنه محمول على الكراهية لأنه حكاية حال في واقعة وقال في التذكرة انه يعطى المنع وقال في الذكرى هل ضبة الذهب كالفضة يمكن ذلك كأصل الاناء
والمنع لقوله عليه السلام في الذهب (والجوهر) هذان محرمان على ذكور أمتي وعن الفضيل بن يسار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن السرير فيه الذهب أيصلح امساكه في البيت فقال إن
كان ذهبا فلا باس وإن كان ماء الذهب فلا باس وفي جواز اتخاذ المكحلة وظرف الغالية من الذهب والفضة تردد منشاؤه الشك في اطلاق الاسم الاناء عليه حقيقة واستقرب
الشهيد التحريم وفاقا للمصنف استناد إلى أن الاناء يصدق عليه وفي تحلية المساجد والمشاهد بالقناديل من الذهب والفضة نظر للشك في صدق الاناء وتنظر فيه
الشهيد وغيره بفحوى النهي واشعار التعظيم إما زخرفة السقوف والحيطان بالذهب فنقل عن الشيخ في الخلاف أنه قال لا نص في تحريمها والأصل الإباحة وعن ابن إدريس المنع
من ذلك (ولعل ذلك) لما فيه من تعطيل المال وصرفه في غير الأغراض الصحيحة قيل يرشد إليه أمر أبي الحسن عليه السلام بكسر القضيب الملبس بالفضة كما مر في صحيحة محمد بن إسماعيل السابقة السادس
روى الكليني والشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه عن أبي الحسن عليه السلام عن السرج واللجام وفيه الفضة أتركب به قال إن كان مموها لا يقدر على نزعه فلا باس والا فلا يركب
به ومقتضاها النهي عن ذلك ولم أر أحدا من الأصحاب تعرض لذلك السابع لا يشترط في تحريم المجمرة اشتماله عليها بل يكفي مجرد وضع البخور فيها للرائحة لأنه استعمال خلافا لبعض
العامة الثامن لا يضمن كاسرها الأرش لأنه لا حرمة لها على القول بتحريم اتخاذها مطلقا ويصح بيعها ان جوزنا اتخاذها لغير الاستعمال أو كان المطلوب كسرها ووثق
من المشتري بذلك وأطلق المصنف وغيره الحكم بجواز ذلك قالوا وعلى المشترى سبكها التاسع لا كراهة في الشرب عن كوز فيها خاتم فضة أو اناء فيه دراهم ولا في
المتخذ من هذين من المعادن والجواهر وان غلا ثمنه للأصل السالم عن المعارض العاشر قال في التذكرة المموه إن كان يحصل منه شئ بالعرض على النار حرم لا فاشكال
وقد سبق في روايتين نفي البأس في المموه لكن مورده غير الاناء ويكره المفضض اختلف الأصحاب في الأواني المفضضة فقال الشيخ (في الخلاف) حكمها حكم الأواني المتخذة من
الذهب والفضة وقال في المبسوط يجوز استعمالها واختاره المصنف وعامة المتأخرين قالوا بالكراهة وهو المعتمد لصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس
ان يشرب الرجل في القدح المفضض واعزل فمك عن موضع الفضة حجة الشيخ على ما نقل في المنتهى حسنة الحلبي السابقة فان العطف يقتضي التساوي وبرواية بريد السابقة
لان المراد بالكراهية في الأول التحريم فيكون الثاني كذلك تسوية بين المعطوف والمعطوف عليه ولأنه لولا ذلك لزم استعمال المشترك في كلا معنييه أو اللفظ الواحد
في المعنى الحقيقي والمجازي ومما رواه عن عمرو بن أبي المقدام قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام قد اتى بقدح من ماء فيه
ضبة من فضة فرأيته ينزعها بأسنانه والجواب ان لزوم مطلق التشريك بين المعطوف والمعطوف عليه ممنوع وخبر الحلبي وإن كان ظاهره التحريم لكنه محمول على
الكراهة في المفضض جمعا بينه وبين ما هو أقوى منه والكراهية في خبر بريد أعم من التحريم فالتشريك بين المعطوف والمعطوف عليه حاصل على القول بالكراهة وعموم
الاشتراك والمجاز لا يلزم وفعل أبي عبد الله عليه السلام لا يدل على التحريم فيجوز ان يكون للكراهية ويجتنب موضع الفضة على الوجوب عند الشيخ في المبسوط والمصنف
وأكثر المتأخرين استناد إلى أن الامر بالعزل في صحيحة عبد الله بن سنان وذهب المحقق في المعتبر إلى الاستحباب لظاهر صحيحة معاوية بن وهب قال سئل أبو عبد الله عليه السلام
عن الشرب في القدح فيه ضبة فضة فقال لا باس الا ان تكره الفضة فتنزعها عنه وهو حسن فان ترك الاستفصال مع قيام الاحتمال يفيد العموم واعلم الأحاديث
وردت في المفضض وهو مشتق من الفضة وهل تدخل فيه الآنية المضببة بالذهب والفضة في المنتهى لم اقف للأصحاب فيه على قول ثم قال والأقوى عندي جواز اتخاذه
عملا بالأصل والنهي انما يتناول استعمال انية الذهب والفضة نعم هو مكروه إذ لا ينزل عن درجة الفضة وهو حسن الا ان اثبات الكراهية مع فقد النص لا يخلو
عن اشكال واعلم أن المضبب بالذهب حرام عند العامة على الاطلاق واما المضبب بالفضة فقد قسمه بعض الشافعية إلى أربعة أقسام يسير لحاجة كحلقة القصعة وضبها وهو
مباح وكثير لغير الحاجة (مكروه لكثرته ولا يحرم للحاجة إليه قليل لغير حاجة لا يحرم بقلته ويكره لعدم الحاجة إليه وكثير لغير حاجة و) لا يحرم خلافا لأبي حنيفة كذا نقل المصنف في التذكرة وأواني المشركين طاهرة ما لم يعلم مباشر لهم لها برطوبة ولا فرق فيها بين كونه مستعملة أم لا
وفي حكم الأواني سائر ما بأيديهم عدا الجلود واللحم حتى المائع إذا لم يعلم مباشر لهم له وتوقف المصنف في التذكرة في طهارة المائع وقال فيه أيضا يجوز ان يصلى في
ثوب عمله المشرك إذا لم يعلم مباشرته له برطوبة واحتج لذلك بالأصل وبعض الأخبار ثم قال والشيخ منع في المبسوط من ذلك قال وهو حسن لغلبة الظن بالرطوبة
174

ولا يخفى ان الحكم في هذه المسألة مبني على الخلاف في اجراء الظن مجرى العلم كما مر حكاية الخلاف مع ترجيح عدم الاجراء ونقلنا بعض الأخبار الدالة في المسألة الإنائين المشتبهين
وتزيده بيانا صحيحة إسماعيل بن جابر السابقة في المسألة نجاسة المشركين وقد دل بعض الأخبار على الامر بتطهير ثوب لبسه المشرك ويحمل على الاستحباب جمعا بين الأدلة
وجلد المذكى طاهر وتقع التذكية على ما يؤكل لحمه بلا شك واما ما لا يؤكل لحمه فعلى أقسام الأول الانسان ولا تقع التذكية عليه قطعا الثاني الكلب والخنزير ولا
يقع التذكية عليهما اجماعا منا الثالث السباع والمشهور بين الأصحاب وقوع التذكية عليها حتى قال المصنف في التذكرة إذا ذكى ما لا يحل اكله جاز استعمال جلده
بعد الدبغ في غير الصلاة عند علمائنا أجمع وحكى الشهيد الثاني عن الشهيد انه لا يعرف فيه خلافا في ذلك وفي كلام المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر أيضا اشعار بذلك حيث جزما
بالحكم المذكور ونسبا المخالفة إلى العامة ونقل الشيخ الاجماع على جواز استعماله بعد الدباغ ويظهر من الشهيد الثاني الميل إلى عدم وقوع التذكية عليها والأقرب الأول
الموثقة زرارة الآتية مع اعتضادها بالأصل والشهرة بين الأصحاب واستدل عليه جماعة منهم الفاضلان بقوله تعالى الا ما ذكيتم وفيه نظر لأن الظاهر أن المراد بقوله تعالى
ما ذكيتم من الحيوانات التي يحل اكلها لأنه مستثنى مما حرم اكله لان المراد بقوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم تحريم الاكل كما هو الظاهر في أمثال هذه المواضع لا
تحريم الانتفاعات مطلقا وعلى هذا لا يمكن حمل قوله تعالى الا ما ذكيتم من العموم الرابع المسوخات على القول بنجاستها لم تكن قابلا للتذكية واما على القول بالطهارة ففيه
قولان فذهب المرتضى وجماعة إلى قبولها التذكية واستقرب الفاضلان عدم قبولها التذكية مع أن استدلالهما على قبول التذكية في السباع بالآية وموثقة ابن بكير جار هيهنا
الخامس الحشرات وفي قبولها التذكية قولان واستقرب الفاضلان العدم والقول بقبول التذكية في المسئلتين غير بعيد وسيجيئ زيادة تحقيق هذه المسائل في كتاب الصيد
والذبايح والمشهور انه لا يتوقف طهارة ما يقبل التذكية وجواز استعماله في الصلاة على الدباغ وخالف فيه الشيخ في كتبه الثلاثة والمرتضى في المصباح والأقرب الأول للأصل السالم
عن المعارض ولقول أبي عبد الله عليه السلام فيما رواه ابن بكير بسند قوى وإن كان غير ذلك مما قد نهيت عن اكله إذ حرم عليك اكله فالصلاة في كل شئ منه فاسدة ذكاه الذبح
أو لم يذكه وهذا دال على كون الذبح مطهرا واحتج الشيخ في الخلاف على ما ذهب إليه بان الاجماع واقع على جواز الاستعمال بعد الدباغ ولا دليل عليه وضعفه ظاهر وغيره
اي الذكي نجس سواء دبغ أم لا وعليه جمهور الأصحاب حتى أن الشهيد في الذكرى نقل الاجماع عليه وادعى تواتر الاخبار به مع أنه لم ينقل منها بانكار يصح الاكتفاء به المصنف
في المنتهى والمختلف نقل اجماع من عدا ابن الجنيد عليه وخالف فيه ابن الجنيد على ما نقل عنه فزعم أن الدباغ مطهر لجلد الميتة مما هو طاهر في حال الحياة لكن لا يجوز
الصلاة فيه وعزى في الذكرى إلى أبي جعفر الشلمغاني في موافقته في الحكم بالطهارة وكان من قدماء الأصحاب وكان مستقيم الطريقة ثم تغير وظهر منه مقالات منكرة
وظاهر الصدوق مخالفة المشهور لأنه نقل الرواية الدالة على جواز استعمال جلد الميتة مرسلا عن الصادق عليه السلام والظاهر من قاعدته الممهدة في صدر الكتاب قبل ذلك بقليل ان ذلك
يكون مذهبا له فان الرجوع عن تلك القاعدة من غير فصل يعتد به جدا وقد يقال محمول على صورة الدباغ فيوافق مذهب ابن الجنيد والوجه فيه دلالة استعمالها في الأمور
المعدودة عليه إذ من المستبعد اعدادها بشئ منها بدون الدباغ حجة قول الجمهور وجوه الأول عموم قوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم لتناوله أنواع الانتفاعات الثاني
استصحاب النجاسة لثبوتها قبل الدبغ فكذا بعده الثالث الاجماع على ما نقله الشيخ في الخلاف والشهيد في الذكرى الرابع الروايات كرواية الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال
سألته عن جلد الميتة أيلبس في الصلاة إذا دبغ قال لا ولو دبغ سبعين مرة وعن محمد بن أبي عمير عن غير واحد عن أبي عبد الله عليه السلام في الميتة قال لا تصلي في شئ منه ولا شسع وعن
عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني ادخل سوق المسلمين أعني هذا الخلق الذين يدعون الاسلام فاشترى منهم الفراء للتجارة فأقول لصاحبها أليس هي ذكية فيقول
بلى فهل يصلح لي ان أبيعها على انها ذكية فقال لا ولكن لا باس ان تبيعها وتقول قد شرط الذي اشتريتها منه انها ذكية قلت وما أفسد ذلك قال استحلال أهل العراق الميتة وزعموا أن
دباغ جلد الميتة ذكاته ثم لم يرضوا ان يكذبوا في ذلك الا على رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عن علي بن الحسين صلوات الله عليهما في حديث ان أهل العراق
يستحلون لباس الجلود الميتة ويزعمون ان دباغه ذكاته أجاب به عند سؤال نزع الفرا عنه عليه السلام وقت الصلاة وعن فتح بن يزيد الجرجاني عن أبي الحسن عليه السلام قال كتبت إليه أسأله عن
جلود الميتة التي تؤكل لحمها ذكى فكتب لا ينتفع من الميتة باهاب ولا عصب ونقلها في الاستبصار عن المختار بن محمد بن المختار ومحمد بن الحسن عن أبي الحسن عليه السلام كما في التهذيب
والكافي وعن الحسن بن محبوب في الصحيح عن عاصم بن حميد عن علي بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك الميتة ينتفع بشئ منها قال لا قلت بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وآله
مر بشاة ميتة فقال ما كان على أهل هذه الشاة إذا لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا باهابها فقال تلك شاة لسودة بن زمعة زوج النبي صلى الله عليه وآله وكانت شاة مهزولة لا ينتفع
بلحمها فتركوها حتى ماتت فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان على أهلها إذا لم ينتفعوا بلحمها ان ينتفعوا باهابها اي تذكى وراوي هذه الرواية في التهذيب علي بن المغيرة
وهو مجهول وفي كتب الاستدلال أيضا بهذا اللفظ وفي الكافي علي بن أبي المغيرة وقد وثقه المصنف وابن داود وهو أحد الاحتمالين في كلام النجاشي في ترجمة ولده الحسن والظاهر
اتحادهما ولهذا عدهما المصنف من الصحاح مع ايرادها بلفظ علي بن المغيرة وبالجملة الحاق هذه الرواية بالصحاح غير بعيد ويؤيده رواية الحسن بن محبوب لها فإنه ممن أجمعت العصابة
على تصحيح ما يصح عنه هذا أقصى ما استدلوا به على النجاسة وفيه نظر إما التمسك بالآية فلان التبادر منها بحسب العرف تحريم الاكل وقد حقق ذلك في الأصول واما الاستصحاب
فلان حجيته موقوفه على أن يكون دليل الحكم عاما بحيث يشمل محل النزاع على ما سبق الإشارة إليه مرارا وأنت إذا رجعت الأدلة المذكورة لنجاسة الميتة عرفت انها غير دالة
على عموم الحكم لان أكثر الأخبار المذكورة هناك غير شامل لما بعد الدبغ وبعضها غير كاف للدلالة والاجماع غير متحقق في محل البحث فاذن التعويل على الاستصحاب ضعيف
واما الاجماع فلعدم ثبوته على وجه يصلح للحجية ولهذا لم يتعرض له المحقق قال بعض المتأخرين حال الشيخ والشهيد في الاجماع معلوم إذ قد أشرنا في غير موضع إلى انهما داخلان
في عداد من ظهر منه في أمر الاجماع ما أوجب حمله على غير معناه المصطلح الذي هو الحجة عندنا أو أفاد قلة الضبط في نقله واما الروايات فالأربعة المتقدمة منها غير دال على المدعا
بوجه فإنها دالة على المنع في الصلاة وابن الجنيد يوافق على ذلك والانكار الواقع في خبر عبد الرحمن وأبي بصير انما هو على تنزيل الدباغ منزلة الذكاة في جميع الاستعمالات
الشائعة معها حتى استعمال الجلد في الصلاة والخصم يوافق على هذا واما الخبران فمع ضعف سند الأولى منهما وامكان المناقشة في صحة الثانية معارضان بما سيجيئ و
الترجيح لا يخلو عن اشكال احتج ابن الجنيد على ما نقل عنه بما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن الحسين بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في جلد شاة ميتة
يدبغ فيصب فيه اللبن والماء فاشرب منه وأتوضأ قال نعم وقال يدبغ فينتفع به ولا يصلى فيه والحسين راوي هذه الرواية مجهول لكن رواية صفوان عنه قرينة
الاعتماد على ما أشرنا إليه سابقا فالحاقها بالصحاح غير بعيد وأجيب عنها بكونها معارضة بالاخبار السابقة ويؤيد مذهب ابن الجنيد رواه ابن بابويه مرسلا عن الصادق عليه السلام
انه سئل عن جلود الميتة يجعل فيها اللبن والسمن والماء ما ترى فيه قال لا باس بان تجعل فيها ما شئت من ماء أو لبن أو سمن وتتوضأ منه وتشرب ولكن لا تصل وما رواه
الشيخ عن سماعة قال سألته عن جلد الميتة المملوح وهو الكيمخت فرخص فيه وقال إن لم تمسه فهو أفضل والتحقيق انه وقع التعارض بين هذه الأخبار ويمكن الجمع إما
بحمل اخبار المنع على الكراهة أو حمل اخبار الترخيص على التقية لموافقها لمذاهب أكثر العامة ويرجح الأول أصل البراءة والتمسك بالعمومات الدالة على طهارة المياه بالتقريب
175

الذي ذكرناه سابقا ويرجح الثاني عمل الطائفة والاشتهار بينهم وبعضده ما رواه سماعة قال سألته عن جلود السباع ينتفع بها قال إذا رميت وسميت فانتفع بجلده
واما الميتة فلا وما رواه أبو القاسم الصيقل وما رواه ابنه وقد ذكرنا في نجاسة الميتة فالمسألة محل تردد والترجيح للمشهور وعلى القول بالنجاسة هل يجوز الانتفاع بها
في اليابس قال الفاضلان والشهيدان لا وهو غير بعيد لعموم النهي في الخبرين وقد يناقش في الصحة والعموم وفيه تأمل بعيد نعم التمسك بالآية ضعيف كما مرت الإشارة إليه
واعلم أنه نقل عن ابن الجنيد انه اشترط في حصول الطهارة بالدباغ ان يكون ما يدبغ به طاهرا وحجته غير معلومة وكانه نظر إلى علوق اجزاء النجس بالمدبوغ لسريانه في الأعماق
وروى أبو بريد القمي عن أبي الحسن الرضا عليه السلام انه سأله عن جلود الدارش الذي يتخذ منها الخفاف فقال لا تصل فيها فإنها يدبغ بخرء الكلاب والرواية والوجه المذكور
غير وافيان باثبات المدعا لكن لابد للقائل بالطهارة من الموافقة على الشرط المذكور ان ثبت عدم (القائل بالفصل) ويغسل الاناء من الخمر وغيره من النجاسات حتى يزول العين تنقيح هذه
المسألة يتم ببيان أمور الأول اختلف الأصحاب في غسل الإناء من الخمر فأوجب جمع من الأصحاب منهم المفيد والشيخ في أحد قوليه وسلار والشهيد في أكثر كتبه والشيخ علي وذهب المحقق
في الشرايع والمصنف في بعض كتبه إلى الاكتفاء فيه بالثلث وهو مذهب الشيخ في الخلاف حيث ذهب إلى وجوب غسل الإناء ثلثا فيما عدا الولوغ من سائر النجاسات وذهب المحقق في المعتبر
والمصنف في المختلف إلى الاكتفاء بالمرة بعد إزالة العين كغيره من النجاسات سوى الولوغ وذهب الشهيد في اللمعة إلى ايجاب المرتين حيث اعتبر ذلك في غسل الإناء مطلقا وذهب
المصنف في عدة من كتبه إلى الاكتفاء بالمرة المزيلة للعين واختاره الشارح الفاضل وصاحب المعالم ولا يخلو عن قوة حجة الأول رواية عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام في الاناء
يشرب فيه النبيذ فقال يغسل سبع مرات وحجة الثاني رواية عمار أيضا عنه (ع) أيضا انه سئل عن قدح أو اناء يشرب فيه الخمر فقال يغسله ثلث مرات وسئل أيجزأه ان يصب فيه
الماء قال لا يجزئه حتى يدلكه بيده ويغسله ثلث مرات والذاهبون إلى الثلث حملوا رواية السبع على الاستحباب جمعا بين الروايتين واما الذاهبون إلى السبع فوجه اطراحهم لرواية
الثلث مع تساويهما في السند غير معلوم (وقد يعول فيه على أن الشهرة مع رواية السبع وان هو ان صح غير معلوم) في العصر المتقدم واما حجة باقي المذاهب فصلى عدم الزائد استضعاف الروايتين وأصالة البراءة وعلى الاكتفاء بما ذكروا ما سيجيئ واعلم أنه
نص الشيخان وجماعة ممن قال بوجوب السبع على انسحاب الحكم في غير الخمر من سائر المسكرات وبعضهم لم يتعرض لذلك والرواية بلفظ النبيذ فالتعدية إلى غيره مشكل
ثم إن كثيرا ممن نفوا وجوب السبع حكموا باستحبابه فعند البعض للجمع بين الروايتين وعند آخرين للمسامحة في أدلة السنن الثاني أوجب الشيخ في النهاية غسل الإناء سبعا
إذا مات الفارة فيه ووافقه على ذلك جماعة من الأصحاب واكتفى الشيخ في الخلاف والمحقق في الشرائع والمصنف في جملة من كتبه بالثلث وأوجب الشهيد في اللمعة مرتين والمصنف في المختلف
والمحقق في المعتبر إلى الاكتفاء بالمرة بعد إزالة العين والمصنف في عدة من كتبه إلى الاكتفاء بالمرة المزيلة للعين واختاره الشارح الفاضل وهو أقرب وذكر أكثر النافين لوجوب
السبع هنا أيضا استحبابه حجة الأول رواية عمار الساباطي عن أبي عبد الله قال يغسل الاناء الذي يصيب فيه الجرذ ميتا سبع مرات وردها المحقق بضعف السند مع
كون مدلولها غير متفق عليه وهو حسن مع أن ايجاب السبع بالرواية يقتضى قصر الحكم على موردها وهي الجرذ وهو أخص من الفارة فتعميم الحكم في مطلق الفارة يحتاج
إلى دليل اخر فما يقال من أن الحكم منسحب في غير هذا النوع من الفارة نظر إلى اطلاق اسم الفارة على الجميع غريب وحجة الثاني بالنسبة إلى نفي الأكثر بعد استضعاف الرواية أصالة
البراءة واما بالنظر إلى نفي الاكتفاء بالأقل فغير واضح ولعله زعم انحصار الخلاف المتقدم في القولين وهو مشكل واما حجة المرة والمرتين فسيجيئ الثالث اختلف الأصحاب في
غسل الإناء من ساير النجاسات فقال الشيخ في الخلاف يغسل الاناء من سائر النجاسات سوى الولوغ ثلث مرات وهو المنقول عن ابن الجنيد واختاره الشهيد في الذكرى والدروس
والشيخ علي وذهب الشهيد في اللمعة والرسالة إلى الاكتفاء بالمرتين وذهب المحقق في المعتبر والمصنف في المختلف والشهيد في البيان إلى الاكتفاء بالمرة بعد إزالة العين وذهب المحقق
في الشرائع والمصنف في أكثر كتبه والشارح الفاضل إلى الاكتفاء بالمرة المزيلة للعين احتج الشيخ في الخلاف بطريقة الاحتياط فإنه مع الغسل ثلثا يحصل العلم بالطهارة وبرواية عمار الساباطي
عن أبي عبد الله عليه السلام عن الكوز والاناء يكون قذرا كيف يغسل (وكم مرة يغسل) قال ثلث مرات ونقل المحقق عن الشيخ الاحتجاج بالاجماع أيضا وأجاب بان احتجاجه بالاجماع بعيد مع روايته
المرة ثم قال انا نطالبه بتحقق الاجماع وأشار بقوله وروايته المرة إلى ما قال الشيخ في المبسوط بعد حكمه بوجوب الغسل ثلثا وغسلة واحدة وقال المصنف في المنتهى وقد توهم
بعض الناس ان الشيخ استدل هنا بالاجماع واستبعده مع روايته للمرة والشيخ لم يستدل بالاجماع هنا بل بالاحتياط ولا ريب فيه انتهى وكان المحقق توهم نقل الاجماع من
كلام الشيخ في الخلاف فإنه موهم لذلك والصحيح ما فهمه المصنف واقتفى الشهيد في الذكرى اثر المحقق فنقل عن الشيخ نقل الاجماع على اعتبار الثلث وتساهل الشيخ في نقل الاجماع
هون الامر في ذلك والاحتجاج بالاحتياط ضعيف والرواية غير صحيحة معارضة برواية المرة فيجوز حملها على الاستحباب واما حجة الاكتفاء بالمرتين فكأنها مخرجة من اعتبار ذلك
في البول مع انضمام أصالة البراءة من الزائد واستضعاف حجة الشيخ كما لا يخفى وحجة القول بالمرة بعد استضعاف الاحتجاج للزائد حصول الامتثال بالغسل لكن يتم ذلك فيما كان
مستند الحكم بالنجاسة الامر بالغسل ويشكل فيما كان مستند الحكم بالنجاسة اجماعا فإنه يتجه هناك عدم الحكم بالنجاسة بعد حصول الغسل مرة بنا على ما عرفت من ضعف
التمسك بالاستحباب في موضع النزاع الا ان الحكم بالطهارة يحتاج إلى دليل اللهم الا ان يتمسك بعدم (القائل بالفصل بين الموضعين أو يتمسك) بالعمومات الدالة على طهارة المياه بالتقريب الذي أشرنا إليه مرارا واحتج
المحقق في المعتبر على ما اختاره فيه بحصول الغرض من الإزالة وقريب منه احتجاج المصنف في المختلف وهذا الدليل لا يقتضى أكثر من اعتبار الغسل المزيل وقد يوجه بان سبب
التنجيس إذا كان موجودا لم يطهر الماء الوارد معه اثر ورد بان النافي من البلل وغيره في المحل عين نجاسة فيأتي الكلام والحاصل انه لو تم لاقتضى عدم حصول الطهارة بالغسل
مرة بعد زوال العين أيضا والتفرقة بين النجس والمتنجس في هذا الحكم مما لا يساعده دليل وظهر مما ذكرنا ان القول بالاكتفاء بالمرة المزيلة للعين لا يخلو عن قوة واعلم أن أكثر
القائلين بالمرة هنا ذكروا استحباب الثلث والمستند فيه ما مر في استحباب السبع للفارة والخمر ومن ولوغ الكلب وحقيقة الولوغ على ما نص جماعة من أهل اللغة شرب الكلب
مما في الاناء بطرف لسانه ونقل عن بعضهم انه ادخال لسانه فيه وتحريكه له وذكر جماعة من متأخري الأصحاب ان لطع الكلب للإناء في معنى ولوغه نظرا إلى أنه أولي بالحكم من
الولوغ فيتناوله الدليل بمفهوم الموافقة وللتأمل فيه مجال ثلثا أولهن بالتراب والغسل ثلثا مرة بالتراب وهو المشهور بين الأصحاب حتى أن الشيخ في الخلاف والشهيد في الذكرى
نقلا اجماع الأصحاب عليه وهو ظاهر المنتهى وذهب ابن الجنيد إلى أنه يغسل سبعا أولهن بالتراب حجة المشهور وجوه الأول الاجماع المنقول الثاني صحيحة أبي العباس الفضل عن
الصادق عليه السلام قال سألته عن الكلب فقال رجس نجس لا تتوضأ بفضله واصبب ذلك الماء واغسله بالتراب أول مرة ثم بالماء مرتين الثالث ان الواجب إزالة عين النجاسة بالماء الطاهر
وهذا المعنى يحصل بالثلث والأصل براءة الذمة من الزائد واعلم أن لفظة مرتين غير موجودة في الخبر فيما وقفت عليه من كتب الأحاديث ولم ينقله الشيخ في الخلاف والمصنف في
المختلف عند نقل الحديث وانما وجد في كلام المحقق في المعتبر وتبعه جماعة ممن تأخر عنه منهم المصنف في المنتهى ولا يبعد ان يكون الزيادة سهوا أو عثر عليه المحقق في غير الكتب
المشهورة في هذا الزمان من كتب الحديث واطباق الأصحاب الا الشاذ منهم على مدلوله يؤيد ذلك الا ان ذكره مرسلا يرفع الوثوق بالنسبة إلينا فالتعويل عليه مشكل الا ان يستعان
فيه والاشتهار واما الاحتجاج الأخير فلا يدل على وجوب الثلث فلم يبق الا الاجماع فان تم كان هو الحجة والا لم يتم الحكم بوجوب الثلث احتج ابن الجنيد على ما نقل عنه بما روى
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا ولغ الكلب في اناء أحدكم فليغسله سبعا أوليهن بالتراب وما رواه عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال يغسل من الخمر سبعا وكذلك الكلب والجواب
176

ان الخبر الأول عامي معارض بمثله والخبر الثاني غير صحيح السند معارض بخبر أبي العباس فليحمل على الاستحباب وينبغي التنبيه على أمور الأول قال الصدوق وان ولغ كلب في اناء فيه ماء أو شرب
منه أهريق الماء وغسل الإناء ثلث مرات مرة بالتراب ومرتين بالماء والمنقول عن والده في الرسالة نحو هذا الكلام وقوى المصنف في النهاية الحاقا اللعاب الحاصل بغير الولوغ
به واستقرب ذلك في عرقه وساير رطوباته واجزائه وفضلاته واحتج بان فمه أنظف من غيره واحد ولهذا كانت نكهته أطيب من غيره من الحيوانات لكثر لهثه وهو ضعيف جدا
والمشهور بين الأصحاب قصر الحكم على الولوغ واللطع اقتصارا للحكم على مورد النص وأوفق المصنف للمشهور في غير النهاية بل في النهاية أيضا فإنه رجع فيه عن الحكم السابق وأفتى
بالمشهور الثاني اطلق الصدوقان والشيخ في المختلف اعتبار الغسل ثلثا احديها بالتراب من غير تعرض لبيان الترتيب وصرح بتقديم التراب الشيخ في النهاية والمبسوط وابن الجنيد
وعليه جمهور الأصحاب ويدل عليه النص المذكور والمفيد صرح بتوسيط التراب وحجته غير ظاهرة الثالث أكثر الأصحاب على الاكتفاء في التعفير بالتراب وحده وبعضهم لم يصرحوا
بحكمه حال المزج وصرح الشهيد بالاجزاء وكذا الشارح الفاضل لكنه اعتبر عدم خروج التراب بالمزج عن اسمه وابن إدريس اشترط المزج وقواه المصنف في المنتهى احتج
ابن إدريس بان حقيقة الغسل جريان المائع على الجسم المغسول فيعتبر مزج التراب تحصيلا لحقيقة الغسل وأجاب عنه المصنف في المختلف والشهيد في الذكرى بما محصله ان مزج
التراب غير محصل لحقيقة الغسل (فان حقيقة الغسل) غير حاصلة على التقديرين والمجاز صادق بالتراب وحده وليس على ترجيح أحد المجازين على الأخر دليل ويرد عليه ان الظاهر من حقيقة الغسل اجراء
الجسم المائع على الشئ سواء كان ماء مطلقا أم لا ولا خفاء في أن اجراء المائع إلى معنى الغسل الحقيقي من المسح بالتراب واللائق في الجواب ان يقال مدلول النص الغسل
بالتراب والضرورة يقتضي حمل الغسل على المعنى الحقيقي وارتكاب المجاز في لفظ التراب أو العكس ولا ترجيح للأول على الثاني وقد يقال الباء في قوله واغسله بالتراب
في الخبر يحتمل ان يكون للاستعانة كما في قولك كتبت بالقلم والظرف لغو ويحتمل ان يكون للمصاحبة كما في قولك دخلت عليه بثياب السفر والظرف مستقر فعلى الأول
يتعين التجوز في الغسل بإرادة الدلك منه لنوع من العلاقة وعلى الثاني لا حاجة إلى التجوز في الغسل ويحتاج الكلام إلى تقدير المتعلق للجار وهو وإن كان خلاف الأصل
الا انه راجح على الأول لكونه أسبق إلى الفهم وأكثر في الاستعمال إذ لا ريب في قلة استعمال الغسل في الدلك بالتراب وبعده عن الفهم وليس الاضمار لمتعلق الجار بهذه المثابة
ولا قريبا منها وإذا ثبت رجحانه فمقتضاه الاكتفاء بمسمى المصاحبة ولا يخفى ان الاحتمال حمل الباء على المصاحبة احتمال حسن لكن هيهنا احتمال اخر وهو ان يحمل الباء على الاستعانة
ويقدر للظرف متعلق مثل الدلك والمسح وأمثاله والتقدير وإن كان خلاف الظاهر لكنه بعيد في مثل هذا المقام بمعونة القرينة ولا يبعد ترجيح هذا الاحتمال لكون المتبادر
في مثل هذا المقام ان يكون الباء للاستعانة كما في قوله ثم بالماء المعطوف عليه ولو كان المراد ما ذكره لكان الظاهر أن يقال ثم بالماء (البحت) أو القراح كما في اخبار غسل الميت
ثم دعوى تعين التجوز في الغسل على تقدير ان يكون الظرف لغوا والباء للاستعانة لا يخلو عن اشكال وعلى ما
ذكرنا فمختار الشارح الفاضل لا يخلو عن قوة الرابع قال المصنف
في التذكرة ان قلنا بمزج الماء بالتراب هل يجزى لو صار مضافا اشكال وعلى تقديره هل يجزى عوض الماء ماء الورد وشبهه اشكال وبنى الحكم في النهاية على أن التعفير
حيث ثبت تعبدا أو استظهارا في القلع بغير الماء فعلى الأول يتوقف فيه مع ظاهر النقل وعلى الثاني يجزى عوض الماء غيره من المائعات كالخل وماء الورد ولا يضر خروج الماء
عن الاطلاق بالمزج بطريق أولي ولا يخفى ان الحق هو التعبد واحتمال الاستظهار لا دليل عليه إذا ثبت هذا فاعلم أن المشهور بين الأصحاب ان غير الماء المطلق مما لا مدخل له في التطهير
فمنهم من جعله مبينا على أن حقيقة الغسل لا يتحقق بدون الماء المطلق ومنهم من سلم ان حقيقة الغسل يتحقق بدونه لكن الفرد الشائع المتبادر منه الغسل بالماء المطلق فيجب حمل
الأوامر عليه وليس شئ منهما تامة كما أشرنا إليه في محله وحينئذ لم يضر خروج الماء بالمزج عن الاطلاق ولم يبعد اجزاء غير الماء من المائعات وكذا عدم خروج الماء بالمزج عن الاطلاق
لان اعتبار المزج انما اخذ من الامر بالغسل فلا خصوصية لهذا النوع عن غيره وان قلنا بالوجه الثاني فعدم اجزاء غير الماء متجه لكن اشتراط عدم خروج المطلق بالمزج
عن اسمه فمحل نظر إذ يمكن ان يقال الظاهر من اطلاق الامر بالغسل بالماء المستصحب للتراب على ما مر من احتمال حمل الباء على المصاحبة عدم الالتفات إلى بقاء الاسم في شئ
منهما بعد الاجتماع نعم اللازم صدق الاسم على كل منهما قبل الاجتماع فان الفرد الشائع من الغسل (الغسل بالماء فإذا وقع الامر بالغسل) مطلقا كان الظاهر منه ان يكون المغسول به مما يصدق عليه اطلاق
الاسم وإذا قيد فكأنه قيل اغسل بالماء باعتبار استصحاب الماء للتراب لم يبق الطهور المذكور وكان مقتضاه مجرد صدق الاسم قبل الامتزاج فكأنه قبل اغسل بالماء الممتزج بالتراب
مظهر الفرق الخامس اشترط جمع من الأصحاب الطهارة في التراب ومنهم المصنف في المنتهى فإنه قرب ذلك محتجا بان المطلوب منه التطهير وهو غير مناسب بالنجس ويشكل باطلاق النص
وحصول الاتقاء بالطاهر والنجس فالقول بعدم الاشتراط غير بعيد واحتمله المصنف في النهاية لكن علل بتعليل ضعيف السادس ذكر الصدوقان والمفيد بعد الحكم بغسل الاناء
من الولوغ انه يجفف ووجهه غير معلوم وحكاه الفاضلان عن المفيد وحده وذكر المحقق انه منفى بالأصل وبالنص فان الظاهرة الاكتفاء بمضمونه وهو حسن السابع نقل
عن ابن الجنيد أنه قال المرة الأولى في الغسل من الولوغ يكون بالتراب أو ما قام مقامه فهو يرى التخيير والجمهور على خلافه اقتصارا على مورد النص الثامن قال الشيخ في المبسوط
إذا لم يوجد التراب ووجد غيره كالأشنان وما يجرى مجراه ووجهه المحقق بان الأشنان أبلغ في الانقاء فإذا طهر بالتراب فبالأشنان أولي ثم قال المحقق وفيه تردد منشأوه
اختصاص التعبد بالتراب وعدم العلم بحصول المصلحة المرادة منه في غيره على أنه لو صح ذلك لجاز مع وجود التراب وهو جيد وقد وافق الشيخ المصنف في كثير من كتبه وتوقف في النهاية
وقوى عدم الأجزاء في المنتهى وهو حسن التاسع قال الشيخ في المبسوط وإذا لم يوجد التراب لعلة جاز الاقتصار على الماء وان وجد غيره من الأشنان وما يجرى مجراه كان ذلك
أيضا جائزا وقد يفهم منه اشتراط فقد شبه التراب في اجزاء الماء واختاره المصنف في جملة من كتبه والشهيد وذكر في المنتهى بعد حكاية كلام الشيخ انه يعطى أحد معنيين إما
استعمال الماء ثلث مرات أو استعماله مرتين قال ووجه الاحتمال الأول انه قد أمر بالغسل وقد فات ما يغسل به فينتقل إلى ما هو أبلغ وهو الماء وفيه انا لا نسلم كون الماء
أبلغ سلمنا لكن يجوز ان يكون الغرض من التراب التعبد أو التعبد مع الإزالة به فلا يجزى الماء ولا ينفع كونه أبلغ على أن اللازم من ذلك عدم رعاية فقدان التراب في حصول
الطهارة بالماء ووجه الثاني بأنه أمر بالغسل بالتراب ولم يوجد التراب فالتعدية خروج عن المأمور به وتنجس الاناء دائما تكليف بالمشقة فوجب القول بالطهارته (بطهارته) بالغسل
مرتين وفيه ان اثبات كون هذا المقدار من المشقة موجبا للترخيص مشكل على أن المشقة الحاصلة بفقد الماء أكثر ولا أقل من المساواة فيلزم القول بكفاية التراب حيث لا
يوجد الماء ولقائل أن يقول (من قبل) المصنف ان المستفاد من الرواية الامر بالغسل بالتراب لا اشتراط حصول الطهارة به فعند التعذر يسقط التكليف ويحصل الطهارة بالماء وحده لعموم
الماء يطهر وفيه ان الظاهر من الرواية بمعونة عمل الأصحاب وفهمهم انه بيان لكيفية التطهير فيستفاد منه الاشتراط ولو صح ما ذكره يلزم ان يحصل الطهارة في صورة
عدم تعذر التراب أيضا والمصنف لا يقول به والخبر لا يدل على أن الماء مطهر لكل شئ بأي وجه اتفق وقد يفهم بعضهم من كلام الشيخ التخيير عند عدم التراب بين الاقتصار
على الماء واستعمال ما يشبه التراب وذكر انه لا يعرف للشيخ موافقا على هذا المعنى نعم ذكره المصنف في التذكرة والنهاية احتمالا والأقوى في المسألة بقاء الاناء عند فقد
التراب وعدم استعماله على النجاسة كما ذهب إليه جمع من المتأخرين لان مقتضى اشتراط الطهارة بالغسل بالتراب والماء انتفاؤها عند انتفاء الشرط ولا شك في انتفاء
المجموع بانتفاء (أحد اجزائه) والاكتفاء ببعض الأجزاء أو قيام شئ اخر بدل البعض يحتاج إلى دليل وكما أن الجزء الآخر للشرط وهو الماء لا يتفاوت الحال في انتفاء المشروط عند
177

انتفائه في صورة الامكان والتعذر لفقد الدليل على سقوط اعتباره عند التعذر أو قيام شئ بدله فكذا في المتنازع العاشر قال المصنف في التذكرة والمنتهى لو خيف فساد
المحل باستعماله التراب فهو كما لو فقد التراب واختار الشارح الفاضل في الروضة البقاء على النجاسة ونقله صاحب المعالم عن بعض معاصريه وعن جماعة من المتأخرين الميل
إليه نظر إلى أن الدليل توقف حصول الطهارة على مجموع الماء والتراب وليس على استثناء حال التعذر دليل وهو متجه لكن يمكن المناقشة في عموم الدليل لمثل هذا الاناء
ونقل عن بعض الأصحاب ههنا تفصيل حاصله ان خوف الفساد باستعمال التراب إن كان باعتبار توقف اتصاله إلى الآنية على كر بعضها كما في الأواني الضيقة وأمكن مزج التراب
بالماء وانزاله إليها وجب واجزاء وإن كان باعتبار نفاسة الاناء بحيث يترتب الفساد على أصل الاستعمال اكتفى بالماء وكذا إذا امتنع في الصورة الأولى انزاله ممتزجا و
هذا القائل فرق بين هذا وبين ما إذا فقد التراب من أصله حيث مال إلى ابقاء النجاسة هناك بان الحكم بذلك هنا يفضى إلى التعطيل الدائم بخلافه هناك لان
التراب مرجو الحصول وهو ضعيف لان التفات الشارع إلى التجفيف في الصورة المذكورة غير ثابت وكثير من الأشياء غير قابل للتطهير أصلا مع بقاء الانتفاع المطلوب منه
الحادي عشر إذا ولغ كلبان أو كلاب في اناء واحد لم يجب أكثر من غسل الإناء ثلث مرات وكذا إذا تكرر الولوغ من الواحد كذا ذكر الأصحاب وهو مذهب أكثر فقهاء
العامة وهو متجه لان سوق الحديث الذي هو العمدة في هذا الباب صريح في كون السؤال عن الجنس (والجنس) يقع على القليل والكثير الثاني عشر حكم جمع من الأصحاب كالفاضلين والشهيدين
بالتداخل إذا انضم إلى الولوغ نجاسة أخرى ولا اعرف مصرحا بخلافه مع أن الشهيدين اختارا في تطهير البئر بالنزح عدم التداخل استنادا إلى الأصل في الأسباب ان تعمل عملها
ولا تتداخل مسبباتها والقول بالتداخل هو المتجه والوجه فيه صدق الامتثال بالفعل الواحد وأصالة البراءة من التكليف بالتكرير ولا فرق بين ان يكون عروض النجاسة
الأخرى قبل الشروع في الغسل أو بعده لكن في صورة تحصيل العدد المعتبر في النجاسة العارضة فإن كان العدد المعتبر فيها أقل مما بقى من غسلات الولوغ أو مساويا له
كفى الاتمام عنهما وإن كان زائدا يقع التداخل في قدر المساوى ويجب الاتيان بالزائد نص عليه المصنف وغيره وقد يقال بعدم التداخل فيما يثبت فيه التعدد بالنص وفيه نظر
الثالث عشر ذكر الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبران ماء الولوغ إذا أصاب الثوب أو الجسد لم يعتبر فيه العدد وأضاف المحقق إليهما الاناء فحكم بعدم اعتبار التعدد فيه أيضا
إذا اصابه هذا الماء ولم يتعرض له الشيخ لكن الظاهر من كلامه عدم الفرق احتج الشيخ والمصنف بان وجوب غسله معلوم بالاتفاق واعتبار العدد يحتاج إلى دليل وحمله على
الولوغ قياس واستقرب المصنف في النهاية الحاق هذا الماء بالولوغ وعلله بوجود الرطوبة اللعابية وهو ضعيف وقد أشرنا إلى التحقيق في مثل هذه المسألة مرارا وكذا إذا أصاب غسالة
الولوغ جسما حكمه حكم الولوغ في وجوب التراب بل يساوى سائر النجاسات على القول بنجاستها كما ذكره المصنف في المنتهى بل القول بطهارتها غير بعيد كما قاله الشيخ في الخلاف لعدم
العموم في الأدلة الدالة على نجاسة القليل بالملاقات على وجه يشمله ونقل عن الشيخ علي أنه قال لو أصابت غسالة الاناء بعد التعفير اناء وجب تعفيره لأنها نجاسة الولوغ وهو ضعيف
لأنه ان أراد انها مسببة من نجاسة الولوغ فمسلم لكن لا يجدى نفعا وان أراد انه يصدق عليها الاسم الذي هو العنوان في الحكم فممنوع والمستند ظاهر ومن ولوغ الخنزير سبعا
هذا هو المشهور بين المتأخرين استنادا إلى صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن خنزير شرب من اناء كيف يصنع به قال يغسل سبع مرات وذهب الشيخ إلى أن حكمه
حكم الكلب وجعله المحقق كغيره من النجاسات مع أنه يرى فيها الاكتفاء بالمرة واحتج الشيخ بان الخنزير يسمى كلبا في اللغة فتتناوله الأخبار الواردة في ولوغ الكلب وبان الاناء يغسل
ثلثا من سائر النجاسات والخنزير من جملتها والجواب عن الأول منع صدق الكلب حقيقة وعن الثاني بعد تسليمه ان الخاص حاكم على العام على أن هذا الوجه يقتضى الاكتفاء بالماء وحده
والمحقق نقل رواية علي بن جعفر وحملها على الاستحباب وكان مانعه من حملها على الوجوب عدم ظهور القائل بمضمونها ممن تقدمه من الأصحاب وهو يراعي ذلك في العمل باخبار الآحاد
والقرينة انه لم يذكره قولا مع حكايته للخلاف وينبغي لنا في هذا المقام التنبيه على بعض المسائل المتفرقة من احكام الطهارات الأولى يكفي في غسل الإناء بالقليل ان يصب فيه
الماء ثم يحرك حتى يستوعب ما نجس فيه ثم يفرغ ذكره كثير من الأصحاب ورواه الشيخ عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئل عن الكوز والاناء يكون قذرا كم يغسل وكم مرة يغسل
قال ثلاث مرات يصب فيه فيحرك ثم يفرغ ذلك الماء الحديث وعن جماعة من الأصحاب انه لو ملئ الاناء ماء كفى افراغه عن تحريكه وانه يكفي في التفريع مطلقا وقوعه بالة لكن يشرط
عدم اعادتها إلى الاناء قبل تطهيرها وعن بعضهم اشتراط كون الاناء مثبتا بحيث يشق قلعه والشرط الثاني لا وجه له والأول مبنى على نجاسة الغسالة الثانية المشهور بين
الأصحاب انه يسقط اعتبار التعدد في الغسل إذا وقع المتنجس في الماء الكثير سواء كان اناء أو غيره لكن لابد في الاناء من سبق التعفير إذا كانت نجاسته من ولوغ الكلب فيه وخالف فيه
الشيخ فقال إن اناء الولوغ إذا وقع في الماء الكثير لم يطهر بل يحسب له بذلك غسلة من جملة الغسلات المعتبرة فيه ويتوقف طهره على اتمام العدد والخلاف في هذه المسألة
ناظر إلى أن الامر بالعدد متناول للقليل والكثير فلابد للتخصيص من دليل وان اللفظ ينصرف إلى المتعارف الشائع والظاهر أن الامر في محال الامر بالتعدد وهو الغسل
بالقليل وتؤيده صحيحة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثوب يصيبه البول قال اغسله في المركن مرتين فان غسلته في ماء جار مرة واحدة وحكى المصنف عن الصدوق
الامر بالغسل مرة في الجاري ومرتين بالراكد وقال المحقق ان محمد بن مسلم روى عن أبي عبد الله عليه السلام هذه الرواية ثم قال ويمكن ان يكون هذا الوجه فيه ان الجاري يتغاير فيه
المياه على الثوب فكأنه غسل أكثر من مرة وذكر أيضا كلاما اخر يستفاد منه انه يختار هذا التفصيل والتحقيق ان مستند الحكم بالتعدد إن كان هو الخبر كان الظاهر اعتبار
التعدد مطلقا الظاهر العموم وترك الاستفصال الا في ثوب يصيبه البول فإنه إذا غسل بالماء الجاري اكتفى فيه بالمرة عملا بمدلول الخبر الصحيح وإن كان مستند الحكم بالتعدد
الاجماع ففيه اشكال لضعف لاستصحاب بعد غسله مرة بالكثير واحتياج الحكم بالطهارة إلى الدليل ويمكن الاستدلال على الطهارة بالوجه الذي أشرنا إليه في أمثال هذه المواضع
الثالثة ذهب الصدوق رحمه الله إلى عدم اعتبار الغسل في نجاسة كلب الصيد واكتفى فيها بالرش إذا لاقي رطبا ولم يعتبر الرش إذا لاقي يابسا والمعروف بين الأصحاب وجوب الغسل
من ملاقاة الكلب بالرطوبة مطلقا وانه مع اليبوسة يرش وهو الاظهر لصحيحة أبي العباس الفضل وصحيحة محمد بن مسلم ومرسلة حريز ورواية القاسم عن علي وقد سبق الكل
في مبحث النجاسة الكلب وظاهر تلك الأخبار العموم بمعونة ترك الاستفصال وكذا المستفاد منها النضح مع اليبوسة مطلقا من غير استفصال ثم المشهور ان ذلك على جهة
الاستحباب وذهب الشيخ في النهاية وابن حمزة إلى الوجوب وقد يقال يمكن استفادة ذلك من كلام الصدوق أيضا احتج ابن حمزة على ما نقل عنه بالأوامر الواردة في الاخبار
فان الأصل فيها الوجوب ورده المصنف في المختلف بان النجاسة لا تتعدى مع اليبوسة اجماعا والا لوجب غسل المحل فيتعين حمل الامر على الاستحباب وفيه نظر لان وجوب الرش
لا يقتضى النجاسة لجواز ان يكون تعبدا ثم قوله والا لوجب غسل المحل ممنوع لجواز ارتفاع النجاسة بالرش كما في بول الرضيع وقد يعترض على استدلال ابن حمزة بان الامر
بالرش وقع في مواضع كثيرة ولم ينقل عنه التزام الوجوب في كلها بل ظاهر الأصحاب الاطباق على الاستحباب وهذا قرينة على ارادته من الأوامر في الجميع والاعتماد في القرينة على
ما ذكر ليس بذلك البعيد لشيوع استعمال الأوامر في الاستحباب في كلام الأئمة عليهم السلام ثم اعلم أن أكثر الأصحاب ذكروا الحكم هنا بلفظ الرش وفي الروايات بلفظ الصب والنضح
فكأنهم يرون ترادف هذه الألفاظ ويوافقه تفسير أهل اللغة النضح بالرش وكذا ايراد الأصحاب بلفظ الرش فيما مستنده ورد بلفظ النضح ووافقهم المصنف في أكثر كتبه في التعبير
بالرش مما مستنده ورد بالنضح بل صرح في المنتهى بالاحتجاج للرش في بعض المواضع برواية متضمنة للنضح لكنه في النهاية فرق بين النضح والرش على ما مر حكاية كلامه في حكم
178

بول الرضيع ويشكل بناء عليه التعبير بالرش لان الموجود في الروايات النضح وفي بعضها الصب والمصنف في النهاية عبر هنا بالنضح وفي بول الرضيع بالرش والموجود في الرواية
هناك الصب وبالجملة فكلام المصنف في النهاية لا وجه له ومع ذلك غير موافق لغيره الرابعة يرش الثوب من ملاقاة الخنزير جافا استحبابا على المشهور بين الأصحاب ونقل عن ابن
حمزة ايجابه كما في الكلب وهو صريح كلام الشيخ في النهاية وظاهر المفيد في المقنعة والأصل في هذا الباب صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصيب
ثوبه خنزير فلم يغسله فذكر وهو في صلاته كيف يصنع به قال إن كان دخل في صلاته فليمض وان لم يكن دخل في صلاته فلينضح ما أصاب من ثوبه الا ان يكون فيه اثر فيغسله
والكلام فيه كما في المسألة السابقة والظاهر من الرواية هنا عدم استناد الحكم إلى النجاسة فبتقدير الوجوب يكون
تعبدا لان ظاهر الامر بالمضي في الصلاة إذا دخل
فيها نفي التنجيس لا يقال الامر بالغسل مع وجود الأثر ليس الا للتنجيس والحكم بالمضي في الصلاة بعد الدخول فيها شامل له كما يشعر به ذكر الحكمين على تقدير عدم الدخول
لأنا نقول الاستثناء قيد لمجموع الشرطتين فالحكم بالمضي بعد الدخول ليس شاملا لصورة وجود الأثر الخامسة حكى المصنف عن ابن حمزة ايجاب رش الثوب من ملاقاة الكافر
باليبوسة أيضا واستقرب هو الاستحباب وقال المفيد في المقنعة وإذا مس ثوب الانسان كلب أو خنزير وكانا يابسين فليرش موضع مسهما منه بالماء وكذلك الحكم
في الفارة والوزغة وقال الشيخ في النهاية إذا أصاب الانسان كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو فارة أو وزغة وكان يابسا وجب ان يرش الموضع بعينه فإن لم يتعين رش الثوب
كله ونقل عن سلار انه صرح بوجوب الرش من مماسة الكلب والخنزير والفأرة والوزغة وجسد الكافر باليبوسة وقال الشيخ في المبسوط وكل نجاسة أصابت الثوب وكانت يابسة
لا يجب غسلها وانما يستحب نضح الثوب ولا نعلم في هذه الأحكام أصلا الا ما رواه علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الفارة الرطبة قد وقعت في الماء
يمشى على الثياب أيصلي فيها قال اغسل ما رأيت من اثرها وما لم تره فانضحه بالماء وما رواه عبد الله بن علي الحلبي في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في ثوب مجوسي
قال يرش بالماء وهذا الخبر لا يصلح للدلالة على ملاقاة الكافر باليبوسة على جهة العموم والرش فيه محمول على الاستحباب لصحيحة معاوية بن عمار عنه في الثياب السابرية تعملها المجوس
ألبسها ولا اغسلها وأصلي فيها قال نعم فان عدم امره عليه السلام بشئ من رش وغيره يدل على عدم الوجوب السادسة نقل في المختلف عن ابن حمزة ايجاب مسح البدن بالتراب إذا اصابه الكلب أو
الخنزير أو الكافر بغير رطوبة وقال الشيخ في النهاية وان مس الانسان بيده كلبا أو خنزيرا أو ثعلبا أو أرنبا أو فارة أو وزغة أو صافح ذميا أو ناصبيا معلنا بعداوة
آل محمد عليهم السلام وجب غسل يده إن كان رطبا وإن كان يابسا مسحه بالتراب وقال في المبسوط كل نجاسة أصاب البدن وكانت يابسة لا يجب غسلها وانما يستحب مسح اليد بالتراب
وقال المفيد وان مس جسد الانسان كلب أو خنزير أو فارة أو وزغة وكان يابسا مسحه بالتراب ثم قال وإذا صافح الكافر ولم يكن في يده رطوبة مسحهما ببعض الحيطان والتراب
وحجة ما ذكر غير معلومة قال المصنف في صورة ملاقاة البدن للكلب والخنزير باليبوسة مع الجسد شئ ذكره بعض الأصحاب لم يثبت والسابعة يرش الثوب إذا حصل في نجاسته
شك ذكره الشيخان والمصنف وصرح الشيخ والمصنف بان ذلك على جهة الاستحباب وأوجب سلار الرش إذا حصل الظن بنجاسة الثوب ولم يتيقن والذي اطلعت عليه في هذا
الباب روايات وشئ منها غير دال على العموم منها صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج ورواية إبراهيم بن عبد الحميد وقد سبقتا عند شرح قول المصنف ولا من العصر الا في بول
الرضيع ومنها حسنة الحلبي وقد سبقت في مبحث نجاسة المني ومنها حسنة عبد الله بن سنان وقد سبقت في مسألة من صلى مع نجاسة ثوبه عامدا الثامنة ذكر المصنف
استحباب النضح في خمسة مواضع أخرى وزاد الشهيد عليها موضعين آخرين ونحن نكتفي بايراد الروايات الواردة فيها منها صحيحة علي بن جعفر السابقة عن قريب في المسألة
الخامسة ومورد النضح في هذا الخبر هو ما لا يرى من اثر الفارة الرطبة في الثوب كما ذكره المصنف في المنتهى وأطلق المصنف في النهاية القول بالنضح من الفارة الرطبة ومنها
صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن رجل وقع ثوبه على كلب ميت قال ينضحه ويصلي فيه ولا باس ومنها صحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن
المذي يصيب الثوب قال ينضح بالماء ان شاء ومنها حسنة محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أبوال الدواب والبغال والحمير فقال اغسله وان لم تعلم مكانه فاغسل
الثوب كله فان شككت فانضحه وروى عبد الرحمن بن أبي (عبد الله قال سألت أبا) عبد الله عليه السلام عن الرجل يصيبه أبوال البهائم أيغسله أم لا قال يغسل بول الفرس والبغل والحمار وينضح بول الحمير
والشاة وروى أبو بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القميص يعرق فيه الرجل وهو جنب حتى يبتل القميص فقال لا باس وان أحب ان يرشه بالماء فليفعل وروى ابن أبي
نصر في الصحيح قال سال الرضا عليه السلام رجل وانا حاضر فقال إن لي جرحا في مقعدتي فأتوضأ واستنجى ثم أجد بعد ذلك الندى الصغرة من المقعدة فأعيد الوضوء فقال وقد
أنقيت قال نعم قال لا ولكن رشه بالماء ولا تعد الوضوء ورواه الكليني عن صفوان عن الرضا عليه السلام ورواه الشيخ بطريقين عن صفوان عنه عليه السلام التاسعة ذكر الشيخ والمصنف
انه يستحب لمن قص أظفاره بالحديد أو اخذ من شعره أو حلق ان يمسح الموضع بالماء استنادا إلى رواية عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل إذا قص أظفاره بالحديد أو جز من شعره
أو حلق قفاه فان عليه ان يمسحه بالماء قبل ان يصلي سئل فان صلى ولم يمسح من ذلك بالماء قال يعيد الصلاة لان الحديد نجس وروى عمار أيضا عنه عليه السلام قال الرجل يقرض من
شعره بأسنانه يمسحه بالماء قبل ان يصلي قال لا باس انما ذلك في الحديد والخبر الأول دال على نجاسة الحديد وقال الشيخ في الاستبصار انه خبر مخالف للاخبار الكثيرة وما يجرى هذا المجرى
لا يعمل عليه وحمله على الاستحباب وهو حسن جمعا بينه وبين صحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام الرجل يقلم أظفاره ويجز شاربه ويؤخذ من شعر لحيته ورأسه هل ينقض ذلك
وضوءه فقال يا زرارة كل هذا سنة والوضوء فريضة وليس شئ من السنة ينقض الفريضة وان ذلك ليزيده تطهيرا وصحيحة سعد بن عبد الله الأعرج قال قلت لأبي
عبد الله عليه السلام اخذ من أظفاري ومن شاربي واحلق رأسي فاغتسل قال لا ليس عليك غسل قلت فأتوضأ قال لا ليس عليك وضوء
قلت فامسح على أظفاري الماء فقال هو طهور ليس عليك مسح وخبر عمار وإن كان غير صحيح السند لكن لا يبعد العمل به على جهة الاستحباب للمسامحة في أدلة السنن
ولاعتضاده بصحيحة محمد الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يكون على طهر فيأخذ من أظفاره أو شعره أيعيد الوضوء فقال لا ولكن يمسح رأسه وأظفاره بالماء
قال قلت فإنهم يزعمون أن فيه الوضوء فقال إن خاصموكم فلا تخاصموهم وقولوا هكذا السنة العاشرة المشهور بين علمائنا عدم الفرق في النجاسات كلها بين القليل
منها والكثير بالنظر إلى (أصل) التنجيس وإن كان العفو في بعضها ثابتا وفي المسألة أقوال أخر شاذة منها قول ابن الجنيد بطهارة ما نقص عن سعة الدرهم ومنها ما حكاه ابن إدريس
عن بعض أصحابنا من أنه إذا ترشش على الثوب أو البدن مثل رؤوس الإبر من النجاسة فلا باس بذلك ومنها ما حكاه المصنف في المختلف عن المرتضى في جواب المسائل
الميافارقيات نجاسة الخمر أغلظ من سائر النجاسات لان الدم وإن كان نجسا فقد أبيح لنا ان نصلي في الثوب إذا كان فيه دون قدر الدرهم والبول قد عفى فيما
ترشش عند الاستنجاء كرؤس الإبر الثالث ما حكى عن الصدوقين من طهارة مكان دون الحمصة من الدم الذي ليس بدم حيض احتج المصنف للمشهور بان اسم النجاسة
يصدق على القليل فيجب ازالته للعمومات وبصحيح عبد الرحمن بن الحجاج السابقة عند شرح قول المصنف ولابد من العصر الا في بول الرضيع الدالة على وجوب غسل
ما استبان من البول وسائر الأخبار الدالة على نجاسة البول وغيره دال على العموم من غير تخصيص ببعض الافراد نعم ورد في الدم والبول روايات تدل على المخالفة
في بعض الافراد كرواية مثنى بن عبد السلام عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له اني حككت جلدي فخرج منه دم فقال إن اجتمع قدر حمصة فاغسله والا فلا ولعل تعويل
179

الصدوقين على هذا الخبر لكنه ليس بصحيح ورواية الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن دم البراغيث ويكون في الثوب هل يمنعه ذلك من الصلاة قال لا ولا باس أيضا بشبهه من
الرعاف ننضحه ولا نغسله وفي طريق هذا الخبر محمد بن سنان وهو ضعيف ورواية الصدوق عن ابن أبي عمير باسناد لا يبعد ان بعد من الصحاح عن حكم بن حكيم بن أبي خلاد انه سال
أبا عبد الله عليه السلام فقال له أبول فلا أصيب الماء وقد أصاب يدي شئ من البول فامسحه بالحائط وبالتراب ثم يعرق يدي فامسح وجهي أو بعض جسدي أو يصيب ثوبي فقال
لا باس به ورواه الكليني في الكافي باسناد حسن عن ابن أبي عمير عن هشام ابن سالم عن الحكم بن حكيم الصيرفي وصحيحة صفوان عن العيص بن القاسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن رجل بال في موضع ليس فيه ماء فمسح ذكره بحجر وقد عرق ذكره وفخذاه قال يغسل يده وفخذيه وسألته عن من مسح ذكره بيده ثم عرقت يده فأصاب ثوبه يغسل
ثوبه قال لا وهذان الخبران (صحيحان) لكن مضمونهما غير مطابق لدعوى المخالف مع مخالفتهما للمشهور وصحيحة علي بن مهزيار ورواية الحسن ابن زياد ورواية ابن مسكان وقد
سبقت الروايات الثلاثة عند شرح قول المصنف والناسي يعيد في الوقت خاصة وبالجملة الاعتماد على المشهور قوى الحادية عشر ذكر
الشيخ في الخلاف ان في أصحابنا من قال بان الجسم الصقيل كالسيف والمرآة والقوارير إذا اصابته نجاسة كفى في طهارته مسح النجاسة منه وعزى إلى المرتضى اختياره
وقال لست اعرف به اثر واختار عدم الطهارة بدون الغسل واحتج بان الحكم بالنجاسة معلوم والحكم بزوالها محتاج إلى شرع وبطريقة الاحتياط واقتفى الفاضلان
ومن تأخر عنهما اثر الشيخ في الحكم المذكور والاحتجاج وزاد الفاضلان في التعليل بان المسح يزيل عن النجاسة الظاهرة ويبقى اجزاء لاصقة لا يزيل حكمها الا الماء وبان
النجاسة الرطبة يتعدى حكمها إلى الملاقى فلا يزول بزوال عين هذه النجاسة وفي هذه الوجوه نظر إما الاستصحاب فقد عرفت ضعفه والتعليل
الأول مدفوع بان المفروض زوال الأجزاء والتخصيص بالجسم الصيقل (الصقيل) لذلك فإنه يؤمن معه لصوق شئ من اجزاء النجاسة بالمحل والتعليل الثاني في قوة إعادة
الدعوى الثانية عشر نسب إلى ابن الجنيد القول بجواز إزالة الدم من الثوب بالبصاق ولعل مستنده رواية غياث عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه قال لا يغسل بالبزاق شئ
عدا الدم وليس في طريق هذه الرواية قدح الا باعتبار راويها غياث (وهو غياث بن) إبراهيم التميمي وقد وثقه النجاشي والشيخ لم يتعرض لمدحه ولا ذمه وقال المصنف انه ثقة و
كان بتريا وطعن فيه المحقق بذلك فاذن التعويل على الرواية مشكل وروى الشيخ باسناد ضعيف عن غياث بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن علي عليه السلام قال
لا باس ان يغسل الدم بالبصاق وأجاب المصنف بضعف الرواية وارتكاب تأويل بعيد والأول مغن عن تمحل الثاني الثالثة عشر يكفي في طهر البواطن كالفم والأنف زوال
عين النجاسة عنها بغير خلاف معلوم ويؤيده رواية عمار الساباطي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل يسيل من أنفه الدم هل عليه ان يغسل باطنه حتى جوف الانف فقال
انما عليه ان يغسل ما ظهر وهذه الرواية يكفي مع اعتضادها بالأصل وعدم ظهور الخلاف في مدلولها وعدم المعارض يكفي لاثبات المدعا وفي رواية أبي بكر الحضرمي
عن أبي عبد الله عليه السلام قال ليس عليك استنشاق ولا مضمضة لأنهما من الجوف ورواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ليس المضمضة والاستنشاق فريضة ولا سنة انما
عليك ان تغسل ما ظهر اشعار ما بالمطلوب وروى الشيخ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار عن عبد الحميد بن أبي الديلم قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام رجل
يشرب الخمر فبصق فأصاب ثوبي من بصاقه قال ليس بشئ ولا يخلو عن تأييد الرابعة عشر روى علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلح له ان
يصب الماء من فيه يغسل به الشئ يكون في ثوبه قال لا باس قال في المنتهى بعد نقل هذه الرواية انها موافقة للمذهب لان مطلوب الشارع هو الإزالة بالماء وذلك
حاصل في الصورة المذكورة وخصوصيته الوعاء الذي يحوي الماء الذي غير منظور إليها وهو حسن الخامسة عشر اشتهر في كلام الأصحاب الحكم باستحباب إزالة طين
المطر بعد مضى ثلاثة أيام من وقت انقطاعه وانه لا باس به في الثلاثة ما لم تعلم فيه نجاسة والأصل ما رواه الكليني عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابنا عن أبي الحسن عليه السلام
في طين المطر انه لا باس ان يصيب الثوب ثلاثة أيام الا ان يعلم أنه قد نجسته شئ بعد المطر فان اصابه بعد ثلاثة أيام فاغسله وإن كان الطريق نظيفا لم يغسله والحكم
فيما قبل الثلاثة موافق للقواعد غير محتاج إلى الدليل واما الاستحباب فيما بعد الثلاثة فلعل هذا المستند يكفي فيه وإن كان ضعيفا للمسامحة في أدلة السنن في
صورة خط المؤلف انتهى الجزء الأول من كتاب ذخيرة المعاد في شرح الارشاد على يد مؤلفه الفقير إلى رحمة الله الباري
محمد باقر بن محمد مؤمن السبزواري في أواخر شهر رمضان المبارك حجة خمسين وألف من الهجرة النبوية حامدا مصليا راجيا
من الله تعالى حسن التوفيق وارشاد الطريق وان يجعل ذلك منهج السداد وذخيرة المعاد وان لا يؤاخذ
مؤلفه بما صدر عنه من السهو والنسيان والتقصير والنقصان وان يلحقه بالصالحين وان يحشره
في زمرة المحسنين المتقين انه على ذلك قدير وبالإجابة جدير الحمد لله رب العالمين على
ما وفقني له من اتمام هذا الكتاب الجيد المتين رحم الله مؤلفه ورفع درجته
وسقاه بكأس من معين لله دره ذلك المحقق النحرير المدقق المصنف
الخبير وأسئل الله ان يسلك في سبيله ولا يمنعني هداه
ودليله وانا العبد الحقير الكثير التقصير الكاتب
زين العابدين ابن علي الخونساري عفى
عنهما الرحيم الباري وادخلهما
جنات فيها الأنهار الجواري
وحشرهما مع
محمد واله
وقد قابله مع منتسخ يصح الاعتماد عليه الحقير حسن بن السيد الجليل السيد احمد الموسوي في شهر محرم الحرام سنة 1274 (1374)
180