الكتاب: رياض المسائل
المؤلف: السيد علي الطباطبائي
الجزء: ١٠
الوفاة: ١٢٣١
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٠
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك: ٩٦٤-٤٧٠-٠٤٦-٥
ملاحظات:

رياض المسائل
تأليف
الفقيه المدقق
السيد علي الطباطبائي
المتوفى سنة 1231 ه‍. ق.
1

رياض المسائل
في بيان
أحكام الشرع بالدلائل
(ج 10)
المؤلف: الفقيه المدقق السيد علي الطباطبائي
الموضوع: الفقه
2

خدمة للقارئ الكريم ننقل متن كتاب " المختصر النافع " للمحقق
الحلي (قدس سره) - وهي النسخة المطبوعة المتداولة - بقدر ما جاء في هذا
الجزء من " رياض المسائل " لآية الله السيد علي الطباطبائي (رحمه الله)، ولا
يخفى أن بين النسخة المذكورة والنسخ المتعددة من الرياض
اختلافات لم نذكر مواردها بل تركناها للقارئ العزيز.
كتاب النكاح
وأقسامه ثلاثة:
الأول: في الدائم
وهو يستدعي فصولا:
الأول: في صيغة العقد وأحكامه وآدابه
أما الصيغة فالإيجاب والقبول.
ويشترط النطق بأحد الألفاظ الثلاثة: زوجتك، وأنكحتك ومتعتك.
والقبول هو الرضا بالإيجاب.
وهل يشترط وقوع تلك الألفاظ بلفظ الماضي؟ الأحوط: نعم، لأنه
صريح في الإنشاء، ولو أتى بلفظ الأمر كقوله للولي: زوجنيها، فقال:
زوجتك، قيل: يصح كما في قصة سهل الساعدي (1).
ولو أتى بلفظ المستقبل كقوله: أتزوجك، قيل: يجوز كما في خبر أبان

(1) لاحظ سنن أبي داود ج 2 ص 236.
3

عن الصادق (عليه السلام) في المتعة: أتزوجك، فإذا قالت: نعم فهي امرأتك.
ولو قال: زوجت بنتك من فلان فقال: نعم، فقال الزوج: قبلت صح،
لأنه يتضمن السؤال.
ولا يشترط تقديم الإيجاب، ولا تجزي الترجمة مع القدرة على النطق،
وتجزي مع العذر كالأعجم.
وكذا الإشارة للأخرس.
وأما الحكم فمسائل:
الأولى: لا حكم لعبارة الصبي ولا المجنون ولا السكران.
وفي رواية: إذا زوجت السكري نفسها ثم أفاقت فرضيت به أو دخل
بها وأقرته كان ماضيا.
الثانية: لا يشترط حضور شاهدين ولا ولي، إذا كانت الزوجة بالغة
رشيدة على الأصح.
الثالثة: لو ادعى زوجية امرأة وادعت أختها زوجيته فالحكم لبينة
الرجل لبينته إلا أن يكون مع المرأة ترجيح من دخول أو تقدم تاريخ، ولو
عقد على امرأة وادعى آخر زوجيتها لم يلتفت إلى دعواه إلا مع البينة.
الرابعة: لو كان لرجل عدة بنات فزوج واحدة ولم يسمها ثم اختلفا
في المعقود عليها فالقول قول الأب، وعليه أن يسلم إليه التي قصدها في
العقد إن كان الزوج رآهن، وإن لم يكن رآهن فالعقد باطل.
وأما الآداب فقسمان:
الأول: آداب العقد، ويستحب له أن يتخير من النساء البكر العفيفة
الكريمة الأصل، وأن يقصد السنة لا الجمال والمال فربما حرمهما، ويصلي
4

ركعتين، ويسأل الله تعالى أن يرزقه من النساء أعفهن وأحفظهن فرجا
وأوسعهن رزقا وأعظمهن بركة.
ويستحب الإشهاد والإعلان والخطبة أمام العقد، وإيقاعه ليلا.
ويكره والقمر في العقرب، وأن يتزوج العقيم.
القسم الثاني: في آداب الخلوة، ويستحب صلاة ركعتين إذا أراد
الدخول والدعاء، وأن يأمرها بمثل ذلك عند الانتقال، وأن يجعل يده على
ناصيتها ويكونا على طهر، ويقول: اللهم على كتابك تزوجتها إلى آخر
الدعاء، وأن يكون الدخول ليلا، ويسمي عند الجماع، ويسأل الله تعالى
أن يرزقه ولدا ذكرا.
ويكره الجماع ليلة الخسوف ويوم الكسوف، وعند الزوال وعند
الغروب حتى يذهب الشفق وفي المحاق، وبعد الفجر حتى تطلع الشمس،
وفي أول ليلة من كل شهر إلا شهر رمضان، وفي ليلة النصف، وفي السفر
إذا لم يكن معه ماء للغسل، وعند الزلزلة، والريح الصفراء، والسوداء،
ومستقبل القبلة، ومستدبرها، وفي السفينة، وعاريا، وعقيب الاحتلام قبل
الغسل أو الوضوء، والجماع وعنده من ينظر إليه، والنظر إلى فرج المرأة،
والكلام عند الجماع بغير ذكر الله تعالى.
مسائل
الأولى: يجوز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وكفيها، وفي رواية
إلى شعرها ومحاسنها.
وكذا إلى أمة يريد شراءها، وإلى أهل الذمة لأنهن بمنزلة الإماء ما لم
يكن لتلذذ، وينظر إلى جسد زوجته باطنا وظاهرا، وإلى محارمه ما خلا
العورة.
5

الثانية: الوطء في الدبر، فيه روايتان، أشهرهما الجواز على الكراهية.
الثالثة: العزل عن الحرة بغير إذنها، قيل: يحرم وتجب به دية النطفة
عشرة دنانير، وقيل: مكروه وهو أشبه، ورخص في الإماء.
الرابعة: لا يدخل بالمرأة حتى يمضي لها تسع سنين، ولو دخل قبل
ذلك لم تحرم على الأصح.
الخامسة: لا يجوز للرجل ترك وطء المرأة أكثر من أربعة أشهر.
السادسة: يكره للمسافر أن يطرق أهله ليلا.
السابعة: إذا دخل بالصبية لم تبلغ تسعا فأفضاها. حرم عليه وطؤها
مؤبدا ولم تخرج عن حبالته. ولو لم يفضها لم يحرم على الأصح.
الفصل الثاني: في أولياء العقد
لا ولاية في النكاح لغير الأب، والجد للأب وإن علا، والوصي،
والمولى، والحاكم.
وولاية الأب والجد ثابتة على الصغيرة ولو ذهبت بكارتها بزنا أو
غيره.
ولا يشترط في ولاية الجد بقاء الأب، وقيل: يشترط، وفي المستند
ضعف.
ولا خيار للصبية مع البلوغ، وفي الصبي قولان، أظهرهما: أنه كذلك.
ولو زوجاها فالعقد للسابق، فإن اقترنا ثبت عقد الجد.
ويثبت ولايتهما على البالغ مع فساد عقله ذكرا كان أو أنثى، ولا خيار
له لو أفاق، والثيب تزوج نفسها، ولا ولاية عليها لأب ولا لغيره.
ولو زوجها من غير إذنها وقف على إجازتها.
6

أما البكر البالغة الرشيدة فأمرها بيدها، ولو كان أبوها حيا قيل: لها
الانفراد بالعقد، دائما كان أو منقطعا.
وقيل: العقد مشترك بينها وبين الأب فلا ينفرد أحدهما به.
وقيل: أمرها إلى الأب وليس لها معه أمر.
ومن الأصحاب من أذن لها في المتعة دون الدائم، ومنهم من عكس،
والأول أولى.
ولو عضلها الولي سقط اعتبار رضاه إجماعا.
ولو زوج الصغيرة غير الأب والجد وقف على رضاها عند البلوغ،
وكذا الصغير.
وللمولى أن يزوج المملوكة، صغيرة وكبيرة بكرا وثيبا، عاقلة
ومجنونة، ولا خيرة لها، وكذا العبد.
ولا يزوج الوصي إلا من بلغ فاسد العقل مع اعتبار المصلحة، وكذا
الحاكم.
ويلحق بهذا الباب مسائل
الأولى: الوكيل في النكاح لا يزوجها من نفسه، ولو أذنت في ذلك
فالأشبه الجواز. وقيل: لا، وهي رواية عمار.
الثانية: النكاح يقف على الإجازة في الحر والعبد، ويكفي في الإجازة
سكوت البكر، ويعتبر في الثيب النطق.
الثالثة: لا ينكح الأمة إلا بإذن المولى، رجلا كان المولى أو امرأة.
وفي رواية سيف: يجوز نكاح أمة المرأة من غير إذنها متعة، وهي
منافية للأصل.
7

الرابعة: إذا زوج الأبوان الصغيرين صح وتوارثا، ولا خيار لأحدهما
عند البلوغ.
ولو زوجهما غير الأبوين وقف على إجازتهما.
فلو ماتا أو مات أحدهما بطل العقد.
ولو بلغ أحدهما فأجاز ثم مات عزل من تركته نصيب الباقي، فإذا
بلغ وأجاز أحلف أنه لم يجز للرغبة وأعطى نصيبه.
الخامسة: إذا زوجها الأخوان برجلين، فإن تبرعا اختارت أيهما
شاءت، وإن كانا وكيلين وسبق أحدهما فالعقد له، ولو دخلت بالآخر
لحق به الولد وأعيدت إلى الأول بعد انقضاء العدة، ولها المهر للشبهة.
وإن اتفقا بطلا، وقيل: يصح عقد الأكبر.
السادسة: لا ولاية للأم، فلو زوجت الولد فأجاز صح، ولو أنكر
بطل، وقيل: يلزمها المهر، ويمكن حمله على دعوى الوكالة عنه.
ويستحب للمرأة أن تستأذن أباها بكرا أو ثيبا،
وأن توكل أخاها إذا لم يكن لها أب ولا جد، وأن تعول على الأكبر،
وأن تختار خيرته من الأزواج.
الفصل الثالث في أسباب التحريم
وهي ستة:
(الأول) النسب: ويحرم به سبع: الأم وإن علت، والبنت وإن سفلت،
والأخت، وبناتها وإن سفلن، والعمة وإن ارتفعت، وكذا الخالة، وبنات
الأخ وإن هبطن.
(الثاني) الرضاع: ويحرم منه من النسب. وشروطه أربعة:
8

الأول: أن يكون اللبن عن نكاح.
فلو در أو كان عن زنا لم ينشر.
الثاني: الكمية: وهي ما أنبت اللحم وشد العظم، أو رضاع يوم وليلة.
ولا حكم لما دون العشر.
وفي العشر روايتان، أشهرهما: أنها لا ينشر.
ولو رضع خمس عشرة رضعة نشر.
ويعتبر في الرضعات قيود ثلاثة: كمال الرضعة، وامتصاصها من
الثدي، وأن لا يفصل بين الرضعات برضاع غير المرضعة.
الثالث: أن يكون في الحولين، وهو يراعى في المرتضع دون ولد
المرضعة على الأصح.
الرابع: أن يكون اللبن لفحل واحد، فيحرم الصبيان يرتضعان بلبن
واحد ولو اختلفت المرضعتان، ولا يحرم لو رضع كل واحد من لبن فحل
آخر وإن اتحدت المرضعة.
ويستحب أن يتخير للرضاع المسلمة الوضيئة العفيفة العاقلة، ولو
اضطر إلى الكافرة استرضع الذمية، ويمنعها من شرب الخمر ولحم
الخنزير.
ويكره تمكينها من حمل الولد إلى منزلها.
ويكره استرضاع المجوسية، ومن لبنها عن زنا، وفي رواية: إذا أحلها
مولاها طاب لبنها.
وهنا مسائل
الأولى: إذا أكملت الشرائط صارت المرضعة أما، وصاحب اللبن أبا،
وأختها خالة وبنتها أختا، ويحرم أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا على
9

المرتضع وأولاده المرضعة ولادة لا رضاعا.
الثانية: لا ينكح أب المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا
لأنهم في حكم ولده.
وهل تنكح أولاده الذين لم يرتضعوا في أولاد هذه المرضعة وأولاد
فحلها؟ قال في الخلاف: لا، والوجه الجواز.
الثالثة: لو تزوج رضيعة فأرضعتها امرأته حرمتا إن كان دخل
بالمرضعة وإلا حرمت المرضعة حسب.
ولو كان له زوجتان فأرضعتها واحدة حرمتا مع الدخول، ولو
أرضعتها الأخرى فقولان، أشبههما: أنها تحرم أيضا.
ولو تزوج رضيعتين فأرضعتهما امرأته حرمن كلهن إن كان دخل
بالمرضعة، وإلا حرمت المرضعة.
(السبب الثالث) في المصاهرة: والنظر في الوطء والنظر واللمس.
أما الأول: فمن وطأ امرأة بالعقد أو الملك حرمت عليه أم الموطوءة
وإن علت وبناتها وإن سفلن، سواء كن قبل الوطء أو بعده، وحرمت
الموطوءة على أب الواطئ وإن علا وأولاده وإن نزلوا.
ولو تجرد العقد عن الوطء حرمت أمها على الواطئ عينا على
الأصح.
وبنتها جمعا لا عينا، فلو فارق الأم حلت البنت.
ولا تحرم مملوكة الابن على الأب بالملك، وتحرم بالوطء.
وكذا مملوكة الأب.
ولا يجوز لأحدهما أن يطأ مملوكة الآخر ما لم يكن عقد أو تحليل،
نعم يجوز أن يقوم الأب مملوكة ابنه الصغير على نفسه ثم يطأها.
10

ومن توابع هذا الفصل تحريم أخت الزوجة جمعا لا عينا.
وكذا بنت أخت الزوجة وبنت أخيها، فإن أذنت إحداهما صح.
ولا كذا لو أدخل العمة أو الخالة على بنت الأخ والأخت.
ولو كان عنده العمة أو الخالة فبادر بالعقد على بنت الأخ أو الأخت
كان العقد باطلا.
وقيل: تتخير العمة أو الخالة بين الفسخ والإمضاء أو فسخ عقدها.
وفي تحريم المصاهرة بوطء الشبهة تردد، أشبهه: أنه لا يحرم.
وأما الزنا فلا تحرم الزانية ولا الزوجة وإن أصرت على الأشهر.
وهل تنشر حرمة المصاهرة؟ قيل: نعم إن كان سابقا، ولا تنشر إن
كان لاحقا، والوجه: أنه لا ينشر.
ولو زنى بالعمة أو الخالة حرمت عليه بناتهما.
وأما اللمس والنظر بما لا يجوز لغير المالك (فمنهم) من نشر به الحرمة
على أب اللامس والناظر وولده.
(ومنهم) من خص التحريم بمنظورة الأب، والوجه الكراهية في ذلك
كله.
ولا يتعدى التحريم إلى أم الملموسة والمنظورة ولا بنتيهما.
ويلحق بهذا الباب مسائل
الأولى: لو ملك أختين فوطأ واحدة حرمت الأخرى.
ولو وطأ الثانية أثم ولم تحرم الأولى، واضطربت الروايات، ففي
بعضها: تحرم الأولى حتى تخرج الثانية عن ملكه لا للعود.
وفي الأخرى: إن كان جاهلا لم تحرم، وإن كان عالما حرمتا عليه.
11

الثانية: يكره أن يعقد الحر على الأمة، وقيل: يحرم إلا أن يعدم الطول
ويخشى العنت.
الثالثة: لا يجوز للعبد أن يتزوج أكثر من حرتين، أو حرة وأمتين، أو
أربع إماء.
الرابعة: لا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها، ولو بادر كان العقد
باطلا.
وقيل: كان للحرة الخيرة بين إجازته وفسخه.
وفي رواية: لها أن تفسخ عقد نفسها، وفي الرواية ضعف. ولو أدخل
الحرة على الأمة جاز، وللحرة الخيار إن لم تعلم إن كانت الأمة زوجة،
ولو جمع بينهما في عقد واحد صح عقد الحرة دون الأمة.
الخامسة: لا يحل العقد على ذات البعل ولا تحرم به، نعم لو زنى بها
حرمت.
وكذا في الرجعية خاصة.
السادسة: من تزوج امرأة في عدتها جاهلا فالعقد فاسد، ولو دخل
حرمت أبدا ولحق به الولد، ولها المهر بوطء الشبهة، وتتم العدة للأول
وتستأنف أخرى للثاني.
وقيل: تجزي عدة واحدة، ولو كان عالما حرمت بالعقد.
ولو تزوج محرما عالما حرمت وإن لم يدخل، ولو كان جاهلا فسد
ولم تحرم ولو دخل.
السابعة: من لاط بغلام فأوقبه حرمت عليه أم الغلام وبنته وأخته.
(السبب الرابع) في استيفاء العدد: إذا استكمل الحر أربعا بالغبطة حرم
عليه ما زاد، ويحرم عليه من الإماء ما زاد على اثنتين.
12

وإذا استكمل العبد حرتين أو أربعا من الإماء غبطة حرم عليه ما
زاد، ولكل منهما أن يضيف إلى ذلك بالعقد المنقطع ويملك اليمين ما شاء.
وإذا طلق واحدة من الأربع حرم عليه ما زاد غبطة حتى يخرج من
العدة أو تكون المطلقة بائنة.
وكذا لو طلق امرأة وأراد نكاح أختها.
ولو تزوجهما في عقد واحد بطل.
وقيل: يتخير، والرواية مقطوعة.
ولو كان معه ثلاث فتزوج اثنتين في عقد واحد، فإن سبق بإحداهما
صح دون اللاحقة.
وإن قرن بينهما بطل فيهما.
وقيل: يتخير أيتهما شاء.
وفي رواية جميل لو تزوج خمسا في عقد واحد يتخير أربعا ويخلي
باقيهن، وإذا استكملت الحرة طلقات ثلاثا حرمت حتى تنكح زوجا
غيره ولو كانت تحت عبد.
وإذا استكملت الأمة طلقتين حرمت حتى تنكح زوجا غيره، ولو
كانت تحت حر.
والمطلقة تسعا للعدة تحرم على المطلق أبدا.
(السبب الخامس) اللعان: ويثبت به التحريم المؤبد.
وكذا قذف الزوج امرأته الصماء أو الخرساء بما يوجب اللعان.
(السبب السادس) الكفر: ولا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية
إجماعا.
13

وفي الكتابية قولان أظهرهما: أنه لا يجوز غبطة، ويجوز متعة،
وبالملك في اليهودية والنصرانية.
وفي المجوسية قولان، أشبههما: الجواز.
ولو ارتد أحد الزوجين قبل الدخول وقع الفسخ في الحال، ولو كان
بعد الدخول وقف على انقضاء العدة إلا أن يكون الزوج مولودا على
الفطرة فإنه لا يقبل عوده، وتعتد زوجته عدة الوفاة.
وإذا أسلم زوج الكتابية فهو على نكاحه، سواء كان قبل الدخول أو
بعده.
ولو أسلمت زوجته دونه انفسخ النكاح في الحال إن كان قبل
الدخول، ووقف على العدة إن كان بعده.
وقيل: إن كان بشرائط الذمة كان نكاحه باقيا، ولا يمكن من الدخول
عليها ليلا، ولا من الخلوة بها نهارا.
وغير الكتابيين يقف على انقضاء العدة بإسلام أيهما اتفق.
ولو أسلم الذمي وعنده أربع فما دون لم يتخير، ولو كان عنده أكثر
من أربع تخير أربعا.
وروى عمار عن أبي عبد الله (عليه السلام): أن إباق العبد بمنزلة الارتداد، فإن
رجع والزوجة في العدة فهو أحق بها، وإن خرجت من العدة فلا سبيل له
عليها، وفي الرواية ضعف.
مسائل سبع
الأولى: التساوي في الإسلام شرط في صحة العقد.
وهل يشترط التساوي في الإيمان؟ الأظهر: لا، لكنه يستحب ويتأكد
14

في المؤمنة. نعم لا يصح نكاح الناصب ولا الناصبية (الناصبة خ) بالعداوة
لأهل البيت (عليهم السلام)، ولا يشترط تمكن الزوج من النفقة، ولا تتخير الزوجة
لو تجدد العجز عن الإنفاق.
ويجوز نكاح الحرة بالعبد، والهاشمية بغير الهاشمي، والعربية بالعجمي،
وبالعكس.
وإذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجبت إجابته وإن كان أخفض
نسبا، وإن منعه الولي كان عاصيا.
ويكره أن يزوج الفاسق ويتأكد في شارب الخمر، وإن تزوج المؤمنة
بالمخالف.
ولا بأس بالمستضعف والمستضعفة، وهو من لا يعرف بعداوة
(بعناد خ).
الثانية: إذا انتسب إلى قبيلة فبان من غيرها، ففي رواية الحلبي: تفسخ
النكاح.
الثالثة: إذا تزوج امرأة ثم علم أنها كانت زنت فليس له الفسخ ولا
الرجوع على الولي بالمهر.
وفي رواية: لها الصداق بما استحل من فرجها، ويرجع به على الولي،
وإن شاء تركها.
الرابعة: لا يجوز التعريض بالخطبة لذات العدة الرجعية، ويجوز في
غيرها، ويحرم التصريح في الحالين.
الخامسة: إذا خطب فأجابت كره لغيره خطبتها ولا تحرم.
السادسة: نكاح الشغار باطل، وهو أن تزوج امرأتان برجلين، على
أن مهر كل واحدة نكاح الأخرى.
15

السابعة: يكره العقد على القابلة المربية وبنتها، وأن يزوج ابنه بنت
زوجته إذا ولدتها بعد مفارقته لها، ولا بأس بمن ولدتها قبل ذلك، وأن
يزوج بمن كانت ضرة لأمه مع غير أبيه، وتكره الزانية قبل أن تتوب.
القسم الثاني: في النكاح المنقطع
والنظر في أركانه وأحكامه.
وأركانه أربعة:
(الأول) الصيغة: وهي تنعقد بأحد الألفاظ الثلاثة خاصة.
وقال علم الهدى: ينعقد في الإماء بلفظ الإباحة والتحليل.
(الثاني) الزوجة: ويشترط كونها مسلمة أو كتابية، ولا يصح
بالمشركة والناصبية.
ويستحب اختيار المؤمنة العفيفة، وأن يسألها عن حالها مع التهمة،
وليس شرطا.
ويكره بالزانية وليس شرطا.
وأن يستمتع ببكر ليس لها أب، فإن فعل فلا يفتضها، وليس محرما،
ولا حصر في عددهن.
ويحرم أن يستمتع أمة على حرة إلا بإذنها، وأن يدخل على المرأة
بنت أخيها أو بنت أختها ما لم تأذن.
(الثالث) المهر، وذكره شرط ويكفي فيه المشاهدة، ويتقدر بالتراضي
ولو بكف من بر، ولو لم يدخل ووهبها المدة فلها النصف ويرجع بالنصف
عليها لو كان دفع المهر، وإذا دخل استقر المهر تماما، ولو أخلت بشئ من
المدة قاصها، ولو بان فساد العقد فلا مهر إن لم يدخل.
16

ولو دخل فلها ما أخذت، وتمنع ما بقي، والوجه أنها تستوفيه مع
جهالتها ويستعاد منها مع علمها.
ولو قيل بمهر المثل مع الدخول وجهلها كان حسنا.
(الرابع): الأجل، وهو شرط في العقد، ويتقدر بتراضيهما كاليوم
والسنة والشهر، ولا بد من تعيينه.
ولا يصح ذكر المرة والمرات مجردة عن زمان مقدر.
وفيه رواية بالجواز، فيها ضعف.
وأما الأحكام فمسائل:
الأولى: الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل يبطل العقد، وذكر المهر
من دون الأجل يقلبه دائما.
الثانية: لا حكم للشروط قبل العقد، وتلزم لو ذكرت فيه.
الثالثة: يجوز اشتراط إثباتها ليلا أو نهارا، وأن لا يطأها في الفرج،
ولو رضيت به بعد العقد جاز، والعزل من دون إذنها، ويلحق الولد وإن
عزل، لكن لو نفاه لم يحتج إلى اللعان.
الرابعة: لا يقع بالمتعة طلاق إجماعا، ولا لعان على الأظهر، ويقع
الظهار على تردد.
الخامسة: لا يثبت بالمتعة ميراث بين الزوجين، وقال المرتضى: يثبت
ما لم يشترط السقوط، نعم لو شرط الميراث لزم.
السادسة: إذا انقضى أجلها فالعدة حيضتان على الأشهر وإن كانت
ممن تحيض، لم تحض فخمسة وأربعون يوما، ولو مات عنها ففي العدة
روايتان أشهرهما: أربعة أشهر وعشرة أيام.
17

السابعة: لا يصح تجديد العقد قبل انقضاء الأجل، ولو أراده وهبها ما
بقي من المدة واستأنف.
القسم الثالث: في نكاح الإماء
والنظر إما في العقد وإما في الملك.
أما العقد:
فليس للعبد ولا للأمة أن يعقدا لأنفسهما نكاحا ما لم يأذن المولى.
ولو بادر أحدهما ففي وقوفه على الإجازة قولان، ووقوفه على
الإجازة أشبه.
وإن أذن المولى ثبت في ذمة مولى العبد المهر والنفقة، ويثبت لمولى
الأمة المهر، ولو لم يأذنا فالولد لهما، ولو أذن أحدهما كان للآخر.
وولد المملوكين رق لمولاهما، ولو كانا لاثنين فالولد بينهما بالسوية ما
لم يشترطه أحدهما.
وإذا كان أحد الأبوين حرا فالولد حر إلا أن يشترط المولى رقيته،
على تردد.
ولو تزوج الحر أمة من غير إذن مالكها، فإن وطأها قبل الإجازة
عالما فهو زان والولد رق للمولى وعليه الحد والمهر، ويسقط الحد لو كان
جاهلا دون المهر، ويلحقه الولد، وعليه قيمته يوم سقط حيا.
وكذا لو ادعت الحرية فتزوجها على ذلك.
وفي رواية: يلزمه بالوطء عشر القيمة إن كانت بكرا، ونصف العشر
لو كانت ثيبا.
ولو أولدها فكهم بالقيمة، ولو عجز سعى في قيمتهم.
18

ولو أبى عن السعي قيل: يفديهم الإمام، وفي المستند ضعف.
ولو لم يدخل بها فلا مهر.
ولو تزوجت الحرة عبدا مع العلم فلا مهر وولدها رق، ومع الجهل
يكون الولد حرا ولا يلزمها قيمته، ويلزم العبد مهرها إن لم يكن مأذونا
ويتبع به إذا تحرر.
ولو تسافح المملوكان فلا مهر، والولد رق لمولى الأمة.
وكذا لو زنى بها الحر.
ولو اشترى الحر نصيب أحد الشريكين من زوجته بطل عقده.
ولو أمضى الشريك العقد لم يحل وطئها، وبالتحليل رواية فيها ضعف.
وكذا لو كان بعضها حرا.
ولو هاياها مولاها على الزمان ففي جواز العقد عليها متعة في زمانها
تردد، أشبهه: المنع.
ويستحب لمن زوج عبده أمته أن يعطيها شيئا، ولو مات المولى كان
للورثة الخيار في الإجازة والفسخ، ولا خيار للأمة.
ثم الطوارئ ثلاثة: العتق، والبيع، والطلاق.
أما العتق: فإذا أعتقت الأمة تخيرت في فسخ نكاحها وإن كان الزوج
حرا على الأظهر.
ولا خيرة للعبد لو أعتق ولا لزوجته ولو كانت حرة.
وكذا تتخير الأمة لو كانا لمالك فأعتقا أو أعتقت، ويجوز أن يتزوجها
ويجعل العتق صداقها.
ويشترط تقديم لفظ " التزويج " في العقد.
وقيل: يشترط تقديم العتق.
19

وأم الولد رق وإن كان ولدها باقيا، ولو مات جاز بيعها، وتنعتق
بموت المولى من نصيب ولدها، ولو عجز النصيب سعت في المتخلف.
ولا يلزم الولد السعي على الأشبه، وتباع مع وجود الولد في ثمن
رقبتها إذا لم يكن غيرها.
ولو اشترى الأمة نسيئة فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها
فحملت ثم مات ولم يترك ما يقوم بثمنها، فالأشبه: أن العتق لا يبطل ولا
يرق الولد.
وقيل: تباع في ثمنها ويكون حملها كهيئتها لرواية هشام بن سالم.
وأما البيع: فإذا بيعت ذات البعل تخير المشتري في الإجازة والفسخ
تخيرا على الفور.
وكذا لو بيع العبد وتحته أمة.
وكذا قيل: لو كان تحته حرة، لرواية فيها ضعف.
ولو كانا لمالك فباعهما لاثنين فلكل منهما الخيار.
وكذا لو باع أحدهما لم يثبت العقد ما لم يرض كل واحد منهما.
ويملك المولى المهر بالعقد، فإن دخل الزوج استقر، ولا يسقط لو باع،
أما لو باع قبل الدخول سقط، فإن أجاز المشتري كان المهر له، لأن
الإجازة كالعقد.
وأما الطلاق: فإذا كانت زوجة العبد حرة أو أمة لغير مولاه فالطلاق
بيده وليس لمولاه إجباره.
ولو كانت الأمة لمولاه كان التفريق إلى المولى، ولا يشترط لفظ
الطلاق.
20

النظر الثاني في الملك، وهو نوعان:
(الأول) ملك الرقبة: ولا حصر في النكاح به، وإذا زوج أمته حرمت
عليه وطئا ولمسا ونظرا بشهوة ما دامت في العقد والعدة، وليس للمولى
انتزاعها، ولو باعها تخير المشتري دونه، ولا يحل لأحد الشريكين وطء
المشتركة.
ويجوز ابتياع ذوات الأزواج من أهل الحرب وأبنائهم وبناتهم، ولو
ملك الأمة فأعتقها حل له وطؤها بالعقد وإن لم يستبرئها، ولا تحل لغيره
حتى تعتد كالحرة، ويملك الأب موطوءة ابنه وإن حرم عليه وطؤها.
وكذا الابن.
(النوع الثاني) ملك المنفعة: وصيغته أن يقول: أحللت لك وطأها أو
جعلتك في حل من وطئها، ولم يتعدهما الشيخ.
واتسع آخرون بلفظ الإباحة.
ومنع الجميع لفظ العارية، وهل هو إباحة أو عقد؟ قال علم الهدى:
هو عقد متعة.
وفي تحليل أمته لمملوكه تردد، ومساواته بالأجنبي أشبه.
ولو ملك بعض الأمة فأحلته نفسها لم يصح.
وفي تحليل الشريك تردد، والوجه: المنع.
ويستبيح ما يتناوله اللفظ، فلو أحل التقبيل اقتصر عليه.
وكذا اللمس، لكن لو أحل الوطء حل له ما دونه. ولو أحل الخدمة لم
يتعرض للوطء.
وكذا لا يستبيح بتحليل الوطء.
وولد المحللة حر، فإن شرط الحرية في العقد فلا سبيل على الأب. وإن
21

لم يشترط ففي إلزامه قيمة الولد، روايتان، أشبههما: أنها لا تلزم.
ولا بأس أن يطأ الأمة وفي البيت غيره، وأن ينام بين أمتين، ويكره
في الحرائر.
وكذا يكره وطء الفاجرة ومن ولدت من الزنا.
ويلحق بالنكاح النظر في أمور خمسة
(الأول) في العيوب، والبحث في أقسامها وأحكامها:
عيوب الرجل أربعة: الجنون والخصاء والعنن والجب.
وعيوب المرأة سبعة: الجنون والجذام والبرص والقرن والإفضاء
والعمى والإقعاد.
وفي الرتق تردد أشبهه: ثبوته عيبا لأنه يمنع الوطء.
ولا ترد بالعور ولا بالزنا ولو حدت فيه، ولا بالعرج على الأشبه.
وأما الأحكام فمسائل:
الأولى: لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدد بعد الدخول.
وفي المتجدد بعد العقد تردد عدا العنن.
وقيل: تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة وإن
تجدد.
الثانية: الخيار فيه على الفور.
وكذا في التدليس.
الثالثة: الفسخ فيه ليس طلاقا، فلا يطرد معه تنصيف المهر.
الرابعة: لا يفتقر الفسخ بالعيوب إلى الحاكم، ويفتقر في العنن لضرب
الأجل.
22

الخامسة: إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر، ولو فسخ بعده فلها
المسمى ويرجع به الزوج على المدلس.
وإذا فسخت الزوجة قبل الدخول فلا مهر إلا في العنن، ولو كان بعده
فلها المسمى.
ولو فسخت بالخصاء ثبت لها المهر مع الخلوة ويعذر.
السادسة: لو ادعت عننه فأنكر فالقول قوله مع يمينه، ومع ثبوته
يثبت لها الخيار ولو كان متجددا، إذا عجز عن وطئها قبلا ودبرا وعن
وطء غيرها.
ولو ادعى الوطء فأنكرت فالقول قوله مع يمينه.
السابعة: إن صبرت مع العنن فلا بحث، وإن رفعت أمرها إلى الحاكم
أجلها سنة من حين الترافع، فإن عجز عنها وعن غيرها فلها الفسخ
ونصف المهر.
تتمة
لو تزوج على أنها حرة فبانت أمة فله الفسخ، ولا مهر لو لم يدخل.
ولو دخل فلها المهر على الأشبه ويرجع به على المدلس.
وقيل: لمولاها العشر أو نصف العشر إن لم يكن مدلسا.
وكذا تفسخ هي لو بان زوجها مملوكا، ولا مهر قبل الدخول ولها
المهر بعده.
ولو اشترط كونها بنت مهيرة فبانت بنت أمة فله الفسخ ولا مهر.
ويثبت لو دخل.
ولو تزوج بنت مهيرة فأدخلت عليه بنت الأمة ردها، ولها المهر مع
23

الوطء للشبهة ويرجع به على من ساقها، وله زوجته.
ولو تزوج اثنان فأدخلت امرأة كل منهما على الآخر كان لكل
موطوءة مهر المثل على الواطئ للشبهة، وعليها العدة وتعاد إلى زوجها
وعليه مهرها الأصلي.
ولو تزوجها بكرا فوجدها ثيبا فلا رد.
وفي رواية ينقص مهرها.
(النظر الثاني) في المهر، وفيه أطراف:
الطرف الأول: كل ما يملكه المسلم يكون مهرا، عينا كان أو دينا أو
منفعة كتعليم الصنعة والسورة، ويستوي فيه الزوج والأجنبي.
أما لو جعلت المهر استئجاره مدة فقولان، أشبههما: الجواز.
ولا تقدير للمهر في القلة، ولا في الكثرة على الأشبه، بل يتقدر
بالتراضي.
ولا بد من تعيينه بالوصف أو الإشارة.
وتكفي المشاهدة عن كيله ووزنه، ولو تزوجها على خادم فلم يتعين
فلها وسطه.
وكذا لو قال: دار أو بيت، ولو قال: على السنة كان خمسمائة درهم.
ولو سمى لها مهرا ولأبيها شيئا سقط ما سمى له.
ولو عقد الذميان على خمر أو خنزير صح، ولو أسلما أو أحدهما قبل
القبض فلها القيمة، عينا أو مضمونا.
ولا يجوز عقد المسلم على الخمر، ولو عقد صح، ولها مع الدخول مهر
المثل.
وقيل: يبطل العقد.
24

الطرف الثاني التفويض: لا يشترط في الصحة ذكر المهر، فلو أغفله أو
شرط ألا مهر لها فالعقد صحيح، ولو طلق فلها المتعة قبل الدخول، وبعده
فلها مهر المثل.
ويعتبر في مهر المثل حالها في الشرف والجمال، وفي المتعة حاله.
فالغني يتمتع بالثوب المرتفع أو عشرة دنانير فأزيد، والفقير بالخاتم
أو الدرهم، والمتوسط بينهما.
ولو جعل الحكم لأحدهما في تقدير المهر صح، ويحكم الزوج بما شاء
وإن قل، وإن حكمت المرأة لم تتجاوز مهر السنة.
ولو مات الحاكم قبل الدخول وقبل الحكم فالمروي لها المتعة.
الطرف الثالث في الأحكام، وهي عشرة:
(الأول) تملك المرأة المهر بالعقد، وينتصف بالطلاق ويستقر بالدخول
وهو الوطء قبلا أو دبرا، ولا يسقط معه لو لم يقبض.
ولا يستقر بمجرد الخلوة على الأشهر.
(الثاني) قيل: إذا لم يسم لها مهرا وقدم لها شيئا قبل الدخول كان ذلك
مهرا لها ما لم يشترط غيره.
(الثالث) إذا طلق قبل الدخول رجع بالنصف إن كان أقبضها، أو
طالبت بالنصف إذا لم يكن أقبضها، ولا يستعيد الزوج ما تجدد من النماء
بين العقد والطلاق، متصلا كان كاللبن أو منفصلا كالولد، ولو كان النماء
موجودا وقت العقد رجع بنصفه كالحمل، ولو كان تعليم صنعة أو علم
فعلمها رجع بنصف أجرته، ولو أبرأته من الصداق رجع بنصفه.
(الرابع) لو أمهرها مدبرة ثم طلق صارت بينهما نصفين.
وقيل: يبطل التدبير لجعلها مهرا، وهو أشبه.
25

(الخامس) لو أعطاها عوض المهر متاعا أو عبدا آبقا وشيئا ثم طلق
رجع بنصف المسمى دون العوض.
(السادس) إذا شرط في العقد ما يخالف المشروع فسد الشرط دون
العقد والمهر، كما لو شرطت أن لا يتزوج أو لا يتسرى.
وكذا لو شرطت تسليم المهر في أجل فإن تأخر عنه فلا عقد.
أما لو شرطت أن لا يفتضها صح ولو أذنت بعده جاز، ومنهم من
خص جواز الشرط بالمتعة.
(السابع) لو شرط أن لا يخرجها من بلدها لزم، ولو شرط لها مائة إن
خرجت معه، وخمسين إن لم تخرج، فإن أخرجها إلى بلد الشرك فلا
شرط له ولزمته المائة، وإن أرادها إلى بلد الإسلام فله الشرط.
(الثامن) لو اختلفا في أصل المهر فالقول قول الزوج مع يمينه ولو كان
بعد الدخول، وكذا لو خلا بها فادعت المواقعة.
(التاسع) يضمن الأب مهر ولده الصغير إن لم يكن له مال وقت العقد،
ولو كان له مال كان على الولد.
(العاشر) للمرأة أن تمتنع حتى تقبض مهرها، وهل لها ذلك بعد
الدخول؟ فيه قولان، أشبههما: أنه ليس لها ذلك.
(النظر الثالث) في القسم والنشوز والشقاق.
أما القسم: فللزوجة الواحدة ليلة، وللاثنتين ليلتان، وللثلاث ثلاث،
والفاضل من الأربع له أن يضعه حيث شاء، ولو كن أربعا فلكل واحدة
ليلة، ولا يجوز الإخلال إلا مع العذر أو الإذن.
والواجب المضاجعة لا المواقعة ويختص الوجوب بالليل دون النهار.
وفي رواية الكرخي: إنما عليه أن يكون عندها في ليلتها ويظل عندها
26

في صبيحتها.
ولو اجتمع مع الحرة أمة بالعقد فللحرة ليلتان وللأمة ليلة.
والكتابية كالأمة. ولا قسمة للموطوءة بالملك.
ويختص البكر عند الدخول بثلاث إلى سبع، والثيب بثلاث.
ويستحب التسوية بين الزوجات في الإنفاق وإطلاق الوجه والجماع،
وأن يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها.
وأما النشوز: فهو ارتفاع أحد الزوجين عن طاعة صاحبه فيما يجب له،
فمتى ظهر من المرأة أمارة العصيان وعظها، فإن لم ينجع هجرها في
المضجع، وصورته أن يوليها ظهره في الفراش، فإن لم ينجع ضربها
مقتصرا على ما يؤمل معه طاعتها ما لم يكن مبرحا.
ولو كان النشوز منه فلها المطالبة بحقوقها، ولو تركت بعض ما يجب
أو كله استمالة جاز له القبول.
وأما الشقاق: فهو أن يكره كل منهما صاحبه، فإذا خشي الاستمرار
بعث كل منهما حكما من أهله، ولو امتنع الزوجان بعثهما الحاكم، ويجوز
أن يكونا أجنبيين، وبعثهما تحكيم لا توكيل، فيصلحان إن اتفقا، ولا
يفرقان إلا مع إذن الزوج في الطلاق والمرأة في البذل.
ولو اختلفا الحكمان لم يمض لهما حكم.
(النظر الرابع) في أحكام الأولاد.
ولد الزوجة الدائمة يلحق به مع الدخول ومضي ستة أشهر من حين
الوطء.
ووضعه لمدة الحمل أو أقل، وهي تسعة أشهر.
وقيل: عشرة أشهر، وهو حسن.
27

وقيل: سنة، وهو متروك.
فلو اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر فولدت بعدها لم يلحق به.
ولو أنكر الدخول فالقول قوله مع يمينه، ولو اعترف به ثم أنكر الولد
لم ينتف عنه إلا باللعان، ولو اتهمها بالفجور أو شاهد زناها لم يجز له نفيه،
ويلحق به الولد، ولو نفاه لم ينتف إلا باللعان.
وكذا لو اختلفا في مدة الولادة.
ولو زنى بامرأة فأحبلها لم يجز إلحاقة به وإن تزوج بها.
وكذا لو أحبل أمة غيره بزنا ثم ملكها.
ولو طلق زوجته فاعتدت وتزوجت غيره وأتت بولد لدون ستة
أشهر فهو للأول، ولو كان لستة أشهر فصاعدا فهو للأخير.
ولو لم تتزوج فهو للأول ما لم يتجاوز أقصى الحمل.
وكذا الحكم في الأمة لو باعها بعد الوطء.
وولد الموطوءة بالملك يلحق بالمولى ويلزمه الإقرار به.
لكن لو نفاه انتفى ظاهرا، ولا يثبت بينهما لعان.
ولو اعترف به بعد النفي ألحق به، وفي حكمه ولد المتعة.
وكل من أقر بولد ثم نفاه لم يقبل نفيه، ولو وطأها المولى وأجنبي
حكم به للمولى.
فإن حصل فيه أمارة يغلب معها الظن أنه ليس منه لم يجز له إلحاقه
ولا نفيه، بل يستحب أن يوصي له بشئ ولا يورثه ميراث الأولاد.
ولو وطأها البائع والمشتري فالولد للمشتري، إلا أن يقصر الزمان
عن ستة أشهر.
ولو وطأها المشتركون فولدت وتداعوه أقرع بينهم وألحق بمن يخرج
28

اسمه ويغرم حصص الباقين من قيمته وقيمة أمه.
ولا يجوز نفي الولد لمكان العزل، ولا مع التهمة بالزنا.
والموطوءة بالشبهة يلحق ولدها بالواطئ.
ولو تزوج امرأة لظنه خلوها من بعل فبانت محصنة ردت على الأول
بعد الاعتداد من الثاني، والأولاد للواطئ الثاني مع الشرائط.
ويلحق بذلك أحكام الولادة:
وسننها: استبداد النساء بالمرأة وجوبا إلا مع عدمهن، ولا بأس
بالزوج وإن وجدن.
ويستحب غسل المولود، والأذان في أذنه اليمنى، والإقامة في اليسرى،
وتحنيكه بتربة الحسين (عليه السلام)، وبماء الفرات، ومع عدمه بماء فرات، ولو لم
يوجد إلا ماء ملح خلط بالعسل أو التمر.
ويستحب تسميته بالأسماء المستحسنة، وأن يكنيه.
ويكره أن يكنى محمد بأبي القاسم، وأن يسمى حكما، أو حكيما، أو
خالدا، أو حارثا، أو مالكا، أو ضرارا.
ويستحب حلق رأسه يوم السابع مقدما على العقيقة، والتصدق بوزن
شعره ذهبا أو فضة.
ويكره القنازع.
ويستحب ثقب أذنه وختانه فيه، ولو أخر جاز، ولو بلغ وجب عليه
الاختتان.
وخفض الجارية مستحب.
وأن يعق عنه فيه أيضا، ولا تجزي الصدقة بثمنها، ولو عجز توقع
المكنة.
29

ويستحب فيها شروط الأضحية.
وأن تخص القابلة بالرجل والورك. ولو كانت ذمية أعطيت ثمن الربع.
ولو لم تكن قابلة تصدقت به الأم، ولو لم يعق الوالد استحب للولد إذا
بلغ.
ولو مات الصبي في السابع قبل الزوال سقطت، ولو مات بعد الزوال لم
يسقط الاستحباب.
ويكره أن يأكل منها الوالدان، وأن يكسر شئ من عظامها، بل
يفصل مفاصل الأعضاء.
ومن التوابع: الرضاع والحضانة
وأفضل ما رضع لبن أمه، ولا تجبر الحرة على إرضاع ولدها.
ويجبر الأمة مولاها.
وللحرة الأجرة على الأب إن اختارت إرضاعه.
وكذا لو أرضعته خادمتها، ولو كان الأب ميتا فمن مال الرضيع.
ومدة الرضاع حولان، ويجوز الاقتصار على أحد وعشرين شهرا لا
أقل، والزيادة بشهر أو بشهرين لا أكثر، ولا يلزم الوالد أجرة ما زاد عن
حولين.
والأم أحق بإرضاعه إذا تطوعت أو قنعت بما تطلب غيرها، ولو
طلبت زيادة عن ما قنع غيرها فللأب نزعه واسترضاع غيرها.
وأما الحضانة: فالأم أحق بالولد بمدة الرضاع إذا كانت حرة مسلمة.
وإذا فصل فالحرة أحق بالبنت إلى سبع سنين.
وقيل: إلى تسع سنين.
30

والأب أحق بالابن.
ولو تزوجت الأم سقطت حضانتها، ولو مات الأب فالأم أحق به
من الوصي.
وكذا لو كان الأب مملوكا أو كافرا كانت الأم الحرة أحق به ولو
تزوجت، فإن أعتق الأب فالحضانة له.
(النظر الخامس) في النفقات، وأسبابها ثلاثة: الزوجية والقرابة والملك.
أما الزوجية: فيشترط في وجوب نفقتها شرطان:
العقد الدائم، فلا نفقة لمستمتع بها. والتمكين الكامل، فلا نفقة لناشزة.
ولو امتنعت لعذر شرعي لم تسقط كالمرض والحيض وفعل الواجب.
أما المندوب: فإن منعها منه فاستمرت سقطت نفقتها.
وتستحق الزوجة النفقة ولو كانت ذمية أو أمة.
وكذا تستحقها المطلقة الرجعية دون البائن والمتوفى عنها زوجها إلا
أن تكون حاملا فتثبت نفقتها في الطلاق على الزوج حتى تضع.
وفي الوفاة من نصيب الحمل على إحدى الروايتين.
ونفقة الزوجة مقدمة على نفقة الأقارب، وتقضى لو فاتت.
وأما القرابة: فالنفقة على الأبوين والأولاد لازمة، وفيمن علا من
الآباء والأمهات تردد، أشبهه: اللزوم.
ولا تجب على غيرهم من الأقارب، بل تستحب، وتتأكد في الوارث.
ويشترط في الوجوب الفقر والعجز عن الاكتساب، ولا تقدير للنفقة
بل يجب بذل الكفاية من الطعام والكسوة والمسكن، ونفقة الولد على
الأب، ومع عدمه أو فقره فعلى أب الأب وإن علا مرتبا، ومع عدمهم
31

تجب على الأم وآبائها الأقرب فالأقرب، ولا تقضى نفقة الأقارب لو
فاتت.
وأما المملوك: فنفقته واجبة على مولاه.
وكذا الأمة، ويرجع في قدر النفقة إلى عادة مماليك أمثال المولى.
ويجوز مخارجة المملوك على شئ. فما فضل يكون له، فإن كفاه وإلا
أتمه المولى.
وتجب النفقة على البهائم المملوكة، فإن امتنع مالكها أجبر على بيعها
أو ذبحها إن كانت مقصودة بالذبح.
32

رياض المسائل
كتاب النكاح
33

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآله الطاهرين.
* (كتاب النكاح) *
هو في اللغة الوطء على الأشهر، كما نقل، بل عليه الإجماع في
المختلف (1)، وهو الظاهر من الجوهري (2) كغيره من أهلها، إلا أن المحكي
عن الراغب استحالته (3)، وعن أبي القاسم الزجاج اشتراكه بينه وبين العقد (4)
وهو الظاهر من غيره أيضا.
وربما قيل: بمجازيته فيهما لأخذهما من الضم والاختلاط والغلبة.
ورد بعدم منافاة التجوز باعتبار أصله الحقيقة فيهما أو في أحدهما في
عرف اللغة، مضافا إلى كون إطلاقه على الوطء باعتبار وجود أحد المعاني
فيه، وهو لا ينافي الحقيقة.
ويتوجه على الأول: أن عدم المنافاة فرع وجود الدليل على الدعوى،
وليس، فالأصل عدم النقل.
وعلى الثاني: أنه يتوقف صحته على إرادة ما ذكر من حاق اللفظ،
والخصوصية من الخارج.

(1) المختلف 7: 35.
(2) الصحاح 1: 413.
(3) المفردات في غريب القرآن: 505.
(4) نقله في كشف اللثام 2: 6 س 4.
35

وليس الكلام فيه، بل هو في استعماله في المركب منهما، وهو غير
الأصل، فيكون مجازا.
وفي الشرع العقد خاصة على الأشهر، كما حكي، بل عن الشيخ (1)
والحلي (2) [والإيضاح] (3) دعوى الإجماع عليه. وهو الحجة فيه، مع
أصالة عدم النقل إن قلنا باتحاد اللغة معه وغلبة استعماله في الشرع كذلك،
حتى قيل: إنه لم يرد في القرآن بذلك إلا قوله تعالى: " حتى تنكح زوجا
غيره " (4)، لاشتراط الوطء في المحلل.
وفيه نظر، وهي أمارة الحقيقة لايراثها التبادر، لا لصحة النفي في مثل:
هذا سفاح وليس بنكاح، لاحتمال الاعتماد على القرينة، كما فيه.
وقيل: بالعكس، للأصل، بناء على كونه لغة كذلك (5). وقيل: بالاشتراك
بينهما، للاستعمال، والأصل فيه الحقيقة، ولقوله تعالى: " ولا تنكحوا ما نكح
آباؤكم " لدخول الأمرين فيه (6) ويضعف الأول: بعد تسليم الثبوت لغة كذلك
بتخصيص الأصل بما مر.
والثاني: بأعمية الاستعمال، وعدم الدليل على إرادتهما معا من الآية،
وتساويهما في الحكم (على تقدير تسليمه) غير ملازم لذلك. هذا على القول
بجواز استعمال المشترك في معنييه، وإلا فهو باطل من أصله.
* (وأقسامه) * أي الكتاب * (ثلاثة) * وإنما قلنا ذلك للزوم أن يلغو
الظرف في قوله: " الأول في الدائم " على تقدير رجوع الضمير إلى النكاح.

(1) لم نعثر عليه في كتبه الفقهية، قال في عدة الأصول (1: 170) بمناسبة: " إن النكاح اسم للوطء
حقيقة ومجاز في العقد... وإن كان بعرف الشرع قد اختص بالعقد " ولم يذكر الإجماع.
(2) السرائر 2: 524.
(3) لم يرد في " مش، ش ".
(4) نقله فخر المحققين أيضا عن قائل ولم يسمه، راجع إيضاح الفوائد 3: 3.
(5) نقله في كشف اللثام 2: 6 س 14.
(6) نقله صاحب الإيضاح 3: 3.
36

* (الأول) *
* (في) * النكاح * (الدائم) *
* (وهو يستدعي فصولا) *.
* (الأول: في صيغة العقد وأحكامه وآدابه) *
* (أما الصيغة) * التي لا بد هنا منها بإجماع علماء الإسلام * (ف‍) * هي
* (الإيجاب والقبول) *.
* (ويشترط) * في الأول: * (النطق بأحد الألفاظ الثلاثة) * التي هي:
* (زوجتك وأنكحتك ومتعتك) *
والاكتفاء بأحد الأولين مجمع عليه، كما في الروضة (1) وعن التذكرة (2)
وغيرهما، وورد بهما القرآن العزيز (3).
وبالثالث مختلف فيه، فالأكثر ومنهم الإسكافي (4) والمرتضى (5) وأبو
الصلاح (6) وابن حمزة (7) والحلي (8)، كما حكي (وعن ظاهر السيد في
الطبريات الإجماع) (9) على المنع، اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن،
والتفاتا إلى عدم ورود التعبير به في الدائم في شئ من الأخبار، لانحصار
التعبير عنه فيها في الأولين.
خلافا للمتن والشرائع (10) والإرشاد (11) والنهاية (12)، لعدم النص على

(1) الروضة: كتاب النكاح في العقد ج 5 ص 108.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب النكاح في الصيغة ج 2 ص 581 س 23.
(3) النساء: 22، والأحزاب: 37.
(4) كما في المختلف 2: 533 س 13.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): 246، المسألة 152.
(6) الكافي في الفقه: 293.
(7) الوسيلة: 291.
(8) السرائر 2: 574.
(9) ما بين القوسين لا يوجد في المخطوطات.
(10) الشرائع 2: 273.
(11) الإرشاد 2: 6.
(12) الظاهر المراد به نهاية الإحكام، ولم يصل منها إلينا كتاب النكاح.
37

حصر لفظه في شئ، مع دلالته على المقصود، وكونه من ألفاظ النكاح،
لكونه حقيقة في المنقطع منه وإن توقف معه على الأجل، كما لو عبر بأحد
الأولين فيه وميزه به. فأصل اللفظ صالح للنوعين، فيكون حقيقة في القدر
المشترك بينهما، ويتميزان بذكر الأجل وعدمه.
وحكم جماعة - تبعا لرواية (1) - بأنه لو تزوج متعة ونسي ذكر الأجل
انقلب دائما، وذلك فرع صلاحية الصيغة له.
وفي الجميع نظر، لعدم الاكتفاء في مثله بعدم النص على الحصر، ومجرد
الدلالة على المقصود، وإلا لاكتفى بالإشارة المعربة عنه، وهو باطل إجماعا.
واستلزام كونه حقيقة في المنقطع مجازيته في غيره مطلقا بمعونة أصالة
عدم الاشتراك، فلا اشتراك معنويا.
وعلى تقدير كونه حقيقة في القدر المشترك يستلزم مجازيته في
خصوص أحد الطرفين، ومنه الدائم.
ودعوى إرادة الخصوصية من القرينة وهي عدم ذكر الأجل ممنوعة،
لعدم الملازمة بينه وبين الدوام.
كيف لا! وهو أول الكلام، فلا يكفي حينئذ، إذ لا يكفي ما يدل بالمجاز
حذرا من عدم الانحصار.
والنقض بالأولين مدفوع بالوفاق، مع احتمال كون الاشتراك فيهما
لفظيا، أو كونهما حقيقة في الدائم مجازا في المنقطع فلا محذور.
هذا بعد تسليم كونه حقيقة في القدر المشترك، وإلا فالظاهر كونه حقيقة
في المنقطع خاصة، للتبادر، وصحة السلب عن الدائم، ومنع القول المحكي،
لضعف دليله.
* (والقبول هو) * اللفظ الدال صريحا على * (الرضا بالإيجاب) * مطلقا،

(1) الوسائل 14: 469، الباب 20 من أبواب المتعة.
38

وافقه لفظا، أم خالفه، مع الموافقة له معنى، اقتصر على لفظه، أم أتبع
بالإيجاب عندنا.
خلافا لبعض من خالفنا في الاقتصار (1). وهو ضعيف.
* (وهل يشترط وقوع تلك الألفاظ) * المعتبرة في الأمرين * (بلفظ
الماضي؟ الأحوط) * على بعض الوجوه، بل الأظهر الأشهر مطلقا - كما نقل
- * (نعم) *.
إما * (لأنه صريح في الإنشاء) * عرفا عاما أو خاصا، لورود التعبير به
شرعا، مجردا عن قرينة زائدة على قرينة التخاطب لا غير، فلا ينافيها كونها
للإخبار لغة.
أو للاتفاق على الوقوع به، فلا يعارض بمثله مما هو بمعنى الإخبار،
لبطلان القياس، ولزوم الاقتصار في المخالف على محل الوفاق. خلافا
لمن سيأتي.
* (ولو أتى بلفظ الأمر) * قاصدا به الإنشاء المعتبر هنا المعبر عنه
بالرضا الباطني بالنكاح بالفعل * (كقوله) * أي الزوج ومن في حكمه لها أو
* (للولي) * ومن في حكمه زوجني نفسك أو * (زوجنيها فقال: زوجتك) *.
* (قيل: يصح) * القائل الشيخ (2) وابنا زهرة (3) وحمزة (4) والماتن في
غير الكتاب (5) * (كما في قصة سهل الساعدي) * المشهورة، المروية بطرق
من الخاصة والعامة - وفيها الصحيح (6) - أن رجلا سأل النبي (صلى الله عليه وآله) تزويج
امرأة فقال: زوجنيها، فسأله عما يصدقها به - إلى أن قال: - زوجتك بما

(1) الأم 5: 38، والمغني لابن قدامة 7: 428، والمجموع 16: 211.
(2) المبسوط 4: 194.
(3) الغنية: 341.
(4) الوسيلة: 291.
(5) الشرائع 2: 273.
(6) الوسائل 15: 3، الباب 2 من أبواب المهور الحديث 1.
39

معك من القرآن (1).
وليس فيها في شئ من الطرق إعادة القبول، مع أن الأصل عدمها.
والأقوى المنع، وفاقا للأكثر، ومنهم السرائر (2) والجامع (3) والمختلف (4)
وابن سعيد (5) واللمعة والروضة (6)، عملا بأصالة الحرمة، واستضعافا للرواية
بعدم الصراحة والظهور التام الذي هو المناط لتخصيص مثلها واختصاصها
بالقبول، مع وقوع التصريح فيها بالماضي في الإيجاب، وهو وإن كان يندفع
بالإجماع إلا أنه لا يرفع الوهن الحاصل فيها به المعتبر مثله في التعارض
الموجب لمرجوحية المشتمل عليه، وقصورها عن المقاومة للأصالة
المزبورة، لاشتهار العمل بها بين الطائفة، واعتضادها بالاحتياط المأمور به
في الشريعة.
نعم قد لا يجامعها الاحتياط، بل يخالفها فيما إذا وقع العقد بما في
الرواية.
ولا ريب أنه خلاف الاحتياط الحكم حينئذ بعدم الزوجية، لاحتمالها
بالبديهة.
ومما ذكر ظهر وجه تقييد الاحتياط في المتن ببعض الوجوه.
وينبغي مراعاته حينئذ أيضا بعقد جديد بلفظ الماضي، مع بقاء التراضي،
وإجراء الطلاق مع العدم.
* (ولو أتى بلفظ المستقبل) * قاصدا به الإنشاء * (كقوله: أتزوجك) *
قاصدا به الإنشاء وقالت: زوجتك نفسي * (قيل: يجوز) * القائل العماني (7)

(1) عوالي اللئالي 2: 263، الحديث 8.
(2) السرائر 2: 574.
(3) الجامع للشرائع: 437.
(4) المختلف 7: 89.
(5) كذا، والظاهر أنه الماتن.
(6) اللمعة والروضة 5: 109.
(7) نقله عنه السيد السند في نهاية المرام 1: 24.
40

والماتن في غير الكتاب (1) وجماعة، للروايات المستفيضة في تجويز مثله
في عقد المتعة.
منها الموثق: قال: لا بد أن يقول فيه هذه الشروط أتزوجك متعة على
كذا وكذا، الحديث (2).
ومثله الحسن: قال: تقول: أتزوجك متعة على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)،
الخبر (3).
ومثلهما رواية أبان بن تغلب، المشار إليها بقوله: * (كما في خبر أبان
عن) * مولانا * (الصادق (عليه السلام) في المتعة أتزوجك) * متعة * (فإذا قالت: نعم
فهي امرأتك) * (4) وكذا غيرها (5) المشترك معها في ضعف الإسناد.
والأولان وإن اعتبرا بحسبه، إلا أنهما بالقطع وعدم النسبة إلى إمام
مشاركان لها فيه أيضا، فلا يمكن الاستناد إليها في الجواز، مضافا إلى
اختصاصها بالمتعة، ولا بد من الدليل في التعدية إلى ما حكم به الجماعة،
وفقده واضح بالبديهة.
فإذا القول بالمنع في غاية القوة بالنظر إلى أصالة الحرمة، وعدم الدليل
على الإباحة بهذه العبارة، وفاقا للمختلف (6) وابني سعيد (7) وحمزة (8)
والشهيدين في اللمعة (9) والروضة (10).
نعم مراعاة الاحتياط المتقدم في الصورة المزبورة في سابق هذه
المسألة محمودة في الشريعة، والقول بعدم الجواز في هذه المسألة أقوى منه
في المسألة السابقة.

(1) الشرائع 2: 273.
(2) الوسائل 14: 467، الباب 18 من أبواب المتعة الحديث 4 و 2.
(3) الوسائل 14: 467، الباب 18 من أبواب المتعة الحديث 4 و 2.
(4) الوسائل 14: 466، الباب 18 من أبواب المتعة الحديث 1 و 3.
(5) الوسائل 14: 466، الباب 18 من أبواب المتعة الحديث 1 و 3.
(6) المختلف 7: 89.
(7) الجامع للشرائع: 437.
(8) الوسيلة: 291.
(9) اللمعة والروضة 5: 109.
(10) اللمعة والروضة 5: 109.
41

* (ولو قال) * مستفهم للولي: * (زوجت بنتك من فلان؟ فقال: نعم) *
بقصد إعادة اللفظ تقديرا وإقامة " نعم " مقامه للإنشاء، لا بقصد جواب
الاستفهام * (فقال الزوج: قبلت صح) * عند المصنف هنا، وفي الشرائع على
تردد (1)، وفاقا للشيخ (2) وابن حمزة (3)، والعلامة في الإرشاد (4) قطعا، وفي
القواعد (5) مستشكلا * (لأنه يتضمن السؤال) * وجار مجراه اتفاقا، فكأنه
قال: زوجتها منه؟ وربما يرشد إليه خبر أبان المتقدم وغيره.
والتردد والاستشكال لضعف الرواية، واختصاصها بالمتعة، والتأمل في
أن حكم الصريح في الشئ حكمه شرعا، مضافا إلى أن مقتضى تضمنه
السؤال إفادته الإخبار الخالي عن الإنشاء، بناء على تضمن السؤال
الاستخبار عن وقوع المسؤول في الماضي.
ومراعاة التطبيق بينه وبين الجواب يستلزم كونه إخبارا عن الوقوع، لا
إنشاء للتزويج، فلو صرح به فيه لارتفع التطابق اللازم المراعاة.
ومن هنا يمكن أن يقال: بعدم وقوع التزويج لو أبدل " نعم " بالصريح.
فالأقوى المنع، تبعا للأكثر، كما في المسالك (6)، عملا بالأصل الخالي
عن المعارض.
* (ولا يشترط تقديم الإيجاب) * على القبول في المشهور، بل عليه
الإجماع عن المبسوط (7) والسرائر (8). وهو الحجة في تخصيص الأصل،
لا التعليل بأن العقد هو الإيجاب والقبول وأن الترتيب كيف اتفق غير مخل
بالمقصود، وأنه يزيد النكاح على غيره بأن الايجاب من المرأة وهي تستحي

(1) الشرائع 2: 273.
(2) المبسوط 4: 193.
(3) الوسيلة: 291.
(4) الإرشاد 2: 6.
(5) القواعد 2: 4 س 8.
(6) المسالك 7: 94.
(7) المبسوط 4: 194.
(8) السرائر 2: 574.
42

غالبا من الابتداء به فاغتفر هنا وإن خولف في غيره.
لعدم الدليل على الاغتفار، لعدم ما يدل على كفاية الاستحياء، مع أنه
أخص.
وكون الأول مصادرة إلا على تقدير عموم دال على كفاية حصول
المقصود باللفظين بأي وجه اتفق، وفقده ظاهر، ولذا رجعوا إلى الأصل في
كل ما اختلف في صحته، مع عدم قيام دليل عليها، وعلى تقدير وجوده لزم
أن يكون الأمر بالعكس. فتدبر.
ثم إنه يعتبر حيثما قدم القبول كونه بغير قبلت ورضيت كنكحت
وتزوجت، وهو حينئذ بمعنى الإيجاب، وذلك لعدم صدق المعنى بذلك.
ويجب إيقاع الركنين بالعربية * (ولا يجزي الترجمة) * عنهما أو أحدهما
بمثل الفارسية * (مع القدرة على النطق) * على الأشهر الأظهر، بل اتفاقا منا،
كما عن المبسوط (1) والتذكرة (2)، لتوقيفية العقود، ولزوم تلقيها من الشارع،
وليس ما وصل إلا ما ذكر، مع الأصل، والاحتياط في الفروج.
واحتمال كون اقتصاره بذلك، لكونه عرفه واصطلاحه، فلا يمنع عن
جواز غيره حسن مع قيام دليل على صحته عموما، أو خصوصا، وفقدهما
ظاهر.
فإجازة ابن حمزة ذلك - لكن مع استحباب العربية (3) - ضعيفة.
* (وتجزي) * كما قطع به الأصحاب - كما حكي (4) - * (مع العذر) *
كالمشقة الكثيرة في التعلم، أو فوات بعض الأغراض المقصودة * (كالأعجم) *.
ولا فرق في ذلك بين العجز عن الركنين أو أحدهما، ولكن تختص
الرخصة في الأخير بالعاجز، ويلزم بالعربية غيره.

(1) المبسوط 4: 194.
(2) التذكرة 2: 582 س 3.
(3) الوسيلة: 291.
(4) حكاه في كشف اللثام 2: 12 س 30.
43

ويصح حينئذ أيضا - كما في اختلاف الترجمتين - بشرط فهم كل منهما
كلام الآخر ولو بمترجمين عدلين، أو عدل واحد في وجه قوي، وذلك مع
عدم حصول القطع بإخباره، ومعه فلا ريب فيه كفايته.
والأصل في المسألة - بعد حكاية الإجماع - فحوى اجتزاء الأخرس
بالإشارة في الطلاق، مع لزوم الحرج في الاقتصار بالعربية ولو في الجملة.
فلا وجه لإيجاب التوكيل، ولا سيما في مقابلة الأصل بالمرة.
* (وكذا) * تجزي * (الإشارة) * المفهمة للآخر المراد * (للأخرس) *
مطلقا، موجبا كان، أو قابلا، أو هما معا، أصليا كان، أو طارئا، لقطع
الأصحاب به هنا أيضا، كما حكي (1)، وللضرورة مع أصالة عدم لزوم
التوكيل، مضافا إلى عدم تعارفه، والتأيد بالاكتفاء بها في الطلاق.
* (وأما الأحكام (2) فمسائل) * أربع:
* (الأولى: لا حكم لعبارة الصبي) * والصبية مطلقا * (ولا المجنون) *
والمجنونة كذلك وإن كان أدواريا بشرط عدم الإفاقة حين العقد، للأصل، مع
عدم الدليل على اعتبارها، مضافا إلى فقد القصد الباطني المشترط في
الصحة إجماعا في بعض الصور.
* (ولا السكران) * مطلقا، موجبا كان، أو قابلا، أجاز بعد الإفاقة، أم لا
على أصح القولين وأشهرهما، لعين ما ذكر وليس في صورة الإجازة، من
الفضولي فيلحق به لعموم أدلة جوازه، لاختصاصه بالصحيح لا الفاسد من
أصله.
وعلى تقدير كونه منه يمنع الإلحاق، بمنع العموم لاختصاص المصحح
له بما ذكرنا، فلا يقيد الأصل إلا بدليل.

(1) حكاه في كشف اللثام 2: 12 س 33.
(2) في المتن المطبوع: الحكم.
44

* (و) * لكن ورد * (في رواية) * صحيحة - عمل بها الشيخ في النهاية (1)،
وتبعه ابن البراج (2) - أنه * (إذا زوجت السكري نفسها ثم أفاقت فرضيت
به أو دخل بها) * فأفاقت * (وأقرته كان ماضيا (3)) *.
إلا أنها لمخالفتها الأصول القطعية المعتضدة في خصوص المقام بالشهرة
العظيمة لا يجوز التعويل عليها في مقابلتها وتخصيصها بها، مع أن المذكور
فيها الإنكار بعد الإفاقة، الملازم لعدم الرضا بالصحة نعم تضمنت الإقامة معه
بعده لمظنة (4) اللزوم، إلا أنها مع عدم معلومية كونها الرضا المعتبر غير نافعة
بعد الإنكار فلا يمكن الإلحاق بالفضولي من هذا الوجه أيضا. فطرحها رأسا
أو حملها على ما في المختلف (5) وغيره - وإن بعد - متعين.
* (الثانية: لا يشترط) * في صحة العقد * (حضور شاهدين) * عدلين
مطلقا، دائما كان العقد، أو منقطعا، تحليلا، أو ملكا، لعموم بعض النصوص،
مع الإجماع فيما عدا الأول.
ولا ينافيه اختصاص الباقي أو التخصيص فيها بالأول، لوروده في مقام
الرد على جمهور الجمهور المعتبرين له فيه، فلا عبرة بمفهومه لو كان.
وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب، بل كاد أن يكون إجماعا، بل حكي
صريحا عن الانتصار (6) والناصريات (7) والخلاف (8) والغنية (9) والسرائر (10)

(1) النهاية 2: 317.
(2) المهذب 2: 196.
(3) الوسائل 14: 221، الباب 14، من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد، الحديث 1 نقلا بالمعنى.
(4) في المطبوع بدل " لمظنة ": مظنة.
(5) المختلف 7: 115.
(6) الإنتصار: 281، المسألة 157.
(7) الناصريات (الجوامع الفقهية): 246، المسألة 150.
(8) الخلاف 4: 261، المسألة 13.
(9) الغنية: 345.
(10) السرائر 2: 550.
45

والتذكرة (1)، والنصوص به مستفيضة منها الحسان، بل الصحاح على الصحيح
والموثقان:
ففي الحسن: في الرجل يتزوج بغير بينة، قال: لا بأس (2).
خلافا للحسن، فاشترطه (3)، للخبر: التزويج الدائم لا يكون إلا بولي
وشاهدين (4).
وهو مع ضعفه سندا وقصوره عن المقاومة لما تقدم عددا واعتبارا،
محمول على التقية، ويؤيده كونه مكاتبة، مع إشعار متنه بذلك أيضا،
كتصريح غيره به، كالموثق وغيره.
نعم يستحب ذلك لدفع التهمة وتحقق النسب والميراث والقسم
والنفقات، وبه بعض المعتبرة.
* (ولا) * حضور * (ولي) * مطلقا * (إذا كانت الزوجة بالغة رشيدة على
الأصح) * الأشهر، كما يأتي.
* (الثالثة: لو ادعى) * رجل * (زوجية امرأة وادعت أختها زوجيته) *
فمع عدم البينة منهما والدخول بالمدعية الحكم له في قطع دعواها مع
اليمين، وكذلك معه على الأظهر، لترجيح الأصل على الظاهر. ولها مع الرد،
فتحلف على الدعوى وعلى نفي العلم بما ادعى. وكذا الحكم له مع
اختصاص البينة به فيحلف معها.
وقيل: بعدم لزومه (5) وهو مشكل.

(1) التذكرة 2: 571 س 19.
(2) الوسائل 14: 67، الباب 43 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 4.
(3) كما في المختلف 7: 101.
(4) الوسائل 14: 459، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 11.
(5) لم نعثر عليه.
46

ولا فرق فيه بين الدخول والعدم، كما تقدم، ومع اختصاصها بها فالحكم
لها مع الحلف على نفي العلم. ومعها لهما مطلقا * (فالحكم لبينة الرجل) *.
قيل: لرجحانها على بينتها، لانكارها فعله الذي لا يعلم إلا من قبله،
فلعله عقد على الأولى قبل العقد عليها (1).
وفيه نظر، مضافا إلى اختصاصه بصورة إطلاق البينتين أما مع تورخهما
بتاريخين متساويين فلا.
فالأصل في المسألة الخبر - الذي ضعفه ولو من وجوه بالشهرة، بل
وعدم الخلاف والإجماع المحكي قد انجبر -: في رجل ادعى على امرأة أنه
تزوجها بولي وشهود وأنكرت المرأة ذلك وأقامت أخت هذه المرأة على هذا
الرجل البينة أنه تزوجها بولي وشهود ولم توقت وقتا، أن البينة بينة الزوج،
ولا تقبل بينة المرأة، لأن الزوج قد استحق بضع هذه المرأة وتريد أختها
فساد هذا النكاح، ولا تصدق ولا تقبل بينتها إلا بوقت قبل وقتها أو دخول
بها (2).
وإشكال بعضهم فيه بأن الزوج منكر فلا وجه لتقديم بينته (3) مدفوع
بصراحته بإنكار الأولى زوجيته.
فاعتبار بينته بالإضافة إليها لكونه مدعيا في مقابلها، وأما التقديم فلعله
للرجحان المتقدم، مع أنه لا يمكن الجمع بين قضيتهما للتنافي، كذا قيل (4).
وهو حسن، إلا في وجه التقديم، وفيه النظر السابق.
نعم يتوجه عليه حينئذ أن الإشكال في التقديم إنما هو من حيث
ارتكابه بلا مرجح، لا من حيث إنه منكر، فلا وجه لتقديم بينته ففيه المخالفة

(1) كشف اللثام 2: 14 س 19.
(2) الوسائل 14: 225، الباب 22 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد الحديث 1.
(3) كشف اللثام 2: 14 س 23 و 24.
(4) كشف اللثام 2: 14 س 24.
47

للقاعدة من هذه الجهة، ولذا يستشكل في انسحاب الحكم في مثل البنت
والأم من التساوي والخروج عن النص. وهو الأقوى، لا لما ذكره.
نعم الإشكال من تلك الجهة أيضا متوجه على إطلاق عبائر الأصحاب،
إلا أن يخص بما في النص.
وظاهر إطلاقه كاطلاق كلام الأكثر الاكتفاء في التقديم بالبينة من دون
يمين، وإلا للزم تأخير البيان عن وقت الحاجة.
وربما قيل بعدمه ولزوم ضمها إليها، جمعا بينه وبين القاعدة، فيحلف
الرجل من حيث إن بينته إنما هي لإثبات ما ادعاه على المرأة الأولى، وبينه
وبين أختها دعوى أخرى هو منكر بالنسبة إليها، فلا بد من اليمين لقطع
دعواها.
ولا يضر إقامتها البينة، لإمكان سبق العقد على الأولى، وهو أحوط،
فتقدم بينته معها * (إلا أن يكون مع) * بينة * (المرأة) * المدعية * (ترجيح) *
على بينة الرجل * (من دخول أو سبق (1) تأريخ) * فيحكم لها حينئذ مطلقا،
كما في ظاهر الخبر (2).
وربما يشترط في المرجح الأول حلفها على نفي العلم بما ادعى،
لاحتمال تقدم العقد على الأولى، ولتعارض البينتين في أنفسهما بالنظر إلى
المرأتين وإن كانت مدعية خاصة، والدخول غايته رفع مرجح بينته، فيبقى
التعارض إلى أن تحلف.
وليس في ذلك خروج عن النص، إذ غايته ترجيح البينة، وهو لا ينافي
إيجاب اليمين، وهو كالسابق وإن خالف ظاهر الخبر إلا أنه أحوط.

(1) في المتن المطبوع: تقديم.
(2) الوسائل 14: 225، الباب 22 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد الحديث 1.
48

* (ولو عقد على امرأة وادعى آخر زوجيتها لم يلتفت إلى دعواه إلا
مع البينة) * فتقبل دعواه حينئذ لا مطلقا بلا خلاف، للنصوص.
منها الحسن: أن أخي مات وتزوجت امرأته فجاء عمي فادعى أنه كان
تزوجها سرا فسألتها عن ذلك فأنكرت أشد الإنكار فقالت: ما كان بيني
وبينه شئ قط، فقال: يلزمك إقرارها ويلزمه إنكارها (1).
والخبر: عن رجل تزوج امرأة في بلد من البلدان فسألها ألك زوج؟
فقالت: لا، فتزوجها، ثم إن رجلا أتاه فقال: هي امرأتي فأنكرت المرأة ذلك
ما يلزم الزوج؟ فقال: هي امرأته، إلا أن يقيم البينة (2).
وأما الموثق (3) الناهي عن القرب منها إن كان المدعي ثقة فشاذ، فحمله
على الاستحباب متعين.
ثم إن مقتضى الأصل - كإطلاق العبارة والنصوص الماضية - انقطاع
الدعوى بعدم البينة مطلقا ولو لم تحلف المرأة، ولا خلاف فيه، بالإضافة إلى
نفي الزوجية للمدعي، وأما بالإضافة إلى ما يترتب عليه فكذلك، لما مر من
الأصل، وإطلاق النص.
خلافا لجماعة (4)، فأوجبوا اليمين عليها بالإضافة إلى هذا، تمسكا
بعموم اليمين على من أنكر (5)، فيخص به الأصل، وإطلاق ما مر.
وفيه نظر، لعدم عموم فيه يشمل ما نحن فيه، نظرا إلى أن المتبادر منه
لزوم الحلف لقطع أصل الدعوى لا لوازمه.
والعمدة في التعدية هو الإجماع، وليس لظهور إطلاق عبائر الأكثر فيما
مر. ولكن الأحوط اليمين.

(1) الوسائل 14: 226، الباب 23 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد الحديث 1 و 3 و 2.
(2) الوسائل 14: 226، الباب 23 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد الحديث 1 و 3 و 2.
(3) الوسائل 14: 226، الباب 23 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد الحديث 1 و 3 و 2.
(4) نقله عنهم الشهيد في المسالك 7: 111.
(5) الوسائل 18: 215، الباب 25 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى الحديث 3.
49

ثم ظاهر الحصر في العبارة انحصار انقطاع الدعوى بالبينة، فلا يتحقق
بإقرار المرأة، وبه صرح جماعة، ولعل الوجه فيه - مع خلو النصوص
الماضية عنه - الأصل، وأنه إقرار في حق الغير، فلا يسمع.
* (الرابعة) *: يشترط تعيين الزوج والزوجة بالاسم أو الإشارة أو
الوصف القاطع للشركة إجماعا، للأصل، ولزوم الضرر والغرر بعدمه المنفيين
بالأدلة القطعية، وللصحيح الآتي في الجملة.
ويتفرع عليه ما * (لو كان لرجل عدة بنات فزوج واحدة) * منهن * (ولم
يسمها) * ولا ميزها بغيره، فإن لم يقصد معينة بطل النكاح مطلقا، كبطلانه
بقصده مع عدم قصد الزوج أو قصده الخلاف، لعدم التعيين في شئ من
ذلك، وإن قصدا معينة * (ثم اختلفا في المعقود عليها) * بعد الاتفاق على
صحة العقد المستلزم لورود الطرفين على واحدة بالبينة المتفق عليها بينهما،
فيبطل أيضا مطلقا عند الحلي (1) والمسالك (2) والروضة (3)، لعين ما ذكر في
الصورة السابقة، ويصح على الأظهر، وفاقا للأكثر، كما في المسالك (4) ومنهم
النهاية (5) والقاضي (6) والفاضلان (7) واللمعة (8) وغيرهم، لكن بشرط يأتي
ذكره لا مطلقا.
* (فالقول قول الأب، وعليه أن يسلم إليه التي قصدها في العقد إن كان
الزوج رآهن) * هذا شرط للتقديم لا وجوب التسليم، وهو المراد بما وعدناه.
* (وإن لم يكن رآهن فالعقد باطل) * كما في الصحيح (9)، وعليه العمل،

(1) السرائر 2: 573.
(2) المسالك 7: 105.
(3) الروضة 5: 113.
(4) المسالك 7: 104.
(5) النهاية 2: 318.
(6) المهذب 2: 196.
(7) الشرائع 2: 274 و 275، والقواعد 2: 4 س 19.
(8) اللمعة: 109.
(9) الوسائل 14: 222، الباب 15 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد الحديث 1.
50

لصحة سنده، مع عمل الأكثر بمضمونه، فيخصص به القاعدة، لمخالفته لها،
بدلالته على صحة العقد مع عدم التسمية مع الرؤية، وعدمها مع العدم،
ومقتضاها البطلان مطلقا مع الرؤية وعدمها.
ولا يتصور الفارق بينهما، إلا ما قيل: من ظهور رضا الزوج بتعيين الأب
وتفويضه ذلك إليه مع الرؤية، وعدمه مع عدمها فيبطل (1). وهو مشكل،
لأعمية الرؤية من التفويض المدعى، كأعمية عدمها من عدمه.
ودعوى ظهورها فيه كدعوى ظهور عدمها في عدمه ممنوعة.
فالاعتذار بالتعبدية أولى من ارتكاب التوجيه في الفرق بمثل ذلك.
وللمخالفة المزبورة طرحه الحلي (2) رأسا، بناء على أصله، لكونه من
الآحاد. ولا وجه لطرحه سوى ذلك.
فمتابعة شيخنا في المسالك (3) له فيه لا وجه له، مع عدم موافقته له
على أصله.
* (وأما الآداب فقسمان) *:
* (الأول: آداب العقد) * وهي أمور:
منها: أنه * (يستحب له أن يتخير من النساء البكر) * للنصوص:
منها النبوي (صلى الله عليه وآله): تزوجوا الأبكار فإنهن أطيب شئ أفواها، وأدر شئ
أخلافا - بالفاء - وأحسن شئ أخلاقا، وأفتح شئ أرحاما (4). ولأنه
أحرى بالموافقة والايتلاف.
* (العفيفة) * فرجا وغيره، للنصوص، وحفظ النسب. قيل: ولأن الإعراض
عن الفاسقة ضرب من إنكار المنكر (5). وفيه نظر.

(1) انظر كشف اللثام 2: 13 س 25.
(2) السرائر 2: 573.
(3) المسالك 7: 106.
(4) الوسائل 14: 34، الباب 17 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(5) كشف اللثام 2: 6 س 30.
51

* (الكريمة الأصل) * الغير الناشئة هي وآباؤها وأمهاتها عن زنا وحيض
وشبهة، البعيدة هي وأبواها عن الألسن، للنصوص.
منها النبوي (صلى الله عليه وآله): تخيروا لنطفكم، ولا تضعوها في غير الأكفاء (1).
وفي آخر: إياكم وخضراء الدمن، قيل: وما خضراء الدمن؟ قال: هي
المرأة الحسناء في منبت السوء (2).
* (و) * منها: * (أن يقصد السنة) * ويراعي الأصل والعفة، و * (لا) * يقتصر
على * (الجمال والمال) * والثروة * (فربما حرمهما) * كما عن مولانا
الصادق (عليه السلام): إذا تزوج الرجل المرأة لجمالها أو مالها وكل إلى ذلك، وإذا
تزوجها لدينها رزقه الله تعالى الجمال والمال (3).
* (و) * منها أن * (يصلي) * مريد التزويج قبل تعيين المرأة * (ركعتين) *
ويحمد الله تعالى بعدهما * (ويسأل الله تعالى أن يرزقه من النساء أعفهن) *
فرجا * (وأحفظهن) * له ما عليها نفسا ومالا * (وأوسعهن رزقا وأعظمهن
بركة) * في نفسها وولدها، كما عن مولانا الصادق (عليه السلام): إذا هم بذلك فليصل
ركعتين، ويحمد الله تعالى، ويقول: اللهم إني أريد أن أتزوج فقدر لي من
النساء أعفهن فرجا، وأحفظهن لي في نفسها وفي مالي، وأوسعهن رزقا،
وأعظمهن بركة، وقدر لي منها ولدا طيبا تجعله خلفا صالحا في حياتي وبعد
موتي (4).
* (ويستحب الإشهاد والإعلان) * في العقد، ولا يجب، كما مر قريبا.

(1) الوسائل 14: 29، الباب 13 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه، الحديث 3، وفيه اختلاف
يسير.
(2) الوسائل 14: 29، الباب 13 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه، الحديث 4.
(3) المصدر السابق: 30، الباب 14 الحديث 1.
(4) المصدر السابق: 79، الباب 53 الحديث 1.
52

* (والخطبة) * بضم الخاء * (أمام العقد) * للتأسي، وأقلها الحمد لله، كما
في بعض الأخبار (1)، وأكملها الخطب المروية عنهم (عليهم السلام) وهي كثيرة.
* (وإيقاعه ليلا) * فعن مولانا الرضا (عليه السلام): من السنة التزويج بالليل، لأن
الله تعالى جعل الليل سكنا والنساء إنما هن سكن (2).
* (ويكره) * إيقاعه * (والقمر في) * برج * (العقرب) * لقول الصادق (عليه السلام):
من تزوج والقمر في العقرب لم ير الحسنى (3).
* (وأن يتزوج العقيم) * التي لم تلد، بل يستحب الولود التي من شأنها
ذلك، بعدم يأسها، ولا صغرها، ولا عقمها.
قال (عليه السلام): تزوجوا بكرا ولودا، ولا تزوجوا حسناء جميلة عاقرا، فإني
أباهي بكم الأمم يوم القيامة، حتى بالسقط يظل محبنطئا على باب الجنة،
فيقول الله عز وجل: ادخل الجنة فيقول: لا حتى يدخل أبواي قبلي، فيقول
الله تبارك وتعالى لملك من الملائكة: ائتني بأبويه فيأمر بهما إلى الجنة،
فيقول: هذا بفضل رحمتي لك (4).
* (القسم الثاني: في آداب الخلوة) * والدخول بالمرأة
وهي أيضا أمور أشار إليها بقوله: * (يستحب صلاة ركعتين إذا أراد
الدخول، والدعاء) * بعدهما بعد أن يحمد الله تعالى ويصلي على النبي (صلى الله عليه وآله)،
بقوله: اللهم ارزقني ألفها وودها ورضاها وارضني بها، واجمع بيننا بأحسن
اجتماع وآنس ائتلاف فإنك تحب الحلال وتكره الحرام، أو غيره من الدعاء.

(1) المصدر السابق: 66، الباب 41 الحديث 2.
(2) المصدر السابق: 62، الباب 37 الحديث 3.
(3) الوسائل 14: 80، الباب 54 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(4) الوسائل 14: 3 و 33 و 34، الباب 1 و 16 و 17 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث
2، 1، 2، 1.
53

* (وأن يأمرها بمثل ذلك عند الانتقال) * فتصلي ركعتين بعد الطهارة
وتدعو الله تعالى بمعنى ما دعى. كل ذلك للصحيح (1).
* (وأن يجعل يده على ناصيتها) * وهي ما بين النزعتين من مقدم الرأس
عند دخولها عليه، مستقبل القبلة * (ويكونا على طهر، ويقول: اللهم على
كتابك تزوجتها... إلى آخر الدعاء) * وفي أمانتك أخذتها، وبكلماتك
استحللت فرجها، فإن قضيت لي في رحمها شيئا فاجعله مسلما سويا، ولا
تجعله شرك الشيطان، كما في الخبر (2)، وقريب منه الحسن (3) وغيره (4).
* (وأن يكون الدخول ليلا) * وقد تقدم من الأخبار ما يدل عليه.
وفي الخبر: زفوا عرائسكم ليلا، وأطعموا ضحى (5).
ويناسبه الحياء، فيستحب إضافة الستر المكاني والقولي إلى الستر
الزماني، لإشعار النبويين (6) بذلك.
* (و) * أن * (يسمي عند الجماع) * ويتعوذ بالله من الشيطان، كما في
المعتبر (7)، بل الصحيح على الصحيح.
وأفضلها ما في المرتضوي: إذا جامع أحدكم فليقل: " بسم الله وبالله اللهم
جنبني الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتني " قال: فإن قضى الله تعالى بينهما
ولدا لا يضره الشيطان بشئ أبدا (8).

(1) التهذيب 7: 409، الحديث 1636.
(2) الوسائل 14: 79، الباب 53 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(3) المصدر السابق 14: 81، باب 55 الحديث 2.
(4) نفس المصدر: ذيل الحديث 2.
(5) الوسائل 14: 62، الباب 37 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2.
(6) سنن أبي داود 4: 268، الحديث 4870، وسنن البيهقي 7: 194.
(7) الوسائل 14: 96، الباب 68 من أبواب مقدمات النكاح الحديث 1.
(8) المصدر السابق: الحديث 3.
54

* (وأن يسأل الله تعالى أن يرزقه ولدا ذكرا) * فعن مولانا الباقر (عليه السلام)
إذا أردت الجماع فقل: اللهم ارزقني ولدا واجعله تقيا زكيا ليس في خلقته
زيادة ولا نقصان، واجعل عاقبته إلى خير (1).
* (ويكره الجماع ليلة الخسوف ويوم الكسوف) * للصحيح: يكره في
الليلة التي ينكسف فيها القمر، واليوم الذي تنكسف فيه الشمس، وفيما بين
غروب الشمس إلى مغيب الشفق، ومن طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وفي
الريح السوداء والصفراء والزلزلة، ولقد بات رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند بعض نسائه
فانكسف القمر في تلك الليلة فلم يكن منه فيها شئ، فقالت له زوجته:
يا رسول الله بأبي أنت وأمي كل هذا البغض؟ فقال: ويحك! هذا الحادث من
السماء فكرهت أن أتلذذ فأدخل في شئ وقد عير الله أقواما، فقال عز
وجل: " وإن يروا كسفا من السماء ساقطا يقولوا سحاب مركوم "، وأيم الله لا
يجامع في هذه الساعات التي وصفت فيرزق من جماعه ولدا، وقد سمع
بهذا الحديث فيرى ما يحب (2).
* (وعند الزوال) * كما في وصية النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام)، معللا فيها بأنه إن
قضي بينكما ولد في ذلك الوقت يكون أحول، والشيطان يفرح بالحول في
الانسان (3)، إلا زوال يوم الخميس، كما فيها، فقال (عليه السلام): وإن جامعتها يوم
الخميس عند زوال الشمس عند كبد السماء فقضي بينكما ولد فإن الشيطان
لا يقربه حتى يشيب، ويكون قيما، ويرزقه الله تعالى السلامة في الدين
والدنيا (4)، رواه الصدوق في الفقيه في نوادر النكاح (5).

(1) الوسائل 14: 82، الباب 55 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 5.
(2) المصدر السابق: 89، الباب 62، الحديث 2.
(3) المصدر السابق: 187، الباب 149، الحديث 1.
(4) المصدر السابق 14: 190، الباب 151 الحديث 1.
(5) الفقيه 3: 552 - 554.
55

* (وعند الغروب حتى يذهب الشفق) * للصحيح المتقدم.
* (وفي المحاق) * وهو الثلاثة أيام من آخر الشهر، للخبر: من أتى أهله في
محاق الشهر فليسلم بسقط الولد (1) وتتأكد الكراهة في الليلة الأخيرة منه،
للنهي عنه بخصوصه في بعض الأخبار (2).
* (وبعد الفجر حتى تطلع الشمس) * للصحيح المتقدم * (وفي أول ليلة
من كل شهر إلا شهر رمضان وفي ليلة النصف) * منه * (وآخره) * عطف
على الأول، لا على المستثنى.
ففي الوصية: يا علي، لا تجامع امرأتك في أول الشهر ووسطه وآخره،
فإن الجنون والجذام والخبل يسرع إليها وإلى ولدها (3).
وعن مولانا الصادق (عليه السلام): يكره للرجل أن يجامع في أول ليلة من الشهر
وفي وسطه وآخره، فإنه من فعل ذلك خرج الولد مجنونا، ألا ترى أن
المجنون أكثر ما يصرع في أول الشهر ووسطه وآخره (4).
وروى الصدوق عن علي (عليه السلام) قال: يستحب للرجل أن يأتي أهله أول
ليلة من شهر رمضان، لقول الله عز وجل: " أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى
نسائكم " (5).
* (وفي السفر إذا لم يكن معه ماء للغسل) * للنهي عنه عن مولانا
الكاظم (عليه السلام) في الموثق (6)، مستثنيا منه خوفه على نفسه.

(1) الوسائل 14: 80، الباب 54 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 3.
(2) الوسائل 14: 91، الباب 64 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 3.
(3) الوسائل 14: 91، الباب 64 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 5.
(4) الوسائل 14: 91، الباب 64 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 6.
(5) الفقيه 3: 473، الحديث 4653.
(6) الوسائل 2: 998، الباب 27 من أبواب التيمم الحديث 1.
56

* (وعند الزلزلة والريح الصفراء والسوداء) * للصحيح المتقدم (1). وتعليل
الكراهة في الخوف فيه مشعر بها في كل آية، كما عن سلار (2) وابن سعيد (3).
* (ومستقبل القبلة ومستدبرها) * للنهي عنه في الرواية (4)، ولضعفها
بجهالة راويها مع معارضة الأصل لها حملت على الكراهة.
فالقول بالحرمة - كما عن بعض (5) - فيه ما فيه. وقيل: خوفا من فقر
الولد (6).
* (وفي السفينة) * للنهي عنه في الرواية (7). وقيل: إن النطفة لا يستقر
فيها (8).
* (وعاريا) * للنهي عنه فيها (9).
* (وعقيب الاحتلام قبل الغسل أو الوضوء) * للنبوي: يكره أن يغشي
الرجل المرأة إن احتلم حتى يغتسل من احتلامه الذي رأى، فإن فعل ذلك
وخرج الولد مجنونا فلا يلومن إلا نفسه (10).
وليس فيها الاجتزاء بالوضوء عن الغسل في رفع الكراهة، كما هنا وفي
القواعد (11) واللمعة (12) وعن النهاية (13) والمهذب (14) والوسيلة (15).

(1) الوسائل 14: 88، الباب 62 من أبواب النكاح الحديث 1.
(2) المراسم: 151.
(3) الجامع للشرائع: 453.
(4) الوسائل 14: 84، الباب 58 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2.
(5) منهم الفاضل في كشف اللثام 1: 21 س 13، ج 1: 215 (ط - مؤسسة النشر الإسلامي).
(6) نقله الفاضل في كشف اللثام 2: 8 س 22.
(7) الوسائل 14: 98، الباب 69 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2.
(8) نقله الفاضل في كشف اللثام 2: 8 س 22.
(9) المصدر السابق: 84، الباب 58 الحديث 2.
(10) المصدر السابق: 99، الباب 70 الحديث 1.
(11) القواعد 2: 2 س 12.
(12) اللمعة: 108.
(13) النهاية 2: 353.
(14) المهذب 2: 222.
(15) الوسيلة: 314.
57

ودليله غير واضح، ولذا اقتصر الحلي على الغسل (1). وهو أحوط، وقيده
ابن سعيد بتعذر الغسل (2).
ولا يكره معاودة الجماع بغير غسل، للأصل، وفعل النبي (صلى الله عليه وآله) (3). مع
اختصاص الرواية والفتوى بالاحتلام، والقياس حرام.
ولا ينافيه ما عن الرسالة الذهبية المنسوبة إلى مولانا الرضا (عليه السلام) الجماع
بعد الجماع من غير فصل بينهما بغسل تورث الولد الجنون (4)، لاحتمال فتح
الغين دون ضمها، فغايته استحباب غسل الفرج، ونفى عنه الخلاف في
المبسوط، لكن مع ضم وضوء الصلاة (5).
وروى الوشا الوضوء عن الرضا (عليه السلام) (6) كابن أبي نجران مرسلا عن
الصادق (عليه السلام): في الجارية يأتيها ثم يريد إتيان أخرى (7).
هذا، والمسامحة في أدلة الكراهة يقتضي الاكتفاء في الإلحاق بالاحتلام
بمجرد احتمال الضم، مضافا إلى كونه الظاهر. فتأمل.
* (و) * يكره أيضا * (الجماع وعنده من ينظر إليه) * بحيث لا ينظر إلى
عورته، وإلا فيحرم.
قال النبي (صلى الله عليه وآله): والذي نفسي بيده لو أن رجلا غشي امرأته وفي البيت
مستيقظ يراهما ويسمع كلامهما ونفسهما ما أفلح أبدا، إن كان غلاما كان
زانيا، وإن كانت جارية كانت زانية (8).
وعن مولانا الصادق (عليه السلام) قال: لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته

(1) السرائر 2: 606.
(2) الجامع للشرائع: 453.
(3) سنن البيهقي 7: 191 - 192.
(4) الرسالة الذهبية: 28.
(5) المبسوط 4: 243.
(6) الوسائل 1: 385 - 386، الباب 13 من أبواب الوضوء الحديث 2.
(7) التهذيب 7: 459، الحديث 1837.
(8) الوسائل 14: 94، الباب 67 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2.
58

وفي البيت صبي، فإن ذلك مما يورث الزنا (1).
وإطلاقهما - كإطلاق كلام أكثر الأصحاب - يقتضي عدم الفرق بين
المميز وغيره، مع ما عن بعض الكتب عن الصادق (عليه السلام): نهى أن توطأ المرأة
والصبي في المهد ينظر إليهما (2). فالتخصيص بالمميز لا وجه له.
نعم عن النعمان بن علي بن جابر عن الباقر (عليه السلام): إياك والجماع حيث
يراك صبي يحسن أن يصف حالك، قال قلت: يا بن رسول الله! كراهة
الشنعة؟ قال: لا، فإنك إن رزقت ولدا كان شهرة وعلما في الفسق
والفجور (3).
فيمكن أن يراد بالتميز ما تضمنه الخبر، ولكن الإطلاق أولى.
* (والنظر إلى فرج المرأة) * مطلقا، لإطلاق النهي عنه في وصية
النبي (صلى الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام) (4).
وحال الجماع أشد كراهة، لإيراثه العمى، كما في الموثق (5).
وإلى الباطن أقوى، لوروده في بعض الأخبار (6).
وضعف الجميع والتصريح لنفي البأس في الموثق المزبور كغيره -
المعتضد بالأصل والشهرة العظيمة، التي كادت تكون إجماعا في الحقيقة،
كما صرح به في الخلاف (7) - أوجب الجواز، لكن مع الكراهة، للمسامحة.

(1) الوسائل 14: 94، الباب 67 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(2) المستدرك 14: 228، الباب 51 من أبواب مقدمات النكاح الحديث 1، وفيه: عن آبائه (عليهم السلام).
(3) الوسائل 14: 95، الباب 67 من أبواب مقدمات النكاح الحديث 8، وفيه عن النعمان بن
يعلى عن جابر....
(4) الوسائل 14: 86، الباب 59 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 7.
(5) المصدر السابق: 85، الباب 59 الحديث 3.
(6) المصدر السابق: 87، الباب 60 الحديث 4.
(7) الخلاف 4: 249، المسألة 4.
59

فظهر ضعف قول ابن حمزة (1) بالحرمة.
* (والكلام بغير ذكر الله تعالى عند الجماع) * فعن مولانا الصادق (عليه السلام):
اتقوا الكلام عند ملتقى الختانين فإنه يورث الخرس (2)، ومن الرجل مع
كثرته آكد.
ففي وصية النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي لا تتكلم عند الجماع كثيرا، فإنه إن قضي
بينكما ولد لا يؤمن أن يكون أخرس (3).
وتعليل المنع بذلك - كالتعليلات السابقة - يشعر باختصاصه بصورة
احتمال تكون الولد لا مطلقا، فلا كراهة في الحامل واليائسة، إلا أن متابعة
الأصحاب أولى، للمسامحة في أدلة الكراهة.
* (مسائل) * سبع
* (الأولى: يجوز النظر إلى وجه امرأة يريد نكاحها وكفيها) *
وظاهرهما وباطنهما من رؤوس الأصابع إلى المعصم مرة أو مرارا وإن لم
يستأذنها بالإجماع، والنصوص المستفيضة:
كالحسن أو الصحيح: لا بأس بأن ينظر إلى وجهها ومعاصمها إذا أراد أن
يتزوجها (4).
والصحيح: لا بأس بأن ينظر الرجل إلى المرأة إذا أراد أن يتزوجها ينظر
إلى خلفها وإلى وجهها (5).
وفي الحسن: عن الرجل يريد أن يتزوج أينظر إليها؟ قال: نعم إنما
يشتريها بأغلى الثمن (6).
ونحوه الموثق المروي في العلل: الرجل يريد أن يتزوج المرأة يجوز له

(1) الوسيلة: 314.
(2) الوسائل 14: 86، الباب 60 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1 و 3.
(3) الوسائل 14: 86، الباب 60 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1 و 3.
(4) الوسائل 14: 59، الباب 36 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2 و 3 و 1.
(5) الوسائل 14: 59، الباب 36 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2 و 3 و 1.
(6) الوسائل 14: 59، الباب 36 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2 و 3 و 1.
60

أن ينظر إليها، قال: نعم، وترقق له الثياب يريد أن يشتريها بأغلى الثمن (1).
ويشترط العلم بصلاحيتها بخلوها عن البعل، والعدة، والتحريم، وتجويز
إجابتها، ومباشرة المريد بنفسه، فلا تجوز الاستنابة فيه وإن كان أعمى.
فلا ينافيه إطلاق النصوص، حملا له على المتبادر منه، واقتصارا فيما
خالف الأصل على المتيقن.
ومنه يظهر اشتراط الاستفادة بالنظر بما لا يعرف قبله، كما عن بعض
الأصحاب (2)، فرده بالإطلاق (3) غير جيد، إلا إذا نسي ما استفاده، أو احتمل
تغيرها قبله.
وفي اشتراط عدم الريبة والتلذذ نظر، أقربه العدم، إلا مع خوف الفتنة
قبل العقد، وفاقا للتذكرة (4)، عملا بالإطلاق، مع عدم الصارف عنه.
والرواية الآتية المشترطة له لضعفها متروكة، مع أنها فيما عدا مفروض
المسألة خاصة.
وليس في النصوص غير نفي البأس فلا وجه للاستحباب، كما في
اللمعة (5).
وعلى تقدير تضمنها الأمر أو ورود رواية به فدلالتها على الاستحباب
غير واضحة، لورودها في مقام توهم الحظر، ولا يفيد سوى الإباحة، كما
برهن في محله. ولكن لا بأس به، بناء على المسامحة في أدلة الندب
والكراهة.
وهذه النصوص مع كثرتها مختصة بالرجل، وإلحاق المرأة به قياس،

(1) علل الشرائع: 500 ب 260.
(2) نقله عن بعض الأصحاب في نهاية المرام 1: 52.
(3) نهاية المرام 1: 52.
(4) التذكرة 2: 573 س 3، وفيها: سواء خاف الفتنة أم لا.
(5) لم نعثر عليه في اللمعة ولعل مقصوده شرح اللمعة لوجوده فيها، الروضة 5: 97.
61

والأولوية ممنوعة، والعلة المدعاة مستنبطة، والمنصوصة بالرجل مختصة،
بل الحكمة تقتضي العدم، لاحتمال ابتلائها به ولا يمكنها التزويج بعدم
رغبته فيها فمراعاة الأصل لازمة.
ثم إن المشهور اختصاص الجواز بالموضعين * (و) * لكن * (في رواية) *
مرسلة: عن الرجل ينظر إلى المرأة يريد تزويجها فينظر * (إلى شعرها
ومحاسنها) * قال: لا بأس بذلك إذا لم يكن متلذذا (1)، ومثلها الموثق في
المحاسن خاصة (2)، والضعيفة بجهالة الراوي في الشعر خاصة (3).
والعمل بمضمونها متجه، وفاقا للمشائخ الثلاثة (4)، ولا سيما القديمين
وجمع من الأصحاب، لا لها، للضعف بالإرسال وغيره، بل لعدم دليل على
المنع يشمل المقام، لفقد الإجماع مع الخلاف، وانصراف المطلق من أدلته إلى
غيره بناء على عدم تبادره.
فالأصل الإباحة، مضافا إلى إشعار تعليله الوارد في الأخبار من خوف
الوقوع في الفتنة وأنه سهم من سهام إبليس بعدم العموم لمثله، وللموثق
المتقدم وإن اختص بالمحاسن.
وإلحاق الشعر بها، إما بناء على عموم المحاسن لتفسيرها بمواضع الزينة
أو ما خلا العورة والشعر منها بالبديهة، وإما بعدم القائل بالفرق، مضافا إلى
الصحيح فيه المروي في الفقيه (5)، مع تأيدهما بالضعيفين، وإطلاق الحسن
المتقدم، والموثق بعده، مع عموم التعليل المنصوص المبيح للنظر في
الموضعين، واعتضادهما بخصوص ما دل على الوجه والكفين، بناء على

(1) الوسائل 14: 59، الباب 36 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 5.
(2) الوسائل 14: 59، الباب 36 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 8 و 7.
(3) الوسائل 14: 59، الباب 36 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 8 و 7.
(4) انظر المقنعة: 520، والنهاية 2: 355، ولم نعثر عليه في كتب السيد المرتضى.
(5) الفقيه 3: 412، الحديث 4439.
62

ندرة تحققها، ولا سيما الأول بدون المحاسن والشعر.
ولزوم الاقتصار عليهما طرح البحث - كالأخبار - من أصله، إلا في
صورة نادرة لا يمكن حمل الإطلاق عليها، إلا أن مراعاة المشهور
والاحتياط أولى.
* (وكذا) * يجوز النظر * (إلى) * وجه * (أمة يريد شراءها) * وكفيها
اتفاقا، كما حكاه جماعة، للمستفيضة المنجبر ضعفها بالشهرة:
منها: عن الرجل يعترض الأمة ليشتريها، قال: لا بأس أن ينظر إلى
محاسنها ويمسها ما لم ينظر إلى ما لا ينبغي النظر إليه (1).
وفيه الدلالة على جوازه في الشعر والمحاسن بل ما عدا العورة، كما عن
التذكرة (2) له وللحاجة وتضمن التعريض للبيع الإذن فيه.
وفيه نظر، لضعف الخبر، وعدم جابر له في محل البحث، مع طرو
الإجمال له بالاستثناء، بناء على إجمال المستثنى، واحتماله ما عدا الوجه
والكفين، وعدم تعينه للعورة. فتأمل.
ويندفع الحاجة بالرد بالعيب أو بالخيار، والإذن في ضمن التعريض غير
معلوم، ولا كلام معه، ولعله لذا اقتصر المفيد على الوجه والشعر (3) والشيخ
ظاهرا عليهما وعلى اليدين (4)، وهو المحكي عن ظاهر التحرير (5).
نعم في المسالك دعوى الوفاق في الشعر والمحاسن (6). وهو الحجة
فيهما، مع ما مر من جواز النظر إليهما في الزوجة فهاهنا بطريق أولى.
والاقتصار عليهما مع الوجه والكفين أولى وإن كان ما في التذكرة من

(1) الوسائل 13: 47، الباب 20 من أبواب بيع الحيوان الحديث 1.
(2) التذكرة 2: 573 س 16.
(3) المقنعة: 520.
(4) النهاية 2: 355.
(5) التحرير 2: 3 س 17.
(6) المسالك 7: 42.
63

إباحة النظر إلى ما عدا العورة ليس بذلك البعيد، لا لما مر، بل للأصل، مع
انتفاء المخرج عنه، لفقد الإجماع، وانصراف إطلاق أخبار المنع إلى ما
عداهن، أو إليهن في غير محل البحث، بل المستفاد من بعض الأخبار الجواز
مطلقا مع الكراهة.
منها: لا أحب للرجل أن يقلب جارية إلا جارية يريد شرائها (1).
وفي آخر: إني أعترض جواري المدينة فأمذيت، فقال: أما لمن تريد
الشراء فلا بأس، وأما لمن لا تريد أن تشتري فإني أكرهه (2).
ويؤيد ما اختاره في المقام الخبر المروي في قرب الإسناد: أن عليا (عليه السلام)
كان إذا أراد أن يشتري الجارية يكشف عن ساقيها فينظر إليها (3).
* (و) * كذا يجوز النظر * (إلى أهل الذمة) * وشعورهن على الأشهر
الأظهر، للأصل، مع فقد الصارف عنه من إجماع وغيره، وخصوص الخبر،
بل الصحيح أو القوي: لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهن
وأيديهن (4)، ومثله الآخر: لا بأس بالنظر إلى أهل تهامة والأعراب وأهل
البوادي من أهل الذمة والعلوج، لأنهن لا ينتهين إذا نهين (5).
وضعفه كالأول لو كان منجبر بالأصل والشهرة.
خلافا للحلي (6) والمختلف (7)، لإطلاق الآية: " قل للمؤمنين يغضوا
من أبصارهم " (8).

(1) الوسائل 13: 48، الباب 20 من أبواب بيع الحيوان الحديث 3.
(2) الوسائل 13: 48، الباب 20 من أبواب بيع الحيوان الحديث 2.
(3) قرب الإسناد: 49.
(4) الوسائل 14: 149، الباب 112 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(5) المصدر السابق: 149، الباب 113 الحديث 1.
(6) السرائر 2: 610.
(7) المختلف 7: 93.
(8) النور: 30.
64

قلت: بل هي مجملة، وعلى تقدير الاطلاق فهو مقيد بما تقدم، والحسن
المتضمن: * (لأنهن) * مماليك الإمام (1)، فيكن * (بمنزلة الإماء) * اللآتي
يجوز النظر إليهن وإلى شعورهن مطلقا في المشهور، كما حكي، للروايات
المتقدمة، وضعفها بالشهرة المحكية مع أصالة الإباحة منجبرة.
ولا يخفى عليك منافاة هذا التعليل المقتضي لجواز النظر إليهن على
العموم تقييده سابقا بإرادة الشراء، ولا بد في دفعها من تكلف.
وكيف كان، فالأقوى الجواز مطلقا * (ما لم يكن لتلذذ) * ولا ريبة،
ومعهما فلا، حسما لمادة الفساد، وحذرا من وقوع النفس في التهلكة.
* (و) * يجوز أن * (ينظر) * الرجل والسيد * (إلى جسد زوجته) * مطلقا
وأمته الغير المزوجة من الغير مطلقا كالعكس * (باطنا وظاهرا) * إجماعا،
للأصل، وفحوى جواز الجماع، وما تقدم من الأخبار النافية للبأس عن
النظر إلى سوءة الزوجة، والمرسل كالصحيح: في الرجل ينظر إلى امرأته
وهي عريانة، قال: لا بأس بذلك، وهل اللذة إلا ذاك؟ (2).
* (وإلى محارمه) * وهن هنا اللآتي يحرم نكاحهن مؤبدا بنسب أو رضاع
أو مصاهرة فيما قطع به الأصحاب * (ما خلا العورة) * التي هنا هي الدبر
والقبل.
والحكم بذلك مع عدم التلذذ والريبة مشهور بين الأصحاب، بل قيل:
مقطوع به بينهم (3)، مشعرا بدعوى الوفاق، بل صرح به بعض الأصحاب (4).
والمستند فيه بعده الأصل السالم عما يصلح للمعارضة، والآية الكريمة:
" ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن " (5) الآية.

(1) الوسائل 14: 420، الباب 8 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 85، الباب 59 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(3) قاله في نهاية المرام 1: 55.
(4) لم نعثر عليه.
(5) النور: 31.
65

والزينة تعم الظاهرة والباطنة، ومنها الذراعان ومستور الخمار، كما في
الصحيح (1).
وفي صحيحة منصور (2) دلالة على جواز تغسيل المحارم كالزوجة -
دائمة كانت، أو منقطعة - مجردات إلا أنه يلقي على عورتهن خرقة.
والأخبار الدالة على الأمر به من وراء الثياب (3) محمول على
الاستحباب عند جماعة من الأصحاب، ويؤيده ورود مثله في الزوجة (4)،
مع كونه للاستحباب بالبديهة.
وإذا ثبت جواز النظر حال الموت فكذلك حال الحياة، لعدم الفارق، مع
ما ورد أن حرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا (5)، وفي الخبر القوي على القوي
نفي البأس عن النظر إلى شعورهن (6).
وقيل: بالمنع فيما عدا الوجه والكفين والقدمين (7)، لكونهن عورة خرج
الأمور المتفق عليها وبقي الباقي.
وفيه منع كلية الكبرى، لجواز النظر إليهن في ما عدا المتفق عليه أيضا،
كإباحة النظر إلى الأمور المسلمة، مع كونها بالإجماع من العورة، فلا تلازم
بين العورة وحرمة النظر لجميع الأشخاص بالكلية، بل تلازمها في الجملة،
ولا ينافي ذلك صدق العورة عليها، لاحتمال كونه بالنظر إلى غير المحارم.
وربما خصت الإباحة بالمحاسن خاصة، وهي مواضع الزينة، جمعا بين
الآية المتقدمة والأخرى: " قل للمؤمنين يغضوا " الآية.

(1) الوسائل 14: 145، الباب 109 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(2) الوسائل 2: 705، الباب 20 من أبواب غسل الميت الحديث 1.
(3) المصدر السابق: 705.
(4) المصدر السابق: 713، الباب 24.
(5) الوسائل 2: 759، الباب 33 من أبواب التكفين الحديث 1.
(6) الوسائل 14: 139، الباب 104 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 7.
(7) نقله عنه في التنقيح 3: 22.
66

وهو أحوط، لأخصية الآية الأولى من تمام المدعى، مع ما في الخبر
المروي في تفسير علي بن إبراهيم في تفسير الزينة في الآية المزبورة: فهو
الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكف والسوار. والزينة ثلاثة: زينة للناس،
وزينة للمحرم، وزينة للزوج، فأما زينة الناس فقد ذكرناه، وأما زينة المحرم
فموضع القلادة فما فوقها والدملج وما دونه والخلخال وما أسفل منه، وأما
زينة الزوج فالجسد كله (1)، انتهى.
وفيه دلالة - ولو بضميمة - على جواز النظر إلى الوجه والكفين من
الأجنبية مطلقا، كما هو أحد الأقوال في المسألة، استنادا إليها، مع الأصل،
والآية: " ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر "، بناء على تفسير الزينة الظاهرة بأمور
أربعة لا يمكن إرادة بعضها كالثياب، لعدم الدليل عليه، بل وقيام الدليل على
خلافه من العموم المستفاد من لفظة " ما " الموضوعة له. فلا وجه لتخصيصها
بها. فتعين إرادة البواقي.
أحدها: الكحل والخاتم والخضاب في الكف، كما قيل (2)، للخبر المتقدم
وغيره بنقص الأخير، كرواية زرارة (3). وليس في سندها من يتوقف فيه
سوى قاسم بن عروة، وقد قيل: بحسنه (4). ونحوهما خبر آخر (5)، لكن
بزيادة " المسكة " بدل " الكحل والخضاب ".
وثانيها: الوجه والكفان، وربما أشعر به الخبر المجوز لرؤيتهما (6).
وثالثها: الكف والأصابع.

(1) تفسير القمي 2: 101.
(2) نسبه إلى القيل في جوامع الجامع: 315 س 1.
(3) الوسائل 14: 146، الباب 109 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 3.
(4) راجع تنقيح المقال 2: 21، أبواب القاف: " القاسم بن عروة ".
(5) الوسائل 14: 146، الباب 109 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 4 و 5.
(6) الوسائل 14: 146، الباب 109 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 4 و 5.
67

وذكر الأولين قولا الطبرسي في جامع الجوامع، وروى الثالث
عنهم (عليهم السلام) (1).
والأخبار وإن ضعف سندها، إلا أن العرف المحكم في الألفاظ يؤيدها.
وعلى هذه التفاسير يثبت المطلوب، أما على الثاني فواضح، وكذا الأول
والثالث، لكن بعد ضم الإجماع.
ويدل عليه - مضافا إلى المتقدم - الصحيح المروي في الكفاية عن قرب الإسناد
، وفيه: عما تظهر المرأة من زينتها، قال: الوجه والكفان (2).
والمرسل: ما يحل للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن محرما؟ قال:
الوجه والكفان والقدمان (3).
والإرسال غير قادح، لاعتضاده بالأصل، وفتوى جماعة به، كالكليني (4)
والشيخ في النهاية (5) والتبيان (6) وكتابي الحديث (7)، وظاهر المسالك (8)
وسبطه في الشرح (9) وجماعة من متأخري المتأخرين مطلقا، والمحقق
الثاني (10) والمصنف في الشرائع (11) والعلامة في جملة من كتبه (12)، واللمعة (13)
والروضة (14) في الجملة، ونسبه الصيمري في شرح الشرائع إلى الأكثر (15).
فلا يقدح فيه الاشتمال على القدمين، المجمع على عدم جواز النظر

(1) جوامع الجامع: 315 س 1.
(2) كفاية الأحكام: 153، السطر الأخير.
(3) الوسائل 14: 146، الباب 109 من أبواب مقدمات النكاح الحديث 2.
(4) الكافي 5: 521، الحديث 2.
(5) الموجود في النهاية خلاف ذلك نعم في المبسوط 4: 160 " وإلى ما ليس بعورة مكروه ".
(6) التبيان 7: 429.
(7) التهذيب 1: 442، ذيل الحديث 1427، والاستبصار 1: 202، ذيل الحديث 712.
(8) المسالك 7: 42.
(9) نهاية المرام 1: 56.
(10) جامع المقاصد 12: 38.
(11) الشرائع 2: 269.
(12) القواعد 2: 3 س 2، والتحرير 2: 3 س 18.
(13) اللمعة والروضة 5: 99.
(14) اللمعة والروضة 5: 99.
(15) غاية المرام: 108 س 13 (مخطوط).
68

إليهما، وإن هو إلا كالعام المخصص، مضافا إلى عدم ذكر الشارح المزبور
لهما.
فيقوى احتمال الزيادة، والخبر - الذي لا يبعد صحته كما قيل (1) -: عن
الرجل ما يصلح له أن ينظر إليه من المرأة التي لا تحل له؟ قال: الوجه
والكفان وموضع السوار (2).
واحتمال إرادة المحرم من المرأة في السؤال بعيد، مع دلالة حصر
المحلل منها في الثلاثة على إرادة غيرها من الأجانب، للإجماع على عدم
الحصر فيها، مع أن العموم الناشئ عن ترك الاستفصال كاف في الاستدلال.
ولا يقدح في الحجية زيادة السوار، لما تقدم.
ومما ذكرنا ظهر وجه اندفاع المناقشات في هذه الأدلة، سيما مع
اعتضادها بالشهرة في الجملة الظاهرة والمحكية، وبحجة أخرى في غاية
القوة، بحيث كادت تعد من الأدلة القطعية، وهي فحاوي كثير من الأخبار
الواردة في أبواب النظر إلى النسوة، المتواترة معنى، المتضمنة لحكمه منعا
وجوازا، سؤالا وجوابا وبيانا، لدلالتها على الجواز، من حيث كون محط
الحكم فيها بطرفيه في كل من السؤال والجواب والبيان هو خصوص الشعر
واليدين والرأس والذراعين وغيرهما، وبالجملة: ما عدا الوجه والكفين، مع
أنهما أولى بالسؤال عن حكمهما، وبيانه بحسب النظر بشدة الابتلاء به
وغلبته وسهولته، من حيث عدم احتياجه إلى كشف ساتر من خمار ومقنعة،
دون الرأس والشعر، لندرة الابتلاء بالنظر إليهما وعسره، للاحتياج إلى كشف
الستور عنهما غالبا.
فالسكوت عن حكمهما مطلقا سؤالا وبيانا كاشف عن وضوح حكمهما

(1) قاله في كفاية الأحكام: 154 س 1.
(2) قرب الإسناد: 102.
69

جوازا لا عكسا، وإلا لكان حكم النظر إليهما منعا أخفى من حكم النظر إلى
الوجه والكفين كذلك جدا. وهو مخالف للبديهة قطعا، لاتفاق المسلمين
على ثبوت المنع في النظر إليهما مطلقا، وخفاؤه في النظر إلى الوجه
والكفين، بحيث ذهب الأكثر إلى حله في الجملة أو مطلقا.
ويدل على أوضحية حكم النظر منعا منه كذلك في الوجه والكفين أيضا
تجويزهم النظر إليهما لمريد التزويج المتمكن منه، واختلافهم في تجويزه
إلى الشعر، كما مضى. وليس هذا إلا لما ذكرنا، كما لا يخفى.
ولو لم يكن في المسألة دليل على الجواز غير فحاوي هذه الأخبار
لكفانا، لحصول الظن القوي - القريب من القطع - بكون الحكم فيها الجواز.
فلا ينبغي أن يرتاب فيه، وإن كان الأحوط الترك مهما أمكن، من باب
التسامح في أدلة السنن.
هذا، مضافا إلى النصوص الواردة في كتاب الحج في باب ما يجوز أن
تلبسه المحرمة من الثياب، وهي كثيرة.
منها الصحيح: مر أبو جعفر (عليه السلام) بامرأة متنقبة وهي محرمة، فقال:
أحرمي وأسفري وأرخي ثوبك من فوق رأسك، فإنك إن تنقبت لم يتغير
لونك، فقال رجل: إلى أين ترخيه؟ فقال: تغطي عينها، الحديث (1).
والصحيح: تسدل الثوب على وجهها، قلت: حد ذلك إلى أين؟ قال: إلى
طرف الأنف قدر ما تبصر (2).
والخبر - الضعيف بسهل، الذي ضعفه سهل -: مر أبو جعفر (عليه السلام) بامرأة
محرمة قد استترت بمروحة فأماط المروحة بنفسه عن وجهها (3).
والأمر بالإرخاء في الأول والسدل في الثاني للرخصة، لعدم القائل

(1) الوسائل 9: 129، الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3 و 2.
(2) الوسائل 9: 129، الباب 48 من أبواب تروك الإحرام الحديث 3 و 2.
(3) المصدر السابق: 130، الحديث 4.
70

بوجوب ستر قدر ما أمر فيهما بستره قطعا.
وهذه النصوص - سيما الأخير والأول من حيث التعليل - ظاهرة في
عدم تستر تلك النسوة بشئ آخر غير ما تسترن به، من كجاوة ونحوها.
وهذا أيضا مما يدل على ما قدمناه من أشدية حكم الشعر منعا من حكم
الوجه جدا، كما لا يخفى.
ومما ذكر ظهر وجه اندفاع المناقشات في هذه الأدلة.
والاستدلال للجواز بإطباق الناس على خروج النسوة مسافرات غير
موجه، كالاستدلال للمنع باتفاقهم من منع خروجهن غير مستترات،
لمخالفتهما الوجدان، لاختلاف الناس في الزمان، فبين من يجري على
الأول، ومن يحذو حذو الثاني. وتزيد الحجة على الثاني باحتمال استناده
إلى الغيرة، أو لاحتجاب من الناظر بشهوة، الغير الحاصل إلا به مطلقا،
ويشاركه في الضعف باقي أدلته، كعمومي: " ولا يبدين زينتهن إلا
لبعولتهن " (1) و " يغضوا من أبصارهم " (2) لتخصيصهما بما ظهر من الأدلة،
مع إجمال الثانية، مع عدم المبين لها سوى الإجماع المنحصر بيانه في القدر
المتفق عليه، ولا كلام فيه، وحديث الخثعمية (3)، إذ لا دلالة فيه عليه لو لم
يدل على الجواز.
وكذا غير ما ذكر من الأدلة، التي أجبنا عنها في رسالة مفردة في
المسألة، مضافا إلى ندرة القول بالمنع مطلقا، لعدم نقله إلا عن التذكرة (4)
وفخر الدين (5) وإن مال إليه بعض من تأخر عنهما (6). وقيل: بالجواز مرة
والحرمة ثانية (7)، لأخبار أكثرها ضعيفة السند قاصرة الدلالة، كالمعتبر منها.

(1) النور: 31.
(2) النور: 30.
(3) سنن البيهقي 7: 89.
(4) التذكرة 2: 573 س 14.
(5) الإيضاح 3: 6.
(6) غاية المرام: 108 س 15 (مخطوط).
(7) قاله في الشرائع 2: 269.
71

وقد أوضحنا جميع ذلك في الرسالة من أراد التحقيق فليرجع إليها.
نعم هو أحوط، وأحوط منه الأول.
وتتحد المرأة مع الرجل، فتمنع في محل المنع لا في غيره إجماعا.
ويشير إليه المقطوع المروي في الكافي: في الأمر لعائشة وحفصة بدخولهما
البيت بعد دخول الأعمى عليهما (1).
ويستثنى من الحكم مطلقا إجماعا محل الضرورة، والقواعد من النسوة،
والصغير غير المميز، والصغيرة، فيجوز النظر منهن مطلقا. وإليهن كذلك على
الأقوى، للأصل، مع فقد الصارف، واختصاص أدلة المنع - على تقدير ثبوتها
- بغيرهم، بمقتضى التبادر، مضافا إلى الآيتين في القواعد، والصغير بالنسبة
إلى المرأة، مع الصحاح في القواعد.
وفي جواز نظر المميز إلى المرأة إن لم يكن محل ثوران تشوق وشهوة
قولان، أحوطهما المنع، فيمنعه الولي عنه.
وفي جواز نظر المرأة إلى الخصي المملوك لها والعكس خلاف بين
الأصحاب.
ينشأ من الأصل، وعموم " أو ما ملكت أيمانهن " (2)، الشامل لمحل
النزاع، كالمستفيضة التي فيها الصحيح والموثق وغيرهما، المجوزة لرؤية
المملوك مالكته مطلقا في بعض (3)، ومخصصا بالشعر في آخر (4).
وخروج غيره منها لشبهة الإجماع غير قادح، مضافا إلى عموم
" التابعين غير أولي الإربة من الرجال " (5)، المفسر بما يشمله، وخصوص

(1) الكافي 5: 534، الحديث 2.
(2) النور: 31.
(3) الوسائل 14: 165، الباب 124 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 3 و 5 و 6.
(4) المصدر السابق: 164، الباب 124 الحديث 1 و 2.
(5) النور: 31.
72

الصحاح عن قناع الحرائر من الخصيان، قال: كانوا يدخلون على بنات أبي
الحسن (عليه السلام) ولا يتقنعن، قلت: فكانوا أحرارا؟ قال: لا، قلت: فالأحرار يتقنع
منهم؟ قال: لا (1).
ومن الاستصحاب، وما قيل: في الجواب عن الآية الأولى من اختصاص
ملك اليمين فيها بالإماء (2)، جمعا بينه وبين الأمر بغض البصر وحفظ الفرج
مطلقا.
ولا يرد دخولهن في " نسائهن " لاختصاصهن بالمسلمات، وعموم ملك
اليمين للكافرات، وللخبرين:
في أحدهما: قال: قلت: يكون للرجل الخصي يدخل على نسائه
فيناولهن الوضوء فيرى شعورهن، فقال: لا (3).
وفي الآخر: عن أم الولد هل يصلح لها أن ينظر إليها خصي مولاها وهي
تغتسل؟ قال: لا يحل ذلك (4).
وهما أرجح من الصحيح السابق، لموافقته لما عليه سلاطين العامة، كما
صرح به شيخ الطائفة (5)، فيترجحان عليه وإن صح سنده، لمقبولة عمر بن
حنظلة (6). وهذا هو الأشهر، بل عن الخلاف عليه الإجماع (7).
وهو أحوط وإن كان في تعيينه نظر، للنظر في تخصيص ملك اليمين
بالإماء من دون دليل.
ومجرد الجمع غير كاف بلا دليل عليه، مع حصوله بتقييد الثانية بالأولى،

(1) المصدر السابق: 167، الباب 125 الحديث 3 و 4 و 5.
(2) راجع الكافي 5: 529، الحديث 2، والمبسوط 4: 161.
(3) الوسائل 14: 166، الباب 125 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2 و 1.
(4) الوسائل 14: 166، الباب 125 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2 و 1.
(5) التهذيب 7: 480، ذيل الحديث 1926.
(6) الوسائل 18: 75، الباب 9 من أبواب صفات القاضي الحديث 1.
(7) الخلاف 4: 249، المسألة 5.
73

بعد تسليم إطلاقها ووضوح دلالتها. ومثله تخصيص نسائهن بالمسلمات،
مضافا إلى كونه خلاف المشهور.
والخبران مع قصور اسنادهما خارجان عن محل البحث، فلا ينفعهما
الجبر بالشهرة بالنسبة إليه، كمخالفتهما العامة، مضافا إلى معارضتهما بموافقة
الكتاب في مقامين في المستفيضة.
والشهرة في محل البحث من غير دليل غير كافية، مضافا إلى
المرجحات الأخر، كصحة السند، والاستفاضة في معاضدها، وبها تترجح
عليهما، والتساوي بعد تسليمه يوجب التساقط. فتعين المصير معه إلى
الأصل.
فالمصير إلى الجواز في غاية القوة لولا الإجماع المنقول، المعتضد
بالشهرة وإن أمكن الجواب عنه أيضا، إلا أن الأحوط والأولى المشهور.
ومثله الكلام في نظر المملوك إلى مالكته والخصي إلى غير مالكته،
إلا أن المنع في الأول أقوى منه السابق.
وليس للرجل مطلقا حتى الأعمى سماع صوت الأجنبية بتلذذ أو خوف
فتنة إجماعا، وبدونهما أيضا، كما في القواعد (1) والشرائع (2) وعن
التحرير (3) والإرشاد (4) والتلخيص (5)، للحسن وغيره: النساء عي وعورة
فاستروا العورات بالبيوت والعي بالسكوت (6). وهو معارض بالأصل ومثله،
كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يسلم على النساء ويردون عليه السلام، وكان أمير
المؤمنين (عليه السلام) يسلم على النساء، وكان يكره أن يسلم على الشابة منهن،

(1) القواعد 2: 3 س 4.
(2) الشرائع 2: 269.
(3) التحرير 2: 3 س 25.
(4) الإرشاد 2: 5.
(5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية) 38: 466.
(6) الوسائل 14: 42، الباب 24 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه 4.
74

ويقول: أتخوف أن يعجبني صوتها، فيدخل علي أكثر مما طلبت من
الأجر (1).
والأخبار المانعة عن ابتدائها بالسلام قاصرة بحسب الإسناد، فلا
تعارض الحسن المزبور، مع اعتضاده بما تواتر من سؤالهن النبي (صلى الله عليه وآله)
والأئمة (عليهم السلام) بمحضر الناس، مع عدم منعهم لهن، بل وتقريرهن على ذلك،
وما روي من خطبة سيدة النساء بمحضر من جماعة من الصحابة في نهاية
البلاغة والفصاحة، وهي الآن موجودة مروية في الكتب المعروفة، ككشف
الغمة (2)، مضافا إلى لزوم المنع منه العسر والحرج، المنفيين عقلا ونقلا، كتابا
وسنة.
فالجواز أقوى، وفاقا لمقطوع التذكرة (3)، وظاهر جماعة، كشيخنا في
المسالك (4)، ونسب إلى جدي العلامة المجلسي طاب ثراه (5).
لكن الأحوط ترك ما زاد على خمس كلمات، لنهي النبي (صلى الله عليه وآله)، المروي
في الفقيه في حديث المناهي، قال: ونهى أن تتكلم المرأة عند غير زوجها
أو غير ذي محرم منها أكثر من خمس كلمات مما لا بد لها منه (6).
وضعف السند مع الاشتمال على كثير من النواهي المستعملة في الكراهة
يوهن حمل النهي فيه على الحرمة، مضافا إلى مخالفته لما عليه الأمة من
جواز سماع صوتهن مطلقا ولو زائدا على المقدار المذكور مع الضرورة،
فمنعها عما زاد معها مخالف للبديهة. ولعل جميع ذلك أمارة الكراهة.
وأحوط منه الترك بالمرة، إلا أن تدعو إليه حاجة، أو ضرورة.

(1) المصدر السابق: 173، الباب 131 الحديث 3.
(2) كشف الغمة 1: 480.
(3) التذكرة 2: 573 س 40.
(4) المسالك 7: 56.
(5) روضة المتقين 9: 340.
(6) الفقيه 4: 6، الحديث 4968.
75

* (الثانية) *: في * (الوطء في الدبر) * مطلقا لزوجة كان أو أمة خلاف
بين الأصحاب و * (فيه روايتان، أشهرهما) * بل المجمع عليه، كما في
التذكرة (1) وعن الانتصار (2) والخلاف (3) والغنية (4) والسرائر (5) * (الجواز
على الكراهية) * وهي مستفيضة من الطرفين، وفيها من طرقنا الصحيح
وكالصحيح والموثقان وغيرها من الروايات.
ففي الأول: الرجل يأتي امرأته في دبرها، قال: ذلك له، قال: قلت: فأنت
تفعل ذلك؟ قال: أنا لا أفعل (6).
وفي الثاني عن رجل يأتي أهله من خلفها، قال: هو أحد المأتيين فيه
الغسل (7).
وفي الثالث: في أحدهما: عن الرجل يأتي المرأة في دبرها، قال: لا بأس
به (8).
وهي مع ذلك معتضدة بالأصل، والإجماعات المنقولة، والمخالفة لما
عليه جميع العامة إلا مالكا (9)، والعمومات، منها " نساؤكم حرث لكم فأتوا
حرثكم أنى شئتم " (10)، بناء على كون الظرف بمعنى من أين، كما قيل (11)،
فيعم المقام.
ولا ينافيه الصحاح الدالة على وروده ردا على اليهود القائلين إن الرجل
إذا أتى أهله من خلفها خرج ولده أحول (12)، لعدم المنافاة. بينه وبين ثبوت

(1) التذكرة 2: 576 س 34.
(2) الإنتصار: 293، المسألة 166.
(3) الخلاف 4: 336، المسألة 117.
(4) الغنية: 361.
(5) السرائر 2: 606.
(6) الوسائل 14: 103، الباب 73 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1 و 7.
(7) الوسائل 14: 103، الباب 73 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1 و 7.
(8) المصدر السابق: 103، الحديث 5، والآخر الحديث 6.
(9) الحاوي الكبير 9: 317.
(10) البقرة: 223.
(11) قاله الشهيد في المسالك 7: 60.
(12) الوسائل 14: 100، الباب 72 من أبواب مقدمات النكاح الحديث 1.
76

الحكم على العموم، مع إشعار سياقه بكون المنع للتقية. فتأمل.
مضافا إلى أنه استدل به للجواز في المضمار في بعض الأخبار، المنجبر
ضعفه بالشهرة بين الأخبار، وفيه: عن الرجل يأتي المرأة في دبرها، قال:
لا بأس إذا رضيت، قلت: فأين قول الله تعالى " فأتوهن من حيث أمركم الله "،
فقال: هذا في طلب الولد فاطلبوا الولد من حيث أمركم الله إن الله تعالى
يقول: " نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم " (1).
ومنه يظهر فساد الاستدلال للمنع بالآيتين، مع ضعفه من وجوه أخر.
فتأمل.
وربما أيد الجواز بقوله سبحانه: " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم " (2)، فإنهم
كانوا يشتهون الأدبار.
وهو حسن، لأصالة البقاء، وإشعار بعض المعتبرة المنجبرة بالشهرة: عن
إتيان الرجل من خلفها، فقال: أحلتها آية من كتاب الله تعالى قول لوط على
نبينا وآله وعليه السلام: " هؤلاء بناتي هن أطهر لكم "، وقد علم أنهم
لا يريدون الفرج (3).
فالقول بالجواز قوي مع الكراهة الشديدة، لإشعار الصحيح المتقدم، مع
التصريح بها في المرفوع: عن إتيان النساء في أعجازهن، فقال: ليس به
بأس، وما أحب أن تفعله (4).
وعليها يحمل ما في الخبر " محاش النساء على أمتي حرام " (5)، وكذا
الآخر الناهي عنه (6)، لضعفهما، وموافقتهما للتقية، لما عرفت، وبه يشعر بعض

(1) الوسائل 14: 103، الباب 73 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2.
(2) هود: 78.
(3) الوسائل 14: 103، الباب 73 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 3.
(4) الوسائل 14: 103، الباب 73 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 3.
(5) المصدر السابق: 101، الباب 72 الحديث 2.
(6) الوسائل 14: 101، الباب 72 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 5.
77

المعتبرة، كالموثق: أخبرني من سأله عن الرجل يأتي المرأة في ذلك الموضع
وفي البيت جماعة، فقال لي: ورفع صوته: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) من كلف
مملوكه ما لا يطيق فليبعه ثم نظر في وجوه أهل البيت ثم أصغى إلي فقال:
لا بأس به (1).
فالقول بالتحريم، كما عن القميين (2) وابن حمزة (3) وجماعة ضعيف جدا.
* (الثالثة) *: اختلف الأصحاب في جواز * (العزل) * وإفراغ المني
خارج الفرج بعد المجامعة * (عن الحرة بغير إذنها) * ولو بالشرط حال العقد
اختيارا، بعد اتفاقهم عليه في الأمة مطلقا، والحرة مع الإذن مطلقا أو
الاضطرار، للأصل، وفحوى الصحاح الآتية.
ف‍ * (قيل) *: هو * (محرم) * وهو المحكي عن المبسوط (4) والخلاف (5)
وظاهر المقنعة (6)، مدعيا الشيخ عليه الوفاق في الثاني (7)، كما قيل، للنبويين
العاميين.
في أحدهما: أنه (صلى الله عليه وآله) نهى أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها (8).
وعدم حصول الحكمة في النكاح من الاستيلاد معه غالبا.
وضعفه ظاهر، لوهن الإجماع بمصير المعظم إلى الخلاف، مع أنه صحيح
لا يقاوم الصحاح.
هذا، مع أن ظاهر عبارته المحكية في المختلف في كتاب الديات أن
دعوى الإجماع المزبور إنما هو على استحباب تركه لا تحريمه (9).

(1) الوسائل 14: 101، الباب 72 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 4.
(2) لم نعثر عليه نقله عنهم في التنقيح 3: 23.
(3) الوسيلة: 313.
(4) المبسوط 4: 267.
(5) الخلاف 4: 359، المسألة 143.
(6) المقنعة: 516.
(7) الخلاف 4: 359، المسألة 143.
(8) المستدرك 14: 233، الباب 57 من أبواب مقدمات النكاح الحديث 1، والآخر نفس
المصدر: 234، الحديث 4.
(9) المختلف: 815 س 1.
78

وقصور سند الأولين، وعدم النص بالحكمة، مع عدم وجوب مراعاتها
فيما عدا محل البحث إجماعا.
هذا مع أنه أخص من المدعى، لعدم جريانه في اليائسة، مضافا إلى
معارضة الجميع بما سيأتي، مع عدم مكافأته له بالمرة.
* (و) * على المنع مطلقا حتى الكراهة هل * (يجب به دية النطفة) * أعني
* (عشرة دنانير؟) * قيل: نعم (1)، للصحيح الموجب لها على المفزع الغير
المجامع الموجب للعزل (2).
واختصاصه بغير المتنازع غير قادح، بعد ظهور أن المنشأ هو التفويت
المطلق المشترك بينه وبين المتنازع.
وفيه نظر، لمنع الظهور أولا، ومنع العمل بمثله مع عدم النص أو الاعتبار
القاطع عليه بعد تسليمه ثانيا، وثبوت الفارق بين جناية الوالد والأجنبي
ثالثا، وإن هو إلا قياس مع الفارق، مع معارضته على تقدير تسليمه بظواهر
النصوص الآتية، المجوزة للعزل، المصرحة بأنه ماؤه يضعه حيث يشاء،
الدالة لذلك على أنه لا حق للمرأة على الرجل في مائه، فلا وجه لاستحقاقها
الدية.
وبمثل هذا يجاب عن دعوى الخلاف على الوجوب الوفاق (3)، فإن
غايته أنه خبر صحيح لا يعارض الصحاح، كما مر، سيما مع معارضته بما
يظهر من الحلي (4) من شذوذ القول بالوجوب، حيث نسب الرواية الدالة
عليه بعد الإشارة إليها إلى الشذوذ، الذي هو بالاتفاق عبارة عن عدم القائل
به أو ندرته.

(1) كشف اللثام 2: 520 س 28.
(2) الوسائل 19: 238، الباب 19 من أبواب ديات الأعضاء الحديث 1.
(3) الخلاف 4: 359، المسألة 143.
(4) السرائر 3: 418.
79

فالأقوى العدم، وفاقا للمعظم كالحلي (1) والفاضل في المختلف (2)
والمحقق الثاني (3) وشيخنا في المسالك (4) والروضة (5) وكثير ممن تبعه.
وربما يظهر من النهاية (6) والمقنعة (7) التردد في الوجوب، حيث نسباه
إلى الرواية، اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن، سيما على القول
بالكراهة، المشار إليه بقوله: * (وهو أشبه، وقيل) * وهو الأكثر أنه
* (مكروه) * (8) غير محرم، للأصل، والموثقين (9)، والصحاح المستفيضة.
منها: ذاك - أي المني - إلى الرجل يصرفه حيث شاء (10).
ومنها: لا بأس بالعزل عن المرأة الحرة (11).
والبأس المنفي فيه محمول على الحرمة، جمعا بين ما هنا، وما تقدم من
الأدلة، بناء على المسامحة في أدلة الكراهة، سيما مع فتوى الجماعة، وإيماء
إلى المرجوحية في الجملة في بعض المستفيضة، كالصحيح: عن العزل،
فقال: أما الأمة فلا بأس، وأما الحرة فإني أكره ذلك، إلا أن يشترط عليها
حين تزوجها (12).
* (ورخص) * (عليه السلام) في هذا الخبر العزل * (في الإماء) * مضافا إلى الخبر
الآخر: لا بأس بالعزل في ستة وجوه: المرأة إذا أيقنت أنها لا تلد، والمرأة
المسنة، والمرأة السليطة، والبذية، والمرأة التي لا ترضع ولدها، والأمة (13).

(1) السرائر 3: 418.
(2) المختلف 7: 95.
(3) جامع المقاصد 12: 503.
(4) المسالك 7: 65.
(5) الروضة 5: 102 و 103.
(6) النهاية 3: 463.
(7) المقنعة: 763.
(8) في المتن المطبوع: وقيل مكروه وهو أشبه.
(9) الوسائل 14: 105 و 106، الباب 75 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2
و 5 و 1.
(10) الوسائل 14: 105 و 106، الباب 75 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2
و 5 و 1.
(11) الوسائل 14: 105، الباب 75 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 4.
(12) الوسائل 14: 106، الباب 76 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(13) الوسائل 14: 107، الباب 76 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 4.
80

وكذا يكره لها العزل بدون إذنه وهل يحرم عليها لو قلنا به منه؟ مقتضى
الدليل الثاني - أي الحكمة - ذلك، وكذا القول في دية النطفة له كذا قيل (1)،
والأخبار خالية عنه.
* (الرابعة: لا) * يجوز أن * (يدخل) * الرجل * (بالمرأة حتى يمضي لها
تسع سنين) * هلالية إجماعا، للنصوص المستفيضة.
منها الصحيح: إذا تزوج الرجل الجارية وهي صغيرة فلا يدخل بها حتى
يأتي لها تسع سنين (2).
وبالتنبيه منه يستفاد حكم غير الزوج مع إطلاق البواقي.
* (ولو دخل) * بها الزوج * (قبل ذلك لم تحرم) * المرأة مؤبدا * (على
الأصح) * الأشهر، بل عليه عامة من تقدم وتأخر، عدا من سيذكر، مع التأمل
في مخالفته، كما سيظهر، للأصل، والاقتصار فيما خالفه على القدر المتيقن،
المتفق عليه من النص الآتي. وإطلاقه بعد ضعفه وعدم جابر له في محل
البحث غير نافع.
خلافا لظاهر النهاية، حيث حكم بالتحريم بالدخول من دون تقييد
بالإفضاء (3)، وحكي عن السرائر (4)، لإطلاق المرسل، إذا خطب الرجل
المرأة فدخل بها قبل أن تبلغ تسع سنين فرق بينهما، ولم تحل له أبدا (5).
وفيه ما مر.
ونفى الخلاف عنه في الأخير - كما حكى (6) - مع عدم صراحته في

(1) راجع التنقيح 3: 25.
(2) الوسائل 14: 70، الباب 45 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(3) النهاية 2: 292.
(4) السرائر 2: 530.
(5) الوسائل 14: 381، الباب 24 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2.
(6) كشف اللثام 2: 39 س 26.
81

الإجماع موهون بمصير الأكثر على الخلاف، حتى الشيخ، لرجوعه عن
الإطلاق في النهاية إلى التقييد في الاستبصار (1) كما صرح به في
المهذب (2)، ومع ذلك حكمه بالإطلاق في الكتاب أيضا محل نظر، فقد قال
في المختلف بعد نقله عنه: والظاهر أن مراده ذلك، مشيرا به إلى إناطة
التحريم بالإفضاء (3).
هذا، ومصير الحلي إلى الخلاف غير معلوم، فقد حكي عنه في التنقيح
صريحا (4) موافقة الأصحاب، وهو ظاهر جماعة، كالمختلف (5) والمهذب (6)
والمسالك (7) والمفاتيح (8)، حيث نسبوا الخلاف إلى ظاهر إطلاق النهاية (9)
خاصة، مع تصريح جماعة منهم بأن الباقين على التقييد بالافضاء.
فلا إشكال، بل ولعله لا خلاف في المسألة، والاحتياط واضح.
* (الخامسة: لا يجوز للرجل) * الحاضر المتمكن من الوطء * (ترك
وطء المرأة) * المعقودة له بالدوام على الأصح مطلقا * (أكثر من أربعة
أشهر) * على المعروف من مذهب الأصحاب، وعليه الإجماع في
المسالك (10)، للصحيح: عن الرجل يكون عنده المرأة الشابة فيمسك عنها
الأشهر والسنة لا يقربها ليس يريد الإضرار بها يكون لهم مصيبة يكون بذلك
إثما؟ قال: إذا تركها أربعة أشهر يكون إثما (11).
وبضميمة الإجماع يتم المطلوب، مضافا إلى ما دل على كونها المدة

(1) الاستبصار 4: 294، ذيل الحديث 1110.
(2) المهذب 3: 210.
(3) المختلف 7: 46.
(4) التنقيح 3: 26.
(5) المهذب 3: 210.
(6) المختلف 7: 46.
(7) المسالك 7: 67.
(8) مفاتيح الشرائع 2: 247، المفتاح 704.
(9) النهاية 2: 292.
(10) المسالك 7: 66.
(11) الوسائل 14: 100، الباب 71 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1، وفيه: كان إثما
بعد ذلك.
82

المضروبة في الإيلاء، ولا اختصاص لذلك ثمة بالشابة إجماعا. ويؤيده
ما قيل: أن عمر سألهن عما يصبرن فيه؟ فأخبرن بفناء صبرهن إذا مضت
أربعة أشهر (1).
فتأمل بعض المتأخرين في التعميم إلى غير الشابة (2) ليس في محله.
* (السادسة: يكره للمسافر أن يطرق أهله) * أي يدخل إليهم من
سفره * (ليلا) * مطلقا. وقيده بعضهم بعدم الإعلام بالحال (3)، وإلا لم يكره.
والنص مطلق روى عبد الله بن سنان عن الصادق (عليه السلام): أنه قال: يكره
للرجل إذا قدم من سفره أن يطرق أهله ليلا حتى يصبح (4).
وفي تعلق الحكم بمجموع الليل، أو اختصاصه بما بعد المبيت وغلق
الأبواب نظر، منشاؤه دلالة كلام أهل اللغة على الأمرين، ففي الصحاح الأول،
والنهاية الأثيرية الثاني، والأول أوفق بمقتضى المسامحة في أدلة السنن.
وظاهر إطلاق النص والفتاوى عدم الفرق في الأهل بين الزوجة وغيرها
وإن كان الحكم فيها آكد، وبباب النكاح أنسب.
* (السابعة: إذا دخل) * الزوج * (بصبية لم تبلغ تسعا فأفضاها) * بالوطء
بأن صير مسلك الحيض والبول واحدا، كما هو الغالب المشهور في تفسيره،
فإنه الإيصال، وقيل: أو مسلك الحيض والغائط (5).
والأصل في المطلق يقتضي المصير إلى الأول، بناء على كونه الغالب،
ولعل إلحاق الأخير به من باب فحوى الخطاب، وعموم تعليل بعض الأحكام

(1) كنز العمال 16: 576، الحديث 45924 ونحوه.
(2) مفاتيح الشرائع 2: 290، مفتاح 752.
(3) الوسائل 14: 93، الباب 65 من أبواب مقدمات النكاح، حيث قال: باب أنه يكره للمسافر
أن يطرق أهله ليلا حتى يعلمهم.
(4) الوسائل 14: 93، الباب 65 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(5) الجامع للشرائع: 462.
83

المترتبة عليه من التعطيل للأزواج له، بل ولا قائل بالفرق. فتأمل جدا.
* (حرم عليه مؤبدا وطؤها) * مطلقا، بل مطلق الاستمتاع في قول
أحوط في المشهور بين الأصحاب، بل قيل: بلا خلاف (1)، وعن صريح
الإيضاح (2) وظاهر غيره الإجماع عليه، للمرسل المتقدم، المعتضد ضعفه
هنا بالشهرة، ولا يقدح فيه عدم ذكر الإفضاء فيه بعد عمومه له، بل وظهوره
فيه، للغلبة.
فالقول بالحل، كما عن النزهة (3) محل المناقشة.
* (و) * لكن * (لم تخرج من حباله) * بل زوجته على الأظهر، وفاقا
لجماعة، كما في الشرائع (4) والروضة (5) والسرائر (6) والجامع (7)، للأصل،
وظاهر الخبرين:
في أحدهما: رجل افتض جارية فأفضاها، قال: عليه الدية إن كان دخل
بها قبل أن تبلغ تسع سنين، قال: فإن أمسكها ولم يطلقها فلا شئ عليه إن
شاء أمسك، وإن شاء طلق (8).
وفي الثاني وهو صحيح: عن رجل تزوج جارية بكرا لم تدرك فلما
دخل بها افتضها فأفضاها، قال: إن كان دخل بها حين دخل بها ولها تسع
سنين فلا شئ عليه، وإن كان لم تبلغ تسع سنين أو كان أقل من ذلك بقليل
حين دخل بها فافتضها فإنه قد أفسدها وعطلها على الأزواج فعلى الإمام
أن يغرمه ديتها، وإن أمسكها ولم يطلقها حتى يموت فلا شئ عليه (9).

(1) المسالك 7: 67.
(2) الإيضاح 3: 76.
(3) نزهة الناظر: 96.
(4) الشرائع 2: 270.
(5) الروضة 5: 104.
(6) السرائر 2: 533.
(7) الجامع للشرائع: 428.
(8) الوسائل 14: 381، الباب 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3.
(9) الوسائل 14: 381، الباب 34 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
84

وقيل: بالخروج (1) لظاهر المرسل المتقدم. ويحتمل التفريق فيه الكناية
عن الطلاق والإرشاد إليه، خوفا من الوقوع في المحرم، فلا شئ يعارض
شيئا بما قدمناه.
وعلى المختار تحرم الأخت والخامسة مع عدم الطلاق، أو الخروج عن
العدة إن قلنا بها، وعليه الإنفاق عليها في الجملة إجماعا، للصحيح: عن
رجل تزوج جارية فوقع بها فأفضاها، قال: عليه الاجراء عليها ما دامت
حية (2).
ولإطلاقه يتجه إطلاق القول بوجوبه، حتى مع الطلاق ولو بائنا، بل ولو
تزوجت بغيره في وجه. وفي آخر العدم، اقتصارا فيما خالف الأصل على
الفرد المتبادر من المستند.
ولكن الاستصحاب يؤيد الأول، فهو الأحوط لو لم يكن أولى، وأولى
منه بالوجوب لو طلقها الثاني بائنا أو رجعيا وتم عدتها. وكذا لو تعذر إنفاقه
عليها لغيبة أو فقر.
قيل: ولا فرق في الحكم بين الدائم والمتمتع بها (3).
وفيه - لو لم يكن عليه إجماع - نظر، لمخالفته الأصل، فيقتصر على
المتبادر من النص الدال عليه، وعموم التعليل بالإفساد. والتعطيل عن
الأزواج في الصحيح مختص بمعلوله، وهو وجوب الدية، ولا كلام فيه.
ومنه ينقدح قوة القول باختصاص الحكم بالزوجة دون الأجنبية، بل هو
أقوى، لعدم شمول النص لها بالمرة.
ولا أولوية إلا على تقدير كون الأحكام للعقوبة. وهي ممنوعة.

(1) قاله ابن حمزة في الوسيلة: 292.
(2) الوسائل 14: 381، الباب 34 من أبواب ما يحرم المصاهرة الحديث 4.
(3) القائل الشهيد الثاني في الروضة 5: 105.
85

وعلى تقديرها فلعله لا ينفع في الأجنبي لزيادة إثمه وفحش فعله،
كذا قيل (1) فتأمل.
والتحقيق أن يقال: إن العمدة في ثبوت الأحكام المخالفة للأصل هو
الإجماع، لضعف الرواية، وهو فيما نحن فيه مفقود، للاختلاف. والأولوية
لعلها لا تجري فيما مستند أصله الإجماع. فتأمل.
مضافا إلى اختصاصها بالزنا، فلا يعم الشبهة. ولا ريب أن التعميم أحوط
وأولى في التحريم بل والإنفاق وإن قيل بعدم لزومه ولو مع القول بسابقة،
كما عن الخلاف (2) والسرائر (3) في الزنا.
وفي الأمة الوجهان، وأولى بالتحريم ويقوى الإشكال في الإنفاق
لو أعتقها.
ولو أفضى الزوجة بعد التسع ففي تحريمها الوجهان، أوجههما العدم،
للصحيح المتقدم، كسابقه. وأولى بالعدم إفضاء الأجنبي كذلك.
وفي تعدي الحكم في الإفضاء بغير الوطء وجهان، أجودهما العدم،
اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن وإن وجبت الدية في الجميع،
والله أعلم.
* (الفصل الثاني: في أولياء العقد) *
المتصرفين فيه بدون إذن الزوج أو الزوجة
* (لا ولاية في النكاح لغير الأب والجد للأب وإن علا، والوصي والمولى
والحاكم) * إجماعا منا فيما عدا الأم وأبيها، للأصل، والنصوص الحاصرة لها

(1) قاله في كشف اللثام 2: 39 السطر الأخير.
(2) الخلاف 5: 257، المسألة 67.
(3) لم نعثر عليه في السرائر، نقله عنه في كشف اللثام 2: 39 س 40.
86

في الأب خاصة، كالصحيح: يستأمرها كل أحد ما عدا الأب (1)، ونحوه
الموثقان (2).
ولا مخصص معتبرا لها فيما عدا المذكورين، مضافا إلى النصوص في
نفي الولاية عن الأخ والعم بالخصوص، كالضعيف - بسهل الذي ضعفه سهل
في المشهور، بل قيل: بوثاقته (3) فصحيح -: في رجل زوج أخته، قال:
يوامرها، فإن سكتت فهو إقرارها، وإن أبت لم يزوجها (4). ونحوه الصحيح
أو الحسن (5).
وما ربما يتوهم منه ثبوت الولاية له - كالخبرين - فمع ضعفه سندا
قاصر دلالة، لاحتمال إرادة أولوية عدم مخالفته، مع احتماله الحمل على
التقية. فتأمل.
والصحيح: في صبية زوجها عمها فلما كبرت أبت التزويج، فكتب (عليه السلام)
بخطه: لا تكره على ذلك والأمر أمرها (6).
وفي الأم وأبيها على الأشهر الأظهر، للأصل، والنصوص المتقدمة، بل
عليه الإجماع في التذكرة (7)، وصرح به بعض فضلاء الأصحاب أيضا (8).
والخبر: عن رجل زوجته أمه وهو غائب، قال: النكاح جائز إن شاء
المتزوج قبل، وإن شاء ترك، الحديث (9).

(1) الوسائل 14: 205، الباب 4 من أبواب عقد النكاح الحديث 3.
(2) الوسائل 14: 202 و 214، الباب 3 و 9 من أبواب عقد النكاح الحديث 6 و 3.
(3) رجال الطوسي: 416.
(4) الوسائل 14: 201، الباب 3 من أبواب عقد النكاح الحديث 3.
(5) الوسائل 14: 205، الباب 4 من أبواب عقد النكاح الحديث 4.
(6) الوسائل 14: 207، الباب 6 من أبواب عقد النكاح الحديث 2.
(7) التذكرة 2: 593 س 42.
(8) الظاهر في التنقيح 3: 41.
(9) الوسائل 14: 211، الباب 7 من أبواب عقد النكاح الحديث 3.
87

ولعمومه الناشئ عن ترك الاستفصال من وقوع تزويجها حال البلوغ
أو عدمه شامل لمحل النزاع، وإذا انتفى ولاية الأم انتفي ولاية أبيها بطريق
أولى، مضافا إلى عدم القول بالفصل.
وقصور السند معتضد بالأصل، والشهرة، وعموم النصوص المتقدمة،
ومفهوم الصحيحين (1): في تزويج الصبي للصبية إن كان أبواهما اللذان
زوجاهما فنعم جائز، والخبر: عن الذي بيده عقدة النكاح، قال: هو الأب
والأخ والرجل يوصي إليه والذي يجوز أمره في مال المرأة فيبتاع لها
ويشتري فأي هؤلاء عفا جائز (2). فتأمل.
ومنه يظهر الجواب عما دل على ولاية الجد بقول مطلق، كالنصوص
الدالة على تقديمه على الأب بعد التعارض، مضافا إلى عدم تبادر جد الأم
منها، سيما مع مراعاة سياقها. فتدبر.
خلافا للإسكافي، لأمر النبي (صلى الله عليه وآله) نعيم بن النجاح بأن تستأمر أم ابنته
في أمرها (3). وهو مع ضعفه ليس نصا في الولاية، كالخبر: إذا كانت الجارية
بين أبويها فليس لها مع أبويها أمر (4). ألا ترى إلى الصحيح: لا تستأمر
الجارية إذا كانت بين أبويها ليس لها مع الأب أمر، وقال: يستأمرها كل أحد
ما عدا الأب (5).
ولبعض العامة في جميع من ذكر وغيرهم من ذوي الأنساب، فأثبت
الولاية لهم، كما حكي (6).

(1) الوسائل 14: 208 و 220، الباب 6 و 12 من أبواب عقد النكاح الحديث 8 و 1.
(2) الوسائل 14: 213، الباب 8 من أبواب عقد النكاح الحديث 4.
(3) المختلف 7: 107.
(4) الوسائل 14: 214، الباب 9 من أبواب عقد النكاح الحديث 3.
(5) الوسائل 14: 205، الباب 4 من أبواب عقد النكاح الحديث 3.
(6) حكاه العلامة في التذكرة 2: 594 س 1.
88

* (و) * أما * (ولاية الأب والجد فثابتة على) * الصغير و * (الصغيرة
ولو ذهبت بكارتها بزنا أو غيره) * إجماعا في الأول، وعلى الأشهر الأظهر
في الثاني.
خلافا للعماني (1)، فلم يذكره، والمعتبرة المستفيضة، المشتملة على
الصحيح (2) والموثق (3) وغيره في ترجيح الجد على الأب مع التعارض
حجة عليه، ولاعتضادها بالشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا، بل
إجماع في الحقيقة، كما في التذكرة (4) وعن الناصريات (5)، وعن السرائر (6)
أنه نفى الخلاف عنه ترجحت على النصوص الحاصرة للولاية في الأب
خاصة. فتخصص بها بالبديهة، سيما مع قوة احتمال إرادة الجد منه.
ثم إن الظاهر المتبادر من الجد في الأخبار ليس جد أم الأب، ولذا عن
التذكرة: أن جد أم الأب لا ولاية له مع جد أب الأب ومع انفراده نظر (7).
ولعل وجهه ما مر.
وتعميم الصغيرة للباكرة والثيبة مطلقا مستند إلى ظاهر الأخبار المثبتة
لولايتهما عليها وعلى الجارية، الشاملتين بإطلاقهما الأمرين. وليس فيما دل
من الأخبار على نفيها عنهما في الثيب منافاة لهما (8)، بعد تبادر البالغة
المنكوحة بالعقد الصحيح منها، ولذا علق النفي عليها في بعض الأخبار (9).
* (ولا يشترط في ولاية الجد بقاء الأب) * على الأشهر الأظهر، بل عليه

(1) كما في المختلف 7: 100.
(2) الوسائل 14: 218، الباب 11 من أبواب عقد النكاح الحديث 3 و 2.
(3) الوسائل 14: 218، الباب 11 من أبواب عقد النكاح الحديث 3 و 2.
(4) التذكرة 2: 594 س 18 و 19.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): 247، المسألة 155.
(6) السرائر 2: 561.
(7) التذكرة 2: 587 س 9.
(8) في " م، ق، ش ": لها.
(9) الوسائل 14: 203، الباب 3 من أبواب عقد النكاح الحديث 11.
89

الإجماع عن الخلاف (1) وغيره. وهو الحجة فيه، كاستصحاب الولاية،
والصحيح: أن الذي بيده عقدة النكاح ولي أمرها (2) بعد الإجماع على ثبوت
الولاية له فيما عدا محل البحث. ويؤيده كونه أقوى من الأب، لتقديمه عليه
بعد التعارض، كما يأتي، وأنه له الولاية على الأب. وفوت الأضعف لا يؤثر
في فوت الأقوى.
* (وقيل) *: وهو الصدوق (3) والشيخ (4) والتقي (5) وسلار (6) وبنو
الجنيد (7) والبراج (8) وزهرة (9) وحمزة (10) * (يشترط) * عكس العامة (11)،
لاشتراطهم في ولايته فقده.
* (وفي المستند) * وهو رواية الفضل بن عبد الملك عن مولانا
الصادق (عليه السلام) قال: إن الجد إذا زوج ابنة ابنه وكان أبوها حيا وكان الجد
مرضيا جاز (12) * (ضعف) * بحسب الدلالة وإن كان مفهوم الشرط حجة،
لقوة احتمال كون الوجه فيه التنبيه على الفرد الأخفى، أعني عقد الجد مع
وجود الأب، ردا على العامة، كما عرفت، مضافا إلى عدم مقاومته للصحيح
المتقدم، المعتضد بالشهرة، والإجماع المحكي، والاستصحاب، والمؤيدات.
وفي تقييد الضعف بالدلالة تنبيه على عدمه في السند، إذ ليس فيه سوى
جعفر بن محمد بن سماعة والحسن بن محمد بن سماعة، وهما وإن كانا

(1) ما وجدناه فيه خلاف ذلك، انظر الخلاف 4: 265، المسألة 17.
(2) الوسائل 14: 213، الباب 8 من أبواب عقد النكاح الحديث 2.
(3) الهداية: 260.
(4) النهاية 2: 312.
(5) الكافي في الفقه: 292.
(6) المراسم: 148.
(7) كما في المختلف 7: 100.
(8) المهذب 2: 195.
(9) الغنية: 342.
(10) الوسيلة: 300.
(11) المجموع 16: 168.
(12) الوسائل 14: 218، الباب 11 من أبواب عقد النكاح الحديث 4.
90

واقفيين إلا أنهما ثقتان، كما نص عليه النجاشي (1) وشيخنا العلامة في
الخلاصة (2)، فيعد موثقا، وليس بضعيف اصطلاحا.
* (ولا خيار للصبية مع البلوغ) * لو زوجها الولي قبله إجماعا، حكاه
جماعة، للأصل، والصحاح المستفيضة:
منها: عن الجارية الصغيرة يزوجها أبوها ألها أمر إذا بلغت؟ قال: لا (3).
ومنها: إذا بلغت الجارية فلم ترض فما حالها؟ قال: لا بأس إذا رضي
أبوها أو وليها (4).
ومنها: عن الصبية يزوجها أبوها ثم يموت وهي صغيرة ثم تكبر قبل أن
يدخل بها زوجها أيجوز عليها التزويج، أم الأمر إليها؟ قال: يجوز عليها
تزويج أبيها (5).
ولا يعارضها ما يخالفها مع شذوذه.
* (وفي الصبي قولان، أظهرهما) * وأشهرهما * (أنه كذلك) * لأصالة بقاء
الصحة، والصحيح المروي في الكافي في باب تزويج الصبيان، المتضمن
ذيله لقوله (عليه السلام): ويجوز عليها تزويج الأب ويجوز على الغلام، والمهر على
الأب للجارية (6).
ولا ينافيه صدره المثبت لهما الخيار بعد الإدراك مع تزويج الولي لهما،
لاحتمال الولي فيه المعنى العرفي أو العامي، فيكون ردا عليهم، مع عدم
القائل به لو حمل على الولي الشرعي. فتأمل.

(1) رجال النجاشي: 119، الرقم 305، وص 40، الرقم 84.
(2) رجال الحلي: 209 و 212.
(3) الوسائل 14: 207، الباب 6 من أبواب عقد النكاح الحديث 3.
(4) الوسائل 14: 208، الباب 6 من أبواب عقد النكاح الحديث 7 و 1.
(5) الوسائل 14: 208، الباب 6 من أبواب عقد النكاح الحديث 7 و 1.
(6) الكافي 5: 401، الحديث 4.
91

ويؤيده إطلاق ما دل على توارثهما مع تزويج الولي لهما قبل الإدراك،
المنافي ذلك لإلحاقه بالفضولي.
ففي الصحيح: الصبي يتزوج الصبية يتوارثان، قال: إذا كان أبواهما
اللذان زوجاهما فنعم، الحديث (1). فتأمل.
خلافا للشيخ (2) وجماعة، فأثبتوا له الخيار بعد الإدراك، للخبر - المعد
من الحسن، وهو طويل في آخره -: أن الغلام إذا زوجه أبوه ولم يدرك كان
له الخيار إذا أدرك وبلغ خمس عشرة سنة، أو يشعر في وجهه، أو ينبت في
عانته قبل ذلك، الحديث (3).
وهو مع ضعفه عند جمع - بجهالة الراوي وإن عد حسنا - مشتمل
على أحكام مخالفة للأصل، والإجماع، كاشتراط التجاوز عن التسع في
ولاية الأب على الجارية، وثبوت الخيار لها بعد الإدراك، وصحة طلاق
الصبي مع الدخول وعدمه بدونه، ولا قائل بها كذلك، فلا يعارض بمثله
الأدلة المتقدمة.
وأما ما في الصحيح: عن الصبي يتزوج الصبية، قال: إذا كان أبواهما
اللذان زوجاهما فنعم جائز، ولكن لهما الخيار إذا أدركا، فإن رضيا بعد ذلك
فإن المهر على الأب، الحديث (4). فلا قائل به، ومثله لا يقبل التخصيص،
للنصوصية، وليس إلا مثل أكرم زيدا وعمروا، ولا تكرم عمروا. ولذا حمل
على محامل أخر غير بعيدة في مقام الجمع بين الأدلة، تفاديا من الطرح.
* (ولو) * كان الجد والأب * (زوجاها) * من رجلين واختلفا زمانا
* (فالعقد للسابق) * منهما وإن كان أبا، علما بعقد الآخر، أم جهلا إجماعا منا،

(1) الوسائل 14: 220، الباب 12 من أبواب عقد النكاح الحديث 1.
(2) النهاية 2: 316.
(3) الوسائل 14: 209، الباب 6 من أبواب عقد النكاح الحديث 9 و 8.
(4) الوسائل 14: 209، الباب 6 من أبواب عقد النكاح الحديث 9 و 8.
92

كما عن السرائر (1) والغنية (2) وفي التذكرة (3)، للصحيح: إذا زوج الأب
والجد كان التزويج للأول، فإن كان جميعا في حال واحدة فالجد أولى (4).
والموثق: الجارية يريد أبوها أن يزوجها من رجل ويريد جدها أن
يزوجها من رجل آخر، فقال: الجد أولى بذلك ما لم يكن مضارا إن لم يكن
الأب زوجها قبله، الحديث (5).
وفيه وفي الصحيح: قلت: فإن هوى أبوها رجلا وجدها رجلا، فقال:
الجد أولى بنكاحها (6)، دلالة على تقديم اختيار الجد على الأب مع التشاح،
وهو المشهور بين الأصحاب، بل عليه الإجماع في التذكرة (7) وعن
الانتصار (8) والخلاف (9) والمبسوط (10) والسرائر (11).
* (وإن اقترنا ثبت عقد الجد) * إجماعا، كما في التذكرة (12)
والروضة (13) وعن السرائر (14) والغنية (15)، للنصوص المستفيضة، الدالة
على أولويته، وخصوص الصحيح الأول.
وعلل - مع ما مر - بأن ولاية الجد أقوى، لثبوت ولايته على الأب على
تقدير نقصه بجنون ونحوه، بخلاف العكس.
وفي صلوح مثل هذه القوة مرجحا يستدل به على الترجيح تأمل.

(1) السرائر 2: 561.
(2) الغنية: 342.
(3) التذكرة 2: 594 س 19.
(4) الوسائل 14: 218، الباب 11 من أبواب عقد النكاح الحديث 3.
(5) الوسائل 14: 218، الباب 11 من أبواب عقد النكاح الحديث 2.
(6) الوسائل 14: 217، الباب 11 من أبواب عقد النكاح الحديث 1.
(7) التذكرة 2: 594 س 19.
(8) الإنتصار: 286، المسألة 159.
(9) الخلاف 4: 269، المسألة 23.
(10) المبسوط 4: 176.
(11) السرائر 2: 561.
(12) التذكرة 2: 594 س 19.
(13) الروضة 5: 149.
(14) السرائر 2: 561.
(15) الغنية: 342.
93

وفي تعدي الحكم إلى الجد مع جد الأب وهكذا فصاعدا وجه، نظرا
إلى العلة.
والأقوى العدم، وفاقا للروضة، لخروجه عن مورد النص، واستوائهما
في إطلاق الجد حقيقة والأب كذلك، أو مجازا (1). فلا وجه للترجيح إلا
العلة، وعرفت أنها له غير صالحة.
* (وتثبت ولايتهما) * أي الجد والأب * (على البالغ مع فساد عقله) *
بسفه أو جنون مطلقا * (ذكرا كان أو أنثى) * إجماعا فيما إذا اتصل الفساد
بالصغر، لاستصحاب الولاية، وفي المتجدد أيضا على قول قوي، كما في
التذكرة (2)، وظاهره الإجماع عليه، وعن التحرير (3)، وهو ظاهر المتن، كما
يأتي، لذاتية ولايتهما، وإناطتها باشفاقهما، وتضررهما بما يتضرر به الولد.
ومرجعه إلى أولوية ولايتهما على ولاية الحاكم.
وقيل: بل وليه الحاكم، لزوال ولايتهما، ولا دليل على عودها (4).
ومرجعه إلى أصالة بقاء انقطاع الولاية، ويعارض بمثله في ولاية
الحاكم، فهما من جهة الأصل متساويان، ويترجحان عليه بما ذكرناه،
والأحوط موافقة الحاكم لهما وموافقتهما له.
* (و) * حيث ثبت الولاية عليه ف‍ * (لا خيار له لو أفاق) * إجماعا، كما
في المسالك (5)، للأصل.
* (والثيب) * المنكوحة بالتزويج * (تزوج نفسها) * باختيارها * (ولا
ولاية عليها للأب، ولا لغيره) * مطلقا إجماعا منا، كما في الانتصار (6)
والتذكرة (7)، للأصل، والعمومات، والصحاح المستفيضة.

(1) الروضة 5: 150.
(2) التذكرة 2: 586 س 28.
(3) التحرير 2: 5 السطر الأخير.
(4) نقله في كشف اللثام 2: 15 س 12.
(5) المسالك 7: 144.
(6) الإنتصار: 284، المسألة 158.
(7) التذكرة 2: 586 س 39 و 40.
94

منها الصحيحان: هي أملك بنفسها تولي أمرها من شاءت إذا كان كفوا
بعد أن تكون قد نكحت رجلا قبله (1).
ومنها الصحيح: الثيب أمرها إليها (2).
فالقول بثبوت الولاية عليها كالبكر - كما عن ظاهر العماني (3) -
ضعيف، مع أنه لا مستند له.
نعم يستحب لها موافقة وليها، كما سيأتي.
* (و) * يتفرع عليه ما * (لو زوجها) * أبوها أو جدها * (من غير إذنها) *
فإنه * (وقف) * على المختار * (على إجازتها) * منها، فهو فضولي.
و * (أما البكر البالغة الرشيدة فأمرها بيدها) * إجماعا إذا لم يكن لها
الوليان، أو كانا غير مستجمعين لشرائط الولاية، حكاه جماعة.
وفي المشهور مطلقا * (ولو كان أبوها حيا) * أو جدها مطلقا، دائما
كان التزويج، أم متعة، رضي به الأبوان، أم كرها، بل عليه الإجماع في
الانتصار (4) وعن الناصريات (5)، وبخصوص المتعة عن بعض الأصحاب،
للنصوص المستفيضة الخاصية والعامية، المنجبر قصور أسانيد بعضها
بالشهرة العظيمة، ولا سيما في المتعة، وهي ما بين عامة لنوعي التزويج،
ومختصة بالمتعة، المستنبط منها حكم الدوام منه بالأولوية.
فمن القسم الأول: الصحيح: المرأة التي ملكت نفسها غير السفيهة
ولا المولى عليها إن تزويجها بغير ولي جائز (6).

(1) الوسائل 14: 202، الباب 3 من أبواب عقد النكاح الحديث 4 وذيله.
(2) الوسائل 14: 206، الباب 5 من أبواب عقد النكاح الحديث 1.
(3) كما في المختلف 7: 100.
(4) الإنتصار: 288، المسألة 161.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): 246، المسألة 150.
(6) الوسائل 14: 69، الباب 44 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2.
95

والاستثناء أمارة العموم اللغوي في المستثنى منه، كما حققناه في
الأصول، مضافا إلى إفادته بنفسه العموم العرفي.
والقول بأن التقييد بعدم كونها مولى عليها يمنع احتمال إرادة من لم يكن
لها ولي شرعي من المالكة نفسها واحتمال كونها مولى عليها في التزويج
فلا يشملها القيد الموجب للحكم فرع كون المراد من الولاية فيه الولاية في
التزويج، أو الأعم منه ومن التصرف في المال.
وهو مقطوع بفساده جزما، لحزازة العبارة على هذا التقدير، إذ ليس
الحاصل منه إلا أن التي لا ولي لها في التزويج يجوز تزويجها بغير ولي،
ومنزه عن مثله كلام الإمام، الذي هو إمام الكلام، فتأمل جدا.
ومنه الصحيح: تستأمر البكر وغيرها، ولا تنكح إلا بأمرها (1).
والنهي هنا مستلزم للاشتراط بضميمة عدم القائل بالتحريم، مع الصحة،
وبشهادة السياق، المسوي بين البكر وبين الثيب.
وبها يندفع الأجوبة الأخر، التي أورد على الخبر، كحمل النهي في حقها
على الفضيلة، وعدم دلالتها على الاستقلال، بناء على أن غايته اعتبار إذنها
في الجملة، مضافا إلى أن الأصل، مع عدم دليل على الشركة - كما ستقف
عليه - كاف في إثبات الاستقلال.
وأصالة بقاء الولاية منقطعة بثبوت الولاية للبالغة ولو في الجملة،
وليست عبارة تقبل الدخول والخروج بالضرورة.
هذا مضافا إلى أن قوله (عليه السلام) في آخر الخبر: ولا تنكح إلا بأمرها ظاهر
في استقلالها بالإذن، لمكان الحصر.
وإرجاعه إلى غير البكر لا وجه له، سيما مع كون أصل العنوان في
كلامه (عليه السلام) إنما هو البكر، وإنما ذكر غيرها تبعا لها، كما لا يخفى. فتأمل جدا.

(1) الوسائل 14: 214، الباب 9 من أبواب عقد النكاح الحديث 1.
96

ومنه الصحيح: الذي بيده عقدة النكاح هو ولي أمرها (1).
والمراد بولي الأمر هنا وليها في المال، كما يستفاد من المعتبرة، مع أنه
على غيره يستلزم حزازة العبارة بنحو ما مر إليه الإشارة، وليس الأب ولي
أمرها، بل هي الولي إجماعا، فيكون عقدة النكاح بيدها.
ومنه الخبر: إذا كانت المرأة مالكة أمرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد
وتعطي من مالها ما شاءت فإن أمرها جائز تزوج إن شاءت بغير إذن وليها،
الحديث (2).
وظاهر الجمل كونها مفسرة، ولا داعي لجعلها خبرا ثانيا، مع أنه على
هذا التقدير يستلزم الحزازة في بعض الأخبار المتقدمة (3)، إذ مقتضاها على
ذلك أنه إذا كانت المرأة مالكة أمرها أن تزوج من شاءت فإن أمرها في
التزويج جائز. فتأمل.
مضافا إلى لزوم إلغاء الجمل على هذا التقدير، لتوقف مالكية أمرها
عليها، فمقتضاها داخل في مالكية الأمر، فتكرارها لغو خال عن الفائدة.
فلا يمكن حمله على الثيبة فيقتضي دوران ولاية التزويج مدار ولاية
التصرف في المال، كما فهمه الأصحاب، وأفصح عنه الخبر المتقدم.
وحيث ظهر دلالتها على المراد بمالكة الأمر وأنه من حيث التصرف في
المال لا غير ظهر بمعونة وجه دلالة الخبرين:
في أحدهما: الجارية التي لها أب لا تتزوج إلا بإذن أبيها، وقال:
إذا كانت مالكة لأمرها تزوجت من شاءت (4).

(1) الوسائل 14: 212، الباب 8 من أبواب عقد النكاح الحديث 2.
(2) المصدر السابق: 215، الباب 9 الحديث 6.
(3) في المخطوطات: المتقدمة في بعض الأخبار.
(4) الوسائل 14: 205، الباب 4 من أبواب عقد النكاح الحديث 2.
97

ولا ينافيه صدره، لإطلاقه، فيجب حمله على الصغيرة، فهو كالعام
المخصص.
وفي الثاني: وهو موثق: تزوج المرأة من شاءت إذا كانت مالكة لأمرها،
فإن شاءت جعلت وليا (1).
ومنه الخبر: لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن أبيها (2).
وهو نص في المطلوب. وقصور السند بجهالة الراوي بما قدمناه منجبر.
ومنه العامي: الأيم أحق بنفسها من وليها، والبكر تستأذن في نفسها،
وإذنها صماتها (3).
والأحقية واعتبار الاستئذان مع ما قدمناه من الدليل القاطع للشركة
يدفع عنه المناقشة بعدم الدلالة على استقلال البكر البالغة.
ونحوها الآخر: إن جارية بكر جاءت إليه (صلى الله عليه وآله) فقالت: إن أبي زوجني
من ابن أخ له ليرفع خسيسته وأنا له كارهة، فقال: أجيزي ما صنع أبوك؟
فقالت: لا رغبة لي فيما صنع أبي، قال: فاذهبي فانكحي من شئت، فقالت:
لا رغبة لي عما صنع أبي، ولكن أردت أن أعلم الناس أن ليس للآباء في
أمور بناتهم شئ (4).
وهو ترك الاستفصال، لعموم البنات في كلام الجارية، مع تقريره لها عام
للثيب والبكر، فأمرها بنكاحها من شاءت صريح في الاستقلال.
وقصور السند فيه - كغيره المضاهي له فيه - منجبر بالشهرة العظيمة،
والمؤيدات القوية، التي ذكرناها مع غيرها من الأدلة في رسالة مفردة
في المسألة.

(1) المصدر السابق: 203، الباب 3 الحديث 8.
(2) المصدر السابق: 214، الباب 9 الحديث 4.
(3) سنن البيهقي 7: 118 و 122.
(4) سنن ابن ماجة 1: 602، الحديث 1874.
98

ومن القسم الثاني: الأخبار الكثيرة المستفيضة جدا.
منها الخبر: بعد أن سئل (عليه السلام) عن المتعة بالبكر مع أبويها، قال: لا بأس،
ولا أقول كما يقول هؤلاء الأقشاب (1).
ولا تعارض بمثل الصحيح: العذراء التي لها أب لا تتزوج متعة إلا بإذن
أبيها (2)، لعدم مكافأته للمستفيضة عددا ودلالة، وقبول الأصحاب لها فتوى
وعملا.
فيحمل النهي على الكراهة، كما يشعر به بعض تلك المستفيضة، مع
وقوع التصريح بها في بعضها، المشعر، بل الظاهر في الكراهة الاصطلاحية،
بضميمة تعليلها فيه بالعار على الأهل (3)، لا النهي عنه في الشريعة.
هذا، مضافا إلى دلالته بمفهوم القيد المعتبر عرفا فيعتبر شرعا، على عدم
المنع عن التزويج دائما. وهو مع أنه لا يقول به الخصم نافع أيضا، وتمام
الأدلة في الرسالة.
ولذا * (قيل) * وهم المشهور، كما عرفت: أن * (لها الانفراد بالعقد) *
مطلقا * (دائما كان، أو منقطعا) *.
* (وقيل) * وهو الحلبيان (4): أمر * (العقد مشترك بينها وبين الأب) *
والجد مطلقا، للجمع بين ما تقدم وما يأتي من الأخبار والموثق: استشار
عبد الرحمان الكاظم (عليه السلام) في تزويج ابنته لابن أخيه، فقال: افعل ويكون
ذلك برضاها، فإن لها في نفسها نصيبا. واستشار خالد بن داود في تزويج
ابنته علي بن جعفر، فقال: افعل، ويكون ذلك برضاها، فإن لها في نفسها
حظا (5).

(1) الوسائل 14: 458، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 6.
(2) الوسائل 14: 459، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 12 و 1 و 10.
(3) الوسائل 14: 459، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 12 و 1 و 10.
(4) الكافي في الفقه: كتاب النكاح ص 292، والغنية 343: كتاب النكاح ص 547 س 31.
(5) الوسائل 14: 214، الباب 9 من أبواب عقد النكاح الحديث 2.
99

ولولا أن له فعلا لاستحال أمره به، ولولا ثبوت حقها لم يعتبر إذنها،
مضافا إلى دلالة لفظي " الحظ " و " النصيب " بالمنطوق على ثبوت الولاية
لها، وبالمفهوم على ثبوتها له، إذ لا قائل بغيره، فلا يمكن حملها على
الصغيرة أو الثيب، للاتفاق على عدم المشاركة فيهما. فتعين المدعى.
وفي الجميع نظر، لعدم قبول بعض أخبار الطرفين المصرح باستقلال
أحد الشخصين، للجمع المزبور، مضافا إلى عدم الشاهد عليه، وكونه فرع
التكافؤ وعدم المرجح لأحد الطرفين.
وكلاهما ممنوع، لفقد الشاهد، والموثق على تقدير تماميته دليل آخر
لا شاهد، ووجود المرجح من الصراحة والاعتضاد بالشهرة العظيمة
والإجماعات المنقولة وإطلاقات الكتاب والسنة في تزويج النسوة
والاعتبار بعقودهن، وغير ذلك مما ذكر في الرسالة في الأخبار الأولة.
هذا، مضافا إلى اقتضاء الجمع المصير إلى الشركة بينها وبين الأب
خاصة، كما نقل قولا سادسا في المسألة، ونسب إلى المفيد (1) (رحمه الله)، وذلك
لاختصاص ما دل على اعتبار إذن الولي بالأب خاصة، كذا اعترض عليه
بعض الأصحاب (2).
ويمكن دفعه باستلزام دلالتها على ثبوت ولاية الأب دلالتها على ثبوت
ولاية الجد بفحوى الخطاب، بناء على أضعفية ولاية الأب، كما يستفاد من
الأخبار المجمع عليها، المرجحة لاختيار الجد على اختيار الأب، والمقدمة
لعقده على عقده مع المقارنة، مضافا إلى أصالة بقاء الولاية الخالية عن
المعارض، بعد الجمع بين أخبار المسألة.

(1) الناسب هو الإيضاح 3: 20، وانظر المقنعة: 511.
(2) الشهيد في المسالك 7: 139.
100

ومنه يظهر ضعف القول السادس ودليله وإن قيل بمتانته (1) نظرا إلى
الجمع بين الأدلة. والموثق وإن كان حجة إلا أنه لا يعارض الصحيح، فضلا
عن الصحاح، مع اعتضادها بظواهر غيرها وما مر من المعاضدات، مع ضعف
الدلالة على الوجه الأول، لحسن الأمر بتزويج الثيب، والحال أنه ليس له
معها فعل، وكذا على الثاني، لدلالته بالمفهوم الضعيف.
وعلى تقديره يحتمل " الحظ " و " النصيب " الندبي لا الوجوبي، ولتأكده
مع الباكرة جعل مع الثيب كالعدم.
وهذا القول وإن ضعف باعتبار إلا أن اعتباره أحوط * (فلا ينفرد
أحدهما به) * بل يستأمر كل منهما الآخر.
* (وقيل) * وهو الصدوق (2) والشيخ في النهاية (3) وجماعة: أن * (أمرها
إلى الأب) * والجد بالانفراد * (وليس لها معه أمر) * للأصلين بقاء الولاية،
وبقاء الحرمة، والصحاح المستفيضة وغيرها.
ففي الصحيح: لا تنكح ذوات الآباء من الأبكار إلا بإذن آبائهن (4).
وفيه أولا: عدم الصراحة باحتمال الندب، أو الإخبار عن المتعارف،
أو الحرمة في الصور الغالبة المستلزمة للمهالك العظيمة، التي يجب حمل
إطلاقه عليها.
وليس فيه إحداث قول سابع، لتخصيص المنع بها دون النادرة، فلو
فرض عدم ترتب المفاسد على التزويج بغير إذن الولي حل وصح، والكل
متفقون عليه، كالآية، والأخبار الناهية عن إلقاء النفس في التهلكة، المعتضدة
بالاعتبار. ومثل هذا الجواب جار في غيره من الأخبار المانعة عن تزويجهن
بغير الولي.

(1) قاله الشهيد في المسالك 7: 139.
(2) الهداية: 260.
(3) النهاية 2: 310 و 311.
(4) الوسائل 14: 208، الباب 6 من أبواب عقد النكاح الحديث 5.
101

وثانيا: باحتمال تبعيضية " من "، المنافية للاستدلال، لاحتمال الحمل
حينئذ على الصغيرة الباكرة.
ولزوم إلغاء القيد بالأبكار - بناء على ثبوت حكمه بغيره كالثيب
الصغيرة - مدفوع بوروده مورد الغالب، فلا عبرة بمفهومه، كسائر المفاهيم
التي هي حجة، مضافا إلى ثبوت النقض بها، بل وبالبالغة الثيبة إذا كانت
مجنونة أو سفيهة على تقدير البيانية أيضا، فما هو الجواب عنه هنا فهو
الجواب عنه هناك.
وفي الصحيح: عن البكر إذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها أمر؟ قال:
ليس لها مع أبيها أمر ما لم تثيب (1).
وبمعناه أخبار كثيرة، ولكن ليست صريحة في الحرمة، فضلا عن
الشرطية، فتحمل على ما قدمناه من الاستحباب أو الحرمة في الصورة
المذكورة.
ومثل الجواب يجري في الصحيح: لا تستأمر الجارية إذا كانت بين
أبويها، ليس لها مع الأب أمر، وقد يستأمرها كل أحد ما عدا الأب (2).
ويزيد الضعف فيه باحتمال الحمل على التقية، كما قيل (3)، أو حمل
الجارية فيها على الصغيرة.
ولا ينافيه الحكم باستئمار الأجانب لها عدا الأب، بناء على أنها ليست
محله، وذلك للمنع من أنها ليست محله مطلقا، بل عدم كونها محله مخصوص
بحال الصغر، وذلك لا ينافي استئمارها بمعنى الصبر إلى حين بلوغها.
والحاصل أن المراد أنه يجب على كل أحد استئمار الصغيرة ولو بالصبر

(1) الوسائل 14: 203، الباب 3 من أبواب عقد النكاح الحديث 11.
(2) الوسائل 14: 205، الباب 4 من أبواب عقد النكاح الحديث 3.
(3) قاله في الحدائق 23: 225.
102

إلى بلوغ الرتبة دون الأب، فلا يجب عليه هذا الاستئمار، بل يزوجها حين
الصغر من دون صبر إلى البلوغ.
وفي الصحيح: لا ينقض النكاح غير الأب (1).
وهو مع احتمال كون النقض فيه بمعنى المنع فيحمل على الاستحباب
محمول على التقية، كما قيل (2)، أو على الصغيرة، كما هو الأقرب.
ولا عموم فيه، فضلا عن الخصوص الشامل للبالغة، بل عمومه لا قائل
به منا، لارتفاع الولاية عن الثيبة عندنا.
خلافا لمن خالفنا، ومثله الكلام في الحسن: في الجارية يزوجها أبوها
بغير رضا منها، قال: ليس لها مع أبيها أمر إذا أنكحها جاز نكاحه وإن كانت
كارهة (3). لاحتمال الجارية فيه الصغيرة، مع احتماله المحامل المتقدمة.
ومن العجب استدلال بعض الأصحاب (4) لهذا القول بالصحيح المانع من
تزويج العذراء متعة (5)، الدال بمفهومه المعتبر - كما تقدم - على جواز تزويجها
بالدوام وإن هو إلا غفلة واضحة، مضافا إلى ما عرفت من كونه من أوضح
الأدلة، لاستقلال الباكرة البالغة، بعد ثبوت أن النهي فيه عن المتعة للكراهة.
وتمام أدلة هذا القول مع الأجوبة مذكور في الرسالة، فعليك بالمراجعة.
* (ومن الأصحاب من أذن لها في) * تزويج * (المتعة دون الدائم) * وهو
شيخنا في التهذيبين (6) وظاهر شيخنا في المقنعة (7) عملا بأخبار المتعة،

(1) الوسائل 14: 205، الباب 4 من أبواب عقد النكاح الحديث 5.
(2) لم نعثر عليه.
(3) الوسائل 14: 215، الباب 9 من أبواب عقد النكاح الحديث 7.
(4) نهاية المرام 1: 75.
(5) الوسائل 14: 459، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 12.
(6) التهذيب 7: 254 و 380، ذيل الحديث 1094 و 1538، والاستبصار 3: 145 و 236، ذيل
الحديث 527 و 850.
(7) انظر المقنعة: 510 و 511.
103

وأخبار استقلال البالغة في الجملة، ومنع الدوام من حيث كونه أشد، ومن
الجمع بين تلك الأخبار بحملها على المتعة ومقابلها مما دل على استقلال
الأب خاصة بحمله على الدوام.
وضعف الجميع ظاهر بالضرورة، لفساد الجمع بعدم الشاهد عليه بالمرة،
مع إباء أخبار المتعة عنه، لما عرفت من الأولوية، بناء على ما في المتعة من
الغضاضة والشناعة، الغير اللائقة بأرباب المروة، ولذا كره أو نهي عنه في
المعتبرة (1) ولا كذلك الدوام.
ومنعها بأن الدائم لكثرة توابعه من النفقة والميراث وغيرهما أهم من
المتعة غير جيد، لعدم مقاومة مثل ذلك، للغضاضة والعار، مع جريان مثله في
المتعة أيضا مع الاشتراط على قول جماعة.
وبالجملة الأولوية واضحة، وإنكارها مكابرة.
* (ومنهم من عكس) * فجوز الدوام دون المتعة، جمعا، مضافا إلى
الصحيح المتقدم المانع عن تزويجهن متعة الدال بمفهومه - المعتبر عرفا
وشرعا - على جوازه دائما.
وهذا القول مع مجهولية قائلة - إذ لم ينقله إلا المصنف، وقد سئل عنه
فلم يجبه (2) - ضعيف بأخبار المتعة الصريحة المنجبر قصور أسانيدها
بالشهرة العظيمة والإجماعات المنقولة، سيما في خصوص جواز المتعة.
ولا يعارض شيئا من ذلك الصحيح، مع ما عرفت من حمل النهي فيه على
الكراهة.
* (و) * حيث ظهر لك مقدوحية أدلة الأقوال الأربعة أو الخمسة ظهر لك
أن القول * (الأول أولى) * وإن كان الأحوط المصير إلى التشريك إن لم يكن

(1) الوسائل 14: 459، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 10.
(2) السائل صاحب كشف الرموز 2: 113.
104

في ارتكابه خلاف الاحتياط، وهو الهادي إلى مسلك النجاة. وكل ذلك
إذا أراد الولي تزويجها من كفو.
* (و) * أما * (لو عضلها الولي) * ومنعها عن ذلك أو مطلقا مع رغبتها فيه
* (سقط اعتبار رضاه إجماعا) * منا، حكاه جماعة من أصحابنا. وهو الحجة
فيه، مع الأدلة القاطعة النافية للعسر والحرج عن الملة السهلة السمحة.
ومنه يظهر أن في حكمه الغيبة المنقطعة، التي يحصل معها المشقة
الشديدة العظيمة، على ما حكي عن الخلاف (1)، وارتضاه كثير من الأصحاب.
* (ولو زوج الصغيرة غير الأب والجد توقف على رضاها عند البلوغ) *
إجماعا، لعدم الولاية له فيلحق بالفضولي، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
وفي الصحيح المقطوع: رجل مات وترك أخوين وابنة والبنت صغيرة
فعمد أحد الأخوين الوصي فزوج الابنة من ابنه ثم مات أبو الابن المزوج
فلما أن مات قال الآخر: أخي لم يزوج ابنه فزوج الجارية من ابنه، فقيل
للجارية: أي الزوجين أحب إليك الأول أو الآخر؟ قالت: الآخر، ثم إن الأخ
الثاني مات وللأخ الأول ابن أكبر من الابن المزوج فقال للجارية: اختاري
أيهما أحب إليك الزوج الأول أو الزوج الآخر، فقال: الرواية فيها أنها للزوج
الآخر، وذلك أنها قد كانت أدركت حين زوجها، وليس لها أن تنقض ما
عقدته بعد إدراكها (2). وهو كما ترى نص في الباب.
* (وكذا) * الحكم في * (الصغير) * لعموم الدليل، وعدم القائل بالفرق.
* (وللمولى أن يزوج المملوكة) * له * (صغيره) * كانت * (أو كبيرة،
بكرا) * كانت * (أو ثيبا، عاقلة) * كانت * (أو مجنونة، ولا خيرة لها. وكذا) *
الكلام في * (العبد) * المملوك له، لأنه المالك لمنافعهما إجماعا فتوى ودليلا،

(1) الخلاف 4: 278، المسألة 37.
(2) الوسائل 14: 212، الباب 8 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد الحديث 1.
105

كتابا وسنة، قال الله عز وجل: " فانكحوهن بإذن أهلهن " (1) وقال: " عبدا
مملوكا لا يقدر على شئ " (2)، والنصوص بهما مستفيضة، بل متواترة.
ففي الحسن: عن مملوك تزوج بغير إذن سيده، فقال: ذاك إلى سيده إن
شاء أجازه، وإن شاء فرق بينهما (3). والنصوص المعتبرة بمعناه مستفيضة،
يأتي ذكرها في تضاعيف الباب.
وفي الخبرين: عن الأمة تتزوج بغير إذن أهلها، قال: يحرم ذلك عليها
وهو زنا (4).
وليس له الولاية على المبعض، بمعنى إجباره عليه وإن كانت له عليه،
بمعنى عدم استقلاله بدون إذنه إجماعا، كما في التذكرة (5).
وللولي تزويج أمة المولى عليها وعبده مطلقا إذا كانت فيه مصلحة.
خلافا لبعض العامة، ولا يكون له فسخه بعد الكمال، كسائر تصرفاته
في أمواله.
* (ولا يزوج الوصي) * للأب أو الجد صغيري الموصي مطلقا على
الأشهر، كما في المسالك (6). وهو الأظهر، لأصالتي عدم الولاية وعدم
انتقالها مع انقطاعها بموت الموصي، والنصوص (7) الحاصرة لها في الأب
خاصة، ومفهوم الصحيحين: في تزويج الصبي للصبية إن كان أبواهما اللذان
زوجاهما فنعم جائز (8)، وخصوص الصحيح المتقدم وإن قصر بالإرسال،

(1) النساء: 25.
(2) النحل: 75.
(3) الوسائل 14: 523، الباب 24 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(4) الوسائل 14: 527 و 528، الباب 29 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2 و 3.
(5) التذكرة 2: 590 س 12.
(6) المسالك 7: 148.
(7) الوسائل 14: 205، الباب 4 من أبواب عقد النكاح.
(8) الوسائل 14: 208، الباب 6 من أبواب عقد النكاح الحديث 8، و 15: 326، الباب 33
من أبواب مقدمات الطلاق، الحديث 2.
106

لانجباره بالشهرة بين الأصحاب.
وقيل: نعم مطلقا، كما في المختلف (1) وعن المبسوط (2) للصحاح (3) في
الذي بيده عقدة النكاح هو الأب والأخ والموصى إليه، وزيد في جملة منها:
والذي يجوز أمره في مال المرء يبتاع ويشترى (4). ولاشتمالها على الأخ،
وعدم دلالتها على الجد، وندرة القائل بإطلاقها، بل وعدمه، لتنزيل كلامه
على القول الثالث في كلام بعض الأصحاب قصرت عن المقاومة لما قدمناه
من الأصول المعتضدة بالشهرة المحكية والصحاح المستفيضة بالعمومية
والخصوصية.
فيحمل الموصى إليه فيها على الجد أو الإمام، أو تحمل على استحباب
إطاعتها له، كحملها عليه بالإضافة إلى الأخ.
والتحقيق أن يقال: إن لكل من هذه الصحاح والصحاح المتقدمة وجه
رجحان ومرجوحية، بقوة الدلالة ومخالفة الشهرة والاشتمال على ما لا يقول
بها الطائفة في هذه، وبمقابل الأمور المزبورة في السابقة. وحيث لا مرجح
فليتوقف. ومقتضاه المصير إلى القول الأول، التفاتا إلى الأصول المتقدمة.
ومنه ينقدح وجه القدح في القول بالتفصيل باختيار الأول مع إطلاق
الوصية من دون تنصيص بالولاية في التزويج، واختيار الثاني مع عدمه
والتنصيص، كما عن الخلاف (5).
ويزيد القدح فيه بعدم الدليل عليه في البين، واستلزامه الخروج عن
إطلاق أخبار الطرفين، والجمع بينهما بذلك فرع وجود شاهد عليه، وعموم

(1) المختلف 7: 126.
(2) حكاه في المختلف: 540 س 37، عن المبسوط لكن الموجود عكسه راجع المبسوط 4: 59.
(3) الوسائل 14: 212، الباب 8 من أبواب عقد النكاح.
(4) المصدر السابق: الحديث 4.
(5) الخلاف 4: 254، المسألة 9.
107

" فمن بدله بعد ما سمعه " الآية (1) مخصوص بمورده، وهو التوصية للوالدين
والأقربين لمن ترك خيرا، لاشتماله على الضمير الموجب له.
وبالجملة لا ريب في ضعف هذا القول، كاستثناء صورة خاصة من
إطلاق المنع أشار إليها بقوله: * (إلا من بلغ فاسد العقل مع اعتبار
المصلحة) * لضعف ما قيل في توجيهه من الضرورة، مع عدم توقع زوال
العذر، وخوف المرض، أو الوقوع في الزنا، ولذا ثبت الولاية عليه للحاكم مع
عدم ثبوتها له على الصغير (2).
لاندفاع جميع ما ذكر بولاية الحاكم، كاندفاعه بولايته فيمن بلغ صحيح
العقل ثم فسد.
نعم ربما أمكن ذلك مع عدم إمكان الوصول إليه، ولكن لا يستلزم ذلك
ثبوت الولاية للوصي على الإطلاق.
* (وكذا الحاكم) * أي الإمام العادل أو منصوبه خصوصا أو عموما ومنه
الفقيه الجامع لشرائط الفتوى، فلا يزوج الصغيرين مطلقا في المشهور،
والبالغين فاسدي العقل مع وجود الجد والأب إجماعا، لما تقدم من الأدلة،
لإطلاق المنع في الوصي.
ويزوجهما مع فقدهما مع الغبطة إجماعا، لأنه وليهما في المال فيتولى
نكاحهما، وللصحيح: الذي بيده عقدة النكاح هو ولي أمرها (3). ولا قائل
بالفرق. والنبوي: السلطان ولي من لا ولي له (4).
ويلحق به نوابه، لعموم أدلة النيابة، مضافا إلى مسيس الحاجة إلى
ولايته، وهو - كالخبرين - يتناول الصغيرين.

(1) البقرة: 181.
(2) قاله في كشف اللثام 2: 15 س 27.
(3) الوسائل 14: 212، الباب 8 من أبواب عقد النكاح الحديث 2.
(4) سنن البيهقي 7: 105.
108

فمنع ولايته عنهما في المشهور غير واضح، إلا أن يكون اجماع.
وفيه نظر.
وظاهر تشبيه المتن الحاكم بالوصي بقول مطلق حصر ولايته فيمن بلغ
فاسد العقل لا غير، ومنه البالغ رشيدا، والفاسد عقله طارئا، فلا ولاية له
عليه أبدا. وهو وإن خالف المشهور في صورة وجود الأولين أو أحدهما
والإجماع في صورة فقدهما، إلا أنه المختار في الصورة الأولى، كما تقدم
سابقا.
* (ويلحق بهذا الباب مسائل) *.
* (الأولى) *: لكل من الأب والجد له كغيرهما من الأولياء والوكلاء - إلا
من سيأتي - على الأشهر الأظهر تولي طرفي العقد.
ولا بد في الأب لأحد الطرفين أن يكون وكيلا للآخر أو وليه، لعموم
أدلتي الولاية والوكالة، وكفاية المغايرة الاعتبارية، لعدم الدليل على اعتبار
الحقيقة، بل عن الخلاف الاتفاق على عدمها عندنا (1) إلا * (الوكيل في
النكاح) * عنها أو عن وليها.
ف‍ * (لا يزوجها من نفسه) * مع تنصيصها أو من في حكمها بتعين
الزوج إجماعا، وللصحيح: في امرأة ولت أمرها رجلا فقالت: زوجني فلانا
فزوجها من نفسه وكرهته المرأة فقالت: لا ولا كرامة، وما أمري إلا بيدي
وما وليتك أمري إلا حياء من الكلام، قال: تنزع منه ويوجع رأسه (2).
وكذا مع الاطلاق على الأشهر الأظهر، للأصل، وعدم انصرافه إليه.
خلافا للتذكرة (3).

(1) لم نعثر عليه ونقله عنه في كشف اللثام 2: 22 س 5.
(2) الوسائل 14: 216، الباب 10 من أبواب عقد النكاح الحديث 1.
(3) التذكرة 2: 603 س 3.
109

وكذا مع العموم - كزوجني ممن شئت - على الأحوط، بل الأظهر،
لظهور العموم، بالإضافة إلى غيره لا إليه، ولا أقل من الشك.
فالمصير إلى مقتضى الأصل متعين، ونحوه الظن، لعدم دليل معتد به على
اعتباره في مثله، لانحصار ما دل على حجيته في غيره، وعدم اعتباره في
أمثاله غير عزيز، وهو المطابق، للأصل.
فالقول بالجواز حينئذ مشكل، مضافا إلى عدم الفرق بينه وبين الاطلاق
في الشمول وإن كان فيه أقوى. والقوة غير فارقة بينهما بالنظر إلى أصل
الشمول، الذي هو المناط في الإذن. فتأمل.
* (ولو أذنت) * له * (في ذلك) * أي التزويج منه بالخصوص أو الاطلاق
والعموم المحفوفين بما يدل على دخوله قطعا * (فالأشبه) * الأشهر كما عن
الإسكافي (1) وفي الشرائع (2) والقواعد (3) والمختلف (4) والتذكرة (5)
واللمعة (6) والروضة (7) والمسالك (8) وشرح الكتاب لسبطه (9) وغيرهم
* (الجواز) * ولو لزم تولية طرفي العقد، للأصل المستفاد من عمومات
التوكيل المتيقنة المعتضدة في المقام أيضا بالشهرة.
* (وقيل: لا) * لرواية قاصرة السند * (وهي رواية عمار) * بن موسى
الساباطي الموثقة سأل أبا الحسن (عليه السلام): عن امرأة تكون في أهل بيت فتكره
أن يعلم بها أهلها يحل لها أن توكل رجلا يريد أن يتزوجها تقول له: قد
وكلتك فاشهد على تزويجي؟ قال: لا، قال: قلت: وإن كانت أيما، قال: وإن

(1) كما في المختلف 7: 128.
(2) الشرائع 2: 278.
(3) القواعد 2: 7 س 8.
(4) المختلف 7: 128.
(5) التذكرة 2: 603 س 3.
(6) اللمعة: 110.
(7) الروضة 5: 122.
(8) المسالك 7: 152.
(9) نهاية المرام 1: 82.
110

كانت أيما، قلت: فإن وكلت غيره بتزويجها منه، قال: نعم (1).
والقول بالمنع ضعيف، ولكن الأحوط مراعاتها، لاعتبار سندها، وظهور
دلالتها، واعتضادها بأصالة بقاء الحرمة بحالها، ولولا الشهرة لتعين المصير
إليها.
وكيف كان ينبغي تخصيص المنع بموردها، لانتفاء المانع في غيره من
جهتها، فيجوز الوكالة من الطرفين لشخص واحد، فيتولى طرفي العقد بنفسه،
لعموم أدلة التوكيل، وانتفاء المانع هنا من جهة غيرها، لكفاية المغايرة
الاعتبارية، لعدم دليل على اعتبار الحقيقية، مع الإجماع المحكي، كما تقدم
على عدم اعتبارها عندنا.
* (الثانية: النكاح) * الفضولي صحيح، ولكن * (يقف على الإجازة) * من
ولي العقد، فإن أجاز لزم، وإلا بطل على الأظهر الأشهر، بل عليه الإجماع
عن المرتضى مطلقا (2) * (في الحر والعبد) * وعن الحلي (3) في الأول خاصة،
وعن الخلاف (4) في الثاني كذلك، للنصوص المستفيضة، التي كادت تكون
متواترة، يقف عليها المتتبع لأخبار النكاح في غير مسألة.
منها النبوي المتقدم في البكر التي زوجها أبوها فأتته تستعدي أجيزي
ما صنع أبوك.
والصحيح المتقدم أيضا في تزويج غير الأبوين، الصغيرين، المصرح
بالصحة، والوقوف على الإجازة.
ونحوه الخبر المتقدم في أول الفصل في تزويج الأم ولدها.
والحسن: عن مملوك تزوج بغير إذن سيده، فقال: ذاك إلى سيده إن شاء

(1) الوسائل 14: 217، الباب 10 من أبواب عقد النكاح الحديث 4.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): 247، المسألة 154.
(3) السرائر 2: 564 و 565.
(4) الخلاف 4: 266، المسألة 18.
111

أجازه، وإن شاء فرق بينهما، قال فقلت: أصلحك الله إن الحكم بن عيينة
وإبراهيم النخعي وأصحابهم يقولون: إن أصل النكاح فاسد فلا تحل إجازة
السيد له، فقال (عليه السلام): إنه لم يعص الله تعالى وإنما عصى سيده، فإذا أجازه فهو
له جائز (1).
والخبر المروي بعدة طرق فيها الصحيح، وفيه: جاء رجل إلى أبي
عبد الله (عليه السلام) فقال: إني كنت مملوكا لقوم وإني تزوجت امرأة حرة بغير إذن
مولاي ثم أعتقوني بعد ذلك فأجدد نكاحي إياها حين أعتقت، فقال له:
أكانوا علموا أنك تزوجت امرأة وأنت مملوك لهم؟ فقال: نعم، وسكتوا عني،
ولم يعيروا علي، فقال: سكوتهم عنك بعد علمهم إقرارهم أثبت على نكاحك
الأول (2).
ومن هذه الأخبار وإن اختص مواردها بالنكاح يستفاد جواز الفضولي
في سائر العقود بفحوى الخطاب، للاتفاق فتوى ورواية على شدة أمر
النكاح، وعدم جواز المسامحة فيه بما ربما يتسامح في غيره، فإن أجاز
الفضولي في مثله جاز في غيره بطريق أولى، كما لا يخفى على أولي البصيرة
والنهى.
خلافا لأحد قولي الشيخ في الخلاف (3) والمبسوط (4)، فأفسد الفضولي
هنا من أصله، ولفخر الدين (5)، فأطلق الفساد، للأصل، وتوقيفية العقود
الناقلة، فلا تصح إلا بدليل، والأخبار الناطقة بفساد النكاح بغير إذن الولي
أو المولى، منها الأخبار العامية النافية للولاية عن البكر البالغة، المروية

(1) الوسائل 14: 523، الباب 24 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 525، الباب 26 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(3) الخلاف 4: 257، المسألة 11.
(4) المبسوط 4: 163.
(5) الإيضاح 3: 27.
112

عن أبي هريرة (1) وعائشة (2)، ومنها الرواية (3) الخاصية الحاكمة بفساد
تزويج الأمة بدون إذن سيدها.
وفي الجميع نظر، لتخصيص الأصل بما تقدم، ومعه لا يصلح دعوى عدم
الدليل. والأخبار العامية المناقشة فيها واضحة، حيث إن راويها عائشة وأبو
هريرة، اللذان هما أكذب البرية، مع أنه أنكرها المحققون من العامة، كما في
المسالك (4) والتذكرة (5) والخاصية مع ضعفها سندا غير صريحة الدلالة،
فيحتمل أن الفساد بدوام عدم الإذن، الغير المنافي ذلك للصحة مع الإذن في
الجملة، ومع ذلك غير صالحة هي - كما تقدمها من الأدلة - للمعارضة،
لما مر من الأدلة بالمرة من وجوه عديدة.
ودعوى الشيخ الإجماع على الفساد في الخلاف موهونة بمصير معظم
الأصحاب، بل عداه كافة، سوى فخر الدين إلى المخالفة له في المسألة.
* (ويكفي في الإجازة سكوت البكر) * عند عرضه عليها إن كانت هي
المعقود عليها، كما يكفي في الإذن ابتداء على الأشهر الأظهر، بل لم ينقل
فيه خلاف إلا عن الحلي (6). وهو محجوج بالنص الجلي، كالصحيح: في
المرأة البكر إذنها صماتها والثيب أمرها إليها (7) ونحوه في الرجل يريد أن
يزوج أخته قال يؤامرها فإن سكتت فهو إقرارها وإن أبت فلا يزوجها (8)
ونحوه الخبر (9).
وفي النبوي: لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن

(1) سنن ابن ماجة 1: 605، الحديث 1879 و 1882.
(2) سنن ابن ماجة 1: 605، الحديث 1879 و 1882.
(3) الوسائل 14: 223، الباب 17 من أبواب عقد النكاح الحديث 2.
(4) انظر المسالك 7: 162.
(5) انظر التذكرة 2: 585 س 39.
(6) السرائر 2: 569 و 574.
(7) الوسائل 14: 206، الباب 5 من أبواب عقد النكاح الحديث 1.
(8) المصدر السابق: 205، الحديث 4.
(9) المصدر السابق: 201، الحديث 3.
113

وأن سكوتها إذنها (1).
ولعل الحكمة فيه أنها تستحيي من الجواب باللفظ في ذلك، فاكتفى منها
بالسكوت.
* (و) * مقتضاها - كالأصل والصحيح الأول - أنه * (يعتبر في) * إجازة
* (الثيب) * وإذنها كغير الباكرة مطلقا * (النطق) * به، ولا ريب في ذلك، مع
حصول الثيبوبة بالوطء مطلقا. وأما مع حصولها بغيره من أسباب زوال
البكارة فإشكال.
والأصح أنه كالأول، لا لإطلاق النص في الثيب، لعدم تبادر مثلها منه،
بل للشك في صدق كل من البكارة والثيبوبة عليها، لكونها غير متبادرة
منهما عند الإطلاق. فلا يمكن دعوى دخولها في أحدهما.
فيتعين المصير في مثلها إلى حكم الأصل، وهو يقتضي إلحاقها بالثيب
في اعتبار النطق بالإذن.
ومنه يظهر حكم الموطوءة في الدبر وإن لم تصدق عليها الثيب، للشك
في دخولها في البكر المطلق، فتلحق بالثيب، للأصل.
وبالجملة حيث كان الاكتفاء بالسكوت عن التصريح بالإذن مخالفا
للأصول - ولذا أنكره الحلي (2) رأسا - يجب الاقتصار فيه على القدر
المجمع عليه، والمتيقن دخوله في النص، والرجوع في غيره إلى الإذن
الصريح، وليس ما ذكر منه.
ثم إن الاكتفاء بالسكوت حيث يكتفى به مشروط بالتجرد عن القرينة
المعربة عن عدم الرضا، وأن محله إنما هو صورة الشك في رضاها وعدمه
لا مطلقا.
هذا ما يقتضيه القواعد المرعية، ولكن المستفاد من بعض المعتبرة

(1) كنز العمال 16: 311، الحديث 44657.
(2) السرائر 2: 569 و 574.
114

الاكتفاء في الإجازة بالسكوت ولو في غير الباكرة، كالصحيح المتقدم في
الفضولي، المتضمن لصحة عقد العبد بدون إذن مواليه بسكوتهم وأن سكوتهم
إقرارهم.
ونحوه خبر آخر قريب منه في عدم اعتبار النطق بالإجازة فيه: أنه أتاه
رجل بعبده فقال: إن عبدي تزوج بغير إذني فقال علي (عليه السلام) لسيده: فرق
بينهما، فقال السيد لعبده: يا عدو الله طلق، فقال (عليه السلام): كيف قلت له؟ فقال:
قلت له: طلق، فقال: علي (عليه السلام) للعبد: أما الآن فإن شئت فطلق وإن شئت
فأمسك، فقال السيد: يا أمير المؤمنين أمر كان بيدي فجعلته بيد غيري، قال:
ذلك لأنك حيث قلت له: طلق أقررت بالنكاح (1).
وحيث إنهما لم ير مفتيا بمضمونهما يشكل التعويل على ظاهرهما في
تخصيص الأصل المتيقن، مع إمكان حملهما على وجود قرينة دالة على
الرضا سوى السكوت، والأمر بالطلاق.
* (الثالثة: لا تنكح الأمة إلا بإذن المولى، رجلا كان المولى، أو امرأة) *
دائما كان النكاح، أو متعة إجماعا في الأول، وعلى الأشهر الأظهر في الثاني
مطلقا، بل عن الحلي (2) بلا خلاف، لرجوع الشيخ المفتي بالرواية الآتية في
النهاية (3) عنها في غيرها (4)، للأدلة القطعية، كالعقل، والكتاب، والسنة
المستفيضة، بل المتواترة.
منها الصحيح: هل يجوز للرجل أن يتمتع من المملوكة بإذن أهلها وله
امرأة حرة؟ قال: نعم إذا كان بإذن أهلها، الحديث (5).

(1) الوسائل 14: 526، الباب 27 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) السرائر 2: 595.
(3) النهاية 2: 377.
(4) نقله في السرائر عن الحائريات 2: 595.
(5) الوسائل 14: 464، الباب 16 من أبواب المتعة الحديث 1.
115

ونحوه آخر: في رجل تزوج امرأة حرة فوجدها أمة دلست نفسها له،
قال: إن كان الذي زوجها إياه من غير مواليها فالنكاح باطل (1). فتأمل.
والموثق: الرجل يتزوج الأمة بغير إذن أهلها، قال: هو زنا، إن الله تعالى
يقول: " فانكحوهن بإذن أهلهن " (2).
* (و) * خلاف الشيخ في النهاية (3) بمصيره إلى العمل بما * (في رواية
سيف) * بن عميرة (4) الصحيحة المتضمنة: أنه * (يجوز نكاح أمة المرأة من
غير إذنها متعة) * ضعيف، لأنها مع اضطرابها سندا، لروايتها عن مولانا
الصادق (عليه السلام) بلا واسطة تارة، وبواسطة علي بن المغيرة تارة، وداود بن فرقد
أخرى، مع عدم الوفاق على وثاقة الراوي، واشتراك علي بن الحكم في
سندها وإن كان الظاهر الوثاقة وعدم الاشتراك، إلا أن مثل ذلك لا يقاوم ما
خلا عنه، مضافا إلى عدم توافق متنها، المروي في الطرق الثلاثة، فذكر في
الأخير يتزوج.
ولا قائل بعمومه إجماعا، سيما مع ظهور التزويج في الدائم، وحمله
على المتمتع بقرينة الطريقين الأخيرين حمل المطلق على المقيد فرع
استفادة نفي جواز الدوام منهما، وهو كما ترى. فتأمل.
وفي الأخيرين يتمتع، وهو يحتمل بالبيع وغيره، ويكون الغرض جوازه
من دون استبراء في أمة المرأة دون الرجل، فيحتاج فيه إليه أو إلى إخباره.
وهو غير بعيد، ولا سيما في مقام الجمع، وأولى من طرحها، بناء على
شذوذها، لرجوع الشيخ، كما مر عن مضمونها.

(1) الوسائل 14: 577، الباب 67 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 527، الباب 29 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(3) النهاية 2: 377.
(4) الوسائل 14: 463، الباب 14 من أبواب المتعة الحديث 2.
116

* (و) * مع ذلك * (هي منافية للأصل) * المتيقن بالأدلة السابقة من
تحريم التصرف في ملك الغير مطلقا بدون إذنه.
* (الرابعة: إذا زوج الأبوان) * أي الأب والجد * (الصغيرين صح) *
التزويج، لما مر * (وتوارثا) * قيل: بلا خلاف يعرف حتى ممن خير الصبي
عند الإدراك (1) لتصريحه به مع ذلك، وعن المصنف في النكت أن الخيار
عند البلوغ لا ينافي التوارث (2).
ووجهه أنه عقد صحيح شرعا يصيران به زوجا وزوجة، فيثبت لهما
التوارث، لإطلاق الأدلة بتوارث المتزاوجين، والأصل بقاء الصحة إلى طرو
المعارض، وهو اختيار الفسخ عند البلوغ وهو هنا ممتنع.
ويدل عليه مع ذلك الصحيحان (3): في الصبي يتزوج الصبية يتوارثان،
قال: إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم.
* (ولا خيار لأحدهما عند البلوغ) * كما مر.
* (ولو زوجهما غير الأبوين) * مطلقا كان فضوليا، و * (وقف على
إجازتهما) * بعد الإدراك.
* (فلو ماتا أو مات أحدهما) * قبل الإجازة * (بطل العقد) * مطلقا أجاز
الثاني، أم لا.
* (ولو بلغ أحدهما فأجاز) * لزم العقد من جهته من تحريم المصاهرة،
فيحرم عليه إن كان زوجا الأخت والخامسة، وكل من الأم والبنت، إلا إذا
فسخت فلا حرمة على إشكال في الأم، من أن الفسخ كاشف عن الفساد،
أو رافع له من حينه.

(1) قاله في كشف اللثام 2: 22 س 31.
(2) النكت بهامش النهاية 2: 315.
(3) الوسائل 14: 220، الباب 12 من أبواب عقد النكاح الحديث 1، الوسائل 17: 527، الباب
11 من أبواب ميراث الأزواج الحديث 1.
117

والأصح الأول، فإن الإجازة إما جزء أو شرط، وأيهما كان فلا يصح
النكاح بدونها، مضافا إلى عدم تبادر هذه الصورة مما دل على حرمة الأم
بمجرد العقد على البنت، وإن كان زوجة لم يحل لها نكاح غيره مطلقا،
إلا إذا فسخ.
وهل لها حينئذ نكاح أبيه، أو ابنه؟ فيه الوجهان في إباحة الأم بالفسخ.
كل هذا إذا كان المجيز حيا.
وأما إن أجاز * (ثم مات عزل من تركته نصيب) * الآخر * (الباقي) * إلى
أن يبلغ * (فإذا بلغ) * ولم يجز بطل العقد، * (و) * إن * (أجاز أحلف أنه لم يجز
للرغبة) * في استيراث التركة * (وأعطي نصيبه) * منها.
واعتبر الحلف دفعا للتهمة في أكثر موارد المسألة. وأما الباقي المنتفية
فيه ككون الباقي الزوج والمهرية بقدر الميراث أو أزيد فالأجود - وفاقا
للروضة (1) - عدم الحلف إن لم يتعلق غرض بإثبات أعيان التركة، بحيث
يترجح على ما ثبت عليه من الدين، أو يخاف امتناعه من أدائه، أو هربه،
ونحو ذلك، مما يوجب التهمة.
ومع ذلك فالموجود في الرواية موت الزوج وإجازة الزوجة خاصة،
وأنها تحلف بالله تعالى ما دعاها إلى أخذ التركة سوى الرضا بالتزويج، فهي
لما ذكرنا غير منافية، ولكن فتوى الأصحاب مطلقة في إثبات الحلف لأخذ
التركة. فإن كان إجماع، وإلا فالمسألة محل مناقشة.
والمستند في هذا التفصيل صحيحة أبي عبيدة قال: سألت أبا جعفر (عليه السلام)
عن غلام وجارية زوجهما وليان لهما وهما غير مدركين، فقال: النكاح
جائز، وأيهما أدرك كان على الخيار، وإن ماتا قبل أن يدركا فلا ميراث

(1) الروضة 5: 145 و 146.
118

بينهما ولا مهر، إلا أن يكونا قد أدركا ورضيا، قلت: فإن أدرك أحدهما قبل
الآخر، قال: ذلك يجوز عليه إن هو رضي، قلت: فإن كان الرجل أدرك قبل
الجارية ورضي بالنكاح ثم مات قبل أن تدرك الجارية أترثه؟ قال: نعم،
يعزل ميراثها منه حتى تدرك، فتحلف بالله ما دعاها إلى أخذ الميراث إلا
رضاها بالتزويج، ثم يدفع إليها الميراث ونصف المهر، قلت: فإن كان أبوها
هو الذي زوجها قبل أن تدرك، قال: يجوز عليها تزويج الأب، ويجوز على
الغلام، والمهر على الأب للجارية (1).
والمراد بالوليين في الصدر بقرينة الذيل ما عدا الأبوين، كالوصي والولي
في المال ونحوه.
ويستفاد منه بفحوى الخطاب حكم ما لو زوج أحد الصغيرين الولي، أو
كان أحدهما بالغا رشيدا وزوج الآخر الفضولي فمات الأول، فإنه يعزل
للثاني نصيبه، ويحلف بعد بلوغه كذلك وإن مات بطل العقد، للزوم العقد هنا
من الطرف الآخر، فهو أقرب إلى الثبوت مما هو جائز من الطرفين، كما في
الصغيرين، وفاقا للقواعد (2) والمسالك (3) والروضة (4) وغيرهم.
نعم لو كانا كبيرين وزوجهما الفضولي ففي تعدية الحكم إليهما إشكال،
من مساواته للمنصوص في كونه فضوليا من الجانبين ولا مدخل للصغر
والكبر في ذلك، ومن ثبوت الحكم في الصغيرين على خلاف الأصل، من
حيث توقف الإرث على الحلف، وظهور التهمة في الإجازة، فيحكم فيما
خرج عن المنصوص ببطلان العقد متى مات أحد المعقود عليهما بعد إجازته
وقبل إجازة الآخر. وهو أوجه، وفاقا للقواعد (5) وجماعة.

(1) الوسائل 17: 527، الباب 11 من أبواب ميراث الأزواج الحديث 1.
(2) القواعد 2: 7 س 13 و 17.
(3) المسالك 7: 177.
(4) الروضة 5: 146.
(5) القواعد 2: 7 س 13 و 17.
119

والأولوية المدعاة لتصحيح الأول للفقير غير مفهومة.
وفي ثبوت المهر على الزوج إذا كان هو الباقي خاصة بمجرد الإجازة
من دون الحلف وجهان من أنه حق مترتب على ثبوت النكاح ولم يثبت
بدونهما، ومن أن الإجازة كالإقرار في حق نفسه بالنسبة إلى ما يتعلق به
كالمهر.
وإنما يتوقف الإرث على اليمين، لقيام التهمة، وعود النفع إليه محضا،
فيثبت ما يعود عليه دون ماله، ولا بعد في تبعض الحكم وإن تنافى الأصلان،
الموجبان لهذين الحكمين، أي الزوجية وعدمها، وله نظائر كثيرة في الشريعة.
منها ما لو اختلفا في تحقق النكاح، فإن مدعيه يحكم عليه بلوازم
الزوجية دون المنكر ولا يثبت النكاح ظاهرا.
وإطلاق النص بتوقف الإرث على حلفه لا ينافي ثبوت المهر عليه
بدليل آخر. وهذا هو الأقوى.
وعليه ففي إرثه منه إشكال، من توقف الإرث على اليمين، ومن أن
الإقرار لا يوجب الموآخذة إلا بنصف المهر، فإن غاية ما يلزم تحقق
الزوجية في طرفه، وهو لا يستلزم إلا ثبوت نصف المهر، ولا دليل على
الزائد. وهذا أوجه، وفاقا لفخر الإسلام (1) وجماعة.
ثم إن مات الباقي بعد الإجازة وقبل اليمين ففي استحقاقه التركة
إشكال: من تمام الزوجية، ومن توقف الإرث على اليمين. وهو الوجه، وفاقا
لفخر الإسلام (2)، لمنع تمام الزوجية، فإنه بالإجازة الخالية من التهمة.
وأما لو جن قبل الأمرين أو أحدهما عزل نصيبه من العين إن أمكن،
وإلا فمن المثل أو القيمة إلى الإفاقة مطلقا، أو مع عدم خوف الضرر على

(1) الإيضاح 3: 29 و 28.
(2) الإيضاح 3: 29 و 28.
120

الوارث أو المال، فيدفع إليه معه. ويضمن للمجنون إن أفاق وأجاز وحلف،
لعدم معلومية استحقاقه الآن، والأصل عدمه، مضافا إلى انتفاء الضرر
والإضرار في الشريعة.
* (الخامسة: إذا زوجها الأخوان) * مطلقا أو أجنبيان * (برجلين فإن
تبرعا) * ولم يوكلا فالعقدان فضوليان * (اختارت أيهما شاءت) * وفسخت
الآخر، أو فسختهما مطلقا، اقترنا زمانا، أو اختلفا، ولكن ينبغي لها اختيار
من عقد عليه أكبر الأخوين، مع تساوي المعقود عليهما في الرجحان، وإلا
فمن ترجح ولو كان من عقد عليه الأصغر.
كل ذا إذا لم يدخل بأحدهما، ومعه قبل الإجازة بلفظ ونحوه ثبت عقد
من دخلت به وبطل الآخر، لأنه أقوى الإجازات، وإن اختص التبرع
بأحدهما كان العقد للوكيل مطلقا، مع الاقتران أو الاختلاف، كان المتبرع أو
الوكيل، الأخ الأكبر أم الأصغر أم غيرهما.
* (وإن كانا) * معا * (وكيلين وسبق أحدهما) * بالنكاح * (فالعقد له) *
مطلقا على الأشهر الأظهر.
خلافا للشيخ (1) في بعض الصور، كما سيظهر، وبطل المتأخر مطلقا،
دخل بها من عقد عليه، أم لا، لوقوع الأول صحيحا، لاستجماعه الشرائط،
والثاني باطلا، لوقوعه عليها، وهي في عصمة الأول، وتسلم إليه مع عدم
الدخول.
* (ولو دخلت بالآخر) * فهو زنا منهما إن علما بالحال، فلا مهر،
ولا لحوق ولد، ومنها خاصة إن علمت هي دونه، فينتفي الأول دون الثاني،
ف‍ * (لحق به الولد) * ومنه إن علم فينعكس، فلها المهر، ولا لحوق به ووطء

(1) المبسوط 4: 181.
121

شبهة إن جهلا، فيلحق به الولد * (وأعيدت إلى الأول بعد انقضاء العدة) * من
الثاني عدة الطلاق لوطء الشبهة هنا وفي الصورة الثانية، للشبهة الموجبة
للعدة * (ولها المهر) * هنا دونها * (للشبهة) *.
وهل المراد به المثل كما عن المبسوط (1) والتحرير (2) وغيرهما بناء على
فساد العقد الموجب لفساد التسمية، أو المسمى كما عن محتمل التذكرة (3)
لإقدامها بالرضا به؟ وجهان، أوجههما الأول، لإناطة الرضا بالصحة لا مطلقا.
نعم في الحسن أو الصحيح: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قضى في امرأة أنكحها
أخوها رجلا ثم أنكحتها أمها رجلا بعد ذلك فدخل بها فحبلت فاختلفا فيها
فأقام الأول الشهود، فألحقها بالأول، وجعل لها الصداقين جميعا، ومنع
زوجها الذي حقت له أن يدخل بها حتى تضع حملها، ثم ألحق الولد به (4).
وظاهره الثاني بعد حمله على ثبوت وكالة العاقدين فيه، ولكن ليس
نصا، وهو أحوط.
* (وإن اتفقا) * زمانا باقترانهما في القبول * (بطلا) * معا إجماعا فيما عدا
الأخوين، وفيهما أيضا على الأشهر الأظهر، لامتناع الحكم بصحتهما
للتباين، وبصحة أحدهما دون الآخر لأنه ترجيح من غير مرجح (5).
* (وقيل: العقد عقد الأكبر) * مطلقا، إلا مع دخول من عقد عليه الأصغر
فيكون له حينئذ، إلا مع سبق عقد الأكبر، كما عن النهاية (6) والقاضي (7)،

(1) المبسوط 4: 182.
(2) التحرير 2: 8 س 4.
(3) التذكرة 2: 597 س 27.
(4) الوسائل 14: 211، الباب 7 من أبواب عقد النكاح الحديث 2.
(5) لاستلزام الحكم بصحتها الجمع بين المتباينين، وبأحدهما الترجيح من غير مرجح (خ ل،
هامش المطبوعة).
(6) النهاية 2: 312.
(7) المهذب 2: 195.
122

أو مع الاتفاق زمانا خاصة، بشرط أن لا يدخل من عقد عليه الأصغر، كما
عن التهذيبين (1) والمختلف (2) وابني سعيد (3) وحمزة (4)، إلا أنه لم يذكر
الشرط، للخبر: عن جارية كان لها أخوان زوجها الأكبر بالكوفة وزوجها
الأصغر بأرض أخرى، قال: الأول بها أولى، إلا أن يكون الأخير قد دخل بها
فهي امرأته ونكاحه جائز (5).
وهو مع قصور سنده بجهالة الراوي - وإن اعتضد برواية صفوان عنه -
لا دلالة فيه على شئ من القولين، لإطلاق تقديم عقد من دخل من دون
اشتراط فيه لعدم سبق عقد الأكبر، كما في الأول، وعدم تصريح فيه
بالاقتران، فضلا عن اشتراطه لتقديم الأكبر، كما في الثاني، مضافا إلى
ظهوره بالغلبة في مورده في خلافه.
ومع ذلك كله فمبني الاستدلال فيه شيئان.
أحدهما: كون المراد من الأول فيه الأخ الأكبر، ولا نص، بل ولا ظهور
فيه عليه، فيحتمل كون المراد منه السابق في العقد، وهو الأوفق بالأصول
وإن خالفها مع ذلك بترجيح الثاني عليه بمجرد الدخول، الغير الصالح هنا
لذلك، ولكن مع ذلك أولى من إرادة الأخ الأكبر منه، لمخالفته لها حينئذ
من وجهين.
والثاني: كون الأخوين فيه وكيلين، ولا إشعار فيه بذلك، فيحتمل كونهما
فضوليين، كما يقتضيه إطلاقه، مع أن الأصل وظاهر الحال يقتضي عدم
التوكيل.

(1) التهذيب 7: 387، ذيل الحديث 1553، والاستبصار 3: 240 ذيل الحديث 858.
(2) المختلف 7: 108.
(3) الجامع للشرائع: 437.
(4) الوسيلة: 300.
(5) الوسائل 14: 211، الباب 7 من أبواب عقد النكاح الحديث 4.
123

ويصح حينئذ الحكم بتقديم من حصل في حقه دخول، لكونه إجازة
لعقده، كما مر.
ويرفع الإشكال في تقديم الأكبر أو السابق، مع عدم الدخول حينئذ
بالحمل على الاستحباب، بمعنى أنه يستحب لها تقديم عقد الأكبر أو السابق
ما لم يكن دخول، وإلا تعين تقديم الداخل، لتحقق الإجازة به، كما مر،
فيزول معنى التخيير.
وهذا أولى ما ينزل عليه الرواية، وأوفق بأصول المذهب، وبهذا التنزيل
صرح جماعة. فسقط كلام الشيخ ومن تبعه في القولين.
ثم إن جميع ما ذكر مع معلومية السبق والاقتران. وأما مع جهلهما مطلقا
- ولو كان طارئا - ففي إيقاف النكاح إلى الاستبانة - كما عن المبسوط (1)
والتحرير (2)، بناء على أنه إشكال يرجى زواله - نظر، لاستلزامه الإضرار
بالمرأة المنفي بالأدلة القطعية. فالأجود عدمه، وفاقا لجماعة.
وهل يصار حينئذ إلى القرعة، بناء على أنها لكل أمر مشكل، مع أمر من
وقعت له بتجديد النكاح، ومن لم تقع له بالطلاق احتياطا في الفروج، لعدم
إفادة القرعة العلم بالزوجية، مع أصالة عدمها. أو إجبار كل منهما بالطلاق،
لدفع الضرر عن المرأة، وهو إجبار بحق، فلا ينافي صحته. أو فسخ الحاكم
النكاح بالنسبة إلى كل منهما، لما فيه من اندفاع الضرر، مع السلامة من
ارتكاب الإجبار على الطلاق والقرعة، التي لا مجال لها في الأمور، التي هي
مناط الاحتياط التام، وهي الأنكحة، التي يترتب عليها التوارث والأنساب
والمحرمية؟ احتمالات.
أقواها الأول، لعموم أدلته وعزله عن المقام، لكونه مناطا للاحتياط
التام، ولا مجال له فيه اجتهاد في مقابلة الدليل العام.

(1) المبسوط 4: 181.
(2) التحرير 2: 7 س 10.
124

* (السادسة) *: تقدم في أول الفصل: أنه * (لا ولاية للأم) * وأبيها على
الولد مطلقا * (فلو زوجت الولد فأجاز صح) * مطلقا، ذكرا كان، أو أنثى،
وقع التزويج في الصغر، أو الكبر، لكونه فضوليا، فيشمله عموم أدلته.
* (ولو أنكر بطل) * العقد مطلقا إجماعا، وتبعه المهر كذلك فيما لو كان
المعقود عليه فضولا أنثى، وعلى الأشهر الأظهر فيما عداه أيضا.
* (وقيل) *: وهو الشيخ في النهاية (1) * (يلزمها) * أي الأم * (المهر) *
للمعقود عليها تماما، للخبر: عن رجل زوجته أمه وهو غائب، قال: النكاح
جائز إن شاء المتزوج قبل، وإن شاء ترك، فإن ترك المتزوج تزويجه فالمهر
لازم لأمه (2).
وليس فيه مع ضعفه - كما ترى - دلالة عليه، بل يدل على خلافه،
للتصريح فيه بان المهر لازم لأمه، وهو غير لزومه عليها.
فالمعنى حينئذ أنه لا مهر عليها، بل لها استعادته، مع الدفع والامتناع منه
مع عدمه.
فعلى أي تقدير هولها لا عليها، ويفهم منه عدم لزومه لها مع الإجازة،
بل عليها، ولعله لبذلها إياه لها من نفسها، فتكون كمن ضمنه عن الزوج لها.
ولا يحتاج حينئذ إلى حمله على ادعاء الوكالة الموجب للمهر، لتضمنه
التغرير الموجب للضمان، مع عدم إشعار الخبر به، مضافا إلى التأمل في
صحته، بناء على أن البضع إنما يضمن بالاستيفاء على بعض الوجوه
لا مطلقا، والعقد الموجب له لم يثبت، فلم يثبت موجبه.
وعلى تقدير ضمانه مطلقا فالمثل، لا المسمى المتوقف على صحة العقد.
وضرر الغرر يندفع بالأول، إلا أن يحمل المهر في العبارة عليه. وفيه تكلف.

(1) النهاية 2: 317.
(2) الوسائل 14: 211، الباب 7 من أبواب عقد النكاح الحديث 3.
125

وقيل: بلزوم المهر مع دعوى الوكالة منتصفا، لوقوع الفرقة قبل
الدخول (1).
وفيه منع استلزامها التنصيف مطلقا، بل الأصل يقتضي لزومه كملا،
إلا في الطلاق، أو الموت على الاختلاف فيه، فينتصف فيهما، ولم يقعا.
فلا وجه للقول بالانتصاف هنا، بل اللازم الجميع، كما هو ظاهر المتن
والشرائع (2) والقواعد (3). وهو الأقوى على تقدير صحة دعوى أن ادعاء
الوكالة بمجرده يوجب المهر، وإلا فالبحث فيه ساقط من أصله، كما ترى،
وهو ظاهر كلام المصنف.
* (ويمكن حمله على دعوى) * الأم * (الوكالة منه) * إرجاع الحمل إلى
القول ويستحب ولا ضرورة إليه، بل قد لا يمكن مع تصريح القائل بخلافه،
ولعل المراد حمل المستند - أي الرواية - وإن لم تساعده العبارة.
* (ويستحب للمرأة أن تستأذن أباها) * وجدها مطلقا * (بكرا) * كانت
* (أو ثيبا) * لما تقدم من الأخبار المحمولة عليه، إذ هو أقل مراتبها، ولأن
الأب في الأغلب أخبر بمن هو من الرجال أنسب.
ولا فرق فيه بين البكر والثيب وإن كان في الأول آكد، للشبهة في نفي
استقلالها دونها، مع أن العلة في جانبها بعدم الاطلاع على أحوال الرجال
أقوى.
* (وأن توكل) * أو تستأذن * (أخاها إذا لم يكن لها أب ولا جد) * أو
كانا وتعسر استئذانهما بعضل أو غيبة منقطعة أو طويلة، لعده في جملة من
بيده عقدة النكاح فيما تقدم من الأخبار، مضافا إلى جريان العلة في الأبوين
هنا أيضا.

(1) الروضة 5: 152.
(2) الشرائع 2: 280.
(3) القواعد 2: 8 س 2.
126

* (وأن تعول) * مع التعدد * (على الأكبر، وأن تختار خيرته من
الأزواج) * بشرط التساوي في الرجحان أو رجحان رأي الأكبر، وإلا فرأي
من ترجح، كما مر.
* (الفصل الثالث: في) * بيان * (أسباب التحريم) * وموجباته
* (وهي ستة) *:
* (الأول: النسب) *
* (ويحرم به) * على الذكر * (سبع) * نسوة مذكورات في الآية الشريفة (1)
* (الأم وإن علت) * وهي كل امرأة ولدته، أو انتهى نسبه إليها من العلو
بالولادة، لأب كانت، أم لأم.
* (والبنت وإن سفلت) * وتشمل السافلات بنت البنت وبنت الابن،
وضابطها: من ينتهي إليه نسبه بالتولد ولو بوسائط.
* (والأخت وبناتها وإن سفلن) * وهي كل امرأة ولدها أبواه أو أحدهما
أو انتهى نسبها إليهما أو إلى أحدهما بالتولد.
* (والعمة وإن ارتفعت) * وهي كل أنثى أخت ذكر ولده بواسطة أو
غيرها من جهة الأب أو الأم أو منهما.
* (وكذا الخالة) * تحرم وإن ارتفعت، وهي كل أنثى هي أخت أنثى ولدته
بواسطة أو غيرها، وقد تكون من جهة الأب، كأخت أم الأب.
والمراد بالمرتفع فيهما عمة الأب والأم وخالتهما وعمة الجد والجدة
وخالتهما وهكذا، لا عمة العمة وخالة الخالة، فإنهما قد لا تكونان محرمتين،
كما لو كانت العمة القريبة عمة للأم خاصة، أي أخت أبيه من أمه، فإن عمتها
حينئذ تكون أخت زوج جدته أم أبيه، وأخت زوج الأم لا تحرم، فأخت

(1) النساء: 23.
127

زوج الجدة أولى، وكما لو كانت الخالة القريبة خالة لأب خاصة، أي أخت
أمه من أبيها، فإن خالتها تكون أخت امرأة الجد، وأخت امرأة الأب لا تحرم،
فأخت امرأة الجد أولى.
* (وبنات الأخ) * لأب أو لأم أولهما * (وإن هبطن) * وضابطها: كل
امرأة ولدها أخوه مطلقا بواسطة أو بغيرها.
وحرمة المذكورات على قريبهن الذكر يستلزم العكس، ولذا اكتفى
بتحريمهن عليه في الآية، فهي على الأمرين واضحة الدلالة.
ثم إنها ليست ناهضة لإثبات تحريمهن جميعا، إلا على تقدير كون
السافلات والمرتفعات يصدق عليهن حقيقة ألفاظ المذكورات، أو جواز
استعمال اللفظ في معنييه الحقيقي والمجازي، وكلاهما خلاف التحقيق.
وعلى التقدير الثاني وصحته فقول مشروط بالقرينة، وإلا فالحقيقة
خاصة، وليس في الآية إيماء إليها ولا إشارة.
فإذا الحجة التامة هي إجماع الأمة.
ويجمعهن مع من حرمن عليه عبارة مختصرة ذكرها العلامة كبعض
العامة، وهي: إنه يحرم على الانسان أصوله، وفصوله، وفصول أول أصوله،
وأول فصل من كل أصل بعد أول الأصول (1). فيدخل في الأول الآباء
والأمهات، وفي الثاني البنون والبنات، وفي الثالث الإخوة والأخوات
وأولادهم سافلين وسافلات، وفي الرابع الأعمام والعمات والأخوال
والخالات دون أولادهم من بنين أو بنات.
وأخصر منها قولهم: يحرم على الانسان كل قريب عدا أولاد العمومة
والخؤولة.

(1) التذكرة 2: 613 س 34.
128

وإنما يثبت النسب بالوطء الصحيح بنكاح، أو تحليل ولو عرضه
التحريم بوقوعه في حيض وشبهه وبالوطء لشبهة، كأن يكون غير مستحق
في الواقع مع عدم العلم بالتحريم أو بمتعلقه.
ويختص هنا النسب بمن اختصت به. وأما الزنا فلا إجماعا، إلا في
التحريم المتعلق بالنسب، فإن ظاهر أصحابنا ثبوته به، بل عليه الإجماع
عن التذكرة (1) وغيره. وهو الحجة دون صدق النسبة في العرف واللغة، لعدم
الاكتفاء بها بمجردها في الشريعة، مع استلزامها ثبوت الأحكام الباقية، كحل
النظر، والانعتاق بملك الفرع أو الأصل، والشهادة على الأب إن قبلت منه
على غيره، والقود به من الأب، وتحريم الحليلة، وغير ذلك من توابع النسب.
وقد استشكل فيه بعض لذلك، ولانتفاء النسب معه شرعا، وصرح بعدمه
بعض، للأخير، وهو ظاهر جمع، فلو كان ذلك الحجة لما استشكل، وصرح
بالعدم.
ولعله الأقوى وإن كان الاحتياط فيما يتعلق بالدماء والنكاح أولى،
للأصل، مع الشك في السبب بالشك في شمول أدلتها لمثله.
ولو احتيط في الجميع كان أولى.
ولو اجتمع السببان الأولان مع انقطاع الفراش بنحو الطلاق يثبت النسب
لمن أمكن في حقه دون غيره، ومع الإمكان فيهما - كما لو كان الولادة لستة
أشهر من وطء الثاني للشبهة ولأقل من أقصى مدة الحمل من وطء الأول
للنكاح - قيل: بالقرعة، محكي عن المبسوط (2)، مشعرا بالإجماع.
والأشهر الأظهر إلحاقه بالثاني، لأصالة التأخر، ورجحانه بالفراش
الثابت. قيل: وللأخبار (3). ولم أقف عليها.

(1) التذكرة 2: 613 س 38.
(2) المبسوط 5: 247.
(3) قاله في كشف اللثام 2: 26 السطر الأخير.
129

والإجماع على تقدير تمامية دعواه موهون بمصير معظم الأصحاب
إلى الخلاف. وتمام الكلام في صور تعارض السببين يأتي إن شاء الله تعالى
في أحكام الأولاد.
* (الثاني: الرضاع) *
* (ويحرم منه ما يحرم بالنسب) * بإجماع الأمة، والنصوص المستفيضة
ففي النبوي يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (1).
وفي الصحيح: عن امرأة أرضعت غلاما مملوكا لها من لبنها حتى فطمته
هل يحل لها بيعه؟ قال: فقال: لا، هو ابنها من الرضاع، وحرم عليها بيعه،
وأكل ثمنه، قال: أليس قد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): يحرم من الرضاع ما يحرم
من النسب؟! (2)
ونحوه الحسن: يحرم من الرضاع ما يحرم من القرابة (3). إلى غير ذلك
من الأخبار.
ويستفاد من العبارة أن كل موضع تثبت فيه من جهة النسب المحرمية
تثبت من جهة الرضاع بمثل تلك القرابة، فتصير المرضعة بمنزلة الأم، وفحلها
بمنزلة الأب وعلى هذا القياس.
وهذه قاعدة كلية من راعاها حق المراعاة ظهر عليه الحكم، ولا حاجة
إلى استثناء شئ منها غير ما يأتي، كما وقع في التذكرة (4)، فإن المحارم
كلهن داخلات وغيرهن خارجات.
والآية وإن اختصت بالأم والأخت ومن لزمهما دون الفحل وتوابعه،

(1) الوسائل 14: 280، الباب 1 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 307، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 1.
(3) المصدر السابق: 281، الباب 1 الحديث 2.
(4) التذكرة 2: 614 س 32.
130

إلا أن ذلك جاء من قبل الشريعة. فالمحرمات من الرضاع أيضا سبعة.
فالأم من الرضاعة هي كل امرأة أرضعتك، أو رجع نسب من أرضعتك،
أو صاحب اللبن إليها، أو أرضعت من يرجع نسبك إليه من ذكر أو أنثى وإن
علا، كمرضعة أحد أبويك أو أجدادك أو جداتك وأختها خالتك من الرضاعة
وأخوها خالك وأبوها جدك، كما أن ابن مرضعتك أخ وبنتها أخت، إلى آخر
أحكام النسب.
والبنت من الرضاعة كل أنثى رضعت من لبنك أو لبن من ولدته
أو أرضعتها امرأة ولدتها، وكذا بناتها من النسب والرضاع والعمات
والخالات أخوات الفحل والمرضعة وأخوات من ولدهما من النسب
والرضاع، وكذا كل امرأة أرضعتها واحدة من جداتك أو أرضعت بلبن واحد
من أجدادك من النسب والرضاع.
وبنات الأخ وبنات الأخت بنات أولاد المرضعة والفحل من الرضاع
والنسب. وكذا كل أنثى أرضعتها أختك وبنت أخيك، وبنات كل ذكر أرضعته
أمك أو ارتضع بلبن أبيك.
وكما يمنع الرضاع من النكاح سابقا كذا يبطله لاحقا، فلو تزوج رضيعة
فأرضعتها من يفسد نكاح الصغيرة بارضاعها، كأمه وأخته، وزوجة الأب
والأخ إذا كان اللبن منهما فسد النكاح، للعمومات، وخصوص النصوص
المستفيضة، وسيأتي بعض منها.
وإنما يحرم الرضاع بشروط، أشار إليها بقوله: * (وشروطه أربعة) *:
* (الأول: أن يكون اللبن عن نكاح) * أي عن وطء صحيح إجماعا وإن
كان شبهة، كما هو المشهور، للعمومات، وإلحاقها بالعقد في النسب.
وتردد فيه الحلي (1)، ولعله للأصل، ومنع العموم في الرضاع المطلق

(1) السرائر 2: 552.
131

في الآية، والأخبار المنصرف إلى غير الشبهة، لندرتها، واختصاص الملحق
لها بالنسب من الإجماع بغير محل الخلاف.
ولا نص عاما يدل عليه، مضافا إلى ما سيأتي من أدلتهم لنفي النشر عن
لبن الزنا من مفهوم الصحيح (1) وغيره (2)، ومال إليه بعض المتأخرين (3)
لذلك.
ولا يبعد جعل الشهرة العظيمة - كاشتراكها مع المنكوحة بالمناكحة
الصحيحة في أغلب الأحكام الشرعية - قرينة لادخالها في إطلاق الأدلة.
ويمكن نقض أدلته بمثلها في جانب الحرمة بمعارضة أصالة الإباحة
بأصالة الحرمة السابقة على المناكحة ومنع العموم فيما دل على إباحة نكاح
النسوة، لانصرافه إلى غير الشبهة، لندرتها، وبعد التعارض يرجع إلى
الترجيح. ولا ريب أنه من جهة الشهرة، مع أصالة الحرمة، وبعد تسليم
التساوي، الموجب للتساقط يحتاج الإباحة إلى دلالة. فتأمل جدا. وسيأتي
الجواب عن الصحيح وغيره.
وكيف كان، فالعمل على المشهور إن أمكن، وإلا فيحتاط بالطلاق
ونحوه.
وعلى تقدير الأشهر يختص النشر بمن اختصت به، فلا نشر في الآخر،
لإلحاقه بالزنا الغير الناشر.
ويعتبر مع صحة النكاح صدور اللبن عن ذات حمل أو ولد بالنكاح
المزبور * (فلو در) * اللبن من الخالية منهما لم يعتبر وإن كانت منكوحة
نكاحا صحيحا، للأصل، وعدم شمول أدلة النشر لمثله، مع دعوى الإجماع
صريحا، وعدم الخلاف فيه ظاهرا، وخصوص الموثق: عن امرأة در لبنها

(1) الوسائل 14: 294، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 4 وذيله.
(2) الوسائل 14: 294، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 4 وذيله.
(3) منهم نهاية المرام 1: 101.
132

من غير ولادة فأرضعت جارية وغلاما بذلك اللبن هل يحرم بذلك اللبن
ما يحرم من الرضاعة؟ قال: لا (1).
ومنه يظهر عدم وجه اعتبار الدر من دون نكاح فإنه بطريق أولى
* (أو) * منه ولكن * (كان عن زنا) * فإنه * (لم ينشر) * حرمة، مع دعوى
الإجماع هنا أيضا، بل لعله ظاهر.
وربما استدل له بالصحيح: عن لبن الفحل، قال: ما أرضعت امرأتك من
لبنك ولبن ولدك ولد امرأة أخرى فهو حرام (2).
وفيه نظر، لاحتمال الورود مورد الغالب، مع عدم اشتراط كون المرضعة
زوجة لصاحب اللبن، بل يكفي كونها مملوكة أو موطوءة شبهة أو متعة، مع
عدم صدق امرأتك المتبادر منها الزوجة الدائمة على المذكورات. فالعمدة
هو الإجماع.
وفي اشتراط الولادة أم الاكتفاء بالحمل، قولان، أصحهما وأشهرهما
- كما قيل - الأول، وفاقا للتحرير (3) والتذكرة (4) والنهاية (5) وحكي عن
السرائر (6) والخلاف (7) والغنية (8) مدعين الإجماع عليه. وهو الحجة، مع
الأصل، وفقد المخصص، لعدم انصراف الإطلاق إليه، للندرة، وخصوص
الموثق المتقدم، ونحوه الخبر: عن امرأة در لبنها من غير ولادة فأرضعت
ذكرانا وإناثا أيحرم بذلك ما يحرم من الرضاع؟ فقال: لا (9).

(1) الوسائل 14: 302، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 294، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 4.
(3) التحرير 2: 9 س 2.
(4) التذكرة 2: 617 س 19.
(5) النهاية 2: 304.
(6) السرائر 2: 552.
(7) الخلاف 5: 108، المسألة 22.
(8) الغنية: 336.
(9) الوسائل 14: 302، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 2.
133

خلافا للقواعد (1) والمسالك (2) وظاهر الروضة (3) والمحكي عن
المصنف وموضع من المبسوط (4)، فالثاني، للعموم. وهو ضعيف.
ولا يشترط البقاء على الحبالة، فلو طلقها أو مات عنها وهي حامل
أو مرضع فأرضعت ولدا رضعة ناشرة للحرمة نشر الحرمة، كما لو كانت في
حبالته وإن تزوجت بغيره مطلقا، حملت منه أم لا، بقي اللبن بحاله أم زاد،
بعد انقطاع للعموم، مع دعوى الإجماع عليه، إلا أن تلد منه وترضع بلبنها
المستمر إلى الولادة، فلا تنشر الحرمة في حق من خرجت من حبالته،
وفي التذكرة الإجماع عليه من الكل (5).
وكذا لو حبلت منه وانقطع اللبن انقطاعا بينا ثم يعود في وقت يمكن أن
يكون للثاني فلا تنشر حرمة في الأول، كما نسب إلى الأصحاب.
وفي نشره لها في الثاني الخلاف المتقدم، والأصح العدم، كما تقدم.
ويعتبر في النشر حياة المرضعة، وفاقا، كما يظهر من التذكرة (6)
والصيمري (7). فلو ماتت في أثناء الرضاع فأكمل النصاب ميتة لم تنشر
حرمة وإن تناوله إطلاق العبارة، وصدق عليه اسم الرضاع حملا له، كإطلاق
الأدلة على الأفراد المعهودة المتعارفة، وهو إرضاع الحية، ودلالة الأدلة
اللفظية على الإرضاع بالاختيار، كقوله تعالى: " وأمهاتكم اللاتي
أرضعنكم " (8)، مع أصالة الإباحة.
* (الثاني: الكمية) * معتبرة بإجماع الطائفة.

(1) القواعد 2: 9 السطر الأخير.
(2) المسالك 7: 209.
(3) الروضة 5: 156.
(4) حكاه عنهما العلامة في التذكرة 2: 617 س 15، انظر الشرائع 2: 282، والمبسوط 5: 310.
(5) التذكرة 2: 616 س 37.
(6) التذكرة 2: 615 س 7.
(7) غاية المرام: 112 س 7 (مخطوط).
(8) النساء: 23.
134

خلافا للمحكي عن مالك (1) وأبي حنيفة (2)، فالرضعة الحاصلة بأقل
المسمى غير كافية.
* (وهي) * تعتبر على الأشهر الأظهر بأمور ثلاثة:
أما * (ما أنبت اللحم وشد العظم) * وهو تقدير بالأثر المترتب عليه،
ولا خلاف في اعتباره بين الطائفة، بل صرح بالإجماع عليه جماعة،
للنصوص المستفيضة:
منها الصحيح: قلت: ما يحرم من الرضاع؟ قال: ما أنبت اللحم وشد
العظم، قلت: فيحرم عشر رضعات، قال: لا، لأنه لا ينبت اللحم ولا يشد
العظم (3).
والمستفاد منه كغيره اعتبار الأمرين معا، وهو ظاهر الأكثر.
وفي اللمعة (4) الاكتفاء بأحدهما، ولعله للصحيحين: لا يحرم من
الرضاع إلا ما أنبت اللحم والدم (5).
وهو قوي إن لم يتلازما، وإلا فلا ثمرة للخلاف.
والمرجع فيهما - بناء على كونهما أصلين برأسهما - إلى أهل الخبرة.
ولا ريب في اشتراط عدالة المخبر.
وفي اشتراط التعدد إشكال، وفي عدمه احتمال قوي، إلا أن الأشهر
الأول.
ثم إن حصر التحريم بالرضاع في الأخبار في الأمرين، مع التعليل لعدم
النشر بالعشر بعدمهما في الصحيح الأول يعرب عن كونهما الأصل في ثبوت

(1) الحاوي الكبير 11: 361.
(2) الحاوي الكبير 11: 361.
(3) الوسائل 14: 283، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 2.
(4) اللمعة: 111.
(5) الوسائل 14: 289، الباب 3 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 1 و 2.
135

النشر، وكون الأمرين الآتيين علامتين لهما - كما هو أظهر الأقوال - محكي
عن جدي المجلسي (1)، واختاره الفاضل الهندي (2).
وهو ظاهر الاستبصار (3). وقيل: إنهما والأمرين الآتيين كل منها
أصول (4) وقيل: الأصل هو العدد، وإنما يعتبر الآخران عند عدم الانضباط
بالعدد، كما عن المبسوط (5)، ولا دليل عليهما.
* (أو رضاع يوم وليلة) * بحيث يشرب كلما أراد حتى يروى ويصدر
مطلقا، كما عن المشهور، أو بشرط عدم انضباط العدد، كما عن المبسوط (6)
والتذكرة (7)، كما تقدم.
ومظهر الثمرة نقصان العدد في اليوم والليلة، كأن رضع فيهما سبعة
أو ثمانية، فينشر على الأول، ولا على الثاني.
ويدفعه إطلاق المستند، وهو الموثق: لا يحرم الرضاع أقل من رضاع
يوم وليلة أو خمس عشرة رضعة متواليات من امرأة واحدة من لبن فحل
واحد لم يفصل بينهما رضعة امرأة غيرها، الحديث (8).
ولا يقدح قصور السند عن الصحة، بعد اعتباره بالموثقية، والاعتضاد
بعمل الطائفة، والإجماعات المنقولة.
ثم إنه لا فرق بين اليوم الطويل وغيره، لانجباره بالليلة أبدا.
وفي الاكتفاء بالملفق منهما لو ابتدأ في أثناء أحدهما إشكال، من الشك
في صدق الشرط، ومن تحقق المعنى. ولعل الأول أظهر، اقتصارا فيما خالف
الأصل على المتيقن. فتأمل جدا.

(1) لم نقف عليه.
(2) كشف اللثام 2: 28 س 24.
(3) الاستبصار 3: 194، ذيل الحديث 700.
(4) كشف اللثام 2: 28 س 24.
(5) المبسوط 5: 292.
(6) المبسوط 5: 292.
(7) التذكرة 2: 620 س 19.
(8) الوسائل 14: 282، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 1.
136

أو خمس عشرة رضعة متوالية على الأصح، كما يأتي.
* (ولا حكم لما دون العشر) * رضعات إجماعا في الرضعة القاصرة، وعلى
الأشهر الأظهر مطلقا، للنصوص المتقدمة والآتية، المعتضدة بعمل الطائفة.
خلافا للإسكافي (1)، فاكتفى بالرضعة الكاملة، للعموم، والصحيح
المتضمن للمكاتبة إلى أبي الحسن (عليه السلام) يسأله عما يحرم من الرضاع، فكتب:
قليله وكثيره حرام (2)، ونحوه الخبر الذي رواته من العامة (3).
وهو ضعيف، لتخصيص العموم بما تقدم، وعدم مكافئة الصحيح له،
فضلا عن غيره، مع متروكية ظاهره، لصدق القليل على الرضعة الغير الكاملة
ولا يقول بها.
ولا يبعد حملهما على التقية من مذهب مالك وأبي حنيفة، بل نسبه
الشيخ إلى جميع العامة (4)، ويؤيده كون الأول مكاتبة، ورواة الثانية من
العامة، فلا يترك بمثلهما شئ مما تقدم من المستفيضة المعتضدة بعمل
الطائفة، كما لا يترك بما دل على اعتبار الحولين، كالصحيحين ونحوهما (5)،
والسنة كالصحيح (6)، لشذوذ الجميع، واحتمال الموافقة للعامة، فتطرح،
أو يؤول بما يؤول إلى الأول.
وعلى تقدير عدم الشذوذ، وجود القائل بها - كما نسب إلى الصدوق في
الفقيه (7) - فهي للمستفيضة غير مكافئة، لاعتضادها بالشهرة، ومخالفة
العامة، وموافقة الكتاب في الجملة دونها.

(1) كما في المختلف 7: 6.
(2) الوسائل 14: 285، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 10 و 12.
(3) الوسائل 14: 285، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 10 و 12.
(4) التهذيب 7: 317، ذيل الحديث 1308، وفيه: موافق لمذهب بعض العامة.
(5) الوسائل 14: 290، الباب 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع.
(6) المصدر السابق: 286، الباب 2 الحديث 13.
(7) الفقيه 3: 477، الحديث 4673.
137

فلا وجه للتأمل في المسألة بمثلها، كما صدر عن صاحب الكفاية (1)
وإن هو إلا غفلة واضحة.
وصحة النسبة إلى الصدوق غير معلومة، لنقله المتضمن للحولين،
والمتضمن للسنة.
والمعارضة بينهما واضحة، فلا يعلم منه المصير إلى أيهما من دون
قرينة، وغايته حينئذ التردد، فلا يصح معه النسبة.
* (وفي) * ثبوت النشر ب‍ * (العشر روايتان أشهرهما) * بين المتأخرين * (أنها
لا تنشر) * وإليه ذهب الشيخ في كتابي الأخبار (2) والنهاية (3) والمبسوط (4)
والعلامة في أكثر كتبه (5) والمحقق الثاني (6) والمسالك (7) والروضة (8)
وغيرهم من سائر المتأخرين وهو الأظهر، للأصل والمعتبرة المستفيضة.
منها الموثقة المتقدمة: في رضاع يوم وليلة، وفيها زيادة على العبارة
المتقدمة: ولو أن امرأة أرضعت غلاما أو جارية عشر رضعات من لبن فحل
واحد وأرضعتها امرأة أخرى من لبن فحل آخر عشر رضعات لم يحرم
نكاحها (9).
وهي ناصة على نفي النشر عن العشر، كالصحيح المتقدم في الأمر الأول.
والموثقين: عشر رضعات لا يحرمن شيئا (10)، مضافا إلى الصحيح
الآتي.

(1) كفاية الأحكام: 159 س 8.
(2) التهذيب 7: 314، ذيل الحديث 1303، والاستبصار 3: 192، الحديث 696، الذي اعتمد
عليه في: ص 194.
(3) النهاية 2: 303.
(4) المبسوط 5: 292.
(5) كالتذكرة 2: 620 س 10، والتحرير 2: 9 س 15.
(6) جامع المقاصد 12: 217.
(7) المسالك 7: 222.
(8) الروضة 5: 161.
(9) الوسائل 14: 282، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 1 و 3 و 4.
(10) الوسائل 14: 282، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 1 و 3 و 4.
138

خلافا لأكثر المتقدمين، اقتصارا في الخروج من العموم، المستفاد من
الكتاب والسنة على المتيقن، لضعف قول الإسكافي، كما مر.
والتفاتا إلى المستفيضة الدالة على النشر باشتداد العظم وإنبات اللحم،
بناء على حصولهما بالعشر، للصحيح: وما الذي ينبت اللحم والدم؟ فقال:
كان يقال: عشر رضعات (1)، ونحوه غيره (2).
واستنادا إلى الموثقة: في الغلام يرضع الرضعة والثنتين، فقال: لا يحرم
فعددت عليه حتى أكملت عشر رضعات، قال: إذا كانت متفرقة فلا (3).
وهو يدل بمفهومه على التحريم مع عدم التفريق. ونحوه غيره (4). ويدل عليه
أيضا الخبر: لا يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلا المخبور، قلت:
وما المخبور؟ قال: أم تربي أو ظئر تستأجر أو أمة تشترى ثم ترضع عشر
رضعات يروى الصبي وينام (5).
وفي الجميع نظر، لتخصيص العموم بما تقدم، كتخصيصه بما عدا العشر
المتيقن، ومنع حصول الانباتين بالعشر، والصحيح غير دال عليه، لنسبته (عليه السلام)
ذلك إلى القيل، المشعر بالتمريض، مع ما في آخره مما هو في قوة التصريح
بعدم النشر به، فإن السائل لما فهم منه (عليه السلام) عدم إرادته، قال له: يحرم عشر
رضعات، فقال: دع هذا، وقال: يحرم من النسب ما يحرم من الرضاع (6).
فلو كان حكم العشر حقا لما نسبه إلى غيره، بل كان يحكم به من
غير نسبة، ومع ذلك أعرض عنه ثانيا، مجيبا بما لا دخل له بالمقام، ففيه

(1) المصدر السابق: 287 الحديث 18 و 21.
(2) المصدر السابق: 287 الحديث 18 و 21.
(3) المصدر السابق: 283، الحديث 5.
(4) الوسائل 14: 283، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 9.
(5) انظر الوسائل 14: 284 و 285، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 7 و 11.
(6) الوسائل 14: 287، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 18.
139

أقوى دلالة بورود ما دل على النشر بالعشر مورد التقية، أو غيرها من
المصالح الخفية.
هذا، مع معارضته للصحيح المتقدم في الأمر الأول الناص بعدم الإنبات
بالعشر، واختصاصه به مع زيادة عليه بنصفه، ونحوه الموثقان المتقدمان،
المصرحان بعدم النشر به، المستلزم لعدم الإنبات.
والموثق المتأخر - كمضاهيه - وإن دل على النشر به بالمفهوم، إلا أنه
لا يعارض ما دل على العدم سندا وعددا ودلالة، مع احتمال كون الحكم فيه
تقية. ونحوه الجواب عن الخبر الأخير، مضافا إلى ضعفه بمحمد بن سنان
على الأشهر وإن قيل بوثاقته (1)، لعدم مقاومة ما خلا عن مثله، سيما مع
مخالفته الإجماع من وجهين، واضطرابه باختلاف ألفاظه، لروايته تارة كما
تقدم، وتارة بغيره، وأخرى صحيحة بعبارة خالية عن العدد مروية في
الفقيه (2)، الذي هو أضبط.
* (ولو رضع خمس عشرة رضعة تنشر) * الحرمة إجماعا، كما في
المسالك (3) والسرائر (4).
خلافا لشاذ منا، فخمسة عشر يوما متوالية بلياليها (5)، والنصوص
المتقدمة حجة عليه، مضافا إلى عدم دليل يدل عليه، مع مخالفته، لعموم
الكتاب والسنة المستفيضة.
* (ويعتبر في الرضعات) * العددية والزمانية * (قيود ثلاثة كمال
الرضعة) * التفاتا إلى الأصل، وحملا لإطلاق الرضاع في الآية والأخبار
عليه للتبادر، مع التصريح به في المعتبرة، المنجبر قصور أسانيدها بعمل

(1) ارشاد المفيد: 304.
(2) الفقيه 3: 477، الحديث 4672.
(3) المسالك 7: 222.
(4) السرائر 2: 551.
(5) هو محمد بن الحسن كما حكاه عن المقنع صاحب المختلف 7: 7.
140

الطائفة، كالمرسل كالموثق لابن أبي عمير: الرضاع الذي ينبت اللحم والدم
هو الذي يرضع حتى يتضلع ويتملى وينهى نفسه (1). ونحوه آخر (2).
وبهما فسر الكمال بعض الأصحاب (3)، واعتمد الباقون فيه على العرف،
ولعلهما متقاربان، فلا عبرة بالناقصة مطلقا، واحدة كانت، أم متعددة، إلا مع
حصول الإنبات بها، فتعتبر من جهته، وتحسب الرضعات المتخلل بينها لفظ
الثديين للتنفس، أو الملاعبة، أو المنع من المرضعة مع المعاودة وحصول
الكمالية بها رضعة واحدة إن لم يطل الفصل، وإلا احتسب الجميع كالآحاد
رضعة ناقصة، فلا تنشر حرمة.
* (وامتصاصها من الثدي) * لعين ما تقدم، بل لا يحصل مسمى الرضاع
والإرضاع والارتضاع إلا بذلك.
واعتباره مطلقا هو المعروف من مذهب الأصحاب.
خلافا للإسكافي (4)، فاكتفى بالوجور، لأن الغاية المطلوبة إنما هو
إنبات اللحم واشتداد العظم، كما هو ظاهر الفحاوى، وصريح الخبر: وجور
الصبي اللبن بمنزلة الرضاع (5).
وفيه: منع كون الغاية هو الإنبات من حيث هو هو خاصة، لاحتمال
كون الرضاع والمص من الثدي له مدخلية في نشر الحرمة، كما أن للولادة أو
الحمل مدخلية بالإجماع والمعتبرة، وإنكاره مكابرة. وليست العلة بنفس
الإنبات منصوصة.
وغاية ما يستفاد من المعتبرة نشر الإنبات الحاصل من ارتضاع الثدي خاصة.

(1) الوسائل 14: 290، الباب 4 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 2 و 1.
(2) الوسائل 14: 290، الباب 4 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 2 و 1.
(3) منهم المحقق السبزواري في كفاية الأحكام: 159 س 13.
(4) المختلف 7: 15.
(5) الوسائل 14: 298، الباب 7 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 3.
141

نعم ذلك يناسب القياس المستنبط العلة، الذي هو حجة عند الإسكافي،
وفاسد بالضرورة من مذهب الشيعة.
والخبر مع ضعفه بالارسال محمول على التقية، لنسبته في المسالك
إلى جماعة من العامة (1)، معارض بصريح الصحيحة: لا يحرم من الرضاع
إلا ما ارتضع من ثدي واحد سنة (2).
ولا ينافيه التقييد بالسنة، إلا بتقدير عدم احتمال جريان ما قيل من
التوجيه - وإن بعد - من قراءة " سنته " بتشديد النون والإضافة إلى ضمير
راجع إلى الإرضاع، والمراد الحولين.
ونحوه الكلام في الصحيحين ونحوهما: لا يحرم من الرضاع إلا ما
ارتضعا من ثدي واحد حولين كاملين (3)، بجعل الحولين ظرفا للرضاع
لا المدة المراعاة، مع أن خروج بعض القيود بالدليل لا يوجب خروج
الباقي. ويعضد ما ذكرنا الحسنان، بل الصحيحان المرويان في الكافي.
في أحدهما: جاء رجل إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أمير المؤمنين
إن امرأتي حلبت من لبنها في مكوك فأسقته جاريتي، فقال: أوجع امرأتك،
وعليك بجاريتك (4).
وفي الثاني: عن امرأة حلبت من لبنها فأسقت زوجها لتحرم عليه، قال:
أمسكها وأوجع ظهرها (5).
وهما بترك الاستفصال عامان للرجل والجارية الصغيرين دون الحولين،
ولو نشر الوجور لخص بقاء الزوجية فيهما بما إذا وقع الوجور بعدهما.
فتأمل.

(1) المسالك 7: 231.
(2) الوسائل 14: 286، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 13.
(3) الوسائل 14: 292، الباب 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 8.
(4) الكافي 5: 445، الحديث 5.
(5) الكافي 5: 443، الحديث 4.
142

* (وأن لا يفصل بين الرضعات برضاع غير المرضعة) * والمأكول
والمشروب في الزمانية خاصة دون العددية، فيمنع فيها الفصل برضاع غير
المرضعة خاصة، كل ذلك للأصل، والتبادر، مع التصريح بعدم الفصل
بالرضاع في العددية في الموثقة المتقدمة في رضاع اليوم والليلة.
وإطلاقها يقتضي حصول الفصل بمسماه ولو قل، إلا أن حمله على
الفرد الأكمل للتبادر والسياق يقتضي العدم، وفاقا للتذكرة (1). وخلافا
للقواعد (2) والمسالك (3) والروضة (4).
وهل يشترط في التوالي اتحاد المرضعة، أم يكفي اتحاد الفحل؟ ظاهر
الموثقة والصحاح المتقدمة قريبا الأول، وعليه الإجماع عن الغنية (5)
والخلاف (6) والتذكرة (7). فلو ارتضع من امرأة خمسا كاملة مثلا ثم ارتضع
من الأخرى ثم أكمل منها أو من الأولى أو ثالثة تمام العدد أو الزمان لم
ينشر حرمة. خلافا للعامة.
* (الثالث: أن يكون) * الرضاع الناشر مطلقا بتمامه * (في الحولين) *
اللذين ابتدائهما من انفصال تمام الولد إلى الجزء الأخير من الشهر الرابع
والعشرين إن ابتدأ في أول الهلال، وإلا يحسب الثلاثة والعشرين هلالية،
ويتم المنكسرة من الخامس والعشرين، كما في سائر الآجال.
ويكفي في حصول الشرط تمام الجزء الأخير من الرضاع بتمام مثله من
الحولين. فالمراد عدم وقوع شئ من الرضاع بعد تمامها. واعتباره مقطوع
به في كلام الأصحاب مدعى عليه الإجماع، كما يأتي، للنصوص.

(1) التذكرة 2: 620 س 24.
(2) القواعد 2: 10 س 22.
(3) المسالك 7: 229.
(4) الروضة 5: 164.
(5) الغنية: 336.
(6) الخلاف 5: 95 و 97، المسألة 3.
(7) التذكرة 2: 620 س 39 و 41.
143

منها الخبر: لا رضاع بعد فطام، قال: قلت: وما الفطام؟ قال: الحولين
اللذين قال الله عز وجل (1).
وضعفه بسهل على الأشهر سهل، بل صحيح على الأظهر عند بعض (2)،
ومع ذلك بالإجماع معتضد.
ويستفاد منه حصول التحريم بالرضاع في الحولين مطلقا ولو فطم
قبلهما، وعدمه به بعدهما مطلقا ولو لم يفطم، لتفسيره الفطام الذي لم ينشر معه
الرضاع بمضي الحولين، فلا عبرة بما عداه إن حصل، كما لا عبرة بالرضاع
بعده ولو لم يحصل الفطام اللغوي، لحصول الشرعي الذي هو المعيار.
والأمران مقطوع بهما في كلامهم، بل عن الشهيد الإجماع على الثاني (3).
عدا العماني في الأول (4)، لإطلاقه عدم الرضاع بعد الفطام الشامل لمثل
هذا الفطام، تبعا للأخبار، كالحسن: لارضاع بعد فطام (5)، والخبر الصحيح
في كلام بعض (6): الرضاع قبل الحولين قبل أن يفطم (7).
وهو ضعيف، لحمل إطلاقهما على الخبر المتقدم المفسر لهما، فيحمل
قبل أن يفطم في الرواية الثانية على كونه تأكيدا لقبل الحولين مفسرا له،
ولا مانع من حمل كلامه عليه فلا خلاف.
والإسكافي في الثاني، فصرح بالنشر بالرضاع بعدهما بلا فطام
يفصلهما (8) لإطلاق مفهوم نحو الحسن المتقدم وخصوص الموثق: الرضاع

(1) الوسائل 14: 291، الباب 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 5.
(2) هو العلامة في التحرير، كما نقله عنه المامقاني في تنقيح المقال 2: 75 س 39.
(3) نكت الإرشاد: 105 س 8 (مخطوط).
(4) نقله في المختلف 7: 12.
(5) الوسائل 14: 291، الباب 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 2.
(6) نهاية المرام 1: 112.
(7) الوسائل 14: 291، الباب 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 4.
(8) نقله في المختلف 7: 12.
144

بعد الحولين قبل أن يفطم يحرم (1).
وضعف الأول ظاهر بعد ما تقدم، والموثق غير " مكافئ " له بوجه، مع
حمله في كلام شيخ الطائفة على التقية (2) مع احتماله لمحامل غير بعيدة
منافية للدلالة، كتخصيص الحولين بولد المرضعة والفطام بالمرتضع، أي
الرضاع بعد حولي ولد المرضعة قبل أن يفطم المرتضع ويتم حولاه تنشر
الحرمة، كما عليه مشهور الطائفة، وسيأتي إليه الإشارة.
* (وهو) * أي الرضاع قبل الحولين * (يراعى في المرتضع) * بمعنى
وقوعه قبل حوليه إجماعا، كما في القواعد (3) والمسالك (4)، وعن جماعة،
كما عن الخلاف (5) والغنية (6)، للنصوص المستفيضة المتقدمة.
* (دون ولد المرضعة) * فينشر الحرمة ولو وقع الرضاع قبل حولي
المرتضع بعد حوليه * (على الأصح) * الأشهر، وفاقا للحلي (7) والفاضلين (8)
والشهيدين (9) وكثير من المتأخرين، بل عليه الإجماع عن بعض، لعموم
الأدلة على نشر الرضاع للحرمة من الكتاب والسنة، الشاملة لمثل المسألة،
المؤيدة بأصالة بقاء الحرمة السابقة على المناكحة، ولا قاطع مخرج عنها من
الأدلة للشك في دخول مثلها في النصوص المتقدمة لو لم يدع عدمه،
للتبادر، والسياق، كما وقع في كلام جماعة.
وعلى تقدير تسليم الظهور بالعموم - لو كان - فهو غير كاف في

(1) الوسائل 14: 292، الباب 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 7.
(2) التهذيب 7: 318، ذيل الحديث 1314.
(3) القواعد 2: 10 س 23.
(4) المسالك 7: 235.
(5) الخلاف 5: 99 و 100، المسألة 5.
(6) الغنية: 335.
(7) السرائر 2: 552.
(8) الشرائع 2: 283، والقواعد 2: 10 س 23.
(9) اللمعة والروضة 5: 163.
145

تخصيص عموم الأدلة القطعية، إذ المناط فيه قوة الدلالة، بل قطعيتها،
كما يشعر به كلام جماعة، وهي في النصوص منتفية بالضرورة، فتخصيصها
بها جرأة عظيمة.
نعم في الموثق: الموقوف إلى ابن بكير سأله ابن فضال في المسجد،
فقال: ما تقولون في امرأة أرضعت غلاما سنتين ثم أرضعت صبية لها أقل
من سنتين حتى تمت السنتان أيفسد ذلك بينهما؟ فقال: لا يفسد ذلك بينهما،
لأنه لا رضاع بعد فطام، وإنما قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا رضاع بعد فطام، أي
أنه إذا تم للغلام سنتان أو الجارية فقد خرج من حد اللبن، ولا يفسد بينه
وبين من شرب لبنه (1).
وهو وإن كان نصا، إلا أن مرجعه إلى اجتهاد ابن بكير، المردود بما
قدمناه، ومعارضته بتفسير الكليني (2) والصدوق (3) ل‍ " لإرضاع بعد فطام " بما
يوافق المشهور، وترجيحهما على مثله ظاهر. فظهر ضعف اعتباره في ولد
المرضعة أيضا، كما عن جماعة، منهم ابن زهرة (4).
ودعواه الإجماع عليه بمصير معظم الأصحاب إلى خلافه موهونة،
مع معارضتها بحكاية الإجماع على خلافه، المتقدمة، المعتضدة بالشهرة.
* (الرابع: أن يكون اللبن) * الناشر * (لفحل واحد) * ولاعتبار هذا
الشرط وجهان:
أحدهما: وهو المناسب للمقام وسائر الشروط المتقدمة اعتباره لثبوت
أصل التحريم بين الرضيع والمرضعة وصاحب اللبن، ولا خلاف فيه بيننا،
بل عليه الإجماع منا في التذكرة (5)، وعليه دلت الموثقة في رضاع اليوم

(1) الوسائل 14: 291، الباب 5 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 6.
(2) الكافي 5: 444، ذيل الحديث 5.
(3) الفقيه 3: 476، ذيل الحديث 4666.
(4) الغنية: 355.
(5) التذكرة 2: 621 س 25.
146

والليلة (1) فلو ارتضع عن امرأة بعض العدد من لبن فحل ومنها نفسها بعينها
تمامه من لبن فحل آخر بعد تزويجها منه ومفارقتها الأول لم ينشر حرمة
أصلا، فتحل له المرضعة وصاحب اللبن إن كان أنثى. ويفرض المثال فيما
لو استقل الولد بالمأكول أو اللبن الموجور في فيه ولو منها على ما تقدم
في المدة المتخللة بين الرضاعين، بحيث لا يفصل بينهما برضاع أجنبية،
ولا قدح بمثله في حصول التحريم بالرضعات، كما مر.
والثاني: وهو المقصود من العبارة والمتداول في كلام الطائفة الذي صار
محل النزاع والمشاجرة بين الخاصة والعامة اعتباره لحرمة أحد المرتضعين
على الآخر، بعد حصولها لأحدهما مع المرضعة وصاحب لبنه.
* (فيحرم الصبيان) * أحدهما على الآخر، كحرمتهما على المرضعة
والفحل إذا كانا * (يرتضعان بلبن) * فحل * (واحد) * بلا كلام * (ولو اختلفت
المرضعتان) *.
* (ولا يحرم) * أحدهما على الآخر على الأشهر الأظهر، بل عليه
الإجماع في التذكرة (2)، وعن الحلي (3) وظاهر غيرهما * (لو رضع كل
واحد من لبن فحل) * غير فحل * (الآخر وإن اتحدت المرضعة) * فيكفي
الأخوة من جهة الأبوة، ولا يكفي من جهة الأمومة، للمعتبرة.
كالصحيح: عن الرجل يرضع من امرأة وهو غلام أيحل له أن يتزوج
أختها لأمها من الرضاعة؟ فقال: إن كانت المرأتان قد رضعتهما امرأة واحدة
من لبن فحل واحد فلا يحل، وإن كانت المرأتان رضعتا من امرأة واحدة من
لبن فحلين فلا بأس (4).

(1) الوسائل 14: 282، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 1.
(2) التذكرة 2: 621 س 25.
(3) السرائر 2: 553.
(4) الوسائل 14: 294، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 3.
147

والموثق: عن غلام رضع من امرأة أيحل له أن يتزوج أختها لأبيها من
الرضاعة؟ فقال: لا، قد رضعا جميعا من لبن فحل واحد، قال: قلت: فيتزوج
أختها لأمها من الرضاعة، قال: لا بأس بذلك إن أختها التي لم ترضعه كان
فحلها غير فحل التي أرضعت الغلام، فاختلف الفحلان فلا بأس (1).
وهما مع اعتبار سندهما يستلزمان المدعى، وصريحان فيه، ومع ذلك
معتضدان بالشهرة العظيمة والإجماعات المنقولة والمخالفة للعامة، كما يظهر
من الحلي (2) والمسالك (3) والتذكرة (4).
وبما دل على اعتبار اتحاد الفحل بالمعنى الأول، بناء على دلالته على
عدم حصول البنوة من جهة الأمومة خاصة، فعدم حصول الأخوة من جهتها
بطريق أولى ولا بعد في جعله دليلا كما يوجد في كلام جماعة ونحوه ما دل
على عدم اعتبار ما خلا عن النكاح.
وبالصحيح - بل هو دليل آخر برأسه - على الصحيح: عن قول الله
تعالى: " وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا "، فقال: إن الله
تعالى خلق آدم من الماء العذب وخلق زوجته من سنخه فبرأها من أسفل
أضلاعه فجرى بذلك الضلع سبب ونسب، ثم زوجها إياه فجرى بسبب ذلك
بينهما صهر، وذلك قول الله عز وجل: " نسبا وصهرا " فالنسب يا أخا بني
عجل ما كان بسبب الرجال والصهر ما كان بسبب النساء " قال: قلت له:
أرأيت قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب " فسر
لي ذلك، فقال: كل امرأة أرضعت من لبن فحلها ولد امرأة أخرى من جارية
أو غلام فذلك الرضاع الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): وكل امرأة أرضعت من لبن

(1) الوسائل 14: 294، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 2.
(2) السرائر 2: 553.
(3) المسالك 7: 239.
(4) التذكرة 2: 621 س 25.
148

فحلين كانا لها واحدا بعد واحد من جارية أو غلام، فإن ذلك رضاع ليس
بالرضاع الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب "
وإنما هو من سبب ناحية الصهر رضاع ولا يحرم شيئا، وليس هو سبب
رضاع من ناحية لبن الفحولة فيحرم (1).
وهو كما ترى ظاهر في المختار، بناء على أن كون الظاهر كون " واحدا
بعد واحد " مفعولا لأرضعت، و " من غلام أو جارية " بيان لهما. ولا يحتمل
الحالية عن الفحلين لأمرين:
أحدهما: أنه لا يستفاد منه حينئذ شئ زائدا عما استفيد قبله، فيكون
تأكيدا، وما ذكرناه تأسيس، فهو أولى.
وثانيهما: استلزام ذلك إما تقدير المفعول وهو خلاف الأصل، أو جعله
مدخول الجار وهو خلاف الظاهر، أو جعله زائدا وهو كالأول، فتعين ما
ذكرناه.
ولا ينافيه وقوعه تفسيرا للرضاع المحرم، بناء على تصريحه بعدم النشر
مع تعدد الفحل الظاهر في عدمه مطلقا، حتى بين الرضيع والمرضع وصاحب
اللبن، لاحتمال كونه تفسيرا للرضاع المحرم كليا تحريما عاما، حتى لأحد
المرتضعين على الآخر، لا أصل التحريم ولو كان جزئيا حتى ينافي ذلك.
فيكون المراد أن الرضاع الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أي الذي يحرم
تحريم النسب من الجانبين مطلقا حتى بين المرتضعين هو الرضاع الذي
يتحد معه الفحل.
وأما إذا تعدد فلا يحرم ذلك التحريم العام وإن حرم الجزئي بين الرضيع
والمرضع وصاحب اللبن بقدر ما وجد فيه من علة التحريم، أعني ما يستفاد

(1) الكافي 5: 442، الحديث 9، وأورد ذيله في الوسائل 14: 293، الباب 6 من أبواب ما يحرم
بالرضاع الحديث 1.
149

من الصدر والذيل، وهو الشباهة بالنسب الناشئة من جهة الفحل خاصة دون
المرضعة، لبعدها عنها، وقربها من الشباهة بالمصاهرة.
ثم على تقدير تسليم ما ذكر من الاحتمال فهو يدل على المختار أيضا
بفحوى الخطاب الذي تقدمت إليه الإشارة، وعموم التعليل في الذيل، لما
ذكر لما نحن فيه، لصدق كون الأخوة إنما هي من ناحية المصاهرة، لا
النسبية التي جعلت مناطا لنشر الرضاع للحرمة.
وبهذه الأدلة يخصص عموم الكتاب والسنة إن كان دلالتها على الشمول
لمثل المقام واضحة. فخلاف الطبرسي (1) ضعيف.
وليس عليه دلالة في الخبر: قال مولانا الرضا (عليه السلام): ما يقول أصحابك
في الرضاع؟ قال: قلت: كانوا يقولون اللبن للفحل حتى جاء لهم الرواية عنك
يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب فرجعوا إلى قولك، قال: فقال لي:
وذلك أن أمير المؤمنين سألني عنها فقال: اشرح لي اللبن للفحل وأنا أكره
الكلام، فقال لي: كما أنت حتى أسألك عنها ما قلت في رجل كانت له أمهات
أولاد شتى فأرضعت واحدة منهن بلبنها غلاما غريبا أليس كل شئ من
ولد ذلك الرجل من أمهات الأولاد الشتى محرما على ذلك الغلام؟ قال:
قلت: بلى، فقال لي أبو الحسن (عليه السلام): ما بال الرضاع يحرم من قبل الفحل ولا
يحرم من قبل الأمهات، وإنما حرم الله من قبل الأمهات وإن كان لبن الفحل
أيضا يحرم (2).
إذ هو مع قصور سنده بجهالة الراوي لا يستفاد منه سوى تحريم أولاد
المرضعة نسبا على المرتضع، وليس من محل البحث في شئ. وعلى تقدير
كونه منه فحمله على التقية - كما صرح به جماعة - متعين.

(1) مجمع البيان 3: 28.
(2) الوسائل 14: 296، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 9، وفيه اختلاف يسير.
150

فالعجب كل العجب ممن جعل الحمل منعكسا، فحمل ما تقدم على
التقية ولو احتيط كان أجود.
* (ويستحب) * للمرتضع المختار * (أن يتخير للرضاع المسلمة) *
فيكره الكافرة مطلقا حتى الكتابية، لفحوى الحسنة: أن اليهودية والنصرانية
والمجوسية أحب إلي من ولد الزنا (1)، ولما علم من المعتبرة كالتجربة أن
الرضاع يؤثر في الطباع والحالة.
ففي الموثق: انظروا من ترضع أولادكم، فإن الولد يشب عليه (2).
* (الوضيئة) * لما تقدم، والصحيح: عليكم بالوضاء من الظؤرة، فإن اللبن
يعدي (3). ونحوه القوي: استرضع لولدك بلبن الحسان وإياك والقباح فإن
اللبن قد يعدي (4).
* (العفيفة) * الكريمة الأصل، لما ذكرنا من استحباب اختيارهما في
النكاح فكذا هنا، للمروي في قرب الإسناد: أن عليا (عليه السلام) كان يقول: تخيروا
للرضاع كما تتخيرون للنكاح، فإن الرضاع يغير الطباع (5).
* (العاقلة) * للحسن أو الصحيح: لا تسترضعوا الحمقاء، فإن اللبن
يعدي، وإن الغلام ينزع إلى اللبن، يعني إلى الظئر في الرعونة والحمق (6)،
ونحوه غيره، كالمروي في العلل مثله بزيادة العمشاء (7).
* (ولو اضطر إلى) * إحداهن ولو كانت * (الكافرة استرضع الذمية) *

(1) الوسائل 15: 184، الباب 75 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2، وفيه " قال لبن
اليهودية... ".
(2) الوسائل 15: 187، الباب 78 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(3) الوسائل 15: 189، الباب 79 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2 و 1.
(4) الوسائل 15: 189، الباب 79 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2 و 1.
(5) قرب الإسناد: 45.
(6) الوسائل 15: 188، الباب 78 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2.
(7) لم نعثر عليه في علل الشرائع ووجدناه في عيون أخبار الرضا 2: 34، الحديث 67.
151

وانتفت حينئذ الكراهة.
للمعتبرة، منها الحسن المتقدم والموثق: هل يصلح للرجل أن ترضع له
اليهودية والنصرانية والمشركة؟ قال: لا بأس (1). ولكن لا يسترضع
المجوسية، بل استرضع الكتابية.
وللحسنة: عن مظائرة المجوسية، فقال: لا، ولكن أهل الكتاب (2)
ونحوها الصحيحان الآتيان.
* (ويمنعها) * مع الاسترضاع * (من شرب الخمر ولحم الخنزير) *
للصحيح: لا يسترضع الصبي المجوسية ويسترضع اليهودية والنصرانية،
ولا يشربن الخمر ويمنعن من ذلك (3)، ونحوه الموثق وغيره (4).
ثم ليس في هذه الأخبار أكثر من جواز استرضاع الكافرة، ولا ينافي
ذلك الكراهة الثابتة بما قدمناه من الأدلة. فالتأمل فيها لإطلاق نفي البأس
عن استرضاع ما عدا المجوسية غير جيد.
* (ويكره تمكينها من حمل الولد إلى منزلها) * للصحيح: عن رجل دفع
ولده إلى ظئر يهودية أو مجوسية ترضعه في بيتها أو ترضعه في بيته، قال:
ترضعه لك اليهودية والنصرانية في بيتك، وتمنعها من شرب الخمر، وما لا
يحل مثل لحم الخنزير، ولا يذهبن بولدك إلى بيوتهن، والزانية لا ترضع
ولدك فإنه لا يحل لك، والمجوسية لا ترضع ولدك، إلا أن تضطر إليها (5).
* (و) * منه يظهر أنه * (يكره استرضاع المجوسية) * أشد كراهية، إلا عند
الضرورة، بل ظاهره كغيره التحريم ولولا الأصل المعتضد باتفاقهم لكان

(1) الوسائل 15: 186، الباب 76 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 5.
(2) المصدر السابق: الحديث 3.
(3) الوسائل 15: 185، الباب 76 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1، نفس الباب.
(4) الوسائل 15: 185، الباب 76 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1، نفس الباب.
(5) الوسائل 15: 186، الباب 76 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 6، وفيه اختلاف يسير.
152

متعينا. ونحوه استرضاع * (من لبنها عن زنا) * بل مر في الحسن أشديته
من الأول.
* (و) * لكن * (في رواية) * مروية بعدة طرق معتبرة: أنه * (إذا أحلها
مولاها طاب لبنها) * وزال بذلك كراهة استرضاعها، كالحسن: في المرأة
تكون لها الخادمة قد فجرت تحتاج إلى لبنها، قال: مرها فلتحللها يطيب
اللبن (1).
وقد نسبها المصنف في الشرائع إلى الشذوذ (2)، وعلل في الشرح
بإعراض الأصحاب عنها، لمنافاتها القاعدة، لأن إحلال ما مضى من الزنا
لا يرفع إثمه ولا يدفع حكمه فكيف يطيب لبنه (3)! واعترضه بأنه استبعاد
محض في مقابلة النصوص الكثيرة الخالية عن المعارض (4).
وهو حسن، إلا أن دعواه إعراض الأصحاب عنها، المشعرة بالإجماع،
تلحقها بالشواذ، وإن خلت عن المعارض، فيجب طرحها، أو حملها على
ما إذا كانت الأمة قد تزوجت بدون إذن مولاها، فإن الأولى له إجازة العقد
ليطيب اللبن، كما فعله بعض الأصحاب. وهو وإن بعد غايته، إلا أنه أولى
من طرحها.
* (وهنا مسائل) * ثلاث
* (الأولى: إذا أكملت الشرائط) * المعتبرة في تحريم الرضاع * (صارت
المرضعة أما) * للرضيع * (وصاحب اللبن أبا) * له وآبائهما مطلقا أجدادا
وجدات * (و) * كذا * (أختها) * كأخت الوالدات للفحل ولها * (خالة) *
وإخوتها كإخوة الوالدات لهما أخوالا وإخوة صاحب اللبن وأخواته كإخوة
آبائه وآبائها وأخواتهما أعماما وعمات * (وبنتها) * وابنها كابن الفحل وابنته

(1) الوسائل 15: 184، الباب 75 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2.
(2) الشرائع 2: 284.
(3) المسالك 7: 245.
(4) المسالك 7: 245.
153

* (أختا) * وأخا فيحرم الرضيع وفروعه خاصة على الجميع مطلقا ولو انتسبوا
إلى المرضعة وبعلها بالرضاع، بشرط اتحاد فحلهم وفحلهما، ويأتي على
قول الطبرسي التحريم مطلقا.
فالأعمام والعمات كالأخوال والخالات مثلا للأبوين الرضاعيين
يحرمون على الرضيع ولو انتسبوا إليهما من غير نسب، مع الشرط المتقدم،
أو مطلقا.
خلافا للقواعد (1) والمحقق الثاني (2)، فنفيا التحريم في المنتسبات إليهما
بالرضاع مطلقا، لعدم اتحاد الفحل بين الرضيع والنسوة المزبورات.
وفيه نظر، إذ اشتراط اتحاد الفحل إنما هو في حصول البنوة والأخوة لا
مطلقا، كما دلت عليه الروايات المتقدمة، المعتبرة، الصريحة في حرمة الخالة
الرضاعية للمرضعة من طرف الفحل، معللا بحصول اتحاده لها وللخالة.
ولو كان المراد من الاتحاد ما ذكراه لما كان للتعليل كالحكم بسببه
وجه، لعدم اتحاد فحلي الرضيع والخالة الرضاعية، وإن هي إلا غفلة واضحة
تردها الأخبار المزبورة، كاطلاقات كلام الأصحاب، بل صريحهم في المسألة.
* (و) * كما * (يحرم) * عليهم مطلقا كذا يحرم الجميع ومنهم * (أولاد
صاحب اللبن) * مطلقا * (ولادة ورضاعا على المرتضع) * وفروعه * (و) *
كذا * (أولاد المرضعة ولادة) * إجماعا * (لا رضاعا) * على الأشهر الأظهر،
إلا على قول الطبرسي الذي مر فيحرم عليه أولادها مطلقا.
* (الثانية) *: المستفاد من النصوص المعتبرة بعد أن ضم إليها أصالة
الإباحة أنه لا يحرم من الرضاع إلا ما يحرم من جهة النسب، وليس المحرم
من جهة إلا من صدق عليه عنوانات النسوة السبع المذكورات في الآية،

(1) القواعد 2: 13 س 7.
(2) جامع المقاصد 12: 258.
154

كالأمومة والبنتية والأختية ونحوها، لا أم الأخ والأخت، ولا أم ولد الولد،
ولا جدة الولد، ولا أخت الولد، فلا يحرمن في الرضاع إذا كن أجنبيات وإن
حرمن في النسب تارة، وبالمصاهرة أخرى، لعدم صدق العنوانات في الآية
عليهن حينئذ فهن عن القاعدة خارجات لا داخلات يحتاج إلى استثنائهن،
كما عن التذكرة (1).
ونحو هذه الصور: ما لو أرضعت زوجتك ولد ولدها ذكرا كان الولد أو
أنثى، فإن هذا الرضيع يصير ولدك بالرضاع بعد أن كان ولد ولدك بالنسب،
فتصير زوجتك المرضعة جدة ولدك، وجدة الولد محرمة عليك، للنسب، أو
المصاهرة. ولكن هنا لا تحرم الزوجة، لأن تحريم جدة الولد ليس منحصرا
في النسب، ولا من حيث إنها جدة. وكذا لو أرضعت ولد ولدها من غيرك،
فإن الرضيع يصير ولدك بالرضاع وإن لم يكن له إليك انتساب قبله، وتصير
زوجتك جدة ولدك، ولا تحرم بذلك، كما قررنا.
ومما ذكر ينقدح وجه القدح في المحكي عن شذوذ من الأصحاب من
القول بالنشر في نحو هذه الصور، بناء على حرمة المذكورات بالنسب في
بعض الفروض فيشملهن عموم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب، إذ
المراد بالمحرمات من النسب النسوة السبع المعدودات في الآية. وليست
النسوة المفروضات في الصور نظراء إحداهن، لعدم صدق عنوانهن عليهن.
وحرمتهن بالنسب في بعض الفروض ليس إلا صدق الأمومة والبنتية
مثلا عليهن فيدور التحريم مدار صدق العنوانات المزبورة عليهن المفقود
فيهن في الصور المزبورة، مضافا إلى استلزام ما ذكر حرمة أخت الأخ
الرضاعية على أخيه، لحرمتها بالنسب في الجملة.

(1) التذكرة 2: 614 س 32 و 38.
155

ولا ريب في فساده بالبديهة، لدلالة المعتبرة واتفاق الطائفة على عدم
حرمتها عليه من النسب، فعدمها من الرضاع أولى، مضافا إلى ورود النص
بالعدم فيه أيضا.
وربما يتوهم الاستدلال لهذا القول بالتعليل، لتحريم أولاد المرضعة على
أب المرتضع بأن ولدها صارت بمنزلة ولدك، الآتي في بعض الصحاح في
هذه المسألة. قيل: وهو يعطي التعميم ويوجب تحريم من يصير بمنزلة
محرم (1).
وهو - مع معارضته بالمعتبرة المتقدمة الحاصرة للمحرمات الرضاعية
في نظائر السبع المعدودات في الآية - فيه: أنه ليس المستفاد من التعليل
إلا كون منزلة الولدية ضارة.
وليس فيه ما يوجب التخطي إلى تحريم من هو بمنزلة الأخ والولد مثلا،
إلا بطريق القياس المستنبط العلة، التي ليس فيها حجة، ولذا أن أكثر
الأصحاب كالفاضلين (2) والشهيدين (3) وغيرهم والمحكي عن الشيخ (4) في
كتبه وابن حمزة (5) والحلي (6) خصوا التعليل بمورده، بعد أن عملوا به.
فقالوا: * (لا ينكح أب المرتضع في أولاد صاحب اللبن ولادة ورضاعا) *
وأولاد المرضعة ولادة لارضاعا * (لأنهم) * صاروا * (في حكم ولده) *.
للصحيح في الأول: عن امرأة أرضعت لي صبيا هل يحل لي أن أتزوج
ابنة زوجها؟ فقال لي: ما أجود ما سألت من هنا يؤتى أن يقول الناس
حرمت عليه امرأته من قبل لبن الفحل هذا لبن الفحل لا غير، فقلت له:

(1) حكاه عن المحقق العماد في الحدائق 23: 387.
(2) الشرائع 2: 285، والتحرير 2: 10 س 6 و 7.
(3) اللمعة والروضة 5: 168.
(4) النهاية 2: 306.
(5) الوسيلة: 301.
(6) السرائر 2: 554.
156

الجارية ليست ابنة المرأة التي أرضعت لي هي ابنة غيرها، فقال: لو كن عشرا
متفرقات ما حل لك شئ منهن (1).
والصحيحين في الثاني في أحدهما: امرأة أرضعت بعض ولدي هل
يجوز لي أن أتزوج بعض ولدها؟ فكتب: لا يجوز ذلك، لأن ولدها صارت
بمنزلة ولدك (2).
ومع ذلك رده جمع من الأصحاب، كالشيخ في المبسوط (3)
والقاضي (4)، تمسكا بأصالة الإباحة، وعملا بالقاعدة المتقدمة. وهو قوي
لولا هذه الأخبار الصحيحة المعتضدة بالشهرة العظيمة، ومراعاة الاحتياط
المطلوبة في الشريعة، سيما في أمثال المسألة. ويعارض أصالة الإباحة
بأصالة الحرمة السابقة.
والقاعدة المتقدمة النافية للحرمة عن أمثال هذه المسألة إنما هو
بضميمة أصالة الإباحة، وإلا فلا يثبت من المعتبرة سوى حرمة ما يحرم من
النسب في الرضاع، وهو لا ينافي ثبوتها به في غيره. فليس بين هذه
الصحاح وتلك المعتبرة معارضة.
نعم تعارض أصالة الإباحة ومراعاتها في مقابلة الصحاح المعتضدة
بالشهرة غير خالصة عن شوب المناقشة.
وكيف كان الاحتياط لا يترك في المسألة.
ويتفرع على الخلاف في هذه المسألة ما لو أرضعت ولد إنسان جدته
لأمه، سواء كان بلبن جده، أو غيره، أو أرضعته إحدى نسوة جده بلبن جده
الرضاع المعتبر، فإن أم الرضيع تحرم على زوجها أب المرتضع على القول

(1) الوسائل 14: 296، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 10.
(2) الوسائل 14: 306، الباب 16 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 1.
(3) المبسوط 4: 204، و 5: 292.
(4) المهذب 2: 191.
157

بالتحريم، لأنها من جملة أولاد المرضعة على التقدير الأول ومن جملة
أولاد صاحب اللبن على التقدير الثاني.
ثم من القاعدة يعلم أيضا عدم حرمة المرضعة على أب المرتضع، إذ
لا مقتضى له، فإن أم الولد من النسب ليست حراما، فالأولى أن لا تحرم من
الرضاع. وكذا لا تحرم على أخ المرتضع، لأن أم الأخ من النسب إنما حرمت
على الأخ لكونها أما أو منكوحة الأب، وانتفاء هذين المانعين هنا ظاهر.
* (وهل ينكح أولاده) * أي أولاد أب المرتضع * (الذين لم يرتضعوا) *
من لبن الفحل * (في أولاد هذا الفحل) * مطلقا نسبا ورضاعا، وأولاد
المرضعة نسبا إذا لم يرتضعوا من لبنها أصلا * (قال) * الشيخ * (في) *
النهاية (1) و * (الخلاف: لا) * يجوز (2)، لدلالة تعليل التحريم على أب
المرتضع في المسألة السابقة بأنهن بمنزلة ولده عليه، ولأن أخت الأخ من
النسب محرم فكذا من الرضاع.
ويضعف الأول: بمنع وجود العلة هنا، لأن كونهن بمنزلة أولاد أب
المرتضع غير موجود هنا وإن وجد ما يجري مجراها، وهو أنها أخت الأخ.
والثاني: بأن أخت الأخ من حيث كونها أختا للأخ لا تحرم على الأخ،
وإنما تحرم من حيث كونها أختا له، لأن الانسان لو كان له أخ من أبيه
وأخت من أمه جاز لأخيه المذكور نكاح أخته، إذ لا نسب بينهما يحرم،
وإنما تحرم أخت الأخ إذا كانت أختا لمن يحرم من الأب أو من الأم.
وهو حسن، إلا أنه في الأول كلام فإنه متى ثبت كون أولاد صاحب
اللبن بمنزلة أولاد أب المرتضع صاروا بمنزلة الإخوة لأولاده، إلا أن تمنع
الملازمة بين الأمرين، ولا بد من التأمل، مع أن كونهم بمنزلة الولد يقتضي أن

(1) النهاية 2: 306.
(2) الخلاف 5: 93، المسألة 1.
158

يثبت لهم جميع الأحكام الثابتة للولد من حيث الولدية، لعدم تخصيص في
المنزلة، ومن جملة أحكام الولد تحريم أولاد الأب عليه.
* (والوجه الجواز) * عند الأكثر ومنهم الحلي (1) والقاضي (2) والفاضلان (3)
والشهيدان (4). وهو الأظهر، للأصل المستفاد من عمومات الحل، وإنما
المحرم طارئ لا بد من ثبوته، فحيث لم يثبت لم تحرم، مضافا إلى القاعدة
السابقة من أنه لا يحرم من الرضاع إلا ما يحرم من النسب.
وليس أخت الأخ منه بحرام، كما عرفت، فعدمه هنا أولى، مضافا إلى
الموثق: في رجل تزوج أخت أخيه من الرضاعة، فقال: ما أحب أن أتزوج
أخت أخي من الرضاعة (5). وهو ظاهر في الكراهة، لعدم تأدية الحرمة بمثل
هذه العبارة، مع ورودها في أخت الأخ النسبية.
والمراد بها بالإضافة إليها الكراهة بإجماع الطائفة، والراوي للخبرين
واحد، وقصور السند لو كان منجبر بالشهرة بين الأصحاب، وبذلك يخص
عموم المنزلة المتقدمة ويقال: إن المراد كونهن بمنزلة أولاده في خصوص
الحرمة عليه، لا انتشارها إلى الأخوة، بل لا يبعد الابقاء على العموم،
والحمل على الكراهة مطلقا، لهذه الموثقة الظاهرة فيها في بعض أفراد عموم
المنزلة، ولا يبعد الحمل عليها في الباقي، لاتحاد العبارة.
فظهر نوع من التأمل في الحرمة في المسألة السابقة، ولكن الاحتياط
لا يترك هنا وثمة وإن كان الأظهر الجواز هنا وفي تزويج أب المرتضع
بأم المرضعة نسبا، فضلا عن أن يكون رضاعا، فإن غايتها أن تنزل منزلة

(1) السرائر 2: 557.
(2) المهذب 2: 191.
(3) الشرائع 2: 285، والتحرير 2: 10 س 8.
(4) اللمعة والروضة 5: 171.
(5) الوسائل 14: 279، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالنسب الحديث 2.
159

أم الزوجة، وهي لا تحرم إلا بالمصاهرة، وعن المبسوط (1) التصريح به،
ووافقه ابن حمزة (2) وأكثر المتأخرين.
خلافا للحلي (3) فحرم، لزعمه أنه من التحريم بالنسب، نظرا إلى
الأمومة، ووافقه في المختلف (4)، لما تقدم من التعليل لتحريم أخت الولد
الرضاعية بأنها في منزلة الولد، ولا ريب أنها تحرم بالمصاهرة، فدل على
إفادة الرضاع الحرمة بالمصاهرة.
وفيه نظر، والأولى الاقتصار في الحرمة على ما تضمنته الرواية المعللة.
ونحوه الكلام في تزويج الفحل في أخوات المرتضع، فلا بأس به على
الأشهر الأظهر، تمسكا بالأصل، والقاعدة، وتحريم أولاده على أب
المرتضع، بناء على كونهم بمنزلة أولاده لا يستلزم العكس، وهو أن أولاد
أب المرتضع بمنزلة أولاد الفحل.
فظهر ضعف القول بالمنع هنا ومستنده وإن حكي عن الخلاف (5)
والنهاية (6) والحلي (7).
وبالجملة فهذه المسائل الثلاثة الأظهر فيها الجواز، وفاقا للأشهر بين
الأصحاب، بل لا يبعد في الأولى أيضا وإن كان الاحتياط فيها لازما.
وأما ما عدا هذه المسائل الأربع فلا خلاف يعتد به بين الأصحاب في
لزوم الاقتصار فيها على القاعدة، وعدم الحكم بالحرمة، إلا بصدق نحو
الأمومة والبنتية والأختية ونحو ذلك من العنوانات المذكورة في الآية وأما
عموم المنزلة الذي تقدم إليه الإشارة فلم نقف على ما يدل عليه بشئ من
الكتاب والسنة، بل هي مع الأصل في رده واضحة الدلالة، وقد مر الموهم له

(1) المبسوط 5: 305.
(2) الوسيلة: 301 و 302.
(3) السرائر 2: 555.
(4) المختلف 7: 19.
(5) الخلاف 5: 93، المسألة 1.
(6) النهاية 2: 306.
(7) السرائر 2: 555.
160

مع جوابه في صدر المسألة.
* (الثالثة) *: لا خلاف في أنه كما يمنع الرضاع سابقا كذلك يبطله
لاحقا، للعمومات، وخصوص المعتبرة المستفيضة الآتية، وفيهما الدلالة،
مضافا إلى اتفاق الطائفة على تعلق المصاهرة بالرضاع كتعلقها بالنسب،
بمعنى أن كل من حرم من جهة النسب في المصاهرة حرم من جهة الرضاع
أيضا، فكما تحرم بها أم الزوجة النسبية وابن الزوج النسبي كذا يحرم بها
نظيرهما من جهة الرضاع.
وأما ما ذكروه من المصاهرة التي لا يتعدى إليها التحريم بالرضاع، فهي
المصاهرة الحاصلة بالرضاع، نظير المصاهرة الحاصلة بالنكاح، كما إذا
حصل بجعل مرضعة الولد بمنزلة الزوجة لأب المرتضع، وأمها بمنزلة أم
الزوجة، وأختها بمنزلة أختها، وهكذا فمثلها لا يتعدى إليه التحريم، بخلاف
المصاهرة في الأول، فإنها ليست ناشئة عن الرضاع، بل عن النكاح الصحيح،
وإنما الناشئ عن الرضاع هو البنوة مثلا، فلما تحققت لزم حكم الناشئ عن
النكاح، وهو كون منكوحته حليلة الابن وهكذا.
والضابط تنزيل المنتسب بالرضاع منزلة المنتسب بالنسب، فيلحقه
أحكامه، ولا يتعدى الحكم إلى ما يناسبها، بل يراعى نفس الوصف الموجب
للتحريم.
إذا تمهد هذا فاعلم أنه * (لو تزوج رضيعة فأرضعتها امرأته) * بلبنه
* (حرمتا) * عليه مؤبدا مطلقا. وكذا لو أرضعتها بلبن غيره، كانت في حبالته
- كما إذا استمر لبن الأول إلى أن تزوجت به - أم لا * (إن كان دخل
بالمرضعة) * على الأشهر الأظهر فيها من تحريم الأم بمجرد العقد على
البنت، كما يأتي إن شاء الله تعالى.
وعلى القول الآخر يختص التحريم بالرضيعة، لكونها إما بنته، كما في
161

الأول أو بنت الزوجة المدخول بها، كما في الثاني. قيل: وفي بعض المعتبرة
دلالة عليه (1)، كالحسن: في رجل تزوج جارية صغيرة فأرضعتها امرأته
أو أم ولده، قال: تحرم عليه (2). ونحوه في آخر كالموثق، إلا أن فيهما بدل
" تحرم عليه " " فسد نكاحه " (3). وفيه نظر.
وكيف كان، فلا ريب في دلالتها على الحرمة في الجملة * (وإلا) * يكن
دخل بها * (حرمت المرضعة حسب) * فلا تحرم الرضيعة، لأنها ربيبة لم
يدخل بأمها، بل ولا الأم أيضا على القول الآخر من اعتبار الدخول بالبنت
في حرمة الأم، ولكنه ضعيف.
وكيف كان ينفسخ نكاح الجميع مطلقا هنا وفي الصورتين السابقتين،
أما فيهما فواضح، لحرمة كلتيهما، جمعا وانفرادا، وأما هنا فلامتناع الجمع
بينهما، فكالعقدين المتقارنين زمانا فيبطلان، لعدم إمكان الترجيح فيجدد
نكاح الرضيعة لو أراد، ولا خلاف في الظاهر بينهم في ذلك، وعليه الإجماع
في الإيضاح (4).
ويشكل بأن أصالة بقاء صحة نكاح الصغيرة يقتضي ترجيحها، والمانع
إنما طرأ في نكاح المرضعة، وفساده بطرو المانع بالنسبة إليها لا يستلزم
فساد ما خلا عنه. وقياسهما على العقدين المقارنين قياس مع الفارق فتأمل
جدا.
وربما احتمل القرعة مطلقا، فمن أخرجتها القرعة صح نكاحها وفسد
نكاح الأخرى.
وما قيل في توجيه الفسخ مطلقا من امتناع الاجتماع بين الأم والبنت

(1) نهاية المرام 1: 127.
(2) الوسائل 14: 303، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 2 و 1.
(3) الوسائل 14: 303، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 2 و 1.
(4) الإيضاح 3: 51.
162

في النكاح (1) لا يساعد عليه، إذ ذلك لا يقتضي إلا تحريم أحدهما، وهو وإن
جهل ولا يمكن الترجيح إلا بمرجح إلا أنه يستخرج بالقرعة فتكون هي
المرجحة.
ويدفعها المعتبرة المتقدمة الدالة على الحرمة، وفساد النكاح ولو في
الجملة من دون أمر فيها بالقرعة، مضافا إلى أن الرضاع فاسخ للنكاح من
حينه، لا كاشف عن فساد العقد من أصله، ومعه يثبت لكل من النكاحين
حكمه من تحريم الربيبة وأم الزوجة مطلقا، سبقا، أم لحقا.
فإذا حصل الرضاع حرم الجمع بينهما والانفراد بأحدهما، لكونها إما
بنت زوجة صح زوجيتها، أو أم زوجة صحت زوجيتها. ويثبت الحرمة على
كل تقدير.
نعم لو كان الرضاع كاشفا عن الفساد أمكن احتمال القرعة. ولكنه
ضعيف.
* (ولو كان له زوجتان) * كبيرتان * (فأرضعتها) * أي الزوجة الصغيرة
* (واحدة) * من الكبيرتين * (حرمتا مع الدخول) * أي المرضعة والرضيعة
بالتفصيل المتقدم، ولا كلام فيه، بل عليه الإجماع في الإيضاح (2).
* (و) * إنما الإشكال فيما * (لو أرضعتها) * الكبيرة * (الأخرى) * بعد
حصول التحريم بإرضاع الأولى * (ف‍) * فيه * (قولان، أشبههما) * عند
المصنف هنا صريحا وفي الشرائع ظاهرا (3) وفاقا للحلي (4) وأكثر
المتأخرين كما حكي * (أنها تحرم أيضا) * لصيرورتها أم من كانت زوجته،
فيصدق عليها أم الزوجة، بناء على عدم اشتراط بقاء المبدأ في صدق
المشتق.

(1) نهاية المرام 1: 127.
(2) الإيضاح 3: 52.
(3) الشرائع 2: 286.
(4) السرائر 2: 540.
163

وفيه ضعف، لضعف المبنى عليه، للتوقف فيه أولا، وعدم صدق الزوجية
بعد الفسخ لغة وعرفا، كما إذا طلقت ثانيا، وعدم وجود لفظ الزوجة في
الأدلة المحرمة لأم الزوجة، وإنما الموجود فيها لفظ النساء ونحوه مما هو
جامد لا اشتقاق فيه ثالثا.
فلا مخرج قطعيا عما دل على أصالة الإباحة واستصحاب الحلية
السابقة، مضافا إلى اعتضادها بالرواية: حرمت عليه الجارية وامرأته التي
أرضعتها أولا، وأما الأخيرة لم تحرم عليه، لأنه أرضعت ابنته (1)، وفيها
تخطئة ابن شبرمة في فتواه بالخلاف.
وليس في سندها من يتوقف فيه عدا صالح بن أبي حماد، وهو وإن
ضعف في المشهور، إلا أن القرائن على مدحه كثيرة. وتوهم الإرسال فيه
ضعيف.
فإذا القول بالحل أقوى، وفاقا لظاهر الكليني (2) والشيخ (3)
والإسكافي (4) والسيد في شرح الكتاب (5) وجماعة من الأصحاب.
* (ولو تزوج رضيعتين فأرضعتهما امرأته) * بلبنه * (حرمن كلهن) *
مطلقا، اجتمعا في الارتضاع، أم تعاقبا، دخل بالمرضعة، أم لا، لانتسابهما
بالبنوة إليه، وصيرورة المرضعة أم زوجته تحرم عليه مطلقا على الأظهر
الأشهر، كما مر، ويأتي عدم حرمتها على القول الآخر.
وكذا لو أرضعتهما بلبن الغير * (إن كان دخل بالمرضعة) * واجتمع
الرضعتان بلا كلام، لصيرورتهما بنتي الزوجة المدخول بها، وصيرورتها
أمهما، فتحرم على ما مر. ولا على القول الآخر * (وإلا) * يكن دخل بها

(1) الوسائل 14: 305، الباب 14 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 1.
(2) الكافي 5: 446، الحديث 13.
(3) النهاية 2: 298.
(4) كما في المختلف 7: 22.
(5) نهاية المرام 1: 129.
164

* (حرمت المرضعة) * خاصة دونهما، لما مر.
ولو دخل بها وتعاقب الرضعتان حرمن كلهن أيضا على اختيار المصنف
سابقا، ويقتضيه إطلاق عبارته هنا أيضا، ويأتي على المختار حرمة
المرضعة والرضيعة السابقة، وبقاء الثانية على أصالة الإباحة.
* (السبب الثالث: في (1) المصاهرة) *
وهي علاقة تحدث بين الزوجين وأقرباء كل منهما بسبب النكاح
توجب الحرمة.
* (و) * يلحق بالنظر في النكاح * (النظر في الوطء والنظر واللمس) *
على وجه مخصوص. هذا هو المعنى المعروف من معناها لغة وعرفا.
فلا يحتاج إلى إضافة وطء الأمة والشبهة والزنا ونحوه إليها وإن أوجب
حرمة على بعض الوجوه، إذ ذاك ليس من حيث المصاهرة، بل من جهة ذلك
الوطء وإن جرت العادة بإلحاقه بها في بابها. والكلام هنا يقع في مقامين:
* (أما الأول: ف‍) * في العقد والوطء.
* (من وطئ امرأة بالعقد) * مطلقا * (أو الملك حرمت عليه أم الموطوءة
وإن علت) * من الطرفين * (وبناتها وإن سفلن) * مطلقا * (سواء كن قبل
الوطء أو) * وجدن * (بعده) * كن في حجره وحضانته، أم لا، والتقييد في
الآية خرج مخرج الغلبة، وصرح بالتعميم وعدم اعتباره بعض المعتبرة
* (وحرمت الموطوءة) * كالمعقود عليها * (على أب الواطئ وإن علا
وأولاده وإن نزلوا) * كل ذلك بالكتاب والسنة والإجماع من المسلمين كافة
حكاه جماعة.
وهو العمدة في إثبات أكثر الأحكام المتقدمة، لقصور الأولين عن

(1) كذا في المتن المطبوع أيضا، والظاهر زيادة: في.
165

إفادتها طرا، لعدم اشتمالهما المرتفعين والمرتفعات والسافلين والسافلات،
مع أن السنة في ملك اليمين مختلفة.
ففي الخبر رجل كانت له جارية فوطأها فباعها أو ماتت ثم وجد ابنتها
أيطأها، قال: نعم إنما حرم الله تعالى هذا من الحرائر، فأما الإماء فلا بأس (1).
ونحوه خبران آخران (2)، مشتركان له في ضعف السند والشذوذ ومخالفة
القرآن الكريم. وخصوص المعتبرة المستفيضة كالصحيح: عن رجل كانت له
جارية فأعتقت وتزوجت فولدت أيصلح لمولاها الأول أن يتزوج ابنتها؟
قال: لا، هي عليه حرام، وهي ابنته، والحرة والمملوكة في هذا سواء (3).
ونحوه الموثقات (4).
وبالجملة الإجماع كفانا مؤنة الاشتغال بالاستدلال لهذه الأحكام في
المجال.
* (ولو تجرد العقد) * على البنت * (عن الوطء حرمت أمها عليه عينا) *
فلا يجدي فراقها لاستحلال الأم جدا * (على الأصح) * الأشهر، بل كاد أن
يكون إجماعا، كما في الروضة (5)، بل إجماع في الحقيقة، كما عن
الناصريات (6) والغنية (7)، وصرحت به الصحيحة الآتية، لعموم الآية
الكريمة (8) المستفاد من إضافة الجمع إلى الضمير، من دون تقدم معهودة،
وتعين تعلق الاستثناء بالجملة الأخيرة، لأصالة بقاء الأولى على الحقيقة،

(1) التهذيب 7: 278، الحديث 1181.
(2) الوسائل 14: 360، الباب 21 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 16 وذيله.
(3) الوسائل 14: 351، الباب 18 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2.
(4) الوسائل 14: 350 و 357 و 358، الباب 18 و 21 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
(5) الروضة 5: 177.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): 245، المسألة 148.
(7) الغنية: 336.
(8) النساء: 23.
166

وهي وإن كانت محل مناقشة في نحو الآية لبعض علماء الطائفة، لعدم الدليل
عليها بالكلية، ودعوى الإجماع عليها مع وقوع النزاع في أمثال الآية
ممنوعة، كيف لا! وهي فيها محل نزاع ومشاجرة، فمقتضى الأصل الرجوع
فيها إلى القاعدة بأن يرجع القيود إلى الجملة الأولة إذا كان إطلاق الحكم أو
عمومه فيها منافيا لنحو أصالة البراءة، لا لأصالة الحقيقة في الرجوع إليها،
كما عن الشافعية، بل لأصالة البراءة والشك في التخصيص باحتمال الرجوع
إلى الأولة، وينعكس الحكم بعكس القضية، فترجع القيود إلى الأخيرة
خاصة، وتبقى الأولة، على عمومها، لا لأصالة الرجوع إليها، كما عن أبي
حنيفة، بل لموافقتها أصالة البراءة، كما هو مفروض القضية. واحتمال
الرجوع إليها في التخصيص غير كاف بالبديهة.
وهو وإن كان في غاية القوة، إلا أنه غير آت في هذه الآية، لتعين
الرجوع فيها إلى الأخيرة، من جهة كون " من " مع الأولى بيانية، ومع الثاني
ابتدائية، والمشترك لا يستعمل في معنييه معا، كما صرح به عن أرباب
الأصول جماعة، مع أن الخبرين إذا اختلفا لم يتحد نعتهما، وصرح به أيضا
طائفة كالزجاج (1) وغيره من أهل العربية، مع نقلهم ذلك عن النحاة كافة،
مضافا إلى دلالة المعتبرة هنا على الرجوع إلى الأخيرة، وظاهرها كونه
قاعدة كلية جارية في مضاهيات الآية.
فروى العياشي في تفسيره عن أبي حمزة عن مولانا الباقر (عليه السلام) أنه سأله
عن رجل تزوج امرأة وطلقها قبل أن يدخل بها أتحل ابنتها قال: فقال: قد
قضى في هذا أمير المؤمنين (عليه السلام) لا بأس به أن الله تعالى يقول: " وربائبكم
اللآتي في حجوركم من نسائكم اللآتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم

(1) معاني القرآن للزجاج 2: 34.
167

بهن فلا جناح عليكم "، ولكنه لو تزوج الابنة ثم طلقها قبل أن يدخل بها لم
تحل له أمها، قال: قلت: أليس هما سواء؟ قال: فقال: لا، ليس هذه مثل هذه
إن الله يقول: " وأمهات نسائكم " لم يستثن في هذه كما اشترط في تلك هذه
هنا مبهمة ليس فيها شرط وتلك فيها شرط (1).
وناهيك هذه الرواية المعتضدة بالشهرة العظيمة في إثبات القاعدة الكلية،
فضلا عن خصوص المسألة.
ونحوها في أثبات المسألة والاشعار بثبوت القاعدة الكلية غيرها من
المعتبرة المستفيضة، كالموثق: عن رجل تزوج امرأة ثم طلقها قبل أن يدخل
بها، فقال: تحل له ابنتها ولا تحل له أمها (2). ونحوه غيره (3).
وأظهر منهما الخبر الآخر: أن عليا (عليه السلام) كان يقول: الربائب عليكم حرام
مع الأمهات اللآتي قد دخلتم بهن في الحجور وغير الحجور سواء، والأمهات
مبهمات دخل بالبنات أم لم يدخل، فحرموا وأبهموا ما أبهم الله تعالى (4).
وقصور الأسانيد مع اعتبار بعضها منجبر بالشهرة العظيمة، والإجماع
المحكي في المسألة، مع إشعار بعض الصحاح الآتية، بل ودلالته باشتهار
الحكم بين الشيعة، وافتخارهم به، لصدوره عن مولاهم أمير المؤمنين (عليه السلام)
في هذه القضية، وبورود خلافه مورد التقية، فلا شبهة في المسألة.
خلافا للعماني، فجعل البنت للأم متساوية في اشتراط الدخول بها
للحرمة العينية (5)، استنادا إلى أصالة الإباحة المردودة بما قدمناه من الأدلة،

(1) العياشي 1: 230، الحديث 74.
(2) الوسائل 14: 352، الباب 18 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 5 و 4.
(3) الوسائل 14: 352، الباب 18 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 5 و 4.
(4) الوسائل 14: 351، الباب 18 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3، وأورد ذيله في الباب
20 من نفس الأبواب ص 355 الحديث 2.
(5) كما في المختلف 7: 27.
168

والتفاتا إلى الآية الشريفة، بناء على قول الشافعية من تعين الرجوع إلى
مجموع الجمل السابقة واللاحقة. والمناقشة فيه بعد ما تقدم - سيما في مثل
هذه الآية - واضحة. وتمسكا بالصحاح:
منها: قال: قلت له: رجل تزوج امرأة فهلكت قبل أن يدخل بها تحل له
أمها، قال: وما الذي يحرم عليه منها ولم يدخل بها (1).
وهو مقطوع، لا يصلح الاستناد إليه.
ومنها: قال: الأم والابنة سواء إذا لم يدخل بها، يعني إذا تزوج المرأة ثم
طلقها قبل أن يدخل بها فإنه إن شاء تزوج أمها وإن شاء تزوج ابنتها (2).
ولا دلالة فيه إلا بمعونة التفسير المذكور، لاحتمال أن يكون المعنى فيه:
أنه إذا تزوج الأم ولم يدخل بها فالأم والبنت سواء في أصل الإباحة، فإن
شاء دخل بالأم، وإن شاء فارقها وتزوج البنت، ويؤيده إفراد الضمير الراجع
إلى الأم في ظاهر السياق. أو أن يكون المعنى إذا تزوج الأم أو البنت ولم
يدخل بهما فهما سواء في التحريم، جمعا لا عينا.
نعم الاحتمالان منتفيان في التفسير المذكور، إلا أنه من الإمام غير
معلوم، لاحتمال كونه من الراوي، ويؤيده نقل بعض المشائخ له عن بعض
الأصول عاريا عن التفسير المزبور (3).
نعم رواه في الفقيه كذلك، لكن بتبديل العبارة المفسرة بقوله بعد سواء:
" إذا لم يدخل بأحدهما حلت له الأخرى " (4). ويحتمل قريبا كونه منه.
ومنه يظهر اضطراب متنه، لروايته تارة من التفسير خالية، وأخرى
بالعبارة الأولى مفسرة، وأخرى بالثانية، مع أن الأصل فيه جميل وحماد،
وهما يرويان تارة عن مولانا الصادق (عليه السلام) بلا واسطة، وأخرى بواسطة

(1) الوسائل 14: 356، الباب 20 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 5 و 3.
(2) الوسائل 14: 356، الباب 20 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 5 و 3.
(3) الحدائق 23: 456.
(4) الفقيه 3: 414، الحديث 4447.
169

الحلبي عنه، وثالثة بواسطة بعض الأصحاب عن أحدهما (عليهما السلام)، وما هذا
شأنه لا يجوز التعويل عليه.
والصحيح لمنصور بن حازم قال: كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأتاه رجل
فسأله عن رجل تزوج امرأة فماتت قبل أن يدخل بها أيتزوج بأمها؟
فقال (عليه السلام): فقد فعله رجل منا فلم نر به بأسا، فقلت: جعلت فداك ما يفخر
الشيعة إلا بقضاء علي (عليه السلام) في هذه الشمخية التي أفتى بها ابن مسعود، أنه
لا بأس بذلك ثم أتى عليا (عليه السلام)، فقال له علي (عليه السلام): من أين أخذتها؟ فقال:
من قول الله عز وجل: " وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي
دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم "، قال علي (عليه السلام): إن
هذه مستثناة، وهذه مرسلة وأمهات نسائكم، فقال أبو عبد الله (عليه السلام) للرجل:
أما تسمع ما يروي هذا عن علي (عليه السلام)، فلما قمت ندمت، وقلت: أي شئ
صنعت يقول هو قد فعله رجل منا فلم نر به بأسا، وأقول أنا: قضى علي (عليه السلام)
ولقيته بعد ذلك فقلت: جعلت فداك مسألة الرجل إنما كان الذي كنت تقول
كان زلة مني فما تقول؟ فقال: يا شيخ تخبرني أن عليا (عليه السلام) قضى فيها
وتسألني فما تقول فيها (1).
وهو بالدلالة على الخلاف أشبه فإن عدوله عن الجواب الصريح بالجواز
إلى قوله: " قد فعله رجل منا فلم نر به بأسا " مشعر بعدم الرضا به واقعا،
ولعل عدم رؤيتهم البأس كان لنوع من التقية عن رأي ابن مسعود، كما
صرحت به الرواية. ويؤيده نقل الراوي قضية علي (عليه السلام)، ودعواه مع ذلك
افتخار الشيعة بها، مع عدم تكذيبه (عليه السلام) له، بل وتقريره له بذلك ورضاه به،
كما يظهر من ذيل الرواية. فنظم هذه الرواية في أدلة المشهور أولى.

(1) الاستبصار 3: 157، الحديث 573.
170

ومنها ينقدح وجه حمل الخبرين السابقين لو تم دلالتهما على التقية عن
رأي ابن مسعود، وحكاه في التذكرة عن مجاهد وأنس بن مالك وبشر
المريسي وداود الإصفهاني (1).
* (و) * تحرم * (بنتها) * أي المعقود عليها من دون وطء عليه * (جمعا) *
بينهما * (لا عينا) * إجماعا * (فلو فارق الأم حلت البنت) * وقد ظهر
مستنده من الكتاب والسنة المستفيضة في المسألة المتقدمة.
* (ولا تحرم مملوكة الابن على الأب ب‍) * مجرد * (الملك) * بالإجماع،
للأصل، والنصوص المستفيضة، بل المتواترة الآتي بعضها.
* (وتحرم بالوطء) * إجماعا، لعموم " وحلائل أبنائكم " (2)، والنصوص،
كالخبر: إذا أتى الجارية وهي حلال فلا تحل بذلك الجارية أبدا لابنه ولا
لأبيه، الحديث (3)، بل مقتضى الصحاح الآتية التحريم بمجرد المباشرة،
فثبوته بالوطء أولى.
* (وكذلك مملوكة الأب) * إجماعا، لعين ما تقدم من الأدلة.
* (ولا يجوز لأحدهما أن يطأ مملوكة الآخر ما لم يكن عقد أو تحليل) *
إجماعا، لقبح التصرف في ملك الغير، ولفحوى النصوص الآتية قريبا.
* (نعم يجوز أن يقوم الأب مملوكة ابنه الصغير) * وابنته الصغيرة * (على
نفسه) * بقيمة عادلة * (ثم يطأها) * بلا خلاف في الظاهر، للنصوص.
منها الصحيح: في الرجل يكون لبعض ولده جارية وولده صغار هل
يصلح أن يطأها؟ فقال: يقومها قيمة عدل ثم يأخذها ويكون لولده عليه
ثمنها (4).

(1) التذكرة 2: 630 س 29.
(2) النساء: 23.
(3) الوسائل 14: 318، الباب 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 5.
(4) الوسائل 14: 543، الباب 40 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
171

وإطلاقه كغيره يقتضي عدم الفرق في وجود مصلحة أم لا، كما ذهب إليه
جماعة. خلافا لآخرين، فاشترطوها. والأول أقوى، تمسكا بالإطلاق.
نعم يشترط عدم المفسدة إجماعا.
وفي تعدية الحكم إلى الجد إشكال، من اختصاص النصوص بالأب،
ومن اتحاد المعنى. وهو أقوى، لاشتراكهما في أغلب الأحكام، بل يستفاد
من بعض المواضع أولويته عليه.
* (ومن توابع هذا الفصل تحريم أخت الزوجة) * لأب أم لأم أو لهما
* (جمعا لا عينا) * بإجماع علماء الإسلام كافة، وصريح الآية: " وأن تجمعوا
بين الأختين " (1) والنصوص المستفيضة، المصرحة بعدم الفرق بين الدائم
والمنقطع والوطء بملك اليمين:
ففي الصحيح أو الحسن: في رجل طلق امرأته أو اختلعت أو بانت أله
أن يتزوج بأختها؟ قال: فقال: إذا برئت عصمتها ولم يكن له عليها رجعة فله
أن يخطب أختها (2). قال: وسئل عن رجل كانت عنده أختان مملوكتان
فوطأ إحداهما ثم وطأ الأخرى، قال: إذا وطأ الأخرى فقد حرمت عليه
الأولى حتى تموت الأخرى، الحديث (3).
وفي الصحيح: الرجل يتزوج المرأة متعة إلى أجل مسمى فينقضي
الأجل بينهما هل له أن ينكح أختها قبل أن تنقضي عدتها؟ فكتب: لا يحل له
أن يتزوجها حتى تنقضي عدتها (4).
* (وكذا) * تحرم جمعا لا عينا * (بنت أخت الزوجة وبنت أخيها) * وإن

(1) النساء: 23.
(2) الوسائل 14: 370، الباب 28 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1، مع اختلاف يسير.
(3) المصدر السابق: 373، الباب 29 الحديث 9.
(4) المصدر السابق: 369، الباب 27 الحديث 1.
172

نزلتا * (فإن أذنت إحداهما) * أي الخالة أو العمة * (صح) * على الأصح
الأشهر، بل المجمع عليه، كما عن الانتصار (1) والناصريات والخلاف (2)
والغنية (3) وفي الروضة (4) والتذكرة (5) ونهج الحق (6) للعلامة وحكاه
الشهيد (7) وغيره أيضا، للنصوص المستفيضة، مضافا إلى الآية في طرف
الجواز مع الإذن.
ففي الموثقين: لا يتزوج على الخالة والعمة ابنة الأخ وابنة الأخت بغير
إذنهما (8).
وفي الصحيح المروي في نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: لا تنكح
الجارية على عمتها ولا على خالتها إلا بإذن العمة والخالة، ولا بأس أن
تنكح العمة والخالة على بنت أخيها وبنت أختها (9).
والمروي في علل الصدوق: إنما نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن تزويج المرأة
على عمتها وخالتها إجلالا للعمة والخالة، فإذا أذنت في ذلك فلا بأس (10).
ونحوها خبران يأتيان قريبا.
وهي كالصحاح الآتية حجة على القديمين المجوزين له مطلقا.
وحجتهما من الأصل وعموم الآية: " وأحل لكم ما وراء ذلكم " (11) مخصصة
بها، وعلى المقنع المحرم كذلك (12)، وحجته من الصحاح المطلقة للتحريم

(1) الإنتصار: 278.
(2) الخلاف 4: 296، المسألة 64.
(3) الغنية: 339.
(4) الروضة 5: 181.
(5) التذكرة 2: 638 س 11.
(6) نهج الحق: 522، المسألة 3.
(7) نكت الإرشاد: 108 س 2 (مخطوط).
(8) الاستبصار 3: 177، الحديث 641 و 642، الوسائل 14: 375، الباب 30 من أبواب ما يحرم
بالمصاهرة الحديث 1.
(9) الوسائل 14: 377، الباب 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 13.
(10) علل الشرائع: 499.
(11) النساء: 24.
(12) المقنع: 328.
173

إما مقيدة بها، أو محمولة على التقية لكونه مجمعا عليه بين علماء الإسلام
كافة عدا الإمامية.
وفي اختصاص الحكم بتحريم الجمع بينهما بالزوجية فلا يحرم الجمع
بالوطء بملك اليمين أو العموم له وجهان، الأشهر الأول، للأصل،
والعمومات، واختصاص المانعة عن الجمع بالأول.
ومنه يظهر وجه عدم اعتبار استئذان العمة والخالة الحرتين في إدخال
البنتين المملوكتين عليهما بالملك.
ودعوى الأولوية هنا ممنوعة، بناء على عدم استحقاقهما الاستمتاع.
وأولى من ذلك عدم اعتبار استئذانهما في صورة العكس. فتأمل.
* (ولا كذا لو أدخل العمة أو الخالة على بنت الأخ أو الأخت) * فيحل
الجمع هنا مطلقا وإن كرهتهما البنتان على الأشهر، بل عن التذكرة الإجماع
عليه (1). وهو الحجة، مضافا إلى الأصل، وعموم الكتاب، وللخبرين - مضافا
إلى ما تقدم -:
في أحدهما: لا تزوج ابنة الأخت على خالتها إلا بإذنها وتزوج الخالة
على ابنة الأخت بغير إذنها (2).
وفي الثاني: عن امرأة تزوج على عمتها وخالتها، قال: لا بأس، وقال:
تزوج العمة والخالة على ابنة الأخ وابنة الأخت، ولا تزوج بنت الأخ
والأخت على العمة والخالة إلا برضا منهما، فمن فعل فنكاحه باطل (3).
وقصور السند منجبر بالأصل، وموافقة الكتاب، والسنة، والشهرة

(1) التذكرة 2: 638 س 16.
(2) الوسائل 14: 376، الباب 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 6.
(3) الوسائل 14: 375، الباب 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3.
174

العظيمة، التي كادت تكون إجماعا.
خلافا للمحكي عن المقنع (1)، فأطلق المنع هنا أيضا. وهو ضعيف جدا.
ويدفعه صريحا - مضافا إلى ما تقدم - الصحيح: لا تزوج المرأة على
خالتها وتزوج الخالة على ابنة أختها (2). ولا قائل بالفرق.
ونحوه الصحيح المروي عن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى: لا تنكح
ابنة الأخت على خالتها، وتنكح الخالة على ابنة أختها، ولا تنكح ابنة الأخ
على عمتها، وتنكح العمة على ابنة أخيها (3).
ولا فرق في الجواز بين علم الداخلة بكون المدخول عليها بنت أخ
أو أخت، أم لا، وفاقا للأكثر. للأصل، وإطلاق النصوص. وعن العلامة
اشتراط العلم (4)، ومستنده غير واضح، والنصوص باعتبار إذنهما مختصة
بالصورة الأولى.
* (ولو كان عنده العمة أو الخالة فبادر بالعقد على بنت الأخ أو
الأخت) * بدون إذنهما * (كان العقد باطلا) * إذا لم يأذنا إجماعا.
وكذا مع الإذن عند المصنف وغيره. إما للنهي عنه المقتضي للفساد، وفيه
منع. أو للحكم بالبطلان في الخبر المتقدم، وهو مع الضعف يحتمل البطلان
بدوام عدم الإذن، كما هو الغالب، فيحمل إطلاق الخبر عليه، ولا ينافي
الصحة بطروه، وقد ورد الحكم بالبطلان في تزويج العبد بدون إذن السيد، مع
التصريح بالصحة مع الإذن. أو لاحتياج الحكم بصحة مثل هذا العقد المنهي
عنه إلى دليل من خصوص أو عموم، وليس، إذ لا نص ولا إجماع. وفيه منع،

(1) المقنع: 321.
(2) الوسائل 14: 377، الباب 30 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 9.
(3) النوادر لأحمد بن عيسى: 105، باب 22، الحديث 256.
(4) لم نعثر عليه.
175

لوجود العموم من الأمر بالوفاء بالعقود التي هذا منها.
وتوهم التناقض بين الأمر بالوفاء به والنهي عنه مدفوع بتغاير المحل
فيهما، فهو في الأول استمرار العقد، وفي الثاني إيقاعه، ولا تلازم بينهما،
مضافا إلى كثرة نظائره في الشريعة، كالنهي من العقد الذي يترتب عليه
المفاسد، مع الإجماع على الصحة، ولزوم الوفاء به بعد الوقوع.
نعم ربما يستدل عليه بكونه في عقده عاص لله سبحانه، فيفسد عقده،
لما ورد في بعض المعتبرة، كالصحيح أو الحسن (1) ونحوه: في تزويج العبد
بدون إذن سيده (2)، حيث حكم بصحته بعد رضا السيد، معللا بعدم معصيته
لله سبحانه. وفيه دلالة على الفساد، حيث يقع في معصية الله سبحانه.
والمراد بالمعصية عدم امتثال ما تعلق به النهي عنه بخصوصه أو عمومه،
لا ما يلازمها كتزويج العبد بدون إذن السيد، فإنه لم يقع عنه النهي بخصوصه،
إلا أنه يلازم عصيان الأمر بامتثاله عقلا، فليس في نكاحه معصية لله سبحانه
بالمعنى المتقدم.
نعم يلازم المعصية التي هي الخروج عن الأمر بالإطاعة، ولم يجعل (عليه السلام)
مثل هذه المعصية مناطا لفساد التزويج، بل الأول، وما نحن فيه منه لحصول
المعصية بنفس العقد، للنهي عنه بخصوصه فيفسد، لحصول مناطه، وقال (عليه السلام)
في بعضها بعد التعليل المتقدم أن ذلك، أي تزويج العبد بلا إذن ليس كإتيان
ما حرم الله عليه من نكاح في عدة وأشباهه (3). ولا ريب أن ما نحن فيه منها
في تعلق النهي بنفسها وحصول المعصية بعدم امتثاله فيها التي هي مناط
الفساد.

(1) الوسائل 14: 523، الباب 24 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) المصدر السابق: الحديث 2.
(3) الوسائل 14: 523، الباب 24 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2.
176

* (و) * من هنا يظهر فساد ما * (قيل: تتخير العمة والخالة بين الفسخ) *
لعقد نفسها * (والإمضاء) * (1) له ولعقد البنتين * (أو) * إمضاء عقد أنفسهما
خاصة و * (فسخ عقدها) * أي البنت خاصة، مضافا إلى ضعف دليله، لمنافاة
تخيرهما في فسخ عقد نفسهما، للأصل اللازم الاتباع، ورفع الجمع المنهي
عنه بلا رضا يحصل بفساد الطارئ في نفسه أو فسخهما له.
وأضعف منه القول بفساد الطارئ وتزلزل الأول، لاستلزام فساده عدم
الوجه في تزلزله، إذ المقتضي له وثبوت الفسخ لهما هو الجمع المرتفع بفساد
الثاني. وربما قيل: بتزلزله ولزوم الأول، للأصل فيه، وإلحاق الأول بالفضولي.
وبما قررنا يظهر الجواب عنه.
ومراعاة الاحتياط في أمثال المقام أولى، لإمكان تطرق القدح إلى ما
قدمناه في وجه الاستدلال بالمعتبرة من توجيه المعصية بعدم امتثال النهي،
لوجود مثلها في العبد، لورود النهي عن تزويجه بخصوصه في الصحيح،
فكيف يقال: إنه ما عصى الله تعالى؟!
فظهر أن المراد من المعصية غير ما ذكر، والظاهر أن المراد بها هنا
مخالفة الإذن في نفس العقد من حيث هو هو، فيصح إطلاق عدم معصية
العبد لله سبحانه في تزويجه بدون إذن سيده، لكونه بنفسه مأذونا فيه له منه
تعالى ولغيره، غاية الأمر توقفه على إذن السيد، وحيث لم يتحقق يصدق
عليه أنه عصاه، أي خالف إذنه.
وحينئذ تكون تلك المعتبرة بالدلالة على الصحة هنا أقرب، من حيث
مشابهته لتزويج العبد في عدم مخالفته لإذنه سبحانه، إذ تزويج ابنة الأخ
مثلا مأذون فيه، من حيث أنه تزويج، كما أن تزويج العبد من حيث إنه

(1) قاله الشيخ المفيد في المقنعة: 505، والشيخ في النهاية 2: 301.
177

تزويج مأذون فيه منه تعالى سبحانه، ولكن المانع وهو اعتبار إذن السيد
والمرأة طار، وذلك لا ينافي حصول الإذن في نفس التزويج، من حيث هو
منه سبحانه، ولا كذلك تزويج المرأة في العدة، لعدم الإذن منه فيه بنفسه
بالمرة. فالمراد بأشباهه ما لم يأذن الله تعالى في أصله.
وحينئذ فالزوج هنا ليس بعاص له تعالى، وإنما خالف إذن الزوجة فهو
عاص لها، من حيث عدم وقوع التزويج بإذنها، والرجل مأمور بإطاعتها في
ذلك، وقد جعل (عليه السلام) عدم معصية الله تعالى بالمعنى المزبور مع انتفاء المانع
وجها للحكم بالصحة، وقد حصلا هنا فيصح.
هذا، مضافا إلى عموم الأمر بالوفاء بالعقود.
فالقول الأخير في غاية القوة، لكن مراعاة الاحتياط أولى بالنكاح مرة
أخرى بعد الرضا من الطرفين، والطلاق إن لم ترض به البنتان احتياطا في
الفروج، وإن لم يمكن فالعمل على الأخير، لقوة أدلته.
* (وفي تحريم المصاهرة بوطء الشبهة تردد، أشبهه أنه لا تحرم) *
وفاقا للحلي (1)، للأصل، والعمومات من الآيات والروايات، واختصاص
المحرم منهما بالنكاح الصحيح.
خلافا للأكثر، بل عن المبسوط عدم الخلاف فيه (2)، وفي التذكرة
الإجماع عليه، وفيه عن ابن المنذر نسبته إلى علماء الأمصار وعد منهم
أصحاب النص وهم الإمامية (3).
وهو الأظهر، إذ الإجماع المحكي في حكم الخبر الصحيح. وهو حجة،
سيما مع اعتضاده بفتوى الأكثر، بل ودعوى عدم الخلاف، ومشاركة الشبهة
للصحيح في أغلب الأحكام المورثة للمظنة القوية، والأصل معارض بمثله

(1) السرائر 2: 535.
(2) المبسوط 4: 208.
(3) التذكرة 2: 631 س 38 و 40.
178

في جانب الحرمة، والعمومات مخصصة بذلك.
وربما يستدل للمختار أيضا بعموم قوله سبحانه: " ولا تنكحوا ما نكح
آباؤكم " (1) بناء على كون النكاح حقيقة لغوية في الوطء على الأشهر
الأظهر، كما مر، فيستصحب إلى ثبوت الناقل، ولم يثبت إلا في المتشرعة،
لاختصاص ما تقدم من الإجماعات المنقولة في صدر الكتاب بها، فالأصل
يقتضي حمله في الآية على الوطء فتأمل.
ثم لو قلنا بحصول النشر بالزنا وجب القطع بحصوله هنا، لكونه بطريق
أولى.
* (وأما الزنا فلا يحرم الزانية) * على الزاني بها وغيره بعد التوبة إجماعا،
وقبلها أيضا مع كراهة على الأشهر الأظهر، بل عليه الإجماع عن الخلاف (2)
والمبسوط (3) في خصوص الحل على الزاني بها، ونسب توقفه على التوبة
إلى أحمد وقتادة (4)، للأصل، وعموم الكتاب والسنة، والتعليل: بأنه لا يحرم
الحرام الحلال في الصحاح المستفيضة (5) وغيرها، وخصوص المستفيضة:
منها الخبران: أحدهما الصحيح: أيما رجل فجر بامرأة ثم بدا له أن
يتزوجها حلالا قال: أوله سفاح وآخره نكاح، فمثله كمثل النخلة أصاب
الرجل من ثمرها حراما ثم اشتراه بعده فكانت له حلالا (6).
والصحيح المروي في قرب الإسناد: عن المرأة الفاجرة يتزوجها الرجل
المسلم، قال: نعم وما يمنعه، ولكن إذا فعل فليحصن بابه (7).

(1) النساء: 22.
(2) الخلاف 4: 300، المسألة 71.
(3) المبسوط 4: 202.
(4) المجموع 16: 221.
(5) الوسائل 14: 325، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 12.
(6) الوسائل 14: 330 و 331، الباب 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1 و 3.
(7) قرب الإسناد: 78، وفيه: فليحصن ماءه مخافة الولد.
179

والخبران في أحدهما: نساء أهل المدينة فواسق، قلت: فأتزوج منهن،
قال: نعم (1).
وفي الآخر: عن الرجل يتزوج الفاجرة متعة قال: نعم لا بأس، وإن كان
التزويج الآخر فليحصن بابه (2).
وفي آخر: عن رجل أعجبته امرأة فسأل عنها فإذا الثناء عليها بشئ
من الفجور، فقال: لا بأس بأن يتزوجها ويحصنها (3).
وقصور الأسانيد منجبر بالشهرة.
خلافا للحلبي، فمنع منه مطلقا (4)، لظاهر " حرم ذلك على المؤمنين " (5).
ورد بالنسخ بقوله: " وانكحوا الأيامى منكم " (6) تارة، وبالحمل على
الكراهة أخرى. وهو أقوى، للإجماع على عدم حرمة تزويج الزاني، مع
تحريمه في الآية، وهو قرينة على إرادته تعالى منه الكراهة. ووحدة السياق
توجب جريانها في الزانية، مع أن المستفاد من المعتبرة ورود الآية في
المشهورات بالزنا لا مطلق الزانية.
ففي الصحيح: عن قول الله عز وجل: " الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة "،
فقال: كن نسوة مشهورات بالزنا ورجال مشهورون بالزنا قد عرفوا بذلك،
والناس اليوم بتلك المنزلة، فمن أقيم عليه حد زنا أو شهر به لم ينبغ لأحد
أن يناكحه حتى يعرف منه التوبة (7). ونحوه خبران آخران، إلا أن في أحدهما
بدل " لم ينبغ " " لا تزوجوه " (8)، ولذا قيل: باختصاص التحريم بالمشهورات (9).

(1) الوسائل 14: 333، الباب 12 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3.
(2) الوسائل 14: 333، الباب 12 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 4.
(3) المصدر السابق: الحديث 2.
(4) الكافي في الفقه: 284.
(5) النور: 3 و 32.
(6) النور: 3 و 32.
(7) الوسائل 14: 335، الباب 13 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2 وذيله و 3.
(8) الوسائل 14: 335، الباب 13 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2 وذيله و 3.
(9) نهاية المرام 1: 145.
180

وهو ضعيف بشهادة هذه الأخبار بالكراهة من وجهين لفظة " لم ينبغ "،
الظاهرة فيها، والتصريح فيها باتحاد حكم الزانية والزاني، مع أنه فيه الكراهة
بالإجماع فكذا فيها، ونحوها في هذه القرينة الصحيح: لا تتزوج المرأة
المعلنة بالزنا، ولا تزوج الرجل المعلن بالزنا، إلا أن يعرف منهما التوبة (1).
ولذا صح الحمل على الكراهة في الصحيح: عن المرأة الحسناء الفاجرة
هل تحل للرجل أن يتمتع منها؟ فقال: إذا كانت مشهورة بالزنا فلا يتمتع منها
ولا ينكحها (2).
والصحيح المضمر: عن رجل فجر بامرأة ثم أراد بعد أن يتزوجها، فقال:
إذا تابت حل له نكاحها، قلت: كيف يعرف توبتها؟ قال: يدعوها إلى ما كانت
عليه من الحرام فإذا امتنعت واستغفرت ربها عرف توبتها (3). ونحوه
الموثق (4). وبمضمونهما أفتى الشيخان (5).
ولا ريب أن مراعاة التوبة مطلقا أحوط، وإن كان القول بإطلاق الجواز
مع الكراهة الشديدة في المشهورات أظهر، إلا أنه يجب تخصيصهن قطعا،
وفي بعض الأخبار المتقدمة دلالة عليه وفيها الصحيح.
* (و) * كذا * (لا) * تحرم * (الزوجة) * الزانية * (وإن أصرت على
الأشهر) * وفاقا للمشهور، للأصل، والنصوص: منها ما مر.
ومنها الموثق: لا بأس أن يمسك الرجل امرأته إن رآها تزني إذا كانت
تزني، وإن لم يقم عليها الحد فليس عليه من إثمها شئ (6).

(1) الوسائل 14: 335، الباب 13 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 454، الباب 8 من أبواب المتعة الحديث 4.
(3) الوسائل 14: 332، الباب 11 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 7.
(4) المصدر السابق 14: 331، الحديث 5.
(5) المقنعة: 504، والنهاية 2: 300.
(6) الوسائل 14: 333، الباب 12 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
181

خلافا للمفيد (1) والديلمي (2)، فتحرم مع الإصرار، لفوات فائدة التناسل
معه لاختلاط النسب.
ورد بأن النسب لاحق بالفراش والزاني لا نسب له ولا حرمة لمائه (3).
وهو حسن، مع أنه لو تم لوجب اطراد الحكم في مطلق الزنا، من دون
تخصيص بالإصرار. وعلى القولين فالزوجية باقية إجماعا، كما عن
المبسوط (4).
* (وهل ينشر حرمة المصاهرة) * فتحرم المزني بها على أب الزاني
وأولاده وأمها وابنتها عينا وأختها جمعا؟ * (قيل: نعم) * هو الشيخ (5)
والقاضي (6) وابن زهرة (7) وابن حمزة (8)، لصدق أم النساء والربائب على
أمها وابنتها، لصدق الإضافة بأدنى الملابسة. وفيه أن غايته صحة الاستعمال،
وهو أعم من الحقيقة والعبرة بها لا بمطلقه، وللصحاح المستفيضة:
كالصحيح: في رجل كان بينه وبين امرأة فجور هل يتزوج ابنتها؟ قال:
إن كان من قبلة أو شبهها فليتزوج ابنتها، وإن كان جماع فلا يتزوج ابنتها
وليتزوج هي (9).
والصحيح: عن الرجل يفجر بالمرأة أيتزوج ابنتها؟ قال: لا، ولكن إن
كانت عنده امرأة ثم فجر بأمها لم تحرم عليه التي عنده (10).
والصحيح: عن رجل باشر امرأة وقبل غير أنه لم يفض إليها ثم تزوج
ابنتها، فقال: إذا لم يكن أفضى إلى الأم فلا بأس، وإن كان أفضى إليها

(1) المقنعة: 504.
(2) المراسم: 149.
(3) المسالك 7: 342.
(4) المبسوط 4: 202.
(5) النهاية 2: 290.
(6) المهذب 2: 183.
(7) الغنية: 337.
(8) الوسيلة: 294.
(9) الوسائل 14: 323، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3.
(10) المصدر السابق: 327، الباب 8 الحديث 7.
182

فلا يتزوج ابنتها (1). ونحوها الصحيحان، لكن في الأم والبنت الرضاعيين
للمزني بها (2).
وليست نصا في الحرمة، فيحتمل الكراهة، أو الحمل على التقية، لكونه
المشهور بين العامة، كما يفهم من التذكرة (3)، ومنهم أصحاب أبي حنيفة،
المشتهر رأيه في الأزمنة السابقة.
وبالأخير يجاب عما هو صريح في التحريم، كالصحيح والخبر، وفيه
محمد بن الفضيل المشترك بين الثقة وغيره، وفيه مع ذلك الاشتمال على ما
ظاهر أكثر الأصحاب الاتفاق على خلافه، ونحوه في قصور السند رواية
أخرى لعلي بن جعفر.
وفي الأول: إذا فجر الرجل بالمرأة لم يحل له ابنتها (4).
وفي الثاني: عن رجل زنى بامرأة هل يحل لابنه أن يتزوجها؟ قال:
لا (5). ونحوه الكلام في الحسن (6) الآمر بالتفريق مع ما فيه من تكذيبه (عليه السلام)
من ادعى عدم الزنا، بل مجرد التقبيل.
وبالأول أيضا يجاب عن الحسن: عن رجل اشترى جارية ولم يمسها
فأمرت امرأته ابنه وهو ابن عشر سنين أن يقع عليها فوقع عليها فما ترى
فيه؟ فقال: أثم الغلام وأثمت أمه، ولا أرى للأب إذا قربها الابن أن يقع
عليها (7).

(1) المصدر السابق: 323، الباب 6 الحديث 2.
(2) المصدر السابق: 325، الباب 7 الحديث 1 و 2.
(3) التذكرة 2: 633 س 7.
(4) الوسائل 14: 327، الباب 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 8.
(5) الوسائل 14: 328، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2.
(6) المصدر السابق: 323، الباب 6 الحديث 5.
(7) الوسائل 14: 319، الباب 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2.
183

مع معارضته - كالخبر: في الرجل يكون له الجارية فيقع عليها ابن ابنه
قبل أن يطأها الجد أو الرجل يزني بالمرأة فهل يحل لابنه أن يتزوجها؟ قال:
لا، إنما ذلك إذا تزوجها الرجل فوطأها ثم زنى بها ابنه لم يضره، لأن الحرام
لا يفسد الحلال، وكذلك الجارية (1) - بما سيأتي.
وبالجملة تخصيص ما سيأتي من الأدلة بمثل هذه الأخبار لعله لا يخلو
عن مناقشة. وصحة دعوى الشهرة على ذلك غير معلومة. كل ذلك * (إن
كان) * الزنا * (سابقا) * على العقد.
* (ولا ينشر إذا كان لاحقا) * للعقد والدخول إجماعا، للأصل،
واختصاص المحرم على تقديره بالسبق، وللنصوص المستفيضة: منها بعض
الصحاح المتقدمة.
والصحيح: في رجل تزوج جارية فدخل بها ثم ابتلي ففجر بأمها أتحرم
امرأته؟ قال: لا، لأنه لا يحرم الحلال الحرام (2).
والصحيح: في رجل زنى بأم امرأته أو بنتها أو أختها، فقال: لا يحرم
ذلك عليه امرأته، ثم قال: ما حرم حرام قط حلالا (3).
والحسن: الرجل يصيب من أخت امرأته حراما أيحرم ذلك عليه امرأته؟
فقال: إن الحرام لا يفسد الحلال يصلح به الحرام (4). ونحوها أخبار كثيرة
متضمنة للحكم، مع التعليل المذكور.
ومقتضاه - كإطلاق أكثرها - عدم الفرق بين الدخول بالزوجة وعدمه،
كما هو الأشهر الأظهر.
خلافا للإسكافي (5)، فخص عدم النشر بالأول، لظاهر الخبر: إذا فجر

(1) المصدر السابق: الحديث 3.
(2) الوسائل 14: 326، الباب 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2 و 3 و 5.
(3) الوسائل 14: 326، الباب 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2 و 3 و 5.
(4) الوسائل 14: 326، الباب 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2 و 3 و 5.
(5) كما في المختلف 7: 39.
184

الرجل بالمرأة لم تحل له ابنتها، وإن كان قد تزوج ابنتها قبل ذلك ولم يدخل
بها فقد بطل تزويجه، وإن هو تزوج ابنتها ودخل بها ثم فجر بأمها بعد ما
دخل بابنتها فليس يفسد فجوره بأمها نكاح ابنتها إذا هو دخل بها، وهو
قوله: لا يفسد الحرام الحلال إذا كان هكذا (1).
وهو ضعيف، لشذوذه، وقد ادعى جماعة من الأصحاب الإجماع على
خلافه.
وهو الأصح، بل * (و) * لا يبعد أن يكون * (الوجه أنه لا ينشر) * مطلقا
حتى إذا كان سابقا، وفاقا لشيخنا المفيد (2) والمرتضى (3) والصدوق في
المقنع (4)، والشيخ في التبيان (5) في خصوص تحريم أم المزني بها وابنتها،
وسلار (6) والعلامة في الإرشاد (7) بل ظاهر التذكرة كون القول به مشهورا
بين الأصحاب، فإنه نسب الأول إلى البعض، وهذا إلى جماعة (8)، وعن
صريح المرتضى في الطبريات الإجماع عليه (9)، وهو ظاهر السرائر في
حرمة الأم والبنت (10).
وأما في حرمة المزني بها على أب الزاني وابنه فظاهره كونه مذهب
الأكثر، وأن المخالف هو الشيخ في كتبه (11) وإن خص موردها، لكون العبرة
بعموم اللفظ لا خصوص المحل، وفي التذكرة نسبه العامة إلى علي (عليه السلام) وابن
عباس (12).

(1) الوسائل 14: 328، الباب 8 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 8.
(2) المقنعة: 504.
(3) الناصريات (الجوامع الفقهية): 245، المسألة 149.
(4) المقنع: 325.
(5) التبيان 3: 160.
(6) المراسم: 149.
(7) الإرشاد 2: 21.
(8) التذكرة 2: 631 و 632 س 43 و 5.
(9) الناصريات (الجوامع الفقهية): 245، المسألة 149.
(10) السرائر 2: 523.
(11) النهاية 2: 290.
(12) التذكرة 2: 632 س 5.
185

ويدل عليه مضافا إلى التعليل - بأن الحرام لا يحرم الحلال في الصحاح
المستفيضة وغيرها المتقدمة - العمومات من الكتاب والسنة، واستصحاب
حلية العقد السابقة، وخصوص المعتبرة المستفيضة:
منها الصحاح المستفيضة:
في أحدها: رجل فجر بامرأة يتزوج بابنتها؟ قال: نعم يا سعيد، إن الحرام
لا يفسد الحلال (1).
وفي الثاني: عن رجل يفجر بالمرأة جارية قوم آخرين ثم اشترى ابنتها
أيحل له ذلك؟ قال: لا يحرم الحرام الحلال. ورجل فجر بامرأة حراما
أيتزوج ابنتها؟ قال: لا يحرم الحرام الحلال (2).
وفي الثالث: عن امرأة أمرت ابنها أن يقع على جارية لأبيه فوقع، فقال:
أثمت وأثم ابنها، وقد سألني بعض هؤلاء عن هذه المسألة فقلت له: أمسكها
فإن الحلال لا يفسده الحرام (3).
وفي الرابع: رجل فجر بامرأة أتحل له ابنتها؟ قال: نعم (4) ونحوها
الصحيح إلى ابن أبي عمير عن هشام بن عيسى (5).
ومنها الموثقان، في أحدهما: عن رجل تزوج امرأة سفاحا هل تحل له
ابنتها؟ قال: نعم إن الحرام لا يحرم الحلال (6).
ومنها الأخبار المنجبر قصور أسانيدها بالأصول والعمومات، وفتوى
معظم الأخيار، ومخالفة ما عليه أكثر الفجار. في أحدها: عن الرجل يأتي

(1) الوسائل 14: 323، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 6 و 12.
(2) الوسائل 14: 323، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 6 و 12.
(3) نفس المصدر: 320، الباب 4 الحديث 4.
(4) النوادر لأحمد بن محمد بن عيسى: 93، الحديث 220 الباب 19.
(5) الوسائل 14: 324، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 10، وفيه " هشام بن
المثنى " بدل " هشام بن عيسى ".
(6) نفس المصدر: 325، الحديث 11 وذيله.
186

المرأة حراما أيتزوجها؟ قال: نعم، وأمها وابنتها (1).
والجواب عنها تارة بحمل الفجور والإتيان فيها على نحو القبلة واللمس
دون الدخول، وأخرى بحمل المسؤول عن حليتهن على زوجات له قبل
الدخول بأمهاتهن مثلا.
مدفوع أولا بمخالفتهما الظاهر، ولا سيما الأول، وقد وقع مثله في أكثر
الأخبار المتقدمة، وفهموا منه الدخول، مع منافاة الثاني لأكثرها المتضمن
للفظ " التزويج "، الظاهر في المستقبل.
وثانيا: بمنافاتهما التعليل المصرح به فيهما، مع تأيده بالحصر المستفاد
من بعض الأخبار، كرواية زرارة الضعيفة بموسى بن بكر على الأشهر،
والحسنة عند بعض (2)، قال قال أبو جعفر (عليه السلام): إن زنى رجل بامرأة أبيه أو
جارية أبيه فإن ذلك لا يحرمها على زوجها، ولا يحرم الجارية على سيدها
إنما يحرم ذلك منه إذا أتى الجارية، وهي حلال فلا تحل بذلك الجارية أبدا
لابنه ولا لأبيه، وإذا تزوج رجل امرأة تزويجا حلالا فلا تحل تلك المرأة
لأبيه ولا لابنه (3). والضعف لو كان لانجبر بما تقدم.
وبالجملة العدول عن ظواهر هذه الأخبار المعتضدة بالأصل والعمومات
من الكتاب والسنة وعمل أكثر القدماء - الذين هم أساطين العلماء -
والإجماع المنقول ومخالفة العامة بمثل ظواهر الأخبار المتقدمة مشكل، مع
أن تلك الأخبار صحاحها غير ناص على التحريم، والناصة منها ليست
بصحاح عدا واحد منها، ولا يكافئ ما قدمناه من الصحاح وغيرها.
ودعوى الانجبار بالشهرة في الضعاف مدفوعة بما عرفت، من أن

(1) نفس المصدر: 324، الحديث 7.
(2) منهم روضة المتقين 8: 262.
(3) الوسائل 14: 319، الباب 4 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1، وقطعة منه في
ص 313، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ذيل الحديث 2.
187

الشهرة عن القدماء في الخلاف والشهرة المتأخرة على تقديرها لا تعارضها،
مع أن عمدة من نسب إليه القول الأول هو الشيخ في النهاية (1) والخلاف (2)،
وقد صرح ابن إدريس برجوعه عنه في التبيان (3).
هذا، والعمل على القول الأول احتياطا في الفروج.
* (و) * على المختار يستثنى منه ما * (لو زنى بالعمة أو الخالة) * له فإنه
* (حرمت عليه بناتهما) * في المشهور بين الأصحاب، بل عليه الإجماع في
التذكرة (4) وعن المرتضى (5). وهو الحجة، لا الخبران.
أحدهما الحسن: عن رجل نال من خالته في شبابه ثم ارتدع أيتزوج
ابنتها؟ فقال: لا، فقال: إنه لم يكن أفضى إليها شيئا إنما كان شئ دون شئ،
فقال: لا يصدق ولا كرامة (6). ونحوه الموثق، لاختصاصه بالخالة (7) وما في
متنه من الرداءة، لتصريح السائل بعدم المواقعة، ورده (عليه السلام) بأنه لا يصدق ولا
كرامة، ومثله غير لائق بالأئمة (عليهم السلام)، ولعله لذا توقف فيه في المختلف
العلامة (8) تبعا للحلي (9)، ولكن استناده إلى عموم أدلة الإباحة.
* (وأما اللمس والنظر) * بشهوة * (بما لا يجوز لغير المالك) * لمسه
والنظر إليه فقد اختلف الأصحاب فيه.
* (فمنهم من ينشر به الحرمة على أب اللامس والناظر وولده) *
كالشيخ (10) والقاضي (11) وابن حمزة (12) وجماعة، ونسبه في التذكرة إلى

(1) النهاية 2: 290.
(2) الخلاف 4: 307، المسألة 79.
(3) السرائر 2: 523.
(4) التذكرة 2: 633 س 11.
(5) الإنتصار: 266 المسألة 151.
(6) الوسائل 14: 329، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1 و 2.
(7) الوسائل 14: 329، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1 و 2.
(8) المختلف 7: 42.
(9) السرائر 2: 529.
(10) النهاية 2: 290.
(11) المهذب 2: 182.
(12) الوسيلة: 293.
188

الشهرة (1)، استنادا إلى الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة:
ففي الصحيح: عن الرجل تكون له الجارية فيقبلها هل تحل لولده؟
فقال: بشهوة؟ قلت: نعم، فقال: ما ترك شيئا إذا قبلها بشهوة، ثم قال: ابتدأ منه
إن جردها فنظر إليها بشهوة حرمت على ابنه وأبيه، قلت: إذا نظر إلى
جسدها، فقال: إذا نظر إلى فرجها وجسدها بشهوة حرمت عليه (2).
والصحيح: في الرجل تكون عنده الجارية يجردها وينظر إلى جسدها
نظر شهوة ونظر منها إلى ما يحرم على غيره هل تحل لأبيه وإن فعل ذلك
أبوه؟ فهل تحل لابنه؟ قال: إذا نظر إليها نظر شهوة ونظر منها إلى ما يحرم
على غيره لم تحل لابنه، وإن فعل ذلك الابن لم تحل لأبيه (3).
وبهما يقيد إطلاق المعتبرة، كالصحيح: عن أدنى ما إذا فعله الرجل
بالمرأة لم تحل لأبيه ولا لابنه، قال: الحد في ذلك المباشرة ظاهرة أو باطنة
ما يشبه مس الفرجين (4). ونحوه الصحيح الآتي والموثقان (5) والخبر (6)،
مضافا إلى ظهور إطلاقاتها في القيد للغلبة. وبهذه الأخبار يخصص عموم أدلة
القول الثالث.
* (ومنهم من خص التحريم بمنظورة الأب) * دون الابن، كالمفيد (7)
وسلار (8)، والشهيد في اللمعة (9). ولا دليل عليه، بل الأخبار المتقدمة
حجة عليه.
وليس في الصحيح: إذا جرد الرجل الجارية ووضع يده عليها فلا تحل

(1) التذكرة 2: 633 س 30.
(2) الوسائل 14: 318، الباب 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1، مع اختلاف يسير.
(3) الوسائل 14: 318، الباب 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1، مع اختلاف يسير.
(4) المصدر السابق: 320، الباب 4 الحديث 6.
(5) الوسائل 14: 585، الباب 77 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2 و 4.
(6) الوسائل 14: 585، الباب 77 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2 و 4.
(7) المقنعة: 502.
(8) المراسم: 149.
(9) اللمعة: 112.
189

لابنه (1) دلالة على الاختصاص، إلا بالمفهوم الضعيف في نفسه أولا، وغير
صالح لمقاومة صريح الأخبار المتقدمة ثانيا. فالقول به ضعيف جدا.
* (والوجه) * عند المصنف والفاضل في القواعد (2) تبعا للحلي (3)
* (الكراهة في ذلك كله) * للأصل، وعموم الكتاب والسنة، وخصوص الموثقة:
عن الرجل يقبل الجارية ويباشرها من غير جماع داخل أو خارج أتحل
لابنه أو لأبيه؟ قال: لا بأس (4)، والحسنة: عن رجل تكون له جارية فيضع أبوه
يده عليها من شهوة أو ينظر منها إلى محرم من شهوة فكره أن يمسها ابنه (5).
وفي الجميع نظر، لتخصيص الأصل كالعمومات والموثقة على بعد فيها
بما تقدم، مضافا إلى عدم مكافأتها كالحسنة، مع عدم ظهور الكراهة فيها في
الاصطلاحية، لما تقدم من النصوص المستفيضة المعتضدة بالشهرة العظيمة،
التي هي أقوى المرجحات المنصوصة والعقلية.
* (و) * على المختار * (لا يتعدى التحريم إلى أم الملموسة والمنظورة
ولابنتيهما) * من دون فرق بين المملوكة وأم الزوجة على المشهور بين
الطائفة حكاه جماعة (6)، لعموم أدلة الإباحة، وصريح الآية (7) في الثانية،
واختصاص الأدلة بما عدا المسألة، مضافا إلى الصحيح في الثانية: عن رجل
باشر امرأته وقبل غير أنه لم يفض إليها ثم تزوج ابنتها، قال: إن لم يكن
أفضى إلى الأم فلا بأس (8).
وبفحواه يستدل للجواز إذا باشر أم المملوكة.

(1) الوسائل 14: 317، الباب 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 4.
(2) القواعد 2: 14 س 21.
(3) لا يوجد التصريح بالكراهة في السرائر 2: 528.
(4) الوسائل 14: 585، الباب 77 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 3.
(5) المصدر السابق: 317، الباب 3 الحديث 2.
(6) لم نعثر على من حكاه.
(7) النساء: 23.
(8) الوسائل 14: 322، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2.
190

خلافا للخلاف مدعيا عليه الوفاق، فحرم الأم والبنت وإن علت
وسفلت (1)، لذلك، وللاحتياط، وأخبار فيها الصحيح وغيره محمولة على
الكراهة جمعا، مع اختصاص ما عدا النبويين منها بحرمة ابنة الزوجة
خاصة " (2)، كما عن الإسكافي (3)، والاحتياط ليس بدليل، كدعوى الوفاق
بعد مصير المعظم إلى الخلاف.
* (ويلحق بهذا الفصل مسائل) * سبع
* (الأولى: لو ملك أختين فوطأ واحدة) * منهما * (حرمت) * عليه وطء
* (الأخرى) * بالكتاب والسنة والإجماع إلى أن يخرج الأولى من ملكه ببيع
أو هبة أو نحوهما من نواقل الملك، فإذا خرج حلت إجماعا، للنصوص.
منها الصحيح: إذا كانت عند الرجل الأختان المملوكتان فنكح إحداهما
ثم بدا له في الثانية فنكحها، فليس ينبغي له أن ينكح الأخرى حتى يخرج
الأولى من ملكه يهبها أو يبيعها، وإن وهبها لولده جاز (4).
والموثق: لا يقربها حتى تخرج تلك عن ملكه (5).
وهل يكفي مطلق العقد الناقل للملك، أم يشترط لزومه فلا يكفي البيع
بخيار والهبة التي يجوز الرجوع فيها؟ وجهان، من إطلاق النص اشتراط
الخروج الحاصل بمطلقه، ومن أنها مع تسلطه على فسخه بحكم المملوكة.
وضعف: بأن غاية التحريم إذا علقت على مطلق الخروج، لم يشترط
معها أمر آخر، لئلا يلزم جعل ما جعله الشارع غاية ليس بغاية. وقدرته

(1) الخلاف 4: 308، المسألة 81.
(2) كنز العمال 16: 517، الحديث 45705، والجامع لأحكام القرآن 5: 115، ومستدرك
الوسائل 14: 399 - 401، الباب 18 و 20 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 8 و 6.
(3) كما في المختلف 7: 47.
(4) الوسائل 14: 371، الباب 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
(5) الوسائل 14: 371، الباب 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
191

على ردها إلى ملكه لا تصلح للمنع، لأنه بعد الإخراج اللازم متمكن منه
دائما على بعض الوجوه بالشراء والاتهاب وغيرها من العقود.
وهو حسن إن علم جعل مطلق الخروج غاية للحل، وهو محل تأمل
بناء على تبادر اللازم منه فيقتصر في غيره على أصالة بقاء الحرمة، مع أن
الشك في الدخول كاف في عدم الجسارة في تخصيص الأصالة المزبورة.
هذا، مع ما في النقض باللازم من النظر، إذ قدرته على ردها إلى الملك
فيه ليس بنفسه دون الجائز لقدرته بنفسه عليه، فجعلهما واحدا ضعيف جدا.
والاحتياط في مراعاة اللزوم.
وفي الاكتفاء بفعل ما يقتضى تحريمها كالتزويج والرهن والكتابة
وجهان، منشاؤهما حصول الغرض وهو تحريم الوطء، وانتفاء النقل الذي
هو مورد النص. وهو الأحوط لو لم تكن أقوى.
ولا فرق في تحريم الثانية بين وطء الأولى في القبل والدبر.
وفي مقدماته من اللمس والقبلة والنظر بشهوة نظر، من قيامها مقام الوطء
كما سلف، ومن عدم صدق الوطء بها. والأول أحوط، وإن كان الثاني أقوى.
* (ولو وطأ الثانية أثم) * إجماعا * (ولم تحرم) * عليه * (الأولى) * وفاقا
للطوسي في المبسوط (1) والحلي (2) واللمعة (3) وأكثر المتأخرين، كما في
المسالك (4)، لأن الحرام لا يحرم الحلال، والتحريم إنما تعلق بوطء الثانية،
فيستصحب، ولأصالة الإباحة.
وعلى هذا فمتى أخرج إحداهما عن ملكه حلت الأخرى، سواء أخرجها
للعود إليها، أم لا، وإن لم يخرج إحداهما فالثانية محرمة دون الأولى.
* (و) * لكن * (اضطربت الرواية) * في المسألة، بعد اتفاقها على تحريم

(1) المبسوط 4: 207.
(2) السرائر 2: 538.
(3) اللمعة: 112.
(4) المسالك 7: 317.
192

الأولى مع العلم بتحريم الثانية وتحليلها بإخراج الثانية عن ملكه لا بنية
العود إلى الأولى.
* (ففي بعضها تحرم) * عليه * (الأولى حتى تخرج الثانية عن ملكه
لا للعود) * إلى الأولى.
ففي الصحيحين: عن رجل عنده مملوكتان فوطأ إحداهما ثم وطأ
الأخرى، قال: إذا وطأ الأخرى فقد حرمت عليه الأولى حتى تموت
الأخرى، قلت: أرأيت إن باعها أتحل له الأولى؟ قال: إن كان باعها لحاجة
ولا يخطر على باله منها شئ فلا أرى بذلك بأسا، وإن كان يبيعها ليرجع إلى
الأولى فلا ولا كرامة (1). ونحوهما غيرهما (2).
* (وفي) * رواية * (أخرى إن كان جاهلا لم تحرم) * الأولى * (وإن كان
عالما حرمتا عليه) * معا هي صحيحة علي بن رئاب عن الحلبي عن مولانا
الصادق (عليه السلام): قال: قلت له: الرجل يشتري الأختين فيطأ إحداهما ثم يطأ
الأخرى، قال: إذا وطأ الأخرى بجهالة لم تحرم عليه الأولى، وإن وطأ
الأخيرة يعلم أنها تحرم عليه حرمتا جميعا (3). ونحوه (4) الموثق.
ووجه الاضطراب فيها واضح، وذلك لأن ظاهر الأخبار الأولة تحريم
الأولى خاصة إلى موت الثانية أو إخراجها عن الملك لا للعود إلى الأولة،
فإن حملت على صورة وقوع الوطء بجهالة حصل المنافاة بينهما وبين
الأخيرين صريحا، للتصريح فيهما بعدم حرمة الأولى في هذه الصورة، وإن
حملت على صورة وقوع الوطء مع العلم بالحرمة وقع التنافي بينهما أيضا،
إذ المستفاد من الأولة تحريم الأولى خاصة ومنهما تحريمهما معا.

(1) الوسائل 14: 373، الباب 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 9 وذيله.
(2) المصدر السابق: الحديث 7 و 10.
(3) المصدر السابق: 372، الباب 29 الحديث 5 و 6.
(4) المصدر السابق: 372، الباب 29 الحديث 5 و 6.
193

ويمكن الجمع بحمل الأولة على الصورة الثانية. وحكمه (عليه السلام) بتحريم
الأولى لا يقتضي حل الثانية. وربما كان الوجه في تخصيصها بالذكر وضوح
حرمة الثانية بالنظر إلى أصالة الحرمة، وأما الأولى فلما كان وطؤها مباحا
احتيج إلى ذكر حكمها بعد وطء الثانية، وهو الحرمة إلى خروجها عن الملك
لا بنية العود إلى الأولى.
والمسألة مشكلة، لكن تحريم الأولى مع العلم بحرمة الثانية إلى
خروجها عن الملك لا بنية العود إلى الأولى ليس محل ريبة، لدلالة الأخبار
بأسرها على ذلك. وإنما الريبة في حل الأولى في صورة الجهل بحرمة
الثانية، وتحريم الثانية في صورة العلم مع بقائهما على الملكية. ولا يبعد
المصير إليه بما مر، وفاقا لجماعة منهم شيخنا في الروضة (1) وحكى عن ابن
حمزة (2)، ومحصله أنه متى وطأ الثانية عالما بالحرمة حرمتا عليه معا إلى
موت الأخيرة أو خروجها عن الملك لا لغرض العود إلى الأولى، فإن اتفق
إخراجها لا لذلك حلت له الأولى، وإن أخرجها للرجوع إليها فالتحريم باق،
وإن وطأ الثانية جاهلا بالتحريم لم تحرم عليه الأولى بقيت الثانية في ملكه
أم لا.
وبالأخبار المزبورة تخص الأدلة المتقدمة لصحتها، ووضوح الجمع
بينها. وهنا أقوال منتشرة غير واضحة الأدلة.
نعم في الموثق: في رجل كانت عنده أختان فوطأ إحداهما ثم أراد أن
يطأ الأخرى، قال: يخرجها عن ملكه، قلت: إلى من؟ قال: إلى بعض أهله،
قلت: فإن جهل ذلك حتى وطأها، قال: حرمتا عليه كلتاهما (3).
وهو ظاهر المنافاة، للخبرين الأخيرين، للتصريح فيهما بحل الأولى في

(1) الروضة 5: 190.
(2) الوسيلة: 294.
(3) الوسائل 14: 372، الباب 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 6.
194

صورة الجهل وحرمتهما معا مع العلم، وتصريحه بحرمتها فيها، ولذا أن
الشيخ في النهاية حكم بحرمتها فيها أيضا مشترطا في حلها إخراج الثانية
عن الملك مطلقا (1). وهو مشكل.
كيف لا! ولم يبق حينئذ فرق بين صورتي العلم والجهل في حرمة
الأولى، إلا مع إخراج الثانية عن الملك، والحال أنه صرح في الخبرين بالفرق
بحل الأولى مع الجهل وحرمتهما مع العلم.
والجمع بينهما وبين الموثق غير ممكن، إذ غايته حمل حل الأولى في
صورة الجهل في الخبرين بصورة إخراج الثانية عن الملك وحرمتها فيها في
الموثق بخلاف الصورة. ونحوه جار في صورة العلم، فإنه تحل الأولى فيها
أيضا بالشرط المذكور ويحرم بعدمه.
فالفرق على هذا في الخبرين غير واضح.
نعم لو لم تحل الأولى في صورة العلم بالشرط المتقدم أمكن الفرق
ولا يقول به فتدبر.
فلا بد من إطراح أحد الطرفين له (2). إما الخبرين، وهو مشكل، لكونهما
بالتعدد، وصحة أحدهما أقوى من الموثق. وإما هو، كما هو متعين، فلا وجه
للحكم بحرمة الأولى.
وأما الموثق الآخر: عن رجل كانت عنده جاريتان أختان فوطأ
إحداهما ثم بدا له في الأخرى، قال: يعتزل هذه ويطأ الأخرى، قال: قلت:
فإنه تنبعث نفسه إلى الأولى، قال: لا يقربها حتى تخرج تلك عن ملكه (3).
ففيه إشكال، لتضمنه الفرق بين الأولى والثانية بالاكتفاء بالاعتزال لحل
الثانية دون الأولى، إلا أن يحمل الاعتزال على الإخراج عن الملك، ولكنه

(1) النهاية 2: 297.
(2) في " م " بدل " له ": للجهل.
(3) الوسائل 14: 371، الباب 29 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2.
195

حينئذ لا يقاوم ما قدمناه من الأخبار. فتدبر.
* (الثانية: يكره أن يعقد الحر على الأمة) * مطلقا على الأشهر بين
الطائفة، كما في الشرائع (1) واللمعة (2)، بل عليه الإجماع في الغنية (3). وهو
الأظهر في المسألة، لعموم الكتاب والسنة " فانكحوهن بإذن أهلهن " (4)،
" ولأمة مؤمنة خير من مشركة " (5)، وقد صرح الشيخ (6) والطبرسي (7) في
تفسيريهما بدلالتهما على الجواز مع الطول والسعة، وحملا الآية الآتية على
التنزيه. وهو يرجع إلى الكراهة.
والصحيح: يتمتع الرجل بالأمة بإذن أهلها، قال: نعم، إن الله تعالى يقول:
" فانكحوهن بإذن أهلهن " (8).
والآخر: عن الرجل يتمتع بأمة رجل بإذنه، قال: نعم (9). ولا قائل بالفرق.
وبالكراهة ظاهر المعتبرة المنجبر قصور أسانيدها بالعمومات والشهرة،
مع أن فيها المرسل كالموثق: لا ينبغي أن يتزوج الرجل الحر المملوكة اليوم،
إنما كان ذلك حيث قال الله تعالى: " ومن لم يستطع منكم طولا " والطول
المهر، ومهر الحرة اليوم مثل مهر الأمة أو أقل (10).
ويؤيده النهي عن تزويجها على الحرة في الصحاح وغيرها الآتية،
لإشعارها بالجواز في غير موردها من وجهين.
أحدهما: تخصيص النهي بتزويجها على الحرة، فلو عم النهي لخلا
التقييد ب‍ " على الحرة " عن الفائدة.

(1) الشرائع 2: 291.
(2) اللمعة: 112.
(3) الغنية: 351.
(4) النساء: 25.
(5) البقرة: 221.
(6) التبيان 2: 218.
(7) مجمع البيان 2: 318.
(8) الوسائل 14: 464، الباب 15 من أبواب المتعة الحديث 3 و 4.
(9) الوسائل 14: 464، الباب 15 من أبواب المتعة الحديث 3 و 4.
(10) الوسائل 14: 391، الباب 45 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 5.
196

والثاني: دلالتها على جواز تزويجها ولو في الجملة، وهو ينصرف إلى
العموم، حيث لا صارف له عنه، وما نحن فيه منه، كما ستعرف.
* (وقيل: يحرم إلا أن يعدم الطول) * وهو القدرة على المهر، كما فهم من
المرسلة وزيد " وعلى النفقة ولو بالقوة "، ولا دليل عليه، إلا ظاهر إطلاق
الطول، ولكن الرواية المعتبرة فسرته بذلك.
* (ويخشى العنت) * وهو مشقة الترك، وفسر بالزنا وخوف الوقوع فيه،
والظاهر أن خوف المشقة الشديدة والضرر العظيم بتركه كذلك، للحرج
والضرر المنفيين، وأصالة عدم النقل. فتأمل.
وهذا القول محكي عن الخلاف (1) والمبسوط (2) والقاضي (3)
والإسكافي (4) والعماني (5)، لظاهر " من لم يستطع منكم طولا أن ينكح "
الآية، لتعليق الجواز فيها على الشرطين. وفيه نظر.
أما أولا: فلاحتمال كون الشرط مبنيا على الغالب، فلا يكون المفهوم
معتبرا.
وأما ثانيا: فلاحتمال كون المشروط رجحان النكاح لا الجواز،
وبتقديره فظواهر المعتبرة المتقدمة تخصه بالخالي عن المرجوحية، والمفاد
حينئذ نفي الجواز المزبور عند فقد أحد الشرطين، ولا ينافي ثبوت الجواز
المصاحب للمرجوحية عند ذلك.
وبتقدير التنزل فغايته الظهور الضعيف دون النصية، التي هي المناط في
صرف العمومات والإطلاقات القطعية عن ظواهرها.
ودعوى ورودها في بيان الحل والحرمة محل مناقشة، مع أن المستفاد
من رواية الخصال الآتية كون تحريمها من جهة السنة لا من جهة الكتاب،

(1) الخلاف 4: 213، المسألة 86.
(2) المبسوط 4: 214.
(3) المهذب 2: 215.
(4: 5) كما في المختلف 7: 247.
197

كما يفهم من سياقها، حيث ذكر المحرمات بكل منهما على حدة، وجعل
المقام من الأمور المحرمة بالسنة.
وبالجملة ليست الآية ناصة على التحريم فلا يجسر في تخصيص
الأصول القطعية بمثلها، مع ما في المعتبرة من الظهور التام في الكراهة،
ولأجلها يحمل النهي المطلق في بعض الأخبار عليها، كالرواية: عن الرجل
يتزوج الأمة، قال: لا، إلا أن يضطر إلى ذلك (1)، مع قصور سنده من دون
جابر للشهرة على خلافه.
وأما الأخبار النافية للبأس عنه مع الاضطرار، كالصحيح عن الرجل
يتزوج الأمة، قال: إذا اضطر إليها فلا بأس (2). فليس المستفاد منها إلا ثبوت
البأس عند عدمه، وهو أعم من الحرمة.
ودعوى إرادتها منه يحتاج إلى دلالة واضحة هي في المقام مفقودة.
نعم لو ظهرت الحرمة من الآية أمكن حمله عليها، جمعا بين الأدلة، إلا
أنك قد عرفت ما فيه من المناقشة، مع أنها كيف كانت ليست بنفسها أدلة.
فالاستدلال بها للحرمة مجازفة.
وليس حمل المعتبرة المتقدمة على التقية بأولى من حمل الأخيرة
عليها، لوجود القولين في العامة (3). وليس في كلام العماني - وقد ذهب قوم
من العامة إلى الجواز - دلالة على اتفاقهم كافة، بل ربما أشعر بالعدم. فتأمل.
هذا، ولكن الاحتياط في مثل المقام لازم لا يترك، للتصريح بالحرمة،
لكن من جهة السنة في المروي في الخصال بسنده عن إبراهيم بن عبد
الرحمان عن مولانا الكاظم (عليه السلام) (4).

(1) الوسائل 14: 391، الباب 45 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1 و 4.
(2) الوسائل 14: 391، الباب 45 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1 و 4.
(3) أحكام القرآن للجصاص 2: 157 و 158.
(4) الخصال: 532، الحديث 10.
198

ولضعفه بجهالة الراوي من دون جابر - لاشتهار خلافه - لا يجوز
الاعتماد عليه. ونحوه الجواب عن المروي في تفسير العياشي عن البزنطي:
قال سألت الرضا (عليه السلام): يتمتع بالأمة بدون إذن أهلها، قال إن الله تعالى يقول:
" فانكحوهن بإذن أهلهن " (1).
وقال محمد بن صدقه البصري سألته عن المتعة: أليس هذا بمنزلة
الإماء؟ قال: نعم، أما تقرأ قول الله عزو وجل: " ومن لم يستطع منكم طولا
أن ينكح المحصنات - إلى قوله تعالى: - ولا متخذات أخدان "، فكما لا يسع
الرجل أن يتزوج الأمة وهو يستطيع أن يتزوج الحرة، فكذلك لا يسع الرجل
أن يتمتع بالأمة وهو يستطيع أن يتزوج بالحرة (2). ومحمد بن صدقة غال.
والقول بأن اشتهار الحرمة بين متقدمي الطائفة أوضح قرينة على صحة
الرواية لا يخلو عن مناقشة، إذ هو حيث لا تعارضه الشهرة المتأخرة، وأما
مع المعارضة بها فلا، مضافا إلى الشك في الشهرة.
ولكن الانصاف أن القول بالحرمة لا يخلو عن قوة، لاستفاضة نقل
الشهرة بين قدماء الطائفة، وهي أقوى من الشهرة المتأخرة، مع تأيده بأصالة
الحرمة السابقة، والظهور المستفاد من الآية في الجملة.
ثم إن ظاهر إطلاق عبائر الأصحاب والآية وصريح المسالك والخبر
الأخير عدم الفرق في المنع على القول به بين الدائم والمنقطع (3).
خلافا لبعض المتأخرين (4)، فخصه بالدائم، لتبادره من التزويج في
الأخبار المانعة.
وفيه أن الأدلة على المنع غير منحصرة فيها، إذ منها الخبر المتقدم

(1: 2) تفسير العياشي 1: 234، الحديث 89 و 90.
(3) المسالك 7: 327.
(4) نهاية المرام 1: 162.
199

الصريح، المنجبر ضعفه بإطلاق الفتاوى، وليس في الصحيح (1) الدال على
جواز متعة المملوكة بإذن أهلها لمن عنده حرة بإذنها - كالصحيح (2) الدال
على جواز تحليل الزوجة جاريتها لزوجها - دلالة على اختصاص المنع
بالدائم وجواز التمتع مطلقا.
كيف لا! وظاهر الأول المنع منه بدون الإذن، مع أن في الصحيح: عن
الرجل يتزوج الأمة على الحرة متعة، قال: لا (3). فتأمل.
هذا، مع أنهم صرحوا بجوازه كالدائم بالإذن، بل حكي عليه الإجماع
كما يأتي، فلا خلاف في مضمون الخبرين، ولا دخل لهما في محل النزاع.
ثم على المنع ففي بطلان العقد أو الصحة مع حصول الإثم قولان،
وحكى الأول عن ظاهر الأكثر، والثاني عن المفيد (4) وجماعة، وهو الأوفق
بالأصول.
وأما التحليل فلا يتعدى الحكم إليه، لعدم انصراف إطلاق الأدلة إليه، مع
أنه في حكم ملك اليمين.
* (الثالثة: لا يجوز للعبد أن يتزوج) * دائما * (أكثر من حرتين أو حرة
وأمتين أو أربع إماء) * بإجماعنا، كما حكاه جماعة من أصحابنا،
واستفاض به أخبارنا.
ففي الصحيح: عن المملوك يتزوج أربع. حرائر، قال: لا يتزوج إلا
حرتين إن شاء، أو أربع إماء (5). ونحوه غيره (6).

(1) الوسائل 14: 464، الباب 16 من أبواب المتعة الحديث 1.
(2) المصدر السابق: ب 32 نكاح العبيد والإماء ح 1 ج 14 ص 534.
(3) الوسائل 14: 465، الباب 16 من أبواب المتعة الحديث 3.
(4) المقنعة: 506.
(5) الوسائل 14: 405، الباب 8 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث 1 و 2.
(6) الوسائل 14: 405، الباب 8 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث 1 و 2.
200

وعليه يحمل إطلاق المعتبرة، كالصحيحين والموثق: بأنه لا يجمع
المملوك من النساء أكثر من امرأتين (1)، مع أن المتبادر منهما الحرتان.
ويحتمل الحمل على التقية، بناء على مصير بعضهم إلى أنه لا يتجاوز
الاثنين مطلقا.
* (الرابعة: لا يجوز نكاح الأمة على الحرة إلا بإذنها) * بإجماعنا حكاه
جماعة من أصحابنا، كالمبسوط (2) والسرائر (3) والغنية (4) والروضة (5)
وغيرهم، والأخبار به مستفيضة، كالحسن، بل الصحيح: تزوج الحرة على
الأمة، ولا تزوج الأمة على الحرة، ومن تزوج أمة على حرة فنكاحه
باطل (6).
ولا فرق فيه بين الدائم والمنقطع للصحيح (7)، وفحوى المانع عن
التمتع بها مع القدرة على الحرة كما مر.
وليس في إطلاقها الدلالة على المنع عن التزويج بها مطلقا ولو مع
الإذن، لانصرافه إلى الغالب، وليس فيه الإذن.
فيقتصر في تخصيص الأصول والعمومات القطعية على الإباحة على
القدر المتيقن من الإطلاق، مضافا إلى التصريح بالجواز، مع الإذن في التمتع
في الصحيح المتقدم، ولا قائل بالفرق، مع إشعار المروي في تفسير
العياشي (8) باتحاده مع الدائم، ولذا قطع الأصحاب بالجواز حينئذ بل

(1) الوسائل 14: 521، الباب 22 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 5 و 6 و 7.
(2) المبسوط 4: 215.
(3) السرائر 2: 546.
(4) الغنية: 339.
(5) الروضة 5: 192.
(6) الوسائل 14: 392، الباب 46 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
(7) الوسائل 14: 464، الباب 16 من أبواب المتعة الحديث 1.
(8) تفسير العياشي 1: 234، الحديث 90.
201

في التبيان (1) والسرائر (2) والتذكرة (3) والمسالك (4) الإجماع على صحة
العقد مع الإذن، وهو ظاهر في الإجماع على الحل. فتأمل.
فلا وجه لتعميم المنع، كما يوجد في كلام بعض المتأخرين (5).
* (ولو بادر) * فعقد عليها من دون إذن الحرة * (كان العقد باطلا) * أذنت
بعد ذلك، أم لا، على الأظهر الأشهر، بل عليه الإجماع في المبسوط (6)،
وظاهر التبيان (7) والسرائر (8). وهو الحجة فيه، لا الأخبار الحاكمة به،
كالحسن المتقدم، لعدم العموم فيها، وإنما غايتها الإطلاق المنصرف إلى ما
عرفت من الغالب، وهو عدم الإذن. ولا ريب في بطلانه.
نعم هي صالحة للتأبيد.
ويتقوى البطلان على القول بالمنع عن نكاح الأمة مطلقا، بناء على ما
تقدم تحقيقه في نكاح ابنتي الأخ والأخت على العمة والخالة، من أن كل ما
فيه معصية الله سبحانه بمعنى عدم الرخصة فيه منه تعالى فهو باطل، كما
استفيد من الأخبار المشار إليها ثمة وما نحن فيه منه، بناء على عدم
الرخصة فيه، لاشتراطها في الآية والأخبار بما لا وجود له في محل الفرض.
* (وقيل: كان للحرة الخيرة بين الإجازة) * أي عقد الأمة * (وفسخه) *
نسب إلى الشيخين (9) وابن البراج (10) وسلار (11) وابن حمزة (12)، واختاره
الشهيدان في المسالك (13) واللمعة (14) إلحاقا له بالفضولي، لعموم بعض أدلته،

(1) التبيان 3: 169.
(2) السرائر 2: 545.
(3) التذكرة 2: 641 س 24.
(4) المسالك 7: 330.
(5) نهاية المرام 1: 164.
(6) المبسوط 4: 215.
(7) التبيان 3: 170.
(8) السرائر 2: 546.
(9) المقنعة: 506، والنهاية 2: 302.
(10) المهذب 2: 188.
(11) المراسم: 150.
(12) الوسيلة: 294.
(13) المسالك 7: 331.
(14) اللمعة: 122.
202

وليس مثله قياسا.
إلا أنه يضعف بما قدمناه من الأدلة، ولولاها لكان القول به في غاية
الجودة، كما اخترناه في نكاح ابنتي الأخ والأخت على العمة والخالة.
* (وفي رواية) * سماعة عن مولانا الصادق (عليه السلام): في رجل تزوج أمة
على حرة، فقال: إن شاءت الحرة أن تقيم مع الأمة أقامت، وإن شاءت ذهبت
إلى أهلها (1).
ومقتضاها أن الحرة * (لها أن تفسخ عقد نفسها) * دون عقد الأمة، ضد
القول الثاني.
* (و) * أجاب عنها الماتن بأن * (في الرواية ضعف) *.
وليس كذلك، إذ ليس في سنده من يتوقف فيه إلا سماعة، وهو موثق،
بل قيل: بوثاقته (2)، ومع ذلك روى عنه الحسن بن محبوب بوساطة يحيى
اللحام الثقة، كما عن النجاشي (3) والخلاصة (4)، وهو ممن حكى الكشي (5)
على صحة رواياتهم إجماع العصابة. فالسند في غاية الاعتبار والقوة.
والأولى الجواب عنها بعدم معارضتها لما تقدم من الأدلة، ومنها الأخبار
المتقدمة، لدلالتها على البطلان ولو في الجملة، إذ ظاهر الموثقة إطلاق صحة
نكاح الأمة.
هذا، مع مخالفته الأصول المقتضية لبقاء لزوم عقد الحرة وحرمة وطء
الأمة قبل العقد عليها، وما هذا شأنه لا يمكن الاعتماد إليه وإن نسب إلى
المتقدم ذكرهم في بيان القيل. كل ذا إذا تزوج الأمة على الحرة.
* (ولو) * انعكس الفرض ف‍ * (أدخل الحرة على الأمة جاز) * ولزم مع

(1) الوسائل 14: 394، الباب 47 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3.
(2) ملاذ الأخيار 12: 207، الحديث 43.
(3) رجال النجاشي: 445، رقم 1202.
(4) خلاصة الأقوال: 182.
(5) رجال الكشي: 556، رقم 1050.
203

علم الحرة بأن تحته أمة إجماعا، ونصوصا.
* (و) * لكن * (للحرة الخيار) * في فسخ عقد نفسها وإمضائه * (إن لم
تعلم) * بذلك إجماعا، وللخبر الآتي، دون عقد الأمة على الأظهر الأشهر، بل
عليه الإجماع في الخلاف (1)، وعدم الخلاف في السرائر (2)، لأصالة بقاء
اللزوم، واندفاع الضرر بتخييرها في فسخ عقد نفسها، وللخبر: عن رجل
كانت عنده امرأة وليدة فتزوج حرة ولم يعلمها أن لها امرأة وليدة، فقال: إن
شاءت الحرة أقامت، وإن شاءت لم تقم، الحديث (3)، لإشعاره باختصاص
اختيارها بين الإقامة وعدمها بالنسبة إلى عقد نفسها لا مطلقا.
فظهر ضعف القول المحكي عن التبيان (4) بتخييرها في فسخ عقد الأمة
أيضا. وضعف الخبر - لو كان - بالشهرة والأصل منجبر، مع أنه بطريق موثق
عن سماعة في البحار (5) مروي.
* (ولو جمع بينهما) * في العقد، كأن زوجه رجل ابنته وأمته * (في عقد) *
واحد، أو يزوجه ابنته وأمة غيره بالوكالة كذلك، أو بالعكس، أو يزوجهما
منه بها كذلك * (صح عقد الحرة) * والأمة إذا علمت بها ورضيت، ومع
عدمهما اختص الصحة بعقد الحرة * (دون الأمة) *.
فظاهر العبارة البطلان مطلقا، وفاقا لجماعة من الأعيان، للصحيح: عن
رجل تزوج امرأة حرة وأمتين مملوكتين في عقد واحد، قال: أما الحرة
فنكاحها جائز، وإن كان سمى لها مهرا فهو لها، وأما المملوكتان فنكاحهما
في عقد مع الحرة باطل يفرق بينه وبينهما (6).

(1) الخلاف 4: 318، المسألة 92.
(2) السرائر 2: 546.
(3) الوسائل 14: 394، الباب 47 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
(4) التبيان 3: 170.
(5) البحار 103: 343، الحديث 28.
(6) الوسائل 14: 395، الباب 48 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
204

وللنظر فيه مجال، لاحتمال الورود مورد الغالب الذي لا يتحقق فيه إذن
ولعله لذا اختار شيخنا في المسالك إلحاق عقد الأمة بالفضولي وجعله
أقوى (1)، مع تصريحه بالخبر، إلا أنه لم يجب عنه، فلعله ناظر إلى ما قلناه.
وزاد في المختلف، فألحق عقد الحرة بالفضولي أيضا، معللا بأن العقد
واحد وهو متزلزل ولا أولوية (2).
وليس في النص حجة عليه، لأن غاية ما يستفاد منه صحة عقد الحرة،
وذلك لا ينافي التزلزل.
لكن الانصاف تبادر اللزوم منه. ولا ريب في البطلان على القول بالمنع
مطلقا، لما قدمناه من عدم الرخصة الموجب للبطلان.
* (الخامسة: لا يحل العقد على ذات البعل) * إجماعا، لاستلزام تحريم
التعريض بالخطبة في العدة الرجعية - كما يأتي - تحريمه بطريق أولى،
ولقوله تعالى: " والمحصنات من النساء " (3)، ففي الحديث: " هن ذوات
الأزواج " (4)، إلا بعد مفارقته وانقضاء العدة إن كانت ذات عدة رجعية كانت
أو بائنة أو عدة وفات بالإجماع والنصوص.
* (و) * لكن * (لا تحرم به) * مؤبدا مع الجهل وعدم الدخول إجماعا،
للأصل السالم عن المعارض، عدا ما سيأتي من إطلاق بعض الأخبار الآتية،
المقيدة بما عداهما إجماعا، والتفاتا إلى عدم التحريم معهما بالعقد في العدة،
المستلزم لعدمه معهما هنا، بناء على اتحاد طريق المسألتين.
وأما مع عدم أحدهما فإشكال، والمحكي عن الأكثر العدم هنا أيضا،
للأصل، واختصاص المحرم بذات العدة، فلا يتعدى إليه.

(1) المسالك 7: 334.
(2) المختلف 7: 67.
(3) النساء: 24.
(4) الوسائل 14: 382، الباب 35 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
205

وفيه استلزامه الثبوت هنا بطريق أولى، لأن علاقة الزوجية من علاقة
الاعتداد أقوى.
والاستشكال فيه بتوقف الأولوية على ثبوت علية الزوجية وهي غير
ثابتة لاحتمال اختصاص المعتدة بمزيد علة اقتضت الحرمة مدفوع بمخالفة
الاحتمال للظاهر، مع جريانه في كل أولوية.
هذا، مضافا إلى إطلاق المعتبرة المستفيضة.
كالموثق: التي تتزوج ولها زوج يفرق بينهما ثم لا يتعاودان (1).
والرضوي: ومن تزوج امرأة لها زوج دخل بها أو لم يدخل أو زنى بها
لم تحل له أبدا (2).
وهما وإن عما صورتي العلم والجهل إلا أنهما مقيدان بالثاني، للإجماع،
وما تقدم، وظاهر الصحيح: من تزوج امرأة ولها زوج وهو لا يعلم فطلقها
الأول أو مات عنها ثم علم الآخر أيراجعها؟ قال: لا حتى تنقضي عدتها (3).
ونحوه المرفوع: إن الرجل إذا تزوج امرأة وعلم أن لها زوجا فرق بينهما ولم
تحل له أبدا (4)، بناء على ظهور كون قوله (عليه السلام) " وعلم " إلى آخره جزء
الشرط، المستلزم فقده عدم التحريم.
وهما وإن عما بحسب المفهوم في الحل مع الجهل صورتي الدخول
وعدمه إلا أنه خص منه الأول، للموثق: في امرأة فقدت زوجها أو نعي إليها
فتزوجت ثم قدم زوجها بعد ذلك فطلقها، قال: تعتد منهما جميعا ثلاثة أشهر
عدة واحدة، وليس للآخر أن يتزوجها أبدا (5). ونحوه خبر آخر بزيادة قوله:
" ولها المهر بما استحل من فرجها " (6).

(1) المصدر السابق: 341، الباب 16 الحديث 1.
(2) فقه الرضا: 243.
(3) الوسائل 14: 341، الباب 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3 و 10.
(4) الوسائل 14: 341، الباب 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3 و 10.
(5) الوسائل 14: 341، الباب 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2 و 6.
(6) الوسائل 14: 341، الباب 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2 و 6.
206

وأما مع عدمهما وهو صورة العلم والدخول فلا خلاف في التحريم
المؤبد، وإليه أشار بقوله: * (نعم لو زنى بها حرمت) *.
* (وكذا) * لو زنى بها * (في) * العدة * (الرجعية) * بلا خلاف يعرف، كما
صرح به جماعة، بل عليه الإجماع منا في الانتصار (1) والغنية (2) وعن
الحلي وفخر المحققين (3) للرضوي الصريح فيه كما مر، وفي موضع آخر منه
أيضا: ومن زنى بذات بعل محصنا كان أو غير محصن ثم طلقها زوجها أو
مات عنها وأراد الذي زنى بها أن يتزوجها لم تحل له أبدا (4).
وعن بعض متأخري الأصحاب أنه قال: روي أن من زنى بامرأة لها بعل
أو في عدة رجعية حرمت عليه ولم تحل له أبدا (5). وهو ينادي بوجود
الرواية فيه بخصوصه، كما هو ظاهر الانتصار (6) وجماعة من الأصحاب.
هذا، مضافا إلى جريان ما تقدم من الأدلة هنا، بل بطريق أولى، فلا وجه
لتردد بعض من تأخر (7) تبعا للماتن في الشرائع (8) في المسألة.
ولا يلحق به الزنا بذات العدة البائنة وعدة الوفاة، ولا بذات البعل
الموطوءة بالشبهة، ولا بالموطوءة بالملك، للأصل في غير موضع الوفاق، مع
عدم الصارف عنه في المذكورات لاختصاصه بغيرهن.
وفيه نظر، لجريان بعض ما تقدم هنا، كالأولوية الواضحة الدلالة في
ذات العدة المزبورة، بناء على ما يأتي من حصول التحريم بالعقد عليها فيها.
* (السادسة: من تزوج امرأة) * دائما أو منقطعا * (في عدتها) * بائنة كانت

(1) الإنتصار: 264، المسألة 146.
(2) الغنية: 338.
(3) لم نعثر عليه في السرائر والإيضاح ولا على من حكاه عنهما.
(4) فقه الرضا: 278.
(5) لم نعثر عليه.
(6) الإنتصار: 264، المسألة 146 انظر المسألة.
(7) المسالك 7: 342.
(8) الشرائع 2: 292.
207

أو رجعية أو عدة وفاة أو عدة شبهة فيما قطع به الأصحاب، لإطلاق الأدلة
* (جاهلا) * بالعدة أو التحريم أو بهما معا، للصحيح الآتي وغيره * (فالعقد
فاسد) * بالضرورة، وصرحت به بعض الأخبار الآتية.
* (و) * لكن لا تحرم عليه إلا فيما * (لو دخل) * بها قبلا كان أو دبرا في
العدة أم خارجها، لإطلاق الأخبار، كالنصوص.
وربما اشترط في الدخول وقوعه في العدة. وهو ضعيف في الجملة،
فإنها حينئذ * (حرمت) * عليه * (مؤبدا) * إجماعا فيهما، للمعتبرة.
منها الصحيح: إذا تزوج الرجل المرأة في عدتها ودخل بها لم تحل له
أبدا عالما كان أو جاهلا، وإن لم يدخل بها حلت للجاهل ولم تحل للآخر (1).
والصحيح: عن الرجل يتزوج المرأة في عدتها بجهالة أهي مما لا تحل
له أبدا؟ فقال: لا، أما إذا كان بجهالة فليتزوجها بعد ما تنقضي عدتها، وقد
يعذر الناس في الجهالة بما هو أعظم من ذلك، فقلت: بأي الجهالتين أعذر
بجهالته أن ذلك محرم عليه أم بجهالته أنها في عدة؟ فقال: إحدى الجهالتين
أهون من الأخرى، الجهالة بأن الله تعالى حرم ذلك عليه وذلك أنه لا يقدر
على الاحتياط معها، فقلت: فهو في الأخرى معذور، قال: نعم إذا انقضت
عدتها فهو معذور في أن يتزوجها، فقلت: فإن كان أحدهما متعمدا والآخر
بجهالة، فقال: الذي تعمد لا يحل له أن يرجع إلى صاحبه أبدا (2).
وإطلاقه الحل مع الجهالة مقيد بعدم الدخول، كما استفيد من سابقه.
* (ولحق به الولد) * مع الإمكان بلا إشكال، لأنه وطء شبهة يلحق به
النسب، مع إمكان كونه منه، بأن تأتي به لأقل الحمل فما زاد إلى أقصاه من
حين الوطء، وبه صرح في الخبر: في المرأة تتزوج في عدتها، قال: يفرق

(1) الوسائل 14: 345، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3.
(2) الوسائل 14: 345، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 4.
208

بينهما وتعتد عدة واحدة منهما جميعا، فإن جاءت بولد لستة أشهر أو أكثر
فهو للأخير، وإن جاءت بولد لأقل من ستة أشهر فهو للأول (1).
* (ولها المهر) * إن جهلت * (بوطء الشبهة) * الموجب له، وللخبرين.
أحدهما الموثق: عن رجل تزوج امرأة في عدتها، قال: يفرق بينهما فإن
كان دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها ويفرق بينهما ولا تحل له
أبدا، وإن لم يكن دخل بها فلا شئ لها من مهرها (2).
وهو كفتوى الأصحاب صريح في اشتراط الدخول في استحقاق المهر.
وفي رواية عدم الاشتراط واستحقاقها النصف (3). وهو شاذ لا يعبأ به.
وهل المراد به المسمى أم المثل؟ قولان، أقواهما الثاني، لتوقف الأول
على صحة العقد المنفية هنا، فتعين المثل، لأنه عوض البضع، وربما كان في
الموثق المتقدم إشعار بالأول فتأمل.
* (و) * يجب عليها أن * (تتم العدة للأول وتستأنف) * عدة * (أخرى
للثاني) * في قول مشهور، بل عليه الوفاق، كما عن بعض الأصحاب (4)،
لتعدد السبب المقتضي لتعدد المسبب، وللمعتبرة المستفيضة.
منها الموثق: المرأة الحبلى يتوفى عنها زوجها فتضع وتتزوج قبل أن
تعتد أربعة أشهر وعشرا، فقال: إن كان الذي يتزوجها دخل بها فرق بينهما
ولم تحل له أبدا واعتدت بما بقي عليها من عدة الأول واستقبلت عدة أخرى
من الآخر ثلاثة قروء، وإن لم يكن دخل بها فرق بينهما وأتمت ما بقي من
عدتها وهو خاطب من الخطاب (5). ونحوه الموثق (6) الآخر، والحسن (7)،
وما يقرب من الصحيح المروي في كتاب علي بن جعفر (8).

(1) الوسائل 14: 347، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 14 و 7 و 21.
(2) الوسائل 14: 347، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 14 و 7 و 21.
(3) الوسائل 14: 347، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 14 و 7 و 21.
(4) المسالك 7: 339، وجامع المقاصد 12: 309.
(5) الوسائل 14: 344، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2 و 9 و 6.
(6) الوسائل 14: 344، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2 و 9 و 6.
(7) الوسائل 14: 344، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2 و 9 و 6.
(8) مسائل علي بن جعفر: 109، الحديث 17.
209

* (وقيل) * وهو الإسكافي (1)، كما حكي * (تجزئ عدة واحدة) * منهما،
للمعتبرة.
منها الصحيح: في امرأة تزوجت قبل أن تنقضي عدتها، قال: يفرق
بينهما وتعتد عدة واحدة منهما جميعا (2).
وحملها على عدم الدخول بها بعيد عن سياقها. كحملها على صورة
الدخول والعلم، بناء على أنه لا عدة للزنا.
ويمكن الحمل على الوحدة في المقدار لا الاكتفاء بالواحدة. ولولا
الشهرة المرجحة لحملت الأخبار المتقدمة على التقية، للخبرين.
في أحدهما: قال زرارة: وذلك أن الناس قالوا تعتد عدتين من كل واحد
عدة فأبى ذلك أبو جعفر (عليه السلام)، وقال: تعتد ثلاثة قروء، وتحل للرجال (3).
وفي الثاني: في امرأة نعي إليها زوجها فتزوجت ثم قدم الزوج الأول
فطلقها وطلقها الآخر، قال فقال: إبراهيم النخعي: عليها أن تعتد عدتين،
فحملها زرارة إلى أبي جعفر (عليه السلام)، فقال: عليها عدة واحدة (4).
ولكنهما ضعيفان، لوجود موسى بن بكر في الأول، والإرسال مع القطع
في الثاني. ولا ريب أن الأول أحوط، بل ربما حمل الأخبار الأخيرة على
التقية.
* (ولو كان) * في تزويجها * (عالما) * بالأمرين معا * (حرمت) * عليه
* (ب‍) * مجرد * (العقد) * ولو خلي عن الدخول إجماعا، ونصوصا، منها
الصحيحان المتقدمان وغيرهما.

(1) كما في المختلف 7: 525.
(2) الوسائل 14: 347، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 11.
(3) المصدر السابق: 343، الباب 16 الحديث 7.
(4) الوسائل 15: 468، الباب 38 من أبواب العدد الحديث 2.
210

ولا يلحق به الولد، إذ لا حرمة لمائه، وليس لها مهر مع علمها مطلقا،
وإلا فلها المثل مع الدخول، لما مر.
وفي إلحاق مدة الاستبراء بالعدة فتحرم بوطئها فيها وجهان، أجودهما
العدم، للأصل، وعدم تبادرها من العدة المطلقة في الأخبار. وكذا الوجهان
في العقد عليها مع الوفاة، المجهولة ظاهرا للمرأة خاصة قبل العدة، مع
وقوعه بعد الوفاة في نفس الأمر، أو الدخول مع الجهل.
قيل: والأقوى عدم التحريم، لانتفاء المقتضي له، وهو كونها معتدة
أو مزوجة، سواء كانت المدة المتخللة بين الوفاة والعدة بقدرها، أم أزيد،
أم أنقص، وسواء وقع العقد، أو الدخول في المدة الزائدة عنها، أم لا، لأن
العدة إنما تكون بعد العلم بالوفاة، أو ما في معناه وإن طال الزمان (1).
وفيه مناقشة، لأنه لو تزوجها بعد هذا الزمان في زمان العدة لاقتضى
التحريم البتة ففيه أولى، لأنه أقرب إلى زمان الزوجية.
والمناقشة في هذه الأولوية - كما في سابقتها - ممنوعة. فالتحريم
لا يخلو عن قوة، مع أنه الأحوط البتة.
* (ولو تزوج) * حال كونه * (محرما) * بفرض أو نفل بحج أو عمرة بعد
إفساده أو قبله له أو لغيره * (عالما) * بالحرمة * (حرمت) * المعقود عليها أبدا
مطلقا * (وإن لم يدخل) * بها إجماعا، كما في المسالك (2) وعن الانتصار (3)
والخلاف (4) والغنية (5) والمنتهى (6) والتذكرة (7)، لإطلاق الخبرين.

(1) الروضة 5: 199.
(2) المسالك 7: 344، وفيه: هو المشهور بين الأصحاب.
(3) الإنتصار: 246، المسألة 129.
(4) الخلاف 4: 322، المسألة 99.
(5) الغنية: 158.
(6) المنتهى 2: 809 س 20.
(7) التذكرة 1: 343 س 3.
211

أحدهما موثق: إن المحرم إذا تزوج وهو محرم فرق بينهما، ثم
لا يتعاودان أبدا (1).
وخصوص المفصل الآتي المقيد به إطلاقهما.
* (ولو كان جاهلا) * بها * (فسد) * العقد إجماعا للصحاح المستفيضة.
في أحدها: عن محرم تزوج قال نكاحه باطل (2).
وفي آخر: ليس للمحرم أن يتزوج، فإن تزوج أو زوج محلا فتزويجه
باطل (3).
* (و) * لكن * (لم تحرم) * عليه مطلقا * (ولو دخل) * بها على الأشهر
الأظهر، بل عليه الإجماع في التذكرة (4) والمنتهى (5)، للأصل، ومفهوم الخبر:
والمحرم إذا تزوج وهو يعلم أنه حرام عليه لا تحل له أبدا (6). وليس في
سنده سوى المثنى، وقد روى عنه ابن أبي نصر، وهو ممن أجمعت العصابة
على تصحيح ما يصح عنه، فلا ضير في اشتراكه، مضافا إلى اعتضاده
بالأصل، والشهرة، والإجماعات المنقولة، ونحوها من الرواية المروية عن
الحسين بن سعيد في كتابه (7).
خلافا للمحكي عن المقنع (8) وسلار (9)، فحكما بالتحريم هنا أيضا
مطلقا، لإطلاق الخبرين المتقدمين.
وهما مع قصور سنديهما مقيدان بالخبرين المفصلين.

(1) الوسائل 9: 91، الباب 15 من أبواب تروك الاحرام الحديث 1 و 2.
(2) الوسائل 9: 89، الباب 14 من أبواب تروك الاحرام الحديث 3 و 1.
(3) الوسائل 9: 89، الباب 14 من أبواب تروك الاحرام الحديث 3 و 1.
(4) التذكرة 1: 343 س 3.
(5) المنتهى 2: 809 س 20.
(6) الوسائل 14: 378، الباب 31 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ذيل الحديث 1.
(7) نقله عنه في الحدائق 23: 603.
(8) المقنع: 327.
(9) المراسم: 149.
212

وللخلاف (1) والكافي (2) والغنية (3) والسرائر (4) والوسيلة (5) والإيضاح (6)،
فحرموها مع الدخول هنا لا مطلقا. ومستنده غير واضح، سوى الإلحاق
بذات العدة. وهو قياس لا نقول به. ودعوى الإجماع عليه في الخلاف (7)
بمصير الأكثر ودعوى الإجماع على الخلاف موهونة.
ثم المعتبر في العقد المحرم صحته لولا الإحرام، فلا عبرة بالفاسد،
للأصل، وانصراف إطلاق الأدلة إلى الأول.
خلافا للمحكي عن التحرير (8)، فاعتبره، مع اعتقاد صحته. ومستنده
غير واضح.
ولو انعكس فرض المسألة فتزوج المحل المحرمة فالأصل الإباحة،
ولا معارض لها من الأدلة، وهو المشهور بين الطائفة. وربما يحكى القول
بالحرمة عن الخلاف (9) مدعيا فيه الوفاق، مستدلا به وبالاحتياط والأخبار.
ولم نقف عليها، ودعوى الوفاق غير واضحة، والاحتياط ليس بحجة.
ولا تحرم الزوجة بوطئها في الإحرام مطلقا إجماعا، للأصل، ولا
معارض، مع أن الحرام لا يفسد الحلال، كما في المستفيضة.
* (السابعة: من لاط بغلام) * أو رجل * (فأوقبه) * ولو بإدخال بعض
الحشفة، لصدق الإيقاب عليه، مع تأمل في انصرافه إليه، إلا أن الاتفاق في
الظاهر واقع عليه * (حرمت عليه أم الغلام) * والرجل وإن علت * (وبنته) *
وإن نزلت من ذكر وأنثى، من النسب اتفاقا، ومن الرضاع على الأقوى.
ومستند تحريم العاليات والسافلات هو الاتفاق، كما في المسالك (10)،

(1) الخلاف 4: 322، المسألة 99.
(2) الكافي في الفقه: 286.
(3) الغنية: 158.
(4) السرائر 1: 553.
(5) الوسيلة: 293.
(6) الإيضاح 3: 73.
(7) الخلاف 4: 322، المسألة 99.
(8) التحرير 2: 14 س 32.
(9) الخلاف 2: 315، المسألة 111.
(10) المسالك 7: 343.
213

مضافا إلى الاستقراء.
* (وأخته) * دون بناتها اتفاقا، لعدم صدق الاسم عليها.
وأصل الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب، مدعى عليه الإجماع في
كلام جماعة منهم كالانتصار (1) والخلاف (2) والغنية (3) والتذكرة (4)
والمسالك (5) وشرح الكتاب (6) للسيد وغيرهم، وعليه دلت المعتبرة.
ففي المرسل كالصحيح: في الرجل يعبث بالغلام، قال: إذا أوقب حرمت
عليه أخته وابنته (7). ونحوه المرسل كالحسن، بل الصحيح (8). والضعيف (9)،
المنجبر بالعمل في الأخت خاصة.
وفي الموثق: في رجل لعب بغلام هل تحل له أمه؟ قال: إن كان ثقب
فلا (10).
وليس في سنده سوى الحسن بن فضال وهو موثق، وإبراهيم بن عمر،
وهو ثقة على الأظهر، وتضعيف ابن الغضائري (11) له ضعيف، معارض
بتوثيق النجاشي (12) له، المقدم عليه عند التعارض، مع أنه روى هنا حماد
بن عيسى، وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، فلا وجه
لتضعيف الخبر، وهذه الأخبار كما ترى نص في بلوغ الواطئ، للفظ
" الرجل "، مضافا إلى أنه الأغلب فيه والمتبادر، كتبادر حياة المفعول.
وعليها فيقتصر في الخروج عن الأصل المقتضي للإباحة على القدر
المتبادر منها، فلا وجه لإلحاق الواطئ الصغير والموطوء الميت بالبالغ

(1) الإنتصار: 265، المسألة 149.
(2) الخلاف 4: 308، المسألة 80.
(3) الغنية: 338.
(4) التذكرة 2: 633 س 14.
(5) المسالك 7: 343.
(6) نهاية المرام 1: 173.
(7) الوسائل 14: 339، الباب 15 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1 و 6 و 5.
(8) الوسائل 14: 339، الباب 15 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1 و 6 و 5.
(9) الوسائل 14: 339، الباب 15 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1 و 6 و 5.
(10) الوسائل 14: 339، الباب 15 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1 و 6 و 5.
(11) لا يوجد لدينا كتابه نقل عنه العلامة في الخلاصة: 6، رقم 15.
(12) رجال النجاشي: 20، رقم 26.
214

والحي. نعم الأحوط ذلك.
قيل: وإنما تحرم المذكورات مع سبق الوطء على العقد عليهن،
ولو انعكس لم تحرم، للأصل، وعموم " أن الحرام لا يحرم الحلال " (1).
فيحمل إطلاق الأخبار عليه مع تبادره منه دون غيره.
نعم في المرسل كالحسن، بل كالصحيح على الصحيح: في رجل يأتي
أخا امرأته، فقال: إذا أوقبه حرمت عليه (2).
ولكنه لا يعارض الأصل المتفق عليه، فليحمل بما يؤول إليه.
لكن عن ابن سعيد في الجامع (3) انفساخ نكاح المرأة بالإيقاب. وهو
ظاهر في عموم التحريم، كإطلاق المتن والمقنعة (4) وجماعة، وصريح
النهاية، قال: ومن فجر بغلام فأوقب حرم عليه العقد على أمه وأخته وبنته
على جميع الأحوال (5). وعن الإسكافي التصريح بالتحريم هنا بعد العقد قبل
الوطء (6).
فالمسألة محل إشكال، لظاهر الخبر المعتبر سندا، المعتضد بإطلاق
الأخبار المتقدمة جدا، للتأمل في عدم تبادر المقام منه.
ويتوجه حينئذ تخصيص الأصل والعموم بهما، مع تخصيصهما بهما في
الجملة إجماعا. فالاحتياط فيه لازم.
وعلى عدم التحريم قيل: الظاهر عدم الفرق بين مفارقة من سبق عقدها
بعد الفعل وعدمه، فيجوز له تجديد نكاحها بعده، مع احتمال عدمه، لصدق
سبق الفعل بالنسبة إلى العقد الجديد، انتهى (7).

(1) قاله في نهاية المرام 1: 173.
(2) الوسائل 14: 339، الباب 15 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2.
(3) الجامع للشرائع: 428.
(4) المقنعة: 501.
(5) النهاية 2: 291.
(6) لم نعثر عليه.
(7) قاله في نهاية المرام 1: 173.
215

والاحتمال قوي يساعده الإطلاقات المخصص بها الأصل والعموم
المتقدم، فوجه الظهور غير واضح، إلا ما ربما يتوهم من عدم تبادر مثله من
الإطلاق. وفيه نظر.
ثم إنه لا يحرم على المفعول بسببه شئ عندنا، للأصل، والعموم
المتقدم، وظهور عدم شمول النصوص له، وحكى الشيخ عن بعض
الأصحاب تعدي التحريم إليه أيضا (1)، ولعله لاحتمال الضمير لكل من
الفاعل والمفعول، ولذا كان التجنب أحوط، وإن كان في تعينه نظر، لضعف
الاحتمال، ودعوى الإجماع على العدم في صريح التذكرة (2) وظاهر
الروضة (3).
* (السبب الرابع) * من أسباب التحريم:
* (استيفاء العدد) * عدد الزوجات وعدد الطلاق.
أما الأول: ف‍ * (إذا استكمل الحر أربعا) * من النسوة * (بالغبطة) * أي
الدوام من قولهم: أغبطت عليه الحمي - أي دامت - وأغبطت السماء إذا دام
مطرها * (حرم عليه ما زاد) * عليهن إجماعا من المسلمين كافة، كما حكاه
جماعة، للنصوص المستفيضة، بل المتواترة الآتي بعضها.
ففي الصحيح: لا يجمع ماؤه في خمس (4).
وفي الحسن: في رجل تزوج خمسا في عقد واحد، قال: يخلي سبيل
أيهن شاء ويمسك الأربع (5).
وفي العيون فيما كتبه مولانا الرضا (عليه السلام) إلى المأمون: لا يجوز الجمع

(1) لم نقف عليه في كتب الشيخ، ولا على من حكاه عنه.
(2) التذكرة 2: 633 س 20.
(3) الروضة 5: 204.
(4) الوسائل 14: 399، الباب 2 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث 1.
(5) المصدر السابق: 403، الباب 4 الحديث 1.
216

بين أكثر من أربع حرائر (1) وروى في الخصال عن الأعمش عن مولانا
الصادق (عليه السلام) مثله (2). وروى في تحف العقول مرسلا (3).
وفي المروي في تفسير العياشي عن منصور بن حازم عنه (عليه السلام): لا يحل
لماء الرجل أن يجري في أكثر من أربعة أرحام من الحرائر (4). ونحوه
مرسلا في مجمع البيان (5).
مضافا إلى الآية الكريمة (6)، بناء على كون الواو فيها بمعنى " أو " هنا
بإجماع الأمة، وهو القرينة على استفادة تحريم ما زاد على الأربع منها، وإلا
ففي دلالتها على المنع بنفسها مناقشة. هذا في الحرائر.
* (و) * أما غيرهن ف‍ * (يحرم عليه من الإماء ما زاد على اثنتين) * مطلقا،
كن معهما حرائر، أم لا بإجماعنا حكاه جماعة من أصحابنا، للصحيح: عن
رجل له امرأة نصرانية له أن يتزوج عليها يهودية، فقال: إن أهل الكتاب
مماليك للإمام وذلك موسع منا عليكم خاصة، فلا بأس أن يتزوج، قلت: فإنه
يتزوج عليها أمة، قال: لا يصلح أن يتزوج ثلاث إماء، الخبر (7).
وفي دلالته على التحريم نظر لولا الإجماع. وتحسبان من الأربع، فتحل
له معهما حرتان خاصة وثلاث مع إحداهما دونهما. وظاهرهم الإجماع
عليه، ولعله لإطلاق المانع عن الزائد على الأربع من الكتاب والسنة،
وتقييدها في بعضها بالحرائر، مع وروده مورد الغالب إنما هو بالإضافة إلى
ملك اليمين لا مطلقا.
* (وإذا استكمل العبد حرتين أو أربعا من الإماء) * خاصة أو حرة

(1) عيون أخبار الرضا 2: 124.
(2) الخصال: 607.
(3) تحف العقول: 420.
(4) تفسير العياشي 1: 218، الحديث 14.
(5) مجمع البيان 3: 6.
(6) النساء: 3.
(7) الوسائل 14: 420، الباب 8 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 1.
217

وأمتين * (حرم عليه ما زاد) * على ذلك مطلقا بإجماعنا وأخبارنا، كما مر.
قيل: والمعتق بعضه كالحر في حق الإماء فلا يتجاوز أمتين، وكالعبد في
حق الحرائر فلا يتجاوز حرتين، كما أن المعتق بعضها كالحرة في حق العبد
فلا ينكح أكثر من اثنتين، وكالأمة في حق الحر فلا يتجاوزهما (1).
ولعل ذلك تغليبا للحرمة، كما يستفاد من بعض المعتبرة: ما اجتمع
الحلال والحرام إلا وقد غلب الحرام الحلال (2). فتأمل.
* (ولكل منهما أن يضيف إلى ذلك) * تزويج النسوة ووطئهن * (بالعقد
المنقطع وملك اليمين ما شاء) * إجماعا ونصا كتابا وسنة في الثاني، إلا أنه
في العبد مبني على القول بتملكه أو جواز تحليل السيد له إماءه. وفي
المعتبرة دلالة على جواز وطئه لإماء سيده بإذنه.
ففي الصحيح: عن المملوك كم تحل له من النساء؟ فقال: لا تحل له إلا
اثنتان، ويتسرى ما شاء إذا أذن له مولاه (3). ونحوه في الخبرين:
في أحدهما: لا بأس أن يأذن له مولاه فيتسرى من ماله إن كان له مال
جارية أو جواري يطأهن ورقيقه له حلال (4).
وسنده معتبر بوجود صفوان فيه، فلا يضر جهالة راويه.
وعلى الأظهر الأشهر في الأول، بل عليه الإجماع عن الانتصار (5)
والطبريات (6) والسرائر (7) وفي التذكرة أنه قول كل من أباح نكاح
التمتع (8)، والنصوص به مع ذلك وعموم الآية مستفيضة.

(1) القائل الشهيد الثاني في الروضة 5: 206.
(2) المستدرك 13: 68، الباب 4 من أبواب ما يكتسب به الحديث 5.
(3) الوسائل 14: 407، الباب 9 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث 4.
(4) المصدر السابق: ح 1 و 2.
(5) الإنتصار: 293، المسألة 165.
(6) لم نعثر عليه.
(7) السرائر 2: 624.
(8) التذكرة 2: 639 س 13.
218

ففي الصحيح: عن المتعة أهي من الأربع؟ فقال: لا (1).
وفي آخرين: هي بمنزلة الإماء (2)، كما في أحدهما.
وفي الثاني: ما يحل من المتعة؟ قال: كم شئت (3).
وفي الخبر: عن المتعة أهي من الأربع؟ قال: لا، ولا من السبعين (4).
وفي آخر: تزوج منهن ألفا فإنهن مستأجرات (5).
وعلل في بعضها بأنها لا تطلق ولا ترث (6).
وضعف هذه الأخبار غير قادح بعد الانجبار بما مر، فيقيد به إطلاق
الأدلة المانعة عن الزيادة عن الأربع، مع عدم تبادر الانقطاع منها.
وربما نسب إلى ابن حمزة (7) المنع عنها هنا أيضا، تمسكا بالإطلاق
المزبور. وقد عرفت ضعفه.
والمعتبرة كالصحيح: هي من الأربع (8).
والموثق: هي أحد الأربعة (9).
وهما مع قصورهما عن المقاومة لما مر من وجوه عديدة محمولان
على الاستحباب، أو الاتقاء على الشيعة، ليتأتى لهم الاحتيال بالاقتصار
على الأربع على التفصي عن شنعة العامة، ولو زيد عليها لما أمكن هذه
الحيلة.
ولعله المراد من الاحتياط في الصحيح: إجعلوهن من الأربع، فقال له
صفوان بن يحيى: على الاحتياط، قال: نعم.
فالقول بذلك في غاية الضعف، ومع ذلك عبارة القائل به غير صريحة

(1) الوسائل 14: 446، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 1 و 6 و 3 و 7 و 2.
(2) الوسائل 14: 446، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 1 و 6 و 3 و 7 و 2.
(3) الوسائل 14: 446، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 1 و 6 و 3 و 7 و 2.
(4) الوسائل 14: 446، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 1 و 6 و 3 و 7 و 2.
(5) الوسائل 14: 446، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 1 و 6 و 3 و 7 و 2.
(6) الوسائل 14: 446، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 4.
(7) كذا في النسخ، والصواب: " ابن البراج "، راجع المهذب 2: 243.
(8) الوسائل 14: 448، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 11.
(9) المصدر السابق: الحديث 10.
219

في المنع، فلا احتياط يعتد به في المسألة، كما توهم.
* (وإذا طلق واحدة من الأربع حرم عليه ما زاد غبطة) * ودواما
* (حتى تخرج) * المطلقة * (من العدة) * الرجعية بلا خلاف، وصرح به في
التذكرة (1)، لكونها بحكم الزوجة، مضافا إلى النصوص المستفيضة.
منها الصحيح: إذا جمع الرجل أربعا فطلق إحداهن فلا يتزوج الخامسة
حتى تنقضي عدة المرأة التي طلق، وقال: لا يجمع ماؤه في خمس (2).
وباقيها مشتركة في قصور السند المنجبر بالعمل.
* (أو تكون المطلقة بائنة) * فيتزوج وإن لم تنقض عدتها إن كانت ذات
عدة كالمختلعة مثلا على الأشهر، لخروجها مع البينونة عن عصمة النكاح،
فصارت كالأجنبية، مع استفاضة الروايات بجواز نكاح الأخت مع بينونة
الأخت الأخرى قبل انقضاء عدتها فالخامسة أولى. وفيهما نظر.
لكن المستفاد من التذكرة (3) عدم القول بالفرق بين المسألتين، وبه
صرح بعض الأصحاب (4).
وفيه منع، لإطلاق المفيد في المقنعة (5) المنع هنا، مع تصريحه
باختصاصه بالعدة الرجعية ثمة. فلا يصح دعوى عدم الخلاف مع مصيره
إليه، وظاهر النصوص في المقامين إطلاقا هنا وتقييدا ثمة معه فقوله لا يخلو
عن قوة.
ويمكن الاستدلال للمشهور بأصالة الجواز، مع عدم ما ينافيها سوى
الأخبار المانعة عن الجمع بين ما زاد على الأربع، وليست البائنة منها،
لصيرورتها أجنبية، فلا يصدق الجمع.

(1) التذكرة 2: 639 س 8.
(2) الوسائل 14: 339، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
(3) التذكرة 2: 639 س 6.
(4) المسالك 7: 351.
(5) المفيد موافق للمشهور راجع المقنعة: 536.
220

وإطلاق المستفيضة وإن منع عن الخامسة في العدة البائنة إلا أن ما عدا
الصحيح المتقدم منها قاصر السند، من دون جابر له فيه، سيما مع اشتهار
خلافه.
والصحيح وإن أطلق فيه أيضا إلا أن إردافه بجملة " لا يجمع ماؤه في
خمس "، كالتعليل للحكم المتقدم المشعر باختصاصه بالعدة الرجعية إذ هي
التي يتصور فيها مقتضاه دون البائنة، ولكن بعد لا يخلو عن شبهة قوية،
ولعله لأجلها حكم بالكراهة الشديدة جماعة.
فالاجتناب مهما أمكن أولى، سيما مع اعتبار بعض تلك الأخبار الذي
لا يحتاج معه إلى جابر، كالمروي في الفقيه عن الحسن بن محبوب - وهو
ثقة وممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه - عن سعد بن أبي
خلف - وهو ثقة - عن سنان بن ظريف (1) وهو ممدوح، كما ذكره جماعة.
فالحديث حسن، وعلى تقدير الجهالة فرواية الحسن لها جابرة، ونحوه
المروي بطريق فيه سهل (2) الثقة عند بعض، وضعفه سهل عند جمع.
فيقوى الاشكال في المسألة غاية القوة، إلا أن يقيد إطلاق المعتبرة
بإشعار الصحيحة المتقدمة باختصاص الحكم بالعدة الرجعية، بناء على أن
أخبارهم (عليهم السلام) يكشف بعضها عن بعض.
وكيف كان فالتجنب مهما أمكن أحوط وأولى.
وفي صدر هذه الرواية تصريح بالجواز في البائن مع عدم العدة كغير
المدخول بها، وليس محل خلاف.
* (وكذا لو طلق امرأة وأراد نكاح أختها) * ليس له ذلك حتى تخرج
المطلقة من العدة، أو تكون طلقتها بائنة مطلقا هنا إجماعا منا، كما في كلام

(1) الفقيه 3: 420، الحديث 4462.
(2) الوسائل 14: 403، الباب 5 من أبواب استيفاء العدد الحديث 1.
221

جماعة من أصحابنا، وبه استفاض نصوصنا.
كالصحيحين: في رجل طلق امرأته أو اختلعت عنه أو بارئت أيجوز أن
يتزوج بأختها؟ قال: فقال: إذا برئت عصمتها ولم يكن له عليها رجعة فله أن
يخطب أختها (1)؟. ونحوه المروي في كتاب الحسين بن سعيد في الصحيح (2).
وبها يقيد ما أطلق فيها المنع، بحيث يشمل ذات العدة البائنة، كالخبرين:
عن رجل طلق امرأته أيتزوج أختها؟ قال: لا، حتى تنقضي عدتها (3)، مضافا
إلى قصور سندهما، ولاطلاقهما قيل (4): بالكراهة في العدة البائنة. ولولا
المسامحة في أدلة الكراهة لكان محل مناقشة.
ثم إن فتوى الأكثر إلحاق عدة المتعة بالعدة البائنة، لفحوى الصحاح
المتقدمة، مضافا إلى تعليل الجواز فيها في بعضها بانقطاع العصمة الحاصل
هنا.
خلافا للمقنع (5)، فألحقها بالرجعية، لروايات قاصرة الإسناد عدا واحد
منها صحيح.
وفيه: قرأت في كتاب رجل إلى أبي الحسن الرضا (عليه السلام): جعلت فداك
الرجل يتزوج المرأة متعة إلى أجل مسمى فينقضي الأجل بينهما هل يحل له
أن ينكح أختها قبل أن تنقضي عدتها؟ فكتب: لا يحل له أن يتزوجها حتى
تنقضي عدتها (6).

(1) الوسائل 15: 480، الباب 48 من أبواب العدد الحديث 2.
(2) نقله عنه في البحار 104: 26، الحديث 8، والوسائل 15: 481، الباب 48 من أبواب العدد
الحديث 5.
(3) الوسائل 15: 481، الباب 48 من أبواب العدد الحديث 3 وذيله.
(4) قاله الشهيد في اللمعة: 113، وفيه: على كراهية شديدة.
(5) المقنع: 340.
(6) الوسائل 14: 369، الباب 27 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
222

وهو مع عدم مكافأته. لما تقدم يتطرق إليه القدح بعدم القطع بكون
الحكم عنه (عليه السلام)، إذ غايته وجدانه في الكتاب عنه (عليه السلام)، وليس كلما يوجد
في الكتب يكون صحيحا، كما صرح به الشيخ (1)، فتأمل. والاحتياط
لا يترك.
* (ولو تزوجهما) * أي الأختين * (في عقد) * واحد أو متعدد مع التقارن
* (بطل) * من أصله على الأشهر، لاستصحاب الحرمة، وللنهي عنه من حيث
تضمنه الجمع بينهما، المقتضي للفساد هنا إجماعا، واستحالة الترجيح،
مضافا إلى فقد المقتضي لصحة المتحد، إذ ليس إلا الأمر بالوفاء. ولا يمكن
توجهه إليه إجماعا، لاشتماله على الفاسد بالاتفاق، وليس إلا شيئا واحدا
وإن تعدد متعلقه، وهو لا يوجب تعدده ليتوجه توجه الأمر بالوفاء إلى
أحدهما دون الآخر، والوفاء به بالإضافة إلى بعض متعلقه ليس وفاء به
بنفسه، والذي توجه إليه الأمر بالوفاء الذي هو المقتضي للصحة هو الثاني
لا الأول.
* (و) * ظهر بذلك ضعف ما * (قيل) * به من الصحة في الجملة
ف‍ * (يتخير) * إحداهما ويخلي سبيل الأخرى، كما عن النهاية (2)
والإسكافي (3) والقاضي (4).
* (والرواية) * به * (مقطوعة) * أي مرسلة في التهذيب (5) والكافي (6)
نعم مروية في الفقيه في الصحيح: في رجل تزوج أختين في عقد واحد، قال:
هو بالخيار يمسك أيتهما شاء ويخلي سبيل الأخرى (7).

(1) الاستبصار 3: 170، ذيل الحديث 622.
(2) النهاية 2: 296.
(3) كما في المختلف 7: 49.
(4) المهذب 2: 184.
(5) التهذيب 7: 285، الحديث 1203.
(6) الكافي 5: 431، الحديث 3.
(7) الفقيه 3: 419، الحديث 4460.
223

إلا أنها مع مخالفتها الأصول المعتضدة بالشهرة غير واضحة الدلالة،
لإمكان إرادة الإمساك بعقد جديد، ويقويه ورود مثله في العقد عليهما مرتبا
في الصحيح، مع ورود النص الصحيح (1) ببطلان المتأخر، المعمول به عند
الأكثر، بل عليه الوفاق في شرح الكتاب للسيد (2)، والإجماع في التذكرة (3)،
ومنهم أكثر القائلين هنا، والموافق للأصول القطعية، وهو قرينة واضحة على
ما ذكر منه، لبعد شذوذه، وفساده من أصله.
فيتقوى بهذا احتمال إرادة مثله في الصحيح هنا، مع احتمالهما التقية
بمصير الإسكافي (4) إليها، بناء على غلبة توافق رأيه لرأي العامة وإن نسب
الأول هنا إليهم كافة في التذكرة (5) لاحتمال وجود قائل بذلك منهم في
سابق الزمان وإن اتفقت آراؤهم في هذه الأزمان.
* (ولو كان معه ثلاث) * نسوة دائمات * (فتزوج اثنتين في عقد، فإن
سبق بإحداهما صح دون) * عقد * (اللاحقة) * اتفاقا.
* (وإن قرن بينهما بطلا) * على الأظهر الأشهر بين الطائفة، كما عن
السرائر (6) والإرشاد (7) والتحرير (8)، للأصول المتقدمة السليمة عن
المعارض هنا، لما ستعرف.
* (وقيل) * هو النهاية (9) والمهذب (10) والجامع (11) والوسيلة (12)
* (يتخير أيتهما شاء) *.

(1) الوسائل 14: 368، الباب 26 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
(2) نهاية المرام 1: 182.
(3) التذكرة 2: 635 س 27 و 29.
(4) كما في المختلف 7: 49.
(5) التذكرة 2: 635 س 27 و 29.
(6) السرائر 2: 539.
(7) الإرشاد 2: 26.
(8) التحرير 2: 15 س 30، وفيه (نسبه إلى القيل).
(9) النهاية 2: 297.
(10) المهذب 2: 185 و 186.
(11) الجامع للشرائع: 430.
(12) الوسيلة: 294.
224

* (و) * لا شاهد له سوى القياس بما * (في رواية جميل) * (1) الحسنة
المتضمنة، لأنه * (لو تزوج خمسا) * أو أكثر * (في عقد واحد يتخير أربعا
ويخلي باقيهن) *.
لكن الظاهر عدم القول بالفرق بين المسألتين، وبه صرح بعض شراح
الشرائع (2)، لكن يرد بضعف الدلالة بما مر، وباحتمال عدم وقوع التزويج
حال الإسلام، ولا كلام في التخيير فيه.
نعم في الشرائع (3) نسبه إلى الرواية، ولم نقف عليها، ومع ذلك صرح
بضعفها، فلا حجة فيها، مع معارضتها ببعض المعتبرة: عن رجل كان له ثلاث
نسوة فيتزوج عليهن امرأتين في عقد واحد فدخل بواحدة منهما ثم مات،
قال: إن كان دخل بالتي بدأ باسمها وذكرها عند عقدة النكاح فإن نكاحه
جائز وعليها العدة ولها الميراث، وإن كان دخل بالمرأة التي سميت وذكرت
بعد ذكر المرأة الأولى فإن نكاحه باطل ولا ميراث لها وعليها العدة (4).
وهو ظاهر في بطلان العقد مع الدخول بالمتأخر ذكرها، فمع العدم
أولى، إلا أنه لا قائل به، مع قصور سنده عن الصحة، لوجود عنبسة في
السند وإن أجبر ضعفه برواية ابن أبي عمير (5) عنه، لكن مع ذلك لا تبلغ
درجة الصحة ولا يترك الاحتياط هنا وفي السابق بالعقد مجددا على
المختارة، أو الاختيار ثم الطلاق، وإعطاء مهر المختارة إن بدا له في نكاحها.
ثم المتبادر من إطلاق النصوص وكلام الأصحاب في المقامين
اختصاص الحكم نفيا وإثباتا بالجاهل بحرمة الجمع، دون العالم، ووجهه

(1) الوسائل 14: 403، الباب 4 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث 1.
(2) المسالك 7: 352.
(3) الشرائع 2: 293.
(4) الوسائل 14: 403، الباب 5 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث 1.
(5) المصدر السابق: ذيل الحديث 1.
225

واضح، لعدم القصد المعتبر مع العلم بالفساد. فتأمل.
* (وإذا استكملت الحرة طلقات ثلاثا) * يتخللها رجعتان بأي أنواع
الطلاق كان * (حرمت) * على زوجها * (حتى تنكح زوجا غيره) * نكاحا
محللا مطلقا * (ولو كانت تحت عبد) * بالكتاب والسنة والإجماع.
* (وإذا استكملت الأمة طلقتين حرمت) * عليه * (حتى تنكح زوجا
غيره) * كذلك * (ولو كانت تحت حر) * لأن الاعتبار في عدد الطلقات
بالزوجة بإجماعنا المستفيض، نقله في كلام جماعة (1) من أصحابنا، وقد
استفاضت به أخبارنا.
منها الصحاح المستفيضة: طلاق المرأة إذا كانت عند مملوك ثلاث
تطليقات وإن كانت مملوكة تحت حر تطليقتان (2).
خلافا للعامة (3)، فعكسوا القضية، فجعلوا الاعتبار في عددها بالزوج.
* (والمطلقة تسعا للعدة) * ينكحها بينها رجلان بأن طلقت بالشرائط، ثم
ارتجعت في العدة فوطئت، ثم طلقت كذلك، ثم ارتجعت فوطئت، ثم طلقت
فنكحت زوجا غيره بعد انقضاء العدة فوطئت، ثم طلقت فتزوجها الأول بعد
انقضاء العدة، ثم طلقت كذلك حتى استكملت تسعا * (تحرم على المطلق
أبدا) * إجماعا منا، خلافا للعامة والنصوص به مستفيضة:
كالموثق: في تعداد المحرمات بالأبد، قال: والذي يطلق الطلاق الذي
لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ثلاث مرات وتزوج ثلاث مرات لا تحل
له أبدا (4).

(1) التذكرة 2: 643 س 23، والحدائق 23: 633.
(2) الوسائل 15: 393، الباب 25 من أبواب أقسام الطلاق الحديث 3.
(3) الحاوي الكبير 10: 304.
(4) الوسائل 15: 358، الباب 4 من أبواب أقسام الطلاق الحديث 4.
226

وإطلاقه كغيره وإن شمل المطلقة ثلاثا بالسنة بالمعنى الأخص، وهي
التي يتزوجها المطلق بعد انقضاء العدة، إلا أنه مقيد بالإجماع، كما حكاه
جماعة.
ومفهوم القيد المعتبر في المروي في الخصال: في تعداد المحرمات
بالسنة، قال: وتزويج الرجل امرأة قد طلقها للعدة تسع تطليقات (1).
ومفهوم الشرط في الرضوي، حيث قال: وأما طلاق العدة فهو أن يطلق
الرجل امرأته على طهر من غير جماع ثم يراجعها من يوم أو غد أو متى ما
يريد من قبل أن تستوفي قرئها، وأدنى المراجعة أن يقبلها أو ينكر الطلاق
فيكون إنكار الطلاق مراجعة، فإذا أراد أن يطلقها ثانية لم يجز ذلك إلا بعد
الدخول بها، وإذا أراد طلاقها تربص بها حتى تحيض وتطهر فيطلقها، فإذا
أراد راجعها، فإن طلقها الثالثة فقد بانت منه ساعة طلقها فلا تحل له حتى
تنكح زوجا غيره، فإذا انقضت عدتها منه فتزوجها رجل آخر وطلقها أو
مات عنها فإذا أراد الأول أن يتزوجها فعل، وإن طلقها ثلاثا واحدة بعد
واحدة على ما وصفناه لك فقد بانت منه ولا تحل له حتى تنكح زوجا غيره،
وإذا طلقها أو مات عنها فأراد الأول أن يتزوجها فعل، فإن طلقها ثلاث
تطليقات على ما وصفت واحدة بعد واحدة فقد بانت منه ولا تحل له بعد
تسع تطليقات أبدا، واعلم أن كل من طلق تسع تطليقات على ما وصفت لم
تحل له أبدا (2).
مضافا إلى دلالته بوجه آخر وهو ذكر السنة فيه أيضا، مع عدم الإشارة
فيها إلى تحريم التسع للمطلقة بها بالأبد، بل خص بالعدة. ويدل عليه أيضا
صريحا خصوص المعتبرين بوجود ابن أبي عمير وعبد الله بن مغيرة، اللذين

(1) الخصال 2: 533، الحديث 10.
(2) فقه الرضا: 242 و 243.
227

هما ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهما من الرواية في
سندهما، فلا يضر ضعف الراوي لو كان.
ففي أحدهما: عن رجل طلق امرأته ثم لم يراجعها حتى حاضت ثلاث
حيض ثم تزوجها ثم طلقها فتركها حتى حاضت ثلاث حيض ثم تزوجها ثم
طلقها فتركها حتى حاضت ثلاث حيض من غير أن يراجعها - يعني يمسها -
قال: له أن يتزوجها أبدا ما لم يراجع ويمس (1).
ولفظ التأبيد صريح في العموم لما لو طلقت كذلك طلقات عديدة
ولو تجاوزت التسع، وأنها لا تحرم بذلك إلى حصول الأمرين من الرجوع
والوقاع، وليس نصا في مختار ابن بكير، فيطرح لقبوله التقييد بحصول
التحليل بعد كل ثلاث، ومقتضاه حينئذ أنه يتزوجها أبدا بعد حصول المحلل
لا مطلقا.
وأصرح منهما الموثق: عن مولانا الصادق (عليه السلام) فإن فعل هذا بها -
مشيرا إلى المطلقة بالسنة - مائة مرة هدم ما قبله وحلت بلا زوج (2).
وخروج الذيل عن الحجية بالإجماع والمعتبرة غير ملازم لخروج
الجميع عنها، فقد يكون من إلحاق ابن بكير - الذي في سنده - به وكلامه
لاجتهاده، ويؤيده تصريحه بعدم سماعه عدم اعتبار المحلل من أحد، كما
في الموثق، ويعضد حقية الصدر تصريح ابن بكير به، مع أنه لم يزده ابن
سماعة وغيره ممن وقع فيه برأيه في عدم اعتبار المحلل في طلاق السنة في
ذلك، وإنما اقتصروا في الرد على رأيه الفاسد.
هذا، مضافا إلى دلالة الأخبار كفتوى الأخيار على الفرق بين العدة

(1) التهذيب 8: 29، الحديث 87، والوسائل 15: 354، الباب 3 من أبواب أقسام الطلاق
وأحكامه الحديث 13.
(2) الوسائل 15: 355، الباب 3 من أبواب أقسام الطلاق الحديث 16، وفيه: عن أبي جعفر.
228

والسنة، ولا يتصور إجماعا إلا بأمرين لا يمكن المصير إلى أحدهما، من
عدم احتياج الثلاث من الثانية إلى المحلل دونها من الأولى للإجماع،
كالأخبار باحتياجهما إليه، فانحصر الفارق في حصول التحريم بالتسع في
الأولى دون الثانية. ويؤيده إطلاق الأخبار الدالة على هدم التزويج للطلاق
كائنا ما كان، سنية، أم عدية خرجت منه الثانية على التسع بقيت الأولى.
نعم في بعض المعتبرة تصريح بالتحريم المؤبد بالتسع في السنية،
كالصحيح: إذا طلق الرجل المرأة فتزوجت ثم طلقها زوجها فتزوجها الأول
ثم طلقها فتزوجت رجلا ثم طلقها فتزوجها الأول ثم طلقها هكذا ثلاثا لم
تحل له أبدا (1).
لكنه شاذ، غير معارض لما تقدم. فاستشكال بعض متأخري
الأصحاب (2) في اختصاص تأبد التحريم بالتسع المطلقات العدية بناء على
عدم الدليل عليه لا وجه له، والصحيح المتقدم قد اعترف بشذوذه، فلا يصلح
وجها لاستشكاله.
ثم إن إطلاق العدة على التسع المرتبة مجاز، لأن الثالث من كل ثلاث
ليست للعدة. فإطلاقه عليها إما إطلاق لاسم الأكثر على الأقل، أو باعتبار
المجاورة.
قيل: وحيث كانت النصوص والفتاوى مطلقة في اعتبار التسع للعدة في
التحريم المؤبد كان أعم من كونها متوالية ومتفرقة، فلو اتفق في كل ثلاث
واحدة للعدة اعتبر فيه إكمال التسع كذلك، انتهى (3).
وللنظر فيهما مجال، أما في الأول: فلتعليق التحريم المؤبد فيه على
وقوعها بحيث يحتاج كل ثلاث منها إلى محلل، ألا ترى إلى الموثق المصرح

(1) الوسائل 14: 408، الباب 11 من أبواب استيفاء العدد الحديث 2.
(2) الحدائق 23: 640.
(3) قاله الشهيد الثاني في الروضة 5: 213.
229

بأن الذي يطلق الطلاق الذي لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره ثلاث مرات
وتزوج ثلاث مرات لا تحل له أبدا (1). ولا شئ من المطلقات الثلاث
العديات المتفرق كل منها في ثلاث يحتاج إلى محلل.
وقد اعترف به في توجيهه احتمال اغتفار الثالثة من كل ثلاث وقع فيها
عدية واحدة بأنه المعتبر عند التوالي، وأن الثالثة لم يتحقق اعتبار كونها
للعدة، وإنما استفيد من النص التحريم. بالست الواقعة لها، فيستصحب الحكم
مع عدم التوالي.
فبعد الاعتراف بكون المستفاد من النص التحريم بالست الواقعة لها
المنحصرة هي في التوالي كيف يمكن دعوى شموله للتسع المتفرقة؟
واعترف به أيضا في توجيه احتمال عدم الاغتفار، الذي قواه بثبوته مع
التوالي على خلاف الأصل، وإذا لم يحصل اعتبرت الحقيقة، خصوصا مع
كون طلقة العدة هي الأولى خاصة، فإن علاقتي المجاز منتفيتان عن الثالثة،
إذ لا مجاورة للعدية، ولا أكثرية لها، بخلاف ما لو كانت العدية هي الثانية
فإن علاقة المجاورة موجودة.
أقول: ولا ريب أن ثبوت الاغتفار مع التوالي إنما هو من النص، ولو
صح إطلاقه كما ادعاه، لثبت في غيره.
وأما في الثاني: فلتصريح علي بن إبراهيم في المحكي عنه بعين ما في
الرضوي مصرحا في آخره بأن هذه هي التي لا تحل لزوجها الأول أبدا (2)
الظاهر في الحصر الحقيقي والمجازي خلاف الأصل، ونحوه الصدوق في
الفقيه (3)، بل ظاهرهما - كالرضوي (4) - اشتراط الترتيب في تأبد التحريم،

(1) الوسائل 15: 358، الباب 4 من أبواب أقسام الطلاق الحديث 4.
(2) تفسير القمي 1: 79.
(3) الفقيه 3: 501.
(4) فقه الرضا: 242 و 243.
230

لتصريحه - كالفقيه - بأنه الطلقات التسع التي كل ثلاث منها لا بد أن يكون
كل واحد منها واحدا بعد واحد، المتبادر منه ذلك.
وبالجملة فالحكم بالتحريم بالتسع المتفرقة محل إشكال إن لم يكن
إجماع.
وعلى تقديره يقتصر على مورده، وقوفا عليه في الخروج عن مقتضى
الأصل، والظاهر عدمه في الأمة طرا، حتى لو طلقت للعدة تسعا يتحللها
أربعة رجال، كما يستفاد عن المتعرضين لحكمها هنا، حيث احتملوا العدم
فيها مطلقا.
ولو ثبت الإجماع لم يحتمل، كما لا يحتمل في الحرة. فالاقتصار فيها
على الأصل أقوى.
ويشكل الحكم بتأبد التحريم مع التفريق مطلقا أيضا، مضافا إلى ما تقدم
بأن طلاق العدة حينئذ لا يتحقق إلا بالرجعة بعده والوطء، فإذا توقف
التحريم على تحقق التسع كذلك لزم تحريمها بعد الدخول في الخامسة
والعشرين إن كان العدية هي الأولى من كل ثلاث، أو السادسة والعشرين إن
كانت الثانية منها بغير طلاق. وهو بعيد. ولو توقف على طلاق آخر بعده ولم
يكن ثالثا - كما في الأول - لزم جعل ما ليس بمحرم محرما، والحكم
بالتحريم بدون طلاق موقوف على التحليل.
وكلاهما بعيد، وذلك أمارة لزوم الاقتصار على مورد النص، إلا أن
الاحتياط سبيله واضح.
* (السبب الخامس) * من أسباب التحريم:
* (اللعان، ويثبت به التحريم المؤبد) * بالنص والإجماع. وسيأتي إن
شاء الله تعالى الكلام في تحقيق حكمها وشرائطها.
* (وكذا) * تحرم بالأبد لو * (قذف الزوج امرأته الصماء أو الخرساء
231

بما يوجب اللعان) * لولا الآفة برميها بالزنا مع دعوى المشاهدة وعدم البينة،
فلا حرمة مع عدمهما وإن حد مع انتفاء الأول دون الثاني. ولولا الإجماع
المحكي على القيد لكان إطلاق التحريم متجها، تبعا لإطلاق النصوص.
كالصحيح: عن رجل قذف امرأته بالزنا وهي خرساء صماء لا تسمع ما
قال، فقال: إن كان لها بينة تشهد لها عند الإمام جلد الحد وفرق بينه وبينها
ولا تحل له أبدا، وإن لم يكن لها بينة فهي حرام عليه ما قام معها، ولا إثم
عليها منه (1).
ومقتضاه - ككلام جماعة - تعلق الحكم بالمتصفة بالأمرين، إلا أن في
بعض النسخ الاكتفاء بأحدهما، كما في المتن، وعن الأكثر، بل عليه الإجماع
عن الغنية (2) والسرائر (3). وهو الحجة فيه دون النسخة، لضعفها أولا، بناء
على أن الراوي لها رواها في موضع آخر كالأولى، ومعارضتها لها ثانيا.
نعم يؤيده الاكتفاء بالأخير في الخبرين:
أحدهما الحسن: في رجل قذف امرأته وهي خرساء، قال: يفرق بينهما،
ولا تحل له أبدا (4).
ويدفع أخصية المورد بعدم القائل بالفرق.
ولا ينافيه استشكال التحرير في التحريم الأول خاصة (5)، مع فتواه به
في الثاني، سيما مع استقرابه فيه أيضا التحريم.
وفي إلحاق نفي الولد هنا على وجه يثبت به اللعان لولا الآفة
بالقذف وجهان، أوجههما العدم، اقتصارا فيما خالف الأصل على مورد

(1) الوسائل 15: 603، الباب 8 من أبواب اللعان الحديث 2.
(2) الغنية: 378.
(3) السرائر 2: 525.
(4) الوسائل 15: 602، الباب 8 من أبواب اللعان الحديث 1، والآخر: 603 الحديث 4.
(5) التحرير 2: 15 س 2.
232

الوفاق والنص (1).
وليس في الإجماع المحكي عن الشيخ (2) على نفي اللعان في الخرساء
والصماء دلالة عليه، لاختصاصه بالقذف، ومع ذلك فلا تلازم بين السقوط
وثبوت التحريم. فتأمل.
وإطلاق النص - كفتوى الأصحاب وصريح البعض (3) - عدم الفرق في
ثبوت الحكم بين المدخول بها وغيرها.
وعليه، فمتى حرمت قبل الدخول فالأجود ثبوت جميع المهر، لثبوته
بالعقد، فيستصحب. وتنصفه في بعض الموارد لا يوجب التعدية إلى هنا.
وألحق الصدوق في الفقيه (4) بذلك قذف المرأة زوجها الأصم فحكم
بتحريمها عليه مؤبدا، للمرسل كالصحيح، لكون المرسل ممن أجمعت
العصابة على تصحيح ما يصح عنه - كما حكاه الكشي (5) -: في امرأة قذفت
زوجها الأصم، قال: يفرق بينها وبينه، ولا تحل له أبدا (6).
إلا أن الأصل المعتضد بالشهرة العظيمة بين الأصحاب التي كادت تكون
إجماعا أوجب المصير إلى طرحه، مضافا إلى أن الموجب لاعتبار السند هو
إجماع العصابة المحكي.
وفيه وهن بالنظر إلى المقام، لمصير المعظم إلى الخلاف، إلا أن العمل به
أحوط. وفيه تأييد لثبوت الحكم بقذف الزوجة الصماء بطريق أولى.
* (السبب السادس: الكفر) *
* (ولا يجوز للمسلم أن ينكح غير الكتابية) * ابتداء واستدامة مطلقا

(1) الوسائل 15: 604، الباب 9 من أبواب اللعان الحديث 1.
(2) حكاه في الإيضاح 3: 446.
(3) نهاية المرام 1: 189.
(4) الفقيه 4: 50، ذيل الحديث 5072.
(5) رجال الكشي: 556، رقم 1050.
(6) الوسائل 15: 603، الباب 8 من أبواب اللعان الحديث 3.
233

* (إجماعا) * منا بالكتاب والسنة.
* (وفي) * جواز نكاح * (الكتابية) * ابتداء أقوال منتشرة، ما بين محرم
مطلقا كما عن المرتضى (1) والحلي (2) وأحد قولي الشيخين (3)، ومجوز له
كذلك كما عن الصدوقين (4) والعماني (5)، ومفصل تارة بالدوام فالأول ومتعة
وملك يمين فالثاني كما عن أبي الصلاح (6) وسلار (7) وأكثر المتأخرين،
وأخرى بالاختيار فالتحريم والاضطرار فالجواز إما في العقدين وأما ملك
اليمين فالجواز مطلقا كما عن الإسكافي (8)، وإما في الدوام خاصة وأما
المتعة فالجواز مطلقا كما عن النهاية (9) وابن حمزة (10) والقاضي (11).
ولكن المشهور منها * (قولان) * الأول والثالث، وهو أشهرهما ومختار
المصنف، لقوله: * (أظهرهما أنه لا يجوز غبطة) * أي دواما مطلقا حتى
في المجوسية * (ويجوز متعة وبالملك في اليهودية والنصرانية) * خاصة
مطلقا في الجانبين.
أما الأول: فللإجماع عليه عن المرتضى (12) والغنية (13) صريحا،
وسلار (14) والتبيان (15) ومجمع البيان (16) والسرائر (17) ظاهرا، واستلزام
الزوجية المودة بنص الآية (18)، وشهادة العادة، وهي منهي عنها في الشريعة،

(1) الإنتصار: 279، المسألة 155.
(2) السرائر 2: 621.
(3) المقنعة لعله استفاد من إطلاق قوله: " ونكاح الكافرة محرم بسبب كفرها... " راجعها:
500 - 508 والتهذيب 7: 296.
(4) كما في المختلف 7: 73، والمقنع: 308.
(5) كما في المختلف 7: 73.
(6) الكافي في الفقه: 299.
(7) المراسم: 155.
(8) كما في المختلف 7: 74.
(9) النهاية 2: 299.
(10) الوسيلة: 290.
(11) المهذب 2: 241.
(12) الإنتصار: 279، المسألة 155.
(13) الغنية: 340.
(14) المراسم: 148.
(15) التبيان 3: 446.
(16) مجمع البيان 3: 162، س 26.
(17) السرائر 2: 527.
(18) الروم: 21.
234

وخصوص الآيات (1) المانعة عن التمسك بعصم الكوافر، ونكاح المشركات (2)،
الشاملتين للمقام بالعموم، وتفسير أهل الخصوص صلوات الله عليهم.
ففي الصحيح: عن قول الله عز وجل: " والمحصنات من الذين أوتوا
الكتاب من قبلكم "، فقال: هذه منسوخة بقوله تعالى: " ولا تمسكوا بعصم
الكوافر " (3). ونحوه في تحقق النسخ الخبر المروي في تفسير العياشي (4).
وفي الخبر المعتبر بوجود من أجمعت العصابة في سنده: لا ينبغي نكاح
أهل الكتاب، قلت: جعلت فداك وأين تحريمه؟ قال: قوله تعالى: " ولا
تمسكوا بعصم الكوافر " (5).
ونحوه المروي في نوادر الراوندي في تفسير هذه الآية: إن من كانت
عنده كافرة على غير ملة الإسلام وهو على ملة الإسلام فيعرض عليها
الإسلام، فإن قبلت فهي امرأته، وإلا فهي بريئة منه، فنهى الله تعالى أن يمسك
بعصمهم (6).
وفي الموثق: ما تقول يا أبا محمد في رجل تزوج نصرانية على مسلمة؟
قلت: جعلت فداك وما قولي بين يديك؟ قال: لتقولن فإن ذلك تعلم به قولي،
قلت: لا يجوز تزويج النصرانية على المسلمة ولا غير المسلمة، قال: لم؟
قلت: لقول الله تعالى: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن "، قال: فما تقول
في هذه الآية: " والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم "؟ فقلت:
قوله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن " نسخت هذه الآية، فتبسم ثم
سكت (7).

(1) الممتحنة: 10.
(2) البقرة: 221.
(3) الوسائل 14: 410، الباب 1 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 1.
(4) تفسير العياشي 1: 296، الحديث 38.
(5) الوسائل 14: 411، الباب 1 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 4.
(6) لم نعثر عليه في نوادر الراوندي ووجدناه في تفسير القمي 2: 363.
(7) الوسائل 14: 410، الباب 1 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 3.
235

مضافا إلى السنة المستفيضة عن أهل العصمة (عليهم السلام) المخالفة لجميع
العامة، المشتهرة بين قدماء الشيعة، كما يستفاد من الخلاف (1) والمبسوط (2)،
وكذا متأخريهم، كما استفاض نقله في كلام جماعة، المؤيدة بالأخبار (3)
الناهية عن نكاح الأمة على الحرة أو مطلقا، أما بناء على أنهن بمنزلتها كما
يستفاد من المعتبرة (4)، أو بناء على شمول تلك الأخبار للمسلمة.
فيتعدى المنع إليهن بالأولوية، المعتضدة بظاهر " من فتياتكم
المؤمنات " (5)، المفسرة في المروي في نوادر الراوندي، قال قال علي (عليه السلام):
لا يجوز للمسلم التزويج بالأمة اليهودية ولا النصرانية، لأن الله تعالى قال:
" من فتياتكم المؤمنات "، الحديث (6)، المؤيدة بظاهر الآية " لا يستوي
أصحاب النار وأصحاب الجنة " (7)، لأعمية الاستواء منه من بعض الوجوه
ومن جميع الوجوه. ولا يصح نفي العام إلا بنفي جميع جزئياته، فإذا انتفى
التساوي في جميع الأحكام التي من جملتها المناكحة لزم اندراجها تحت
التحريم.
فلا مخلص عن حمل ما ظاهره الجواز مطلقا أو في الجملة على الاتقاء
أو التقية، مضافا إلى قصور أسانيد أكثرها عن الصحة، ومتونها عن وضوح
الدلالة، زيادة على ما يأتي من احتمال الحمل على المتعة. والصحيح منها
غير صالح للمكافئة، لما تقدم من الأدلة، مع تصريحه (عليه السلام) فيه: بأن عليه في
نكاحهن غضاضة (8)، أي ذلة ومنقصة، مع احتماله - كالباقي - الحمل على

(1) الخلاف 4: 311، المسألة 84.
(2) المبسوط 4: 209 و 210.
(3) الوسائل 14: 392، الباب 46 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
(4) الوسائل 14: 392، الباب 46 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
(5) النساء: 25.
(6) نوادر الراوندي: 48.
(7) الحشر: 20.
(8) الوسائل 14: 412، الباب 2 من أبواب ما يحرم بالكفر ذيل الحديث 1.
236

المتعة، لعدم صراحتها في الغبطة. وهو أوضح طريق في الجمع بين الأدلة،
دون الحمل على الكراهة، أو الجواز مع الضرورة، مع اندفاعها بالعقد عليهن
متعة غالبا.
وأما الثاني: فالمستند فيه - بعد الإجماع المصرح به في الخلاف (1)
والتبيان (2) ومجمع البيان (3) والغنية (4) وخصوص " إذا آتيتموهن
أجورهن " (5) - السنة المستفيضة:
ففي الموثق: عن الرجل يتمتع من اليهودية والنصرانية، قال: لا أرى
بذلك بأسا (6)، الخبر. ونحوه المرسل كالموثق (7) والخبر الصحيح (8) في قول
وإن ضعف في المشهور، لأنه بالشهرة العظيمة المدعى عليه الإجماع
مجبور ولا يعارضها ما وقع فيه التصريح بالمنع فيها أيضا لعدم المكافئة
فلتطرح أو تحمل على الكراهة.
ويفصح عنها الخبر: أيتمتع من اليهودية والنصرانية؟ فقال: يتمتع من
الحرة المؤمنة أحب إلي (9).
وله ظهور في الجواز أيضا، وبه كالباقي يخص أدلة المنع، مع أن
المتبادر من النكاح والتزويج في أكثرها الدوام دون التمتع وملك اليمين.
وأما الثالث: فبعد الإجماع عليه في التبيان (10) ومجمع البيان (11)
عموم " ما ملكت أيمانكم " (12) من دون معارض، وفحوى أخبار جواز
التمتع، ووطء المجوسية بملك اليمين، كما يأتي.

(1) الخلاف 4: 312، المسألة 84.
(2) التبيان 3: 446.
(3) مجمع البيان: 2 ص 162، س 30.
(4) الغنية: 340.
(5) المائدة: 5.
(6) الوسائل 14: 461، الباب 13 من أبواب المتعة الحديث 1 و 2 و 3 و 6.
(7) الوسائل 14: 461، الباب 13 من أبواب المتعة الحديث 1 و 2 و 3 و 6.
(8) الوسائل 14: 461، الباب 13 من أبواب المتعة الحديث 1 و 2 و 3 و 6.
(9) الوسائل 14: 461، الباب 13 من أبواب المتعة الحديث 1 و 2 و 3 و 6.
(10) التبيان 3: 446.
(11) مجمع البيان 2: 162.
(12) النساء: 24.
237

ومما ذكر ظهر الجواب عن دليل الجواز مطلقا آية ورواية.
وما يقال: من عدم ثبوت النسخ بالخبر الواحد فلم يقم عليه دليل صالح،
والإجماع عليه غير معلوم.
ومعه يحمل آية الحل على التمتع، جمعا بين الأدلة، وهو من باب حمل
العموم على الخصوص، فيكون تخصيصا في تخصيص، وهو شائع يجب
المصير إليه بعد قيام الدليل عليه، وهو ما قدمناه.
* (وفي) * جواز الأمرين ب‍ * (المجوسية قولان، أشبههما) * عند المصنف
تبعا للنهاية (1) * (الجواز) * على كراهة شديدة، لخبرين قاصري السند:
في أحدهما: لا بأس بالرجل أن يتمتع بالمجوسية (2).
وفي الثاني: عن نكاح اليهودية والنصرانية، فقال: لا بأس، فقلت:
المجوسية، فقال: لا بأس يعني متعة (3).
والأقوى المنع عن العقد مطلقا، لما تقدم من الأدلة المطلقة من الكتاب
والسنة، الخالية عما يخصصها هنا من الأدلة، لضعف الخبرين، مع انتفاء جابر
لهما في البين، مضافا إلى معارضتهما المعتبرة:
أحدهما: الصحيح كالصريح في المنع عن مطلق العقد: عن الرجل
المسلم يتزوج المجوسية، قال: لا، ولكن إذا كان له أمة مجوسية فلا بأس أن
يطأها ويعزل عنها، ولا يطلب ولدها (4).
وأصرح منه الآخر: عن الرجل يتمتع باليهودية والنصرانية، قال: لا أرى
بذلك بأسا قلت فالمجوسية؟ قال: أما المجوسية فلا (5).

(1) النهاية 2: 299.
(2) الوسائل 14: 462، الباب 13 من أبواب المتعة الحديث 5 و 4.
(3) الوسائل 14: 462، الباب 13 من أبواب المتعة الحديث 5 و 4.
(4) الوسائل 14: 418، الباب 6 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 1.
(5) الوسائل 14: 461، الباب 13 من أبواب المتعة الحديث 1.
238

وقريب منهما إطلاق الرضوي: ولا يجوز تزويج المجوسية (1).
هذا، مضافا إلى دعوى التبيان (2) - كالسرائر (3) - فيه الإجماع.
وفي هذه الأخبار دلالة على مغايرة المجوس لأهل الكتاب، وعدم
إرادتهم منهم عند الإطلاق، كما هو المشهور بين الأصحاب، فلا يشملهم
أدلة إباحة التمتع بهم.
* (ولو ارتد أحد الزوجين) * أو هما دفعة عن الإسلام * (قبل الدخول) *
بالزوجة * (وقع الفسخ في الحال) * مطلقا، فطريا كان الارتداد، أم مليا،
بالإجماع من أهل العلم كافة في الأول، ومنا في الثاني حكاهما في
التذكرة (4)، لإطلاق بعض ما تقدم من الأدلة في المنع عن نكاح الكتابية.
والمعتبرة في المرتد الفطري الشاملة لصورتي الدخول وعدمه، كما
يأتي. والخبر: في الملي المرتد تعزل عنه امرأته ولا تؤكل ذبيحته ويستتاب
ثلاثة أيام فإن تاب وإلا قتل (5).
وهي كما ترى خاصة بارتداد الرجل خاصة، إلا أن ارتداد المرأة ملحق
به للإجماع المركب. ويجب على الزوج نصف المهر إن كان الارتداد من
الزوج، لمجئ الفسخ من جهته فأشبه الطلاق.
ثم إن كانت التسمية صحيحة فنصف المسمى، وإلا فنصف المثل، ومع
عدم التسمية بالمرة فالمتعة. وقيل: يجب جميع المهر، لوجوبه بالعقد،
ولم يثبت تشطيره إلا بالطلاق (6) ونحوه إن قيل به فيه، فلا يتعدى إلى غيره
ولا يخصص الأصل القطعي بالقياس به. وهو أقوى.

(1) فقه الرضا: 235.
(2) التبيان 2: 218.
(3) السرائر 2: 542، نقل الإجماع عن التبيان.
(4) التذكرة 2: 647 س 32.
(5) الوسائل 18: 548، الباب 3 من أبواب حد المرتد الحديث 5.
(6) قاله في جامع المقاصد 12: 410.
239

ولو كان الارتداد منها فلا مهر لها، لمجئ الفسخ من قبلها، كذا علل (1).
وفيه إيماء إلى مسلميته بينهم، ولعله للخبر: في المرأة إذا زنت قبل أن
يدخل بها، قال: يفرق بينهما، ولا صداق لها، لأن الحدث كان من قبلها (2).
وقصور السند منجبر بالعمل وبالتعليل. فتأمل.
ويدل عليه أيضا فحوى ما سيأتي من المعتبرة الدالة على سقوط مهر
النصرانية بإسلامها، المستلزم للسقوط هنا بطريق أولى.
* (ولو كان) * الارتداد * (بعد الدخول وقف) * انفساخ النكاح * (على
انقضاء العدة) * عدة الطلاق إن كان الارتداد من الزوجة مطلقا، أو من الزوج
من غير فطرة، فإن رجع المرتد قبل انقضائها، وإلا انفسخ، وظاهر الأصحاب
الاتفاق على الحكم ومقدار العدة، بل صرح به جماعة (3). وهو الحجة فيه
دون النصوص، لعدم استفادة شئ منها.
بل ربما دل بعض المعتبرة على البينونة بمجرد الردة من دون توقف
على انقضاء العدة، كالحسن: إذا ارتد الرجل عن الإسلام بانت منه امرأته كما
تبين المطلقة ثلاثا، وتعتد منه كما تعتد المطلقة، فإن رجع إلى الإسلام وتاب
قبل التزويج فهو خاطب من الخطاب، ولا عدة عليها منه، وتعتد منه لغيره،
وإن مات أو قتل قبل العدة اعتدت منه عدة المتوفى عنها زوجها، وهي ترثه
في العدة، ولا يرثها إن ماتت وهو مرتد عن الإسلام (4).
ولكنه شاذ محتمل للتقية، لحكاية ذلك عن بعض العامة (5).

(1) علله في نهاية المرام 1: 193.
(2) الوسائل 18: 359، الباب 7 من أبواب حد الزنا ذيل الحديث 8.
(3) منهم جامع المقاصد 12: 411، ونهاية المرام 1: 193.
(4) الوسائل 17: 387، الباب 6 من أبواب موانع الإرث الحديث 5.
(5) الحاوي الكبير 8: 145.
240

ويمكن الاستدلال عليه بفحوى المعتبرة الدالة على اعتبار انقضاء العدة
في البينونة المحضة في إسلام أحد الوثنيين (1)، لا ضعفية الكفر الارتدادي
عن الأصلي، لبقاء حرمة الإسلام فيه دونه.
فثبوت الحكم في الأقوى ملازم لثبوته في الأضعف بطريق أولى.
فتأمل.
فلا ريب في الأحكام المذكورة * (إلا أن يكون) * المرتد هو * (الزوج) *
وكان * (مولودا على الفطرة فإنه لا يقبل عوده وتعتد زوجته عدة الوفاة) *
إجماعا، وللمعتبرة:
منها الموثق: كل مسلم بين مسلمين ارتد عن الإسلام وجحد نبوته
وكذبه فإن دمه مباح لكل من سمع ذلك منه، وامرأته بائنة منه يوم ارتد فلا
تقربه، ويقسم ماله على ورثته، وتعتد امرأته عدة المتوفى عنها زوجها،
وعلى الإمام أن يقتله، ولا يستتيبه (2).
ولا يسقط من المهر هنا وفي السابق شئ، لاستقراره بالدخول،
المستمر بالأصل السالم عن المعارض.
* (وإذا أسلم زوج الكتابية) * دونها * (فهو على نكاحه، سواء كان قبل
الدخول، أو بعده) * دائما كان التزويج، أو منقطعا، كتابيا كان الزوج، أو
وثنيا، جوزنا نكاحها للمسلم ابتداء، أم لا إجماعا، للخبرين الآتيين: فيمن
أسلم عن خمس، الدالين على بقاء النكاح الأربع، وانفساخ الزائد خاصة،
ولإطلاق الصحيحين: عن رجل هاجر وترك امرأته في المشركين ثم لحقت
به بعد ذلك أيمسكها بالنكاح الأول؟ قال: بل يمسكها وهي امرأته (3).

(1) الوسائل 14: 420، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالكفر.
(2) الوسائل 18: 545، الباب 1 من أبواب حد المرتد الحديث 3.
(3) الوسائل 14: 416، الباب 5 من أبواب ما يحرم بالكفر ح 1 وذيله.
241

وينبغي تقييدهما بالكتابية للمعتبرة الآتية.
* (ولو أسلمت زوجته) * أي الكافر * (دونه انفسخ) * النكاح * (في
الحال إن كان) * الإسلام * (قبل الدخول) * لعدم العدة، وامتناع كون الكافر
زوجا للمسلمة، ولا مهر لها، لمجئ الفرقة من قبلها، وللصحيح: في نصراني
تزوج نصرانية فأسلمت قبل أن يدخل بها، قال: قد انقطعت عصمتها، ولا
مهر لها، ولا عدة عليها منه (1).
والخبر المثبت للمهر - مع قصور سنده، وعدم مكافئته لما تقدم - شاذ،
لا تعويل عليه، وبفحواه يستدل لحكم الوثني.
* (ووقف) * الفسخ * (على انقضاء العدة) * عدة الطلاق، كما ذكروه من
حين الإسلام * (إن كان بعده) * أي الدخول، فإن انقضت ولم يسلم تبين
بينونتها منه حين الإسلام، كما ذكروه، وإن أسلم قبل انقضائها تبين بقاء
النكاح.
وجميع ذلك موضع وفاق في الوثني مدلول عليه في الخبرين: الآتي
أحدهما: في الوثنيين المسلم أحدهما (2).
وفي الثاني: عن رجل مجوسي أو مشرك من غير أهل الكتاب كانت
تحته امرأة فأسلم أو أسلمت، قال: ينظر بذلك انقضاء عدتها، فإن هو أسلم
أو أسلمت قبل أن تنقضي عدتها فهما على نكاحهما الأول، وإن هو لم يسلم
حتى تنقضي العدة فقد بانت منه (3).
ومشهور بين الأصحاب في الكتابي، بل في الخلاف (4) الوفاق على
انفساخ النكاح بخروجها من العدة.

(1) الوسائل 14: 422، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 6.
(2) الوسائل 14: 421، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 2 و 3.
(3) الوسائل 14: 421، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 2 و 3.
(4) الخلاف 4: 324، المسألة 103.
242

ويدل عليه عموم " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " (1).
والصحيح: عن رجل يكون له الزوجة النصرانية فتسلم هل يحل لها أن
تقيم معه؟ قال: إذا أسلمت لم تحل له، قلت: جعلت فداك فإن الزوج أسلم
بعد ذلك أيكونان على النكاح؟ قال: لا يتزوج بجديد (2).
والصحيح: إذا أسلمت امرأة وزوجها على غير الإسلام فرق بينهما (3)
والمراد بإطلاق التفريق فيه كعدم الحل في الأول هما بعد انقضاء العدة
إجماعا، وللخبر المعتبر: إن امرأة مجوسية أسلمت قبل زوجها، فقال له
علي (عليه السلام): أسلم، فقال: لا، ففرق بينهما (4)، ثم قال: إن أسلمت قبل انقضاء
عدتها فهي امرأتك، وإن انقضت عدتها قبل أن تسلم ثم أسلمت فأنت
خاطب من الخطاب (5).
* (وقيل) * هو الشيخ في النهاية (6) والتهذيبين (7): لم ينفسخ النكاح
بانقضاء العدة مطلقا، بل * (إن كان) * الزوج ذميا قائما * (بشرائط الذمة كان
نكاحه) * صحيحا * (باقيا) * بحاله * (و) * لكن * (لا يمكن من الدخول عليها
ليلا، ولا من الخلوة بها نهارا) * ولا من إخراجها إلى دار الحرب، لأخبار
قاصرة الأسانيد ضعيفة التكافؤ للمعارض، أجودها المرسل كالصحيح:
إن أهل الكتاب وجميع من له ذمة إذا أسلم أحد الزوجين فهما على
نكاحهما، وليس له أن يخرجها من دار الإسلام إلى غيرها، ولا يبيت معها،

(1) النساء: 141.
(2) الوسائل 14: 417، الباب 5 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 5.
(3) المصدر السابق: 421، الباب 9 الحديث 4.
(4) في التهذيب 7: 31، 1257 - 15: أتسلم؟ قال: لا، ففرق بينهما، وفي الوسائل: لا يفرق بينهما.
(5) الوسائل 14: 421، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 2.
(6) النهاية 2: 300.
(7) التهذيب 7: 300، ذيل الحديث 1253، والاستبصار 3: 381، ذيل الحديث 662.
243

ولكنه يأتيها بالنهار (1).
مع احتمال بعضها الحمل على عدم البينونة في العدة لا مطلقا، فلا
ينافيها ثبوتها بعدها، ومع ذلك فظاهر الشيخ الرجوع عنها في الخلاف (2)،
لدعواه فيه على خلافها الوفاق، فلا عبرة بها وإن كانت أخص من المعارض،
وليس كل خاص يقدم على العام، ومع ذلك فبعض ما تقدم خاص أيضا،
كالصحيح (3) في انفساخ النكاح بالإسلام قبل الدخول.
ودعوى اختصاص هذا القول بصورة الدخول فلا مدخل للصحيح في
المتنازع مدفوعة بتصريح المسالك (4) بعمومه لصورتي الدخول وعدمه، كما
يفصح عنه إطلاق عبارته وعموم دليله. فلا وجه لتردد بعض من تأخر (5)
ومصير آخر (6) إليه.
ولو أسلما معا ثبت النكاح، لانتفاء المقتضي للفسخ، وللخبرين:
في أحدهما: النصراني يتزوج النصرانية على ثلاثين دنا من خمر
وثلاثين خنزيرا ثم أسلما بعد ذلك ولم يكن دخل بها، قال: ينظر كم قيمة
الخمر وكم قيمة الخنازير فيرسل بها إليها ثم يدخل عليها، وهما على
نكاحهما الأول (7).
* (و) * لو أسلم أحد الزوجين الوثنيين معا - المنسوبين إلى عبادة الوثن،
وهو الصنم - وكذا من بحكمهما من الكفار * (غير الكتابيين) * وكان الإسلام
قبل الدخول بطل النكاح مطلقا، لأن المسلم إن كان هو الزوج استحال بقاؤه

(1) الوسائل 14: 421، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 5.
(2) الخلاف 4: 325، المسألة 105.
(3) الوسائل 14: 422، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 6.
(4) المسالك 7: 367.
(5) كفاية الأحكام: 167 س 22.
(6) راجع جامع المقاصد 12: 409.
(7) الوسائل 15: 4، الباب 2 من أبواب المهور الحديث 2.
244

على نكاح الكافرة غير الكتابية لتحريمه ابتداء واستدامة إجماعا، وإن كان
الزوجة فأظهر، إذ لا سبيل للكافر عليها. ويجب نصف المهر أو الجميع،
لما تقدم من عدم ثبوت التشطير إلا بالطلاق بإسلام الزوج دون اسلامها
فيسقط، لما مر.
وبعد الدخول * (يقف) * الفسخ * (على انقضاء العدة بإسلام أيهما اتفق) *
فإن انقضت ولم يسلم الآخر تبين انفساخه من حين الإسلام، وإن أسلم فيها
استمر النكاح، كل ذلك بلا خلاف، بل حكي عليه الإجماع (1)، للخبرين
في الثاني:
تقدم أحدهما في إسلام زوجة الوثني وتوقف الفسخ فيه على انقضاء
العدة.
وثانيهما المرسل كالصحيح: وأما المشركون مثل مشركي العرب وغيرهم
فهم على نكاحهم إلى انقضاء العدة، فإن أسلمت المرأة ثم أسلم الرجل قبل
انقضاء عدتها فهي امرأته، فإن لم يسلم إلا بعد انقضاء العدة فقد بانت منه،
ولا سبيل له عليها وكذلك جميع من لا ذمة له (2). الخبر.
* (ولو أسلم) * الوثني ومن في حكمه أو * (الذمي وعنده أربع فما
دون) * كتابيات مطلقا أو وثنيات أسلمن معه * (لم يتخير) * للأصل، وانتفاء
المقتضي له من حرمة الجمع.
* (ولو كان عنده أكثر من أربع) * نسوة مذكورات * (تخير أربعا) *
منهن من دون تجديد عقد، بشرط جواز نكاحهن في شريعة الإسلام، وفارق
سائرهن من دون طلاق إن كان حرا وهن حرائر، وإلا اختار ما عين له
سابقا من حرتين وأمتين أو أمة وثلاث حرائر، والعبد يختار حرتين أو أربع

(1) لم نقف على حاكيه.
(2) الوسائل 14: 422، الباب 9 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 5.
245

إماء أو حرة وأمتين، ثم يتخير الحرة في فسخ عقد الأمة وإجازته إن قلنا به،
وإلا بطل عقد الأمة خاصة، كما مر.
قيل: ولو شرطنا في نكاح الأمة الشرطين توجه انفساخ نكاحها هنا إذا
جامعت حرة، لقدرته عليها المنافية لنكاح الأمة (1).
وفيه منع لأن المحكي عن المبسوط (2) والتذكرة (3) الإجماع على
اختصاص المنع بصورة الابتداء دون الاستدامة. وهو الأوفق بظواهر الأدلة،
لعدم تبادر الاستدامة من الأدلة المانعة، فيرجع فيها إلى أصالة الإباحة.
وعلى المنع مطلقا لو تعددت الحرائر اعتبر رضاهن جمع ما لم يزدن
على أربع، فيعتبر رضاء من يختارهن من النصاب.
ولا فرق في التخيير بين من ترتب عقدهن أو اقترن، ولا بين اختيار
الأوائل والأواخر، ولا بين من دخل بهن وغيرهن.
ولو أسلم معه أربع وبقي أربع فالأقوى بقاء التخيير، لإطلاق النص.
وفيه نظر.
وقيل: بتعين المسلمات لشرف الإسلام (4) وهو أحوط.
وحكي على أصل الحكم الإجماع عن ظاهر المبسوط (5) والتذكرة (6).
وهو المستند فيه، كالخبر: في مجوسي أسلم وله سبع نسوة وأسلمن معه
كيف يصنع؟ قال: يمسك أربعا ويطلق ثلاثا (7).
وضعف الدلالة مع الأخصية غير قادح في الحجية، بعد انجبارهما

(1) قاله الشهيد في الروضة 5: 233.
(2) لم نعثر عليه في المبسوط ولم نقف على من حكاه عنه.
(3) التذكرة 2: 653 س 33.
(4) قاله في نهاية المرام 1: 198.
(5) لم نعثر عليه في المبسوط ولم نقف على من حكاه عنه.
(6) التذكرة 2: 653 س 38.
(7) الوسائل 14: 404، الباب 6 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث 1.
246

بفتوى الطائفة، كعدم القدح فيها بتطليق ثلاثا، نظرا إلى مخالفته المتفق عليه
بينهم من حصول الفسخ بالاختيار خاصة بلا طلاق لاحتماله الإطلاق دون
التطليق، ومعه ينتفي المناقشة، كانتفائها مع عدمه، بناء على أن خروج بعض
الحديث عن الحجية لا ينافيها بالإضافة إلى الباقي، ونحوه النبوي (1)، بل
وأظهر منه من حيث عمومه للمسلمات وغيرهن، بل وظهوره في الأخيرة
خاصة.
والمستند في القيود المتقدمة عموم ما تقدم فيها من الأدلة وإن أحتمل
بعضها نوعا من المناقشة، لكن كفانا مؤنة الاشتغال بدفعها إجماع الطائفة،
كما عن ظاهر المبسوط (2) والتذكرة (3).
* (وروى عمار) * في الموثق * (عن) * مولانا * (أبي عبد الله (عليه السلام): أن
إباق العبد بمنزلة الارتداد، فإن رجع والزوجة في العدة فهو أحق بها، وإن
خرجت من العدة فلا سبيل له عليها) * (4).
* (و) * ليس * (في) * هذه * (الرواية ضعف) * بالمعنى المصطلح، لوثاقة
عمار وإن كان فطحيا، مضافا إلى أن قبله من أجمع العصابة على تصحيح
ما يصح عنه، ولعله لذا عمل به جماعة، كالصدوق (5) والشيخ (6) في النهاية
وابن حمزة، إلا أنه خص الحكم بتزويج العبد أمة غير سيده (7)، والرواية
مطلقة.
خلافا للأكثر، بل كاد أن يكون إجماعا. وهو الأظهر، للأصل، وظاهر

(1) مسند أحمد بن حنبل 2: 83، الحديث 9.
(2) انظر المبسوط 4: 229 و 230.
(3) التذكرة 2: 652 س 38، فيها عند علمائنا.
(4) الوسائل 14: 582، الباب 73 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(5) الفقيه 3: 454، الحديث 4571، وفيه " رواية ".
(6) النهاية 2: 398 و 399.
(7) الوسيلة: 307.
247

عموم ما دل على اعتبار الطلاق في تحقق الفراق. ولاعتضادهما بالشهرة
لا تقاومهما الموثقة المزبورة وإن كانت بحسب السند معتبرة، مع إمكان
تطرق القدح إليه من جهته، من حيث ابتناء اعتباره بالأمرين على حصول
المظنة منهما بصدق الرواية. ومع اشتهار الخلاف ترتفع المظنة.
أما عن الأول: فلأن الظن الحاصل من توثيقه أضعف هنا من الظن
الحاصل من شهرة خلافه.
وأما عن الثاني: فلابتناء حصول المظنة منه على الإجماع، وهو منفي
مع شهرة الخلاف.
فإذا الأجود بقاء الزوجية إلى وقوع البينونة بطلاق ونحوه من الأمور
المسلمة.
هنا * (مسائل سبع) *
* (الأولى: التساوي) * بين الزوجين المعبر عنه بالكفاءة * (في الإسلام) *
بالمعنى العام - وهو الإقرار بالشهادتين من دون إنكار ما يلحق منكره
بالكفار - * (شرط في صحة العقد) * فلا يجوز للمسلمة تزويج الكافر مطلقا
نصا وإجماعا، ولا للمسلم التزويج بالوثنية مطلقا، والكتابية دائما ابتداء
على الأصح، كما مر، ويجوز له تزويجها متعة وبملك اليمين واستدامة
مطلقا، إجماعا في الأخير، وعلى الأقرب في الأولين.
* (وهل يشترط التساوي في الإيمان؟) * الخاص المراد منه الإقرار
بالأئمة (عليهم السلام) الاثني عشر بالشرط المتقدم؟ فيه أقوال، ثالثها اختصاصه
بالزوج دون الزوجة، وهو المشهور بين الطائفة، بل حكي على الأول
الإجماعات المستفيضة عن الخلاف (1) والمبسوط (2) والسرائر (3) وسلار (4)

(1) الخلاف 4: 271، المسألة 27.
(2) المبسوط 4: 178.
(3) السرائر 2: 557.
(4) المراسم: 148.
248

والغنية (1). وهي الحجة فيه، كالنصوص المستفيضة.
منها الصحيح: تزوجوا في الشكاك ولا تزوجوهم، لأن المرأة تأخذ من
أدب زوجها ويقرها على دينه (2). وفي معناه المعتبر (3) المنجبر قصور
أسانيدها بالشهرة والإجماعات المستفيضة، والدلالة واضحة، لاستلزام المنع
من تزويج الشكاك منع التزويج من غيرهم من المعتقدين، لخلاف ما عليه
الفرقة المحقة بالأولوية المؤكدة بالعلة المذكورة.
وهي الوجه في دلالة الصحيح: ولا يتزوج المستضعف مؤمنة (4).
ومنها المستفيضة المشترطة للدين المرضي في الأمر بالمناكحة، الظاهر
في الإباحة دون الندبية، حتى يقال: غاية الشرطية انتفاؤها بانتفاء الشرط
لا الإباحة.
وليس في إدراج الخلق مع الدين في بعضها - كالصحيح: إذا جاءكم من
ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير (5)
- قرينة على الندبية بالإضافة إلى الدين، بناء على اتحاد سياق العبارة مع
الإجماع عليها بالنسبة إليه، لتوقفه على كون المراد منه السجية والطبيعة.
وليس بمتعين لاستعماله في الملة، كما عن أهل اللغة فيحتمل إرادتها منه
هنا، فلا قرينة فيه بالمرة.
ومنها المرسل كالموثق، بل الموثق، لإرساله عن غير واحد، الملحق
مثله عند جماعة بالمسند، مع كون المرسل من المجمع على تصحيح
رواياته: أن العارفة لا توضع إلا عند العارف (6).

(1) الغنية: 343.
(2) الوسائل 14: 428، الباب 11 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 2 و 1 و 6.
(3) الوسائل 14: 428، الباب 11 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 2 و 1 و 6.
(4) الوسائل 14: 428، الباب 11 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 2 و 1 و 6.
(5) الوسائل 14: 51، الباب 28 من أبواب مقدمات النكاح الحديث 2.
(6) الوسائل 14: 424، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالكفر ذيل الحديث 5.
249

ومنها المعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده: إن
لامرأتي أختا عارفة على رأينا وليس على رأينا بالبصرة إلا قليل فأزوجها
ممن لا يرى رأيها، قال: لا ولا نعمة إن الله عز وجل يقول: " فلا ترجعوهن
إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن " (1).
وما يقال: بأن قصاراها الدلالة على النهي الغير الملازم للفساد المترتب
عليه الشرطية مدفوع بالإجماع على التلازم هنا، بناء على عدم القول
بالتحريم المجرد عن الفساد، بل كل من حرم أفسد وكل من أحل صحح.
هذا، مضافا إلى إشعار التعليل في ذيل الأخير بالكفرية، من حيث
إطلاق الكفر عليهم، المستلزم إما لكفرهم حقيقة، كما عليه جماعة، أو
اشتراكهم مع المتصف به في الأحكام التي منها حرمة النكاح وفساده إن قلنا
بالمجازية، كما عليه جمهور الطائفة، واستفيد من النصوص الآتية، لوجوب
الحمل على أقرب المجازات إذا تعذر الحقيقة.
ومن هنا ينقدح وجه الاستدلال بالنصوص المطلقة عليهم الكفر، وهي
كادت تكون متواترة، وهذه الأخبار - عدا ما ابتني فيه وجه الدلالة على
إطلاق الكفر عليهم - مشتركة في اختصاص المنع فيها بتزويج المخالف
بالمؤمنة، بل صرح بعضها بتزويج المؤمن بالشكاك، وأشعر تعليل المنع في
بعضها بأخذ المرأة من أدب زوجها بالجواز هنا، لمطلوبيته فيه قطعا. وقريب
منه إشعار تخصيص المنع بالزوج فتدبر.
مع أن النصوص بجواز تزويجه بالبله منهن والمستضعفات مستفيضة.
ففي الصحيح: عليك بالبله من النساء اللاتي لا تنصب والمستضعفات (2).
والصحيح: ما يمنعك من البله من النساء، قلت: وما البله؟ قال: هن

(1) الوسائل 14: 424، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالكفر ذيل الحديث 4.
(2) الوسائل 14: 431، الباب 11 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 10.
250

المستضعفات اللآتي لا ينصبن ولا يعرفن ما أنتم عليه (1). ونحوهما
الموثقان (2) وغيرهما.
ولا خلاف في مواردها بين الطائفة وكذلك ما عداه على الأشهر الأظهر،
بل عليه الإجماع عن التذكرة (3)، وصرح بعدم الخلاف بعض الأجلة (4). وهو
الحجة فيه بعد ما تقدم، وعموم النصوص الآتية المصرحة: بأن بالإسلام
تحل المناكحة.
خلافا لسلار (5)، فمنع عما عدا البله والمستضعفات، بل ظاهره الإجماع
عليه. ولا ريب في ضعفه جدا. وبهذه الأدلة تقيد ما أطلق فيه عليهم الكفر.
و * (الأظهر) * عند المصنف تبعا للمفيد (6) وابن سعيد (7) أنه * (لا) *
يشترط الإيمان في الزوج أيضا * (لكنه يستحب) * مطلقا * (ويتأكد) *
الاستحباب * (في المؤمنة) * أما الاستحباب: فلشبهة أدلة المنع، وأما الجواز:
فللأصل، والعمومات، وخصوص النصوص المستفيضة:
منها الصحيح: عن جمهور الناس؟ فقال: هم اليوم أهل هدنة ترد ضالتهم
وتؤدى أماناتهم وتحقن دماؤهم وتجوز مناكحتهم وموارثتهم (8).
ومنها الحسن: الإسلام ما عليه المناكح والمواريث وحقن الدماء (9).
والخبران: في أحدهما: الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله، والتصديق
برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وبه حقنت الدماء، وعليه جرت المناكحة والمواريث،
وعلى ظاهره عامة الناس (10). ونحوه الثاني (11).

(1) المصدر السابق: 428، الحديث 3.
(2) المصدر السابق: الباب 11 ذيل الحديث 3.
(3) التذكرة لم نعثر عليه فيها 2: 605 س 9.
(4) كشف اللثام 2: 19 س 21.
(5) المراسم: 148.
(6) المقنعة: 512.
(7) الجامع للشرائع: 432.
(8) الوسائل 14: 433، الباب 12 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 1.
(9) المصدر السابق: 432، الباب 11 الحديث 13.
(10) الكافي 2: 25، الحديث 1.
(11) الكافي 2: 26، الحديث 5.
251

وليس فيها كما ترى - مع قصور أسانيد أكثرها - تصريح بجواز تزويج
المؤمنة بالمخالف، وغايتها العموم القابل للتخصيص بالعكس، لتصريح
الأخبار المتقدمة بالمنع عن الأول.
فتعارض الأخبار تعارض العموم والخصوص، واللازم حمل الأول
على الثاني.
نعم في الصحيح: بم يكون الرجل مسلما تحل مناكحته وموارثته، وبم
يحرم دمه؟ فقال: يحرم دمه بالإسلام إذا أظهر وتحل مناكحته وموارثته (1).
وهو غير قابل للتخصيص من هذا الوجه، إلا أن الإسلام فيه وفي
الحسن السابق يحتمل المعنى الأخص المرادف للإيمان بالمعنى المصطلح،
ويحتملان - كباقي الروايات - الضرورة من تقية وغيره، كما أشعر بها
الصحيح السابق أو أن المراد بجواز مناكحتهم مناكحة بعضهم في بعض.
ومع جريان هذه الاحتمالات فيها كيف يمكن صرف ظواهر المستفيضة
المتقدمة المعتضدة بالشهرة العظيمة والإجماعات المنقولة وقوة الدلالة من
وجوه عديدة الناشئ بعضها عن التعليلات الواردة فيها الموافقة للاعتبارات
العقلية؟!
وحيث إن المصنف اكتفى فيها بالإسلام الذي هو الإقرار بالشهادتين
- وربما كان يتوهم شموله لمطلق من صدر عنه الإقرار بهما - أراد إخراج
من أجمع على كفره وإن صدر عنه ذلك فقال: * (نعم لا يصح نكاح الناصب
ولا الناصبة لعداوة أهل البيت (عليهم السلام)) * لكفرهم إجماعا، لإنكارهم
الضروري من الدين فيشملهما عموم أدلة المنع من مناكحة الكفار، مضافا
إلى النصوص المستفيضة.

(1) الوسائل 14: 427، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 17.
252

كالصحيح: لا يتزوج المؤمن الناصبة المعروفة بذلك (1) ونحوه
الصحيح (2) في منع المؤمنة عن التزويج بالناصب.
* (ولا يشترط) * في صحة النكاح * (تمكن الزوج) * من المهر بالفعل
بإجماعنا، حكاه جماعة من أصحابنا.
وكذا * (من النفقة) * فعلا أو قوة على الأشهر الأظهر، وإليه ذهب
الفاضلان (3) والشهيدان (4) وابن حمزة (5) وابن البراج (6) والإسكافي (7)
والفاضل الصيمري (8) والهندي (9) وكافة المتأخرين، للأصل، وعموم الكتاب
والسنة، وخصوص الآية الكريمة: " أن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله " (10)،
والنصوص المستفيضة الآمرة لذوي الحاجة بالمناكحة:
منها الصحيح: جاء رجل إلى النبي (صلى الله عليه وآله) فشكى إليه الحاجة، فقال:
تزوج فتزوج فوسع عليه (11).
وعلل في بعضها بأن الرزق مع النساء والعيال (12).
وفي الخبرين: من ترك التزويج مخافة العيلة فقد أساء بالله الظن (13).
وفي المرسل: في قول الله عز وجل: " وليستعفف الذين لا يجدون
نكاحا " قال: يتزوجوا حتى يغنيهم الله من فضله (14).
مضافا إلى عموم أكثر الأخبار المتقدمة المكتفية بالإيمان خاصة في

(1) الوسائل 14: 432، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 1 و 3.
(2) الوسائل 14: 432، الباب 10 من أبواب ما يحرم بالكفر الحديث 1 و 3.
(3) الشرائع 2: 299، والقواعد 2: 6 س 24.
(4) اللمعة والروضة 5: 237 و 238.
(5) الوسيلة: 290.
(6) لم نعثر عليه في المهذب وجواهر الفقه، لكن حكاه عنه الفاضل الصيمري في غاية المرام:
116 س 26 (مخطوط).
(7) كما في الإيضاح 3: 23.
(8) غاية المرام: 116 س 26 (مخطوط).
(9) كشف اللثام 2: 20 س 18.
(10) النور: 32.
(11) الوسائل 14: 25، الباب 11 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1 و 4.
(12) الوسائل 14: 25، الباب 11 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1 و 4.
(13) الوسائل 14: 24 و 25، الباب 11 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1 و 4 و 2.
(14) الوسائل 14: 24 و 25، الباب 11 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1 و 4 و 2.
253

الكفاءة، مع ورود بعضها في بيانها والأخبار الآمرة بالتزويج بالفقراء وذوي
المسكنة.
منها الصحيح الطويل: المتضمن لأمر النبي (صلى الله عليه وآله) زياد بن لبيد تزويج
ابنته الذلفاء من جويبر وكان رجلا قصيرا ذميما محتاجا عاريا وكان من
قباح السودان فضمه رسول الله (صلى الله عليه وآله) لحال غربته وعريه وكان يجري عليه
طعامه صاعا من تمر بالصاع الأول وكساه شملتين (1).
ومنها الرضوي: إن خطب إليك رجل رضيت دينه وخلقه فزوجه،
ولا يمنعك فقره وفاقته، قال الله تعالى: " وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته "،
وقال: " إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليهم " (2).
ويؤيده ما في المعتبرة الآتية من تعليل تزويج النبي (صلى الله عليه وآله) ابنة عمه من
المقداد بن الأسود باتضاع المناكح (3). فافهم. واستلزام التزامه العسر والحرج
المنفيين بالإجماع والكتاب والسنة، مضافا إلى الإجماع المحكي في كلام
جماعة على الصحة مع علم المرأة المنافي لذلك.
خلافا للمقنعة (4) والمبسوط (5) والخلاف (6) وابن زهرة (7) والتذكرة (8)،
وظاهره كالشيخ في الكتابين (9) وسلار (10) كونه الأشهر، بل ظاهر الشيخ
وسلار والغنية الإجماع عليه.

(1) الوسائل 14: 43، الباب 25 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1، وفيه: الدلفاء.
(2) فقه الرضا: 237.
(3) الوسائل 14: 45، الباب 26 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1 و 2.
(4) المقنعة: 512.
(5) المبسوط 4: 178.
(6) الخلاف 4: 271، المسألة 27.
(7) لم نعثر عليه في الغنية.
(8) التذكرة 2: 603 س 32.
(9) المبسوط 4: 178، والخلاف 4: 271، المسألة 27.
(10) لم نعثر عليه في المراسم.
254

للمرسل: الكفؤ أن يكون عفيفا وعنده يسار (1).
وللخبر: أن معاوية خطب فاطمة بنت قيس، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): إنه
صعلوك لا مال له (2).
ولأن الإعسار مضر بها جدا، ولعده نقصا عرفا، لتفاضل الناس في
اليسار تفاضلهم في النسب.
ولأن بالنفقة قوام النكاح ودوام الازدواج.
وفي الجميع نظر، لقصور الخبرين سندا بالإرسال في الأول والعامية في
الثاني، ودلالة باشتمال الأول على المستحب إجماعا والثاني بعدم التصريح
بالاشتراط. وضعف الوجوه الاعتبارية مع أخصية الأولى عن المدعى
الشامل لصورة الرضا، وعدم الدليل على الكلية في الثاني، ومع ذلك فهي
اجتهادات صرفة في مقابلة ما قدمناه من الأدلة القوية، بل القطعية. ودعوى
الشهرة كالإجماع مع عدم الصراحة في الثاني معارضة بمثلهما.
وعلى المختار فهل للجاهلة بالفقر المعقود عليها الخيار بعد العلم؟
وجهان: من لزوم التضرر ببقائها معه كذلك المنفي آية ورواية، ومن أن
النكاح عقد لازم والأصل البقاء، ولقوله تعالى: " وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى
ميسرة " (3) وهو عام، والضرر يندفع بالإجبار على الطلاق.
وهو الأجود وفاقا لجماعة منهم شيخنا في الروضة (4)، بل قيل: إنه
الأشهر (5).
خلافا للحلي (6) وابن سعيد (7) والعلامة في المختلف (8) وربما نزل عليه

(1) الوسائل 14: 52، الباب 28 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 7.
(2) سنن البيهقي 7: 135.
(3) البقرة: 280.
(4) الروضة 5: 238.
(5) لم نعثر على قائله.
(6) السرائر 2: 557.
(7) الجامع للشرائع: 439.
(8) المختلف 7: 299.
255

القول بالاشتراط المطلق، وظاهر جماعة الإجماع على أنه المراد منه،
كالعلامة في المختلف. والتذكرة والشيخ المفلح الصيمري في شرح
الشرائع (1).
فيقوى المصير إلى الاشتراط حينئذ، لما تقدم من الشهرة المحكية في
التذكرة (2) والإجماعات في كتابي الشيخ وكلام سلار وابن زهرة، بعد
التنزيل المزبور.
إلا أن اشتهار إطلاق العدم بين المتأخرين - مضافا إلى دعوى الشهرة
على عدم الاشتراط بهذا المعنى أيضا بخصوصه - ربما أوهن الإجماعات
المنقولة عليه كالشهرة المحكية في التذكرة، مضافا إلى وهن آخر فيهما من
حيث عدم إرادة ظاهرهما، بل ظاهر جماعة بقاؤهما على ظاهرهما وإرادة
الاشتراط المطلق منهما، ولذا عد قولا في المسألة في مقابلة الاشتراط
بالمعنى المنزل عليه.
فلا اعتماد حينئذ عليهما جدا، ودليله معارض بأقوى منه، كما عرفت.
* (ولا تتخير الزوجة لو تجدد العجز) * من الزوج * (عن الإنفاق) * عليها
في فسخ العقد إن دخلت عليه وهو معسر إجماعا، لإدخالها الضرر على
نفسها. وكذا لو تزوجت به وهو غني على الأشهر الأظهر، تمسكا بالأصل،
وظاهر الخبر: إن امرأة استعدت على زوجها أنه لا ينفق عليها وكان زوجها
معسرا، فأبى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يحبسه، وقال: إن مع العسر يسرا (3).
ولو كان لها الفسخ لفرقها به.
واحتمال اختصاصه برضائها بالإعسار ثم الاستعداء مدفوع بالأصل،

(1) لم نستظهر الإجماع من عباراتهم، راجع المختلف 7: 299، التذكرة 2: 603، س 32، غاية
المرام: 116، س 26 (مخطوط).
(2) التذكرة 2: 603 و 604 س 32 و 29.
(3) المستدرك 15: 218، الباب 1 من أبواب النفقات الحديث 5.
256

وظاهر العموم الناشئ من ترك الاستفصال، المؤيد بعموم التعليل فيه. وضعف
السند بالشهرة مجبور.
خلافا للإسكافي (1)، فخيرها، لقوله سبحانه: " فإمساك بمعروف أو
تسريح بإحسان " (2) والإمساك بدون النفقة إمساك بغير معروف. وفيه منع،
ولو سلم لم يثبت التسلط على الفسخ. وللضرورة وتندفع (3) بالإجبار
بالطلاق، مع أعميتها من المدعى، لاشتمالها صورة اللي عن الإنفاق مع الغنا،
ولا قائل بالفسخ هنا، وللصحيحين:
في أحدهما: من كانت عنده امرأة فلم يكسها ما يواري عورتها
ويطعمها ما يقيم صلبها كان حقا على الإمام أن يفرق بينهما (4).
وفي الثاني: إن أنفق عليها ما يقيم على ظهرها مع كسوة، وإلا فرق
بينهما (5).
وليس فيهما الدلالة على تسلطها على الفسخ بخصوصه قبل التفريق، بل
ظاهرهما العدم. وتوقف التفريق على مفرق دونها، إما الحاكم كما في الأول،
أو مطلقا كما في الثاني، ولا يقول به، مع احتمال التفريق فيهما للطلاق،
أو حبس الزوجة عنه إلى الإنفاق. ويؤيد الأول صحيحة ابن أبي عمير
وجميل - اللذين حكي إجماع العصابة على تصحيح رواياتهما - وفيها:
روى عنبسة عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إذا كساها ما يواري عورتها ويطعمها
ما يقيم صلبها أقامت معه، وإلا طلقها (6).
وربما حكي القول باختيار الفسخ للحاكم عن بعض (7)، وصار إليه

(1) المختلف 7: 328.
(2) البقرة: 229.
(3) كذا، والظاهر وللضرر، ويندفع... كما يظهر بالمراجعة إلى المختلف.
(4) الوسائل 15: 223، الباب 1 من أبواب النفقات الحديث 2.
(5) المصدر السابق: الحديث 1.
(6) المصدر السابق: الحديث 4.
(7) الإيضاح 3: 24.
257

بعض (1)، عملا بظاهر الأول، وحملا للثاني عليه، لصحة السند.
ولكنهما قاصران عن المكافأة لما مر، للشهرة، والاعتضاد بالأصل
والآية، ومع ذلك فلا قائل بعمومها الشامل لتجدد الإعسار مع الرضا به
وعدمه، ولعدم التجدد العام لصورتي سبق الفقر والغنى والرضا بالفقر إن كان
وعدم الرضا. وليس محل النزاع إلا الثاني. وأما البواقي فلا قائل بثبوت
الفسخ لها أو للحاكم. وارتكاب التخصيص إلى أن يبقى المتنازع فيه مبني
على جوازه إلى هذا الحد، وهو قول مرغوب عنه خلاف التحقيق.
وظاهر إطلاق العبارة كغيرها انفراد المسألة عن سابقتها، وربما بنى
الخلاف فيها على المختار ثمة، وادعى عدم الخلاف فيها، والاتفاق على
الخيار لها على غيره، فإن كان إجماع، وإلا فلا تلازم، لاحتمال الشرطية
للابتداء دون الاستدامة، كسائر العيوب الموجبة للفسخ ابتداء والساقط
حكمها مع التجدد، كما سيأتي إن شاء الله تعالى.
* (ويجوز نكاح الحرة بالعبد والهاشمية بغير الهاشمي والعربية بالعجمي
وبالعكس) * اتفاقا.
إلا من الإسكافي، فاعتبر فيمن يحرم عليهم الصدقة ألا يتزوج فيهم إلا
منهم (2) لرواية قاصرة السند، ضعيفة الدلالة، بل هي على خلافه واضحة
المقالة، ومع ذلك معارضة للنصوص الكثيرة العامية والخاصية.
ففي الصحيح: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) زوج المقداد بن الأسود ضباعة بنت
الزبير بن عبد المطلب، ثم قال: إنما زوجها المقداد لتتضع المناكح، وليتأسوا
برسول الله (صلى الله عليه وآله)، وليعلموا أن أكرمكم عند الله أتقاكم، وكان الزبير أخا عبد الله
وأبي طالب لأبيهما وأمهما (3).

(1) كشف اللثام 2: 20 س 26.
(2) كما في المختلف 7: 298.
(3) الوسائل 14: 45، الباب 26 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2.
258

* (وإذا خطب المؤمن القادر على النفقة وجب) * على من بيده عقدة
النكاح * (إجابته وإن كان أخفض نسبا، وإن منعه الولي كان عاصيا) * في
ظاهر الأصحاب، عملا بظاهر الأمر بالتزويج ممن ارتضى دينه وخلقه
في النصوص.
كالصحيح: إذا جاءكم ممن ترضون خلقه ودينه فزوجوه إلا تفعلوه تكن
فتنة في الأرض وفساد كبير (1).
وهو أعم من المدعى، إذ ليس فيه التقييد بالقدرة على النفقة، ولعل
المستند فيه ما قيل من أن الصبر على الفقر ضرر عظيم في الجملة، فينبغي
جبره بعدم وجوب إجابته (2).
وهو حسن لولا المعارضة بالفتنة والفساد الكبير المترتب على ترك
مطلق التزويج، كما أفصح عنه التعليل في الخبر.
نعم روى الحلي في سرائره: أنه إذا خطب المؤمن إلى غيره بنته وكان
عنده يسار بقدر نفقتها وكان ممن ترضى فعاله وأمانته ولا يكون مرتكبا
بشئ يدخل في جملة الفساق وإن كان حقيرا في نسبه قليلا في ماله فلا
يزوجها كان عاصيا لله تعالى، مخالفا لسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) (3).
وإرساله غير قادح بعد انجباره بموافقة الفتاوى له، ويقيد به ما تقدمه،
وبه تتقوى دلالة الأمر على الوجوب في النصوص المتقدمة، مع اعتضاده
بالتعليل المصرح به فيها، وبفتوى الأصحاب الذين على فهمهم المدار في
جميع الأبواب.
فلا وجه لتأمل بعض من تأخر في أصل الحكم، ولا لتقييده وحصر
المعصية بالترك، تبعا للحلي فيما إذا لم يزوجه لما هو عليه من الفقر والأنفة

(1) الوسائل 14: 51، الباب 28 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 2.
(2) القائل الشهيد في الروضة 5: 239.
(3) السرائر 2: 558.
259

منه لذلك واعتقاده ذلك ليس بكفؤ في الشرع، وأما إن رده ولم يزوجه
لا لذلك بل لأمر آخر أو غرض غير ذلك من مصالح دنياه فلا حرج عليه،
ولا يكون عاصيا (1).
وإن هو إلا تقييد للنص من غير دليل، كتقييد بعض الأصحاب ذلك بعدم
قصد العدول إلى الأعلى مع وجوده بالفعل أو القوة.
نعم إنما يكون عاصيا مع الامتناع إذا لم يكن هناك طالب آخر مكافؤ
وإن كان أدون منه، وإلا جاز العدول إليه، وكان وجوب الإجابة حينئذ
تخييريا.
ويدخل فيمن بيده عقدة النكاح - كما قدمناه - المخطوبة الثيبة، أو البكر
البالغة الرشيدة على المختار، أو التي ليس لها أب، فيجب عليها الإجابة على
الأصح وإن اختص الأخبار بالولي، تبعا للتعليل العام الشامل للمقام. فلا
وجه للتردد واحتمال اختصاص الحكم بالأب.
وهل يعتبر في وجوب الإجابة بلوغ المرأة، أم يجب الإجابة على الولي
وإن كانت صغيرة؟ وجهان: من إطلاق الأمر، وانتفاء الحاجة. وهو الأصح،
للأصل، وعدم تبادر المقام من اطلاق النصوص. والتعليل مع ذلك غير معلوم
الشمول.
* (ويكره أن تتزوج) * المؤمنة * (الفاسق) * مطلقا، لأن المرأة تأخذ من
أدب زوجها، ومفهوم النصوص المتقدمة في وجوب تزويج من ارتضى
خلقه ودينه. فتأمل. بل ربما قيل: بالمنع، لظاهر " أفمن كان مؤمنا كمن كان
فاسقا لا يستوون " وفيه نظر.
* (وتتأكد) * الكراهة * (في) * تزويج * (شارب الخمر) * للنصوص.

(1) السرائر 2: 558.
260

منها: من زوج كريمته من شارب الخمر فقد قطع رحمها (1).
ولا خلاف في شئ من ذلك.
* (وأن تتزوج المؤمنة بالمخالف) * عند المصنف، ويحرم، كما مر.
* (ولا بأس بالمستضعف والمستضعفة ومن لا يعرف بعناد) * على
كراهة غير مؤكدة، وبالغة حد تلك الكراهة. كل ذلك للنصوص المتقدمة في
اعتبار الإيمان في الكفاءة.
* (الثانية: إذا انتسب) * الزوج * (إلى قبيلة فبان من غيرها) * فهل العقد
باطل من أصله مطلقا كما عن الإسكافي (2) والشيخ في النهاية (3) وابن
حمزة (4)، أم لا كذلك كما عن المبسوط (5) والأكثر، أم الأول إذا بأن أدنى من
القبيلة التي انتسب إليها بحيث لا يلائم شرفها شرفه؟ أقوال.
* (ف‍) * ما * (في رواية الحلبي) * الصحيحة، في رجل يتزوج المرأة
فيقول لها: أنا من بني فلان، فلا يكون كذلك (6) من أنه * (ينفسخ النكاح) *
كما حكاه المصنف، وفي نسخ التهذيب " يفسخ " أو " يرد " (7) يساعد الأول.
لكن الأصل، والعمومات الآمرة بالوفاء، وخصوص العمومات المستفادة
من مفاهيم الأخبار الحاصرة لرد النكاح فيما عدا المقام، كالصحيح: إنما يرد
النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل (8) يساعد الثاني، مضافا إلى
الشهرة المحكية، وفحوى الأخبار المتقدمة الآمرة بالتزويج من المرضي
خلقه ودينه، الموجبة له، الشاملة لما لو كان من أدنى القبائل.

(1) الوسائل 14: 53، الباب 29 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(2) كما في المختلف 7: 197.
(3) النهاية 2: 372.
(4) الوسيلة: 311.
(5) المبسوط 4: 189.
(6) الوسائل 14: 614، الباب 16 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(7) التهذيب 7: 432، ذيل الحديث 1724.
(8) الوسائل 14: 593، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس ذيل الحديث 6.
261

فإذا وجب التزويج منه مع عدم الدخول تحت شئ من العمومات
الآمرة بالوفاء وجب معه بطريق أولى. فلا يعارض الرواية شيئا من ذلك، مع
كونها مقطوعة ونسخها مختلفة، أشهرها لا يلائم القول بإطلاق البطلان،
لظهوره في ثبوت الخيار لا لبطلان المطلق، كما ادعاه هؤلاء الأخيار.
ومع ذلك محتملة للتقية، كما يظهر من المبسوط، حيث نسب القول
بذلك إلى بعض العامة (1) ويؤيده مصير الإسكافي إليه (2). ويضعفها رجوع
من هو العمدة في المصير إليها، وهو الشيخ في النهاية عنها في المبسوط.
فينبغي طرحها، أو حملها على صورة اشتراط ذلك في ضمن العقد، إذ لا
ريب في ثبوت الفسخ حينئذ، بناء على استلزام انتفاء الشرط انتفاء
المشروط، وقد صرح بذلك جماعة، وحكي عن فخر المحققين (3). وهذا
أجود من حملها على ظهوره من أدنى القبائل التي انتمى إليها، لعدم الدليل
عليه، بل قيام الدليل على خلافه.
ولا يترك الاحتياط على حال.
وعلى القول بالرواية ينبغي الاقتصار عليها، فلا يتعدى إلى الزوج إذا
انتسبت الزوجة إلى قبيلة ليست منها، ولا إلى الانتساب إلى الصنعة وغيرها
مما خرج عن مورد الرواية، اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن،
والتفاتا إلى بطلان القياس.
خلافا للإسكافي (4)، ولعله بناء على أصله من حجيته، إلا أنه محكي
عن ابن حمزة (5). ومستنده غير واضح.

(1) المبسوط 4: 189.
(2) كما في المختلف: 555 س 25.
(3) الإيضاح 3: 25.
(4) كما في المختلف 7: 199.
(5) يعني حكي عنه التعدي عن مورد الرواية، حيث حكم بأن الانتساب إلى قبيلة معينة أو أب
بعينه بعد ظهور الخلاف تدليس في الرجل والمرأة، راجع الوسيلة: 311.
262

* (الثالثة: إذا تزوج امرأة ثم علم أنها كانت زنت) * قبل العقد * (فليس
له الفسخ، ولا الرجوع على الولي بالمهر) * اختاره المتأخرون، كما في
المسالك (1)، للأصل فيهما، والنصوص الحاصرة عيوب الرد فيما عدا الزنا.
كالصحيح: إنما يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل (2).
وخصوص: المعتبر عن المحدود والمحدودة هل يرد من النكاح؟
قال: لا (3).
وليس في سنده سوى سهل الثقة عند جمع، وضعفه سهل عند الآخرين،
ومعتضد بالشهرة، مع أنه مروي صحيحا عن كتاب الحسين بن سعيد.
خلافا للمقنع في الأول، فأوجب الفسخ ونفى الصداق (4)، للخبرين:
أحدهما الموثق: عن رجل تزوج امرأة لم يدخل بها فزنت، قال: يفرق
وتحد الحد (5).
وليس في سند الآخر سوى السكوني، وهو ثقة عند بعض، قال: يفرق
بينهما ولا صداق لها، لأن الحدث كان من قبلها (6).
ولكنهما لا تقاومان ما مر سندا وعددا واعتبارا واعتضادا بالأصل
والشهرة، مع قصورهما عن المدعى، إلا أن يستدل بهما عليه بالفحوى، مع
أن ظاهر الثاني التقييد بقبل الدخول، الظاهر في اللزوم بعده، وعبارته
المنقولة في ثبوت الفسخ مطلقة، ومع ذلك ظاهرهما لزوم التفريق المنافي
لما مر من النصوص المعتبرة بجواز إمساك الزوجة المصرة على الزنا.

(1) المسالك 7: 414.
(2) الوسائل 14: 594، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 6.
(3) الوسائل 14: 600، الباب 5 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2.
(4) المقنع: 326.
(5) الوسائل 14: 601، الباب 6 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2 و 3.
(6) الوسائل 14: 601، الباب 6 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2 و 3.
263

ووافقه المفيد (1) وجماعة في المحدودة خاصة. وترده صريحا المعتبرة
المتقدمة مع عدم الدليل عليه بالمرة، سوى ما قيل من اشتماله على العار (2)،
فكان موجبا للفسخ.
وهو مع جريانه في غير المحدودة مطلقا أو في الجملة - كما إذا كانت
بالزنا مشهورة - مضعف بارتفاع العار بالطلاق.
وللشيخ (3) والحلي (4) في الثاني، فجوزا الرجوع بالمهر على الولي
مطلقا كما عن ظاهر الأول، ويستفاد من الخبر القاصر السند بالاشتراك،
الذي أشار إليه المصنف بقوله: * (وفي رواية لها: الصداق بما استحل من
فرجها ويرجع به على الولي وإن شاء تركها) *.
نعم رواها الكليني (5) والحسين بن سعيد في كتابه صحيحا.
إلا أنه ينبغي تقييده - وفاقا للثاني - بعلم الولي بالزنا، للصحيح: عن
المرأة تلد من الزنا ولا يعلم بذلك أحد إلا وليها أيصح له أن يزوجها
ويسكت على ذلك إذا كان قد رأى منها توبة ومعروفا؟ فقال: إن لم يذكر
ذلك لزوجها ثم علم ذلك فشاء أن يأخذ صداقها من وليها بما دلس عليه
كان له ذلك على وليها، وكان الصداق الذي أخذت لها، لا سبيل له عليها فيه
بما استحل من فرجها، وإن شاء زوجها أن يمسكها فلا بأس (6).
والتقييد مستفاد من تعليق الحكم فيه على التدليس المشعر بالتعليل.
مضافا إلى إطلاق الصحيح النافي للضمان عن الولي مع جهله بالعيب:

(1) المقنعة: 519.
(2) قاله في نهاية المرام 1: 212.
(3) النهاية 2: 309.
(4) لم يحكم بجواز الرجوع، بل قال وقد روى... راجع السرائر 2: 560.
(5) الكافي 5: 355، الحديث 4.
(6) الوسائل 14: 600، الباب 6 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
264

في رجل ولته امرأة أمرها أو ذات قرابة أو جارة له لا يعرف دخيلة أمرها
فوجدها قد دلست عيبا هو بها، قال: يؤخذ المهر منها، ولا يكون على الذي
زوجها شئ (1).
وفي المعتبرة: في امرأة زوجها وليها وهي برصاء أن لها المهر بما
استحل من فرجها، وأن المهر على الذي زوجها، وإنما صار المهر عليه لأنه
دلسها، ولو أن رجلا تزوج امرأة وزوجها رجل لا يعرف دخيلة أمرها لم
يكن عليه شئ، وكان المهر يأخذه منها (2).
ويستفاد منهما الرجوع إليها مع جهل الولي.
وهو حسن، لصحة الأول، واعتبار الثاني، إذ ليس فيه إلا سهل، إلا أنه
ينبغي التقييد بما قبل الدخول، لئلا يخلو البضع المحترم عن العوض.
ولا بأس بالمصير إلى هذه الأخبار، وفاقا لجماعة من المتأخرين،
لوضوح سندها، واعتضادها بعموم ما دل على الرجوع إلى الولي مع علمه
بالعيب.
ولكن استشكله شيخنا الشهيد في شرح الإرشاد (3) تبعا للعلامة في
المختلف، بأن التضمين إنما هو باعتبار تدليس العيب على الزوج، فإذا كان
عيبا كان له الفسخ وإن لم يكن فلا (4).
وكلية الكبرى ممنوعة، وصريح الشيخ في التهذيبين (5) عدم استلزام
أخذ الصداق من الولي جواز الرد.
فالقول بعدم الفسح وثبوت الرجوع بالمهر على المدلس متعين.

(1) الوسائل 14: 597، الباب 2 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 4.
(2) نفس المصدر: 596، الحديث 2.
(3) غاية المراد: 111 س 18 (مخطوط).
(4) المختلف 7: 206.
(5) التهذيب 7: 426، ذيل الحديث 1700، والاستبصار 3: 247، ذيل الحديث 885.
265

* (الرابعة: لا يجوز التعريض بالخطبة) * بالكسر، وهو الإتيان بلفظ
يحتمل الرغبة في النكاح وغيرها، مع ظهور إرادتها كرب راغب فيك
وحريص عليك أو إني راغب فيك أو أنت علي كريمة أو عزيزة أو أن الله
لسائق إليك خيرا أو رزقا أو نحو ذلك لذات البعل إجماعا، كما في
الروضة (1)، ولما فيه من الفساد.
و * (لذات العدة الرجعية) * إجماعا في الظاهر، لأنها في حكم
المزوجة، إلا من الزوج خاصة، فيجوز له التعريض كالتصريح.
* (ويجوز) * التعريض له ولغيره * (في) * عدة * (غيرها) * كالعدة البائنة.
مطلقا في الأخير، حرمت مؤبدا على الزوج، أم لا على الأظهر الأشهر،
لما يأتي. خلافا للمحكي عن الشيخ (2) من التردد في نحو المختلعة من ذلك،
ومن أنها بعد في قيد عصمة الزوجية، لجواز رجوع الزوج ولو في الجملة.
وهو حسن لو قام دليل على الكلية في دليل المنع، وهو مفقود، وتوهم
الإجماع ممنوع.
ومقيدا بعدم التحريم عليه مؤبدا في الأول إجماعا.
فلا يجوز له التعريض فيه، ويجوز كالتصريح في غيره إجماعا فيما إذا
حلت له بعد العدة من دون احتياج إلى محلل وإن توقف الحل على الرجوع
في البذل.
وعلى الأظهر الأشهر فيما لو احتاج الحل إلى المحلل أيضا، ولكن في
التعريض خاصة، للأصل، وفقد المانع الذي هو الإجماع، مع عموم الأدلة
للجواز من الكتاب والسنة، قال الله تعالى: " ولا جناح عليكم فيما عرضتم به
من خطبة النساء أو أكننتم في أنفسكم علم الله أنكم ستذكرونهن ولكن

(1) الروضة 5: 239.
(2) انظر المبسوط 4: 217 و 218.
266

لا تواعدوهن سرا إلا أن تقولوا قولا معروفا " (1)، وفي المعتبرة المستفيضة
هو التعريض للخطبة (2). فتأمل.
خلافا لبعض المتأخرين، فحرمه حينئذ كالتصريح (3)، لامتناع نكاحه
لها قبل المحلل.
وفيه منع، لعدم الدليل على التلازم الكلي.
* (ويحرم التصريح) * بها، وهو الاتيان بلفظ لا يحتمل إلا النكاح، كأريد
أن أتزوجك بعد عدتك ونحوه. * (في الحالين) * أي في كل من العدة الرجعية
والبائنة بأنواعه، مطلقا في غير الزوج، ومقيدا فيه بحصول الحرمة، أو في
الجملة بالبينونة، فيحرم عليه التصريح بالخطبة في هاتين الصورتين خاصة،
كالتعريض في الأولى منهما، ويجوز له فيما عداهما كالرجعية والبائنة التي
عنده على تطليقتين أو تطليقة.
والضابط في جميع ما ذكر أن التصريح بالخطبة للمعتدة حرام مطلقا، إلا
من الزوج في العدة التي يجوز له نكاحها بعدها، بحيث لا تكون محرمة.
والتعريض جائز من كل من يجوز له تزويجها بعد العدة، ومن الزوج وإن
لم يجز له تزويجها حينئذ ما لم تكن محرمة عليه مؤبدا، وكل من حرمت
عليه المرأة مؤبدا تحرم عليه الخطبة لنفسه تصريحا وتلويحا. واعلم
أن الإجابة تابعة للخطبة حلا وحرمة كذا قالوا، ولعله لما فيه من الإعانة
على الإثم.
ولو صرح بها في محل المنع لم يحرم نكاحها إجماعا في الظاهر،
للأصل.

(1) البقرة: 235.
(2) الوسائل 14: 383، الباب 37 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة.
(3) منهم في نهاية المرام 1: 215.
267

* (الخامسة: إذا خطب فأجابته) * هي أو وكيلها أو وليها * (كره لغيره
خطبتها) * إجماعا، لما يأتي، ولقصوره عن إثبات التحريم حمل عليها
* (و) * لذا * (لا يحرم) * على أصح القولين، للأصل.
خلافا للشيخ (1) والشهيد في اللمعة (2)، فيحرم، للنبوي: لا يخطب
أحدكم على خطبة أخيه (3)، فإن النهي ظاهر فيه.
وهو حسن لو صح السند، وليس كذلك، ولا جابر، ومع ذلك لا قائل
بعمومه أو إطلاقه، ولما فيه من إيذاء المؤمن وإثارة الشحناء المحرم، فيحرم
ما كان وسيلة إليه، وهو أخص من المدعى.
ولا بأس بالتحريم حيث حصلا، وفاقا لبعض متأخري الأصحاب (4)،
والنص صالح للحمل عليه. ولو رد لم يحرم إجماعا.
ولو انتفى الأمران فظاهر إطلاق النص التحريم أيضا، لكن لم نقف على
قائل به، وبالكراهة هنا صرح بعض الأصحاب (5). ولا بأس بها، للمسامحة
من إطلاق الرواية وإن كانت بحسب السند قاصرة. هذا كله في الخاطب
المسلم.
أما الذمي إذا خطب الذمية لم تحرم خطبة المسلم لها قطعا، للأصل،
وعدم دخوله في النهي، بناء على اختصاص مورده بخطبة الأخ المسلم.
وحيث يحرم فلو خالف وخطب وعقد صح وإن فعل محرما، إذ لا
منافاة بين حرمة الخطبة وصحة العقد ولو قلنا باقتضاء النهي الفساد
في المعاملات.

(1) المبسوط 4: 218.
(2) اللمعة: 114.
(3) سنن أبي داود 2: 228، الحديث 2080.
(4) المسالك 7: 417، وفيه " والنهي ظاهر في التحريم ".
(5) التنقيح 3: 114، ومفاتيح الشرائع 2: 257، مفتاح 715.
268

* (السادسة: نكاح الشغار) * حرام و * (باطل) * بالنص والإجماع
* (وهو) * كما في النص: * (أن تتزوج امرأتان برجلين على أن) * يكون
* (مهر كل واحدة نكاح الأخرى) * وهو بكسر الشين والغين المعجمتين
من الشغر، بمعنى الرفع لرفع المهر فيه أو خلوه عنه، أو كأنه شرط أن لا يرفع
رجل ابنته حتى يرفع هو رجل الأخرى.
ولعل المنع فيه إما من جهة تعليق عقد على عقد على وجه الدور، أو
شرط عقد في عقد، أو تشريك البضع بين كونه مهرا للزوجة وملكا للزوج.
قيل: ولو خلى المهر من أحد الجانبين بطل خاصة، ولو شرط كل منهما
تزوج الأخرى بمهر معلوم صح العقدان وبطل المسمى، لأنه شرط معه
تزويج، وهو غير لازم، والنكاح لا يقبل الخيار، فيثبت مهر المثل، وكذا
لو زوجه بمهر وشرط أن يزوجه ولم يذكر مهرا (1).
وظاهره صحة العقد مع فساد الشرط، فإن كان إجماع، وإلا ففيها معه
نظر. كيف! لا وانتفاء الشرط يقتضي انتفاء المشروط.
وفي الشرائع التردد فيما مر (2)، ولعله لما ذكر، وللتأمل في إطلاق الحكم
بفساد الشرط للزوم الوفاء به مع الإمكان، لكونه سائغا. فإفساد المسمى
والرجوع إلى المهر مطلقا لا وجه له.
وهو متجه في المقامين، ولكن في الأول إذا كان الشرط شرطا في أصل
التزويج دون ما إذا كان شرطا في المهر، إذ غايته حينئذ انتفاؤه الغير الملازم
لفساد العقد، لعدم ركنيته فيه بالإجماع، فيصح العقد ويثبت مهر المثل.
* (السابعة: يكره العقد على القابلة المربية وبنتها) * للنهي عنه في
الخبرين:

(1) القائل الشهيد الثاني في الروضة 5: 244.
(2) الشرائع 2: 301.
269

في أحدهما: لا يتزوج المرأة التي قبلته ولا ابنتها (1).
ولقصور سندهما ومخالفتهما الأصل والعمومات، حملا على الكراهة
في المشهور بين الطائفة، مضافا إلى معارضتهما للصحيح النافي للتحريم عنه
مطلقا. وفيه: سبحان الله ما حرم الله من ذلك (2). والموثق الآتي النافي لمطلق
البأس الشامل له عن غير المربية، والتصريح في الكراهة فيها.
فالقول بالتحريم - كما عن المقنع (3) - ضعيف جدا، وظاهر الخبرين
الكراهة مطلقا، ولكن خصهما الشيخ (4) والمصنف وجماعة بالمربية للموثق:
عن القابلة تقبل الرجل أله أن يتزوجها؟ قال: إن كانت قبلت المرة والمرتين
والثلاث فلا بأس، وإن كانت قبلته وربته وكفلته فإني أنهى نفسي عنها
وولدي، وفي رواية (5) أخرى: وصديقي (6). وهو صريح في الكراهة، كما
مرت إليه الإشارة.
* (وأن يزوج ابنه بنت زوجته إذا ولدتها بعد مفارقته لها) * للنهي عنه
في الصحيح (7)، معللا بأن أباه لها بمنزلة الأب، ومقتضاه تعدية الحكم إلى
ابنة مطلق المنكوحة، وعكس فرض العبارة كتزويج ابنته من ابن المنكوحة،
فلا يقدح فيها أخصية مورد الرواية، إذ العبرة بعموم العلة لا خصوص المورد
بالضرورة.
وإنما حمل النهي على الكراهة للأصل، والعمومات، وخصوص
الصحيحة: عن الرجل يطلق امرأته ثم خلف عليها رجل بعده ثم ولدت
للآخر هل يحل ولدها من الآخر لولد الأول من غيرها؟ قال: نعم، قال:

(1) الوسائل 14: 387، الباب 39 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 8، والآخر: 386
الحديث 3.
(2) المصدر السابق: الحديث 6.
(3) المقنع: 109.
(4) التهذيب 7: 455، ذيل الحديث 1823.
(5) الوسائل 14: 387، الباب 39 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 7 وذيله.
(6) الوسائل 14: 387، الباب 39 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 7 وذيله.
(7) الوسائل 14: 365، الباب 23 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 5.
270

وسألته عن رجل أعتق سريته ثم خلف عليها رجل بعده هل يحل ولدها
لولد الذي أعتقها؟ قال: نعم (1).
أما لو ولدتها قبل تزويجه فلا كراهة، لعدم النهي، وانتفاء العلة، وللخبر:
عن الرجل يتزوج المرأة ويزوج ابنه ابنتها، فقال: إن كانت الابنة لها قبل أن
يتزوج بها فلا بأس (2).
* (وأن يتزوج بمن كانت ضرة لأمه مع غير أبيه) * للصحيح: ما أحب
للرجل المسلم أن يتزوج ضرة كانت لأمه مع غير أبيه (3).
وهو شامل لما إذا كانت تزوج ذلك الغير قبل أبيه وبعده، فلا وجه
لتخصيص الكراهة بالأول، كما في الشرائع (4). فتدبر.
* (ويكره الزانية قبل أن تتوب) * مطلقا على الأشهر الأظهر، كما مر،
مع الخلاف فيها فيما سبق.
* * *

(1) المصدر السابق: الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 364، الباب 23 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 4.
(3) الوسائل 14: 389، الباب 42 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 1.
(4) الشرائع 2: 301.
271

* (القسم الثاني) *
* (في النكاح المنقطع) *
وهو نكاح المتعة، ولا خلاف بين المسلمين كافة في ثبوت شرعيته في
الجملة، ونطقت به الآية الكريمة، والسنة المتواترة من طرق الخاصة والعامة،
وعلى بقائها إلى يوم القيامة إجماع أهل العصمة (عليهم السلام) وشيعتهم الإمامية،
وأخبارهم بذلك متواترة، كما ستقف عليها في تضاعيف المباحث الآتية.
* (والنظر في أركانه، وأحكامه) *
* (وأركانه أربعة) *
* (الأول: الصيغة) *
* (وهو) * أي النكاح المنقطع * (ينعقد بأحد الألفاظ الثلاثة) * أنكحتك
وزوجتك ومتعتك بلا خلاف، كما حكاه جماعة (1).
وينبغي الاقتصار عليها * (خاصة) * في المشهور بين الطائفة، فلا ينعقد
بالتمليك والهبة والإجارة والبيع والإباحة، وقوفا فيما خالف الأصل على
المتيقن.
* (وقال علم الهدى: ينعقد في) * التمتع ب‍ * (الإماء بلفظ الإباحة

(1) راجع المسالك 7: 429، والتنقيح 3: 118، والحدائق 24: 122.
272

والتحليل) * (1) ولم يثبت، فهو ضعيف، كضعف المحكي (2) عنه في الطبريات
من جواز العقد بالإجارة، لعدم ثبوته، مع مخالفته الأصل المتيقن.
ويعتبر فيها جميع ما اعتبر في صيغة الدوام، عدا كون الإيجاب والقبول
بصيغة الماضي، فيجوز الاستقبال مع قصد الإنشاء هنا، وفاقا لجماعة،
للمستفيضة:
منها الصحيح: قال: تقول: أتزوجك متعة على كتاب الله وسنة نبيه،
الحديث (3).
وباقي الروايات وإن قصر أسانيدها إلا أنها اعتضدت به، وبالكثرة
البالغة حد الاستفاضة، المورثة للمظنة القوية. إلا أن في بلوغها حد
المعارضة للأصل المعتضد بالشهرة نوع مناقشة.
فإذا الأحوط الاقتصار على ما اعتبروه من الماضوية في كل من طرفي
الصيغة.
* (الثاني: الزوجة) * المتمتع بها.
* (ويشترط كونها مسلمة أو كتابية) * فلا يجوز بالوثنية والمجوسية،
ويجوز بالكتابية مطلقا على أصح الأقوال المتقدمة.
* (و) * يتفرع على اشتراط الإسلام أنه * (لا يصح) * التمتع * (بالمشركة
والناصبية) * لكفرهما ونحو الأخيرة الخارجية، بل هي من أعظم أقسامها.
أما المستضعفة والمخالفة غير الناصبية فيجوز للمؤمن التمتع بهما،
لفحوى ما سبق من جواز تزويجهما بالدوام فبالانقطاع أولى.
* (و) * لكن * (يستحب اختيار المؤمنة) * العارفة، للخبرين:
في أحدهما: يتمتع من المرأة المؤمنة أحب إلي (4).

(1) نقله الحلي في السرائر 2: 627.
(2) حكاه في كشف اللثام 2: 54 س 38.
(3) الوسائل 14: 466، الباب 18 من أبواب المتعة الحديث 2.
(4) الوسائل 14: 452، الباب 7 من أبواب المتعة الحديث 3.
273

وفي الثاني: نعم إذا كانت عارفة (1).
والمرسل (2) الناهي عن التمتع بها محمول على ما إذا كانت يلحقها العار
والذل بذلك.
واختيار * (العفيفة) * للخبر: عن المتعة، فقال لي: حلال، ولا تزوج إلا
عفيفة، إن الله تعالى يقول: " والذين هم لفروجهم حافظون "، ولا تضع فرجك
حيث لا تأمن على درهمك (3).
والنهي فيه للكراهة، لفحوى ما مر من جواز العقد دائما بالزانية ولو
كانت مشهورة، مضافا إلى الخبرين المرخصين للتمتع منها.
ففي أحدهما: عن الرجل يتزوج الفاجرة متعة، قال: لا بأس، وإن كان
التزويج الآخر فليحصن بابه (4).
وفي الثاني: نساء أهل المدينة، قال: فواسق، قلت: فأتزوج منهن؟ قال:
نعم (5)، فتأمل.
* (و) * يستحب * (أن يسألها) * بل غيرها * (عن حالها) * هل هي ذات
بعل وعفيفة أم لا * (مع التهمة) * بالبعل وعدم العفة، للموثق: عن المتعة،
فقال: إن المتعة اليوم ليست كما كانت قبل اليوم إنهن كن يومئذ يؤمن - بفتح
الميم على الظاهر - واليوم لا يؤمن فاسألوا عنهن (6).
* (وليس) * السؤال * (شرطا) * في الجواز إجماعا، بل ولا واجبا،
للأصل، وحمل تصرف المسلم على الصحة، والنصوص المستفيضة الحاكمة
بكون المرأة في نفسها مصدقة ولو مع التهمة:

(1) الوسائل 14: 452، الباب 7 من أبواب المتعة الحديث 1 و 4.
(2) الوسائل 14: 452، الباب 7 من أبواب المتعة الحديث 1 و 4.
(3) المصدر السابق: 451، الباب 6 الحديث 2.
(4) الوسائل 14: 454، الباب 9 من أبواب المتعة الحديث 1 و 2.
(5) الوسائل 14: 454، الباب 9 من أبواب المتعة الحديث 1 و 2.
(6) المصدر السابق: 451، الباب 6 الحديث 1.
274

منها: ألقى المرأة بالفلات التي ليس فيها أحد فأقول لها: هل لك زوج
فتقول: لا فأتزوجها، قال: نعم هي المصدقة على نفسها (1).
واشتراك الراوي مجبور برواية فضالة عنه.
ومنها: ليس هذا عليك إنما عليك أن تصدقها في نفسها (2).
بل ربما يستفاد من بعضها كراهة السؤال عنها.
ففي الخبر: إني تزوجت امرأة متعة فوقع في نفسي أن لها زوجا ففتشت
عن ذلك فوجدت لها زوجا، قال: ولم فتشت (3).
وفي آخر: أن فلانا تزوج امرأة متعة فقيل: إن لها زوجا فسألها، فقال
أبو عبد الله (عليه السلام): ولم سألها (4). ونحوهما غيرهما.
ويحتمل الجمع بحمل هذه الأخبار على كراهة السؤال بعد وقوع
التزويج، وما سبق على استحبابه مع التهمة قبله.
* (ويكره) * التمتع * (بالزانية) * كما سبق * (وليس شرطا) * ولا حراما،
لما مر.
خلافا للصدوق (5)، فمنع منه مطلقا. ولابن البراج إلا إذا منعها من
الفجور (6)، لأخبار. وطريق الجمع بينها وبين غيرها الحمل على الكراهة،
وفاقا للأشهر بين الطائفة.
بل ربما قال المانع من الدوام بالجواز هنا، للموثق: المجوز للتمتع
بالمعروفة بالفجور، وفيه لو رفعت راية ما كان عليه في تزويجها شئ

(1) المصدر السابق: 456، الباب 10 الحديث 1.
(2) الكافي 5: 462، الحديث 1.
(3) الوسائل 14: 457، الباب 10 من أبواب المتعة الحديث 3.
(4) المصدر السابق: الحديث 4.
(5) المقنع: 338.
(6) المهذب 2: 241.
275

إنما يخرجها من حرام إلى حلال (1).
أقول: ونحوه المروي عن كشف الغمة (2) وغيره متضمنا للتعليل
المزبور، ويستفاد منه الجواز في الدوام، لكن مع تحقق مضمونه.
* (وأن يستمتع ببكر) * مطلقا كان لها أب أم * (ليس لها أب) * للصحيح:
في الرجل يتزوج البكر متعة، قال: يكره، للعيب على أهلها (3).
والأحوط اعتبار الإذن من الأب، للصحيحين:
في أحدهما: العذراء التي لها أب لا تتزوج متعة إلا بإذن أبيها (4).
وليس في سنده في الفقيه (5) عدا أبان الثقة عند جمع، الموثق عند
آخرين، وعده صحيحا بناء على الأول.
وفي الثاني: البكر لا تتزوج متعة إلا بإذن أبيها (6).
والنهي فيهما للكراهة لا الحرمة على الأظهر الأشهر بين الطائفة، تمسكا
في الجواز بعموم الأدلة القطعية من الكتاب والسنة العامة والخاصة،
كالصحيحة المتقدمة والآتية.
ونحوهما الخبر المعتبر المنجبر جهالة راويه بالشهرة ووجود من
أجمعت العصابة في سنده: عن الجارية يتمتع منها الرجل، قال: نعم، إلا أن
تكون صبية تخدع، الخبر (7).
وخصوص المعتبرة المستفيضة، كالصحيح في الظاهر: عن التمتع من

(1) الوسائل 14: 455، الباب 9 من أبواب المتعة الحديث 3.
(2) كشف الغمة 2: 423.
(3) الوسائل 14: 459، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 10.
(4) الوسائل 14: 459، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 12.
(5) الفقيه 3: 461، الحديث 4593.
(6) الوسائل 14: 458، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 5.
(7) المصدر السابق: 461، الباب 12 الحديث 4.
276

البكر إذا كانت بين أبويها بلا إذن أبويها، قال: لا بأس، ما لم يقتض ما هناك
لتعف بذلك (1).
والخبر المنجبر ضعفه بما مر من الشهرة: عن التمتع من الأبكار اللواتي
بين الأبوين، فقال: لا بأس، ولا أقول كما يقول هؤلاء الأقشاب (2).
ونحوه غيره كالمرسل: لا بأس بتزويج البكر إذا رضيت من غير إذن
أبويها (3).
والخبر: جارية بكر بين أبويها تدعوني إلى نفسها سرا من أبويها أفأفعل
ذلك؟ قال: نعم، واتق موضع الفرج، الخبر (4).
ومضى تمام التحقيق في المسألة في البحث عن الولاية.
* (فإن فعل فلا يفتضها) * لما مر * (وليس محرما) * جدا، للأصل، وظاهر
الصحيح: لا بأس بأن يتمتع بالبكر ما لم يفض إليها، كراهة العيب على
أهلها (5)، مضافا إلى إطلاق النصوص بالجواز، المعتضد بعمل الأصحاب.
خلافا للنهاية (6)، فحرم ذلك إذا كان العقد عليها بدون إذن الأب، عملا
بظاهر النهي.
وهو جيد لو استلزم الفساد، وإلا فهو أحوط.
* (ولا حصر في عددهن) * فله التمتع بما شاء منهن، كما مضى.
* (ويحرم أن يتمتع أمة على حرة) * مطلقا، متمتعا بها، أو مزوجة دائما
كما قيل (7) إجماعا، ونصوصا، كما مر.

(1) المصدر السابق: 459، الباب 11 الحديث 9.
(2) المصدر السابق: 458، الباب 11 الحديث 6.
(3) الوسائل 14: 459، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 8.
(4) المصدر السابق: 458، الحديث 7.
(5) المصدر السابق: 457، الحديث 1.
(6) النهاية 2: 376.
(7) نهاية المرام 1: 230.
277

* (إلا بإذنها) * فيصح على الصحيح للصحيح: هل للرجل أن يتمتع من
المملوكة بإذن أهلها وله امرأة حرة؟ قال: نعم إذا رضيت الحرة، قلت: فإن
أذنت الحرة يتمتع منها، قال: نعم (1). بل مر عدم الخلاف فيه.
وحكي هنا قول بالمنع مطلقا (2). وهو ضعيف جدا.
* (وأن يدخل على المرأة بنت أخيها أو أختها ما لم تأذن) * كما هو
مقطوع به في كلامهم، وعلل بإطلاق النصوص. وفيه ضعف.
نعم في بعض ما مر منها التعليل بالإجلال، الظاهر في العموم في الداخلة
والمدخول عليها.
* (الثالث: المهر، وذكره) * في ضمن العقد * (شرط) * في الصحة
بالإجماع والمستفيضة:
منها الصحيح: عن المتعة، فقال: هو مهر معلوم إلى أجل معلوم (3).
وأصرح منه الآخر: لا يكون متعة إلا بأمرين بأجل مسمى ومهر
مسمى (4). ونحوه في الصراحة غيره (5).
فيبطل العقد بالإخلال به مطلقا، عمدا كان أو سهوا، بخلاف الدائم
فليس ركنا فيه إجماعا.
وهو الفارق مع النصوص الموجهة بأن الغرض الأصلي من الدوام
التناسل، ومن المنقطع قضاء الشهوة والاستمتاع. فنكاحه شديد الشباهة
بالمعاوضات، ولذا سميت متعة ومستأجرة، ومهرها في الغالب أجرة.
ويشترط فيه الملكية والعلم بالمقدار إجماعا.

(1) الوسائل 14: 464، الباب 16 من أبواب المتعة الحديث 1.
(2) حكاه في نهاية المرام 1: 230.
(3) الوسائل 14: 465، الباب 17 من أبواب المتعة الحديث 3 و 1.
(4) الوسائل 14: 465، الباب 17 من أبواب المتعة الحديث 3 و 1.
(5) المصدر السابق: الباب 17 الحديث 2.
278

* (ويكفي فيه المشاهدة) * حتى فيما لا يكتفي بها فيه من المعاوضات
الصرفة بشرط الحضور، ومع الغيبة فلا بد من الوصف بما يرفع الجهالة،
وظاهرهم القطع بذلك وإن تردد فيه بعض الأجلة (1).
* (ويتقدر بالتراضي) * بكل ما يقع عليه مما يتمول * (ولو بكف من
بر) * على الأشهر الأظهر، للأصل، والإطلاقات، وخصوص النصوص الدالة
عليه بالعموم والخصوص.
وهي في الأول مستفيضة:
ففي الصحاح: المهر ما تراضى عليه الناس (2). وزيد في بعضها من قليل
أو كثير (3).
وكذلك في الثاني:
منها الصحيح: كم المهر - يعني في المتعة -؟ قال: ما تراضيا عليه إلى ما
شاء من الأجل (4).
والحسن: عن أدنى ما يتزوج به الرجل متعة، قال: كفين من بر (5).
وفي المعتبرة - المنجبر قصور أسانيدها بما مر مع الشهرة - التقدير بكف
من بر كما في بعضها (6)، أو دقيق أو سويق أو تمر كما في غيره (7).
خلافا للمحكي عن الصدوق، فالدرهم فما زاد (8)، للصحيح: أنه يجزئ
فيه الدرهم فما فوقه (9).

(1) نهاية المرام 1: 231.
(2) الوسائل 15: 1، الباب 1 من أبواب المهور.
(3) المصدر السابق: الحديث 3 و 9.
(4) الوسائل 14: 471، الباب 21 من أبواب المتعة الحديث 3.
(5) الفقيه 3: 462، الحديث 4597، وذكر في الهامش " في بعض النسخ كفين من بر ".
(6) الوسائل 14: 471، الباب 21 من أبواب المتعة الحديث 2 و 5.
(7) الوسائل 14: 471، الباب 21 من أبواب المتعة الحديث 2 و 5.
(8) حكاه في التنقيح 3: 121.
(9) الوسائل 14: 470، الباب 21 من أبواب المتعة الحديث 1.
279

وليس نصا فيه، بل ولا ظاهرا، إذ الحكم بإجزاء الدرهم غير مناف
لإجزاء الأقل إلا بالمفهوم المردود عند الكل، الغير المكافئ لشئ مما مر،
فضلا عن الجميع.
* (ولو لم يدخل) * بها * (ووهبها) * ما بقي من * (المدة) * المضروبة كملا
* (فلها النصف) * من المسمى فتأخذه منه مع عدم الأداء * (ويرجع) * الزوج
* (بالنصف لو كان دفع المهر) * إليها فيما قطع به الأصحاب، بل عن الحلي (1)
والمحقق الشيخ علي (2) (رحمه الله) عليه الإجماع. وهو الحجة فيه، والموثق: وإن
خلاها قبل أن يدخل بها ردت المرأة على الرجل نصف الصداق (3).
ولمخالفة الحكم للأصل يجب الاقتصار فيه على محل الوفاق والمتبادر
من النص، فلا رد مطلقا ولو مقسطا في هبة البعض وإبقاء الباقي.
ومن هنا يظهر جواز هبة المدة مطلقا، وهي بمعنى إبراء الذمة، فلا
يحتاج إلى القبول ظاهرا، والنصوص فيه بعد ما مر من الإجماع والنص
مستفيضة:
ففي الصحيح: عن رجل تمتع بامرأة ثم وهب لها أيامها قبل أن يفضي
إليها أو وهب لها أيامها بعد ما أفضى إليها هل له أن يرجع فيما وهب لها. من
ذلك؟ فوقع (عليه السلام): لا يرجع (4).
فلا وجه للشك في الجواز من حيث التجدد شيئا فشيئا، وأن الثابت في
الذمة حال البراءة ليس هو الحق المتجدد، لأنه اجتهاد في مقابلة الأدلة
القوية، ومع ذلك فربما اقتضته الحكمة الربانية، فإنه لا يقع هنا طلاق بالوفاق،
فربما أريد قبل انقضاء الأجل الفراق، فلولا صحة الهبة لما وقع بوجه،

(1) السرائر 2: 623.
(2) جامع المقاصد 13: 23.
(3) الوسائل 14: 483، الباب 30 من أبواب المتعة الحديث 1.
(4) الوسائل 14: 483، الباب 29 من أبواب المتعة الحديث 1.
280

وهو حرج عظيم، كما لا يخفى على البصير المداق. ثم ما مر إذا لم يدخل.
* (و) * أما * (إذا دخل) * بها * (استقر المهر) * في ذمته * (كملا) * بشرط
الوفاء بكمال المدة أو هبته لها، للأصل، والوفاق.
* (و) * أما مع فقد الشرطين (1) كما * (لو أخلت بشئ من المدة) * من
دون هبة اختيارا * (قاصها) * من المهر بنسبة ما أخلت به من المدة، بأن
يبسط المهر على جميعها، ويسقط منه بحسابه، حتى لو أخلت بها أجمع
سقط عنه المهر، ويتصور ذلك بالإخلال بها قبل الدخول.
ولا فرق في الحكم المذكور بينه وبين بعده، للإجماع عليه في الظاهر
مطلقا، وإطلاق النصوص.
كالصحيح أو الحسن: أتزوج المرأة شهرا أو شهرين فتريد مني المهر
كملا وأتخوف أن تخلفني، فقال: يجوز أن تحبس ما قدرت عليه، فإن هي
أخلفتك فخذ منها بقدر ما تخلفك فيه (2).
وفي آخر مثله كذلك، وفيه: خذ منها بقدر ما تخلفك إن كان نصف شهر
فالنصف، وإن كان ثلثا فالثلث (3).
ويستثنى منه أيام الطمث، للموثق: ينظر ما قطعت من الشرط فيحبس
عنها من مهرها بمقدار ما لم تف له ما خلا أيام الطمث فإنها لها، فلا يكون
عليها إلا ما أحل له من فرجها (4).
وفي إلحاق ما عداه من الأعذار كالمرض والخوف من ظالم وجهان،
أوجههما العدم، تمسكا بالأصل، والتفاتا إلى اختصاص النص بالحيض من
دون إشعار، فضلا عن ظهور بالعموم.

(1) في " مش " و " ش ": أحد الشرطين.
(2) الوسائل 14: 481، الباب 27 من أبواب المتعة الحديث 1.
(3) المصدر السابق: الحديث 2.
(4) المصدر السابق: الحديث 3.
281

وتعليل الإلحاق بالمشاركة في المعنى - لعدم القطع به ولا الدليل عليه
سوى الاستنباط - قياس باطل بلا التباس.
ويستفاد من النص الأول والثالث وغيرهما جواز تأخير المهر وعدم
وجوب المبادرة بدفعه بعد العقد، وهو الأوفق بمقتضى الأصل.
خلافا لجماعة - كما عن المفيد (1) والمرتضى (2) والمهذب (3) -
فأوجبوا المبادرة. ولعله لوجود " لا يجوز " بدل " يجوز " في أكثر نسخ
الرواية الأولى، المؤيدة بتفريع جملة " فإن هي أخلفتك فخذ منها " على
السابق، إذ لا معنى للأخذ منها بعد حبس المهر عنها.
وهو أحوط، إلا أن في تعينه نظر، لظهور الموثق المزبور بجواز الحبس،
المعتضد بالأصل، والشباهية بالإجارة، الجائز فيها ذلك، وهو بحسب السند
أولى منه، مع اختلاف نسخه. فتأمل.
* (ولو بان فساد العقد) * إما بظهور زوج، أو عدة، أو كونها محرمة عليه
جمعا، أو عينا، أو غير ذلك من المفسدات * (فلا مهر) * لها * (إن لم يدخل) *
بها مطلقا إجماعا، للأصل.
* (ولو دخل فلها ما أخذت) * منه * (وتمنع ما بقي) * مطلقا فيهما قليلا
كان أو كثيرا كانا بقدر ما مضى من المدة وما بقي منها، أم لا، لكن بشرط
جهلها بالفساد لا مطلقا على الأصح، وفاقا للمحكي عن المقنعة (4)
والنهاية (5) والمهذب (6)، للحسن، بل الصحيح على الصحيح: إذا بقي عليه
شئ من المهر وعلم أن لها زوجا فما أخذته فلها بما استحل من فرجها

(1) لم نعثر عليه في المقنعة ولا الانتصار.
(2) لم نعثر عليه في المقنعة ولا الانتصار.
(3) لم نجد التصريح بوجوب المبادرة في المهذب راجعه 2: 241.
(4) حكاه عنهما في نهاية المرام 1: 236.
(5) حكاه عنهما في نهاية المرام 1: 236.
(6) المهذب 2: 242.
282

ويحبس عنها ما بقي عنده (1).
وإطلاقه - كإطلاق كلام الجماعة - محمول على الشرط المتقدم للأدلة
القطعية على عدم المهر للزانية، مضافا إلى خصوص الرواية: الرجل يتزوج
المرأة متعة بمهر إلى أجل معلوم وأعطاها بعض مهرها وأخرته بالباقي ثم
دخل بها وعلم بعد دخوله بها قبل أن يوفيها باقي مهرها أنها زوجته نفسها
ولها زوج مقيم معها أيجوز له حبس باقي مهرها أم لا يجوز؟ فكتب:
لا يعطيها شيئا، لأنها عصت الله عز وجل (2).
فلا إشكال في العمل بالخبر مع صحته من جهة عمومه لصورتي الجهل
وعدمه.
كيف لا! والعام بعد التخصيص حجة في الباقي، مع احتمال وروده على
ظاهر الصحة في فعل كل مسلم ومسلمة، فيخص به بالنظر إلى مورده عموم
ما سيأتي من القاعدة من ثبوت مهر المثل بفساد المناكحة ووطء الشبهة،
ويعمل بها فيما عداه، كما إذا أخذت الجميع أو لم تأخذ شيئا مطلقا.
* (و) * هنا أقوال أخر:
منها: أن * (الوجه أنها تستوفيه) * جميعا * (مع جهالتها) * مطلقا،
انقضت المدة بكمالها أم لا، أخذت منه شيئا أم لا. وهو ضعيف جدا.
كيف لا! ولزوم المسمى إنما هو بالعقد الصحيح لا مطلقا، ومجرد
التراضي غير مقتض له أصلا.
وعلى تقدير الاقتضاء فلا ريب في اشتراط الرضا وتوقفه على انقضاء
المدة كملا، لا مطلقا، فلا وجه للإطلاق.
* (و) * أما أنه * (يستعاد منها) * مع الأخذ ولا تعطى شيئا مع العدم * (مع
علمها) * فلا ريب فيه قطعا، لما مضى.

(1) الوسائل 14: 482، الباب 28 من أبواب المتعة الحديث 1 و 2.
(2) الوسائل 14: 482، الباب 28 من أبواب المتعة الحديث 1 و 2.
283

ومنها: ما اختاره المصنف هنا بقوله: * (ولو قيل بمهر المثل مع الدخول
وجهلها) * وعدم المهر مع الدخول والعلم منها مطلقا * (كان حسنا) * أما
الثاني: فلما مضى. وأما الأول: فلأنه الأصل في كل عقد فاسد ووطء شبهة
قطعا، والحسن في محله فيما عدا مورد النص المتقدم، لخلوه عن المعارض،
وأما فيه فلا، لتعين تخصيص الأصل به، مع اعتبار سنده، ووضوح دلالته،
وعمل جماعة به.
وحمله على كون المقبوض بقدر المثل ليوافق الأصل - كما في الروضة (1)
- ليس بأولى من تخصيصه به، بل هو أولى، لأخصيته بالإضافة إليه، فلا
يضره الإطلاق قطعا، والتعارض بينهما تعارض العموم والخصوص مطلقا.
فتعين المصير إلى التخصيص لا إلى الحمل المتقدم مع عدم الداعي إليه.
ثم إن قلنا بالمثل مطلقا أو حيث أوجبناه فهل المراد به مهر المثل لتلك
المدة، أو مهر المثل للنكاح الدائم؟ قولان، من أن عوض بضع الموطوءة
شبهة هو الثاني جدا ولذا لو وطأت هذه المنكوحة بالعقد الفاسد بدونه شبهة
لزمه ذلك قطعا والعقد الفاسد كالعدم جدا، ومن أن الشبهة إنما هي للعقد
المخصوص فيجب مهر المثل به.
وضعفه يظهر بما قررنا. فإذا الثاني أقوى.
ولو قيل بلزوم أقل الأمرين (2) تمسكا بأصالة البراءة عن الزائد لم يكن
بعيدا، التفاتا إلى عدم دليل على ثبوت مهر المثل للدائم للموطوءة شبهة
مطلقا حتى في المقام، إذ ليس إلا الإجماع وليس، للخلاف، أو عدم خلو
البضع عن العوض، وهو يحصل بأقل الأمرين جدا. فلا مخصص لأصالة
البراءة هنا. فتأمل.

(1) الروضة 5: 288.
(2) أي: مهر المثل لتلك المدة ومهر المثل للنكاح الدائم.
284

وهنا قول رابع في أصل المسألة ناف للمهر مطلقا مع علمها، كما في
الأقوال السابقة، وموجب مع جهلها للأقل من المثل أو المسمى، لموافقة
الأصل المتقدم مع أقلية المثل عن المسمى، وإقدامها بالأقل مع العكس.
ويضعف بوقوعه على وجه مخصوص، وهو كونها زوجة لا مطلقا، فلا
يلزم الإقدام والرضا بالمسمى على غيره قطعا.
* (الرابع: الأجل، وهو) * أي ذكره * (شرط في) * صحة * (العقد) *
بالإجماع والنصوص، وقد مرت في المهر.
* (و) * لا تقدير له شرعا، بل * (يتقدر بتراضيهما) * عليه كائنا ما كان
* (كاليوم والسنة والشهر) * والشهرين.
وإطلاق النص وكلام الأصحاب - وبه صرح جماعة (1) - يقتضي عدم
الفرق في الزمان الطويل بين صورتي العلم بإمكان البقاء إلى الغاية وعدمه
وعلل بعدم المانع، لأن الموت قبله غير قادح (2)، ولم ينقل فيه خلاف،
وظاهرهم الإجماع عليه، ولولاه لأشكل واحتاج إلى تأمل. وفي الزمان
القصير بين صورتي إمكان الجماع فيه وعدمه، لعدم انحصار الغاية فيه.
خلافا للمحكي عن ابن حمزة فقدره هنا بما بين طلوع الشمس ونصف
النهار (3).
ولا دليل عليه، ولعله أراد المثل.
* (ولا بد من تعيينه) * بأن يكون محروسا من الزيادة والنقصان كغيره،
دفعا للغرر والضرر، والتفاتا إلى الصحيح: الرجل يتزوج متعة سنة أو أقل
أو أكثر، قال: إذا كان شئ معلوم إلى أجل معلوم (4).

(1) المسالك 7: 449، وكشف اللثام 2: 55 س 37.
(2) علله الشهيد في المسالك 7: 449.
(3) الوسيلة: 310.
(4) الوسائل 14: 478، الباب 25 من أبواب المتعة الحديث 1.
285

وفي اعتبار اتصال المدة المضروبة بالعقد أو جواز الانفصال قولان:
قيل أحوطهما: الأول، لأن الوظائف الشرعية إنما تثبت بالتوقيف ولم
ينقل تجويزه كذلك وإنما المنقول في النصوص بحكم التبادر صورة
الاتصال، فيجب القول بنفي ما عداه إلى ثبوت دليل الجواز (1)، تمسكا
بأصالة الحرمة.
وقيل: بالثاني، لوجود المقتضي وهو العقد المشتمل على الأجل
المضبوط (2)، فيلزم الوفاء به لعموم الأمر به، وهو كاف في ثبوت التوقيف.
كيف لا! واشتراط التوقيف بعنوان الخصوص غير لازم، ولذا يتمسك به
فيما لم يرد بشرعيته دليل بالخصوص.
وهذا أجود، وفاقا للمحكي عن الحلي (3) والماتن في النكت (4)، وصرح
به في الشرائع (5) والمسالك (6) والقواعد (7)، وعن إطلاق الأكثر، وهو ظاهر
الخبر: الرجل يلقى المرأة فيقول لها: زوجيني نفسك شهرا ولا يسمي الشهر
بعينه، ثم يمضي فيلقاها بعد سنين، فقال: له شهره إن كان سماه وإن لم يكن
سماه فلا سبيل له عليها (8)، فإن الظاهر كون الشهر المسمى بعد سنين
وقصور السند منجبر بما مر من القاعدة، وفتوى الجماعة، والشهرة المحكية
في كلام جماعة.
والاحتياط مشترك بين القولين، فلا يترك مراعاته على حال.
وعلى المختار، ففي جواز العقد عليها في المدة المتخللة بين العقد ومبدأ

(1) قاله في نهاية المرام 1: 240.
(2) قاله الشهيد في المسالك 7: 451.
(3) السرائر 2: 623.
(4) نكت النهاية 2: 479.
(5) الشرائع 2: 305.
(6) المسالك 7: 451.
(7) القواعد 2: 26 س 6.
(8) الوسائل 14: 490، الباب 35 من أبواب المتعة الحديث 1.
286

المدة المشروطة، أم العدم قولان. أجودهما الأول إذا وقت المدة المتخللة
بالأجل المعقود عليه ثانيا والعدة بالنسبة إليه، للأصل، ومنع صدق ذات
البعل عليها في هذه المدة.
وعلى تقديره فاندراجها في إطلاق النصوص المانعة عن العقد على ذات
البعل غير معلوم، بناء على اختصاصه بحكم التبادر بغير محل الفرض،
وهو ذات البعل بالفعل، وهو كاف في عدم الخروج عن الأصل، والاحتياط
سبيله واضح.
ثم كل ذا مع تعيين المبدأ، ومع الإطلاق ينصرف إلى الاتصال على
الأصح الأشهر، لقضاء العرف به.
خلافا للحلي (1) للجهالة، ويرتفع بما مر، وللخبر الذي مر، وهو لا يدل
إلا على البطلان مع عدم التسمية، لكونه بعد سنين، ونحن نقول به.
* (ولا يصح ذكر المرة والمرات مجردة عن زمان مقدر) * لهما على
الأظهر الأشهر، لفقد التعيين في الأجل المشترط بما مر، بناء على وقوعهما
في الزمن الطويل والقصير.
خلافا للشيخ في النهاية (2) والتهذيب (3) فيصح فينقلب دائما، للخبر:
أتزوج المرأة متعة مرة مبهمة، فقال: ذلك أشد عليك، ترثها وترثك،
ولا تجوز لك أن تطلقها إلا على طهر وشاهدين (4).
وفيه - مع ضعف السند، وعدم المكافأة لما مر بوجه - ما سيأتي في
انقلاب العقد المجرد عن الأجل دائما.
* (وفيه رواية بالجواز) * بل روايات، و * (فيها ضعف) * وقصور من حيث

(1) السرائر 2: 623.
(2) النهاية 2: 379.
(3) التهذيب 7: 267، ذيل الحديث 1150.
(4) الوسائل 14: 479، الباب 25 من أبواب المتعة الحديث 3.
287

السند، أجودها الموثق: هل يجوز أن يتمتع الرجل من المرأة ساعة
وساعتين؟ فقال: الساعة والساعتان لا يوقف على حدهما، ولكن العرد
والعردين واليوم واليومين والليلة وأشباه ذلك (1).
وسنده وإن اعتبر إلا أنه شاذ والعامل به غير معروف غير مكافئ لما مر،
لصحة السند، والكثرة، والاعتضاد بما هو الأشهر، ومع ذلك فظاهره المنع
عن نحو الساعة والساعتين، ولا قائل به، مع إمكان تحديدهما وتعيينهما.
وحمله على اشتراطهما بهذه العبارة، أي الساعة والساعتين، فيصح
المنع للجهالة - كما تصدى له بعض الأجلة (2) - محل مناقشة، يظهر وجهها
بالتعليل فيه بعدم الوقوف على حد، ولم يعلل بما مر، ولو صح كان التعليل به
أولى، مضافا إلى تجويزه اليوم واليومين، وهي بعين العبارة المتقدمة. فظهر
أن الوجه في المنع ما علل فيه، دون ما مر من الجهالة.
وبالجملة: فالإعراض عنه لازم.
ويمكن حمله على صورة ذكرهما مع تقدير الزمان الظرف لهما والأجل
للعقد، زاد عليهما أم لا، ولا كلام فيه، لعموم المؤمنون عند شروطهم (3)، فلا
يجوز له الزيادة عن العدد المشروط بغير إذنها، ولا يتعين عليه فعله، إذ
الوطء غير واجب، ولا تخرج عن الزوجية إلا بانقضاء الأجل، فيجوز له
الاستمتاع منها بعد استيفاء العدد المشترط بغير الوطء إن زاد الأجل على العدد.
وفي جواز الوطء بها حينئذ مع الإذن قولان، أجودهما الأول، وفاقا
للأشهر، للأصل، وفقد الدليل المحرم هنا، وصريح الموثق أو الحسن: رجل
تزوج بجارية عاتق على أن لا يقتضها ثم أذنت له بعد ذلك، فقال: إذا أذنت

(1) الوسائل 14: 479، الباب 25 من أبواب المتعة الحديث 3.
(2) المحدث الجليل الشيخ الحر في الوسائل 14: 479، الباب 25، ذيل الحديث 2.
(3) الوسائل 15: 30، الباب 20 من أبواب المهور الحديث 4.
288

له فلا بأس (1). فتدبر.
* (وأما الأحكام فمسائل) * سبع
* (الأولى: الإخلال بذكر المهر مع ذكر الأجل) * المشترطين في صحة
العقد * (يبطل العقد) * بالنص والإجماع، كما في المختلف (2) والمسالك (3)،
فلا ينقلب دائما هنا إجماعا.
* (و) * أما لو عكس ف‍ * (ذكر المهر من دون الأجل) * ففيه أقوال،
أشهرها أنه * (يقلبه دائما) * لصلاحية العقد لكل منهما، وإنما يتمحض للمتعة
بذكر الأجل، وللدوام بعدمه، فمع انتفاء الأول يثبت الثاني، لأن الأصل في
العقد الصحة، وللنصوص:
منها الموثق: إن سمي الأجل فهو متعة، وإن لم يسم الأجل فهو نكاح
بات (4).
وقيل: لا، لأن المتعة شرطها الأجل إجماعا، والمشروط عدم عند عدم
شرطه وللصحيح وغيره: لا يكون متعة إلا بأمرين بأجل مسمى ومهر
مسمى (5)، وأن الدوام لم يقصد، والعقود تابعة للقصود، وصلاحية الإيجاب
لهما لا توجب حمل المشترك على أحد المعنيين مع إرادة معنى الآخر
المبائن له (6).
هذا، مع التأمل في صلاحية مطلق الإيجاب لهما، وإنما هي في
خصوص لفظ النكاح والتزويج دون التمتع، لما مضى في عقد الدوام.

(1) الوسائل 14: 458، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 3.
(2) المختلف 7: 217.
(3) المسالك 7: 456.
(4) الوسائل 14: 469، الباب 20 من أبواب المتعة الحديث 1.
(5) الوسائل 14: 465، الباب 17 من أبواب المتعة الحديث 1.
(6) القائل الشهيد الثاني في الروضة 5: 287.
289

وهذا هو الأقوى، سيما إذا وقع العقد بلفظ التمتع وكان ترك الأجل
نسيانا، وفاقا للعلامة (1) ووالده (2) وولده (3) والروضة (4) وسبطه (5) وجماعة.
والرواية مع اختلاف نسخها - وفي بعضها بدل " بات " " بان " وهذه
صريحة في البطلان - ليس فيها تصريح بأنهما أرادا المتعة وأخلا بالأجل،
بل مضمونها أن النكاح مع الأجل متعة وبدونه الدوام، ولا نزاع فيه.
نعم في رواية قاصرة السند: إني أستحيي ذكر شرط الأيام، قال: هو أضر
عليك، قلت: وكيف؟ قال: إنك إن لم تشترط كان تزويج مقام ولزمتك النفقة
في العدة، وكانت وارثة، ولم تقدر على أن تطلقها إلا طلاق السنة (6).
وذكر شيخنا الشهيد في النكت عدم قابليتها للتأويل (7).
وليس كذلك، لإمكان أن يكون المراد إثبات الأضرية بالإضافة إلى
ظاهر الشريعة، بمعنى أن المرأة لو ادعت الدوام وأثبتت ذكر الألفاظ بدون
الأجل أخذ الرجل في ظاهر الشرع بأحكام الدائمة من النفقة والكسوة
وسائر أحكام الدائمة.
ولا يلازم ذلك ثبوت الزوجية الدائمة بمجرد الألفاظ المجردة عن بيان
المدة فيما بينه وبين الله تعالى حتى يجوز له التمتع منها في نفس الأمر، مع
احتمال أن يكون المراد من الاستحياء من ذكر الأجل الحياء من التمتع بها
وإيجابه العدول إلى الدوام، فكأنه قال: أتزوج دائما لا متعة لحيائي منها.
ومع احتمال جميع ذلك كيف يجسر في تخصيص الأدلة القطعية بها؟!
سيما في صورة النسيان للزوم الانقلاب دواما فيها التكاليف الشاقة المخالفة

(1) المختلف 7: 217.
(2) المختلف 7: 217.
(3) الإيضاح 3: 128.
(4) الروضة 5: 287.
(5) نهاية المرام 1: 244.
(6) الوسائل 14: 470، الباب 20 من أبواب المتعة الحديث 2.
(7) نكتب الإرشاد: 99 س 7 (مخطوط).
290

للأصول بمجرد النسيان، ولم يعهد في الشريعة ثبوت التكاليف بمجرده،
مع أنه مخالف للأدلة العقلية.
وأما القول بأن العقد إن وقع بلفظ " التزويج " أو " النكاح " انقلب دائما
أو بلفظ " التمتع " بطل - كما عن الحلي (1)، ولعله نظر إلى ما قدمناه في منع
صلاحية عقد المتعة مطلقا للدوام، أو بأن ترك الأجل إن كان جهلا منهما
أو من أحدهما أو نسيانا كذلك بطل، وإن كان عمدا بالدوام انقلب كما حكي
قولا (2) - فقد ظهر ضعفه مما ذكرنا، مع عدم وضوح الدليل على الثاني.
فالقول بالبطلان مطلقا مع قصد التمتع الذي هو موضع النزاع أوجه.
ولكن الاحتياط لا يترك، فيعقد للدوام ثانيا إن أرادها، وإلا فليطلقها
ويعطي نصف المهر أو يعفو عنه.
* (الثانية: لا حكم للشروط) * إذا كانت * (قبل العقد) * مطلقا، سائغة
كانت أم لا إجماعا، للنصوص المستفيضة:
منها الموثق: ما كان من شرط قبل النكاح هدمه النكاح، وما كان بعد
النكاح فهو جائز (3).
ونحوه الآخر: إنما الشرط بعد النكاح (4).
وبها تخص عموم ما دل على لزوم الوفاء بالشروط (5)، مضافا إلى
الإجماع على عدم لزوم الوفاء بما يشترط لا في عقد وأنه بمنزلة الوعد،
كما حكاه بعض الأصحاب (6).
ومقتضاه عدم لزوم الوفاء بالشروط المتأخرة كالسابقة، وظاهرهم

(1) السرائر 2: 620.
(2) حكاه في نهاية المرام 1: 245.
(3) الوسائل 14: 468، الباب 19 من أبواب المتعة الحديث 2 و 4.
(4) الوسائل 14: 468، الباب 19 من أبواب المتعة الحديث 2 و 4.
(5) الوسائل 15: 30، الباب 20 من أبواب المهور ذيل الحديث 4.
(6) حكاه في كشف اللثام 2: 56 س 31.
291

الاتفاق عليه بخصوصه، وبه يخص العموم المتقدم، وتصرف النصوص عن
ظواهرها، بحمل النكاح اللازم ما يشترط بعده فيها على أحد طرفي العقد،
كما يشعر به بعضها، وفيه: إن اشترطت على المرأة شروط المتعة فرضيت بها
وأوجبت عليها التزويج فاردد عليها شرطك الأول بعد النكاح، فإن أجازته
جاز، وإن لم تجزه فلا يجوز عليها ما كان من الشروط قبل النكاح (1).
وأظهر منه الرضوي، بل صريح فيه، وفيه: وكل شرط قبل النكاح فاسد،
وإنما ينعقد الأمر بالقول الثاني، فإذا قالت في الثاني نعم دفع إليها المهر أو ما
حضرته، الخبر (2). ونحوه المروي في البحار من خبر المفضل الوارد في
الغيبة (3).
* (و) * تدل حينئذ على أنها * (تلزم لو) * كانت سائغة * (وذكرت فيه) *
أي في متن العقد، وعليه الإجماع أيضا، كما حكي (4)، والأشهر الأظهر
الاكتفاء بذكرها فيه في اللزوم، لكونها من جملة العقد المأمور بالوفاء (5) به،
والإعادة منفية بالأصل.
خلافا للنهاية (6)، فأوجبها، لظواهر ما مر من المستفيضة.
وفي صحة النسبة مناقشة، لظهور سياق عبارته فيها فيما حملنا عليه
المستفيضة.
وعلى تقديرها فليس في المستفيضة بعد الإبقاء على ظواهرها دلالة
على اعتبار الإعادة، وإنما ظاهرها الاكتفاء بالشروط اللاحقة وإن لم يقع
فيها إعادة بعدم ذكرها في العقد بالمرة، ولم يقل بلزوم الوفاء بمثلها أحد

(1) الوسائل 14: 468، الباب 19 من أبواب المتعة الحديث 1.
(2) فقه الرضا: 232.
(3) البحار 103: 304.
(4) لم نعثر على من حكاه. نعم في نهاية المرام: وقد قطع الأصحاب بأن الشرط إنما يعتد به ويلزم
الوفاء به إذا وقع بين الإيجاب والقبول، ج 1: 246.
(5) المائدة: 1.
(6) النهاية 2: 384.
292

حتى هو في النهاية، لاعتباره فيها ذكر الشروط في العقد البتة، وإنما أوجب
ذكرها بعد العقد ثانية، ولم يكتف بذكرها خاصة. وهذه قرينة واضحة على
عدم مخالفته للمشهور في المسألة، وبه صرح بعض الأجلة (1).
* (الثالثة: يجوز) * له ولها * (اشتراط إتيانها ليلا أو نهارا) * أو وقتا دون
آخر أو تمتعا دون آخر إجماعا في الظاهر، للأصل. ويلزم، لعموم الأمر
بالوفاء بالشروط، مع كونه من جملة العقد اللازم الوفاء، فلا يتعداه،
وللصحيح: عن امرأة زوجت نفسها من رجل على أن يلتمس منها ما شاء
إلا الدخول، فقال: لا بأس، وليس له إلا ما شرط (2).
* (و) * هو نص في جواز اشتراط * (أن لا يطأها في الفرج) * مضافا إلى
ما مر.
وهل يجوز اتيانها في الوقت المستثنى مع الرضا؟ قيل: لا، التفاتا إلى
لزوم الوفاء بالشرط مطلقا حتى هنا (3).
والأجود نعم، وفاقا لجماعة من أصحابنا، لصريح الموثق: [في رجل
] (4) تزوج بجارية على أن لا يقتضها ثم أذنت له بعد ذلك، فقال: إذا أذنت له
فلا بأس (5).
ولعل الوجه فيه ما قيل: إن العقد مسوغ للوطء مطلقا، والامتناع منه
لحق الزوجة إذا اشترطت عليه ذلك فإذا رضيت جاز (6).
وبه يظهر الجواب عن توجه المنع مطلقا، ولذا اختار المصنف الجواز

(1) نهاية المرام 1: 247.
(2) الوسائل 14: 491، الباب 36 من أبواب المتعة الحديث 1، نحوه.
(3) الظاهر المختلف 7: 243.
(4) في بعض النسخ زيادة " في المختلف " والظاهر أنها مصحفة ما أثبتناه في المعقوفتين.
(5) الوسائل 14: 458، الباب 11 من أبواب المتعة الحديث 3.
(6) قاله في كشف اللثام 2: 56 س 39.
293

بقوله: * (ولو رضيت به) * أي بالوطء * (بعد العقد جاز) * ولعله الأشهر
بين الأصحاب.
* (و) * يجوز * (العزل) * عنها هنا ولو * (من دون إذنها) * إجماعا،
للأصل، وفحوى ما دل على جوازه في الدائم كما اخترناه فهنا أولى، ولأن
الغرض الأصلي هنا الاستمتاع دون النسل، بخلاف الدوام، وللصحيح لكنه
مقطوع: الماء ماء الرجل يضعه حيث يشاء، إلا أنه إن جاء بولد لم ينكره (1)،
الخبر.
ولكن الأحوط الاشتراط، لوروده في النص في بيان شروط المتعة
المذكورة ضمن العقد.
وفيه: يقول لها زوجيني نفسك متعة على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله)
نكاحا غير سفاح على أن لا أرثك ولا ترثيني ولا أطلب ولدك إلى أجل
مسمى، فإن بدا لي زدتك وزدتني (2).
* (و) * الصحيح نص في أنه * (يلحق) * به * (الولد وإن عزل) * ونحوه
الصحيح: عن الرجل يتزوج المرأة متعة ويشترط أن لا يطلب ولدها فتأتي
بعد ذلك بولد فينكر الولد، فشدد في ذلك وقال: يجحد! وكيف يجحد؟!
إعظاما لذلك! الخبر (3)، ويعضده عموم ما دل على لحوق الولد به، كالصحيح:
أرأيت إن حبلت، قال: هو ولده (4). وكذا في كل وطء صحيح فإن المني
سباق والولد للفراش.
وظاهرهم الوفاق عليه بشرط الإمكان، و * (لكن لو نفاه) * انتفى و * (لم
يحتج إلى اللعان) * هنا مطلقا ولو لم يعزل بالإجماع كما حكي (5)، بخلاف

(1) الوسائل 14: 489، الباب 33 من أبواب المتعة الحديث 5.
(2) المصدر السابق: 467، الباب 18 الحديث 5.
(3) الوسائل 14: 488، الباب 33 من أبواب المتعة الحديث 2 و 4.
(4) الوسائل 14: 488، الباب 33 من أبواب المتعة الحديث 2 و 4.
(5) حكاه في كشف اللثام 2: 57 س 2.
294

الدوام فيحتاج النفي فيه إلى لعان، وليس له النفي إلا مع العلم بالانتفاء وإن
عزل أو اتهمها أو ظن الانتفاء.
والمستند في عدم احتياج النفي إلى لعان - مضافا إلى الإجماع المتقدم
- ما سيأتي من النصوص في نفي اللعان فيها مطلقا، إذ مقتضاه انتفاء الولد
مطلقا، وإلا لا نسد باب نفيه، ولزم كونه أقوى من ولد الزوجة الدائمة، وهو
معلوم البطلان.
* (الرابعة: لا يقع بالمتعة طلاق إجماعا) * حكاه جماعة (1)، بل تبين
بهبة المدة، للمستفيضة المتقدمة، أو بانقضائها، للصحيحين:
في أحدهما: في المتعة تبين بغير طلاق، قال: نعم (2).
وفي الثاني: فإذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق (3).
* (ولا لعان على الأظهر) * الأشهر في القذف، للصحيحين:
في أحدهما: لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع بها (4).
وفي الثاني: لا يلاعن الحر الأمة ولا الذمية ولا التي يتمتع بها (5).
مضافا إلى الإجماع عليه في الغنية (6).
خلافا للمفيد (7) والمرتضى (8) فأثبتاه فيها، لعموم الآية (9)، والنصوص
المستفيضة (10) في وقوعها في مطلق الزوجة.

(1) راجع كشف اللثام 2: 57 س 3، ونهاية المرام 1: 249.
(2) الوسائل 14: 479، الباب 25 من أبواب المتعة الحديث 1.
(3) المصدر السابق: 495، الباب 43 الحديث 2.
(4) الوسائل 15: 605، الباب 10 من أبواب كتاب اللعان الحديث 1 و 2.
(5) الوسائل 15: 605، الباب 10 من أبواب كتاب اللعان الحديث 1 و 2.
(6) الغنية: 356.
(7) حيث لم يستثن عن عموم اللعان غير اللعان بين المسلم والذمية وبين الحرة والأمة راجع
المقنعة: 540 - 542.
(8) الإنتصار: 276.
(9) النور: 6.
(10) الوسائل 15: 586، أبواب اللعان.
295

وفيه أولا: منع صدق الزوجة عليها حقيقة، لاختصاصها بحكم التبادر
بالدائمة جدا.
وعلى تقديره فالتخصيص بالصحيحين الصريحين المعتضدين بالشهرة
العظيمة لازم جدا. وإطلاق الخبرين - بل العموم - يشمل اللعان لنفي الولد،
وعليه حكي الإجماع، كما مر.
خلافا للمحكي عن ابن سعيد في الجامع (1)، فأثبته هنا أيضا. وهو
ضعيف جدا.
* (ويقع الظهار) * بها على الأشهر الأظهر، و * (على تردد) * من الماتن هنا
دون بحثه، فحكم بالوقوع ثمة بدونه، لعموم الآية (2)، المستفاد من إضافة
الجمع وهو النساء، الشاملة لنحو المتعة بالحقيقة بالضرورة، وليس نحو
الزوجة المتبادر منها الدائمة، مضافا إلى فحوى النصوص المعتبرة المعتضدة
بالشهرة المخالفة للعامة (3) في وقوع الظهار بالأمة المملوكة للمظاهر.
وبجميع ذلك تخص أصالة الإباحة والبقاء على الحلية، وتندفع الوجوه
الاعتبارية: مثل أن المظاهر يلزم بالفئة أو الطلاق، وليس في المتعة، والإلزام
بالفئة خاصة بعيد بالضرورة، وإقامة الهبة للمدة مقام الطلاق يحتاج إلى دلالة
معتمدة وليس إلا القياس الباطل عند الإمامية. وأن المتمتع بها لا حق لها
في الوطء، فلا يقع منها المرافعة، بناء على أن الإلزام بالأمور المزبورة
لا يوجب التخصيص في الأدلة، لجواز اختصاصها بمن يمكن معه أحدهما،
وهو الزوجة الدائمة، مع أن مثل ذلك جار في نحو الأمة، وقد عرفت أن
الجواز فيها صريح ما مر من المعتبرة، فليس ذلك إلا اجتهاد محض في
مقابلة الأدلة.

(1) حكاه عنه الفاضل الإصفهاني في كشف اللثام 2: 57 س 7 راجع الجامع للشرائع: 480.
(2) المجادلة: 3.
(3) راجع المغني لابن قدامة 8: 568.
296

فالقول بالمنع - كما عن الإسكافي (1) والصدوق (2) والحلي (3) - ضعيف
جدا.
وأما المرسل (4) المشبه للظهار بالطلاق فمع ضعفه وقصور سنده غير
مكافئ لما مر، مع التأمل في وضوح دلالته، فلعل المراد أن الظهار حيث يقع
مثل الطلاق في الشرائط، لا أن مثله في الوقوع وعدمه. فتأمل.
* (الخامسة: لا يثبت بالمتعة ميراث بينهما) * مطلقا، اشترط الثبوت أو
العدم أم لا، كما عن الحلبي (5) والحلي (6) والعلامة (7) في أحد قوليه
وولده (8) والمحقق الشيخ علي (9) ونسب إلى أكثر المتأخرين، للأصل، ولأن
الإرث حكم شرعي يتوقف ثبوته على توظيف الشارع، ولم يثبت، بل الثابت
خلافه.
ففي الخبر المعتبر - بوجود المجمع على تصحيح رواياته، ومن لا يروي
إلا عن ثقة في سنده -: من حدودها - يعني المتعة - ألا ترثك ولا ترثها (10).
وبمعناه أخبار كثيرة:
منها الحسن: ليس بينهما ميراث اشترطا أو لم يشترطا (11).
ومنها المرسل كالحسن المروي عن كتاب الحسين بن سعيد أو ابن بكير
في حديث في المتعة قال: فإن حدث به حدث لم يكن لها ميراث (12).
ومنها الرضوي: والوجه الثاني نكاح بغير شهود ولا ميراث، وهو نكاح

(1) كما في المختلف 7: 418.
(2) الهداية: 274.
(3) لم نجد في كلامه التصريح به، راجع السرائر 2: 709.
(4) الوسائل 15: 510، الباب 2 من أبواب الظهار الحديث 3.
(5) الكافي في الفقه: 298.
(6) السرائر 2: 624.
(7) القواعد 2: 26 س 13.
(8) الإيضاح 3: 132.
(9) جامع المقاصد 13: 37.
(10) الوسائل 14: 487، الباب 32 من أبواب المتعة الحديث 8 و 7 و 3.
(11) الوسائل 14: 487، الباب 32 من أبواب المتعة الحديث 8 و 7 و 3.
(12) الوسائل 14: 487، الباب 32 من أبواب المتعة الحديث 8 و 7 و 3.
297

المتعة بشروطها (1)، إلى آخره.
وبالجملة: الأخبار النافية للإرث عن المتعة كثيرة، بل قيل متواترة (2).
إلا أن دلالتها على العموم لصورة اشتراط الميراث غير واضحة، حتى
الحسن الأول المتقدم، لاحتمال كون متعلق الاشتراط هو النفي، لا الإثبات
المؤيد إرادته بتعارف اشتراطه دونه في نكاح الانقطاع في الزمن السابق،
كما يفصح عنه المستفيضة المتضمنة لعد (3) اشتراطه في شروط المتعة
المذكورة في متن العبارة المنعقد بها عقد المتعة، وقد صرح بذلك بعض
الأجلة (4)، وإن كان - من دون ملاحظة ما ذكر - بعيدا عن سياق عبارة
الرواية، ولكن لا محيص عنه بعد وجود الأدلة الآتية على ثبوت التوارث
بالاشتراط البتة. وبها يخص الأصل والقاعدة المتقدمتان.
نعم ما مر معها صريح في رد القول بالعكس، وأنها كالدائم، كما عن
القاضي (5) وغيره، ومستنده من عموم آيات التوريث (6). وأخباره بعد
تسليمه، بما مر مخصص.
* (و) * منه يظهر الجواب عما * (قال) * به * (المرتضى) * من أنه
* (يثبت) * التوريث لهما * (ما لم يشترطا السقوط) * (7) مستندا إلى الجمع
بين ما مر من أدلة إطلاق الثبوت والعدم.
وهو مع عدم موافقته للأصل الذي صار إليه غير ممكن المصير إليه،
لكون التعارض بين المثبت على تقدير عمومه والنافي تعارض العموم
والخصوص المطلق. ومقتضى الأصل المسلم عنده أيضا حمل الأول على
الثاني، وهو يوجب نفي التوارث هنا مطلقا، خرج منه ما إذا اشترط - كما

(1) فقه الرضا: 232.
(2) لم نعثر على قائله.
(3) في بعض النسخ: لعدم.
(4) المحدث الكاشاني (قدس سره) الوافي 22: 659.
(5) المهذب 2: 240.
(6) النساء: 12.
(7) الإنتصار: 275.
298

يأتي - فيبقى الباقي. وقوله يلازم إطراح الأخبار النافية للموارثة
أو تخصيصها بصورة اشتراط انتفائها من دون مخصص. وكلاهما كما ترى،
وجعله " المؤمنون عند شروطهم " (1) حسن حيث يستفاد منه الثبوت مع
عدم الاشتراط، وليس كذلك.
فانحصر الأمر في إطراح الروايات والتمسك بذيل الآيات وتخصيصها
بما مر في صورة اشتراط الانتفاء، وهو لا يلائم طريقتنا، ولذا ألزمنا المصير
إلى ما قدمناه.
نعم في الموثق: في الرجل يتزوج المرأة متعة أنهما يتوارثان إذا لم
يشترطا (2).
ولا يمكنه الاستناد إليه على أصله وكذا على غيره، لعدم مكافأته لما مر
من الأخبار الكثيرة المعتضدة بالشهرة، التي كادت تكون إجماعا، ولما
سيأتي من الصحيحين المصرحين بخلافه من عدم الثبوت إلا مع الاشتراط.
نعم ربما أشعرت المستفيضة بذكر اشتراط نفي الميراث في صيغة عقد
المتعة بالتوارث بدون الذكر، وإلا للغى عن الفائدة، لكنها قاصرة السند.
ومع ذلك كالموثقة غير واضحة المكافئة للنصوص السابقة، مع احتمال
الذكر فيها لتأكيد ما يستفاء من العقد تنبيها للنسوة بنفي التوارث الثابت في
الدوام في المتعة، لئلا يغررن بثبوته فيها فيتمتعن. ولذا أن بعض تلك
النصوص - كالرضوي (3) وغيره (4) - صرح بنفي التوارث هنا على الإطلاق،
ومع ذلك اشترط فيهما الانتفاء، مع أنهما كغيرهما اشترط فيهما ما لولا
الاشتراط كان كصورة الاشتراط، كاشتراط العزل ونحوه كالعدة. فافهم.

(1) الوسائل 15: 30، الباب 20 من أبواب المهور الحديث 4.
(2) الوسائل 14: 469، الباب 19 من أبواب المتعة الحديث 4.
(3) فقه الرضا: 232.
(4) الوسائل 14: 487، الباب 32 من أبواب المتعة الحديث 7.
299

وبالجملة: القول بإطلاق التوارث ضعيف جدا.
* (نعم لو شرطا الميراث) * بينهما * (لزم) * ويتوارثان، لعموم " المؤمنون
عند شروطهم "، وللصحيحين:
في أحدهما: إن اشترطا الميراث فهما على شرطهما (1). ونحوه في
الثاني بزيادة التعبير عن المفهوم بالمنطوق (2). ونحوه الصحيح الآخر المروي
في قرب الإسناد (3).
وبهما يخص كل من عمومي التوارث وعدمه، وإليه ذهب كثير من
الأصحاب، حتى كاد أن يكون مشهورا بينهم، وصرح به الماتن في
الشرائع (4).
وبه يضعف إسناد الشهرة إلى القول الأول، فلا وجه لترجيح أدلته بها
على أدلة هذا القول.
وعلى تقدير صحته ففي ترجيح الظن الحاصل منه على الحاصل من
فتوى المعظم - مع قوة أدلتهم ورجحانه في حد ذاته على أدلة القول الأول -
تأمل واضح.
فإذا القول بهذا الأخير أقرب.
وليس في الخبر الأول للقول بنفي التوارث مطلقا دلالة عليه، من حيث
ظهوره في كون النفي حدا من حدود العقد المستلزم كون اشتراط الثبوت
معه اشتراطا لما ينافي مقتضى العقد فيبطل، لاحتمال أن المراد مقتضاه ذلك
من دون اشتراط الخلاف، وأما معه فلا.
وحاصله: أن ذلك مقتضى العقد بنفسه من دون شرط نفي التوارث،
وذلك لا ينافي ثبوته بالاشتراط مع قيام الدليل عليه.

(1) الوسائل 14: 486، الباب 32 من أبواب المتعة الحديث 5 و 1.
(2) الوسائل 14: 486، الباب 32 من أبواب المتعة الحديث 5 و 1.
(3) قرب الإسناد: 159.
(4) الشرائع 2: 307.
300

هذا، وربما يقال: إن المستفاد من الخبر عدم اقتضاء العقد الإرث
لا اقتضاؤه العدم. وفيه نظر.
ثم إن شرطاه لهما فعلى ما شرطاه أو لأحدهما خاصة احتمل كونه
كذلك، عملا بالشرط، وبإطلاق الصحيحين، سيما الأخير. وبطلانه لمخالفته
لمقتضاه، لأن الزوجية إن اقتضت الإرث وانتفت موانعه ثبت من الجانبين،
وإلا انتفى منهما. والأول أقوى.
والتوجيه في الثاني استبعاد محض، مدفوع بوجود النظير، كإرث مسلم
من الكافر دون العكس، وولد الملاعن المقر به بعده منه دون العكس.
مع أن ذلك مبني على كون الإرث ناشئا من الزوجية. وفيه منع،
لاحتمال مجيئه من الاشتراط خاصة.
* (السادسة: إذا انقضى أجلها) * أو وهب وكانت مدخولا بها غير يائسة
وجب عليها العدة لغيره دونه، حرة كانت أو أمة إجماعا.
وقد اختلف في مقدارها بعد الاتفاق ظاهرا على اتحادها فيهما هنا على
أقوال أربعة:
منها ما أشار إليه بقوله: * (فالعدة) * من انقضاء الأجل أو هبته دون
الوفاة * (حيضتان) * كاملتان * (على الأشهر) * كما هنا وحكاه جماعة (1)،
لأصالة بقاء الحرمة، والنصوص المستفيضة:
منها الصحيح: وإذا انقضى الأجل بانت منه بغير طلاق، ويعطيها الشئ
اليسير، وعدتها حيضتان، وإن كانت لا تحيض فخمسة وأربعون يوما (2).
ونحوه الصحيح المروي في البحار عن كتاب الحسين بن سعيد، وفيه:
فلا تحل لغيرك حتى تنقضي عدتها، وعدتها حيضتان (3).

(1) النهاية 2: 382 و 383، وكشف اللثام 2: 57 س 21.
(2) الوسائل 14: 447، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 8.
(3) البحار 103: 315.
301

وبه صرح في المروي في تفسير العياشي (1).
ومنها الصحيح: وعدة المطلقة ثلاثة أشهر، والأمة المطلقة عليها نصف ما
على الحرة، وكذلك المتمتعة عليها ما على الأمة (2).
دل بعمومه على اتحاد عدتها مع عدة الأمة، وهي فيها حيضتان،
للنصوص المعتبرة:
منها الصحيحان: عدة الأمة وأجلها حيضتان (3).
وربما يناقش في دلالة الخبر على اتحاد عدتيهما في الحيضة، لظهوره
بحسب السياق في الأشهر.
وهو ضعيف جدا، إذ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص المحل قطعا،
ويعضد العموم ما ورد في النصوص المعتبرة: من أنهن بمنزلة الإماء (4).
وعموم المنزلة لغوية يشمل الحكم في هذه الصورة وغيرها.
خلافا للعماني، فحيضة (5)، للمستفيضة الأخر:
منها الصحيحان، أحدهما مروي عن قرب الإسناد: عدة المتعة
حيضة (6)، كما فيه.
وفي الثاني: كذلك، بزيادة " إن كانت تحيض " (7).
ومنها الخبر: عدتها خمسة وأربعون يوما أو حيضة مستقيمة (8).
ومنها المروي في الاحتجاج عن مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) - مشيرا

(1) تفسير العياشي 1: 233، الحديث 86.
(2) الوسائل 15: 484، الباب 52 من أبواب العدد الحديث 2.
(3) المصدر السابق: 470، الباب 40 الحديث 3 و 5.
(4) الوسائل 14: 447، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 6.
(5) نقله في المختلف 7: 232.
(6) قرب الإسناد: 159.
(7) الوسائل 14: 473، الباب 22 من أبواب المتعة الحديث 1.
(8) المصدر السابق: الحديث 4.
302

إلى عدتها - بأن أقل العدة حيضة وطهرة تامة (1).
ومنها المروي في البحار من خبر المفضل الوارد في الغيبة، وفيه: في
ذكر الشرائط وعليك الاستبراء خمسة وأربعون يوما، أو حيضا واحدا (2).
ونحوه المقطوع (3).
وهي وإن استفاضت إلا أن ما عدا الصحيحين منها قاصرة الأسانيد
ضعيفة التكافؤ كالصحيحين، لما مر، لاعتضاده بالشهرة، والأصل، وأوفقيته
بما سيأتي من القولين. فإطراحها أو التأويل بما يؤول إليه لازم في البين.
وللمقنع فحيضة ونصف (4)، للصحيح: وإذا انقضت أيامها وهو حي
فحيضة ونصف مثل ما يجب على الأمة (5).
والجواب السابق ثمة جار هنا بطريق أولى، مع أن مقتضاه كون ذلك
عدة الأمة، وقد عرفت النصوص الصحيحة والمعتبرة المعتضدة بالشهرة
وغيرها، المصرحة بالحيضتين فيها، وليس يقاوم واحدا منها فضلا عن
الجميع. وهذا القول مما لا يرتاب في فساده جدا.
وللمفيد (6) والحلي (7) والمختلف، فقرءان، أي طهران (8)، للصحيح في
الأمة طلاقها تطليقتان وعدتها قرءان (9)، مع ما مر من الصحيح المشبة
للمتعة بها في العدة، وسيأتي في اعتداد الدائمة المطلقة بالأقراء أن المراد
منها الأطهار.

(1) الاحتجاج: 489.
(2) البحار 53: 30.
(3) الوسائل 13: 38، الباب 10 من أبواب بيع الحيوان الحديث 6.
(4) المقنع: 341.
(5) الوسائل 15: 484، الباب 52 من أبواب العدد الحديث 1.
(6) المقنعة: 536.
(7) السرائر 2: 625.
(8) المختلف 7: 232.
(9) الوسائل 14: 409، الباب 12 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث 1.
303

وفيه: أولا: أن القرء أعم لغة من الطهر والحيض، ومشترك لفظا بينهما،
وإرادة الأول منه ثمة غير ملازم لإرادته هنا.
وثانيا: إفصاح ما قدمناه من الصحاح وغيرها عن إرادة الثاني هنا، وإلا
لوقع التعارض، والأصل العدم. وعلى تقديره فلا ريب أن الرجحان معها
جدا، لوجوه لا تخفى.
وربما استدل لهذا القول بأخبار الحيضة الواحدة بوجه ظاهر الفساد.
فإذا المصير إلى القول الأول أقوى.
* (وإن كانت ممن تحيض) * عادة * (و) * لكن * (لم تحض) * لآفة * (ف‍) *
عدتها حرة كانت أو أمة * (خمسة وأربعون يوما) * إجماعا، نصا (1)، وفتوى.
* (ولو مات عنها) * وهي حرة حائل * (ففي) * مقدار * (العدة) * فيها
* (روايتان أشبههما) * وأشهرهما - كما حكاه جماعة (2) من أصحابنا - إنها
* (أربعة أشهر وعشرة أيام) * مطلقا، سواء كانت مدخولا بها أم لا، لعدم
الفرق بينهما إجماعا، للأصل، وللصحيحين:
في أحدهما: ما عدة المتعة إذا مات الذي يتمتع بها، قال: أربعة أشهر
وعشرا (3).
وفي الثاني: عن المرأة يتزوجها الرجل متعة ثم يتوفى عنها هل عليها
العدة، قال: تعتد أربعة أشهر وعشرا (4).
وأيد بعموم الآية: " والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا " (5) الآية.
وليس فيها دلالة بناء على عدم صدق الزوجة عليها أولا وإنما هي

(1) الوسائل 15: 477، الباب 45 من أبواب العدد الحديث 1.
(2) النهاية 2: 486، والمهذب 2: 244.
(3) الوسائل 15: 484، الباب 52 من أبواب العدد الحديث 2.
(4) المصدر السابق: الحديث 1.
(5) البقرة: 234.
304

مستأجرة، وعدم العموم فيها بناء على عدم إفادة الجمع المنكر إياه ثانيا.
خلافا للمفيد (1) والمرتضى (2) والعماني (3) وسلار (4)، فشهران وخمسة
أيام، بناء على أنها عدة الأمة فتثبت هنا، بالإضافة إلى الصحيح المتقدم
المسوي بينهما، وللمرسل: عن رجل تزوج امرأة متعة ثم مات عنها ما
عدتها؟ قال: خمسة وستون يوما (5).
وفي الجميع نظر، لمنع إطلاق كون ذلك عدة الأمة، بل مختص بغير ذات
الولد، مع احتمال المنع مطلقا وإن كان الأشهر الثبوت كذلك.
ومنع التسوية بينهما هنا على تقدير الثبوت في الأمة مطلقا، إما لظهور
سياق الصحيح في التسوية في عدة الطلاق خاصة بل صريح فيه للتصريح
فيه بالتسوية بينهما وبين الدائمة في عدة الوفاة، وأنه أربعة أشهر وعشرا
مطلقا، أو لزوم التخصيص بالصحيحين، وإطلاق الأخبار الكثيرة بأن الأمة
على النصف من الحرة (6)، الشامل للمقام.
والخبر لضعفه وإرساله وعدم مكافئته لما مر غير صالح للاستناد إليه،
ولذا حمله الشيخ (7) وجماعة على الأمة المتمتع بها، بناء على أن ذلك
عدتها، إما مطلقا كما عن المشهور بين متقدمي الأصحاب، أو مقيدا بغير
ذات الولد كما عن الشيخ (8) وكثير من الأصحاب، حتى ادعى بعضهم - بل
جمع - عليه الشهرة المتأخرة، بل والمتقدمة. ولا بأس به، جمعا بين
المستفيضة المثبتة لذلك فيها مطلقا، كالصحيح: الأمة إذا توفى عنها زوجها

(1) المقنعة: 536.
(2) الإنتصار: 275.
(3) نقله في المختلف 7: 234.
(4) المراسم: 165.
(5) الوسائل 15: 485، الباب 52 من أبواب العدد الحديث 4.
(6) المصدر السابق: الحديث 2.
(7) التهذيب 8: 158، ذيل الحديث 547.
(8) الاستبصار 3: 351، ذيل الحديث 1254.
305

فعدتها شهران وخمسة أيام (1). والمثبتة لعدة الدائمة فيها كذلك، كالصحيح:
أن الأمة والحرة كلتيهما إذا مات عنها زوجها سواء في العدة، إلا أن الحرة
تحد والأمة لا تحد (2)، لشهادة الصحيحين بذلك.
في أحدهما: عن الأمة إذا طلقت ما عدتها؟ قال: حيضتان أو شهران
قلت: فإن توفي عنها زوجها، فقال: إن عليا (عليه السلام) قال: في أمهات الأولاد
لا يتزوجن حتى يعتدن أربعة أشهر وعشرا وهن إماء (3).
وفي الثاني: عن رجل كانت له أم ولد فزوجها من رجل فأولدها غلاما
ثم إن الرجل مات فرجعت إلى سيدها أله أن يطأها؟ قال: تعتد من الزوج
أربعة أشهر وعشرا، الحديث (4).
ولكن ليس فيهما التقييد بذلك حتى يقيد بهما إطلاق الأخيرة، ولذا
رجح القول بمضمونها جماعة، حملا للأدلة على التقية وإن اشتهرت بين
متقدمي الطائفة.
وهو وإن كان محل مناقشة، إلا أن أصالة بقاء الحرمة والتأيد بظاهر
إطلاق الآية والاحتياط في الفروج يقتضي المصير إلى ما ذكروه البتة، سيما
في أمهات الأولاد، بل للقطع بذلك فيهن مجال بالضرورة، لاشتهار الحكم
فيهن بين متأخري الأصحاب قطعا، مع إشعار الصحيح الأول من
الصحيحين، بل وظهوره في اختصاصه بهن من حيث وقوع السؤال عن
مطلق الأمة المتوفى عنها زوجها، وتخصيص الجواب بالحكم المذكور بهن،
ولو عم الحكم لما كان له - مع لزوم مراعاة مطابقة السؤال للجواب - وجه
سوى ما ذكرنا البتة. فتدبر.
فدلالته على التفصيل واضحة، وسلسلة السند صحيحة، معتضدة

(1) الوسائل 15: 473 و 472، الباب 41 من أبواب العدد الحديث 6 و 2.
(2) الوسائل 15: 473 و 472، الباب 41 من أبواب العدد الحديث 6 و 2.
(3) الوسائل 15: 472، الباب 42 من أبواب العدد الحديث 1 و 3.
(4) الوسائل 15: 472، الباب 42 من أبواب العدد الحديث 1 و 3.
306

بالشهرة المتأخرة صريحا، والمتقدمة في الجملة، كاعتضادها بالأصول
المسلمة، وظاهر الآية كذلك.
فالقول بالتفصيل غير بعيد جدا، ويأتي تمام التحقيق في بحث العدد إن
شاء الله تعالى.
وإذا كانت حاملا فأبعد الأجلين من المدة المضروبة في الطلاق وانقضاء
الأجل من الأربعة أشهر وعشرا، أو النصف منه على الاختلاف، ومنها إلى
وضع الحمل بالإجماع في الظاهر، وعموم الآية " وأولات الأحمال أجلهن
أن يضعن حملهن " (1) المؤيد بأصالة بقاء الحرمة، وعمل الطائفة. فيخص بها
أو يقيد إطلاق الآية الأولى في صورة، ويعكس في أخرى.
* (السابعة: لا يصح تجديد العقد) * عليها مطلقا دائما أو منقطعا * (قبل
انقضاء الأجل) * على الأشهر الأظهر، كما عن الشيخ (2) والقاضي (3)
والحلي (4)، لمفهوم الصحيح: لا بأس بأن تزيدك وتزيدها إذا انقضى الأجل
فيما بينكما (5)، وصريح الخبر: يتزوج المرأة متعة فيتزوجها على شهر ثم
إنها تقع في قلبه فيحب أن يكون شرطه أكثر من شهر فهل يجوز أن يزيدها
في أجرها ويزداد في الأيام قبل أن تنقضي أيامه التي شرط عليها؟ فقال:
لا يجوز شرطان في شرط، قلت: فكيف يصنع؟ قال: يتصدق عليها بما بقي
من الأيام ثم يستأنف شرطا جديدا (6).
خلافا لصريح ابن حمزة (7) وظاهر العماني (8) كما في المختلف،

(1) الطلاق: 4.
(2) النهاية 2: 382.
(3) المهذب 2: 243.
(4) السرائر 2: 625.
(5) الوسائل 14: 475، الباب 23 من أبواب المتعة الحديث 2.
(6) المصدر السابق: 478، الباب 24 من أبواب المتعة الحديث 1.
(7) الوسيلة: 310.
(8) نقله عنه في المختلف 7: 245.
307

فجوزاه قبل الأجل، للأصل السالم عن معارضة شغلها بعقد غيره، وكونها
مشغولة بعقده لا يمنع من العقد عليها مدة أخرى، كما لو كانت مشغولة
بعدته (1).
والأصل يجب الخروج عنه بما مر والثاني اجتهاد في مقابلته، وهو غير
جائز، إلا على تقدير عدم حجية المفهوم، وعدم جابر للخبر، وهما في محل
المنع، وليس في الخبرين منافاة للقول بجواز العقد منفصلا، لاحتمال كون
المنع فيهما من حيث الجمع لا مطلقا، وربما أفصح عنه التعليل في الأخير.
فالقدح بهما عليه ليس في محله ظاهرا.
* (و) * مقتضاهما أنه * (لو أراد العقد) * عليها مطلقا * (وهبها ما بقي
من المدة واستأنف) * العقد ولا عدة عليها منه، وعليه دلت النصوص الأخر:
كالصحيحين: فإذا مضت تلك الأيام كان طلاقها في شرطها، ولا عدة لها
عليك (2).
ونحوهما المرسل: لمن أجمع على تصحيح ما يصح عنه: إن الرجل إذا
تزوج المرأة متعة كان عليها عدة لغيره، فإذا أراد هو أن يتزوجها لم يكن
عليها منه عدة يتزوجها إذا شاء (3).
وظاهرهم الإجماع عليه، وهو مقتضى الأصل، مع انتفاء المانع.
* * *

(1) المختلف 7: 245.
(2) الوسائل 14: 466 و 470، الباب 18 و 20 من أبواب المتعة الحديث 3.
(3) المصدر السابق: 475، الباب 23 الحديث 3.
308

* (القسم الثالث) *
* (في) * بيان * (نكاح الإماء والعبيد) *
* (والنظر) * فيه * (إما في العقد، وإما في الملك) *.
* (أما العقد) *
* (فليس للعبد ولا للأمة أن يعقدا لأنفسهما نكاحا ما لم يأذن
المولى) * إجماعا، للنصوص المستفيضة الآتية، مع أنهما ملك له، فلا
يتصرفان في ملكه بغير إذنه، لقبحه.
* (ولو بادر أحدهما) * فعقد لنفسه بدون إذنه * (ففي وقوفه على
الإجازة) * وصحته معها وعدمها مع العدم * (قولان، ووقوفه على الإجازة
أشبه) * وأشهر، لما مضى في الدوام من الإجماع عن الانتصار (1) مطلقا،
والخلاف والسرائر هنا، والنصوص المستفيضة:
منها الصحيح: عن مملوك تزوج بغير إذن سيده، فقال: ذلك إلى سيده إن
شاء أجازه وإن شاء فرق بينهما (2).
ومنها الصحيح: إني كنت مملوكا لقوم وإني تزوجت امرأة حرة بغير إذن

(1) لقد أعرضنا في هذا القسم عن تخريج الأقوال المنقولة، لما نرى من عدم الفائدة.
(2) الوسائل 14: 523، الباب 24 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
309

موالي ثم أعتقوني بعد ذلك فأجدد نكاحي إياها حين أعتقت، فقال له: أكانوا
علموا أنك تزوجت امرأة وأنت مملوك لهم؟ فقال: نعم وسكتوا عني
ولم يعيروا علي، قال: فسكوتهم عنك بعد علمهم إقرار منهم أثبت على
نكاحك الأول (1).
وعلى هذا تكون الإجازة كاشفة عن الصحة من حين إيقاع الصيغة
كغيره من العقود الفضولية.
خلافا للنهاية، فهي كصيغة مستأنفة، وربما أول بما يؤول إلى الأول فلا
مخالفة. وخلافا لجماعة، فحكموا بالبطلان، إما مطلقا بناء على بطلان عقد
الفضولي إما مطلقا أو النكاح منه خاصة، أو بطلان هذا خاصة نظرا إلى أنه
منهي عنه لقبح التصرف في ملك الغير، وللنصوص، فيكون فاسدا، ولما روي
عن النبي (صلى الله عليه وآله): أيما مملوك تزوج بغير إذن مولاه فنكاحه باطل (2).
وكلية الكبرى والسند ممنوعان، مع أنهما لما مضى غير مكافئين.
فتخص به الأولى، ويرفع اليد عن الثاني، أو يؤول إلى البطلان في صورة
دوام عدم الإذن، أو النهي عنه ابتداء.
وإما في الأمة خاصة، كما عن ابن حمزة، فخص الإجازة بعقد العبد دون
الأمة، عملا بظواهر النصوص المتقدمة المثبتة للإجازة فيه خاصة، ورجوعا
في غيره إلى النهي المفيد للبطلان.
والثاني ممنوع، والنصوص وإن اختص أكثرها به، إلا أن الصحيح الأول
منها ظاهر العموم لها، إما لإطلاق لفظ المملوك فيه الصالح لهما، أو لما في
ذيله من تعليل الحكم بالصحة مع الإجازة ردا لجمع من العامة الحاكمين
بالبطلان بالمرة، بأنه لم يعص الله، بل عصى سيده، وهو آت هنا.

(1) المصدر السابق: 525، الباب 26 الحديث 1.
(2) سنن البيهقي 7: 127.
310

نعم في الخبر: إن كان الذي يزوجها إياه من غير مواليها فالنكاح
فاسد (1).
وهو مع عدم وضوح سنده غير صريح في الدلالة على البطلان ولو مع
الإجازة، فيحتمل الاختصاص بصورة عدمها.
ولا ينافيه الحكم بالفساد ابتداء على الإطلاق، ألا ترى إلى الصحيح
الحاكم بفساد تزويج المكاتب بدون إذن سيده بقوله: " ونكاحه فاسد
مردود " ومع ذلك حكم بالصحة مع الإجازة، فقال بعد ذلك بعد أن قيل له
فإن سيده علم بنكاحه ولم يقل شيئا، قال: إذا صمت حين يعلم ذلك فقد
أقر (2)، إلى آخره. فتأمل.
هذا، مضافا إلى الإجماع المحكي عن الانتصار كما مضى.
فإذا القول بالتفصيل ضعيف جدا.
ويستفاد من الأخير - كالصحيح الثاني وغيرهما (3) - الاكتفاء في
الإجازة بالسكوت، كما عن الإسكافي، وصرح به جماعة. ولا بأس به،
إلا أن مراعاة الألفاظ الصريحة فيها أولى.
* (وإن أذن المولى) * ابتداء أو أخيرا * (ثبت في ذمة مولى العبد المهر
والنفقة) * على الأشهر الأظهر، للخبر المعتبر دلالة وسندا - لأن فيه من
أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه -: في رجل تزوج مملوكا له
امرأة حرة على مائة درهم ثم إنه باعه قبل أن يدخل عليها، فقال: يعطيها
سيده من ثمنه نصف ما فرض لها، إنما هو بمنزلة دين استدانه بإذن سيده (4).

(1) الوسائل 14: 577، الباب 67 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) المصدر السابق: 525، الباب 26 الحديث 2.
(3) الوسائل 14: 525، الباب 26 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
(4) الوسائل 15: 79، الباب 60 من أبواب المهور الحديث 1.
311

وعدم القول بالفرق بين النفقة والمهر والإذن السابق واللاحق والتعليل
العام لها يوجبان العموم، سيما الأخير، لظهوره في أن الإذن صار منشأ لتعلق
دين العبد مطلقا بذمة المولى، وهو حاصل هنا.
قيل: وقريب منه آخر: عن رجل تزوج عبده بغير إذنه فدخل بها ثم
اطلع على ذلك مولاه، قال: ذلك إلى مولاه إن شاء فرق بينهما، وإن شاء
أجاز نكاحهما فإن فرق بينهما فللمرأة ما أصدقها، إلا أن يكون اعتدى
فأصدقها صداقا كثيرا (1)، الخبر. لظهوره في تعلق الصداق بذمة المولى،
إذ لولاه لما كان لاشتراط عدم الزيادة والكثرة وجه.
وفيه نظر ظاهر. فتأمل.
وعلل الحكم أيضا بأن الإذن في النكاح إذن في توابعه ولوازمه، كما لو
أذن له في الإحرام بالحج فإنه يكون إذنا في توابعه من الأفعال وإن لم يذكر.
وحيث كان المهر والنفقة لازمين للنكاح والعبد لا يملك شيئا وكسبه
من جملة أموال المولى كان الإذن فيه موجبا لالتزام ذلك، من غير أن يتقيد
بنوع خاص من ماله كباقي ديونه، فيتخير بين بذله من ماله، ومن كسب العبد
إن وفى به، وإلا وجب عليه الإكمال.
خلافا لأحد قولي الشيخ، فعلقه بكسب العبد، وعن العلامة احتمال
تعلقه برقبته.
وهما ضعيفان، كضعف عللهما، مع أنهما اجتهاد في مقابلة الخبر المنجبر
قصوره بالشهرة بين الأصحاب، مع اعتباره في نفسه لما مر، ويعضده
الموثق: عن رجل أذن لغلامه في امرأة حرة فتزوجها ثم إن العبد أبق من
مواليه فجاءت امرأة العبد تطلب نفقتها من مولى العبد، فقال: ليس لها على

(1) الوسائل 14: 523، الباب 24 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2.
312

مولى العبد نفقة وقد بانت عصمتها، لأن إباق العبد طلاق امرأته (1) الخبر.
بناء على أن قوله (عليه السلام): " وقد بانت " في حكم التعليل، لنفي النفقة عن المولى
المشعر بثبوتها، مع عدم حصول مقتضاه، مع إشعاره من وجه آخر، وهو
ظهوره في شيوع مطالبة الموالي بنفقة زوجات العبيد. فتدبر.
* (ويثبت لمولى الأمة المهر) * لأنها ومنافعها له، ولا خلاف فيه.
* (ولو) * تزوج عبد بأمة غير مولاه ف‍ * (لم يأذنا) * أو أذنا معا فوطأها
جاهلين بالفساد وحصل ولد * (فالولد لهما) * بينهما نصفين، لأنه نماء
ملكهما، ولا مزية لأحدهما على الآخر، والنسب لاحق بهما، بخلاف باقي
الحيوانات، فإن النسب غير معتبر.
والنمو والتبعية فيه لاحق بالأم خاصة كذا فرق. وفيه خفاء. وهذا الحكم
مشهور بين الأصحاب.
خلافا للمحكي عن الحلبي، فألحقه بمولى الأم، قياسا بالحيوانات.
وفيه نظر، لمخالفته الأصل، وعدم دليل على الترجيح. والقياس بمجرده
غير كاف.
* (ولو أذن أحدهما كان للآخر) * الذي لم يأذن في ظاهر الأصحاب،
بل في المسالك ظاهرهم الاتفاق عليه. وهو الحجة فيه لو تم، دون النص
المدعى، لعدم الوقوف عليه، ولا التعليل بأن الإذن قد أقدم على فوت الولد
منه، فإن المأذون قد يتزوج من ليس برق فينعقد الولد حرا، بخلاف من لم
يأذن فيكون الولد له خاصة، لما في الفرق من الإشكال فيما لو انحصر إذن
الآذن في وطء المملوكة، فإنه لم يضع الولد حينئذ.
ويشكل الحكم فيما لو اشترك أحد الزوجين بين اثنين فأذن مولى
المختص وأحد الشريكين دون الآخر، أو تعدد مولى كل منهما، فإنه خارج

(1) الفقيه 3: 454، الحديث 4571.
313

عن موضع النص المدعى والفتوى، فيحتمل كونه كذلك فيخص الولد بمن لم
يأذن، اتحد أم تعدد. واشتراكه بين الجميع على الأصل حيث لا نص، وهو
أقوى هنا قطعا، بل لا بأس به فيما مضى، لعدم القطع بالنص والإجماع.
ودعوى ظهور الوفاق مع عدم الجزم عليها غير صالحة للخروج عن
مقتضى الأصل المتيقن. إلا أن الاحتياط لا يترك، فإن المسألة محل إشكال،
ولذا تردد بعض متأخري الأصحاب في هذا المجال.
* (وولد المملوكين رق لمولاهما) * لما مضى.
* (ولو كانا لاثنين ف‍) * قد عرفت أن * (الولد بينهما بالسوية) * لكن
لا مطلقا، بل * (ما) * دام * (لم يشترط أحدهما) * الانفراد بالولد أو بأكثره،
إذ لو اشترط صح ولزم، لعموم " المؤمنون عند شروطهم " (1)، مع عدم
منافاته النكاح.
* (وإذا كان أحد الأبوين) * الزوج أو الزوجة * (حرا فالولد حر) * مطلقا
على الأشهر الأظهر، بل كاد أن يكون إجماعا (2) للنصوص المستفيضة:
منها الصحيح: عن رجل تزوج بأمة فجاءت بولد، قال: يلحق الولد
بأبيه، قلت: فعبد تزوج حرة، قال: يلحق الولد بأمه (3).
والصحيح: في العبد تكون تحته الحرة، قال: ولده أحرار، فإن أعتق
المملوك لحق بأبيه (4).
والمرسل كالصحيح: عن الرجل الحر يتزوج بأمة قوم الولد مماليك
أو أحرار، قال: إذا كان أحد أبويه حرا فالولد أحرار (5).

(1) الوسائل 15: 30، الباب 20 من أبواب المهور ذيل الحديث 4.
(2) في بعض النسخ زيادة: مع كونه من السرائر ظاهرا.
(3) الوسائل 14: 529، الباب 30 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2.
(4) الوسائل 14: 529، الباب 30 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 3 و 5.
(5) الوسائل 14: 529، الباب 30 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 3 و 5.
314

والنصوص به كادت تبلغ التواتر، ومع ذلك فسند بعضها معتبر، والباقي
بالشهرة منجبر، والجميع معتضد بالأصول منها النافي لتكاليف العبيد وثبوت
الحجر، والعمومات الدالة على صحة المعاملات ووجوب الوفاء بها، والدالة
على جواز العقد على أربع حرائر وأنه نماء الحر في الجملة، وحق الحرية
مقدم، لأنها أقوى، ولذا بني العتق على التغليب والسراية.
ومقتضى إطلاق المرسل كالصحيح وغيره مع عموم الأصول عدم الفرق
بين ولد المعقودة والمحللة، مضافا إلى خصوص المعتبرة في الثاني، وسيأتي
الكلام فيه في باب التحليل.
خلافا للمحكي عن الإسكافي فيما إذا كان الزوج خاصة حرا أو مطلقا
على اختلاف الحكايتين، للمستفيضة الأخر:
منها الخبران: في أحدهما: لو أن رجلا دبر جارية ثم تزوجها من رجل
فوطأها كانت جاريته وولده منه مدبرين، كما لو أن رجلا أتى قوما فتزوج
إليهم مملوكتهم كان ما أولد لهم مماليك (1).
وفي الثاني: أمة كان مولاها يقع عليها ثم بدا له فزوجها ما منزلة ولدها،
قال: بمنزلتها إلا أن يشترط زوجها (2).
وهما قاصران سندا، فلا يعارضان ما مر جدا.
نعم في الصحيحين ما يوافقهما، إلا أنهما كالأول ليسا نصين في حرية
الزوج، وإنما غايتهما الإطلاق، فليحمل على العبد - وإن بعد - جمعا.
والأولى حملهما على التقية، كما فعله جماعة، فقد صرح الشيخ في
الاستبصار بأن ذلك مذهب بعض العامة، ويؤيده مصير الإسكافي إليه، مع
انفراده به، كما تقدم غير مرة.
وبالجملة كثرة النصوص الأول واعتضادها بالشهرة العظيمة وحكاية

(1) الوسائل 14: 530، الباب 30 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 10، 12.
(2) الوسائل 14: 530، الباب 30 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 10، 12.
315

الإجماع المتقدمة والأصول المقررة توجب المصير إلى حذف الروايتين،
أو تأويلهما - وإن صح سندهما - إلى ما يؤول إليها.
ولا ينبغي أن يستراب في المسألة بمجردهما كما وقع لبعض أصحابنا،
بل الأجود الحكم صريحا بلحوق الولد بالحر من الأبوين.
* (إلا أن يشترط المولى) * على الحر * (رقيته) * فيجوز ويصير رقا
* (على) * قول مشهور بين الأصحاب، ضعيف المأخذ، لأنه رواية متزلزلة
بحسب السند، فتارة مسندة، وأخرى مقطوعة مروية، ومع ذلك ففيه أبو
سعيد المكاري، وهو ضعيف البتة.
ومع ذلك فليس فيها دلالة، إذ غايتها الدلالة على أن ولد الحر مملوك
لمولى المملوكة، من دون تصريح فيها بالشرط، ولا إشارة، وإنما حملوها
على ما إذا شرط المولى الرقية، مضافا إلى ما مر فيها من المناقشة.
ومثل هذه الرواية لا تصلح مؤسسة لهذا الحكم المخالف للأصل، فإن
الولد إذا كان مع الإطلاق ينعقد حرا فلا تأثير في رقيته للشرط، لأنه ليس
ملكا لأبيه حتى يؤثر شرطه فيه. كما لا يصح اشتراط رقية من ولد حرا.
سيما مع ورود الأخبار الكثيرة المتقدمة الحاكمة بحرية من أحد أبويه حر،
من دون استفصال عن وقوع اشتراط الرقية أم لا بالمرة، مع ورودها في مقام
جواب السؤال، وذلك - كما قرر في الأصول - يقتضي العموم في المقال، مع
أن في بعضها: ليس يسترق الولد إذا كان أحد أبويه حرا، الخبر (1).
وليس في سنده سوى الحكم بن مسكين، وقد روى عنه ابن أبي نصر،
وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، ولعله لذا * (تردد) *
المصنف في الشرائع كاللمعة ظاهرا وهنا صريحا.
ثم على تقدير اشتراط رقيته في العقد أو التحليل وقلنا بعدم صحة

(1) الوسائل 14: 530، الباب 30 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 8.
316

الشرط هل يحكم بفساد العقد لعدم وقوع التراضي بدون الشرط الفاسد
كما في غيره من العقود المشتملة على الشروط الفاسدة، أم يصح ويبطل
الشرط خاصة؟
يحتمل الأول، لأن العقد يتبع القصد ولم يحصل إلا بالشرط، ولم يحصل.
والثاني، لأن عقد النكاح كثيرا ما يصح بدون الشرط الفاسد وإن لم
يصح غيره من العقود. وفي الأول قوة. وصحته في بعض الموارد لدليل
خارج لا يقتضي عمومها في جميع الموارد. وأولى بعدم الصحة لو كان
تحليلا، لتردده بين العقد والإذن، كما سيأتي.
ولا يلزم من ثبوت الحكم في العقد ثبوته في الإذن المجرد، بل يبقى
على الأصل.
وعلى هذا لو دخل مع فساد الشرط وحكمنا بفساد العقد كان زانيا مع
علمه بالفساد، وانعقد الولد رقا كنظائره.
نعم لو جهل الفساد كان حرا للشبهة، وإن قلنا بصحة الشرط لزم العقد به
ولم يسقط بالإسقاط بعد العقد، لأن ذلك مقتضى الوفاء به. مع احتماله تغليبا
للحرية - كما لو أسقط حق التحجير ونحوه - فيصح. ولا يخلو عن قوة.
* (ولو تزوج الحر أمة من غير إذن مالكها فإن وطأها قبل الإجازة
عالما) * بالحرمة ولا شبهة * (فهو زان) * بالضرورة، وعليه دلت المعتبرة: عن
الأمة تتزوج بغير إذن مواليها، قال: يحرم ذلك عليها، وهو زنا (1). فتأمل.
* (والولد رق للمولى) * مطلقا، جهلت الأمة أم لا، لأنه نماء ملكه
فيتبعه، وللصحيح: في رجل أقر على نفسه أنه غصب جارية فولدت
الجارية من الغاصب، قال: ترد الجارية والولد على المغصوب إذا أقر بذلك

(1) الوسائل 14: 528، الباب 29 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 3.
317

الغاصب، أو كانت عليه بينة (1)، مضافا إلى فحوى النصوص الدالة عليه
في صورة جهله بأنها أمة الغير، كما يأتي.
* (وعليه الحد) * بموجب الزنا، كما أن عليها ذلك لو علمت بالحرمة
من دون شبهة.
* (و) * كذا عليه * (المهر) * اتفاقا في الظاهر إن كانت جاهلة بالحكم
أو موضوعه، وعلى إطلاق العبارة وظاهر جماعة مطلقا ولو كانت عالمة،
لأنه عوض البضع، ولا مدخل للعلم والجهل.
وربما استدل عليه بفحوى الصحيح: قلت: أرأيت إن أحل له ما دون
الفرج فغلبته الشهوة فافتضها، قال: لا ينبغي له ذلك، قلت: فإن فعل أيكون
زانيا؟ قال: لا، ويكون خائنا، ويغرم لصاحبها عشر قيمتها إن كانت بكرا،
وإن لم تكن فنصف عشر قيمتها (2)، فإن ثبوت العوض هنا يقتضي ثبوته
في الزنا المحض بطريق أولى.
وهو حسن لو كان نصا في زنا الأمة، وليس فيه على ذلك دلالة.
وفيه نظر.
والأجود الاستدلال عليه بفحوى الصحيح الآخر الآتي في الأمة المدلسة
نفسها بدعوى الحرية، لتصريحه بأن عليه لمواليها العشر ونصف العشر.
ولكن الأولوية لا تقتضي أزيد من ثبوت نصف العشر مع الثيبوبة والعشر
مع البكارة، وهو غير ثبوت مهر المثل أو المسمى، فليس فيها دلالة عليهما،
كالتعليل السابق، لعدم الدليل على الكلية فيه، مع ما على العدم من أصالة
البراءة القطعية، ولذا اختاره جماعة.
وربما علله بعضهم: بأنها حينئذ بغي ولا مهر لبغي.

(1) الوسائل 14: 571، الباب 61 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2.
(2) المصدر السابق: 537، الباب 35 الحديث 1.
318

وظاهر لفظ المهر كاللام المفيدة للملكية أو الاختصاص أو الاستحقاق
- المنفي جميع ذلك عن الأمة - قرينة واضحة على اختصاص النص المتضمن
لذلك بالحرة.
والأجود القول بمضمون الصحيحين والحكم بالعشر مع البكارة، ونصفه
مع عدمها، لا مهر المثل أو المسمى، تبعا للمحكي عن ابن حمزة، لصحتهما،
وعدم تعقل الفرق بين المقام وموردهما، مع ما فيه من استلزام الثبوت فيه
الثبوت هنا بطريق أولى.
* (ويسقط الحد) * عنه * (لو كان جاهلا) * بالحكم أو الموضوع للشبهة
الدارئة، ولا تحد الأمة لو كانت كذلك لذلك * (دون المهر) * فيثبت مع جهلها
اتفاقا في الظاهر، وبه صرح بعضهم.
وهل هو المسمى، أو المثل، أو العشر ونصف العشر؟ أقوال. والأول:
ضعيف جدا. والثاني: قوي لولا النصوص المثبتة للثالث وإن اختصت
بمدعية الحرية والجارية المحللة، لعدم تعقل الفرق بالضرورة.
وكذا يثبت المهر مع علمها في المشهور ظاهرا، وربما قيل: بالعدم هنا،
كما تقدم، والكلام كما سبق.
* (ويلحقه الولد) * إجماعا في الظاهر. عملا بإطلاق النصوص الماضية
بلحوق الولد الحر من الأبوين، مضافا إلى الأصول المتقدمة ثمة والنصوص
الآتية الحاكمة بحرية الولد في تزويج الحر الأمة، المدعية للحرية إن قلنا بها.
ويشكل إن لم نقل بها، للنصوص الأخر، مع عدم تعقل الفرق. فتأمل.
* (و) * لكن * (عليه قيمته يوم سقط حيا) * للمولى، لأنه نماء ملكه،
وللنص الآتي في المسألة الآتية.
هذا كله مع عدم إجازة المولى العقد، أو معها وقلنا بأنها مصححة للعقد
من حينها. وأما لو قلنا بأنها كاشفة عن الصحة من حين العقد - كما هو
319

الأصح الأشهر - فيلحق به الولد مطلقا، ويسقط عنه الحد. وإن كان قد وطأ
محرما في صورة العلم فيلزم التعزير ويلزمه المهر المسمى.
* (وكذا) * يسقط عنه الحد ولزمه المهر ولحق به الولد مع قيمته يوم
سقط حيا * (لو ادعت الحرية فتزوجها على ذلك) * مع جهله بالحال، إما
لدعواها الحرية الأصلية بانيا على الظاهر، أو لحصول المظنة بصدقها وتوهم
جواز التعويل على مجردها، مع علمه بكونها مملوكة فيما مضى. ولا ريب
في سقوط الحد عنه، وكذا عنها إن كانت جاهلة، للشبهة الدارئة.
وأما لزوم المهر فهو ظاهر إطلاق الأصحاب، بل ادعى بعضهم إجماع
المسلمين، وصرح بالإجماع المفلح الصيمري. ولم يفرقوا بين كونها عالمة
أو جاهلة.
واختلفوا في تقديره على أقوال:
أحدها: المسمى كما عن الأكثر وهو ظاهر المتن.
وثانيها: المثل كما عن المبسوط. وهو الأقوى لولا النص بالعشر ونصف
العشر.
وثالثها: القول بمضمونه، وهو اختيار جماعة، وفاقا للمقنع والنهاية
والقاضي وابن حمزة.
ففي الصحيح: في رجل تزوج امرأة فوجدها أمة دلست نفسها، قال: إن
كان الذي زوجها إياه من غير مواليها فالنكاح فاسد، قلت: كيف يصنع بالمهر
الذي أخذت منه، قال: إن وجد مما أعطاها شيئا فليأخذه، وإن لم يجد شيئا
فلا شئ له عليها، وإن كان زوجها إياه ولي لها ارتجع على وليها بما أخذته
منه، ولمواليها عشر قيمتها إن كانت بكرا، وإن كانت غير بكر فنصف عشر
قيمتها بما استحل من فرجها، قلت: فإن جاءت منه بولد، قال: أولادها منه
320

أحرار إذا كان النكاح بغير إذن المولى (1). ونحوه الصحيح السابق إلا أنه
في الجارية المحللة.
وهو الأجود، لصحة الرواية، وخلوها عن المعارض، وإليها أشار بقوله:
* (وفي رواية يلزمه بالوطء عشر القيمة إن كانت بكرا، ونصف العشر إن
كانت ثيبا) *.
وحملها على ما إذا طابق أحد الأمرين المثل بعيد جدا لا داعي إليه
قطعا سوى القاعدة. والرواية بالإضافة إليها خاصة ينبغي العمل عليها
وتخصيصها بها البتة.
وظاهر التشبيه في العبارة حرية الولد تبعا لأبيه، كما في المسألة السابقة،
لكنه في الشرائع وافق الصدوق في المقنع والشيخ في النهاية وجماعة - بل
حكي عليه الشهرة - فحكم برقية الولد، للمعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: في رجل ظن أهله أنه قد مات أو قتل فنكحت امرأته
وتزوجت سريته فولدت كل واحد منهما من زوجها ثم جاء الزوج الأول
وجاء مولى السرية، فقضى في ذلك: أن يأخذ الأول امرأته فهو أحق بها،
ويأخذ السيد سريته وولدها، إلا أن يأخذ رضا من الثمن ثمن الولد (2).
ومنها الموثق: قضى علي (عليه السلام) في امرأة أتت قوما فخبرتهم أنها حرة
فتزوجها أحدهم وأصدقها صداق الحرة ثم جاء سيدها، فقال: ترد إليه،
وولده عبيد (3).
ونحوه الموثق: قضى علي (عليه السلام) في وليدة باعها ابن سيدها وأبوه غائب
فاشتراها رجل فولدت منه غلاما ثم قدم سيدها الأول فخاصم سيدها

(1) الوسائل 14: 577، الباب 67 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 579، الباب 67 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 6.
(3) المصدر السابق: 578، الحديث 4.
321

الآخر فقال: هذه وليدتي باعها ابني بغير إذني، فقال: خذ وليدتك وابنها (1)،
الحديث. وغير ذلك مما سيأتي.
لكنها معارضة بما مضى من الأصول، وإطلاق بعض النصوص في تبعية
الولد للحر من الأبوين أبا كان أو أما (2)، وخصوص الصحيح المتقدم في
تقدير المهر بالعشر ونصف العشر، والمعتبرين:
أحدهما الموثق: عن مملوكة قوم أتت غير قبيلتها فأخبرتهم أنها حرة
فتزوجها رجل منهم فولدت له، قال: ولده مملوكون، إلا أن يقيم لهم البينة
أنها شهد لها شاهدان أنها حرة فلا يملك ولده ويكونون أحرارا (3). ونحوه
الثاني، المروي حسنا تارة (4)، وضعيفا أخرى (5).
وفيهما كما ترى تصريح بالحرية، مع قيام البينة عليها حين المناكحة،
وهما وإن دلا على الرقية مع عدمها، لكنهما ليسا نصين في تحقق الشبهة
حينئذ. فيحتملان - كباقي الروايات المتقدمة - الحمل على صورة عدمها.
ومنه يظهر فساد الاستدلال بهما للقول الأول، فلا بأس بالمصير إلى
الحرية، وفاقا لجماعة منهم ظاهر الماتن هنا.
إلا أن المسألة بعد لا تخلو عن ريبة، لكن الذي يقتضيه الجمع بين
الروايات هو حرية الولد مع قيام البينة على حرية الأمة وصحة دعواها،
ورقيته مع عدمها، وبذلك صرح الشيخ في النهاية وابن البراج وابن حمزة،
وبه صرحت الروايتان الأخيرتان. ويجمع بهما بين إطلاق كل من الروايات
الحاكمة بالحرية والرقية على الإطلاق.
ومرجع هذا القول إلى رقية الولد لو تزوج بمجرد دعواه، كما هو فرض

(1) الوسائل 14: 591، الباب 88 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) المصدر السابق: 578، الباب 67 الحديث 1 و 2 و 3.
(3) المصدر السابق: 578، الباب 67 الحديث 1 و 2 و 3.
(4) المصدر السابق: 578، الباب 67 الحديث 1 و 2 و 3.
(5) الكافي 5: 405، الحديث 3.
322

المسألة، ولذا نسب إلى الشيخ والجماعة القول به على الإطلاق، بناء على
فرض المسألة، إذ التزويج بدعواها مع البينة على صدقها خارج عن فرض
المسألة.
* (و) * كيف كان فلا خلاف في الظاهر، بل عليه الوفاق في المسالك
والإجماع في شرح ابن المفلح أنه * (لو أولدها) * أولادا وجب عليه * (فكهم
بالقيمة) * يوم سقوطهم حيا، ووجب على مولى الجارية قبول القيمة ودفع
الولد بها، للصحيح: في رجل تزوج جارية رجل على أنها حرة ثم جاء
رجل فأقام البينة على أنها جاريته، قال: يأخذها ويأخذ قيمة ولدها (1).
وفي الصحيح السابق دلالة بجواز الفك بالقيمة، ونحوه الموثق الآتي.
ولا تظهر ثمرة الخلاف في ذلك، بل فيما لو لم يدفع القيمة لفقر وغيره،
فعلى القول بالحرية تبقى دينا في ذمته والولد حر، وعلى القول الآخر تتوقف
الحرية على دفع القيمة.
* (ولو عجز) * عن القيمة * (استسعي في قيمتهم) * وجوبا، بلا خلاف
بين القائلين بالرقية كما قيل، وكذا عند بعض من قال بالحرية، لموثقة
سماعة: عن مملوكة أتت قوما وزعمت أنها حرة فتزوجها رجل منهم
وأولدها ولدا ثم إن مولاها أتاهم فأقام البينة أنها مملوكة وأقرت الجارية
بذلك، فقال: تدفع إلى مولاها هي وولدها، وعلى مولاها أن يدفع ولدها إلى
أبيه بقيمته يوم يصير إليه، قلت: فإن لم يكن لأبيه مال يأخذ ابنه؟ قال:
يستسعى أبوه في ثمنه حتى يوفيه ويأخذ ولده، قلت: فإن أبى الأب أن
يسعى في ثمن ابنه، قال: فعلى الإمام أن يفتديه ولا يملك ولد حر (2).
والعمل بها متجه على القول بالرقية، ومشكل على القول الآخر، لتضمنها

(1) الوسائل 14: 580، الباب 67 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 8.
(2) الوسائل 14: 579، الباب 67 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 5.
323

ما لا يوافقه، بل وعلى الأول أيضا، لمعارضتها لإطلاق الآية: " وإن كان ذو
عسرة فنظرة إلى ميسرة " (1) مع أصالة براءة الذمة، إلا أن التقييد متجه على
القول الأول، لاعتبار سند الرواية بالموثقية، وعمل جماعة، مضافا إلى الشهرة
المحكية. والحمل على الاستحباب بعيد، غير مطابق للأصول المرعية.
* (و) * يستفاد منها فيما * (لو أبى) * الأب * (عن الاستسعاء) * ما
* (قيل) * من أنه * (يفتديهم الإمام) * كما عن النهاية وابن حمزة.
* (و) * أجاب عنهما المصنف تبعا لجماعة: بأنه * (في المستند ضعف) *
بسماعة، وليس كذلك، بل هو موثق على المشهور، وقيل: ثقة.
فالعمل بها متجه، مع أن ضعفها كما يمنع من العمل بها هنا كذا يمنع من
العمل بها في وجوب الاستسعاء، إذ لا دليل عليه سواها لا من إجماع
ولا سنة غيرها. فالحكم هناك قطعي، والتردد هنا مع اتحاد المستند لا وجه
له جدا.
وليس فيه الدلالة على ما يفك به الإمام هل هو من سهام الرقاب كما
عن الشيخ وابن حمزة، أو من بيت المال كما اختاره العلامة ولكنه أوفق
بالأصول المقررة على تقدير القول بحرية الولد، لكونه معدا لمصالح
المسلمين والمقام منها.
والأول أوفق على القول بالرقية كما هو مختار القائل، لكنه يتوقف إما
على عدم اعتبار كون العبد تحت الشدة، أو وجودها، أو عدم وجود
المستحق أصلا. وأما على القول باعتباره مع ترفه الولد ووجود المستحق
فمشكل قطعا. ولا بأس بالمصير إلى الثاني حينئذ إن لم يكن إحداث قول.
* ([ولو لم يدخل بها فلا مهر] ولو تزوجت الحرة عبدا مع العلم) *

(1) البقرة: 280.
324

منها بالرقية والحرية مع عدم الإذن والإجازة * (فلا مهر) * لها مع عدم
الدخول قطعا، وكذا معه، إذ لا مهر لبغي. وللخبر: أيما امرأة حرة زوجت
نفسها عبدا بغير إذن مواليه فقد أباحت فرجها، ولا صداق لها (1).
* (وولدها رق) * لمولى العبد، إذ لا نسب مع الزنا. [وفي ثبوت الحد
وجهان] (2).
* (ومع الجهل) * منها بالأمرين أو بأحدهما * (يكون الولد حرا) * تبعا
لأشرف الأبوين، مع عدم المانع من جهة الجهل، كما مضى.
* (ولا يلزمها قيمة الولد) * للأصل، واختصاص المثبت من النص
والفتوى بصورة العكس.
* (ويلزم العبد) * مع الدخول في مقابل البضع المحترم * (مهرها) * المثل
دون المسمى * (إن لم يكن مأذونا) * من المولى، لفساد العقد * (فيتبع به إذا
أعتق) * ومع الإجازة فالمسمى قطعا هنا، وفي السابق أيضا.
وفي سقوط الحد إن أوجبناه فيه ولحوق الولد معها وجهان، مبنيان على
أنها هل هي كاشفة عن الصحة كما هو الأشهر الأظهر، أم ناقلة من حينها؟
والحكم بحرية الولد هنا هو المشهور بين الأصحاب.
خلافا للمحكي عن المفيد، فحكم بالرقية مطلقا ولو هنا، للخبر: في
رجل دبر غلاما له فأبق الغلام فمضى إلى قوم فتزوج منهم ولم يعلمهم أنه
عبد فولد له أولاد وكسب مالا ومات مولاه الذي دبره فجاء ورثة الميت
الذي دبر العبد فطالبوا العبد فما ترى؟ فقال: العبد وولده لورثة الميت، قلت:
أليس قد دبر العبد؟ قال: إنه لما أبق هدم تدبيره ورجع رقا (3).

(1) الوسائل 14: 524، الباب 24 من أبواب نكاح العبيد والإماء، الحديث 3.
(2) لم يرد في بعض النسخ.
(3) الوسائل 14: 527، الباب 28 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
325

وفي سنده جهالة، فليس فيه حجة، مضافا إلى معارضته لما مر من إطلاق
المستفيضة الدالة على تبعية الولد للحرية في أب كانت أم أم بالضرورة،
المعتضدة بالشهرة هنا وثمة، المؤيدة بفحوى المعتبرة الدالة على حرية الولد
في صورة عكس المسألة. فتأمل.
ومع ذلك فليس نصا في حرية الزوجة، فيحتمل الحمل على تزويجه
بالأمة، ويكون تخصيص الأولاد فيه بمولى العبد دون مولى الأمة، مبنيا على
ما مضى من اختصاصهم بمن لم يأذن وحرمان الآذن. فتأمل.
* (ولو تسافح المملوكان فلا مهر) * للأصل، وانتفاء المخرج عنه،
لاختصاصه بغيره، وانتفاء ما يوجب التعدية.
* (والولد رق لمولى الأمة) * اتفاقا هنا، كما حكي، لأنه نماؤها، مع
انتفاء النسب عن الزاني، مضافا إلى إطلاق المستفيضة المتقدمة، الناصة
بالحكم في تزويج الأمة المدعية للحرية، أو فحواها إن اختصت بتزويجها
من الحر، كما هو المتبادر منها، لكن الاستناد إليها هنا يتوقف عليه ثمة.
* (وكذا) * الحكم * (لو زنى بها) * أي بالأمة المملوكة للغير * (الحر) * من
دون إشكال إلا في نفي المهر، فقد قيل: بثبوت العقر هنا، لفحوى الصحيح
المتقدم في إثبات العشر أو نصفه على من وطأ الأمة المحللة له في وجوه
الاستمتاعات دون الوطء، إذ ثبوت أحد الأمرين ثمة مستلزم لثبوته هنا
بطريق أولى.
وفيه ما مر من الإشكال من عدم التصريح فيه بعلم الأمة بالحرمة، فلعل
العقر للجهالة.
والأجود الاستدلال عليه بفحوى ما مر من الصحيح الصريح في ثبوت
العقر على تزويج الأمة المدعية للحرية، الظاهر في جهل الزوج وعلم الأمة.
وثبوت المهر ثمة يستلزم ثبوته هنا بطريق أولى، كما لا يخفى. فالأحوط
326

إعطاء العقر أو استرضاء مولى الأمة بصلح ونحوه.
* (ولو اشترى الحر) * المتزوج بأمة بين شريكين بإذنهما * (نصيب أحد
الشريكين من زوجته بطل عقده) * لامتناع عقد الانسان على أمته لنفسه
مطلقا ابتداء واستدامة، الملازم لبطلان العقد بالإضافة إلى حصته المنتقلة إليه
بالشراء، ويلزمه البطلان بالإضافة إلى الجميع، لعدم تبعض العقد، وانتفاء
الكل بانتفاء الجزء. وللموثق: عن رجلين بينهما أمة فزوجاها من رجل ثم
إن الرجل اشترى بعض السهمين، قال: حرمت عليه باشترائه إياها وذلك أن
بيعها طلاقها إلا أن يشتريها جميعا (1).
ومع بطلان العقد رأسا يحرم الوطء مطلقا جدا، لاستلزامه التصرف في
ملك الغير بدون إذنه، وهو محرم قطعا.
* (ولو) * حصل الإذن بأن * (أمضى الشريك) * الآخر المالك * (العقد لم
يحل وطؤها) * على الأشهر الأظهر أيضا، لأن العقد إن كان بطل بالشراء -
كما هو الظاهر - فكيف يصير بالرضا صحيحا! وإن لم يبطل فلا وجه لاعتبار
رضاه، لوقوعه أولا به، ولم يتجدد له ملك، فلا يقف على إجازته، ومع ذلك
يعضده إطلاق النص السابق.
فخلاف الشيخ الطوسي والقاضي هنا حيث حكما بالحل مع الإمضاء
ضعيف جدا، لا وجه له أصلا، ولذا حمل عبارتهما على ما يؤول إلى المختار
تغاربا (2) من فتواهما بما لا وجه له رأسا. وهو حسن وإن كان بالإضافة إلى
عبارتهما بعيدا.
كل ذا إذا وقع الرضا بالوطء بإمضاء العقد السابق. * (و) * أما مع وقوعه
* (بالتحليل) * المتجدد فقولان، أشهرهما - كما حكي - التسوية بينه وبين

(1) الوسائل 14: 553، الباب 46 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2.
(2) في بعض النسخ: تغاديا.
327

ما مضى في المنع، للموثق السابق، الحاصر لوجه الحل بعد بطلان العقد
المحكوم به فيه في شرائها جميعا، ولأصالة عصمة الفروج، إلا مع ثبوت
الحل بوجه شرعي، وليس إلا الانفراد بأحد الأمرين: العقد أو الملك، لا الملفق
منهما، إما لظهور الآية " إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم " في منع
الجمع، أو لاحتمالها له ولمنع الخلو، إذ مع الأول الآية ناصة في التحريم هنا،
وعلى الثاني وإن لم تكن ناصة ولا ظاهرة إلا أنها ليست ناهضة لتخصيص
أصالة الحرمة، لاحتمال إرادة المنع من الجميع بالضرورة. وليست ظاهرة في
إرادة المنع من الخلو ليصح التخصيص.
فأصالة الحرمة باقية بحالها سليمة عما يصلح للمعارضة، إذ ليس إلا
الآية وقد عرفت ما فيها من المناقشة. أو استصحاب الحلية السابقة، وهي
منقطعة بالشراء بإجماع الطائفة، وإلا لما احتيج إلى إمضاء أو تحليل بالمرة.
فالقول بالتسوية والمنع مطلقا متجه لولا ورود * (رواية) * مروية
في الكتب الثلاثة صحيحة صريحة في الإباحة بالتحليل: عن جارية بين
رجلين دبراها ثم أحل أحدهما فرجها لشريكه، قال: هي له حلال (1).
وهي وإن اختص موردها بغير المقام، إلا أن في ذيلها تعليل الحكم
بما ظاهره العموم له، مع أن الظاهر عدم القائل بالفرق بينهما.
وليس * (فيها ضعف) * كما ذكره المصنف وجماعة، إذ ليس في سندها
غير الحسن بن محبوب وهو ثقة مجمع على تصحيح رواياته، عن علي بن
رئاب عن محمد بن قيس، وكلاهما ثقتان.
نعم رواها الشيخ في أول كتاب النكاح عن محمد بن مسلم بطريق فيه
علي بن الحسن بن فضال (2)، وليس فيه ضعف، بل هو ثقة موثق. ولكن

(1) التهذيب 8: 203، الحديث 717، والكافي 5: 482، الحديث 3، والفقيه 3: 457، الحديث 4579.
(2) التهذيب 7: 245، الحديث 1067.
328

المصنف دأبه عد مثله ضعيفا، كما مر مرارا، فليس في شئ من طرقها
ضعف بالمعنى المصطلح.
فالقول بمضمونها متجه جدا، يخص بها ما تقدم من الأصل والإطلاق
ظاهرا، وفاقا للحلي وجماعة، منهم شيخنا الشهيد (رحمه الله) في اللمعة. إلا أن
اعتضادهما بالشهرة يوجب عدم مكافأة النص لهما.
فالاحتياط المنع وإن كان في تعيينه نظر، نظرا إلى ظهور أن الباعث
للمشهور توهمهم ضعف الرواية، كما تفصح عنهم عباراتهم المشعرة بأنه مع
الصحة يصار إليه وأن المانع إنما هو الضعف فتأمل.
وعلل الجواز - مضافا إلى الرواية - بأنها قبل التحليل محرمة، وإنما
حلت به، فالسبب واحد.
وفيه أنه حينئذ يكون تمام السبب لا السبب التام في الإباحة، ضرورة
أن التحليل مختص بحصة الشريك لا بالجميع. وتحقق المسبب عند تمام
السبب لا يوجب كون الجزء الأخير سببا تاما.
اللهم إلا أن يريد أن اتحاد السبب الاتحاد بحسب الملكية وإن اختلفت
جهتاها من حيث إن إحداهما ناشئ من الملكية الحقيقية، والأخرى من
التحليل والإباحة التي بمنزلتها، لأنها تمليك منفعة، فيكون حل جميعها
بالملك، فهو أحد الأمرين المعتبر في إباحة الوطء انفراد أحدهما كما مضى
لكنه متوقف على عدم كون التحليل عقدا.
وما مضى في وجه الاستدلال بأصالة الحرمة مبني على خلافه، وسيأتي
الكلام فيه في بحثه إن شاء الله تعالى.
* (وكذا) * يحرم عليه وطؤها * (لو كان بعضها) * أي الأمة المملوك
بعضها لزوجها أو غيره * (حرا) * لأن الجزء لا يستباح بملك البعض
ولا بالعقد الدائم اتفاقا، لتبعض السبب، ولا بالمنقطع لذلك ولا بالتحليل،
329

لأن المرأة ليس لها تحليل نفسها إجماعا، وإنما يقع من المولى خاصة،
وللصحيح الصريح في ذلك - وقد مضى صدره - وفيه بعد ذلك: وأيهما مات
قبل صاحبه فقد صار نصفها حرا من قبل الذي مات ونصفها مدبر قلت
أرأيت الثاني منهما (1) أن يمسها أله ذلك؟ قال: لا، إلا أن يثبت عتقها
ويتزوجها برضا منها متى ما أراد، قلت له: أليس صار نصفها حرا وقد
ملكت نصف رقبتها والنصف الآخر للباقي منهما؟ قال: بلى، قلت: فإن هي
جعلت مولاها في حل من فرجها، قال: لا يجوز ذلك له، قلت: لم لا يجوز
لها ذلك؟ وكيف أجزت للذي له نصفها حين أحل فرجها لشريكه فيها، قال:
لأن الحرة لا تهب فرجها ولا تعيره ولا تحله ولكن لها من نفسها يوم وللذي
دبرها يوم فإن أحب أن يتزوجها متعة بشئ في ذلك اليوم الذي تملك فيه
نفسها فليتمتع منها بشئ قل أو كثر (2).
* (ولو هاياها مولاها على الزمان ففي جواز العقد) * منه * (عليها متعة
في زمانها تردد) * ينشأ من صريح ما مضى من الصحيح، ومن لزوم تبعيض
السبب فإنها لم تخرج بالمهاياة عن كون المولى مالكا للبعض، على أن منافع
البضع لا يتعلق بها المهاياة. ولا يحل (3) لها المتعة بغيره في أيامها، وهو
باطل اتفاقا، كما حكى في كلام المسالك وسبطه، ومنشؤه واضح، ولكن
ذلك اجتهاد في مقابلة النص الصحيح الصريح.
فالقول بالجواز متعين، وفاقا للشيخ الطوسي والقاضي وجماعة.
فقول المصنف * (أشبهه المنع) * في حيز المنع وإن كان أشهر، لابتنائه
على ضعف الخبر. ولا وجه له، كما مر، ولكن الاحتياط لا يترك على حال.

(1) كذا، وفي المصدر: أرأيت إن أراد الباقي منهما.
(2) الوسائل 14: 545، الباب 41 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(3) كذا، والصواب: " وإلا يحل " كما يظهر لمن راجع المسالك.
330

ومقتضى الأصل المتقدم - كالاتفاق المحكي واختصاص النص بجواز
التمتع في أيامها بالمولى خاصة - اختصاص الجواز به وإجراء المنع في غيره
من دون تردد، لانتفاء مقتضيه، فلا وجه لإطلاق التردد في جواز العقد عليها،
حتى ما إذا كان العاقد غير المولى، كما هو ظاهر العبارة، إلا أن تخص به.
* (ويستحب) * على الأشهر * (لمن زوج عبده أمته أن يعطيها شيئا) *
من ماله أو مال العبد، ليكون بصورة المهر جبرا لقلبها، ورفعا لمنزلة العبد
عندها، وللصحيحين: عن الرجل كيف ينكح عبده أمته؟ قال: يجزئه أن يقول
قد أنكحتك فلانة ويعطيها شيئا من قبله أو من مولاه، ولا بد من طعام أو
درهم أو نحو ذلك (1).
خلافا للشيخين والحلبي والقاضي وابن حمزة، فأوجبوا الإعطاء، عملا
بظاهر الأمر، ولئلا يلزم خلو النكاح عن المهر في العقد والدخول معا.
وضعف بأن المهر يستحقه المولى، إذ هو عوض البضع المملوك له، ولا
يعقل استحقاقه شيئا على نفسه وإن كان الدفع من العبد على ما تضمنته
الرواية، لأن ما بيده ملك للمولى.
ويمكن تطرق القدح إليه أولا: بابتنائه على كون ذلك مهرا، ومن
المحتمل - بل الظاهر المعترف به جماعة ومنهم المصنف - كونه عطية
محضة مندوبا إليها، جبرا لقلب الأمة، ورفعا للعبد عندها منزلة، فيكون
الأمر به تعبدا محضا، يلزم المصير إليه بعد ورود النص المعتبر به جدا.
وثانيا: بابتنائه على عدم مالكية المملوك، وهو محل كلام وإن كان
أقوى.
وثالثا: بكونه اجتهادا صرفا في مقابلة النص. فتأمل.
وكيف كان، فلا ريب أنه أحوط.

(1) الوسائل 14: 548، الباب 43 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2.
331

ثم المستفاد من النص أنه يكفي في تزويج عبده لأمته مجرد اللفظ
الدال على الإذن فيه.
ولا يشترط قبول العبد، ولا المولى لفظا. ولا يقدح تسميته فيه كغيره
نكاحا، وهو يتوقف على العقد، وإيجابه إعطاء شئ، وهو ينافي الإباحة
- كالصحيح الصريح في منع تحليل السيد لعبده أمته (1) - لأن قوله: " يجزئه "
ظاهر في الاكتفاء بالإيجاب.
وأظهر منه الصحيح: عن قول الله عز وجل: " والمحصنات من النساء
إلا ما ملكت أيمانكم "، قال: هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته، فيقول له:
اعتزل امرأتك ولا تقربها ثم يحبسها عنه حتى تحيض ثم يمسها، فإذا
حاضت بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح (2).
ونحوه الموثق: في المملوك يكون لمولاه أو مولاته أمة فيريد أن يجمع
بينهما أينكحه نكاحا أو يجزئه أن يقول: قد أنكحتك فلانة ويعطي من قبله
شيئا أو من قبل العبد؟ قال: نعم، ولو مدا وقد رأيته يعطي الدراهم (3).
والاعطاء إما على التعبد أو الاستحباب.
هذا مضافا إلى أن رفعه بيد المولى، والنكاح الحقيقي ليس كذلك،
إذ رفعه بيد الزوج، وأن العبد ليس له أهلية الملك، فلا وجه لقبوله. والمولى
بيده الإيجاب والجهتان ملكه، فلا ثمرة لتعليقه ملكا بملك.
نعم يعتبر رضاه بالفعل، وهو يحصل بالإباحة، الحاصلة بالإيجاب
المدلول عليه بالرواية. والصحيح محمول على التقية، كما يأتي بيانه إن شاء
الله تعالى.

(1) الوسائل 14: 536، الباب 33 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2.
(2) المصدر السابق: 550، الباب 45 الحديث 1.
(3) المصدر السابق: 548، الباب 43 الحديث 3.
332

لكن الاحتياط، بل اللازم عدم العدول في الإيجاب عما في النص من
لفظ أنكحتك، وفاقا للعلامة.
وخلافا للحلي، فاكتفى بكل ما يدل على الإباحة.
قيل: ويعتبر القبول من العبد. إما لأنه عقد، أو لأن الإباحة منحصرة في
العقد أو التمليك، وكلاهما يتوقف على القبول.
وربما قيل: يعتبر قبول المولى، لأنه الولي، كما يعتبر منه الإيجاب.
واعتبارهما أولى وأحوط، لاشتهار كون ذلك عقدا بين أصحابنا، واعتضدته
الأصول المرعية في الفروج وإن خالفتها ظواهر النصوص السابقة.
* (ولو مات المولى) * المزوج أحدهما من الآخر * (كان للورثة الخيار
في الإجازة والفسخ) * لانتقالهما إليهم، فيكون أمرهما بيدهم كالمورث
ولثبوت ذلك لكل من يتلقى الملك؟، وإن لم يكن وارثا فالوارث أولى.
* (ولا خيار للأمة) * ولا للعبد قطعا، لفقد المقتضي، مع أنه لا خلاف
فيه كالسابق، وفي الصحيح: في رجل زوج أم ولد له عبدا له ثم مات السيد
قال لا خيار لها على العبد هي مملوكة للورثة (1).
* (ثم) * الكلام في * (الطوارئ) * ومفسدات نكاح المماليك، وهي
* (ثلاثة: العتق، والبيع، والطلاق) *.
* (أما العتق: فإذا أعتقت الأمة) * التي قد زوجها مولاها قبل العتق كملا
* (تخيرت في فسخ نكاحها) * مطلقا، كان العتق قبل الدخول أم بعده إذا
كانت تحت عبد إجماعا من المسلمين كما حكاه جماعة، والنصوص به من
الطرفين مستفيضة:
منها الصحيح: عن المملوكة تكون تحت العبد ثم تعتق، فقال: تخيرت

(1) الوسائل 14: 582، الباب 72 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
333

فإن شاءت أقامت على زوجها، وإن شاءت فارقته (1).
* (و) * كذا لها الفسخ * (إن كان زوجها حرا على الأظهر) * الأشهر،
سيما إذا كانت مكرهة واستمر، لإطلاق الخبر، بل الصحيح كما اشتهر: أيما
امرأة أعتقت فأمرها بيدها، إن شاءت أقامت معه وإن شاءت فارقته (2).
وخصوص المعتبرة:
منها المرسل كالموثق: في رجل حر نكح أمة مملوكة ثم أعتقت قبل أن
يطلقها، قال: هي أملك ببضعها (3).
وفي معناه خبران آخران (4) قصور سندهما كالأول - إن كان - منجبر
بعمل الأعيان، مع عدم معارض لها في المقام، عدا الأصل الذي يجب
الخروج عنه بهذه الأخبار في المضمار.
فما في الشرائع وعن المبسوط والخلاف من نفي الخيار ضعيف جدا.
وظاهر إطلاق الأخبار - كأصالة بقاء الخيار - عدم الفورية، إلا أنها
متفق عليها بين الجماعة، كما حكاه طائفة.
وهو الحجة فيه إن تم، لا ما قيل: من الاقتصار فيما خالف الأصل
على المتيقن.
كيف! وفورية الخيار على خلاف الأصل، وأصالة بقاء الزوجية ولزوم
المناكحة بالعتق منقطعة، فينعكس الأصل، فيصير مقتضيا لبقاء الخيار،
وعدم الفورية.
وربما استدل عليها ببعض الروايات العامية من حيث اشتمالها على
تعليق الخيار على العتق بالفاء، المفيدة للتعقيب بلا مهلة.
والمناقشة فيه مع ضعفه واضحة، لكن لا خروج عما عليه الأصحاب.

(1) الوسائل 14: 560، الباب 52 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 7 و 8.
(2) الوسائل 14: 560، الباب 52 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 7 و 8.
(3) المصدر السابق: الحديث 11 و 12 و 13.
(4) المصدر السابق: الحديث 11 و 12 و 13.
334

ولو أخرت الفسخ لجهلها بالعتق أو الخيار فالظاهر عدم سقوطه، كما
قطع به الأصحاب، للأصل.
وفي الجهل بالفورية وجهان، ولعل الأقرب عدم السقوط، لما مر.
وكذا لو نسيت أحدهما.
والظاهر أنها يقبل دعواها الجهل والنسيان مع اليمين بشرط الإمكان
في حقها، لأن ذلك لا يعرف إلا من قبلها. وأصالة الجهل مستصحبة جدا.
فتأمل.
ولو أعتق بعض الأمة فلا خيار، لتعلق الحكم في النص بحكم التبادر
على كمال العتق، فيقتصر فيما خالف الأصل على مورده.
ولو كانت صغيرة أو مجنونة ثبت لها الخيار عند الكمال، وليس للمولى
هنا تولي الاختيار، وللزوج الوطء قبله، لبقاء الزوجية ما لم تفسخ.
وكذا القول قبل اختيارها وهي كاملة، حيث لا ينافي الفورية، كما لو لم
تعلم بالعتق. واستثنى جماعة - تبعا للعلامة - صورة واحدة، وهي: ما إذا
كانت لشخص جارية قيمتها ثلث ماله وهو يملك ثلثا آخر فزوجها بثلث
آخر ثم أعتقها في مرض الموت قبل الدخول، فإنه حينئذ لا يثبت لها خيار،
لأن الفسخ من جانب الزوجة قبل الدخول مسقط للمهر، فإذا سقط انحصرت
التركة فيها وفي الثلث الآخر، فلم ينفذ العتق في جميعها، بل يبطل فيما زاد
على ثلث التركة. وحينئذ يبطل خيارها، لأن الخيار إنما هو مع عتقها كملا،
كما مضى، فيكون ثبوته مؤديا إلى عدم ثبوته، وهو دور، فتعين الحكم
بانتفاء الخيار.
وهو حسن إن أوصى بالعتق أو نجزه وقلنا إن المنجزات - كالوصايا -
تحسب من الثلث، كما هو الأشهر.
وما ربما يستفاد من ظاهر العلامة من اشتراط وقوع التزويج في
335

المرض كالعتق في الاستثناء غير ظاهر الوجه أصلا، كما لا يخفى.
وبعدم الفرق بينه وبين الوقوع في الصحة صرح جماعة من أصحابنا.
* (ولا خيرة للعبد إذا أعتق) * للأصل، واختصاص النص المثبت لها
بالأمة المعتقة دون العكس.
وقياسه على الأول مع فساده عندنا غير صحيح هنا، لثبوت الفارق
بثبوت تخلص العبد بالطلاق دون الأمة، فليس لها رفع الضرر والتخلص منه
إلا بالفسخ والفراق. فتأمل.
فالقول المحكي عن الإسكافي بثبوت الخيار له مطلقا قياسا على الأمة
ضعيف جدا.
كضعف المحكي عن ابن حمزة من الموافقة له في صورة وقوع التزويج
من العبد على الكراهة. وربما اشعر باختياره عبارة العلامة، ولعله لا يخلو
عن قوة بشرط استمرار الكراهة إلى حال الاختيار، ولعله مراد ابن حمزة
والعلامة.
* (و) * كذا * (لا) * خيار * (لزوجته) * مطلقا * (وإن كانت حرة) *، لما
مضى، وللصحيح: قلت: فللحرة الخيار عليه إذا أعتق؟ قال: قد رضيت به
وهو مملوك، فهو على نكاحه الأول (1). ولأنها قد رضيته عبدا فبأن ترضاه
حرا أولى، وبه وقع التصريح في بعض أخبارنا: في رجل تزوج أم ولد له من
عبد فأعتق العبد بعد ما دخل بها يكون لها الخيار؟ قال: لا، قد تزوجته عبدا
ورضيت به، فهو حين صار حرا أحق أن ترضى به (2).
* (و) * كما تتخير الأمة بعتقها فيما مضى * (كذا تتخير الأمة لو كانا) *
أي هي وزوجها * (لمالك) * واحد أو مالكين مطلقا، بالتشريك كان أم لا
* (فأعتقا) * معا مقارنا، كان عتقهما أم لا، بشرط عدم ما ينافي الفورية قطعا

(1) الوسائل 14: 562، الباب 54 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2.
(2) الوسائل 14: 562، الباب 54 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2.
336

* (أو أعتقت) * هي خاصة دونه بلا خلاف فيهما، مضافا إلى الصحيح في
الثاني: عن الرجل ينكح عبده أمته ثم أعتقها تخير فيه أم لا؟ قال: نعم تخير
فيه إذا أعتقت (1)، وما مضى من الإطلاقات أو العموم فيهما. ولا ريب في
الحكم في الأول مطلقا على المختار.
والصحيح (2) الدال على انقطاع نكاح المملوكين لمعتقهما بالعتق شاذ
نادر.
ويشكل على القول باختصاص الخيرة لها بصورة ما إذا كانت تحت عبد
لا مطلقا فيما إذا أعتقا معا متقارنين أو أعتق العبد أولا، لاستلزام ثبوت
الخيار لها هنا ثبوته للأمة وهي تحت حر، وهو خلاف ما مضى.
فالجمع بين الحكمين ثمة وهنا - كما فعله الماتن في الشرائع وحكى
عن الفاضل في التحرير - غريب جدا.
* (و) * اعلم أنه من الأصول المسلمة أنه لا * (يجوز) * تزويج الرجل
بأمته بمهر مطلقا، إلا في صورة واحدة، وهي * (أن يتزوجها ويجعل
العتق) * منه لمجموعها * (صداقها) * فيقول: قد تزوجتك وأعتقتك وجعلت
مهرك عتقك، والمستند في الاستثناء إجماع أصحابنا، وبه استفاضت
أخبارنا، بل ربما ادعي تواترها.
وبهما يظهر الجواب عما قيل: أنه كيف يتزوج جاريته؟ وكيف يتحقق
الإيجاب والقبول وهي مملوكة؟
وما قيل: من أن المهر يجب أن يكون متحققا قبل العقد، وليس كذلك
مع تقديم التزويج، كما هو المشهور، وأنه يلوح منه الدور فإن العقد
لا يتحقق إلا بالمهر الذي هو العتق، والعتق لا يتحقق إلا بعد العقد،

(1) المصدر السابق: 559، الباب 52 الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 562، الباب 53 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
337

مندفع بمنع اعتبار تقديمه، بل يكفي مقارنته للعقد، وهو هنا كذلك.
وبمنع توقف العقد على المهر وإن استلزمه، وإذا جاز العقد على الأمة
وهي صالحة لأن تكون مهرا لغيرها جاز جعلها أو فك ملكها مهرا لنفسها،
مع أن ذلك كله في مقابلة النص الصحيح (1) فلا يسمع.
وحيث اختص بنا أنكره مخالفونا، وجعلوه من خصائص نبينا (صلى الله عليه وآله) (2).
* (ويشترط) * في صحة هذا التزويج على الأشهر * (تقديم لفظ التزويج
في العقد) * على العتق، كما عبرنا في المثال، لئلا تعتق، فلا تصلح لجعل
عتقها مهرا. ولأنها بالعتق لو قدم تملك أمرها، فلا يصح تزويجها بدون
رضاها. وللخبرين (3):
أحدهما الصحيح: عن رجل قال لأمته: أعتقتك وجعلت عتقك مهرك،
فقال: عتقت وهي بالخيار إن شاءت تزوجته وإن شاءت فلا، فإن تزوجته
فليعطها شيئا، فإن قال: قد تزوجتك وجعلت مهرك عتقك فإن النكاح واقع
بينهما ولا يعطيها شيئا. وهو مروي في قرب الإسناد كذلك، إلا أنه بدل
" النكاح واقع " " كان النكاح واجبا " (4).
وفي الجميع نظر.
أما فيما عدا الخبر فبعدم لزوم العتق ومالكية الأمر إلا بعد انقضاء تمام
الصيغة المشتملة على الأمرين، وبعده كما يلزم العتق ومالكية الأمر كذا يلزم
الموجب لهما وهو النكاح، لمساواتهما في الاندراج تحت الصيغة التي
يترتب على تمامها لزوم الأول.

(1) الوسائل 14: 509، الباب 11 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
(2) بداية المجتهد 2: 23.
(3) الوسائل 14: 510، الباب 12 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1، والآخر الحديث 2.
(4) قرب الإسناد: 109.
338

وأما فيه، فلاحتمال استناد المنع فيه إلى عدم التصريح بلفظ التزويج
المعتبر التصريح به عند الكل - كما قيل - لا تقديم العتق، وهو غير المتنازع،
مع معارضتهما لما سيأتي من الأخبار.
* (وقيل:) * هو الشيخان * (يشترط تقديم العتق) * على التزويج فيقول:
أعتقتك وتزوجتك وجعلت صداقك عتقك، استنادا إلى بطلان تزويج
المولى بأمته.
ويضعف بما مر في الجواب عما عدا الخبر في القول الأشهر، وبأنه
يستلزم عدم جواز جعل العتق مهرا، لأنه لو حكم بوقوعه بأول الصيغة امتنع
اعتباره في التزويج المتأخر، مع أن ذيل الصحيح المتقدم صريح في الجواز.
فإذا الأظهر جواز الأمرين، وفاقا لأكثر المتأخرين، أما البدءة بالتزويج
فللصحيح المتقدم، وأما العكس فللعمومات، وظواهر المعتبرة المستفيضة:
منها الحسن: إذا قال الرجل لأمته: أعتقتك وأتزوجك وأجعل صداقك
عتقك فهو جائز (1). ونحوه الحسن الآخر (2)، والموثق (3)، والخبر.
ولو احتيط بالأشهر كان أجود، لقوة الشبهة فيه، ولاعتضاد خلاف
الاحتمال المتقدم في الصحيح، المبني عليه الاستدلال للمشهور بفهمهم وإن
لم يكن له في نفسه ظهور إلا بمعونة المفهوم في الذيل، المضعف اعتباره فيه
باحتمال تعلقه بخصوص التزويج، بناء على الاحتمال المتقدم الموجب
لظهور السياق منطوقا ومفهوما في الحكم لخصوص التزويج نفيا وإثباتا.
وفي وجوب قبول الأمة بعد تمام الصيغة أو العدم قولان، ناشئان:
من اشتمال الصيغة على عقد النكاح المركب شرعا من الإيجاب
والقبول، ولا يمنع منه كونها حال الصيغة رقيقة، لأنها بمنزلة الحرة حيث
تصير حرة بتمامه، فرقيتها غير مستقرة، ولولا ذلك لامتنع تزويجها.

(1) الوسائل 14: 509، الباب 11 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 3 و 2.
(2) الوسائل 14: 509، الباب 11 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 3 و 2.
(3) الوسائل 14: 509، الباب 11 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 3 و 2.
339

ومن أن مستند شرعية هذه الصيغة هو النقل المستفيض عنهم (عليهم السلام) (1)،
وليس في شئ منه ما يدل على اعتبار القبول ولو وقع لنقل، لأنه مما يعم
به البلوى وإن حل الوطء مملوك له، فهو بمنزلة التزويج، فإذا أعتقها على
هذا الوجه كان في معنى استثناء بقاء الحل من مقتضيات العتق، فإن القبول
إنما يعتبر من الزوج لا من المرأة، وإنما وظيفتها الإيجاب ولم يقع منها. وهذا
أشهر وأقوى.
لا لما ذكر، لتطرق الوهن إلى جملتها، كتطرقه إلى الوجه للقبول الذي
مضى، بل لما مضى من الصحيح الصريح في نفي مشيئتها واختيارها عن
الزوجية، ولزومها بما ذكر في ذيلها من الصيغة، سيما على النسخة الأخيرة،
ولو شرط القبول في الصحة لانتفت بانتفائه، فلم يكن النكاح بمجرد تلك
الصيغة واجبا ولازما، وهو خلاف نصه.
نعم الأحوط ذلك، لأصالة بقاء أحكام الأمتية، وعدم ترتب أحكام
الزوجية. وظاهر الموثقة: عن رجل له سرية يبدو له أن يعتق سريته
ويتزوجها، قال: إن شاء شرط عليها أن عتقها صداقها فإن ذلك حلال،
أو يشترط عليها إن شاء قسم لها وإن شاء لم يقسم، وإن شاء فضل الحرة فإن
رضيت بذلك فلا بأس (2). فتأمل.
ثم إن ظاهر إطلاق أكثر النصوص والفتاوى الاكتفاء في العتق الممهورة
به بذكره في الصيغة بغير لفظ الإعتاق، كقوله: جعلت عتقك صداقك.
وربما استدل له بالصحيح: فإن قال: قد تزوجتك وجعلت مهرك هذا
الثوب فإنها تملكه بتمام العقد من غير احتياج إلى صيغة التمليك، فكذا
إذا جعل مهرا فإنها تملك نفسها ولا حاجة للعتق إلى صيغة أخرى.

(1) الوسائل 14: 510، الباب 12 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
(2) الوسائل 14: 512، الباب 14 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
340

وقولهم: تملك نفسها مجاز من حيث حصول غاية الملك، فلا يرد عليه
أن الملك إضافة فلا بد فيها من تغاير المضافين بالذات.
خلافا للمحكي عن ظاهر المفيد والحلبي، فاعتبرا لفظ " الإعتاق "
ونحوه من الألفاظ الصريحة في العتق، لعدم وقوعه إلا بها. وهو أحوط.
وربما كان فيما قدمناه من المعتبرة لتجويز تقديم لفظ العتق على
التزويج عليه دلالة، إذ مفهوم ما مضى من الحسن اشتراط ذكر لفظ الإعتاق
في جواز الصيغة ونفوذ حكمها، مضافا إلى ظهور كثير من أخبار الباب فيه.
ففي الموثق: أيما رجل شاء أن يعتق جاريته ويتزوجها، ويجعل صداقها
عتقها فعل (1).
وفي الخبر: إن شاء الرجل أعتق وليدته وجعل مهرها عتقها (2).
وبهذه الظواهر مضافا إلى الأصل يقيد إطلاق ما مر من النصوص، مع
احتمال الاتكال فيها والحوالة إلى الظهور. وهو أحوط لو لم يكن أقوى.
وحيث كان الحكم في هذه الصورة مخالفا للأصول المقررة وجب
الاقتصار فيها على القدر المتيقن، والمتبادر من النصوص الواردة فيها،
وليس إلا عتق الجميع. فالتعدي إلى عتق البعض للإطلاق ضعيف جدا.
* (وأم الولد) * للمولى * (رق) * إجماعا، للأصل، وانتفاء ما يوجب العتق
عليه أو على الولد.
* (و) * لكن * (إن كان ولدها باقيا) * تشبث بذيل الحرية في الجملة.
* (ولو مات) * الولد في حياة أبيه * (جاز بيعها) * لعودها إلى الرقية
المحضة.
* (وتنعتق بموت المولى من نصيب ولدها) * من نفسها إن وفى بها، أو منها
ومن غيرها من التركة إن كان مع عدم الوفاء، لانعتاق المملوك له منها عليه

(1) الوسائل 14: 510، الباب 11 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 5 و 7.
(2) الوسائل 14: 510، الباب 11 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 5 و 7.
341

كلا أو بعضا، لعموم ما دل على انعتاق الوالدين على الولد إذا ملكهما (1).
وأما انعتاق المتخلف الزائد عن نصيبه منها ومن التركة، فلعموم النصوص
بانعتاقها من نصيب ولدها (2)، الشامل لنصيبه منها ومن أصل التركة.
* (ولو عجز النصيب) * له منها ومن أصل التركة عن فكها كملا
* (سعت) * هي خاصة في الأشهر * (في) * فك * (المتخلف) * منها.
* (ولا يلزم الولد) * شراؤه وفكه من ماله من غير التركة.
خلافا للمبسوط، فأوجبه.
ولا * (السعي) * في فكه مع عدم المال * (على الأشبه) * الأشهر هنا
وفي السابق.
خلافا لابن حمزة هنا، فأوجب السعي.
ومستندهما غير واضح، كما صرح به جماعة، مع مخالفتهما للأصل،
ولظواهر النصوص الحاكمة بانعتاقها عليه من نصيبه، المشعرة باختصاص
ذلك بالنصيب، وإلا لعبر بانعتاقها عليه من ماله. فتدبر.
مضافا إلى صريح الخبر: وإن كانت بين شركاء فقد عتقت من نصيب
ولدها فتسعى في بقية ثمنها (3).
نعم ذكر ابن المفلح بعد نسبة الأخير إليهما لرواية يونس بن يعقوب.
ولم أقف عليها ولا على ما يحتمل الدلالة عليه سوى الخبر المشار إليه،
بناء على احتمال تبديل التاء الأولى في تستسعى بالياء، لكنه مضبوط كما
ذكرنا من دون تبديل. وتمام الكلام يأتي في بحث الاستيلاد إن شاء الله تعالى،
وإنما ذكر ذلك هنا ليتفرع عليه بعض ما سيجئ، فإنه من مسائل النكاح.

(1) الوسائل 16: 9، الباب 7 من أبواب الرجل إذا ملك أحد الآباء.
(2) الوسائل 16: 107، الباب 6 من أبواب أن أم الولد....
(3) الوسائل 16: 106، الباب 5 من أبواب أن أم الولد... الحديث 3.
342

* (وتباع مع وجود الولد في ثمن رقبتها إذا لم يكن غيرها) * بلا خلاف
عندنا مع وفاة المولى، بل مطلقا على الأظهر الأشهر بين أصحابنا، لإطلاق
الخبر: عن أم الولد تباع في الدين، قال: نعم في ثمن رقبتها (1)، وقصور السند
بالشهرة يجبر، وللصحيح: أيما رجل اشترى جارية فأولدها ثم لم يؤد ثمنها
ولم يدع من المال ما يؤدي عنه أخذ ولدها منها وبيعت وأدى ثمنها، قلت:
فيبعن فيما سوى ذلك من دين، قال: لا (2).
وفي شموله لحياة المولى إشكال، لظهور قوله فيه: " ولم يدع من المال
ما يؤدي عنه " في البيع بعد الموت، فلا يتم الاستدلال به على الجواز مطلقا،
ولذا قيل: إن القول بالمنع هنا لا يخلو عن قوة وإن كان في غاية الندرة.
وربما يمكن أن يوجه بمنع انحصار وجه البيع والأداء عنه في الموت،
إذ غايته الدلالة على عدم مباشرته لهما والسبب فيه أعم منه، فلعله الغيبة
أو الممانعة واللي عن أداء المال بالمرة، فيتولاهما حاكم الشرع البتة.
وربما يؤيد العموم سؤال الراوي عما سوى الثمن من الديون ولم يسأل
عنه في حال حياة السيد وأنه هل تباع فيها كحال الموت أم لا؟ وهو مشعر
بفهمه العموم من الكلام، بحيث يشمل حال الموت والحياة فتأمل.
ويأتي تمام التحقيق فيه في بحثه بعون الله وتوفيقه.
* (ولو اشترى الأمة نسيئة فأعتقها وتزوجها وجعل عتقها مهرها
فحملت ثم مات ولم يترك ما يقوم بثمنها فالأشبه) * الأشهر سيما بين
المتأخرين * (أن العتق لا يبطل) * وكذا التزويج، لوقوعهما من أهلهما في
محلهما.
* (ولا يرق الولد) * لنشوئه بين حرين فيتبعهما إجماعا.
* (وقيل) *: وهو الإسكافي والشيخ الطوسي والقاضي * (تباع في ثمنها،

(1) الوسائل 13: 51، الباب 24 من أبواب بيع الحيوان الحديث 2 و 1.
(2) الوسائل 13: 51، الباب 24 من أبواب بيع الحيوان الحديث 2 و 1.
343

ويكون حملها كهيئتها) * في الرقية * (لرواية هشام بن سالم) * الصحيحة
المروية في الكافي (1)، وموضع من التهذيب (2) عنه عن مولانا الصادق (عليه السلام)،
وفي موضع آخر منه عنه عن أبي بصير عنه (عليه السلام) (3)، فهي مضطربة عند
مشهور الطائفة.
وفيها: عن رجل باع جارية بكرا إلى سنة فلما قبضها المشتري أعتقها
من الغد وتزوجها وجعل مهرها عتقها ثم مات بعد ذلك بشهر، فقال (عليه السلام): إن
كان للذي اشتراها إلى سنة مال أو عقدة تحيط بقضاء ما عليه من الدين في
رقبتها فإن عتقه ونكاحه جائز، وإن لم يملك ما يحيط بقضاء ما عليه من
الدين في رقبتها فإن عتقه ونكاحه باطلان، لأنه أعتق ما لا يملك فأرى أنها
رق لمولاها الأول، قيل له: فإن كان علقت من الذي أعتقها وتزوجها ما حال
الذي في بطنها؟ قال: الذي في بطنها مع أمه كهيئتها (4).
وهي وإن صحت سندها إلا أن باضطرابها ومخالفتها الأصول القطعية
المجمع عليها المعتضدة بالشهرة هنا لا يجترئ في تخصيصها بها.
وقد ورد في رواياتنا أنهم (عليهم السلام) أمرونا بعرض ما يرد علينا من
أخبارهم بسائر أحكامهم ثم قبول ما وافقها وطرح ما خالفها (5)، والأمر هنا
كذلك جدا، ولذا تفاديا من طرحها تأولها جماعة من أصحابنا بتأويلات
بعيدة، جمعا بينها وبين الأصول المرعية، لكن لا يلائم شئ منها الرواية،
ولذا أن المصنف تبعا للحلي أطرحها رأسا، وتبعهما جماعة.
* (وأما البيع: فإذا بيعت) * الأمة * (ذات البعل) * حرا كان أو عبدا

(1) الكافي 6: 193، الحديث 1.
(2) التهذيب 8: 202، الحديث 714، وص 231، الحديث 838.
(3) التهذيب 8: 202، الحديث 714، وص 231، الحديث 838.
(4) الوسائل 14: 582، الباب 71 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(5) الوسائل 18: 75، الباب 9 من أبواب صفات القاضي.
344

لمالك كانا أو لمالكين بالتشريك بينهما أو الانفراد * (تخير المشتري) * واحدا
كان أم متعددا * (في الإجازة) * إجازة النكاح السابق * (والفسخ) * مطلقا،
كان البيع قبل الدخول أم بعده إجماعا، حكاه جماعة، وللصحاح المستفيضة
وغيرها من المعتبرة:
منها الصحيح عن رجل يزوج أمته من رجل حر أو عبد لقوم آخرين أله
أن ينزعها منه؟ قال: لا، إلا أن يبيعها فإن باعها فشاء الذي اشتراها أن يفرق
بينهما فرق بينهما (1).
* (تخيرا على الفور) * بلا خلاف في الظاهر، وظاهرهم الإجماع عليه،
للخبر: إذا بيعت الأمة ولها زوج فالذي اشتراها بالخيار إن شاء فرق بينهما،
وإن شاء تركها معه، فإن هو تركها معه فليس له أن يفرق بينهما بعد ما
رضي (2). فتأمل.
ويؤيده ما مر مرارا من النصوص في أن سكوت المولى بعد بلوغ
تزويج العبد إليهم إجازة له (3). فافهم.
إلا مع الجهل بالخيار فله ذلك بعد العلم على الفور بلا خلاف، للأصل،
وعدم تبادر مثله من النص.
وفي إلحاق الجهل بالفورية به وجهان، وقولان، مقتضى الأصل الأول،
وإطلاق النص مع ما قيل من لزوم الاقتصار فيما خالف الأصل على المتيقن
الثاني إلا أن ثاني الوجهين له مضى ما فيه، من أن الأصل الذي قدمناه أخص
منه.
نعم التمسك بإطلاق النص حسن إن حصل الجابر له هنا. فتأمل جدا.

(1) الوسائل 14: 574، الباب 64 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 5.
(2) المصدر السابق: 555، الباب 48، الحديث 1.
(3) المصدر السابق: 525، الباب 26، الحديث 1.
345

* (وكذا لو بيع العبد وتحته أمة) * فللمشتري الخيار في فسخ النكاح
وإبقائه بلا خلاف، كما حكي، للصحيح: طلاق الأمة بيعها أو بيع زوجها (1).
* (و) * اختلفوا في ثبوت الحكم * (كذلك) * لو كانت تحته حرة، فالحلي
وجماعة إلى العدم، للأصل، واختصاص المثبت للحكم بغير محل الفرض،
مع حرمة القياس.
و * (قيل) * كما عن الشيخ الطوسي والقاضي وابن حمزة والعلامة بل
حكى الشهرة عليه جماعة: بثبوت الحكم كذلك * (لو كان تحته حرة، لرواية
فيها ضعف) * منجبر بالشهرة: إذا تزوج المملوك حرة فللمولى أن يفرق
بينهما، فإن زوجه المولى حرة فله أن يفرق بينهما (2).
وليس التفريق بغير البيع إجماعا، فانحصر في البيع.
والأجود الاستدلال عليه بالتعليل في الخبرين.
أحدهما المعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده
فلا يضره اشتراك راويه: عن رجل اشترى جارية يطأها فبلغه أن لها زوجا،
قال: يطأها فإن بيعها طلاقها، وذلك أنهما لا يقدران على شئ من أمرهما
إذا بيعا (3).
وفي الثاني: عن امرأة حرة تكون تحت المملوك فتشتريه هل يبطل
نكاحه؟ قال: نعم، لأنه عبد مملوك لا يقدر على شئ (4).
مضافا إلى اطلاق بعض الأخبار المنجبر قصور سنده بالاشتهار: وإن بيع
العبد فإن شاء مولاه الذي اشتراه أن يصنع مثل الذي صنع صاحب الجارية

(1) الوسائل 14: 553، الباب 47 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 574، الباب 64 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 4.
(3) الوسائل 14: 554، الباب 47 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2.
(4) المصدر السابق: 557، الباب 49 الحديث 2.
346

فذلك، وإن سلم فليس له أن يفرق بينهما بعد ما سلم (1).
ويؤيد الإطلاق ويقربه إلى المطلوب تشبيه مشتري العبد بمشتري
الجارية وأن له أن يصنع بنكاح العبد مطلقا ما لمشتري الأمة مطلقا أن يصنع
بنكاحها ما شاء، ولا خلاف في ثبوت الحكم فيها لو كانت تحت حر،
فينبغي إجراء الحكم هنا كذلك. والاحتياط لا يترك.
ثم إن ظاهر الحكم بالخيار للمشتري في العبد والأمة إذا كان الآخر رقا
يقتضي اختصاص الخيار بالمشتري، فليس لمولى الآخر اعتراض مع إجازة
المشتري. وهو أحد القولين في المسألة وأشهرهما وأظهرهما، للأصل،
وانتفاء المخرج عنه، لاختصاصه بالمشتري.
والإلحاق قياس لا نقول به.
خلافا للشيخ الطوسي والقاضي والمختلف. وهو ضعيف.
* (ولو كانا) * أي المملوكان المزوجان أحدهما من الآخر * (لمالك) *
واحد * (فباعهما لاثنين) * بالتشريك أو الانفراد * (فلكل منهما الخيار) * بلا
خلاف، للإطلاق، فإن اتفقا على الإبقاء لزم، ولو فسخا أو أحدهما انفسخ،
ووجهه واضح.
* (وكذا لو باع) * المالك الواحد لهما * (أحدهما لم يثبت العقد) * بل
متزلزل * (ما لم يرض) * بالنكاح * (كل واحد منهما) * أما المشتري فواضح،
لإطلاق النصوص.
وأما البائع فعلل بإطلاقها بأن البيع طلاق، إذ معناه ثبوت التسلط على
فسخ العقد المتناول لهما، وباشتراكهما في المعنى المقتضي لجواز الفسخ،
فإن المشتري كما يتضرر بتزويج مملوكه لغير مملوكه كذلك البائع. وحينئذ
يتوقف عقدهما على رضا المتبايعين معا.

(1) المصدر السابق: 555، الباب 48 الحديث 1.
347

وربما يضعف الأول: بمنع كون البيع طلاقا بالمعنى المتقدم مطلقا،
بل ظاهر النصوص اختصاصه بالإضافة إلى المشتري، ألا ترى إلى الحسن
المفرع قوله (عليه السلام): " فإن شاء المشتري فرق بينهما، وإن شاء تركهما على
نكاحهما " على قوله: " من اشترى مملوكة لها زوج فإن بيعها طلاقها " (1).
والثاني: بأنه استنباط من غير نص، وهو قياس لا نقول به.
ويمكن المناقشة في الأول: بأن التفريع لا يوجب التخصيص، فقد يكون
أحد آثار المفرع عليه. فافهم.
والأجود الاستدلال على ذلك في مفروض العبارة بأصالة بقاء الخيار
للبائع، إذ هو قبل بيع أحدهما كان له فسخ نكاحهما من دون طلاق إجماعا
ونصا، كما يأتي، فكذا بعده، للأصل. فعدم ثبوت الخيار يحتاج إلى دليل،
لمخالفته الأصل هنا.
نعم لو كان مالك الآخر الذي لم يبع غير البائع اتجه القول بمنع الخيار،
لمخالفته الأصل، فيحتاج ثبوته إلى دليل. فظهر الفرق بين المقامين، وهو
ظاهر المتن، وحكي عن جماعة. ولعل وجهه ما ذكرنا إن لم يكن الاستناد
إلى إطلاق النص. وإلا فالوجه عدم الفرق، وثبوت الخيار في المقامين،
التفاتا إلى تخصيص الأصل المتقدم به.
وكيف كان، فالقول بثبوت الخيار للبائع المالك للآخر الذي لم يبع
مشهور، ومتوجه قطعا، بل القول بإطلاق الثبوت غير بعيد جدا.
ولو حصل منهما أولاد كانوا لموالي الأبوين على الأشهر الأظهر.
خلافا للقاضي، فلمولى الأم خاصة. وهو ضعيف.
* (ويملك المولى) * للأمة * (المهر) * لها * (بالعقد) * لمقابلته للبضع المملوك
له * (فإن دخل الزوج استقر، ولا يسقط لو باع) * بعده مطلقا، أجاز المشتري

(1) الوسائل 14: 554، الباب 47 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 4.
348

أم لا، لاستقراره به في الحرة والأمة، لحصول مقصود المعاوضة حتى
لو طلق الزوج والحال هذه لم يسقط منه شئ بلا خلاف.
فعدم السقوط بالبيع أولى، ولا خلاف فيه - كالسابق - على الظاهر.
والوجه واضح في النكاح الدائم. ويشكل في المنقطع، لتوزع المهر على
البضع، وتوقف استحقاقها أو المولى منه على استيفاء القدر المقابل له،
ومقتضاه كونه بإزاء البضع شيئا فشيئا.
فاستحقاق المولى تمام المهر لا وجه له مطلقا، مع عدم استيفاء البضع
بفسخ المشتري، أو معه بعدمه وإمضائه، بل ينبغي أن لا يكون له إلا ما قابل
البضع المستوفى في ملكه. وأما الباقي فينبغي أن لا يستحقه أحد أصلا على
الأول أو يأخذ المشتري خاصة على الثاني، ولعل مرادهم الدائم. فتأمل.
* (أما لو باع قبل الدخول سقط) * المهر إن لم يجز المشتري، لأنه
بمنزلة الفسخ وقد جاء من قبل المستحق له، وهو المولى، فلا شئ له منه
قطعا، قبض منه شئ أم لا، ويسترده منه الزوج على الأول في المشهور بين
الأصحاب.
خلافا للمحكي عن المبسوط حيث أطلق أنه إن قبض المهر كان له
النصف ورد النصف، لأن البيع طلاق، كما في النصوص (1)، وهو موجب
للتنصيف قبل الدخول.
وربما يضعف بمجازية إطلاق الطلاق على البيع، وهو أعم من الحقيقة،
والأصل المجازية، لضعف الاشتراك. فإطلاقه عليه استعارة أو تشبيه
يقتضيان الشركة مع المستعار منه أو المشبه به فيما هو المتبادر من
أحكامهما، وليس التنصيف بمتبادر منها في سياق النصوص جدا.
بل الظاهر من سياقها ثبوت أصل التفريق وتزلزل النكاح به، ولذا فرع

(1) الوسائل 14: 553، الباب 47 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
349

عليه في بعضها ثبوت الخيار للمشتري. فتأمل جدا.
مع أنه لا قائل بكونه كالطلاق في أحكامه، بل مجمع على فساده،
لاتفاقهم على عدم اشتراطه بشرائطه، وتعلق باقي أحكامه به.
فعموم المنزلة لو سلم هنا لكان موهونا بخروج الأكثر المانع عن العمل
به على الأصح الأشهر.
* (وإن أجاز المشتري كان المهر له) * في الأشهر بين متأخري
الأصحاب * (لأن الإجازة كالعقد) * المستأنف، لانقطاع العقد الأول بالبيع،
لأنه طلاق، كما مر.
وفيه ما مر، مع أن ظاهر النصوص صحة الأول بالإجازة، مضافا إلى أن
اللازم من هذا تنصيف المهر بالبيع - كالطلاق - كما عن المبسوط، لا سقوط
الجميع عن البائع وثبوته للمشتري خاصة.
وعلل أيضا بانتقال البضع إلى المشتري وتعذر تسليمه على البائع،
فانتفى العوض من قبله، وإذا انتفى العوض من قبله وجب أن يسقط
استحقاقه له، ويصير للثاني مع الإجازة، لصيرورة العوض حقا له.
ويضعف بأن انتفاء العوض إنما يتحقق بفسخ المشتري، ومعه لا ريب
في سقوطه ونفي استحقاقه عنه لمجئ الفرقة من قبله. وأما مع عدمه
وإمضائه وتسليمه للمعوض بالفعل فلا.
قيل: ويحتمل قويا القول بكون المهر للأول مع إجازة الثاني، لدخوله في
ملكه بالعقد، والإجازة تقرير له وليست عقدا مستأنفا ويؤيده الأصل،
واتفاق الأصحاب ظاهرا وقد حكاه جماعة على أن الأمة المزوجة إذا
أعتقت قبل الدخول فأجازت العقد يكون المهر للسيد، والحكم في إجازة
الأمة بعد العتق وإجازة المشتري واحد.
وربما فرق بينهما بأن البيع معاوضة يقتضي تمليك المنافع تبعا للعين،
350

فتصير منافع البضع مملوكة للمشتري، بخلاف العتق، فإنه لا يقتضي تمليكا،
وإنما هو فك ملك، ففي الأمة المعتقة تكون المنافع كالمستثناة للسيد،
وفي البيع ينتقل إلى المشتري.
وفي الفرق نظر يعلم مما قررناه. وفي المسألة أقوال أخر ضعيفة.
والاحتياط لا يترك فيها البتة.
* (وأما الطلاق: فإذا كانت زوجة العبد) * التي تزوجها بإذن سيده
ابتداء أو استدامة * (حرة أو أمة لغير مولاه فالطلاق بيده وليس لمولاه
إجباره) * عليه على الأشهر الأظهر، للنبوي العام: الطلاق بيد من أخذ
بالساق (1)، وللمعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: عن الرجل يأذن لعبده أن يتزوج الحرة أو أمة قوم،
الطلاق إلى السيد أو إلى العبد؟ قال: الطلاق إلى العبد (2)، ونحوه الصحيحان
المرويان عن كتاب علي بن جعفر (3). ونحوه الموثقات الثلاث (4)
وغيرها (5)، المعتضدة بالشهرة العظيمة، وصراحة الدلالة.
وليست مخالفة للكتاب " عبدا مملوكا لا يقدر على شئ " (6)، فقد ورد
في بعض الأخبار أنه في طلاق العبد أمة مولاه التي زوجها إياه ففيه: عن
العبد هل يجوز طلاقه؟ فقال: إن كانت أمتك فلا، إن الله عز وجل يقول: " عبدا
مملوكا لا يقدر على شئ "، وإن كانت أمة قوم آخرين أو حرة جاز طلاقه (7).

(1) سنن ابن ماجة 1: 672، الحديث 2081.
(2) الوسائل 15: 341، الباب 43 من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه الحديث 3.
(3) مسائل علي بن جعفر: 196 و 197، الحديث 417 و 419.
(4) الوسائل 15: 341، البا 43 من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه الحديث 1 و 5، والوسائل
14: 577، الباب 66 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 4.
(5) الوسائل 14: 577، الباب 66 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 5.
(6) النحل: 75.
(7) الوسائل 15: 341، الباب 43 من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه الحديث 2.
351

وليس في سنده سوى المفضل بن صالح، وقد روى عنه ابن فضال
المجمع على تصحيح رواياته، فينجبر به - مضافا إلى الشهرة - ضعفه،
وهو مع ذلك ظاهر في المدعى، بل صريح فيه بعد ضم الإجماع إليه، بناء
على دلالته على جواز طلاق العبد، وهو ملازم لعدم جوازه من المولى، لعدم
القول بالتشريك بينهما، إذ الأقوال في المسألة ثلاثة:
أحدها: ما مر، وهو المشتهر بين الطائفة.
والثاني: عدم اختياره أصلا وثبوته للمولى خاصة، كما عن الإسكافي
والعماني، للصحاح المستفيضة:
منها: المملوك لا يجوز طلاقه ولا نكاحه إلا بإذن سيده، قلت: فإن
السيد كان زوجه، بيد من الطلاق؟ قال: بيد السيد " ضرب الله مثلا عبدا
مملوكا لا يقدر على شئ " (1).
وليست ناصة في المطلوب، بل غايتها العموم المحتمل لأن يراد منه
طلاقه لأمة مولاه، ولا خلاف فيه، كما سيأتي، بخلاف ما مر، فإنها ناصة
في التفصيل.
ومقتضى الأصول المسلمة - بناء على حصول التكافؤ بينهما، لاعتضاد
الأولة بالكثرة والشهرة العظيمة - الجمع بينهما بالتخصيص. وصحة السند
مشتركة بينهما وإن توهم عدم وجود صحيح في الأولة، ومع ذلك فالشهرة
العظيمة لا يقاومها شئ من المرجحات المنصوصة والاعتبارية إلا على
الندرة.
فلا يعارضها ظاهر الآية (2) مع ما عرفت مما ورد في تفسيرها من
الرواية المعتبرة الصريحة في المراد منها.

(1) الوسائل 15: 343، الباب 45 من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه الحديث 1.
(2) النحل: 75.
352

وليس في المروي في تفسير العياشي - بسنده فيه عن الحسين بن زيد
ابن علي بن جعفر بن محمد بن علي (عليهم السلام) قال: كان علي بن أبي طالب (عليه السلام)
يقول: " ضرب الله مثلا عبدا مملوكا " - الآية - يقول: للعبد لاطلاق ولا نكاح
ذلك إلى سيده، والناس يرون خلاف ذلك إذا أذن السيد لعبده لا يرون له أن
يفرق بينهما (1) - دلالة على شمول الآية لطلاق العبد زوجته التي ليست أمة
مولاه، بل هو مطلق يحتمل التقييد بغيره، كما أفصح عنه الخبر المتقدم.
ومعه لا دلالة على كون اختيار الطلاق إلى العبد مطلقا مذهب العامة،
لاحتمال اختصاصه بالصورة المتفق عليها بيننا، وهي التي استند فيها إلى
الآية المخصصة بها فيما قدمناه من الخبر، وأخبارهم (عليهم السلام) يكشف بعضها
عن بعض. فتأمل.
وعلى التسليم فلا يعارض الشهرة المخالفة للتقية إن تمت، إذ لم يذكرها
أحد سوى نادر من الأجلة، لتوهمه إياها من الرواية المتقدمة، بناء على
رجحان الموافقة للشهرة عليها، لثبوت اعتبارها بالنص والاعتبار، دون
مخالفة التقية، لاختصاص المثبت لاعتبارها في الأول. وبعد تعارض
معتبرهما منه والتساقط يبقى الاعتبار المثبت لها سليما عن المعارض.
وتمام التحقيق موكول إلى محله.
ومع ذلك ما عدا الصحيح المتقدم منها غير واضحة الدلالة، إذ قصاراها
الحكم بتوقف طلاق العبد على إذن السيد، لأن طلاقه بيده.
وربما جمع بين الأخبار بذلك، فقيل: بوجوب استيذان العبد مولاه في
الطلاق. وهو - مع أنه يأباه بعض النصوص - إحداث قول. ولعله أحوط.
فإذا القول بذلك ضعيف. كضعف الثالث المحكي عن الحلبي، من
الموافقة للمشهور في إثبات الطلاق للعبد، والمخالفة لهم في عدم تجويز

(1) تفسير العياشي 2: 266، الحديث 54.
353

إجبار السيد له فيه، حيث جوز ذلك، مستندا إلى لزوم الإطاعة.
والكلية ممنوعة، وإلا لانتقضت بطلاق الولد لو أمره أحد أبويه، ولم يقل
به أحد، ومع ذلك ترده النصوص المتقدمة، سيما الخبر بل الحسن - كما قيل -
أن عليا (عليه السلام) أتاه رجل بعبده فقال: إن عبدي تزوج بغير إذني، فقال علي (عليه السلام)
لسيده: فرق بينهما، فقال السيد لعبده: يا عدو الله طلق، فقال علي (عليه السلام): كيف
قلت له؟ قال: قلت: طلق، فقال (عليه السلام) للعبد: الآن فإن شئت فطلق، وإن شئت
فأمسك (1)، الخبر.
ألا ترى إلى إثباته عليه المشيئة له في الطلاق بعد أمره السيد له بذلك،
ولو صح الإجبار ووجب - كما ادعاه - لكان اللازم إيجاب الطلاق عليه
لا تخييره فيه.
* (ولو كانت) * زوجة العبد * (أمة لمولاه) * المزوج إياها منه * (كان
التفريق إلى المولى) * إجماعا كما حكاه جماعة، للنصوص المستفيضة
- مضافا إلى ما مر -:
منها الصحيح: عن قول الله عز وجل: " والمحصنات من النساء إلا ما
ملكت أيمانكم " قال: هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته فيقول: اعتزل
امرأتك ولا تقربها ثم يحبسها عنه حتى تحيض ثم يمسها فإذا حاضت
بعد مسه إياها ردها عليه بغير نكاح (2).
والحسن: إذا زوج الرجل عبده أمته ثم اشتهاها، قال له: اعتزلها فإذا
طمثت وطئها، ثم يردها عليه إن شاء (3).
ويستفاد منها سيما الخبرين المذكورين * (و) * كذا من الأصحاب حتى
القائلين بكون تزويجه نكاحا أنه * (لا يشترط) * في الفراق * (لفظ الطلاق) *

(1) الوسائل 14: 526، الباب 27 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 550، الباب 45 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2.
(3) الوسائل 14: 550، الباب 45 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2.
354

بل يكفي فيه كل ما دل عليه من الأمر بالاعتزال والافتراق.
وهو على ما اخترناه فيما مضى - من أن تزويج السيد عبده أمته ليس
عقدا، بل هو إما إباحة محضة يكتفي فيها بكل لفظ دل عليها كما عن الحلي،
أو لا بد فيها من صيغة مضى إليها الإشارة في النصوص المتقدمة، كما اختاره
العلامة وجماعة - واضح، لارتفاع الإباحة بكل لفظ دال على الرجوع عنها.
وأما على القول بكونه عقدا، فلأن مقتضى النصوص كون رفع هذا العقد
بيد المولى، فلا يقدح في ارتفاعه بغير الطلاق، كما يرتفع النكاح بالفسخ
ونحوه في مواضع كثيرة.
ولو أتى بلفظ الطلاق انفسخ النكاح، لدلالته على إرادة التفريق بينهما،
لكنه لا يعد طلاقا شرعيا، ولا يلحقه أحكامه ظاهرا مطلقا على المختار.
وقيل: إن الفسخ الواقع من المولى طلاق مطلقا ويعد من الطلقات.
وقيل: إنه كذلك إن وقع بلفظ الطلاق فيبطل باختلال شئ من شرائطه
لا مطلقا.
وهما مع مخالفتهما الأصل سيما الأول لا دليل عليهما يعتد به، لكن في
الروضة: ولو أوقع لفظ الطلاق مع كون السابق عقدا فظاهر الأصحاب لحوق
أحكامه واشتراطه بشرائطه عملا بالعموم، وظاهره الإجماع، لكنه ينافيه
احتماله العدم فيما بعد، معللا بأنه إباحة وإن وقع بعقد. والاحتياط سبيله
واضح.
* (النظر الثاني) *
* (في) * جواز استباحة الرجل بضع المرأة ب‍ * (الملك) * الرقبة
* (وهو نوعان) *:
* (الأول: ملك الرقبة) * وهو موضع وفاق مدلول عليه بالكتاب (1)

(1) المؤمنون: 6.
355

والسنة المتواترة من طرق الخاصة (1) والعامة (2).
* (ولا حصر في) * عددهن ب‍ * (النكاح به) * بالإجماع والنصوص (3)،
وقد مر شطر منها دليلا لعدم انحصار المتعة في عدد، معللا بأنهن بمنزلة
الإماء (4) فله نكاح ما شاء من النسوة به.
وفي تخصيص الاستباحة به بالرجل إشارة إلى عدمها للمرأة، للإجماع،
والنص المستفيض:
ففي الصحيح: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام): في امرأة مكنت من نفسها عبدا
لها أن يباع بصغر منها، ويحرم على كل مسلم أن يبيعها عبدا مدركا بعد
ذلك، وروي أيضا بزيادة: أنها تضرب مائة سوط ويضرب العبد خمسين
جلدة (5).
* (وإذا زوج أمته) * من عبده أو غيره * (حرمت) * وجوه الاستمتاع منها
* (عليه وطئا ولمسا ونظرا) * إليها * (بشهوة) * مطلقا، وبدونها فيما عدا الوجه
والكفين * (ما دامت في العقد) * والعدة، كما أطلقه جماعة منهم العلامة.
وربما ادعى عليه بعض المتأخرين الإجماع. والنصوص في حرمة الوطء
مستفيضة:
ففي الخبرين: عشر لا يحل نكاحهن ولا غشيانهن - إلى أن قال: -
وأمتك ولها زوج (6).

(1) الوسائل 14: 497، الباب 10 من أبواب نكاح العبيد والإماء.
(2) سنن البيهقي 7: 167.
(3) الوسائل 14: 407، الباب 10 من أبواب أنه يجوز للرجل أن يجمع من النساء....
(4) الوسائل 14: 447، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 6.
(5) الوسائل 14: 558، الباب 51 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(6) الوسائل 14: 300، الباب 8 من أبواب ما يحرم بالرضاع الحديث 4، والآخر: ص 517،
الباب 19 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2.
356

وربما استفيد من سياقهما اتحادها في الحكم مع المحرمات المعدودات
اللاتي هن أجنبيات، وجار فيهن الأحكام المذكورات في العبارة.
وعلل أيضا بأن الاستمتاع بالمرأة الواحدة لا يكون مملوكا بتمامه
لرجلين معا وقد ملكه الزوج. وفيه نظر.
والإجماع على الإطلاق إن تم كان هو الحجة، والظاهر التمامية
بالإضافة إلى الأولين، وبالنظر إلى العورة مطلقا، وإلى ما عدا الوجه والكفين
إذا كان بشهوة، مضافا إلى بعض المعتبرة في الأول مطلقا، وفي الثاني في
الجملة، المروي في قرب الإسناد: إذا زوج الرجل أمته فلا ينظر إلى عورتها،
والعورة ما بين الركبة والسرة (1).
ولكن يستفاد منه جواز النظر إلى ما عدا العورة بالمعنى المفسر به فيه
مطلقا، مضافا إلى أصالتي الإباحة وبقاء حلية النظر السابقة.
والمستفاد من تخصيص العبارة التحريم بالوطء واللمس والنظر بشهوة
إباحة النظر إلى جميع جسدها حتى العورة بغير شهوة.
ففي تمامية الإجماع مناقشة، إلا أن الشهرة متيقنة، وتكون هي الجابرة
للمعتبرة المتقدمة، مضافا إلى التأيد بحكاية الإجماع اللازم الحجية، لعدم
القدح بخروج معلوم النسب النادر بالضرورة، فتخص بها الأصلان
المتقدمان.
هذا مضافا إلى الصحيح: عن الرجل يزوج مملوكته عبده أتقوم كما
كانت تقوم فتراه منكشفا أو يراها على تلك الحال؟ فكره ذلك، وقال: قد
منعني أبي أن أزوج بعض غلماني أمتي لذلك (2).
والموثق: في الرجل يزوج جاريته هل ينبغي له أن ترى عورته؟ قال: لا (3).

(1) قرب الإسناد: 50.
(2) الوسائل 14: 548، الباب 44 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 4.
(3) الوسائل 14: 548، الباب 44 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 4.
357

ولكنهما ليسا نصا في المطلق.
والعمدة هو ما قدمناه. ولكن في ثبوت الحكم فيما عدا ما ذكرناه - وهو
النظر إلى ما عدا العورة وما في معناها بغير شهوة - إشكال. والإجماع
المحكي موهون هنا قطعا، لمصير جماعة إلى العدم، والأصلان المشار إليهما
يقتضيانه، إلا أن الأحوط الاجتناب جدا.
قيل: وفي معنى الأمة المزوجة المحلل وطئها للغير.
ولو حلل منها ما دون الوطء ففي تحريمها بذلك على المالك نظر،
ومقتضى الأصلين العدم.
ثم إن غاية التحريم في المقامين خروجها من النكاح والعدة، سواء
كانت بائنة، أم رجعية.
* (وليس للمولى انتزاعها منه) * إذا لم يكن عبده مطلقا بلا خلاف في
الظاهر، وحكي صريحا، للنصوص المستفيضة:
منها الصحيح: عن رجل يزوج أمته من حر أو عبد لقوم آخرين أله أن
ينزعها؟ قال: لا، إلا أن يبيعها (1)، الخبر.
والصحيح: وإن كان زوجها حرا فإن طلاقها صفقتها (2).
والموثق: في الرجل يزوج أمته من حر، قال: ليس له أن ينزعها (3).
وما ورد بخلافها من المستفيضة (4) فمع شذوذها وعدم صراحة دلالتها
محمولة على الانتزاع بالبيع، لا الطلاق. وما وقع فيه منها التصريح به
محمول عليه، لشيوع التعبير به عنه في كثير من النصوص الماضية في بيع
الأمة وأنه طلاقها.

(1) الوسائل 14: 574، الباب 64 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 5.
(2) الوسائل 14: 574 - 575، الباب 64 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 8 و 1 و 3.
(3) الوسائل 14: 574 - 575، الباب 64 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 8 و 1 و 3.
(4) الوسائل 14: 574 - 575، الباب 64 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 8 و 1 و 3.
358

* (ولو باعها تخير المشتري) * للإطلاقات * (دونه) * للأصل، وقد مضى
مفصلا.
* (ولا يحل لأحد الشريكين وطء) * الأمة * (المشتركة) * بينهما إلا
بتحليل أحدهما للآخر على الأصح، كما مضى.
* (ويجوز ابتياع ذوات الأزواج) * اللواتي هن * (من أهل الحرب) *
والكفار الغير القائمين بشرائط الذمة * (وأبنائهم وبناتهم) * من أزواجهن
وآبائهن وغيرهم من أهل الضلال السابين لهم بلا خلاف، لأنهن كآبائهن
وأزواجهن فئ للمسلمين، فيجوز التوصل إلى أخذهم بكل وجه من ابتياع
أو غيره، ومع حصوله يدخلون في ملك المستولي عليهم، ويترتب عليه
أحكامه، التي من جملتها حل الوطء المقصود بالمقام، والنصوص به
مستفيضة:
ففي الخبر: عن رجل يشتري من رجل من أهل الشرك ابنته فيتخذها
للوطء، قال: لا بأس (1).
وفي آخر: عن الرجل يشتري امرأة رجل من أهل الشرك يتخذها، قال:
لا بأس (2).
وإطلاقه يشمل الشراء منهم ومن غيرهم من أهل الضلال السابين لهم.
مضافا إلى النص: عن سبي الأكراد إذا حاربوا ومن حارب من
المشركين هل يحل نكاحهم وشراؤهم قال: نعم (3). إلى غير ذلك من
النصوص الصريحة في إذنهم (عليهم السلام) لنا في ذلك وإن كان الجميع أو البعض
لهم (عليهم السلام).
* (ولو ملك الأمة) * بأحد الوجوه المملكة لها وجب عليه الاستبراء

(1) الوسائل 13: 28، الباب 3 من أبواب بيع الحيوان الحديث 2 و 3.
(2) الوسائل 13: 28، الباب 3 من أبواب بيع الحيوان الحديث 2 و 3.
(3) الوسائل 14: 581، الباب 69 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 3.
359

مع عدم العلم بعدم الوطء المحترم مطلقا، سواء كان عالما به أم لا، إلا في
صور مضى أكثرها في بحث البيع، بقي منها ما لو ملكها * (فأعتقها) * فظاهر
الأصحاب من غير خلاف يعرف بل عليه الوفاق في المسالك أنه بذلك
* (حل للمعتق وطؤها بالعقد) * والتزويج بعده * (وإن لم يستبرئها) *
للنصوص المستفيضة:
منها الصحيح: في رجل يشتري الجارية فيعتقها ثم يتزوجها هل يقع
عليها قبل أن يستبرئ رحمها؟ قال: يستبرئ رحمها بحيضة، قلت: فإن وقع
عليها، قال: لا بأس (1).
وإطلاقها كالعبارة وكلام أكثر الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين العلم
بالوطء المحترم لها وعدمه، وقيده جماعة منهم العلامة بما عدا الأول،
موجبين للاستبراء فيه، تمسكا بوجود المقتضي حينئذ، بخلاف ما لو جهل
الحال فإن الأصل عدم الوطء، إلا ما دل الدليل على وجوب الاستبراء فيه
ولو مع الجهل، وذلك في المملوكة، فيبقى غيرها على الأصل.
وهو حسن إن تم المقتضي بالتنصيص به، وليس، وإنما هو مستنبط، ومع
ذلك لا بأس به احتياطا، وتمسكا بأصالة الوجوب واستصحابه مع عدم
المقتضي لتخصيصها سوى إطلاق النصوص، وشمولها لمثل الصورة غير
معلوم، مضافا إلى أن الاستنباط هنا ليس ناشئا عن محض الاعتبار، بل
مستفاد من تتبع الأخبار، ولذا اشتهر بين الأخيار عدم اختصاص وجوب
الاستبراء بمورد الأخبار الدالة عليه، وهو الشراء.
ثم إن مقتضى إطلاق النصوص هنا عموم الحكم لصورتي دخوله بها
وعدمه، مضافا إلى الصحيحين في الأول.

(1) الوسائل 14: 514، الباب 16 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
360

في أحدهما: عن رجل يعتق سريته أيصلح له أن يتزوجها بغير عدة؟
قال: نعم، قلت: فغيره، قال: لا، حتى تعتد ثلاثة أشهر (1).
ويستفاد من الصحيح السابق وغيره (2) أفضلية الاستبراء مطلقا، وعليه
فتوى الأصحاب (رحمهم الله).
* (و) * لكن * (لا تحل لغيره) * لو زوجها منه * (حتى تعتد كالحرة) *
للمعتبرة المستفيضة:
منها الصحيحان، مضى أحدهما.
وفي الثاني: عن رجل أعتق سريته، له أن يتزوجها بغير عدة؟ قال: نعم،
قلت: فغيره، قال: لا، حتى تعتد ثلاثة أشهر (3).
وإطلاقهما كالعبارة يقتضي عدم الفرق بين العلم بوطء المولى لها أم لا.
ولا ريب في الأول قطعا، ونحوه صورة الجهل به أيضا.
ويشكل في الثالثة، وهي العلم بعدم وطئه لها بالمرة، وقد حكم جماعة
بأن ليس لها عدة، لعدم المقتضي وإن هو حينئذ إلا كالمولى، وليس في
الصحيحين عموم لها، لاطلاقهما، وانصرافه إلى ما عداها.
وهو حسن، مع العلم بعدم وطء المولى لها، وكذا من انتقلت منه إليه
أصلا، ويشكل فيما عداه، وهو العلم بوطء الثاني لها، مع عدم الاستبراء،
أو احتماله لما تقدم من المقتضى له، الثابت بتتبع الأخبار الموجب له هنا في
المولى ففي الغير بطريق أولى، إلا أن مقتضى ذلك ثبوت الاستبراء، وهو غير
العدة قطعا.
وكيف كان، فالعمل بإطلاق العبارة والصحيحين أولى.

(1) الوسائل 14: 511، الباب 13 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) المصدر السابق: 514، الباب 16 الحديث 2.
(3) التهذيب 8: 175، الحديث 611.
361

* (ويملك الأب) * مطلقا * (موطوءة ابنه) * كذلك * (وإن حرم عليه
وطؤها. وكذا) * الكلام في * (الابن) * إجماعا ونصا (1). والكلام فيه وفي
أمثاله قد مضى.
* (النوع الثاني) * من نوعي جواز النكاح بالملك النكاح ب‍ * (ملك
المنفعة) * بتحليل الأمة دون الهبة والعارية. ولا ريب فيه، لإجماع الطائفة،
والصحاح المستفيضة ونحوها من المعتبرة التي كادت تكون متواترة، بل
صرح بذلك جماعة.
ففي الصحيح: في الرجل يحل لأخيه فرج جاريته وهي تخرج في
حوائجه، قال: لا بأس (2).
والقول بالمنع المحكي في المبسوط شاذ، ومستنده ضعيف، بناء على أن
مثله عقد أو تمليك، فليس من ارتكبه مرتكبا عدوانا.
وعلى تقدير خروجه عنهما فآية " فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم
العادون " (3) بما قدمناه من الأدلة مخصصة. والصحيح: عن الرجل يحل فرج
جاريته، قال: لا أحب ذلك (4) ظاهر في الكراهة.
وعلى تقدير الظهور أو الصراحة في الحرمة محمول على التقية بالضرورة.
وبالجملة ليست المسألة محل شبهة، ولكنها مشروطة بشرائط كون
التحليل من المالك، ولمن يجوز له التزويج بها، وقد تقدمت شرائطه، التي من
جملتها كونه مؤمنا في المؤمنة ومسلما في المسلمة، وكونها كتابية لو كانت
كافرة، وغير ذلك من أحكام النسب والمصاهرة وغيرهما.

(1) الوسائل 14: 317، الباب 3 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها.
(2) الوسائل 14: 540، الباب 27 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(3) المؤمنون: 7.
(4) الوسائل 14: 533، الباب 31 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 7.
362

* (و) * لا خلاف في اعتبار * (صيغته) * لعدم حل الفروج بمجرد
التراضي إجماعا، وتمسكا بالأصل، وفحوى ما دل على المنع من العارية مع
إفصاحها عنه لفظا. فالمنع مع عدمه أولى.
وهي قسمان: وفاقية كما حكاه جماعة، وخلافية.
فالأول * (أن يقول: أحللت لك وطأها أو جعلتك في حل من
وطئها) * وذلك لتضمنها النصوص بالخصوص، فيخصص بها الأصول قطعا،
ولا مخصص لها فيما عداه.
* (و) * لذا * (لم يتعدهما الشيخ) * وأتباعه والمرتضى والعلامة في أحد
قوليه وأكثر الأصحاب، كما حكاه جماعة منهم * (و) * لكن * (اتسع
آخرون) * بجوازه * (بلفظ الإباحة) * وهو الثاني، كما في الشرائع وعن
المبسوط والسرائر، واختاره من المتأخرين جماعة، للتساوي مع الأول في
المعنى، فيكون كالمرادف الذي يجوز إقامته مقام رديفه.
ورد بمنع المرادفة أولا، ثم بمنع الاكتفاء بالمرادف مطلقا ثانيا، فإن
كثيرا من أحكام النكاح توقيفية. وفيه شائبة العبادة، والاحتياط فيه مهم.
وهو في محله بالنظر إلى كيفية الاستدلال. وليس لو غيرت بما ذكره
بعض الأفاضل - ولنعم ما ذكر - أن الوجه فيه عموم الأخبار، لتضمنها
التحليل، وهو أعم من أن يكون بلفظه أو مرادفه، إذ كلاهما تحليل، ويعضده
الخبر المعتبر المجبور قصور سنده بجهالة راويه بوجود المجمع على
تصحيح رواياته فيه.
وفيه: قال: قال لي أبو عبد الله (عليه السلام): يا محمد خذ هذه الجارية تخدمك
وتصيب منها فإذا خرجت فارددها إلينا (1).
ولقائل أن يقول: إن التحليل وإن كان مطلقا إلا أن الخروج بمجرده

(1) الوسائل 14: 532، الباب 31 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 6.
363

بالإضافة إلى بعض أفراده مع شهرة خلافه مشكل جدا. ومع ذلك ربما دل ما
سيأتي من النص في المنع عن التحليل بالعارية على إرادة المعنى الأخص
منه هنا، حيث إنه بعد المنع عنها قال: لكن لا بأس أن يحل الرجل جاريته
لأخيه (1).
فلولا أن المراد منه ما مر لكان العارية منه بالمعنى الأعم فهي قسم منه
بهذا المعنى، وقد جعلت في الخبر قسيما له. فتدبر.
وأما الخبر فمع قصور سنده ضعيف الدلالة، لاحتمال إرادة الخدمة
ونحوها مما ليس متعلقا للتحليل المعني هنا من متعلق الإصابة دون حل
الوطء واللمس والقبلة والنظر بشهوة.
وعلى تقدير تسليم الدلالة فليس لسنده جابر بالمرة، بحيث يعارض
الأصول المعتضدة بالشهرة.
والاعتبار في الجملة غير كاف في تخصيصها. فالقول بالمنع أقوى.
وعلى غيره قيل: كفى أذنت وسوغت وملكت ووهبت ونحوها.
* (ومنع الجميع) * وفيه إيذان بالإجماع، وهو محكي صريحا عن
الانتصار وفي كشف الحق ونهج الصدق * (لفظ العارية) * للخبر المعتبر، إذ
ليس في سنده سوى قاسم بن عروة، وقد حسنه جماعة، وجهالته المشهورة
مجبورة بالشهرة العظيمة ورواية ابن أبي عمير، وهو ممن أجمعت على
تصحيح ما يصح عنه العصابة: عن عارية الفرج، فقال: حرام، ثم مكث قليلا
وقال: لكن لا بأس بأن يحل الرجل جاريته لأخيه (2).
ولكن في معتبر آخر: - بالسبب الذي مر - عن عارية الفرج، فقال:
لا بأس به (3).

(1) المصدر السابق: 536، الباب 34 الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 536، الباب 34 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(3) المصدر السابق: الحديث 2.
364

ولكن لا يقاوم ما قابله بوجه وإن تساويا في السند، لاعتضاد الأول
بالأصل والإجماع المحكي، بل القطعي والشهرة العظيمة. فمخالفة الحلي
ضعيفة شاذة.
* (وهل هو) * أي التحليل * (إباحة) * محضة وتمليك منفعة كما عليه
مشهور الطائفة * (أو عقد) * متعة كما * (قال) * به * (علم الهدى) *؟ قولان،
أصحهما الأول، لانحصار العقد في الدائم والمتعة.
وكلاهما منفيان، لتوقف رفع الأول على الطلاق في غير الفسخ بأمور
محصورة ليس هذا منها، ولزوم المهر فيه بالدخول، وغير ذلك من لوازمه،
وانتفاء اللازم يدل على انتفاء الملزوم، مضافا إلى مسلميته عند الخصم.
وتوقف الثاني، و * (هو) * كونه * (عقد) * ال‍ * (متعة) * على المهر
والأجل، المنفيين هنا أيضا بالأصل، وتسليم الخصم على الظاهر.
وخلافا للمحكي عن المبسوط في الثاني، فاعتبره. ولا ريب في ضعفه،
ولأن عقد النكاح لازم، ولا شئ من التحليل كذلك، وإذا انتفى كونه عقدا
ثبت الملك، لانحصار حل النكاح فيهما بمقتضى القولين.
فيصرف " ما ملكت أيمانكم " عما هو ظاهر فيه بالتبادر وهو ملك الرقبة
إلى ما يعمه وملك المنفعة، هربا مما هو أشد محذورا، أو يبقى على ظاهره
ويخص عموم " من ابتغى وراء ذلك " بما عدا التحليل، وهو شائع، بل وأظهر
من الأول إن لم يكن مخالفا للإجماع، بناء على المختار من رجحانه على
المجاز حيث تعارضا، وبه صرح بعض متأخري الأصحاب. فسقط حجة
المرتضى، وتعين المصير إلى ما عليه باقي أصحابنا.
وعلى القولين لا بد من القبول، لتوقف الملك عليه، كذا قيل، وظاهرهم
الوفاق عليه، والنصوص خالية من اعتباره، ومع ذلك ذكر المفلح الصيمري
365

عن إطلاق الأكثر عدم اعتباره، وحكى عن الحلي ما يدل على تفرع ذلك
على كلام المرتضى.
فالوجه العدم، ومراعاة الاحتياط أولى.
وقيل إن الفائدة بين القولين تظهر فيما لو أباح أمته لعبده، فإن قلنا إنه
عقد أو تمليك وإن العبد يملك حلت، وإلا فلا.
وفيه نظر، لأن الملك فيه ليس على حد الملك المحض بحيث لا يكون
العبد أهلا له، بل المراد به الاستحقاق كما يقال: يملك زيد إحضار مجلس
الحكم ونحوه، ومثله يستوي في الحر والعبد. فصحة التعليل في حقه على
القول متجهة إن جوزناه في حقه.
وقيل: مظهرها اعتبار إذن الحرة أو العمة أو الخالة إذا كانتا عنده على
قول المرتضى، ولا على غيره.
وعدم جواز نظر السيد إليها ولمسها وتقبيلها بشهوة وغير شهوة على
الأول دون الثاني والأخير ينافي ما حكيناه عن بعض الأصحاب - فيما
مضى قريبا - من اتحاد الأمة المزوجة والمحللة في حرمة الأمور المزبورة
على مولاهما.
* (وفي تحليل أمته لمملوكه) * أو مملوك غيره بإذنه * (تردد) * ينشأ.
من الصحيح: عن المملوك يحل له أن يطأ الأمة من غير تزويج إذا أحل
له مولاه، قال: لا تحل له (1).
ومن المعتبر - كالصحيح بوجود ابن أبي عمير في سنده، فلا يقدح
جهالة راويه -: لمولاي في يدي مال، فسألته أن يحل لي ما أشتري من
الجواري، فقال: إن كان يحل لي أن أحلل فهو لك حلال، فسألت أبا عبد الله (عليه السلام)

(1) الوسائل 14: 536، الباب 33 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2.
366

عن ذلك، فقال: إن أحل لك جارية بعينها فهي لك حلال (1)، الخبر.
ويعضده الصحيح: عن قول الله عز وجل: " والمحصنات من النساء إلا ما
ملكت أيمانكم " هو أن يأمر الرجل عبده وتحته أمته فيقول له: اعتزل
امرأتك ولا تقربها ثم يحبسها عنه حتى تحيض ثم يمسها، فإذا حاضت بعد
مسه إياها ردها عليه بغير نكاح (2).
وظاهره - كما ترى - كونه عقدا، كما ذهب إليه المرتضى. فتأمل.
والمعتبرة المستفيضة الدالة على جواز تسري العبد الجواري بإذن
مولاه، كالصحيح: لا بأس أن يأذن الرجل لمملوكه أن يشتري من ماله إن
كان له جارية أو جواري يطأهن ورقيقه له حلال، الحديث (3)، وفي معناه
غيره (4). ولا يخفى عليك قوة هذه الأدلة، وعدم معارضة الصحيح المتقدم لها
بالمرة، مع ظهور حمله على التقية، لاتفاق العامة على المنع من التحليل
مطلقا، ويعضده كون الراوي وزير الخليفة، والمروي عنه ممن اشتدت في
زمانه التقية.
* (و) * لذا يكون * (مساواته) * أي العبد * (للأجنبي) * في جواز تحليل
المولى أمته له * (أشبه) * وفاقا للحلي وجماعة.
وخلافا للشيخ وآخرين. وهو ضعيف جدا وإن كان الاقتصار في تزويج
المولى عبده أمته على نحو قوله: أنكحتك فلانة وإعطائها شيئا من قبله أولى
وأحوط.
* (ولو ملك بعض الأمة) * التي هي في البعض الآخر حرة * (فأحلت
نفسها) * له * (لم يصح) * لعدم تبعض البضع، وللصحيح، وقد مضى.

(1) الوسائل 14: 536، الباب 33 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 550، الباب 45 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(3) الوسائل 14: 521، الباب 22 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 8.
(4) الوسائل 14: 406، الباب 9 من أبواب ما يحرم باستيفاء العدد الحديث 1.
367

* (وفي تحليل الشريك) * حصته منها لشريكه * (تردد) * مضى وجهه
* (و) * أن * (الوجه) * الجواز.
خلافا للمصنف تبعا للأكثر فاستوجه * (المنع) * وهو أحوط.
وحيث كان الانتفاع بأمة الغير بدون إذنه محرما مطلقا قطعا وجب
الاقتصار فيه على ما يتناوله اللفظ المتضمن له عرفا * (ف‍) * لا * (يستبيح) *
إلا * (ما يتناوله اللفظ) * كذلك.
* (فلو أحل) * له بعض مقدمات الوطء ك‍ * (التقبيل) * والنظر * (اقتصر
عليه) * ولم يحل له الوطء ولا الآخر.
و * (وكذا) * لو أحل * (اللمس) * وجب الاقتصار عليه، وكذا لو أحله
بعضها في عضو مخصوص اختص به.
و * (لكن لو أحل) * له * (الوطء حل له ما دونه) * من المقدمات،
لشهادة الحال، ولعدم انفكاكه عنها غالبا، ولا موقع له بدونها، ولأن تحليل
الأقوى يدل على الأضعف بطريق أولى، بخلاف المساوي والعكس هنا،
مضافا إلى النصوص المعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: ليس له إلا ما أحل له منها، ولو أحل له قبلة منها لم يحل
له سوى ذلك (1).
والصحيح: في الرجل يقول لامرأته أحلي لي جاريتك فإني أكره أن
تراني منكشفا فأحلتها له؟ قال: لا يحل له منها إلا ذلك، وليس له أن يمسها
ولا أن يطأها، ثم قال: لا تحل له إلا الذي قالت له (2).
والخبر: إذا أحل الرجل من جاريته قبلة لم يحل له غيرها، وإن أحل له
منها دون الفرج لم يحل له غيره، وإن أحل له الفرج حل له جميعها (3).

(1) الوسائل 14: 537، الباب 35 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 538، الباب 35 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 4.
(3) المصدر السابق: 539، الباب 36 الحديث 1.
368

ولو أحل القبلة فهل يدخل فيه اللمس بشهوة؟ نظر، من الأولوية
المتقدمة في الجملة، ومن أن اللازم دخول لمس ما استلزمته القبلة لا مطلقا،
فلا يدخل إلا ما يتوقف عليه خاصة. وهو أحوط لو لم يكن أقوى.
* (ولو أحل الخدمة) * منها * (لم يتعرض للوطء) * ولا يستبيحه بذلك
* (وكذا لا يستبيح) * الخدمة * (بتحليل) * المولى له * (الوطء) * بها خاصة،
لعدم التلازم بين الأمرين في المقامين.
* (وولد المحللة) * من العبد إن جوزنا التحليل له رق إجماعا، ومن الحر
* (حر) * مع اشتراط الحرية كذلك، ومع العدم رق مع اشتراط الرقية إن قلنا
بصحته، وإلا فهو كالإطلاق وفيه الخلاف، والأصح الأشهر، واختاره المرتضى
والحلي أنه كالأول، لعموم أكثر النصوص، وظواهر الأصول الماضية في
ولد الأمة المزوجة، مضافا إلى خصوص المعتبرة المستفيضة هنا:
ففي الصحيحين: الرجل يحل لأخيه جاريته، قال: لا بأس به، قال: قلت:
فإنها جاءت بولد، قال: ليضم إليه ولده، وترد الجارية إلى صاحبها، قلت: فإنه
لم يأذن له في ذلك، قال: إنه قد أذن وهو لا يأمن أن يكون ذلك (1).
والحسن بل الصحيح: الرجل يحل جاريته لأخيه أو حرة حللت
جاريتها لأخيها، قال: يحل له من ذلك ما أحل له، قلت: فجاءت بولد، قال:
يلحق بالحر من أبويه (2).
والخبر: عن الرجل يقول لأخيه: جاريتي لك حلال، قال: قد حلت له،
قلت: فإنها ولدت، قال: الولد له والأم للمولى (3)، الحديث.
وهي مع استفاضتها واعتبار سند أكثرها واعتضادها بالشهرة العظيمة
والإطلاقات مع الأصول المتقدمة وفتوى من لا يرى العمل إلا بالأخبار

(1) الوسائل 14: 540، الباب 37 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 3 و 4.
(2) الوسائل 14: 541، الباب 37 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث، 7 و 6.
(3) الوسائل 14: 541، الباب 37 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث، 7 و 6.
369

المتواترة والمحفوفة بالقرائن القطعية - كالحلي ونحوه - واضحة الدلالة.
خلافا للفقيه (1) والشيخ (2) وجماعة، فقالوا: بالرقية إلا مع الفك بالقيمة،
للصحيح: الرجل يحل لأخيه فرج جاريته، قال: هو له حلال، قلت: فإن
جاءت بولد منه، قال: هو لمولى الجارية، إلا أن يكون اشترط على مولى
الجارية حين أحلها إن جاءت بولد فهو حر (3).
ونحوه خبران آخران (4) قاصرا السند، هما كالصحيح ضعيفا التكافؤ،
فلا يعترض بمثلها الأخبار المتقدمة المعتضدة بالأمور المزبورة، وكذا لا
يؤول إليها بما في الفقيه (5) - وإن تبعه جماعة - من حملها على الحرية بعد
أداء القيمة وإن هو إلا تقييد لها من غير مقيد صالح له، فيجب طرحه أو
تأويله إلى ما يؤول إليها، سيما مع إباء التعليل في بعضها، كالصحيحين
الأولين عن قبول هذا القيد.
* (فإن شرط) * الأب * (في العقد الحرية فلا سبيل) * لمولى الجارية
* (على الأب) * من جهة القيمة بإجماع الطائفة * (وإن لم يشترط) * ذلك
* (ففي إلزامه قيمة الولد روايتان، أشبههما) * وأشهرهما * (أنها لا تلزم) *
كما عرفت من المستفيضة الواردة في مقام الحاجة الخالية عن ذكر القيمة
بالمرة، مع اشتمال الصحيحين منها على التعليل الذي هو كالصريح في عدم
لزومها، وقد عرفت عدم مقاومة شئ مما عارضها لها بالمرة.
ولكن العمل به أحوط.
ومقتضى العبارة هنا ظاهرا وفي الشرائع صريحا عدم الخلاف في حرية
الولد هنا، وانحصاره في لزوم القيمة، وليس كذلك، لاتفاق القائلين بالحرية

(1) الفقيه 3: 457، الحديث 4578.
(2) التهذيب 7: 248، ذيل الحديث 1037.
(3) الوسائل 14: 540، الباب 37 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2 و 3.
(4) الوسائل 14: 540، الباب 37 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2 و 3.
(5) الفقيه 3: 457، الحديث 4578.
370

بعدم لزوم القيمة، واختصاص القول به بالقائل بالرقية.
* (ولا بأس بأن يطأ الأمة وفي البيت غيره) * للصحيح: عن الرجل ينكح
الجارية من جواريه وفي البيت من يرى ذلك ويسمع، قال: لا بأس (1).
وربما قيل: بالكراهة هنا في الجملة أو مطلقا.
ولا بأس به، للمسامحة، وللخبر: لا يجامع الرجل امرأته ولا جاريته
وفي البيت صبي (2). وهو وإن قصر بقصور السند عن المكافأة لما مر، إلا أنه
أوفق بالحياء، فليحمل ذلك على نفي الحرمة.
* (و) * لا بأس أيضا * (أن ينام بين أمتين) * للخبر فعلا: كان أبو
الحسن (عليه السلام) ينام بين جاريتين (3). ونحوه آخر قولا: لا بأس أن ينام الرجل
بين أمتين والحرتين (4).
* (ويكره) * كل من الأمرين * (في الحرائر) * أما الأول: فلما مضى، وغيره.
وأما الثاني: فقد علل بتضمنه الامتهان الغير اللائق بالحرائر.
وهو كما ترى، مضافا إلى ما مر من الخبر الظاهر في عدم البأس. والعمدة
في الكراهة فتوى الأصحاب، مع المسامحة في أدلة السنن، كما مر غير مرة.
* (وكذا يكره وطء) * الأمة * (الفاجرة) * الزانية، لما فيه من العار،
وخوف اختلاط الأنساب، وفي الخبر: عن الخبيثة يتزوجها الرجل، قال: لا،
وقال: إن كان له أمة إن شاء وطأها، ولا يتخذها أم ولد (5).
* (و) * يكره وطء من * (ولدت من الزنا) * للحسن: عن الرجل يكون
له الخادم ولد زنا عليه جناح أن يطأها؟ قال: لا، وإن تنزه عن ذلك

(1) الوسائل 14: 584، الباب 75 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 94، الباب 67 من أبواب مقدمات النكاح وآدابه الحديث 1.
(3) الوسائل 14: 589، الباب 84 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 3 و 1.
(4) الوسائل 14: 589، الباب 84 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 3 و 1.
(5) الوسائل 14: 337، الباب 14 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها الحديث 2.
371

فهو أحب إلي (1).
ويأتي على مختار الحلي من كفرها الحرمة، وقد حكيت عنه صريحا.
والنص حجة عليه، كالصحيح: ولد الزنا ينكح، قال: نعم، ولا يطلب
ولدها (2).
* * *

(1) الوسائل 14: 337، الباب 14 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها الحديث 5.
(2) المصدر السابق: الحديث 1.
372

* (ويلحق بالنكاح النظر في أمور خمسة) *
* (الأول: في العيوب) *
المجوزة للفسخ لأحد الزوجين إذا حصل منها في الآخر
* (والبحث) * يقع في * (أقسامها وأحكامها) *.
أما الأول فهي على قسمين مشترك بينهما ومختص بأحدهما، ويعرف
كل منهما بالكلام فيها.
فنقول: * (عيوب الرجل) * المسلطة لزوجته على فسخ نكاحه * (أربعة) *:
الأول: * (الجنون) * المطبق أو الأدواري الذي لا يعقل معه أوقات
الصلاة مطلقا إجماعا، كما يظهر من جماعة. وكذا الذي يعقلها معه مطلقا،
كان قبل العقد أو تجدد بعده مطلقا، على الأشهر الأظهر في الأول، بل كاد
أن يكون إجماعا، بل صرح به بعض الأجلة (1) خلافا لابن حمزة، فأطلق
اشتراط عدم التعقل (2)، للمرسل: إن بلغ به الجنون مبلغا لا يعرف أوقات
الصلاة فرق بينهما، وإن عرف أوقات الصلاة فلتصبر المرأة فقد ابتليت (3).
وضعف سنده يمنع من العمل به، مع معارضته بالخبر الآتي المعتضد بالشهرة
ومفهوم الرضوي، وبهما يخص المرسل والأصل لو تمسك به.

(1) لم نقف على من صرح به.
(2) الوسيلة: 311.
(3) الوسائل 14: 607، الباب 12 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 3.
373

وعلى قول في الأخير.
خلافا لأكثر القدماء. وهو الأصح، للرضوي: إذا تزوج رجل فأصابه
بعد ذلك جنون فبلغ منه مبلغا حتى لا يعرف أوقات الصلاة فرق بينهما،
فإن عرف أوقات الصلاة فلتصبر المرأة فقد ابتليت (1).
وقصور السند منجبر بالشهرة، مع اعتباره وحجيته في نفسه، مضافا
إلى موافقة الأصل.
فلا يعارض شيئا مما ذكر إطلاق الخبر أو عمومه: عن المرأة يكون لها
زوج وقد أصيب في عقله بعد ما تزوجها أو عرض له جنون، فقال: لها أن
تنزع نفسها منه إن شاءت (2)، لقصور سنده أولا، مع عدم الجابر له في المقام
جدا، وضعف دلالته ثانيا، فليقيد أو يخصص. فسقط حجة القول الأول.
ويظهر من بعض المتأخرين (3) المناقشة في أصل الحكم، لعدم ما يدل
عليه مما يعتمد عليه، لضعف الأخبار، وأخصية أكثرها عن المدعى،
لاختصاصه بالمتجدد، ويجبر الأول بالشهرة، بل والإجماع في الجملة،
والثاني بعدم القول بالفرق بين الطائفة، مع إطلاق المرسلة المنجبر قصورها
في أصل الحكم بالشهرة، وفحوى ما دل على أنه عيب في المرأة من
النصوص المستفيضة (4)، بناء على أن الرجل له التخلص بالطلاق لو وجد
فيها. فثبوت الخيار له مع ذلك لازم لثبوته لها لو وجد فيه بطريق أولى، لعدم
إمكان تخلصها بدونه أصلا وتوقفها على ثبوت التعليل في الأصل ليستحق
الأولوية، وليس بثابت.

(1) فقه الرضا: 237.
(2) الوسائل 14: 607، الباب 12 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(3) نهاية المرام 1: 325 و 326.
(4) الوسائل 14: 592، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس.
374

والمناقشة فيه واضحة، إذ المستند في اعتباره فهم العرف لا ثبوت
التعليل. كيف لا! وقد دل آية حرمة التأفيف (1) على حرمة الأقوى من أنواع
الأذى، ومسلم الدلالة عند العلماء، مع أنه لا إشعار فيها بالتعليل فضلا عن
الظهور، وهو هنا ثابت، فمتابعته واجبة.
ويومئ إلى ما ذكرنا من استناد حجية الفحوى إلى فهم العرف لا إلى
ثبوت التعليل تقسيم العلماء القياس الحجة إلى الأولوية والمنصوصة العلة،
فلو توقف حجية الأول على ثبوت العلة لكان من الثاني، فلا وجه للتقسيم
وجعل قسم الشئ قسيمه. فتأمل جدا.
وبالجملة لا ريب في فساد ما ذكر قطعا.
* (و) * الثاني: * (الخصاء) * بكسر الخاء مع المد، وهو سل الأنثيين
وإخراجهما وإن أمكن الوطء على الأظهر الأشهر بين الأصحاب، للمعتبرة
المستفيضة:
منها الصحيح: عن خصي دلس نفسه لامرأة دخل بها فوجدته خصيا،
قال: يفرق بينهما ويوجع ظهره، ويكون لها المهر بدخوله عليها (2). ونحوه
الموثقان (3).
خلافا للمبسوط (4) والخلاف (5)، محتجا بأنه يولج ويبالغ أكثر من
الفحل وإن لم ينزل، وعدم الإنزال ليس بعيب وهو اجتهاد صرف في مقابلة
النص المعتضد بالشهرة مع حجيته في نفسه، فيخص به الأصل لو تمسك به،
ويقتصر فيه بمورده، وهو سبق العيب العقد، لظاهر لفظ التدليس فيه.
وهو أصح الأقوال.

(1) الأسراء: 23.
(2) الوسائل 14: 608، الباب 13 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 3.
(3) الوسائل 14: 608، الباب 13 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1 و 2.
(4) المبسوط 4: 250.
(5) الخلاف 4: 358، المسألة 141.
375

وربما قيل بإطلاق ثبوت الخيار ولو تجدد بعد الدخول.
وربما فصل فأثبت في المتجدد قبله ونفى في المتجدد بعده.
ولا يساعدهما النصوص، مع معارضتهما بالأصل السالم عن المعارض.
وفي حكم الخصاء الوجاء بالكسر والمد، وهو رض الأنثيين، بل قيل:
إنه من أفراده، وحكى عن بعض أهل اللغة (1). وهو حسن إن تم القول، وإلا
فللنظر فيه مجال والاقتصار على الأصل لازم.
* (و) * الثالث: * (العنن) * وهو على ما عرفه الأصحاب - كما حكى -
مرض يعجز معه عن الإيلاج، لضعف الذكر عن الانتشار من دون تقييد بعدم
إرادة النساء، وربما يوجد في كلام بعض أهل اللغة اعتباره. وثبوت الفسخ به
في الجملة محل وفاق بين الطائفة حكاه جماعة، للمعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: العنين يتربص به سنة، ثم إن شاءت امرأته تزوجت،
وإن شاءت أقامت (2).
والصحيح: عن امرأة ابتلي زوجها فلم يقدر على الجماع أتفارقه؟ قال:
نعم إن شاءت (3). ونحوه بعينه غيره (4).
ومقتضاهما كغيرهما من حيث العموم الناشئ عن ترك الاستفصال
تعليق الحكم على غير القادر على الجماع مطلقا، أراد النساء أم لا، فيكون
هو المراد بالعنين المطلق في الصحيح الأول وغيره حقيقة كان فيه، كما هو
ظاهر الأصحاب، أو مجازا إن اعتبرنا القيد الماضي فيه، وذلك لأن
أخبارهم (عليهم السلام) يكشف بعضها عن بعض.
ثم المستفاد مما مضى من النصوص وغيرها إطلاق الخيار الشامل

(1) جمهرة اللغة 1: 171.
(2) الوسائل 14: 611، الباب 14 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 5.
(3) المصدر السابق: الحديث 6 و 1.
(4) المصدر السابق: الحديث 6 و 1.
376

لصورة تقدم العيب قبل العقد وتجدده بعده، كان قبل الدخول أو بعده، وعلى
الأولى الإجماع، وعلى الثانية والثالثة الشهرة بين الطائفة. وسيأتي تمام
التحقيق في المسألة السادسة.
* (و) * الرابع: * (الجب) * وهو قطع الذكر كلا أو بعضا لا يبقى معه قدر
الحشفة، ولو بقي فلا خيار إجماعا، وثبوت الخيار به مشهور بين الأصحاب،
بل كاد أن يكون إجماعا، وعن المبسوط (1) والخلاف (2) نفي الخلاف عنه.
وهو الحجة فيه، مضافا إلى فحوى ما دل على ثبوته بالخصاء والعنن، فإنه
أقوى عيبا منهما، لقدرة الخصي على الجماع في الجملة وإمكان برء العنن،
بخلاف المجبوب الذي لم يبق له ما يمكنه الوطء فثبوت الخيار فيهما ملازم
له فيه بطريق أولى، ويعضده عموم ما مر من الصحيح وغيره: عن امرأة ابتلي
زوجها فلم يقدر على الجماع أتفارقه؟ قال: نعم إن شاءت (3).
فتردد الماتن في الشرائع (4) لا وجه له، والنص بالخصوص غير لازم،
والأصل بما مضى مخصص.
وحيث كان من المتمسك به في إثبات الحكم هنا عموم الصحيح وغيره
وجب القول بثبوت الخيار على الإطلاق، سبق العيب العقد أو تأخر عنه،
لحق الوطء أو تقدمه، كما عن الشيخ (5) والقاضي (6) وجماعة. ولعله الأشهر،
بل حكي عن الأول الإجماع عليه صريحا وإن حكي عنه في موضع آخر ما
اشعر بانعقاد الإجماع على اختصاصه بالأول، لعدم معارضة الظاهر الصريح.
وربما قيل باختصاصه بالأول، تمسكا بالأصل، وعدم المخرج عنه،

(1) المبسوط 4: 264.
(2) الخلاف 4: 346، المسألة 124.
(3) الوسائل 14: 611، الباب 14 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 6.
(4) الشرائع 2: 319.
(5) المبسوط 4: 263.
(6) المهذب 2: 233.
377

لفقد الإجماع بالتعارض، وانتفاء الفحوى فيما عداه، لاختصاص الخيار
في الخصاء بسبقه العقد، كما مر.
ويضعف بثبوت المخرج، لكون الإجماع على العموم أقوى، كما مضى،
وعدم انحصار الفحوى في الخصاء، لثبوته في العنن الثابت به الخيار مع
التجدد بعد العقد، مع عدم انحصار المخرج فيما ذكر بعد إطلاق النص الدافع
لذلك، وللقول باختصاصه بغير المتجدد بعد الوطء، المستند إلى ثبوت
الحكم هنا بفحوى ثبوته في العنن، المقتضي للاشتراك معه في عدم الخيار
بعد الوطء، كاشتراكه معه في ثبوته قبله المضعف بضعف المستند، إذ غايته
إثبات الشركة في الثبوت لا العدم، فلا ينافي ثبوت الخيار في الفرع بالنص
في محل ينتفي فيه في الأصل، وهو ما بعد الوطء.
وبالجملة القول الأول أجود وإن كان الاحتياط مما لا ينبغي أن يترك،
لاحتمال حصول الشك في النص بعدم تبادر محل الفرض منه، والإجماع
بما مضى وإن كان بالإضافة إلى ما قابله أقوى، بناء على ضعف هذه القوة
الزائدة عن تخصيص الأصالة القطعية.
وكيف كان، فاتحاده مع العنن مما لا ينبغي أن يستراب فيه، ويبقى
الكلام في زيادته عليه، والاحتياط لازم في مثله.
ثم إن حصر العيوب في الأربعة هو الأشهر بين الطائفة، للأصل، والخبر
المعتبر بوجود جمع مجمع على تصحيح رواياتهم في سنده كصفوان وأبان،
فلا يضر جهالة راوية. وفيه: والرجل لا يرد من عيب (1).
خلافا للقاضي، فرد بالجذام والبرص والعمى (2)، وللإسكافي فرد بها

(1) الوسائل 14: 610، الباب 14 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2.
(2) المهذب 2: 231 و 232.
378

وبالعرج والزنا (1)، ووافقهما شيخنا الشهيد الثاني في الأولين (2)، لعموم
الصحيح: إنما يرد النكاح من البرص والجنون والجذام والعفل (3)، فإنه عام
في الرجل والمرأة، إلا ما أخرجه الدليل، ولأدائه إلى الضرر المنفي فإنه من
الأمراض المعدية باتفاق الأطباء، وقد روى أنه (عليه السلام) قال: فر من المجذوم
فرارك من الأسد (4)، فلا بد من طريق إلى التخلص، ولا طريق للمرأة إلا
الخيار، والنص (5) والفتوى الدالان على كونهما عيبا في المرأة، مع وجود
وسيلة الرجل إلى الفرقة بالطلاق قد يقتضيه في الرجل بطريق أولى.
وفي الجميع نظر، لمنع العموم في الصحيح، لاختصاصه بحكم التبادر
والسياق بعيوب المرأة، فلا تعدية، ومنع حصر طريق التخلص في الخيار،
فقد يمكن باجبار الحاكم بالطلاق، أو انتزاعها منه إلى حصول العلاج، وفيه
مع ذلك استلزامه طرد الحكم في كل مرض معد، ولا أراه يلتزمه، مع مخالفته
الإجماع، والأولوية جيدة لولا الرواية المعتبرة (6) في نفسها، المنجبرة هنا
بالشهرة.
وعدم القول بعمومها غير قادح في حجيتها. كيف لا! والعام المخصص
ولو بإجماع العلماء حجة في الباقي، حيث يبقى الأكثر، كما هنا عند
أصحابنا.
فالقول الأول لذلك، مع اعتضاده بالأصل المقطوع به أقوى. وأما ما عدا
الأمرين فحجة القائلين بالفسخ فيه غير واضح في البين، إلا على القول
بثبوت الخيار به في المرأة للأولوية المتقدمة. ولكن يأتي فيها ما في سابقتها،

(1) نقله في المختلف 7: 184 و 185.
(2) المسالك 8: 110.
(3) الوسائل 14: 593، الباب 11 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 6.
(4) عوالي اللئالي 1: 32، ا لحديث 8.
(5) الوسائل 14: 594، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 10.
(6) المصدر السابق.
379

ومع ذلك يتوقف استناد القائلين إليها على قولهم بذلك.
هذا، مع ما في الأولوية هنا من المناقشة الواضحة.
نعم وردت الأخبار المستفيضة بالأمر بالتفريق بين الرجل والمرأة بزناه
بعد العقد.
ففي الصحيح: عن رجل تزوج بامرأة فلم يدخل بها فزنى ما عليه؟ قال:
عليه الحد، ويحلق رأسه ويفرق بينه وبين أهله (1).
وهي مع عدم ظهورها في الخيار وإنما ظاهرها لزوم التفريق ولا قائل
به معارضة بالأصل، والصحيح: عن الرجل يزني قبل أن يدخل بأهله
أيرجم؟ قال: لا، قلت: يفرق بينهما إذا زنى قبل أن يدخل بها، قال: لا (2).
وهما معتضدان بعمل الأصحاب، فلا يعارضهما شئ مما مضى.
* (و) * أما * (عيوب المرأة) * فهي * (سبعة) *: وفاقية، وخلافية.
فمن الأول: * (الجنون) * وهو فساد العقل المستقر، الغير المستند إلى
السهو السريع الزوال أو الإغماء العارض، مع غلبة المرة، لعدم صدق
الإطلاق، مع الاستناد إلى أحد الأمرين عرفا.
وعلى تقديره فليس بمتبادر من إطلاق النصوص جدا، فلا يخص
الأصل باحتمال إرادة نحوه منها قطعا.
* (والجذام) * بضم الجيم، وهو مرض يظهر معه يبس الأعضاء، وتناثر
اللحم بشرط التحقق بظهوره على البدن، أو شهادة عدلين، أو تصادقهما
عليه، لا مجرد ظهور أماراته من تعجر الوجه واحمراره أو اسوداده
واستدارة العين وكمودتها إلى حمرة وضيق النفس وبحة الصوت ونتن العرق
وتساقط الشعر، فإنها قد تعرض من غيره. فلا يخص بها الأصل المقطوع به.

(1) الوسائل 14: 616، الباب 17 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2 و 1.
(2) الوسائل 14: 616، الباب 17 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2 و 1.
380

نعم مجموع هذه العلامات قد يفيد أهل الخبرة به حصوله. والعمدة
على تحققه كيف كان.
* (والبرص) * وهو البياض أو السواد الظاهران على صفحة البدن لغلبة
البلغم أو السوداء. ويعتبر منه المتحقق دون المشتبه بالبهق وغيره، لما مر.
* (والقرن) * بسكون الراء وفتحها، قيل: هو عظم كالسن في الفرج يمنع
الوطء (1) ولو كان لحما فهو العفل بالتحريك، وفي اتحادهما أو تغايرهما
خلاف بين اللغويين والفقهاء، وأكثر الفريقين على الاتحاد، وهو المروي
في الخبرين:
أحدهما الصحيح: المرأة ترد من أربعة أشياء، من البرص، والجذام،
والجنون، والقرن، وهو العفل ما لم يقع، فإذا وقع عليها فلا (2). ونحوه الثاني (3).
ويشهد له المعتبرة المكتفية بأحدهما عن الآخر، وهي مستفيضة في
الاكتفاء بالعفل عن القرن.
منها الصحيحان: يرد النكاح من البرص والجذام والجنون والعفل (4).
ومما اكتفى فيه بالقرن عنه الصحيح: عن رجل تزوج امرأة فوجد بها
قرنا، قال: هذه لا تحبل ولا يقدر زوجها على مجامعتها يردها إلى أهلها
صاغرة ولا مهر لها، قلت: فإن كان دخل بها، قال: إن علم بها قبل أن يجامعها
ثم جامعها فقد رضي، وإن لم يعلم بها إلا بعد ما جامعها، فإن شاء أمسكها،
وإن شاء سرحها إلى أهلها، ولها ما أخذت منه بما استحل من فرجها (5).
والرضوي: وإن تزوج بامرأة فوجدها قرناء أو مجنونة إذا كان بها

(1) قاله ابن الأثير في النهاية 4: 54.
(2) الوسائل 14: 593، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(3) المصدر السابق: الحديث 2.
(4) المصدر السابق: الحديث 10.
(5) الوسائل 14: 599، الباب 3 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 3.
381

ظاهرا كان له أن يردها على أهلها بغير طلاق (1). ونحوه غيره (2).
ويستفاد من الصحيح السابق عليهما بمقتضى تعليل الرد بعدم إمكان
الوطء، أو عسره، كما يظهر من ذيله دوران الحكم مدارهما، حيث تحققا في
قرن أو عفل أو رتق. فلا ثمرة للاتحاد والتغاير في الباب، وبه صرح بعض
الأصحاب (3).
ثم المستفاد منه أيضا - كغيره صريحا، مضافا إلى إطلاق النصوص -
ثبوت الخيار بعسر الوطء أيضا، من دون اشتراط عدم الإمكان، وإليه مال
جماعة، تبعا للماتن في الشرائع (4).
خلافا للأكثر، بل لم ينقل فيه خلاف، وربما احتمل كونه إجماعا، فإن
صح وعلمناه من غير جهة النقل أمكن المصير إليه، وإلا فالمصير إلى الأول
أولى، إما لعدم حجية عدم ظهور الخلاف أصلا، أو لأنه لا يستفاد منه مع
الحجية سوى المظنة المعارضة بمضاهيها الحاصل من الأخبار المعتبرة
المعمول بها عند جميع الطائفة، وهي أقوى قطعا، فيخص به الأصل، ويطرح
المعارض.
هذا، مع ظهور الخلاف لنا من الماتن وجماعة من أصحابنا.
وكيف كان، فلا ريب أن مراعاتهم أحوط وأولى.
* (والإفضاء) * وقد مضى تفسيره والاختلاف فيه، والنصوص بثبوت
الخيار بهذه العيوب الخمسة مستفيضة، وقد مر ما يتعلق بالأربعة الأول، بقي
المتعلق بالأخير.
ويدل عليه الصحيح في الرجل تزوج امرأة من وليها فوجد بها عيبا

(1) فقه الرضا: 237.
(2) الوسائل 14: 593، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 5.
(3) الحدائق 24: 361.
(4) الشرائع 2: 320.
382

بعد ما دخل بها، قال: فقال: إذا دلست العفلاء نفسها والبرصاء والمجنونة
والمفضاة ومن كان بها زمانة ظاهرة فإنها ترد على أهلها من غير طلاق (1).
وصريحه كالخبرين المتقدمين في الاكتفاء بالقرن عن العفل في التعبير
جواز الفسخ ولو علم بالعيوب بعد الدخول، مع أنه لا خلاف فيه يعتد به،
وبه صرح بعض (2)، واستفيد من إطلاق النصوص الأخر، والفتاوى.
نعم ربما أشعر بعضها باختصاص الجواز بقبل الدخول، كالصحيح الدال
على اتحاد القرن والعفل (3)، وقريب منه خبران آخران:
أحدهما: في الرجل إذا تزوج المرأة فوجد بها قرنا وهو العفل أو بياضا
أو جذاما أنه يردها ما لم يدخل بها (4). ونحوه الثاني (5).
ولكن ظاهرهما مع قصور السند العلم بالعيب قبل الدخول، ولا كلام
فيه، والصحيح لا يعارض ما مر، مع احتمال حمل إطلاقه على صورة العلم
بالعيب قبل الدخول.
ثم مقتضى الأصل وانتفاء المخرج عنه - بالإضافة إلى حدوث هذه
العيوب وما سيأتي بعد العقد أو الدخول - اختصاص الخيار بما عداهما، مع
عدم الخلاف في نفيه في الثاني، كما حكى وإن حكى عن المبسوط (6)
وظاهر الخلاف (7) طرد الحكم فيه وفي الأول، تبعا لإطلاق النصوص. ولكن
الأشهر خلافه، تمسكا بما مضى، واستضعافا له باختصاصه بحكم التبادر،
والفرض في أكثرها بغير محل البحث، ولا كلام فيه.
* (و) * من الثاني: * (العمى والإقعاد) * وثبوت الخيار ولو بعد الدخول

(1) الوسائل 14: 596، الباب 2 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(2) كشف اللثام 2: 71 س 29.
(3) الوسائل 14: 593، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1 و 2 و 3.
(4) الوسائل 14: 593، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1 و 2 و 3.
(5) الوسائل 14: 593، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1 و 2 و 3.
(6) المبسوط 4: 252.
(7) الخلاف 4: 349، المسألة 128.
383

بتقدمهما العقد مشهور بين الأصحاب، بل عليه الإجماع عن المرتضى (1)
وابن زهرة (2) في الأول. وهو الحجة فيه، كالصحيح: الرجل يتزوج المرأة
فيؤتى بها عمياء أو برصاء أو عرجاء، قال: ترد على وليها، ويكون له المهر
على وليها، وإن كان بها زمانة لا يراها الرجل أجيز شهادة النساء عليها (3).
والموثق: ترد البرصاء والعمياء والعرجاء (4).
ويستفاد منه ومن الصحيح المتقدم في الإفضاء الحكم في الثاني،
لتضمنها الفسخ بالزمانة الظاهرة، وهو منها وإن كانت مطلق العاهة، كما عن
بعض أهل اللغة (5).
هذا مضافا إلى فحوى الخبرين هنا، لاستلزام الفسخ بالعرج الذي دلا
عليه - وهو أشهر وأقوى، كما يأتي - إياه هنا بطريق أولى، كما لا يخفى.
ويخص بالنصوص هنا وفي الإفضاء الأصل، ومفهوما الحصر والعدد
فيما مر من المعتبرة.
فخلاف الشيخ في الخلاف (6) والمبسوط (7) في الأول ضعيف جدا،
كخلاف غيره، كما حكى في الثاني.
* (وفي) * ثبوت الخيار ب‍ * (الرتق) * بالتحريك، وهو كما حكي عن أهل
اللغة (8)، وبه صرح العلامة في القواعد (9) وجماعة: " التحام الفرج بحيث لم
يكن للذكر فيه مدخل وعرفه في التحرير باللحم النابت في الفرج (10) المانع

(1) الناصريات (الجوامع الفقهية): 248، المسألة 158.
(2) الغنية: 354.
(3) الوسائل 14: 597 و 599، الباب 2 و 4 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 6 و 1.
(4) المصدر السابق: 594، الباب 1 الحديث 12.
(5) مجمع البحرين 6: 260.
(6) الخلاف 4: 346، المسألة 124.
(7) المبسوط 4: 249.
(8) مجمع البحرين 5: 167.
(9) القواعد 2: 33 س 9.
(10) التحرير 2: 28 س 29.
384

عن الوطء ء فيرادف حينئذ العفل " * (تردد) * ينشأ، من الأصل ومفهومي
الحصر والعدد فيما مر من الأخبار مع عدم النص فيه. ومن تعليل الرد بالقرن
بمنعه الوطء في الصحيح وغيره كما مضى الظاهر في دوران الحكم مداره
حيث ما يتحقق، وفحوى ما دل على الحكم في القرن والعفل، مع إمكان
الوطء، فثبوت الحكم هنا بطريق أولى.
هذا إن قلنا بتغايره لهما، وإلا فهو داخل في مستندهما. وهذا هو الأقوى
كما حكي عن أكثر أصحابنا وادعى الإجماع عليه جماعة، واختاره
المصنف هنا وفي الشرائع (1) بقوله: * (أشبهه ثبوته عيبا، لأنه يمنع الوطء) *
فيعمه التعليل المثبت للحكم في القرن والعفل. وبأدلته يخص ما مضى من
أدلة المنع. ويمنع دعوى عدم النص إن أراد ما يعم ذلك ويجاب بعدم لزوم
النص بالخصوص إن أراده منه، بل يكتفى بكل ما دل خصوصا أو عموما.
* (ولا ترد) * المرأة ولا الرجل * (بالعور) * مطلقا بلا خلاف في الظاهر،
للأصل، ومفهومي الحصر والعدد الماضيين، وخصوص الصحيح: في الرجل
يتزوج إلى قوم فإذا امرأته عوراء ولم يبينوا له، قال: لا ترد (2) مع عدم
المعارض.
* (ولا بالزنا) * مطلقا * (ولو حدث فيه) * خلافا للإسكافي، فرد به
مطلقا في الرجل والمرأة، سبق العقد أم لحق، حصل معه الحد أم لا (3).
وللصدوق فرد به في المرأة خاصة مع لحوق العقد مطلقا (4). ولأكثر القدماء
في المحدودة خاصة. وقد مضى الكلام فيه في بحث الكفارة، وأن الأصح
مختار الماتن وأكثر المتأخرين.

(1) الشرائع 2: 320.
(2) الوسائل 14: 600، الباب 5 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(3) نقله في المختلف 7: 206.
(4) بل هو مثل الإسكافي رد في الرجل والمرأة، راجع المقنع: 326.
385

* (ولا بالعرج على الأشبه) * وفاقا للمقنع (1)، وظاهر المبسوط (2)
والخلاف (3) والقاضي (4)، لما مضى.
خلافا للأكثر، بل عن الغنية الإجماع عليه (5). وهو الأظهر، للمعتبرين
اللذين مضيا في الإقعاد والعمى، وليس فيهما التقييد بالبين إن أريد به ما
يزيد على مفهوم العرج، كما عن الحلي (6) والمختلف (7) والتحرير (8)، ولا
البلوغ حد الإقعاد، كما في الشرائع (9) والقواعد (10) والإرشاد (11)، فلا وجه
لهما.
وليس في عد الزمانة عيبا في الصحيحين (12) ما يوجب التقييد بالأخير،
فالأقوى عد مطلق العرج عيبا بعد تحققه، تمسكا بظاهر المعتبرين (13).
ويخص بهما ما مضى من أدلة المنع في البين.
* (وأما الأحكام) * المتعلقة بالعيوب * (فمسائل) * سبع.
* (الأولى: لا يفسخ النكاح بالعيب المتجدد بعد الدخول) * مطلقا في
امرأة كان أو رجل.
* (وفي) * العيب * (المتجدد بعد العقد تردد عدا العنن) * فلا تردد له فيه،
كما يأتي.

(1) قال:... لا يرد إلا من أربعة أشياء: من البرص، والجذام، والجنون، والعفل، إلا أنه روي في
الحديث أن العمياء والعرجاء ترد، راجع المقنع: 314.
(2) المبسوط 4: 249.
(3) الخلاف 4: 346، المسألة 124.
(4) المهذب 2: 231.
(5) الغنية: 354.
(6) السرائر 2: 613.
(7) المختلف 7: 187.
(8) التحرير 2: 29 س 2.
(9) الشرائع 2: 320.
(10) القواعد 2: 33 س 8.
(11) الإرشاد 2: 28.
(12) الوسائل 14: 593، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 5، وص 599، الباب 4
الحديث 1.
(13) المصدر السابق: 594، الباب 1 الحديث 7 و 9.
386

* (وقيل: تفسخ المرأة بجنون الرجل المستغرق لأوقات الصلاة وإن
تجدد) * بعد العقد مطلقا (1)، ومضى تفصيل الكلام في ذلك ذيل كل عيب.
ويظهر منه أن إطلاق العبارة ليس في محله، بل الأجود ما قدمناه.
* (الثانية: الخيار فيه) * مطلقا * (على الفور) * (2) بلا خلاف، بل عليه
الإجماع، كما حكاه جماعة. وهو الحجة فيه، لا الاقتصار في الخروج عن
أصالة اللزوم على القدر المتيقن، لانعكاس الأصل بثبوت الخيار واقتضائه
بقائه، مع اعتضاده بإطلاق النصوص.
نعم في بعضها ما يدل على السقوط بالدخول (3). ولكنه غير الفورية.
فتدبر.
وكيف كان، فلو أخر من إليه الفسخ مختارا مع علمه بها بطل خياره،
سواء الرجل والمرأة.
ولو جهل الخيار أو الفورية فالأقوى أنه عذر، للأصل، والإطلاقات، مع
انتفاء المخصص لهما، بناء على اختصاص الإجماع الذي هو العمدة في
التخصيص بغيره. فيختار بعد العلم على الفور.
وكذا لو نسيهما أو منع عنه بالقبض على فيه أو التهديد على وجه يعد
إكراها فالخيار بحاله إلى زوال المانع، ثم يعتبر الفورية حينئذ.
* (الثالثة: الفسخ فيه) * أي العيب بأنواعه * (ليس طلاقا) * شرعيا
إجماعا ونصا، لوقوع التصريح به في الصحيح (4) وغيره (5)، فلا يعتبر فيه ما

(1) قاله الشيخ في النهاية 2: 363.
(2) في المتن المطبوع بعد هذه الفقرة توجد جملة وهي: وكذا في التدليس.
(3) الوسائل 14: 593، الباب 1 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(4) المصدر السابق: 596، الباب 2 الحديث 1.
(5) المصدر السابق: 598، الباب 3 الحديث 2.
387

يعتبر في الطلاق، ولا يعد في الثلاث. * (فلا يطرد معه تنصيف المهر) * وإن
ثبت في بعض موارده، كما يأتي.
* (الرابعة: لا يفتقر الفسخ بالعيوب) * الثابتة عندهما في أيهما كانت
* (إلى الحاكم) * على الأظهر الأشهر، بل كاد أن يكون إجماعا، للأصل،
وإطلاق النصوص، مع انتفاء المخرج عنهما. خلافا للإسكافي (1) والشيخ
الطوسي (2). وهو شاذ.
* (و) * لكن * (يفتقر) * إليه * (في العنن لضرب الأجل) * وتعيينه لا
فسخها بعده، بل تستقل به حينئذ.
* (الخامسة: إذا فسخ الزوج قبل الدخول فلا مهر) * عليه للزوجة
إجماعا، للأصل، والنصوص:
منها الصحيح: وإن لم يكن دخل بها فلا عدة لها ولا مهر لها (3). ونحوه
الصحيح الآتي.
وفي الخبر: ولو أن رجلا تزوج امرأة أو زوجها رجل لا يعرف دخيلة
أمرها لم يكن عليه شئ، وكان المهر يأخذه منها (4).
* (و) * أما * (لو فسخ بعده فلها المسمى) * على الأشهر الأظهر، لإطلاق
النصوص.
منها الصحيح: في رجل تزوج امرأة من وليها فوجد بها عيبا بعد ما
دخل بها، قال: فقال: إذا دلست العفلاء والبرصاء والمجنونة والمفضاة ومن
كان بها زمانة ظاهرة فإنها ترد على أهلها من غير طلاق، ويأخذ الزوج

(1) نقله في المختلف 7: 207.
(2) المبسوط 4: 253 قال بعد ذلك: ولو قلنا على مذهبنا إن له الفسخ بنفسه كان قويا والأول
أحوط لقطع الخصومة.
(3) الوسائل 14: 596، الباب 2 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1 و 2.
(4) الوسائل 14: 596، الباب 2 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1 و 2.
388

المهر من وليها الذي كان دلسها، فإن لم يكن وليها علم بشئ من ذلك
فلا شئ عليه، وترد إلى أهلها، قال: وإن أصاب الزوج شيئا مما أخذت منه
فهو له، وإن لم يصب شيئا فلا شئ له (1)، الخبر.
والصحيح: من زوج امرأة فيها عيب دلسته فلم يبين ذلك لزوجها فإنها
يكون لها الصداق بما استحل من فرجها، ويكون الذي ساق الرجل إليها
على الذي زوجها (2). ونحوهما غيرهما (3).
خلافا للشيخ، فخصه بالفسخ بالمتجدد بعد الدخول، وحكم بالمثل في
المتجدد قبله مطلقا (4).
وهو شاذ، ومستنده ضعيف، واجتهاد في مقابلة النصوص.
* (و) * يستفاد منه أنه * (يرجع به) * أي المهر * (الزوج على المدلس) *
وبه أفتى جماعة مطلقا، وليا كان أم غيره، حتى لو كان المدلس هو المرأة
رجع به عليها أيضا.
ويدل على الأخير بالخصوص الصحيح: في رجل ولته امرأة أمرها أو
ذات قرابة أو جار لها لا يعلم دخيلة أمرها فوجدها قد دلست عيبا هو بها،
قال: يؤخذ المهر منها، ولا يكون على الذي زوجها شئ (5). وقريب منه
الخبر الذي مر قريبا.
ويستفاد منهما الرجوع بالمهر إليها مطلقا من دون استثناء شئ مطلقا،
وبه صرح جماعة. وهو الأقوى.
خلافا للمحكي عن الأكثر، فاستثنوا منه شيئا إما مهر أمثالها كما عن

(1) الوسائل 14: 596، الباب 2 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 596، الباب 2 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 7 و 5 و 6.
(3) الوسائل 14: 596، الباب 2 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 7 و 5 و 6.
(4) المبسوط 4: 252 و 253.
(5) الوسائل 14: 597، الباب 2 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 4.
389

الإسكافي (1). أو أقل ما يتمول كما عن الأكثر، لئلا يخلو البضع عن العوض.
وهو الأحوط وإن كان في تعيينه نظر.
وعليه، فالأصل ولزوم الاقتصار في مخالفة النصوص الحاكمة بالرجوع
إلى الجميع على القدر الذي يندفع به الضرر يقتضي المصير إلى ما قدره
الأكثر.
وتعليل الاستثناء يقتضي المصير إلى ما قدره الإسكافي. وهو الأحوط.
ثم إن إطلاق إثبات المهر لها والحكم بالرجوع به إلى المدلس يقتضي
ثبوته حيث لا مدلس. وهو كذلك.
وربما دلت عليه النصوص المتقدمة الحاكمة بأن لها المهر بما استحل
من فرجها، وهي كالمنصوص العلة في الحكم، كما لا يخفى. ومقتضاها
ثبوت المسمى لا المثل ظاهرا.
* (وإذا فسخت الزوجة قبل الدخول) * بها * (فلا مهر) * لها بلا خلاف،
لمجئ الفسخ من قبلها * (إلا في العنن) * فلها ذلك على الأشهر الأقوى،
كما يأتي.
* (ولو كان) * الفسخ * (بعده) * أي الدخول * (فلها المسمى) * إجماعا،
لاستقراره بالدخول، ولا صارف عنه إلا الفسخ، وهو غير معلوم الصلوح
لذلك.
* (ولو فسخت) * الزوجة النكاح * (بالخصاء) * فالأشهر الأقوى أنه
* (يثبت لها المهر) * كملا * (مع الخلوة) * بها والدخول، لما مضى من النصوص
فيه.
وإطلاقها كإطلاق العبارة يقتضي ثبوت الجميع بمجرد الخلوة وإن
لم يدخل بها.

(1) نقله في المختلف 7: 206.
390

وفي الرضوي: وإن تزوجها خصي وقد دلس نفسه لها وهي لا تعلم فرق
بينهما، ويوجع ظهره، كما دلس نفسه، وعليه نصف الصداق، ولا عدة عليها
منه (1).
وإطلاقه يقتضي التنصيف مطلقا.
وربما يجمع بينهما بحمل الأول على صورة الدخول، والثاني على
العدم.
وهو حسن، للصحيح: المفصل المروي عن قرب الإسناد: عن خصي
دلس نفسه لامرأة ما عليه؟ قال: يوجع ظهره، ويفرق بينهما، وعليه المهر
كاملا إن دخل بها، وإن لم يدخل بها فعليه نصف المهر (2).
ولكن القول به غير معروف، لأنهم ما بين مصرح بثبوت الجميع
بالخلوة مطلقا كما عن الشيخ (3) وأكثر الأصحاب، ومثبت للنصف خاصة
كذلك كما عن الصدوقين (4) عملا بإطلاق الرضوي المتقدم، وناف للحكم
من أصله كما عن الحلي (5)، للأصل.
فالقول به مشكل، وينبغي القطع بثبوت الجميع بالدخول، لاستقراره به،
مع عدم الخلاف فيه في الظاهر، والنصف مع عدمه إن خلى بها، للوفاق من
العاملين بالنصوص عليه حينئذ ويبقى الشك في النصف الآخر. والاحتياط
فيه لا يترك.
* (و) * قد ظهر من النصوص الدلالة على أنه * (يعزر) * لمكان التدليس.

(1) فقه الرضا: 237.
(2) قرب الإسناد: 108.
(3) النهاية 2: 367.
(4) نقله عنهما في المختلف 7: 200، لكن قال في المقنع: وإن دلس خصي نفسه لامرأة فرق بينهما،
وتأخذ منه صداقها، ويوجع ظهره، راجع المقنع: 313.
(5) السرائر 2: 617.
391

* (السادسة: لو ادعت عننه) * أو غيره * (فأنكر فالقول قوله مع
يمينه) * للأصول السليمة عن المعارض، فإن حلف استقر النكاح، وإن نكل
عنه وعن رده إليها ثبت العيب لو حكم به، وإلا ردت اليمين على المرأة، فإن
حلفت ثبت العيب، وليس لها ذلك إلا مع العلم به بممارستها له على وجه
يحصل لها ذلك بتعاضد القرائن الموجبة له.
وأما اختباره بجلوسه في الماء البارد فإن استرخى ذكره فهو عنين وإن
تشنج فليس به - كما عن ابن بابويه (1) وابن حمزة (2)، وذكره الأطباء، وبه
رواية مرسلة في الفقيه (3) والرضوي (4) - فلم يعتبره المتأخرون، زعما منهم
عدم النص لذلك، وليس كذلك. وفي المرسل: أنه يختبر بإطعامه السمك
الطري ثلاثة أيام ثم يقال له: بل على الرماد، فإن ثقب بوله الرماد فليس
بعنين، وإن لم يثقب بوله الرماد فهو عنين (5). وظاهر الفقيه العمل به لروايته
له فيه (6).
* (ومع ثبوته) * أي العنن * (يثبت لها الخيار) * فيما إذا سبق العقد
إجماعا.
* (و) * كذا * (لو كان متجددا) * بعده مطلقا على قول المفيد (7)
وجماعة، لإطلاق النصوص، ومقيدا بقبلية الدخول كما عن الأكثر، بل عن
ابن زهرة عليه الإجماع (8). وهو الأظهر، للأصل، واختصاص النصوص
بحكم التبادر بغير محل الفرض، والخبرين:
أحدهما الموثق: إذا تزوج الرجل امرأة فوقع عليها مرة ثم أعرض عنها

(1) المقنع: 322.
(2) الوسيلة: 311.
(3) الفقيه 3: 550، الحديث 4892.
(4) فقه الرضا: 237.
(5) الوسائل 14: 614، الباب 15 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 5.
(6) الفقيه 3: 550، الحديث 4893.
(7) المقنعة: 520.
(8) دخول ما نسبه إلى الأكثر في معقد إجماع الغنية محل تأمل، راجعها: 354.
392

فليس لها الخيار فلتصبر فقد ابتليت وليس لأمهات الأولاد ولا للإماء ما لم
يمسها من الدهر إلا مرة واحدة خيار (1). ونحوه الثاني (2).
وضعفه - كقصور الأول - منجبر بالأصل، والشهرة، والإجماع المحكي،
فلا وجه للتوقف في المسألة.
ثم مقتضى الأصل واختصاص العنين المطلق في الأخبار بحكم التبادر
بالعاجز عن النساء مطلقا توقف الخيار على ما * (إذا عجز عن وطئها قبلا
ودبرا وعن وطء غيرها) * وهو الأشهر بين أصحابنا وينص عليه الخبر: في
العنين إذا علم أنه عنين لا يأتي النساء فرق بينهما (3). ونحوه آخر (4).
وقصور السندين بالشهرة قد انجبر، مضافا إلى ما مر.
خلافا للمحكي عن المفيد، فلم يشترط العجز عن غيرها، واكتفى
بالعجز عنها (5)، لظاهر الصحيح: إذا ذكرت أنها عذراء فعلى الإمام أن
يؤجله سنة، فإن وصل إليها، وإلا فرق بينهما (6)، إذ مقتضاه الاكتفاء في
الفسخ بعجزه عن وطئها وإن لم يعلم عجزه عن وطء غيرها. وفيه نظر.
* (ولو ادعى الوطء) * قبلا أو دبرا منها أو من غيرها * (فأنكرت) * ذلك
* (فالقول قوله مع يمينه) * مطلقا، كان الدعوى قبل ثبوت العنة، أو بعده
على الأشهر.
وهو الأظهر في الأول، لرجوع الدعوى إلى إنكار العنة، وللصحيح: إذا
تزوج الرجل المرأة التي قد تزوجت زوجا غيره فزعمت أنه لم يقربها منذ
دخل بها، فإن القول في ذلك قول الرجل، وعليه أن يحلف بالله لقد جامعها،

(1) الوسائل 14: 612، الباب 14 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 8 و 4.
(2) الوسائل 14: 612، الباب 14 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 8 و 4.
(3) الوسائل 14: 610 - 612، الباب 14 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2 و 13.
(4) الوسائل 14: 610 - 612، الباب 14 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2 و 13.
(5) المقنعة: 520.
(6) الوسائل 14: 613، الباب 15 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
393

لأنها المدعية، قال: فإن تزوجها وهي بكر فزعمت أنه لم يصل إليها، فإن
مثل هذا يعرف النساء، فلينظر إليها من يوثق به منهن، فإذا ذكرت أنها
عذراء فعلى الإمام أن يؤجله، فإن وصل إليها، وإلا فرق بينهما، وأعطيت
نصف الصداق، ولا عدة عليها (1). والرضوي: وإذا ادعت أنه لا يجامعها
عنينا كان أو غير عنين فيقول الرجل: أنه قد جامعها، فعليه اليمين، وعليها
البينة، لأنها المدعية (2).
ويشكل في الثاني، لكونه فيه مدعيا زوال ما ثبت، فلا يلائم قبول قوله.
وعلل بأحد الأمرين، إما لعدم معلومية الفعل إلا من قبله فيقبل قوله فيه
كدعوى المرأة انقضاء عدتها بالأقراء، وإما لعدم ثبوت العنة قبل مضي السنة،
وإنما الثابت العجز الذي يمكن معه العنة وعدمها، ولهذا يؤجل سنة لينظر
أيقدر على الوطء أم لا، فإن قدر فلاعنة، وإلا ثبت فيرجع دعواه إلى
إنكارها، فيصير كالأول (3).
وهو حسن إن تم كلية الكبرى بإجماع ونحوه في الأول، وصح دعوى
كون التأجيل سنة لأجل إثبات العنة، ولا بد من التأمل فيهما، سيما الأخير.
وربما احتج له أيضا بإطلاق الصحيح والتبادر مع التعليل فيه يقتضيان
اختصاص الحكم بالأول.
ثم إن مقتضاه اختصاص الحكم بالثيبة ولزوم العمل بشهادة النساء في
الباكرة، وهو ينافي إطلاق الأكثر، كالعبارة، وعبارة الرضوي المتقدمة.
وينبغي العمل عليه فيما لو ادعى وطء قبلها ولا فيما عداه، بل ينبغي حينئذ
قبول قوله مع اليمين، لموافقته الأصل.
وعدم الوطء في القبل على تقدير ثبوت البكارة لا يستلزم العنن،

(1) الوسائل 14: 613، الباب 15 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(2) فقه الرضا: 237.
(3) علله في نهاية المرام 1: 347.
394

لإمكان وطئه الدبر أو قبل غيرها، ومعه لا عنة على الأشهر الأقوى، كما
مضى وبهذا صرح بعض الأصحاب (1).
وهو حسن لولا الرضوي (2) المطلق المعتضد بعمل الأصحاب،
ولا يعارضه ذيل الصحيح (3).
نعم عليه جماعة من قدماء الأصحاب، لكن في البكر خاصة، وحكموا
في الثيب مع دعواه الوطء في قبلها بحشو الخلوق في قبلها ثم أمره بوطئها
فإن خرج على ذكره صدق، وإلا فلا، للإجماع المحكي في الخلاف (4).
وهو موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف، والخبرين:
أحدهما المرسل: عن رجل تدعي عليه امرأته أنه عنين وينكر الرجل،
قال: تحشوها القابلة بالخلوق ولا يعلم الرجل ويدخل عليها الرجل، فإن
خرج وعلى ذكره الخلوق صدق وكذبت، وإلا صدقت وكذب (5). ونحوه
الثاني (6).
وهما مع قصور سندهما - زيادة على الإرسال في الأول - ضعيفا
الدلالة، لظهورهما في الحكم مع عدم ثبوت العنة.
والجماعة - كما حكي عنهم - خصوه ببعد الثبوت. وظاهر الحكاية
موافقة الجماعة للأكثر في تقديم قول الرجل مع اليمين، مع عدم ثبوت العنة،
ومع ذلك فليسا كالإجماع المتقدم يعارضان المعتبرين اللذين مضيا.
فتأمل جدا.
* (السابعة: إن صبرت) * الزوجة * (مع العنن) * مع ثبوته بإحدى الطرق

(1) المسالك 8: 136.
(2) فقه الرضا: 237.
(3) الوسائل 14: 613، الباب 15 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(4) الخلاف 4: 357، المسألة 140.
(5) الوسائل 14: 613، الباب 15 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2 و 3.
(6) الوسائل 14: 613، الباب 15 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2 و 3.
395

السابقة من دون مرافعة إلى الحاكم * (فلا بحث) * في لزوم العقد، لفورية
المرافعة، كما صرح به الشيخ (1) وجماعة.
* (وإن) * لم تصبر، بل * (رفعت أمرها إلى الحاكم أجلها سنة) * ابتداؤها
* (من حين الترافع) * بلا خلاف، للمروي في قرب الإسناد عن علي (عليه السلام):
إنه كان يقضي في العنين أنه يؤجل سنة من يوم مرافعة المرأة (2).
* (فإن عجز عنها) * مطلقا * (وعن غيرها) * كذلك * (فلها الفسخ
ونصف المهر) * على الأشهر الأظهر مطلقا، للصحيح المتقدم. وفيه: التأجيل
وتنصيف المهر (3). ونحوه في الأول، الآخر: العنين يتربص به سنة ثم إن
شاءت امرأته تزوجت وإن شاءت أقامت (4)، مضافا إلى الاجماعات
المحكية في كلام جماعة فيه.
خلافا للإسكافي في الموضعين، فنفى التأجيل، وأجاز الفسخ من دونه
إذا سبق العنن العقد (5)، للخبرين:
في أحدهما: إذا علم أنه عنين لا يأتي النساء فرق بينهما (6).
وفي الثاني: عن امرأة ابتلي زوجها فلا يقدر على الجماع أتفارقه؟ قال:
نعم إن شاءت (7).
وليس فيهما مع قصور السند وعدم التكافؤ لما مر مخالفة له، إلا من
جهة الاتفاق، واللازم حمله عليه، لوجوب حمل المطلق على المقيد، مع أنه
ليس فيهما التفصيل الذي ذكر، بل الثاني ظاهر في المتجدد المحتاج إلى
التأجيل بلا خلاف.

(1) المبسوط 4: 253.
(2) قرب الإسناد: 50.
(3) الوسائل 14: 613، الباب 15 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(4) المصدر السابق: 611، الباب 14 الحديث 5.
(5) نقله في المختلف 7: 196 و 197.
(6) الوسائل 14: 610، الباب 14 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2 و 1.
(7) الوسائل 14: 610، الباب 14 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2 و 1.
396

وأوجب المهر كملا إذا خلا بها وإن لم يدخل بها، عملا على أصله الغير
الأصيل، كما سيأتي، مع معارضته بخصوص ما مر من الصحيح المنصف له.
ونحوه الرضوي: عليها أن تصبر حتى يعالج نفسه سنة، فإن صلح فهي امرأته
على النكاح الأول، وإن لم يصلح فرق بينهما، ولها نصف الصداق، ولا عدة
عليها منه، فإن رضيت لا يفرق بينهما، وليس لها خيار بعد ذلك (1).
نعم في المروي في قرب الإسناد: عن عنين دلس نفسه لامرأة ما حاله؟
قال: عليه المهر، ويفرق بينهما إذا علم أنه لا يأتي النساء (2).
وهو مع قصور السند وعدم المقاومة لما مر ليس فيه التقييد بالخلوة
كما ذكر.
* (تتمة) * مشتملة على أحكام التدليس
ويتحقق بأحد أمرين، إما السكوت عن العيب مع العلم به، أو دعوى
صفة كمال من الزوجة أو من بحكمها للمتزوج، أو من بحكمه مع عدمها.
والمراد به هنا الثاني.
ومن فروعه ما * (لو تزوج) * امرأة * (على أنها حرة) * أي شرط ذلك
في متن العقد * (فبانت) * كلا أو بعضا * (أمة) * صح العقد على الأشهر
الأظهر، بل عن السرائر الإجماع عليه (3)، للأصل، وعموم الأمر بالوفاء بالعقد.
خلافا للمبسوط (4) والخلاف (5)، فأبطل.
ومستنده غير واضح، سوى لزوم الوفاء بالشرط، ويندفع بمنع العموم،
واختصاصه بغير المستحق، وإلا فله الإسقاط، لكونه من حقوقه، فله رفع اليد عنه.
وربما بني البطلان على بطلان نكاح الأمة بغير إذن المولى.

(1) فقه الرضا: 237.
(2) قرب الإسناد: 108.
(3) السرائر 2: 614.
(4) المبسوط 4: 254.
(5) الخلاف 4: 352، المسألة 132.
397

وهو بعد تسليم المبني عليه يقتضي اختصاصه بصورة عدم إذن المولى،
والمفروض أعم منه، ومع ذلك البطلان حينئذ ليس باعتبار التدليس، بل
باعتبار عدم إذن المولى، وليس مما نحن فيه.
وعلى الأول * (فله الفسخ) * وإن دخل بها، عملا بمقتضى الشرط، وله
الإمضاء أيضا، بناء على صحة العقد كما مضى.
لكن لا خلاف هنا إذا كان الزوج ممن يجوز له نكاح الأمة ووقع بإذن
مواليها أو مباشرته، وإلا بطل في الأول على القول به، ووقع موقوفا على
إجازته في الثاني على الأقوى، كما مضى.
ولو لم يشترط الحرية في متن العقد، بل تزوجها على أنها حرة
وأخبرته بها قبله أو أخبره مخبر ففي إلحاقه بما لو شرط نظر، من ظهور
التدليس الموجب للخيار، وعدم الاعتبار بما تقدم العقد من الشروط، كما
مضى في النصوص، مع الأصل، وعموم الأمر بالوفاء بالعقود.
وهذا أقوى، وفاقا للمبسوط (1) والمسالك (2)، لقوة أدلته، ومنع كلية
دليل خلافه.
خلافا لظاهر عبارة المتن والأكثر.
وربما احتج للحكم في الصورتين بالصحيح: في رجل تزوج امرأة حرة
فوجدها أمة قد دلست نفسها، قال: إن كان الذي زوجها إياه من غير مواليها
فالنكاح فاسد، قلت: فكيف يصنع بالمهر الذي أخذت منه؟ قال: إن وجد
مما أعطاه شيئا فليأخذه، وإن لم يجد شيئا فلا شئ له عليها، وإن كان
زوجها إياه ولي لها ارتجع على وليها بما أخذت منه، ولمواليها عشر قيمتها
إن كانت بكرا، وإن كانت غير بكر فنصف عشر قيمتها بما استحل من فرجها (3).

(1) المبسوط 4: 254.
(2) المسالك 8: 141.
(3) الوسائل 14: 577، الباب 67 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
398

وليس فيه دلالة، كما صرح به جماعة.
* (ولا مهر) * لها مطلقا مع الفسخ * (لو لم يدخل) * بلا خلاف في
الظاهر، وعلل بمجيئه بشئ هو من قبلها (1).
* (ولو) * فسخ بعد ما * (دخل) * بها وكان التزويج بإذن المولى * (فلها
المهر) * المسمى * (على الأشبه) * الأشهر، لاستقراره بالدخول. وقيل:
بالمثل (2). ويدفعه كون الفسخ رفعا للنكاح من حينه لا من أصله.
* (ويرجع به) * أي المهر حيث غرمه * (على المدلس) * بلا خلاف في
الظاهر وإن كان هو المرأة، إلا أنه إنما يرجع عليها على تقدير عتقها
ويسارها.
وفي لزوم استثناء أقل ما يتمول كما هو الأشهر، أو مهر المثل كما عن
الإسكافي (3)، أو العدم مطلقا كما هو الأظهر، خلاف قد مضى.
ولو كان المدلس مولاها اعتبر عدم تلفظه بما يقتضي العتق وإلا حكم
بحريتها ظاهرا، وصح العقد وكان المهر لها، مع رضاها سابقا، أو إجازتها
لاحقا.
* (وقيل) * كما عن الصدوق (4) والنهاية (5) وغيرهما: إن * (لمولاها
العشر أو نصف العشر إن لم يكن مدلسا) * للصحيح المتقدم.
ولا يخلو عن قوة هنا، وفيما إذا تزوجها بغير إذن مولاها، كما مضى.
هذا، إذا لم تكن عالمة بالتحريم، وإلا جاء فيه الخلاف أيضا في مهر
البغي إذا كان مملوكا، والأصح عدم الفرق، كما مضى.
* (وكذا تفسخ) * الحرة * (لو بان زوجها) * الذي تزوجته على أنه حر،

(1) علله جامع المقاصد 13: 296.
(2) قاله الشيخ في المبسوط 4: 255.
(3) نقله في المختلف 7: 206.
(4) المقنع: 213.
(5) النهاية 2: 342.
399

سواء كان بالشرط في متن العقد أو قبله، لإطلاق الصحيح الآتي، بل عمومه
* (مملوكا) * تزوج بإذن مولاه * (ولا مهر) * لها لو فسخت * (قبل الدخول) *
بها قطعا، لمجئ الفسخ من قبلها * (ولها المهر) * المسمى لو فسخت
* (بعده) * على المولى لو تزوج بإذنه، وإلا فعليه يتبع به بعد العتق، ولا خلاف
في شئ من ذلك. وهو الحجة فيها.
كالصحيح: عن امرأة حرة تزوجت مملوكا على أنه حر فعلمت بعد
أنه مملوك، قال: هي أملك بنفسها إن شاءت أقرت معه، وإن شاءت فلا،
فإن كان دخل بها فلها الصداق، وإن لم يكن دخل بها فليس لها شئ، وإن
هو دخل بها بعد ما علمت أنه مملوك وأقرت ذلك فهو أملك بها (1).
وفي الصحيح: قضى أمير المؤمنين (عليه السلام) في امرأة حرة دلس لها عبد
فنكحها ولم تعلم إلا أنه حر، قال: يفرق بينهما إن شاءت المرأة (2).
* (ولو) * تزوج امرأة و * (اشترط) * عليها أو على وليها * (كونها بنت
مهيرة) * بفتح الميم وكسر الهاء فعيلة، بمعنى مفعولة، أي بنت حرة تنكح
بمهر وإن كانت معتقة في أظهر الوجهين خلاف الأمة، فإنها قد توطأ بالملك
* (فبانت بنت أمة فله الفسخ) * إجماعا في الظاهر، وصرح به بعض
الأصحاب (3) أيضا، عملا بمقتضى الشرط إن فسخ، والتفاتا إلى لزوم الوفاء
بالعقد إن لم يفسخ، وأن الشرط حق من حقوقه فله رفع اليد عنه.
وتقييد الحكم بالشرط هنا مشهور بين متأخري الأصحاب، اقتصارا
فيما خالف الأصل على المتيقن.
خلافا لأكثر متقدميهم كالنهاية (4) والمهذب (5) والسرائر (6) والوسيلة (7)

(1) الوسائل 14: 606، الباب 11 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1 و 2.
(2) الوسائل 14: 606، الباب 11 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1 و 2.
(3) التحرير 2: 30 س 28.
(4) النهاية 2: 357.
(5) المهذب 2: 237.
(6) السرائر 2: 614.
(7) الوسيلة: 311.
400

وغيرهم، فأطلقوا كالسابق. ولا دليل عليه.
* (ولا مهر) * لها لو فسخ قبل الدخول بها على الزوج إجماعا. وكذا
على الولي إن زوجها على الأشهر الأظهر، للأصل، مع انتفاء المقتضي له.
خلافا للشيخ في النهاية (1)، فأثبت عليها المهر، وعلله الأصحاب
بالرواية (2).
ولم نقف عليها إلا في المسألة الثانية. وإن أريدت هي منها، فلا وجه
للتعدية، وهل هو إلا قياس فاسد عند الإمامية، بل وعند العامة هنا، لكونه
مع الفارق بالضرورة. وإن أريد غيرها فهي مرسلة غير صالحة لتخصيص
الأصل البتة، سيما مع مخالفتها الشهرة العظيمة.
* (ويثبت) * المسمى * (لو) * فسخ بعد ما * (دخل) * بها، للأصل، مع
استقراره بالدخول، ويرجع الزوج به على من دلسها، أبا كان أم غيره، حتى
لو كانت هي المدلسة فلا شئ لها على الأقوى. ويأتي فيه القولان اللذان
مضيا، ولا خلاف في شئ من ذلك.
* (ولو تزوج بنت المهيرة فأدخلت عليه بنت الأمة) * حرم عليه
وطؤها بعد معرفتها، ولزمه * (ردها) *، لأنها ليست زوجته، * (ولها) * مع
جهلها * (المهر مع الوطء) * بها بإجماع الطائفة في الجملة * (للشبهة) *
والمعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: عن الرجل يخطب إلى الرجل ابنته من مهيرة فأتاه
بغيرها، قال: ترد إليه التي سميت له بمهر آخر من عند أبيها، والمهر الأول
للتي دخل بها (3). ونحوه الموثق (4). والصحيح المروي كذلك عن نوادر
أحمد بن محمد بن عيسى (5)، ومرسلا عن المقنع (6). والمرسل المروي عن

(1) النهاية 2: 359.
(2) التنقيح 3: 200.
(3) الوسائل 14: 603، الباب 8 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1 و 2.
(4) الوسائل 14: 603، الباب 8 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1 و 2.
(5) النوادر: 80، الحديث 177.
(6) المقنع: 316.
401

ابن شهرآشوب في كتاب المناقب (1).
ومقتضاها لزوم المسمى في عقد الأولى للثانية، وعليه نص الشيخ
الطوسي (2) والقاضي (3).
خلافا للأكثر، فالمثل، عملا بالقاعدة الكلية في كل وطء للشبهة. ويمكن
حمل المعتبرة على كون المسمى مهر المثل لابنة الأمة، جمعا بين الأدلة.
* (و) * كيف كان * (يرجع) * الزوج * (به) * أي المهر الذي غرمه للثانية
* (على من ساقها) * إليه، لأنه غره وأضره فعليه الغرامة.
* (وله زوجته) * وعليه دون الأب على الأشهر الأقوى مهرها المسمى،
لتعلقه بالعقد بذمته، فعليه تحصيل البراءة منه.
خلافا للقاضي (4) والشيخ (5) (رحمهما الله)، فأبرءا ذمته بتسليمه المسمى إلى
الثانية وألزما الأب به للأولى، عملا بظواهر المعتبرة المتقدمة. ويمكن
ارجاعها إلى القاعدة المتقدمة.
ثم لا اختصاص لما مضى هنا به، بل جار في كل موضع أدخل على
الزوج غير زوجته، بمقتضى القواعد الشرعية.
* (ولو تزوج اثنان) * امرأتين * (فأدخلت امرأة كل منهما على الآخر
كان لكل موطوءة) * مع جهلها بالحكم أو الحال * (مهر المثل على الواطئ،
للشبهة) * الموجبة لذلك، حيث ما حصلت، ويرجع به على الغار لو كان
هناك، حتى لو كانت هي الغار رجع به إليها، ولا مهر لها مطلقا هنا قطعا
واتفاقا، حتى من مثبتي المثل أو أقل ما يتمول فيما سبق، وذلك لأنها هنا
بغي لا تستحق شيئا أصلا.

(1) المناقب 2: 376.
(2) النهاية 2: 359.
(3) المهذب 2: 238.
(4) المهذب 2: 238.
(5) النهاية 2: 358.
402

* (وعليها) * أي الموطوءة * (العدة، وتعاد) * كل من المرأتين * (إلى
زوجها، وعليه مهرها الأصلي) * المسمى في متن العقد.
ولو مات أحد الزوجين ورثه الآخر، سواء كانت المرأة في عدة الشبهة
أم لا، بلا خلاف في شئ من ذلك، للأصول، والصحيح: في أختين أهديتا
لأخوين فأدخلت امرأة هذا على هذا وامرأة هذا على هذا، قال: لكل واحدة
منهما الصداق بالغشيان، وإن كان وليهما تعمد ذلك أغرم الصداق، ولا يقرب
واحد منهما امرأته حتى تنقضي العدة، فإذا انقضت العدة صارت كل امرأة
منهما إلى زوجها بالنكاح الأول، قيل له: فإن ماتتا قبل انقضاء العدة، قال:
يرجع الرجل بنصف الصداق على ورثتهما ويرثانهما الرجلان، قيل: فإن
مات الزوجان وهما في العدة، قال: ترثانهما، ولهما نصف المهر، وعليهما
العدة بعد ما تفرغان من العدة الأولى، وتعتدان عدة المتوفى عنها زوجها (1).
ولا بأس باشتماله على تنصيف المهر بالموت، إما للقول به كما يأتي،
أو لعدم خروج الخبر عن الحجية بمثله بعد سلامة باقيه عن مثله على
الأشهر الأقوى، كما حقق في الأصول مستقصى.
ويعضده في الجملة الصحيح: عن رجلين نكحا امرأتين فأتى هذا بامرأة
هذا وهذا بامرأة هذا، قال: تعتد هذه من هذا وهذه من هذا ثم ترجع كل
واحدة إلى زوجها (2).
* (ولو تزوجها) * ظانا كونها * (بكرا) * أو مخبرا به أو مشترطا إياه
* (فوجدها ثيبا) * مع عدم العلم بسبقها العقد، واحتمال التجدد * (فلا رد) *
قطعا، وفاقا للأصل، وظاهر الصحيح: في الرجل يتزوج المرأة على أنها
بكر فيجدها ثيبا أيجوز له أن يقيم عليها؟ قال: فقال: قد تفتق البكر من

(1) الوسائل 14: 396، الباب 49 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 2.
(2) المصدر السابق: الحديث 1.
403

المركب ومن النزوة (1). فتأمل جدا.
ولو تزوجها مشترطا بكارتها فوجدها ثيبا قبل العقد بإقرارها أو البينة
أو القرائن المفيدة للقطع به فالأصح - وفاقا لأكثر المتأخرين - أن له الفسخ،
عملا بمقتضى الشرط اللازم الوفاء به.
خلافا للمحكي عن الأكثر، فلا فسخ، للأصل. ويندفع بما مر.
ثم إن فسخ قبل الدخول فلا مهر لها، لما مر، وبعده يجب المسمى،
ويرجع به على المدلس، وهو العاقد كذلك العالم بحالها، وإلا فعليها إن
دلست من دون استثناء شئ أو استثناء مهر المثل أو أقل ما يتمول، كما قيل
في نظائره.
وحيث لم يفسخ - إما لعدمه أو لاختياره البقاء - ففي ثبوت نقص المهر
أم العدم قولان، الأشهر الأظهر الأول، * (و) * ذلك لما * (في رواية) * صحيحة:
أنها * (ينقص مهرها) * (2). وعن القاضي (3) والحلبي (4) الثاني، للأصل.
ويجب الخروج عنه بما مر.
وعلى الأول ففي تقديره خلاف بين الأصحاب، فبين مطلق شيئا
ولم يعين تبعا لإطلاق النص كما عن الشيخ (5)، ومقدر له، إما بالسدس بناء
على أن الشئ سدس في الوصية به كما عن الراوندي (6)، أو بنسبة ما بين
مهر البكر والثيب لا مجموع تفاوت ما بينهما لئلا يسقط جميع المسمى
في بعض الفروض كما عن الحلي (7) وجماعة، أو بما يعينه الحاكم كما نسب
إلى الماتن، واستقربه من المتأخرين جماعة ولعل الثالث أقرب. فتدبر.

(1) الوسائل 14: 605، الباب 10 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(2) الوسائل 14: 605، الباب 10 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2.
(3) المهذب 2: 213، والموجود فيه: جاز أن ينقص من مهرها شيئا.
(4) الكافي في الفقه: 296.
(5) النهاية 2: 360.
(6) فقه القرآن 2: 314.
(7) السرائر 2: 591.
404

وأما الثاني فغلطه الماتن في الشرائع (1). وهو في محله، لأنه قياس
على ما لا يطرد، مع أن الشئ من كلام الشيخ قطعا، للإبهام تبعا للرواية
المتضمنة للنقص المطلق (2).
* (النظر الثاني: في المهور) *
* (وفيه أطراف) *:
* (الأول) * فيما يصح الإمهار به.
فنقول * (كل ما) * صح أن * (يملكه المسلم) * وإن قل بعد أن يكون
متمولا جاز أن * (يكون مهرا عينا) * مشخصا كان * (أو دينا) * في الذمة
* (أو منفعة) * منفعة العقار أو الحيوان أو العبيد أو الأجير أجنبيا كان
أو زوجها بلا خلاف، إلا فيما يأتي * (كتعليم الصنعة والسورة) * أو علم غير
واجب أو شئ من الحكم والآداب أو شعر أو غيرها من الأعمال المحللة
المقصودة.
* (ويستوي فيه) * أي التعليم * (الزوج والأجنبي) * بلا خلاف في
الأخير مطلقا، وفي الأول إذا لم يكن مرادا منه بنفسه مقدر بمدة معينة، بل
علق بذمته أعم من أن يأتيه بنفسه أو بغيره، فيصح هنا قطعا وفاقا، وقد
حكاه جماعة.
* (أما لو جعلت) * الزوجة * (المهر استئجار) * الزوج لأن يعلم أو يعمل
هو بنفسه لها أو لوليها * (مدة) * معينة كشهر أو شهرين أو سنة * (ف‍) * في
الصحة * (قولان، أشبههما) * وأشهرهما الصحة و * (الجواز) * للأصل، وعموم
الآية: " ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به " (3)، والمعتبرة المستفيضة بأن

(1) الشرائع 2: 322.
(2) الوسائل 14: 605، الباب 10 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 2.
(3) النساء: 24.
405

المهر ما تراضيا عليه (1).
منها الصحاح: الصداق ما تراضيا عليه من قليل أو كثير (2).
خلافا للنهاية، فأبطله (3)، للصحيح: عن الرجل يتزوج المرأة وشرط
لأبيها إجارة شهرين، فقال (عليه السلام): إن موسى (عليه السلام) علم أنه سيتم له شرطه
فكيف لهذا بأن يعلم بأنه سيبقى حتى يفي! وقد كان الرجل على عهد رسول
الله (صلى الله عليه وآله) يتزوج المرأة على السورة، وعلى الدرهم، وعلى القبضة من الحنطة (4).
وليس نصا في البطلان، فيحتمل الكراهة، مع عدم مكافأته لما مر، وأداء
العمل به إلى فساد الإصداق بنحو تعليم سورة أو إجارة غيره، للاشتراك في
العلة المنصوصة فيه، مع أنه تضمن جواز جعل الأول مهرا مع الإجماع عليه.
ودلالة المعتبرة عليه، كالصحيح المتضمن لتزويج النبي (صلى الله عليه وآله): امرأة من
رجل على أن يعلمها ما يحسن من القرآن (5).
ونحوه المعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده: عن رجل
تزوج امرأة على أن يعلمها سورة من كتاب الله عز وجل، فقال: لا أحب أن
يدخل بها حتى يعلمها السورة (6).
وبالجملة فمثل هذه الرواية كيف يعارض ما مر من الأدلة؟! مع اعتضادها
بالأصل، وعموم الآية (7) الكريمة، والشهرة العظيمة، التي كادت تكون
إجماعا، بل إجماع في الحقيقة، فقد رجع عنه الشيخ في المبسوط (8)
والخلاف (9)، مدعيا فيه - على جواز جعل الإجارة مهرا على الإطلاق - الوفاق.

(1) الوسائل 15: 1، الباب 1 من أبواب المهور الحديث 1 و 3.
(2) الوسائل 15: 1، الباب 1 من أبواب المهور الحديث 1 و 3.
(3) النهاية 2: 320.
(4) الوسائل 15: 33، الباب 22 من أبواب المهور الحديث 1.
(5) المصدر السابق: 3، الباب 1 الحديث 1.
(6) الوسائل 15: 12، الباب 7 من أبواب المهور الحديث 2.
(7) النساء: 24.
(8) المبسوط 4: 273.
(9) الخلاف 4: 366 و 367 المسألة 3.
406

* (ولا تقدير للمهر في القلة) * ما لم يقصر عن التقويم كحبة حنطة
بإجماع الطائفة، وعموم الآية، والمعتبرة المستفيضة المتقدمة، وخصوص
الرواية السابقة المنبئة عن تزويج المرأة في زمنه (صلى الله عليه وآله) بالقبضة من الحنطة.
* (ولا في الكثرة على الأشبه، بل يتقدر بالتراضي) * بينهما، وهو
الأشهر بين الطائفة، بل كاد أن يكون إجماعا، بل إجماع في الحقيقة. وربما
أشعر بحكايته عبارة العلامة (1) وحكي صريحا عن بعض الأجلة (2)،
للأصل، وما مضى من الأدلة، وخصوص الآية الشريفة: " وآتيتم إحديهن
قنطارا "، وهو المال العظيم.
وفي القاموس: القنطار - بالكسر - وزن أربعين أوقية من ذهب أو فضة،
أو ألف ومائتا دينار، أو ألف ومائتا أوقية، أو سبعون ألف دينار، أو ثمانون
ألف درهم، أو مائة رطل من ذهب أو فضة، أو ألف دينار، أو ملء مسك ثور
ذهبا أو فضة (3).
والصحيح: لو أن رجلا تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفا ولأبيها
عشرة آلاف كان المهر جائزا، والذي جعله لأبيها فاسدا (4).
وحكى الشيخ في المبسوط أن الحسن بن علي (عليه السلام) أصدق امرأته مائة
جارية مع كل جارية ألف درهم، وأن عمر أصدق بنت أمير المؤمنين (عليه السلام)
أربعين ألف درهم، وذكر أن جماعة من الصحابة والتابعين أصدقوا نحو
ذلك (5).
ومنع المرتضى الزيادة على مهر السنة وهو خمسمائة درهم (6)، كما في

(1) التحرير 2: 31 س 15.
(2) كشف اللثام 2: 78 س 3.
(3) القاموس المحيط 2: 122.
(4) الوسائل 15: 19، الباب 9 من أبواب المهور الحديث 1.
(5) المبسوط 4: 272.
(6) الإنتصار: 292، المسألة 164.
407

النصوص (1) المستفيضة، محتجا بإجماع الفرقة. وبه رواية ضعيفة (2)،
لا تصلح للحجية، سيما في مقابلة ما مضى من الأدلة، والإجماع بمصير
الأكثر بل الجميع إلى الخلاف موهونة، ومع ذلك معارض بمثله، بل وأقوى،
كما لا يخفى، وجميع التفاسير للقنطار ترد عليه، والخبر الصحيح حجة بينة،
مضافا إلى عموم الآيات (3) والمعتبرة المستفيضة (4).
ودفعه على أصله من عدم صيغة تخصه - كما في المسالك (5) - غريب،
لاختصاصه - كما صرح به جماعة - بما عدا الشرع، وإلا فقد صرح بخلافه
ووجود صيغة تخصه فيه.
وبالجملة فهو ضعيف جدا.
نعم يستحب الاقتصار عليه لذلك، ولا صداق النبي (صلى الله عليه وآله) به لأزواجه
جمع.
ولو احتيط مع إرادة الزيادة بجعل الصداق السنة وما زاد نحلة كان
حسنا، تأسيا بمولانا الجواد (عليه السلام)، حيث فعل ذلك بابنة المأمون، قال: وما
بذلت لها من الصداق ما بذله رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأزواجه، وهو اثنا عشر أوقية
ونش على تمام الخمسمائة، وقد نحلتها من مالي مائة ألف (6).
* (ولا بد من تعيينه) * إذا ذكر في متن العقد ليخرج عن الجهالة الموجبة
للغرر والضرر، المنهي عنهما في الشريعة.
ويتحقق * (بالوصف) * المعين له ولو في الجملة.

(1) الوسائل 15: 5، الباب 4 من أبواب المهور.
(2) المصدر السابق: 17، الباب 8 من أبواب المهور الحديث 14.
(3) النساء: 20 و 24.
(4) الوسائل 15: 1، الباب 1 من أبواب المهور الحديث 3.
(5) المسالك 8: 169.
(6) البحار 103: 264، الحديث 3، وفيه الرضا بدل الجواد (عليهما السلام).
408

ولا يعتبر فيه استقصاء الأوصاف المعتبرة في السلم * (أو بالإشارة) *
كهذا الثوب وهذه الدابة مثلا.
* (وتكفي) * فيه * (المشاهدة عن) * اعتبار * (كيله أو وزنه) * أو عده،
كقطعة من ذهب مشاهدة لا يعلم وزنها، أو أوقية من طعام لا يعلم كيلها،
لارتفاع معظم الغرر بذلك، واغتفار الباقي في النكاح، لأنه ليس معاوضة
محضة بحيث ينافيه ما زاد منه، كما قطع به الأصحاب، وعضده الأصل، وعموم
الكتاب والسنة المتقدمة، سيما الصحيح المتقدم، المتضمن لتزويجه (عليه السلام)
المرأة من الرجل بما يحسن من القرآن مع جهالته قطعا، والمتضمن لأمهار
النسوة في زمانه بقبضة من حنطة مع جهالتها، مضافا إلى فحوى النصوص
الدالة بالاكتفاء بمثلها في عقد المتعة (1)، مع اشتراطه في صحته إجماعا.
والاكتفاء بها هنا أولى، لعدم الاشتراط فيه قطعا. فتأمل جدا.
ويشكل الحكم لو تلف قبل التسليم أو بعده وقد طلقها قبل الدخول
ليرجع بنصفه.
وفي الرجوع إلى الصلح مطلقا أو تضمينه مهر المثل في الأول قولان،
الأشهر الأظهر الأول، وضعف الثاني بأن ضمان المهر عندنا ضمان يد
لا ضمان معاوضة، ومن ثم كان التلف قبل القبض يوجب الرجوع إلى القيمة.
نعم هو مذهب بعض العامة (2).
ويدفعه أيضا أصالة البراءة لو علم زيادته عن المسمى، والاستصحاب
لو علم نقصه عنه. فتأمل.
* (و) * حيث قد عرفت اشتراط صحة المهر بالتعيين ولو في الجملة
تعين فساده مع عدمه بالمرة، والرجوع إلى مهر المثل بلا خلاف فيه كما

(1) الوسائل 14: 470، الباب 21 من أبواب المتعة.
(2) الحاوي الكبير 9: 424.
409

حكي. ومقتضاه اطراد الحكم فيما * (لو تزوجها على خادم و) * الحال أنه
* (فلم يتعين) * أصلا، وعليه فتوى جماعة من المتأخرين، عملا بالأصل،
ولا دليل على كليته سوى الإجماع، وليس في محل النزاع، والنهي عن الغرر
المخصص في المقام بالإجماع، وبالدليل الذي مر. ومقتضاه الاكتفاء بما
تراضيا عليه كائنا ما كان خرج عنه ما لم يعين أصلا بالاتفاق وبقي الباقي،
واستضعافا لأدلة الخلاف، وسيأتي الجواب عنه.
والأصح وفاقا لأكثر القدماء كالمبسوط (1) والخلاف (2) والغنية (3)
والمهذب (4) والجامع (5) وبعض من تأخر كالعلامة في الإرشاد (6) ما اختاره
الماتن هنا بقوله: * (فلها الوسط وكذا لو قال دار أو بيت) * للأصل، وضعف
دليل الخلاف، وخصوص المعتبرة:
منها الخبر - المعتبر بوجود ابن أبي عمير في سنده، فلا يضر ضعف
راويه -: رجل تزوج امرأة على خادم، قال: فقال: لها وسط من الخدم، قال:
قلت: على بيت: قال وسط من البيوت (7). ونحوه خبر آخر (8).
والمرسل كالصحيح على الأشهر الصحيح: في الدار خاصة (9).
وهي مع اعتبار سند أكثرها معتضدة بالشهرة القديمة المدعى عليها
الإجماع، كما عن الخلاف (10)، المؤيدة بما مر من الأدلة.
فلا وجه للقدح فيها من حيث السند، كما لا وجه له فيها من حيث المتن
باعتبار جهالة الوسط من حيث تعدد أفراده، بناء على ما عرفت من المنع

(1) المبسوط 4: 319.
(2) الخلاف 4: 371، المسألة 9.
(3) الغنية: 348.
(4) المهذب 2: 206.
(5) الجامع للشرائع: 441.
(6) الإرشاد 2: 15.
(7) الوسائل 15: 35، الباب 25 من أبواب المهور الحديث 2 و 1 و 3.
(8) الوسائل 15: 35، الباب 25 من أبواب المهور الحديث 2 و 1 و 3.
(9) الوسائل 15: 35، الباب 25 من أبواب المهور الحديث 2 و 1 و 3.
(10) الخلاف 4: 371، المسألة 9.
410

عن إطلاق ضررها، مع استفاضة النصوص المعاضدة بعموم الكتاب بعدمه،
مع أن هذه الجهالة قريبة من الجهالة بمقدار الصبرة المشاهدة، بل نحوها،
مع اتفاقهم على عدم ضررها.
والأحوط المصير إلى ما ذكروه إن لم يعقد بمثل ذلك، بأن يعين القيمة
والرجوع إلى الصلح معه إن لم يحصل التراضي إلا به.
* (ولو قال) * أتزوجك * (على السنة) * مكتفيا به * (كان) * المهر
* (خمسمائة درهم) * قطعا لو قصدها عالمين بها، ومطلقا على الأشهر الأظهر،
للخبر المعتبر بوجود المجمع على تصحيح رواياته في سنده، فلا يضر جهالة
راويه، مع اعتضاده بالشهرة العظيمة، التي كادت تكون إجماعا، بل إجماع
في الحقيقة، كما في الروضة (1)، وعن غيره من الأجلة (2).
وفيه: قلت له: رجل تزوج امرأة ولم يسم لها مهرا وكان في الكلام
أتزوجك على كتاب الله وسنة نبيه (صلى الله عليه وآله) فمات عنها أو أراد أن يدخل بها فما
لها من المهر؟ قال: مهر السنة، قال: قلت: يقولون لها مهور نسائها، قال: فقال:
هو مهر السنة وكلما قلت له شيئا، قال: مهر السنة (3).
وبهما يندفع الإشكال مع جهل الزوجين، أو أحدهما بما جرت به السنة
منه، أو مع علمهما وعدم قصدهما إياه، وبقبوله الغرر في الجملة، كما تقرر
ومر. فلا وجه لتوقف بعض من تأخر (4).
ثم مقتضى الحكم والمستند ثبوت المهر بالعقد كالمعين بالذكر فيه،
لا بالدخول كمهر السنة الثابت به للمفوضة على بعض الوجوه. ويدل عليه
إثباته بالموت قبل الدخول، كما يظهر من الرواية.

(1) الروضة 5: 346.
(2) جامع المقاصد 13: 344.
(3) الوسائل 15: 25، الباب 13 من أبواب المهور الحديث 1.
(4) المسالك 8: 175.
411

* (ولو) * تزوجها و * (سمى لها مهرا) * معينا * (ولأبيها) * أو غيره واسطة
أو أجنبي * (شيئا) * خارجا عنه، بحيث يكون المجموع في مقابلة البضع
لا عطية في البعض أو جعالة فيه، للزوم الثاني دون الأول قطعا فيهما. ويعتبر
فيه أيضا الذكر بالتسمية خاصة لا الاشتراط. وحينئذ لزم مهرها و * (سقط
ما سمي له) * إجماعا، كما عن الخلاف (1) في الأول، والغنية (2) في الثاني،
وللصحيح: لو أن رجلا تزوج امرأة وجعل مهرها عشرين ألفا وجعل لأبيها
عشرة آلاف كان المهر جائزا، والذي جعله لأبيها فاسدا (3).
ويعضد السقوط أن الساقط ليس من أركان النكاح، ولا من العوض
المعتبر فيه، فكان لغوا، لا دليل على لزومه سوى ذكره في العقد، وهو غير
صالح له.
ونسبة الخلاف إلى الإسكافي (4) هنا - بناء على حكمه بالاحتياط
بالوفاء بالمجعول للمجعول له - ليس في محله، لظهور الاحتياط في
الاستحباب، مع احتمال إرادته الجعالة بالمعنى المعروف، وليس من محل
الفرض في شئ لتصويره في لزوم المجعول للمجعول له بمجرد العقد
لا بغيره، والاحتمال ينافيه.
ثم إن إطلاق النص والفتاوى يقتضي عدم الفرق بين أن يتسبب تسمية
الشئ للأب لتقليل المهر بزعمها لزومه بذكره في العقد أم لا. وربما
يستشكل في الأول. وهو حسن لولا النص الصحيح، المعتضد بما مر.
ولو جعل المسمى للأب جزء من المهر كأن أمهرها شيئا وشرط أن
يعطي أباها منه شيئا لزم الشرط لو كان على اختيار من دون شائبة إكراه

(1) الخلاف 4: 387، المسألة 31.
(2) الغنية: 349.
(3) الوسائل 15: 19، الباب 9 من أبواب المهور الحديث 1.
(4) نقله عنه في المختلف 7: 170.
412

وإجبار، وفاقا للإسكافي (1) والإرشاد (2) والشهيد في النكت (3) وشارح
الكتاب (4)، فإنه شرط سائغ في عقد لازم، فيلزم، لعموم الأمر بالوفاء بالعقد
وبالشرط، مع خروجه عن النص، ويعضده النبوي (5) والمرتضوي (6): أحق
الشروط ما نكحت به الفروج.
خلافا للأكثر، فيصح المهر ويفسد الشرط خاصة أيضا كالسابق.
ولا دليل عليه.
وعلى تقديره معارض بما مر.
وعلى المختار ارتجع بنصف المجموع بالطلاق، حتى نصف مأخوذ
الأب.
* (ولو عقد الذميان) * أو غيرهما من الكفار، وإنما خص بهما تبعا
للنص * (على) * ما لا يملك في شرعنا ك‍ * (خمر أو خنزير صح) * العقد
والمهر بلا خلاف، لأنهما يملكانه في شرعهما.
* (ولو أسلما أو أحدهما قبل القبض فلها) * على الأشهر الأظهر
* (القيمة) * عند مستحليه، لخروجه عن ملك المسلم * (عينا) * كان * (أو
مضمونا) * لأن المسمى لم يفسد، ولهذا لو كان قد أقبضها إياه قبل الإسلام
برئ، وإنما تعذر الحكم به لمانع الإسلام.
فوجب المصير إلى قيمته، لأنها أقرب شئ إليه، كما لو جرى العقد
على عين وتعذر تسليمها، ومثله ما لو جعلا ثمنا لمبيع أو عوضا لصلح
أو غيرهما.

(1) نقله في التنقيح 3: 211، المختلف 7: 170.
(2) الإرشاد 2: 15.
(3) غاية المراد: 103 س 20.
(4) التنقيح 3: 211.
(5) سنن البيهقي 7: 248.
(6) الوسائل 15: 22، الباب 11 من أبواب المهور الحديث 7.
413

هذا، مضافا إلى النص: النصراني يتزوج النصرانية على ثلاثين دنا من
خمر وثلاثين خنزيرا ثم أسلما بعد ذلك ولم يكن دخل بها، قال: ينظر
كم قيمة الخمر وكم قيمة الخنزير فيرسل بها إليها، ثم يدخل عليها، وهما
على نكاحهما الأول (1).
وقيل: يجب مهر المثل تنزيلا لتعذر تسليم العين منزلة الفساد (2).
وفيه منع، كما مر، ولأن وجوب القيمة فرع وجوب دفع العين، مع
الإمكان، وهو هنا ممكن، وإنما عرض عدم صلاحيته للتملك لهما.
ويضعف بأن التعذر الشرعي منزل منزلة الحسي أو أقوى.
هذا، ومهر المثل قد يكون أزيد عن المسمى، فهي تعترف بعدم استحقاق
الزائد، أو أنقص فيعترف هو باستحقاق الزائد، وحيث لم يقع المسمى فاسدا
فكيف يرجع إلى غيره بعد استقراره؟!
وربما يستدل له بالخبر: إذا أسلما حرم عليه أن يدفع إليها شيئا من
ذلك (3)، أي الخمر والخنزير الممهورة بهما، ولكن يعطيها صداقا.
وليس نصا في المطلوب فيحتمل القيمة.
وعلى تقديره، فلا يعارض ما مر، مع ضعف سنده، وعدم مجبوريته.
ولو كان الإسلام بعد قبض بعضه سقط بقدر المقبوض، ووجب قيمة
الباقي.
وعلى الثاني يجب بنسبته من مهر المثل. وفي ذكر المضمون في العبارة
رد على بعض العامة (4)، حيث فرق بينهما وحكم في العين بأنها لا تستحق

(1) الوسائل 15: 4، الباب 3 من أبواب المهور الحديث 2.
(2) الظاهر نهاية المرام 1: 370، وفيه ربما قيل.
(3) الوسائل 15: 4، الباب 3 من أبواب المهور الحديث 1.
(4) نصب الراية 3: 387.
414

غيره دون المضمون، فإنها تستحق معها مهر المثل، وهو مقطوع بفساده.
* (ولا يجوز عقد المسلم على الخمر) * ونحوها مما لا يملك إجماعا.
* (ولو عقد) * عليها فسد المهر إجماعا و * (صح) * العقد على الأصح
الأشهر، كما عن الإسكافي (1) والشيخ (2) والحلي (3) وابن زهرة العلوي (4)
وابن حمزة (5) والعلامة (6) وابن المفلح الصيمري (7) والشهيد (8) وأكثر
المتأخرين، بل نفى عنه الخلاف في الغنية إلا عن مالك وبعض
الأصحاب (9)، لدخوله في عموم ما دل على وجوب الوفاء به، ولا مخرج
عنه سوى اشتراطه بالتراضي المفقود هنا، بناء على وقوعه على الباطل
المستلزم لعدمه بدونه.
وفيه: أن الشرط حصوله وقد وجد، فثبت الصحة المشروطة به، وبطلان
المتعلق غير ملازم لبطلانه أو لا، فقد يكون الرضا بالتزويج باقيا بعد المعرفة
ببطلان المرضي به.
وعلى تقديره فاللازم منه ارتفاع الرضا من حين المعرفة بالبطلان وعدم
البقاء، وليس شرطا في الصحة، بل الوجود وقد حصل.
ودعوى استلزام بطلان المرضي به بطلان أصل الرضا وعدم حصوله
فاسدة بالضرورة.
هذا، ويدل عليه فحوى ما دل على صحة العقد المشتمل على الشروط
الفاسدة، لدلالتها على توقف حصول الرضا عليها، وانتفاؤه حين العقد عند
انتفائها.

(1) نقله في المختلف 7: 131.
(2) الخلاف 4: 363، المسألة 1.
(3) السرائر 2: 577.
(4) الغنية: 348.
(5) الوسيلة: 296.
(6) التحرير 2: 31 س 13.
(7) غاية المرام: 122 س 25.
(8) غاية المراد: 102 س 12.
(9) الغنية: 348.
415

فالصحة فيه مستلزم لثبوتها هنا بطريق أولى، كما لا يخفى، لعدم
التصريح فيه بعدم الرضا، مع انتفاء المرضي به جدا.
ومما ذكر ظهر ضعف القول بالبطلان، ودليله كما يأتي، ولكن الاحتياط
لا يترك.
* (و) * على المختار فهل * (لها مع الدخول) * بها * (مهر المثل) * مطلقا،
كان للمسمى قيمة أم لا، كما في الشرائع (1) والإرشاد (2) والتحرير (3)
والتلخيص (4) والتبصرة (5) وعن السرائر (6) والجامع (7) والوسيلة (8) وموضع
من الخلاف (9)، أو القيمة كذلك ولكن يقدر ما لا قيمة له ذا قيمة كالحر عبدا
كما عن المبسوط (10)، أو فيما له قيمة كالخمر، وأما ما لا قيمة له فالأول كما
عن بعض الأصحاب (11)؟ أقوال، أشهرها وأظهرها الأول، لبطلان المسمى
بعدم الصلاحية للصداق بالضرورة، فيخلو العقد عنه، فتلحق بمفوضة البضع،
ولها مع الدخول مهر المثل، لأنه عوض البضع حيث لا تسمية، ولها المتعة
لو طلقت قبله على قول حكاه في الروضة (12)، وأطلق العلامة في جملة من
كتبه ثبوت المثل ولو قبل الدخول (13).
ووجه بوقوع العقد بالعوض، فلا تفويض، وحيث تعذر انتقل إلى البدل،
وهو المثل (14).

(1) الشرائع 2: 324، وفيه (قيمة الخمر).
(2) الإرشاد 2: 14.
(3) التحرير 2: 31 س 13.
(4) سلسلة الينابيع الفقهية (تلخيص المرام) 38: 476.
(5) تبصرة المتعلمين: 141.
(6) السرائر 2: 577.
(7) الجامع للشرائع: 441.
(8) الوسيلة: 296.
(9) الخلاف 4: 363، المسألة 1.
(10) المبسوط 4: 290.
(11) كشف اللثام 2: 80 س 29.
(12) الروضة 5: 349.
(13) التحرير 2: 31 س 13، والإرشاد 2: 14.
(14) نقل التوجيه في نهاية المرام 1: 372.
416

ويضعف بأن هذا العوض كالعدم، مع أن المثل إنما يثبت بدليته عن
الوطء ء لا عن المهر الفاسد.
وأما احتجاج الثاني: بأن قيمة المسمى أقرب إليه عند التعذر وإنما عقدا
على شخص باعتبار ماليته فمع تعذره يجب المصير إلى المالية، فضعيف،
لأن الانتقال إلى القيمة فرع صحة العقد على ذي القيمة، لأن القيمة لم يقع
التراضي عليها.
وتقدير المالية هنا ممتنع شرعا، فيجب أن تلغى كما الغي التعيين.
ولا ثمرة بعد الدخول مع توافق المثل والقيمة، ومع التخالف يرجع إلى
الاحتياط.
ولو قيل بالرجوع إلى الأقل كان وجها إن لم يكن إحداث قول، تمسكا
بالأصل، مع عدم الدليل على الزائد، لفقد النص، وانتفاء الإجماع في محل
النزاع، لكن اشتغال الذمة بالمهر قطعا يقتضي المصير إلى مراعاة الأكثر،
تحصيلا للبراءة القطعية.
وكيف كان فهو أحوط، ويأتي على القول بالقيمة مطلقا أو في الجملة
لزوم النصف مع الطلاق قبل الدخول. ويدفعه الأصل، لكن اللازم منه ثبوت
المتعة فليس مثله بحجة.
ولو قيل بأقل الأمرين كان وجها، فتأمل جدا.
* (وقيل) *: كما عن الشيخين (1) والقاضي (2) والتقي (3) * (يبطل العقد) *
من أصله، استنادا إلى ما أجبنا عنه، والتفاتا إلى أنه عقد معاوضة فيفسد
بفساد العوض، وهو إعادة للمدعى، يدفعه الإجماع على عدم كونه كعقود

(1) النهاية 2: 319، وأما المفيد فعبارته في المقنعة (508) ظاهرة بل صريحة في صحة النكاح،
وإن نسب إلى المقنعة القول بالبطلان العلامة في المختلف 7: 131.
(2) راجع المهذب 2: 200.
(3) الكافي في الفقه: 293.
417

المعاوضات المحضة المقصود بها مجرد المعاوضة، ولذا صح مع عدم ذكر
المهر في متنه، بل مع اشتراط عدمه فيه.
ثم إن هذا إذا علماه خمرا مثلا، وأما إذا عقدا عليه ظانين حليته صح
العقد قولا واحدا، كما يظهر منهم. وفيه تأييد لما قلناه، لاتحاد طريق
المسألتين.
وفي ثبوت المثل مطلقا أو مع الدخول أو عدمه ولزوم مثل الخمر من
الخل أو القيمة مطلقا أقوال، والأشهر الأول كما مضى.
* (الطرف الثاني) *: في * (التفويض) *.
وهو لغة رد الأمر إلى الغير ثم الإهمال. وشرعا رد أمر المهر أو البضع
إلى أحد الزوجين أو ثالث أو إهمال ذكره في العقد، فهو قسمان.
الأول: ما أشار إليه الماتن بقوله: * (لا يشترط في الصحة ذكر المهر،
فلو) * عقد و * (أغفله أو شرط أن لا مهر لها) * في الحال أو مطلقا * (فالعقد
صحيح) * بلا خلاف، بل إجماعا حكاه جماعة، ويسمى بتفويض البضع،
والمرأة مفوضة البضع بكسر الواو وفتحها.
أما لو صرح بنفيه في الحال والمال على وجه يشمل ما بعد الدخول
فسد العقد على الأشهر، لمنافاته مقتضاه، وهو وجوب المهر في الجملة. وفيه
منافاة لما ذكروه - كما يأتي - من عدم فساد العقد بفساد الشرط المخالف
لمقتضى العقد الملازم لعدم فساده بفساده هنا بطريق أولى، لعدم كونه بصورة
الشرط قطعا. فتأمل جدا.
نعم في المستفيضة، منها الصحيحان: لا يحل الهبة إلا لرسول الله (صلى الله عليه وآله)،
وأما غيره فلا يصلح له نكاح إلا بمهر (1).

(1) الوسائل 14: 198، الباب 2 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد الحديث 2 و 4 و 5.
(2) الوسائل 14: 198، الباب 2 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد الحديث 2 و 4 و 5.
418

وربما دل نفي الصلاح على الفساد.
وأظهر منه الخبر: في امرأة وهبت نفسها لرجل من المسلمين، قال: إن
عوضها كان مستقيما (1). فتأمل.
وفيه قول بالصحة (2)، قياسا له بالنفي المطلق. وليس في محله، لوجود
الفارق، وهو قبول المقيس عليه التخصيص دون المقيس.
وآخر بفساد التفويض دون العقد، فيجب مهر المثل، كما لو شرط في
المهر ما يفسده، تمسكا بلزوم الوفاء بالعقد. وهو الأوفق بالأصول إن أريد
بثبوت المثل الثبوت بالدخول لولا ما مر من المستفيضة.
إلا أن المحكي عن القائل به الثبوت بنفس العقد (3) ولا ريب في ضعفه.
وبالجملة المسألة محل إشكال.
والمستند في أصل الحكم بعد الإجماع المتقدم الآية الكريمة: " لا جناح
عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن أو تفرضوا لهن فريضة فمتعوهن على
الموسع قدره وعلى المقتر قدره " (4)، والمعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: عن رجل تزوج امرأة فدخل بها ولم يفرض لها مهرا ثم
طلقها، فقال: لها مثل مهور نسائها (5).
ثم من أحكامها عندنا عدم وجوب شئ لها متعة كان أو مهر مثل
بمجرد العقد، للأصل.
خلافا لبعض الشافعية، فأوجب الثاني (6).
فلو مات أحدهما قبل الدخول والطلاق والفرض فلا شئ لها بلا

(1) الوسائل 14: 199، الباب 2 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد، الحديث 5.
(2) المبسوط 4: 294.
(3) حكاه الشيخ في المبسوط 4: 295.
(4) البقرة: 236.
(5) الوسائل 15: 24، الباب 12 من أبواب المهور الحديث 1.
(6) الحاوي الكبير 9: 479.
419

خلاف في الظاهر، وقد حكي لما مر، مضافا إلى الصحيح: في المتوفى عنها
زوجها قبل الدخول إن كان فرض لها زوجها مهرا فلها، وإن لم يكن فرض
مهرا فلا مهر (1). ونحوه غيره (2).
* (ولو طلق) * المفوضة * (فلها المتعة) * خاصة إن كان الطلاق * (قبل) *
الفرض و * (الدخول) * خاصة بالإجماع، ونص الآية السابقة، والمستفيضة:
منها الحسن: في رجل طلق امرأته قبل أن يدخل بها، قال: عليه نصف
المهر إن كان فرض لها شيئا، وإن لم يكن فرض فليمتعها على نحو ما يتمتع
مثلها من النساء (3). ونحوه خبران آخران (4).
والرضوي: كل من طلق امرأته من قبل أن يدخل بها فلا عدة عليها منه،
فإن كان سمى لها صداقا فلها نصف الصداق، وإن لم يكن سمى لها صداقا
يتمتعها بشئ قليل أو كثير على قدر يساره (5).
وإن كان الطلاق بعد الفرض وقبل الدخول فنصفه، لقوله تعالى: " فنصف
ما فرضتم " (6)، مضافا إلى الحسنة.
ولو لم يطلق أو طلق بعد الدخول فجميعه بعد الاتفاق عليه بلا خلاف،
إلا في الأول وهو ما لو لم يطلق، لأن الحق فيه لهما، زاد عن مهر المثل أم لا،
ساواه أم قصر. وربما كان في الآية عليه دلالة كالصحيح السابق (7): " في
المتوفى عنها زوجها ".
ومع الاختلاف في الفرض قيل: للحاكم فرضه بمهر المثل كما يعين

(1) الوسائل 15: 76، الباب 58 من أبواب المهور الحديث 22 و 20.
(2) الوسائل 15: 76، الباب 58 من أبواب المهور الحديث 22 و 20.
(3) المصدر السابق: 55، الباب 48 الحديث 7.
(4) المصدر السابق: 56، الباب 48 الحديث 8، وص 61، الباب 51 الحديث 2.
(5) فقه الرضا: 242.
(6) البقرة: 237.
(7) الوسائل 15: 55، الباب 48 من أبواب المهور الحديث 7.
420

النفقة للزوجة على الغائب ومن جرى مجراه (1). ويحتمل قويا إبقاء الحال
إلى حصول أحد الأمور الموجبة للقدر، أو المسقطة للحق، لأن ذلك لازم
للتفويض الذي قد قدما عليه.
ثم إن في ثبوت المتعة بغير الطلاق من أقسام البينونة أقوال، ثالثها
المحكي عن المبسوط (2) الثبوت بما يقع من قبله أو قبلهما دون ما كان من
قبلها خاصة.
والأقوى العدم مطلقا، وفاقا للأكثر، تمسكا بالأصل، والتفاتا إلى
اختصاص الآية (3) والحسنة (4) بالطلاق. والتعدية قياس.
نعم يستحب خروجا عن الشبهة، والتفاتا إلى فحوى ما دل على
رجحانها لكل مطلقة وإن لم تكن مفوضة، كالصحيح: عن رجل تزوج امرأة
فدخل بها ولم يفرض لها مهرا ثم طلقها، فقال لها مثل مهور نسائها
ويمتعها (5).
ولإضماره مع عدم صراحته في الوجوب حمل على الاستحباب،
معتضدا بالأصل. وظاهر الخبر: في الرجل يطلق امرأته أيمتعها؟ قال: نعم،
أما يحب أن يكون من المحسنين أما يحب أن يكون من المتقين (6).
وبهما يصرف ما ظاهره الوجوب كالصحيح: متعة النساء واجبة دخل بها
أو لم يدخل ويمتع قبل أن يطلق (7). والصحيح: في قول الله عز وجل:
" وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين "، قال: متاعها بعد ما تنقضي

(1) نقل ذلك الشهيد الثاني في الروضة 5: 348.
(2) المبسوط 14: 319 و 320.
(3) البقرة: 236.
(4) الوسائل 15: 55، الباب 48 من أبواب المهور الحديث 7.
(5) المصدر السابق: 24، الباب 12 الحديث 1.
(6) المصدر السابق: 55، الباب 48 الحديث 5.
(7) الوسائل 15: 59، الباب 50 من أبواب المهور الحديث 1.
421

عدتها على الموسع قدره وعلى المقتر قدره (1)، وفي ذيلها: أن الحسن بن علي
لم يطلق امرأة إلا متعها (2). وقريب منه الصحيح: أن متعة المطلقة فريضة (3).
ويمكن حمله على المفوضة وصرف المطلقة إلى المعهودة المذكورة في
الآية، ولذا أطلق على الوجوب الفريضة.
وربما احتمل الوجوب في المسالك في كل مطلقة (4)، عملا بظواهر هذه
المعتبرة المخصص بها الأصل: والرواية المتقدمة مع قصور سندها غير
صريحة في الاستحباب.
وهو حسن إن وجد به قائل ولم أجده، بل المحتمل مصرح بأن المذهب
الاستحباب فهو متعين، مع أن الرواية ليست بقاصرة، بل حسنة أو صحيحة،
لأن حسنها بإبراهيم. ولا ريب في ظهورها في الاستحباب، مع اعتضادها
بكثير من المعتبرة (5) الواردة في المقام، الدالة على اشتراط المتعة بعدم
الفرض، مضافا إلى الأخبار الكثيرة الدالة على ثبوت نصف الصداق بالطلاق
قبل الدخول، وجميعه بعده من دون ذكر للمتعة بالمرة، مع ورود أكثرها في
مقام الحاجة، فلا وجه للقول بالوجوب بالمرة.
هذا، مع عدم صراحة لفظ الوجوب في الصحيح المتقدم في المعنى
المصطلح، فيحتمل الاستحباب. وعلى تقدير الصراحة يحتمل المتعة فيها ما
يعم مهر المثل والمتعة بالمعنى المتعارف، فأما باقي الروايات فليست
صريحة في الوجوب ولا ظاهرة.

(1) الوسائل 15: 59، الباب 50 من أبواب المهور الحديث 2 و 3.
(2) المصدر السابق: 56، الباب 49 الحديث 1.
(3) المصدر السابق: 56، الباب 48 الحديث 9.
(4) المسالك 8: 213.
(5) الوسائل 15: 54، الباب 48 من أبواب المهور.
422

والحق بالمفوضة من فرض لها مهر فاسد فإنه في قوة التفويض، ومن
فسخت في المهر قبل الدخول بوجه مجوز. ولا بأس به إن أريد الاستحباب،
وإلا فالوجوب مشكل.
* (و) * يجب * (بعده) * أي بعد الدخول وقبل الفرض * (لها مهر المثل) *
إجماعا، للمستفيضة: منها الصحيح المتقدم.
ونحوه الموثقان: في رجل تزوج امرأة ولم يفرض لها صداقا، قال: لا
شئ لها من الصداق فإن كان دخل بها فلها مهر نسائها (1).
وإطلاقها - كالعبارة وصريح بعض الأجلة (2) - ثبوت المثل مطلقا ولو
زاد على السنة.
خلافا للأكثر فيه فيرد إليها، بل عن فخر المحققين (3) وابن زهرة (4) عليه
الإجماع، وهو ظاهر المحكي عن المبسوط (5). وهو الحجة فيه، كالموثق:
عن رجل تزوج امرأة فوهم أن يسمى صداقها حتى دخل بها قال: السنة
والسنة خمسمائة درهم (6).
وما ربما يقال على الأول بوجود الخلاف فلا حجة فيه، وعلى الثاني
بقصور السند أولا، وضعف الدلالة ثانيا، فإن النسيان غير التفويض، مدفوع
بعدم القدح في الحجية بخروج معلوم النسب، بل ومجهوله على الأصح،
وعدم القصور، لعدم اشتراك الراوي، كما توهم، ووثاقة باقي سلسلة السند
وإن فسد المذهب والدلالة تامة، إذ التفويض أعم من النسيان وعدمه كما
فرضوه، وساعده إطلاق النصوص.

(1) الوسائل 15: 24، الباب 12 من أبواب المهور الحديث 2 و 3.
(2) نهاية المرام 1: 377.
(3) الإيضاح 3: 217.
(4) الغنية: 348.
(5) المبسوط 4: 296.
(6) الوسائل 15: 25، الباب 13 من أبواب المهور الحديث 2.
423

نعم ربما يتوجه إليها القدح بأعميتها من المدعى، لأنه ثبوت السنة، مع
زيادة مهر المثل عنها، وإلا فهو الثابت دونها، ساواها أم نقص عنها. وربما
يجبر بالتقييد بالإجماع والجمع بين الروايات.
وربما احتمل العمل بالإطلاق هنا، التفاتا إلى موافقة المستفيضة للعامة.
وهو مع مخالفته الإجماع الصريح مقدوح بأولوية موافقة الأصحاب من
الموافقة للتقية، فيترجح جانب الرجحان دون المرجوحية.
وربما يستدل للأصحاب في رد الزائد إلى السنة بما مر من الخبر المثبت
للسنة فيمن تزوج على السنة، مكتفيا به عن ذكر المهر بالمرة.
وليس بمعتمد، لظهوره في ثبوتها بمجرد العقد دون الدخول، وليس من
حكم المفوضة، ولذا فرضه الأصحاب مسألة على حدة. فليس الاستدلال به
إلا غفلة واضحة.
* (ويعتبر في مهر المثل حالها في الشرف والجمال) * والعقل والأدب
والبكارة وصراحة النسب واليسار وحسن التدبير وكثرة العشائر وعادة
نسائها وأمثال ذلك، والمعتبر في أقاربها من الطرفين على الأشهر الأقوى،
بل ظاهر المبسوط أن عليه الإجماع (1). وهو الحجة فيه، مع العموم المستفاد
من إضافة النساء إليها في النصوص.
خلافا للمهذب (2) والجامع (3)، فخصهن بالعصبات مع الإمكان، وإلا
فأطلق، لعدم اعتبار الأم، ومن انتسب إليها في الفخر. وفيه نظر.
ويعتبر في الأقارب أن يكونوا من أهل بلدها أو بلد لا يخالف عادة
بلدها على الأقوى، لاختلاف البلدان في العادات.
* (و) * ويعتبر * (حاله) * خاصة * (في المتعة) * بنص الآية (4)، والشهرة

(1) المبسوط 4: 299.
(2) المهذب 2: 211.
(3) الجامع للشرائع: 440.
(4) البقرة: 236.
424

العظيمة، بل عليه الإجماع عن الغنية (1)، وهو ظاهر المستفيضة. فالقول
باعتبار حالها أيضا ضعيف جدا.
ثم إن الأصل يقتضي المصير في المتعة إلى العرف، ولا ريب في اقتضائه
انقسامها بالنظر إليه إلى ثلاثة: متعة يسار، وتوسط، وإعسار، وبه المرسل في
الفقيه: أن الغني يمتع بدار أو خادم والوسط بثوب والفقير بدرهم أو خاتم (2)،
ونحوه الرضوي: فالموسع يمتع بخادم أو دابة والوسط بثوب والفقير بدرهم
أو خاتم، كما قال الله عز وجل: " ومتعوهن على الموسع قدره وعلى المقتر
قدره متاعا بالمعروف " (3)، وعليه الشهرة، بل الإجماع المحكي عن ابن
زهرة (4).
ولا ينافيه الآية والمعتبرة لدخول الواسطة بين الأمرين، ولذا أن
الرضوي مع استناده إلى الآية الشريفة اشتمل على ذكر الثلاثة، وعين
الأصحاب لكل مرتبة ما يليق بها في العرف والعادة.
* (فالغني يمتع) * بالدابة، للرضوي (5)، وهي الفرس، والمعتبر منه ما يقع
عليه اسمها، صغيرة كانت أم كبيرة، برذونا كانت أم عتيقا قاربت قيمة الثوب
والعشرة الدنانير أم لا. وفي الخبر المروي عن قرب الإسناد: أن علي بن
الحسين (عليهما السلام) كان يمتع بالراحلة (6)، ورواه العياشي أيضا بزيادة " يعني
حملها الذي عليها " (7). وظاهره أن المتعة هو الحمل، إلا أنه يحتمل كونها
من الراوي لا الإمام (عليه السلام).
أو * (بالثوب المرتفع) * عادة، ناسبت قيمة قسيميه أم لا.

(1) الغنية: 349.
(2) الفقيه 3: 506، الحديث 4776.
(3) فقه الرضا: 242.
(4) الغنية: 349.
(5) فقه الرضا: 242.
(6) قرب الإسناد: 81.
(7) العياشي 1: 124، الحديث 400.
425

* (أو عشرة دنانير فأزيد) *، وهي المثاقيل الشرعية، ولم أجد عليها
مستند سوى إطلاق النص، مع أن في المرسل السابق: الدار والخادم، وفي
المعتبرة: منها الموثقان: العبد والأمة (1). وليس المذكور منها، ولعله للتمثيل.
* (و) * يمتع * (الفقير بالخاتم) * ذهبا كان أو فضة معتدا به عادة.
* (أو الدرهم) * كما في المرسل (2)، وفي الصحيح: ما أدنى ذلك المتاع
إذا كان معسرا؟ قال: الخمار وشبهه (3)، والموثق: المعسر بالحنطة والزبيب
والثوب والدراهم (4). واختلاف هذه المعتبرة منزل على العرف والعادة له
والتمثيل.
* (و) * يمتع * (المتوسط بينهما) * بما بينهما كخمسة دنانير والثوب
المتوسط ونحو ذلك.
وبالجملة المرجع في الأحوال الثلاثة إلى العرف، بحسب زمانه ومكانه
وشأنه.
* (ولو) * تزوج بمهر مجهول ولكن * (جعل الحكم) * والتعيين * (لأحدهما
في تقدير المهر) * المذكور * (صح) * العقد والتفويض بإجماع الطائفة.
خلافا للعامة، فجعلوا المهر الواقع على هذا الوجه من قبيل المهر
الفاسد، وأوجبوا به مهر المثل (5).
وهذا هو القسم الثاني من قسمي التفويض، ويسمى بمفوضة المهر،
والنصوص بذلك مستفيضة.
ففي الصحيح: في رجل تزوج امرأة على حكمها أو على حكمه فمات
أو ماتت قبل أن يدخل بها، قال: لها المتعة والميراث، ولا مهر لها، قلت: فإن

(1) الوسائل 15: 56، الباب 49 من أبواب المهور الحديث 1.
(2) المصدر السابق: الحديث 3.
(3) المصدر السابق: الحديث 2.
(4) المصدر السابق: الحديث 1.
(5) الحاوي الكبير 9: 485.
426

طلقها وقد تزوجها على حكمها، قال: إذا طلقها وقد تزوجها على حكمها لم
يتجاوز بحكمها عليه أكثر من خمسمائة درهم (1).
وظاهره كغيره كالعبارة وغيرها هو التفويض إلى أحدهما، وأما غيره فلا.
وصريح جماعة اختصاص الحكم بالتفويض إلى أحدهما، لمخالفته الأصل
قطعا.
وفي جواز ما عداه كالتفويض إلى غيرهما أو إليهما معا وجهان، من
الأصل، وعدم النص، وأنه كالنائب عنهما، فلا بأس به لو رضياه. والوقوف
مع النص طريق اليقين.
* (ويحكم الزوج) * المفوض إليه المهر * (بما شاء وإن قل وإن) * عكس
الأمر و * (حكمت المرأة) * وفوض إليها * (لم) * يجز لها أن * (تتجاوز مهر
السنة) * إجماعا ونصا فيهما.
ففي الخبر: عن رجل تزوج امرأة على حكمها، قال: لا تتجاوز بحكمها
مهر نساء آل محمد (صلى الله عليه وآله) اثني عشر أوقية ونش، وهو وزن خمسمائة درهم
من الفضة، قلت: أرأيت إن تزوجها على حكمه ورضيت وحكمته؟ قال:
ما حكم من شئ فهو جائز، قليلا كان أو كثيرا، قال: قلت: كيف لم تجز
حكمها عليه وأجزت حكمه عليها؟ قال: فقال: لأنه حكمها فلم يكن لها أن
تجوز ما سن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وتزوج عليه نساءه فرددتها إلى السنة، ولأنها
هي حكمته وجعلت الأمر في المهر إليه ورضيت بحكمه في ذلك فعليها أن
تقبل حكمه، قليلا كان أو كثيرا (2).
وليس في سنده سوى الحسن بن زرارة، ووصفه كاسمه على الأصح،
وفاقا لجماعة، مع أن في السند الحسن بن محبوب، وهو ممن حكي إجماع

(1) الوسائل 15: 32، الباب 21 من أبواب المهور الحديث 2.
(2) الوسائل 15: 31، الباب 21 من أبواب المهور الحديث 1.
427

العصابة على تصحيح رواياتهم. فالسند معتبر غاية الاعتبار، مع اعتضاده
بالشهرة بين الأخيار، وهي إجماع، كما حكاه جماعة.
فلا وجه للتأمل في المسألة، مع أن الدليل غير منحصر فيه، لدلالة
الأصل، والإطلاقات على الأول، وخصوص ما مضى من الصحيح على
الثاني.
نعم ربما يشكل الحكم في الأول، لظاهر الصحيح: عن الرجل يفوض
إليه صداق امرأته فينقص عن صداق نسائها يلحق بمهر نسائها (1).
لكنه شاذ، ولا عامل به، مع عدم مقاومته لما مر، فليحمل على الندب أو
ما حمله الشيخ عليه من التفويض إليه على أن يجعله مثل مهر نسائها (2).
ثم لو طلق قبل الدخول ألزم الحاكم بالحكم ولها نصف ما يحكم به، لأن
ذلك هو الفرض الذي ينتصف به الطلاق، سواء وقع الحكم قبل الطلاق أو
بعده. وكذا لو طلقها بعد الدخول لزم الحاكم الفرض واستقر في ذمة الزوج،
ولا خلاف في شئ من ذلك.
* (ولو مات الحاكم) * منهما * (قبل الدخول وقبل الحكم فالمروي) *
في الصحيح (3) المشار إليها أن * (لها المتعة) * دون المهر، وهو الأشهر
الأظهر، كما عن النهاية (4) وابن البراج (5) وابن حمزة (6) والمقنع (7)
والعلامة (8) وولده (9) والشهيد الأول (10) في النكت وظاهر اللمعة (11)،

(1) الوسائل 15: 32، الباب 21 من أبواب المهور الحديث 4.
(2) التهذيب 7: 366، الحديث 1482.
(3) الوسائل 15: 32، الباب 21 من أبواب المهور الحديث 2.
(4) النهاية 2: 324.
(5) المهذب 2: 206.
(6) الوسيلة: 296.
(7) المقنع: 324.
(8) التحرير 2: 36 س 7.
(9) الإيضاح 3: 220.
(10) غاية المراد: 104 س 12.
(11) اللمعة: 116.
428

والثاني في المسالك والروضة (1) وجماعة.
وما استضعف به دلالة الخبر بظهور أن النشر على ترتيب اللف فيكون
الحكم بالمتعة فيما إذا مات المحكوم عليه خاصة، واختصاص الجواب فيه
بموت الزوج، إذ مع موتها ليس لها ميراث، ولا يتم المقايسة بإيجاب المتعة
لها والميراث له. مندفع.
فالأول: بفقد الوجه، لثبوت المتعة بموت المحكوم خاصة مع بقاء
الحاكم، مع أنه انعقد النكاح بحكمه، فله الحكم مع بقائه، كما يأتي، ولا أثر
لموت المحكوم عليه. كيف وقد نص في الخبر بعد ما ذكر على أن له الحكم
مع الطلاق القاطع لعلاقة الزوجية، بخلاف الموت، فثبوت الحكم له هنا ثابت
بالأولوية، فلا بد من الحمل على موت الحاكم، جمعا بين طرفيه وبينه وبين
الأصول.
والثاني: بعدم الفارق بين الموتين، ويؤيد المذهب أن مهر المثل لا يجب
إلا مع الدخول، ولم يحصل، ولا مسمى.
ولا يجوز اخلاء النكاح عن مهر فيجب المتعة، إذ لا رافع.
وعن الشيخ في الخلاف (2) والإسكافي (3) والحلي (4) أنه لا شئ لها
أصلا، لاشتراط المثل بالدخول والمتعة بالطلاق. ولا شئ منهما هنا، مضافا
إلى الأصل، والصحيح حجة على من عدا الحلي، ومختاره متوجه على
مختاره، أو ثبوت عدم دلالة الصحيح وظهوره.
وفي القواعد والمختلف (5) يثبت لها مهر المثل، لأنه قيمة المفوض

(1) المسالك 8: 220، والروضة 5: 352.
(2) الخلاف 4: 380، المسألة 21.
(3) نقله في المختلف 7: 147.
(4) السرائر 2: 587.
(5) القواعد 2: 41 س 4، المختلف 7: 147، وفيه خلاف هذه الفتوى قال: والوجه ما قاله الشيخ
في النهاية.
429

حيث لم يتعين غيره، ولأن المهر مذكور غايته أنه مجهول، فإذا تعذرت
معرفته وجب الرجوع إلى مهر المثل. وهو مع أنه غير مسموع في مقابلة
النص الصحيح مجاب. فالأول: بعدم تحقق الدخول الموجب للعوض
والثاني: بأنه عين الدعوى، فكيف يجعل دليلا؟!
ولا فرق مع موت الحاكم بين موت المحكوم عليه معه وعدمه، عملا
بإطلاق النص، مع عدم القائل بالفرق.
ولو مات المحكوم عليه وحده فللحاكم الحكم بلا خلاف أجده،
لإطلاق النص بثبوت الحكم له، مع عدم اشتراط حضور المحكوم عنده،
والتفويض إليه قد لزم بالعقد بالضرورة، فلا يبطل بموت المحكوم عليه البتة،
ولأصالة بقائه. والنص لا يعارضه.
وأما الصحيح -: في رجل تزوج امرأة بحكمها ثم مات قبل أن تحكم،
قال: ليس لها صداق وهي ترث (1) - فمع قطع النظر عما يلحق سنده من
النظر شاذ، لا يمكن التعويل عليه ولا العمل، سيما في مقابلة ما مر.
ولو مات الحاكم قبل الحكم وبعد الدخول ثبت مهر المثل، لأنه الأصل
حيث لم يكن المهر، وبه صرح المفلح الصيمري (2) من غير نقل خلاف،
ولم يتعرض له الباقون.
ولو مات المحكوم حينئذ ألزم الحاكم بالحكم، فإن كانت المرأة
لا تتجاوز السنة، وإلا فللزوج الحكم بما شاء، لما مضى.
* (الطرف الثالث: في الأحكام) * المتعلقة بالمهر.
* (وهي عشرة) *:
* (الأول: تملك المرأة المهر) * جميعه * (بالعقد) * وإن لم يستقر التملك

(1) الوسائل 15: 32، الباب 21 من أبواب المهور الحديث 3.
(2) غاية المرام: 124 س 22.
430

إلا بعد الدخول على الأظهر الأشهر، بل عن الحلي (1) نفي الخلاف عنه،
لعموم " وآتوا النساء صدقاتهن " (2)، والموثق: في رجل ساق إلى زوجته
غنما ورقيقا فولدت عندها فطلقها قبل أن يدخل، فقال: إن كن حملن عنده
فله نصفها ونصف ولدها، وإن كن حملن عندها فلا شئ له من الأولاد (3).
ولأنه عوض البضع المملوك بالعقد، وللنصوص الآتية في استحقاق المتوفى
عنها زوجها قبل الدخول جميع المهر، وهي مستفيضة، لكنها معارضة بمثلها.
خلافا للإسكافي (4)، فتملك نصفه به والنصف الآخر بالدخول، للموثق
وغيره: لا يوجب المهر إلا الوقاع في الفرج (5).
وحمل على الاستقرار جمعا بين الأدلة، وغلبته في الاستعمال إن تم
الدلالة، وإلا فالوجوب أعم من التملك، ولا دلالة للعام على الخاص. وعلى
تقدير الصراحة فلا شئ منهما تقاوم ما مر من الأدلة.
وبالأخير يجاب عن الصحيح: عن رجل تزوج امرأة على بستان له
معروف وله غلة كثيرة ثم مكث سنين لم يدخل بها ثم طلقها، قال: ينظر إلى
ما صار إليه من غلة البستان من يوم تزوجها فيعطيها نصفه ويعطيها نصف
البستان، إلا أن تعفو فتقبل منه، ويصطلحا على شئ ترضى منه فإنه أقرب
للتقوى (6).
ومع ذلك فقد أجيب عنه بجواز كون الغلة من زرع يزرعه الزوج وأن
يكون البستان هو الصداق دون أشجاره. وعلى التقديرين فليست الغلة من
نماء المهر فتختص بالرجل.
والأمر بدفع النصف منها إليها محمول على الاستحباب، كما يرشد إليه

(1) السرائر 2: 581.
(2) النساء: 4.
(3) التهذيب 7: 368، الحديث 1491.
(4) نقله في المختلف 7: 140.
(5) الوسائل 15: 66، الباب 54 من أبواب المهور الحديث 6 و 7.
(6) الوسائل 15: 41، الباب 30 من أبواب المهور الحديث 1.
431

قوله: " فإنه أقرب للتقوى "، ولعله عوض عن أجرة الأرض. ولا بأس به،
تفاديا عن الطرح.
وعلى المختار لها التصرف قبل القبض، للأصل، ولعموم ما دل على
تسلط الملاك على أموالهم.
خلافا للخلاف، لعدم الدليل عليه، لعدم النص، واختصاص الإجماع بما
بعد القبض (1)، وللنهي عن بيع ما لم يقبض (2).
وضعفه ظاهر، لوجود الدليل، ولا أقل من الأصل كما قيل (3)،
واختصاص النهي بمن اشترى ثم باع، مع أنه أخص من المدعى.
* (وينتصف بالطلاق) * بالنص، والوفاق، والأول متواتر معتضد بنص
الكتاب " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة
فنصف ما فرضتم " (4).
* (ويستقر) * الجميع بأحد أمور أربعة: * (بالدخول، وهو الوطء قبلا
أو دبرا) * إجماعا، كما في الروضة (5)، وكلام جماعة، والنصوص به
مستفيضة مر بعضها وفي الصحيح: إذا أدخله وجب الغسل والمهر (6). ونحوه
في عدة من المعتبرة (7).
وبردة الزوج عن فطرة على الأشهر الأقوى، لثبوته بالعقد فوجب الحكم
باستمراره إلى ظهور المسقط، وليس.
وإلحاقه بالطلاق قياس باطل بالاتفاق.

(1) الخلاف 4: 370، المسألة 7.
(2) الوسائل 12: 382، الباب 10 من أبواب أحكام العقود الحديث 6.
(3) قاله في نهاية المرام 1: 385.
(4) البقرة: 237.
(5) الروضة 5: 353.
(6) الوسائل 1: 469، 470، الباب 6 من أبواب الجنابة الحديث 1 و 8.
(7) الوسائل 1: 469، 470، الباب 6 من أبواب الجنابة الحديث 1 و 8.
432

وبموت الزوج على الأشهر، بل عليه الإجماع عن الناصريات (1)،
للأصل، ومفهوم الكتاب، وعموم " وآتوا النساء صدقاته " (2)، والمستفيضة:
منها الصحيح: في المتوفى عنها زوجها إذا لم يدخل بها إن كان فرض
لها مهرا فلها مهرها الذي فرض لها ولها الميراث (3)، الخبر. ونحوه
الصحيح (4) الآخر، والموثقان (5)، وغيرهما (6).
خلافا للمحكي عن صريح المقنع (7)، فكالطلاق، وهو ظاهر
الكافي (8)، والفقيه (9)، بل حكى عليه بعض المتأخرين (10) الشهرة بين قدماء
الطائفة، واختاره من المتأخرين جماعة، وعليه تدل المستفيضة الأخرى
التي كادت تبلغ التواتر، بل لا يبعد أن تكون متواترة وأكثرها معتبرة
الأسانيد.
ففي الصحيح: في الرجل يموت وتحته امرأة لم يدخل بها، قال: لها
نصف المهر (11)، الخبر.
والصحيح: إن لم يكن دخل بها وقد فرض لها مهرا فلها نصف ما فرض
لها ولها الميراث (12).
والصحيح: عن المرأة تموت قبل أن يدخل بها أو يموت الزوج قبل أن
يدخل بها، قال: أيهما مات فللمرأة نصف ما فرض لها (13).

(1) الناصريات (الجوامع الفقهية): 248 س 8.
(2) النساء: 4.
(3) الوسائل 15: 76، الباب 58 من أبواب المهور الحديث 22 و 21 و 23 و 24.
(4) الوسائل 15: 76، الباب 58 من أبواب المهور الحديث 22 و 21 و 23 و 24.
(5) الوسائل 15: 76، الباب 58 من أبواب المهور الحديث 22 و 21 و 23 و 24.
(6) المصدر السابق: 70، الباب 57.
(7) المقنع: 358.
(8) الكافي 6: 120، الحديث 11.
(9) الفقيه 3: 507، الحديث 4780.
(10) كفاية الأحكام: 183 س 22.
(11) الوسائل 15: 71، الباب 58 من أبواب المهور الحديث 1 و 6.
(12) الوسائل 15: 71، الباب 58 من أبواب المهور الحديث 1 و 6.
(13) المصدر السابق: الحديث 7.
433

وذكرها كملا لا يناسب هذا المختصر.
فالقول بها لا يخلو عن قوة، لأن المظنة الحاصلة من هذه الكثرة أقوى
من الحاصلة من الشهرة، سيما مع اعتضادها بالشهرة بين القدماء ولو كانت
محكية، ومخالفتها التقية، كما صرح به جماعة. فيخص بها الأصل. ويصرف
النصوص السابقة عن ظواهرها بالحمل على النصف، لأنه مهرها ولو بعد
في بعضها.
ومنه يظهر وجه رجحان لهذه النصوص ومرجوحية لتلك، لصراحة هذه
دون الأولة.
وأما العموم فبعد تسليمه فشموله لمثل المقام محل نظر، مع أنه
كالمفهوم نقول بهما، إلا أن الخطاب فيهما للأحياء لا مطلقا، لكن المسألة
بعد محل إشكال، والاحتياط فيها مطلوب على كل حال.
وبموت الزوجة على الأشهر أيضا، لما عدا المستفيضة من الأدلة
المتقدمة، وفيها مضافا إلى ما مر استفاضة المعتبرة بالتنصيف هنا من دون
معارض أصلا. منها الصحيح المتقدم.
والموثق: عن رجل تزوج امرأة ولم يدخل بها، فقال: إن هلكت أو هلك
أو طلقها فلها نصف المهر، وعليها العدة كاملة، ولها الميراث (1).
ونحوه آخر: في امرأة توفيت قبل أن يدخل بها زوجها ما لها من المهر؟
وكيف ميراثها؟ فقال: إذا كان قد مهرها صداقها فلها نصف المهر وهو يرثها،
وإن لم يكن فرض لها صداقها فهي ترثه ولا صداق لها (2). إلى غير ذلك
من الأخبار.
والعمل بها متعين، لخلوها عن المعارض، مع اعتضادها بما مر، وعمل

(1) الوسائل 15: 72، الباب 58 من أبواب المهور الحديث 3.
(2) المصدر السابق: الحديث 8، وفيه بدل " مهرها صداقها ": فرض لها صداقا.
434

جماعة من الأصحاب بها كالشيخ (1) والقاضي (2) والكيدري (3) وجماعة من
المتأخرين.
* (ولا يسقط) * شئ من المهر، عاجلا كان أم آجلا * (معه) * أي
الدخول * (لو لم تقبض) * على الأظهر الأشهر، بل عليه الإجماع عن ظاهر
الانتصار (4)، للأصل، والعمومات، وخصوص المعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: الرجل يتزوج المرأة على الصداق المعلوم فيدخل بها قبل
أن يعطيها شيئا، قال: يقدم إليها ما قل أو كثر، إلا أن يكون له وفاء من عرض
إن حدث به حدث أدى عنه فلا بأس (5).
والموثق: عن الرجل يتزوج المرأة فلا يكون عنده ما يعطيها فيدخل بها،
قال: لا بأس، إنما هو دين عليه لها (6). ونحوه الموثق الآخر (7)، والمرسل
كالصحيح (8)، وغيرهما (9).
خلافا للحلبي كما حكي، فأسقط بالدخول، سواء قبضت منه شيئا أم
لا، طالت مدتها أم قصرت، طالبت به أم لم تطالب، للصحاح المستفيضة (10).
وأولت بتأويلات غير بعيدة في مقام الجمع بين الأدلة.
منها حملها على ما إذا لم يكن قد سمى مهرا معينا وساق إليها شيئا
ودخل ولم تعترض فيكون ذلك مهرها، كما يأتي.
ومنها حملها على قبول قول الزوج في براءته من المهر لو تنازعا.
وفي المختلف جعل منشأ الحكم العادة بتقديم المهر كما كانت في
السالف، قال: والعادة الآن بخلاف ذلك، فإن فرض أن كانت العادة في بعض

(1) النهاية 2: 323.
(2) المهذب 2: 204.
(3) إصباح الشيعة: 425.
(4) الإنتصار: 387.
(5) الوسائل 15: 13، الباب 8 من أبواب المهور 1 و 2 و 10 و 9 و 12.
(6) الوسائل 15: 13، الباب 8 من أبواب المهور 1 و 2 و 10 و 9 و 12.
(7) الوسائل 15: 13، الباب 8 من أبواب المهور 1 و 2 و 10 و 9 و 12.
(8) الوسائل 15: 13، الباب 8 من أبواب المهور 1 و 2 و 10 و 9 و 12.
(9) الوسائل 15: 13، الباب 8 من أبواب المهور 1 و 2 و 10 و 9 و 12.
(10) الكافي في الفقه: 294.
435

الأزمان والأصقاع كالعادة القديمة كان الحكم ما تقدم، وإلا كان القول
قولها (1).
قيل: ويخطر بالبال أن يحمل سقوط مطلق الصداق على سقوط العاجل
منه، حملا للمطلق على المقيد، يدل عليه ما في بعضها: إذا دخل بها فقد هدم
العاجل، فإنهم كانوا يومئذ يجعلون بعضه عاجلا وبعضه آجلا، كما يستفاد
من بعض الأخبار، وكان معنى العاجل ما كان دخوله مشروطا على اعطائه
إياها، فإذا دخل بها قبل الإعطاء فكأن المرأة أسقطت حقها العاجل ورضيت
بتركه، ولا سيما إذا كانت قد أخذت بعضه، أما الآجل فلا يسقط إلا
بالأداء (2).
وفيه نظر، لاشتراط التكافؤ في الحمل وليس، لصحة المطلق، وقصور
المقيد بحسب السند، مع احتماله التقية، كما صرح به جماعة. ومع ذلك
الخروج بمثل ذلك عن المستفيضة الأولة - المعتضدة بالأصل، والعمومات،
والشهرة العظيمة، التي كادت تكون إجماعا، بل إجماع في الحقيقة - جرأة
عظيمة مع كونه إحداث قول ثالث في المسألة البتة. ومع ذلك فلا يقبله بعض
المستفيضة المسقطة، كما يظهر من التدبر فيه والملاحظة.
وبالجملة الأخبار المذكورة - وإن صح أسانيدها - شاذة، لا يتأتى
المصير إليها.
* (ولا يستقر) * المهر بجميعه * (بمجرد الخلوة) * بالمرأة وإرخاء الستر
على وجه ينتفي معه المانع مطلقا * (على) * الأظهر * (الأشهر) * للأصل،
وقوله تعالى: " وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن " (3).
فإن المراد بالمس هنا الجماع، للإجماع على أن مطلق المس غير

(1) المختلف 7: 139.
(2) مفاتيح الشرائع 2: 280.
(3) البقرة: 237.
436

موجب للجميع، فينتفي إرادته. وهو منحصر في الأمرين إجماعا، والنصوص
المعتبرة به مستفيضة:
منها الموثقات المستفيضة المصرحة بأنه لا يوجب المهر إلا الوقاع في
الفرج أصرحها الموثق: عن رجل تزوج امرأة فأغلق بابا وأرخى سترا
ولمس وقبل ثم طلقها أيوجب عليه الصداق؟ قال: لا يوجب الصداق إلا
الوقاع في الفرج (1).
ومنها الصحيح: عن رجل تزوج جارية لم تدرك لا يجامع مثلها، أو
تزوج رتقاء فأدخلت عليه فطلقها ساعة أدخلت عليه، فقال: هاتان ينظر
إليهن من يوثق به من النساء، فإن كن كما دخلن عليه فإن لها نصف الصداق
الذي فرض لها (2)، الخبر.
ويؤيدها المعتبرة (3) في العنن الدالة على أنه ينظر سنة فإن وقع بها،
وإلا فسخت نكاحه، ولها نصف المهر مع تحقق الخلوة في السنة، وغيرها من
المقدمات.
خلافا للصدوق (4)، فأوجب بها مطلقا، للنصوص المستفيضة. وكلها
قاصرة الأسانيد.
أجودها الموثق: عن المهر متى يجب؟ قال: إذا أرخيت الستور وأجيف
الباب، وقال: إني تزوجت امرأة في حياة أبي علي بن الحسين (عليه السلام) وإن
نفسي طاقت إليها فنهاني أبي، فقال: لا تفعل يا بني لا تأتها في هذه الساعة
وإني أبيت إلا أن أفعل، فلما دخلت عليها قذفت إليها بكساء كان علي

(1) الوسائل 15: 67، الباب 55 من أبواب المهور الحديث 1.
(2) المصدر السابق: 70، الباب 57 الحديث 1.
(3) الوسائل 14: 613، الباب 15 من أبواب العيوب والتدليس الحديث 1.
(4) المقنع: 327.
437

وكرهتها وذهبت لأخرج فقامت مولاة لها فأرخت الستر وأجافت الباب،
فقلت: مه! قد وجب الذي تريدين (1).
وهو مع قصور سنده ومخالفته لأصول المذهب معارض بمثله الصريح
في إيجاب أبيه (عليه السلام) عليه في تلك القضية نصف المهر.
وفيه: فلما رجعت إلى أبي وأخبرته كيف كان، فقال: إنه ليس عليك إلا
النصف يعني نصف المهر (2). ومع ذلك فليس كالمتقدمة عليه تعارض ما مر،
سيما مع احتمال الجميع الحمل على التقية، فروى العامة عن عمر أنه قال:
من أرخى سترا أو أغلق بابا فقد وجب عليه المهر (3)، وقد ذهب إليه أبو
حنيفة (4) وكثير من العامة لهذه الرواية.
ولجماعة من القدماء، فأوجبوا بها ظاهرا لا باطنا، جمعا بين النصوص،
يعنون إذا كانا متهمين، يعني يريد الرجل أن يدفع المهر عن نفسه والمرأة
تدفع العدة عن نفسها، ولكن إذا علمت أنه لم يمسها فليس لها فيما بينها
وبين الله تعالى إلا النصف.
وليس بشئ لأنه فرع التكافؤ والشاهد عليه وليسا، مع أن الموثق
المتقدم لا يجري فيه التهمة الموجبة للعمل بالظاهر.
وللإسكافي (5) قول آخر بإلحاق مقدمات الوطء كإنزال الماء بغير
جماع ولمس العورة والنظر إليها والقبلة بشهوة به.
وربما يستدل له بإطلاق المس (6) في الآية.
وليس في محله، للإجماع حتى منه على عدم اعتبار مطلقه في
الاستقرار.

(1) الوسائل 15: 68، الباب 55 من أبواب المهور الحديث 6 و 7.
(2) الوسائل 15: 68، الباب 55 من أبواب المهور الحديث 6 و 7.
(3) سنن البيهقي 7: 255.
(4) المجموع 16: 347.
(5) المختلف 7: 140.
(6) البقرة: 237.
438

وعلى تقدير التمامية فلا يعارض شيئا من الأدلة الماضية، سيما الموثقة
المتقدمة النافية لما اعتبره صريحا.
وبالجملة فهو شاذ لا وجه له بالمرة.
* (الثاني: قيل) * كما عن المقنعة (1) والنهاية (2) والمراسم (3) والجامع (4)
والغنية (5) والسرائر (6) وعليه حكى الشهرة جماعة وفي الأخيرين الإجماع:
إنه * (إذا) * تزوجها و * (لم يسم لها مهرا وقدم إليها شيئا قبل الدخول كان
ذلك مهرها ما لم يشترط) * قبل الدخول أن المهر * (غيره) * بكونه بعض
المهر أو مبائنا له.
وحجتهم عليه مع مخالفته الأصول المقررة وإطلاق المعتبرة المصرحة
بثبوت مهر المثل للمفوضة بعد المواقعة غير واضحة، سوى حكاية الإجماع
السابقة المعتضدة بالشهرة العظيمة، وإطلاق النصوص المتقدمة بسقوط المهر
بعد المواقعة، خرج عنها غير المرأة المزبورة بالأدلة وبقيت هي فيها
مندرجة. فيخص بذلك ما تقدم من الأدلة، مع إمكان التأمل في شمول
إطلاق المعتبرة السابقة لمثل هذه الصورة.
وتوقف فيه جماعة مختلفين في حكمها، فبين من جمد على الأصول
وأثبت مهر المثل كما في المعتبرة، وبين من فصل بالعادة وحكم بالسقوط
بدفع الشئ قبل الدخول إن استقرت على تقديم المهر عليه على ما في
سابق الزمان، وعدمه إن استقرت على العدم، كما استقرت عليه الآن.
كل ذا إذا لم يتفقا على فرضه مهرا، وإلا فلا شئ لها قولا واحدا جدا.
* (الثالث: إذا طلق) * الزوجة * (قبل الدخول) * وكان قد سمى لها مهرا

(1) المقنعة: 509.
(2) النهاية 2: 321.
(3) المراسم: 152.
(4) الجامع للشرائع: 441.
(5) الغنية: 348.
(6) السرائر 2: 581.
439

برئ ذمته من نصف المسمى إن كان دينا و * (رجع بالنصف إن كان
أقبضها) * واستقر ملكه عليه، قلنا بتملكها الجميع بالعقد أم النصف خاصة
إجماعا ونصا كما مضى إن كان عينا دفعه إليها * (أو طالبت) * مطلقا
* (بالنصف إن لم يكن أقبضها) *.
* (ولا يستعيد) * منها * (الزوج ما تجدد من النماء بين العقد والطلاق
متصلا كان كالسمن) * على الأصح الأشهر.
خلافا للمبسوط (1)، فيستعيده هنا.
ويدفعه - مضافا إلى ظاهر الآية " فنصف ما فرضتم " (2)، بناء على
مغايرة العين الزائدة للمفروضة - خصوص بعض المعتبرة: في الرجل يتزوج
المرأة على وصيف فكبر عندها ويريد أن يطلقها قبل أن يدخل بها، قال:
عليها نصف قيمته يوم دفعه إليها، لا ينظر إلى زيادة أو نقصان (3). وقصور -
السند لو كان - منجبر بالشهرة بين الأعيان.
* (أو منفصلا كالولد) * كل ذا بناء على ما مر من تملكها الجميع بنفس
العقد، وبخصوصه الموثق المتقدم ثمة. ولا يعارضه الصحيح المتقدم أيضا،
لما عرفت، وفي الخبر السابق تأييد لما ذكرنا: فتأمل جدا. فتوقف بعض من
تأخر (4) ليس في محله قطعا.
ثم إن ذا إذا وجده باقيا وإن وجده تالفا أو منتقلا عن ملكها فله نصف
مثله إن كان مثليا، أو قيمته على الأظهر، أو نصف قيمة المهر على الأشهر إن
كان قيميا.
ثم إن اتفقت القيمة وإلا فله الأقل من حين العقد إلى حين التسليم،

(1) المبسوط 4: 276 و 277.
(2) البقرة: 237.
(3) الوسائل 15: 44، الباب 34 من أبواب المهور الحديث 2.
(4) كفاية الأحكام: 182 س 18.
440

لحدوث الزيادة في ملكها، فلا سبيل له عليها لو اختص النقص بحين العقد،
ولضمانه الناقص منه قبل القبض، فلا يضمنها ما هو من ضمانه لو انعكس،
وإن وجده معيبا رجع في نصف العين مع الأرش على الأظهر.
خلافا للأشهر، فيتخير الزوج بين الرجوع بنصف القيمة وبين أخذ نصف
العين من غير أرش. وفيه قول آخر مشارك له في الضعف، بل وأمر.
ولو نقصت القيمة للسوق فله نصف العين خاصة، كصورة الزيادة،
وهي باقية.
ولو زادت زيادة متصلة عينا كانت أو صفة، تخيرت بين دفع نصف
العين الزائدة ونصف قيمتها مجردة عن الزيادة على أظهر الأقوال وأشهرها
في المسألة.
ولو اختارت الأول وجب على الزوج القبول في أظهر الوجهين. وكذا
لو تغيرت في يدها بما أوجب زيادة القيمة، كصياغة الفضة وخياطة الثوب.
ويجبر على العين لو بذلتها في الأول، لقبول الفضة ما يريده منها دون
الثوب، إلا أن يكون مفصولا على ذلك الوجه قبل دفعه إليها من دون تصرفها
فيه بما لا يتأتى معه حصول مقصوده.
* (ولو كان النماء موجودا حال العقد رجع بنصفه) * أيضا * (كالحمل) *
مع دخوله في المهر بالشرط أو التبع مطلقا، حصل الوضع بعد الطلاق أم قبله
على الأصح، لإطلاق الموثق (1) برجوعها إلى نصف الأولاد بعد حمل
الأمهات بها عنده.
خلافا لبعضهم (2)، فخصه بالأول على الثاني خاصة دون الأول. ولآخر

(1) الوسائل 15: 43، الباب 34 من أبواب المهور الحديث 1.
(2) التنقيح 3: 236.
441

فخصه به عليهما (1). وجعله بعضهم احتمالا (2). ولهم على ذلك وجوه
اعتبارية، لا تنهض حجة في مقابلة الرواية.
* (ولو كان) * المهر * (تعليم صنعة أو علم) * مثلا * (و) * طلقها قبل
الدخول بعد أن * (علمها) * إياهما كملا * (رجع) * عليها * (بنصف أجرته) *
المثلية، لتعذر الرجوع بعين ما فرض، فيكون كالتالف في يدها.
ولو كان قبل التعليم رجعت هي عليه في نصف الأجرة في تعليم الصنعة
قطعا، لعدم إمكان تعليمها نصفها، لعدم وقوفه على حد، وهو الواجب لها
بالطلاق خاصة قطعا. وكذا في تعليم السورة أيضا إن استلزم المحرم شرعا،
وإلا فعليه تعليم نصفها، لإمكان استيفاء عين الحق، مع عدم المانع منه حينئذ
أصلا.
* (ولو أبرأته من) * جميع * (الصداق) * المسمى لها * (رجع) * عليها
* (بنصفه) * لو طلقها قبل الدخول. وكذا لو وهبته إياه مطلقا قبضته أم لا
إجماعا في الأخير كما عن المبسوط (3) والخلاف (4)، وعلى الأظهر الأشهر
فيهما، بل كاد أن يكون إجماعا، لأنها حين الإبراء كانت مالكة لجميع المهر
ملكا تاما، وما يرجع إليه بالطلاق ملك جديد، ولهذا كان نماؤه لها، فإذا طلقها
رجع عليها بنصفه، كما لو صادفها قد أتلفته فإن تصرفها فيه بالإبراء بمنزلة
الإتلاف، فيرجع بنصفه.
خلافا للمبسوط (5) والجواهر (6) والقواعد (7)، فاحتملوا العدم في صورة
الإبراء، لأنها لم تأخذ منه مالا ولا نقلت إليه الصداق، لأن الإبراء إسقاط

(1) المسالك 8: 237.
(2) القواعد 2: 42 س 21.
(3) المبسوط 4: 308.
(4) الخلاف 4: 391، المسألة 35.
(5) المبسوط 4: 312.
(6) جواهر الفقه: 177، المسألة 630.
(7) القواعد 2: 43 س 12.
442

لا تمليك، ولا أتلفت عليه، كما لو رجع الشاهدان بدين شهدا عليه في ذمة
زيد لعمرو بعد حكم الحاكم عليه وقبل الاستيفاء وكان قد أبرأ المشهود
عليه، فإنه لا يرجع على الشاهدين بشئ ولو كان الإبراء إتلافا على من
في ذمته ليغرما له.
ورد بوضوح الفرق فإن حق المهر ثابت حال الإبراء في ذمة الزوج
ظاهرا وباطنا، فإسقاط الحق بعد ثبوته متحقق، بخلاف مسألة الشاهد فإن
الحق لم يكن ثابتا كذلك، فلم يصادف البراءة حقا يسقط بالإبراء.
وفيه مع ذلك أنه اجتهاد في مقابلة النص المعتبر.
ففي الموثق: عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها ثم جعلته من صداقها
في حل أيجوز له أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا؟ قال: نعم إذا جعلته في
حل فقد قبضته منه، وإن خلاها قبل أن يدخل بها ردت المرأة على الزوج
نصف الصداق (1).
وفي الصحيح: عن رجل تزوج امرأة على ألف درهم فبعث بها إليها
فردتها عليه وقالت: أنا فيك أرغب مني في هذا الألف هي لك فقبلها منها ثم
طلقها قبل أن يدخل بها، قال: لا شئ لها، وترد عليه خمسمائة درهم (2).
ونحوه الموثق، والخبر بزيادة قوله: " الباقية لأنها إنما كانت لها خمسمائة
فوهبتها له ووهبتها إياها له ولغيره سواء " (3) ونحوه الموثق (4).
وفيهما الدلالة على الحكم في صورة الهبة. وربما استدل بهما له في
صورة الإبراء. ويحتاج إلى النظر، لأنهما في الأولى أظهر.
ولو وهبته النصف مشاعا ثم طلقها قبل الدخول فله الباقي صرفا للهبة

(1) الوسائل 15: 50، الباب 41 من أبواب المهور الحديث 2.
(2) المصدر السابق: الحديث 1.
(3) المصدر السابق: 44، الباب 35 الحديث 1.
(4) المصدر السابق: 35، الباب 24 الحديث 1.
443

إلى حقها منه، كما لو وهبته لغيره فإنهما سواء، كما في الصحيح المتقدم.
وفيه قول بالرجوع بنصفه وقيمة الربع، بناء على شيوع نصفهما في تمام
العين وشيوع النصف الموهوب أيضا، فتعلق الهبة بنصفي النصيبين فالنصف
الباقي بمنزلة التالف نصفه وبقي نصفه.
وعن المبسوط (1) احتمال الرجوع بنصف الباقي خاصة، لأنه لما
تعلقت الهبة بالنصف المشاع فقد تعلقت بنصفي النصيبين، فإنما ملك من
نصيبها النصف وهو الربع واستعجل نصف نصيب نفسه، وإنما بقي له النصف
الآخر من نصيبه وهو الربع.
* (الرابع: لو أمهرها) * أمة * (مدبرة) * أو عبدا كذلك، واقتصر عليها
تبعا للرواية * (ثم طلق) * قبل الدخول * (صارت بينهما نصفين) * فيتناوبان
في خدمتها فيوم له ويوم لها بلا خلاف في ذلك.
ولكن في بطلان التدبير فتملك الزوجة رقبتها ولو بعد موت السيد
أو العدم فحرة بعد السبب وإنما ينصرف الأمهار إلى الخدمة خاصة، قولان.
فعن النهاية (2) والمهذب (3) الثاني، لتوقف البطلان على صريح الرجوع.
وفيه نظر.
وللخبر: عن رجل تزوج امرأة على جارية له مدبرة قد عرفتها المرأة
وتقدمت على ذلك وطلقها قبل أن يدخل بها، قال: فقال: للمرأة نصف خدمة
المدبرة يكون للمرأة يوم في الخدمة، ويكون لسيدها الذي دبرها يوم في
الخدمة، قيل له: إن ماتت المدبرة قبل المرأة والسيد لمن يكون الميراث؟
قال: يكون نصف ما تركته للمرأة والنصف الآخر لسيدها الذي دبرها (4).

(1) المبسوط 4: 310.
(2) النهاية 2: 327.
(3) المهذب 2: 206.
(4) الوسائل 15: 34، الباب 23 من أبواب المهور الحديث 1.
444

وليس مع قصور السند نصا، ولا خلاف فيما تضمنته من الأحكام.
نعم ربما أشعر بعض عباراته المتقدمة: ك‍ " تقدمت على ذلك " و " ماتت
المدبرة " به.
وفي الاستناد إلى مثله نظر، سيما في مقابلة ما دل على أن التدبير وصية
تبطل بنحو هذا التصرف، كما هو الأشهر.
* (و) * لذا * (قيل) * كما عن الحلي (1) وتبعه الأكثر بل عليه كافة
المتأخرين: إنه * (يبطل التدبير بجعلها مهرا، وهو أشبه) * لما مر.
نعم يتجه الأول على القول بعدم تملكها بالعقد جميع المهر، وإنما لها منه
النصف، مع احتمال الثاني حينئذ أيضا، بناء على وجود العقد الدال على
الرجوع، كما لو وهب الموصى به قبل الإقباض. فتأمل.
* (الخامس: لو أعطاها عوض المهر) * المسمى * (متاعا أو عبدا آبقا
وشيئا) * آخر * (ثم طلق) * قبل الدخول * (رجع بنصف) * مثل * (المسمى) *
أو قيمته * (دون) * نصف نفس المسمى و * (العوض) *.
أما الأول: فلانتقاله إليه بالمعاوضة الجديدة، فيكون بها كالعين التالفة
أو الموهوبة له أو لغيره، بمعاوضة أو غير معاوضة.
وأما الثاني: فلأن المستحق بالطلاق نصف المفروض والعوض غيره،
فليس له الرجوع في نصفه أو إجباره عليه، وللصحيح: عن رجل تزوج امرأة
بألف درهم فأعطاها عبدا له آبقا وبردا حبرة بألف درهم التي أصدقها؟ قال:
إذا رضيت بالعبد وكانت قد عرفته فلا بأس إذا هي قبضت الثوب ورضيت
بالعبد، قلت: فإن طلقها قبل أن يدخل بها؟ قال لا مهر لها، وترد عليه
خمسمائة درهم، ويكون العبد لها (2).

(1) السرائر 2: 588.
(2) الوسائل 15: 35، الباب 24 من أبواب المهور الحديث 1.
445

* (السادس: إذا شرط في العقد ما يخالف المشروع) * ولا يخل بمقصود
النكاح وإن كان غرضا مقصودا في الجملة * (فسد الشرط) * اتفاقا حكاه
جماعة. وهو الحجة فيه، كالحسنة: من اشترط شرطا سوى كتاب الله تعالى
فلا يجوز ذلك له، ولا عليه (1)، مضافا إلى النصوص الآتية.
لا ما قيل من مخالفته المشروع (2)، واستلزام وجوب الوفاء به حرمة ما
أباحه الشرع أو ندب إليه مثلا، لمنعها بعد دلالة الشريعة بلزوم الوفاء بمطلق
الشروط، فتكون المخالفة أيضا شرعية، فلا بأس بها بعد قيام الدلالة عليها.
* (دون العقد والمهر) * فيصحان بلا خلاف يوجد هنا، وبه صرح جماعة
من أصحابنا، ويظهر من المبسوط (3) أيضا، لنسبة صحة المهر المستلزمة
لصحة العقد بطريق أولى إلينا.
ولا ينافيه تصريحه في الكتاب المذكور بفساد العقد بشرط ينافي
المقصود منه، لمغايرة مفروض كلامه ما فرضناه هنا، وادعى هو الوفاق فيه
جدا، وإلا لكان التناقض منه ظاهرا، كما لا يخفى.
فتوهم الخلاف في المقام فاسد كما ترى.
فالإجماع المحكي بل القطعي هو الحجة في صحتهما * (كما لو شرطت
أن لا يتزوج أو لا يتسرى) *.
* (وكذا لو شرطت تسليم المهر في أجل) * ف‍ * (إن تأخر عنه فلا
عقد) * مضافا إلى المعتبرة في المثالين.
منها الصحيح: في رجل تزوج امرأة وشرط لها إن هو تزوج عليها امرأة
أو هجرها أو اتخذ عليها سرية فهي طالق، فقضى في ذلك: أن شرط الله

(1) الوسائل 15: 47، الباب 38 من أبواب المهور الحديث 2.
(2) قاله كشف اللثام 2: 81 س 17.
(3) المبسوط 4: 303.
446

تعالى قبل شرطكم، فإن شاء وفى بما شرط، وإن شاء أمسك واتخذها عليها
ونكح (1). ونحوه غيره من المعتبرة.
ومنها الصحيح: في رجل تزوج المرأة إلى أجل مسمى، فإن جاء
بصداقها إلى أجل مسمى فهي امرأته، وإن لم يجئ بالصداق فليس له عليها
سبيل شرطوا بينهم حيث أنكحوا فقضى أن بيد الرجل بضع امرأته وأحبط
شرطهم (2).
وبهما مع الإجماع المركب يخص القاعدة الحاكمة بفساد المشروط
بفساد شرطه في المفروض إن تمت، مضافا إلى النصوص الأخر الموافقة لما
مر في نحو مورده.
كالصحيح: قضى علي (عليه السلام) في رجل تزوج امرأة وأصدقها واشترطت
أن بيدها الجماع والطلاق، قال: خالفت السنة وولت الحق من ليس بأهله،
قال: فقضى: أن على الرجل النفقة، وبيده الجماع والطلاق، وذلك هو السنة (3).
وبإزاء هذه الأخبار أخبار أخر شاذة قاصرة الأسانيد، ومع ذلك فهي
مختلفة:
ما بين مصرح بفساد النكاح، كالخبر: في رجل جعل أمر امرأته بيدها،
قال: فقال: ولى الأمر من ليس بأهله وخالف السنة ولم يجز النكاح (4).
ومصحح للشرط وملزم للوفاء به، كالموثق: في من تزوج امرأة ثم
طلقها فبانت منه فأراد أن يراجعها فأبت عليه إلا أن يجعل لله عليه أن
لا يطلقها وألا يتزوج عليها فأعطاها ذلك ثم بدا له في التزويج بعد ذلك كيف

(1) الوسائل 15: 46، الباب 38 من أبواب المهور الحديث 1.
(2) المصدر السابق: 20، الباب 10 الحديث 2.
(3) المصدر السابق: 40، الباب 29 الحديث 1.
(4) الوسائل 15: 336، الباب 41 من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه الحديث 5.
447

يصنع؟ قال: بئس ما صنع، وما كان يدريه ما يقع في قلبه بالليل والنهار، قل
له: فليف للمرأة بشرطها، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله)، قال: المؤمنون عند شروطهم (1).
وحمل (2) الأخيرة في الكتاب تارة على الندب، وأخرى على النذر
وينافيهما الاستشهاد بما دل على لزوم الوفاء بالشرط من حيث أنه شرط،
وثالثة على التقية، لكونه مذهب العامة، وهو المعين كما يستفاد من المعتبرة (3).
وفي المسألة وجه بفساد المهر خاصة، لأن الشرط كالعوض المضاف
إلى الصداق، فهو في حكم المال، والرجوع إلى قيمته متعذر للجهالة فيجهل
الصداق فيرجع إلى مهر المثل، إلا أن يزيد المسمى والشرط لها أو ينقص
والشرط عليها فيجب المسمى.
* (أما لو شرطت أن لا يفتضها) * أو لا يطأها * (صح) * كل من العقد
والشرط مطلقا، وفاقا للنهاية (4) والإرشاد (5) والمسالك (6)، تمسكا بعمومي
ما دل على لزوم الوفاء بالعقد (7) والشرط (8)، والتفاتا إلى خصوص المعتبرة
الناصة في المتعة والمطلقة فيها وفي الدائمة.
فالأول: الصحيح: رجل جاء إلى امرأة فسألها أن تزوجه نفسها [متعة] (9)
فقالت: أزوجك نفسي على أن تلتمس مني ما شئت من نظر والتماس وتنال
مني ما ينال الرجل من أهله إلا أنك لا تدخل فرجك في فرجي وتلذذ
بما شئت فإني أخاف الفضيحة، قال: لا بأس ليس له إلا ما اشترط (10).

(1) الوسائل 15: 30، الباب 20 من أبواب المهور الحديث 4.
(2) في " مش، ش ": زيادة: الشيخ.
(3) الوسائل 15: 20، الباب 10 من أبواب المهور الحديث 2.
(4) النهاية 2: 327.
(5) الإرشاد 2: 17.
(6) المسالك 8: 247.
(7) المائدة: 1.
(8) الوسائل 15: 30، الباب 20 من أبواب المهور الحديث 4.
(9) لم يرد في المصادر.
(10) الوسائل 15: 45، الباب 36 من أبواب المهور الحديث 1.
448

والثاني: الموثق: رجل تزوج بجارية عاتق على أن لا يقتضها ثم أذنت
له بعد ذلك، قال: إذا أذنت له فلا بأس (1). ونحوه خبر آخر في سنده ابن
فضال (2) المجمع على تصحيح رواياته، فلا يضر ضعف راويه.
* (و) * الأول منهما صريح في أنه * (لو أذنت) * له * (بعده) * في الوطء
* (جاز) * وهو الأشهر.
وربما قيل: بالمنع أو استشكل فيه، لعدم حل الفرج بالإذن، بل بالعقد،
ولم يثمر الحل هنا، لمكان الشرط.
وفيه - مع أنه اجتهاد في مقابلة النص - أن السبب في الحل العقد
المتقدم لا مجرد الإذن، غاية الأمر أن الشرط مانع من عمل السبب عمله
وبالإذن يرتفع المانع.
* (ومنهم من خص الجواز) * في كل من العقد * (والشرط بالمتعة) * (3)
التفاتا إلى منافاة الشرط مقتضى العقد بناء على أن من أهم مقتضياته حصول
التناسل الموقوف على الوطء، مع منافاته للسنة، كما يرشد إليه فحوى
الصحيح السابق الدال على مخالفة اشتراط جعل أمر الجماع بيد الزوجة لها،
فمخالفة اشتراط عدمه بالمرة لها بطريق أولى، ومعها يفسد، وفساده ملازم
لفساد مشروطه بمقتضى القاعدة، خرج عنها الشرط في المسألة السابقة
بالإجماع والنص المختصين بها، بقي ما نحن فيه داخلا فيها، ولا مخرج له
عنها سوى العمومين، وليسا يجريان هنا بعد فساد الشرط، كما لا يخفى،
لاستلزام العمل بهما الوفاء به ولا يجوز لإطلاق الحسن المتقدم بعدمه.
وأما الخبران فليس فيهما سوى الإطلاق الغير المنصرف إلى المقام،

(1) الوسائل 15: 45، الباب 36 من أبواب المهور الحديث 2.
(2) الوسائل 15: 290، الباب 13 من أبواب مقدماته وشرائطه الحديث 2.
(3) في المتن المطبوع: جواز الشرط بالمتعة.
449

لعدم تبادره منهما، وغلبة موردهما في المتعة، مع ظهور الثاني فيها (1)، فليس
اللازم منهما سوى الجواز فيها، ونحن نقول به. فهذا القول أقوى، وفاقا لكثير
من الأصحاب.
وهنا قولان آخران: فساد الشرط وصحة العقد، إما مطلقا في الدائم
والمنقطع كما عن الحلي (2) وجماعة، أو في الأول خاصة وصحتهما في
الثاني كما عن ابن حمزة (3).
وربما نسب إلى العلامة في المختلف القول بفسادهما مطلقا (4).
وضعف الجميع يظهر مما قدمناه، سيما الأول والأخير لو كان، لاتفاق
النصوص المعتبرة بدفعهما.
* (السابع: لو شرط أن لا يخرجها من بلدها لزم) * على الأصح
الأشهر، لأنه شرط لا يخالف المشروع، فإن خصوصيات الوطن أمر
مطلوب للعقلاء بواسطة النشو والأهل والأنس وغيرها، فجاز شرطه توصلا
إلى الغرض المباح.
وللصحيح: في الرجل يتزوج امرأة ويشترط لها أن لا يخرجها من
بلدها، قال: يفي لها بذلك، أو قال: يلزمه ذلك (5).
والصحيح لابن أبي عمير: قال: قلت لجميل بن دراج: رجل تزوج امرأة
وشرط لها المقام بها في أهلها أو بلد معلوم، فقال: قد روى أصحابنا
عنهم (عليهم السلام) أن ذلك لها، وأنه لا يخرجها إذا شرط لها ذلك (6).
ولعموم " المؤمنون عند شروطهم " (7).

(1) في بعض النسخ: فيهما، وفي أخرى: منها.
(2) السرائر 2: 589.
(3) الوسيلة: 297.
(4) نسبه إليه في المهذب البارع 3: 408.
(5) الوسائل 15: 49، الباب 40 من أبواب المهور الحديث 1 و 3.
(6) الوسائل 15: 49، الباب 40 من أبواب المهور الحديث 1 و 3.
(7) المصدر السابق: 30، الباب 20، الحديث 4.
450

خلافا للحلي (1) وجماعة، فأبطلوا الشرط وصححوا العقد، لأن
الاستمتاع بالزوجة في الأزمنة والأمكنة حق الزوج بأصل الشرع، وكذا
السلطنة له عليها، فإذا شرط ما يخالفه كان باطلا، وحملوا الرواية على
الاستحباب.
ويشكل أولا: بورود مثل ذلك في سائر الشروط السائغة التي ليست
بمقتضى العقد، كتأجيل المهر، فإن استحقاقها المطالبة به في كل زمان
ومكان ثابت بأصل الشرع أيضا، فالتزام عدم ذلك في مدة الأجل يكون
مخالفا، وكذا القول في كل تأجيل ونحوه من الشروط السائغة. والحق أن
مثل ذلك لا يمنع، خصوصا مع ورود النص الصحيح بجوازه بخصوصه، مع
اعتضاده بما دل على الجواز بعمومه.
وثانيا: باستلزام فساد الشرط على تقدير تسليمه فساد المشروط
بمقتضى القاعدة، ولا مخرج عنها هنا، كما في نظائرها.
وعموم الأمر بالوفاء بالعقود (2) مضى الجواب عنه، فمقتضاه فساد العقد
أيضا، ولو قيس بمحل الوفاق كان باطلا.
وأما حمل الأمر المستفاد من الخبر الذي بمعناه على الاستحباب فلا
ريب أنه خلاف الحقيقة، فلا يصار إليه، مع إمكان الحمل عليها. وهو ممكن.
فالقول بالجواز أوجه في مسألة النص المشهور.
وأما المنزل فكذلك في أظهر الوجهين، لعموم الأدلة، واتحاد طريق
المسألتين، مع التصريح به في ثاني الصحيحين المتقدمين، الظاهر في اشتهار
ذلك ومقبوليته في زمان الصادقين (عليهما السلام).
فالقول بالمنع معتذرا بالوقوف فيما خالف الأصل على موضع النص

(1) السرائر 2: 590.
(2) المائدة: 1.
451

ليس في محله، لمنع مخالفة الأصل أولا، كما مضى بيانه مفصلا ثم الجواب
بعد تسليمها بوجوده في النص أيضا.
ومتى حكمنا بصحته صح إسقاطه إجماعا، حكاه فخر المحققين (1).
وقيل: بالمنع، لأنه حق يتجدد في كل آن، فلا يعقل اسقاطه ما لم يوجد
حكمه وإن وجد سببه (2).
وهو مع أنه استبعاد محض ومنقوض بوجود النظير كهبة المدة للمتمتع
بها غير مسموع في مقابلة الإجماع المحكي.
* (ولو) * تزوجها بمائة ولكن * (شرط لها) * إبقاء استحقاقها * (المائة) *
المزبورة * (إن خرجت معه) * إلى بلاده * (و) * انتقاص * (خمسين) * منها
* (إن لم تخرج) * معه إليها * (فإن أخرجها إلى) * بلده وكان * (بلد الشرك فلا
شرط له) * عليها، ولم تجب إطاعته عليها في الخروج إليه حذرا من لزوم
الضرر عليها في دينها غالبا، مع لزوم الهجرة عن بلاد الشرك جزما * (ولزمته
المائة) * التي عقدها عليها، ولا ينقص منها شئ، لفقد شرطه الذي هو
الامتناع المستند إلى شهوة نفسها، فإن الامتناع هنا شرعي لا استناد له إليها
قطعا فيكون الأصل بقاء مهرها المضروب لها الشرع، كما مر.
* (وإن أرادها إلى بلاد الإسلام فله الشرط) * الذي اشترط، فإن طاوعته
لزمته المائة، وإلا فالخمسون، لوجود سبب النقص، وهو امتناعها بنفسها،
وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب، عملا بعموم لزوم الوفاء بالشروط (3)
من حيث عدم منافاته الشرع كما مر، والتفاتا إلى خصوص الحسن، بل
الصحيح: عن رجل تزوج امرأة على مائة دينار على أن تخرج معه إلى بلاده

(1) الإيضاح 3: 209.
(2) الروضة 5: 366.
(3) الوسائل 15: 49، الباب 40 من أبواب المهور الحديث 2.
452

فإن لم تخرج معه فمهرها خمسون دينارا أرأيت إن لم تخرج معه إلى بلاده؟
قال: فقال: إن أراد أن يخرج بها إلى بلاد الشرك فلا شرط له عليها في ذلك
ولها مائة دينار التي أصدقها إياها، وإن أراد أن يخرج بها إلى بلاد المسلمين
ودار الإسلام فله ما اشترط عليها، والمسلمون عند شروطهم، وليس له أن
يخرج بها إلى بلاده حتى يؤدي إليها صداقها أو ترضى من ذلك بما رضيت،
وهو جائز له (1).
وليس فيه مخالفة للأصول التي منها لزوم تعيين المهر، وقد تضمن
جهالته بالتردد بين الزائد والناقص، ومنها عدم استحقاقها الزائد بإخلالها
بالشرط الذي هو الخروج معه إلى بلاده، وقد تضمن استحقاقها إياه لو أراد
إخراجها إلى بلده الذي هو بلد الشرك، بناء على ما قررنا من تعلق الشرط
بخصوص النقص، ووقوع العقد في الأصل على الزائد، فلا جهالة فيه من
حيث التردد أصلا، وإنما اللازم من الشرط سقوط النصف منه على تقدير
الامتناع من الخروج معه إلى بلده وكان استحقاقها الزائد حينئذ في محله في
الصورة المفروض فيها ذلك، بناء على عدم وجود ما يوجب النقص وهو
الامتناع من الخروج معه وإن حصل، لكونه بموافقته الشرع كعدمه، فكأنها
لم تمتنع فلها المهر المضروب لها.
وأما إطلاق الحكم فيه بلزوم تسليمه جميع المائة لو أراد خروجها إلى
بلده فمقيد بصورة إرادة الخروج بها قبل الدخول مع امتناعها منه قبل
التسليم، جمعا بينه وبين ما دل على عدم الوجوب بعده إن امتنعت من
التسليم قبل الاستيفاء، ومطلقا إن لم تمتنع، كما يأتي. فاندفع عنه ما يوجب
التردد في العمل به، كما في الشرائع (2) أورده، كما ارتضاه جماعة.

(1) الوسائل 15: 30، الباب 20 من أبواب المهور الحديث 4.
(2) الشرائع 2: 330.
453

* (الثامن: لو اختلفا) * الزوجان * (في أصل المهر) * بأن ادعته المرأة
وأنكره الزوج * (فالقول قول الزوج بيمينه) * إن كان الاختلاف قبل
الدخول بلا خلاف ولا إشكال، لأنه منكر لما تدعيه، والعقد بمجرده لا
يقتضي اشتغال ذمة الزوج بالصداق، لاحتمال تجرده عن ذكر المهر أو
تسميته ما لم يثبت في ذمة الزوج.
* (و) * كذا * (لو كان بعد الدخول) * على الأشهر، وهو الأظهر قطعا مع
ثبوت انتفاء التفويض باتفاقهما عليه أو البينة أو ما في معناها، لجواز كون
المسمى دينا في ذمة الزوجة أو عينا في يدها، فلا يكون العقد المشتمل
على التسمية بمجرده مقتضيا لاشتغال ذمة الزوج بشئ من المهر. وظاهرا
مع احتماله أيضا، لأصالة البراءة المرجحة على أصالة عدم التسمية، مع أن
فرض التساوي لا يوجب الحكم باشتغال الذمة إلا مع رجحان الأصالة
الأخيرة، وليس فليس. ولو اتفقا على التفويض ترتب عليه حكمه من ثبوت
مهر المثل مع الدخول والمتعة مع الطلاق قبله من غير اشكال.
ولو ادعى أحد الزوجين التفويض والآخر التسمية فالأظهر أن القول
قول مدعي التفويض، لأصالة عدم التسمية، لكن ليس للمرأة المطالبة بزيادة
على ما تدعيه من مهر المثل أو التسمية.
ولو ثبت تسمية قدر معين إما بإقراره أو البينة أو الشياع أو ما في معناه
مما يفيد العلم ثم ادعى تسليمه ولا بينة كان القول قول الزوجة مع يمينها
على الأشهر الأظهر، لأنه مدعي التسليم وهي منكرة، فيقدم قولها فيه. وفي
المسألة أقوال منتشرة، أجودها ما سطرناه، تبعا لبعض الأجلة (1).
ولو اختلفا في المقدار فالمشهور بغير خلاف يعرف بل في المسالك

(1) الروضة 5: 378، والمسالك 8: 298.
454

دعوى الوفاق عليه (1) أن القول قول منكر الزيادة مطلقا، للأصل، والصحيح:
في رجل تزوج امرأة فلم يدخل بها فادعت أن صداقها مائة دينار وادعى
الزوج أن صداقها خمسون دينارا وليس لها بينة على ذلك، قال: القول قول
الزوج مع يمينه (2).
خلافا للقواعد، فقال: وليس بعيدا من الصواب تقديم من يدعي مهر
المثل، فإن ادعى النقصان وادعت الزيادة تحالفا ورد إليه، ولو ادعيا الزيادة
المختلفة احتمل تقديم قوله، لأنه أكثر من مهر المثل ولو ادعيا النقصان
احتمل تقديم قولها ومهر المثل (3).
وفيه خروج عن النص الصحيح المعتضد بالأصل، والشهرة، والإجماع
المحكي.
* (وكذا لو خلا) * بها * (فادعت المواقعة) * وأنكرها الزوج كان القول
قوله بيمينه على الأشهر الأظهر، عملا بالأصل.
وقيل: بالعكس، ترجيحا لظاهر الحال، وعليه نزل ظواهر ما مر من
الأخبار في استقرار المهر بالخلوة (4). وهو كما ترى، والتحقيق فيه قد مضى.
* (التاسع: يضمن الأب مهر) * زوجة * (ولده الصغير) * الذي زوجها
منه * (إن لم يكن له) * أي للولد * (مال وقت العقد) * أو كان ولكن ضمن
الأب عنه * (ولو كان له مال) * ولم يكن ضمن * (كان) * واجبا * (على
الولد) * اتفاقا منا، كما عن الخلاف والمبسوط (5) والسرائر (6) والتذكرة (7)،
والمعتبرة به مستفيضة:

(1) الروضة 5: 378، والمسالك 8: 298.
(2) الوسائل 15: 28، الباب 18 من أبواب المهور الحديث 1.
(3) القواعد 2: 44 ص 15.
(4) نقله في نهاية المرام 1: 410.
(5) الخلاف 4: 373، المسألة 13، والمبسوط 4: 292.
(6) السرائر 2: 570.
(7) التذكرة 2: 608 س 39.
455

منها الصحيح: عن رجل كان له ولد فزوج منهم اثنين وفرض الصداق
ثم مات من أين يحسب الصداق من جملة المال أو من حصتهما؟ قال: من
المال، إنما هو بمنزلة الدين (1).
وهو كصحيحين آخرين (2) وإن شمل بحسب الإطلاق ضمان الأب
للمهر في كل من صورتي يسار الولد وإعساره، إلا أنه مقيد بالثاني
بالإجماع، والمعتبرة الأخر:
منها الموثق: عن الرجل يزوج ابنه وهو صغير، قال: إن كان لابنه مال
فعليه المهر، وإن لم يكن للابن مال فالأب ضامن للمهر ضمن أو لم يضمن (3).
والخبر: فيمن تزوج ابنه الصغير على من الصداق؟ قال: على الأب إن
كان ضمنه لهم، فإن لم يكن ضمنه فهو على الغلام إلا أن لا يكون للغلام مال
فهو ضامن له، وإن لم يكن ضمن (4).
ونحوه الصحيحان، المروي أحدهما عن كتاب علي بن جعفر (5)،
والثاني عن كتاب النوادر (6) لأحمد بن محمد بن عيسى.
ويستفاد منهما ما قدمناه من ضمانه لمهر الولد مع يساره أيضا إذا
ضمنه، مع أني لا أعرف فيه خلافا هنا. وإطلاق النص والفتوى يشملان
ضمان الأب المهر مع اعسار الولد مطلقا ولو تبرأ عن ضمانه.
خلافا للقواعد والتذكرة (7) فاستثنى منه صورة التبري، واختاره بعض
المتأخرين (8)، تمسكا بعموم (المؤمنون عند شروطهم) (9).

(1) الوسائل 15: 39، الباب 28 من أبواب المهور الحديث 3 و 5.
(2) الوسائل 15: 39، الباب 28 من أبواب المهور الحديث 3 و 5.
(3) المصدر السابق: الحديث 1 و 2.
(4) المصدر السابق: الحديث 1 و 2.
(5) مسائل علي بن جعفر: 197، الحديث 418.
(6) النوادر لأحمد بن عيسى: 135، الحديث 349.
(7) القواعد 2: 44 س 9، والتذكرة 2: 609 س 8.
(8) نهاية المرام 1: 412.
(9) الوسائل 15: 30، الباب 20 من أبواب المهور الحديث 4.
456

وفيه أن ارتكاب التقييد فيه به ليس بأولى من العكس، لكون التعارض
بينهما تعارض العمومين من وجه، بل العكس أولى، لاعتضاد الإطلاق هنا
بفتوى الفقهاء، فيترجح على العموم المزبور، لكن في شمول مثل هذا
الإطلاق لنحو محل الفرض إشكال، لعدم التبادر منه وانصرافه إلى غيره.
ثم مع ضمانه صريحا لو أدى فهل يرجع به على الطفل؟ الأصح لا. وكذا
لو ادعى تبرعا عن الموسر كالأجنبي.
ولو دفعه عنه ثم بلغ الصبي فطلق قبل الدخول استعاد الولد النصف دون
الوالد بلا خلاف كما حكي (1). وهو الحجة فيه لو تم، لا ما قيل: من أن ذلك
يجري مجرى الهبة له (2)، فإنه مجرد دعوى خالية عن الدليل، وكذا لو أدى
عن الكبير تبرعا.
وربما يستدل للحكم بإطلاق النصوص الحاكمة بتنصيف المهر بالطلاق
وعوده إلى الزوج. وفي شموله للمقام نوع كلام.
ودفعه بالإجماع على شموله له بالنظر إلى التنصيف فيشمل العود أيضا
بقرينة السياق بعد تحقق هذا الإجماع مدفوع، بتوقف صحته على انعقاد
الإجماع على الشمول المذكور، وليس بمعلوم. ويحتمل انعقاده على أصل
التنصيف لا على استفادته من الإطلاق.
وأصالة عدم الانتقال إلى الأب بعد خروج النصف عن ملك الزوجة
بالطلاق بالوفاق لو تمسك بها لا توجب انتقاله إلى الولد إلا بعد خلوها عن
المعارض وليس، فإنها معارضة بمثلها، وهو أصالة عدم الانتقال إلى الولد،
فترجيح أحدهما لا بد له من مرجح وليس. فللتوقف فيه وجه، كما صرح به
في الشرائع (3)، وتبعه قوم كما حكي (4).

(1) مفاتيح الشرائع 2: 281.
(2) قاله في شرائع الإسلام 2: 332.
(3) الشرائع 2: 332 و 333.
(4) لم نعثر على من حكاه.
457

ولو لم يكن دفعه قبل الطلاق قيل: تبرأ ذمة الأب عن النصف ولزمه
النصف للزوجة (1). وقيل: بل يلزمه الكل مع إعسار الزوج فيدفع النصف
الآخر إليه، لأنه ليس بهبة حينئذ ليحتاج إلى القبض (2).
* (العاشر: للمرأة أن تمنع) * من تسليم نفسها إلى الزوج قبل الدخول بها
* (حتى تقبض مهرها) * إن كان حالا، عينا كان أم منفعة، متعينا كان أم في
الذمة موسرا كان الزوج أم معسرا إجماعا فيما عدا الأخير حكاه جماعة،
منهم شيخنا في المسالك والروضة (3). وهو الحجة فيه دون مفهوم بعض
المعتبرة، كالموثق: عن رجل تزوج جارية أو تمتع بها ثم جعلته في حل من
صداقها يجوز أن يدخل بها قبل أن يعطيها شيئا، قال: نعم إذا جعلته في حل
فقد قبضته منه (4). إذ اللازم منه - بعد تسليم دلالته - عدم جواز الدخول مع
عدم إعطاء شئ وذلك مع مخالفة عمومه الإجماع غير ملازم لجواز
امتناعها من التسليم معه، فقد لا يجوز لها مع حرمة دخول الزوج بها قبل
الإعطاء. فتأمل.
وعلى الأشهر في الأخير أيضا، بل عن الغنية (5) الإجماع عليه ظاهرا،
بناء على أن النكاح في معنى المعاوضة وإن لم تكن محضة، ومن حكمها أن
لكل من المتعاوضين الامتناع من التسليم إلى أن يسلم إليه الآخر مطلقا،
وغاية الإعسار المنع من المطالبة، وهو لا يقتضي وجوب التسليم إليه قبل
قبض العوض.
فالقول بأن ليس لها الامتناع حينئذ لمنع مطالبته - كما عن الحلي (6) -

(1) قاله الشهيد في المسالك 8: 288.
(2) قاله في الحدائق 24: 577.
(3) المسالك 8: 194، وليس في الروضة ذكر من إجماع ولا ما بمعناه راجع الروضة 5: 369.
(4) الوسائل 15: 50، الباب 41 من أبواب المهور قطعة من الحديث 2.
(5) الغنية: 348.
(6) السرائر 2: 591.
458

ضعيف، كذا قالوه. وهو جيد إن تم ما ادعوه من الدليل على أن لها الامتناع،
وهو كون النكاح في معنى المعاوضة.
لكنه محل تأمل. كيف لا! ولم يقم عليه بحيث يشمل المقام. دليل،
بل على تقدير قيام الدلالة عليه ربما منع ما ادعوه من حكمه.
فإذا المصير إلى ما قاله الحلي لا يخلو عن قوة، وفاقا لجماعة، اقتصارا
فيما خالف الأصل المدلول عليه بالأدلة القطعية الدالة على وجوب إطاعة
الزوج على الزوجة على القدر المتفق عليه، وهو ما قدمناه.
لكن الظاهر انعقاد الإجماع هنا حتى من الحلي، لاعتذاره في المخالفة
بما ينبئ عن الموافقة لهم في الأصل المتقدم من أنها معاوضة يترتب عليها
الحكم السالف، وأن الداعي له عليها هو ما ذكره من الدلالة المردودة بما
ذكره الجماعة. فالمصير إلى ما ذكروه أقوى.
واحترزنا بالحال عما لو كان مؤجلا فإن تمكينها لا يتوقف على قبضه
إجماعا، كما حكاه جماعة، إذ لا يجب لها حينئذ شئ، فيبقى وجوب حقه
عليها بغير معارض.
ولو أقدمت على فعل المحرم وامتنعت به أو بعذر شرعي كالمرض
ونحوه عن التسليم إلى أن حل الأجل ففي جواز امتناعها إلى أن تقبضه
تنزيلا له منزلة الحال ابتداء، وعدمه بناء على وجوب تمكينها قبل الحلول
فيستصحب ولأنها لما رضيت بالتأجيل بنت أمرها على أن لا حق لها في
الامتناع فلا يثبت بعد ذلك لانتفاء المقتضي وجهان، أجودهما الثاني، سيما
على المختار من لزوم الاقتصار فيما خالف الأصل المتقدم على ما انعقد
عليه الإجماع، وليس المقام منه، لتحقق الخلاف.
ولو كان بعضه حالا وبعضه مؤجلا كان لكل واحد منهما حكم مماثله.
ثم على المشهور إنما يجب على الزوج تسليم المهر إذا كانت مهيأة
459

للاستمتاع، فلو كانت ممنوعة بعذر وإن كان شرعيا كالإحرام لم يلزم، لأن
الواجب التسليم من الجانبين، فإذا تعذر من أحدهما لم يجب من الآخر.
نعم لو كانت صغيرة يحرم وطؤها فالأقوى - تبعا لجماعة من أصحابنا
سيما على ما اخترناه - وجوب دفع مهرها إذا طلبه الولي، لأنه حق ثابت
حال طلبه من له حق الطلب، فيجب دفعه كغيره من الحقوق.
وعدم قبض العوض الآخر غير مانع. أما على المختار فواضح. وأما
على غيره فلمجيئه من قبل الزوج حيث عقد عليها كذلك موجبا على نفسه
عوضا حالا ورضي بتأخير قبض العوض إلى محله، وهذا بخلاف النفقة لأن
سبب وجوبها التمكين التام دون العقد. ووجه عدم الوجوب قد علم مما
سلف مع جوابه.
* (وهل لها ذلك) * أي الامتناع * (بعد الدخول) * بها؟ فيه * (قولان،
أشبههما) * وأشهرهما، بل عن السرائر (1) والغنية (2) الإجماع عليه * (أنه
ليس لها ذلك) * لاستقرار المهر بالوطء، وقد حصل تسليمها نفسها برضاها،
فانحصر حقها في المطالبة دون الامتناع، ولأن النكاح معاوضة، ومتى سلم
أحد المتعاوضين العوض الذي من قبله باختياره لم يكن له بعد ذلك حبسه
ليتسلم العوض الآخر، ولأن منعها قبل الدخول ثابت بالإجماع ولا دليل
عليه بعده، فينتفي بالأصل السالف، فإن التسليم حق عليها والمهر حق عليه،
والأصل عدم تعلق أحدهما بالآخر، فيتمسك به إلى أن يثبت الناقل.
خلافا للمفيد (3) والمبسوط (4)، فلها الامتناع، لأن المقصود بعقد النكاح
منافع البضع فيكون المهر في مقابلها، ويكون تعلق الوطء الأول به كتعلق
غيره به.

(1) السرائر 2: 591.
(2) الغنية: 348.
(3) المقنعة: 510.
(4) المبسوط 4: 313.
460

وهو قوي، للاستصحاب الذي لا يعارضه شئ مما ذكره الأصحاب، إلا
أن الشهرة العظيمة التي كادت تكون إجماعا ربما أشكلت المصير إليه، سيما
مع دعوى الحلي (1) والعلوي (2) على خلافه الإجماع، كما حكي. فهو الحجة
فيه، مع الشهرة العظيمة الدافعة للقول المزبور، وللقول بتخصيص عدم جواز
الامتناع بما إذا سلمت نفسها اختيارا، وأما لو دخل بها مكرها فحق الامتناع
بحاله، لأنه قبض فاسد، فلا يترتب عليه أثر الصحيح، كما عن ابن حمزة (3).
* (النظر الثالث في القسم والنشوز والشقاق) *
* (أما القسم) * وهو بفتح القاف مصدر قسمت الشئ، والمراد به قسمة
الليالي بين الأزواج، أما بالكسر فهو الحظ والنصيب.
ولا ريب ولا خلاف في وجوبه في الجملة، لما فيه من العدل بينهن
وتحصينهن والمعاشرة بالمعروف المأمور بها في الآية (4). قيل: وللتأسي (5).
وفيه نظر، لمنع وجوبه أولا.
ثم على تقدير تسليمه منعه هنا، لعدم وجوبه عليه في المشهور بين
الخاصة والعامة، ولا يجب التأسي إلا فيما يفعله (صلى الله عليه وآله) (6) وجوبا، أو ما لم
يعلم عدم وجوبه.
وفيما مر كفاية لإثبات الوجوب، مضافا إلى النصوص المستفيضة:
منها: من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل
أو ساقط (7).

(1) السرائر 2: 591.
(2) الغنية: 348.
(3) الوسيلة: 299.
(4) النساء: 19.
(5) قاله في مفاتيح الشرائع 2: 290.
(6) الوسائل 15: 84، الباب 5 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 2.
(7) الوسائل 15: 84، الباب 4 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 1، ومع اختلاف.
عوالي اللئالي 1: 272 الحديث 90، وفيه: أحد شقيه ساقط.
461

وهل يجب بنفس العقد والتمكين * (ف‍) * يجب * (للزوجة الواحدة
ليلة) * من أربع * (وللاثنتين ليلتان وللثلاث ثلاث والفاضل من) * تمام
* (الأربع) * ليالي * (له أن يضعه حيث يشاء) * في الزوجات كما في
المعتبرة (1) وعليه الإجماع عن الخلاف (2) والغنية (3) أو غيرهن * (ولو كن
أربعا فلكل واحدة ليلة) * أم يتوقف على الشروع في القسمة فلا تجب إلا
للمتعددة خاصة إلا أن ينقضي الدور فحل تركه؟ قولان.
قيل: يبنيان على أن القمسة هل هي حق لهما ابتداء أو للزوج خاصة؟
والمشهور الأول، لاشتراك ثمرته وهي الاستيناس، وللصحيح وغيره: في
الرجل يكون عنده امرأتان إحداهما أحب إليه من الأخرى، قال: له أن يأتيها
ثلاث ليال وللأخرى ليلة، فإن شاء أن يتزوج أربع نسوة كان لكل امرأة ليلة
فلذلك كان له أن يفضل بعضهن على بعض ما لم يكن أربعا (4)، والمحقق
والشهيد الثاني على الثاني، لأنه المتيقن والأصل براءة الذمة ولأن حق
الاستمتاع ليس للزوجات، ومن ثمة لم يجب على الزوج بذله إذا طلبته،
والجماع لا يجب إلا في كل أربعة أشهر، وإنما وجب القسمة للمتعددة مع
الشروع مراعاة للعدل، ولظاهر " وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت
أيمانكم " دلت على أن الواحدة كالأمة لا حق لها في القسمة المعتبرة فيها
العدل، فلو وجبت لها ليلة من الأربع لتساوت غيرها، وكل من قال بعدم
الوجوب للواحدة قال: بعدمه للأزيد أيضا، إلا مع الابتداء بواحدة فيجب
التسوية انتهى (5).

(1) المصدر السابق: 88، الباب 9 الحديث 2.
(2) الخلاف 4: 413، المسألة 4.
(3) الغنية: 350.
(4) الوسائل 15: 81، الباب 13 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 3.
(5) مفاتيح الشرائع 2: 291.
462

وفي كل من البناء ودعوى تلازم القول بنفي الوجوب الواحدة ونفيه
للأزيد نظر.
أما الأول: فلتصريح العلامة في التحرير (1) باشتراك الحق بينهما، مع
اختياره القول الثاني، ونحوه الماتن في الشرائع (2) والشهيد الثاني في
الروضة (3)، وليس في مختاريهم مناقضة، فقد يكون مرادهم من شركة
الزوجة في القسمة استحقاقها لها بعد الشروع فيها لا مطلقا.
وأما الثاني: فلتصريح ابن حمزة (4) باشتراط وجوب القسمة بزيادة
الزوجة على واحدة، الظاهر في وجوبها للمتعددة دون الواحدة، وحكي
أيضا عن ظاهر جماعة كالمقنعة (5) والنهاية (6) والمهذب (7) والجامع (8)،
فليس في الآية دلالة على نفي الوجوب للمتعددة.
وأصالة البراءة وغيرها مما ذكر لنفيه فيها أيضا مدفوعة بإطلاق
الصحيح (9) وغيره: بأن لكل امرأة ليلة، الشامل لصورتي الشروع في القسمة
وعدمه. والتقييد بالأولى يحتاج إلى دليل وليس.
فالقول بوجوب القسمة للمتعددة غير بعيد. لكن يمكن المناقشة في
الإطلاق باختصاصه بحكم التبادر والسياق، بل والغلبة بما قيد به من
الصورة الأولى دون الثانية، فلا يخصص بمثله أصالة البراءة.
وأما إطلاق الأمر بالقسمة في بعض المعتبرة (10) - فمع ما فيه من
المناقشة المزبورة - قرائن الاستحباب فيه موجودة. فالقول بمقالة الجماعة
المتأخرة في غاية القوة. كل ذا في المتعددة.

(1) التحرير 2: 40 س 16.
(2) الشرائع 2: 337.
(3) الروضة 5: 404.
(4) الوسيلة: 312.
(5) المقنعة: 516.
(6) النهاية 2: 354.
(7) المهذب 2: 225.
(8) الجامع للشرائع: 456.
(9) الوسائل 15: 81، الباب 13 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 3.
(10) المصدر السابق: 88، الباب الحديث 2.
463

وأما الزوجة الواحدة فينبغي القطع بعدم استحقاقها القسمة بالمرة،
لأصالة البراءة السالمة عن المعارض ولو نحو الإطلاقات السابقة. ودعوى
الإجماع المركب قد عرفت أنها ممنوعة، مضافا إلى ظاهر الآية السابقة.
ومما ذكرنا ظهر أن الأقوال في المسألة ثلاثة: وجوب القسمة للواحدة،
والمتعددة مطلقا شرع فيها أم لا، واختصاصه بالمتعددة مطلقا، وعدمه إلا مع
الشروع فيها.
ثم إن تعددن ابتدأ بالقرعة فإن كانتا اثنتين، وإلا افتقر إلى قرعة أخرى
للثانية وهكذا، لئلا يرجح بغير مرجح. وقيل: يتخير (1). قيل: وعلى قول
الشيخ يتخير من غير قرعة (2)، ولعله لأنه حقه فله التخيير في وضعه في
أيهن شاء، ولكنه في المبسوط صرح بلزوم القرعة (3).
ولا تجوز الزيادة في القسمة على ليلة بدون رضاهن، وهو أحد القولين
وأشهرهما في المسألة، لأنه الأصل المحقق المعلوم من النصوص، ولئلا
يلحق بعضهن ضرر بذلك، فقد يعرض ما يقطعه عن القسم للمتأخرة. والآخر
جوازها مطلقا، للأصل. ويدفع بما مر.
وربما قيل به مقيدا بالضرر، كما لو كن في أماكن متباعدة يشق عليه
الكون كل ليلة مع واحدة. وحينئذ يتقيد بما يندفع به الضرر، ويتوقف ما زاد
على رضاهن وهو حسن إن لم يمكن دفع الضرر بنحو آخر، كرفع التباعد
وتقريب أماكنهن. ويشكل مع الإمكان.
* (ولا يجوز الإخلال) * بالمبيت الواجب * (إلا مع العذر) * كنشوزها
إلى أن ترجع إلى الطاعة والسفر مطلقا * (أو الإذن) * منهن، أو من بعضهن
فيما يختص الإذن به.

(1) نقله الشهيد الثاني في الروضة 5: 411.
(2) قاله الشهيد الثاني في الروضة 5: 411.
(3) المبسوط 4: 326.
464

* (والواجب) * في البيتوتة هو * (المضاجعة) * خاصة، وهي أن ينام معها
قريبا منها عادة معطيا لها وجهه دائما أو أكثريا بحيث لا يعد هاجرا وإن لم
يتلاصق الجسمان.
ولا يعتبر فيها حصولها في جميع الليل، بل يكفي فيه ما يتحقق معه
المعاشرة بالمعروف.
و * (لا) * يجب فيها * (المواقعة) * لأنها لا تجب إلا في كل أربعة أشهر،
كما مضى إليه الإشارة، وبعدم وجوبها فيها صرحت معتبرة إبراهيم الكرخي
الآتية، ولا خلاف في شئ من ذلك.
* (ويختص الوجوب بالليل) * على الأشهر الأظهر، فلا يجب النهار،
تمسكا بالأصل، وظواهر المعتبرة المصرحة بالليل، الظاهرة في اختصاص
الواجب بها، مع أن النهار وقت التردد والانتشار في الحوائج، قال الله تعالى:
" وجعلنا النهار معاشا " (1)، فلا تجب القسمة فيه.
خلافا للمحكي عن الإسكافي، فأوجب القيلولة في صبيحة تلك الليلة
عند صاحبتها (2). وللمبسوط، فأوجب الكون مع صاحبة الليلة نهارا (3)
ووافقه في التحرير (4)، لكنه جعل النهار تابعة لليلة الماضية.
ولا دليل على شئ من ذلك، مع مخالفته لما قدمناه من الأدلة.
نعم يمكن الاستدلال للمبسوط بالأخبار الآتية الدالة على أن للحرة
يومين وللأمة يوما، والدالة على تخصيص البكر والثيب بالأيام، بناء على
كون اليوم اسما لمجموع الليلة والنهار.
ولكنها مع معارضتها بما مر معارضة بالمعتبرة الأخر في المقامين

(1) النبأ: 11.
(2) المختلف 7: 318.
(3) المبسوط 4: 327.
(4) التحرير 2: 40 س 35.
465

المصرحة بدل " اليوم " " بالليلة " (1)، فلا بد من التجوز في أحد الطرفين
إما بأن يراد من اليوم الليلة خاصة تسمية للجزء باسم كله، أو يراد من الليلة
مجموع اليوم المشتمل على النهار تسمية للكل باسم جزئه.
والترجيح للأول، لكثرة الأخبار الدالة على الليلة، المعتضدة بما قدمناه
من الأدلة، ومع ذلك فهي بحسب الأسانيد معتبرة دون الأخبار المعارضة،
لقصور سند ما يتعلق بالقسم الأول طرا.
فالمصير إلى ما هو المشهور متعين جدا، ولكن الاحتياط معه، سيما مع
ما فيه من العدالة وحسن الإنصاف المرغب إليهما شرعا.
* (و) * أما ما * (في رواية) * إبراهيم * (الكرخي) * - الصحيحة إليه
المتضمنة لمن أجمع على تصحيح رواياته العصابة فلا تضر الجهالة - من
أنه: * (إنما عليه أن يكون عندها في ليلتها ويظل عندها في صبيحتها) *
وليس عليه أن يجامعها إذا لم يرد ذلك (2)، فليس فيه دلالة على شئ من
الأقوال المتقدمة، حتى الأول، لتصريحه بالقيلولة الغير اللازم الكون معها في
صبيحة الليلة بالمرة.
فالاستدلال له به لا وجه له بالمرة، ومع ذلك لا تقاوم شيئا مما قدمناه
من الأدلة، المعتضدة بالشهرة العظيمة. فحمله على الاستحباب متعين.
ثم ليس المراد من البيتوتة معها في الليلة القيام معها في جميعها بل ما
يعتاد منها، وهو بعد قضاء الوطر من الصلاة في المسجد ومجالسة الضيف
ونحو ذلك، حملا للإطلاق على المتعارف، مع عدم منافاته للمعاشرة
بالمعروف المأمور بها في الآية (3).

(1) الوسائل 15: 88، الباب 9 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 1.
(2) الوسائل 15: 84، الباب 5 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 1.
(3) النساء: 19.
466

نعم ليس له الدخول في تلك الليلة على الضرة إلا للضرورة فيما قطع به
الأصحاب، لمنافاته المعاشرة المزبورة.
ومن الضرورة عيادتها إذا كانت مريضة، وقيده في المبسوط (1) بثقل
المرض وإلا لم يجز، فإن مكث وجب قضاء زمانه ما لم يقصر بحيث لا يعد
إقامة عرفا فيأثم خاصة.
ثم إطلاق النص والفتاوى بوجوب الليلة وارد مورد الغلبة، وهي ما
يكون معاشه نهارا، فلو انعكس كالوقاد والحارس والبزار فعماد قسمته
النهار خاصة بلا خلاف، جمعا بين الحقين، ودفعا للضرر، والتفاتا إلى قوله
تعالى: " وجعلنا الليل والنهار خلفة " (2) فتأمل.
ولو كان مسافرا معه زوجاته فعماد قسمته في حقه وقت النزول، قليلا
كان أم كثيرا، ليلا أم نهارا، لبعض ما مر.
* (وإذا اجتمع مع) * الزوجة * (الحرة أمة بالعقد) * الدائم حيث جوزناه
* (فللحرة ليلتان وللأمة ليلة) * على الأظهر الأشهر بين الطائفة، بل عليه
الإجماع عن الخلاف (3) وغيره والنصوص به مستفيضة:
ففي الصحيح: إذا كانت تحته أمة مملوكة فتزوج عليها حرة قسم للحرة
مثلي ما يقسم للمملوكة (4). ونحوه الموثق (5) وغيره.
وخلاف المفيد حيث نفى القسمة للأمة مع خلوه عن المستند (6) شاذ،
لا يلتفت إليه، سيما في مقابلة ما مر من الأدلة.
ثم إن التثليث وإن كان يتحقق بتنصيف الليلة للأمة وتتميمها للحرة

(1) المبسوط 4: 327.
(2) الفرقان: 62.
(3) الخلاف 4: 411، المسألة 3.
(4) الوسائل 15: 87، الباب 8 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 1 و 4.
(5) الوسائل 15: 87، الباب 8 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 1 و 4.
(6) المقنعة: 518.
467

فلهما ليلة ونصف من أربعة ليال وليلتان ونصف له يضعها حيث يشاء،
إلا أن المشهور تخصيصه بتثليث الليالي، فللأمة ليلة وضعفها للحرة، ويكون
ذلك من ثمان، جمعا بين حقهما وحق الزوج، فيكون الذي له منها خمس
يضعها حيث يشاء ولهما ثلاث، وأكثر النصوص وإن خلت عن ذلك، إلا أن
الباقي مصرح به.
ففي القوى: فإن تزوج الحرة على الأمة فللحرة يومان وللأمة يوم (1).
ونحوه خبران (2) آخران.
وفي الموثق: للحرة ليلتان وللأمة ليلة (3).. ونحوه (4) غيره.
مضافا إلى الإجماع عليه عن الخلاف (5) وغيره، والتأيد بما ذكره
جماعة من أن في تنصيف الليلة تنقيصا للعيش، ودفعا للاستئناس، وأن
أجزاء الليل يعسر ضبطها غالبا، فلا يكون مناطا للأحكام الشرعية.
فتنظر بعض الأصحاب (6) فيما ذكروه من التثليث بحسب الليالي - بناء
على أن الأصل في دور القسمة أربع ليال، فالعدول إلى جعله من ثمان كما
هو اللازم عليه بمجرد عدم صحة القسمة من دون ليلة كاملة مشكل، سيما
مع إمكانها بالعوارضات الخارجة - ليس في محله.
ثم إن اطلاق النص والفتوى يقتضي جواز الجمع بين ليلتي الحرة
والتفريق بينهما. ولكن أوجب بعض الثاني، مع عدم رضاها بالأول ليقع لها
من كل أربع واحدة (7). ولعله ناظر إلى ثبوت الحق لها في كل أربع ليال
واحدة، ولا يسقط ذلك باجتماعها مع الأمة.

(1) الوسائل 14: 393، الباب 46 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3 و 2 و 4.
(2) الوسائل 14: 393، الباب 46 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 3 و 2 و 4.
(3) الوسائل 15: 88، الباب 8 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 3 و 4.
(4) الوسائل 15: 88، الباب 8 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 3 و 4.
(5) الخلاف 4: 411، المسألة 3.
(6) المسالك 8: 322.
(7) الروضة 5: 414.
468

وليس في الإطلاقات ما ينافيه بوجه بالمرة. وهو حسن، لكنه على
إطلاقه مشكل، لتوقف ثبوت الحق المزبور على المشهور من ثبوت القسمة
أول مرة ولو لم يكن هناك زوجات متعددة، وأما على غيره فلا، إلا مع
التعدد والشروع في القسمة الموجبين لثبوت الحق المزبور لها، وهو
اجتماعها مع الحرة.
وليس اجتماعها مع الأمة بعد الشروع في القسمة لهما منه قطعا. كيف
لا! وثبوته لها إلى هذا الحد يحتاج إلى دليل وليس، لعدم النص والإجماع،
لإطلاقهما بحقها من دون تصريح بالتفريق أو الجمع، وهو يقتضي جواز كل
من الأمرين.
هذا، مع أن إطلاق الحكم بوجوب التفريق لتحصيل الحق ليس في
محله، فقد يحصل مع الجمع، كما إذا شرع في قسمتها في الليلة الرابعة من
ليالي القسمة ثم تلاها بالليلة الخامسة، فيحصل حينئذ من كل أربع واحدة.
* (والكتابية) * الحرة * (كالأمة) * المسلمة.
فللحرة المسلمة ليلتان ولها ليلة بلا خلاف يعبأ به بين الطائفة، بل عن
الخلاف الإجماع (1).
ويدل عليه بعده عموم أنها بمنزلة الإماء، المستفاد من المعتبرة (2)،
وخصوص الخبر المنجبر قصور سنده بالشهرة، مع أنه عد مثله في الصحيح
جماعة: للمسلمة الثلثان وللأمة والنصرانية الثلث (3).
فتوقف بعض من تأخر ليس في محله.
وللكتابية الأمة ربع القسمة، لئلا تساوي الأمة المسلمة، وللأصل،

(1) الخلاف 4: 411، المسألة 2.
(2) الوسائل 14: 447، الباب 4 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 6.
(3) الوسائل 14: 419، الباب 7 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه الحديث 3.
469

ومع عدم المخرج عنه سوى إطلاق الخبر المتقدم بالتنصيف للنصرانية.
وليس فيه حجة لتخصيص الأصالة المزبورة، بناء على أن المتبادر منها
بحكم سياق العبارة حيث جعلت في مقابلة الأمة كونها حرة.
ومن هنا يظهر دليل آخر للحكم في المسألة السابقة، بناء على مخالفة
وجوب القسمة لأصالة البراءة، فيكفي في الخروج عنها بالإضافة إلى
الكتابية الحرة على ما هو المتيقن من الأدلة، وليس إلا كونها كالأمة، إذ
مساواتها للحرة المسلمة لا دليل عليها سوى إطلاق الأدلة بأن للحرة من
أربع ليال ليلة، وليس ينصرف إلى مثلها بالضرورة.
* (و) * من هنا ينقدح الوجه فيما قاله الماتن: من أنه * (لا قسمة
للموطوءة بالملك) * مضافا إلى الإجماع عليه. وفي حكمها الموطوءة بالعقد
المنقطع والتحليل، لعين ما مر من الأدلة.
* (وتختص البكر عند) * حدثان عرسها و * (الدخول) * عليها استحبابا
لا وجوبا، للأصل، مع انتفاء الصارف عنه من النص وكلام أكثر الأصحاب
من حيث عدم تضمنهما ما يدل على الوجوب سوى الأمر في بعض
النصوص ولوروده في مقام جواب السؤال عن جواز التفصيل لا دلالة له
على الوجوب، لوروده في مقام توهم الحظر * (بثلاث) * ليال * (إلى سبع) *
وفاقا للشيخ في كتابي الأخبار (1)، جمعا بين الأخبار المختلفة المصرحة
بالأول كالصحيح وغيره: إذا تزوج الرجل بكرا وعنده ثيب فله أن يفضل
البكر ثلاثة أيام (2)، وبالثاني كالصحيح وغيره: الرجل يكون عنده المرأة
يتزوج أخرى أله أن يفضلها، قال: نعم إن كانت بكرا فسبع، وإن كانت ثيبا
فثلاثة أيام (3). وصريح الشيخ في الكتابين أفضلية الأول.

(1) التهذيب 7: 420، الحديث 1681، والاستبصار 3: 241، الحديث 863.
(2) الوسائل 15: 82، الباب 2 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 5 و 6 و 1 و 2.
(3) الوسائل 15: 82، الباب 2 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 5 و 6 و 1 و 2.
470

خلافا للأكثر، فالثاني. وهو أظهر، لرجحان أخباره بالشهرة العظيمة، بل
وإجماع الطائفة، كما حكاه عن خلافه بعض الأجلة (1).
ومن هنا يظهر عدم الخلاف في جواز التخصيص بالسبع، وحكى عليه
الإجماع جماعة.
وهل هو على سبيل الاستحقاق خاصة فلا يقضي منها شيئا لغيرها كما
هو ظاهر إطلاق النص والفتوى، أم لا تستحق منها سوى الثلاث وأما
البواقي فلا بل غاية الأمر جواز تقديمها ومعه فيقضيها للباقيات؟ قولان.
ولم ينقل الأخير إلا عن الإسكافي (2)، ولا دليل عليه سوى ما قيل عنه
من الجمع بين الروايات. وهو جيد مع وضوح الشاهد عليه وليس فليس، مع
أنه قريب مما ذكرته العامة، وما أوردوا فيه من الرواية (3). كل ذا في البكر.
* (و) * أما * (الثيب) * المضاهية لها في حدثان العرس فيختص عنده
* (بثلاث) * بلا خلاف في أكثر النصوص والفتاوى. وربما يوجد في بعض
الأخبار والفتاوى التفضيل بالسبع.
ففي العلل: أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تزوج زينب بنت جحش فأولم وأطعم
الناس - إلى أن قال -: ولبث سبعة أيام بلياليهن عند زينب ثم تحول إلى بيت
أم سلمة، وكان ليلتها وصبيحة يومها من رسول الله (صلى الله عليه وآله) (4).
وهو - مع قصور سنده وشذوذه وعدم مكافأته لما مر من الأخبار -
يحتمل الحمل على اختصاصه به (صلى الله عليه وآله).
وعن الخلاف أن للثيب حق التخصيص بثلاثة خاصة لها أو بسبعة
يقضيها للباقيات مدعيا عليه الإجماع (5). وهو موهون بمصير الكل إلى

(1) الخلاف 4: 413، المسألة 6.
(2) نقله في مفاتيح الشرائع 2: 292.
(3) سنن البيهقي 7: 300.
(4) علل الشرائع: 65، الحديث 3.
(5) الخلاف 4: 413، المسألة 6.
471

الخلاف. والأخبار، ولم نجدها، وما تقدم ليس منها، كما لا يخفى.
نعم في النبوي (صلى الله عليه وآله) - كما حكى - قال لأم سلمة حين بنى بها: ما بك
على أهلك من هوان إن شئت سبعت عندك وسبعت عندهن وإن شئت ثلثت
عندك ودرت (1).
وليس فيه - مع قصور سنده وعدم مكافأته لما مر - حجة، لاحتمال
الاختصاص به (صلى الله عليه وآله).
ثم المتبادر من إطلاق النص والفتوى توالي الليالي وحرية المرأتين، إلا
أن ظاهر الأصحاب الاتفاق على الشمول للأمة، ولكن اختلفوا في المساواة
في التقدير أو التنصيف لها - كما هو القاعدة المطردة - على قولين. والأشهر
الأول، والأظهر الثاني، وفاقا للتحرير (2)، وقوفا فيما خالف الأصل على
المتيقن، وليس إلا المجمع عليه، وهو ما ذكروا، التفاتا إلى ثبوته في أكثر
الموارد، والظن يلحق الشئ بالأعم الأغلب.
ولا فرق في الثيب بين الزائل بكارتها بالجماع وغيره، لا لشمول
الإطلاق لهما، لانصرافه إلى الأولى منهما قطعا، بل للأصل، وعدم المخرج
عنه سوى إطلاق أخبار البكر الغير الصالح للشمول للثانية بمقتضى عدم
تبادرها منه، كما لا يتبادر من الإطلاق الأول، لندرتها.
ولولا الإجماع على ثبوت الثلاث لها مع فحوى ثبوته للأولى لأمكن
انتفاؤه عنها أيضا، لما مضى.
* (ويستحب) * له * (التسوية بين الزوجات في الإنفاق وإطلاق الوجه
والجماع) * استحبابا مؤكدا، لما فيه من رعاية العدل وتمام الإنصاف، وليس
بواجب بلا خلاف في الظاهر، للأصل، وقوله تعالى: " ولن تستطيعوا أن

(1) سنن البيهقي 7: 300.
(2) التحرير 2: 41 س 28.
472

تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل " (1)، ومثل هذا الميل
ليس كل الميل. وفي الخبر: يعني في المودة، وقوله سبحانه: " فإن خفتم
ألا تعدلوا فواحدة " (2) في النفقة (3). وفيه قصور بحسب السند. وللصحيح:
عن الرجل يكون له امرأتان يريد أن يؤثر إحداهما بالكسوة والعطية أيصلح
ذلك؟ قال: لا بأس وأجهد في العدل (4).
والنهي عن التفضيل في الحرائر في الخبر (5) إما محمول على التفضيل
في الواجب، أو الكراهة.
* (وأن يكون في صبيحة كل ليلة عند صاحبتها) * لما مر من الخبر
المعتبر. والأحوط الكون عندها في نهار الليلة، للشبهة الناشئة عما ذكرناه
من الأدلة، ومخالفة العلامة (6).
* (وأما النشوز) * وأصله الارتفاع * (فهو) * هنا، بل وربما يطلق عليه
في اللغة أيضا * (ارتفاع أحد الزوجين) * وخروجه * (عن طاعة صاحبه
فيما يجب له) * عليه لأنه بالخروج يتعالى عما أوجب الله عليه من الطاعة.
* (فمتى ظهر من المرأة أمارة العصيان) * بتقطيبها في وجهه والضجر
والسأم بحوائجه التي يجب عليها فعلها من مقدمات الاستمتاع، بأن تمتنع أو
تتثاقل إذا دعاها إليه لا مطلق حوائجه، إذ لا يجب عليها قضاء حاجته التي
لا تتعلق بالاستمتاع، أو تغير عادتها في أدبها معه قولا كأن تجيبه بكلام
خشن بعد أن كان بلين، أو غير مقبلة بوجهها بعد أن كانت تقبل، أو فعلا كأن
يجد إعراضا أو عبوسا بعد لطف وطلاقة ونحو ذلك.

(1) النساء: 129.
(2) النساء: 3.
(3) الوسائل 15: 86، الباب 7 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 1، وفيه اختلاف.
(4) المصدر السابق: 83، الباب 3 الحديث 1.
(5) الوسائل 15: 87، الباب 8 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 2.
(6) التحرير 2: 40 س 27.
473

* (وعظها) * أولا بلا هجر ولا ضرب، فلعلها تبدي عذرا أو تتوب عما
جرى منها من غير عذر. والوعظ كأن يقول اتق الله تعالى في الحق الواجب
لي عليك واحذري العقوبة، ويبين لها ما يترتب على ذلك من عذاب الله
تعالى في الآخرة، وسقوط النفقة والقسم في الدنيا.
* (فإن لم ينجع هجرها في المضجع) * بكسر الجيم، وصورته كما في
القواعد (1) وعن الصدوقين (2) * (أن يوليها ظهره في الفراش) * ونسبه في
المبسوط إلى رواية أصحابنا (3)، ورواه في مجمع البيان (4) عن مولانا
الباقر (عليه السلام)، وصرح به في الرضوي: والهجران هو أن يحول إليها ظهره في
المضجع (5).
خلافا للمحكي عن المبسوط (6) والسرائر (7) بأن يعتزل فراشها.
وللمفيد (8) وجماعة، فخيروا بينهما. وهو أقوى، لاندراجهما في الهجر عرفا،
فله الإتيان بأيهما، إلا أن الأول أحوط وأولى. ولعلي بن إبراهيم في تفسيره
فيسبها (9). ولا دليل عليه أصلا.
* (فإن لم ينجع ضربها مقتصرا) * في الضرب * (على ما يؤمل معه
طاعتها) * فلا يجوز الزيادة عليه مع حصول الغرض به، والاندراج إلى
الأقوى فالأقوى.
* (ما لم يكن) * مدميا ولا * (مبرحا) * أي شديدا كثيرا وتفسير الضرب
به مشهور بين الأصحاب، إلا أنه روى في المجمع عن مولانا الباقر (عليه السلام):

(1) القواعد 2: 48 س 19.
(2) نقله عنهما في المختلف 7: 404، وراجع المقنع: 350.
(3) المبسوط 4: 338.
(4) مجمع البيان 3: 44.
(5) فقه الرضا: 245.
(6) المبسوط 4: 338.
(7) السرائر 2: 729.
(8) المقنعة: 518.
(9) تفسير القمي 1: 137.
474

أنه الضرب بالسواك (1)، وبه صرح في الرضوي: والضرب بالسواك ونحوه
ضربا رقيقا (2). وهو أحوط وإن كان الأول أقوى، عملا بظاهر اللفظ في
الآية، المعتضد بعمل أصحابنا، المؤيد بالاعتبار جدا.
والأصل في المسألة قوله سبحانه: " واللاتي تخافون نشوزهن فعضوهن
واهجروهن في المضاجع واضربوهن " (3). وهل الأمور الثلاثة على التخيير
أو الجمع أو الترتيب بالتدرج من الأخف إلى الأثقل كمراتب النهي عن
المنكر؟ وعلى التقادير هل هي مع تحقق النشوز أو ظهور أماراته قبل
وقوعه أو معهما بمعنى أن الوعظ والهجر مع الثاني والضرب مع الأول؟
أقوال. أقواها الثالث في المقامين، وهو الترتيب بين الأمور الثلاثة، مع
اختصاص أولاها مرتبا بينهما بظهور أمارات النشوز، وثالثها بتحقق النشوز،
وفاقا للمبسوط (4) وللماتن في الشرائع (5) والعلامة في القواعد (6)، عملا في
جواز الأمرين الأولين، مع ظهور أمارة النشوز، بظاهر الآية (7)، حيث علقا
فيها على خوف النشوز الملازم لظهور أماراته. وحمله على العلم مجاز،
لا يصار إليه إلا مع القرينة المفقودة في المقام. واستعماله فيه في بعض
المواضع غير صالح للقرينة بالبديهة.
وفي الترتيب بينهما بتقديم الوعظ وتأخير الهجر عنه، بما ورد في الصحاح
من الأمر بالبدءة بما بدأ الله تعالى، ومعه لا يمكن الجمع، إذ مع الوعظ إما
تنجع وتطيع فليس له عليها بعد ذلك سبيل بنص ذيل الآية، والإجماع،
والاعتبار. وإما أن لا ينجع فيجوز حينئذ الهجر، وهو عين الترتيب المتقدم.

(1) مجمع البيان 3: 44.
(2) فقه الرضا: 245.
(3) النساء: 34.
(4) المبسوط 4: 337.
(5) الشرائع 2: 338.
(6) القواعد 2: 48 س 20.
(7) النساء: 34.
475

وفي عدم الضرب إلا مع تحقق النشوز، بالإجماع المحكي عن
المبسوط والخلاف (1)، وعلل أيضا بعدم جواز العقوبة إلا على فعل محرم،
وليس بدون تحقق النشوز.
وبهما ولا سيما الأول يصرف الآية الظاهرة في ترتب الضرب على
ظهور أمارة النشوز عن ظاهرها.
ولا دليل يعتد به على شئ مما تقدم من الأقوال، والأصح ما قلناه،
وفاقا لمن ذكرنا، ولكن المحكي عنهم جواز الضرب ابتداء بتحقق النشوز
من دون سبق الوعظ والهجر. ووجهه بدلالة ظاهر الآية على التخيير بينه
وبينهما أو الجمع من غير تقييد. وفيه نظر، والأحوط مراعاة الترتيب هنا
أيضا.
وهنا قول آخر اختاره بعض الأفاضل (2) تبعا للتحرير (3)، وهو ما قاله
بعض العلماء في تفسير الآية: واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن، فإن نشزن
فاهجروهن في المضاجع، فإن أصررن فاضربوهن (4). وهو أحوط وأولى
وإن كان ما قدمناه أقوى.
* (ولو كان النشوز منه) * أي الزوج بأن يتعدى عليها بمنع بعض
حقوقها الواجبة عليه من نفقة وقسمة أو إساءة خلق معها أو أذية وضرب لها
بغير سبب * (فلها المطالبة بحقوقها) * التي أخل بها، ولها وعظه لا هجره
وضربه، فإن أصر على الامتناع رفعت أمرها إلى الحاكم.
ولو امتنع من الإنفاق جاز للحاكم الإنفاق عليها من ماله ولو ببيع شئ
من عقاره إذا توقف الأمر عليه.

(1) المبسوط 4: 337، الخلاف 4: 415، المسألة 8.
(2) نهاية المرام 1: 427.
(3) التحرير 2: 42 س 15.
(4) تفسير القمي 1: 137.
476

ولو لم يمنعها شيئا من حقوقها الواجبة ولا يؤذيها بضرب ولا بسب،
ولكنه يكره صحبتها لمرض أو كبر فلا يدعوها إلى فراشه أو يهم بطلاقها
فلا شئ عليه.
* (ولو تركت) * حينئذ * (بعض ما يجب) * لها عليه * (أو كله استمالة) * له
* (جاز) * لها و * (له القبول) * للأصل، والكتاب، والسنة، والإجماع.
قال الله تعالى: " وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح
عليهما أن يصلحا بينهما صلحا " (1).
وفي الحسن في تفسيرها: هي المرأة التي تكون عند الرجل فيكرهها
فيقول لها: إني أريد أن أطلقك فتقول له: لا تفعل إني أكره أن يشمت بي
ولكن انظر في ليلتي فاصنع بها ما شئت، وما كان سوى ذلك من شئ فهو
لك فدعني على حالي، فهو قوله: " فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما
صلحا "، وهو هذا الصلح (2). ونحوه أخبار مستفيضة (3).
وليس فيها - كالآية المفسرة بها - دلالة على عموم الحكم من جواز
الصلح ببذل حقها، كما لو أخل الزوج ببعض حقوقها الواجبة أو كلها لظهور
سياقها فيما قدمناه.
نعم * (جاز له القبول) * هنا لو بذلته بطيب نفسها لا مطلقا، للأصل، وفقد
الصارف عنه. وهذا هو ظاهر العبارة والأكثر.
وربما منع منه من جوازه هنا، لما قدمناه من اختصاص الآية والنص
بالأول، ولقبح تركها الحق من دون عوض، بناء على لزومه عليه من دونه.
وفيهما نظر، إذ اختصاص الكتاب والسنة بما ذكر لا يوجب المنع عن

(1) النساء: 128.
(2) الوسائل 15: 90، الباب 11 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 1.
(3) المصدر السابق: الباب 11.
477

جريان الحكم الذي فيه في غيره بعد قضاء الأصل به، والقبح ممنوع من
حيث يرجى حصول الحقوق الواجبة التي أخل بها بالبذل فتكون هي
العوض الحاصل بالبذل، ولزومه عليه غير ملازم للزوم صدورها عنه حتى
ينتفي العوض حين البذل.
ثم على تقديره يصح منع القبح أيضا. كيف لا؟ ويجوز لها إبراء ذمة
زوجها عن حقوقها بعضا أو كلا ابتداء مطلقا جدا.
وبالجملة لا وجه لتعليل المنع من الجواز بنحو هذا بعد طيبة نفسها
في بذلها.
ومنه يظهر الجواز فيما لو بذلته بطيبة نفسها بعد إكراهها عليه وإن أطلق
الأصحاب المنع حينئذ.
ويمكن حمل إطلاقهم على ما لم تطب نفسها بالبذل، كما هو الغالب، مع
أن فرض طيبة النفس حينئذ لا يجامع الإكراه. فتأمل جدا.
* (وأما الشقاق فهو أن يكره كل منهما صاحبه) * سمى به لكون كل
منهما في شق غير شق الآخر * (فإذا خشي الاستمرار) * على الشقاق، وإنما
قدر الاستمرار في الآية (1) مع خلوها عنه لما قيل: من أن ظهور النشوز
منهما موجب لحصول الشقاق، فالمراد حينئذ خوف استمراره (2).
وفيه نظر، لتوقفه على كون مطلق الكراهة بينهما شقاقا، وليس لاحتمال
أن يكون تمام الكراهة بينهما، فيكون المراد أنه إذا حصلت كراهة كل منهما
لصاحبه وخفتم حصول الشقاق بينهما فابعثوا، مع أنه هو المتبادر منه عند
الإطلاق، والأولى من الإضمار على تقدير مجازيته.
نعم على هذا التقدير يتردد الأمر بين المجاز المزبور وبين التجوز

(1) النساء: 128.
(2) المسالك 8: 364.
478

في الخشية، بحملها على العلم والمعرفة، وإبقاء الشقاق على حقيقته التي
هي مطلق الكراهة.
وكيف كان مع خشية ذلك * (بعث) * وجوبا، وفاقا للسرائر (1)، عملا
بظاهر الأمر.
خلافا للتحرير (2)، فاستحبابا، للأصل، والتأمل في دلالة الأمر على
الوجوب، لكونه في الأمور الدنيوية.
وفيه نظر، لمنع كلية السند، سيما فيما إذا توقف الإصلاح عليه.
والمخاطب بالبعث * (كل) * واحد * (منهما) * وفاقا للصدوقين (3)،
والتفاتا إلى ظواهر النصوص المستفيضة الدالة على استئمار الحكمين
الزوجين واشتراطهما عليهما قبول ما يحكمان به.
ففي الموثق: أرأيت إن استأذن الحكمان فقالا للرجل والمرأة: أليس قد
جعلتما أمركما إلينا في الإصلاح والتفريق؟ (4).
ولو كان البعث من غيرهما لما كان لذلك وجه، مضافا إلى صريح
الرضوي: يختار الرجل رجلا وتختار المرأة رجلا ويجتمعان على فرقة (5).
خلافا للماتن في الشرائع (6) والفاضل في القواعد (7) بل الأكثر - كما في
المسالك (8) - فالحاكم، عملا بظاهر الآية، بناء على اختلاف ضميري
المخاطب والزوجين بالحضور والغيبة فيهما، وعلى الأول كان اللازم
المساواة في الحضور وأن يقال: فابعثوا حكما من أهلكما. وللمرسل

(1) السرائر 2: 730.
(2) التحرير 2: 42 س 24.
(3) نقله عنهما في المختلف 7: 405، المقنع: 350.
(4) الوسائل 15: 93، الباب 13 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 1.
(5) فقه الرضا: 245.
(6) الشرائع 2: 339.
(7) القواعد 2: 48 س 24.
(8) المسالك 8: 365.
479

المحكي عن تفسير علي بن إبراهيم: أتى علي بن أبي طالب (عليه السلام) رجل
وامرأة على هذه الحال فبعث حكما من أهله وحكما من أهلها (1)، ونحوه
عن مجمع البيان (2).
وهو أظهر إن صحت الشهرة، وإلا فالأول، لضعف المرسلين، وعدم
مكافأتهما لما مر، واحتمال الالتفات في الآية (3)، ومثله شائع، وتخرج
النصوص شاهدة عليه ولمن شذ فأهلهما.
وفيه بعد اندفاعه بما مضى ظهور الآية في خلافه قطعا، فلا يلتفت إليه
وإن أشعر بعض الأخبار به.
ويجب أن يكون المبعوث * (حكما من أهله) * وأهلها، وفاقا
للسرائر (4)، عملا بظاهر الآية، وليس على حملها على الإرشاد أو الغالب
دلالة ولا قرينة. وعلى تقديرها فجواز البعث من غير الأهل، ومضي أحكام
المبعوث منه عليهما يحتاج إلى دلالة هي مفقودة، فيجب الاقتصار فيما
خالف الأصل على مورد الآية.
فالقول بجواز الحكم من غير الأهل - كما يأتي هنا وفي الشرائع (5)
والمبسوط (6) والوسيلة (7) - ضعيف.
* (ولو امتنع الزوجان بعثهما الحاكم) * ولا دليل عليه سوى الجمع بين
الروايات المتضمنة لبعثه وبعثهما كما مضى، بحمل الأولة على صورة
الامتناع، والثانية على العدم، ولا شاهد عليه وربما علل الحكم هنا بأن
للحاكم الولاية العامة، فله البعث.

(1) تفسير القمي 1: 138.
(2) مجمع البيان 3: 44.
(3) النساء: 128.
(4) السرائر 2: 730.
(5) الشرائع 2: 339.
(6) المبسوط 4: 340.
(7) الوسيلة: 333.
480

والأولى إجباره إياهما عليه حينئذ، وفاقا للإسكافي، إلا أنه لم يقيده
بصورة الامتناع، بل قال: يأمرهما الحاكم بالبعث وأطلق (1).
* (ويجوز أن يكونا) * أي الحكمان * (أجنبيين) * إما مطلقا كما هو
ظاهر المتن وفاقا منه لمن مضى، أو مقيدا بعدم الأهل كما هو الأقوى، لكن
مع ذلك ليس لهما حكم المبعوث من أهلهما من إمضاء ما حكما عليهما،
لمخالفة الأصل، فيقتصر فيه على مورد النص، ويكون حكمهما حينئذ
الاقتصار على ما أذن به الزوجان وفيه وكلا.
وليس لهما من التحكيم الذي هو حكم الحكمين - كما يأتي - شئ
جدا. وفي حكم فقد الأهل توقف الإصلاح على الأجنبيين.
* (وبعثهما تحكيم لا توكيل) * على الأظهر الأشهر، بل عليه الإجماع عن
ظاهر المبسوط (2) وصريح السرائر (3) وفقه القرآن (4)، لظاهر الآية المشتملة
على لفظ " الحكم "، ونسبة الإصلاح إليهما، وللنصوص الظاهرة في أن لهما
الإصلاح بما يريانه من غير استئذان، وأن ليس لهما التفريق إلا بالإذن.
ففي الرضوي: إن اجتمعا على إصلاح لم يحتج إلى مراجعة، وإن اجتمعا
على الفرقة فلا بد لهما أن يستأمرا الزوج والزوجة (5). وقريب منه المعتبرة (6)
الأخر الدالة على اعتبار استئمارهما في الفراق لا مطلقا.
خلافا لمن شذ، فتوكيل، التفاتا إلى بلوغ الزوجين ورشدهما، فلا ولاية
لغيرهما عليهما مع عدم اشتراط الفقه فيهما إجماعا، فلا حكم لهما، إذ لا
حكم لغير الفقيه اتفاقا.

(1) نقله في الحدائق 24: 628.
(2) المبسوط 4: 340.
(3) السرائر 2: 730.
(4) فقه القرآن 2: 193.
(5) فقه الرضا: 245.
(6) الوسائل 15: 93، الباب 13 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 2 و 3.
481

وليس في شئ مما ذكر حجة في مقابلة ما مضى من الأدلة كما ترى،
مع أن المحكي عن القائل به الرجوع عنه، معللا بما ذكرنا (1). فلا خلاف
فيما ذكرنا.
* (فيصلحان) * أي الحكمان * (إن اتفقا) * من غير معاودة إلى الباعث
مطلقا، ويمضي عليهما ما حكما من غير خلاف يظهر، حتى من القائل
بالتوكيل، ولعله لرجوعه عنه، وإلا فيأتي عليه لزوم الاستئذان ولو ابتداء
على جهة العموم.
* (ولا يفرقان إلا مع إذن الزوج في الطلاق والمرأة في البذل) * في المشهور،
بل قيل: بلا خلاف (2)، للأصل، مع اختصاص الأدلة من الكتاب والسنة بغير
الطلاق، والنبوي: الطلاق بيد من أخذ بالساق (3)، والمعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: ليس للحكمين أن يفرقا حتى يستأمرا (4). ونحوه الحسن
والرضوي المتقدم وغيره (5).
* (ولو اختلف الحكمان لم يمض لهما حكم) * بلا إشكال، للأصل،
واختصاص الأدلة باتفاقهما، مع استحالة الترجيح من غير مرجح. وهو
واضح والحمد لله.
* (النظر الرابع: في أحكام الأولاد) *
* (ولد الزوجة الدائمة) * التام خلقته * (يلحق به) * أي الزوج الذي
يمكن التولد منه عادة ولو احتمالا * (مع) * شروط ثلاثة:
أحدها: * (الدخول) * منه بها دخولا يمكن فيه ذلك ولو احتمالا بعيدا،
قبلا كان أم دبرا إجماعا، وفي غيره إشكال وإن حكى الإطلاق عن

(1) المهذب 2: 266.
(2) القائل كشف اللثام 2: 101 س 16.
(3) عوالي اللئالي 1: 234، الحديث 137.
(4) الوسائل 15: 93، الباب 13 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 2 و 3.
(5) الوسائل 15: 93، الباب 13 من أبواب القسم والنشوز والشقاق الحديث 2 و 3.
482

الأصحاب واحتمل الإجماع، مع أن المحكي عن السرائر (1) والتحرير (2)
عدم العبرة بالوطء دبرا، واستوجهه من المتأخرين جماعة (3). وهو حسن،
إلا مع الأمناء، واحتمال السبق وعدم الشعور به لا مطلقا.
* (و) * ثانيها: * (مضي ستة أشهر) * هلالية أو عددية * (من حين
الوطء) * فلا عبرة بالأقل في الولد الكامل إجماعا من المسلمين كافة، لنص
الآية " وحمله وفصاله ثلاثون شهرا " (4)، مع قوله: " وفصاله في عامين " (5).
وهو أقل مدة الحمل، للإجماع على عدم كونه أقصاه، وللنصوص الآتية.
وفي غير الكامل مما تسقطه المرأة يرجع في إلحاقه بالزوج حيث يحتاج
إليه، ليجب عليه التكفين، ومؤنة التجهيز، ونحو ذلك من الأحكام الغير
المرتبة على حياته إلى المعتاد لمثله من الأيام والأشهر. وإن نقصت عن
الستة الأشهر، فإن أمكن عادة كونه منه لحقه حكمه، وإن علم عادة انتفاؤه
عنه لغيبته عنه مدة تزيد عن تخلقه عادة انتفى عنه.
* (و) * ثالثها: * (وضعه لمدة الحمل أو أقل) * منها إجماعا من المسلمين
كافة * (وهي تسعة أشهر) * في الأشهر كما عن النهاية (6) والمقنعة (7)
والإسكافي (8) والديلمي (9) والقاضي (10) والمرتضى (11) في أحد قوليه
وغيرهم، بل ظاهر الإسكافي والشيخ في المبسوط والخلاف (12) إجماعنا
عليه. وهو الأصح، للمعتبرة المستفيضة بعد الاجماعات المنقولة المترجحة

(1) السرائر 2: 658.
(2) التحرير 2: 45 س 4.
(3) نهاية المرام 1: 432.
(4) الأحقاف: 15.
(5) لقمان: 14.
(6) النهاية 2: 412.
(7) المقنعة: 539.
(8) نقله في المختلف 7: 316.
(9) المراسم: 155.
(10) المهذب 2: 341.
(11) رسائل المرتضى 1: 192.
(12) المبسوط 8: 305، والخلاف 5: 88، المسألة 52.
483

على معارضها الآتي لو صح بالكثرة والشهرة.
منها الخبر: عن غاية الحمل بالولد في بطن أمه كم هو؟ فإن الناس
يقولون: ربما يبقى في بطنها سنتين، فقال: كذبوا، أقصى الحمل تسعة أشهر
لا يزيد لحظة ولو زاد ساعة لقتل أمه قبل أن يخرج (1).
وفي آخر: يعيش الولد لستة أشهر، ولسبعة أشهر، ولتسعة أشهر، ولا
يعيش لثمانية أشهر (2).
وقصور سندهما - كما يأتي - منجبر بالشهرة والدلالة في الأول
صريحة، وفي الثاني ظاهرة، من حيث مفهوم العدد الذي هو حجة، وليس
في الأول من حيث تضمنه قتل الولد أمه بزيادة مكثه على التسعة أشهر
بساعة ما ينافي حجيته إلا دعوى الوجدان بعدم ذلك والبقاء إلى العشر، بل
وأزيد إلى سنة.
وهي ممنوعة فقد يكون وضع الحمل إلى ذينك الأجلين ابتداء الحمل
فيه من التسعة، ويكون حبس الطمث قبله لريبة كفساد الطمث، كما يستفاد
من المعتبرة (3)، وصرح به المفيد في المقنعة (4) وجماعة. وليس الوضع إلى
ذينك الأجلين مع انسداد باب الاحتمال المتقدم ظاهرا لنا بالوجدان،
وإنكاره مكابرة بالعيان.
* (و) * منه يظهر ضعف ما * (قيل) *: من أن الأقصى * (عشرة أشهر) * كما
عن المبسوط (5)، واختاره المصنف أيضا بقوله: * (وهو حسن) * (6) مع عدم

(1) الوسائل 15: 115، الباب 17 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 3.
(2) المصدر السابق: الحديث 2.
(3) الوسائل 15: 443، الباب 25 من أبواب العدد الحديث 5.
(4) المقنعة: 539.
(5) لم نعثر عليه ونقله عنه في التنقيح 3: 263.
(6) الشرائع 2: 340.
484

الدليل من الأخبار عليه، وانتقاض تعليله المتقدم لو صح بوجدان الوضع
إلى السنة، كما حكاه في المسالك (1) وسبطه (2) في الشرح، ووقع في زماننا
أيضا. فقصره عليه دونه ليس في محله، ولا وجه لاختياره على الخصوص
بالمرة.
ويدل على المختار أيضا - مضافا إلى ما سيأتي من الأخبار المعتبرة
المحتمل للصحة - المروي في الكافي في باب مبدأ النشو وفيه: للرحم ثلاثة
أقفال: قفل في أعلاها مما يلي أعلا الصرة من الجانب الأيمن، والقفل الآخر
وسطها، والقفل الآخر أسفل من الرحم، فيوضع بعد تسعة أيام في القفل
الأعلى فيمكث فيه ثلاثة أشهر، فعند ذلك يصيب المرأة خبث النفس
والتهوع ثم ينزل إلى القفل الأوسط فيمكث فيه ثلاثة أشهر - إلى أن قال: -
ثم ينزل إلى القفل الأسفل فيمكث فيه ثلاثة أشهر، فذلك تسعة أشهر، ثم
تطلق المرأة، الحديث (3).
إلا أن ظاهره زيادة تسعة أيام على تسعة أشهر. ولكن يمكن إدراجها
في التسعة أشهر بضرب من التأويل، بحمل قوله: في القفل الأول فيمكن
ثلاثة أشهر التي التسعة الأيام منها، والشاهد عليه ذيل الرواية، وباقي
المعتبرة الماضية والآتية، مع أن إبقاءه على ظاهره مخالف للإجماع
بالضرورة. فهو أقوى شاهد على صحة الحمل الذي ذكرناه.
ومنه يظهر فساد حمل ما ضاهاه على الغالب، مع ما في الخبر الأول مما
هو ظاهر في نفيه من أنه " لو زاد ساعة لقتل أمه ". ولا ريب أن الغالب ليس
منحصرا في التسعة الحقيقة التي لا يزاد عليها ولو بساعة.
وبالجملة أبواب المناقشات في أدلة المشهور بما ذكرناه مسدودة.

(1) المسالك 8: 377.
(2) نهاية المرام 1: 433.
(3) الكافي 6: 15.
485

* (و) * الأقوال المقابلة له ضعيفة حتى ما * (قيل) * من أن أقصاه
* (سنة) * كما عن الانتصار (1) والجامع (2) والمفيد في أعلام الورى (3)،
واختاره من المتأخرين جماعة (4). ولا دليل عليه سوى الإجماع المحكي
عن الأول، والنصوص المتوهم منها ذلك:
منها الصحيح: إذا طلق الرجل امرأته فادعت حملا انتظر تسعة أشهر فإن
ولدت وإلا اعتدت ثلاثة أشهر ثم قد بانت منه (5).
والخبر: إنما الحمل تسعة أشهر، قال: قلت: فتتزوج، قال: تحتاط ثلاثة
أشهر، قال: قلت: فإنها ارتابت بعد ثلاثة أشهر، قال: ليس عليها ريبة
تزوج (6). ونحوه غيره (7).
وفي الجميع نظر.
أما الأول: فلمعارضته لأكثر منه وأشهر، مع احتماله الإجماع على النفي
عن الأزيد، لا أنه الأقصى ردا على العامة القائلين بالزيادة إلى سنتين، كما
أفصح عنه الخبر الذي مر، وحكايته عنهم بين الأصحاب قد اشتهر.
وأما الثاني: فهو بالدلالة على المختار أوضح وأظهر، ولا سيما الخبر
الأول، لنص الجميع على أن الثلاثة أشهر للريبة، وبه صرح من الأصحاب
جماعة، كالحلبي (8) وابني شهرآشوب (9) وزهرة (10).
نعم في المرسل: أدنى ما تحمل المرأة لستة أشهر، وأكثر ما تحمل لسنة (11).

(1) الإنتصار: 345، المسألة 193.
(2) الجامع للشرائع: 461.
(3) مصنفات المفيد 9: 41.
(4) المسالك 8: 376.
(5) الوسائل 15: 441، الباب 25 من أبواب العدد الحديث 1.
(6) الوسائل 15: 442، الباب 25 من أبواب العدد الحديث 4 و 2.
(7) الوسائل 15: 442، الباب 25 من أبواب العدد الحديث 4 و 2.
(8) الكافي في الفقه: 314.
(9) متشابه القرآن ومختلفه 2: 202.
(10) الغنية: 387.
(11) الوسائل 15: 118، الباب 17 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 15، وفيه بدل (لسنة):
سنتين.
486

وقريب منه مرسل آخر: في قول الله عز وجل: " يعلم ما تحمل كل أنثى
وما تغيض الأرحام وما تزداد "، قال: الغيض كل حمل دون تسعة أشهر،
وما تزداد كل شئ يزداد على تسعة أشهر، فكلما رأت المرأة الدم الخالص
في حملها فإنها تزداد بعدد الأيام التي رأت في حملها من الدم (1).
ونحوه الأول في الصراحة في الجملة المرفوع المروي عن نوادر
المعجزات للقطب الراوندي عن سيدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام): أنها
ولدت الحسين (عليه السلام) عند تمام ستة من حملها به (2).
وهذه الروايات مع قصور أسانيدها بالإرسال لا تعارض شيئا مما
قدمناه من الأخبار المعتضدة بالإجماعات المحكية، والاشتهار العظيم بين
الأخيار، مضافا إلى اختلاف نسخة الرواية الأولى في لفظة " السنة "، فيوجد
في بعضها " سنتين " بدلها، وهو موجب لوهن الاستدلال بها، واحتمالها به
الحمل على التقية جدا.
فلا دليل يعتد به لهذا القول، مع إشعار قول المصنف: * (وهو متروك) *
بانعقاد الإجماع على خلافه وكيف كان * (ف‍) * يتفرع على الخلاف في
المسألة ما * (لو اعتزلها أو غاب عنها عشرة أشهر فولدت بعدها لم يلحق
به) * على الأظهر الأشهر. وكذا على القول بالعشر، ويلحق به على القول الآخر.
وتظهر ثمرة الخلاف بين القولين الأولين ما لو ولدته لعشر فيلحق به
على القول به، ولا على الأظهر.
* (ولو أنكر) * الزوج * (الدخول) * بها بعد احتماله وادعته الزوجة
* (فالقول قوله مع يمينه) * لإنكاره، مضافا إلى الأصل. فتأمل.
* (ولو اعترف به) * أي الدخول * (ثم أنكر الولد لم ينتف عنه إلا باللعان) *

(1) المصدر السابق: 116 الحديث 6.
(2) نوادر الراوندي: مواليد الأئمة، 4.
487

إجماعا، للأصل، وعموم الولد للفراش وللعاهر الحجر (1) * (ولو أتهمها
بالفجور أو شاهد زناها لم يجز له نفيه) * مع احتماله اللحوق به * (ولحق
به) * إجماعا، لما مضى.
* (ولو نفاه لم ينتف عنه إلا باللعان) * بلا خلاف.
ولا فرق في ذلك بين كون الولد يشبه الزاني وعدمه، عملا بالعموم.
ولو وطئت الزوجة شبهة وأمكن تولد الولد من الزوج وذلك الواطئ
أقرع بينهما، لأنها فراش لهما، سواء وقع الوطئان في طهر واحد، أو في
طهرين. ولو انتفى عن أحدهما ألحق بالآخر من غير قرعة.
* (وكذا) * يلحق به الولد ولا ينتفي عنه إلا باللعان * (لو اختلفا في مدة
الولادة) * فادعى ولادته لدون ستة أشهر أو لأزيد من أقصى الحمل، تغليبا
للفراش، والتفاتا إلى أصالة عدم زيادة المدة وتأخر الدخول في الثاني.
أما الأول: فالأصل معه، فيحتمل قبول قوله، وفاقا لجماعة، عملا
بالأصل، والتفاتا إلى أن مآله إلى النزاع في الدخول، فإنه إذا قال: لم تنقص
ستة أشهر من حين الوطء كان معناه عدم وطئه لها منذ ستة أشهر ووقوعه
فيما دونها.
وربما فسر بعضهم النزاع في المدة التي يترتب عليه الحكم المزبور في
العبارة بالمعنى الثاني خاصة، ليوافق الأصل.
وليس ببعيد إن تحقق في ذلك خلاف، إلا أن كلام الأصحاب مطلق.
لكن في الاكتفاء بمثله في الخروج عن مقتضى الأصل إشكال، إلا أن يعتضد
بعموم الولد للفراش (2).
ولا ينتقض بصورة وقوع النزاع في الدخول، لعدم الفراش فيها بدون
ثبوته، بخلاف المقام، لثبوته بثبوته باتفاقهما عليه.

(1) عوالي اللئالي 2: 132، الحديث 359.
(2) عوالي اللئالي 2: 132، الحديث 359.
488

هذا، مع إمكان المناقشة في الأصل الذي ادعى كونه مع الزوج. كيف لا!
وهو معارض بأصالة عدم موجب للحمل لها غير دخوله. وبعد التعارض
لا بد من المصير إلى الترجيح، وهو معها، للعموم المتقدم.
ولا ينتقض بالصورة المتقدم ذكرها، لانتفاء المرجح المزبور فيها، كما
مضى، فهذا أقوى.
وحيث قدمنا قولها فالمتجه عند جماعة منهم شيخنا الشهيد في
اللمعة (1) توجه اليمين عليها، وربما ظهر من كلام بعض الأصحاب كما
حكى عدمه (2).
ولا بأس به، نظرا إلى الأصل، وانتفاء المخرج عنه، بناء على أن تقديم
قولها ليس لإنكارها حتى يتوجه اليمين عليها، بل لتغليب جانب الفراش
المستدل عليه بالعموم المتقدم. وليس فيه اعتبار اليمين، ولكن الأحوط
اعتباره.
* (ولو زنى بامرأة فأحبلها لم يجز إلحاقه بنفسه وإن تزوج بها) * بعد
ذلك * (وكذا لو أحبل أمة غيره بزنا ثم ملكها) * أو بضعها وألحقنا الولد به
مع الشرط أو مطلقا، إجماعا في المقامين على الظاهر، والتفاتا إلى عدم
ثبوت النسب بالزنا، وعدم اقتضاء الفراش إلحاق ما حكم بانتفائه عنه قطعا،
وللصحيحين:
في أحدهما: في رجل فجر بامرأة ثم تزوجها بعد الحمل فجاءت بولد
وهو أشبه خلق الله به، فكتب بخطه وخاتمه: الولد لغية لا يورث (3).
وفي الثاني: أيما رجل وقع على وليدة قوم حراما ثم اشتراها فادعى
ولدها فإنه لا يورث منه شئ، فإن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: الولد للفراش

(1) اللمعة: 119.
(2) كشف اللثام 2: 103 س 35.
(3) الوسائل 15: 214، الباب 101 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
489

وللعاهر الحجر (1).
* (ولو طلق زوجته) * المدخول بها * (فاعتدت وتزوجت) * أو وطئت
شبهة * (وأتت بولد) * فإن لم يمكن لحوقه بالثاني وأمكن لحوقه بالأول،
كما لو ولدته * (لدون ستة أشهر) * من وطء الثاني ولتمامها من غير أن
يتجاوز أقصى الحمل من وطء الأول * (فهو للأول) * وتبين بطلان نكاح
الثاني، لوقوعه في العدة، وحرمت عليه مؤبدا، لوطئه لها فيها.
ولو انعكس الأمر بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطء الأول
ولأقل الحمل إلى الأقصى من وطء الثاني لحق بالثاني.
وإن لم يمكن لحوقه بأحدهما بأن ولدته لأزيد من أكثر الحمل من وطء
الأول، ولدون ستة أشهر من وطء الثاني انتفى عنهما قطعا.
* (و) * إن أمكن إلحاقه بهما كما * (لو كان) * ولدتها * (لستة) * أشهر من
وطء الثاني ولسبعة * (فصاعدا) * إلى أقصى الحمل من وطء الأول * (فهو
للأخير) * وفاقا للنهاية (2) وجماعة، لأصالة التأخر، والمعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: في المرأة تزوج في عدتها، قال: يفرق بينهما وتعتد عدة
واحدة منهما، فإن جاءت بولد لستة أشهر أو أكثر فهو للأخير، وإن جاءت
بولد في أقل من ستة أشهر فهو للأول (3).
والصحيح: إذا كان للرجل منكم الجارية يطأها فيعتقها فاعتدت
ونكحت، فإن وضعت لخمسة أشهر فإنه من مولاها الذي أعتقها، وإن
وضعت بعد ما تزوجت لستة أشهر فإنه لزوجها الأخير (4) وفي معناهما
خبران آخران (5).

(1) الوسائل 14: 583، الباب 74 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1.
(2) النهاية 2: 413.
(3) الوسائل 14: 347، الباب 17 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 14.
(4) الوسائل 14: 568، الباب 58 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 3 و 5.
(5) الوسائل 14: 568، الباب 58 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 3 و 5.
490

خلافا للمبسوط، فالقرعة، مؤذنا بدعوى الإجماع عليه (1).
وهو موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف كما حكي، ومع ذا فغايته أنه
خبر واحد صحيح ولا يعارض المستفيض الذي فيه الصحيحان، ومع ذلك
معتضد بالأصل المتقدم ذكره.
والتعليل بثبوت الفراش لهما حين الوطء وإمكان الكون منهما مع غلبة
الولادة للأقصى في مقابل النص المستفيض المعتضد بالشهرة، عليل.
* (ولو لم تتزوج) * ولم تطأ لشبهة بعد الطلاق ومع ذلك ولدت * (فهو
للأول ما لم يتجاوز أقصى الحمل) * ولم ينقص عن أدناه بلا خلاف، لأنها
بعد فراشه، ولم يلحقها فراش آخر يشاركه.
* (وكذا الحكم في الأمة لو باعها) * سيدها * (بعد الوطء) * في جميع
الصور المفروضة، لكن على تقدير ولادتها لدون ستة أشهر من وطء الثاني،
والحكم بلحوق الولد للبائع يتبين فساد البيع لأنها أم ولد.
* (وولد الموطوءة بالملك يلحق بالمولى) * الواطئ لها إذا أتت به لستة
أشهر فصاعدا إلى الأقصى اتفاقا فتوى ونصا.
ففي الصحيح: الجارية تكون للرجل يطيف بها وهي تخرج في حوائجه
فتعلق، قال: يتهمها الرجل أو يتهمها أهله؟ قلت: أما ظاهرة فلا، قال: إذا لزمه
الولد (2).
وفيه: كتبت إليه في هذا العصر رجل وقع على جارية ثم شك في ولده،
فكتب: إن كان فيه مشابهة منه فهو ولده (3). ونحوهما غيرهما (4).
* (و) * حينئذ * (يلزمه الإقرار به) * إذا لم يعلم انتفاؤه عنه ولم يكن هناك

(1) المبسوط 8: 305.
(2) الوسائل 14: 565، الباب 56 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2.
(3) المصدر السابق: 564، الباب 55 الحديث 5 و 3 و 4.
(4) المصدر السابق: 564، الباب 55 الحديث 5 و 3 و 4.
491

أمارة يغلب معها الظن، بخلافه عند المصنف وغيره، كما يأتي.
* (لكن لو نفاه انتفى ظاهرا) * إجماعا، كما في الإيضاح (1) والروضة
والمسالك (2) وغيره. وهو الحجة فيه، لا الأصل كما قيل (3)، لاقتضاء الفراش
الثابت هنا بالنص خلافه. وربما علل بأن ذلك لا يعرف إلا من قبله.
فلو لم ينتف بنفيه * (و) * الحال أنه * (لا يثبت بينهما لعان) * كما يأتي
في بحثه فينتفي به لزم كون ولد الأمة أقوى من ولد الحرة، لانتفائه باللعان
دونه.
* (ولو اعترف به بعد النفي الحق به) * لعموم إقرار العقلاء على أنفسهم
جائز (4)، وفحوى ما دل على ثبوت الحكم في ولد الملاعنة.
ومقتضى الأمرين أنه يترتب عليه من أحكام النسب ما عليه دون ماله،
فإن أريد بإطلاق العبارة ذا، وإلا فلا يصلحان لإثبات ما يستفاد من إطلاقها
من تمام المدعى، فإن كان إجماع، وإلا فهو محل إشكال جدا.
* (وفي حكمه) * أي ولد الأمة * (ولد المتعة) * في الأحكام المذكورة، من
اللحوق به، ولزوم الاعتراف به مع عدم العلم بانتفائه عنه، وانتفائه ظاهرا إذا
نفاه من غير لعان، واللحوق به بالاعتراف به بعد الإنكار. ولا إشكال فيما
عدا الثاني ولا خلاف، لعموم الولد للفراش (5)، مضافا إلى الإجماع،
وخصوص المعتبرة في الأول، وما قدمناه من عموم إقرار العقلاء على
أنفسهم جائز، والفحوى المتقدمة في الثالث. وأما الثاني فعليه الإجماع في
المسالك (6)، وموضع من الروضة (7) وهو الحجة فيه.

(1) الإيضاح 3: 261، وفيه لم يذكر الإجماع.
(2) الروضة 5: 438، والمسالك 8: 386.
(3) الحدائق 25: 20.
(4) الوسائل 16: 111، الباب 3 من أبواب الاقرار الحديث 2.
(5) عوالي اللئالي 2: 132، الحديث 359.
(6) المسالك 7: 461.
(7) الروضة 5: 438.
492

ولا ينافيه دعوى الشهرة مع ذكر خلاف المرتضى (1) في موضع آخر
منها ولإمكان أن يراد من الشهرة المعنى الأعم، الشامل للمجمع عليه
بالمعنى المصطلح. وذكر الخلاف لا ينافيه لمعلومية نسب المخالف.
نعم ربما نافاه دعوى الوفاق في ولد الأمة قبله.
ويمكن دفعه بإرادته من الوفاق اتفاق الكل الذي لم يقع فيه خلاف من
أحد، وذلك لا ينافي أن يراد من الشهرة الإجماع بالمعنى المصطلح.
وبالجملة فالأصل في حكاية الإجماع الحجية إلى ظهور ما ينافيها
وليس، فهي حجة مضافا إلى الإجماعات المحكية في ولد الأمة، النافعة في
المسألة، بعد ملاحظة عموم المعتبرة الدالة على أن المتعة بمنزلة الأمة.
هذا، مضافا إلى الإجماع القطعي بعد ثبوت انتفاء اللعان في المتعة، كما
يستفاد من المعتبرة:
منها الصحيح: لا يلاعن الرجل المرأة التي يتمتع بها (2). ونحوه الآخر (3)
بزيادة " الأمة والذمية "، الشاهدة على اتحاد المتعة معهما من حيث السياق
بأقوى شهادة.
ولا يعارضها من الأدلة سوى إطلاق الآية (4) وغيرها بجريان اللعان في
الزوجية، وليست شاملة للمتعة، لمجازيتها بالإضافة إلى إطلاق الزوجة، أو
لكونها من الأفراد الغير المتبادرة، بل النادرة الغير المنصرف إليها إطلاقها
بالضرورة.
ولعل النكتة في الإجماع على انتفاء الولد فيها بعد ثبوت انتفاء اللعان
عنها ما تقدم في التعليل عليه في ولد الأمة، من استلزام عدم الانتفاء كونه

(1) الروضة 5: 296.
(2) الوسائل 15: 605، الباب 10 من أبواب اللعان الحديث 1 و 2.
(3) الوسائل 15: 605، الباب 10 من أبواب اللعان الحديث 1 و 2.
(4) البقرة: 226.
493

أقوى من ولد الأمة، وذلك فاسد البتة.
* (وكل من أقر بولد ثم نفاه لم يقبل نفيه) * إجماعا، للأصل، والمعتبرة
المستفيضة. منها الصحاح:
في أحدها إذا أقر الرجل بولد ثم نفاه لزمه (1) ونحوه الآخران (2)
وروايات أخر (3).
* (ولو وطأها المولى) * وطء يمكن لحوق الولد به * (وأجنبي) * آخر
معه فجورا لا شبهة يمكن اللحوق في حقه أيضا * (حكم به للمولى) *، مع
عدم الأمارة التي يغلب معها الظن بالعدم إجماعا حكاه جماعة، لعموم حكم
الفراش، المستفيض في المعتبرة، وخصوص معتبرة أخر:
كالصحيح: عن رجلين وقعا على جارية في طهر واحد لمن يكون
الولد؟ قال: للذي يكون عنده، لقوله (صلى الله عليه وآله): الولد للفراش وللعاهر الحجر (4).
والموثق: عن رجل له جارية فوثب عليها ابن له ففجر بها، قال: قد كان
رجل عنده جارية وله زوجة فأمرت ولدها أن يثب على جارية أبيه ففجر
بها فسئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن ذلك: فقال: لا يحرم ذلك على أبيه، إلا أنه
لا ينبغي له أن يأتيها حتى يستبرئها للولد، فإن وقع بينهما ولد فالولد للأب
إذا كانا جامعاها في يوم واحد وشهر واحد (5).
* (فإن حصل فيه أمارة يغلب معها الظن أنه ليس منه لم يجز له إلحاقه) *
به * (ولا نفيه) * عنه * (بل يستحب له أن يوصي له بشئ، ولا يورثه ميراث

(1) الوسائل 17: 564، الباب 6 من أبواب ميراث ولد الملاعنة الحديث 2 و 3 و 4.
(2) الوسائل 17: 564، الباب 6 من أبواب ميراث ولد الملاعنة الحديث 2 و 3 و 4.
(3) الوسائل 15: 214، الباب 102 من أبواب أحكام الأولاد.
(4) الوسائل 14: 568، الباب 58 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 4.
(5) المصدر السابق: 564، الباب 55 الحديث 3.
494

الأولاد) * وفاقا للنهاية (1) وابن البراج (2) وابن حمزة (3) وجماعة، بل ربما
ادعى عليه الأكثرية جماعة، قالوا: للمستفيضة:
منها الصحيح: إن رجلا من الأنصار أتى أبي فقال: إني ابتليت بأمر عظيم
إن لي جارية كنت أطأها فوطأتها يوما فخرجت في حاجة لي بعد ما
اغتسلت منها ونسيت نفقة لي فرجعت إلى المنزل لآخذها فوجدت غلامي
على بطنها فعددت لها من يومي ذلك تسعة أشهر فولدت جارية، قال: فقال
له أبي (عليه السلام): لا ينبغي لك أن تقربها ولا تبيعها، ولكن أنفق عليها من مالك ما
دمت حيا ثم أوص عند موتك أن ينفق عليها من مالك حتى يجعل الله لها
مخرجا (4). ونحوه بعينه الخبر (5).
وفي آخر: في رجل كان يطأ جارية له وأنه كان يبعثها في حوائجه
وأنها حبلت وأنه بلغه عنها فساد، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): إذا أمسك الولد
ولا يبيعه ولا يجعل (6) له نصيبا في داره، قال: فقيل له: رجل يطأ جارية له
وأنه لم يكن يبعثها في حوائجه وأنه اتهمها وحبلت، فقال: إذا هي ولدت
أمسك الولد ولا يبيعه ويجعل له نصيبا في داره وماله، وليس هذه مثل
تلك (7).
وفي آخر: عن رجل كانت له جارية يطأها وهي تخرج فحبلت فخشي
أن لا يكون منه كيف يصنع أيبيع الجارية والولد؟ قال: يبيع الجارية، ولا يبيع
الولد، ولا يورثه من ميراثه شيئا (8).

(1) النهاية 2: 415.
(2) المهذب 2: 340.
(3) الوسيلة: 317 و 318.
(4) الوسائل 14: 563، الباب 55 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2.
(5) الوسائل 14: 563، الباب 55 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2.
(6) في المصدر: ويجعل.
(7) الوسائل 14: 565، الباب 56 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 3.
(8) المصدر السابق: الحديث 4.
495

وفي الجميع نظر.
أما إجمالا، فلقصورها مع قصور سند أكثرها عن إفادة المدعى، وهو
ترتب الحكم المذكور في العبارة على مظنة انتفائه عنه، لظهورها في الترتب
على مجرد التهمة بالزنا أو خشية انتفاء الولد عنه وإن لم تبلغ المظنة، بل
كانت في أدنى درجة الوهم، ولم يقولوا بذلك، فما دلت عليه لم يقولوا به،
وما قالوا به لم تدل عليه. وبمثله يجاب عما تقدم من مفهوم الصحيحين
النافي للحوق بالتهمة، فتكون حينئذ مخالفة للإجماع، والمعتبرة المستفيضة
العامة والخاصة، المصرحة باللحوق ولو مع تحقق الزنا مشاهدة.
وأما مفصلا، فلإجمال الروايتين الأولتين، بناء على إجمال مرجع
الضمير فيهما، واحتماله الجارية المولودة وأمها. ولا يتم الاستدلال بهما، إلا
بتقدير تعيين المرجع في الأولى دون الثانية، ولا معين صريحا، فيحتمل
الثانية، ومعه فينعكس الدلالة، وقد صرح بهما في الاستبصار شيخ
الطائفة (1).
وأما الروايتان الأخيرتان، فلمنعهما عن أن يجعل له نصيبا في الدار كما
في الأولى وعن إيراثه من الميراث شيئا الشامل للقليل والكثير بوصية أو
غيرها كما في الثانية، وهو ضد ما حكموا به من استحباب الإيصاء له بشئ.
نعم الأولى تضمنت ذلك في صورة خاصة لم يخصوه بها، بل عمموه لها،
ولما نفته الرواية عنه من الصورة الأخرى التي تضمنتها صدرها.
وبالجملة الاستدلال بأمثال هذه الروايات ليس في محله، كما لا يخفى.
نعم ربما يتوهم الاستدلال عليه بمفهوم الصحيح المتقدم في صدر
البحث، الدال على اشتراط مشابهة الولد له في اللحوق به. ونحوه الخبر: عن

(1) الاستبصار 3: 365، الحديث 1308.
496

ابن عم له كانت له جارية تخدمه وكان يطأها فدخل يوما منزله فأصاب
معها رجلا تحدثه فاستراب بها فهدد الجارية فأقرت أن الرجل فجر بها ثم
أنها حبلت بولد، فكتب: إن كان الولد لك أو فيه مشابهة منك فلا تبعهما فإن
ذلك لا يحل لك، وإن كان الابن ليس منك ولا فيه مشابهة منك فبعه وبع
أمه (1).
وفساد التوهم أوضح من أن يخفى، لظهور الأول وصراحة الثاني في
انتفاء الولد مع التهمة بمجرد عدم الشباهة.
وفيه: مضافا إلى المناقشات السابقة المخالفة للإجماع من وجه آخر،
وهو اشتراط الشباهة في اللحوق، ولم يعتبره أحد بالمرة، ومع ذلك في رده
المعتبرة صريحة.
ففي الخبر: أن رجلا أتى بامرأته إلى عمر فقال: إن امرأتي هذه سوداء
وأنا أسود وأنها ولدت غلاما أبيض فقال: لمن بحضرته: ما ترون؟ فقالوا:
نرى أن ترجمها فإنها سوداء وزوجها أسود وولدها أبيض قال: فجاء
أمير المؤمنين (عليه السلام) وقد وجه بها لترجم، فقال: ما حالكما؟ فحدثاه، فقال:
للأسود أتتهم امرأتك؟ فقال: لا، قال: فأتيتها وهي طامث، قال: قد قالت لي
في ليلة من الليالي: إني طامث فظننت أنها تتقي البرد فوقعت عليها، فقال
للمرأة: هل أتاك وأنت طامث؟ قالت: نعم سله قد حرجت عليه وأبيت، قال:
فانطلقا فإنه ابنكما، إنما غلب الدم النطفة فابيض ولو قد تحرك أسود، فلما
أيفع أسود (2). ونحوه خبران آخران (3).
ولا يبعد حمل الخبرين الأولين على التقية، كما يظهر من الرواية الأولى،
ومع ذلك فليس فيهما شئ من الأحكام التي ذكروها، بل فيهما مخالفة لما

(1) الوسائل 14: 564، الباب 55 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 4.
(2) الوسائل 15: 219، الباب 105 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1 و 4.
(3) الوسائل 15: 219، الباب 105 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1 و 4.
497

ذكروه من عدم جواز النفي عنه، لظهورهما فيه، مع عدم الشباهة. ولعله لما
ذكرنا تردد الماتن في الشرائع (1) وتبعه الفاضل (2). ولكن الأوجه عدم
التردد، بل المصير إلى ثبوت الفراش لها مطلقا، تبعا لجماعة آخذا
بالنصوص الصحيحة العامة والخاصة الواضحة الدلالة.
* (ولو وطأها البائع والمشتري) * فأتت بولد يمكن لحوقه بهما
* (فالولد للمشتري) * بلا خلاف هنا في الظاهر، للصحيحين في أحدهما:
عن رجل اشترى جارية ثم وقع عليها قبل أن يستبرئ رحمها، قال:
بئس ما صنع يستغفر الله ولا يعود، قلت: فإنه باعها من آخر ولم يستبرئ
رحمها ثم باعها الثاني من رجل آخر فوقع عليها ولم يستبرئ رحمها
فاستبان حملها عند الثالث، فقال أبو عبد الله (عليه السلام): الولد للفراش وللعاهر
الحجر (3).
ونحوه الثاني إلا أن فيه: قال: الولد للذي عنده الجارية وليصبر لقول
رسول الله (صلى الله عليه وآله): الولد للفراش وللعاهر الحجر (4). ونحوه بعينه الرضوي (5).
ويستفاد منها ثبوت الفراش للأمة، وهو مؤيد للمختار في المسألة السابقة.
وهذه الأخبار وإن أطلقت الحكم باللحوق بالثاني * (إلا أن) * اللازم أن
يستثنى منه ما إذا كان * (يقصر الزمان) * زمان مدة الحمل * (عن ستة
أشهر) * من وطئه فيلحق بالسابقة إن لم يقصر ولم يتجاوز أقصى الحمل،
وإن قصر فيه أيضا أو تجاوز انتفى عنه أيضا بلا خلاف، عملا بما دل على
اعتبار الزمان المجمع عليه بين الأعيان، مع أن ظاهر الأسئلة في هذه
المعتبرة إمكان اللحوق بالكل. فتأمل فيه جدا.

(1) الشرائع 2: 342.
(2) القواعد 2: 50 س 21.
(3) الوسائل 14: 568، الباب 58 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2 و 3.
(4) الوسائل 14: 568، الباب 58 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 2 و 3.
(5) فقه الرضا: 262.
498

* (ولو وطأها المشتركون) * فعلوا حراما قطعا.
ولو حبلت حينئذ * (فولدت وتداعوه) * فقال كل منهم هو ولدي
* (أقرع بينهم وألحق بمن يخرج اسمه) * للصحاح المستفيضة:
منها: إذا وطأ رجلان أو ثلاثة جارية في طهر واحد فولدت وادعوه
جميعا أقرع الوالي بينهم، فمن خرج كان الولد ولده، ويرد قيمة الولد على
صاحب الجارية (1).
ومنها: قضى علي (عليه السلام) في ثلاثة وقعوا على امرأة في طهر واحد وذلك
في الجاهلية قبل أن يظهر الإسلام وأقرع بينهم، فجعل الولد لمن خرج،
وجعل عليه ثلثي الدية للآخرين، فضحك رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى بدت
نواجده، قال: ما أعلم فيها شيئا إلا ما قضى علي (عليه السلام) (2). ونحوهما غيرهما
من الصحاح (3) وغيرها (4).
* (ويغرم) * الملحق به * (حصص الباقين من قيمته) * أي الولد يوم سقط
حيا، للصحيحين المتقدمين. وعليه يحمل تضمين النصيب، كما في الحسن،
بل الصحيح (5). ويحتمل الحمل على الأعم الشامل للنصيب منه ومن الأم.
وأما ارتكاب التخصيص فيه بتخصيص النصيب بنصيب الأم لئلا ينافي
القاعدة - من حيث أن كلا منهم بدعواه الولد معترف بعدم استحقاقه القيمة
من نصيبه منه - فحسن لولا الصحيح الأول المعرب عن المراد بالنصيب فيه،
أو المثبت للحكم المخالف للقاعدة المعتضدة مع الصحة بإجماع الطائفة.
* (و) * يغرم أيضا * (قيمة أمه) * لصيرورتها بالقرعة بظاهر الشريعة أم
ولده، وللرضوي: ولو أن رجلين اشتريا جارية وواقعاها جميعا فأتت بولد

(1) الوسائل 14: 566، الباب 57 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2 و 4 و 5.
(2) الوسائل 14: 566، الباب 57 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2 و 4 و 5.
(3) الوسائل 14: 566، الباب 57 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 1 و 2 و 4 و 5.
(4) الوسائل 17: 571، الباب 10 من أبواب ميراث ولد الملاعنة وغيرها.
(5) الوسائل 14: 567، الباب 57 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث 4.
499

لكان الحكم فيه أن يقرع بينهما، فمن أصابته القرعة الحق به الولد ويغرم
نصف قيمة الجارية لصاحبه، وعلى كل واحد منهما نصف الحد (1).
ويظهر مما مر الحكم فيما لو لم يتداعوه أيضا، وأنه ليس لهم التداعي
إلا بالقرعة، فمن خرجت باسمه صحت له الدعوى، وإلا فلا.
* (ولا يجوز نفي الولد لمكان العزل) * عن أمه مطلقا، دائمة كانت الأم،
أم متعة، أو أمة، حصل العلم بعدم سبق المني فرجها، أم لا.
قيل: لإطلاق النص والفتوى بلحوق الولد لفراش الواطئ، لصدقه مع
العزل، ويمكن سبق الماء قبله (2).
وهو حسن مع الإمكان، ويستشكل مع العدم. وهو في محله، لعدم تبادر
مثله من الإطلاق، وقد مر الإشارة إليه في أول النظر.
* (والموطوءة بالشبهة يلحق ولدها بالواطئ) * بالشروط الثلاثة المتقدمة،
وعدم الزوج الحاضر الداخل بها بحيث يمكن إلحاقه به والمولى بحكم
الزوج، لكن لو انتفى عن المولى ولحق الواطئ أغرم قيمة الولد يوم سقط
حيا لمولاها، كما في الأخبار (3)، لأنه نماء مملوكته، فجمع بين الحقين حق
تبعية الولد وحق المولى من منفعة أمته التي فاتته بسبب تصرف الغير فيها.
والمستند في أصل الحكم - بعد الإجماع - المعتبرة التي مضى بعضها.
ومنها الصحيح: قلت: فإن تزوج امرأة ثم تزوج أمها وهو لا يعلم أنها
أمها، قال: قد وضع الله تعالى عنه بجهالته بذلك، ثم قال: فإذا علم أنها أمها
فلا يقربها ولا يقرب الابنة حتى تنقضي عدة الأم منه، فإذا انقضت عدة آلام
جاز له نكاح الابنة، قلت: فإن جاءت الأم بولد، قال: هو ولده ويكون ابنه

(1) فقه الرضا: 262.
(2) قاله الشهيد الثاني في الروضة 5: 439.
(3) الوسائل 14: 577، الباب 67 من أبواب نكاح العبيد والإماء الحديث.
500

وأخا امرأته (1). إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة (2).
وأما مع حضور الزوج المتقدم وإمكان اللحوق بهما فهو للأخير، لما مر.
* (ولو تزوج امرأة لظنه خلوها من الزوج) * والمولى * (فبانت
محصنة) * ذات زوج أو مولى * (ردت على الأول بعد الاعتداد من الثاني) *
ولا رجوع عليها بمهر أو نفقة إن اشتركت معه في الظن * (والأولاد للواطئ
الثاني مع الشرائط) * شرائط الإلحاق من الولادة بعد مضي أقل المدة إلى
الأقصى وعدم التجاوز عنها.
وينبغي تقييد الحكم باعتقاد الزوج جواز التعويل على ذلك الظن ليصير
الوطء شبهة، فلو كان الظن مما لا يجوز التعويل عليه وعلم بذلك فإن الوطء
يكون زنا، وينتفي الولد عن الواطئ قطعا، وعن الموطوءة أيضا إذا اشتركت
معه في العلم بعدم جواز التعويل على مثل الظن، وإلا فيلحق بها كما يلحق
بالواطئ أيضا إن اختص باعتقاد جواز التعويل.
والمستند في الأحكام المذكورة بعد عدم الخلاف في الظاهر النصوص
في أكثرها.
ففي الخبر: إذا نعي الرجل إلى أهله أو خبروها (3) أنه طلقها فاعتدت
ثم تزوجت فجاء زوجها الأول بعد فإن الأول أحق بها من هذا الآخر دخل
بها الأول أو لم يدخل، ولها المهر من الأخير بما استحل من فرجها (4).
* (ويلحق بذلك) * أي بحكم الأولاد * (أحكام الولادة وسننها) * المراد
بها الآداب العامة: الواجب والمندوب.
فالأول: * (استبداد النساء) * وانفرادهن * (بالمرأة) * للإعانة لها عند

(1) الوسائل 14: 368، الباب 26 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها الحديث 1 و 2.
(2) الوسائل 14: 368، الباب 26 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة ونحوها الحديث 1 و 2.
(3) في المصدر: أخبروها.
(4) الوسائل 14: 342، الباب 16 من أبواب ما يحرم بالمصاهرة الحديث 6.
501

المخاض * (وجوبا) * كفائيا بلا خلاف فيه وفي عدم جواز الرجال من عدا
الزوج مطلقا * (إلا مع عدمهن) * فجاز إعانتهم، بل وجب للضرورة.
وربما يناقش في عدم جواز الرجال مطلقا، وتقييد بما يستلزم اطلاعه
على العورة. أما ما لا يستلزمه من مساعدتها فتحريمه على الرجال غير واضح.
وهو حسن إن أريد من العورة ما يعم صوتها، أو لم يعد منها، أما مع جهله
منها وعدم إرادته منها فيشكل، بل وربما يستشكل مع الأول، لاستحيائها
عن الصياح، فربما أضر بها وبالولد، وربما تسبب لهلاكها أو هلاكه، ويرشد
إليه ما أطبق عليه من قبول شهادة النساء منفردات أيضا، فتأمل.
* (و) * كيف كان * (لا بأس بالزوج) * مطلقا * (وإن وجدن) * أي
النسوة، ويتعين لو فقدن إن حصلت به المساعدة، وإلا تعين الرجال المحارم،
فإن تعذروا فغيرهم. وقدم في القواعد الرجال الأقارب غير المحارم على
الأجانب (1). ومستنده غير واضح، بل قيل: لا أصل له في قواعد الشرع (2).
والثاني ما أشار إليه بقوله: * (ويستحب غسل المولود) * بضم الغين كما
فهمه الأصحاب، حيث ذكروه في بحث الأغسال. وهو الظاهر من الأخبار
لذلك، وربما احتمل الفتح، ولا ريب في ضعفه. وعلى الأول ففي اعتبار
الترتيب فيه وجهان.
ثم المتبادر من النص وكلام الأصحاب والمعمول عليه بين الناس كون
وقته حين الولادة.
وأما الاستحباب فهو الأشهر الأظهر. وقيل: بالوجوب (3) تمسكا بظاهر
اللفظ في النص. وهو ضعيف، كما مضى تحقيقه في كتاب الطهارة.
* (والأذان في أذنه اليمنى والإقامة في اليسرى) * قيل: وليكن ذلك قبل

(1) القواعد 2: 49 س 7.
(2) الروضة 5: 441.
(3) نقله في نهاية المرام 1: 447.
502

قطع سرته (1). وربما اشعر بعدم الاستحباب بعده. وفيه نظر، لإطلاق أكثر
النصوص ككلام أكثر الأصحاب.
والتقييد وإن وقع في بعضها إلا أنه ليس بالإضافة إلى الأذان والإقامة
خاصة، بل مع دواء وصف فيه، ثم ذكر الأمر بهما بعده لأن لا يفزع أبدا،
ولا تصيبه أم الصبيان.
والتقييد بالنسبة إلى جميع ذلك لا ينافي إطلاق استحبابهما منفردا، حتى
بعد قطع السرة أيضا، لا لما ذكر، بل لأمر آخر غيره، بل ربما يستفاد من
بعض الأخبار أنهم (عليهم السلام) أذنوا وأقاموا في الأذنين حين الولادة بعد قطع
السرة.
قيل: قد ورد فعلهما في السابع أيضا (2).
وقد ورد أن القابلة أو من يليه يقيم في يمناه الصلاة، فلا يصيبه لمم ولا
تبعة أبدا.
* (وتحنيكه بتربة الحسين (عليه السلام) وبماء الفرات) * وهو النهر المعروف،
للنصوص (3). قالوا: والمراد بالتحنيك إدخال ذلك إلى حنكه، وهو أعلى
داخل الفم (4).
قيل: ويكفي الدلك بكل من الحنكين، للعموم وإن كان المتبادر دلك
الأعلى، ولذا اقتصر عليه جماعة من العامة والخاصة (5).
* (ومع عدمه) * أي ماء الفرات * (بماء فرات) * أي عذب.
والأولى التحنيك بماء السماء مع تعذر ماء الفرات، كما في النص (6).

(1) قاله الشهيد الثاني في الروضة 5: 441.
(2) قاله في كشف اللثام 2: 102 س 3 و 4.
(3) الوسائل 15: 137، الباب 36 من أبواب أحكام الأولاد.
(4) منهم الشهيد في المسالك 8: 395، ونهاية المرام 1: 477، والحدائق 25: 38.
(5) قاله في كشف اللثام 2: 102 س 4 و 6.
(6) الوسائل 15: 138، الباب 36 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 3.
503

وما ذكروه من مطلق الماء الفرات بعد تعذر ماء الفرات لم نقف لهم
على نص، ولا بأس بمتابعتهم حيث يتعذر ماء السماء فيحنك به مسامحة
في أدلة السنن.
قيل: ويمكن فهمه من بعض نصوص ماء الفرات، بناء على احتمال
إضافة العام إلى الخاص (1). وفيه نظر.
* (وإن لم يوجد) * الماء الفرات ولا غيره * (إلا ماء ملح خلط بالعسل
أو التمر) * لورود الأمر بالتحنيك بكل منهما.
ففي الخبر: حنكوا أولادكم بالتمر هكذا فعل النبي (صلى الله عليه وآله) بالحسن
والحسين (2).
وأما العسل فمحكي عن الرضوي (3)، مع أن فيه شفاء من كل داء، لكن
شئ من ذلك لا يفيد استحباب التخليط بالماء المالح، إلا أن الخطب سهل،
حيث أن المقام مقام الاستحباب.
* (وتسميته الأسماء المستحسنة) * في الشريعة.
ففي الخبر: أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حسن، فليحسن
أحدكم اسم ولده (4).
وفي آخر: استحسنوا أسماءكم فإنكم تدعون بها يوم القيامة قم يا فلان
بن فلانة إلى نورك (5).
وفي ثالث: أصدق الأسماء ما يسمى بالعبودية لله سبحانه، وأفضلها
أسماء الأنبياء (6).

(1) قاله في كشف اللثام 2: 102 س 6.
(2) الوسائل 15: 137، الباب 36 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(3) فقه الرضا: 239.
(4) الوسائل 15: 122، الباب 22 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1 و 2.
(5) الوسائل 15: 122، الباب 22 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1 و 2.
(6) المصدر السابق: 124، الباب 23 الحديث 1.
504

وفي رابع: لا يدخل الفقر بيتا فيه اسم محمد (صلى الله عليه وآله)، أو علي، أو الحسن،
أو الحسين، أو جعفر، أو طالب، أو عبد الله، أو فاطمة من النساء (1).
وجعل الفاضلان (2) أفضل الأسماء ما تضمن العبودية لله، ويليها في
الفضل أسماء الأنبياء. ولم نقف على مستنده، بل الموجود في بعض ما مر
أفضلية أسماء الأنبياء، وبمضمونه عبر الشهيد في اللمعة (3).
والحلي صرح بأن الأفضل أسماء النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة، وبعد ذلك
العبودية لله تعالى دون خلقه (4).
* (وأن يكنيه) * مخافة النبز، كما في الخبر (5).
* (ويكره أن يكنى محمدا بأبي القاسم) * للنص: نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله)
عن أربع كنى عن أبي عيسى، وعن أبي الحكم، وعن أبي المالك، وعن أبي
القاسم إذا كان الاسم محمدا (6).
* (وأن يسمى حكما أو حكيما أو خالدا أو حارثا أو مالكا أو ضرارا) *
للخبرين (7) فيما عدا الأخير، وللمروي في الخصال فيه. وفيه: أن شر
الأسماء ضرار ومرار وحرب وظالم (8)، مع أنه اسم الشيطان، كما قيل (9).
* (ويستحب حلق رأسه يوم السابع) * من يوم ولد ولو في آخر جزء
من النهار، للنصوص، وهي كثيرة (10).

(1) الوسائل 15: 128، الباب 26 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(2) الشرائع 2: 343، والقواعد 2: 49 س 10.
(3) اللمعة: 119.
(4) السرائر 2: 646.
(5) الوسائل 15: 129، الباب 27 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(6) المصدر السابق: 131، الباب 29 الحديث 2.
(7) المصدر السابق: 130، الباب 28 الحديث 1 و 2.
(8) الخصال: 250، الحديث 118.
(9) نقله الشهيد في المسالك 8: 399.
(10) الوسائل 15: 149، الباب 44 من أبواب أحكام الأولاد.
505

وإطلاقها - كعبارات الأصحاب - يشمل الذكر والأنثى، مع تأيده
بالمروي في العلل أن العلة في الحلق التطهر من شعر الرحم (1).
وفي قرب الإسناد في الصحيح: عن العقيقة عن الغلام والجارية، قال:
سواء كبش بكبش، ويحلق رأسه، ويتصدق بوزن شعره ذهبا أو ورقا، فإن
لم يجد رفع الشعر وعرف وزنه، فإذا أيسر تصدق به (2).
قالوا: وينبغي أن يكون * (مقدما على العقيقة) * قيل: لظاهر الحسن: عن
العقيقة والحلق والتسمية بأيها نبدأ؟ فقال: يصنع ذلك كله في ساعة واحدة
يحلق ويذبح ويسمى، الخبر (3). وفيه نظر.
نعم في الروضة: قال إسحاق بن عمار للصادق (عليه السلام): بأيها نبدأ؟ قال:
تحلق رأسه وتعق عنه وتصدق عنه بوزن شعره فضة يكون ذلك في مكان
واحد (4).
* (و) * يستفاد منه كغيره * (التصدق بوزن شعره ذهبا أو فضة) *.
ثم إن ظاهر بعض النصوص عدم استحباب الحلق بمضي السابع.
ففي الصحيح: عن مولود لم يحلق رأسه يوم السابع، فقال: إذا مضى
سبعة أيام فليس عليه حلق (5).
* (ويكره القنازع) * للمستفيضة، وهو أن يحلق من الرأس موضعا ويترك
موضعا في أي جانب كان روى ذلك عن مولانا أمير المؤمنين (عليه السلام) (6). وفي
خبر آخر عن مولانا الصادق (عليه السلام): أنه كره القنزع في رؤوس الصبيان،
وذكر أن القنزع أن يحلق الرأس إلا قليلا وسط الرأس يسمى القنزعة (7).

(1) علل الشرائع: 505.
(2) قرب الإسناد: 122.
(3) قاله في نهاية المرام 1: 450.
(4) الروضة 5: 446، الوسائل 15: 150، الباب 44 من أبواب أحكام الأولاد، الحديث 9.
(5) الوسائل 15: 169، الباب 60 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(6) الوسائل 15: 174، الباب 66 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1 و 3.
(7) الوسائل 15: 174، الباب 66 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1 و 3.
506

* (ويستحب ثقب أذنيه) * (1) بإجماعنا، وبه استفاضت أخبارنا.
ففي الصحيح: ثقب أذن الغلام من السنة (2). ونحوه غيره (3).
وإطلاق أكثرها يقتضي الاكتفاء بالإذن الواحدة، لكن في بعض المعتبرة
الأمر بثقب الأذنين كما ورد في الخبرين (4) الواردين في ثقب أذني
الحسنين (عليهما السلام)، فلعله آكد أو يحمل المطلق على المقيد. والأول أنسب بمقام
الاستحباب، ويستفاد من أحد الخبرين في كيفية ثقب أذنيهما ثقب الأذن
اليمنى في شحمتها واليسرى في أعلاها.
وكيف كان فأخبارنا بأصل الاستحباب في الجملة مستفيضة، وسند
بعضها معتبر، والباقي منجبر بإجماع الطائفة، كما حكاه جماعة.
خلافا لبعض العامة، فاختار الحرمة (5)، لاشتماله على أذية لم يرد فيها
رخصة.
والمناقشة فيه بعد ما عرفت من أخبارنا المرخصة واضحة، مع إطباق
الناس عليه عصرا بعد عصر من غير نكير ومضايقة.
* (و) * يستحب أيضا * (ختانه فيه) * أي اليوم السابع بلا خلاف،
للمستفيضة.
* (ولو أخره) * عنه * (جاز) * في الجملة إجماعا، للصحيح: عن ختان
الصبي لسبعة أيام هو من السنة أو يؤخر فأيهما أفضل، قال: لسبعة أيام من
السنة وإن أخر فلا بأس (6). وفي الصحيح: السنة في الختان يوم السابع
فلا تخالفوا السنن إن شاء الله تعالى (7).

(1) في المتن المطبوع: أذنه.
(2) الوسائل 15: 160، الباب 51 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 3 و 1 و 2 و 4.
(3) الوسائل 15: 160، الباب 51 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 3 و 1 و 2 و 4.
(4) الوسائل 15: 160، الباب 51 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 3 و 1 و 2 و 4.
(5) انظر مغني المحتاج 4: 296.
(6) الوسائل 15: 165، الباب 54 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(7) المصدر السابق: 160، الباب 52 الحديث 1.
507

* (ولو بلغ) * غير مختون * (وجب عليه) * بنفسه * (الاختتان) * بإجماع
علماء الإسلام، كما حكاه جماعة من الأعيان.
وفي وجوبه على الولي قبل البلوغ قولان، أشهرهما وأظهرهما العدم،
للأصل، وإطلاق الصحيح المتقدم بجواز التأخير عن السابع.
خلافا للتحرير فيجب (1). وهو شاذ، ومستنده غير واضح.
وأما الصحيح السابق الناهي عن التأخير عن السابع، فمع أنه معارض
بالصحيح الأول المعتضد بالأصل والشهرة والصراحة مخالف للإجماع - لو
حمل على ظاهره - بالضرورة. فليحمل على تأكد السابع البتة، ويدخل
فيمن بلغ غير مختون الكافر إذا أسلم بلا خلاف في الظاهر وإن طعن في
السن، للخبر: إذا أسلم الكافر اختتن ولو بلغ ثمانين سنة (2).
* (وخفض الجواري) * وختانهن * (مستحب) * شرعا بلا خلاف. وهو
الحجة، مع المسامحة في أدلة السنن دون النصوص، لتصريحها بأنه ليس
من السنة.
ففي الصحيح: ختان الغلام من السنة وخفض الجارية ليس من السنة (3).
وهو وإن احتمل نفي الوجوب، إلا أن بعضها ظاهر في نفي السنة
بالمعنى المصطلح.
ففي الخبر: خفض النساء مكرمة ليست من السنة ولا شيئا واجبا، وأي
شئ أفضل من المكرمة (4). إلا أن ذيله مشعر بالاستحباب في الجملة.
وكيف كان لا ريب في الاستحباب، لما مضى.
* (وأن يعق عنه أيضا) * بذكر إن كان ذكر وإلا فأنثى، للخبر (5) وليس

(1) التحرير 2: 43 س 6.
(2) الوسائل 15: 166، الباب 55 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(3) الوسائل 15: 167، الباب 56 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2 و 3.
(4) الوسائل 15: 167، الباب 56 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2 و 3.
(5) المصدر السابق: 151، الباب 44، الحديث 11.
508

المماثلة واجبة إجماعا كما حكى وللنصوص المستفيضة.
منها الصحيح: العقيقة في الغلام والجارية سواء (1). فتأمل.
ولا خلاف في رجحانه في الجملة، والنصوص به مستفيضة كاستفاضتها
في توقيتها باليوم السابع فضلا.
وإنما الخلاف في الوجوب، والأظهر الأشهر العدم، بل كاد أن يكون
إجماعا، بل حكي صريحا في الخلاف (2). وهو الحجة فيه بعد الأصل، مع
فقد المعارض، إذ ليس إلا الأوامر في النصوص وهي مع قصور أسانيدها
متضمنة لكثير من الأوامر المستحبة الموهنة لدلالة الأوامر المزبورة على
الوجوب.
وأما النصوص المتضمنة لإطلاق ألفاظ الوجوب عليها فمع تضمن
أكثرها ما ذكر مع قصور السند يزيد ضعف الاستناد عليها على ما تقدم
بضعف دلالة الوجوب على المعنى المصطلح، فلعل المراد به مطلق الثبوت
المجامع للاستحباب، ويقوى إرادته هنا بالشهرة، وبالصحيح: كل امرئ
مرتهن يوم القيامة بعقيقته والعقيقة أوجب من الأضحية (3). والحال أن
الأضحية مستحبة عند أكثر علمائنا، بل ربما ادعي عليه الاتفاق. فتأمل.
وكيف كان، فخلاف المرتضى (4) والإسكافي (5) الموجبين لها ضعيف
جدا.
والإجماع الذي ادعاه الأول مع وهنه باشتهار خلافه معارض بإجماع
الشيخ (6) الذي هو أقوى كما لا يخفى.

(1) المصدر السابق: 147، الباب 42، الحديث 1.
(2) الخلاف 6: 67، المسألة 29.
(3) الوسائل 15: 143، الباب 38 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(4) الإنتصار: 406.
(5) نقله في المختلف 7: 303.
(6) الخلاف 6: 67، المسألة 29.
509

وأما الاستدلال على الاستحباب بالموثقين الدالين على إجزاء الأضحية
عن العقيقة إذا لم يعق عنه (1) فليس في محله، لاحتمال التداخل وإجزاء
المستحب عن الواجب، كما وجد نظيره في كثير من الأحكام الشرعية، مثل
ما قاله الصدوق من إجزاء غسل الجمعة عن غسل الجنابة للصائم الناسي لها
مع استحباب الأول عنده، كما يظهر من كلامه في الفقيه (2)، واعترف به
المستدل هنا في جملة تحقيقاته ثمة، حيث زيف نسبة القول بالوجوب هناك
إليه.
وما قال به جماعة من إجزاء الغسل المستحب عن الأغسال الواجبة
وإن لم يكن نواها ووردت به النصوص أيضا، كالأول. وما قاله أكثر
الأصحاب من اجزاء صلاة الجمعة في زمان الغيبة عن الظهر، مع استحبابها،
ووجوب الثاني عندهم. ولا ينافي ذلك تسميتهم الأول بالواجب المخير،
فإنما هي مجاز بلا خلاف بينهم.
نعم هما صالحان للتأييد، سيما إذا لم يقل بهما الموجبون. فتأمل.
* (ولا تجزئ الصدقة بثمنها) * مطلقا، للأصل، مع خروجه عن مسماها،
وللخبرين:
أحدهما الحسن: ولد لأبي جعفر (عليه السلام) غلامان فأمر زيد بن علي أن
يشتري له جزورين فاشترى له واحدة وعسرت عليه الأخرى، فقال لأبي
جعفر (عليه السلام): قد عسرت علي الأخرى فيصدق بثمنها؟ قال: لا، اطلبها حتى
تقدر عليه، فإن الله عز وجل يحب إهراق الدماء وإطعام الطعام (3).
* (و) * يستفاد منه أنه * (لو عجز) * عنها * (توقع المكنة) * وإطلاقه

(1) الوسائل 15: 173، الباب 65 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2 و 3.
(2) الفقيه 2: 119، الحديث 1896.
(3) الوسائل 15: 146، الباب 40 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2.
510

يشمل استحبابها وعدم سقوط استحبابه ولو إلى ما بعد البلوغ، مضافا إلى
خصوص بعض الأخبار، فقال: عمر بن يزيد لمولانا الصادق (عليه السلام): إني والله
ما أدري كان أبي عق عني أم لا، فأمره فعق عن نفسه، وهو شيخ (1). وقال:
كل امرئ مرتهن بعقيقته والعقيقة أوجب من الأضحية (2). وفي المضمر: إذا
ضحي عنه أو قد ضحى الولد عن نفسه أجزأه عن عقيقته (3).
وأما الخبر: إذا جازت سبعة أيام فلا عقيقة له (4) فمحمول على انتفاء
الفضل الزماني دون الفعلي، جمعا.
* (ويستحب فيها شروط الأضحية) * من كونها سليمة من العيوب
سمينة، للخبر: يذبح عنه كبش، فإن لم يوجد كبش أجزأه ما يجزئ في
الأضحية، وإلا فحمل أعظم ما يكون من حملان السنة (5).
وأما النصوص بأنها ليست كالأضحية وفيها الصحيح وغيره من
المعتبرة (6) فمحمولة على حال الضرورة، أو نفي الوجوب والشرطية، كما
في الأضحية، فليست لما مضى بمنافية.
فمناقشة بعض الأجلة (7) في استحباب الشروط هنا كما في الأضحية
للأخبار المذكورة واهية.
* (وأن يخص القابلة بالرجل والورك) * كما في النصوص (8). وفي بعضها

(1) المصدر السابق: 145، الباب 39 الحديث 1.
(2) المصدر السابق: 143، الباب 38 الحديث 1.
(3) الوسائل 15: 173، الباب 65 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(4) المصدر السابق: 170، الباب 60 الحديث 2.
(5) المصدر السابق: 146، الباب 41 الحديث 1.
(6) المصدر السابق: 153، الباب 45 الحديث 1.
(7) الحدائق 25: 63.
(8) الوسائل 15: 149، الباب 44 من أبواب أحكام الأولاد، الحديث 1 وص 150 الحديث 4.
511

تعطي الربع (1). قيل: هو يوافق الرجل والورك غالبا (2)، وفي آخر: الثلث (3)،
والجمع بتفاوت مراتب الفضل ممكن وإن كان الأخذ بما اشتهر بين
الأصحاب، وهو الأول أجود.
* (ولو كانت) * القابلة * (ذمية) * لا تأكل ذبيحة المسلم * (أعطيت ثمن
الربع) * للموثق: وإن كانت القابلة يهودية لا تأكل من ذبيحة المسلمين
أعطيت قيمة ربع الكبش (4)، وخصت اليهودية بالذكر لأكل النصارى وكذا
المجوس ذبائحنا.
* (ولو لم تكن) * ثمة * (قابلة تصدقت به) * أي بالربع * (الأم) * إلى من
شاءت من فقير أو غني، لعموم الموثق: وإن لم تكن قابلة فلأمه يعطيها من
شاءت (5).
* (وإذا لم يعق الوالد) * عنه * (استحب للولد) * أن يعق عن نفسه * (إذا
بلغ) * وإن شاب بلا خلاف، لمفهوم الموثقين:
في أحدهما: وإن لم يعق عنه حتى ضحى فقد أجزأته الأضحية (6).
ونحوه الثاني (7). فتأمل.
والأجود الاستدلال عليه بفحوى الصحيح الدال على استحبابها للولد،
مع الشك في عقيقة الوالد عنه. وفيه: ما أدري كان أبي عق عني أم لا،
فأمرني فعققت عن نفسي وأنا شيخ كبير (8)، مضافا إلى النصوص الدالة بأن
المرء مرتهن بعقيقته (9).

(1) الوسائل 15: 149، الباب 44 من أبواب أحكام الأولاد، الحديث 1 وص 150 الحديث 4.
(2) لم نعثر على قائله.
(3) الوسائل 15: 156، الباب 47 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(4) الوسائل 15: 152، الباب 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 14 و 15.
(5) الوسائل 15: 152، الباب 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 14 و 15.
(6) المصدر السابق: 173، الباب 65 الحديث 2 و 3.
(7) المصدر السابق: 173، الباب 65 الحديث 2 و 3.
(8) المصدر السابق: 145، الباب 39 الحديث 1.
(9) المصدر السابق: 144، الباب 38.
512

* (ولو مات الصبي) * ذكرا كان أو أنثى * (في) * اليوم * (السابع قبل
الزوال سقط) * استحبابها.
* (ولو مات بعد الزوال لم يسقط الاستحباب) * بلا خلاف في الظاهر،
للصحيح: عن مولود يولد فيموت يوم السابع هل يعق عنه؟ فقال: إن مات
قبل الظهر لم يعق عنه، وإن مات بعد الظهر عق عنه (1).
* (ويكره) * بل حكى قول بعدم الجواز * (أن يأكل منها الوالدان) * بل
ومن في عيالهما، والكراهة في الأم أشد، للنصوص.
منها: لا يأكل هو ولا أحد من عياله من العقيقة (2).
وفي الرضوي: ولا يأكل منه الأبوان (3). وفي ذيل الأول ما يدل على
جواز أكل من عدا الأم، وشدة كراهته فيها. ونحوه في الأول نصوص كثيرة:
منها الخبر: إذا ولد لك غلام أو جارية فعق عنه يوم السابع شاة
أو جزورا وكل منها وأطعم (4).
وفي آخر: في عقيقة الرسول (صلى الله عليه وآله) عن الحسنين (عليهما السلام) قال: وعق عنهما
شاة شاة وبعثوا برجل [شاة] إلى القابلة ونظروا ما غيره فأكلوا منه (5).
وقريب منهما آخر (6).
وبهما مع الأصل وضعف النصوص المانعة يدفع القول بالحرمة.
ونحوه في الثاني الحسن: لا تطعم الأم منها شيئا (7).
والمرسل لا تأكل المرأة من عقيقة ولدها (8).

(1) الوسائل 15: 170، الباب 61 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(2) المصدر السابق: 156، الباب 47 الحديث 1.
(3) فقه الرضا: 239.
(4) الوسائل 15: 151، الباب 44 الحديث 7.
(5) المصدر السابق: 158، الباب 50 الحديث 4.
(6) المصدر السابق: 138، الباب 36 الحديث 5.
(7) المصدر السابق: 156، الباب 47 الحديث 2 و 3.
(8) المصدر السابق: 156، الباب 47 الحديث 2 و 3.
513

وفي الرضوي: ولا يأكل منها الأبوان، وإن أكلت منه الأم فلا ترضعه (1).
ويستفاد منها كراهة الإرضاع مع أكلها منها، وبه صرح الصدوق في
الفقيه (2)، ولا بأس بها وإن لم يذكره غيره.
* (وأن يكسر شئ من عظامها، بل يفصل مفاصلها) * (3) بلا خلاف،
للنصوص:
منها: ولا تكسر العظم منها، واقطع العقيقة جداول، وادع عليها رهطا من
المسلمين.
وليس بمحظور إجماعا، للأصل، وضعف النصوص المانعة، وصريح
الموثق بالجواز: عن العقيقة إذا ذبحت هل يكسر عظمها؟ قال: نعم (4).
ثم إن ما اشتهر في أمثال زماننا بين الناس من استحباب دفن العظام بل
ولفها في خرقة فلم نقف في النصوص على كثرتها وكذا أقوال الفقهاء، على
ما يدل عليه. ولا بأس به ما لم يقصد الشرعية، ومعها فيمكن التحريم
والإباحة، بناء على احتمال دخوله في المعتبرة الدالة على أن من بلغه شئ
من الثواب (5)... الخ. ولكن المتجه حينئذ الاستحباب، لكنه مشكل، والله
العالم.
* (ومن التوابع) *:
* (الرضاع) * بكسر الراء وفتحها مصدر رضع كسمع وضرب كالرضاعة
بالكسر والفتح أيضا، وهو امتصاص الثدي.
* (والحضانة) * بالفتح، وهو ولاية على الطفل والمجنون لفائدة تربيته،

(1) فقه الرضا: 239.
(2) الفقيه 3: 486، الحديث 4716.
(3) في المتن المطبوع: مفاصل الأعضاء.
(4) الوسائل 15: 152، الباب 44 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 17.
(5) الوسائل 1: 59، الباب 18 من أبواب مقدمة العبادات.
514

وما يتعلق بها من مصلحته من حفظه وجعله في سريرة ورفعه وكحله ودهنه
وتنظيفه وغسل خرقه وثيابه ونحوه.
* (و) * لا ريب ولا خلاف في أن * (أفضل ما يرضع) * به الولد * (لبن
أمه) * لأوفقيته بمزاجه وأنسبيته بطبيعته لتغذيته منه في بطن أمه، وللنص: ما
من لبن رضع به الصبي أعظم بركة عليه من لبن أمه (1).
* (و) * المعروف من مذهب الأصحاب بل كاد أن يكون إجماعا بينهم
أنه * (لا تجبر) * الأم * (الحرة) * وكذا الأمة مملوكة الغير * (على إرضاع
ولدها) * إلا إذا لم يكن للولد مرضعة أخرى سواها، أو كانت ولم يمكن،
لعدم وجود الأب أو إعساره، وعدم تمكنه منه، مع عدم مال للولد يمكن به
إرضاعه من غيرها، فيجب عليها بلا خلاف، كوجوب إنفاقها عليه في هاتين
الصورتين.
وأما عدم الوجوب في غيرهما فللأصل، والخبر: لا تجبر الحرة على
رضاع الولد وتجبر أم الولد (2)، مع التأيد بظاهر عموم " لا تضار والدة
بولدها " (3)، الشامل لمثل الإضرار بها فيه بالإجبار على إرضاعه، وظاهر
قوله سبحانه: " فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " (4)، وقوله: " وإن
تعاسرتم فسترضع له أخرى " (5). وفي الاستدلال بهما نظر.
وبما مر يصرف ظاهر الطلب المطلق المنصرف إلى الوجوب في الظاهر
على الأشهر الأظهر المستفاد من قوله سبحانه: " والوالدات يرضعن أولادهن
حولين كاملين " (6) الآية إلى الاستحباب، جمعا بين الأدلة.
ويمكن الجمع بحمله إما على الصورتين الأوليين، أو على أم ولد المولى

(1) الوسائل 15: 175، الباب 68 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2.
(2) المصدر السابق: الحديث 1.
(3) البقرة: 233.
(4) الطلاق: 6.
(5) الطلاق: 6.
(6) البقرة: 233.
515

* (و) * ذلك لعدم الخلاف في أنه * (يجبر الأمة مولاها) * على إرضاع ولدها،
بل مطلقا، لما مضى من صريح الخبر، ولأنها بجميع منافعها ملك له فتجبر.
وبالجملة لا إشكال في أصل الحكم مع استثناء الصورتين الماضيتين
إنما الإشكال في استثناء صورة ثالثة، وهي وجوب إرضاعها اللباء وهو أول
اللبن فقيل: نعم، كما في القواعد (1) واللمعة (2)، لأن الولد لا يعيش بدونه.
خلافا للأكثر، فالعدم، لمخالفة التعليل الوجدان. وهو أظهر، إلا مع ثبوت
الضرر فيجب بلا إشكال ولا نظر.
ويتقدر المدة حينئذ بمقدار اندفاعه. وربما قيد بثلاثة أيام، والمحكي
عن أهل اللغة أنه أول الحلبة.
وعليه، ففي لزوم الأجر قولان، وبه صرح الأكثر. وهو أظهر، لإطلاق
" فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن " (3).
ولا قائل بالفرق بين المطلقات وغيرهن، مع التأيد بما قيل: من أنه في
الحقيقة عوض عن اللبن فيكون كمن عنده طعام اضطر إليه ذو نفس
محترمة (4). وقيل: لا، لأنها كالعبادة الواجبة لا يجوز أن يؤخذ عليها
أجرة (5).
والمناقشة فيه واضحة، مع أنه اجتهاد صرف في مقابلة إطلاق الآية (6)
المعتضدة بالشهرة.
* (وللحرة) * المستأجرة للإرضاع بنفسها أو بغيرها أو على الإطلاق ولو
أرضعته من الغير على الأشهر كما في المسالك (7)، وعلى إشكال لو تبادر من
الإطلاق الإرضاع بنفسها، وإلا فحسن * (الأجرة) * المضروبة * (على الأب) *

(1) القواعد 2: 51 س 3.
(2) اللمعة: 120.
(3) الطلاق: 6.
(4) قاله في كشف اللثام 2: 105 س 13.
(5) قاله في التنقيح الرائع 3: 267.
(6) الطلاق: 6.
(7) المسالك 8: 415.
516

الحي الموسر مطلقا، و * (إن) * كانت الحرة أما و * (اختارت إرضاعه) *
بعد استئجارها لذلك.
* (وكذا لو أرضعته خادمتها) * المملوكة لها بلا إشكال ولا خلاف، لأنها
من جملة نفقته الواجبة له عليه، ولقوله تعالى: " وعلى المولود له رزقهن " (1)
الآية. فتأمل.
وهل يجوز استئجار الأم لذلك وهي في حبالته؟
المشهور نعم، للأصل، والعمومات، ولقوله تعالى: " فإن أرضعن لكم " (2)
الآية.
خلافا للشيخ في موضع من المبسوط، فقوى المنع، لأنه مالك
للاستمتاع بها في كل وقت إلا ما استثني من أوقات العبادات فلا تقدر هي
على إيفاء المنافع المستأجرة (3). وأما الآية فمسوقة للمطلقات، ولا نزاع
فيهن.
وفيه نظر، لمجئ المانع من قبله، فإذا أسقطه سقط، ولما استأجرها فقد
أسقط حقه من الاستمتاع في الأوقات التي لا يمكنه مع الإرضاع. وهو أولى
بالصحة من أجير أذن له المؤجر في الإجارة من غيره في مدة إجارته كذا
قيل (4).
وإنما يصح إذا كان الأب هو المستأجر، ولا أظن الشيخ (رحمه الله) يمنع حينئذ،
وأما إذا كان غيره، فلا يجري فيه الجواب، فقوله لا يخلو عن قوة، إلا أن
المحكي عنه هو الصورة الأولى وهو عن مثله غريب.
* (ولو كان الأب ميتا) * أو معسرا * (فمن مال الرضيع) * بلا خلاف
ولا إشكال في الأول، للنصوص:

(1) البقرة: 233.
(2) الطلاق: 6.
(3) المبسوط 6: 36 و 37.
(4) قاله في كشف اللثام 2: 105 س 24.
517

منها المرسل كالصحيح: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قضى في رجل توفي
وترك صبيا فاسترضع له أن أجر رضاع الصبي مما يرث من أبيه وأمه (1).
وقريب منه الصحيح: في رجل مات وترك امرأته ومعها منه ولد فألقته
على خادم لها فأرضعته ثم جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصي، فقال لها:
أجر مثلها وليس للوصي أن يخرجه من حجرها حتى يدرك ويدفع إليه
ماله (2).
وربما ظهر من إطلاق العبارة وجوب الأجرة على الأب ولو مع إعساره.
واستشكله جماعة، للأصل، مع عدم كون الولد حينئذ ممن يجب عليه إنفاقه
عليه. وهو في محله، إلا أن إطلاق الآيتين الموجبتين للأجرة عليه ربما
ينافي ذلك.
وكيف كان، فلا ريب أنه أحوط إن أمكن باقتراض ونحوه، وإلا فلا
ريب في سقوطه، بل ولعله لا خلاف فيه حينئذ.
* (و) * نهاية * (مدة الرضاع) * في الأصل * (حولان) * كاملان بلا
خلاف بنص الآية (3) والرواية (4).
* (ويجوز الاقتصار على أحد وعشرين شهرا) * باتفاقنا، كما حكاه
جماعة من أصحابنا، لظاهر " حمله وفصاله ثلاثون شهرا " (5)، فإن الغالب
في الحمل تسعة أشهر، وللنصوص:
أحدها الموثق: الرضاع أحد وعشرون شهرا فما نقص فهو جور
على الصبي (6).

(1) الوسائل 15: 179، الباب 71 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2.
(2) المصدر السابق: الحديث 1.
(3) البقرة: 233.
(4) الوسائل 15: 177، الباب 70 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(5) الأحقاف: 15.
(6) الوسائل 15: 177، الباب 70 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 5.
518

والثاني الخبر: الفرض في الرضاع أحد وعشرون شهرا فما نقص من
أحد وعشرين شهرا فقد نقص المرضع، فإن أراد أن يتم الرضاعة له فحولين
كاملين (1). ونحوهما الثالث، المروي هو والأول في الفقيه (2)، مع احتمال
صحة الأخير.
ومقتضاها أنه لا يجوز أقل من ذلك، وهو المشهور بين الأصحاب، بل
كاد أن يكون إجماعا، بل حكى صريحا. وهو حجة أخرى في المسألة بعد
هذه النصوص المعتبرة، المنجبر قصور أسانيدها على تقديره بالإجماع
* (ولا أقل) * من الشهرة العظيمة.
فمناقشة بعض الأجلة في المسألة وتجويزه النقص عن المدة المزبورة
من غير ضرورة للأصل وظاهر الآية " فإن أرادا فصالا عن تراض منهما
وتشاور فلا جناح عليهما " (3) واهية، لتخصيصها بما مر من الأدلة، مع
إجمال الثانية. فتأمل.
وبنحو ذلك يجاب عن الصحيح: ليس للمرأة أن تأخذ في رضاع ولدها
أكثر من حولين كاملين، فإن أراد الفصال قبل ذلك عن تراض منهما
فحسن (4).
* (و) * يجوز * (الزيادة) * عن الحولين * (بشهر أو شهرين) * لظاهر
الصحيحين الماضي أحدهما الآن.
وأظهر منه الثاني: عن الصبي هل يرضع أكثر من سنتين؟ فقال: عامين،
قلت: فإن زاد على سنتين هل على أبويه من ذلك شئ؟ قال: لا (5).

(1) المصدر السابق: الحديث 2.
(2) الفقيه 3: 474 و 475، الحديث 4661 و 4662.
(3) نهاية المرام 1: 463.
(4) الوسائل 15: 177، الباب 70 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 3.
(5) الوسائل 15: 177، الباب 70 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 4.
519

ولكن ليس فيهما التقييد بالشهرين، بل إطلاقهما يشمل الزائد، وهو
مقتضى الأصل، وإليه مال جماعة.
ولكن المشهور أنه * (لا) * يجوز * (أكثر) * من المدة المزبورة.
ومستنده غير واضح. إلا ما يقال: من أن به رواية (1).
وفي الاعتماد على مثلها في تقييد ما مر من الأدلة مناقشة، وإن كان
ربما يتوهم كونها مرسلة مجبورا ضعفها بالشهرة، وأن مثلها ترجح على
الأدلة الماضية. وذلك لأن الرجحان بعد وضوح الدلالة وليس، إذ يحتمل
التوهم، لكن مراعاة الاحتياط مطلوبة بالبديهة.
* (ولا يلزم الوالد أجرة ما زاد على الحولين) * من رضاع الولد مع عدم
الضرورة إليه قطعا، ووفاقا فتوى ونصا، ومنه الصحيح الماضي قريبا: ليس
للمرأة أن تأخذ في رضاع ولدها إلى آخره (2). ونحوهما الخبران (3)،
أحدهما الصحيح أيضا.
وربما يستفاد من إطلاق هذه النصوص - كالعبارة وكلام جماعة - عموم
الحكم لصورة الضرورة. وتأمل فيه جماعة، بناء على أن ذلك للولد بمنزلة
النفقة الضرورية، فيجب على والده الأجرة. وفيه أنه اجتهاد في مقابلة
إطلاق النصوص المعتبرة المعتضدة بالأصل، والشهرة، بل والاتفاق، كما
يظهر عن عبارة بعض الأجلة (4).
لكن ربما يجاب عن النصوص وعبارات الأصحاب بالورود مورد
الغالب. وربما لا يخلو عن مناقشة، إلا أن الأحوط مراعاة الأجرة.
* (والأم أحق بإرضاعه إذا تبرعت أو قنعت بما تطلب غيرها) *

(1) السرائر 2: 628.
(2) الوسائل 15: 176، الباب 70 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1 و 2 و 3.
(3) الوسائل 15: 176، الباب 70 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1 و 2 و 3.
(4) المسالك 8: 417.
520

إجماعا حكاه جماعة (1). قيل: لظاهر الآية " فإن أرضعن لكم " الآية (2).
والأجود الاستدلال عليه بالرواية المطلقة: الحبلى ينفق عليها حتى تضع
حملها وهي أحق بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة أخرى يقول الله عز وجل:
" لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك " لا يضار
الصبي ولا يضار به في رضاعه (3)، الحديث، مع التأيد بالإشفاق وموافقة
اللبن، كما يشعر بها ذيلها.
* (و) * ربما ظهر منها أنها * (لو طلبت زيادة عما تقنع غيرها فللأب
نزعه) * منها * (واسترضاع غيرها) * مطلقا وإن لم تطالب أزيد من أجرة
المثل، كما هو الأظهر الأشهر بين الأصحاب، لذلك، ولإطلاق قوله سبحانه:
" وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى " (4)، والخبرين.
في أحدهما - ويستفاد منه الحكم الأول أيضا -: إذا طلق الرجل المرأة
وهي حبلى أنفق عليها حتى تضع حملها، فإذا وضعته أعطاها أجرها
ولا يضارها، إلا أن يجد من هو أرخص منها، فإن هي رضيت بذلك الأجر
فهي أحق بابنها حتى تفطمه (5).
وفي الثاني: فإن قالت المرأة لزوجها الذي طلقها أنا أرضع ابني بما تجد
من يرضعه فهي أحق به (6).
وقيل: بل هي أحق مطلقا إذا لم تطلب أكثر من أجرة المثل (7).
ولا ريب في ضعفه، فإن هو إلا اجتهاد في مقابلة النصوص المعتبرة

(1) قاله الشهيد في المسالك 8: 417.
(2) لم نعثر على من ادعى الإجماع.
(3) الوسائل 15: 178، الباب 70 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 7.
(4) الطلاق: 6.
(5) الوسائل 15: 191، الباب 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2 و 3.
(6) الوسائل 15: 191، الباب 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 2 و 3.
(7) نقله ابن إدريس عن أبي حامد وأفتى به، السرائر 2: 650.
521

بالشهرة، والموافقة لإطلاق ظاهر الآية (1)، السالمة عما يصلح للمعارضة من
الأدلة، مضافا إلى أصالة عدم الأحقية إلا ما ساعدت بإخراجه الأدلة.
* (وأما الحضانة فالأم أحق بالولد) * وتربيته * (مدة الرضاع) * مطلقا،
ذكرا كان، أم أنثى، أم غيرهما إجماعا، فتوى ونصا فيما إذا أرضعته،
وإلا فقولان، من الأصل، وظاهر النصوص:
أظهرها الموثق: فإن وجد الأب من يرضعه بأربعة دراهم وقالت الأم،
لا أرضعه إلا بخمسة دراهم، فإن له أن ينزعه منها (2). وقريب منه ما مضى
قبيل المقام من النصوص، لدلالتها بالمفهوم على عدم أحقيتها، مع عدم
رضاها بإرضاعه.
وليست في الظهور كالأول، لاحتمالها سلب الأحقية، من جهة الإرضاع
الغير الملازم لسلبها من جهة الحضانة، ومن أن كلا من الحضانة والرضاعة
حقان متغايران فلا يلزم من سقوط أحدهما سقوط الآخر.
وهو جيد إن قام دليل على استحقاقها الحضانة على الإطلاق، وليس
إلا ما سيأتي من أحقيتها بالولد على الإطلاق، وهو مع قصور سنده معارض
بما دل على أحقية الأب كذلك وليس بعد التعارض سوى التساقط إن لم نقل
برجحان الأخير، ومعه فلا دلالة على إطلاق أحقيتها بالحضانة.
فإذا الأول أقوى، للأصل، مع النصوص الماضية التي هي حجة أخرى
في رد ما ذكر للثاني من الحجة.
وإلى ما صرنا إليه صار جماعة لما ذكر من الأدلة، مضافا إلى استلزام
بقاء حق الحضانة مع انتفاء حق الرضاعة العسر والحرج والضرر بتردد

(1) البقرة: 233.
(2) الوسائل 15: 190، الباب 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
522

المرضعة إلى الأم في كل وقت يحتاج إلى الإرضاع، وهما منفيان آية (1)
ورواية (2).
هذا، وأما القول باشتراك الحضانة بين الأبوين كما عن المهذب مدعيا
عليه الإجماع (3) فضعيف، وإن دل عليه صدر الموثق السابق " ما دام الولد
في الرضاع فهو بين الأبوين بالسوية " لوهن الإجماع بمصير الأكثر، بل الكل
إلى الخلاف، ومعارضة صدر الرواية بذيلها، وقد مضى.
وفيه تصريح بجواز اختصاص الأب بالحضانة مع عدم إقدام الأم على
الرضاعة، مضافا إلى ضعف الدلالة، وعدم وضوح المراد بالتسوية، فقد يراد
بهما التسوية من جهة أن على الأم الرضاعة، وعلى الأب الأجرة، كما ذكره
بعض الأجلة (4).
ثم حضانة الأم حيثما ثبتت لها مشروطة بما * (إذا كانت حرة مسلمة) *
عاقلة غير مزوجة بلا خلاف في الأربعة.
فلا حضانة للأمة، لفحوى النصوص النافية للحضانة عن الأب العبد ما
دام العبودية. ففي الصحيح: أيما امرأة حرة تزوجت عبدا فولدت منه أولادا
فهي أحق بولدها منه، وهم أحرار، فإذا أعتق الرجل فهو أحق بولده منها
لموضع الأب (5). مع أن منافعها مملوكة لسيدها، فهي مشغولة بخدمته عن
الحضانة، ولأن الحضانة ولاية والأمة ليس لها أهلية.
ولا للكافرة إذا كان الولد مسلما، لأن الحضانة ولاية، ولا ولاية لها على
المسلم. فتأمل.

(1) الحج: 78.
(2) الوسائل 17: 341، الباب 12 من أبواب إحياء الموات الحديث 5.
(3) المهذب 3: 426.
(4) الوافي 23: 1377.
(5) الوسائل 15: 181، الباب 73 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
523

ولا للمجنونة، لاحتياجها إلى الحضانة. فكيف يعقل حضانتها لغيرها؟!
وفي إلحاق المرض المزمن الذي لا يرجى زواله كالسل والفالج بحيث
تشغل بالألم عن كفالته وتدبير أمره وجهان. ونحوه المرض المعدي. وإطلاق
الأدلة مع أصالة بقاء الولاية إذا كانت الأمراض حادثة بعدها يقتضي الإلحاق.
والضرر مندفع بالاستنابة، إلا أن في شمول الإطلاق لمثلها نوع مناقشة.
ولا للمزوجة، لإجماع الطائفة كما في الروضة (1)، وللخبرين. أحدهما:
عن الرجل يطلق امرأته وبينهما ولد أيهما أحق بالولد؟ قال: المرأة أحق
بالولد ما لم تتزوج (2). ونحوه الثاني (3). ولو طلقت بائنا أو رجعيا انقضت
عدتها ففي عود ولايتها وجهان، بل قولان، والأصل يقتضي الثاني، كما عن
الحلي (4). والخبران العاميان يقتضيان الأول.
وزيد هنا شرطان آخران لا دليل عليهما.
ولا اختصاص للشروط بالأم، فإن الأب شريك لها فيها حيث يثبت له
الحضانة إجماعا، إلا الشرط الرابع، فلا ينافيها في حقه تزويجه بامرأة
أخرى.
* (وإذا فصل) * الولد عن الرضاع * (فالحرة أحق بالبنت إلى سبع
سنين) * من حين الولادة على الأشهر الأظهر، بل عليه الإجماع عن
السرائر (5) والغنية (6). وهو الحجة فيه، مضافا إلى إطلاق المعتبرة:
منها الصحيح: المرأة أحق بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين إلا أن تشاء
المرأة (7).

(1) الروضة 5: 463
(2) الوسائل 15: 191، الباب 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 4.
(3) المصدر السابق: 192 الحديث 6.
(4) السرائر 2: 651.
(5) السرائر 2: 653.
(6) الغنية: 387.
(7) الوسائل 15: 192، الباب 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 6.
524

ونحوه الخبر المروي في مستطرفات السرائر: رجل تزوج امرأة فولدت
منه ثم فارقها متى يجب له أن يأخذ ولده؟ فكتب: إذا صار له سبع سنين،
فإن أخذه فله، وإن تركه فله (1).
* (وقيل) * كما عن المقنعة (2) والمراسم (3) والمهذب (4): إنها أحق بها
* (إلى تسع سنين) * ومستنده غير واضح، إلا بعض الوجوه الاعتبارية التي
لا تصلح لتأسيس الأحكام الشرعية.
* (والأب أحق بالابن) * (5) بعد الفطام على الأظهر الأشهر، بل عليه
الإجماع عن الغنية (6). وهو الحجة فيه، كإطلاق بعض المعتبرة، مثل الموثقة
السابقة: إذا فطم فالأب أحق به من الأم (7).
وهي وإن شملت الأنثى إلا أنها خصت بالذكر جمعا بينها وبين ما مر
مما أطلق فيه السبع، بحمله على الأنثى جمعا أيضا.
ومستند الجمع هو الإجماع المحكي في المقامين مع التأيد بما ذكروه
من المناسبة، فإن الذكر أولى بالزوج من الزوجة، كأولويتها منه بالأنثى
في الحضانة.
ولولاهما لكان القول بالتفصيل - وإن اشتهر - مشكلا، وكان القول
بإطلاق السبع مطلقا متجها.
وهنا قولان آخران.
أحدهما: إطلاق الحضانة للأم ما لم تتزوج، كما عن المقنع (8)، للخبرين

(1) مستطرفات السرائر 3: 581.
(2) المقنعة: 531.
(3) المراسم: 164.
(4) المهذب 2: 352.
(5) في المتن المطبوع زيادة: * (ولو تزوجت الأم سقطت حضانتها) *.
(6) الغنية: 387.
(7) الوسائل 15: 191، الباب 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(8) المقنع: 360.
525

اللذين مضيا في الشرائط. وفيهما: المرأة أحق بالولد ما لم تتزوج (1).
وقصور سندهما مع عدم جابر لهما هنا مضافا إلى عدم مكافأتها لما مضى
من النص والفتوى الذي عليه الإجماع قد ادعى (2)، يمنع عن العمل بهما، مع
معارضتهما بما دل على أولوية الأب بالحضانة مطلقا. وفيه ما هو بحسب
السند أقوى.
وثانيهما كالأول منهما بالإضافة إلى البنت وأولويتها بالصبي إلى السبع،
كما عن الإسكافي (3) والخلاف (4)، مدعيا عليه فيه الوفاق والأخبار.
والأول: موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف، مع معارضته بما هو أقوى
عددا واعتبارا.
والثاني: لم نقف عليه.
فإذا القول الأول من الأقوال في أصل المسألة أظهر وأقوى، كما مضى.
* (ولو مات الأب فالأم أحق به) * أي الولد مطلقا، ذكرا كان أو أنثى
* (من الوصي) * للأب، أو الجد له، أو غيره مطلقا، انقطعت حضانتها عنه
قبل موت الأب أم لا، إلى أن يبلغا، لأنها أشفق وأرفق " وأولوا الأرحام
بعضهم أولى ببعض في كتاب الله " (5)، وللمرسل كالصحيح على الصحيح:
عن رجل مات وترك امرأة ومعها منه ولد فألقته على خادم لها فأرضعته ثم
جاءت تطلب رضاع الغلام من الوصي، فقال لها: أجر مثلها، وليس للوصي
أن يخرجه من حجرها حتى يدرك، ويدفع إليه ماله (6). وقريب منه فحوى
الموثق: فإذا مات الأب فالأم أحق به من العصبة (7).

(1) الوسائل 15: 191، الباب 81 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 4 و 6.
(2) ادعاه الحلي في السرائر 2: 653.
(3) نقله في المختلف 7: 306.
(4) الخلاف 5: 131، المسألة 36.
(5) الأنفال: 75.
(6) الوسائل 15: 178، الباب 71 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1.
(7) المصدر السابق: 190، الباب 81 الحديث 1.
526

وإطلاقهما - كالعبارة والآية الشريفة - يقتضي إطلاق الأحقية ولو كانت
مزوجة، وبه صرح جماعة ومنهم العلامة (1). والخبران بالسقوط في
المزوجة ظاهران في حياة الأب جدا. والاشتغال بحقوق الزوج غير كاف
للاسقاط قطعا.
* (وكذا لو كان الأب مملوكا أو كافرا كانت الأم الحرة) * المسلمة * (أحق
به) * حضانة * (ولو تزوجت) * أو لم يكن لها ولاية مع حرية الأب وإسلامه،
لانتفاء الأهلية عنها، ولمنطوق الخبرين في الأول، وفحواهما في الثاني.
في أحدهما الصحيح: أيما امرأة حرة تزوجت عبدا فولدت منه أولادا
فهي أحق بولدها منه، وهم أحرار، فإذا أعتق الرجل فهو أحق بولده منها
لموضع الأب (2).
وفي الثاني: ليس للعبد أن يأخذ منها ولدها وإن تزوجت حتى يعتق هي
أحق بولدها منه ما دام مملوكا فإذا أعتق فهو أحق بهم منها (3).
* (و) * يستفاد منهما أيضا أنه * (لو أعتق الأب فالحضانة له) *.
وينبغي تقييدهما بما إذا كانت له الحضانة بأن كان العتق بعد الفطام في
الذكر وبعد السبع في الأنثى. والوجه ظاهر.
فإن فقد الأبوان فقيل: إن الحضانة لأب الأب، لأنه أب في الجملة
فيكون أولى من غيره من الأقارب، ولأنه أولى بالمال فيكون أولى
بالحضانة، وبهذا جزم في القواعد فقدم الجد للأب على غيره من الأقارب (4).
ويشكل بأن ذلك لو كان موجبا لتقديمه لاقتضى تقديم أم الأم عليه،
لأنها بمنزلة الأم، وهي مقدمة على الأب على ما فصل. وولاية المال

(1) الإرشاد 2: 40.
(2) الوسائل 15: 181، الباب 73 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1 و 2.
(3) الوسائل 15: 181، الباب 73 من أبواب أحكام الأولاد الحديث 1 و 2.
(4) نهاية المرام 2: 472.
527

لا مدخل لها في الحضانة، وإلا لكان الأب أولى من الأم، وكذا الجد له،
وليس كذلك إجماعا، والنصوص خالية من غير الأبوين من الأقارب،
وإنما استفيد حكمهم من آية أولوا الأرحام، وهي لا تدل على تقديمه
على غيره من درجته، وبهذا جزم في المختلف، وهو أجود (1).
فإن فقد أبو الأب أو لم نرجحه فللأقارب منهم إلى الولد فالأقرب منهم
على الأظهر الأشهر، لآية " أولي الأرحام "، فالجدة لأم كانت أم لأب وإن
علت أولى من العمة والخالة، كما أنهما أولى من بنات العمومة والخؤولة،
وكذلك الجدة الدنيا والخالة والعمة أولى من العليا منهن، وكذا ذكور كل
مرتبة.
ثم إن اتحد الأقرب فالحضانة مختصة به، وإن تعدد أقرع بينهم، لما في
اشتراكها من الإضرار بالولد.
ولو اجتمع ذكر وأنثى ففي تقديم الأنثى قول في التحرير (2)، مأخذه
تقديم الأم على الأب وكون الأنثى أوفق لتربية الولد وأقوم بمصالحه، سيما
الصغير والأنثى. وإطلاق الدليل المستفاد من الآية يقتضي التسوية بينهما،
كما يقتضي التسوية بين كثير النصيب وقليله، ومن يمت بالأبوين وبالأم
خاصة، لاشتراك الجميع في الإرث.
وقيل: إن الأخت من الأبوين أو الأب أولى من الأخت للأم، وكذا أم
الأب أولى من أم الأم، والجدة أولى من الأخوات، والعمة أولى من الخالة،
نظرا إلى زيادة القرب أو كثرة النصيب.
وفيه نظر بين، لأن المستند - وهو الآية - مشترك، ومجرد ما ذكر
لا يصلح دليلا.

(1) القواعد 2: 51، س 21.
(2) التحرير 2: 44، س 21.
528

وقيل: لا حضانة لغير الأبوين اقتصارا على موضع النص، وعموم الآية
يدفعه.
والمناقشة فيه لا وجه لها بالمرة.
ثم إذا بلغ الولد رشيدا سقطت الحضانة عنه بلا خلاف، لأنها ولاية
والبالغ الرشيد لا ولاية عليه لأحد، سواء في ذلك الذكر والأنثى البكر والثيب،
لكن قيل: يستحب له أن لا يفارق أمه خصوصا الأنثى إلى أن تتزوج (1).
واعلم أنه لا شبهة في كون الحضانة حقا لمن ذكر، ولكن هل يجب
عليه مع ذلك أم له إسقاط حقه منها؟ الأصل يقتضي ذلك، وهو الذي صرح به
الشهيد في قواعده، فقال: لو امتنعت الأم من الحضانة صار الأب أولى به،
ولو امتنعا معا فالظاهر إجبار الأب (2). ونقل عن بعض الأصحاب
وجوبها (3). وهو حسن حيث يستلزم تركها تضييع الولد، إلا أن حضانته
حينئذ تجب كفاية كغيره من المضطرين.
وفي اختصاص الوجوب بذي الحق نظر، وليس في الأخبار ما يدل
على غير ثبوت أصل الاستحقاق، وهو لا يستلزم الوجوب.
* (النظر الخامس: في النفقات) *
* (وأسبابها) * الموجبة لها * (ثلاثة: الزوجية، والقرابة، والملك) *
بإجماع الأمة كما حكاه جماعة (4)، والأصل في الأول - بعد ما مر - الكتاب
والسنة المستفيضان.
قال عز من قائل: " لينفق ذو سعة من سعته ومن قدر عليه رزقه فلينفق
مما آتاه الله " (5) وقال: " وعاشروهن بالمعروف " (6)، وقال: " الرجال قوامون

(1) قاله الشهيد الثاني في الروضة 5: 464.
(2) القواعد والفوائد 1: 396.
(3) حكاه الشهيد الثاني في الروضة 5: 464.
(4) الحدائق 25: 97.
(5) الطلاق: 7.
(6) النساء: 19.
529

على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم " (1).
وفي الصحيح في تفسير الآية الأولى: إن أنفق عليها ما يقيم ظهرها مع
كسوة، وإلا فرق بينهما (2)، والمعتبرة (3) من الصحيح وغيره بمعناه مستفيضة.
* (أما الزوجة، فيشترط في وجوب نفقتها شرطان) *:
* (العقد الدائم) * بلا خلاف، بل إجماعا كما حكاه جماعة (4) * (فلا نفقة
لمستمتع بها) * لما مر من الأصل، والمعتبرة الدالة على أنها مستأجرة، ولا
خلاف في عدم استحقاق الأجير النفقة. ففي الخبر: تزوج منهن ألفا فإنهن
مستأجرات (5).
* (والتمكين الكامل) * المعرف في الشرائع وغيره بالتخلية بينها وبينه،
بحيث لا تخص موضعا ولا زمانا، والظاهر تحققه ببذلها نفسها في كل زمان
ومكان يريد فيه الاستمتاع وحل له مع عدم مانع شرعي له أو لها، فلا يحتاج
إلى اللفظ الدال عليه من قبلها.
خلافا للتحرير، فأوجب (6). ولا دليل عليه، إلا إذا توقف معرفته عليه،
واشتراط هذا الشرط مشهور بين الأصحاب، بل كاد أن يكون إجماعا.
مع أنا لم نقف على مخالف فيه صريحا، بل ولا ظاهرا، إلا ما ربما
يستفاد من تردد المصنف في الشرائع (7)، واستشكال الفاضل في القواعد (8)،
وهو بمجرده لا يوجب المخالفة، مع تصريح الأول بأن اعتباره هو الأظهر
بين الأصحاب بكلمة الجمع المعرف المفيد للعموم الظاهر في الإجماع،

(1) النساء: 34.
(2) الوسائل 14: 223، الباب 15 من أبواب النفقات الحديث 1، والمعتبرة نفس المصدر.
(3) الوسائل 14: 223، الباب 15 من أبواب النفقات الحديث 1، والمعتبرة نفس المصدر.
(4) كشف اللثام 2: 107 س 26.
(5) الوسائل 14: 446، الباب 4 من أبواب المتعة الحديث 2.
(6) التحرير 2: 45 س 32.
(7) الشرائع 2: 347.
(8) القواعد 2: 52 س 6.
530

ونحوه شيخنا الشهيد في المسالك، وأظهر من كلامه ثمة كلامه في
الروضة (1)، فاختار المصير إلى اعتباره بعد المناقشة في دليله، معتذرا بعدم
ظهور مخالف فيه وجعله وسيلة لاختياره، وهو ينادي باجماعيته، فإن دأبه
عدم جعل الشهرة بل ولا عدم ظهور الخلاف بمجرده دليلا وإن وجد له من
الأخبار الغير الصحيحة شاهدا.
فحكمه بتحتم المصير إليه لأجله قرينة واضحة على بلوغه حد الإجماع
ودرجته. وهو الحجة فيه بعد الأصل المؤيد، بل المعتضد بظاهر الأمر
بالمعاشرة بالمعروف، الظاهر في اختصاص الأمر بالإنفاق بما يقتضيه العادة،
وليس من مقتضياته الوجوب إلا بعد التمكين كما هو المشاهد من
أهلها، فإنهم ينكحون ويتزوجون من دون إنفاق إلى الزفاف، مع عدم اختلاف
من الزوجات وأهلهن فيه مع الأزواج المستمرين على ذلك ولا نفاق.
وربما يتخذ ذلك من المسلمين إجماعا، ويجعل مثله وفاقا، بل وربما
يلحق بالضرورة قطعا، وقد جعل الأصحاب هذا من فروع التمكين، ومع
ثبوت حكمه فيه يثبت في غيره من الفروع جدا، لعدم القائل بالفرق أصلا.
فتأمل جدا.
ومما يؤيد اعتباره أيضا بل ولا يبعد جعله دليلا ما روي عن
النبي (صلى الله عليه وآله) (2): أنه تزوج ودخل بعد سنين ولم ينفق.
وأما ما ربما يصير منشأ للتردد والإشكال في هذا المجال من إطلاق
النصوص بالإنفاق من دون تقييد بالتمكين، فيمكن الجواب عنه أولا: بما
مضى من الإجماع المحكي في الظاهر، بل المقطوع به جدا وغيره. وثانيا:
بعدم عموم فيه يشمل المتنازع جدا، لعدم تبادره من الإطلاق ظاهرا،

(1) المسالك 8: 440، والروضة 5: 468.
(2) انظر الحاوي الكبير 11: 437.
531

وغايته الإجمال، ولعله إلى ما ذكر نظر بعض الأبدال فادعى عدم النص
الظاهر في العموم في هذا المجال.
وبالجملة فالقول بعدم اعتباره - لو كان - ولزوم النفقة بمجرد العقد
لا ريب في ضعفه.
وكيف كان * (ف‍) * لا خلاف في أنه * (لا نفقة لناشزة) * خارجة عن
طاعة الزوج ولو بالخروج من بيته بلا إذن، ومنع لمس بلا عذر. أما على
اعتبار التمكين فواضح.
وأما على غيره فلأن النشوز مانع، وهو إجماع حكاه جماعة (1)، فيعود
الخلاف المتوهم أو الإشكال الواقع حينئذ إلى أن التمكين هل هو شرط
أو النشوز مانع؟ ويختلف الأصل في وجوب الإنفاق فيهما، فيكون العدم في
الأول وإن لم يكن نشوزا إلى التمكين، والثبوت في الثاني إلى المانع الذي
هو النشوز. ويتفرع عليهما فروع. منها: ما مر.
ومنها: ما إذا اختلفا في التمكين وفي وجوب النفقة الماضية، فعلى
المشهور القول قوله، عملا بالأصل فيهما، وعلى الاحتمال قولها، لأصالة
بقاء ما وجب كما تقدم قولها لو اختلفا في دفعها، مع اتفاقهما على الوجوب.
ومنها: الإنفاق على الصغيرة التي لم تبلغ سنا يجوز الاستمتاع بها
بالجماع، فلا يجب على المشهور في أشهر القولين، لفقد الشرط، وهو
التمكين من الاستمتاع.
خلافا للحلي (2)، فيجب، لعموم وجوبها على الزوجة، فتخصيصه
بالكبيرة الممكنة يحتاج إلى دليل.
وهو حسن إن قلنا بعدم اشتراط التمكين، وإلا - كما اختاره - فلا، لعدم

(1) نهاية المرام 1: 474.
(2) السرائر 2: 655.
532

الشرط، إلا أن يقول باختصاص اشتراطه بصورة إمكان حصوله، وليس
الصورة المفروضة منها. لكنه ربما يطالب بدليل العموم، فقد يمنع بما مر من
فقد عموم وعدم انصراف الإطلاق إليها، فينحصر الموجب للإنفاق في
الوفاق وليس. كيف! وقد اشتهر الخلاف. وهو أظهر وإن كان مختاره أحوط.
ولو انعكس الفرض بأن كانت كبيرة ممكنة والزوج صغيرا وجب النفقة
على الأشهر، لوجود المقتضي، وعدم المانع، لأن الصغر لا يصلح مانعا، كما
في نفقة الأقارب، فإنها تجب على الصغير والكبير.
خلافا للشيخ (1) وجماعة، محتجا بأصالة البراءة. قيل: وهي مندفعة بما
دل على نفقة الزوجة الممكنة أو مطلقا (2).
والمناقشة فيه بعد ما ذكرناه واضحة، بل وأعلامها هنا لائحة، لكون
الدالة عليها خطابات وتكاليف لا يمكن صرفها إلى الصغير. وصرفها إلى
الولي مدفوع بالأصل، مع استلزامه إما حصرها فيه أو استعمالها في
متغايرين. فتأمل.
فما ذكره الشيخ أجود وإن كان ما ذكروه أحوط، إلا إذا كان ذلك دون
غيره معاشرة بالمعروف فيتعين. فتأمل.
* (ولو امتنعت) * من الاستمتاع بها * (لعذر شرعي) * أو عقلي ثابت
بينهما بإقراره أو بينتها * (لا تسقط) * النفقة بلا خلاف، للأصل، وإطلاق
النصوص، والأمر بالمعاشرة بالمعروف، مع عدم صلاحية العذر للمنع، إذ
لشرعيته ليس بنشوز، وهو * (كالمرض) * الغير المجامع لما تمتنع عنه
* (والحيض) * إذا أراد وطئها قبلا، وكذا دبرا إن منعنا عنه في الحيض
أو مطلقا * (و) * نحوهما * (فعل الواجب) * المضيق أو الموسع إجماعا

(1) المبسوط 6: 13.
(2) الروضة 5: 466.
533

ولو في الأخير إذا فعلته في آخر أوقاته، ومطلقا على الأشهر، لأصالتي عدم
النشوز وتسلط الزوج عليها هنا.
ويندفعان بإطلاق الأدلة الموجبة عليها إطاعته، فيترجح على إطلاق
أدلة الواجب هنا. كيف لا! وقد أجمعوا على ترجيح المضيق على الموسع إذا
تعارضا. وعليه نهض الاعتبار شاهدا.
فإذا القول باعتبار الضيق وتحقق النشوز بدونه - كما عن الشيخ (1)
والعلامة (2) - أقوى جدا.
ومقتضى ذلك عدم الفرق بالصلاة وغيرها، إلا أنه ادعى الإجماع على
عدم اعتبار الضيق في الأول. وهو الحجة فيه، لا ما قيل من الفروق.
و * (أما) * الفعل * (المندوب) * فإن كان مما يتوقف على إذن الزوج
كالصوم والحج فإن فعلته بدون إذنه فسد، ولا تسقط النفقة، لأنه بمجرده غير
مانع، إلا إذا فرض منعها منه فيسقط لذلك، لا لأجل التلبس به، وفاقا
للأشهر.
خلافا للشيخ (3)، فأطلق السقوط بالتلبس. ومستنده غير واضح، إلا ما
ربما يتوهم من تضمن فعله في نحو الصوم القصد إلى منعه عن الاستمتاع.
وفيه نظر، فقد يكون ذلك في موضع تقطع بعدم إرادته للاستمتاع، مع أن
حصول النشوز بمجرد القصد غير معلوم، والأصل العدم * (فإن) * كان مما
لا يتوقف عليه جاز لها فعله بغير إذنه.
وليس له * (منعها منه) * إلا أن يطلب منها الاستمتاع في ذلك الوقت
فيجب إطاعته عليها، لعدم معارضة المندوب للواجب.
* (و) * لو * (استمرت) * والحال هذه، قيل: * (سقطت نفقتها) * لتحقق

(1) المبسوط 6: 15.
(2) القواعد 2: 54 س 25.
(3) المبسوط 6: 14.
534

النشوز (1)، وقيل: بطل، للنهي عنه (2). وهو كذلك إن قلنا باقتضاء الأمر
بالشئ النهي عن الضد الخاص، بل ربما يمكن القول بالبطلان مطلقا،
لا لذلك، بل لعدم اجتماع مقتضى الصحة مع الأمر بإطاعة الزوج المضيق.
وللفقير تحقيق في المقام بينته في شرح المفاتيح.
* (وتستحق الزوجة النفقة) * مطلقا * (ولو كانت ذمية أو أمة) * أرسلها
إليه مولاها ليلا ونهارا، لعموم الأدلة، بخلاف ما إذا لم يرسل إلا في أحد
الزمانين فلا تستحق، لعدم التمكين التام المشترط في الاستحقاق، لأنها
لكونها أمة ليست أهلا للاستقلال في التمكين، لملك المولى منافعها، إلا ما
ملكه منها الزوج وهو الاستمتاع، فلا عبرة إلا بتمكين المولى، بخلاف ما إذا
منع الأب أو غيره الحرة البالغة عن زوجها فإنه لا عبرة به.
ولا تسقط نفقتها إذا كانت ممكنة، لأنها مالكة لنفسها فهي مستقلة
بالتمكين. ويؤكد ذلك أنه لا نفقة للأمة إلا من مال المولى، فإن أراد إسقاطها
عن نفسه لزمه التسليم الكامل، فإذا لم يفعل لزمته النفقة، بخلاف الحرة فربما
تنفق على نفسها من مالها.
وجواز منع المولى للأمة نهارا لما تقدم من حق الخدمة له لا يستلزم أن
يكون التمكين التام بالنسبة إليها هو التمكين ليلا ليلزم به النفقة، فإن
الإجماع منعقد على أنه لا نفقة لها بانتفاء التمكين التام، مع تفسيره
بالتمكين كل حين في كل مكان.
ولكن قد يقال: إنما انعقد الإجماع على سقوط النفقة بالنشوز ولا نشوز
هنا، لوجوب إطاعة المولى، كما لا نشوز بالامتناع للحيض ونحوه. ويدفع

(1) قاله مفاتيح الشرائع 2: 296، مفتاح 760.
(2) نقله في نهاية المرام 1: 477.
535

بأصالة البراءة، إلا فيما أجمع فيه على الوجوب ولا اجماع هنا، بخلاف
الحائض ونحوها.
* (وكذا تستحقها الزوجة المطلقة الرجعية) * ما دامت هي في عدتها
إجماعا حكاه جماعة (1)، وللنصوص الآتية، مضافا إلى الاستصحاب وبقاء
حق الزوج وسلطنته.
وهما - كعبارات الأصحاب - مطلقان، وربما استثنى آلة التنظيف، لأنها
لفائدة الاستمتاع، وقد انتفت بالطلاق.
ويدفعه بعد الإطلاقات ظاهر " لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا " (2) المفسر
في المعتبرة بتزين الزوجة رجاء الرجعة.
ففي الموثق: في المطلقة تعتد في بيتها وتظهر له زينتها " لعل الله يحدث
بعد ذلك أمرا " (3).
وفي الخبر: المطلقة تشوق لزوجها ما كان له عليها رجعة ولا يستأذن
عليها (4). والمرأة تتزين بحيث يشتاق إليها.
وفي آخر: المطلقة تكتحل وتختضب وتلبس ما شاءت من الثياب، لأن
الله عز وجل يقول: " لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا " لعلها أن تقع في نفسه
فيراجعها (5). فتأمل.
ثم إنه لا تسقط نفقة المعتدة إلا بمسقطات نفقة الزوجية، وتستمر إلى
انقضاء العدة. ولو ظهر حمله بعد الطلاق بالمرأة، فعليه الإنفاق عليها إلى
الوضع ولو تجاوز العدة، لما سيذكر.

(1) الحدائق 25: 108، نهاية المرام 1: 478.
(2) الطلاق: 1.
(3) الوسائل 15: 437، الباب 21 من أبواب العدد الحديث 1.
(4) المصدر السابق: الحديث 4 و 2.
(5) المصدر السابق: الحديث 4 و 2.
536

ولو بان فقد الحمل بعد الإنفاق ففي ارتجاع المدفوع إليها تردد، أظهره
العدم، للأصل، إلا إذا دلست عليه الحمل فيرتجع للغرور.
وفي التقييد بالرجعية إظهار اختصاص وجوب الإنفاق بها * (دون البائن
والمتوفى عنها زوجها) * فإنه لا يجب الإنفاق عليهما مع عدم الحمل إجماعا (1)
حكاه جماعة. وهو الحجة في المقامين، كالمعتبرة المستفيضة في الأول:
منها الصحيح: إذا طلق الرجل امرأته طلاقا لا يملك فيه الرجعة فقد
بانت منه ساعة طلقها وملكت نفسها، ولا سبيل له عليها، وتعتد حيث
شاءت، ولا نفقة لها (2).
والصحيح: عن المطلقة ثلاثا ألها النفقة والسكنى؟ فقال: أحبلى هي؟
قلت: لا، قال: لا (3). ونحوهما الموثقان وغيرهما (4).
وفي بعضها: إنما ذلك للتي لزوجها عليها رجعة (5).
وأما الصحيح المثبت للنفقة المطلقة ثلاثا (6) فمحمول على الحامل، أو
الاستحباب، وعليهما يحمل المروي عن قرب الإسناد: عن المطلقة ألها نفقة
على زوجها حتى تنقضي عدتها؟ قال: نعم (7)، مع احتماله التقييد بالرجعية،
بخلاف الصحيحة لتصريحها بالبائنة.
وفي حصر النفقة في الرواية السابقة للرجعية دلالة واضحة على سلبها
عن المتوفى عنها زوجها، مضافا إلى فحوى النصوص النافية لها في حقه
عنها مع حملها. فانتفاؤها عنها مع عدمه بطريق أولى.
هذا، مضافا إلى الصحيح عن المتوفى عنها زوجها ألها نفقة؟ قال:

(1) في بعض النسخ زيادة: في الجملة.
(2) الوسائل 15: 231، الباب 8 من أبواب النفقات الحديث 1.
(3) الوسائل 15: 233، الباب 8 من أبواب النفقات الحديث 6.
(4) المصدر السابق: 231، الباب 8.
(5) المصدر السابق: 232، الحديث 2.
(6) المصدر السابق: الحديث 8.
(7) قرب الإسناد: 110.
537

لا ينفق عليها من مالها (1).
وأما الصحيح: المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من ماله (2) فمع شذوذه
إن حمل على ظاهره وعدم مكافأته لما مر فمحمول على خلاف ظاهره،
بإرجاع الضمير المضاف إليه المال إلى الولد لا إلى الزوج، ولذا جعله
الشيخ (رحمه الله) (3) دليلا فيما سيأتي.
وبالجملة لا ريب ولا خلاف في الصورتين * (إلا أن تكون) * كل منهما
* (حاملا فيثبت نفقتها في) * الأولى، وهي المطلقة ب‍ * (الطلاق) * البائن
* (على الزوج) * خاصة دون الولد مطلقا، للإجماع المحكي في كلام جماعة،
وإطلاق الآية " وإن كن أولات حمل فأنفقوا عليهن حتى يضعن حملهن " (4)،
الشامل للرجعية والبائنة، مضافا إلى إطلاق النصوص المستفيضة:
منها الصحيح: في الرجل يطلق امرأته وهي حبلى، قال: أجلها أن تضع
حملها، وعليه نفقتها * (حتى تضع) * حملها (5).
وغاية ما يستفاد منها الإنفاق عليها الأعم من كونه لها أو لولدها، وليس
في شئ منها تعيين أحدهما، ولذا اختلف فيه كلام أصحابنا، فبين معين
للأول كما عن ابن حمزة (6) وجماعة، ومعين للثاني كما عن المبسوط (7)
وآخرين. واستند الجانبان إلى اعتبارات هينة ربما استشكل التمسك بها في
إثبات الأحكام الشرعية، لكن بعضها المتعلق بالثاني قوية معتضدة بالشهرة
المحكية.
فالمصير إليه لا يخلو عن قوة. ويتفرع عليه فروع جليلة:

(1) الوسائل 15: 235، الباب 9 من أبواب النفقات الحديث 6 و 4.
(2) الوسائل 15: 235، الباب 9 من أبواب النفقات الحديث 6 و 4.
(3) النهاية 2: 490.
(4) الطلاق: 6.
(5) الوسائل 15: 230، الباب 7 من أبواب النفقات الحديث 1.
(6) الوسيلة: 286.
(7) المبسوط 6: 28.
538

منها: ما إذا تزوج الحر أمة مشترطا مولاها في الولد الرقية وقلنا بجواز
هذا الشرط في الشريعة أو تزوج العبد إياها أو أمة مشترطا في الولد الانفراد
بالرقية فلا نفقة فيهما على الزوج على الأشهر، لأنه ملك لغيره في الأول،
ولأن العبد لا تجب عليه نفقة أقاربه في الثاني وعلى غيره تجب، لفقد المانع،
وتكون في الثاني في ذمة المولى أو كسب العبد.
ومنها: ما لو لم ينفق عليها حتى مضت المدة أو بعضها فلا يجب القضاء
على الأشهر، ويجب على القول الآخر.
ومنها: ما لو أتلفها متلف بعد القبض من دون تفريط فتسقط النفقة على
الثاني دون الأول، وكذا لو ارتدت بعد الطلاق.
* (و) * يثبت النفقة * (في الوفاة في نصيب الحمل على إحدى
الروايتين) * المعمول عليهما، عمل بها الصدوق (1) والشيخ (2) وجماعة.
وفيها: المرأة المتوفى عنها زوجها ينفق عليها من نصيب ولدها (3).
وفي سنده اشتراك، ففي وصفها بالصحة مناقشة، ولذا مع مخالفتها
الأصل أعرض عنها المتأخرون، بل حكى عليه الشهرة المطلقة جماعة،
ويشهد لهم المعتبرة المستفيضة:
منها الصحيح: قال في الحبلى المتوفى عنها زوجها: أنها لا نفقة لها (4).
وربما جمع بينها وبين السابقة بحمل هذه على النفي عن مال الميت
المجامع للثبوت في نصيب الولد. وهو حسن، مع التكافؤ وليس، لكثرة
الأخيرة واعتضادها بالشهرة العظيمة الوجدانية والمحكية حكاية بالغة
حد الاستفاضة، مع أن بعضها ربما لا يقبله، وهو الصحيح المتقدم، وفيه:

(1) الفقيه 3: 510، الحديث 4789.
(2) النهاية 2: 490.
(3) الوسائل 15: 236، الباب 10 من أبواب النفقات الحديث 1.
(4) المصدر السابق: 234، الباب 9 الحديث 1.
539

ينفق عليها من مالها، للتصريح فيه بالإنفاق عليها من مالها، الغير المجامع
للإنفاق عليها من نصيب ولدها، إلا أنه ليس فيه كونها حبلى، فيحتمل
حملها على كونها حائلا.
وكيف كان فمذهب المتأخرين أقوى.
وأما ما في الخبر: من أن نفقة الحامل المتوفى عنها زوجها من جميع
المال حتى تضع (1) فمع ضعفه وشذوذه وعدم مكافأته لما مر يحتمل الحمل
على ما ينطبق على القولين. وربما يحمل على الاستحباب، ولا بأس به،
مع عدم المانع، كوجود صغير في الورثة ونحوه.
وفي المسألة قولان آخران مفصلان تارة بتوجه الإنفاق من نصيب الولد
إن قلنا بكونه له ولا إن قلنا بالعدم ذكره في المختلف (2)، وأخرى كما عن
بعض متأخري المتأخرين (3) بتوجهه مع إعسار الأم ولا مع يسارها.
ومستنده الجمع بين الأخبار، وربما ساعده الاعتبار، إلا أنه لا شاهد عليه
من الآثار، مع كونه خارقا للمتفق عليه بين الأخيار.
* (ونفقة) * الانسان على نفسه مقدمة على نفقة * (الزوجة) * ونفقتها
* (مقدمة على نفقة الأقارب) * الواجبي النفقة * (وتقضى) * نفقتها * (لو
فاتت) * دون نفقتهم بلا خلاف في شئ من ذلك، بل حكى جماعة الإجماع
عليه. وهو الحجة فيه، مع النص الآتي في الأول، مع تأمل يظهر وجهه.
وعللوا الثاني بأن وجوب النفقة فيه على وجه المعاوضة في مقابلة
الاستمتاع، بخلاف نفقة القريب فإنها إنما وجبت للمواساة ورفع الخلة،
وما كان وجوبه على وجه المعاوضة أقوى مما وجب على وجه المواساة،

(1) الوسائل 15: 236، الباب 10 من أبواب النفقات الحديث 2.
(2) المختلف 7: 493.
(3) نقله عن بعض المتأخرين في المهذب البارع 3: 431.
540

ولهذا لم تسقط نفقة الزوجة بغناها ولا بإعساره ولا بمضي الزمان، بخلاف
نفقة القريب.
والثالث: بأن نفقة الزوجة في مقابلة الاستمتاع كما مر، فكانت كالعوض
اللازم في المعاوضة، ولا تحصل منه البراءة إلا بإيصالها إلى المستحق،
بخلاف نفقة الأقارب، لما عرفت من أن وجوبها إنما هو للمواساة ورفع
الخلة، فلا يستقر في الذمة، ولا يجب قضاؤها، كما لو أخل بقضاء حاجة
المحتاج الواجب الإعانة.
وفي النبوي: إن رجلا جاء إليه (صلى الله عليه وآله) فقال: معي دينار، فقال: أنفقه على
نفسك، فقال: معي آخر، فقال: أنفقه على ولدك، فقال: معي آخر، فقال: أنفقه
على أهلك (1).
وفيه دلالة على تقديم نفقة الولد على نفقة الزوجة، لكن بعد تسليم
صحته يحتمل الحمل على غير النفقة الواجبة، مع أن الرجل كان موسرا، كما
يظهر من الكلمات المذكورة فيه أخيرا. والتقدم المفروض في كلمة
الأصحاب إنما هو في شأن المعسر خاصة لا مطلقا.
هذا، وبعد تسليم ظهور دلالته صريحا فهو غير مكافئ لما قدمنا من
الدليل، بل الأدلة جدا.
* (وأما القرابة فالنفقة على الأبوين والأولاد لازمة) * بالشروط الآتية
بإجماع الأمة حكاه جماعة، والنصوص بها مستفيضة، بل كادت تكون
متواترة:
ففي الصحيح: من الذي أجبر على نفقته؟ قال: الوالدان والولد والزوجة
والوارث الفقير (2).

(1) مسند أحمد بن حنبل 2: 251 س 11، مع اختلاف في اللفظ.
(2) الوسائل 15: 225، الباب 1 من أبواب النفقات الحديث 9 وفيه والوارث الصغير.
541

وليس في باقي النصوص مع صحة كثير منها واعتبار باقيها ذكر الأخير،
ويأتي الكلام فيه.
* (وفي) * دخول * (من علا من الآباء والأمهات) * في الآباء * (تردد) *
من الأصل والشك في صدق الإطلاق عليه، ومن الإطلاق عليه كثيرا،
وإطباق الفقهاء عليه هنا ظاهرا، فإنه لم يناقش فيه أحد سوى الماتن هنا
وفي الشرائع (1) مع تصريحه بمختارهم أخيرا، ونحوه غيره ممن شاركه في
تردده.
هذا، مع إشعار بعض العبارات بالإجماع عليه ظاهرا، وكفى هو حجة،
ولذا قال: * (أشبهه اللزوم) *.
هذا، وفي الخبر: في الزكاة يعطى منها الأخ والأخت والعم والعمة
والخال والخالة، ولا يعطى الجد والجدة (2).
وقد استفاض النصوص وانعقد الإجماع على حرمتها على واجبي
النفقة، فالمنع عن إعطاء الجد والجدة ليس إلا لكونهما من واجبي النفقة.
ففي الصحيح: خمسة لا يعطون من الزكاة شيئا الأب والأم والولد
والمملوك والمرأة وذلك أنهم عياله لازمون له (3).
وسند الخبر وإن قصر إلا أنه بالشهرة من جميع الوجوه منجبر.
فالقول بمقالة الأصحاب أقوى وأظهر.
* (و) * يستفاد منه بمعونة ما ذكر، مضافا إلى الأصل، وظواهر النصوص
السابقة الواردة في بيان واجبي النفقة الظاهرة لذلك في الحصر في
المذكورين فيها أنه * (لا يجب) * النفقة * (على غيرهم من الأقارب) * مضافا
إلى الإجماع عليه في الظاهر، واستفاضة النصوص بجواز إعطاء الزكاة

(1) الشرائع 2: 352.
(2) الوسائل 6: 166، الباب 13 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث 3 و 1.
(3) الوسائل 6: 166، الباب 13 من أبواب المستحقين للزكاة الحديث 3 و 1.
542

للأقارب المنافي لوجوب الإنفاق عليهم كما مر * (بل يستحب) * بلا خلاف،
لصلة الرحم * (ويتأكد في الوارث) * لأنه أقرب، ولقوله تعالى: " وعلى
الوارث مثل ذلك " (1)، والنبوي: لا صدقة وذو رحم محتاج (2)، وللصحيح
المتقدم، وظاهره الوجوب، كالمرتضوي: أتي بيتيم فقال: خذوا بنفقته أقرب
الناس منه في العشيرة كما يأكل ميراثه (3)، وعن الشيخ في الخلاف احتماله
للآية والخبر الأول. لكنه قوي المشهور وقال: إنه الذي يقتضيه مذهبنا،
وظاهره الإجماع عليه، وحكي صريحا عنه في المبسوط (4). وهو الحجة
فيه، مضافا إلى ما مر من الأصل، والنصوص الحاصرة لواجبي النفقة في
هؤلاء الخمسة المذكورين في الصحيحة المتقدمة أو الثلاثة، المنضم إليها
باقي الخمسة لغيرها من الأدلة وليس شئ مما ذكر " بمكافئ " لها البتة.
فاحتمال الوجوب فاسد بالبديهة وإن صار إليه بعض متأخري
الطائفة (5)، جمودا على ظاهر الصحيحة.
وليت شعري كيف ألقى القواعد الممهدة والأصول المقررة من لزوم
مراعاة التكافؤ بين الأدلة! وأنه لا ينفع مع عدم صحة السند ولا وضوح
الدلالة، مع أنها باعترافه شاذة لا قائل بها بالمرة، وقد ورد النصوص
المعتبرة بطرح مثلها، وتلقاها بالقبول هو وسائر علماء الطائفة، وهي ليست
من الشواذ الخلافية، بل من الشواذ الوفاقية، حيث أطبق الأصحاب بالفتوى
على خلافها من دون تزلزل ولا ريبة.
* (ويشترط في الوجوب) * أي وجوب الإنفاق على القرابة دون الإنفاق

(1) البقرة: 233.
(2) عوالي اللئالي 2: 73، الحديث 194.
(3) الوسائل 15: 237، الباب 11 من أبواب النفقات الحديث 4.
(4) الخلاف 5: 127، المسألة 31، والمبسوط 6: 31.
(5) الظاهر هو السيد العاملي في نهاية المرام 1: 485.
543

على الزوجة * (الفقر) * في المنفق عليه وعدم شئ يتقوت به أو عدم وفاء
ماله بقوته، واشتراطه كاشتراط اليسار في المنفق موضع وفاق، كما يظهر من
كلام الجماعة، وبه صرح بعض الأجلة (1). وهو الحجة فيه بعد الأصل السالم
عما يصلح للمعارضة، لعدم انصراف إطلاق أدلة الوجوب إلى الصورتين
بالضرورة.
قالوا: والمراد باليسار هو أن يفضل عن قوته وقوت زوجته وخادمها
ليوم وليلة شئ وفي حكم القوت ما يحتاج إليه من الكسوة في ذلك الفضل
وغيرها.
ولو فضل عن قوته أو قوت زوجته شئ ففي وجوب الإنفاق أو جواز
التزويج المانع عنه وجهان، بل قولان، والأشهر الثاني. ولا ريب فيه إن
اضطر إليه.
* (و) * في اشتراط * (العجز عن الاكتساب) * في المنفق عليه قولان،
أشهرهما ذلك، لأنه معونة على سد الخلة والمكتسب قادر، فهو كالغني،
ولذا يمنع من الزكاة. والكفارة المشروطة بالفقر وحصول الحاجة بالفعل
لا يوجب الاستحقاق. نعم يعتبر لياقة الكسب بحاله.
ولا يشترط نقصان الخلقة بنحو الزمانة، ولا الحكم بنحو الصغر والجنون
على الأشهر الأقوى، بل عن الخلاف أنه ادعى في الظاهر عليه إجماعنا.
وهو الحجة فيه، بعد إطلاق النصوص. وخلاف المبسوط (2) باعتبارهما شاذ.
ولو بلغ الصغير حدا يمكن أن يتعلم حرفة أو يحمل على الاكتساب
قيل: للولي حمله عليه والإنفاق عليه من كسبه، لكن لو هرب وترك
الاكتساب في بعض الأيام فعلى الأب الإنفاق عليه بخلاف المكلف.

(1) كشف اللثام 2: 115 س 21.
(2) الخلاف 5: 124، المسألة 25، أي الخلاف المنقول في المبسوط، راجع 6: 33.
544

ولا يشترط عدالته ولا إسلامه، بل يجب وإن كان فاسقا، للعموم.
قيل: ويجب تقييد الكافر بكونه محقون الدم، فلو كان حربيا لم يجب،
لجواز إتلافه، فترك الإنفاق عليه لا يزيد عليه (1).
والمستند في أصل عدم اشتراط الأمرين هو اتفاقهم عليه ظاهرا، مع
نقل بعضهم الإجماع صريحا، وإلا فإثباته بالعموم في نحو الكافر مشكل
جدا. كيف لا! وهو معارض بعموم النهي عن المودة إلى من نصب مع الله
المحادة، ومقتضى تعارض العمومين التساقط، ومعه يرجع إلى الأصل النافي
للوجوب.
لكن اعتضاد العموم هنا بالعمل - مع عدم خلاف فيه يظهر بل ودعوى
بعضهم بل جماعة الإجماع عليه كما مر - أوجب ترجيحه وتخصيص
ما خالفه.
وأما الحرية فهي شرط بالإجماع، للأصل، وفقد ما يدل على وجوب
الإنفاق على القريب المملوك للغير، لعدم انصراف الإطلاقات إليه.
وعلى تقديره فمعارض فيه بما دل على وجوب إنفاقه على غيره، وليس
بعد التعارض سوى التساقط الموجب لتخليص الأصل عن المعارض.
وعلى تقدير عدم التساقط فلا ريب أن الرجحان مع الأخير، إذ وجوب
الإنفاق عليه على من يستوفي منافعه في عوضه أولى ممن لا يستوفي،
ويكون الإنفاق منه عليه لرفع حاجته وسد خلته.
نعم لو امتنع المولى من الإنفاق عليه أو كان معسرا أمكن وجوبه على
القريب، عملا بالعموم. وقيل: لا تجب مطلقا، بل يلزم بيعه، أو الإنفاق
عليه (2)، كما يأتي إن شاء الله تعالى. وهو حسن.

(1) قاله الشهيد الثاني في الروضة 5: 474.
(2) قاله العلامة في التحرير 2: 50 س 3.
545

* (ولا تقدير للنفقة) * الواجبة * (بل يجب بذل الكفاية من الطعام
والكسوة والمسكن) * لإطلاق الأدلة اللازم في مثله الرجوع إلى العرف
والعادة، مع ما في الآية الكريمة " وصاحبهما في الدنيا معروفا " (1) ونحوه
بعض المعتبرة من الإشارة إلى الرجوع إليها بالضرورة، مضافا إلى عدم
الخلاف فيه هنا بين الطائفة، بل وصرح بالإجماع عليه جماعة. وهو الحجة
فيه، مضافا إلى ما تقدم من الأدلة.
ومقتضاها انسحاب الحكم في نفقة الزوجة، وهو الأظهر الأشهر بين
الطائفة، بل ربما أشعر عبارة الحلي (2) بالإجماع عليه.
خلافا للخلاف، فقدر الطعام بمد مطلقا، مدعيا فيه الوفاق (3). وهو
موهون بمصير الأكثر إلى الخلاف، مع معارضته بالإجماع المتقدم الراجح
عليه هنا بلا ارتياب. فهو ضعيف.
وأضعف منه المحكي عنه في المبسوط من التفصيل بمدين للموسر ومد
ونصف للمتوسط ومد للمعسر (4)، وذلك لعدم الدليل عليه بالمرة.
ثم إن المعتبر من المسكن الامتاع اتفاقا، ومن المؤنة التمليك في
صبيحة كل يوم لا أزيد اتفاقا، بشرط بقائها ممكنة إلى آخره، فلو نشزت في
الأثناء استحقت بالنسبة.
وفي الكسوة قولان، أشهرهما وأجودهما أنها كالأول، للأصل السالم
عما يصلح للمعارضة، لضعف دليل الملحق بالثاني، وهو الآية الكريمة (5)
" وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن "، المعطوف فيها الكسوة على الرزق،
المقتضي ذلك اشتراكها معه في الأحكام، التي منها التمليك إجماعا.

(1) لقمان: 15.
(2) السرائر 2: 655.
(3) الخلاف 5: 112، المسألة 3، والمبسوط 6: 6.
(4) الخلاف 5: 112، المسألة 3، والمبسوط 6: 6.
(5) البقرة: 233.
546

ووجه الضعف اقتضاء العطف المشاركة في الحكم المثبت للمعطوف
عليه في العبارة، إلا الأحكام الخارجة عنها الثابتة له بغيرها من الأدلة.
وغاية ما يستفاد من الآية للمعطوف عليه الوجوب الأعم من التمليك
والإمتاع، وتعيين الأول فيه من الخارج غير ملازم لتعينه في المعطوف
بالبديهة، ولا دليل على كون التعيين مرادا من لفظ الآية، وإنما غايته القيام
بإثباته في الجملة لا إثبات إرادته من نفس العبارة.
وأما الاستدلال بالنبوي: ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف (1)
فمجاب بضعف السند، وبما مضى إن جعل العطف فيها مستندا، وبعدم كون
اللام حقيقة في الملكية خاصة إن جعل المستند إفادتها الملكية، بل نقول لها
معان أخر كثيرة لا تلازم الملكية يتوقف إرادة كل منها على قرينة هي
في المقام مفقودة.
ومجرد ثبوت الملكية في الرزق غير ملازم لثبوتها في الكسوة، إلا على
تقدير قيام الدلالة على إرادتها بالنسبة إليه من اللام المذكورة في الرواية (2).
وهو محل مناقشة. كيف لا! وليست إلا الإجماع الذي حكاه جماعة،
ولا يستفاد منها سوى ثبوت الملكية له في الجملة، المجامع لثبوتها له من
غير الرواية.
وعلى المختار ليس لها بيعها، ولا التصرف فيها بغير اللبس من أنواع
التصرفات الخارجة عن العادة، ولا لبسها زيادة على المعتاد كيفية وكمية،
فإن فعلت فأبلتها قبل المدة التي تبلى فيها عادة لم يجب عليه إبدالها. وكذا
لو أبقتها زيادة على المدة، وله إبدالها بغيرها مطلقا، وتحصيلها بالاستئجار،
والإعارة، وغيرهما من الوجوه التي هي للمنافع مبيحة.

(1) سنن الدارمي 2: 48.
(2) في " مش، ش ": في الآية.
547

ولو طلقها أو ماتت أو مات أو نشزت استحق ما يجده منها مطلقا. وأما
ما تحتاج إليه من الفرش والآلات فهو في حكم الكسوة.
* (ونفقة الولد على الأب) * مع وجوده ويساره دون الأم وإن شاركته
في الوصفين إجماعا حكاه جماعة، لظاهر قوله سبحانه: " فإن أرضعن
لكم " (1) الآية، مع ضميمة عدم القائل بالفرق، واستصحاب الحالة السابقة،
وعموم رواية هند المشهورة: خذي ما يكفيك وولدك (2)، المستفاد من ترك
الاستفصال في مقام جواب السؤال. وهو مفيد له عند الجماعة.
* (ومع عدمه أو فقره فعلى أب الأب وإن علا) * بمائة درجة
* (مرتبا) * الأقرب فالأقرب بالإجماع، كما حكاه جماعة. وهو الحجة فيه،
دون التعليل بصدق الأب، لمنع كونه على سبيل الحقيقة التي هي المعتبرة،
مع عدم القرينة على ما عداها من المعاني المجازية. وبعد التسليم فغايتها
الدلالة على الشركة لا الترتيب الذي اعتبره الجماعة، ومع ذلك فهذه العلة
جارية في الآباء من جهة الأم بالضرورة.
هذا، وربما يناقش في حكاية الإجماع المتقدمة بعبارة المبسوط (3)،
المعربة عن تقديم أم الأب على أب الأب البعيد عنها بدرجة، المشعرة بل
الظاهرة بكون ذلك مذهب الطائفة، وخلافه مما ذكره الجماعة مذهب العامة.
فالمسألة مشكلة.
ويمكن دفعه برجحان حكاية الإجماع المزبورة بالشهرة العظيمة
والاستفاضة في الحكاية والصراحة، فلا يعارضها إشعار العبارة المتقدمة
بالإجماع بخلافه بالضرورة.

(1) الطلاق: 6.
(2) سنن البيهقي 7: 477.
(3) المبسوط 6: 32.
548

هذا، مع إمكان التأيد بالعلة المتقدمة بدفع ما يرد عليها من المناقشات
السابقة.
فالأولى: بالإجماع على إرادة الآباء وإن علوا من الأب هنا بالبديهة،
مضافا إلى ما قدمناه من الرواية على سبيل المجاز كانت الإرادة أو الحقيقة
فإن المناقشة على التقديرين مندفعة. فتأمل.
والثانية: بانقطاع الشركة وتعين الترتيب بإجماع الطائفة، مع ما للاعتبار
عليه من الشهادة، وإمكان التأيد بآية " أولي الأرحام " (1)، المستدل بها
لأولوية القرب في مواضع عديدة في كلام جماعة.
والثالثة: ببعض ما اندفع به الأولى والثانية، وهو هنا إجماع الطائفة على
عدم مشاركة آباء الأم مع آباء الأب في المسألة وإن تساووا في الدرجة،
لكن مآل اندفاعها إلى الإجماع.
وكيف كان فهو العمدة في الحجية لا العلة بنفسها وإن شاركته فيها بعد
الضمائم المزبورة.
* (ومع عدمهم تجب) * النفقة * (على الأم) * خاصة، إلا مع فقدها أو
إعسارها * (و) * تكون حينئذ على * (آبائها) * وأمهاتها بالسوية إن اشتركوا
في الدرجة، وإلا قدم * (الأقرب فالأقرب) * إلى المنفق عليه بالإجماع،
المستفاد من تتبع كلمات الجماعة، مع التأيد بالاعتبار، والآية السابقة.
ولم يتعرض الماتن هنا ولا في الشرائع لحكم الآباء والأمهات من قبل
أم الأب، إلا أن المحكي عن الشيخ (2) وسائر الجماعة أن أم الأب بمنزلة أم
الأم، وآبائها وأمهاتها بمنزلة آبائها وأمهاتها، فيتشاركون مع التساوي في
الدرجة بالسوية، ويختص الأقرب من الطرفين إلى المحتاج بوجوب الإنفاق
عليه. كل ذا في الأصول خاصة.

(1) الأنفال: 75.
(2) المبسوط 6: 32.
549

وأما الفروع، فلو وجدوا بشرائط الإنفاق دون الأصول، فإن اتحد تعين،
وإن تعدد في درجة واحدة وجب عليهم بالسوية، وإن اختلفت درجاتهم
وجب على الأقرب فالأقرب.
ولا فرق في ذلك كله بين الذكر والأنثى على الأشهر الأظهر.
خلافا لشاذ فعلى حسب الميراث. ولآخر فيختص بالذكر. وضعفهما
ظاهر لمن تدبر.
ولو اجتمع العمودان الأصول والفروع فمع وحدة الدرجة فهم شركاء في
الإنفاق بالسوية، كما في الأب والابن، ومع اختلافهما وجب على الأقرب
كما في الأب وابن الابن فالأب متعين بلا شبهة.
ولو كان الفرع أنثى أو كان الأصل هي الأم ففيه احتمالات، والذي
استظهره جماعة استواء الابن والبنت، وكذا الأم مع الولد مطلقا.
ثم لو كان الأقرب معسرا فأنفق الأبعد ثم أيسر الأقرب تعلق به
الوجوب حينئذ، ولا يرجع الأبعد عليه بما أنفق، للأصل.
ولو كان له ولدان ولم يقدر إلا على نفقة أحدهما وله أب وجب على
الأب نفقة الآخر.
ولو تشاحا في اختيار أحدهما استخرج بالقرعة. كل ذا حكم المنفق.
وأما المنفق عليه، فمع التعدد إن كانوا من جهة واحدة كالآباء والأجداد
وجب الإنفاق على الجميع مع السعة، وإلا فالأقرب إليه فالأقرب.
ولا فرق في كل مرتبة بين الذكر والأنثى، ولا بين المتقرب بالأب من
الأب والأم، والمتقرب بالأم كذلك، وإن كانوا من الجهتين اعتبرت المراتب،
فإن تساوت عدة الدرجات فيهما اشتركوا، وإلا اختص الأقرب.
ولو لم يسع ماله من في درجة واحدة لقلته وكثرتهم ففي الاقتسام
والقرعة وجهان، أقواهما الثاني، وفاقا لجماعة، لمنافاة التشريك الغرض.
550

وربما احتمل ترجيح الأحوج لصغر أو مرض بدون القرعة، ولا بأس به.
* (ولا تقضى نفقة الأقارب لو فاتت) * لما مضى في مسألة قضاء نفقة
الزوجة، ولا خلاف فيه. إلا أنه ذكر الجماعة وجوب القضاء فيما لو استدانه
القريب بأمر الحاكم لغيبة المنفق أو امتناعه، فإنه يستقر الدين في ذمته كسائر
ديونه، ولذا وجب عليه قضاؤه.
* (وأما المملوك فنفقته واجبة على مولاه) * ذكرا كان، أو أنثى،
أو غيرهما.
* (وكذا الأمة) * بإجماع الأمة على ما حكاه بعض الأجلة (1)، مضافا
إلى السنة، التي مضى بعضها في نفقة القرابة.
ولا فرق فيهما بين الصغير والكبير والقن وأم الولد والمدبر والمكاتب،
لإطلاق النص، والفتوى، إلا أن الأخير نفقته في كسبه إن وفى به، وإلا أتمه
المولى، من دون فرق فيه بين كونه مشروطا أو مطلقا لم يؤد شيئا.
ثم إن اتحد المالك، وإلا وزعت النفقة عليهم بحسب الشركة قطعا.
* (و) * حيث إنه لا تقدير في الشريعة لجنس النفقة وكيفيتها وجب أن
* (يرجع في قدر النفقة) * من الجهات المذكورة * (إلى عادة مماليك أمثال
المولى) * من أهل بلده بحسب شرفه وضعته وإعساره ويساره، ولا يكفي
ساتر العورة في اللباس ببلادنا وإن اكتفى به في بلاد المماليك.
ولا فرق بين كون نفقة السيد على نفسه دون الغالب في نفقة المملوك
عادة تقتيرا أو بخلا أو رياضة، وفوقه، فليس للمولى الاقتصار بالعبد على
وجه نفقة نفسه في الأول، ولا عبرة في الكمية بالغالب في نفقة المملوك، بل
تجب الكفاية لو قل الغالب عنها، كما لا يجب الزائد لو زاد عنها.

(1) حكاه السيد العاملي في نهاية المرام 1: 489.
551

فإذا المعتبر فيه الكيفية خاصة دون المقدار والكمية.
فإذا في إطلاق الحكم بالرجوع في القدر المتبادر منه الكمية إلى العادة
- كما في العبارة - نوع مناقشة، إلا أن يخص القدر بما يخص الجنس
والكيفية خاصة.
وعن المبسوط اعتبار غالب قوت البلد وكسوته (1). ولعل المؤدى
واحد.
ويستحب أن يطعمه مما يأكله ويلبسه مما يلبسه، للنبوي (صلى الله عليه وآله): إخوانكم
خولكم جعلهم الله تعالى تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه
مما يأكل، ويلبسه مما يلبس (2). وفي آخر: إذا جاء أحدكم خادمه بطعامه
وقد كفاه حره وعمله فليقعده فليأكل منه، وإلا فليناوله أكلة من طعام (3).
ونحوه آخر، وفيه بدل " فليناوله " " فليروغ له اللقمة واللقمتين " (4)، والترويغ
أن يرويه من الدسم، كما عن المبسوط (5).
والمستفاد منهما استحباب المواكلة مع العبيد، والنصوص به مستفيضة.
* (ويجوز مخارجة المملوك على شئ) * أي ضرب خراج معلوم عليه
يؤديه كل يوم أو مدة مما يكتسبه * (فما فضل يكون له، فإن كفاه) * الفاضل
لنفقته * (وإلا أتمه المولى) * والأصل في جواز المخارجة - بعد الإجماع الذي
حكاه بعض الأجلة (6) - المعتبرة.
منها الصحيح: عن رجل أراد أن يعتق مملوكا له وقد كان يأخذ منه
ضريبة فرضها عليه في كل سنة ورضي بذلك المولى فأصاب المملوك في
تجارته مالا سوى ما كان يعطي مولاه من الضريبة، فقال: إذا أدى إلى سيده

(1) المبسوط 6: 44.
(2) صحيح البخاري 1: 14.
(3) سنن البيهقي 8: 8.
(4) المصدر السابق.
(5) المبسوط 6: 45.
(6) كشف اللثام 2: 117 س 39.
552

ما كان فرض عليه فما اكتسب بعد الفريضة فهو للمملوك (1).
وفي هذه الصحيحة دلالة على تملكه فاضل الضريبة، ولذا قطع به
جماعة منهم المصنف في بحث التجارة.
وفي جواز إجبار السيد عبده على المخارجة قولان، ثانيهما نعم ما لم
يتجاوز مجهوده، كما عن التحرير (2). وهو أقوى، عملا بعموم ما دل على
لزوم إطاعة المملوك لسيده خرج عنه ما دون المجهود بالضرورة.
كيف لا! ولا عسر ولا حرج في الملة السهلة السمحة، ويبقى الباقي
مندرجا في عموم الأدلة.
واعلم أن للسيد الاستخدام فيما يقدر عليه المملوك، ولا يخرج عن
وسعه عادة والملازمة عليه، إلا في أوقات اعتيد فيها الاستراحة. وأما
الأفعال الشديدة الشاقة التي لا يمكن عليها المداومة في العادة، فله الأمر بها
في بعض الأزمنة، وعلى المملوك بذل الوسع مهما أمكنه. وليس له تكليفه
الخدمة ليلا ونهارا معا، لأنها فوق الوسع والطاقة، بل إذا عمل في أحدهما
أراحه في الآخر، ويريحه في الصيف وقت القيلولة.
وبالجملة فالمتبع العادة الغالبة.
* (وتجب النفقة على البهائم المملوكة) * مأكولة اللحم كانت، أم غيرها،
منتفعا بها أم لا بلا خلاف أعرفه بين أصحابنا.
ولا تقدير لها، بل عليه منها ما احتاجت إليه قطعا من العلف والسقي
حيث يفتقر إليهما، والمكان المناسب من مراح وإصطبل يليق بحالها، ومنها
دود القز فيأثم بالتقصير في إيصاله قدر كفايته ووضعه في مكان يقصر عن
صلاحيته له بحسب الزمان، وما يحتاج إليه البهيمة مطلقا أي حيوانا كان من

(1) الوسائل 13: 34، الباب 9 من أبواب بيع الحيوان الحديث 1.
(2) التحرير 2: 50 س 35.
553

الآلات حيث يستعملها أو الجل لدفع البرد وغيره حيث يحتاج إليه.
وفي النبوي (صلى الله عليه وآله): اطلعت ليلة أسري بي فرأيت امرأة تعذب فسألت
عنها فقيل إنها ربطت هرة ولم تطعمها ولم تسقها ولم تدعها تأكل من
حشاش الأرض حتى ماتت فعذبها الله بذلك، قال: واطلعت على الجنة
فرأيت امرأة زانية فسألت عنها فقيل: إنها مرت بكلب يلهث من العطش
فأرسلت إزارها في بئر فعصرته في حلقه حتى روي فغفر الله سبحانه لها (1).
ثم إنه يجبر على الإنفاق عليها، إلا أن يجتزئ بالرعي وترد الماء بنفسها
فيجتزئ به مع إمكانه، وإلا * (فإن امتنع مالكها أجبر على) * الإنفاق عليها
أو * (بيعها أو ذبحها إن كانت مقصودة بالذبح) * " للحم " أو الجلد، وإلا
أجبر على البيع أو الإنفاق، صونا لها عن التلف، فإن أصر ناب الحاكم عنه
في ذلك على ما يراه ببيع شئ من ماله في الإنفاق أو بيعها عليه. وإنما
يتخير مع إمكان الأفراد، وإلا تعين الممكن منها.
ثم إن كان لها ولد وفر عليه من لبنها ما يكفيه وجوبا، وحلب ما يفضل
عنه خاصة، فإن ذلك نفقته، إلا أن يقوم بكفايته من غير اللبن حيث يكتفى به
والحمد لله [أولا وآخرا والسلام على نبيه] (2).
إلى هنا انتهى الجزء العاشر - حسب تجزئتنا -
ويتلوه الجزء الحادي عشر إن شاء الله تعالى وأوله:
كتاب الطلاق

(1) الحاوي الكبير 11: 531.
(2) لم يرد في المخطوطات.
554