الكتاب: كشف اللثام (ط.ج)
المؤلف: الفاضل الهندي
الجزء: ٤
الوفاة: ١١٣٧
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٦
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

كشف اللثام
عن قواعد الأحكام
تأليف الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني
المعروف ب‍ (الفاضل الهندي) 1062 - 1137 ه‍
الجزء الرابع
تحقيق مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

كشف اللثام عن قواعد الأحكام
(ج 4)
تأليف: محمد بن الحسن الأصفهاني المعروف ب‍ (الفاضل الهندي)
تحقيق: مؤسسة النشر الاسلامي
الموضوع: فقه
عدد الأجزاء: 15 جزء
الطبعة: الأولى
المطبوع: 1000 نسخة
التاريخ: 1416 ه‍.
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

كتاب الصلاة
3

(الفصل الرابع)
(القراءة)
(وليست ركنا) تبطل الصلاة بتركها سهوا كما في المبسوط (1)
عن بعض الأصحاب، لنحو قوله صلى الله عليه وآله: لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب (2)، وهو كثير،
والأصل الذي نبهنا عليه، فإن الأصل في كل ما خالف المتلقى من الشارع من
العبادات البطلان ما لم يدل على صحته دليل (بل واجبة) خلافا لبعض من
انقرض من العامة.
إنما (تبطل الصلاة بتركها عمدا) كما هو المشهور للأخبار (3)، وهي
مستفيضة. وفي الخلاف الاجماع عليه (4)، وعنه صلى الله عليه وآله: كل صلاة لا يقرأ فيها
بفاتحة الكتاب فهي خداج (5)، والخداج الناقص لا الباطل.
(ويجب) قراءة (الحمد) بالاجماع والنصوص (6).

(1) المبسوط: ج 1 ص 105.
(2) عوالي اللآلي: ج 1 ص 196 ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 766 ب 27 من أبواب القراءة في الصلاة.
(4) الخلاف: ج 1 ص 334 المسألة 85.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 733 ب 1 من أبواب القراءة في الصلاة ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 732 ب 1 من أبواب القراءة في الصلاة.
5

(ثم سورة كاملة) غير الحمد في المنتهى (1)، لأنه المفهوم من فحاوي
النصوص والفتاوى (في ركعتي الثنائية والأوليين من غيرها) من الفرائض
اليومية، وفاقا للمشهور للصلوات البيانية.
وقول الصادق عليه السلام في خبر منصور بن حازم: لا تقرأ في المكتوبة بأقل من
سورة ولا بأكثر (2)، لظهور أن المراد بها غير الحمد، ومفهوم نحو قوله عليه السلام في
صحيح الحلبي: لا بأس أن يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين
الأوليين إذا ما أعجلت به حاجة أو تخوف شيئا (3).
ولخبر يحيى بن عمران الهمداني أنه كتب إلى أبي جعفر عليه السلام ما تقول فيمن
قراء فاتحة الكتاب، فلما صار إلى غير أم الكتاب من السور تركها؟ فقال العياشي:
ليس بذلك بأس، فكتب بخطه: يعيدها مرتين على رغم أنفه (4).
وفي الإنتصار (5) والغنية (6) والوسيلة (7) وشرح القاضي لجمل العلم والعمل
الاجماع عليه (8)، وخلافا للنهاية (9) والمراسم (10) والمعتبر (11) بناء على الأصل.
وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن رئاب: إن فاتحة الكتاب تجوز وحدها في
الفريضة (12).
وفي صحيح الحلبي أنها تجزئ وحدها في الفريضة (13). وخبر أبي بصير

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 271 س 35.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 736 ب 4 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 734 ب 2 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 767 ب 27 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3 مع اختلاف.
(5) الإنتصار: ص 44.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 495 س 30.
(7) الوسيلة: ص 93.
(8) شرح جمل العلم والعمل: ص 86.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 300 - 301.
(10) 16 المراسم: 69 - 70.
(11) 17 المعتبر: ج 2 ص 173.
(12) 18 وسائل الشيعة: ج 4 ص 734 ب 2 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(13) 19 المصدر السابق: ح 3.
6

إنه عليه السلام سئل عن السورة أيصلى بها الرجل في الركعتين من الفريضة؟ قال: نعم
إذا كانت ست آيات قراء بالنصف منها في الركعة الأولى والنصف الآخر في الركعة
الثانية (1).
وصحيح عمر بن يزيد أنه سأله عليه السلام عن الرجل يقرأ السورة الواحدة في
الركعتين من الفريضة قال: لا بأس إذا كانت أكثر من ثلاث آيات (2).
والجواب: أن الأصل معارض بما عرفت، والأخبار محمولة على الضرورة،
ومنها التقية، كما روي عن إسماعيل بن الفضل أنه قال: صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام
أو أبو جعفر عليه السلام فقرأ بفاتحة الكتاب وآخر سورة المائدة، فلما سلم التفت إلينا
فقال: إني إنما أردت أن أعلمكم (3). يعني والله يعلم إذا اتقيتم، مع احتمال صحيح
عمر بن يزيد نفي البأس عن تكرير سورة في الركعتين، وإن استبعده الشهيد،
لكراهية التكرير مطلقا (4).
(والبسملة) أي: بسم الله الرحمن الرحيم (آية) أو بعض آية (منها)
بالنصوص (5) والاجماع، (ومن كل سورة) إجماعا على ما في الخلاف (6)
ومجمع البيان (7).
وعن أبي علي أنها في الفاتحة جز، وفي غيرها افتتاح (8)، لصحيح الحلبيين
أنهما سألا الصادق عليه السلام عمن يقرأ (بسم الله الرحمن الرحيم) يريد يقرأ فاتحة
الكتاب، قال: نعم إن شاء سرا وإن شاء جهرا، فقالا: أفيقرأها مع السورة الأخرى؟

(1) 20 وسائل الشيعة: ج 4 ص 738 ب 5 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 739 ب 6 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 738 ب 5 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(4) ذكرى الشيعة: ص 186 س 22 - 23.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 745 ب 11 من أبواب القراءة في الصلاة.
(6) الخلاف: ج 1 ص 331 المسألة 83.
(7) مجمع البيان: ج 1 ص 18.
(8) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 186 س 9.
7

قال: لا (1). والظاهر عود الضمير في (فيقرأها) على فاتحة الكتاب، وأنهما سألا:
هل يجوز أن يقرأ مع الفاتحة سورة أخرى ببسملة واحدة.
وصحيح عمر بن يزيد ربما يدل - كما في الذكرى (2) - على أحد أمرين: إما
عدم الدخول في سائر السور أو كونها بعض آية منها، فإنها إن كانت آية منها فلا
سورة أقل من أربع آيات، إلا أن يريد عليه السلام التنصيص على الأقل.
(ولو أخل بحرف منها عمدا) بطلت صلاته إجماعا، لنقصانها عن الصلاة
المأمورة وإن رجع فتدارك لزيادتها حينئذ عليها. وإن أخل بحرف من كلمة منها،
فقد نقصت وزادت معا على المأمورة، وإن لم يتدارك إن نوى بما أتى به من الكلمة
الجزئية، وإلا نقص وتكلم في البين بأجنبي.
(أو) أخل بحرف (من السورة) عما تدارك، أم لا لذلك، إلا على عدم
وجوبها إن لم يتكلم بأجنبي (أو ترك) عمدا (إعرابا) أي إظهار الحركة
إعرابية أو بنائية أو سكون كذلك، تدارك أم لا لذلك، إذ لا فرق بين المادة والسورة
في الاعتبار، وخروج اللفظ بفقدان أيتهما كانت عن القرآن.
وعن السيد كراهية اللحن (3)، ولذا قال في التذكرة: الاعراب شرط في القراءة
على أقوى القولين (4)، ونحوها نهاية الإحكام (5)، وضعفه ظاهر. وفي المعتبر: إن
على البطلان علماؤنا أجمع (6).
(أو) ترك (تشديدا) كما في المبسوط (7) وغيره، لأنه حرف، ولا ينبغي
التردد فيه، ولكنه نسب في المعتبر إلى المبسوط (8)، وقد لا يكون مترددا فيه. نعم

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 748 ب 12 من أبواب القراءة في الصلاة.
(2) ذكرى الشيعة: ص 186 س 18.
(3) جوابات المسائل الرسية الثانية (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثانية): ص 387 -
388.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 115 س 39.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 465.
(6) المعتبر: ج 2 ص 166.
(7) المبسوط: ج 1 ص 106.
(8) المعتبر: ج 2 ص 167.
8

خالف فيه بعض العامة (1)، وضعفه ظاهر.
(أو) ترك (موالاة) بين حروف كلمة، بحيث خرجت عن مسمى الكلمة
عرفا، فإنه لحن مخل بالصورة، كترك الاعراب وفك الادغام من ترك الموالاة إن
تشابه الحرفان، وإلا فهو من إبدال حرف بغيره، وعلى التقديرين من ترك
التشديد. نعم، لا بأس بين كلمتين إذا وقف على الأولى، نحو (لم يكن له) وأما
الموالاة بين الكلمات فيتكلم فيها.
(أو أبدل حرفا بغيره) اختيارا ولو بإمكان التعلم (وإن كان في الضاد
والظاء) خلافا لأحد وجهي الشافعي (2) بناء على العسر.
(أو أتى بالترجمة مع) العلم أو (إمكان التعلم) بوجود المعلم (وسعة
الوقت) فإنها ليست قرآنا عندنا. ويجوز تعلق الظرف بكل من الابدال والاتيان
بالترجمة، وفي الترجمة خلاف.
فعن ظاهر بعض العامة (3) وظاهر الناصريات (4) والخلاف (5) والمبسوط (6)
والكافي في الفقه (7) والغنية (8) والتحرير (9) والمعتبر (10) والمنتهى (11) وصريح
البيان (12): إن الترجمة لا تجزئ مع العجز أيضا. وصريح نهاية الإحكام وجوبها (13)،
والتذكرة أجزأها مع العجز عن القرآن وبدله من الذكر (14)، والذكرى الجواز مع
العجز عن القرآن (15)، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.

(1) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 523.
(2) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 527.
(3) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 523.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 233 المسألة 86.
(5) الخلاف: ج 1 ص 343 المسألة 94.
(6) المبسوط: ج 1 ص 106.
(7) الكافي في الفقه: ص 118.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 495 س 36.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 38 س 20.
(10) المعتبر: ج 2 ص 169.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 273 س 33.
(12) البيان: ص 82.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 462.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 115 س 26.
(15) ذكرى الشيعة: ص 186 س 30.
9

(أو غير الترتيب) بين الحمد والسورة، أو بين الآيات والكلمات عمدا،
وسيأتي الأول، واستدل للباقي في الذكرى: إن الأمر بالقراءة ينصرف إلى المنزل
على ترتيبه (1). وفي نهاية الإحكام بأن النظم المعجز مقصود، فإن النظم والترتيب
هو مناط البلاغة والاعجاز (2)، وفي المعتبر الاجماع عليه (3).
(أو قراء في الفريضة) سورة (عزيمة) تامة مجتزئا بها مع الحمد، للنهي
عنها في قول أحدهما عليهما السلام في خبر زرارة: لا تقرأ في المكتوبة بشئ من العزائم،
فإن السجود زيادة في المكتوبة (4). ومضمر سماعة قال: من قراء (إقرأ باسم ربك)
فإذا ختمها فليسجد - إلى أن قال: - ولا تقرأ في الفريضة إقرأ في التطوع (5).
وفي فتاوى علمائنا أجمع كما في الإنتصار (6) والخلاف (7) والغنية (8) وشرح
القاضي لجمل السيد (9) والتذكرة (10) ونهاية الإحكام (11) فإذا جعلت جز من الصلاة
وتعلق النهي بالعبادة ففسدت، والعمدة هي الفتاوى، فالخبران ضعيفان.
وأسند الحميري في قرب الإسناد إلى علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن
الرجل يقرأ في الفريضة سورة النجم، أيركع بها أم يسجد، ثم يقوم فيقرأ بغيرها؟
قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب ويركع ولا يسجد (12). ومثله روى
علي بن جعفر في كتابه إلا أنه قال: فيقرأ بفاتحة الكتاب ويركع مع ذلك زيادة في
الفريضة، فلا يعود بقراءة السجدة، يعود في الفريضة بسجدة (13).

(1) ذكرى الشيعة: ص 188 س 9.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 462.
(3) المعتبر: ج 2 ص 166.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 779 ب 40 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(5) المصدر السابق: ح 2.
(6) الإنتصار: ص 43.
(7) الخلاف: ج 1 ص 426 المسألة 174.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 4.
(9) شرح جمل العلم والعمل: ص 86.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 24.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 466.
(12) قرب الإسناد: ص 93.
(13) مسائل علي بن جعفر: ص 185 ح 366.
10

ولعل المراد بطلان الصلاة والاستئناف، ولما ذكره ابن إدريس من أنه: إما أن
يسجد فيزيد في الصلاة سجودا أو لا، فيأتي بعد آية السجدة بأجزاء للصلاة تكون
أضدادا للسجود الواجب فورا فتفسد (1). وهو الذي رأيته نص على البطلان قبل
المصنف، والفورية مفهومة من الأخبار. لكن يبقى احتمال جواز التأخير للصلاة
لمنعها منه شرعا، واحتمال أن لا يبطل الأضداد.
وقال أبو علي: أو قراء سورة من العزائم في النافلة سجد، وإن قرأ في الفريضة
أو ماء، فإذا فرغ قرأها وسجد (2).
وفهم المصنف منه في المنتهى الجواز (3)، وليس نصا فيه، وإن جاز تبعيض
السورة جاز أن يقرأها وتترك به السجدة منها، وترك آية السجدة منها، كما قد
يعطيه كلام أبي علي (4).
وقول الصادق عليه السلام في خبر عمار: إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرأها، وإن
أحب أن يرجع فيقرأ سورة غيرها، وتدع التي فيها السجدة فيرجع إلى غيرها (5).
وإن جاز القران جاز أن يقرن بين بعضها وسورة، فإن قرن بين كلها وسورة
وأجزنا تأخير السجود آخره، وإلا فإن سجد في الصلاة بطلت إن تم بطلان الصلاة
بزيادة هذا السجود، وإن أخر جرى في الأضداد ما عرفت.
(أو) تعمد قراءة (ما يفوت الوقت به) من السور، للنهي المبطل، إلا أن
لا يجب إتمام السورة فيقطعها متى شاء، فإن لم يقطعها حتى فات الوقت وقصد
الجزئية، أو ضاق الوقت عن أزيد من الحمد، فقرأ معها سورة قاصدا بها الجزئية،
بطلت الصلاة، لأنه زاد فيها ما لم يأذن به الله.
نعم، إن أدرك ركعة في الوقت احتملت الصحة. (أو قرن) وإن لم يقصد

(1) السرائر: ج 1 ص 217.
(2) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 175.
(3) 66 منتهى المطلب: ج 1 ص 276 س 28.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 175.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 779 ب 40 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
11

الجزئية احتملت الصحة، أو قرن في ركعة منها بين سورتين بعد الحمد كما في
النهاية (1) والمهذب (2)، للنهي عنه في نحو صحيح محمد، عن أحدهما عليهما السلام أنه
سأله عن الرجل يقرأ السورتين في الركعة؟ فقال: لا، لكل سورة ركعة (3).
وما مر من خبر منصور، الناهي عن أكثر من سورة، فإذا قرأ هما قاصدا بهما
الجزئية بطلت الصلاة للنهي المفسد، والتشريع بالزيادة في أجزاء الصلاة.
واقتصر الصدوق في الفقيه على النهي عن القران (4)، وكذا الشيخ في
الخلاف (5) والاقتصاد (6) وعمل يوم وليلة (7) والصدوق في الأمالي (8) والسيد في
الإنتصار (9) والحلبي على إنه لا يجوز (10). ونص المبسوط (11) والإصباح أنه لا
يجوز ولا يبطل به الصلاة (12)، والتحرير (13) والتذكرة (14) يعطيان التردد في الابطال،
وهو نص المنتهى (15) من الأصل، ومن كونه فعلا كثيرا منهيا عنه، وهو يرشد إلى أن
عدم الابطال إذا لم يقصد الجزئية، والأمر كذلك. وخيرة الإستبصار (16)
والسرائر (17) والشرائع (18) والمعتبر (19) والجامع (20).

(1) 69 النهاية ونكتها: ج 1 ص 302.
(2) المهذب: ج 1 ص 98.
(3) 71 وسائل الشيعة: ج 4 ص 740 ب 8 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 306 ذيل الحديث 921.
(5) الخلاف: ج 1 ص 336 المسألة 87.
(6) الإقتصاد: ص 261.
(7) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 146.
(8) أمالي الصدوق: ص 512.
(9) الإنتصار: ص 44.
(10) الكافي في الفقه: ص 118.
(11) المبسوط: ج 1 ص 107.
(12) 80 إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 619 - 620.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 39 س 2.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 116 س 35.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 276 س 18.
(16) الإستبصار: ج 1 ص 317 ذيل الحديث 1181.
(17) السرائر: ج 1 ص 220.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 82.
(19) المعتبر: ج 2 ص 174.
(20) الجامع للشرائع: ص 81.
12

وكتب الشهيد بالكراهية (1)، وهو الأقوى، للأصل، وصحيح علي بن يقطين
أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة، قال: لا
بأس (2).
وقول أبي جعفر عليه السلام فيما في السرائر من خبر حريز، عن زرارة، عنه عليه السلام:
لا تقرنن بين السورتين في الركعة فإنه أفضل (3)، وأخبار جواز العدول من سورة
إلى أخرى اختيارا (4) فإنها يجوز القران بين سورة وبعض أخرى.
وكذا خبر الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي
ابن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يصلي أله أن يقرأ في الفريضة فيمر
بالآية فيها التخويف فيبكي ويردد الآية؟ قال: يردد القرآن ما شاء (5). وخبر
منصور (6) يشمل النهي عنه.
ونحوه الخلاف (7) والاقتصاد (8) والكافي (9) ورسالة عمل يوم وليلة (10)
والارشاد (11)، بل يمكن تعميم القران بين السورتين الواقع في غيره. وخبر ابن أبي
بكير، عن الصادق عليه السلام جواز الدعاء بالسورة في الصلاة (12). فيحتمل انتفاء الحرمة
أو الكراهة إذا دعا بسورة أو بعضها في الفريضة.

(1) ذكرى الشيعة: ص 190 س 37، الدروس الشرعية: ج 1 ص 173، الألفية والنفلية: ص 56.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 742 ب 8 من أبواب القراءة في الصلاة ح 9.
(3) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 586.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 737 ب 4 من أبواب القراءة في الصلاة.
(5) قرب الإسناد: ص 93.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 736 ب 4 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(7) الخلاف: ج 1 ص 336 المسألة 87.
(8) الإقتصاد: ص 261.
(9) 97 الكافي في الفقه: ص 118.
(10) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 146.
(11) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 253.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 743 ب 9 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
13

(أو خافت في) القراءة شئ من فرض (الصبح أو أوليي (1) المغرب
والعشاء عمدا عالما) بوجوب الجهر فيها (أو جهر في) شئ من (البواقي
كذلك) وفاقا للمعظم للتأسي. وصحيح زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام فيمن جهر فيما
لا ينبغي الاجهار، فيه وأخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه، فقال: أي ذلك فعل
متعمدا فقد نقض صلاته، وعليه الإعادة، وإن فعل ذلك ناسيا أو ساهيا ولا يدري
فلا شئ عليه وقد تمت صلاته (2).
وفي الخلاف الاجماع عليه (3)، وفي الغنية على وجوب الجهر والاخفات
فيما ذكر (4).
وعن أبي علي (5) والسيد (6) استحبابهما، للأصل، وصحيح علي بن جعفر أنه سأل
أخاه عليه السلام عن الرجل يصلي من الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه أن لا يجهر؟
قال: إن شاء جهر وإن شاء لم يفعل (7). وحمل في المختلف على الجهر العالي (8).
وقال الشيخ: إنه يوافق العامة، ولسنا نعمل به (9). قال المحقق،: هذا تحكم
من الشيخ، فإن بعض الأصحاب لا يرى وجوب الجهر بل يستحبه (10). قال الشهيد:
لم يعتد الشيخ بخلافه، إذ لا اعتداد بخلاف من يعرف اسمه ونسبه (11).
قلت: متن الخبر في التهذيب (12) والاستبصار (13) على ما سمعته، وظاهر لفظ

(1) في القواعد المطبوع (أولتي).
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 766 ب 26 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(3) الخلاف: ج 1 ص 331 المسألة 83.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 2.
(5) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 176.
(6) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 176.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 765 ب 25 من أبواب القراءة في الصلاة ح 6.
(8) مختلف الشيعة: ج 1 ص 154.
(9) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 162 ذيل الحديث 636.
(10) المعتبر: ج 2 ص 177.
(11) ذكرى الشيعة: ص 189 س 37.
(12) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 162 ح 636.
(13) الإستبصار: ج 1 ص 313 ح 1164.
14

السائل بعيد عن الصواب إن أراد الجهر في القراءة، وكذا (1) تراه في المعتبر بلفظ:
هل له أن لا يجهر (2). والأولى ما قيل: إن (إن) مكسورة شرطية، أي هل عليه
شئ إن لم يجهر؟ ولكن في قرب الإسناد للحميري هل عليه أن يجهر؟ (3).
وعسى أن يكون (ألا) مصحف (أن) وعلى كل يحتمل السؤال عن الجهر أو
عدمه في غير القراءة من الأذكار، كما أن في قرب الإسناد أيضا عن عبد الله بن
الحسن، عن علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل هل يصلح له أن يجهر
بالتشهد، والقول في الركوع والسجود والقنوت؟ قال: إن شاء جهر، وإن شاء لم
يجهر (4).
(أو قال: (آمين) آخر الحمد لغير التقية) وفاقا للمعظم، للنهي عنه في
الأخبار (5). والكلام المنهي عنه مبطل. وفي الإنتصار (6) والخلاف (7) ونهاية
الإحكام الاجماع عليه (8). وفي الغنية (9) والتحرير (10) على الحرمة. وفي الخلاف:
سواء كان ذلك سرا أو جهرا في آخر الحمد أو قبلها، للإمام والمأموم، وعلى كل
حال (11)، ونحوه المبسوط (12).
وفي الخلاف أيضا: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين،
وقول آمين من كلام الآدميين (13). وهو مبني على أنه ليس دعاء كما هو
المشهور المروي عن النبي صلى الله عليه وآله (14)، ومرفوعا في معاني الأخبار عن الصادق

(1) في ع (ولذا).
(2) المعتبر: ج 2 ص 177.
(3) قرب الإسناد: ص 94.
(4) قرب الإسناد: ص 91.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 752 ب 17 من أبواب القراءة في الصلاة.
(6) الإنتصار: ص 42.
(7) الخلاف: ج 1 ص 332 المسألة 84.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 466.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 27.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 39 س 26.
(11) الخلاف: ج 1 ص 332 المسألة 84.
(12) المبسوط: ج 1 ص 106.
(13) الخلاف: ج 1 ص 334 المسألة 84.
(14) تفسير القرآن الكريم لابن كثير: ج 1 ص 31.
15

عليه السلام (1)، وإنما هو كلمة يقال أو يكتب للختم، كما روي أنها خاتم رب العالمين (2).
وقيل: إنها يختتم بها براء أهل الجنة وبراءة أهل النار (3)، وإن كان من أسماء
الله تعالى كما أرسل في معاني الأخبار عن الصادق عليه السلام (4) أو على أنه لما نهي
عنه كان من كلام الآدميين الخارج عن المشروع وإن كان دعاء أو ذكرا.
وبناه ابن شهرآشوب على أنه ليس قرآنا ولا دعاء أو تسبيحا مستقلا، قال:
ولو ادعوا أنه من أسماء الله تعالى لوجدناه في أسمائه ولقلنا: يا آمين (5).
وفي التحرير: إنه ليس قرآنا ولا دعاء، بل اسم للدعاء، والاسم غير
المسمى (6)، وهو مبني على أن أسماء الأفعال أسماء لألفاظها، والتحقيق خلافه.
واقتصر المحقق من أخبار النهي على خبر محمد بن سنان، عن محمد بن
الحلبي قال: ورواه أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي في جامعه، عن عبد
الكريم، عن محمد الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سألته أقول إذا فرغت من
فاتحة الكتاب (آمين)؟ قال: لا، ثم قال: ويمكن أن يقال بالكراهية.
ويحتج بما رواه الحسين بن سعيد، عن ابن أبي عمير، عن جميل، عن أبي
عبد الله عليه السلام قال: سألته عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة
الكتاب (آمين)، قال: ما أحسنها وأخفض الصوت بها.
ويطعن في الروايتين الأولتين، لأن إحداهما رواية محمد بن سنان وهو
مطعون فيه، وليس عبد الكريم في النقل والثقة كابن أبي عمير فتكون رواية الإذن
أولى لسلامة سندها من الطعن ورجحانها، ثم لو تساوت الروايتان في الصحة
جمع بينهما بالإذن والكراهية توفيقا، ولأن رواية المنع يحتمل منع المنفرد،
والمبيحة تتضمن الجماعة، ولا يكون المنع في إحداهما منعا في الأخرى،

(1) معاني الأخبار: ص 349 ح 1.
(2) الدر المنثور للسيوطي: ج 1 ص 44.
(3) لم نعثر عليه.
(4) معاني الأخبار: ص 349 ح 1.
(5) متشابه القرآن ومختلفه: ج 2 ص 170.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 39 س 25.
16

والمشائخ الثلاثة منا يدعون الاجماع على تحريمها وإبطال الصلاة بها، ولست
أتحقق ما ادعوه. والأولى أن يقال: لم يثبت شرعيتها، فالأولى الامتناع من النطق
بها (1)، انتهى.
قلت: وبالنهي روايتان أخريان: إحداهما: رواية جميل، عن الصادق عليه السلام
أنه قال: إذا كنت خلف إمام فقرأ الحمد وفرغ من قرائتها فقل أنت: (الحمد لله رب
العالمين) ولا تقل: (آمين) (2). قال الشهيد: وهذه الرواية صحيحة السند، لا يرد
عليها ما ذكره في المعتبر في حديث الحلبي من الطعن (3).
قلت: في طريقه إبراهيم بن هاشم وعبد الله بن المغيرة، وهو وإن كان يقال:
إنه ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وإنه ثقة (4)، لكن يقال: إنه
كان واقفيا حتى هداه الله.
والأخرى: رواية الصدوق في العلل، عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام: ولا
تقولن إذا فرغت من قرائتك (آمين) (5). وهي حسنة إبراهيم بن هاشم ومحمد بن
علي ماجيلويه.
بل يظهر المنع من صحيح معاوية بن وهب أنه سأل الصادق عليه السلام أقول
(آمين) إذا قال الإمام: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)؟ قال: هم اليهود
والنصارى أيضا (6).
ثم لفظ: (ما أحسنها) في الخبر (7) المجوز إن كان بصيغة التعجب أفاد
الاستحباب، ولذا قطع الشيخ وغيره بحمله على التقية (8)، ولعل المحقق يرويه

(1) المعتبر: ج 2 ص 186.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 752 ب 17 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(3) ذكرى الشيعة: ص 194 س 27.
(4) في ع (ثقة ثقة).
(5) علل الشرائع: ص 358 ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 752 ب 17 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 753 ب 17 من أبواب القراءة في الصلاة ح 5.
(8) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 75 ذيل الحديث 277.
17

بصيغة نفي التحسين، وإنما استفاد التجويز من قوله: (واخفض الصوت بها) مع
كون المتبادر من الاقتصار على نفي الحسن انتفاء القبح أيضا.
وقال أبو علي في قنوت الصلاة: يستحب أن يجهر به الإمام في جميع الصلاة
ليؤمن من خلفه على دعائه (1). وهو رخصة، بل ترغيب في التأمين، وقد يكون
أراد الدعاء بالإجابة بغير لفظة (آمين) أو ذلك، والاجتماع في الدعاء لشئ
واحد لايجابه الإجابة.
وقال أيضا: لا يصلي الإمام ولا غيره قراءة (ولا الضالين) ب‍ (آمين) لأن
ذلك يجري مجرى الزيادة في القرآن مما ليس منه، وربما سمعها الجاهل قرأها
من التنزيل. قال: ولو قال المأموم في نفسه: (اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم)
كان أحب إلي، لأن ذلك ابتداء دعاء منه، وإذا قال: (آمين) تأمينا على ما تلاه
الإمام صرف القراءة إلى الدعاء الذي يؤمن عليه سامعه (2).
وبالجملة: إن تعمد شيئا مما ذكر (بطلت الصلاة (3)) عالما أو جاهلا، إلا
في الجهر والاخفات، فسيأتي الكلام في جهلهما إن شاء الله.
(ولو) أخل بحرف أو كلمة أو إعراب أو موالاة أو (خالف ترتيب الآيات
ناسيا استأنف القراءة) من أولها إن أخل به أو اختل، وإلا فمما اختل أو تقدم
فاتت الموالاة بين الآيات أو الكلمات أو قراءة ما قدمه خاصة إن قدم الشطر الأخير
- مثلا - على الأول (إن) ذكر و (لم يركع) لبقاء محلها، (فإن ذكر بعده لم
يلتفت) لفوات المحل، ولم تبطل الصلاة على التقديرين، وإنما عليه سجدتا
السهو على ما يأتي، وعلى الحكمين النصوص (4) والفتوى، من غير خلاف إلا في
الاستئناف من الأول إن فاتت الموالاة، فسيأتي الخلاف فيه إن شاء الله تعالى.

(1) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 194 س 24.
(2) المصدر السابق: س 21 - 24.
(3) في القواعد المطبوع (صلاته).
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 768 ب 28 من أبواب القراءة في الصلاة.
18

وأما الاخلال بالجهر أو الاخفات وقراءة العزائم ناسيا فسيأتي الكلام فيهما،
وأما نسيان حرف أو كلمة أو إعراب أو موالاة فاكتفى فيه بما قدمه من لفظ عمدا.
(وجاهل) بعض من (الحمد مع ضيق الوقت) يجب عليه أن (يقرأ
منها ما تيسر) بنص الكتاب (1) والاجماع كما في الذكرى (2)، ولأن الميسور لا
يسقط بالمعسور.
وهل يكفي أو يكرره بدلا مما لا يعلم منها، أو يبدل منه غيره؟ ففي المعتبر (3)
والمنتهى (4) والتحرير (5) الاكتفاء، للأصل والاقتصار في الآية على قراءة ما تيسر.
وكذا ما روي من قوله صلى الله عليه وآله: إن كان معك قرآن فاقرأ به (6).
وفي التذكرة: التكرير إن لم يعلم من القرآن غيره، وإن علم عوض عما يجهله
من الحمد مما يعلمه من غيرها، لسقوط فرض ما علمه بقراءة (7). ولما في الذكرى:
من أن الشئ لا يكون أصلا وبدلا معا (8) وكذا نهاية الإحكام (9)، مع احتمال
التكرير مطلقا، لأن البعض أقرب إلى الباقي من غيره.
وكذا احتمل فيه التكرير وعدمه إن لم يحسن غيره من القرآن، ولكنه يحسن الذكر
من كون القرآن أشبه بمثله. ومما روي من تعليمه صلى الله عليه وآله: من لا يحسن القرآن سبحان
الله والحمد لله (10)، إلى آخر ما في الرواية، ولم يأمره بتكرير الحمد لله مع ما عرفت.
ثم هل عليه أن يقرأ ما يعلمه منها آية كان أو بعضها؟ في التحرير (11)
والمنتهى (12) والتذكرة: إن كان يسمى قرآنا كآية الدين إن نقصت كلمة قراءة، وإلا
فلا (13)، واستحسنه المحقق (14).

(1) المزمل: 20.
(2) ذكرى الشيعة: ص 187 س 10.
(3) المعتبر: ج 2 ص 170.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 274 س 18.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 38 س 23.
(6) السنن الكبرى: ج 2 ص 380.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 115 س 21.
(8) ذكرى الشيعة: ص 187 س 29.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 475.
(10) السنن الكبرى: ج 2 ص 381.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 38 س 24.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 274 س 21.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 115 س 24.
(14) المعتبر: ج 2 ص 170.
19

(فإن جهل الجميع) وعلم من غيرها من السور، فإن علم سورة كاملة
قرأها قطعا على وجوب سورة مع الحمد، وهل عليه سورة أخرى أو بعضها عوض
الحمد؟ في التحرير فيه إشكال (1).
قلت: من أنه لم يكن يجوز له الاقتصار على سورة لو كان علم الحمد، وكان
عليه التعويض من الحمد لو لم يعلم السورة، وهو خيرة الشهيد، قال: ولو لم يحفظ
سوى سورة كررها (2). ومن الأصل، وأنه امتثل فقرأ ما تيسر مع النهي عن القرآن،
وهو خيرة المنتهى (3).
وإن لم يعلم سورة كاملة (قراء من غيرها) عوضا عنها، لوجوب قراءة ما
تيسر، وقوله صلى الله عليه وآله فيما روي عنه: إن كان معك قرآن فاقرأ به (4)، ولعله لا خلاف فيه.
ويجب أن يقرأ (بقدرها) لوجوب القدر في الأصل، فلا يسقط بسقوطه،
أي في عدد الآيات كما في التذكرة (5) ونهاية الإحكام، لمراعاتها في قوله تعالى:
(ولقد آتيناك سبعا من المثاني) (6). ثم في نهاية الإحكام: والأقرب وجوب
مساواة الحروف لحروف الفاتحة أو الزيادة عليها، لأنها معتبرة في الفاتحة،
فيعتبر في المبدل مع إمكانه كالآيات (7).
قلت: لمثل ما عرفت، وأما تجويز الزيادة فلعدم المانع، ولأن المنع منها قد
يؤدي إلى النقص المفسد للكلام.
قال: ويحتمل العدم، كما لو فاته صوم يوم طويل يجوز قضاؤه في يوم قصير
من غير نظر إلى الساعات (8).
قلت: يجوز الفرق بالاجماع واختلاف المعوض عنه في الصوم.

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 38 س 22.
(2) ذكرى الشيعة: ص 188 س 6.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 274 س 9.
(4) السنن الكبرى: ج 2 ص 380.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 115 س 12.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 473.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 474.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 474.
20

قال: ولا يجب أن يعدل حروف كل آية بآية من الفاتحة، بل يجوز أن يجعل
آيتين مكان آية (1).
وفي التذكرة عن أحد وجهي الشافعي وجوب التعديل (2) - ثم قال: - ثم إن
أحسن سبع آيات متوالية لم يجز العدول إلى المتفرقة، فإن المتوالية أشبه
بالفاتحة (3). ولعله يعني إن كان عليه قراءة سبع آيات متوالية - هي الحمد -
فبسقوط العين لا يسقط التوالي.
قال: وإن لم يحسنها أتى بها متفرقة، وإذا كانت الآيات المنفردة لا تفيد معنى
منضوما إذا قرأت وحدها كقوله: (ثم نظر) احتمل أن لا يؤمن بقراءة هذه الآيات
المتفرقة، ويجعل بمنزلة من لا يحسن شيئا، والأقرب الأمر، لأنه يحسن الآيات.
ولو كان يحسن ما دون السبع احتمل أن يكررها حتى يبلغ قدر الفاتحة، والأقوى
أنه يقرأ ما يحسنه ويأتي بالذكر للباقي (4).
قلت: لأن الفاتحة سبع مختلفة، فالتكرير لا يفيد المماثلة.
وفي المبسوط: من لا يحسن الحمد وأحسن غيرها قراء ما يحسنه إذا خاف
خروج الوقت، سواء كان بعدد آياتها أو دونها أو أكثر (5).
وفي المعتبر: إن الأشبه عدم وجوب الاتيان بسبع آيات (6). وفي المنتهى (7)
والتحرير: إنه الأقرب (8).
قلت: لأصل البراءة، وحصول امتثال الآية والخبر بما دونها.
(ثم يجب عليه التعلم)، فإن فرط حتى ضاق الوقت أتى بالبدل، وهكذا
أبدا، وأجزأته صلاته إن أثم.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 474.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 115 س 14.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 474.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 474.
(5) المبسوط: ج 1 ص 106.
(6) المعتبر: ج 2 ص 170.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 274 س 16.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 38 س 23.
21

(ويجوز) بل يجب مع الجهل عن ظهر القلب (أن) يأتم أو يتبع قارئا أو
(يقرأ من المصحف) إن لم يتوقف على منافي من استدبار أو فعل كثير أو
نحوهما، لحصول الامتثال بكل منها وتوقفه على أحدها.
وقدم الشهيد الأخير في البيان على الأول (1)، ولا أعرف وجهه. وفي الذكرى:
إن في ترجيح متابعة قارئ عليه احتمال، لاستظهاره في الحال. قال: وفي وجوبه
- يعني المتابعة - عند إمكانه احتمال، لأنه أقرب إلى الاستظهار الدائم (2). كأنه
يعني تعينه، وأنه لا يجوز مع إمكانه القراءة من المصحف.
(وهل يكفي) القراءة من المصحف (مع إمكان التعلم؟ فيه نظر) من
صدق القراءة والأصل، وخبر الصيقل أنه سأل الصادق عليه السلام ما تقول في الرجل
يصلي وهو ينظر في المصحف يقرأ فيه يضع السراج قريبا منه؟ قال: لا بأس
بذلك (3)، وهو فتوى التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5).
ومما رواه الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن
جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل والمرأة يضع المصحف أمامه ينظر فيه ويقرأ
ويصلي؟ قال: لا يعتد بتلك الصلاة (6).
ولأن المتبادر بالقراءة من المصحف، وفيه ما فيه. ولوجوب تعلم جميع
أجزائها للصلاة والقراءة منها، وفيه أن العلم بها من المصحف علم. ولأن القراءة
من المصحف في الصلاة مكروهة إجماعا كما في الإيضاح (7)، ولا شئ من
المكروه بواجب، وهو خيرة التحرير (8) والايضاح (9)، وقد يظهر من الخلاف (10)

(1) البيان: ص 83.
(2) ذكرى الشيعة: ص 187 س 23.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 780 ب 41 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 115 س 11.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 479.
(6) قرب الإسناد: ص 90.
(7) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 108.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 38 س 26.
(9) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 108.
(10) الخلاف: ج 1 ص 427 مسألة 175.
22

والمبسوط (1).
(فإن لم يعلم شيئا) من القرآن لا من المصحف ولا عن ظهر القلب (كبر
الله تعالى وسبحه وهلله) كما في المبسوط (2) والجامع (3) والنافع (4)
والشرائع (5).
وقال الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: إن الله فرض من الصلاة الركوع
والسجود، ألا ترى لو أن رجلا دخل في الاسلام ولا يحسن أن يقرأ القرآن أجزاء
أن يكبر ويسبح ويصلي (6).
وفي الخلاف: فإن لم يحسن شيئا أصلا - يعني من القرآن - ذكر الله تعالى
وكبره (7). وفي الذكرى: لو قيل بتعين ما يجزئ في الأخيرتين من التسبيح على ما
يأتي إن شاء الله كان وجها، لأنه قد ثبت بدليته عن الحمد في الأخيرتين، فلا
يقصر بدل الحمد في الأولتين عنهما، قال: وما قلناه مختار ابن الجنيد والجعفي (8).
واحتمله المصنف في النهاية (9).
ويجب أن يذكر هذه الأذكار (بقدرها ثم يتعلم) أي القراءة كما في ظاهر
النافع (10) والشرائع (11)، أي زمانها كما في نهاية الإحكام قال: لوجوب الوقوف
ذلك الحمد والقراءة، فإذا لم يتمكن من القراءة عدل إلى بدلها في مدتها (12) خلافا
للمعتبر، فلم يعتبره.
وحمل عبارة النافع على الاستحباب (13) للأصل، وخلو الأخبار عنه،

(1) المبسوط: ج 1 ص 109.
(2) المبسوط: ج 1 ص 107.
(3) الجامع للشرائع: ص 81.
(4) المختصر النافع: ص 30.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 81.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 735 ب 3 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(7) الخلاف: ج 1 ص 466 المسألة 213.
(8) ذكرى الشيعة: ص 187 س 14.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 474.
(10) المختصر النافع: ص 30.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 81.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 474.
(13) المعتبر: ج 2 ص 169 - 170.
23

خصوصا ما روته العامة من قوله صلى الله عليه وآله لرجل قل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا
الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، قال الرجل: هذا لله فما لي؟
قال: قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني وعافني (1). قال: ولا أمنع
الاستحباب لتحصل المشابهة (2). ويوافقه المنتهى، إلا أن فيه أنه لو قيل
بالاستحباب كان وجها (3).
واستشكل في التذكرة من وجوب سبع آيات من الحمد فكذا الذكر، ومن أنه
بدل من الجنس فاعتبر القدر، بخلاف الذكر فإنه من غير الجنس، فيجوز أن
يكون دون أصله كالتيمم. قال: وهو أولى، لأن النبي صلى الله عليه وآله اقتصر في التعليم على
ما ذكر (4).
ولو علم الذكر بالعربية وترجمة القرآن، فهل يجوز الترجمة؟ فتوى الخلاف (5)
ونهاية الإحكام العدم (6)، واحتمل الشهيد تقدمها على الذكر، لقربها إلى القرآن،
ولجواز التكبير بالعجمية عند الضرورة. قال: ويمكن الفرق بين التكبير والقراءة،
بأن المقصود في التكبير لا يتغير بالترجمة، إذ الغرض الأهم معناه والترجمة أقرب
إليه، بخلاف القراءة، فإن الاعجاز يفوت، إذ نظم القرآن معجز، وهو الغرض
الأقصى، وهذا هو الأصح (7) إنتهى.
وفي التذكرة (8) ونهاية الإحكام: أن الأقرب الأولى بجاهل القرآن، والذكر
العربي ترجمة القرآن (9).
قلت: يمكن العكس، لعموم خبر ابن سنان المتقدم (10).

(1) السنن الكبرى: ج 2 ص 381.
(2) المعتبر: ج 2 ص 171.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 274 س 28.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 115 س 17.
(5) الخلاف: ج 1 ص 343 المسألة 94.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 476.
(7) ذكرى الشيعة: ص 187 س 2.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 115 س 26 وفيه: (أجزأت الترجمة، وهل هو أولى من ترجمة
القرآن؟ فالأقرب العكس).
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 476.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 735 ب 3 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
24

(ولو) علم الحمد و (جهل بعض السورة، قراء ما يحسنه منها)، فإن
الميسور لا يسقط بالمعسور. (فإن جهل) غير الحمد رأسا اكتفى بالحمد و (لم
يعوض بالتسبيح) عن السورة ولا عن بعضها، للأصل من غير معارض.
(والأخرس) الذي يعرف القرآن أو الذكر أو يسمع (إذا اسمع) أو يعرف
معاني أشكال الحروف إذا نظر إليها (يحرك لسانه) كما في المبسوط (1) (بها)
أي بالقراءة في لهواته، لأن على غيره التحريك والصوت، ولا يسقط الميسور
بالمعسور.
(ويعقد قلبه) كما في كتب المحقق (2)، أي على ألفاظ ما يعرفه أو يسمعه
من القرآن أو الذكر، قال: لأن القراءة معتبرة، فمع تعذرها لا يكون تحريك اللسان
بدلا إلا مع النية (3).
قلت: هذا كما مر من أجزاء الأفعال على القلب في الإيماء للركوع والسجود
والرفع منهما، ولعل الشيخ إنما أهمله لأن التحريك بالقراءة يتضمنه. وما في كتب
الشهيد (4) من عقد القلب بالمعنى مسامحة يراد به العقد بالألفاظ، على أنه إنما ذكر
معنى القراءة.
وقد يقال: إن معناه الألفاظ وإن أراد معانيها فقد يكون اعتبارها، لأنها لا
تنفك عن ذهن من يعقد قلبه بالألفاظ إذا عرف معانيها، أو لأن الأصل هو المعنى،
وإنما سقط اعتباره عن الناطق بلفظه رخصة، فإذا فقد اللفظ وجب العقد بالمعنى،
ولعل في اللسان تغليبا على الشفة والثنايا، وفي حكمه الممنوع من النطق لخوف
ونحوه.

(1) المبسوط: ج 1 ص 106.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 81 - 82 والمعتبر: ج 2 ص 171 والمختصر النافع: ص 30.
(3) المعتبر: ج 2 ص 171.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 173 درس 40، وذكرى الشيعة: ص 188 س 29، والبيان: ص 83.
25

وقال الصادق عليه السلام في خبر السكوني: تلبية الأخرس وتشهده وقرائته
القرآن في الصلاة تحريك لسانه وإشارته بأصبعه (1).
قال الشهيد: وهذا يدل على اعتبار الإشارة بالإصبع في القراءة كما مر في
التكبير (2).
قلت: عسى أن يراد تحريك اللسان إن أمكن، والإشارة إن لم يمكن،
ويعضده الأصل. ثم الإشارة بالإصبع لعلها إنما تفهم التوحيد، فإنما تفعل لافهام ما
أفاده من القرآن والذكر.
وأما الأخرس الذي لا يعرف ولا يسمع فلا يمكنه عقد القلب على الألفاظ،
نعم إن كان يعرف أن في الوجود ألفاظا، وأن المصلي يأتي بألفاظ أو قرآن أمكنه
العقد بما يلفظه أو يقرأه المصلي جملة.
وهل عليه تحريك اللسان؟ الوجه العدم، للأصل، وما أسنده الحميري في
قرب الإسناد عن علي بن جعفر، أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يقرأ في صلاته
هل يجزئه أن لا يحرك لسانه وأن يتوهم توهما؟ قال: لا بأس (3).
ولذا اكتفى في التذكرة (4)، ونهاية الإحكام لجاهل القرآن، والذكر إذا ضاق
الوقت أو فقد المرشد بالقيام قدر الفاتحة (5). وظاهر الذكرى الوجوب (6)، لعموم
الخبر، ووجوب التحريك بالحروف إذا أمكن، فإذا لم يمكن الحروف لم يسقط
التحريك.
والجواب: أن الواجب إنما هو التلفظ بالحروف، والتحريك تابع له في
الوجوب، لما لم يمكن التلفظ بها بدونه.

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 801 ب 59 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(2) ذكرى الشيعة: ص 188 س 30.
(3) قرب الإسناد: ص 93.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 115 س 24.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 475.
(6) ذكرى الشيعة: ص 188 س 29.
26

لا يقال: فلا يجب على الذي يعرف أو يسمع أيضا، إذ لا خوف إذ لا صوت،
لأن القراءة كحديث النفس بتحريك اللسان في اللهوات من غير صوت مما
اعتبرها الشارع هنا. وفيمن يصلي خلف إمام بتقية ولا يأتم به، ويدفع عموم الخبر
أنه لا قراءة لهذا الأخرس.
نعم، إن كان أبكم أصم خلفه لا يعرف أن في الوجود لفظا أو صوتا، اتجه أن
يكون عليه ما يراه من المصلين من تحريك الشفة واللسان.
وفي النهاية: قراءة الأخرس وشهادته الشهادتين إيماء بيده مع الاعتقاد
بالقلب (1)، ونحوه المهذب (2). وكأنهما يريدان ب‍ (الاعتقاد) تحريك اللسان معه
تنزيلا له، لعدم الصوت منزلة الاعتقاد.
(ولو قدم السورة على الحمد عمدا) ناويا بها جز الصلاة (أعاد)
الصلاة، لأن ما فعله خارج عن الصلاة المأمور بها، وكذا إن لم ينو الجزئية
وأبطلناها بالقرآن، إلا أن يعيدها بعد الحمد ولم يكن به تكرير سورة واحدة قرآنا.
قال الشهيد: ولو لم يوجب السورة لم يضر التقديم على الأقرب، لأنه أتى
بالواجب، وما سبق قرآن لا تبطل الصلاة، نعم لا يحصل له ثواب قراءة السورة
بعد الحمد، ولا يكون مؤديا للمستحب (3).
قلت: إن نوى بها الجز المستحب اتجه البطلان، وأطلق في الشرائع أنه عليه
سورة بعد الحمد (4)، فإن أراد العموم للعمد فعسى أن لا يريده بنية الجزئية، ونحوه
المبسوط، وفيه: أن القرآن وتبعيض السورة محرمان غير مبطلين (5).
(و) لو قدمها (نسيانا يستأنف القراءة) التي قدمها وهي قرأه السورة
إما عين ما قرأها أو سورة أخرى، ولا يبطل الصلاة وإن كانت السورة فعلا كثيرا

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 302.
(2) المهذب: ج 1 ص 97.
(3) ذكرى الشيعة: ص 188 س 8.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 82.
(5) المبسوط: ج 1 ص 107.
27

خارجا عن الصلاة، للأصل من غير معارض مع تجويز العدول من سورة إلى
أخرى.
وما مر من صحيح علي بن يقطين النافي للبأس عن القرآن بين سورتين (1)،
ونطق الأخبار بأنها لا تعاد إلا من الوقت والقبلة والطهور والركوع والسجود (2).
وما رواه الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن
جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يصلي له أن يقرأ في الفريضة فيمر الآية فيها
التخويف فيبكي ويردد الآية؟ قال: تردد القرآن ما شاء (3).
وما في مسائل علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يفتتح سورة
فيقرأ بعضها ثم يخطئ فيأخذ في غيرها حتى يختمها ثم يعلم أنه قد أخطاء هل له
أن يرجع في الذي افتتح وإن كان قد ركع وسجد؟ فقال عليه السلام: إن كان لم يركع
فليرجع إن أحب، وإن ركع فليمض (4).
وخبر أبي بصير أنه سأل الصادق عليه السلام عن رجل نسي أم القرآن، فقال: إن
كان لم يركع فليعد أم القرآن (5).
ومضمر سماعة أنه سأله عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب،
قال: فليقل: استعيذ بالله من الشيطان الرجيم أن الله هو السميع العليم، ثم ليقرأها ما
دام لم يركع (6).
وأما ما رواه الحميري في قرب الإسناد عن عبد لله بن الحسن، عن علي بن
جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن رجل افتتح الصلاة فقرأ سورة قبل فاتحة الكتاب ثم

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 742 ب 8 من أبواب القراءة في الصلاة ح 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 770 ب 29 من أبواب القراءة في الصلاة ح 5.
(3) قرب الإسناد: ص 93.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 768 ب 28 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(5) المصدر السابق: ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 768 ب 28 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
28

ذكر بعد ما فرغ من السورة، قال: يمضي في صلاته، ويقرأ فاتحة الكتاب فيما
يستقبل (1). فإنما معناه أن الصلاة صحيحة، ويقرأ فاتحة الكتاب إذا ذكرها، لا فيما
يستقبل من الركعات، أو المراد ذلك إذا ذكر بعد الركوع.
(ولا تجوز الزيادة على الحمد في الثالثة والرابعة) على نية الجزئية
اتفاقا.
(ويتخير فيهما بينها وبين سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله
أكبر) بالاجماع (2) والنصوص (3). ولكن في الإحتجاج للطبرسي عن الحميري
أنه كتب إلى القائم عليه السلام يسأله عن الركعتين الأخراوين قد كثرت فيهما الروايات
فبعض يروي أن قراءة الحمد وحدها أفضل وبعض يروي أن التسبيح فيهما
أفضل، فالفضل لأيهما لنستعمله؟ فأجاب عليه السلام: قد تستحب قراءة أم الكتاب في
هاتين الركعتين التسبيح، والذي نسخ التسبيح قول العالم عليه السلام: كل صلاة لا قراءة
فيها فهي خداج إلا العليل ومن يكثر عليه السهو فيتخوف بطلان الصلاة (4).
والوجه حمله على نسخ الفضل - أي إزالته - وأن بيان القراءة أفضل. وسواء
في التخيير نسي القراءة في الأوليين أم لا كما في المبسوط (5)، وقطع به في
التحرير (6)، وقواه في المنتهى (7) والتذكرة (8) وقربه في المختلف (9)، للعموم،
والأصل، وإن كانت القراءة إذا نسيها أحوط كما في الخلاف (10)، لأنه: لا صلاة إلا
بفاتحة الكتاب.
ولخبر الحسين بن حماد أنه سأل الصادق عليه السلام أسهو عن القراءة في الركعة

(1) قرب الإسناد: ص 92.
(2) الخلاف: ج 1 ص 338 المسألة 88.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 781 ب 3 من أبواب القراءة في الصلاة.
(4) الإحتجاج: ج 2 ص 491.
(5) المبسوط: ج 1 ص 106.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 39 س 1.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 276 س 8.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 116 س 19.
(9) مختلف الشيعة: ج 2 ص 150.
(10) الخلاف: ج 1 ص 343 المسألة 93.
29

الأولى، قال: إقرأ في الثانية، قال: أسهو في الثانية، قال: إقرأ في الثالثة (1).
ولا ينافيه صحيح ابن عمار أنه سأله عليه السلام عمن يسهو عن القراءة في
الركعتين الأولتين فتذكر في الأخيرتين أنه لم يقرأ، قال: أتم الركوع والسجود؟
قال: نعم، قال: إني أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها (2). لجواز أن يراد النهي عن
الحمد والسورة معا.
وقد يظهر التردد من نهاية الإحكام (3)، وفضل التسبيح من المختلف (4)، لهذا
الخبر، وفضله أو تعيينه (5) قول الحسن (6).
وإذا لم يقرأ فيهما كفاه أن يقول ما سمعته (مرة) كما في المقنعة (7) والنافع (8)
وشرحه (9) للأصل. وخبر زرارة أنه سأل أبا جعفر عليه السلام ما يجزي من القول في
الركعتين الأخيرتين؟ قال: أن تقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر،
وتكبر وتركع (10). ويمكن أن يكون بيانا لأجزاء ما يقال لا عددها.
وقال الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: إذا قمت في الركعتين الأخيرتين لا
تقرأ فيهما، فقل: الحمد لله وسبحان الله والله أكبر (11)، ولذا اختار المحقق في
المعتبر عدم وجوب الترتيب (12) وفاقا لأبي علي (13).
واستشكل في التحرير (14)، واختير الوجوب في التذكرة (15)، ونهاية

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 771 ب 30 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(2) المصدر السابق: ص 770 ح 1.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 469.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص 150.
(5) في ع (تعينه).
(6) مختلف الشيعة: ج 2 ص 150.
(7) المقنعة: ص 113.
(8) المختصر النافع: ص 31.
(9) المعتبر: ج 2 ص 188.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 782 ب 42 من أبواب القراءة في الصلاة ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 793 ب 51 من أبواب القراءة في الصلاة ح 7.
(12) المعتبر: ج 2 ص 190.
(13) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 146.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 39 س 1.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 116 س 32.
30

الإحكام (1) والمنتهى (2) احتياطا وعملا بالمعروف المستمر، وحملا للخبر على
بيان أجزاء ما يقال لا ترتيبها.
وفي المختلف: هذا الحديث والذي ذكرناه أولا يعني - خبر زرارة - أصح ما
بلغنا في هذا الباب (3).
قلت: وخبر زرارة رواه محمد بن يعقوب، عن محمد بن إسماعيل (4).
(ويستحب) أن يقول الأربع (ثلاثا) لما حكاه ابن إدريس هنا عن كتاب
حريز من روايته عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا تقرأ في الركعتين
الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا، إماما كنت أو غير إمام، قال:
قلت: فما أقول فيهما؟ قال له: إن كنت إما ما فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا
والله أكبر ثلاث مرات وتركع (5).
وما رواه الصدوق في العيون عن تميم بن عبد الله القرشي، عن أحمد بن علي
الأنصاري أنه صحب الرضا عليه السلام من المدينة إلى مرو فكان يسبح في الأخراوين
يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات ثم يركع (6)، على
ما في بعض النسخ.
وما روي أيضا عن الرضا عليه السلام أنه قال: تقرأ فاتحة الكتاب وسورة في
الركعتين الأولتين، وفي الركعتين الأخراوين الحمد لله وحده، وإلا فسبح فيهما
ثلاثا ثلاثا تقول: سبحان الله والحمد لله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تقولها
في كل ركعة منهما ثلاث مرات (7).

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 470.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 376 س 1.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 148.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 782 ب 42 من أبواب القراءة في الصلاة ح 5.
(5) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 585.
(6) عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 180 - 181 وليس فيه: (ثم يركع).
(7) فقه الرضا: ص 105.
31

ولاستحباب الذكر مطلقا، وللخروج عن خلاف من أوجبها وهو الحسن (1)،
والشيخ في ظاهر النهاية (2) ومختصر المصباح (3) والاقتصاد (4)، وظاهر
المهذب (5)، وهو خيرة التلخيص (6)، واحتاط بها المحقق (7).
وأما الصدوق في الهداية (8) والسيدان في المصباح (9) والجمل (10) والغنية (11)
والشيخ في المصباح (12) والمبسوط (13) والجمل (14) وعمل يوم وليلة (15) وسلا ر (16)
وابنا إدريس (17) والبراج (18) فاختاروا عشرا بإسقاط التكبير مرتين، وحكي عن
الحسن (19) والقاضي (20)، ولم أظفر به خبرا.
وأما قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة إذا كنت إماما أو وحدك فقل:
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاث مرات تكمله تسع تسبيحات، ثم تكبر
وتركع (21).

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 145.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 302.
(3) لا يوجد لدينا.
(4) الإقتصاد: ص 261.
(5) المهذب: ج 1 ص 94.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 37 ص 563.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 84.
(8) الهداية: ص 31.
(9) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 189.
(10) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 33.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 495 س 32.
(12) مصباح المتهجد: ص 44.
(13) المبسوط: ج 1 ص 106.
(14) الجمل والعقود: ص 69.
(15) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 146.
(16) المراسم: ص 72.
(17) السرائر: ج 1 ص 222.
(18) شرح جمل العلم والعمل: ص 93.
(19) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 145.
(20) المهذب: ج 1 ص 94.
(21) وسائل الشيعة: ج 4 ص 791 ب 51 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
32

وفي خبر حريز، عن زرارة - الذي حكاه ابن إدريس في آخر كتابه -: إن
كنت إماما فقل: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاث مرات، ثم تكبر
وتركع (1). فإنما يدل على التسع كما في المعتبر (2)، وهي خيرة الصدوقين في
الرسالة (3) والفقيه (4) والحلبي (5)، فقد يكونون جمعوا بذلك بينها وبين ما مر من خبر
زرارة. قال ابن إدريس: أخص الأربع للمستعجل (6). وخير الكندري بين العشرة
والاثنتي عشرة (7). وقال ابن سعيد: تجزي عنها - يعني القراءة - تسع كلمات:
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله ثلاثا، وأربع تجزي سبحان الله والحمد لله ولا
إله إلا الله والله أكبر، وثلاث تجزي الحمد لله وسبحان الله والله أكبر وأدناه سبحان
الله ثلاثا (8). وهو عمل لجميع ما مر من الأخبار.
وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: أدنى ما يجزي من القول في الركعتين
الأخيرتين أن تقول: سبحان الله سبحان الله سبحان الله (9). وإطلاق صحيح ابن
عمار أنه سأله عليه السلام عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين، فقال
الإمام: يقرأ بفاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح، فإذا كنت وحدك فاقرأ فيهما وإن
شئت فسبح (10).
وخبر علي بن حنظلة أنه سأله عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين ما تصنع فيهما؟
فقال: إن شئت فاقرأ فاتحة الكتاب وإن شئت فاذكر الله، قال: فأي ذلك أفضل؟

(1) السرائر: ج 3 ص 585.
(2) المعتبر: ج 2 ص 190.
(3) المقنع: ص 34.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 392 ذيل الحديث 1160.
(5) الكافي في الفقه: ص 117.
(6) السرائر: ج 1 ص 222.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 619.
(8) الجامع للشرائع: ص 80.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 782 ب 42 من أبواب القراءة في الصلاة ح 7.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 781 ب 42 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
33

فقال: هما والله سواء، إن شئت سبحت وإن شئت قرأت (1). وإن كان الأولى حملها
على المعهود.
وفي صحيح عبيد بن زرارة أنه سأله عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين من الظهر،
فقال: تسبح وتحمد الله وتستغفر لذنبك، وإن شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد
ودعاء (2).
قال المحقق: والوجه عندي القول بالجواز في الكل - يعني هذا والأربع
والتسع والاثنتي عشرة وذكر الله كما في خبر علي بن حنظلة - إذ لا ترجيح وإن
كانت الرواية الأولى - يعني الأربع - أولى، وما ذكره في النهاية أحوط، لكن ليس
بلازم (3).
قال الشهيد: وهو قول قوي، لكن العمل بالأكثر أولى مع عدم اعتقاد الوجوب.
وحكى عن (البشرى) الميل إليه، لعدم الترجيح والاعتراض بلزوم التخيير بين
الوجود والعدم، والجواب بالالتزام كالتخيير بين الاتمام والقصر (4).
وقال الحسن: السنة في الأواخر التسبيح، وهو أن تقول: سبحان الله
والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبعا أو خمسا، وأدناه ثلاثا في كل ركعة (5). قال
الشهيد: ولا بأس باتباع هذا الشيخ العظيم الشأن في استحباب تكرار ذكر الله (6).
(و) يستحب (للإمام) اختيار (القراءة) فيهما كما في الإستبصار (7)
والشرائع (8)، لقول الصادق عليه السلام في صحيح منصور: إذا كنت إماما فاقرأ في

(1) المصدر السابق: ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 781 ب 42 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(3) المعتبر: ج 2 ص 190.
(4) ذكرى الشيعة: ص 189 س 4.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 145 - 146.
(6) ذكرى الشيعة: ص 189 س 29.
(7) الإستبصار: ج 1 ص 322 ذيل الحديث 1201.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 82.
34

الركعتين الأخيرتين فاتحة الكتاب، وإن كنت وحدك فيسعك، فعلت أو لم تفعل (1).
وسمعت خبر الحميري عن القائم عليه السلام المفضل للقراءة (2)، من غير تخصيص.
ونحوه خبر محمد بن حكيم، عن الكاظم عليه السلام (3).
وعن الحسن تفضيل التسبيح مطلقا (4)، وهو ظاهر الصدوقين (5) وابن
إدريس (6)، لقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: لا تقرأن في الركعتين
الأخيرتين من الأربع الركعات المفروضات شيئا، إماما كنت أو غير إمام (7).
وإطلاق خبر محمد بن عمران أنه سأل الصادق عليه السلام لأي علة صار التسبيح
في الركعتين الأخيرتين أفضل من القراءة؟ فقال: لأن النبي صلى الله عليه وآله لما كان في
الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عز وجل، فدهش فقال: سبحان الله والحمد
لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة (8). وما مر من
قوله عليه السلام في صحيح ابن عمار: إني أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها (9)، على وجه.
وجمع أبو علي فأحسن، بأن الإمام إن أمن لحوق مسبوق بركعة استحب له
التسبيح، وإلا القراءة (10).
واستحب في الدروس التسبيح للمنفرد والقراءة للإمام (11). وسأل علي بن

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 794 ب 51 من أبواب القراءة في الصلاة ح 11.
(2) الإحتجاج: ج 2 ص 491، وسائل الشيعة: ح 4 ص 794 ب 51 من أبواب القراءة في
الصلاة ح 14.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 794 ب 51 من أبواب القراءة في الصلاة ح 10.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 148.
(5) المقنع: ص 34 ونقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 148.
(6) السرائر: ج 1 ص 230.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 791 ب 51 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 792 ب 51 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 793 ب 42 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 148.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 175 درس 41.
35

حنظلة الصادق عليه السلام أي ذلك أفضل؟ فقال: هما والله سواء، إن شئت سبحت وإن
شئت قرأت (1).
(ويجزئ المستعجل والمريض في الأوليين الحمد) وحدها بالاجماع
والنصوص (2)، وهل ضيق الوقت مما يسقط السورة؟ ظاهر التذكرة العدم (3)،
واحتمل الأمرين في النهاية (4).
(وأقل الجهر إسماع القريب) الذي لا أقرب منه (تحقيقا أو تقديرا)،
لأنه الاعلان والاظهار.
(وحد الاخفات إسماع نفسه كذلك) كذا في التذكرة (5) والمنتهى (6)
ونهاية الإحكام (7)، وهو يعطي خروج ما أسمع الغير عن الاخفات، كقول الشيخ
في التبيان: وحد أصحابنا الجهر فيما يجب الجهر فيه بأن يسمع غيره، والمخافة
بأن يسمع نفسه (8).
وأصرح منهما قول ابن إدريس: وحد الاخفات أعلاه أن تسمع أذناك القراءة،
وليس له حد أدنى، بل إن لم يسمع أذناه القراءة فلا صلاة له، وإن سمع من عن
يمينه أو شماله صار جهرا، فإذا فعله عامدا بطلت صلاته (9).
وقول الراوندي في تفسير أحكام القرآن: فأقل الجهر أن تسمع من يليك،
وأكثر المخافة بأن تسمع نفسك (10).
وقول المحقق في الإحتجاج للجهر بالتسمية: لنا ما رواه الجمهور - إلى أن

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 781 ب 42 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 734 ب 2 من أبواب القراءة في الصلاة.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 114 س 32.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 467.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 117 س 16.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 277 س 14.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 471.
(8) التبيان: ج 6 ص 534.
(9) السرائر: ج 1 ص 223.
(10) فقه القرآن: ج 1 ص 104.
36

قال: - ولا نعني بالجهر إلا إسماع الغير (1). قيل: لو سمعها القريب منه لم يكن سارا
فتبطل صلاته إن قصد إسماعه قطعا، لصيرورته جاهرا، تشأما لو لم يقصد ففي
الابطال إشكال، أقربه الابطال إن صدق عليه أقل الجهر (2).
قلت: عسى أن لا يكون إسماع النفس بحيث لا يسمع من يليه مما يطاق،
ويدل على السماع ما مر عن العيون من أن أحمد بن علي صحب الرضا عليه السلام فكان
يسمع ما يقوله في الأخراوين من التسبيحات (3).
وفي التحرير: أقل الاخفات أن يسمع نفسه (4)، ونحوه بعض نسخ
التلخيص (5)، وهو كالنص في الاخفات مع إسماع الغير، وفي موجز الحاوي: إن
أعلاه أدنى الجهر (6). وفي نهاية الإحكام: إنهما كيفيتان متضادتان (7)، وظاهره. [ما
في شرح الشيخ علي] (8) وكتب المتأخرين من أن الجهر إنما يتحقق بالكيفية
المعروفة في الجهر، فلا يكفي فيه إسماع الغير وإن بعد كثيرا، مع احتماله أن يكون
التضاد لاشتراط إسماع الغير في الجهر وعدمه في الاخفات (9).
(ولا جهر على المرأة) في صلاة بالاجماع، ولكن روى الحميري في
قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام
عن النساء هل عليهن الجهر بالقراءة في الفريضة؟ قال: لا إلا أن تكون امرأة تؤم

(1) المعتبر: ج 2 ص 180.
(2) لم نعثر عليه.
(3) عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 180 - 181 ح 5، وفيه: عن أحمد بن علي الأنصاري عن
رجاء بن أبي الضحاك أنه صحب الرضا عليه السلام.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 39 س 6.
(5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 563.
(6) الموجز الحاوي (الرسائل العشر): ص 77.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 471.
(8) في ب وع (ما في الشرح).
(9) جامع المقاصد: ج 2 ص 260.
37

النساء فتجهر بقدر ما تسمع قرأتها (1).
وهذا الخبر دليل على أن ما في التهذيب من خبري علي بن جعفر (2) وعلي بن
يقطين. عنه عليه السلام في المرأة تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة أو التكبير؟
فقال عليه السلام: بقدر ما تسمع (3). بضم تاء (تسمع) من الاسماع، ولم أظفر بفتوى توافقه.
وفي الذكرى: لو جهرت وسمعها الأجنبي فالأقرب الفساد، لتحقق النهي في
العبادة (4).
قلت: لا تفاق كلمة الأصحاب على أن صوتها عورة يجب عليها إخفاؤه عن
الأجانب وإن لم يساعده ظواهر الكتاب والسنة.
قال: ولو سمعها المحرم أو النساء أو لم يسمعها أحد الظاهر الجواز، للأصل،
وأن عدم وجوب الجهر عليها معلل بكون صوتها عورة (5). وفي الدروس الإفتاء
بالجواز (6)، وهو جيد.
(ويعذر فيه) أي الجهر فعلا وتركا، أو في كل منه ومن الاخفات، (الناسي
والجاهل) بلا خلاف كما في المنتهى (7) وفي التذكرة (8) بالاتفاق، وسمعت النص عليه.
وعن زرارة في الصحيح أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الجهر فيما لا ينبغي
الجهر فيه، والاخفات فيما لا ينبغي الاخفات فيه، وترك القراءة فيما ينبغي القراءة
فيه، والقراءة فيما لا ينبغي القراءة فيه، فقال عليه السلام: أي ذلك فعل ناسيا أو ساهيا فلا
شئ عليه (9).

(1) قرب الإسناد: ص 100.
(2) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 267 ح 761.
(3) المصدر السابق 760.
(4) ذكرى الشيعة: ص 190 س 8.
(5) المصدر السابق س 9.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 173 درس 40.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 412 س 21.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 117 س 8 و ص 136 س 26.
(9) 339 وسائل الشيعة: ج 4 ص 766 ب 26 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
38

(والضحى وألم نشرح سورة واحدة، وكذا الفيل ولإيلاف) كما في
أمالي الصدوق (1) وثواب الأعمال له (2) والفقيه (3) والهداية (4) والنهاية (5)
والمبسوط (6) والإصباح (7) والسرائر (8) والجامع (9) والنافع (10) لما في مجمع البيان،
عن العياشي، عن أبي العباس، عن أحدهما عليهما السلام قال: (ألم تر كيف فعل ربك)
و (لايلاف قريش) سورة واحدة (11)
وصحيح الشحام قال: صلى بنا أبو عبد الله عليه السلام الفجر فقرأ الضحى وألم
نشرح في ركعة (12). فإن الظاهر قرأتهما في ركعة من فرض الفجر مع ما مر من
تحريم القرآن.
وفي التذكرة (13) ونهاية الإحكام (14): إنه مكروه أو حرام، فلا يقع من الإمام
إلا وهو واجب.
وفي الإستبصار: إن الضحى وألم نشرح سورة واحدة عند آل محمد: (15).
وفي التبيان (16) والمجمع (17) والشرائع: إن أصحابنا رووا اتحادهما واتحاد
الأخريين (18). وفي التحرير (19) والتذكرة (20) ونهاية الإحكام: إنه قول
علمائنا (21).

(1) أمالي الصدوق: ص 512.
(2) ثواب الأعمال: ص 154.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 306 ذيل الحديث 921.
(4) الهداية: ص 31.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 304.
(6) المبسوط: ج 1 ص 107.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 620.
(8) السرائر: ج 1 ص 220.
(9) الجامع للشرائع: ص 81.
(10) المختصر النافع: ص 31.
(11) مجمع البيان: ج 10 ص 544.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 743 ب 10 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 116 س 34.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 468.
(15) الإستبصار: ج 1 ص 317 ذيل الحديث 1182.
(16) التبيان: ج 10 ص 371.
(17) مجمع البيان: ج 10 ص 507.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 83.
(19) تحرير الأحكام: ج 1 ص 39 س 3.
(20) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 116 س 40.
(21) نهاية الإحكام: ج 1 ص 468.
39

قلت: ولا ينافيه ما في المجمع عن العياشي (1)، وفي المعتبر (2) والمنتهى عن
البزنطي، عن المفضل بن صالح عن قول الصادق عليه السلام: لا تجمع بين سورتين في
ركعة إلا (الضحى، وألم نشرح) و (ألم تر كيف، ولإيلاف قريش) (3)، لأنهما وإن
اتحدتا لكنهما في المصاحف سورتان كما في التبيان (4)، مع جواز انقطاع
الاستثناء، وأن يراد بالاتحاد الاتحاد في حكم الصلاة من وجوب الجمع بينهما
في ركعة، ولذا اقتصر في التهذيب عليه (5).
ولا ينافيه ما في الخرائج من خبر داود الرقي قال: فلما طلع الفجر قام - يعني
الصادق عليه السلام - فأذن وأقام وأقامني عن يمينه وقراء في أول ركعة الحمد والضحى،
وفي الثانية بالحمد وقل هو الله أحد، ثم قنت ثم سلم ثم جلس (6). وإن حملناه
على الفريضة لأن تركه ألم نشرح لا يدل على تركه عليه السلام وفي المعتبر (7) والمنتهى
نسبة وجوب الجمع بينهما في ركعة إلى الصدوق والشيخين وعلم الهدى
والاحتجاج لهم بخبري الشحام والمفضل والاعتراض بأن أقصى مدلوليهما
الجواز (8).
قال الشهيد: فإن قلت: لو كانتا سورتين لم يقرن بينهما الإمام، لأنه لا يفعل
المحرم ولا المكروه، فدل على أنهما سورة، وكل سورة لا يجوز تبعيضها في
الفريضة. قلت: لم لا تستثنيان من الحرام أو المكروه، لتناسبهما في الاتصال (9).
قلت: إذا ثبت الجواز، وانضم إليه الاحتياط، وجب الجمع.
(وتجب البسملة بينهما على رأي) وفاقا لابن إدريس، لاثباتها في

(1) مجمع البيان: ج 10 ص 543 - 544.
(2) المعتبر: ج 2 ص 188.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 276 س 23.
(4) التبيان: ج 10 ص 371.
(5) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 72 ح 266.
(6) الخرائج والجرائح: ج 2 ص 629 - 630 ح 29.
(7) المعتبر: ج 2 ص 187.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 276 س 21.
(9) ذكرى الشيعة: ص 191 س 11.
40

المصاحف، قال: وأيضا لا خلاف في عدد آياتهما، فإذا لم يتبسمل بينهما نقصتا
عن عددهما، فلم يكن قد قرأهما جميعا (1).
قلت: هو مبني على عدم الخلاف في كون البسملة آية تامة، أو بعض آية من السورة.
قال: وأيضا طريق الاحتياط يقتضي ذلك، لأنه بقراءة البسملة تصح الصلاة
بغير خلاف، وفي ترك قرأتها خلاف (2).
وفي الإستبصار (3) والجامع (4) والشرائع: وأن لا بسملة بينهما (5)، وفي
التبيان (6) والمجمع: أن الأصحاب لا يفصلون بينهما بها (7)، وفي التبيان: أنهم
أوجبوا ذلك (8). واحتج له في المختلف باتحادهما، وأجاب بمنعه وإن وجبت
قرأتهما، وبعد التنزل بمنع أن لا يكونان كسورة النمل (9).
وفي المعتبر: الوجه أنهما إن كانتا سورتين فلا بد من إعادة البسملة، وإن
كانت سورة واحدة كما ذكر علم الهدى والمفيد وابن بابويه، فلا إعادة، للاتفاق
على أنهما ليستا آيتين من سورة (10).
(والمعوذتان) سورتان (من القرآن) بالاجماع والنصوص (11)، وكان
ابن مسعود (12) يخالف فيه (ولو قراء عزيمة في الفريضة ناسيا) حتى أتمها أو
قراء آية السجدة (أتمها) أي الفريضة وصحت كما في السرائر (13)، للأصل.

(1) السرائر: ج 1 ص 221.
(2) السرائر: ج 1 ص 221.
(3) الإستبصار: ج 1 ص 317 ذيل الحديث 1182.
(4) لجامع للشرائع: ص 81.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 83.
(6) التبيان: ج 10 ص 371.
(7) مجمع البيان: ج 10 ص 507.
(8) التبيان: ج 10 ص 371.
(9) مختلف الشيعة: ج 3 ص 153.
(10) المعتبر: ج 2 ص 188.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 786 ب 47 من أبواب القراءة في الصلاة.
(12) الدر المنثور للسيوطي: ج 6 ص 416.
(13) السرائر: ج 1 ص 218.
41

(و) لا معارض، لأنه إذا فعل ذلك (قضى السجدة) بعد الصلاة، لجواز
تأخيرها لمانع من المبادرة، كما في خبر عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل
يصلي مع قوم لا يقتدى بهم فيصلي لنفسه، وربما قرأوا آية من العزائم فلا
يسجدون كيف يصنع؟ قال: لا يسجد (1).
وفي مضمر سماعة: إذا ابتليت بها مع إمام لا يسجد فيجزؤك الإيماء
والركوع (2). والصلاة الفريضة أقوى مانع.
وأما قول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: يسجد ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب
ثم يركع ويسجد (3).
ومضمر سماعة: من قراء (إقرأ باسم ربك) فإذا ختمها فليسجد، فإذا قام فليقرأ
فاتحة الكتاب وليركع (4). فيحتملان النفل.
لكن روى الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن
جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يقرأ في الفريضة سورة النجم أيركع بها أو
يسجد ثم يقوم فيقرأ بغيرها؟ قال: يسجد ثم يقوم فيقرأ بفاتحة الكتاب ويركع، ولا
يعود يقرأ في الفريضة بسجدة (5).
ويحتمل هو والخبران التعمد، والحكم بالبطلان، ويكتفي بهذه الصورة،
للأصل، وتجاوز المحذور بنص خبر زرارة المتقدم، ولذا يحتمل عود ضمير أتمها
إلى العزيمة.
قال الشهيد: مع قوة العدول مطلقا ما دام قائما (6)، قال القطب الراوندي (7):
للنهي (8). قلت: وإن علل بزيادة السجود في الخبر.

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 778 ب 38 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 777 ب 37 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 777 ب 37 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) قرب الإسناد: ص 93.
(6) ذكرى الشيعة: ص 190 س 27.
(7) في ع (الرازي).
(8) لا يوجد كتابه لدينا.
42

(والأقرب وجوب العدول) إلى سورة أخرى (إن لم يتجاوز السجدة)
تجاوز النصف أو لا، لخبر عمار المتقدم، ولوجوبه إذا ارتج عليه، ولأن غايته
القرآن سهوا، وفي المضي قراءة السجدة عمدا، وتردد في التذكرة (1) ونهاية
الإحكام (2)، لتعارض عمومي النهيين.
(وفي النافلة يجب السجود) لها في الصلاة (وإن تعمد) قرأتها فإنه
يجوز، للأصل، وما مر من مضمر سماعة، والاجماع كما هو الظاهر. وأما السجود
لها في الصلاة فللأصل من غير مانع، وما مر من خبري الحلبي وسماعة، وبه صرح
الشيخ في النهاية (3) والمبسوط (4) والكندري (5) وبنو إدريس (6) وسعيد (7)، وصرح
ابن إدريس والمحقق بالوجوب. وفي الخلاف: إن سجد جاز، وإن لم يسجد
جاز (8). ولعله اعتبر منع الصلاة من المبادرة وإن كانت نافلة، وهو ضعيف.
(وكذا إن استمع) وهو في النافلة لمثل ذلك (ثم ينهض ويتم القراءة)
ويركع بها، (وإن كان السجود أخيرا استحب) بعد النهوض (قراءة الحمد
ليركع عن قراءة) لخبري الحلبي وسماعة.
وفي المبسوط: أو سورة أخرى أو آية (9). وقد يكون استفاد العموم من عموم
العلة، ولا يتعين عليه لنفلية الصلاة، وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر وهب بن
وهب: إذا كان آخر السورة السجدة أجزأك أن تركع بها (10). وهو أولى مما فهمه
الشيخ منه من الاجتزاء بالركوع عن السجود لها (11)، فإن لفظ الخبر (بها) - بالباء -

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 116 س 28.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 466.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 305.
(4) المبسوط: ج 1 ص 108.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 620.
(6) السرائر: ج 1 ص 218.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 84، والجامع للشرائع: ص 81.
(8) الخلاف: ج 1 ص 430 المسألة 178.
(9) المبسوط: ج 1 ص 108.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 777 ب 37 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(11) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 292 ذيل الحديث 29.
43

في النسخ دون اللام.
(ولو أخل بالموالاة) الواجبة بين ألفاظ الحمد أو السورة كما بين
المتضائفين والمتعاطفين، والصفة وموصوفها، والشرط وجزائه، والعامل ومعموله
(فقرأ بينها من غيرها) من القرآن أو غيره (ناسيا أو قطع القراءة) ناويا
لقطعها.
(وسكت استأنف القراءة) كما في الشرائع (1)، لوجوب الموالاة للناسي،
وبطلان الفعل بنية القطع مع القطع وصحت صلاته، للأصل، فإن القراءة ليست ركنا.
وفي المبسوط: إعادة الصلاة إذا نوى القطع فسكت (2). ولعله مبني على أن نية
قطعها يتضمن نية الزيادة في الصلاة ما لم يشرع، أو نقصها فعدل عن نية الصلاة
إلى صلاة غير مشروعة.
وفيه مع أنه قد يخلو عن ذلك ما في الذكرى (3) من أن نية المنافي إما أن تبطل
بدون فعله أو لا، كما سبق منه النص عليه في فصل النية، فإن كان الأول بطلت
الصلاة بنية القطع وإن لم يسكت، وإن كان الثاني لم تبطل ما لم يسكت طويلا،
بحيث يخرج عن مسمى المصلي أو يركع.
وفي المبسوط (4) والتذكرة (5) ونهاية الإحكام فيما إذا قراء بينها من غيرها
سهوا القراءة من حيث إنتهى إليه (6). ويحتمله ما في الكتاب من الاستئناف، وهو
الوجه إذا لم ينفصم نظام الكلام للأصل.
وما في نهاية الإحكام من أن الموالاة هيئة في الكلمات تابعة لها، فإذا نسي
القراءة ترك المتبوع والتابع فعليه الاتيان بها في محلها، وإذا نسي الموالاة فإنما
ترك التابع، ولا يلزم من كون النسيان عذرا في الأضعف كونه عذرا في الأقوى (7).

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 83.
(2) المبسوط: ج 1 ص 105.
(3) ذكرى الشيعة: ص 188 س 17.
(4) المبسوط: ج 1 ص 105.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 116 س 5.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 463.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 464.
44

وقطع القراءة بسعال ونحوه ليس من الاخلال بالموالاة الواجبة.
(و) الاخلال بالموالاة الواجبة (عمدا تبطل) الصلاة، لأنه نقص لجز
الصلاة الواجب ومخالفة للصلاة البيانية عمدا. وفي المبسوط (1) والتذكرة (2)
وظاهر الشرائع استئناف القراءة لا الصلاة (3)، للأصل. وفيه: إن تعمد إبطال أي
جز منها واجب مبطل لها. وفي نهاية الإحكام: لو سبح أو هلل في أثنائها أو قراء
آية أخرى بطلت الموالاة مع الكثرة (4)، إنتهى.
ولا تبطل شيئا منهما سؤال الرحمة والتعوذ من النقمة عند آيتهما، ولا فتح
المأموم على الإمام، ولا نحو الحمد للعطسة، للأمر بها في النصوص (5)، وكذا
تكرير آية على ما في نهاية الإحكام (6) والتذكرة. قال في التذكرة: سواء أوصلها
بما انتهى إليه أو ابتداء من المنتهى، خلافا لبعض الشافعية في الأول، قال: ولو كرر
الحمد عمدا ففي إبطال الصلاة به إشكال ينشأ من مخالفته المأمور به، ومن تسويغ
تكرار الآية فكذا السورة (7).
قلت: روى الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن
جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يصلي، له أن يقرأ في الفريضة فيمر الآية فيها
التخويف فيبكي ويردد الآية، قال: يردد القرآن ما شاء (8).
(ولو سكت) في أثناء الحمد أو السورة سهوا أو عمدا (لا بنية القطع)
أي قطع القراءة (أو نواه) أي قطع القراءة (ولم يفعل) فلم يسكت (صحت)
الصلاة والقراءة، إلا أن يسكت طويلا يخرجه عن مسمى القارئ أو المصلي،

(1) المبسوط: ج 1 ص 105.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 116 س 6.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 81.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 463.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 753 ب 18 من أبواب القراءة في الصلاة.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 463.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 116 س 8.
(8) قرب الإسناد: ص 93.
45

بخلاف ما إذا نوى قطع الصلاة فإنه يبطلها قال في التذكرة (1) ونهاية الإحكام: لأن
الصلاة تحتاج إلى النية واستدامتها حكما، بخلاف القراءة (2).
(ويستحب الجهر بالبسملة في أول الحمد والسورة في الإخفاتية)
من الصلوات ومن الركعات وفاقا للأكثر، للإمام وغيره، لقول الرضا عليه السلام في كتابه
إلى المأمون المروي في العيون عن الفضل: الاجهار ببسم الله الرحمن الرحيم في
جميع الصلوات سنة (3) وما فيها أيضا عن رجاء ابن أبي الضحاك من أنه عليه السلام كان
يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في جميع صلواته بالليل والنهار (4) وتظافر الأخبار
بفضله (5)، وكونه من علامة الايمان (6).
وفيه: أنه لا يعم، فإن من العامة من يتركها (7)، ومنه من يخفت (8) بها في
الجهرية، فالجهر بها فيها علامة الايمان.
ولخبر صفوان الجمال أنه صلى خلف أبي عبد الله عليه السلام أياما قال: فكان إذا
كانت صلاة لا يجهر فيها جهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وكان يجهر في السورتين
جميعا (9).
وقال زين العابدين عليه السلام لأبي حمزة: إن الصلاة إذا أقيمت جاء الشيطان إلى
قرين الإمام فيقول: هل ذكر ربه؟ فإن قال: نعم ذهب، وإن قال: لا ركب على
كتفيه، فكان إمام القوم حتى ينصرفوا، فقال: جعلت فداك أليس يقرأون القرآن؟
قال: بلى ليس حيث تذهب يا ثمالي، إنما هو الجهر بسم الله الرحمن الرحيم (10).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 116 س 7.
(2) 418 نهاية الإحكام: ج 1 ص 463.
(3) عيون أخبار الرضا (ع): ج 2 ص 122.
(4) عيون أخبار الرضا (ع): ج 2 ص 181.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 757 ب 21 من أبواب القراءة في الصلاة.
(6) مصباح المتهجد: ص 730، وسائل الشيعة: ج 10 ص 373 ب 56 من أبواب المزار ح 1.
(7) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 521.
(8) المجموع: ج 3 ص 342.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 757 ب 21 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 758 ب 21 من أبواب القراءة في الصلاة ح 4.
46

ولاختصاصهما بالإمام خص أبو علي استحبابه به (1).
ولا يختص استحبابه بالركعتين الأولتين كما ذهب إليه ابن إدريس، لعموم
الأدلة. وتمسك ابن إدريس باختصاص الاستحباب بما يتعين فيه القراءة وهو أول
المسألة، والاحتياط، وعورض بأصل البراءة من وجوب الاخفات فيها، وضعفه
ظاهر، ونزل على مذهبه قول الشيخ في الجمل: (والجهر بسم الله الرحمن الرحيم
فيما لا يجهر بالقراءة في الموضعين) قال: يريد بذلك الظهر والعصر (2).
قال في المختلف: يمكن أن يكون مراده قبل الحمد وبعدها (3)، ولا يجب،
للأصل، وخبر الحلبيين سألا الصادق عليه السلام عمن يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم
حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب؟ قال: نعم؟ إن شاء سرا وإن شاء جهرا (4).
وأوجبه القاضي في المهذب (5) مطلقا، والحلبي في أوليي الظهرين (6)،
واحتاط به فيهما ابن زهرة (7). وبه ظاهر قول الصادق عليه السلام في حديث شرائع
الدين المروي في الخصال عن الأعمش: والاجهار بسم الله الرحمن الرحيم في
الصلاة واجب (8). ويحتمل الثبوت والوجوب في الجهرية.
(و) يستحب الجهر (بالقراءة مطلقا) في البسملة وغيرها (في
الجمعة) بالنصوص (9) والاجماع كما في نهاية الإحكام (10) والمعتبر (11)
والتذكرة (12) والذكرى (13) والمنتهى، إلا أن فيه: لم أقف على قول الأصحاب في

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 155.
(2) السرائر: ج 1 ص 218.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 157.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 748 ب 12 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(5) المهذب: ج 1 ص 92.
(6) الكافي في الفقه: ص 117.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): 496 س 3.
(8) الخصال: ج 2 ص 604 ح 9.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 819 ب 73 من أبواب القراءة في الصلاة.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 49.
(11) المعتبر: ج 2 ص 304.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 117 س 20.
(13) ذكرى الشيعة: ص 193 س 12.
47

الوجوب وعدمه، والأصل عدمه (1).
(و) في (ظهرها على رأي) وفاقا للشيخ (2) والكيدري (3)، لأن
الصادق عليه السلام سئل في صحيح الحلبي وحسنه عمن يصلي الجمعة أربعا أيجهر فيها
بالقراءة؟ قال: نعم (4). وقال عليه السلام في صحيح ابن مسلم: صلوا في السفر صلاة
الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة، قال: فإنه ينكر علينا الجهر بها في
السفر، قال: اجهروا بها (5).
وفي الخلاف: الاجماع عليه (6)، ولا فرق بين أن يصلي جماعة أو فرادى كما
نص عليه الشيخ (7) وحسن الحلبي (8)، وروى السيد اختصاص الجهر فيها
بالجماعة (9).
قلت: ولعلها رواية الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن
علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن رجل صلى العيدين وحده والجمعة هل
يجهر فيها بالقراءة؟ قال: لا يجهر إلا الإمام (10). واختاره ابن إدريس
للاحتياط (11).
والأحوط ما اختاره المحقق من ترك الجهر فيها مطلقا (12)، لصحيح جميل
أنه سأل الصادق عليه السلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر، فقال: يصنعون كما

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 328 س 26.
(2) المبسوط: ج 1 ص 151.
(3) إصباح الشيعة (الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 819 ب 73 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1 و 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 820 ب 73 من أبواب القراءة في الصلاة ح 6.
(6) الخلاف: ج 1 ص 633 المسألة 407.
(7) الخلاف: ج 1 ص 632 - 633 المسألة 407.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 819 ب 73 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(9) لم نعثر عليه في المصادر المتوفرة لدينا، والظاهر أنه في المصباح كما في السرائر: ج 1
ص 298.
(10) قرب الإسناد: ص 98.
(11) السرائر: ج 1 ص 298.
(12) المعتبر: ج 2 ص 298.
48

يصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر، ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة، إنما يجهر إذا
كانت خطبة (1).
وخبر العلاء، عن محمد بن مسلم قال: سألته عن صلاة الجمعة في السفر،
فقال: يصنعون كما يصنعون في الظهر، ولا يجهر الإمام فيها بالقراءة، وإنما يجهر
إذا كانت خطبة (2). وإن احتملا ما ذكره الشيخ (3) من ترك الجهر، للإنكار، كما في
صحيح ابن مسلم المتقدم.
وروى الصدوق صحيح الحلبي، ثم قال: هذه رخصة، والأخذ بها جائز،
والأصل أنه إنما يجهر فيها إذا كانت خطبة، فإذا صلاها الانسان وحده فهي
كصلاة الظهر في سائر الأيام يخفى فيها القراءة، وكذلك في السفر من صلى الجمعة
جماعة بغير خطبة جهر بالقراءة وإن أنكر ذلك عليه، وكذلك إذا صلى ركعتين
بخطبة في السفر جهر فيها (4). وفي بعض النسخ: والأصل أنه إنما يجهر فيها إذا
كانت جماعة. وعلى كل فالظاهر أنه إنما يرى جواز الجهر في الظهر جماعة دون
استحبابه.
(و) يستحب (الترتيل) في القراءة، للآية (5) والأخبار (6)، ومناسبته
للخشوع والتفكر فيها، ولذا استحب في الأذكار. قال في المنتهى (7) وفاقا
للمعتبر (8) بأن يبينها من غير مبالغة. وفي النهاية: ونعني به بيان الحروف وإظهارها،
ولا يمده بحيث يشبه الغناء (9). فكأن المبالغة في المد شبه الغناء، وكأنه البغي في

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 820 ب 73 من أبواب القراءة في الصلاة ح 8.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 820 ب 73 من أبواب القراءة في الصلاة ح 9.
(3) الإستبصار: ج 1 ص 417 ذيل الحديثين: 1597 و 1598.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 418 ذيل الحديث 1234.
(5) المزمل: 40.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 753 ب 18 من أبواب القراءة في الصلاة.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 278 س 36.
(8) المعتبر: ج 2 ص 181.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 476.
49

قول الجوهري: الترتيل في القراءة الترسل فيها، والتبيين بغير بغي (1).
ثم التبين كما قال الزجاج: لا يتم بالتعجيل (2)، فالترتيل يتضمن التأني في
الأداء كما في التبيان (3) وغيره. وأصله من قولهم: ثغر رتل، كحسن وخشن إذا كان
مفلجا لا لصص فيه، كأن للمرتل عند كل حرف وقفة فشبه بتفلج الأسنان.
قال علي بن إبراهيم في تفسيره (رتل القرآن ترتيلا) قال: بينه بيانا، ولا تنثره
نثر الرمل، ولا تهذه هذاء الشعر (4).
وفي الكافي مسندا عن عبد الله بن سليمان أنه سأل الصادق عليه السلام عن قوله
تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا)، قال أمير المؤمنين عليه السلام: بينه تبيانا ولا تهذه هذ
الشعر، ولا تنثره نثر الرمل، ولكن افزعوا به قلوبكم القاسية، ولا يكن هم أحدكم
آخر السورة (5).
وفي مجمع البيان عن أبي بصير، عنه عليه السلام: هو أن تتمكث فيه وتحسن به
صوتك (6). وفي العين: الرتل تنسيق الشئ هو ثغر رتل: حسن المتنضد ومرتل
مفلج، ورتلت الكلام ترتيلا إذا أمهلت فيه وأحسنت تأليفه، وهو يترتل في كلامه
ويترسل إذا فصل بعضه من بعض (7).
وفي الذكرى: هو حفظ الوقوف وأداء الحروف (8). وكأنه عنى بحفظ الوقوف
أن لا يهذ هذا الشعر، ولا ينثر نثر الرمل. وفي المجمع: عن أم سلمة كان النبي صلى الله عليه وآله
يقطع قرائته آية آية (9). قال المحقق،: وربما كان يعني الترتيل واجبا إذا أريد به

(1) الصحاح: ج 4 ص 1704 (مادة رتل).
(2) معاني القرآن واعرابه للزجاج: ج 5 ص 240.
(3) التبيان: ج 10 ص 162.
(4) تفسير القمي: ج 2 ص 392 وفيه: (قال: بينه تبيانا).
(5) الكافي: ج 2 ص 614 ح 1.
(6) مجمع البيان: ج 10 ص 378.
(7) العين: ج 8 ص 113.
(8) ذكرى الشيعة: ص 192 س 9.
(9) مجمع البيان: ج 10 ص 378.
50

النطق بالحروف من مخارجها بحيث لا يدمج بعضها في بعض.
ويدل على الثاني - يعني الوجوب - قوله تعالى: (ورتل القرآن ترتيلا)
والأمر للوجوب (1).
(و) يستحب (الوقوف في محله) أي محل يحسن فيه لتحسينه الكلام
ودخوله في الترتيل، وقول الصادق عليه السلام في خبري محمد بن الفضيل ومحمد بن
يحيى: يكره أن يقرأ قل هو الله أحد في نفس واحد (2)، ولا يجب، للأصل.
وصحيح علي بن جعفر، عن الرجل يقرأ في الفريضة بفاتحة الكتاب وسورة
أخرى في النفس الواحد، قال: إن شاء قراء في نفس، وإن شاء غيره (3).
وكذا يجوز الوقف على كل كلمه إذا قصر النفس، وإذا لم يقصر على غير
المضاف ما لم يكثر فيخل بالنظم ويلحق بذكر الأسماء المعدودة.
(و) يستحب (التوجه أمام القراءة) فقال الصادق عليه السلام في حسن
الحلبي: تقول: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض عالم الغيب
والشهادة حنيفا مسلما وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي
لله رب العالمين لا شريك له، وبذلك أمرت وأنا من المسلمين) (4).
وقال أبو جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: يجزئك في الصلاة من الكلام في
التوجه إلى الله أن تقول: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض على ملة
إبراهيم حنيفا مسلما وما أنا من المشركين، أن صلاتي ونسكي) (5) إلى آخر ما مر.
وفي الإحتجاج للطبرسي عن صاحب الزمان عليه السلام في جواب محمد بن عبد
الله بن جعفر الحميري السنة المؤكدة فيه التي كالاجماع الذي لا خلاف فيه:

(1) المعتبر: ج 2 ص 181.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 754 ب 19 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1 و 2.
(3) المصدر السابق ح 1.
(4) 473 وسائل الشيعة: ج 4 ص 723 ب 8 من أبواب تكبيرة الاحرام ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 724 ب 8 من أبواب تكبيرة الاحرام ح 2.
51

(وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما على ملة إبراهيم
ودين محمد وهدى علي أمير المؤمنين وما أنا من المشركين) (1) إلى آخر ما
سمعت.
وعن الصادق عليه السلام للحسن بن راشد: إذا قلت ذلك فقل: على ملة إبراهيم
ودين محمد ومنهاج علي بن أبي طالب عليه السلام والائتمام بآل محمد صلى الله عليه وآله حنيفا
مسلما وما أنا من المشركين (2).
وفي المقنع (3) والمقنعة (4) والمراسم: على ملة إبراهيم ودين محمد وولاية
أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام (5). وفي الكافي (6) والغنية وولاية أمير
المؤمنين علي والأئمة من ذريتهما (7). قال الشيخ في عمل يوم وليلة: فإن قدم
التوجه ثم كبر تكبيرة الاحرام وقراء بعدها كان جائزا (8).
(و) يستحب (التعوذ بعده) أي التوجه أمام القراءة للكتاب (9) والسنة (10)
والاجماع، وعن مالك: عدم استحبابه في الفرائض (11)، وعن ابن سيرين: إنه كان
يتعوذ بعد القراءة (12). ولا يجب كما حكي عن أبي علي بن الشيخ (13) بناء على
ظاهر الأمر في الآية، وبعض الأخبار، للأصل، وعدم نصوصية الآية في هذا

(1) الإحتجاج: ج 2 ص 486.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 724 ب 8 من أبواب تكبيرة الاحرام ح 3.
(3) المقنع: ص 28.
(4) المقنعة: ص 104.
(5) المراسم: ص 70.
(6) الكافي في الفقه: ص 123.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 497 س 5.
(8) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 146.
(9) النحل: 98.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 800 ب 57 من أبواب القراءة في الصلاة.
(11) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 519 والمجموع: ج 3 ص 325.
(12) المجموع: ج 3 ص 325.
(13) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 191 س 22.
52

المعنى. وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر فرات بن أحنف: فإذا قرأت (بسم الله
الرحمن الرحيم) فلا تبالي أن لا تستعيذ (1).
وما في الفقيه: من أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان أتم الناس صلاة وأوجزهم، كان إذا
دخل في صلاته قال: الله أكبر بسم الله الرحمن الرحيم (2).
وإنما يستحب عندنا (في أول ركعة) لحصول الغرض به، وللعامة
قولان (3)، وصورته: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ورواه الخدري عن
النبي صلى الله عليه وآله (4). أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم كما رواه البزنطي
عن ابن عمار، عن الصادق عليه السلام (5) والحميري، عن صاحب الزمان عليه السلام (6)، وهو
الذي في المقنع (7) والمقنعة (8). وزاد القاضي بعده: إن الله هو السميع العليم (9) [أو
أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم كما في بعض خطب أمير المؤمنين عليه السلام] (10).
(و) يستحب (قراءة سورة مع الحمد في النوافل) الرواتب وغيرها ثم
قد يستحب فيها سور مخصوصة حسب النصوص.
(و) يستحب قراءة (قصار المفصل في الظهرين والمغرب، ونوافل
النهار، ومتوسطاته في العشاء، ومطولاته في الصبح، ونوافل الليل) في
التبيان: قال أكثر أهل العلم: أول المفصل من سورة محمد إلى سورة الناس، وقال
آخرون: من (ق) إلى الناس، وقالت فرقة ثالثة، وهو المحكي عن ابن عباس أنه:

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 801 ب 58 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 306 ح 920.
(3) المجموع: ج 3 ص 325.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 801 ب 57 من أبواب القراءة في الصلاة ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 801 ب 57 من أبواب القراءة في الصلاة ح 7.
(6) الإحتجاج: ج 2 ص 486.
(7) 494 المقنع: ص 28.
(8) المقنعة: ص 104.
(9) لم نعثر عليه ونقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 191 س 22.
(10) ما بين المعقوفين زيادة من (ع).
53

من سورة الضحى إلى الناس (1)، إنتهى.
وقيل: من الحجرات (2). وقيل: من الجاثية (3). وقيل: من الصافات (4). وقيل:
من الصف، وقيل: من تبارك (5)، وقيل: من الفتح (6)، وقيل: من الرحمن، وقيل: من
الانسان: وقيل من سبح (7).
قال ابن معن: إن طواله إلى عم، وأوساطه منها إلى الضحى، ومنها إلى الآخر
قصاره (8). والنافع كالكتاب في استحباب ما ذكر (9)، إلا في النوافل فلم يتعرض لها
فيه.
وفي قوته ما في النهاية (10) والمبسوط (11) من استحباب القدر، والنصر،
والتكاثر، والزلزلة وشبهها في الظهرين والمغرب، واستحباب الطارق، والأعلى،
والانفطار وشبهها في العشاء، والمزمل، والمدثر، والنبأ، والانسان وشبهها في
الغداة.
وقال الصادق عليه السلام لابن مسلم: أما الظهر والعشاء الآخرة تقرأ فيهما سواء
والعصر والمغرب سواء، وأما الغداة فأطول. وأما الظهر والعشاء الآخرة: فسبح
باسم ربك الأعلى، والشمس، وضحاها ونحوها. وأما العصر والمغرب: فإذا جاء
نصر الله، وألهاكم التكاثر ونحوها. وأما الغداة: فعم يتساءلون، وهل أتاك حديث
الغاشية، ولا أقسم بيوم القيامة، وهل أتى على الانسان حين من الدهر (12).

(1) التبيان: ج 1 ص 20.
(2) القاموس المحيط: ج 4 ص 30.
(3) لقائل هو النواوي كما في القاموس المحيط: ج 4 ص 30.
(4) القائل هو ابن أبي الصيف كما في القاموس المحيط: ج 4 ص 30.
(5) القائل هو ابن أبي الصيف كما في القاموس المحيط: ج 4 ص 30.
(6) القائل هو الدزماري كما في القاموس المحيط: ج 4 ص 30.
(7) القائل هو الفركاح كما في القاموس المحيط: ج 4 ص 30.
(8) لم نعثر عليه.
(9) المختصر النافع: ص 31.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 304.
(11) المبسوط: ج 1 ص 108.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 787 ب 48 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
54

وفي خبر عيسى بن عبد الله القمي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الغداة بعم
يتساءلون، وهل أتاك حديث الغاشية وشبهها. وكان يصلي المغرب: بقل هو الله
أحد، وإذا جاء نصر الله، والفتح، وإذا زلزلت. وكان يصلي العشاء الآخرة بنحو ما
يصلي في الظهر، والعصر بنحو من المغرب (1).
وفي خبر الحسين بن أبي العلاء الذي رواه الصدوق في ثواب الأعمال: من
قراء إنا أنزلناه في فريضة من الفرائض نادى مناد يا عبد الله قد غفرت لك ما مضى
فاستأنف العمل (2).
وعن علي بن راشد أنه قال لأبي الحسن عليه السلام: جعلت فداك أنك كتبت إلى
محمد بن الفرج تعلمه أن أفضل ما يقرأ في الفرائض إنا أنزلناه وقل هو الله أحد،
وأن صدري ليضيق بقراءتهما في الفجر، فقال عليه السلام: لا يضيقن صدرك بهما، فإن
الفضل والله فيهما (3).
وفي الإحتجاج للطبرسي: إن محمد بن عبد الله الحميري كتب إلى الناحية
المقدسة: وروي في ثواب القرآن في الفرائض وغيرها أن العالم عليه السلام قال: عجبا
لمن لم يقرأ في صلاته إنا أنزلناه في ليلة القدر كيف تقبل صلاته! وروي ما زكت
صلاة من لم يقرأ فيها قل هو الله أحد، وروي أن من قراء في فرائضه الهمزة أعطي
من الثواب قدر الدنيا، فهل يجوز أن يقرأ الهمزة ويدع هذه السورة التي ذكرنا مع
ما قد روي أنه: لا تقبل صلاة ولا تزكوا إلا بها؟ فوقع عليه السلام: الثواب في السور على
ما روي، وإذا ترك سورة مما فيها الثواب وقراء قل هو الله أحد وإنا أنزلناه لفضلهما
أعطي ثواب ما قراء وثواب السور التي ترك، ويجوز أن يقرأ غير هاتين السورتين
وتكون صلاته تامة، لكنه يكون قد ترك الأفضل (4).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 787 ب 48 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(2) ثواب الأعمال: ص 152 ح 2 وفيه: (غفر الله لك).
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 760 ب 23 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(4) الإحتجاج: ج 2 ص 482 وفيه: (ولا تزكوها إلا بها).
55

وقال الصادق عليه السلام في خبر منصور بن حازم: من مضى به يوم واحد فيصلي
فيه بخمس صلوات ولم يقرأ فيها بقل هو الله أحد قيل: يا عبد الله لست من
المصلين (1).
وفي خبر الحسين بن أبي العلاء الذي رواه الصدوق في ثواب الأعمال: من
قراء قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد في فريضة من الفرائض غفر الله له
ولوالديه وما ولدا، وإن كان شقيا محي من ديوان الأشقياء وأثبت في ديوان
السعداء، وأحياه الله سعيدا وأماته شهيدا وبعثه شهيدا (2).
وعن أبي بصير أنه قال: ذكر أبو عبد الله عليه السلام أول الوقت وفضله، فقلت: كيف
أصنع بالثماني ركعات؟ قال: خفف ما استطعت (3).
وعن أبي هارون المكفوف قال: سأل رجل أبا عبد الله عليه السلام وأنا حاضر: كم
يقرأ في الزوال؟ فقال: ثمانين آية، فخرج الرجل فقال: يا أبا هارون هل رأيت
شيئا أعجب من هذا الذي سألني عن شئ فأخبرته ولم يسأل عن تفسيره، هذا
الذي يزعم أهل العراق أنه عاقلهم، يا أبا هارون أن الحمد سبع آيات وقل هو الله
أحد ثلاث آيات، فهذه عشرة آيات والزوال ثمان ركعات فهذه ثمانون آية (4).
وقال عليه السلام في خبر الميثمي: يقرأ في صلاة الزوال في الركعة الأولى الحمد
وقل هو الله أحد، وفي الركعة الثانية الحمد وقل يا أيها الكافرون، وفي الركعة
الثالثة الحمد وقل هو الله أحد وآية الكرسي، وفي الركعة الرابعة الحمد وقل هو الله
أحد وآخر البقرة (آمن الرسول) إلى آخرها، وفي الركعة الخامسة الحمد وقل هو
الله أحد والخمس آيات من آل عمران (إن في خلق السماوات والأرض - إلى

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 762 ب 24 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(2) ثواب الأعمال: ج 1 ص 155 ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 88 ب 3 من أبواب المواقيت ح 9.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 750 ب 13 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
56

قوله: - إنك لا تخلف الميعاد)، وفي الركعة السادسة الحمد وقل هو الله أحد
وثلاث آيات السخرة (إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض - إلى قوله - إن
رحمة الله قريب من المحسنين)، وفي الركعة السابعة الحمد وقل هو الله أحد
والآيات من سورة الأنعام (وجعلوا لله شركاء الجن - إلى قوله: - وهو اللطيف
الخبير)، وفي الركعة الثامنة الحمد وقل هو الله أحد وآخر سورة الحشر من قوله
تعالى: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته) إلى آخرها (1).
وفي المحاسن مسندا عن الحلبي وأبي بصير، عنه عليه السلام قال: تخفيف الفريضة
وتطويل النافلة من العبادة (2).
وفي عيون أخبار الرضا عليه السلام مسندا عن عطاء بن أبي الرجاء: إن الرضا عليه السلام
كان يقرأ في أولي نوافل الظهرين وأولي نوافل المغرب، وفي البواقي التوحيد إلا
ركعتين مما قبل الزوال وركعتين مما قبل العصر - فلم ينص فيها على شئ - وأنه
كان يقرأ في كل من أولتي صلاة الليل بعد الحمد وسورة التوحيد ثلاثين مرة،
ويصلي صلاة جعفر بن أبي طالب أربع ركعات ويحتسبها من صلاة الليل، ثم يركع
ركعتين أخريين يقرأ في الأولى منهما الحمد وسورة الملك وفي الثانية الحمد وهل
أتى على الانسان، ويقرأ في كل من ركعتي الشفع بعد الحمد التوحيد ثلاثا، وفي
الوتر بعد الحمد التوحيد ثلاثا والمعوذتين مرة (3).
وفي مصباح الشيخ: روي أنه يستحب أن يقرأ في كل ركعة - يعني من نوافل
الزوال - الحمد وإنا أنزلناه وقل هو الله أحد وآية الكرسي (4).
وفي صلاة الليل أنه يستحب في كل من الأوليين بعد الحمد ثلاثون مرة

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 749 ب 13 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(2) المحاسن: ص 324 ح 65.
(3) عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 178 مع اختلاف.
(4) مصباح المتهجد: ص 34.
57

سورة التوحيد، فإن لم يتيسر ففي الأولى التوحيد وفي الثانية الجحد، وفي الست
البواقي مثل الأنعام والكهف والأنبياء ويس والحواميم (1).
وفي كل من ركعتي الشفع التوحيد، وأنه روي في الأولى سورة الناس وفي
الثانية سورة الفلق. وفي الوتر التوحيد ثلاثا والمعوذتان، وأنه روي عن
النبي صلى الله عليه وآله أنه كان يصلي الثلاث الركعات بتسع سور في الأولى التكاثر والقدر
والزلزلة، وفي الثانية العصر والنصر والكوثر، وفي الثالثة الجحد وتبت
والتوحيد (2).
وأنه يستحب في أولى الأربع بين العشائين بعد الحمد التوحيد ثلاثا، وفي
الثانية القدر، وفي الثالثة أربع آيات من أول البقرة ومن وسط السورة (وإلهكم إله
واحد - إلى قوله: - يعقلون) ثم التوحيد خمس عشرة مرة، وفي الرابعة آية
الكرسي وآخر سورة البقرة ثم التوحيد خمس عشرة مرة، وأنه روي أن في
الأولى بعد الحمد الجحد، وفي الثانية التوحيد وفي الباقيتين ما شاء.
وإنه روي أن أبا الحسن العسكري عليه السلام كان يقرأ في الثالثة الحمد وأول
الحديد - إلى قوله: - (وهو عليم بذات الصدور)، وفي الرابعة: الحمد وآخر
الحشر (3). وإنه يقرأ في أولي الوتيرة: بعد الحمد آية الكرسي والجحد، وفي
الثانية: التوحيد ثلاث عشرة مرة.
وفي النهاية (4) والمبسوط: أيضا في الست من نوافل الليل مثل الأنعام
والكهف والأنبياء والحواميم (5)، لا طوال المفصل كما في الكتاب، وإنما وجدته
فيه.
(و) يستحب (في صبح الاثنين والخميس) في الركعة الأولى قراءة
(هل أتى) وفي الثانية هل أتاك، فقال الصدوق: حكى من صحب الرضا عليه السلام

(1) مصباح المتهجد: ص 120.
(2) مصباح المتهجد: ص 120.
(3) مصباح المتهجد: ص 78.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 306.
(5) المبسوط: ج 1 ص 108.
58

إلى خراسان أنه كان يقرأ هما في صلاة الغداة في اليومين، وقال: فإن من قرأهما
في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس وقاه الله شر اليومين (1).
وروي في ثواب الأعمال مسندا عن أبي جعفر عليه السلام: من قراء هل أتى على
الانسان في كل غداة خميس زوجه الله من الحور العين ثمانمائة عذراء وأربعة
آلاف ثيب حوراء من الحور العين، وكان مع محمد صلى الله عليه وآله (2).
(وفي عشائي الجمعة بالجمعة والأعلى) لخبري أبي بصير وابن حازم،
عن الصادق عليه السلام (3). وروى الأخير، الصدوق في ثواب الأعمال، وقال عليه السلام في
الأخير: الواجب على كل مؤمن إن كان لنا شيعة أن يقرأ ليلة الجمعة بالجمعة وسبح
اسم ربك الأعلى وفي صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين، فإذا فعل ذلك فكأنما
يعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان جزاؤه وثوابه على الله الجنة (4).
وقال عليه السلام في خبر الكناني: إذا كان ليلة الجمعة فاقرأ في المغرب سورة
الجمعة وقل هو الله أحد، وإذا كان في العشاء الآخرة فاقرأ سورة الجمعة وسبح
اسم ربك الأعلى (5). وبه عمل الشيخ في الاقتصاد (6) وعمل يوم وليلة (7).
وقال الكاظم عليه السلام لعلي بن جعفر فيما رواه الحميري في قرب الإسناد عن
عبد الله بن الحسن: رأيت أبي يصلي ليلة الجمعة بسورة الجمعة وقل هو الله أحد (8).
وقال أبو جعفر عليه السلام في مرفوع حريز وربعي: إذا كانت ليلة الجمعة يستحب

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 308 ذيل الحديث 922.
(2) ثواب الأعمال: ص 148 ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 788 ب 49 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2 و 8.
(4) ثواب الأعمال: ص 146 ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 789 ب 49 من أبواب القراءة في الصلاة ح 4.
(6) الإقتصاد: ص 262.
(7) عمل اليوم والليلة (الرسائل العشر): ص 146.
(8) قرب الإسناد: ص 98.
59

أن يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون (1)، وبه عمل الحسن (2).
(وفي صبحها بها وبالتوحيد) كما في أخبار الكناني وأبي بصير وابن أبي
حمزة، عن الصادق عليه السلام (3). وفي خبر علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام الذي رواه
الحميري في قرب الإسناد: بالجمعة والأعلى (4). وفي خبر زرارة (5) ومرفوع
حريز وربعي عن أبي جعفر عليه السلام.
(وفيها وفي ظهريها بها) بالجمعة (وبالمنافقين) وكذا حكاه الصدوق
عمن صحب الرضا عليه السلام إلى خراسان من فعله عليه السلام (6) وفي خبر الكناني، عن
الصادق عليه السلام في عصرها: بالجمعة والتوحيد (7).
ولم يجز الحلبي (8) والصدوق في المقنع (9) وفي الفقيه: للمختار في ظهرها غير
الجمعة والمنافقين (10). وفي المعتبر: عن الصدوق وجوبهما في ظهريها (11).
(و) يستحب (الجهر في نوافل الليل والاخفات في) نوافل (النهار)
لقول الصادق عليه السلام ليعقوب بن سالم في المرسل: ينبغي للرجل إذا صلى في الليل
أن يسمع أهله إلى أن يقوم القائم ويتحرك المتحرك (12). وفي مرسل فضال: السنة

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 789 ب 49 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 160.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 790 ب 49 من أبواب القراءة في الصلاة ح 10.
(4) قرب الإسناد: ص 98.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 789 ب 49 من أبواب القراءة في الصلاة ح 6.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 308 ذيل الحديث 922.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 789 ب 49 من أبواب القراءة في الصلاة ح 4.
(8) الكافي في الفقه: ص 152.
(9) المقنع: ص 45.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 307 ذيل الحديث 922.
(11) المعتبر: ج 2 ص 183.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 759 ب 22 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
60

في صلاة النهار بالاخفات والسنة في صلاة الليل بالاجهار (1). وفي المعتبر (2)
والمنتهى (3) والذكرى الاجماع (4).
(و) يستحب (قراءة الجحد في أول ركعتي) نوافل (الزوال، وأول
نوافل المغرب، و) أول نوافل (الليل، و) أول فريضة (الغداة إذا أصبح) بها
أي أخرها إلى ظهور الحمرة، (و) أول نافلة (الفجر، و) أول نافلة (الاحرام،
و) أول ركعتي (الطواف).
(و) يستحب (في ثوانيها) القراءة (بالتوحيد، وروي العكس) (5)،
وكذا في النهاية (6) والمبسوط (7).
والذي في التهذيب (8) والكافي خبر معاذ بن مسلم، عن الصادق عليه السلام قال: لا
تدع أن تقرأ قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون في سبع مواطن قبل الفجر - إلى
آخر الخبر - وإن في رواية أخرى: إنه يبدأ في هذا كله بقل هو الله أحد، وفي
الثانية بقل يا أيها الكافرون، إلا في الركعتين قبل الفجر فإنه يبدأ بقل يا أيها
الكافرون، ثم يقرأ في الركعة الثانية بقل هو الله أحد (9).
(و) يستحب قراءة (التوحيد ثلاثين مرة في أوليي صلاة الليل، وفي
البواقي السور الطوال)، فذكر الشيخ أنه روى أنه من فعل ذلك انفتل، وليس
بينه وبين الله عز وجل ذنب إلا غفر له (10).
فهذا مستحب، وما مر من قراءة الجحد والتوحيد فيهما مستحب آخر، ولا

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 759 ب 22 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(2) المعتبر: ج 2 ص 184.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 278 س 23.
(4) ذكرى الشيعة: ص 194 س 34.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 751 ب 15 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 305.
(7) المبسوط: ج 1 ص 108.
(8) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 74 ح 273 و 274.
(9) 555 الكافي: ج 3 ص 316 ح 22.
(10) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 124 ح 470.
61

تنافي بينهما بوجه، فإذا وسع الوقت وقوي على هذا فعله، وإلا قراء السورتين.
وفي المقنعة: استحباب قراءة التوحيد ثلاثين في الأولى والجحد ثلاثين في
الثانية، قال: وإن قراء في نوافل الليل كلها الحمد وقل هو الله أحد أحسن في ذلك،
وأحب له أن يقرأ في كل ركعة منها الحمد وقل هو الله أحد ثلاثين مرة، فإن لم
يتمكن من ذلك قرأها عشرا عشرا ويجزئه أن يقرأها مرة واحدة في كل ركعة، إلا
أن تكرارها حسب ما ذكرناه أفضل وأعظم أجرا (1).
(و) يستحب (سؤال الرحمة عند آيتها والتعوذ من النقمة عند
آيتها) لقول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: ينبغي لمن قراء القرآن إذا مر بآية من
القرآن فيها مسألة أو تخويف أن يسأل عند ذلك خير ما يرجو، ويسأله العافية من
النار ومن العذاب (2).
وفي مرسل ابن أبي عمير: ينبغي للعبد إذا صلى أن يرتل في قرائته، فإذا مر
بآية فيها ذكر الجنة وذكر النار سأل الله الجنة وتعوذ بالله من النار، وإذا مر ب‍ (يا
أيها الناس) و (يا أيها الذين آمنوا) يقول: لبيك ربنا (3). وفي الخلاف الاجماع (4).
(و) يستحب (الفصل بين الحمد والسورة بسكتة خفيفة، وكذا بين
السورة وتكبيرة الركوع)، لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر إسحاق بن عمار: إن
رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله اختلفا في صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله فكتب إلى
أبي بن كعب: كم كانت لرسول الله صلى الله عليه وآله من سكتة؟ قال: سكتتان إذا فرغ من أم
القرآن وإذا فرغ من السورة (5).
(ويجوز الانتقال من سورة) بعد الحمد (إلى أخرى بعد التلبس) بها

(1) المقنعة: ص 122 - 123.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 753 ب 18 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(3) المصدر السابق: ح 1.
(4) الخلاف: ج 1 ص 422 المسألة 170.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 785 ب 46 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
62

(ما لم يتجاوز النصف) منها كما في المقنعة (1) والنهاية (2) والمبسوط (3)
والمهذب (4) والإصباح (5) والشرائع (6)، (إلا في الجحد والاخلاص) للأخبار،
كقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: من افتتح سورة ثم بدا له أن يرجع في
سورة غيرها فلا بأس إلا قل هو الله أحد، ولا يرجع عنها إلى غيرها، وكذلك قل يا
أيها الكافرون (7).
وفي خبر عبيد بن زرارة: له أن يرجع ما بينه وبين أن يقرأ ثلثيها (8). وخبر أبي
العباس الذي حكاه الشهيد عن البزنطي عنه: في الرجل يريد أن يقرأ السورة فيقرأ
في أخرى؟ قال: يرجع إلى التي يريد وإن بلغ النصف (9).
وما رواه الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن
جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل إذا أراد أن يقرأ سورة فقرأ غيرها هل يصلح
له أن يقرأ نصفها ثم يرجع إلى السورة التي أراد؟ قال: نعم ما لم يكن قل هو الله
أحد وقل يا أيها الكافرون (10).
وأما صحيح الحلبي والكناني وأبي بصير، عن الصادق عليه السلام في الرجل يقرأ
المكتوبة بنصف السورة ثم ينسى فيأخذ في أخرى حتى يفرغ منها ثم يذكر قبل أن
يركع، قال: يركع ولا يضره (11). فلا يدل على جواز التعمد.
وفي السرائر (12) والجامع: ما لم يبلغ النصف (13). وحكاه الشهيد في الذكرى

(1) المقنعة: ص 147.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 304.
(3) المبسوط: ج 1 ص 107.
(4) لم نعثر عليه.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 620.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 99.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 775 ب 35 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 776 ب 36 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(9) ذكرى الشيعة: ص 195 س 31.
(10) قرب الإسناد: 95.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 776 - 777 ب 36 من أبواب القراءة في الصلاة ح 4.
(12) السرائر: ج 1 ص 222.
(13) الجامع للشرائع: ص 81.
63

عن الجعفي وأبي علي قال: فتبين أن الأكثر اعتبروا النصف، مع أنه إنما حكاه
عنهما وعن ابن إدريس وعن الصدوق في العدول إلى الجمعة والمنافقين، وعن
الشرائع أن فيه التجاوز. وقال الشيخ: اعتبر مجاوزة النصف، ولعل مراده بلوغ النصف (1) واعتبر نفسه المجاوزة في البيان (2)، وهو الأظهر للأصل والروايات، وتنزيل البلوغ عليها أظهر.
وأما استثناء التوحيد والجحد فهو المشهور، والأخبار تنطق به كما سمعته وما
تسمعه عن قريب. وقول الصادق عليه السلام لعمر بن أبي نصر: يرجع من كل سورة إلا
من قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون (3).
وخبر عبيد بن زرارة أنه سأله عليه السلام رجل أراد أن يقرأ في سورة فأخذ في
أخرى، قال: فليرجع إلى السورة الأولى، إلا أن يقرأ بقل هو الله أحد (4).
وأقتصر الصدوق على التوحيد (5). وفي الإنتصار إن مما انفردت به الإمامية
حظر الرجوع من سورة الاخلاص، وروي قل يا أيها الكافرون أيضا، وأن الوجه
فيه مع الاجماع أن شرف السورتين لا يمتنع أن يجعل لهما هذه لمزية (6). وخيرة
المعتبر الكراهية (7). واحتمل في التذكرة (8).
قال المحقق: لقوله تعالى: (فاقرأوا ما تيسر من القرآن)، ولا تبلغ الرواية
المذكورة - يعني رواية عمرو بن أبي نصر - قوة في تخصيص الآية (9)، إنتهى.
والأقوى التحريم.

(1) ذكرى الشيعة: ص 195 س 18 - 30.
(2) البيان: ص 82.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 775 ب 35 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 814 ب 69 من أبواب القراءة في الصلاة ح 3.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 415 ذيل الحديث 1225.
(6) الإنتصار: ص 44.
(7) المعتبر: ج 2 ص 191.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 117 س 1.
(9) المعتبر: ج 2 ص 191.
64

(إلا إلى الجمعة والمنافقين) يوم الجمعة في ظهرها كما في الفقيه (1)
والنهاية (2) والمبسوط (3) والإصباح (4) والسرائر (5) والجامع (6) والتحرير (7)
والمنتهى (8) والتلخيص (9). ولعلهم يعنون ما يعم الجمعة أو في الجمعة وظهريها.
فيجوز العدول إليهما مطلقا كما في غير الفقيه والسرائر والإصباح والجامع،
لقول الصادق عليه السلام في خبر الحلبي: إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله أحد وأنت
تريد أن تقرأها بغيرها فامضي فيها ولا ترجع، إلا أن تكون في يوم الجمعة فإنك
ترجع إلى الجمعة والمنافقين منها (10).
وخبر عبيد بن زرارة أنه سأله عليه السلام رجل صلى الجمعة، فأراد أن يقرأ سورة
الجمعة، فقرأ قل هو الله أحد، قال: يعود إلى سورة الجمعة (11).
وما رواه الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن
جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن القراءة في الجمعة، قال: سورة الجمعة وإذا جاءك
المنافقون، وإن أخذت في غيرها وإن كان قل هو الله أحد فاقطعها من أولها
فارجع إليها (12).
وحملها ابن إدريس على أن لا تبلغ النصف (13) جمعا بينها وبين عموم ما

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 415 ذيل الحديث 1225.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 304.
(3) المبسوط: ج 1 ص 107.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 620.
(5) السرائر: ج 1 ص 297.
(6) الجامع للشرائع: ص 81.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 39 س 22.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 280 س 21.
(9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 692.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 814 ب 69 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(11) المصدر السابق: ح 3.
(12) قرب الإسناد: 97.
(13) السرائر: ج 1 ص 297.
65

تقدم، وكذا الكندري (1) وابنا بابويه (2) وسعيد (3). وفي الإصباح: إنه إن تجاوز
نصفهما أتم ركعتين واحتسبهما نافلة (4). وفي الفقيه والمقنع: إنه إن قراء نصف
سورة غير الجمعة والمنافقين في ظهر الجمعة أتمهما ركعتي نافلة (5). وفي الجامع أن
له ذلك (6).
وعن صباح بن صبيح أنه سأل الصادق عليه السلام رجل أراد أن يصلي الجمعة
فقرأ بقل هو الله أحد، قال: يتمهما ركعتين ثم يستأنف (7).
وعن الجعفي بتجويز العدول عن التوحيد والجحد إلى السورتين في صلاة
الجمعة وصبحها والعشاء ليلتها (8).
(ولو) قراء شيئا من سورة فتعذر أو (تعسر الاتيان بالباقي للنسيان) أو
غيره، ككون السورة عزيمة أو طويلة لا يسعها الوقت (انتقل مطلقا) تجاوز
النصف أو لا، تحصيلا للواجب الذي هو إتمام سورة. ولقول الصادق عليه السلام في
صحيح ابن عمار: من غلط في سورة فليقرأ قل هو الله أحد ثم ليركع (9).
وفي تعسر إشارة إلى أنه إن أمكن استحضار المصحف والقراءة منه أو حمل
الغير على القراءة ليتبعه فيها من غير منافي للصلاة لم يجب عليه، للأصل،

(1) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 620.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 415 ذيل الحديث 1225.
(3) الجامع للشرائع: 81.
(4) إصباح الشيعة (سلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 620.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 415 ذيل الحديث 1225 والمقنع: 45.
(6) الجامع للشرائع: 81.
(7) وسائل الشيعة: ح 4 ص 818 ب 72 من أبواب القراءة في الصلاة ح 2.
(8) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 195 س 24.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 783 ب 43 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
66

والخبر (1).
وعن زرارة في الصحيح أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل قراء سورة في ركعة
فغلط أيدع المكان الذي غلط فيه ويمضي في قرائته أو يدع تلك السورة ويتحول
منها إلى غيرها؟ فقال: كل ذلك لا بأس به، وإن قراء آية واحدة فشاء أن يركع بها
ركع (2). ولا تعلق له بما نحن فيه، لأنه في النوافل أو التقية، إلا أن لا توجب سورة
كاملة بعد الحمد في الفريضة، وكلامنا على الإيجاب.
(ومع الانتقال يعيد البسملة)، لأنها جز من كل سورة، والذي أتى به
جز المعدول عنها، فلا يجزي عن جز المعدول إليها، وقد يتردد فيه.
(وكذا) تعاد البسملة (لو سمى بعد الحمد من غير قصد سورة معينة)
أو قصد سورة فقرأ غيرها لما عرفت، وهو إن سلم ففي الأخير. ولذا قال الشهيد:
ولو جرى لسانه على بسملة وسورة، فالأقرب الاجزاء، لرواية أبي بصير السالفة
- يعني صحيحة الحلبي والكناني - ولصدق الامتثال (3).
قيل: ولا حاجة إلى القصد في الحمد، وإذا تعينت السورة بنذر ونحوه، أو لم
يعلم غيرها، لانصرافها حينئذ إليها (4).
(ومريد التقدم) والتأخر (خطوة أو اثنتين يسكت حالة التخطي)
لوجوب القيام عند القراءة، والتخطي مشي. وقول الصادق عليه السلام في خبر السكوني:
يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم إلى الموضع الذي يريد، ثم يقرأ (5).

(1) المصدر السابق: ح 2 و 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 776 ب 36 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(3) ذكرى الشيعة: ص 195 س 31.
(4) قاله المحقق الكركي في جامع المقاصد: ج 2 ص 281 - 282، والشهيد الثاني في روض
الجنان: ص 270 س 25.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 775 ب 34 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
67

قال الشهيد: وهل الكف واجب؟ توقف فيه بعض المتأخرين، والأقرب
وجوبه، لظاهر الرواية، ولأن القرار شرط في القيام (1)، إنتهى.
وفي الشرح: وفي رواية أنه يجر رجليه ولا يرفعهما، ويؤيده الخروج عن
هيئة المصلي بالقيام على قدم واحدة (2).

(1) ذكرى الشيعة: ص 196 س 25.
(2) جامع المقاصد: ج 2 ص 282.
68

(الفصل الخامس)
(في الركوع)
(وهو ركن في الصلاة تبطل بتركه عمدا وسهوا) في أية صلاة وأية
ركعة كان على المشهور، للأصل والأخبار (1)، خلافا للمبسوط ففيه: إنها لا تبطل
بتركه في الأخيرتين من الرباعية سهوا إن ذكره بعد السجود، بل يسقط السجود
ويركع ثم يسجد (2). فهو بالحقيقة نفي لركنية السجود، بمعنى عدم بطلان الصلاة
بزيادته.
نعم، حكي قولا من الأصحاب، بأن من نسي سجدتين من ركعة، أية ركعة
كانت حتى ركع فيما بعدها أسقط الركوع واكتفى بالسجدتين بعده، وجعل الركعة
الثانية أوله والثالثة ثانيه والرابعة ثالثه. وأفتى به ابن سعيد في الركعتين
الأخيرتين خاصة (3).
وعن حكم بن حكيم في الصحيح أنه سأل الصادق عليه السلام عن رجل ينسى من
صلاته ركعة أو سجدة أو الشئ منها، فقال: يقضي ذلك بعينه، قال: أيعيد الصلاة؟

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 933 ب 10 من أبواب الركوع.
(2) المبسوط: ج 1 ص 109.
(3) الجامع للشرائع: 83.
69

قال: لا (1).
(و) يحتمل على بقاء المحل إنما (يجب في كل ركعة مرة إلا) في
صلاة (الكسوف وشبهه) من الآيات إن كانت ركعتين، ففي كل منهما (2) خمس
مرات.
(ويجب فيه الانحناء بقدر) يتمكن معه من (وضع يديه) كما في
الشرائع (3)، أي كفيه كما في النافع (4) وشرحه (5) والإصباح (6) (على ركبتيه).
قال في المنتهى كالمعتبر: وهو قول أهل العلم كافة، إلا أبا حنيفة، فإنه أوجب
مطلق الانحناء (7). وفي التذكرة (8) ونهاية الإحكام: وضع راحتيه (9). وفي التذكرة:
إن عليه إجماع من عدا أبا حنيفة (10).
والراحة إما الكف كما في الديوان (11)، أو ما فوق الأصابع منها كما في
السامي. وقال أبو جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: فإن وصلت أطراف أصابعك في
ركوعك إلى ركبتيك أجزأك ذلك، وأحب إلي أن تمكن كفيك من ركبتيك (12)،
فتجعل أصابعك في عين الركبة وتفرج بينها، ولا يكفي الانحناء كذلك ولا المركب
عنه، ومن الانحناء لخروجه عن معنى الركوع.
قال في التذكرة (13) ونهاية الإحكام: لا بد أن لا ينوي بالانحناء غير الركوع،
فلو قراء آية سجدة فهوي ليسجد فلما بلغ حد الراكع بداء له أن يجعله ركوعا لم يجز،

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 934 ب 11 من أبواب الركوع ح 1.
(2) في ع (منها).
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 84.
(4) مختصر النافع: ص 31.
(5) المعتبر: ج 2 ص 193.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 616.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 281 س 31.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 118 س 34.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 480.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 118 س 34.
(11) ديوان الأدب: ج 3 ص 339.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 949 ب 28 من أبواب الركوع ح 1.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 119 س 2.
70

بل يجب أن ينتصب ثم يركع، قال: لأن الركوع الانحناء ولم يقصده (1). يعني إنما
الأعمال بالنيات، وإنما يتميز الانحناء للركوع منه لغيره بالنية.
قال في النهاية: ولا فرق بين العامد والساهي على إشكال (2).
قلت: من حصول هيئة الركوع، وعدم اعتبار النية لكل جز كما في المعتبر (3)
والمنتهى (4) والتذكرة (5)، غايته أن لا ينوي غيره عمدا.
(و) يجب فيه (الطمأنينة فيه) بالاجماع كما في الناصريات (6) والغنية (7)
والمعتبر (8) والمنتهى (9) والتذكرة (10)، وفي الخلاف الاجماع على ركنيتها (11)،
ومعناها كما فيها السكون حتى يرجع كل عضو إلى مستقره وإن قل، وهو معنى
قول النبي صلى الله عليه وآله في خبر بكر بن محمد الأزدي، عن الصادق عليه السلام المروي في
قرب الإسناد للحميري: إذا ركع فليتمكن (12).
ويجب (بقدر الذكر الواجب) كما في السرائر (13) وكتب المحقق (14)،
لتوقف الواجب، وهو الذكر راكعا عليها وهو إنما يتم إذا لم يزد في الانحناء على
قدر الواجب، وإلا فيمكن الجمع بين مسمى الطمأنينة والذكر حين الركوع مع عدم
الطمأنينة بقدره.
وروى الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن جعفر
أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يكون راكعا أو ساجدا فيحكه بعض جسده هل

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 481.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 482.
(3) المعتبر: ج 1 ص 139.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 55 س 26.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 15 س 12.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 234 س 11.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 486 س 8.
(8) المعتبر: ج 2 ص 194.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 282 س 6.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 118 س 41.
(11) الخلاف: ج 1 ص 348 المسألة 98.
(12) قرب الإسناد: ص 18.
(13) السرائر: ج 1 ص 224.
(14) المعتبر: ج 2 ص 194، شرائع الاسلام: ج 1 ص 85.
71

يصلح له أن يرفع يده من ركوعه أو سجوده فيحكه مما حكه؟ قال: لا بأس إذا شق
عليه والصبر إلى أن يفرغ أفضل (1).
(و) يجب (الذكر) فيه للاجماع كما في الخلاف (2) والمعتبر (3) والتذكرة (4)
والمنتهى (5)، والتأسي والأخبار كما ستسمع بعضها (من تسبيح وشبهه على
رأي) وفاقا للمبسوط (6) والسرائر (7)، للأصل، ولصحيح هشام بن الحكم أنه
سأل الصادق عليه السلام يجزئ أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود: لا إله إلا
الله والحمد لله والله أكبر؟ قال: نعم كل هذا ذكر الله (8). وصحيح هشام بن سالم أنه
سأله عليه السلام يجزئ أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا إله إلا الله والله
أكبر؟ قال: نعم (9).
واقتصر في النهاية (10) والجامع (11) على هذا الذكر بدل التسبيح والتعليل في
الأول بكونه ذكر الله يفيد العموم. وكذا قوله عليه السلام في خبر مسمع: يجزئك من القول
في الركوع والسجود ثلاث تسبيحات أو قدرهن مترسلا (12). وفي صحيحه: لا
يجزئ الرجل في صلاته أقل من ثلاث تسبيحات أو قدرهن (13).
وفي السرائر: نفى الخلاف عن أجزاء مطلق الذكر (14). والمشهور تعين
التسبيح،

(1) قرب الإسناد: ص 88.
(2) الخلاف: ج 1 ص 348 المسألة 99.
(3) المعتبر: ج 2 ص 195.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 119 س 5.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 282 س 17.
(6) المبسوط: ج 1 ص 111.
(7) السرائر: ج 1 ص 224.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 929 ب 7 من أبواب الركوع ح 1.
(9) المصدر السابق: ح 2.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 308.
(11) الجامع للشرائع: ص 83.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 925 ب 5 من أبواب الركوع ح 1.
(13) وسائل الشيعة: ج 4 ص 926 ب 5 من أبواب الركوع ح 5.
(14) السرائر: ج 1 ص 224.
72

للاحتياط، ولقول أبي جعفر عليه السلام لأبي بكر الحضرمي: ومن لم يسبح فلا
صلاة له (1). ولزرارة في الصحيح: إنه سأل عما يجزي من القول في الركوع
والسجود: ثلاث تسبيحات في مرسل، وواحدة تامة تجزي (2). وفيه أن إجزاؤها
لا ينافي إجزاء غيرها، وظاهر الخلاف الاجماع عليه (3).
(و) يجب (الرفع منه والطمأنينة فيه) للاجماع والأخبار (4) والتأسي،
ويكفي في هذه الطمأنينة مسماها.
(وطويل اليدين) بحيث تصلان ركبتيه أو تقربان منهما قبل الانحناء،
ويجب عليه أن (ينحني كالمستوي) الخلقة، لانتفاء حقيقة الركوع إذا انتفى
الانحناء المذكور، ويكفي قصيرهما الانحناء كالمستوي كفا قدهما.
(والعاجز عن الانحناء) الواجب (يأتي بالممكن) فلا يسقط الميسور
بالمعسور، ومنه أن لا يقدر إلا على الانحناء على أحد جانبيه، ولعله إذا تردد نيته
إلى بلوغ الكف الركبة وبين الانحناء من الجانبين دون ذلك وجب الأول.
(فإن عجز) عن الانحناء (أصلا) ولو بالاعتماد على شئ (أومأ
برأسه) إن أمكنه، كما في خبر إبراهيم الكرخي، عن الصادق عليه السلام (5)، وإلا فبعينه
بالتغميض كما مر.
(والقائم على هيئة الراكع) خلقة أو (لكبر أو مرض يزيد انحناء
يسيرا) وجوبا كما في الشرائع (6)، إن لم يكن بحيث لو زاد خرج عن مسمى

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 939 ب 15 من أبواب الركوع ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 923 ب 4 من أبواب الركوع ح 2.
(3) الخلاف: ج 1 ص 349 مسألة 100.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 939 ب 16 من أبواب الركوع.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 691 ب 1 من أبواب القيام ح 11.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 85.
73

الراكع، (للفرق) أي تحصيلا، للافتراق من القيام اللازم للركوع. وفي
المبسوط (1) والمعتبر (2) والمنتهى (3) والتذكرة (4): إنه لا يجب، وهو الأقوى،
لتحقق حقيقة الركوع، وإنما المنتفي هيئة القيام، فإن أمكنه تقليل انحنائه أو
الانتصاب بالاعتماد كان هو الواجب، واستشكل في التحرير (5).
(ولو شرع في الذكر الواجب قبل انتهاء) الانحناء إلى حد أقل
(الركوع) أو إلى الحد الذي يريده وهو ما قبل الطمأنينة متصلا بها (أو شرع
في النهوض قبل اكماله) أي الذكر (عامدا ولم يعده) راكعا مطمئنا (بطلت
صلاته)، لوجوب إيقاع الذكر بتمامه راكعا مطمئنا. هذا إن تم وجوب الاطمئنان
بقدر الذكر، وإلا فالمبطل إيقاع شئ من الذكر في غير حد أقل الركوع. وفي
الشرح: إن الإعادة لا يجزئ (6) للنهي المفسد (7).
قلت: المنهي إما تقديم الذكر أو النهوض، ولا يؤثر شئ منهما إفساد الصلاة.
(ولو عجز عن الطمأنينة) في الركوع (سقطت) ولكن عليه مع الامكان
الانحناء زيادة حتى يأتي بالذكر راكعا، (وكذا لو عجز عن الرفع) أو الطمأنينة فيه.
(فإن افتقر) في الركوع أو الرفع أو الطمأنينة (إلى ما يعتمد عليه
وجب) تحصيله ثم الاعتماد، وفي ثمنه أو الأجرة إن افتقر إلى أحدهما ما يقال
في الماء للوضوء.
(ويستحب التكبير قبله)، ولا يجب وفاقا للأكثر، للأصل، وقول أمير
المؤمنين عليه السلام في خبر محمد بن قيس: إن أول صلاة أحدكم الركوع (8). وخبر

(1) المبسوط: ج 1 ص 110.
(2) المعتبر: ج 2 ص 193.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 282 س 5.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 118 س 36.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 39 س 31.
(6) في ب وع (لا يجدي).
(7) جامع المقاصد: ج 2 ص 290.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 932 ب 9 من أبواب الركوع ح 6.
74

زرارة أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة، قال: الوقت والطهور والقبلة
والتوجه والركوع والسجود والدعاء، قال: ما سوى ذلك، قال: سنة في فريضة (1).
وخبر ابن مسكان، عن أبي بصير أنه سأله عليه السلام عن أدنى ما يجزئ في الصلاة من
التكبير؟ فقال: تكبيرة واحدة (2).
وأوجبه الحسن (3) وسلا ر (4)، ويحتمله الإنتصار (5)، للأمر في نحو قول أبي
جعفر عليه السلام في حسن زرارة وصحيحه: إذا أردت أن تركع فقل وأنت منتصب: الله
أكبر ثم اركع (6). وفي حسنه أيضا: إذا أردت أن تركع وتسجد فارفع يديك وكبر ثم
اركع وأسجد (7). وظاهر بيان الصلاة لحماد وقوله عليه السلام: يا حماد هكذا صل (8).
ويضعفها مع المعارضة الاشتمال على المندوبات. وفي الذكرى: استقرار الاجماع
على خلافهما (9).
ويستحب أن يكبر (رافعا يديه بحذاء أذنيه)، وكذا كما مر في تكبيرة
الاحرام، (وكذا عند كل تكبير) عرفت من كونه زينة وابتهالا وتبتلا. وقول
الصادق عليه السلام في خبر ابن مسكان: في الرجل يرفع يده كلما أهوى إلى الركوع
والسجود وكلما رفع رأسه من ركوع أو سجود، قال: هي العبودية (10).
وفي الذكرى عن كتاب الحسين بن سعيد، عن علي عليه السلام: رفع اليدين في

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 932 ب 9 من أبواب الركوع ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 714 ب 1 من أبواب تكبيرة الاحرام ح 5.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 170.
(4) المراسم: ص 69.
(5) الإنتصار: ص 44.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 920 ب 1 من أبواب الركوع ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 921 ب 2 من أبواب الركوع ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
(9) ذكرى الشيعة: ص 189 س 34.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 921 ب 2 من أبواب الركوع ح 3.
75

التكبير هو العبودية (1). وفي مجمع البيان عن الأصبغ، عنه عليه السلام: إن زينة الصلاة
رفع الأيدي عند كل تكبيرة (2)، إلى غير ذلك.
وأما قول الكاظم عليه السلام في صحيح أخيه: على الإمام أن يرفع يده في الصلاة
ليس على غيره أن يرفع يده في الصلاة (3). فإنما معناه ما قاله الشيخ من أنه على
الإمام آكد (4).
(و) يستحب قول (سمع الله لمن حمده ناهضا) من الركوع أي بعد
رفع الرأس منه كما في سائر كتبه (5) وكتب المحقق (6)، والمقنع (7) والجامع (8)
والمصباح (9) ومختصره (10) والسرائر (11)، للأخبار (12).
وقال الحلبيان: إنه يقول عند الرفع، فإذا استوى قائما قال: الحمد لله رب
العالمين أهل الكبرياء والعظمة والجبروت (13)، وهو ظاهر الإقتصاد (14). قال
الشهيد: وهو مردود بالأخبار المصرحة، بأن الجميع بعد انتصابه (15). والأمر كما قال.
(و) يستحب (التسبيح سبعا أو خمسا أو ثلاثا) أو أكثر، فعن أبان بن
تغلب أنه عد للصادق عليه السلام ستين تسبيحة (16). وعن حمزة بن حمران والحسن بن

(1) ذكرى الشيعة: ص 198 س 29.
(2) مجمع البيان: ج 10 ص 550.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 726 ب 9 من أبواب تكبيرة الاحرام ح 7.
(4) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 288 ذيل الحديث 1153.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 120 س 11، منتهى المطلب: ج 1 ص 285 س 28، تحرير
الأحكام: ج 1 ص 40 س 10.
(6) المعتبر: ج 2 ص 203، شرائع الاسلام: ج 1 ص 85.
(7) المقنع: ص 28.
(8) الجامع للشرائع: ص 76.
(9) مصباح المتهجد: 34.
(10) لا يوجد عندنا كتابه.
(11) السرائر: ج 1 ص 224.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 940 ب 17 من أبواب الركوع.
(13) الكافي في الفقه: ص 123، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 497 س 11.
(14) الإقتصاد: ص 262.
(15) ذكرى الشيعة: ص 199 س 23.
(16) وسائل الشيعة: ج 4 ص 926 ب 6 من أبواب الركوع ح 1.
76

زياد أنهما عدا له عليه السلام أربعا أو ثلاثا وثلاثين (1).
وقال عليه السلام فيما رواه البرقي في المحاسن بسنده عن أبي أسامة: عليكم بطول
الركوع والسجود (2).
ولا يجب التثليث على المختار كما في الكافي (3)، وظاهر المقنعة (4) وكتب
الصدوق (5) وحكي عن الحسن (6)، للأصل، وقول الصادق عليه السلام لهشام بن سالم:
الفريضة من ذلك تسبيحة، والسنة ثلاث، والفضل في سبع (7).
وصحيح علي بن يقطين أنه سأله الكاظم عليه السلام عن الركوع والسجود كم
يجزئ فيه من التسبيح؟ فقال: ثلاثة ويجزئك واحدة (8).
وصحيح زرارة أنه سأل أبا جعفر عليه السلام مما يجزئ من القول في الركوع
والسجود؟ فقال: ثلاث تسبيحات في ترسل وواحدة تامة يجزئ (9). وما ستسمعه
من خبر أن من نقص واحدة نقص ثلث صلاته، ومن نقص اثنتين نقص ثلثيها (10).
وفي الخلاف الاجماع (11).
ودليلهم بعض الأخبار كخبر حماد في بيان الصلاة (12). وصحيح ابن عمار
أنه سأل الصادق عليه السلام عن أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة؟ فقال: ثلاث
تسبيحات مترسلا (13). وقوله عليه السلام في خبر مسمع: لا يجزئ للرجل في صلاته أقل

(1) المصدر السابق: ح 2.
(2) المحاسن: ج 1 ص 18 ح 50.
(3) الكافي في الفقه: ص 123.
(4) المقنعة: ص 105.
(5) المقنع: ص 28، الهداية: 32، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 311 ح 927.
(6) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 195.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 923 ب 4 من أبواب الركوع ح 1.
(8) المصدر السابق: ح 3.
(9) المصدر السابق: ح 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 924 ب 4 من أبواب الركوع ح 5.
(11) الخلاف: ج 1 ص 349 المسألة 100.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
(13) وسائل الشيعة: ج 4 ص 925 ب 5 من أبواب الركوع ح 2.
77

من ثلاث تسبيحات أو قدرهن (1). ومضمر ابن مسكان، عن أبي بصير أنه
سأله عليه السلام عن أدنى ما يجزئ من التسبيح في الركوع والسجود؟ فقال: ثلاث
تسبيحات (2).
والجواب: الحمل على الفضل، وهو بعيد.
ثم التسبيح الذي استحبه وتكريره المصنف (صورته سبحان ربي العظيم
وبحمده) كما هو المشهور رواية وفتوى. وعن أبي بكر الحضرمي أنه سأل أبا
جعفر عليه السلام أي شئ حد الركوع والسجود؟ قال: تقول: سبحان ربي العظيم
وبحمده ثلاثا في الركوع وسبحان ربي الأعلى وبحمده في السجود، فمن نقص
واحدة نقص ثلث صلاته، ومن نقص اثنتين نقص ثلثي صلاته، ومن لم يسبح فلا
صلاة له (3).
وظاهر المقنعة (4) وجمل العلم والعمل (5) وشرحه للقاضي (6) وسلا ر (7) والشيخ
في عمل يوم وليلة (8) والاقتصاد (9) والمصباح (10) تعينه.
وعن عقبة بن عامر الجهني أنه قال: لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال لنا
رسول الله صلى الله عليه وآله: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت سبح اسم ربك الأعلى قال لنا
رسول الله صلى الله عليه وآله: اجعلوها في سجودكم (11).
وقال الصادق عليه السلام لهشام بن سالم: تقول في الركوع: سبحان ربي العظيم،

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 926 ب 5 من أبواب الركوع ح 4.
(2) المصدر السابق: ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 924 ب 4 من أبواب الركوع ح 7.
(4) المقنعة: ص 105.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 32.
(6) شرح جمل العلم والعمل: 89.
(7) المراسم: ص 71.
(8) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 147.
(9) الإقتصاد: 262..
(10) مصباح المتهجد: 34.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 944 ب 21 من أبواب الركوع ح 1.
78

وفي السجود سبحان ربي الأعلى الفريضة من ذلك تسبيحة (1). وبهما عمل الشيخ
في الإستبصار وخير بينه وبين سبحان الله ثلاثا (2)، ونحوه النافع (3)، وهو وجه
للجمع بين أخبار التثليث والتوحيد وجيه يعضده الاحتياط، وظاهر اللفظ.
ولنحو صحيح ابن عمار أنه سأل الصادق عن أخف ما يكون من التسبيح؟
فقال: ثلاث تسبيحات مترسلا تقول: سبحان الله سبحان الله (4).
وفي كتب الصدوق: التخيير بين هذه الثلاثة وسبحان ربي العظيم وبحمده
ثلاثا (5). وفي الشرائع: التخيير بينه مرة وبين تلك الثلاث (6). وفي النهاية (7)
والجامع (8): التخيير بينهما وبين لا إله إلا الله والله أكبر، وإنما أجاز المفيد سبحان
الله ثلاثا للعليل والمستعجل (9).
وفي الكافي: الفرض الخامس ثلاث تسبيحات على المختار وتسبيحة على
المضطر، أفضله سبحان ربي العظيم وبحمده، ويجوز سبحان الله (10). وهو يحتمل
الاختصاص بالمضطر، وأظهره العموم، فيفيد سبحان الله ثلاثا وسبحان ربي
العظيم وبحمده ثلاثا للمختار، وكلا منهما مرة للمضطر.
وفي الغنية: وأقل ما يجزئ في كل واحد منهما - يعني الركوع والسجود من
ذلك - تسبيحة واحدة، ولفظه الأفضل سبحان ربي العظيم وبحمده في الركوع،

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 923 ب 4 من أبواب الركوع ح 1.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 323 ذيل الحديث 1210.
(3) المختصر النافع: ص 32.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 925 ب 5 من أبواب الركوع ح 2.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 311 ح 927، المقنع: 28، الهداية: 32.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 85.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 308.
(8) الجامع للشرائع: ص 83.
(9) المقنعة: ص 143.
(10) الكافي في الفقه: ص 118.
79

وفي السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده، ويجوز فيهما سبحان الله (1).
وفي الإشارة: في الفروض تسبيحة واحدة فيه أفضلها سبحان ربي العظيم
وبحمده (2).
وهما يعطيان جواز الاقتصار على سبحان الله مرة اختيارا كما يفيده إطلاق
صحيحتي زرارة (3) وعلي بن يقطين (4)، وبقوله من اكتفى بمطلق الذكر كالمصنف.
وفي شرح جمل العلم والعمل للقاضي: واعلم أن أقل ما يجزئ في تسبيح
الركوع والسجود تسبيحة واحدة وهي أن تقول في الركوع: سبحان ربي العظيم
وبحمده، وفي السجود سبحان ربي الأعلى وبحمده. فقال: وأما الاقتصار على
سبحان الله وحدها فلا يجوز عندنا مع الاختيار (5). وهو يحتمل سبحان الله مرة
وإياه مطلق.
(و) يستحب (الدعاء بالمنقول قبل التسبيح) عن أبي جعفر عليه السلام في
صحيح زرارة (6) وحسنه. (ورد ركبتيه إلى خلفه وتسوية ظهره) حتى لو
صب عليه قطرة ماء لم تزل.
(ومد عنقه موازيا لظهره) لا منكوسا ولا مرفوعا، كل ذلك للأخبار (7).
وفي الفقيه أن أمير المؤمنين عليه السلام سئل ما معنى مد عنقك في الركوع، فقال: تأويله
آمنت بالله ولو ضربت عنقي (8).

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 10.
(2) إشارة السبق: ص 91.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 923 ب 4 من أبواب الركوع ح 2 و 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 923 ب 4 من أبواب الركوع ح 2 و 3.
(5) شرح جمل العلم والعمل: ص 90.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 920 ب 1 من أبواب الركوع ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 920 و 942 ب 1 و 9 من أبواب الركوع، و ب 1 من أبواب أفعال
الصلاة ص 674.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 311 ح 927.
80

(ورفع الإمام صوته بالذكر) لقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: ينبغي
للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول (1).
(والتجافي) لنحو خبر ابن بزيع قال: رأيت أبا الحسن عليه السلام يركع ركوعا
أخفض من ركوع كل من رأيته يركع، وكان إذا ركع جنح بيديه (2).
(ووضع اليدين على ركبتيه) للتأسي والأخبار (3)، وازدياد الطمأنينة به،
ولا يجب، للأصل وتضمن الأخبار به المستحبات. وقال أبو جعفر عليه السلام في صحيح
زرارة وحسنته: وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى (4).
ويستحب وضعهما عليهم (مفرجات الأصابع) للأخبار (5)، وإن كان بهما
عذر يمنع من الوضع أو التفريج سقط (و) إن كان بأحدهما (يختص ذات
العذر بتركه، ويكره جعلهما تحت ثيابه) ككلها في الركوع أو غيره، فعن
عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يصلي فيدخل يده في ثوبه، فقال: إن كان
عليه ثوب آخر إزار أو سراويل فلا بأس، وإن لم يكن فلا يجوز له ذلك، وإن
أدخل يدا واحدة ولم يدخل الأخرى فلا بأس (6).
وعن ابن مسلم في الصحيح أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الرجل يصلي ولا
يخرج يديه من ثوبه، فقال: إن أخرج يديه فحسن، وإن لم يخرج فلا بأس (7).
وإنما ذكره المصنف عند الركوع، لأنه عنده ربما تسبب لانكشاف

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 452 ب 52 من أبواب صلاة الجماعة ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 941 ب 18 من أبواب الركوع ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 920 ب 1 من أبواب الركوع ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 314 ب 40 من أبواب لباس المصلي ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 313 ب 40 من أبواب لباس المصلي ح 1.
81

العورة. وكره الحلبي جعلهما في الكمين أيضا، لعموم اخراج اليدين قال:
وتحت الثياب أشد كراهية (1)

(1) الكافي في الفقه: ص 125.
82

(الفصل السادس)
(في السجود)
(وهو واجب) بالنص (1) والاجماع، ويجب (في كل ركعة سجدتان)
إجماعا (هما معا ركن) أي (لو أخل بهما معا عمدا أو سهوا بطلت
صلاته)، و (لا) تبطل لو أخل (بالواحدة سهوا)، وكذا لو زاد سجدتين
بطلت صلاته، لا إن زاد واحدة سهوا وفاقا للأكثر.
أما البطلان بزيادتهما أو الاخلال بهما فلما عرفت من أنه الأصل في كل
جز منها، ولقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: لا تعاد الصلاة إلا من خمسة:
الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود (2). وقول الصادق عليه السلام في حسن
الحلبي: الصلاة ثلاثة أثلاث: ثلث طهور وثلث ركوع وثلث سجود (3).
أما عدمه بالاخلال بواحدة لا بزيادتها فلنحو خبر إسماعيل بن جابر عن
الصادق عليه السلام في رجل نسي أن يسجد السجدة الثانية حتى قام، فذكر وهو قائم
أنه لم يسجد، قال: فليسجد ما لم يركع، فإذا ركع فذكر بعد ركوعه أنه لم يسجد

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 683 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 14 و 15.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 987 ب 28 من أبواب السجود ح 1.
(3) المصدر السابق ح 2.
83

فليمض على صلاته حتى يسلم ثم يسجدها فإنها قضاء (1).
وقوله: في خبر عبيد بن زرارة: والله لا تفسد الصلاة بزيادة سجدة (2).
وفي صحيح منصور بن حازم: لا يعيد صلاة من سجدة ويعيدها من ركعة (3).
ولا فرق في جميع ذلك بين الرباعية وغيرها، ولا في الرباعية بين أوليتها
والأخيرتين للعمومات.
وقول الكاظم عليه السلام في مرسل المعلى بن خنيس: ونسيان السجدة في الأولتين
والأخيرتين سواء (4).
وخبر موسى بن عمر، عن محمد بن منصور أنه سأله عن الذي ينسى السجدة
الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها، فقال: إذا خفت أن لا تكون وضعت وجهك إلا
مرة واحدة، فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة وتضع وجهك مرة واحدة، وليس
عليك سهو (5).
وفي التهذيب قطعا (6) والاستبصار احتمالا (7): إن نسيان سجدة واحدة في
الأولتين مبطل للصلاة لا في الأخيرتين، وحمل السجدة في مرسل المعلى على
السجدتين، والركعة الثانية في خبر ابن منصور على ثانية الأخيرتين، وذلك
لتظافر الأخبار بأنه لا سهو في الأولتين (8)، ولا بد من سلامتهما.
ولصحيح البزنطي أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل صلى ركعتين ثم ذكر
في الثانية وهو راكع أنه ترك سجدة في الأولى، فقال: كان أبو الحسن عليه السلام يقول:

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 968 ب 14 من أبواب السجود ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 938 ب 14 من أبواب الركوع ح 3.
(3) المصدر السابق: ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 970 ب 14 من أبواب السجود ذيل الحديث 5.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 154 ذيل الحديث 604.
(7) الإستبصار: ج 1 ص 359 ذيل الحديث 1363.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 304 ب 28 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
84

إذا تركت السجدة في الركعة الأولى فلم تدر واحدة أو اثنتين، استقبلت حتى تصح
لك اثنتان، وإذا كان في الثالثة والرابعة فتركت سجدة بعد أن تكون خفضت للركوع
وأعدت السجود (1).
وأجيب في المختلف باحتمال استقبال السجدة لا الصلاة، أي الاتيان
بالسجدة المشكوكة في محلها، قال: ويكون قوله عليه السلام (وإذا كان في الثالثة
والرابعة فتركت سجدة) راجعا إلى من تيقن ترك السجدة في الأولتين فإن عليه
إعادة السجدة، لفوات محلها، ولا شئ عليه لو شك بخلاف ما لو كان في الأولى،
لأنه لم ينتقل عن محل السجود فيأتي بالمشكوك فيه (2).
أقول: معنى الخبر على ما فهمه الشيخ أن السائل سأل عن رجل تيقن وهو
راكع في الثانية أنه ترك سجدة من الأولى، فقال عليه السلام: إن الشك يوجب استقبال
الصلاة، فاليقين أولى، بخلاف الركعتين الأخيرتين فإنما عليه إذا ترك سجدة فيهما
أن يقضيها بعد.
وعلى ما فهمه المصنف، من أن السائل لما سأل عن ذلك أجاب عليه السلام: بأن
على الشاك أن يأتي بالسجدة في محلها حتى تكون أتيا بالسجدتين، فالمتيقن
أولى، والراكع في الثانية لم يتجاوز محل الاتيان بالسجدة، فيهوي إلى السجود
الثاني، بخلاف ما إذا أتم الركعتين فتيقن في الثالثة أو الرابعة أنه ترك سجدة في
الأولى، فإنما عليه قضاء السجدة بعد.
ولا ينافيه أن لفظ الخبر في الكافي (3) وقرب الإسناد للحميري: استقبلت
الصلاة (4)، فإن الرجوع إلى السجود استقبال للصلاة، أي رجوع إلى جز متقدم
منها. ولم يستبعد الشهيد حمله على استحباب الاستقبال (5).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 968 ب 14 من أبواب السجود ح 3.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 369.
(3) الكافي: ج 3 ص 349 ح 3.
(4) قرب الإسناد: ص 160.
(5) ذكرى الشيعة: ص 200 س 31.
85

ثم في التهذيب (1) والاستبصار (2) أيضا والمبسوط (3) والإصباح: إنه لا تبطل
الصلاة بزيادة سجدتين في إحدى الأخيرتين سهوا، فقال: إن من سها فيها عن
الركوع فلم يذكره إلا بعد السجدتين ألقاهما فيركع ثم أعاد سجدتين (4) جمعا بين
نحو قول الصادق عليه السلام في خبري إسحاق وأبي بصير: إذا أيقن الرجل أنه ترك
ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة (5).
وخبر محمد بن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام في رجل شك بعد ما سجد أنه لم
يركع، قال: فإن استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما، فيبني على صلاته
على التمام (6). وهو يحتمل الاستئناف.
وألحق علي بن بابويه الركعة الثانية بالأخيرتين فقال: وإن نسيت الركوع بعد
ما سجدت في الركعة الأولى فأعد صلاتك، فإنه إذا لم يثبت لك الأولى لم تثبت
لك صلاتك، وإن كان الركوع من الركعة الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين
واجعل الثالثة ثانية والرابعة ثالثة (7).
وكذا أبو علي ولكن بالتخيير فقال: لو صحت الأولى وسهى في الثانية سهوا لم
يمكنه استدراكه، كأن أيقن وهو ساجد أنه لم يكن ركع، فأراد البناء على الركعة
الأولى التي صحت له رجوت أن يجزئه ذلك، ولو أعاد إذا كان في الأولتين وكان
الوقت متسعا كان أحب إلي، وفي الثانيتين ذلك يجزئه (8). ويمكن استنادهما إلى
اختصاص الإعادة في خبر البزنطي إلى الأولى.

(1) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 149 ذيل الحديث 584.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 356 ذيل الحديث 1348.
(3) المبسوط: ج 1 ص 109.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 624.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 933 ب 10 من أبواب الركوع ح 2 و 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 934 ب 11 من أبواب الركوع ح 2.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 363.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 363.
86

وأبطل شيخنا الكليني الصلاة بزيادة سجدة واحدة وبتركها مطلقا (1)، بناء على
الأصل. والسيد في الجمل (2) والحلبيان (3) وابن إدريس (4) بزيادة سجدة، والحسن
بتركها (5)، لمرسل معلى بن خنيس أنه سأل أبا جعفر عليه السلام في الرجل ينسى
السجدة من صلاته، فقال: إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته، ثم
يسجد سجدتي السهو بعد انصرافه، وإن ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة، ونسيان
السجدة في الأولتين والأخيرتين سواء (6).
وهو مع الضعف والارسال معارض بما تقدم. وحمله الشيخ - كما عرفت -
على السجدتين، واحتاط أبو علي بالإعادة إن تركها في الأولتين وكان في
وقت (7).
(ويجب فيه الانحناء بحيث يساوي موضع جبهته موقفه أو يزيد)
أي يعلو عليه (بقدر لبنة) فما دونه (لا غير) وفاقا للشيخ (8) والكندري (9)
والمحقق (10)، لما أرسله الكليني فقال: وفي حديث آخر في السجود على الأرض،
المرتفعة قال: إذا كان موضع جبهتك مرتفعا من رجليك قدر لبنة فلا بأس (11).

(1) الكافي: ج 3 ص 361 ذيل الحديث 9.
(2) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) المجموعة الثالثة: ص 36.
(3) الكافي في الفقه: ص 199، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 503 س 30.
(4) السرائر: ج 1 ص 240.
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 200 س 33.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 969 ب 14 من أبواب السجود ح 5.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 372.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 310.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 620.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 86.
(11) الكافي: ج 3 ص 333 ح 4.
87

ولخبر عبد الله بن سنان أنه سأل الصادق عليه السلام عن السجود على الأرض
المرتفعة، فقال: إذا كان موضع جبهتك مرتفعا عن موضع بدنك قدر لبنة فلا
بأس (1). ويحتمل (يديك) بياءين مثناتين من تحت، فلا يفيد العلو على الموقف.
وزيد في التذكرة (2) ونهاية الإحكام: إنه لا يتمكن من الاحتراز عنه غالبا،
وأنه لا يعد علوا يخرج الساجد عن مسماه لغة أو عرفا (3)، مع أن الأصل
والنصوص والفتاوى إنما يتوجه.
وفي الذكرى: تقدير اللبنة أربع أصابع تقريبا (4)، يعني مضمومة. وفي الوسيلة
مكان (اللبنة) حجم (المخدة) (5).
وقال أبو علي: ولا نختار أن يكون موضع السجود إلا مساويا لمقام المصلي
من غير رفع ولا هبوط، فإن كان بينهما قدر أربع أصابع مقبوضة جاز ذلك مع
الضرورة لا الاختيار، ولو كان علو مكان السجود - كانحدار التل ومسيل الماء -
جاز ما لم يكن في ذلك تحرف وتدريج وإن تجاوز أربع أصابع بالضرورة (6).
قال الشهيد: وظاهره أن الأرض المنحدرة كغيرها في اعتبار الضرورة (7).
(و) يجب (وضعها) أي الجبهة (على ما يصح السجود عليه) من ما
مضى، فإن وضعها على غيره تدارك بجرها إلى ما يصح عليه كما في الأخبار (8)
من غير رفع لها، إلا أن يكون أرفع من حد المسجد.
(و) يجب (السجود عليها وعلى الكفين والركبتين وإبهامي

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 964 ب 11 من أبواب السجود ح 1.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 121 س 8.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 489.
(4) ذكرى الشيعة: ص 160 س 36.
(5) الوسيلة: ص 96.
(6) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 202 س 3.
(7) نقله عنه في المصدر السابق س 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 960 ب 8 من أبواب السجود.
88

الرجلين) كما في المهذب (1) والجامع (2) وكتب المحقق (3) وظاهر المقنع (4)
والهداية (5) وفي المقنعة (6) والنهاية (7)، وإن لم تنصا على الوجوب كالمراسم (8)،
لحسن حماد عن الصادق عليه السلام (9)، وصحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (10)، وحسنه
عنه عليه السلام الذي رواه الصدوق في الخصال (11).
وفي الأحمدي: يكره السجود على نفس قصاص الشعر دون الجبهة (12). وفي
المنتهى: إنه لا خلاف في أنه لا يجزئ السجود على الرأس أو الخد (13).
وفي خبر طلحة بن زيد، عن الصادق عليه السلام: أن عليا عليه السلام كان يكره أن يصلي
على قصاص شعرة حتى يرسله إرسالا (14).
وفي السرائر (15) وجمل العلم والعمل مكان (الكفين) (مفصل الزندين من
الكفين) (16). وفي شرح الجمل للقاضي: إنه لا خلاف عندنا في السبعة المذكورة
فيه (17).
وحمله الشهيد على الاجزاء به من الكفين (18)، وهو أولى من تعينه من

(1) المهذب: ج 1 ص 93.
(2) الجامع للشرائع: ص 75.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 86، المعتبر: ج 2 ص 206.
(4) المقنع: ص 26.
(5) الهداية: ص 32.
(6) المقنعة: ص 105.
(7) النهاية: ونكتها: ج 1 ص 296.
(8) المراسم: ص 71.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 675 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 2.
(10) المصدر السابق ح 3.
(11) الخصال: ح 2 ص 349.
(12) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 201 س 34.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 289 س 28.
(14) وسائل الشيعة: ج 4 ص 954 ب 4 من أبواب السجود ح 3.
(15) السرائر: ج 1 ص 225.
(16) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 32.
(17) شرح جمل العلم والعمل: ص 90.
(18) ذكرى الشيعة: ص 201 س 4.
89

الكفين. وفي سائر كتب الشيخ (1) والوسيلة (2) والإصباح (3) مكان (الكفين)
(اليدين)، كما في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (4).
والعبرة في الكفين بباطنهما للتأسي، وتردد في المنتهى (5) في ظاهرهما، وفي
الإبهامين بأناملهما للصلاة البيانية، لحماد (6).
والأقرب - كما في المنتهى - تساوي ظاهرهما وباطنهما (7) وفي الجمل
والعقود (8) والوسيلة (9) مكان الإبهامين (أصابع الرجلين) وفي كتاب أحكام
النساء للمفيد (10) وسائر كتب الشيخ (11) والكافي (12) والغنية (13): أطرافها (14).
وفي المبسوط: وضع بعض كفيه أو بعض ركبتيه أو بعض أصابع رجليه أجزاءأ
عنه، والكمال أن يضع العضو بكماله (15). والوجه تعين الإبهامين.
نعم، إن تعذر عليهما أجزأ على غيرهما، كما حمل عليه الشيخ خبر هارون بن
خارجة أنه رأى الصادق عليه السلام ساجدا، وقد رفع قدميه من الأرض وإحدى قدميه
على الأخرى (16). ويجوز أن يريد أنه رآه عليه السلام ناصبا لقدميه غير مفترش لهما.
(و) يجب فيه (الذكر) إجماعا من التسبيح وشبهه (كالركوع) كما في

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 296، المبسوط: ج 1 ص 112، الخلاف: ج 1 ص 356 المسألة 110.
(2) الوسيلة: ص 94.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 621.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 954 ب 4 من أبواب السجود ح 2.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 290 س 11.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 290 س 12.
(8) الجمل والعقود: ص 68.
(9) الوسيلة: ص 94.
(10) أحكام النساء (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 27.
(11) المبسوط: ج 1 ص 112.
(12) الكافي في الفقه: ص 119.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 16.
(14) في ب و ط (أطرافهما).
(15) المبسوط: ج 1 ص 112.
(16) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 301 ح 1214.
90

السرائر (1) والشرائع (2) كما مر في الركوع. (وقيل) في النهاية (3) وعمل يوم
وليلة (4) وشرح جمل العلم والعمل للقاضي (5): (يجب سبحان ربي الأعلى
وبحمده)، ويعطيه الخلاف للاحتياط، وما روي أنه لما نزل سبح اسم ربك
الأعلى قال النبي صلى الله عليه وآله: اجعلوها في سجودكم (6).
وفي الجامع: يتخير بينه وبين لا إله إلا الله والله أكبر (7). وفي الفقيه (8)
والهداية (9) والمقنع: يتخير بينه وبين سبحان الله ثلاثا (10). وفي المقنعة: يجوز
سبحان الله ثلاثا للمريض والمستعجل (11). وفي المبسوط (12) والخلاف (13) والغنية:
أقل ما يجزى تسبيحة واحدة (14). وفي الكافي للمضطر (15)، وفيه وفي الغنية: أفضلها
سبحان ربي الأعلى وبحمده، ويجوز سبحان الله (16).
(و) يجب (الطمأنينة) فيه إجماعا على ما في الغنية (17) وظاهر
المعتبر (18)، وفي الخلاف: الاجماع على أنها ركن (بقدره) (19) أي الذكر كما في
النافع (20) وشرحه (21)، وإلا لم يكن ذاكر في السجود.
(و) يجب (رفع الرأس من الأولى) عندنا، خلافا لبعض العامة، فاكتفى

(1) السرائر: ج 1 ص 224.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 86.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 309.
(4) عمل يوم وليلة (الرسائل العشر): ص 147.
(5) شرح جمل العلم والعمل: ص 90.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 944 ب 21 من أبواب الركوع ح 1.
(7) الجامع للشرائع: ص 83.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 313 ح 929.
(9) الهداية: ص 32.
(10) المقنع: ص 28.
(11) المقنعة: ص 143.
(12) المبسوط: ج 1 ص.
(13) الخلاف: ج 1 ص 349 المسألة 100.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 10.
(15) الكافي في الفقه: ص 118.
(16) الكافي في الفقه: ص 119، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 11.
(17) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 8.
(18) المعتبر: ج 2 ص 210.
(19) الخلاف: ج 1 ص 359 المسألة 16.
(20) المختصر النافع: ص 32.
(21) المعتبر: ج 2 ص 210.
91

بأن ينقل الجبهة من مكانها إلى أخفض (1). ومن الثانية بلا خلاف كما في المنتهى (2)
والتذكرة، للقيام أو للتشهد (3) كما في التذكرة ونهاية الإحكام (4). فتخصيص الأولى
إما لوقوع الخلاف فيها، أو لأن الرفع من الثانية إنما يجب للقيام أو التشهد لا لنفسه.
(و) يجب (الطمأنينة) في الرفع من الأولى (قاعدا) لصلاة
الصادق عليه السلام (5) لحماد، وقوله عليه السلام لأبي بصير: وإذا رفعت رأسك من الركوع فأقم
صلبك حتى ترجع مفاصلك، وإذا سجدت فاقعد مثل ذلك، وإذا كان في الركعة
الأولى والثانية ورفعت رأسك من السجود فاستتم جالسا حتى ترجع مفاصلك (6).
وقول النبي صلى الله عليه وآله في خبر بكر بن محمد الأزدي، عن الصادق عليه السلام: إذا سجد
فلينفرج وليتمكن، وإذا رفع رأسه فليلبث حتى يسكن، رواه الحميري في قرب الإسناد (7). وفي الغنية (8) والمعتبر (9) والمنتهى (10) والتذكرة الاجماع عليه (11).
(ويكفي في وضع الجبهة الاسم) كما في النهاية (12) والمبسوط (13)
والإصباح (14) والمعتبر (15)، للأصل والأخبار (16).
وفي الفقيه: أنه يجزئ مقدار درهم (17). وفي الأحمدي (18) والسرائر: إنه

(1) الفتاوى الهندية: ج 1 ص 75.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 287 س 24.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 121 س 20.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 491.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 678 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 9.
(7) قرب الإسناد: ص 18.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 8.
(9) المعتبر: ج 2 ص 210.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 288 س 19.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 121 س 16.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 309.
(13) المبسوط: ج 1 ص 114.
(14) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 620.
(15) المعتبر: ج 2 ص 206.
(16) وسائل الشيعة: ج 4 ص 962 ب 9 من أبواب أفعال الصلاة.
(17) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 269 ح 831.
(18) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 201 س 34.
92

يجزئ من بجبهته علة، وكذا سائر الأعضاء (1)، كما في المبسوط (2) والجامع (3)
والمعتبر (4)، للأصل. وتردد في موضع من المنتهى، لاختصاص نص الاجزاء
بالجبهة (5).
قلت: الخمرة في عهدهم عليهم السلام قد تفيد الاجزاء في الكفين.
(فإن عجز عن الانحناء) الواجب في السجود انحنى ما أمكنه و (رفع ما
يسجد عليه) إلى جبهته فوضعها عليه، لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، ولأن
زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام في الصحيح عن سجود المريض، فقال: يسجد على
الأرض أو على المروحة أو على سواك يرفعه هو أفضل من الإيماء، إنما كره من
كره السجود على المروحة من أجل الأوثان التي كانت تعبد من دون الله، وإنا لا
نعبد غير الله قط، فاسجد على المروحة أو على سواك أو على عود (6).
ولخبر إبراهيم بن أبي زياد الكرخي أنه سأل الصادق عليه السلام رجل شيخ لا
يستطيع القيام إلى الخلا ولا يمكنه الركوع والسجود، فقال عليه السلام: ليومئ برأسه
إيماء، وإن كان له من يرفع الخمرة فليسجد، فإن لم يمكنه ذلك فليومئ برأسه نحو
القبلة إيماء (7).
(فإن تعذر) رفع ما يسجد عليه اقتصر على الانحناء، فإن تعذر الانحناء
رأسا (أومأ) برأسه إن أمكن، وإلا فبعينيه إن أمكن، وإلا فبواحدة. وهل يجب
مع ذلك رفع ما يصح السجود عليه إلى الجبهة؟ الأقرب - كما في نهاية الإحكام (8) -
الوجوب لعموم الخبرين، ولوجوب مماسة الجبهة له مع الانحناء، فلا يسقط شئ

(1) السرائر: ج 1 ص 225.
(2) المبسوط: ج 1 ص 112.
(3) الجامع للشرائع: ص 79.
(4) المعتبر: ج 2 ص 209.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 290 س 10.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 606 ب 15 من أبواب ما يسجد عليه ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 976 ب 20 من أبواب السجود ح 1.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 495.
93

منهما بسقوط الآخر.
ولعموم خبر زرعة، عن سماعة أنه سأله عليه السلام عن المريض لا يستطيع
الجلوس، قال: فليصل وهو مضطجع، وليضع على جبهته شيئا إذا سجد (1).
وما في الفقيه: إنه سئل الصادق عليه السلام عن المريض لا يستطيع الجلوس يصلي
وهو مضطجع ويضع على جبهته شيئا؟ قال: نعم (2). وإن تعذر الإيماء رفع ما يسجد
عليه.
وما رواه الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن
جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن المريض الذي لا يستطيع القعود ولا الإيماء كيف
يصلي وهو مضطجع؟ قال: يرفع مروحة إلى وجهه ويضع على جبينه (3).
وفي المقنع: إذا لم يستطع السجود فليومئ برأسه إيماء، وإن رفع إليه شئ
يسجد عليه خمرة أو مروحة أو عود فلا بأس، وذلك أفضل من الإيماء (4). وهو
افتاء بصحيح زرارة.
ويحتملان أن من تعذر عليه الانحناء للسجود رأسا يتخير بين الإيماء ورفع
ما يسجد عليه وهو أفضل، وأنه يتخير بين الاقتصار على الإيماء والجمع بينهما
وهو أفضل. ويحتملان عموم الإيماء للانحناء لا بحد السجود وتحتم الرفع حينئذ
خصوصا الخبر واستحبابه.
وفي المقنعة: يكره له وضع الجبهة على سجادة يمسكها غيره، أو مروحة وما
أشبهها عند صلاته مضطجعا، لما في ذلك من الشبه بالسجود للأصنام (5).
قلت: أما المروحة فمرت الإشارة إلى ما فيها في صحيح زرارة، وأما سجادة

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 690 ب 1 من أبواب القيام ح 5.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 361 ح 1034.
(3) قرب الإسناد: ص 97.
(4) المقنع: ص 36.
(5) المقنعة: ص 215.
94

يمسكها غيره فعن أبي بصير أنه سأل الصادق عليه السلام عن المريض هل تمسك له
المرأة شيئا فيسجد عليه؟ فقال: لا، إلا أن يكون مضطرا ليس عنده غيرها (1). وهو
إنما يفيد كراهية إمساك المرأة إذا وجد غيرها، ولذا اقتصر عليها الصدوق في
المقنع (2) ثم الأخبار (3) والفتاوى ناطقة بأن الإيماء بالرأس للسجود وأخفض مما
للركوع.
وفي المقنعة: يصلي السابح في الماء عند غرقه أو ضرورته إلى السباحة مومئا
إلى القبلة إن عرفها، وإلا ففي جهة وجهه، ويكون ركوعه أخفض من سجوده، لأن
الركوع انخفاض منه والسجود إيماء إلى القبلة في الحال، وكذلك صلاة
الموتحل (4). إنتهى.
والأمر كما ذكره، فإن السابح منكب على الماء كهيئة الساجد، وهو تفسير
لقول الصدوق. وفي الماء والطين تكون الصلاة بالايماء والركوع أخفض من
السجود.
وفي النهاية (5) والمبسوط (6) والكافي (7) والمهذب (8) والوسيلة (9)
والإصباح (10) والسرائر (11) والجامع: إن سجودهما أخفض (12).
وعن إسماعيل بن جابر أن الصادق عليه السلام سئل عن الرجل تدركه الصلاة وهو
في ماء يخوضه لا يقدر على الأرض، فقال عليه السلام: إن كان في حرب أو في سبيل

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 690 ب 1 من أبواب القيام ح 7.
(2) المقنع: ص 36.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 689 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة.
(4) المقنعة: ص 215.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 368.
(6) المبسوط: ج 1 ص 130.
(7) الكافي في الفقه: ص 147.
(8) المهذب: ج 1 ص 117.
(9) الوسيلة: ص 116.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 635.
(11) السرائر: ج 1 ص 352.
(12) الجامع للشرائع: ص 90.
95

الله فليومئ إيماء، وإن كان في تجارة فلم يكن ينبغي له أن يخوض الماء حتى
يصلي، قال، قلت: كيف يصنع؟ قال: يقضيها إذا خرج من الماء وقد ضيع (1).
(وذو الدمل) على جبهته ونحوه مما يمنع من وضعها على الأرض من غير
استيعاب لها (يضع السليم) منها (بأن يحفر حفيرة) للدمل (ليقع السليم
على الأرض) كما في خبر مصادف قال: خرج بي دمل، فكنت أسجد على
جانب، فرأى أبو عبد الله عليه السلام فقال: ما هذا؟ فقلت: لا أستطيع أن أسجد من أجل
الدمل، فإنما أسجد منحرفا، فقال: لي لا تفعل ذلك، إحفر حفيرة واجعل الدمل في
الحفيرة حتى تقع جبهتك على الأرض (2).
(فإن استوعب) الجبهة بدمل أو نحوه (سجد على أحد الجبينين) كما
في السرائر (3) وكتب المحقق قال: لأنهما مع الجبهة كالعضو الواحد، فقام كل
واحد منهما مقامهما، ولأن السجود على أحد الجبينين أشبه بالسجود على الجبهة
من الإيماء، والايماء سجود مع تعذر الجبهة، فالجبينين أولى (4).
قلت: ضعف الوجهين ظاهر مع انحراف الوجه بوضعهما عن القبلة، وخلوهما
عن نص وإجماع، وقد يعم لهما قول أبي جعفر عليه السلام لزرارة: ما بين قصاص الشعر
إلى موضع الحاجب ما وضعت منه أجزأك (5). وإن احتمل أن يراد ذلك من الجبهة
كما في غيره من الأخبار.
(فإن تعذر فعلى ذقنه) لخبر علي بن محمد قال: سئل أبو عبد الله عليه السلام
عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها، قال: يضع ذقنه على الأرض، إن الله

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 440 ب 15 من أبواب مكان المصلي ح 1.
(2) وسائل الشيعة ج 4 ص 965 ب 12 من أبواب السجود ح 1.
(3) السرائر: ج 1 ص 225.
(4) المعتبر: ج 2 ص 209، شرائع الاسلام: ج 1 ص 87.
(5) وسائل الشيعة ج 4 ص 962 ب 9 من أبواب السجود ح 2.
96

تعالى يقول: (يخرون للأذقان سجدا) (1). وقد ينفي الجبينين، إلا أن يدخلا في
الجبهة.
وفي الخلاف: الاجماع عليه وعلى القرنين، قال: إذا لم يقدر على السجود
على جبهته وقدر على السجود على أحد قرنيه أو على ذقنه سجد عليه، وقال
الشافعي: لا يسجد عليه، ولكن يقرب وجهه من الأرض قدر ما يمكنه (2).
وفي النهاية: فإن كان في جبهته دمل أو جراج لم يتمكن من السجود عليه فلا
بأس أن يسجد على أحد جانبيه، فإن لم يتمكن سجد على ذقنه وقد أجزاه ذلك،
وإن جعل لموضع الدمل حفيرة ووضعه فيها لم يكن به بأس (3).
وفي المبسوط: فإن كان هناك دمل أو جراح ولم يتمكن سجد على جانبيه،
فإن لم يتمكن سجد على ذقنه، فإن جعل لموضع الدمل حفيرة يجعله فيها كان
جائزا (4). ونحوه الجامع (5)، وهو كما في الذكرى (6) صريح في عدم وجوب
الحفرة، والأمر كذلك إذا أمكن السجود بدونه على بعض الجبهة كما فرضناه،
لأنهما إنما أمرا بالسجود على جانبيه، أي جانبي الدمل من الجبهة، فكأنهما قالا:
سجدا على أحد جانبي الدمل من الجبهة إن أمكن بالحفرة أو بغيره (7)، وإلا سجد
على الذقن من غير تجويز للجبينين (8).
وفي الذكرى عن ابن حمزة يسجد على أحد جانبيهما، فإن لم يتمكن
فالحفيرة، فإن لم يتمكن فعلى ذقنه (9).
والظاهر منه جانبي الجبهة، ولما قدم السجود عليهما وعلى الحفرة لم يكن بد
من أن يريد الجانبين منها لا الجبينين، وفي بعض القيود أن الأنف مقدم على

(1) وسائل الشيعة ج 4 ص 965 ب 12 من أبواب السجود ح 2.
(2) الخلاف: ج 1 ص 419 المسألة 165.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 309.
(4) المبسوط: ج 1 ص 114.
(5) الجامع للشرائع: ص 84.
(6) ذكرى الشيعة: ص 201 س 16.
(7) في ع (بالحفر).
(8) في ب وع (الجبين).
(9) ذكرى الشيعة: ص 201 س 17.
97

الذقن، فإن لم يتمكن من الجبينين (1) سجد على الأنف إن أمكن، وإلا فعلى الذقن.
وقال الصدوقان في الرسالة (2) والمقنع: إن ذا الدمل يحفر له حفيرة، وأن من
بجبهته ما يمنعه يسجد على قرنه الأيمن من جبهته، فإن عجز فعلى قرنه الأيسر
منها، فإن عجز فعلى ظهر كفه، فإن عجز فعلى ذقنه (3).
وفي تفسير علي بن إبراهيم: عن إسحاق بن عمار أنه سأل الصادق عليه السلام
رجل بين عينيه قرحة لا يستطيع أن يسجد عليها، قال: يسجد ما بين طرف شعره،
فإن لم يقدر سجد على حاجبه الأيمن، فإن لم يقدر فعلى حاجبه الأيسر فإن لم
يقدر فعلى ذقنه (4).
(فإن تعذر) جميع ما ذكر (أومأ) بما يمكنه من الانحناء أو بالرأس
خاصة أو بالعين، فإن لم يتمكن احتمل سقوط الصلاة، وإن صلى واكتفى
بالاخطار بالبال كان أحوط.
(ولو عجز عن الطمأنينة سقطت، ويستحب التكبير) قبل السجود
وفاقا للمعظم، وخلافا للحسن (5) وسلا ر (6)، والكلام فيه كما في تكبير الركوع،
وكذا الكلام في التكبيرات الآتية.
ويستحب أن يكبر (قائما)، فإذا انتهى هوى إلى السجود، وكذا في تكبير
الركوع، لقول حماد، ثم قال: الله أكبر وهو قائم ثم ركع - إلى قوله: - بعد التسميع ثم
كبر وهو قائم (7).

(1) في ب وع (الجبين).
(2) نقله عنه في من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 269 ح 831.
(3) المقنع: ص 25.
(4) تفسير القمي: ج 2 ص 30.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 170.
(6) المراسم: ص 71.
(7) وسائل الشيعة ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
98

وقول أبي جعفر عليه السلام في حسن زرارة: إذا أردت أن تركع وتسجد فارفع
يديك وكبر ثم اركع واسجد (1). وفي حسنه وصحيحه: إذا أردت أن تركع فقل
وأنت منتصب: الله أكبر ثم اركع (2).
قال المحقق،: وهو اختيار الأصحاب (3). وفي المنتهى: وعليه فتوى
علمائنا (4).
وفي الخلاف: يجوز أن يكبر ثم يركع، وبه قال أبو حنيفة، ويجوز أيضا أن
يهوي بالتكبير إلى الركوع، فيكون انتهاء التكبير مع انتهاء الركوع، وهو مذهب
الشافعي، دليلنا إجماع الفرقة، فإنهم لا يختلفون في ذلك، وقد روي ذلك في خبر
حماد بن عيسى وزرارة في صفة الصلاة عن أبي عبد الله عليه السلام (5).
قال في المنتهى: فإن أراد به المساواة فهو ممنوع (6). وقال الحسن: يبدأ
بالتكبير قائما، ويكون انتهاء التكبير مع مستقره ساجدا (7).
وفي خبر المعلى بن خنيس، عن الصادق عليه السلام: قال كان علي بن
الحسين عليهما السلام إذا هوى ساجدا انكب وهو يكبر (8).
(و) يستحب التكبير (عند) كمال (انتصابه منه) أي السجود مرتين
(لرفعه مرة وللثانية أخرى) كما في خبر حماد (9)، وأوجب صاحب الفاخر
إحداهما (10). (وعند) كمال (انتصابه من الثانية).

(1) وسائل الشيعة ج 4 ص 921 ب 2 من أبواب الركوع ح 1.
(2) وسائل الشيعة ج 4 ص 920 ب 1 من أبواب الركوع ح 1.
(3) المعتبر: ج 2 ص 198.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 288 س 28.
(5) لخلاف: ج 1 ص 347 المسألة 96.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 284 س 21.
(7) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 201 س 36.
(8) وسائل الشيعة ج 4 ص 982 ب 24 من أبواب السجود ح 2.
(9) 917 وسائل الشيعة ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
(10) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 206 س 4.
99

وقال أبو علي: إذا أراد أن يدخل في فعل من فرائض الصلاة ابتداء بالتكبير مع
حال ابتدائه وهو منتصب القامة لافظ به رافع يديه إلى نحو صدره، وإذا أراد أن
يخرج من ذلك الفعل كان تكبيره بعد الخروج منه وحصوله فيما يليه من انتصاب
ظهره في القيام وتمكنه من الجلوس (1).
وعن مصباح السيد: وقد روي أنه إذا كبر للدخول في فعل من الصلاة ابتداء
بالتكبير في حال ابتدائه، وللخروج بعد الانفصال عنه (2).
قال المحقق: والوجه إكمال التكبير قبل الدخول والابتداء به بعد الخروج،
وعليه روايات الأصحاب، فمن ذلك رواية حماد، عن أبي عبد الله عليه السلام - إلى أن
قال: - وما روي مما يخالف ذلك محمول على الجواز (3).
قلت: وفي المقنعة (4) والسرائر: إنه يرفع يديه بالتكبير مع رفع رأسه (5)، لكن
ابن إدريس نص بعد ذلك على استحباب أن يكون التكبير بعد التمكن من الجلوس،
وهو دليل أنه لا يريد بالمعية ما ينافيه.
وفي الإقتصاد (6) والمهذب: إنه يرفع رأسه بالتكبير (7)، وظاهره المعية
المنافية، وقد لا يكون مراده.
(و) يستحب (تلقي الأرض بيديه) إذا هوى إلى السجود قبل وضع
ركبتيه، للأخبار (8)، ولأنه أدخل في الخضوع، والاجماع كما في الخلاف (9)
والمنتهى (10) والتذكرة (11)، ولا يجب، للأصل. وخبر عبد الرحمن بن أبي

(1) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 202 س 16.
(2) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 214.
(3) المعتبر: ج 2 ص 214.
(4) المقنعة: ص 106.
(5) السرائر: ج 1 ص 227.
(6) الإقتصاد: ص 263.
(7) المهذب: ج 1 ص 94.
(8) وسائل الشيعة ج 4 ص 983 ب 26 من أبواب السجود ح 4.
(9) الخلاف: ج 1 ص 354 المسألة 108.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 288 س 31.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 121 س 27.
100

عبد الله أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل إذا ركع ثم رفع رأسه أيبتدئ فيضع يديه
على الأرض أم ركبتيه؟ قال: لا يضره بأي ذلك بداء فهو مقبول منه (1).
وأوجبه الصدوق في الأمالي (2). قال الشهيد: ويستحب أن يكونا معا، وروي
السبق باليمنى، وهو اختيار الجعفي (3).
(و) يستحب (الارغام بالأنف) للأخبار (4)، وزيادة الخضوع. وفي
الفقيه (5) والهداية: إن من لم يرغم فلا صلاة له (6). وفي الذكرى عن المقنع أيضا (7).
وبه خبرا عمار (8) وعبد الله بن المغيرة (9)، وحملا على التأكيد، لأخبار: أن السجود
على سبعة أعظم، أو أعضاء (10). وخبر محمد بن مصادف أنه سمع الصادق عليه السلام
يقول: إنما السجود على الجبهة، وليس على الأنف سجود (11).
ويحصل الارغام بما يصيب الأرض من الأنف.
وفي جمل العلم والعمل: الارغام بطرف الأنف مما يلي الحاجبين من وكيد
السنن (12)، ونحوه السرائر (13).
وعن البشرى: إنه ضعيف، لافتقاره إلى تهيئة موضع للسجود ذي هبوط
وارتفاع، لانخفاض هذا الطرف غالبا، وهو ممنوع إجماعا، فالقول به تحكم

(1) وسائل الشيعة ج 4 ص 950 ب 1 من أبواب السجود ح 3.
(2) أمالي الصدوق: ص 512.
(3) ذكرى الشيعة: ص 202 س 1.
(4) وسائل الشيعة ج 4 ص 954 ب 4 من أبواب السجود.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 313 ذيل الحديث 929.
(6) الهداية: ص 32.
(7) ذكرى الشيعة: ص 202 س 22.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 954 ب 4 من أبواب السجود ح 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 955 ب 4 من أبواب السجود ح 7.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 954 ب 4 من أبواب السجود.
(11) المصدر السابق ح 1.
(12) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 32.
(13) السرائر: ج 1 ص 225.
101

شديد (1).
قلت: السجود على الألواح من التربة الشريفة أو غيرها يسهل الأمر، ولعلهما
يريدان الاجتزاء به لا تعينه، وبالطرف ما يعم المتصل بهما وما بعده.
(و) يستحب (الدعاء بالمنقول قبل التسبيح و) اختيار (التسبيح)
من الأذكار وتكريره (ثلاثا أو خمسا أو سبعا فما زاد) كما مر في الركوع،
(والتخوية) بين الأعضاء وتفتيحها، بأن لا يضع شيئا منها على شئ، ولا
يفترش شيئا من الذراعين على الأرض افتراش الأسد.
وقال أبو جعفر عليه السلام في مرسل حريز: ولا تلثم، ولا تحتفر، ولا تقع على
قدميك، ولا تفترش ذراعيك (2). ففي خبر حفص الأعور، عن الصادق عليه السلام: كان
علي عليه السلام إذا سجد يتخوى كما يتخوى البعير الضامر (3).
وإنما يستحب (للرجل) لأن التضمم أحب للمرأة، ففي مرسل ابن بكير:
المرأة إذا سجدت تضممت، والرجل إذا سجد تفتح (4).
(والدعاء بين السجدتين) بقوله: اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وادفع
عني أني لما أنزلت إلي من خير فقير تبارك الله رب العالمين. وقال الصادق عليه السلام
في خبر حماد: أستغفر الله ربي وأتوب إليه (5).
(والتورك) بينهما، أي الجلوس على الورك لا على الساقين ولا على
القدمين، بل على وركه اليسرى، بأن يفضي بها إلى الأرض ويجلس عليها ويضع
ظاهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى، كما فعله الصادق عليه السلام في خبر
حماد (6). ويلزمه أن يكون فخذه اليمنى على عرقوبه اليسرى كما ذكره
السيد، وزاد: أن ينصب طرف إبهام رجله اليمنى على الأرض، ويستقبل

(1) لا يوجد لدينا كتابه.
(2) وسائل الشيعة ج 4 ص 953 ب 3 من أبواب السجود ح 4.
(3) المصدر السابق ح 1.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) وسائل الشيعة ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
(6) وسائل الشيعة ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
102

بركبتيه معا القبلة (1).
وقال أبو علي: يضع أليتيه على بطن قدميه، ولا يقعد على مقدم رجليه
وأصابعهما، ولا يقعي إقعاء الكلب (2). وقد يريد الجواز، وأنه غير الهيئة
المكروهة.
(وجلسة الاستراحة) بعد السجدتين، للأخبار (3)، وعلى فضلها في ظاهر
الاجماع الأصحاب. وفي خبر الأصبغ، عن أمير المؤمنين عليه السلام أنها من توقير
الصلاة، وتركها من الجفاء (4).
ولا يجب (على رأي) وفاقا للمشهور للأصل، وخبر الأصبغ هذا، ولخبر
زرارة أنه رأى الصادقين عليهما السلام إذا رفعا رؤوسهما من السجدة الثانية نهضا ولم
يجلسا (5). ويحتمل النفل (6) والعذر.
وخبر رحيم أنه قال للرضا عليه السلام: جعلت فداك أراك إذا صليت فرفعت رأسك
من السجود في الركعة الأولى والثالثة فتستوي جالسا ثم تقوم، فنصنع كما تصنع؟
فقال: لا تنظروا إلي ما أصنع أنا، اصنعوا بما تؤمرون (7).
قال الشهيد: وهو صريح في عدم الوجوب (8)، وليس كذلك عندي. وأوجبها
السيد في الإنتصار (9) والناصرية (10) وادعى الاجماع عليه. وقد يعضده التأسي
والأمر في خبر أبي بصير، عن الصادق عليه السلام قال: إذا رفعت رأسك من السجدة

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 215.
(2) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 202 س 29.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 956 ب 5 من أبواب السجود.
(4) المصدر السابق ح 5.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) في ط (التنفل).
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 957 ب 5 من أبواب السجود ح 6.
(8) ذكرى الشيعة: ص 202 س 37.
(9) الإنتصار: ص 46.
(10) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 234 المسألة 87 س 11.
103

الثانية من الركعة الأولى حين تريد أن تقوم فاستو جالسا ثم قم (1).
وقال علي بن بابويه: لا بأس بأن لا يقعد في النافلة (2) وقال الحسن: إذا أراد
النهوض ألزم أليتيه الأرض ثم نهض معتمدا على يديه (3). وقال أبو علي: إذا رفع
رأسه من السجدة الثانية في الركعة الأولى والثالثة حتى يماس إليتاه الأرض أو
اليسرى وحدها يسيرا ثم يقوم جاز ذلك (4). وهذه الأقوال أيضا تعطي الوجوب.
(و) يستحب (قول: بحول الله وقوته أقوم وأقعد عند القيام منه) أي
من هذا الجلوس للأخبار (5). وفي صحيح ابن سنان، عن الصادق عليه السلام: اللهم ربي
بحولك وقوتك أقوم وأقعد، وإن شئت قلت: وأركع وأسجد (6). ثم الأخبار
والفتاوى توافق الكتاب من قوله عند النهوض، وقد يوهم المعتبر قوله في
الجلوس، ولعله غير مراد.
(وأن يعتمد) في القيام منه (على يديه سابقا برفع ركبتيه)، لأن ابن
مسلم في الصحيح رأى الصادق عليه السلام يفعل ذلك (7). وقال عليه السلام للحسين بن أبي
العلاء: وإذا أراد أن يقوم يرفع ركبتيه قبل يديه. رواه الشيخ في الخلاف (8)
والاستبصار (9)، ولأنه أدخل في الخضوع مع أنه أيسر، وإنما يريد الله اليسر.
وفي التذكرة (10) والمنتهى الاجماع عليه (11).

(1) وسائل الشيعة: ح 4 ص 956 ب 5 من أبواب السجود ح 3.
(2) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 203 س 1.
(3) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 202 س 38.
(4) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 202 س 38.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 966 ب 13 من أبواب السجود.
(6) المصدر السابق: ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 950 ب 1 من أبواب السجود ح 1.
(8) الخلاف: ج 1 ص 355 ذيل المسألة 108.
(9) الإستبصار: ج 1 ص 325 ح 1216.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 122 س 25.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 291 س 21.
104

وقال الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: إذا سجد الرجل ثم أراد أن ينهض فلا
يعجن بيديه في الأرض، ولكن يبسط كفيه من غير أن يضع مقعدته على
الأرض (1).
(ومساواة موضع الجبهة للموقف أو خفضه عنه)، لأنه أدخل في
الخضوع، ولصحيح ابن سنان وحسنه أنه سأل الصادق عليه السلام عن موضع جبهة
الساجد أيكون أرفع من مقامه؟ فقال: لا، ولكن ليكن مستويا (2). وخبر محمد بن
عبد الله أنه سأل الرضا عليه السلام عمن يصلي وحده فيكون موضع سجوده أسفل من
مقامه، فقال: إذا كان وحده فلا بأس (3).
ولا يجب، لما مر من جواز الارتفاع. وخبر المرادي أنه سأل الصادق عليه السلام
عن الرجل يرفع موضع جبهته في المسجد، فقال: إني أحب أن أضع وجهي في
موضع قدمي وكرهه (4).
ولا يجاوز الخفض قدر آجرة، لخبر عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن
المريض أيحل له أن يقوم على فراشه ويسجد على الأرض؟ فقال: إذا كان الفراش
غليظا قدر آجرة أو أقل استقام له أن يقوم عليه ويسجد على الأرض، وإن كان
أكثر من ذلك فلا (5).
ولم يجوز أبو علي الخفض كالرفع إلا للضرورة قدر أربع أصابع مضمومة (6).
(ووضع اليدين ساجدا) مبسوطتين مضمومتي الأصابع (بحذاء أذنيه)

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 975 ب 19 من أبواب السجود ح 41.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 963 ب 1 من أبواب السجود ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 964 ب 1 من أبواب السجود ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 964 ب 10 من أبواب السجود ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 965 ب 11 من أبواب السجود ح 2.
(6) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 202 س 3.
105

لخبري حماد (1) وزرارة (2). وزيد في المقنعة (3) والمبسوط (4) والإصباح (5) توجيه
أصابعهما إلى القبلة.
وفي نهاية الإحكام: الاجماع عليه، وعلى وضعهما حيال المنكبين
مبسوطتين مضمومتي الأصابع (6). وفي خبر زرارة: ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك،
ولكن تحرفهما عن ذلك شيئا (7).
وعن أبي علي: تفريق الإبهامين عن سائر الأصابع (8). وفي خبر زرارة:
ضمهن جميعا (9).
(و) وضع اليدين (جالسا على فخذيه) مبسوطتين مضمومتي الأصابع
بحذاء عيني ركبتيه عند علمائنا، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا قعد يدعو ويضع يده
اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى ويشير بإصبعه. ونحوه
من طريق الخاصة، كذا في التذكرة (10). وزاد في المنتهى: أنه أبلغ في
الخضوع (11).
(ونظره ساجدا إلى طرف أنفه وجالسا إلى حجره) وقائما إلى مسجده
وراكعا إلى ما بين رجليه، وقانتا إلى باطن كفيه، لكون ذلك أبلغ في الخضوع
والاقبال، والأخبار في القيام والركوع (12)، وفي خبر حماد تغميض العينين حال

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 675 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ذيل الحديث ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 676 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ضمن الحديث 3.
(3) المقنعة: ص 105.
(4) المبسوط: ج 1 ص 113.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 621.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 507.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 676 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 3.
(8) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 203 س 12.
(9) وسائل الشيعة: ج 676 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 3.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 128 س 10.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 294 س 22.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 709 ب 16 من أبواب القيام.
106

الركوع (1). وفي خبر مسمع، عن الصادق عليه السلام: نهى النبي صلى الله عليه وآله عن التغميض في
الصلاة (2). وحمل في المنتهى (3) والمعتبر على غير حالة الركوع (4).
(ويكره الاقعاء) مطلقا كما في المقنع (5) والخلاف (6) والمختلف (7) لنحو
قول أبي جعفر عليه السلام في مرسل حريز: ولا تلثم ولا تحتقر ولا تقع على قدميك ولا
تفترش ذراعيك (8). وما ستسمعه من صحيح زرارة عنه عليه السلام، وما فيه من العلة
بعضه يعم. وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: لا تقع بين السجدتين إقعاء
الكلب (9). وفي الخلاف الاجماع (10). ولا يحرم، للأصل.
وقول الباقر عليه السلام في صحيح زرارة: إذا قمت إلى الصلاة فعليك بالاقبال على
صلاتك، فإنما يحسب لك فيها ما أقبلت عليه، ولا تعبث فيها بيديك ولا برأسك
ولا بلحيتك، ولا تحدث نفسك، ولا تتثاءب، ولا تتمطى، ولا تفكر فإنما يفعله ذلك
المجوس، ولا تلثم ولا تحتقر ولا تفرج كما يتفرج البعير، ولا تقع على قدميك ولا
تفترش ذراعيك ولا تفرقع أصابعك، فإن ذلك كله نقصان من الصلاة (11).
وفيما حكاه ابن إدريس عن كتاب حريز، عن زرارة: لا بأس بالاقعاء في
الصلاة فيما بين السجدتين (12). وقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: لا بأس

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1252 ب 6 من أبواب قواطع الصلاة ح 1.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 313 س 12.
(4) المعتبر: ج 2 ص 246.
(5) المقنع: ص 23.
(6) الخلاف: ج 1 ص 360 المسألة 118.
(7) مختلف الشيعة: ج 2 ص 189.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 677 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 5.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 957 ب 6 من أبواب السجود ح 1، وليس فيه: (10 الكلب).
(11) الخلاف: ج 1 ص 361 المسألة 118.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 677 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 5.
(12) السرائر: ج 3 ص 586.
107

بالاقعاء في الصلاة فيما بين السجدتين (1). وفي خبر عمرو بن جميع الذي في
معاني الأخبار: لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين وبين الركعة الأولى
والثانية وبين الركعة الثالثة والرابعة، وإذا أجلسك الإمام في موضع يجب أن تقوم
فيه فتجافى (2).
وحرمه الصدوق في الفقيه (3) والشيخ في النهاية (4)، لقول أبي جعفر عليه السلام في
صحيح زرارة: إذا قعدت في تشهدك فالصق ركبتيك الأرض وفرج بينهما أشياء،
وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض، وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك
اليسرى، وأليتاك على الأرض وطرف إبهامك اليمنى على الأرض، وإياك والقعود
على قدميك فتتأذى بذلك، ولا تكون قاعدا على الأرض فيكون إنما قعد بعضك
على بعض، فلا تصبر للتشهد والدعاء (5). والعلة ترشد إلى الكراهية.
وحمل ابن إدريس كلامهما على تأكد الكراهية (6).
وفي معاني الأخبار: حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني قال: حدثنا علي
بن إبراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير، عن عمرو بن جميع قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: لا بأس بالاقعاء في الصلاة بين السجدتين وبين الركعة
الأولى والثانية وبين الركعة الثالثة والرابعة، وإذا أجلسك الإمام في موضع يجب
أن تقوم فتجافى، ولا يجوز الاقعاء في موضع التشهدين إلا من علة، لأن المقعي
ليس بجالس، إنما جلس بعضه على بعض، والاقعاء أن يضع الرجل أليتيه على
عقبيه في تشهديه، فإما الأكل مقعيا فلا بأس به، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أكل

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 957 ب 6 من أبواب السجود ح 3.
(2) معاني الأخبار: ص 300 ح 1.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 314 ذيل الحديث 229.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 297.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 676 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 3.
(6) السرائر: ج 1 ص 227.
108

مقعيا (1)، إنتهى.
ويحتمل أن يكون الكل من الخبر، وأن ينتهي عند قوله: (فتجافى) وعند
تفسير الاقعاء. واقتصر الأكثرون ومنهم المصنف في غير الكتابين على كراهيته
بين السجدتين (2). ويحتمله الخلاف كما يحتمله الكتاب مع ما بعدها.
واقتصر الشيخ في النهاية على نفي البأس عنه بينهما (3)، والصدوق في الفقيه
على نفيه عنه بينهما وبين الأولى والثانية والثالثة والرابعة (4). وبنوا حمزة (5)
وإدريس (6) وسعيد (7) على كراهيته في التشهد، وبين السجدتين، ويحتمله
المختلف (8). وقال ابنا إدريس وسعيد: إنه في التشهد أكره.
قلت: لطول الجلوس فيه، ونفي البأس عنه بينهما نصا.
والاقعاء من القعو، وهو - كما حكاه الأزهري عن أبي العباس، عن ابن
الأعرابي - أصل الفخذ (9)، فهو الجلوس على القعوين، إما بوضعهما على الأرض
ونصب الساقين والفخذين قريبا من إقعاء الكلب - والفرق أنه يفترش الساقين
والفخذين أو بوضعهما على العقبين.
وهو المعروف عند الفقهاء، للنصوص عليه في خبري زرارة (10) وحريز (11).
وفي معاني الأخبار (12) كالأول عند اللغويين، وهو يستلزم أن يعتمد على الأرض

(1) معاني الأخبار: ص 300 ح 1.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 122 س 28، منتهى المطلب: ج 1 ص 290 س 29، وإرشاد
الأذهان: ج 1 ص 255.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 297.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 314 ذيل الحديث 229.
(5) الوسيلة: ص 97.
(6) السرائر: ج 1 ص 227.
(7) الجامع للشرائع: ص 77.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 189.
(9) تهذيب اللغة: ج 3 ص 32.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 676 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 677 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 5.
(12) معاني الأخبار: ص 300 ح 1.
109

بصدور القدمين، كما في المعتبر (1) والمنتهى (2) والتذكرة (3).
وقال الراوندي في حل المعقود من الجمل والعقود: قيل الاقعاء بين
السجدتين هو أن يثبت كفيه على الأرض فيما بين السجدتين ولا يرفعهما (4).
وفي التهذيب: عن معاوية بن عمار وابن مسلم والحلبي قالوا: قال: لا تقع في
الصلاة بين السجدتين كإقعاء الكلب (5).
وعن سعد بن عبد الله أنه قال للصادق عليه السلام: إني أصلي في المسجد الحرام
فأقعد على رجلي اليسرى من أجل الندى، فقال: اقعد على أليتيك وإن كنت في
الطين (6). عنى السائل جلوسه على أليته اليسرى، لأنه مفترشا لفخذه وساقه
اليسريين أو غير مفترش ناصبا لليمينين أو غير ناصب، فأمره عليه السلام بالقعود عليهما
بالافضاء بهما إلى الأرض، متوركا أو غير متورك أو لا به.
وقال أبو علي: فيما بين السجدتين يضع أليتيه على بطن قدميه، ولا يقعد على
مقدم رجليه وأصابعهما، ولا يقعي إقعاء الكلب. وفي التشهد يلزق أليتيه جميعا
ووركه الأيسر وظاهر فخذه الأيسر بالأرض، فلا يجزئه غير ذلك، ولو كان في
طين، ويجعل بطن ساقه الأيمن على رجله اليسرى، وباطن فخذه الأيمن على
عرقوبه الأيسر، ويلزق حرف إبهام رجله اليمنى مما يلي حرفها الأيسر بالأرض
وباقي أصابعها عليه، ولا يستقبل بركبتيه جميعا القبلة (7).
تتمة
(يستحب سجود التلاوة على القارئ والمستمع والسامع) عندنا

(1) المعتبر: ج 2 ص 218.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 291 س 2.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 122 س 29.
(4) لا يوجد لدينا.
(5) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 83 ح 306.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 958 ب 6 من أبواب السجود ح 4.
(7) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 202 س 29.
110

وللعامة قول بعدمه على السامع (1) (في أحد عشر:) موضعا (في) آخر
(الأعراف) وهو أولها، (و) في (الرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم، و)
في (الحج في موضعين)، وأسقط أبو حنيفة ثانيهما (2)، (و) في (الفرقان
والنمل و ص والانشقاق) وأسقطه الشافعي (3).
(ويجب على الأولين في العزائم) بالنص والاجماع، وهي أربع في (ألم
تنزيل وحم السجدة والنجم والعلق)، وأسقط الشافعي في القديم النجم والعلق (4)
كالانشقاق. وقال في الجديد: سجدات القرآن أربع عشرة، كلها مسنونة، وهي غير
ما في (ص) (5).
وموضع السجود عندنا في (حم) قوله تعالى: (واسجدوا لله الذي خلقهن إن
كنتم إياه تعبدون) وعند أكثر العامة لا يسأمون (6).
وفي المعتبر: قال الشيخ في الخلاف: موضع السجود في (حم السجدة) عند
قوله: (واسجدوا لله). وقال في المبسوط: عند قوله: (إن كنتم إياه تعبدون) والأول
أولى (7).
قلت: ليس في الخلاف إلا أنه عند قوله: (واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم
إياه تعبدون) ثم نص على أنه أمر، والأمر يقتضي الفور عندنا، فيجب السجود
عقيب الآية (8). فلا خلاف بين الكتابين، ثم كيف تكون السجود عند قوله:
(واسجدوا لله) أولى ويتصل به ما بعده وخصوصا الذي خلقهن؟!
ولا يجب على السامع من غير استماع كما في السرائر (9) وحكي عن

(1) المجموع: ج 4 ص 58.
(2) المجموع: ج 4 ص 62.
(3) المجموع: ج 4 ص 60.
(4) المصدر السابق.
(5) المجموع: ج 4 ص 59.
(6) المجموع: ج 4 ص 59.
(7) المعتبر: ج 2 ص 273.
(8) الخلاف: ج 1 ص 429 المسألة 177.
(9) السرائر: ج 1 ص 226.
111

الأحمدي (1) وفاقا للخلاف، للأصل (2)، وصحيح خبر عبد الله بن سنان أنه سأل
الصادق عليه السلام عن رجل سمع السجدة تقرأ، قال: لا يسجد إلا أن يكون منصتا
للقراءة مستمعا لها أو يصلي بصلاته، فأما أن يكون يصلي في ناحية وأنت تصلي
في ناحية أخرى فلا تسجد لما سمعت (3).
واستدل ابن إدريس بالاجماع على إطلاق القول بالوجوب على القارئ
والسامع (4). وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا قرئ شئ من العزائم
الأربع فسمعتها فاسجد (5).
قلت: وعن مسائل علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يكون في
صلاته فيقرأ آخر السجدة، فقال: يسجد إذا سمع شيئا من العزائم الأربع، ثم يقوم
فيتم صلاته، إلا أن يكون في فريضة فيومئ برأسه إيماء (6).
والأولى الاستدلال بعموم الأوامر في الآيات بالسجود، وإلا فالأصل
البراءة، والعام يخص بالخاص. وفيه أيضا أن الأمر لا يفيد التكرار، ولو أفاده لم
يختص بحال قراءة أو سماع، وما في (ألم تنزيل) من التذكير بالآيات ظاهره غير
سماع الآية من القرآن.
وفي المبسوط: الوجوب على السامع إذا لم يكن في الصلاة، والعدم إذا كان
فيها (7)، لاختصاص آخر خبره.
(ولا يجب فيها تكبير) للافتتاح عندنا، ولا عند الرفع، للأصل. وما في
السرائر عن كتاب ابن محبوب مسندا عن عمار أنه سأل أبو عبد الله عليه السلام عن

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 168.
(2) الخلاف: ج 1 ص 431 المسألة 179.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 882 ب 43 من أبواب قراءة القرآن ح 1.
(4) السرائر: ج 1 ص 226.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 880 ب 42 من أبواب قراءة القرآن ح 2.
(6) مسائل علي بن جعفر: ص 173 ح 303.
(7) المبسوط: ج 1 ص 114.
112

الرجل إذا قراء العزائم كيف يصنع؟ قال: ليس فيها تكبير إذا سجدت، ولا إذا قمت،
ولكن إذا سجدت قلت ما تقول في السجود (1).
نعم، يستحب كما في التذكرة (2) والتحرير (3) والمنتهى (4) ونهاية الإحكام (5)،
لقول الصادق عليه السلام في صحيح عبد الله بن سنان، ولكن تكبر حين ترفع رأسك (6).
وفي خبر سماعة: ولا تكبر حتى ترفع رأسك (7). وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر
محمد بن مسلم الذي رواه البزنطي في جامعه: ولكن يكبر إذا رفع رأسه (8).
والخلاف (9) والمبسوط (10) والجامع (11) تحتمل الوجوب، وهو ظاهر الخبر
الأول والثالث. وحمل في المنتهى قول الشيخ على الاستحباب (12)، ولا يجب فيها
عندنا.
(ولا) يستحب (تشهد ولا تسليم) للأصل من غير معارض، (ولا)
يجب فيها (طهارة) وفاقا للمبسوط (13) والشرائع (14) والجامع (15)، للأصل،
وصحيح أبي عبيدة أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن الطامث تسمع السجدة، فقال: إن
كانت من العزائم فلتسجد إذا سمعتها (16). وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير:
والحائض تسجد إذا سمعت السجدة (17).

(1) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 605.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 124 س 9.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 40 س 28.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 304 س 33.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 497.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 880 ب 42 من أبواب قراءة القرآن ح 1.
(7) المصدر السابق: ح 3.
(8) المصدر السابق: ص 881 ح 10.
(9) الخلاف: ج 1 ص 432 المسألة 181.
(10) المبسوط: ج 1 ص 114.
(11) الجامع للشرائع: ص 84.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 304 س 37.
(13) المبسوط: ج 1 ص 114.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 87.
(15) الجامع للشرائع: ص 83.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 584 ب 36 من أبواب الحيض ح 1.
(17) المصدر السابق: ح 3.
113

وخبر أبي بصير، عن الصادق عليه السلام كما في السرائر قال: إذا قرئ شئ من
العزائم الأربع فسمعتها فاسجد وإن كنت على غير وضوء، وإن كنت جنبا، وإن
كانت المرأة لا تصلي (1). وهو في الكافي (2) والتهذيب (3) مضمر.
وخبر الحلبي الذي حكي في السرائر عن نوادر البزنطي أنه سأله عليه السلام عن
الرجل يقرأ السجدة وهو على غير وضوء، قال: يسجد إذا كانت من العزائم (4).
واستظهر اشتراطها من أبي علي (5). وفي النهاية: إن الحائض إذا سمعت سجدة
القرآن لا يجوز لها أن تسجد (6).
قلت: لخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله أنه سأل الصادق عليه السلام عن الحائض
هل تقرأ القرآن وتسجد إذا سمعت السجدة؟ قال: تقرأ ولا تسجد (7). ولقول أمير
المؤمنين عليه السلام في خبر غياث الذي حكاه ابن إدريس عن كتاب ابن محبوب: لا
تقضي الحائض الصلاة، ولا تسجد إذا سمعت السجدة (8).
وجمع في التهذيب (9) والاستبصار بين الأخبار باستحباب السجود لها (10)،
وتبعه ابن سعيد (11). ويجوز الجمع بحمل الآمرة على العزائم، والناهية على غيرها.
ومنع المفيد في المقنعة من قراءة الجنب سورة العزائم، وقال: لأن في هذه
السور سجودا واجبا، ولا يجوز السجود إلا لطاهر من النجاسات بلا خلاف (12)،

(1) السرائر: ج 1 ص 226.
(2) الكافي: ج 3 ص 318 ح 2.
(3) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 291 ح 1171.
(4) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 555.
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 214 س 34.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 236.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 584 ب 36 من أبواب الحيض ح 4.
(8) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 610.
(9) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 292 ذيل الحديث 1172.
(10) الإستبصار: ج 1 ص 320 ذيل الحديث 1193.
(11) الجامع للشرائع: ص 83.
(12) المقنعة: ص 52.
114

كذا في التهذيب، وبعض نسخ المقنعة (1)، وليس في بعضها لفظ (بلا خلاف).
وقال في كتاب أحكام النساء: من سمع تلاوة موضع السجود، فإن لم يكن
طاهرا فليومئ بالسجود إلى القبلة إيماء (2).
قلت: قد يكون لورود الإيماء لمن لا يقدر على السجود تقية أو لكونه في
فريضة، فقال الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إن صليت مع قوم فقرأ الإمام (إقرأ
باسم ربك الذي خلق) أو شيئا من العزائم، وفرغ من قرائته ولم يسجد، فأوم
إيماء (3). ولكن فيه ما سمعته من أن الحائض تسجد إذا سمعت السجدة.
وروى علي بن جعفر في كتابه أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يكون في
صلاة جماعة، فيقرأ انسان السجدة كيف يصنع؟ قال: يومئ برأسه (4). وعن الرجل
يكون في صلاته، فيقرأ آخر السجدة، فقال: يسجد إذا سمع شيئا من العزائم
الأربع، ثم يقوم فيتم، صلاته إلا أن يكون في فريضة فيومئ برأسه إيماء (5).
(ولا) يجب فيها (استقبال) القبلة عندنا للأصل، وما رواه الصدوق في
العلل بسنده إلى الحلبي أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقرأ السجدة وهو على
ظهر دابته، قال: يسجد حيث توجهت به (6).
(ويقضيها الناسي) كما في الخلاف (7) والمبسوط (8) والجامع (9)، ولصحيح
ابن مسلم أنه سأل أحدهما عليهما السلام عن الرجل يقرأ السجدة فينساها حتى يركع
ويسجد، قال: يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزائم (10). ولأصل بقاء اشتغال الذمة،

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 129.
(2) أحكام النساء (مصنفات المفيد): ج 9 ص 21.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 778 ب 38 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
(4) مسائل علي بن جعفر: ص 172، ح 300.
(5) مسائل علي بن جعفر: ص 173 ح 303.
(6) علل الشرائع: ب 76 ص 358 ح 1.
(7) الخلاف: ج 1 ص 433 المسألة 181.
(8) المبسوط: ج 1 ص 114.
(9) الجامع للشرائع: ص 84.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 778 ب 39 من أبواب القراءة في الصلاة ح 1.
115

وعدم السقوط، وعدم التوقيت من غير معارض.
ونوقش في المعتبر (1) في تسميته قضاء لعدم التوقيت، وإن وجبت المبادرة
فإنها واجب آخر. والمناقشة في محلها، فليحمل القضاء على الفعل أو الفعل
المتأخر كما في عمرة القضاء. ولا يعجبني ما في الذكرى من أنه لما وجبت
الفورية كان وقتها وقت وجود السبب، فإذا فات فات وقتها (2).
(وسجدتا الشكر مستحبتان عند تجدد النعم ودفع النقم وعقيب
الصلاة) أما استحباب سجدة الشكر عندما ذكر فلا خلاف فيه عندنا، والأخبار
فيه متظافرة (3). وأما التثنية فذكرها ابنا إدريس (4) والبراج (5) وابنا سعيد (6)
والحلبي (7) والشيخان في المقنعة (8) والنهاية (9) والاقتصاد (10) في الصلاة، وفي
المصباح في بعض الصلوات، ورواها مطلقا عبد الله بن جندب عن
الكاظم عليه السلام (11).
(و) يستحب أن (يعفر بينهما) خديه أو جبينه أو الجميع أو إحداهما، فهو
كالسجود مما شهد بفضله الأخبار (12) والاعتبار، وانعقد عليه إجماعنا، ولما أنكره
الجمهور كان من علامة الايمان.

(1) المعتبر: ج 2 ص 274.
(2) ذكرى الشيعة: ص 215 س 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1070 ب 1 من أبواب سجدتي الشكر.
(4) السرائر: ج 1 ص 233.
(5) المهذب: ج 1 ص 96.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 88، والجامع للشرائع: ص 78.
(7) الكافي في الفقه: ص 125.
(8) المقنعة: ص 108.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 314.
(10) الإقتصاد: ص 314.
(11) مصباح المتهجد: ص 238.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1075 ب 3 من أبواب سجدتي الشكر ج 4.
116

(الفصل السابع)
(في التشهد)
(ويجب) في (آخر الصلاة مطلقا، وعقيب الثانية في الثلاثية
والرباعية) بالاجماع والنصوص (1)، ومن العامة من لم يوجب شيئا منهما (2)،
ومنهم من لم يوجب الثاني (3).
وأما قول أبي جعفر عليه السلام في خبر حبيب الخثعمي: إذا جلس الرجل للتشهد
فحمد الله أجزأه (4). فيحتمل بيان ما يستحب فيه، أي أدنى ما يستحب فيه ذلك،
فقد قال الصادق عليه السلام في خبر عبد الملك بن عمرو الأحول: التشهد في الركعتين
الأوليتين الحمد لله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له (5) الخبر.
وكذا في خبر بكر بن حبيب أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن التشهد، فقال: لو كان
كما يقولون واجبا على الناس هلكوا، إنما كان القوم يقولون أيسر ما يعلمون إذا

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 989 ب 3 من أبواب التشهد.
(2) المجموع: ج 3 ص 462.
(3) المجموع: ج 3 ص 450.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 993 ب 5 من أبواب التشهد ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 989 ب 3 من أبواب التشهد ح 1.
117

حمدت الله أجزأ عنك (1).
وأما سؤال بكر فيجوز أن يكون عن وجوب تحيات ونحوها كما يقوله
الشافعي وأحمد (2). ويحتملان النسيان، وحملا على التقية، وهو عندي بعيد.
(والواجب) فيه الشهادتان كل مرة كما عليه المعظم، بل الاجماع على ما
في الغنية (3) والتذكرة (4). وعن سورة بن كليب أنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن أدنى ما
يجزئ من التشهد؟ قال: الشهادتان (5).
ولكن زرارة في الصحيح سأل أبا جعفر عليه السلام ما يجزئ من القول في التشهد
في الركعتين الأولتين؟ قال: أن تقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، قال:
قلت: فما يجزئ من تشهد الركعتين الأخيرتين؟ قال: الشهادتان (6).
ويجوز أن يكون السؤال عن وجوب ما زاد على الشهادتين من التحيات
ونحوها، فأجاب بأول ما يجب فيه، أي تقول: أشهد أن لا إله إلا الله إلى آخر ما
تعرف.
وفي الذكرى عن الفاخر: أجزأ شهادة واحدة في الأول (7)، لظاهر الخبر. وعن
المقنع: إن أدنى ما يجزئ في التشهد أن تقول: الشهادتين أو تقول: بسم الله وبالله
ثم تسلم (8). وكأنه إشارة إلى قول الصادق عليه السلام في خبر عمار: إن نسي الرجل
التشهد في الصلاة فذكر أنه قال: بسم الله وبالله فقط فقد جازت صلاته، وإن لم
يذكر شيئا من التشهد أعاد الصلاة (9). أي إن سلم عمدا ولم يتشهد، مع أنه شك
ولم يذكر شيئا من التشهد.

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 993 ب 5 من أبواب التشهد ح 3.
(2) المجموع: ج 3 ص 457.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 18.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 125 س 32.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 993 ب 4 من أبواب التشهد ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 991 ب 4 من أبواب التشهد ح 1.
(7) ذكرى الشيعة: ص 206 س 4.
(8) المقنع: ص 33.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 996 ب 7 من أبواب التشهد ح 7.
118

وما في قرب الإسناد للحميري من خبر علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام
عن رجل ترك التشهد حتى سلم، قال: إن ذكر قبل أن يسلم فليتشهد وعليه سجدتا
السهو، وإن ذكر أنه قال: أشهد أن لا إله إلا الله أو بسم الله أجزأه في صلاته، وإن
لم يتكلم بقليل ولا كثير حتى يسلم أعاد الصلاة (1). ولعل المراد بقوله عليه السلام: (قبل
أن يسلم) قبل إكمال السلام، ولذا وجبت سجدتا السهو.
ويجب مع الشهادتين الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وفاقا للمعظم، لنحو قول
الصادق عليه السلام في صحيح زرارة وأبي بصير: إن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله من تمام
الصلاة، ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله (2). وفي آخر لهما: من صلى
ولم يصل على النبي صلى الله عليه وآله وترك ذلك متعمدا فلا صلاة له إن الله بداء بها، فقال: (قد
أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى) (3).
وفي خبر محمد بن هارون: إذا صلى أحدكم ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله في صلاته
يسلك بصلاته غير سبيل الجنة (4)، مع النهي عن الصلاة البتراء، وتفسيرها بترك
الصلاة على الأول مع الصلاة عليه، ولوجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وآله بالآية (5).
ولا يجب في غير الصلاة إجماعا كما في الناصرية (6) والخلاف (7) والمعتبر (8)
والمنتهى (9)، وفيهما (10) وفي التذكرة (11) والغنية (12) والخلاف الاجماع على وجوب

(1) قرب الإسناد: ص 90.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 999 ب 10 من أبواب التشهد ح 1.
(3) المصدر السابق ح 2.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) الأحزاب: 56.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 235 المسألة 91.
(7) الخلاف: ج 1 ص 370 المسألة 128.
(8) المعتبر: ج 2 ص 226.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 293 س 22.
(10) المعتبر: ج 2 ص 227، منتهى المطلب: ج 1 ص 293 س 33.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 126 س 4.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 18.
119

الصلاتين في الصلاة (1). وفي الناصرية على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله (2).
وفي الخلاف: إنها ركن (3).
قال المحقق: فإن عنى الوجوب والبطلان بتركها عمدا فهو صواب، وإن عنى
ما يفسر به الركن فلا (4). ولم يذكر الصدوق في شئ من كتبه شيئا من الصلاتين في
شئ من التشهدين، كأبيه في الأول للأصل، ونحو ما مر من خبري سورة (5)
وزرارة (6).
وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم: إذا فرغ
من الشهادتين فقد مضت صلاته (7)، وما ستسمعه من خبر محمد بن مسلم (8).
وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: إن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت
صلاته (9).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام في حديث الأربعمائة الذي رواه الصدوق في
الخصال: إذا قال العبد في التشهد الأخير وهو جالس: أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن
الله يبعث من في القبور، ثم أحدث حدثا فقد تمت صلاته (10).
والجواب: أنها إنما دلت على خروجها عن التشهد أو الصلاة، وهو لا ينفي

(1) الخلاف: ج 1 ص 369 المسألة 128.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 234 المسألة 91.
(3) الخلاف: ج 1 ص 369 المسألة 128.
(4) المعتبر: ج 2 ص 227.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 993 ب 4 من أبواب التشهد ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 991 ب 4 من أبواب التشهد ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 992 ب 4 من أبواب التشهد ح 2.
(8) المصدر السابق ح 4.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1001 ب 13 من أبواب التشهد ح 1.
(10) الخصال: ج 2 ص 629 ح 10.
120

الوجوب إلا صحيح الفضلاء، فإنه قد يدل على السقوط للضرورة، لقوله عليه السلام - بعد
ما سمعت -: فإن كان مستعجلا في أمر يخاف أن يفوته فسلم وانصرف أجزأه. ثم
الأدلة إنما توجبها في الجملة، ولذا إنما أوجبها أبو علي كذلك (1).
وصورة الشهادتين (أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول
الله) كما في الشرائع (2)، والمشهور في الثانية (عبده ورسوله)، وفي الأولى زيادة
(وحده لا شريك له)، وبه الأخبار (3)، لكنها اشتملت على مندوبات، والشهادة
بالعبودية منها، وكذا التأكيد بنحو (وحده لا شريك له) لحصول الشهادتين بما ذكر.
وصورة الصلاة (اللهم صل على محمد وآل محمد) كما في الأخبار (4)،
(ولو أسقط الواو في الثاني أو اكتفى به) أي بالواو وأسقط أشهد (أو أضاف
الآل أو الرسول إلى المضمر فالوجه الاجزاء) كما هو ظاهر الأكثر، لأنهم
إنما أوجبوا الشهادتين والصلاتين. ونص خبر أبي بصير عن الصادق (5) عليه السلام في
التشهد الأول: (وأن محمدا) من غير أشهد.
قال الشهيد: أما لو أضاف الآل أو الرسول من غير لفظ (عبده) إلى المضمر أو
أسقط واو العطف في الثاني، فظاهر الأخبار المنع، ويمكن استناد الجواز إلى
رواية حبيب فإنها تدل بفحواها على ذلك، والأولى المنع (6).
قلت: استناده إلى الأصل، وإطلاق الأخبار والفتاوى، واشتمال الأخبار
المفصلة على المندوبات أولى.
وفي التذكرة (7) ونهاية الإحكام التردد في وجوب (وحده لا شريك له) مما

(1) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 204 س 29.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 88.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 989 ب 3 من أبواب التشهد.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 989 ب 3 من أبواب التشهد.
(5) المصدر السابق: ح 2.
(6) ذكرى الشيعة: ص 204 س 33.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 126 س 14.
121

عرفت (1)، ومن صحيح محمد بن مسلم أنه قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: التشهد
في الصلاة، قال: مرتين، قلت: كيف مرتين؟ قال: إذا استويت جالسا فقل أشهد أن
لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، ثم تنصرف (2).
قلت: وصحيح زرارة المتقدم، وأما غيرهما فاشتماله على المندوبات ظاهر.
ثم الاقتصار على ما في صحيح ابن مسلم يقتضي إيجاب الواو (وأشهد) ثانيا
و (عبده)، ولذا تردد في المنتهى (3) والتحرير (4) في ترك الواو (وأشهد) ولا بد من
الاتيان بالشهادة، فلا يكفي نحو (أعلم)، ولا الأخبار عن التوحيد والرسالة
وبلفظ (إلا الله)، فلا يجزئ نحو (واحد) و (غير الله) اقتصارا على المنقول، كما
يجب لذلك تقديم التوحيد.
قال في نهاية الإحكام: ولو قال: (صلى الله على محمد وآله) أو قال: (صلى
الله عليه وآله) أو (صلى الله على رسوله وآله) فالأقرب الاجزاء، لحصول
المعنى (5).
وفي المقنعة: وأدنى ما يجزي في التشهد أن يقول المصلي: أشهد أن لا إله إلا
الله وأن محمدا عبده ورسوله (6).
وفي مضمر سماعة: في المصلي خلف غير العدل يجلس قدر ما يقول: أشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (7).
قال الشهيد: فيمكن اختصاصه بحال الضرورة كما تضمنت الرواية، ويمكن
إجزاؤه لحصول مسمى الصلاة (8).

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 500.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 992 ب 4 من أبواب التشهد ح 4.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 293 س 17.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 41 س 21.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 500.
(6) المقنعة: ص 143.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 458 ب 56 من أبواب صلاة الجماعة ح 2.
(8) ذكرى الشيعة: ص 204 س 35.
122

(ويجب فيه) كل مرة (الجلوس) بقدر الواجب منه، للتأسي، والأمر به
في خصوص الصلاة والاجماع. قال في المنتهى: وهو قول كل من أوجب
التشهد (1).
وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر زرارة الذي حكاه ابن إدريس عن كتاب حريز:
لا ينبغي الاقعاء في موضع التشهد، إنما التشهد في الجلوس، وليس المقعي
بجالس (2). وقال الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا جلست في الركعة الثانية
فقل: بسم الله - إلى أن قال: - فإذا جلست في الرابعة قلت: بسم الله (3)، الخبر.
وفي صحيح ابن مسلم ما مر من قوله: إذا استويت جالسا فقل أشهد (4). وفي
حسن الحلبي: إذا قمت في الركعتين من الظهر أو غيرها فلم تتشهد فيهما فذكرت
ذلك في الركعة الثالثة قبل أن تركع فاجلس فتشهد وقم (5).
ويجب أن يكون فيهما (مطمئنا بقدره) ما يقع الجميع حال الجلوس،
(فلو شرع فيه وفي الرفع) من السجود معا (أو نهض) إلى القيام (قبل
إكماله) عمدا (بطل) التشهد، وببطلانه بطلت الصلاة. ويجب العربية في أجزاء
التشهد مع العلم، للتأسي.
(والجاهل) بأجزائه (يأتي منه بقدر ما يعلم) الأولى كون ما صفة، أي
بقدر ما يعلمه، فإن علم ببعضها عربيا وبالبعض أعجميا أتى بهما كذلك، ولو لم
يعلم بشئ منها إلا أعجميا أتى به، ولو لم يعلم إلا بعضها أتى به خاصة كما يعلمه
عربيا أو أعجميا وجلس بقدر الباقي.
ولو لم يعلم شيئا جلس بقدر الجميع (مع الضيق) عن التعلم وإن أهمله مع

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 294 س 8.
(2) السرائر (مستطرفات): ج 3 ص 586.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 989 ب 3 من أبواب التشهد ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 992 ب 4 من أبواب التشهد ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 998 ب 9 من أبواب التشهد ح 3.
123

السعة وأثم به، (ثم يجب) عليه (التعلم مع السعة)، وفي الذكرى: الأقرب
وجوب التحميد عند تعذر الترجمة، للروايتين السابقتين (1).
(ويستحب التورك) فيه، أي الجلوس على الورك الأيسر. قال
الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا جلست في الصلاة فاجلس على يسارك، ولا
تجلس على يمينك (2).
وقال أبو جعفر عليه السلام في صحيح زرارة وحسنه: إذا قعدت في تشهدك فألصق
ركبتيك بالأرض وفرج بينهما شيئا، وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض،
وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وأليتاك على الأرض، وطرف
إبهامك اليمنى على الأرض، وإياك والقعود على قدميك فتتأذى بذلك، ولا تكون
قاعدا على الأرض فيكون إنما قعد بعضك على بعض، فلا تصبر للتشهد
والدعاء (3).
وفي الخبر أن أمير المؤمنين عليه السلام - ما معنى رفع رجلك اليمنى وطرحك
اليسرى والتشهد؟ - قال: تأويله اللهم أمت الباطل وأقم الحق (4). وفي الخلاف:
الاجماع عليه (5).
(وزيادة التحميد والدعاء) في التشهدين (والتحيات) في الثاني.
والأكمل كما في المنتهى ما في خبر أبي بصير، عن الصادق عليه السلام قال: إذا جلست
في الركعة الثانية فقل: بسم الله وبالله، والحمد لله، وخير الأسماء لله، أشهد أن لا إله
إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا
ونذيرا بين يدي الساعة، وأشهد أن ربي نعم الرب، وأن محمدا نعم الرسول، اللهم

(1) ذكرى الشيعة: ص 204 س 33.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 988 ب 1 من أبواب التشهد ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 676 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 988 ب 1 من أبواب التشهد ح 4.
(5) الخلاف: ج 1 ص 364 المسألة 120.
124

صل على محمد وآل محمد، وتقبل شفاعته في أمته، وارفع درجته، ثم تحمد الله
مرتين أو ثلاثا، ثم تقوم.
فإذا جلست في الرابعة فقل: بسم الله وبالله، والحمد لله، وخير الأسماء لله،
أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله
بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة، أشهد أنك نعم الرب، وأن محمدا نعم
الرسول، التحيات لله والصلوات الطاهرات الطيبات الزاكيات الغاديات الرائحات
السابغات الناعمات لله ما طاب وزكا وخلص وصفا فلله، أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيرا ونذيرا
بين يدي الساعة، أشهد أن الله نعم الرب، وأن محمدا نعم الرسول، وأشهد أن
الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، الحمد لله الذي هدانا لهذا
وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله رب العالمين، اللهم صل على محمد
وآل محمد، وبارك على محمد وآل محمد، وترحم على محمد وآل محمد، كما
صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم صل
على محمد وآل محمد، واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان، ولا تجعل في
قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم، اللهم صل على محمد وآل محمد
وامنن علي بالجنة وعافني من النار، اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر
للمؤمنين والمؤمنات ولمن دخل بيتي مؤمنا، ولا تزد الظالمين إلا تبارا (1).
قال الشهيد: وأكثر الأصحاب افتتحوا بقولهم: بسم الله وبالله والأسماء
الحسنى كلها لله (2).
قلت: في حديث المعراج الذي رواه الصدوق في العلل: بسم الله وبالله لا إله
إلا الله والأسماء الحسنى كلها لله (3). وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله أنه سأل

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 294 س 23.
(2) ذكرى الشيعة: ص 204 س 17.
(3) علل الشرائع: ج 2 ص 316 ح 1.
125

الصادق عليه السلام ما معنى قول الرجل التحيات لله؟ قال: الملك لله (1).
وفي معاني الأخبار: عن عبد الله بن الفضل الهاشمي أنه سأله عليه السلام ما معنى
قول المصلي في تشهده لله ما طاب وطهر، وما خبث فلغيره؟ قال: ما طاب وطهر
كسب الحلال من الرزق، وما خبث فالربا (2).
(ولا تجزي الترجمة) عن واجب التشهد، ولا عن المندوبات، لمخالفتها
المأثور، (فإن جهل العربية فكالجاهل) في وجوب تعلم الواجب،
واستحباب تعلم المندوب لا في السقوط رأسا، لما عرفت من وجوب الترجمة.
ونص عليه في المعتبر (3) والتذكرة (4) ونهاية الإحكام (5)، لعموم الشهادتين
والصلاتين في الأخبار والفتاوى. ويجوز الدعاء فيه للدين والدنيا بما أريد عندنا،
ولم يجزه أبو حنيفة إلا بالمأثور (6)، وأحمد إلا بما يقرب من الله دون ملاذ الدنيا (7).
(ويجوز الدعاء بغير العربية مع القدرة) عليها فيه وفي جميع أحوال
الصلاة، فلا يجب على الجاهل بها إن أراد الدعاء تعلمها وفاقا للأكثر، للأصل،
والعمومات من الكتاب والسنة لنحو: (ادعوني أستجب لكم) (8).
وما في الفقيه من قول الصادق عليه السلام: كلما ناجيت به ربك في الصلاة فليس
بكلام (9). وقول أبي جعفر عليه السلام: لا بأس أن يتكلم الرجل في صلاة الفريضة بكل
شئ يناجي به ربه عز وجل (10). وعن سعد بن عبد الله: المنع من القنوت

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 990 ب 3 من أبواب التشهد ح 4.
(2) معاني الأخبار: ص 175 ح 1.
(3) المعتبر: ج 2 ص 228.
(4) تذكرة الفقهاء: ج ص 126 س 10.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 502.
(6) الفتاوى الهندية: ج 1 ص 76.
(7) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 586.
(8) غافر: 60.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 317 ح 939.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 316 ح 936.
126

بالفارسية (1). ولا نعرف له مستندا إلا ما في المختلف من أنه صلى الله عليه وآله لم يتخلل
صلاته دعاء بالفارسية مع قوله: صلوا كما رأيتموني أصلي (2).
وفيه أنه لو عم هذا لم يجز الدعاء بغير ما كان صلى الله عليه وآله يدعو به، ولا في شئ
من أجزاء الصلاة غير ما سمع دعاؤه فيه. فإن أجيب بخروج ذلك بالنصوص.
قلنا: فكذا غير العربي، للاتفاق على جواز الدعاء فيها بأي لفظ أريد من
العربي، من غير قصر على المأثور، للعمومات، وهي كما تعم العربي تعم غيره.
(أما الأذكار الواجبة) فيها في التشهد أو غيره (فلا) تجوز إلا بالعربي
المأثور اختيارا، فإنها أجزاؤها، ولا بد من التأسي فيها. أما المندوبة فلعلها
كالدعاء داخلة فيما يناجي به الرب.
(خاتمة)
(الأقوى عندي) وفاقا للشيخين (3) وابني إدريس (4) والبراج (5)
وطاووس (6) (استحباب التسليم بعد التشهد) لتحليل الصلاة لا وجوبه
للأصل، وما مر من قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح الفضلاء: إذا فرغ من
الشهادتين فقد مضت صلاته (7). وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر الأربعمائة: فقد
تمت صلاته (8). وما روي من قوله صلى الله عليه وآله: إنما صلاتنا هذه تكبيرة وقراءة وركوع
وسجود (9). وقول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: إذا التفت في صلاة مكتوبة من

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 316 ذيل الحديث 935.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 182.
(3) المقنعة: ص 139، النهاية ونكتها: ج 1 ص 317.
(4) السرائر: ج 1 ص 241.
(5) المهذب: ج 1 ص 99.
(6) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 208 س 7.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 992 ب 4 من أبواب التشهد ح 2.
(8) الخصال: ج 2 ص 630 ح 10.
(9) عوالي اللآلي: ج 1 ص 421 ح 97.
127

غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا، وإن كنت قد تشهد فلا تعد (1).
وخبر غالب بن عثمان أنه سأله عليه السلام عن الرجل يصلي المكتوبة فيقضي
صلاته ويتشهد ثم ينام قبل أن يسلم، قال: تمت صلاته (2). وصحيح زرارة أنه
سأل أبا جعفر عليه السلام عن الرجل صلى خمسا، فقال: إن كان جلس في الرابعة بقدر
التشهد فقد تمت صلاته (3). وأنه سأله عليه السلام عن الرجل يصلي ثم يجلس فيحدث
قبل أن يسلم، قال: تمت صلاته (4). وإنما تنفي هذه الأدلة جزئيته للصلاة على أنه
في الأربعة الأخيرة ممنوع.
وأوجبه الحسن (5) والسيدان (6) وسلا ر (7) والحلبي (8) وبنو حمزة (9)
والسعيد (10) والمصنف في المنتهى (11). قال فخر الاسلام في شرح الإرشاد: استقر
رأيه عليه، للتأسي والاحتياط (12)، والأمر به في الأخبار، وجعله فيها تحليل
الصلاة بما يفيد الحصر في كثير منها.
وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: فيمن رعف قبل التشهد فليخرج
فليغسل أنفه ثم ليرجع فليتم صلاته، فإن آخر الصلاة التسليم (13). وفي خبره أيضا:
إذا كنت إماما فإنما التسليم أن تسلم على النبي صلى الله عليه وآله وتقول: السلام علينا وعلى

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1248 ب 3 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1012 ب 3 من أبواب التسليم ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 332 ب 19 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1011 ب 3 من أبواب التسليم ح 2.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 174.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 231 المسألة 82، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 20.
(7) المراسم: ص 69.
(8) الكافي في الفقه: ص 119.
(9) الوسيلة: ص 96.
(10) الجامع للشرائع: ص 84.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 295 س 26.
(12) لا يوجد لدينا.
(13) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1004 ب 1 من أبواب التسليم ح 4.
128

عباد الله الصالحين، فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة (1).
وما رواه الصدوق في العلل عن المفضل بن عمر أنه سأله عليه السلام عن العلة التي
من أجلها وجب التسليم في الصلاة، فقال: لأنه تحليل الصلاة (2).
ولأن التسليم واجب بنص الآية (3)، ولا شئ منه بواجب في غير الصلاة.
وفيه أنه يحتمل التسليم لأمره والإطاعة. ولأنه لو لم يجب لم تبطل صلاة
المسافر بالاتمام. وفيه أنها تبطل بنية الاتمام.
وعلى الوجوب هل هو جز من الصلاة؟ ذكر السيد في الناصرية: إنه لم نجد
به نصا من الأصحاب، ثم قوى الجزئية والركنية، واستدل بأن كل من قال بأن
التكبير من الصلاة ذهب إلى أن التسليم منها (4). والجزئية خيرة التذكرة (5)
والمنتهى (6)، ويدل عليه خبرا (7) أبي بصير (8)، وخصوصا الأول.
وزاد المصنف أنه ذكر شرع في محل من الصلاة يجوز أن يرد عليه ما يفسد
الصلاة، فكان منها كالتشهد، والأخبار والأولة والأصل تعضد العدم، وهو مذهب
أبي حنيفة (9)، وإليه يميل البشري قال: لا مانع أن يكون الخروج بالسلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين، وأن يجب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعده،
للحديث الذي رواه ابن أذنيه عن الصادق عليه السلام في وصف صلاة النبي صلى الله عليه وآله
في السماء: إنه لما صلى أمر أن يقول للملائكة: السلام عليكم ورحمه الله

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1008 ب 2 من أبواب التسليم ح 8.
(2) علل الشرائع: ج 2 ص 359 ح 1.
(3) الأحزاب: 56.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 231 المسألة 82.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 127 س 29.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 298 س 30.
(7) في ط (خبر).
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1004 ب 1 من أبواب التسليم ح 4.
(9) المجموع: ج 3 ص 481.
129

وبركاته. إلا أن يقال: هذا في الإمام دون غيره (1) إنتهى. فإن كان جز، لم تجب نية
الخروج به، ولا نيته كسائر أجزاء الصلاة، وإن لم يكن فوجهان.
(وصورته السلام عليكم ورحمه الله وبركاته، أو السلام علينا وعلى
عباد الله الصالحين) وفاقا للمحقق، إلا أنه يوجب أحدهما (2)، وذلك لعموم
التسليم لهما، وإجماع الأمة على الأول، وورود الأخبار بالثاني، كقول
الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: إن قلت (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)
فقد انصرفت (3).
وفي خبر أبي كهمس: إذا قلت (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فهو
الانصراف (4). وفي خبر أبي بصير: إذا ولى وجهه عن القبلة وقال (السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين) فقد فرغ من الصلاة (5).
قال الشهيد: وهو - وجوب أحدهما - قوي متين، إلا أنه لا قائل به من
القدماء، وكيف يخفى عليهم مثله لو كان حقا؟! (6)
قال: لا يقال لا ريب في وجوب الخروج من الصلاة، وإذا كان هذا مخرجا
منها كان واجبا في الجملة - يعني السلام علينا - لأنا نقول: قد دلت الأخبار
الصحيحة على أن الحدث قبله لا يبطل الصلاة (7).
قال: لا يقال ما المانع من أن يكون الحدث مخرجا كما أن التسليم مخرج،
ولا ينافي ذلك وجوبه تخييرا؟ لأنا نقول: لم يصر إلى هذا أحد من الأصحاب، بل

(1) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 208 س 8.
(2) المعتبر: ج 2 ص 234.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1012 ب 4 من أبواب التسليم ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1013 ب 4 من أبواب التسليم ح 5.
(6) ذكرى الشيعة: ص 208 س 20.
(7) ذكرى الشيعة: ص 207 س 26.
130

ولا من المسلمين غير أبي حنيفة (1).
قلت: نعم إذا تعمد الحدث.
(ويجوز الجمع) كما في الفقيه (2) والمقنع (3) والنهاية (4) والتهذيب (5)
والمصباح (6) ومختصره (7) وكتب المحقق (8).
ويستحب اتفاقا، لكنهما مستحبان عند الجمع عند المصنف وموافقيه. وقال
المحقق: بأيهما بداء كان الثاني مستحبا (9).
قال الشهيد: وهذا قول حدث في زمانه فيما أظنه أو قبله بيسير، يعني أن
السلام علينا مستحب البتة، وإنما الواجب - إن وجب التسليم - هو السلام
عليكم (10) إنتهى.
وبالجمع خبر أبي بصير، عن الصادق عليه السلام قال - بعد ما سمعته من الدعاء
والتحيات -: ثم قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام على أنبياء
الله ورسله، السلام على جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين، السلام على محمد
بن عبد الله خاتم النبيين لا نبي بعده، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، ثم
تسلم (11).
وفي خبر آخر له: إذا كنت إماما فإنما التسليم أن تسلم على النبي وآله،
وتقول (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)، فإذا قلت ذلك فقد انقطعت

(1) ذكرى الشيعة: ص 207 س 31.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 319 ذيل الحديث 944.
(3) المقنع: ص 29.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 311.
(5) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 100 ح 141.
(6) مصباح المتهجد: ص 44.
(7) لا يوجد لدينا.
(8) المعتبر: ج 2 ص 234، شرائع الاسلام: ج 1 ص 89.
(9) المعتبر: ج 2 ص 234.
(10) ذكرى الشيعة: ص 207 س 14.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 990 ب 3 من أبواب التشهد ح 2.
131

الصلاة ثم تؤذن القوم فتقول وأنت مستقبل القبلة: (السلام عليكم) (1).
قال المحقق: وإن بدأ ب‍ (السلام عليكم) أجزأه هذا اللفظ، وكان قوله
(ورحمة الله وبركاته) مستحبا يأتي منه بما شاء. واستدل بهذا الخبر وخبر البزنطي
في جامعه، عن ابن أبي يعفور أنه سأله عليه السلام عن تسليم الإمام وهو مستقبل القبلة،
فقال: يقول (السلام عليكم) وخبر سعد بإسناده عن علي عليه السلام أنه كان يسلم
يمينا وشمالا (السلام عليكم) (2).
قلت: لخبر يونس بن يعقوب أنه سأل أبا الحسن عليه السلام صليت بقوم صلاة،
فقعدت للتشهد، ثم قمت ونسيت أن أسلم عليهم، فقالوا: ما سلمت علينا،
فقال عليه السلام: ألم تسلم وأنت جالس؟ قلت: بلى قال: فلا بأس عليك، ولو نسيت حتى
قالوا لك ذلك استقبلتهم بوجهك وقلت: (السلام عليكم) (3) ويرد على الجميع أنها
لا تدل على الاكتفاء بذلك إذا ابتداء بها، وخصوصا الأول.
والأولى الاستدلال له بخبر أبي بكر الحضرمي، عن الصادق عليه السلام أنه قال له:
إني أصلي بقوم، فقال: تسلم واحدة ولا تلتفت قل (السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته السلام عليكم) (4). على أنه يمكن حمله مع ما قبله على قول
(السلام عليكم) إلى آخر ما يعرفه المخاطب.
قال: وكما قلناه قال ابن بابويه، وابن أبي عقيل، وابن الجنيد، في المختصر
الأحمدي قال: يقول (السلام عليكم) فإن قال (ورحمة الله وبركاته كان
حسنا) (5). قلت: والحسن، وأوجب الحلبي (ورحمة الله) (6) كما ستسمع كلامه.

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1008 ب 2 من أبواب التسليم ح 8.
(2) المعتبر: ج 2 ص 236.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1011 ب 3 من أبواب التسليم ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1013 ب 3 من أبواب التسليم ح 3.
(5) نقله عنهم في المعتبر: ج 2 ص 236.
(6) الكافي في الفقه: ص 119.
132

وأما ترك (بركاته) ففي المنتهى أنه لا خلاف في جوازه (1).
قال المحقق: ولو قال: (سلام عليكم) ناويا به الخروج فالأشبه أنه يجزئ،
وبه قال الشافعي، لنا أنه يقع عليه اسم التسليم فيكون مجزئا، ولأنها كلمة ورد
القرآن بصورتها فتكون مجزئة، ولو نكس لم يجزأ، لأنها خلاف المنقول وخلاف
تحية القرآن، وقال الشافعي: يجزئه، لأن المعنى يحصل لنا أن الاقتصار على
التسليم المعتاد وما نطق به القرآن بناء على اليقين فيقتصر عليه، ولأن النبي صلى الله عليه وآله
نهى عنه، فقال لأبي تميمة: (ولا تقل عليك السلام) ولا نسلم للشافعي أن المراد
المعني كيف كان (2).
قلت: يرد عليه ما أورده على الشافعي، فإن اسم التسليم وإن وقع على (سلام
عليكم) وورد به القرآن، لكن المأثور في الصلاة إنما هو (السلام عليكم).
ولم يذكر المفيد (3) وسلا ر (4) في نافلة الزوال إلا الصيغة الأولى، وفي فرض
الظهر إلا الثانية. وجمع الصدوق في الفقيه (5) والمقنع بينهما مع تسليمات على
النبي صلى الله عليه وآله والأنبياء والأئمة عليهم السلام من غير تصريح بوجوب شئ (6).
وقال الحلبي: الفرض الحادي عشر (السلام عليكم ورحمة الله) وعد الصيغة
الأخرى من المندوبات (7). ونحوه ابن زهرة فإنه أوجب التسليم أولا ثم عد من
المندوبات الصيغة الأخرى (8).
قال الشهيد: لاجماع الأمة على فعله، وينافيه ما دل على انقطاع الصلاة
بالصيغة الأخرى مما لا سبيل إلى رده، فكيف يجب بعد الخروج من الصلاة؟! (9)

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 296 س 35.
(2) المعتبر: ج 2 ص 236.
(3) المقنعة: ص 114.
(4) المراسم: ص 72.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 319 ذيل الحديث 944.
(6) المقنع: ص 29.
(7) الكافي في الفقه: ص 119.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 497.
(9) ذكرى الشيعة: ص 208 س 19.
133

إنتهى. وإنما التنافي مع الجزئية.
ويعطي المبسوط نحو كلام الحلبيين، إذ فيه: ومن قال من أصحابنا: إن
التسليم سنة يقول: إذا قال (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فقد خرج من
الصلاة، ولا يجوز التلفظ بذلك في التشهد الأول، ومن قال: إنه فرض فبتسليمة
واحدة يخرج من الصلاة (1).
وقال ابن سعيد: والتسليم الواجب الذي يخرج به من الصلاة (السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين) (2).
قال الشهيد: وظاهره حصر الواجب في هذه الصيغة، ولا أعلم له موافقا.
وقال: وفيه خروج عن الاجماع من حيث لا يشعر به (3).
قلت: لكن الأخبار تعضده وسمعتها، وقد يكون جمع بين القولين: وجوب
التسليم واستحبابه بما ذكره، بمعنى أنه هل يجب مع هذه الصيغة الصيغة الأخرى؟
وقال الراوندي في الرائع: إذا قال (السلام عليك أيها النبي ورحمه الله) ونحو
ذلك، فالتسليم الذي يخرج به من الصلاة حينئذ مسنون، وقام هذا التسليم
المندوب مقام قول المصلي إذا خرج من صلاته السلام عليكم ورحمة الله، وإن لم
يكن ذكر ذلك في التشهد يكون التسليم فرضا (4).
وقال في حل المعقود من الجمل والعقود (5): من قال: إن التسليم سنة يقول: إذا
قال (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) فقد خرج من الصلاة، ولذلك لا
يجوز التلفظ به في التشهد الأول، ومن قال: إنه فرض قال: إذا لم يكن تلفظ في
التشهد الثاني يقول (6): (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) ولا نحو ذلك

(1) المبسوط: ج 1 ص 116.
(2) الجامع للشرائع: ص 84.
(3) ذكرى الشيعة: ص 206 س 17.
(4) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 206 س 13.
(5) لا يوجد لدينا.
(6) في ب وع (بقوله).
134

فبتسليمة واحدة يخرج من الصلاة، وينبغي أن ينوي بها ذلك، والثانية التي تكون
على بعض الوجوه للمأموم ينوي بها السلام على الملائكة وعلى من في يساره.
والأولى أن لا يقول ذلك وجوبا ويقول عبادة، ويمكن أن يكون ذلك التفصيل
مرويا.
وخلاصة كلامه في الكتابين: أن الفرض هو السلام عليكم، ولكن ينوب منابه
التسليم المندوب، كما أن صوم يوم الشك ندبا يسقط الفرض، ويحصل به الجمع
بين القولين.
وعن العلل لمحمد بن علي بن إبراهيم: أقل ما يجزئ من السلام (السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) وما زاد على ذلك ففيه الفضل (1).
وفي الذكرى، عن الفاخر: أن أقل المجزئ في الفريضة التسليم، وقول
(السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) (2).
وفي البيان: وهو مسبوق بالاجماع وملحوق به ومحجوج بالروايات
المصرحة بندبه، وقوله تعالى: (وسلموا تسليما) ليس بمتعين للسلام على
النبي صلى الله عليه وآله، ولو سلم لم يدل على الوجوب المدعى (3) إنتهى.
وفي الذكرى: إن الاحتياط للدين الاتيان بالصيغتين - يعني المذكورتين في
الكتاب - جمعا بين القولين، بادئا ب‍ (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) لا
بالعكس، فإنه لم يأت به خبر منقول، ولا مصنف مشهور، سوى ما في بعض كتب
المحقق، ويعتقد ندب (السلام علينا) ووجوب الصيغة الأخرى. قال: وإن أبى
المصلي إلا إحدى الصيغتين ف‍ (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) مخرجة
بالاجماع (4).

(1) بحار الأنوار: ج 82 ص 309 ح 16.
(2) ذكرى الشيعة: ص 206 س 4.
(3) البيان: ص 95.
(4) ذكرى الشيعة: ص 208 س 22.
135

قلت: إذا احتاط بهما فلا يعتقد ندب شئ منهما، ولا وجوبه، ولا احتياط
بترك (السلام علينا) لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر ميسر: شيئان يفسد الناس بهما
صلاتهم: قول الرجل (تبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) وإنما هو شئ
قاله الجن بجهالة، فحكى الله عنهم. وقول الرجل (السلام علينا وعلى عباد الله
الصالحين) (1). لأن الظاهر اختصاصه بالتشهد الأول لخبري أبي بصير
المتقدمين (2)، وظاهر ما قبلهما من الأخبار.
وقول الصادق عليه السلام في خبر الأعمش الذي رواه الصدوق في الخصال: لا
يقال في التشهد الأول (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) لأن تحليل الصلاة
هو التسليم، وإذا قلت هذا فقد سلمت (3).
واتفاق الأصحاب كما هو الظاهر، ثم كما أن من الأصحاب من أوجب السلام
علينا ولا موافق له أوجب بعضهم السلام على النبي صلى الله عليه وآله ولا موافق له على ما
عرفت، فإن كان الاحتياط الجمع بين الصيغتين للخروج من الخلاف كان الأحوط
الجمع بين الصيغ الثلاث، وأن لا ينوي الخروج بشئ منها بعينه.
(ويسلم المنفرد) بالصيغة الأولى وهو متوجه (إلى القبلة مرة و) لكن
(يومئ بمؤخر عينه) اليمنى (إلى يمينه، و) كذا (الإمام) ولكن يومئ
(بصفحة وجهه) إلى يمينه، (وكذا المأموم، ولو كان على يساره أحد
سلم ثانية) و (يومئ بصفحة وجهه عن يساره) كما في النهاية (4) وكتب
المحقق (5).
أما تسليم المنفرد واحدة إلى القبلة، فلقول الصادق عليه السلام في خبر عبد الحميد

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1000 ب 12 من أبواب التشهد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 989 ب 3 من أبواب التشهد ح 2.
(3) الخصال: ج 2 ص 604 ح 9.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 298.
(5) المعتبر: ج 2 ص 237، شرائع الاسلام: ج 1 ص 89.
136

ابن عواض: وإن كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة (1).
وأما إيماؤه إلى يمينه فلقوله عليه السلام في خبر أبي بصير المحكي عن جامع
البزنطي: إذا كنت وحدك فسلم تسليمة واحدة عن يمينك (2). وللجمع بينهما اقتصر
على الإيماء بمؤخر العين.
وأما تسليم الإمام واحدة مستقبل القبلة، فلقوله عليه السلام في صحيح المرادي: إذا
كنت إماما فسلم تسليمة وأنت مستقبل القبلة (3).
وأما إيماؤه إلى اليمين فلقوله عليه السلام في خبر عبد الحميد بن عواض: إن كنت
تؤم قوما أجزاك تسليمة واحدة عن يمينك (4). وللجمع بينهما اقتصر على الإيماء.
وعن أبي بكر الحضرمي: إنه سأله عليه السلام فقال: إني أصلي بقوم فقال: تسلم
واحدة ولا تلتفت (5). والفرق بينه وبين المنفرد أن المنفرد يومئ إلى من على يمينه
من الملكين، والإمام إليه وإلى المأمومين.
وأما إيماء المأموم إلى الجانبين فبه خبرا عبد الحميد بن عواض (6) والمرادي:
أنه يسلم تسليمة عن يمينه وأخرى عن يساره (7)، وإنما حمل على الإيماء
احتياطا.
وأما اقتصاره على واحدة إذا لم يكن على يساره أحد، فللأصل وخبر عنبسة
أنه سأله عليه السلام عن رجل يقوم في الصف خلف الإمام، وليس على يساره أحد
كيف يسلم؟ قال: تسليمة عن يمينه (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1007 ب 2 من أبواب التسليم ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1009 ب 2 من أبواب التسليم ح 11.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1007 ب 2 من أبواب التسليم ح 1.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1008 ب 2 من أبواب التسليم ح 9.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1007 ب 2 من أبواب التسليم ح 3.
(7) المصدر السابق ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1008 ب 2 من أبواب التسليم ح 6.
137

وروى الصدوق وفي العلل مسندا عن الفضل بن عمر أنه سأله عليه السلام لأي علة
يسلم على اليمين ولا يسلم على اليسار؟ قال: لأن الملك الموكل يكتب الحسنات
على اليمين، والذي يكتب السيئات على اليسار، والصلاة حسنات ليس فيها
سيئات، فلهذا يسلم على اليمين دون اليسار. قال: فلم لا يقال (السلام عليك)
وعلى اليمين واحد ولكن يقال: السلام عليكم؟ قال: ليكون قد سلم عليه وعلى
من في اليسار، وفضل صاحب اليمين عليه بالايماء إليه. قال: فلم لا يكون الإيماء
في التسليم بالوجه كله ولكن يكون بالأنف لمن صلى وحده وبالعين لمن يصلي
بقوم؟ قال: لأن مقعد الملكين من ابن آدم الشدقين، وصاحب اليمين على الشدق
الأيمن، ويسلم المصلي عليه ليثبت له صلاته في صحيفته. قال: فلم يسلم المأموم
ثلاثا؟ قال: تكون واحدة ردا على الإمام ويكون عليه وعلى ملكيه، وتكون
الثانية على يمينه والملكين الموكلين به، وتكون الثالثة على يساره والملكين
الموكلين به.
ومن لم يكن على يساره أحد لم يسلم على يساره إلا أن تكون يمينه على
الحائط ويساره إلى من صلى معه خلف الإمام فيسلم على يساره (1).
وأفتى بما فيه في الفقيه (2) والمقنع إلا أنه قال: لا تدع التسليم على يمينك،
كان على يمينك أحد أو لم يكن (3)، وقال: إنك تسلم على يسارك أيضا، إلا أن لا
يكون على يسارك أحد، إلا أن تكون بجنب الحائط فتسلم على يسارك. ونحوه
عن أبيه (4).
قال الشهيد: ولا بأس باتباعهما، لأنهما جليلان لا يقولان إلا عن ثبت (5).

(1) علل الشرائع: ج 2 ص 359 ح 1.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 319 ذيل الحديث 944.
(3) المقنع: ص 29.
(4) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 208 س 33.
(5) ذكرى الشيعة: ص 208 س 33.
138

وقال في الأمالي: والتسليم يجزئ مرة واحدة مستقبل القبلة، ويميل بعينه إلى
يمينه، ومن كان في جمع من أهل الخلاف سلم تسليمتين عن يمينه تسليمة وعن
يساره تسليمة كما يفعلون للتقية (1). يعني منفردا، أو إماما، أو مأموما.
وقال المفيد: في نافلة الزوال ويسلم تجاه القبلة تسليمة واحدة يقول (السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته) ويميل مع التسليمة بعينه إلى يمينه، وفي فريضته بعد
التشهد (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته) ويومئ بوجهه إلى القبلة
ويقول (السلام على الأئمة الراشدين، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)
وينحرف بعينه إلى يمينه (2).
ونحوه المراسم إلا أن في النافلة ينحرف بوجهه يمينا (3).
وفي الجمل والعقود (4) والمبسوط: تسليم الإمام والمنفرد تجاه القبلة
والمأموم يمينا ويسارا إن كان على يساره أحد وإلا يمينا (5). وفي المصباح (6)
ومختصره (7) والمهذب: إيماء الإمام والمنفرد بمؤخر العين (8). وفي الإقتصاد
بطرف الأنف (9).
وفي الإنتصار (10) والسرائر (11) وجمل العلم والعمل بالوجه قليلا والمأموم في
الجميع (12) كما في المبسوط (13). وفي الانتصار الاجماع على ما فيه (14). وقال أبو
علي: إن كان الإمام في صف سلم عن جانبيه (15).

(1) أمالي الصدوق: ص 512.
(2) المقنعة: ص 108 و ص 114.
(3) المراسم: ص 72.
(4) الجمل والعقود: ص 73.
(5) المبسوط: ج 1 ص 116.
(6) المصباح المتهجد: ص 45.
(7) لا يوجد لدينا.
(8) المهذب: ج 1 ص 97.
(9) الإقتصاد: ص 264.
(10) الإنتصار: ص 47.
(11) السرائر: ج 1 ص 231.
(12) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 34.
(13) المبسوط: ج 1 ص 117.
(14) الإنتصار: ص 48.
(15) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 208 س 29.
139

وفي صحيح علي بن جعفر أنه رأى إخوته موسى وإسحاق ومحمدا يسلمون
على الجانبين (السلام عليكم ورحمة الله السلام عليكم ورحمة الله) (1).
قال الشهيد: ويبعد أن تختص الرواية بهم مأمومين، بل الظاهر الاطلاق،
وخصوصا وفيهم الإمام عليه السلام، ففيه دلالة على استحباب التسليمتين للإمام
والمنفرد أيضا، غير أن الأشهر الواحدة فيهما (2) إنتهى. واحتمال الموافقة للعامة،
لحضورهم أو للتعليم ظاهر.
وقال أبو جعفر عليه السلام في صحيح زرارة، ومحمد بن مسلم، ومعمر بن يحيى،
وإسماعيل: يسلم تسليمة واحدة، إماما كان أو غيره. قال الشيخ: يعني إذا لم يكن
على يساره أحد (3).
قلت: وإنها تجزئ (4).
قال الشهيد: لا إيماء إلى القبلة بشئ من صيغتي التسليم المخرج من الصلاة
بالرأس ولا بغيره إجماعا، وإنما المنفرد والإمام يسلمان تجاه القبلة بغير إيماء،
وأما المأموم فإنه يبتدئ به مستقبل القبلة ثم يكمله بالايماء إلى الجانب الأيمن
والأيسر.
قلت: الظاهر عند ضمير الخطاب.
قال: وفيه دلالة على استحباب التسليم أو على أن التسليم وإن وجب لا يعد
جز من الصلاة، إذ يكره الالتفات في الصلاة من الجانبين، ويحرم إن استلزم
استدبارا، ويمكن أن يقال: التسليم وإن كان جز من الصلاة، إلا أنه خرج من
حكم استقبال القبلة بدليل من خارج (5).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1007، ب 2 من أبواب التسليم ح 2.
(2) ذكرى الشيعة: ص 208 س 30.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1007 ب 2 من أبواب التسليم ح 5.
(4) في ع (أو أنها).
(5) ذكرى الشيعة: ص 209 س 10.
140

(و) يستحب أن (يومئ) أي يقصد (بالسلام) السلام (على من
على ذلك الجانب) الذي يومئ إليه بالعين أو الوجه (من الملائكة ومسلمي
الإنس والجن) لاستحباب القصد إلى معنى كل عبادة لفظية، وصيغة الخطاب
حقيقة في القصد إلى الحاضرين، ولما مر عن الصدوق في العلل عن المفضل عن
الصادق عليه السلام، وفي ذلك الخبر أيضا، قلت: فلم صار تحليل الصلاة التسليم؟ قال:
لأنه تحية الملكين (1).
وفي الفقيه: إن أمير المؤمنين عليه السلام سئل ما معنى قول الإمام السلام عليكم؟
فقال: إن الإمام يترجم عن الله عز وجل، ويقول في ترجمته لأهل الجماعة: أمان
لكم من عذاب الله يوم القيامة (2).
وقول الصادق عليه السلام في خبر المرادي: إذا كنت في الصلاة فسلم تسليمة عن
يمينك وتسليمة عن يسارك، لأن على يسارك من يسلم عليك (3). وفي خبر آخر
له: فإذا كنت في جماعة فقل مثل ما قلت، وسلم على من على يمينك وشمالك (4).
وقال الشهيد: يستحب أن يقصد الإمام التسليم على الأنبياء والأئمة عليهم السلام
والحفظة والمأمومين لذكر أولئك وحضور هؤلاء، وذكر أن المصلي مطلقا لو
أضاف إلى ذلك قصد الملائكة أجمعين ومن على الجانبين من مسلمي الجن والإنس كان حسنا (5)، إنتهى. ولا يجب شئ من ذلك، للأصل.
وقال الحلبي: الفرض الحادي عشر السلام عليكم ورحمة الله، يعني محمدا
وآله والحفظة (6).
(والمأموم ينوي بأحدهما) رد (الإمام) وجوبا أو استحبابا على ما
ستسمع مع من سمعت خصوصا الحفظة. وفي المبسوط: من قال إنه فرض

(1) علل الشرائع: ج 2 ص 359 ح 1.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 320 ح 945.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1007 ب 2 من أبواب التسليم ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1008 ب 2 من أبواب التسليم ح 8.
(5) ذكرى الشيعة: ص 208 س 34.
(6) الكافي في الفقه: ص 119.
141

فبتسليمة واحدة يخرج من الصلاة، وينبغي أن ينوي بها ذلك، والثانية ينوي بها
السلام على الملائكة أو على من في يساره (1). ونحوه نهاية الإحكام (2).
وفي التحرير: لو نوى بالتسليم الخروج من الصلاة والرد على الملكين وعلى
من خلفه إن كان إماما، أو على من معه إن كان مأموما لم يكن به بأس (3). ونحوه
المنتهى (4).
وفي الفقيه (5) والمقنع (6): إن المأموم يسلم واحدة تجاه القبلة ردا على الإمام
وأخرى على اليمين وأخرى على اليسار إن كان عليه أحد أو حائط. وسمعت خبر
المفضل عن الصادق عليه السلام قريبا منه.
قال الشهيد: وكأنه يرى أن التسليمتين ليستا للرد، بل هما عبادة محضة
متعلقة بالصلاة، ولما كان الرد واجبا في غير الصلاة لم يكف عنه تسليم الصلاة،
وإنما قدم الرد لأنه واجب مضيق، إذ هو حق الآدمي، والأصحاب يقولون: إن
التسليمة تؤدي وظيفتي الرد والتعبد به في الصلاة كما سبق مثله في اجتزاء
العاطس في حال رفع رأسه من الركوع بالتحميد عن العطسة، وعن وظيفة الصلاة.
قال: وهذا يتم حسنا على القول باستحباب التسليم، وأما على القول بوجوبه
فظاهر الأصحاب أن الأولى من المأمومين للرد على الإمام والثانية للاخراج من
الصلاة، ولذا احتاج إلى تسليمتين.
قال: ويمكن أن يقال: ليس استحباب التسليمتين في حقه، لكون الأولى ردا
والثانية مخرجة، لأنه إذا لم يكن على يساره أحد اكتفى بالواحدة عن يمينه،
وكانت محصلة الرد والخروج من الصلاة، وإنما شرعية الثانية ليعم السلام من على

(1) المبسوط: ج 1 ص 116.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 505.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 41 س 35.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 297 س 31.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 319 ذيل الحديث 944.
(6) المقنع: ص 29.
142

الجانبين، لأنه بصيغة الخطاب، فإذا وجهه إلى أحد الجانبين اختص به وبقي
الجانب الآخر بغير تسليم، ولما كان الإمام ليس على جانبيه أحد اختص
بالواحدة، وكذلك المنفرد، ولهذا حكم ابن الجنيد بما تقدم من تسليم الإمام إذا
كان في صف عن جانبيه (1) إنتهى.
وقال أيضا: إن المأموم يقصد بأولى التسليمتين الرد على الإمام، فيحتمل أن
يكون على سبيل الوجوب، لعموم قوله تعالى: (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن
منها أو ردوها). ويحتمل أن يكون على سبيل الاستحباب، لأنه لا يقصد به
التحية، وإنما الغرض به الايذان بالانصراف من الصلاة كما مر في خبر أبي بصير.
وجاء في خبر عمار بن موسى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التسليم ما هو؟
فقال: هو إذن (2).
قلت: وفي معاني الأخبار، عن عبد الله بن الفضل الهاشمي أنه سأله عليه السلام عن
معنى التسليم في الصلاة؟ فقال: التسليم علامة الأمن وتحليل الصلاة، قال: وكيف
ذلك جعلت فداك؟ قال: كان الناس فيما مضى إذا سلم عليهم وارد آمنوا شره،
وكانوا إذا ردوا عليه أمن شرهم، وإذا لم يسلم عليهم لم يأمنوه، وإذا لم يردوا عليه
لم يأمنهم، وذلك خلق في العرب فجعل التسليم علامة للخروج من الصلاة
وتحليلا للكلام، وأمنا من أن يدخل في الصلاة ما يفسدها (3).
قال الشهيد: وعلى القول بوجوب الرد يكفي في القيام به واحد فيستحب
للباقين، وإذا اقترن تسليم المأموم والإمام أجزأ، ولا رد هنا، وكذلك إذا اقترن
تسليم المأمومين لتكافؤهم في التحية (4).
(ثم يكبر) استحبابا قبل أن يثني رجليه على ما في المنتهى (5) (ثلاثا

(1) ذكرى الشيعة: ص 209 س 3.
(2) ذكرى الشيعة: ص 208 س 35.
(3) معاني الأخبار: ص 175 - 176 ح 1.
(4) ذكرى الشيعة: ص 209 س 1.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 301 س 24.
143

رافعا يديه بها) أي بكل منها كما في المقنعة (1) والسرائر (2) والمهذب (3) وفي
المصباح (4) ومختصره في ترسل واحد، ولعل المراد التوالي. ومنتهى الرفع شحمتا
الأذنين كما في النهاية (5) والمبسوط (6) والمهذب (7) والسرائر (8) والتحرير (9)
والتذكرة (10) والمنتهى (11). وأقله حيال الوجه كما في المقنعة (12)، ثم يرسلهما
فيضعهما على الفخذين.
وفي علل الصدوق: عن المفضل بن عمر أنه سأل الصادق عليه السلام عن العلة
فيها، فقال له: لأن النبي صلى الله عليه وآله لما فتح مكة صلى بأصحابه الظهر عند الحجر
الأسود، فلما سلم رفع يديه وكبر ثلاثا وقال: لا إله إلا الله وحده وحده أنجز وعده
ونصر عبده وأعز جنده وغلب الأحزاب وحده فله الملك وله الحمد يحيي ويميت
وهو على كل شئ قدير، ثم أقبل على أصحابه فقال: لا تدعو هذا التكبير وهذا
القول في دبر كل صلاة مكتوبة، فإن من فعل ذلك بعد التسليم، وقال هذا القول،
كان قد أدى ما يجب عليه من شكر الله تعالى على تقوية الاسلام وجنده (13).
وروى الشيخ عبد الجليل القزويني مرفوعا في كتاب بعض مثالب النواصب
في نقض بعض فضائح الروافض: إنه صلى الله عليه وآله صلى الظهر يوما فرأى جبرئيل عليه السلام
فقال: الله أكبر فأخبره جبرئيل برجوع جعفر عليه السلام من أرض الحبشة، فكبر ثانية
فجاءت البشارة بولادة الحسين عليه السلام فكبر ثالثا (14).

(1) المقنعة: ص 114.
(2) السرائر: ج 1 ص 232.
(3) المهذب: ج 1 ص 95.
(4) مصباح المتهجد: ص 50.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 312.
(6) المبسوط: ج 1 ص 103.
(7) المهذب: ج 1 ص 95.
(8) السرائر: ج 1 ص 232.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 42 س 16.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 127 س 36.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 301 س 24.
(12) المقنعة: ص 114.
(13) علل الشرائع: ج 2 ص 360 ح 1.
(14) بعض مثالب النواصب: ص 562.
144

(ويستحب القنوت في كل ثانية) من فريضة أو نافلة بالنصوص (1)
والاجماع، إلا ممن أوجبه ومن نفاه عن ثانية الجمعة.
وأما قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: القنوت في المغرب في الركعة
الثانية، وفي العشاء والغداة مثل ذلك، وفي الوتر في الركعة الثالثة (2). فلعل المراد
به التأكيد (3) أو تعليم أن الوتر هي الثالثة، لا الثلاثة كما تزعمه العامة (4).
ولا يجب، للأصل، وقول الباقر عليه السلام في صحيح البزنطي إن شئت فاقنت، وإن
شئت فلا تقنت (5). وسأله عن قنوت الجمعة في الركعة الأولى قبل الركوع وفي
الثانية بعد الركوع؟ فقال: لا قبل ولا بعد (6). وخبر عبد الملك بن عمرو إنه سأل
الصادق عليه السلام عن القنوت قبل الركوع أو بعده فقال: لا قبله ولا بعده (7) وخبر داود
ابن الحصين إنه سئل عليه السلام عن القنوت في الجمعة فقال: ليس فيها قنوت (8).
وفي الفقيه: إنها سنة واجبة (9)، وبه قول الصادق عليه السلام في خبر الأعمش
المروي في الخصال (10)، وقول الرضا عليه السلام في خبر الفضل بن شاذان المروي في
عيون الأخبار (11).
ويحتمل تأكد الاستحباب كما في التذكرة (12). وفي المقنع: من ترك قنوته

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 895 ب 1 من أبواب القنوت.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 900 ب 3 من أبواب القنوت ح 2.
(3) في ع (التأكد).
(4) المجموع: ج 4 ص 12.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 901 باب 4 من أبواب القنوت ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 904 ب 5 من أبواب التسليم ح 9.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 902 ب 4 من أبواب القنوت ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 904 ب 5 من أبواب القنوت ح 10.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 316 ذيل الحديث 932.
(10) الخصال: ج 2 ص 604 ح 9.
(11) عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 18 ح 44.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 129 س 1.
145

متعمدا فلا صلاة له (1)، وكذا الهداية (2).
وقال الصادق عليه السلام في خبر وهب بن عبد ربه: من ترك القنوت رغبة عنه فلا
صلاة له (3). قال في التذكرة محمول على نفي الفضيلة، ولأنه مشروع، فتركه رغبة
عنه يعطي كون التارك مستخفا بالعبادات، وهذا لا صلاة له (4).
قلت: لا يتركه رغبة عنه إلا العامة، ولا صلاة لهم.
وفي الفقيه: إن من تركه في كل صلاة فلا صلاة له، وهو في السلب الكلي
أظهر، قال: قال الله عز وجل: (وقوموا لله قانتين) يعني مطيعين داعين (5).
وفي المعتبر (6) والمنتهى (7) عن الصدوق الوجوب، وإنه متى تعمد تركه
وجبت عليه الإعادة، والاحتجاج بالآية، وقول الصادق عليه السلام في خبر عمار: ليس
له أن يدعه متعمدا.
وقد يراد بمثله التأكد، والآية إنما أوجبت القيام عنده، والقنوت فيها يحتمل
الخضوع، وإن سلم أنه الدعاء، فكل من الأذكار الواجبة دعاء، والحمد يتضمنه.
وقس عليها في الأخير الأخبار الموجبة للدعاء، كصحيح زرارة أنه سأل أبا
جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة، فقال: الوقت والطهور والقبلة والتوجه والركوع
والسجود والدعاء (8).
وموضعه عندنا في كل ثانية ما (قبل الركوع بعد القراءة)، والنصوص (9)
به متظافرة إلا ثانية الجمعة كما يأتي، ورابعة صلاة جعفر كما في التوقيع من

(1) المقنع: ص 35.
(2) الهداية: ص 29.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 897 ب 1 من أبواب القنوت ح 11.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 129 س 2.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 316 ذيل الحديث 932.
(6) المعتبر: ج 2 ص 243.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 299 س 30.
(8) وسائل الشيعة: ج 3 ص 80 باب 1 من أبواب المواقيت ح 8.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 90 باب 3 من أبواب القنوت.
146

الناحية المقدسة (1).
(والناسي) له (يقضيه بعد الركوع) للأخبار (2)، لكن في مضمر ابن
عمار: فيمن نسيه حتى يركع أيقنت؟ قال: لا (3). وفي صحيحه أنه سأل
الصادق عليه السلام عن القنوت في الوتر، قال: قبل الركوع، قال: فإن نسيت أقنت إذا
رفعت رأسي؟ قال لا (4).
قال الصدوق: إنما منع عليه السلام من ذلك في الوتر والغداة، لأنهم يقنتون فيهما بعد
الركوع، وإنما أطلق ذلك في سائر الصلوات، لأن جمهور العامة لا يرون القنوت
فيها (5).
(وآكده) أي القنوت (في الغداة والمغرب) كما في المصباح (6)
ومختصره (7) والسرائر (8)، لصحيح سعد بن سعد أنه سأل الرضا عليه السلام هل يقنت في
الصلوات كلها أم فيما يجهر فيه بالقراءة؟ قال: ليس القنوت إلا في الغداة والجمعة
والوتر والمغرب (9).
والظاهر التقية كقول الصادق ليونس بن يعقوب: لا تقنت إلا في الفجر (10)، وهو
يعطي التأكد فيما لا تقية فيه، فقد يكون هو المراد، وهو لا ينافي في التساوي في
الفضل.
(وأدون منه) أي الآكد وهو القنوت فيهما قنوت مطلق (الجهرية) لقول

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 199 ب 4 من أبواب صلاة جعفر ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 916 ب 18 من أبواب القنوت.
(3) المصدر السابق ح 4.
(4) المصدر السابق ح 5.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 493 ذيل الحديث 1418.
(6) مصباح المتهجد: ص 39.
(7) لا يوجد لدينا.
(8) السرائر: ج 1 ص 229.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 899 باب 2 من أبواب القنوت ح 6.
(10) المصدر السابق ح 7.
147

الصادق عليه السلام لابن مسلم في الصحيح: أما ما جهرت به فلا تشك (1). وفي الموثق:
أما ما لا يشك فيه فما جهر فيه بالقراءة (2).
ولكن عن أبي بصير أنه سأله عليه السلام عنه فقال: فيما يجهر فيه بالقراءة، قال:
فقلت: إني سألت أباك عن ذلك فقال لي: في الخمس كلها، فقال: رحم الله أبي إن
أصحابي أتوه فسألوه فأخبرهم ثم أتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية (3). وهي تعطي
التساوي، ولا ينافي في الآكدية بالمعنى الذي عرفته.
(ثم) الآكد قنوت (الفريضة مطلقا) كما في جمل العلم والعمل (4)
والنهاية (5) والمبسوط (6) والمصباح (7) ومختصره (8)، لأنه زينة، والفريضة أحق
بالتزيين، ولأن الدعاء في الفريضة أقرب إلى الإجابة، ولا ينافيه ما سمعته في
الوتر، لأنه لاتفاق العامة على القنوت فيه.
لا يقال: إنما يقنتون في ثانية الشفع، لأن الاجمال في الاسم كافي، وليس فيه
شئ موقت، للأصل، والأخبار، وأدناه خمس تسبيحات أو ثلاث أو البسملة
ثلاثا (9).
(و) يستحب (الدعاء فيه بالمنقول) وهو كثير، (ويجوز الدعاء فيه
وفي جميع أحوال الصلاة بالمباح للدين والدنيا)، لعموم: (ادعوا ربكم
تضرعا) (10)، وللأصل، ونحو قول أبي جعفر عليه السلام للشحام: أدع في طلب الرزق في
المكتوبة وأنت ساجد (11). وفي الصحيح عن ابن مسلم قال: صلى بنا أبو بصير في

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 897 ب 1 من أبواب القنوت ح 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 899 ب 2 من أبواب القنوت ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 897 ب 1 من أبواب القنوت ح 10.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 33.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 318.
(6) المبسوط: ج 1 ص 113.
(7) مصباح المتهجد: ص 39.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) في ع (مثلثا).
(10) الأعراف: 55.
(11) وسائل الشيعة: ج 4 ص 974 ب 17 من أبواب السجود ح 4.
148

طريق مكة فقال وهو ساجد - وقد كانت ضاعت ناقة لهم -: اللهم رد على فلان
ناقته، فدخلت على أبي عبد الله عليه السلام فأخبرته، فقال: وفعل؟! فقلت: نعم. فسكت،
قلت: أفأعيد الصلاة؟ قال: لا (1). وهو لا ينص على شئ من الترجيح، وضده
خصوصا إذا كان فعل بمعنى فعل الله.
وروى الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن جعفر
أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يقول في صلاته: اللهم رد علي مالي وولدي هل
يقطع ذلك صلاته؟ قال: لا يفعل ذلك أحب إلي (2). وهو يحتمل الأمر والنهي.
وإنما يجوز الدعاء (ما لم يخرج به) عن القراءة أو الذكر بتخليله بين
أجزاء الجملة حتى يختل الكلام، ولا بطوله (عن اسم المصلي)، لأنه إبطال
للصلاة، وكذا القنوت. ولا ينافيه ما في الذكرى عنهم:: أفضل الصلاة ما طال
قنوتها (3)، فإنها مع الخروج ليست صلاة طويلة القنوت.
(و) يستحب (في الجمعة قنوتان) وفاقا للأكثر مطلقا كما في
التهذيب (4) والخلاف (5) والمصباح (6) ومختصره (7) والنافع (8) والشرائع (9)، لخبر أبي
بصير عن الصادق عليه السلام (10).
أو للإمام خاصة كما في الهداية (11) والمراسم (12) والمعتبر (13) والتذكرة (14)

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 973 ب 17 من أبواب السجود ح 1.
(2) قرب الإسناد: ص 90.
(3) ذكرى الشيعة: ص 185 س 3.
(4) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 16 ذيل الحديث 55.
(5) الخلاف: ج 1 ص 631 المسألة 405.
(6) مصباح المتهجد: ص 365.
(7) لا يوجد لدينا.
(8) مختصر النافع: ص 33.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 90.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 904 ب 5 من أبواب القنوت ح 12.
(11) الهداية: ص 34.
(12) المراسم: ص 77.
(13) المعتبر: ج 2 ص 244.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 128 س 33.
149

والنهاية (1) والمبسوط (2) والكافي (3) والمهذب (4) والوسيلة (5) والإصباح (6)
والجامع (7)، وإن لم ينفهما ما خلا الأربعة الأولى عن غيره.
والنفي نص في المعتبر (8) والتذكرة (9) وظاهر الأولين (10)، وذلك للاجماع
على ما في الخلاف (11)، ولقول الصادق عليه السلام في خبر ابن عمار: عن قنوت الجمعة
إذا كان إماما قنت في الركعة الأولى، وإن كان يصلي أربعا ففي الركعة الثانية قبل
الركوع (12). وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: على الإمام فيها قنوتان (13).
ومضمر سماعة: أما الإمام فعليه القنوت في الركعة الأولى (14) الخبر.
وشئ منها لا ينفيهما عن المأموم، ثم يبعد أن يقنت الإمام ويسكت المأموم.
ونفاهما ابن إدريس مطلقا، وذكر: إن الذي يقتضيه أصول مذهبنا وإجماعنا
أن لا يكون في الصلاة إلا قنوت واحد أية صلاة كانت، فلا ترجع عن ذلك بأخبار
الآحاد التي لا تثمر علما ولا عملا (15).
وكذا الصدوق في الفقيه قال: وتفرد بهذه الرواية - يعني رواية القنوتين -
حريز، عن زرارة، والذي استعمله وأفتى به، ومضى عليه مشائخي رحمة الله
عليهم: إن القنوت في جميع الصلوات في الجمعة، وغيرها في الركعة الثانية بعد

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 337.
(2) المبسوط: ج 1 ص 113.
(3) الكافي في الفقه: ص 151.
(4) المهذب: ج 1 ص 103.
(5) الوسيلة: ص 104.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(7) الجامع للشرائع: ص 97.
(8) المعتبر: ج 2 ص 244.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 128 س 35.
(10) الهداية: ص 34، المراسم: ص 77.
(11) الخلاف: ج 1 ص 631 المسألة 405.
(12) وسائل الشيعة: ج 4 ص 902 ب 5 من أبواب القنوت ح 1.
(13) وسائل الشيعة: ج 4 ص 903 ب 5 من أبواب القنوت ح 4.
(14) وسائل الشيعة: ج 4 ص 905 ب 5 من أبواب القنوت ح 8.
(15) السرائر: ج 1 ص 299.
150

القراءة وقبل الركوع (1). وكذا المصنف في المختلف، لكنه يرى القنوت فيها في
الركعة الأولى (2)، لخبر ابن عمار المتقدم.
وقول الصادق عليه السلام لعمر بن حنظلة: إذا صليتم في جماعة ففي الركعة
الأولى (3). وفي خبر أبي بصير: القنوت قنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد
القراءة (4).
وفي خبر سليمان بن خالد: إن القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى (5).
ويحتملان تفسير القنوت المخصوص بيوم الجمعة، وما قبلهما لا ينفيان
القنوت الثاني. ويرى أنه وافق المفيد، وكلامه كذا: ومن صلى خلف الإمام بهذه
الصفات وجب عليه الانصات عند قرائته، والقنوت في الأولى من الركعتين في
فريضة (6)، ولا ينفي الثاني.
وعلى التعدد فالمشهور أنه (في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده)
للأخبار (7)، وظاهر الحسن أنهما قبله (8) لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر ابن عمار:
ما أعرف قنوتا إلا قبل الركوع (9)، وقول الرضا عليه السلام فيما رواه الحسن بن علي بن
شعبة: كل القنوت قبل الركوع وبعد القراءة (10).
واقتصر السيد في المصباح (11) والجمل على ذكر اختلاف الرواية فيه، وأنه

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 411 ذيل الحديث 1219.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 224.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 903 ب 5 من أبواب القنوت ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 902 ب 5 من أبواب القنوت ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 903 ب 5 من أبواب القنوت ح 6.
(6) المقنعة: ص 164.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 903 ب 5 من أبواب القنوت.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 223.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 901 ب 3 من أبواب القنوت ح 6.
(10) تحف العقول: ص 417.
(11) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 244.
151

روي أن الإمام يقنت في الأولى قبل الركوع وكذا من خلفه، وروي أنه يقنت
في الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعده (1).
قال القاضي في شرح الجمل وهو كما حكاه: ومن عمل على ذلك لم يكن به
بأس (2).
(و) يستحب (رفع اليدين) عند القنوت، للأخبار (3)، والاجماع على
الظاهر، بل قول الرضا عليه السلام في صحيح البزنطي: إذا كانت التقية فلا تقنت (4)، قد
يعطي دخول الرفع في مفهومه، إذ لا تقية غالبا إلا فيه.
وليكن إلى (تلقاء وجهه) لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: ترفع
يديك في الوتر حيال وجهك، وإن شئت تحت ثوبك (5). وقول الكاظم عليه السلام في
خبر أخيه علي بن جعفر المروي في معاني الأخبار: الرغبة أن تستقبل براحتيك
السماء وتستقبل بهما وجهك (6).
وفي المعتبر: هو قول الأصحاب (7). وفي المقنعة، رفعهما حيال صدره،
ويبسطها مضمومتي الأصابع إلا الإبهامين مستقبلا بباطنهما السماء (8). فورد أن
رسول الله صلى الله عليه وآله كان يرفع يديه إذا ابتهل ودعا كما يستطعم المسكين (9). وحكى
المحقق استقبال ظاهرهما السماء قولا وجوز الأمرين (10).

(1) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 42.
(2) شرح جمل العلم والعمل: ص 125.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 912 ب 12 من أبواب القنوت.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 901 ب 4 من أبواب القنوت ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 912 ب 12 من أبواب القنوت ح 1.
(6) معاني الأخبار: ص 370 ح 2.
(7) المعتبر: ج 2 ص 247.
(8) المقنعة: ص 160، وفيه: (فارفع يديك حيال صدرك للقنوت).
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1100 ب 12 من أبواب القنوت ح 3.
(10) المعتبر: ج 2 ص 247.
152

قلت: باستقبال ظاهرهما السماء في الدعاء أخبار، كما في قرب الإسناد
للحميري عن حماد بن عيسى قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام بالموقف على بغلة رافعا
يده إلى السماء عن يسار وإلى المواسم حتى انصرف، وكان في موقف النبي صلى الله عليه وآله
وظاهر كفيه إلى السماء وهو يلوذ ساعة بعد ساعة بسبابتيه (1).
وعن أبي البختري، عن جعفر، عن أبيه عليهما السلام عن علي عليه السلام أنه كان يقول:
إذا سألت الله فاسأله بباطن كفيك، وإذا تعوذت فبظهر كفيك، وإذا دعوت
فبإصبعيك (2).
ويستحب أن يكون (مكبرا) قبل القنوت عند الرفع له وفاقا للأكثر
والأخبار (3)، وعن علي بن بابويه خلافه (4)، وعن المفيد: إنه تركه في آخر
عمره (5)، قال الشيخ: لست أعرف به حديثا أصلا (6)، وفي جمل العلم والعمل:
وقد روى أنه يكبر للقنوت (7).
(و) يستحب (النظر إلى باطن كفيه فيه)، قال الشهيد: قاله
الجماعة (8). قلت: لما في المعتبر (9) والمنتهى (10) من أنه يكره التغميض والنظر
إلى السماء، للأخبار فيتعين النظر إليه تماما، للاقبال على الصلاة والخضوع.
(وهو تابع) للصلاة (في الجهر والاخفات) كما حكي عن المرتضى
والجعفي، لعموم صلاة النهار عجماء وصلاة الليل جهر (11)، وإنما يتم لو لم يعارضه

(1) قرب الإسناد: ص 22.
(2) الجعفريات: ص 226.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 719 ب 5 من أبواب تكبيرة الاحرام.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 180.
(5) الإستبصار: ج 1 ص 337 ذيل الحديث 1266.
(6) الإستبصار: ج 1 ص 337 ذيل الحديث 1266.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 33.
(8) ذكرى الشيعة: ص 184 س 25.
(9) المعتبر: ج 2 ص 246.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 301 س 9.
(11) الحاكي هو الشهيد في ذكرى الشيعة: ص 184 س 14.
153

قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: القنوت كله جهار (1)، ولذا استحب في غيره
الجهر مطلقا (2) كالمحقق (3). ومر عن أبي على: استحباب أن يجهر به الإمام ليؤمن
من خلفه على دعائه (4).
وإخفات المأموم أقرب كما في الذكرى (5)، لقول الصادق عليه السلام في خبر أبي
بصير: ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه كل ما يقول، ولا ينبغي لمن خلفه أن
يسمعوه شيئا (6).
وفي خبر حفص بن البختري: ينبغي للإمام أن يسمع من خلفه التشهد ولا
يسمعونه شيئا (7). وقول أحدهما: في خبر أبي بصير: لا تسمعن الإمام دعاك
خلفه (8).
(و) يستحب (التعقيب) بالاجماع والنصوص (9)، وهو الاشتغال بالذكر
والدعاء (بعد الفراغ من الصلاة) جالسا.
ولا يجب، للأصل، ولصحيح هشام أنه سأل الصادق عليه السلام أني أخرج في
الحاجة وأحب أن أكون معقبا، فقال: إن كنت على وضوء فأنت معقب (10). وخبر
حماد بن عثمان أنه سأله عليه السلام يكون للرجل الحاجة يخاف فوتها، فقال: يدلج

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 918 ب 21 من أبواب القنوت ح 1.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 300 س 30، تحرير الأحكام: ص 42 س 11، تذكرة الفقهاء: ج
1 ص 129 س 4.
(3) المعتبر: ج 2 ص 243.
(4) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 184 س 15.
(5) ذكرى الشيعة: ص 184 س 16.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 452 ب 52 من أبواب صلاة الجماعة ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 451 ب 52 من أبواب صلاة الجماعة ح 1.
(8) المصدر السابق ح 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1013 ب 1 من أبواب التعقيب.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1034 ب 17 من أبواب التعقيب ح 1.
154

وليذكر الله عز وجل، فإنه في تعقيب ما دام على وضوئه (1).
نعم، ورد الجلوس في بعض الأذكار وبعد صلاة الغداة (2)، وهو مستحب آخر،
ولا عبرة بظاهر ما في نحو الصحاح: من أنه الجلوس بعد الصلاة لدعاء أو
مسألة (3).
(و) يستحب (بالمنقول) وغيره، والأول أفضل، (وأفضله تسبيح
الزهراء عليها السلام) فقال أبو جعفر عليه السلام في خبر صالح بن عقبة: ما عبد الله بشئ من
التحميد أفضل من تسبيح فاطمة عليها السلام، ولو كان شئ أفضل منه لنحله رسول الله صلى الله عليه وآله
فاطمة عليها السلام (4).
وقال الصادق عليه السلام لأبي هارون المكفوف: لم يلزمه عبد فشقي (5). وفي خبر
أبي خالد القماط: تسبيح فاطمة عليها السلام في كل يوم في دبر كل صلاة أحب إلي من
صلاة ألف ركعة في كل يوم (6).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1034 ب 17 من أبواب التعقيب ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1035 ب 18 من أبواب التعقيب.
(3) الصحاح: ج 1 ص 186 مادة (عقب).
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1024 ب 9 من أبواب التعقيب ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1023 ب 8 من أبواب التعقيب ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1024 ب 9 من أبواب التعقيب ح 2.
155

(الفصل الثامن)
(في التروك)
(تبطل الصلاة عمدا وسهوا فعل كل ما ينقض الطهارة) أما عمدا
فبالاجماع والنصوص (1)، وأما سهوا فعليه السيد في الناصرية (2) والمحقق (3) وبنو
حمزة (4) وإدريس (5) وسعيد (6) والكندري (7) والشيخ في صلاة النهاية (8) قطعا
والخلاف (9) والمبسوط (10) احتياطا والجمل (11) والاقتصاد (12).
وظاهر الأصل عدم الافتراق، وعموم خبر عمار، عن الصادق عليه السلام فيمن
يخرج منه حب القرع، قال: إن كان ملطخا بالعذرة فعليه أن يعيد الوضوء، وإن كان
في صلاته قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1240 ح 1 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 235 المسألة 93.
(3) المعتبر: ج 2 ص 250.
(4) الوسيلة: ص 96.
(5) السرائر: ج 1 ص 235.
(6) الجامع للشرائع: ص 84.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 662.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 332.
(9) الخلاف: ج 1 ص 409 المسألة 157.
(10) المبسوط: ج 1 ص 117.
(11) الجمل والعقود: ص 75.
(12) الإقتصاد: ص 264.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 184 ح 5 ب 5 من أبواب نواقض الوضوء.
156

وخبر الحسن بن الجهم، عن أبي الحسن عليه السلام فيمن صلى الظهر أو العصر
فأحدث حين جلس في الرابعة، فقال: إن كان لم يتشهد قبل أن يحدث فليعد (1).
وفي الناصرية الاجماع (2).
وفي الخلاف: من سبقه الحدث من بول أو ريح أو غير ذلك لأصحابنا فيه
روايتان: إحداهما - وهي الأحوط - أنه يبطل الصلاة (3). ونحوه عن مصباح
السيد (4).
قال الشيخ: وأما الرواية الأخرى فرواها الفضيل بن يسار قال: قلت لأبي
جعفر عليه السلام: أكون في الصلاة وأجد غمزا في بطني أو أذى أو ضربانا، فقال:
انصرف وتوضأ وابن علي ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة متعمدا، فإن
تكلمت ناسيا فلا بأس عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا.
وروى زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام يحدث الرجل بعد أن يرفع رأسه من
السجدة الأخيرة وقبل أن يتشهد، قال: ينصرف فيتوضأ، فإن شاء رجع إلى
المسجد، وإن شاء ففي بيته، وإن شاء حيث شاء قعد فتشهد ثم سلم، وإن كان
الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته (5)، إنتهى. وعن مصباح السيد نحو من
ذلك (6)، والخبران صحيحان.
وفي آخر خبر الفضيل في التهذيب: قلت فإن قلب وجهه عن القبلة؟ قال: نعم
وإن قلب وجهه عن القبلة (7).
قال السيد فيه: لو لم يكن إلا ذو الغمز ناقضا للطهارة لم يأمره بالانصراف أو
الوضوء، مع نصه فيه على عدم انتقاضها بغير البول والغائط والريح والنوم الغالب

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1241 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 6.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 235 المسألة 93.
(3) الخلاف: ج 1 ص 409 المسألة 157.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 250.
(5) الخلاف: ج 1 ص 411 المسألة 157.
(6) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 250.
(7) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 332 ح 1370.
157

على العقل وما يجري مجراه من الاغماء والمرض (1). وحمل الشيخ الوضوء على
الاستحباب (2)، وهو بعيد في الغاية.
قلت: يجوز أن يراد بالانصراف الاتمام، وبما بعده أنه يتوضأ بعد الحدث لما
يستقبله ويعتد بما مضى ما لم ينقضهما بتعمد الكلام أو الانحراف عن القبلة لما
يجده، فإن تكلم لذلك بنحو (آخ) أو (وأي) أو غير ذلك أو انقلب عن القبلة من
شدة ذلك لا عن عمد فلا بأس عليه، وأما الحدث فموضوع المسألة انتفاؤه. ويؤيد
إرادة تعمد الكلام التصريح به في الفقيه، ففيه لفظ الخبر كذا: ما لم ينقض الصلاة
بالكلام متعمدا (3).
وأما خبر أبي سعيد القماط أنه سمع رجلا يسأل أبا عبد الله عليه السلام عن رجل
وجد غمزا في بطنه أو أذى أو عصرا من البول وهو في الصلاة المكتوبة في الركعة
الأولى أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة، قال: فقال: إذا أصاب شيئا من ذلك فلا بأس
بأن يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف إلى مصلا ه الذي كان يصلي فيه، فيبني
على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصلاة بكلام، قال،
قلت: وإن التفت يمينا وشمالا أو ولى عن القبلة؟ قال: نعم، كل ذلك واسع، إنما هو
بمنزلة رجل سها فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة، فإنما عليه
أن يبني على صلاته، ثم ذكر سهو النبي صلى الله عليه وآله (4).
فمع ضعف السند والاشتمال على سهو النبي صلى الله عليه وآله يحتمل أن يكون السائل
إنما سأل عن أن ذلك الرجل ينتقض صلاته بما وجده أولا، فأجاب عليه السلام بالصحة
والبناء على صلاته، أي الاعتداد بها ما لم يتكلم عمدا وإن التفت سهوا لشدة

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 252.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 2 - 4 ذيل الحديث 1533.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 367 ح 1060.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1243 ب 1 من قواطع الصلاة، ح 11.
158

ما يجده، ويكون قوله (يخرج) بمعنى يخرج بعد الاتمام، ونفي البأس عن البناء
والموضع الذي خرج منه المكان الذي فيه مصلا ه من بيت أو مسجد أو غيرهما.
و (من) للتبعيض حالا عن مصلا ه، أي مصلا ه الذي من ذلك الموضع، والمنزل
منزلة من سها فانصرف هو الذي التفت. وأما خبر زرارة فلا بأس بالعمل به،
لصحته، وتأيده بحسنته.
ولخبر عبيد بن زرارة أنه سأل الصادق عليه السلام الرجل يحدث بعدما يرفع رأسه
من السجود الأخير، فقال: تمت صلاته، وإنما التشهد سنة في الصلاة فيتوضأ
ويجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهد (1). وما في محاسن البرقي من خبر ابن
مسكان عنه عليه السلام (2) نحوا من ذلك، ولأنه بمنزلة نسيان التشهد.
وحمله الشيخ في كتابي الأخبار تارة على الحدث بعد الواجب من التشهد
قبل المندوب منه، وأخرى على المتيمم (3)، كما أفتى المفيد بأنه إن أحدث في
الصلاة من غير تعمد ووجد الماء تطهر ويبني على ما مضى من صلاته ما لم
يستدبر أو يتكلم عامدا (4).
وحكي عن الواسطة (5)، لصحيح زرارة ومحمد بن مسلم أنهما سألا
أحدهما عليهما السلام رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة ثم أحدث فأصاب
الماء، قال: يخرج ويتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم (6).
وصحيحهما قال: قلت كذا في التهذيب (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1001 ح 2 ب 13 من أبواب التشهد.
(2) المحاسن: ص 325 ح 67.
(3) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 318 ذيل الحديث 1300، الإستبصار: ج 1 ص 342 ذيل
الحديث 1290.
(4) المقنعة: ص 61.
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 111 س 26.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1243 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 10.
(7) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 204 ح 594.
159

وفي الفقيه قالا: قلنا لأبي جعفر عليه السلام في رجل لم يصب الماء وحضرته
الصلاة - إلى أن قال زرارة - دخلها وهو متيمم، فصلى ركعة وأحدث فأصاب
الماء، قال: يخرج ويتوضأ ويبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم (1).
ولاطلاقهما أطلق الحسن فشمل العمد (2).
وفي المعتبر: إن الاجماع على أن الحدث عمدا يبطل الصلاة، فيخرج من
إطلاق الرواية، ويتعين حملها على غير صورة العمد، لأن الاجماع لا تصادمه
الرواية (3). ونحوه التذكرة (4).
قال الشيخ: ولا يلزم مثل ذلك في المتوضئ إذا صلى ثم أحدث، أن يبني على
ما مضى من صلاته، لأن الشريعة منعت من ذلك، وهو أنه لا خلاف من أصحابنا،
أن من أحدث في الصلاة ما يقطع صلاته، يجب عليه استئنافها (5).
قال المحقق: وهذه الرواية الأولى من هذين الخبرين متكررة في الكتب
بأسانيد مختلفة، وأصلها محمد بن مسلم، وفيها إشكال، من حيث أن الحدث يبطل
الطهارة - إلى أن قال - ولا بأس بالعمل بها على الوجه الذي ذكره الشيخان، فإنها
رواية مشهورة.
ويؤيدها أن الواقع من الصلاة وقع مشروعا مع بقاء الحدث، فلا تبطل بزوال
الاستباحة كصلاة المبطون إذا فجاءه الحدث، ولا يلزم مثل ذلك في المصلي بطهارة
مائية، لأن الحدث مرتفع، فالحدث المتجدد رافع لطهارته، فتبطل لزوال
الطهارة (6).

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 106 ح 215.
(2) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 111 س 26.
(3) المعتبر: ج 1 ص 407.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 67 س 1.
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 205 ذيل الحديث 595.
(6) المعتبر: ج 1 ص 407.
160

قلت: وفاقا للمختلف (1) الخبران يحتملان الاعتداد بما صلاه بالتيمم، لا بهذا
البعض الذي أحدث بعده، ولعله الذي فهمه الصدوق كما يعطيه سياق الفقيه (2).
ولكن قال الشهيد: لفظ الرواية يبني على ما بقي من صلاته، وليس فيها ما مضى،
فيضعف التأويل، مع أنه خلاف منطوق الرواية صريحا (3).
قلت: لم أر في نسخ التهذيب وغيرها إلا ما مضى على أن البناء على ما بقي
ظاهره جعله أول الصلاة، فهو أبعد عن مطلوب الشيخين، وأقرب إلى مطلوبنا، ثم
ظاهره استبعاده التأويل وإن كان ما مضى.
ويندفع إذا قلنا: لعل المراد إنما يبني على ما مضى من صلاته التي صلى
بالتيمم، وهذه الصلاة لم تمض لبطلانها بالحدث، أو السائل لما علم أن وجود الماء
كالحدث في نقض التيمم سأل أولا عن أنه إذا وجد الماء في الصلاة أينتقض
تيممه، فأجيب بالعدم، وهذا السؤال وجوابه منصوصان في الخبر الثاني.
ثم سأل عما إذا اجتمع الأمران في الصلاة، فأجيب بالانتقاض، فكأنه عليه السلام
أكد انتقاضه بأنه في حكم مرفوع الحدث، ولذا يبني على ما صلاه بالتيمم، أو
لعله عليه السلام كان علم أنه يريد السؤال عن إعادة ما صلاه بالتيمم، وأنه لا يعلم العدم
أو يظن الإعادة فأراد إعلامه.
وبالجملة يجوز أن لا يكون قوله عليه السلام: (يبني) من جواب السؤال، ولا
السؤال عن حالة صلاته تلك، ولا يمكن الحكم بالبعد لمن لم يحضر مجلس
السؤال، ولا علم حقيقة المسؤول عنه.
واحتمل في المختلف كون (الركعة) بمعنى الصلاة (4)، وهو بعيد. وقد يحتمل
أن يكون (أحدث) بمعنى أمطر [ويحتمل (الرجل) في خبري زرارة وابنه رجلا

(1) مختلف الشيعة: ج 1 ص 442.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 106 ح 215.
(3) ذكرى الشيعة: ص 112 س 1.
(4) مختلف الشيعة: ج 1 ص 442.
161

من العامة وأنهما حكيا أنه يفعل ذلك والصادقين عليهما السلام إنما الحكاية بأنه ينصرف
فيتوضأ ويتشهد ويزعم صحة صلاته، وإن التشهد سنة وأما قوله عليه السلام وإن كان
الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته، فإفادة حكم] (1).
وعن الحسن بن الجهم أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل صلى الظهر
والعصر فأحدث حين جلس في الرابعة، فقال: إن كان قال: أشهد أن لا إله إلا الله
وأشهد أن محمدا رسول الله فلا يعد، وإن كان لم يتشهد قبل أن يحدث فليعد (2).
ويحتمل إعادة التشهد بعد التطهر والتشهد الثاني إعادة.
(و) يبطل الصلاة (عمدا) اختيارا بالاجماع والنصوص (3) (الكلام)
أي التكلم (بحرفين فصاعدا مما ليس بدعاء)، ومنه الذكر، (ولا قرآن)
موضوعا كان أو مهملا أو لعمومه لهما لغة كما في شمس العلوم (4) وشرح
الكافية (5) لنجم الأئمة، وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر طلحة بن زيد من أن في
صلاته فقد تكلم (6).
(وفي الحرف الواحد المفهم) ك‍ (ق) و (ع) (7) وإن كان بدون (هاء)
السكت لحنا، (والحرف بعده مدة) أي مد صوت لا يؤدي إلى حرف آخر،
(والكلام المكره عليه نظر).
أما الأول: فمن الخلاف في دخوله في الكلام لغة كما في شمس العلوم (8)،
واختار الدخول نجم الأئمة (9).

(1) ما بين المعقوفين زيادة من ط.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1241 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1275 ب 25 من أبواب قواطع الصلاة.
(4) لا يوجد لدينا.
(5) شرح الكافية: ج 1 ص 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1275 ب 25 من أبواب قواطع الصلاة ح 4.
(7) في ع (ور).
(8) لا يوجد لدينا.
(9) شرح الكافية: ج 1 ص 3.
162

وفي نهاية الإحكام: من اشتماله على مقصود الكلام، وللاعراض به عن
الصلاة. ومن أنه لا يعد كلاما إلا ما انتظم من حرفين، والحرف الواحد ينبغي أن
يسكت عليه بالهاء (1).
وفي التذكرة: من حصول الافهام فأشبه الكلام، ومن دلالة مفهوم النطق
بحرفين على عدم الابطال به (2). وفيهما القطع بخروجه من الكلام.
وفي المنتهى: إن الوجه الابطال، لوجود مسمى الكلام، وفيه الاجماع على
عدم ابطال غير المفهم منه، لأنه لا يسمى كلاما (3). وفي التذكرة نفي الخلاف
عنه (4).
وأما الثاني: فمن التردد في أن الحركات المشبعة إنما تكون (ألفا) أو (واوا)
أو (ياء)، ولعله المراد بما في التذكرة (5) ونهاية الإحكام (6)، من أنه ينشأ من تولد
المد من إشباع الحركة ولا يعد حرفا، من أنه إما (ألف) أو (واو) أو (ياء).
فأما الثالث: فمن عموم النصوص والفتاوى، وهو الأقوى كما في التذكرة (7)
ونهاية الإحكام (8)، وهو فتوى التحرير (9)، ومن الأصل، ورفع ما استكرهوا عليه،
وحصر وجوب الإعادة في الخمسة: الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود،
وتبادر الاختيار من الاطلاق.
وفي الإيضاح: المراد حصول الاكراه مع اتساع الوقت (10).
قلت: لأنه مع الضيق مضطر إلى ما فعله مؤد لما عليه، وفيه أنه مع السعة
أيضا كذلك، خصوصا إذا طراء الاكراه في الصلاة، ولا دليل لها على أن الضيق

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 515.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 131 س 10.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 309 س 36.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 131 س 9.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 131 س 11.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 515.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 131 س 11.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 516.
(9) تحرير الأحكام: ص 43 س 4.
(10) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 111.
163

شرط في الاضطرار، ولا على إعادة المضطر إذا بقي الوقت.
(ولو قال: (ادخلوها بسلام آمنين) على قصد القراءة جاز. وإن قصد التفهيم) للأصل، وعدم التنافي بين القصدين، وورود النصوص بالتسبيح
للتنبيه (1).
(ولو لم يقصد سواه) أي التفهيم (بطل على إشكال) من الاشكال في
خروجه بذلك من القرآن، والأظهر العدم (والسكوت الطويل إن خرج به عن
كونه مصليا مبطل) لكونه قطعا له، عمدا كان أو سهوا، خلافا لظاهر الكتاب.
وفي الذكرى: ظاهر الأصحاب أنه كالفعل الكثير، فحينئذ يشترط فيه التعمد،
فلو وقع نسيانا لم يبطل، ويبعد بقاء الصلاة على الصحة فيه (2).
(وإلا) يخرج به (فلا) يبطل به صلاته وإن نوى القطع على وجه تقدم.
(والتكفير) عمدا مبطل (وهو وضع اليمين على الشمال وبالعكس)،
من تكفير العلج للملك، وهو وضع يده على صدره والتطأمن له، كما في
المبسوط (3) والخلاف (4) والسرائر (5) والوسيلة (6) والاقتصاد (7) والإصباح (8)
والنافع (9).
ولكن الثلاثة الأخيرة خالية عن العكس، ويعطيه الإنتصار (10) والغنية (11)،
للاجماع على ما في الغنية والخلاف.
قال الشيخ: وأيضا أفعال الصلاة تحتاج لثبوتها إلى الشرع، وليس في الشرع

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1255 ب 9 من أبواب قواطع الصلاة.
(2) ذكرى الشيعة: ص 217 س 18.
(3) المبسوط: ج 1 ص 117.
(4) الخلاف: ج 1 ص 321 المسألة 74.
(5) السرائر: ج 1 ص 237.
(6) الوسيلة: ص 97.
(7) الإقتصاد: ص 265.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 622.
(9) المختصر النافع: ص 34.
(10) الإنتصار: ص 41.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 26.
164

ما يدل على كون ذلك مشروعا. يعني أنه صلى الله عليه وآله قال: (صلوا كما رأيتموني
أصلي) (1) ومعلوم أنه أرسل يديه فصحتها مع التكفير لا بد له من دليل.
قال: وطريقة الاحتياط يقتضي ذلك، ثم روى مرسل حريز، عن أبي
جعفر عليه السلام قال: لا تكفر إنما يصنع ذلك المجوس. وخبر ابن مسلم أنه سأل
أحدهما عليهما السلام عن ذلك، فقال: ذلك التكفير لا تفعله (2).
وفي الإنتصار (3) والغنية: لأنه فعل كثير خارج عن الأفعال المشروعة في
الصلاة (4)، وفيه نظر.
وأما الحرمة فعليها المعظم، وفي الإنتصار (5) والغنية (6) الاجماع عليها،
والأخبار الناهية كثيرة، ولعلها تكفي في البطلان، إذ لا بد من تلقي العبادات من
الشارع خصوصا وفي الصلاة: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، وكرهه الحلبي (7)
والمحقق في المعتبر واستحب تركه أبو علي (8).
قال المحقق: لأن الأمر بالصلاة لا يتضمن الكفين، فلا يتعلق بهما تحريم،
لكن الكراهية من حيث هي مخالفة لما دلت عليه الأحاديث عن أهل البيت عليهم السلام
من استحباب وضعهما على الفخذين محاذيتين للركبتين. واحتجاج علم الهدى
بالاجماع غير معلوم لنا، خصوصا وقد وجد من أكابر الفضلاء من يخالف في
ذلك، ولا نعلم من رواه من الموافق، كما لا يعلم أنه لا موافق له (9).
قال الشهيد وفاقا للمنتهى: الاجماع (10) وإن لم نعلمه فهو إذا نقل بخبر الواحد

(1) صحيح البخاري: ج 1 ص 162 - 163.
(2) الخلاف: ج 1 ص 322 - 323 المسألة 74.
(3) الإنتصار: ص 41.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 27.
(5) الإنتصار: ص 41.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 27.
(7) الكافي في الفقه: ص 125.
(8) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 185 س 16.
(9) المعتبر: ج 2 ص 257.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 311 س 16.
165

حجة عند جماعة من الأصوليين، وخلاف المعين لا يقدح في الاجماع (1).
قلت: مع موافقة الشيخ (2) وابن زهرة (3) والقاضي في شرح جمل العلم
والعمل (4)، إلا أن يقول: إنهم إنما اعتمدوا فيه على خبر السيد.
قال المحقق: وقوله (هو فعل كثير) في غاية الضعف، لأن وضع اليدين على
حذاء الركبتين ليس بواجب، ولم يتناول النهي وضعهما في موضع معين فكان
للمكلف وضعهما كيف شاء (5).
قلت: أخبار النهي عنه بخصوصه كثيرة، ولكن في وصفه بالكثرة مناقشة.
ولكن في قرب الإسناد للحميري عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن جعفر،
عن أخيه عليه السلام قال علي بن الحسين عليه السلام: وضع الرجل إحدى يديه على الأخرى
في الصلاة عمل، وليس في الصلاة عمل (6).
وقد يفهم منه أنه عمل كثير، ولا يتعين بجواز أن يراد أن للصلاة أجزاء لا
يعمل في شئ منها إلا ما به يتحقق، ولا يعمل ما عداه، مثلا لو قلب كفيه في
السجود أو رفعهما فوضعهما على رقبته أو رفع إحدى رجليه في القيام فهو عمل،
فكذا التكفير.
قال: وأما احتجاج الطوسي، بأن أفعال الصلاة متلقاة. قلنا: حق، لكن كما
لم يثبت تشريع وضع اليمين على الشمال لم يثبت تحريم وضعهما، فصار للمكلف
وضعها كيف شاء، وعدم تشريعه لا يدل على تحريمه لعدم دلالة التحريم (7).
قلت: الأصل في المخالف للهيئة المتلقاة البطلان، فإذا ورد النهي عنه من غير
معارض وقال: (صلوا كما رأيتموني أصلي) (8) وقال الصادق عليه السلام لحماد: (هكذا

(1) ذكرى الشيعة: ص 185 س 28.
(2) الخلاف: ج 1 ص 322 المسألة 74.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 27.
(4) لم نعثر عليه.
(5) المعتبر: ج 2 ص 257.
(6) قرب الإسناد: ص 95.
(7) المعتبر: ج 2 ص 257.
(8) صحيح البخاري: ج 1 ص 162 - 163.
166

صل) (1) قطعنا بالبطلان.
قال: وقوله: الاحتياط يقتضي ذلك، قلنا: متى إذا لم يوجد ما يدل على
الجواز أم وجد، لكن الأوامر المطلقة بالصلاة دالة بإطلاقها على عدم المنع (2).
قلت: غايتها عدم الدلالة على المنع.
قال: أو نقول: متى يحتاط إذا علم ضعف مستند المانع إذا لم يعلم ومستند
المانع هنا معلوم الضعف، وقوله: (عندنا) تكون الصلاة باطلة، قلنا: لا عبرة بقول
من يبطل إلا مع وجود ما يقتضي البطلان، وأما الاقتراح فلا عبرة به (3).
قلت: عرفت قوة المانع.
قال: وأما الرواية فظاهرها الكراهية، لما تضمنته من قوله: إنه تشبه
بالمجوس، وأمر النبي صلى الله عليه وآله بمخالفتهم ليس على الوجوب، لأنهم قد يفعلون
الواجب من اعتقاد الآلهة وأنه فاعل الخير، فلا يمكن حمل الحديث على
ظاهره (4).
قلت: دعوى الامتناع خالية بجواز حرمة التشبه بهم في بعض الأمور، وظاهر
النهي التحريم، فالظاهر حرمة هذا التشبيه.
وعن كتاب علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يكون في صلاته
أيضع إحدى يديه على الأخرى بكفه أو ذراعه؟ قال: لا يصلح ذلك، فإن فعل فلا
يعودن له (5).
وتردد في المنتهى في وضع الشمال على اليمين (6)، وحكاه فيه وفي
التذكرة (7) والنهاية عن الشيخ (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 673 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ذيل الحديث 1.
(2) - (4) المعتبر: ج 2 ص 257.
(5) مسائل علي بن جعفر: ص 170 ح 228.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 311 س 29.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 133 س 17.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 523.
167

قال: وفي رواية محمد بن مسلم: أن التكفير هو وضع اليمين عن الشمال،
فنحن نطالب الشيخ بالمستند، والقياس عنده باطل (1).
قلت: المستند خبر علي بن جعفر المتقدمان. وما رواه الصدوق في الخصال
عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: لا يجمع المسلم يديه في صلاته وهو قائم بين يدي
الله عز وجل يتشبه بأهل الكفر (2). ومرسل حريز المتقدم (3).
فإن التكفير في اللغة عام كما سمعت، وخبر ابن مسلم أنه سأله عليه السلام عن
الرجل يضع يده في الصلاة وحكى اليمنى على اليسرى، فقال: ذلك التكفير لا
يفعله (4). وليس نصا في حصر التكفير فيما حكاه، لجواز الإشارة إلى الوضع.
ثم قال: لا فرق بين وضع الكف على الكف وعلى الذراع، لتناول اسم اليد
له (5). ونحوه التحرير في التسوية بينهما (6). وفي التذكرة: في تحريم وضع الكف
على الساعد إشكال، ينشأ من إطلاق اسم التكفير عليه، ومن أصالة الإباحة (7).
ونحوه نهاية الإحكام (8) في الاستشكال.
(والالتفات إلى ما ورأه) مبطل عمدا لا سهوا، وفاقا للمبسوط (9)
والمراسم (10) والسرائر (11) والنافع (12) والشرائع (13) والوسيلة (14) والإصباح (15)،
ولكن فيه الالتفات بالكلية إلى ورأه.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 311 س 30.
(2) الخصال: ج 2 ص 622.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1264 ب 5 من أبواب قواطع الصلاة ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1264 ب 15 من أبواب قواطع الصلاة ح 1.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 311 س 32.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 42 س 34.
(7) تذكرة الفقهاء: ص 133 س 17.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 523.
(9) المبسوط: ج 1 ص 117.
(10) المراسم: ص 89.
(11) السرائر: ج 1 ص 243.
(12) المختصر النافع: ص 34.
(13) شرائع الاسلام: ص 91.
(14) الوسيلة: ص 97.
(15) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 622.
168

أما الابطال عمدا فللنصوص (1) والاجماع والأصل، لقوله صلى الله عليه وآله: صلوا كما
رأيتموني أصلي (2). وأما العدم سهوا فللأصل ورفع النسيان، وضعفهما ظاهر،
ولاطلاق خبري عبيد بن زرارة ومحمد بن مسلم، عن الصادقين عليهما السلام في رجل
دخل مع الإمام في الصلاة، وقد سبقه بركعة، فلما فرغ الإمام خرج مع الناس، ثم
ذكر أنه فاته ركعة، قال: يعيد ركعة واحدة (3).
وخبر عبيد، عن الصادق عليه السلام في رجل صلى الفجر ركعة ثم ذهب وجاء بعد
ما أصبح، وذكر أنه صلى ركعة، قال: يضيف إليها ركعة (4).
والحق تقييدها بعد الانحراف للأخبار، كخبر ابن مسلم، عن أحدهما عليهما السلام
في رجل دخل مع الإمام في صلاته وقد سبقه بركعة، فلما فرغ الإمام خرج مع
الناس ثم ذكر أنه فاتته ركعة، قال: يعيد ركعة واحدة، يجوز له ذلك إذا لم يحول
وجهه عن القبلة، فإذا حول وجهه فعليه أن يستقبل الصلاة استقبالا (5).
وخبر الحسين بن أبي العلاء، عن الصادق عليه السلام قال: قلت: أجئ إلى الإمام
وقد سبقني بركعة في الفجر، فلما سلم وقع في قلبي أني قد أتممت، فلم أزل ذاكرا
لله حتى طلعت الشمس، فلما طلعت نهضت فذكرت أن الإمام قد سبقني بركعة،
قال: إن كنت في مقامك فأتم بركعة، وإن كنت قد انصرفت فعليك الإعادة (6).
فالأقوى الابطال مطلقا كما هو نص التهذيب (7) والاستبصار (8) والغنية (9)

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1248 ب 3 من أبواب قواطع الصلاة.
(2) صحيح البخاري ج 1 ص 162 - 163.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 307 ب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 311 ب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 18.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 315 ب 6 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 2.
(6) المصدر السابق ح 1.
(7) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 200 ذيل الحديث 784.
(8) الإستبصار: ج 1 ص 404 ذيل الحديث 1542.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 36.
169

وظاهر إطلاق الصدوق في الفقيه (1) والمقنع (2) والهداية (3) والأمالي (4) بل
إبطال الانحراف الفاحش أو بكله وإن لم يستدبر ولا بوجهه كما يقتضيه إطلاق
المقنع، والالتفات بكله لعموم الأدلة من الكتاب والسنة والتأسي.
وقول الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير
فراغ فأعد إذا كان الالتفات فاحشا (5). وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر
الأربعمائة المروي في الخصال: الالتفات الفاحش في الصلاة يقطع الصلاة (6).
وقول أبي جعفر عليه السلام في حسن زرارة: الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكله (7).
وفي الإصباح: الالتفات بالكلية إلى وراء (8).
ولولا هذه الأخبار لحكمنا بإبطال شئ من الانحراف، ويؤيدها خبر
عبد الملك أنه سأل الصادق عليه السلام عن الالتفات في الصلاة أيقطع الصلاة؟ قال: لا،
وما أحب أن يفعل (9). وصحيح علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل
يكون في صلاته، فيظن أن ثوبه قد انخرق أو أصابه شئ، هل يصلح له أن ينظر
فيه أو يمسه؟ قال: إن كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا بأس، وإن كان في مؤخره
فلا يلتفت فإنه لا يصلح (10). ويحتملان الالتفات بالعين.
وما حكي عن جامع البزنطي من أنه سأل الرضا عليه السلام عن الرجل يلتفت في

(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 303 ذيل الحديث 916.
(11) المقنع: ص 23.
(12) الهداية: ص 39.
(13) الأمالي: ص 513.
(14) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1248 ب 3 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
(15) الخصال: ج 2 ص 622.
(16) وسائل الشيعة: ج 5 ص 1248 ب 3 من أبواب قواطع الصلاة ح 3.
(17) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 622.
(18) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1249 ب 3 من أبواب قواطع الصلاة ح 5.
(19) المصدر السابق ح 4.
170

صلاته هل يقطع صلاته؟ قال: إذا كانت الفريضة والتفت إلى خلفه فقد قطع صلاته
فيعيد ما صلى ولا يعتد به (1). وما تقدم فيمن وجد في بطنه غمزا أو أذى أو ضربانا
من خبر الفضيل بن يسار، عن أبي جعفر عليه السلام إذ قال: وإن قلب وجهه عن القبلة؟
قال: نعم وإن قلب وجهه عن القبلة (2).
وخبر القماط، عن الصادق عليه السلام إذ قال: وإن التفت يمينا أو شمالا أو ولى عن
القبلة؟ قال: نعم كل ذلك واسع (3). وقوله عليه السلام في خبر الخضر بن عبد الله الذي رواه
الصدوق في عقاب الأعمال: إذا قام العبد إلى الصلاة أقبل الله عليه بوجهه ولا يزال
مقبلا عليه حتى يلتفت ثلاث مرات، فإذا التفت ثلاث مرات أعرض عنه (4). وإن
احتمل غير ذلك.
وقد يحتمل الفرق بين أن يوقع جز من الصلاة وهو ملتفت فيبطل وأن لا
يوقع.
(والقهقهة) تبطل عمدا لا سهوا كما في المبسوط (5) والمراسم (6) والوسيلة (7)
وغيرها.
أما الأول فللأخبار (8)، وللإجماع كما في المعتبر (9) والتذكرة (10) والذكرى.
قال الشهيد: والظاهر أنه لا يعتبر فيها الكثرة، بل يكفي منها مسماها (11).
قلت: في العين: قهقهة الضاحك إذا مد ورجع (12)، وكذا تهذيب اللغة عن ابن

(1) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 572.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1242 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 9.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1243 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 11.
(4) عقاب الأعمال: ص 273 ح 1.
(5) المبسوط: ج 1 ص 117.
(6) المراسم: ص 89.
(7) الوسيلة: ص 97.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1253 ب 7 من أبواب قواطع الصلاة.
(9) المعتبر: ج 2 ص 254.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 132 س 4.
(11) ذكرى الشيعة: ص 216 س 8 و 9.
(12) العين: ج 3 ص 341.
171

المظفر (1)، وفي الجمل (2) والمقاييس: إنها الأغراب في الضحك (3)، وكذا في شمس
العلوم: إنها المبالغة فيه (4)، وفي الديوان (5) والصحاح: أن يقول: قه قه (6).
وظاهرهما ما في الأساس: قه الضاحك إذا قال في ضحكه: قه، فإذا كرره قيل:
قهقه (7)، وفي المفصل (8) والمصادر للزوزني (9) وللبيهقي: إنها الضحك
بصوت (10).
وأما الثاني ففي التذكرة (11) والذكرى (12) ونهاية الإحكام الاجماع عليه (13)،
وإن غلب الضحك فقهقهة اضطرارا بطلت الصلاة كما في نهاية الإحكام (14)
والذكرى (15)، لعموم الأدلة خلافا للشافعية (16) وجمل العلم والعمل على
احتمال (17).
(والدعاء بالمحرم) يبطل عمدا لا سهوا إجماعا، لأنه من الكلام المنهي
عنه، وهو كذلك، ولذا أعرض عنه الأكثر.
(وفعل الكثير عادة مما ليس من الصلاة) فيبطلها عمدا لا سهوا، وإن لم
يمح صورة الصلاة وفاقا لاطلاق الأكثر.
أما الثاني فللأصل، وحصر الخبر الصحيح المتقدم (18) المبطلات في الخمسة:

(1) تهذيب اللغة: ج 5 ص 339.
(2) لا يوجد لدينا كتابه.
(3) المقاييس: ج 5 ص 5.
(4) لا يوجد لدينا.
(5) ديوان الأدب: ج 3 ص 199.
(6) الصحاح: ج 6 ص 2246.
(7) الأساس: ص 530.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) المصادر: ج 2 ص 657.
(10) لا يوجد لدينا.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 132 س 8.
(12) ذكرى الشيعة: ص 216 س 10.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 519.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 519.
(15) ذكرى الشيعة: ص 216 س 11.
(16) المجموع: ج 4 ص 78.
(17) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 34.
(18) في ع (المتقدم الصحيح).
172

الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود (1). وخبر أبي بكر الحضرمي، عن
الصادقين عليهما السلام في أربع: الخلا والبول والريح والصوت (2) وظاهر التذكرة
الاجماع (3).
وأما الأول فلعموم خبر سلمة بن عطاء أنه سأل الصادق عليه السلام أي شئ يقطع
الصلاة؟ قال: عبث الرجل بلحيته (4). وقوله عليه السلام لأبي هارون المكفوف: يا أبا
هارون الإقامة من الصلاة، فإن أقمت فلا تتكلم ولا تومئ بيدك (5). وظاهر خبر
عمار أنه سأله عليه السلام عن الرجل يكون في الصلاة فيقرأ فيرى حية بحياله يجوز له
أن يتناولها فيقتلها؟ فقال: إن كان بينه وبينها خطوة واحدة فليخط وليقتلها وإلا
فلا (6).
ويحتمل أن يكون الفرق للخوف بالقرب وعدمه بالبعد.
وفي المنتهى (7) والتذكرة (8) ونهاية الإحكام (9) الاجماع، وفي المنتهى:
إجماع أهل العلم.
ويدل عليهما ما رواه الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن
علي بن جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يقرض أظافيره أو لحيته وهو في
صلاته وما عليه إن فعل ذلك متعمدا؟ قال: إن كان ناسيا فلا بأس، وإن كان متعمدا
فلا يصلح له (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1241 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1240 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 130 س 20.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1261 ب 12 من أبواب قواطع الصلاة ح 9.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 630 ب 1 من أبواب قواطع الأذان والإقامة ح 12.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1269 ب 19 من أبواب قواطع الصلاة ح 4.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 310 س 18.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 132 س 18.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 521.
(10) قرب الإسناد: ص 88.
173

والمرجع في الكثرة عندنا إلى العرف، وللعامة فيها أقوال (1)، فرب كثير في
العدد لا يسمى في العرف كثيرا، كتحريك الأصابع للعد أو غيره، واحتمل الابطال
في التذكرة (2). ورب فعل واحد يحتمل عده كثيرا في العرف كالوثبة الفاحشة، ولذا
استشكل فيه في التذكرة (3) ونهاية الإحكام (4).
وفي المقنع: لا بأس للمصلي أن يتقدم أمامه بعد أن يدخل في الصلاة إلى
القبلة ما شاء، وليس له أن يتأخر (5). ويجوز أن يعني ما لم يبلغ الكثرة.
وفي الفقيه: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله نخامة في المسجد، فمشى إليها بعرجون من
عراجين ابن طاب فحكها، ثم رجع القهقري فبنى على صلاته، قال: وقال
الصادق عليه السلام: هذا يفتح من الصلاة أبوابا كثيرة (6).
وفي السرائر عن نوادر البزنطي، عن علي، عن الحلبي أنه سئل الصادق عليه السلام
عن الرجل يخطو أمامه في الصلاة خطوتين أو ثلاثا؟ قال: نعم، لا بأس. وعن
الرجل يقرب نعله بيديه أو رجله في الصلاة؟ قال: نعم (7).
وفي التهذيب عن عمار الساباطي، عنه عليه السلام قال: لا بأس أن تحمل المرأة
صبيها وهي تصلي وترضعه وهي تتشهد (8).
وفي قرب الإسناد للحميري عن عبد الله بن الحسن، عن علي بن جعفر أنه
سأل أخاه عليه السلام عن المرأة تكون في صلاة الفريضة وولدها إلى جنبها يبكي هل
يصلح لها أن تتناوله فتقعده في حجرها وتسكته وترضعه؟ قال: لا بأس (9). وإنه

(1) المجموع: ج 4 ص 93.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 132 س 28.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 132 س 26.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 521.
(5) المقنع: ص 24.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 277 ح 851.
(7) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 28 س 13.
(8) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 330 ح 1355.
(9) قرب الإسناد: ص 101.
174

سأله عليه السلام عن الرجل يكون في صلاته فيرمي الكلب وغيره بالحجر ما عليه؟ قال:
ليس عليه شئ، ولا يقطع ذلك صلاته (1).
وقد وردت أخبار بغسل الرعاف (2). ويروى عن محمد بن بجبل أنه رأى
الصادق عليه السلام يصلي، فمر به رجل وهو بين السجدتين، فرماه عليه السلام بحصاة، فأقبل
إليه الرجل (3). وقال عليه السلام لعمار بن موسى: المرأة إذا أرادت شيئا ضربت على
فخذها وهي في الصلاة (4).
وفي صحيح ابن أبي يعفور: المرأة إذا أرادت الحاجة وهي تصلي تصفق
بيدها (5). وفي خبر أبي الوليد أنه رخص لناجية في ضرب الحائط لايقاظ
الغلام (6). وفي خبر سعيد الأعرج عنه عليه السلام الرخصة لمصلي الوتر: إذا عطش وهو
يريد الصوم في أن يخطو خطوتين أو ثلاثا ويشرب ويرجع (7).
والأولى الاقتصار على المنصوص كما في نهاية الإحكام (8) والمعتبر (9).
واحتمل في المختلف أن يكون ذلك في الدعاء بعد الوتر (10).
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله حمل أمامة بنت أبي العاص، وكان يضعها إذا سجد
ويرفعها إذا قام (11). وقال الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن المغيرة: لا بأس أن يعد
الرجل صلاته بالخاتم أو بحصى يأخذ بيده فيعد به (12). ولحبيب الخثعمي: احص

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1258 ب 10 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1244 ب 2 من أبواب قواطع الصلاة.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1258 ب 10 من أبواب قواطع الصلاة ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1256 ب 9 من أبواب قواطع الصلاة ح 4.
(5) المصدر السابق ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1257 ب 9 من أبواب قواطع الصلاة ح 8.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1273 ب 23 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 521.
(9) المعتبر: ج 2 ص 259.
(10) مختلف الشيعة: ج 2 ص 206.
(11) سنن النسائي ج 3 ص 10.
(12) وسائل الشيعة: ج 5 ص 343 ب 28 من أبواب الخلل ح 3.
175

صلاتك بالحصى، أو قال: احفظها بالحصى (1). وقال له حبيب بن المعلى: إنه لا
يحفظ صلاته إلا بتحويل خاتمه من مكان، فقال: لا بأس به (2).
وفي الذكرى: إن البزنطي روى عن داود بن سرحان، عنه عليه السلام في عد الآي
بعقد اليد، فقال: لا بأس هو أحصى للقرآن (3).
وفي المنتهى: لا بأس أن يعد الرجل عدد ركعاته بأصابعه أو بشئ يكون معه
من الحصى وشبهه، وعليه علماؤنا أجمع بشرط أن لا يتلفظ، بل يعتقده في
ضميره، وليس مكروها، وبه قال أهل العلم كافة إلا أبا حنيفة فإنه كرهه وكذا
الشافعي (4)، إنتهى.
وفي السرائر: إن الكثير هو ما يسمى في العادة كثيرا مثل الأكل والشرب
واللبس وغير ذلك مما إذا فعله الانسان لا يسمى مصليا بل آكلا وشاربا، ولا
يسمى فاعله في العادة مصليا. قال: فهذا تحقيق الفعل الكثير الذي يفسد الصلاة
ويورد في الكتب في التروك وقواطع الصلاة، فليلحظ ذلك (5)، إنتهى.
ونحوه المعتبر (6) والمنتهى (7) في تخصيص المبطل بما ذكره، مع أنهم نصوا
على أنه سهوا لا يبطل، وهو خلاف التحقيق، فإن الخروج من الصلاة قطع لها،
وهو مبطل لها مطلقا.
ولذا نسبه الشهيد في الذكرى إلى الأصحاب، واستدل له بعموم رفع النسيان،
وبأخبار سهو النبي صلى الله عليه وآله، ثم قال: وهو متروك بين الإمامية (8)، يعني سهوه صلى الله عليه وآله.
ويجوز أن يكون ابن إدريس أراد به ما في الموجز الحاوي من أنه الذي

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 343 ب 28 من أبواب الخلل ح 1.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) ذكرى الشيعة: ص 215 س 25.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 310 س 30.
(5) السرائر: ج 1 ص 238.
(6) المعتبر: ج 2 ص 255.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 310 س 17.
(8) ذكرى الشيعة: ص 215 س 32.
176

يخيل الناظر إلى فاعله أنه معرض عن الصلاة (1). وهو محكي في التذكرة عن
بعض الشافعية (2). وأظن أنه الكثير عرفا، فلا تبطل الأفعال المتفرقة التي لو
اجتمعت كانت كثيرة.
ويؤيده حديث أمامة، وخبر أبي بصير أنه سأل الصادق عليه السلام ما يجزئ
الرجل من الثياب أن يصلي فيه؟ فقال: صلى الحسين بن علي عليهما السلام في ثوب
واحد قلص عن نصف ساقه وقارب ركبتيه ليس على منكبيه منه إلا قدر جناحي
الخطاف، وكان إذا ركع سقط عن منكبيه، وكلما سجد يناله عنقه فيرده على منكبيه
بيده، فلم يزل ذلك دأبه ودأبه مشتغلا به حتى انصرف (3). وتردد فيه المصنف،
في التذكرة (4) والنهاية (5).
(والبكاء لأمور الدنيا) يبطل عمدا لا سهوا وفاقا للحلبيين (6) وابن
حمزة (7) والمحقق (8). أما الأول فلخبر أبي حنيفة أنه سأل الصادق عليه السلام عن البكاء
في الصلاة، فقال: إن كان يكون لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال في
الصلاة، وإن كان ذكر ميتا فصلاته فاسدة (9).
وأطلق الافساد في المبسوط (10) والمهذب (11) والإصباح (12). وإن كان

(1) الموجز الحاوي (الرسائل العشرة): ص 85.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 132 س 23.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 284 ب 22 من أبواب لباس المصلي ح 10، وفيه: (في ثوب قد
قلص).
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 132 س 25.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 521.
(6) الكافي في الفقه: ص 120، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 34.
(7) الوسيلة: ص 97.
(8) المعتبر: ج 2 ص 255.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1251 ب 5 من أبواب قواطع الصلاة ح 4.
(10) المبسوط: ج 1 ص 118.
(11) المهذب: ج 1 ص 98.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 622.
177

مغلوبا ففي نهاية الإحكام (1) الافساد، واستظهر في الذكرى (2). وظاهر ما في
الموجز الحاوي من أن المفسد المشتمل على النحيب وإن خفى، لا فيض الدمع بلا
صوت (3)، للأصل. ويرشد إليه كلام ابن زهرة إذ جعله من الفعل الكثير (4)، وهو
البكاء بالمد على ما يقال.
قال الجوهري: إذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء، وإن قصرت
أردت الدموع وخروجها (5). وقال ابن فارس في المجمل: قال قوم: إذا دمعت
العين فهو مقصور، وإذا كان ثم نشيج وصياح فهو ممدود (6).
وفي المقاييس: قال النحويون: من قصره أجراه مجرى الأدواء والأمراض،
ومن مده أجراه مجرى الأصوات كالثغاء والرغاء والدعاء (7). وقال نشوان بن
سعيد في شمس العلوم: قال الخليل: إذا قصرت البكاء فهو بمعنى الحزن، أي ليس
معه صوت وإن كان معه نشيج وصياح فهو ممدود (8) وليس في العين منه أثر.
وقال الراغب: بالمد سيلان الدمع عن حزن وعويل، يقال: إذا كان الصوت
أغلب كالرغاء والثغاء وسائر هذه الأبنية الموضوعة للصوت، وبالقصر يقال: إذا
كان الحزن أغلب (9).
(والأكل والشرب) مبطلان عمدا لا سهوا وإن لم يكثرا كما يقتضيه عطفه
على الفعل الكثير وإن أمكن التخصيص، للاستثناء، ويقتضيه إطلاقه كالخلاف (10)
والمبسوط (11).

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 520.
(2) ذكرى الشيعة: ص 216 س 2.
(3) الموجز الحاوي (الرسائل العشر): ص 85.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 496 س 34.
(5) الصحاح: ج 6 ص 2284 مادة (بكى).
(6) مجمل اللغة: ج 1 ص 132 مادة (بكى).
(7) المقاييس: ج 1 ص 285.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) المفردات: ص 58 مادة (بكى).
(10) الخلاف: ج 1 ص 413 المسألة 159.
(11) المبسوط: ج 1 ص 118.
178

أما الثاني فللأصل والاجماع على ما في المنتهى (1)، وأما الأول فللإجماع
على ما في الخلاف (2).
وفي التذكرة: لأنهما فعل كثير، لأن تناول المأكول ومضغه وابتلاعه أفعال
متعددة، وكذا المشروب (3). ونحوه نهاية الإحكام، وزاد فيه: لأنه ينافي هيئة
الخشوع (4). ويشعر بالاعراض عن الصلاة، وهو لا يفيد الحرمة فضلا عن الابطال
كالعبث والتمطي.
قال: أما لو كان قليلا - كما لو كان بين أسنانه شئ - أو نزلت نخامة من رأسه
فابتلعها، فإنه غير مبطل (5). وفي المنتهى قولا واحدا، لكن ليس فيه النخامة، قال
فيه: لأنه لا يمكن التحرز منه، قال: وكذا لو كان في فيه لقمة ولم يبلعها إلا في
الصلاة، لأنه فعل قليل (6).
وقال في النهاية: ولو وصل شئ إلى جوفه من غير أن يفعل فعلا من ابتلاع
ومضغ - بأن يضع في فمه سكرة فتذوب وتسوغ مع الريق - فالأقرب عدم
البطلان، لأنه لم يوجد منه مضغ وازدراد (7)، وفي المنتهى: لم تفسد صلاته
عندنا (8).
قال في النهاية: ولو مضغ علكا فكالأكل (9)، وفي المعتبر (10) والمنتهى: إنهما
إنما يبطلان إذا تطاولا (11)، وفي التحرير: إن كثرا (12)، وفي المختلف: إن كان فعلا
كثيرا (13). والكل متقاربة المعنى، مشتركة في أن علة إبطالهما الكثرة كما في

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 312 س 14.
(2) الخلاف: ج 1 ص 413 مسألة 159.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 132 س 40.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 522.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 522.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 312 س 17.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 522.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 312 س 16.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 522.
(10) المعتبر: ج 2 ص 259.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 312 س 9.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 43 س 11.
(13) مختلف الشيعة: ج 2 ص 204.
179

السرائر (1)، وهو الظاهر، إذ لا نص عليهما، ولذا لم يتعرض لهما الأكثر.
وقد يكون مراد الشيخ أيضا الكثير منهما خصوصا، والظاهر أن ابتلاع
النخامة وما بين الأسنان وسوغ السكرة مع الريق لا يسميان في العرف أكلا. وفي
التذكرة: لو كان مغلوبا - بأن نزلت النخامة ولم يقدر على إمساكها - لم تبطل صلاته
إجماعا (2). يعني ولو كثر للعذر كالمرتعد، وإبطالهما يعم الفرض والنفل.
(إلا) الشرب (في) دعاء (الوتر لمريد الصوم من غير استدبار) فقد
سمعت نصه (3)، وفي المبسوط (4) والخلاف: إنه روى إباحة الشرب في النافلة (5)،
وقد يريد المنصوص في هذا الخبر خاصة من غير تعميم لغيره، كما اختاره ابن
إدريس (6) والفاضلان (7) وإن أجمل العبارة.
وفي المنتهى: إن الأقرب اعتبار القلة (8)، وفي التحرير: القطع بالرخصة في
الكثير (9)، وفي المختلف: إن الرخصة إما في القليل أو في الدعاء بعد الوتر (10).
(ولا يجوز التطبيق) الذي كان يستحبه ابن مسعود (11)، وفاقا للخلاف (12).
(وهو وضع إحدى الراحتين على الأخرى في الركوع بين رجليه)
لمخالفته هيئة الصلوات البيانية، ولما مر عن قرب الإسناد من قول علي بن
الحسين عليهما السلام: وضع الرجل إحدى يديه على الأخرى في الصلاة عمل، وليس في
الصلاة عمل (13). وقال أبو علي: لأن ذلك منهي عنه (14).

(1) السرائر: ج 1 ص 238.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 133 س 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1273 ب 23 من أبواب قواطع الصلاة.
(4) المبسوط: ج 1 ص 118.
(5) الخلاف: ج 1 ص 413 المسألة 159.
(6) السرائر: ج 1 ص 309.
(7) المعتبر: ج 2 ص 260، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 133 س 4.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 312 س 13.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 43 س 12.
(10) مختلف الشيعة: ج 2 ص 206.
(11) المجموع: ج 3 ص 411.
(12) الخلاف: ج 1 ص 347 المسألة 97.
(13) قرب الإسناد: ص 95.
(14) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 198 س 18.
180

وفي الخلاف: إجماع المسلمين لانقراض خلاف ابن مسعود (1). يعني على
عدم رجحانه، فيكون من الأفعال الخارجة عن كيفية الصلاة المرجوحة للأمر
بوضع الكفين على الركبتين، ففعله بنية الرجحان حرام مبطل قطعا، وبدونها حرام
إن قلنا بوجوب الوضع على الركبتين، وإلا فإن كان كثيرا كما يقال في التكفير كان
حراما مبطلا عمدا، وإلا فإن صح النهي عنه كما ذكره أبو علي ويحتمله قوله عليه السلام:
(ليس في الصلاة عمل) أمكن الابطال، لرجوعه إلى النهي عن الركوع بهذه الهيئة
والعدم، لأن النهي عن وصف خارج، وكرهه الحلبي (2) والمصنف في المختلف
للأصل (3).
(ولا) يجوز (العقص) للشعر (للرجل) في صلاته (على قول)
الشيخ في النهاية (4) والمبسوط (5) والخلاف (6)، لخبر مصادف، عن الصادق عليه السلام
في رجل صلى صلاة فريضة وهو معقوص الشعر، قال: يعيد صلاته (7)، وفي
الخلاف الاجماع (8).
ولما لم يكن معلوما، وكان الخبر واحدا ضعيفا، كرهه المصنف في كتبه (9)
كالحلبي (10) وسلا ر (11) والمحقق (12) وابن إدريس (13) وظاهر المفيد (14). وفي
الذكرى: لما تقرر في الأصول حجية الاجماع المنقول بخبر الواحد، فلا بأس

(1) الخلاف: ج 1 ص 347 المسألة 97.
(2) الكافي في الفقه: ص 125.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 193.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 325.
(5) المبسوط: ج 1 ص 119.
(6) الخلاف: ج 1 ص 510 المسألة 255.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 308 ب 36 من أبواب لباس المصلي ح 1.
(8) الخلاف: ج 1 ص 510 مسألة 255.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 312 س 23، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 99 س 33، تحرير
الأحكام: ج 1 ص 31 س 16.
(10) الكافي في الفقه: ص 125.
(11) المراسم: ص 64.
(12) المعتبر: ج 2 ص 260.
(13) السرائر: ج 1 ص 271.
(14) المقنعة: ص 152.
181

باتباع الشيخ والاحتياط (1).
والعقص: هو جمع الشعر في وسط الرأس وشده، كذا في المعتبر (2)
والتذكرة (3)، ويقرب منه قول الفارابي (4) والمطرزي في كتابيه: إنه جمعه على
الرأس، قال المطرزي: وقيل: هو ليه وإدخال أطرافه في أصوله (5).
قلت: هو قول ابن فارس في المقاييس (6)، قال المطرزي وعن ابن دريد:
عقصت شعرها شدته في قفاها، ولم تجمعه جمعا شديدا (7). وفي العين: العقص
أخذك خصلة من شعر فتلويها ثم تعقدها حتى يبقى فيها التواء ثم ترسلها (8)،
ونحوه المجمل (9) والأساس (10) والمحيط (11) وإن خلا عن الارسال، ويقرب منه
ما في الفائق: إنه الفتل (12).
وما في الصحاح: إنه ضفره وليه على الرأس (13)، وهو المحكي في تهذيب
اللغة (14) والغريبين عن أبي عبيدة، إلا أنه قال: ضرب من الضفر، وهو ليه على
الرأس (15).
وفي المنتهى: وقد قيل: إن المراد بذلك ضفر الشعر وجعله كالكبة في مقدم
الرأس على الجبهة، فعلى هذا يكون ما ذكره الشيخ حقا، لأنه يمنع من
السجود (16)، إنتهى.

(1) ذكرى الشيعة: ص 217 س 16.
(2) المعتبر: ج 2 ص 260.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 99 س 33.
(4) ديوان الأدب: ج 2 ص 164 مادة (عقص).
(5) لا يوجد لدينا.
(6) المقاييس: ج 4 ص 96 مادة (عقص).
(7) الجمهرة: ج 3 ص 76 مادة (الصعق).
(8) العين: ج 1 ص 127 مادة (عقص).
(9) المجمل: ج 3 ص 622 مادة (عقص).
(10) الأساس: ص 309 مادة (عقص).
(11) لا يوجد لدينا.
(12) الفائق: ج 3 ص 17 مادة (عقص).
(13) الصحاح: ج 3 ص 1046 مادة (عقص).
(14) تهذيب اللغة: ج 1 ص 173 مادة (عقص).
(15) لا يوجد لدينا.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 235 س 30.
182

وحكى المطرزي قولا: إنه وصل الشعر بشعر الغير. وقول المصنف: (على
قول) يحتمل التعلق بالعقص والتطبيق جميعا.
(ويستحب) للمصلي (التحميد إن عطس) للعموم، وخصوص نحو قول
الصادق عليه السلام في حسن الحلبي: إذا عطس الرجل في صلاته فليحمد الله (1).
(و) يستحب له (تسميت العاطس) إذا كان مؤمنا، لعموم استحباب
الدعاء في الصلاة. وفي المعتبر: عندي فيه تردد، والجواز أشبه بالمذهب (2).
والتردد لانتفاء النص، وتضمنه الخطاب، فيكون كالسلام عليه، مع ما روته العامة
عن معاوية بن الحكم أنه قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وآله فعطس رجل من القوم
فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: ما شأنكم تنظرون إلي،
فجعلوا يضربون أيديهم على أفخاذهم فعلمت أنهم يصمتوني، فلما صلى رسول
الله صلى الله عليه وآله قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها كلام الناس، إنما هي التكبير وقراءة
القرآن (3). وإن أمكن أن يكون الانكار على قوله الثاني.
(و) يستحب (نزع الخف الضيق) لمنافاته الاقبال والخشوع، ولقول
الصادق عليه السلام في خبر إسحاق المروي في معاني الأخبار: لا صلاة لحاقن ولا
لحاقب ولا لحاذق (4).
(ويجب) على المصلي (رد السلام) على المؤمن، لعموم الكتاب (5) مع
عموم أدلة الدعاء في الصلاة، وخصوص الأخبار الآمرة بالرد والحاكية له (6)، ولم
يتعرض غيره للوجوب.
قال الشهيد: والظاهر أنهم أرادوا بيان شرعيته، ويبقى الوجوب معلوما من

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1268 ب 18 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
(2) المعتبر: ج 2 ص 263.
(3) سنن النسائي: ج 3 ص 16 مع اختلاف.
(4) معاني الأخبار: ح 1 ص 237.
(5) النساء: 86.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1265 ب 16 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
183

القواعد الشرعية (1). وقال المصنف في المختلف وغيره: لو اشتغل بالقراءة عقيب
التسليم عليه ولم يشتغل بالرد بطلت صلاته، لأنه فعل منهي عنه، قال: وهذا شئ
لم يذكره (2). قال الشهيد: وهو من مشوب اجتماع الأمر والنهي في الصلاة كما
سبق، والأصح عدم البطلان بترك رده (3).
قلت: إن وجبت المبادرة إلى الرد لذهاب المسلم، توجه البطلان، وإلا فلا،
لعدم النهي.
ويجب أن يكون الرد (بغير عليكم السلام) وفاقا للأكثر، لقول
الصادق عليه السلام في خبر سماعة: ترد (سلام عليكم) ولا تقل (وعليكم السلام) (4).
واستشكله في المختلف لضعف الخبر وأصل الجواز، ثم قوى الجواز (5)، وعليه ابن
إدريس (6).
(ويحرم قطع الصلاة الواجبة اختيارا) لوجوب الاتمام كالشروع،
ولقوله تعالى: (ولا تبطلوا أعمالكم) (7). وفيه أنه إنما ينهى عن إبطال جميع
الأعمال، والظاهر الاتفاق عليه.
(ويجوز) وقد يجب (لحفظ المال والغريم والطفل) والعرض كانا له
أو لغيره (وشبهه) من مريض وضعيف وغافل، قال الصادق عليه السلام في صحيح
حريز: إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريما لك عليه مال،
أو حية تتخوفها على نفسك، فاقطع الصلاة واتبع غلامك أو غريمك أو اقتل
الحية (8). وإذا وجب القطع فسدت الصلاة إن أتمها.

(1) ذكرى الشيعة: ص 218 س 4.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 203.
(3) ذكرى الشيعة: ص 218 س 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1265 ب 16 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
(5) مختلف الشيعة: ج 2 ص 203.
(6) السرائر: ج 1 ص 237.
(7) محمد: 33.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1272 ب 21 من أبواب قواطع الصلاة ح 1.
184

قال الشهيد: والأجود التحلل بالتسليم، لعموم: وتحليلها التسليم، ولو ضاق
الحال عنه سقط، ولو لم يأت به وفعل منافيا آخر فالأقرب عدم الإثم، لأن القطع
سائغ، والتسليم إنما يجب التحلل به في الصلاة التامة (1).
(و) يجوز (تعداد الركعات بالحصى) للأصل وبالنص (2) والاجماع كما
عرفت، (والتبسم) لذلك، وهو إبداء مقدم الفم من غير صوت، (وقتل الحية
والعقرب) بالنص (3) والاجماع، ولا يكره، للأصل، خلافا للنخعي (4). فإن حصل
القتل بلا معالجة يدخل في الكثير جاز مطلقا، وإلا فعند الضرورة.
(و) يجوز (الإشارة باليد) والرأس (والتصفيق والقرآن) والتسبيح
ورفع الصوت بالذكر، للأصل والنصوص، فقال الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي (5)
وحسنه (6) وصحيح ابن أبي يعفور (7): يومئ برأسه ويشير بيده، والمرأة إذا أرادت
الحاجة تصفق. وسأله عليه السلام حنان بن سدير أيومئ الرجل في الصلاة؟ فقال: نعم،
قد أومأ النبي صلى الله عليه وآله في مسجد من مساجد الأنصار بمحجن كان معه (8). وسأله
عمار بن موسى: عن الرجل يسمع صوتا بالباب وهو في الصلاة فيتنحنح لتسمع
جاريته أو أهله لتأتيه فيشير إليها بيده ليعلمها من بالباب لتنظر من هو، قال: لا
بأس به. وعن الرجل والمرأة يكونان في الصلاة فيريدان شيئا أيجوز لهما أن يقولا
سبحان الله؟ فقال: نعم، ويومئان إلى ما يريدان، والمرأة إذا أرادت شيئا ضربت
على فخذها وهي في الصلاة (9).

(1) ذكرى الشيعة: ص 215 س 17.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 343 ب 28 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1269 ب 19 من أبواب قواطع الصلاة ح 1.
(4) المجموع: ج 1 ص 105.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1256 ب 9 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
(6) المصدر السابق ح 2.
(7) المصدر السابق ح 1.
(8) المصدر السابق ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1256 ب 9 من أبواب قواطع الصلاة ح 4.
185

وسأل علي بن جعفر في الصحيح أخاه عليه السلام عن الرجل يكون في صلاته
فيستأذن إنسانا على الباب فيسبح ويرفع صوته ويسمع جاريته فتأتيه فيريها بيده
أن على الباب إنسانا هل يقطع ذلك صلاته وما عليه؟ قال: لا بأس، لا يقطع بذلك
صلاته (1).
وفي نهاية الإحكام: إذا صفقت ضربت بطن كفها الأيمن على ظهر الكف
الأيسر، أو بطن الأصابع على ظهر الأصابع الأخرى، ولا ينبغي أن تضرب البطن
على البطن، لأنه لعب (2). قلت: ذلك إن أفاد الضرب على الظهر.
قال: ولو فعلته على وجه اللعب بطلت صلاتها مع الكثرة، ومع القلة إشكال
ينشأ من تسويغ القليل، ومن منافاة اللعب الصلاة، قال: ولو أتى بكلمات لا توجد
في القرآن على نظمها وتوجد مفرداتها - مثل يا إبراهيم سلام كن - بطلت صلاته،
ولم يكن لها حكم القرآن (3).
(ويكره الالتفات يمينا وشمالا) لا بحيث يلتفت بالكلية، لما عرفت.
وفي الذكرى: وكان بعض مشائخنا المعاصرين يرى أن الالتفات بالوجه يقطع
الصلاة، كما يقوله بعض الحنفية، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: لا تلتفتوا في صلاتكم
فإنه لا صلاة لملتفت رواه عبد الله بن سلام، ويحمل على الالتفات بكله (4).
قلت: الأقوى ما حكاه للأمر في الآية بتولية الوجوه شطر المسجد الحرام.
واحتمال كونه فاحشا، وظهور ما مر من خبري الفضيل (5) والقماط (6) في غير
العمد. واحتماله في المجوز للالتفات من الأخبار. واحتمال الالتفات بالعين أو

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1257 ب 9 من أبواب قواطع الصلاة ح 6.
(2) في ب وع (أو ذكر).
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 517.
(4) ذكرى الشيعة: ص 217 س 23.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1242 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 9.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1243 ب 1 من أبواب قواطع الصلاة ح 11.
186

القلب، وهو مختار الألفية (1).
(و) يكره (التثاؤب والتمطي) للأخبار (2)، ومنافاتهما الخشوع والاقبال.
وقال أحدهما عليهما السلام في خبر الفضيل: هو من الشيطان ولا يملكه (3). يعني لا يغلب
الشيطان المصلي عليهما.
(والعبث) القليل، لمنافاته الخشوع والاقبال، وللأخبار (4)، (والتنخم
والبصاق) بلا اخراج حرفين إن لم يضطر إليهما لقراءة (5) أو رفع صوت فيما
يجب فيه، للأخبار (6)، ومنافاتهما الخشوع والاقبال. وقال الصادق عليه السلام في خبر
زرارة: من حبس ريقه إجلالا لله في صلاته أورثه الله صحة حتى الممات (7).
(والفرقعة) للأخبار (8)، وكونها عبثا منافيا للاقبال والخشوع.
(والتأوه بحرف) كما في المبسوط (9) والجمل والعقود (10) والغنية (11)
والشرائع (12) وغيرها.
(والأنين به) كما في الشرائع (13)، قال الشهيد: لقربهما من الكلام (14).
وأقول: لدخولهما في يسير العبث، وقد يكون مراد الشهيد إما بحرفين فصاعدا

(1) الألفية: 67.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1259 ب 11 من أبواب قواطع الصلاة.
(3) المصدر السابق ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1260 ب 12 من أبواب قواطع الصلاة.
(5) في ب وع (أو ذكر).
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 678 ب 9 من أبواب أفعال الصلاة ح 9.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1263 ب 14 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1263 ب 14 من أبواب قواطع الصلاة ح 4، وفيه: (عن سهل بن دارم).
(9) المبسوط: ج 1 ص 118.
(10) الجمل والعقود: ص 74.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 497 س 25.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 92.
(13) نفس المصدر.
(14) ذكرى الشيعة: ص 217 س 37.
187

فهما مبطلان عمدا، لدخولهما في الكلام. ومضى نص أمير المؤمنين عليه السلام على
الأنين (1)، وهو صوت المتوجع لمرض، والتأوه يعمه، والصوت لخوف أو شوق.
وأجاز أبو حنيفة التأوه من خشية الله ولو بحرفين (2)، لمدح إبراهيم عليه السلام
بأنه آواه، واستحسنه المحقق (3). والوجه العدم، لعموم الدليل، وعدم اقتضاء
المدح جوازه في الصلاة.
(ومدافعة الأخبثين والريح) المتقدمة على الشروع فيها مع سعة الوقت،
والتمكن من التطهر بعد النقض للأخبار (4)، ولا تبطله إن أتى بما يجب فيها، وإن
قال الصادق عليه السلام في خبر هشام بن الحكم: لا صلاة لحاقن ولا لحاقنة، وهو
بمنزلة من هو في ثوبه (5)، للأصل، وحصر المبطل فيما سمعته، وعموم ما سمعته
فيمن يجد غمزا في بطنه أو أذى، وخصوص صحيح ابن الحجاج أنه سأل أبا
الحسن عليه السلام عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع أن يصبر عليه أيصلي
على تلك الحال أو لا يصلي؟ فقال: إن احتمل الصبر ولم يخف اعجالا عن الصلاة
فليصل وليصبر (6).
(ونفخ موضع السجود) للأخبار (7)، وفي بعضها التعليل، بأنه يؤذي من
إلى جانبيه، وفي بعضها النص على انتفاء الكراهية إن لم يؤذه.
(فائدة) فيما يختص بالمرأة من آداب الصلاة.
(المرأة كالرجل في الصلاة إلا أنها) ليس عليها جهر، وهل يجوز إن لم

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1275 ب 25 من أبواب قواطع الصلاة ح 4.
(2) المجموع: ج 4 ص 89.
(3) المعتبر: ج 2 ص 254.
(4) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1253 ب 8 من أبواب قواطع الصلاة.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1254 ب 8 من أبواب قواطع الصلاة ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1253 ب 8 من أبواب قواطع الصلاة ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 4 ص 958 ب 7 من أبواب السجود.
188

تسمع أجنبيا؟ الظاهر الجواز، للأصل كما في الذكرى (1).
ويستحب لها (في حال القيام) أن (تجمع بين قدميها)، لأنه أقرب إلى
التستر، بخلاف الرجل، فيستحب له التفريق، قال أبو جعفر عليه السلام في حسن زرارة:
إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك بالأخرى، ودع بينهما فصلا إصبعا، أقل ذلك
إلى شبر أكثره (2). وذكر حماد أن الصادق عليه السلام في بيانه للصلاة قرب بين قدميه
حتى كان بينهما ثلاثة أصابع مفرجات (3).
وكأن ما في المبسوط (4) والمهذب (5) والإصباح (6) من أربع أصابع بمعنى
المضمومة، لكن في الوسيلة (7) وكتاب أحكام النساء للمفيد مفرجات (8)، وفي
المقنع (9) والمقنعة (10) التفريق بشبر إلى أكثر، وفي الهداية لا أكثر (11)، وهو الوجه.
(و) يستحب لها أن (تضم) في قيامها (ثدييها إلى صدرها) بأصابعها
اليمنى باليمنى واليسرى باليسرى كما في كتاب أحكام النساء للمفيد (12).
(وإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها، لئلا تتطأطأ
كثيرا) فترتفع عجيزتها، لكن عليها أن تنحني بحيث يمكنها وضع اليدين على
الركبتين - كما قيل - ليصدق الركوع الشرعي يقينا، والعجيزة إنما ترفع برفع
الركبتين إلى خلف فتضعهما فوقهما، لئلا ترفعهما.

(1) ذكرى الشيعة: ص 190 س 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 4 ص 675 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 674 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 1.
(4) المبسوط: ج 1 ص 101.
(5) المهذب: ج 1 ص 92.
(6) الإصباح (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 618.
(7) الوسيلة: ص 94.
(8) أحكام النساء (مصنفات المفيد): ج 9 ص 26.
(9) المقنع: ص 23.
(10) المقنعة: ص 104.
(11) الهداية: ص 39.
(12) أحكام النساء (مصنفات المفيد): ج 9 ص 26.
189

(فإذا جلست) للسجود (فعلى أليتها لا كالرجل) إذا جلس له، وإن
كان الأفضل له أن يتلقى الأرض بيديه، (فإذا سقطت للسجود بدأت
بالقعود)، ولا تسبق بيديها إلى الأرض كالرجل، لئلا ترتفع عجيزتها، (ثم
تسجد لاطئة بالأرض) لا متخوية، بل تضم ذراعيها إلى عضديها، وعضديها
إلى جنبيها، وفخذيها إلى بطنها لذلك.
(فإذا جلست في تشهدها) أو بين السجدتين أو لاستراحة (ضمت
فخذيها ورفعت ركبتيها) وساقيها (من الأرض) وقعدت على أليتها لا
متوركة كالرجل، لئلا تخرج رجلاها.
(فإذا نهضت انسلت انسلالا)، ولا تضع يديها على الأرض للنهوض، ولا
ترفع عجيزتها أولا، كل ما ذكر للتستر.
وحسن حريز، عن زرارة قال: إذا قامت المرأة في الصلاة جمعت بين
قدميها، ولا تفرج بينهما، وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها، فإذا ركعت
وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها، لئلا تتطأطأ كثيرا فترتفع عجيزتها، فإذا
جلست فعلى أليتيها، ليس كما يقعد الرجل، وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود
بالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئة بالأرض، فإذا كانت في جلوسها ضمت
فخذيها ورفعت ركبتيها من الأرض، وإذا نهضت انسلت انسلالا لا ترفع عجيزتها
أولا (1). وكذا في الكافي (2).
وفي التهذيب (3) وبعض نسخ علل الشرائع للصدوق: فعلى أليتيها كما يقعد
الرجل (4)، وليس فيهما (ليس).
قال الشهيد: وهو سهو من الناسخين، لأن الرواية منقولة من الكافي للكليني،

(1) وسائل الشيعة: ج 4 ص 676 ب 1 من أبواب أفعال الصلاة ح 4.
(2) الكافي: ج 3 ص 335 - 336 ح 2.
(3) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 94 ح 350.
(4) لم نعثر عليه في النسخة الموجودة لدينا.
190

ولفظة (ليس) موجودة فيه، وسرى هذا السهو في التصانيف كالنهاية للشيخ
وغيرها (1). قلت: كالمعتبر (2) وكتب المصنف (3).
قال: وهو مع كونه لا يطابق المنقول في الكليني لا يطابق المعنى، إذ جلوس
المرأة ليس كجلوس الرجل، لأنها في جلوسها تضم فخذيها وترفع ركبتيها من
الأرض، بخلاف الرجل فإنه يتورك (4).
قلت: قد عرفت معناه، وأن المراد بقعود الرجل قعوده للسجود، ولا تورك فيه
اتفاقا، وإن بعض نسخ العلل يوافق نسخ التهذيب، والخبر فيها مسند إلى أبي
جعفر عليه السلام.
وقال الصادق عليه السلام في خبر ابن أبي يعفور: إذا سجدت المرأة بسطت
ذراعيها (5). وفي مرسل ابن بكير المضمر: المرأة إذا سجدت تضممت، والرجل إذا
سجد تفتح (6).

(1) ذكرى الشيعة: ص 210 س 8.
(2) المعتبر: ج 2 ص 270.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 316 س 4، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 134 س 2، نهاية الإحكام:
ج 1 ص 526.
(4) ذكرى الشيعة: ص 210 س 9.
(5) وسائل الشيعة: ج 4 ص 953 ب 3 من أبواب السجود ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 953 ب 2 من أبواب السجود ح 3.
191

(المقصد الثالث)
(في باقي الصلوات)
المعدودة في الفصل الأول من
المقصد الأول بعد ما ذكر فيه من
اليومية.
(وفيه فصول) خمسة:
193

(الأول)
(في) صلاة (الجمعة)
(وفيه مطالب) ثلاثة:
(الأول:)
في (الشرائط)
لصحتها (وهي ستة زائدة على شرائط اليومية)
(الأول: الوقت وأوله زوال الشمس) بالنص (1) والاجماع، لكن اختلف
في وقت الخطبة كما سيأتي، فمن قدمها على الزوال أراد بهذا القول وقت
الركعتين، ومن أخرها - كالمصنف - أراد وقتها، لكونها كجز منها.
وفي الخلاف: وفي أصحابنا من قال: إنه يجوز أن يصلي الفرض عند قيام
الشمس يوم الجمعة خاصة، وهو اختيار المرتضى (2). قال ابن إدريس: ولم أجد
للسيد المرتضى تصنيفا ولا مسطورا بما حكاه شيخنا عنه، ثم قال: ولعل شيخنا أبا
جعفر سمعه من المرتضى في الدرس، وعرفه منه مشافهة (3).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 17 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة.
(2) الخلاف: ج 1 ص 620 المسألة 390.
(3) السرائر: ج 1 ص 296.
195

قلت: قد يكون استند إلى قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: لا صلاة
نصف النهار إلا يوم الجمعة (1). وقد يكون المراد بنصف النهار أول الزوال، وقد
يكون الصلاة النافلة.
وعن أبي علي ابن الشيخ موافقته للسيد (2)، وعن سلمة بن الأكوع قال: كنا
نصلي مع النبي صلى الله عليه وآله صلاة الجمعة ثم ننصرف، وليس للحيطان في (3).
(وآخره إذا صار ظل كل شئ مثله) وفاقا للمحقق (4)، وبمعناه قول
الشيخ في المبسوط: إن بقي من وقت الظهر ما يأتي فيه بخطبتين خفيفتين
وركعتين خفيفتين أتى بها وصحت الجمعة، وإن بقي من الوقت ما لا يسع للخطبتين
والركعتين فينبغي أن يصلي الظهر، ولا تصح له الجمعة (5). قال المحقق: وبه قال
أكثر أهل العلم (6).
قلت: لم أظفر عليه بنص، لكن يحتمله قول أبي جعفر عليه السلام فيما أرسله
الصدوق عنه (7). وأرسله الشيخ في المصباح عن حريز، عن زرارة عنه عليه السلام وقت
صلاة الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن تمضي ساعة (8).
ونص الحلبيان على فواتها إذا مضى من الزوال مقدار الأذان والخطبتين
والركعتين (9). وابن حمزة على وجوب أن يخطب قبل الزوال (10)، وذلك لتوقع
الصلاة أوله، واستندوا إلى الأخبار، لتظافرها واستفاضتها بضيق وقتها وأنه حين

(1) (1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 18 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ح 6.
(2) لم نعثر عليه.
(3) السنن الكبرى: ج 3 ص 191.
(4) المعتبر: ج 2 ص 275.
(5) المبسوط: ج 1 ص 147.
(6) المعتبر: ج 2 ص 275.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 412 ح 1222.
(8) المصباح المتهجد: ص 324.
(9) الكافي في الفقه: ص 153، والغنية (الجوامع الفقيه): ص 498 س 37.
(10) الوسيلة: ص 104.
196

الزوال، ولا يعارضها خبر الساعة التي تمضي ساعة توقع فيها الصلاة وحدها أو
مع الخطبة كما سيأتي عن الجعفي.
وكذا صحيح ابن سنان، عن الصادق عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي
الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك (1)، لأنه بعد تحقق الزوال إذا خطب أو أذن
للصلاة وأقيم زالت بقدر شراك، بل تزول بقدره بعد الأذان والإقامة وحدهما،
على أنه يجوز أن يراد أنه كان إذا فرغ من الصلاة كانت زالت بقدره.
وفي المعتبر: إن ذلك لو صح لما جاز التأخير عن الزوال بالنفس الواحد، وأن
النبي صلى الله عليه وآله كان يخطب في ألفي الأول، فيقول جبرئيل عليه السلام: يا محمد صلى الله عليه وآله قد
زالت الشمس فأنزل وصل، وهو دليل على تأخير الصلاة عن الزوال بقدر قول
جبرئيل عليه السلام ونزوله عليه السلام ودعائه أمام الصلاة، ولو كان مضيقا لما جاز ذلك (2).
والمقنعة تحتمل موافقة الوسيلة فإن فيها: إن وقت صلاة ظهر يوم الجمعة حين
تزول الشمس، لما جاء عنهم عليهم السلام: إن النبي صلى الله عليه وآله كان يخطب في ألفي الأول،
فإذا زالت الشمس نزل عليه جبرئيل فقال له: يا محمد صلى الله عليه وآله قد زالت الشمس
فصل بالناس، فلا يلبث أن يصلي بالناس (3).
وكذا المهذب (4) والإصباح، لأن فيهما: أن الإمام يأخذ في الخطبة قبل الزوال
بمقدار ما إذا خطب زالت، فإذا زالت صلى (5)، لكنهم لم يصرحوا بالوجوب.
وعن الجعفي أنه قال: وقتها ساعة من النهار، لما روى عن أبي جعفر عليه السلام
أنه قال: وقت الجمعة إذا زالت الشمس وبعده بساعة، ولاجماع المسلمين على
المبادرة بها كما تزول الشمس، وهو دليل التضيق. وروى زرارة، عن الباقر عليه السلام:

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 18 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة ح 4.
(2) المعتبر: ج 2 ص 276.
(3) المقنعة: ص 164.
(4) المهذب: ج 1 ص 103.
(5) إصباح الشيعة (الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
197

إن صلاة الجمعة من الأمر المضيق، إنما لها وقت واحد حين تزول الشمس، ووقت
العصر يوم الجمعة وقت الظهر في سائر الأيام (1) إنتهى. وهو أيضا موافقة لهم
للحلبيين.
والعجب من الشهيد أنه حكى قوله وقول الحلبي، وقال قبله متصلا به في
القول بالمثل: إنه لم يظفر له بحجة، إلا أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي دائما في هذا
الوقت، وقال: ولا دلالة فيه، لأن الوقت الذي كان يصلي فيه ينقص عن هذا القدر
غالبا، ولم يقل أحد بالتوقيت بذلك الناقص (2).
وإذا فات وقت الجمعة ولم يصلها (فحينئذ يجب الظهر) عينا، ولا تقضى
الجمعة اتفاقا. ولكن ابن إدريس لا يرى فوات الجمعة إلا إذا لم يبق من النهار إلا
مقدار أربع ركعات (3). ولعله للأصل، وعموم الأخبار بأن صلاة النهار أو صلاتي
الظهر والعصر لا تفوت إلى بمغيب الشمس، وضعفهما ظاهر، ولأنها لو فاتت قبل
ذلك فإما أن يتضيق كما يقوله ابن حمزة أو الحلبيان، وفيه من العسر ما لا يخفى،
مع أن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وإما أن تمتد إلى وقت كالمثل، ولا دليل عليه،
فلم يبق إلا حمل المضيقات على التأكيد في المبادرة.
(ولو خرج الوقت متلبسا بها ولو بالتكبير أتمها جمعة) وفاقا لاطلاق
الخلاف (4) والمبسوط (5) والشرائع (6) والجامع (7)، لأنها استجمعت الشرائط
وانعقدت جمعة بلا خلاف، فوجب إتمامها للنهي عن إبطال العمل، وصحت جمعة،
كما إذا انفضت الجماعة في الأثناء. وخيرة التحرير (8) والمنتهى (9) والمختلف (10)

(1) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 235 س 28.
(2) ذكرى الشيعة: ص 235 س 25.
(3) السرائر: ج 1 ص 301.
(4) الخلاف: ج 1 ص 601 المسألة 361.
(5) المبسوط: ج 1 ص 147.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 93.
(7) الجامع للشرائع: ص 95.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 45 س 30.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 321 س 11.
(10) مختلف الشيعة: ج 2 ص 234.
198

اشتراط إدراك ركعة في الوقت كسائر الصلوات، ونفى عنه البأس في التذكرة (1)،
لأصل الفوات إذا انقضى الوقت قبل شئ منها خرج إدراك ركعة بالنصوص
والفتاوى.
وسواء في وجوب إتمامها جمعة (إماما كان أو مأموما) انفرد بانفضاض
المأمومين أو سبق الإمام أو لا، وسيأتي في انفراد الإمام كلام.
(ولا تقضى مع الفوات) اتفاقا كما هو الظاهر، بل تصلي الظهر أداء إن بقي
وقتها، وإلا قضاء، وما في بعض العبارات من أنها تقضى ظهرا، فمعناه تفعل
وظيفة الوقت ظهرا.
(ولا تسقط عمن) تعينت عليه و (صلى الظهر) للأصل من غير
معارض، خلافا لأبي حنيفة وصاحبيه (2)، (فإن أدركها) أي الجمعة بعد ما صلى
الظهر (وجبت) عليه عينا، (وإلا أعاد ظهره) لفساد الأولى، خلافا
للشافعي (3).
(ولو علم اتساع الوقت لها وللخطبتين مخففة وجبت) الجمعة (وإلا
سقطت ووجبت الظهر) وإن لم يخرج وقت الجمعة كله، ولا تكفي الركعة
الواحدة هنا، خلافا لأحمد، كذا في التذكرة (4)، لما عرفت من أن الجمعة لا تقضى.
وإن قيل: بأن من أدرك ركعة من الصلاة أداها، فإن من البين أنها ليست أداء
حقيقة بالمعنى المقابل للقضاء، ومن البين أن المصلي إذا نواها وهو يعلم أنه لا
يدرك منها في الوقت إلا بعضها لا ينوي إيقاعها في وقتها، وهو بخلاف ما إذا لم
يعلم بالحال فشرع فيها فانقضى الوقت، فإنه إنما نوى إيقاعها في وقتها، فلما
انقضى قبل إتمامها لم تجب تجديد نية، ولم تجز للقطع، لما مر.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 143 س 28.
(2) المجموع: ج 4 ص 497.
(3) المجموع: ج 4 ص 493.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 143 س 31.
199

وفي نهاية الإحكام لم يفرق بين المسألتين، فاكتفى هنا أيضا بادراك التكبير
مع الخطبتين، وقال: صحت الجمعة عندنا (1).
وقال في المنتهى: لو أدرك الخطبتين وركعة هل يصلي جمعة أم الظهر؟ ظاهر
كلامه في المبسوط: إنه يصلي الظهر، ولو قيل: يصلي جمعة كان حسنا (2).
(الثاني: السلطان العادل أو من يأمره) بها وينصبه، فلا تجب عينا إلا مع
أحدهما كما في الناصرية (3) والنهاية (4) والتبيان (5) والاقتصاد (6) والمراسم (7)
والغنية (8) والإشارة (9) ومجمع البيان (10) وكتب المحقق (11) وأحكام القرآن
للراوندي (12) والجامع (13)، بل لا ينعقد بدونهما كما في المحمديات (14)
والميافارقيات للسيد (15) والسرائر (16) والوسيلة (17) والجمل والعقود (18)
والإصباح (19) والمبسوط (20) والخلاف (21) والمنتهى (22)، وفيهما الاجماع عليه، إلا أن
في المنتهى (إذنه) مكان (أمره).

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 11.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 339 س 8.
(3) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 239 المسألة 111.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 334.
(5) التبيان: ج 10 ص 8.
(6) الإقتصاد: ص 267.
(7) المراسم: ص 77.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 28.
(9) إشارة السبق: ص 97.
(10) مجمع البيان: ج 10 ص 288.
(11) المعتبر: ج 2 ص 279، وشرائع الاسلام: ج 1 ص 94.
(12) فقه القرآن: ج 1 ص 133.
(13) جامع الشرائع: ص 94.
(14) لا يوجد لدينا.
(15) جوابات المسائل الميافارقيات (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الأولى): ص 272.
(16) السرائر: ج 1 ص 292.
(17) الوسيلة: ص 103.
(18) الجمل والعقود: ص 81.
(19) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 626.
(20) المبسوط: ج 1 ص 133.
(21) الخلاف: ج 1 ص 626 المسألة 397.
(22) المنتهى: ج 1 ص 317 س 2.
200

والمراد بالسلطان العادل الإمام المعصوم كما في المنتهى (1) والتذكرة (2)
ونهاية الإحكام (3)، وبمعناه ما في المراسم (4) والإشارة (5) والجامع (6) من إمام
الأصل، إما أنها إنما تصح مع الإمام المعصوم، أو من أذن في إمامته خصوصا أو
عموما، فهو من ضروريات المذهب، فإن من ضروريات العقل وأديان أمم
الأنبياء قاطبة أن العبادة إنما تصح إذا أمر الله بها وأذن فيها، ولا طريق لنا إلى العلم
بإذنه تعالى إلا إذن الأنبياء ونوابهم المعصومين، فإن العقل لا يستقل في الحكم
بخصوصية العبادة خصوصا هذه الصلاة.
وأيضا فمن الضروريات عقلا وشرعا أنه لا يحسن الاقتداء بمن لا دليل
على إمامته، ولا دليل على إمامة غير المعصوم إلا إذنه، بل هو الإمام والإمامة
منصبه، فلا يجوز لغيره الإمامة في شئ، ولا لنا الائتمام بغيره في شئ إلا بإذنه
واستنابته.
وأيضا فمن أجزاء الصلاة القراءة، فلا يجوز تركها، ولا يصح الاكتفاء فيها
بقراءة الغير إلا بإذن الشارع فيه، وللإجماع فعلا من عهد النبي صلى الله عليه وآله على نصب
إمام الجمعة على ما في الخلاف (7) والمعتبر (8) والتذكرة (9) وغيرها.
قال المحقق: فكما لا يصح أن ينصب الانسان نفسه قاضيا من دون إذن
الإمام، كذا إمام الجمعة، قال: وليس هذا قياسا، بل استدلالا بالعمل المستمر في
الأعصار، فمخالفته خرق للاجماع (10).
قلت: ولذا كان أئمة الهدى وأصحابهم يتقون فلم يكونوا يعقدون الجمعة
لأنفسهم في عهود أئمة الجور. ولقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر حماد: إذا قدم

(1) المنتهى: ج 1 ص 317 س 2.
(2) تذكرة الفقهاء: ص 144 س 34.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 14.
(4) المراسم: ص 77.
(5) إشارة السبق: ص 97.
(6) جامع الشرائع: ص 94.
(7) الخلاف: ج 1 ص 626 المسألة 397.
(8) المعتبر: ج 2 ص 279.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 144 س 29.
(10) المعتبر: ج 2 ص 280.
201

الخليفة مصرا من الأمصار جمع الناس، ليس ذلك لأحد غيره (1).
وأجاز الشافعي وأحمد ومالك عقدها للرعية بدون إذن الإمام (2)، وأبو حنيفة
عند الضرورة (3).
وأما أنها تجب عينا إذا صلاها الإمام المعصوم أو المنصوب من قبله فله
معنيان:
الأول: وجوب الحضور على كل مكلف إذا عقدها أحدهما، أو علم أنه
اجتمعت الشرائط عنده وأنه يعقدها، وعليه الكتاب والسنة والاجماع، إلا على
من سقطت عمله بالنص والاجماع.
والثاني: وجوب عقدها عليهما عينا إذا اجتمعت سائر الشرائط.
وظاهر الشيخ (4) ومن بعده الاتفاق عليه، ويؤيده وجوب الحضور على من
كان على رأس فرسخين كما ستعرف، وللعامة قول بالعدم (5).
وأما أنها لا تجب عينا إذا لم يصلها المعصوم ولا المنصوب من قبله لها، فله
أيضا معنيان:
أحدهما - وهو المراد -: أنه لا تجب عينا عقدها.
والثاني: أنه لا تجب الحضور وإن انعقدت أو علم أن جمعا من المؤمنين
اجتمعت فيهم العدد المعتبر، ولإمامهم شروط الإمامة، وأنهم يعقدونها.
أما الأول فللأصل والاجماع كما هو ظاهر الأصحاب، وصريح التذكرة (6)
والتحرير (7)، ولخبر عبد الملك: أن أبا جعفر عليه السلام قال له: مثلك يهلك ولم يصل
فريضة فرضها الله، قال: قلت: كيف أصنع؟ قال: صلوا جماعة، يعني صلاة

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 36 ب 20 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(2) المجموع: ج 4 ص 583.
(3) المجموع: ج 4 ص 583.
(4) المبسوط: ج 1 ص 143.
(5) المجموع: ج 4 ص 488.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 145 س 29.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 43 س 34.
202

الجمعة (1) لدلالته على أنه لم يكن يصليها، ومن البعيد جدا أن يكون مثله يترك ما
كان يجب عليه عينا أو يجهل وجوبه.
وصحيح زرارة قال: حثنا أبو عبد الله عليه السلام على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه
يريد أن نأتيه، فقلت: نغدو عليك؟ قال: لا إنما عنيت عندكم (2).
فإن من المعلوم أنها لو وجبت عينا لكان يفعلها زرارة وأضرابه مستمرا، ولو
فرض جهله بوجوبها عينا قبل حثه عليه السلام فإنما حق العبادة حينئذ أن يقال: أمرنا
ونحو ذلك، فلفظ (الحث) لمثل زرارة يعطى الاستحباب.
وما في مصباح الشيخ من قوله عليه السلام في خبر هشام: إني لأحب للرجل أن لا
يخرج من الدنيا حتى يتمتع ولو مرة، وأن يصلي الجمعة في جماعة (3).
ويحتمل الثلاثة الحث على حضور جمعات العامة، كما يعطيه ما تسمعه من
كلام المفيد، ويجوز أن يكون إنما كانا يتركانها خوفا مع علمهما بوجوبها عينا إذا
لم يكن خوف فآمنهما الإمامان وأمراهما بها.
وأما الاجماع فهو ممنوع، وأما الأصل فقد يعارض بالأصل والظاهر، فإن
الأصل والظاهر فيما ثبت وجوبه عينا عمومه لكافة المكلفين في جميع الأزمان
والأصقاع إلى أن يدل دليل على التخصيص أو النسخ.
وقد ثبت وجوب عقد الجمعة والاجتماع إليها عينا بالاجماع والنصوص من
الكتاب والسنة، وهي لاطلاقها إذن من الشارع في فعلها وإيجاب لها على كل
مكلف، فلا حاجة إلى إذنه لواحد أو جماعة بخصوصهم ونصبه لهم، لخصوص
الجمعة كسائر العبادات، إلا أن يقوم دليل على امتيازها من سائر العبادات
بافتقارها إلى هذا الإذن.

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 12 ب 5 من أبواب صلاة الجمعة ح 2.
(2) المصدر السابق ح 1.
(3) مصباح المتهجد: ص 324.
203

أما الكتاب فالآية معروفة (1).
وأما السنة فمنها: قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة وحسنته: إنما فرض
الله عز وجل على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة، منها صلاة
فرضها الله عزو جل في جماعة وهي صلاة الجمعة، ووضعها عن تسعة: عن
الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن كان
على رأس فرسخين (2).
وفي صحيحه: تجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين، ولا جمعة لأقل من
خمسة أحدهم الإمام، فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم (3). وفي
حسنه الذي رواه الصدوق في الأمالي (4).
وصحيحه الذي رواه في عقاب الأعمال: صلاة الجمعة فريضة، والاجتماع
إليها فريضة مع الإمام، فإن ترك رجل من غير علة ثلاث جمع فقد ترك ثلاث
فرائض، ولا يدع ثلاث فرائض من غير علة إلا منافق (5). وفي صحيحه: الجمعة
واجبة على من إن صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة (6).
وفي خبر ابن مسلم وحسنه: تجب الجمعة على من كان منها على
فرسخين (7). وفي خبر أبي بصير وابن مسلم: من ترك الجمعة ثلاثا متواليات بغير
علة طبع الله على قلبه (8).
ومنها: قول الصادق عليه السلام في صحيحهما: إن الله عز وجل فرض في كل سبعة

(1) الجمعة: 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 2 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 8 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ح 4.
(4) أمالي الصدوق: ص 392 ح 13.
(5) عقاب الأعمال: ص 277 ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 11 ب 4 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(7) المصدر السابق ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 4 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ح 11.
204

أيام خمسا وثلاثين صلاة، منها صلاة واجبة على كل مسلم أن يشهدها إلا خمسة:
المريض والمملوك والمسافر والمرأة والصبي (1). وفي صحيح منصور: يجمع القوم
يوم الجمعة إذا كانوا خمسة، فما زادوا، فإن كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم.
والجمعة واجبة على كل أحد لا يعذر الناس فيها إلا خمسة: المرأة والمملوك
والمسافر والمريض والصبي (2).
وفي خبر الفضل بن عبد الملك: إذا كان القوم في قرية صلوا الجمعة أربع
ركعات، فإن كان لهم من يخطب لهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر (3). وفي صحيح
ابن مسلم إذ سأله عليه السلام عن الجمعة تجب على كل من كان منها على رأس
فرسخين، فإن زاد على ذلك فليس عليه شئ (4).
وفي خبر حفص بن غياث عن بعض الموالي: إن الله عز وجل فرض على
جميع المؤمنين والمؤمنات، ورخص للمرأة والعبد والمسافر أن لا يأتوها (5).
وفي صحيح عمر بن يزيد: إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة،
وليلبس البرد والعمامة، ويتوكأ على قوس أو عصى، وليقعد قعدة بين الخطبتين،
ويجهر بالقراءة، ويقنت في الركعة الأولى منهما قبل الركوع (6).
ومنها قول أمير المؤمنين عليه السلام في خطبته: والجمعة واجبة على كل مؤمن إلا
على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والأعمى والمسافر والمرأة والعبد
المملوك ومن كان على رأس فرسخين (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 5 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ح 14.
(2) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 239 ح 636.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 8 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ح 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 12 ب 4 من أبواب صلاة الجمعة ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 35 ب 18 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 15 ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 3 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ح 6.
205

ومنها: ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من قوله: الجمعة حق واجب على كل مسلم إلا
أربعة: عبد مملوك والمرأة أو صبي أو مريض (1). وقوله: من ترك ثلاث جمع تهاونا
بها طبع الله على قلبه (2). وقوله: من ترك ثلاث جمع متعمدا من غير علة طبع الله
على قلبه (3). وقوله: من ترك ثلاث جمع متعمدا من غير علة طبع الله على قلبه
بخاتم النفاق (4). وقوله: لينتهين أقوام عن ورعهم الجمعات، أو ليختمن على
قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين (5). وقوله: إن الله فرض عليكم الجمعة، فمن تركها
في حياتي أو بعد موتي استخفافا بها أو جحودا لها فلا جمع الله شمله، ولا بارك له
في أمره ألا ولا صلاة له، ألا ولا زكاة له، ألا ولا حج له، ألا ولا صوم له، ألا ولا بر
له حتى يتوب (6).
وقد يقال: شئ من الاجماع والنصوص لا يفيد الوجوب عينا، لا قطعا ولا
ظاهرا، إلا فيما أجمع عليه، فإن حمل الغير عليه ليس إلا قياسا، وإنما يثبت
الاجماع على وجوبها عينا على المعصوم ومن نصبه بخصوصه، وعلى الناس إذا
صلاها أحدهما، وإنما يظهر من النصوص الوجوب عينا مطلقا لو أجمع على
حملها على وجوبها عينا مطلقا. وإن تنزلنا فلو أجمع على حملها وعلى وجوبها
مطلقا، وإن تنزلنا فإنما تعارضه لو عمل أحد من الإمامية بها على إطلاقها، وليس
كذلك ضرورة من المذهب.
فلا قائل منا بأن منادي يزيد وأضرابه إذا نادى إلى صلاة الجمعة وجب علينا
السعي إليها، وإن لم نتقه، ولا منادي أحد من فساق المؤمنين، فليس معنى الآية
إلا أنه إذا نادى مناد بحق فاسعوا إليها، وكون المنادي بدون إذن الإمام له

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 6 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ح 24.
(2) المصدر السابق ح 25.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 5 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ح 15.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 6 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ح 26.
(5) المصدر السابق ح 27.
(6) المصدر السابق ح 28.
206

بخصوصه مناديا بحق ممنوع، فلا يعلم الوجوب فضلا عن العيني.
وبعبارة أخرى إنما تدل الآية على وجوب السعي إذا نودي للصلاة، لا على
وجوب النداء، ومن المعلوم ضرورة من العقل والدين أنه إنما يجب السعي إذا
جاز النداء، وفي أنه هل يجوز النداء لغير المعصوم ومن نصبه؟ كلام على أن
احتمال إرادة النبي صلى الله عليه وآله من ذكر الله أظهر من احتمال إرادة الصلاة أو الخطبة.
ولا تصغ إلى ما يدعى من إجماع المفسرين على إرادة أحدهما، خصوصا إذا
كنت إماميا تعلم أنه لا إجماع إلا قول المعصوم، مع أن الصلاة من يوم الجمعة
بإطلاقها يعم الثنائية والرباعية، بل الظهر وغيرها والسعي يعم الاجتماع وغيره،
وكلا من خطاب المشافهة والنداء حقيقة في الموجودين، ولفظ (الماضي) وجد
منهم الايمان، وإنما يعلم مساواة من بعدهم لهم بدليل آخر بالاجماع أو غيره،
وليس هنا إلا إذا صلى المعصوم أو من نصبه.
وأيضا لا قائل منا بأن من الخمس والثلاثين صلاة يجب أن تصلي في جماعة
أية جماعة كانت، ولا أنه إذا اجتمع سبعة أي سبعة أمهم بعضهم أي بعض منهم،
فليس معنى الخبر الأول إلا أنها فرضها الله في الجملة في جماعة، أي الاجتماع
فيها في الجملة مفروض، وهو حق مجمع عليه، ولا يجدي، بل تنكير جماعة دليل
على أن المعنى أنها لم تفرض في أي جماعة، بل في جماعة من الجماعات لا
تعدوها، أبهمت تقية أو لعلم السامع، فلعلهم الأئمة ونوابهم.
ولا معنى الخبر الثاني إلا إنه إذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم
وخطبهم إن وجد فيه شرط إمامتها، وكلامنا في الشرط، والأصل عدم الوجوب
وخصوصا العيني، بل عدم الجواز إن ما لم يتحقق الشرط ولا يعلم تحققه إلا مع
المعصوم ومن نصبه لها، والأصل عدم الوجوب، بل الجواز مع غيرهما، ولا تجوز
العدول عن هذا الأصل إلا بدليل.
لا يقال: بل المعنى أمهم بعضهم، إلا أن يمنع منه مانع، وكذا معنى الأول فرضها
207

فرضها الله في جماعة، إلا أن يمنع مانع، ومعنى الآية: (فاسعوا إليها) إلا أن يمنع مانع، فما
لم يعلم وجود المانع يجب الاجتماع والسعي.
لأنا نقول: أي مانع أقوى من عدم العلم بإذن الشارع، والتفصيل أنه لا يخلو
إما أن يكون عدم الإذن مانعا من الوجوب أو لا، والثاني ضروري الفساد عقلا
ودينا. لكن الإذن يعم ما دل عليه العقل وما دل عليه السمع.
وعلى الأول إما أن يكون مانعا من الرجحان أو لا، والثاني ضروري الفساد
عقلا ودينا، وعلى الأول إما أن يكون مانعا من الجواز أو لا، والثاني إنما يفيد
جواز الجمعة ما لم يعلم النهي عنها، والأول يفيد الحرمة بدون الإذن.
فلا تخلو الآية إما أن يكون معناها إذا نودي للجمعة فاسعوا إليها وإن كانت
مما لم يأذن فيها الشارع، أو معناها إذا نودي لها فاسعوا إليها إلا أن تكون مما لم
يأذن فيها الشارع، والأول ظاهر الفساد، فتعين الثاني.
ولا يخلو الخبر الأول إما معناه فرضها الله في أي جماعة وإن لم يأذن فيها
الشارع، أو إلا جماعة لم يأذن فيها، وتعين الثاني ظاهر.
ولا يخلو معنى الخبر الثاني أمهم بعضهم وإن لم يأذن له الشارع، أو إلا أن لا
يأذن له، والثاني المتعين إلا أن يراد جواز الإمامة، فيمكن القول به مطلقا، ولا
يعطي المطلوب هنا.
وإذا كان المعنى في الآية والخبرين ما عرفت، فإما أن يكون المانع هو العلم
بعدم الإذن أو عدم العلم بالإذن، والثاني هو المتعين، لما عرفت من اشتراط كل
عبادة بالإذن ضرورة من العقل والدين، فلا فرق بين هذا المعنى وما ذكرناه.
وأيضا إذا احتملت الآية والخبران ما ذكرناه كفى في عدم صلاحيتها،
لمعارضة الأصل، فإن الناس في سعة مما لا يعلمون، بل الأصل حرمة العبادة
المخصوصة والإمامة والاقتداء بالغير والاكتفاء بقرائته بلا إذن من الشارع مقطوع به.
وإذا جاء الاحتمال بطل القطع بالإذن، فلم يجز الاقدام عليه فضلا عن
208

الوجوب، ولا سيما العيني. على أن الخبر الثاني ليس نصا ولا ظاهرا في الوجوب
فضلا عن العيني، وإنما غايته الجواز، فإن حقيقة أمهم بعضهم خبر، واستعمل هنا
للانشاء، وكما يحتمل كونه لإنشاء الإيجاب، يحتمل انشاء الإباحة والندب بلا
رجحان.
ويحتمل الخبر الأول احتمالا قريبا في الغاية أن يراد به أن منها صلاة فرض
فعلها في جماعة يصلونها إلا على تسعة، أي يجب على الناس حضورها إلا
التسعة، بل الاستثناء من على رأس فرسخين يعين هذا المعنى، فإنما يدل على
وجوب حضورها إذا انعقدت لا على وجوب العقد، وقس عليهما الباقية، مع أن
النبوية منها عامية، وما أوجب منها شهودها أو على من كان على رأس فرسخين
أو أن من صلى الغداة أدرك الجمعة، إنما توجب الحضور إذا انعقدت لا العقد، وهو
ظاهر لا مرية فيه.
وكذا خبر حفص بن غياث، ويحتمله صحيح منصور، بل هو المتعين فيه. فإن
كلا من الفرائض الخمس في كل يوم واجبة على كل أحد جمع شرائط التكليف،
فإنما المراد في الخبران حضور الجمعة إذا انعقدت واجب.
والإمام في الخبر الذي في الأمالي وعقاب الأعمال يحتمل إمام الأصل، وما
أوعد منها على الترك من غير علة أو تهاونا أو جحودا لا يتضمن وعيد من يتركها
استعظاما لها وخوفا من غصب منصب الإمام، وتحرزا من عبادة لا يعلم إذن
الشارع فيها، والاقتداء بمن لا دليل على جواز الاقتداء به، والاكتفاء بقرائته.
ألا ترى إلى حسن زرارة قال: كنت جالسا عند أبي جعفر عليه السلام ذات يوم إذ
جاءه رجل فدخل عليه فقال له: جعلت فداك أني رجل جار مسجد لقوم فإذا أنا
لم أصل معهم وقعوا في وقالوا هو كذا وكذا، فقال: إما لئن قلت ذلك لقد قال
أمير المؤمنين عليه السلام: من سمع النداء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له، فخرج
الرجل فقال له: لا تدع الصلاة معهم وخلف كل إمام، فلما خرج قلت: جعلت فداك
209

كبر علي قولك لهذا الرجل حين استفتاك، فإن لم يكونوا مؤمنين؟ قال:
فضحك عليه السلام وقال: ما أراك بعد إلا هنا يا زرارة، فأي علة تريد أعظم من أنه لا
يأتم به، ثم قال: يا زرارة ما تراني قلت: صلوا في مساجدكم وصلوا مع أئمتكم (1).
ولا يمكن أن يقال: يكفين الإذن في الصلاة جماعة، فليست هذه إلا صلاة
بجماعة، والأصل عدم اشتراطها إلا بما يشترط في سائر الجماعات في الصلوات،
لظهور الفرق بينها وبين سائر الجماعات، ولحصول الاجماع على أن كل ذي عدل
من المؤمنين يصلح إماما في سائر الصلوات في كل صقع كان، فيجوز جماعتان
في مكان واحد، ومسجد واحد في صلاة واحدة، متعاقبتان ومجتمعتان.
وحصل الاجماع هنا على أن الجماعة فيها لا تجوز تعددها في فرسخ، ولم
يحصل الاجماع على الإذن لكل ذي عدل في إمامتها، بل الاجماع الفعلي من
المسلمين على أنه لا يصلح لإمامتها إلا السلطان أو من نصبه، ولذا كانت
الأئمة عليهم السلام وأصحابهم يتقون فيها دون غيرها من الجماعات.
والأصل عدم جواز الإمامة لغير المعصوم والائتمام به، لا عدم الاشتراط إلا
بما يشترط في سائر الجماعات، ولا يعدل عن الأصل إلا بدليل من إجماع أو
غيره، كما عدل في سائر الجماعات بالاجماع والنصوص.
ولا يضرنا المناقشة في الاجماع الفعلي بأنه من العامة، فلا تدحض حجتنا
بفساد هذا الجز من كلامنا، مع أن الشيخ (2) والفاضلين (3) والشهيد (4) وغيرهم (5)
ادعوا إجماع الإمامية عليه.
وقال زين العابدين عليه السلام في دعاء يومي الجمعة والأضحى: اللهم إن هذا

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 381 ب 5 من أبواب صلاة الجماعة ح 5.
(2) الخلاف: ج 1 ص 626 المسألة 397.
(3) المعتبر: ج 2 ص 281، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 146 س 29.
(4) ذكرى الشيعة: ص 230 س 25.
(5) السرائر: ج 1 ص 303.
210

المقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع أمنائك قد ابتزوها (1).
لا يقال: يكفي في الإذن والعدول عن هذا الأصل إطلاق الآية، وهذه الأخبار
خصوصا الخبر الثاني، وخبر الفضل بن عبد الملك، وصحيحا منصور وعمر بن
يزيد، والأخبار الثلاثة المتقدمة عن عبد الملك، وزرارة وهشام. وقول النبي صلى الله عليه وآله
فيما رواه الكشي في كتابه في الرجال عن ابن مسلم، عن محمد بن علي، عن
جده عليهما السلام: إذا اجتمع خمسة أحدهم الإمام فلهم أن يجمعوا (2).
لأنا نقول: أما الآية فعرفت أنها إنما أذنت في السعي إلى ذكر الله إذا نودي
للصلاة من يوم الجمعة، وليست من الدلالة على الإذن لكل ذي عدل أو غيره في
الإمامة في صلاة الجمعة والائتمام به فيها في شئ.
وأما خبر الفضل بن عبد الملك ففي طريقه أبان بن عثمان، وإنما أجاز الجمعة
ركعتين إذا كان من يخطب لهم، وهو كما يحتمل العموم لكل من يتأتى منه الخطبة
يحتمل اختصاص بمن يجوز له ذلك ويستجمع شرائطه يكون الكلام في شرائطه،
فقد يشترط فيه إذن الإمام له بخصوصه.
وأما الخبران المتقدمان عن عبد الملك وزرارة فغايتهما الإذن لهما في
الإمامة أو الائتمام بمن له الإمامة. وأما عموم من له الإمامة أو إطلاقه فكلا، وكذا
خبر هشام إنما أفاد استحباب صلاة الجمعة جماعة، وأما عمومه لكل جماعة أو
اطلاقه فكلا، مع أن صلاة الجمعة تعم الرباعية، وما عرفته من احتمال هذه الثلاثة
حضور جماعات العامة.
وأما خبر منصور فعرفت أن معنى ما فيه من الوجوب على كل أحد كسائر
الأخبار الآمرة بالحضور إذا انعقدت، وأنه لا يجدي، فلم يبق موهما لاطلاق
الإذن إلا أوله. وخبران، وهي وإن صحت لكن لا يمكن الاجتزاء بمجردها على

(1) الصحيفة السجادية: ص 281.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 9 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ح 11.
211

التصرف في منصب الإمام، خصوصا مع الاجماع الفعلي والقولي على الامتناع
من هذا التصرف إلا بإذنه الخاص.
وما سمعته من قول زين العابدين عليه السلام مع أن سياقها إنما هو لإبانة العدد الذي
تنعقد به الجمعة، فليس معناها إلا أنها إنما تنعقد بسبعة أو خمسة، فإذا اجتمع أحد
العددين جاز عقد الجمعة، وإن لم يجتمع لم يجر، وهذا ليس من الإذن المطلق في
شئ.
كيف، وقال عليه السلام في خبر ابن مسلم: تجب الجمعة على سبعة نفر من
المسلمين، ولا تجب على أقل، منهم الإمام وقاضيه والمدعي حقا والمدعى عليه
والشاهدان والذي يضرب الحدود بين يدي الإمام (1).
وظاهره التفسير وإن لم يقل باشتراطهم بأعيانهم أحد فيكفي مشككا في
إطلاق الإذن.. بل فسر الصدوق في الهداية السبعة بهم (2)، واستدل به الشيخ (3)
وغيره على أنها إنما تنعقد بالإمام أو نائبه.
وقال الصادق عليه السلام لسماعة: أما مع الإمام فركعتان، وأما لمن صلى وحده
فهي أربع ركعات (4)، وإن صلوا جماعة، وهو نص في أن الإمام لا يعم كل من
يصلح لإمامة الجماعة.
فإن قيل: كما لا بد في الركعتين من الإذن فلا بد منه في الأربع أيضا، إذ لا
تصح عبادة إلا بإذن الشارع، والإذن فيها مع اجتماع سبعة أحدهم بصفات إمام
الجماعة أو إمكان اجتماعهم، وتمكنهم من الركعتين بخطبتين غير معلوم، ولا
يكفي فيه أن الأئمة عليهم السلام وأصحابهم من زمن زين العابدين عليه السلام كانوا يصلون
الأربع، لأنهم كانوا يتقون.

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 9 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ح 9.
(2) الهداية: 34.
(3) الخلاف: ج 1 ص 598 المسألة 359.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 14 ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ح 2.
212

قلنا: كل مكلف فهو قبل اجتماع هذه الشروط مأذون في الأربع ركعات
متعين عليه فعلها، فيستصحب إلى أن يعلم الزوال، مع أن فيها تأسيا بالأئمة عليهم السلام
وأصحابهم في كل زمان لم تنبسط فيه أيديهم، وإن كانوا يتقون على أنهم إنما
كانوا يتقون، لأن فعل الركعتين كان مخصوصا بإمام الزمان ومن نصبه بخصوصه
بخلاف الأربع، فالركعتان هما المفتقرتان إلى إذن صريح.
ولما بلغ الكلام هذا المبلغ ظهر عدم جواز عقدها لغير من نصبه الإمام
بخصوصه، فلا وجوب عينيا لها معه ولا تخييريا.
وأما الثاني فهو عدم وجوب الحضور عينا إذا انعقدت بغير الإمام ومنصوبه،
ففي شرح الإرشاد للشهيد (1) أن من أوجبها في الغيبة تخييرا كالمصنف إنما خير
في الصحة العقد لا في السعي إليها إذا انعقدت فيوجبه عينا، وذلك للأخبار، وللآية
على المشهور في تفسيرها، ويحتمل أن يخير فيهما.
ويقصر النصوص على جمعة الإمام ومنصوبه كما يظهر من شرح الإرشاد
لفخر الاسلام (2)، ولعله الوجه، لأنه إذا كان في العقد الخيار لم يمكن التعين على
من بعد فرسخين، لأنه إنما يتعين عليه إذا علم الانعقاد، ولا يمكنه العلم به غالبا
إلا بعده.
ولم يذكر المفيد اشتراط وجوبها عينا أو مطلقا بالإمام ومن نصبه، بل قال في
المقنعة: واعلم أن الرواية جاءت عن الصادقين عليهما السلام: إن الله جل جلاله فرض
على عباده من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة، لم يفرض فيها الاجتماع
إلا في صلاة الجمعة خاصة، فقال جل من قائل: (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي
للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم
تعلمون).
وقال الصادق عليه السلام: من ترك الجمعة ثلاثا من غير علة طبع الله على قلبه).

(1) روض الجنان: ص 290 س 17.
(2) لا يوجد لدينا.
213

ففرضها وفقك الله الاجتماع على ما قدمناه، إلا أنه يشترط حضور إمام مأمون
على صفات يتقدم الجماعة ويخطبهم خطبتين، يسقط بهما وبالاجتماع عن
المجتمعين من الأربع الركعات ركعتان.
وإذا حضر الإمام وجبت الجمعة على سائر المكلفين إلا من عذره الله تعالى
منهم، وإن لم يحضر إمام سقط فرض الاجتماع. وإذا حضر إمام يخل شرائطه
بشريطة من يتقدم، فيصلح به الاجتماع فحكم حضوره حكم عدم الإمام.
والشرائط التي تجب فيمن يجب معه الاجتماع أن يكون حرا بالغا، طاهرا
في ولادته، مجنبا من الأمراض الجذام والبرص خاصة في جلدته، مسلما مؤمنا
معتقدا للحق بأسره في ديانته، مصليا للفرض في ساعته، فإذا كان كذلك واجتمع
معه أربع نفر وجب الاجتماع. ومن صلى خلف إمام بهذه الصفات وجب عليه
الانصات عند قرائته، والقنوت في الأولى من الركعتين في فريضة. ومن صلى
خلف إمام بخلاف ما وصفناه رتب الفرض على المشروح فيما قدمناه، ويجب
حضور الجمعة مع من وصفناه من الأئمة فرضا، ويستحب مع من خالفهم تقية
وندبا.
روى هشام بن سالم، عن زرارة بن أعين قال: حثنا أبو عبد الله عليه السلام إلى آخر
ما سمعته من الخبر (1).
وقال في كتاب الإشراف، باب عدد ما يجب به الاجتماع في صلاة الجمعة:
عدد ذلك ثماني عشرة خصلة: الحرية والبلوغ والتذكير وسلامة العقل وصحة
الجسم والسلامة من العمى وحضور المصر والشهادة للنداء وتخلية السرب،
ووجود أربعة نفر بما تقدم ذكره من هذه الصفات، ووجود خامس يؤمهم له
صفات يختص بها على الإيجاب ظاهر الايمان، والطهارة في المولد من السفاح،
والسلامة من ثلاثة أدواء: البرص والجذام والمعرة بالحدود المشينة لمن أقيمت

(1) المقنعة: 163 - 164.
214

عليه في الاسلام، والمعرفة بفقه الصلاة، والافصاح في الخطبة والقرآن، وإقامة
فرض الصلاة في وقتها من غير تقديم ولا تأخير عنه بحال، والخطبة بما يصدق
فيه من الكلام. فإذا اجتمعت هذه الثماني عشرة خصلة وجب الاجتماع في ظهر
يوم الجمعة على ما ذكرناه، وكان فرضها على النصف من فرض الظهر للحاضر في
سائر الأيام (1).
ويجوز أن لا يريد إلا ذكر صفات منصوب الإمام كما فعله الشيخ (2)
والفاضلان (3) وغيرهم وإن لم يرده، فإنما يظهر من كلاميه وجوب حضورها إذا
انعقدت بهذه الشروط وجواز عقدها بهذه الشروط، أما وجوبه بها عينا فكلا.
وكذا الحلبي إنما يظهر منه وجوب حضورها عينا إذا انعقدت، ولا يشترط في
العقد إذن الإمام إذا تعذر، فقال: لا تنعقد الجمعة إلا بإمام الملة أو منصوب من قبله
أو بمن يتكامل له صفات إمام الجماعة عند تعذر الأمرين وأذان وإقامة وخطبة
في أول الوقت مقصورة على حمد الله والثناء عليه بما هو أهله، والصلاة على
محمد وآله المصطفين، ووعظ وزجر، بشرط حضور أربعة نفر معه. فإذا تكاملت
هذه الشروط انعقدت جمعة، وانتقل فرض الظهر من أربع ركعات إلى ركعتين بعد
الخطبتين، وتعين فرض الحضور على كل رجل بالغ حر سليم مخلى السرب
حاضر بينه وبينها فرسخان فما دونهما (4).
وقال الصدوق في الأمالي: والجماعة يوم الجمعة فريضة واجبة وفي سائر
الأيام سنة (5). وفي المقنع: إن صليت الظهر مع الإمام يوم الجمعة بخطبة صليت
ركعتين، وإن صليت بغير خطبة صليتها أربعا بتسليمة واحدة (6). ولم يذكر فيهما

(1) الإشراف (مصنفات الشيخ المفيد): ج 9 ص 24.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 337.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 94، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 144 س 39.
(4) الكافي في الفقه: ص 151.
(5) أمالي الصدوق: ص 513.
(6) المقنع: ص 45.
215

شيئا من الشروط. ولكن قال في الهداية: إذا اجتمع يوم الجمعة سبعة ولم يخافوا
أمهم بعضهم وخطبهم، ثم قال: والسبعة الذين ذكرناهم هم: الإمام والمؤذن
والقاضي والمدعي حقا والمدعى عليه والشاهدان (1) (2).
(ويشترط في النائب البلوغ) لأن غيره غير مكلف، فلا يناط بصلاته
صلاة المكلفين، إذ لا وثوق بأفعاله، إذ لا إثم عليه. والشيخ في الخلاف (3)
والمبسوط (4) وإن أجاز إمامة المراهق المميز العاقل في الجماعة، لكنه اشترط
البلوغ هنا. وفي المبسوط على أن فصل الجماعة منه يحتمل إمامته لأمثاله.
وفي المنتهى: في المراهق نظر، أقربه عدم الجواز أيضا. وكلام الشيخ في
الخلاف يشعر بجواز إمامته (5).
قلت: الاشعار لما سمعته، وقد يكون فرق بين الجمعة وغيرها، كما احتمل
الفرق في التذكرة في جواب الشافعي (6). وإن لم يكن ارتياب في صحة قول أبي
علي: غير البالغ إذا كان سلطانا مستخلفا للإمام الأكبر، كالولي لعهد المسلمين
يكون إماما، وليس لأحد أن يتقدمه (7).
(والعقل) إجماعا، فلا يؤم المجنون وإن لم يكن مطبقا، إلا أن يكون مفيقا
عند الإمامة. وفي نهاية الإحكام (8) والتذكرة: إن من يعتوره الجنون لا يكون إماما
ولا في وقت إفاقته، لجواز عروضه له حينئذ (9)، ولأنه لا يؤمن احتلامه في نوبته
وهو لا يعلم، ولنقصه عن المراتب الجليلة.

(1) الهداية: ص 34.
(2) زاد في ع (بل فسر الصدوق في الهداية السبعة بهم إلا أنه جعل الحداد مؤذنا، واستدل به
الشيخ وغيره).
(3) الخلاف: ج 1 ص 553 المسألة 295.
(4) المبسوط: ج 1 ص 154.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 324 س 7.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 176 س 21.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 3 ص 51.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 15.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 144 س 42.
216

والأقرب الكراهية، لما ذكر، كما في الذكرى (1). فإن تجويز العروض
والاحتلام لا يرفع تحقق الأهلية، والتكليف يتبع العلم.
(والايمان) إجماعا، لأن غير المؤمن ظالم، ولا يجوز الركون إليه، وفاسق
مع اشتراط العدالة. وأجاز الشافعي (2) وأحمد (3) إمامة المبتدع، والايمان عندنا
إنما يتحقق بالاعتراف بإمامة الأئمة الاثني عشر، إلا من مات في عهد أحد منهم،
فلا يشترط في إيمانه إلا معرفة إمام زمانه ومن قبله منهم.
(والعدالة) إجماعا لاشتراطه في إمام الصلاة مطلقا، وهي التوسط بين
الافراط والتفريط المؤدين إلى المعصية، ويأتي الكلام فيها في الجماعة إن شاء الله.
(وطهارة المولد) للأخبار (4) والاجماع.
(والذكورة) فإن الأنثى والخنثى لا يؤم الرجال والخناثى، ولا جمعة على
النساء، لكن إن صحت منهن جازت إمامة بعضهن لبعض، ويأتي الكلام فيه إن
شاء الله.
(ولا تشترط الحرية) كما في المقنعة (5) (على رأي) وفاقا للشيخ (6)
وابني سعيد (7) لما يأتي. وقوى اشتراطها هنا في نهاية الإحكام، لأنها من
المناصب الجليلة، فلا تليق بالعبد، ولأنها لا تجب عليه، فلا يكون إماما فيها
كالصبي (8).
وأجاب عن هذا في المنتهى بالفرق، مع أنه قياس في معارضة النص (9).

(1) ذكرى الشيعة: ص 232 س 16.
(2) المجموع: ج 4 ص 253.
(3) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 148.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 397 ب 14 من أبواب صلاة الجماعة.
(5) المقنعة: ص 163، وفيه: (يشترط الحرية).
(6) المبسوط: ج 1 ص 149.
(7) الجامع للشرائع: ص 96، شرائع الاسلام: ج 1 ص 97.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 15.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 324 س 19.
217

وضعف الأول أيضا ظاهر في مقابلة النص، والأصل أيضا يضعفهما، وإمامته
لأمثاله أولى بالجواز.
وفي النهاية: إنه ينبغي الحرية (1)، ويأتي إن شاء الله في الجماعة القول
بإمامته لأهله خاصة ولمولاه.
(وفي الأبرص والأجذم والأعمى قولان) في مطلق الجماعة. أما
الأعمى ففي الإيضاح عن خلاف الشيخ المنع من إمامته، لعدم تمكنه غالبا من
تجنب النجاسات، وربما انحرف عن القبلة (2). ولم أجده. وذكر الشهيد أيضا إنه
لم يجده فيه (3).
وفي بحث إمام الجماعة من المنتهى: لا بأس بإمامة الأعمى إذا كان من ورأه
من يسدده ويوجهه إلى القبلة، وهو مذهب أهل العلم، لا نعرف فيه خلافا إلا ما
نقل عن أنس أنه قال: ما حاجتهم إليه (4).
ومن التذكرة: يجوز أن يكون الأعمى إماما لمثله وللبصراء بلا خلاف بين
العلماء (5). ولكن في بحث إمام الجماعة منها: اشترط أكثر علمائنا كون الإمام
سليما من الجذام والبرص والعمى، لقول الصادق عليه السلام: خمسة لا يؤمون الناس
على كل حال: المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا والأعرابي، والأعمى لا
يتمكن من الاحتراز عن النجاسات غالبا، ولأنه ناقص فلا يصلح لهذا المنصب
الجليل، وقال بعض أصحابنا المتأخرين: يجوز، واختلفت الشافعية في أن البصير
أولى ولا يتساويان (6)، إنتهى.
واشترط في نهاية الإحكام في إمام الجمعة: السلامة من العمى، لتعذر
احترازه عن النجاسات غالبا (7). وقال في إمام الجماعة: في كراهة إمامة الأعمى

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 337.
(2) إيضاح الفوائد: ص 119.
(3) ذكرى الشيعة: ص 231 س 6.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 371 س 9.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 179 س 2.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 145 س 24.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 15.
218

إشكال، أقربه المنع، لقول الصادق عليه السلام: لا بأس بأن يصلي الأعمى بالقوم وإن
كانوا هم الذين يوجهونه، وقول علي عليه السلام: لا يؤم الأعمى في الصحراء إلا أن
يوجه إلى القبلة، ولأنه فاقد حاسة لا يختل به شئ من شرائط الصلاة، فأشبه
الأصم. نعم البصير أولى، لتوقيه من النجاسات (1).
وفي التذكرة: هل البصير أولى؟ يحتمل ذلك، لأنه يتوقى النجاسات،
والأعمى لا يتمكن من ذلك. ويحتمل العكس، لأنه أخشع في صلاته من البصير،
لأنه لا يشغله بصره عن الصلاة، وكلاهما للشافعية، ونص الشافعي على
التساوي، وهو أولى، لأن النبي صلى الله عليه وآله قدم الأعمى كما قدم البصير (2).
واستدل فيها وفي المنتهى على جواز إمامته مع ما ذكره في النهاية بأنه صلى الله عليه وآله
استخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وكان أعمى، قال: قال الشعبي: غزا النبي صلى الله عليه وآله
ثلاث عشر غزوة كل ذلك يقدم ابن أم مكتوم يصلي بالناس، وبعموم: يؤمكم
أقرأكم (3).
قلت: وفي الحسن أن زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة خلف الأعمى،
فقال: نعم إذا كان له من يسدده وكان أفضلهم (4). وأرسل في الفقيه عن
الصادقين عليهما السلام: لا بأس أن يؤم الأعمى إذا رضوا به، وكان أكثرهم قراءة
وأفقههم (5). وفي حسن الحلبي، عن الصادق عليه السلام في الأعمى يؤم القوم وهو على
غير القبلة، قال: يعيد ولا يعيدون فإنهم قد تحروا (6).
ومر في بحث القنوت إمامة أبي بصير لابن مسلم، ولكن قال علي عليه السلام في

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 150.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 179 س 4.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 371 س 11، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 179 س 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 410 ب 21 من أبواب صلاة الجماعة ح 5.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 379 ح 1109.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 410 ب 21 من أبواب صلاة الجماعة ح 6.
219

خبر الشعبي: لا يؤم الأعمى في البرية (1). وهو مطلق يقيده ما سمعته عن نهاية
الإحكام وتالييه، وهو قوله عليه السلام في خبر السكوني (2).
وأما الأبرص والأجذم ففي مصباح السيد (3) وجمله (4) والنهاية (5) والخلاف (6)
والكافي المنع من إمامتهما مطلقا (7)، لأعداء الجذام، ولقول أبي جعفر عليه السلام في
خبر ابن مسلم: خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة:
الأبرص والمجذوم وولد الزنا والأعرابي حتى يهاجر والمحدود (8). وقول الصادق
عليه السلام في خبر أبي بصير: خمسة لا يؤمون الناس على كل حال: المجذوم والأبرص
والمجنون وولد الزنا والأعرابي (9). وقول أمير المؤمنين عليه السلام في حسن زرارة: لا
يصلين أحدكم خلف المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا
والأعرابي لا يؤم المهاجرين (10).
وما رواه الصدوق في الخصال عن درست، عن الكاظم عليه السلام قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وآله: خمسة يجتنبون على كل حال: المجذوم والأبرص والمجنون
وولد الزنا والأعرابي (11). وما يأتي في نكاح الكتاب من قوله صلى الله عليه وآله: فر من
المجذوم فرارك من الأسد (12)، وفي بعض النسخ: فر من الأجذم والأبرص (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 409 ب 21 من أبواب صلاة الجماعة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 410 ب 21 من أبواب صلاة الجماعة ح 7.
(3) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 442.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 39.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 345.
(6) الخلاف: ج 1 ص 561 المسألة 312.
(7) الكافي في الفقه: ص 143.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 399 ب 15 من أبواب صلاة الجماعة ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 400 ب 15 من أبواب صلاة الجماعة ح 5.
(10) المصدر السابق ح 6.
(11) الخصال: ص 287 ح 42.
(12) الخصال: ص 520 ح 9.
(13) لم نعثر عليه.
220

وفي الخلاف الاجماع (1)، وهو والأربعة الباقية كالصريح في أنهما لا يؤمان
مثلهما أيضا. وفي المبسوط (2) والاقتصاد (3) والجمل والعقود (4) والغنية (5)
والإشارة (6) والمهذب (7) والإصباح (8) ونهاية الإحكام (9): المنع من إمامتهما
لغيرهما.
وجمع به الشيخ في التهذيب في وجه بين ما سمعت (10) وخبر عبد الله بن يزيد
أنه سأل الصادق عليه السلام عنهما يؤمان المسلمين؟ قال: نعم (11). وفي الغنية (12)
وشرح جمل العلم والعمل للقاضي الاجماع عليه (13).
وفي الإنتصار (13) والمختلف (15) وكتب المحقق الكراهية (16). واحتملت في
الإستبصار (17)، وحكيت عن المفيد، للجمع (18)، وفيه كثرة أخبار النهي وحسن
بعضها، وجهالة عبد الله بن يزيد. واحتمال خبره الضرورة، والاختصاص بمثلهما
كما احتملهما الشيخ (19)، ولكنهما ضعيفان كما في المعتبر (20).

(1) الخلاف: ج 1 ص 561 مسألة 312.
(2) المبسوط: ج 1 ص 155.
(3) الإقتصاد: ص 269.
(4) الجمل والعقود: ص 83.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 9.
(6) إشارة السبق: 96.
(7) المهذب: ج 1 ص 80.
(8) الإصباح (الينابيع الفقهية): ج 4 ص 629.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 15.
(10) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 26 - 27 ذيل الحديث 93.
(11) وسائل الشيعة: ج 5 ص 399 ب 15 من أبواب صلاة الجماعة ح 1.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 9.
(13) شرح جمل العلم والعمل: ص 117.
(14) الإنتصار: ص 50.
(15) مختلف الشيعة: ج 3 ص 58.
(16) المعتبر: ج 2 ص 442، وشرائع الاسلام: ج 1 ص 125.
(17) الإستبصار: ج 1 ص 423 ذيل الحديث 1627.
(18) والحاكي هو العلامة في منتهى المطلب: ج 1 ص 374 س 5.
(19) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 27 ح 93.
(20) المعتبر: ج 2 ص 442.
221

وفي التبصرة الكراهية للسليم (1)، ويعطيهما الإنتصار، لقوله: يمكن أن يكون
الوجه في منعه نفار النفوس عمن هذه حاله (2).
ونص الشرائع جواز إمامتهما في الجمعة (3)، كما نص بنو إدريس (4) وحمزة (5)
وسعيد (6)، والمصنف في التحرير على المنع في الجمعة والكراهية في الجماعة
لغيرهما (7)، والفارق الاعتبار، لبعد انقياد جميع من اشتمل عليه الفرسخان من كل
جانب من المؤمنين، للائتمام بأحدهما.
وفي المنتهى اختيار الكراهية في الجماعة (8)، وفي التلخيص لغيرهما (9)،
وظاهرهما التردد في الجمعة كما في الكتاب.
(وهل يجوز في حال الغيبة) للإمام المعصوم (والتمكن) للمؤمنين
(من الاجتماع بشرائط) سوى نص الإمام على استنابة شخص أو أشخاص
عقد (الجمعة؟ فيه قولان) فالمنع قضية الخلاف (10)، وصريح سلا ر (11) وابن
إدريس (12) والمصنف في المنتهى (13)، وقواه في جهاد التحرير (14)، وجعله
الكندري احتياطا (15)، وابن الربيب أشبهه (16).
وهو الأقوى لما عرفت من اشتراط كل عبادة بإذن الشارع، ضرورة من
الدين ومن العقل، وكون الإمامة من مناصب الإمام فلا يتصرف فيه أحد ولا

(1) تبصرة المتعلمين: ص 39.
(2) الإنتصار: ص 50.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 97.
(4) السرائر: ج 1 ص 280.
(5) الوسيلة: ص 104.
(6) الجامع للشرائع: ص 96.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 45 س 1.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 374 س 8.
(9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 566.
(10) الخلاف: ج 1 ص 626 المسألة 397.
(11) المراسم: ص 77.
(12) السرائر: ج 1 ص 303.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 336 س 20.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 158 س 17.
(15) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(16) كشف الرموز: ج 1 ص 177.
222

ينوب منابه فيه إلا بإذنه، ضرورة من الدين ومن العقل والاجماع فعلا وقولا، مع
ذلك على توقف الإمامة هنا بخصوصه عند ظهوره عليه السلام على الإذن فيها خصوصا
أو عموما بل خصوصا، ولا إذن الآن كما عرفت.
ولا دليل على الفرق بين الظهور والغيبة حتى يشترط الإذن عند الظهور دون
الغيبة، ولذا ينسب التحريم إلى السيد، لأن السائل في المحمديات (1)
والميافارقيات سأله صلاة الجمعة هل يجوز أن تصلى خلف المؤالف والمخالف
جميعا؟ وهل هي ركعتان مع الخطبة تقوم مقام أربع؟ فأجاب: صلاة الجمعة
ركعتان من غير زيادة عليهما ولا جمعة إلا مع إمام عادل أو من نصبه الإمام العادل، فإذا عدم ذلك صليت الظهر أربع ركعات (2).
وما يتوهم من أن الفقهاء مأذونون لإذنهم في القضاء والفتيا، وهما أعظم،
فظاهر الفساد للزوم تعطل الأحكام، وتحير الناس في أمور معاشهم ومعادهم،
وظهور الفساد فيهم، واستمراره إن لم يقضوا أو يفتوا، ولا كذا الجمعة إذا تركت.
وأيضا إن لم يقضوا أو يفتوا لم يحكموا بما أنزل الله، وكتموا العلم، وتركوا الأمر
بالمعروف والنهي عن المنكر، وحرمة الجميع مقطوعة، ضرورة من الدين. وإن
صلوا الجمعة قاموا مقام الإمام وأخذوا منصبه من غير إذنه، فانظر إلى الفرق بين
الأمرين.
وإن سلمنا الإذن في بعض الأخبار فهو مظنون، كما حصل في سائر
الجماعات، وجواز الأخذ به هنا ممنوع، لأنه أخذ لمنصب الإمام وائتمام بمن
أخذه، فما لم يحصل القطع بالإذن كما حصل في سائر الجماعات لم يجز شئ
منهما كسائر مناصبه، ولأنه لا ضرورة تدعو إليه كما تدعو الضرورة إلى اتباع
الظن في أكثر المسائل، للاتفاق على وجوب الظهر إذا لم يحصل الإذن لأحد في

(1) لا يوجد لدينا.
(2) الميافارقيات (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الأولى): ص 272.
223

إمامة الجمعة، فما لم يقطع به يصلي الظهر تحرزا عن غصب منصب الإمام
والاقتداء بغاصبه وفعل عبادة غير مشروعة، خصوصا وظاهر الأصحاب وصريح
المصنف الاجماع على أن الجمعة إنما تجب في الغيبة تخييرا، ففعلها مردد بين
الحرمة والجواز.
وكل أمر تردد بينهما وجب الاجتناب عنه حتى نعلم الجواز، وهو ضروري
عقلا ودينا. وغاية الأمر أن يتردد فعلها بين الوجوب عينا والحرمة والواجب في
كل أمر كذلك أيضا الاجتناب، لأن الأصل عدم الوجوب، والناس في سعة مما لا
يعلمون، فالتارك لاحتمال الحرمة والجهل بالوجوب معذور، بخلاف الفاعل،
لاحتماله الوجوب أو ظنه مع احتماله الحرمة.
لا يقال: الأربع ركعات أيضا مترددة بين الوجوب والحرمة إن قلنا بتعين
الجمعة ركعتين لا التخيير بينهما.
لأنا نقول: نعم، ولكنا مضطرون إلى فعل أحدهما متحيرون إذا في الترجيح،
فإما أن نتأمل حتى نرجح أحدهما أو نأتي بهما جميعا، وإذا تأملنا وجدنا الأربع
أرجح، إذ ليس فيها غصب لمنصب الإمام ولا اقتداء بغاصبه، وفيها تأسي
بالأئمة عليه السلام فإنهم منذ قبضت أيديهم لم يكونوا يصلون ولا أصحابهم إلا الأربع،
فنحن نصليها حتى تنبسط يد إمامنا عليه السلام إن شاء الله.
ولما غفل المصنف في المختلف (1) ومن بعده عما هو ضروري العقول
والأديان من اشتراط إذن الإمام في كل إمامة وائتمام، وفي كل عبادة، ولم
يتفطنوا إلا بالاجتماع على اشتراط إمام الجمعة خاصة بإذنه. أجابوا عن هذا
الدليل بمنع الاجماع عليه في الغيبة، وربما منعه بعضهم في زمن الظهور وطول
متأخروهم في ذلك غاية التطويل، وملؤا القراطيس بالأباطيل.

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 237 - 238.
224

ولما ظن كثير من الأصحاب أن الأمر بالسعي إلى الجمعة أو شهودها أمر
بعقدها، ظنوا الإذن في عقدها بالكتاب والسنة المستفيضة، بل المتواترة من غير
شرط لاطلاقها. وبما سمعته منا تعرف أن الذي يتوهم منه الإذن مطلقا، إنما هي
أخبار ثلاثة، وفي دلالتها أيضا ما عرفت، ثم الإذن في كل زمان لا بد من صدوره
عن إمام ذلك الزمان، فلا يجدي زمن الغيبة إلا إذن الغائب، ولم يوجد قطعا، أو
نص إمام من الأئمة على عموم جواز فعلها في كل زمان، وهو أيضا مفقود.
وما يقال: من أن حكمهم كحكم النبي صلى الله عليه وآله على الواحد حكمهم على
الجماعة إلا إذا دل على الخصوص دليل فهو صواب في غير حقوقهم، فإذا أحل
أحدهم حقه من الخمس - مثلا - لرجل لم يعم غيره ولشيعته لم يعم شيعة غيره من
الأئمة، فكذا الإذن في الإمامة خصوصا إمام الجمعة التي لا خلاف لأحد من
المسلمين في أنه إذا حضر إمام الأصل لم يجز لغيره الإمامة فيها إلا بإذنه، ولو لم
يعم وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولم يحرم كتمان العلم وترك الحكم
بما أنزل الله لم يجز للفقهاء الحكم ولا الإفتاء زمن الغيبة إلا بإذن الغائب عليه السلام، ولم
يكف لهم إذن من قبله وجعله عليه السلام قاضيا.
وفي السرائر: إن أربع ركعات في الذمة بيقين، فمن قال: صلاة ركعتين تجزي
من الأربع يحتاج إلى دليل، فلا يرجع عن المعلوم بالمظنون، وأخبار الآحاد التي
لا توجب علما ولا عملا (1)، إنتهى.
ويرد على ظاهره أن اشتغال الذمة يوم الجمعة بالأربع غير معلوم، والأصل
العدم، وتوجيهه ما عرفته من الاتفاق على الأربع ما لم يحصل الإذن في الاقتصار
على الركعتين، فلا يجوز الاقتصار عليهما ما لم يعلم الإذن.
وإن قيل: بل ندعي أن الذمة مشغولة بالركعتين المقرونتين بخطبتين
المنفردتين عن ركعتين أخريين، فما لم يعلم الإذن في الأربع، لم يبرأ الذمة بيقين.

(1) السرائر: ج 1 ص 303.
225

قلنا: أما على التخيير فالجواب ظاهر لحصول اليقين بالبراءة بالأربع قطعا،
وأما الركعتان فإنما يحصل اليقين بالبراءة بهما إذا حصل اليقين بالتخيير، وأما على
ما يحتمل من الوجوب عينا فنقول: من المعلوم اشتراط صحة الركعتين وحصول
البراءة بهما بإمام مأذون في إمامته، بخلاف الأربع فلا شرط لها، فما دام الشك في
وجود إمام كذلك يحصل اليقين بالبراءة بالأربع دون الركعتين، ويؤكد الأمرين
استمرار فعل الأئمة عليهم السلام وأصحابهم الأربع من زمن سيد العابدين عليه السلام.
وأجاب الشهيد - وفاقا للمختلف (1) - بأنه يكفي في البراءة الظن الشرعي،
وإلا لزم التكليف بغير المطاق، وخبر الواحد مقطوع العمل (2).
وفيه: إنه إنما يكفي إذا انتفى الطريق إلى العلم، وقد عرفت العلم بالبراءة
بالأربع خصوصا على التخيير، فلا يترك بالظن بالبراءة بالركعتين. وإن تنزلنا قلنا:
الأمر متردد بين تعين الأربع وتعين الركعتين، ثم تأملنا فلم نر دليلا على تعين
الركعتين إلا ما يتوهم من ظاهر الأخبار، وقد عرفت أنها لا تدل على الإذن فضلا
عن التعيين، وإذا لم تدل على الإذن تعينت الأربع ضرورة، وإذا لم يدل على
التعيين تعينت الأربع احتياطا.
وإن قال: إذا تأملنا لم نجد دليلا على تعين الأربع إلا عدم الإذن في سقوط
ركعتين وفي الإمامة والاتمام وفي الخطبة، ويدفعها ظواهر الأخبار، مع أنه لا
دليل على ثبوت الركعتين لتفتقر إلى الدليل على سقوطهما.
قلنا: لا خلاف في ثبوت الركعتين مع الركعتين إذا انتفت الجماعة أو
الخطبتان، ولا خلاف في أنها إنما تثبت بإذن الشارع، والأخبار كما عرفت إنما
تدل على أن في الوجود جمعة ثنائية، وهو لا يجدي إلا أخبارا ثلاثة تحتمل الأمر
بها أو إباحتها، لكنها إنما تفيد - إن أمكن العمل بها - على إطلاقها.

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 239.
(2) غاية المراد: ص 14 (مخطوط).
226

وقد عرفت الاجماع على خلافه، وأن العمل بها مشروط بشرط أو شروط لم
يذكر فيها، أو بارتفاع مانع أو موانع لم يذكر فيها، وأن التردد بين هذين الاحتمالين
يكفي في التردد في الإذن، بل عرفت الاجماع قولا وفعلا على اشتراطها زمن
ظهور الإمام بإذنه، لخصوص إمام في إمامتها، فما الذي أذن فيها مطلقا في زمن
الغيبة مع ورود الأخبار من الظهر.
على أنك عرفت أنه لا بد من إذن كل إمام لرعيته أو عموم الإذن لإمام من
الأئمة لجميع الأزمان، ولا يوجد شئ منهما زمن الغيبة، وسمعت خبري سماعة
وابن مسلم الظاهرين في عدم عموم الإمام لكل من يصلح إماما في الجماعة.
والقول الآخر: الجواز - أي التخيير بين الجمعة والظهر - وهو قول الشيخ في
النهاية (1) والمبسوط (2) والقاضي (3) وابني سعيد (4)، والمصنف في المختلف (5)
والنهاية (6) والتذكرة: إنه المشهور (7)، ودليله وجوه:
منها: أصل الجواز، وعدم الاشتراط إلا بما يشترط به الظهر، خرج ما أجمع
على اشتراطه فيها زيادة على ما في الظهر، ويبقى غيره على العدم. والأصل جواز
الإمامة فيها لكل من يستجمع صفات إمام الجماعة إلى أن يدل دليل على اشتراط
صفة لإمامها زائدة على ما يعتبر في سائر الجماعات، وجواز الائتمام بمن كان كذلك.
وفيه: إنه كيف يكون الأصل جواز اسقاط ركعتين من الظهر، إلا أن يأول إلى
أحد الأصلين الآتيين من الاستصحاب، وأصل عدم وجوب الأربع، وأنهم
أجمعوا على صفة زائدة لإمامها عند ظهور الإمام، وهي إذنه له خاصة فيها. ولذا
لم يكونوا: وأصحابهم يصلونها منذ قبضت أيديهم، والأصل بقاء هذا الشرط

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 338.
(2) المبسوط: ج 1 ص 151.
(3) المهذب: ج 1 ص 104.
(4) الجامع للشرائع: ص 97، المعتبر: ج 2 ص 297.
(5) مختلف الشيعة: ج 2 ص 238.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 14.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 145 س 29.
227

على اشتراطه في الغيبة، إلى أن يظهر الخلاف.
والأصل كما عرفت عدم الجواز، لتوقف كل عبادة وكل إمامة وائتمام على
إذن الشارع، وإنما يكشف عنه إذن الإمام، فإذا لم يأذن الشارع فيها عند ظهور
الإمام إلا لمن يأذنه فيها، فكذا في الغيبة إلى أن يظهر الفارق.
وإن قيل: الأصل في العبادة الجواز، لقوله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس
إلا ليعبدون) (1) خصوصا الصلاة، لقوله تعالى: (أرأيت الذي ينهى عبدا إذا
صلى) (2)، وقوله عليه السلام: (صلوا كما رأيتموني أصلي) (3).
وإذا جازت إمامة بعض المؤمنين لبعض في الصلاة، فالأصل الجواز في كل
صلاة، خرج من هذه الأصول زمن ظهور الأئمة عليهم السلام بالاجماع، ويبقى زمن
الغيبة على الأصول، مع أنه يحتمل أن يكون الأصول باقية زمن الظهور، وإنما
امتنعت الأئمة وأصحابهم من فعل الجمعة زمن التقية، لأن العامة كانوا يصلونها،
ولا يجوز جمعتان صحيحتان في فرسخ، فلو عقدوا جمعة أخرى كان بيانا لفساد
جمعتهم أو تظن العامة اختصاصها بإمام الزمان ومن يستنبه فيها، لا لاختصاصها
بهما شرعا، ولذا أمروا بفعلها إذا لم يخافوا.
قلنا: لما استمر امتناع الأئمة وأصحابهم منها ولما اشتهر بين العامة والخاصة
اشتراط فعلها بإذن الإمام فيه بخصوصه عند ظهوره، بل المجمع عليه فعلا وقولا.
ولم يظهر لنا الفرق بين الظهور والغيبة، ولا ظهر تعين الجمعة في الغيبة، بل لم يقل
به أحد منا.
وحكي الاجماع على العدم لزمنا العدول عن تلك الأصول، وتعين علينا
الظهر. وقد عرفت تعين الظهر إذا تردد الأمر بين تعينها وتعين الجمعة أيضا.
وكذا قال السيد في الفقه الملكي - على ما حكى عنه -: الأحوط أن لا تصلي

(1) الذاريات: 56.
(2) العلق: 9 - 10.
(3) السنن الكبرى للبيهقي: ج 2 ص 345.
228

الجمعة إلا بإذن السلطان وإمام الزمان، لأنها إذا صليت على هذا الوجه انعقدت
وجازت بإجماع، وإذا لم يكن فيها إذن السلطان لم نقطع على صحتها وإجزائها (1).
قلت: وإذا صليت الظهر حينئذ جازت بإجماع، إذ لم يقل أحد بتعين الجمعة
مطلقا، بل تعينها مع الإذن أيضا غير معلوم، ولا شبهة في أنه إذا كان الأمر كذلك
كانت الظهر متعينة، بل عرفت تعينها إذا تردد الأمر بين تعينها وتعين الجمعة، مع أن
الأصل في العبادة وإن كان الجواز ولكن ليس الأصل إجزاء عبادة عن أخرى،
وجواز سقوط ركعتين من الأربع وابدالهما بخطبتين، وهو ظاهر، إلا أن يأول
بالاستصحاب الآتي.
ومنها: أن الأصل عدم وجوب أربع ركعات في الظهر عينا إلا فيما أجمع عليه
فيه، ولا إجماع هنا.
وفيه أنه معارض بأن الأصل عدم قيام الخطبتين مقام الركعتين إلا فيما أجمع
عليه، ولا إجماع هنا مع الاجماع على أن الركعتين، إنما تجزئان إذا قامت مقام
الآخر بين الخطبتان، مع أنك عرفت الذي ألجأنا إلى الأربع ركعات.
ومنها: التأسي خصوصا، وقال عليه السلام: صلوا كما رأيتموني أصلي.
وفيه أنه لو تم وجبت علينا، لأنا لم يظهر لنا أنه صلى الله عليه وآله تركها في الحضر يوما
من الأيام، وإنا قطعنا باستثناء الجمعة من هذا العموم بالاجماع فعلا وقولا، لأن
الأئمة وأصحابهم لم يكونوا يفعلونها منذ قبضت أيديهم، ولا المرأة والعبد
والمسافر والمنفرد ومن لا يجتمع معه العدد المعتبر.
فإن قيل: إنهم معذورون فيبقى وجوب التأسي فيمن لا عذر له سليما عن
المعارض.
قلنا: لا عذر أقوى من عدم جواز الإمامة والائتمام إلا بإذن إمام الأصل
بالضرورة من العقل والدين، واشتهار اشتراط الإذن هنا بخصوصه بين العامة

(1) لم نعثر عليه.
229

والخاصة، ونقل الاجماع عليه، وعلى عدم تعين الجمعة في الغيبة. هذا مع أنه لا
معنى للتأسي به إذ لا يتأسى به صلى الله عليه وآله عند صلاة الجمعة إلا الإمام.
إلا أن يقال: المراد التأسي فيما يمكن فيه التأسي، وهو في المأموم الاقتصار
على ركعتين، وهو متجه، لكن لا بد من إمام يصح إمامته والائتمام به. والكلام فيه
ما مر.
ومنها: الاستصحاب، لأن الجمعة كانت جائزة، بل واجبة بإجماع المسلمين
عند حضور الإمام أو نائبه، فيستصحب إلى أن يظهر المانع، وهو في غاية الضعف،
لأن الاجماع على جوازها ووجوبها بشرط حضور الإمام أو نائبه، وهذا لا خلاف
في استصحابه في الغيبة، وإنما الكلام في أنه لا نائب فيها وإن زعم بعض الناس
الاجماع على وجوبها في وقت حضور الإمام أو نائبه من غير اشتراط، فإن فساد
هذا الزعم واضح، بل الاجماع منعقد على الاشتراط بحضور الإمام أو نائبه.
ثم قد عرفت مما تقدم أن الاستصحاب هنا دليل للحرمة، فإن الأئمة عليهم السلام
منذ قبضت أيديهم لم يكونوا يصلونها ولا أصحابهم، فيستصحب إلى أن تنبسط يد
إمامنا عليه السلام.
ومنها: الآية، فإن الشريعة مؤيدة، وكل حكم في القرآن خوطب به الناس أو
المؤمنون يعم من يوجد إلى يوم القيامة ما لم ينسخ أو يظهر الاختصاص، وإن لم
يتناول النداء والخطاب في اللغة والعرف إلا الموجودين، ولا يتناول (آمنوا) إلا
من مضى إيمانه، فالآية دالة على وجوب السعي إلى الصلاة يوم الجمعة إذا نودي
فيه لها أيا من كان المنادي، وفي أي زمان كان خرج ما خرج بالاجماع، فيبقى
الباقي، فإذا نودي في الغيبة وجب السعي إلى الصلاة، إلا فيما أجمع فيه على
العدم، وإذا وجب السعي إليها لزم جوازها وصحتها شرعا، وإلا حرم السعي إليها
كما يحرم عند نداء النواصب من غير ضرورة.
وفيه: أن من الضروري أن الآية ليست على إطلاقها، بل المعنى بها وجوب
230

السعي إذا اجتمعت شرائط صحة الصلاة أو وجوبه، إلا إذا وجد مانع من صحة
الصلاة. فإن كان الأول قلنا: الشرائط مفقودة في الغيبة لما قدمناه، وإن كان الثاني
احتمل أمرين:
الأول: وجوب السعي ما لم يعلم المانع.
والثاني: عدم وجوبه ما لم يعلم ارتفاع الموانع. فإن كان الثاني قلنا: أي مانع
أقوى مما عرفت غير مرة، وإن كان الأول لزم السعي بالنداء، وإن كان المنادي
لناصب أو فاسق ما دمنا جاهلين بحاله من غير ظهور إيمان أو عدالة، وحرم
التوقف عن السعي إلى استعلام ظاهر حاله فضلا عن الباطن، ولم يقل بذلك أحد
منا.
فغاية مدلول الآية وجوب السعي إليها إذا علم باجتماع الشرائط لصحتها
وارتفاع الموانع عن صحتها. وبالجملة: وجوب السعي إلى صلاة انعقدت صحيحة،
وهل الكلام إلا في هذا الانعقاد.
ومنها: الأخبار، وهي التي سمعتها، فكل ما تضمن منها وجوب شهود الجمعة
فهو كالآية في الكلام من الجانبين، والكلام في الباقي ما عرفت.
وأما دليلهم على عدم الوجوب عينا فالأصل والاجماع على ما في التذكرة (1)
والتحرير (2)، والأخبار الثلاثة التي سمعتها أولا، فإنها إذا خيرت عند ظهور الإمام
ففي الغيبة أولى، والكلام فيها ما مر.
وهل يشترط فعلها بإمامة الفقيه المستجمع لشرائط الإفتاء أم لا يشترط في
إمامها إلا شروط إمامة الجماعة؟ صريح المفيد (3) والحلبي العموم (4)، وسمعت
كلامهما.

(1) التذكرة: ج 1 ص 145 س 29.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 43 س 34.
(3) المقنعة: ص 163.
(4) الكافي في الفقه: ص 151.
231

وأطلق الشيخ (1) والقاضي (2) وابنا سعيد (3) 4، وليس في التذكرة (4) ونهاية
الإحكام (5) واللمعة (6) والدروس (7) إلا فعل الفقهاء، وهو ظاهر المختلف. قال: لأن
الفقيه المأمون منصوب من قبل الإمام، ولهذا يمضي أحكامه، ويجب مساعدته
على إقامة الحدود، والقضاء بين الناس (8).
وفي الخلاف: من شرط انعقاد الجمعة الإمام أو من يأمره الإمام بذلك من
قاض أو أمير ونحو ذلك، ومتى أقيمت بغيره لم يصح، وبه قال الأوزاعي وأبو
حنيفة، وقال أبو حنيفة: إن مرض الإمام أو سافر أو مات فقدمت الرعية من يصلي
بهم الجمعة صحت، لأنه موضع ضرورة، وصلاة العيدين عندهم مثل صلاة
الجمعة، وقال الشافعي: ليس من شرط الجمعة الإمام ولا أمر الإمام، ومتى اجتمع
جماعة من غير أمر الإمام وأقاموها من غير إذنه جاز، وبه قال مالك وأحمد.
دليلنا: أنه لا خلاف أنها تنعقد بالإمام أو بأمره، وليس على انعقادها إذا
لم يكن إمام ولا أمره دليل.
فإن قيل: أليس قد رويتم فيما مضى وفي كتبكم أنه يجوز لأهل القرايا
والسواد والمؤمنين إذا اجتمعوا العدد الذين تنعقد بهم أن يصلوا الجمعة.
قلنا: ذلك مأذون فيه مرغب فيه يجري مجرى أن ينصب الإمام من يصلي
بهم. وأيضا إجماع الفرقة عليه، فإنهم لا يختلفون أن من شرط الجمعة الإمام أو
أمره. وروى محمد بن مسلم، وذكر حديث الإمام وقاضيه والخمسة الآخرين. ثم
قال: وأيضا فإنه إجماع، فإنه من عهد النبي صلى الله عليه وآله إلى وقتنا هذا ما أقام الجمعة إلا

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 338.
(2) المهذب: ج 1 ص 104.
(3) الجامع للشرائع: ص 97، المعتبر: ج 2 ص 297.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 145 س 29.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 14.
(6) اللمعة: ج 1 ص 15.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 186 درس 46.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 239.
232

الخلفاء والأمراء ومن ولي الصلاة، فعلم أن ذلك إجماع أهل الأعصار، ولو
انعقدت بالرعية لصلوها كذلك (1) إنتهى. وهو كلام متدافع الظاهر يعطي بعضه جواز
عقد الجمعة بكل جماعة إذا اجتمعوا العدد كان الإمام من كان.
ولذا تعجب منه ابن إدريس وقال: نحن نقول في جواب السؤال: القرايا
والسواد والمؤمنون إذا اجتمع العدد الذين تنعقد بهم الجمعة وكان فيهم نواب
الإمام أو نواب خلفائه يصلونها، وتحمل الأخبار على ذلك.
فأما قوله 2: (ذلك مأذون فيه مرغب فيه يجري مجرى أن ينصب الإمام
من يصلي بهم) فيحتاج إلى دليل على هذه الدعوى وبرهان، لأن الأصل براءة
الذمة من الوجوب أو الندب، ولو جرى ذلك مجرى أن ينصب الإمام من يصلي
بهم لوجبت الجمعة على من يتمكن من الخطبتين، وكان لا يجزئه الصلاة أربع
ركعات، وهذا لا يقوله منا أحد (2).
قلت: وهذا معنى كلام الشيخ، فقوله: (يجري مجرى أن ينصب الإمام) لا
بمعنى يختص بما إذا نصب الإمام، لا بمعنى أن يشبه ما إذا نصب.
وهنا قول ثالث احتمله الشهيد في الذكرى، وهو وجوب عقدها عينا في
الغيبة إذا اجتمع العدد المعتبر وكان فيهم من يستجمع شرائط الإمامة (3)، كما فهمه
البعض من كلامي المفيد والحلبي لعين أدلة القول الثاني، ومنع الاجماع على انتفاء
العينية كيف ولم يدعه إلا المصنف؟ وظهور الوجوب في العيني والاجماع على
العينية زمن النبي صلى الله عليه وآله وانبساط أيدي الأئمة عليهم السلام، فيستصحب إلى أن يظهر
الفارق.
وقال فيه، في موضع آخر: وأما مع الغيبة كهذا الزمان ففي انعقادها قولان:
أصحهما - وبه قال معظم الأصحاب - الجواز إذا أمكن الاجتماع والخطبتان،

(1) الخلاف: ج 1 ص 626 المسألة 397.
(2) السرائر: ج 1 ص 303.
(3) ذكرى الشيعة: ص 231 س 28.
233

ويعلل بأمرين:
أحدهما: أن الإذن حاصل من الأئمة الماضين:، فهو كالإذن من إمام
الوقت، وإليه أشار الشيخ في الخلاف - يعني بما سمعته من العبارة التي تعجب منها
ابن إدريس، وقد عرفت معناها - قال: ويؤيده صحيح زرارة، قال: حثنا أبو عبد
الله عليه السلام على صلاة الجمعة حتى ظننت أنه يريد أن نأتيه، فقلت: نغدوا عليك؟
فقال: لا، إنما عنيت عندكم. ولأن الفقهاء حال الغيبة يباشرون ما هو أعظم من ذلك
بالإذن كالحكم والافتاء، فهذا أولى.
والتعليل الثاني أن الإذن إنما يعتبر مع إمكانه، أما مع عدمه فيسقط اعتباره
ويبقى عموم القرآن والأخبار خاليا عن المعارض. ثم قال: والتعليلان حسنان،
والاعتماد على الثاني (1).
قلت: يعني به أن الإذن العام موجود، فلا حاجة إلى إذن خاص بشخص أو
أشخاص بأعيانهم.
ثم قال: إذا عرفت ذلك فقد قال الفاضلان: يسقط وجوب الجمعة حال الغيبة،
ولم يسقط الاستحباب، وظاهرهما أنه لو أتى بها كانت واجبة مجزئة عن الظهر،
فالاستحباب إنما هو في الاجتماع، أو بمعنى أنه أفضل الأمرين الواجبين على
التخيير. وربما يقال بالوجوب المضيق حال الغيبة، لأن قضية التعليلين ذلك، فما
الذي اقتضى سقوط الوجوب، إلا أن عمل الطائفة على عدم الوجوب العيني في
سائر الأعصار والأمصار، ونقل الفاضل فيه الاجماع (2)، إنتهى.
ويكفيك ما عرفته من الكلام على أدلة الجواز، وما سبق على العينية لا مع
الإمام ونائبه. ولا تغفلن عما نبهناك عليه، من أنه لا فرق بين زمني الغيبة والظهور
في كون الوجوب عينيا أو تخييريا على القول الثاني، فإنها إنما تجب عندهم عينا
عند الظهور إذا وجد الإمام أو نائبه بخصوصه كأمرائه، فإذا لم يوجدا تخير

(1) ذكرى الشيعة: ص 231 س 11.
(2) المصدر السابق س 17.
234

المؤمنون إذا لم يخافوا في العقد، فإذا عقدوها فالظاهر وجوب الحضور عينا على
من أمكنه، ولم يكن من المستثنين. ويحتمل التخيير كما عرفت الجميع.
وحال الغيبة أيضا كذلك من غير فرق، إلا أنه لا يوجد فيها الإمام ولا نائبه
بعينه. ولا تغفلن عما علمناك من أن تعين العقد على الإمام ونائبه إنما يعلم
بالاجماع إن ثبت، وأن الآية وأكثر الأخبار إنما تعين الحضور إذا انعقدت لا العقد.
ثم قال: وبالغ بعضهم، فنفى الشرعية أصلا ورأسا، وهو ظاهر كلام المرتضى
وصريح سلا ر وابن إدريس، وهو القول الثاني من القولين، بناء على أن إذن الإمام
شرط الصحة وهو مفقود، وهؤلاء يسندون التعليل إلى إذن الإمام، ويمنعون وجود
الإذن، ويحملون الإذن الموجود في عصر الأئمة عليهم السلام على من سمع ذلك الإذن،
وليس حجته على من يأتي من المكلفين، والإذن في الحكم والافتاء أمر خارج
عن الصلاة، ولأن المعلوم وجوب الظهر، ولا يزول إلا بمعلوم، وهذا القول متوجه،
وإلا لزم الوجوب العيني، وأصحاب القول الأول لا يقولون به (1).
(ولو مات الإمام بعد الدخول) في صلاة الجمعة (لم تبطل صلاة
المتلبس) بها من المأمومين للأصل من غير معارض (ويقدم من يتم) بهم
(الجمعة) بنفسه أو قدموه.
وفي التذكرة: إن الأول أولى لاشتغال المأمومين بالصلاة. وفيها أيضا
الاستشكال من اشتراط الإمام أو إذنه عندنا، ومن كونها جمعة انعقدت صحيحة،
فيجب إكمالها، والإذن شرط في الابتداء لا الاكمال.
قال: فإن قلنا بالأول احتمل أن يتموها جمعة فرادى، كما لو ماتوا إلا واحدا
أو أن يتموها ظهرا لعدم الشرط، وهو الجماعة مع التعدد. وفيها أيضا أنه إن اتفق
ذلك قبل الركوع، الأولى احتمل إتمامها ظهرا، إذ لم يدرك أحد منهم ركعة، فلم
يدركوا الصلاة وجمعة لانعقادها صحيحة، فيكمل كما لو بقي الإمام (2) إنتهى.

(1) ذكرى الشيعة: ص 231 س 19.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 146 س 20.
235

والوجه أن عليهم تجديد نية الاقتداء بالثاني.
وتردد في التذكرة (1) ونهاية الإحكام (2) من أنه خليفة الأول، فينزل منزلته،
ومن وجوب تعين الإمام.
وفي المنتهى: لو لم يستخلفوا ونووا الانفراد، فهل يتمون الجمعة أو ظهرا أو
تبطل؟ لم أجد لأصحابنا فيه نصا، والوجه وجوب الاستخلاف، فمع عدمه تبطل
الجمعة (3). وفي التحرير أيضا التردد في بطلان الجمعة حينئذ (4).
ولو انفردوا ثم تقدمهم إمامهم بعد أن نووا الانفراد ابتنى على أنه هل يجوز
للمنفرد تجديد نية الاقتداء؟ ثم الإمام الثاني يجوز أن يكون مسبوقا إذا أدرك
الجمعة بإدراك الإمام الأول قبل الركوع أو فيه، أما إذا لم يدرك الجمعة ففيه تردد
كما في التذكرة (5).
واستقرب الجواز في المنتهى (6) والتحرير (7). ولا يجوز أن يكون ممن لم
يدخل معهم في الصلاة، لأنه عقد جمعة بعد جمعة أو اتباع للإمام المأمومين،
وجوزه في المنتهى (8).
(وكذا) الكلام (لو أحدث) الإمام بعد الدخول عمدا أو سهوا (أو أغمي
عليه) ولو أحدث جاز أن يستخلف من يتم بهم إجماعا كما في التذكرة (9)
والمنتهى (10).
وقال أبو حنيفة: إن تعمد الحدث بطلت صلاتهم (11).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 146 س 26.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 18.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 335 س 19.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 45 س 23.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 146 س 15.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 335 س 21.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 45 س 24.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 335 س 11.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 145 س 38.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 334 السطر الأخير.
(11) بدائع الصنائع: ج 1 ص 226، فتح العزيز: ج 4 ص 557.
236

(أما غيره) أي المتلبس (فيصلي الظهر)، ولا يدخل معهم لانتفاء بعض
الشروط، ككون الإمام مأذونا واتحاد الإمام والخطيب، وقد ينقص العدد وإن
أمهم، ففيه ما عرفت.
(ويحتمل) جواز (الدخول معهم) أو وجوبه (لأنها جمعة
مشروعة)، والشروط إنما كانت معتبرة في ابتداء العقد، وهو أقرب إن كان الإمام
الثاني مأذونا أو لم يشترط الإذن.
(الثالث) من الشروط (العدد)، فلا يجوز بدونه إجماعا، (وهو خمسة
نفر على رأي، أحدهم الإمام، فلا تنعقد بأقل) منهم، وهو إجماع، ولا
يشترط الأكثر وفاقا للأكثر، للأصل وعموم الكتاب والسنة، وخصوص ما مر من
خبري منصور (1) والفضل بن عبد الملك (2). وقول أبي جعفر عليه السلام في حسن زرارة:
لا تكون الخطبة والجمعة وصلاة الركعتين على أقل من خمسة رهط الإمام
وأربعة (3). وقول الصادق عليه السلام في خبر ابن أبي يعفور: لا تكون جمعة ما لم يكن
القوم خمسة (4).
والأقرب قول الشيخ (5) والكندري (6) وبني زهرة (7) وحمزة (8) والبراج (9) وهو
الوجوب العيني بالسبعة والاستحباب أي التخييري بالخمسة، لهذه الأخبار، مع
قول الصادق عليه السلام في خبر أبي العباس: أدنى ما يجزي في الجمعة سبعة أو خمسة

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 8 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 6 و 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 8 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 6 و 7.
(3) المصدر السابق ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 9 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 8.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 334.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 626.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 29، وفيه: (ستة نفر).
(8) الوسيلة: ص 103.
(9) المهذب: ج 1 ص 100.
237

أدناه (1). وما مر من أخبار زرارة (2) ومحمد بن مسلم (3) وعمر بن يزيد (4).
وفي المختلف بعد الاقتصار على خبر ابن مسلم: إن في الطريق الحكم بن
مسكين، ولا يحضرني الآن حاله، فنحن نمنع صحة السند، ونعارضه بما تقدم من
الأخبار، ويبقى عموم القرآن سالما عن المعارض (5).
وفيه: أنه لا تعارض على قولنا، فإن أخبار الخمسة إنما تدل على السقوط
عما دون الخمسة، وهو لا يقتضي الوجوب العيني، مع أن أخبار السبعة كثيرة،
ومنها صحيحين.
وقال المحقق، بعد الاقتصار عليه أيضا: نحن نرى العمل على الوجوب مع
الخمسة، لأنها أكثر ورودا ونقلة ومطابقة لدلالة القرآن. قال: ولو قال: الأخبار
بالخمسة لا تتضمن الوجوب، وليس البحث في الجواز، بل في الوجوب، ورواية
محمد بن مسلم تتضمن سقوط الوجوب عمن قل عددهم عن السبعة، فكانت أدل
على موضع النزاع.
قلنا: ما ذكرته وإن كان ترجيحا، لكن روايتنا دالة على الجواز، ومع الجواز
تجب، لقوله تعالى: (فاسعوا إلى ذكر الله) فلو عمل برواية محمد بن مسلم لزم
تقييد الأمر المطلق المتيقن بخبر الواحد، ولا كذا مع العمل بالأخبار التي تلوناها،
على أنه لا يمكن العمل برواية محمد بن مسلم، لأنه أحصى السبعة بمن ليس
حضورهم شرطا فسقط اعتبارها (6)، إنتهى.
وفيه: أن الجواز إنما يستلزم أحد الوجوبين، ولا يعين العيني وإن أراد تعين

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 7 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 8 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 9 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة ح 9.
(4) المصدر السابق ح 10.
(5) مختلف الشيعة: ج 2 ص 209.
(6) المعتبر: ج 2 ص 282.
238

الحضور إذا انعقدت سلمناه، وليس مما نحن فيه، وإطلاق الأمر مسلم، لكن لا
خلاف في تقيده بعدد. وإن قال: إن صاحب السبعة موافق على الخمسة فاتفقا على
التقيد بها، فيؤخذ بالمتفق عليه من باب الأخذ بأقل ما قيل. فضعفه في غاية
الظهور، لتناقض القولين، وأما إحصاء السبعة بهؤلاء فإنما هو تمثيل وتنبيه على
الاختصاص بالإمام.
وفي المنتهى: إن الأمر للسبعة لا ينفي عن الأقل، إلا من حيث دليل الخطاب
أو مفهوم الشرط، وكلاهما لا يعارضان النص، والنص في خبر ابن مسلم على
أنها لا تجب على الأقل مبني على الغالب، إذ من المستبعد انفكاك المصير من
العدد، والذي ذكر من الحاكم وغيره وإن كان الحكم إنما هو على الغالب. قال:
وهذا التأويل وإن كان بعيدا إلا أنه أولى من الاسقاط، ويؤيده تعديده لمن
ذكره (1).
وفي التذكرة: إنه ليس نصا على المطلوب المصير، لأن أقل من السبعة قد
يكون أقل من الخمسة، فيحمل عليه جمعا بين الأدلة (2). قلت هو في البعد كمتلوه.
وفي الإشارة: إنها إنما تنعقد بالسبعة (3).
(وهو) أي العدد (شرط الابتداء) عندنا (لا الدوام) كما قال به
أحمد (4) والشافعي في أحد أقواله (5)، وفاقا للشيخ ومن بعده. قال: لا نص
لأصحابنا فيه، والذي يقتضيه مذهبهم أنه لا تبطل الجمعة، سواء انفض بعضهم أو
جميعهم حتى لا يبقى إلا الإمام. قال: دليلنا أنه قد دخل في صلاة الجمعة
وانعقدت بطريقة معلومة، فلا يجوز إبطالها إلا بيقين (6)، إنتهى.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 318 س 1، مع اختلاف.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 146 س 38.
(3) إشارة السبق: ص 97، وفيه: (ستة).
(4) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 177.
(5) الأم: ج 1 ص 191.
(6) الخلاف: ج 1 ص 600 المسألة 360.
239

وبعبارة أخرى: الأصل عدم الاشتراط، ويؤيده عدم اشتراط الجماعة في
الاستدامة، ولذا يتمها المسبوق منفردا.
(ولا تنعقد) الجمعة (بالمرأة) فلا بد من خمسة رجال لاختصاص الرهط
والنفر والقوم، ولفظي الخمسة والسبعة بهم. وفي التذكرة الاجماع عليه (1).
وفي نسخة الغنية التي عندنا - وقد قرأها المحقق الطوسي على الشيخ معين
الدين المصري) -: وتنعقد بحضور من لم يلزمه من المكلفين كالنساء (2).
وكتب المصري على الحاشية الصواب إلا النساء.
(ولا بالمجنون) عندنا (ولا بالطفل) وإن كان مميزا، خلافا للشافعي
في أحد قوليه (3)، وذلك لأن صلاتهما غير واجبة ولا شرعية.
(ولا بالكافر وإن وجبت عليه) لعدم صحتها منه.
(وتنعقد بالمسافر والأعمى والمريض والأعرج والهم ومن هو على
رأس أزيد من فرسخين وإن لم يجب عليهم السعي) إليها لعموم الأدلة
وصحتها منهم.
وفي المنتهى: في المريض أنه قول أكثر أهل العلم، وفي الأعرج أنه لا
خلاف فيه، وكذا من بعد بأزيد من فرسخين (4).
ولم يعقدها الشيخ في المبسوط بالمسافر (5)، ولا ابن حمزة (6) ولا الكندري (7)
ولا المصنف في النهاية (8) ولا المختلف (9) للأصل.
ويعارضه العمومات، ولأنه ليس من أهل فرضها كالصبي، ويدفعه الفرق
فإنه من أهله إذا حضر، بخلاف الصبي لعدم التكليف، ولأنه إنما يصلي تبعا لغيره،

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 147 س 3.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 32.
(3) الأم: ج 1 ص 189.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 323 س 7.
(5) المبسوط: ج 1 ص 143.
(6) الوسيلة: ص 103.
(7) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 626.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 20.
(9) مختلف الشيعة: ج 2 ص 230، 232.
240

فلا يتبعه غيره، ولو لم يكن كذلك لانعقدت بالمسافرين إذا كانوا خمسة، ولو
انعقدت بهم كانت واجبة عليهم، والاجماع على خلافه.
ويدفعه أن الاجماع على عدم التعين عليهم، ولا يقتضيه الانعقاد. والظاهر
كما في الذكرى الاتفاق على انعقادها بجماعتهم وصحتها عنهم (1)، ولأنها لا
تنعقد بالعبد، لما سيأتي، والفرق خرق للاجماع مع تساويهما في العلة.
ويدفعه ما سيأتي في العبد مع أن الاجماع ممنوع، وكذا التساوي في العلة
لتعلق حق المولى بالعبد دونه.
(وفي انعقادها بالعبد) كما في الخلاف (2) والسرائر (3) (إشكال) كما في
الشرائع (4)، من العموم، ومن أنه لا يجوز له حضور الجمعة ولا استدامته إلا بإذن
مولاه، ولو انعقد به لانعقد بالعبيد منفردين، وهو خيرة المختلف (5) ونهاية
الإحكام (6) والمبسوط (7)، والدليلان لا يشتملان (8) المأذون، وقد لا يريد أنه.
(ولو انفض العدد قبل التلبس) بها (ولو بعد الخطبتين سقطت) عن
الباقي إن لم يعودوا في الوقت، لانتفاء الشرط، ولا خلاف فيه.
و (لا) تسقط لو انفض (بعده) كما عرفت (ولو بالتكبير) كما في
الخلاف (9) والمبسوط (10) والشرائع (11) والمعتبر (12) والجامع (13)، لأنها انعقدت
صحيحة، ولا دليل على بطلانها أو وجوب العدول عنها.

(1) ذكرى الشيعة: ص 233 س 25.
(2) الخلاف: ج 1 ص 610 المسألة 375.
(3) السرائر: ج 1 ص 293.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 96.
(5) مختلف الشيعة: ج 2 ص 231.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 19.
(7) المبسوط: ج 1 ص 145.
(8) في ع (لا يشملان).
(9) الخلاف: ج 1 ص 600 المسألة 360.
(10) المبسوط: ج 1 ص 144.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 95.
(12) المعتبر: ج 2 ص 282.
(13) الجامع للشرايع: ص 95.
241

واحتمل في التذكرة (1) ونهاية الإحكام (2) اشتراط إتمامهم ركعة كمالك (3)
والشافعي (4) في أحد أقواله، لقوله عليه السلام: من أدرك ركعة من الجمعة أضاف إليها
أخرى (5). وعموم أخبار: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها (6). ودلالتها
بالمفهوم على عدم الادراك إذا أدرك الأقل.
وأجاب في المنتهى بأن الباقي بعد الانفضاض مدرك لركعة، بل للكل، وإنما
لا يكون مدركا لو اشترط في الادراك بقاء العدد، وهو أول المسألة (7).
واحتمل في نهاية الإحكام الاكتفاء بركوعهم لكونه حقيقة إدراك الركعة، ثم
احتمل فيها (8) وفي التذكرة إذا انفض العدد قبل إدراك الركعة العدول إلى الظهر
لانعقادها صحيحة، فجاز العدول، كما يعدل عن اللاحقة إلى السابقة (9).
وعلى اشتراط الركعة أو الركوع إن لحقهم خمسة وأدركوا ركوع الثانية
فانفض الأولون صحت الجمعة وإن فاتهم أول الصلاة، كذا في التذكرة قال: لأن
العقد والعدد موجود، فكان له الاتمام (10).
(وإن بقي) من العدد (واحد) فقط بعد التكبير على ما هنا، وبعد ركعة أو
ركوعها على ما احتمله في التذكرة (11) والنهاية (12) لم يسقط، إماما كان أو مأموما
كما في التذكرة، لعين ما مر، فيتمها منفردا كالمسبوق، وكما إذا بقي جماعة لا
يصلح أحد منهم للإمامة.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 147 س 21.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 22.
(3) فتح العزيز: ج 4 ص 532.
(4) فتح العزيز: ج 4 ص 532.
(5) سنن ابن ماجة: ج 1 ص 356 ح 1121.
(6) وسائل الشيعة: ج 3 ص 157 و 158 ب 30 من أبواب المواقيت.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 321 س 4 - 7.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 22.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 147 س 28.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 147 س 24.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 147 س 25.
(12) نهاية الإحكام: ج 2 ص 22.
242

وللعامة قول باشتراط بقاء واحد مع الإمام (1) وآخر باشتراط اثنين (2
وكذا إن تلبس بها الإمام وحده فانفضوا فالظاهر الاتمام جمعة كما يظهر من
الخلاف (3) لمثل ما عرفت. ويحتمل اشتراط تلبس العدد بها كما يظهر من غيره،
لاشتراط انعقادها به، فانعقادها للإمام، ومن دون العدد متزلزل إنما يستقر بالجميع.
(ولو انفضوا في خلال الخطبة أعادها) أي الواجب منها (بعد عودهم
إن لم يسمعوا أولا الواجب منها) أي استأنف فأعاد ما سمعوه أيضا، ليحصل
الموالاة، لكونها المعهودة منهم عليهم السلام، خصوصا إذا طال الفصل أو أعاد ما لم
يسمعوه خاصة، فإن سمعوا البعض بنى عليه، سكت عليه أو لا كما في التذكرة (4)
والذكرى (5) ونهاية الإحكام (6) لأصل عدم اشتراط التوالي مع جواز البناء في
الصلاة إذا سلم ناسيا، فهذا أولى، وحصول الفرض وهو الحمد والصلاة والوعظ
والقراءة.
قال في التذكرة: سواء طال الفصل أو لا لحصول مسمى الخطبة، وليس لها
حرمة الصلاة، ولأنه لا يأمن الانفضاض بعد إعادته، وهو قول أبي إسحاق،
ويمنع اشتراط الموالاة، وقال الشافعي: إن طال استأنف الخطبة، وإلا فلا، وعنه
أنه مع طول الفصل يصلي أربعا إن لم يعد الخطبة لبطلانها، ولا يؤمن الانفضاض
في الإعادة والصلاة فيصلي ظهرا (7) إنتهى.
وفي نهاية الإحكام: لو لم يعد الأولون، وعاد عدد غيرهم، فالأقرب وجوب
إعادة الخطبة، سواء طال الفصل أو لا (8). وقطع به في موضع آخر منها (9)، وفي

(1) فتح العزيز: ج 4 ص 531، المجموع: ج 4 ص 506.
(2) الأم: ج 1 ص 191، فتح العزيز: ج 4 ص 531.
(3) الخلاف: ج 1 ص 600 المسألة 360.
(4) 301 تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 37.
(5) ذكرى الشيعة: ص 232 س 10.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 21.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 147 س 25.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 21.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 37.
243

التذكرة (1).
الشرط (الرابع: الخطبتان) بالاجماع والنصوص (2)، وللعامة قول
بالاجتزاء بخطبته (3)، ويوهمه الكافي (4)، وآخر بعدم الاشتراط بالخطبة (5).
(ووقتهما زوال الشمس) وحده كما مر عن الحلبيين (6) أو منه كما في
السرائر (7)، وهو المراد.
(لا قبله) وجوبا كما في الوسيلة (8)، ويحتمله الإصباح (9) والمهذب (10)
والمقنعة (11) وفقه القرآن للراوندي (12)، ولا جوازا كما في الخلاف (13) والشرائع (14)
والمعتبر (15) والنهاية (16) والمبسوط (17)، وفيهما أنه ينبغي (على رأي) وفاقا
للمعظم على ما في التذكرة (18) والذكرى (19). لنا وجوه:
منها: أنهما بعد الأذان، ولا أذان للصلاة قبل وقتها، وأول وقت هذه الصلاة
الزوال كما مر وسلف أيضا أنه لا أذان قبل الوقت وإن جاز قبل الفجر أذان، وأما
أنهما بعد الأذان فلقوله تعالى: (إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر
الله) (20)، فإن النداء هو الأذان، والذكر الخطبة، وهو ممنوع.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 147 س 29.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 29 ب 14 من أبواب صلاة الجمعة.
(3) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 151.
(4) الكافي في الفقه: ص 151.
(5) نسبه في المعتبر ج 2 ص 283 إلى الحسن البصري.
(6) الكافي في الفقه: ص 151، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 42.
(7) السرائر: ج 1 ص 295، 296.
(8) الوسيلة: ص 104.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(10) المهذب: ج 1 ص 103.
(11) المقنعة: ص 164.
(12) فقه القرآن: ج 1 ص 136.
(13) الخلاف: ج 1 ص 620 المسألة 390.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 95.
(15) المعتبر: ج 2 ص 287.
(16) النهاية ونكتها: ج 1 ص 336.
(17) المبسوط: ج 1 ص 151.
(18) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 13.
(19) ذكرى الشيعة: ص 236 س 9.
(20) الجمعة: 9.
244

ولخبر حريز عن ابن مسلم: إنه سأله عن الجمعة، فقال: أذان وإقامة يخرج
بعد الأذان فيصعد المنبر فيخطب (1)، الخبر، وهو مضمر.
وقول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: يخطب وهو قائم يحمد الله - إلى أن
قال: - فإذا فرغ من هذا أقام المؤذن (2). وهو مع الضعف ليس بنص فيه، لكن
الظاهر الاتفاق عليه.
ومنها: أنهما بدل من الركعتين بالنصوص المتظافرة، فلا يقدمان على وقتهما
إلا بدليل.
ومنها: الاحتياط.
ومنها: التأسي على ما في نهاية الإحكام قال: ولو جاز التقديم لقدمها تخفيفا
على الباكرين وايقاعا للصلاة في أول الوقت (3)، وهو ممنوع على ما سيظهر.
ومنها: تظافر الأخبار باستحباب ركعتين عند الزوال أو الشك فيه قبل
الفريضة، ولا يكونان بين الخطبة والصلاة اتفاقا فهما قبلها.
وفي التذكرة: إن هذا القول أشهر (4). وفي السرائر: إنه قول السيد في
مصباحه (5). قال ابن الربيب: وأنا اعتبرته، فما وقفت عليه والحاسة قد تغلط (6).
ودليل المقدمين الاجماع على ما في الخلاف (7)، وقول الصادق عليه السلام في
صحيح ابن سنان: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الجمعة حين تزول الشمس قدر
شراك، ويخطب في الظل الأول فيقول جبرئيل عليه السلام: يا محمد صلى الله عليه وآله قد زالت
الشمس فأنزل فصل (8). وجميع أخبار توقيت صلاة الجمعة أو الظهر يوم الجمعة

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 15 ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ح 7.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 38 ب 25 من أبواب صلاة الجمعة ح 2.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 35.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 13.
(5) السرائر: ج 1 ص 296.
(6) كشف الرموز: ج 1 ص 174.
(7) الخلاف: ج 1 ص 620 المسألة 390.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 30 ب 15 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
245

بأول الزوال وهي كثيرة، ولذا قال المحقق: إنه أشهر في الروايات (1).
وتأويل الصلاة بها وما في حكمها - أعني الخطبة - لكونها بدلا من الركعتين
خلاف الظاهر، كتأويل الخطبة في الخبر الأول بالتأهب لها كما في التذكرة (2).
وتأويل الظل الأول بأول ألفي كما في المنتهى (3)، وتأويله بما قبل المثل من ألفي
والزوال بالزوال عن المثل كما في المختلف (4)، مع أن الأخير يستلزم إيقاع الصلاة
بعد خروج وقتها عنده، إلا أن يأول الزوال بالقرب منه.
نعم، يجوز أن يقال: إنه عليه السلام كان إذا أراد تطويل الخطبة للانذار والأبشار
والتبليغ والتذكير، كان يشرع فيها قبل الزوال، ولم ينوها خطبة الصلاة حتى إذا
زالت الشمس، كان يأتي بالواجب منها للصلاة ثم ينزل فيصلي وقد زالت بقدر
شراك. ولا يعد في توقيت الصلاة بأول الزوال مع وجوب تأخير مقدماتها عنه،
فهو من الشيوع بمكان وخصوصا الخطبة التي هي كجز منها.
(ويجب تقديمهما على الصلاة) بالنصوص والاجماع كما هو الظاهر،
وفي المنتهى: لا نعرف فيه مخالفا (5). (فلو عكس بطلت) الصلاة لانتفاء شرطها
ومخالفتها صلاة النبي صلى الله عليه وآله.
وفي الفقيه قال أبو عبد الله عليه السلام: أول من قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة
عثمان، إلى آخر الخبر (6). وهو إما تصحيف أو المراد يوم الجمعة في العيد، وهو بعيد.
وأفتى الصدوق في الهداية بتأخرهما، وقال: لأن الخطبتين مكان الركعتين
الأخراوين (7).

(1) مختصر النافع: ص 35.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 17.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 325 س 18.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 327 س 12.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 432 ح 1264.
(7) الهداية: ص 34.
246

وإذا بطلت الصلاة، وكان الوقت باقيا بعد الخطبتين، احتمل الاجتزاء بإعادة
الصلاة وحدها بعدهما.
(و) تجب (اشتمال كل واحدة) منهما على أربعة أجزاء (على الحمد
لله تعالى) وكأنه لا خلاف فيه (وتتعين هذه اللفظة) قال في التذكرة: عند
علمائنا أجمع، واستدل بالتأسي، لأن النبي صلى الله عليه وآله داوم عليه، وبالاحتياط، وبقول
الصادق عليه السلام في الخبر الآتي: يحمد الله، ثم قال: إذا عرفت هذا فهل يجزئه لو قال:
الحمد للرحمن أو لرب العالمين؟ إشكال ينشأ من التنصيص على لفظة (لله)، ومن
المساواة في الاختصاص به تعالى (1). وفي نهاية الإحكام: الأقرب إجزاء (الحمد
للرحمن) (2).
(وعلى الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله عليهم السلام)
وفاقا للأكثر، وظاهر الخلاف (3) والتذكرة الاجماع عليه (4).
وخلافا للسيد (5) وابن إدريس (6) والمحقق في النافع (7) وشرحه (8) فاجتزأوا
بها في الثانية، للأصل من غير معارض، وقول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: يحمد
الله ويثني عليه، ثم يوصي بتقوى الله، ثم يقرأ سورة من القرآن صغيرة، ثم
يجلس، ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه، ويصلي على محمد صلى الله عليه وآله وعلى أئمة
المسلمين، ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات (9).
(ويتعين لفظة الصلاة) للتأسي، والاحتياط. (وعلى الوعظ) وفاقا
للأكثر، وظاهر الخلاف الاجماع (10). وخبر سماعة إنما تضمنه في الأولى، وعليه

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 150 س 34 - 39.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 33.
(3) الخلاف: ج 1 ص 616 المسألة 384.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 150 س 40.
(5) نقله عنه في مدارك الأحكام: ج 4 ص 32.
(6) السرائر: ج 1 ص 295.
(7) المختصر النافع: ص 35.
(8) المعتبر: ج 2 ص 284.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 38 ب 25 من أبواب صلاة الجمعة ح 2.
(10) الخلاف: ج 1 ص 616 المسألة 384.
247

اعتمد المحقق في النافع (1) وشرحه (2)، ولم يذكره السيد في شئ منهما.
(ولا يتعين لفظه) للأصل واختلاف ألفاظه في الخطب المأثورة. ولا لفظ
الوصية بتقوى الله وإن كان في الخطب المأثورة، وكان في خبر سماعة يوصي
بتقوى الله، فإنه لا يعين.
وفي نهاية الإحكام: الأقرب أنه لا يتعين لفظ (الوصية)، وفيها أيضا: لا
يكفي الاقتصار على التحذير من الاغترار بالدنيا وزخرفها، لأنه قد يتواصى به
المنكرون للمعاد، بل لا بد من الحمد على طاعة الله، والمنع من المعاصي (3).
قلت: ويعضده أن في الخبر الوصية بتقوى الله، قال فيها (4). وفي التذكرة:
يكفي (أطيعوا الله) (5).
(وقراءة سورة خفيفة) كما في المبسوط (6) والجمل والعقود (7)
والمراسم (8) والوسيلة (9) والتحرير (10) والشرائع (11) والجامع (12)، ولم أظفر له بدليل،
إلا ما في التذكرة (13) ونهاية الإحكام (14)، من أنهما بدل من الركعتين، فيجب فيهما
كما يجب فيهما، وضعفه ظاهر، وخبر سماعة الذي سمعته إنما يضمنها في الأولى
مع ضعفه لفظ (ينبغي)، وكذا الخطبتان المحكيتان في الفقيه (15)، وما ستسمعه من
صحيح ابن مسلم، وهو قول المحقق في النافع (16) وشرحه (17).

(1) مختصر النافع: س 35.
(2) المعتبر: ج 2 ص 284.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 330.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 33.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 8.
(6) المبسوط: ج 1 ص 147.
(7) الجمل والعقود: ص 82.
(8) المراسم: ص 77.
(9) الوسيلة: ص 103.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 44 س 3.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 95.
(12) الجامع للشرائع: ص 94.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 1.
(14) نهاية الإحكام: ج 2 ص 32.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 427 ح 1263.
(16) المختصر النافع: ص 35.
(17) المعتبر: ج 2 ص 284.
248

وفي الإقتصاد (1) والمهذب (2) والإصباح (3): قرأتها بين الخطبتين، وهو ظاهر
النهاية (4)، والأمر هين.
وقال ابن سعيد: وأن يخطب خطبتين قائما إلا من عذر، متطهرا، فاصلا بينهما
بجلسة وسورة خفيفتين، تشتملان على حمد الله والثناء عليه والصلاة على
محمد صلى الله عليه وآله والوعظ وقراءة سورة خفيفة من القرآن (5).
وخفة السورة معتبرة للخبر (6) وضيق الوقت. وفي الفقيه عن أمير
المؤمنين عليه السلام في الخطبة الأولى أنه كان يبدأ بعد الحمد - يعني فاتحة الكتاب -
ب‍ (قل هو الله أحد) أو ب‍ (قل يا أيها الكافرون) أو ب‍ (إذا زلزلت الأرض زلزالها)
أو ب‍ (ألهاكم التكاثر) أو ب‍ (العصر) وكان مما يدوم عليه (قل هو الله أحد) (7).
وليس في مصباح الشيخ (8) بعد الحمد شئ.
(وقيل) في الخلاف: يجب اشتمالها على شئ من القرآن، وهو يشمل آية
وبعضها (9)، فيمكن أن لا يريد به إلا السورة، كما في سائر كتبه. وإن أراد العموم
فيحتمل أن لا (يجزئ) بأقل من (الآية التامة الفائدة) وإن يجتزئ.
وعلى كل فلا نعلم له دليلا إلا الأصل، مع ضعف خبر سماعة، ولكن خبر ابن
مسلم الآتي صحيح. وأما خبر صفوان بن معلى إنه سمع النبي صلى الله عليه وآله يقرأ على
المنبر (ونادوا يا مالك) (10) فلا دلالة له على ذلك بوجه.
وقال الحلبي: وخطبته في أول الوقت مقصورة على حمد الله والثناء عليه بما

(1) الإقتصاد: ص 267.
(2) المهذب: ج 1 ص 103.
(3) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 336.
(5) الجامع للشرائع: ص 94.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 38 ب 25 من أبواب صلاة الجمعة ح 2.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 432 ذيل الحديث 1263.
(8) مصباح المتهجد: ص 343.
(9) الخلاف: ج 1 ص 616 المسألة 384.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 2.
249

هو أهله، والصلاة على محمد والمصطفين من آله ووعظ وزجر (1). ولفظة
(مقصورة) صريح في عدم دخول القرآن فيها لا في عدم وجوبها، فقد يجب
بينهما - كما سمعت - وبعدهما.
كما أن في الغنية: صعد المنبر فخطب خطبتين مقصورتين على حمد الله
سبحانه والثناء عليه والصلاة على محمد وآله والوعظ والزجر، يفصل بينهما
بجلسة، ويقرأ سورة خفيفة من القرآن (2).
وفي الإشارة: وقصرهما على حمد الله والثناء عليه بما هو أهله، والصلاة على
نبيه وآله والمواعظ المرغبة في ثوابه المرهبة من عقابه، وخلوها مما سوى
ذلك (3).
وذكرهم الحمد والثناء جميعا موافقة لخبر سماعة، فأما المراد بهما واحد، أو
(الثناء) هو الوصف بما هو أهله و (الحمد) هو الاتيان بلفظه أو الشكر.
وعن مصباح السيد: يحمد الله في الأولى ويمجده ويثني عليه ويشهد
لمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة ويرشحها بالقرآن ويعظ، وفي الثانية الحمد والاستغفار
والصلاة على النبي وآله عليه وعليهم السلام، ويدعو لأئمة المسلمين ولنفسه
وللمؤمنين (4).
وفي التذكرة (5) ونهاية الإحكام (6): إنه يقتضي وجوب الشهادة بالرسالة في
الأولى والصلاة في الثانية. وفي الذكرى إن ظاهره وجوب الاستغفار أيضا (7).
قال ابن إدريس: أقل ما يكون الخطبة أربعة أصناف: حمد الله تعالى والصلاة
على النبي صلى الله عليه وآله والوعظ والزجر وقراءة سورة خفيفة من القرآن (8). وهو عبارة

(1) الكافي في الفقه: ص 151.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 33.
(3) إشارة السبق: ص 97.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 284.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 10.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 34.
(7) ذكرى الشيعة: ص 236 س 18.
(8) السرائر: ج 1 ص 292.
250

المبسوط (1)، لكن ليس فيها الزجر.
ثم قال: قام الإمام متوكئا على ما في يده فابتداء بالخطبة الأولى معلنا
بالتحميد لله تعالى، والتمجيد والثناء بآلائه، وشاهدا لمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة،
وحسن الابلاغ والانذار، ويوشح خطبته بالقرآن ومواعظه وآدابه، ثم يجلس
جلسة خفيفة، ثم يقوم فيفتتح الخطبة الثانية بالحمد لله والاستغفار والصلاة على
النبي صلى الله عليه وآله ويثني عليهم بما هم أهله، ويدعو لأئمة المسلمين، ويسأل الله تعالى أن
يعلى كلمة المؤمنين، ويسأل الله لنفسه وللمؤمنين حوائج الدنيا والآخرة، ويكون
آخر كلامه: (إن الله يأمر بالعدل والاحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء
والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) (2).
وقال الشهيد: قال ابن الجنيد والمرتضى: ليكن في الأخيرة قوله تعالى: (إن
الله يأمر بالعدل والاحسان) الآية، وأورده البزنطي في جامعه، ورواه ابن يعقوب
عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام (3).
قلت: روي عنه صحيحا عنه عليه السلام: الخطبة الأولى الحمد لله نحمده ونستعينه
ونستغفره ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا (من يهدي
الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له).
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله،
انتجبه لولايته، واختصه برسالته، وأكرمه بالنبوة، أمينا على غيبه، ورحمة
للعالمين، وصلى الله على محمد وآله وعليهم السلام.
أوصيكم عباد الله بتقوى الله، وأخوفكم من عقابه، فإن الله ينجي من اتقاه
بمفازتهم، لا يمسهم السوء، ولا هم يحزنون، ويكرم من خافه يقيهم شر ما خافوا،
ويلقيهم نضرة وسرورا، وأرغبكم في كرامة الله الدائمة، وأخوفكم عقابه الذي لا

(1) المبسوط: ج 1 ص 147.
(2) السرائر: ج 1 ص 295.
(3) ذكرى الشيعة: ص 236 س 16.
251

انقطاع له، ولا نجاة لمن استوجبه، فلا تغرنكم الدنيا، ولا تركنوا إليها فإنها دار
غرور، كتب الله عليها وعلى أهلها الفناء، فتزودوا منها الذي أكرمكم الله به من
التقوى والعمل الصالح، فإنه لا يصل إلى الله من أعمال العباد إلا ما خلص منها،
ولا يتقبل الله إلا من المتيقن، ولقد أخبركم الله عن منازل من آمن وعمل صالحا
وعن منازل من كفر وعمل في غير سبيله، وقال: (ذلك يوم مجموع له الناس
وذلك يوم مشهود - وما نؤخره إلا لأجل معدود - يوم يأت لا تكلم نفس إلا
بإذنه فمنهم شقي وسعيد - فأما الذين شقوا ففي النار لهم فيها زفير وشهيق -
خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك إن ربك فعال لما يريد -
وأما الذين سعدوا ففي الجنة خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء
ربك عطاء غير مجذوذ) (1).
نسأل الله الذي جعلنا لهذا الجمع أن يبارك لنا في يومنا هذا، وأن يرحمنا
جميعا، إنه على كل شئ قدير، إن كتاب الله أصدق الحديث وأحسن القصص،
وقال الله عز وجل: (وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون) (2)
فاستمعوا طاعة لله وانصتوا ابتغاء رحمته.
ثم أقراء سورة من القرآن وادع ربك وصل على النبي صلى الله عليه وآله وادع للمؤمنين
والمؤمنات، ثم تجلس قدر ما يمكن هنيئة، ثم تقوم فتقول: الحمد لله نحمده
ونستعينه، ونستغفره ونستهديه، ونؤمن به ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور
أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، (من يهدي الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له)،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله
بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، وجعله رحمة
للعالمين بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، من يطع الله ورسوله
فقد رشد، ومن يعصهما فقد غوى.

(1) هود: 103 - 108.
(2) الأعراف: 204.
252

أوصيكم عباد الله بتقوى الله الذي ينفع بطاعته من أطاعه، والذي يضر
بمعصيته من عصاه، الذي إليه معادكم وعليه حسابكم، فإن التقوى وصية الله فيكم
وفي الذين من قبلكم، قال الله عز وجل: (ولقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من
قبلكم وإياكم أن اتقوا الله، وإن تكفروا فإن لله ما في السماوات وما في الأرض
وكان الله غنيا حميدا) (1).
انتفعوا بموعظة الله والزموا كتابه فإنه أبلغ الموعظة، وخير الأمور في المعاد
عاقبة، ولقد اتخذ الله الحجة، فلا يهلك من هلك إلا عن بينة، ولا يحيي من حي إلا
عن بينة، ولقد بلغ رسوله الذي أرسله به فالزموا وصيته، وما ترك فيكم من بعده
من الثقلين كتاب الله وأهل بيته الذين لا يضل من تمسك بهما ولا يهتدي من
تركهما، اللهم صل على محمد عبدك ورسولك سيد المرسلين وإمام المتقين
ورسول رب العالمين.
ثم تقول: اللهم صل على أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين، ثم
تسمى الأئمة عليهم السلام حتى تنتهي إلى صاحبك، ثم تقول: اللهم افتح له فتحا يسيرا
وانصره نصرا عزيزا، اللهم إظهر به دينك وسنة نبيك حتى لا يستخفي بشئ من
الحق مخافة أحد من الخلق، اللهم إنا نرغب إليك في دولة كريمة تعز بها الاسلام
وأهله وتذل بها النفاق وأهله وتجعلنا فيها من الدعاة إلى طاعتك والقادة إلى
سبيلك وترزقنا بها كرامة الدنيا والآخرة، اللهم ما حملتنا من الحق فعرفناه، وما
قصرنا عنه فعلمناه.
ثم تدعو الله على عدوه، ويسأل لنفسه وأصحابه، ثم يرفعون أيديهم فيسألون
الله حوائجهم كلها، حتى إذا فرغ من ذلك قال: اللهم استجب لنا، ويكون آخر
كلامه أن يقول: (إن الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن

(1) النساء: 131.
253

الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون) (1) ثم يقول: اللهم اجعلنا ممن
تذكر فتنفعه الذكرى، ثم ينزل (2).
(ويجب قيام الخطيب فيهما) للتأسي، والأخبار (3)، والاجماع على ما
في الخلاف (4) والتذكرة (5)، ولقول أمير المؤمنين عليه السلام فيما أرسله الصدوق عنه:
لا كلام والإمام يخطب، ولا التفات إلا كما تحل في الصلاة، وإنما جعلت الجمعة
ركعتين لأجل الخطبتين جعلتا مكان الركعتين الأخيرتين، فهما صلاة حتى ينزل
الإمام (6). ونحوه صحيح ابن سنان الآتي (7).
ولذا يجب فيهما الطمأنينة كما في التذكرة (8). فإن عجز عن القيام ففي نهاية
الإحكام: الأولى أن يستنيب غيره، ولو لم يفعل وخطب قاعدا أو مضطجعا جاز
كالصلاة (9). وفي التذكرة هل تجب الاستنابة إشكال (10).
(و) يجب (الفصل بينهما بجلسة خفيفة) كما في الوسيلة (11) والشرائع (12)
والمبسوط (13) والإصباح وفيهما: إنها شرط فيهما (14).
وفي النافع: إنه الأحوط (15)، ودليله التأسي وظاهر الأخبار (16). وفي
النهاية (17) والمهذب: إنه ينبغي، وظاهره العدم (18) ودليله الأصل واحتمال

(1) النحل: 90.
(2) الكافي: ج 3 ص 422 ح 6.
(3) وسائل الجمعة: ج 5 ص 38 ب 25 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 1.
(4) الخلاف: ج 1 ص 615 المسألة 382.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 19.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 416 ح 1230.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 18 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 4.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 26.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 36.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 23.
(11) الوسيلة: ص 103.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 95.
(13) المبسوط: ج 1 ص 147.
(14) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(15) المختصر النافع: ص 35.
(16) وسائل الشيعة: ج 5 ص 31 ب 16 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 336.
(18) المهذب: ج 1 ص 103.
254

الأخبار (1) وفعلهم:. وإن عجز عنها فصل بسكتة، وإن قدر على الاضطجاع
على إشكال كما في التذكرة، من قيامه مقامها في الصلاة (2)، ومن الأصل، بخلاف
ما إذا خطب جالسا، فيتعين الفصل بسكتة كما في المنتهى (3) ونهاية الإحكام (4)
كما في الصلاة قاعدا، واحتمل الضجعة في التذكرة (5).
(و) يجب (رفع الصوت) بهما (بحيث يسمعه العدد) المعتبر في
الجمعة (فصاعدا) للتأسي، فقد كان صلى الله عليه وآله يرفع صوته إذا خطب كأنه منذر
جيش (6)، ولأن الوعظ إنما يتحقق بالاسماع، ولوجوب الاستماع وحرمة الكلام.
ولقول الصادق عليه السلام في خبر الفضل المتقدم: فإن كان لهم من يخطب بهم
جمعوا (7). وفيه تردد كما في الشرائع (8)، لضعف الأدلة مع أصل البراءة.
وفي التذكرة (9) ونهاية الإحكام: لو رفع الصوت بقدر ما يبلغ ولكن كانوا أو
بعضهم صما فالأقرب الاجزاء، كما لو سمعوا ولو لم يفهموا. قال: ولا تسقط الجمعة
ولا الخطبة وإن كانوا كلهم صما (10).
قلت: لأن الميسور لا يسقط بالمعسور، ولأن الوجوب إن سلم فالشرطية
ممنوعة، وإن سلمت فعمومها للضرورة ممنوع.
(والأقرب عدم اشتراط الطهارة) فيهما وفاقا للمحقق (11) وابن
إدريس (12)، لا من الخبث، ولا من أكبر الأحداث، ولا من أصغرها وإن خطب في

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 31 ب 16 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 29.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 327 س 11.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 36.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 30.
(6) الجامع الصغير: ج 2 ص 105.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 8 ب 2 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 6.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 95.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 السطر الأخير.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 36.
(11) المعتبر: ج 2 ص 285.
(12) السرائر: ج 1 ص 291.
255

المسجد للأصل، ولأنهما ذكر، وذكر الله حسن على كل حال.
وفي الخلا ف (1) والمبسوط (2) والإصباح: إن الطهارة شرط (3)، وفي
الوسيلة: وجوبها (4)، ودليلهم التأسي والاحتياط، وقول الصادق عليه السلام في صحيح
ابن سنان: إنما جعلت الجمعة لأجل الخطبتين، فهي صلاة حتى ينزل الإمام (5)،
لعود الضمير عليهما، فهما كالصلاة في كل شئ إلا ما أخرجه الدليل.
ووجوب الموالاة بينهما وبين الصلاة، وكونهما ذكرا هو شرط في الصلاة
وبدليتهما من الركعتين فتكونان بحكمهما لوجوب الطهارة عند فعلهما بقدرهما
فكذا في بدلهما. والأدلة إن تمت أفادت الطهارة من الحدث والخبث كما في
التذكرة (6) ونهاية الإحكام (7)، وفيهما التصريح بطهارة البدن والثوب والمكان.
والجواب: إن التأسي إنما يجب إذا علم جهة فعلهم عليهم السلام، والاحتياط
معارض بالأصل، وبأن الاحتياط فيما لا يعلم، وجوبه أن لا يعتقد، وفيه أنه
يمكن الاحتياط بالفعل من غير اعتقاد للوجوب.
قال المحقق: ثم نقول: متى يجب الاحتياط إذا لم يوجد دليل الاطلاق، أم إذا
وجد الأمر المطلق فسقط اعتبار الاحتياط (8)، إنتهى. يعني إذا لم يوجد على
التقييد نص ولا احتمل احتمالا مستندا إلى ما يتمسك به شرعا.
والخبر كما يحتمل التشبيه بالصلاة يحتمل تنزيلهما منزلة الركعتين، وكون
الفاء للتعليل، أي قامت الخطبتان مقام الركعتين، لأنهما صلاة، أي دعاء، وحمل
الصلاة على الدعاء الذي هو معناه الحقيقي لغة أولى من حملها على المجاز

(1) الخلاف: ج 1 ص 618 المسألة 386.
(2) المبسوط: ج 1 ص 147.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(4) الوسيلة: ص 103.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 18 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 4.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 30.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 36.
(8) المعتبر: ج 2 ص 286.
256

الشرعي الذي هو التشبيه بالصلاة، والتشبيه في اقتضائهما وجوب الركعتين
خاصة بقرينة التفريع فإن قيامهما مقام الركعتين، لا يستلزم أزيد من ذلك.
واحتمل في المختلف عود الضمير على الجمعة، وتعارض وحدتها قرب
الخطبتين، قال: وتكون الفائدة في التقييد بنزول الإمام أن الجمعة إنما تكون صلاة
معتدا بها مع الخطبة، وإنما تحصل الخطبة بنزول الإمام، فالحكم بكونها صلاة إنما
يتم مع نزول الإمام (1).
قال الشهيد: ويشكل بأن (حتى) للغاية، ولا معنى للغاية هنا، ولو قيل بأن
(حتى) تعليلية مثل (أسلمت حتى أدخل الجنة) كان أوجه (2).
قلت: قد يوجه الغاية بكون المعنى فهي صلاة حتى تنزل، ثم هي صلاة حتى
يسلم، أي صلاة الجمعة صلاة الظهر انقسمت قسمين: فأحدهما الخطبتان،
والأخرى الركعتان، فإنما يدل على نزول الخطبتين منزلة الركعتين، وهو لا
يقتضي اشتراطهما بما يشترطان به.
قال: على أن الحكم على الجمعة بالصلاة تأكيد، وعلى الخطبتين تأسيس،
والحمل عليه أولى (3).
قلت: على التوجيه يكون الأول أيضا تأسيسا.
قال: مع أن صدر الحديث ظاهر في الحكم على الخطبتين، لأنه تعليل لقصر
الجمعة على الركعتين، مع أنها بدل من الظهر (4).
قلت: على التوجيه لا يخالف الظاهر، ووجوب الموالاة ممنوع، وكذا اشتراط
شرط الصلاة بالطهارة، بل نقول: إنه ذكر يتقدم الصلاة، فلا يشترط بالطهارة،
وكذا البدلية والطهارة إنما تجب بقدر الركعتين عند فعلهما.
وفي المعتبر بعد منع البدلية: ثم من المعلوم أنه ليس حكمهما حكم الركعتين،
بدلالة سقوط اعتبار القبلة، وعدم اشتراط طهارة الثوب، وعدم البطلان بكلام

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 210.
(2) غاية المراد: ص 15 (مخطوط).
(3) غاية المراد: ص 15 (مخطوط).
(4) غاية المراد: ص 15 (مخطوط).
257

الخاطب في أثنائهما، وعدم الافتقار إلى التسليم (1)، إنتهى. وما جعلها من
المسلمات لا نعرفها كذلك إلا الأول والأخير.
قال في التذكرة: إذا عرفت هذا فإن خطب في المسجد شرطت الطهارة من
الخبث والحدث الأكبر إجماعا منا (2). يعني الخبث المتعدي. والشرط إما للكون
في المسجد كما في المعتبر (3)، أو للخطبة، لأنه مأمور بالخروج، والخطبة ضده
لكون اللبث شرطها لكونها صلاة كما في الخبر.
ولكنه لا يكون إجماعيا في الخلاف في كونها صلاة بمعنى شبهها بها من كل
وجه، وفي النهي عن ضد المأمور.
(و) الأقرب (عدم وجوب الاصغاء إليه) أي الخطيب، وفاقا للتبيان (4)
والمبسوط (5) وفقه القرآن للراوندي في موضع (6)، وظاهر الغنية (7) للأصل،
وظهور لفظ (لا ينبغي) في الكراهية.
وادعى الشهيد أنه نص فيها (8)، وهو قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن مسلم:
إذا خطب الإمام يوم الجمعة، فلا ينبغي لأحد أن يتكلم حتى يفرغ من الخطبة (9).
وفي التبيان: إنه لا خلاف في أنه لا يجب الانصات والاستماع خارج
الصلاة (10)، ونحوه فقه القرآن للراوندي، وفي النهاية: وجوب الاصغاء على من
يسمعها (11)، وفي الوسيلة (12) والسرائر (13) وموضع آخر من فقه القرآن (14) وجوبه

(1) المعتبر: ج 2 ص 286.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 س 33.
(3) المعتبر: ج 2 ص 286.
(4) التبيان: ج 5 ص 68.
(5) المبسوط: ج 1 ص 148.
(6) فقه القرآن: ج 1 ص 142.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 34.
(8) ذكرى الشيعة: ص 236 س 29.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 29 ب 14 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(10) التبيان: ج 5 ص 68.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 336.
(12) الوسيلة: ص 104.
(13) السرائر: ج 1 ص 295.
(14) فقه القرآن: ج 1 ص 136.
258

على من حضر، وهو ظاهر الإصباح (1)، وفي الكافي: على المؤتمين (2)، وفي
الجامع: يجب استماعها على من حضر (3).
واستدل في المختلف بانتفاء الفائدة بدون الاصغاء (4). وانحصارها في ذلك
ممنوع، خصوصا غير الوعظ، ولذا لا تسقط الجمعة ولا الخطبة إن كانوا كلهم صما
كما نص عليه في التذكرة (5) والمنتهى (6). وفي نهاية الإحكام بآية الأمر بالانصات،
والاستماع للقرآن، قال: ذكروا في التفسير أن الآية وردت في الخطبة، وسميت
قرآنا لاشتمالها عليه (7).
قلت: في تفسير ابن عباس: إنها في الصلاة المكتوبة (8). وفي تفسير علي بن
إبراهيم: إنها في صلاة الإمام الذي يأتم به (9).
وفي التبيان: إن فيها أقوالا:
الأول: أنها في صلاة الإمام، فعلى المقتدي به الانصات.
والثاني: أنها في الصلاة فإنهم كانوا يتكلمون فيها فنسخ.
والثالث: أنها في خطبة الإمام.
والرابع: أنها في الصلاة والخطبة.
وقال الشيخ: وأقوى الأقوال الأول، لأنه لا حال يجب فيها الانصات لقراءة
القرآن، إلا حال قراءة الإمام في الصلاة، فإن على المأموم الانصات لذلك
والاستماع له، فأما خارج الصلاة فلا خلاف أنه لا يجب الانصات والاستماع،
وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه في حال الصلاة وغيرها، وذلك على وجه

(1) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(2) الكافي في الفقه: ص 152.
(3) الجامع للشرائع: ص 95.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص 215.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 151 السطر الأخير.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 327 س 28.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 37.
(8) تفسير ابن عباس: ص 144.
(9) تفسير القمي: ج 1 ص 254.
259

الاستحباب (1)، إنتهى.
ثم ذكر قولين آخرين فيهما (2)، ويمكن الاحتجاج له بما مر من قوله عليه السلام:
(يخطب بهم) ومن قوله عليه السلام: (فهي صلاة) لدلالتهما على أن الحاضرين
كالمقتدين في الصلاة، فيجب عليهم الاستماع، للآية. والجواب ظاهر مما مر.
ثم إنه قرب في التذكرة وجوب الاصغاء على العدد خاصة (3)، وأنكره في
المختلف، وقال: لا تخصيص لأحد بكونه من الخمسة دون غيره (4).
قلت: لا ينفى كفائية الوجوب، ثم الخلاف كما في التذكرة (5) إنما هو في
القريب السامع، أما البعيد والأصم فإن شاءا سكتا، وإن شاءا قرءا، وإن شاء ذكرا.
وفي المنتهى: هل الانصات - يعني إنصات البعيد - أفضل أم الذكر؟ فيه نظر (6).
واحتمل في نهاية الإحكام (7) وجوب الانصات عليهما، لئلا يرتفع اللفظ فيسمع
غيرهما السماع.
(و) الأقرب (انتفاء تحريم الكلام) من الخطيب وغيره من الخمسة
وغيرهم وفاقا للمبسوط (8) والتبيان (9) وموضع من الخلاف (10) وفقه القرآن
للراوندي (11) وظاهر الغنية (12)، ولكن غير الخلاف إنما ينفيه عن غير الخطيب،
وذلك للأصل، وظاهر صحيح ابن مسلم (13).

(1) التبيان: ج 5 ص 67 - 68.
(2) التبيان: ج 5 ص 68.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 152 س 20.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص 216.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 152 س 14.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 331 السطر الأخير.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 38.
(8) المبسوط: ج 1 ص 147.
(9) التبيان: ج 5 ص 68.
(10) الخلاف: ج 1 ص 625 المسألة 396.
(11) فقه القرآن: ج 1 ص 142.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 34.
(13) وسائل الشيعة: ج 5 ص 29 ب 14 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
260

وما روي أنه صلى الله عليه وآله سأل قتلة ابن أبي الحقيق من اليهود وهو يخطب (1). وأن
رجلا سأل النبي صلى الله عليه وآله خاطبا يوم الجمعة متى الساعة؟ فقال صلى الله عليه وآله: ما أعددت لها؟
فقال: حب الله ورسوله، فقال: إنك مع من أحببت (2). وأن رجلا استسقاه في جمعة
وهو يخطب، وسأله الرفع في جمعة أخرى وهو يخطب، ولم ينكر عليه (3).
ويحتمل الرجل فيهما من لا تجب عليه الجمعة والخطبة في كل الأجزاء المندوبة
المتقدمة.
وفي الوسيلة حرمته عليه وعلى من حضر (4)، وفي موضع من فقه القرآن:
حرمته على من حضر (5)، وفي موضع من الخلاف على المستمعين (6)، وفي النهاية
على السامعين (7)، وفي الكافي على المؤتمين (8)، وفي الإصباح: ليس لأحد أن
يتكلم بل يصغي (9)، وفي الجامع: حرمته عندها (10).
وعن البزنطي: إذا قام يخطب فقد وجب على الناس الصموت (11)، وفي
السرائر: إذا كان الإمام يخطب حرم الكلام ووجب الصمت، لأن سماع الخطبة
واجب على الحاضرين (12).
ويستدل على حرمته على الخطيب بقوله عليه السلام: فهي صلاة (13) ومر ما فيه،
وعلى حرمته على غيره بوجوب الاصغاء لما عرفت. وبما روي عنه صلى الله عليه وآله من

(1) سنن البيهقي: ج 3 ص 222.
(2) سنن الترمذي: ج 4 ص 595 ح 2385.
(3) سنن البيهقي: ج 3 ص 355.
(4) الوسيلة: ص 104.
(5) فقه القرآن: ج 1 ص 136.
(6) الخلاف: ج 1 ص 615 مسألة 383.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 336 وفيه: (على من يسمع الخطبة).
(8) الكافي في الفقه: ص 152.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(10) الجامع للشرائع: ص 95.
(11) نقل عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 215.
(12) السرائر: ج 1 ص 295.
(13) وسائل الشيعة: ج 5 ص 18 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 4.
261

قوله: إذا قلت لصاحبك: أنصت يوم الجمعة والإمام يخطب فقد لغوت (1).
وقوله صلى الله عليه وآله: من تكلم يوم الجمعة والإمام يخطب فهو كالحمار يحمل أسفارا (2).
وما روي أن أبا الدرداء سأل أبيا عن سورة تبارك متى أنزلت والنبي صلى الله عليه وآله
يخطب فلم يجبه، ثم قال له: ليس لك من صلاتك إلا ما لغوت، فأخبر النبي صلى الله عليه وآله
فقال: صدق أبي (3). وهي مع التسليم ليست نصوصا في التحريم.
وفي الخلاف: الاجماع عليه (4). وبحرمته عليهما قول أمير المؤمنين عليه السلام فيما
أرسله الصدوق: لا كلام والإمام يخطب ولا التفات، إلا كما يحل في الصلاة (5).
وفي التذكرة: الأقرب الأول - يعني الحرمة - إن لم يسمع العدد، وإلا الثاني.
ثم قال: هل يحرم الكلام على الخطيب في الأثناء؟ الأقرب العدم للأصل، ولأن
النبي صلى الله عليه وآله كلم قتلة ابن أبي الحقيق في الخطبة، ولأن المستمع إنما حرم عليه
الكلام لئلا يشغله عن الاستماع. ثم قال: التحريم إن قلنا به على السامعين يتعلق
بالعدد، أما الزائد فلا، وللشافعي قولان، والأقرب عموم التحريم إن قلنا به، إذ لو
حضر فوق العدد بصفة الكمال لم يكن القول بانعقادها بعدد معين منهم حتى يحرم
الكلام عليهم خاصة (6).
وفي نهاية الإحكام: يجوز للداخل في أثناء الخطبة أن يتكلم ما لم يأخذ
لنفسه مكانا (7). وفيها أيضا: هل يحرم الكلام على من عدا العدد إشكال (8).
(و) على تحريمه (ليس مبطلا لو فعله) الخطيب أو غيره للأصل. وفي

(1) الأم: ج 1 ص 203.
(2) الدر المنثور: ج 6 ص 16.
(3) سنن ابن ماجة: ج 1 ص 352 ح 1111.
(4) الخلاف: ج 1 ص 615 - 616 المسألة 383.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 416 ح 1230.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 152 س 9 و 18 و 21.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 38.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 39.
262

التحرير (1) ونهاية الإحكام (2): إجماعا، يعني في غير الخطيب، وإلا فمن جعله
كالمصلي - للخبر (3) - ينبغي أن تبطل الخطبة بكلامه. ولذا قال السيد في المصباح:
ويحرم أيضا من الأفعال ما لا يجوز مثله في الصلاة (4).
(ويستحب بلاغة الخطيب) في خطبته، لتتوفر الدواعي إلى الاصغاء إليها،
ويبلغ بذلك مراده من الاطراء في الحمد والمدح والابلاغ في الوعظ والانذار.
ففي دلائل الاعجاز: إنه لا معنى لها إلا وصف الكلام بحسن الدلالة وتمامها
فيما كانت دلالة، ثم تبرجها في صورة هي أبهى وأزين وأنق وأعجب وأحق، بأن
يستولي على النفوس وتنال الحظ الأوفر من ميل القلوب، وأولى بأن يطلق لسان
الحامد ويطيل رغم الحاسد. قال: ولا جهة لاستكمال هذه الخصال، غير أن يأتي
المعنى من الجهة التي هي أصح لتأديته، ويختار له اللفظ الذي هو أخص به
وأكشف عنه وأتم له وأحرى، بأن يكسبه نبلا ويظهر فيه مزية (5).
وفي نهاية الإحكام: بحيث لا تكون مؤلفة من الكلمات المبتذلة، لأنها لا
تؤثر في القلوب، ولا من الكلمات الغريبة الوحشية، لعدم انتفاع أكثر الناس بها،
بل تكون قريبة من الأفهام، ناصة على التخويف والانذار (6).
(ومواظبته) أي مداومته (على) فعل (الفرائض) أول أوقاتها، وكأنه
معنى (حافظا لمواقيتها)، فإن المهتم بذلك أعدل من غيره، وأوقع في القلوب
وعظته أوقع في النفوس.
(والتعمم) عندها (شتاء وصيفا، والارتداء ببرد يمنية) للخبر (7)، ولأن
المتعمم والمرتدي أوقر في النفوس.

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 44 س 30.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 38.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 15 ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ح 4.
(4) نقل عنه في المعتبر: ج 2 ص 295.
(5) دلائل الاعجاز.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 40.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 15 ب 6 من أبواب صلاة الجمعة ح 5.
263

واليمنة، كبردة: ضرب من برود اليمن، والإضافة كما في شجر الأراك،
وبخصوصها قول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: وتردى ببرد يمنية أو عدني (1).
(والاعتماد) على قوس أو عصا أو سيف أو غيره للأخبار. (والتسليم)
على الناس (أولا) وفاقا للسيد (2) وابن إدريس (3) والمحقق (4)، أي قبل الخطبة
لعموم استحبابه، وخصوص قول أمير المؤمنين عليه السلام في مرفوع عمرو بن جميع:
من السنة إذا صعد الإمام المنبر أن يسلم إذا استقبل الناس (5).
وفي الخلاف العدم (6)، للأصل من غير معارض. قال الشهيد: وكأنه لم يثبت
عنده سند الحديث (7). وفي المختلف: والرواية مرسلة، ولا يحضرني حال رواتها
الآن، وكلا القولين محتمل (8).
وفي التذكرة (9) ونهاية الإحكام (10): التسليم مرتين: مرة إذا دنا من المنبر سلم
على من عنده، لاستحباب التسليم لكل وارد، وأخرى إذا صعده فانتهى إلى
الدرجة التي تلي موضع القعود استقبل الناس فسلم عليهم بأجمعهم. قال:
ولا يسقط بالتسليم الأول لأن الأول مختص بالقريب من المنبر والثاني عام.
(والجلوس قبل الخطبة) على المستراح، وهو الدرجة من المنبر فوق
التي يقوم عليها للخطبة، وذلك ليستريح من تعب المسير والصعود، ولأنه لا فائدة
لقيامه حال الأذان، وللتأسي، لقول أبي جعفر عليه السلام في خبر عبد الله بن ميمون: كان
رسول الله صلى الله عليه وآله إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذن (11). ولكن

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 37 ب 24 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(2) نقل عنه في المعتبر: ج 2 ص 288.
(3) السرائر: ج 1 ص 295.
(4) المعتبر: ج 2 ص 287.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 43 ب 28 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(6) الخلاف: ج 1 ص 624 المسألة 394.
(7) ذكرى الشيعة: ص 236 س 22.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 212.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 152 س 37.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 40.
(11) وسائل الشيعة: ج 5 ص 43 ب 28 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 2.
264

في حسن حريز، عن محمد بن مسلم: يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر
فيخطب (1).
(ويكره) له (الكلام في أثنائهما بغيرها) كما في الشرائع (2) إن لم يحرم،
لضيق الوقت وانتظار المؤمنين الذين لا يسأمون ويخلون غالبا عن حاجات، ربما
يفوت لطول المكث وانفصام نظام الخطبة الموجب للوهن في الابلاغ والانذار، أو
في الحمد والثناء، ولأنه بمنزلة المصلي كما في الخبرين (3).
والاقتصار على ذكر كراهيته له، لاختصاص الآية إن كانت في الخطبة،
وظاهر غير الخبرين بغيره.
وفي المبسوط: استحباب الانصات إلى الفراغ من الصلاة (4)، مع قول
الصادق عليه السلام في صحيح ابن مسلم: لا بأس أن يتكلم الرجل إذا فرغ الإمام من
الخطبة يوم الجمعة ما بينه وبين أن تقام للصلاة (5)، وقوله عليه السلام في صحيحه: فإذا
فرغ الإمام من الخطبتين تكلم ما بينه وبين أن يقام للصلاة (6).
الشرط (الخامس: الجماعة) إجماعا (فلا تقع فرادى، و) لكنها إنما
(هي شرط) لها في (الابتداء لا الانتهاء) كما عرفت وسمعت أن ظاهر
الخلاف (7) الاكتفاء بتكبير الإمام وإن انفضوا بعده ولم يكبروا.
وفي نهاية الإحكام: لا يشترط التساوق بين تكبيرة الإمام والمأمومين، ولا
بين نيتهما على الأقوى، بل يجوز أن يتقدم الإمام بالنية والتكبير، ثم يتعقبه
المأمومين. نعم لا يجوز أن يتأخروا بالتكبير عن الركوع، فلو ركع ونهض قبل

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 39 ب 25 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 3.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 99.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 15 ب 6 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 4، 6.
(4) المبسوط: ج 1 ص 148.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 29 ب 14 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 3.
(6) المصدر السابق ح 1.
(7) الخلاف: ج 1 ص 600 المسألة 360.
265

تحريمهم فلا جمعة، وإن لحقوا به في الركوع صحت جمعتهم، ولا يشترط أن
يتمكنوا من قراءة الفاتحة، وإن لحقوا به في الركوع فالأقرب صحة الجمعة، ولو لم
يلحقوا به إلا بعد الركوع لم يكن لهم جمعة، والأقرب أنه لا جمعة للإمام أيضا
لفوات الشرط، وهو الجماعة في الابتداء والأثناء، وحينئذ فالأقرب جواز عدول
نيته إلى الظهر، ويحتمل الانقلاب إلى النفل والبطلان والصحة جمعة إن لحقوه قبل
فوات الركوع الثانية (1).
(ويجب تقديم الإمام العادل) لا الجائر، وهو المعصوم، ويجب عليه
التقدم، (فإن عجز استناب) قبل الشروع فيها أو في الأثناء، ولا ينوب عنه
غيره بغير استنابة على المختار.
وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خبر حماد: إذا قدم الخليفة مصرا من الأمصار
جمع بالناس، ليس ذلك لأحد غيره (2).
(وإذا انعقدت ودخل المسبوق لحق الركعة إن) دخل قبل الركوع
و (كان الإمام راكعا) حين دخل كما يأتي في الجماعة.
(و) كذا (يدرك الجمعة لو أدركه راكعا في الثانية) للنصوص على أن
من أدرك ركعة أدرك الجمعة (3). وفي الخلاف: الاجماع عليه (4).
وأما قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: الجمعة لا تكون إلا لمن أدرك
الخطبتين (5). فإنما هو نفي (6) لحقيقتها، فإن حقيقتها الركعتان مع ما ناب عن
الأخريين، فمن لم يدركهما لم يدرك الجمعة حقيقة وإن أجزأه ما أدركه، وهو

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 22.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 36 ب 20 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 41 ب 26 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 2، 4، 6.
(4) الخلاف: ج 1 ص 623 المسألة 392.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 42 ب 26 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 7.
(6) في ب وع (يفي).
266

معنى سائر الأخبار. وحمله الشيخ على نفي الكمال (1).
وأما قوله عليه السلام في حسن الحلبي: فإن أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر
أربع (2). وفي صحيحه: وإن أدركته بعد ما ركع فهي أربع بمنزلة الظهر (3). فقد يكون
المراد منه بعد الفراغ منه - أي الرفع - أو الفراغ من الركعة المعروفة التي إنما يتم
بتمام السجدتين.
(ثم) إذا أدرك ركعة (يتم) الصلاة بركعة أخرى (بعد فراغ الإمام) كما
في النهاية (4) وغيرها، لعذر (5)، واستشكله لغيره، وسيأتي انفراد المزاحم عن
سجود الأولى.
(ولو شك هل كان) الإمام إذا لحقه (رافعا أو راكعا؟ رجحنا
الاحتياط على الاستصحاب) كما في المبسوط (6) وغيره للشك في صحة
الصلاة والخروج عن عهدتها (7).
(ويجوز استخلاف المسبوق وإن لم يحضر الخطبة) للأصل، وإطلاق
الأخبار في الجماعة (8)، وظاهر الذكرى الاتفاق (9)، وموضع من المنتهى عدمه (10).
وللعامة قول باشتراط حضور الخطبة (11)، وآخر بعدم استخلاف المسبوق
حضرها أو لا (12).
الشرط (السادس: الوحدة) في فرسخ، للنص (13) والاجماع. وفي

(1) تهذيب الأحكام: ج 24393 ج 40 و ج 3 ص 160 ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 40 - 41 ب 26 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 1 و 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 40 - 41 ب 26 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 1 و 3.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 338.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 147 س 34.
(6) المبسوط: ج 1 ص 148.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 24.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 438 ب 40 من أبواب صلاة الجمعة ح 3.
(9) ذكرى الشيعة: ص 234 س 23.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 335 س 10.
(11) المبسوط للسرخسي: ج 2 ص 26.
(12) الأم: ج 1 ص 207.
(13) وسائل الشيعة: ج 5 ص 16 و 17 ب 7 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.
267

الموجز الحاوي: ولا تنعقد في دون الفرسخ، إلا بندبها حال الغيبة (1). ولعله أراد
أن العامة إذا صلوها وأراد المؤمنون إقامتها عندهم زمن الغيبة جازت لهم وإن لم
يبعدوا عن جمعتهم فرسخا، لبطلانها، لا أنه يجوز للمؤمنين إقامة جمعتين في
فرسخ أو أقل، فلم يقل بذلك أحد، ولا دل عليه دليل.
(فلو كان هناك أخرى بينهما أقل من فرسخ بطلتا إن اقترنتا أو
اشتبه) الحال على الجماعتين، أو على إحداهما وعلم الآخرون اللحوق،
لاشتراط صحتها حينئذ بالسبق، فتبطل إذا لم يعلم تحقق شرطها. وإن حصل البعد
بين الإمامين وبعض دون آخرين اختص الآخرون بالبطلان، بشرط البعد بين
العددين المعتبرين. ويحتمل صحة جمعة الجميع.
وإن اشتبه السابق عليهما كانتا كالباطلتين في عدم الخروج عن العهدة،
ويجوز تعميم الاشتباه والبطلان.
(و) إذا فقد الاقتران والاشتباه (تصح السابقة خاصة) علم مصلوها عند
عقدها أن اللاحقة ستوقع أم لا، علموا عنده أن جمعة تعقد هناك إما لاحقة أو
غيرها أم لا، علم مصلو اللاحقة أن جمعة سبقتها أو تعقد هناك أم لا، تعذر عليهما
الاجتماع والتباعد أو لا، تعذرا على أحدهما علم الآخرون به أو لا. أو لم يتعذرا
على أحد منهما، كما يقتضيه إطلاق الأصحاب، للأصل واجتماع الشروط.
وقد يحتمل البطلان إذا علموا بأن جمعته تعقد هناك إما لاحقة أو غيرها مع
جهل مصليها بالحال، أو تعذر الاجتماع والتباعد عليهم مع إمكان إعلام الأولين
لهم، أو الاجتماع إليهم، أو تباعدهم بناء على وجوب أحد الأمور عليهم والنهي
عن صلاتهم كما صلوها.
وقد يمنعان للأصل، أو على وجوب عقد صلاة عليهم يخرجون بها عن
العهدة، ولما علموا أن جمعة تعقد هناك مع احتمال سبقها فهم شاكون في صحة

(1) الموجز الحاوي (الرسائل العشرة): ص 87.
268

صلاتهم واستجماعها الشرائط عند عقدها، فلا يصح منهم نيتها والتقرب بها مع
التمكن من الاجتماع أو التباعد.
واحتملت صحة اللاحقة إذا لم يعلموا عند العقد أن جمعة أخرى تعقد هناك،
أو لم يتمكنوا من الاجتماع أو التباعد واستعلام الحال، لامتناع تكليف الغافل
والمعذور بما غفل عنه أو تعذر عليه.
ووجوب الجمعة ما لم يعلموا المانع (ولو بتكبيرة الاحرام) عندنا، فإنها
العاقدة للصلاة، وكل جمعة انعقدت بعد أخرى في فرسخ باطلة.
قال في نهاية الإحكام: والاعتبار إنما هو بتمام التكبير حتى لو سبقت
إحداهما بهمزة التكبير، والأخرى، بالراء فالصحيحة هي التي سبقت بالراء، لأنها
التي تقدم تكبيرها (1).
قلت: لأن انعقاد الصلاة بتمام التكبير كما يفيده الأخبار. واحتمل اعتبار
الأول، لأنه أول الصلاة، والمجموع إذ لا عبرة بالأجزاء.
وهل يكفي سبق الإمام أم لا بد من سبق العدد الذي تنعقد به؟ وجهان، من
احتمال أن لا تنعقد إلا بتكبيرهم، وأن يكفي في انعقادها تكبير الإمام، وإنما تكبير
غيره كاشف عن الانعقاد، بل سمعت أنه يظهر من الخلاف الانعقاد وإن انفضوا بعد
تكبيرة (2).
وإذا اختصت السابقة بالصحة (فتصلي الثانية الظهر) إن فات الوقت أو لم
يتمكنوا من التباعد.
(ولا اعتبار بتقديم السلام) كما اعتبره بعض الشافعية (3)، لاقتضائه جواز
عقد جمعة بعد أخرى إذا علم السبق بالتسليم بالاسراع في القراءة، أو الاقتصار
على أقل الواجب، ولا يجوز اتفاقا منا.

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 31.
(2) الخلاف: ج 1 ص 600 مسألة 360.
(3) فتح العزيز: ج 4 ص 503.
269

(ولا) اعتبار بتقديم (الخطبة) كما اعتبره بعضهم (1)، لأنها ليست من
الصلاة حقيقة، (ولا كونها جمعة السلطان) كما اعتبره - بل الإمام الراتب -
الشافعي في أحد قوليه (2)، (بل) الاعتبار (بتقديم التحريم) وهو بالتكبير،
وكأنه تعليل لما قدمه لا تكرير.
(ومع الاقتران) وظهوره في الوقت (يعيدون جمعة) واحدة أو جمعتين،
(ومع اشتباه السابق بعد تعينه أولا بعده أو اشتباه السبق) بالاقتران
(الأجود إعادة جمعة وظهر في الأخير) عليهما، لتوقف اليقين بالبراءة
عليهما، لاحتمال كل منهما وجوب الجمعة لبطلان الجمعتين، والظهر لصحة
الأخرى.
قال في التذكرة: ويتولى إمامة الجمعة من غير القبلتين أو يفترقان بفرسخ (3).
قلت: لأن كلا منهم يحتمل كون صلاته لغوا لصحة جمعته، فلا تصح صلاة
المؤتمين به، ولذا لا يجتمعان على ظهر بإمام منهما، بل إما أن يجتمعان على ظهر
بإمام من غيرهما أو كل واحد منهما على ظهر بإمامة، ولا يأتم أحد منهما بإمام
الآخر أو ينفردوا ولا يكفي إذا اجتمعوا على جمعتين افتراقهما بفرسخ بينهما كما
توهمه العبارة، بل لا بد من افتراق كل منهما عما أقيمت فيه الأوليان بفرسخ.
وفي المبسوط (4) والتحرير (5) والجامع (6) والمنتهى (7): تكفيهما الجمعة، لأن ما
فعلاه لترددهما بين الصحة والبطلان كالباطلة، والأصل البراءة من فرضين.
وفيه أنه كما يتردد ما فعلاه فكذا ما يفعلانه، فكما أن ما فعلاه كالباطلة فهما
كالمبطلة وإن احتمله أن لا تبطل الجمعة الثانية، إلا إذا علم صلاة جمعة صحيحة

(1) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 149.
(2) المجموع: ج 4 ص 588.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 150 س 14.
(4) المبسوط: ج 1 ص 149.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 44 س 12.
(6) الجامع للشرائع: ص 94.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 339 س 27.
270

ولم يعلم هنا.
واحتمل في التذكرة: أن يكفيهما الظهر، فإن الظاهر صحة إحداهما لندرة
الاقتران جدا فيجري مجرى المعدوم، ولحصول الشك في شرط إقامة الجمعة،
وهو عدم سبق أخرى فلم يجز (1). وفي المنتهى: وليس بشئ (2).
(و) الأجود فعل (ظهر في الأولين) إن لم يبعدا وتباعدا بفرسخ، وإلا
فالجمعة.
أما الأخير فظاهر، وأما الأول فلعلهما بجمعة صحيحة، ولا جمعتين في
فرسخ. ولما احتمل كل منهما بطلان جمعته لم يبرأ ذمته بيقين، فكان عليه الظهر.
وأطلق الشيخ (3) وابن سعيد أن عليهما الجمعة (4)، ولعلهما يوجبان عليهما
البعد والتباعد لفعلهما، وكأنه الوجه.
وزعم المصنف وغيره أنهما يوجبان عليهما الجمعة وهما في مكانهما،
لأنهما لما وجبت عليهما الإعادة فكأنهما لم يصليا الجمعة صحيحة، وهو غلط
واضح.
(المطلب الثاني)
(في المكلف) بالحضور لها أو لعقدها.
(ويشترط فيه) عشرة بالنصوص (5) والاجماع في غير الحرج. وأما حصر
المعذور في صحيحي منصور (6) وأبي بصير وابن مسلم (7) في خمسة: المريض

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 150 س 12.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 339 س 28.
(3) المبسوط: ج 1 ص 149.
(4) الجامع للشرائع: ص 94.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 2 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 5 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ح 16.
(7) المصدر السابق: ح 14.
271

والمملوك والمسافر والمرأة والصبي، فالهم والأعمى والأعرج كأنهم مرضى،
والمجنون بحكم الصبي، والاعراض عن البعيد، لأن المقصود حصر المعذور في
المسافة التي يجب فيها الحضور، إذ من المعلوم أنه لا يجب على كل مسلم في
مشارق الأرض ومغاربها شهودها إذا لم تقم إلا واحدة.
وفي المبسوط: يجوز له أن يتركها لعذر في نفسه أو أهله أو قرابته أو أخيه في
الدين، مثل أن يكون مريضا يهتم بمراعاته أو ميتا يقوم على دفنه وتجهيزه أو ما
يقوم مقامه (1).
وفي السرائر: وروي أن من يخاف ظلما يجري على نفسه أو ماله هو أيضا
معذور في الاخلال بها، وكذلك من كان متشاغلا بجهاز ميت أو تعليل الوالد ومن
يجري مجراه من ذوي الحرمات الوكيدة يسعه أن يتأخر عنها (2).
قلت: ونحوه عن السيد (3)، وقال الصادق عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن أبي
عبد الله: لا بأس أن تدع الجمعة في المطر (4).
وفي التذكرة: لا خلاف فيه، والوحل كذلك، للمشاركة في المعنى (5).
وفي الذكرى: وفي معناه الوحل والحر الشديد والبرد الشديد إذا خاف الضرر
معهما، وفي معناه من عنده مريض يخاف فوته بخروجه إلى الجمعة أو تضرره به
ومن له خبز يخاف احتراقه وشبه ذلك (6).
وفي المنتهى: السقوط مع المطر المانع، والوحل الذي يشق معه المشي، وأنه
قول أكثر أهل العلم. قال: لو مرض له قريب وخاف موته جاز له الاعتناء به وترك

(1) المبسوط: ج 1 ص 146.
(2) السرائر: ج 1 ص 290.
(3) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 291.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 37 ب 23 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 153 س 40.
(6) ذكرى الشيعة: ص 234 س 6.
272

الجمعة، ولو لم يكن قريبا وكان معتنيا به جاز له ترك الجمعة إذا لم يقم غيره
مقامه، ولو كان عليه دين يمنعه من الحضور وهو غير متمكن سقطت عنه، ولو
تمكن لم يكن عذرا، ولو كان عليه حد قذف أو شرب أو غيرهما لم يجز له
الاستتار عن الإمام لأجله وترك الجمعة (1) إنتهى.
وعن أبي علي من كان في حق لزمه القيام بها، كجهاز ميت، أو تعليل والد
ومن يجب حقه ولا يسعه التأخر عنها (2)، واحتج له وفي المختلف: بعموم الأمر،
وأجاب بالمنع، لخروج أصحاب الأعذار المذكورة (3). يعني في الأخبار من السفر
والرق والبعد ونحوها.
ولم يذكر الصدوق والسيد العرج وهو مرض، والمفيد والحلبي الجنون،
وسلا ر الجنون والمرض والعمى والعرج، وابن سعيد الشيخوخة.
الشرط الأول: (البلوغ) ولو صلى قبله الظهر ثم بلغ سعى إلى الجمعة، فإن
أدركها وإلا أعاد الظهر.
(و) الثاني: (العقل) المستمر من أول إقامتها إلى آخرها.
(و) الثالث: (الذكورة) بإجماع كل من يحفظ عنه العلم كما في المنتهى (4).
(و) الرابع: (الحرية) عند علمائنا أجمع كما في التذكرة (5) والمنتهى (6).
وللعامة قول بوجوبها على المكاتب (7)، وأخرى على الذي يؤدي الضريبة (8).
ولو أذن له السيد استحب له ولم يجب، وفاقا للمنتهى (9) والتذكرة (10) ونهاية

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 323 س 35.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 234.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 235.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 321 س 15.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 153 س 18.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 322 س 11.
(7) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 195.
(8) المجموع: ج 4 ص 485، المغني لابن قدامة: ج 2 ص 194.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 322 س 24.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 153 س 20.
273

الإحكام (1) لعموم النصوص (2) والفتاوى، ولو أمره به ففي الأخيرين (3) احتمال
الوجوب، لوجوب إطاعته في غير العبادة، ففيها أولى، والعدم للعموم، ولأن العبد
لا يملك إيجاب عبادة.
(و) الخامس: (الحضر) أو حكمه، كسفر العاصي والكثير السفر، ومن
العامة من لم يشترطه إذا سمع النداء (4).
(و) السادس: (انتفاء العمى) وإن كان قريبا يسمع النداء ويمكنه
الحضور بلا قائد ولا مشقة كما في التذكرة (5) ونهاية الإحكام (6) للعموم، ومن
العامة من أوجبه عليه إذا وجد قائدا قرب أو بعد (7).
(و) السابع: انتفاء (المرض) أي مرض كان، شق عليه الحضور مشقة لا
تتحمل عادة أم لا، زاد المرض بالحضور أم لا كما في التذكرة (8) والمنتهى (9)
ونهاية الإحكام لعموم الأدلة (10).
واعتبر الشافعي أحد الأمرين (11).
(و) الثامن: انتفاء (العرج) ذكره الشيخان (12) وغيرهما. وفي المنتهى
الاجماع عليه، قال: لأنه معذور لعرجه، لحصول المشقة في حقه، ولأنه
مريض (13).

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 42.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 34 ب 18 من أبواب صلاة الجمعة.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 153 س 21، نهاية الإحكام: ج 2 ص 42.
(4) المجموع: ج 4 ص 485.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 153 س 32.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 43.
(7) مغني المحتاج: ج 1 ص 277، المجموع: ج 4 ص 486.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 153 س 26.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 323 س 9.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 43.
(11) الأم: ج 1 ص 189.
(12) المقنعة: ص 164، النهاية ونكتها: ج 1 ص 334.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 323 س 12.
274

ولم يذكره الصدوق في الهداية، ولا السيد في الجمل. وعن مصباحه: وقد
روي أن العرج عذر (1)، وسلا ر لم يذكره ولا سابقيه.
ونسب المحقق اشتراطه إلى الشيخ وقال: فإن كان يريد المقعد فهو أعذر من
المريض والكبير، لأنه ممنوع من السعي فلا يتناوله الأمر بالسعي، وإن لم يرد
ذلك فهو في موضع المنع، وذكر أن المفيد لم يذكره في المقنعة (2)، وتبعه المصنف
في التذكرة (3) والشهيد (4) وهو فيما عندنا من نسخها موجود، ويجوز أن يكون
ذلك توهما منهم من التهذيب.
وفي التذكرة: الاجماع عليه إن بلغ الاقعاد (5)، وفيها وفي نهاية الإحكام: إنه
إن لم يبلغه فالوجه السقوط مع المشقة، والعدم بدونها (6).
(و) التاسع: انتفاء (الشيخوخة البالغة حد العجز) للخبر (7). وفي
التذكرة (8) وظاهر المنتهى الاجماع (9). ولم يذكره ابن سعيد ولا الحلبي صريحا،
وإنما ذكر السليم، وقد يبعد شموله للسلامة منها.
(و) العاشر: انتفاء (الزيادة على فرسخين بينها وبين موطنه)
بالنص (10) والاجماع على ظاهر الخلاف (11) والغنية (12)، وستسمع الخلاف إن شاء
الله.
(وبعض هذه الشروط في الصحة) وهي التكليف، والذكورة إن لم يأذن

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 290.
(2) المعتبر: ج 2 ص 290.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 153 س 37.
(4) ذكرى الشيعة: ص 234 س 3.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 153 س 37.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 43.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 2 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 153 س 37.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 324 س 5.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 12 ب 4 من أبواب صلاة الجمعة ح 6.
(11) الخلاف: ج 1 ص 596 المسألة 357.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 30.
275

الزوج، والحرية إن لم يأذن المولى، والحضر (1) إن أدى فعلها إلى العطب أو نحوه،
وكذا العمى وما يتلوه.
(وبعضها) شروط (في الوجوب) أي وجوب الحضور خاصة، وتصح
مع الحضور بدونها، وهي ما عدا التكليف، بشرط إذن الزوج والمولى وانتفاء
العطب ونحوه، والذكورة منها شرط لوجوب الفعل بعد الحضور أيضا، فلا يجب
على المرأة إذا حضرت بإذن زوجها وإن استمر إذنه لها.
(والكافر تجب عليه) عندنا، فليس الاسلام من الشروط، (و) لكن (لا
تصح منه) ولا من غير من تلقاها من النبي صلى الله عليه وآله أو أحد الأئمة الطاهرين عليهم السلام.
(وكلهم) أي الفاقدون للشروط العشرة (لو حضروا وجبت عليهم) كما
في النهاية (2) والتهذيب (3) والكافي (4) والسرائر (5) والجامع (6) وكتب المحقق (7)
والغنية (8)، وظاهره الاجماع. وقد يعنون الوجوب إذا قامت الصلاة وهم حضور
كما في نهاية الإحكام، قال: الأقرب أن لهم الانصراف قبل دخول الوقت، قال:
وإن تخلل زمان بين دخول الوقت وإقامة الصلاة ولا مشقة في الانتظار حتى تقام
الصلاة لزمهم ذلك، وإن لحقهم مشقة لم يلزمهم (9)، إنتهى.
قال ابن إدريس: لأن العذر رخص له - يعني المعذور في التأخر - فإذا حضر
زالت الرخصة ولزم الفرض (10) إنتهى، وستسمع النص عليه.
وقد يحتمل في غير البعيد إذا حضر عموم الرخصة، لعموم الوضع عنهم،

(1) في ع (والحصر).
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 334.
(3) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 21 ذيل الحديث 77.
(4) الكافي في الفقه: ص 151.
(5) السرائر: ج 1 ص 293.
(6) الجامع للشرائع: ص 94.
(7) المختصر النافع: ص 36، شرائع الاسلام: ج 1 ص 96، المعتبر: ج 2 ص 292.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 30.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 45.
(10) السرائر: ج 1 ص 291.
276

واستثنائهم من الوجوب في الأخبار (1) مع الأصل.
وقد يحتمل العزيمة وإن بعدت عن لفظ (الوضع) ثم الظاهر أن المراد الوجوب عينا كما هو صريح التهذيب (2) والكافي (3) والغنية (4) والسرائر (5) ونهاية الإحكام (6).
ويحتمل التخييري دفعا لاحتمال العزيمة، وعدم الانعقاد.
وقال القاضي في المهذب: ويجب صلاتها على العقلاء من هؤلاء إذا دخلوا
فيها ويجزئهم إذا دخلوا فيها وصلوها عن صلاة الظهر (7). وفي شرح جمل العلم
والعمل: وجميع من ذكرنا سقوطها عنهم فأولو العقل إذا دخلوا فيها وجبت عليهم
بالدخول فيها، وأجزأتهم صلاتها عن صلاة الظهر (8). وقد يفهم منهما عدم تحتم
الدخول.
وفي المبسوط: إن حضروا الجمعة وتم بهم العدد وجبت عليهم (9)، ونحوه
الإصباح (10). والظاهر أنه إذا وجب العقد عليهم فأولى أن يجب الفعل إذا انعقدت.
(و) لما وجبت عليهم (انعقدت بهم) كما في الغنية (11) والسرائر (12)
والشرائع (13)، لعموم الأدلة (إلا غير المكلف) للصغر أو الجنون.
(والمرأة والعبد على رأي) فلا يجب عليهم عينا، ولا تنعقد بهم، أما
الانعقاد بمن عداهم، فكأنه لا خلاف فيه إلا الهم الذي لا حراك به، فلم يعد في

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 2 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة.
(2) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 21 ذيل الحديث 77.
(3) الكافي في الفقه: ص 151.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 30.
(5) السرائر: ج 1 ص.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 45.
(7) المهذب: ج 1 ص 101.
(8) شرح جمل العلم والعمل: ص 123.
(9) المبسوط: ج 1 ص 143.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 626.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 31.
(12) السرائر: ج 1 ص 293.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 96.
277

شئ من المبسوط (1) والوسيلة (2) والإصباح (3) ممن تنعقد بهم، مع تعرضهم لعدم
الوجوب عليه.
وحصر الشيخ الناس فيمن يجب عليه وتنعقد به، ومن لا يجب عليه ولا تنعقد
به، ومن تنعقد به ولا تجب عليه، ومن تجب عليه ولا تنعقد به، ومن اختلف فيه (4)
وعدم إدخاله له في شئ من الأقسام. وحصر ابن حمزة لهم فيمن يجب عليه
وتصح به ومنه، ومن تجب عليه ولا تصح به ولا منه، ومن لا تجب عليه وتصح به
ومنه، ومن لا تجب عليه ولا تصح به وتصح منه (5). ولعدم إدخاله له في شئ
فلعلهم أدرجوه في المريض أو جعلوا صلاته لأنه لا حراك به مما لا عبرة بها،
لعدم الركوع والسجود فيها إلا إيماء.
وأما عدم الوجوب والانعقاد بالطفل والمجنون فكأنه لا خلاف فيه عندنا.
وعن الشافعي قول بالانعقاد بالصبي المميز (6). وفي المبسوط: نفي الخلاف عن
العدم منا ومن العامة (7).
وأما المرأة ففي التذكرة الاجماع على عدم الانعقاد بها (8). ويؤيده
اختصاص الرهط والنفر والقوم والخمسة والسبعة بالرجال، ومضت عبارة الغنية.
وفي التهذيب (9) والنهاية (10) والكافي (11) والغنية (12) والإشارة (13)

(1) المبسوط: ج 1 ص 143.
(2) الوسيلة: ص 103.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 626.
(4) المبسوط: ج 1 ص 143.
(5) الوسيلة: ص 103.
(6) المجموع: ج 4 ص 248.
(7) لم نعثر عليه.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 153 س 15.
(9) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 21 ذيل الحديث 77.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 334.
(11) الكافي في الفقه: ص 151.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 30.
(13) إشارة السبق: ص 97.
278

والسرائر (1) والتحرير (2) والمنتهى الوجوب عليها إذا حضرت (3)، لخبر حفص بن
غياث إنه سمع بعض مواليهم يسأل ابن أبي ليلى عن الجمعة هل تجب على العبد
والمرأة والمسافر؟ قال: لا، قال: فإن حضر واحد منهم الجمعة مع الإمام فصلا ها
هل تجزئه تلك الصلاة عن ظهر يومه؟ قال: نعم، قال: وكيف يجزي ما لم يفرضه
الله عليه عما فرضه الله عليه - إلى أن قال: - فما كان عند ابن أبي ليلى جواب،
وطلب إليه أن يفسرها له فأبى، ثم فسرها لحفص فقال: الجواب عن ذلك أن الله
عز وجل فرض على جميع المؤمنين والمؤمنات، ورخص للمرأة والعبد والمسافر
أن لا يأتوها، فلما حضروا سقطت الرخصة ولزمهم الفرض الأول، فمن أجل ذلك
أجزأ عنهم. قال حفص: فقلت: عمن هذا؟ فقال: عن مولانا أبي عبد الله عليه السلام (4).
وما في قرب الإسناد للحميري عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي بن
جعفر أنه سأل أخاه عليه السلام عن النساء هل عليهن من صلاة العيدين والجمعة ما
على الرجال؟ قال: نعم (5).
وتردد الفاضلان في المعتبر (6) والتذكرة (7) للأصل، وضعف خبر حفص
وارساله، وجهل الثاني، واستحباب التستر لهن، والصلاة في بيوتهن.
وقول أبي الحسن عليه السلام في خبر أبي همام: إذا صلت المرأة في المسجد مع
الإمام يوم الجمعة ركعتين فقد نقصت صلاتها، وإن صلت في المسجد أربعا نقصت
صلاتها لتصل في بيتها أربعا أفضل (8). والمراد الوجوب عينا، وإلا فلا خلاف في
جواز صلاتهن الجمعة إذا أمن الافتتان والافتضاح وأذن لهن من عليهن استئذانه،

(1) السرائر: ج 1 ص 293.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 44 س 24.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 321 س 30.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 34 ب 18 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(5) قرب الإسناد: ص 100.
(6) المعتبر: ج 2 ص 293.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 154 س 36.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 37 ب 22 من أبواب صلاة الجمعة ج 1.
279

وإذا صلينها كانت أحد الواجبين تخييرا.
وأما العبد والمسافر ففي الخلاف (1) والغنية (2) والسرائر (3) والمعتبر (4)
والمنتهى (5) والارشاد (6) والتلخيص الانعقاد بهما (7)، للعموم، وخبر حفص.
وفي الغنية الاجماع (8)، وفي المبسوط (9) والوسيلة (10) والإصباح (11)
والمختلف العدم (12)، لأن الاعتداد بالعبد يوجب التصرف في ملك الغير بغير إذنه،
وهو قبيح، ولا فارق من الأصحاب بينه وبين المسافر، مع أنها لو انعقدت
بالمسافر لزم تعينها عليه، لأن العدد إن اجتمعوا مسافرين انعقدت بهم، وإذا
انعقدت وجبت.
وقد يمنع الوجوب عينا، ولا يجدي التخيير، والتصرف في ملك الغير بغير
إذنه لا يتم مع الإذن، وأيضا فلا اعتبار بالإذن في الفرائض، وللعبد صلاة الفريضة
أول وقتها أينما أدركته إذا لم يخل بحق للمولى ولم ينهه.
وفي المبسوط: نفي الخلاف عن عدم الوجوب والانعقاد (13). وفي
الوسيلة (14) والإصباح (15) أيضا: عدم الوجوب، ولكنها تحتمل عدم
وجوب الحضور.

(1) الخلاف: ج 1 ص 610 المسألة 375.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 30.
(3) السرائر: ج 1 ص 293.
(4) المعتبر: ج 2 ص 292.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 322 س 25.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 257.
(7) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 565.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 32.
(9) المبسوط: ج 1 ص 143.
(10) الوسيلة: 103.
(11) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 626.
(12) مختلف الشيعة: ج 2 ص 231 و 232.
(13) المبسوط: ج 1 ص 143.
(14) الوسيلة: ص 103.
(15) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 626.
280

وفي التهذيب (1) والنهاية (2) والكافي (3) والسرائر (4) والغنية (5)
والارشاد (6) والتلخيص (7) والنافع (8) وشرحه (9) والجامع الوجوب (10)،
للخبر (11). وفي الشرائع: في العبد تردد (12)، يحتمله في الوجوب وفي الانعقاد.
وفيهما وفي المنتهى: إنه لا خلاف في إجزائها لهما (13).
قلت: وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر سماعة: الذي رواه الصدوق في
الأمالي (14) وثواب الأعمال: أيما مسافر صلى الجمعة رغبة فيها وحبا لها أعطاه
الله عز وجل أجر مائة جمعة للمقيم (15). ولكن قال الصادق عليه السلام في صحيح ربعي
والفضيل: ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى (16). وفي صحيح ابن مسلم:
صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة (17). وفي صحيحه أيضا: يصنعون
كما يصنعون في الظهر في غير يوم الجمعة (18). وتحتمل الرخصة.
(وتجب) إذا اجتمعت الشرائط (على أهل السواد) أي القرى
(وسكان الخيم) في البوادي (مع الاستيطان) فيها عندنا للعمومات،

(1) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 21 ذيل الحديث 77.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 334.
(3) الكافي في الفقه: ص 151.
(4) السرائر: ج 1 ص 293.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 30.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 257.
(7) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 565.
(8) المختصر النافع: ص 36.
(9) المعتبر: ج 2 ص 292.
(10) الجامع للشرائع: ص 94 - 95.
(11) وسائل الشيعة: ج 5 ص 34 ب 18 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 96.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 322 س 35.
(14) أمالي الصدوق: ص 19 ح 5.
(15) ثواب الأعمال: ص 59 ح 1.
(16) وسائل الشيعة: ج 5 ص 7 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 29.
(17) وسائل الشيعة: ج 4 ص 82 ب 73 من أبواب القراءة في الصلاة ح 6.
(18) وسائل الشيعة: ج 4 ص 820 ب 73 من أبواب القراءة في الصلاة ح 9، وليس فيه: (غير
يوم الجمعة)، بل في الحديث الثامن المروي عن جميل عن أبي عبد الله 7.
281

وخصوص ما مضى من خبر الفضيل بن عبد الملك، عن الصادق عليه السلام (1). ومفهوم
قول أحدهما عليهما السلام في خبر ابن مسلم: في أناس في قرية يصلون أربعا إذا لم يكن
من يخطب (2).
ولا عمل على خبر حفص بن غياث، عن الصادق عليه السلام، عن أبيه عليه السلام: ليس
على أهل القرى جمعة ولا خروج في العيدين (3). وخبر طلحة بن زيد عنه، عن
أبيه، عن أمير المؤمنين عليه السلام: لا جمعة إلا في مصر تقام فيه الحدود (4). لضعفهما،
مع احتمال الأول: أنه ليس عليهم ذلك، لأن العامة يرون السقوط عنهم (5)، فالعامة
من أهل القرى لا يفعلون، فليس على المؤمنين منهم تقية. والثاني: أن الجمعة لا
تقبل ولا تكمل إذا أخل بإقامة الحدود.
وأكثر الجمهور اشترطوا في وجوبها القرية المبنية مما جرت العادة ببنائها منه
من الحجر والطين واللبن والقصب والشجر، ولم يوجبوها على سكان الخيام
وبيوت الشعر (6). وتردد الشيخ في المبسوط من عدم الدليل، ومن عموم
الأخبار (7). ولم يوجبها أبو حنيفة على أهل القرى (8).
(ومن بعد) عن الجمعة (بفرسخين فما دون يجب عليه الحضور أو
صلاتها في موطنه إذا بعد) عن الأولى (بفرسخ) وفاقا للمشهور للعموم،
وخصوص نحو قول الصادق عليه السلام في حسن ابن مسلم: يجب على من كان منها
على رأس فرسخين، فإن زاد على ذلك فليس عليه شئ (9). وقول أبي جعفر عليه السلام

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 10 ب 3 من أبواب صلاة الجمعة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 10 ب 3 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(3) المصدر السابق ح 4.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) المبسوط للسرخسي: ج 2 ص 23، فتح العزيز: ج 4 ص 608.
(6) المجموع: ج 4 ص 505.
(7) المبسوط: ج 1 ص 144.
(8) بدائع الصنائع: ج 1 ص 259، المجموع: ج 4 ص 505.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 12 ب 4 من أبواب صلاة الجمعة ح 6.
282

في حسنه مع زرارة: تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين (1).
وأسقطها الصدوق (2) وابن حمزة (3) عمن على رأس فرسخين، لما مضى من
قوله عليه السلام في صحيح زرارة وحسنه: وضعها عن تسعة - إلى قوله: - ومن كان على
رأس فرسخين (4). وقول أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة (5) مثل ذلك.
وأجاب في المنتهى بالحمل على من زاد بقليل، قال: إذ الحصول على نفس
الفرسخين ممتنع (6). وفي المختلف: على السهو (7).
وإنما تعتبر المسافة بين الموضع الذي هو فيه وموضع الصلاة، لا البلدين ولا
مكانه والجامع كما في التذكرة (8) ونهاية الإحكام (9). ولو كان بينه وبين بعض
الجماعة أقل من فرسخين وبينه وبين الآخرين أكثر، وجب عليه الحضور، فإنه
المفهوم من كونه منها على فرسخين أو أكثر.
(ولو نقص) البعد أو بعده (عن فرسخ وجب) عليه (الحضور) أو
التباعد لعقد جمعة أخرى.
(ولو زاد على الفرسخين وحصلت الشرائط صلاها في موطنه أو
حضر) فضلا عن الفرسخين فما دونهما.
(ولو فقد أحدهما) أي الشروط والبعد أكثر من فرسخين (سقطت)
وفاقا للمعظم للأخبار (10).

(1) المصدر السابق ح 5.
(2) الهداية: ص 34.
(3) الوسيلة: ص 103.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 2 ب 1 من أبواب صلاة الجمعة ح 1 و 2.
(5) المصدر السابق ح 6.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 323 س 23.
(7) مختلف الشيعة: ج 2 ص 228.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 154 س 22.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 44.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 11 ب 4 من أبواب صلاة الجمعة.
283

وأوجب الحسن الحضور على من إذا غدا من أهله بعد صلاة الغداة أدرك
الجمعة (1)، وأبو علي على من يصل إلى منزله بعد الصلاة في نهاره (2). ومعناهما
متقاربان، وبهما صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السلام (3)، وحمل على الاستحباب جمعا.
(والمسافر إن وجب عليه التمام وجبت عليه) لخروج كثير السفر عن
اسمه، والعصيان عن سبب الرخصة.
وفي المنتهى: لم أقف لعلمائنا على قول في اشتراط الطاعة في السفر (4).
(وإلا فلا) تجب عليه، تحتم عليه القصر أم لا. واحتمل في نهاية الإحكام
الوجوب على من يستحب له الاتمام (5).
(ويحرم السفر بعد الزوال قبلها) على من تجب عليه إلى غير جهتها، لأن
سبب الاخلال بها حرام كالاخلال. ولقول أمير المؤمنين عليه السلام المروي في نهج
البلاغة: لا تسافر يوم الجمعة حتى تشهد الصلاة، إلا فاضلا في سبيل الله، أو في
أمر تعذر به (6). وفي التذكرة (7) والمنتهى الاجماع (8).
وقد تجب لحج أو جهاد، أو تحصيل علم، أو اتباع غريم أو آبق أو رفيق، أو
غير ذلك.
أما في سفر البعيد إلى جهة الجمعة أو عن جمعة إلى الأخرى فوجهان، من
انتفاء علة الحرمة من حرمانها، ومن عموم النهي، وأن جوازه يقتضي حرمانها
فيحرم، فلا يحرم فيجوز فيحرم. وفيه أنه مشترك، فإنه لو حرم لم يحرم، فلم

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 227.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 227.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 11 ب 4 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 322 س 37.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 44.
(6) نهج البلاغة (صبحي الصالح): ص 460 كتاب 69.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 144 س 18.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 336 س 9.
284

يحرم فيحرم على أن اقتضاء الحرمان ممنوع، فإنما يقتضي جواز الترك، بل تمنعه
أيضا.
قال الشهيد: ويحتمل أن يقال: إن كانت في محل الترخص لم يجز، لأن فيه
اسقاطا لوجوب الجمعة، وحضوره فيما بعد تجديد للوجوب، إلا أن يقال: يتعين
عليه الحضور وإن كان مسافرا، لأن إباحة سفره مشروطة بفعل الجمعة، ومثله لو
كان بعيدا بفرسخين فما دون عن الجمعة فخرج مسافرا في صوب الجمعة فإنه
يمكن أن يقال: يجب عليه الحضور عينا وإن صار في محل الترخص، لأنه لولاه
لحرم عليه السفر.
قال: ويلزم من هذين تخصيص قاعدة عدم الوجوب العيني على المسافر.
قال: ويحتمل عدم كون هذا القدر محسوبا من المسافة لوجوب قطعه على كل
تقدير إما عينا كما في هذه الصورة، وإما تخييرا كما في الصورة الأولى، ويجري
مجرى الملك في أثناء المسافة، ويلزم من هذا خروج قطعة من السفر عن اسمه
بغير موجب مشهور.
قال: وإن كانت قبل محل الترخص - كموضع يرى الجدار أو يسمع الأذان إن
أمكن هذا الفرض - جاز (1).
(ويكره بعد الفجر) قبل الزوال، لقول الهادي عليه السلام في خبر السري: يكره
السفر والسعي في الحوائج يوم الجمعة بكرة من أجل الصلاة (2). ومن العامة ممن
حرمه (3).
(وتسقط عن المكاتب والمدبر والمعتق بعضه وإن) هيأه مولاه و
(اتفقت في يومه) وفاقا لابني سعيد للعموم (4)، وخلافا للمبسوط قال: لأنه

(1) ذكرى الشيعة: ص 233 س 8.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 85 ب 52 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(3) المجموع: ج 4 ص 499.
(4) الجامع للشرائع: ص 95، شرائع الاسلام: ج 1 ص 97.
285

ملك نفسه في ذلك اليوم (1).
قال الشهيد: ويلزمه مثله في المكاتب وخصوصا المطلق، وهو بعيد، لأن مثله
في شغل شاغل، إذ هو مدفوع في يوم نفسه إلى الجد في الكسب لنصفه الحر،
فالزامه بالجمعة حرج عليه (2).
قلت: مضى عن المبسوط وغيره السقوط لمثل التجهيز والمطر، وقد لا يقصر
عنهما ما ذكر، فلا يلزمه بها.
قال: لو قلنا بوجوبها - على قول الشيخ - ففي انعقادها به الوجهان السالفان (3).
(ويصلي من سقطت عنه) الجمعة (الظهر في وقت الجمعة) وليس
عليه التأخير عنه، ولا يستحب له للأصل، وعموم فضل أول الوقت.
واستحب الشافعي للمعذور التأخير إلى آخر الوقت (4). ومن العامة من أوجب
التأخير إلى فراغ الإمام (5).
واستحبه في نهاية الإحكام لمن يرجو زوال عذره إلى اليأس عن إدراك
الجمعة، وهو عند رفع الإمام رأسه من ركوع الثانية (6).
(فإن حضرها) أي الجمعة (بعد صلاته) أي الظهر (لم تجب عليه)
للأصل، خلافا لأبي حنيفة (7).
(وإن زال المانع كعتق العبد ونية الإقامة) كما إذا قصر ثم نوى الإقامة.
(أما الصبي فتجب عليه) إذا بلغ بعد صلاة الظهر، فإنها لم تكن فرضه،
وكذا الخنثى إذا وضحت ذكوريته.

(1) المبسوط: ج 1 ص 149.
(2) ذكرى الشيعة: ص 233 س 30.
(3) ذكرى الشيعة: ص 233 س 31.
(4) مغني المحتاج: ج 1 ص 379، المجموع: ج 4 ص 493.
(5) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 197، المبسوط للسرخسي: ج 2 ص 32.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 47.
(7) المبسوط للسرخسي: ج 2 ص 32، المغني لابن قدامة: ج 2 ص 197.
286

(المطلب الثالث)
(في ماهيتها وآدابها)
وفيه آداب ليومها، فإن ايقاع الظهر في الجامع لمن لا تجب عليه ليس من
آداب صلاة الجمعة، وكذا التنفل إن كان لليوم، وكذا حلق الرأس وما بعده، ولكن
يمكن جعلها من آدابها وإن استحب لليوم أيضا.
(وهي ركعتان عوض) الأربع فرض (الظهر ويستحب فيهما الجهر)
كما في مصباح الشيخ (1) والإصباح (2) والنافع (3) وشرحه (4) (إجماعا) وفي
المعتبر لا يختلف فيه أهل العلم (5).
قلت: ظاهر قول الصادق عليه السلام في صحيح عمر بن يزيد: ويجهر بالقراءة (6).
وفي خبر عبد الرحمن العرزمي: إذا أدركت الإمام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة
فأضف إليها ركعة أخرى واجهر فيها (7). الوجوب، وأكثر الأصحاب ذكروا الجهر
فيها على وجه يحتمل الوجوب.
وفي المنتهى: أجمع كل من يحفظ عنه العلم على أنه يجهر بالقراءة في صلاة
الجمعة، ولم أقف على قول الأصحاب في الوجوب وعدمه، والأصل عدمه. ويدل
على الجهر ما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام: إنما يجهر
إذا كانت خطبة. ومثله روي في الصحيح عن محمد بن مسلم، ثم ذكر الخبرين (8).

(1) مصباح المتهجد: ص 324.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(3) المختصر النافع: ص 37.
(4) المعتبر: ج 2 ص 304.
(5) المعتبر: ج 2 ص 304.
(6) وسائل الشيعة: ج 4 ص 819 ب 73 من أبواب القراءة في الصلاة ح 4.
(7) المصدر السابق ح 5.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 328 س 26.
287

(والأذان الثاني بدعة) كما في فقه القرآن للراوندي (1) والنافع (2)
والشرائع (3) والوسيلة (4). وحكي عن الخلاف: ابتدعه عثمان (5).
قال السائب بن يزيد: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله مؤذن واحد بلال، وكان إذا جلس
على المنبر أذن على باب المسجد، فإذا نزل أقام للصلاة، ثم كان أبو بكر وعمر
كذلك، حتى إذا كان عثمان وكثر الناس وتباعدت المنازل زاد آذانا فأمر بالتأذين
الأول على سطح دار له بالسوق - يقال له: الزوراء - وكان يؤذن لها عليها، فإذا
جلس عثمان على المنبر أذن مؤذنه فإذا نزل أقام للصلاة فلم يعب ذلك عليه (6).
وفي المبسوط: عن عطاء إن المبتدع معاوية (7).
وفي السرائر: ثم ينزل الإمام عن المنبر بعد فراغه من إكمال الخطبتين،
ويبتدئ المؤذن الذي بين يديه بالإقامة، وينادي باقي المؤذنين والمكبرين
الصلاة الصلاة، ولا يجوز الأذان بعد نزوله مضافا إلى الأذان الأول الذي عند
الزوال، فهذا هو الأذان المنهي عنه، ويسميه بعض أصحابنا الأذان الثالث، وسماه
ثالثا لانضمام الإقامة إليها، فكأنها أذان آخر (8)، إنتهى.
وفي المعتبر: الأذان الثاني بدعة، وبعض أصحابنا يسميه الثالث، لأن
النبي صلى الله عليه وآله شرع للصلاة أذانا وإقامة، فالزيادة ثالث، وسميناه ثانيا لأنه يقع عقيب
الأذان الأول وما بعده يكون إقامة، والتفاوت لفظي (9)، إنتهى.
والبدعة وإن لم يكن نصا في الحرمة لكن المختلف (10) والمنتهى (11) كالسرائر
صريحان في التحريم، ودليله إنه بدعة كالأذان لغير اليومية من الصلاة، وقول أبي

(1) فقه القرآن: ج 1 ص 133.
(2) المختصر النافع: ص 36.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 97.
(4) الوسيلة: ص 104.
(5) حكاه صاحب تخليص التلخيص كما في مفتاح الكرامة: ج 3 ص 151 س 23.
(6) نقله عنه في فقه القرآن: ج 1 ص 132.
(7) المبسوط: ج 1 ص 149.
(8) السرائر: ج 1 ص 295.
(9) المعتبر: ج 2 ص 296.
(10) مختلف الشيعة: ج 2 ص 242.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 336 س 21.
288

جعفر عليه السلام في خبر حفص بن غياث: الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة (1).
وفي المبسوط (2) والإصباح (3) والمعتبر: إنه مكروه (4)، للأصل، وضعف
الخبر، وعموم البدعة للحرام وغيره، وحسن الذكر والدعاء إلى المعروف
وتكريرهما. قال المحقق: لكن من حيث لم يفعله النبي صلى الله عليه وآله ولم يأمر به كان أحق
بوصف الكراهية (5)، إنتهى.
وألحق الحرمة إن فعله على أنه وظيفة، والجواز إن لم ينو إلا الذكر والتنبيه
والدعاء إلى الصلاة، كما تحرم الشهادة بالولاية إن نواها جز للأذان، ويجوز إن
لم ينوها جز، ويحرم الأذان لغير اليومية إن نواه وظيفة لها، وبذلك يمكن رفع
الخلاف من البين.
وفي مسائل الأذان من الخلاف: لا بأس أن يؤذن اثنان واحد بعد الآخر وإن
أتيا بذلك موضعا واحدا كان أفضل، ولا ينبغي أن يزاد على ذلك.
وقال الشافعي: المستحب أن يؤذن واحد بعد واحد، ويجوز أن يكونوا أكثر
من اثنين، فإن كرر وخيف فوات أول الوقت قطع الإمام بينهم الأذان وصلى،
دليلنا إجماع الفرقة على ما رووه أن الأذان الثالث بدعة، فدل ذلك على جواز
الاثنين، والمنع عما زاد على ذلك (6)، إنتهى. وهو صريح في مغايرة الثالث للثاني.
وفي الذكرى: ينبغي أن يكون أذان المؤذن بعد صعود الإمام على المنبر
والإمام جالس، لقول الباقر عليه السلام فيما رواه عبد الله بن ميمون: كان رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذنون، وبه أفتى ابن الجنيد
وابن أبي عقيل والأكثر، وقال أبو الصلاح: إذا زالت الشمس أمر مؤذنيه بالأذان،

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 81 ب 49 من أبواب صلاة الجمعة ج 1.
(2) المبسوط: ج 1 ص 149.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(4) المعتبر: ج 2 ص 296.
(5) المعتبر: ج 2 ص 296.
(6) الخلاف: ج 1 ص 290 المسألة 35.
289

فإذا فرغوا منه صعد المنبر وخطب. ورواه محمد بن مسلم قال: سألته عن الجمعة،
فقال: أذان وإقامة يخرج الإمام بعد الأذان فيصعد المنبر.
ويتفرع على الخلاف أن الأذان الثاني الموصوف بالبدعة أو الكراهية ما هو؟
وابن إدريس يقول: الأذان المنهي عنه هو الأذان بعد نزوله مضافا إلى الأذان الذي
عند الزوال (1)، إنتهى.
يعني أن الأذان المشروع للجمعة إما قبل صعود الإمام المنبر أو بعده عند
جلوسه عليه، فالجمع بينهما بدعة أو مكروه، وعلى الأول فالبدعة أو المكروه
الثاني، وعلى الثاني الأول، وسمي ثانيا لحدوثه بعد الثاني.
قال في البيان: واختلف في وقت الأذان، فالمشهور أنه حال جلوس الإمام
على المنبر، وقال أبو الصلاح: قبل الصعود، وكلامهما مرويان، فلو جمع بينهما
أمكن نسبة البدعة إلى الثاني زمانا، وإلى غير الشرعي فينزل على القولين. قال:
وزعم ابن إدريس أن المنهي عنه هو الأذان بعد نزول الخطيب، مضافا إلى الإقامة،
وهو غريب. قال: وليقم المؤذن الذي بين يدي الإمام وباقي المؤذنين ينادون
الصلاة الصلاة، وهو أغرب. قال: وعن الباقر عليه السلام: الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة.
ويمكن حمله على هذا بالنظر إلى الإقامة، وعلى أذان العصر يوم الجمعة، سواء
صلاها جمعة أو ظهرا، وقال ابن البراج وابن إدريس: يؤذن للعصر إن صلاها
ظهرا، والأقرب كراهية أذان العصر هنا مطلقا (2)، إنتهى.
والتهذيب يعطي أن الأذان الثالث في خبر حفص أذان العصر (3). ونص في
المبسوط على كراهية لها (4). وفي نهاية الإحكام على عدم الجواز (5). ونص ابن
إدريس (6) على انتفاء الأذان للعصر إن صلى الجمعة لا أن صلى الظهر، وإنه مراد

(1) ذكرى الشيعة: ص 237 س 1.
(2) البيان: ص 106.
(3) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 19 ح 67.
(4) المبسوط: ج 1 ص 151.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 54.
(6) السرائر: ج 1 ص 304 - 305.
290

الشيخ، وهو موافق للكامل (1) والمهذب (2).
ونص الحلبي على انتفائه لها على التقديرين (3)، والمفيد في المقنعة على
إثباته لها عليهما (4)، لكن الشيخ في التهذيب حكى عنه الاسقاط إذا صلى
الجمعة (5). واستدل ابن إدريس بأن الأذان مندوب لكل صلاة إلا ما خرج
بالاجماع (6).
(ويحرم البيع) اتفاقا (بعد الأذان) للجمعة كما في المبسوط (7)
والخلاف (8) وغيرهما حين يقعد الإمام على المنبر على ما فيهما، وفي الإصباح (9)
والجامع (10) والمنتهى (11) ونهاية الإحكام (12)، إلا أن الثلاثة الأول قدمت الأذان
والخطبة على الزوال كما تقدم دون الباقية.
ولا يحرم قبله وإن زالت الشمس كما في التبيان (13) وفقه القرآن
للراوندي (14)، للأصل، وكون العطف على (اسعوا) أظهر، والنداء هو الأذان.
وفي المنتهى الاجماع عليه (15). وفيه (16) وفي الخلاف (17) والتذكرة (18) ونهاية
الإحكام الكراهية بعد الزوال قبله، لما فيه من التشاغل من التأهب للجمعة، كذا

(1) نقله عنه في السرائر: ج 1 ص 305.
(2) المهذب: ج 1 ص 104.
(3) الكافي في الفقه: ص 152.
(4) المقنعة: ص 162.
(5) حكاه العلامة الحلي في مختلف الشيعة: ج 2 ص 244.
(6) السرائر: ج 1 ص 305.
(7) المبسوط: ج 1 ص 150.
(8) الخلاف: ج 1 ص 629 المسألة 402.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 627.
(10) الجامع للشرائع: ص 96.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 330 السطر الأخير.
(12) نهاية الإحكام: ج 2 ص 53.
(13) التبيان: ج 10 ص 9.
(14) فقه القرآن: ج 1 ص 134.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 330 س 37.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 331 س 1.
(17) الخلاف: ج 1 ص 630 المسألة 402.
(18) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 156 س 8.
291

في الأخيرين. وفي الخلاف: لأنا قد بينا أن الزوال وقت الصلاة، وأنه ينبغي أن
يخطب في ألفي، وإذا زالت نزل فصلى، فإذا أخر فقد ترك الأفضل (1).
وفي المعتبر: للتخلص من الخلاف (2)، مع أنه لم يحك الحرمة عند الزوال إلا
عن العامة (3).
وإن بعدت المسافة يمنع البيع، ومن قطعها حرم وإن تقدم الزوال. وفي نهاية
الإحكام: لو لم يمنع البيع من سماع الخطبة ولا من التشاغل بالجمعة، أو منع ولم
نوجب السماع ولا حرمنا الكلام، احتمل التحريم للعموم (4).
(وينعقد) مع حرمته (على رأي) وفاقا لابني سعيد (5). وحكى في
المبسوط عن بعض الأصحاب (6)، لأن النهي عن غير العبادة لا يدل على الفساد،
فإنه إنما يدل على أن المنهي مرغوب عنه شرعا، وهو يخرج العبادة عن كونها
عبادة فتفسد، ولا يخرج العقود عن الصحة، فإن صحتها بمعنى ترتب الآثار عليها،
ولا تنافيه الحرمة. وخلافا للشيخ (7) وجماعة بناء على أن النهي يفسد المنهي
مطلقا.
(وكذا) يحرم (ما يشبه البيع) من المعاملات كما في مجمع البيان (8) وفقه
القرآن للراوندي (9) (على إشكال) من الخروج عن النص، ومن أن الأمر
بالشئ يقتضي النهي عن ضده، وهو الوجه، ومقرب التحرير (10) ونهاية
الإحكام (11). وإنما خص البيع بالنهي لكونه أعم التصرفات في أسباب المعاش.
وفي المعتبر: الأشبه بالمذهب لا خلاف للطائفة من الجمهور، ودليلنا

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 53.
(2) المعتبر: ج 2 ص 296.
(3) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 145.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 54.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 98، الجامع للشرائع: ص 96.
(6) المبسوط: ج 1 ص 150.
(7) المبسوط: ج 1 ص 150.
(8) مجمع البيان: ج 10 ص 288.
(9) فقه القرآن: ج 1 ص 134.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 45 س 12.
(11) نهاية الإحكام: ج 2 ص 54.
292

اختصاص النهي بالبيع فلا يتعدى إلى غيره (1) إنتهى.
قال الشهيد: ولو حملنا البيع على المعاوضة المطلقة - الذي هو معناه الأصلي -
كان مستفادا من الآية تحريم غيره (2). وإنما يريد الذي لا ينافي، والكلام في
الفساد وعدمه مع الحرمة ما عرفت.
(ولو سقطت) الجمعة (عن أحدهما) أي المتعاقدين دون الآخر (فهو
سائغ له خاصة) لاختصاص الحرمة بمن يجب عليه للأصل والاجماع كما يظهر
من التذكرة (3). وفي المبسوط: كراهيته له، لإعانته الآخر على المحرم (4).
وفي نهاية الإحكام: الأقوى التحريم (5)، وفي التذكرة: الوجه التحريم لقوله
تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم) (6).
قلت: قد لا تكون حرمة ولا كراهية، بأن لا تكون الجمعة على الطرف المتأخر
بناء على وجه التحريم أن الاتيان بلفظ الإيجاب - مثلا - حرام وإن لم يتم العقد.
(ولو زوحم المأموم في سجود الأولى لحق بعد قيام الإمام إن
أمكن) ولم يسجد على ظهر غيره كما قال به قوم من العامة (7) (وإلا) يمكن
اللحوق (وقف حتى يسجد) الإمام (في الثانية فيتابعه) في السجود
إجماعا كما في نهاية الإحكام (8).
(من غير ركوع) قال في نهاية الإحكام: وهل له أن يسجد قبل سجود
الإمام؟ اشكال، أقربه المنع، قال: لأنه إنما جعل الإمام ليؤتم به، فأشبه
المسبوق (9).

(1) المعتبر: ج 2 ص 297.
(2) ذكرى الشيعة: ص 238 س 10.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 156 س 13.
(4) المبسوط: ج 1 ص 150.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 54.
(6) المائدة: 2.
(7) المجموع: ج 4 ص 575.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 29.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 28.
293

(وينويهما للأولى) وصحت جمعته عند علمائنا أجمع كما في المنتهى (1)
والمعتبر (2)، وللشافعية قول بالعدم (3).
(فإن نوى بهما للثانية أو أهمل بطلت صلاته) كما في النهاية (4)
والمهذب (5) وكتب المحقق (6). أما على الأول فلأنه إن اكتفى بهما للأولى وأتى
بالركعة الثانية تامة خالف نيته، وإنما الأعمال بالنيات. وإن ألغاهما وأتى
بسجدتين أخريين للأولى ثم أتى بالركعة الثانية زاد في الصلاة ركنا، وإن اكتفى
بهما ولم يأت بعدهما إلا بالتشهد والتسليم نقص من الركعة الأولى السجدتين ومن
الثانية ما قبلهما.
وأما على الثاني فلأن متابعة الإمام بصرفهما إلى الثانية ما لم ينوهما للأولى.
ولم يبطلها ابن إدريس على الثاني (7)، لأن أجزاء الصلاة لا تفتقر إلى نية، بل
هي على ما ابتدأت به الصلاة ما لم يحدث نية مخالفة منهما تنصرفان إلى الأولى،
وهو عندي أقوى.
وفي المنتهى: ما ذكره ليس بجيد، لأنه تابع لغيره، فلا بد من نية تخرجه عن
المتابعة في كونها للثانية، وما ذكره من عدم افتقار الأبعاض إلى نية، إنما هو إذا لم
يقم الموجبة، أما مع قيامه فلا (8) إنتهى.
ولم يبطلهما ابن سعيد (9) ولا الشيخ في الخلاف (10)، والمبسوط على
الأول (11)، وقال فيهما: بإلغاء السجدتين وفعل سجدتين أخريين بنية الأولى،

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 334 س 12.
(2) المعتبر: ج 2 ص 229.
(3) مغني المحتاج: ج 1 ص 229.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 339.
(5) المهذب: ج 1 ص 104.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 98، المختصر النافع: ص 36، المعتبر: ج 2 ص 299.
(7) السرائر: ج 1 ص 300.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 334 س 6.
(9) الجامع للشرائع: ص 95.
(10) الخلاف: ج 1 ص 603 المسألة 363.
(11) المبسوط: ج 1 ص 145.
294

وحكى مثله عن مصباح السيد (1)، لقول الصادق عليه السلام في خبر حفص: وإن كان لم
ينو السجدتين للركعة الأولى لم تجز عنه الأولى ولا الثانية، وعليه أن يسجد
سجدتين وينوي أنهما للركعة الأولى، وعليه بعد ذلك ركعة تامة (2).
وهو مع الضعف ليس نصا في المقصود، لجواز أن يكون قوله عليه السلام: (وعليه أن
يسجد) إلى آخره مستأنفا، بمعنى أنه كان عليه أن ينويهما للأولى، فإذا لم ينوهما
لها بطلت صلاته.
وفي الذكرى: ليس يبعد العمل بهذه الرواية، لاشتهارها بين الأصحاب،
وعدم وجود ما ينافيها، وزيادة سجدة مغتفرة للمأموم، كما لو سجد قبل إمامه،
وهذا التخصيص يخرج الروايات الدالة على الابطال عن الدلالة.
وأما ضعف الراوي فلا يضر مع الاشتهار، على أن الشيخ قال في الفهرست:
إن كتاب حفص يعتمد عليه (3)، إنتهى. والخبر يشمل الاهمال أيضا، فإن اعتبر كان
حجة على ابن إدريس.
(ولو سجد ولحق الإمام) قبل الركوع أو (راكعا في الثانية تابعه) في
الركوع بعد الانتصاب، وقد أدرك الركعتين اتفاقا في الأول وعلى خلاف - يأتي
في الجماعة - في الثاني.
(ولو) سجد و (لحقه رافعا) من الركوع (فالأقرب) أن له متابعة للإمام
واستمراره عليه (جلوسه حتى يسجد الإمام ويسلم ثم ينهض إلى الثانية)
وله استمراره على القيام حتى يسلم الإمام (وله أن يعدل إلى الانفراد) قبل
فراغ الإمام، وليس له المتابعة في السجود، للزوم الزيادة، ولا عليه شئ من
الأمرين المبادرة إلى الانفراد والاستمرار للأصل.

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 299.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 33 ب من أبواب صلاة الجمعة ح 2.
(3) ذكرى الشيعة: ص 235 س 1.
295

وفي الإيضاح: إن فيه قولين آخرين: أحدهما: المبادرة إلى الانفراد، لئلا يلزم
مخالفة الإمام في الأفعال لتعذر المتابعة. والثاني: المتابعة ثم حذف ما فعل كمن
تقدم الإمام في ركوع أو سجود سهوا (1).
(وعلى التقديرين يلحق الجمعة) إذ يكفي فيه لحوق الركوع في ركعة
وقد لحقه في الأولى.
قال عميد الاسلام: ويحتمل ضعيفا فوات الجمعة، لأنه لم يحصل له مع
الإمام سجدتان في الأولى، ولا شئ من أفعال الثانية، والركعة إنما تتحقق
بالسجدتين (2).
قلت: واحتمله المصنف أيضا في النهاية (3) ومقرب التحرير الصبر إلى تسليم
الإمام (4). وفي المنتهى: إنه الذي يقتضيه المذهب (5)، ولم يحتمل فيهما العدول إلى
الانفراد عاجلا.
(ولو تابع الإمام في ركوع الثانية قبل سجوده) للأولى (بطلت
صلاته) لزيادة الركوع، فأوجبه مالك، والشافعي في أحد قوليه (6).
(ولو لم يتمكن من السجود في ثانية الإمام أيضا حتى قعد الإمام
للتشهد فالأقوى فوات الجمعة) فإن الإمام أتم ركعتيه ولم يتم هو ركعة، فإن
تمام الركعة بتمام السجدتين.
قال في المنتهى: وفارق هذا الفرض الأول - يعني إذا قضى السجدتين وأدرك
الإمام رافعا من الركوع - إذ هو في الأول مأمور بالقضاء واللحاق به، فأمكن أن
يقال: إنه يدرك الجمعة، بخلاف هذا (7).

(1) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 125.
(2) كنز الفوائد: ج 1 ص 126.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 28.
(4) تحرير الأحكام: ص 45 س 19.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 334 س 24.
(6) فتح العزيز: ج 4 ص 566، المغني لابن قدامة: ج 2 ص 161.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 334 س 26.
296

ويحتمل الادراك لادراك الركوع، فيأتي بالسجدتين، ويأتي بالركعة الثانية
بعد تسليم الإمام، وهو خيرة نهاية الإحكام. قال: وإن لم يدركه حتى سلم
فإشكال (1).
وفي المنتهى - بعد ما سمعت -: أما لو لم يتمكن من السجود إلا بعد تسليم
الإمام، فالوجه هاهنا فوات الجمعة قولا واحدا، لأن ما يفعله بعد السلام لم يكن
في حكم صلاة الإمام (2).
(و) على المختار هنا (هل يقلب نيته إلى الظهر أو يستأنف؟ الأقرب
الثاني) لتباين الصلاتين، والأصل عدم العدول فيما لا نص فيه، والأولى مبني
على اتحاد الصلاتين أو جواز العدول عن اللاحقة إذا تبين أن عليه سابقة مع
التباين من كل وجه، فهنا أولى مع أصل البراءة عن الاستئناف، وهو خيرة
الذكرى (3).
(ولو زوحم في ركوع الأولى ثم زال الزحام والإمام راكع في الثانية)
أو قبل ركوعه فيها (لحقه) فركع معه بنية ركوع، الأولى وسجد معه بنية سجود
الأولى.
(وتمت جمعته، ويأتي بالثانية بعد تسليم الإمام) خلافا لبعض
الشافعية (4)، فإنه يدرك الجمعة بإدراك ركوع الثانية، فما زاد من الأولى لا يكون
مانعا من الادراك، وله المبادرة إلى الانفراد على ما مر، وله أن يركع ويسجد قبل
ركوع الإمام إن أمكنه، بل يجب إذا أمكنه إدراك السجود أو ركوع الثانية، لصحيح
عبد الرحمن بن الحجاج، عن الكاظم عليه السلام: في الرجل صلى في جماعة يوم
الجمعة فلما ركع الإمام ألجأه الناس إلى جدار أو أسطوانة، فلم يقدر على أن
يركع، ثم يقوم في الصف ولا يسجد حتى رفع القوم رؤوسهم أيركع ثم يسجد

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 29.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 334 س 27.
(3) ذكرى الشيعة: ص 235 س 4.
(4) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 160.
297

ويلحق بالصف وقد قام القوم، أم كيف يصنع؟ قال: يركع ويسجد لا بأس بذلك (1).
وخبره أيضا أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يكون في المسجد إما في يوم
الجمعة وإما في غير ذلك من الأيام فيزحمه الناس إما إلى حائط وإما إلى
أسطوانة، فلا يقدر على أن يركع ولا يسجد حتى رفع الناس رؤوسهم، فهل يجوز
أن يركع ويسجد وحده ثم يستوي مع الناس في الصف؟ قال: نعم لا بأس بذلك (2).
وتردد فيه في التحرير (3) والمنتهى (4) من الخبرين، ومن أنه لم يدرك الركعة
مع الإمام، وأن الإمام إنما جعل إماما ليؤتم به، مع ضعف الخبر الثاني لاشتراك
محمد بن سليمان في طريقه، وعدم نصوصية الأول في المقصود، وعلى الجواز إن
لحقه قبل الركوع أو راكعا تبعه في الركوع وتمت له الركعتان، وإن لحقه وقد رفع
رأسه من ركوع الثانية.
وفي التذكرة (5) ونهاية الإحكام: إن في ادراكه الجمعة إشكالا من أنه لم
يدرك مع الإمام ركوعا، ومن ادراكه ركعة تامة مع الإمام حكما (6). ويؤيده
الخبران كما في المنتهى (7) والذكرى (8)، ولو لم يزل الزحام حتى رفع الإمام رأسه
من ركوع الثانية ففي التذكرة (9) ونهاية الإحكام (10) أتمها ظهرا، وفي المعتبر: إنه
الأشبه بالمذهب (11).
لكن في الثلاثة (12) عدم التمكن حتى سجد الإمام، وذلك لأنه لم يدرك ركعة
مع الإمام حقيقة ولا حكما. لكن الخبرين ينصان على اللحوق، ولم يتعرض

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 32 ب 17 من صلاة الجمعة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 33 - 34 ب 17 من أبواب صلاة الجمعة ح 3.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 45 س 18.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 334 س 16.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 149 س 30.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 29.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 334 س 21.
(8) ذكرى الشيعة: ص 235 س 8.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 149 س 31.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 29.
(11) المعتبر: ج 2 ص 300.
(12) نفس المصادر المتقدمة.
298

للزحام عن ركوع الثانية وسجودها، لصحة الجمعة قطعا، وإن لم يأت بهما إلا بعد
تسليم الإمام. وفي نهاية الإحكام: النسيان عذر كالزحام (1).
قلت: وبه صحيح عبد الرحمن أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يصلي مع
إمام يقتدى به فركع الإمام وسهى الرجل وهو خلفه لم يركع حتى رفع الإمام رأسه
وانحط للسجود أيركع ثم يلحق بالإمام والقوم في سجودهم أم كيف يصنع؟ قال:
يركع ثم ينحط، ويتم صلاته معهم ولا شئ عليه (2).
قال: وكذا لو تأخر لمرض، قال: ولو بقي ذاهلا عن السجود حتى ركع الإمام
في الثانية ثم تنبه، فإنه كالمزحوم يركع مع الإمام، ولو تخلف عن السجود عمدا
حتى قام الإمام وركع في الثانية أو لم يركع، ففي الحاقه بالمزحوم إشكال (3).
قلت: من ترك الائتمام به عمدا مع أنه إنما جعل إماما ليؤتم به، ومن إرشاد
الأخبار والفتاوى في المزحوم والناسي إلى مثل حكمهما في العامد.
(ويستحب) يوم الجمعة (الغسل) لمصلي الجمعة وغيره، فإن تعذر تيمم
بدله إن كان رافعا للحدث كما قيل (4)، وإلا فلا كما في نهاية الإحكام (5)، إذ لا نص.
(و) يستحب فيه (التنفل بعشرين ركعة) وفاقا لمعظم الأصحاب
والأخبار (6).
قال في نهاية الإحكام: والسر فيه أن الساقطة ركعتان، فيستحب الاتيان
ببدلهما، والنافلة الراتبة ضعف الفرائض (7).

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 29.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 34 ب 17 من أبواب صلاة الجمعة ح 4.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 30.
(4) قاله الشهيد الأول في ذكرى الشيعة: ص 24 س 29.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 50.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 22 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 52.
299

قلت: وقد يشعر باختصاصها بمن يصلي الجمعة، وقال الرضا عليه السلام في خبر
الفضل: إنما زيد في صلاة السنة يوم الجمعة أربع ركعات تعظيما لذلك اليوم وتفرقة
بينه وبين سائر الأيام (1).
وزاد أبو علي ركعتين نافلة العصر (2)، وبه صحيح سعد بن سعد، عن
الرضا عليه السلام، وفيه: إنهما بعد العصر (3)، وكذا عن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى (4).
وعند الصدوقين في الرسالة (5) والمقنع: إن النوافل فيه إذا قدمت على الزوال
أو أخرت عن المكتوبة فهي ست عشرة ركعة (6).
وعن سعيد الأعرج أنه سأل الصادق عليه السلام عن صلاة النافلة يوم الجمعة،
فقال: ست عشرة ركعة قبل العصر، ثم قال: وكان علي عليه السلام يقول: ما زاد فهو خير،
وقال: إن شاء رجل أن يجعل منها ست ركعات في صدر النهار وست ركعات في
نصف النهار، ويصلي الظهر ويصلي معها أربعة ثم يصلي العصر (7). وعن سليمان بن
خالد أنه سأله عليه السلام عنها فقال: ست ركعات قبل زوال الشمس وركعتان عند
زوالها، والقراءة في الأولى بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين، وبعد الفريضة ثماني
ركعات (8).
ويستحب فعل العشرين كلها (قبل الزوال) وفاقا للأكثر، لتظافر الأخبار
بإيقاع فرض الظهر فيه أول الزوال (9)، والجمع فيه بين الفرضين، ونفي التنفل بعد

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 22 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 246 - 247.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 23 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 5.
(4) نقله عنه في من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 414 ذيل الحديث 1225.
(5) نقله عنه في من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 414 ذيل الحديث 1225.
(6) المقنع: ص 45.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 23 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 7.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 24 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 9.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 22 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة.
300

العصر. وقول الصادق عليه السلام في خبر زريق: إذا زالت الشمس يوم الجمعة فلا
نافلة (1). وصحيح علي بن يقطين: إنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن النافلة التي تصلى
يوم الجمعة قبل الجمعة أفضل أو بعدها؟ قال: قبل الصلاة (2).
(ويجوز) إيقاعها (بعده) وبعد العصر وفاقا للشيخين (3) للأصل، وما
ستسمعه من الخبر. قال ابن طاووس في جمال الأسبوع: لعل ذلك لمن يكون
معذورا (4). وقال الحلبيان: إن زالت الشمس وقد بقي منها شئ قضاه بعد العصر (5).
وجعل علي بن بابويه تأخيرها عن الفريضة أفضل (6). لخبر عقبة بن مصعب
أنه سأل الصادق عليه السلام أيهما أفضل أقدم الركعات يوم الجمعة أو أصليها بعد
الفريضة؟ فقال: بل تصليها بعد الفريضة (7). وخبر سليمان بن خالد أنه سأل عليه السلام
عن ذلك، فقال: تصليها بعد الفريضة أفضل (8).
وحملهما الشيخ على ما إذا زالت الشمس ولم يتنفل (9). قال المحقق: ولا بأس
بتأويله، (10).
قلت: والتأخير كان لهما أفضل لعارض.
وفي المقنع: تأخيرها أفضل من تقديمها في رواية زرارة بن أعين، وفي رواية
أبي بصير: تقديمها أفضل من تأخيرها (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 28 ب 13 من أبواب صلاة الجمعة ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 23 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 3.
(3) المقنعة: ص 165، المبسوط: ج 1 ص 150.
(4) جمال الأسبوع: ص 395.
(5) الكافي في الفقه: ص 159، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 29.
(6) نقله عنه في من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 415 ذيل الحديث 225.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 27 ب 13 من أبواب صلاة الجمعة ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 27 ب 13 من أبواب صلاة الجمعة ح 1.
(9) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 14 ذيل الحديث 28.
(10) المعتبر: ج 2 ص 302.
(11) المقنع: ص 45.
301

(و) يستحب (التفريق) بأن يفعل (ست عند انبساط الشمس، وست
عند الارتفاع، وست قبل الزوال، وركعتان عنده) قبل تحققه وفاقا للأكثر،
لصحيح سعد بن سعد أنه سأل الرضا عليه السلام عن الصلاة يوم الجمعة كم هي من ركعة
قبل الزوال؟ قال: ست ركعات بكرة، وست بعد ذلك اثنتا عشرة ركعة، وست
ركعات بعد ذلك ثماني عشرة ركعة، وركعتان بعد الزوال، فهذه عشرون ركعة (1).
فإن البكرة وإن كانت أول اليوم من الفجر إلى طلوع الشمس أو يعمه، لكن
كراهية التنفل بينهما، وعند طلوع الشمس دعتهم إلى تفسيرها بالانبساط.
وقال الصادق عليه السلام في خبر مراد بن خارجة: أما أنا فإذا كان يوم الجمعة
وكانت الشمس من المشرق مقدارها من المغرب في وقت العصر صليت ست
ركعات (2).
وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر أبي بصير - الذي حكاه ابن إدريس عن كتاب
حريز -: إن قدرت أن تصلي يوم الجمعة عشرين ركعة فافعل ستا بعد طلوع
الشمس (3)، الخبر.
ولما كره التنفل بعد العصر وتظافرت الأخبار بأن وقت صلاة العصر يوم
الجمعة وقت الظهر في غيره (4)، وروي أن الأذان الثالث فيه بدعة (5)، وكان التنفل
قبلها يؤدي إلى انفضاض الجماعة، رجحوا هذا الخبر على ما تضمن التنفل بين
الصلاتين أو بعدهما.
ولما تظافرت الأخبار بأن وقت الفريضة يوم الجمعة أول الزوال وأنه لا

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 23 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 25 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 12.
(3) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 585.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 17 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 81 ب 49 من أبواب صلاة الجمعة ح 1 و 2.
302

نافلة قبلها بعد الزوال (1)، لزمنا أن نحمل بعد الزوال في الخبر على احتماله، كما
قال أبو جعفر عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن عجلان: إذا كنت شاكا في الزوال فصل
الركعتين، فإذا استيقنت الزوال فصل الفريضة (2).
وسأل الكاظم عليه السلام أخوه علي بن جعفر في الصحيح عن ركعتي الزوال يوم
الجمعة قبل الأذان أو بعده؟ فقال: قبل الأذان (3). وقال الرضا عليه السلام للبزنطي - كما
في السرائر عن كتابه -: إذا قامت الشمس فصل ركعتين وإذا زالت فصل الفريضة
ساعة تزول (4). وقال أبو جعفر عليه السلام لأبي بصير - كما في السرائر عن كتاب
حريز -: وركعتين قبل الزوال وست ركعات بعد الفريضة (5).
أما خبر سليمان بن خالد - المحكي في السرائر عن كتاب البزنطي - أنه سأل
الصادق عليه السلام أيما أفضل أقدم الركعتين يوم الجمعة أو أصليهما بعد الفريضة؟ قال:
صلهما بعد الفريضة (6). فيجوز أن يكون سأله وقد زالت الشمس، أو سأله عن
فعلهما إذا تحقق الزوال، أو كان التأخير له أولى به، أو متعينا عليه لتقية أو غيرها.
وقال الحسن: إذا تعالت الشمس صل ما بينهما وبين زوال الشمس أربع
عشرة ركعة (7)، كما قال الكاظم عليه السلام ليعقوب بن يقطين في الصحيح: صليت ست
ركعات ارتفاع النهار (8). ويجوز أن يراد بذلك الانبساط.
وقال الصدوقان في الرسالة (9) والمقنع: إذا طلعت الشمس ست ركعات، وإذا
انبسطت ست ركعات (10). وعن كتاب حريز، عن أبي بصير، عن أبي جعفر عليه السلام:

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 17 ب 8 من أبواب صلاة الجمعة.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 24 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 18.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 26 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 17.
(4) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 573.
(5) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 585.
(6) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 557.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 246.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 24 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 10.
(9) نقله عنه في من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 414 ذيل الحديث 1225.
(10) المقنع: ص 45.
303

ست بعد طلوع الشمس، وست قبل الزوال إذا تعالت الشمس (1). ويمكن حمل
الجميع على موافقة المشهور.
وقال أبو علي: الذي يستحب عند أهل البيت عليهم السلام من نوافل الجمعة ست
ركعات ضحوة النهار، وست ركعات ما بين ذلك وبين انتصاف النهار، وركعتا
الزوال وبعد الفريضة ثمان ركعات منها ركعتان نافلة العصر (2).
قلت: الضحوة ما بين طلوع الشمس قبل الضحى كما في العين (3) والصحاح (4)
والديوان (5) والمحيط وشمس العلوم وغيرها، فلا يخالف المشهور إلا في زيادة
ركعتين على العشرين، وهي موجودة في خبر سعد بن سعد المتقدم، وفيه: إنهما
بعد العصر (6). ولا يأباه كلام أبي علي.
وأرسل الشيخ في المصباح عن الرضا عليه السلام نحو ما رواه سعد (7)، وليس فيه
هاتان الركعتان وفي تأخير ست عن الفريضة، وستسمع جوازه. ولكن روى
الحميري في قرب الإسناد عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أحمد بن محمد بن
أبي نصر، عن أبي الحسن عليه السلام قال: النوافل في يوم الجمعة ست ركعات بكرة،
وست ركعات ضحوة، وركعتين إذا زالت، وست ركعات بعد الجمعة (8).
وهو يعطي إما كون الضحوة بمعنى الضحى كما في المهذب، أو بعده كما في
المفصل والسامي، أو فعل الست الأول قبل طلوع الشمس.
(ويجوز) فعل (ست) منها (بين الفرضين) لصحيحي البزنطي (9)
ويعقوب بن يقطين (10) وغيرهما.

(1) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 585.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 246.
(3) كتاب العين: ج 3 ص 265 (باب الحاء والضاد).
(4) الصحاح: ج 6 ص 2406 مادة (ضحا).
(5) لا يوجد لدينا.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 23 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة ح 5.
مصباح المتهجد: ص 309.
(8) قرب الإسناد: ص 158.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 26 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 19.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 24 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 10.
304

وقال ابن طاووس في جمال الأسبوع: لعل ذلك لمن لا يقدر على تقديمها
لعذر، وأيده بأن الأدعية الواردة بينهما على التأخير وردت الرواية أنه يقولها
مسترسلا كعادة المستعجل لضرورات الأزمان، وألفاظها مختصرة كأنها على
قاعدة من ضاق عليه الوقت (1).
وقال الصادق عليه السلام في خبر عمر بن حنظلة: صلاة التطوع يوم الجمعة إن شئت
من أول النهار وما تريد أن تصليه يوم الجمعة، فإن شئت عجلته فصليته من أول
النهار، أي النهار شئت قبل أن تزول الشمس (2).
(ونافلة الظهرين منها) أي العشرين، فلم يزد في الجمعة إلا أربع، وعلى
رواية سعد ست (3).
وهل الجميع فيها نافلة الظهرين، أو الجميع نافلة اليوم، أو الأربع نافلة اليوم
والباقية نافلة الظهرين؟ أوجه، وكان الثالث ظاهر العبارة، وقطع به ابن فهد قال:
فلا يسقطها - يعني الأربع السفر - ولا يقضي (4). وخير فخر الاسلام في شرح
الإرشاد بين أن ينوي بالجميع نافلة الجمعة، أو أن ينويها بالأربع وينوي نافلة
الظهر بثمان ونافلة العصر بثمان (5).
(و) يستحب (المباكرة) أي المبادرة (إلى المسجد) لكونها مسارعة
إلى الخير. وقال أبو جعفر عليه السلام: إذا كان يوم الجمعة نزل الملائكة المقربون معهم
قراطيس من فضة وأقلام من ذهب فيجلسون على أبواب المساجد على كراسي
من نور فيكتبون الناس على منازلهم الأول والثاني حتى يخرج الإمام، فإذا خرج
الإمام طووا أصحفهم، ولا يهبطون في شئ من الأيام إلا يوم الجمعة (6).

(1) جمال الأسبوع: ص 395.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 24 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 8.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 23 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 5.
(4) الموجز الحاوي (الرسائل العشر لابن فهد): ص 89.
(5) لا يوجد لدينا.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 42 ب 11 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 1.
305

وعن جابر الجعفي: إن أبا جعفر عليه السلام كان يبكر إلى المسجد حين تكون
الشمس قدر رمح، فإذ كان شهر رمضان يكون قبل ذلك، وكان يقول: إن لجمع
شهر رمضان على جمع سائر الشهور فضلا كفضل رمضان على سائر الشهور (1).
وعن النبي صلى الله عليه وآله: من غسل واغتسل وبكر وابتكر وأسمع واستمع ولم يلغ كفر
ذلك بين الجمعتين (2). وعنه صلى الله عليه وآله: من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح
فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في
الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب
دجاجة، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة (3).
قال في التذكرة: والمراد بالساعة الأولى هاهنا بعد الفجر، لما فيه من المبادرة
إلى الجامع المرغب فيه، وايقاع صلاة الصبح فيه، ولأنه أول النهار (4).
وفي نهاية الإحكام: الأقرب أنها - يعني الساعات - من طلوع الفجر الثاني،
لأنه أول اليوم شرعا. وقال بعض الجمهور: من طلوع الشمس، لأن أهل الحساب
منه يحسبون اليوم ويقدرون الساعات. وقال بعضهم: من وقت الزوال، لأن الأمر
بالحضور حينئذ يتوجه عليه، وبعيد أن يكون الثواب في وقت لم يتوجه عليه
الأمر فيه أعظم، ولأن الرواح اسم للخروج بعد الزوال، وليس بجيد لاشتمال
الحضور قبل الزوال على الحضور حال الزوال وزيادة، فزاد الثواب باعتباره،
وذكر الرواح لأنه خروج لأمر يؤتى به بعد الزوال. قال: وليس المراد من
الساعات الأربع والعشرين التي تنقسم اليوم والليلة عليها، وإنما المراد ترتيب
الدرجات وفضل السابق على الذي يليه، إذ لو كان المراد الساعات المذكورة
لاستوى السابق والمسبوق [في الفضيلة] (5) إذا جاء في ساعة واحدة على
التساوق، ولاختلف الأمر باليوم الشاتي والصائف، ولفاتت الجمعة إن جاء في

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 42 ب 27 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 2.
(2) بحار الأنوار: ج 89 ص 213 ح 57.
(3) بحار الأنوار: ج 89 ص 213 ح 57.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 155 س 16.
(5) ما بين المعقوفين ساقط من ب وع.
306

الساعة الخامسة (1)، إنتهى.
قلت: الاختلاف والفوت على الساعات المستقيمة، والأخبار منزلة على
المعوجة، وقد يستوي السابق والمسبوق في إدراك فضل من قرب بدنة - مثلا -
وإن كانت بدنة السابق أفضل، واستحباب تأخير غسل الجمعة، وإتيان الأهل في
الجمعة، وخبر جابر يؤيد اعتبار الساعات من طلوع الشمس (2).
ويستحب أن يكون إتيان المسجد (بعد حلق الرأس) إن كان اعتاده، وإلا
غسل رأسه بالخطمي، كذا في التذكرة (3) ونهاية الإحكام (4).
وبالجملة يستحب تنظيف الرأس بالحلق أو الغسل أو بهما، والغسل بالخطمي
كل جمعة أمان من البرص والجنون على ما في خبر ابن بكير عن الصادق عليه السلام (5).
وينفي الفقر ويزيد في الرزق إذا جامع قص الأظفار والشارب على ما في خبر
محمد بن طلحة عنه عليه السلام (6). وفي خبر ابن سنان عنه عليه السلام: إن من فعل الثلاثة يوم
الجمعة كان كمن أعتق نسمة (7).
(و) بعد (قص الأظفار) أو حكها إن قصت في الخميس (وأخذ
الشارب) فهما مطهران له، وفي الأخبار: إنهما يؤمنان من الجذام ويزيدان في
الرزق (8).
(و) يستحب أن يكون عليه فيه (السكينة والوقار) كما في الأخبار.
والمراد بهما إما واحد هو التأني في الحركة إلى المسجد، كما روي عن النبي صلى الله عليه وآله:
إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون وعليكم السكينة (9). أو في

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 51.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 43 ب 27 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 2.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 155 س 8.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 49.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 47 ب 32 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 1.
(6) المصدر السابق ح 3.
(7) المصدر السابق ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 48 - 52 ب 33 و 34 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.
(9) السنن الكبرى للبيهقي: ج 3 ص 228.
307

الحركات ذلك اليوم، أو المراد بأحدهما الاطمئنان ظاهرا وبالآخر قلبا، أو التذلل
والاستكانة ظاهرا وباطنا. كل ذلك إما عند اتيان المسجد أو في اليوم، كما قال
الصادق عليه السلام في خبر هشام بن حكم: وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة
والوقار (1).
(و) يستحب (التطيب) فيه آكد من غيره للأخبار (2) والاعتبار (ولبس
الفاخر) أي الفاضل النظيف من ثيابه للأخبار (3) والاعتبار.
(والدعاء) بالمأثور وغيره (عند التوجه) إلى المسجد. (وإيقاع الظهر
في الجامع لمن لا تجب عليه الجمعة) للعمومات، وخصوص ما سمعته من
تكبير أبي جعفر عليه السلام (4).
(ويقدم المأموم) صورة (الظهر مع غير المرضى) لأن أبا جعفر عليه السلام
سأل أبا بكر الحضرمي عما يصنعه يوم الجمعة، فقال: أصلي في منزلي ثم أخرج
فأصلي معهم، فقال عليه السلام: كذلك أصنع أنا (5).
(ويجوز أن يصلي معه الركعتين) بنية الظهر الرباعية غيرنا، وللاقتداء
(ثم يتم ظهره) بركعتين أخريين، كما كان علي بن الحسين عليهما السلام يفعله على ما
في صحيح حمران (6)، وفعله أمير المؤمنين عليه السلام على ما في حسن زرارة (7). وفي
صحيح حمران أيضا، عن الصادق عليه السلام: إن في كتاب علي عليه السلام: إذا صلوا الجمعة
في وقت فصلوا معهم، ولا تقومن من مقعدك حتى تصلي ركعتين أخريين. قال:
فأكون قد صليت أربعا لنفسي لم أقتد بهم؟ فقال: نعم (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 78 ب 47 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 54 - 55 ب 37 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 77 ب 47 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 42 ب 27 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 44 ب 29 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 45 ب 29 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 5.
(7) المصدر السابق: ح 4.
(8) المصدر السابق: ح 1.
308

(الفصل الثاني)
(في صلاة العيدين)
(وفيه مطلبان):
(الأول):
(الماهية)
(وهي ركعتان) جماعة صليت أم فرادى، وفاقا للمشهور، وعند علي بن
بابويه: إنها عند اختلال الشرائط أربع بتسليمة (1). وعند أبي علي بتسليمتين (2).
وخبر الشيخ في التهذيب (3) والاستبصار (4) المنفرد بين أربع وركعتين، لقول
أمير المؤمنين عليه السلام في خبر أبي البختري: من فاتته صلاة العيد فليصل أربعا (5).
وهو ضعيف، معارض مع احتمال هذه الأربع نافلة يستحب فعلها لمن فاتته.
وأسند الصدوق في ثواب الأعمال عن سلمان قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من صلى

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 267.
(2) نقله عنه في المصدر السابق.
(3) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 134 ذيل الحديث 292.
(4) الإستبصار: ج 1 ص 446 ذيل الحديث 1725.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 99 ب 5 من أبواب صلاة العيد ح 2.
309

أربع ركعات يوم الفطر بعد صلاة الإمام يقرأ في أولاهن سبح اسم ربك الأعلى
فكأنما قراء جميع الكتب، كل كتاب أنزله الله، وفي الركعة الثانية والشمس
وضحاها فله من الثواب ما طلعت عليه الشمس، وفي الثالثة والضحى فله من
الثواب كمن أشبع جميع المساكين ودهنهم ونظفهم، وفي الرابعة قل هو الله أحد
ثلاثين مرة غفر الله له ذنوب خمسين سنة مستقبلة وخمسين سنة مستدبرة.
قال الصدوق: هذا لمن كان إمامه مخالفا، فيصلي معه تقية، ثم يصلي هذه
الأربع ركعات للعيد، فأما من كان إمامه موافقا لمذهبه، وإن لم يكن مفروض
الطاعة، لم يكن له أن يصلي بعد ذلك حتى تزول الشمس (1).
قلت: يمكن عند التقية أن تكون نافلة، وعند عدمها أن تصلي بعد الزوال.
وقال في الهداية: وإن صليت بغير خطبة صليت أربعا بتسليمة واحدة (2). ونحوه
عبارة أبيه (3).
واستدل لهما في المختلف على وحدة التسليم بأصل البراءة من التسليم
وتكبير الافتتاح، ولأبي علي بما روي عن النبي صلى الله عليه وآله من أن صلاة النهار مثنى
مثنى خرجت الفرائض اليومية بالاجماع فيبقى الباقي (4).
(يقرأ في الأولى منهما) بعد تكبيرة الافتتاح (الحمد وسورة) أما
الحمد فلا صلاة إلا بها، وأما السورة فيأتي فيها ما تقدم من الخلاف، وبخصوص
هذه الصلاة قول أبي جعفر عليه السلام في خبر إسماعيل الجعفي: ثم يقرأ أم الكتاب
وسورة (5).
(ثم يكبر خمسا) وفاقا للمشهور رواية وفتوى. وفي الإنتصار: الاجماع

(1) ثواب الأعمال: ص 102 - 103 ح 1.
(2) الهداية: ص 53.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 267.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص 267.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 107 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 10.
310

عليه (1)، وهو ظاهر الخلاف (2).
وقدم التكبيرات أبو علي على القراءة في الأولى (3)، وهو ظاهر الهداية (4)، وبه
أخبار صحيحة، وحملها الشيخ على التقية (5)، ولم يرتضه المحقق (6)، وحمل
بعضها المصنف في المختلف على تقديم بعضها وهو تكبيرة الاحرام (7).
(ويقنت عقيب كل تكبير) بما شاء من الكلام الحسن كما هو نص
أحدهما عليه السلام في صحيح محمد بن مسلم (8) (ثم يكبر) سابعة (و) لا يقنت
عقبها بل (يركع ويسجد) بعد الرفع من الركوع (سجدتين، ثم يقوم فيقرأ
الحمد وسورة) من غير أن يكبر قبل القراءة وفاقا للشيخ (9) وابني
حمزة (10) وإدريس (11) والكندري (12) وابني سعيد (13) للأخبار (14)، وخلافا
للصدوق (15) والمفيد (16) والسيد في الجمل (17) والناصريات (18) والقاضي (19)

(1) الإنتصار: ص 56.
(2) الخلاف: ج 1 ص 658 المسألة 430.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 252.
(4) الهداية: ص 53.
(5) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 131 ذيل الحديث 285.
(6) المعتبر: ج 2 ص 313.
(7) مختلف الشيعة: ج 2 ص 254.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 131 ب 26 من أبواب صلاة العيدين ح 1.
(9) الخلاف: ج 1 ص 658 المسألة 430.
(10) الوسيلة: ص 111.
(11) السرائر: ج 1 ص 316.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 638.
(13) الجامع للشرائع: ص 107، المعتبر: ج 2 ص 312.
(14) وسائل الشيعة: ج 5 ص 105 ب 10 من أبواب صلاة العيد.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 512 ذيل الحديث 1480.
(16) المقنعة: ص 195.
(17) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 44.
(18) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 239 المسألة 111.
(19) المهذب: ج 1 ص 122.
311

والحلبيين (1) وسلا ر (2)، لكن ابن زهرة ذكر الأول رواية (3).
وصرح الحلبيان بأنه يكبر بعد القيام قبل القراءة (4، والقاضي بأنه يرفع
رأسه من سجود الركعة الأولى ويقوم بغير تكبيرة، ثم يكبر ثم يقرأ (5). وهو أيضا
نص في كون التكبير بعد القيام.
وكلام الباقين يحتمل كون التكبير المتقدم تكبير الرفع من السجود، ويؤيده
أن السيد في الإنتصار حكى الاجماع على أن التكبيرات الزائدة في الركعتين بعد
القراءة (6).
وفي الخلاف: إن التكبير في صلاة العيدين اثنتا عشرة تكبيرة، سبعة منها
تكبيرة الافتتاح وتكبيرة الركوع، وفي الثانية خمس منها تكبير الركوع، وفي
أصحابنا من قال: منها تكبيرة القيام (7).
وفي المنتهى: والمفيد جعل التكبير في الثانية ثلاثا، وزاد تكبيرة أخرى للقيام
إليها (8). وفي المختلف: والظاهر أن مرادهم - يعني المفيد والقاضي والحلبيان -
بالتكبير السابق على القراءة في الركعة الثانية هو تكبيرة القيام إليها (9).
ثم صريح المبسوط أن المصلي يقوم إلى الثانية بتكبيرة الرفع من السجود (10).
وفي النهاية: فإذا قام إلى الثانية قام بغير تكبير (11). وهو يحتمل نفي تكبير الرفع
كما يحتمله قول ابن سعيد: فإذا سجد قام قائلا بحول الله وقوته أقوم وأقعد (12).
وفي التلخيص: ثم يقوم بعد تكبيرة على رأي، فيقرأ مع الحمد والشمس على

(1) الكافي في الفقه: ص 153 - 154، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 1.
(2) المراسم: ص 78.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 499 س 30.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 1، الكافي في الفقه: ص 154.
(5) المهذب: ج 1 ص 122.
(6) الإنتصار: ص 57.
(7) الخلاف: ج 1 ص 658 المسألة 430.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 340 س 32.
(9) مختلف الشيعة: ج 2 ص 252.
(10) المبسوط: ج 1 ص 170.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 374.
(12) الجامع للشرائع: ص 107.
312

رأي، ويكبر أربعا ويركع بخامسة على رأي (1). وهو ظاهر في تحقق الخلاف.
ولعل دليل الصدوق وموافقيه مضمر يونس قال: يكبر فيهما اثنتي عشرة
تكبيرة، يبدأ فيكبر ويفتتح الصلاة، ثم يقرأ فاتحة الكتاب، ثم يقرأ والشمس
وضحيها، ثم يكبر خمس تكبيرات، ثم يكبر ويركع فيكون يركع بالسابعة ويسجد
سجدتين، ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب وهل أتاك حديث الغاشية، ثم يكبر أربع
تكبيرات ويسجد سجدتين ويتشهد ويسلم (2). لحصره التكبير المتأخر عن القراءة
في الثانية في أربع.
ويبعد كون المراد حصر التكبيرات الزائدة، حيث ذكر الست في الأولى، فإن
منها تكبير الركوع، فالمراد ثم تقوم بتكبيرة، ويدفع البعد ذكر الركوع في الأولى
وتركه في الثانية. ثم إنما يتجه الدليل إن لم يريدوا للقيام تكبيرة، وإلا فتركها مع
ذكر تكبيرة الركوع في غاية البعد.
واستدل السيد في الناصرية بالاجماع قال: وأيضا فلا خلاف في أن من صلى
على الترتيب الذي رتبناه حسب ما أداه إليه اجتهاده يكون ذلك مجزئا عنه، وإنما
الخلاف فيمن خالف هذا الترتيب، فلا إجماع على إجزائه، ولا دليل أيضا غير
الاجماع عليه، فوجب أن يكون الترتيب الذي ذكرناه أولى وأحوط للاجماع
على إجزائه (3).
ولعلهم نزلوا الخامسة في نحو قول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: ثم تقوم
في الثانية فتقرأ (ثم تكبر أربعا) (4) والخامسة تركع بها (5). على الرابعة بعد

(1) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 566.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 105 ب 10 من أبواب صلاة العيدين ح 2 مع تفاوت يسير.
(3) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 239 المسألة 111.
(4) لعل المصنف، استفاد في هذا الموضع بيان ما ورد في الخبر من لفظة (ثم يكبر أربعا)
لجعله مثنا للكتاب، والله أعلم بالصواب.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 106 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 7.
313

القراءة. وكذا في نحو قوله عليه السلام في خبر ابن مسلم: ثم يقوم فيقرأ ثم تكبر أربع
تكبيرات ثم يركع الخامسة (1). فإن تم إنما تتأخر الركوع عن الأربع، على أنها
تحتمل التأخر الذكري.
(ويقنت عقيب كل تكبير) من الأربع على المختار، ومن الثلاث على
القول الآخر. قال ابن إدريس: وعدد صلاة كل واحد من العيدين ركعتان باثنتي
عشرة تكبيرة بغير خلاف، والقراءة فيها عندنا قبل التكبيرات في الركعتين معا،
وإنما الخلاف بين أصحابنا في القنوتات، منهم من يقنت ثمان قنوتات، ومنهم من
يقنت سبع قنوتات، والأول مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي، والثاني مذهب
شيخنا المفيد (2).
(ثم يكبر ويركع) فالتكبيرات الزائدة تسع، وتحتمل كتب الصدوق
والمفيد وسلا ر الثمان. وفي المنتهى: عن الحسن وابن بابويه إنها سبع (3).
وفي المختلف: لا خلاف في عدد التكبيرات الزائدة، وأنه تسع تكبيرات،
خمس في الأولى وأربع في الثانية، لكن الخلاف في وضعه، فالشيخ على أنه في
الأولى بعد القراءة يكبر خمس تكبيرات، ويقنت خمس مرات عقيب كل تكبيرة
قنوت، ثم يكبر تكبيرة الركوع ويركع، وفي الثانية بعد القراءة يكبر أربع مرات،
يقنت عقيب كل تكبيرة قنتة، ثم يكبر الخامسة للركوع. وذهب إليه ابن أبي عقيل
وابن الجنيد وابن حمزة وابن إدريس. وقال المفيد: يكبر في الأولى بسبع
تكبيرات مع تكبيرة الافتتاح والركوع، ويقنت خمس مرات، فإذا نهض إلى الثانية
كبر وقراء، ثم كبر أربع تكبيرات يركع في الرابعة، ويقنت في ثلاث مرات. وهو
اختيار السيد المرتضى وابن بابويه وأبي الصلاح وسلا ر (4)، إنتهى.

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 107 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 11.
(2) السرائر: ج 1 ص 316.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 340 س 32.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص 256.
314

وهو مع مخالفته لما في المنتهى يخالف ما قدمناه عنه من أن الظاهر أن
مرادهم بالتكبير السابق في الركعة الثانية تكبيرة القيام إليها. وعن هارون بن
حمزة أنه سأل الصادق عليه السلام عن التكبير في الفطر والأضحى، فقال: خمس وأربع
ولا يضرك إذا انصرفت على وتر (1). وفي الصحيح: إن عبد الملك بن أعين سأل أبا
جعفر عليه السلام عن الصلاة في العيدين، فقال: الصلاة فيهما سواء، يكبر الإمام تكبير
الصلاة قائما كما يصنع في الفريضة، ثم يزيد في الركعة الأولى ثلاث تكبيرات،
وفي الأخرى ثلاثا سوى تكبير الصلاة والركوع والسجود، وإن شاء ثلاثا
وخمسا، وإن شاء خمسا وسبعا بعد أن يلحق ذلك إلى الوتر (2). (ويسجد
سجدتين ثم ويتشهد ويسلم وتجب الخطبتان بعدها) إن وجبت كما في
المراسم (3) والسرائر (4) وجمل العلم والعمل (5) وشرحه للقاضي. وفيه: إنهما
واجبتان عندنا (6). وفي التذكرة: واجبتان كما قلنا للأمر وهو للوجوب، وقال
الجمهور بالاستحباب (7). ونحن فلم نظفر بالأمر في خبر، ولكن رأيت فيما قد
ينسب إلى الرضا عليه السلام: لا تكون إلا بإمام وخطبة (8).
وفي النزهة (9) والمعتبر: إنهما مستحبتان (10)، وفي الدروس: إنه
المشهور (11). وفي الذكرى: إنه المشهور في ظاهر الأصحاب (12). وفي البيان: أكثر
الأصحاب لم يصرحوا بوجوب الخطبتين، ونقل في المعتبر الاجماع

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 108 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 14.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 109 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 17.
(3) المراسم: ص 78.
(4) السرائر: ج 1 ص 317.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 45.
(6) شرح جمل العلم والعمل: ص 133.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 159 س 23.
(8) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 131.
(9) نزهة الناظر: ص 41.
(10) المعتبر: ج 2 ص 324.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 193 درس 48.
(12) ذكرى الشيعة: ص 240 س 25.
315

على استحبابهما (1).
قلت: الظاهر أنه يريد الاجماع على شرعهما، والرجحان والأكثر شارطون
بهما الصلاة كما ستسمع.
ويدل على عدم الوجوب مع الأصل عدم وجوب الاستماع والحضور لهما.
وصحيح الحلبي: إن العيد والجمعة اجتمعا في زمن أمير المؤمنين عليه السلام فخطب
خطبتين جمع فيهما خطبة العيد وخطبة الجمعة (2). ويجب كونهما بعدها اتفاقا من
المسلمين.
(وليستا شرطا) للصلاة وإن وجبت للأصل من غير معارض، خصوصا في
المتأخر عن المشروط.
ونص الشيخ في المبسوط (3) والجمل (4) والاقتصاد (5) والحلبيان (6)
والكندري (7) وبنو حمزة (8) وإدريس (9) وسعيد (10) والمحقق في كتبه (11) مع استحبابه
لهما في المعتبر (12)، على اشتراط وجوب صلاة العيد بشروط صلاة الجمعة، مع
نصهم على كون الخطبتين من شروطها.
وفي المبسوط والجامع: النص على الاشتراط بهما هنا أيضا. ونص ابن

(1) البيان: ص 112.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 115 ب 15 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(3) المبسوط: ج 1 ص 169 170.
(4) الجمل والعقود: ص 85 86.
(5) الإقتصاد: ص 270 271.
(6) الكافي في الفقه: ص 153 - 154، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 499 - 500 س 28 - 4.
(7) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 566.
(8) الوسيلة: ص 111 112.
(9) السرائر: ص 315 316.
(10) الجامع للشرائع: ص 106 107.
(11) المختصر النافع: ص 37، شرائع الاسلام: ج 1 ص 100، نكت النهاية: ج 1 ص 372،
المقصود من الجمل والعقود (الرسائل التسع): ص 345.
(12) المعتبر: ج 2 ص 324.
316

زهرة (1) والقاضي في المهذب (2) على اشتراطها بالممكن منهما.
وحكى في التذكرة قول الشيخ في المبسوط، وشرائطها شرائط الجمعة، سواء
في العدد والخطبة وغير ذلك، ثم قال: وفي هذه العبارة نظر (3).
قلت: لعله أشار بهذا الكلام إلى تنزيل سائر العبارات على الاشتراط بشرائط
الجمعة سوى الخطبتين، كما فعله نفسه في كتبه. ولا يجب على المأمومين
استماعهما ولا حضورهما بغير خلاف كما في المنتهى (4)، وفي التذكرة:
إجماعا (5)، وفي التحرير: الاجماع على عدم وجوب الاستماع (6).
قلت: وصرح المشترطون أيضا بعدم وجوب الاستماع، وابن زهرة منهم بعدم
وجوبهما (7)، عدا أبا الصلاح فقال: وليصغوا إلى خطبته (8).
وروت العامة أن النبي صلى الله عليه وآله قال بعد الصلاة: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس
للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب (9).
(ويستحب الاصحار) بهذه الصلاة للأخبار (10). وفي النهاية: إنها لا تجوز
إلا في الصحراء (11). (إلا بمكة) فيصلي فيها بالمسجد الحرام كما في النهاية (12)
وغيرها، لمرفوع محمد بن يحيى (13)، وخبر غياث عن الصادق عليه السلام (14). وليكن
تحت السماء فيه لا تحت الظلال، لعموم نصوص البروز إلى أفاق السماء (15).

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 4.
(2) المهذب: ج 1 ص 123.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 157 س 26.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 345 س 33.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 159 س 23.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 46 س 17.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 4.
(8) الكافي في الفقه: ص 154.
(9) سنن النسائي: ج 3 ص 185، سنن ابن داود: ص 300 ح 1155.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 117 ب 17 من أبواب صلاة العيد.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 373.
(12) المصدر السابق.
(13) وسائل الشيعة: ج 5 ص 118 ب 17 من أبواب صلاة العيد ح 8.
(14) وسائل الشيعة: ج 5 ص 117 ب 17 من أبواب صلاة العيد ح 3.
(15) وسائل الشيعة: ج 5 ص 117 ب 17 من أبواب صلاة العيد.
317

وألحق أبو علي بمكة المدينة (1)، وحكاه ابن إدريس عن قوم من
الأصحاب (2) وهو مخالف لعموم الأخبار. وخصوص نحو خبر ليث المرادي، عن
الصادق عليه السلام أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وآله يوم فطر أو أضحى لو صليت في مسجدك،
فقال: إني لأحب أن أبرز إلى آفاق السماء (3).
(و) إلا (مع المطر وشبهه) مما يشق معه الاصحار لعموم (يريد الله بكم
اليسر) (4) وإذا ابتلت النعال فالصلاة في الرحال (5). وخصوص خبر منصور بن
حازم، عن الصادق عليه السلام قال: مرض أبي عليه السلام يوم الأضحى فصلى في بيته ركعتين
ثم ضحى (6).
وأما خبر هارون بن حمزة أنه سأله عليه السلام أرأيت إن كان مريضا لا يستطيع أن
يخرج أيصلي في بيته؟ قال: لا (7)، فحمل على عدم الوجوب.
(وخروج الإمام حافيا) لفعل الرضا عليه السلام بمرو، وقوله قبل ذلك: إنه يخرج
كما خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام (8)، ولأنه أبلغ في التذلل والاستكانة.
وأطلق استحبابه في التذكرة (9) ونهاية الإحكام (10) وفيهما الاجماع، وفي
التذكرة: إجماع العلماء (11).
ونص في المبسوط على اختصاصه بالإمام (12)، وهو ظاهر الأكثر، ولا أعرف

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 271.
(2) السرائر: ج 1 ص 318.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 118 ب 17 من أبواب صلاة العيد ح 7.
(4) البقرة: 185.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 376 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 98 ب 3 من أبواب صلاة العيد ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 97 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 8.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 120 ب 19 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 160 س 4.
(10) نهاية الإحكام: ح 2 ص 64.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 160 س 5.
(12) المبسوط: ج 1 ص 170.
318

له جهة سوى أنهم لم يجدوا به نصا عاما.
ولكن في المعتبر (1) والتذكرة: إن بعض الصحابة كان يمشي إلى الجمعة حافيا،
وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله
على النار (2).
وخروجه (ماشيا) فلم يركب رسول الله صلى الله عليه وآله في عيد ولا جنازة (3). وفي
المقنعة: روي أن الإمام يمشي يوم العيد، ولا يقصد المصلي راكبا (4). ولذا خصه
بالإمام كالشيخ في المبسوط (5) وابني سعيد (6) والكندري (7)، ولأن فيه احتراما
للمشاة من المأمومين.
ولكن في المعتبر (8) والتذكرة (9) والمنتهى (10) عن أمير المؤمنين عليه السلام: من
السنة أن يأتي العيد ماشيا ويرجع ماشيا، ولذا أطلق استحبابه في التذكرة (11)
ونهاية الإحكام (12)، ولما فيه من الاستكانة المطلوبة من الكل، وكذا احترام
المأمومين بعضهم لبعض مطلوب، وفيهما الاجماع عليه. وفي التذكرة: اجماع
العلماء (13)، والنهاية (14) والمهذب (15) والكافي (16) والغنية (17) نصوص على العموم.
وليكن (بسكينة ووقار ذاكرا) الله للاجماع كما في التذكرة (18) ونهاية

(1) المعتبر: ج 2 ص 317.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 160 س 6.
(3) الأم: ج 1 ص 233، المجموع: ج 5 ص 10.
(4) المقنعة: ص 202.
(5) المبسوط: ج 1 ص 170.
(6) الجامع للشرائع: ص 107، المعتبر: ج 2 ص 317.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 638.
(8) المعتبر: ج 2 ص 317.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 160 س 5.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 344 س 31.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 160 س 5.
(12) نهاية الإحكام: ج 2 ص 64.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 160 س 5.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 373.
(15) المهذب: ج 1 ص 121.
(16) الكافي في الفقه: ص 153.
(17) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 499 س 32.
(18) تذكرة الفقهاء: ح 1 ص 160 س 5.
319

الإحكام (1). وفي التذكرة: إجماع العلماء. وعن الرضا عليه السلام في مضيه بمرو إلى
الصلاة إنه كان يمشي ويقف في كل عشر خطوات، ويكبر ثلاث مرات (2).
وفي المقنعة: روي أن الإمام يمشي يوم العيد، ولا يقصد المصلى راكبا، ولا
يصلي على بساط، ويسجد على الأرض، وإذا مشى رمى ببصره إلى السماء
ويكبر بين خطواته أربع تكبيرات ثم يمشي (3).
(وقراءة الأعلى في الأولى والشمس في الثانية) كما في النهاية (4)
والمبسوط (5) والمصباح (6) ومختصره (7) والفقيه (8) والمراسم (9) والهداية (10)
والسرائر (11) والإصباح (12) والنافع (13) والجامع (14)، وهو الأقوى، لخبري
إسماعيل الجعفي (15)، وأبي الصباح الكناني عن الصادقين عليهما السلام (16). وفي جمل
العلم والعمل (17) وشرحه (18) والمهذب (19) والكافي (20) والغنية: إنه يقرأ في
الأولى الشمس وفي الثانية الغاشية (21). وفي الخلاف: إنه المستحب

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 64.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 120 ب 19 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(3) المقنعة: ص 202.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 374.
(5) المبسوط: ج 1 ص 170.
(6) مصباح المتهجد: ص 598.
(7) لم يوجد لدينا.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 511 ح 1480.
(9) المراسم: ص 78.
(10) الهداية: ص 53.
(11) السرائر: ج 1 ص 317.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 735.
(13) المختصر النافع: ص 37.
(14) الجامع للشرائع: ص 107.
(15) وسائل الشيعة: ج 5 ص 107 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 10.
(16) وسائل الشيعة: ج 5 ص 132 ب 26 من أبواب صلاة العيد ح 5.
(17) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 44.
(18) شرح جمل العلم والعمل: ص 131.
(19) المهذب: ج 1 ص 122.
(20) الكافي في الفقه: ص 153 154.
(21) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 499 500 س 35 1.
320

للاجماع (1)، وخبر معاوية بن عمار عن الصادق عليه السلام (2)، وهو في التهذيب
مضمر (3)، وأرسل في بعض الكتب عن أمير المؤمنين عليه السلام (4).
والاجماع يحتمل الاجماع على خلاف قول الشافعي: إنه يقرأ في الأولى
(ق) وفي الثانية لقمان (5).
وللكناني خبر آخر عن الصادق عليه السلام بالشمس في الأولى (6). وفي صحيح
جميل: إنه سأله عليه السلام ما يقرأ فيها؟ قال: الشمس وضحاها وهل أتاك حديث
الغاشية وأشباهها (7).
وما في الخلاف مختار المختلف (8) والمنتهى (9)، وفي الشرائع: إن الأفضل
في الأولى الأعلى وفي الثانية الغاشية (10). ولا أعرف ما استند إليه.
وعن علي بن بابويه العكس (11)، وعن الحسن: في الأولى الغاشية وفي الثانية
الشمس (12). وروي الوجهان عن الرضا عليه السلام في بعض الكتب (13).
(و) أن يكون (السجود على الأرض) للأخبار (14)، وهو وإن كان أفضل
في سائر الصلوات وفي غيرها، لكنه هنا آكد. وفي الهداية: وقم على الأرض، ولا

(1) الخلاف: ج 1 ص 662 المسألة 434.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 105 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 2.
(3) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 129 ح 278.
(4) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 133.
(5) الأم: ج 1 ص 237، وفيه: (اقتربت الساعة)، المجموع: ص 5 ص 18.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 523 ح 1487.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 106 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 4.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 255.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 340 س 22.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 100.
(11) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 254.
(12) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 254.
(13) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 131 - 133.
(14) وسائل الشيعة: ج 5 ص 117 - 119 ب 17 من أبواب صلاة العيد.
321

تقم على غيرها (1). وقد يفهم من قول الصادق عليه السلام في خبر ابن عمار: لا تصلين
يومئذ على بساط ولا بارية (2).
(وأن يطعم قبل خروجه) إلى الصلاة (في الفطر) للأخبار (3).
ويستحب التمر لما في الاقبال عن ابن أبي قرة أنه أسند عن الرجل قال: كل
تمرات يوم الفطر، فإن حضرك قوم من المؤمنين فأطعمهم مثل ذلك (4).
وفي المنتهى (5) والتذكرة (6) والتحرير (7) والمبسوط (8) والمهذب (9)
والسرائر (10) وغيرها (11) استحباب الحلوى، وفي السرائر (12) والذكرى (13)
والبيان: إن أفضله السكر (14).
وعن علي بن محمد النوفلي قال: قلت لأبي الحسن عليه السلام: إني أفطرت يوم
الفطر على طين القبر وتمر، فقال لي: جمعت بركة وسنة (15).
قلت: لعله استشفى بها من علة كانت به.
وفي السرائر: إنه روى الافطار فيه على التربة المقدسة وأن هذه الرواية
شاذة من أضعف أخبار الآحاد، لأن أكل الطين على اختلاف ضروبه حرام
بالاجماع، إلا ما خرج بالدليل من أكل التربة الحسينية على متضمنها أفضل
السلام، للاستشفاء فحسب، القليل منها دون الكثير - للأمراض، وما عدا ذلك فهو

(1) الهداية: ص 53.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 119 ب 17 من أبواب صلاة العيد ح 10.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 114 ب 13 من أبواب صلاة العيد.
(4) اقبال الأعمال: ص 281 س 4.
(5) منتهى المطلب: ج 1 345 س 4.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 160 س 12.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 46 س 14.
(8) المبسوط: ج 1 ص 169.
(9) المهذب: ج 1 ص 121.
(10) السرائر: ج 1 ص 318.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 56.
(12) السرائر: ج 1 ص 318.
(13) ذكرى الشيعة: ص 240 السطر الأخير.
(14) البيان: ص 113.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 174 ح 2056.
322

باق على أصل التحريم والاجماع (1).
(و) يستحب أن لا يطعم إلا (بعد عوده في الأضحى) للأخبار (2) كان
ممن يضحي أو لا، خلافا لأحمد، فإنما استحبه لمن يضحي (3).
ويستحب أن يطعم (مما يضحي به) إن كان ممن يضحي، للخبر (4)، وإن لم
يقو على الصبر إلى العود أو التضحية فمعذور.
(والتكبير) في العيدين وفاقا للأكثر للأصل، وقول الصادق عليه السلام في خبر
سعيد النقاش: أما أن في الفطر تكبيرا ولكنه مسنون (5). ويحتمل الوجوب بالسنة.
وصحيح علي بن جعفر: إنه سأل أخاه عليه السلام عن التكبير أيام التشريق أواجب
هو؟ قال: يستحب (6).
وما في السرائر: عن نوادر البزنطي، عن العلاء، عن محمد بن مسلم: إنه سأل
أحدهما عليهما السلام عن التكبير بعد كل صلاة، فقال: كم شئت أنه ليس بمفروض (7).
ويحتمل أنه ليس بموقت.
واقتصر في المختلف على الأصل وخبر النقاش، ثم قال: وإذا ثبت
الاستحباب في الفطر ثبت في الأضحى، لعدم القائل بالفرق (8)، إنتهى.
ولو كان استدل بخبر علي بن جعفر وقال: إذا ثبت الاستحباب في الأضحى
ثبت في الفطر، كان أولى.

(1) السرائر: ج 1 ص 318، مع تفاوت يسير.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 113 ب 12 من أبواب صلاة العيد.
(3) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 229، الشرح الكبير: ج 2 ص 227.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 113 ب 12 من أبواب صلاة العيد.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 122 ب 20 من أبواب صلاة العيد ح 2.
(6) وسائل الشيعة ج 5 ص 126 ب 21 من أبواب صلاة العيد ح 10.
(7) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 558.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 274.
323

وأوجبه السيد في الإنتصار فيهما (1) وفي الجمل (2) في الأضحى كالشيخ في
التبيان (3) والاستبصار (4) والجمل (5) والشيخ أبي الفتوح في روض الجنان (6) وابن
حمزة (7)، والراوندي في فقه القرآن فيه على من كان بمنى دون غيره، واحتمله (8).
والعكس في حل المعقود من الجمل والعقود (9) ثم رجح الأول.
وابن شهرآشوب في متشابه القرآن موجب له في الفطر ساكت عن
الأضحى (10)، واستدل كما في الإنتصار بقوله تعالى: (ولتكبروا الله على ما
هديكم) (11)، ففي التبيان (12) ومجمع البيان (13) وفقه القرآن للراوندي (14): إن
مذهبنا أن المراد به التكبير المراد هنا. وفيه بعد التسليم أنه ليس نصا في
الوجوب، خصوصا إذا عطف وما قبله على اليسر في: (يريد الله بكم اليسر) (15).
قال في المنتهى: ولو سلم فالوجوب منفي بالاجماع، وخلاف من ذكرناه
لا يؤثر في انعقاده (16)، يعني السيد وأبا علي.
وأسند الصدوق في العيون عن الفضل بن شاذان، عن الرضا عليه السلام أنه كتب
إلى المأمون فيما كتب: والتكبير في العيدين واجب (17). وقد يحمل على الثبوت أو
التأكيد.

(1) الإنتصار: ص 57.
(2) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 45.
(3) التبيان: ج 2 ص 175.
(4) الإستبصار: ج 2 ص 299 ذيل الحديث 1071.
(5) الجمل والعقود: كتاب الحج ص 150.
(6) تفسير روض الجنان: ج 2 ص 136.
(7) الوسيلة: كتاب الحج ص 189 - 190.
(8) فقه القرآن: ج 1 ص 300.
(9) متشابه القرآن ومختلفه: ج 2 ص 177.
(10) لا يوجد لدينا.
(11) الإنتصار: ص 58.
(12) التبيان: ج 2 ص 125.
(13) مجمع البيان: ج 1 ص 277.
(14) فقه القرآن: ج 1 ص 209.
(15) البقرة: 185.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 346 - 347.
(17) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 1 ص 125.
324

وظاهر الإنتصار الاجماع على الوجوب في الأضحى (1). وفي المختلف: إن
الاجماع على الفعل دون الوجوب (2). وفي الذكرى: إن الاجماع حجة على من عرفه (3).
واستدل الشيخ على وجوبه في القرآن أيام التشريق بقوله تعالى: (واذكروا
الله في أيام معدودات) فإن الأيام المعدودات أيام التشريق، بلا خلاف كما في
الخلاف، والذكر فيها التكبير كما في حسن محمد بن مسلم: إنه سئل الصادق عليه السلام
عن الآية، قال: التكبير في أيام التشريق صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر
من اليوم الثالث (4). وفي الإنتصار: عشر صلوات (5)، ويأتي الخلاف في الأيام في
الحج. وليس الخبر نصا في التفسير، ولا لفظ الآية متعينا بهذا المعنى.
ومن الدليل على وجوبه فيها صحيح علي بن جعفر: إنه سأل أخاه عليه السلام عن
النساء هل عليهن التكبير أيام التشريق؟ قال: نعم، ولا يجهرن (6). وزاد الحميري
في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن العلوي عنه: إنه سأله عليه السلام عن الرجل
يصلي وحده أيام التشريق هل عليه تكبير؟ قال: نعم، وإن نسي فلا شئ (7).
وستسمع غيره.
وفي المختلف: وقال ابن الجنيد وفي إلزام المسافر به دليل على وجوبه،
ونحن نمنع المقدمتين (8)، إنتهى.
ودليل الراوندي اختصاص الآية بمن كان بمنى مع الأصل، وقول
الصادق عليه السلام في حسن بن عمار: تكبير أيام التشريق من صلاة الظهر يوم النحر

(1) الإنتصار: ص 57.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 274.
(3) ذكرى الشيعة: ص 241 س 14.
(4) الخلاف: ج 1 ص 668 المسألة 442.
(5) الإنتصار: ص 57.
(6) وسائل الشيعة ج 5 ص 127 ب 22 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(7) قرب الإسناد: ص 100، وفيه: (فلا شئ).
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 274.
325

إلى صلاة الفجر من أيام التشريق إن أنت أقمت بمنى، وإن أنت خرجت من منى
فليس عليك تكبير (1). وفيه أن المراد أنه إن أقام إلى النفر الثاني كبر إلى فجر آخر
أيام التشريق، وإن خرج في النفر الأول فليس عليه تكبير بعد الخروج.
ثم التكبير (في الفطر عقيب أربع) صلوات لا أزيد من فرض أو نفل،
وفاقا للمشهور، وللأصل، وخبر النقاش: إنه سأل الصادق عليه السلام أين هو؟ قال: في
ليلة الفطر في المغرب والعشاء الآخرة، وفي صلاة الفجر وصلاة العيد ثم يقطع (2).
قال الشيخ في المبسوط: وليس بمسنون عقيب النوافل، ولا في غير أعقاب
الصلوات (3). وعن البزنطي: يكبر الناس في الفطر إذا خرجوا إلى العيد (4).
وقال المفيد: وإذا مشى - يعني إلى المصلى - رمى ببصره إلى السماء ويكبر
بين خطواته أربع تكبيرات ثم يمشي (5).
وقال الصدوق في الفقيه وفي غيره رواية سعيد وفي الظهر والعصر (6).
واستحبه في الأمالي (7) والمقنع عقيب الست (8).
وأسند في العيون: عن الفضل بن شاذان، عن الرضا عليه السلام: والتكبير في
العيدين واجب في الفطر في دبر خمس صلوات (9). وفي الخصال: عن الأعمش،
عن الصادق عليه السلام: أما في الفطر ففي خمس صلوات يبدأ به من صلاة المغرب ليلة
الفطر إلى صلاة العصر من يوم الفطر (10). فكأنه فهم منهما خمس فرائض مع العيد

(1) وسائل الشيعة ج 5 ص 124 ب 21 من أبواب صلاة العيد ح 4.
(2) وسائل الشيعة ج 5 ص 122 ب 20 من أبواب صلاة العيد ح 2.
(3) المبسوط: ج 1 ص 171.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 320.
(5) المقنعة: ص 202.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 167 ح 2034.
(7) أمالي الصدوق: ص 517.
(8) المقنع: ص 46، وفيه: (عشر صلوات).
(9) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 125.
(10) الخصال: ج 2 ص 609.
326

فيكون ستا، كما نص عليه فيما قد ينسب إلى الرضا عليه السلام (1).
وعن أبي علي وجوبه عقيب الفرائض، واستحبابه عقيب النوافل (2). وستسمع
النص على نوافل التشريق. واحتج له في المختلف بأنه ذكر يستحب على كل
حال، وأجاب بأنه مستحب من حيث إنه تكبير، أما من حيثية إنه تكبير عيد
فنمنع مشروعيته (3).
والأربع الصلوات (أولها) فرض (المغرب ليلة الفطر، وآخرها) صلاة
(العيد يقول: الله أكبر ثلاثا، لا إله إلا الله والله أكبر الحمد لله على ما هدانا
وله الشكر على ما أولانا) أما تثليث التكبير أولا ففي النافع (4) وخبر النقاش
عن الصادق عليه السلام على بعض نسخ التهذيب (5).
وتردد فيه المحقق في الشرائع (6)، فإن المشهور التثنية، واختارها المصنف
في سائر كتبه (7).
وأما الباقي فيوافق المقنعة (8) والنهاية (9) والشرائع (10)، سوى أن في المقنعة:
(والحمد لله) بالواو.
وفي خبر النقاش: لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، الله أكبر على ما
هدانا، كذا في الكافي (11) والتهذيب (12). وزيد في الفقيه في آخره: (والحمد لله

(1) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 209.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 275.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 275.
(4) المختصر النافع: ص 38.
(5) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 138 ح 311.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 101.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 161 س 22، منتهى المطلب: ج 1 ص 347 س 34، تحرير
الأحكام: ج 1 ص 46 س 23، مختلف الشيعة: ج 2 ص 277، نهاية الإحكام: ج 2 ص 67.
(8) المقنعة: 201.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 374.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 101 وفيه: (والحمد لله).
(11) الكافي: ج 4 ص 166 - 167 ح 1.
(12) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 138 - 139 ح 311، وفيه: (والله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا).
327

على ما أبلانا) (1). وكذا الهداية (2) والأمالي للصدوق (3)، وأسند نحوه في الخصال
عن الأعمش عن الصادق عليه السلام (4) ومصباح الشيخ (5) كالكتاب، والمبسوط (6)
والجامع (7) بزيادة: (ولله الحمد) قبل قوله: (الحمد لله).
وفي الخلاف: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله أكبر ولله الحمد، وأن
عليه الاجماع، لكنه يحتمل الاجماع على خلاف ما حكاه عن الشافعي ومالك
وابني عباس وعمر، من أنه أن يكبر ثلاثا نسقا، فإن زاد على ذلك كان حسنا (8).
وفي السرائر (9) والتلخيص (10): الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر، الله
أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا. وفي النافع: الله أكبر ثلاثا، لا إله إلا
الله والله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا (11) وفي المهذب (12) وروض الجنان:
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد على ما هدانا وله الشكر على ما
أولانا (13)، ونحوه عن أبي علي لكن ليس فيه: (وله الشكر على ما أولانا) (14)،
وفي نهاية الإحكام: إن الأشهر: الله أكبر مرتين، لا إله إلا الله والله أكبر على ما
هدانا وله الحمد على ما أولانا (15).
(وفي الأضحى عقيب خمس عشرة) فريضة (أولها ظهر العيد إن

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 517 ح 1483.
(2) الهداية: ص 53.
(3) أمالي الصدوق: ص 517.
(4) الخصال: ج 2 ص 609.
(5) مصباح المتهجد: ص 592.
(6) المبسوط: ج 1 ص 171.
(7) الجامع للشرائع: ص 108.
(8) الخلاف: ج 1 ص 669 المسألة 443.
(9) السرائر: ج 1 ص 319، وفيه: (والله أكبر على ما هدانا).
(10) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 567.
(11) المختصر النافع: ص 38.
(12) المهذب: ج 1 ص 123.
(13) روض الجنان: ص 302 س 13.
(14) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 276.
(15) نهاية الإحكام: ج 2 ص 67.
328

كان بمنى وعقيب عشر إن كان بغيرها) لا عقيب النوافل في المشهور للأصل،
والحصر في الأخبار في الخمس عشرة وفي العشرة، وقول الصادق عليه السلام في
صحيح داود بن فرقد: التكبير في كل فريضة، وليس في النافلة تكبير أيام
التشريق (1).
وأوجبه أبو علي (2) والشيخ في الإستبصار عقيب تلك الفرائض (3)، واستحباه
عقيب النوافل، لخبر عمار: إنه سأل الصادق عليه السلام عن التكبير، فقال: واجب في
دبر كل صلاة فريضة أو نافلة أيام التشريق (4). وما عن كتاب علي بن جعفر: إنه
سأل أخاه عليه السلام عن النوافل أيام التشريق هل فيها تكبير؟ قال: نعم، وإن نسي فلا
بأس (5). وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر حفص بن غياث: على الرجال والنساء
أن يكبروا أيام التشريق في دبر الصلوات، وعلى من صلى وحده، وعلى من صلى
تطوعا (6).
وألحق المفيد مكة بمنى (7)، وهو مراد غيره أيضا، فإن الناسك يصلي الظهرين
أو أحدهما غالبا بمكة.
وفي عدة أخبار: التكبير عقيب ظهري آخر التشريق إن أقام بمنى إلى
صلاتهما (8). وأما قول أبي الحسن عليه السلام لغيلان: والتكبير بالأمصار يوم عرفة صلاة
الغداة إلى النفر الأول صلاة الظهر (9). فإن صح عنه عليه السلام كان المراد أن العامة

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 130 ب 25 من أبواب صلاة العيد ح 2.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 275.
(3) الإستبصار: ج 2 ص 299 ذيل الحديث 1071.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 130 ب 25 من أبواب صلاة العيد ح 1 و 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 130 ب 25 من أبواب صلاة العيد ح 1 و 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 128 ب 22 من أبواب صلاة العيد ح 2.
(7) المقنعة: ص 210.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 123 - 127 ب 21 من أبواب صلاة العيد.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 126 ب 21 من أبواب صلاة العيد ح 13.
329

بالأمصار كذا يفعلون، وسمعت كلامي الشيخين في التكبير في غير أعقاب
الصلوات.
وفي المنتهى قال بعض أصحابنا: يستحب للمصلي أن يخرج بالتكبير إلى
المصلى، وهو حسن، لما روي عن علي عليه السلام: إنه خرج يوم العيد، فلم يزل يكبر
حتى انتهى إلى الجبانة (1).
قلت: وفي حديث صلاة الرضا عليه السلام بمرو: فلما قام ومشينا بين يديه، رفع
رأسه إلى السماء وكبر أربع تكبيرات، ثم وقف وقفة على الباب وقال: الله أكبر الله
أكبر الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام، والحمد لله على
ما أبلانا، ورفع بذلك صوته ورفعنا أصواتنا، فتزعزعت مرو من البكاء والصياح،
فقالها ثلاث مرات. ثم فيه: فكان أبو الحسن عليه السلام يمشي ويقف في كل عشرة
خطوات وقفة، فيكبر الله أربع مرات (2).
وفي الفقيه: إن أمير المؤمنين عليه السلام خطب في الأضحى فقال: الله أكبر الله أكبر
لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا وله الشكر فيما
أبلانا والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام (3). ولكنه يمكن أن يكون التكبير
الذي بعد الصلاة.
وفيه أيضا: إنه عليه السلام كان إذا فرغ من الصلاة - يعني صلاة عيد الأضحى -
صعد المنبر ثم بداء فقال: الله أكبر الله أكبر الله أكبر زنة عرشه ورضا نفسه وعدد قطر
سمائه وبحاره له الأسماء الحسنى والحمد لله حتى يرضى وهو العزيز الغفور، الله
أكبر كبيرا متكبرا وإلها متعززا ورحيما متحننا يعفو بعد القدرة ولا يقنط من رحمته
إلا الضالون، الله أكبر كبيرا ولا إله إلا الله كثيرا وسبحان الله حنانا قديرا والحمد

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 348 س 23.
(2) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 149 ح 21.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 517 ح 1483.
330

لله (1)... إلى آخر الخطبة.
وصورة التكبير عقيب الصلوات في الأضحى والتشريق كصورته في الفطر
(ويزيد: ورزقنا من بهيمة الأنعام) أما تثليث التكبير أوله فمحكي عن
البزنطي (2).
وعن أبي علي في الذكرى (3) وفي المعتبر (4) والمنتهى عنه التربيع (5)، وسمعته
في حديث صلاة الرضا عليه السلام بمرو، ولعل المراد فيه التربيع في حمله الكلام على
الطريقة المروية فيه عند الوقوف على الباب.
والأكثر ومنهم المصنف في غيره (6) والمحقق في النافع على التثنية (7).
وأما الباقي فيوافق الشرائع (8) والنهاية (9) وكذا المصباح (10) ومختصره (11)
والمبسوط (12) والوسيلة (13) والجامع (14) لكن بزيادة: (ولله الحمد) قبل قوله: (الحمد
لله)، وكذا روض الجنان (15) لكن بإبدال (الحمد لله) بقوله: (ولله الحمد) وكذا
المهذب هنا وفي الحج: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد
الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام (16).

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 518 ح 1484.
(2) حكاه المحقق في المعتبر: ج 2 ص 320.
(3) ذكرى الشيعة: ص 241 س 23.
(4) المعتبر: ج 2 ص 321.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 347 س 28.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 347 س 34، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 161 س 22، مختلف
الشيعة: ج 2 ص 277.
(7) المختصر النافع: ص 38.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 276.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 539.
(10) مصباح المتهجد: ص 592.
(11) لا يوجد لدينا.
(12) المبسوط: ج 1 ص 380.
(13) الوسيلة: ص 190.
(14) الجامع للشرائع: ص 108.
(15) روض الجنان: ص 302 س 14.
(16) المهذب: ج 1 ص 123، وكتاب الحج: ج 1 ص 262.
331

والسرائر (1) والتلخيص (2) وحج النهاية (3) والمبسوط (4) والشرائع (5)
والارشاد كالكتاب، إلا أن فيها بدل (الحمد لله على ما هدانا وله الشكر على ما
أولانا الله أكبر على ما هدانا) و (الحمد لله على ما أولانا) (6)، وكذا حج التحرير (7)
لكن ليس فيه (الحمد لله على ما أولانا).
وفي المقنع (8) وحج الفقيه: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله
الحمد الله أكبر على ما هدانا والحمد لله على ما أبلانا والله أكبر على ما رزقنا من
بهيمة الأنعام (9). وبه خبر الأعمش المروي في الخصال، عن الصادق عليه السلام (10).
وفي الفقيه عن أمير المؤمنين عليه السلام (11) ما سمعته عن الخلاف.
وفي المقنعة: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله على ما رزقنا
من بهيمة الأنعام (12). وفي النافع: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر
على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام (13). وبه حسن زرارة (14)،
وصحيح ابن حازم عن الصادقين عليهما السلام (15)، إلا أن فيهما زيادة: (الله أكبر ولله
الحمد) قبل (الله أكبر على ما هدانا). وكذا رواه الحميري في قرب الإسناد عن

(1) السرائر: ج 1 ص 610.
(2) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 27 ص 567.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 539.
(4) المبسوط: ج 1 ص 380.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 276.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 336، مع تفاوت يسير.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 110 س 26.
(8) المقنع: ص 91.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 554.
(10) الخصال: ج 2 ص 609.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 518 ح 1483.
(12) المقنعة: ص 201.
(13) المختصر النافع: ص 38.
(14) وسائل الشيعة: ج 5 ص 123 ب 21 من أبواب صلاة العيد ح 2.
(15) وسائل الشيعة: ج 5 ص 124 ب 21 من أبواب صلاة العيد ح 3.
332

عبد الله بن الحسن، عن علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام (1)، والزيادة سقطت في نسخ
التهذيب، وعن الحسن والنافع مبني على نسخة، وكذا المنتهى والتذكرة.
وفي فقه القرآن للراوندي: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله
الحمد والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام (2).
وعن الحسن: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد على
ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام (3).
وعن أبي علي: يكبر أربعا ويقول: لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد الله أكبر
على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام الحمد لله على ما أبلانا (4). وبه
حسن ابن عمار، عن الصادق عليه السلام: إلا أن التكبير في أوله مرتين (5). وفي السرائر
والتلخيص ما مر بينهما بزيادة: ورزقنا من بهيمة الأنعام. وفي نهاية الإحكام (6) ما
مر عنه بهذه الزيادة.
قال في المنتهى: وهذا شئ مستحب، فتارة يزاد وتارة ينقص (7).
(ووقتها) أي صلاة العيدين (من طلوع الشمس إلى الزوال) كما في
كتب المحقق (8) والجامع (9) والجمل والعقود (10) وجمل العلم والعمل (11) والسرائر (12)
في موضع والمراسم (13)، لأنها مضافة إلى اليوم فتشرع بأوله.

(1) قرب الإسناد: ص 100.
(2) فقه القرآن: ص 300.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 276.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 321.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 124 ب 21 من أبواب الصلاة ح 4.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 67.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 347 السطر الأخير.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 100، المعتبر: ج 2 ص 310، المختصر النافع: ص 37.
(9) الجامع للشرائع: ص 107.
(10) الجمل والعقود: ص 86..
(11) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة) ص 45.
(12) السرائر: ج 1 ص 317.
(13) المراسم: ص 78.
333

وفي نهاية الإحكام: الاجماع عليه (1)، وفيها وفي غيرها الاستدلال بقول
أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: ليس يوم الفطر ولا يوم الأضحى أذان ولا إقامة،
أذانهما طلوع الشمس إذا طلعت خرجوا (2). وفيه (أن) الشرطية قرينة على أن
الطلوع وقت الخروج إلى الصلاة لا وقتها.
وفي النهاية (3) والاقتصاد (4) والمبسوط (5) والكافي (6) والغنية (7)
والوسيلة (8) والإصباح (9) وموضع من السرائر (10): إن وقتها انبساط الشمس. وقد
يعضده هذا الخبر وقول أبي جعفر عليه السلام فيما أسنده ابن طاووس في الاقبال عن
زرارة: لا تخرج من بيتك إلا بعد طلوع الشمس (11). وقول الصادق عليه السلام فيما
أسنده فيه، عن أبي بصير المرادي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج بعد طلوع
الشمس (12). وقول ياسر الخادم في حديث صلاة الرضا عليه السلام بمرو: فلما طلعت
الشمس قام عليه السلام واغتسل وتعمم (13) الخبر. وخبر سماعة: إنه سأل الصادق عليه السلام
متى نذبح؟ قال: إذا انصرف الإمام، قال: إذا كنت في أرض ليس فيها إمام فأصلي
بهم جماعة؟ فقال: إذا استقلت الشمس (14).
وذكر القاضي في شرح فصل الأوقات من جمل العلم والعمل: إن وقتها

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 56.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 56، وسائل الشيعة: ج 5 ص 101 ب 7 من أبواب صلاة العيد ح 5.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 373.
(4) الإقتصاد: ص 270.
(5) المبسوط: ج 1 ص 169.
(6) الكافي في الفقه: ص 154.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 5.
(8) الوسيلة: ص 111.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 638.
(10) السرائر: ج 1 ص 320.
(11) اقبال الأعمال: ص 281 س 1 - 3.
(12) اقبال الأعمال: ص 281 س 1 - 3.
(13) وسائل الشيعة: ج 5 ص 120 ب 19 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(14) وسائل الشيعة: ج 5 ص 135 ب 29 من أبواب صلاة العيد ح 3.
334

ارتفاع الشمس، ثم ذكر هنا. وأما وقت هذه الصلاة فقدمناه فيما تقدم ذكره،
والذي ذكره هاهنا من أنه من طلوع الشمس إلى الزوال جائز (1). وعن الحسن:
إن الوقت بعد طلوع الشمس (2).
وفي المقنعة: فإذا كان بعد طلوع الفجر اغتسلت ولبست أطهر ثيابك وتطيبت
ومضيت إلى مجمع الناس من البلد لصلاة العيد، فإذا طلعت الشمس فاصبر هنيئة
ثم قم إلى صلاتك (3). وهو قد يعطي المبادرة إليها قبل الانبساط.
ثم ما ذكره من الخروج قبل طلوعها مما وافقه عليه الشيخ الطبرسي في ظاهر
جوامع الجامع، إذ قال: كانت الطرقات في أيام السلف وقت السحر وبعد الفجر
مقتضة بالمبكرين إلى الجمعة يمشون بالسرج، وقيل: أول بدعة أحدثت في
الاسلام ترك البكور إلى الجمعة (4)، إنتهى. يخالف ما سمعته من الأخبار،
واستحباب الجلوس بعد صلاة الفجر إلى طلوع الشمس.
وفي الخلاف: الاجماع على أن وقت الخروج بعد طلوع الشمس، ونسبة
التبكير إلى الشافعي (5).
(فإن فاتت) بأن زالت الشمس ولم تصل (سقطت) وفاقا للمشهور
للأصل، وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة وحسنه: من لم يصل مع الإمام في
جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه (6).
وكما لا قضاء عليه لا يستحب له القضاء نص عليه في الخلاف (7) والكافي (8)
والمنتهى (9)، ويعطيه المعتبر للأصل (10)، وظاهر الخلاف الاجماع عليه. وقال أبو

(1) شرح جمل العلم والعمل: ص 133.
(2) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 310.
(3) المقنعة: ص 194.
(4) جوامع الجامع: ص 493 س 30.
(5) الخلاف: ج 1 ص 675 المسألة 449.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 96 و 97 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 3 و 10.
(7) الخلاف: ج 1 ص 672 المسألة 447.
(8) الكافي في الفقه: ص 155.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 343 س 16.
(10) المعتبر: ج 2 ص 311.
335

علي: إن تحققت الرواية بعد الزوال أفطروا وغدوا إلى العيد (1). واحتج له في
المختلف بقوله عليه السلام: من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته، وأجاب بأن المراد اليومية
لظهورها عند الاطلاق (2).
قلت: ويؤيده أنه لو عمم لكان القضاء هنا واجبا، وسمعت الخبرين.
وأما قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح محمد بن قيس: إذا شهد عند الإمام
شاهدان أنهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الإمام بالافطار ذلك اليوم إذا كانا
شهدا قبل زوال الشمس، فإن شهدا بعد زوال الشمس أمر الإمام بإفطار ذلك اليوم
وأخر الصلاة إلى الغد فصلى بهم (3). فكأنه حكاية لما يفعله إمام العامة.
وأما مرفوع محمد بن أحمد: إذا أصبح الناس صياما ولم يروا الهلال، وجاء
قوم عدول يشهدون على الرؤية، فليفطروا وليخرجوا من الغد أول النهار إلى
عيدهم (4). فالأمر بالخروج للتقية.
وفي المقنعة: من أدرك الإمام وهو يخطب فيجلس حتى يفرغ من خطبته ثم
يقوم فيصلي القضاء (5). وفي الوسيلة: إذا فاتت لا يلزم قضاؤها، إلا إذا وصل إلى
الخطبة وجلس مستمعا لها (6). وهو يعم ما بعد الزوال، وبه خبر زرارة، عن
الصادق عليه السلام قال، قلت: أدركت الإمام على الخطبة، قال: تجلس حتى تفرغ من
خطبته ثم تقوم فتصلي (7).
وقد يراد إن لم تزل الشمس، وبالقضاء في الكتابين الأداء إن لم تزل. وكذا
قول ابن إدريس: ليس على من فاتته صلاة العيدين مع الإمام قضاء وإن استحب

(1) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 265.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 265 - 266.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 104 ب 9 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) المقنعة: ص 200.
(6) الوسيلة: ص 111.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 99 ب 4 من أبواب صلاة العيد ح 1.
336

له أن يأتي بها منفردا (1). وقول أبي علي: من فاتته ولحق الخطبتين صلاها أربعا
كالجمعة (2).
(المطلب الثاني)
(في الأحكام)
(شرائط) وجوب صلاتي (العيدين هي شرائط) وجوب صلاة
(الجمعة) عينا كما قطع به الأصحاب للأصل والأخبار كقول الصادق عليه السلام في
صحيح الحلبي في ذلك: إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما
يصنعون يوم الجمعة (3). وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: من لم يصل مع
الإمام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه (4). وقول أحدهما عليهما السلام في
صحيح ابن مسلم: ليس صلاة إلا مع إمام (5).
وفي الخلاف: وأيضا فإذا ثبت أنها فرض وجب اعتبار العدد فيها، لأن كل
من قال بذلك اعتبر العدد، وليس في الأمة من فرق بينهما (6).
وفي المعتبر: لأن النبي صلى الله عليه وآله صلاها مع شرائط الجمعة، فيقف الوجوب على
صورة فعله، ولأن كل من قال بوجوبها على الأعيان اشترط ذلك - وقد بينا
الوجوب - فيجب الاشتراط لعدم الفارق (7). ونحوه التذكرة (8)، ونهاية
الإحكام (9). وفي المنتهى: لا خلاف فيه بين علمائنا (10).

(1) السرائر: ج 1 ص 318.
(2) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 270.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 142 ب 39 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 96 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 3 و 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 96 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 3 و 4.
(6) الخلاف: ج 1 ص 664 المسألة 437.
(7) المعتبر: ج 2 ص 309.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 157 س 21.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 55 - 56.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 342 س 14.
337

قلت: لكن ليس في المقنع (1) والمقنعة (2) إلا الإمام العادل، وفي الفقيه: إلا
الإمام العادل (3). وفي النهاية: إلا الإمام العادل أو من نصبه (4).
ثم من شروط الجمعة - على ما مر - الخطبتان، وقد عرفت عدم اشتراطهما
في العيدين، فلهذا قال: (إلا الخطبتين) وعرفت الخلاف، ولما لم يعد في
الغنية (5) والمهذب (6) والإشارة (7) وشرح جمل العلم والعمل للقاضي (8) في
شروط الجمعة إلا التمكن منهما لم يفتقر فيها إلى استثنائهما كما استغنى عنه السيد
في الجمل (9) وسلا ر (10)، لأنهما لم يعداهما من الشروط، وسيأتي احتمال
استثناء الوحدة من الشروط.
واكتفى الحسن في عدد الجمعة بخمسة، ولم يكتف هنا بأقل من سبعة، قال:
ولو كان إلى القياس لكانا جميعا سواء، ولكنه تعبد من الخالق سبحانه (11). وظاهره
كما في الذكرى: أنه، قال: ولم نقف على روايته (12).
(ومع اختلال) الشروط أو (بعضها) أو فوتها مع اجتماعها (تستحب
جماعة وفرادى) وفاقا لابن إدريس (13) والمحقق (14) والشيخ في الحائرية (15)،
لما مر من خبر زرارة، عن الصادق عليه السلام قال: أدركت الإمام على الخطبة، فقال:

(1) المقنع: ص 46.
(2) المقنعة: ص 194.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 506 ذيل الحديث 1454.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 372.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 498 س 29.
(6) المهذب: ج 1 ص 100.
(7) إشارة السبق: ص 97.
(8) شرح جمل العلم والعمل: ص 123.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 45.
(10) المراسم: ص 78.
(11) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 251.
(12) ذكرى الشيعة: ص 238 س 31.
(13) السرائر: ج 1 ص 315.
(14) المعتبر: ج 2 ص 309.
(15) لم نعثر عليه وحكاه عنه في السرائر: ج 1 ص 316.
338

تجلس حتى يفرغ من خطبته ثم تقوم فتصلي. ومرسل ابن المغيرة، عنه عليه السلام: في
صلاة الفطر والأضحى، فقال: صلهم ركعتين في جماعة وغير جماعة (1).
وخبر سماعة، عنه عليه السلام قال: فإذا كنت في أرض ليس فيها إمام، فأصلي بهم
جماعة؟ فقال: إذا استقلت الشمس. وقال: لا بأس أن تصلي وحدك ولا صلاة إلا
مع إمام (2). ولقوله عليه السلام: لا صلاة في العيدين إلا مع الإمام، فإن صليت وحدك
فلا بأس (3).
وفي صحيح ابن سنان: من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل
وليتطيب بما وجد وليصل في بيته وحده كما يصلي في جماعة (4). وخبر الحلبي:
إنه عليه السلام سئل عن الرجل لا يخرج في يوم الفطر والأضحى عليه صلاة وحده؟
قال: نعم (5). وخبر ابن أبي قرة المروي في الاقبال مسندا عنه عليه السلام: إنه سئل عن
صلاة الأضحى والفطر، قال: صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة (6).
وقال الحسن: من فاتته الصلاة مع الإمام لم يصلها وحده (7). وفي المقنع: ولا
تصليان إلا مع الإمام في جماعة، ومن لم يدرك الجماعة فلا صلاة له (8). وذلك
لقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: لا صلاة يوم الفطر والأضحى إلا مع
إمام (9). وفي بعض نسخ الفقيه: مع إمام عادل (10). وفي صحيحه وحسنه أيضا: من لم

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 99 ب 5 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 135 ب 29 من أبواب صلاة العيد ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 96 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 98 ب 1 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 98 ب 3 من أبواب صلاة العيد ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 98 ب 4 من أبواب صلاة العيد ح 4.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 263.
(8) المقنع: ص 46.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 95 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 506 ح 1456.
339

يصل مع الإمام في جماعة فلا صلاة له (1). وفي خبره ومعمر بن يحيى المروي في
ثواب الأعمال للصدوق: لا صلاة يوم الفطر والأضحى إلا مع إمام (2).
وصحيح ابن مسلم: إنه سأل أحدهما عليهما السلام عن الصلاة يوم الفطر والأضحى،
فقال: ليس صلاة إلا مع إمام (3). وقول أحدهما عليهما السلام في خبر زرارة: إنما صلاة
العيدين على المقيم، ولا صلاة إلا بإمام (4). وقول الصادق عليه السلام في خبر هارون بن
حمزة الغنوي: الخروج يوم الفطر ويوم الأضحى إلى الجبانة حسن لمن استطاع
الخروج إليها، قال: أرأيت إن كان مريضا لا يستطيع أن يخرج، أيصلي في بيته؟
قال: لا (5).
والجواب: أن المراد أنه لا صلاة واجبة إلا بالإمام، بقرينة ما تقدم من الأخبار.
وقال الحلبي: فإن اختل شرط من شرائط العيد سقط فرض الصلاة وقبح
الجمع فيها مع الاختلال، وكان كل مكلف مندوبا إلى هذه الصلاة في منزله،
والاصحار بها أفضل (6)، إنتهى.
وهو ظاهر المقنعة (7) والتهذيب (8) والمبسوط (9) والناصرية (10) وجمل العلم
والعمل (11) والاقتصاد (12) والمصباح (13) ومختصره (14) والجمل والعقود (15). وخبر

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 96 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 3.
(2) ثواب الأعمال: ص 103 ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 96 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 97 ب 2 من أبواب صلاة العيد ح 7.
(5) المصدر السابق ح 8.
(6) الكافي في الفقه: ص 154.
(7) المقنعة: ص 200.
(8) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 135 ذيل الحديث 296.
(9) المبسوط: ج 1 ص 169.
(10) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 239 المسألة 110.
(11) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 44.
(12) الإقتصاد: ص 270 - 271.
(13) مصباح المتهجد: ص 598.
(14) لم يوجد لدينا.
(15) الجمل والعقود: ص 85.
340

عمار: إنه سأل الصادق عليه السلام هل يؤم الرجل بأهله في صلاة العيدين في السطح أو
البيت؟ قال: لا يؤم بهن ولا يخرجن (1). واستدل له ابن إدريس بأنها حينئذ تكون مندوبة، ولا جماعة في المندوبات
إلا صلاة الاستسقاء. وأجاب بأن ذلك فيما لا تجب في وقت وهذه أصلها
الوجوب. قال: وأيضا فإجماع أصحابنا يدمر ما تعلق به، وهو قولهم بأجمعهم
يستحب في زمان الغيبة لفقهاء الشيعة أن يجمعوا صلوات الأعياد (2). وذكر أن
مراد الأصحاب بفعلها على الانفراد انفرادها عن الشرائط لا عدم الاجتماع، وأنه
اشتبه ذلك على الحلبي من قلة تأمله.
قال في المختلف: وتأويل ابن إدريس بعيد (3).
قلت: الأولى أن يقال: إنهم إنما أرادوا الفرق بينها وبين صلاة الجمعة
باستحباب صلاتهما منفردة، بخلاف صلاة الجمعة كما هو نص المراسم (4)،
واحتاجوا إلى ذلك، إذ شبهوها بها في الوجوب إذا اجتمعت الشرائط.
قال: قال القطب الراوندي: من أصحابنا من ينكر الجماعة في صلاة العيد سنة
بلا خطبتين، ثم قال: قال القطب الراوندي: الإمامية يصلون هاتين الصلاتين
جماعة، وعملهم حجة (5).
قلت لم يدل على أنه لا يراهم يصلونها إلا مستحبين لها.
(وتجب) صلاة العيدين (على كل من تجب عليه) الجمعة إذا اجتمعت
شرائط الوجوب بالنصوص والاجماع، فإنها - عندنا - واجبة على الأعيان، خلافا
لأحمد، فأوجبها على الكفاية (6)، ولمالك (7) وأكثر الشافعية فاستحبوها (8).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 134 ب 28 من أبواب صلاة العيد ح 2.
(2) السرائر: ج 1 ص 316.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 263.
(4) المراسم: ص 78.
(5) مختلف الشيعة: ج 2 ص 263.
(6) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 223، الشرح الكبير: ج 2 ص 223.
(7) بداية المجتهد: ج 1 ص 221، المجموع: ج 5 ص 2.
(8) المجموع: ج 5 ص 2.
341

وتسقط عمن تسقط عنه كذا في الخلاف (1) والنهاية (2) والمبسوط (3) والجمل
والعقود (4) والمهذب (5) والسرائر (6) والوسيلة (7) والجامع (8) والإصباح (9) ونهاية
الإحكام (10). وفي المنتهى: الذكورة والعقل والحرية والحضر شروط فيها، ولا
نعرف فيه خلافا (11).
قلت: بالسقوط عن المسافر أخبار، كقول الصادق عليه السلام في صحيح ربعي
وفضيل: ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا أضحى (12). وقول أحدهما عليهما السلام في
خبر زرارة: إنما صلاة العيدين على المقيم (13). ولكن في صحيح سعد بن سعد:
إنه سأل الرضا عليه السلام عن المسافر إلى مكة وغيرها هل عليه صلاة العيدين
الفطر والأضحى؟ قال: نعم، إلا بمنى يوم النحر (14). ويحمل على الاستحباب.
وبالسقوط عن المرأة أيضا أخبار كخبر محمد بن شريح: إنه سأل
الصادق عليه السلام عن خروج النساء في العيدين، فقال: لا، إلا العجوز عليها
منقلاها، يعني الخفين (15). وخبر عمار: إنه سأله عليه السلام هل يؤم الرجل بأهله في
صلاة العيدين في السطح أو في بيت؟ فقال: لا يؤم بهن ولا يخرجن، وليس
على النساء خروج (16).

(1) الخلاف: ج 1 ص 651 المسألة 423.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 372.
(3) المبسوط: ج 1 ص 169.
(4) الجمل والعقود: ص 85.
(5) المهذب: ج 1 ص 118.
(6) السرائر: ج 1 ص 315.
(7) الوسيلة: ص 111.
(8) الجامع للشرائع: ص 106.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 638.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 56.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 342 س 29.
(12) وسائل الشيعة: ج 5 ص 104 ب 8 من أبواب صلاة العيد ح 4.
(13) وسائل الشيعة: ج 5 ص 103 ب 8 من أبواب صلاة العيد ح 2.
(14) وسائل الشيعة: ج 5 ص 104 ب 8 من أبواب صلاة العيد ح 3.
(15) وسائل الشيعة: ج 5 ص 134 ب 28 من أبواب صلاة العيد ح 3.
(16) المصدر السابق ح 2.
342

ولكن روى الحميري في قرب الإسناد عن عبد الله بن الحسن، عن جده علي
ابن جعفر أنه سأل أخاه عن النساء هل عليهن من صلاة العيدين والجمعة ما على
الرجال؟ قال: نعم (1).
وفي الذكرى: روى أبو إسحاق بن إبراهيم الثقفي في كتابه بإسناده عن
علي عليه السلام أنه قال: لا تحبسوا النساء عن الخروج إلى العيدين فهو عليهن
واجب (2).
وفي المبسوط (3) والسرائر (4): لا بأس بخروج العجائز ومن لا هيئة لهن من
النساء في صلاة الأعياد ليشهدن الصلاة، ولا يجوز ذلك لذوات الهيئات منهن
والجمال. ونحو منهما الإصباح (5)، وهو ظاهر المهذب (6).
ولا ينافيه قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان إنما رخص رسول الله صلى الله عليه وآله
للنساء العواتق في الخروج في العيدين للتعرض في الرزق (7). فإنه نص على أن
الرخصة لم تكن للخروج للصلاة.
وقال أبو علي: تخرج إليها النساء العواتق والعجائز (8). قال الشهيد: ونقله
الثقفي عن نوح بن دراج من قدماء علمائنا (9).
(والأقرب وجوب التكبيرات الزائدة) على تكبيرات اليومية وفاقا لنص
أبي علي (10)، وظاهر الأكثر للتأسي وظاهر الأخبار، وخلافا للتحرير (11) ولابني

(1) قرب الإسناد: ص 100.
(2) ذكرى الشيعة: ص 239 س 6.
(3) المبسوط: ج 1 ص 171.
(4) السرائر: ج 1 ص 320.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 638.
(6) المهذب: ج 1 ص 123.
(7) 1302 وسائل الشيعة: ج 5 ص 133 ب 28 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 273.
(9) ذكرى الشيعة: ص 239 س 8.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 257.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 46 س 9.
343

سعيد (1) والشيخ في التهذيب للأصل (2)، وخبر هارون بن حمزة أنه سأل
الصادق عليه السلام عن التكبير في الفطر والأضحى، فقال: خمس وأربع، ولا يضرك إذا
انصرفت على وتر (3). وليس نصا في إجزاء كل وتر.
وخبر عيسى بن عبد الله، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: ما كان يكبر
النبي صلى الله عليه وآله في العيدين إلا تكبيرة واحدة حتى أبطأ عليه لسان الحسين عليه السلام،
فلما كان ذات يوم عيد ألبسته أمه وأرسلته مع جده فكبر رسول الله صلى الله عليه وآله فكبر
الحسين عليه السلام حتى كبر النبي سبعا، ثم قام في الثانية فكبر النبي صلى الله عليه وآله وكبر
الحسين عليه السلام حتى كبر خمسا فجعلها رسول الله صلى الله عليه وآله سنة، وثبتت السنة إلى
يوم القيامة (4). ولا يتعين عدم الوجوب.
وصحيح زرارة: إن عبد الملك بن أعين سأل أبا جعفر عليه السلام عن الصلاة في
العيدين، فقال: الصلاة فيهما سواء يكبر الإمام تكبير الصلاة قائما كما يصنع في
الفريضة ثم يزيد في الركعة ثلاث تكبيرات، وفي الأخرى ثلاثا سوى تكبير
الصلاة والركوع والسجود، وإن شاء ثلاثا وخمسا، وإن شاء خمسا وسبعا بعد أن
يلحق ذلك إلى الوتر (5). ويحتمل بيان صلاة العامة كما في الإستبصار (6)، على أنه
لا ينفى وجوب ثلاث تكبيرات، لكن لا قائل بوجوبها خاصة.
(و) الأقرب وجوب (القنوت بينها) كما في الإنتصار (7) صريحا، وظاهر
الكافي (8) وغيره، للتأسي وظاهر الأخبار. وفي الإنتصار: الاجماع، خلافا

(1) الجامع للشرائع: ص 107، المعتبر: ج 2 ص 314.
(2) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 134 ذيل الحديث 290.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 108 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 14.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 108 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 15.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 109 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 17.
(6) الإستبصار: ج 1 ص 448 ذيل الحديث 1732.
(7) الإنتصار: ص 57.
(8) الكافي في الفقه: ص 154.
344

للخلاف (1) وابني سعيد (2) والتحرير (3) للأصل، وعدم نصوصية الأخبار،
والصلوات في الوجوب، وخصوص ظاهر قوله في مضمر سماعة: وينبغي أن
يقنت بين كل تكبيرتين ويدعو الله (4). وفي بعض النسخ: وينبغي أن يتضرع،
ولاستلزام استحباب التكبيرات استحبابه.
وعلى الوجوب هل يتعين له لفظ؟ قال الحلبي: يلزمه أن يقنت بين كل
تكبيرتين، فيقول: اللهم أهل الكبرياء والعظمة، وأهل العزة والجبروت، وأهل
القدرة والملكوت، وأهل الجود والرحمة، وأهل العفو والعافية، أسألك بهذا
اليوم الذي عظمته وشرفته، وجعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا ومزيدا،
أن تصلي على محمد وآل محمد، وأن تغفر لنا وللمؤمنين والمؤمنات وتجعل لنا
من كل خير قسمت فيه حظا ونصيبا (5).
وقال ابن زهرة: ويقنت بين كل تكبيرتين بما تذكره، بدليل الاجماع الماضي
ذكره - يعني إجماع الطائفة - ثم ذكر هذه الدعاء، وزاد في آخره: برحمتك يا
أرحم الراحمين (6). ولم أظفر بخبر يتضمن هذا القنوت.
وقال المفيد: ثم كبر تكبيرة ثانية ترفع بها يديك، واقنت بعدها فتقول: أشهد
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم أنت أهل
الكبرياء والعظمة، وأهل الجود والجبروت، وأهل العفو والرحمة، وأهل التقوى
والمغفرة، أسألك في هذا اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا
ومزيدا، أن تصلي على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت على عبد من عبادك،

(1) الخلاف: ج 1 ص 661 المسألة 433.
(2) الجامع للشرائع: ص 107، المعتبر: ج 2 ص 313.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 46 س 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 109 ب 10 من أبواب صلاة العيد ح 19.
(5) الكافي في الفقه: ص 154.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 499 س 31 - 37.
345

وصل على ملائكتك ورسلك، واغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين
والمسلمات الأحياء منهم والأموات، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبادك
المرسلون وأعوذ بك من شر ما عاذ منه عبادك المرسلون، ثم تكبر تكبيرة ثالثة
وتقنت بهذا القنوت إلى آخر ما قال (1). وكذا القاضي في المهذب (2).
وقال في شرح جمل العلم والعمل: وأما القنوت الذي يقنت به بين كل
تكبيرتين فهو: أشهد أن لا إله إلا الله... إلى آخر ما مر (3).
وبهذا القنوت خبر جابر، عن أبي جعفر عليه السلام (4). وبه خبر محمد بن عيسى بن
أبي منصور، عن الصادق عليه السلام (5)، لكن ليس فيه شهادتان.
وقال الشيخ في المصباح: فإذا كبر قال: اللهم أهل الكبرياء والعظمة، وأهل
الجود والجبروت، وأهل العفو والرحمة، وأهل التقوى والمغفرة أسألك بحق هذا
اليوم الذي جعلته للمسلمين عيدا ولمحمد صلى الله عليه وآله ذخرا ومزيدا، أن تصلي على
محمد وآل محمد، وأن تدخلني في كل خير أدخلت فيه محمدا وآل محمد، وأن
تخرجني من كل سوء أخرجت منه محمد وآل محمد، اللهم إني أسألك خير ما
سألك به عبادك الصالحون، وأعوذ بك مما استعاذ منه عبادك الصالحون. وذكر أنه
يفصل بين كل تكبيرتين بهذا الدعاء (6). ولم أظفر بخبر يتضمنه.
والأقرب عدم التعين وفاقا له في سائر كتبه (7) والصدوق (8) والفاضلين (9)

(1) المقنعة: ص 194.
(2) المهذب: ص 122.
(3) شرح جمل العلم والعمل: ص 131.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 131 ب 26 من أبواب صلاة العيد ح 3.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) مصباح المتهجد: ص 598.
(7) المبسوط: ج 1 ص 170، النهاية ونكتها: ج 1 ص 374، الخلاف: ج 1 ص 661 المسألة
433، الإقتصاد: 271، الجمل والعقود: ص 86.
(8) المقنع: ص 46، الهداية: ص 53.
(9) المعتبر: ج 2 ص 313، نهاية الإحكام: ج 2 ص 59.
346

والأكثر للأصل، وصحيح محمد بن مسلم: إنه سأل أحدهما عليهما السلام عن ذلك، فقال:
ما شئت من الكلام الحسن (1). وقال الصادق عليه السلام في خبر بشر بن سعيد: تقول في
دعاء العيدين بين كل تكبيرتين: الله ربي، والإسلام ديني أبدا، وعلي وليي أبدا،
والأوصياء أئمتي أبدا - وتسميهم إلى آخرهم - ولا أحد إلا الله (2).
(ويحرم السفر بعد طلوع الشمس قبلها على المكلف بها) وجوبا
سفرا يفوتها عليه إلى مسافة أو لا إليها، لتعلق وجوبها به.
(ويكره بعد الفجر) قبل طلوع الشمس، لقول الصادق عليه السلام في صحيح أبي
بصير المرادي: إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت بالبلد فلا
تخرج حتى تشهد ذلك العيد (3). وحمله على الكراهية، لأن وقت الصلاة إنما
يدخل بعد طلوع الشمس.
وظاهر القاضي الحرمة (4)، وأطلق الحلبيان عدم الجواز (5)، كما أطلق الشيخ
الكراهية في المبسوط (6)، ووافق المصنف ابن إدريس (7) والمحقق (8) في
التفصيل. ولما ذكر الحلبيان عدم الجواز قبل صلاة العيد الواجبة جاز أن يريدا
بعد طلوع الشمس، إذ لا وجوب لها قبله.
قال في التذكرة (9) ونهاية الإحكام (10): لا بأس به قبل طلوع الفجر اجماعا.
وفي نهاية الإحكام: أما من كان بينه وبين العيد ما يحتاج معه إلى السعي قبل

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 131 ب 26 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(2) المصدر السابق ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 133 ب 27 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(4) المهذب: ج 1 ص 123.
(5) الكافي في الفقه: ص 155، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 7.
(6) المبسوط: ج 1 ص 171.
(7) السرائر: ج 1 ص 320.
(8) المعتبر: ج 2 ص 325.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 162 س 16.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 57.
347

طلوع الشمس ففي تسويغ السفر له نظر، أقربه المنع (1).
(و) يكره (الخروج) إلى الصلاة (بالسلاح لغير حاجة) لقول أبي
جعفر عليه السلام في خبر السكوني: نهى النبي صلى الله عليه وآله أن يخرج السلاح في العيدين،
إلا أن يكون عدو حاضر، كذا في الكافي (2) وفي التهذيب (3)، إلا أن يكون
عذر ظاهر.
(و) يكره (التنفل) أداء وقضاء (قبلها وبعدها) إلى الزوال وفاقا
للمشهور، للأخبار، كخبر الحلبي: إنه سأل الصادق عليه السلام عن صلاة العيدين هل
قبلهما صلاة أو بعدهما؟ قال: ليس قبلهما ولا بعد هما شئ (4). وقوله عليه السلام في
صحيح ابن سنان: ليس قبلهما ولا بعد هما شئ (5). وقول الصادقين عليهما السلام في
صحيح زرارة: لا تقضي وتر ليلتك إن كان فاتك حتى تصلي الزوال في يوم
العيدين (6). ولولاه أمكن أن يكون معنى تلك الأخبار أنه لم يوظف في
العيدين قبل صلاتهما صلاة.
(إلا في مسجد النبي صلى الله عليه وآله) بالمدينة (فإنه يصلي قبلها فيه ركعتين)
لقول الصادق عليه السلام في خبر محمد بن الفضل الهاشمي: ركعتان من السنة ليس
تصليان في موضع إلا في المدينة، قال: يصلي في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله في
العيد قبل أن يخرج إلى المصلى، ليس ذلك إلا بالمدينة، لأن رسول الله صلى الله عليه وآله
فعله (7).
وألحق به الكندري المسجد الحرام (8)، وأبو علي معه كل مكان شريف، قال:

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 57.
(2) الكافي: ج 3 ص 460 ح 6.
(3) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 137 ح 305.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 102 ب 7 من أبواب صلاة العيد ح 6.
(5) المصدر السابق: ح 7.
(6) المصدر السابق: ح 9.
(7) المصدر السابق: ح 10.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 638.
348

ولا يستحب التنفل قبل الصلاة ولا بعدها للمصلي في موضع التعبد، فإن كان
الاجتياز لمكان شريف كالمسجد الحرام أو مسجد النبي فلا أحب اخلائه من
ركعتين قبل الصلاة وبعدها، وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وآله
كان يفعل ذلك في البدأة والرجعة في مسجده (1)، إنتهى.
قال الشهيد: وهذا كأنه قياس، وهو مردود (2).
واحتج المصنف له في المختلف بتساوي المسجدين في أكثر الأحكام
وبتساوي الابتداء والرجوع، وأجاب بمنع التساوي في المقامين للحديث (3).
قلت: بل دليله عموم أدلة استحباب صلاة التحية، ولا يصلح ما ورد هنا
لتخصيصها، فإن الأخبار هنا إنما دلت على أنه لم يرتب في ذلك اليوم نافلة
إلى الزوال، وأن الراتبة لا تقضى فيه قبل الزوال، وذلك لا ينافي التحية إذا
اجتاز بمسجد بد أو عودا. وخبر الهاشمي أفاد استحباب اتيان مسجده صلى الله عليه وآله
والصلاة فيه، وعدم استحباب مثله في غير المدينة، وهو أمر وراء صلاة التحية
إن اجتاز بمسجد، وإن فهم منه ابن إدريس استحباب الصلاة إن اجتاز به (4).
واستحب المصنف في النهاية (5) والتذكرة (6) صلاة التحية إن صليت صلاة العيد
في المسجد كالمحقق في المعتبر لعموم استحبابها (7)، واختار في المنتهى العدم (8)،
لعموم النهي عن التطوع إلا في مسجد الرسول.
قلت: وسمعت مني أنه لا ينفى التحية.
وأطلق الشيخ في الخلاف كراهية التنفل، وادعى الاجماع عليه (9). ولم يجزه

(1) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 268.
(2) ذكرى الشيعة: ص 239 س 37.
(3) مختلف الشيعة: ج 1 ص 269.
(4) السرائر: ج 1 ص 317.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 58.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 162 س 2.
(7) المعتبر: ج 2 ص 324.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 346 س 4.
(9) الخلاف: ج 1 ص 665 المسألة 438.
349

الحلبيان (1) والقاضي (2) وابن حمزة (3) في غير المدينة، لظاهر النفي والنهي في
الأخبار (4) من غير معارض.
واقتصر الصدوق في الهداية على نفي الصلاة بعدها إلى الزوال (5)، وسلف أنه
روى في ثواب الأعمال: صلاة أربع ركعات يوم الفطر بعد صلاة الإمام (6)،
وأنه خصها بما إذا كان الإمام مخالفا.
(ولا ينقل المنبر) إلى المصلى (بل يعمل) فيه (منبر من طين) قال
في المنتهى: بلا خلاف (7)، وفي التذكرة (8) ونهاية الإحكام (9): عليه إجماع
العلماء. وفي المعتبر: إن كراهية النقل فتوى العلماء وعمل الصحابة (10).
وقال الصادق عليه السلام في خبر إسماعيل بن جابر: لا يحرك المنبر من موضعه،
ولكن يصنع شبه المنبر من طين يقوم عليه فيخطب الناس (11).
(وتقديم الخطبتين) على الصلاة (بدعة) ابتدعه عثمان، لما أحدث
أحداثه كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا، فلما رأى ذلك قدمهما
واحتبس الناس للصلاة. قال المحقق: وقيل: إن أول من قدم الخطبة مروان (12).
(واستماعهما مستحب) غير واجب للأصل والاجماع على ما مر، وما مر
من قوله عليه السلام: إنا نخطب فمن أحب أن يجلس فليجلس، ومن أحب أن يذهب
فليذهب (13). وسمعت قول الحلبي: وليصغوا إلى خطبته (14).

(1) الكافي في الفقه: ص 155، والغنية (الجوامع الفقهية): 500 س 5.
(2) المهذب: ج 1 ص 123.
(3) الوسيلة: ص 111.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 101 ب 7 من أبواب صلاة العيد.
(5) الهداية: ص 54.
(6) ثواب الأعمال: ص 102 ح 1.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 345 س 36.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 160 س 25.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 65.
(10) المعتبر: ج 2 ص 325.
(11) وسائل الشيعة: ج 5 ص 137 ب 33 من أبواب صلاة العيد ح 1.
(12) المعتبر: ج 2 ص 324
(13) سنن ابن ماجة: ج 1 ص 410 ح 1290.
(14) الكافي في الفقه: ص 154.
350

(ويتخير حاضر) صلاة (العيد) من المأمومين (في حضور) صلاة
(الجمعة لو اتفقا) وفاقا للمشهور للأخبار (1). وفي الخلاف الاجماع (2)، وظاهر
أبي علي اختصاصه بمن منزله قاص (3)، وجعل في الشرائع أشبه (4)، لقول أمير
المؤمنين عليه السلام في خبر إسحاق: إذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فإنه ينبغي
للإمام أن يقول للناس في خطبته الأولى قد اجتمع لكم عيدان فأنا أصليهما
جميعا، فمن كان مكانه قاصيا فأحب أن ينصرف عن الآخر فقد أذنت له (5). وهو
خيرة التحرير، فخصه بأهل السواد (6). يعني القرى.
قال الشهيد: إلا أن القرب والبعد من الأمور الإضافية، فيصدق القاصي على
من بعد بأدنى بعد، فيدخل الجميع إلا من كان مجاورا للمسجد. قال: وربما صار
بعض إلى تفسير القاصي بأهل القرى دون أهل البلد، لأنه المتعارف (7).
ولم يخيرهم القاضي (8) ولا الحلبيان، لعموم أدلة الوجوب والاحتياط،
وضعف أكثر أخبار التخيير (9).
(و) يجب (على الإمام الحضور) وفاقا للسيد (10) والمحقق (11) للأصل من
غير معارض، وقول أمير المؤمنين عليه السلام فيما سمعته: فأنا أصليهما.
(و) ينبغي له (الاعلام) بالتخيير كما في خبر إسحاق الذي سمعته.
(ولو أدرك الإمام راكعا تابعه) على المختار من إدراك الركعة بإدراكه

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 115 ب 15 من أبواب صلاة العيد.
(2) الخلاف: ج 1 ص 673 المسألة 448.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 260.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 102.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 116 ب 15 من أبواب صلاة العيد ح 3.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 46 س 27.
(7) ذكرى الشيعة: ص 243 س 13.
(8) المهذب: ج 1 ص 123.
(9) الكافي في الفقه: ص 155، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 8.
(10) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 327 (11) المعتبر: ج 1 ص 327.
.
351

راكعا (وسقط التكبير) الزائد رأسا وهو الخمس، كما تسقط القراءة فيها وفي
سائر الصلوات.
(وكذا يسقط الفائت) من الخمس (لو أدرك البعض) كل ذلك لفوت
المحل. وإن تمكن من التكبيرات ولا لوجوب القنوت، فلا يكون التكبير الثاني
في محله إذا ولى الأول. وأوجب أبو حنيفة التكبير في الركوع (1) لكونه بمنزلة
القيام.
وهل يقضي ما سقط بعد التسليم؟ قال به الشيخ (2)، ونفاه الفاضلان (3)، وهو
الأقوى للأصل، كما لا يقضي ذكر الركوع إذا فات.
(ويحتمل) وجوب (التكبير ولا) أي (من غير قنوت إن أمكن)
كما في المبسوط (4)، لأن كلا من التكبير والقنوت واجب مغاير للآخر، فلا
يسقط الميسور منهما بالمعسور.
واحتمل الشهيد (5) وجوب الانفراد، لأن التكبير والقنوت من الأجزاء الواجبة،
ولا دليل على أن الإمام يتحملهما كالقراءة والاقتداء، وإن وجب لكنه ليس
جز من الصلاة. وفيه أن هذه الصلاة لا تجب على المنفرد.
(ويبني الشاك في العدد) للتكبيرات قبل الركوع (على الأقل) كما في
المعتبر (6) للأصل من غير معارض.
(وأقل ما يكون بين فرضي العيدين ثلاثة أميال كالجمعة) كما في
الكافي (7) والغنية (8) (على إشكال) من انتفاء النص والاجماع وأصل الجواز

(1) فتح العزيز (بهامش المجموع): ج 5 ص 61.
(2) المبسوط: ج 1 ص 171.
(3) المعتبر: ج 1 ص 315، ومنتهى المطلب: ج 1 ص 344 س 9.
(4) المبسوط: ج 1 ص 171.
(5) ذكرى الشيعة: ص 242 س 36.
(6) المعتبر: ج 2 ص 315.
(7) الكافي في الفقه: ص 154.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 7.
352

وعدم الاشتراط، ومن اطلاق الأصحاب أن شرائطهما شرائط الجمعة، وأنهما
أولى بالاشتراط، لأن اجتماع الناس في السنة مرتين أكثر، ولم ينقل عيدان في
بلد في عهده صلى الله عليه وآله.
وصحيح ابن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال الناس لأمير المؤمنين عليه السلام:
ألا تخلف رجلا يصلي في العيدين؟ فقال: لا أخالف السنة (1). وقطع به الشهيد
وقال: لا وجه للتوقف في هذا (2). أما نفلاهما والفرض والنفل فلا اشتراط بلا
إشكال.

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 119 ب 17 من أبواب صلاة العيد ح 9.
(2) ذكرى الشيعة: ص 240 س 24.
353

(الفصل الثالث)
(في) صلاة (الكسوف)
وغيره من الآيات. ويجوز تسمية كل صلاة بهذه الهيئة صلاة الكسوف وإن
كانت لغيره من الآيات.
(وفيه مطلبان):
(الأول):
(الماهية)
(وهي ركعتان) كما في المقنعة (1) والسرائر (2) والمعتبر (3) (في كل ركعة
خمس ركوعات وسجدتان) فإن الركعة وإن كانت في اللغة بمعنى الركوع
الواحد، لكن عرف الشرع جعلها بمعنى ما ينتهي بسجدتين.
ويكتفي فيه بالفاتحة مرة، ويؤكده أن لا تسميع إلا في الرفع من الركوع
الخامس، فالركوعات كسائر الأفعال في أن الشك فيها كالشك فيها، لأصل
الصحة، والبرأة من الإعادة، وتبادر ما عرفت من لفظ الركعة، وخبري ابن

(1) المقنعة: ص 209.
(2) السرائر: ج 1 ص 323.
(3) المعتبر: ج 2 ص 333.
354

سنان (1) والقداح، عن الصادق عليه السلام: إن الشمس انكسفت في زمن رسول الله صلى الله عليه وآله
فصلى بالناس ركعتين (2).
وظاهر عبارة الأكثر من الأخبار والأصحاب أنها عشر ركعات. وفي
الوسيلة: إنها عشر ركعات أو ركعتان (3). ويأتي فصل القول في الشك فيها إن شاء
الله، ولا خلاف عندنا في أن الركوعات فيها عشر والسجدات أربع.
وأما خبر أبي البختري، عن الصادق عليه السلام: إن عليا عليه السلام صلى في كسوف
الشمس ركعتين في أربع سجدات وأربع ركعات، قام فقرأ ثم ركع ثم رفع رأسه ثم
قراء ثم ركع ثم قام فدعا مثل ركعته ثم سجد سجدتين ثم قام، ففعل مثل ما فعل في
الأولى في قرائته وقيامه وركوعه وسجوده سواء (4).
وخبر يونس بن يعقوب عنه عليه السلام أنه قال: انكسف القمر وخرج أبي
وخرجت معه إلى المسجد الحرام فصلى ثمان ركعات كما يصلي ركعة
وسجدتين (5). فإن سلما فليسا نصين في أن الصلاتين للكسوف مع احتمال التقية.
وكيفيتها أن (يكبر للافتتاح، ثم يقرأ الحمد وسورة، ثم يركع ويقوم)
من الركوع (فيقرأ الحمد) مرة أخرى (وسورة، وهكذا خمسا، ثم يسجد
سجدتين ثم) يقوم إلى الركعة الثانية و (يصنع في الثانية كذلك) إلا في
التكبير للافتتاح (ويتشهد) بعد ذلك (ويسلم).
ولم يوجب ابن إدريس الحمد إلا مرتين في كل ركعة مرة (6) للأصل،
ويعارضه التأسي والأخبار (7)، وفتوى الأصحاب وعملهم. وإن احتج بقول

(1) لم نعثر على خبر ابن سنان هذا في الكتب الروائية لكن نقله الشهيد في ذكرى الشيعة: ص
245 س 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 154 ب 9 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 1.
(3) الوسيلة: ص 112.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 150 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 4.
(5) المصدر السابق ح 5.
(6) السرائر: ج 1 ص 323.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 149 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات.
355

الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان: انكسفت الشمس على عهد رسول الله
فصلى ركعتين، قام في الأولى فقرأ سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ
سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع، فعل ذلك خمس
ركعات قبل أن يسجد ثم سجد سجدتين ثم قام في الثانية ففعل ذلك (1).
قلنا: لم يذكر فيه الحمد رأسا فإنما تركت، لأنها لم تقصد بالذكر.
(ولو قراء بعد الحمد بعض السورة وركع) جاز و (قام فأتم السورة)
(أو) قراء (بعضها) ولم يتمها (من غير فاتحة) نطقت بجميع ذلك الأخبار (2)
وأفتى به الصدوق (3) والشيخ (4)، ومن بعده من الأصحاب.
ولا يجوز مع التبعيض تكرير الفاتحة، للنهي عنه في أخبار (5)، إلا إذا أتم
السورة، فإذا ابتداء بعد ذلك بسورة قراء الحمد قبلها، لقول الصادق عليه السلام في صحيح
الحلبي: وإن قرأت نصف سورة أجزأك أن لا تقرأ فاتحة الكتاب إلا في أول ركعة
حتى تستأنف أخرى (6). وقول الرضا عليه السلام للبزنطي: إذا أختمت سورة وبدأت
بأخرى فاقرأ فاتحة الكتاب، وإن قرأت سورة في ركعتين أو ثلاث فلا تقرأ بفاتحة
الكتاب حتى تختم السورة (7).
وهل تجب قراءة سورة كاملة في مجموع الخمس؟ قربه في النهاية (8)
والتذكرة (9)، لصيرورتها حينئذ بمنزلة ركعة.
قلت: لكن في وجوب سورة في ركعة كل صلاة واجبة نظر.

(1) لم نعثر عليه في الكتب الروائية وحكاه الشهيد في ذكرى الشيعة: ص 245 س 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 149 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات.
(3) المقنع: ص 44.
(4) المبسوط: ج 1 ص 173.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 149 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 151 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 7.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 153 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 13.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 73.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 163 س 18.
356

قال: وهل يجوز أن يقرأ سورتين أو ثلاثا؟ إشكال، ينشأ من تجويز قراءة
خمس وسورة فجاز الوسط، ومن كونها بمنزلة ركعة فلا يجوز الزيادة، أو خمس
فيجب الخمس، والأقرب الجواز (1).
قلت: للأصل، وخبر البزنطي الذي سمعته، وقول الصادق عليه السلام في صحيح
الحلبي: وإن شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة (2). ومضمر أبي بصير: فليقرأ
ستين آية في كل ركعة (3).
قال: الأقرب جواز أن يقرأ في الخمس سورة وبعض أخرى (4).
قلت: للأصل من غير معارض، مع تجويز خمسة أنصاف في صحيح الحلبي.
قال: فإذا قام إلى الثانية ابتداء بالحمد وجوبا، لأنه قيام عن سجود، فوجب
فيه الفاتحة ثم يبتدئ بسورة من أولها، ثم إما أن يكملها أو يقرأ بعضها، ويحتمل
أن يقرأ من الموضع الذي إنتهى إليه أولا، من غير أن يقرأ الحمد، لكن يجب أن
يقرأ الحمد في الركعة الثانية بحيث لا يجوز له الاكتفاء بالحمد مرة في الركعتين
معا (5).
قلت: وسورة أخرى بناء على ما تقدم، وضعف في النهاية (6) هذا الاحتمال.
وإذا قراء في القيام الأول الحمد وبعض سورة، فهل عليه في القيام الثاني
القراءة من الموضع الذي إنتهى إليه، أو يجوز من أي موضع منها أو من غيرها
وإعادة ما قرأه أولا وحده، أو إلى آخر السورة؟ وجهان، والأول أحوط كما في
التذكرة (7) ونهاية الإحكام (8)، لقول أبي جعفر 7 في حسن زرارة ومحمد بن

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 163 س 19.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 151 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 7.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 149 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 2.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 163 س 20.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 163 س 20.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 73.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 163 س 16.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 72.
357

مسلم: فإن نقصت من السورة شيئا فاقرأ من حيث نقصت (1).
وإذا ابتداء في القيام الثاني بسورة أخرى أو بأول ما قرأها أولا وجب عليه
إعادة الحمد كما في المبسوط (2) والوسيلة (3)، على إشكال كما في التذكرة (4)
ونهاية الإحكام (5) من الاشكال في أن موجب الحمد في غير القيام الأول ابتداء
سورة أو ختم سورة.
ففي صحيح الحلبي، عن الصادق عليه السلام: وإن قرأت نصف سورة أجزأك أن لا
تقرأ فاتحة الكتاب إلا في أول ركعة حتى تستأنف أخرى (6). وعن جامع البزنطي،
عن الرضا عليه السلام: وإن قرأت سورة في ركعتين أو ثلاث فلا تقرأ بفاتحة الكتاب
حتى تختم السورة (7). وكذا في قرب الإسناد للحميري عن عبد الله بن الحسن،
عن جده علي بن جعفر، عن أخيه عليه السلام (8).
(وتستحب) فيها (الجماعة) عندنا، ونفاه أبو حنيفة (9) في الخسوف.
ولا فرق في المشهور بين احتراق القرص كله واحتراق بعضه أداء أو قضاء،
لعموم أدلة الجماعة، ونفى الصدوقان الجماعة عند احتراق البعض (10)، والمفيد (11)
في القضاء.
وقال الصادق عليه السلام في خبر ابن أبي يعفور: وإذا انكسفت الشمس والقمر
فانكسف كلها فإنه ينبغي للناس أن يفرغوا إلى إمام يصلي بهم، وأيهما كسف

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 150 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 6.
(2) المبسوط: ج 1 ص 173.
(3) الوسيلة: ص 113.
(4) تذكرة الفقهاء: 163 س 17.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 72.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 151 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 7.
(7) السرائر (جامع البزنطي): ج 3 ص 573.
(8) قرب الإسناد: ص 99.
(9) المبسوط للسرخسي: ج 2 ص 76.
(10) المقنع: ص 44، ونقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 290.
(11) المقنعة: ص 211.
358

بعضه فإنه يجزئ للرجل أن يصلي وحده (1). وهو نص على أن الجماعة عند
الاستيعاب آكد.
(و) يستحب (الإطالة بقدره) المعلوم أو المظنون، لاستحباب الإطالة
مطلقا، وللأخبار فيها خصوصا. وفي خبر القداح: إن الشمس انكسفت في زمان
رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى بالناس ركعتين، وطول حتى غشى على بعض القوم (2).
لكن في حسن زرارة وابن مسلم، عن أبي جعفر عليه السلام: وكان يستحب أن يقرأ فيها
بالكهف والحجر، إلا أن يكون إماما يشق على من خلفه. وفيه: أن صلاة كسوف
الشمس أطول من صلاة كسوف القمر (3). وفي خبر الرهط عن أحدهما عليهما السلام: إن
الصلاة في هذه الآيات كلها سواء، وأشدها وأطولها كسوف الشمس (4).
(و) يستحب (إعادة الصلاة مع بقائه) واتساع الوقت للإعادة وفاقا
للمشهور، لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن عمار: صلاة الكسوف إذا فرغت قبل
أن ينجلي فأعد (5).
وفي المراسم (6) والكافي (7): إن عليه الإعادة، وظاهره الوجوب لظاهر الأمر
فيه مع صحته. ويحتمله المقنعة (8) وجمل العلم والعمل (9).
ويدفعه قول أبي جعفر عليه السلام في حسن زرارة وابن مسلم: وإذا فرغت قبل أن
ينجلي فاقعد وادع الله حتى ينجلي (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 157 ب 12 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 154 ب 9 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 150 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 6.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 149 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 153 ب 8 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 1.
(6) المراسم: ص 81.
(7) الكافي في الفقه: 156.
(8) المقنعة: ص 210.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 46.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 150 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 6.
359

وأنكر ابن إدريس الوجوب والاستحباب جميعا، لعدم الدليل (1)، ويكفي في
الدليل ما عرفته.
(و) يستحب (مساواة الركوع القراءة زمانا) لقول أبي جعفر عليه السلام
لزرارة وابن مسلم في الحسن: ويطيل القنوت على قدر القراءة والركوع
والسجود (2)، وكذا في المعتبر (3) والمنتهى (4) والتذكرة (5) ونهاية الإحكام (6).
وفي الكافي (7) والتهذيب (8): وتطيل القنوت والركوع على قدر القراءة
والركوع والسجود. وعلى كل فإنما يتم إن نصبتا الركوع والسجود. ويؤيده مضمر
أبي بصير: ويكون ركوعك مثل قراءتك (9). وفي الغنية: الاجماع عليه (10). وفي
المقنعة: الإطالة بقدر السورة (11). ولم يذكره ابن إدريس وجماعة.
ويجوز الجر في الخبر، والسجود كالركوع في الخبرين، فكان ينبغي ذكره كما
في الإرشاد (12)، لكن بعض الكتب كالكتاب وكثير منها اقتصرت على إطالة
السجود، وأيضا من غير كونه كالقراءة.
(و) يستحب (السور الطوال) مثل (يس) و (النور) كما في مضمر أبي
بصير قال: فمن لم يحسن (يس) وأشباهها. قال: فليقرأ ستين آية في كل ركعة (13).
وفي المقنعة: عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه صلى بالكوفة صلاة الكسوف فقرأ فيها
بالكهف والأنبياء ورددها خمس مرات وأطال في ركوعها حتى سال العرق على

(1) السرائر: ج 1 ص 324.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 151 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 6.
(3) المعتبر: ج 2 ص 337.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 351 س 7.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 163 س 29.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 75.
(7) الكافي: ج 3 ص 463 ح 2.
(8) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 156 ح 335.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 149 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 2.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 17.
(11) المقنعة: ص 209.
(12) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 261.
(13) وسائل الشيعة: ج 5 ص 149 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 2.
360

أقدام من كان معه وغشى على كثير منهم (1). وفي حسن زرارة وابن مسلم، عن
أبي جعفر عليه السلام: كان يستحب أن يقرأ فيها بالكهف والحجر، إلا أن يكون إماما يشق
على من خلفه (2). وقوله (مع السعة) متعلق بتطويل الركوع والسورة جميعا.
(و) يستحب (التكبير عند الانتصاب من الركوع) في كل من العشر
مرات (إلا في الخامس والعاشر فيقول) عند الانتصاب منهما: (سمع الله
لمن حمده) نطق بذلك الأصحاب والأخبار (3). وعن إسحاق بن عمار: التسميع
عند الانتصاب من ركوع تمت السورة قبله (4).
(و) يستحب (القنوت بعد القراءة) قبل الركوع (من كل مزدوج) من
الركوعات حتى يقنت في الجميع خمس قنوتات، قال الصدوق: وإن لم يقنت إلا
في الخامسة والعاشرة فهو جائز لورود الخبر به (5). وفي النهاية (6) والمبسوط (7)
والوسيلة (8) والإصباح (9) والجامع: جواز الاقتصار عليه في العاشرة (10).
(ولو أدرك الإمام في) إحدى (ركعات) الركعة (الأولى) عدا الأولى
منها (فالوجه) ما في المعتبر (11) من (الصبر) عن اللحوق به (حتى يبتدئ
بالثانية) لأنه إن اقتدى به في الركوع الثاني أو الثالث - مثلا - فإذا سجد الإمام
بعد الخامس لم يخل إما أن لا يسجد معه فيبطل الاقتداء، وقد ورد: إنما جعل

(1) المقنعة: ص 210.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 151 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 149 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات.
(4) الفوائد الملية: ص 117 (مخطوط).
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 549 ذيل الحديث 1531.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 378.
(7) المبسوط: ج 1 ص 173.
(8) الوسيلة: ص 113.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 639.
(10) الجامع للشرائع: ص 109.
(11) المعتبر: ج 2 ص 336.
361

الإمام إماما ليؤتم به (1). أو يسجد معه، فإما أن يكتفي بما أدرك قبله من الركوعات
وهذا السجود وخمس ركوعات أخر وسجدتان يتابع الإمام في الكل فيلزم نقصان ركعته الأولى عن خمس ركوعات، أو تحمل الإمام ما فاته من الركوع ولم
يعهد شئ من ذلك، أو لا يكتفي بل يسجد أخرتين بعد الركوع الخامس فيزيد
سجدتين وينفرد عن الاقتداء إن أتم الركوعات وحده، وإن جعل المتمم من
ركوعات ثانية الإمام زاد أربع سجدات.
(ويحتمل) ما في حل المعقود من الجمل والعقود (2) من جواز (المتابعة)
فيما أدركه من الركوعات الأولى، فإذا سجد الإمام أتم ركوعاته مخففة ثم لحق
الإمام في السجود، أو إذا سجد الإمام (فلا يسجد مع الإمام، فإذا إنتهى) مع
الإمام (إلى الخامس) من الركعة الأولى (بالنسبة إليه سجد ثم لحق
الإمام) في باقي الركوعات.
(ويتم الركعات) الخمس الثانية (قبل) رفع الإمام من (سجود الثانية)
فيلحقه فيه، أو يتم الركعات ويسجد منفردا، ولا يسجد مع الإمام في الثانية أيضا،
ثم يسلم مع الإمام أو منفردا، وفي الجميع تخلف عن الإمام وانفراد عنه في الأثناء
من غير ضرورة.
وظاهر حل المعقود من الجمل والعقود تحمل الإمام الركوعات السابقة، وهو
أيضا غريب، فالوجه الصبر حتى يبتدئ بالثانية.
نعم، يمكن استحباب المتابعة حتى في الركوع وسجود الأولى، واستئناف
الاقتداء في ابتداء الثانية، كما يستحب في اليومية المتابعة إذا أدرك سجود
الإمام.

(1) صحيح مسلم: ج 1 ص 309 ح 86.
(2) لا يوجد لدينا.
362

(الثاني):
(الموجب)
(وهو كسوف الشمس) بالقمر أو غيره (وخسوف القمر والزلزلة
والريح المظلمة و) سائر (أخاويف السماء) كما في جمل العلم والعمل (1)
وشرحه (2) والمراسم (3) والغنية (4) والخلاف (5) والمقنعة (6) والسرائر (7) والمهذب (8)
وإن اختلفت العبارات، وهو المحكي عن ابن الجنيد (9) وأبي عقيل (10) لقول أبي
جعفر عليه السلام لزرارة ومحمد بن مسلم: كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع،
فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن (11).
وفي خبر محمد بن عمارة: إن الزلازل والكسوفين والرياح الهائلة من
علامات الساعة، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فتذكروا قيام الساعة وافزعوا إلى
مساجدكم (12). وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله أنه سأل الصادق عليه السلام عن
الريح والظلمة يكون في السماء والكسوف، فقال الصادق عليه السلام: صلاتهما
سواء (13).
وخبر سليمان الديلمي أنه سأله عليه السلام عن الزلزلة، قال: فإذا كان ذلك فما

(1) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 45 - 46.
(2) شرح جمل العلم والعمل: ص 135.
(3) المراسم: ص 80.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 11.
(5) الخلاف: ج 1 ص 682 المسألة 458.
(6) المقنعة: ص 210.
(7) السرائر: ج 1 ص 320 - 321.
(8) المهذب: ج 1 ص 124.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 278.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 278.
(11) وسائل الشيعة: ج 5 ص 144 ب 2 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 5 ص 145 ب 2 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 4.
(13) وسائل الشيعة: ج 5 ص 144 ب 2 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 2.
363

أصنع؟ قال: صل صلاة الكسوف (1). وقولهما أو قول أحدهما عليهما السلام في خبر
الرهط: إن صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات (2) الخبر.
وقول الرضا عليه السلام للفضل: إنما جعلت للكسوف صلاة لأنه آية من آيات الله لا
يدرى الرحمة ظهرت أم العذاب، فأحب النبي صلى الله عليه وآله أن تفزع أمته إلى خالقها
وراحمها عند ذلك ليصرف عنهم شرها، ويقيهم مكروهها كما صرف عن قوم
يونس حين تضرعوا إلى الله عز وجل (3). وعلى الكسوفين الاجماع. وفي التذكرة
على الزلزلة أيضا (4)، وفي الخلاف على الجميع (5).
وليس الكسوفان إلا انطماس نور النيرين كلا أو بعضا، وأما الكون لحيلولة
الأرض أو القمر فلا مدخل له في مفهومهما لغة ولا عرفا ولا شرعا ولا في
الإخافة، فلا إشكال في وجوب الصلاة لهما وإن كانا لحيلولة بعض الكواكب، فإن
مناط وجوبهما الإحساس بالانطماس، فمن أحس به كلا أو بعضا وجبت عليه
الصلاة، أحس به غيره أو لا، كان الانطماس - على قول أهل الهيئة - لحيلولة
كوكب أو الأرض أو لغير ذلك.
وإذا حكم المنجمون بالانطماس بكوكب أو غيره ولم يحس به لم تجب
الصلاة لعدم الوثوق بقولهم شرعا، فإن أحس به بعض دون بعض، فإنما تجب
الصلاة على من أحس به، ومن ثبت عنده بالبينة دون غيره، من غير فرق في
جميع ذلك بين أسباب الانطماس.
فلا وجه لما في التذكرة (6) ونهاية الإحكام (7)، من الاستشكال في الكسف

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 144 ب 2 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 149 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 142 ب 1 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 3.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 164 س 11.
(5) الخلاف: ج 1 ص 682 المسألة 458.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 16.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 76.
364

بشئ من الكواكب من عدم التنصيص، وأصالة البراءة وخفائه، لعدم دلالة الحس
عليه، وإنما يستند فيه إلى قول من لا يوثق به كالمنجم. ومن كونه آية مخوفة،
وذلك لأن النصوص كلها تشمله.
والكلام في الوجوب لما يحس به لا ما يستند فيه إلى قول من لا يوثق به. ولا
لما في الذكرى من منع كونه مخوفا، فإن المراد بالمخوف ما خافه العامة غالبا،
وهم لا يشعرون بذلك (1). وذلك لأن على صلاة الكسوفين الاجماع والنصوص،
من غير اشتراط بالخوف.
نعم، قد يتجه ما فيهما من الاستشكال في انكساف بعض الكواكب من غير ما
ذكر. والأقرب الوجوب فيه أيضا على من يحس به، لكونه من الأخاويف لمن
يحس به، والمخوف ما يخافه معظم من يحس به لا معظم الناس مطلقا.
وفي الجمل والعقود (2) والمصباح (3) ومختصره (4) والوسيلة (5): إن الموجب
إحدى أربع: الكسوفين والزلزلة والريح المظلمة، وفي الأول والأخير: الرياح
السود المظلمة.
وفي النهاية: صلاة الكسوف والزلازل والرياح المخوفة والظلمة الشديدة
فرض واجب (6). وفي المبسوط: صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر فرض
واجب، وكذلك عند الزلازل والرياح المخوفة والظلمة الشديدة يجب مثل ذلك (7).
ونحو هما الجامع (8).
وفي الإقتصاد: صلاة الكسوف واجبة عند كسوف الشمس وخسوف القمر
والزلازل المتواترة والظلمة الشديدة (9). ونحوه الإصباح، لكن زيد فيه: الرياح

(1) ذكرى الشيعة: ص 247 س 38.
(2) الجمل والعقود: ص 87.
(3) مصباح المتهجد: ص 471.
(4) لا يوجد لدينا.
(5) الوسيلة: ص 112.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 375.
(7) المبسوط: ج 1 ص 172.
(8) الجامع للشرائع: 109.
(9) الإقتصاد: ص 272.
365

المخوفة (1).
وفي الهداية: إذا انكسف القمر أو الشمس أو زلزلت الأرض أو هبت ريح
صفراء أو سوداء أو حمراء فصلوا (2). ونحوه المقنع لكن زيد فيه: حدوث
ظلمة (3). ولم يذكر الحلبي سوى الكسوفين (4). وفي النافع: إن الموجب الكسوفان
والزلزلة، وفي رواية تجب لأخاويف السماء (5). وظاهر المعتبر (6) والشرائع (7)
العمل بالرواية.
(ووقتها في الكسوف) للشمس أو القمر (من الابتداء فيه) اتفاقا (إلى
ابتداء الانجلاء) وفاقا للشيخ (8) وسلا ر (9) وابني إدريس (10) وحمزة (11)
وسعيد (12) والكندري (13) والمحقق في النافع، للاحتياط (14)، ولصحيح حماد بن
عثمان قال: ذكروا انكساف القمر وما يلقى الناس من شدته، فقال أبو عبد الله عليه السلام:
إذا انجلى منه شئ فقد انجلى (15). فإن الظاهر من الشدة تطويل الصلاة أو إعادتها
إلى الانجلاء. وفيه: أن غايته عدم استحباب التطويل والإعادة إذا انجلى منه
شئ، وهو لا يفيد فوات الوقت، مع احتمال شدة الخوف.
وفي المعتبر (16) والمنتهى: آخره انتهاء الانجلاء (17)، وهو ظاهر قول الحلبي:

(1) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 639.
(2) الهداية: ص 35.
(3) المقنع: ص 44.
(4) الكافي في الفقه: ص 155.
(5) المختصر النافع: 38.
(6) المعتبر: ج 2 ص 330.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 103.
(8) المبسوط: ج 1 ص 172.
(9) المراسم: ص 80.
(10) 1504 السرائر: ج 1 ص 322.
(11) الوسيلة: ص 112.
(12) الجامع للشرائع: ص 109.
(13) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 639.
(14) المختصر النافع: ص 39.
(15) وسائل الشيعة: ج 5 ص 146 ب 4 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 3.
(16) المعتبر: ج 2 ص 330.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 352 س 7.
366

إن الوقت ممتد بمقدار الكسوف والخسوف (1). ودليله الأصل، وصحيح الرهط
عن الصادقين عليهما السلام أو أحدهما عليهما السلام: صلى رسول الله صلى الله عليه وآله في كسوف الشمس،
ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها (2).
ولو كان يخرج الوقت قبل تمام الانجلاء لم يجز التطويل إليه، وما مر من
استحباب الإعادة إذا فرغ قبل الانجلاء، وفيهما أن صحيح حماد بن عثمان يجوز
أن يكون تفسيرا للانجلاء فيهما.
(و) وقتها (في الرياح الصفر والظلمة الشديدة) ونحو هما (مدتها) لا
إلى الشروع في الانجلاء كما في المراسم (3)، ولا مدة العمر، لأصلي الامتداد إلى
الانجلاء من غير معارض، والبرأة بعده، وبقاء الخوف ما لم يتم الانجلاء، وهو
ممنوع، ولما مر من قوله عليه السلام: فصل له حتى يسكن (4).
وإن لم تسع مدتها الصلاة ففي المنتهى (5) والتحرير: إن مدة العمر وقتها (6)، لما
ستسمع. وفي التذكرة (7) ونهاية الإحكام: إن كل آية يقصر زمانها عن الصلاة غالبا
كالزلزلة فوقت صلاتها العمر (8)، وهي أسباب لها لا أوقات لثبوت الوجوب بما
مر، وانتفاء التوقيت بالقصور، لأن توقيت الفعل بما يقصر عنه من الوقت تكليف
بالمحال، وكل آية تمتد غالبا مقدار الصلاة فهي وقت لها لما عرفت.
فإن اتفق القصور لم تجب الصلاة للأصل، كما إذا قصر الكسوف عنها. وفيه:
أن الأخبار إنما نصت على الوجوب للآيات حينها. وفي الإشارة: إن الصلاة لا

(1) الكافي في الفقه: ص 156.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 149 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 1.
(3) المراسم: ص 80.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 144 ب 2 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 1.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 352 س 24.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 47 س 8.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 164 س 20.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 77.
367

تجب بشئ من الزلزلة (1)، وهذه الآيات إذا لم تتسع لها.
(و) وقت الصلاة (في الزلزلة طول العمر فإنها) سبب لوجوبها لا وقت
لقصورها عنها غالب، فهي (أداء وإن سكنت) الزلزلة.
واحتمل في نهاية الإحكام أن يكون وقتا لابتداء الصلاة، فيجب المبادرة
إليها، ويمتد الوقت مقدار الصلاة ثم تصير قضاء (2). وهو قوي وإن استضعفه، لأن
شرع الصلاة، لاستدفاع العذاب، وللنص في خبر الديلمي على الصلاة عندها (3)،
وانتفاء نص بخلافه. وحكم الشهيد بوجوب المبادرة على عدم التوقيت كالحج (4).
(ولو قصر زمان المؤقتة عن) أقل (الواجب سقطت) لامتناع توقيت
الفعل بما لا يسعه. وفيه: جواز التوقيت بالمعنى الذي احتمله في الزلزلة في
النهاية (5)، وتوقيت صلاة الكسوفين بهما معلوم للحكم بالقضاء في الأخبار (6)
والفتاوى. واحتمال إرادة الأداء بعيد، والكلام في غيرهما من الآيات ما عرفت.
(فلو اشتغل) بالمؤقتة (أحد المكلفين في الابتداء وخرج الوقت)
ولم يكمل ركعة تبين عدم الوجوب إن كان اقتصر على أقل الواجب، قطع به في
التحرير (7) والتذكرة (8) والمنتهى (9) ونهاية الإحكام (10) كالمعتبر (11).
وإن خرج (وقد أكمل ركعة) بأن سجد السجدتين (فالأقرب عدم
وجوب الاتمام) إن كان قد اقتصر على أقل الواجب، لظهور قصور الوقت
الكاشف عن عدم الوجوب.

(1) إشارة السبق: ص 103.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 77.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 144 ب 2 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 3.
(4) ذكرى الشيعة: ص 244 س 22.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 78.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 154 ب 10 من أبواب صلاة الكسوف والآيات.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 47 س 24.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 9.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 354 س 12.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 79.
(11) المعتبر: ج 2 ص 341.
368

وفي المنتهى (1) والتحرير الوجه الوجوب (2). وفي نهاية الإحكام احتماله (3)،
قال فيها وفي المنتهى: لأن إدراك الركعة بمنزلة إدراك الصلاة، وقد يمنع في غير
اليومية (4). وفي التذكرة: احتمال، لأنه مكلف بالظن، فصح ما فعل، فيدخل تحت:
(ولا تبطلوا أعمالكم) (5). وقد يقال: صح بزعمه ثم تبين البطلان.
والأولى الاحتجاج له بعموم قول أبي جعفر عليه السلام في حسن زرارة ومحمد بن
مسلم: فإن انجلى قبل أن تفرغ من صلاتك فأتمم ما بقي (6).
واحتمل الشهيد أن يكون إدراك الركوع كإدراك ركعة، لأنه يسمى ركعة لغة
وشرعا في هذه الصلاة (7)، وأن لا يشترط إدراكه بناء على السببية كالزلزلة. قال:
إلا أن هذا الاحتمال مرفوض بين الأصحاب (8).
(أما) المكلف (الآخر) الذي لم يشتغل بها (فلا يجب عليه القضاء
على التقديرين) تقديري سقوط الاتمام عن المشتغل وعدمه، لانكشاف أنها
لم تكن واجبة عليه، مع أنه لم يشرع فيها حتى يحرم الابطال، ولا إدراك ركعة
حتى يكون مدركا للصلاة، وللأخبار بنفي القضاء عمن فاتته كما ستسمع.
واستشكل في التحرير (9) والتذكرة (10) والمنتهى (11) ونهاية الإحكام: إن من
أدرك ركعة أدرك الصلاة (12)، فالاتساع لها اتساع لها.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 354 س 13.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 47 س 24.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 79.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 354 س 13.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 10.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 150 ب 7 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 6.
(7) ذكرى الشيعة: ص 247 س 28.
(8) ذكرى الشيعة: ص 247 س 29 وفيه: (إلا أن هذا الاحتمال من فرض بين الأصحاب).
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 47 س 24.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 9 (في الهامش).
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 354 س 13.
(12) نهاية الإحكام: ج 2 ص 79.
369

قلت: واحتمال السببية، ومن استحالة قصور وقت عبادة عنها، إلا أن يقصد
القضاء، ولم يثبت القصد هنا. ويجوز أن يريد بالآخر من لم يدرك ركعة، اشتغل بها
أم لا.
(وجاهل الكسوف) لأحد النيرين (لو علم) به (بعد انقضائه) وهو
الشروع في الانجلاء أو كماله على القولين (سقط) صلاته (عنه، إلا مع
استيعاب الاحتراق) وفاقا لابني سعيد (1) والسيد في المصباح (2) والجمل (3)
والمصريات الثالثة (4) والشيخ في التهذيب (5) والاستبصار (6) والمصباح (7)
ومختصره (8) والقاضي في شرح جمل العلم والعمل (9)، لقول الصادق عليه السلام في
صحيح زرارة ومحمد بن مسلم: إذا كسفت الشمس كلها واحترقت ولم تعلم
وعلمت بعد ذلك فعليك القضاء، وإن لم يحترق كلها فليس عليك قضاء (10).
وفي خبر حريز: إذا انكسف القمر ولم تعلم به حتى أصبحت ثم بلغك فإن كان
احترق كله فعليك القضاء، وإن لم يكن احترق كله فلا قضاء عليك (11).
وخبر الفضيل بن يسار ومحمد بن مسلم: إنهما قالا لأبي جعفر عليه السلام: أيقضي
صلاة الكسوف من إذا أصبح فعلم، وإذا أمسى فعلم؟ قال: إن كان القرصان احترقا

(1) والجامع للشرائع: ص 110، المعتبر: ج 2 ص 331.
(2) حكاه عنه في المعتبر: ج 2 ص 331.
(3) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 46.
(4) لا يوجد لدينا.
(5) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 157 ذيل الحديث 338.
(6) الإستبصار: ج 1 ص 454 ذيل الحديث 1760.
(7) مصباح المتهجد: ص 471.
(8) لا يوجد لدينا.
(9) شرح جمل العلم والعمل: ص 135.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 155 ب 10 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 5 ص 154 ب 10 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 4.
370

كلاهما قضيت، وإن كان إنما احترق بعضهما فليس عليك قضاؤه (1). مع أصل
البراءة.
والأخبار المطلقة تنفي القضاء كخبر عبيد الله الحلبي: إنه سأل الصادق عليه السلام
عن صلاة الكسوف تقضى إذا فاتتنا؟ قال: ليس فيها قضاء (2). وصحيح علي بن
جعفر: إنه سأل أخاه عليه السلام عن صلاة الكسوف هل على من تركها قضاء؟ قال فإذا
فاتتك فليس عليك قضاء (3).
واحتج القاضي له في شرح الجمل بالاجماع (4). وقال أبو علي: قضاؤه إذا
احترق القرص كله، ألزم منه إذا احترق بعضه (5). فكأنه يستحب القضاء إذا
احترق البعض.
وظاهر الصدوقين (6) والمفيد (7) والحلبي وجوب القضاء على التقديرين (8)،
لعموم نحو: من فاتته صلاة فريضة فليقضها (9). وحسن زرارة وصحيحه، عن أبي
جعفر عليه السلام أنه سئل عن رجل صلى بغير طهور، أو نسي صلوات لم يصلها، أو نام
عنها، فقال: يقضها إذا ذكرها (10) ولا يعارض الخصوص، مع أن فوت الصلاة قد
يستظهر منه فوت صلاة وجبت عليه، ولا وجوب لها إذا جهل الكسوف.
وقال السيد في الجمل: وقد روي وجوب ذلك على كل حال (11). وقال الشهيد:
ولعله - يعني الوجوب على كل تقدير - لرواية لم نقف عليها (12).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 154 ب 10 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 156 ب 10 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 9.
(3) المصدر السابق ح 7.
(4) شرح جمل العلم والعمل: ص 135.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 281.
(6) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 281.
(7) المقنعة: ص 211.
(8) الكافي في الفقه: ص 156.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 359 ب 6 من أبواب قضاء الصلوات ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 348 ب 1 من أبواب قضاء الصلوات ح 1.
(11) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 46.
(12) ذكرى الشيعة: ص 244 س 33.
371

وفي المعتبر (1) والمنتهى (2): إن وجوب القضاء مع احتراق الكل قول أكثر
علمائنا. وقد يشعر بالخلاف فيه، فإن كان فللأخبار المطلقة بنفيه مع أصل البراءة،
واحتمال أخبار القضاء الندب، وقد يكون لاغفال جماعة من الأصحاب ذكره.
(ولا يجب) القضاء (على جاهل غيره) من الآيات حتى انقضى وفاقا
للشرائع (3) للأصل من غير معارض، وهذا على التوقيت ظاهر. وأما على السببية
فلانتصاص أخبارها بالسببية بالنسبة إلى من علم بها حينها.
وقال في النهاية: ويحتمل في الزلزلة قويا الاتيان بها، لأن وقتها العمر (4). ولم
يقطع بها، لما مر من احتماله التوقيت في الزلزلة أيضا. ولاحتمال السببية بالنسبة
إلى من علم بها حينها للاستكشاف.
واحتمل في النهاية أيضا وجوب القضاء في الجميع لعموم الأخبار (5)، يعني
نحو خبر زرارة عن أبي جعفر عليه السلام، وخبر: من فاتته صلاة فريضة فليقضها إذا
ذكرها، وفي عموم الأخير ما عرفت، وأما أخبار الصلاة لها فسمعت اختصاصها
بأحيانها.
(والناسي والمفرط عمدا يقضيان) في الكسوفين وغيرهما كما في
الهداية (6) والشرائع (7)، عم الاحتراق أم لا، لعموم أخبار القضاء، والاجماع على
مضمونها على ما في السرائر (8)، وخصوص أخبار قضاء صلاة الكسوف، كقول
الصادق عليه السلام في خبر عمار: إن أعلمك أحد وأنت نائم فعلمت ثم غلبتك عينك فلم
تصل فعليك قضاؤها (9). وفي مرسل حريز: إذا انكسف القمر، فاستيقظ الرجل،

(1) المعتبر: ج 2 ص 332.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 353 س 2.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 103.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 78.
(5) المصدر السابق.
(6) الهداية: ص 36.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 103.
(8) السرائر: ج 1 ص 321.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 156 ب 10 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 10.
372

فكسل أن يصلي، فليغتسل من غد وليقض الصلاة (1). ومضمر أبي بصير: فإن
أغفلها أو كان نائما فليقضها (2).
وقضاء صلاة الكسوفين عليهما مع الاستيعاب وعدمه نص النافع (3) وشرحه (4)،
وقضاؤها مطلقا نص المقنعة (5) والغنية (6) والإشارة (7) والسرائر (8) والخلاف (9)
والمصباح (10) ومختصره (11) والشرائع (12) والشيخ في النهاية (13) والمبسوط (14)
والاقتصاد (15) والقاضي في المهذب (16) وابنا حمزة (17) وسعيد (18) والكندري (19).
على أن لا قضاء على الناسي إذا لم يكن مستوعبا لاطلاق عدة أخبار بنفي
القضاء إذا فاتت (20) مع التصريح بهذا الفرق فيمن لم يعلم، ومساواته للناسي في
الغفلة، ولكن تخصيصها بمن لم يعلم أحوط وأولى في الجمع، لأن فيه إبقاء لأخبار
قضاء ناسي الصلاة على عمومها، وأخبار قضاء تارك هذه الصلاة على عمومها
فيما لا يعارضها نص.
وظاهر السيد في المصباح (21) والجمل (22) والشيخ في التهذيب (23)

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 155 ب 10 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 5.
(2) المصدر السابق ح 6.
(3) المختصر النافع: ص 39.
(4) المعتبر: ج 2 ص 332.
(5) المقنعة: ص 211.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 18.
(7) إشارة السبق: ص 103.
(8) السرائر: ج 1 ص 321.
(9) الخلاف: ج 1 ص 678 المسألة 452.
(10) مصباح المتهجد: ص 471.
(11) لا يوجد لدينا.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 103.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 175.
(14) المبسوط: ج 1 ص 172.
(15) الإقتصاد: ص 272.
(16) المهذب: ج 1 ص 124.
(17) الوسيلة: ص 112.
(18) الجامع للشرائع: ص 109.
(19) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 639.
(20) في ب وع (موعبا).
(21) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 131.
(22) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 46.
(23) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 293 ذيل الحديث 884.
373

والاستبصار هذا التفصيل بالاستيعاب، وعدمه في العامد أيضا (1).
(وتقدم) الفريضة (الحاضرة) اليومية (استحبابا إن اتسع الوقتان)
وفاقا للأكثر في التخير على ما في المعتبر للأصل، والتساوي في الوجوب
والاتساع (2). وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: خمس صلوات تصليهن في
كل وقت: صلاة الكسوف، والصلاة على الميت، وصلاة الاحرام، والصلاة التي
تفوت، وصلاة الطواف من الفجر إلى طلوع الشمس وبعد العصر إلى الليل (3). وقول
أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة: صلاة
فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها، وصلاة ركعتي طواف الفريضة، وصلاة الكسوف،
والصلاة على الميت (4). وقولهما عليهما السلام في خبر محمد بن مسلم ويزيد بن معاوية:
إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صليتها ما لم تتخوف أن يذهب وقت
الفريضة، فإن تخوفت فابداء بالفريضة واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف (5).
وأما استحباب تقديم اليومية فلأنها أهم الفرائض، ولذا يقطع لها صلاة
الكسوف كما في هذا الخبر، وخبر آخر لمحمد بن مسلم: إنه قال للصادق عليه السلام
ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة فإن صلينا الكسوف خشينا
أن تفوتنا الفريضة، فقال: إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك ثم عد
فيها (6). ولم يفرقا بين ضيق الكسوف وعدمه، ولأن الوقت لها في الأصل.
ولصحيح ابن مسلم: إنه سأل أحدهما عليهما السلام عن صلاة الكسوف في وقت

(1) الإستبصار: ج 1 ص 454 ذيل الحديث ح 1760.
(2) المعتبر: ج 2 ص 340.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 175 ب 39 من أبواب مواقيت الصلاة ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 3 ص 174 ب 39 من أبواب مواقيت الصلاة ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 148 ب 5 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 147 ب 5 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 2.
374

الفريضة، فقال: إبداء بالفريضة (1).
وظاهر الصدوقين (2) والسيد في المصباح (3) وابني حمزة (4) والبراج (5) والشيخ
في النهاية (6) ايجاب تقديمها، واحتاط به الشيخ في المبسوط (7)، لظاهر هذا
الخبر، وإطلاق القطع في الخبرين.
ثم الخبران إنما حكما بالقطع إذا خيف فوت الحاضرة كما في الكافي (8)
والوسيلة (9) وكتب المصنف، وعلى القطع حينئذ الاجماع على ما في المعتبر (10)
والمنتهى (11) والتذكرة (12) ونهاية الإحكام (13)، وكلامهم يعم ضيقهما، لكن في
الأخير مع ضيقهما تردد من أولوية الحاضرة في الأصل، ومن أولوية صلاة
الكسوف بالشروع. قال: ويحتمل إتمامها إن أدرك من الحاضرة بعدها ركعة، وإلا
استأنف (14).
وظاهر الفقيه (15) والمقنع (16) والنهاية (17) والمبسوط (18) والمهذب (19)
والجامع (20) القطع مع اتساع وقت الحاضرة، ولا وجه له.

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 147 ب 5 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 1.
(2) حكاه عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 287، والمقنع: ص 44.
(3) حكاه عنه في المعتبر: ج 2 ص 340.
(4) الوسيلة: ص 112.
(5) المهذب: ج 1 ص 125.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 376.
(7) المبسوط: ج 1 ص 172.
(8) الكافي في الفقه: ص 156.
(9) الوسيلة: ص 112.
(10) المعتبر: ج 2 ص 341.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 353 س 35.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 165 س 28.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 80.
(14) المصدر السابق: ص 81.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 550 ذيل الحديث 1531.
(16) المقنع: ص 44.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 376 - 377.
(18) المبسوط: ج 1 ص 172.
(19) المهذب: ج 1 ص 125.
(20) الجامع للشرائع: ص 109.
375

(و) تقدم الحاضرة (وجوبا إن ضاقا) لأن الوقت لها في الأصل، ولأنها
أهم، ولذا يقطع لها صلاة الكسوف، وكأنه لا خلاف فيه.
ثم إن كان فرط في تأخير صلاة الكسوف قضاها، وإلا فالوجه سقوطها كما
في التذكرة (1) والمنتهى (2) ونهاية الإحكام (3) والمعتبر (4) والتحرير (5). وقرب
الشهيد العدم إن كان أخر الحاضرة لا لعذر (6) لاستناد فوات صلاة الكسوف إلى
تقصيره.
(وإلا) يتسعا ولا يضيقا (قدم المضيق) منهما، وهو واضح، وظاهر من
تقدم من الصدوقين ومن تلاهما: تقديم الفريضة وإن اتسع وقتها وضاق وقت
الكسوف.
(و) صلاة (الكسوف أولى من صلاة الليل وإن خرج وقتها) لوجوب
صلاة الكسوف واستحبابها (ثم يقضي ندبا) وعن محمد بن مسلم: إنه قال
للصادق عليه السلام: إذا كان الكسوف آخر الليل فصلينا صلاة الكسوف فاتتنا صلاة
الليل فبأيتهما نبدأ؟ فقال: صل صلاة الكسوف واقض صلاة الليل حين تصبح (7).
وقال أحدهما عليهما السلام في صحيحه: صل صلاة الكسوف قبل صلاة الليل (8).
(ولا تصل على الراحلة) ولا (ماشيا اختيارا) كما أجازتهما العامة (9).
ويظهر الأول من أبي علي، لأنها فريضة (10). وعن عبد الله بن سنان: إنه سأل
الصادق عليه السلام أيصلي الرجل شيئا من الفرائض على الراحلة؟ فقال: لا (11).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 165 س 26.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 454 س 5.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 79.
(4) المعتبر: ج 2 ص 341.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 47 س 21.
(6) ذكرى الشيعة: ص 247 س 13.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 147 ب 5 من أبواب صلاة الكسوف والآيات ح 2.
(8) المصدر السابق ح 1.
(9) الأم: ج 1 ص 244.
(10) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 229.
(11) وسائل الشيعة: ج 3 ص 237 ب 14 من أبواب القبلة ح 4.
376

(الفصل الرابع)
(في صلاة النذر)
وشبهه، أو النذر يعمه، لأنه الوعد، أو صلاة النذر تعم صلاة شبهه كصلاة
الكسوف، أو الفصل لصلاة النذر خاصة، وقوله: واليمين والعهد كالنذر في ذلك كله
خارج عنه.
(ومن نذر صلاة شرط فيها ما شرط في الفرائض اليومية) من
الطهارة والاستقبال وغير هما إجماعا إلا الوقت كذا في نهاية الإحكام (1).
وعندي أنه إنما يشترط فيها ما يشترط في المندوبة، لأصل البراءة، ومنع
الاجماع.
(ويزيد) الناذر (الصفات التي عينها في نذره إن قيده) بها. (أما
الزمان كيوم الجمعة أو المكان بشرط المزية كالمسجد أو غير هما) بشرط
الرجحان، وإنما اشترط المزية في المكان دون الزمان كالمحقق (2)، لأنه لا يخلو
عن المزية، فإن المسارعة إليها في كل وقت أفضل من التأخير عنه.
واشتراط المكان معناه تحصيل الكون فيه للصلاة، فما لم يكن راجحا لم

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 85.
(2) شرائع الاسلام: ج 3 ص 189.
377

ينعقد، واشتراط الزمان معناه عدم الوجوب في غيره، إذ لا تحصيل هنا للخروج
عن قدرة العبد، وإنما يتم لو قصد الناذر في المكان ما ذكر، ويجوز أن لا يقصد إلا
عدم الوجوب في غيره، فيكون كالزمان.
وفي نهاية الإحكام: لو عين الزمان تعين، سواء اشتمل على المزية كيوم
الجمعة - أو لا، لأن البقاء غير معلوم، والتقديم ممنوع، لأنه فعل الواجب قبل
وجوبه، فلا يقع مجزئا، كما لو صلى الفرض قبل وقته (1).
قلت: وفي المكان أيضا إذا فعله في غيره لم يكن ما وجب فلا يجزئ.
وفي الذكرى: إن الفرق أن الشارع جعل الزمان سببا للوجوب بخلاف
المكان، فإنه من ضرورة الفعل لا سببية فيه. قال: ولقائل أن يقول: لا نسلم سببية
الوقت هنا للوجوب، وإنما سبب الوجوب الالتزام بالنذر وشبهه، والزمان والمكان
أمران عارضان، إذ من ضرورات الأفعال الظروف، ولا يلزم من سببية الوقت
للوجوب في الصلوات الواجبة بالأصالة ثبوته هنا. قال: وقد يجاب بأن السببية
في الوقت حاصلة وإن كان ذلك بالنذر، لأنا لا نعني بالسببية إلا توجه الخطاب
إلى المكلف عند حضور الوقت، وهو حاصل هنا، ولا يتصور مثل ذلك في المكان
إلا تبعا للزمان 2، وهذا حسن (2) إنتهى.
وعدم تصور ذلك في المكان ممنوع، بل الناذر كما يجعل الوقت سببا يجعل
المكان وغيره من الشروط سببا من غير فرق. ثم عندي أن اشتراط المزية في
المكان إنما هو إذا كان النذر نذرين، كأن يقول: لله علي أن أصلي ركعتين
وأصليهما في مكان كذا، أما لو قال: لله علي أن أصلي ركعتين في مكان كذا،
فمصحح النذر إنما هو رجحان الصلاة فيه على تركها، وهو حاصل وإن كرهت
فيه، لأن الكراهية إنما هي قلة الثواب.

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 85.
(2) ذكرى الشيعة: ص 248 س 33.
378

ولذا لم يفرق بينه وبين الزمان من تقدم الفاضلين، بل نص الحلبيون (1)
والقاضي (2) على تعين المكان إذا قيد به النذر، وأطلقوا.
(فلو أوقعها) مع التقييد (في غير ذلك الزمان لم يجزئه ووجب
عليه) إن أخرها عنه (كفارة النذر) للحنث (والقضاء) لعموم أدلته (إن لم
يتكرر ذلك الزمان) الذي قيد به النذر، كهذا اليوم أو يوم الجمعة هذا، وإن تكرر
كيوم الجمعة فعلها في جمعة أخرى ولا كفارة.
(ولو أوقعها في غير ذلك المكان فكذلك) في عدم الاجزاء، ووجوب
الكفارة والقضاء إن عين زمانا لا يتكرر، (إلا أن يخلو القيد عن المزية،
فالوجه الاجزاء) في غيره، لما عرفت، وعرفت ما فيه.
(ولو) قيد بمكان له مزية و (فعل فيما هو أزيد مزية، ففي الاجزاء
نظر) من المخالفة، ومن أن ذا المزية إنما تعين بالنذر بالنسبة إلى ما دونه لا
المساوي والأفضل، والأول هو الوجه، وإن قرب الثاني في التذكرة (3) ونهاية
الإحكام (4)، وفي الدروس الأقرب الاجزاء، لما روي أن أمير المؤمنين وإمام
المتقين عليه السلام أمر من نذر إتيان بيت المقدس بمسجد الكوفة (5).
قلت: الخبر في الكافي (6) والتهذيب (7) والكامل لابن قولويه (8) خال عن
النذر.
(ولو قيده بعدد) تعبد به (وجب، والأقرب) إن زاد على ركعتين
(وجوب التسليم) بناء على وجوبه في الصلاة (بين كل ركعتين) وركعتين
حملا على الغالب في النوافل، وفيه ما فيه.

(1) الكافي في الفقه: ص 158 الغنية (الجوامع الفقهية): ص 500 س 23، إشارة السبق: ص 101.
(2) المهذب: ج 1 ص 128.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 27.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 86.
(5) الدروس الشرعية: ج 2 ص 151.
(6) الكافي: ج 3 ص 491 ح 2.
(7) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 251 ح 689.
(8) كامل الزيارات: ص 32.
379

وفي التذكرة (1) ونهاية الإحكام (2) احتمال وجوبه عقيب أربع أو ما زاد على
إشكال. ولعله من الاشكال في وجوبه في الصلاة مطلقا، ثم من الاشكال في
وجوبه في المنذورة لأنه تحليل الصلاة، فلا يدخل في نذرها، أو يستلزمه نذرها
لاستلزامها التحليل، ولا يستلزمه للأصل، واحتمال اختصاصه بالواجبة بأصل
الشرع. وعلى الوجوب يحتمل الوجوب عقيب كل أربع إذ لم يتعبد بالتسليم على
أزيد، وأن لا يجب إلا تسليمة عقيب الجميع للأصل.
(ولو شرط أربعا بتسليمة وجب) الشرط، أو المشروط، أو الفعل قطعا.
(ولو شرط خمسا) مثلا (بتسليمة ففي انعقاده نظر) من أنه لم يتعبد
بمثلها، وهو خيرة السرائر (3)، ومن أنها عبادة، وعدم التعبد بمثلها لا يخرجها من
كونها عبادة، وقد يمنع كونها عبادة، فإنا أمرنا بأن نصلي كما صلى صلى الله عليه وآله ولم يصل
كذلك.
(ولو) نذر صلاة و (أطلق) العدد (ففي إجزاء) الركعة (الواحدة) كما
في السرائر (4) (إشكال) من الأصل والتعبد بمثلها، ومن عدم التعبد بمثلها إلا
تبعا لغيرها، أو في جملة غيرها، والنهي عن البتراء (5) في خبر ابن مسعود (6)،
والانصراف إلى أقل واجب بانفراده، وهو خيرة المبسوط (7) والخلاف (8). ويؤيده
خبر مسمع، عن الصادق عليه السلام: إن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن رجل نذر ولم يسم
شيئا، قال: إن شاء صلى ركعتين، وإن شاء صام يوما، وإن شاء تصدق برغيف (9).

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 32.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 86.
(3) السرائر: ج 3 ص 58.
(4) المصدر السابق: ص 69.
(5) في ع (البتيراء).
(6) النهاية لابن الأثير: ج 1 ص 93 مادة (بتر).
(7) لم نعثر عليه في المبسوط، ونقله عنه في إيضاح الفوائد: ج 1 ص 135.
(8) الخلاف ج 6: كتاب النذور المسألة 17.
(9) وسائل الشيعة: ج 16 ص 222 ب 2 من أبواب النذر والعهد ح 3.
380

و (أقربه ذلك) أي الاجزاء، لأنها عبادة وإن لم يتعبد بمثلها وحدها،
والمنع من النهي، والانصراف إلى أقل واجب. قيل: إذا صلاها في ضمن الوتر فلا
ينبغي النزاع، وإنما يتم إن لم يصرف إلى أقل واجب أو أقل نفل منفرد أو غير
راتب (1). ولا خلاف في إجزاء ركعتين وجواز ثلاث وأربع.
واحتمل الشهيد (2) عدم جوازهما، لكونهما نفلا وجبت، ولم يعهد شيئا منهما
في النفل. قال في التذكرة (3) ونهاية الإحكام: وفي وجوب التشهدين إشكال، ولو
صلاها خمسا فإشكال (4).
(ولو قيده بقراءة سورة معينة) مع الحمد (أو آيات مخصوصة) من
سورة واحدة أو من سور (أو تسبيح معلوم) في القيام أو الركوع أو غيرهما أو
عدد معلوم من التسبيح المعروف في الركوع أو السجود (تعين) حتى سور
العزائم وآي السجدة لجوازها في النافلة، ويأتي العدم على ما تسمعه من
المصنف،.
قال في التذكرة: لو نذر آيات معينة عوض السورة، ففي الاجزاء نظر، ينشأ
من أنها واجبة، فتجب السورة مع الحمد كغيرها من الفرائض، ومن أن وجوبها
على هذا الحد فلا يجب غيره (5). قلت: هو الأقوى.
قال: فعلى الأول يحتمل عدم انعقاد النذر مطلقا، كما لو نذر صلاة بغير طهارة
وانعقاده فيجب سورة كاملة (6).
قلت: هو الأقوى، إلا أن ينفي الزائد في نذره.
قال: ولو نذر آيات من سورة معينة عوض السورة وقلنا بوجوب السورة في
الأول وجب هنا عين تلك السورة، ليدخل ما نذره ضمنا، ويحتمل إجزاء غيرها

(1) مجمع الفائدة والبرهان: ج 3 ص 7.
(2) ذكرى الشيعة: ص 248 س 9.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 31.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 86.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 34.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 34.
381

لعدم انعقاد النذر في التبعيض (1).
قلت: نعم إن نفي الزائد في النذر.
وفي نهاية الإحكام: وهل يسقط وجوب السورة الكاملة لو قيد النذر بآيات
معينة؟ الوجه ذلك، ويحتمل وجوب السورة، فلو نذر آيات من سورة معينة وقلنا
بوجوب السورة، وجب هنا عين تلك السورة، ولو كانت الآيات من سور متعددة
وجب قراءة سورة اشتملت على بعض تلك الآيات وقراءة باقي الآيات من غير
سورة، ويحتمل إجزاء غيرها من السورة، فتجب قراءة الآيات التي نذرها (2).
يعني معها.
ولو نذر في الركوع أو السجود تسبيحا مخالفا للواجب فيهما على المشهور،
أتى به خاصة أو بهما، إلا أن ينفيه، فيحتمل بطلان النذر وإلغاء النفي.
قال الشهيد: لو نذر تكرار الذكر في الركوع انعقد، ولو خرج به عن اسم الصلاة
ففيه الوجهان، أعني انعقاد المطلق أو البطلان (3). يعني بالأول إلغاء العدد.
قال: وربما احتمل الصحة بناء على منع تصور الخروج عن الصلاة بمثل هذا
التطويل (4). قلت: هو الوجه عندي.
وإذا انعقد القيد (فيعيد) أداء وقضاء (مع المخالفة) ويكفر على الثاني إن
تعمد، (ولو نذر صلاة العيد أو الاستسقاء في وقتهما لزم) وإن وجبت عليه
صلاة العيد على ما يأتي في نذر اليومية (وإلا فلا) لكونها بدعة، إلا أن يريد
صلاة مثلها. ففي التحرير (5) ونهاية الإحكام (6): إن فيهما إشكالا من التعبد بمثلها
في وقتها، ومن أن التعبد بمثلها إنما هو في وقتها، والأول أقوى.
وفي نهاية الإحكام أيضا: إن الأقرب عدم الانعقاد إذا لم يرد ذلك (7)، وكأنه

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 166 س 35.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 86.
(3) ذكرى الشيعة: ص 248 س 1.
(4) ذكرى الشيعة: ص 248 س 1.
(5) تحرير الأحكام: ج 2 ص 107 س 34.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 87.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 87.
382

لاحتمال الحمل على مثلها.
(ولو نذر إحدى المرغبات) غير هما (وجب) فإن اختصت بوقت
ونذرها في غيره فكنذر هما في غير وقتهما، وإن أطلقها انصرف إلى وقتها.
(ولو نذر الفريضة اليومية فالوجه الانعقاد) كما يأتي في كتاب الايمان
لعموم الأدلة، والفائدة تأكيد الوجوب، ويظهر بوجوب كفارة الحنث.
(ولو نذر صلاة الليل وجب الثمان) لأنها المعروفة بهذا الاسم، (ولا
يجب الدعاء) ولا الوتر.
(ولو نذر النافلة على الراحلة انعقد المطلق لا القيد) لأولوية خلافه
كانت النافلة نافلة معينة كراتبة الظهر - مثلا - أو صلاة مطلقة.
(ولو فعله) أي المطلق (معه) أي القيد (صح، وكذا لو نذرها جالسا
أو مستدبرا إن لم نوجب الضد) أي الاستقبال، وإلا لم يصح مع الاستدبار،
ويبطل النذر إن تعلق بالقيد، كأن يقول: لله علي أن أكون على الراحلة أو جالسا أو
مستدبرا عند راتبة الظهر اليوم، وينعقد القيد إن قال: لله علي إن استويت على
الراحلة أن أكون عليها مصليا، فإنما يعتبر حينئذ رجحان الصلاة على تركها.
(واليمين والعهد كالنذر في ذلك كله) إلا في اشتراط المزية في المكان،
فيكفي فيها التساوي، كأن يقول: والله لأصلين ركعتين ولأصلينها في هذه الزاوية
من البيت.
383

(الفصل الخامس)
(في النوافل)
(أما اليومية فقد سلفت، وغيرها أقسام) تكاد لا تحصر الموسومات
منها، وأما غير الموسومة فلا تحصر، فإن الصلاة خير موضوع، فمن شاء استقل،
ومن شاء استكثر.
(الأول: صلاة الاستسقاء، وكيفيتها كالعيد) عندنا، ومالك لا يرى فيها
تكبيرا زائدا (1) (إلا) في (القنوت، فإنه هنا باستعطاف الله) على السقي
(وسؤاله الماء).
(ويستحب الدعاء بالمنقول) في ذلك في القنوت وبعد الصلاة، وإن لم
ينقل إلا بعدها.
(والصوم ثلاثة أيام متواليات آخرها) يوم الصلاة، لخبر حماد السراج
عن الصادق عليه السلام (2)، وعموم أخبار دعاء الصائم (3)، وأخبار صوم ثلاثة

(1) المجموع: ج 5 ص 103.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 164 ب 2 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1153 ب 44 من أبواب الدعاء، و ج 7 ص 105 ب 6 من أبواب
آداب الصائم.
384

للحاجة (1).
وليكن الثالث (الجمعة أو) يوم (الاثنين) أما الأول فلأن الجمعة سيد
الأيام، ولورود ذلك في صلاة الحاجة، وهذه صلاة حاجة، وللأخبار بالدعاء
واستجابته فيها (2)، واقتصر عليه الحلبي (3).
وأما الثاني فاقتصر عليه الصدوق (4) والشيخ (5) وبنو حمزة (6) وإدريس (7)
والبراج (8) والكندري (9)، فلخبر مرة مولى محمد بن خالد، إنه سأل الصادق عليه السلام
متى نخرج؟ قال: يوم الاثنين (10).
وما في عيون أخبار الرضا عليه السلام مسندا عن محمد بن زياد ومحمد بن سيار،
عن الحسن بن علي العسكري عليه السلام: إن المطر احتبس في عهد الرضا عليه السلام، فقال له
المأمون: لو دعوت الله عز وجل، فقال له الرضا عليه السلام: نعم، قال: ومتى تفعل - وكان
يوم الجمعة -؟ فقال: يوم الاثنين فإن رسول الله صلى الله عليه وآله أتاني البارحة في منامي
ومعه أمير المؤمنين عليه السلام فقال: يا بني انتظر يوم الاثنين وأبرز إلى الصحراء
واستسق، فإن الله عز وجل يسقيهم (11) ولعل اختصاص الاثنين لأن الناس
يجتمعون للجمعة، فيؤمرون بالصوم من الغد.
(والخروج إلى الصحراء) فقال أمير المؤمنين عليه السلام في خبر أبي البختري:
مضت السنة أنه لا يستسقى إلا بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء، ولا

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 255 ب 28 من أبواب بقية الصلوات المندوبة.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 255 ب 28 من أبواب بقية الصلوات المندوبة.
(3) الكافي في الفقه: ص 162.
(4) المقنع: ص 47.
(5) المبسوط: ج 1 ص 134.
(6) الوسيلة: ص 113.
(7) السرائر: ج 1 ص 325.
(8) المهذب: ج 1 ص 144.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 641.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 162 ب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 2.
(11) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 165 ب 41 ح 1.
385

يستسقى في المساجد إلا بمكة (1).
وليكن الخروج (في أحدهما) أي الجمعة أو الاثنين ثالث أيام الصيام لا
رابعها، خلافا للشافعي (2)، ولم يستحب أبو حنيفة (3) الاصحار بها.
وليخرجوا (حفاة) للتذلل والاستكانة. وقول الصادق عليه السلام لمرة مولى
محمد بن خالد: ثم يخرج يمشي كما يخرج يوم العيدين (4). وإنما يتم لو كان
يمشي حافيا في العيدين.
وليكونوا (بسكينة ووقار) فقال الصادق عليه السلام في حسن هشام بن الحكم:
تبرز إلى مكان نظيف في سكينة ووقار وخشوع ومسكنة (5).
(واخراج الشيوخ والأطفال والعجائز) معهم كما ذكره السيد (6)
والشيخ (7) وبنو حمزة (8) وسعيد (9) والكندري (10)، وزاد: البله. وذلك لأن الرحمة
إليهم أقرب. ففي الخبر: لولا أطفال رضع، وشيوخ ركع، وبهائم رتع، لصب عليكم
العذاب صبا (11). ولأن حضورهم واستغاثتهم برفق قلوب غيرهم، ويدعوهم إلى
المبالغة في الاستغاثة والاستكانة والدعاء لهم.
قال الشهيد: وأبناء الثمانين أحرى لما في الخبر، من: أن الرجل إذا بلغ ثمانين
سنة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (12).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 166 ب 4 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 1.
(2) الأم: ج 1 ص 248.
(3) المجموع: ج 5 ص 100.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 162 ب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 2.
(5) المصدر السابق: ح 1.
(6) نقله عنه في المعتبر: ج 2 ص 363.
(7) المبسوط: ج 1 ص 135.
(8) الوسيلة: ص 113.
(9) الجامع للشرائع: ص 119.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 641.
(11) سنن البيهقي: ج 3 ص 345.
(12) ذكرى الشيعة: ص 250 س 3.
386

وفي الإقتصاد (1) والوسيلة (2) والمنتهى (3) والتذكرة (4) ونهاية الإحكام (5)
اخراج البهائم أيضا، لأنهن في مظنة الرحمة وطلب الرزق مع انتفاء الذنب،
وجعلها في الخبر سببا في دفع العذاب، وما روي من استسقاء النملة في عهد
سليمان عليه السلام (6).
(والتفريق بين الأطفال وأمهاتهم) ليكثر البكاء والعويل، وقد فعلته قوم
يونس بأمر عالمهم، فكشف عنهم العذاب.
(وتحويل الرداء للإمام) لا للمأموم كما في المبسوط (7) والخلاف (8)، لعدم
الدليل، ولظاهر حسن هشام (9). واستدل الشهيد (10) للمأموم بالتأسي، وقد يؤيده
التفأل. (بعدها) وبعد صعود المنبر كما في خبر مرة مولى محمد بن خالد: يجعل
ما على اليمين على اليسار (11)، وعكسه للأخبار مرة واحدة (12). وقال المفيد (13)
وسلا ر (14) والقاضي (15) والراوندي: ثلاث مرات (16)، ولا بد من استنادهم إلى
نص.
(والتكبير له) أي الإمام (مستقبل القبلة مائة مرة رافعا به صوته،
والتسبيح مائة) كذلك (عن يمينه، والتهليل) كذلك (عن يساره مائة،
والتحميد) كذلك (مائة مستقبل الناس) كل ذلك بعد تحويل الرداء كما في

(1) الإقتصاد: ص 271.
(2) الوسيلة: ص 113.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 355 س 26.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 168 س 10.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 103.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 168 س 12.
(7) المبسوط: ج 1 ص 135.
(8) الخلاف: ج 1 ص 688 المسألة 463.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 162 ب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 1.
(10) ذكرى الشيعة: ص 250 س 31 - 32.
(11) وسائل الشيعة: ج 5 ص 162 ب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 5 ص 165 ب 3 من أبواب صلاة الاستسقاء.
(13) المقنعة: ص 208.
(14) المراسم: ص 83.
(15) المهذب: ج 1 ص 144.
(16) لم نعثر عليه في فقه القرآن.
387

خبر مرة مولى محمد بن خالد عن الصادق عليه السلام (1) والفقيه (2) والمقنع (3)
والمصباح (4) ومختصره (5) والسرائر (6) والشرائع (7)، ولكن ليس في الخبر ولا فيما
عدا السرائر رفع الصوت بالتحميد، وفي النهاية (8) والمبسوط (9) والوسيلة (10)
والإصباح (11) والنافع (12) وشرحه (13) والجامع (14)، لكنها خالية عن تأخرها عن
التحويل.
وفي الإقتصاد: التحميد عن اليمين، والتسبيح عن اليسار، والتهليل مستقبل
الناس (15). وعن الصدوق في المختلف (16) والذكرى: التحميد عن اليسار، والتهليل
مستقبل الناس (17).
وفي المقنعة (18) والمراسم (19) والكافي (20) والغنية (21) والمهذب (22): التحميد
عن اليسار، والاستغفار مستقبل الناس. وفي الإشارة: التحميد عن اليمين،
والتسبيح على اليسار، والاستغفار مستقبل الناس (23).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 162 ب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 2.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 526 ذيل الحديث 1499.
(3) المقنع: ص 47.
(4) مصباح المتهجد: ص 474.
(5) لا يوجد كتابه لدينا.
(6) السرائر: ج 1 ص 426.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 109.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 379.
(9) المبسوط: ج 1 ص 134.
(10) الوسيلة: ص 113.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 641.
(12) المختصر النافع: ص 42.
(13) المعتبر: ج 2 ص 364.
(14) الجامع للشرائع: ص 119.
(15) الإقتصاد: ص 271.
(16) مختلف الشيعة: ج 2 ص 337.
(17) ذكرى الشيعة: ص 250 س 36.
(18) المقنعة: ص 208.
(19) المراسم: ص 83.
(20) الكافي في الفقه: ص 163.
(21) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 503 س 20.
(22) المهذب: ج 1 ص 144.
(23) إشارة السبق: ص 108.
388

(ومتابعتهم له في الأذكار كلها) وفاقا للشيخين (1) والأكثر وإن خلا عنها
الخبر، لأن ذكر الله مطلوب مندوب إليه العباد كلهم على كل حال خصوصا قبل
الدعاء، ولا يتابعونه في الجهات، وإلا لم يتحقق استقبالهم بالتحميد والاستغفار.
قال الحلبي: ويتابعونه في رفع الصوت (2)، ونحوه ابن حمزة (3) والكندري (4)،
وهو ظاهر القاضي (5) وابني سعيد (6). وقال ابنا إدريس (7) والجنيد (8): لا يتابعونه
فيه.
(ثم يخطب) وافق الشيخ (9) والكندري (10) وابني حمزة (11) وأبي عقيل (12)
وابني سعيد (13) في تأخير الخطبة عن الأذكار، وبه خبر مرة مولى محمد بن
خالد (14)، إن كان الدعاء فيه بمعنى الذي في الخطبة، لقوله عليه السلام فيه بعد الأذكار: ثم
يرفع يديه فيدعو، ثم يدعون.
وقدمها الصدوق (15) والمفيد (16) وسلا ر (17) والسيدان (18) والحلبي (19) وابنا

(1) المقنعة: ص 208، المبسوط: ج 1 ص 134.
(2) الكافي في الفقه: ص 163.
(3) الوسيلة: ص 113.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 641.
(5) المهذب: ج 1 ص 144.
(6) الجامع للشرائع: ص 119، المعتبر: ج 2 ص 365.
(7) السرائر: ج 1 ص 326.
(8) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 337.
(9) المبسوط: ج 1 ص 135.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 641.
(11) الوسيلة: ص 113.
(12) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 336.
(13) الجامع للشرائع: ص 119، المعتبر: ج 2 ص 366.
(14) وسائل الشيعة: ج 5 ص 163 ب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 2.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 526 قطعة من حديث 1499.
(16) المقنعة: ص 207.
(17) المراسم: ص 83.
(18) حكاه عن السيد المرتضى في مختلف الشيعة: ج 2 ص 335 - 336، الغنية (الجوامع
الفقهية): ص 503 س 17.
(19) الكافي في الفقه: ص 163.
389

إدريس (1) والبراج (2). وقدمها أبو علي على الصلاة أيضا، لقوله: يصعد الإمام
المنبر قبل الصلاة وبعدها (3). وذلك لقول الصادق عليه السلام في خبر إسحاق: الخطبة
في الاستسقاء قبل الصلاة (4). وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر حفص كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يصلي الاستسقاء ركعتين ويستسقي وهو قاعد. وقال: بداء بالصلاة قبل
الخطبة وجهر بالقراءة (5).
ويعارضهما قول الصادق عليه السلام في خبر طلحة بن زيد: إن رسول الله صلى الله عليه وآله
صلى للاستسقاء ركعتين وبداء بالصلاة قبل الخطبة (6).
وما في الكافي للكليني من قوله: (وفي رواية ابن المغيرة) قال: يكبر في
صلاة الاستسقاء كما يكبر في العيدين في الأولى سبعا، وفي الثانية خمسا،
ويصلي قبل الخطبة، ويجهر بالقراءة، ويستسقي وهو قاعد (7).
وما في قرب الإسناد للحميري، عن الحسن بن ظريف، عن الحسين بن
علوان، عن جعفر، عن أبيه، عن علي عليه السلام قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر في
العيدين والاستسقاء في الأولى سبعا، وفي الثانية خمسا، ويصلي قبل الخطبة
ويجهر بالقراءة (8).
وفي حسن هشام بن الحكم: إنه سأله عليه السلام عن صلاة الاستسقاء، فقال: مثل
صلاة العيدين: يقرأ فيها ويكبر فيها كما يقرأ ويكبر فيهما، يخرج الإمام ويبرز إلى
مكان نظيف في سكينة ووقار، وخشوع ومسكنة، ويبرز معه الناس، فيحمد الله
ويمجده ويثني عليه، ويجتهد في الدعاء، ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير،

(1) السرائر: ج 1 ص 326.
(2) المهذب: ج 1 ص 144.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 336.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 167 ب 5 من أبواب الاستسقاء ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 163 ب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 6 و 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 166 ب 5 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 1.
(7) الكافي: ج 3 ص 463 ح 4.
(8) قرب الإسناد: ص 54.
390

ويصلي مثل صلاة العيدين ركعتين في دعاء ومسألة واجتهاد، فإذا سلم الإمام
قلب ثوبه وجعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر، والذي
على الأيسر على الأيمن، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله كذلك صنع (1).
قال في المختلف: وهذا الحديث وإن دل بقوله: (مثل صلاة العيدين) على ما
قلناه، لكن دلالته على ما اختاره ابن الجنيد أقوى (2).
قلت: بناء على كون الحمد والتمجيد والثناء عبارة عن الخطبة مع إفادة الواو
أو التقديم الذكري الترتيب.
ورجح في المنتهى رواية التأخير بهذا الخبر، وبعمل الأصحاب (3)، وفي
الإستبصار الاجماع عليه (4). وفي المعتبر: لو قيل بالتخيير كان حسنا (5). وفي
التذكرة: رواية التخيير عن أحمد، وأنه لا بأس به (6).
وهل يخطب خطبتين؟ ظاهر الأصحاب قبل الفاضلين الاتحاد، وفي المعتبر
التعدد (7)، وفي التذكرة (8) ونهاية الإحكام (9) تقريبه لتشبيه صلاتها بصلاة العيدين،
وفي ظاهر المنتهى: الاجماع عليه (10).
قلت: لم أر خبرا يتضمن التشبيه إلا حسن هشام، وهو كما ترى إنما يدل على
المشابهة في كيفيتها، والخطبة خارجة عنها، وليدع في الخطبة كما في خطبة أمير
المؤمنين عليه السلام.

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 162 ب 1 من أبواب الاستسقاء ح 1.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 335.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 356 س 34.
(4) الإستبصار: ج 1 ص 452 ذيل الحديث 1749.
(5) المعتبر: ج 2 ص 366.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 168 س 31 - 32.
(7) المعتبر: ج 2 ص 365.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 168 س 34.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 104.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 356 س 23 - 24.
391

(مبالغا في التضرع) قال الشهيد: وخصوصا الثانية (1). قال الشيخ في
المصباح بعد ذكر الأذكار: ثم يرفع يديه ويدعو ويدعون معه، فإن الله يستجيب
لهم، ويستحب أن يدعو بهذه الخطبة، وروى خطبة أمير المؤمنين عليه السلام (2).
وفي نهاية الإحكام: ثم ليدع وليخطب بخطبة الاستسقاء المروية عن
أمير المؤمنين عليه السلام، فإن لم يتمكن منها اقتصر على الدعاء (3). ونحوها المبسوط (4).
ومن قدم الخطبة على الأذكار أمر بالدعاء بعدها، فقال الصدوق: ثم ترفع
يديك فتدعو ويدعو الناس ويرفعون أصواتهم (5). وقال المفيد: ثم حول وجهه إلى
القبلة فدعى ودعى الناس معه، فقال: اللهم رب الأرباب (6) إلى آخر الدعاء.
ونحوه سلا ر (7) والقاضي (8) والحلبيان (9)، لكنهما قالا: إن الناس يؤمنون على
دعائه.
(و) يستحب (تكرير الخروج) للاستسقاء (لو لم يجابوا) مستأنفين
للصوم ثلاثة أخرى أو بانين على ما صاموا لوجود السبب، ولأن الله يحب
الالحاح في السؤال. وقال أبو علي: إن لم يمطروا ولا أظللتهم غمامة لم ينصرفوا،
إلا عند وجوب صلاة الظهر، ولو أقاموا بقية نهارهم كان أحب إلي، فإن أجيبوا
وإلا تواعدوا على المعاودة يوما ثانيا وثالثا (10). ومن العامة من لا يرى تكرير
الخروج (11).
(ووقتها وقت) صلاة (العيد) وفاقا للحلبي (12) وابني الجنيد وأبي

(1) ذكرى الشيعة: ص 251 س 4.
(2) مصباح المتهجد: ص 474.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 379.
(4) المبسوط: ج 1 ص 135.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 527.
(6) المقنعة: ص 208.
(7) المراسم: ص 83.
(8) المهذب: ج 1 ص 144.
(9) الكافي في الفقه: ص 163، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 21.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 340.
(11) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 295.
(12) الكافي في الفقه: ص 162.
392

عقيل (1)، لقول الصادق عليه السلام في حسن هشام: ويصلي مثل صلاة العيدين، وفي
خبر مرة: ثم يخرج يمشي كما يخرج يوم العيد (2).
والأقوى ما في المعتبر (3) والتذكرة (4) ونهاية الإحكام (5) من عدم التوقيت
للأصل مع عدم نصوصية الخبرين فيه، وفي الأخير الاجماع عليه. وفي التذكرة:
نفي الخلاف عنه، قال: والأقرب عندي إيقاعها بعد الزوال، لأن ما بعد العصر
أشرف (6).
(وسببها قلة الماء بغور) مياه (الأنهار والآبار وقلة الأمطار)
والثلوج.
(ويكره اخراج أهل الذمة) كما في المبسوط (7) والمهذب (8)، وكذا سائر
الكفار، بل يمنعون من الخروج معهم كما في السرائر (9) والمنتهى (10) والمعتبر (11)
والتذكرة (12) ونهاية الإحكام (13) والتحرير (14)، لأنهم مغضوب عليهم، فقد ينزل
العذاب فيعم كما نزل على قوم عاد إذ استسقوا، وقد يمنعون الإجابة بشامتهم.
وزاد ابن إدريس (15) والمصنف في التذكرة (16) والنهاية: والمتظاهرين
بالفسوق والمنكر والخلاعة من أهل الاسلام (17).

(1) حكاه عنهما في مختلف الشيعة: ج 2 ص 340.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 162 ب 1 من أبواب صلاة الاستسقاء ح 2.
(3) المعتبر: ج 2 ص 364.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 168 س 18.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 104.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 168 س 18.
(7) المبسوط: ج 1 ص 135.
(8) المهذب: ج 1 ص 145.
(9) السرائر: ج 1 ص 325.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 355 س 29 - 30.
(11) المعتبر: ج 2 ص 363.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 168 س 6.
(13) نهاية الإحكام: ج 2 ص 103.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 47 س 32.
(15) السرائر: ج 1 ص 325.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 168 س 9.
(17) نهاية الإحكام: ج 2 ص 103.
393

وفي المنتهى: وقد روى ابن بابويه، عن الصادق عليه السلام: إنه جاء أصحاب
فرعون إليه، فقالوا: غار ماء النيل وفيه هلاكنا، فقال: انصرفوا اليوم، فلما كان من
الليل توسط النيل ورفع يديه إلى السماء، وقال: اللهم إنك تعلم أني أعلم أنه
لا يقدر على أن يجي بالماء إلا أنت فجئنا به، فأصبح النيل يتدفق (1). فعلى هذه
الرواية لو خرجوا جاز أن لا يمنعوا، لأنهم يطلبون أرزاقهم، وقد ضمنها لهم في
الدنيا فلا يمنعون من طلبها، فلا تبعد إجابتهم. وقول من قال: إنهم ربما ظنوا أن ما
حصل من السقيا بدعائهم ضعيف، لأنه لا يتعذر أن يتفق نزول الغيث يوم
يخرجون بانفرادهم فيكون أعظم لفتنتهم (2)، إنتهى.
وعن أحمد: إن خرجوا لم يمنعوا لكن لا يختلطون بنا (3). وقال الشافعي: ولا
أكره من اختلاط صبيانهم بنا ما أكره من اختلاط رجالهم، لأن كفرهم تبع لآبائهم
لا عن عناد واعتقاد (4).
(الثاني: نافلة شهر رمضان) وعلى استحبابها المعظم، لنحو قول
الصادق عليه السلام لأبي خديجة: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا جاء شهر رمضان زاد في
صلاته وأنا أزيد فزيدوا (5). وهو كثير.
وفي المختلف: والروايات متظاهرة والاجماع عليه (6). وفيه، وفي الذكرى:
إن سلا ر ادعى الاجماع عليه (7). والذي في المراسم: إنه لا خلاف في أنها ألف
ركعة (8).

(1) علل الشرائع: ج 1 ص 58 ب 53 العلة التي من أجلها أغرق الله عز وجل فرعون ح 1.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 355 س 34.
(3) لم نعثر عليه.
(4) المجموع: ج 5 ص 71.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 174 ب 2 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 2.
(6) مختلف الشيعة: ج 2 ص 341.
(7) ذكرى الشيعة: ص 253 س 28.
(8) المراسم: ص 82.
394

ولا يرى الصدوق له نافلة زيادة فيه على غيره، لخبر ابن سنان: إنه سأل
الصادق عليه السلام عن الصلاة في شهر رمضان، فقال عليه السلام: ثلاث عشر ركعة، منها الوتر
وركعتان قبل صلاة الفجر، كذلك، ولو كان فضلا كان رسول الله صلى الله عليه وآله أعمل به
وأحق (1).
وصحيح الحلبي: إنه سأل عليه السلام عن الصلاة في شهر رمضان، فقال: ثلاث
عشر، منها الوتر وركعتا الصبح قبل الفجر، كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي وأنا
كذلك أصلي، ولو كان خيرا لم يتركه رسول الله صلى الله عليه وآله (2).
وخبر محمد بن مسلم: إنه سمعه عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى
العشاء الآخرة آوى إلى فراشه لا يصلي شيئا إلا بعد انتصاف الليل في رمضان ولا
في غيره (3).
والجواب: أنه يجوز أن يكون السؤال في الأولين عن صلاة الليل الراتبة،
والمراد في الأخير لا يصلي شيئا منها ردا على الحنفية الذين يصلون الوتر بعد
العشاء قبل النوم.
وعن أحمد بن محمد بن مطهر: إنه قال: كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أن رجلا
روى عن آبائك أن رسول الله صلى الله عليه وآله ما كان يزيد من الصلاة في شهر رمضان على
ما كان يصليه في سائر الأيام، فوقع عليه السلام: كذب، فض الله فاه (4).
ثم الصدوق قال: وممن روى الزيادة في التطوع في شهر رمضان زرعة عن
سماعة، وهما واقفيان، قال: سألته عن شهر رمضان كم نصلي فيه، قال: كما تصلي
في غيره، إلا أن لشهر رمضان على سائر الشهور من الفضل ما ينبغي للعبد أن يزيد

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 137 138 ح 1966.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 190 ب 9 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 1.
(3) المصدر السابق ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 184 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 10.
395

في تطوعه، فإن أحب ب وقوي على ذلك أن يزيد في أول الشهر إلى عشرين ليلة،
كل ليلة عشرين ركعة إلى تمام الخبر. ثم قال: إنما أوردت هذا الخبر في هذا الباب
مع عدولي عنه وتركي لاستعماله، ليعلم الناظر في كتابي هذا كيف يروى، ومن
رواه، وليعلم من اعتقادي فيه أني لا أرى بأسا باستعماله (1).
وقال الحلبي: ومن السنة أن يتطوع الصائم في شهر رمضان بألف ركعة (2).
وكأنه إنما خصها بالصائم لأن الحائض لا تصلي، والمريض والمسافر يتعذر
عليهما.
وقال المصنف في المختلف: إنه يشعر باختصاص النافلة بالصائم، ولم
يشترط باقي علمائنا ذلك. ثم احتج له بالتبعية، إذ مع الافطار يساوى غيره من
الزمان، وأجاب بالمنع (3).
(وهي) عند معظم الأصحاب (ألف ركعة) وسمعت عن سلا ر نفي
الخلاف (4). وبه خبر المفضل بن عمر، عن الصادق عليه السلام (5). وخبر علي بن مهزيار،
عن الجواد عليه السلام على ما في الاقبال. وفيه، عن كتاب التعريف لمحمد بن أحمد
الصفواني: إعلم أن صلاة شهر رمضان تسعمائة ركعة، وفي رواية ألف ركعة (6).
قلت: وبه خبر مسعدة بن صدقة، عن الصادق عليه السلام (7). ومضمر زرعة، عن
سماعة (8). وخبر محمد بن أحمد بن مطهر، عن أبي محمد عليه السلام (9) بإسقاط مائة
لليلة تسع عشرة.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 138 - 139 ذيل الحديث 1966 و ح 1967 وذيله.
(2) الكافي في الفقه: ص 159.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 346.
(4) المراسم: ص 82.
(5) إقبال الأعمال: ص 12 السطر الأخير.
(6) إقبال الأعمال: ص 11 س 11 - 12.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 179 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 180 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 184 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 10.
396

قال الصفواني: وقد روي أن في ليلة تسع عشرة أيضا مائة ركعة، وهو قول من
قال بألف ركعة (1). وفي الذكرى: إنه قال: في كتاب التعريف هي سبعمائة ركعة،
ولعله أراد الألف وترك زوائد ليالي الأفراد لشهرته (2).
(يصلي كل ليلة عشرين ركعة) اتفاقا والأخبار ناطقة به (منها ثمان
بعد المغرب) واثنا عشر بعد العشاء. هذا هو المشهور رواية وفتوى، وفي مضمر
سماعة العكس (3)، ولذا خير بينهما في التذكرة (4) والمنتهى (5) كالمعتبر (6).
وليكن ما يصلي بعد المغرب بعد نوافلها الأربع، وما يصلي بعد العشاء قبل
الوتيرة كما هو المشهور، لتضمن أخبار الوتيرة التعليل بالمبيت على وتر، وفي
بعض نسخ المراسم بعدها (7). وبه خبر محمد بن سليمان، عن الرضا عليه السلام (8).
(وفي العشر الأواخر زيادة عشر) بعد العشاء كما في الإقتصاد (9)
والمصباح (10) ومختصره (11) والنهاية (12) والسرائر (13) والشرائع (14) والجامع (15)،
لخبري أبي بصير (16) والحسين بن سعيد (17).
وفي الكافي (18) والغنية: اثنتا عشرة بعد المغرب وثمان عشرة بعد

(1) إقبال الأعمال: ص 11 س 17.
(2) ذكرى الشيعة: ص 254 س 1 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 180 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 3.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 73 س 15.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 358 س 26.
(6) المعتبر: ج 2 ص 370.
(7) وسائل الشيعة: ج 3 ص 70 ب 29 من أبواب أعداد الفرائض والنوافل.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 181 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 6.
(9) الإقتصاد: ص 273.
(10) مصباح المتهجد: ص 494.
(11) لا يوجد لدينا.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 379.
(13) السرائر: ج 1 ص 310.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 110.
(15) الجامع للشرائع: ص 118.
(16) وسائل الشيعة: ج 5 ص 181 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 5.
(17) وسائل الشيعة: ج 5 ص 180 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 3.
(18) الكافي في الفقه: ص 159.
397

العشاء (1)، لخبر مسعدة، عن الصادق عليه السلام (2). وخبر محمد بن أحمد بن مطهر،
عن أبي محمد عليه السلام (3). وفي التذكرة (4) والمنتهى: التخيير بين الأمرين (5).
وفي مضمر سماعة: يصلي اثنتين وعشرين ركعة بعد المغرب وثماني بعد
العتمة (6). وفي المعتبر التخيير بين هذا والأول (7).
وفي خبر محمد بن سليمان، عن الرضا عليه السلام: كان أبي يزيد في العشر الأواخر
من شهر رمضان في كل ليلة عشرين ركعة (8). وهو يحتمل الزيادة على الرواتب
وعلى العشرين.
وروى نحوه الحميري في قرب الإسناد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن
البزنطي، عنه عليه السلام (9).
(وفي ليالي الأفراد) الثلاثة المعروفة (زيادة مائة) ركعة (لكل ليلة)
على العشرين أو الثلاثين كما في الإقتصاد (10) والخلاف (11) والكافي (12)
والغنية (13)، وبه خبر علي بن مهزيار، عن الجواد عليه السلام على ما في الاقبال عن
كتاب عمل شهر رمضان لابن أبي قرة (14).

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 32.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 179 - 180 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 10 ص 184 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 10.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 73 س 15.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 358 س 26.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 180 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 3.
(7) المعتبر: ج 2 ص 370.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 183 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 9.
(9) قرب الإسناد: ص 155.
(10) الإقتصاد: ص 273.
(11) الخلاف: ج 1 ص 530 المسألة 269.
(12) الكافي في الفقه: ص 159.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 32 - 35.
(14) إقبال الأعمال: ص 11 س 10.
398

وفي المعتبر (1) والمنتهى (2) والتذكرة: إن به خبري سماعة ومسعدة (3)، وفي
الذكرى: إن به الثاني (4)، ونهاية الإحكام: إن به الأول (5)، وشئ منهما لم يضف
المائة إلا ليلتي إحدى وعشرين وثلاث وعشرين.
(ولو اقتصر على المائة في) كل من ليالي (الأفراد) كما في المقنعة (6)
والنهاية (7) والمبسوط (8) وغيرها (9) جاز، لخبر المفضل بن عمر عن
الصادق عليه السلام (10).
و (صلى) كما في الخبر (في كل جمعة) من الشهر، أي من أربع جمعات
منه (عشر ركعات) أربع ركعات (بصلاة علي عليه السلام، و) ركعتين بصلاة
(فاطمة) عليها السلام، (و) أربع بصلاة (جعفر) عليه السلام وسيأتي كيفياتها.
(وفي) ليلة (آخر جمعة) صلى (عشرين) منها (بصلاة علي عليه السلام)
وإن لم يكن في الخبر إلا ليلة الجمعة في العشر الأواخر.
(وفي عشية تلك الجمعة) ليلة السبت، و (عشرين بصلاة فاطمة عليها السلام)
وكما يعم الخبر الجمعتين الأخيرتين يعم السبتين حتى فعل عشرين ليلة جمعة
وعشرين ليلة سبت آخر.
وخص ابن حمزة الأربعين بسحري الليلتين (11)، ولفظ الخبر في العشرين
الأخيرة عشية الجمعة.
(الثالث:) ما يختص ببعض الأيام أو الليالي من شهور مخصوصة من غير

(1) المعتبر: ج 2 ص 369.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 358 س 21.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 73 س 12.
(4) ذكرى الشيعة: ص 254 س 4.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 94.
(6) المقنعة: ص 167.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 380.
(8) المبسوط: ج 1 ص 133.
(9) المهذب: ج 1 ص 145.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 178 ب 7 من أبواب نافلة شهر رمضان ح 1.
(11) الوسيلة: ص 117.
399

شهر رمضان، والمذكور خمس صلوات بثمانية أوقات:
الأولى: (صلاة ليلة الفطر) التي في مرفوع السياري عن أمير
المؤمنين عليه السلام، عن النبي صلى الله عليه وآله (1) وهي: (ركعتان، في الأولى الحمد مرة وألف
مرة التوحيد، وفي الثانية الحمد مرة والتوحيد مرة) وفيه: إن صلاهما لم
يسأل الله شيئا إلا أعطاه إياه. وقال المفيد في مسار الشيعة: إن الرواية جاءت إن
من صلى هاتين الركعتين ليلة الفطر لم ينفتل وبينه وبين الله تعالى ذنب إلا غفر له (2).
(و) الثانية: (صلاة) يوم (الغدير) التي في خبر علي بن الحسين
العبدي، عن الصادق عليه السلام (3)، وهي (ركعتان قبل الزوال) بعد أن يغتسل قبله
(بنصف ساعة) من الساعات المستوية المعروفة عند المنجمين، أو الساعات
التي وردت لها الأدعية في كل يوم، والرابعة منها من ارتفاع الشمس إلى الزوال.
(يقرأ في كل منهما الحمد مرة وكلا من القدر والتوحيد وآية الكرسي
- إلى قوله: - هم فيها خالدون) وهو آخر آيتين بعدها (عشرا)، وليس ذلك
في الخبر، وإنما أرسله الشيخ في المصباح، عن الصادق عليه السلام: في صلاة الرابع
والعشرين من ذي الحجة، ثم قال: وهذه الصلاة بعينها رويناها في يوم الغدير (4).
وفي الخبر: إنها تعدل عند الله عز وجل مائة ألف حجة، ومائة ألف عمرة، وأن
مصليها ما سأل الله عز وجل حاجة من حوائج الدنيا والآخرة إلا قضيت له (5).
ويستحب أن تصلى (جماعة) كما في الكافي (6) والغنية (7) والإشارة (8)،

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 221 ب 1 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 1.
(2) مسار الشيعة (مصنفات الشيخ المفيد): ج 7 ص 30.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 224 ب 3 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 1.
(4) مصباح المتهجد: ص 307.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 224 ب 3 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 1.
(6) الكافي في الفقه: ص 160.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 503 س 1.
(8) إشارة السبق: ص 106.
400

لقول المفيد: نزل رسول الله صلى الله عليه وآله فيه في مرجعه من حجة الوداع وبغدير خم، وأمر
أن ينصب له في الموضع كالمنبر من الرحال، وينادي بالصلاة جامعة، فاجتمع
سائر من كان معه من الحاج ومن تبعهم لدخول المدينة من أهل الأنصار، فاجتمع
جمهور أمته فصلى ركعتين ثم رقى المنبر (1). وليس نصا، ويأتي نص أن لا جماعة
في نافلة.
ويستحب أن يصلي (في الصحراء) كما في الكافي (2). وفي المقنعة (3)
والمهذب: تحت السماء (4)، ولعلهما للتأسي على ما أخبر به المفيد.
وليكن إذا صليت بجماعة (بعد أن يخطب الإمام بهم) وفاقا للحلبيين (5).
وهذا الخبر إنما تضمن الخطبة بعد الصلاة.
روى الشيخ في المصباح: إن أمير المؤمنين عليه السلام صعد المنبر على خمس
ساعات من نهار ذلك اليوم فحمد الله، وذكر الخطبة وقال: ثم أخذ في خطبة
الجمعة (6). ولم يرو له عليه السلام صلاة بعد الخطبة أو قبلها، لكن الفراغ من الصلاة
المذكورة والدعاء المأثور بعدها يتصل بالزوال غالبا، فلذا قدموها على الصلاة.
وفي ربيع الشيعة: صعد رسول الله صلى الله عليه وآله على تلك الرحال - يعني ما عمل منها
شبه المنبر - وذكر الخطبة وقال: ثم نزل عليه السلام وكان وقت الظهيرة فصلى ركعتين ثم
زالت الشمس (7).
وفي المقنعة: إذا سلمت فاحمد الله واثن عليه بما هو أهله، وصلي على رسول
الله صلى الله عليه وآله، وابتهل إلى الله تعالى في اللعنة لظالمي آل الرسول عليهم السلام وأتباعهم، ثم

(1) المقنعة: ص 203.
(2) الكافي في الفقه: ص 160.
(3) المقنعة: ص 205.
(4) المهذب: ج 1 ص 146.
(5) الكافي في الفقه: ص 160، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 503 س 1.
(6) مصباح المتهجد: ص 696 703.
(7) الظاهر هو أعلام الورى: ص 139، كما صرح به في الذريعة: ج 2 ص 240.
401

ادع فقل (1)، ونحوه المهذب (2).
وفي النزهة: حصر الخطب في إحدى عشرة (3)، ليس منها خطبة يوم الغدير،
وذلك لخلو خبر صلاته عنها. ولا ضير فإن الخطبة ليست إلا ذكرا لله وتمجيدا أو
تحميدا أو ذكرا لرسوله وآله صلوات الله عليهم، وموعظة وأمرا بالمعروف ونهيا
عن المنكر ونحو ذلك، والكل حسن مرغوب شرعا في كل وقت، ويوم الغدير
أشرف الأيام والحسنات تضاعف فيه، وقد خطب فيه النبي ووصيه صلى الله عليه وآله.
(و) ينبغي أن (يعرفهم) الإمام في الخطبة (فضل) ذلك (اليوم) وما
من الله به فيه على عباده من إكمال الدين وإتمام النعمة بالنص على مولى المؤمنين
وإمامهم وأميرهم، كما فعله أمير المؤمنين عليه السلام في الخطبة المروية عنه عليه السلام.
قال الحلبي: ولا يبرح أحد من المأمومين والإمام يخطب، (فإذا انقضت
الخطبة تصافحوا) (4) تأكيدا للأخوة والمودة، (وتهانوا) شكرا لله على هذه
النعمة العظيمة وتبركا بيومها وتشبها بالصحابة، إذ كانوا في خم يصافحون
النبي صلى الله عليه وآله والوصي ذلك اليوم، من الظهيرة إلى العتمة، ويهنئون الوصي ويسلمون
عليه بإمرة المؤمنين.
(و) الثالثة: (صلاة ليلة نصف شعبان) التي ذكر الشيخ في المصباح إن
ثلاثين رجلا من الثقات رواها عن الصادقين عليهما السلام (5) وهي: (أربع ركعات
بتسليمتين) وإن لم يكن في الخبر، فالأصل في كل ركعتين تسليمة حتى
الفرائض.
(يقرأ في كل ركعة الحمد مرة والاخلاص مائة مرة ثم يعقب) بقوله:

(1) (1) المقنعة: ص 205.
(2) المهذب: ج 1 ص 147.
(3) نزهة الناظر: ص 41.
(4) الكافي في الفقه: ص 160.
(5) مصباح المتهجد: ص 762.
402

اللهم إني إليك فقير، وإني عائذ بك، ومنك خائف، وبك مستجير، رب لا تبدل
اسمي، رب لا تغير جسمي، رب لا تجهد بلائي، أعوذ بعفوك من عقابك، وأعوذ
برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من عذابك، وأعوذ بك منك جل ثناؤك،
وأنت كما أثنيت على نفسك وفوق ما يقول القائلون. (ويعفر) وإن لم يكن في
الخبر ففي التعفير ما أنت به خبير.
(و) الرابعة: (صلاة) روى داود بن سرحان، عن الصادق عليه السلام: صلاتها
(ليلة نصف رجب (1)، و) أرسل الشيخ في المصباح عن أبي جعفر الثاني عليه السلام:
صلاتها ليلة (المبعث ويومه (2)) وهو السابع عشر (3) من رجب. وعن ريان بن
الصلت، عنه عليه السلام: صلاتها يومه (4) (وهي اثنتا عشرة ركعة، يقرأ في كل ركعة
الحمد) وسورة. وفي بعض نسخ المصباح في رواية الريان (و) سورة
(يس).
(و) الخامسة: (صلاة فاطمة عليها السلام في أول ذي الحجة) رواها الشيخ
في المصباح (5) مرسلا مقطوعا.
(و) السادسة: مثل (صلاة يوم الغدير في الرابع والعشرين منه) أي
ذي الحجة، أرسلها الشيخ في المصباح عن الصادق عليه السلام، وصرح فيها بقراءة آية
الكرسي - إلى قوله: - (هم فيها خالدون) (6). وكما أسمعناك (وهو يوم صدقة
أمير المؤمنين عليه السلام بالخاتم فيه) وهو يوم المباهلة أيضا على ما اختاره

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 231 ب 5 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 13.
(2) مصباح المتهجد: ص 749.
(3) كذا في النسخ المعتمدة والظاهر أنه من سهو النساخ حيث أن المشهور بين المؤرخين كافة
أنه السابع والعشرين من رجب.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 243 ب 9 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 4.
(5) مصباح المتهجد: ص 613.
(6) مصباح المتهجد: ص 703.
403

الشيخان في مسار الشيعة (1) والمصباح (2).
(الرابع): ما لا يختص بشهر أو يوم أو ليلة.
(يستحب صلاة أمير المؤمنين وهي أربع ركعات بتسليمتين في
كل ركعة الحمد مرة والتوحيد خمسين مرة) ففي خبر ابن سنان، عن
الصادق عليه السلام: إن من صلاها لم ينفتل وبينه وبين الله ذنب (3). وفي خبر آخر: خرج
من ذنوبه كيوم ولدته أمه وقضيت حوائجه (4).
(و) يستحب (صلاة فاطمة عليها السلام) وهي كما في مصباح الشيخ (ركعتان،
في الأولى بعد الحمد القدر مائة مرة وفي الثانية بعد الحمد الاخلاص مائة
مرة) (5) قال: وروي أنها أربع ركعات مثل صلاة أمير المؤمنين عليه السلام (6).
قلت: هي ما في الفقيه من رواية هشام بن سالم، عن الصادق عليه السلام قال: وهي
صلاة الأوابين (7).
وحكى الصدوق عن محمد بن الحسن بن الوليد: إنه كان يقول: لا أعرفها
بصلاة فاطمة عليهما السلام، وأما أهل الكوفة فيعرفونها بصلاة فاطمة عليها السلام (8).
(وصلاة الحبوة وهي صلاة جعفر) بن أبي طالب، حباه النبي صلى الله عليه وآله
إياها. ففي خبر الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام: لو كنت فررت من الزحف وكان

(1) مسار الشيعة (مصنفات الشيخ المفيد): ج 7 ص 41.
(2) مصباح المتهجد: ص 704.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 245 ب 13 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) مصباح المتهجد: ص 265.
(6) لم نعثر على هذه الصلاة في مصباح المتهجد لكن رويت على صلاتين لها 3 في ص
265.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 564 ح 1557 وذيله.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 564 ح 1557 وذيله.
404

عليك مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا غفر ت لك (1). وهي (أربع ركعات
بتسليمتين). وسبق في أول الكتاب عن ظاهر الصدوق أنها بتسليمة.
(في الأولى الحمد) وسورة (2)، كما في خبر الثمالي. وفي خبري إبراهيم
ابن عبد الحميد (3) وإبراهيم بن أبي البلاد عن أبي الحسن عليه السلام: (وإذا
زلزلت (4)). وقال الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن المغيرة: اقرأ في صلاة جعفر
بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون (5). وفي خبر بسطام: تقرأ في كل ركعة بقل
هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون (6).
(ثم تقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشرة
مرة) كما في خبر أبي بصير (7). وبسطام، عن الصادق عليه السلام (8) وفي خبر الثمالي:
تفتح الصلاة ثم تكبر خمس عشرة مرة، تقول: الله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا
إله إلا الله ثم تقرأ الفاتحة وسورة (9) قال الصدوق: فبأي الحديثين أخذ المصلي فقد
مضت صلاته وجاز له (10).
(ثم يركع ويقولها عشرا، ثم يقوم ويقولها عشرا، ثم يسجد الأولى
ويقولها عشرا، ثم يجلس ويقولها عشرا، ثم يسجد الثانية ويقولها عشرا،
ثم يجلس ويقولها عشرا) وفي خبر الثمالي (11) مثل ذلك إلا أن التكبير مقدم.
(ثم يقوم إلى الثانية فيقرأ بعد الحمد والعاديات) كما في خبر إبراهيم

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 196 ب 1 من أبواب صلاة جعفر ح 5.
(2) الهداية: ص 37.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 198 ب 2 من أبواب صلاة جعفر ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 198 ب 2 من أبواب صلاة جعفر ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 197 ب 2 من أبواب صلاة جعفر ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 195 ب 1 من أبواب صلاة جعفر ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 198 ب 2 من أبواب صلاة جعفر ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 198 ب 2 من أبواب صلاة جعفر ح 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 196 ب 1 من أبواب صلاة جعفر ح 5.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 553 ذيل الحديث 1534.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 553 ذيل الحديث 1534.
405

ابن عبد الحميد، عن أبي الحسن عليه السلام (1). وفي خبر إبراهيم بن أبي البلاد عنه عليه السلام:
إذا جاء نصر الله (2). (ثم يصنع كما صنع في الأولى) وفي خبر الثمالي مثل ما سمعت من
خبره في الأولى (3).
(ويتشهد ويسلم ثم يقوم بنية واستفتاح إلى الثالثة فيقرأ بعد الحمد
النصر) كما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد، عن أبي الحسن عليه السلام. وفي خبر
إبراهيم بن أبي البلاد القدر.
(ويصنع كما فعل أولا، ثم يقوم إلى الرابعة فيقرأ بعد الحمد
الاخلاص) كما في خبريهما عن أبي الحسن عليه السلام.
(ويصنع كفعله الأول) وفي خبر الثمالي فيهما أيضا مثل ما فيه في
الأوليين.
وفي كتاب الغيبة للشيخ عن الحميري ومحمد بن عبد الله بن جعفر: إن من
مسائله عن الناحية المقدسة: إذا سها في التسبيح في قيام أو قعود أو ركوع أو
سجود وذكره في حالة أخرى قد صار فيها من هذه الصلاة هل يعيد ما فاته من
ذلك التسبيح في الحالة التي ذكره أم يتجاوز في صلاته؟ فوقع عليه السلام: إذا سها في
حالة من ذلك ثم ذكر في حالة أخرى قضى ما فاته في الحالة التي ذكره (4). وفي
خبري أبان (5) وأبي بصير (6)، عن الصادق عليه السلام: إن من كان مستعجلا صلى صلاة
جعفر عليه السلام مجردة ثم يقضي التسبيح وهو ذاهب في حوائجه.

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 198 ب 2 من أبواب صلاة جعفر ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 198 ب 2 من أبواب صلاة جعفر ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 196 ب 1 من أبواب صلاة جعفر ح 1.
(4) الغيبة: ص 230.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 202 ب 8 من أبواب صلاة جعفر ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 203 ب 8 من أبواب صلاة جعفر ح 2.
406

(ويدعو في آخر سجدة) من الركعة الرابعة (بالمأثور) في خبر أبي
سعيد المدائني (1)، أو في مرفوع ابن محبوب (2).
(ولا اختصاص لهذه الصلوات) الثلاث (بوقت) والأخبار نطقت بذلك
في صلاة الحياة، (وأفضل أوقاتها الجمع) كما في مصباح الشيخ (3)، ولم أظفر
لخصوصه بخبر إلا توقيع الناحية المقدسة في جواب سؤال الحميري عن صلاة
جعفر أي أوقاتها أفضل؟ فوقع عليه السلام: أفضل أوقاتها صدر النهار من يوم الجمعة (4).
(و) في الأخبار: إنه (يستحب) ساعة الغفيلة وهي (بين) فريضتي
(المغرب والعشاء) أو الوقتين (صلاة ركعتين) ولو خفيفتين، فإنهما تورثان
دار الكرامة (5).
وفي مصباح الشيخ: عن هشام بن سالم، عن الصادق عليه السلام: يصلي بين
العشائين ركعتين (يقرأ في الأولى الحمد وقوله تعالى: (وذا النون) إلى آخر
الآية، وفي الثانية الحمد وقوله تعالى: (وعنده مفاتح الغيب) التي لا يعلمها
إلا هو) (إلى آخر الآية، ثم يرفع يديه فيقول: اللهم إني أسألك بمفاتح
الغيب التي لا يعلمها إلا أنت أن تصلي على محمد وآل محمد وأن تفعل
بي كذا، اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي وتعلم حاجتي فأسألك
بحق محمد وآل محمد عليه وعليهم السلام لما قضيتها لي، ويسأل
حاجته) فمن فعل ذلك أعطاه الله ما سأل (6).
وهما غير الأربع الرواتب كما يعطيه ظاهر الكتاب وغيره، ولا يعطيه الخبر،

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 198 ب 3 من أبواب صلاة جعفر ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 199 ب 3 من أبواب صلاة جعفر ح 2.
(3) مصباح المتهجد: ص 293.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 199 ب 4 من أبواب صلاة جعفر ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 249 ب 20 من أبواب بقية الصلوات المندوبات ح 1.
(6) مصباح المتهجد: ص 94.
407

ولا ما ورد من استحباب سور وآيات غير الآيتين في الأربع، ثم إن أريد بين
الوقتين فالظاهر قبل غروب الشفق.
(و) يستحب بينهما بأحد المعنيين (صلاة ركعتين في الأولى الحمد مرة
والزلزلة ثلاث عشرة مرة، وفي الثانية الحمد مرة والتوحيد خمس عشرة
مرة) فأرسل الشيخ في المصباح عن الصادق عليه السلام، عن آبائه، عن رسول
الله صلى الله عليه وآله إنه قال: أوصيكم بهما، فإنه من فعل ذلك كل شهر كان من المؤمنين، فإن
فعل ذلك في كل سنة كان من المحسنين، فإن فعل ذلك في كل جمعة كان من
المخلصين، فإن فعل ذلك كل ليلة زاحمني في الجنة ولم يحص ثوابه إلا الله (1).
ولا يعطي الخبر أنهما غير الأربع كظاهر الكتاب وغيره.
(الخامس:) ما (يستحب يوم الجمعة).
ويستحب يوم الجمعة (الصلاة الكاملة) رواها الشيخ في المصباح مسندا
عن النبي صلى الله عليه وآله: (وهي أربع) ركعات (قبل الصلاة) الفريضة (يقرأ في كل
ركعة الحمد عشرا والمعوذتين والاخلاص والجحد وآية الكرسي عشرا
عشرا).
قال الشيخ: وفي رواية أخرى إنا أنزلناه عشر مرات وشهد الله عشر مرات.
قال: فإذا فرغ من الصلاة استغفر الله مائة مرة، ثم يقول: سبحان الله والحمد لله ولا
إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم مائة مرة ويصلي على
النبي صلى الله عليه وآله مائة مرة. قال: ومن صلى هذه الصلاة وقال هذا القول دفع الله عنه شر
أهل السماء وشر أهل الأرض (2).
(وصلاة الأعرابي عند ارتفاع النهار) رواها زيد بن ثابت (3)، وفي رواية

(1) مصباح المتهجد: ص 94 - 95.
(2) مصباح المتهجد: ص 279 - 280.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 57 ب 39 من أبواب صلاة الجمعة وآدابها ح 3.
408

عنه أن الأعرابي متمم بن نويرة أخو مالك اليربوعي (وهي عشر ركعات)
بثلاث تسليمات.
(يصلي ركعتين بتسليمة، يقرأ في الأولى الحمد مرة والفلق سبع
مرات، وفي الثانية الحمد مرة والناس سبع مرات ثم يسلم ويقرأ آية
الكرسي سبعا، ثم يصلي ثمان ركعات بتسليمتين يقرأ في كل ركعة الحمد
مرة والنصر مرة والتوحيد خمسا وعشرين مرة، ثم يقول بعدها: سبحان
الله رب العرش الكريم لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم سبعين مرة)
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فوالذي اصطفاني بالنبوة ما من مؤمن ولا مؤمنة يصلي
هذه الصلاة يوم الجمعة إلا وأنا ضامن له الجنة، ولا يقوم من مقامه حتى يغفر له
ذنوبه ولأبويه ذنوبهما (1).
(وصلاة الحاجة) وهي (ركعتان) بلا صوم و (بعد صوم ثلاثة أيام
آخرها الجمعة) بأنحاء شتى، على روايات مختلفة مذكورة في مصباح الشيخ (2)
وغيره.
ويستحب الصلاة للحاجة متى عرضت أي يوم أو ليل كان، وهي من القسم
السادس.
(السادس) ما يستحب عند حدوث أمر، ولا يختص بشهر ولا يوم ولا ليل
ولا ساعة.
(تستحب صلاة الشكر عند تجدد النعم، وهي ركعتان) رواهما هارون
ابن خارجة، عن الصادق عليه السلام: (يقرأ في الأولى الحمد والاخلاص، وفي
الثانية الحمد والجحد) ويقول في ركوع الأولى: الحمد لله شكرا وحمدا، وفي

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص ص 57 ب 39 من أبواب صلاة الجمعة ح 3.
(2) مصباح المتهجد: ص 286 304.
409

ركوع الثانية الحمد لله الذي استجاب دعائي وأعطاني مسألتي (1).
وقال أمير المؤمنين عليه السلام في خبر محمد بن مسلم: إذا كسى الله المؤمن ثوبا
جديدا فليتوضاء وليصل ركعتين، يقرأ فيهما أم الكتاب وآية الكرسي وقل هو الله
أحد وإنا أنزلناه في ليلة القدر، ثم ليحمد الله الذي ستر عورته وزينه في الناس،
وليكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله فإنه لا يعصي الله فيه، وله بكل مسلك فيه
ملك يقدسه ويستغفر له ويترحم عليه (2).
(وصلاة الاستخارة) ولها أقسام منها ما رواه هارون بن خارجة، عن
الصادق عليه السلام: وهي أن (يكتب في ثلاث رقاع بسم الله الرحمن الرحيم
خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة إفعل، وفي ثلاث بسم الله
الرحمن الرحيم خيرة من الله العزيز الحكيم لفلان بن فلانة لا تفعل ثم
يضعها تحت مصلا ه ثم يصلي ركعتين ثم يسجد بعد التسليم) سجدة
(ويقول فيها: أستخير الله برحمته خيرة في عافية مائة مرة، ثم يجلس
ويقول: اللهم خر لي) واختر لي (في جميع أموري في يسر منك وعافية،
ثم يشوش الرقاع) تحت مصلا ه بيده (ويخرج واحدة واحدة فإن خرج)
في (ثلاث متواليات إفعل فليفعل، وإن خرج) في (ثلاث متواليات
لا تفعل فليترك، وإن خرجت) في (واحدة إفعل و) في (الأخرى لا تفعل
فليخرج من الرقاع إلى خمس ويعمل على الأكثر) (3) ويجوز رفع ثلاث
وواحدة، أي إن خرج ثلاث رقاع متواليات هي رقاع إفعل وكذا الباقية.
(ويستحب صلاة الزيارة) وصلاة (التحية و) صلاة (الاحرام عند

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 266 ب 35 من أبواب بقية الصلوات المندوبة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 3 ص 371 ب 26 من أبواب أحكام الملابس ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ح 5 ص 208 ب 2 من أبواب صلاة الاستخارة و.... ح 1.
410

أسبابها) وهي الزيارة للنبي صلى الله عليه وآله والأئمة: ودخول المساجد والاحرام
بالنصوص (1) والاجماع.

(1) وسائل الشيعة: ج 10 ص 453 ب 96 من أبواب المزار وما يناسبه.
411

(المقصد الرابع)
(في التوابع)
(وفيه فصول) خمسة:
413

(الأول)
(في السهو)
وهو الغفلة، ولذا يشمل الشك.
(وفيه مطالب) أربعة:
(الأول):
(فيما يوجب الإعادة) للصلاة
(كل من أخل بشئ من واجبات الصلاة عمدا) عالما بالوجوب،
ويتضمنه العمد إذا أريد تعمد الاخلال بالواجب المعتبر مع صفة الوجوب (بطلت
صلاته، سواء كان الواجب فعلا أو كيفية أو شرطا أو تركا) بلا خلاف كما
في نهاية الإحكام (1) للنصوص (2)، ولأنها غير المأمور به مع الاخلال، إلا مع
الكلام أو الضحك أو نحوهما.
ويتضمن تعمد الاخلال تذكر المصلي عند الاخلال كونه في الصلاة الفريضة،

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 527.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 9 29 ب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1.
415

فمن أخل بالسورة أو زاد سورة متعمدا أو تعمد التكفير أو الكلام أو ترك الطمأنينة
للغفلة عن كونه فيها لم يكن متعمدا، وإلا بطلت صلاة من سلم عمدا قبل إتمام
الصلاة لزعمه الائتمام.
وفي نهاية الإحكام: لو تكلم ناسيا للصلاة لم تبطل صلاته (1). ونحوه المنتهى
وفيه: أن عليه علمائنا أجمع (2).
وفي المبسوط: من اعتقد أنه فرغ من الصلاة لشبهة ثم تكلم عامدا فإنه لا
تفسد صلاته، مثل أن يسلم في الأوليين ناسيا ثم يتكلم بعده عامدا ثم يذكر أنه
صلى ركعتين فإنه يبني على صلاته ولا تبطل، وقد روي أنه إذا كان ذلك عامدا
قطع صلاته، والأول أحوط (3).
قلت: وبه أخبار (4)، وهو خيرة المصنف في كتبه (5)، ولم أقف على الرواية
الأخيرة ولا الشهيد، وأفتى بمضمونها في النهاية (6).
واحتج له في المختلف بأنه تعمد الكلام، وأجاب بالمنع، وقال: الوجه أنه
إن خرج عن كونه مصليا أعاد، وإلا فلا (7).
(ولو كان) ما أخل به (ركنا بطلت) الصلاة (بتركه عمدا أو سهوا،
وكذا بزيادته) كما عرفت (إلا زيادة القيام سهوا) إذا لم يقترن بزيادة ركن،
فلا تبطل للنص والاجماع.
(والجاهل عامد) حقيقة وحكما للعموم، وخصوص قول الصادق عليه السلام
فيما رواه الشيخ صحيحا عن مسعدة بن زياد: في قوله تعالى: (فلله الحجة البالغة)

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 516.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 309 س 9 10.
(3) المبسوط: ج 1 ص 118.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 307 ب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 530، منتهى المطلب: ج 1 ص 309 س 15، تذكرة الفقهاء: ص
135 س 11 12.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 530.
(7) مختلف الشيعة: ج 2 ص 201.
416

أن الله تعالى يقول للعبد يوم القيامة: عبدي أكنت عالما، فإن قال: نعم، قال له: أفلا
عملت بما علمت، وإن قال: كنت جاهلا قال: أفلا تعلمت حتى تعمل فيخصمه،
فتلك الحجة البالغة (1).
(إلا في الجهر والاخفات) من الكيفيات لما مضى من النص (و) في
(غصبية الماء والثوب والمكان ونجاستهما ونجاسة البدن وتذكية الجلد
المأخوذ من مسلم) من الشروط، لأن الشرط في غير الجلد إنما هو الجهل
بالغصبية والنجاسة لا العلم بالعدم، لأصل العدم وانتفاء الحرج في الدين، بل لزوم
التكليف بما لا يطاق.
وفي الجلد العلم بالتذكية شرعا، ويكفي فيه الشراء من مسلم الأصل صحة
أفعاله وانتفاء الحرج، وصحيح سليمان بن جعفر الجعفري: إنه سأل الكاظم عليه السلام
عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية أيصلى
فيها؟ قال: نعم ليس عليكم المسألة، إن أبا جعفر عليه السلام كان يقول: إن الخوارج
ضيقوا على أنفسهم بجهالتهم، أن الدين أوسع من ذلك (2). ونحوه مضمر البزنطي (3).
وقوله عليه السلام في خبر إسحاق بن عمار: لا بأس في الصلاة في الفراء اليماني
وفيما صنع في أرض الاسلام. قال: فإن كان فيها غير أهل الاسلام؟ فقال: إذا كان
الغالب عليها المسلمين فلا بأس (4). وخبر الحلبي: إنه سأل الصادق عليه السلام عن
الخفاف التي تباع في السوق، فقال: اشتر وصل فيها حتى تعلم أنه ميت بعينه (5).
وقوله عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان المروي في مكارم الأخلاق: ما جاءك

(1) أمالي الشيخ الطوسي: ج 1 ص 8 ح 10.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 257 ح 791.
(3) وسائل الشيعة: ج 3 ص 332 ب 55 من أبواب لباس المصلي ح 1.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 310 ب 38 من أبواب لباس المصلي ح 2.
417

من دباغ اليمن فصل فيه ولا تسأل عنه (1).
وهل المراد في الكتاب والأخبار ما يؤخذ ممن لا يستبيح جلد الميتة كما في
التذكرة (2) والتحرير (3) ونهاية الإحكام (4) أو الأعم؟ الأقوى الأول، لأصل عدم
التذكية وانتفاء المعارض.
وخبر أبي بصير عن الصادق عليه السلام: إن علي بن الحسين عليه السلام كان رجلا صردا
لا يدفئه فراء الحجاز، لأن دباغها بالقرظ، وكان يبعث إلى العراق فيؤتى بما قبلكم
من الفرو فيلبسه، فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص الذي يليه، وكان يسأل
عن ذلك فيقول: إن أهل العراق يستحلون لباس جلود الميتة ويزعمون أن دباغه
ذكاته (5).
ولا فرق بين أن يخبر المستبيح بالذكاة أو لا، كان المخبر ثقة أم لا، لأن خبره
لا يعارض الأصل لعدم إيمانه، مع احتمال أن يريد بالذكاة الدبغ أو الطهارة، كما
ورد في الخبر كل يابس ذكي (6).
ولخبر عبد الرحمن بن الحجاج: إنه قال للصادق عليه السلام: إني أدخل سوق
المسلمين - أعني هذا الخلق الذين يدعون الاسلام - فأشتري منهم الفراء للتجارة،
فأقول لصاحبها: أليس هي ذكية؟ فيقول: بلى. فهل يصلح لي أن أبيعها على أنها
ذكية؟ فقال: لا، ولكن لا بأس أن تبيعها وتقول: قد شرط الذي اشتريتها منه أنها
ذكية.
قلت: وما أفسد ذلك؟ قال: استحلال أهل العراق الميتة، وزعموا أن دباغ
جلد الميت ذكاته، ثم لم يرضوا أن يكذبوا في ذلك إلا على رسول الله صلى الله عليه وآله (7).

(1) مكارم الأخلاق: ص 118.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 94 س 36.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 30 س 7.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 373.
(5) وسائل الشيعة: ج 3 ص 338 ب 61 من أبواب لباس المصلي ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 248 ب 31 من أبواب أحكام الخلوة ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1081 ب 61 من أبواب النجاسات ح 4.
418

ولا بين أن يخبر بالذبح المذكى أو لا إلا أن يكون مؤمنا. قال في التذكرة: ولو
جهل حال المسلم فإشكال ينشأ من كون الاسلام مظنة للتصرفات الصحيحة، ومن
أصالة الموت (1)، إنتهى. والثاني أقرب كما في نهاية الإحكام (2).
واستقرب الشهيد في الذكرى قبول خبر المستبيح بالدبغ، بأنه مذكى - يعني
مذبوح - لأنه الأغلب، ولكونه زائدا عليه، فيقبل قوله فيه كما يقبل في تطهير
الثوب النجس (3).
قلت: في التطهير نظر.
قال: ويمكن المنع، لعموم (فتبينوا) ولأن الصلاة في الذمة متيقن، فلا تزول
بدونه. قال: فيما إذا سكت المستبيح في الحمل على الأغلب من التذكية أو على
الأصل من عدمها الوجهان. قال: وأما ما يشترى من سوق الاسلام فيحكم عليه
بالذكاة إذا لم يعلم كون البائع مستحلا، عملا بالظاهر ونفيا للحرج. قال: ويكفي في
سوق الاسلام أغلبية المسلمين، لرواية إسحاق بن عمار، وحكى ما سمعته من
خبره، ثم خبري الجعفي والبزنطي، وقال: قال ابن بابويه: وسأل إسماعيل بن
عيسى أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الجلود والفراء تشترى أيسأل عن ذكاته إذا كان
البائع غير عارف؟ قال: عليكم أن تسألوا عنه إذا رأيتم المشركين يبيعون ذلك،
وإذا رأيتموهم يصلون فلا تسألوهم.
وعن علي بن أبي حمزة: إن رجلا سأل أبا عبد الله عن الرجل يتقلد السيف
ويصلى فيه؟ قال: نعم، فقال الرجل: إن فيه الكيمخت، فقال: وما الكيمخت؟ فقال:
جلود دواب منه ما يكون ذكيا ومنه ما يكون ميتة. فقال: ما علمت أنه ميتة فلا
تصل فيه.
وفيه دلالة على تغليب الذكاة عند الشك، وهو يشمل المستحل وغيره.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 94 س 38.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 373.
(3) ذكرى الشيعة: ص 143 س 3.
419

وعن البزنطي، عن الرضا عليه السلام قال: سألته عن الخفاف، نأتي السوق فنشتري
الخف لا يدري أذكي هو أم لا، ما تقول في الصلاة، أنصلي فيه؟ قال: نعم إنا
نشتري الخف من السوق ويصنع لي فأصلي فيه، وليس علكيم المسألة. قال: قلت:
وهذا يدل على الأخذ بظاهر الحال على الاطلاق، وهو شامل للأخذ من المستحل
وغيره (1).
أقول: ودلت الأخبار المتقدمة على أن أهل اليمن والحجاز لم يكونوا
مستحلين، فالشمول ممنوع، بل قد يدعى أنه لم يكن في زمن الرضا عليه السلام من
يجاهر بالاستحلال.
قال: ويؤيده أن أكثر العامة لا يراعي في الذبيحة الشروط التي اعتبرناها مع
الحكم بحل ما يذكونه بناء على الغالب من القيام بتلك الشرائط، وأيضا فهم
مجمعون على استحلال ذبائح أهل الكتاب واستعمال جلودها، ولم يعتبروا
الأصحاب ذلك أخذ بالأغلب في بلاد الاسلام من استعمال ما ذكاه المسلمون (2).
(ويعيد) الصلاة (لو) صلى في جلد أو منسوج من صوف أو شعر أو ريش
أو شئ (لم يعلم أنه من جنس ما يصلى فيه أو) في جلد علم أنه (من
جنسه) ولم يعلم بالتذكية، كما (إذا وجده مطروحا) لا يد لأحد عليه. (أو
في يد كافر أو مستحل الميتة) لاخلاله بالشرط عمدا وهو لبس البنات، أو ما
يحكم بذكاته شرعا من جلد ما يؤكل لحمه، أو نحو الخز أو صوف ما يؤكل لحمه،
أو ريشه، أو نحو الخز. وللنهي عن الصلاة فيما خالف ذلك فصلاته، مترددة بين
المأمور بها والمنهي عنها، فلا تكون مبرئة للذمة.
وبهذا يندفع ما قد يتوهم أن الحرير، أو جلد ما لا يؤكل، أو صوفه أو ريشه أو
شعره يمنع صحة الصلاة، لا أن خلاف ذلك شرط، فإذا جهل الأمر جهل المانع، فلا
تبطل.

(1) ذكرى الشيعة: ص 143 س 3.
(2) ذكرى الشيعة: ص 143 س 23.
420

(أو سها عن ركن ولم يذكر إلا بعد انتقاله) إلى ركن آخر، ومضى
القول بصحة صلاة من سها عن الركوع في إحدى الأخيرتين حتى سجد
السجدتين.
(ولو ذكر في محله) أي قبل الانتقال إلى ركن (أتى به) وصحت
الصلاة، وإن سها عن الأركان من النية أو التكبير فلم يشرع في الصلاة.
(أو زاد في الصلاة ركعة) سهوا ولم يكن جلس بقدر التشهد، وقد لا يرى
الزيادة بعد الجلوس زيادة في الصلاة، (أو) زاد (ركوعا) سهوا أو سجدتين،
إلا المأموم إذا تقدم الإمام سهوا ركوعا أو سجودا أو رفعا كما يأتي، أو تكبير
الافتتاح على ما مضى.
وبالجملة أي ركن كان، لأنها مع الزيادة تخالف المأمور بها، فلا يجزئ من
غير نص أو إجماع.
(أو نقص ركعة وذكر بعد) فعل (المبطل عمدا وسهوا كالحدث)
على المشهور للمخالفة إن بنى بعد الطهارة أو قبلها.
قلت: وعلى القول ببناء من سبقه الحدث أيضا يقوى البطلان هنا، لأنه
متعمد.
وفي المختلف عن المقنع: فإن صليت ركعتين ثم قمت فذهبت في حاجة
فأضف إلى صلاتك ما نقص منها ولو بلغت الصين، ولا تعد الصلاة، فإن إعادة
الصلاة في هذه المسألة مذهب يونس بن عبد الرحمن (1).
قلت: وبه خبر عمار، عن الصادق عليه السلام: في الرجل يذكر بعدما قام وتكلم
ومضى في حوائجه أنه إنما صلى ركعتين في الظهر والعصر والعتمة والمغرب،
قال: يبني على صلاته فيتمها ولو بلغ الصين، ولا يعيد الصلاة (2).

(1) مختلف الشيعة: ص 398.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 312 ب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 20.
421

وصحيح زرارة: إنه سأل أبا جعفر عليه السلام عن رجل صلى بالكوفة ركعتين ثم
ذكر وهو بمكة أو بالمدينة أو البصرة أو ببلدة من البلدان أنه صلى ركعتين، قال:
يصلي ركعتين (1).
ولكنه يحتمل النافلة الراتبة. واحتمل الشيخ أنه ظن ذلك ولم يتيقن، وأنه
يستحب له الاتيان بركعتين (2).
وفيما عندنا من نسخ المقنع: وإن صليت ركعتين ثم قمت فذهبت في حاجة
لك فأعد الصلاة، ولا تبني على ركعتين (3).
ويحتمل النسخة الأولى والخبر الأول البناء مع الفعل الكثير خاصة أو مع
الاستدبار، أو الكلام أو معهما أيضا مع بقاء الطهارة، ويكون بلوغ الصين مبالغة في
ذلك، وإن لم تجر العادة ببقاء الطهارة أو الاستقبال أو السكوت تلك المدة، ومما
يبطل عمدا وسهوا الاستدبار على ما قويناه.
و (لا) يعيد إن نقص ركعة وذكر (بعد المبطل عمدا) لا سهوا
(كالكلام) والفعل الكثير، بل يبني إن محت صورة الصلاة أم لا للخبرين، ونحو
صحيح زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يسهو في الركعتين يتكلم، فقال: يتم
ما بقي من صلاته، تكلم، أو لم يتكلم ولا شئ عليه (4).
وصحيح ابن مسلم، عنه عليه السلام: في رجل صلى ركعتين من المكتوبة فسلم وهو
يرى أنه قد أتم الصلاة وتكلم، ثم ذكر أنه لم يصل غير ركعتين، قال: يتم ما بقي
من صلاته ولا شئ عليه (5).
وخبر علي بن النعمان الرازي قال: كنت مع أصحاب لي في سفر وأنا

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 312 ب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 19.
(2) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 347 ذيل الحديث 1440.
(3) المقنع: ص 31.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 308 ب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 309 ب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 9.
422

إمامهم، فصليت بهم المغرب، فسلمت في الركعتين الأوليين، فقال أصحابي: إنما
صليت بنا ركعتين، فكلمتهم وكلموني، فقالوا: أما نحن فنعيد، فقلت: لكني لا أعيد،
وأتم بركعة، فأتممت بركعة، ثم سرنا فأتيت أبا عبد الله عليه السلام فذكرت له الذي كان
من أمرنا، فقال لي: أنت كنت أصوب منهم فعلا، إنما يعيد من لا يدري ما صلى (1).
قال الشيخ في التهذيب: إنه لا ينافي ما ذكرناه من أن من تكلم عامدا وجب
عليه إعادة الصلاة، لأن من سهى فسلم، ثم تكلم بعد ذلك، فلم يتعمد الكلام وهو
في الصلاة، لأنه إنما تكلم لظنه أنه قد فرغ من الصلاة، فجرى مجرى من هو في
الصلاة وتكلم لظنه أنه ليس في الصلاة، ولو أنه حين ذكر أنه قد فاته شئ من
هذه الصلوات ثم تكلم بعد ذلك عامدا لكان يجب عليه إعادة الصلاة حسب ما
قدمناه في المتكلم عامدا (2).
واحتمل في موضع آخر منه: أن يكون من سلم في الصلاة ناسيا بظن أن ذلك
سبب لاستباحة الكلام، كما أنه سبب لاستباحته بعد الانصراف. كالمتكلم ناسيا
في عدم وجوب الإعادة عليه (3).
قلت: (4) فقول علي بن النعمان: (فقلت لكني لا أعيد) على ظاهره، وإن لم
يكن الجاهل كالناسي حمل على الاضمار.
وإن شرع في فريضة ثم ذكر النقص من السابقة، فهل يعدل بالنية أو يقطعها
ويتم السابقة، أو يتمها ثم يتم السابقة؟ أوجه.
وفي الذكرى: إن الأول مروي (5).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 307 ب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 3.
(2) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 192 ذيل الحديث 758.
(3) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 181 ذيل الحديث 726.
(4) زاد في ط (وكذلك لو نقص من صلاته ثم ذكر، وقد شرع في أخرى ولما يأت بينهما ما
ينافي. فإن المروي العدول إلى الأول وإن....).
(5) ذكرى الشيعة: ص 222 س 22.
423

وعليه إن قلنا ببطلان الأولى لزيادة النية والتكبير عدل في جميع الثانية، وإلا
ففيما وافق المنسي.
وفي التذكرة: أعاد إلى الأولى فأتمها، وبه قال الشافعي، ويحتمل البطلان
لأنه زاد ركنا هو النية والتكبير، وهو مبطل وإن كان سهوا. ويمكن الجواب بأنه
ليس ركنا في تلك الصلاة، فلا تبطل. وهل يبني على الأول؟ يحتمل ذلك، فيجعل
ما شرع فيه من الصلاة الثانية تمام الأولى، ويكون وجود السلام كعدمه، لأنه
معذور فيه. ويحتمل بطلان الثاني، لأنه لم يقع بنية الأولى، فلا يصير بعد عدمه
منها، فحينئذ لا فرق بين أن يكون ما شرع فيه ناسيا فرضا أو نفلا. أما على احتمال
البناء فقال بعض الشافعية: إن كان فرضا صح له البناء بخلاف النافلة، لأنه لا
يتأدى الفرض بنية النفل (1). ونحوها نهاية الإحكام، لكنه اختار فيها ما حكاه عن
بعض الشافعية (2).
وفي التذكرة: لو فعل المبطل على وجه السهو وتطاول الفصل ظاهر كلام
علمائنا عدم البطلان - إلى قوله: - وقال الشافعي: إن طال الفصل استأنف الصلاة،
وبه قال مالك وأحمد، لأنها صلاة واحدة، فلم يجز بناء بعضها على بعض في
طول الفصل، كما لو انتقض الوضوء، ولا بأس عندي بهذا القول لخروجه عن كونه
مصليا (3). ونحو منها نهاية الإحكام (4) في الاحتمال والدليل.
قلت: لعله يعني لخروجه عن كونه مصليا كما صلى صلى الله عليه وآله، وإنما صحت إذا لم
يطل الفصل، للاجماع والنصوص واليسر وانتفاء الحرج، وقد يتأيد بأخبار
الإعادة إذا فارق مكانه، كقول الصادق عليه السلام في خبر الحسين بن أبي العلاء: فإن

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 135 س 23 - 27.
(2) نهاية الإحكام: ص 531.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 135 س 17 - 20.
(4) نهاية الإحكام: ص 530.
424

كنت في مقامك فأتم بركعة، وإن كنت قد انصرفت فعليك الإعادة (1).
وفي المختلف: الأقرب عندي التفصيل، فإن خرج المصلي عن كونه مصليا،
بأن يذهب ويجئ أعاده، وإلا فلا، جمعا بين الأخبار (2).
وفي النهاية: فإن صلى ركعة من صلاة الغداة وجلس وتشهد وسلم ثم ذكر
أنه كان قد صلى ركعة قام فأضاف إليها ركعة أخرى ما لم يتكلم أو يلتفت عن
القبلة أو يحدث ما ينقض الصلاة، فإن فعل شيئا من ذلك وجبت عليه الإعادة (3).
ونحوها الإقتصاد (4) والجمل والعقود (5) والمهذب (6) والوسيلة في الإعادة إذا تكلم
أو استدبر في أي صلاة كان (7)، وكذا الغنية وفيه الاجماع (8).
وفي المبسوط: متى اعتقد أنه فرغ من الصلاة لشبهة، ثم تكلم عامدا، فإنه لا
تفسد صلاته. مثل أن يسلم في الأولتين ناسيا، ثم يتكلم بعده عامدا، ثم يذكر أنه
صلى ركعتين، فإنه يبني على صلاته، ولا تبطل صلاته. وقد روي أنه إذا كان ذلك
عامدا قطع الصلاة، والأول أحوط (9). وفي الذكرى: إنه لم نقف على هذه
الرواية (10).
ثم قال: ومن ينقص ركعة أو ما زاد عليها حتى يتكلم أو يستدبر القبلة أعاد،
وفي أصحابنا من قال: إنه إذا نقص ساهيا لم يكن عليه إعادة الصلاة، لأن الفعل
الذي يكون بعده في حكم السهو، وهو الأقوى عندي، سواء كان ذلك في صلاة
الغداة أو صلاة المغرب أو صلاة السفر أو غيرها من الرباعيات، فإنه متى تحقق ما
نقص قضى ما نقص وبنى عليه، وفي أصحابنا من يقول: إن ذلك يوجب استئناف

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 315 ب 6 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 1.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 205.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 319.
(4) الإقتصاد: ص 265.
(5) الجمل والعقود: ص 77.
(6) المهذب: ج 1 ص 155.
(7) الوسيلة: ص 100.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 503 س 30.
(9) المبسوط: ج 1 ص 118.
(10) ذكرى الشيعة: ص 216 س 38.
425

الصلاة في هذه الصلوات التي ليست رباعيات (1).
قلت: لعله لأخبار نفي السهو عنها.
وأوجب الحلبي الإعادة إذا نقص ركعة ولم يذكر حتى ينصرف (2)، وأطلق.
قيل: وكذا الحسن (3).
(أو ترك سجدتين من ركعة) حتى ركع فيما بعدها، لأنه ترك ركنا، من
أية ركعة كانتا على المختار، ومضى القول بإسقاط الركوع مطلقا أو في
الأخيرتين.
(أو) ترك سجدتين و (لم يدر أهما من ركعة أو ركعتين) قال في
التحرير: لأن المسقط للذمة غير معلوم (4). وفي المنتهى: احتياطا لاحتمال أن
تكونا من ركعة (5). وفي التذكرة: رجحنا جانب الاحتياط وأبطلنا الصلاة (6).
وفي النهاية: مراعاة للاحتياط، قال فيه: ويحتمل قضاؤهما والسجود للسهو،
لأنه شك في شئ بعد التجاوز عن محله (7) وفي الجواهر: إنه إذا ترك سجدة أو
سجدتين ولا يدري من أي الركعات أعاد، لأنه لا يأمن أن يكون من الأولتين (8).
وهو مبني على ما مضى من الفرق بين الركعات وتساوي سجدة وسجدتين.
(أو شك في عدد الثنائية كالصبح) والجمعة (والعيدين والكسوف)
على ما اختاره، لنحو حسن ابن مسلم إنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يصلي
ولا يدري أواحدة صلى أم ثنتين، قال: يستقبل حتى يستيقن أنه قد أتم، وفي
الجمعة وفي المغرب وفي الصلاة في السفر (9).

(1) المبسوط: ج 1 ص 121 و 122.
(2) الكافي في الفقه: ص 148.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 397.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 49 س 16.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 414 س 32.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 139 س 13.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 529.
(8) جواهر الفقه: ص 25 المسألة 76.
(9) وسائل الشيعة: ج 5 ص 300 ب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 7.
426

وصحيح رفاعة إنه سأله عليه السلام عن رجل لا يدري أركعة صلى أم ثنتين، قال:
يعيد (1). وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: كان الذي فرض الله على العباد
عشر ركعات، وفيهن القراءة، وليس فيهن وهم (2). وقولهما عليهما السلام في خبر ابن أبي
يعفور وغيره: إذا لم تدر أواحدة صليت أم ثنتين فاستقبل (3).
وبالفجر والجمعة بخصوصهما أخبار (4). وفي الخلاف الاجماع فيهما وفي
صلاة السفر (5). وفي الإنتصار (6) والغنية الاجماع في الفجر والسفر (7).
وأما خبر الحسين بن أبي العلاء إنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل لا يدري
ركعتين صلى أم واحدة، قال: يتم (8). فلعله بمعنى الاستئناف. وفي المقنع: إذا لم
تدر أواحدة صليت أم ثنتين فأعد الصلاة، وروي: ابن علي ركعة (9).
قلت: يعني في الرباعية، لقوله عقيبه بلا فصل: وإذا شككت في الفجر فأعد،
وإذا شككت في المغرب فأعد (10).
ولكن روي عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي إبراهيم عليه السلام في الرجل
لا يدري أركعة صلى أم ثنتين، قال: يبني على الركعة (11). وعن عبد الله ابن أبي
يعفور: إنه سأل الصادق عليه السلام عن ذلك، فقال: يتم بركعة (12). وفي مضمر صفوان،
عن عنبسة: إنه سأله عليه السلام عن الرجل لا يدري ركعتين ركع أو واحدة أو ثلاثا قال:

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 301 ب 3 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 12.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 399 ب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 16.
(3) وسائل الشيعة: ج 5 ص 302 ب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 16.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 304 ب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
(5) الخلاف: ج 1 ص 447 المسألة 193.
(6) الإنتصار: ص 48.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 503 س 31.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 303 ب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 20.
(9) المقنع: ص 30.
(10) المقنع: ص 30.
(11) وسائل الشيعة: ج 5 ص 303 ب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 23.
(12) المصدر السابق ح 22.
427

يبني صلاته على ركعة واحدة، يقرأ بفاتحة الكتاب ويسجد سجدتي السهو (1).
وهي مع الضعف والقلة تحتمل النوافل.
والأول كناية عن البطلان، أي يبني على أنه لم يصل الركعتين، ثم ظاهر
الأخير من البناء على ركعة أنه يأتي بركعة أخرى كما قال عليه السلام في خبر عمار: في
رجل لم يدر أصلى الفجر ركعتين أو ركعة، قال: يتشهد وينصرف ثم يقوم فيصلي
ركعة، فإن كان قد صلى ركعتين كانت هذه تطوعا، وإن كان قد صلى ركعة كانت
هذه تمام الصلاة (2).
وعليه فالخبر في الرباعية، ومعناه البناء على الثلاث والاتيان بركعة أخرى،
وحمل خبر عمار هذا على النافلة تارة، وظن الركعتين أخرى.
وفي الذكرى: لا فرق في الشك هنا بين النقيصة والزيادة لعموم الأخبار (3).
قلت: نحو قول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي وغيره: إذا شككت في الفجر
فأعد (4). وفي خبر إبراهيم بن هاشم: ليس في المغرب سهو ولا في الفجر سهو (5).
وصحيح العلاء: إنه سأله عليه السلام عن الرجل يشك في الفجر، قال: يعيد (6). ونحوه
خبر الحسين بن العلاء عنه عليه السلام (7).
وقال الحلبي: وأما ما يوجب الخبران، فهو أن يشك في كمال الفرض وزيادة
ركعة عليه، فيلزمه أن يتشهد، ويسلم ويسجد بعد التسليم سجدتي السهو (8).
(أو) شك في عدد (الثلاثية) وهي المغرب للنصوص، والاجماع على ما

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 303 ب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 24.
(2) وسائل الشيعة: ج 5 ص 306 ب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 12.
(3) ذكرى الشيعة: ص 225 س 12.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 304 ب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 306 ب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 13.
(6) وسائل الشيعة: ج 5 ص 305 ب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 7 وذيله.
(7) وسائل الشيعة: ج 5 ص 305 ب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 7 وذيله.
(8) الكافي في الفقه: ص 148.
428

في الخلاف (1) والانتصار (2) والغنية (3). وفي صحيح محمد بن مسلم إنه سأل
أحدهما عليهما السلام عن السهو في المغرب، قال: يعيد حتى يحفظ أنها ليست مثل
الشفع (4). فقد يقال: إنه يعطي الفساد إذا شك في ثلاثية منذورة، ثم الأخبار هنا -
كما سمعته - من الأخبار الثنائية العامة للنقيصة والزيادة.
وعن موسى بن بكر، عن الفضيل، قال: في المغرب إذا لم تحفظ ما بين الثلاث
إلى الأربع فأعد صلاتك (5).
ولذا قال في المختلف: الحق أن السهو في المغرب يوجب الإعادة، سواء وقع
في الزيادة أو النقصان (6). وفي الإستبصار: في هذا الخبر عن الفضيل إذا جاز
الثلاث إلى الأربع فأعد صلاتك (7). وهو يحتمل يقين الزيادة.
وفي المقنع: إذا شككت في المغرب فأعد، وإذا شككت في المغرب ولم تدر
واحدة صليت أم ثنتين فسلم ثم قم فصل ركعة، وإن شككت في المغرب في ثلاث
أنت أم في أربع وقد أحرزت الاثنتين في نفسك وأنت في شك من الثلاث والأربع
فأضف إليها ركعة أخرى ولا تعتد بالشك، فإن ذهب وهمك إلى الثالثة فسلم وصل
ركعتين وأربع سجدات وأنت جالس (8) إنتهى.
والمراد في الأول التسليم بعد ركعة أخرى، وبإضافة ركعة أخرى إتمام
المشكوك فيها أنها الثالثة أو الرابعة، وبذهاب الوهم إلى الثالثة ظن إتمام الثالثة،
قيل: وإن التي هو فيها الرابعة، وبالتسليم حينئذ التسليم بعد هدم هذه الركعة.
ويوافق هذه الرواية خبر عمار إنه قال للصادق عليه السلام: فصلى المغرب ولم يدر

(1) الخلاف: ج 1 ص 477 المسألة 193.
(2) الإنتصار: ص 48.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية: ص 503 س 31.
(4) وسائل الشيعة: ج 5 ص 304 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 5 ص 305 ب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 9.
(6) مختلف الشيعة: ج 2 ص 389.
(7) الإستبصار: ج 1 ص 370 ح 1407.
(8) المقنع: ص 30.
429

اثنتين صلى أم ثلاثا.
قال: يتشهد وينصرف، ثم يقوم فيصلي ركعة، فإن كان صلى ثلاثا كانت هذه
تطوعا، وإن كان صلى ثنتين كانت هذه تمام الصلاة، وهذا والله مما لا يقضى
أبدا (1).
وحمله الشيخ تارة على ظن الثلاث واستحباب صلاة ركعة، وأخرى على
النافلة (2)، فيكون المعنى يتشهد بعد ركعة أخرى، ومعنى (كانت هذه تطوعا) كانت
تطوعا غير نافلة المغرب.
(أو) شك في (الأوليين من الرباعية) فللنصوص المستفيضة، والاجماع
على ما في الخلاف (3) والانتصار (4) والناصرية (5) والغنية (6). وفي المقنع: وروى
ابن علي ركعة (7).
قلت: لعله ما سمعته عن عبد الرحمن بن الحجاج، عن أبي إبراهيم عليه السلام: إنه
قال: في الرجل لا يدري أركعة صلى أم ثنتين، قال: يبني على الركعة (8). وفي
مضمر عنبسة، قال: سألته عن الرجل لا يدري ركعتين ركع أو واحدة أو ثلاثا،
قال: يبني صلاته على ركعة واحدة، يقرأ بفاتحة الكتاب ويسجد سجدتي
السهو (9). وعن ابن أبي يعفور إنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل لا يدري أركعتين
صلى أم واحدة، فقال: يتم بركعة (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 306 ب 2 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 12.
(2) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 182 ذيل الحديث 729.
(3) الخلاف: ج 1 ص 444 المسألة 191.
(4) الإنتصار: ص 48.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 237 المسألة 102.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية ص 503 س 31.
(7) المقنع: ص 30.
(8) وسائل الشيعة: ج 5 ص 303 ب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 23.
(9) المصدر السابق ح 24.
(10) المصدر السابق ح 22.
430

وعن الحسين بن أبي العلاء إنه سأله عن ذلك، فقال: يتم (1). وبطريق آخر:
يتم على صلاته (2). وهي مع الضعف تحتمل النوافل، وسمعت للأول معنى آخر هو
البطلان، ويحتمله يتم في الأخير إن لم يكن على صلاته، أي يستأنف.
وفي الفقيه: ذكر خبر علي بن أبي حمزة أنه سأل العبد الصالح عليه السلام عن
الرجل يشك فلا يدري أواحدة صلى أم ثنتين أو ثلاثا أو أربعا، تلتبس عليه
صلاته، فقال: كل ذا؟ قال: نعم، قال: فليمض في صلاته وليتعوذ بالله من الشيطان
الرجيم، فإنه يوشك أن يذهب عنه. وخبر سهل بن اليسع في ذلك عن الرضا عليه السلام:
إنه يبني على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم، ويتشهد تشهدا خفيفا. ثم
قال: وقد روي أنه يصلي ركعة من قيام وركعتين وهو جالس. ثم قال: وليست
هذه الأخبار مختلفة وصاحب السهو بالخيار بأي خبر منها أخذ فهو مصيب (3)
إنتهى.
فهو فيه مخير بين البناء على الأكثر من غير احتياط وبينه مع الاحتياط، وبين
البناء على الأقل. وحمل الشيخ الأول تارة على النوافل وأخرى على كثير
السهو (4).
أقول: المضي في صلاته إنما يدل على الصحة، فقد يكون مع البناء على
الأقل، وقد يكون مع البناء على الأكثر مع الاحتياط.
وقال علي بن بابويه: إن شككت فلم تدر أواحدة صليت أم اثنتين أم ثلاثا أم
أربعا صليت ركعة من قيام وركعتين من جلوس (5). وهو استناد إلى ما أرسله ابنه
أخيرا.

(1) وسائل الشيعة: ج 5 ص 303 ب 1 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة ح 20.
(2) المصدر السابق ح 21.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 350 ح 1022 و 1023 و 1024 وذيله.
(4) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 188 ذيل الحديث 47.
(5) حكاه عنه مختلف الشيعة: ج 2 ص 379.
431

واحتج له في المختلف بصحيح علي بن يقطين، إنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن
الرجل لا يدري كم صلى أواحدة أو اثنتين أو ثلاثا، قال: يبني على الجزم،
ويسجد سجدتي السهو، ويتشهد تشهدا خفيفا (1). لأنه إذا بنى على الأكثر ثم
تدارك بصلاتي الاحتياط حصل الجزم بالبراءة.
والجواب: أنه إذا أعاد كان أولى بحصول الجزم، بل إنما يحصل بها.
وأما السجدتان فمستحبتان، قال الشهيد: ويشكل بأنه لا يجمع بين سجدتي
السهو وإعادة الصلاة وجوبا ولا استحبابا. نعم، هو معارض بصحيحة ابن أبي
يعفور، عن الصادق عليه السلام: إذا شككت فلم تدر أفي ثلاث أنت أم في اثنتين أم في
واحدة أم في أربع، فأعد ولا تمض على الشك (2).
وقال علي بن بابويه أيضا: إذا شك في الركعة الأولى والثانية أعاد، وإن شك
ثانيا وتوهم الثانية، بنى عليها ثم احتاط بعد التسليم بركعتين قاعدا، وإن توهم
الأولى بنى عليها وتشهد في كل ركعة، فإن تيقن بعد التسليم الزيادة لم يضر، لأن
التسليم حائل بين الرابعة والخامسة، وإن تساوى الاحتمالان يخير بين ركعة
قائما وركعتين جالسا (3).
قال الشهيد: ولم نقف له على رواية تدل على ما ذكره من التفصيل (4). يعني
الفرق بين الشك أولا وثانيا، والفرق بين تساوي الاحتمالين، وظن اثنتين
بالتخيير في احتياط الأول بين القيام والقعود دون الثاني (5).

مختلف الشيعة: ج 2 ص 380.
(2) ذكرى الشيعة: ص 225 س 5.
(3) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 224 السطر الأخير.
(4) ذكرى الشيعة: ص 225 س 2.
(5) إلى هنا توقف الشارح عن شرحه لكتاب الصلاة من كتاب قواعد الأحكام لكثرة انشغاله
في الزعامة الدينية والإجابة عن الأسئلة الموجهة إليه كما صرح هو نفسه في هامش آخر
النسخة المرموز لها بالحروف (ع) كما أشرنا إليه في المقدمة، ولا كمال الفائدة أجبنا أن نكمل
متن كتاب القواعد إلى آخر كتاب الصلاة.
432

(أو لم يحصل شيئا، أو شك في ركوعه وهو قائم فركع فذكر قبل
انتصابه أنه كان قد ركع - على رأي - ولو شك في عدد ركوع الكسوف
بنى على الأقل.
المطلب الثاني
فيما يوجب التلافي
كل من سها عن شئ، أو شك فيه، فإن كان ركنا وهو في محله فعله
وهو قسمان:
الأول: ما يجب معه سجدتا السهو، وهو ترك سجدة ساهيا، وترك
التشهد ساهيا ولم يذكرهما حتى يركع، فإنه يقضيهما بعد الصلاة، ويسجد
سجدتي السهو.
الثاني: ما لا يجب معه شئ، وهو نسيان قراءة الحمد حتى يقرأ
السورة، فإنه يستأنف الحمد ويعيدها أو غيرها، ونسيان الركوع ثم يذكر
قبل السجود، فإنه يقوم ويركع ثم يسجد، ونسيان السجدتين أو إحداهما
أو التشهد ثم يذكر قبل الركوع، فإنه يقعد ويفعل ما نسيه ثم يقوم فيقرأ
ويقضي بعد التسليم الصلاة على النبي وآله: لو نسيها ثم ذكر بعد
التسليم، وقيل: بوجوب سجدتي السهو في هذه المواضع أيضا، وهو
الأقوى عندي.
المطلب الثالث
فيما لا حكم له
من نسي القراءة حتى يركع، أو الجهر والاخفات، أو قراءة الحمد أو
السورة حتى يركع، أو الذكر في الركوع حتى ينتصب، أو الطمأنينة فيه
433

كذلك، أو الرفع، أو الطمأنينة فيه حتى يسجد، أو ذكر السجود، أو بعض
الأعضاء، أو طمأنينته حتى يرفع أو إكمال الرفع، أو طمأنينة حتى يسجد
ثانيا، أو ذكر الثاني، أو أحد الأعضاء، أو طمأنينته حتى رفع، أو شك في
شئ بعد الانتقال عنه، أو سها في سهو، أو كثر سهوه عادة، أو سها
الإمام مع حفظ المأموم، وبالعكس، فإنه لا يلتفت في ذلك كله.
والشاك في عدد النافلة يتخير، ويستحب البناء على الأقل.
المطلب الرابع
فيما يوجب الاحتياط
من شك بين الاثنتين والثلاث، أو بين الثلاث والأربع، بنى على الأكثر
وصلى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس، ولو شك بين الاثنتين
والأربع، سلم وصلى ركعتين من قيام، ولو شك بين الاثنتين والثلاث
والأربع، سلم وصلى ركعتين من قيام وركعتين من جلوس، أو ثلاثا
بتسليمتين.
ولو ذكر بعد الاحتياط النقصان، لم يلتفت مطلقا، ولو ذكره قبله أكمل
الصلاة وسجد السهو ما لم يحدث، ولو ذكره في أثنائه استأنف الصلاة، ولو
ذكر الأخير - بعد الركعتين من جلوس - أنها ثلاث صحت، وسقط الباقي
من الاحتياط، ولو ذكر أنها اثنتان بطلت، ولو بداء بالركعتين من قيام
انعكس الحكم.
ولو قال: لا أدري قيامي لثانية أو ثالثة؟ بطلت صلاته، ولو قال: لثالثة
أو رابعة؟ فهو شك بين الاثنتين والثلاث، ولو قال: لرابعة أو خامسة؟ قعد
وسلم وصلى ركعتين من جلوس، أو ركعة من قيام وسجد للسهو. ولو
434

قال: لثالثة أو خامسة؟ قعد وسلم وصلى ركعتين من قيام وسجد للسهو.
ولو قال: لا أدري قيامي من الركوع لثانية أو ثالثة قبل السجود؟ أو لرابعة
أو خامسة؟ أو لثالثة أو خامسة؟ أو شك بينهما، بطلت صلاته. ولو قال:
لثالثة أو رابعة؟ فالحكم ما تقدم بعد إكمال الركعة.
ولو شك بين الأربع والخمس، سلم وسجد للسهو، ولو رجح أحد
طرفي الشك ظنا بنى عليه.
فروع
أ: لا بد في الاحتياط من النية، وتكبيرة الاحرام، والفاتحة خاصة،
ووحدة الجهة المشتبهة، ويشترط فيه عدم تخلل الحدث على رأي، وفي
السجدة المنسية أو التشهد أو الصلاة على النبي وآله: إشكال.
ب: لو زاد ركعة في آخر الصلاة ناسيا، فإن كان قد جلس في آخر
الصلاة بقدر التشهد، صحت صلاته وسجد للسهو، وإلا فلا، ولو ذكر قبل
الركوع، قعد وسلم وسجد للسهو مطلقا، ولو كان قبل السجود فكذلك، إن
كان قد قعد بقدر التشهد، وإلا بطلت.
ج: لو شك في عدد الثنائية ثم ذكر، أعاد إن كان قد فعل المبطل، وإلا
فلا.
د: لو اشترك السهو بين الإمام والمأموم اشتركا في الموجب، ولو
انفرد أحدهما اختص به، ولو اشتركوا في نسيان التشهد رجعوا ما لم
يركعوا، فإن رجع الإمام بعد ركوعه لم يتبعه المأموم، ولو ركع المأموم
أولا رجع الإمام ويتبعه المأموم إن نسي سبق الركوع واستمر إن تعمد.
ه‍: يجب سجدتا السهو على ما ذكرنا، وعلى من تكلم ناسيا، أو سلم
435

في غير موضعه ناسيا، وقيل: في كل زيادة ونقيصة غير مبطلتين، وهو
الوجه عندي.
و: يجب في سجدتي السهو النية، والسجدتان على الأعضاء السبعة،
والجلوس مطمئنا بينهما، والتشهد، ولا تكبير فيهما، وفي اشتراط الطهارة
والاستقبال والذكر وهو (بسم الله وبالله، اللهم صل على محمد وآل محمد)
أو (السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته)، نظر.
ز: محله بعد التسليم، للزيادة كان أو للنقصان على رأي، ولو نسي
السجدتين سجدهما مع الذكر وإن تكلم أو طال الزمان.
ح: لا تداخل في السهو وإن اتفق السبب على رأي.
ط: السجدة المنسية شرطها الطهارة والاستقبال والأداء في الوقت،
فإن فات سهوا نوى القضاء، وتتأخر حينئذ عن الفائتة السابقة.
436

الفصل الثاني
في القضاء
وفيه مطلبان:
الأول:
في سببه
وهو فوات الصلاة الواجبة أو النافلة على المكلف، فلا قضاء على
الصغير والمجنون والمغمى عليه والحائض والنفساء وغير المتمكن من
المطهر وضوء وتيمما.
ويسقط عن الكافر الأصلي وإن وجبت عليه لا عن المرتد إذا
استوعب العذر الوقت، أو قصر عنه بمقدار لا يتمكن فيه من الطهارة وأداء
ركعة في آخره.
ويجب القضاء على كل من أخل بالفريضة غير من ذكرناه، عمدا كان
تركه أو سهوا، أو بنوم وإن استوعب، أو بارتداد عن فطرة وغيرها، أو
شرب مسكر أو مرقد، لا بأكل الغذاء المؤدي إلى الاغماء.
ولو ترك الصلاة أو شرطا مجمعا عليه مستحلا، قتل إن كان قد ولد
437

مسلما، وإلا استتيب، فإن امتنع قتل، ويقبل دعوى الشبهة الممكنة. وغير
المستحل يعزر ثلاثا ويقتل في الرابعة.
المطلب الثاني
في الأحكام
القضاء تابع للأصل في وجوبه وندبه، ولا يتأكد استحباب فائت
النافلة بمرض، ويستحب الصدقة فيه عن كل ركعتين بمد، فإن عجز فعن
كل يوم.
ووقت قضاء الفائتة الذكر ما لم يتضيق فريضة حاضرة، وهل تتعين
الفائتة مع السعة؟ قولان.
ويجب المساواة، فيقضي القصر قصرا ولو في الحضر، والحضر تماما
ولو في السفر، والجهرية جهرا والاخفاتية إخفاتا ليلا ونهارا إلا في كيفية
الخوف، أما الكمية فإن يستوعب الخوف الوقت فقصر وإلا فإتمام.
والترتيب، فيقدم سابق الفائت على لاحقة وجوبا، كما يقدم سابق
الحاضرة على لاحقها وجوبا، فلو فاته مغرب يوم ثم صبح آخر قدم
المغرب، وكذا اليوم الواحد يقدم صبحه على ظهره.
ولو صلى الحاضرة في أول الوقت وذكر الفائتة، عدل بنيته إن أمكن
استحبابا عندنا ووجوبا عند آخرين، ويجب لو كان في فائتة فذكر أسبق،
ولو لم يذكر حتى فرغ صحت وصلى السابقة، ولو ذكر في أثناء النافلة
استأنف إجماعا.
فروع
أ: لو نسي الترتيب، ففي سقوطه نظر، والأحوط فعله، فيصلي من فاته
438

الظهران الظهر مرتين بينهما العصر أو بالعكس، ولو كان معهما مغرب صلى
الظهر ثم العصر ثم الظهر ثم المغرب ثم الظهر ثم العصر ثم الظهر.
ب: لا ترتيب بين الفرائض اليومية وغيرها من الواجبات، ولا بين
الواجبات أنفسها، ويترتب الاحتياط لو تعددت المجبورات بترتيبها، وكذا
الأجزاء المنسية كالسجدة والتشهد بالنسبة إلى صلاة واحدة أو صلوات.
ج: لا تنعقد النافلة لمن عليه فريضة فائتة.
د: لو نسي تعيين الفائتة صلى ثلاثا واثنتين وأربعا ينوي بها ما في
ذمته ويسقط الجهر والاخفات، والمسافر يصلي ثلاثا واثنتين، ولو فاتته
صلوات سفر وحضر وجهل التعيين، صلى مع كل رباعية صلاة قصر وإن
اتحدت إحداهما.
ولو ذكر العين ونسي العدد، كرر تلك الصلاة حتى يغلب الوفاء. ولو
نسيهما معا صلى أياما يغلب معه الوفاء، ولو علم تعدد الفائت واتحاده
دون عدده صلى ثلاثا وأربعا واثنتين إلى أن يظن الوفاء.
ه‍: لو سكر ثم جن لم يقض أيام جنونه، وكذا لو ارتد ثم جن، ولو
ارتدت أو سكرت ثم حاضت لم تقض أيام الحيض.
و: يستحب تمرين الصبي بالصلاة إذا بلغ ست سنين، ويطالب بها إذا
بلغ تسعا، ويقهر عليها إذا كمل مكلفا.
439

الفصل الثالث
في الجماعة
وفيه مطلبان:
الأول:
الشرائط
وهي ثمانية:
الأول: العدد، وأقله اثنان أحدهما الإمام في كل ما يجمع فيه، إلا
الجمعة والعيدين فيشترط خمسة، سواء كانوا ذكورا أو إناثا أو بالتفريق أو
ذكورا وخناثى أو إناثا وخنثى، ولا يجوز أن يكونوا خناثى أجمع.
الثاني: اتصاف الإمام بالبلوغ، والعقل، وطهارة المولد، والايمان،
والعدالة، والذكورة إن كان المأموم ذكرا أو خنثى، وانتفاء الاقعاد إن كان
المأموم سليما، والأمية إن كان المأموم قارئا، وفي اشتراط الحرية قولان،
وللمرأة والخنثى أن تؤما المرأة خاصة.
ولا تجوز إمامة الصغير وإن كان مميزا على رأي إلا في النفل، ولا
إمامة المجنون، ويكره بمن يعتوره حال الإفاقة، ولا إمامة ولد الزنا،
440

ويجوز ولد الشبهة، ولا إمامة المخالف وإن كان المأموم مثله، سواء استند
في مذهبه إلى شبهة أو تقليد، ولا إمامة الفاسق، ولا إمامة من يلحن في
قرائته بالمتقن، ولا من يبدل حرفا بمتقن، ولا من يعجز عن حرف،
ويجوز أن يؤما مثلهما، ولا إمامة الأخرس للصحيح.
الثالث: عدم تقدم المأموم في الموقف على الإمام، فلو تقدمه المأموم
بطلت صلاته.
ويستحب أن يقف عن يمين الإمام إن كان رجلا، وخلفه إن كانوا
جماعة أو امرأة، وفي الصف إن كان الإمام امرأة لمثلها قياما، أو عاريا
لمثله ويصلون إيماء جلوسا إمامهم في الوسط بارزا بركبتيه، ويقف الخنثى
خلف الرجل والمرأة خلف الخنثى استحبابا على رأي.
ويكره لغير المرأة وخائف الزحام الانفراد بصف.
ولو تقدمت سفينة المأموم فإن استصحب نية الائتمام بطلت.
ولو صليا داخل الكعبة أو خارجها مشاهدين لها فالأقرب اتحاد
الجهة.
الرابع: الاجتماع في الموقف، فلو تباعدا بما يكثر في العادة لم تصح
إلا مع اتصال الصفوف وإن كانا في جامع، ويستحب أن يكون بين
الصفوف مربض عنز، ويجوز في السفن المتعددة مع التباعد اليسير.
الخامس: عدم الحيلولة بما يمنع المشاهدة إلا المرأة، ولو تعددت
الصفوف صحت، ولو صلى الإمام في محراب داخل صحت صلاة من
يشاهده من الصف الأول خاصة، وصلاة الصفوف الباقية أجمع، لأنهم
يشاهدون من يشاهده، ولو كان الحائل مخرما صح، وكذا القصير المانع
حالة الجلوس، والحيلولة بالنهر وشبهه.
السادس: عدم علو الإمام على موضع المأموم بما يعتد به، فيبطل
441

صلاة المأموم لو كان أخفض، ويجوز أن يقف الإمام في أعلى المنحدرة
ووقوف المأموم أعلى بالمعتد.
السابع: نية الاقتداء، فلو تابع بغير نية بطلت صلاته، ولا يشترط نية
الإمام للإمامة وإن أم النساء، ويشترط تعيين الإمام، فلو نوى الائتمام
باثنين أو بأحدهما لا بعينه أو بالمأموم أو بمن ظهر أنه غير الإمام لم
يصح، ولو نوى كل من الاثنين الإمامة لصاحبه صحت صلاتهما، ولو نويا
الائتمام أو شكا فيما أضمراه بطلتا. ولو صلى منفردا ثم نوى الائتمام لم
يجز، ولو نوى المأموم الانفراد جاز، ولو أحرم مأموما ثم صار إماما، أو
نقل إلى الائتمام بآخر صح في موضع واحد وهو الاستخلاف، ولو تعدد
المسبوق، أو ائتم المقيمون بالمسافر جاز لهم الائتمام بأحدهم بعد تسليم
الإمام.
الثامن: توافق نظم الصلاتين، فلا يقتدى في اليومية بالجنازة
والكسوف والعيد، ولا يشترط توافقهما في النوع ولا العدد، فللمفترض
الاقتداء بالمتنفل وبالعكس، والمتنفل بمثله في مواضع، ولمن يصلي العصر
أو المغرب أو الصبح الاقتداء بمن يصلي الظهر وبالعكس، ثم يتخير مع
نقص عدد صلاته بين التسليم والانتظار، ولو قام الإمام إلى الخامسة سهوا
لم يكن للمسبوق الائتمام فيها، ويستحب للمنفرد إعادة صلاته مع
الجماعة إماما أو مأموما
المطلب الثاني
في الأحكام
الجماعة مستحبة في الفرائض خصوصا اليومية، ولا تجب في غير
الجمعة والعيدين، ولا تجوز في النوافل إلا الاستسقاء والعيدين المندوبين.
442

وتحصل بإدراك الإمام راكعا، ويدرك تلك الركعة، فإن كانت آخر
الصلاة بنى عليها بعد تسليم الإمام وأتمها، ويجعل ما يدركه معه أول
صلاته، ولو أدركه بعد رفعه فاتته تلك الركعة، وانتظره حتى يقوم إلى ما
بعدها، فيدخل معه، ولو أدركه رافعا من الأخيرة تابعه في السجود، فإذا
سلم استأنف بتكبيرة الافتتاح على رأي، ولو أدركه بعد رفعه من السجدة
الأخيرة كبر ناويا وجلس معه ثم يقوم بعد سلام الإمام فيتم من غير
استئناف تكبير، وفي إدراك فضيلة الجماعة في هذين نظر، ولو وجده
راكعا وخاف الفوات كبر وركع ومشى في ركوعه إلى الصف، أو سجد
موضعه، فإذا قام إلى الثانية التحق.
ولو أحس بداخل طول استحبابا، ولا يفرق بين داخل وداخل.
ولا يقرأ خلف المرضي إلا في الجهرية مع عدم سماع الهمهمة والحمد
في الإخفاتية، ويقرأ وجوبا مع غيره ولو سرا في الجهرية.
وتجب المتابعة، فلو رفع أو ركع أو سجد قبله عامدا استمر إلى أن
يلحقه الإمام، والناسي يعود.
ويستحب أن يسبح لو أكمل القراءة قبل الإمام إلى أن يركع، وإبقاء
آية يقرأها حينئذ، ويقدم الفضلاء في الصف الأول، والقيام إلى الصلاة عند
(قد قامت الصلاة)، وإسماع الإمام من خلفه الشهادتين، وقطع النافلة لو
أحرم الإمام في الأثناء إن خاف الفوات، وإلا أتم ركعتين ونقل نية
الفريضة إليها وإكمالها ركعتين والدخول في الجماعة، والقطع للفريضة مع
إمام الأصل، واستنابة من شهد الإقامة لو فعل، وملازمة الإمام موضعه
حتى يتم المسبوق.
ويكره تمكين الصبيان من الصف الأول، والتنفل بعد الإقامة، وأن يأتم
حاضر بمسافر في رباعية، وصحيح بأبرص مطلقا، أو أجذم، أو محدود
443

تائب، أو مفلوج، أو أغلف، ومن يكرهه المأموم، والمهاجر بالأعرابي،
والمتطهر بالمتيمم، وأن يستناب المسبوق فيومئ بالتسليم ويتم لو حصل.
وصاحب المسجد والمنزل والإمارة والهاشمي مع الشرائط، ومن
يقدمه المأمومون مع التشاح والأقرأ لو اختلفوا، فالأفقه، فالأقدم هجرة،
فالأسن، فالأصبح أولى من غيرهم.
ويستنيب الإمام مع الضرورة وغيرها، فلو مات أو أغمي عليه استناب
المأمومون، ولو علموا الفسق أو الكفر أو الحدث بعد الصلاة فلا إعادة،
وفي الأثناء ينفردون.
ولا يجوز المفارقة بغير عذر أو مع نية الانفراد، وله أن يسلم قبل
الإمام وينصرف اختيارا.
فروع
أ: لو اقتدى بخنثى أعاد، وإن ظهر بعد ذلك أنه رجل.
ب: الأقرب عدم جواز تجدد الائتمام للمنفرد، ومنع إمامة الأخس
في حالات القيام للأعلى كالمضطجع للقاعد، ومنع إمامة العاجز عن ركن
للقادر.
ج: لو كانا أميين لكن أحدهما يعرف سبع آيات دون الآخر جاز
ائتمام الجاهل بالعارف دون العكس، والأقرب وجوب الائتمام على الأمي
بالعارف وعدم الاكتفاء بالائتمام مع إمكان التعلم.
د: لو جهلت الأمة عتقها فصلت بغير خمار جاز للعالمة به الائتمام
بها، وفي انسحابه على العالم بنجاسة ثوب الإمام نظر أقربه ذلك إن لم
نوجب الإعادة مع تجدد العلم في الوقت.
ه‍: الصلاة لا توجب الحكم بالاسلام.
444

الفصل الرابع
في صلاة الخوف
وفيه مطلبان:
الأول:
الكيفية
وهي أنواع:
الأول: صلاة ذات الرقاع، وشروطها أربعة:
أ: كون الخصم في غير جهة القبلة، أو الحيلولة بينهم وبين المسلمين
بمانع من رؤيتهم لو هجموا.
ب: قوته بحيث يخاف هجومه على المسلمين.
ج: كثرة المسلمين، بحيث يفترقون فرقتين تقاوم كل فرقة العدو.
د: عدم الاحتياج إلى زيادة التفريق.
فينحاز الإمام بطائفة إلى حيث لا تبلغهم سهام العدو، فيصلي بهم
ركعة، فإذا قام إلى الثانية انفردوا واجبا وأتموا، والأخرى تحرسهم، ثم
تأخذ الأولى مكان الثانية، وتنحاز الثانية إلى الإمام وهو ينتظرهم،
445

فيقتدون به في الثانية، فإذا جلس في الثانية قاموا فأتموا ولحقوا به،
ويسلم بهم، ويطول الإمام القراءة في انتظار إتيان الثانية، والتشهد في
انتظار فراغها.
وفي المغرب يصلي بالأولى ركعتين وبالثانية ركعة أو بالعكس،
والأول أجود لئلا تكلف الثانية زيادة جلوس، وللإمام الانتظار في
التشهد أو في القيام الثالث.
وتخالف هذه الصلاة غيرها في انفراد المؤتم، وانتظار الإمام إتمام
المأموم، وائتمام القائم بالقاعد.
الثاني: صلاة بطن النخل وهي أن لا يكون العدو في جهة القبلة.
فيفرقهم فرقتين، يصلي بإحداهما ركعتين ويسلم بهم والثانية
تحرسهم، ثم يصلي بالثانية ركعتين نافلة له وهي لهم فريضة، ولا يشترط
في هذه الخوف.
الثالث: صلاة عسفان بأن يكون العدو في جهة القبلة.
فيرتبهم الإمام صفين، ويحرم بهم جميعا ويركع بهم، ويسجد بالأول
خاصة، ويقوم الثاني للحراسة، فإذا قام الإمام بالأول سجد الثاني، ثم
ينتقل كل من الصفين إلى مكان صاحبه، فيركع الإمام بهما ثم يسجد
بالذي يليه، ويقوم الثاني الذي كان أولا لحراستهم. فإذا جلس بهم سجدوا
وسلم بهم جميعا.
الرابع: صلاة شدة الخوف وذلك عند التحام القتال وعدم التمكن من تركه.
فيصلي على حسب الامكان وإن كان راكبا مستدبرا، ولو تمكن من
الاستقبال وجب، وإلا فبالتكبير، وإلا سقط، ويسجد على قربوس سرجه
إن لم يمكن النزول، ولو عجز عنه أومأ، ولو اشتد الحال عن ذلك صلى
بالتسبيح عوض كل ركعة (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)،
وسقط الركوع والسجود، ولا بد من النية وتكبيرة الاحرام والتشهد.
446

المطلب الثاني
في الأحكام
صلاة الخوف مقصورة سفرا وحضرا إن صليت جماعة وفرادى على
أقوى القولين.
ولو شرطنا في القصر السفر صلى بالأولى ركعتين وأتموا، وبالثانية
ركعتين، وانتظار الثانية في الثالثة والتشهد الثاني، ولو فرقهم أربعا جاز،
ويجوز التثليث في المغرب سفرا، ويجوز أن يكون الفرقة واحدا.
وإذا عرض الخوف الموجب للايماء في الأثناء أتم مومئا، وبالعكس
استدبر أولا.
ولو ظن سوادا عدوا، أو لم يعلم بالحائل، أو خاف لصا أو سبعا، أو
هرب من حرق أو غرق، أو مطالب بدين عاجز عنه، أو كان محرما خاف
فوت الوقوف، فقصر أو أومأ لم يعد.
ويجوز أن يصلي الجمعة على صفة ذات الرقاع دون بطن النخل
بشرط الحضر، والخطبة للأولى وكونها كمال العدد وإن قصرت الثانية،
ويغتفر التعدد لوحدة صلاة الإمام، وكذا صلاة العيد والآيات والاستسقاء.
والموتحل والغريق يومئان مع الضرورة، ولا يقصران لغير خوف أو
سفر.
ولا حكم لسهو المأمومين حال المتابعة بل حالة الانفراد، ومبدؤه رفع
الإمام من سجود الأولى مع احتمال الاعتدال في قيام الثانية، والأقرب
447

إيقاع نية الانفراد، ولو سها الإمام في الأولى لم يتابعه الثانية في سجوده.
ويجب أخذ السلاح في الصلاة، ويجوز مع النجاسة، ولو منع واجبا لم
يجز اختيارا.
448

الفصل الخامس
في صلاة السفر
وفيه مطالب:
الأول:
محل القصر
وهو من الفرائض الرباعية اليومية خاصة، ونوافل النهار والوتيرة مع
الأداء في السفر، فلا قصر في فوائت الحضر، ويثبت في فوائت السفر، ولو
سافر في أثناء الوقت أتم على رأي، وكذا لو حضر من السفر في الأثناء،
والقضاء تابع، ولا قصر في غير العدد.
وهو واجب إلا في مسجد مكة والمدينة وجامع الكوفة والحائر، فإن
الاتمام فيها أفضل، فإن فاتت احتمل وجوب قصر القضاء مطلقا، وفي
غيرها، والتخيير مطلقا، ولو بقي للغروب مقدار أربع احتمل تحتم القصر
فيهما، وفي الظهر، ويضعف قضاؤه.
ولو شك بين الاثنتين والأربع لم يجب الاحتياط، بخلاف ما لو شك
بين الاثنتين والثلاث.
449

ويستحب جبر كل مقصورة بقول (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر) ثلاثين مرة عقيبها.
ولو ائتم مسافر بحاضر لم يتم معه.
ولو سافر بعد الزوال قبل التنفل استحب قضاؤه ولو سفرا.
المطلب الثاني
الشرائط
وهي خمسة:
الأول: قصد المسافة، وهي ثمانية فراسخ، كل فرسخ اثنا عشر ألف
ذراع، كل ذراع أربع وعشرون إصبعا.
فلو قصد الأقل لم يجز القصر، ولو قصد مضي أربعة والرجوع ليومه
وجب القصر، ولو قصد التردد ثلاثا في ثلاثة فراسخ لم يجز القصر.
ولو سلك أبعد الطريقين وهو مسافة قصر وإن قصر الآخر، وإن كان
ميلا إلى الترخص، وقصر في البلد والرجوع وإن كان بالأقرب. ولو سلك
الأقصر أتم وإن قصد الرجوع بالأبعد، إلا في الرجوع.
ولو انتفى القصد فلا قصر، فالهائم لا يترخص، وكذا طالب الآبق
وشبهه، وقاصد الأقل، إذا قصد مساويه، وهكذا. ولو زاد المجموع على
المسافة إلا في الرجوع، ولو قصد ثانيا مسافة يرخص حينئذ لا قبله.
ومنتظر الرفقة إذا خفي عليه الجدران والأذان قصر إلى شهر إن جزم
بالسفر دونها، وإلا اشترطت المسافة.
الثاني: الضرب في الأرض، فلا يكفي القصد من دونه، ولا يشترط
الانتهاء إلى المسافة بل ابتداؤه، بحيث يخفى عليه الجدران والأذان، فلو
أدرك أحدهما لم يجز القصر وهو نهاية السفر، ولو منع بعد خروجه قصر
450

مع خفائهما واستمرار النية، ولو ردته الريح فأدرك أحدهما أتم.
الثالث: استمرار القصد فلو نوى الإقامة في الأثناء عشرة أيام أتم وإن
بقي العزم، وكذا لو كان له في الأثناء ملك قد استوطنه ستة أشهر متوالية
أو متفرقة، ولا يشترط استيطان الملك بل البلد الذي هو فيه، ولا كون
الملك صالحا للسكنى، بل لو كان له مزرعة أتم، ولو خرج الملك عنه
ساوى غيره.
ولو كان بين الابتداء والملك أو ما نوى الإقامة فيه مسافة قصر في
الطريق خاصة، ثم يعتبر ما بين الملك والمنتهى، فإن قصر عن المسافة
أتم، ولو تعددت المواطن قصر بين كل موطنين بينهما مسافة خاصة.
ولو اتخذ بلدا دار إقامته كان حكمه حكم الملك.
الرابع: عدم زيادة السفر على الحضر كالمكاري والملاح والتاجر
والبدوي.
والضابط: أن لا يقيم أحدهم في بلده عشرة أيام، فلو أقام عشرة في
بلده مطلقا أو في غيره مع النية قصر إذا سافر وإلا فلا، والمعتبر صدق اسم
المكاري ومشاركيه في الحكم.
الخامس: إباحة السفر فلا يقصر العاصي به، كتابع الجائر والمتصيد لهوا
دون المتصيد للقوت أو التجارة على رأي، ولا يشترط انتفاء المعصية، ولو
قصد المعصية بسفره في الأثناء انقطع الترخص، ويعود لو عادت النية إن
كان الباقي مسافة، وسالك المخوف مع انتفاء التحرز عاص.
المطلب الثالث
في الأحكام
الشرائط واحدة في الصلاة والصوم، وكذا الحكم مطلقا على رأي.
451

وإذا نوى المسافر الإقامة في بلد عشرة أيام أتم، فإن رجع عن نيته
قصر ما لم يصل تماما ولو فريضة، ولو رجع في الأثناء، فإن تجاوز فرض
التقصير فكالناوي، وإلا فكالراجع. ولو لم يصل حتى خرج الوقت لعذر
مسقط صح رجوعه، وإلا فلا. وفي الناسي إشكال، والأقرب أن الشروع
في الصوم كالاتمام.
ولو أحرم بنية القصر، ثم عن له المقام أتم، ولو لم ينو المقام عشرة
قصر إلى ثلاثين يوما، ثم يتم ولو صلاة واحدة.
ولو عزم العشرة في غير بلده، ثم خرج إلى ما دون المسافة عازما
على العود والإقامة، أتم ذاهبا وعائدا وفي البلد وإلا قصر.
ولو قصر في ابتداء السفر ثم رجع عنه لم يعد.
ولا اعتبار بأعلام البلدان ولا المزارع والبساتين وإن كان ساكن قرية.
ولو جمع سور قرى، لم يشترط مجاوزة ذلك السور، ولو كانت القرية
في وهدة اعتبر بنسبة الظاهرة، وفي المرتفعة إشكال.
ولو رجع لأخذ شئ نسيه، قصر في طريقه إن كان مسافة وإلا فلا.
ولو أتم المقصر عامدا أعاد مطلقا، والجاهل بوجوب التقصير معذور
لا يعيد مطلقا، والناسي يعيد في الوقت خاصة، ولو قصر المسافر اتفاقا
أعاد قصرا).
452