الكتاب: رياض المسائل
المؤلف: السيد علي الطباطبائي
الجزء: ٦
الوفاة: ١٢٣١
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: جمادي الثاني ١٤١٥
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك:
ملاحظات:

رياض المسائل
تأليف
الفقيه المدقق
السيد علي الطباطبائي
المتوفى سنة 1231 ه‍ ق
الجزء السادس
تحقيق
مؤسسة النشر الاسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المقدسة
1

كتاب رياض المسائل
في بيان
أحكام الشرع بالدلائل
(ج 6)
* المؤلف: الفقيه المدقق السيد علي الطباطبائي
* الموضوع: فقه
* تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
* عدد الأجزاء: 18 جزء
* الطبعة: الأولى
* المطبوع: 1000 نسخة
* التاريخ: جمادي الثاني 1415 ه‍. ق
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

متن
المختصر النافع (1)

(1) خدمه للقارئ الكريم ننقل متن كتاب (المختصر النافع) للمحقق الحلي قدس سره - وهي
النسخة المطبوعة المتداولة - بقدر ما جاء في هذا الجزء من (رياض المسائل) لآية الله
السيد علي الطباطبائي رحمه الله، ولا يخفى أن بين النسخة المذكورة والنسخ المتعددة من
الرياض اختلافات لم نذكر مواردها بل تركناها للقارئ العزيز.
3

بسم الله الرحمن الرحيم
كتاب الحج
والنظر في المقدمات والمقاصد.
المقدمة الأولى: الحج اسم لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة،
وهو فرض على المستطيع من الرجال والخناثى والنساء.
ويجب بأصل الشرع مرة وجوبا مضيقا، وقد يجب بالنذر وشبهه
وبالاستيجار والافساد.
ويستحب لفاقد الشرائط كالفقير والمملوك مع إذن مولاه.
المقدمة الثانية: في شرائط حجة الاسلام، وهي ستة: البلوغ، والعقل،
والحرية، والزاد والراحلة، والتمكن من المسير، ويدخل فيه الصحة
وإمكان المركوب، وتخلية السرب.
فلا تجب على الصبي، ولا على المجنون، ويصح الاحرام من الصبي
المميز وبالصبي غير المميز.
وكذا يصح بالمجنون، ولو حج بهما لم يجزئهما عن الفرض، ويصح
الحج من العبد مع إذن المولى لكن لا يجزئه عن الفرض إلا أن يدرك أحد
الموقفين معتقا، ومن لا راحلة له ولا زاد لو حج كان ندبا، ويعيد لو
5

استطاع، ولو بذل له الزاد والراحلة صار مستطيعا.
ولو حج به بعض إخوانه أجزأه عن الفرض.
ولا بد من فاضل عن الزاد والراحلة وما يمون به عياله حتى يرجع.
ولو استطاع فمنعه كبر أو مرض أو عدو ففي وجوب الاستنابة قولان،
المروي أنه يستنيب، ولو زال العذر حج ثانيا، ولو مات مع العذر أجزأته
النيابة.
وفي اشتراط الرجوع إلى صنعة أو بضاعة قولان، أشبههما أنه لا
يشترط.
ولا يشترط في المرأة وجود محرم، ويكفي ظن السلامة، ومع
الشرائط لو حج ماشيا أو في نفقة غيره أجزأه.
والحج ماشيا أفضل إذا لم يضعفه عن العبادة.
وإذا استقر الحج فأهمل قضي عنه من أصل تركته.
ولو لم يخلف سوى الأجرة قضي عنه من أقرب الأماكن.
وقيل: من بلده مع السعة.
ومن وجب عليه الحج لا يحج تطوعا.
ولا تحج المرأة ندبا إلا بإذن زوجها، ولا يشترط إذنه في الواجب،
وكذا في العدة الرجعية.
مسائل
(الأولى) إذا نذر غير حجة الاسلام لم يتداخلا، ولو نذر حجا مطلقا
قيل: يجزي إن حج بنية النذر عن حجة الاسلام، ولا تجزي حجة
6

الاسلام عن النذر، وقيل: لا تجزي إحداهما عن الأخرى وهو أشبه.
(الثانية) إذا نذر أن يحج ماشيا وجب ويقوم في مواضع العبور.
فإن ركب طريقه قضى ماشيا، وإن ركب بعضا قضى ومشى
ما ركب، وقيل: يقضي ماشيا لاخلاله بالصفة، ولو عجز قيل: يركب
ويسوق بدنة، وقيل: يركب ولا يسوق بدنة، وقيل: إن كان مطلقا توقع
المكنة، وإن كان معينا بسنة يسقط لعجزه.
(الثالثة) المخالف إذا لم يخل بركن لم يعد لو استبصر، وإن أخل
أعاد.
القول في النيابة:
ويشترط فيه: الاسلام، والعقل، وألا يكون عليه حج واجب، فلا
تصح نيابة الكافر، ولا نيابة المسلم عنه، ولا عن مخالف إلا عن الأب،
ولا نيابة المجنون، ولا الصبي غير المميز.
ولا بد من نية النيابة وتعيين المنوب عنه في المواطن ولا ينوب من
وجب عليه الحج، ولو لم يجب عليه جاز وإن لم يكن حج.
وتصح نيابة المرأة عن المرأة والرجل، ولو مات النائب بعد الاحرام
ودخول الحرم أجزأ.
ويأتي النائب بالنوع المشترط وقيل: يجوز أن يعدل إلى التمتع، ولا
يعدل عنه، وقيل: لو شرط عليه الحج على طريق، جاز الحج بغيرها.
ولا يجوز للنائب الاستنابة إلا مع الإذن، ولا يؤجر نفسه بغير
المستأجر في السنة التي استؤجر لها.
ولو صد قبل الاكمال استعيد من الأجرة بنسبة المتخلف، ولا يلزم
7

إجابته ولو ضمن الحج على الأشبه.
ولا يطاف عن حاضر متمكن من الطهارة لكن يطاف به، ويطاف
عمن لم يجمع الوصفين.
ولو حمل إنسانا فطاف به احتسب لكل واحد منهما طواف.
ولو حج عن ميت تبرعا برئ الميت، ويضمن الأجير كفارة جنايته
في ماله.
ويستحب أن يذكر المنوب عنه في المواطن كلها، وأن يعيد فاضل
الأجرة، وأن يتمم له ما أعوزه، وأن يعيد المخالف حجه إذا استبصر وإن
كانت مجزية.
ويكره أن تنوب المرأة الصرورة.
مسائل
(الأولى) من أوصى بحجة ولم يعين، انصرف إلى أجرة المثل.
(الثانية) لو أوصى أن يحج عنه ولم يعين فإن عرف التكرار حج عنه
حتى يستوفى ثلثه، وإلا اقتصر على المرة،
(الثالثة) لو أوصى أن يحج عنه كل سنة بمال معين فقصر جمع ما
يمكن به الاستيجار ولو كان نصيب أكثر من سنة.
(الرابعة) لو حصل بيد إنسان مال لميت وعليه حجة مستقرة وعلم أن
الوارث (المورثة خ) لا يؤدون جاز أن يقتطع قدر أجرة الحج.
(الخامسة) من مات وعليه حجة الاسلام وأخرى منذورة أخرجت
حجة الاسلام من الأصل والمنذورة من الثلث وفيه وجه آخر.
8

المقدمة الثالثة: في أنواع الحج، وهي ثلاثة: تمتع، وقران، وإفراد.
فالمتمتع هو الذي يقدم عمرته أمام حجه ناويا بها التمتع، ثم ينشئ
إحراما آخر بالحج من مكة، وهذا فرض من ليس حاضري مكة.
وحده من بعد عنها ثمانية وأربعين ميلا من كل جانب، وقيل: اثنا
عشر ميلا فصاعدا من كل جانب، ولا يجوز لهؤلاء العدول عن التمتع إلى
الافراد والقران، إلا مع الضرورة.
وشروطه أربعة: النية.
ووقوعه في أشهر الحج، وهي شوال، وذو القعدة، وذو الحجة،
وقيل: وعشرة من ذي الحجة. وقيل: تسع.
وحاصل الخلاف: إنشاء الحج في الزمان الذي يعلم إدراك
المناسك فيه، وما زاد يصح أن يقع فيه بعض أفعال الحج كالطواف
والسعي والذبح.
وأن يأتي بالعمرة والحج في عام واحد.
(وأن يحرم من الميقات بالعمرة خ) وبالحج له من مكة.
وأفضلها المسجد الحرام، وأفضله مقام إبراهيم عليه السلام وتحت
الميزاب.
ولو أحرم بحج التمتع من غير مكة لم يجزه ويستأنفه بها، ولو نسي
وتعذر العود أحرم من موضعه ولو بعرفة، ولو دخل مكة بمتعة وخشي
ضيق الوقت جاز نقلها إلى الافراد، ويعتمر بمفردة بعده.
وكذا الحائض والنفساء لو منعهما عذرهما عن التحلل وإنشاء
الاحرام بالحج.
9

والأفراد: وهو أن يحرم بالحج أولا من ميقاته ثم يقضي مناسكه
وعليه عمرة مفردة بعد ذلك.
وهذا القسم والقران فرض حاضري مكة.
ولو عدل هؤلاء إلى التمتع اختيارا ففي جوازه قولان، أشبههما المنع.
وهو مع الاضطرار جائز.
وشروطه: النية، وأن يقع في أشهر الحج، الميقات أو من دويرة أهله
إن كانت أقرب إلى عرفات.
والقارن كالمفرد، غير أنه يضم إلى إحرامه سياق الهدي، وإذا لبى
استحب له إشعار ما يسوقه من البدن بشق سنامه من الجانب الأيمن
ويلطخ صفحته بالدم، ولو كانت بدنا دخل بينها وأشعرها يمينا
وشمالا.
والتقليد أن يعلق في رقبته نعلا قد صلى فيه، والغنم تقلد لا غير.
ويجوز للمفرد والقارن الطواف قبل المضي إلى عرفات، لكن
يجددان التلبية عند كل طواف لئلا يحلا.
وقيل: إنما يحل المفرد، وقيل: لا يحل أحدهما إلا بالنية، لكن الأولى
تجديد التلبية.
ويجوز للمفرد إذا دخل مكة العدول بالحج إلى المتعة، لكن لا يلبي
بعد طوافه وسعيه، ولو لبى بعد أحدهما بطلت متعته وبقى على حجه على
رواية.
ولا يجوز العدول للقارن.
والمكي إذا بعد ثم حج على ميقات أحرم منه وجوبا.
10

والمجاور بمكة إذا أراد حجة الاسلام وخرج إلى ميقاته فأحرم منه،
ولو تعذر خرج إلى أدنى الحل، ولو تعذر (أي الخروج إلى أدنى الحل)
أحرم من مكة.
ولو قام سنتين انتقل فرضه إلى الافراد والقران.
ولو كان له منزلان: بمكة وناء، اعتبر أغلبهما عليه، ولو تساويا تخير
في التمتع وغيره.
ولا يجب على المفرد والقارن هدي، ويختص الوجوب بالتمتع.
ولا يجوز القران بين الحج والعمرة، ولا إدخال أحدهما على الآخر.
المقدمة الرابعة: في المواقيت، وهي ستة:
لأهل العراق العقيق وأفضله المسلخ وأوسطه غمرة، وآخره ذات
عرق.
ولأهل المدينة مسجد الشجرة، وعند الضرورة الجحفة وهي ميقات
أهل الشام اختيارا.
ولأهل اليمن يلملم.
ولأهل الطائف قرن المنازل.
وميقات المتمتع لحجه مكة.
وكل من كان منزله أقرب من الميقات فميقاته منزله.
وكل من حج على طريق فميقاته ميقات أهلها، ويجرد الصبيان من
فخ.
وأحكام المواقيت تشتمل على مسائل:
(الأولى) لا يصح الاحرام قبل الميقات إلا لناذر، بشرط أن يقع في
11

أشهر الحج أو العمرة المفردة في رجب لمن خشي تقضيه.
(الثانية) لا يجاوز الميقات إلا محرما، ويرجع إليه لو لم يحرم منه، فإن
لم يتمكن فلا حج له إن كان عامدا، ويحرم من موضعه إن كان ناسيا
أو جاهلا أو لا يريد النسك، ولو دخل مكة خرج إلى الميقات، ومع
التعذر من أدنى الحل، ومع التعذر يحرم من مكة.
(الثالثة) لو نسي الاحرام حتى أكمل مناسكه فالمروي: أنه لا
قضاء، وفيه وجه بالقضاء مخرج.
(المقصد الأول) في أفعال الحج:
وهي: الاحرام، والوقوف بعرفات، والمشعر، والذبح بمنى،
والطواف، وركعتاه، والسعي، وطواف النساء، وركعتاه.
وفي وجوب رمي الجمار والحلق أو التقصير تردد، أشبهه الوجوب.
وتستحب الصدقة أمام التوجه، وصلاة ركعتين، وأن يقف على
باب داره ويدعو، أو يقرأ فاتحة الكتاب أمامه وعن يمينه وشماله، وآية
الكرسي كذلك، وأن يدعو بكلمات الفرج، وبالأدعية المأثورة.
القول في الاحرام
والنظر في مقدماته وكيفيته وأحكامه.
ومقدماته كلها مستحبة، وهي توفير شعر رأسه من أول ذي القعدة إذا
أراد التمتع، ويتأكد إذا أهل ذو الحجة.
وتنظيف جسده، وقص أظافره، والأخذ من شاربه، وإزالة الشعر
عن جسده وإبطيه بالنورة، ولو كان مطليا أجزأه ما لم يمض خمسة عشر
12

يوما، والغسل.
ولو أكل أو لبس ما لا يجوز له أعاد غسله استحبابا.
وقيل: يجوز أن يقدم الغسل على الميقات لمن خاف عوز الماء،
ويعيده لو وجده.
ويجزئ غسل النهار ليومه، وكذا غسل الليل لليلته ما لم ينم.
ولو أحرم بغير غسل أو بغير صلاة أعاد.
وأن يحرم عقيب فريضة الظهر أو عقيب فريضة غيرها، ولو لم يتفق
فعقيب ست ركعات، وأقله ركعتان يقرأ في الأولى الحمد والصمد، وفي
الثانية الحمد والجحد، ويصلي نافلة الاحرام ولو في وقت الفريضة ما لم
يتضيق.
وأما الكيفية فتشتمل على الواجب والندب.
والواجب ثلاثة:
(الأول) النية، وهي أن يقصد بقلبه إلى الجنس من الحج أو
العمرة، والنوع من التمتع وغيره، والصفة من واجب أو غيره، وحجة
الاسلام أو غيرها، ولو نوى نوعا ونطق بغيره فالمعتبر النية.
(الثاني) التلبيات الأربع، ولا ينعقد الاحرام للمفرد والمتمتع إلا
بها.
أما القارن فله أن يعقد بها أو بالاشعار أو التقليد على الأظهر.
وصورتها: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك.
وقيل: يضيف إلى ذلك: إن الحمد والنعمة لك والملك. لا
شريك لك، وما زاد على ذلك مستحب.
13

ولو عقد إحرامه ولم يلب لم يلزمه كفارة بما يفعله.
والأخرس يجزيه تحريك لسانه والإشارة بيده.
(الثالث) لبس ثوبي الاحرام، وهما واجبان، والمعتبر ما يصح الصلاة
فيه للرجال (للرجل خ).
ويجوز لبس القباء مع عدمهما مقلوبا.
وفي جواز لبس الحرير للمرأة روايتان، أشهرهما المنع، ويجوز أن
يلبس أكثر من ثوبين، وأن يبدل ثياب إحرامه ولا يطوف إلا فيهما
استحبابا.
والندب: رفع الصوت بالتلبية للرجل إذا علت راحلته البيداء إن
حج على طريق المدينة، وإن كان راجلا فحيث يحرم.
ولو أحرم من مكة رفع بها إذا أشرف على الأبطح وتكرارها إلى يوم
عرفة عند الزوال للحاج.
وللمعتمر بالمتعة حتى يشاهد بيوت مكة، وبالمفردة إذا دخل الحرم
إن كان أحرم من خارجه حتى يشاهد الكعبة إن أحرم من الحرم.
وقيل: بالتخيير وهو أشبه.
والتلفظ بما يعزم عليه، والاشتراط أن يحله حيث حبسه، وإن لم
تكن حجة فعمرة.
وأن يحرم في الثياب القطن وأفضله البيض.
وأما أحكامه فمسائل:
(الأولى) المتمتع إذا طاف وسعى ثم أحرم بالحج قبل التقصير ناسيا
مضى في حجه ولا شئ عليه.
14

وفي رواية عليه دم، ولو أحرم عامدا بطلت متعته على رواية أبي بصير
عن أبي عبد الله عليه السلام.
(الثانية) إذا أحرم الولي بالصبي فعل به ما يلزم المحرم، وجنبه ما
يتجنب المحرم، وكل ما يعجز عنه يتولاه الولي، ولو فعل ما يوجب
الكفارة ضمن عنه، ولو كان مميزا جاز إلزامه بالصوم عن الهدي، ولو
عجز صام الولي عنه.
(الثالثة) لو اشترط في إحرامه ثم حصل المانع تحلل.
ولا يسقط هدي التحلل بالشرط، بل فائدته جواز التحلل للمحصور
من غير تربص، ولا يسقط عنه الحج لو كان واجبا.
ومن اللواحق التروك:
وهي محرمات ومكروهات، فالمحرمات أربعة عشر:
صيد البر إمساكا وأكلا ولو صاده محل، وإشارة، ودلالة،
وإغلاقا، وذبحا، ولو ذبحه كان ميتة حراما على المحل والمحرم.
والنساء، وطئا وتقبيلا ولمسا ونظرا بشهوة وعقدا له ولغيره وشهادة
على العقد.
والاستمناء، والطيب.
وقيل: لا يحرم إلا أربعة: المسك، والعنبر والزعفران والورس،
وأضاف في الخلاف الكافور والعود.
ولبس المخيط للرجال.
وفي النساء قولان، أصحهما الجواز، ولا بأس بالغلالة للحائض تتقي
بها على القولين، ويلبس الرجل السروال إذا لم يجد إزارا، ولا بأس
15

بالطيلسان وإن كان له أزرار فلا يزره عليه.
ولبس، ما يستر ظهر القدم كالخفين والنعل السندي وإن اضطر جاز.
وقيل: يشق عن القدم.
والفسوق وهو الكذب.
والجدال وهو الحلف، وقتل هوام الجسد، ويجوز نقله، ولا بأس
بإلقاء القراد والحلم.
ويحرم استعمال دهن فيه طيب، ولا بأس بما ليس بطيب مع
الضرورة. ويحرم إزالة الشعر قليله وكثيره ولا بأس به مع الضرورة.
وتغطية الرأس للرجل دون المرأة وفي معناه الارتماس، ولو غطى
ناسيا ألقاه واجبا وجدد التلبية استحبابا.
وتسفر المرأة عن وجهها، ويجوز أن تسدل خمارها إلى أنفها.
ويحرم تظليل المحرم سائرا، ولا بأس به للمرأة، وللرجل نازلا، فإن
اضطر جاز، ولو زامل عليلا أو امرأة اختصا بالظلال دونه.
ويحرم قص الأظفار وقطع الشجر والحشيش إلا أن ينبت في ملكه،
ويجوز خلع الإذخر، وشجر الفواكه والنخل.
وفي الاكتحال بالسواد والنظر في المرآة ولبس الخاتم للزينة ولبس
المرأة ما لم تعتده من الحلي.
والحجامة إلا للضرورة.
ودلك الجسد ولبس السلاح لا مع الضرورة، قولان، أشبههما
الكراهية.
والمكروهات: الاحرام في غير البياض.
16

ويتأكد في السواد.
وفي الثياب الوسخة.
وفي المعلمة.
والحناء للزينة، والنقاب للمرأة، ودخول الحمام، وتلبية المنادي،
واستعمال الرياحين.
ولا بأس بحك الجسد، والسواك ما لم يدم.
مسألتان
(الأولى) لا يجوز لأحد أن يدخل مكة إلا محرما إلا المريض أو من
يتكرر كالحطاب والحشاش، ولو خرج بعد إحرامه ثم عاد في شهر
خروجه أجزأ، وإن عاد في غيره أحرم ثانيا.
(الثانية) إحرام المرأة كإحرام الرجل، إلا ما استثني، ولا يمنعها
الحيض عن الاحرام لكن لا تصلي له، ولو تركته ظنا أنه لا يجوز رجعت
إلى الميقات وأحرمت منه ولو دخلت مكة، فإن تعذر أحرمت من أدنى
الحل، ولو تعذر أحرمت من موضعها.
القول في الوقوف بعرفات
والنظر في المقدمة والكيفية واللواحق.
أما المقدمة فتشتمل مندوبات خمسة:
الخروج إلى منى بعد صلاة الظهرين يوم التروية، إلا لمن يضعف
عن الزحام، والإمام يتقدم ليصلي الظهر بمنى.
17

والمبيت بها حتى يطلع الفجر، ولا يجوز وادي محسر حتى تطلع
الشمس.
ويكره الخروج قبل الفجر إلا لمضطر، كالخائف والمريض.
ويستحب للإمام الإقامة بها حتى تطلع الشمس.
والدعاء عند نزولها.
وعند الخروج منها.
وأما الكيفية، فالواجب فيها النية، والكون بها إلى الغروب، ولو لم
يتمكن من الوقوف بها نهارا أجزأه الوقوف ليلا ولو قبل الفجر، ولو
أفاض قبل الغروب عامدا عالما بالتحريم لم يبطل حجه وجبره ببدنة، ولو
عجز صام ثمانية عشر يوما، ولا شئ عليه لو كان جاهلا أو ناسيا.
ونمرة وثوية وذو المجاز وعرنة والأراك حدود لا يجزي الوقوف بها.
والمندوب: أن يضرب خباءه بنمرة، وأن يقف في السفح مع ميسرة
الجبل في السهل، وأن يجمع رحله، ويسد الخلل به وبنفسه، والدعاء
قائما.
ويكره الوقوف في أعلى الجبل، وقاعدا أو راكبا.
وأما اللواحق فمسائل:
(الأولى) الوقوف ركن، فإن تركه عامدا بطل حجه، ولو كان ناسيا
تداركه ليلا، ولو إلى، الفجر، ولو فات اجتزأ بالمشعر.
(الثانية) لو فاته الوقوف الاختياري وخشي طلوع الشمس لو رجع،
اقتصر على المشعر ليدركه قبل طلوع الشمس.
وكذا لو نسي الوقوف بعرفات أصلا اجتزأ بإدراك المشعر قبل طلوع
18

الشمس، ولو أدرك عرفات قبل الغروب ولم يتفق له المشعر حتى طلعت
الشمس أجزأه الوقوف به، ولو قبل الزوال.
(الثالثة) لو لم يدرك عرفات نهارا وأدركها ليلا ولم يدرك
المشعر حتى طلعت الشمس فقد فاته الحج.
وقيل: يصح حجه ولو أدركه قبل الزوال.
القول في الوقوف بالمشعر
والنظر في مقدمته وكيفيته ولواحقه.
والمقدمة: تشتمل على مندوبات خمسة:
الاقتصاد في السير، والدعاء عند الكثيب الأحمر.
وتأخير المغرب والعشاء إلى المزدلفة ولو صار ربع الليل.
والجمع بينهما بأذان واحد وإقامتين، وتأخير نوافل المغرب حتى
يصلي العشاء.
وفي الكيفية: واجبات ومندوبات.
فالواجبات: النية، والوقوف به، وحده ما بين المأزمين إلى
الحياض، إلى وادي محسر، ويجوز الارتفاع إلى الجبل مع الزحام،
ويكره لا معه.
ووقت الوقوف، ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس. للمضطر إلى
الزوال.
ولو أفاض قبل الفجر عامدا عالما جبره بشاة، ولم يبطل حجه إن
كان وقف بعرفات.
19

ويجوز الإفاضة ليلا للمرأة والخائف.
والمندوب: صلاة الغداة قبل الوقوف، والدعاء.
وأن يطأ الصرورة المشعر برجله.
وقيل: يستحب الصعود على قزح، وذكر الله عليه.
ويستحب - لمن عدا الإمام - الإفاضة قبل طلوع الشمس وألا
يجاوز وادي محسر حتى تطلع، والهرولة في الوادي، داعيا بالمرسوم،
ولو نسي الهرولة رجع فتداركها، والإمام يتأخر بجمع حتى تطلع
الشمس.
واللواحق ثلاثة
(الأول) الوقوف بالمشعر ركن، فمن لم يقف به ليلا ولا بعد الفجر
عامدا بطل حجه، ولا يبطل لو كان ناسيا، ولو فاته الموقفان بطل ولو
كان ناسيا.
(الثاني) من فاته الحج سقطت عنه أفعاله، ويستحب له الإقامة
بمنى إلى انقضاء أيام التشريق، ثم يتحلل بعمرة مفردة، ثم يقضي الحج
إن كان واجبا.
(الثالث) يستحب التقاط الحصى من جمع وهو سبعون حصاة.
ويجوز من أي جهات الحرم شاء، عدا المساجد.
وقيل: عدا المسجد الحرام ومسجد الخيف.
ويشترط أن يكون أحجارا من الحرم أبكارا، ويستحب أن تكون
رخوة برشا بقدر الأنملة ملتقطة منقطة.
20

ويكره الصلبة والمكسرة.
القول في مناسك منى يوم النحر
وهي رمي جمرة العقبة، ثم الذبح، ثم الحلق.
أما الرمي: فالواجب فيه النية، والعدد وهو سبع، وإلقاؤها بما يسمى
رميا، وإصابة الجمرة بفعله، فلو تممها بحركة غيره لم يجز.
والمستحب، الطهارة، والدعاء.
وأن لا يتباعد بما يزيد على خمسة عشر ذراعا، وأن يرمي خذفا،
والدعاء مع كل حصاة، ويستقبل الجمرة العقبة، ويستدبر القبلة، وفي
غيرها يستقبل، الجمرة والقبلة.
وأما الذبح: ففيه أطراف.
(الأول) في الهدي، وهو واجب على المتمتع خاصة، مفترضا
ومتنفلا، ولو كان مكيا، ولا يجب على غير المتمتع، ولو تمتع المملوك
كان لمولاه إلزامه بالصوم، وأن يهدي عنه.
ولو أدرك أحد الموقفين معتقا لزمه الهدي مع القدرة، والصوم مع
التعذر.
وتشترط النية في الذبح، ويجوز أن يتولاه بنفسه وبغيره.
ويجب ذبحه بمنى.
ولا يجزي الواحد إلا عن واحد في الواجب.
وقيل: يجزي عن سبعة، وعن سبعين عند الضرورة لأهل الخوان
الواحد، ولا بأس به في الندب.
21

ولا يباع ثياب التجمل في الهدي. ولو ضل فذبح لم يجز، ولا
يخرج شيئا من لحم الهدي عن منى، ويجب صرفه في وجهه، ويذبح يوم
النحر وجوبا مقدما على الحلق، ولو قدم الحلق أجزأه، ولو كان عامدا.
وكذا لو ذبحه في بقية ذي الحجة.
(الثاني) في صفته: ويشترط أن يكون من النعم ثنيا غير مهزول،
ويجزي من الضأن خاصة، الجذع لستة، وأن يكون تاما، فلا يجوز
العوراء، ولا العرجاء، ولا العضباء، ولا ما نقص منها شئ كالخصي،
ويجزي المشقوقة الإذن، وأن لا تكون مهزولة بحيث لا يكون على كليتيها
شحم، لكن لو اشتراها على أنها سمينة فبانت مهزولة، أجزأته.
والثني من الإبل ما دخل في السادسة.
ومن البقر والغنم ما دخل في الثانية.
ويستحب أن تكون سمينة تنظر في سواد وتمشي في سواد، وتبرك
في مثله، أي لها ظل تمشي فيه.
وقيل: أن يكون هذه المواضع منها سودا.
وأن يكون مما عرف به، إناثا من الإبل والبقر، ذكرانا من الضأن
أو المعز.
وأن ينحر الإبل قائمة مربوطة بين الخف والركبة، ويطعنها من
الجانب الأيمن.
وأن يتولاه بنفسه، وإلا جعل يده مع يد الذابح والدعاء، وقسمته
أثلاثا: يأكل ثلثه، ويهدي ثلثه، ويطعم القانع والمعتر ثلثه.
وقيل: يجب الأكل منه.
22

ويكره التضحية بالثور والجاموس والموجوء.
(الثالث) في البدن.
فلو فقد الهدي ووجد ثمنه استناب في شرائه، وذبحه طول ذي
الحجة.
وقيل: ينتقل فرضه إلى الصوم.
ومع فقد الثمن يلزمه الصوم، وهو ثلاثة أيام في الحج متواليات،
وسبعة في أهله، ويجوز تقديم الثلاثة من أول ذي الحجة، بعد التلبس
بالحج.
ولا يجوز قبل ذي الحجة، ولو خرج ذو الحجة ولم يصم الثلاثة،
تعين الهدي في القابل بمنى، ولو صام الثلاثة في الحج ثم وجد الهدي لم
يجب، لكنه أفضل.
ولا يشترط في صوم السبعة التتابع.
ولو أقام بمكة انتظر أقل الأمرين من وصوله إلى أهله ومضي شهر.
ولو مات ولم يصم صام الولي عنه الثلاثة وجوبا دون السبعة، ومن
وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر، أجزأه سبع شياه، ولو تعين عليه
الهدي ومات أخرج من أصل تركته.
(الرابع) في هدي القارن.
ويجب ذبحه أو نحره بمنى إن قرنه بالحج، وبمكة إن قرنه بالعمرة
وأفضل مكة فناء الكعبة بالجزورة، ولو هلك لم يقم بدله، ولو كان
مضمونا لزمه البدل، ولو عجز عن الوصول نحره أو ذبحه وأعلمه، ولو
أصابه كسر جاز بيعه والصدقة بثمنه أو إقامة بدله، ولا يتعين الصدقة
23

إلا بالنذر وإن أشعره أو قلده.
ولو ضل فذبح عن صاحبه أجزأه.
ولو ضل فأقام بدله ثم وجده، فإن ذبح الأخير استحب ذبح الأول،
ويجوز ركوبه وشرب لبنه ما لم يضر بولده.
ولا يعطي الجزار من الهدي الواجب كالكفارات والنذور، ولا
يأخذ الناذر من جلودها، ولا يأكل منها، فإن أخذ ضمنه.
ومن نذر بدنه فإن عين موضع النحر وإلا نحرها بمكة.
(الخامس) الأضحية، وهي مستحبة.
ووقتها بمنى يوم النحر وثلاثة بعده، وفي الأمصار يوم النحر ويومان
بعده.
ويكره أن يخرج من أضحيته شيئا عن منى ولا بأس بالسنام، ومما
يضحيه غيره، ويجزي هدي التمتع عن الأضحية، والجمع أفضل، ومن لم
يجد الأضحية تصدق بثمنها، فإن اختلف أثمانها جمع الأول والثاني
والثالث وتصدق بثلثها.
ويكره التضحية بما يربيه وأخذ شئ من جلودها وإعطاؤها الجزار.
وأما الحلق: فالحاج مخير بينه وبين التقصير ولو كان صرورة أو ملبدا
على الأظهر، والحلق أفضل.
والتقصير متعين على المرأة، ويجزي ولو قدر الأنملة. والمحل بمنى، ولو
رحل قبله عاد للحلق أو التقصير ولو تعذر حلق أو قصر حيث كان
وجوبا، وبعث بشعره إلى منى ليدفن بها استحبابا.
ومن ليس على رأسه شعر يجزيه أمرار الموسى.
24

والبدأة برمي جمرة العقبة، ثم بالذبح، ثم بالحلق واجب، فلو خالف
أثم ولم يعد، ولا يزور البيت لطواف الحج إلا بعد الحلق أو التقصير، فلو
طاف قبل ذلك عامدا لزمه دم شاة، ولو كان ناسيا لم يلزمه شئ وأعاد
طوافه.
ويحل من كل شئ عند فراغ مناسكه بمنى عدا الطيب والنساء
والصيد، فإذا طاف لحجه وسعى حل له الطيب، وإذا طاف طواف
النساء حللن له.
ويكره الخيط حتى يطوف للحج، والطيب حتى يطوف طواف
النساء.
ثم يمضي إلى مكة للطواف، والسعي ليومه، أو من الغد، ويتأكد في
جانب المتمتع، ولو أخر أثم، وموسع للمفرد والقارن طول ذي الحجة
على كراهية.
ويستحب له إذا دخل مكة الغسل، وتقليم الأظفار، وأخذ
الشارب، والدعاء عند باب المسجد.
القول في الطواف
والنظر في مقدمته وكيفيته وأحكامه:
أما المقدمة فيشترط تقديم الطهارة، وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن،
والختان في الرجل.
ويستحب مضغ الإذخر قبالي دخول مكة، ودخولها من أعلاها حافيا
على سكينة ووقار، مغتسلا من بئر ميمون أو فخ، ولو تعذر اغتسل بعد
25

الدخول، والدخول من باب بني شيبة، والدعاء عنده.
وأما الكيفية: فواجبها النية، والبدأة بالحجر، والختم به، والطواف على
اليسار، إدخال الحجر في الطواف، وأن يطوف سبعا، ويكون بين
المقام والبيت، ويصلي ركعتين بعد الطواف في المقام، فإن منعه زحام
صلى حياله.
ويصلي النافلة حيث شاء من المسجد.
ولو نسيهما رجع فأتى بهما فيه، ولو شق صلاهما حيث ذكر، ولو
مات قضى عنه الولي.
والقران مبطل في الفريضة على الأشهر، ومكروه في النافلة، ولو زاد
سهوا أكملها أسبوعين، وصلى ركعتي الواجب منهما قبل السعي وركعتي
الزيادة بعده.
ويعيد من طاف في ثوب نجس، ولا يعيد لو لم يعلم، ولو علم في
أثناء الطواف أزاله وأتم، وصلى ركعتاه في كل وقت ما لم يتضيق
وقت حاضرة.
ولو نقص من طوافه وقد تجاوز النصف أتم، ولو رجع إلى أهله
استناب، ولو كان دون ذلك استأنف.
وكذا من قطع الطواف لحدث أو لحاجة.
ولو قطعه لصلاة فريضة حاضرة صلى ثم أتم طوافه، ولو كان دون
الأربع، وكذا الوتر.
ولو دخل في السعي فذكر أنه لم يطف استأنف الطواف، ثم استأنف
السعي، ولو ذكر أنه طاف ولم يتم قطع السعي وأتم الطواف ثم يتم السعي.
26

كتاب الحج
27

كتاب الحج
ويتبعه العمرة أو يدخل فيه لما ورد أنها الحج الأصغر (1) وادخل فيه
الزيارة حثا عليها وتنبيها على نقصه بدونها كما في الأثر.
(والنظر) في الكتاب يقع تارة (في المقدمات، و) أخرى في
(المقاصد).
(المقدمة الأولى):
في بيان حقيقته وحكمه
إعلم أن (الحج) بالفتح في لغة وبالكسر في أخرى، وقيل: بالأول
مصدر وبالثاني اسم يأتي في اللغة لمعان كما في القاموس (2)، أشهرها القصد
أو المكرر منه خاصة، حتى أن جماعة لم يذكروا غيرهما.
وفي الشرع (اسم لمجموع المناسك المؤداة في المشاعر المخصوصة)
عند الماتن وجماعة للتبادر.
وكذلك عند المتشرعة، وعند الشيخ وجملة ممن تبعه القصد إلى مكة

(1) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب العمرة ح 4 و 11 و 12 ج 10 ص 236.
(2) القاموس: ج 1 ص 182.
29

شرفها الله تعالى - لأدائها عنده، متعلقة بزمان مخصوص (1)، وربما قيل:
مطلقا.
وقد أورد على كل من الفريقين إيرادات لا فائدة مهمة للتعرض لها،
بل ينبغي صرف الهمة بعون الله سبحانه إلى ما هو أهم منها وأولى.
فنقول: (وهو فرض على المستطيع) للسبيل إليه (من الرجال
والخناثى) مطلقا (والنساء) بالكتاب والسنة والاجماع.
(و) إنما (يجب بأصل الشرع): أي من غير جهة المكلف (مرة)
واحدة في مدة العمر، للأصل، والنصوص المستفيضة من طرق العامة
والخاصة، ولا خلاف فيه أجده، إلا من الصدوق في العلل فأوجبه على
المستطيع في كل عام (2)، كما في المستفيضة المتضمنة (3) للصحيح وغيره،
لكنها كقوله شاذة مخالفة لاجماع المسلمين كافة، كما صرح به الشيخ في
التهذيبين (4) والفاضلان في المعتبر (5) والمنتهى (6).
فلتكن مطرحة أو محمولة على الاستحباب، أو على أن المراد بكل عام:
يعني على البدل، كما ذكرهما الشيخ (7) والفاضل في التذكرة (8).
وزاد جماعة فاحتملوا حملها على إرادة الوجوب كفاية، بمعنى لزوم أن

(1) المبسوط: ج 1 ص 296.
(2) علل الشرائع: خ 2 ص ه 40.
(3) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب وجوب الحج ج 8 ص 10 - 11.
(4) تهذيب الأحكام: ب 1 في وجوب الحج ذيل الحديث 45 ص 16، والاستبصار: ب 88 أن
الحج مرة واحدة أم هو على التكرار ج 2 ص 148.
(5) تهذيب الأحكام: ب 1 في وجوب الحج ذيل الحديث 45 ص 16، والاستبصار: ب 88 أن
الحج مرة واحدة أم هو على التكرار ج 2 ص 148.
(6) المعتبر: ج 2 ص 747.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 643 س 15.
(8) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 296 س 27.
30

لا يخلو بيت الله تعالى عن طائف أبدا، كما يستفاد من النصوص (1)
المستفيضة المتضمنة للصحيحة وغيرها.
وخير المحامل أوسطها، لمنافاة ما عداه لما في بعض تلك الأخبار من
التنصيص، بأن الله تعالى فرض الحج على أهل الجدة في كل عام، وأن
ذلك قول الله عز وجل: (ولله على الناس حج البيت... الآية) (2) فإن
مفاد الآية الوجوب عينا إجماعا.
والثاني بالخصوص لما في بعض النصوص الشاهدة عليه من تعميم ذلك
للغني والفقير (3)، وذكر مثل ذلك في زيارة النبي - صلى الله عليه وآله - (4).
مع أن ظاهر تلك النصوص الاختصاص بأهل الجدة، ولم أر قائلا بالوجوب
مطلقا فيهما، ويمكن جعله دليلا على إرادة الاستحباب فيما عداه.
ويجب (وجوبا مضيقا) بأخبارنا (5) وإجماعنا، كما صرح به جماعة
منا مستفيضا كالناصريات (6) والخلاف (7) والمنتهى (8) والروضة (9) وغيرها.
والمراد بالفورية وجوب المبادرة إليه في أول عام الاستطاعة مع
الامكان، وإلا ففيما يليه وهكذا.
ولو توقف على مقدمات من سفر وغيره، وجب الفور بها على وجه يدركه

(1) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب وجوب الحج ج 8 ص 13.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب وجوب الحج ح 1 و 7 ج 8 ص 10 و 11.
(3) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب وجوب الحج ح 3 ج 8 ص 11.
(4) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب وجوب الحج ح 2 ج 8 ص 16.
(5) في نسخة (م) و (ق): في أخبارنا.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 243 س 12.
(7) الخلاف: كتاب الحج م 22 ج 2 ص 257.
(8) منتهى المطلب: مقدمات الحج ج 2 ص 642 س 23.
(9) الروضة البهية: ج 2 ص 161.
31

كذلك.
ولو تعددت الرفقة في العام الواحد قيل: وجب السير مع أولها، فإن أخر
عنها وأدركه مع التالية، وإلا كان كمؤخره عمدا في استقراره، واختاره في
الروضة (1)، وفي إطلاقه نظر. ولذا خصه الشهيد في الدروس بما إذا لم يثق
بسفر الثانية (2)، وفيه أيضا إشكال.
والأوفق بالأصل جواز التأخير بمجرد احتمال سفرها، كما احتمله بعض
قال: لانتفاء الدليل على فورية السير بهذا المعنى انتهى (3). وهو حسن، إلا
أن الأول، ثم الثاني أحوط. ثم إن هذا بالإضافة إلى أصل وجوب المبادرة
إلى الخروج بحيث يكون بالترك آثما.
وأما بالإضافة إلى ثبوت الاستقرار الموجب للقضاء فما ذكره في
الروضة (4). متعين جدا، لعموم (5) ما دل على وجوبه السليم عن المعارض
أصلا.
(وقد يجب بالنذر وشبهه): من العهد، واليمين، (والاستئجار)
للنيابة، وجب على المنوب عنه أم لا (والافساد). ولو للمندوب بناء على
وجوبه ولو بالشروع.
(ويستحب لفاقد الشرائط) للوجوب مطلقا (كالفقير) (أي
الذي لم يستطع ولو كان غنيا) (والمملوك مع إذن مولاه) لعموم (6)

(1) الروضة البهية: ج 2 ص 161.
(2) الدروس: ص 85.
(3) وهو صاحب مدارك الأحكام: ج 1 ص 18.
(4) المصدر السابق.
(5) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب وجوب الحج ج 8 ص 3.
(6) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب وجوب الحج ح 1 ج 8 لم ص 31.
32

الترغيب فيه عموما وخصوصا، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى.
(المقدمة الثانية):
(في) بيان (شرائط حجة الاسلام) ووجوبها
(وهي ستة: البلوغ، والعقل، والحرية) والاستطاعة بلا خلاف
في هذه الأربعة، بل عليها إجماع علماء الإسلام، كما في عبائر جماعة (1)،
والنصوص (2) بها - مضافة إلى الكتاب العزيز في الأخير (3) عموما وخصوصا -
مستفيضة.
(و) المراد بالاستطاعة عندنا (الزاد والراحلة) إن لم يكن من أهل
مكة ولا بها بالاجماع، كما في الناصريات (4)، والخلاف (5)، والغنية (6)،
والمنتهى (7)، والتذكرة (8)، والسرائر، بل فيه إجماع المسلمين عليه عدا
مالك، ثم فيه ولولا إجماع المسلمين على إبطال قوله لكان إلى آخره (9).
وهو الحجة، مضافا إلى النصوص المستفيضة.
منها الموثق والصحيح المروي عن توحيد الصدوق في تفسير الآية (من

(1) الحدائق المناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 59.
(2) وسائل الشيعة: ب 8 و 12 و 15 ج 8 ص 21 و 29 و 31.
(3) آل عمران: 97.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية) كتاب الحج المسألة السادسة والثلاثون والمائة ص 243
س 34.
(5) الخلاف: كتاب الحج م 3 ج 2 ص 246.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية) كتاب الحج ص 511 س 37.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في الاستطاعة ج 2 ص 652 س 11.
(8) تذكره الفقهاء: كتاب الحج في الاستطاعة ج 1 ص 301 س 3.
(9) السرائر: كتاب الحج ج 1 ص 508.
33

استطاع إليه سبيلا) ما يعني بذلك قال: من كان صحيحا في بدنه مخلا
سربه، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج (1). ونحوهما المروي عن تفسير
العياشي (2).
وعنه خبران آخران في أحدهما: أنها الصحة في بدنه والقدرة في
ماله (3). وفي الثاني: القوة في البدن واليسار في المال (4).
ومنها إنما يعني بالاستطاعة الزاد والراحلة ليس استطاعة البدن (5).
ومنها المروي في العلل إن السبيل الزاد والراحلة مع الصحة (6).
وقصور السند أو ضعفه حيث كان مجبورا بعمل الأصحاب وظاهر
الكتاب، بناء على عدم انصراف إطلاق الأمر إلا إلى المستطيع ببدنه،
فاعتبار الاستطاعة بعده ليس إلا لاعتبار شئ آخر وراءه، وليس إلا الزاد
والراحلة بإجماع الأمة.
وحمله على التأكيد خلاف الظاهر، بل الظاهر التأسيس.
وما ورد في الصحاح وغيرها من الوجوب على من أطاق المشي من
المسلمين (7) فلشذوذها وندرتها، محمولة على من استقر عليه فأخره، أو التقية

(1) التوحيد: باب الاستطاعة ح 14 ص 350، وليس فيه: فهو ممن يستطيع الحج.
(2) تفسير العياشي: ج 1 ح 111 ص 192.
(3) تفسير العياشي: ج 1 ح 117 ص 193.
(4) تفسير العياشي: ج 1 ح 108 ص 190.
(5) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب وجوب الحج ح 5 ج 8 ص 22.
(6) ما عثرت عليه في العلل ووجدناه في عيون أخبار الرضا ب 35 ما كتبه الرضا - عليه السلام -
للمأمون في محض الاسلام وشرائع الدين قطعة من الحديث 1 ص 124، وكذا في الوسائل ب 8
من أب 8 من أبواب وجوب الحج ح 6 ج 8 ص 23، وكذا في الحدائق: ج 14 ص 82، وكذا في
كشف اللثام: ج 1 ص 288.
(7) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب وجوب الحج ج 8 ص 28 و 29.
34

عن رأي مالك القائل به كما مر إليه الإشارة، أو الاستحباب كما ذكره
شيخ الطائفة (1)، ولا يخلو عن مناقشة.
والجمع بين هذه النصوص والسابقة بحملها على الغالب من توقف
الاستطاعة على الزاد والراحلة دون هذه، فتحمل على المتمكن ولو من
دونهما، كما اتفق لبعض المتأخرين، وإن كان في حد ذاته حسنا، إلا أنه
فرع التكافؤ المفقود بما عرفت من شذوذ الأخبار الأخيرة، ومخالفتها
الاجماعات المحكية حد الاستفاضة المعتضدة بالأصل والشهرة العظيمة بين
الخاصة والعامة، وظاهر الآية الكريمة على ما عرفته.
نعم يجب الاقتصار فيما خالف الأخبار الأخيرة على قدر ما اجتمع فيه
المرجحات المزبورة، وهو البعيد المحتاج في قطع المسافة إلى راحلة خاصة،
وأما غيره من القريب والمكي غير المحتاجين إليها فينبغي العمل فيهما بما
تضمنته الأخبار الأخيرة، وبه أفتى أيضا جماعة، ومنهم الشيخ في
المبسوط (2) والفاضل في المنتهى (3) والتذكرة (4) كما قيل (5).
ويمكن تنزيلها كإطلاق الأكثر عليه أيضا، زيادة على ما عرفته جمعا،
ويستفاد من الأخبار المتقدمة اعتبار.
الشرط السادس (و) هو (التمكن من المسير، ويدخل فيه
الصحة) من المرض المانع من الركوب والسفر (6) (وإمكان الركوب

(1) الاستبصار: كتاب الحج ب 81 ص 141 والتهذيب: كتاب الحج ب 1 في وجوب الحج ص 11.
(2) المبسوط: كتاب الحج في شرائط الوجوب ج 1 ص 298.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في الاستطاعة ج 2 ص 652 س 23.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الاستطاعة ج 1 ص 301 س 15.
(5) والقائل هو كاشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 291 س 16.
(6) في (مش) و (الشرح الصغير): أو السفر.
35

وتخلية السرب) بفتح السين المهملة وإسكان الراء، أي الطريق وسعة
الوقت.
مع أن في المنتهى إجماعنا عليه (1)، بل عن المعتبر أن عليه إجماع
العلماء (2).
ويدل عليه وعلى أكثر الشروط المتقدمة، بل كلها عدم صدق
الاستطاعة في العرف بدونها غالبا.
ونحو الصحيح من مات ولم يحج حجة الاسلام لم يمنعه من ذلك حاجة
تجحف به أو مرض لا يطيق فيه الحج أو سلطان يمنعه فليمت يهوديا أو
نصرانيا (3).
وهل تعتبر الاستطاعة من البلد كما عن شيخنا الشهيد الثاني (4)، أو
يكفي حصولها في أي موضع اتفق ولو قبل التلبس بالاحرام كما هو خيرة
جماعة (5) قولان ظاهر إطلاق الأدلة، بل عمومها الثاني.
ونحوها الصحيح في الرجل يمر مجتازا يريد اليمن أو غيرها من البلدان
وطريقه بمكة فيدرك الناس وهم يخرجون إلى الحج فيخرج معهم إلى المشاهد
أيجزيه ذلك عن حجة الاسلام؟ قال: نعم (6). وحيث قد ثبتت هذه
الشروط.
(ف‍) اعلم أنه (لا يجب على الصبي) مطلقا (ولا على المجنون).

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في إمكان المسير ج 2 ص 654 س 37.
(2) المعتبر: كتاب الحج في إمكان المسير ج 2 ص 754.
(3) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب وجوب الحج ح 1 ج 8 ص 19.
(4) الروضة البهية: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 217.
(5) الحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 87.
(6) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب وجوب الحج ح 2 ج 8 ص 40.
36

(ويصح الاحرام من الصبي المميز) بإذن الولي بإجماعنا كما عن
ظاهر الخلاف (1)، بل قيل بالاجماع والصحاح (2)، وفي ظاهر المنتهى
والتذكرة (3) كما في المدارك والذخيرة أنه لا خلاف فيه بين العلماء (4). مع
أنه قد حكي عن أبي حنيفة أنه قد أبطله (5).
وفي اشتراط إذن الولي؟ وجهان، أوجههما نعم، كما عليه الأكثر
كالفاضلين (6) والشهيدين (7) ومن تأخر عنهما، تبعا للمحكي عن ظاهر
المبسوط (8) والخلاف (9)، لا لما ذكروه من تضمنه غرامة مال.
ولا يجوز له التصرف في ماله بدون إذن الولي فإنه لا يخلو عن نظر، بل
ورود المنع عليه ظاهر، كما صرح به بعض من تأخر (1)، بل للاقتصار فيما
خالف الأصل على المتيقن من مورد الفتوى والنص وهو الصبي المأذون.
وذلك لأن الاحرام عبادة متلقاة عن الشرع يجب الاقتصار فيها على

(1) الخلاف: كتاب الحج م 6 2 2 ج 2 ص 378.
(2) والقائل هو صاحب مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 329 ج 1 ص 296.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في شرائط الحج ج 2 ص 648 س 30، وتذكرة الفقهاء: كتاب
الحج في حج الصبي المميز ج 1 ص 297 س 20.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط وجوب حجة الاسلام ج 7 ص 23، وذخيرة المعاد:
كتاب الحج في شرائط الحج ص 558 س 10.
(5) الحاكي هو كاشف اللثام: كتاب الحج في حج الصبي ج 1 ص 286 س 36.
(6) المعتبر: كتاب الحج في شرائط حجة الاسلام ج 2 ص 747، ومنتهى المطلب: كتاب الحج في
شرائط الحج ج 2 ص 648 س 36.
(7) الدروس الشرعية: كتاب الحج في شرائط الحج ص 82، والروضة البهية: كتاب الحج ج 2
ص 163.
(8) المبسوط: كتاب الحج في أحكام الصبيان ج 1 ص 328.
(9) الخلاف: كتاب الحج م 327 ج 2 ص 432.
(10) الظاهر أنه هو صاحب جامع المقاصد: كتاب الحج في شرائط أنواع الحج ج 3 ص 125.
37

النص وليس إلا من مر، مضافا إلى أن الصحة هنا بمعنى ترتب الكفارات
عليه أو على الولي والهدي أو بدله ولم يجز له التصرف بشئ من ذلك في
المال إلا بإذن الولي، أو لورود نص من الشرع بذلك جلي، وليس كما مر.
ولعل هذا مراد القوم مما مر من الدليل وإن قصرت عبارتهم عن
التعبير، وإلا فلورود النص الجلي بلزوم الكفارات عليه بإحرامه في ماله ولو
من غير إذن الولي كيف يمكنهم المنع عنه بمثل ذلك الدليل.
وبالجملة فالظاهر أن مقصودهم وجوب الاقتصار فيما خالف الأصل على
مورد الدليل، وليس فيه كما عرفت تعميم.
(و) كذا يصح الاحرام (بالصبي غير المميز) بأن يجعله الولي محرما
ويأتي بالمناسك عنه، قيل: بلا خلاف للصحاح.
قالوا (وكذا يصح) الاحرام (بالمجنون) قيل: لأنه ليس أخفض
منه، وهو قياس مع الفارق (1).
(ولو حج بهما لم يجزئهما عن الفرض) بل يجب عليهما مع الكمال
وتحقق باقي الشروط الاستئناف بلا خلاف، بل في ظاهر المنتهى (2) وصريح
غيره الاجماع، للأصل والنصوص.
منها الموثق - كالصحيح -: عن ابن عشر سنين يحج قال: عليه حجة
الاسلام إذا احتلم، وكذلك الجارية إذا طمثت (3). ونحوه الخبر.
ويستفاد منهما استحباب الحج بالصبية لو حجها كالصبي، وبه قطع
بعض الأصحاب فقال: ولا ريب أن الصبية في معناه (4)، مع أنه اعترف

(1) والقائل هو مفاتيح الشرائع كتاب الحج م 329 ج 1 ص 296.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في شرائط حجة الاسلام ج 2 ص 9 س 22.
(3) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب وجوب الحج ح 1 و 2 ج 8 ص 30. (
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 26.
38

بأن ما وقفت عليه في هذه المسألة - وأشار بها إلى المسألة السابقة - مختص
بالصبي (1).
ولعله غفل عن هذه الروايات، مع أنه قبيل ذلك رواها في هذه
المسألة، أو أراد اختصاص الروايات بالحج بالصبي لا حجه، وليس في هذه
الروايات إشعار بأحد الأمرين، بل ظاهرها الثاني.
(ويصح الحج من العبد) بل المملوك مطلقا (مع إذن المولى) وإن
لم يجب عليه لما مضى (لكن لا يجزئه عن الفرض) يعني حجة الاسلام
بعد انعتاقه واستكماله الشرائط، بل يجب عليه إعادتها (إلا أن يدرك
أحد الموقفين معتقا) فتجزئه عنها بلا خلاف في شئ من ذلك بيننا
أجده، بل على جميعه الاجماع في عبائر جماعة كالخلاف (2) والمنتهى (3)
وغيرهما، بل على الصحة وعدم الاجزاء قبل إدراك الموقفين معتقا إجماع
العلماء في المنتهى (4)، كل ذلك للصحاح المستفيضة، وغيرها من المعتبرة.
فني الصحيح: المملوك إن حج وهو مملوك أجزأه إذا مات قبل، فإن
أعتق فعليه الحج (5).
وفيه مملوك أعتق يوم عرفة قال إذا أدرك أحد الموقفين فقد أدرك
الحج (6).
وأما الموثق أو الصحيح: أيما عبد حج به مواليه فقد قضى حجة

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 26
(2) الخلاف: كتاب الحج م 227 ج 2 ص 379 و 380.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في شرائط حجة الاسلام ج 2 ص 650 س 29.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في شرائط حجة الاسلام ج 2 ص 650 س 37.
(5) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب وجوب الحج ح 1 ج 8 ص 33، وفيه اختلاف يسير.
(6) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب وجوب الحج ح 2 ج 8 ص 35.
39

الاسلام (1)، فمحمول على ما إذا أدرك الموقف، أو على أن المراد إدراك
ثواب حجة الاسلام ما دام مملوكا.
كما ربما يستأنس له بملاحظة الصحيح السابق وغيره، وفيه الصبي إذا
حج به فقد قضى حجة الاسلام حتى يكبر، والعبد إذا حج به فقد قضى
حجة الاسلام حتى يعتق (2).
وهل يشترط في الاجزاء حيث ثبت تقدم الاستطاعة وبقائها؟ قال
الشهيدان (3): نعم، ولكن (4) استشكله ثانيهما إن أحلنا ملكه (5).
ولذا اعترض الأول جماعة بناء على إحالة ملكه، وهو حسن لو انحصرت
الاستطاعة في ملكية المال من الزاد والراحلة حيث إنه لا يملكهما، وأما مع
عدمه فحصولها بالقدرة على المشي - كما مر في القريب والمكي - فاعتبارها
حسن.
وحيث أن الاتمام هنا لما جامع الاستطاعة التي للمكي غالبا، وكانت
كافية للوجوب هنا - وإن كانا نائيين كما قيل (6)، وتقتضيه إطلاق الآية
والنصوص - لم تشترطها النصوص والأكثر التفاتا إلى الأغلب.
والشهيد رحمه الله لم يلتفت إليه وتعرض لشقوق المسألة في نفس الأمر،
لكن اعتباره (7) سبق الاستطاعة ربما كان فيه إيماء إلى الاستطاعة المالية،

(1) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب وجوب الحج ح 7 ج 8 ص 34.
(2) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب وجوب الحج ح 2 ج 8 ص 33.
(3) الدروس: كتاب الحج ص 83، والروضة البهية: كتاب الحج ج 2 ص 165. (*
(4) في (م) و (ق): ولكنه.
(5) الروضة البهية: كتاب الحج ج 2 ص 165.
(6) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط الحج ج 1 ص 286 س 21.
(7) في (مش): باعتباره.
40

كما فهمه (1) الجماعة.
وممن صرح بالوجوب هنا بالتمكن من الحج ولو لم يستطع سابقا الفاضل
في التحرير. فقال: ولو أعتق قبل الوقوف أو في وقته وأمكنه الاتيان بالحج
وجب عليه ذلك (2). ونحوه عنه في التذكرة بزيادة إلحاقه الصبي إذا بلغ،
معللا به أصل الحكم فيهما: بأن الحج واجب على الفور فلا يجوز لهما تأخيره
مع إمكانه كالبالغ العاقل: خلافا للشافعي، ومتى لم يفعلا الحج مع
إمكانه فقد استقر الوجوب عليهما، سواء كانا موسرين، أو معسرين، لأن
ذلك وجب عليهما بإمكانه في موضعه فلم يسقط بفوات القدرة بعده (3)،
إنتهى.
ومما ذكرنا ظهر ضعف ما في المدارك (4) والذخيرة (5) من عدم اعتبار
الاستطاعة مطلقا، لاطلاق النص.
وذلك لأن الاطلاق لا عموم فيه، فينصرف إلى الغالب وهو حصول
الاستطاعة البدنية المعتبرة في نحو المسألة كما عرفته، فلا يشمل ما لو لم يكن
هناك استطاعة بالكلية فتكلف الحج بجهد ومشقة، فكيف يمكن الحكم
بالاجزاء عن حجة الاسلام لو استطاع بعده؟
ثم لو سالم الاطلاق أو العموم، لكان معارضا بعموم ما دل على شرطية
الاستطاعة من الكتاب والسنة، والتعارض بينهما تعارض العموم والخصوص
من وجه.

(1) في (م) و (ق): كما ذهب إليه.
(2) تحرير الأحكام: كتاب الحج في شرائط حجة الاسلام ج 1 ص 91 س 1.
(3) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 299 س 29.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط وجوب حجة الاسلام ج 7 ص 31.
(5) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في شرائط الحج ص 558 س 40.
41

فلا بد لترجيح هذا الاطلاق من دلالة وهي مفقودة، ولو وجدت من
نحو أصل البراءة لكانت هي الحجة دون الاطلاق.
مع أن العمل به مشروط بتكافؤ المتعارضين وتقاومهما، ولا ريب أن
عموم الشرطية أقوى سندا ومتنا ودلالة، بل ربما يظهر من بعضهم كونها
مجمعا عليها.
فإذا عدم الاجزاء حيث لم يستطع مطلقا لعله أقوى.
ثم إن ما مر عن التذكرة من إلحاق الصبي بالعبد في إجزاء حجه عن
حجة الاسلام بكماله عند أحد الموقفين (1) محكي عن المبسوط (2)
والخلاف (3) والوسيلة (4)، بل هو المشهور بين الأصحاب، كما صرح به
جماعة (5). وزادوا المجنون أيضا، مع أن المحكي عن الكتب المزبورة الصبي
خاصة.
وكيف كان فلم نقف لهم على حجة يعتد بها، عدا ما يحكى عن
التذكرة والخلاف من الاجماع، وعليه اعتمد في المسالك قائلا: إنه
لا مخالف على وجه يقدح (6).
ولا بأس به (7)، سيما مع اعتضاد النقل بالشهرة الظاهرة والمحكية حد

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 299 س 18.
(2) المبسوط: كتاب الحج ج 1 ص 297.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 226 ج 2 ص 378.
(4) الوسيلة: كتاب الحج ص 195.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في شرائط حجة الاسلام الثاني ج 2 ص 649، ومسالك الأفهام:
كتاب الحج ج 1 ص 87 س 19.
(6) مسالك الأفهام: كتاب الحج ج 1 ص 87 س 20.
(7) في (م) و (ق): فلا بأس.
42

الاستفاضة، وبسائر ما ذكروه من الأدلة، وإن كان في بلوغها حد الحجية
مناقشة.
هذا، ولا ريب أن الأحوط الإعادة بعد الاستطاعة.
(ومن لا راحلة له ولا زاد) حيث يشترطان في حقه (لو حج كان
ندبا) ولو قدر على المشي وتحصيل الزاد بقرض ونحوه.
(ويعيد لو استطاع) بلا خلاف، بل عليه الاجماع في صريح
الخلاف (1) والمنتهى (2) وغيرهما، إلا أن فيهما التعبير عن الاجماع ب‍ (عندنا)
الظاهر فيه وليس نصا. وهو الحجة، مضافا إلى ما مر من الأدلة على شرطية
الاستطاعة.
فيكون الحج مع فقدها كالصلاة قبل وقت الفريضة، وأداء الزكاة قبل
وقت وجوبها. وكذا الحكم في فاقد باقي شروط الوجوب، كما هو صريح
جماعة وحكي عن المشهور.
خلافا لمحتمل العبارة وصريح الدروس ففرق بين فاقد الزاد والراحلة
فلا يجزي وغيره، كالمريض والممنوع بالعدو وتضيق الوقت والمغصوب
فيجزي، قال: لأن ذلك من باب تحصيل الشرط فإنه لا يجب ولو حصله
أجزاء (3).
وفيه نظر، فإن الحاصل بالتكلف الحج أو السير إليه، لا الصحة وأمن
الطريق اللذان هما الشرط.
فإذا المتجه عدم الفرق.

(1) الخلاف: كتاب الحج م 3 ج 2 ص 246.
(2) منتهى المطلب: ج 2 ص 652 س 24.
(3) الدروس: كتاب الحج ص 85.
43

(ولو بذل له الزاد والراحلة) ونفقه له ولعياله لذهابه وعوده
(صار) بذلك (مستطيعا) مع استكمال الشروط الباقية إجماعا، كما في
صريح الخلاف (1)، وظاهر المنتهى (2)، وعن صريح الغنية (3)، وظاهر
التذكرة (4)، ولصدق الاستطاعة بذلك، وخصوص الصحاح المستفيضة
وغيرها من المعتبرة.
ففي الصحاح: فإن عرض عليه الحج فاستحيى قال: هو ممن يستطيع
الحج ولم يستحيي ولو على حمار أجذع (5)، فإن كان يستطيع أن يمشي بعضا
ويركب بعضا فليفعل (6). وفي معناه غيره (7).
واطلاقها يقتضي عدم الفرق بين تمليك المبذول وعدمه، ولا بين
وجوب البذل بنذر وشبهه وعدمه، ولا بين وثوق بالباذل وعدمه.
خلافا للحلي فاشترط الأول (8)، وللمحكي عن التذكرة فالثاني (9)،
وللدروس فأحدهما (10)، وللمدارك (11) والذخيرة (12) وغيرهما فالثالث.

(1) الخلاف: كتاب الحج م 9 ج 2 ص 251.
(2) منتهى المطالب: كتاب الحج في شرائط حجة الاسلام ج 2 ص 652 س 29.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية) كتاب الحج ص 512 س 1.
(4) تذكره الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 302 س 24.
(5) الصحيح أجدع كما في الوسائل والكافي ج 4 ص 267 ومن لا يحضره الفقيه: ج 2 ص 419.
(6) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب وجوب الحج ح 1 ج 8 ص 26.
(7) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 5 ج 8 ص 27.
(8) السرائر: كتاب الحج ج 1 ص 517.
(9) تذكره الفقهاء كتاب الحج ج 1 ص 302 س 83.
(10) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 83.
(11) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط حجة الاسلام ج 7 ص 47.
(12) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 560 س 35.
44

ولا دليل على شئ من هذه، عدا الأخير فيتوجه دفعا للعسر والحرج
اللازمين لعدم الوثوق، المنفيين إجماعا كتابا وسنة وفتوى.
وبها يقيد إطلاق النصوص المتقدمة، مع عدم معلومية انصرافه إلى
مفروضنا، لاختصاصه بحكم التبادر بغيره.
ولو وهب له مال وأطلق لم يجب القبول على المشهور لأنه اكتساب وهو
غير واجب له، بخلاف البذل، لأنه إباحة فيكفي فيها الايقاع، وبذلك
يتضح الفرق بينهما.
ولو قيد بشرط أن يصرفه في الحج فهل هو كالهبة المطلقة فلا يجب بذلك
الحج، أم كالبذل فيجب؟ وجهان أحوطهما الثاني، وفاقا لشيخنا الشهيد
الثاني (1).
خلافا للشهيد الأول فاختار الأول (2)، ولعله الأظهر، لأن اشتراط
الصرف في الحج لا يخرجه عن الهبة المحتاجة إلى القبول، الملحق لها
بالاكتساب، الغير الواجب بلا خلاف. ودخولها في إطلاق النصوص غير
واضح.
(ولو حج به بعض إخوانه) بأن استصحبه معه منفقا عليه أو أرسله
إلى الحج فحج (أجزأه عن الفرض) فلا يحتاج إلى إعادته لو استطاع فيما
بعد، وفاقا للأكثر كما في المدارك (3)، بل المشهور كما في الذخيرة (4)، بل
في غيرهما أن عليه فتوى علمائنا.

(1) الروضة البهية: كتاب الحج ج 2 ص 166.
(3) الدروس: كتاب الحج ص 84.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط وجوب حجة الاسلام ج 7 ص 46.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 561 س 1.
45

للصحيح قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -: رجل لم يكن له مال فحج
به رجل من إخوانه هل يجزي ذلك عنه عن حجة الاسلام أو هي ناقصة؟
قال: بل هي حجة تامة (1)، مضافا إلى الأصل، واتفاق من عدا الصدوق
على أن الحج إنما يجب مرة بأصل الشرع.
خلافا للاستبصار (2) فيعيد مع اليسار، للخبر عن رجل لم يكن له مال
فحج به أناس من أصحابه أقضى حجة الاسلام؟ قال: نعم، وإن أيسر بعد
ذلك فعليه أن يحج، قلت: هل تكون حجة تامة أم ناقصة إذا لم يكن حج
من ماله؟ قال: نعم قضى عنه حجة الاسلام وتكون تامة وليست ناقصة،
وإن أيسر فليحج (3).
ونحوه آخر لو أن رجلا أحجه رجل كانت له حجة فإن أيسر بعد ذلك
كان عليه الحج، وكذلك الناصب (4).
وفيهما ضعف من حيث السند وإن قرب الأول من الموثق وإجمال في
الدلالة؟ لتدافع ظهور الأمر في الوجوب فيهما، وقضاء حجة الاسلام في
الأول، وإلحاق الناصب بمحل الفرض في الثاني في العدم، بل الثاني أقوى
قرينة على إرادة الاستحباب، للاجماع على عدم وجوب الإعادة على
الناصب بعد الاستبصار.

(1) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب وجوب الحج ح 2 ج 8 ص 26، والتهذيب: ج ه ص 7 وفيهما:
(أم هي) بدل (أو هي).
(2) الاستبصار: كتاب الحج ج 2 ص 143 ذيل الحديث 2.
(3) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب وجوب الحج ح 6 ج 8 ص 27 والاستبصار: كتاب الحج ح 1
ج 1 ص 143.
(4) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب وجوب الحج وشرائطه ح 5 ج 8 ص 39، وذيله في ب 23 من
نفس الأبواب ح 5 ج 8 ص 43.
46

فلا يخرج بمثل هذين الخبرين مع ما هما عليه مما عرفت في البين عما
اقتضته الأدلة السابقة، من عدم وجوب الإعادة بعد الاستطاعة، وإن
أمكن المناقشة في دلالة الصحيحة عليه، لابتنائها على كون المراد من قوله:
حجة تامة ذلك.
وليس بواضح وإن كان مما اتفق عليه أكثر الأصحاب، لقرب
احتمال ما ذكره في الاستبصار في معناه، من أن المعنى فيه الحجة التي
ندب إليها، فإن ذلك يعبر عنها بأنها حجة الاسلام من حيث كانت أول
الحجة، قال: وليس في الخبر أنه إذا أيسر لم يلزمه الحج (1).
أقول ويعضده كثرة وروده في الأخبار بهذا المعنى.
ومنها صحيحة أخرى لراوي الصحيحة واردة في المعتبر يحج عن غيره،
وفيم لا عن رجل حج عن غيره يجزئه ذلك عن حجة الاسلام؟ قال: نعم
- إلى أن قال -: قلت: حجة الأجير تامة أو ناقصة، قال: تامة (2).
والمراد بالتمامية فيها المعنى المزبور بلا خلاف، كما في كثير من
العبارات، بل في جملة أخرى دعوى الاجماع.
وبذلك تضعف الصحيحة عن النهوض لإفادة المطلوب صريحا، بل
ولا ظهورا يطمئن إليه إن لم ينضم إليه فهم المشهور.
وكيف كان ما ذكرناه من الأصول المعتضدة بفتوى المشهور مع عدم
صلوح الخبرين سندا ودلالة لمعارضتها لعلها كافية لافادته، سيما مع ندرة

(1) الاستبصار: كتاب الحج ب 83 - المعسر يحج به بعض إخوانه ذيل الحديث 2 ج 2 ص 143
و 144.
(2) الاستبصار: كتاب الحج ب 84 - المعسر يحج عن غيره ثم أيسر ح 3 ج 2 ص 144، ونقل
مضمونه في المعتبر: ج 2 ص 753.
47

الخالف العامل بهما، ورجوعه عما في الاستبصار في المبسوط (1) إلى المختار
فليحملا على الاستحباب كما عليه عامة متأخري الأصحاب تبعا
للتهذيب (2) والنهاية (3) والمهذب (4) والجامع (5) والمعتبر (6) وغيرها كما
حكي، أو على من حج من غيره.
(ولا بد من فاضل عن الزاد والراحلة) بقدر ما (يمون به عياله)
الواجبي النفقة من الكسوة وغيرها (حتى يرجع) بالنص والاجماع، وفي
المنتهى لا نعرف فيه خلافا (7) يعني به بين العلماء ظاهرا.
(ولو استطاع) للحج مالا (فمنعه كبر أو مرض أو عدو) وجب
عليه الاستنابة مع اليأس واستقرار الوجوب إجماعا كما في المسالك (8)
والروضة (9) وغيرهما، وإلا (ففي وجوب الاستنابة قولان).
(والمروي) (10) في الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة (أنه
يستنيب).
ففي الصحيح وغيره: إن كان موسرا وحال بينه وبين الحج مرض، أو
حصر، أو أمر يعذره الله تعالى فيه، فإن عليه أن يحج عنه من ماله صرورة

(1) المبسوط: كتاب الحج في شرائط الوجوب ج 1 ص 303
(2) تهذيب الأحكام: ب 1 في وجوب الحج ذيل الحديث 22 ج 5 ص 9.
(3) النهاية: كتاب الحج ص 205.
(4) المهذب: كتاب الحج ج 1 ص 268.
(5) الجامع للشرائع: كتاب الحج ص 175.
(6) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 753.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 657 س 26.
(8) مسالك الأفهام: في شرائط الحج ج 1 ص 90 س 11.
(9) الروضة البهية: كتاب الحج في وجوب الحج ج 2 ص 167.
(10) في المتن المطبوع: المروي.
48

لا مال له (1).
وفيه أن عليا - عليه السلام - رأى شيخا لم يحج قط ولم يطق الحج من
كبره فأمره أن يجهز رجلا فيحج عنه (2) ونحوه أخرى (3).
وفي رابع: لو أن رجلا أراد الحج فعرض له مرض، أو خالطه سقم فلم
يستطع الخروج فليجهز رجلا من ماله، ثم ليبعثه مكانه (4).
وإليه ذهب الشيخ في التهذيب (5) والخلاف مدعيا عليه الاجماع (6)،
وحكي عنه في النهاية (7) والمبسوط (8) أيضا، وعن الإسكافي (9)
والعماني (10) والحلي (11) والقاضي (12)، واختاره الفاضل في التحرير (13)
وكثير من المتأخرين، وادعى بعضهم كونه مذهب الأكثر بقول مطلق.
والقول الثاني للحلي (14) والمفيد (15) والجامع (16) كما حكي، والفاضل في

(1) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب وجوب الحج ح 2 ج 8 ص 44.
(2) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب وجوب الحج ح 1 ج 8 ص 43.
(3) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب وجوب الحج ح 6 ج 8 ص 45.
(4) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب وجوب الحج ح 5 ث 8 ص 44.
(5) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في وجوب الحج وفي الزيادات في فقه الحج ج 5 ص 14 و 403.
(6) الخلاف: كتاب الحج م 6 ج 2 ص 248 و 249.
(7) النهاية: كتاب الحج ص 203.
(8) المبسوط: كتاب الحج ج 1 ص 299.
(9) مختلف الشيعة: كتاب الحج ج 1 ص 257 س 11.
(10) مختلف الشيعة: كتاب الحج ج 1 ص 257 س 13.
(11) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 218.
(12) المهذب: كتاب الحج ج 1 ص 270
(13) تحرير الأحكام: كتاب الحج ج 1 ص 92 س 19.
(14) السرائر: كتاب الحج ج 1 ص 641.
(15) المقنعة: كتاب الحج ص 442.
(16) الجامع للشرائع: كتاب الحج ص 222.
49

القواعد (1) والارشاد (2) والمختلف (3) وولده في الايضاح (4)، للأصل، وفقد
الاستطاعة المشترطة في الوجوب فينتفي بانتفائها.
ويضعف الأول بلزوم تخصيصه بما مر.
والثاني بأنها شرط الوجوب مباشرة لا استنابة، فظاهر العبارة هنا وفي
الشرائع التردد (5)، كما عن صريح التذكرة (6)، ولعله للأصل، مع قصور
النصوص عن إفادة الوجوب في المفروض.
أما الأول منها فلتعلق الأمر فيه بالصرورة، ولم يقولوا بوجوب استنابته.
وحمله بالإضافة إليه على الاستحباب، أو الإباحة والأعم منهما ومن
الوجوب ينافي حمله بالإضافة إلى أصل الاستنابة على الوجوب، إلا على
القول بجواز استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه في آن واحد، وهو
خلاف التحقيق.
وأما الخبران بعده فهما قضية في واقعة لا عموم لها، فيحتملان
الاختصاص بمحل الوفاق، وهو صورة اليأس بعد استقرار الوجوب. ويعضده
الخبر الوارد في نحو هذه القضية، والظاهر اتحادهما.
وفيه أن رجلا أتى عليا - عليه السلام - ولم يحج قط فقال. إني كنت
كثير المال وفرطت في الحج حتى كبر سني، فقال: تستطيع الحج، فقال:
لا، فقال له علي - عليه السلام -: إن شئت تجهز رجلا ثم ابعثه يحج عنك.

(1) قواعد الأحكام: كتاب الحج ج 1 ص 75 س 20.
(2) إرشاد الأذهان: كتاب الحج ج 1 ص 311.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج ص 257 س 14.
(4) إيضاح الفوائد: كتاب الحج ج 1 ص 270.
(5) شرائع الاسلام: كتاب الحج ج 1 ص 227.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 304 س 1.
50

ونحوه آخر 1).
وأما الرابع فلا قائل بإطلاقه، لشموله لصورة عدم اليأس، ولا خلاف
في عدم الوجوب حينئذ إلا من الدروس (2)، وعلى خلافه الاجماع في
المنتهى (3)، فلا بد من تقييده، وهو هنا ليس بأولى من حمل الأمر على
الاستحباب، بناء على أن التقييد بصورة اليأس من البرء يستلزم تخصيص
المرض وغيره من الأعذار بالفرد النادر، إذ الغالب منها ما يرجى زوالها
جدا.
ومثل هذا التقييد ليس بأولى من الاستحباب، لغلبته في الأمر وما في
معناه، ولا كذلك حمل الاطلاق على الفرد النادر، لندرته، ولولاها لكان
التقييد أولى.
وبالجملة: فاحتمال التقييد معارض باحتمال الاستحباب المساوي له
هنا إن لم نقل برجحان الاستحباب، وحيث تساويا يدفع التكليف الزائد
من التقييد بالأصل، وذلك واضح كما لا يخفى.
سلمنا، لكن الأمر فيه وكذا في سائر الأخبار يحتمل الورود مورد
التقية، لكونه مذهب أكثر العامة، ومنهم أبو حنيفة، أو مورد توهم حرمة
الاستنابة كما حكيت في الخلاف (4) والمنتهى (5) عن بعض العامة، فلا يفيد
سوى الإباحة.
ويقوي احتمال الورود في هذا المورد ما مر من الخبر المتقدم المتضمن

(1) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب وجوب الحج ح 8 ج 8 ص 45.
(2) الدروس: كتاب الحج ص 84.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 655 س 1.
(4) الخلاف: كتاب الحج م 6 ج 2 ص 249.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 655 س 23.
51

لتعليق الأمر بالمشيئة (1)، وهو عين الإباحة ولو بالمعنى الأعم الشامل
للاستحباب.
وخبر آخر مروي في الخلاف، وفيه أن امرأة من خثعم سألت رسول الله
- صلى الله عليه وآله - فقالت: إن فريضة الله تعالى على العباد أدركت أبي
شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الراحلة فهل ترى أن يحج عنه؟
فقال - صلى الله عليه وآله -: نعم (2).
وذلك لتوارد السؤال والجواب على أصل الجواز.
ومن هنا يتوجه الجواب أيضا عن الاجماع المنقول في الخلاف، لاحتمال
رجوعه إلى أصل الجواز في مقابلة من يدعي المنع من هؤلاء الأقشاب،
لا إلى أصل الوجوب، سيما وقد روي عن مولانا الأمير - عليه السلام - (3) ما
هو ظاهر في التخيير.
مع احتمال اختصاصه بالمجمع عليه من صورة استقرار الوجوب، كما
يستأنس له ببعض أدلته من قوله: أنه إذا فعل ما قلناه برئت ذمته بيقين،
وإذا لم يفعل فليس على براءة ذمته دليل (4).
وذلك فإن وجوب تحصيل البراءة اليقينية إنما هو من حيث تيقن
اشتغال الذمة وهو في الصورة المجمع عليها خاصة، وإلا ففي محل المشاجرة
الكلام في أصل اشتغال الذمة لا براءتها، لكن بعض عباراته كالصريح في
صورة عدم الاستقرار.
وبالجملة بعد ملاحظة جميع ما ذكر لم يظهر من الأخبار ولا من الاجماع

(1) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب وجوب الحج ح 8، ج 8 ص 45.
(2) الخلاف: كتاب الحج م 6 ج 2 ص 249. (
(3) الخلاف: كتاب الحج م 6 ج 2 ص 249.
(4) الخلاف: كتاب الحج م 6 ج 2 ص 249.
52

المنقول ما يتضح به وجه الحكم بالوجوب، فيشكل الخروج عن مقتضى
الأصل المقطوع وإن كان أحوط.
هذا، وربما يتردد في الوجوب مع الاستقرار أيضا لخلو عبارة المتن وكثير
عن هذا التفصيل، وإنما هو في عبارة ناقل الاجماع على الوجوب فيه قليل.
فيشكل الاعتماد على نحو هذا الاجماع والتعويل، سيما وقد مر من
النص بالتخيير ما هو ظاهر في صورة الاستقرار، بل صريح.
وبمثل ذلك يستشكل في التفصيل على تقدير الوجوب بين صورتي اليأس
وعدمه، لخلو أكثر النصوص عنه والفتاوى.
نعم يمكن أن يقال في الأول: أن ظاهر مساق أكثر العبارات، بل كلها
الحاكمة بالوجوب والمستشكلة فيه هو خصوص صورة عدم الاستقرار، لكن
ذلك لا يفيد اتفاقهم على الوجوب في صورة الاستقرار، فيستفاد التفصيل،
إلا أن يستنبط من اتفاقهم عليه، مضافا إلى النصوص بعد الموت فحين
الحياة مع اليأس أولى، بناء على جواز الاستنابة حيا اتفاقا فتوى ونصا.
وهو وجه حسن إلا أن مقتضاه عدم وجوب الإعادة مع زوال العذر، إذ
مع وجوبها وجوب الاستنابة بعد الموت لا يفيد وجوبها قبله بطريق أولى،
لقيام الفارق، وهو القطع بعدم وجوب الإعادة في الأصل وعدمه في الفرع،
لاحتمال زوال العذر فيجب كما هو الفرض.
وبالجملة فاستفادة وجوب الاستنابة من الأولوية إنما يتم على تقدير
الحكم بعدم وجوب الإعادة بعد زوال العذر.
وهذا خلاف ما أطلقه الجماعة بقولهم: (ولو زال العذر يحج ثانيا)
من غير خلاف صريح بينهم أجده، بل قيل: كاد أن يكون إجماعا (1)، بل

(1) القائل هو الفيض الكاشاني في مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 331 في استنابة المأيوس من الحج
ج 1 ص 399.
53

عن ظاهر التذكرة أنه لا خلاف فيه بين علمائنا (1)، لاطلاق الأمر بالحج
وما فعله كان واجبا في ماله، وهذا يلزم في نفسه.
ونقل جماعة منهم احتمال العدم عن بعضهم، لأنه أدى حجة الاسلام
بأمر الشارع، ولا يجب الحج بأصل الشرع إلا مرة واحدة.
وضعفوه بما عرفته، ولم يفصلوا في حكمهم ذلك بين صورتي الاستقرار
وعدمه، حتى من فصل منهم بين الصورتين فيما سبق.
ويمكن أن يقال: إن مساق عبارة من لم يفصل - وهم الأكثرون - هو
الصورة الثانية، فحكمهم بوجوب الإعادة يتعلق بها خاصة فلا بعد في قولهم
بعدمها في الصورة الأولى، كما يقتضيه الأولوية المتقدمة، ولا قادح قطعيا
لها، ولا حجة في إطلاق المفصل الحكم هنا على غيره.
مع احتمال إرادته به الصورة الثانية خاصة، لعدم صراحة كلامه هنا
في الاطلاق جدا.
وحينئذ، فلا يبعد قبول دعوى الاتفاق على وجوب الاستنابة في صورة
الاستقرار والحكم به.
لكن المتوجه حينئذ في صورة زوال العذر عدم وجوب الإعادة، كما في
الموت، وإلا فاحتمال وجوبها هنا يهدم بنيان قبول الدعوى والمدعي.
وكيف كان، فالحكم بوجوب الاستنابة في الصورتين لا يخلو عن
إشكال، وإن كان الأقرب ذلك في الصورة الأولى، لنقل الاجماع عليه في
عبائر جماعة.

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الاستطاعة ج 1 ص 303 السطر الأخير، وليس فيه اجماع ظاهر،
إلا أن صاحب المدارك فهم منها الاجماع ظاهرا، حيث قال: وظاهر العلامة في التذكرة أنه
لا خلاف فيه بين علمائنا.. الخ. مدارك الأحكام:
الاسلام ج 7 ص 58.
54

مؤيدا بما عرفته من الأولوية، وخصوص الصحيحين (1) الذين مر كونهما
قضية في واقعه، لكون هذه الصورة داخلية فيهما قطعا مطابقة، أو التزاما،
مع تأمل ما فيهما لما مضى، والعدم في الصورة الثانية لما عرفته.
وعلى تقدير القول بالوجوب فيها فاستناب يجب عليه الإعادة بعد زوال
العذر لما عرفته، ولا كذلك الصورة الأولى، فإن الحكم فيها بوجوب الإعادة
مشكل جدا.
(ولو مات مع) استمرار (العذر أجزأته النيابة) في الصورتين
قطعا، أما الأولى: فواضح.
وأما الثانية: فلعدم داع إلى عدم الاجزاء بعد تحقق الامتثال
بالاستنابة.
(وفي اشتراط الرجوع إلى صنعه أو بضاعة) أو نحوهما مما يكون فيه
الكفاية عاده بحيث لا يحوجه صرف المال في الحج إلى سؤال، كما يشعر به
بعض الروايات (2) الآتية في الوجوب بالاستطاعة زيادة على ما مر
(قولان، أشبههما) عند الماتن وأكثر المتأخرين على الظاهر المصرح به
في المسالك (3)، بل عن المعتبر (4) والتذكرة (5) الأكثر بقول مطلق (أنه
لا يشترط) وفاقا لظاهر المرتضى في الجمل (6)، وصريح الحلي (7)، وعن

(1) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب وجوب الحج ح 2 و 5 ج 8 ص 44.
(2) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب وجوب الحج ح 5 ج 8 ص 25.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط الحج ج 1 ص 92 س 13.
(4) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 765.
(5) تذكره الفقهاء: كتاب الحج البحث الرابع ج 1 ص 302 س 9.
(6) جمل العلم والعمل (رائل الشريف المرتضى) كتاب الحج ج 3 ص 62.
(7) السرائر: كتاب الحج ج 1 ص 508.
55

الإسكافي (1) والعماني (2)، لعموم الكتاب وخصوص النصوص بتفسير
الاستطاعة بأن يكون عنده ما يحج به، كما في جملة من الصحاح (3)،
وبالزاد والراحلة كما في غيرها (4).
خلافا للشيخين (5) والحلي (6) والقاضي (7) وبني زهرة (8) وحمزة (9)
وسعيد (10) وجماعة كما حكي (11)، وفي المسالك أنه مذهب أكثر
المتقدمين (12)، بل في الروضة أنه المشهور بينهم (13)، وفي المختلف (14)
والمسالك (15) نقله المرتضى عن الأكثر، وفي الخلاف (16) والغنية (17) أن
عليه إجماع الإمامية، بل في الأخير دعوى الاجماع عليه من كل من اعتبر

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في الاستطاعة ج 1 ص 291 س 6.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 657 س 8. (
(3) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب وجوب الحج ح 3 ج 8 ص 22، و ب 10 من أبواب وجوب الحج
ح 10 ج 8 ص 28.
(4) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب وجوب الحج ح 4 و 5 و 7 ج 8 ص 22.
(5) المقنعة: ب 1 وجوب الحج ص 385، والخلاف: كتاب الحج م 2 ج 2 ص 245.
(6) الكافي في الفقه: كتاب الحج الفصل الثالث ص 192.
(7) شرح جمل العالم والعمل: ص 205.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 511 س 37.
(9) الوسيلة: كتاب الحج ص 155.
(10) الجامع للشرائع: كتاب الحج باب وجوب الحج ص 173.
(11) كشف اللثام: كتاب الحج في الاستطاعة ج 1 ص 291 س 6.
(12) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط الحج ج 1 ص 92 س 11.
(13) الروضة البهية: كتاب الحج ج 2 ص 168.
(14) في الشرح من المطبوع: (وفي الخلاف)، وما أثبتناه هو الصحيح، كما في جميع المخطوطات.
(15) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط الحج ج 1 ص 92 س 12.
(16) الخلاف: كتاب الحج ح 2 ج 2 ص 246.
(17) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 511 س 37 و 512 س 2.
56

الكفاية له ولعياله ذهابا وإيابا.
وهو الحجة المعتضدة بالشهرة القديمة الظاهرة والمحكية؟ مضافا إلى
المعتبرة ولو بالشهرة.
منها المرسلة المروية في المجمع عن أئمتنا - عليهم السلام - في تفسير
الاستطاعة: أنها وجود الزاد والراحلة ونفقة من يلزم نفقته والرجوع إلى
كفاية إما من مال أو ضياع أو حرفة، مع الصحة في النفس وتخلية السرب
من الموانع وإمكان السير (1).
ونحوه المروي عن الخصال، وفيه: أنها الزاد والراحلة مع صحة البدن،
وأن يكون للانسان ما يخلفه على عياله وما يرجع إليه من حجه (2).
وقريب منهما المروي في المقنعة: هلك الناس إذا كان من له زاد
وراحلة ولا يملك غيرهما، ومقدار ذلك مما يقوت به عياله ويستغني به عن
الناس فقد وجب عليه أن يحج بذلك، ثم يرجع فيسأل الناس بكفه لقد
هلك إذا، فقيل له - عليه السلام -: فما السبيل عندك، فقال: السعة في المال
وهو أن يكون معه ما يحج ببعضه ويبقى بعض يقوت به نفسه وعياله (3).
والدلالة فيه واضحة كما اعترف به جماعة، ومنهم الفاضل في المختلف
قال: فقوله - عليه السلام -: (ثم يرجع فيسأل الناس بكفه) فيه تنبيه على
اشتراط الكفاية من مال أو صنعة، ثم قوله: (ويبق البعض يقوت به نفسه
وعياله) يعني وقت رجوعه، وإلا فكيف يقوت نفسه بذلك البعض، مع
أنه قد خرج إلى الحج (4)، انتهى.

(1) مجمع البيان: ج 2 ص 478.
(2) الخصال: خصال من شرائع الدين في الحج ج 2 ص 606.
(3) المقنعة: كتاب الحج باب وجوب الحج ص 384 و 385.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في شرائط وجوب الحج ج 1 ص 256 س 28.
57

فالمناقشة فيها واهية، وكذا المناقشة لضعف السند مطلقا؟ لانجباره
بالشهرة، وحكاية الاجماعين المتقدمين، والأوفقية بالملة السهلة السمحة،
ألا ترى أنه تعالى لم يوجب الزكاة إلا على من ملك مائتي درهم، ولم توجب
عليه إلا خمسة تخفيفا منه سبحانه ورحمة. وإليه وقع الإشارة في الرواية
الأخيرة على رواية شيخ الطائفة، فإن فيها بعد تفسير السبيل بأنه السعة في
المال إذا كان يحج ببعض ويبق بعض لقوت عياله أليس قد فرض الله
تعالى الزكاة أيجعلها إلا على من ملك مائتي درهم (1).
ولعله إلى هذا نظر كل من استدل بهذه الرواية، وهو في غاية المتانة،
ومرجعه إلى تفسير الاستطاعة بما يكون فيه سهولة وارتفاع مشقة، ولا ريب
أن ذلك هو المفهوم منها عرفا، بل ولغة، كما أشار إليه المرتضى في المسائل
الناصرية.
فقال: والاستطاعة في عرف الشرع وعهد اللغة عبارة عن تسهيل الأمر
وارتفاع المشقة وليست بعبارة عن مجرد القدرة، ألا ترى أنهم يقولون ما
أستطيع النظر إلى فلان إذا كان يبغضه ويمقته ويثقل عليه النظر إليه وإن
كان معه قدرة على ذلك، وكذا يقولون لا أستطيع شرب هذا الدواء يريدون
أنني أنفر منه ويثقل علي وقال الله تعالى: (إنك لن تستطيع معي صبرا)،
وإنما أراد هذا المعنى لا محالة (2). ونحوه عبارة ابن زهرة في الغنية إلا أنه
أثبت بذلك النفقة ذهابا وإيابا، وألحق مفروض المسألة بها بالاجماع
المركب.
فقال: وإذا ثبت ذلك ثبت اعتبار العود إلى كفاية لأن أحدا من الأئمة

(1) تهذيب الأحكام: باب الحج باب وجوب الحج ج 5 ح 1 ص 2 و 3.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 44 س 4.
58

لم يفرق بين الأمرين (1).
وفيه إشعار، بل ظهور بصدق الاستطاعة مع عدم الرجوع إلى كفاية،
وهو عند الأحقر محل مناقشة، لعدم صدقها عرفا وعادة بلا شبهة، بل ولغة
كما عرفته من كلام المرتضى.
وحينئذ فظاهر الآية مع القدماء لا عليهم.
سلمنا، لكنها كالنصوص مقيدة بما مر من الأدلة، سيما وأن النصوص
لم يقل بإطلاقها أحد من علمائنا، لخلوها من اعتبار النفقة رأسا، بل
اكتفت بما يحج به، والزاد والراحلة كما عليه العامة يومئذ على ما يستفاد
من الرواية الأخيرة برواية الشيخين (2). ولأجل ذلك يتقوى احتمال
ورودها للتقية.
وبالجملة: فما ذكره القدماء لا يخلو عن قوة، واختاره خالي العلامة
أدام الله بقائه، وحكى عن بعض مقاربي العصر لكن قال: أما لو كان بيت
مال يعطى منه، أو كان ممن يتيسر له الزكاة والعطايا عادة ممن لا يتحرز من
ذلك فلا يشترط في حقه (3)، انتهى. وهو حسن.
ويمكن إدخاله في عبائر الجماعة بتعميم الكفاية لمثله، فإنها تختلف
باختلاف الأشخاص عادة.

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 512 س 2.
(2) المقنعة: كتاب الحج باب وجوب الحج ص 384، وتهذيب الأحكام: كتاب الحج باب وجوب
الحج ج 5 ح 1 ص 2 و 3.
(3) وهو الشيخ علي بن سليمان البحراني، حكى عنه صاحب الحدائق: كتاب الحج في شرائط
الحج، ج 14 ص 124.
59

وعلى هذا يمكن أيضا تنزيل ما نقضهم به الحلي، من اطلاقهم الحكم
بالوجوب بالبذل من غير اشترط لهذا الشرط بلا خلاف، وأجزأ حج من
أدرك أحد الموقفين معتقا (1). أدرك أحد الموقفين معتقا (1)، فتأمل جدا.
هذا ولا ريب إن خيرة المتأخرين أحوط.
(لا يشترط في) وجوب الحج على (المرأة وجود محرم) لها ممن يحرم
عليه نكاحها مؤبدا بنسب أو رضاع أو مصاهرة (ويكفي ظن السلامة)
بغير خلاف أجده مصرح به في الذخيرة (2)، وفي ظاهر المنتهى (3) وغيره أن
عليه إجماع الإمامية، لعموم الكتاب والسنة، وخصوص الصحاح المستفيضة
وغيرها من المعتبرة.
ففي الصحيح: عن المرأة تخرج إلى مكة بغير ولي، فقال: لا بأس تخرج
مع قوم ثقات (4).
وإنما اعتبروا ظن السلامة مع إطلاق جملة من الأدلة أخذا بظاهر نحو
هذه الصحيحة، الآمرة بالخروج مع الثقة، الذي هو غالبا محل المظنة،
والتفاتا إلى استلزام التكليف بالحج مع عدمها العسر والحرج المنفيين اتفاقا
كتابا وسنة. ولو لم يحصل إلا بالمحرم اعتبر وجوده.
ويشترط سفره معها في الوجوب عليها.
ولا تجب عليه إجابتها تبرعا، ولا بأجرة ونفقة، وله طلبهما، وتكون
حينئذ جزء من استطاعتها.

(1) السرائر: كتاب الحج شرائط وجوب الحج ج 1 ص 513.
(2) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في شرائط الحج ص 564 س 33.
(3) منتهى المطالب: كتاب الحج ج 2 س 3.
(4) وسائل الشيعة: ب 58 من أبواب وجوب الحج ح 3 ج 8 ص 109.
60

(ومع) اجتماع (الشرائط) المتقدمة (لو حج ماشيا أو في نفقة
غيره أجزأه) قطعا، بل قيل: لا خلاف فيه بين العلماء (1)، لحصول
الامتثال، وعدم وجوب صرف المال في الحج إلا مقدمة فيجب حيث
يتوقف الواجب عليه لا مطلقا.
(والحج) مطلقا ولو مندوبا (ماشيا أفضل) منه راكبا، للنصوص
المستفيضة المتضمنة للصحيح وغيره (2) عموما وخصوصا، المؤيدة بالاعتبار
جدا (إذا لم يضعفه عن العبادة) كما وكيفا فالركوب حينئذ أفضل.
للصحيح: تركبون أحب إلي فإن ذلك أقوى على الدعاء والعبادة (3).
وقريب منه الحسن أو الموثق: أيما أفضل نركب إلى مكة فنعجل فنقيم بها
إلى أن يقدم الماشي أو نمشي؟ فقال: الركوب أفضل (4).
وبهما يجمع بين النصوص المتقدمة المطلقة لأفضلية المشي، ومثلها المطلقة
لأفضلية الركوب (5).
وربما يجمع بينهما تارة بحمل الأولة على ما إذا سيق معه ما إذا أعيا
ركبه، والأخيرة على ما إذا لم يسقه معه.
للموثق وغيره لا تمشوا واركبوا فقلت: أصلحك الله تعالى أنه بلغنا أن
الحسن بن علي - عليه السلام - حج عشرين حجة ماشيا، فقال: إنه
- عليه السلام - كان يمشي وتساق معه محامله ورحاله (6).

(1) والقائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط وجوب حجة الاسلام ج 7 ص 79.
(2) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب وجوب الحج ج 8 ص 54.
(3) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب وجوب الحج ح 5 ج 8 ص 58.
(4) وسائل الشيعة: ت 33 من أبواب وجوب الحج ح 3 ج 8 ص 57.
(5) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب وجوب الحج ح 1 و 2 ج 8 ص 57.
(6) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب وجوب الحج ح 6 ج 8 ص 58.
61

وأخرى بحمل الأولى على ما إذا قصد بالمشي مشقة العبادة، والأخيرة
على ما إذا قصد توفير المال كما في الخبرين.
أحدهما: الصحيح المروي عن مستطرفات السرائر، وفيهما: إذا كان
الرجل موسرا فمشى ليكون أفضل لنفقته فالركوب أفضل (1).
والكل حسن إلا أن الأول أشهر، كما صرح به جمع ممن تأخر (2)،
وأطلق الفاضل في التحريز (3) أفضلية المشي، وعن خالي العلامة احتمال
حمل الأولة على التقية قال: كما يظهر من بعض الأخبار (4)، ولم أقف
عليه.
(وإذا استقر الحج) في ذمته بأن اجتمعت له شرائط الوجوب ومضى
عليه مدة يمكنه فيها استيفاء جميع أفعال الحج كما عن الأكثر، أو الأركان
منها خاصة، كما احتمله جماعة حاكين له عن التذكرة (5).
ويضعف بأن الموجود فيها احتمال الاكتفاء بمضي زمان يمكنه فيه
الاحرام ودخول الحرم (6)، كما احتملوه أيضا وفاقا له.
(فأهمل قضي عنه) وجوبا (من أصل تركته) مقدما على وصاياه،

(1) مستطرفات السرائر: ح 6 و 4 ص 35.
(2) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في وجوب الحج ج 5 ذيل الحديث 32 ص 12، والاستبصار:
كتاب الحج ذيل الحديث 5 ج 2 ص 142، مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط الحج ج 1
ص 92.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في معاني الحج ج 1 ص 89 س 28.
(4) لم نعثر على كتابه (شرح المفاتيح)، وله كتاب آخر (شرح المدارك) لم يرد فيه الحج.
(5) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 563 س 27، وكشف اللثام: كتاب الحج في شرائط الحج ج 1
ص 294 س 31.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 308 س 15.
62

بإجماعنا الظاهر المصرح به في الخلاف (1) والتذكرة (2) والمنتهى (3) وغيرها،
والصحاح به مع ذلك مستفيضة جدا (4)، معتضدة بغيرها.
وأما ما في نحو الصحيح من مات ولم يحج حجة الاسلام ولم يترك إلا
بقدر نفقة الحج فورثته أحق بما ترك إن شاؤوا حجوا عنه وإن شاؤوا
أكلوا (5).
فمحمول على صورة عدم الاستطاعة.
(ولو لم يخلف سوى الأجرة) لقضاء الحج (قضي عنه من أقرب
الأماكن) إلى الميقات. وكذا لو خلف الزيادة (6)، وفاقا للأكثر على
الظاهر المصرح به في عبائر جمع (7)، وفي الغنية الاجماع (8)، للأصل، وعدم
اشتراط الحج بالمسير إلا بالعقل، فهو على تقدير وجوبه واجب آخر لا دليل
على وجوب قضائه.
كيف ولو سار إلى الميقات لا بنية الحج ثم أراده فأحرم صح. وكذا لو
استطاع في غير بلده لم يجب عليه قصد بلده وإنشاء الحج منه بلا خلاف كما
في المختلف (9).

(1) الخلاف: كتاب الحج م 16 ج 2 ص 253.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 307 س 20.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في النيابة ج 2 ص 871 س 12.
(4) وسائل الشيعة: ب 28 من أبواب وجوب الحج ج 8 ص 49.
(5) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب وجوب الحج ح 4 ج 8 ص 46. (
(6) ليس في (م) و (ق): وكذا لو خلف الزيادة.
(7) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 562 س 44، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط وجوب
حجة الاسلام ج 7 ص 84.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 520 س 36.
(9) مختلف الشيعة: كتاب الحج في وجوب اخراج الحج من التركة ص 257 س 34.
63

ويؤيده الصحيح: عن رجل أعطى رجلا حجة يحج عنه من الكوفة
فحج عنه من البصرة، قال: لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم
حجه (1).
وربما استدل عليه بنحو الصحيح: عن رجل أوصى أن يحج عنه حجة
الاسلام فلم يبلغ جميع ما ترك إلا خمسين درهما، قال: يحج عنه من بعض
الأوقات التي وقت رسول الله - صلى الله عليه وآله - من قرب (2).
بناء على ترك الاستفصال عن إمكان الحج بذلك من البلد أو غيره مما
هو أقرب إلى الميقات.
وضعف بجواز كون عدم إمكان الحج بذلك من غير الميقات معلوما
بحسب متعارف ذلك الزمان.
(وقيل): يقضي (من بلده مع السعة) في تركته، وإلا فمن
الميقات، والقائل: الشيخ في النهاية (3) والحلي (4) والقاضي (5) والصدوق في
المقنع (6) ويحيى بن سعيد في الجامع (7) كما حكي، وهو خيرة المحقق
الثاني (8)، والشهيد في صريح الدروس (9)، وظاهر اللمعة (10) ووجهه غير

(1) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب النيابة في الحج ح 1 ج 8 ص 127.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب النيابة في الحج ح 1 ج 8 ص 117.
(3) النهاية: كتاب الحج ب وجوب الحج ص 203.
(4) السرائر: كتاب الحج شرائط وجوب الحج ج 1 ص 516.
(5) المهذب: كتاب الحج باب ما يفعله من وجب عليه الحج ج 1 ص 267.
(6) لم نعثر عليه في المقنع والهداية.
(7) الجامع للشرائع: كتاب الحج باب وجوب الحج ص 174.
(8) جامع المقاصد: كتاب الحج شرائط أنواع الحج ج 3 ص 136.
(9) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 86.
(10) الروضة البهية: كتاب الحج في وجوب الحج ج 2 ص 172.
64

واضح.
عدا ما في السرائر من أنه لو كان حيا كان يجب عليه في ماله نفقة
الطريق من بلده فاستقر هذا الحق في ماله، وأنه به تواترت أخبارنا
وروايات أصحابنا (1).
وفي الأول ما مر.
وفي الثاني ما في المعتبر (2) والمختلف من أنا لم نقف بذلك على خبر
شاذ، فكيف دعوى التواتر (3)؟
ولعله لذا لم يستند بهما الشهيد رحمه الله، بل قال: لظاهر الرواية (4).
والأولى أن يراد بها الجنس، كما في الروضة قال: لأن ذلك ظاهر أربع
روايات في الكافي، أظهرها دلالة رواية أحمد بن محمد بن أبي نصر عن محمد
ابن عبد الله.
قال سألت أبا الحسن - عليه السلام - عن الرجل يموت فيوصي بالحج من
أين يحج عنه؟ قال: على قدر ماله إن وسعه ماله فن منزله، وإن لم يسعه
ماله فمن الكوفة، فإن لم يسعه من الكوفة فمن المدينة.
وإنما جعله ظاهر الرواية، لامكان أن يراد بماله ما عينه أجرة للحج
بالوصية، فإنه يتعين الوفاء به مع خروج ما زاد عن أجرته من الميقات من
الثلث إجماعا.
وإنما الخلاف فيما لو أطلق الوصية، أو علم أن عليه حجة الاسلام ولم

(1) السرائر: كتاب الحج شرائط وجوب الحج ج 1 ص 516.
(2) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 760.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في شرائط وجوب الحج ص 257 س 38.
(4) الروضة البهية: كتاب الحج وجوب الحج ج 2 ص 172.
65

يوص بها فالأقوى القضاء من الميقات خاصة، لأصالة البراءة - إلى أن
قال -: والأولى حمل هذه الأخبار على ما لو عين قدرا، ويمكن حمل غير هذا
الخبر منها على أمر آخر، مع ضعف سندها، واشتراك محمد بن عبد الله في
سند هذا الخبر بين الثقة والضيف والمجهول.
ثم قال: لو صح هذا الخبر لكان حمله على إطلاقه أولى، لأن ماله
المضاف إليه يشمل جميع ما يملكه، وإنما حملناه لمعارضته للأدلة الدالة على
خلاف، مع عدم صحة سنده، انتهى (1).
وهو حسن، إلا أن هنا أخبارا معتبرة يفهم منها أيضا وجوب الاخراج
من البلد عند إطلاق الوصية.
منها الصحيح: وإن أوصى أن يحج عنه حجة الاسلام ولم يبلغ ماله
ذلك فليحج عنه من بعض المواقيت (2).

(1) الروضة البهية: كتاب الحج وجوب الحج ج 2 ص 172.
(2) لم نقف على هذه الصحيحة في الوسائل في مظانها، ولم يذكرها في الوافي باب الوصية بالحج من
كتاب الحج. نعم ذكرها صاحب المدارك في نفس المسألة، وهي المسألة الثانية من المسائل
الأربع في المقدمة الثانية، ونسبها إلى الشيخ (قدس سره). وكذا نسبها صاحب الذخيرة إلى
الشيخ في نفس المسألة، ومن قبلهما العلامة في المنتهى ج 2 ص 871. ولم أجدها في التهذيب في
مظانها. إلا أن الشيخ (قدس سره) - بعد أن أورد في التهذيب ج 5 ص 405 من الطبع الحديث
صحيح الحلي المتضمن للوصية بالحج، وأن حجة الاسلام تخرج من أصل المال، والحج
المستحب يخرج من الثلث، وأن النائب يتعين بتعيين الموصي، وأورده في الوسائل في باب 25
من وجوب الحج وشرائطه برقم (2) - قال: (فإن أوصى أن يحج عنه حجة الاسلام ولم يبلغ ماله
ذلك فليحج عنه في بعض المواقيت، روي ذلك...) ثم ذكر صحيح علي بن رئاب المتقدم.
وهذه العبارة بقرينة قوله: (روي ذلك) من كلام الشيخ (قدس سره) لا من لفظ الحديث.
ووقع في هذا الاشتباه أيضا صاحب الحدائق والمصنف. وقد غفلوا أنه من كلام الشيخ،
وأفضل شاهد صدق على ما نقول: هو عدم نقل صاحبي الوسائل والوافي لهذه الصحيحة. فلا
تعجب يا قارئي العزيز من وقوع هؤلاء العظماء في هذا الاشتباه فإنها أدل دليل على عدم عصمتهم
مهما وصلوا من علو ومقام.
66

وقريب منه الصحيح المتقدم: فيمن أوصى أن يحج عنه ولم يبلغ جميع ما
ترك إلا خمسين (1).
والموثق: عن رجل أوصى بماله في الحج فكان لا يبلغ ما يحج به من
بلاده، قال: فيعطى في الموضع الذي يحج عنه (2).
بناء على ظهورهما في فهم الرواة وجوب القضاء من البلد مع الوفاء،
وأن إشكالهم إنما هو مع عدمه، وقررهم الإمام - عليه السلام - على ذلك.
وأظهر من الجميع المروي عن مستطرفات السرائر وفيه: إن رجلا مات
في الطريق وأوصى بحجة وما بقي فهو لك فاختلف أصحابنا، فقال
بعضهم: يحج في الوقت فهو أوفر للشئ أن يبق عليه، وقال بعضهم: يحج
عنه من حيث مات، فقال - صلى الله عليه وآله -: يحج عنه من حيث
مات (3).
لكن شئ منها ليس بصريح في ذلك، مع أن موردها، كما سبق
الوصية بالحج، ولعل القرائن الحالية يومئذ كانت دالة على إرادة الحج من
البلد، كما هو الظاهر عند إطلاق الوصية في زماننا هذا، فلا يلزم مثله مع
انتفاء الوصية، وكذا أجاب عنها جماعة (4).
هذا والمسألة بعد لا تخلو عن شبهة.
ولا ريب أن هذا القول مع رضاء الورثة أحوط.
ثم إن الموجود في كلام الأكثر من الأقوال في المسألة ما مر.

(1) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب النيابة ح 1 ج 8 ص 117.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب النيابة ح 2 ج 8 ص 117.
(3) مستطرفات السرائر: ح 3 ص 66.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط وجوب حجة الاسلام ج 7 ص 86، وذخيرة المعاد:
كتاب الحج ص 563.
67

وحكى الماتن في الشرائع ثالثا بالاخراج من البلد مطلقا (1). ومقتضاه
سقوط الحج مع عدم وفاء المال به من البلد، ولم نعرف قائله، وبه صرح
جمع (2)، بل نفاه بعضهم من أصله (3).
(ومن وجب عليه الحج) مطلقا ولو بنذر وشبهه فورا أو مطلقا على ما
يقتضيه إطلاق العبارة ونحوها (لا) يجوز له أن (يحج تطوعا) بغير خلاف
أجده، ولا إشكال في الفوري للثاني، ويشكل في غيره.
كمن نذر الحج ناصا على التوسعة أو استنيب كذلك، لعدم دليل
عليه، عدا ثبوت مثل الحكم في الصلاة، وهو قياس، إلا أن يستند بعموم
ما في بعض الصحاح الواردة ثمة، وهو قوله - عليه السلام -: (أرأيت لو كان
عليك من شهر رمضان كان لك أن تتطوع حتى تقضيه، قلت: لا، قال:
فكذلك الصلاة (4)، الخبر. فتأمل.
أما ناذر الحج في القابل والنائب كذلك، فليس الآن ممن عليه الحج.
ولو تطوع حيث لا يجوز له، ففي فساده رأسا كما عليه الحلي (5) ومن
تأخر عنه (6)، أو صحته تطوعا كما في الخلاف (7)، أو عن حجة الاسلام
كما في المبسوط (8)، أقوال، أوفقها بالأصل في الفوري الأول، لا لأن الأمر

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج ج 1 ص 229.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط وجوب حجة الاسلام ج 7 ص 87، وذخيرة المعاد:
كتاب الحج ص 563 س 1.
(3) الظاهر أنه صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في شروط الحج ج 4 ص 177.
(4) الاستبصار: كتاب الصلاة ب 155 في وقت ركعتي الفجر ح 5 ج 1 ص 283 نقلا بالمعنى.
(5) السرائر: كتاب الحج شرائط وجوب الحج ج 1 ص 519.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج الفصل الثالث في حج الباب ج 1 ص 125 س 32.
(7) الخلاف: كتاب الحج م 19 ج 2 ص 256.
(8) المبسوط: كتاب الحج في شرائط الوجوب ج 1 ص 302.
68

بالشئ يقتضي النهي عن ضده، بل لمنافاته الأمر بالضد فتنتفي الصحة،
لانحصار مقتضاها في العبادة في الأمر خاصة. هذا في الفوري.
ويشكل في غيره والوجه الصحة، ولعل الأول خاصة مراد الجماعة.
(ولا) يجوز (1) أن (تحج المرأة ندبا إلا بإذن زوجها) بلا خلاف
أجده وبه صرح في الذخيرة (2)، بل في ظاهر المدارك (3) وعن التذكرة
الاجماع عليه (4)، وفي المنتهى لا نعلم فيه خلافا (5).
لأن حق الزوج واجب وليس لها تفويته.
ويؤيده الموثق: عن المرأة الموسرة قد حجت حجة الاسلام فتقول:
أحجني مرة أخرى أله أن يمنعها؟ قال: نعم يقول لها حقي عليك أعظم من
حقك على هذا (6).
ويضعفان بأخصية الأول من المدعى، ودلالة الثاني بدلالته على أن
للزوج المنع، لا التوقف على الإذن.
والأجود الاستدلال عليه بعد الاجماع، بفحوى ما دل على منع المعتدة
عدة رجعية عنه من الأخبار (7).
(ولا يشترط إذنه في) الحج (الواجب) مطلقا بلا خلاف أجده

(1) في (م) و (ق): وكذا لا يجوز.
(2) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 564 س 29.
(3) في (م) و (ق): المسالك.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 91، وفيه: قول علمائنا أجمع، وتذكرة الفقهاء: كتاب
الحج تذنيب ج 1 ص 306 س 12.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 659 س 1.
(6) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج ح 2909 ج 2 ص 438.
(7) وسائل الشيعة: ب 60 من أبواب وجوب الحج ج 8 ص 112.
69

وبه صرح في الذخيرة (1). والنصوص به مع ذلك مستفيضة، وفيها الصحاح
وغيرها.
ففي الصحيحين وغيرهما، لا طاعة له عليها في حجة الاسلام، فلتحج
إن شاءت (2).
وهل يعتبر الضيق في عدم اعتبار الإذن، أم لا فلا يعتبر أيضا مع
السعة؟ وجهان، اختار ثانيهما في المدارك (3) والذخيرة (4)، معللا في الأول
بأصالة عدم سلطنته عليها.
(وكذا) لا يجوز لها أن تحج ندبا إلا بإذنه، يجوز لها الحج واجبا
مطلقا بدونه (في العدة الرجعية) بلا خلاف أجده.
للخبرين: عن المطلقة تحج في عدتها، قال: إن كانت صرورة حجت
في عدتها، وإن كانت حجت فلا تحج حتى تنقضي عدتها (5).
وضعف السند منجبر بالعمل، وبه يجمع بين الصحيحين (6) المجوز
أحدهما مطلقا، والمانع ثانيهما كذلك.
وليس في شئ منها التقييد بالرجعية كما في كلام الجماعة، بل شاملة
بإطلاقها، بل عمومها للبائنة، لكنها نادرة فيشكل صرف الاطلاق إليها،
سيما مع الاتفاق على انقطاع عصمة الزوجية عنها فلا وجه لتوقف حجها على
إذن زوجها مطلقا.

(1) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 564 س 44.
(2) وسائل الشيعة: ب 59 من أبواب وجوب الحج ح 1 و 3 ج 8 ص 110.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في حج المرأة ج 7 ص 92.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 565 س 5.
(5) وسائل الشيعة: ب 60 من أبواب وجوب الحج ح 2 و 3 ج 8 ص 112.
(6) وسائل الشيعة: ب 60 من أبواب وجوب الحج ح 1 و 3 ج 8 ص 112.
70

والظاهر أن إطلاق المنع في الخبر (1) محمول على صورة عدم الإذن.
وفي الآخر المطلقة تحج في عدتها إن طابت نفس زوجها (2). ونحوه
الحسن (3) كما قيل (4).
ويجوز لها الحج ولو ندبا في عدة الوفاة للمعتبرة المستفيضة.
منها الموثقان: عن المتوفى عنها زوجها تحج، قال: نعم (5).
(مسائل) ثلاث: (الأولى): إذا نذر حجة الاسلام انعقد على
الأصح، فيجب الكفارة بالترك، ولا يجب عليه غيرها اتفاقا، ولا تحصيل
الاستطاعة إلا إذا قصد بنذرها تحصيلها فيجب أيضا.
(وإذا نذر غير حجة الاسلام لم يتداخلا) اتفاقا كما في التحرير (6)
والمختلف (7) والمسالك (8) وغيرها، بل يجبان عليه معا إن كان حال النذر
مستطيعا، وكان حجة النذر مطلقة أو مقيدة بسنة غير الاستطاعة، ويجب
عليه حينئذ تقديم حجة الاسلام، لفوريتها وسعة مقابلها. وإن كانت مقيدة
بسنتها لغي النذر إن قصدها مع بقاء الاستطاعة، وإن قصدها مع زوالها
صح ووجب الوفاء عند زوالها، وإن خلا عن القصدين فوجهان.
وإن لم يكن حال النذر مستطيعا وجب المنذورة خاصة بشرط القدرة،

(1) وسائل الشيعة: ب 60 من أبواب وجوب الحج ح 3 ج 8 ص 112.
(2) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب العدد ح 2 ج 15 ص 439.
(3) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب العدد ح 1 ج 15 ص 438.
(4) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط الحج ج 7 ص 92.
(5) وسائل الشيعة: ب 61 من أبواب وجوب الحج ح 1 و 2 ج 8 ص 113.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج ج 1 ص 128 س 33.
(7) مختلف الشيعة: كتاب الحج ج 1 ص 322 س 29.
(8) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط نذر الحج ج 1 ص 93 س 26.
71

دون الاستطاعة الشرعية فإنها شرط في حجة الاسلام خاصة.
خلافا للدروس فتشترط أيضا (1)، ولا وجه له وإن حصلت الاستطاعة
الشرعية قبل الاتيان بالمنذورة.
فإن كانت مطلقة أو مقيدة بزمان متأخر عن سنة الاستطاعة خصوصا أو
عموما وجب تقديم حجة الاسلام لما مر، وفاقا لجماعة (2).
خلافا للدروس فقدم المنذورة (3)، ولم نعرف وجهه.
وإن كانت مقيدة بسنة الاستطاعة ففي تقديم المنذورة، أو الفريضة
وجهان، أجودهما الأول كما قطع به جماعة.
قال في المدارك: لعدم تحقق الاستطاعة في تلك السنة، لأن المانع
الشرعي كالمانع العقلي، وعلى هذا فيعتبر في وجوب حج الاسلام بقاء
الاستطاعة إلى السنة الثانية (4).
(ولو نذر حجا مطلقا) أي خاليا عن قيدي حجة الاسلام وغيرها
(قيل: يجزئ أن يحج بنية النذر عن حجة الاسلام، ولا تجزئ) إن
نوى (حجة الاسلام عن النذر) والقائل الشيخ في النهاية (5) والتهذيب (6)
والاقتصاد (7) كما حكي، وحكاه في المسالك أيضا عن جماعة (8). ولا يخلو
عن قوة استنادا في الحكم الثاني إلى الأصل الآتي.

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 86.
(2) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 566 س 5، ومدارك الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 99.
(3) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 856.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 100.
(5) النهاية: كتاب الحج ص 205.
(6) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في الزيادات في فقه الحج ج 5 ص 406.
(7) الاقتصاد: كتاب الحج ص 298.
(8) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط نذر الحج ج 1 ص 93 س 35.
72

وفي الأول إلى الصحيحين: عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله الحرام
فمشى هل يجزئه عن حجة الاسلام؟ قال: نعم (1).
وفي أحدهما: قلت: أرأيت إن حج عن غيره ولم يكن له مال وقد نذر
أن يحج ماشيا أيجزئه عنه ذلك من مشيه؟ قال: نعم (2).
والظاهر أن المراد بنذر المشي نذر الحج ماشيا كما فهمه الأصحاب،
حتى أرباب القول الثاني حيث لم يجيبوا عنهما إلا بالحمل على ما إذا نذر
حجة الاسلام ماشيا.
ويدل عليه السؤال الثاني في أحدهما، وهذا القدر من الظهور كافي
وإن احتمل السؤال فيهما غيره، من كون السؤال أن هذا المشي إذا تعقبه
حجة الاسلام فهل يجزئ أم لا بد من المشي ثانيا؟ أو أنه إذا نذر المشي
مطلقا أو في حج أو في حجة الاسلام فمشى فهل يجزئه أم لا بد من الركوب
فيها؟ أو أنه إذا نذر حجة الاسلام فنوى المنذور دون حجة الاسلام فهل
يجزئ عنها؟
لبعد جميع ذلك، سيما في مقابلة فهم الأصحاب وارتكابها فيهما كلا أو
بعضا للجمع تبرعا يتوقف على وجود المعارض الأقوى، وليس سوى الأصل الآتي.
والتعارض بينهما وبينه على تقدير تسليمه تعارض العموم والخصوص
مطلقا، والخاص مقدم اتفاقا.
(وقيل: لا يجزئ أحدهما عن الآخر) والقائل الأكثر على الظاهر
المصرح به في كلام جمع، ومنهم الشيخ في الخلاف (3) والحلي في السرائر (4)

(1) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب وجوب الحج ح 1 و 3 ج 8 ص 48 و 49، وتهذيب الأحكام:
كتاب الحج في الزيادات في فقه الحج ح 61 ج 5 ص 406.
(2) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب وجوب الحج ح 1 و 3 ج 8 ص 48 و 49، وتهذيب الأحكام:
كتاب الحج في الزيادات في فقه الحج ح 61 ج 5 ص 406.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 20 ج 2 ص 256.
(4) السرائر: كتاب الحج ج 1 ص 518.
73

والسيدان في الغنية (1) والناصرية (2). وفي ظاهرها الاجماع، والفاضلان (3)
والشهيدان (4) وغيرهم من متأخري الأصحاب، لاقتضاء اختلاف السبب
اختلاف المسبب.
وفيه - بعد تسليمه - أنه عام فيخصص بما مر.
إلا أن يجاب بقوة العام بعمل الأكثر، وعدم صراحة الخاص بما مر؟
مضافا إلى معارضته بالاجماع المنقول وإن كان بلفظة (عندنا) فإن ظهورها
في نقله ليس بأضعف من دلالة الصحيحين على خلافه.
وببعض الأخبار المشار إليه في الخلاف، حيث إنه - بعد نسبة ما ذكره
في النهاية إلى بعض الروايات - قال: وفي بعض الأخبار أنه لا يجزئ عنه،
وهو الأقوى عندي (5) إلى آخر ما قال.
والارسال غير قادح بعد الانجبار بعمل الأصحاب، والمسألة محل
إشكال، وإن كان مختار الأكثر لعله أظهر؟ للأصل المعتضد بالاجماع
المنقول، والمرسل الصريح الملحق لفتوى الأكثر بالصحيح. ومع ذلك فهو
أحوط.
ويحكى عن الشيخ قول ثالث: بإجزاء أحدهما عن الآخر مطلقا (6)،
ومال إليه في الذخيرة (7) لصدق الامتثال.

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 521 س 1.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 245 س 25.
(3) شرائع الاسلام: كتاب الحج القول في شرائط ما يجب بالنذر.. ج 1 ص 231، وتحرير الأحكام:
كتاب الحج ج 1 ص 128
(4) الروضة البهية: كتاب الحج ج 2 ص 178.
(5) الخلاف: كتاب الحج م 20 ج 2 ص 256.
(6) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في الزيادات في فقه الحج ذيل الحديث 65 ج 5 ص 406.
(7) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 566 س 12.
74

وفيه مناقشة، سيما بعد ما عرفت من الأدلة على عدم الاجزاء مطلقا أو
في الجملة.
(الثانية: إذا نذر أن يحج ماشيا وجب) مع إمكانه على المعروف
من مذهب الأصحاب، كما في المدارك (1) والذخيرة (2)، وفيهما عن المعتبر
أن عليه اتفاق العلماء (3)، والصحاح (4) وغيرها به مع ذلك مستفيضة جدا
معتضدة بالعمومات.
وأما الصحيح عن رجل نذر أن يمشي إلى مكة حافيا فقال: إن
رسول الله - صلى الله عليه وآله - خرج حاجا فنظر إلى امرأة تمشي بين الإبل
فقال: من هذه؟ فقالوا أخت عقبة بن عامر نذرت أن تمشي إلى مكة
حافية، فقال - صلى الله عليه وآله -: يا عقبة انطلق إلى أختك فمرها
فلتركب، فإن الله تعالى غني عن مشيها وحفاها (5).
فشاذ محمول على العجز، أو النسخ، أو فوت ستر ما يجب ستره من
المرأة، أو غير ذلك من المحامل، إلا أن أقربها (6) الأول.
وحمله على عدم انعقاد نذر المشي حافيا - مع غاية بعده عن السياق -
لا وجه له، بعد اقتضاء الأدلة انعقاده من العموم والخصوص، كالمعتبرين
المرويين في الوسائل عن نوادر أحمد بن محمد بن عيسى.
أحدهما الموثق: عن رجل نذر أن يمشي حافيا إلى بيت الله تعالى، قال:

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 102.
(2) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 566 س 17.
(3) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 763.
(4) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب وجوب الحج ح 1 و 5 و 10 ج 8 ص 60 و 61.
(5) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب وجوب الحج ح 4 ج 8 ص 60.
(6) في (م): أقواها.
75

فليمش، فإذا تعب فليركب (1). فتأمل.
ثم إن إطلاق الأخبار، بل عمومها يقتضي وجوب المشي مطلقا، سواء
كان أرجح من الركوب أم لا، وبها أفتى جماعة (2) صريحا.
خلافا للفاضل وولده في الثاني فلم يوجباه، بل أوجب الحج
خاصة (3)، وادعى الثاني على انعقاد أصل النذر الاجماع (4).
وفيه مضافا إلى مخالفته ما مر: أنه لا يعتبر في المنذور كونه أفضل من
جميع ما عداه، بل المعتبر رجحانه، ولا ريب في ثبوته وإن كان مرجوحا
بالإضافة إلى غيره.
والأقوى في المبدأ والمنتهى الرجوع إلى عرف الناذر إن كان معلوما،
وإلا فإلى مقتضى اللفظة لغة، وهو في لفظة أحج ماشيا في المبدأ أول
الأفعال، لدلالة الحال عليه، وفي المنتهى آخر أفعاله الواجبة وهي رمي
الجمار، والمعتبرة به أيضا مستفيضة (5).
وما ورد بأنه إذا أفاض من عرفات (6)، فشاذ، لأن الأصحاب بين
قائل، بما قلنا كشيخنا الشهيد الثاني (7) وسبطه (8) وجماعة (9)، وقائل: بأنه

(1) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب وجوب الحج ح 9 و 10 ج 8 ص 61.
(2) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 763، والتنقيح الرابع: كتاب الحج ج 1 ص 422، والروضة
البهية: كتاب الحج ج 2 ص 181.
(3) قواعد الأحكام: كتاب الأيمان في النذر ج 2 ص 3142 ص 6.
(4) إيضاح الفوائد: كتاب الحج في متعلق المنذر ج 4 ص 66.
(5) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب وجوب الحج ج 8 ص 62 و 63.
(6) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب وجوب الحج ح 6 ج 8 ص 63.
(7) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط نذر الحج ج 1 ص 94 س 6.
(8) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط الحج المنذور ج 7 ص 103.
(9) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 566 س 27، والحدائق الناضره: كتاب الحج ج 14 ص 235.
76

طواف النساء كالفاضل في التحرير (1) والشهيد في الدروس (2)، وعزاه في
الروضة إلى المشهور (3).
فليحمل على ما إذا أفاض ورمى، أو كون المشي تطوعا لا نذرا.
(ويقوم في موضع العبور) لو اضطر إلى عبوره وجوبا على ما يظهر من
العبارة ونحوها، وبه صرح جماعة (4) استنادا إلى رواية هي لضعف سندها
بالسكوني وصاحبه عن إثباته قاصرة.
ولذا أفتى بالاستحباب جماعة، كالفاضلين في المعتبر (5) والتحرير (6)
والمنتهى (7) والتذكرة (8) والشهيدين في الدروس (9) والروضة (10) وغيرهم،
ولا بأس به خروجا من خلاف من أوجبه، وتساهلا في أدلة السنن.
ومع ذلك فالوجوب لا يخلو عن قوة، لقوة السند في نفسه، واعتضاده
بفتوى الأكثر بمضمونه.
وحيث وجب عليه المشي (فإن ركب) في (طريقه) أجمع
(قضى) الحج (ماشيا) أي فعله قضاء إن كان مؤقتا وقد انقضى وإلا
فأداء

(1) تحرير الأحكام: كتاب الحج ج 1 ص 129 س 5.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 87.
(3) الروضة البهية: كتاب الحج في حج الأسباب ج 3 ص 181.
(4) تنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 423، والمبسوط: كتاب الحج ج 1 ص 303.
(5) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 763.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج ج 1 ص 129 س 1.
(71) منتهى المطلب: كتاب الحج في حج المنذور ج 2 ص 875 س 32.
(8) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 308 س 22.
(9) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 87.
(10) الروضة البهية: كتاب الحج ج 2 ص 182.
77

قيل: وفاقا لاطلاق الأكثر، لأنه لم يأت بالمنذور على وجهه، لانتفاء
المركب بانتفاء أحد أجزائه (1).
وفيه أن هذا دليل على عدم حصول المنذور، لا على وجوب قضائه
حيث يفوت بفوات وقته.
وربما يعلل بأن حجه وقع فاسدا وفساد الحج يقتضي الإعادة.
وفيه أن الفساد الموجب لها ما كان لاخلال بجزء أو صفة أو شرط
مثلا، وهو غير حاصل هنا، إذ المقصود بالفساد هنا عدم وقوعه عن النذر،
لعدم المطابقة، ولا عن غيره، لانتفاء النية، وهو غير الفساد الموجب
للإعادة.
ولذا احتمل الفاضلان في المعتبر (2) والمنتهى (3) والتحرير (4) والمختلف (5)
سقوط قضاء المعين، قالا: وإنما عليه الكفارة لاخلاله بالمشي وهو في غاية
القوة، عملا بأصالة البراءة السليمة عما يصلح للمعارضة كما عرفته.
وأما الغير المعين فلا ريب في وجوب الإعادة تحصيلا للواجب بقدر
الامكان ولا كفارة.
وكذا المعين إن طاف وسعى راكبا فيمكن بطلانهما وبطلان الحج إن
تناول النذر المشي فيهما، ولعل هذه الصورة خاصة مراد من أطلق وجوب
القضاء ويشهد له سوق العبارة فتأمل.
(ولو ركب (6) بعضا) من الطريق (قضى) الحج (ومشى ما

(1) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 296 س 34.
(2) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 764.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في حج المنذور ج 2 ص 876 س 5.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج ج 1 ص 129 س 4.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الأيمان في النذر ج 1 ص 659 س 28.
(6) في المتن المطبوع: وإن ركب.
78

ركب) قاله الشيخ في النهاية (1)، وتبعه الشهيد في الدروس (2)، وحكي
عن المفيد (3) وجماعة (4)، وحجتهم غير واضحة، عدا ما في المسالك من أن
به أثرا لا يبلغ حد العمل به (5).
وفيه مضافا إلى ما ذكره، أنا لم نقف عليه، ولم يشر إليه غيره،
ولا نقله.
وما في المختلف من أن الواجب عليه قطع المسافة ماشيا وقد حصل
بالتلفيق فيخرج عن العهدة (6).
وفيه ما أجاب عنه من المنع من حصوله مع التلفيق، إذ لا يصدق عليه
أنه حج ماشيا (7).
(و) لذا (قيل: يقضي ماشيا لاخلاله بالصفة) المشترطة،
والقائل: الحلي (8) وأكثر المتأخرين (9)، حتى الشهيد فقد رجع عنه في
اللمعة (10)، وهو في غاية القوة.
(ولو عجز) عن المشي (قيل): في حج النهاية (1) وغيره (12) (يركب

(1) النهاية: كتاب الأيمان والنذور باب أقسام النذور ص 565 و 566.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 87.
(3) المقنعة: كتاب الندور والعهود ص 565.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج ص 381 وذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 567 س
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط نذر الحج ج 1 ص 94 س 1.
(6) مختلف الشيعة: كتاب الحج ص 323 س 15
(7) مختلف الشيعة: كتاب الحج ص 323 س 15
(8) السرائر: كتاب الأيمان أحكام المنذر والعهود ج 3 ص 62.
(9) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط نذر الحج ج 1 ص 94 س 11 والمختصر النافع: كتاب
الحج ص 76.
(10) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج القول في حج الأسباب ص 31.
(11) النهاية: كتاب الحج ص 205.
(12) الاستبصار: ب 89 فيمن نذر أن يمشي... ج 2 ص 149.
79

ويسوق بدنة).
للصحيحين: عن رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله تعالى وعجز أن
يمشي، قال: فليركب وليسق بدنة (1)، كما في أحدهما.
وفي الثاني: عن رجل حلف ليحجن ماشيا فعجز عن ذلك فلم يطقه،
قال: فليركب وليسق الهدي (2).
(وقيل): في المقنعة (3) وغيرها (4) (يركب ولا يسوق بدنة) (5).
للصحيح: رجل نذر أن يمشي إلى بيت الله تعالى، قال: فليمش،
قلت: فإنه تعب، قال: إذا تعب ركب (6).
والسكوت عن سياق الهدي في مقام البيان يقتضي عدم الوجوب.
وفيه: أن غايته الظهور، فلا يعارض الأمر الذي هو في الدلالة على
الوجوب أظهر منه على العدم، فليقيد به.
وللخبر المصرح بالعدم. وهو حسن إن صح السند، وليس إلا أن يجبر
بموافقة الأصل، وظاهر الصحيح السابق، ولا يخلو عن نظر.
(وقيل): في السرائر وغيره (إن كان) النذر (مطلقا توقع
المكنة) لوجوب تحصيل الواجب بقدر الامكان (وإن كان معينا بسنة)
وقد حصل العجز فيها (سقط (7) الحج، لعجزه) (8) المستتبع لسقوطه.

(1) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب وجوب الحج ح 2 و 3 ج 8 ص 60.
(3) المقنعة: كتاب الحج في الزيادات ص 144.
(2) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب وجوب الحج ح 2 و 3 ج 8 ص 60.
(3) المقنعة: كتاب الحج في الزيادات ص 144.
(4) كالإسكافي كما نقله عنه العلامة الحلي في مختلف الشيعة: كتاب الحج في حج النذر ص 659.
(5) لا يوجد في المخطوطات والمطبوع، وأثبتناه من المتن المطبوع والشرح الصغير.
(6) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب وجوب الحج ح 1 ج 8 ص 59.
(7) في المتن المطبوع: يسقط.
(8) السرائر: كتاب الأيمان في أحكام النذور ج 3 ص 62، والروضة البهية: كتاب الحج في حج
الأسباب ج 2 ص 182 و 183، ومختلف الشيعة: الفصل الخامس في مسائل متبددة ص 323 ص 5.
80

وهو قوي متين، لولا النصوص المتقدمة الآمرة بالركوب عند العجز
مطلقا، وأقلها الجواز إن لم نقل بالوجوب.
ويعضدها بالإضافة إلى النذر المطلق أن الأمر بالركوب بعد العجز (1) ربما
يوجب العسر والحرج المنفيين آية (2) ورواية (3)، سيما وأن يكون بعد التلبس
بالاحرام.
فيعضده حينئذ جمع ذلك الأمر بإكمال الحج والعمرة.
ولذا قال بعض المتأخرين: بمقتضى المنصوص من وجوب الاكمال في
هذه الصورة، وقال: بمقالة الحلي في صورة العجز قبل التلبس (4).
وفيه: أن النصوص المزبورة شاملة بإطلاقها أيضا لهذه الصورة، بل
العمل بها مطلقا متوجه، لكن يستفاد عن فخر الاسلام (5) وغيره أن
الخلاف إنما هو في النذر المعين، وأما المطلق فلا خلاف فيه في وجوب توقع
المكنة.
فإن تم إجماعا، وإلا كما هو الظاهر المستفاد من نحو العبارة، فالأخذ
بمقتضى النصوص أجود، لأنها بالإضافة إلى الأصول المقتضية للقول الأخير
بشقيه أخص، فلتكن بالتقديم أجدر، سيما بعد الاعتضاد بما مر.
ويبقى الاشكال في حكم السياق أهو على الوجوب أو الاستحباب،
والأوفق بالأصول الأول، وإن كان الثاني لا يخلو عن وجه، ومع ذلك فهو
أحوط.

(1) في (م) و (ق): أن الأمر بتوقع المكنة بعد طريان العجز.
(2) البقرة: 115.
(3) عوالي اللئالي: ج 4 ص 58 - ح 205.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في نذر الحج ج 7 ص 108.
(5) إيضاح الفوائد: كتاب الحج في شرائط النذر ج 1 ص 276.
81

ولشيخنا في المسالك (1) والروضة (2) تفصيل، لم أقف عليه في كلام
أحد من الجماعة.
وللمختلف (3) والتنقيح (4) تفصيل آخر، وهو كالحلي (5)، إلا في النذر
المعين فيركب عند العجز، وهو كما عدا القولين الأولين خارج عن
النصوص، بل الأصول ما عدا الأول منها، لموافقته الأصول وإن خالفت
النصوص.
ولولاها لكان المصير إليه متعينا، بل يمكن المصير إليه معها أيضا، بناء
على عدم صراحتها في نذر الحج ماشيا، يعني نذر الحج مع المشي مشروطا
أحدهما بالآخر، كما هو ظاهر فرضنا.
لأن مورد الصحيحين (6) منها نذر المشي إلى بيت الله، وهو لا يستلزم
نذر الحج، فلعل إيجابه إنما هو لوجوبه عليه مضيقا سابقا بالاستطاعة
ونحوها.
وما عداهما وإن ورد بلفظ الفرض، إلا أنه مع ضعف بعضها يحتمل
أن يكون المراد منها نذر المشي خاصة، منضما إلى الحج الواجب مضيقا
سابقا، كما هو مورد الصحيحين.
وحينئذ فلا تعلق لها بمسألتنا إلا من حيث الاطلاق أو العموم.
وفي تخصيص الأصول (7) بمجردها إشكال، مع إمكان العكس بصرفهما

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط نذر الحج ج 1 ص 94 س 15.
(2) الروضة البهية: كتاب الحج في حج الأسباب ج 2 ص 183.
(3) مختلف المشيعة: كتاب الحج في مسائل متبددة ص 323 س 13.
(4) التنقيح الرائع: كتاب الحج في حج النذر ج 1 ص 423.
(5) السرائر: كتاب الأيمان في أحكام النذور ج 3 ص 61.
(6) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب وجوب الحج ح 9 و 10 ج 8 ص 61.
(7) في (م) و (ق): الأمر.
82

إلى نذر المشي خاصه في سنة الوجوب مضيقا.
وحيث أمكن الجمع بإرجاع إحداهما إلى الأخرى كان صرف النصوص
إلى الأصول أولى، لكونها مقطوعا بها، بخلاف النصوص، لكونها آحادا.
فتأمل جدا.
(والثالثة: المخالف إذا) حج و (لم يخل بركن) من أركانه (لم
يعده) (1) وجوبا (ولو استبصر) على الأظهر الأشهر، بل عليه عامه من
تأخر، وفاقا للشيخ (2) والحلي (3)، للصحاح (4) الصراح.
خلافا للإسكافي (5) والقاضي (6) فيعيد، للخبرين (7)، وحملا على
الاستحباب جمعا، مضافا إلى ضعف السند، ووقوع التصريح به في تلك
الصحاح: ولو حج أحب إلي.
(وإن أخل) بركن (أعاد) وجوبا، بلا خلاف، وإن اختلف في
المراد بالركن عندنا، كما ذكره الفاضلان في المعتبر (8) والتحرير (9)
والمنتهى (10)، وتبعهما الشهيد رحمه الله في الدروس.

(1) في المتن المطبوع: يعد
(2) النهاية: كتاب الحج باب وجوب الحج ص 205.
(3) السرائر: كتاب الحج في شرائط وجوب الحج ج 1 ص 518.
(4) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب وجوب الحج ج 8 ص 42 و 43.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في شرائط وجوب الحج ص 258 س 36.
(6) المهذب: كتاب الحج ج 1 ص 268.
(7) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب وجوب الحج ح 5 و 6 ج 8 ص 43.
(8) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 765.
(9) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام العبد ج 1 ص 125 س 18.
(10) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام العبد ج 2 ص 860.
(11) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 85.
83

أو عنده، كما هو ظاهر شيخنا الشهيد الثاني في المسالك (1) والروضة (2)
وسبطه (3) وجماعة ممن تأخر عنهما (4)، والنصوص خالية من القيد مطلقا،
إلا أن موردها من حج، وظاهره الحج الصحيح عنده لا عندنا.
فإذا حج فاسدا عنده لم يدخل في موردها، فيجب عليه الإعادة حينئذ،
عملا بالعمومات السليمة عن المعارض هنا.
وأما إذا حج صحيحا عنده كان داخلا في مورد النصوص النافية
للإعادة قطعا.
وعلى هذا فالقول الثاني أقوى، مع أن عليه مدار أولئك الفضلاء في
الصلاة ونحوها. ووجه الفرق غير واضح.
وما ذكره بعض من أنه هنا إن أخل بركن عندنا لم يأت بالحج حينئذ
مع بقاء وقت أدائه، بخلاف الصلاة لخروج وقتها، ولا يجب القضاء إلا
بأمر جديد (5).
وهو مما ترى، فإن الصلاة الفاسدة عندنا يجب قضاؤها خارج الوقت
إجماعا، لعموم من فاتته فريضة فليقضها (6)، وهم لا يقولون بوجوب قضائها
إذا كانت عنده صحيحة، فسقوط القضاء ثمة ليس إلا لنحو الصحاح (7)

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط الحج ج 1 ص 92 س 2.
(2) الروضة البهية: كتاب الحج في وجوب الحج ج 2 ص 177.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط وجوب حجة الاسلام ج 7 ص 74.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 564 س 26، والحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 162،
وكشف اللثام: كتاب الحج في شرائط وجوب الحج ج 1 ص 295 س 5.
(5) كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط وجوب الحج ج 1 ص 295 س 5.
(6) عوالي اللئالي: ج 2 ص 54 ح 143.
(7) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب وجوب الحج ج 8 ص 42، و ب 31 من أبواب مقدمة العبادات
ج 1 ص 97.
84

المتقدمة، وهي جارية هنا بعينها.
وبالجملة: بقاء الوقت وخروجه لا يصلح فارقا بعد ورود الأمر الجديد
الملحق للقضاء بالأداء، سيما وهم قد قالوا به هناك لو أتى بها فاسدة عنده.
ولا فرق بين من حكم بكفره كالحروري والناصبي وغيره في ظاهر
العبارة ونحوها والصحاح بل صريح بعضها (1) لتضمنه ما قدمناه.
خلافا لمحتمل المختلف وغيره ففرقا بينهما (2) وأوجبا الإعادة على الأول.
وهو ضعيف جدا.
وهل الحكم بعدم الإعادة لصحة العبادة في نفسها بناء على عدم
اشتراط الايمان فيها كما هو صريح الفاضلين (3) وجماعة (4) ممن تأخر عنهما
أم إسقاطا للواجب في الذمة من قبيل إسلام الكافر، كما هو ظاهر
الإسكافي (5) والقاضي (6) وشيخنا الشهيد الثاني (7) وسبطه (8) ومن تأخر (9)
عنهما؟ قولان. أجودهما الثاني، لدلالة النصوص الكثيرة عليه جدا.

(1) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب المستحقين للزكاة ح 2 ج 6 ص 148.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في شرائط وجوب الحج ص 259 س 9، وكشف اللثام: كتاب
الحج في شرائط وجوب الحج ج 1 ص 295 س 6.
(3) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 765، ومختلف الشيعة: كتاب الحج في شرائط وجوب الحج
ص 359 س 6.
(4) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 424، ومجمع الفائدة:
كتاب الحج في شرائط الحج ج 6
ص 101.
(5) كما في الحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 168.
(6) المهذب: كتاب الحج ج 1 ص 268.
(7) الروضة البهية: كتاب الحج ج 2 ص 177.
(8) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط وجوب حجة الاسلام ج 7 ص 75.
(9) الحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 169، ومفاتيح الشرائع: كتاب الحج مفتاح من يجب
عليه الإعادة ج 1 ص 300.
85

ولا ثمرة لهذا الاختلاف إلا ما مر من الاختلاف في تفسير الركن
فيراد منه عندنا على القول الأول هنا وعنده على الثاني على ما ذكره شيخنا
الشهيد الثاني (1) حيث بنى الاختلاف ثمة على الاختلاف هنا. وهو متوجه
لولا حكم المفسر للركن هنا (بعندنا في الصلاة) بكون الاعتبار بفعلها
صحيحة عنده لا عندنا.
(القول في النيابة)
(ويشترط فيه) أي في النائب المدلول عليه بالسياق (الاسلام
والعقل وأن لا يكون عليه حج واجب)، مطلقا كما يقتضيه إطلاق نحو
العبارة أو إذا كان ذلك الواجب مضيقا في ذلك العام مع التمكن منه ولو
مشيا حيث لا يشترط فيه الاستطاعة كالمستقر من حج الاسلام ثم يذهب
المال كما صرح به جماعة (2).
(فلا تصح نيابة الكافر) مطلقا للاجماع على فساد عباداته لعدم
تأتي نية القربة منه.
(ولا نيابة المسلم عنه) لأنه لا يستحق الثواب ولأن فعل النائب
تابع لفعل المنوب عنه في الصحة لقيامه مقامه فكما لا يصح منه لا يصح
من نائبه.
(ولا) يصح نيابة المسلم (عن مخالف للحق، أما الناصبي

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في شرائط الحج ج 1 ص 92 س 9.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شرائط النيابة ج 7 ص 109، والحدائق الناضرة: كتاب الحج
في حج النيابة ج 14 ص 240، وكشف اللثام: كتاب الحج في وجوب القضاء على من استقر
الحج عليه ج 1 ص 293 س 36.
86

فلا خلاف فيه لكفره الحقيقي، وللصحيح (1) الآتي والخبر لا يحج عن الناصب
ولا يحج به (2).
وأما غيره فعليه الأكثر على الظاهر المصرح به في كلام جمع، بل في
المسالك أنه المشهور (3) ويفهم من الحلي الاجماع حيث عزى الصحيح
المستثني للأب إلى الشذوذ (4)، ولعله لذا حكى عنه الفاضلان الاجماع (5) كما
يأتي، وإن غفل عنه كثير، وهو الأظهر، لفحوى ما دل على عدم انتفاعهم
بعباداتهم فعبادات غيرهم أولى، مضافا إلى مخالفة النيابة للأصل المقتضي
لوجوب المباشرة فيقتصر (6) فيها على المتيقن المقطوع به فتوى ورواية وليس
إلا المنوب عنه المسلم خاصة.
وأما غيره فلا يدخل في إطلاق أخبار النيابة، لوروده لبيان أحكام غير
مفروض المسألة، فهي بالنسبة إليه مجملة.
هذا مع احتمال إدخاله في الخبرين (7)، إما لأنه ناصب حقيقي كما
قيل (8)، ويشهد له من الأخبار كثير، أو لاطلاق الناصب عليه فيها بالكفر
أيضا، والأصل الشركة في الجميع.

(1) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب النيابة ح 1 و 2 ج 8 ص 135.
(2) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب النيابة ح 1 و 2 ج 8 ص 135.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في نيابة الحج ج 1 ص 94 س 29.
(4) السرائر: كتاب الحج أحكام الاستئجار ج 1 ص 632.
(5) المعتبر: كتاب الحج، القول في النيابة ح 2 ص 766، ومنتهى المطلب: كتاب الحج في النيابة
ج 2 ص 863 س 8.
(6) في (مش) و (م): فيفتقر.
(7) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب النيابة ح 1 و 2 ج 8 ص 13.
(8) مجمع الفائدة: كتاب الحج في شرائط النائب ج 6 ص 135.
87

خلافا للفاضلين والشهيد في المعتبر (1) والمنتهى (2) والمختلف (3)
والدروس (4) فخصوا المنع بالناصب بناء على ما ذهبوا إليه من صحة عبادة
المخالف غيره وقد مر ما فيه.
مع أن من عدا المعتبر قد رجع عنه فالفاضل في المختلف (5) أخيرا
والشهيد في اللمعة (6)، فكادت تصير المسألة إجماعية.
فلا شبهة فيها (إلا) أن يكون النيابة (عن الأب) فتصح هنا على
الأشهر الأقوى.
للصحيح أيحج الرجل عن الناصب فقال: لا قلت: فإن كان أبي
قال: إن كان أباك فنعم (7). وفي لفظ آخر إن كان أباك فحج عنه (8).
خلافا للحلي (9) والقاضي فمنعا عنه (1)، لدعوى شذوذ الرواية، وفيها أنها
مشهورة كما اعترف به الماتن، فقال: إنه مقبول عند الجماعة، قال: وهو
يتضمن الحكمين معا، فقبول أحدهما ورد الآخر ودعوى الاجماع على مثله
تحكمات يرغب عنها (11)

(1) المعتبر: كتاب الحج القول في النيابة ج 2 ص 766.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في النيابة ج 2 ص 863 س 4.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في النيابة ص 312 س 29.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج في النيابة ص 87.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في النيابة ج 1 ص 312.
(6) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج القول في حج الأسباب ص 31.
(7) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب النيابة ح 1 ج 8 ص 135.
(8) من لا يحضره الفقيه: باب دفع الحج إلى من يخرج فيها ح 2875 ج 2 ص 425.
(9) السرائر: كتاب الحج أحكام الاستئجار للحج ج 1 ص 632.
(10) المهذب: كتاب الحج باب ما يتعلق بمن حج عن غيره ج 1 ص 269.
(11) المعتبر: كتاب الحج القول في النيابة ج 2 ص 766.
88

وفيه نظر، لأنه لم يظهر من الحلي الاستناد في المنع إلى الرواية حتى
يتوجه عليه ما ذكره، من أنه عمل ببعض الخبر ورد بعضه. فيحتمل استناده
إلى ما قدمناه من الأدلة.
ولولا صحة الرواية واشتهارها بين الجماعة لكان خيرته في غاية القوة
والمتانة.
ثم إنه في المختلف استشكل على مختاره. من المنع من النيابة عن الناصبي
لكفره الحقيقي في الفرق بين الأب منه وغيره الوارد في الرواية.
قال: فإن هذه الرواية فصلت بين الأب منه وغيره. فنقول: المراد
بالناصب إن كان هو المخالف مطلقا ثبت ما قاله الشيخ، وإن كان هو
المعلن بالعداوة والشنآن لم يبق فرق بين الأب وغيره، ولو قيل بقول الشيخ
كان قويا (1).
أقول: وربما يظهر منه الاتفاق في الناصبي على فساد النيابة عنه مطلقا.
وفيه نظر.
وقد صرح بالجواز في الدروس (2). وهو غير بعيد، لاحتمال صحة ما
يقال في وجه الفرق، من أنه لتعلق الحج بماله، فيجب الاخراج عنه أو الحج
بنفسه، ولفظ الخبر لا يأبى الشمول لهما، وبالجملة: فليس لإثابة المنوب عنه،
ويمكن أن يكون سببا لخفة عقابه، وإنما خص الأب به مراعاة
لحقه.
وفي الموثق أو الصحيح: عن الرجل يحج فيجعل حجته وعمرته أو بعض

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في النيابة ص 312 س 35.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج في النيابة ص 87.
89

طوافه لبعض أهله وهو عنه غائب ببلد آخر، فينقص ذلك من أجره؟ قال:
لا هي له ولصاحبه وله أجر سوى ذلك بما وصل، قال: وهو ميت هل
يدخل ذلك عليه؟ قال: نعم حتى يكون مسخوطا عليه فيغفر له أو يكون
مضيقا فيوسع عليه، قال: فيعلم وهو في مكانه إن عمل ذلك لحقه، قال:
نعم، قال: وإن كان ناصبا ينفعه ذلك قال: نعم يخفف عنه (1).
(ولا) يصح (نيابة المجنون، والصبي (2) غير المميز) بلا خلاف
ولا إشكال.
وفي المميز قولان، أجودهما وأشهرهما، لا للأصل المتقدم المعتضد بما قيل
من خروج عباداته عن الشرعية، وإنما هي تمرينية، فلا تجزئ عمن تجب
عليه أو يندب إليها، لأن التمرينية ليست بواجبة ولا مندوبة، لاختصاصهما
بالمكلف، مع أنه لا ثقة بقوله إذا أخبر عن الأفعال أو نياتها.
نعم إن حج عن غيره استحقا الثواب عليه، وحكي في الشرائع والتذكرة
- كما قيل - قول بالصحة، لصحة عباداته (3). وفيه ما عرفته.
(ولا بد من نية النيابة) بأن يقصد كونه نائبا، ولما كان ذلك أعم
من تعيين المنوب عنه نبه على اعتباره بقوله: (وتعيين المنوب عنه) قصدا
(في المواطن) (4) كلها.
قيل: ولو اقتصر في النية على تعيين المنوب عنه بأن ينوي أنه عن فلان

(1) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب النيابة ح 5 ج 8 ص 139، والفروع: كتاب الحج ب 72 ح 4
ج 4 ص 315.
(2) في المتن المطبوع: ولا الصبي.
(3) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط النيابة ج 1 ص 297 س 15.
(4) في المتن المطبوع: في المواطن بالقصد.
90

أجزأ عنه، لأن ذلك يستلزم النيابة (1) عنه.
وهذا الحكم مقطوع به في كلامهم على الظاهر المصرح به في عبائرهم (2)
ومنها الذخيرة.
وفيها: لكن روى الشيخ عن ابن أبي عمير في الصحيح عن ابن أبي حمزة
والحسين عن أبي عبد الله - عليه السلام - في رجل أعطى رجلا ما لا يحج عنه
فحج عن نفسه، فقال: هي عن صاحب المال (3).
أقول: ونحوه المرفوع المروي في الكافي (4).
وضعف سندهما بالرفع والاشتراك يمنع عن العمل بها، مضافا إلى
مخالفتهما الأصول فإن الأعمال بالنيات، ولكل امرئ ما نوى، والاجماع
الظاهر والمنقول.
نعم في الدروس أنه لو أحرم عن المنوب ثم عدل إلى نفسه لغى العدول،
وإذا أتم الأفعال أجزأ عن المنوب عند الشيخ (5)، وفي غيره أيضا عنه ذلك
في الخلاف (6) والمبسوط (7)، وكذا عن الجواهر (8) والجامع (9) والمعتبر (1)

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في النيابة ج 1 ص 95 س 1.
(2) الحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 250.
(3) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في النيابة ص 567 س 35.
(4) الفروع: كتاب الحج ب 67 ح 2 ج 4 ص 311.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج في النيابة ص 88.
(6) الخلاف: كتاب الحج م 13 ج 2 ص 252.
(7) المبسوط: كتاب الحج في الاستئجار للحج ج 1 ص 323.
(8) جواهر الفقه (الجوامع الفقهية): في الحج ص 417 س 25.
(9) الجامع للشرائع: كتاب الحج في النيابة ص 225.
(10) المعتبر: كتاب الحج في النيابة ج 2 ص 777.
91

والمنتهى (1) والتحرير (2).
ويمكن حمل الخبرين على ذلك إن صح المصير إليه، لكن لا دليل عليه،
عدا ما قيل: من أن الأفعال استحقت للمنوب بالاحرام عنه فلا يؤثر
العدول، كما لا يؤثر فيه نية الاخلال، بل تبعت الاحرام (3).
وهو مجرد دعوى خالية عن الدليل، ولهذا قال الفاضلان في الشرائع (4)
والقواعد (5) وغيرهما بعدم الاجزاء عن أحدهما، وهو قوي، ولا يجب تسمية
اسمه، بل يستحب كما يأتي.
(ولا ينوب من وجب عليه الحج) في عام الاستطاعة (6) مع التمكن
منه بلا خلاف، للنهي عن ضده أو عدم الأمر به الموجبين للفساد،
والصحاح.
منها: عن الرجل الصرورة يحج عن الميت، قال: نعم إذا لم يجد الصرورة
ما يحج به عن نفسه، فإن كان له ما يحج به عن نفسه فليس يجزئ عنه
حتى يحج من ماله، وهي تجزئ عن الميت إن كان للصرورة مال، وإن لم
يكن له مال (7). ونحوه آخر (8).
ومنها: في رجل صرورة مات ولم يحج حجة الاسلام وله مال، قال: يحج
عنه صرورة لا مال له (9).

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في النيابة ج 2 ص 870 س 6.
(2) تحرير الأحكام: كتاب الحج في حج النائب ج 1 ص 127 س 27.
(3) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في أحكام النائب ج 1 ص 301 س 12.
(4) شرائع الاسلام: كتاب الحج القول في النيابة ج 1 ص 235.
(5) قواعد الأحكام: كتاب الحج في شرائط النيابة ج 1 ص 77 س 22.
(6) في (مش) و (ق): الاستنابة.
(7) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب النيابة ح 1 و 3 ج 8 ص 121
(8) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب النيابة ح 1 و 3 ج 8 ص 121
(9) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب النيابة ح 2 ج 8 ص 121.
92

(ولو لم يجب عليه) حج أصلا، أو وجب مطلقا، أو في غير عام
الاستنابة، أو فيه ولم يتمكن منه، سواء كان قبل الاستقرار، أو بعده (جاز)
بلا خلاف أجده في جميع الصور، إلا من إطلاق نحو العبارة وصريح الحلي
فيمن استقر عليه حج فيبطل النيابة (1). ولم أعرف وجهه، مع اقتضاء
الأصل والاطلاقات السليمة عن المعارض خلافه.
نعم يعتبر في المستقر ضيق الوقت، بحيث لا يحتمل تجدد الاستطاعة إلا
أن يكون الاستنابة مشروطة بعدم تجددها.
ثم الحكم بجواز الاستنابة مطلق (وإن لم يكن) النائب (حج)
ويعبر عنه بالصرورة، بلا خلاف فيه بيننا إذا كان ذكرا، والصحاح (2) به
مستفيضة جدا، ومنها الصحاح المتقدمة قريبا، وعن جماعة كونه مجمعا عليه
بيننا ومنهم الماتن في المعتبر (3) وشيخنا في المسالك (4) وغيرهما.
والخبران الواردان بخلاف ذلك مع ضعف سندهما شاذان محمولان على
التقية، أو الانكار، أو عدم معرفة الصرورة بأفعال الحج، أو الكراهة كما عن
المعتبر حيث سئل عنه فيه.
(وتصح نيابة المرأة عن المرأة والرجل) ولو كانت صرورة
بلا خلاف، إلا من الشيخ والقاضي فمنعا عن نيابتها مطلقا إذا كانت
صرورة في النهاية والتهذيب (6) والمهذب (7) والمبسوط (8) وفيه التصريح

(1) السرائر: كتاب الحج باب الاستئجار ج 1 ص 626.
(2) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب النيابة ج 8 ص 122.
(3) المعتبر: كتاب الحج القول في النيابة ج 2 ص 767.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في نيابة الحج ج 1 ص 95 س 18.
(5) النهاية: كتاب الحج في النيابة ص 280.
(6) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في فقه الحج ج 5 ص 414.
(7) المهذب: كتاب الحج في النيابة ج 1 ص 269.
(8) المبسوط: كتاب الحج في الاستئجار ج 1 ص 326.
93

بعموم المنع عن نيابتها عن الرجل والمرأة، وكذا أطلق في الاستبصار (1) على
الظاهر المصرح به في المختلف (2).
وقيل: خصه بنيابتها عن الرجل كما عنون به الباب.
وفيه أن الاطلاق يستفاد من السياق.
وكيف كان: فلا ريب أن مذهبه المنع على الاطلاق، للخبرين (3).
وهما مع ضعف سندهما معارضان بعد الأصل والاطلاقات بالنصوص
المستفيضة، بل المتواترة كما عن الحلي (4)، وفيها الصحاح والموثق وغيرهما.
منها: يحج الرجل عن المرأة والمرأة عن الرجل والمرأة عن المرأة (5).
وما يقال: من أن هذه مطلقة والخبران مقيدان فيجب تقييدها بهما
فحسن، بشرط الحجية والتكافؤ، وهما مفقودان، فيجب صرف التأويل إليهما
بحملهما على الكراهة، كما فعله الجماعة (6)، ويشعر به رواية عن امرأة صرورة
حجت عن امرأة صرورة، فقال: لا ينبغي (7).
أو على ما إذا كانت غير عالمة بمسائل الحج ولا بأحكامه، كما هو الغالب
في النسوة في جميع الأزمنة.
وأما الموثق: عن الرجل الصرورة يوصي أن يحج عنه هل يجزئ عنه

(1) الاستبصار: كتاب الحج ب 220 ج 2 ص 322
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في التوابع ص 312 س 16
(3) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب النيابة ح 1 و 2 ج 8 ص 125 و 126.
(4) السرائر: كتاب الحج في الاستئجار ج 1 ص 630.
(5) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب النيابة ح 6 ج 8 ص 124.
(6) المعتبر: كتاب الحج القول في النيابة ج 3 ص 767، والأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 8
ص 117.
(7) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب النيابة ح 3 ج 8 ص 126.
94

امرأة؟ قال: لا كيف تجزئ امرأة وشهادته شهادتان، قال: إنما ينبغي أن
تحج المرأة عن المرأة، والرجل عن الرجل، وقال: لا بأس أن يحج الرجل عن
المرأة (1).
فشاذ، لا قائل به منا، فليحمل على التقية كما قيل، أو على الكراهة،
ففي رواية أن والدتي توفيت ولم تحج، قال: يحج عنها رجل أو امرأة، قال:
قلت: أيما أحب إليك، قال: رجل أحب إلي (2).
(ولو مات النائب بعد الاحرام ودخول الحرم أجزأه) حجه عمن
حج عنه، بلا خلاف أجده على الظاهر المصرح به في عبائر، بل في
المسالك (3) وعن المنتهى (4) الاجماع عليه.
قيل: لثبوته في المنوب عنه بالاجماع والصحيحين، فكذا في النائب لأن
فعله فعله (5).
وللموثق: عن الرجل يموت فيوصي بحجة فيعطى رجل دراهم ليحج بها
عنه فيموت قبل أن يحج، قال: إن مات في الطريق أو بمكة قبل أن يقضي
مناسكه فإنه يجزئ عن الأول (6). وفيهما نظر.
أما الأول: فواضح.
وأما الثاني: فلمخالفة إطلاقه الاجماع، إذ ليس فيه تقييد الموت بكونه
بعد الاحرام ودخول الحرم. ونحو ذلك أخبار (7) أخر ضعيفة السند،

(1) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب النيابة ح 2 ج 8 ص 126.
(2) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب النيابة ح 8 ج 8 ص 125.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في النيابة ج 1 ص 95 س 33.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في النيابة ج 2 ص 863 س 28
(5) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 118.
(6) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب النيابة ح 1 ج 8 ص 130.
(7) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب النيابة ج 8 ص 135.
95

فلا اعتبار بها لولا الاجماع المقيد لها بذلك، لمخالفتها الأصول المقتضية
لوجوب الاتيان بجميع ما في العبادة من الشرائط والأركان، لكن ترك
العمل بالمجمع عليه وبقي الباقي، ولذا اشترط الأكثر دخول الحرم.
خلافا للخلاف (1) والسرائر (2) فاكتفيا بالموت بعد الاحرام مطلقا،
حتى في الحاج لنفسه، ومستندهما غير واضح، عدا إطلاق الموثق السابق.
وفيه مضافا إلى ما مر: أنه معارض، بظاهر الصحيحين.
أحدهما: في رجل خرج حاجا حجة الاسلام فمات في الطريق، فقال:
إن مات في الحرم فقد أجزأت عنه حجة الاسلام، وإن كان مات دون
الحرم فليقض عنه وليه حجة الاسلام (3).
ونحوه الثاني: إن كانت صرورة ثم مات في الحرم أجزأ عنه حجة
الاسلام، وإن كان مات وهو صرورة قبل أن يحرم جعل حمله وزاده ونفقته
وما معه في حجة الاسلام (4)، الخبر.
لكن ذيله ربما أفهم القول الثاني، لكنه معارض بمفهوم الصدر المعاضد
بالصحيح السابق، الظاهر في الأول صدرا وذيلا.
ونحوه المرسلة المروية في المختلف عن المفيد في المقنعة (5)، وهذا فيه،
والشيخ يقبل مراسيله، كما يقبل مسنده.
هذا مع احتمال الاحرام فيه.

(1) الخلاف: كتاب الحج م 244 و 245 ج 2 ص 390.
(2) السرائر: كتاب الحج في الاستئجار ج 1 ص 628.
(3) وسائل الشيعة: ب 26 من أبواب وجوب الحج ح 1 ج 8 ص 47.
(4) وسائل الشيعة: ب 26 من أبواب وجوب الحج ح 2 ج 8 ص 47 وفيه: إن كان صرورة.
(5) المقنعة: كتاب الحج في الزيادات ص 445.
96

وفي كلام الخلاف - كما قيل - دخول الحرم (1)، فقد جاء بمعناه،
كالاتهام والاتجار، وربما يعضده السياق.
وما في الخلاف من أن الحكم منصوص للأصحاب لا يختلفون فيه (2)،
فلولا أن المراد من الاحرام في كلامه ما ذكرنا لتوجه النظر إلى ما ذكره من
نفي الخلاف.
كيف لا! والخلاف مشهور لو أريد منه غيره.
وكيف كان: فالمذهب ما عليه الأصحاب في المقامين.
ومقتضى الاجزاء أنه لا يستعاد من تركته من الأجرة شئ، وعن
الغنية أنه لا خلاف فيه عندنا (3)، وعن الخلاف إجماع أصحابنا على أنه
منصوص لا يختلفون فيه (4)، وعن المعتبر أنه المشهور بينهم (5).
فإن ثبت عليه نص أو اجماع، وإلا توجه استعادة ما بإزاء الباقي من
الأجرة إن استؤجر على الأفعال المخصوصة، دون المبرئ للذمة.
واحترز بالشرطية عما لو مات قبل ذلك، ولو كان قد أحرم فإنه
لا يجزئ، ولو قبض الأجرة استعيد منها بنسبة ما بقي من العمل المستأجر
عليه.
وإن كان الاستئجار على فعل الحج خاصة أو مطلقا وكان موته بعد
الاحرام استحق بنسبته إلى بقية أفعاله. وإن كان عليه وعلى الذهاب

(1) الظاهر أن القائل هو صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في النيابة ج 14 ص 152، والموجود
في الخلاف خلافه أي عدم اعتبار دخول الحرم، الخلاف: كتاب الحج م 244 ج 2 ص 390.
(2) الخلاف: كتاب الحج م 244 ج 2 ص 390.
(3) الغنية: (الجوامع الفقهية): في الحج ص 521 س 22.
(4) الخلاف: كتاب الحج م 244 ج 2 ص 390.
(5) المعتبر: كتاب الحج القول في النيابة ج 2 ص 768.
97

استحق أجرة الذهاب والاحرام واستعيد الباقي. وإن كان عليهما وعلى العود
فبنسبته إلى الجميع.
وإن كان موته قبل الاحرام ففي الأولين لا يستحق شيئا، وفي الأخيرين
بنسبة ما قطع من المسافة إلى ما بقي منه من المستأجر عليه، هذا ما يقتضيه
الأصول، وبه صرح جماعة قاطعين به، وفاقا للمحكي عن السرائر (1)
والاصباح (3) والمبسوط (3).
خلافا للفاضلين في الشرائع (4) والقواعد (5) وغيرهما فقالوا: بأنه يستحق
مع الاطلاق بنسبة ما فعل من الذهاب إلى المجموع منه ومن أفعال الحج
والعود، كما عن النهاية (6) والكافي (7) والمهذب (8) والغنية (9) والمقنعة (10)
من غير ذكر العود.
وهو في غاية الضعف، لأن مفهوم الحج لا يتناول غير المجموع المركب
من أفعاله الخاصة، دون الذهاب إليه وإن جعلناه مقدمة للواجب والعود،
الذي لا مدخل له في الحقيقة ولا ما يتوقف عليه بوجه.

(1) السرائر: كتاب الحج في أحكام الاستئجار ج 1 ص 628 و 629. (
(2) في الشرح من المطبوع: (والايضاح)، وما أثبتناه هو الصحيح، كما في جميع المخطوطات، وكما
نقله عنه في كشف اللثام: كتاب الحج في النيابة ج 1 ص 298 س 24.
(3) المبسوط: كتاب الحج في الاستئجار ج 1 ص 323.
(4) شرائع الاسلام: كتاب الحج القول في النيابة ج 1 ص 232.
(5) قواعد الأحكام: كتاب الحج في شرائط النيابة ج 1 ص 77 س 13.
(6) النهاية: كتاب الحج باب من حج عن غيره ص 278.
(7) الكافي في الفقه: كتاب الحج في النيابة ص 220.
(8) المهذب: كتاب الحج في النيابة ص 268 و 269.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): في الحج ص 521 س 22.
(10) المقنعة: كتاب الحج في الزيادات ص 443.
98

هذا، ويمكن تنزيل إطلاقهم على ما إذا شهدت قرائن العرف والعادة
بدخول قطع المسافة في الإجارة.
وإن لم يذكر في صيغتها فيكون اللفظ متناولا لها بالالتزام، كما هو
المتعارف في هذا العصر، بل جميع الأعصار، ولهذا يعطى الأجير من الأجرة
الكثيرة ما لا يعطى من يحج من الميقات.
(ويأتي النائب بالنوع المشترط) عليه من أنواع الحج ضمن العقد،
من تمتع أو قران أو إفراد، لا يجوز له العدول إلى غيره بلا خلاف في
الأفضل إلى غيره.
وفي العكس خلاف فبين من جعله كالأول مطلقا، كالماتن والجامع (1)
والتلخيص كما حكي (2)، عملا بقاعدة الإجارة من وجوب الاتيان بما
تعلقت به دون غيره، لعدم الأمر بالوفاء به. وإذا كان المشترط فريضة
المنوب فيجوز في المندوب والواجب المخير والمنذور المطلق مطلقا، كما في
عبائر.
أو بشرط العلم بقصد المستنيب التخيير والأفضل وإن ما ذكر في العقد
إنما هو للرخصة في الأدنى كما في أخرى. وهذا هو الأقوى.
لكن في القيد خروج عن مفروض المتن وهو العدول عن المشترط، إذ
فرض العلم بقصد التخيير ينافي اشتراط الفرد الأدنى، لظهوره في عدم الرضا
بتركه، إلا أن يراد من الاشتراط مجرد الذكر في متن العقد، كما هو مورد
النص (3)، وأكثر الفتاوى في المسألة وإن خالفهما التعبير في نحو العبارة.

(1) الجامع للشرائع: كتاب الحج في النيابة ص 226.
(2) لا يوجد عندنا كتابه، وحكى عنه كاشف اللثام: كتاب الحج في أحكام النائب ج 1 ص 300
س 6.
(3) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب النيابة ح 1 ج 8 ص 127.
99

وكيف كان: فلا ينبغي أن يجعل هذا محل نزاع، ولا إشكال لأن
الشرط بهذا المعنى لا ينافي جواز العدول بعد فرض العلم برضاء المستنيب
به، لأن ذلك في حكم المأذون.
وإنما الاشكال في جوازه مع فرض فقد القيد، فالذي تقتضيه القاعدة
المنع، مضافا إلى تأيدها برواية مقطوعة عن رجل أعطى رجلا دراهم يحج
بها عنه حجة مفردة، قال: ليس له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج لا يخالف
صاحب الدراهم (1).
ولكن في الموثق - بل الصحيح كما قيل (2) -: في رجل أعطى رجلا دراهم
يحج بها حجة مفردة فيجوز له أن يتمتع بالعمرة إلى الحج، قال: نعم إنما
خالف إلى الفضل، الخبر (3).
وظاهره الجواز، كما عليه معظم الأصحاب، وإنما قيدوه بما مر، عملا
بما فيه من ظاهر التعليل، فإن الاتيان بغير فريضة المنوب ليس فيه فضل،
فضلا عن أن يكون أفضل.
ومنه يظهر ضعف القول بجواز العدول إلى التمتع على الاطلاق المشار إليه
بقول: (وقيل: يجوز أن يعدل إلى التمتع ولا يعدل عنه) والقائل الشيخ
في النهاية (4) والخلاف (5) والمبسوط (6) والقاضي (7) والإسكافي (8)، وذلك

(1) وسائل الشيعة: ب 12 من أبوب النيابة ح 2 ج 8 ص 128.
(2) الظاهر أن القائل هو المقدس الأردبيلي في مجمع، الفائدة: كتاب الحج في شرائط النائب وأحكام
النيابة ج 6 ص 140.
(3) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب النيابة ح 1 ج 8 ص 128.
(4) النهاية: كتاب الحج باب من حج عن غيره ص 278.
(5) الخلاف: كتاب الحج م 247 و 248 ج 2 ص 389 و 390.
(6) المبسوط: كتاب الحج في الاستئجار ج 1 ص 324.
(7) المهذب: كتاب الحج في الاستئجار ج 1 ص 268.
(8) كما في المختلف: كتاب الحج في النيابة ص 313 س 5.
100

لعدم دليل عليه، حتى من النص لما مر، مضافا إلى مخالفة القاعدة
والاعتبار.
هذا، والذي ينبغي تحقيقه أن مراد هؤلاء ليس الاطلاق، بل مع
الشرط المتقدم، كما يفهم من عبارة الشيخ في كتابي الحديث (1) مضافا
إلى ما ذكره الحلي بعد نقل ذلك عنهم بقوله: هذا رواية أصحابنا وفتياهم.
وتحقيق ذلك: أن من كان فرضه التمتع فحج عنه قارنا أو مفردا فإنه
لا يجزئه، ومن كان فرضه القرآن أو الافراد فحج عنه متمتعا فإنه لا يجزئه
إلا أن يكون قد حج المستنيب حجة الاسلام، فحينئذ يصح إطلاق القول
والعمل بالروايات.
قال: ويدل على هذا التحرير قولهم: لأنه يعدل إلى ما هو الأفضل، فلو
لم يكن قد حج حجة الاسلام بحسب حاله وفرضه وتكليفه لما كان التمتع
أفضل، بل كان إن كان فرضه التمتع فهو الواجب، وليس لدخول أفضل
معنى، لأن أفعل لا يدخل، إلا في أمرين يشتركان، ثم يزيد أحدهما على
الآخر.
وكذا لو كان فرضه القران أو الافراد لما كان التمتع أفضل، بل لا يجوز
له التمتع فكيف يقال: أفضل فيخص إطلاق القول والأخبار بالأدلة، لأن
العموم قد يخص بالأدلة إجماعا (2)، انتهى.
وفي عبارته إشعار، بل ظهور في انعقاد الاجماع على الرواية سيما مع فتواه
بها، مع مخالفتها القاعدة كما مضى.

(1) التكذيب: كتاب الحج في الزيادات ج 5 ص 416، والاستبصار: كتاب الحج ب 22 ج 2
ص 323.
(2) السرائر: كتاب الحج باب الاستئجار ج 1 ص 627، وفيه اختلاف اختلاف.
101

فإذا لا مبرح ولا مندوحة عنها، وإن كان عدم العدول مطلقا أحوط وأولى.
ومتى جاز العدول استحق الأجير تمام الأجرة، أما مع امتناعه فلا وإن
وقع عن المنوب.
وكما يجب الاتيان بالمشترط من نوع الحج مع تعلق الغرض به، كذا
يجب الطريق المشترط معه، عملا بقاعدة الإجارة، وعليه أكثر المتأخرين،
بل المشهور كما قيل (1).
وزاد بعضهم فقال: بل الأظهر عدم جواز العدول إلا مع العلم بانتفاء
الغرض في ذلك الطريق، وإنه هو وغيره سواء عند المستأجر. ومع ذلك
فالأولى وجوب الوفاء بالشرط مطلقا (2).
(وقيل: لو شرط عليه الحج على طريق جاز) له (الحج بغيرها)
للصحيح عن رجل أعطى رجلا حجة يحج من الكوفة فحج عنه من البصرة،
قال: لا بأس إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه (3).
والقائل الشيخان (4)، والقاضي في المهذب (5)، والحلي في السرائر (6)،
والفاضل في الارشاد (7)، وعن الجامع (8) نفي البأس عنه، ولعله لصحة
الرواية مع عمل الجماعة، ولا سيما نحو الحلي.

(1) الحدائق الناضرة: كتاب الحج في حج النيابة ج 14 ص 270.
(2). وهو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 123.
(3) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب النيابة ح 1 ج 8 ص 127.
(4) المقنعة: كتاب الحج في الزيادات ص 443، والنهاية: كتاب الحج باب في من حج عن غيره
ص 278.
(5) المهذب: كتاب الحج في النيابة ج 1 ص 268.
(6) السرائر: كتاب الحج باب الاستئجار ج 1 ص 627.
(7) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في أحكام النيابة ج 1 ص 313.
(8) الجامع للشرائع: كتاب الحج في النيابة ص 326.
102

ووضوح الدلالة وإن ناقش فيها المتأخرون، باحتمال أن يكون قوله:
(من الكوفة) صفة لرجل لا صلة للحج كما في كلام بعضهم (1).
أو الحمل على وقوع الشرط خارج العقد، بناء على عدم الاعتبار بمثله
عند الفقهاء كما في كلام آخر (3).
أو تأويلها بما إذا لم يتعلق بطريق الكوفة مصلحة دينية ولا دنيوية، لأن
أغلب الأوقات والأحوال عدم تعلق الغرض إلا بالاتيان بمناسك الحج،
وربما كان في قوله - عليه السلام -: (إذا قضى جميع المناسك فقد تم حجه) (3)
إشعار به كما في ثالث.
أو أن الدفع وقع على وجه الرزق لا الإجارة، وهو الذي تضمنه الخبر (4)
كما في رابع.
أو كون المراد حصول الاجزاء لا جواز ذلك للأجير (5) كما في خامس.
وظني بعد الكل إلا أن اجتماعها مع الشهرة على خلاف الرواية، ربما
أوجب التردد في الخروج بمثلها عن قواعد الإجارة.
ولا ريب أن الاحتياط في الوقوف على مقتضاها.
ثم إنه على تقدير العمل بالرواية لا ريب في صحة الحج مع الخالفة
واستحقاق الأجرة.
وأما على غيره فالذي قطع به جماعة (6) صحته أيضا وإن تعلق الغرض

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 123.
(2) كشف اللثام: كتاب الحج في النائب ج 1 ص 299 س 3.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في نيابة الحج ج 1 ص 96 س 26.
(4) منتقى الجمان: كتاب الحج ج 3 ص 84.
(5) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في النيابة ص 569 س 27.
(6) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 123، وذخيرة المعاد: كتاب الحج في النيابة
ص 569 س 28.
103

بالطريق المعين، لأنه بعض العمل المستأجر عليه وقد امتثل بفعله.
ويضعف بأن المستأجر عليه الحج المخصوص، وهو الواقع عقيب قطع
المسافة المعينة ولم يحصل الاتيان به.
نعم لو تعلق الاستئجار بمجموع الأمرين من غير ارتباط لأحدهما بالآخر
اتجه ما ذكروه.
(ولا يجوز للنائب الاستنابة إلا مع الإذن) له فيها صريحا ممن مجوز
له الإذن فيها، كالمستأجر عن نفسه، أو الموصي والوكيل مع إذن الموكل له
فيها، أو إيقاع العقد مقيدا بالاطلاق، لا إيقاعه مطلقا فإنه يقتضي المباشرة بنفسه.
والمراد بتقييده بالاطلاق أن يستأجره ليحج عنه مطلقا بنفسه أو بغيره أو
بما يدل عليه، كأن يستأجره لتحصيل الحج عن المنوب عنه.
وبإيقاعه مطلقا أن يستأجره ليحج عنه، فإن هذا الاطلاق يقتضي
مباشرته لا استنابته فيه.
كل ذلك للأصول المقررة، وبها أفتى جماعة كالحلي في السرائر (1)،
والشهيدين في الدروس (2) واللمعتين (3)، بل قيل: لا خلاف فيه (4).
مع أن الشيخ قال في التهذيب: ولا بأس أن يأخذ الرجل حجة فيعطيها
لغيره وأطلق، للخبر الذي رواه في الرجل يعطى الحجة فيدفعها إلى غيره،
قال: لا بأس (5). ورواه الكليني (6) أيضا.

(1) السرائر: كتاب الحج باب الاستئجار ج 1 ص 627.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج في النيابة ص 89.
(3) اللمعة الدمشقية والروضة البهية: كتاب الحج في حج الأسباب ج 2 ص 191.
(4) لم نعثر على قائله.
(5) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في الزيادات ح 255 ج 5 ص 462.
(6) الكافي: كتاب الحج باب الرجل يأخذ الحجة... ح 2 ج 4 ص 309.
104

وضعف سنده يمنع عن العمل به قطعا، فضلا أن يقيد به الأصول
المتقدمة، بل ينبغي صرف التوجيه إليه، بحمله على صورة الإذن كما في
الدروس (1)، أو عدم تعلق الغرض بالنائب الأول كما في غيره.
(ولا) يجوز للنائب أن (يؤجر نفسه لغير المستأجر في السنة التي
استؤجر لها) قطعا، لاستحقاق الأول منافع تلك السنة لأجل الحج،
فلا يجوز صرفها إلى غيره ويجوز لغيرها بشرط عدم فورية الحج أو تعذر
التعجيل، لعدم المنافاة بين الإجارتين.
ولو أطلقت الأولى ففي جواز الثانية مطلقا، أو العدم كذلك، أو الجواز
في غير السنة الأولى والعدم فيها أوجه، وأقوال أوسطها أشهرها، بناء على
اقتضاء الاطلاق التعجيل عند المشهور، كما في المسالك (2) وغيره، بل عن
المقدس الأردبيلي لعله لا خلاف فيه (3)، فيكون كالمعين الفوري.
ومستنده غير واضح إن لم يكن إجماع، عدا ما عن المقدس الأردبيلي من
فورية الحج، واقتضاء مطلق الإجازة اتصال زمان مدة يستأجر له بزمان
العقد، وهو يقتضي عدم جواز التأخير عن العام الأول (4).
فليضعف الثاني بأنه مصادرة، والأول بأنه أخص من المدعى، فقد
يكون الحج مندوبا أو واجبا مطلقا، ومع ذلك فالفورية إنما هي بالنسبة إلى
المستأجر لا المؤجر، ولا تلازم بينهما. فتأمل جدا.
هذا، ولا ريب أن المنع مطلقا أحوط وأولى.
(ولو صد قبل الاكمال) أي إكمال العمل المستأجر عليه مطلقا

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج في النيابة ص 89.
(2) مسالك الأفهام: كتاب الحج في نيابة الحج ج 1 ص 96 سطر قبل الأخير.
(3) مجمع الفائدة: كتاب الحج في شرائط النيابة ج 6 ص 145.
(4) مجمع الفائدة: كتاب الحج في شرائط النيابة ج 6 ص 145.
105

(استعيد) منه (من الأجرة بنسبة المتخلف) منه إن كانت الإجارة
مقيدة بنسبة الصد، لانفساخها بفوات الزمان الذي تعلقت به.
(ولا يلزم) المستأجر (إجابته) لو التمس عدم الاستعادة
(وضمن (1) الحج) من قابل (على الأشبه) لعدم تناول العقد لغير تلك
السنة.
خلافا لظاهر السرائر (2) والنهاية (3) والمبسوط (4) والقنعة (5) والمهذب (6)
والحلبي (7) كما حكي، فيلزم. ومستنده غير واضح.
مع احتمال أن يكون مرادهم الجواز برضاء المستأجر، ولا كلام فيه
حينئذ.
ولا فرق بين أن يقع الصد قبل الاحرام ودخول الحرم أو بعدهما أو
بينهما، لعموم الأدلة.
وإلحاقه بالموت قياس فاسد في الشريعة، مع كونه مع الفارق لما قيل:
من الاتفاق على عدم الاجزاء مع الصد إذا حج عن نفسه فكيف عن
غيره (8).
خلافا لظاهر الماتن في الشرائع (9)، والمحكي عن الخلاف (10) فألحقاه

(1) في المتن المطبوع والشرح الصغير: ولو ضمن.
(2) السرائر: كتاب الحج في أحكام الاستئجار ج 1 ص 629.
(3) النهاية: كتاب الحج في من حج عن غيره ص 278.
(4) المبسوط: كتاب الحج في الاستئجار ج 1 ص 323.
(5) المقنعة: كتاب الحج في الزيادات ص 443.
(6) المهذب: كتاب الحج باب ما يتعلق بمن حج عن غيره ج 1 ص 268.
(7) الكافي في الفقه: كتاب الحج في النيابة ص 218.
(8) كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط النيابة ج 1 ص 298 س 35.
(9) شرائع الاسلام: كتاب الحج القول في النيابة ج 1 ص 233.
(10) الخلاف: كتاب الحج م 244 ج 2 ص 390.
106

بالموت. ولا وجه له، مضافا إلى ما عرفته.
نعم عن الخلاف أنه نظمه مع الموت في سلك، واستدل بإجماع الفرقة
على أن هذه المسألة منصوص لهم لا يختلفون فيها، قال الناقل: وظني أن
ذكر الاحصار من سهو قلمه أو قلم غيره (1).
وإن كانت الإجارة مطلقة وجب على الأجير الاتيان بالحج بعد الصد،
لعدم انفساخها به.
وهل للمستأجر أو الأجير الفسخ؟ قال الشهيد: ملكاه في وجه قوي (2).
وعلى تقديره له أجرة ما فعل واستعيد بنسبة ما تخلف، ومتى انفسخت
الإجارة استؤجر من موضع الصد مع الامكان، إلا أن يكون بين مكة
والميقات فمن الميقات، لوجوب انشاء الاحرام منه.
(ولا) يجوز له أن (يطاف عن حاضر متمكن من الطهارة)
للأصل، والمعتبرة.
منها: الرجل يطوف عن الرجل وهو مقيم بمكة، قال: لا (3).
و (لكن يطاف به) (حيث لا يمكنه الطواف بنفسه) (4)، كما في
الصحاح المستفيضة.
منها: المريض المغلوب أو المغمى عليه يرمى عنه ويطاف به.
(ويطاف عمن لم يجمع الوصفين) بأن كان غائبا أو غير متمكن
من استمساك الطهارة كما في الصحاح (5) المستفيضة وغيرها من المعتبرة.

(1) والناقل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط النيابة ج 1 ص 298.
(2) الدروس: كتاب الحج في النيابة ص 89.
(3) وسائل الشيعة: ب 51 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 461.
(4) ما بين القوسين ليس في جميع المخطوطات.
(5) وسائل الشيعة: ب 47 من أبواب الطواف ج 9 ص 455.
107

وسيأتي إن شاء الله تعالى ما يتعلق منها بالغائب في بحث الطواف.
وأما ما يتعلق منها بالمريض فصحيح مستفيض.
منها: المريض المغلوب والمغمى عليه يرمي عنه ويطاف عنه (1).
ومنها: المبطون والكبير يطاف عنهما ويرمي عنهما (2).
ولا خلاف في شئ من الأحكام المزبورة أجده، وبه صرح جماعة (3)،
بل قيل: في الأولين كأنه اتفاقي (4).
قيل: وإنما يطاف عن المريض ومثله بشرط اليأس عن البرء أو ضيق
الوقت، كما في الخبرين الآتي أحدهما قريبا (5).
وهو أحوط، وبالأصل أوفق، فيجبر به ضعف سند النص، ويقيد به
إطلاق ما مر من الأخبار.
وليس الحيض من الأعذار المسوغة للاستنابة في طواف العمرة، لما
سيأتي إن شاء الله تعالى من إمكان عدولها إلى حج الافراد، للروايات.
إلا في طواف الحج والنساء مع الضرورة الشديدة اللازمة بانقطاعها من
أهلها في البلاد البعيدة فيجوز لها الاستنابة، كما عن الشيخ (6)، وقواه
جماعة كالفاضل المقداد في التنقيح (7)، وشيخنا في المسالك (8)، وسبطه في

(1) وسائل الشيعة: ب 49 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 458.
(2) وسائل الشيعة: ب 49 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 58 4.
(3) منهم: صاحب مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 405 في من يجب عليه الطواف ج 1 ص 364.
(4) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في أحكام النائب ج 1 ص 300 س 32.
(5) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في أحكام النائب ج 1 ص 300 س 23.
(6) المبسوط: كتاب الحج في أحكام النساء ج 1 ص 231.
(7) التنقيح الرائع: كتاب الحج في النيابة ج 1 ص 430.
(8) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أحكام النيابة ج 1 ص 97.
108

المدارك (1)، وغيرهم من المتأخرين.
للصحيح: إن معنا امرأة حائضا ولم تطف طواف النساء وأبى الجمال
أن يقيم عليها، قال: فأطرق وهو يقول: لا يستطيع أن يتخلف عن أصحابها
ولا يقيم عليها جمالها، ثم رفع رأسه إليه فقال: تمضي فقدتم حجها (2).
بحملها على الاستنابة، لعدم قائل بعدمها، وعدم وجوب المباشرة.
ويعضده الخبر المعلل الوارد في المريض هذا ما غلب الله تعالى عليه
فلا بأس أن يؤخر الطواف يوما أو يومين، فإن خلته العلة عاد فطاف
أسبوعا، وإن طالت علته أمر من يطوف عنه أسبوعا (3)، الخبر.
وليس في سنده سوى سهل، وضعفه - كما قيل -: سهل (4).
(ولو حمل إنسانا فطاف به احتسب لكل منهما (5) طوافه) لو نويا
كما عن النهاية (6) والمبسوط (7) والوسيلة (8) وفي الشرائع (9) وغيرها (10)
أما عن المحمول فبالاتفاق كما في الايضاح (11)، وللصحيح في المرأة

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 130.
(2) وسئل الشيعة: ب 84 من أبواب الطواف ح 13 ج 9 ص 500.
(3) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 453.
(4) لم نعثر على قائله.
(5) في المتن المطبوع والشرح الصغير: لكل واحد منهما.
(6) النهاية: كتاب الحج باب دخول مكة والطواف بالبيت ص 240.
(7) أثبتنا هذه الكلمة من جميع المخطوطات.
(8) الوسيلة: كتاب الحج في بيان دخول مكة والطواف ص 174.
(9) شرائع الاسلام: كتاب الحج القول في النيابة ج 1 ص 233.
(10) المعتبر: كتاب الحج القول في النيابة ج 2 ص 772.
(11) إيضاح الفوائد: كتاب الحج في شرائط النيابة ج 1 ص 278.
109

تطوف بالصبي وتسعى به هل يجزئ ذلك عنها وعن الصبي؟ قال: نعم (1).
وأما عن الحامل فله وللصحاح الأخر، الواردة في الطائف بزوجته حول
البيت وهي مريضة محتسبا بذلك لنفسه، وفيها هل يجزئني؟ فقال:
نعم (2).
ولانتفاء المانع، فإنهما شخصان متخالفان ينوي كل بحركة طوافه.
ولا يفتقر المحمول إلى نية الحامل طوافه وإن لم يكن المتحرك حقيقة
وبالذات إلا الحامل كراكب البهيمة.
ولا فرق في إطلاق النصوص ونحو العبارة بين ما لو كان الحمل تبرعا أو
بأجرة.
خلافا للإسكافي (3) وجماعة (4) فمنعوا عن الاحتساب في الثاني قالوا:
لأن هذه الحركة مستحقة عليه لغيره، فلا يجوز له صرفها إلى نفسه، كما إذا
استؤجر للحج.
وفي المختلف التحقيق: أنه إن استؤجر للحمل في الطواف أجزأ عنهما،
وإن استؤجر للطواف لم يجز عن الحامل (5).
قيل: والفرق ظاهر، لأنه على الثاني كالاستئجار للحج، ولكن الظاهر
انحصاره في الطواف بالصبي أو المغمى عليه، فإن الطواف بغيرهما إنما هو

(1) وسائل الشيعة: ب 50 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 460 والتهذيب: في الطواف ح 83 ج 5
ص 125.
(2) وسائل الشيعة: ب 50 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 460.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الطواف ص 288.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الطواف ص 289، ومسالك الأفهام: كتاب الحج في أحكام
النيابة ج 1 ص 97 س 20 ومدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 131.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 289 س 4.
110

بمعنى الحمل، نعم إن استأجره غيرها للحمل في غير طوافه لم يجز
الاحتساب (1).
(ولو حج عن ميت تبرعا) جاز (وبرئ الميت) إذا كان الحج
عليه واجبا إجماعا (2)، كما في صريح عبارة جماعة وظاهر آخرين (3)،
وللصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.
أجودها دلالة في الواجب الموثق: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -:
إنسان هلك ولم يحج ولم يوص بالحج فأحج عنه بعض أهله رجلا أو امرأة
هل يجزئ ذلك ويكون قضاء عنه ويكون الحج لمن حج ويؤجر من أحج
عنه؟ فقال: إن كان الحاج غير صرورة أجزأ عنهما جميعا، وأجزأ الذي
أحجه (4).
والخبر: قلت له - عليه السلام - بلغني عنك أنك قلت: لو أن رجلا مات
ولم يحج حجة الاسلام فأحج عنه بعض أهله أجزأ ذلك عنه فقال: أشهد
على أبي أنه حدثني عن رسول الله - صلى الله عليه وآله - أنه أتاه رجل فقال:
يا رسول الله أن أبي مات ولم يحج حجة الاسلام، فقال: حج عنه، فإن
ذلك يجزئ عنه (5).

(1) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في أحكام النائب ج 1 ص 301 س 1.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في النيابة ج 1 ص 310 س 35 وكشف اللثام: ج 1 ص 301
س 33.
(3) السرائر: كتاب الحج في أحكام الاستئجار ج 1 ص 629، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في
النيابة ج 7 ص 131، ومفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 334 في النائب ج 1 ص 301.
(4) وسائل الشيعة: ب 28 من أبواب وجوب الحج ح 8 ج 8 ص 50 وفي ب 8 من أبواب النيابة ح 3
ص 124.
(5) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب وجوب الحج ح 2 ج 8 ص 54.
111

ويلحق الحي بالميت إذا كان الحج تطوعا اجماعا على الظاهر المصرح به
في عبائر (1) وللنصوص المستفيضة القريبة من التواتر، بل لعلها متواترة.
ففي الصحيح: أن أبي قد حج ووالدتي قد حجت وأن أخوي قد حجا
وقد أردت أن أدخلهم في حجتي كأني قد أحببت أن يكونوا معي، فقال:
اجعلهم معك فإن الله عز وجل جاعل لهم حجا ولك حجا ولك أجرا
بصلتك إياهم (2).
وفي إلحاقه به في الحج الواجب مع العذر المسوغ للاستنابة وجهان، أما
مع عدمه فلا يلحق به قطعا، فإن الواجب على المستطيع إيقاع الحج
مباشرة، فلا يجوز فيه الاستنابة إلا ما قام عليه الأدلة، وليس منه مفروض
المسألة.
(ويلزم (3) الأجير كفارة جنايته) في إحرامه (في ماله) لأنها
عقوبة جناية صدرت عنه أو ضمان في مقابلة اتلاف وقع منه، وعن الغنية
الاجماع عليه (4)، وفي غيرها لا نعرف فيه خلافا (5).
(ويستحب) للنائب (أن يذكر المنوب عنه) باسمه (في
المواطن) وعند كل فعل من أفعال الحج والعمرة بلا خلاف، كما في
المنتهى (6) وغيره (7).

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 132، والحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14
ص 289.
(2) وسائل الشيعة: ب 28 من أبواب النيابة ح 6 ج 8 ص 143.
(3) في المتن المطبوع: (ويضمن) بدل (ويلزم).
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 521 س 3.
(5) كشف اللثام: كتاب الحج في أحكام النائب ج 1 ص 301 س 3.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 863 س 12.
(7) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 336 في أحكام النائب ج 1
112

للصحيح: ما يجب على الذي يحج عن الرجل، قال: يسميه في المواطن
والمواقف (1).
وليس بواجب وإن أوهمه، للاتفاق، كما قيل (2).
وللصحيح: عن الرجل يحج عن الرجل يسميه باسمه، قال: إن الله
لا يخفى عليه خافية (3).
وفي رواية إن شاء فعل، وإن شاء لم يفعل الله تعالى يعلم أنه قد حج
عنه، ولكن يذكره عند الأضحية (4).
وفي الصحيح: هل يتكلم بشئ؟ قال: نعم يقول بعد ما يحرم اللهم ما
أصابني في سفري هذا من تعب أو شدة أو بلاء أو شعث فآجر فلانا فيه
وآجرني في قضائي عنه (5).
(وأن يعيد فاضل الأجرة لم) بعد الحج على المشهور كما قيل (6). قيل:
ليكون قصده بالحج القربة لا الأجرة (7).
وربما يفهم من بعض المعتبرة في الجملة.
وفيه: أعطيت الرجل دراهم يحج بها عني ففضل منها شئ فلم يرده
علي، فقال: هو له لعله ضيق على نفسه في النفقة لحاجته إلى النفقة (8).
وعن المقنعة وقد جاءت رواية أنه إن فضل مما أخذه فإنه يرده إن

(1) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب النيابة ح 1 ج 8 ص 131.
(2) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في النائب ج 1 ص 298 س 8.
(3) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب النيابة ح 5 ج 8 ص 132.
(4) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب النيابة ح 4 ج 8 ص 132.
(5) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب النيابة ح 3 ج 8 ص 132.
(6) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 139.
(7) المعتبر: كتاب الحج القول في النيابة ج 2 ص 773.
(8) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب النيابة ح 1 ج 8 ص 126.
113

كانت نفقته واسعة وإن كان قتر على نفسه لم يرده، قال: والعمل على
الأول وهو أفقه (1).
ولعله أراد بالرواية ما عرفته، ولكن دلالتها على ذلك ضعيفة، ومع
ذلك فترده، مضافا إلى الأصول المعتبرة.
منها الموثق: عن الرجل يأخذ الدراهم يحج بها هل يجوز أن ينفق منها في
غير الحج قال إذا ضمن الحجة فالدراهم له يصنع بها ما أحب وعليه
حجة (2).
(وأن يتم) (3) بصيغة المجهول والفاعل المستنيب (له) أي للنائب
إما أعوزه، كما عن النهاية (4) والمبسوط (5) والمنتهى (6) وغيرها (7)، لكونه
بر أو مساعدة على الخير والتقوى.
(وأن يعيد المخالف حجته إذا استبصر ولو كانت مجزئة) (8) كما
مر.
(ويكره أن تنوب المرأة الصرورة) عن الرجل، بل مطلقا، للنهي
عن استنابتها، ولذا قيل: بالتحريم (9)، وهو ضعيف، لما مضى مفصلا.

(1) المقنعة: كتاب الحج في الزيادات ص 442.
(2) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب النيابة ح 3 ج 8 ص 127.
(3) في المتن المطبوع: وأن يتم.
(4) النهاية: كتاب الحج باب من حج عن غيره ص 279.
(5) المبسوط: كتاب الحج في الاستئجار ج 1 ص 322.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في النيابة ج 2 ص 869 س 9.
(7) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 139.
(8) في المتن المطبوع والشرح الصغير: وأن يعيد المخالف حجه إذا استبصر وإن كانت مجزئة.
(9) النهاية: كتاب الحج باب من حج عن غيره ص 280 والمهذب: كتاب الحج باب ما يتعلق بمن
حج عن غيره ج 1 ص 269.
114

وهنا (مسائل) خمس:
(الأولى: من أوصى بحجة ولم يعين) الأجرة (انصرف) ذلك
(إلى أجرة المثل) لأن الواجب العمل بالوصية مع الاحتياط للوارث،
فيكون ما جرت به العادة كالمنطوق، وهو المراد من أجرة المثل ولو وجد من
يأخذ بأقل من المثل اتفاقا، مع استجماعه لشرائط النيابة وجب الاقتصار
عليه احتياطا للوارث.
والظاهر أنه لا يجب تكلف تحصيله، كما صرح به شيخنا الشهيد
الثاني (1). ويعتبر ذلك من البلد، أو الميقات على الخلاف.
(الثانية: إذا أوصى (2) أن يحج عنه، ندبا) ولم يعين (العدد
(فإن عرف التكرار) منه (حج عنه حتى يستوفي ثلثه) إذا علم إرادة
التكرار على هذا الوجه.
(وإلا) فبحسب ما علم منه، وألا يعلم منه التكرار مطلقا (اقتصر
على المرة) الواحدة بلا خلاف في شئ من ذلك أجده، إلا في الأخير
فظاهر التهذيب (3) فيه التكرار هنا أيضا، كما عن جماعة (4)، للخبرين (5).
وضعف سندهما مع مخالفتهما الأصل يمنع عن العمل بهما، ولذا حملهما
متأخرو الأصحاب (6) على صورة ظهور قصد التكرار، ولا بأس به، وما

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أحكام النيابة ج 1 ص 98 س 29.
(2) في المتن المطبوع والشرح الصغير: لو أوصى.
(3) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في الزيادات ج 5 ص 408
(4) الحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 299.
(5) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب النيابة ح 1 و 2 ج 8 ص 120.
(6) المعتبر: كتاب الحج مسائل ج 2 ص 773، ومنتهى المطلب: كتاب الحج في النيابة ج 2 ص 874
س 9.
115

اختاروه خيرة الحلي (1).
(الثالثة: لو أوصى أن يحج عنه) في (كل سنة بمال معين)
مفصلا كعشرين دينارا، أو مجملا كغلة بستان (فقصر) ما لكل سنة عن
حجتها (جمع) ما يزيد على المعين في السنة مطلقا (ما يمكن به
الاستئجار) الحجة فصاعدا (ولو كان) ما جمع (نصيب أكثر من
سنة) فيما قطع به الأصحاب، على الظاهر المصرح به في كلام جماعة حد
الاستفاضة (2)، للمكاتبين (3)، المنجبر ضعفهما، لعدم وضوح وثاقة الراوي،
وإن صرح بها بعضهم ويشهد له بعض القرائن بعمل الأصحاب كافة.
مضافا إلى التأيد بما ذكره جماعة (4) من الاعتبار، وهو خروج الاقدار
عن الميراث ووجوب صرفها في الحج بالوصية، ووجوب العمل بها بقدر
الامكان، وكان الوصية وصية بأمرين الحج وصرف القدر المخصوص فيه،
فإذا تعذر الثاني لم يسقط الأول.
ومرجعه إلى قاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور المأثورة في المعتبرة، ولولاها
لكان هذا الاعتبار محل مناقشة، وفاقا لبعض متأخري الطائفة (5).
(الرابعة: لو حصل بيد إنسان مال) وديعة (لميت، وعليه) أي
على ذلك الميت (حجة) الاسلام (مستقرة) في ذمته (وعلم) ذلك

(1) السرائر: كتاب الحج في الزيادات ج 1 ص 650.
(2) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 774، ومنتهى المطلب: كتاب الحج في النيابة ج 2 ص 874
س 10، ومجمع الفائدة: كتاب الحج ج 6 ص 150.
(3) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب النيابة ح 1 و 2 ج 8 ص 119. ((4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 144، والحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14
ص 297.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 144.
116

الانسان أو ظن (أن الوارث) (1) إذا علموا بالمال (لا يؤدون) عنه
الحجة (جاز) له (أن يقطع) (2) من ذلك المال (قدر أجرة) المثل
لذلك (الحج) الواجب عليه بعد استئذان الحاكم وعدم خوف ضرر
بلا خلاف.
للصحيح: عن رجل استودعه مالا فهلك وليس لولده شئ ولم يحج
حجة الاسلام، قال: حج عنه، وما فضل فاعطهم (3).
قيل: ولخروج هذا المقدار من الميراث فلا يجب تسليمه الوارث (4).
وهذا الدليل يعم الحكم لغير حجة الاسلام، كما في إطلاق المتن
وغيره، بل غير الحج من الحقوق المالية، كالديون والزكاة وغيرها، كما
قيل (5).
والمراد بالجواز ومرادفه في العبارة وغيرها الأعم الجامع للوجوب، كما
صرح به آخرون (6).
للأمر بذلك في الصحيح، وتضمن خلافه تضييع حق واجب على
الميت، وتضييع حق المستحق للمال، ولانحصار حق المستحق لذلك القدر
من المال فيما بيده مع العلم بتقصير الوارث، فيجب تسليمه إليه دون غيره،

(1) في المتن المطبوع: أن الورثة.
(2) في المتن المطبوع والشرح الصغير: أن يقتطع.
(3) وسائل الشيعة: كتاب الحج ب 13 من أبواب النيابة ج 8 128.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 146.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أحكام النيابة ج 1 ص 99 س 38
(6) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أحكام النيابة ج 1 ص 99 س 22، والتنقيح الرائع: كتاب
الحج في النيابة ج 1 ص 433.
117

ويضمن إن خالف وامتنع الوارث، كما قيل (1).
وإنما قيدوا الصحيح بعلم منع الوارث أو ظنه مع عمومه لهما ولغيرهما،
لعدم انحصار حق غير الوارث فيه بدونه، لجواز أداء الوارث له من غيره
فلا يجب عليه الأداء، ومساواة الوارث صاحب الحق في التعلق بما عنده
فلا يجوز له الأداء منه بدون إذنه.
وربما يومئ إليه قوله: (وليس لولده شئ).
وإنما اشترط استئذان الحاكم وما بعده وفاقا للتذكرة (2)، قصرا لما
خالف الأصل على المتفق عليه فتوى ورواية.
وما قيل:. من أنها مطلقة (3)، فمضعف بتضمنها أمر الإمام - عليه السلام -
للراوي بالحج عمن له عنده الوديعة، وهو إذن وزيادة كذا قيل (4).
ولعله لا يخلو عن مناقشة.
ولا ريب أن الاستئذان من الحاكم مهما أمكن أحوط وأولى.
ومقتضى النص حج الودعي بنفسه.
وجوز له الأصحاب الاستئجار عنه. قيل: وربما كان أولى (5)، خصوصا
إذا كان الأجير أنسب لذلك من الودعي.
ولا بأس به، سيما مع إمكان دعوى تنقيح المناط القطعي.
وبه يمكن إلحاق غير الوديعة من الحقوق المالية، حتى الغصب والدين
بها وإن كانت مورد النص خاصا، وفاقا للمتن وغيره.

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في النيابة ج 1 ص 99 س 22، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في
النيابة ج 7 ص 146.
(2) تذكرة الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 1 ص 308 س 39.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أحكام النيابة ج 1 ص 99 س س 16.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 146.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في النيابة ج 7 ص 146.
118

خلافا لجماعة، فجمدوا على الوديعة (1).
(الخامسة: من مات وعليه حجة الاسلام وأخرى منذورة
أخرجت حجة الاسلام من الأصل) بلا خلاف.
(والمنذورة من الثلث) وفاقا للإسكافي (2) والصدوق (3) والنهاية (4)
والتهذيب (5) والمبسوط (6) والمعتبر (7) والجامع (8)، للصحاح.
منها: عن رجل عليه حجة الاسلام نذر نذرا في شكر ليحجن رجلا إلى
مكة فمات الذي نذر قبل أن يحج حجة الاسلام ومن قبل أن يفي بنذره
الذي نذر، قال: إن ترك ما لا يحج عنه حجة الاسلام من جميع المال،
وأخرج من ثلثه ما يحج به رجلا لنذره وقد وفى بالنذر وإن لم يكن ترك
ما لا إلا بقدر ما يحج به حجة الاسلام حج عنه بما ترك، ويحج عنه وليه
حجة النذر، إنما هو مثل دين عليه (9). ونحوه الباقي (10).
ويضعف بأن موردها من نذر أن يحج رجلا، أي يبذل له ما يحج به،
وهو خلاف نذر الحج الذي كلامنا فيه.
وما يقال: من أن الاستدلال بها إنما هو بفحواها، بناء على أن إحجاج

(1) مجمع الفائدة: كتاب الحج في شرائط النائب ج 6 ص 152.
(2) كما في مختلف الشيعة: كتاب الحج ص 321 س 36.
(3) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج ج 2 ص 428.
(4) النهاية: كتاب الحج باب آخر من فقه الحج ص 283 و 284.
(5) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في الزيادات ح 59 ج 5 ص 456.
(6) المبسوط: كتاب الحج في شرائط الوجوب ج 1 ص 306.
(7) المعتبر: كتاب الحج مسائل ج 2 ص 774.
(8) الجامع للشرائع: كتاب الحج في وجوب الحج ص 176.
(9) وسائل الشيعة: ب 29 من أبواب وجوب الحج ح 1 ج 8 ص 51.
(10) وسائل الشيعة: ب 29 من أبواب وجوب الحج ح 2 و 3 ج 8 52.
119

الغير الذي هو موردها ليس إلا بذل المال لحجه، فهو دين مالي محض
بلا شبهة، وبه وقع التصريح في الرواية، فإذا لم يجب إلا من الثلث فحج
نفسه أولى. فحسن إن كان حكم الأصل مسلما وعن المعارض سالما.
وليس كذلك، إذ لم أر بحكم الأصل مفتيا، وأرى ما دل على وجوب
اخراج الحق المالي المحض من الأصل له معارضا.
ولعله لذا أعرض عنها متأخرو الأصحاب، ونزلوها (1) تارة على وقوع
النذر في مرض الموت كما في المختلف (2)، وأخرى على وقوعه التزاما بغير
صيغة، كما في غيره (3)، وثالثة على ما إذا قصد الناذر تنفيذ الحج المنذور
بنفسه فلم يتفق له بالموت فلا يتعلق بماله حج واجب بالنذر، ويكون الأمر
بإخراج الحج المنذور واردا على الاستحباب للوارث، وكونه من الثلث رعاية
لجانبه، كما في المنتقى (4).
(وفيه) أي وفي المقام (وجه آخر) وهو خروج المنذور من الأصل
كحجة الاسلام اختاره الحلي (5) وأكثر المتأخرين (6).
ووجهه غير واضح، عدا توهم أنه دين كحجة الاسلام.
وفيه: منع ظاهر، فإن الحج ليس واجبا ماليا، بل هو بدني وإن توقف
على المال مع الحاجة إليه، كما يتوقف الصلاة عليه كذلك.

(1) في (مش) و (خ ل المطبوع): أولوها.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج ص 321 و 322 س 1.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أحكام النيابة ج 1 ص 99 س 40.
(4) منتقى الجمان: كتاب الحج في الوصية ج 3 ص 75.
(5) السرائر: كتاب الحج في الزيادات ج 1 ص 649.
(6) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 434، والمهذب البارع: كتاب الحج القول في النيابة ج 2
ص 142، والروضة البهية: كتاب الحج في حج الأسباب ج 2 ص 250.
120

وإنما وجب قضاء حجة الاسلام بالنصوص الصحيحة والاجماع.
وإلحاق النذر به من غير دليل قياس.
هذا، ولولا اتفاق القولين على وجوب القضاء من الثلث أو الأصل
- بحيث كاد أن يكون إجماعا - لكان الحكم به من أصله مشكلا؟ للأصل.
وعدم اقتضاء النذر سوى وجوب الأداء والقضاء عنه يحتاج إلى أمر جديد.
(المقدمة الثالثة)
(في) بيان (أنواع الحج)
(وهي ثلاثة): بإجماع العلماء كما في كلام جماعة (1)، والنصوص (2)
المستفيضة (تمتع، وقران، وافراد).
فالتمتع) وهو أفضلها بالنص (3) والاجماع (4)، والصحاح به مستفيضة.
و (هو الذي يقدم عمرته أمام حجه ناويا بها التمتع ثم ينشئ
إحراما (5) بالحج من مكة) وترتبط به وتجزئ عن العمرة المفروضة، كما
في النصوص (6).
وتسمى العمرة المتمتع بها إلى الحج، وما سواها تسمى بالعمرة المفردة،
لافرادها عنه.

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في أصناف الحج ج 2 ص 659 س 20، ومدارك الأحكام: كتاب
الحج في أقسام الحج ج 7 ص 155، كشف اللثام: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 277.
وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب أقسام الحج ج 8 ص 148.
(3) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب أقسام الحج ج 8 ص 176.
(4) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 783.
(5) في المتن المطبوع والشرح الصغير: إحراما آخر.
(6) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب أقسام الحج ح 6 و 18، و ب 5 ح 15 ج 8 ص 178 و 180 و 185.
121

وأصل التمتع التلذذ، وسمي هذا النوع به لما يتخلل بين عمرته وحجه
من التحلل، الموجب لجواز الانتفاع والتلذذ بما كان قد حرمه الاحرام مع
ارتباط عمرته بحجه، حتى إنهما كالشئ الواحد شرعا، فإذا حصل بينهما
ذلك فكأنه حصل في الحج.
(وهذا فرض من ليس) من (حاضري مكة) بل كان نائيا
عنها، بإجماعنا الظاهر المصرح به في الانتصار (1) والخلاف (2) والغنية (3)
والمنتهى (4) والتذكرة (5)، وظاهر المعتبر (6) كما نقل، وأخبارنا المستفيضة
القريبة من التواتر (7).
(وحده من بعد عنها) أي عن مكة شرفها الله تعالى (بثمانية
وأربعين ميلا من كل جانب) وفاقا للمحكي عن القمي في
تفسيره، وللشيخ في النهاية (9)، والصدوقين (10)،
والماتن هنا وفي المعتبر (11)، والفاضل في المختلف

(1) الإنتصار: كتاب الحج في الاحرام ص 93.
(2) الخلاف: كتاب الحج م 43 ج 2 ص 272.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 511 ص 27.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 659 س 36.
(5) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 317 س 38.
(6) المعتبر: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 783
(7) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب أقسام الحج ج 8 ص 171
(8) تفسير القمي: كيفية الحج ج 1 ص 69.
(9) النهاية: كتاب الحج باب أنواع الحج ص 206.
(10) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 18، ومن لا يحضره الفقيه: كتاب الحج باب وجوه الحاج
ذيل الحديث 2545 ج 2 ص 312، ونقل عنهما في المختلف: كتاب الحج ص 260.
(11) المعتبر: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 784.
(12) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أنواع الحج ص 260 س 6.
122

والتذكرة (1) والمنتهى (2) والتحرير (3)، والشهيدين في المسالك (4) والدروس (5)
واللمعتين (6)، وغيرهم من المتأخرين (7)، للمعتبرة المستفيضة.
ففي الصحيح: كل من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق
وعسفان كما يدور حول مكة، فهو ممن دخل في هذه الآية، وكل من
كان أهله وراء ذلك فعليهم المتعة (8).
وفي خبر آخر: ثمانية وأربعون ميلا من جميع نواحي مكة من دون
عسفان ودون ذات عرق (9).
وفي الصحيح: ليس لأهل مكة، ولا لأهل مرو، ولا لأهل سرف
متعة (10). ونحوه غيره (11).
قال الماتن: إن هذه المواضع أكثر من اثني عشر ميلا.
وفي الصحيح: في حاضري المسجد الحرام، قال: دون الأوقات إلى
مكة (12). ونحوه غيره (13).

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 317 س 41.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 661.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أنواع الحج ص 93 س 27.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أقسام الحج ج 1 ص 101 س 36.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج في أقسام الحج ص 91.
(6) الروضة البهية: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 204.
(7) المهذب البارع: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 145، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في
أقسام الحج ج 7 ص 160.
(8) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 3 ج 8 ص 187.
(9) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 7 ج 8 ص 187.
(10) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 6 ج 8 ص 187.
(11) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 12 ج 8 ص 188.
(12) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 5 و 4 ج 8 ص 87. وفيه: ما دون.
(13) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 5 و 4 ج 8 ص 87. وفيه: ما دون.
123

وقد ذكر العلامة فيما حكي عنه في موضع من التذكرة إن أقرب
المواقيت ذات عرق، وهي مرحلتان من مكة (1)، وفي موضع آخر إن قرن
المنازل ويلملم والعقيق على مسافة واحدة بينها وبين مكة ليلتان
قاصدتان (2).
(وقيل): من بعد عنها ب‍ (اثني عشر ميلا فصاعدا من كل
جانب) القائل بذلك الشيخ في المبسوط (3) والاقتصاد (4) والتبيان (5)،
والحلي في السرائر (6)، والفاضلان في الشرائع (7) والارشاد (8)
والقواعد (9)، وعزي إلى مجمع البيان (10) وفقه القرآن (11) وروض
الجنان (12) والجمل والعقود (13) والغنية (14) والكافي (1) والوسيلة (16)

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج قي المواقيت ج 1 ص 322 س 8 نقلا عن بعض الجمهور.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 320 س 27.
(3) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 356.
(4) الاقتصاد: كتاب الحج في ذكر أقسام الحج ص 298.
(5) التبيان: ج 2 ص 161.
(6) السرائر: كتاب الحج في أقسام الحج ج 1 ص 519.
(7) شرائع الاسلام: كتاب الحج في أقسام الحج ج 1 ص 237.
(8) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في أنواعه ج 1 ص 309.
(9) قواعد الأحكام: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 72 س 12.
(10) مجمع البيان: ج 1 - 2 291.
(11) فقه القرآن: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 266.
(12) روض الجنان: كتاب الحج منه غير موجود، بل غير مطبوع، ووجدته في كشف اللثام: كتاب
الحج في أنواع الحج ج 1 ص 377 س 34.
(13) الجمل والعقود: كتاب الحج في ذكر أقسام الحج ص 129.
(14) الغنية: (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في أقسامه ص ص 511 س 27.
(15) الفروع: كتاب الحج ب حج المجاورين ح 3 ج 4 ص 300.
(16) الوسيلة: كتاب الحج ص 157.
124

والجامع (1) والاصباح (2) والإشارة (3).
وحجتهم غير واضحة، عدا ما قيل: من نص الآية على أنه فرض من لم
يكن حاضري المسجد الحرام، ومقابل الحاضر هو المسافر، وحد المسافر
أربعة فراسخ (4).
وفيه نظر واضح، سيما بعد ما مر من النص الصحيح الواضح، المؤيد
بغيره، وتوزيع الثمانية والأربعين ميلا الواردة فيه على الأربع جوانب،
فيوافق هذا القول، كما يظهر من الحلي (5) وغيره (6).
فمع شدة مخالفته الظاهرة لا يلائم ما تضمن منها عسفان، فإنها من مكة
على مرحلتين، كما في القاموس (7) وفي غيره.
فإذا ما اختاره الماتن هنا أقوى.
وأما ما في الصحيح من التحديد بثمانية عشرة من كل جانب (8)،
فشاذ، على الظاهر المصرح به في بعض العبائر (9).
وربما يحمل على التخيير (10)، وهو ضعيف.

(1) الجامع للشرائع: كتاب الحج في أنواع الحج ص 177.
(2) الاصباح: لا يوجد لدينا هذا الكتاب، ووجدته في كشف اللثام: كتاب الحج في أنواع الحج
ج 1 ص 277 34.
(3) إشارة السبق: (الجوامع الفقهية) كتاب الحج في ركن الحج ص 128 س 1.
(4) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 277 س 35.
(5) السرائر: كتاب الحج في أقسام الحج ج 1 ص 519.
(6) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 306.
(7) القاموس المحيط: ج 3 ص 175.
(8) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب أقسام الحج ح 15 ج 8 ص 188.
(9) المعتبر: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 785.
(10) مدارك الأحكام: كتاب الحج في حج التمتع ج 7 ص 163.
125

(ولا يجوز لهؤلاء العدول عن التمتع إلى الافراد والقران إلا مع
الضرورة).
أما الأول: فلما مر من أن فرضهم التمتع، فلا يجزئهم غيره، لاخلالهم
بما فرض عليهم.
وأما الثاني: فلما يأتي فيمن دخل مكة بمتعة وخشي ضيق الوقت،
والحائض والنفساء لو منعهما عذرهما عن التحلل، وإنشاء الاحرام بالحج من
جواز نقلهم إلى الافراد (1).
(وشروطه) أي التمتع (أربعة: النية) بلا خلاف ولا إشكال إن
أريد به الخلوص والقربة، كما في كل عبادة.
أو نية كل من العمرة والحج وكل من أفعالهما المتفرقة من الاحرام
والطواف والسعي ونحوها، كما يأتي تفصيلها في مواضعها إن شاء الله تعالى
كما قيل (2).
أو نية الاحرام خاصة، كما في الدروس (3)، إلا أنه حينئذ كالمستغني
عنه، فإنه من جملة الافعال، وكما يجب النية له كذا يجب لغيره.
ويشكل لو أريد بها نية المجموع جملة غير ما لكل، كما استظهر في
المسالك عن الأصحاب (4)، لعدم دليل على شرطيتها ووجوبها بهذا المعنى،
والأخبار خالية عن ذلك كله.
ويمكن أن يراد بها نية خصوص التمتع حين الاحرام.
وفي وجوبها بين الأصحاب اختلاف.

(1) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج ج 8 ص 214.
(2) الظاهر أن القائل هو المحقق في المعتبر: كتاب الحج في التمتع ج 2 ص 781.
(3) الدروس الشرعية: كتاب الحج في شروط التمتع ص 94.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في التمتع ج 1 ص 100 س 19.
126

فالشيخ في المبسوط على أنها أفضل، وإن فاتت جاز تجديدها إلى وقت
التحلل (1).
وفي المختلف أنه مشكل، لأن الواجب عليه تعيين أحد النسكين وإنما
يتميز عن الآخر بالنية. وأجاب عن قضية إهلال علي - عليه السلام - بما
أهل به النبي - صلى الله عليه وآله - بالمنع عن كونه - عليه السلام - لم يعلم
بإهلاله - صلى الله عليه وآله - (2).
أقول: ومرجعه إلى أنه قضية في واقعة، فلا عموم لها.
فإذا الوجوب أقوى.
(ووقوعه في أشهر الحج) بالكتاب (3) والسنة (4) والاجماع (5) (وهي
شوال وذو القعدة وذو الحجة) وفاقا للإسكافي (6) والصدوق (7) والشيخ في
النهاية (8) وعليه المتأخرون كافة، لظاهر الكتاب، بناء على أن أقل الجمع
ثلاثة والشهر حقيقة في المجموع والجملة، والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة.
ففي الصحيح: إن الله تعالى يقول: (الحج أشهر معلومات فمن فرض
فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) وهي شوال وذو القعدة

(1) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 307.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في كيفة الاحرام ص 264 س 34.
(3) البقرة: 197.
(4) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب أقسام الحج ج 8 ص 195.
(5) مجمع الفائدة: كتاب الحج في شرائط حج التمتع ج 6 ص 157، ومدارك الأحكام: كتاب الحج
في حج التمتع ج 7 ص 168.
(6) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أنواع الحج ص 260 س 15.
(7) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج في أشهر الحج ج 2 ص 457 ح 2959.
(8) النهاية: كتاب الحج باب أنواع الحج ص 207.
127

وذو الحجة (1).
(وقيل): هو الشهران الأولان (وعشرة من ذي الحجة) والقائل
المرتضى (2) والعماني (3) والديلمي (4).
قيل: لأن أفعال الحج تنتهي بانتهاء العاشر وإن رخص في تأخير بعضها
وخروج ما بعده من الرمي والمبيت عنها، ولذا لا يفسد بالاخلال بها،
وللخبر عن أبي جعفر - عليه السلام - كما في التبيان وروض الجنان،
وظاهرهما اتفاقنا عليه (5).
أقول: وروى الكليني عن علي بن إبراهيم باسناده قال: أشهر الحج
شوال وذو القعدة وعشر من ذي الحجة (6).
وفيه قطع، وفي الأول إرسال، وفي نقل الاجماع على تقدير وضوحه
وهن. وفي الجميع مع ذلك - عن المقاومة لما مر - قصور.
(وقيل): بدل العشرة (تسعة) والقائل الشيخ في الاقتصاد (7)
والجمل والعقود (8) والقاضي في المهذب (9) فيما حكي. قيل: لأن اختياري

(1) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب أقسام الحج ح 1 ج 8 ص 196.
(2) الإنتصار: كتاب الحج في الاحرام ص 92.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: كتاب الحج في بيان أشهر الحج ص 260 س 17.
(4) المراسم: كتاب الحج ص 104.
(5) والقائل هو الفاضل الهندي في كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط حج التمتع ج 1 ص 280
س 33.
(6) الكافي: كتاب الحج باب أشهر الحج ح 3 ج 4 ص 290.
(7) الاقتصاد: كتاب الحج فصل في الاحرام ص 300.
(8) الجمل والعقود: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 131.
(9) المهذب: كتاب الحج باب الزمان الذي يصح الاحرام فيه ج 1 ص 213.
128

الوقوف بعرفات في التاسع (1).
وهنا أقوال أخر لا ثمرة بينها وبين غيرها يظهر - بعد الاتفاق الظاهر
المحكي في عبائر - على أن الاحرام بالحج لا يتأتى بعد عاشر ذي الحجة،
وكذا عمرة التمتع، وعلى إجزاء الهدي وبدله طول ذي الحجة وأفعال أيام
منى ولياليها.
فيكون النزاع لفظيا، كما اعترف به جماعة من المتأخرين (2)، بل
عامتهم كما في ظاهر المسالك (3).
نعم فيه وقد يظهر فائدة الخلاف فيما لو نذر الصدقة أو غيرها من
العبادات في الأشهر المعلومات أو في أشهر الحج، فإن جواز تأخيره إلى ما
بعد التاسع يبني على الخلاف (4).
وإلى لفظية النزاع يشير قول الماتن: (وحاصل الخلاف) ومحصله
الذي يجتمع عليه الأقوال (انشاء الحج) يجب أن يكون (في الزمان
الذي يعلم إدراك المناسك فيه، وما زاد) على ذلك الزمان (يصح
أن يقع فيه بعض أفعال الحج كالطواف والسعي والذبح) والأمران
مجمع عليهما، كما مضى.
(وأن يأتي بالعمرة والحج في عام واحد) بلا خلاف بين العلماء كما
في المدارك (5) وفي غيره بلا خلاف (6)، وعن التذكرة الاتفاق

(1) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط حج التمتع ج 1 ص 280 س 38.
(2) المهذب البارع: كتاب الحج في شروط التمتع ج 2 ص 148 ومجمع الفائدة: كتاب الحج في شرائط
حج التمتع ج 6 ص 158 وكشف اللثام: كتاب الحج في شرائط حج التمتع ج 1 ص 280 س 40.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أقسام الحج ج 1 ص 100 س 24.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أقسام الحج ج 1 ص 100 س 29.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط حج التمتع ج 7 ص 168.
(6) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 339 في حج التمتع ج 1 ص 306.
129

عليه (1)
وهو الحجة المعتضدة بالأخبار الدالة على دخول العمرة في الحج إلى يوم
القيامة والناصة على ارتباط عمرة التمتع بحجه، وأنه لا يجوز له الخروج من
مكة حتى يقضي حجه (2).
وإنما جعلت معاضدة لا حجة مستقلة، بناء على عدم وضوح دلالتها على
اعتبار كونهما في سنة، كما هو المفروض في نحو العبارة، فإن ما دلت عليه
إنما هو ارتباط أحدهما بالآخر، ووجوب وقوعهما في أشهر الحج. لكن كونه
من سنة واحدة لم يظهر منها.
وعليه، فيتوجه ما ذكره الشهيد - رحمه الله - من أنه لو بقي على إحرامه
بالعمرة من غير إتمام الأفعال إلى القابل احتمل الاجزاء (3).
اللهم إلا أن يقال: إن المتبادر منها اتحاد السنة، سيما مع ندرة بقاء
إحرام العمرة إلى السنة المستقبلة.
ويمكن أن يقال: إن غاية التبادر تشخيص المورد لا اشتراطه،
بحيث يستفاد منه نفي الحكم عما عداه، كما هو المطلوب.
وبالجملة: فاثبات الاشتراط بالروايات مشكل فما ذكره من الاجزاء
محتمل، إلا أن يدفع بقاعدة توقيفية العبادة، وتوقف صحتها على دلالة،
وهي في المقام مفقودة، لأن غاية الأدلة الاطلاق.
وفي انصرافه إلى محل الفرض لما عرفت إشكال. فتأمل.
وكيف كان: فلا ريب في أن الاتيان بهما في سنة واحدة أحوط.

(1) لم نعثر عليه في التذكرة، ووجدته في كشف اللثام: كتاب الحج في التمتع ج 1 ص 281 س 3
نقلا عنه.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 4 و 27 و 33 ج 8 ص 150 و 165 و 168.
(3) الدروس الشرعية: كتاب الحج في شروط التمتع ص 94.
130

(وأن يحرم بالحج له) أي للتمتع (من) بطن (مكة) شرفها الله
سبحانه بإجماع العلماء كافة كما في المدارك وغيره (1)، ونقل الاجماع المطلق
مستفيض في عبائر جمع. وسيأتي من النصوص ما يدل عليه.
والمراد بمكة - كما صرح به جماعة - ما دخل في شئ من بنائها (2)، وأقله
سورها، فيجوز الاحرام من داخله مطلقا.
(و) لكن (أفضلها المسجد) اتفاقا، كما في المدارك وغيره (3)،
لكونه أشرف أماكنها، ولاستحباب الاحرام عقيب الصلاة.
وهي في المسجد أفضل (وأفضله مقام إبراهيم - عليه السلام -) كما
عن النهاية (4) والمبسوط (5) والمصباح ومختصره (6) والمهذب (7) والسرائر (8)
والشرائع (9).
للخبر: إذا كان يوم التروية فاصنع كما صنعت بالشجرة، ثم صل
ركعتين خلف المقام، ثم أهل بالحج فإن كنت ماشيا فلب عند المقام،
وإن كنت راكبا فإذا نهض بعيرك (10)

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في التمتع ج 7 ص 169، والحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14
ص 359.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في حج التمتع ج 7 ص 169.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في التمتع ج 7 ص 169، والحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14
ص 359.
(4) النهاية: كتاب الحج باب الاحرام للحج ص 248.
(5) المبسوط: كتاب الحج فصل في ذكر الاحرام ج 1 ص 364.
(6) مصباح المتهجد: في احرام الحج والتلبية ص 627.
(7) المهذب: كتاب الحج باب كيفية هذا الاحرام ج 1 ص 244.
(8) السرائر: كتاب الحج باب الاحرام بالحج ج 1 ص 583.
(9) شرائع الاسلام: كتاب الحج في التمتع ج 1 ص 237.
(10) وسائل الشيعة: كتاب الحج ب 46 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 63.
131

وقول الماتن هنا (أو تحت (1) الميزاب) يفيد التخيير بينهما، كما عن
الكافي (2) والغنية (3) والجامع (4) والتحرير (5) والمنتهى (6) والتذكرة (7)
والدروس (8).
وعن الهداية (9) والمقنع (10) والفقيه (11) التخيير بين المقام والحجر.
كما في الصحيح: إذا كان يوم التروية إن شاء الله تعالى - فاغتسل ثم
البس ثوبيك وادخل المسجد حافيا وعليك بالسكينة والوقار، ثم صل
ركعتين عند مقام إبراهيم أو في الحجر، ثم اقعد حتى تزول الشمس فصل
المكتوبة، ثم قل في دبر صلاتك كما قلت حين احرامك من الشجرة،
وأحرم بالحج (12).
ولا يتعين شئ من ذلك اتفاقا، كما عن التذكرة (13) في المسجد، وفي
غيرها في غيره، وللنصوص.

(1) في المتن المطبوع: وتحت.
(2) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 212.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 517 س 32.
(4) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الاحرام للحج ص 254.
(5) تحرير الأحكام: كتاب الحج في احرام الحج ج 1 ص 101 س 14.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في أفعال الحج ج 2 ص 714 س 18.
(7) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في احرام الحج ج 1 ص 370 س 8.
(8) الدروس الشرعية: كتاب الحج في في التمتع ص 95.
(9) الهداية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 58 س 16.
(10) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 23 س 2.
(11) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج التقصير ج 2 ص 537.
(12) وسائل الشيعة: ب 52 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 71، والكافي: ب الاحرام يوم التروية
ح 1 ج 4 ص 454.
(13) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في احرام الحج ج 1 ص 370 س 8.
132

منها الصحيح: من أين أهل بالحج؟ فقال: إن شئت من رحلك وإن
شئت من الكعبة، وإن شئت من الطريق (1). وفي بعض الألفاظ مكان من
الكعبة من المسجد (2).
ومنها: الموثق: من أي المسجد أحرم يوم التروية؟ فقال: من أي
المسجد شئت (3).
(ولو أحرم بحج التمتع) اختيار (من غير مكة لم يجزئه ويستأنفه
بها) لتوقف الواجب عليه.
ولا يكفي دخولها محرما، بل لا بد من الاستئناف منها، على المعروف
من مذهب الأصحاب كما في المدارك (4) والذخيرة (5) وغيرهما، وفيهما
أسندهما الفاضل في التذكرة (6) والمنتهى (7) إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الاجماع
عليه وعبارة الشرائع تشعر بوجود الخلاف (8)، ولعله من الجمهور كما
قيل (9).
وعلى تقدير كونه منا فهو ضعيف.
(ولو نسي) الاحرام منها (وتعذر العود) ولو بضيق الوقت (أحرم

(1) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب المواقيت ح 2 ج 8 ص 246.
(2) تهذيب الأحكام: كتاب الحج باب من الزيادات ح 330 ص 477.
(3) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب المواقيت ح 3 ج 8 ص 246.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في حج التمتع ج 7 ص 171.
(5) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في حج التمتع ص 572 س 41.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 320 س 33
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 667 س 25.
(8) شرائع الاسلام: كتاب الحج في التمتع ج 1 ص 237.
(9) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أقسام الحج ج 1 ص 100 س 41.
133

من موضعه ولو) كان (بعرفة) على ما صرح به جماعة (1).
للصحيح: عن رجل نسي الاحرام بالحج فذكره وهو بعرفات ما حاله؟
قال: يقول: اللهم على كتابك وسنة نبيك فقد تم إحرامه (2).
ومورده النسيان خاصة كما في العبارة.
وألحق به جماعة الجهل (3)، ولعله لما قيل: من تظافر الأخبار بكونه
عذرا (4).
ولا فرق في ذلك بين ما لو ترك الاحرام من أصله، أو تركه من مكة
مع إتيانه به من غيرها.
خلافا للشيخ فاجتزأ بالاحرام من غيرها مع تعذر المعود إليها في
المبسوط (5) والخلاف (6)، وتبعه بعض متأخري الأصحاب.
قال: للأصل ومساواة ما فعله لما يستأنف في الكون من غير مكة وفي
العذر، لأن النسيان عذر، قال: وهو خيرة التذكرة (7).
وفيهما ما ترى، فإن الأصل معارض بالقاعدة الموجبة للاستئناف
تحصيلا للبراءة اليقينية، وتاليه قياس.
فلأن المصحح للاحرام المستأنف إنما هو الاجماع على الصحة معه،

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في التمتع ج 7 ص 172 وكشف اللثام: كتاب الحج في حج
التمتع ج 1 ص 281 س 22.
(2) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ح 8 ج 8 ص 239. ((3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أقسام الحج ج 1 ص 101، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في
حج التمتع ص 172، وكشف اللثام: كتاب الحج في حج التمتع ج 1 ص 281 ص 26.
(4) والقائل كشف اللثام: باب الحج في حج التمتع ج 1 ص 281 س 26.
(5) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 309.
(6) الخلاف: كتاب الحج في احرام التمتع م 40 ج 2 ص 271.
(7) كشف اللثام: كتاب الحج في حج التمتع ج 1 ص 281 س 35.
134

وليس النسيان مصححا له حتى يتعدى به إلى غيره، وإنما هو مع العذر عذر في
عدم وجوب العود، وهو لا يوجب الاجتزاء مع العذر بالاحرام معه حيثما
وقع، بل يجب الرجوع فيه إلى الدليل، وليس هنا سوى الاتفاق، ولم
ينعقد إلا على الاحرام المستأنف، وأما السابق فلا دليل عليه. فتأمل جدا.
(ولو دخل مكة بمتعة وخشي ضيق الوقت) عن إدراك الوقوفين
(جاز نقلها إلى الافراد ويعتمر) عمرة (مفردة (1) بعده) بلا خلاف
فيه على الظاهر المصرح به في بعض العبائر (2)، وعن المعتبر الاتفاق
عليه (3). وهو الحجة، مضافا إلى النصوص المستفيضة (4).
ولكنها اختلفت في حد الضيق، ولأجله اختلف أقوال الطائفة.
فبين محدد له بزوال الشمس يوم التروية قبل الاحلال من العمرة،
كالمفيد في نقله (5)، وله الصحيح.
وعدد له بغروبها يوم التروية، كالصدوق في المقنع (6) والمفيد في
المقنعة (7)، وبه أخبار كثيرة تضمنت الصحيح وغيره (8).
ومحدد له بزوالها من يوم عرفة، كالشيخ والقاضي وابن حمزة في
المبسوط (9) والنهاية (10) والمهذب (11) والوسيلة (12)، ولهم الصحيح، وعلله

(1) في المتن المطبوع: بمفردة.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في حج التمتع ج 7 ص 176.
(3) المعتبر: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 2 ص 808.
(4) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب المواقيت ج 8 ص 241.
(5، 7) المقنعة: كتاب الحج في فرائض الحج ص 431.
(6) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في التمتع ص 22 س 31.
(8) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب أقسام الحج ج 8 ص 210.
(9) المبسوط: كتاب الحج في ذكر الاحرام ج 1 ص 364.
(15) النهاية: كتاب الحج باب الاحرام للحج ص 247.
(11) المهذب: كتاب الحج باب تجديد الاحرام ج 1 ص 243.
(12) الوسيلة: كتاب الحج في بيان الاحرام ص 176.
135

الشيخ في كتابي الأخبار بأنه لا يدرك الموقفين بعده (1)، كما في المعتبرة
التي تضمنت الصحيح (2) وغيره (3).
ومحدد له بخوف فوت الوقوف مطلقا، من غير تحديد له بزمان، حتى لو
لم يخف منه لم يجز العدول ولو كان بعد زوال الشمس من يوم عرفة، كما
عن الحلبيين (4) وابني إدريس (5) وسعيد (6)، وعليه الفاضل (7). ولعله
الأقوى، للأصل، وصدق الامتثال، وخصوص النصوص.
منها: لا بأس للمتمتع إن لم يحرم ليلة التروية متى ما تيسر له، ما لم
يخف فوت الموقفين (8).
والنصوص المحددة مع تعارض بعضها مع بعض يمكن تنزيلها على
اختلاف إمكان وصول الحاج إلى عرفات يومئذ، كما صرح به بعض
المحدثين من المتأخرين (9).
وظني أن هذا أولى من التنزيل الذي ارتكبه الشيخ في التهذيب (10) وإن

(1) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في الاحرام للحج ج 5 ص 170 والاستبصار: كتاب الحج في
الوقت الذي يلحق الانسان فيه المتعة ج 2 ص 49 و 250.
(2) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 15 ج 8 ص 213.
(3) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 6 ج 8 ص 215.
(4) الكافي في الفقه: كتاب الحج ث ص 193، والغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الاحرام
ص 512.
(5) السرائر: كتاب الحج باب الاحرام بالحج ج 1 ص 584.
(6) الجامع للشرائع: كتاب الحج الاحرام للحج ص 305.
(7) مختلف الشيعة: كتاب الحج في بيان وقت فوات المتعة ص 295 س 10.
(8) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب أقسام الحج ح 5 ج 8 ص 211.
(9) الظاهر أنه هو صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في التمتع ج 14 ص 338.
(10) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في الاحرام للحج ج 5 ص 170.
136

تلقاه جملة من المتأخرين بالقبول، لتضمنه بعض القيود التي لا يفهم منها
طرا.
ويحكى عن الخال العلامة المجلسي طاب ثراه على الظاهر حمل أكثرها
على الاتقاء، وذلك لأن في التخلف عن المضي مع الناس إلى عرفات
مظنة الاطلاع عليه بحج التمتع الذي ينكره الجمهور، حتى أن التقية إذا
رفعت من الناس كان مناط الفوات هو فوات الموقفين (1)، انتهى. وهو
جيد.
ثم على المختار هل العبرة بخوف فوت اضطراري عرفة كما عن ظاهر
الحلي (2) ومحتمل الحلبي (3)، أو اختيار بها كما عن الغنية (4) والمختلف (5)
والدروس (6)؟ وجهان، أجودهما الثاني.
للصحيح: عن الرجل يكون في يوم عرفة؟ بينه وبين مكة ثلاثة أميال
وهو متمتع بالعمرة إلى الحج، فقال: يقطع التلبية ويهل بالحج بالتلبية إذا
صلى الفجر، ويمضي إلى عرفات فيقف مع الناس، ويقضي جميع
المناسك، ويقيم بمكة حتى يعتمر عمرة المحرم، ولا شئ عليه (7). وقريب
منه جملة من المعتبرة.
منها الصحيح: المتمتع يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة ما

(1) لم نعثر عليه.
(2) السرائر: كتاب الحج ج 1 ص 582.
(3) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 194.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الوقوف ص 518.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في بيان وقت فوات المتعة ص 295.
(6) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 93.
(7) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 7 ج 8 ص 215.
137

أدرك الناس بمنى (1). ونحوه آخر (2).
والمرسل كالموثق، بناء على أن ظاهرها إدراكهم بمنى قبل المضي إلى
عرفات. فتدبر.
واحتمال أن يكون المراد ادراكهم بمنى يوم العيد بأن يدرك اضطراري
المشعر، مع بعده مخالف للاجماع على الظاهر المصرح به في بعض العبائر (3).
إلا أن يحمل على إدراك الاضطراريين، لكنه بعيد لا يظهر من الأخبار.
(وكذا الحائض والنفساء لو منعهما عذرهما عن التحلل وإنشاء
الاحرام بالحج) لضيق الوقت عن التربص إلى الطهر يعدلان إلى الافراد
على المشهور، كما في عبائر جماعة حد الاستفاضة، بل في ظاهر المدارك (4)
وغيره الاتفاق على جوازه، وفيهما وفي غيرهما الاجماع عليه عن المعتبر (5)
والتذكرة (6) والمنتهى (7)، وبه صرح في الخلاف (8). وهو الحجة، مضافا إلى
المعتبرة.
منها الصحيح: عن المرأة تدخل متمتعة فتحيض قبل أن تحل متى تذهب
متعتها؟ فقال: كان أبو جعفر - عليه السلام - يقول: زوال الشمس من يوم
التروية، وكان موسى - عليه السلام - يقول: صلاة الصبح من يوم التروية،
فقلت: جعلت فداك عامة مواليك يدخلون يوم التروية ويطوفون ويسعون ثم

(1) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب أقسام الحج ت 6 و 8 ج 8 ص 212.
(2) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب أقسام الحج ت 6 و 8 ج 8 ص 212.
(3) الظاهر أنه هو صاحب التنقيح الرائع: كتاب الحج في الوقوف ج 1 ص 480.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في حج التمتع ج 7 ص 181.
(5) المعتبر: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 788 و 789.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في باقيا مسائل ج 1 ص 399 س 24.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الاحرام ج 2 ص 685 س 8.
(8) الخلاف: كتاب الحج م 27 ج 2 ص 26.
138

يحرمون بالحج، فقال: زوال الشمس.
فذكرت له رواية عجلان أبي صالح، فقال: لا، إذا زالت الشمس
ذهبت المتعة، فقلت: هي على إحرامها، أو تجدد إحراما للحج؟ فقال:
لا، هي على احرامها، فقلت: فعليها هدي، فقال: لا، إلا أن تحب أن
تطوع.
ثم قال: أما نحن فإذا رأينا هلال ذي الحجة قبل أن نحرم فأتتنا
المتعة (1). وقريب منه آخر (2)، والموثق (3).
قال في المنتهى بعد نقل الخبر: وهذا الحديث كما يدل على سقوط وجوب
الدم يدل على الاجتزاء بالاحرام الأول، وأما اختلاف الإمامين
- عليهما السلام - في فوات المتعة فالضابط فيه ما تقدم: من أنه إذا أدرك أحد
الموقفين صحت متعتها إذا كانت قد طافت وسعت، وإلا فلا (4)، انتهى.
وهو جيد.
لكن في الموثق (5) بعد حكمه - عليه السلام - بصيرورة حجتها مفردة،
قلت: عليها شئ قال: دم تهريقه وهو أضحيتها، وحملها الشيخ على
الاستحباب.
قال: لأنه إذا فاتها المتعة صارت حجتها مفردة وليس على المفرد هدي
على ما بيناه، ثم قال: ويدل عليه ما رواه وساق الصحيح المتقدم (6). وهو

(1) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 14 ج 8 ص 216.
(2) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 15 ج 8 ص 217.
(3) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 13 ج 8 ص 216.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في حج النساء ج 2 ص 856 س 24.
(5) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 13 ج 8 ص 216.
(6) الاستبصار: كتاب الحج ب 214 المرأة تطمث قبل أن تطوف ج 2 ص 310.
139

حسن.
ويعضده نفس الموثق من حيث العدول فيه عن التعبير بالهدي إلى
الأضحية، فإن فيه إشعارا بذلك.
خلافا للمحكي عن الحلبيين (1) وجماعة فقالوا: بل تكملها بلا طواف
وتحرم بالحج، ثم تقضي طواف لعمرة مع طواف الحج، للأخبار
المستفيضة.
وهي في ضعف السند مشتركة، عدا رواية منها فإنها بطريق صحيح
على الظاهر في الكافي مروية.
وفيها: المرأة المتمتعة إذا قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها وبين
التروية، فإن طهرت طافت بالبيت وسعت بين الصفا والمروة، وإن لم
تطهر إلى يوم التروية اغتسلت واحتشت ثم سعت بين الصفا والمروة ثم
خرجت إلى منى، فإذا قضيت المناسك وزارت البيت طافت بالبيت طوافا
لعمرتها ثم طافت طوافا للحج ثم خرجت فسعت، فإذا فعلت ذلك فقد
أحلت من كل شئ يحل منه المحرم، إلا فراش زوجها، فإذا طاف طوافا
آخر حل لها فراش زوجها (2). وعن الغنية الاجماع عليه (3).
وهذه الأدلة معارضة بأقوى منها سندا واشتهارا، فلتحمل على ما إذا
طافت أربعة أشواط قبل الحيض جمعا، وهو أولى من الجمع بين الأخبار

(1) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 218، والغنية الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الطواف
ص 516 س 1.
(2) وسائل الشيعة: ب 84 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 497، والكافي: كتاب الحج باب ما
يجب على الخائض في أداء المناسك ح 1 ج 4 ص 445.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الطواف ص 515 س 34.
140

بالتخيير، لفقد التكافؤ المشترط فيه، مع ندرة القائل به، إذ لم يحك إلا عن
الإسكافي (1).
ثم على تقدير صحته فلا ريب أن العدول أولى، لاتفاق الأخبار على
جوازه على هذا التقدير.
هذا، وفي رواية: أنها إذا أحرمت وهي طاهرة ثم حاضت قبل أن
تقضي متعتها سعت ولم تطف حتى تطهر، ثم تقضي طوافها وقد قضت
عمرتها، وإن هي أحرمت وهي حائض لم تسع ولم تطف حتى تطهر (2).
قيل: وهو جمع بين الأخبار حسن (3).
وفيه نظر، فإن الصحيح المتقدم ظاهر، بل صريح في إحرامها طاهرة،
ومع ذلك حكم لها بالعدول، خلافا لما في هذه الرواية.
ومع ذلك فهي ضعيفة شاذة، لا عامل بها، وحملها الشيخ (4) على ما
حملنا عليه الأخبار السابقة من طمثها بعد طوافها أربعة أشواط طاهرة، وفاقا
له، بل استشهد بها عليه في تلك.
فقال بعد الحمل: ويدل عليه ما رواه ثم ساق الرواية، وقال بعدها:
فبين - عليه السلام - في هذا الخبر صحة ما ذكرنا، لأنه قال: إن هي
أحرمت وهي طاهرة - إلى أن قال -: فلولا أن المراد به ما ذكرنا لم يكن بين
الحالين فرق، وإنما كان فرق لأنها إذا أحرمت وهي طاهرة جاز أن يكون
حيضها بعد الفراغ من الطواف أو بعد مضيها في النصف منه، فحينئذ جاز

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في حكم الحائض والنفساء في المتعة ص 316.
(2) وسائل الشيعة: ب 84 من أبواب الطواف ح 5 ج 9 ص 498.
(3) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج ج 1 ص 358.
(4) الاستبصار: كتاب الحج باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها ج 2 ص 314.
141

لها تقديم السعي وقضاء ما بقي عليها من الطواف، فإذا أحرمت وهي
حائض لم يكن لها سبيل إلى شئ من الطواف، فامتنع لأجل ذلك
السعي، وهذا بين (1).
وحكي في المسألة قول بأنها تستنيب من يطوف عنها (2). ولم أعرف
قائله، ولا مستنده، فهو ضعيف غايته.
ولو تجدد عذرهما في الأثناء ففي صحة متعتها مطلقا، أو العدم كذلك،
أو الأول إذا كان بعد أربعة أشواط، وإلا فالثاني أقوال، ثالثها أشهرها
كما في عبائر جماعة (3)، ولا يخلو عن قوة، لصريح الخبرين (4)، وظاهر
الآخرين (5)، والرضوي (6).
خلافا للحلي (7) فالثاني، وتبعه بعض المتأخرين (8)، للأصل،
والصحيح الماضي (9)، مع ضعف النصوص المقيدة لهما.
وفيه أنه مجبور بالشهرة والكثرة.
وللصدوق في الفقيه فالأول (10)، للصحيح: عن امرأة طافت ثلاثة

(1) الاستبصار: كتاب الحج باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها ج 2 ص 315.
(2) نقل القول صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في حج التمتع ج 1 ص 280 س 17.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 181، ومفاتيح الشرائع: كتاب الحج ج 1 ص 308،
والحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 347.
(4) وسائل الشيعة: ب 86 من أبواب الطواف ح 1 و 2 ج 9 ص 502.
(5) وسائل الشيعة: ب 85 من أبواب الطواف ح 1 و 2 ج 9 ص 502.
(6) الفقه الرضوي: باب 31 الحج وما يستعمل فيه ص 230.
(7) السرائر: كتاب الحج باب مناسك النساء في الحج والعمرة ج 1 ص 623.
(8) مدارك الأحكام: كتاب الحج في حج التمتع ج 7 ص 182.
(9) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب أقسام الحج ح 14 ج 8 ص 216. (
(10) من لا يحضره الفقيه: باب احرام الحائض ج 2 ص 383.
142

أشواط أو أقل من ذلك، ثم رأت دما، قال: تحفظ مكانها، فإذا طهرت
طافت نقية واعتدت بما مضى (1).
وليس نصا في الفريضة: فليحمل على النافلة، كما فعله شيخ
الطائفة (2)، جمعا بين الأدلة.
(و) النوع الثاني: (الافراد وهو أن يحرم بالحج أولا) قبل العمرة
(من ميقاته) الآتي بيانه، ثم يمضي إلى عرفات فيقف بها، ثم إلى المشعر
فيقف بها (ثم) يأتي منى ف‍ (يقضي مناسكه) ثم يطوف بالبيت
ويصلي ركعتيه (وعليه عمرة مفردة) إن وجبت عليه (بعد ذلك) أي
بعد الحج والاحلال منه بلا خلاف في شئ من هذه الأحكام، بل في
المنتهى أنها مذهب الإمامية (3)، وفي غيره الاجماع على وجوب تأخير
العمرة (4)، ويدل على جملة منها أخبار صحيحه، سيأتي إلى بعضها الإشارة.
(وهذا القسم) يعني الافراد (والقران فرض حاضري مكة) ومن
في حكمهم إجماعا لما مضى.
(ولو عدل هؤلاء إلى التمتع اختيارا، ففي جوازه قولان) للشيخ
أحدهما الجواز كما عنه في المبسوط (5) والخلاف (6)، وحكي عن الجامع (7)
أيضا، لوجوه ضعيفة.

(1) وسائل الشيعة: ب 85 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 501، وليس فيه: نقية.
(2) الاستبصار: كتاب الحج باب المرأة الحائضة متى تفوت متعتها ج 2 ص 317.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في أصناف الحج ج 2 ص 661 س 22.
(4) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 339 في حج التمتع ج 1 ص 306.
(5) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج 1 ص 306.
(6) الخلاف: كتاب الحج م 42 ج 2 ص 272 و م 37 ص 269.
(7) الجامع للشرائع: كتاب الحج في أنواع الحج ص 179.
143

أجودها الصحيح: عن رجل من أهل مكة خرج إلى بعض الأمصار ثم
رجع فمر ببعض المواقيت التي وقت رسول الله - صلى الله عليه وآله - له أن
يتمتع، قال: ما أزعم أن ذلك ليس له لو فعل كان، والاهلال بالحج
أحب إلي (1).
وليس نصا في حجة الاسلام، فيحتمل الحمل على التطوع، سيما مع
بعد بقاء المكي بغيرها إلى أن يخرج من مكة ويرجع إليها عادة، مع أن له
تتمة ربما يشعر بوروده في التطوع دون الفرض، كما أشار إليه بعض (2).
نعم ربما كان في قوله: (الاهلال بالحج أحب إلي) إشعار بإرادة
الفرض، بناء على أفضلية التمتع في التطوع مطلقا إجماعا.
ولعله لذا أفتى بمضمونه جماعة، كالشيخ في كتابي الحديث (3) والنهاية (4)
والمبسوط (5)، والفاضل في التحرير (6) والمنتهى (7)، وعنه وعن الماتن في
المعتبر (8) والتذكرة (9) أيضا، لكن خصوه بمورده، وهو ما إذا خرج أهلها
إلى بعض الأمصار ثم رجعوا فمروا ببعض المواقيت. وحينئذ فليس فيه حجة
على الجواز مطلقا، كما هو المدعى.

(1) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب أقسام الحج ح 1 و 2 ج 8 ص 189.
(2) الظاهر أنه هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في صورة حج الافراد ج 1 ص 279 س 19.
(3) التهذيب: كتاب الحج في ضروب الحج ج 5 ص 30 و 31، والاستبصار: كتاب الحج في أن
التمتع فرض... ج 2 ص 155.
(4) النهاية: كتاب الحج باب أنواع الحج ص 206.
(5) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 308.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج في بيان أنواع الحج ج 1 ص 93 س 30.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في فرض التمتع ج 2 ص 664 س 12.
(8) المعتبر: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 798.
(9) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في عدم جواز ادخال الحج على العمرة ج 1 ص 319 س 6.
144

هذا، مع أن في موافقة الجماعة إشكالا، لقصور الرواية على الصراحة
في الفريضة، بل ظهور بعض ما فيها على إرادة الناقلة.
ويجاب عن القرينة المقابلة باحتمال أن يكون وجه أحبية الاهلال
بالحج التقية، كما أشار إليه بعض الأجلة، وقال: بل يجوز أن يهل بالحج
وينوي العمرة، كما في الصحيح: ينوي العمرة ويهل بالحج، إلى غيره من
الاخبار (1).
أقول: وكيف كان، فلا ريب أن عدم العدول والاهلال بالحج أولى،
كما صرحت به الرواية، وفيه خروج عن شبهة القول بالمنع مطلقا، حتى في
الصورة التي وافق فيها الشيخ الجماعة، كما هو صريح العماني كما
حكي (2).
وظاهر الفاضل في المختلف (3) والمقداد في الشرح (4)، بل كل من جعل
(أشبههما المنع) مطلقا، من غير تفصيل بين الصورة المفروضة وغيرها.
ومما ذكرنا ظهر وجه أشبهية المنع كذلك، وأنه يجب القطع به في غير
الصورة المزبورة. ويستظهر فيها أيضا بناء على عدم صراحة الرواية في
الفريضة والقرينة المشعرة بإرادتها مع ضعفها، معارضة بمثلها، بل أظهر
منها.
وحينئذ، فيكون التعارض بينها وبين الأدلة المانعة تعارض العموم
والخصوص من وجه، يمكن تخصيص كل منهما بالآخر، والترجيح للمانعة
بموافقة الكتاب والكثرة.

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في حج الافراد ج 1 ص 279 س 19.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في حكم من خرج عن مكة... ص 261 س 30.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في حكم من خرج عن مكة... ص 261 س 30.
(4) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 439.
145

وعلى تقدير التساوي يجب الرجوع إلى الأصل، ومقتضاه وجوب تحصيل
البراءة اليقينية، ولا يتحقق إلا بما عدا المتعة، للاتفاق على جوازه فتوى
ورواية دونها، فتركه هنا أولى، وقد صرحت به الرواية أيضا كما مضى.
واعلم أن شيخنا في المسالك (1) والروضة (2) صرح بأن لمذهب الشيخ
رواية، بل روايات، فإن أراد بها نحو الصحيحة، وإلا فلم نقف على شئ
منها، ولا أشار إليه أحد من الطائفة.
نعم وردت روايات بأن للمفرد بعد دخول مكة العدول إلى المتعة (3)،
إلا أن ظاهر الأصحاب أنها مسألة على حدة.
وفرق بينها وبين هذه المسألة، حيث منعوا عن العدول هنا مطلقا أو في
الجملة، وأباحوه ثمة من غير خلاف، بل نقل فيها الاجماع جماعة، كما
ستعرفه.
ولعل وجه الفرق ما أشار إليه الفاضل المقداد، بأن تلك في العدول بعد
الشروع (4)، وهذه فيه قبله، أو ما يظهر من جماعة من أنها فيما إذا لم يتعين
عليه الافراد (5)، كالتطوع والمنذور كذلك.
ولعل هذا أظهر فتوى، لما سيأتي إليه الإشارة ثمة إن شاء الله تعالى
سبحانه.
(وهو) أي العدول (مع الاضطرار) المتحقق بخوف الحيض المتأخر
عن النفر، مع عدم إمكان تأخير العمرة إلى أن تطهر، وخوف عدو بعده،

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الافراد والقران ج 1 ص 101 س 40.
(2) الروضة البهية: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 206.
(3) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 2 و 4 و 9 ج 8 ص 183
(4) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 442.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 203.
146

وفوت الصحبة كذلك.
(جائز) على المعروف من مذهب الأصحاب، من غير ظهور مخالف
على الظاهر المصرح به في المدارك (1)، وفي غيره الاتفاق عليه (2).
قيل: للعمومات، وفحوى ما دل على جواز العدول عن التمتع إليهما
معه، فالعدول إلى الأفضل أولى منه إلى المفضول (3).
ولعل المراد بالعمومات إطلاق نحو الصحيح عن رجل لبى بالحج مفردا
ثم دخل مكة فطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة قال: فليحل
وليجعلها متعة إلا أن يكون ساق الهدي فلا يستطيع أن يحل حتى يبلغ
الهدي محله (4).
قيل: وفي الكل نظر: وظاهر التبيان والاقتصاد والغنية والسرائر العدم،
ولو قيل: بتقديم العمرة على الحج للضرورة مع إفرادهما والاحرام بالحج من
المنزل أو الميقات إن تمكن منه كان أولى، إذ لا نعرف دليلا على وجوب
تأخيرهم العمرة.
وفي الخبر: عن رجل خرج في أشهر الحج معتمرا ثم خرج إلى بلاده،
قال: لا بأس وإن حج من عامه ذلك وأفرد الحج فليس عليه دم، وظاهره
الاتيان بعمرة مفردة ثم حج مفردا (5) انتهى.
ولعل وجه النظر في الصحيح ظهور سياقه في الفرق بين حجي القران
والأفراد في جواز العدول وعدمه، مع أنهم لم يفرقوا بينهما.

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 189
(2) كشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 284.
(3) الحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 371.
(4) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الاحرام ح 5 ج 9 ص 32.
(5) كشف اللثام: كتاب الحج في حج الافراد ج 1 ص 279 س 24.
147

وفي الفحوى بابتنائها على ما هو المعروف بينهم من وجوب تأخير العمرة
عن الحج ولا دليل عليه كما ذكره. وهو حسن، إلا أن ظاهر الأصحاب
الاتفاق على وجوب تأخيرها، وقد مضى عن المنتهى (1) وغيره كونه مجمعا
عليه بيننا.
فيشكل المصير إلى جواز تقديمها، وإن أومأت إليه الرواية التي ذكرها،
ونحوها أخرى أمرتم بالحج والعمرة فلا تبالوا بأيهما بدأتم (2). لقصورهما سندا،
بل ودلالة، كما لا يخفى.
(وشروطه) أي الافراد ثلاثة: (النية) كما مر في المتعة.
(وأن يقع في أشهر الحج) بلا خلاف بين الأصحاب أجده، وبه
صرح في الذخيرة، معربا عن دعوى إجماعهم عليه (3)، كما هو أيضا ظاهر
جماعة، بل فيها وفي المدارك عن المعتبر أن عليه اتفاق العلماء كافة (4)،
للعمومات كتابا وسنة.
وخصوص نحو الصحيح: في قول الله عز وجل الحج أشهر معلومات فمن
فرض فيهن الحج فلا رفث، والفرض التلبية والاشعار والتقليد وأي ذلك
فعل فقد فرض الحج ولا يفرض الحج إلا في هذه الشهور التي قال الله
عز وجل الحج أشهر معلومات وهو شوال وذو القعدة وذو الحجة (5)، الحديث.

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في أصناف الحج ج 2 ص 663 س 26.
(2) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج نوادر الحج ح 2121 ج 2 ص 524، ووسائل الشيعة: ب 1 من
أبواب العمرة ح 6 ج 10 ص 236.
(3) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في شرط القارن والمفرد ص 573 س 5.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في شروط القارن والمفرد ص 573، ومدارك الأحكام: كتاب الحج
ج 7 ص 191.
(5) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب أقسام الحج ح 2 ج 8 ص 196.
148

وفي المنتهى (1) وغيره، خلافا لأبي حنيفة وأحمد والثوري فأجازوا
الاحرام به قبلها (2).
وأن يعقد إحرامه (من الميقات) وهو أحد الستة الآتية وما في حكمها
(أو من دويرة أهله إن كانت أقرب) من الميقات (إلى عرفات) كما
هنا وفي اللمعة (3)، وعن المعتبر أو إلى مكة (4)، كما عليه جماعة (5)، تبعا لما
في النصوص، كما سيأتي إليه الإشارة.
ولا خلاف في هذا الشرط أيضا على الظاهر المصرح به في كلام
جماعة (6)، وعن التذكرة الاجماع على أن أهل مكة يحرمون من منزلهم (7)،
وفي الذخيرة أنه المعروف من مذهب الأصحاب (8)، وسيأتي من الأخبار ما
يدل عليه.
(والقارن كالمفرد) في كيفيته وشروطه (إلا أنه يضم إلى إحرامه
سياق الهدي) على الأظهر الأشهر، بل عليه عامة من تأخر (9)، للصحاح
المستفيضة.

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في فرض التمتع ج 2 ص 665 س 8.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 319 س 37.
(3) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في أنواع الحج ص 22.
(4) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 786.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في القران ج 7 ص 191، وذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 573
س 40.
(6) المصدر السابق رقم 7.
(7) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 322 س 9.
(8) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في شرط القارن والمفرد ص 573 س 40.
(9) مدارك الأحكام: كتاب الحج في القران ج 7 ص 192، وكشف اللثام: كتاب الحج في القران
والأفراد ج 1 ص 278 س 23.
149

منها: القارن الذي يسوق الهدي عليه طوافان بالبيت وسعي واحد بين
الصفا والمروة، وينبغي له أن يشترط على ربه إن لم يكن حجة فعمرة (1).
ومنها: لا يكون قران إلا بسياق الهدي، وعليه طواف بالبيت،
وركعتان عند مقام إبراهيم - عليه السلام -، وسعي بين الصفا والمروة،
وطواف بعد الحج وهو طواف النساء (2). ونحوه آخر بزيادة قوله: كما يفعل
المفرد وليس أفضل من المفرد إلا بسياق الهدي (3).
والتقريب فيها حصر أفعال القران فيما ذكره فيها، فيكون أفعال العمرة
خارجة عنه، وجعل امتياز القران عن الافراد بسياق الهدي خاصه،
فلا يكون غيره معتبرا، وظاهر التذكرة (4) والمنتهى أنه لا خلاف فيه بيننا
إلا من العماني (5)، وفاقا لجمهور العامة، فزعم أن القارن يعتمر أولا
ولا يحل منها حتى يحل من الحج مع أنه في غيرها عزى إلى الجعفي والشيخ في
الخلاف أيضا (6).
وحجتهم عليه غير واضحة، عدا روايات استدل لهم بها، وهي غير
ظاهرة الدلالة كما اعترف به جماعة.
نعم قيل: بعد نقل القول من العماني، ونزل عليه أخبار حج النبي
- صلى الله عليه وآله -، فإنه قدم مكة وطاف وصلى ركعتيه وسعى، وكذا

(1) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 3 ج 8 ص 150.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 12 ج 8 ص 156.
(3) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب أقسام الحج ح 10 ج 8 ص 156.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في القران ج 1 ص 318 س 41.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في أصناف الحج ج 2 ص 661 س 22.
(6) الدروس الشرعية: كتاب الحج في أقسام الحج ص 91 والخلاف: كتاب الحج م 57 ج 2
ص 282.
150

الصحابة ولم يحل، وأمرهم بالاحلال.
وقال: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم ولكني
سقت الهدي، وليس لسائق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله، وشبك
أصابعه بعضها إلى بعض.
وقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة والمعظم نزلوها على
- صلى الله عليه وآله - إنما طاف وطواف الحج وسعى سعيه مقدما على أنه
الوقوفين، وأمر الأصحاب بالعدول إلى العمرة.
وقال: دخلت العمرة في الحج أي حج التمتع وفقهه أن الناس لم يكونوا
يعتمرون في أيام الحج، والأخبار الناطقة بأنه - صلى الله عليه وآله - أحرم
بالحج وحده كثيرة (1).
أقول: وجملة منها صحيحة.
ثم في كلام القيل: ومما يصرح بجميع ذلك الخبر المروي في علل
الصدوق، وفيه عن اختلاف الناس في الحج، فبعضهم يقول: خرج
رسول الله - صلى الله عليه وآله - مهلا بالحج، وقال: بعضهم خرج مهلا
بالعمرة، وقال: بعضهم خرج قارنا وقال: بعضهم خرج ينتظر أمر الله
عز وجل.
فقال أبو عبد الله - عليه السلام -: علم الله عز وجل أنها حجة لا يحج
رسول الله - صلى الله عليه وآله - بعدها أبدا، فجمع الله عز وجل له ذلك كله
في سفرة واحدة، ليكون جميع ذلك سنة لأمته، فلما طاف بالبيت وبالصفا
والمروة أمره جبرئيل - عليه السلام - أن يجعلها عمرة، إلا من كان معه هدي
فهو محبوس على هديه لا يحل لقوله عز وجل: (حتى يبلغ الهدي محله)

(1) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الافراد ج 1 ص 278 س 26.
151

فجمعت له العمرة والحج.
وكان خرج على خروج العرب الأول، لأن العرب كانت لا تعرف إلا
الحج، وهو في ذلك ينتظر أمر الله عز وجل، وهو - عليه السلام - يقول:
الناس على أمر جاهليتهم إلا ما غيره الاسلام، وكانوا لا يرون العمرة في
أشهر الحج.
وهذا الكلام من رسول الله - صلى الله عليه وآله - إنما كان في الوقت
الذي أمرهم بفسخ الحج، فقال: دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة،
وشبك بين أصابعه، يعني في أشهر الحج، قال الراوي قلت: له أفتعبد
بشئ من الجاهلية، فقال: إن أهل الجاهلية ضيعوا كل شئ من دين
إبراهيم - عليه السلام -، إلا الختان والتزويج والحج، فإنهم تمسكوا بها ولم
يضيعوها.
وفي الصحيح: أنه - صلى الله عليه وآله - أهل بالحج وساق مائة بدنة
وأحرم الناس كلهم بالحج، لا يريدون العمرة ولا يريدون بها المتعة، حتى
إذا قدم رسول الله - صلى الله عليه وآله - مكة طاف بالبيت وطاف الناس
معه، ثم صلى ركعتين عند مقام إبراهيم - عليه السلام - واستلم الحجر، ثم
أتى زمزم فشرب منها، وقال: لولا أن أشق على أمتي لاستقيت منها ذنوبا أو
ذنوبين.
ثم قال: ابدأ وا بما بدأ الله عز وجل به، فأتى الصفا، ثم بدأ به ثم
طاف بين الصفا والمروة سبعا، فلما قضى طوافه عند المروة قام فخطب
أصحابه وأمرهم أن يحلوا أو يجعلوها عمرة، وهو شئ أمر الله عز وجل به،
فأحل الناس وقال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: لو كنت استقبلت من
أمري ما استدبرت لفعلت كما أمرتكم، الخبر.
وعن الإسكافي يجمع بين النسكين بنية واحدة، فإن ساق الهدي طاف
152

وسعى قبل الخروج إلى عرفات ولا يتحلل، وإن لم يسق جدد الاحرام بعد
الطواف ولا يحل له النساء وإن قصر.
وكأنه نزل عليه نحو الصحيح: أيما رجل قرن بين الحج والعمرة فلا يصلح
إلا أن يسوق الهدي، قد أشعره وقلده، والاشعار أن يطعن في سنامها بحديد
حتى يدميها، وإن لم يسق الهدي فليجعلها متعة ونزله الشيخ في التهذيب
على قوله: إن لم يكن حجة فعمرة.
قال: ويكون الفرق بينه وبين المتمتع أن المتمتع يقول هذا القول
وينوي العمرة قبل الحج ثم يحل بعد ذلك ويحرم بالحج فيكون متمتعا،
والسائق يقول هذا القول وينوي الحج، فإن لم يتم له الحج فيجعله عمرة
مبتولة، وبعده ظاهر.
والأظهر في معناه أن القران لا يكون إلا بالسياق، أو أنه - عليه السلام -
نهى عن الجمع بين الحج والعمرة، وقال: (إنه لا يصلح)، وأن قوله:
(إلا أن يسوق) استثناء من مقدر، كأنه قال: ليس القران إلا أن
يسوق، فإن لم يسق فليجعلها متعة فإنها أفضل من الافراد.
ويدل عليه قوله - عليه السلام - أول الخبر متصلا بما ذكر إنما نسك الذي
يقرن بين الصفا والمروة مثل نسك المفرد، ليس بأفضل منه إلا بسياق
الهدي، وعليه طواف بالبيت، وصلاة ركعتين خلف المقام، وسعي واحد
بين الصفا والمروة، وطواف بالبيت بعد الحج.
ولعل قوله - صلى الله عليه وآله -: بين الصفا والمروة متعلق بالنسك،
أي إنما نسك القارن، أي سعيه بين الصفا والمروة، أو سعيه وطوافه، لأن
الكعبة محاذية لما بينها، كنسك المفرد بينهما، وإنما عليه طوافان بالبيت
وسعي واحد، كل ذلك بعد الحج، أي الوقوفين أو الطواف الثاني وهو
طواف النساء بعده. ثم صرح عليه بأنه لا قران بلا سياق، أو بأن القران
153

بين النسكين غير صالح (1)، انتهى كلامه. وإنما نقلناه بطوله لتكلفه لتحقيق
البحث كما هو، وجودة محصوله.
واعلم أن احرام القارن ينعقد بالتلبية والاشعار والتقليد على الأظهر
الأشهر، كما سيذكر.
(و) ذكر جماعة من الأصحاب من غير خلاف، وربما قيل: المشهور
أنه (إذا لبى) وعقد إحرامه بها (استحب له إشعار ما يسوقه من
البدن) ولعله لاطلاق الأمر بهما في النصوص، وإلا فلم نقف في ذلك على
أمر بالخصوص.
وهو على ما ذكره الأصحاب كما في المدارك (2) والذخيرة (3) أن (يشق
سنامه من الجانب الأيمن ويلطخ صفحته بالدم) والصحاح به
مستفيضة، إلا أنها خالية عن الأمر بلطخ الصفحة بالدم.
منها: عن البدنة كيف يشعرها؟ قال: يشعرها وهي باركة، وينحرها
وهي قائمة، وتشعرها من الجانب الأيمن، ثم تحرم إذا قلدت أو أشعرت (4)
هذا إذا كان معه بدنة واحدة.
(ولو كانت) معه (بدنا) كثيرة (دخل بينها وأشعرها يمينا
وشمالا) من غير أن يرتبها ترتيبا يوجب الاشعار في اليمين، كما في الصحيح
وغيره (5).
(و) كما يستحب إشعارها كذا يستحب (التقليد) لها، كما يستفاد

(1) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 278 س 29.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في القارن ج 7 ص 195.
(3) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في القارن ص 579 س 35.
(4) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 18 ج 8 ص 201.
(5) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 4 و 7 و 19 ج 8 ص 199 و 201.
154

من المعتبرة.
منها الصحيح: البدنة يشعرها من جانبها الأيمن ثم يقلدها بنعل قد صلى
فيها (1).
وفي القوي: ما بال البدنة تقلد النعل وتشعر؟ فقال: أما النعل فتعرف
أنها بدنة ويعرفها صاحبها بنعله وأما الاشعار فإنه يحرم ظهرها على صاحبها
من حيث أشعرها، فلا يستطيع الشيطان أن يمسها (2).
وهو على ما يستفاد منهما ومن غيرهما (أن يعلق في رقبته نعلا قد
صلى فيها) السائق نفسه، كما هو ظاهرهما، ولا سيما الثاني.
وأظهر منهما الصحيح: تقلدها نعلا خلقا قد صليت فيها (3). هذا حال
البدن (4).
و (أما الغنم) وكذا البقر ف‍ (يقلد لا غير) فيما ذكره الأصحاب
قالوا: لضعفهما عن الاشعار (5).
وفي الصحيح: كان الناس يقلدون الغنم والبقر وإنما تركه الناس حديثا
ويقلدون بخيط وسير (6).
وإنما حكم الأصحاب باستحباب التقليد والاشعار مع إفادة الأمر بهم
الوارد في النصوص الوجوب، للأصل.
والصحيح: في رجل ساق هديا ولم يقلده ولم يشعره، قال: قد أجزأ عنه

(1) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 17 ج 8 ص 201.
(2) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 22 ج 8 ص 202.
(3) في المتن المطبوع والشرح الصغير: قد صلى في.
(4) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 11 ج 8 ص 200.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في القران ج 7 ص 196.
(6) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 9 ج 8 ص 200.
155

ما أكثر ما لا يقلد ولا يشعر ولا يحلل (1).
(ويجوز للقارن والمفرد (2) الطواف) إذا دخل مكة محلا قبل المضي
إلى عرفات) واجبا ومندوبا على الأشهر الأقوى في الأول، ويأتي الكلام
فيه في أحكام الطواف مفصلا، ولا خلاف في الثاني على الظاهر المصرح به
في بعض من العبائر (3)، بل قيل: اتفاقا كما في الايضاح (4).
وفي معناه الواجب بنذر وشبهه غير طواف الحج؟ للأصل، والعموم
السالمين عن المعارض.
(لكن يجدد أن التلبية عند كل طواف) عقيب صلاته (لئلا
يحلا) كما يستفاد من الصحيح: إني أريد الجواز بمكة فكيف أصنع؟
قال: إذا رأيت الهلال هلال ذي الحجة فأخرج إلى الجعرانة فأخرج منها
بالحج فقلت: له كيف أصنع إذا دخلت مكة أقيم إلى التروية ولا أطوف
بالبيت؟ قال: تقيم عشرا لا تأتي الكعبة إن عشرا لكثير أن البيت ليس
بمهجور، ولكن إذا دخلت مكة فطف بالبيت واسع بين الصفا والمروة،
فقال: أليس كل من طاف وسعى فقد أحل؟ فقال: إنك تعقد بالتلبية
ثم، قال: كلما طفت طوافا وصليت ركعتين فاعقد بالتلبية (5).
ونحوه آخر: عن المفرد للحج هل يطوف بالبيت بعد طواف الفريضة؟
قال: نعم ما شاء، ويجدد التلبية بعد الركعتين، والقارن بتلك المنزلة
يعقدان ما أحلا من الطواف بالتلبية (6).

(1) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 10 ج 8 ص 200.
(2) في المتن المطبوع والشرح الصغير: ويجوز للمفرد والقارن.
(3) التنقيح الرائع: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 440.
(4) إيضاح الفوائد: كتاب الحج في شرائط أنواع الحج ج 1 ص 262.
(5) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب أقسام الحج ح 1 و 2 ج 8 ص 256.
(6) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب أقسام الحج ح 1 و 2 ج 8 ص 256.
156

والظاهر ما ذكره الشيخ من الطواف مندوبا بعد طواف الفريضة،
مقدما على الوقوف (1).
ونحو منهما ثالث والموثق: من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل أحب
أو كره (2).
وأصرح منها ما رواه الفضل عن مولانا الرضا - عليه السلام - في العلل:
من أنهم أمروا بالتمتع إلى الحج لأنه تخفيف إلى قوله وأن لا يكون الطواف
محظورا، لأن المحرم إذا طاف بالبيت أحل، إلا لعلة، فلولا التمتع لم يكن
للحاج أن يطوف، لأنه إن طاف أحل وأفسد إحرامه وخرج منه قبل أداء
الحج (3).
وعليه الشيخ في المبسوط (4) والنهاية (5) والخلاف (6)، وعن الشهيدين
الفتوى به مشهورة، وبه صرح في اللمعة (7)، وشيخنا في الشرح، واختاراه
فيهما (8) وفي المسالك (9)، ونفى عنه البأس في التنقيح (10)، وذهب إليه
المحقق الثاني (11).
(وقيل: إنما يحل المفرد، بذلك خاصة، القائل به الشيخ في

(1) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في ضروب الحج ج 5 ص 44، والجمل والعقود: ص 131.
(2) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 5 ج 8 ص 184.
(3) علل الشرائع: باب 182 علل الشرائع وأصول الاسلام ص 274 قطعه من الحديث 9.
(4) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 311.
(5) النهاية: كتاب الحج ص 208.
(6) الخلاف: كتاب الحج م 57 ج 2 ص 282.
(7) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في أنواع الحج ص 33.
(8) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في أنواع الحج ص 33.
(9) مسالك الأفهام: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 102 س 14.
(10) التنقيح الرائع: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 441.
(11) جامع المقاصد: كتاب الحج شرائط أنواع الحج ج 3 ص 115.
157

التهذيب (1)، للنصوص المستفيضة، منها زيادة على ما قد عرفته مما دل على
أن السائق لا يحل ما لم يبلغ الهدي محله (2)، وخصوص جملة من المعتبرة.
منها الصحيح: أن رجلا جاء إلى أبي جعفر - عليه السلام - وهو خلف
المقام فقال: إني قرنت بين حج وعمرة، فقال: له هل طفت بالبيت؟
فقال: نعم، فقال: هل سقت الهدي؟ فقال: لا، فأخذه - عليه السلام -
بشعره، ثم قال: أحللت والله (13).
ومنها الموثق: من طاف بالبيت وبالصفا والمروة أحل أحب أو كره،
إلا من اعتمر في عامه ذلك، أو ساق الهدي وأشعره وقلده (4).
ومنها الموثق: رجل يفرد بالحج فيطوف بالبيت ويسعى بين الصفا
والمروة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة، فقال: إن كان لبى بعد ما سعى قبل
أن يقصر فلا متعة له (5).
ومنها المرسل: ما طاف بين هذين الحجرين الصفا والمروة أحد إلا أحل
إلا سائق الهدي (6).
وبهذه النصوص يقيد ما أطلق من الأخبار المتقدمة.
فأما ما صرح فيه بتحلل القارن، كالمفرد فيمكن حمله على القارن،
يعني بغير معنى السائق، كما وقع التصريح به في الصحيح من هذه

(1) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في ضروب الحج ج 5 ص 44.
(2) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 11 ج 8 ص 185.
(3) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب أقسام الحج ح 1 ج 8 ص 209.
(4) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 5 ج 8 ص 184، ومن لا يحضره الفقيه: باب
وجوه الحاج ح 2546 ج 2 ص 312.
(5) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 9 ج 8 ص 185.
(6) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 6 ج 8 ص 184.
158

المستفيضة.
ومع ذلك، فهو قاصر عن المكافاة لها، لكثرتها، واعتضادها بغيرها
دونه.
ومع ذلك، فهي أوفق بمقتضى الأصل الدال على بقاء عدم التحلل من
الاستصحاب. فهذا القول لا يخلو عن قوة، واستظهره أيضا في الذخيرة (1).
(وقيل: لا يحل أحدهما إلا بالنية، ولكن الأولى تجديد التلبية)
القائل الحلي (2) وتبعه الفاضل (3) وولده (4)، للأصل، والاتفاق على أن
القارن لا يمكنه العدول إلى التمتع والاحلال ما لم يبلغ الهدي محله، وتظافر
الأخبار (5) به، كما مر إليها الإشارة.
ولأن الاحرام عبادة لا تنفسخ إلا بعد الاتيان بأفعال ما أحرم له أو ما
عدل إليه، وإن نوى الانفساخ كالمعتمر لا يحل ما لم يأت بطواف العمرة
وسعيه، والحاج ما لم يأت بالوقوفين والطوافين للحج.
وإنما الأعمال بالنيات، فلا ينصرف الطواف المندوب إلى طواف
الحج، ولا ينقلب الحج عمرة بلا نية، بل حج القارن لا ينقلب عمرة مع
النية أيضا.
وفي الجميع نظر، لوجوب تخصيص الأصل بما مر، والثاني نقول
بموجبه، والثالث اجتهاد في مقابلة النص.
وتخصيصه بالمفروض من الطوافين في العمرة أو في الحج بعد الوقوفين غيري

(1) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في القارن والمفرد ص 555 س 2.
(2) السرائر: كتاب الحج ج 1 ص 522.
(3) قواعد الأحكام: كتاب الحج في شرائط أنواع الحج ج 1 ص 73 س 17.
(4) إيضاح القواعد: كتاب الحج في شرائط أنواع الحج ح 1 ص 262.
(5) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج ج 8 ص 183.
159

ظاهر الوجه، مع أني لم أجد بين الأصحاب قائلا بالفرق بينه وبين
الندب، بل صريح التهذيب ثبوت الانحلال بالطواف من غير تلبية في
الفرض (1).
وهنا قول آخر بالتفصيل بين المفرد والقارن، لكن الأول حكاه في
التنقيح عن المرتضى والمفيد (2)، ولكن الموجود في غيره (3) عنهما أنهما وكذا
الديلمي (4) والقاضي (5): أوجبوا تجديد التلبية على القارن دون المفرد، ولم
يصرحوا بالتحلل بدونها. ومستندهم غير واضح، وبه صرح في التنقيح (6).
قيل: وكأنهم استندوا إلى أن انقلاب حج المفرد إلى العمرة جائز دون
حج القارن، وأن الطواف المندوب قبل الموقفين يوجب الاحلال إن لم يجدد
التلبية بعده، فالمفرد لا بأس عليه إن لم يجددها، فإن غاية أمره انقلاب
حجته عمرة، وهو جائز، خلاف القارن فإنه إن لم يجددها لزم انقلاب
حجه عمرة، ولا يجوز (7)، انتهى.
وهو مبني على القول الأول من تحلل القارن والمفرد بترك التلبية، وأما
على المختار من عدم تحلل القارن بذلك، فينبغي أن لا يجب عليه التلبية،
بل ولا على المفرد أيضا حيث لا يتعين عليه الافراد.
وما يحكى عن الشيخ وغيره من وجوب التلبية لعله مخصوص بالصورة

(1) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في ضروب الحج ج 5 ص 44.
(2) تنقيح الرائع: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 441.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في بيان شروط أنواع الحج ص 262 س 2.
(4) المراسم: كتاب الحج في القران ص 103.
(5) المهذب: كتاب الحج في صفة القران في الحج ج 1 ص 210.
(6) تنقيح الرائع: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 441.
(7) كشف اللثام: كتاب الحج في الافراد ج 1 ص 284 س 1.
160

الأولى (1)، وإلا فلم أعرف للوجوب وجها.
وربما يظهر من عبارة القبل عدم خلاف بينهم في أن بالتحلل ينقلب
الحج عمرة، كما نقل التصريح به عن المبسوط (2) والنهاية (3)، وفي المسالك
عن جماعة (4)، وفي المدارك أنه ليس في الروايات عليه دلالة (5). وهو
كذلك.
نعم في الموثق السابق إن كان لبى بعد ما سعى قبل أن يقصر فلا متعة
له (6).
ومفهومه أنه إن لم يكن لبى له متعة، وهو نص في أن له المتعة مع
النية، أما بدونها بحيث يحصل الانقلاب إلى العمرة قهرا - كما هو ظاهر
الجماعة - فغير مفهوم من الرواية.
(ويجوز للمفرد إذا دخل مكة العدول بالحج إلى المتعة) إذا لم
يتعين عليه، بلا خلاف بيننا أجده، بل عليه إجماعنا في ظاهر عبائر
جماعة (7)، وصريح الخلاف (8) والمعتبر (9) والمنتهى (10)، للمعتبرة المستفيضة.

(1) وهو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام الافراد والقران ج 7 ص 199.
(2) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 311.
(3) النهاية: كتاب الحج في أنواع الحج ص 208.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 102 س 11.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام الافراد والقران ج 7 ص 201.
(6) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 9 ج 8 ص 185.
(7) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام الافراد والقران ج 7 ص 203، كشف اللثام كتاب
الحج في الافراد ج 1 ص 284 س 7.
(8) الخلاف: كتاب الحج م 37 ج 2 ص 269.
(9) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 797.
(10) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 663 س 26.
161

منها الصحيح: عن رجل لبى بالحج مفردا ثم دخل مكة وطاف بالبيت
وسعى بين الصفا والمروة، قال: فليحل وليجعلها متعة، إلا أن يكون ساق
الهدي فلا يستطيع أن يحل حتى يبلغ الهدي محله (1).
وإطلاقه كغيره يقتضي عدم الفرق بين ما لو كان، في نية العدول حين
الاحرام، وعدمه، والثاني ظاهر الصحيح وغيره، والأول صريح الموثق (2).
والصحيح المروي في الكشي عن عبد الله بن زرارة، وفيه: وعليك
بالحج أن تهل بالافراد وتنوي الفسخ إذا قدمت مكة وطفت وسعيت فسخت
وأهللت به وقلبت الحج عمرة وأحللت إلى يوم التروية ثم استأنفت الاهلال
بالحج مفردا إلى منى - إلى أن قال -: فكذلك حج رسول الله - صلى الله
عليه وآله -، وهكذا أمر أصحابه أن يفعلوا أن يفسخوا ما أهلوا به ويقلبوا
الحج عمرة (3)، الحديث.
ومنه يظهر فساد ما عن الإسكافي من اشتراط العدول بالجهل بوجوب
العمرة (4)، وقريب منه ما - في المدارك من تخصيص الحكم بما إذا لم يكن في
نيته العدول حين الاحرام (5).
ويستفاد من قوله - عليه السلام -: (وكذلك حج رسول الله - صلى الله
عليه وآله -) جواز الاستناد لاثبات هذا الحج بالأخبار المتظافرة بأمر النبي
- صلى الله عليه وآله - أصحابه بالعدول، كما فعله جماعة (6).

(1) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الاحرام ح 5 ج 9 ص 32.
(2) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 28.
(3) رجال الكشي: ص 138 قطعة من الحديث 221، ووسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج
ح 11 ج 8 ص 185.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في حج الافراد وشرائطه ج 1 ص 284، نقلا عنه س 9.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام الافراد والقران ج 7 ص 205.
(6) مسالك الأفهام: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 102 س 9، ومدارك الأحكام: كتاب
الحج في أحكام الافراد والقران ج 7 ص 204، كشف اللثام: كتاب الحج في حج الافراد
وشرائطه ج 1 ص 284 س 8.
162

ولكن أورد عليه بأنها ليست من محل البحث في شئ، فإن الظاهر
منها أن هذا العدول على سبيل الوجوب، حيث أنه نزل جبرئيل
- عليه السلام - بوجوب التمتع على أهل الآفاق، ومبدأ النزول كان فراغه من
السعي، ونزلت الآية في ذلك المقام بذلك، فأمرهم بجعل ما طافوا وسعوا
عمرة، حيث أن جملة (من كان معه من أهل الآفاق وأن يحلوا ويتمتعوا بها
إلى الحج)، فهو ليس مما نحن فيه من جواز العدول وعدمه في شئ.
ويمكن الجواب عنه: بأن أمره - صلى الله عليه وآله - جميع أصحابه بذلك
أوضح دليل على ذلك، للقطع بأن منهم من أدى الواجب عليه من فريضة
حج الاسلام قبل ذلك العام، فيكون حجه فيه مندوبا.
فعدوله المأمور به من محل البحث وإن كان فيهم أيضا من وجب عليه
الحج في ذاك العام، فإن دخوله فيها غير قادح، بعد شمولها لما هو من كل
البحث.
وحيث قد عرفت شمولها لمن وجب عليه حج الافراد اتضح وجه ما
ذكره شيخنا الشهيد الثاني، من أن تخصيص الحكم بمن لم يتعين عليه
الافراد بعيد عن ظاهر النص (1).
وذلك فإن ممن صحبه - عليه السلام - ذلك العام كان قد وجب عليه
حج الافراد وحرم له، كما هو الفرض وقد أمر بالعدول.
ولا يكاد يظهر فرق بينه وبين سائر من وجب عليه من أهل مكة
وغيرهم، لاشتراكهم قبل نزول التمتع في كون الواجب عليهم حج الافراد.

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 102 س 18.
163

اللهم إلا أن يقال: إن الأخبار الدالة على أن فرض أهل مكة الافراد
يعم محل النزاع، فيشكل الخروج عنها بمجرد أخبار المسألة.
أما المعتبرة المستفيضة منها فلأنها أيضا عامة، والتعارض بينها وبين
تلك الأخبار تعارض العموم والخصوص من وجه، يمكن تخصيص كل منهما
بالأخرى، وحيث لا ترجيح فالأخذ بالمتيقن واجب.
وأما الأخبار بأمر النبي - صلى الله عليه وآله -، فلأنها لا عموم لها تشمل
محل البحث صريحا، لأنها قضية في واقعة، فيجب الأخذ بالمتيقن منها،
وليس إلا من وجب عليه الحج وهو ناء، وهو غير من وجب عليه وهو
حاضر، وعدم ظهور الفرق غير ظهور عدم الفرق، وهو المعتبر دون الأول.
فإذا الأولى والأحوط الاقتصار في العدول على من لم يتعين عليه الافراد
بنذر وشبهه، كما عليه جماعة (1).
ثم إن إطلاق الأخبار بجواز العدول يشمل ما لو كان لبى بعد طوافه
وسعيه أم لا.
(لكن) الأحوط والأولى أن (لا يلبي بعد طوافه وسعيه، و) ذلك لتصريح
جماعة كالتهذيب (2) والنهاية (3) والمبسوط (4) والوسيلة (5) والمهذب (6) والجامع (7)

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 102 س 18، وجامع المقاصد: ج 3
ص 116، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام الافراد والقران ج 7 ص 204.
(2) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في ضروب الحج ج 5 ص 44.
(3) النهاية: كتاب الحج في أنواع الحج ص 208.
(4) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 311.
(5) الوسيلة: كتاب الحج ص 159.
(6) المهذب: كتاب الحج باب ما ينعقد به الاحرام ج 1 ص 217.
(7) الجامع للشرائع: كتاب الحج باب أنواع الحج ص 179.
164

والشرائع (1) والقواعد (2) وغيرهم بأنه (لو لبى بعد أحدهما
بطلت متعته وبقي على حجه) اعتماد (على رواية) موثقة (3) تقدم
ذكرها قبل المسألة متصلة بها، مؤيدة بالأمر بالتلبية إذا طاف قبل العرفات
لعقد الاحرام، كما قيل (4).
خلافا للمحكي عن الحلي، فقال: إنما الاعتبار بالقصد والنية
لا التلبية، لحديث الأعمال بالنيات (5)، مع ضعف الخبر ووحدته، وإليه
ميل الماتن، لنسبة الأول إلى رواية، وبه أفتى فخر الاسلام، مع حكمه
بصحة الخبر، وقال: وهو اختيار والدي (6).
والأقرب الأول، لاعتبار سند الخبر، وعدم ضير في وحدته على الأظهر
الأشهر، سيما مع اعتضاده بعمل جمع، فيخص به عموم الحديث
السابق، مع أخصيته من المدعى، فإنه إنما يتم في العدول قبل الطواف،
فإن العبرة بالنية في الأعمال، فإذا عدل فطاف وسعى ناويا بهما عمرة
التمتع لم يضر التلبية بعدهما شيئا، والمدعى أعم منه ومن العدول بعدهما.
بل قيل أن كلامهم فيه. ولا يعمل حينئذ عملا يقرنه بهذه النية،
ولا دليل على اعتبار هذه النية بلا عمل، إلا أن يتمسكوا بأمر النبي - صلى
الله عليه وآله - الصحابة بالعدول بعد الفراغ من السعي، من غير تفصيل (7).

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج ج 1 ص 247.
(2) قواعد الأحكام: كتاب الحج في شرائط أنواع الحج ج 1 ص 73 س 17.
(3) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 9 ج 8 ص 185.
(4) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 321 س 13.
(5) السرائر: كتاب الحج باب كيفية الاحرام ج 1 ص 536.
(6) إيضاح الفوائد: كتاب الحج في شرائط أنواع الحج ج 1 ص 262، والحاكي هو صاحب كشف
اللثام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 321 س 16.
(7) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 321 س 18.
165

وهو حسن لولا الخبر المفصل المعتبر.
واعلم أن التلبية بعد الطواف والسعي إنما تمنع من العدول إذا كان
بردهما. أما إذا كان قبلهما فالظاهر أنه متمتع لبى في غير وقتها، ولا يضر
ذلك بعدوله، ولا تقلب عمرته المعدول إليها حجه مفردة اقتصارا فيما خالف
العمومات، الدالة على جواز العدول من غير تقييد بعدم التلبية على مورد
الرواية التي هي الأصل في تقييدها به، وعزاه بعض الأصحاب إلى الأكثر،
قال: خلافا لظاهر التحرير والمنتهى وتردد الشهيد (1).
(ولا يجوز العدول للقارن) بالنص والاجماع الظاهر المصرح به في جملة
من العبائر (2).
ولا فرق فيه بين تعين القران عليه قبل الاحرام، أم لا، لتعينه عليه
بالسياق.
وإذا عطب هديه قبل مكة ولم يجب عليه الابدال فهل يصير كالمفرد في
جواز العدول؟ احتمال، لتعليل المنع عنه في الأخبار بأنه لا يحل حتى يبلغ
الهدي محله.
(والمكي إذا بعد ثم حج على ميقات) من المواقيت الخمسة التي
للآفاق (أحرم منه وجوبا) بغير خلاف ظاهر مصرح به في جملة من
العبائر (3)، وسيأتي من النصوص ما يدل عليه.
وليس في العبارة وما هنا ضاهاها دلالة على تعيين النوع الذي يحرم به

(1) الظاهر أنه هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 321 س 16.
(2) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 797، وتنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 442، ومدارك
الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 203، وكشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 284.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج ج 7 ص 205، وذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 555 س 32،
والحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 406.
166

من الميقات، والظاهر أنه فرضه. واختلف في جواز التمتع له، وقد سبق
الكلام فيه.
(و) النائي (المجاور بمكة) لا يخرج بمجرد المجاورة عن فرضه المستقر
عليه قبلها مطلقا قطعا. وكذا بعدها إذا لم يقم مدة يوجب انتقال الفريضة
إلى غيرها، بل (إذا أراد حجة الاسلام خرج إلى ميقاته فأحرم منه)
للتمتع وجوبا بلا خلاف أجده، بل قيل: إجماعا فتوى ونصا (1).
وإن اختلفا في تعيين الميقات الذي يخرج إليه أنه هل هو ميقات أهله،
كما هو ظاهر العبارة والخلاف (2) والمقنعة (3) والكافي (4) والجامع (5)
والمعتبر (6) والتحرير (7) والمنتهى (8) والتذكرة (9)، وموضع من النهاية (10) كما
حكي، للخبر عن المجاور أله أن يتمتع بالعمرة إلى الحج؟ قال: نعم يخرج
إلى مهل أرضه فيلبي إن شاء (11)، معتضدا بالصحاح الواردة في ناسي
الاحرام أو جاهله أنه يرجع إلى ميقات أهل أرضه (12)، بناء على عدم تعقل

(1) نم نعثر على قائله.
(2) الخلاف: كتاب الحج ج 2 م 60 ص 285.
(3) المقنعة: كتاب الحج باب المواقيت ص 396. (
(4) الكافي في الفقه: كتاب الحج في الميقات ص 202.
(5) الجامع للشرائع: كتاب الحج باب أنواع الحج وميقاته ص 178.
(6) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 799.
(7) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 1 ص 95 س 6.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 664 س 12.
) * (9) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 319 س 13.
(10) النهاية: كتاب الحج باب المواقيت ص 211.
(11) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب أقسام الحج ح 1 ج 8 ص 190 والتهذيب: في المواقيت ج 5
ص 59 ح 188، وفيهما: مهل أرضه.
(12) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ج 8 ص 238.
167

خصوصية للناسي وتاليه، بل لكون الميقات للنائي مهل أرضه، كما يفصح
عنه العمومات الواردة بالمواقيت (1).
أو أي ميقات كان، كما يقتضيه إطلاق الشرائع (2) والقواعد (3)
والارشاد (4) والنهاية (5) والمبسوط (6) والمقنع (7) كما حكي، وصرح به
شيخنا الشهيد الثاني (8)، للمرسل: ليس له أن يحرم من مكة ولكن يخرج
إلى الوقت (9)، الخبر، مؤيد بعدم خلاف في أن من مر على ميقات أحرم
منه وإن لم يكن من أهله.
أو أدنى الحل، كما عن الحلي (10)، الصحيح وغيره: قلت: من أين؟
قال: يخرجون من الحرم (11).
وفي الجميع نظر، لضعف الخبر الأول سندا ب‍ (معلى)، ودلالة بقوله:
(إن شاء)، مع احتمال كون المراد الاجتزاء عن مكة.
وبنحوه يجاب عن الصحاح، مع أن التعدي عنها قياس.

(1) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب أقسام الحج ح 1 ج 8 ص 190 و ب 19 من أبواب المواقيت ح 1
ج 8 ص 244.
(2) شرائع الاسلام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 241.
(3) قواعد الأحكام: كتاب الحج في تعيين المواقيت ج 1 ص 79 س 20.
(4) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 315.
(5) النهاية: كتاب الحج باب المواقيت ص 210.
(6) المبسوط: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 313.
(7) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 18 س 28.
(8) مسالك الأفهام: كتاب الحج ج 1 ص 105 س 11.
(9) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 9 ج 8 ص 194.
(10) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 202.
(11) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 3 ج 8 ص 192، و ب 8 منه ح 1 ص 190.
168

وعدم تعقل الفرق غير تعقل عدم الفرق، وهو المعتبر فيه دون الآخر.
وشمول أخبار المواقيت لنحو ما نحن فيه محل مناقشة، لعدم تبادره منها
بلا شبهة.
والمرسل كالخبر في الضعف سندا، بل ودلالة، لاجمال الوقت فيه
المحتمل لإرادة مهل أهل الأرض، باحتمال اللام للعهد. وعدم الخلاف في
اجزاء الاحرام من غيره بعد المرور به، غير المفروض من حكم المروي.
والصحيح وغيره نادران، مع أن خارج الحرم فيهما مطلق يحتمل التقييد
بمهل أهل الأرض أو مطلق الوقت أو صورة تعذر المصير إليهما، للاتفاق على
الجواز حينئذ كما يأتي، فيتعين حملا للمطلق على المقيد ولو قصر السند،
للانجبار هنا بالعمل، لاتفاق من عدا الحلي على اعتبار الوقت وإن اختلفوا
في إطلاقه وتقييده.
وأما الصحيح من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من جعرانة أو
الحديبية أو ما أشبههما (1)، فمحمول على العمرة المفردة، كما وردت به
المستفيضة.
مع أنه معارض بصريح الموثق في المجاور، وفيه: فإن هو أحب أن يتمتع
في أشهر الحج بالعمرة إلى الحج فليخرج منها حتى يجاوز ذات عرق ويجاوز
عسفان فيدخل متمتعا بعمرة إلى الحج، فإن هو أحب أن يفرد الحج
فليخرج إلى الجعرانة فيلبي منها (2). فتدبر.
وحيث ظهر ضعف أدلة الأقوال وجب الرجوع في المسألة إلى مقتضى
الأصول الشرعية، وهو هنا البراءة عن تعيين ميقات عليه إن اتفق على

(1) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب المواقيت ح 1 ج 8 ص 247.
(2) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب أقسام الحج ح 2 ج 8 ص 195.
169

الصحة، مع المخالفة لما يوجب عليه، ووجوب الأخذ بالمبرئة للذمة منها
يقينا إن كان ما يوجب عليه شرطا.
فالذي ينبغي تحصيله تشخيص محل النزاع، من تعيين الوقت أهو أمر
شرعي تكليفي خاصة، أم شرطي؟ والظاهر الثاني، لما مر من عدم الخلاف
في صحة الاحرام من كل وقت يتفق المرور عليه، وتصريح بعض من صار
إلى اعتبار أدنى الحل بجوازه وصحة إحرامه من غيره من المواقيت البعيدة.
وعليه، فيعود النزاع إلى وجوب الخروج إلى مهل أهل الأرض أم لا،
بل يجوز الخروج إلى أي وقت كان ولو أدنى الحل، والحق الثاني، إلا
بالنسبة إلى أدنى الحل فلا يجوز الخروج إليه اختيارا، لدلالة الروايات
المعتبرة - ولو بالشهرة - على وجوب الخروج إلى غيره فيتعين (1).
وأما وجوب الخروج إلى مهل الأرض فالأصل عدمه، بعد ما عرفت من
ضعف دليله، وإن كان أحوط، للاتفاق على جوازه.
(ولو تعذر) الخروج إليه (خرج إلى أدنى الحل) فأحرم منه
كغيره.
(ولو تعذر أحرم من مكة) بلا خلاف أجده فيهما، وقد مر ما يصلح
أن يكون مستندا في الأول.
وأما الثاني: فيدل عليه ما دل على ثبوت الحكم في غير ما نحن فيه.
(ولو أقام بها سنتين) كاملتين (انتقل فرضه) في الثالثة (إلى
الافراد والقران) لا يجوز له غيرهما، وفاقا للشيخ في كتابي الأخبار (2)

(1) وسائل الشيعة: ب 7 و 8 و 9 من أبواب أقسام الحج ج 8 ص 189 - 191.
(2) الاستبصار: كتاب الحج في حج الافراد ج 2 ص 159، والتهذيب: كتاب الحج ج 5 ص 34 في
ضروب الحج.
170

والفاضلين (1) والشهيدين (2) وغيرهما (3)، بل في المسالك وغيره أنه المشهور
بين الأصحاب (4)، وربما عزى إلى علمائنا من عدا الشيخ، للصحيحين.
في أحدهما: من أقام بمكة سنتين فهو من أهل مكة لا متعة له، فقلت
له: أرأيت إن كان له أهل بالعراق وأهل بمكة، قال: فلينظر أيهما الغالب
عليه فهو من أهله (5).
خلافا للمحكي عن الإسكافي (6) والنهاية (7) والمبسوط (8) والحلي (9)
فاشترطوا ثلاث سنين، للأصل، ويخصص بما مر.
وما ورد من الصحاح وغيرها بأقل من ذلك كالسنة والستة أشهر (10)،
شاذ مطروح أو مأول.
وحمله على التخيير ضعيف، لفقد التكافؤ بالشذوذ.
وأضعف منه الميل إلى العمل بها، وصرف التوجيه إلى ما قابلها، بحمله
على أن المراد الدخول في الثانية، إذ لا داعي له سوى الكثرة، وهي
مضمحلة في جنب الشذوذ والندرة.

(1) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 799، ومنتهى المطلب: كتاب الحج في فرض التمتع ج 2 ص 664
س 17.
(2) اللمعة الدمشقية والروضة البهية: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 217.
(3) جامع المقاصد: كتاب الحج شرائط أنواع الحج ج 3 ص 117.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في القران والأفراد ج 2 ص 102 س 23.
(5) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 1 ج 8 ص 191.
(6) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أنواع الحج ص 261 س 9، نقلا عنه.
(7) النهاية: كتاب الحج باب أنواع الحج ص 206.
(8) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 308.
(9) السرائر: كتاب الحج في أقسام الحج ج 1 ص 522.
(10) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 7 و 8 و 9 ج 8 ص 194.
171

مع أن الصحيح الثاني لا يقبله على نسخة.
وفيها: فإذا جاوز سنتين كأن قاطنا، وليس له أن يتمتع (1).
والمجاوزة صريحة في اعتبار تمام الثانية، بل وزيادة، ولذا جعل على
هذه النسخة دليلا للنهاية (2).
ولكنه محل مناقشة، لكن النسخة المشهورة - كما قيل - (3) بدل (جاوز)
بالزاء المعجمة (جاور) بالراء المهملة، وهو يقبل الحمل الذي ذكره.
ومقتضى إطلاق النص والفتوى عدم الفرق في الإقامة الموجبة لانتقال
الفرض، بين كونها بنية الدوام أو المفارقة، كما ذكره جماعة، ومنهم شيخنا
في المسالك (4) وسبطه (5) وغيرهما.
وربما قيد (6) بالثاني، ولعله لاطلاق ما دل على أن أهل مكة فرضهم
الافراد والقران، بناء على صدق العنوان على من جاور بنية الدوام بمجرد
النية، وبه صرح في المسالك (7). وفي كل من القولين نظر.
لأن بين اطلاقيهما عموما وخصوصا من وجه، لتواردهما في المجاور سنتين
بنية الدوام، وافتراق الأول عن الثاني في المجاور سنتين بغير النية، والعكس
فيما نحن فيه.

(1) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 2 ج 8 ص 192.
(2) النهاية: كتاب الحج باب أنواع الحج ص 206.
(3) القائل هو صاحب الوافي: كتاب الحج ب 42 في أنه لا متعة للمجاور لمكة ج 8 من المجلد الثاني
ص 75.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في القران والأفراد ص 102 س 24.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام الافراد والقران ج 7 ص 210.
(6) في (م) و (ق): وربما قيل.
(7) مسالك الأفهام: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 102 س 31.
172

فترجيح أحدهما على الآخر وجعل المقيد له غير ظاهر الوجه، ولكن
مقتضى الأصل، وهو استصحاب عدم انتقال الفرض يرجح الأول.
ولو انعكس الفرض فأقام المكي في الآفاق لم ينتقل فرضه ولو أقام
سنتين فصاعدا، عملا بالأصل، مع اختصاص النص بالانتقال، مع
إقامتها بصورة العكس، وحرمة القياس.
نعم لو أقام بنية الدوام اتجه انتقال فرضه إلى التمتع مطلقا، لصدق
النائي عليه حينئذ حقيقة عرفا، بل ولغة، مع خلوه عن المعارض.
(ولو كان له منزلان) أحدهما (بمكة) وما في معناها (و) الآخر
بمحل (ناء) عنها (اعتبر) في تعيين الفرض (أغلبهما عليه) إقامة،
فيتعين عليه فرضه.
(ولو تساويا تخير في التمتع وغيره) بلا خلاف في المقامين ظاهرا،
استنادا في الثاني إلى عدم إمكان الترجيح من غير مرجح فانتفاء التكليف
بالحج المتعدد بالعسر المنفي، مضافا إلى قوة احتمال الاجماع على نفيه، وفي
الأول إلى الصحيح المتقدم.
ويجب تقييده وفاقا لجماعة بما إذا لم يكن إقامته في مكة سنتين متواليتين
فإنه حينئذ يلزمه حكم أهل مكة وإن كانت إقامته في الثاني أكثر، لما مر
من أن إقامة السنتين يوجب انتقال حكم النائي، الذي ليس له بمكة منزل
أصلا، فمن له مسكن أولى (1).
ومنع الأولوية - كما اتفق لبعض المعاصرين - (2) لم أعرف له وجها.

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في القران والأفراد ج 1 ص 103 س 4، واللمعة الدمشقية: كتاب
الحج في القران والأفراد ج 2 ص 216.
(2) وهو صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في المواقيت ج 14 ص 431.
173

(و) اعلم أنه (لا يحب على المفرد والقارن هدي) التمتع وإن
استحب لهما الأضحية، بل (يختص الوجوب بالتمتع) بالكتاب والسنة
والاجماع، وسيأتي الكلام مفصلا في المقامين إن شاء الله.
(ولا يجوز القران بين الحج والعمرة بنية واحدة) بمعنى أن يكتفي بها
لهما، ولم يحتج إلى إحرام آخر، بل ولا إحلال في البين، سواء في ذلك
القران وغيره على المشهور، بل عن الخلاف أن عليه الاجماع (1).
قيل: لأنهما عبادتان متبائنتان، ولا يجوز الاتيان بإحداهما، إلا مع
الفراغ من الأخرى، ولا بد في النية من مقارنتها المنوي، فهو كنية صلاتي
الظهر والعصر دفعة (2).
وفيه: أن مقتضاه الفساد لا التحريم، كما هو محل البحث.
ثم ظاهر العبارة وغيرها - بل صريح بعضها - إلا أن ينضم إلى النية قصد
التشريع فيحرم من جهته، فلا بد من ذكر هذا القيد في الدليل.
ثم إن ما أفاده الدليل من الفساد هو ظاهر كل من منع من الأصحاب
على ما يظهر من المختلف وصرح (3) به، وكذا الشهيدان في الدروس (4)
واللمعتين، وعلله ثانيهما بالنهي المفسد للعبادة (5)، وغيره بفساد النية،
لكونها غير مشروعة، وهو يستلزم فساد العمل، وخصوصا الاحرام الذي
عمدته النية (6)، لكنه فصل فقال:

(1) الخلاف: كتاب الحج م 27 ج 2 ص 261 - 262.
(2) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 285 س 24.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أنواع الحج ص 261 س 24.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 92.
(5) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج أنواع الحج ج 2 ص 219.
(6) كشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 285 س 28.
174

والتحقيق: أنه إن جمع في النية على أنه محرم بهما الآن وأن ما يفعله من
الأفعال أفعال لهما، أو على أنه محرم بهما الآن ولكن الأفعال متمائزة، إلا
أنه لا يحل إلا بعد إتمام مناسكهما جميعا، أو على أنه محرم بالعمرة أو
لا مثلا، ثم بالحج بعد إتمام أفعالها من غير إحلال في البين، فهو فاسد.
مع احتمال صحة الأخير، بناء على أن عدم التحلل غير مبطل، بل
يقلب العمرة حجا وإن جمع بمعنى إن قصد من أول الأمر الاتيان بالعمرة ثم
الاحلال ثم بالحج، أو بالعكس فلا شبهة في صحة النية وأول النسكين،
إلا من جهة مقارنة النية للتلبية إن كانت كتكبيرة الاحرام للصلاة، فإن
جدد للنسك الآخر نية صح أيضا، وإلا فلا.
ثم قال: وفي الخلاف إذا قرن بين العمرة والحج في إحرامه لم ينعقد
احرامه إلا بالحج، فإن أتى بأفعال الحج لم يلزمه. وإن أراد أن يأتي بأفعال
العمرة ويحل ويجعلها متعة جاز ذلك ويلزمه الدم، وبمعناه ما في المبسوط:
من أنه متى أحرم بهما يمضي في أيهما شاء، وما في الجامع: من أنه إن كان
فرضه المتعة قضى العمرة ثم حج وعليه دم، وإن كان فرضه الحج فعله
ولا دم عليه.
وكأنهما أرادا المعنى الأخير، وأن قصده إلى ثاني النسكين عزم لا نية.
ولا ينافي صحة الأول ونيته وإن أرادا أحد المعنيين الأولين، بناء على
أن الاحرام بهما أحرم بأحدهما وزيادة، فغاية الأمر إلغاء الزائد لا إبطالهما
جميعا. فيرد عليهما أنه نوى عبادة مبتدعة، كما إذا نوى بركعة من صلاته
أنها من صلاة الظهر والعصر جميعا.
وإن أرادا المعنى الباقي احتمل البطلان، لأن الذي قصده من عدم
التحلل في البين مخالف للشرع والصحة، بناء على أنه أمر خارج عن
النسك، والواجب إنما هو نيته، ولا ينافيها نية خارج مخالف للشرع، بل
175

غايتها اللغو.
مع أن عدم التحلل في البين مشروع في الجملة، لأنه لا يبطل العمرة،
بل يقلبها حجة (1)، انتهى.
ومرجعه إلى تحقيق موضوع المسألة وأن المراد بالقران ما هو الظاهر من
كلمة القوم أنه المعنيان الأولان لا الأخيران، مع أن النية فيهما بالإضافة إلى
النسك الثاني عزم لا نية، وقد أشار هو إليه أيضا، فلا يرتبطان بموضع
مسألتنا.
فرجع حاصل البحث إلى الفساد كما أطلقه القوم ولعل المقصود من هذا
التحقيق الإشارة إلى عدم القطع بمخالفة الشيخ في الفساد في محل البحث،
لاحتمال إرادته المعنيين الأخيرين الخارجين عنه.
واعلم أنه يستفاد من بعض الأصحاب اتحاد هذه المسألة مع المسألة
المتقدمة في الفرق بين القارن والمفرد، حيث لم يشبع الكلام هنا، بل أحال
إلى ما مضى (2).
وهو كما ترى، فإن مورد هذه المسألة حرمة القران أو جوازه كما عليه
الإسكافي (3) والعماني (4)، وتلك إن الفارق بين المفرد والقارن ما هو من
غير نظر إلى جواز القران بهذا المعنى وعدمه.
(ولا إدخال أحدهما على الآخر) بأن ينويه قبل الاحلال من الآخر
وإتمام أفعاله، أتم الافعال بعد ذلك أو لا، لأنه بدعة وإن جاز نقل النية
من أحدهما إلى الآخر اضطرارا أو مطلقا وحكمنا بانقلاب العمرة حجة مفردة

(1) كشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 285 س 28 - 37.
(2) وهو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام الافراد والقران ج 7 ص 212.
(3) نقل عنهما في الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 92.
(4) نقل عنهما في الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 92.
176

إن أحرم بالحج قبل التقصير.
وكأن الحكم إجماعي، كما ذكره جماعة (1)، وحكاه بعضهم عن
الخلاف والسرائر (2). وهو الحجة المعتضدة بعد ما مر بالصحيح الوارد في
الفاعل ذلك ناسيا أنه يستغفر الله تعالى (3).
(المقدمة الرابعة)
(في) تعيين (المواقيت)
أي الأمكنة المحدودة شرعا للاحرام، بحيث لا يجوز لأهلها التجاوز من
غيرها اختيارا إلا إذا لم يؤد الطريق إليها.
(وهي ستة) في المشهور بين الأصحاب، كما في المسالك (4).
ولكن اختلفت عبائرهم في التعبير عن السادس بعد الاتفاق على
الخمسة الأول، وهي إلى قرن المنازل، فجعل، في عبارة دويرة الأهل (5)،
وفي آخر بدلها مكة لحج التمتع (6)، وفي ثالثة ذكرا معا (7)، فتصير المجموع سبعة، مع
أنها فرضت ستة، فيحتمل كون الزائد عليها منها دويرة الأهل، كما يفهم من بعض،

(1) منهم: الشهيد الثاني في المسالك: كتاب الحج ج 1 ص 103 س 23، والسيد محمد في المدارك:
كتاب الحج ج 57 ص 212، والسبزواري في الذخيرة: كتاب الحج ص 557.
(2) كشف اللثام: كتاب الحج في الاحرام ومواضعه ص 285 س 39.
(3) وسائل الشيعة: ب 54 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 73.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 103 س 29.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 94.
(6) مسالك الأفهام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 103 س 30.
(7) قواعد الأحكام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 79 س 10.
177

قال: لأن المنزل الأقرب غير محدود (1)، ويفهم من الشرائع كونه الآخر،
حيث عد من الستة الدويرة بدله (2).
وربما حصرت في عشرة وهي مجموع السبعة، ومحاذاة الميقات لمن لم يمر
به وحاذاه، وأدنى الحل أو مساواة أقرب المواقيت إلى مكة لمن لم يحاذ، وفخ
لاحرام الصبي، وفي المنتهى (3) والتحرير (4) اقتصر على الخمسة، وهو
المستفاد من جملة من الصحاح.
منها: الاحرام من مواقيت خمسة وقتها رسول الله - صلى الله عليه وآله -
لا ينبغي لحاج ولا معتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها، وقت لأهل المدينة
ذو الحليفة، وهو مسجد الشجرة يصلي فيه ويفرض الحج، ووقت لأهل
الشام الجحفة، ووقت لأهل نجد العقيق، ووقت لأهل الطائف قرن
المنازل ووقت لأهل اليمن يلملم (5) الخبر. وقريب منه آخر.
وفيه: ومن تمام الحج والعمرة أن يحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله
- صلى الله عليه وآله -، لا تجاوزها إلا وأنت محرم فإنه وقت لأهل العراق
ولم يكن يومئذ عراق بطن العقيق من قبل أهل العراق، ووقت لأهل اليمن
يلملم، ووقت لأهل الطائف قرن المنازل، ووقت لأهل المغرب الجحفة
وهي مهيعة، ووقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ومن كان منزله خلف هذه
المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله (6). فتدبر.

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 305 س 3.
(2) شرائع الاسلام: كتاب الحج ج 1 ص 241.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 1 ص 665 س 34.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج ج 1 ص 94 س 10.
(5) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ح 3 ج 8 ص 222.
(6) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ح 2 ج 8 ص 232.
178

وهي أي الخمسة، بل الستة مجمع عليها بين الطائفة، كما صرح به
جماعة، بل العلماء كافة، إلا مجاهد في دويرة الأهل، فجعل بدلها مكة،
وأحمد في إحدى الروايتين في مكة لحج التمتع، فقال: بدله يخرج من
الميقات فيحرم منه، كما في المنتهى (1)، ولم ينقل خلافا من أحد في شئ
من الخمسة.
بل قال بعد عدها وهو قول علماء الإسلام: ولكن اختلفوا في وجه ثبوته
أما الأربعة الأول - وأشار بها إلى ما عدا العقيق - فقد اتفقوا على أنها
منصوصة عن الرسول، وأنها مأخوذة بالتوقيف عنه - صلى الله عليه
وآله - (2).
أقول: والنصوص من طرقنا بالجميع - زيادة على ما مر مستفيضة،
سيأتي إن جملة منها الإشارة.
ف‍ (لأهل العراق العقيق، وهو في اللغة كل واد عقه السيل، أي
شقه فأنهره ووسعه، وسمي به أربعة أودية في بلاد العرب، أحدها
الميقات، وهو واد يندفق سيله في غوري تهامة، كما عن تهذيب اللغة (3).
والمشهور أن (أفضله (المسلخ)) وليس في ضبطه شئ يعتمد عليه،
وفي التنقيح (4) وعن فخر الاسلام (5): أنه بالسين والحاء المهملتين واحد
المسالح، وهي المواضع العالية، وقيل: بالخاء المعجمة لنزع الثياب (6).

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 667 س 8.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 665 س 37.
(3) تهذيب اللغة: ج 1 ص 59.
(4) التنقيح الرائع: كتاب الحج ح 1 ص 446.
(5) في كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 305 نقله عنه في شرح الارشاد س 39.
(6) مسالك الأفهام: كتاب الحج ج 1 ص 103 س 34.
179

(و) أنه يليه في الفضل (أوسطه (غمرة)) بالغين المعجمة والراء
المهملة والميم الساكنة، منهلة من مناهل طريق مكة، وهي فصل ما بين
نجد وتهامة كما عن الأزهري (1)، وفي التنقيح (2) وعن فخر الاسلام (3) أنها
سميت بها لزحمة الناس فيها.
(و) أن (آخره ذات عرق) بعين مهملة مكسورة فراء مهملة
ساكنة، وهو الجبل الصغير، وبه سميت كما عن النهاية الأثيرية (4)، وفي
التنقيح (5) وعن فخر الاسلام أنها سميت بذلك لأنها كان بها عرق من
الماء أي قليل (6).
ويجوز الاحرام منها عندهم اختيارا للخبرين.
في أحدهما: حد العقيق أوله المسلخ، وآخره ذات عرق (7).
وفي الثاني: وقت رسول الله - صلى الله عليه وآله - لأهل العراق العقيق
وأوله المسلخ، وأوسطه غمرة، وآخره ذات عرق، وأوله أفضله (8).
ونحوه الرضوي (9)، إلا أن بعده بأسطر: ولا يجوز الاحرام قبل بلوغ
الميقات، ولا يجوز تأخيره عن الميقات إلا لعليل أو تقية (10)

(1) تهذيب اللغة: ج 8 ص 129.
(2) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 446.
(3) في كشف اللثام كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 306، نقله عنه في شرح الارشاد س 5.
(4) النهاية: ج 3 ص 219.
(5) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 447.
(6) في كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 306، نقله عنه في شرح الارشاد س 9.
(7) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب المواقيت ح 7 ج 8 ص 226.
(8) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب المواقيت ح 9 ج 8 ص 226، و ب 3 ح 4 ص 227 وفيهما: وأوله
أفضل.
(9) فقه الرضا (ع): ص 216.
(10) فقه الرضا (ع): ص 216.
180

وبظاهره أخذ والد الصدوق كما في المختلف (1) وتبعه الشهيد في
الدروس (2)، وزاد الشيخ في النهاية (3)، وعزاه بعض متأخري المتأخرين
إلى الصدوق أيضا في المقنع والهداية (4).
واستدل لهم بالصحيح: وقت رسول الله - صلى الله عليه وآله - لأهل
المشرق العقيق نحوا من بريدين ما بين بريد البعث إلى غمرة، ووقت لأهل
المدينة ذا الحليفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل
اليمن يلملم (5).
والصحيح: أول العقيق بريد البعث وهو دون المسلخ بستة أميال مما يلي
العراق، وبينه وبين غمرة أربعة وعشرون ميلا بريدان (6).
والخبر: حد العقيق ما بين المسلخ إلى عقبة غمرة (7).
وربما يميل إليه بعض متأخري المتأخرين، قال: ولا يبعد عندي حمل
الخبرين المشار إليهما على التقية (8).
للصحيح المروي في الاحتجاج عن مولانا صاحب الزمان: عن الرجل
يكون مع بعض هؤلاء ويكون متصلا بهم يحج ويأخذ عن الجادة ولا يحرم
هؤلاء من المسلخ، فهل يجوز لهذا الرجل أن يؤخر إحرامه إلى ذات عرق

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 262 س 35.
(2) الدروس: كتاب الحج في المواقيت ص 94.
(3) النهاية ونكتها: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 466.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 306 س 20.
(5) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ح 6 ج 8 ص 223 وفيه: بريد.
(6) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب المواقيت ح 2 ج 8 ص 225.
(7) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب المواقيت ح 5 ج 8 ص 326.
(8) الحدائق الناضرة: كتاب الحج في المواقيت ج 14 ص 440.
181

فيحرم معهم لما يخاف من الشهرة أم لا يجوز أن يحرم إلا من المسلخ؟
فكتب إليه في الجواب: يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب ويلبي في
نفسه فإذا بلغ إلى ميقاتهم أظهره (1)، وفيه نظر.
أما أولا: فلفقد التكافؤ بين الأخبار، لاشتهار الخبرين بين الأصحاب،
بحيث كاد أن يكون إجماعا، كما يشعر به كلمات جملة من الأصحاب،
حيث أنهم لم ينقلوا الخلاف، مع أن ديدنهم نقله حيث كان.
وآخرون منهم عزوا مضمونهما إلى الأصحاب والمعروف بينهم، مشعرين
بدعوى الاجماع عليه، كما في صريح الناصرية (2) والخلاف (3) والغنية (4).
فتشذ الروايات المقابلة، مع ظهورها أجمع في خروج غمرة أيضا كذات
عرق، ولم يقل به أحد من الطائفة؟ مضافا إلى قصور دلالة الصحيح منهما
الثاني على الخروج مطلقا، وعدم دلالته عليه بالكلية وتضمنه أن أول
العقيق دون المسلخ (5)، وهو خلاف ما اتفقت عليه كلمة الأصحاب
والأخبار، وضعف سند الرواية بعدهما.
وثانيا: بأن أحد الخبرين (6) والرضوي (7) مصرحان بأن العقيق من
المواقيت المنصوصة عن رسول الله - صلى الله عليه وآله -، وأن أفضله المسلخ،
وهما مخالفان لمذهب العامة، ومن متفردات الإمامية.

(1) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب المواقيت ح 10 ج 8 ص 226.
(2) الناصرية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 244 س 28.
(2) الخلاف: كتاب الحج في المواقيت م 58 ج 2 ص 283.
(4) الغنية: (الجوامع الفقهية): ص 512 س 14.
(5) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب المواقيت ح 2 ج 8 ص 225.
(6) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب المواقيت ح 9 ج 8 ص 226.
(7) فقه الرضا (ع): ص 216.
182

وحينئذ، فتعين الجمع بينهما بحمل هذه الروايات على أن المراد أن ذات
عرق وإن كانت من العقيق، إلا أنها لما كانت ميقات العامة (1)، وكان
الفضل إنما هو فيما قبلها.
فالتأخير إليها وترك الفضل إنما يكون لعذر من علة أو تقية، ويشير إليه
كلام الحلي في السرائر، فإنه قال: ووقت رسول الله - صلى الله عليه وآله -
لأهل كل صقع ولمن حج على طريقهم ميقاتا، فوقت لأهل العراق
العقيق، فمن أي جهاته وبقاعه أحرم ينعقد الاحرام منها، إلا أن له ثلاثة
أوقات: أولها المسلخ، وهو أفضلها عند ارتفاع التقية، وأوسطها غمرة،
وهي تلي المسلخ في الفضل مع ارتفاع التقية، وآخرها ذات عرق، وهي
دونها في الفضل، إلا عند التقية والشناعة والخوف فذات عرق هي أفضلها
في هذه الحال، ولا يتجاوز ذات عرق إلا محرما (2)، انتهى.
ويحتمل ذلك كلام المخالفين في المسألة، ولعله لذا لم يجعلهم الفاضل
والشهيد مخالفين صريحا، بل قال الأول: وكلام علي بن بابويه يشعر (3)
الثاني، وظاهر علي بن بابويه والشيخ في النهاية (4).
هذا، ولا ريب أن الأحوط عدم التأخير إلى ذات عرق، بل ولا إلى
غمرة، لما عرفته من دلالة بعض الصحاح (5) على خروجها من العقيق
أيضا، ولما لم يوجد قائل به كان الاحرام منها أفضل من الاحرام من ذات
عرق، وهي دونها في الفضل، لوجود قائل بخروجها، أو عدم جواز الاحرام

(1) المغني لابن قدامة: ج 3 ص 207.
(2) السرائر: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 528.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في المواقيت ص 262 س 31.
(4) الدروس: كتاب الحج في المواقيت ص 94.
(5) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب المواقيت ج 8 ص 225.
183

منها اختيارا.
ولعله الوجه في أفضلية غمرة من ذات عرق، مضافا إلى ما فيه من
المشقة اللازمة، لزيادة الأجر والمثوبة، وإلا فلم نجد من النصوص ما يدل
عليها، لدلالتها على أفضلية المسلخ خاصة.
(ولأهل المدينة مسجد الشجرة) كما هنا، وفي الشرائع (1)
والارشاد (2) والقواعد (3) والمقنعة (4) والناصرية (5) وعن جمل العلم والعمل (6)
والكافي (7) والإشارة (8)، وفيها أنه ذو الحليفة، وفي الغنية (9) والسرائر (10)
والمنتهى (11) والتحرير (12) وعن المعتبر (13) والمهذب (14) وكتب الشيخ (1)

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 241.
(2) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 315.
(3) قواعد الأحكام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 79 س 9.
(4) المقنعة: كتاب الحج في المواقيت ص 394.
(5) الناصريات: (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في المواقيت ص 244 س 26.
(6) رسائل الشريف المرتضى: ج 3 ص 64.
(7) الكافي في الفقه: كتاب الحج في الميقات ص 202.
(8) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 128 س 8.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 512 س 13.
(10) السرائر: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 528.
(11) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 665 س 34.
(12) تحرير الأحكام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 94 س 12.
(13) المعتبر: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 802.
(14) المهذب: كتاب الحج باب المكان الذي... ج 1 ص 213.
(15) النهاية ونكتها: كتاب الحج باب المواقيت ج 1 ص 466، والمبسوط: كتاب الحج في المواقيت
ج 1 ص 312.
184

والصدوق (1) والقاضي (2) والديلمي (3) والتذكرة (4) أن ميقاتهم
ذو الحليفة، وأنه مسجد الشجرة، كما في بعض الصحاح (5) المتقدمة. ونحوه
الآخر المروي عن قرب الإسناد. وفيه: وقت لأهل المدينة ذو الحليفة، وهي
الشجرة (6).
والخبر المروي منه أيضا: ولأهل المدينة ومن تليها الشجرة (7).
ويعضدها المرسل المروي عن العلل: قلت لأبي عبد الله - عليه السلام -:
لأي علة أحرم رسول الله - صلى الله عليه وآله - من مسجد الشجرة ولم يحرم
من موضع دونه؟ فقال: لأنه لما أسري به إلى السماء وصار بحذاء الشجرة
نودي يا محمد قال - صلى الله عليه وآله -: لبيك قال: ألم أجدك يتيما
فآويتك، ووجدتك ضالا فهديتك؟ فقال النبي - صلى الله عليه وآله -: إن
الحمد والنعمة لك لا شريك لك، فلذلك أحرم من الشجرة دون المواضع
كلها (8).
وفي اللمعة (9) وعن الوسيلة أن الميقات ذو الحليفة (10)، ولم يزيدا عليه

(1) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في المواقيت ص 18 س 26، والهداية (الجوامع
الفقهية): ص 57 س 6، ومن لا يحضره الفقيه: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 302.
(2) تقدم نقله في التعليقة السابقة الرقم 15.
(3) المراسم: كتاب الحج ذكر المواقيت ص 107.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 320 س 19.
(5) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ج 8 ص 221.
(6) قرب الإسناد: ص 76.
(7) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ح 9 ج 8 ص 224.
(8) علل الشرائع: ج 2 ص 433 و 434 ح 1.
(9) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في المواقيت ص 33.
(15) الوسيلة: كتاب الحج في المواقيت ص 160.
185

شيئا، كما في الصحاح المستفيضة (1).
ومقتضى الجمع بينها وبين السابقة تعين الاحرام من المسجد.
خلافا للشهيدين (2) والمحقق الثاني فجعلوه أفضل وأحوط (3)، وصرح
الأخير بأن جواز الاحرام من الموضع كله مما لا يكاد يدفع (4).
وفيه بعد ما عرفت: من توافق الأخبار على خلافه نظر، سيما مع
اعتضاده بعمل الأكثر، بل وظاهر الناصرية (5) والغنية (6) - بعد التعبير بما
مر - الاجماع، فتأمل.
وبالصحيح - مضافا إلى ما مر - من أقام بالمدينة شهرا وهو يريد الحج ثم
بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي يأخذونه فليكن احرامه من
مسيرة ستة أميال، فيكون حذاء الشجرة من البيداء (1).
وأما الصحيح: وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، وهو مسجد الشجرة كان
يصلي فيه، ويفرض الحج، فإذا خرج من المسجد فسار واستوت به البيداء
حين يحاذي الميل الأول أحرم (8). فليس فيه دلالة على جواز الاحرام من
خارج المسجد، كما ربما يفهم من الذخيرة (9)، إلا على تقدير أن يراد من

(1) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ج 8 ص 221.
(2) الدروس: كتاب الحج في المواقيت ص 90، والروضة البهية: كتاب الحج في المواقيت ج 2
ص 224.
(3) جامع المقاصد: كتاب الحج في المواقيت ج 3 ص 185.
(4) جامع المقاصد: كتاب الحج في المواقيت ج 3 ص 158.
(5) الناصريات (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في المواقيت ص 244 س 30.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 512 س 14.
(7) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب المواقيت ح 1 ج 8 ص 230.
(8) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ح 4 ج 8 ص 222.
(9) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 576 س 12.
186

الاحرام فيه معناه الحقيقي.
وليس قطعا، لمنافاته لصدره، بل المراد به إما التلبية نفسها، كما
قيل (1)، أو الاجهار بها، كما عن المتأخرين.
وحيث قد تعين الاحرام من المسجد، فلو كان المحرم جنبا أو حائضا
أحرما به مجتازين، لحرمة اللبث.
وإن تعذر فهل يحرمان من خارجه، كما صرح به جماعة (2)، من غير
مخالف لهم أجده، أم يؤخرانه إلى الجحفة؟ إشكال، من وجوب قطع
المسافة من المسجد إلى مكة محرما، ومن كون العذر ضرورة مبيحة للتأخير
إلى الجحفة.
والأحوط الاحرام منهما، وإن كان ما ذكره الجماعة لا يخلو عن قوة،
لمنع عموم الضرورة في الفتوى والرواية لمثل هذا، سيما مع التصريح في جملة
منها في بيانها بمثل المرض (3) والمشقة الحاصلة من نحو البرد والحر. هذا
ميقاتهم اختيارا.
(وعند الضرورة) المفسر بما عرفته (الجحفة) بجيم مضمومة فحاء
مهملة ففاء، على سبع مراحل من المدينة وثلاث من مكة، كما عن بعض
أهل اللغة، وعنه أن بينها وبين البحر نحو ستة أميال، وعن غيره
ميلان (4)، قيل: ولا تناقض لاختلاف البحر باختلاف الأزمنة (5)، وفي

(1) القائل هو صاحب الوافي: كتاب الحج ب 47 في المواقيت الجزء 8 من المجلد 2 ص 79.
(2) مسالك الأفهام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 104 س 1، ومدارك الأحكام: ج 7
ص 219، والحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 14 ص 444.
(3) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب المواقيت ح 2 و 3 و 4 و 5 ج 8 ص 229.
(4) نقل الفاضل الهندي في كشفه: (عن تحرير النووي وتهذيبه) ج 1 ص 306 س 38.
(5) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 306 س 38.
187

القاموس: كانت قرية جامعة على اثنين وثلاثين ميلا من مكة (1)، وفي
المصباح المنير: منزل بين مكة والمدينة قريب من رابع بين بدر وخليص (2).
والأصل في الحكم - بعد عدم خلاف فيه أجده وبه صرح في
الذخيرة (3)، بل الاجماع كما في المدارك - (4)، المعتبرة المستفيضة (5)، وليس
في شئ منها التقييد بحال الضرورة كما فعله الأصحاب، بغير خلاف
ظاهر، ولا محكي، إلا من ظاهر الوسيلة (6) والجعفي (7) فأطلقاها، كما هو
ظاهر الصحاح (81).
منها: نعم ربما أشعر به الحسن، وقد رخص رسول الله - صلى الله عليه
وآله - لمن كان مريضا أو ضعيفا أن يحرم من الجحفة (9). وقريب منه
الموثق (10)
لكن في تقييد الصحاح بهما إشكال، لعدم الصراحة التي هي مناط
التخصيص والتقييد، إلا أن يقال: دلالة الصحاح على العموم ليس بذلك
الوضوح أيضا.
فيشكل الخروج بها عن الأدلة الدالة على تأقيت الحليفة من الفتوى

(1) القاموس المحيط: ج 3 ص 121، وفيه: ثمانين.
(2) المصباح المنير: ج 1 ص 91.
(3) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 576 س 14.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في المواقيت ج 7 ص 219.
(5) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب المواقيت ح 4 ج 8 ص 229.
(6) الوسيلة: كتاب الحج في المواقيت ص 165.
(7) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 147، نقلا عنه.
(8) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب المواقيت ح 1 و 4 ج 8 ص 229.
(9) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب المواقيت ح 5 ج 8 ص 229.
(10) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب المواقيت ح 2 ج 8 ص 229.
188

والرواية والاجماعات المنقولة، الظاهرة في عدم جواز العدول عنها مطلقا ولو
مع الضرورة، لكنها خرجت اتفاقا فتوى ورواية، وبقي حال الاختيار تحتها
مندرجة.
فإذا الأحوط مراعاة الضرورة، سيما مع اشتهارها بين الأصحاب شهرة
عظيمة.
وهل التقييد بالضرورة مطلق فلا يجوز سلوك طريق لا يؤديه إلى
ذي الحليفة اختيارا - كما احتمله بعض - (1) لاطلاق الأخبار بكونه ميقاتا مع
النهي عن الرغبة عن مواقيته - عليه السلام -، أو مقيد بما إذا أمر به، كما في
الدروس (2) والمدارك (3) وغيرهما؟ وجهان.
ولعل الثاني أقوى، للأصل، وعموم جواز الاحرام من أي ميقات يتفق
المرور عليه ولو لغير أهله.
مع اختصاص الاطلاق المتقدم بحكم التبادر، وغيره بصورة القيد.
ثم على التقييد السابق لا ريب في حصول الإثم بالتأخير اختيارا.
وهل يصح الاحرام حينئذ؟ وجهان، قطع بأولهما في المدارك (4) تبعا
للدروس (5)، وتأمل فيه بعض (6). ولا يخلو عن وجه.
(وهي) أي الجحفة (ميقات أهل (7) الشام اختيارا) كما في

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 307 س 10.
(2) الدروس: كتاب الحج في المواقيت ص 95.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في المواقيت ج 7 ص 220.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في المواقيت ج 7 ص 220.
(5) الدروس: كتاب الحج في المواقيت ص 95.
(6) مجمع الفائدة: كتاب الحج في المواقيت ج 6 ص 183.
(7) في المتن المطبوع: لأهل.
189

الصحاح المستفيضة (1).
وفي جملة منها: أنها ميقات أهل المغرب ومصر أيضا (2)، وبه أفتى
جماعة (3).
(ول‍) أهل (اليمن) جبل يقال له: (يلملم) وألملم هو على
مرحلتين من مكة، كما في القاموس (4) وغيره (5).
(ولأهل الطائف قرن المنازل) بفتح القاف وسكون الراء.
قيل: خلافا للجوهري فإنه فتحها، وزعم أن أويسا القرني - بفتح الراء -
منسوب إليه (6)، واتفق العلماء على تغليطه فيهما، وإنما أويس من بني قرن
بطن من مراد يقال له: قرن الثعالب (7).
وقرن بلا إضافة: وهو جبل مشرف على عرفات على مرحلتين من مكة،
وقيل: إن قرن الثعالب غيره، وأنه جبل مشرف على أسفل منى، بينه وبين
مسجدها ألف وخمسمائة ذراع (8).

(1) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ج 8 ص 221.
(2) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ح 2 و 5 و 8 ج 8 ص 222.
(3) مجمع الفائدة: كتاب الحج في المواقيت ج 6 ص 180، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في
المواقيت ج 7 ص 221، وكشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 307 س 11.
(4) القاموس المحيط: ج 4 ص 177.
(5) المصباح المنير: ص 26.
(6) الصحاح: ج 6 ص 2181.
(7) منهم: ابن إدريس في السرائر: كتاب الحج في المواقيت ج 6 ص 528، والسيوري في في التنقيح
الرائع: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 447، والشهيد في الروضة: كتاب الحج في المواقيت
ج 2 ص 225، والفاضل الهندي في كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 307
س 14.
(8) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 307 س 15.
190

والقرن: الجبل الصغير، أو قطعة مفردة من الجبل، وفي القاموس: إنه
قرية من الطائف أو اسم الوادي كله (1)، وقيل: القرن بالاسكان الوادي،
وبالفتح الطريق (2).
ومن لم يعرف أحد هذه المواقيت أجزأه أن يسأل الناس والأعراب
عنها، كما في الصحيح الوارد في العقيق (3).
(وميقات التمتع لحجه مكة) إجماعا فتوى ورواية كما تقدم إليه
الإشارة.
(وكل من كان منزله أقرب من الميقات) إلى مكة، كما في
النصوص المستفيضة المتقدم إلى بعضها الإشارة، وفيها الصحيح (4) وغيره
(فميقاته منزله).
واعتبار القرب إلى مكة، كما فيها محكي عن النهاية (5) والمبسوط (6)
والمهذب (7) والجمل والعقود (8) والسرائر (9) وشرح القاضي
لجمل العلم والعمل (10)، واختاره جماعة من (11) المتأخرين

(1) القاموس المحيط: ج 4 ص 258.
(2) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 307 س 16.
(3) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب المواقيت ح 1 ج 8 ص 228.
(4) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب المواقيت ج 8 ص 243.
(5) النهاية ونكتها: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 467.
(6) المبسوط: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 313.
(7) المهذب: كتاب الحج في المكان الذي يصح الاحرام منه ج 1 ص 214.
(8) الجمل والعقود: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 132.
(9) السرائر: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 529.
(10) شرح جمل العلم والعمل: كتاب الحج في المواقيت ص 213.
(11) منهم العلامة في منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 667 س 12، وجامع المقاصد:
كتاب الحج في المواقيت ج 3 ص 159، ومجمع الفائدة والبرهان: كتاب الحج في المواقيت ج 6.
191

ومتأخريهم (1). وهو الأقرب.
خلافا للمحكي عن الماتن في موضع من المعتبر فإلى عرفة وأطلق (2)،
وتبعه في اللمعة في الحج وقطع (3)، واستوجهه شيخنا الشهيد الثاني في
المسالك والروضة لولا النصوص مصرحا باعتبارها في العمرة.
قال: لأن الحج بعد الاهلال به من الميقات لا يتعلق الغرض فيه بغير
عرفات، بخلاف العمرة فإن مقصدها بعد الاحرام مكة، فينبغي اعتبار
القرب فيها إلى مكة (4)، انتهى.
ثم إن أهل مكة على هذا القول يحرمون من منازلهم لأنها أقرب إلى
عرفات من الميقات، كما ذكره جماعة (5).
ويشكل على المختار، إذ لا دليل عليه من الأخبار، لأن الأقربية لا تتم
لاقتضائها المغايرة، ولكنه مشهور بين الأصحاب، كما ذكره جماعة، بل زاد
بعضهم فنفى الخلاف فيه بينهم، مشعرا بدعوى الاجماع، كما حكاه في
الذخيرة (6) عن التذكرة.
قيل: ويؤيده ما روي عن النبي - صلى الله عليه وآله - من قوله: فمن
كان دونهن فمهلة من أهله (7).

(1) كالمدارك: كتاب الحج، في المواقيت ج 7 ص 222، والذخيرة: كتاب الحج في المواقيت ص 576
س 30، والحدائق: كتاب الحج في المواقيت ج 14 ص 450.
(2) المعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 786.
(3) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في المواقيت ص 32.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 104 س 10، الروضة البهية: كتاب الحج
في المواقيت ج 2 ص 226.
(5) كصاحب المدرك في المدارك: كتاب الحج في المواقيت ج 7 ص 223، والفاضل الهندي في
كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 307 س 20.
(6) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 572 س 39.
(7) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 307 س 21.
192

أقول: ونحوه، أو قريب منه المرسل المروي في الفقيه: عن رجل منزله
خلف الجحفة من أين يحرم؟ قال: من منزله (1).
لكن في الصحيحين (2) الواردين في المجاورة أمره بالاحرام بالحج من
الجعرانة، سواء انتقل فرضه إلى فرض أهله أم لا، إلا أن يقيد بالأخير، أو
يجعل ذلك من الخصائص المجاور، كما قيل (3).
(وكل من حج) أو اعتمر (على طريق) كالشامي يمر بذي الحليفة
(فميقاته ميقات أهله) بغير خلاف أجده، وبه صرح في الذخيرة (4)،
مشعرا بدعوى الاجماع عليه، كما في عبائر جماعة، بل في المنتهى أنه
لا تعرف فيه خلافا (5)، مشعرا بدعوى الاجماع عليه من الخاصة والعامة.
للنبوي: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن (6). وبمعناه الصحيح (7)
وغيره (8)، ولانتفاء العسر والحرج في الشريعة.
ولو حج إلى الطريق لا يفضي إلى أحد المواقيت كالبحر مثلا أحرم عند
محاذاة أقربها إلى طريقه، لأصالة البراءة من المسير إلى الميقات، واختصاص
نصوص المواقيت في غير أهلها بمن أتاها.
وللصحيح: في المدني يخرج في غير طريق المدينة، فإن كان حذاء
الشجرة مسيرة ستة أميال فليحرم منها (9).

(1) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج مواقيت الاحرام ح 2530 ج 2 ص 306.
(2) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب أقسام الحج ح 5 و 6 ج 8 ص 192 و 193.
(3) لعل مراده صاحب الحدائق في الحدائق الناضرة: كتاب الحج في المواقيت ج 14 ص 450.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 576 س 30.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 667 س 12.
(6) صحيح مسلم: كتاب الحج باب مواقيت الحج والعمرة ج 2 ص 838 ح 11.
(7) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ح 2 و 3 ج 8 ص 222.
(8) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ح 2 و 3 ج 8 ص 222.
(9) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب المواقيت ح 1 ج 8 ص 230.
193

ولكن في الكافي بعد نقله وفي رواية يحرم من الشجرة ثم يأخذ أي
طريق شاء (1).
لكنها مرسلة، فلا تعارض الرواية الصحيحة، سيما مع اعتضادها
بالأصل، ونفي الحرج في الشريعة، والشهرة العظيمة في الجملة، إذ لم نجد
مخالفا في المسألة، عدا الماتن في ظاهر الشرائع (2)، حيث عزى الحكم إلى
القيل، مشعرا بتمريضه أو توقفه فيه، وتبعه فيه جماعة من المتأخرين (3).
ولا وجه له بعد ما عرفته، كما لا وجه لاعتبار الأقرب إلى مكة، كما في
القواعد (4) وغيره (5)، ولا للتخيير بين المحاذاة لأي ميقات كان، كما عن
الحلي (6) والإسكافي (7).
ويكفي الظن بالمحاذاة كما عن المبسوط (8) والجامع (9) والتحرير (10)
والمنتهى (11) والتذكرة (12) والدروس (13)، للحرج، والأصل.

(1) الفروع: كتاب الحج ب مواقيت الاحرام ذيل الحديث 9 ج 4 ص 321.
(2) شرائع الاسلام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 241.
(3) منهم: صاحب المدارك في المدارك: كتاب الحج في المواقيت ج 7 ص 223، والسبزواري في
الذخيرة: كتاب الحج في المواقيت ص 577 س 28. (
(4) قواعد الأحكام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 79 س 15
(5) الروضة البهية: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 227
(6) السرائر: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 529.
(7) في مختلف الشيعة: كتاب الحج في المواقيت ص 263، نقله عنه س 14.
(8) المبسوط: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 313.
(9) الجامع للشرائع: كتاب الحج في أفعال العمرة وأركان العمرة والحج ص 181.
(10) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 1 ص 95 س 4.
(11) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 671 س 17.
(12) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 322 س 6.
(13) الدروس: كتاب الحج في المواقيت ص 95.
194

فإن ظهر التقدم أعاد كما في الأخير، قيل: لعدم جوازه مطلقا (1).
وإن ظهر التأخير، قيل: فالأظهر الاجزاء، كما في غير الأولين (2)،
للحرج، وأصل البراءة، لأنه كلف باتباع ظنه.
وإن لم يكن له طريق إلى علم أو ظن فقد أحرم من بعد، بحيث يعلم
أنه لم يجاوز الميقات إلا محرما، كذا في التحرير (3) والمنتهى (4). وفيه نظر
ظاهر.
ولو لم يحاذ شيئا منها، قيل: يحرم من مساواة أقربها إلى مكة، وهو
مرحلتان تقريبا، لأن هذه المسافة لا يجوز لأحد قطعها إلا محرما (5)،
وقيل: من أدنى الحل، لأصالة البراءة من وجوب الزائد (6).
وربما يستبعد الفرض بأن المواقيت محيطة بالحرم، فذو الحليفة شامية،
ويلملم يمانية، وقرن شرقية، والعقيق غربية، فلا طريق لا تؤدي إلى
الميقات ولا إلى المحاذاة، إلا أن يراد الجهل بالمحاذاة.
(ويجرد الصبيان من فخ) بفتح الفاء وتشديد الخاء، وهو بئر معروف
على نحو فرسخ من مكة على ما ذكره جماعة (7)، وعن القاموس أنه موضع
بمكة (8)، والنهاية الأثيرية موضع عندها (9).

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 308 س 21.
(2) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 308 س 21.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 1 ص 95 س 4.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 671 س 16.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 104 س 14.
(6) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أقسام المواقيت ج 7 ص 224.
(7) منهم: السيوري في التنقيح الرائع: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 448، والشهيد في المسالك:
كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 104 س 20، وصاحب المدارك في المدارك: كتاب الحج في
المواقيت ج 7 ص 227.
(8) القاموس المحيط: ج 1 ص 266.
(9) النهاية: ج 3 ص 418.
195

ولا خلاف في الحكم، للصحيحين (1)، وإن اختلفوا في المراد بالتجريد
أهو الاحرام، كما عن صريح الماتن في المعتبر (2)، وقريب منه الفاضل في
التحرير (3) والمنتهى (4)، وبه أفتى في الدروس (5)، وقواه في المسالك وإن
جعل الاحرام بهم من الميقات أولى (6)، وتبعه في الجواز جملة من
المتأخرين (7)، وعزاه بعضهم إلى الأكثر (8)، ويظهر من آخر عدم الخلاف
فيه (9).
أو نزع الثياب خاصة، ولكن يحرم بهم من الميقات، كما عن
السرائر (10)، وبه أفتى المحقق الثاني (11)، وجعله مراد الماتن في التنقيح (12)
وتردد بينهما بعض المتأخرين، قال: من عموم نصوص المواقيت والنهي
عن تأخير الاحرام عنها وعدم تضمن الصحيحين سوى التجريد، فالتأخير
تشريع، ومن عموم لزوم الكفارة على الولي إذا لم يجتنبوا ومنه لبس

(1) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب المواقيت ح 1 و 2 ج 8 ص 243.
(2) المعتبر: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 804.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 1 ص 94 س 16.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 667 س 19.
(5) الدروس: كتاب الحج في المواقيت ص 95.
(6) مسالك الأفهام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 104 س 23.
(7) ما عثرت إلا على قول صاحب المدارك في المدارك: كتاب الحج في المواقيت ج 7 ص 227.
(8) مجمع الفائدة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 6 ص 233، والحدائق الناضرة: كتاب الحج
في المواقيت ج 14 ص 457.
(9) الظاهر هو صاحب مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 343 في المواقيت ج 1 ص 310.
(10) السرائر: كتاب الحج في كيفة الاحرام ج 1 ص 537.
(11) جامع المقاصد: كتاب الحج في المواقيت ج 3 ص 160.
(12) التنقيح الرائع: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 448.
196

المخيط (1).
والصحيح: قدموا من معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مر ثم
يصنع بهم ما يصنع بالمحرم (2). فإن الاحرام بهم مندوب، فلا يلزم من
الميقات لطول المسافة وصعوبة تجنبهم عن المحرمات، كما لا يلزم من أصله؟
وفي الأدلة من الطرفين نظر، ولا سيما الصحيح المستدل به على الوجه
الثاني، وإن استدل به الشهيدان في الدروس (3) والمسالك (4) عليه أيضا،
فإنه على خلافه أظهر.
ولذا استدل به جماعة (5) على أفضلية الاحرام بهم من الميقات بعد أن
حكوها من الشيخ وغيره، واستدلوا على جواز إحرامهم من فخ بعد نقلهم له
عنهما بالصحيحين زعما منهم ظهور التجريد في الاحرام، والمسألة قوية
الاشكال.
وحيث أن المستفاد من جماعة عدم إشكال في جواز الاحرام بهم من
الميقات، بل وأفضليته، وأن التأخير إلى فخ إنما هو على سبيل الجواز كان
الاحرام بهم من الميقات أولى وأحوط.
(وأحكام المواقيت تشتمل على مسائل) ثلاث:
(الأولى: لا يصح الاحرام قبل الميقات، باجماعنا الظاهر المنقول في

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 307 س 28.
(2) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 3 ج 8 ص 207، وفيه: تقديم وتأخير.
(3) الدروس الشرعية: كتاب الحج في المواقيت ص 95.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 104 س 23.
(5) منهم: السيد في المدارك: كتاب الحج في المواقيت ج 7 ص 227، والسبزواري في الذخيرة:
كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 583 س 3.
197

جملة من العبائر (1)، للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة (2)، إلا
لناذر) له قبله فيصح (بشرط أن يقع في أشهر الحج) لو كان لحج أو
عمرة متمتع بها، وإلا فيصح مطلقا على الأقوى، وفاقا للشيخ في النهاية (3)
والمبسوط (4) والخلاف (5) والتهذيبين (6) والديلمي (1) والقاضي (8) وابن
حمزة (9) والمفيد كما حكي (10). وعليه أكثر المتأخرين على ما أجده، أو
مطلقا على ما يستفاد من الذخيرة (11) وغيرها، وفي المسالك (12) وغيره أنه
المشهور بين الأصحاب، للمعتبرة المتضمنة للصحيح (13) على ما صرح به
جماعة (14)، وإن تأمل فيها بعض الأجلة (15)، والموثق (16) وغيرهما

(1) كالشيخ في الخلاف: ج 2 ص 286، والعلامة في المنتهى: ج 2 ص 668 س 22.
(2) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ح 2 و 3 و 9 ج 8 ص 222.
(3) النهاية ونكتها: كتاب الحج باب المواقيت ج 1 ص 465.
(4) المبسوط: كتاب الحج في المواقيت وأحكامها ج 1 ص 311.
(5) الخلاف: كتاب الحج م 62 ج 2 ص 386.
(6) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في المواقيت ج 5 ص 53، والاستبصار: ج 2 ص 164.
(7) المراسم: كتاب الحج ص 108.
(8) المهذب: كتاب الحج باب المكان... ج 1 ص 214.
(9) الوسيلة: كتاب الحج في بيان أحكام الاحرام ص 159.
(10) كما في كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 308 س 31.
(11) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 574 س 3.
(12) مسالك الأفهام: كتاب الحج في المواقيت ح 1 ج 8 ص 104 س 26.
(13) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب المواقيت ح 1 ج 8 ص 236.
(14) منهم: العلامة في المنتهى: ج 2 ص 669 س 22، والكركي في جامع المقاصد: كتاب الحج في
المواقيت ج 3 ص 161 والشهيد في المسالك: كتاب الحج في المواقيت ج 1 104.
(15) منتقى الجمان: باب أشهر الحج ومواقيت الاحرام ج 3 ص 139.
(16) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب المواقيت ح 2 و 3 ج 8 ص 237.
198

خلافا للحلي (1) والفاضل في المختلف (2) فمنعا عن هذا الاستثناء،
لأنه نذر غير مشروع، كنذر الصلاة في غير وقتها، وإيقاع المناسك في غير
مواضعها.
وضعف النصوص وظهور احتمالها ما يأتي في بحث المصدود: من بعث
الرجل من منزله الهدي واجتنابه ما يجتنبه المحرم (3)، أو المسير للاحرام من
الكوفة أو خراسان.
ولا يخفى عليك ما في هذين الاحتمالين من البعد ومخالفة فهم
الأصحاب.
وضعف النصوص أولا ممنوع، وثانيا على تقديره فهو بالشهرة الظاهرة
والمنقولة مجبور، فيمنع بها الأصل المتمسك به للمنع، ونظيره في الصوم
موجود.
هذا وطريق الاحتياط واضح بالجمع بين الاحرام من المحل المنذور ومن
الميقات، كما عن المراسم (4) والراوندي (5) وغيرهما إن نذر احراما واجبا
وجب تجديده من الميقات، وإلا استحب.
ويستثنى من كلية المنع صورة أخرى أشار إليها بقوله: (أو للعمرة (6)
المفردة في رجب لمن خشي تقضيه) بتأخير الاحرام إلى الوقت
بلا خلاف أجده، كما في الذخيرة (7)، وفي ظاهر المعتبر (1) والمنتهى أن عليه

(1) السرائر: كتاب الحج باب المواقيت ج 1 ص 526 و 527.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في المواقيت ص 263 س 6.
(3) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب الاحصار والصد ح 1 - 5 ج 9 ص 312.
(4) المراسيم: كتاب الحج في شرح الاحرام ص 108.
(5) لم نعثر عليه في فقه القرآن، وحكاه عنه في كشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 308 س 40.
(6) في المتن المطبوع: أو العمرة.
(7) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 574 س 9.
(8) معتبر: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 806.
199

اتفاق علمائنا (1)، وفي شرح القواعد للمحقق الثاني أن عليه إجماعنا (2)،
للصحيحين (3). قيل: ولم يتعرض له كثير من الأصحاب والاحتياط تجديد
الاحرام من الميقات (4).
(الثانية لا يجاوز) من أراد النسك (من الميقات إلا محرما) في
حال الاختيار بالنص وإجماع العلماء، كما عن المعتبر (5) والمنتهى (6)، وفي
التحرير (7) وغيره (8) الاجماع مطلقا، لأن ذلك مقتضى التوقيت، مضافا
إلى وقوع التصريح به في جملة من الصحاح.
منها: من تمام الحج والعمرة أن تحرم من المواقيت التي وقتها رسول الله
- صلى الله عليه وآله - لا تجاوزها إلا وأنت محرم (9).
ومنها: لا تجاوز الجحفة إلا محرما (10)
ومنها: لا ينبغي لحاج ولا معتمر أن يحرم قبلها ولا بعدها (11)
ويجوز لعذر من نحو حر أو برد عند الشيخ (12)، لانتفاء العسر والحرج.
وللصحيح: فلا يجاوز الميقات إلا من علة (13).

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 669 س 7.
(2) جامع المقاصد: كتاب الحج في المواقيت ج 3 ص 161.
(3) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب المواقيت ح 1 و 2 ج 8 ص 236.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 309 س 3.
(5) المعتبر: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 808.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 669 س 30.
(7) تحرير الأحكام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 94 س 28.
(8) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 513 س 11.
(9) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب المواقيت ح 2 ج 8 ص 222، و ب 16 منه ح 1 ص 241.
(10) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب المواقيت ح 2 ج 8 ص 241.
(11) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب المواقيت ح 3 ج 8 ص 222.
(12) النهاية ونكتها: كتاب الحج باب المواقيت ج 1 ص 466.
(13) وسائل الشيعة ب 15 من أبواب المواقيت ح 1 ج 8 ص 240.
200

وأظهر منه المرسل: إذا خاف الرجل على نفسه أخر إحرامه إلى
الحرم (1).
خلافا للحلي حيث حمل فتوى الشيخ على تأخير الصورة الظاهرة
للاحرام من التعري ولبس الثوبين دون غيرها، فإن المرض والتقية ونحوهما
لا يمنع النية والتلبية (2).
وإن منعت التلبية كان كالأخرس، وإن أغمي عليه لم يكن هو
المؤخر، قال: وإن أراد وقصد شيخنا غير ذلك فهذا يكون قد ترك الاحرام
متعمدا من موضعه، فيؤدي إلى إبطال حجه بغير خلاف (3)، وارتضاه
الفاضل في المختلف (4) والتحرير (5) والمنتهى (6)، ويميل إليه الماتن في
المعتبر (7) وغيره (8).
ولعله لحديث الميسور لا يسقط بالمعسور (9).
ويؤيده الحديث المتقدم فيمن مر على المسلخ مع العامة ولم يمكنه إظهار
الاحرام تقية، لأنه يحرم من ميقاته ثم يلبس الثياب ويلبي في نفسه، وإذا
بلغ ميقاتهم أظهره (10).

(1) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب المواقيت ح 3 ج 8 ص 241.
(2) السرائر: كتاب الحج باب المواقيت ج 1 ص 527.
(3) السرائر: كتاب الحج باب المواقيت ج 1 ص 527.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في المواقيت ص 263 س 13.
(5) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 1 ص 94 س 28.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 671 س 5.
(7) المعتبر: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 809.
(8) شرائع الاسلام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 242.
(9) عوالي اللئالي: ج 4 ص 58 ح 205، وفيه: لا يترك.
(10) وسائل المشيعة: ب 2 من أبواب المواقيت ح 10 ج 8 ص 226.
201

ولا بأس به لقوة دليله مع قصور الخبرين (1)، بعد إرسال أحدهما عن
التصريح بخلافه.
(ويرجع إليه) أي إلى الميقات (لو لم يحرم منه) عمدا أو سهوا أو
جهلا بالحكم، أو بالوقت، بلا خلاف بين العلماء كما في المنتهى (2).
إما في العمد، فلتوقف الواجب عليه.
وإما في غيره، فللصحاح وغيرها.
منها: في الناسي يخرج إلى ميقات أهل أرضه، فإن خشي أن يفوته
الحج أحرم من مكانه، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج من
الحرم (3).
ومنها: في الجاهل إن كان عليها مهلة فترجع إلى الوقت فلتحرم منه،
فإن لم يكن عليها وقت فليرجع إلى ما قدرت عليه بعد ما يخرج من الحرم
بقدر ما لا يفوتها الحج فتحرم (4).
ومنها: عن رجل ترك الاحرام حتى دخل الحرم، فقال: يرجع إلى
ميقات بلاده الذي يحرمون منه فيحرم، فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم
من مكانه، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج (5). ونحوه غيره المروي
عن قرب الإسناد (6).
وأما ما في جملة من المعتبرة في الجاهل من الأمر بالخروج إلى خارج

(1) المذكورين آنفا.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 669 س 35.
(3) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ح 1 ج 8 ص 238، وفيه: فليخرج ثم ليحرم.
(4) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ح 4 ج 8 ص 238.
(5) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ح 7 ج 8 ص 239.
(6) قرب الإسناد: ص 106.
202

الحرم بقول مطلق كما في الصحيح (1)، أو بالاحرام من مكانه من مكة، أو
من المسجد كذلك كما في الموثق (2)، ونحوه عبارة الغنية (3). فمحمول على
صورة عدم التمكن من الخروج إلى الميقات، كما هو الغالب، فيحمل
الاطلاق عليه حملا للمطلق على المقيد، واقتصارا في الاطلاق على المتيقن.
لكن في بعض الأخبار المنقولة عن قرب الإسناد، الموارد في الجاهل إن
كان جاهلا فليبن من مكانه، فإن ذلك يجزئه إن شاء الله تعالى، وإن
رجع إلى الميقات الذي يحرم منه أهل بلده فإنه أفضل (4).
وهو كالصريح، بل صريح في جواز الاحرام من غير الميقات مع التمكن
من الرجوع إليه، إلا أن سنده غير واضح.
ومع ذلك فلندوره، وعدم مكافأته لما مر من وجوه عن المعارضة له
قاصر.
وربما يستفاد من العبارة وجوب الرجوع على من لا يريد النسك ثم
أراده، وهو مقطوع به بين الأصحاب على الظاهر المصرح به في عبائر
جماعة، كالمدارك (5) والذخيرة (6) وغيرهما، مشعرين بعدم خلاف فيه،
كما صرح به في المفاتيح (7)، بل ظاهر المنتهى (8) أنه لا خلاف فيه بين
العلماء، إلا من بعض العامة العمياء. وهو الحجة، مضافا إلى إطلاق بعض

(1) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ح 3 ج 8 ص 238.
(2) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ح 5 ج 8 ص 239.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 512 س 18.
(4) قرب الإسناد: ص 106.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 7 ص 234.
6) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 574 س 42.
(7) مفاتيح الشرائع كتاب الحج ج 1 ص 311.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 670 س 17.
203

الصحاح (1) المتقدمة، المعتضدة بما في المعتبر (2) والمنتهى بأنه متمكن من
الاتيان بالنسك على الوجه المأمور به، فيكون واجبا (3).
ومرجعه إلى ما في المدارك من إطلاق النهي عن مجاوزة الميقات لكل
حاج ومعتمر (4). ولا يخلو عن نظر. ثم إن هذا مع إمكان الرجوع.
(فإن لم يتمكن) منه (فلا حج له إن كان) المتجاوز عن الميقات
بغير احرام (عامدا) كما عن النهاية (5) والاقتصاد (6) والوسيلة (7)
والسرائر (8) والجامع (9) وكتب الماتن (10) والمهذب (11) والغنية (12) وفي
المنتهى (13) والتحرير (14) والدروس (1) واللمعتين (16) والمسالك (17).

(1) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ح 7 ج 8 ص 239.
(2) المعتبر: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 2 ص 808.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 670 س 19.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 7 ص 234.
(5) النهاية ونكتها: كتاب الحج باب فرائض الحج ج 1 ص 544.
(6) الاقتصاد كتاب الحج ص 300.
(7) الوسيلة: كتاب الحج في الاحرام ص 159.
(8) السرائر: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 527 - 528.
(9) الجامع للشرائع: كتاب الحج ص 178.
(10) شرائع الاسلام: كتاب الحج ج 1 ص 242، والمعتبر: كتاب الحج ج 2 ص 807.
(11) المهذب: كتاب الحج ج 1 ص 214.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 512 س 16.
(13) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 670 س 17.
(14) تحرير الأحكام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 94 س 29.
(15) الدروس: كتاب الحج ص 94.
(16) اللمعة الدمشقية والروضة البهية: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 223.
(17) مسالك الأفهام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 105 س 12.
204

وبالجملة: الأكثر كما في الذخيرة (1)، وربما يفهم من المنتهى (2) وغيره
عدم خلاف فيه بينما، لأن الاحرام من غير الميقات خلاف ما أمر به
الشارع، فلا يصح إلا فيما أذن فيه، ولا إذن هنا، لاختصاص النصوص
الآتية بمن عدا العامد.
وإطلاق بعض الصحاح المتقدمة غير معلوم الانصراف إلى مفروض
المسألة، كما صرح به في الذخيرة (3)، بالإضافة إلى الجاهل.
فما ظنك بالعامد مع أنه معارض بإطلاق جملة من المعتبرة.
منها الصحيح: من أحرم دون الميقات فلا إحرام له (4).
ومنها المروي في العيون عن مولانا الرضا - عليه السلام -: أنه كتب إلى
المأمون في كتاب: ولا يجوز الاحرام دون الميقات قال الله سبحانه: (وأتموا
الحج والعمرة لله) (5).
فإنه إذا لم يجز كان فاسدا، لأنه عبادة منهي عنها، وارجاعها إلى الأول
بتقييد أو صرف ظاهر ليس بأولى من العكس، بل هو أولى من وجوه
لا تخفى.
فظهر ضعف القول بإلحاقه بالناسي إذا وجب الحج عليه مضيقا، كما
قواه جماعة من متأخري المتأخرين، ويحتمله إطلاق المبسوط والمصباح
ومختصره كما حكي (6). ويأتي فيه ما في سابقه.

(1) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 575 س 1.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في المواقيت ج 2 ص 669 س 35.
(3) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 575 س 9.
(4) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب أقسام الحج ح 4 ج 8 ص 196.
(5) عيون أخبار الرضا باب 35 ما كتبه الرضا (ع) للمأمون ح 1 ج 2 ص 124.
(6) كشف اللثام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 315 ص 18.
205

واعلم أن إطلاق نفي الاحرام وجوازه في الخبرين يعم الاحرام للعمرة
المفردة.
وعليه، فلا يباح له دخول مكة حتى يحرم من الميقات، كما حكي
التصريح به عن بعض الأصحاب (1).
ورد بأنه ليس بجيد، ولا موافق لكلام الأصحاب، فإنهم إنما صرحوا
ببطلان الحج أو وجوب إعادته، إلا الفاضل في القواعد (2) والارشاد (3)
والماتن في الشرائع (4)، ففي كلامهما لا يصح له الاحرام إلا من الميقات،
والشهيد في الدروس ففيه بطلان النسك (5)، واللمعة (6) ففيها بطلان
الاحرام.
والكل يحتمل ما صرح به غيرهم، أي من أن المراد بطلان الحج خاصة
لا العمرة المفردة، فإن أدنى الحل ميقات اختياري لها، غاية الأمر إثمه
بتركه مما مر عليه من المواقيت.
(ويحرم من موضعه) أينما كان إذا كان لم يدخل الحرم (إن كان
ناسيا أو جاهلا أو لا يريد النسك).
ويندرج فيه من لا يكون قاصدا دخول مكة عند مروره على الميقات ثم
تجدد له قصده، ومن لا يجب عليه الاحرام لدخولها كالمتكرر، ومن دخلها
لقتال إذا لم يكن مريدا للنسك ثم تجدد له إرادته.

(1) لم نعثر عليه في مضانه.
(2) قواعد الأحكام: كتاب الحج في تعيين المواقيت ج 1 ص 79 س 14.
(3) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 314.
(4) شرائع الاسلام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 242.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 341.
(6) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في المواقيت ص 33.
206

أما من مر على الميقات قاصدا دخول مكة وكان ممن يلزمه الاحرام
لدخولها، لكنه لم يرد النسك، فهو في معنى متعمد ترك الاحرام، بل أولى.
(ولو دخل) أحد هؤلاء (مكة) أو الحرم (خرج إلى الميقات)
مع الامكان، وأحرم منه كما مر.
(ومع التعذر فمن أدنى الحل، ومع التعذر يحرم من) موضعه
(مكة) أو الحرم بلا خلاف في شئ من ذلك أجده، وبه صرح بعض
الصحاح المستفيضة المتقدمة إلى جملة منها الإشارة، بعد حمل مطلقها على
مقيدها هنا أيضا على نحو ما مضى، وهي وإن اختصت بالناسي
والجاهل، إلا أن الأخير ملحق بهما بلا خلاف.
قيل: أما في وجوب خروجه إلى الميقات إذا أمكن وأراد الحج أو عمرة
التمتع فظاهر، وأطلق الشافعي إحرامه من موضعه، وأما إجزاء إحرامه من
موضعه أو أدنى الحل إذا لم يمكن، فلأن مجاوزته الميقات بلا احرام كانت
تجوز له إذا لم يكن يريد النسك، أما نحو الخطاب فظاهر، وأما غيره ممن
لا يريد الحرم فللأصل، ومروره - صلى الله عليه وآله - بذي الحليفة مرتين
لغزوتي بدر محلا هو وأصحابه، وكأنه لا خلاف فيه (1).
واعلم أن إطلاق العبارة ونحوها بجواز الاحرام من أدنى الحل أو موضعه
حيث يتعذر العود إلى الميقات يقتضي عدم وجوب العود إلى ما أمكن من
الطريق، وهو مقتض إطلاق أكثر النصوص، إلا أن بعض الصحاح
المتقدمة منها يقتضي وجوبه، ويعضده حديث الميسور لا يسقط بالمعسور،
وهو فتوى الشهيد، كما قيل (2).

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 309 س 36.
(2) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 359 س 14.
207

(الثالثة: لو نسي الاحرام أو جهله حتى أكمل مناسكه).
(فالمروي) في الصحيح (1) والمرسل لجميل (2) (أنه لا قضاء) عليه
على تقدير وجوبه، إذا كان قد نوى ذلك كما في الثاني، وفيه ذكر
الناسي.
ويرجع إليه الأول فيهما بالتقييد وحمل الجاهل فيه على معنى يعم
الناسي، بل يفهم من بعض أنه معناه الحقيقي (3)، مضافا إلى الأولوية
المصرح بها في كلام جماعة (4).
ولكن لبعض (5) فيها مناقشة وأراد بها الصحيحة، بناء على أن موردها
الجاهل خاصة، وهو غير مفروض المسألة في كلام الجماعة، قال: مع أنها
مخصوصة بإحرام الحج دون العمرة، ورد المرسلة بضعف السند (6).
ويضعف بانجبار ضعف السند بعمل الأكثر، كالشيخ في كتاب
الحديث (7) والنهاية (8) والمبسوط (9) والجمل والعقود (10) والاقتصاد (11) وابن

(1) وسائل الشيعة: ب 30 من أبواب المواقيت ح 2 ج 8 ص 245.
(2) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب المواقيت ح 1 ج 8 ص 245.
(3) كشف اللثام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 310 س 35.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 105 س 35 وكشف اللثام: كتاب الحج في
المواقيت ج 1 ص 310 س 35. (5، 6) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت ص 575 س 9 و 10.
(7) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في الزيادات ج 5 ح 324 ص 476، وما وجدته في الاستبصار.
(8) النهاية ونكتها: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 467.
(9) المبسوط: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 414.
(10) الجمل والعقود: كتاب الحج في الاحرام بالحج ص 143.
(11) الاقتصاد: كتاب الحج في ذكر الاحرام بالحج ص 305.
208

حمزة في الوسيلة (1) والقاضي في المهذب (2) والماتن في المعتبر (3) وابن عمه
في الجامع (4) والفاضل في القواعد (5) والتحرير (6) والمنتهى (7) والفاضل
المقداد في التنقيح (8) والشهيدين في النكت (9) والمسالك، وفيه أنه فتوى
المعظم (10)، وفي الدروس أنه فتوى الأصحاب عدا الحلي (11).
ولعله كذلك، إذ لم نقف على مخالف صريح عداه. والمناقش المتقدم قد
وافق الأصحاب.
ويستفاد من المرسل أن الاحرام المنسي هو التلبية دون النية (12)، فيفسد
بتركها الحج، كما صرح به الشيخ في المبسوط في فصل فرائض الحج (13)،
واشتراط النية في النهاية (14)، وفصل ذكر كيفية الاحرام من المبسوط (1)،
كالمرسل.

(1) الوسيلة: كتاب الحج في الاحرام ومقدماته ص 159.
(2) المهذب: كتاب الحج باب تجديد الاحرام ج 1 ص 243.
(3) المعتبر: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 2 ص 815.
(4) الجامع للشرائع: كتاب الحج ص 180.
(5) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الاحرام ص 79 س.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام الاحرام ج 1 ص 97 س 5.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في أفعال الحج ج 2 ص 715 س 35.
(8) التنقيح الرائع: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 1 ص 451.
(9) لا يوجد لدينا كتابه.
(10) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 1 ص 105 س 17.
(11) الدروس الشرعية: كتاب الحج ج 1 ص 350.
(12) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب المواقيت ح 1 ج 8 ص 245.
(13) المبسوط: كتاب الحج في تفصيل فرائض الحج ج 1 ص 382.
(14) النهاية ونكتها: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 467.
(15) المبسوط: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 314.
209

ولا يخلو من وجه، اقتصارا فيما خالف الأصل، الآتي بيانه على المتيقن
من الفتوى والنص، وهو ما عدا النية، فإن أطلق الاحرام في الصحيح
- بناء على ما يستفاد من المرسلة وغيرها من الأخبار الصحيحة - من أن المراد
بالاحرام هو التلبية، وسيأتي في بحثها إليها الإشارة.
ولئن تنزلنا عن كون الاحرام حقيقة فيها نقول: لا ريب في جهالة
حقيقته بحسب الفتوى والرواية، إذ لم يستفد منها خلاف ذلك، وكذا من
الفتوى، لاختلافها في بيانها.
فبين قائل: بأنها مركبة من النية والتلبية ولبس الثوبين، كالفاضل في
المختلف (1).
وقائل: بأنها الأولان خاصة، كالحلي (2).
وقائل بأنها الأول خاصة، كما عن الجمل (3) والمبسوط (4)، وفيه ما
عرفته، وقريب منه ما عن الشهيد: من أنها توطين النفس على ترك المنهيات
المعهودة إلى أن يأتي بالمناسك والتلبية هي الرابطة لذلك التوطين، فنسبتها
إليه كنسبة التحريمة إلى الصلاة، وهي الأفعال المزيلة لذلك الربط،
ويتحقق زواله بالكلية بآخرها، أعني التقصير وطواف النساء بالنسبة إلى
النسكين (5)، وقائل بغير ذلك (6).

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في المواقيت ج 1 ص 263.
(2) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 532.
(3) الجمل والعقود: كتاب الحج في الاحرام بالحج ص 143.
(4) المبسوط: كتاب الحج في الاحرام بالحج ج 1 ص 365.
(5) الظاهر هذا الكلام ذكره في رسالته، وهي غير موجودة عندنا، ووجدته في المدارك: كتاب
الحج في أحكام المواقيت ج 7 ص 239.
(6) التنقيح الرائع: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 1 ص 452، وجامع المقاصد: كتاب الحج في
أحكام المواقيت ج 3 ص 162.
210

وعليه، فيكون الاحرام مجملا يجب فيه الأخذ بالاحتياط، وهو العمل
بمقتضى الفساد بترك كل ما يحتمل كونه إحراما خرج منه ما عدا النية
فتوى ورواية، لاتفاقهما على الصحة في تركها خاصة، فيبقى ما عداها تحت
الأصل مندرجا، وفيه نظر.
أما أولا: فلمنع الاجمال بإمكان ترجيح الأول من الأقوال بالتبادر عند
المتشرعة، فيكون مرادا من الصحيحة ولو على القول بعدم ثبوت الحقيقة
الشرعية، لوجود القرينة، وهي اتفاق الطائفة.
وأما ثانيا: فلدخول النية في الاحرام على جميع الأقوال وإن اختلف في
الزيادة، بل ظاهر جملة منها أنها الاحرام خاصة، فتركها يدخل في
الصحيحة.
وأما ثالثا: فلأن الاجمال يقتضي الرجوع في المشتبه إلى مقتضى
الأصل، وهو هنا البراءة، لأن الاحرام المأمور به عموما فتوى ورواية،
والمصرح في الصحيح بعدم البأس بتركه جهلا (1).
أما ما أفادته الأخبار من خصوص التلبية فلا دليل على وجوب غيرها
مطلقا، لا مجملا ولا مبينا.
وما ذكره الأصحاب وهو يشمل النية فتركها يدخل في الصحيحة
وتقييدها بالمرسلة فرع حجيتها، وهي هنا ممنوعة، لخلو فتوى الأكثر الجابرة
لها عن التقييد بما إذا نوى، وإنما هو شئ مذكور في عبارة الشيخ.
هذا مع نوع إجمال فيها. فالاطلاق كما عليه الأكثر لعله أقوى.
والمناقشة باختصاص الصحيحة بالجاهل فلا يتعدى إلى الناسي الذي

(1) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب المواقيت ح 2 ج 8 ص 245.
211

هو مفروض المسألة (1)، مدفوعة بما عرفته من الأولوية إن لم نقل بعمومه لهما
لغة، وإلا فالصحيحة مطلقة.
ومنع الأولوية محل مناقشة.
كيف! وقد فهمها الجماعة، واتضح في الناسي في وجه الحكمة، وهو
ما استدل به جماعة من أن السهو والنسيان كالطبيعة الثانية للانسان (2)،
فلو أوجب القضاء للزم العسر والحرج المنفيين شرعا، ولا كذلك الجاهل،
فإن هذه الحكمة غير موجودة فيه أصلا.
(وفيه وجه بالقضاء) للحلي (مخرج) من أن الأعمال بالنيات
قال: فكيف تصح بلا نية، ورد به كلام شيخ الطائفة (3).
ويضعف بأنه لا عمل هنا بلا نية، كما في المختلف (4) والمنتهى،
واستقرب فيه كلامه، وقال: إنه لا توجبه فيه النية، والظاهر أنه قد وهم
في ذلك، لأن الشيخ قد اجتزأ بالنية عن الفعل، فتوهم أنه قد اجتزأ
بالفعل بغير نية، وهذا الغلط من باب ابهام العكس (5)، انتهى.
وفي المعتبر ولست أدري كيف يحل لها هذا الاستدلال، ولا كيف
يوجهه، فإن كان يقول: إن الاخلال بالاحرام إخلال بالنية في بقية
المناسك، فنحن نتكلم على تقدير وقوع كل منسك على وجهه ظانا أنه
أحرم أو جاهلا بالاحرام، فالنية حاصلة مع إيقاع كل منسك، فلا وجه لما

(1) مجمع الفائدة: كتاب الحج في الاحرام ج 6 ص 176، وذخيرة المعاد: كتاب الحج في المواقيت
ص 575 س 6.
(2) التنقيح الرائع: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 1 ص 451.
(3) السرائر: كتاب الحج باب كيفية الاحرام ج 1 ص 529 - 530.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في المواقيت ص 264.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الاحرام ج 2 ص 685 س 3.
212

قاله (1)، انتهى. وهو حسن.
وبناؤه كالفاضل على أن المراد بالاحرام المنسي في كلام الشيخ إنما هو
ما عدا النية، كما عرفته من مذهبه المتقدم إليه الإشارة.
فلا يرد ما ذكره الشهيد من أن نسيان نية الاحرام تبطل سائر
المناسك (2)، لعدم صحة نياتها محلا.
فالأولى في توجيه مذهبه حيث لا يذهب إلى حجية الآحاد التمسك
بأصالة وجوب الاتيان بالمأمور به على وجهه، ولم يحصل، وغاية النسيان
رفع المؤاخذة، لا صحة العبادة. وهو متين لولا الرواية المنجبرة بفتوى
الأصحاب (3).

(1) المعتبر: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 2 ص 810.
(2) لا يوجد لدينا كتابه ونقله عنه في مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام المواقيت ج 7
ص 238.
(3) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب المواقيت ح 1 ج 8 ص 245.
213

(المقصد الأول):
(في) بيان (أفعال الحج)
(وهي: الاحرام، والوقوف بعرفات، والمشعر، والذبح بمنى،
والطواف وركعتاه، والسعي) بين الصفا والمروة (وطواف النساء
وركعتاه) لما سيأتي من الأدلة لكل في مبحثه.
(وفي وجوب الرمي والحلق والتقصير تردد) واختلاف بين
الأصحاب، خصوصا في الرمي فقد حكي الخلاف فيه في المختلف (1)
والدروس (2) عن الشيخ والقاضي وظاهر المفيد والإسكافي.
وأما الثاني: فلم يحك الخلاف فيه في الأول، وحكي في الثاني عن
التبيان خاصة، قال: وهو نادر (3)، وكذا في المنتهى، وفيه زيادة على ذلك
أن الوجوب مذهب علمائنا أجمع (4)، مؤذنا بدعوى الاجماع، كما صرح به
بعض الأصحاب (5)، ونحوهما في دعوى الشذوذ غيرهما.
وبالجملة: دعوى شذوذ الخلاف وندوره هنا مستفيضة في كلام

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج أفعال الحج في الرمي ص 301.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج في أحكام الرمي ج 1 ص 433.
(3) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الحلق ج 1 ص 452.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 2 ص 762 س 32.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج ج 8 ص 88.
214

الجماعة.
وأما ما نقله في التنقيح عن الحلي (1) فضعيف، فإن الموجود في السرائر
خلافه، فإن وجد في صدر عبارته ما يوهمه من قوله: يستحب أن يحلق رأسه
بعد الذبح (2)، لظهور عبارته بعد ذلك في الوجوب، ورجوع الاستحباب إلى
الترتيب بينه وبين الذبح.
وكيف كان: فلا وجه للتردد هنا، لمكان الاجماع الظاهر والمحكي في
عبائر هؤلاء، مضافا إلى ما سيأتي، بل ولا في الأول أيضا، لنفي الحلي
الخلاف فيه بين أصحابنا، بل قال: ولا أظن من المسلمين مخالفا (3)، ونحوه
في التذكرة (4) والمنتهى (5).
ولا يقدح فيه مخالفة من مر من العظماء، لعدم معلومية مخالفتهم صريحا،
إذ الموجود في عبائرهم نحو لفظ (السنة) المحتمل قريبا في كلامهم حمله على
كون المراد منها ما ثبت وجوبه بالسنة في مقابلة الفريضة الإلهية، لا المعنى
المصطلح عليه من المتشرعة.
ولذا قطع الحلي (6) بعدم المخالفة، طاعنا به على من توهمها من
عباراتهم آتيا بقرائن من عبارة الشيخ وفتاواه ما يستأنس به لهذا الحمل.
وكيف كان: (أشبهه الوجوب) لتظافر الأخبار بالأمر بها، بل
تواترها كما صرح به الحلي، وزاد على هذا الدليل.

(1) التنقيح الرائع: كتاب الحج في أفعال الحج ج 1 ص 453. (
(2) السرائر: كتاب الحج باب الحلق والتقصير ج 1 ص 600.
(3) السرائر: كتاب الحج باب زيارة البيت... ج 1 ص 606.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الرمي ج 1 ص 392 س 35.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في الرمي ج 2 ص 771 س 14.
(6) السرائر: كتاب الحج باب زيارة البيت... ج 1 ص 606.
215

فقال - ولنعم ما قال -: ثم فعل الرسول - صلى الله عليه وآله - والأئمة
- عليهم السلام - يدل على ما اخترناه وشرحناه، لأن الحج في القولين مجمل،
وفعله - صلى الله عليه وآله - إذا كان بيانا للمجمل جرى مجرى قوله:
(والبيان في حكم المبين)، ولا خلاف أنه رمي الجمار، وقال: (خذوا
عني مناسككم فقد أمرنا بالأخذ) والأمر يقتضي الوجوب عندنا - إلى أن
قال -:
وأيضا دليل الاحتياط يقتضيه، لأنه لا خلاف بين الأمة أن من رمى
الجمار برئت ذمته من جميع أفعال الحج، والخلاف حاصل إذا لم يرم
الجمار (1)، انتهى.
ولا معارض لهذه الأدلة سوى الأصل إن جوزنا جريانه في نحو المقام وهو
مخصص بالأوامر، وإلا فليس بمعارض أيضا.
وأما التشكيك في دلالتها على الوجوب في أخبارنا في الذخيرة (2) فما
لا ينبغي الاصغاء إليه، ولا العروج في مقام التحقيق عليه، لضعفه من
أصله كما بين في الأصول مستقصى، ولا سيما هنا لفهم الأصحاب إياه
منها، وهو أقوى قرينة عليه، كما صرح به نفسه مرارا ومنها المقام، ولكن
في موضع منها، ولكن رجع عنه أخيرا.
ونحوه في الضعف تشكيكه في وجوب التأسي وتخصيصه بما إذا علم
وجهه، لا مطلقا فإنه مسلم في غير ما وقع بيانا للمجمل، وأما فيه فلا،
وخصوصا في الوضوء والصلاة والحج، لورود الأمر به فيها زيادة على الدليل
الاعتباري المبين في الأصول مفصلا.

(1) السرائر: كتاب الحج باب زيارة البيت... ج 1 ص 607.
(2) ذخيرة المعاد: باب الحج في الحلق ص 680 س 38.
216

وأما القدح في دلالة النص هنا على الوجوب بأنه يدل على وجوب
الأخذ عنه، لا على وجوب كل ما أخذ عنه، وإلا لكان المندوب المأخوذ
واجبا.
فهو باطل كما ترى، لظهوره في الثاني كما فهمه الأصحاب كافة قديما
وحديثا. ولا ينافيه خروج المندوب بالاجماع وغيره، فإن العام المخصص
حجة في الباقي.
وجعله قرينة على الاستحباب أو المعنى الأول دون التخصيص، خلاف
التحقيق، فإنه أولى من المجاز حيثما تعارضا.
وبالجملة: فلا إشكال في وجوبهما.
(ويستحب الصدقة أمام التوجه) إلى السفر مطلقا ليخرج ولا يبالي
ولو في يوم مكروه، كما في الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.
منها: افتتح سفرك بالصدقة، واخرج إذا بدا لك (1).
ومنها: من تصدق بصدقة إذا أصبح دفع الله تعالى نحس ذلك اليوم (2).
ويستحب أن يكون عند وضع الرجل في الركاب، كما في الخبر - بل
الصحيح كما قيل -: كان علي بن الحسين - عليه السلام - إذا أراد الخروج إلى
بعض أمواله اشترى السلامة من الله عز وجل بما تيسر له، ويكون ذلك إذا
وضع رجليه في الركاب (3).
(وصلاة ركعتين) أو أربع ركعات.
ففي النبوي الخاصي: ما استخلف رجل على أهله بخلافة أفضل من

(1) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب السفر ح 2 ج 8 ص 272.
(2) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب السفر ح 6 ج 8 ص 273.
(3) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب السفر ح 5 ج 8 ص 273.
217

ركعتين إذا أراد الخروج إلى سفر، ويقول: اللهم إني أستودعك نفسي
وأهلي ومالي وذريتي ودنياي وآخرتي وأمانتي وخاتمة عملي إلا أعطاه الله
عز وجل ما سأل (1).
وفي آخر مروي عن أمان الأخطار: ما استخلف عبد في أهله من خليفة
إذا هو شد ثياب سفره خير من أربع ركعات يصليهن في بيته، يقرأ في كل
ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد، ويقول: اللهم إني أتقرب إليك بهن
فاجعلهن خليفتي في أهلي ومالي (2).
(وأن يقف على باب داره) وإن كان في مفازة فمن حيث يريد
السفر منه (ويدعو) بالمأثور (و) ذلك (3) بعد أن (يقرأ فاتحة الكتاب
أمامه وعن يمينه وعن شماله (4) وآية الكرسي كذلك).
ففي الخبر أو الصحيح: لو أن رجلا منكم إذا أراد السفر أقام على باب
داره تلقاء وجهه الذي يتوجه له فقرأ الحمد أمامه وعن يمينه وعن شماله،
وآية الكرسي أمامه وعن يمينه وعن شماله، ثم قال: اللهم احفظني واحفظ ما
معي وسلمني وسلم ما معي وبلغني وبلغ ما معي ببلاغك الحسن الجميل،
لحفظه الله تعالى، وحفظ ما معه، وبلغه وبلغ ما معه (5). وزيد في بعض
النسخ المعوذتان والتوحيد كذلك قبل آية الكرسي (6).
(وأن يدعو بكلمات الفرج).

(1) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب السفر ح 1 ج 8 ص 275.
(2) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب آداب السفر ح 3 ج 8 ص 276.
(3) في المتن المطبوع: أو ذلك.
(4) في المتن المطبوع: وشماله.
(5) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب آداب السفر ح 1 ج 8 ص 277.
(6) الكافي: كتاب الدعاء ج 2 ص 543 ح 11.
218

ففي الصحيح: إذا خرجت من بيتك تريد الحج والعمرة إن شاء الله
تعالى فادع دعاء الفرج، وهو لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله
العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع
ورب العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين (1).
(وبالأدعية المأثورة) وهي كثيرة.
ومنها المروي في الصحيح السابق بعد كلمات الفرج ففيه، ثم قل
اللهم كن لي جارا من كل جبار عنيد ومن كل شيطان مريد بسم الله
دخلت وبسم الله خرجت وفي سبيل الله، اللهم إني أقدم بين يدي نسياني
وعجلتي بسم الله ما شاء الله في سفري هذا ذكرته أو نسيته، اللهم أنت
المستعان على الأمور كلها وأنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل،
اللهم هون علينا سفرنا واطو لنا الأرض وسيرنا فيها بطاعتك وطاعة رسولك.
اللهم أصلح لنا ظهرنا وبارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار، اللهم
إني أعوذ بك من وعثاء السفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل والمال
والولد، اللهم أنت عضدي وناصري بك أحل وبك أسير، اللهم إني
أسألك في سفري هذا السرور والعمل بما يرضيك عني.
اللهم اقطع عني بعده ومشقته واصحبني فيه واخلفني في أهلي بخير،
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اللهم إني عبدك وهذا حملانك
والوجه وجهك والسفر إليك وقد اطلعت على ما لم يطلع عليه أحد فاجعل
سفري هذا كفارة لما قبله من ذنوبي وكن عونا لي عليه، واكفني وعثه
ومشقته، ولقني من القول والعمل رضاك، فإنما أنا عبدك وبك ولك (2).

(1) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب آداب السفر ح 5 ج 8 ص 278.
(2) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب آداب السفر ح 5 ج 8 ص 279.
219

(القول في) بيان (في الاحرام)
(والنظر) فيه (في مقدماته وكيفيته وأحكامه).
(و) اعلم أن (مقدماته كلها مستحبة) على الاختلاف في بعضها
يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
(وهي توفير شعر الرأس) بل اللحية أيضا، كما في عبائر جماعة
وإن اقتصر آخرون على ما في العبارة، لوروده في المعتبرة من أول
ذي القعدة إذا أراد التمتع) بل مطلق الحج على الأقوى، وفاقا لجمهور
محققي متأخري أصحابنا، لاطلاق الصحاح المستفيضة (2) وغيرها من
المعتبرة، وظاهرها الوجوب، كما عليه الشيخان في المقنعة (3) والاستبصار (4)
والنهاية (5).
خلافا لمن عداهما، ولا سيما المتأخرين (6) فحملوها على الاستحباب،
جمعا بينها وبين المعتبرة المصرحة بالجواز.
ففي الصحيح: يجزئ الحاج أن يوفر شعره شهرا (7).
وفي آخر مروي عن كتاب علي بن جعفر: أنه سأل أخاه عن الرجل إذا
هم بالحج يأخذ من شعر رأسه ولحيته وشاربه ما لم يحرم قال: قال:

(1) في المتن المطبوع: شعر رأسه.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب الاحرام ج 9 ص 4 و 5.
(3) المقنعة: كتاب الحج باب العمل والقول عند الخروج ص 391.
(4) الاستبصار: كتاب الحج باب توفير شعر الرأس ج 2 ص 160.
(5) النهاية ونكتها: كتاب الحج باب أنواع الحج ج 1 ص 463.
(6) قواعد الأحكام: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 1 ص 79، والدروس الشرعية: كتاب الحج في
سننه وآدابه ج 1 ص 343، ومجمع الفائدة: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 6 ص 246.
(7) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 4.
220

لا بأس (1).
والموثق: عن الحجامة وحلق القفاء في أشهر الحج، فقال: لا بأس به
والسواك والنورة (2).
وفي الخبر: أما أنا فآخذ من شعري حين أريد الخروج، يعني إلى مكة
للاحرام (3).
ولا بأس به وإن كان الوجوب أحوط، لامكان الجمع بين النصوص
بوجه آخر أوضح من هذا الجمع، إلا أنه لما اعتضد بالأصل والشهرة القريبة
من الاجماع كان أظهر.
(ويتأكد) الاستحباب (إذا أهل ذو الحجة).
قيل: للصحيح عن متمتع حلق رأسه بمكة، قال: إن كان جاهلا
فليس عليه شئ، وإن تعمد ذلك في أول الشهور للحج بثلاثين يوما فليس
عليه شئ، وإن تعمد بعد الثلاثين التي يوفر فيها الشعر للحج فإن عليه دما
يهريقه. ويحتمل اختصاصه بمتمتع دخل مكة وهو محرم، وألزمه المفيد الدم
بالحلق بعد هلال ذي القعدة، وهو الذي) أوجب نسبة وجوب التوفير إليه،
مع أن ابن سعيد وافقه فيه، مع أنه قال: ينبغي لمن أراد الحج توفير شعر
رأسه ولحيته (4)، انتهى.
وفي كل من الاستدلال والاحتمال نظر.
(وتنظيف الجسد) عن الأوساخ على ما يقتضيه نحو العبارة، لعطف
قوله: (وقص أظفاره والأخذ من شاربه وإزالة شعره عن جسده

(1) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الاحرام ح 6 ج 9 ص 7.
(2) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 7.
(3) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الاحرام ح 5 ج 9 ص 7.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 1 ص 311 س 32.
221

وإبطيه بالنورة) عليه، فإن العطف يقتضي المغايرة، وفي اللمعة بدل الواو
بالباء (1)، مؤذنا بالاتحاد.
ولعله لخلو الأول عن النص، وأن النصوص في الصحاح المستفيضة (2)
هو ما عداه.
ويمكن الاستدلال بها عليه أيضا، للتلازم بينه وبين ما عداه غالبا
عادة، فتأمل جدا.
واستدل عليه أيضا بعموم استحباب الطهور، واختصاص الاحرام
باستحباب الغسل له المرشد إليه، ومنعه منه مدة طويلة (3).
أقول: ومن العموم تعليل استحباب الاطلاق بالنورة بأنه طهور الوارد في
جملة من النصوص.
ومنها الوارد في الاحرام بالخصوص، كالصحيح عن التهيؤ للاحرام،
فقال: أطل بالمدينة فإنه طهور (4).
وفي الخبر: اطليا قالا فعلنا منذ ثلاثة أيام، فقال: أعيدا فإن الاطلاء
طهور (5). ونحوه آخر (6).
ويستفاد منها أجمع استحباب التنور مطلقا ولو قبل مضي خمسة عشر

(1) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في الاحرام ص 34.
(2) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الاحرام ج 9 ص 8، 9.
(3) كشف اللثام: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 1 ص 311 س 36.
(4) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 10.
(5) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب آداب الحمام ح 5 ج 1 ص 390، والكافي: ج 4 ص 7 32 ح 6،
وفيهما: منذ ثلاث.
(6) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب آداب الاحرام ح 6 ج 1 ص 390.
222

يوما، وبه صرح جماعة من المتأخرين (1)، تبعا للمحكي عن النهاية (2)
والمبسوط (3) والمنتهى (4).
ولا ينافيه قوله: (ولو كان مطليا أجزأه ما لم يمض خمسة عشر
يوما) كما قيل (5)، بل ربما يؤكده، لمكان لفظ الاجزاء المستعمل عرفا في
أقل الواجب أو المستحب.
وإنما المقصود من ذكر المدة بيان تأكد الاستحباب بعدها، للخبر: إذا
انتهيت للاحرام الأول كيف أصنع للطلية الأخيرة وكم بينهما؟ قال: إذا
كان بينهما جمعتان خمسة عشر يوما فاطل (6).
(والغسل) كما مر في كتاب الطهارة.
(ولو أكل أو لبس) بعد الغسل (ما لا يجوز له أعاد غسله
(استحبابا) للصحيحين (7) وغيرهما (8)، وزيد في أحدهما التطيب كما أفتى
به في التهذيب (9) والدروس (1) وغيرهما (11)
ولا يلحق بالمذكورات غيرها من تروك الاحرام، للأصل السالم عن

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج في سننه وآدابه ج 1 ص 343، ومجمع الفائدة: كتاب الحج في
مقدمات الاحرام ج 6 ص 251.
(2) النهاية ونكتها: كتاب الحج باب كيفية الاحرام ج 1 ص 468.
(3) المبسوط: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 314.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في الاحرام ج 2 ص 672 س 11.
(5) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 585 س 35.
(6) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 10.
(7) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الاحرام ح 1 و 2 و 3 ج 9 ص 16.
(8) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الاحرام ح 1 و 2 و 3 ج 9 ص 16.
(9) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في صفة الاحرام ج 5 ص 70.
(10) الدروس الشرعية: كتاب الحج في سننه وأحكامه ج 1 ص 343.
(11) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج مفتاح ما يستحب في الاحرام ج 1 ص 312.
223

المعارض، المؤيد بصريح الصحيح في الأدهان قبله وبعده ومعه ليس به
بأس (1).
والمرسل: في قص الأظفار وتقليمها، وفيه: لا يعيد الغسل، بل يمسحها
بالماء (2).
واعلم أن المتبادر من النص والفتوى أن مكان الغسل هو الميقات أو ما
يكون قريبا منه كما صرح به في الروضة شيخنا (3).
ومقتضى ذلك عدم جواز تقديمه عليه مطلقا.
(وقيل: يجوز تقديم (4) الغسل على الميقات لمن خاف عوز الماء،
ويعيد) في الميقات (لو وجده) فيه، والقائل الشيخ وأتباعه، كما في
التنقيح (5)، وعليه عامة المتأخرين، بل لا خلاف فيه أجده، وبه صرح في
الذخيرة (6) مشعرا بدعوى الاجماع، كما صرح به في المدارك بالنسبة إلى
جواز التقديم لخائف عوز الماء (7)، للصحاح وغيرها (8)، بل ظاهر جملة منها
جواز التقديم مطلقا ولو لم يخف عوز الماء (1)، وقواه جماعة من
متأخري أصحابنا (10)، إلا أن في التنقيح أنه لم يقل به

(1) وسائل الشيعة: ب 30 من أبواب تروك الاحرام ح 6 ج 9 ص 106.
(2) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 16.
(3) الروضة البهية: كتاب الحج، القول في الاحرام ج 2 ص 229.
(4) في المتن المطبوع: يجوز أن يقدم.
(5) التنقيح الرائع: كتاب الحج، القول في الاحرام ج 1 ص 454.
(6) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الاحرام ص 586 س 4.
(7) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 7 ص 251.
(8) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الاحرام ج 9 ص 12.
(9) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الاحرام ح 3 و 5 و 6 ج 9 ص 12 و ب 7 منه ح 1.
(10) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 7 ص 251، وكشف اللثام: كتاب الحج
في سنن الاحرام ج 1 ص 312 س 9.
224

قائل (1)، مؤذنا بدعوى الاجماع عليه، وجعله السبب في التقييد.
ومما ذكرنا ظهر الاجماع المنقول على كل من جواز التقديم مع خوف عوز
الماء، وعدمه مع عدمه. وهو معتضد في الأول بعدم ظهور الخلاف فيه، إلا
من العبارة لنسبتها إياه إلى القيل، المشعرة بالتوقف فيه، أو التمريض.
ولا وجه له بعد استفادته من الصحاح وغيرها، المعتضدة بعمل
الأصحاب كافة عداه.
مع احتمال رجوع تردده ولو على بعد إلى تقييد الجواز بخوف عوز الماء،
لاطلاق الأخبار، حتى ما ذكر فيه خوف عوز الماء، فإن غايته ذلك
الاختصاص، لا التخصيص فلا ينافي الاطلاق.
ومرجعه إلى احتمال جواز التقديم على الاطلاق، كما عليه جماعة من
المتأخرين (2). وهو حسن لولا الاجماع المنقول الموجب للتقييد، مع نوع تردد
في شمول الاطلاق لصورة عدم خوف عوز الماء.
ويحتمل رجوع التردد إلى الحكم الأخير، لعدم دليل واضح عليه.
وما استدل به جماعة من المتأخرين من قوله - عليه السلام - في بعض
الصحاح بعد رخصة التقديم لخوف عوز الماء: (ولا عليكم أن تغتسلوا إن
وجدتم أي الماء إذا بلغتم ذا الحليفة) (3).
غير واضح الدلالة، فإن نفي البأس غير الاستحباب.
وفيه مناقشة، فإنه إذا لم يكن به بأس كان راجحا، لكونه عبادة.
ومما ذكر ظهر عدم وجه للتردد في شئ من الأحكام الثلاثة.

(1) التنقيح الرائع: كتاب الحج، القول في الاحرام ج 1 ص 454.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 7 ص 251، وكشف اللثام: كتاب الحج
في سنن الاحرام ج 1 ص 312.
(3) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 12.
225

(ويجزئ غسل النهار ليومه، وكذا غسل الليل) لليلته بلا خلاف
أجده، للنصوص المستفيضة (1)، وفيها الصحيح والموثق وغيرهما.
بل في الصحيح: غسل يومك يجزئك لليلتك، وغسل ليلتك يجزئك
ليومك (2).
وبه أفتى جماعة من متأخري المتأخرين (3)، تبعا للمحكي عن
المقنع (4)، ولا بأس به.
ولكن الأفضل الإعادة، لصريح بعض الأخبار (5) السابقة، المؤيد
بلفظ الاجزاء في هذه الرواية.
وذلك (ما لم ينم) وإلا فيستحب الإعادة، وفاقا للأكثر.
للصحيح: عن الرجل يغتسل للاحرام ثم ينام قبل أن يحرم، قال: عليه
إعادة الغسل (6). ونحوه غيره (7).
مؤيدين بما يدل على مثله لمن اغتسل لدخول مكة أو الطواف،
كالصحيح: عن الرجل يغتسل لدخول مكة ثم ينام فيتوضأ قبل أن يدخل
أيجزئه ذلك أو يعيد؟ قال: لا يجزئه، لأنه إنما دخل بوضوء (8).
ويفهم منه نقض الغسل بالنوم ومشاركة باقي الاحداث له في ذلك،
وصرح بالأخير الشهيدان في الدروس (9) والمسالك، مستندا ثانيهما بالفحوى

(1) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب الاحرام ج 9 ص 13.
(2) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 13.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 7 ص 252.
(4) المقنع: كتاب الحج ص 70.
(5) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 13.
(6) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب الاحرام ح 1 و 2 ج 9 ص 14.
(7) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب الاحرام ح 1 و 2 ج 9 ص 14.
(8) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب مقدمات الطواف ح 1 ج 9 ص 319.
(9) الدروس الشرعية: كتاب الحج في سننه وآدابه ج 1 ص 343.
226

للاتفاق على ناقضية الحدث غيره مطلقا، والخلاف فيه على بعض
الوجوه (1).
وهو مبني على كون الإعادة للنقض، لا تعبدا كما قدمنا، ويدل عليه
الموثق صريحا.
وفيه: عن غسل الزيادة يغتسل بالنهار ويزور بالليل بغسل واحد، قال:
يجزئه إن لم يحدث، فإن أحدث ما يوجب وضوء فليعد غسله (3).
خلافا لسبطه (3)، وبعض من تأخر عنه (4) فجعلاها تعبدا، ولم
يستحباها لباقي الأحداث.
وخلاف الحلي بعدم استحباب الإعادة ولو في النوم (5)، مبني على
الأصل وعدم حجية الآحاد، وهو ضعيف.
نعم في الصحيح: عن الرجل يغتسل للاحرام بالمدينة ويلبس ثوبين ثم
ينام قبل أن يحرم قال ليس عليه غسل (6).
وهو قاصر عن المقاومة، لما مر، بعد صراحته وتعدده واعتضاده بالعمل.
فيحمل على نفي الوجوب، كما هو ظاهره من وجه، وعليه الشيخ (7)،
أو على نفي تأكد الاستحباب، كما هو ظاهره من آخر، وعليه جماعة ممن
تأخر (8). ولعله أظهر

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 106 س 12.
(2) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب زيارة البيت ح 2 ج 10 ص 204.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 7 ص 253.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 631 س 32.
(5) السرائر: كتاب الحج باب زيارة البيت ج 1 ص 602.
(6) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 15.
(7) الاستبصار: كتاب الحج في صفة الاحرام ج 2 ص 164.
(8) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 7 ص 252.
227

(ولو أحرم بغير غسل أو بغير صلاة أعاد) الاحرام بعد تداركهما
استحبابا على الأظهر الأشهر، كما عن المسالك (1). وقيل: بوجوبها (2).
أقول: ولعله لظاهر الأمر بها في الصحيح رجل أحرم بغير صلاة أو بغير
غسل جاهلا أو عالما ما عليه في ذلك وكيف ينبغي له أن يصنع؟ فكتب:
يعيده (3).
ويضعف بظهوره السؤال في الاستحباب فيطابقه الجواب، مضافا إلى
فحوى ما دل على استحباب أصل الغسل والصلاة، مع أن القول بالوجوب
لم ينقل في كلام أكثر الأصحاب، وإنما المنقول القول بنفي الاستحباب.
نعم عبارة النهاية المحكية ظاهرة في الوجوب (4)، لكنه رجع عنه في
المبسوط (5). وكذا عبارة الإسكافي (6) المحكية وإن كانت أيضا ظاهرة في
الوجوب، بل صريحة، إلا أن المستفاد منها أنه لوجوب أصلهما لا الإعادة،
كما هو مفروض المسألة.
وكيف كان: فلا ريب في الاستحباب.
خلافا للحلي فأنكره إن أريد من الاحرام ما يشمل النية، قال: فإنه
إذا نواه انعقد ولم يمكنه الاخلال، إلا بالاتمام أو ما يقوم مقامه إذا صد أو
أحصر (7).

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 106 س 13.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 264، نقله عن ابن أبي عقيل.
(3) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 28.
(4) البداية ونكتها: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 469.
(5) المبسوط: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 315.
(6) مختلف الشيعة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 264، نقله عنه.
(7) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 532.
228

قيل: وليس كالصلاة التي تبطل بمنافياتها وبالنية، فلا يتوجه ما في
المختلف من أنه كالصلاة التي يستحب إعادتها إذا نسي الأذان والإقامة،
والجواب إن الإعادة لا يفتقر إلى الابطال لم لا يجوز أن يستحب تجديد النية،
وتأكيدها للرواية وقد ينزل عليه ما في المختلف، انتهى (1).
وهو حسن إن تم منع افتقار الإعادة إلى الابطال. وفيه نظر، لتبادره
منها عرفا، وقد صرح في الأصول بأنها عبارة عن الاتيان بالشئ ثانيا بعد
الاتيان به أولا، لوقوعه على نوع خلل قالوا: كتجرده عن شرط معتبر أو
اقترانه بأمر مبطل، فتدبر.
ولعله لذا لم يجب عن الحلي أحد من المتأخرين، إلا بابتناء مذهبه هنا
على مذهبه في أخبار الآحاد من عدم حجيتها، وهو ضعيف.
وعلى هذا، فالمعتبر من الاحرامين ثانيهما، كما هو ظاهر المختلف (2)
والمنتهى (3) وغيرهما.
خلافا للشهيدين (4) فأولهما، قال: ثانيهما، إذ لا وجه لابطال الاحرام بعد
انعقاده (5)، فلا وجه لاستئناف النية، بل ينبغي أن يكون المعاد هو التلبية
واللبس خاصة، انتهى.
وفيه ما عرفته من ظهور النص في الابطال، من جهة لفظ (الإعادة)

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 312 س 23.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 264 س 25.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في صلاة الاحرام ج 2 ص 673 س 26.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج في سننه وآدابه ص 344.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 106 س 13، إلى هنا عبارة الشهيد الثاني وما
بعد إلى آخر القول عبارة المدارك: كتاب الحج في مقدمات الاحرام ج 7 ص 254، لعله
المصنف عند نقله العبارة وقع في خلط.
229

المفهوم منه ذلك عرفا وعادة.
هذا، مضافا إلى ما ذكره بعض المحدثين في الجواب عنه: على أن نية
الأولى إنها كانت معتبرة بمقارنة اللبس أو التلبية مثل نية الصلاة المقارنة
للتكبيرة، فإذا أبطل تكبيرة الاحرام بطلت النية الأولى (1)، فكذا هنا.
وتظهر ثمرة الخلاف في وجوب الكفارة للمتخلل بين الاحرامين
واحتساب الشهر بين العمرتين، والعدول إلى عمرة التمتع لو وقع الثاني في
أشهر الحج، لكن ظاهر القواعد خروج الأول من البين (2)، ووجوب
الكفارة على القولين.
فإن تم إجماعا، وإلا فهو منفي على المختار قطعا، وكذا مع التردد بينه
وبين مقابله عملا بالأصل السالم عن المعارض، إلا أن يمنع باستصحاب
بقاء الاحرام الأول الموجب للكفارة بالجناية فيه، والإعادة لا تقطعه، بناء
على الفرض، وفيه نظر.
(وأن يحرم عقيب) الصلاة بلا خلاف، للصحاح المستفيضة (3).
ولا يجب، للأصل المعتضد بعدم الخلاف فيه، إلا من الإسكافي (4)،
وهو نادر.
وأن يكون (فريضة الظهر) فقد فعله النبي - صلى الله عليه وآله -،
كما في الصحيح (5)، وفي آخر: أنه أفضل (6).

(1) الحدائق الناضرة: كتاب الحج في الاحرام ج 15 ص 19.
(2) قواعد الأحكام: كتاب الحج ج 1 ص 418.
(3) الاستبصار: كتاب الحج ج 2 ص 166 ب 97 و 98.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 264.
(5) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الاحرام ح 3 و 5 ج 9 ص 21.
(6) وسائل الشيعة: ب 15 من أ بواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 21.
230

وما دل على التسوية لنا (1) وإن فعله - صلى الله عليه وآله - كان
لضرورة فقد الماء، محمول على التسوية في غير الفضيلة، يعني الاجزاء، لما
عرفت من تصريح الصحيحة بالأفضلية.
(أو عقيب فريضة) (2) مكتوبة، لظاهر إطلاق الصحيحين (3)،
وصريح الخبرين (4) الأمر بتأخير الاحرام عما بعد العصر إلى المغرب، وهما
مختصان بها وما قبلهما بالمكتوبة، وظاهرها الفرائض الخمس اليومية المؤداة
خاصة.
خلافا لاطلاق نحو العبارة، فعممت لها وللمقضية وللكسوف ونحوها،
وبه صرح الشهيدان في المسالك (5) والدروس (6).
(ولو لم يتفق) فريضة (فعقيب ستة ركعات) لرواية، ضعف
سندها بعمل الأصحاب مجبور، مضافا إلى أدلة المسامحة.
وفيها: تصلي للاحرام ستة ركعات تحرم في دبرها (7).
وظاهرها استحباب هذه الست مطلقا ولو أحرم عقيب الفريضة، كما
هو ظاهر أكثر الأصحاب وإن اختلفوا في استحباب تقديمها على الفريضة
والاحرام في دبرها، كما يعزى إلى المشهور، ومنهم المفيد في المقنعة (8)،

(1) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الاحرام ح 5 ج 9 ص 21.
(2) في المطبوع والشرح الصغير: أو عقيب فريضة غيرها.
(3) الاستبصار: كتاب الحج ج 2 ص 166 ح 2 و 4.
(4) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب الاحرام ح 3 و 4 ج 9 ص 27.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 106 س 17.
(6) الدروس الشرعية: كتاب الحج في سننه وآدابه ج 1 ص 343.
(7) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 26.
(8) المقنعة: كتاب الحج باب الاحرام ص 407.
231

والشيخ في المبسوط (1) والنهاية (2)، والحلي (3) والشهيدان (4) وغيرهما،
لصريح الرضوي (5) فإن كان وقت فريضة فصل هذه الركعات قبل الفريضة
ثم صل الفريضة.
أو العكس، كما عن الجمل والعقود (6) والمهذب (7) والإشارة (8)
والغنية (9) والوسيلة (10). وهو أحوط، عملا بعموم لا نافلة في وقت
فريضة، وإن كان الأول لا يخلو عن وجه، لصراحة المستند، وانجبار قصور
السند بفتوى الأكثر.
ويعضده - بالإضافة إلى الحكم بتأخير الفريضة وايقاع الاحرام دبرها -
أن فيه الأخذ بظاهر الأخبار الصحيحة الحاكمة باستحباب الاحرام في دبر
الفريضة، إذ المتبادر منها التعقيب بغير فاصلة، كما أشار إليه في الرضوي
أيضا، فإن فيه - بعد ما مر - أن أفضل ما يحرم الانسان في دبر الصلاة
الفريضة ثم أحرم في دبرها ليكون أفضل (11).

(1) المبسوط: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 315.
(2) النهاية ونكتها: كتاب الحج في كيفة الاحرام ج 1 ص 469.
(3) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 531.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج في سننه وآدابه ج 1 ص 343، والمسالك: كتاب الحج ج 1
ص 106 س 18.
(5) فقه الرضا - عليه السلام -: باب الحج ص 216.
(6) الجمل والعقود: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 133.
(7) المهذب: كتاب الحج باب الاحرام ج 1 ص 215.
(8) إشارة السبق (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 128 س 18.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الاحرام ص 512 س 15.
(10) الوسيلة: كتاب الحج في الاحرام ومقدماته ص 161.
(11) فقه الرضا - عليه السلام -: باب الحج ص 216.
232

نعم ينافيه ظاهر الرواية، فإن المتبادر منها أيضا التعقيب للاحرام
عقيب النافلة بغير فاصلة، إلا أن صرفها إلى المعنى الأعم ممكن، وهو أولى
من العكس، لضعف سند هذه ووحدتها، ولا كذلك ما دل على التعقيب
للفريضة، فإنها بطرف الضد من الأمور المزبورة، مضافا إلى الشهرة.
(وأقله) أي المندوب من الصلاة التي يحرم عقيبها إن لم يتفق في وقت
الفريضة (ركعتان) للصحيح: وإن كانت نافلة صليت ركعتين وأحرمت
دبرها (1). وفي رواية: أربع (2).
وعمل بها بعض (3). ولا بأس به، للمسامحة في أدلة السنن، مع
استحباب أصل الصلاة مطلقا.
ويستحب أن (يقرأ في الأولى) من هاتين الركعتين (الحمد
والصمد، وفي الثانية الحمد - والجحد) كما في كلام جماعة (4)،
وبالعكس في كلام آخرين (5).
وفي الصحيح: لا تدع الصلاة أن تقرأ ب‍ (قل هو الله أحد) و (قل
يا أيها الكافرون) في سبعة مواطن: في الركعتين قبل الفجر، وركعتي
الزوال، والركعتين بعد المغرب، وركعتين من أول صلاة الليل، وركعتي
الاحرام، والفجر إذا أصبحت بها (6).

(1) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب الاحرام ح 5 ج 9 ص 26.
(2) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 27.
(3) وهو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 7 ص 256.
(4) تهذيب الأحكام: في كيفية الصلاة ج 2 ص 74 ح 42، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في
مقدمات الاحرام ج 7 ص 256.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 674، والدروس الشرعية: كتاب الحج في سننه وآدابه ج 1
ص، 343.
(6) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب القراءة ح 1 ج 4 ص 751.
233

وليس فيه دلالة إلا على استحباب السورتين دون الترتيب بينهما مطلقا،
إلا أن يراعى الترتيب المذكور فيدل على الأول.
ويدل عليه صريحا المرسل في الكافي (1) والتهذيب (2) والشرائع (3)، فإن
في الأولين بعد نقل الرواية وفي رواية أخرى: أنه يبدأ في هذا كله ب‍ (قل
هو الله أحد)، وفي الركعة الثانية ب‍ (قل يا أيها الكافرون) إلا في الركعتين
قبل الفجر فإنه يبدأ ب‍ (قل يا أيها الكافرون) ثم يقرأ في الركعة الثانية
ب‍ (قل هو الله أحد)، وفي الثالث بعد الفتوى بعكس ما في المتن وفيه
رواية أخرى ولعلها المرسلة (4)، وفي المسالك أن الكل مستحب (5)،
ولا بأس به، لاطلاق الصحيح وإن كان ما في المرسل أفضل.
(و) اعلم أنه يجوز أن (يصلي نافلة الاحرام ولو في وقت الفريضة
ما لم يتضيق) فتقدم لما عرفته، مضافا إلى ظاهر الخبرين بتأخيرها إلى
المغرب (6)، ونحوه النصوص الدالة على أنها من الصلاة التي تصلى في كل
وقت.
أظهرها دلالة الخبر: خمس صلوات تصليهن في كل وقت: صلاة
الكسوف، والصلاة على الميت، وصلاة الاحرام، والصلاة التي تفوت،
وصلاة الطواف من الفجر إلى طلوع الشمس، وبعد العصر إلى الليل (7).

(1) الكافي: كتاب الصلاة في قراءة القرآن ح 22 ج 3 ص 316.
(2) تهذيب الأحكام: كتاب الصلاة في كيفية الصلاة ح 1 ج 2 ص 74.
(3) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 244.
(4) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب القراءة ح 2 ج 4 ص 751.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 106 س 20.
(6) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب الاحرام ح 3 و 4 ج 9 ص 27.
(7) تهذيب الأحكام: كتاب الصلاة ج 2 ص 171 ح 140، وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب
مواقيت الصلاة ح 5 ج 3 ص 175.
234

وهو صريح في جواز الاتيان بها في الأوقات المكروهة.
ولا ينافيه الأخبار الناهية عن فعلها بعد العصر، لتصريحها بعد النهي
بأنه لمكان الشهرة.
(وأما الكيفية: فتشتمل على الواجب والندب).
(فالواجب ثلاثة):
الأول (النية: وهو (1) أن يقصد بقلبه إلى) إيقاع المنوي مع
مشخصاته الأربعة من (الجنس من الحج أو العمرة، والنوع من التمتع
أو غيره) القران والأفراد (والصفة من واجب أو غيره، وحجة
الاسلام أو غيرها) متقربا إلى الله تعالى، كما في كل عبادة.
ولا خلاف ولا اشكال في اعتبار القربة، وكذا في الباقي حيث يتوقف
عليه التعيين، لتوقف الامتثال عليه مطلقا، وظواهر الصحاح المستفيضة
وغيرها من المعتبرة هنا.
ففي الصحيح: ينوي العمرة ويحرم بالحج (2).
وفيه: ولا تسم حجا ولا عمرة وأضمر في نفسك المتعة فإن أدركت
متمتعا وإلا كنت حاجا (3).
وفي الصحيح: انو المتعة (4). وغير ذلك من الأخبار الكثيرة الآمرة
بتشخيص المنوي وتعيينه، المعتضدة بأخبار الدعاء المتضمنة لتعيينه، وبأنه
لو جاز الاهمال كان هو الأحوط، لئلا يفتقر إلى العدول إذا اضطر إليه،
ولما احتاج إلى اشتراط إن لم يكن حجة فعمرة.

(1) في المتن المطبوع والشرح الصغير: والواجب ثلاثة النية: وهي.
(2) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 29.
(3) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 29.
(4) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 28.
235

خلافا للمحكي عن المبسوط (1) والمهذب (2) والوسيلة (3)، فيصح
الاحرام من غير نية كونه لحج أو عمرة وينصرف إلى العمرة المفردة إن كان
في غير أشهر الحج ويتخير بينهما إن كان فيها.
قيل: وهو خيرة التذكرة والمنتهى ولعله أقوى، لأن النسكين في الحقيقة
غايتان للاحرام غير داخلين في حقيقته ولا يختلف حقيقة الاحرام نوعا
ولا صنفا باختلاف غاياته، فالأصل عدم وجوب التعيين، وأخباره مبنية
على الغالب أو الفضل، وكذا العدول والاشتراط (4)، انتهى.
وفيه نظر، كسائر ما استدل به لهذا القول.
وأما اعتبار نية الوجه ففيه حيثما لا يتوقف عليه التعيين الكلام المعروف
المتقدم في كتاب الطهارة.
(ولو نوى نوعا) مثلا (ونطق بغيره) عمدا أو سهوا (فالمعتبر
النية) أي المنوي كما في بعض الصحاح (5) المتقدمة، مضافا إلى أن النية
أمر قلبي، فلا اعتبار بالنطق، فيصح الاحرام بمجرد النية ولو من دونه.
وعليه يدل نحو الصحيح: إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج فكيف
أقول؟ فقال: تقول: اللهم إني أريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج على
كتابك وسنة نبيك، وإن شئت أضمرت الذي تريد (6).
(الثاني: التلبيات الأربع) الآتي بيان صورتها.

(1) المبسوط: كتاب الحج في كفية الاحرام ج 1 ص 316.
(2) المهذب: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 219.
(3) الوسيلة: كتاب الحج في الاحرام ومقدماته ص 161.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 313 س 10.
(5) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب الاحرام ح 8 ج 9 ص 33.
(6) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 24.
236

في ولا ينعقد الاحرام للمفرد والمتمتع إلا بها) بإجماع علمائنا، كما
في الانتصار (1) والغنية (2) والخلاف (3) والتذكرة (4) والمنتهى (5) وغيرها،
والنصوص مستفيضة جدا، كما سيأتي إليها الإشارة أيضا.
(وهل يعتبر مقارنة النية لها، كما في صريح السرائر (6) واللمعة (7)
والمنتهى (8) والتنقيح (9) وعن غيرها (10) صريحا وظاهرا، أم لا، كما عن
ظاهر جملة من القدماء (11)، وذهب إليه جماعة من متأخري المتأخرين
أيضا، وعزاه في الروضة إلى المشهور (12)؟ إشكال.
من استفاضة الصحاح وغيرها برجحان تأخيرها لمن حج من طريق
المدينة من المسجد إلى أن تعلق راحلته البيداء.
ففي الصحيح: بعد ذكر الدعاء المستحب عند الاحرام ويجزئك أن تقول
هذا مرة واحدة حين تحرم، ثم قم فامش هنيئة فإذا استوت بك الأرض
ماشيا أو راكبا فلب (13).

(1) الإنتصار: كتاب الحج ص 102.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الاحرام ص 512 س 35.
(3) الخلاف: كتاب الحج في صيغة التلبية م: 72 ج 2 ص 293.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في التلبيات ج 1 ص 327 س 3.
(5، 8) منتهى المطلب: كتاب الحج في التلبيات ج 2 ص 676 س 28.
(6) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 536.
(7) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في الاحرام ص 34.
(9) التنقيح الرائع: كتاب الحج في التلبيات ج 1 ص 456.
(10) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 7 ص 263.
(11) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في صفة الاحرام ج 5 ص 84، والوسيلة: كتاب الحج في
الاحرام ومقدماته ص 161.
(12) الروضة البهية: كتاب الحج في الاحرام ج 2 ص 230.
(13) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 22.
237

وظاهره وإن أفاد الوجوب كغيره، إلا أنه محمول على الفضيلة، كما
يستفاد من آخر: إن أحرمت من غمرة أو بريد البعث صليت، وقل ما
يقول المحرم في دبر صلاتك، وإن شئت لبيت من موضعك، والفضل أن
تمشي قليلا ثم تلبي (1). ونحوه غيره (2) مما يأتي.
ومن استفاضة النصوص (3) أيضا بعدم جواز المرور على الميقات إلا
محرما، كما مضى.
والجمع بينهما ممكن بأحد وجهين:
إما بحمل الأدلة على أن المراد بها استحباب رفع الصوت بالتلبية، وإلا
فلا بد من المقارنة، عملا بالأخبار الأخيرة.
ويستأنس لهذا الجمع ملاحظة الصحيح: إن كنت ماشيا فاجهر
باحرامك وتلبيتك من المسجد وإن كنت راكبا، فإذا علت راحلتك
البيداء (4).
والخبر: هل يجوز للمتمتع بالعمرة إلى الحج أن يظهر التلبية في مسجد
الشجرة؟ فقال: نعم (5)، الحديث.
وذلك لأن المأمور به فيهما الاجهار بالتلبية لا نفسها، وفيهما إشعار
لذلك، ولا سيما الثاني فإن التلبية لا بد منها.
أو بحمل الثانية على أن المراد بالاحرام فيها الذي لا يجوز المرور عن
الميقات إلا به إنما هو نيته ولبس الثوبين خاصة، لا التلبية.

(1) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 46.
(2) وسائل الشيعة: ب 46 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 63.
(3) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب المواقيت ح 8 ص 241.
(4) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 44.
(5) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 46.
238

ويستأنس لهذا الجمع بأن في الصحاح السابقة ما لا يقبل الجمع
الأول، إلا بتكلف بعيد، كالصحيح: أنه - عليه السلام - صلى ركعتين
وعقد في مسجد الشجرة، ثم خرج فأتى بخبيص فيه زعفران فأكل قبل أن
يلبي منه (1).
وقريب منه النصوص الآتية.
وثانيا: ملاحظة كلام الشيخ في التهذيب بعد نقل هذه الأخبار الأخيرة
حيث قال: والمعنى في هذه الأحاديث أن من اغتسل للاحرام وصلى وقال
ما أراد من القول بعد الصلاة لم يكن في الحقيقة محرما، وإنما يكون عاقدا
للحج والعمرة، وإنما يدخل في أن يكون محرما إذا لبى.
والذي يدل على هذا المعنى ما رواه موسى بن القاسم عن صفوان عن
معاوية بن عمار وغير معاوية ممن روى عنه صفوان هذه الأحاديث، يعني
هذه الأحاديث المتقدمة، وقال: هي عندنا مستفيضة.
عن أبي جعفر وأبي عبد الله - عليهما السلام - أنهما قالا: إذا صلى الرجل
ركعتين، وقال: الذي يريد أن يقول من حج أو عمرة في مقامه ذلك فإنه
إنما فرض على نفسه الحج وعقد عقد الحج، وقالا: إن رسول الله - صلى الله
عليه وآله - حيث صلى في مسجد الشجرة صلى وعقد الحج، ولم يقولا:
صلى وعقد الاحرام، فلذلك صار عندنا أن لا يكون عليه فيما أكل مما يحرم
على المحرم، ولأنه قد جاء في الرجل يأكل الصيد قبل أن يلبي وقد صلى
وقد قال: الذي يريد أن يقول ولكن لم يلب.
وقالوا قال أبان بن تغلب عن أبي عبد الله - عليه السلام -: يأكل الصيد
وغيره فإنما فرض على نفسه الذي قال: فليس له عندنا أن يرجع حتى يتم

(1) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 17.
239

إحرامه، فإنما فرضه عندنا عزيمة حين فعل ما فعل لا يكون له أن يرجع إلى
أهله حتى يمضي، وهو مباح له قبل ذلك، وله أن يرجع متى ما شاء،
وإذا فرض على نفسه الحج ثم أتم بالتلبية فقد حرم عليه الصيد وغيره،
ووجب عليه في فعله ما يجب على المحرم، لأنه قد يوجب الاحرام ثلاثة
أشياء: الاشعار والتلبية والتقليد، فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد
أحرم، وإذا فعل الوجه الآخر قبل أن يلبي فقد فرض (1)، انتهى.
ولعل الترجيح لهذا الجمع لوضوح الشاهد عليه من النصوص المعتبرة
المفتى بها عند شيخ الطائفة.
إلا أن يقال: إن ظاهرها انعقاد الاحرام بالنية من غير تلبية من جهة،
وعدمه من أخرى.
وهذا التفصيل لم يظهر به قائل من الفقهاء، بل ظاهرهم أنه إن انعقد
بها من دون التلبية انعقد مطلقا، فيحرم عليه الصيد أيضا، وإلا فلا،
كذلك فيجوز له الرجوع والمضي إلى أهله.
وفتوى الشيخ غير معلومة، لاحتمال ذكره ذلك احتمالا وجمعا، لكنه
خلاف الظاهر.
وعدم ظهور القائل بخلاف ذلك أو ظهور كلام الأكثر فيه ليس
إجماعا، سيما مع فتواهم بجواز المحرمات بعد النية قبل التلبية، من غير
تصريح بوجوب إعادتها عند التلبية، كما يأتي، فيكون النص الشاهد عن
المعارض سليما، فيتعين العمل به جدا.
وعلى هذا فمعنى عدم الانعقاد إلا بها أنه ما لم يلب كان له ارتكاب
المحرمات على المحرم، ولا كفارة عليه وإن لم يجز له فسخ النية. ولكن

(1) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في صفة الاحرام ح 5 ص 83.
240

الأحوط مراعاة المقارنة خروجا عن شبهة الخلاف فتوى، ورواية.
(أما القارن (1) فله أن يعقده) أي الاحرام (بها) أي بالتلبية (أو
بالاشعار أو التقليد على الأظهر) الأشهر، بل عليه عامة من تأخر، وفي
ظاهر الخلاف (2) والغنية (3) بل والمنتهى (4) والمختلف (5) الاجماع عليه،
للصحاح المستفيضة الصريحة وغيرها من المعتبرة.
منها - زيادة على ما مر هنا قريبا وفي بحث امتياز القران عن الافراد
سابقا - الصحيح: يوجب الاحرام ثلاثة أشياء التلبية والاشعار والتقليد فإذا
فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم (6). وبمعناه كثير، ومنها الصحاح
وغيرها بمنزلة التلبية (7).
خلافا للمرتضى (8) والحلي (9) فاقتصرا على التلبية، لأدلة لا وقع لها في
مقابلة ما سمعته، إلا على تقدير عدم الاعتماد على الآحاد ولو كانت
صحيحة، كما هو أصلهما فيها.
وفيه أنها محفوفة بالقرينة وهي عمل الأصحاب كافة، بل المرتضى
مخالفته غير معلومة، كما أشار إليه في المختلف، فقال: بعد نقل أدلته على
وجوب التلبية، والظاهر أنه ذكرها مبطلة لاعتقاد مالك والشافعي وأحمد

(1) في المتن المطبوع والشرح الصغير: وأما القارن.
(2) الخلاف: كتاب الحج في الاحرام م 66 ج 2 ص 289 و 290.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الاحرام ص 512 س 35.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في الاحرام ج 2 ص 676 س 29.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الاحرام ص 265.
(6) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 20 ج 8 ص 202.
(7) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب أقسام الحج ح 7 و 11 ج 8 ص 200
(8) الإنتصار: كتاب الحج في وجوب التلبية ص 102.
(9) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 532.
241

من استحباب التلبية مطلقا، فتوهم ابن إدريس أن ذلك في حق القارن
أيضا (1)، انتهى. وهو حسن.
ويعضده أنه في المنتهى: والشيخ وابن زهرة في كتابهما المتقدم إليهما
الإشارة قد ذكروا أدلة السيد على وجوب التلبية، مع أنهم ادعوا الاجماع في
عنوان المسألة على وجوبها، أو ما يقوم مقامها من الاشعار والتقليد.
ومع ذلك فمذهبهما في الآحاد ضعيف، كما حقق في الأصول.
يحكي عن الشيخ في الجمل (2) والمبسوط (3) وابني حمزة (4) والبراج (5)
اشتراط الانعقاد بهما بالعجز عن التلبية، وكأنهم جمعوا بين هذه الأخبار
وعمومات الأمر بالتلبية.
وفيه: أنه ليس أولى من تخصيص الأخيرة بمن عدا القارن، بل هو أولى
كما لا يخفى.
(وصورتها) كما هنا وفي الشرائع (6) وعن المقنعة (7) في نقل، ويميل
إليه الفاضل في المنتهى (8) والتحرير (9) (لبيك اللهم لبيك، لبيك
لا شريك لك لبيك) واختاره شيخنا في المسالك (10)

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في ما ينعقد به الاحرام ص 265.
(2) الجمل والعقود: كتاب الحج في أفعال الحج ص 130.
(3) المبسوط: كتاب الحج في أنواع الحج ج 1 ص 307 و 308.
(4) الوسيلة: كتاب الحج في أقسام الحج ص 158.
(5) المهذب: كتاب الحج في ما ينعقد به الاحرام ج 1 ص 215.
(6) شرائع الاسلام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 246.
(7) المقنعة: كتاب الحج باب صفة الاحرام ص 397.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في التلبيات الأربع ج 2 ص 677 س 25.
(9) تحرير الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 96 س 3.
(10) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 1.
242

وسبطه (1) وجماعة (2) ممن تأخر عنهما.
للصحيح: التلبية أن تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك
لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك لبيك ذا المعارج
لبيك - إلى أن قال عليه السلام -.
واعلم أنه لا بد من التلبيات الأربع التي كن أول الكلام، وهي
الفريضة، وهي التوحيد، وبها لبى المرسلون (3).
فإنه إنما أوجب التلبيات الأربع وهي تتم بلفظ لبيك الرابع.
(وقيل: ويضيف إلى ذلك إن الحمد والنعمة لك والملك،
لا شريك لك) لبيك، والقائل جماعة من أعيان القدماء، كالقديمين (4)
والصدوقين (5) والمقنعة (6) على نقل وغيرهم (7)، لوروده في الصحاح (8)
المستفيضة وغيرها من المعتبرة.
ولا ينافيها الصحيحة السابقة، لاحتمال رجوع الإشارة إلى ما قبل
الخامسة، كما هو ظاهر المختلف (9)، والرضوي.

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 7 ص 268.
(2) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 578 س 39، والحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 15 ص 60.
(3) وسائل ا لشيعة: ب 45 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 53.
(4) مختلف الشيعة: كتاب ا لحج في وجوب التلبيات الأربع ص 265، نقلا عنهما.
(5) المقنع: كتاب الحج ص 69، والهداية: كتاب الحج في التلبية ص 55، ومن لا يحضره الفقيه:
كتاب الحج باب التلبية ج 2 ص 326 ح 2585، ونقل عن والده في المختلف: كتاب الحج في
وجوب التلبيات الأربع ص 265.
(6) المقنعة: كتاب الحج باب صفة الاحرام ص 397.
(7) المراسم: كتاب الحج ذكر شرح الاحرام ص 108 و 109.
(8) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الاحرام ج 9 ص 52.
(9) مختلف الشيعة: كتاب الحج في وجوب التلبيات الأربع ص 26.
243

وفيه تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد
والنعمة لك لا شريك لك هذه الأربعة مفروضات (1). ونحوه المروي في
الخصال (2).
وهو أحوط وإن كان في تعينه نظر، لضعف الاحتمال في الصحيح،
وقصور الخبرين سندا عن تقويته، مع معارضتهما بصريح الصحيح المتضمن
لخوفه.
وفيه تقول: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك لبيك ذا
المعارج، لبيك لبيك بحجة تمامها عليك (3)، الحديث.
فمختار المتن أقوى، إلا أن يضعف بعدم ظهور قائل به من القدماء
ولا المتأخرين، عدا الماتن وجملة ممن تأخر عنه.
وقولهم: بالإضافة إلى الباقين نادر، كاد أن يقطع بمخالفتهم لاتفاقهم،
فإن كلماتهم مطبقة على اعتبار هذه الزيادة وإن اختلف في محلها، فبين من
جعلها بعد ما في العبارة، كمن تقدم إليهم الإشارة، وبين من جعله بعد
لبيك الثالثة، وهم أكثر المتأخرين كما في المدارك (4)، بل القدماء أيضا،
فقد حكي عن جمل السيد (5) وشرحه (6) والمبسوط (7) والسرائر (8)، والغنية (9)

(1) فقه الرضا - عليه السلام -: كتاب الحج ص 216 و 217.
(2) الخصال: خصال من شرائع الدين ج 2 ص 606.
(3) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 53.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 7 ص 269.
(5) جمل العالم والعمل (المجموعة الثالثة): كتاب الحج ص 67.
(6) شرح جمل العلم والعمل: كتاب الحج ص 217.
(7) المبسوط: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 316.
(8) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 536.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في أفعال الحج ص 512.
244

والكافي (1) والوسيلة (2) والمهذب (3) والنهاية (4) والاصباح (5)، وبه أفتى
الفاضل في القواعد (6) والتحرير (7) والمنتهى (8) أولا.
فمخالفتهم مشكل، سيما مع موافقة الصحاح المستفيضة وغيرها لهم من
غير معارض صريح، عدا الصحيح الأخير.
وصرف التوجيه إليه باحتمال سقوط الزيادة من القلم أسهل، سيما مع
تضمنه الزيادة المستحبة اتفاقا، وهذه الزيادة راجحة إجماعا، فكيف
لا تتضمنها.
وكيف كان: فمراعاة وجوب الإضافة لعله أولى، وأما محلها فهو ما عليه
الطائفة الأولى، لكونه الوارد في الصحاح وغيرها، وأما ما عليه الأخرى فلم
أجد لهم مستندا، وبه صرح جمع من متأخري (9) أصحابنا.
وتعجبوا عن الشهيد في الدروس حيث جعل ما هم عليه أتمها، وما
اخترناه حسنا، وما في المتن مجزئا.
(وما زاد على ذلك) من التلبيات الواردة في الصحيح وغيره

(1) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 193.
(2) الوسيلة: كتاب الحج في الاحرام ومقدماته ص 161 و 162.
(3) المهذب: كتاب الحج باب ما ينعقد به الاحرام ج 1 ص 215.
(4) النهاية ونكتها: كتاب الحج في التلبية ج 1 ص 471.
(5) كما في كشف اللثام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 313 س 39.
(6) قواعد الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 80.
(7) تحرير الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 96 س 3.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في التلبيات الأربع ج 2 ص 676 س 20.
(9) مجمع الفائدة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 6 ص 196، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في
واجبات الاحرام ج 7 ص 271، والحدائق الناضرة: كتاب الحج كيفية التلبيات الأربع ج 15
ص 65.
245

(مستحب) وليس بواجب بلا خلاف فيه بيننا، على الظاهر المصرح به
في جملة من العبائر، بل عن التذكرة (1) وفي المنتهى (2) الاجماع، وفي الأخير
أن على عدم الوجوب إجماع العلماء، وقد مر من النصوص ما يصلح لأن
يكون لكل من الاستحباب وعدم الوجوب مستندا (3).
(و) يتفرع على عدم انعقاد الاحرام إلا بأحد الأمور الثلاثة: أنه (لو
عقد الاحرام) أي نواه ولبس الثوبين (ولم يلب) ولم يشعر ولم يقلد (لم
يلزمه كفارة بما يفعله) مما يوجبها في الاحرام وبالاجماع هنا بالخصوص
صرح جماعة (4)، والصحاح به مع ذلك بالخصوص مستفيضة (5)، مضافا إلى
غيرها من المعتبرة، وقد مر إلى جملة منها الإشارة.
ومنها - زيادة على الصحيح -: لا بأس أن يصلي الرجل في مسجد
الشجرة ويقول الذي يريد أن يقوله، ولا يلبي ثم يخرج فيصيب من الصيد
وغيره، وليس عليه شئ (6).
والصحيح: في الرجل يقع على أهله بعد ما يعقد الاحرام ولم يلب، قال:
ليس عليه شئ (7).
وما يخالف ذلك من بعض الصحاح مع قطعه شاذ. وحمله الشيخ تارة
على ما إذا أسر بالتلبية، وأخرى على الاستحباب (8).

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في التلبيات الأربع ج 1 ص 327 س 8.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في التلبيات الأربع ج 2 ص 677 س 8.
(3) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الاحرام ح 3 و 6 و 7 و 8 و 9 ج 9 ص 53.
(4) الإنتصار: كتاب الحج ص 96، ومنتهى المطلب: كتاب الحج في التلبيات ج 2 ص 679
س 33، وكشف اللثام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 315 س 14.
(5) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الاحرام ج 9 ص 17.
(6) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الاحرام ح 1 و 2 ج 9 ص 17.
(7) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الاحرام ح 1 و 2 ج 9 ص 17.
(8) الاستبصار: ب 116 ج 2 ص 190 ذيل الحديث 8.
246

وهل يلزمه تجديد النية بعد ذلك؟ ظاهر جملة من الروايات، ولا سيما
ما تقدم العدم، لكن في المرسل: رجل يدخل مسجد الشجرة فصلى وأحرم
وخرج من المسجد، فبدا له قبل أن يلبي أن ينقض ذلك بمواقعة النساء أله
ذلك؟ فكتب: نعم، أو لا بأس به (1).
وفيه اشعار باللزوم لمكان لفظ النقض في السؤال، مع التقرير له منه
- عليه السلام -، وبه صرح في الانتصار.
فقال: ويجب على هذا إذا أراد الاحرام أن يستأنفه ويلبي فإن الاحرام
الأول قد رجع فيه (2). وهو أولى وأحوط، وفاقا لجمع ممن تأخر (3).
ولا ريب في لزومه على القول باعتبار المقارنة وثبوته.
وعليه، فلا بد من تجديد النية في الميقات مع فعل المنافي قبل التلبية بعد
تجاوزه مع إمكانه.
قيل: وعلى تقدير لزوم التجديد يكون المنوي عند عقد الاحرام اجتناب
ما يجب على المحرم اجتنابه من حين التلبية (4).
(والأخرس يجزئه تحريك لسانه والإشارة بيده) أي بإصبعه، كما
في القوي: تلبية الأخرس وتشهده وقراءة القرآن في الصلاة تحريك لسانه
وإشارته بإصبعه (5).
وليكن مع عقد قلبه بها، كما في الشرائع (6) وغيره (7)، لأنها بدونه

(1) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الاحرام ح 12 ج 9 ص 19.
(2) الانتصار: كتاب الحج ص 96.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 7 ص 274.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 7 ص 273.
(5) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 52.
(6) شرائع الاسلام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 245.
(7) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 7 ص 266.
247

لا يكون إشارة إليها، ولذا لم يصرح به الأكثر ولا ذكر في الخبر.
وتعرض له الإسكافي، ولم يتعرض للإشارة، بل قال: يجزئه تحريك
لسانه مع عقده إياها بقلبه، ثم قال: ويلبي عن الصبي والأخرس والمغمى
عليه (1).
قيل: استنادا إلى خبر زرارة أن رجلا قدم حاجا لا يحسن أن يلبي،
فاستفتي له أبو عبد الله - عليه السلام - فأمر: أن يلبى عنه (2). ولأن أفعال
الحج والعمرة تقبل النيابة ولا تبرأ الذمة عنها بيقين ما لم يوقعها بنفسه أو
بنائبه، وكما يجب تحريك اللسان للتلبية يجب التلفظ بها، ليوقع الأول
بنفسه والثاني بنائبه. ولا دلالة لكلامه ولا للخبر على الاجتزاء بالتلبية عنه،
وعدم وجوب الإشارة، ليخالف الخبر الأول، وعمل الأصحاب به، بل
الأولى الجمع بين الأمرين.
ولا ينافيه قوله: (أولا يجزئه تحريك لسانه إلى آخره)، فلعله أراد أنه
يجزئه فيما يلزمه مباشرته، فلا يرد عليه ما في المختلف، من أنه يشعر بعدم
وجوب التلبية عليه، وأنه يجزئه النيابة. مع أنه متمكن من الاتيان بها على
الهيئة الواجبة عليه مباشرة، فكيف يجوز له فيها الاستنابة (3)؟! انتهى.
وفيما ذكر مناقشة.
أما الرواية: فمع عدم وضوح سندها ومخالفتها لما عليه الأصحاب هنا،
غير واضحة الدلالة، لكونها قضية في واقعة، فيحتمل الورود في غير مفروض
المسألة، بل لعله الظاهر.

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: كتاب الحج في استحباب الاجهار بالتلبية ص 266 س 1 و 2.
(2) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 52.
(3) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في كيفية تلبية الأخرس ج 1 ص 315 س 17.
248

فإن الظاهر ممن لا يحسن نحو الأعجمي الغير القادر على التكلم بالعربية
دون الأخرس، فإنه غير قادر على التلبية لا غير محسن لها، ويميل إلى هذه
الرواية في الأعجمي الشهيد، حيث قال: ولو تعذر عليه التلبية ففي ترجمتها
نظر، وروي أن غيره يلبي عنه (1).
والظاهر أن مراده من الرواية هذه، وإلا فلم نجد غيرها واردا في
خصوص الأعجمي وهو مؤيد لما ذكرنا من أنه المفهوم من الرواية (2).
ومع ذلك فتحتمل هي وكلام الإسكافي الاختصاص بالأخرس، الذي
لا يتمكن من الإشارة، كالأصم الأبكم الذي لم يسمع التلبية، ولا يمكن
تعريفها له بالكلية.
وأما قبول أفعال الحج النيابة فعلى تقدير تسليمه كلية إنما هو مع العجز
عن المباشرة، ولا عجز هنا بعد ورود النص (3) المعتبر، المتفق عليه بكفاية
تلبيته بتحريك اللسان والإشارة.
وإلحاق التلفظ بها بتحريك اللسان فيجب الاتيان به ولو نيابة قياس،
لأن وجوب الأصل إنما هو للنص عليه بالخصوص أو العموم، ولا شئ منهما
في الفرع بموجود، لفقد الخصوص، بناء على ما مر من ضعف دلالة الخبر
على الحكم في محل البحث، وكذا العموم، لأنه حديث الميسور (4).
والمراد به جزء المأمور به، الأصل الذي فيه المباشرة عرفا ولغة، وتلفظ
الغير ليس بجزء حتى يكون ميسورا من المأمور به، وإنما الميسور منه هنا

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 1 ص 374.
(2) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 52.
(3) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 52.
(4) عوالي اللئالي: ج 4 ص 58 ح 205.
249

تحريك اللسان وعقد القلب خاصة.
ودعوى عدم المنافاة بين الخبرين والكلامين مكابرة، بل المنافاة بينهما
سيما بين الخبرين، لظهور كل منهما ولا سيما الأول بإجزاء ما فيه عن
الفرض مطلقا.
وكيف كان: فما عليه الأصحاب أقوى، وإن كان الجمع بين الأمرين
أحوط وأولى.
(الثالث: لبس ثوبي الاحرام وهما واجبان) بغير خلاف أجده،
وبه صرح جماعة مؤذنين بدعوى الاجماع عليه، كما في صريح التحرير (1)
وغيره، بل في المنتهى لا نعلم فيه خلافا (2). والأصل فيه بعده التأسي،
والصحاح المستفيضة المتضمنة للأمر به (3).
وضعف دلالته على الموجوب فيها لكونه من الأئمة - عليهم السلام -
ووروده في سياق الأوامر المستحبة مجبورة بالاجماع، عموما وخصوصا، كما
عرفته.
وما يقال: على الأول من أن اللبس من العادات التي لم يثبت كونه من
العبادات. فيه ما فيه، فإن الاستمرار على مثل هذا النوع من اللبس
والتجرد من الخيط في الوقت مما نقطع بكونه من العبادات. فتأمل.
وهل هو شرط في صحة الاحرام حتى لو أحرم عاريا، أو لابسا مخيطا لم
ينعقد كما عن ظاهر الإسكافي (4)، أم لا بل يترتب عليه الإثم خاصة كما

(1) تحرير الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 96 س 26.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في وجوب لبس الثوبين ج 2 ص 681 س 34.
(3) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 9 و ب 7 ح 1 و 3 ص 10 و ب 15 ح 6
ص 22.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في بيان ما ينعقد به الاحرام ص 264 سطر 36.
250

صرح به من المتأخرين جماعة (1)؟
ظاهر الأصحاب كما ذكره الشهيد العدم، قال: لأنهم قالوا لو أحرم
وعليه قميص نزعه ولا يشقه، ولو لبسه بعد الاحرام وجب شقه وإخراجه من
تحت، كما هو مروي (2).
ويضعف بأن كلامهم هذا قد يدل على عدم الانعقاد، فإن الشق
والاخراج من تحت للتحرز عن ستر الرأس، فلعلهم لم يوجبوه في الأول،
لعدم الانعقاد وفيه نظر، لبعد الاحتمال، إذ لو كان لعدم الانعقاد للزمهم
التصريح كي لا يتوهم الخلاف، سيما وأنه ظاهر جملة من النصوص الدالة
على هذا الحكم.
منها الخبر: في من أحرم في قميصه وهو ينتف شعره ويضرب وجهه بعد ما
لأمه الناس، وقالوا له: عليك بدنة والحج من قابل، وحجك فاسد، فدنى
من مولانا الصادق - عليه السلام - فقال له - عليه السلام -: أسكن يا عبد الله
ما تقول؟ قال: كنت رجلا أعمل بيدي فاجتمعت لي نفقة فجئت أحج لم
أسأل أحدا عن شئ، فأفتوني هؤلاء أن أشق قميصي، وأنزعه من قبل
رجلي وأن حجي فاسد وأن علي بدنة.
فقال - عليه السلام -: متى لبست قميصك أبعد ما لبيت أم قبل؟ قال:
قبل أن ألبي، قال: فأخرجه من رأسك، فإنه ليس عليك بدنة، وليس
عليك حج من قابل، أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شئ عليه، طف

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 7 ص 274، وكفاية الأحكام: كتاب
الحج في واجبات الاحرام ص 58 س 35 والحدائق الناضرة: كتاب الحج في واجبات الاحرام
ج 15 ص 78.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج ج 1 ص 345.
251

بالبيت سبعا، وصل عند مقام إبراهيم - عليه السلام -، واسع بين الصفا
والمروة، وقصر من شعرك، فإذا كان يوم التروية فاغتسل وأهل بالحج
واصنع كما يصنع الناس (1). وقريب منه آخر (2).
وفرقهما بين الجهل والعمد الظاهر أنه إنما هو بالإضافة إلى نفي الكفارة،
وإلا فالجهل ليس عذرا لصحة العبادة مع الخالفة وعدم المطابقة. فتأمل.
هذا ويؤيد عدم الاشتراط إطلاق ما مر من الصحاح، من أن الاحرام
ينعقد بالتلبية وما في معناه، وأنه عبارة عنها. فتدبر.
والمراد بالثوبين الإزار والرداء بلا إشكال فيه، ولا في كون المعتبر من
الأول ما يستر العورة وما بين الركبتين إلى السرة، ومن الثاني ما يوضع على
المنكبين، كما في صريح المسالك (3)، وظاهر غيره (4). ويستفاد من
النصوص.
ففي الصحيح: والتجرد في إزار ورداء أو إزار وعمامة يضعها على عاتقه
لمن لم يكن له رداء (5).
وفي التوقيع المروي في الاحتجاج: عن مولانا صاحب الزمان عجل الله
تعالى فرجه جائز أن يتزر الانسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثا
بمقراض، ولا أبرة يخرجه عن حد المئزر وغرزه غرزا، أو لم يعقد، ولم يشد
بعضه ببعض، وإذا غطى السرة والركبتين كليهما، فإن السنة المجمع عليها

(1) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في صفة الاحرام ج 5 ص 72 ح 47، ووسائل الشيعة: ب 45 من
أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 125.
(2) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 126.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 10.
(4) الروضة البهية: كتاب الحج في الاحرام ج 2 ص 232.
(5) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 15 ج 8 ص 158.
252

بغير خلاف تغطية السرة والركبتين، والأحب إلينا الأكمل لكل أحد شده
على السبيل المألوفة المعروفة جميعا إن شاء الله تعالى (1).
وما فيه من النهي عن عقد الإزار الأحوط مراعاته، فقد ورد في غيره
كالقوي أو الصحيح - كما قيل -: نهي عن عقده في عنقه (2).
والمروي في قرب الإسناد: المحرم لا يصلح له أن يعقد إزاره على رقبته،
ولكن يثنيه على عنقه ولا يعقده (3).
وحكي عن الفاضل (4) والشهيد في الدروس (5) وغيرهما. ولم أقف في
كيفية لبس الرداء على نص، وظاهر الأصحاب عدم الخلاف في جواز
الارتداء به.
وزاد جمع جواز التوشح، كشيخنا في المسالك (6) نافيا الاشكال عنه.
ولا بأس به، عملا بالاطلاق.
والظاهر أنه لا يجب استدامة اللبس، كما صرح به جماعة (7)، لصدق
الامتثال، وعدم دليل على وجوب الاستمرار.
(والمعتبر) منهما (ما يصح الصلاة فيه للرجل) كما هنا وفي

(1) الاحتجاج: ج 2 توقيعات الناحية المقدسة ص 485.
(2) وسائل الشيعة: ب 53 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 135.
(3) قرب الإسناد: باب الحج والعمرة ص 106.
(4) الظاهر أنه هو مختلف الشيعة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 268 س 8.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 1 ص 344، والحاكي هو صاحب ذخيرة
المعاد: كتاب الحج في الاحرام ص 580 س 37.
(6) مسالك الأفهام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 107 س 11.
(7) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الاحرام ج 7 ص 274، وذخيرة المعاد: كتاب الحج
ص 580 س 36.
253

الشرائع (1) والتحرير (2) والمنتهى (3) والقواعد (4) واللمعتين (5) والمسالك (6)
وعن المبسوط (7) والنهاية (8) والمصباح ومختصره (9) والاقتصاد (10)
والكافي (11) والغنية (12) والمراسم (13)، وفي الكفاية (14) أنه المعروف بين
الأصحاب معربا عن عدم خلاف فيه، كما صرح به في المفاتيح (1)، وهو
ظاهر المنتهى (16) وغيره ممن ديدنهم نقل الخلاف حيث كان ولم ينقلوه هنا.
فإن تم إجماعا، وإلا فمستنده من النص غير واضح، عدا الصحيح:
كل ثوب تصلي فيه فلا بأس أن تحرم فيه (17).
وهو بعد تسليمه، لا يدل على الحرمة صريحا، لأعمية البأس المفهوم منها

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 246.
(2) تحرير الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 96 س 27.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في وجوب لبس الثوبين ج 2 ص 681 س 35.
(4) قواعد الأحكام: كتاب الحج في كيفيته ج 1 ص 80 س 16.
(5) الروضة البهية واللمعة الدمشقية: كتاب الحج في الاحرام ج 2 ص 331.
(6) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 12.
(7) المبسوط: كتاب الحج في ما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 319.
(8) النهاية ونكتها: كتاب الحج باب ما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 474.
(9) مصباح المتهجد: في آداب الاحرام ص 618.
(10) الاقتصاد: كتاب الحج في الاحرام وكيفيته ص 301.
(11) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 207.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الاحرام ص 512.
(13) المراسم: كتاب الحج ذكر شرح الاحرام ص 108.
(14) كفاية الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 58 س 33.
(15) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج ما يشترط في ثوبي الاحرام ج 1 ص 317.
(16) منتهى المطلب: كتاب الحج في وجوب لبس الثوبين ج 2 ص 681 س 35.
(17) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 36.
254

ومن الكراهة.
ولو سلم، فلم يفهم منه العموم، وخصوصا أن الجلود لا يدخل في
الثوب عرفا، فلا يجوز الاحرام فيها مطلقا.
نعم لا شبهة في حرمة لبس المغصوب والميتة مطلقا، والحرير للرجل.
ويحتمل حرمة النجس، لفحوى الصحيح: عن المحرم يصيب ثوبه
الجنابة، قال: لا يلبسه حتى يغسله، واحرامه تام (1).
وأما سائر ما يشترط في ثوب الصلاة من عدم كونه مما لا يؤكل
لحمه (2)، ولا شافا (3) فلا أعرف عليه دليلا، سوى الاتفاق المستشعر مما
مر، مع أن المحكي عن كثير من الأصحاب لم يتعرضوا لذلك، كالشيخ في
الجمل وابني إدريس وسعيد، ولم يذكر المرتضى في الجمل سوى الحرير،
فقال: ولا يحرم في إبريسم (4)، وابن حمزة سوى النجس (5)، وقال المفيد:
ولا يحرم في ديباج ولا حرير ولا خز مغشوش بوبر الأرانب والثعالب (6).
فالتعدي مشكل، سيما بعد الأصل، وإن كان أحوط.
واعلم أنه يحرم على المحرم لبس الخيط، كما سيأتي، وعليه الاجماع في
المنتهى (7) هنا.
(و) عليه فلا (يجوز) له (أن يلبس (8) القبا) إلا (مع عدمهما)

(1) وسائل الشيعة: ب 37 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 117.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب لباس المصلي ح 6 ج 3 ص 251.
(3) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب لباس المصلي ح 3 و 4 ج 3 ص 282.
(4) جمال العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى): المجموعة الثالثة س 66.
(5) الوسيلة: كتاب الحج فصل في بيان موجبات الكفارة ص 163.
(6) المقنعة: كتاب الحج في صفة الاحرام ص 396.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في لبس الثوبين ج 2 ص 681 س 29.
(8) في المتن المطبوع والشرح الصغير: ويجوز لبس.
255

أي ثوبي الاحرام (مقلوبا) بلا خلاف فيه في الجملة، على الظاهر المصرح
به في عبائر جماعة (1)، بل قيل: بالاجماع (2)، والمعتبرة المستفيضة.
منها الصحيح: إذا اضطر المحرم إلى القباء ولم يجد ثوبا غيره فليلبسه
مقلوبا، ولا يدخل يديه في يد القباء (3).
والصحيح: وإن لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه أوقباه بعد أن ينكسه (4).
والصحيح المروي في آخر السرائر عن جامع البزنطي: من اضطر إلى
ثوب وهو محرم وليس له إلا قباء فلينكسه، وليجعل أعلاه أسلفه
وليلبسه (5). ونحوه الحسن (6).
ويستفاد من هذه الأخبار عدا الأول أن المراد من القلب هو النكس،
وبه صرح جمع، ومنهم الحلي (7) مبالغا فيه.
خلافا لظاهر إطلاق المتن، والمحكي عن النهاية (8) والمبسوط (9)
والمهذب (10) والوسيلة (11) وغيرها (12)، فالتخيير بينه وبين قلب ظهره

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في لبس الثوبين ج 2 ص 683 س 18، والتذكرة: كتاب الحج في
حرمة لبس القباء ج 1 ص 326 س 24.
(2) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج ما يشترط في ثوبي الاحرام ج 1 ص 318.
(3) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 124. (
(4) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 124.
(5) السرائر: المستطرفات ج 3 ص 560 والوسائل: ج 9 ص 12 ح 8.
(6) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 124.
(7) السرائر: كتاب الحج باب ما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 543.
(8) النهاية ونكتها: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 1 ص 475.
(9) المبسوط: كتاب الحج فما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 320.
(10) المهذب: كتاب الحج ما لا يجوز الاحرام فيه ج 1 ص 312.
(11) الوسيلة: كتاب الحج في موجبات الكفارة ص 162.
(12) كفاية الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 59 س 5.
256

لباطنه، وبه صرح من المتأخرين كثير، ومنهم الفاضل في المنتهى (1)
والمختلف (2) جمعا بينهما وبين ظاهر الأول وغيره.
وصريح الخبر - بل الصحيح كما قيل (3): ويلبس المحرم القباء إذا لم يكن
له رداء ويقلب ظهره لباطنه (4).
وليس بذلك البعيد وإن كان الأول أولى وأحوط، لكثرة ما دل عليه
وصحته وصراحته، مضافا إلى نقل الاجماع في المسالك على إجزائه (5)
والجمع بينهما أكمل، كما صرح به جمع (6).
وظاهر أكثر النصوص (7) اشتراط فقد الثوبين معا كما هو صريح المتن
وكثير، حتى جعل مشهورا بين القدماء، بل الفتاوى كلها، عدا
الشهيدين (8) فاكتفيا بفقد الرداء خاصة، للصحيح الثاني (9) والأخير، وزاد
ثانيهما فقال أو أحدهما (10) ولم نجد له مستندا. وما عليه الأكثر أحوط وأولى.
وفي اشتراط الاضطرار، كما في أكثر النصوص (11)، أو العدم، كما في

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في لبس الثوبين ج 2 ص 683 س 28.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في من لم يكن معه ثوبي الاحرام ص 268 س 6.
(3) الحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 15 ص 92.
(4) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 7 ج 9 ص 124.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ح 1 مر 107 س 18.
(6) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 461، ومسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1
ص 107 س 18، ومجمع الفائدة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 6 ص 221.
(7) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 124.
(8) اللمعة الدمشقية والروضة البهية: كتاب الحج في الاحرام ج 2 ص 233.
(9) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 2 و 7 ج 9 ص 124.
(10) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 21.
(11) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 3 و 5 و 6 و 8 ج 9 ص 124.
257

الباقي (1) وجهان، أحوطهما الأول، اقتصارا في الرخصة على المتيقن،
مضافا إلى التأيد بالشرط وإن لم يصلح سندا، لاحتمال وروده - كالاطلاق -
مورد الغالب، وهو الاضطرار، فلا ينصرفان إلى غيره.
ثم ظاهر النصوص والفتاوى أنه ليس بذلك فداء، إلا إذا أدخل
اليدين في الكمين، فكما إذا لبس مخيطا، وبه صرح جماعة من أصحابنا،
كالفاضل في التحرير (2) والتذكرة (3) والمنتهى (4) والفاضل المقداد في
التنقيح (5) وغيرهما (6)، ونقل عنه الخلاف إذا توشح به في الخلاف (7).
(وفي جواز لبس الحرير) المحض (للمرأة روايتان، أشهرهما
المنع) وهو مستفيض.
منها الصحيح: المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير
والقفازين (8).
والصحيح المروي عن جامع البزنطي: عن المتمتع كم يجزئه؟ قال:
شاة، وعن المرأة تلبس الحرير؟ قال: لا (9).
وعليه الشيخ (10) والصدوق (11)، ويوافقه إطلاق عبارتي المفيد (12)

(1) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب تروك الاحرام ح 2 و 4 و 7 ج 9 ص 124.
(2) تحرير الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج ا ص 96 س 33.
(3) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في لبس الثوبين ج 1 ص 326 س 27.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في وجوب لبس الثوبين ج 2 ص 683 س 23.
(5) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 461.
(6) جامع المقاصد: كتاب الحج ج 3 ص 168.
(7) الخلاف: كتاب الحج م 79 ج 2 ص 297.
(8) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب الاحرام ح 9 ج 9 ص 43.
(9) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب الاحرام ح 8 ج 9 ص 43.
(10) النهاية ونكتها: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 1 ص 475.
(11) المقنع: كتاب الحج ص 72.
(12) المقنعة: كتاب الحج في صفة الاحرام ص 396.
258

والمرتضى (1) المتقدمتين.
خلافا للمفيد في كتاب أحكام النساء (2) والحلي (3) وأكثر
المتأخرين (4)، فالجواز مع الكراهة، أخذا بالأصل.
والرواية الثانية: وهي الصحيح: المرأة تلبس القميص تزره عليها وتلبس
الحرير والخز والديباج، فقال: نعم لا بأس به (1).
والخبر: عن المحرمة أي شئ تلبس من الثياب؟ قال: تلبس الثياب
كلها، إلا المصبوغة بالزعفران والورس، ولا تلبس القفازين (6).
والأول مخصص بما مر من الأدلة، والصحيحة غير صريحة في المحرمة،
والخبر ضعيف السند والدلالة، لقبوله التخصيص بما عدا الحرير، كما وقع
التصريح به في آخر.
وفيه: ما يحل للمرأة أن تلبس وهي محرمة؟ فقال: الثياب كلها ما
خلا القفازين والبرقع والحرير (7)، الحديث.
وهو أولى من الجمع بالكراهة حيثما حصل بينهما معارضة، كما مر غير
مرة.
وأما الاستدلال على الجواز بالصحيحة المتقدمة (كل ثوب تصلي فيه

(1) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى): المجموعة الثالثة ص 66.
(2) نقله عنه في السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 531.
(3) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 531.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في وجوب لبس الثوبين ج 2 ص 682 س 3، وجامع المقاصد:
كتاب الحج في احرام التمتع ج 3 ص 168، ومسالك الأفهام: وكتاب الحج في الاحرام ج 1
ص 107 س 41.
(5) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 41.
(6) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 41.
(7) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 42.
259

فلا بأس أن تحرم فيه) (1) والأخبار المعتبرة المتضمنة للفظ (لا يصلح) (2)
أو (لا ينبغي) أو (الكراهة) الظاهرة فيها بالمعنى المصطلح عليه الآن.
ففيه ما فيه، لأن الخطاب في الصحيح إلى الرجل حتما أو احتمالا
متساويا، وهو غير ما نحن فيه. هذا على القول بجواز صلاة المرأة في الحرير.
وإلا فالاستدلال ساقط من أصله، والألفاظ المزبورة كثيرة الورود في
الأخبار للحرمة، ولذا كانت فيها أعم منها ومن الكراهة.
لكن الانصاف أن الصحيحة الأولى ظاهرة الورود في الحرمة، لا يقصر
ظهورها عن ظهور النهي في الحرمة.
فالمسألة محل إشكال وشبهة، ولكن المنع أحوط بلا شبهة.
(ويجوز أن يلبس أكثر من ثوبين) إن شاء يتقي بها الحر والبرد، كما
في الصحيح (3).
وفي آخر: لا بأس إذا كانت طاهرة (4).
(وأن يبدل ثياب إحرامه) كما في الصحيحين (5) وغيرهما.
(و) لكن (لا يطوف إلا فيهما) كما في أحدهما، وظاهر الأمر فيه
الوجوب.
قيل: وقد يوهمه عبارات الشيخ وجماعة (6)، إلا أن ظاهر المتأخرين (7)

(1) وسائل الشيعة: ب 26 من أبواب الاحرام ح 1 خ 9 ص 36.
(2) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب الاحرام ح 7 و 10 ج 9 ص 42.
(3) وسائل الشيعة: ب 30 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 39.
(4) وسائل الشيعة: ب 30 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 39.
(5) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب الاحرام ح 1 و 4 ج 9 ص 39.
(6) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في أنه يجوز تجديد ثوبي الاحرام ج 1 ص 316 س 15.
(7) شرائع الاسلام: كتاب الحج ج 1 ص 246 ومنتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 684، ومجمع
الفائدة: كتاب الحج ج 6 ص 217.
260

الاتفاق على كون ذلك استحبابا، قيل: للأصل، وعدم نصوصية الخبر في
الوجوب (1).
وفيه لولا الاتفاق نظر.
ولا خلاف أجده في شئ من هذه الأحكام، وبه صرح في الأول
بعض الأصحاب (2).
(والندب: رفع الصوت بالتلبية للرجل إذا علت راحلته البيداء)
وهو على ميل من ذي الحليفة، على ما في التحرير (3) والمنتهى (4) وعن
السرائر (5) والتذكرة (6) (إن حج على طريق المدينة).
(وإن كان راجلا فحيث يحرم) كما هنا وفي الشرائع (7) والقواعد (8)
والتحرير (9) والمنتهى (10) والروضة (11) والمسالك (12) وغيرها (13) وعن

(1) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في ثوبي الاحرام ج 1 ص 316 س 15.
(2) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج مفتاح ما يشترط في ثوبي الاحرام ج 1 ص 317.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 96 س 16.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في استحباب رفع الصوت بالتلبية ج 2 ص 679 س 31.
(5) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 535.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في استحباب التلبية ج 1 ص 328 س 3.
(7) شرائع الاسلام: كتاب الحج في المندوبات ج 1 ص 248.
(8) قواعد الأحكام: كتاب الحج في المندوبات ج 1 ص 80 س 21.
(9) تحرير الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 16 س 16.
(10) منتهى المطلب: كتاب الحج في استحباب رفع الصوت بالتلبية ج 2 ص 679 س 19.
(11) الروضة البهية: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 233.
(12) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 158 س 24.
(13) الدروس الشرعية: كتاب الحج ج 1 ص 348.
261

الشيخ (1) وابن حمزة (2)، لكنهما لم يذكرا الجهر، بل نفس التلبية،
للصحيح.
وبه جمع الشيخ بين الأخبار الآمرة بالتأخير إلى البيداء بقول مطلق، وما
دل على جواز التلبية من المسجد كذلك من الموثق وغيره، بحمل الأولة على
الراكب، والآخرين على غيره (3).
وفيه: أن من جملة الأدلة ما صرح بالعموم كالصحيح: صل المكتوبة ثم
أحرم بالحج أو بالمتعة، وأحرم بغير تلبية حتى تصعد إلى أول البيداء إلى
أول ميل عن يسارك، وإذا استوت بك الأرض راكبا كنت أو ماشيا
فلب (4).
وحكي العمل بها عن جملة من القدماء، كالشيخ (5) في أحد قوليه
والقاضي (6) والصدوق (7) والحلي (8)، لكن القاضي لم يذكر الجهر، بل
نفس التلبية، آخذا بظاهر الأخبار المطلقة، والصدوق والحلي استحبا
الاسرار بها قبل البيداء والجهر فيها. وهو ظاهر العبارة وما ضاهاها.
والظاهر أنه لاعتبار المقارنة عندهم، أخذا بما دل على عدم جواز
التجاوز عن الوقت بغير إحرام، فحملوا الأخبار على الاجهار.

(1) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في صفة الاحرام ج 5 ص 84.
(2) الوسيلة: كتاب الحج في الاحرام ومقدماته ص 161.
(3) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في صفة الاحرام ج 5 ص 85.
(4) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الاحرام ح 6 ج 9 ص 44.
(5) المبسوط: كتاب الحج فيما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 316.
(6) المهذب: كتاب الحج باب ما ينعقد به الاحرام ج 1 ص 216.
(7) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج في شرائط عقد الاحرام ج 2 ص 318 ح 2558.
(8) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 535.
262

وبذلك صرح في المنتهى هنا حيث قال بعد الحكم باستحباب
الاجهار: وهذا يكون بعد التلبية سرا في الميقات الذي هو ذو الحليفة، لأن
الاحرام لا ينعقد إلا بالتلبية، ولا يجوز مجاوزة الميقات إلا محرما (1). ونحوه
الفاضل المقداد في التنقيح (2)، ورجحه في المسالك، قال: فتكون هذه
التلبية غير التي يعقد بها الاحرام في المسجد (3).
أقول: ولا ريب أنه أحوط وإن كان في تعينه نظر، فإن من الصحاح ما
لا يقبل الحمل على الجهر إلا بتكلف بعيد، كما مر.
ولو حج من غير طريق المدينة لبى من موضعه إن شاء، وإن مشى
خطوات ثم لبى كان أفضل، كما في التحرير (4) والمنتهى (5) والمسالك (6)
وغيرها، للصحاح (7) المتضمنة للأمر بالتلبية بعد المشي خطوات.
وحملت على الأفضلية جمعا بينها، وبين ما دل على الجواز حيث شاء.
(ولو أحرم من مكة رفع بها) صوته (إذا أشرف على الأبطح)
للصحيح: فاحرم بالحج وعليك السكينة والوقار، فإذا انتهيت إلى
الرفضاء (8) دون الردم فلب، فإذا انتهيت إلى الردم وأشرفت على الأبطح

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في استحباب رفع الصوت بالتلبية ج 2 ص 679 س 31.
(2) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 461.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 108 س 24.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 96 س 16.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في استحباب رفع الصوت بالتلبية ج 2 ص 679 س 19.
(6) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 108 س 25.
(7) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الاحرام ج 9 ص 46.
(8) في نسخة (مش) و (الشرح من المطبوع) و (خ ل الوسائل) الرقطاء، وهكذا كلما جاءت فيما
بعد كلمة (رفضاء).
263

فارفع صوتك بالتلبية حتى تأتي منى (1).
وحمل على الفضل للآخر وإن أهللت من المسجد الحرام بالحج فإن شئت
لبيت خلف المقام وأفضل ذلك أن تمشي حتى تأتي الرقطاء وتلبي قبل أن
تصير إلى الأبطح (2).
وإطلاقهما كالعبارة ونحوها يقتضي عدم الفرق في ذلك بين الراكب
والماشي.
خلافا للشيخ فيلبي الماشي من الموضع الذي يصلي فيه، والراكب
يلبي عند الرفضاء، وعند شعب الدب (3)، للخبر (4).
وفيه ضعف سندا ودلالة.
ثم المستفاد من الرواية الأولى تأخير التلبية إلى الرفضاء دون الردم،
فيلبي سرا، ثم إذا أشرف على الأبطح جهر بها، وهو نص في عدم اعتبار
المقارنة.
وحكي التصريح بمضمونها بعينه عن الصدوق في الهداية (5).
مع أنه نقل عنه سابقا اعتبار المقارنة، وهو مناقضة، إلا أن يكون لم
يعتبر هاهنا واعتبرها ثمة، كما هو ظاهر المحكي عن السرائر (6) والمنتهى (7)
والتذكرة (8)، حيث أنهم عبروا عن المستحب هنا بما حكي عن

(1) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 1 ج 10 ص 2.
(2) وسائل الشيعة: ب 46 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 63.
(3) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في الاحرام للحج ج 5 ص 168.
(4) وسائل الشيعة: ب 46 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 63، وتهذيب الأحكام: ج 5 ص 169 ح 7.
(5) الهداية: كتاب الحج في التلبية ص 56.
(6) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 536.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في استحباب رفع الصوت بالتلبية ج 2 ص 679 س 18.
(8) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في مستحبات التلبية ج 1 ص 327 س 41.
264

المبسوط (1) والنهاية (2) والجامع (3) والوسيلة (4) من أنه إن كان ماشيا لبى من
موضعه الذي صلى فيه، وإن كان راكبا لبى إذا نهض به بعيره، فإذا انتهى إلى
الردم وأشرف على الأبطح رفع صوته بالتلبية.
وحينئذ فينبغي القطع بعدم اعتبارها هنا.
خلافا لشيخنا في المسالك حيث قال: والكلام في التلبية التي يعقد بها
الاحرام - كما مر - فيلبي سرا بعد النية ويؤخر الجهر إلى الأبطح (5).
واعلم أن استحباب الاجهار للرجل دون وجوبه هو المشهور، على
الظاهر المصرح به في كلام جمع (6)، للأصل السليم عما يصلح للمعارضة.
خلافا للشيخ في التهذيب، فيجب بقدر الامكان.
قال: للصحيح واجهر بها كلما ركبت، وكلما نزلت، وكلما هبطت واديا
أو علوت أكمة أو لقيت راكبا وبالأسحار (7).
وهو نادر. مع أنه رجع عنه في الخلاف، قائلا: لم أجد من ذكر كونه
فرضا (8).
ومع ذلك ففتواه بالوجوب بالمعنى المصطلح غير معلوم، وفي المدارك لعل
مراده تأكد الاستحباب (9)، ولذا ادعى بعض الاجماع على خلافه، قال:

(1) المبسوط: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 316.
(2) النهاية ونكتها: كتاب الحج في التلبية ج 9 ص 471.
(3) الجامع للشرائع: كتاب الحج ص 183.
(4) الوسيلة: كتاب الحج في الاحرام ومقدماته ص 161.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 108 س 32.
(6) مجمع الفائدة: كتاب الحج في قطع التلبية ج 6 ص 239، وذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 584 س 14.
(7) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في صفة الاحرام ج 5 ص 92.
(8) الخلاف: كتاب الحج م 69 ج 2 ص 291
(9) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مندوبات الاحرام ج 7 ص 294.
265

كما هو الظاهر (1).
والأمر في الصحيح للاستحباب بلا خلاف، ولذا قال في المنتهى في
الجواب عنه: أنه قد يكون للندب، خصوصا مع القرينة، وهي حاصلة هنا
في قوله: (كلما ركبت) الحديث، إذ ذلك ليس بواجب (2).
أقول: وقريب منه باقي الأخبار المتضمنة للأمر به، حتى المرسل
القريب من الصحيح: - لما أحرم رسول الله صلى الله عليه وآله أتاه
جبرئيل عليه السلام فأمره بالعج والثج، والعج: رفع الصوت بالتلبية،
والثج: نحر البدن، قال في آخره قال جابر بن عبد الله: فما مشى الروحا
حتى بحت أصواتنا (3) - فإن ظاهره الاجهار بالتلبية المكررة. فحالها حال
الصحيحة السابقة.
واحترز ب‍ (الرجل) عن المرأة فليس عليها الجهار بلا خلاف،
للمستفيضة.
منها: وضع عن النساء أربعا الجهر بالتلبية والسعي بين الصفا والمروة
والاستلام ودخول الكعبة (4).
والمراد بالسعي الهرولة، كما وقع التصريح به في رواية عن الفقيه
مروية (5).
(وتكرارها) للمعتبرة المتقدم بعضها قريبا (6).

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في المندوبات ج 1 ص 317 سطر 4.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في التلبيات الأربع ج 2 ث 677 سطر 27.
(3) وسائل الشيعة: ب 37 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 50.
(4) وسائل الشيعة: ب 38 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 51.
(5) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج باب التلبية ج 2 ص 325 ح 2579.
(6) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الاحرام ج 9 ص 53.
266

وحدها (إلى يوم عرفة عند الزوال للحاج) مطلقا، فيقطعها بعده
بلا خلاف أجده، والصحاح وغيرها به مستفيضة (1).
وظاهر الأمر فيها الوجوب، كما حكي التصريح به عن والمد
الصدوق (2) والخلاف (3) والوسيلة (4).
(والمعتمر (5) بالمتعة) يكررها ندبا (حتى يشاهد بيوت مكة)
فيقطعها وجوبا بالاجماع كما في الخلاف (6)، وللصحاح المستفيضة
وغيرها (7).
وأما الموثق: إذا دخل البيوت بيوت مكة لا بيوت الأبطح (8).
فمع قصور السند وعدم مقاومته لباقي الأخبار المصرحة بالنظر إليها
لا الدخول، يحتمل الحمل على الاشراف، كما في الصحيح إذا دخلت مكة
وأنت متمتع فنظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية (9).
وأما الخبر: عن تلبية المتمتع متى تقطع؟ قال: حين يدخل الحرم (10).
فهو مع ضعف السند يحتمل الجواز، كما في الفقيه (11) والاستبصار (12)،

(1) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب الاحرام ج 9 ص 59.
(2) نقله عنه في الدروس الشرعية: كتاب الحج في التلبيات الأربع ج 1 ص 348.
(3) الخلاف: كتاب الحج م: 69 ج 2 ص 292.
(4) الوسيلة: كتاب الحج في أحكام منى وعرفات ص 178.
(5) في المتن المطبوع: وللمعتمر.
(6) الخلاف: كتاب الحج م 71 ج 2 ص 293.
(7) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الاحرام ج 9 ص 57.
(8) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الاحرام ح 7 ج 9 ص 58.
(9) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 57.
(10) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الاحرام ح 9 ج 9 ص 58.
(11) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج مواقيت العمرة ج 2 ص 456.
(12) الاستبصار: كتاب الحج باب المفرد للعمرة متى يقطع التلبية ج 2 ص 178.
267

بمعنى أنه إذا دخله لم يتأكد استحبابها كهي قبله.
وحد بيوت مكة على ما في شرح القواعد للمحقق الثاني (1) والمسالك (2)
والروضة (3) عقبة المدنيين إن دخلها من أعلاها وعقبة ذي طوى من أسفلها.
وفي الصحيح: وحد بيوت مكة التي كانت قبل اليوم عقبة المدنيين،
فإن الناس قد أحدثوا بمكة ما لم يكن، فاقطع التلبية وعليك بالتكبير
والتهليل والتحميد والثناء على الله عز وجل بما استطعت (4).
وفسر عقبة المدنيين في الخبر - بل الصحيح كما قيل - بحيال القصارين.
وفي آخر: عن المتمتع متى يقطع التلبية؟ قال: إذا نظر إلى عراش مكة
ذي طوى، قال قلت: بيوت مكة، قال: نعم (5).
قيل: وجمع السيد والشيخ بينهما بأن الأول لمن أتى على طريق المدينة،
والثاني لطريق العراق وتبعهما الديلمي والحلي، وجمع الصدوقان والمفيد
بتخصيص الثاني بطريق المدينة، قال في المختلف: ولم نقف لأحدهم على
دليل، وفي الغنية والمهذب حدها من عقبة المدنيين إلى عقبة ذي طوى،
وعن العماني حدها عقبة المدنيين. والأبطح وذو طوى على ما في المصباح
المنير: واد بقرب مكة على نحو فرسخ في طريق التنعيم ويعرف الآن بالزاهر،
ونحو منه في تهذيب الأسماء، إلا أنه قال: موضع بأسفل مكة ولم يحدد ما
بينهما بفرسخ أو غيره (6)، انتهى.

(1) جامع المقاصد: كتاب الحج في المندوبات والمكروهات ج 3 ص 169.
(2) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 108 س 16.
(3) الروضة البهية: كتاب الحج في الاحرام ج 2 ص 234.
(4) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 57.
(5) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 57.
(6) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في مندوبات الاحرام ج 1 ص 317 س 21.
268

أقول: ومذهب العماني مخالف لظاهر الموثقة المؤذنة بتغاير بيوت الأبطح
لبيوت مكة فكيف تدخل في بيوتها كما ذكره. فتدبر.
(و) المعتمر بالعمرة (المفردة) (1) يكررها (حتى يدخل (2) الحرم
إن كان أحرم) (من أحد المواقيت) (3) (من خارجه وحتى يشاهد
الكعبة إن أحرم من الحرم) فيقطعها على المشهور في الظاهر المصرح به في
بعض العبائر (4).
للصحيح: من خرج من مكة يريد العمرة ثم دخل معتمرا لم يقطع
التلبية حتى ينظر إلى الكعبة (5).
ومرسل المفيد: أنه - عليه السلام - سئل عن الملبي بالعمرة المفردة بعد
فراغه من الحج متى يقطع التلبية، قال: إذا رأى البيت (6).
وكما يقيد إطلاق المعتبرة بقطع التلبية عند دخول الحرم، كالصحيح:
يقطع صاحب العمرة المفردة التلبية إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم (7).
وبمعناه الموثق (8) وغيره، مجملها على ما إذا لم يخرج من مكة.
لكن هنا أخبار أخر مختلفة.
ففي الصحيح: من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية حتى ينظر إلى

(1) المتن المطبوع والشرح الصغير: بالمفردة.
(2) في المتن المطبوع: إذا دخل.
(3) ما بين القوسين أثبتناه من نسخة (م) و (ق).
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في مندوبات الاحرام ج 1 ص 317 سطر 25.
(5) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب الاحرام ح 8 ج 9 ص 61.
(6) المقنعة: كتاب الحج في الزيادات ص 449.
(7) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 60.
(8) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب الاحرام ح 6 ج 9 ص 61.
269

المسجد (1).
وفي الخبر - بل الموثق كما قيل (2) -: عن الرجل يعتمر عمرة مفردة من أين
يقطع التلبية؟ قال: إذا رأيت بيوت ذي طوى فاقطع التلبية (3).
وفي آخر: عمن أحرم من حوالي مكة من الجعرانة والشجرة من أين
يقطع التلبية؟ قال: يقطع التلبية عند عروش مكة وعروش مكة ذي
طوى (4).
لكنه يحتمل عمرة التمتع، كالخبر: عمن دخل بعمرة فأين يقطع
التلبية؟ فقال: حيال العقبة عقبة المدنيين، فقال: أين عقبة المدنيين؟
قال: حيال القصارين (5).
لكن الصدوق حمله على المفردة، وجمع بينه وبين ما تقدم بالتخيير (6).
وهو القول المشار إليه بقوله: (وقيل: بالتخيير وهو أشبه) عند الماتن
هنا وفي الشرائع (7) والفاضل المقداد في التنقيح (8).
قيل: ولا بد منه، للجمع بين خبر المسجد وغيره، وظاهر الشيخ في
التهذيب والاستبصار: أنه إن خرج من مكة ليعتمر قطعها إذا رأى الكعبة،
وإلا فإن جاء من العراق فعند ذي طوى وإن جاء من المدينة فعند عقبة

(1) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 61.
(2) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في مندوبات الاحرام ج 7 ص 296.
(3) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 61.
(4) وسائل الشيعة: باب 43 من أبواب الحرام ح 8 ج 9 ص 58.
(5) وسائل الشيعة: باب 45 من أبواب الاحرام ح 11 ج 9 ص 62.
(6) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج في مواقيت العمرة ج 2 ص 456.
(7) شرائع الاسلام: كتاب الحج في المندوبات ج 1 ص 248.
(8) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 463.
270

الاحرام
المدنيين، وإلا فعند دخول الحرم (1).
وقصد بذلك الجمع بين الأخبار.
وحكي عنه في الجمل والاقتصاد والمصباح ومختصره: أنه أطلق قطعها
عند دخول الحرم، لكن ظاهر سياق كلامه في الأخيرين في غير من خرج
من مكة، وعن الحلبي أنه أطلق قطعه إذا عاين البيت (2).
والعمل بما عليه الأكثر أحوط، لعدم منافاته القول بالتخيير، وضعف ما
عداه من الأقوال، ولا سيما الأخير.
(والتلفظ بما يعزم عليه) من حج أو عمرة، للصحاح المستفيضة.
منها: تقول لبيك - إلى قوله -: بحجة تمامها عليك (3).
ومنها: تقول لبيك اللهم لبيك - إلى قوله -: لبيك بمتعة بعمرة إلى
الحج (4).
قيل: وهذا الذي ذكره ابن حمزة، لكنه زاد بعد ذلك لبيك (5).
ومنها: كيف ترى أن أهل؟ فقال: إن شئت سميت، وإن شئت لم
تسم شيئا، فقلت: كيف تصنع أنت؟ فقال: أجمعهما فأقول لبيك بحجة
وعمره معا (6).
قيل: وهذا الذي ذكره القاضي ونهى عنه الحلبيان والمختلف، لأن
الاحرام لا يتعلق بهما، وهو الوجه إن أريد ذلك، وإن أريد التمتع بالعمرة

(1) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في مندوبات الاحرام ج 1 ص 317 س 31.
(2) كشف اللثام: كتاب الحج في مندوبات الاحرام ج 1 ص 317 س 27.
(3) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 53.
(4) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 52.
(5) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في مندوبات الاحرام ج 1 ص 318 س 24.
(6) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 25، وفيه: معا لبيك.
271

إلى الحج جاز (1).
أقول: وما ذكره في الصورة المفروضة قد صرح به جماعة، بل زادوا
فجعلوه أفضل (2)، تبعا للمحكي عن المبسوط (3) والنهاية (4) والفاضل في
المنتهى (5) والتذكرة (6).
ولا يجب، وفاقا لظاهر أكثر من وقفت على كلامه من الأصحاب، بل
لم ينقل أحد منهم فيه خلافا، معربين عن الاجماع، للأصل، وخلو أكثر
الأخبار عنه، والصحيح الماضي (7).
بل في آخر: أمرنا أبو عبد الله - عليه السلام - أن نلبي ولا نسمي شيئا،
وقال أصحاب: الاضمار أحب إلي (8).
وفي ثالث: لا تسم حجا ولا عمرة، وأضمر في نفسك المتعة، فإن
أدركت فتمتعا، وإلا كنت حاجا (9).
وظاهرهما، ولا سيما الأول رجحان الاضمار، وقد حملهما جماعة (10) على
حال التقية، وحمل عليها أيضا المعتبرة الآمرة للمتمتع بالاهلال بالحج، ثم

(1) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في مندوبات الاحرام ج 1 ص 318 س 26.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مندوبات الاحرام ج 7 ص 299.
(3) المبسوط: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 316.
(4) النهاية ونكتها: كتاب الحج في التلبية ج 1 ص 471.
(5) منتهى الطلب: كتاب الحج في التلبيات ج 2 ص 278 س 7.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في استحباب التلبية ج 1 ص 327 س 29.
(7) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 25.
(8) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب الاحرام ح 5 ج 9 ص 25.
(9) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 30.
(10) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج ج 1 ص 314، والحدائق الناضرة: كتاب الحج في الاحرام ج 15
ص 36.
272

الاهلال بالعمرة (1).
كالصحيح: كيف أتمتع؟ قال: تأتي الوقت فتلبي بالحج، فإذا
دخلت مكة طفت بالبيت وصليت ركعتين خلف المقام وسعيت بين الصفا
والمروة وقصرت وأحللت من كل شئ، وليس لك أن تخرج من مكة حتى
تحج (2).
والموثق: لب بالحج، فإذا دخلت مكة طفت بالبيت وصليت
وأحللت (3).
ولكن ظاهر بعض الأصحاب العمل بها من غير اشتراط التقية (4).
ولا بأس به، ولكن ينوي به المتعة، كما في الصحيح: لب بالحج وانو
المتعة، فإذا دخلت مكة فطف وصل ركعتين خلف المقام وسعيت بين
الصفا والمروة وقصرت فنسختها وجعلتها متعة (5).
وقال الشهيد في الدروس - بعد أن ذكر أن في بعض الروايات الاهلال
بعمرة التمتع، وفي بعضها الاهلال بالحج، وفي ثالث بهما -: وليس ببعيد
إجزاء الجميع إذ الحج المنوي هو الذي دخلت فيه العمرة، فهو دال عليها
بالتضمن، ونيتهما معا باعتبار دخول الحج فيها (6).
وهو مصير إلى ما اخترناه، ويعضده أيضا فحوى ما مر من جواز عدول
المفرد إذا دخل مكة إلى المتعة (7).

(1) وسائل الشيعة: كتاب الحج ب 22 من أبواب الاحرام ح 6 ج 9 ص 32.
(2) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 31.
(3) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 31.
(4) مجمع الفائدة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 6 ص 213.
(5) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 31.
(6) الدروس الشرعية: كتاب الحج ج 1 ص 346
(7) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الاحرام ح 5 ج 9 ص 32.
273

(والاشتراط) على ربه سبحانه ب‍ (أن يحل (1) حيثما حبسه، وإن
لم تكن حجة فعمرة) بلا خلاف فيه بيننا أجده، وبه صرح في
الذخيرة (2)، مشعرا بالاجماع، كما في صريح كلام جماعة (3) حد
الاستفاضة، والصحاح (4) به مع ذلك مستفيضة.
ويتأدى بكل لفظ أفاد المراد، عملا بالاطلاق، وبه صرح في المنتهى،
وإن كان الاتيان باللفظ المنقول أولى (5).
وهو في الصحيح اللهم إني أريد التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك
وسنة نبيك - صلى الله عليه وآله -، فإن عرض لي شئ يحبسني فخلني
حيث حبستني لقدرك الذي قدرت علي، اللهم إن لم تكن حجة فعمرة
أحرم لك شعري وبشري ولحمي ودمي وعظامي ومخي وعصبي من النساء
والطيب، ابتغي بذلك وجهك والدار الآخرة (6).
ولو نوى الاشتراط ولم يتلفظ به ففي الاعتداد به، أم العدم وجهان،
وجعل ثانيهما أوجه وأحق في التحرير (7) والمنتهى (8).
(وأن يحرم في الثياب القطن) فيما قطع به الأصحاب، على الظاهر
المصرح به في بعض العبائر (9)، للتأسي.

(1) في المتن المطبوع والشرح الصغير: أن يحله.
(2) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 584 س 20.
(3) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج ج 1 ص 312، والحدائق الناضرة: كتاب الحج ج 15 ص 100.
(4) وسائل الشيعة: ب 23 و 24 من أبواب الاحرام ج 9 ص 33.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في استحباب الاشتراط ج 2 ص 680 س 16.
(6) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 22.
(7) تحرير الأحكام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 96 س 21.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في استحباب الاشتراط ج 2 ص 680 س 18.
(9) كشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 318 س 40.
274

فقد روي لبسه في الاحرام عن النبي - صلى الله عليه وآله - (1).
وفي الصحيح: كان ثوبا رسول الله - صلى الله عليه وآله - اللذان أحرم
فيهما يمانيين عبري وأظفار (2).
وقد ورد الأمر بلبس القطن مطلقا في جملة من النصوص (3). وفي
بعضها: أنه لباس رسول الله - صلى الله عليه وآله -، وزيد في آخر: وهو
لباسنا، ولم يكن يلبس الشعر والصوف إلا من علة (4).
(وأفضله البيض) لتظافر الأخبار بالأمر بلبسها، وكونها خير الثياب
وأحسنها وأطهرها وأطيبها (5).
ولا بأس بما عداه من الألوان، للنصوص، عدا السود فيكره، للنهي
عنه (6) في بعض الأخبار المحمول على الكراهة لضعفه، مضافا إلى الأصل،
وعموم الصحيح: كل ثوب يصلي فيه، فلا بأس بأن يحرم فيه (7)، بناء على
الاجماع على جواز الصلاة في الثياب السود.
ومنه يظهر ضعف القول بالمنع، المحكي عن النهاية (8) والمبسوط (9)
والخلاف (10) والمقنعة (11) والوسيلة (12)، وحمله الحلي على الكراهة لما

(1) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب احرام ح 3 ج 9 ص 37.
(2) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 36.
(3) وسائل الشيعة: ب 15 و 19 من أبواب الاحرام ج 3 ص 357 و 361.
(4) وسائل الشيعة: ب 15 و 19 من أبواب الاحرام ج 3 ص 357 و 361.
(5) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب أحكام الملابس ج 3 ص 355.
(6) وسائل الشيعة: ب 26 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 36.
(7) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 36.
(8) النهاية ونكتها: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 1 ص 474.
(9) المبسوط: كتاب الحج فيما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 319.
(10) الخلاف: كتاب الحج م 80 ج 2 ص 298.
(11) المقنعة: كتاب الحج في صفة الاحرام ص 396.
(12) الوسيلة: كتاب الحج في موجبات الكفارة ص 163.
275

عرفته (1).
(وأما أحكامه فمسائل) ثلاث:
(الأولى: المتمتع إذا طاف وسعى ثم أحرم بالحج قبل التقصير
ناسيا مضى في حجه) فإنه صحيح بلا خلاف أجده، وبه صرح في
الذخيرة (2) والكفاية (3) وغيرهما، بل نقل عنه في التنقيح (4) الخلاف،
مؤذنا بالاجماع، كما في صريح كلام الفاضل في المختلف (5).
مع أنه في التحرير (6) والمنتهى (7) حكى قولا بالبطلان عن بعض
الأصحاب.
ولا ريب في ضعفه، فإن الصحاح، مضافا إلى الاجماع المنقول صريحة
في رده.
ففي الصحيح: عن رجل أهل بالعمرة ونسي أن يقصر حتى دخل في
الحج، قال: يستغفر الله، ولا شئ عليه، وتمت عمرته (8).
وفي آخر: لا بأس به يبني على العمرة وطوافها وطواف الحج على
أثره (9)
وفي ثالث: يستغفر الله (10).

(1) السرائر: كتاب الحج فيما يجب على المحرم اجتنابه وما لا يجب ج 1 ص 542.
(2) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 582 س 30.
(3) كفاية الأحكام: كتاب الحج ص 59 س 6.
(4) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 463.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 267 س 20.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام الاحرام ج 1 ص 97 س 14.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الاحرام ج 2 ص 686 س 15.
(8) وسائل الشيعة: ب 54 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 73.
(9) وسائل الشيعة، ب 54 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 73.
(10) وسائل الشيعة: ب 54 من أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 72.
276

ولا معارض لها، عدا رواية أبي بصير (1) الآتية.
ولكنها لقصورها عن المقاومة لها من وجوه شتى مطروحة، أو محمولة على،
العامد جمعا.
(و) يستفاد منها، ولا سيما الصحيحة الأولى أنه (لا شئ عليه)
كما عن الحلي (2) والديلمي (3) وأكثر المتأخرين (4).
(و) لكن (في رواية) موثقة (5) كالصحيحة أنه (عليه دم)
وظاهرها الوجوب، كما عن الشيخ في كتبه (6)، وبني زهرة (7) والبراج (8)
وحمزة (9)، وعليه الفاضل في الارشاد (10).
ولا يخلو عن قوة، بناء على حجية الموثقة، لأنها خاصة، والصحاح
عامة، فينبغي حملها عليها.
وهو أولى من الجمع بينها، بحمل الموثقة على الاستحباب، فإنه مجاز،
والتخصيص منه أولى، حيثما حصل بينهما معارضة، إلا أن يرجح

(1) وسائل الشيعة: ب 54 من أبواب الاحرام ح 5 ج 9 ص 73.
(2) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 536.
(3) المراسم: كتاب الحج ذكر النسيان في أفعال الحج ص 124.
(4) مجمع الفائدة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 6 ص 230، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في
أحكام الاحرام ج 7 ص 280، والحدائق الناضرة: كتاب الحج في الاحرام ج 15 ص 117.
(5) وسائل الشيعة: ب 54 من أبواب الاحرام ح 6 ج 9 ص 73.
(6) المبسوط: كتاب الحج في السعي وأحكامه ج 1 ص 363، والنهاية ونكتها: كتاب الحج في
التقصير ج 1 ص 514، والتهذيب: كتاب الحج في الخروج إلى الصفا ج 5 ص 158.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في التقصير ص 517 س 31.
(8) المهذب: كتاب الحج باب ما يلزم المحرم على جناياته ج 1 ص 225.
(9) الوسيلة: كتاب الحج في بيان الكفارات ص 168.
(10) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في السعي ج 1 ص 328.
277

الاستحباب بالشهرة العظيمة بين الأصحاب، لكنها متأخرة.
فالترجيح بها لا يخلو عن نوع مناقشة.
ومع ذلك فلا ريب أن الوجوب أحوط.
(ولو أحرم) قبل التقصير (عامدا بطلت متعته) وصارت حجة
مفردة، فيكملها ثم يعتمر بعدها عمرة مفردة (على) ما يقتضيه إطلاق
(رواية أبي بصير عن أبي عبد الله - عليه السلام -) الموثقة، بل
الصحيحة كما في المنتهى (1) والمختلف (2) والمسالك (3) والروضة (4).
وفيها: المتمتع إذا طاف وسعى ثم لبى قبل أن يقصر فليس له أن
يقصر، وليس له متعة (5).
ورواية أخرى ضعيفة على المشهور: عن رجل متمتع طاف ثم أهل
بالحج قبل أن يقصر، قال: بطلت متعته، وهي حجة مبتولة (6).
وإنما قيدنا ب‍ (العامد) جمعا بينهما وبين ما مضى من الصحيح،
بالصحة في الناسي.
وعمل بها الشيخ (7) وجماعة، حتى أن الشهيدين في الدروس (8)
والمسالك (9) ادعيا عليها الشهرة، فهي جابرة لقصور الرواية على تقديره.

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في التقصير ج 2 ص 710 س 1.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 267 س 16.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 27
(4) الروضة البهية: كتاب الحج في أنواع الحج ج 2 ص 20
(5) وسائل الشيعة: ب 54 من أبواب الاحرام ح 5 ج 9 ص 73
(6) وسائل الشيعة: ب 54 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 73
(7) تهذيب الأحكام: كتاب الحج في الخروج إلى الصفا ج 5
ص 159 ح 54.
(8) الدروس الشرعية: كتاب الحج في إدخال الحج على العمرة ج 1 ص 333.
(9) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 27.
278

مع أنها ليست بقاصرة عند جماعة، كما عرفته ومؤيدة بالرواية
الأخرى (1). فالعمل بها أقوى.
خلافا للحلي فيبطل الاحرام الثاني ويبقى على عمرته (2)، ويميل إليه
جماعة من المتأخرين، ومنهم الماتن حيث عزى الحكم إلى الرواية، مشعرا
بتوقفه فيه.
ولعله من حيث النهي عنه ووقوع خلاف ما نواه إن أدخل حج التمتع،
وعدم صلاحية الزمان إن أدخل غيره، فبطلانه أنسب، والرواية قاصرة
السند، فيشكل التعويل عليها في حكم مخالف للأصل.
مع أنها ليست صريحة في ذلك، لاحتمالها الحمل على متمتع عدل عن
الافراد ثم لبى بعد السعي، كما ذكره الشهيد قال: لأنه روى التصريح
بذلك في رواية أخرى (3).
أقول: لعلها الموثق: رجل يفرد بالحج فيطوف بالبيت ويسعى بين
الصفا والمروة ثم يبدو له أن يجعلها عمرة، فقال: إن كان لبى بعد ما سعى
قبل أن يقصر فلا متعة له (4)، وقد مر في بحث جواز الطواف للمفرد والقارن
قبل المضي إلى عرفات. وفيه نظر.
فإن مورد رواية المسألة المتمتع وهو حقيقة في من حصل فيه مبدأ
الاشتقاق حالا أو ماضيا، والعادل عن الافراد إلى التمتع متمتع مجازا،
والأصل في الاستعمال الحقيقة.

(1) وسائل الشيعة: ب 54 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 73.
(2) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 536.
(3) الدروس الشرعية: كتاب الحج في إدخال الحج على العمرة ج 1 ص 333.
(4) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب أقسام الحج ح 9 ج 8 ص 185.
279

والتصريح بذلك في الموثقة الأخيرة مع ورودها في المجازي لا يستلزم
ورود رواية المسألة فيه، إذ لا تلازم ولا داعي.
فالرواية بعد الأصل اللفظي صريحة الورود فيما نحن فيه.
ومخالفتها الأصول لا ريب فيه، لكن لا مانع من تقييدها بها بعد اعتبار
السند والتأيد بالخبر الآخر، والانجبار والاعتضاد بعمل الأكثر، بل المشهور
كما حكي.
وعلى المختار فهل يجزي عن فرضه، أم لا؟ وجهان، من أنه عدول
اختياري ولم يأت بالمأمور به على وجهه، ومن خلو النص عن الأمر
بالإعادة، مع وروده في بيان الحاجة.
والأصل يقتضي المصير إلى الأول، كما اختاره شيخنا الشهيد الثاني
قاطعا به (1) وسبطه (2)، ولكن محتملا الثاني في المسالك (3) والروضة (4).
والجاهل عامد، لاطلاق النص، واختصاص المقيد له بالناسي، وبه
صرح شيخنا الشهيد الثاني (5).
(الثانية: إذا أحرم الولي بالصبي) الغير المميز (فعل به ما يلزم
المحرم) فعله من حضور المواقف من المطاف والمسعى وعرفة وغيرها
(وجنبه ما يجتنبه المحرم) من لبس المخيط والصيد ونحوهما.
وأما المميز: فيأمره بفعل ما يمكنه منها.
(وكل ما يعجزه عنه يتولاه الولي) بلا خلاف في شئ من ذلك

(1) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 28.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام الاحرام ج 7 ص 283.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 28.
(4) الروضة البهية: كتاب الحج في أنواع الحج ج 3 ص 221.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 29.
280

بيننا أجده، والصحاح بها مع ذلك مستفيضة.
منها: انظروا من كان معكم من الصبيان فقدموه إلى الجحفة أو إلى
بطن مرو، يصنع بهم ما يصنع بالمحرم، ويطاف بهم، ويرمى عنهم، ومن
لا يجد الهدي منهم فليصم عنه وليه (1).
ومنها: إذا حج الرجل بابنه وهو صغير فإنه يأمره أن يلبي ويفرض
الحج، فإن لم يحسن أن يلبي لبوا عنه ويطاف به ويصلى عنه، قلت: ليس
لهم ما يذبحون، قال: يذبح عن الصغار ويصوم الكبار، ويتقي ما يتقي المحرم
من الثياب والطيب، فإن قتل صيدا فعلى أبيه (2).
(و) يستفاد منه أنه (لو فعل ما لو يوجب الكفارة) على المكلف
لو فعله (ضمن عنه) الولي، لكن لا مطلقا، كما يقتضيه إطلاق العبارة
ونحوها، بل خصوص ما يوجبها عمدا وسهوا.
وأما غيره فيجب الرجوع فيه إلى الأصل، لخروجه عن مورد النص،
وحكي هذا عن الأكثر (3)، وظاهر المتن، وعن النهاية (4) والحلبي (5).
ومستنده غير ظاهر، عدا ما قيل من عموم أدلة وجوب الكفارة، وإنما
تعلق بمال الولي دون المولى عليه، لأنه غرم أدخله عليه بإذنه، أو الاحرام
به (6)

(1) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 3 ج 8 ص 207.
(2) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 5 ج 8 ص 208.
(3) المعتبر: كتاب الحج في الشرائط ج 2 ص 748، والدروس الشرعية كتاب الحج في الشروط ج 1
ص 306، ومسالك الأفهام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 35.
(4) النهاية ونكتها: كتاب الحج في أحكام الصبيان ج 1 ص 472.
(5) الكافي في الفقه: كتاب الحج في الكفارة ص 205.
(6) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في كيفية حج الصبي ج 1 ص 287 س 13.
281

وفي العموم منع، لاختصاص ما دل على وجوبها بحكم التبادر،
والخطاب بمن باشر موجبها من المكلف خاصة، وإنما أوجبت على الولي فيما
يوجبها عمدا وسهوا، للنص، وهو مختص به، فلا يعم ما يوجبها عمدا
خاصة، وعمد الصبي خطأ إجماعا.
فهذا القول ضعيف، كالقول بعدم وجوبها مطلقا، حتى في الأول،
كما عن الحلي (1)، لابتنائه على أصله من عدم حجية الآحاد، فلا يخصص
بها الأصل.
وهو ضعيف، كما برهن عليه في محله.
وهنا أقوال أخر ضعيفة المستند والمأخذ، سيما في مقابلة النص المعتبر.
ويجب على الولي في حج التمتع الهدي في ماله، كما ذكره جماعة (2)،
قالوا: لأنه غرم أدخله على الصبي كالنفقة الزائدة، فتكون في ماله.
وفي الموثق: قل لهم يغتسلون ثم يحرمون واذبحوا عنهم كما تذبحون عن
أنفسكم (3).
وفي آخر: عن رجل أمر غلمانه أن يتمتعوا قال: عليه أن يضحي
عنهم، قلت: فإنه أعطاهم دراهم فبعضهم ضحى وبعضهم أمسك الدراهم
وصام: قال: قد أجزأ عنهم، وهو بالخيار إن شاء تركها، قال: ولو أنه
أمرهم فصاموا كان قد أجزأ عنهم (4).

(1) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 537.
(2) السرائر: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 531، والمسالك: كتاب الحج في الاحرام ج 1
ص 107 س 36، والمدارك: كتاب الحج ج 7 ص 286، والحدائق: كتاب الحج في الاحرام
ج 14 ص 69.
(3) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب أقسام الحج ح 2 ج 8 ص 207، و ب 2 من أبواب الذبح ح 7
ج 10 ص 90.
(4) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب الذبح ح 8 ج 10 ص 90.
282

وربما كان فيهما دلالة على ذلك.
(و) لكن الثاني يدل على أنه (لو كان) الصبي (مميزا جاز)
للولي (إلزامه بالصوم عن الهدي) ولا يلزمه أن يذبح عنه، وقريب منه
الصحيح الثاني المتقدم.
بناء على، أن الظاهر أن المراد من الكبار فيه المميزون. ولا بأس به،
وإن كان يظهر، من الماتن في الشرائع (1) التردد فيه، لنسبته إياه إلى
الرواية، لاعتبار سندها.
وتعددها فيها يصرف ظاهر الأمر بصوم الولي عنه إلى التخيير بينه وبين
مفادها، أو يقيد بصورة عجز الصبي عن الصوم فإن الحكم فيها ذلك كما
أشار إليه بقوله: (ولو عجز) الصبي عن الصوم (صام الولي عنه) قطعا،
للأمر به في الصحاح.
منها - زيادة على ما مضى - الصحيح: وإذا لم يكن الهدي فليصم عنه
وليه إذا لم يكن متمتعا (2).
خرج منها صورة تمكن الصبي من الصوم بما مر، وبقي غيرها.
ولا ريب أن العمل بمقتضى هذه مطلقا أحوط وأولى، لصحتها،
وصراحتها، بخلاف الرواية، فإن صحيحها غير صريح، وصريحها غير

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج في كيفية الاحرام ج 1 ص 247.
(2) أقول لم نعثر عليه لا صريحا ولا مضمونا والظاهر أنه حصل للمصنف خلط والتباس تبعا لصاحب
المدارك حيث تصور - هذا السيد الجليل - أن هذا الكلام من قول الإمام - عليه السلام -، مع أنه
من كلام الشيخ - رحمه الله - في التهذيب ذكره الشيخ بعد الرواية الصحيحة مباشرة فتصور أنه من
كلامه. ولعل المصنف نقله من صاحب المدارك اعتمادا عليه وإلا فلا يوجد بهذا الشكل رواية
في الوسائل. راجع المدارك ج 7 ص 289، والتهذيب: ج 5 ص 81 ح 271. والعجيب أن
المصنف عول عليه واستدل به تبعا لصاحب المدارك.
283

صحيح. فتأمل.
(الثالثة: لو اشترط في إحرامه) بأن يحله حيث حبسه عند عروض
مانع من حصر أو صد (ثم حصل المانع تحلل) إن شاء (ولا يسقط)
عنه (هدي التحلل بالشرط، بل فائدته جواز التحلل للمحصور) وهو
الممنوع بالمرض (من غير تربص) إلى بلوغ الهدي محله، وفاقا للشيخ (1)
والإسكافي (2) وجماعة (3).
أما جواز التحلل مع نيته، فلعله لا إشكال فيه، بل ولا خلاف، كما
يستفاد من ظاهر الخلاف (4) وصريح غيره (5).
وأما كونه من غير تربص، فلظاهر الصحاح وغيرها من المعتبرة،
أظهرها دلالة الصحيح عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج وأحصر بعد ما أحرم
كيف يصنع؟ قال فقال: أو ما اشترط على ربه قبل أن يحرم أن يحله من
إحرامه عند عارض عرض له من أمر الله تعالى، فقلت: بلى قد اشترط
ذلك، قال: فليرجع إلى أهله احلالا لا إحراما إن الله تعالى أحق من وفى
ما اشترط عليه، فقلت: فعليه الحج من قابل؟ قال: لا (6).
وأما عدم سقوط الهدي، فللعمومات، وظاهر الصحيح: أن الحسين بن
علي - عليهما السلام - خرج معتمرا فرض في الطريق فبالغ عليا - عليه السلام -

(1) الخلاف: كتاب الحج م 324 ج 2 ص 431.
(2) نقله عنه في المختلف: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 267 س 29.
(3) كما في المختلف: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 267 س 29، والمنتهى: كتاب الحج ج 2
ص 680 س 32، والمسالك: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 107 س 38.
(4) الخلاف: كتاب الحج م: 324 ج 2 ص 431.
(5) إيضاح الفوائد: كتاب الحج في الحصر والصد ج 1 ص 327.
(6) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 35.
284

وهو بالمدينة، فخرج في طلبه فأدركه بالقبا وهو مريض، فقال: يا بني ما
تشكي؟ فقال: أشكي رأسي فدعا - عليه السلام - ببدنة فنحرها وحلق رأسه
ورده إلى المدينة (1). ونحوه آخر (2)، إلا أن فيه أنه كان ساق بدنة فنحرها.
وعليه، فلا دخل له، بل ولا للأول أيضا بالمسألة، لأن موضوعها من
عدا القارن، وأما هو فلا يسقط الهدي عنه، بل يبعث بهديه كما في
الصحيح (3)، ونفي الخلاف عنه، بل عن فخر الاسلام دعوى إجماع الأمة
عليه (4)، وكأنه لم يعتن بالصدوق في الفقيه وقد عبر في الفقيه بمضمون
الصحيح بعينه (5)، غير أنه بدل قوله - عليه السلام -: (يبعث
بهديه) (فلا يبعث بهديه)، لكنه ضعيف.
وعليه، فلا دخل، للصحيحين بالمقام، لورودهما في القارن، كما صرح
به في أحدهما، ويرجع إليه إطلاق آخر.
والعمومات من الكتاب والسنة غير واضحة الشمول لمفروض المسألة،
سيما وأن مفادها وجوب الصبر إلى بلوغ الهدي محله، وقد نفته ظواهر
الصحاح المتقدم إلى أوضحها دلالة الإشارة.
وظاهره أيضا عدم وجوب الهدي، لدلالته على التحلل بمجرد الاحصار،
من غير تعرض له، مع وروده في مقام الحاجة، وبه صرح جماعة.
وعليه، فيتقوى القول بأن فائدته السقوط، كما عليه جماعة، ومنهم

(1) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب الاحصار والصد ح 1 ج 9 ص 355.
(2) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الاحصار والصد ح 2 ج 9 ص 309. (
(3) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الاحصار والصد ح 1 ج 9 ص 307.
(4) إيضاح الفوائد: كتاب الحج في الحصر والصد ج 1 ص 327.
(5) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج في المحصور والمصدود ج 2 ص 516.
285

المرتضى (1) والحلي (2) مدعيين الاجماع عليه. وهو حجة أخرى مضافة إلى
الأصل وما مر.
ومن هنا يظهر ضعف القول بأنه لا فائدة لهذا الشرط، وأنه إنما هو تعيد
بحت ودعاء مستحب، كما عليه شيخنا الشهيد الثاني في كتابيه (3)، وأكثر
العامة (4)، بل عامتهم كما في الانتصار (5)، مع عدم وضوح مستنده سوى
العمومات، وقد مر الجواب عنها.
والخبرين أحدهما الصحيح: هو حل إذا حبسه اشترط أو لم يشترط (6).
وهو مع ضعف ثانيهما سندا، غير واضحان دلالة، كما صرح به جماعة،
إذ غايتهما الدلالة على ثبوت التحلل مع الحبس في الحالين، ونحن نقول به.
ولا يلزم من ذلك تساويهما من كل وجه، فيجوز افتراقهما بسقوط الدم
مع الشرط ولزومه بدونه.
ولو سلم، فهما محمولان على التقية، لما عرفته.
ومثله القول بأن فائدته جواز التحلل أصالة، وبدون الشرط رخصة،
كما عليه الفاضل المقداد (7) وفخر الاسلام (8)، لعدم ظهور أثرها في محل
البحث وإن ظهر في نحو النذر.
وهنا قول آخر في فائدة هذا الشرط - اختاره الشيخ في التهذيب - وهو

(1) الإنتصار: كتاب الحج في كيفية الحج ص 104.
(2) السرائر: كتاب الحج في المحصور والمصدود ج 1 ص 640.
(3) الروضة البهية: كتاب الحج في الاحصار والصد ج 2 ص 369، ولم أعثر عليه في المسالك.
(4) المجموع: كتاب الحج فيما لو أحرم وشرط التحلل ج 8 ص 353.
(5) الإنتصار: كتاب الحج في كيفية الحج ص 104.
(6) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب الاحرام ح 1 و 3 ج 9 ص 35.
(7) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الاحصار والصد ج 1 ص 527.
(8) إيضاح الفوائد: كتاب الحج في أحكام الحج ج 1 ص 292.
286

سقوط قضاء الحج المتمتع فاته الموقفان (1)، للصحيح: عن رجل خرج
متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر، فقال: يقيم على
إحرامه ويقطع التلبية حتى يدخل مكة، فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة
ويحلق رأسه وينصرف إلى أهله إذا شاء، وقال: هذا لمن اشترط على ربه
عند إحرامه، فإن لم يكن اشترط فإن عليه الحج من قابل (2).
(و) رده من تأخر عنه بأنه (لا يسقط عنه الحج لو كان واجبا)
مستقرا في الذمة بمجرد الشرط بلا خلاف، كما في التنقيح (3)، بل بالاجماع
كما في التحرير (4)، وفي المنتهى لا نعلم فيه خلاف (5).
ولعل نفي الخلاف لرجوع الشيخ عن ذلك في الاستبصار (6).
وإن كان مندوبا لم يجب بترك الاشتراط بلا خلاف، كما في
التنقيح (7).
وحملوا الصحيحة المتقدمة ونحوها من الصحاح على الاستحباب، جمعا
بينها وبين الصحاح المعارضة لها.
منها: عن الرجل يشترط في الحج أن يحله حيث حبسه أعليه الحج من
قابل؟ قال: نعم (8). ونحوه آخر (9). والحسن كالصحيح (10)

(1) تهذيب الأحكام: كتاب الحج باب تفضيل فرائض الحج ح 38 ج 5 ص 296.
(2) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 66.
(3) التنقيح الرائع: كتاب الحج في من فاته الحج ج 1 ص 465.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج في المصدود والمحصور ج 1 ص 123.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في الحج ج 2 ص 680 س 19.
(6) الاستبصار: كتاب الحج باب من اشترط في حال الاحرام ثم أحصر ذيل، ح 3 ج 2 ص 169.
(7) التنقيح الرائع: كتاب الحج في من فاته الحج ج 1 ص 465.
(8) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب الاحرام ح 1 و 2 ج 9 ص 34.
(9) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب الاحرام ح 1 و 2 ج 9 ص 34.
(10) وسائل الشيعة: ب 24 من أبواب الاحرام ح 3 ج 9 ص 35.
287

ويشهد لهذا الجمع - مضافا إلى الاجماعات المنقولة والأصول المقررة -
المروي عن ابن سعيد في الجامع: أنه روى عن كتاب المشيخة لابن محبوب
خبرا عن عامر بن عبد الله بن جذاعة عن مولانا الصادق - عليه السلام - في
رجل خرج معتمرا فاعتل في بعض الطريق وهو محرم، قال: ينحر بدنة
ويحلق رأسه ويرجع إلى رحله ولا يقرب النساء، فإن لم يقدر صام ثمانية
عشر يوما، فإذا برئ من وجعه اعتمر إن كان لم يشترط على ربه في
إحرامه، وإن كان قد اشترط فليس عليه أن يعتمر، إلا أن يشاء
فيعتمر (1).
ويجب أن يعود للحج الواجب المستقر، وللأداء إن استمرت الاستطاعة
في قابل، والعمرة الواجبة كذلك في الشهر الداخل، وإن كانا متطوعين
فهما بالخيار.
وقصور السند مجبور في محل البحث بما مر.
وأما في غيره وهو وجوب الهدي وعدم سقوطه بالشرط - كما هو ظاهره -
فلم يظهر له جابر، ولكن العمل به أحوط، بل لا ينبغي أن يترك.
واعلم أن ما اختاره الماتن من الفائدة في المحصور قد اختارها أيضا في
المصدود، كما يأتي إن شاء الله تعالى في بحثه، فلا وجه لتخصيصه بالذكر.
وقد يوجه بأن المراد أنه لا يحتاج إلى التربص حتى يذبح الهدي في
موضع الصد. وهو بعيد (2).
(ومن اللواحق التروك: وهي محرمات ومكروهات).
(فالمحرمات) أمور ذكر الماتن منها (أربعة عشر):

(1) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الاحصار والصد ص 222.
(2) في نسخة (مش) و (خ ل من الشرح المطبوع): وهو حسن.
288

منها (صيد البر) أي مصيدة (اصطيادا) (1) أي حيازة (وإمساكا
وأكلا ولو صاده محل) بلا أمر منه ولا دلالة ولا إعانة (وإشارة) لصائده
إليه (ودلالة) له عليه بلفظ وكتابة وغيرهما (وإغلاقا) لباب عليه حتى
يموت (وذبحا) كل ذلك بالكتاب، وإجماعنا الظاهر، المصرح به في جملة
من العبائر، بل عن المنتهى إجماع أهل العلم (2)، وفي غيره إجماع المسلمين
في الأول، وإجماعنا في البواقي (3).
خلافا للثوري وإسحاق في الأكل مطلقا (4)، ولأبي حنيفة إذا ذبحه
وصاده المحل (5).
والسنة من طرقنا، مضافا إلى عموم الكتاب برد هؤلاء، وإثبات تحريم
الصيد مطلقا مستفيضة، بل متواترة.
ففي الصحيح: لا تستحلن شيئا من الصيد وأنت حرام، ولا تدلن عليه
محلا ولا محرما فيصطاده، ولا تشر إليه فيستحل من أجلك، فإن فيه فداء
لمن تعمده (6).
وفيه: واجتنب في احرامك صيد البر كله، ولا تأكل مما صاده غيرك
ولا تشر إليه فيصيده (7).
وفيه: ولا تأكل من الصيد وأنت حرام وإن كان أصابه (8) محل إلى غير

(1) لا توجد هذه الكلمة في المتن المطبوع.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في تحريم الصيد ج 2 ص 802 س 18.
(3) وهو كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 323 س 8.
(4) المغني لابن قدامة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 3 ص 290.
(5) الشرح الكبير (المغني لابن قدامة): كتاب الحج في تروك الاحرام ج 3 ص 290.
(6) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب كفارات الصيد وتوابعها ح 1 ج 9 ص 258، وفيه اختلاف.
(7) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب تروك الاحرام ح 5 ج 9 ص 75.
(8) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 77.
289

ذلك من الصحاح وغيرها.
وهل يحرم الإشارة والدلالة لمن يرى الصيد بحيث لا يفيده ذلك شيئا؟
الوجه العدم، وفاقا لجمع، للأصل، واختصاص النص بحكم التبادر وغيره
بما تسبب للصيد والدلالة عرفا، بما لا يعلمه المدلول بنفسه، وإن ضحك أو
تطلع عليه ففطن غيره فصاده، فإن تعمد ذلك للدلالة عليه أثم، وإلا فلا.
وكما يحرم الصيد يحرم فرخه وبيضه بلا خلاف يعرف، كما في
الذخيرة، قال: ونقل المصنف في التذكرة الاجماع عليه، ويدل عليه
الروايات المتضمنة لثبوت الكفارة فيه (1).
وسيأتي ذكرها وتحقيق معنى الصيد، والخلاف الواقع فيه في محل بحث
الكفارات إن شاء الله تعالى.
(ولو ذبحه) المحرم (كان ميتة) كما في الشرائع (2) والارشاد (3)
والقواعد (4) وغيرها، وعن الخلاف (5) والسرائر (6) والمهذب (7) والجامع (8)،
وفيه: أنه كذبيحة المجوسي، للحسن أو الموثق: إذا ذبح المحرم الصيد في غير
الحرم فهو ميتة، لا يأكله محرم ولا محل (9).

(1) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 589 س 12.
(2) شرائع الاسلام: كتاب الحج في موجبات الضمان ج 1 ص 289.
(3) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في التروك ج 1 ص 317.
(4) قواعد الأحكام: كتاب الحج فيما يتحقق به الضمان ج 1 ص 95 س 23.
(5) الخلاف: كتاب الحج م 272 فيما لو ذبح المحرم صيدا ج 2 ص 404.
(6) السرائر: كتاب الحج فيما لو ذبح المحرم صيدا ج 1 ص 569.
(7) المهذب: كتاب الحج فيما لو ذبح المحرم صيدا ج 1 ص 230.
(8) الجامع للشرائع: كتاب الحج في محرمات الاحرام ص 183.
(9) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 86.
290

وعن التذكرة (1) والمنتهى (2) الاجماع عليه، وعن النهاية (3)
والمبسوط (4) والتهذيب (5) والوسيلة (6) والجواهر (7) أنه كالميتة، وفي
الأخير الاجماع عليه، للخبر.
ومرجعه هنا إلى شئ واحد: وهو كونه (حراما على المحل والمحرم)
وإن اختلفا في نحو النذر.
ولا ريب في شهرة هذا الحكم، كما اعترف به جماعة من
المتأخرين (8)، بل ظاهر جماعة ممن دأبهم نقل الخلاف، حيث كان عدم
الخلاف فيه لعدم نقلهم له هنا، وقد مر نقل الاجماع عليه صريحا.
وبجميع ذلك يجبر قصور الخبرين سندا، مع اعتباره في أحدهما،
وتأيدهما بالأخبار الآمرة بدفنه.
منها المرسل كالصحيح: قلت له: المحرم يصيد الصيد فيفديه أيطعمه أو
يطرحه؟ قال: إذا يكون عليه فداء آخر، قلت: فما يصنع به قال يدفنه (9).
وقريب منه الخبر.
وأخبار تعارض الميتة والصيد للمحرم المضطر، سيما مع ما رجح منها
الميتة على الصيد وإن كان العكس لعله أظهر. فتدبر وتأمل.

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 329 س 28.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في تحريم الصيد ج 3 ص 803.
(3) النهاية ونكتها: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 1 ص 477.
(4) المبسوط: كتاب الحج فيما يلزم المحرم من الكفارة بما يفعله ج 1 ص 349.
(5) تهذيب الأحكام: كتاب الحج باب في كفارة خطأ المحرم وتعديه الشروط ج 5 ص 377.
(6) الوسيلة: كتاب الحج في موجبات الكفارة ص 163.
(7) جواهر الفقه: كتاب الحج في من ذبح صيدا وهو محرم م 167 ص 46.
(8) مدارك الأحكام: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 7 ص 306.
(9) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 86.
291

خلافا للمحكي عن الصدوق في المقنع (1) والفقيه (2) والإسكافي (3)
والمفيد (4) والمرتضى (5)، فلا يحرم مذبوح المحرم في غير الحرم على المحل،
للأصل، والصحاح المستفيضة.
أظهرها دلالة قول الصادق - عليه السلام - في أحدها: إذا قتل الصيد
فعليه جزاؤه ويتصدق بالصيد على مسكين (6).
وقوله - عليه السلام - في آخر: إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم وهو محرم
فإنه ينبغي له أن يدفنه، ولا يأكله أحد، وإذا أصابه في الحل فإن الحلال
يأكله، وعليه هو الفداء (7).
والإصابة في ذيله وإن احتمل ما عدا القتل، كما في باقي الصحاح،
إلا أن المراد بها في صدره خصوصه، بقرينة الدفن فيتعدى إلى الذيل
بشهادة السياق.
والمسألة محل إشكال وإن كان الأول أرجح، للشهرة العظيمة،
والاجماعات المنقولة، المرجحة لأخباره وإن ضعفت على أخبار الثاني، وإن
صحت مع قصور أكثرها دلالة لما عرفته، والباقي سندا عند الأكثر، لكونه من
الحسن عندهم بإبراهيم، بل ودلالة، لاحتمال الباء في (بالصيد) في الخبر

(1) المقنع: كتاب الحج فيما لو أصاب المحرم صيدا خارج الحرم فذبحه ج 1 ص 79.
(2) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج في تحريم صيد الحرم ج 2 ص 372.
(3) حكاه عنه العلامة في مختلفه: كتاب الحج فيما لو ذبح المحرم وهو في الحرم ج 2 ص 279.
(4) المقنعة: كتاب الحج باب الكفارة عن خطأ المحرم وتعديه الشروط ص 438.
(5) رسائل السيد المرتضى: كتاب الحج المجموعة الثالثة ص 72.
(6) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب تروك الاحرام ح 6 ج 9 ص 86.
(7) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 78.
292

الأول السببية والصيد المصدرية، وضعف القرينة في الثاني بعد اختلاف
النسخة، كما قيل في (يدفنه) فإن بدلها (يفديه) في أخرى (1).
وحملهما الشيخان على ما إذا قتله برميه إياه ولم يكن ذبحه جمعا (2).
ولا بأس به.
(و) منها (النساء وطئا وتقبيلا ولمسا ونظرا بشهوة) لا بدونها
(وعقدا) عليهن مطلقا (له) أي للمحرم نفسه (أو لغيره، وشهادة)
له (على العقد) عليهن بلا خلاف يظهر للعبد فيما عدا النظر، بل عليه
الاجماع في عبائر جماعة، كالتحرير (3) في الأول، والمدارك (4) صريحا،
وغيره ظاهرا فيه، وفي العقد والخلاف (5) والغنية (6) والمنتهى (7)
والتذكرة (8)، كما حكي في العقد، وصريح المحكي عن الخلاف، وظاهر
غيره في الأخير. وفيه الحجة، مضافا إلى الكتاب في الأول، لنفي الرفث فيه
في الحج.
بناء على تفسيره بالوطئ في الصحيحين، والصحاح المستفيضة وغيرها
من المعتبرة (9) القريبة من التواتر، بل المتواترة في الجميع. وسيأتي إلى جملة

(1) والقائل هو صاحب وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب الاحرام ج 9 ص 78.
(2) المقنعة: كتاب الحج في الكفارات ص 438، والنهاية ونكتها: كتاب الحج في كفارة الصيد ج 1
ص 486.
(3) تحريم الأحكام: كتاب الحج في التروك الواجبة في الاحرام ص 112 س 32.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 7 ص 310.
(5) الخلاف: كتاب الحج م 115 فيما لو عقد المحرم على نفسه ج 2 2 ص 317.
(6) غنية النزوع (ضمن الجوامع الفقهية): كتاب الحج في أحكام المحظورات ص 513 س 4.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في تحريم الاستمتاع ج 2 ص 808 س 19.
(8) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تحريم الاستمتاع ج 1 ص 342 س 19.
(9) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 89، انظر الباب.
293

منها الإشارة في بحث الكفارات إن شاء الله تعالى.
وأما النظر بشهوة فقيل: فيه أيضا: إنه لعله لا خلاف فيه (1)، بل زيد
في بعض العبارات فادعى الاجماع عليه.
مع أنه صرح الصدوق في الفقيه بأنه لا شئ عليه (2)، ويعضده
الأصل، مع عدم دليل على تحريمه من حيث الاحرام، عدا النصوص الدالة
على لزوم الكفارة به مع الامناء.
كالصحيح: في المحرم ينظر إلى امرأته وينزلها بشهوة حتى ينزل، قال:
عليه بدنة (3).
والحسن: ومن نظر إلى امرأته نظرا بشهوة فأمنى فعليه جزور، وإن مس
امرأته ولازمها من غير شهوة فلا شئ عليه (4).
وهي مخصوصة بصورة الامناء، فلعل الكفارة لأجله لا للنظر، بل هو
المفهوم من الخبر الثاني.
وأما الموثق الموجب للكفارة في هذه الصورة معللا بأني لم أجعلها عليه،
لأنه أمنى، إنها جعلتها عليه، لأنه نظر إلى ما لا يحل له (5). فهو وإن كان
ظاهرا في لزوم الكفارة بالنظر خاصة، لكنه ليس نصا في النظر مطلقا،
حتى إلى المحللة، فلعله النظر إلى الأجنبية خاصة، كما ربما يفهم من
التعليل.

(1) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج في حرمة النساء على الرجال وبالعكس ج 1 ص 327.
(2) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج فيما يجب اجتنابه على المحرم ج 2 ص 331.
(3) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 1 ج 9 ص 274.
(4) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 3 ج 9 ص 274 و 275.
(5) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب كفارات الاستمتاع ج 3 ج 9 ص 273.
294

ويرشد إليه تنكير المرأة في الرواية، وفهم الشيخ لها منها، فذكرها في
حرمة النظر إليها، وأردفها بالصحيح في محرم نظر إلى غير أهله فأمنى، قال:
عليه دم، لأنه نظر إلى غير ما يحل له، وإن لم يكن أنزل فليتق الله
ولا يعد، وليس عليه شئ (1).
هذا ويستفاد منه أن للامناء مدخلا في لزوم الكفارة، مع تضمنه
التعليل المذكور في الموثقة.
وعليه، فيزيد ضعف دلالتها على خلاف ما قلناه. ويتأتى فيها
الاحتمال الذي ذكرناه في الخبرين (2) السابقين عليها.
وحينئذ، فالجواز أقوى إن لم يكن خلافه إجماعا.
واعلم أن الظاهر رجوع القيد في العبارة إلى مجموع الأمور الثلاثة،
فلا تحرم بدون الشهوة، وفاقا لجماعة (3)، للأصل والمعتبرة.
منها الصحيح: عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته، قال: نعم
يصلح عليها خمارها، ويصلح عليها ثوبها ومحملها، قال: أفيمسها وهي
محرمة؟ قال: نعم، قال: المحرم يضع يده بشهوة، قال: يهريق دم شاة (4).
والحسن: من مس امرأته وهو محرم على شهوة فعليه دم شاة، ومن نظر
إلى امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور، وإن مس امرأته ولازمها من غير

(1) متن هذه الرواية مروي في الكافي: ح 8 ج 4 ص 377 عن معاوية بن عمار، ورواها في
الوسائل: ح 5 ج 9 ص 273 عنه أيضا، والذي أردفه الشيخ في التهذيب هو رواية زرارة ومتنها
مغاير للموجود هنا، انظر التهذيب: ح 29 ج 5 ص 325.
(2) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب كفارات الاحرام ح 1 و 3 ج 9 ص 274 و 275.
(3) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في كفارات الاحرام ج 2 ص 357، 357، ومدارك الأحكام: كتاب
الحج في محرمات الاحرام ج 7 ص 313.
(4) الكافي: كتاب الحج باب المحرم يقبل امرأته وينظر إليها بشهوة أو غير شهوة ح 2 ج 4 ص 375.
295

شهوة فلا شئ عليه (1). إلى غير ذلك من النصوص المتقدم بعضها أيضا،
وهي صريحة في الحكمين.
وعليه يحمل ما أطلق فيه المنع من الأخبار حمل المطلق على المقيد، مع
كونه الغالب، فيحمل عليه أيضا ما أطلق فيه من الفتاوى المحكية عن جمل
العلم والعمل (2) والسرائر (3) والكافي (4)، ويحتمله الكتاب فيما عدا النظر.
ولا فرق في حرمة الشهادة على العقد بين كونه لمحل أو محرم، كما صرح
به جمع (5). لاطلاق المرسل: المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يشهد (6).
وصريح آخر في الأول في المحرم يشهد على نكاح محلين، قال: لا يشهد (7).
وبفحواه يستدل على الثاني.
وضعف السند مجبور بالعمل، بل الاجماع كما مر.
والشهادة: هو الحضور لغة، فيحتمل حرمته وإن لم يحضر للشهادة
عليه، كما عن الجامع (8)، ولم يذكر الماتن حرمة إقامة الشهادة عليه هنا.
مع أنه ذكرها في الشرائع (9) تبعا للمبسوط (10) والسرائر (11)، وعزيت إلى

(1) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب كفارات الاستمتاع ح 3 ج 9 ص 274.
(2) جمل العلم والعمل (ضمن رسائل السيد المرتضى): كتاب الحج المجموعة الثالثة ص 70.
(3) السرائر: كتاب الحج فيما يلزم المحرم على جناياته ج 1 ص 552.
(4) الكافي في الفقه: - كتاب الحج فيما يجتنبه المحرم ص 203.
(5) النهاية ونكتها: كتاب الحج في محرمات الاحرام ومكروهاته ج 1 ص 479، والمنتهى: كتاب
الحج في تحريم الاستمتاع ج 2 ص 809 س 11.
(6) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب تروك الاحرام ح 7 ج 9 ص 90.
(7) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب تروك الاحرام ح 5 ج 9 ص 89.
(8) الجامع للشرائع: كتاب الحج في محرمات الاحرام ص 184.
(9) شرائع الاسلام: كتاب الحج في المحظورات ج 1 ص 295.
(10) المبسوط: كتاب الحج فيما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 311.
(11) السرائر: كتاب الحج فما يجب على المحرم اجتنابه وما لا يجب ج 1 ص 547.
296

المشهور.
واستشكل فيها في القواعد (1)، ولعله من احتمال دخولها في عموم،
الشهادة المنهية في الخبرين والفتاوى، ومن عموم أدلة النهي عن الكتمان،
وتوقف ثبوت النكاح شرعا عليها، ووقوع مفاسد عظيمة إن لم يثبت
بخلاف إيقاعه، إذ لا يتوقف عليه عندنا.
قيل: ولأنها أخبار لا إنشاء والخبر إذا صدق ولم يستلزم ضررا لم يحسن
تحريمه، ولأنها أولى بالإباحة من الرجعة فإنها إيجاد النكاح في الخارج،
وإقامة الشهادة إيجاد له في الذهن (2).
ولعل هذا أولى، لقوة أدلته، مضافا إلى الأصل، وعدم ثبوت المنع
باحتمال الدخول في الخبرين، مضافا إلى ضعفهما، وعدم وضوح جابر معتد
به لهما هنا.
وبالجواز مع ترتب الضرر على تركها قطع بعض الأصحاب (3). والمنع
على القول به ثابت مطلقا ولو تحملها محلا على الأشهر، كما قيل (4).
خلافا للشيخ فيما إذا تحملها محلا (5)، وللتذكرة فخصه بما إذا وقع بين
محرمين أو محرم ومحل (6).
(و) منها (الاستمناء) باليد أو التخيل أو الملاعبة، بلا خلاف على
الظاهر المصرح به في بعض العبائر، للصحاح المستفيضة، المتقدم إلى بعضها

(1) قواعد الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 81 س 16.
(2) إيضاح الفوائد: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 292.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 7 ص 312.
(4) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج في حرمة النساء على الرجال ج 1 ص 327.
(5) المبسوط: كتاب الحج فيما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 317.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 343 س 10.
297

قريبا الإشارة، ويأتي آخر منها في بحث الكفارة إن شاء الله تعالى.
(و) منها (الطيب) بلا خلاف فيه في الجملة، على الظاهر المصرح
به في عبائر جماعة (1)، للصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة.
ولكن اختلفوا - كالنصوص - في عموم تحريمه أو تخصيصه بما يأتي،
والأكثر فتوى ونصا على الأول.
(وقيل: لا يحرم) منه (إلا أربع المسك والعنبر والزعفران
والورس) والقائل الصدوق في المقنع (2) في نقل، وابن سعيد (3) كما قيل،
والشيخ في التهذيب، للصحيح: إنها يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء،
وعدها كما في العبارة (4).
وفي آخر: الطيب المسك وعدها إلى آخرها (5).
ونحوه ثالث، لكن مبدلا فيه الورس بالعود (6).
وفيه: وخلوق الكعبة لا بأس به (7).
والظاهر أن المراد من هذه الأخبار حصر الطيب الذي يحرم على المحرم،
كما يدل عليه الزيادة في الأخير.
وبها وبنحوها يقيد ما عمم فيه الطيب، أو أطلق، أو يحمل على
الاستحباب، كما يفصح عنهما نحو الصحيح الأول، حيث تضمن صدره

(1) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج في حرمة النساء على الرجال ج 1 ص 327.
(2) المقنع: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 73.
(3) الجامع للشرائع: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 183.
(4) تهذيب الأحكام: باب ما يجب على المحرم اجتنابه في احرامه ح 11 ج 5 ص 299.
(5) تهذيب الأحكام: باب ما يجب على المحرم اجتنابه في احرامه ح 13 ج 5 ص 299.
(6) تهذيب الأحكام: باب ما يجب على المحرم اجتنابه في احرامه ح 12 ج 5 ص 299.
(7) تهذيب الأحكام: باب ما يجب على المحرم اجتنابه في احرامه ح 14 ج 5 ص 299.
298

المنع عنه بالعموم بقوله: (لا تمس شيئا من الطيب وأنت محرم ولا من
الدهن واتق الطيب وامسك على نفسك من الريح الطيبة ولا تمسك عليها
من الريح المنتنة (1).
وقال بعده: فإنه لا ينبغي للمحرم أن يتلذذ بريح طيبة - إلى أن قال -:
وإنما يحرم عليك.
فهذا القول في غاية القوة لولا ما سيأتي، مع ندوره، ورجوع الشيخ عنه
إلى العموم، كما حكي عنه في المبسوط (2).
(وأضاف) الشيخ (في الخلاف، إلى الأربعة (الكافور والعود)
ناقلا الاجماع على نفي الكفارة فيما عدا السنة (3)، ونحوه من غير نقل الاجماع
النهاية (4)، وابن حمزة في الوسيلة (5)، وابن زهرة في الغنية، لكنه أسقط
الورس من الستة، نافيا الخلاف عن الخمسة الباقية (6).
وحكي الحصر فيها عن الجمل والعقود (7) والمهذب (8) والاصباح (9)
والإشارة (10).

(1) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 5 ج 9 ص 94.
(2) المبسوط: كتاب الحج فيما يلزم المحرم من الكفارة بما يفعله ج 1 ص 352.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 88 في شم الرياحين ج 2 ص 352.
(4) النهاية ونكتها: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 1 ص 476.
(5) الوسيلة: كتاب الحج في موجبات الكفارة ص 162.
(6) غنية النزوع (ضمن الجوامع الفقهية): كتاب الحج في تروك الاحرام ص 513 س 16.
(7) الجمل والعقود: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 135.
(8) المهذب: كتاب الحج فيما ينبغي للمحرم اجتنابه ج 1 ص 220.
(9) نقله عنه في كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 325 س 29.
(10) إشارة السبق (ضمن الجوامع الفقهية): كتاب الحج في تروك الاحرام ص 128 س 23.
299

وهو ضعيف في الغاية، لوجود أخبار صحيحة بالورس، وهي أرجح من
أخبار العود من وجوه وإن كان لا بأس بإضافته وإضافة الكافور، للاجماع
المنقول في الغنية فيهما (1).
مضافا في الكافور إلى فحوى ما دل على منع الميت المحرم منه فالحي
أولى.
وفي العود إلى ما ورد فيه من النصوص، ولا ينافيها، ولا ما دل على
إضافة الكافور الحصر في باقي الأخبار في الأربعة التي ليسا منها، لقوة
احتمال كونه لقلة استعمال الأحياء للكافور. وجواز كون ترك العود
لاختصاصه غالبا بالتجمير، مع ورود الأخبار الحاصرة فيما عداه فيما يستعمل
بنفسه.
ومما ذكرنا ظهر قوة ما في الخلاف (2)، وإن كان الأحوط المصير إلى ما
عليه أكثر الأصحاب سيما مع احتمال تطرق الوهن إلى الصحيح، الذي هو
الأصل في التخصيص بتضمنه في الكفارة ما هو خلاف المجمع عليه بين
الطائفة فتوى ورواية.
ولزوم صرف الحصر عن ظاهره كما مر، بالإضافة إلى الكافور، والورس
أو العود يجعله إضافيا، أي بالنسبة إلى ما يستعمله الأحياء بنفسه لا تجميرا.
وهو ليس بأولى من إبقاء العموم على حاله، وحمله على ما هو أغلظ
تحريما، كما فعله جماعة من أصحابنا (3)، بل لعله أولى وإن كان التخصيص
بالترجيح أحرى من المجاز حيثما تعارضا، فإن ذلك حيث لا يلزم إلا

(1) غنية النزوع (ضمن الجوامع الفقهية): كتاب الحج في تروك الاحرام ص 513 س 16.
(2) الخلاف: كتاب الحج م 88 في شم الرياحين ج 2 ص 352.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 7 ص 322.
300

أحدهما.
وأما إذا لزم المجاز على كل تقدير فلا ريب إن اختيار فرد منه يجامع
العموم أولى من الذي يلزم معه التخصيص أيضا كما لا يخفى.
مضافا إلى أولويته هنا بالشهرة العظيمة بين أصحابنا.
وبها يوهن إجماع الخلاف (1) على نفي الكفارة فيما عدا السنة، فلا يصلح
أيضا مخصصا، لعموم الأدلة.
(و) منها (لبس المخيط للرجال) بلا خلاف، كما عن الغنية (2) وفي
التحرير (3) والتنقيح (4) وموضع من المنتهى (5)، وظاهره نفيه بين العلماء
مؤذنا بإجماعهم كافة، كما صرح به في موضع آخر منه، والتذكرة (6)،
للصحاح المستفيضة.
منها: لا تلبس وأنت تريد الاحرام ثوبا تزره ولا تدرعه، ولا تلبس
سراويل إلا أن لا يكون لك إزار، ولا الخفين إلا أن لا يكون لك
نعلان (7). وفي معناه غيره (8).
لكن ليس فيها إلا النهي عن القميص والقبا والسراويل والثوب المزرد
والمدرع، لا مطلق المخيط.

(1) الخلاف: كتاب الحج م 88 في شم الرياحين ج 2 ص 302.
(2) غنية النزوع (ضمن الجوامع الفقهية): كتاب الحج في تروك الاحرام ص 513 س 9.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في التروك الواجبة في الاحرام ج 1 ص 114 س 1.
(4) تنقيح الرائع: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 469.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 781 س 31.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 332 س 28.
(7) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 115.
(8) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 115.
301

وعن التذكرة أنه قال: والحق أهل العلم بما نص به النبي - صلى الله
عليه وآله - ما في معناه، فالجبة والدراعة وشبههما ملحق بالقميص، والتبان
والران وشبههما ملحق بالسراويل والقلنسوة وشبههما مساو للبرنس،
والساعدان والقفازان وشبههما مساو للخفين.
قال: إذا عرفت هذا فيحرم لبس المخيط وغيرها إذا شابهها، كالدرع
المنسوج والمعقود كجبة الملبد، والملصق بعضه ببعض حملا على المخيط،
لمشابهته إياه في المعنى من الترفه والتنعم (1)، انتهى. وفيه نظر.
والأولى الاستدلال عليه بعموم النص، إذ ليس فيه اشتراط الخياطة إلا
فيما له أزرار، إلا أن يمنع انصرافه بحكم التبادر والغلبة إلى غير المخيط فيرجع
فيه - لولا الاجماع على الالحاق - إلى حكم الأصل، وهو عدم المنع.
وفي الدروس: يجب ترك المخيط على الرجال وإن قلت الخياطة في ظاهر
كلام الأصحاب، ولا يشترط الإحاطة، ويظهر من كلام الإسكافي
اشتراطها، حيث قيده بالضام للبدن، فعلى الأول يحرم التوشح بالخيط
والتدثر (2)، انتهى.
ولا يتم الاستدلال على ما يظهر من كلام الأصحاب بالمنع مما له
أزرار، لجواز كونه للضم، كما يستفاد من الصحيح في الطيلسان المزرر،
وإنما كره ذلك مخافة أن يزرره الجاهل، فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه (3).
وفي آخر: يلبس كل ثوب إلا ثوبا يتدرعه.
(وفي) جواز (لبس النساء قولان، أصحهما الجواز) وفاقا لأكثر

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 332 س 31.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 99 في تروك الاحرام ج 1 ص 376.
(3) وسائل الشيعة: ب 36 من أبواب تروك الاحرام ح 2 و 3 ج 9 ص 116.
302

الأصحاب، بل عامتهم، عدا النادر على الظاهر المصرح به في كلام
جماعة (1)، مشعرين بدعوى الاجماع، كما في صريح السرائر (2) والمنتهى (3)
والتذكرة (4) وعن المختلف (5) والتنقيح (6)، بل ظاهر ما عدا الأخيرين كونه
مجمعا عليه بين العلماء. وهو الحجة؟ مضافا إلى الأصل.
مع اختصاص الأدلة المانعة فتوى ورواية بالرجل خاصة دون المرأة،
والمعتبرة بها مع ذلك مستفيضة، وفيها الصحاح.
منها: المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير والقفازين (7).
خلافا للنهاية، فمنع عما عدا السراويل والغلالة (8).
وحجته - مع شذوذه ورجوعه عنه في المبسوط (9)، بل وعدم وضوح
عبارته في الكتاب في المنع على بعض النسخ - غير واضحة. عدا ما قيل له،
من عموم المحرم في خبر النهي لهن، والخطاب لكل من يصلح.
وهو ممنوع، لاختصاص الخطاب حقيقة بالذكر، والتغليب مجاز،
والقرينة مفقودة، بل على الجواز - كما عرفت - موجودة.
نعم لا بأس بالمنع عن القفازين للنصوص.

(1) النهاية ونكتها: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 1 ص 475.
(2) السرائر: كتاب الحج فيما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 544.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 783 س 12.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 333 س 12.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 267 س 1.
(6) تنقيح الرائع: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 469.
(7) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب الاحرام ح 9 ج 9 ص 43.
(8) النهاية ونكتها: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 1 ص 476.
(9) المبسوط: كتاب الحج في أحكام النساء في الحج ج 1 ص 331.
303

منها - زيادة على ما مر خبران آخران، مجبور ضعف سندهما بالاجماع،
المحكي في صريح الخلاف (1) والغنية (2)، وعن ظاهر المنتهى (3)
والتذكرة (4).
خلافا لبعض متأخري المتأخرين (5) فاحتمل الإباحة.
قال: لأنهما على أحد التفسيرين داخلان في جنس الثياب، وقد دل
الدليل على جواز لبسها، وعلى الآخر داخلان في جنس الحلي، فيتحد
حكمهما معه، وهو جواز اللبس لغير زينة.
وأشار بالتفسير الأول إلى ما في السرائر (6) ومجمع البحرين (7) وحكي
عن الصحاح (8) والمنتهى (9) والتذكرة (10)، من أنهما شئ يعمل لليدين،
يحتشي بقطن، ويكون له أزرار تزر على الساعدين، تتوقى بهما من البرد
وتلبسه المرأة في يديها.
وبالثاني إلى ما حكاه، والأول عن القاموس (11)، من أنهما ضرب من
الحلي لليدين أو الرجلين، ونحوه عن جماعة (12) من أهل اللغة.

(1) الخلاف: كتاب الحج م 73 في عدم جواز لبس المرأة للقفازين ج 2 ص 294.
(2) غنية النزوع (ضمن الجوامع الفقهية): كتاب الحج في تروك الاحرام ص 513 س 10.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 783 س 15.
(4) تذكر ة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 333 س 12.
(5) الظاهر أنه هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام 7 ص 332.
(6) السرائر: كتاب الحج فيما يجب على المحرم اجتنابه وما لا يجب ج 1 ص 544.
(7) مجمع البحرين: ج 4 ص 31 مادة - قفز -.
(8) الصحاح: ج 3 ص 892 مادة - قفز -.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 783 س 16.
(10) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 333 س 14.
(11) القاموس المحيط: ج 2 ص 187 مادة - قفز -.
(12) معجم مقاييس اللغة: ج 5 ص 115 مادة - قفز -.
304

وفيه: أن ما ذكره من أدلة الجواز على التقديرين عامة والمانعة خاصة،
فلتكن عليها مقدمة. والجمع بالكراهة مرجوح، بالإضافة إلى التخصيص،
كما مر غير مرة.
ولفظ الكراهة بدل النهي في بعض الأخبار لا يصلح قرينة عليها بالمعنى
المصطلح، لكونه في الأخبار أعم منها ومن الحرمة، والعام ليس فيه على
الخاص دلالة.
هذا مع قطع النظر عن الاجماعات المنقولة، وإلا فهي على المنع
وترجيحه أقوى حجة.
(ولا بأس بالغلالة) بكسر الغين المعجمة، وهي ثوب رقيق تلبس
تحت الثياب (للحائض تتقي بها) من الدم (على القولين) أي حتى
قول الشيخ في النهاية، فإنه مع منعه عن لبس المخيط لهن، قال: ويجوز
للحائض أن تلبس تحت ثيابها غلالة تقي ثيابها من النجاسات (1).
وبالاجماع الظاهر من العبارة صرح به الفاضلان في الشرائع (2)
والمنتهى (3) والتذكرة (4) وغيرهما، والأصل فيه بعده، وبعد الأصل
والعمومات المتقدمة خصوص الصحيح: تلبس المرأة الحائض تحت ثيابها
غلالة (5).
(و) يجوز أن (يلبس الرجل السروال إذا لم يجد إزارا) بغير
خلاف أجده، وبه صرح في الذخيرة مشعرا بدعوى الاجماع عليه (6)، كما

(1) النهاية: كتاب الحج باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص 218.
(2) شرائع الاسلام: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 1 ص 249.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 783 س 13.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 333 س 13.
(5) وسائل الشيعة: ب 52 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 135.
(6) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 588 س 3.
305

عن ظاهر المنتهى (1) وصريح التذكرة (2) ففيها بإجماع العلماء، وفي الأول
لا نعلم فيه خلافا، للصحيحين.
وليس فيه والحال في هذه فدية، على ما صرح به جماعة، ومنهم الفاضل
في التحرير أيضا (3)، وفي المنتهى (4) والتذكرة (5) وفيها عند علمائنا، وفي
الأول اتفق عليه العلماء إلا مالكا وأبا حنيفة.
قيل: فإن ثبت الاجماع، وإلا عمه دليل الوجوب الآتي في بحث
الكفارة، وفي الغنية وعن الاصباح أنه عند قوم من أصحابنا لا يلبس حتى
يفتق ويجعل كالمئزر وأنه أحوط، وفي الخلاف لا يلزمه الفتق، للأصل وخلو
النص (6). وهو حسن.
مع أنه على اعتبار الفتق يخرج من الخيط، ولا يتقيد بالضرورة.
(ولا بأس بلبس الطيلسان وإن كان له أزرار) (و) لكن
(لا يزره عليه) كما في الصحاح.
وإطلاقها يشمل حالتي الضرورة والاختيار، وهو ظاهر الكتاب
والشرائع (7) والقواعد (8) والتحرير (9) والدروس (10)، والمحكي عن النهاية

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 782 س 8.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 332 س 34.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 114 س 2.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 782 س 10.
(5) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 332 س 36.
(6) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 330 س 14.
(7) شرائع الاسلام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 250.
(8) قواعد الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 424.
(9) تحرير الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 114.
(10) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 99 في تروك الاحرام ج 1 ص 376.
306

والمقنع والمبسوط والتذكرة (1).
خلافا لظاهر الارشاد فخصه بالضرورة (2)، وهو كما قيل شاذ (3)،
ودليله غير معروف.
وهو كما في مجمع البحرين واحد الطيالسة، وهو ثوب محيط بالبدن
ينسج للبس، خال عن التفصيل والخياطة، وهو من لباس العجم، والهاء
في الجمع للعجمة، لأنه فارسي معرب تالشان (4). ونحوه عن شيخنا الشهيد
الثاني (5)، وعن المطرزي أنه من لباس العجم مدور أسود (6).
(و) منها (لبس ما يستر ظهر القدم، كالخفين والنعل السندي)
فيما قطع به المتأخرون، على الظاهر المصرح به في الذخيرة (7)، بل في
المدارك الأصحاب كافة (8)، ونقل عنه الخلاف في الغنية (9)، مؤذنا بدعوى
إجماع العلماء كافة، للمعتبرة المستفيضة، وفيها الصحاح.
منها: ولا خفين إلا أن لا يكون لك نعلان (10).
ومنها: أي محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفين

(1) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 330 س 17.
(2) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 323.
(3) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 367 ج 1 ص 331.
(4) مجمع البحرين: مادة طيلس ج 4 ص 82.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 110 س 1.
(6) لا يوجد عندنا كتابه ونقله عنه في كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 330
(7) س 22.
(8) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 594 س 14.
(9) مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 337.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في تروك الاحرام ص 513 س 10.
(11) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 114.
307

إذا اضطر إلى ذلك، والجوربين يلبسهما إذا اضطر إلى لبسهما (1).
ومنها: عن المحرم يلبس الجوربين، قال: نعم والخفين إذا اضطر
إليهما (2).
لكنها مختصة بالخف والجورب.
قيل: وعليهما اقتصر في المقنع والتهذيب، وعلى الخف في النهاية، وعليه
وعلى الشمشك في المبسوط والخلاف والجامع، ولم يتعرض لشئ من ذلك
في المصباح ومختصره، ولا في الكافي، ولا في جمل العلم والعمل، ولا في
المقنعة، ولا في المراسم، ولا في الغنية (3).
والظاهر كفاية نفي الخلاف في الغنية مع سابقيه، الذين أقلهما الشهرة
العظيمة في التعدية.
ويحتمل قويا خروج الخف والجورب في الفتوى والنص على مجرى
الغالب.
ولا يحرم إلا ستر ظهر القدم بتمامه باللبس، لا ستر بعضه، ولا الستر
بغير اللبس، كالجلوس، وإلقاء طرف الإزار، والجعل تحت الثوب عند
النوم وغيره، كل ذلك للأصل، والخروج عن مورد الفتوى والنص، وهو
نص جمع، بل قيل: عندنا (4)، مشعرا بدعوى إجماعنا.
ومن ذلك يظهر قوة اختصاص المنع بالرجل دون المرأة، كما هو خيرة
جماعة، ومنهم الشهيد ناقلا له عن العماني (5).

(1) وسائل الشيعة: ب 51 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 134.
(2) وسائل الشيعة: ب 51 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 134.
(3) كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 330 س 25.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 330 س 27.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 100 في تروك الاحرام ج 1 ص 377.
308

مؤيدا بالصحيح: تلبس ما شاءت من الثياب (1) إن دخل نحو الخف
فيها. والنصوص بأن إحرامها في وجهها (2).
(وإن اضطر) إلى البس (جاز) إجماعا كما في السرائر (3)
والمختلف (4)، وفي المنتهى لا نعلم فيه خلافا (5)، للأصل، والصحاح
السابقة.
مضافا إلى الخبر - بل الصحيح كما قيل (6) - في المحرم يلبس الخف إذا لم
يكن له نعل، قال: نعم، لكن يشق ظهر القدم (7). ونحوه آخر (8).
(و) لأجلهما (قيل: يشق عن) ظهر (القدم) والقائل الشيخ
وأتباعه كما قيل (9).
وظاهر المتن والتحرير التردد فيه (10)، ولعله لقصور سند الخبرين، بل
ضعف ثانيهما جدا. وقوة احتمال ورودهما مورد التقية، لموافقتهما لمذهب
أكثر العامة، ومنهم أبو حنيفة على ما في الخلاف (11) وغيره.
فلا يصلحان لتخصيص الأصل وإطلاق ما مر من الصحاح، سيما مع

(1) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب الاحرام ح 9 ج 9 ص 43.
(2) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 129.
(3) السرائر: كتاب الحج باب ما يجب على المحرم اجتنابه وما لا يجب ج 1 ص 543.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 270 س 4.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 782 س 3.
(6) القائل هو الفاضل السبزواري في ذخيرة المعاد: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 594 س 23.
(7) وسائل الشيعة: ب 51 من أبواب تروك الاحرام ح 5 ج 9 ص 135.
(8) وسائل الشيعة: ب 51 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 134.
(9) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 339.
(10) تحرير الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 114 س 4.
(11) الخلاف: كتاب الحج م 75 ج 2 ص 295.
309

ورودهما في مقام البيان.
فالأقوى عدم وجوب الشق، بل عدم جوازه، فإن فيه إتلافا للمال
المحترم. فتأمل.
وعليه جماعة من الأصحاب، ومنهم الحلي مدعيا الاجماع عليه (1)،
ويشعر به أيضا عبارة الشرائع (2).
وهل يجب الفدية؟ قيل: نعم (3)، وفي المسالك لا عند علمائنا، قال:
نص عليه في التذكرة (4).
(و) منها (الفسوق) بالكتاب والسنة والاجماع، وهو محرم على كل
حال.
وإنما عد من محرمات الاحرام، لخصوص نهي المحرم عنه في الثلاثة،
ولذا كان فيه أكد، كما ذكره جماعة.
(وهو الكذب) مطلقا، كما عليه الأكثر، بل لا خلاف فيه يظهر،
إلا من الغنية (5)، والمحكي عن المهذب والمصباح والإشارة (6)، حيث
خصوه بالكذب على الله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وآله - وأحد من الأئمة

(1) السرائر: كتاب الحج باب ما يجب على المحرم اجتنابه وما لا يجب ج 1 ص 543.
(2) شرائع الاسلام: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 1 ص 250.
(3) والقائل هو الفاضل الهندي في كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 330
س 35.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 110 س 13.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في تروك الاحرام ص 513 س 17.
(6) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 328 س 33، وفيه
بدل (المصباح) (الاصباح)، كما ذكره أيضا صاحب الجواهر ج 18 ص 356، وهو الصحيح
لأنه لم نعثر عليه في المصباح.
310

- عليهم السلام -، وعن الجمل والعقود بجعله الكذب على الله سبحانه
خاصة (1).
وحجتهم غير واضحة، عدا ظاهر دعوى الاجماع في الغنية (2)، وهو مع
وهنه بمصير معظم الأصحاب على خلافه، معارض بأجود منه، وهو المعتبرة
المستفيضة وإن اختلفت من وجه آخر، وهو الاقتصار على الكذب المطلق،
كما عليه جماعة، وهي النصوص المروية عن معاني الأخبار (3)، وتفسير
العياشي (4).
وعن التبيان ومجمع البيان وروض الجنان أنه رواية الأصحاب (5)،
مشعرين بدعوى الاجماع، فينجبر به ضعف السند، أو قصوره حيث كان،
أو زيادة السباب، كما في الصحيح (6)، وعليه المرتضى (7) والإسكافي (8)
وجماعة من المتأخرين.
ولكن جعل في رواية المعاني من جملة الجدال (9)، أو المفاخرة بدله كما
في آخر (10).

(1) الجمل والعقود: كتاب الحج في كيفية الاحرام ص 135.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في تروك الاحرام ص 513 س 17.
(3) معاني الأخبار: باب معنى الرفث والفسوق والجدال ص 294.
(4) تفسير العياشي: في تفسير آية الحج من سورة البقرة ح 256 ج 1 ص 95.
(5) التبيان: في تفسير آية 197 من سورة البقرة ج 2 ص 164، ومجمع البيان: في تفسير آية 197 من
سورة البقرة ج 1 - 2 ص 294، وروض الجنان: في تفسير آية 193 من سورة البقرة ج 1 ص 322.
(6) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 108.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى): كتاب الحج في ما يجتنبه المحرم ج 3 ص 65.
(8) كما في مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 270 س 30.
(9) معاني الأخبار: باب معنى الرفث والفسوق والجدال ص 294.
(10) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب تروك الاحرام ح 8 ج 9 ص 110.
311

وجمع بينهما في المختلف، بأن المفاخرة لا تنفك من السباب، لأنها إنما
تتم بذكر فضائل له، وسلبها عن خصمه، أو سلب رذائل عن نفسه،
وإثباتها لخصمه (1).
وفيه: أنها جعلت في الصحيح لراوي الأول مأمورا بها على حده، بعد
تفسير الفسوق بالكذب والسباب خاصة، مشعرا بالتغاير بينهما، والتفسير بها
خاصة، مع عدم ظهور قائله، وعدم معلوميته، وإن حكاه الشهيد في بعض
حواشيه، كما قيل (2).
ولا ريب في ضعفه. ونحوه في الضعف تفسيره بالكذب والبذاء واللفظ
القبيح، لجعل القبيح في الصحيح المزبور من جملة التفث لا الفسوق، بعد
أن فسر بالكذب والسباب خاصة (3).
وعن التبيان الأولى حمله على جميع المعاصي التي نهى المحرم عنها (4). قيل
وتبعه الراوندي (5).
ولا ثمرة معنوية هنا، بعد القطع بحرمة الجميع، وعدم وجوب الكفارة
فيه سوى الاستغفار، كما في الصحيح (6).
نعم ربما يظهر في نحو النذر، وإذا قلنا بإفساده الاحرام، كما عن
المفيد (7). ولكنهما نادران.

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 270 س 33.
(2) والقائل هو العلامة السبزواري في ذخيرة المعاد: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 593
س 28.
(3) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 101 في تروك الاحرام ج 1 ص 978.
(4) التبيان: في تفسير آية 193 من سورة البقرة ج 2 ص 164.
(5) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 328 س 34.
(6) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2 ج 9 ص 282.
(7) المقنعة: كتاب الحج ب 27 في ما يجب على المحرم اجتنابه ص 432.
312

وإن كان ربما يستأنس للمفيد بملاحظة الصحيح عن قول الله عز وجل
وأتموا الحج والعمرة، قال: إتمامهما أن لا رفث ولا فسوق ولا جدال في
الحج (1). ونحوه آخر (2). فتأمل.
(و) منها (الجدال) بالأدلة الثلاثة المتقدمة (وهو) قول لا والله
وبلى والله خاصة عند الأكثر، وفي الغنية الاجماع عليه (3).
ولكن يحتمل رجوعه إلى تفسير الجدال بالخصومة، الموكدة باليمين بمثل
الصيغتين لا إليهما، ونقل عن المرتضى الاجماع عليه أيضا (4).
وبمثل ذلك يمكن الجواب عن الصحاح المستفيضة وغيرها، المفسرة
للجدال بهما بإرادة الرد بذلك، على من جعل الجدال مطلق الخصومة،
لا الخصومة الموكدة باليمين ولو مطلقها.
وربما يستفاد ذلك من الصحيح عن المحرم يريد العمل فيقول له صاحبه
والله لا تعطه، فيقول: والله لا عملته، فيخالفه مرارا يلزم ما يلزم الجدال؟
قال: لا إنما أراد بهذا إكرام أخيه، إنما كان ذلك ما كان فيه معصية (5).
فإن تعليل نفي الجدال بذلك دون فقد الصيغتين أوضح شاهد على أنه
لولا إرادة الاكرام لثبت الجدال بمطلق والله، كما هو فرض السؤال.
وعلى هذا فيقوى القول بأنه مطلق (الحلف) بالله تعالى وما يسمى
يمينا، كما عليه الماتن هنا والشهيد في الدروس (6)، وفاقا للانتصار وجمل

(1) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب تروك الاحرام ح 6 ج 9 ص 110.
(2) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 108.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في تروك الاحرام ص 513 س 17.
(4) والناقل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 328 س 39.
(5) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب تروك الاحرام ح 7 ج 9 ص 110.
(6) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 101 في تروك الاحرام ج 1 ص 386 - 387.
313

العلم والعمل على ما نقل (1).
وأما الاستدلال لهذا القول بالصحيح: إذا حلف الرجل بثلاثة أيمان
ولاء في مقام واحد وهو محرم فقد جادل، وعليه دم يهريقه، ويتصدق به،
وإذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل، وعليه دم يهريقه، ويتصدق
به (2).
ففيه أنه مطلق يحتمل التقييد بما في الصحاح، وإنما أطلق لأن المقصود
فيه بيان ما يوجب الكفارة منها، والفصل بين الصادقة والكاذبة، بل
الأجود الاستدلال بما عرفته من الصحيح.
وربما يستأنس به لما يحكى عن الإسكافي من العفو عن اليمين في طاعة
الله تعالى، وصلة الرحم ما لم يدأب في ذلك (3)، وحكاه في الدروس عن
الفاضل والجعفي (4). ولا بأس به.
وفي جواز دفع الدعوى الكاذبة بالصيغتين، أو الحلف مطلقا؟ قول
قوي، وفاقا للشهيدين وغيرهما من المتأخرين (5)، عملا بأدلة نفي الضرر،
حملا لعموم الآية والأخبار على صورتي الاختيار دون الاضطرار.
وعلى الجواز ففي سقوط الكفارة أو ثبوتها؟ إشكال، والأول لعله أقوى،

(1) والناقل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 329 س 1.
(2) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 5 ج 9 ص 281.
(3) والحاكي هو العلامة في مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 271 س 7.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 101 في تروك الاحرام ج 1 ص 387.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 101 في تروك الاحرام ج 1 ص 387، واللمعة الدمشقية
والروضة البهية: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 240، ومدارك الأحكام: كتاب الحج
في تروك الاحرام ج 7 ص 342.
314

وفاقا للشهيدين (1) وسبط ثانيهما (2).
(و) منها: (قتل هوام الجسد) بالتشديد جمع هامة، وهي دوابة
كالقمل. والمنع عن قتلها مطلقا - في الثوب كانت أو في البدن - مشهور بين
الأصحاب، كما صرح به جمع (3).
للصحيح: يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة (4).
وقريب منه آخر: إذا أحرمت فاتق قتل الدواب كلها، إلا الأفعى
والعقرب والفأرة (5).
وهما وإن لم ينصا على العنوان، إلا أنه داخل في عمومهما، ولم أعرف
عليه نصا بالخصوص.
فالتعبير بما فيهما - كما عن جماعة من القدماء (6) - أولى، وعن الأكثر
التنصيص على خصوص القمل، لورود النصوص الكثيرة المتضمنة للصحاح
وغيرها فيها بالخصوص (7).
إلا أن الصريح منها في حرمة قتله للتعبير فيه عنها - بعد أن سئل عنه -
ببئس ما صنع (8)، ضعيف السند، معارض بالصحيح في محرم قتل قملة

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 101 في تروك الاحرام ج 1 ص 387، والروضة البهية:
كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 240.
(2) مدارك الاحرام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 342.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 343، وذخيرة المعاد: كتاب الحج في
تروك الاحرام ص 593 س 42، والحدائق الناضرة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 15 ص 505.
(4) وسائل الشيعة: ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 163.
(5) وسائل الشيعة: ب 81 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 166.
(6) المقنع: كتاب الحج ص 77، النهاية ونكتها: كتاب الحج في محرمات الاحرام... ج 1 ص 476.
(7) وسائل الشيعة: ب 78 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 162.
(8) وسائل الشيعة: ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 162.
315

قال: لا شئ عليه في القملة، ولا ينبغي أن يتعمد قتلها (1).
ولفظة (لا ينبغي) وعموم (الشئ) المنفي وشموله للعقاب ظاهران في
عدم التحريم.
ونحوه في العموم الصحيح: لا بأس بقتل القمل في الحرم وغيره (2).
والمرسل: لا بأس بقتل البرغوث والقملة والبقة في الحرم (3).
وهما يعمان المحرم وغيره، وما عداه من الصحاح لم تنص بتحريم
القتل، بل هي ما بين مانعة عن النزع وعن الالقاء، وموجبة للكفارة بهما.
وهما غير المدعى وإن قيل: يستفاد من الأول بطريق أولى (4)، لعدم
وضوحه، سيما وقد حكي عن ابن حمزة أنه حكم بحرمة الالقاء وجواز القتل
على البدن، وعن جماعة من القدماء أنه لم يذكروا إلا الإزالة عن نفسه
والالقاء دون قتله (5).
وعلى تقدير وضوحه، يعارض ما دل منها على حرمة الالقاء بما دل من
الصحاح المتقدمة وغيرها على جواز قتله، لاستلزامه جواز الالقاء بطريق
أولى. مضافا إلى صريح بعض الأخبار: عن المحرم يلقي القملة، فقال:
ألقوها، أبعدها الله تعالى غير محمودة ولا مفقودة (6).
وما دل منها على وجوب الكفارة (7) بمثلها مما دل على عدم وجوبها.

(1) وسائل الشيعة: ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 162.
(2) وسائل الشيعة: ب 84 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 171.
(3) وسائل الشيعة: ب 79 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 171.
(4) والقائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 329 س 12.
(5) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 329 س 14 و 20.
(6) وسائل الشيعة: ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 6 ج 9 ص 163.
(7) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب بقية كفارات الاحرام ج 9 ص 297.
316

والجمع بينها يقتضي استحبابها، كما عليه جماعة من المحققين (1).
وبالجملة: التمسك بهذه النصوص لاثبات حرمة قتل القملة فضلا عن
غيرها من هوام الجسد لا وجه له.
سيما والأخبار المجوزة مع موافقتها للأصل مخالفة للعامة، كما قيل (2)،
بخلاف المانعة، بل العمدة في إثبات الحرمة ما قدمناه من الصحيحين.
مع إمكان التأمل في ثانيهما، بظهور الاستثناء فيه في كون الدواب
الممنوع عن قتلها من قبيل المستثنى، كما صرح به بعض المحدثين (3).
ويعضده ورود النصوص بالرخصة في قتل البق والبرغوث (4)، وكون
المتبادر من الدابة في أولهما خصوص القملة لا غير.
فيعارضه أيضا ما دل على جواز قتلها، ولذا صرح بعض المحدثين
بالكراهة في القملة قتلا وإلقاء (5)، بل وغيرها، لكن فيها أشد كراهة.
ولا يخلو عن قوة لولا اتفاق الأصحاب ظاهرا على حرمة إلقاء القملة،
وعن ابن زهرة: أنه نقل الخلاف عنه في الغنية (6).
وأما قتلها فهو وإن قال به ابن حمزة، لكنه شرط وقوعه على البدن
لا مطلقا، كما هو ظاهر الأخبار المجوزة.
فهي إذا شاذة، لا عامل بها، وبشذوذ قول ابن حمزة أيضا قد صرح
بعض أصحابنا (7).

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام الصيد ج 8 ص 349، وذخيرة المعاد: كتاب الحج في
الكفرات ص 609 س 14.
(2) القائل هو صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في الكفارات ج 15 ص 250.
(3) لم نعثر عليه.
(4) وسائل الشيعة: ب 79 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 164.
(5) لعله المحدث الكاشاني في مفاتيح الشرائع.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في تروك الاحرام ص 513 س 23 - 24.
(7) وهو صاحب مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 380 في تروك الاحرام ج 1 ص 340.
317

وحينئذ، فيتعين في القملة القول بالحرمة قتلا وإلقاء، ويشكل في
غيرها من سائر هوام الجسد، خصوصا الالقاء، بل الظاهر جوازه، لما
سيأتي من النص الصحيح بجوازه عموما في الدواب، وخصوصا في بعضها.
وأما القتل فالأحوط التجنب عنه.
(ويجوز نقله) من مكان إلى آخر من الجسد بلا خلاف، للصحيح:
المحرم يلقي عنه الدواب كلها، إلا القملة فإنها من جسده، فإذا أراد أن
يحوله من مكان إلى مكان فلا يضره (1).
وإطلاقه كالفتوى يقتضي عدم اشتراط كون المنقول إليه مساويا أو
أحرز.
فالقول به - كما يحكى عن بعضهم (2) - تقييد للنص من غير وجه، إلا
أن يريد به عدم كونه معرضا للسقوط قطعا أو غالبا، فلا بأس به، فإنه في
معنى الالقاء.
(ولا بأس بإلقاء القراد والحلم) بفتح الحاء واللام جمع حلمة
كذلك.
وهي القراد العظيم كما عن الجوهري (3)، بلا خلاف إذا كان عن
نفسه، للصحيح الآتي. وكذا عن بعيره في القراد.
وفي الحلمة عنه قولان، أجودهما المنع، وفاقا للتهذيب (4) وجمع
للصحيحين وغيرهما (5) المصرحة بالفرق بينها وبين القراد في حقه.

(1) وسائل الشيعة: ب 78 من أبواب تروك الاحرام ح 5 ج 9 ص 163.
(2) مسالك الأفهام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 110 س 20، والحاكي هو صاحب
مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 344.
(3) الصحاح: ج 5 ص 1903.
(4) تهذيب الأحكام: كتاب الحج ب 25 في الكفارة عن الخطأ المحرم و... ج 5 ص 338.
(5) وسائل الشيعة: ب 80 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 165.
318

خلافا للمحكي عن الأكثر فالجواز (1)، ومستندهم غير واضح، عدا ما
يقال من الصحيح: أرأيت إن وجدت علي قرادا أو حلمة أطرحهما؟ قال:
نعم، وصغار لهما رقيا في غير مرقاهما (2).
وهو كما ترى، فإن مورده النفس، بل ظاهره التعليل يدل على المنع في
البعير. فتدبر.
وربما يستفاد منه المنع عن إلقاء كل ما يرقى في الجسد، من نحو
البرغوث، ولعله المراد من هوام الجسد من نحو المتن، فيتضح له المستند.
ولا يضر تخالف المتن والنص في الاطراح والقتل، لاحتمال التعدي من
أحدهما إلى الآخر بفحوى الخطاب، كما صرح به جمع.
ولكنه على تقدير وضوحه، معارض بصريح ما دل من النصوص على
جواز قتل المحرم البق والبرغوث.
منها - زيادة على ما مر الصحيح المروي في آخر السرائر: عن المحرم يقتل
البقة والبرغوث إذا أذاه، قال: نعم (3). ونحوه الخبر (4)، مبدلا فيه الشرط
ب‍ (إذ رآه) في نسخة وب‍ (إذا رآه) في أخرى.
وهو أحد القولين، وأجودهما، وفاقا لجماعة.
خلافا لآخرين، فالمنع، وهو أحوطهما.
(ويحرم) عليه (استعمال دهن فيه طيب) بلا خلاف ظاهر
ولا محكي، إلا عن الشيخ في الجمل فكرهه (5). وهو نادر، بل على خلافه

(1) والحاكي هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 344.
(2) وسائل الشيعة: ب 79 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 164.
(3) السرائر: في مستطرفات أحمد بن أبي نصر البزنطي ج 3 ص 559.
(4) وسائل الشيعة: ب 79 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 164.
(5) الجمل والعقود: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 136.
319

الاجماع في صريح التحرير (1)، وفي المنتهى أنه قول عامة أهل العلم، وتجب
به الفدية إجماعا (2).
وهو الحجة؟ مضافا إلى الأخبار المستفيضة عموما وخصوصا.
ففي الصحيح وغيره: لا تدهن حين تريد أن تحرم بدهن فيه مسك
ولا عنبر، من أجل أن رائحته تبقى في رأسك بعد ما تحرم، وادهن بما شئت
من الدهن حين تريد أن تحرم، فإذا أحرمت فقد حرم عليك الدهن حتى
تحل (3).
ومقتضاهما حرمة استعماله قبل الاحرام إذا كانت رائحته تبقى إلى وقت
الاحرام، وجواز الدهن بغير المطيب قبله، ولا خلاف في الثاني، بل عن
التذكرة والمنتهى الاجماع عليه (4).
والصحاح به مع ذلك مستفيضة، وليس في شئ منها اشتراط عدم
بقاء عينه بعد الاحرام، مع مخالفته الأصل.
وقيل: باشتراطه (5)، ولا وجه له.
نعم في الصحيح: لا بأس بأن يدهن الرجل قبل أن يغتسل للاحرام أو
بعده، وكان يكره الدهن الخاثر الذي يبقى (6).
ومراعاته أحوط، وإن كان في دلالته على التحريم نظر.

(1) تحرير الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 113 س 15.
منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 787 س 4.
(3) وسائل الشيعة: ب 29 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 104 و 10.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 787 س 33، وتذكرة الفقهاء: كتاب
الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 335 س 34.
لم نعثر عليه، ولكن نقله عن بعض في كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1
ص 327 س 26.
6) وسائل الشيعة: ب 30 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 106.
320

وأما الأول فعليه الأكثر، وبه أخبار أخر، بعضها أيضا صحيح
السند (1).
خلافا للمحكي عن ابن حمزة وجماعة فالكراهة (2)، للأصل، وإطلاق
جملة من الصحاح بجواز الادهان قبل الاحرام (3).
ويجب الخروج عنهما بما مر بحملهما على الادهان بما ليس بمطيب، أو
صورة عدم بقاء الأثر حمل المطلق على المقيد.
(ولا بأس ب‍) استعمال (ما ليس بطيب عند الضرورة (4))
بالنص، والاجماع الظاهر المصرح به في عبائر جماعة، وفيه بدونها خلاف.
وظاهر المتن المنع، وعليه الأكثر، وهو أظهر للصحيح المتقدم، ونحوه
آخر: لا تمس شيئا من الطيب، ولا من الدهن في إحرامك (5).
والمراد من المس فيه الادهان لا مطلقه، لجوازه في نحو الأكمل إجماعا،
كما في الروضة (6) وعن التذكرة (7)، وعن الخلاف (8) والدروس (9) نفي
الخلاف عنه.
خلافا للمحكي عن صريح المفيد (10) وظاهر جماعة فجوزوه على

(1) وسائل الشيعة: ب 29 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 104.
(2) الوسيلة: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 164، والخلاف: كتاب الحج 641 ج 2 ص 287.
(3) وسائل الشيعة: ب 30 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 105.
(4) في المتن المطبوع: مع الضرورة.
(5) وسائل الشيعة: ب 29 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 105.
(6) الروضة البهية: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 24.
(7) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 335 س 21.
(8) الخلاف: كتاب الحج م 90 ج 2 ص 303.
(9) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 99 في تروك الاحرام ج 1 ص 375.
(10) المقنعة: كتاب الحج ب 7 في صفة الاحرام ص 397.
321

كراهية، جمعا بين الأخبار المانعة والناصة على جواز الادهان بعد الغسل
قبل الاحرام، فإن الظاهر بقاؤه عليه إلى الاحرام، وتساوي الابتداء
والاستدامة، وفيهما منع.
وعلى تقديرهما، فالمانعة أوضح دلالة على المنع من هذه على الجواز.
وأما الاستدلال لهم بالأخبار المرخصة لاستعماله حال الضرورة (1)
فليس في محله، لخروجها عن مفروض المسألة.
(ويحرم) أيضا (إزالة الشعر قليله وكثيره) عن الرأس واللحية
وسائر البدن، بحلق أو نتف أو غيرهما، مع الاختيار بإجماع العلماء، كما
عن التذكرة والمنتهى (2)، وفي غيرهما إجماعا، للآية، والصحاح المستفيضة.
منها: من حلق أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ عليه،
ومن فعله متعمدا فعليه دم (3).
وقصورها عن إفادة تمام المدعى مجبور بفهم العلماء، والرواية ناصة بأنه
لا شئ على الجاهل والناسي، كما في الدروس، وفيه عن الفاضل أنه
أوجب الكفارة على الناسي في الحلق والقلم، لأن الاطلاق يتساوى فيه
العمد والخطأ كالمال.
قال: وهو بعيد لصحيحة زرارة - ثم ساق الرواية وقال بعدها -: ونقل
الشيخ الاجماع على عدم وجوب الفدية على الناسي، والقياس عندنا باطل،
خصوصا مع معارضته النص، انتهى (4). وهو جيد.

(1) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 157.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 338 س 11، ومنتهى المطلب: كتاب
الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 793 س 1.
(3) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1 ج 9 ص 291.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 101 في تروك الاحرام ج 1 ص 383.
322

(ولا بأس به مع الضرورة) كما لو آذاه القمل أو القروح أو نبت
الشعر في عينه أو نزل شعر حاجبه فغطى عينه أو احتاج إلى الحجامة المفتقرة
إلى الإزالة باجماع العلماء، كما في المدارك وغيره اجماعا (1)، للآية،
وللصحيح في سبب نزولها (2).
ولكن لا يسقط بشئ من ذلك الفدية، للنصوص (3)، إلا في الشعر
النابت في العين، والحاجب الذي طال فغطى العين ففي المنتهى والتحرير
والتذكرة أنه لا فدية فيهما، لأن الضرر بنفس الشعر فهو كالصيد
الصائل (4).
وفيه نظر، بل المتجه لزوم الفدية إذا كانت الإزالة بسبب المرض أو
الأذى الحاصل في الرأس، لاطلاق الآية (5)، دون ما عداه، لأن الضرورة
مسوغة للإزالة، والفدية بالأصل منتفية كذا في المدارك (6). وهو حسن.
وأما ما يقال عليه: من أن مورد الأخبار الوجبة لجواز الحلق مع
الضرورة إنما هو التضرر بالقمل أو بالصداع، كما في رواية المحصر، وعليه
يحمل إطلاق الآية، ويبقى ما عداه خارجا عن محل البحث (7).

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 351، وذخيرة المعاد: كتاب الحج في
تروك الاحرام ص 595 س 23.
(2) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 1 ج 9 ص 295.
(3) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب بقية كفارات الاحرام ج 9 ص 295.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 793 س 28 وتحرير الأحكام: كتاب
الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 114 س 26، وتذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام
ج 1 ص 338 س 33.
(5) البقرة: 196.
(6) مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 353.
(7) القائل هو صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في كفارات الاحرام ج 15 ص 518.
323

ففيه نظر، لأن أخصية المورد لا توجب تقييد المطلق، لعدم التعارض
بينهما بوجه.
نعم يمكن الجواب عن الاطلاق بعدم عموم فيه يشمل غير المورد، لعدم
انصرافه بحكم الغلبة إليه. فتدبر.
واعلم أن هذا وما سبقه أحد التروك المشار إليها في صدر البحث،
فالأولى عطفهما على ما سبقهما، وحذف يحرم فيهما، كما فعل في قوله:
(وتغطية الرأس للرجل دون المرأة) باجماع العلماء، كما عن المنتهى
والتذكرة (1)، وفي غيرهما بالاجماع (2)، والصحاح المستفيضة وغيرها من
المعتبرة.
ويستفاد من جملة منها عدم الفرق بين الكل والبعض، كما صرح به
ففي الصحيح: ترى أن استتر بطرف ثوبي؟ فقال - عليه السلام -: لا بأس
بذلك ما لم يصب رأسك (3).
وفيه: عن المحرم يجد البرد في أذنيه يغطيهما؟ قال: لا (4).
ويستفاد منه كون الأذنين يجب سترهما، وهو الأظهر، وفاقا لجمع،
ومنهم الفاضل في التحرير (5).

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 789 س 21، وتذكرة الفقهاء: كتاب
الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 336 س 24.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 353. (
(3) وسائل الشيعة: ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 152.
(4) وسائل الشيعة: ب 55 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 137.
(5) تحرير الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 114 س 12.
324

خلافا له في التذكرة والمنتهى فتردد في ذلك (1). ولا وجه له بعد ذلك.
ورخص في عصابتي القربة والصداع للصحيحين (2). قيل: وعمل بهما
الأصحاب (3).
وكذا ستره بيده وبعض أعضائه على الأظهر، وفاقا للمنتهى (4) وجمع،
للأصل، وما سيأتي من الصحيح على جواز الحك.
والصحيح: لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض (5).
أما الوجه فالأشهر الأظهر جواز تغطيته له اختيارا، للأصل والصحاح
المستفيضة.
منها: الرجل المحرم يريد أن ينام يغطي وجهه من الذباب، قال: نعم،
ولا يخمر رأسه (6).
مضافا إلى نقل الاجماع عليه عن الخلاف (7) والمنتهى (8) والتذكرة (9)،
خلافا للمحكي عن العماني فأوجب به اطعام مسكين في يده (10)،

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 337 س 2، ومنتهى المطلب: كتاب
الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 789 س 27.
(2) وسائل الشيعة، ب 57 و 70 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 4 ج 9 ص 140 و 156.
(3) والقائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 331 س 27.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 790 س 18.
(5) وسائل الشيعة: ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 152.
(6) وسائل الشيعة: ب 55 من أبواب تروك الاحرام ح 5 ج 9 ص 138.
(7) الخلاف: كتاب الحج م 81 ج 2 ص 298 - 299.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 790 س 22.
(9) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 337 س 6.
(10) والحاكي هو الشهيد الأول في الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 100 في تروك الاحرام
ج 1 ص 380.
325

للصحيح (1)، ووافقه في التهذيب على إيجاب الكفارة، لكن جوزه اختيارا
مع نيتها (3)
وحمل الكفارة على الاستحباب - كما عليه الأكثر لعله أولى، جمعا بين
النصوص، إذ لو وجبت لذكرت في مقام البيان في سائرها، فهي لذلك
ظاهرة في عدم الوجوب.
وللرجحان بالشهرة قدمت على الصحيح، ولولاها لكان الجمع بالوجوب
مقتضى الأصول، وهو مع ذلك أحوط.
(وفي معناه الارتماس) وإدخال الرأس في الماء - بالاجماع والصحاح -
دون غسله وإفاضة الماء عليه، فيجوز بالاجماع، كما عن صريح
التذكرة (3)، وظاهر المنتهى (4)، للصحاح.
منها: هل يحك رأسه أو يغتسل بالماء؟ فقال: يحك رأسه ما لم يتعمد
قتل دابة، ولا بأس بأن يغتسل بالماء ويصب على رأسه ما لم يكن ملبدا،
فإن كان ملبدا فلا يفيض على رأسه الماء، إلا من احتلام (5).
قيل: ومضمونه فتوى المقنع والدروس، قلت: ولعل منع الملبد من
الصب للاحتراز عن سقوط الشعر، ولا يدل الخبر على جواز التلبيد مطلقا
فضلا عنه اختيارا، وفي التذكرة والدروس القطع بجواز التوسد، لأنه يصدق
عرفا أنه مكشوف الرأس، انتهى (6). وهو جيد.

(1) وسائل الشيعة: ب 55 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 138.
(2) تهذيب الأحكام: كتاب الحج ب 24 في ما يجب على المحرم اجتنابه ج 5 ص 308.
(3) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 336 س 34.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 790 س 1.
(5) وسائل الشيعة: ب 75 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 160.
(6) والقائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 331 س 37.
326

وهل التغطية محرمة بأي شئ كان، حتى بنحو من الطين والحنا وحمل
الطبق والمتاع ونحو ذلك، أم يختص بالمعتاد كالستر بالثوب ووضع القناع؟
إشكال.
إلا أن الأصل - مع اختصاص النواهي بالثاني - يقتضيه، وإن كان
الأول أحوط، لاطلاق نحو الصحيح: إحرام المرأة في وجهها، وإحرام
الرجل في رأسه (1).
مؤيدا بأخبار الارتماس، وسيما ظاهر بعض الأفاضل أنه لا خلاف فيه
إلا من العامة (2)، وعن المبسوط: أن من خضب رأسه أو طينه لزمه
الفداء، كمن غطاه بثوب بلا خلاف (3).
(ولو غطى) كل رأسه (ناسيا ألقاه) أي الغطاء المدلول عليه بالمقام
(وجوبا (4)) اتفاقا، على الظاهر المصرح به في بعض العبائر (5).
(وجدد التلبية) للصحيحين في الحكمين (6)، إلا أن ظاهرهما وجوب
التجديد، للأمر به فيهما.
فقوله: (استحبابا) لا وجه له، إلا ما في كلام جماعة من الأصل،
وعدم قائل بالوجوب.
وفيه نظر، لوجوب الخروج عن الأصل بالأمر، ومنع عدم القائل فقد
حكي عن ظاهر الشيخ وابني حمزة وسعيد (7). ومع ذلك فالوجوب أحوط.

(1) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 129.
(2) الظاهر أنه هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 359.
(3) المبسوط: كتاب الحج في ذكر ما يلزم المحرم من الكفارة بما يفعله... ج 1 ص 351.
(4) في المتن المطبوع: واجبا.
(5) كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 331 س 39.
(6) وسائل الشيعة: ب 55 من أبواب تروك الاحرام ح 3 و 6 ج 9 ص 138.
(7) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الصلاة في تروك الاحرام ج 1 ص 331 س 41.
327

(وتسفر المرأة عن وجهها) فلا تغطيه وجوبا، بإجماعنا الظاهر
المصرح به في جملة من العبائر، بل عن المنتهى أنه قول علماء الأمصار (1)،
وبه استفاض أيضا الأخبار.
والكلام في عموم تحريم التغطية للثوب وغيره، كما مر في الرأس، إلا
أن في بعض الأخبار هنا المنع عن التغطية بمثل المروحة (2).
(ويجوز) لها (أن تسدل) أي ترسل (خمارها) وقناعها من رأسها
(إلى) طرف (أنفها) عند علمائنا أجمع، كما عن التذكرة، وفيه أنه قول
عامة أهل العلم (3)، وعن المنتهى أنه لا نعلم فيه خلافا (4).
والصحاح به مع ذلك مستفيضة، وإن اختلفت في التحديد بما في
العبارة كما في الصحيحين (5) منها، وإلى النحر كما في آخرين، مطلقا في
أحدهما (6)، ومقيدا بها إذا كانت راكبة في ثانيهما (7)، وإلى الذقن في
آخر (1).
وظاهرها عدم اعتبار مجافاة الثوب عن الوجه، وبه قطع في المنتهى،
لأن سدل الثوب لا يكاد يسلم معه البشرة من الإصابة، فلو كان شرطا
لبين، لأنه في موضع الحاجة (9).

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 790 س الأخير.
(2) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 130.
(3) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 337 س 16 و 1.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 791 س الأخير.
(5) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 2 ج 9 ص 129.
(6) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب تروك الاحرام ح 7 ج 9 ص 130.
(7) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب تروك الاحرام ح 8 ج 9 ص 130.
(8) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب تروك الاحرام ح 6 ج 9 ص 130.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 791 س 14.
328

ولكنه في القواعد اشترط في جواز السدل عدم الإصابة (1)، كما عن
المبسوط (2) والجامع (3) حيث أوجب المجافاة بخشبة ونحوها، لئلا تصيب
البشرة، وحكم الشيخ بلزوم الدم إذا أصابتها ولم تزل بسرعة (4).
ولم أعرف له مستندا في إيجاب الدم أصلا، وكذا في إيجاب المجافاة.
إلا أن يقال: لعل المستند فيه الجمع بين الصحاح المتقدمة، المبيحة
للسدل، والمانعة عن التغطية، بحمل هذه على ما إذا أصاب البشرة،
والمبيحة على غير صورة الإصابة.
وله وجه، غير أنه يمكن الجمع بغير ذلك، بتقييد المانعة بالنقاب
خاصة، بل قيل: لا يستفاد من الأخبار أزيد منه، أو التغطية بغير
السدل (5).
هذا ولا ريب أن ما ذكره الشيخ أحوط.
(ويحرم تظليل المحرم سائرا) بأن يجلس في محمل، أو كنيسة، أو
عمارية مظللة، أو شبهها اختيارا، بلا خلاف ظاهر ولا محكي، إلا من
الإسكافي فاستحب تركه (6).
وعبارته المحكية غير واضحة الدلالة على ذلك، ولذا تردد في مخالفته في
المختلف (7) وغيره.

(1) قواعد الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 424.
(2) المبسوط: كتاب الحج في ما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 320.
(3) الجامع للشرائع: كتاب الحج في محرمات الاحرام ص 187.
(4) المبسوط: كتاب الحج في ما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 320.
(5) والقائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 361.
(6) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 105 في تروك الاحرام ج 1 ص 377.
7) مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 285 س 33.
329

ومع ذلك فهو شاذ، على الظاهر المصرح به في بعض العبائر (1)، مشعرا
بدعوى الاجماع على خلافه، كما في الانتصار (2)، وعن الخلاف (3)
والمنتهى (4) والتذكرة (5)، والصحاح به مع ذلك مستفيضة، كغيرها من
المعتبرة.
والصحاح الموهمة للخلاف قابلة للحمل على الحرمة، ومع ذلك محتمل
للحمل على التقية، كما صرح به جماعة (6)، ويستفاد من جملة من روايات
المسألة. هذا إذا استظل فوق رأسه.
وأما لو استظل بثوب ينصبه لا على رأسه فعن الخلاف والمنتهى جوازه
بلا خلاف (7)، ولعله للأصل، واختصاص أكثر الأخبار بالجلوس في القبة
والكنيسة ونحوهما.
وخصوص الصحيح: سمعته - عليه السلام - يقول لأبي وقد شكى إليه
حر الشمس وهو محرم وهو يتأذى به، فقال: ترى أن استتر بطرف ثوبي،
قال: لا بأس بذلك ما لم يصبك رأسك (8). لكن جملة منها عامة، وفيها
الصحاح وغيرها.
ففي الصحيح: أظلل وأنا محرم، قال: لا، قلت: أفأظلل وأكفر؟ قال:

(1) وهو صاحب مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 373 في تروك الاحرام ج 1 ص 335.
(2) الإنتصار: كتاب الحج ص 97.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 118 ج 2 ص 318.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 791 س 26.
(5) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 337 س 26.
(6) منهم صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في كفارات الاحرام ج 5 ص 478.
(7) الخلاف: كتاب الحج م 118 ج 2 ص 318 ومنتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2
ص 792 س 7.
(8) وسائل الشيعة: ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 152.
330

لا، قلت: فإن مرضت، قال: ظلل وكفر (1)، الخبر.
وفيه: هل يستتر المحرم من الشمس؟ فقال: لا، إلا أن يكون شيخا
كبيرا، أو قال: ذا علة (2).
وفيه أو القوي: عن المحرم يستتر من الشمس بعود وبيده، قال: لا، إلا
من علة (3). إلى غير ذلك من النصوص الصحيحة والموثقة وغيرها.
ومراعاتها أحوط وأولى، وإن كان جواز المشي تحت الظلال أقوى،
وفاقا لجماعة.
للصحيح: هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظل المحمل؟ فكتب:
نعم (4).
والخبر: أيجوز للمحرم أن يظلل عليه عمله؟ فقال: لا يجوز ذلك مع
الاختيار، فقيل له: أفيجوز أن يمشي تحت الظلال مختارا؟ فقال
- عليه السلام -: نعم (5).
وكذا يجوز له التستر عن الشمس ببعض جسده، وإن منع عنه بعض
الأخبار السابقة، لمعارضته بأقوى منها سندا وعددا ودلالة.
ففي الصحيح: لا بأس بأن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حر
الشمس، ولا بأس بأن يستر بعض جسده ببعض (6). ونحوه خبران
آخران (7).

(1) وسائل الشيعة: ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 146.
(2) وسائل الشيعة: ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 9 ج 9 ص 147.
(3) وسائل الشيعة: ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 5 ج 9 ص 152.
(4) وسائل ا لشيعة: ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 152.
(5) وسائل الشيعة: ب 66 من أبواب تروك الاحرام ح 6 ج 9 ص 151.
(6) وسائل الشيعة: ب 67 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 152.
(7) وسائل الشيعة: ب 66 و 67 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 2 ج 9 ص 14 و 152.
331

واحترز بقوله: (سائرا) عما لو كان (نازلا)، فإنه يجوز له إجماعا،
كما يأتي.
(ولا بأس به للمرأة) إجماعا، على الظاهر المصرح به في جملة من
العبائر، وللنصوص المستفيضة، وفيها الصحاح وغيرها (1).
(وللرجل نازلا) للأصل، والنصوص المستفيضة، والاجماع الظاهر،
المصرح به في عبائر جماعة.
وبهذه الأدلة يقيد إطلاق ما مر من الأدلة.
(و) كذا (لو اضطر) (2) إلى التظليل سائرا (جاز) مع الفداء
إجماعا، على الظاهر المصرح به في عبائر جماعة، للصحاح المستفيضة وغيرها
من المعتبرة، وإن اختلفت في التعبير عن الضرورة بمطلق نحو أذية حر
الشمس والمطر.
كالصحيح: عن المحرم يظلل على نفسه، فقال: أمن علة؟ فقال: يؤذيه
حر الشمس وهو محرم، فقال: هي علة ويفدي (3). ونحوه غيره (4)، وبها
أفتى في الذخيرة (5).
أو بالتضرر بهما لعلة، أو كبر، أو ضعف، أو شدة حر، أو برد،
كالصحيح: عن المحرم إذا أصابته الشمس شق عليه وصدع فيستتر منها،
فقال: هو أعلم بنفسه، إذا علم أنه لا يستطيع أن تصيبه الشمس فليستظل

(1) وسائل الشيعة: ب 64 و 65 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 146 و 148.
(2) في المتن المطبوع: فإن اضطر.
(3) وسائل الشيعة: ب 6 من أ بواب بقية كفارات الاحرام ح 4 ج 9 ص 387.
(4) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 5 ج 9 ص 287.
(5) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 598 س 18.
332

منها (1).
والموثق: إن علي بن شهاب يشكو رأسه والبرد شديد، ويريد أن يحرم،
فقال: إن كان كما زعموا فليظلل (2).
وبها أفتى في الروضة (3)، وتبعه بعض المتأخرين حاكيا عن الشيخين
والحلي (4)، وهو أقوى، لوقوع التصريح بالمنع عن التظليل بمطلق الحر والبرد
في الصحيح وغيره (5). وبها يقيد إطلاق ما تقدمها.
وهل يجوز التظليل اختيارا مع الفداء؟ الأقوى لا، وفاقا للتهذيبين
والتذكرة والمنتهى، كما نقل (6)، للصحيح: أظلل وأنا محرم، قال: لا،
قال: أفأظلل وأكفر؟ قال: لا، قال: فإن مرضت، قال: ظلل وكفر (7).
خلافا للمحكي عن المقنع، فقال: لا بأس أن يضرب على المحرم
الظلال، ويتصدق بمد لكل يوم (8). ومستنده غير واضح.
نعم في الدروس وروى علي بن جعفر جوازه مطلقا ويكفر (9).
وقيل: إن أراد روايته أنه سأل أخاه أظلل وأنا محرم، فقال: نعم،
وعليك الكفارة، فيحتمل الضرورة (10).

(1) وسائل الشيعة: ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 6 ج 9 ص 147.
(2) وسائل الشيعة: ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 13 ج 9 ص 148.
(3) الروضة البهية: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 245.
(4) وهو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 332 س 35.
(5) وسائل الشيعة: ب 64 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 145.
(6) والناقل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 332 س 36.
(7) وسائل الشيعة: ب 64 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 146.
(8) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 332 س 37.
(9) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 100 في تروك الاحرام ج 1 ص 377.
(10) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 332 س 38.
333

(ولو زامل) الصحيح (عليلا أو امرأة اختصا بالظلال دونه) بغير
خلاف أعرفه، وبه صرح جماعة، للعمومات، وخصوص رواية صريحة (1).
ولا يعارضها المرسلة (2)، لضعفها عن المقاومة لها سندا ودلالة واعتبارا.
(ويحرم قص الأظفار) بإجماع علماء الأمصار، كما في المنتهى
والتذكرة (3) وغيرهما بالاجماع، والمعتبرة المستفيضة.
منها الصحيح: من قلم أظافيره ناسيا أو ساهيا أو جاهلا فلا شئ
عليه، ومن فعله متعمدا فعليه دم (4).
ومنها: عن المحرم يطول أظفاره أو ينكسر بعضها فيؤذيه، قال: لا يقص
شيئا منها إن استطاع، فإن كانت تؤذيه فليقصها، وليطعم مكان كل ظفر
قبضه من طعام (5).
والمراد ب‍ (القص) فيه معناه الأعم، وهو مطلق الإزالة والقطع، المعبر
عنه في غيره بالقلم، لا الأخص الذي هو القص بالمقص، كما صرح به
جمع.
ويستفاد منه جواز الإزالة مع الضرورة، ونفى الفاضل عنه الخلاف
بين العلماء في المنتهى والتذكرة، ولكن استشكل فيهما في الفدية (6).

(1) وسائل الشيعة: ب 68 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 153.
(2) وسائل الشيعة: ب 68 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 153.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 794 س 34، وتذكرة الفقهاء: كتاب
الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 339 س 21.
(4) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 5 ج 9 ص 291.
(5) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 4 ج 9 ص 293.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 795 س 3، وتذكرة الفقهاء: كتاب
الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 339 س 29.
334

ولا وجه له، بعد الأمر بها في الرواية الصحيحة.
ويستفاد منها أيضا عدم الفرق في المنع بين الكل والبعض، وبه صرح
جمع واختار آخر.
(وقطع الشجر والحشيش) النابتين في الحرم باجماع العلماء، كما في
الكتابين (1) وغيرهما، للصحاح المستفيضة.
قيل: ولا خلاف في جواز قطعهما في الحل للحرم وغيره، ولا في عموم
حرمة قطعهما في الحرم لهما، والنصوص ناطقة بالأمرين.
والقطع يعم القلع وقطع الغصن والورق والثمر، والأمر كذلك، لعموم
نحو الصحيح: كل شئ ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين.
والخبر أو الصحيح: المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم، قال: نعم،
قال: فمن الحرم، قال: لا. ونحوه آخر (2).
وعمومها يشمل الرطب واليابس.
خلافا لجماعة فقيدوها باليابس، فلم يمنعوا قطعه (3). ووجهه غير
واضح، عدا اختصاص بعض الأخبار، وهو قوله - صلى الله عليه وآله -:
لا يختلي خلاها ولا يعضد شجرها به (4)، وهو لا يفيد التقييد.
هذا مع أن المحكي عن الجوهري أن الخلا مقصورا الحشيش اليابس.

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 797 س 9، وتذكرة الفقهاء: كتاب
الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 340 س 26.
(2) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 328 س 4.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 798 س 8، والدروس الشرعية: كتاب الحج درس 102 في تروك الاحرام ج 1 ص 389، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 317.
(4) وسائل الشيعة: ب 88 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 175.
335

فيقيد الضد. ولكن المحكي عن النهاية والقاموس خلافه.
ثم التحريم في الصحيح: يعم القطع والانتفاع مطلقا، فلو انكسر غصن
أو سقط ورق لم يجز الانتفاع به، سواء كان ذلك بفعل آدمي أو غيره، إلا
أن المحكي عن التذكرة والمنتهى دعوى الاجماع على جوازه في الثاني،
واستقرا به في الأول (1).
ولعله يمنع عموم الصحيح للانتفاع باحتمال اختصاصه بحكم التبادر
وغيره بالقطع دون غيره.
ثم المحرم كل شجر وحشيش في الحرم (إلا أن ينبت في مكة) كما
في عبارة جماعة.
للخبر أو القوي - بل الصحيح كما قيل (2)، ووجهه غير واضح - عن
الرجل قلع الشجرة من مضربه أو داره في الحرم، فقال: إن كانت الشجرة
لم تزل قبل أن تبنى الدار وتتخذ المضرب فليس له أن يقلعها، وإن كانت
طرأت عليه فله قلعها (3).
ونحوه آخر لراويه في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم، فقال:
إن بني المنزل والشجرة فيه فليس له أن يقلعها، وإن كانت نبتت في منزله
وهو له فله قلعها (4).
وفيهما ضعف سندا بالجهالة، ودلالة بالأخصية من المدعى،
لاختصاصهما بالشجرة والدار، كما وقع التعبير بها في عبائر جماعة، والمنزل

(1) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 328 س 10.
(2) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 328 س 12.
(3)) وسائل الشيعة: ب 87 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 173.
(4) وسائل الشيعة: ب 87 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 174.
336

كما في عبائر آخرين.
ودعوى عدم القول بالفصل - لما عرفت - غير مسموعة.
فإذا الأجود الاقتصار على موردها إن علمنا بهما، بزعم انجبار ضعف
سندهما بفتوى الجماعة، وإلا فيشكل هذا الاستثناء.
نعم لا بأس باستثناء ما غرسه الانسان وأنبته، سواء كان في ملكه أو
غيره، للصحيح: إلا ما أنبته أنت أو غرسته (1)، وحكى الفتوى باطلاقه
- كما اخترنا - في النهاية والمبسوط والسرائر والنزهة والمنتهى والتذكرة (2)
خلافا للمحكي عن ابني براج وزهرة والكندري، فقيدوه بملكه (3)،
ولم نقف على دليله.
(ويجوز قطع (4) الإذخر) بغير خلاف أجده، وبه صرح في
الذخيرة (5)، بل عليه الاجماع في المنتهى والتذكرة (6)، للمعتبرة (7).
(وشجر الفواكه والنخل) سواء أنبته الله تعالى، أو الآدميون فيما
قطع به الأصحاب، كما في المدارك والذخيرة، وفيهما أن ظاهر
المنتهى كونه موضع وفاق بينهم (8)، وفي غيرهما عن صريح

(1) وسائل الشيعة: ب 86 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص ص 173.
(2) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 328 س 16 و 18.
(3) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 328 س 16 و 18.
(4) في المتن المطبوع: ويجوز خلع.
(5) ذخيرة المعاد: في تروك الاحرام ص 596 س 41.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 798 س 2، وتذكرة الفقهاء: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 341 س 13.
(7) وسائل الشيعة: ب 87 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 174.
(8) مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 370، وذخيرة المعاد: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 596 س 40.
337

الخلاف (1) الاجماع، للموثق (2).
وقد استثنى جماعة عود المحالة (3) - بفتح الميم البكرة العظيمة -
لرواية في سندها إرسال وجهالة (4)، ولعله لذا لم يستثنها الماتن
وجماعة.
(وفي) جواز (الاكتحال بالسواد، والنظر في المرآة، ولبس
الخاتم للزينة، ولبس المرأة ما لم تعتده من الحلي) لا للزينة
(والحجامة) بل مطلق إخراج الدم بالفصد أو الحك والسواك (إلا
للضرورة ودلك الجسد ولبس السلاح، إلا مع الضرورة (5) قولان،
أشبههما الكراهية) في الدلك قطعا وإن ورد النهي عنه في
الصحيحين (6) وغيرهما (7)، لوجوب حمله على الكراهة، أو صورة مظنة
الادماء، أو سقوط الشعر، لعدم ظهور القائل بتحريمه مطلقا، ولا نقله
صريحا ولا ظاهرا، إلا في العبارة، ولم نعثر على قائله، فهو نادر.
مضافا إلى ورود الرخصة بحك الرأس واللحية ما لم يدم في

(1) الظاهر أن الحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 328
س 22.
(2) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب بقية كفارات الاحرام ح 2 ج 9 ص 301.
(3) منهم الشهيد الأول في الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 102 في تروك الاحرام ج 1.
ص 389، والشهيد الثاني في الروضة البهية: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 245،
وسبطه في مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 371، وذخيرة المعاد:
كتاب الحج في تروك الاحرام ص 596 س 42، وغيرهم.
(4) وسائل الشيعة: ب 87 من أبواب تروك الاحرام ح 5 ج 9 ص 174.
(5) في المتن المطبوع والشرح الصغير: لا مع الضرورة.
(6) وسائل الشيعة: ب 75 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 160 و ب 76 1 ح 1 ص 161.
(7) وسائل الشيعة: ب 76 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 161.
338

المعتبرة، وفيها الصحيح وغيره (1)، وهي في معنى الدلك، ولعله لذا قال
في التنقيح بالتفصيل، بين إدمائه فالتحريم، وإلا فالكراهة (2).
والتحريم كذلك في لبس الخاتم للزينة، لفحوى الصحاح المحرمة
للأولين معللة بأنهما من الزينة (3).
مضافا إلى النهي عنه في رواية منجبر قصور سندها بالشهرة
العظيمة (4) التي كادت تكون إجماعا، بل لا خلاف فيها يظهر، كما
صرح به جمع ممن تأخر، مع سلامتها عن المعارض سوى الأصل،
وإطلاق الخبر لا بأس بلبس الخاتم للمحرم (5)، ويجب تخصيصهما بها،
مع ضعف الرواية فيهما.
وأما ما عداهما فالمنع فيهما أشهر وأقوى، للصحاح المستفيضة في
الأولين (6)، وندرة القول بالجواز فيهما، إذ لم يحك إلا عن الشيخ في
الخلاف (7)، وقد رجع عنه في المبسوط (8).
نعم حكي عن الغنية فيهما (9)، وعن الوسيلة والمهذب في الثاني (10).

(1) وسائل الشيعة: ب 71 و 73 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 157 و 158.
(2) التنقيح الرائع: كتاب الحج تروك الاحرام ج 1 ص 473.
(3) وسائل الشيعة: ب 33 و 34 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 112 و 114.
(4) وسائل الشيعة: ب 46 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 127.
(5) وسائل الشيعة: ب 46 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 127.
(6) وسائل الشيعة: ب 33 و 4 3 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 111 و 114.
(7) والحاكي هو الشهيد الأول في الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 101 في تروك الاحرام ج 1 ص 385، والخلاف: كتاب الحج م 106 و 119 ج 2 ص 313 و 319.
(8) المبسوط: كتاب الحج فيما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 321.
(9) الحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 327 س 9 و 15.
(10) الوسيلة: كتاب الحج في محرمات الاحرام ص 164، والمهذب: كتاب الحج في محرمات الاحرام ج 1 ص 221.
339

وصرح بالشذوذ فيهما بعض الأصحاب (1).
ولا مستند للجواز فيهما سوى الأصل المخصص بما مر، وإطلاق
جملة من النصوص، وفيها الصحيح بجواز الاكتحال بما لم يكن فيه
طيب يوجد ريحه كما فيه (2)، وبكحل فارسي لا كحل فيه زعفران كما
في غيره (3).
ويجب تقييدها بما يرجع إلى المختار، ترجيحا لأدلته عليها من وجوه
شتى.
ومفهوم الصحيح في الرابع: إذا كان للمرأة حلي لم تحدثه للاحرام
لم تنزع حليها (4).
وإطلاق الصحيح المحمول عليه المحرمة لا تلبس الحلي
ولا المصبغات إلا صبغا لا يردع (5)، مع احتماله بإطلاقه الحمل على
الكراهة، كما يعرب عنه النهي عن المصبغات.
والقول الثاني فيه محكي عن الاقتصاد والتهذيب والاستبصار والجمل
والعقود والجامع (6).
ولا مستند له سوى الأصل، وإطلاق جملة من الصحاح وغيرها بجواز
لبسها الحلي كلها، إلا حليا مشهورا للزينة كما في بعضها (7)، ولبسها

(1) وهو صاحب مفتاح الشرائع: كتاب الحج م 377 ج 1 ص 338.
(2) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 111.
(3) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب تروك الاحرام ح 6 ج 9 ص 112.
(4) وسائل الشيعة: ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 9 ج 9 ص 132.
(5) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 123، و ب 49 من أبواب تروك
الاحرام ح 2 ج 9 ص 131.
(6) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 331 س 14.
(7) وسائل الشيعة: ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 132.
340

المسك والخلخالين مطلقا كما في غيره (1)، أو الحلي كله إلا القراط
والقلادة المشهورة (2).
وينبغي تقييدها بما عرفته وإن احتمل الجمع بالكراهة، لرجحان ما
ذكرناه بالأصول، والشهرة العظيمة، حتى أن في التنقيح قال: لم أقف
فيه على خلاف لأحكيه (3). ولكن فيه ما فيه.
والصحاح المستفيضة في الخامس.
منها: عن المحرم يحتجم، قال: لا، إلا أن لا يجد بدا فليحجم،
ولا يحلق مكان المهاجم (4). ونحوه أخبار مستفيضة.
ومنها: عن المحرم كيف يحك رأسه؟ قال: بأظافيره ما لم يدم أو
يقطع الشعر (5).
ومنها: عن المحرم يستاك، قال: نعم ولا يدمي (6).
والقول الثاني فيه للخلاف وجماعة (7)، للأصل، والصحيح: لا بأس
أن يحتجم المحرم ما لم يحلق أو يقطع الشعر (8).
ويجب تقييدهما بحال الضرورة، لما مر وإن احتمل الجمع
بالكراهة، لرجحان الأول بنحو ما عرفته.

(1) وسائل الشيعة: ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 7 و 8 ج 9 ص 123.
(2) وسائل الشيعة: ب 49 من أبواب تروك الاحرام ح 6 ج 9 ص 123.
(3) التنقيح الرائع: كتاب الحج في تروك الاحرام ح 6 ج 9 ص 123.
(4) وسائل الشيعة: ب 62 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 143.
(5) وسائل الشيعة: ب 73 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 159.
(6) وسائل الشيعة: ب 73 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 159.
(7) الخلاف: كتاب الحج م 110 ج 2 ص 315، والوسيلة: كتاب الحج في الاحرام ص 163، ذكرناه فيما يجوز للمحرم.
(8) وسائل الشيعة: ب 62 من أبواب تروك الاحرام ح 5 ج 9 ص 144.
341

نعم في الصحيح: المحرم يستاك، قال: نعم، قال: فإن أدمى
يستاك، قال: نعم هو السنة (1).
والخبر: عن المحرم يحتجم، قال: لا أحبه (2).
وهما وإن كانا ظاهرين في الكراهة، إلا أن الأخير ضعيف السند
بالجهالة، مع عدم وضوح كامل في الدلالة، كلا ينبغي في بعض
الصحاح.
والأول متروك الظاهر، لدلالته على أنه السنة مطلقا، حتى في
الصورة المفروضة، ولا قائل بها، للاجماع على الكراهة.
فينبغي طرحه، أو حمله على صورة عدم العلم بالادماء، ومفهوم
الصحاح وغيرها في لبس السلاح.
والقول الثاني لم أعرف قائله وإن حكاه الماتن هنا، والفاضل في
المختلف (3)، ولكن لم يصرح به.
ومع ذلك، فلا مستند له سوى الأصل المخصص بما مر، وتضعيفه
بأنه مفهوم، وهو ضعيف، لحجية هذا المفهوم.
لكن ربما يقال: إنه إنما يعتبر إذا لم يظهر للتعليق وجه سوى نفي
الحكم عما عدا محل الشرط، وهنا ليس كذلك، إذ لا يبعد أن يكون
التعليق باعتبار عدم الاحتياج إلى لبس السلاح عند انتفاء الخوف. وفيه
نظر.
(والمكروهات) أمور:
منها (الاحرام في غير البياض) على المشهور.

(1) وسائل الشيعة: ب 71 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 158.
(2) وسائل الشيعة: ب 62 من أبواب تروك الاحرام ح 4 ج 9 ص 144.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 269 س 14.
342

والمستند على العموم غير معلوم، بل المستفاد من جملة من النصوص
عدم البأس بالمصبوغ بالمعصفر وغيره، والمصبوغ بمشق وغيره، إلا ما
فيه شهرة بين الناس (1)، وحكي الفتوى به عن المنتهى عازيا له إلى
علمائنا (2)، ولعله الأقوى، وأن كان اختيار البياض أولى.
(وتتأكد) الكراهة في الاحرام (في السواد) حتى أن الشيخ
ظاهره المنع عنه في المبسوط (3) والنهاية، وتبعه ابن حمزة (5)، للنهي
عنه في الموثق: لا يحرم في الثوب الأسود ولا يكفن به الميت (6).
وحمله الأكثر على الكراهة، لأشعار النهي عن التكفين به، فإنه فيه
لها قطعا، وجمعا بينه وبين الصحيح المجوز للتكفين في كل ما تجوز فيه
الصلاة (7)، بناء على جواز الصلاة فيه قطعا وإن أمكن الجمع بينهما
بالتقييد، بل هو أولى.
لكن صحة السند والاعتضاد بالعمل ومهجورية الموثق (8) الآن، بل
عند الشيخ (9) أيضا حيث نزل الحلي منعه عنه على الكراهة (10)، جعل
الجمع بالكراهة أولى.

(1) وسائل الشيعة: ب 40 و 42 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص ص 119 و 121.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في وجوب لبس الثوبين ج 2 ص 682 س 24
(3) المبسوط: كتاب الحج فيما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 319.
(4) النهاية: كتاب الحج باب ما يجب على المحرم اجتنابه ص 217.
(5) الوسيلة: كتاب الحج فصل في موجبات الكفارة ص 163.
(6) وسائل الشيعة: ب 26 من أبواب الاحرام ح 9 ج 5 ص 36.
(7) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب التكفين ح 3 ج 2 ص 732.
(8) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب كراهة كون الكفن أسود ح 1 ج 9 ص 43.
(9) المبسوط: كتاب الحج فيما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 319.
(10) السرائر: كتاب الحج باب ما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 542.
343

(وفي الثياب الوسخة) وإن كانت طاهرة، للصحيح.
وفيه: ولا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحل وإن توسخ، إلا
أن تصيبه جنابة أو شئ، فيغسله (1).
وظاهره المنع عن الغسل إذا توسخ في الأثناء، كما هو ظاهر
الدروس (2).
ويحتمل كلامه الكراهة، كما صرح به الحلي (3)، وشيخنا (4) في
الروضة.
(و) في الثياب (المعلمة) بالبناء للمجهول. قيل: هي المشتملة
على لون يخالف لونها حال عملها، كالثوب المحوك من لونين أو بعده
بالطرز والصبغ (5).
للصحيح: لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلم، وتركه أحب
إلي إذا قدر على غيره (6).
ولكن في جملة من النصوص نفي البأس عنها على الاطلاق (7)، بل
في بعضها بعده إنما يكره الملحم (8).
وقوله: (والحناء) عطف على قوله: الاحرام، أي ومن المكروهات
الحناء.

(1) وسائل الشيعة: ب 38 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 117
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 110 س 26.
(3) السرائر: كتاب الحج باب ما يجب على المحرم اجتنابه ج 1 ص 542.
(4) الروضة البهية: كتاب الحج في الاحرام ج 2 ص 235.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 111 س 37.
(6) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب تروك الاحرام ح 3 ج 9 118.
(7) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 2 و 4 و 5 و 6 ج ص 118 - 119.
(8) الكافي: كتاب الحج باب ما يلبس المحرم من الثياب... ح 16 ج 4 ص 342.
344

واستعماله (للزينة) على المشهور، كما في كلام جماعة (1).
أما الجواز، فللأصل، والصحيح: عن الحناء، فقال: إن المحرم
ليمسه ويداوي به لغيره، وما هو بطيب، وما به بأس (2).
وأما الكراهة، فللشبهة الناشئة من احتمال الحرمة فتوى ورواية،
كالصحيح: عن امرأة خافت الشقاق وأرادت أن تحرم هل تخضب يدها
بالحناء قبل ذلك؟ قال: ما يعجبني أن تفعل ذلك (3).
وهو نص في الكراهة قبل الاحرام. ويلحق به بعده، للأولوية.
خلافا لجماعة (4) فاستوجهوا القول بالحرمة، استنادا إلى جملة من
الصحاح (5)، لتحريم جملة من المحرمات إلى إنها زينة.
والعلة هنا موجودة، ولا معارض لها سوى الأصل. ويجب تخصيصه
بها.
والحديثين السابقين لا يصلحان للمعارضة، لخروجها عن محل
البحث، وهو استعمال المحرم الحناء بعد الاحرام، للزينة، كما هو ظاهر
نحو العبارة.
أما الأول، فلاختصاصه باستعماله للتداوي خاصة، كما يظهر من

(1) منهم صاحب مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 269 س 23، ومسالك الأفهام: في محرمات الاحرام ومكروهاته ج 1 ص 111 والحدائق الناضرة: كتاب الحج في
استعمال المحرم الحناء للزينة ج 15 ص 560.
(2) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 100.
(3) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 100.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 269 س 23، والروضة البهية: كتاب
الحج في تروك الاحرام ج 2 ص 243، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في مكروهات الاحرام
ج 7 ص 377. (
(5) وسائل الشيعة: ب 33 و 34 و 46 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 111 و 114 و 127.
345

سياقه، دون الزينة.
وأما الثاني، فلاختصاصه، مع قصور سنده بالاستعمال من المرأة قبل
الاحرام في حال الضرورة، ولا كلام في شئ منهما.
فإذا القول بالحرمة لا يخلو عن قوة، وفاقا لجماعة.
وهل يختص الحكم مطلقا بما إذا قصد الزينة، أم يعمه، وما إذا
قصد السنة؟ وجهان، أحوطهما الثاني.
ثم هل يختص بالاستعمال بعد الاحرام، أم يعمه، وقبله إذا بقي أثره
بعده؟ قولان، أحوطهما الثاني إن لم يكن أجودهما.
(والنقاب للمرأة) والأصح التحريم، بل قيل: لا أعلم خلافا
فيه (1)، لما مر من حرمة تغطية وجهها.
ففي الحكم هنا منافاة لما مضى، إلا أن يحمل النقاب على السدل
الجائز.
لكن إثبات كراهته لا يخلو عن إشكال، إذ لا أعرف له مستندا، إلا
إذا أصاب الوجه، فلا يخلو عن وجه.
(ودخول الحمام) للنهي عنه في الخبر، المحمول على
الكراهة (2)، جمعا بينه وبين الصحيح (3) وغيره (4)، النافيين للبأس عنه،
وفيهما: ولكن لا يتدلك.
وبكراهة التدلك فيه أفتى جماعة (5)، وزاد بعضهم فحكم بكراهته

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مكروهات الاحرام ج 7 ص 378.
(2) وسائل الشيعة: ب 76 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 161.
(3) وسائل الشيعة: ب 76 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 2 ج 9 ص 161.
(4) وسائل الشيعة: ب 76 من أبواب تروك الاحرام ح 1 و 2 ج 9 ص 161.
(5) قواعد الأحكام: كتاب الحج في المندوبات والمكروهات ج 1 ص 80 س 24، والدروس
الشرعية: كتاب الحج في مكروهات الاحرام ص 111 س 1.
346

مطلقا (1).
ولا بأس به، للصحيح: عن المحرم يغتسل، فقال: نعم يفيض الماء
على رأسه، ولا يدلكه (2).
(وتلبية المنادي) بأن يقول له لبيك على المشهور، للنص (3).
وعلل بأنه في مقام التلبية لله تعالى فلا يشرك غيره فيها (4).
وفي الصحيح بعد النهي عنها: أنه يقول يا سعد (5).
وظاهره التحريم، كما في ظاهر التهذيب (6).
لكن ينبغي حمله على شدة الكراهة، لعدم القول بالتحريم، كما
قيل (7)، مضافا إلى الأصل، والمروي عن الصدوق عن جابر عن
أبي جعفر - عليه السلام -: أنه قال: لا بأس أن يلبي المجيب (8).
(واستعمال الرياحين) وفاقا للنهاية (9) والحلي (10) والإسكافي (11)

(1) الجامع للشرائع: كتاب الحج في محرمات الاحرام ص 185، وإرشاد الأذهان كتاب الحج في
تروك الاحرام ج 1 ص 317.
(2) وسائل الشيعة: ب 75 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 160.
(3) وسائل الشيعة: ب 91 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 178.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في محرمات الاحرام ومكروهاته ج 1 ص 112 س 2.
(5) وسائل الشيعة: ب 91 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 178.
(6) تهذيب الأحكام: ب 25 في الكفارة عن خطأ المحرم وتعديه الشروط ح 261 ج 5 ص 386
(7) والقائل هو المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 6 ص 357.
(8) من لا يحضره الفقيه: باب التلبية ح 3582 ج 2 ص 326، والموجود فيه: الجنب، كما ذكره صاحب الحدائق أيضا في تروك الاحرام ج 15 ص 564، والظاهر أن المصنف
أخذها من الذخيرة المعاد: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 306 س 30.
(9) النهاية: كتاب الحج باب فيما يجب على المحرم تركه وما لا يجب ص 219. * (10) السرائر: كتاب الحج باب ما يجب على المحرم اجتنابه وما لا يجب ج 1 ص 545.
(11) مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 1 ص 268 س 33.
347

كما حكي، وجماعة (1) من المتأخرين، للنهي عنه في الصحيحين.
في أحدهما: لا يمس المحرم شيئا من الطيب، ولا من الريحان،
ولا يتلذذ به (2).
وإنما حمل على الكراهة جمعا بينهما، وبين الصحيح: لا بأس أن
تشم الإذخر والقيصوم والخزامي والشيح وأشباهه وأنت محرم (3).
خلافا للمفيد (4) وجماعة فحرموه، ولعله الأظهر، عملا بظاهر
النهي (5)، مع سلامته عن المعارض، سوى الأصل المخصص به، لكونه
خاصا، وأخبار قصر الطيب في أربعة (6)، والصحيح الأخير. وفيهما نظر.
فالأول: بتوقفه على كون المنع عنه، من جهة الطيب، وليس
كذلك، بل من جهة النهي عنه بالمخصوص.
والثاني: بعدم نفي البأس فيه عن مطلق الريحان، حتى يتحقق
التعارض بينه وبين المانع تعارضا كليا، فيكون صريحا في الجواز،
فيقدم على النهي الظاهر في التحريم تقدم النص على الظاهر.
وإنما غايته نفي البأس فيه عن أمور معدودة، يمكن استثناؤها عن أخبار
المنع على تقدير تسليم صدق الريحان عليها حقيقة، ولا مانع من ذلك،

(1) منهم: العلامة في قواعد الأحكام: كتاب الحج في المندوبات والمكروهات ج 1 ص 80 س 25،
والشهيد في الدروس الشرعية: كتاب الحج في مكروهات الاحرام ص 111 س 3.
(2) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب تروك الاحرام ح 2 ج 9 ص 101، والآخر في ب 25 من أبواب
تروك الاحرام ح 3 ج 9 ص 102.
(3) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 9 ص 101.
(4) المقنعة: كتاب الحج باب ما يجب على المحرم تركه ص 432.
(5) كابن الجنيد والعلامة في مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 268 س 22.
(6) وسائل الشيعة ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 14 و 15 و 16 ج 9 ص 96.
348

ولا موجب للجمع بالكراهة سوى تضمنه لفظ أشباهه.
وهو كما يحتمل المشابهة في اطلاق اسم الريحان عليه، كذا يحتمل ما هو
أخص مما يشبهه من نبت البراري، ويكون استثناؤه لكونه - كما قال في
المختلف (1) -: من نبت الحرم فيعسر الاحتراز عنه.
ومعه لا يمكن صرف النهي عن ظاهره، مضافا إلى عدم إمكانه من وجه
آخر، وهو إن النهي عن مس الرياحين في الصحيح الماضي إنما هو بلفظ
النهي عن الطيب بعينه، وهو للتحريم قطعا.
فلا يمكن حمله بالإضافة إلى الريحان على الكراهة، للزوم استعمال
اللفظ الواحدة في الاستعمال الواحد في المجاز والحقيقة، وهو خلاف
التحقيق. وصرفه إلى الأعم - يعني مطلق المرجوحية - بعيد جدا.
(ولا بأس بحك الجسد والسواك ما لم يدم) أو يقطع الشعر، كما
في المعتبرة المستفيضة (2).
وهنا (مسألتان):
(الأولى: لا يجوز لأحد أن يدخل مكة) شرفها الله تعالى (إلا
محرما) بحج أو عمرة بالنص والاجماع (إلا المريض) ومن به بطن، كما
في الصحيح: هل يدخل الرجل مكة بغير إحرام؟ قال: لا، إلا مريضا، أو
من به بطن (3). ونحوه آخران (4).
إلا أن السؤال فيهما: هل يدخل الرجل المحرم، وبهما أفتى أيضا

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في تروك الاحرام ص 268 س 39.
(2) وسائل الشيعة: ب 73 من أبواب تروك الاحرام ج 9 ص 158.
(3) وسائل الشيعة: ب 50 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 67.
(4) وسائل الشيعة: ب 50 من أبواب الاحرام ح 2، 3 ج 9 ص 67.
349

جمع (1).
وظاهر هذه الأخبار كالمتن وجمع سقوط الاحرام عن المريض.
وربما يعارضها الصحيح: عن رجل به بطن ووجع شديد يدخل مكة
حلالا، قال: لا يدخلها إلا محرما، وقال: يحرمون عنه (2).
وحمله الشيخ على الاستحباب (3)، ولا بأس به جمعا.
قيل: والظاهر أن الاحرام عنه إنما يثبت مع المرض المزيل للعقل، وهو
محمول على الاستحباب أيضا (4).
وإنما يجب الاحرام للدخول إذا كان الدخول إليها من خارج الحرم، فلو
خرج أحد من مكة ولم يصل إلى خارج الحرم ثم عاد إليها عاد بغير احرام،
ومتى أخل الداخل بالاحرام أثم، ولم يجب قضاؤه.
واستثنى الشيخ (5) وجماعة (6) من ذلك العبد، فجوزوا لهم الدخول بغير
إحرام. قيل (7): لأن السيد لم يأذن لهم بالتشاغل بالنسك عن خدمته، فإذا
لم يجب عليهم حجة الاسلام لهذا المعنى فعدم وجوب الاحرام لذلك أولى.
(أو من يتكرر) دخوله كل شهر بحيث يدخل في الشهر الذي خرج،

(1) النهاية: كتاب الحج باب السعي بين الصفا والمروة ص 247، ومدارك الأحكام: كتاب الحج
في أحكام دخول الحرم ج 7 ص 380.
(2) تهذيب الأحكام: ب 10 في الخروج إلى الصفا ح 77 ج 5 ص 165، ووسائل الشيعة: ب 50 من
أبواب الاحرام ح 1 ج 9 ص 67.
(3) تهذيب الأحكام: ب 10 في الخروج إلى الصفا ج 5 ص 165.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام دخول الحرم ج 7 ص 381.
(5) المبسوط: كتاب الحج في أحكام العبيد في الحج ج 1 ص 327.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في دخول مكة ج 2 ص 689 س 9، ومسالك الأفهام: كتاب الحج
في الوقوف في عرفات ج 1 ص 112 س 4.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في دخول مكة ج 2 ص 689 س 9.
350

كما قيل (1)، أو مطلقا للعسر والحرج وللصحيح: أن الحطابة والمجتلبين أتوا
النبي - صلى الله عليه وآله - فسألوه فأذن لهم أن لا يدخلوا حلالا (2).
(و) يدخل في المجتلبة ناقل (الحشيش) والحنطة، وغير ذلك.
ومقتضى عبارة المتن وغيره استثناء مطلق من يتكرر دخوله، وإن لم
يدخل في اسم المجتلبة.
وهو غير بعيد، للدليل الأول، وإن كان الاقتصار على مورد النص
أحوط.
(ولو خرج) من مكة من وجب عليه الاحرام للدخول فيها (بعد
احرامه) السابق الذي أحل منه (ثم عاد في شهر خروجه أجزأه)
الاحرام الأول عن الاحرام الثاني للدخول.
(وإن عاد في غيره) أي غير شهر خروجه (أحرم ثانيا) للدخول
فيها بلا خلاف ظاهر، ولا إشكال في الحكمين إن كان المراد من شهر
خروجه هو الشهر الذي أحرم فيه، للمتمتع مثلا، ومن غيره غيره، بمعنى
عوده بعد مضي ثلاثين يوما من إحرامه المتقدم إلى يوم دخول مكة،
للمعتبرة.
منها الموثق: يرجع إلى مكة بعمرة إن كان في غير الشهر الذي يتمتع
فيه، لأن لكل شهر عمرة، وهو مرتهن بالحج (4).
وظاهره اعتبار مضي الشهر من حين الاحلال، ليتحقق تحلل الشهر

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في أحكامه ج 1 ص 320 س 10.
(2) وسائل الشيعة: ب 51 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 70.
(3) كذا في جميع النسخ الخطية والشرح من المطبوع، ولكن الموجود في المتن المطبوع والشرح الصغير:
أو من يتكرر كالحطاب والحشيش، أو الحشائش كما في المتن المطبوع.
(4) وسائل الشيعة: ب 22 من أقسام الحج ح 8 ج 8 ص 220.
351

بين العمرتين، وبه أفتى الأكثر.
خلافا لظاهر المتن والنهاية (1) والمقنعة (2) وغيرهما، فلم يعتبروا ذلك،
لاطلاق المعتبرين.
أحدهما الصحيح أو الحسن: في المتمتع فإن جهل وخرج إلى المدينة أو
نحوها بغير إحرام ثم رجع في أبان الحج في أشهر الحج ويريد الحج أيدخلها
محرما وبغير احرام؟ فقال: إن رجع في شهره دخل بغير إحرام، وإن دخل
في غير الشهر دخل محرما (3).
وأصرح منه الآخر المرسل (4)، لكنه ضعيف السند.
يحتمل كالأول تقييد شهر الخروج بشهر الاحرام المتقدم، وغيره بغيره
على النهج الذي سبق؟ مضافا في الأول إلى أن ضمير شهره يحتمل الرجوع
إلى الاحرام السابق، فيحتمل الحمل السابق من هذا الوجه.
هذا، مع أن إطلاقهما يشمل صورة ما إذا كان شهر الخروج بعد
الاحرام المتقدم بأزيد من شهر، ولا أظنهم يقولون به، ولا صرح به أحد.
وإنما ثمرة النزاع تظهر - على ما صرح به بعضهم - في صورة العكس،
وهي ما لو خرج آخر شهر ودخل أول آخر، فيدخل محرما على هذا
القول (5)، ولا حتى يمضي ثلاثون يوما على قول الأكثر. ولعله الأظهر.
واعلم أن المستفاد من العبارة وغيرها من الفتاوى عدم الفرق في

(1) النهاية: كتاب الحج باب السعي بين الصفا والمروة ص 246 - 247.
(2) لم نعثر عليه في المقنعة، ووجدناه في التهذيب: ب 10 من أبواب الخروج إلى الصفا ج 5
ص 163.
(3) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 6 ج 8 ص 219.
(4) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب أقسام الحج ح 6 ج 8 ص 220.
(5) لم نعثر عليه.
352

الاحرام السابق، بين كونه لعمرة، أو حج.
مع أن المستفاد من الأخبار (1) إنما هو الأول.
ولذا قيل: أن الذي دلت عليه الدلائل جواز الدخول محلا مع سبق
الاحرام بعمرة قبل مضي شهر، فالصواب القصر عليه، كما في الجامع.
فلو كان سبق حرامه بحج لم يدخل إلا محرما بعمرة مفردة وإن لم يمض
شهر، ففي الأخبار العمرة بعد الحج إذا أمكن الموسى من الرأس (2)، انتهى
وهو حسن.
ويعضده عموم أخبار النهي عن الدخول محلا مع سلامته عن المعارض
كما مر.
(الثانية: احرام المرأة كاحرام الرجل) في جميع الأحكام (إلا ما
استثني) سابقا من تغطية الرأس ولبس المخيط والتضليل سائرا وعدم
استحباب رفع الصوت بالتلبية لها ولبس الحرير على الخلاف، بلا خلاف
ظاهرا ولا محكي، وللصحيح الآتي تصنع كما يصنع المحرم.
(ولا يمنعها الحيض) وما في معناه (من الاحرام لكن لا تصلي
له) للصحاح وغيرها.
منها: عن الحائض تحرم وهي حائض، قال: نعم تغتسل وتحتشي
وتصنع كما يصنع المحرم، ولا تصلي (3).
ومقتضاه كغيره أنها كالطاهر، غير أنها لا تصلي ستة الاحرام فتغتسل
أيضا.

(1) وسائل الشيعة: ب 51 من أبواب الاحرام ح 6 و 8 ج 8 ص 219 - 220.
(2) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الاحرام ج 1 ص 320 س 26.
(3) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب الاحرام ح 4 ج 9 ص 65.
353

خلافا لبعضهم فيه (1). وهو ضعيف.
ولو كان الميقات مسجد الشجرة أحرمت منه اجتيازا، فإن تعذر
أحرمت من خارجه.
وعليه يحمل النهي عن دخولها المسجد في الموثق (2)، أو على الدخول مع
اللبث، أو على الكراهة، كما قيل (3).
(ولو تركته) أي الاحرام من الميقات (ظنا) أي لظنها (أنه
لا يجوز) لها الاحرام حتى جاوزت الميقات (رجعت إلى الميقات) وجوبا
(وأحرمت منه) مع الامكان، لتوقف الواجب عليه فيجب مقدمة.
وللصحيح: فإن كان عليها مهلة فلترجع إلى الوقت ولتحرم منه (4).
(ولو دخلت مكة) فكذلك ترجع إلى الميقات أيضا مع الامكان.
(فإن تعذر) الرجوع (أحرمت من أدنى الحل. ولو تعذر) إحرامها
منه (أحرمت من موضعها) للضرورة، ونفي الحرج.
وخصوص الصحيح: عن امرأة كانت مع قوم فطمثت فسألتهم، فقالوا:
ما ندري عليك إحرام أم لا وأنت حائض فتركوها حتى دخلت الحرم،
فقال: إن كانت عليها مهلة فلترجع إلى الوقت ولتحرم منه، وإن لم يكن
عليها وقت فلتخرج إلى ما قدرت عليه، بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما
لا يفوتها (5).

(1) قاله الشهيد الثاني في مناسك حجه كما عن مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام دخول
الحرم ج 7 ص 386.
(2) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب الاحرام ح 2 ج 9 ص 65.
(3) لم نعثر على قائله.
(4) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ح 4 ج 8 ص 238.
(5) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ح 4 ج 8 ص 238.
354

مضافا إلى ما مر في بحث المواقيت، ومر ثمة أن ما اقتضته هذه الرواية
من وجوب العود إلى ما أمكن من الطريق، حيث يتعذر العود إلى الميقات
فتوى الشهيد (1). ويعضده حديث الميسور لا يسقط بالمعسور (2).
قيل: ويمكن حملها على الاستحباب، لعدم وجوب ذلك على الناسي
والجاهل، مع الاشتراك في العذر.
وللموثق: عن أناس من أصحابنا حجوا بامرأة معهم فقدموا إلى الوقت،
وهي لا تصلي، فجهلوا أن مثلها ينبغي أن تحرم فمضوا بها كما هي، حتى
قدموا مكة وهي طامث حلال فسألوا الناس؟ فقالوا: تخرج إلى بعض
المواقيت فتحرم منه، وكان إذا فعلت لم تدرك الحج فسألوا أبا جعفر
- عليه السلام -؟ فقال: تحرم من مكانها قد علم الله نيتها (3) انتهى (4).
والأول أحوط إن لم يتعين، لامكان تقييد الموثقة بصورة عدم الامكان.
وهو أولى من الحمل على استحباب، سيما مع صحة سند المقيد دون الموثق.
(القول في الوقوف بعرفات)
(والنظر فيه في المقدمة، والكيفية، واللواحق)
(أما المقدمة فتشتمل (5) على مندوبات خمسة):
أحدها: (الخروج إلى منى بعد صلاة الظهرين يوم التروية) عند

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج في إحرام الحائض ج 1 ص 341.
(2) عوالي اللئالي: ح 205 ج 4 ص 58 وفيه (لا يترك الميسور بالمعسور).
(3) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب المواقيت ح 6 ج 8 ص 239.
(4) والقائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في إحرام المرأة ج 7 ص 387.
(5) في المتن المطبوع: والمقدمة تشتمل.
355

جماعة (1)، للصحيح: إذا كان يوم التروية إن شاء الله تعالى فاغتسل، ثم
البس ثوبيك، وادخل المسجد حافيا، وعليك السكينة والوقار، ثم صل
الركعتين عند مقام إبراهيم - عليه السلام -، أو في الحجر، ثم اقعد حتى
تزول الشمس فصل المكتوبة، ثم قل في دبر صلاتك، الحديث (2).
وليس فيه التصريح بالظهرين، وغايته المكتوبة، وظاهره الظهر
خاصة، كما عليه جماعة (3).
ويعضده عموم الأخبار باستحباب إيقاع الاحرام عقيب فريضة (4).
خلافا لآخرين، فاستحبوا الخروج إلى منى قبل صلاة الظهرين (5)،
للصحيح: الآخر إذا انتهيت إلى منى فقل - إلى أن قال -: ثم تصلي بها الظهر
والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والفجر، والإمام يصلي بها الظهر لا يسعه
إلا ذلك وموسع لك أن تصلي بغيرها إن لم تقدر (6).
وقريب منه آخر عن الوقت الذي يتقدم فيه إلى المنى (7)، الذي ليس له
وقت أول منه، فقال: إذا زالت الشمس (8).

(1) منهم الشيخ في المبسوط: كتاب الحج فصل في ذكر الاحرام بالحج ونزول منى... ج 1 ص 364،
والعلامة في تذكرة الفقهاء كتاب الحج، في الوقوف بعرفات ج 1 ص 370 س 21.
(2) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 2.
(3) منهم النهاية: كتاب الحج باب نزول منى ص 249، والمهذب: كتاب الحج باب الخروج إلى
منى بعد الاحرام ج 1 ص 245.
(4) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب الاحرام ج 9 ص 26.
(5) المقنعة: كتاب الحج باب نزول منى ص 408، وجمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى):
كتاب الحج في سيرة الحج وترتيب أفعاله ج 3 ص 68.
(6) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب احرام الحج ح 2 ج 10 ص 7، حيث ذكر صدر الحديث فيه،
وقد ذكر ذيله في ب 4 من أبواب احرام الحج ح 5 ج 10 ص 6.
(7) كذا في النسخ.
(8) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 3.
356

وجمع بين الأخبار جماعة من المتأخرين بالتخيير لمن عدا الإمام،
واستحبوا فيه الأخذ بالقول الثاني (1).
وهو حسن بالإضافة إلى ما اختاروه للإمام، لما يأتي.
وأما بالإضافة إلى غيره فله وجه، غير أن اختيار الأول أحوط، لقوة
احتمال ورود الأخبار الأخيرة للتقية، فقد نقل القول بمضمونها عن العامة.
مضافا إلى اعتضاد الأول بما مر، وبما استدل له في المختلف، بأن
المسجد الحرام أفضل من غيره، فاستحب إيقاع الفريضتين فيه (2).
ثم إن ظاهر الرواية الأخيرة أنه لا يجوز الخروج إلى منى قبل الزوال،
كما صرح به الشيخ في التهذيب (إلا لمن يضعف عن الزحام) كالمريض
والشيخ الكبير، والمرأة التي تخاف ضغاط الناس وغيرهم من ذوي
الأعذار، قال: فلا بأس أن يتقدمه بثلاثة أيام، فأما ما زاد عليه فلا يجوز
على كل حال (3).
أقول: وله بكلا الأمرين الموثق (4)، وهو أحوط، وإن ذكر الفاضل في
المنتهى أن مراد الشيخ ب‍ (لا يجوز) شدة الاستحباب، مشعرا بدعوى الاجماع عليه (5).
(والإمام) يعني أمير الحاج كما صرح به جماعة (6) من الأصحاب
(يتقدم) في خروجه (ليصلي الظهرين (7) بمنى) للصحاح

(1) منهم مدارك الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ص 464 س 25.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أفعال الحج ص 269 س 13.
(3) تهذيب الأحكام: ب 12 في نزول منى ج 5 ص 175.
(4) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 4.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 2 ص 175 س 29.
(6) منهم: مدارك الأحكام: كتاب الحج في مقدمة الوقوف بعرفة ج 7 ص 388، والحدائق الناضرة: كتاب الحج في من هو الإمام هنا ج 16 ص 354.
(7) في المتن المطبوع: الظهر.
357

المستفيضة (1)، وإن اختلفت في التعبير ب‍ (لا يسعه إلا ذلك) المفيد للزوم،
كما هو ظاهر الشيخ في التهذيب (2)، أو ب‍ (لا ينبغي) الظاهر في
الاستحباب، كما عليه الأصحاب، وأجرى الحمل السابق في كلام الشيخ
في كلامه هنا أيضا الفاضل في المنتهى (3).
وهذه الصحاح حجة على من أطلق استحباب الخروج بعد الفريضة من
الأصحاب.
وكما يستحب الخروج في هذا اليوم يستحب إيقاع الاحرام فيه، وفي
المنتهى أنه لا يعلم فيه خلافا (4)، وعن التذكرة الاجماع عليه (5).
خلافا لابن حمزة (6) فأوجب الاحرام فيه.
قيل: ولعله لورود الأمر به في الصحيح الماضي ويندفع بالأصل مع
كون أكثر أوامر الخبر له للندب (7).
(و) ثانيها (المبيت بها) أي بمنى للإمام وغيره (حتى يطلع
الفجر) من يوم عرفة لبعض الصحاح المتقدمة.
(و) ثالثها أن (لا يجوز وادي محسر) بكسر السين، وهو حد منى
إلى جهة عرفة (حتى تطلع الشمس) على الأشهر، بل قيل: بتحريمه،
للنهي عنه في الصحيح، وهو أحوط (8).

(1) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب احرام الحج ج 10 ص 5، انظر الباب.
(2) تهذيب الأحكام: ب 4 من أبواب نزول منى ح 10 ج 10 ص 177 - 178.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 2 ص 715 س 14.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في أفعال الحج ج 2 ص 714 س 7.
(5) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في أفعال الحج ج 1 ص 370 س 2.
(6) الوسيلة: كتاب الحج في بيان الاحرام بالحج ونزول منا ص 176.
(7) كشف اللثام: كتاب الحج في احرام الحج ج 1 ص 351 س 27.
(8) القائل هو صاحب مدارك الأحكام في الوقوف بعرفات ج 7 ص 391.
358

(ويكره الخروج) من منى للإمام وغيره (قبل الفجر) في المشهور.
وقيل: للأمر بصلاته فيها في الصحيح المتقدم (1)، وللصحيح: هل
صلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - الظهر بمنى يوم التروية؟ قال: نعم
والغداة بمنى يوم عرفة (2).
وفيهما نظر، ولذا قيل: يمكن المناقشة في الكراهة، لعدم الظفر بما
يتضمن النهي عن ذلك. نعم لا ريب أنه خلاف الأولى (3).
والأجود الاستدلال عليه بالنهي عن الجواز عن وادي محسر قبل طلوع
الشمس، فإنه بإطلاقه يشمل محل البحث، ولعله لذا قيل: بتحريمه (4)
هنا، كما فيما سبق.
فالمسألة من متفرعات الخلاف السابق. فتأمل.
والكراهة ثابتة لكل أحد (إلا المضطر) وذوي الأعذار (كالخائف
والمريض) فإن الضرورات تبيح المحضورات فضلا عن المكروهات.
قيل: وللصحيح: إنا مشاة فكيف نصنع؟ فقال - عليه السلام -: إما
أصحاب الرجال فكانوا يصلون الغداة بمنى، وأما أنتم فامضوا حتى تصلوا في
الطريق (5).
(ويستحب للإمام الإقامة بها حتى تطلع الشمس) استحبابا
مؤكدا، للصحاح (6).

(1) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في نزول منى ج 1 ص 353 س 41.
(2) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الحج ح 4 ج 10 ص 6.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مقدمة الوقوف بعرفة ج 7 ص 392.
(4) النهاية: كتاب الحج باب الغدو إلى عرفات ص 249 - 250، المهذب: كتاب الحج أحكام الوقوف بعرفات ج 1 ص 251.
(5) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 8.
(6) وسائل الشيعة ب 4 من أبواب احرام الحج ح 1 - 2 - 6 ج 10 ص 5، 6 ومستدرك الوسائل ب 7
من أبواب احرام الحج ح 1، 2 ج 10 ص 18.
359

وفي التحرير أن الأفضل لغير الإمام ذلك أيضا، ولو خرج قبل طلوعها
جاز، لكن لا يجوز وادي محسر حتى تطلع الشمس، والإمام لا يخرج حتى
تطلع الشمس (1).
وفيه نوع اشعار بوجوب ذلك على الإمام، وأكثر النصوص ظاهرة في
الاستحباب (2).
وفي المرسل: أن السنة أن لا يخرج الإمام من منى إلى عرفة حتى تطلع
الشمس (3).
وفي الصحيح: في التقدم من منى إلى عرفات قبل طلوع الشمس، قال:
لا بأس به، الحديث (4). فتدبر.
(و) رابعها، وخامسها: (الدعاء عند) التوجه إليها (ونزولها،
وعند الخروج منها) بالمأثور.
ففي الصحيح: إذا توجهت إلى منى فقل: اللهم إياك أرجوا وإياك
ادعوا، فبلغني أملي وأصلح لي عملي.
وفيه: إذا انتهيت إلى منى فقل: اللهم هذه منى وهذه مما مننت بها علينا
من المناسك، فأسألك أن تمن علي بما مننت به على أنبيائك، فإنما أنا
عبدك وفي قبضتك.

(1) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 101 س 26.
(2) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب احرام الحج ح 1 - 2 - 6 ج 10 ص 5، 6، ومستدرك الوسائل: ب 7
من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 18.
(3) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب احرام الحج ح 2 ج 10 ص 8.
(4) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب احرام الحج ح 3 ج 10 ص 8.
360

وفيه: إذا غدوت إلى عرفة فقل وأنت متوجه إليها: اللهم إليك صمدت
وإياك اعتمدت ووجهك أردت، فأسألك أن تبارك لي في رحلتي وتقضي
في حاجتي، وأن تجعلني اليوم ممن تباهي به من هو أفضل مني (1).
(وأما الكيفية: فالواجب فيها النية) المشتملة على قصد الفعل
المخصوص متقربا خاصة على الأظهر، على ما مر في الطهارة، أو مع
الوجوب، كما في التحرير (2) والمنتهى (3)، أو مع الكون لحج التمتع أو غيره
حج الاسلام أو غيره، كما عن التذكرة (4). وهما أحوط، وعنها (5) وعن
السرائر الاجماع على وجوبها عندنا (6).
خلافا للعامة فلم يوجبوها، والأدلة العامة عليهم حجة.
قيل: ووقتها بعد الزوال، سواء وجب الوقوف منه إلى الغروب، أو كفى
المسمى، ويجب على الأول المبادرة إليها بعد تحققه، فلو أخر أثم وأجزأ، كما
في الدروس (7).
وأشار بقوله (سواء وجب الوقوف إلى آخره) إلى الخلاف الآتي.
(والكون بها) أي بعرفات اختيار (إلى الغروب) المعتبر عندنا
بزوال الحمرة المشرقية - على ما عرفته - فلا يجوز التأخير عنه إجماعا، كما في

(1) تهذيب الأحكام: ب 12 من أبواب نزول منى ح 9 و 10 ج 5 ص 177 - 178، وسائل الشيعة: ب 6
و 8 من أبواب احرام الحج ح 1 - 2 و 1 ج 10 ص 7، 9.
(2) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 101 س 33.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في كيفية الوقوف بعرفات ج 2 ص 716 س 25.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في كيفية الوقوف بعرفة وسننه ص 371 س 18.
(5) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في كيفية الوقوف بعرفة وسننه ص 371 س 16.
(6) السرائر: كتاب الحج باب الاحرام بالحج ج 1 ص 586.
(7) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 354 س 36.
361

كلام جماعة (1)، وللمعتبرة وفيها الصحيح وغيره (3).
قيل: وما في الخلاف والمبسوط من أن وقت الوقوف فجر يوم العيد فهو
مجموع الاختياري والاضطراري، فلا يرد عليه ما في السرائر من مخالفته
للاجماع (3).
ومبدأه من زوال الشمس يوم التاسع، بمعنى عدم جواز تقديمه عليه
باجماع من عدا أحمد، فإنه جعله من طلوع فجره، كما في المنتهى (4) وغيره،
وهو الظاهر من أخبارنا فعلا وقولا.
وعلى هذا فوقته الاختياري من الزوال إلى الغروب.
وهل يجب الاستيعاب حتى إن أخل به في جزء منه أثم وإن تم حجه،
كما هو ظاهر الشهيدين في الدروس (5) واللمعة وشرحها (6)، بل صريح
ثانيهما، أم يكفي المسمى ولو قليلا، كما عن السرائر (7)، وعن التذكرة (8) إنما
الواجب اسم الحضور في جزء من أجزاء عرفة ولو مجتازا مع النية، وربما
يفهم هذا أيضا عن المنتهى (9)؟ إشكال.

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 371 س 19 ومدارك الأحكام: كتاب
الحج في الوقوف بعرفات ص 465 س 27.
(2) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الاحرام الحج ج 10 ص 29 - 30.
(3) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 1 ص 354 س 11.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 2 ص 720 س 6.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 419.
(6) اللمعة الدمشقية والروضة البهية: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 2 ص 270.
(7) السرائر: كتاب الحج في باب الغدو إلى عرفات ج 1 ص 587.
(8) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في سنن عرفة ومستحباتها ج 1 ص 372 س 34.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الوقوف بعرفات ج 2 ص 720 س 15.
362

وينبغي القطع بفساد القول الأول لمخالفته، لما يحكى عن ظاهر
الأكثر، والمعتبرة المستفيضة بأن الغسل وصلاة الظهرين.
ففي الصحيح: الوارد في صفة حج النبي - صلى الله عليه وآله -: أنه
- صلى الله عليه وآله - انتهى إلى نمرة فضرب قبته وضرب الناس أخبيتهم
عندها، فلما زالت الشمس خرج رسول الله - صلى الله عليه وآله - ومعه
قريش وقد اغتسل وقطع التلبية حتى وقف بالمسجد، فوعظ الناس وأمرهم
ونهاهم، ثم صلى الظهر والعصر بأذان واحد وإقامتين ثم مضى إلى الموقف
فوقف به (1).
وفيه: فإذا انتهيت إلى عرفات فاضرب خباك بنمرة، وهي بطن عرفة
دون الموقف ودون عرفة، فإذا زالت الشمس يوم عرفة فاغتسل وصل الظهر
والعصر بأذان وإقامتين، وإنما يعجل العصر ويجمع بينما لتفرغ نفسك
للدعاء، يوم دعاء ومسألة (2)، الحديث.
وفي الموثق - كما في كلام جماعة (3) بل الصحيح كما في المنتهى (4) -:
إنما يعجل الصلاة ويجمع بينهما لتفرغ نفسك للدعاء، فإنه يوم دعاء ومسألة،
ثم يأتي الموقف وعليه السكينة الحديث (5)، إلى غير ذلك من النصوص.
والأحوط العمل بمقتضاها وإن كان القول بكفاية مسمى الوقوف لا يخلو

(1) تهذيب الأحكام: ب 26 كتاب الحج في الزيادات في فقه الحج ح 234 ج 5 ص 456، ووسائل
الشيعة: ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 4 ج 8 ص 152.
(2) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 9.
(3) منهم: ذخيرة المعاد: كتاب الحج في احرام الحج ص 652 س 34.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 2 ص 718 س 24.
(5) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 15.
363

عن قرب، للأصل النافي للزائد، بعد الاتفاق على كفاية المسمى في
حصول الركن منه. وعدم اشتراط شئ زائد منه فيه، مع سلامته عن
المعارض، سوى الأخبار المزبورة، ودلالتها على الوجوب غير واضحة.
أما ما تضمن منها الأمر بإتيان الموقف بعد الصلاتين فلا تفيد الفورية،
ومع ذلك منساق في سياق الأوامر المستحبة.
وأما ما تضمن منها فعله - صلى الله عليه وآله - فكذلك، بناء على عدم
وجوب التأسي.
وعلى تقدير وجوبه في العبادة، فإنما غايته الوجوب الشرطي
لا الشرعي، وكلامنا فيه لا في سابقه، للاتفاق - كما عرفت - على عدمه.
(ومن لم يتمكن (1) من الوقوف) بها (نهارا أجزأه الوقوف) بها
(ليلا) قليلا (ولو قبل الفجر) متصلا به إذا علم أنه يدرك المشعر قبل
طلوع الشمس بلا خلاف فيه على الظاهر المصرح به في كلام جماعة (2)، وفي
المنتهى (3) أنه قول علماء الإسلام كافة.
أقول: والصحاح به مع ذلك مستفيضة.
منها: في رجل أدرك الإمام بجمع، فقال: له إن ظن أنه يأتي عرفات
فيقف بها قليلا ثم يدرك جمعا قبل طلوع الشمس فليأتها، وإن ظن أنه
لا يأتيها حتى يفيض الناس من جمع فلا يأتها وقد تم حجه (4). ونحوه
غيره (5).

(1) في المتن المطبوع: ولو لم يتمكن.
(2) منهم تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في وقت الوقوف بعرفة ج 1 ص 372 س 41، وذخيرة المعاد:
كتاب الحج في الوقوف بعرفات ص 653 س 22.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الوقوف بعرفة ج 2 ص 721 س 14.
(4) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 55 - 56.
(5) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 - 3 - 4 ج 10 ص 56.
364

وفي المنتهى: وجاز له أن يدفع عن عرفات أي وقت شاء بلا خلاف،
ولا دم عليه إجماعا (1).
أقول: وهو ظاهر ما مر من الصحاح.
(ولو أفاض) وذهب من عرفات (قبل الغروب عامدا عالما
بالتحريم) أثم، و (لم يبطل حجه) إجماعا على الظاهر المصرح به في
بعض العبائر (2).
وفي المنتهى: أنه ووجوب جبره بدم قول عامة أهل العلم عدا مالك (3).
وهو الحجة.
مضافا إلى الصحيح: عن رجل أفاض من عرفات قبل أن تغيب
الشمس، قال: عليه بدنة ينحرها يوم النحر، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر
يوما بمكة أو في الطريق (4). ونحوه في إيجاب البدنة وبدلها آخر، والخبر (5).
ومن هذه الأخبار يستفاد الوجه في قوله: (وجبره ببدنه) وعليه
المشهور، بل عن الغنية (6) الاجماع عليه.
خلافا للصدوقين فبدم شاة (7)، ولم أعرف مستنده.
ولكن عن الجامع: وروي شاة (8)، وعن الخلاف أنه عليه دما،

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الوقوف بعرفة ج 2 ص 721 س 17.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الوقوف بعرفة ج 7 ص 398
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الوقوف بعرفة ج 2 ص 720 س 28.
(4) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب احرام الحج ح 2 ج 10 ص 30.
(5) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب احرام الحج ح 2 ج 10 ص 30.
(6) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 518 س 9.
(7) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الإفاضة من عرفات ص 23 س 9، ومختلف الشيعة:
كتاب الحج في أفعال الحج ص 299 س 38.
(8) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الوقوف في عرفة ص 207.
365

للاجماع، والاحتياط، والنبوي: من ترك نسكا فعليه دم (1).
قيل: ولو لم يكن في المسألة إلا هذا الخبر كان مؤيدا لقولهما، مع أصل
البراءة من الزائد، بل انصراف إطلاقه إلى الشاة (2)، انتهى. وهو حسن.
لكن لا محيص عن المشهور، بعد أن دلت عليه ما مر من النصوص.
وهي الحجة في قوله: (ولو عجز) عنها (صام ثمانية عشر يوما).
ويستفاد من الرواية الأولى جواز صوم هذه الأيام في السفر، وعدم
وجوب المتابعة فيها تصريحا في الأول (3)، وإطلاقا في الثاني (4)، كما فيما
عداها. وبالأمرين صرح جماعة (5).
خلافا للدروس فأوجب المتابعة (6). وهو أحوط وإن لم أعرف مستنده.
ثم إن كل ذا إذا لم يعد قبل الغروب، وإلا فالأقوى سقوطها وإن أثم،
للأصل، واختصاص النصوص المتقدمة المثبتة لها بحكم التبادر، وغيره
بصورة عدم الرجوع قبل الغروب. ولو رجع بعد الغروب لم يسقط قطعا،
لأصالة البقاء.
(ولا شئ عليه لو كان) في إفاضته قبل الغروب (جاهلا أو
ناسيا) بلا خلاف أجده، بل عليه في ظاهر جماعة الاجماع (7)، وعن ظاهر

(1) الخلاف: كتاب الحج في وقت الوقوف ج 2 ص 338 - 339.
(2) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 355 س 2.
(3) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب احرام الحج ت 3 ج 10 ص 30.
(4) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب احرام الحج ح 2 ج 10 ص 30.
(5) منهم المقدس الأردبيلي في مجمع الفائدة: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 7 ص 306،
وصاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الوقوف بعرفات ج 7 ص 399،
والسبزواري في ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ص 653 س 22.
(6) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ص 121 س 10.
(7) منهم مدارك الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 7 ص 398، والحدائق الناضرة:
كتاب الحج في حكم الإفاضة من عرفات ج 16 ص 38.
366

المنتهى (1) والتذكرة (2) أنه موضع وفاق بين العلماء كافة. وهو الحجة.
مضافا إلى الصحيح: في الجاهل إن كان جاهلا فلا شئ عليه، وإن
كان متعمدا فعليه بدنة (3).
وبه يقيد إطلاق ما مر من المعتبرة.
ولو علم الجاهل أو ذكر الناسي قبل الغروب وجب عليه العود مع
الامكان، فإن أخل به قيل كان كالعامد (4).
(ونمرة) بفتح النون وكسر الميم وفتح الراء، قيل: ويجوز إسكان
ميمها، وهي: الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت من
المأزمين الوقف، كذا في تحرير النوري والقاموس وغيرهما. وفي
الأخبار: أنها بطن عرنة (5).
(وثوية) بفتح المثلثة وكسر الواو وتشديد الياء المثناء من تحت
المفتوحة، كما في كلام جماعة (6)، قيل: بعد الضبط المذكور مع السكوت
عن حال الواو مطلقا كما في السرائر (7). ولم أظفر لها في كتب اللغة بمميز.
(وذو المجاز) قيل: وهو سوق كانت على فرسخ من عرفة بناحية
كبكب (8).

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الوقوف بعرفة ج 2 ص 721 س 6.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في أحكام الوقوف بعرفة ج 1 ص 373.
(3) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 30.
(4) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 112 س 27.
(5) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 1 ص 354 س 18.
(6) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 112 س 25، ومدارك الأحكام:
كتاب الحج في واجبات الوقوف بعرفة ج 7 ص 396.
(7) السرائر: كتاب الحج باب الغدو إلى عرفات ج 1 ص 587.
(8) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 1 ص 354 س 19.
367

(وعرنة) بضم العين المهملة وفتح الراء والنون، قيل: وفي لغة
بضمتين، قال: المطرزي واد بحذاء عرفات، وبتصغيرها سميت عرينة،
وهي قبيلة ينسب إليها العرنيون، وقال السمعاني: أنها واد بين عرفات
ومنى (1).
(والأراك) بفتح الهمزة كسحاب، قيل: هو موضع بعرفة قريب نمرة
قاله في القاموس (2) (حدود) لعرفة (فلا يجزئ) الوقوف بها) بلا خلاف
أجده، وبه صرح في الذخيرة (3)، بل عليه الاجماع في عبائر جماعة (4).
وفي المنتهى أنه مذهب الجمهور كافة، إلا ما حكي عن مالك أنه لو
وقف ببطن عرنة أجزأه ولزم الدم (5). والمعتبرة به مع ذلك مستفيضة.
ففي الصحيح: وحد عرفة من بطن عرنة وثوية ونمرة إلى ذي المجاز
وخلف الجبل موقف (6).
وفي الموثق: واتق الأراك ونمرة وهي بطن عرنة وثوية وذي المجاز فإنه
ليس من عرفة فلا تقف فيه (7).
وفي الصحيحين: حد عرفات من المأزمين إلى أقصى الموقف (8)، كما

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 1 ص 354 س 16.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الوقوف بعرفة ج 7 ص 396.
(3) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في احرام الحج ص 652 س 11.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الوقوف بعرفة ج 7 ص 395.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 2 ص 722 س 3.
(6) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 10 - 11.
(7) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب احرام الحج ح 6 ج 10 ص 11.
(8) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب أحرم الحج ح 2 ج 10 ص 11.
368

عن العماني (1) والحلبي (2)، لكن أسقط لفظ الأقصى، وكذا عن
الإسكافي (3)، إلا أنه بدل قوله: (إلى الموقف) بقوله: (إلى الجبل).
وفي المختلف (4): ولا تنافي بين القولين، يعني ما في الكتاب واحد
هذين القولين، لأن ذلك كله حدود عرفة، لكن من جهات متعددة.
(والمندوب: أن يضرب خباءه بنمرة) للصحيحين فعلا في
أحدهما (5)، وأمرا في الآخر (6).
(وأن يقف في السفح) أي سفح الجبل، أي أسفله، كما عن
الجوهري (7)، للخبر (8).
وفي الموثق: عن الوقوف بعرفات فوق الجبل أحب إليك أم على
الأرض؟ فقال: على الأرض (9).
(مع مسيرة الجبل) للصحيح (10).
والظاهر على ما ذكره جماعة: أن المراد مسيرة القادم إليه من مكة (11)،

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في بيان حد عرفات ص 298 س 17.
(2) الكافي في الفقه: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ص 196.
(3) كما في مختلف الشيعة: كتاب الحج في بيان حد عرفات ص 298 س 18.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في بيان حد عرفات ص 298 س 20.
(5) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 4 ج 8 ص 150 - 152 - 153.
(6) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 9. (
(7) الصحاح للجواهري: ج 1 ص 375 مادة (سفح).
(8) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفة ح 2 ج 10 ص 13.
(9) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب احرام الحج ح 5 ج 10 ص 11.
(10) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 13.
(11) منهم صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 1 ص 354 س 29، ومدارك
الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ص 368 س 1، وذخيرة الأحكام: كتاب الحج في
الوقوف بعرفات ص 653 س 41.
369

وحكى بعضهم قولا بميسرة المستقبل للقبلة، قال: ولا دليل عليه (1).
قال الشهيد: ويكفي في القيام بوظيفة الميسرة لحظة ولو في مروره (2).
(في السهل) دون الحزن، قيل: لتيسر الاجتماع والتضام المستحب
- كما يأتي - وغير السهل لا يتيسر فيه ذلك إلا بتكلف (3).
(وأن يجمع رحله) ويضم أمتعته بعضها إلى بعض، ليأمن عليها
الذهاب، ويتوجه بقلبه إلى الدعاء.
(ويسد الخلل) والفرج الكائنة على الأرض (به) أي برحله
(وبنفسه) وأهله، بأن لا يدع بينه وبين أصحابه فرجة، للصحيح (4)،
وغيرة (5).
وأن يصرف زمان الوقوف كله في الذكر (والدعاء) كما يستفاد من
الأخبار (6)، وعن الحلي القول بوجوبه (7). وهو نادر، وفي المنتهى بعد
الحكم بالاستحباب وعدم الوجوب: ولا نعلم في ذلك خلافا (8).
وأن يكون حال الدعاء (قائما) كما هنا وفي الشرائع (9) والقواعد (10)
وغيرها.

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 1 ص 354 س 29.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 1 ص 418.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مندوبات الوقوف بعرفة ج 7 ص 415.
(4) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب احرام الحج ح 2 ح 10 ص 15.
(5) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب احرام الحج ح 1 ج 10 ص 15.
(6) الكافي في الفقه: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ص 197.
(7) الكافي في الفقه: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ص 197.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 2 ص 719 س 14.
(9) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 255.
(10) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 1 ص 86 س 8.
370

وعلل تارة بأنه إلى الأدب أقرب، وفيه نظر.
وأخرى: بأنه أفضل أفراد الكون الواجب، لكونه أشق، وأفضل
الأعمال أحمزها، وعن ظاهر التذكرة الاتفاق على أن الوقوف راكبا أو
قاعدا مكروهان وأنه يستحب قائما داعيا (1).
واستثنى جماعة بما لو نافى ذلك الخشوع، لشدة التعب ونحوه،
فيستحب جالسا (2)، ولا بأس به.
(ويكره الوقوف في أعلى الجبل) لما مر، وقيل: المنع (3)، وفيه
نظر، وإن كان أحوط إلا لضرورة، فلا كراهة ولا تحريم إجماعا كما عن التذكرة (4).
وللموثق: فإذا كان بالموقف وكثروا كيف يصنعون؟ قال: يرتفعون
الجبل (5).
(وقاعدا وراكبا) (6) لما مضى.
(وأما اللواحق فمسائل) ثلاث:
(الأولى): مسمى (الوقوف) بعرفة (ركن، فإن تركه عامدا
بطل حجه) إجماعا، كما في كلام جماعة (7) وعن التذكرة (8) وفي

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 317 س 16.
(2) منهم مدارك: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ص 468، س 38، وذخيرة المعاد: كتاب
الحج في الوقوف بعرفة ص 655 س 7.
(3) المهذب: كتاب الحج باب أحكام الوقوف بعرفات ج 1 ص 251، والسرائر: كتاب الحج باب
الغدو إلى عرفات ج 1 ص 587.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقف بعرفات ج 1 ص 372، س 4 إلا أنه ليس فيه الاجماع.
(5) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب احرام الحج والوقوف بعرفه ح 4 ج 10 ص 13.
(6) في المتن المطبوع والشرح الصغير: أو راكبا.
(7) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الوقوف ج 1 ص 421، مفاتيح الشرائع: كتاب الحج
ما يعتبر في الكون بعرفة ج 1 ص 245.
(8) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 1 ص 373 س 2.
371

المنتهى (1) وغيره: أنه قول علماء الإسلام، لفحوى الأخبار بأنه لا حج
لأصحاب الأراك وأن الحج عرفة (2).
وما ورد بخلافه شاذ مؤول.
وإطلاق العبارة ونحوها، بل ظاهرها يقتضي عدم الفرق في الحكم
بالبطلان بترك الوقوف عمدا بين قسميه الاختياري والاضطراري، حتى لو
ترك الاختياري عمدا بطل الحج مطلقا وإن أتى بالاضطراري.
وكذا لو ترك الاضطراري عمدا حيث يفوته الاختياري مطلقا، وهو
الموافق للأصول، لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه.
وليس فيما يدل على كفاية الاضطراري عموم يشمل نحو ما نحن فيه،
لاختصاصه بغيره، كما يأتي.
نعم في القواعد قصر الحكم على الاختياري، فقال: الوقوف الاختياري
بعرفة ركن من تركه عمدا بطل حجه (3).
وهو مشعر بأن الاضطراري ليس كذلك، فلو تركه حيث يتعين عليه
عمدا لم يبطل حجه، ولا دليل عليه.
ولذا قيل: إنما اقتصر عليه ليعلم أنه لا يجزئ الاقتصار على الاضطراري
عمدا، بل من ترك الاختياري عمدا بطل حجه وإن أتى بالاضطراري (4).
وهو حسن.
(وإن كان، (5) تركه (ناسيا تداركه ليلا ولو إلى الفجر) متصلا

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الوقوف بعرفات ج 2 ص 719 س 21.
(2) وسائل الشيعة: ب 10 و 19 من أبواب احرام الحج 1 و 10 و 11 ج 10 ص 11 و 25.
(3) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 1 ص 86 س 9.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 355 س 39.
(5) في المتن المطبوع: ولو كان.
372

به إذا علم أنه يدرك المشعر قبل طلوع الشمس، لما مر من الاجماع،
والصحاح فيمن لا يتمكن من الوقوف نهارا أجزأه ليلا.
وهي وإن قصرت عن التصريح بالناسي، إلا أنه مستفاد من التعليل
في بعضها بأن الله تعالى أعذر لعبده للنسيان، فإن النسيان من أقوى
الأعذار.
بل قيل: يمكن الاستدلال به على عذر الجاهل، كما هو ظاهر اختيار
الدروس، ويدل عليه عموم قول النبي - صلى الله عليه وآله - من أدرك
عرفات بليل فقد أدرك الحج، وقول الصادق - عليه السلام -: من أدرك
جمعا فقد أدرك الحج (1).
وهو حسن حيث يكون الجهل عذرا، بأن يكون ساذجا لم يشبه تقصيرا
أصلا، وإلا فمشكل.
ولعل في اشترط العبارة النسيان إشعارا باختصاص الحكم به.
ولا ينافيه اشتراط التعمد في البطلان سابقا، لاحتمال كون الجهل
المشوب بالتقصير عند المصنف عمدا.
ثم إن وجوب التدارك ليلا إنما هو مع الامكان، ويتحقق بعلمه
بإدراك المشعر قبل طلوع الشمس لو وقف بها، كما قدمنا. وكذا لو ظن
ذلك، كما في صريح الأخبار (2)، وينتفي بظن الخلاف كما فيها.
وفي تحققه باحتمال الأمرين على السواء إشكال، بل قولان.
ومفهوم الشرط الظن في الأخبار متعارضة، فلم يبق فيها ما يدل على
شئ من القولين وإن توهم لأحدهما، وهو نفي الامكان بذلك والاجتزاء

(1) والقائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في تروك الاحرام ج 7 ص 402.
(2) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ج 10 ص 55.
373

بالمشعر.
نعم في بعض الأخبار ما يرشد إليه، وفيه: إن ظن أن يدرك الناس
بجمع قبل طلوع الشمس فليأت عرفات، وإن خشي أن لا يدرك جمعا
فليقف بجمع ثم ليفض مع الناس فقد تم حجه (1).
وإطلاقه صدرا وذيلا، مفهوما ومنطوقا دال على ذلك إلا أنه قاصر
سندا، لكن لا بأس به، والله سبحانه أعلم.
(ولو فاته) (2) التدارك ليلا أيضا (اجتزأ) بالوقوف (بالمشعر)
اجماعا بسيطا، كما في كلام جماعة (3)، وعن الانتصار (4) والخلاف (5)
والغنية (6) والجواهر (7).
ومركبا كما في المنتهى (8) وعن الانتصار (9) أيضا، فإن من أوجب
الوقوف بالمشعر أجمع على الاجتزاء باختياريته إذا فات الوقوف بعرفة لعذر.
وهو الحجة، مضافا إلى الصحاح المستفيضة المتقدم إليها الإشارة.
(الثانية) قد ظهر مما سبق: أنه (لو فاته الوقوف الاختياري)
بعرفة لعذر مطلقا (وخشي طلوع الشمس) من يوم النحر (لو رجع)

(1) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3 ج 10 ص 56.
(2) في المتن المطبوع: ولو فات.
(3) منهم مدارك الأحكام: كتاب الحج في الوقوف في عرفات ج 7 ص 451 وكشف اللثام: كتاب
الحج في الوقوف في عرفات ج 1 ص 355 س 41 - 42.
(4) الإنتصار: كتاب الحج في الوقوف بمشعر الحرام ص 90.
(5) الخلاف: كتاب الحج م 162 الوقوف بالمزدلفة ركن ج 2 ص 342.
(6) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الموقوف بعرفة ص 518 س 4.
(7) الجواهر: (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 418 س 24.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بعرفة ج 2 ص 720 س 23.
(9) الإنتصار: كتاب الحج في الوقوف بمشعر الحرام ص 90.
374

والأولى وقف أو أتى ونحوهما إلى عرفات ليتدارك الوقوف ليلا (اقتصر
على) الوقوف ب‍ (المشعر ليدركه قبل طلوع الشمس).
(ولو أدرك عرفات قبل الغروب ولم ينفق له المشعر حتى طلعت
الشمس) من يوم النحر (أجزأه الوقوف به) أي بالمشعر (ولو قبل
الزوال) من يومه بغير خلاف أجده، بل عليه الاجماع في المنتهى (1)، وفي
التذكرة (2) وفي التنقيح (3) وغيره (4) بلا خلاف.
للصحيح أو ما يقرب منه: في رجل أفاض من عرفات إلى منى، قال:
فليرجع فليأت جمعا فيقف بها وإن كان الناس أفاضوا من جمع (5) ونحوه الموثق (6).
وكذا لو عكس فأدرك اختياري المشعر واضطراري عرفة أجزأه
بلا خلاف، كما في التنقيح (7) وغيره (8)، مشعرين بالاجماع، كما في
صريح المنتهى (9)، وعن الانتصار (10) والخلاف (11) والجواهر (12)

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 2 ص 782 س 9.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 1 ص 375 س 19.
(3) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 1 ص 480.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 658 س 21.
(5) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 55.
(6) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 55.
(7) التنقيح الرائع: كتاب الحج القول في الوقوف بالمشعر ح 1 ص 480.
(8) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 467 س 9.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 2 ص 728 س 19.
(10) الإنتصار: كتاب الحج ص 90.
(11) الخلاف: كتاب الحج م 162 الوقوف بالمزدلفة ج 2 ص 342.
(12) الجواهر: (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 418 س 24.
375

والتذكرة (1)، وعموم أخبار من أدرك المشعر فقد أدرك الحج (2)، وهي
صحاح مستفيضة. وسيأتي إلى جملة منها الإشارة وخصوص الصحاح
المستفيضة المتقدمة فيمن لم يتمكن من الوقوف بعرفة نهارا أجزأه الوقوف بها
ليلا وهي صريحة في إجزاء اختياري المشعر وحده وعليه الاجماع في كلام
جماعة (3).
وفي إجزاء اختياري عرفة وحده إشكال ذكره الفاضل في المنتهى (4)
والتحرير (5)، وحكي عنه في التذكرة (6).
قيل: من عموم الصحيح: إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج (7).
وفي المرسل: الوقوف بالمشعر فريضة، والوقوف بعرفة سنة (8).
والخبر: وإن لم يأت جمعا حتى تطلع الشمس فهي عمرة مفردة ولا حج
له (9).
ومما اشتهر من النبوي الحج عرفة (10). لكن لم نره مسندا من طريقنا.
والحسن: الحج الأكبر الموقف بعرفة ورمي الجمار (11).

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 1 ص 375 س 20.
(2) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ج 10 ص 57.
(3) المقتصر: كتاب الحج في أفعال الحج ص 138.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الوقوف بالمشعر الحرام ج 2 ص 728 س 11.
(5) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 1 ص 103 س 4.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 1 ص 375 س 20.
(7) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 57.
(8) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب احرام الحج ح 14 ج 10 ص 26.
(9) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحرام ح 3 ج 10 ص 57.
(10) السنن الكبرى (للبيهقي): كتاب الحج باب ادراك الحج بادراك عرفة ج 5 ص 173، وعوالي
اللئالئ ح 5 ج 2 ص 236.
(11) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب احرام الحج ح 9 ج 10 ص 25.
376

والأخبار: فيمن جهل فلم يقف بالمشعر حتى فاته: أنه لا بأس، وفيمن
تركه متعمدا أن عليه بدنة (1). وهي خيرة الجامع والارشاد والتبصرة
والدروس واللمعة (2).
أقول: بل المشهور، كما في كلام جماعة، وعزاه إلى الأصحاب في
الذخيرة (3)، مشعرا بعدم الخلاف فيه، كما هو ظاهر المختلف (4) والدروس
أيضا (5)، وصرح به جماعة (6).
ولا ينافيه تردد العلامة، فإنه وإن تردد أولا، إلا أنه فيما وقفت عليه
من الكتابين الأولين صرح بما عليه الجماعة ثانيا.
فقال: ولو نسي الوقوف بالمشعر فإن كان قد وقف بعرفة صح حجه،
وإلا بطل (7).
وعليه، فلا إشكال في المسألة، سيما وأن في الأخبار الأولة التي أتى بها
وجها للمنع مناقشة، لقصور أسانيدها جملة، حتى الرواية الأولى (8) التي
وصفها بالصحة فإن في سندها - على ما وقفت عليه - قاسم بن عروة، وحاله

(1) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5 ج 10 ص 64.
(2) والقائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 1 ص 359 س 9.
(3) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في احرام الحج والوقوف ص 656 س 43.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 300 س 38.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 421.
(6) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 480، والمهذب البارع: كتاب الحج في
الوقوف بعرفات ج 2 ص 189، والحدائق الناضرة: كتاب الحج في كفاية درك اختياري عرفة
ج 16 ص 408.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الوقوف بالمشعر ج 2 ص 728 س 31، وتحرير الأحكام:
كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 103 س 8.
(8) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 57.
377

بالجهالة معروفة.
نعم منطوقها مفهوم من أخبار صحيحة.
منها: من أدرك جمعا فقد أدرك الحج (1).
لكن دلالتها كمنطوق الرواية بالعموم، كما ذكره، فيحتمل التخصيص
بما إذا لم يدرك اختياري عرفة، ويتعين جمعا بين الأدلة. وحيث كفى
اختياري أحدهما في صحة الحج فاختياريهما معا أولى.
فهذه صور خمس لا خلاف يعتد به، ولا إشكال في إدراك الحج بكل
منها اختياريهما واختياري أحدهما مع اضطراري الآخر وبدونه. وبقي ثلاث
صور أخر اضطراريهما معا واضطراري أحدهما.
أما اضطراري عرفة وحده فلا يجزئ بلا خلاف أجده، إلا من إطلاق
عبارة الإسكافي (2) خاصة. ولكن قيل: مراده اضطراري المشعر خاصة (3)،
ولعله لذا ادعى على عدم الكفاية الاجماع جماعة (4).
وأما الصورتان الأخريان ففيهما خلاف، أشار إليه في إحداهما بقوله:
(الثالثة: لو لم يدرك عرفات نهارا وأدركها ليلا ولم يدرك المشعر)
الحرام (حتى طلعت الشمس فقد فاته الحج) وفاقا للمحكي عن ظاهر
النهاية (5) والمبسوط (6)، للنصوص (7) المستفيضة القائلة: إن من لم يدرك

(1) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 63.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أفعال الحج ص 301 س 3.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أفعال الحج ص 301 س 5.
(4) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الوقوف ج 1 ص 480، ومسالك الأفهام: كتاب الحج في
الوقوف بعرفات والمشعر ج 1 ص 113 س 4.
(5) النهاية ونكتها: كتاب الحج ب 11 و 12 ج 1 ص 519 و 520.
(6) المبسوط: كتاب الحج فصل في تفصيل فرائض الحج ج 1 ص 383.
(7) في (م) و (ق): (وظاهر النصوص) بدل (والمبسوط للنصوص).
378

الناس بمشعر قبل طلوع الشمس من يوم النحر فلا حج (1) له.
فإنها بعمومها تشمل محل النزاع، بل وما إذا أدرك اختياري عرفات
أيضا لكنه خرج بالاجماع وبقي الباقي.
لكنها معارضة بالصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة القائلة: إن من
أدرك المشعر قبل زوال الشمس من يوم النحر فقد أدرك الحج (2).
وتقييدها بمن أدرك اختياري عرفات خاصة ليس بأولى من تقييد تلك
بصورة عدم إدراك عرفة مطلقا ولو اضطراريها، بل هذا أولى، لرجحان
المعارضة بالكثرة والشهرة واعتبار الأسانيد جملة، مع كون صحاحها
مستفيضة.
بخلاف تلك، لضعف أسانيدها جملة، عدا صحيحة واحدة، وهي
وإن صح سندها، لكنها ظاهرة في عدم إدراك عرفات بالكلية، فإن فيها
عن رجل فاته الموقفان جميعا، فقال له: إلى طلوع الشمس يوم النحر،
فإن طلعت الشمس من يوم النحر فليس له حج، ويجعلها عمرة، فعليه
الحج من قبل (3).
ونحن نقول بها في هذه الصورة، كما ستعرفه.
هذا مضافا إلى خصوص الصحيح الصريح: إذا أدرك الحاج عرفات
قبل طلوع الفجر فأقبل من عرفات ولم يدرك الناس بجمع ووجدهم قد
أفاضوا فليقف بالمشعر قليلا، وليلحق الناس بمنى، ولا شئ عليه (4).

(1) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحرام ح 1 - 3 - 5 ج 10 ص 57.
(2) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحرام ح 6 - 8 - 9 ج 10 ص 58 - 59.
(3) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحرام ح 1 ج 10 ص 57.
(4) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر الحرام ح 1 ج 10 ص 62.
379

وحينئذ فالأصح ما (قيل): بأنه (يصح حجه) مطلقا (ولو
أدركه) أي المشعر (قبل الزوال) من يوم النحر.
والقائل الأكثر، ومنهم الصدوق (1) والإسكافي (2) والمرتضى (3)
والحلبيان (4) فيما حكي، وأكثر المتأخرين، بل عامتهم.
وظاهر الأولين. وجملة من الآخرين كفاية ادراك اضطراري المشعر
خاصة، لعموم الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة، المتقدم إليها
الإشارة، بل خصوص بعضها وهو الصحيح: فيمن قال: إني لم أدرك
الناس بالموقفين جميعا، فقال: إذا أدرك مزدلفة فوقف بها قبل أن تزول
الشمس يوم النحر فقد أدرك الحج (5).
لكنه ليس بصريح، بل قيل: ظاهر في إدراك عرفات أو مجمل فيه
فسبيله كما عداه (6).
ومع ذلك معارض بالصحيحة السابقة، المضاهية لهذه الصحيحة فيما
يوجب الخصوص من التعبير في السؤال ب‍ (من فاته الموقفان جميعا)، وتعلق
الجواب ب‍ (أنه لا حج له إذا أدرك اضطراري المشعر خاصة) (7).
مضافا إلى صحيحة أخرى أظهر من هذه الصحيحة، بل لعلها صريحة

(1) علل الشرائع: ب 204 في العلة التي من أجلها جعلت أيام منى ثلاثة ج 2 ص 451.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أفعال الحج ص 301 س 5.
(3) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى): كتاب الحج فصل في سيرة الحج ج 3 ص 68.
(4) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 197، وغنية المنزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في
الوقوف بالمشعر ص 518 س 26.
(5) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 6 ج 10 ص 58.
(6) تهذيب الأحكام: ب 23 في تفصيل فرائض الحج ح 26 ج 5 ص 291.
(7) وسائل الشيعة: ب 23 و 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 و 4 ج 10 ص 57 و 66.
380

فيما تضمنته: عن الرجل يأتي بعد ما يفيض الناس من عرفات، فقال: أن
كان في مهل حتى يأتي عرفات من ليله فيقف بها ثم يفيض فيدرك الناس
في المشعر قبل أن يفيضوا فلا يتم حجه حتى يأتي عرفات.
وأن قدم وفاتته عرفات فليقف بالمشعر الحرام، فإن الله تعالى أعذر
لعبده وقد تم حجه إذا أدرك المشعر الحرام فقد فاته الحج، فيجعلها عمرة
مفردة، وعليه الحج من القابل (1).
فلم يبق إلا عموم ما عداه، وهو معارض بعموم النصوص المقابلة في
المسألة السابقة، القائلة: إن من لم يدرك المشعر قبل طلوع الشمس فلا حج
له (2).
لكنها ضعيفة الأسانيد، كما عرفت، ومع ذلك ظاهر عمومها مخالف
للاجماع، لشموله ما إذا أدرك اختياري عرفة، ولا كذلك عموم الصحاح،
لموافقتها بعمومها، لما عرفت من فتوى هؤلاء الجماعة.
ولا ريب أن هذا العموم أولى من العموم السابق، سيما مع الأولوية
عددا وسندا، كما مضى، فيترجح ما عليه هؤلاء.
خلافا للأكثر فمنعوا عن ذلك، ولعله لخصوص الصحيحة الأخيرة فإنها
أوضح دلالة من الصحاح المقابلة.
فلتحمل على ما إذا أدرك اختياري عرفة أو اضطراريها، بحمل المطلق
على المقيد، أو الخاص على العام.
هذا مضافا إلى الشهرة الجابرة للنصوص المقابلة في مفروض المسألة،

(1) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 56.
(2) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ج 10 ص 57.
381

المعاضدة لهذه الصحيحة الصريحة.
وبذلك تترجح هذه النصوص على ما عارضها من الصحاح، مع أن في
العمل بعمومها إطراحا لتلك النصوص طرا، ولا كذلك العكس، فإن
غايته تقييد الصحاح بمن أدرك عرفات، وهو أهون بالإضافة إلى طرح
النص.
ولا يقدح عمومها لما أدرك عرفات مطلقا بعد وجود الدليل على
تخصيصها بما إذا لم يدركها أصلا، كما هو ظاهر الصحيح منها.
فما عليه الأكثر أظهر، سيما وفي صريح المختلف (1) والتنقيح (2)
والمنتهى (3)، كما حكي الوفاق عليه، وهو حجة أخرى عليه جامعة،
كالصحيحة المتقدمة بين الأخبار المتعارضة، بتقييد الصحاح منها بمن أدرك
عرفات مطلقا ولو اضطراريها، والضعيفة بما إذا لم يدركها كذلك.
وقد تلخص مما ذكرنا أن أقسام الوقوفين بالنسبة إلى الاختياري
والاضطراري ثمانية. وكلها مجزئة إلا الاضطراري الواحد منها كما عليه
جماعة، ومنهم الشهيد في الدروس (4) واللمعة (5).
(القول في الوقوف بالمشعر)
(والنظر في مقدمته وكيفيته ولواحقه).
(فالمقدمة (6) تشتمل على مندوبات خمسة):

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أفعال الحج ص 301 س 2.
(2) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الوقوف بعرفات ج 1 ص 481.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 2 ص 727 س 16.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ص 123 س 6.
(5) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 2 ص 278.
(6) في المتن المطبوع: والمقدمة.
382

(الاقتصاد) والتوسط (في السير) إلى المشعر بسكينة ووقار، كما في
الصحيح سائلا العتق من النار كما فيه (1)، مستغفرا كما فيه وفي الآية (2).
(والدعاء عند الكثيب الأحمر) من يمين الطريق بقوله اللهم ارحم
موقفي وزد في عملي وسلم لي ديني وتقبل مناسكي، كما في الصحيح (3).
(وتأخير المغرب والعشاء إلى المزدلفة ولو صار ربع الليل) بل
ثلثه، كما في الصحيح (4)، وفي المنتهى (5) وعن التذكرة (6) أن عليه الاجماع
ولعل الاقتصار على الربع كما هنا وفي الشرائع (7) وعن الهداية (8)
والمقنعة (9) والمراسم (10) والجمل والعقود (11) والخلاف (12)، نظرا إلى أخبار
توقيت المغرب إليه، وحمل الثلث على أن يكون الفراغ من العشاء عنده.
وفي الموثق: وإن مضى من الليل ما مضى (13).
ولعله بمعنى وإن مضى منه ما مضى بشرط بقاء وقت الأداء، وقد
يكون مما أشار إليه الشيخ - فيما حكى عنه - في الخلاف بقوله: وروي إلى

(1) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 34.
(2) البقرة: 198 / 199.
(3) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 34.
(4) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 39.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 2 ص 732 س 12.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 374 س 2.
(7) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 255.
(8) الهداية: (الجوامع الفقهية): كتاب الحج باب نزول المشعر الحرام ص 58 س 25.
(9) المقنعة: كتاب الحج باب نزول المزدلفة ص 416.
(10) المراسم: كتاب الحج المضي إلى المزدلفة ص 112.
(11) الجمل والعقود: كتاب الحج في ذكر نزول منى وعرفات والمشعر ص 144.
(12) الخلاف: كتاب الحج م 160 ج 2 ص 340.
(13) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 39.
383

نصف الليل (1)، ويقرب منه قول ابن زهرة: لا يجوز أن يصلي العشاءان
إلا في المشعر إلا أن يخاف فوتهما بخروج وقت المضطر (2).
ويجوز تنزيل الموثق (3) على الغالب من ذهاب ربع الليل أو ثلثه، وظاهر
ابن زهرة (4) وجوب التأخير، كما عن الشيخ (5) والعماني (6) أيضا، وهو
ظاهر النهي في المعتبرين السابقين.
وإنما حمله الأصحاب على الكراهة جمعا بينهما وبين الصحيحين،
المتضمن أحدهما لنفي البأس أن يصلي الرجل المغرب إذا أمسى بعرفة (7)
وثانيهما ما يقرب من الأول فعلا (8).
وفي المختلف الظاهر أن قصد الشيخ الكراهة دون التحرم، وكثيرا ما
يطلق على المكروه أنه لا يجوز (9).
(والجمع بينهما) أي بين صلاتي المغرب والعشاء (بأذان واحد
وإقامتين) بإجماعنا، كما هو ظاهر التذكرة (10) والخلاف (11) وفي المنتهى (12)

(1) الخلاف: كتاب الحج م 160 ج 2 ص 340.
(2) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 519 س 3.
(3) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 39.
(4) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 519 س 3.
(5) الخلاف: كتاب الحج م 160 ج 2 ص 340، والنهاية: كتاب الحج باب الإفاضة من عرفات
والوقوف بالمشعر الحرام ص 251 - 252.
(6) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أفعال الحج ص 299 س 18.
(7) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3 ج 10 ص 39.
(8) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4 و 5 ج 10 ص 39.
(9) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أفعال الحج ص 9 س 23.
(15) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 1 ص 374 س 4.
(11) الخلاف: كتاب الحج م 159 ج 2 ص 339.
(12) منتهى المطلب: كتاب الحج الوقوف بالمشعر الحرام ج 2 ص 723 س 18.
384

وغيرها، للصحاح وغيرها (1).
(و) على هذا فيستحب (تأخير نوافل المغرب) عن وقتها (حتى
يصلي العشاء) فيصليها قضاء، فإنه مع تقديمها ينتفي الجمع المستحب.
هذا مضافا إلى بعض المعتبرة: عن الركعات التي بعد المغرب ليلة
المزدلفة، فقال: صلها بعد العشاء الآخرة أربع ركعات (2). ونحوه آخر
بمعناه (3).
(وفي الكيفية: واجبات ومندوبات).
(فالواجبات النية) كما مر في عرفة وكل عبادة، ولينوي أن وقوفه
لحجة الاسلام أو غيرها، كما عن التذكرة (4).
وهل يجب مقارنتها اختيارا لطلوع الفجر واستدامة حكمها إلى طلوع
الشمس، أم يجوز إيقاعها في أي جزء من هذا الزمان أريد، وقطعها متى
أريد؟ وجهان مبنيان على وجوب استيعاب هذا الزمان اختيارا بالوقوف
وعدمه.
قيل: والوجه العدم كما في السرائر، للأصل من غير معارض، بل
استحباب تأخيره من الصلاة، كما سيأتي، وسيأتي استحباب الإفاضة قبل
طلوع الشمس وجواز وادي محسر قبله، وظاهر الفخرية والدروس الأول،
وتبعهما عليه جماعة. وليس بجيد، انتهى (5).
وإلى ما استوجهه يميل في الذخيرة (6)، لكن احتاط بما ذكره الجماعة.

(1) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر ج 10 ص 40.
(2) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 40.
(3) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4 و 5 ج 10 ص 40.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 374 س 28.
(5) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 356 س 40
(6) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 656 س 16.
385

وهو حسن.
وعليه، فيكون حال الوقوف هنا - كما مر في عرفة - من أن الواجب فيه
المسمى.
ثم إن كان الوقوف ليلا فهل يجب استئناف النية بعد الفجر؟ وجهان.
قيل: مبنيان على كون الوقوف بالليل اختيارا وعدمه (1)، وفي الدروس أن
الأولى الاستئناف (2)، وكذا في الروضة (3).
(والوقوف به) أي بالمشعر (وحده ما بين المأزمين إلى الحياض
إلى وادي محسر) بغير خلاف ظاهر مصرح به في الذخيرة (4)، وفي غيرها
الاجماع (5)، بل في المنتهى لا نعلم فيه خلافا (6)، للصحيح (7)،
والمرسل (8)، ويوافقهما معتبرة أخرى (9).
وفي الصحيح: حدها - يعني المزدلفة - ما بين المأزمين إلى الجبل إلى
حياض محسر (10).
قيل: وكان الجبل من الحدود الداخلة والمأزمان - بكسر الزاي والهمزة

(1) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 357 س 1.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 423.
(3) الروضة البهية: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 2 ص 275.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 657 س 31.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج واجبات الوقوف بالمشعر ج 7 ص 421.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 2 ص 726 س 32.
(7) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 42.
(8) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 6 ج 10 ص 43.
(9) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4 ج 10 ص 34.
(10) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 42.
386

ويجوز التخفيف بالقلب ألفا - الجبلان بين عرفات والمشعر، والمأزم في
الأصل المضيق بين الجبلين (1).
وعليه، فلو وقف بغير المشعر اختيارا أو اضطرارا لم يجزء.
(و) لكن (يجوز الارتفاع إلى الجبل مع الزحام) بلا خلاف على
الظاهر المصرح به في جملة من العبائر، وفي الغنية (2) وغيرها الاجماع (3).
للموثق: فإذا كثروا بجمع وضاقت عليهم كيف يصنعون؟ فقال:
يرتفعون إلى المأزمين، قلت: فإذا كانوا بالموقف وكثروا وضاق عليهم كيف
يصنعون؟ فقال: يرتفعون إلى الجبل الخبر (4).
ولعل السياق مضافا إلى فهم الأصحاب قرينة على كون إلى هنا بمعنى
على، فيكون استثناء للمأزمين والجبل، وإرشادا إلى دخولهما فيما توقف
عليه، ولكن ضرورة.
(ويكره لا معه) كما هنا وفي ظاهر المختلف (5) وصريح الدروس (6)
وغيره (7)، بل عزى إلى المشهور، مع أن ظاهر الأكثر عدم الجواز، كما في
صريح الغنية (8) وعن القاضي (9).
ولعله للصحيحة المتقدمة، حيث جعل فيها الجبل من حدود المشعر

(1) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 1 ص 356 س 33.
(2) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 518 س 32.
(3) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج ما يجب في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 347.
(4) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب احرام الحج ح 4 ج 10 ص 13.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 301 س 38.
(6) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 423.
(7) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 113 س 17.
(8) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 518 س 32.
(9) المهذب: كتاب الحج باب أحكام الوقوف بالمشعر ج 1 ص 254.
387

الخارجة عن المحدود، وخرج حال الضرورة وبقي حال الاختيار. فتأمل.
ولا ريب أن عدم الجواز إلا مع الضرورة أحوط، سيما وفي الغنية
الاجماع عليه (1).
(ووقت الوقوف) بالمشعر للمختار واحد، وهو على المشهور (ما بين
طلوع الفجر إلى طلوع الشمس) من يوم النحر و (للمضطر) اثنان.
أحدهما على الأشهر: من طلوع الشمس (إلى الزوال).
والثاني: من أول ليلة النحر إلى الفجر وقد يعبر عنها بواحد فيقال من
أول ليلة النحر إلى الزوال، كما عن المنتهى (2).
ويقابل الأشهر في الأول ما قيل: من أنه أول ليلة النحر إلى طلوع
الشمس إلا أن على مقدمه على الفجر دم شاة، وفي الثاني ما عن السيد من
امتداد الاضطراري إلى غروب الشمس يوم النحر.
وهذان القولان نادران، بل على خلافهما الاجماع في المدارك (4) وغيره.
قيل بعد نقل نحو ما قلنا: والمحصل: أنه لا خلاف في أنه من الفجر إلى
طلوع الشمس اختياري، وأن ما بعد طلوع الشمس اضطراري.
وأما الكلام فيما قبل الفجر، ففي الدروس: أنه اختياري، لاطلاق
الصحيح في المتقدم من المزدلفة إلى منى يرمون الجمار ويصلون في منازلهم
لا بأس، وإطلاق الحسن: وإن كان أفاض من طلوع الفجر فعليه دم
شاة، مع السكوت عن أمره بالرجوع وإطلاق الأخبار بأن من أدرك المشعر
قبل طلوع الشمس أدرك الحج، وهو ظاهر الأكثر، لحكمهم بجبره بشاة

(1) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 518 س 33.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الوقوف بالمشعر ج 2 ص 727 س 7.
(3) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 356 س 20.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الوقوف بالمشعر ج 7 ص 423.
388

فقط، حتى أن في المنتهى اتفاق من عدا الحلي على صحة الحج مع الإفاضة
من المشعر قبل الفجر عمدا اختياري، وفيه مع ذلك وفي الكافي أنه
اضطراري.
وقد يستظهر من جمل العلم والعمل، وما سمعته من المنتهى قرينة على
أنه إنما أراد بالاضطراري ما يأثم باختياره وإن أجزأه، ويحتمله الجمل
والكافي، لكن الشيخ في الخلاف والحلي لم يجتزء به للمختار، ونص الحلي
على بطلان حجه، بناء على أن الوقوف بعد الفجر ركن فيبطل بتركه،
ومنعه في المختلف والمنتهى، وقيد المحقق اجتزاء المختار به بما إذا أدرك
عرفات، وهو يعطي الاضطرارية. ويجوز أن يكون إشارة إلى تقييد كلام
الأصحاب والأخبار. وليس بعيدا (1).
أقول: وأشار بتقييد المحقق (إجزاء المختار به إلى آخره) بما ذكره هنا
وفي الشرائع من قوله: (ولو أفاض قبل الفجر عامدا عالما جبره بشاة ولم
يبطل حجه إن كان وقف بعرفات) اختيارا.
ثم في كلام القيل بقي الكلام في أن آخر الاضطراري زوال يوم النحر
أو غروبه، فالمشهور الأول، وفي المختلف الاجماع عليه والأخبار ناطقة به وفي
السرائر وعن الانتصار السيد الثاني، ويوافقه المنتهى في نقله عن السيد،
وليس في الانتصار إلا من فاته الوقوف بعرفة فأدرك الوقوف بالمشعر يوم
النحر فقد أدرك الحج، وليس نصا ولا ظاهرا في ذلك، ولذا ذكره في
المختلف أن غير النقل غير سديد.
قلت: وعلى القول به فلعل دليله الأخبار المطلقة، نحو من أدرك المشعر
فقد أدرك الحج، وضعفه ظاهر، فإن الكلام في (إدراك المشعر) فإنه

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر) ج 1 ص 356 س 20.
389

بمعنى إدراك الوقوف به أي ما يكون وقوفا به شرعا مع المعارضة بالأخبار
المقيدة انتهى (1) كلامه عليه الرحمة.
وإنما نقلناه بطوله، لجودة مفاده وحسن محصوله، مع تكلفه لشرح ما في
المتن هنا وسابقا بتمامه.
لكن هنا قول آخر للغنية لم يتعرض له: وهو أن الاختياري ليلة النحر
والاضطراري من طلوع فجره إلى شمسه (2)، وهو غريب.
واعلم أن ليس في المتن دلالة على وجوب المبيت بالمشعر، وعن ظاهر
الأكثر وجوبه، وعن التذكرة العدم (3). والأول أحوط إن لم يكن أظهر،
للتأسي، والصحيح: لا تجاوز الحياض ليلة المزدلفة (4).
(و) على القولين لا (يجوز الإفاضة) من المشعر (ليلا) إلا
(للمرأة) مطلقا (والخائف) وكل ذي عذر فيجوز.
أما الأول: فللاخلال بالواجب من الوقوف بعد الفجر.
وأما الثاني: فللاجماع الظاهر المصرح به في عبائر جماعة (5)، مضافا إلى
الصحاح المستفيضة وغيرها (6)، وانتفاء الحرج شرعا، وفي المنتهى أنه قول
كل من يحفظ منه العلم، ولا يحتاج إلى جبر بلا خوف (7).

(1) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 356 س 27.
(2) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 518 س 26، فتأمل.
(3) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 375 س 1.
(4) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3 ج 10 ص 43.
(5) منهم مدارك الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 470 س 28، وكشف اللثام: كتاب
الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 375 س 7.
(6) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب الوقوف بالمشعر ج 10 ص 49 - 52.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الوقوف بالمشعر ج 2 ص 726 س 3.
390

قيل: ولا بد لهم من الوقوف ولو قليلا، كما نصت عليه الأخبار،
فعليهم النية، والأولى أن لا يفيضوا إلا بعد انتصاف الليل إن أمكنهم، كما
في الصحيح انتهى (1). ولا بأس به.
(والندب (2) صلاة الغداة قبل الوقوف) الواجب ونيته، كما هنا
وفي الشرائع (3)، وعن المقنع (4) والهداية (5) والكافي (6) والمراسم (7) وجمل
العلم والعمل (8)، للصحيح: أصبح على طهر بعد ما تصلي الفجر فقف إن
شئت قريبا من الجبل، وإن شئت حيث تبيت (9).
قيل: والمراد بالوقوف هنا القيام للدعاء والذكر، وأما الوقوف المتعارف
بمعنى الكون فهو واجب من أول الفجر، فلا يجوز تأخيره بنيته إلى أن يصلي (10).
وفيه نظر، لمخالفته لظاهر نحو العبارة، بل صريح جملة، كعبارة المنتهى فإنه قال:
ويستحب أن يقف بعد أن يصلي الفجر ولو وقف قبل الصلاة فإذا كان قد
طلع الفجر أجزأه (11)، ونحوه عن التذكرة (12) وفي التحرير لو وقف قبل الصلاة

(1) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 1 ص 357 س 8.
(2) في المتن المطبوع والشرح الصغير: والمندوب.
(3) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 256.
(4) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 23 س 11.
(5) الهداية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 58 س 26.
(6) الكافي: كتاب الحج ص 198.
(7) المراسم: كتاب الحج المضي إلى المزدلفة ص 112.
(8) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى): كتاب الحج في سيرة الحج وترتب أفعاله ج 3
ص 68.
(9) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 45.
(10) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 114 س 12.
(11) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 2 ص 724 س 32.
(13) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 374 س 32.
391

جاز إذا كان الفجر طالعا (1).
هذا مع عدم وضوح دلالة الأخبار وكلام كثير على ما ذكره من وجوب
الوقوف بنيته عند الفجر، وقد سبق إليه الإشارة.
(والدعاء) بنحو ما في الصحيح: فإذا وقفت فاحمد الله عز وجل واثن
عليه، واذكر من آلائه وبلائه ما قدرت عليه، وصل على النبي صلى الله عليه
وآله.
ثم ليكن من قولك اللهم رب المشعر الحرام فك رقبتي من النار، وأوسع
علي من رزقك الحلال، وادرأ عني شر فسقة الجن والإنس.
اللهم أنت خير مطلوب إليه وخير مدعو وخير مسؤول، ولكل وافد جائزة
فاجعل جائزتي في موطني هذا أن تقيلني عثرتي وتقبل معذرتي وأن تجاوز عن
خطيئتي، ثم اجعل التقوى من الدنيا زادي (2). وغير ذلك من الدعاء
المرسوم.
(وأن يطأ الصرورة) أي الذي لم يحج بعد (المشعر برجله) كما في الخبر.
وفي الصحيح: وانزل ببطن الوادي عن يمين الطريق قريبا من
المشعر (3).
ويستحب للصرورة أن يقف على المشعر أو يطأ برجله، كما عن
التهذيب (4) والمصباح (5) ومختصره (6).

(1) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 102 س 27.
(2) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 45.
(3) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 41.
(4) تهذيب الأحكام: ب 15 في نزول المزدلفة ج 5 ص 191.
(5) مصباح المتهجد: كتاب الحج في الإفاضة من عرفات إلى المشعر ص 641 س 2.
(6) لا يوجد لدينا كتابه.
392

والظاهر أن المراد بالمشعر هنا ما هو أخص من المزدلفة.
وفسر بجبل قزح في المبسوط (1) والوسيلة (2) والكشاف (3) والمغرب،
وغيرها على ما حكاه عنهم بعض الأجلة.
قال: وهو ظاهر الآية والأخبار والأصحاب فإن وطئ المزدلفة واجب،
وظاهر الوقوف عليه غير الوقوف به، ولا اختصاص للوقوف بالمزدلفة
بالصرورة وبطن الوادي من المزدلفة، فلو كانت هي المشعر الحرام لم يكن
للقرب منه معنى، وكان الذكر فيه لا عنده (4).
وفي الدروس عن الإسكافي أن يطأ برجله أو بعيره المشعر الحرام قرب
المنارة، قال: والظاهر أنه المسجد الموجود الآن (5).
وضعف بأنه لو أريد المسجد كان الأظهر الوقوف به أو دخوله، ولا وطؤه
والوقوف عليه.
قيل: ويمكن حمل كلام الإسكافي عليه، أي على جبل قزح، كما
يحتمل كلام من قيد برجله استحباب الوقوف بالمزدلفة راجلا، بل حافيا،
لكن ظاهرهم متابعة الصحيح، وهو كما عرفت ظاهر في الجبل انتهى (6).
وهو حسن، إلا أن المستفاد من بعض الصحاح وكلام أهل اللغة - كما
قيل - أن المشعر هو مزدلفة وجمع (7)، ولذا قيل: الظاهر اشتراك المشعر بين

(1) المبسوط: كتاب الحج في ذكر الاحرام بالحج ونزول منى وعرفات والمشعر ج 1 ص 386.
(2) الوسيلة: كتاب الحج في بيان نزول منى و... والإفاضة منها إلى المشعر ص 179.
(3) الكشاف للزمخشري في تفسير سورة البقرة ج 1 ص 246.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 357 س 33.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 422.
(6) كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 357 س 37.
(7) والقائل هو ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 658 س 8.
393

المعنيين (1).
ولكن الظاهر أن المراد به هنا هو المعنى الأول، لما مر.
(وقيل: يستحب الصعود على قزح) زيادة على مسمى وطئه
(وذكر الله) تعالى (عليه) للنبويين العاميين، ولضعفهما نسبه إلى القيل
مشعرا بتمريضه، والقائل الشيخ في المبسوط (2)، وتبعه الفاضل في جملة من
كتبه (3). ولا بأس به.
ثم كلام الماتن هنا وفي الشرائع (4) والفاضل في الارشاد (5) والقواعد (6)
وغيرهما نص في مغايرة الصعود على قزح لوطئ المشعر، وهو ظاهر عبارة
المبسوط المحكية، بل صريحها أيضا، وعن ظاهر الحلي، ومن اتحاد
المسألتين (7).
(ويستحب لمن عدا الإمام الإفاضة) من المشعر (قبل طلوع
الشمس) بقليل، كما في الشرائع (80) والقواعد (9) والتحرير (10) وعن

(1) والقائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 357 س 32.
(2) المبسوط: كتاب الحج فصل في ذكر الاحرام بالحج... ج 1 ص 368.
(3) منها: منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 2 ص 725 س 6، وتذكرة
الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 374 س 35 وتحرير الأحكام: كتاب الحج في
الوقوف بالمشعر ج 1 ص 102 س 29.
(4) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 256.
(5) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في احرام الحج والوقوف ج 1 ص 329.
(6) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 86 س 22.
(7) الكافي في الفقه: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ص 198.
(8) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 258.
(9) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 87 س 6.
(10) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 102 س 33.
394

النهاية (1) والمبسوط (2)، للخبرين.
أحداهما الموثق: أي ساعة أحب إليك الإفاضة من جمع؟ فقال: قبل أن
تطلع الشمس بقليل فهي أحب الساعات إلي، قالا فإن مكثا حتى تطلع
الشمس، فقال: ليس به بأس (3).
وفي المنتهى لا نعلم خلافا فيه (4).
وإطلاقهما وإن شمل الإمام أيضا، لكنه مستثنى بما يأتي.
(وأن لا يتجاوز محسرا (5) حتى تطلع) الشمس (6)، للنهي عنه في
الصحيح (7)، وظاهر التحريم، كما عن صريح القاضي (8)، وظاهر
الأكثر، وهو أحوط.
خلافا لصريح العبارة والمختلف (9) والمنتهى (10) والتذكرة (11) - كما حكي -
ويستحب، وبمعناه يكره أن يجوزه إلا بعده كما عن السرائر (12).
قيل: للأصل، واحتمال النهي في الخبر الكراهة (13)، وفيه نظر.

(1) النهاية: كتاب الحج باب الإفاضة من عرفات والوقوف بالمشعر ص 252.
(2) المبسوط: كتاب الحج فصل في ذكر نزول منى بعد الإفاضة من المشعر ج 1 ص 23.
(3) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 48.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر الحرام ج 2 ص 626 س 18.
(5) في المتن المطبوع والشرح الصغير: وأن لا يتجاوز وادي محسر.
(6) في الشرح الصغير وجميع النسخ والشرح المطبوع: حتى تطلع الشمس.
(7) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 48.
(8) المهذب: كتاب الحج باب أحكام الوقوف بالمشعر الحرام ج 1 ص 254.
(9) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 300 س 12.
(10) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 2 ص 729 س 25.
(11) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 475 س 14.
(12) السرائر: كتاب الحج باب الإفاضة من عرفات والوقوف بالمشعر ج 1 ص 589.
(13) كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 360 س 16.
395

(والهرولة) وهي الاسراع في المشي للماشي، وتحريك الدابة للراكب
(في الوادي) أي وادي محسر، للصحاح وغيرها (1)، وفي المنتهى (2)
والتذكرة (3) - كما حكي - لا نعلم فيه خلافا، وفي غيرهما إجماع العلماء (4)
مائة خطوة كما في الصحيح (5)، ومائة ذراع كما في غيره (6).
(داعيا بالمرسوم) في الصحيح، فيقول: اللهم سلم لي عهدي واقبل
توبتي وأجب دعوتي، واخلفني بخير فيمن تركت بعدي (7).
(ولو نسي الهرولة) حتى تعدى الوادي (رجع فتداركها)
للصحيح (8) وغيره (9).
وليس فيها تقييد الترك بالنسيان، بل مطلق الترك ولو جهلا، بل
وعمدا، فتركه - كما في عبائر (10) جمع - أولى.
(والإمام يتأخر بجمع) فلا يفيض منها (حتى تطلع الشمس)
للمرسل: ينبغي للإمام أن يقف بجمع حتى تطلع الشمس، وسائر الناس
إن شاؤوا عجلوا، وإن شاؤوا أخروا (11).

(1) وسائل الشيعة: ب 13 و 14 من أبواب الوقوف بالمشعر ج 10 ص 46 - 47.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 729 س 15.
(3) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في نزول منى وقضاء مناسكها ج 1 ص 375 س 38.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 473 س 20.
(5) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3 ج 10 ص 46.
(6) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5 ج 15 ص 47.
(7) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 46.
(8) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 - 2 ج 10 ص 47.
(9) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 - 2 ج 10 ص 47.
(10) كما في مدارك الأحكام: كتاب الحج في إلى الوقوف بالمشعر ج 7 ص 446، والحدائق الناضرة:
كتاب الحج في مناسك منى ج 17 ص 6.
(11) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 4 ج 10 ص 48.
396

وظاهره الاستحباب، كما هو الظاهر وعن صريح السرائر (1)
والتذكرة (2) والمنتهى (3) والتحرير (4) والدروس (5).
قيل: وصريح النهاية والمبسوط والوسيلة والمهذب والاقتصاد الوجوب،
وهو ظاهر الجمل والعقود والغنية والجامع، وأوجبه الصدوقان والمفيد والسيد
وسلار والحلبي مطلقا، من غير فرق بين الإمام وغيره، واستحبه الحلي
والشيخ في المصباح مطلقا، لاطلاق الحسن كالموثق: ثم أفض حتى يشرق
لك بثير وترى الإبل مواضع أخفافها.
ويجوز أن يراد بالخبر وبكلامهم تأخير الخروج من المشعر، وهو جواز
وادي محسر وجوبا أو استحبابا، وأوجب الصدوقان شاة على من قدم
الإفاضة على طلوع الشمس (6).
أقول: وهذه الأقوال بظاهرها خلاف ما يظهر من الجمع بين الأخبار،
ولا سيما القول بالوجوب منها في الجملة أو مطلقا، وعن التذكرة (7)
والمنتهى (8) الاجماع على أنه لو رفع قبل الأسفار بعد طلوع الشمس لم يكن
مأثوما.
(واللواحق) أمور (ثلاثة):
(الأول: الوقوف بالمشعر) الحرام (ركن) عندنا (فمن لم يقف به

(1) السرائر: كتاب الحج باب الإفاضة من عرفات والوقوف بالمشعر ج 1 ص 589.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 375 س 12.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 2 ص 726 س 17 - 29.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 102 س 33.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 424.
(6) كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 360 س 18.
(7) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 375 س 14.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 2 ص 726 س 31.
397

ليلا ولا بعد الفجر عامدا بطل حجه) باجماعنا، وأخبارنا.
منه: إذا فاتتك المزدلفة فقد فاتك الحج (1). بل هو أعظم من الوقوف
بعرفة، لثبوته في نص الكتاب، كما في المرسل كالموثق: الوقوف بالمشعر
فريضة والوقوف بعرفة سنة (2).
خلافا للمحكي عن أكثر العامة (3)، وعن الإسكافي (4) والتهذيب (5) أنه
إن تعمد ترك الوقوف به فعليه بدنة.
وفي المختلف: وهذا الكلام يحتمل أمرين.
أحدهما: أن من ترك الوقوف بالمشعر - الذي حده ما بين المأزمين إلى
الحياض وإلى وادي محسر وجب عليه بدنة.
والثاني: من ترك الوقوف على نفس المشعر - الذي هو الجبل فإنه
يستحب الوقوف عليه عند أصحابنا - وجب عليه بدنة.
وكلا الاحتمالين خلاف لما ذكره علماؤنا، فإن أحدا من علمائنا لم
يقل بصحة الحج مع ترك الوقوف بالمشعر عمدا مختارا، ولم يقل أحد منهم
بوجوب الوقوف على نفس المشعر، الذي هو الجبل وإن تأكد استحباب
الوقوف به.
قال: وحمل كلامه على الثاني أولى، لدلالة سياق كلامه عليه.
قال: ويحتمل ثالث وهو أن يكون قد دخل المشعر الذي هو الجبل ثم
ارتحل متعمدا قبل أن يقف مع الناس مستخفا، للصحيح: من أفاض من

(1) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ص 63.
2) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب احرام الحج ح 14 ج 10 ص 26.
(3) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمزدلفة ج 1 ص 358 س 27. (4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 300 س 25 - 27.
(5) تهذيب الأحكام: ب 23 في تفصيل فرائض الحج ج 5 ص 294.
398

عرفات فلم يلبث معهم بجمع ومضى إلى منى متعمدا مستخفا فعليه بدنة (1).
ويضعف بأن المناسب للخبر أن يكون دخل جمعا لا الجبل. والأولى حمل
الخبر وكلامهما على إدراك مسمى الوقوف ليلا والإفاضة قبل وقته إلى طلوع
الفجر، وقد تقدم أن عليه شاة ولم يبطل حجه.
ولذا قيد الماتن البطلان بما إذا لم يقف به دليلا، مؤذنا بصحة الحج مع
الوقوف به ليلا كما مضى.
ولكن يشكل إيجاب البدنة، والأظهر الأشهر الشاة، كما قدمنا.
(ولا يبطل) الحج بتركه (لو كان ناسيا) إذا كان وقف بعرفات
اختيارا على الأشهر الأقوى، كما قدمنا، وإذا وقف بها اضطرارا لم يصح
حجه إجماعا، كما مضى.
وإطلاق العبارة ونحوها يقتضي عدم الفرق في بطلان الحج بتعمد ترك
الوقوف بالمشعر بين العالم والجاهل، وبه صرح بعض (2)، وفاقا للشيخ في
التهذيب (3)، لاطلاق ما مر من النص، مضافا إلى الأصل، لعدم الاتيان
بالمأمور به على وجهه فيبطل.
وهو حسن لولا الصحيح في رجل لم يقف بالمزدلفة ولم يلبث به حتى
أتى منى، فقال: ألم ير الناس - إلى أن قال - قلت: فإنه جهل ذلك، فإن
يرجع، قلت: إن ذلك قد فاته، قال: لا بأس (4). ونحوه المرسل (5).

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 300 س 27.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 300 س 25، منتهى المطلب: كتاب الحج في
الوقوف بالمشعر ج 2 ص 728 س 13.
(3) تهذيب الأحكام: ب 23 في تفصيل فرائض الحج ج 5 ص 292.
(4) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5 - 6 ج 10 ص 64.
(5) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5 - 6 ج 10 ص 64.
399

إلا أن الشيخ (1) رحمه الله حملها على تارك كمال الوقوف جهلا وقد أتى
باليسير منه، واستشهد عليه بخبرين ضعيفي السند، قاصري الدلالة.
(ولو فاته الموقفان) جميعا (بطل) الحج (ولو كان) الفوت
(ناسيا) بالنص وإجماع العلماء على ما حكاه بعض أصحابنا (2)، مضافا
إلى الأصل الذي مضى الإشارة إليه قريبا.
(الثاني: من فاته الحج سقطت عنه) بقية (أفعاله) من الهدي
والرمي والمبيت بمنى والحلق أو التقصير فيها، وله المضي من حينه إلى مكة
والآتيان بأفعال العمرة والتحلل.
(و) لكن (يستحب له الإقامة بمنى إلى انقضاء أيام التشريق)
كما في الصحيح (ثم يتحلل بعمرة مفردة) كما فيه (3)، وفي الصحاح
المستفيضة.
منها: أيما حاج سائق للهدي أو مفرد للحج أو متمتع بالعمرة إلى الحج
قدم وقد فاته الحج فليجعلها عمرة، وعليه الحج من قابل (4).
وعن التذكرة (5) والمنتهى (6) وفي غيرهما الاجماع عليه، ولذا قطع
الفاضل في التحرير (7) وغيره بأنه لو أراد البقاء على إحرامه إلى القابل ليحج
به لم يجزه. قيل: واستظهره في التذكرة والمنتهى، وجعله الشهيد أشبه (8).

(1) تهذيب الأحكام: ب 23 في تفصيل فرائض الحج ج 5 ص 293.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في حكم الفوات ج 2 ص 852.
(3) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 ج 10 ص 56.
(4) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 65.
(5) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في حكم الفوات ج 1 ص 398 س 15.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في حكم الفوات ج 2 ص 852 س 14.
(7) تحرير الأحكام: كتاب الحج في حكم الفوات ج 1 ص 124 س 12.
(8) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 359 س 23.
400

وهل عليه نية الاعتمار، أم ينقلب الاحرام إليه قهرا، حتى لو أتى
بأفعالها من غير نية الاعتمار لكفى؟
قيل: قطع بالأول في التحرير والتذكرة والمنتهى، وأسند فيهما خلافه إلى
بعض العامة، ويدل عليه الاستصحاب، وإنما الأعمال بالنيات، وظاهر
الأمر يجعلها عمرة في الصحاح، وجعله الشهيد أحوط، واحتمل الثاني
للأصل (1).
وظاهر قولهم - عليهم السلام - في جملة من الأخبار المتضمنة للصحيح (2)
وغيره فهي عمرة مفردة كما في الثاني، أو يطوف أو يسعى بين الصفا والمروة
كما في الأول.
ووافقه في الذخيرة، مجيبا عن الأمر بجعلها عمرة: بأن المفهوم من هذا
الأمر الاتيان ببقية أفعال العمرة لا الاتيان بالنية (3) وهو حسن.
لكن دلالة أخبار المقابلة على عدم اعتبار النية أيضا غير واضحة.
فإذا المسألة لا تخلو عن ريبة، والأصل يقتضي اعتبارها بلا شبهة.
(ثم يقضي الحج) في القابل واجبا (إن كان واجبا) عليه وجوبا
مستقرا مستمرا، وإلا فندب (بلا خلاف أجده في المقامين، وبه صرح في
الثاني في الذخيرة (4) وغيرها.
وبالاجماع في الأول صرح في كلام جماعة (5). وهو الحجة، مضافا إلى

(1) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 359 س 22.
(2) وسائل الشيعة: ب 22 و 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2 و 1 - 3 - 4 ج 10 ص 56 و 57.
(3) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 660 س 15.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ص 660 س 16.
(5) كشف اللثام: كتاب الحج في أحكام الوقوف بالمشعر ج 1 ص 359 س 26، وظاهر الحدائق
الناضرة: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 16 ص 470.
401

الأصل في الثاني، والصحاح المشار إليها في الأول. لكنها مطلقا: بأن عليه
الحج من قابل (1).
ولكن قيدها الأصحاب بالمقام الأول مدعين الاجماع عليه.
وأما الخبر - أو الصحيح كما قيل (2) - في قوم قدموا يوم النحر وقد فاتهم
الحج: إنه يهريق كل واحد منهم دم شاة ويحلون، وعليهم الحج من قابل إن
انصرفوا إلى بلادهم، وإن أقاموا حتى يمضي أيام التشريق بمكة ثم خرجوا
إلى بعض مواقيت أهل مكة فأحرموا أو اعتمروا فليس عليهم الحج من
قابل (3).
فقال الشيخ: يحتمل أن يكون مختصا بمن اشترط حال الاحرام فإنه إذا
كان اشترط لم يلزمه الحج من قابل، وإن لم يكن قد اشترط لزمه ذلك في
العام المقبل.
واستشهد له بالصحيح: عن رجل خرج متمتعا بالعمرة إلى الحج فلم
يبلغ مكة إلى يوم النحر، فقال: يقيم على إحرامه، ويقطع التلبية حين
يدخل مكة فيطوف ويسعى بين الصفا والمروة ويحلق رأسه وينصرف إلى
أهله إن شاء.
وقال: هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه، وإن لم يكن اشترط فإن
عليه الحج من قابل (4).
وفيه ما في كلام جماعة (5)، من أن الفائت إن كان مستحبا لم يجب

(1) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 - 3 - 4 - 5 ج 10 ص 57.
(2) القائل هو صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 16 ص 463.
(3) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 5 ج 10 ص 66.
(4) تهذيب الأحكام: ب 23 في تفصيل الفرائض ج 5 ص 295.
(5) منهم منتهى المطلب: كتاب الحج في حكم الفوات ج 2 ص 853 س 19 والمدروس الشرعية:
كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 427.
402

القضاء: وإن لم يشترط، وكذا إن لم يستقر ولا استمر وجوبه.
وإن كان واجبا وجوبا مستقرا أو مستمرا وجب، وإن اشترط فالوجه
حمل هذا الخبر - بعد الاغماض عن سنده - على شدة استحباب القضاء إذا لم
يشترط وكان مندوبا أو غير مستقر الوجوب ولا مستمره.
ثم مقتضى الأصل وظاهر الصحاح وغيرها (1) الواردة في بيان الحاجة
الساكتة عن إيجاب الهدي عدمه، كما هو ظاهر الأكثر، بل المشهور.
خلافا للمحكي (2) عن نادر فأوجبه لما مر من الخبر، ولأنه حل قبل
تمام إحرامه كالمحصر.
وضعفه ظاهر فإنه يتم الأفعال، لكنه يعدل، والخبر محمول على
الندب، لما مر، مع ما في الراوي من الكلام.
نعم روى الصدوق في الصحيح نحو ما فيه، إلا أنه قال فيه: يقيم بمكة
على احرامه ويقطع التلبية حين يدخل الحرم، فيطوف بالبيت ويسعى
ويحلق رأسه ويذبح شاته ثم ينصرف إلى أهله.
ثم قال: هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه أن يحله حيث حبسه،
فإن لم يشترط فإن عليه الحج والعمرة من قابل (3).
إلا أن لفظ (شاته) بالإضافة مشعر بأنه كان معه شاة عينها للهدي،
ويحتمل أن يكون فتيا لرجل بعينه، وقد يكون نذر الشاة للهدي، ويحتمل
الاستحباب.
مع أن ظاهره هو جواز الاحلال والرجوع لهم بمجرد الحلق وذبح الشاة،

(1) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الوقوف بالمشعر ج 10 ص 57.
(2) الخلاف: كتاب الحج م 221 في من فاته الحج عليه الهدي... ج 2 ص 376.
(3) من لا يحضره الفقيه: باب الوقت الذي إذا أدركه الانسان... ح 5 ج 4 ص 243.
403

من غير حاجة إلى عمرة التحلل، وهو خلاف الاجماع.
قيل والأولى حمل هذا الخبر على التقية (1)، لأن المشهور بين العامة هو أن
من فاته الحج لم يجب عليه العمرة، بل يبقى على إحرامه السابق ويتحلل
بطواف وسعي وحلاق، وكذلك وجوب الهدي عليه هو القول المتصور بينهم
الذي ذهب إليه أهل الشوكة منهم وأهل الجاه والاعتبار.
(الثالث يستحب التقاط الحصى من جمع) إجماعا، كما عن ظاهر
المنتهى (2) والتذكرة (3) وصريح غيرهما (4)، للصحيحين: خذ حصى الجمار
من جمع وإن أخذته من رحلك بمنى أجزأك (5).
(وهو سبعون حصاة) ذكر الضمير لعوده إلى الملقوط المدلول عليه
بالالتقاط.
وهذا العدد هو الواجب. ولو التقط أزيد منه احتياطا حذرا من سقوط
بعضها أو عدم إصابته فلا بأس.
ويجوز الالتقاط من غير جمع، للأصل والصحيحين (6)، لكن لا يجوز إلا
من الحرم، للصحيح: حصى الجمار إن أخذته من الحرم أجزأك، وإن
أخذته من غير الحرم لم يجزئك (7).
(ويجوز) الالتقاط (من أي جهات الحرم شاء عدا المساجد)

(1) الظاهر أنه هو صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 16 ص 468.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 2 ص 728 س 31.
(3) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 375 س 26.
(4) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في احرام الحج والوقوف ج 1 ص 331.
(5) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر ج 10 ص 52.
(6) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب الوقوف بالمشعر ج 10 ص 52.
(7) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 53.
404

مطلقا، كما هنا وفي الشرائع (1) والقواعد (2) وعن الجامع (3).
قيل: للنهي عن إخراج حصى المساجد، وهو يقتضي الفساد كذا في
المختلف، والذي تقدم في الصلاة كراهية الاخراج.
وإن سلم الحرمة فالرمي غير منهي عنه، إلا أن يثبت وجوب المبادرة
إلى الإعادة، فيقال الرمي منهي عنه، لكونه ضده.
ويمكن حمل الجواز على الإباحة، بمعنى الأخص، فينافيه الكراهة،
والفساد على فساد الاخراج، بمعنى الرغبة عنه شرعا، أو يقال: يجب
إعادتها إليها أو إلى غيرها من المساجد، أو عند الرمي يلتبس بغيرها
فلا يمتاز ما من المسجد من غيره.
وفيه: أنه يمكن إعلامها بعلامة تميزها وفي الموثق يجوز أخذ حصى
الجمار من جميع الحرم إلا من المسجد الحرام ومسجد الحيف ولذا اقتصر
عليهما الأكثر (4).
وإلى قولهم أشار بقوله: (وقيل: عدا المسجد الحرام ومسجد
الخيف).
وليس في التهذيب المسجد الحرام (5)، ولذا اقتصر عليه الشيخ في
مصباحه (6).

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 257.
(2) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الوقوف بالمشعر ج 1 ص 87 س 6.
(3) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الاحرام للحج والخروج إلى منى... ص 209.
(4) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الوقوف بمنى ج 1 ص 360 س 7.
(5) بل صرح الشيخ في التهذيب بعدم جواز الأخذ من المسجد الحرام ومسجد الخيف، فراجع تهذيب الأحكام: ب 15 في نزول المزدلفة ج 5 ص 196.
(6) مصباح المتهجد: كتاب الحج في الدعاء قبل رمي الحصاة... ص 642.
405

ولعله لبعد الالتقاط من المسجد الحرام، وفي بعض القيود أنه لا يجوز
الأخذ من وادي محسر.
وفي المنتهى لو رمى بحصاة محسر كره له ذلك، وهل يكون مجزئا أم لا
فيه تردد، أقربه الاجزاء، للعموم (1).
(ويشترط أن يكون أحجارا) ولا يجوز بغيرها كالمدر والآجر
والكحل والزرنيخ وغير ذلك من الذهب والفضة باجماعنا الظاهر، المحكي
عن صريح الانتصار (2) وظاهر التذكرة (3) والمنتهى (4)، بل في المنتهى (5)
والتحرير (6) عن الأكثر تعين الحصا، وهو الأقوى، للتأسي والاحتياط،
لورود النص بلفظ الحصى والحصيات مع أن في الصحيح منها لا ترم الجمار
إلا بالحصى (7).
خلافا للخلاف ففيه جواز الرمي بالحجر أو ما كان من جنسه من
البرام والجواهر وأنواع الحجارة (8).
ولا دليل عليه، سوى ما يحكي عنه من دعواه الاجماع، وفيها - مع
وهنها - معارضتها بأقوى منها، وهي الأدلة التي قدمناها، أو ما يفهم من
كلام المتقدم من دخول الجميع في الحجر وهو الحصى، بناء على أن الحصى

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في نزول منى ورمي جمرة العقبة ج 2 ص 730 س 20، وفيه: (لو
رمى بحصاة نجسة).. الخ.
(2) الإنتصار: كتاب الحج في وجوب التلبية ص 105.
(3) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في رمي جمرة العقبة ج 1 ص 376 س 5.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في نزول منى ورمي جمرة المعقبة ج 2 ص 729 س 34.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في نزول منى ورمي جمرة العقبة ج 2 ص 730 س 8.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج في نزول منى وقضاء المناسك ج 1 ص 153 س 20.
(7) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 53.
(8) الخلاف: كتاب الحج في عدم اجزاء الرمي بغير الحجر ج 2 ص 342.
406

هي الحجارة الصغيرة، كما عن القاموس (1).
وعليه فلا خلاف، لكن يمنع الدخول أولا.
ثم يستشكل في تفسير الحصى بالحجار، قلنا فإنه العرف والعادة، ولذا
أن جماعة من متأخري المتأخرين قالوا بعد نحو ما في العبارة: بل الأجود
تعين الرمي بما يسمى حصاة (2)، وهو الأقرب.
وأن يكون (من الحرم) للصحيح: حصى الجمار إن أخذته من الحرم
أجزأك، وإن أخذته من غير الحرم لم يجزئك (3).
وفي المرسل: لا تأخذه من موضعين من خارج الحرم ومن حصى
الجمار (4). وبه قطع الأكثر.
قيل: خلافا للخلاف والقاضي (5)، ومستندهما غير واضح سوى الأصل
المخصص بما مر.
وأن يكون (أبكارا) غير مرمي بها رميا صحيحا بالنص المتقدم
وغيره، والاجماع الظاهر، للمحكي (6) عن صريح الخلاف (7) والغنية (8)

(1) القاموس المحيط: فصل الحاء باب الواو والياء ج 4 ص 318. (
(2) منهم مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط الحجر الملتقط ج 7 ص 440، وذخيرة المعاد:
كتاب الحج في استحباب التقاط الحصى ص 661 س 15، والحدائق الناضرة: كتاب الحج في
شروط حصى الجمار ج 16 ص 474.
(3) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 53.
(4) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3 ج 10 ص 53.
(5) القائل هو كاشف اللثام: كتاب الحج في رمي الجمار ج 1 ص 361 س 14، ولكن نقل
الخلاف عن الخلاف وابن حمزة.
(6) كشف اللثام: كتاب الحج في رمي الجمار ج 1 ص 361 س 16. (
(7) الخلاف: كتاب الحج في عدم جواز الرمي بحصاة قد رمي بها ج 2 ص 343.
(8) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الرمي ص 519 س 16.
407

والجواهر (1) والمصرح به في المدارك (2) وغيره.
(ويستحب أن يكون رخوة) غير صلبه (برشا بقدر الأنملة) بفتح
الهمزة وضم الميم رأس الإصبع (ملتقطة) بأن يكون كل واحدة منها
مأخوذة من الأرض منفصلة.
واحترز بها عن المكسرة من غير حجر فإنها مكروهة كما سيأتي.
(منقطة) كحلية، كل ذلك للمعتبرة (3).
قيل: والمشهور في معنى البرش أن يكون في الشئ نقط يخالف لونه،
وقصره ابن فارس على ما فيه نقط بيض (4).
وعليه، فيكون هذا الوصف مغنيا عن كونها منقطة.
ولعله لذا تكلف شيخنا في الروضة فحمل مثل كلام الماتن على
اختلاف ألوان الحصى بعضها لبعض. ومكانه من البعد غير خفي (5).
واقتصر الصدوق على المنقطة (6)، والشيخ في التهذيب (7) والنهاية (8)
والجمل (9) على البرش، لكن في النهاية الأثيرية: أن البرشة لون مختلط حمرة
وبياضا وغيرهما (10)، وفي المحيط: أنه لون مختلط بحمرة (11)، وفي تهذيب اللغة

(1) جواهر الفقه: باب مسائل تتعلق بالحج ص 43.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في شروط الحصى الملتقط ج 7 ص 441.
(3) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 2، 3 ج 10 ص 54.
(4) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في مناسك منى ج 1 ص 361 س 18.
(5) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في مناسك منى ج 2 ص 284.
(6) الهداية (الجوامع الفقهية): كتاب الحج باب المواقيت ص 58 س 32.
(7) تهذيب الأحكام: ب 15 في نزول المزدلفة ج 5 ص 196.
(8) النهاية: كتاب الحج باب الإفاضة من عرفات والوقوف بالمشعر ص 253.
(9) الجمل والعقود: كتاب الحج فصل في نزول منى و... ص 145.
(10) النهاية (لابن الأثير) باب الباء مع الراء ج 1 ص 118.
(11) لم نعثر عليه في القاموس، ونقله عنه الفاضل الهندي في الكشف: ج 1 ص 361 س 20.
408

عن الليث: أن الأبرش الذي فيه ألوان وخلط (1).
وحينئذ يكون أعم من المنقطة، وفي الكافي أن الأفضل البرش، ثم
البيض والحمرة، ويكره السود (2).
(ويكره الصلبة، للصحيح (3) (والمكسرة) للخبر: التقط الحصى
ولا تكسرن منه شيئا، أو السوداء والبيضاء والحمراء، للنهي عنها أجمع في
بعض الأخبار. وفيه: خذها كحلية منقطة (4).
(القول في مناسك منى)
جمع منسك، وأصله موضع النسك وهو العبادة، ثم أطلق اسم المحل
على الحال، ولو عبر بالنسك كان هو الحقيقة.
ومنى بكسر الميم اسم مذكر منصرف، كما قيل (5).
وجوز تأنيثه سمى به المكان الخصوص، لقول جبرئيل - عليه السلام -
لإبراهيم - عليه السلام -: تمن على ربك ما شئت.
وقيل: لقوله - عليه السلام - لآدم - عليه السلام - تمن، فقال: أتمنى
الجنة فسميت به، لا منية آدم (6).
ومناسكها (يوم النحر) ثلاثة: (وهي رمي جمرة العقبة) التي هي
أقرب الجمرات الثلاث إلى مكة، وهي حدها من تلك الجهة (ثم الذبح

(1) لم نعثر عليه، وقد نقله عنه كشف اللثام ج 1 ص 361 س 20.
(2) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 215.
(3) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 1 ج 10 ص 54.
(4) وسائل الشيعة: ب 20 من أبواب الوقوف بالمشعر ح 3 ج 10 ص 54.
(5) الصحاح للجوهري: مادة منا ج 6 ص 2498.
(6) لم نعثر على قائله.
409

ثم الحلق) مرتبا كما ذكر. فلو عكس أثم وأجزأ على خلاف في الأول
سيذكر.
أما وجوب الأخيرين فسيأتي الكلام فيه.
وأما وجوب الأول: ففي التذكرة (1) والمنتهى (2) أنه لا نعلم فيه خلافا،
ثم في المنتهى: وقد يوجد في بعض العبارات أنه سنة وذلك في بعض
أحاديث الأئمة - عليهم السلام - وفي لفظ الشيخ في الجمل والعقود، وهو
محمول على الثابت بالسنة، لا أنه مستحب (3)، وفي السرائر لا خلاف
عندنا في وجوبه، ولا أظن أن أحدا من المسلمين يخالف فيه (4).
ويدل على وجوبه التأسي والأمر به في الأخبار الكثيرة، بل المتواترة
كما في السرائر (5).
ففي الصحيح: ثم تأتي جمرة القصوى التي عند العقبة فارمها من
وجهها (6).
وفي الذخيرة: الأمر وإن كان دلالته على الوجوب في أخبارنا غير
واضح، إلا أن عمل الأصحاب وفهمهم يعين على فهم الوجوب منه،
مضافا إلى توقف يقين البراءة من التكليف الثابت عليه (7).
ويجب عليه في كل من الثلاثة أمور: (أما الرمي فالواجب فيه

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في رمي جمرة العقبة حاشية ج 1 ص 376.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في نزول منى ورمي جمرة العقبة ج 2 ص 729 س 32. (
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج البحث الثالث في الرمي ج 2 ص 771 س 14.
(4) السرائر: كتاب الحج باب زيارة البيت والرجوع إلى منى ج 1 ص 606.
(5) السرائر: كتاب الحج باب زيارة البيت والرجوع إلى منى ج 1 ص 607.
(6) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1 ج 10 ص 70.
(7) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في مناسك منى ص 662 س 20.
410

النية) وهي قصد الفعل طاعة لله عز وجل.
والأحوط ملاحظة الوجه وتعيين نوع الحج والتعرض للأداء وإن كان
لزوم التعرض لذلك غير معلوم.
ويجب مقارنتها لأول الرمي، واستدامة حكمها إلى الفراغ، كما في
نظائره.
(والعدد وهو سبع) حصيات، للتأسي، والنصوص (1)، وإجماع
علماء الإسلام، كما في ظاهر المنتهى (2) وصريح غيره (3).
(وإلقائها بما يسمى رميا) لوقوع الأمر به، وهو للوجوب.
والامتثال إنما يتحقق بإيجاد الماهية التي تعلق بها الأمر، فلو وضعها
بكفه لم يجز إجماعا.
وكذا لو طرحها طرحا لا يصدق عليها اسم الرمي، وحكي في المنتهى
خلافا في الطرح، ثم قال: والحاصل أن الخلاف وقبع باعتبار الخلاف في
صدق الاسم، فإن سمي رميا أجزأ بلا خلاف، وإلا لم يجز إجماعا (4)،
ونحوه عن التذكرة (5).
ويعتبر تلاحق الحصيات، فلو رمى بها دفعة فالمحسوب واحدة.
والمعتبر تلاحق الرمي لا الإصابة، فلو أصابت المتلاحقة دفعة أجزأت،
ولو رمى بها دفعة فتلاحقت في الإصابة لم يجز.

(1) الكافي: كتاب الحج باب من خالف الرمي أو زاد أو نقص ج 4 ص 483، ووسائل الشيعة: ب 7
من أبواب العود إلى منى ح 1 - 2 ج 10 ص 217.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في كيفية الرمي ج 2 ص 731 س 1.
(3) كشف اللثام: كتاب الحج في رمي الجمار ص 361 س 4.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في كيفية الرمي ج 2 ص 731 س 5.
(5) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في رمي الجمار ج 1 ص 376 س 28.
411

(وإصابة الجمرة بفعله) بلا خلاف بين العلماء، كما في صريح
المدارك (1) وغيره للتأسي.
والصحيح: إن رميت بحصاة فوقعت في عمل فأعد مكانها (2).
(فلو) قصرت عن الإصابة و (تممها حركة غيره) أي غير الرامي
من حيوان أو انسان (لم يجز) بخلاف ما لو وقعت على شئ وانحدرت على
الجمرة فإنها تجزئ، والفرق تحقق الإصابة بفعله هنا دون الأول، لتحققها
فيه بالشركة.
وفي الصحيح: وإن أصابت إنسانا أو جملا ثم وقعت على الجمار
أجزأت (3).
(ويستحب (4) الطهارة) من الحدث حال الرمي، للصحيح وغيره:
لا ترم الجمار إلا وأنت على طهر (5). وظاهرهما الوجوب، كما عن ظاهر
المفيد (6) والمرتضى (7) والإسكافي (8).
ولكن الأظهر الأشهر الاستحباب حتى أن في ظاهر الغنية الاجماع (9)،
وفي المنتهى لا نعلم فيه خلافا (10)، جمعا بين ما مر وبين الصحاح

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في نزول منى وما بها من المناسك ج 8 ص 8.
(2) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1 ج 10 ص 72.
(3) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1 ج 10 ص 72.
(4) في المتن المطبوع: والمستحب.
(5) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1 ج 10 ص 69.
(6) المقنعة: كتاب الحج باب نزول المزدلفة ص 417.
(7) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) المجموعة الثالثة ص 68.
(8) مختلف الشيعة: كتاب الحج في نزول منى ص 352 س 28.
(9) غنية النزوع (الجوامع الفقهية) ص 519 س 25.
(10) منتهى المطلب: كتاب الحج في الأحكام ج 2 ص 733 س 16.
412

وغيرها.
ففي الصحيح: ويستحب أن ترمي الجمار على طهر (1).
وفيه: لا بأس أن تقضي المناسك كلها على غير وضوء، إلا الطواف
فإن فيه صلاة، والوضوء أفضل.
وفي الخبر: عن رمي الجمار على غير طهور، قال: الجمار عندنا مثل
الصفا والمروة حيطان إن طفت بهما على غير طهور أجزأك، والطهور أحب
إلي فلا تدعه وأنت قادر عليه (2).
ويمكن المناقشة في هذا الجمع، إذ الرواية الأخيرة الصريحة ضعيفة السند
بالجهالة، وما قبلها من الأخبار الصحيحة غير صريحة، لعدم وضوح يستحب
فيما يجوز تركه، كما هو المصطلح عليه الآن فلعل المراد به المعنى الأعم المجامع
للوجوب.
والصحيحة الثانية دلالتها في المسألة إنما هي بالعموم، فتقبل التخصيص
برواية الوجوب فإنها نص فيها.
ولعله إلى هذا نظر شيخنا في الروضة حيث إنه بعد أن نقل الاستدلال من
الشهيد على الاستحباب بالجمع بين صحيحة الوجوب والرواية
الأخيرة.
قال: وفيه نظر، لأن المجوزة مجهولة الراوي فكيف يؤول الصحيح
لأجلها (3).
وعليه فيضعف ما يورد عليه من أن دليل الاستحباب غير منحصر في

(1) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 3 ج 10 ص 70.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 5 ج 10 ص 70.
(3) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في مناسك منى ج 2 ص 285 و 286.
413

الرواية الأخيرة، وذلك لوضوح الانحصار بعد ما عرفت من ضعف الدلالة فيما
عداها من الأخبار الصحيحة.
ولعله لهذا لم يستدل بها الشهيدان مع الصحة (1).
والأقرب في الجواب عما في الروضة بانجبار الرواية بالشهرة، وما عرفت
من الاجماعات المنقولة، مضافا إلى أن الصحيحة الثانية النافية للوجوب (2) في
المسألة وإن كانت عامة لكن ما فيها من التعليل يجعلها في قوة الرواية
الخاصة،
هذا مع أن العام المعتضد بالشهرة أقوى من الرواية الخاصة التي ليست معتضدة
بالشهرة.
هذا مع أن في المختلف وغيره بعد نقل القول بالوجوب عن هؤلاء
الجماعة وكان قصدهم تأكد الاستحباب: فلا خلاف (3).
(والدعاء) بما في الصحيح: قال تقول والحصى في يدك: اللهم هؤلاء
حصياتي فاحصهن لي وارفعهن في عملي، ثم ترمي وتقول: مع كل حصاة
الله أكبر، اللهم ادحر عني الشيطان، اللهم تصديقا بكتابك وعلى سنة
نبيك، اللهم اجعله حجا مبرورا وعملا مقبولا وسعيا مشكورا وذنبا
مغفورا (4).
(و) أن إلا يتباعد بما يزيد عن خمسة عشر ذراعا) كما في

(1) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في مناسك منى ج 3 ص 285 و 286.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 5 ج 10 ص 70.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في نزول منى ص 352 س 29.
(4) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1 ج 10 ص 70.
414

الصحيح: وليكن فيما بينك وبين الجمرة قدر عشر أذرع، أو قدر خمسة عشر
ذراعا (1).
(وأن يرمي خذفا) على الأشهر الأقوى، للصحيح في قرب الإسناد
(2)، الضعيف في الكافي (3) والتهذيب (4) تحذفها حذفا وتضعها
على الابهام وتدفعها بظفر السبابة.
خلافا للمرتضى (5) فأوجبه مستدلا بالاجماع، وبالأمر به في أكثر
الأخبار، وتبعه الحلي (6).
وأجيب في المختلف: بأن الاجماع إنما هو على الرجحان وأن الأمر هنا
للندب (7).
ولعله أشار بقوله: إلى قيام القرينة في المقام على الندب. ولعلها الشهرة
العظيمة عليه، حتى أنه جعل السيد متفردا بالوجوب، مشعرا ببلوغها
الاجماع.
وهو كذلك، إذ لم نقف على مخالف عداه والحلي وهما نادران.
مع أن الأصل والاطلاقات المعتضدة بالشهرة أقوى من الرواية الآمرة،
سيما وأن سياق الرواية المتقدمة، مشعر بالاستحباب، لتضمنه كثيرا من

(1) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1 ج 10 ص 70.
(2) قرب الإسناد: ص 158 س 15.
(3) الكافي: كتاب الحج باب حصى الجمار من أين يؤخذ ح 7 ج 4 ص 478.
(4) تهذيب الأحكام: ب 15 في نزول المزدلفة ح 33 ج 5 ص 197.
(5) الإنتصار: كتاب الحج في وجوب الخذف ص 105.
(6) السرائر: كتاب الحج باب الإفاضة من عرفات...... ج 1 ص 590.
(7) مختلف الشيعة: كتاب الحج في نزول منى ص 302 س 22.
415

الأوامر والنواهي التي ليست على حقيقتها من الوجوب والتحريم.
ثم الخذف - بإعجام الحروف - الرمي بها بالأصابع، كما عن
الصحاح (1) والديوان (2) وغيرهما، وعن الحلي أنه المعروف عند أهل
اللسان (3)، وعن الخلاص بأطراف الأصابع. والظاهر الاتحاد.
وعن الجمل والمفصل أنه الرمي من بين إصبعين، وعن العين والمحيط
والمقاييس والغريبين والنهاية الأثيرية وغيرها من بين السبابتين.
وعن المبسوط (4) والسرائر (5) والنهاية (6) والمصباح ومختصره (7) والمقنعة (8)
والمراسم (9) والكافي (10) والمهذب (11) والغنية (13) والجامع (13) والتحرير (14)
والتذكرة (15) والمنتهى (16)، وبالجملة: المشهور - كما في المختلف (17)

(1) الصحاح للجوهري فصل الخاء مادة خذف ج 4 ص 1347.
(2) ديوان الأدب: باب فعل يفعل ج 2 ص 171.
(3) السرائر: كتاب الحج باب نزول منى ج 1 ص 590.
(4) المبسوط: كتاب الحج فصل في ذكر نزول منى... ج 1 ص 369.
(5) السرائر: كتاب الحج باب نزول منى ج 1 ص 590.
(6) النهاية: كتاب الحج باب الإفاضة من عرفات... ص 254.
(7) مصباح المتهجد: كتاب الحج في الدعاء قبل رمي الحصاة... ص 642.
(8) المقنعة: كتاب الحج ب 15 في نزول المزدلفة ص 417.
(9) المراسم: كتاب الحج ذكر المضي إلى مزدلفة ص 113.
(10) الكافي: كتاب الحج بأي حصى الجمار من أين يؤخذ ح 7 ج 4 ص 478.
(11) المهذب: كتاب الحج باب رمي الجمار ج 1 ص 255.
(12) في نسخة (مش): والغنية.
(13) تحرير الأحكام: كتاب الحج في نزول منى وقضاء المناسك ج 1 ص 104 س 3.
(14) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الاحرام للحج... ص 210.
(15) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في كيفية رمي الجمار ج 1 ص 377 س 11.
(16) منتهى المطلب: كتاب الحج في كيفية الرمي ج 2 ص 732 س 7.
(17) مختلف الشيعة: كتاب الحج في نزول منى وقضاء المناسك ص 302 س 23.
416

والروضة (1) ومجمع البحرين (2) - أن يضعها على باطن الابهام ويرميها بظفر
السبابة، كما في الخبر المتقدم، لكن من غير تقييد للابهام بالبطن، وعن
القاضي أنه حكى قولا بأنه يضعها على ظهر إبهامه ويدفعها بالمسبحة (3)،
وعن الانتصار أنه يضعها على بطن الابهام ويدفعها بظفر الوسطى (4).
أقول: ومتابعة المشهور أولى.
(والدعاء مع كل حصاة) بما مر في الصحيح.
(ويستقبل جمرة العقبة) بأن يكون مقابلا لها، لا عاليا عليها كما
ذكره جماعة (5) قالوا: إذ ليس لها وجه خاص يتحقق به الاستقبال.
وفيه نظر، بل المستفاد من الشيخ في المبسوط (6) والحلي في السرائر (7)
والعلامة في جملة من كتبه كالتحرير (8) والمنتهى (9) والمختلف (10) أن المراد
بالاستقبال غير ذلك، وذلك أنهم ذكروا استحباب الرمي من قبل وجهها
لا عاليا عليها مسألة، واستحباب استقبالها واستدبار القبلة مسألة أخرى.
ولما ذكرنا تنبه في الذخيرة قال: وكان المراد باستقبالها التوجه إلى

(1) الروضة البهية: كتاب الحج في مناسك منى ج 2 ص 286.
(2) مجمع البحرين: باب ما أوله الخاء مادة خذف ج 5 ص 42.
(3) المهذب: كتاب الحج باب رمي الجمار ج 1 ص 255.
(4) الإنتصار: كتاب الحج في وجوب الخذف... ص 105.
(5) منهم مسالك الأفهام: كتاب الحج في نزول منى ج 1 ص 115 س 8 ومنهم مدارك الأحكام:
كتاب الحج في رمي جمرة العقبة ج 8 ص 14.
(6) المبسوط: كتاب الحج في ذكر نزول منى... ج 1 ص 369.
(7) السرائر: كتاب الحج في الإفاضة من عرفات والوقوف بالمشعر ج 1 ص 591.
(8) تحرير الأحكام: كتاب الحج في نزول منى وقضاء المناسك ج 1 ص 104 س 1.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج في كيفية الرمي ج 2 ص 731 س 36.
(10) مختلف الشيعة: كتاب الحج في نزول منى وقضاء المناسك ص 303 س 29.
417

وجهها، وهو ما كان إلى جانب القبلة (1).
(و) يستلزم الرمي من قبل وجهها حينئذ أن (يستدبر القبلة).
فتلخص في المقام مسألتان: استحباب رميها من قبل وجهها لا من
أعلاها، واستحباب استدبار القبلة.
ويدل على الأمرين الصحيح: ثم أئت الجمرة القصوى التي عند العقبة
فارمها من قبل وجهها ولا ترمها من أعلاها (2).
وهو نص في الأولى، وظاهر في الثانية، بناء على أن المراد بوجهها ما
قدمنا.
ويدل على الحكم فيها صريحا النبوي الفعلي: أنه - صلى الله عليه وآله -
رماها مستدبر القبلة لا مستقبلها (3).
لكن يعارضه عموم ما دل على استحباب استقبالها، وخصوص المحكي
من الرضوي هنا (4)، ويحكى قول بهذا أيضا، إلا أن الأول أشهر فيكون
أولى.
(وفي غيرها) أي غير جمرة العقبة (يستقبل الجمرة والقبلة) معا
كما سيأتي بيانه إن شاء الله تعالى. وإنما ذكره هنا استطرادا.
(وأما الذبح، ف‍) الكلام (فيه) يقع في (أطراف).
(الأول: في الهدي وهو واجب على المتمتع) بالكتاب والسنة

(1) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في مناسك منى ص 663 س 15.
(2) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب رمي جمرة العقبة ح 1 ج 10 ص 70.
(3) لم نعثر عليه في المصادر المظنونة والمتوفرة لدينا، ولكن نقلها العلامة في منتهى المطلب: كتاب
الحج في الرمي ج 2 ص 731 السطر الأخير.
(4) فقه الإمام الرضا: ب 31 من أبواب الحج وما يستعمل فيه ص 225.
418

وإجماع المسلمين، كما في المنتهى (1)، وفي التحرير (2) وغيره الاجماع على
الاطلاق.
واحترز بقوله: (خاصة) من غير المتمتع فإنه لا يجب عليه، كما يأتي
قريبا.
ولا فرق في وجوبه على المتمتع بين كونه (مفترضا أو متنفلا) (3).
ولا بين كونه مكيا أو غيره، وإليه أشار بقوله: (ولو كان مكيا) على
أشهر الأقوال وأقواها (4)، لاطلاق الأدلة.
خلافا للمبسوط (5) والخلاف (6) فلم يوجبه على المكي قطعا في الأول،
واحتمالا في الثاني، لقوله تعالى: (ذلك لمن لم يكن أهله حاضري المسجد
الحرام) (7).
قال في المختلف: ويجب أن يكون قوله: (ذلك) راجعا إلى الهدي
لا إلى التمتع، لأنه يجري مجرى قول القائل: من دخل داري فله درهم ذلك
لمن لم يكن عاصيا، في أن ذلك يرجع إلى الجزاء دون الشرط.
قال: ولو قلنا أنه راجع إليهما وأنه لا يصح منهم التمتع أصلا كان
قويا (8)، انتهى. وقواه الفاضل في التحرير (6) والمنتهى (10).

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في الذبح ج 2 ص 734 س 7.
(2) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 154 س 12.
(3) في المتن المطبوع (ق): ومتنفلا.
(4) في (مش): وأقربها، وفي (م): وأقومها.
(5) المبسوط: كتاب الحج فصل في ذكر أنواع الحج وشرائطها ج 1 ص 308.
(6) الخلاف: كتاب الحج م 42 فرض المكي القران والأفراد ج 2 ص 272.
(7) البقرة: 196.
(8) مختلف الشيعة: كتاب الحج في وجوب الهدي على المكي... ص 261 س 2.
(9) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 154 س 13.
(10) منتهى المطلب: كتاب الحج في الذبح ج 2 ص 734 س 22.
419

مع أنه أجاب في المختلف عن دليله هذا: بأن عود الإشارة هنا إلى
الأبعد أولى، لما عرفت من أن النحاة فصلوا بين الرجوع إلى القريب والبعيد
والأبعد في الإشارة، فقالوا في الأول ذا، وفي الثاني ذاك، وفي الثالث
ذلك.
قال: مع أن الأئمة - عليهم السلام - استدلوا على أن أهل مكة ليس لهم
متعة بقوله تعالى: (ذلك) الآية، والحجة في قولهم (1). وهو جيد.
وفي موضع من الشرائع عدم الوجوب إذا عدل المكي عن فرضه إلى
التمتع اختيارا (2)، وفي موضع آخر لو تمتع المكي وجب عليه الهدي (3).
قيل: وجمع بعضهم بينهما بأن الأول في حج الاسلام، والثاني في
غيره (4)، وقريب منه ما في الدروس من احتمال وجوبه على المكي إن
كان لغير حجة الاسلام (5)، ولعله لاختصاص الآية بحج الاسلام.
وهو متجه لو سلم دلالة الآية على سقوط المكي، ولكن قد عرفت ما
فيها.
وعن الماتن هنا قول آخر بوجوبه عليه إن تمتع ابتداء، لا إذا عدل إلى
التمتع. ولم أعرف له مستندا.
(ولا يجب) الهدي (على غير المتمتع) معتمرا أو حاجا، مفترضا أو
متنفلا بإجماعنا، كما عن صريح التذكرة (6) وظاهر المنتهى (7) وصريح

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في وجوب الهدي على المكي... ص 261 س 4.
(2) شرائع الاسلام: كتاب الحج في أقسام الحج ج 1 ص 239.
(3) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 259.
4) كشف اللثام: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 362 س 41.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الذبح ص 126 ص 24.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الذبح... ج 1 ص 378 س 9.
(7) منتهى المطب: كتاب الحج في الذبح... ج 2 ص 734 س 13.
420

غيرهما (1)، للأصل، والنصوص.
منها الصحيح: في المفرد ليس عليه هدي ولا أضحية (2).
وأما الصحيح: في من اعتمر في رجب، فقال: إن أقام بمكة حتى يخرج
منها حاجا فقد وجب عليه هدي، فإن خرج من مكة حتى يحرم من غيرها
فليس عليه هدي (3). فحمله الشيخ تارة على الاستحباب، وأخرى على من
أقام بها حتى يتمتع بعمرة أخرى إلى الحج في أشهره (4). ولا بأس به جمعا.
(ولو تمتع المملوك) بإذن مولاه (كان لمولاه إلزامه بالصوم، أو
أن يهدي عنه) بإجماعنا، كما عن التذكرة (5) وفي ظاهر المنتهى (6) وفي
غيرهما بلا خلاف (7) أو إجماعا (8)، للمعتبرة المستفيضة.
منها الصحيحان: إن شئت فاذبح عنه وإن شئت فمره فليصم (9).
وأما الصحيح عن المتمتع المملوك، فقال: عليه مثل ما على الحر إما
أضحية وإما صوم (10) فقد حمله الشيخ تارة على من أدرك أحد الموقفين
معتقا، وأخرى على أن المراد المساواة في الكمية لئلا يظن أن عليه نصف ما
على الحر كالظهار ونحوه، وثالثة على أن المولى إذا لم يأمر عبده بالصوم إلى

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في ذبح الهدي ج 8 ص 15 - 16.
(2) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 1 ج 8 ص 149.
(3) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 85.
(4) تهذيب الأحكام: ب 16 في الذبح ج 5 ص 250.
(5) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 379 س 36.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في الذبح ج 2 ص 737 س 10.
(7) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 663 س 40.
(8) مدارك الأحكام: كتاب الحج في ذبح الهدي بمنى ج 8 ص 7.
(9) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 89.
(10) تهذيب الأحكام: ب 16 من أبواب الذبح ح 7 و 8 ج 5 ص 201.
421

النفر الأخير فإنه يلزمه أن يذبح عنه.
ولا يجزئه الصوم (1)، مستدلا عليه برواية ضعيفة السند حملها على تأكد
الاستحباب (2)، كما في التحرير (3) طريق الجمع بينها وبين ما مر من
الاخبار النافية للوجوب عن المولى على الاطلاق (4). ونحوها الموثق (5).
وعن صريح التذكرة الاجماع عليه، وعلى نفيه عن العبد (6).
وأما الموثق: أن لنا مماليك قد تمتعوا أعلينا أن نذبح عنهم؟ قال فقال:
المملوك لا حج له ولا عمرة ولا شئ (7). فمحمول على مملوك حج بغير إذن
مولاه.
(ولو أدرك أحد الموقفين) حال كونه (معتقا لزمه الهدي مع
القدرة، والصوم مع التعذر) بلا خلاف أجده، وفي المنتهى لا نعلم فيه
خلافا (8)، لأنه إذا أدركه معتقا يكون حجه مجزئا عن حج الاسلام،
فيساوي غيره من الأحرار في وجوب الهدي عليه مع القدرة والصوم مع
التعذر.
ولم يعتبر الفاضل في القواعد كون العتق قبل الموقف أو بعده، بل اعتبره
قبل الصوم، فقال: إن أعتق قبل الصوم تعين عليه الهدي (9). ووافقه بعض

(1) تهذيب الأحكام: ب 16 من أبواب الذبح ح 7 و 8 ج 5 ص 201.
(2) تهذيب الأحكام: ب 16 من أبواب الذبح ح 7 و 8 ج 5 ص 201.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 104 س 27.
(4) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب الذبح ج 10 ص 89.
(5) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 90.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 379 س 34.
(7) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب الذبح ح 6 ج 10 ص 90.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في الذبح ج 2 ص 737 س 27.
(9) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الذبح ص 87 س 22.
422

الأصحاب، قال: لارتفاع المانع وتحقق الشرط واختصاص الآية بحج
الاسلام دعوى بلا بينة (1).
أقول: وفي رد دعوى الاختصاص مناقشة، حتى أنه هو الذي ادعاه
سابقا على هذه العبارة بأقل من ورقة.
(ويشترط في الذبح) وبمعناه النحر (النية) المشتملة على القربة
وتعيين الجنس من ذبح ونحر وكونه هديا أو نذرا أو كفارة، وإن عين الوجه
من وجوب أو ندب كان أولى، كما في كل عبادة.
(ويجوز أن يتولاه) أي الذبح (بنفسه وبغيره) بلا خلاف أجده،
وفي المدارك (2) والذخيرة (3) أنه مقطوع به في كلامهم قالوا: لأنه فعل تدخله
النيابة فيدخل في شرطه كغيره من الأفعال.
وفي الصحيح: عن الضحية يخطئ الذي يذبحها فيسمي غير صاحبها
أيجزئ عن صاحب الضحية؟ فقال: نعم إنما له ما نوى (4).
(ويجب ذبحه بمنى) بإجماعنا الظاهر المستظهر من جملة من العبارة،
كالمنتهى (5) والتذكرة (6) والمدارك (7) والذخيرة (8)، للتأسي والمعتبرة
المستفيضة (9).

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 363 س 12.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في ذبح الهدي بمنى ج 8 ص 18.
(3) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في ذبح الهدي ص 664 س 16.
(4) وسائل الشيعة: ب 29 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 س 128.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في كيفية الذبح ج 2 ص 738 س 34.
(6) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في كيفية الذبح ج 1 ص 380 س 27.
(7) مدارك الأحكام: كتاب الحج في ذبح الهدي بمنى ج 8 ص 19. (
(8) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 664 س 42.
(9) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الذبح ح 1 ج 15 ص 92.
423

وأما الصحيح: مكة كلها (1) منحر، فمحمول على هدي التطوع كما ذكره
الشيخ (2) وجماعة (3)، أو على سياق العمرة كما في الذخيرة (4)، قال:
ويؤيده الموثق: موسع على من نحر الهدي بمكة في منزله إذا كان معتمرا.
وأما الحسن: إذا دخل بهديه بالعشر فإن كان قد أشعره وقلده فلا ينحره
إلا يوم النحر، فإن كان لم يشعره ولم يقلده فلينحر بمكة إذا قدم في العشرة (5).
فيمكن حمله على الهدي المندوب.
(ولا يجزئ) الهدي (الواحد إلا عن واحد في) الحج (الواجب،
ولو بالشروع فيه مطلقا ولو عند الضرورة على أصح الأقوال في المسألة
وأشهرها، كما في ظاهر كلام جماعة (6)، وفي الخلاف الاجماع (7)،
للصحاح.
منها: عن النفر تجزئهم البقرة، فقال: أما في الهدي فلا، وأما في
الأضحية فنعم (8).
(وقيل: يجزئ عن سبعة وعن سبعين عند الضرورة لأهل الخوان
الواحد) ولم أجد القائل بهذا القول.

(1) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 92.
(2) تهذيب الأحكام: ب 16 من أبواب الذبح ج 5 ص 202.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في ذبح الهدي بمنى ج 8 ص 20.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 665 س 5.
(5) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الذبح ح 5 ج 10 ص 93.
(6) منهم مدارك الأحكام: كتاب الحج في ذبح الهدي بمنى ج 8 ص 20، وذخيرة المعاد: كتاب
الحج في الذبح ص 665 س 10، والحدائق الناضرة: كتاب الحج في الذبح ج 17 ص 34 و 36.
(7) الخلاف: كتاب الضحايا م 27 ج 3 ص 261 (طبعة اسماعيليان).
(8) الاستبصار: ب 182 العدد الذي تجزئ عنهم البدنة... ح 11 ج 2 ص 268 ووسائل الشيعة:
ب 18 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 113.
424

نعم قال به الشيخ في النهاية (1) والمبسوط (2) والاقتصاد (3) والجمل
والعقود (4)، لكن زاد الخمسة ولم يذكر قوله: لأهل خوان واحد، وتبعه
كثير. وعن المفيد أنه تجزئ البقرة عن خمسة إذا كانوا أهل بيت (5)، ونحوه
عن الصدوق (6).
وعن الديلمي (7) يجزئ البقرة عن خمسة وأطلق (8)، فلم يقيده
بضرورة، ولا اجتماع على خوان واحد، لأخبار كثيرة أكثرها قاصرة السند
والدلالة، أو ضعيفة، وباقيها ما بين قاصرة سندا أو دلالة، مضافا إلى
اختلافها من وجوه عديدة.
ولذا أن الشيخ بعد نقل جملة منها ومن الصحاح المتقدمة، قال: فالكلام
على هذه الأخبار مع اختلاف ألفاظها وتنافي معانيها من وجهين: أحدهما
أنه ليس في شئ منها أنه يجزئ عن سبعة وعن خمسة وعن سبعين على
حسب اختلاف ألفاظها في الهدي الواجب أو التطوع، فإذا لم يكن فيها
صريح بذلك حملناها على أن المراد بها ما ليس بواجب دون ما هو فرض،
لأن الواجب لا يجزئ فيه إلا واحد عن واحد حسب ما ذكرنا، والذي يدل
على هذا التأويل ما رواه الحسين بن سعيد.

(1) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 258.
(2) المبسوط: كتاب الحج في ذكر منى... ج 1 ص 372.
(3) الاقتصاد: كتاب الحج في نزول منى والمناسك بها ص 307.
(4) الجمل والعقود: كتاب الحج في نزول منى وقصار المناسك ص 146.
(5) المقنعة: كتاب الحج باب الذبح والنحر ص 418.
(6) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الإفاضة من عرفات ص 23 س 20.
(7) المراسم: كتاب الحج في الذبح ص 113.
(8) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب الذبح ج 10 ص 113.
425

ثم ساق الصحيحة التي قدمناها وقال بعدها: والوجه الآخر أن يكون
ذلك إنما ساغ في حال الضرورة دون حال الاختيار، واستشهد عليه
بالصحيح عن قوم غلبت عليهم الأضاحي وهم متمتعون وهم متوافقون،
ليسوا بأهل بيت واحد رفقته اجتمعوا في مسيرهم، ومضربهم واحد ألهم أن
يذبحوا بقرة؟ قال: لا أحب ذلك إلا من ضرورة (1)، انتهى.
ونحوه في الذخيرة (2) حيث قال: ويمكن الجمع بين الأخبار بوجهين، ثم
ساقهما كما ذكره الشيخ، لكن رجح ثانيهما قائلا على أولهما: أنه لا يجزئ في
صحيحة عبد الرحمن، وأشار بها إلى الصحيحة الأخيرة المذكورة في كلام
الشيخ، ولعل منشأه التصريح فيها بأنهم متمتعون.
وفيه: أنه معارض بالتصريح فيها بلفظ الأضاحي، الظاهر في غير
الهدي كما يشهد له الصحيحة المتقدمة.
ولذا أن خالي العلامة المجلسي رحمه الله، - فيما نقل عنه - حمل هذه
الصحيحة على المستحبة، قال: وليس في قوله: (وهم يتمتعون) صراحة أن
السؤال عن الهدي، لكن الظاهر ذلك (3).
أقول: نعم، ولكنه معارض بظهور لفظ الأضاحي في المندوب،
فيتحقق الاجمال في الرواية.
بل ويمكن ترجيح ظهور الثاني بجوابه - عليه السلام - (لا أحب ذلك إلا
من ضرورة) الظاهر في جواز الشركة في حال الاختيار، وهو مختص عندهم
بالأضحية.

(1) تهذيب الأحكام: ب 16 في الذبح ح 44 و 45 ج 5 ص 210.
(2) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 665 س 29.
(3) ملاذ الأخيار: كتاب الحج باب الذبح ج 8 ص 28.
426

وبالجملة: المسألة محل إشكال، إلا أن الأظهر المصير إلى المنع كما عليه
الأكثر، لأظهرية الجمع الأول في النظر، مضافا إلى ظاهر الآية (فن لم يجد
فصيام ثلاثة أيام في الحج) الآية (1)، المؤيد بالاجماع المنقول كما مر.
وعليه، فالانتقال إلى الصوم هو الفرض.
(ولا بأس) أي بإجزاء الهدي الواحد عن أكثر في الندب، قالوا:
وهي، الأضحية والمبعوث من الآفاق والمتبرع بسياقه إذا لم يتعين بالاشعار أو
التقليد.
ولا يجوز أن يكون المراد به الهدي في الحج المندوب، لأنه يجب بالشروع
فيه، فيكون فيه الهدي واجبا، كما يجب في الواجب بأصل الشرع.
وقد نقل الفاضل في المنتهى الاجماع على إجزاء الهدي الواحد في التطوع
عن سبعة نفر، سواء كان من الإبل، أو البقر، أو الغنم (2)، وقال في
التذكرة: أما التطوع فيجزئ الواحد عن سبعة وعن سبعين في حال
الاختيار، سواء كان من الإبل، أو البقر، أو الغنم إجماعا (3).
أقول: وقد عرفت المستند فيما مضى.
(ولا) يجب أن (يباع ثياب التجمل في الهدي) فيما قطع به
الأصحاب، كما صرح به جماعة (4) مشعرين بدعوى الاجماع.
ولا ريب فيه مع الحاجة إليها والضرورة، لاستثنائها في الديون، ونحوها
من حقوق الناس، فهنا أولى.

(1) البقرة: 196.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 7148 س 19.
(3) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 1 ص 384 س 21.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في ذبح الهدي بمنى ج 8 ص 23 وذخيرة المعاد: كتاب الحج في
ذبح الهدي ص 666 س 5.
427

وأما مع عدم الحاجة فكذلك، لاطلاق النص والفتوى.
ففي المرسل: عن رجل يتمتع بالعمرة إلى الحج وفي عيبته ثياب أله أن
يبيع من ثيابه شيئا ويشتري به؟ قال: لا، هذا مما يتزين به المؤمن يصوم
ولا يأخذ من ثيابه شيئا (1).
وضعف السند مجبور بالعمل، وبفتوى من لا يرى العمل بأخبار الآحاد
كالحلي في السرائر.
مع أن في الصحيح: عن المتمتع يكون له فضل من الكسوة بعد الذي
يحتاج إليه فتسوى تلك الفضول مائة درهم هل يكون ممن يجب عليه؟
فقال: له بد من كسر ونفقة، فقال: له كسر وما يحتاج إليه بعد هذا
الفضل من الكسوة؟ فقال: وأي شئ كسوة بمائة درهم؟ هذا ممن قال الله
تعالى: (فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذ رجعتم) (2).
ولو باعها واشتراه أجزأه وفاقا لجماعة (3)، بناء على أن الظاهر من الأمر
هنا وروده للرخصة.
خلافا لبعضهم، فناقش بأنه إتيان بغير الفرض (4).
ولا ريب أن الصوم أحوط.
(ولو ضل) الهدي (فذبحه) غير صاحبه (لم يجزئ) عنه مطلقا كما
عليه الماتن هنا وفي الشرائع (5)، وتبعه الفاضل في الارشاد (6)

(1) وسائل الشيعة: ب 57 من أبواب الذبح 2 ج 10 ص 171.
(2) وسائل الشيعة: ب 57 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 171.
(3) منهم جامع المقاصد: كتاب الحج في مناسك منى ج 3 ص 240، ومسالك الأفهام: كتاب الحج
في نزول منى ح 1 ص 115 س 17.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج ذبح الهدي بمنى ج 8 ص 23.
(5) شرائع الاسلام: كتاب الحج في نزول منى... ج 1 ص 260.
(6) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في مناسك منى ج 1 ص 332.
428

والقواعد (1).
مع أنه في التحرير (2) والمنتهى (3) أفتى بالاجزاء إن ذبحه عن مالكه بمنى،
وإلا فلا. وهو الأقوى، بل عزاه إلى المشهور بعض أصحابنا (4)، للصحيح:
إن كان نحره بمنى فقد أجزأ عن صاحبه الذي ضل عنه، وإن كان نحره في
غير منى لم يجز عن صاحبه (5).
وليعرفه قبل ذلك ثلاثة أيام يوم النحر واليومين بعده، للصحيح: إذا
وجد الرجل هديا ضالا فليعرفه يوم النحر ويوم الثاني والثالث، ثم ليذبحه
عن صاحبه عشية الثالث (6).
والظاهر الوجوب، للأمر بلا معارض، وللتحرز عن النيابة بلا ضرورة
ولا استنابة، خصوصا من غير معين.
وعن إطلاق الذبح عما في الذمة إطلاقا محتملا للوجوب والندب،
وللهدي وغيره، وللمتمتع وغيره، حج الاسلام وغيره، ولعله لذا منع عنه
الماتن، وتبعه الفاضل في بعض كتبه (7).
ثم إن القول بالاجزاء مشروط بما إذا ذبحه الواجد عن صاحبه، وإلا
فلا يجزئ عنه، ولا عن صاحبه، سواء نواه عن نفسه، أو لا، وبذلك
صرح في التحرير (8) والمنتهى.

(1) قواعد الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 88 س 16.
(2) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 1 ص 106 س 27.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 751 س 6.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 369 س 26.
(5) وسائل الشيعة: ب 28 من أبواب الذبح ح 2 و 1 ج 10 ص 127.
(6) وسائل الشيعة: ب 28 من أبواب الذبح ح 2 و 1 ج 10 ص 127.
(7) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 332 وقواعد الأحكام كتاب الحج في صفات
الهدي ج 1 ص 88 س 16.
(8) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 1 ص 106 س 27.
429

قال: أما عن الذابح فلأنه نهى عنه، وأما عن صاحبه فلعدم النية (1)،
انتهى.
وهو حسن لولا إطلاق النص بالاجزاء عن صاحبه، ولكن ظاهرهم
الاطباق على المنع هنا.
ولعلهم حملوا إطلاق النص على الأصل في فعل المسلم من الصحة،
فلا يتصور فيه الذبح بغير النية عن صاحبه.
قيل: ولو قلنا بجواز الذبح قبل التعريف لم يبعد وجوبه بعده ليعلم
المالك فيترك الذبح، ومتى جاز الذبح فالظاهر وجوب الصدقة به
والاهداء، ويسقط وجوب الأكل قطعا (2).
(ولا يخرج) الحاج (شيئا من لحم الهدي) الذي يذبحه (عن منى
ويجب صرفه في وجهه) الآتي بيانه كما هنا وفي الشرائع (3) والارشاد (4)،
ولكن فيهما لا يجوز إخراج شئ مما يذبحه من منى، وفي الذخيرة بعد نقله
هذا: هو المشهور، وقيل إنه مذهب الأصحاب (5).
أقول: والقائل صاحب المدارك (6)، وزاد بعض متابعيه فقال:
بلا خلاف، لكن بدل (لا يجوز) ب‍ (لا ينبغي) (7).
وفي دعوى كل من الشهرة وعدم الخلاف على عموم المنع تحريما أو

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 751 س 6.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في ذبح الهدي بمنى ج 8 ص 24.
(3) شرائع الاسلام: كتاب الحج في نزول منى... ج 1 ص 260.
(4) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في مناسك منى ج 1 ص 332.
(5) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 666 س 20.
(6) مدارك الأحكام: كتاب الحج في ذبح الهدي بمنى ج 8 ص 25.
(7) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج في تقسيم الهدي... ج 1 ص 356.
430

كراهة، بحيث يشمل ما عدا اللحم من الجلود وما عدا الهدي من الأضحية
إشكال، لتصريح الفاضلين وغيرهما بالكراهية في الأضحية (1)، وآخرين
بالجواز معها في نحو جلود الهدي.
والتحقيق اختصاص المنع بلحوم الهدي دون غيرها.
أما المنع فيها فللصحيح - من غير معارض - لا يخرجن شيئا من لحم
الهدي (2).
وأما الجواز في نحو جلود الهدي فللصحيح الآخر أو الموثق: عن الهدي
أيخرج بشئ منه من الحرم؟ فقال: بالجلد والسنام والشئ ينتفع به،
قلت: أنه بلغنا عن أبيك إنه قال: لا يخرج من الهدي المضمون شيئا،
قال: بل يخرج بالشئ ينتفع به، وزاد فيه أحمد: ولا يخرج بشئ من
اللحم من الحرم (3).
وفيه دلالة على المنع عن اخراج اللحوم أيضا.
ويؤيده أيضا إطلاق الصحيح أو عمومه عن اللحم أيخرج من الحرم
فقال: لا يخرج منه إلا السنام (4).
ولا يعارضه نحو الصحيح: عن إخراج لحوم الأضاحي من منى فقال:
كنا نقول لا يخرج شئ لحاجة الناس إليه فأما اليوم فقد كثر الناس
فلا بأس بإخراجه (5)، لاختصاصه بالأضاحي.

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الأضحية ج 1 ص 264، ومنتهى المطلب: كتاب الحج في
الضحايا ج 2 ص 760 س 9.
(2) وسائل الشيعة: ب 42 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 255.
(3) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الذبح ح 6 ج 10 ص 152.
(4) وسائل الشيعة: ب 42 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 150.
(5) وسائل الشيعة: ب 42 من أبواب الذبح ح 5 ج 10 ص 150.
431

ونحن نقول بالجواز ولو مع الكراهة فيها، كما يأتي.
وحمله الشيخ على من اشترى اللحم لا من ذبح (1)، للخبر ولا بأس أن
يشتري الحاج من لحم منى ويتزوده (3).
ولا بأس به اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن، وهو منع الذابح
دون غيره.
(ويذبح) الهدي أو ينحر (يوم النحر وجوبا) فلا يجوز التقديم عليه
اتفاقا، كما قيل (3)، وفي الذخيرة بعد ما نقل ما في العبارة: ولا أعلم فيه
خلافا (4) بين أصحابنا.
وقيل: إنه قول علمائنا وأكثر العامة (5). ومستنده أن النبي - صلى الله
عليه وآله - نحر في هذا اليوم وقال: خذوا عني مناسككم (6).
(مقدما على الحلق) وجوبا أو استحبابا على الخلاف وسيأتي الكلام
فيه.
(و) في أنه (لو قدم الحلق أجزأه) مطلقا (ولو كان عامدا،
وكذا) يجزئ (لو ذبحه في بقية ذي الحجة) قيل: قطع به الأصحاب من
غير فرق بين الجاهل والعالم، والعامد والناسي، ولا بين المختار والمضطر (7)

(1) تهذيب الأحكام: ب 16 في الذبح ج 5 ص 227.
(2) تهذيب الأحكام: ب 16 في الذبح ح 108 ج 5 ص 227، ووسائل الشيعة: ب 42 من أبواب
الذبح ح 4 ج 19 ص 150.
(3) كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 373 س 27.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 664 س 21.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في ذبح الهدي بمنى ج 8 ص 27.
(6) مسند أحمد بن حنبل: ج 3 ص 318، وعوالي اللئالي: ح 118 ج 4 ص 34.
(7) كشف اللثام: كتاب الحج في أمكنة الهدايا والضحايا ج 1 ص 373 س 28.
432

بل في النهاية (1) والغنية (2) والسرائر (3) الجواز وفي المصباح (4) ومختصره (5)
أن الهدي الواجب يجوز ذبحه ونحره طول ذي الحجة، ويوم النحر أفضل.
وظاهر المهذب (6) يوهم جواز التأخير عن ذي الحجة، ولعله لم يرده،
إلا أن في المبسوط (7) أنه بعد أيام التشريق قضاء، واختار ابن إدريس (8)
أنه أداء.
ودليل الاجزاء الأصل وإطلاق الآية (9)، والصحيح: في رجل نسي أن
يذبح بمنى حتى زار البيت فاشترى بمكة ثم ذبح، قال: لا بأس قد أجزأ
عنه (10). والحسن.
أقول: بل الصحيح: فيمن يجد الثمن ولا يجد الغنم، قال: يخلف الثمن
عند بعض أهل مكة ويأمر من يشتري له ويذبح عنه، وهو يجزئ عنه، فإن
مضى ذو الحجة أخر ذلك إلى قابل من ذي الحجة (11) ونحو منه الخبر، لكنها
لا تعم المختار.
أقول: لكن في ظاهر الغنية الاجماع (12) على الاطلاق. ودليل كونه قضاء

(1) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 262.
(2) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الأضحية ص 520 س 16.
(3) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 591.
(4) مصباح المتهجد: كتاب الحج في الهدي وآدابه ص 643 س 16.
(5) لا يوجد لدينا كتابه.
(6) المهذب: كتاب الحج باب أحكام الهدي وذبحه ج 1 ص 258.
(7) المبسوط: كتاب الحج في ذكر منى... ج 1 ص 371.
(8) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 595.
(9) البقرة: 196.
(10) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب الذبح ح 5 ج 10 ص 140.
(11) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 153.
(12) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الأضحية ص 520 س 18.
433

بعد أيام التشريق، لعله الصحيح عن الأضحى كم هو بمنى؟ قال: أربعة
أيام (1). ومثله الموثق (2).
ويجوز كون الغرض حرمة الصوم كما في الصحيح: النحر بمنى ثلاثة أيام
فمن أراد الصوم لم يصم حتى يمضي الثلاثة الأيام، والنحر بالأمصار يوم فمن
أراد أن يصوم صام من الغد (3).
أقول: ويحتمل اختصاصهما بالأضحية لثبوت ذلك فيها، كما ستعرفه،
لكن الظاهر من جماعة من الأصحاب عمومهما لها، ولمفروض المسألة.
وأما الموثق: عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر
وجد ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال بل يصوم فإن أيام الذبح قد مضت.
فقد حمله الشيخ على من صام ثلاثة فمضى أيامه، بمعنى مضي زمان
أسقط عنه الصوم فيه وغيره على يوم النفر من مكة وقد كان بعد
ذي الحجة (4).
(الثاني: في صفته) أي الهدي (ويشترط أن يكون من النعم)
أي الإبل والبقر والغنم بلا خلاف بين العلماء، كما في صريح المدارك (5)
وظاهر المنتهى (6)، وفي كلام جماعة إجماعا (1)، وللنصوص.

(1) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الذبح ح 1 و 2 ج 10 ص 95.
(2) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الذبح ح 1 و 2 ج 10 ص 95.
(3) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الذبح ح 5 ج 10 ص 95.
(4) تهذيب الأحكام: ب 4 من أبواب ضروب الحج ح 40 ج 5 ص 37.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 8 ص 28.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في صفات الهدي ج 3 ص 740 س 8.
(7) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج في ما يجب في الهدي ج 1 ص 353، وكشف اللثام: كتاب الحج
في صفات الهدي ج 1 ص 366 س 29، والحدائق الناضرة: كتاب الحج في صفات الهدي ج 17
ص 86.
434

منها الصحيح: في المتمتع عليه الهدي، قلت: وأما الهدي، فقال:
أفضله بدنة وأوسطه بقرة وأخسه شاة (1).
وأن يكون (ثنيا) إلا من الضأن بلا خلاف أجده، على الظاهر
المصرح به في الذخيرة (2) وفي المدارك (3)، وغيره أنه مذهب الأصحاب (4)،
مؤذنين بدعوى الاجماع، كما صرح به بعض الأصحاب (5). وهو الحجة،
مضافا إلى الصحاح المستفيضة.
منها المرتضوي: الثنية من الإبل والثنية من البقر والثنية من المعز والجذع
من الضأن (6).
وأما اشتراط كونه (غير مهزول) فسيأتي ما يدل عليه.
(ويجزئ من الضأن خاصة الجذع) بلا خلاف، بل قيل
بالاجماع (7)، للصحيحة المتقدمة وغيرها، كالصحيح يجزئ من الضأن
الجذع ولا يجزئ من المعز غير الثني (8). وقريب منه آخر (9).
وسن الجذع قد تقدم الكلام في تحقيقه في كتاب الزكاة. قيل: والذي
في كتب الصدوق والشيخين وسلار وابني حمزة وسعيد نحو قوله: (لستة)

(1) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب الذبح ح 5 ج 10 ص 101.
(2) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 666 س 36.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 8 ص 28.
(4) الحدائق الناضرة: كتاب الحج في السن المعتبر في الهدي ج 17 ص 88.
(5) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج في ما يجب في الهدي ج 1 ص 353.
(6) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 102.
(7) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج في ما يجب في الهدي ج 1 ص 353، وكشف اللثام: كتاب الحج
في صفات الهدي ج 1 ص 366 س 41.
(8) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب الذبح ح 1 و 2 ج 10 ص 153.
(9) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب الذبح ح 1 و 2 ج 10 ص 153.
435

ومعناه ما في الغنية والمهذب والإشارة أنه الذي لم يدخل في الثانية (1).
(وأن يكون تاما فلا يجزئ العوراء) البين عورها (ولا العرجاء)
البين عرجها، ولا المريضة البين مرضها ولا الكسيرة (2) التي لا تنقي
بلا خلاف فيه، على الظاهر المصرح به في عبائر جماعة (3)، مؤذنين بدعوى
الاجماع، كما صرح به بعضهم، بل في المدارك أنه مجمع عليه بين
العلماء (4).
وفي المنتهى وقد وقع الاتفاق من العلماء على اعتبار هذه الصفات الأربع
في المنع، روى البراء بن عازب قال: قام فينا رسول الله - صلى الله عليه
وآله - خطيبا، فقال: أربع لا يجوز في الأضحى العوراء البين عورها،
والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين عرجها والكسيرة التي لا تنقي (5).
ومعنى البين عورها التي انخسف عينها وذهبت فإن ذلك ينقضها، لأن
شحمة العين عضو يستطاب أكله.
والعرجاء البين عرجها التي عرجها متفاحش يمنعها السير مع الغنم،
ومشاركتهن في العلف والرعي، فتهزل.
والتي لا تنقي التي لا مخ لها لهزالها، لأن النقي - بالنون المكسورة والقاف
المسكنة - المخ.
والمريضة قيل: هي الجرباء لأن الجرب يفسد اللحم، والأقرب اعتبار

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 367 س 6.
(2) في الشرح الصغير ونسخة (مش): ولا الكبيرة، وهكذا ما يأتي فيما بعد.
(3) منهم كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط الهدي ج 1 ص 367 س 8.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 8 ص 30.
(5) منتهى المطلب: كتاب ا لحج في صفات الهدي ج 2 ص 740 س 27 ولكن فيه (وقد يرتفع
الاتفاق) فراجع؟
436

كل مرض يؤثر في هزالها وفساد لحمها، ثم فيه العوراء لو لم تنخسف عينها
وكان على عينها بياض ظاهر، فالوجه المنع من الاجزاء، لعموم الخبر (1)،
والانخساف ليس معتبرا (2). ونحوه قال في التحرير (3)، وحكي عنه في
التذكرة، إلا فيما جعله الوجه فيه فاحتمله فيها (4)، وهو مؤذن بالتردد.
ولعله من إطلاق الصحيح، بل عمومه: عن الرجل يشتري الأضحية
عوراء فلا يعلم إلا بعد شرائها هل يجزئ عنه؟ قال: نعم، إلا أن يكون
هديا واجبا فإنه لا يجوز أن يكون ناقصا (5).
ومن التقييد بالبين في النبوي المتقدم، والقوي: لا يضحي بالعرجاء
بين عرجها، ولا بالعوراء بين عورها، ولا بالعجفاء، ولا بالخرقاء،
ولا بالجذعاء ولا بالعضباء (6).
لكن عدم وضوح سندهما يقتضي المصير إلى ما جعله وجها أو احتمالا،
سيما وقد عزاه في المدارك إلى إطلاق كلام الأصحاب (7)، مؤذنا بالاتفاق
عليه كما سنذكره، لكن في الغنية (9) التقييد صريحا.
ثم ظاهر المصنف المنع عن العرجاء مطلقا، وبه صرح بعض

(1) سنن البيهقي: باب ما لا يجزئ من العيوب في الهدايا ج 5 ص 242 (2) نقل (القيل) الفاضل الهندي في كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط الهدي ج 1 ص 367
س 12.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 105 س 10.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 381 س 29.
(5) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 119.
(6) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 119.
(7) مدارك الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 8 ص 31.
(8) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الأضحية ص 520 س 10.
437

المتأخرين (1)، لاطلاق الصحيح (2)، لكن الأصحاب قيدوه بالبين، كما
قيل (3).
ولا بأس به، للنبويين المتقدمين المنجبرين هنا بعملهم، مضافا إلى
الأصل وإطلاق نحو فما استيسر من الهدي، خرج منه المجمع عليه، فيبقى
الباقي. وهذه الأدلة لعلها يترجح على إطلاق الصحيح فيقيد بها.
(ولا العضباء) وهي التي ذهب قرنها، كما في التحرير (4)، وفي غيره
أنها المكسورة القرن الداخل (5)، ولعلهما واحد.
(ولا ما نقص منها شئ كالخصي) ومقطوعة الأذن، لدخولها في
عموم النقص.
وخصوص القوي المتقدم في الأول، مضافا فيه إلى مفهوم الصحيح في
المقطوع القرن، أو المكسورة القرن إذا كان القرن الداخل صحيحا فلا بأس
وإن كان القرن الظاهر الخارج مقطوعا (6)، ومنطوقه مجمع عليه بيننا، كما
في المنتهى (7).
ويعضده الصحيح الآخر أيضا في الأضحية يكسر قرنها قال: إذا كان
القرن الداخل صحيحا فهو يجزئ (8).

(1) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج في ما يجب في الهدي ج 1 ص 353. (
(2) وسائل الشيعة: ب 21 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 119.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 8 ص 32.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 105 س 10.
(5) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 332.
(6) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 121.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في صفات الهدي ج 2 ص 741 س 4.
(8) وسائل الشيعة: ب 22 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 120.
438

والمراد بالقرن الداخل هو الأبيض الذي في وسط الخارج، كما في
الذخيرة (1).
والصحاح في الخصي منها: عن الرجل يشتري الهدي فلما ذبحه إذا هو
خصي مجبوب ولم يكن يعلم أن الخصي لا يجوز في الهدي هل يجزئه أم يعيده؟
قال: لا يجزئه، إلا أن يكون لا قوة به عليه (2).
مضافا فيه إلى الاجماع، كما في ظاهر المنتهى (3) وعن التذكرة (4) أيضا.
لكن عن العماني (5) كراهية التضحية به. وهو بعد تسليم مخالفته،
نادر، ومفهوم الصحيح في مقطوع الأذن عن الأضاحي إذا كان الأذن
مشقوقة أو مثقوبة بسمة، فقال: ما لم يكن منها مقطوعا فلا بأس (6). وفيه
نظر.
قيل: وقد قطع الأصحاب بإجزاء الجماء وهي التي لم يخلق لها قرن،
والصمعاء وهي الفاقدة الأذن في خلقه، لأن فقد هذه الأعضاء لا يوجب
نقصا في قيمة الشاة ولا في لحمها، واستقرب العلامة في المنتهى إجزاء
البتراء أيضا وهي المقطوعة الذنب، ولا بأس به انتهى (7).
وفي كل من التعليل لاجزاء نحو الجماء والحكم بإجزاء البتراء نظر.
أما التعليل فلأن الموجود فيما مر من الصحيح النقص في نفس الهدي،

(1) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 667 س 18.
(2) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 105.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في صفات الهدي ج 2 ص 741 س 18.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 381 س 40.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الهدي ص 306 س 3.
(6) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 121.
(7) مدارك الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 8 ص 33.
439

سواء أوجب النقص في القيمة، أم لا، لا ما يوجب النقص في القيمة
خاصة.
وأما إجزاء البتراء، فمخالفته عموم الصحيح المانع عن الناقص.
ولا ريب أن فقد الذنب نقص، فالوجه المنع عنه، وفاقا لشيخنا في
الروضة، وكذا عن ساقط الأسنان لكبر وغيره، لعموم الدليل وفاقا له فيها.
قال: أما شق الأذن من غير أن يذهب منها شئ وثقبها ووسمها وكسر
القرن الظاهر وفقد القرن والأذن خلقة ورض الخصيتين فليس بنقص وإن
كره الأخير (1)، انتهى ولا بأس به.
قيل: ولو لم يجد إلا الخصي فالأظهر إجزاؤه، كما اختاره في
الدروس (2)، للخبر: الخصي يضحي به، قال: لا إلا أن لا يكون غيره (3).
وفي الصحيح: اشتر فحلا سمينا للمتعة، فإن لم تجد فموجوء، فإن لم
تجد فمن فحولة المعز، فإن لم تجد فنعجة، فإن لم تجل فما استيسر من
الهدي (4).
وفي آخر: فإن لم تجد فما تيسر عليك (5).
أقول: ونحوها الصحيح المتقدم: ولا يجزئه إلا أن يكون لا قوة به عليه.
(ويجزئ المشقوقة الأذن) للأصل، وإطلاق فما استيسر من الهدي،
ومنطوق الصحيح المتقدم مع عدم كونه نقصا.
وأما الصحيح: عن الأضحية تكون مشقوقة الأذن، فقال: إن كان

(1) اللمعة الدمشقية: كتاب الحج في مناسك منى ج 2 ص 289.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 8 ص 34.
(3) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب الذبح ح 8 ج 10 ص 106.
(4) وسائل الشيعة: ب 12 من أبواب الذبح ح 7 ج 10 ص 156.
(5) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 97.
440

شقها وسما فلا بأس، وإن كان شقا فلا يصلح (1). فمحمول على الكراهة،
كما يشعر به اللفظة.
(وأن لا يكون مهزولا) بلا خلاف أجده، للصحاح المستفيضة (2).
وفسر في المشهور بأن يكون (بحيث لا يكون على كليتيها شحم) كما
في الخبر (3) المنجبر بالعمل، بل الأخبار كما في السرائر (4).
(لكن لو اشتراها على أنها سمينة فبانت مهزولة أجزأته)
للصحاح.
منها: إن اشترى الرجل هديا وهو يرى أنه سمين أجزأ عنه وإن لم يجده
سمينا، ومن اشترى هديا وهو يرى أنه مهزول فوجده سمينا أجزأ عنه، وإن
اشتراه وهو يعلم أنه مهزول لم يجز عنه (5).
ولا ريب ولا خلاف في الحكم إذا ظهر كونها مهزولة بعد الذبح. وفيما
قبله إشكال، من إطلاق الفتوى والنص، ومن قوة احتمال اختصاصها
بحكم التبادر بما بعد الذبح، فيرجع إلى إطلاق ما دل على المنع عن المهزولة.
وهذا أحوط وإن كان في تعيينه نظر، لعدم وضوح التبادر، ومنع إطلاق
ينفع.
وعلى تقديره فهو مقيد بمفهوم الشرط في نحو الصحيح المتقدم: وإن اشتراه
وهو يعلم أنه مهزول لم يجزء عنه، مضافا إلى إطلاق الصدر.
وفي الصحيحة المتقدمة ونحوها دلالة على انسحاب الحكم في صورة

(1) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 121.
(2) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب الذبح ح 1 و 2 و 4 و 5 و 6 ج 10 ص 110.
(3) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 111.
(4) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 597.
(5) وسائل الشيعة: ب 16 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 110.
441

العكس أيضا، وهو أن يشتريها على الهزال فتظهر سمينة، وعليه الأكثر
مطلقا.
خلافا للعماني فلم يجتزء بها فيما إذا ظهر بعد الذبح (1)، لعدم الامتثال
عند الذبح، وعدم التقرب عنده لعلمه بعدم الاجزاء، فلا يمكنه التقرب به.
ويضعف بأنه إنما يتم في العالم بالحكم القاطع بالهزال، فلعله يذبحه
متقربا لعلها تخرج سمينة، وهو معنى قوله في المختلف: والجواب المنع من
الصغرى فإن عدم الاجزاء ليس معللا بشراء المهزول مطلقا، بل مع خروجه
كذلك، أما مع خروجه سمينا فلا (2).
واعلم أن هذا الحكم مختص بالهزل دون النقص، إذ لو اشتراه على أنه
تام فبان ناقصا لم يجز بلا خلاف فيه في الجملة، سواء كان قبل الذبح أو
بعده.
وإن اختلفوا في عموم الحكم لما إذا نقد الثمن أم لا، فالأكثر على العموم
لاطلاق الصحيح المتقدم في الشرط السابق.
خلافا للشيخ - رحمه الله - في التهذيب فخص بما إذا لم ينقد الثمن (3)،
للصحيح: من اشترى هديا ولم يعلم لم أن به عيبا حتى نقد ثمنه ثم علم به
فقد تم. ونحوه صحيح آخر في الكافي (4).
والحق أن بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه يمكن تخصيص
الأول بما إذا نقد الثمن وإبقاء الثاني على عمومه في الهدي بحيث يشمل
الواجب والندب، والعكس فيخصص الثاني بالهدي المندوب، ويبق الأول

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 1 ص 306 س 9.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 1 ص 306 س 14.
3) تهذيب الأحكام: ب 16 في الذبح ج 5 ص 214.
(4) الكافي: كتاب الحج باب ما يستحب من الهدي... ح 9 ج 4 ص 490.
442

على عمومه في المنع، بحيث يشمل نقد الثمن وغيره.
ولعل هذا هو الوجه عملا بالأصل المقتضي لوجوب تحصيل البراءة
اليقينية، مضافا إلى الشهرة، حتى قيل (1): أن الشيخ لم يوافقه أحد في
المسألة.
وأقول: مع أنه في الاستبصار (2) المتأخر ردد في الجمع بين المتعارضين بين
أحد الوجهين المتقدمين، ولم يرجح شيئا منهما في البين.
واعلم أنه إذا لم يوجد إلا فاقد الشرائط ففي الاجزاء، أو الانتقال إلى
الصوم قولان، أصحهما الأول وفاقا لجمع (3)، لما مر في الخصي.
(والثني (4) من الإبل ما دخل في) السنة (السادسة) بغير خلاف
على الظاهر المصرح به في بعض العبائر (5).
(ومن البقر والغنم ما دخل في) السنة (الثانية) على الأشهر بين
الطائفة حتى أن عليه الاجماع في ظاهر الغنية (6).
قيل: وقطع به الأصحاب، وروي في بعض الكتب عن مولانا الرضا
- عليه السلام - (7).
أقول: وقد مر الكلام فيه في بحث الزكاة.

(1) في نسخة (م) و (ق): لا توجد هذه الكلمة.
(2) الاستبصار: ب 183 من أبواب من اشترى هديا فوجد به عيبا، ج 2 ص 269.
(3) الدروس الشرعية: كتاب الحج في ذبح الهدي ج 1 ص 438، ومسالك الأفهام: كتاب الحج في
نزول منى ج 1 ص 115 س 34، ومفاتيح الشرائع: كتاب الحج في ما يجب في الهدي ج 1
ص 354.
(4) في المتن المطبوع: فالثني.
(5) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 395 في ما يجب في الهدي ج 1 ص 353.
(6) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الذبح ص 519 س 35 - 37.
(7) كشف اللثام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 366 س 37.
443

(ويستحب أن تكون سمينة) قيل: بالاجماع والأخبار والاعتبار (1).
وتكون بحيث (تنظر في سواد وتمشي في سواد وتبرك في مثله،
أي) في سواد، كما في الاقتصاد (2) والسرائر (3) والمصباح ومختصره (4)
والشرائع (5) والكتاب والجامع (6)، لكن فيه وصف فحل من الغنم بذلك،
كما في الأربعة الأول وصف الكبش فيه، وفي الاقتصاد اشتراطه به.
وفي المبسوط ينبغي إن كان من الغنم أن يكون فحلا أقرن ينظر في سواد
ويمشي في سواد (7). ونحوه النهاية (8)، لكن في الأضحية. ويوافقه الصحيح:
كان رسول الله - صلى الله عليه وآله - يضحي بكبش أقرن عظيم فحل ينظر
في سواد ويمشي في سواد (9).
وزاد ابن حمزة ويرتع في سواد (10)، ويجوز فهمه من الصحيح: أن
رسول الله - صلى الله عليه وآله - كان يضحي بكبش أقرن عظيم فحل يأكل
في سواد وينظر في سواد (11).
والصحيح: عن كبش إبراهيم - عليه السلام - ما كان لونه؟ وأين نزل؟

(1) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط الهدي ج 1 ص 368 س 15.
(2) الاقتصاد: كتاب الحج في نزول منى... ص 307.
(3) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 596.
(4) مصباح المتهجد: كتاب الحج في الهدي وآدابه ص 643 س 6.
(5) شرائع الاسلام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 261.
(6) الجامع للشرائع: كتاب الحج في أحكام الهدي ص 213.
(7) المبسوط: كتاب الحج في ذكر نزول منى... ج 1 ص 373.
(8) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 257.
(9) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 107، وفيه اختلاف يسير.
(10) الوسيلة: كتاب الحج في بيان نزول منى ثانيا ص 185.
(11) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 107.
444

قال: أملح، قال: وكان أقرن، ونزل من السماء على الجبل الأيمن من
مسجد منى، وكان يمشي في سواد، ويأكل في سواد، وينظر ويبعر ويبول
في سواد (1).
وأما البروك ففي كلام جماعة أنهم لم يظفروا عليه بنص (3).
وروي في المبسوط (3) والتذكرة (4) والمنتهى (5) أنه - صلى الله عليه
وآله -: أمر بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد، فأتى
به فضحى به.
واختلف في معنى ما في هذه الأخبار، فقيل: معناه السمن حتى يكون
(لها ظل) عظيم تأكل فيه و (تمشي فيه) وتنظر فيه، وهو يستلزم
البروك فيه (6).
(وقيل: معناه أن يكون هذه المواضع منها) وهي العين والقوائم
والبطن والمبعر (سودا) والقائل الحلي في السرائر (7).
قيل: وقد يتأيد بالمرسل: ضح بكبش أسود أقرن فحل، فإن لم تجد
أسود فأقرن فحل يأكل في سواد ويشرب في سواد وينظر في سواد والمشي في
السواد، بهذا المعنى يستلزم البروك في السواد فإنه على الأرجل والصدر

(1) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الذبح ح 6 ج 10 ص 108.
(2) منهم كشف الرموز: كتاب الحج في مناسك منى ج 1 ص 368، والحدائق الناضرة: كتاب الحج
فيما يستحب من صفات الهدي ج 16 ص 115
(3) المبسوط: كتاب الضحايا والعقيقة ج 1 ص 387.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الضحايا ج 1 ص 386 س 35.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في الضحايا ج 2 ص 755 س 11.
(6) نقله ابن إدريس عن أهل التأويل، واستقربه العلامة في المختلف: كتاب الحج في الهدي
ص 306 س 20، والتنقيح الرائع: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 495.
(7) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 596.
445

والبطن، وقد يراد به سواد الأرجل فقط (1).
وقيل: معناه رتع في مرتع كثير النبات شديد الاخضرار به، وهذا قد
يتضمن البروك فيه (2).
وعن الراوندي أن التفاسير الثلاثة مروية عن أهل البيت
- عليهم السلام - (3).
(وأن يكون مما عرف به) أي أحضر عشية عرفة بعرفات، كما عن
المهذب (4) والتذكرة (5) وفي المنتهى (6)، وأطلق الاحضار في غيرها،
للصحيح: لا يضحي إلا بما قد عرف به (7)، ونحوه آخر أو الموثق (8).
وظاهرهما الوجوب، كما في ظاهر التهذيبين (9) والغنية (10) وعن
النهاية (11) والمبسوط (12) والاصباح (13) والمهذب (14).

(1) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط الحج ج 1 ص 368 س 22.
(2) لم نعثر عليه ونقله كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط الهدي ج 1 ص 368 س 21.
(3) لا يوجد عندنا المصدر ونقله عنه الدروس الشرعية: كتاب الحج في ذبح الهدي ج 1 ص 439.
(4) لا يوجد هذا القيد في المهذب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 1 ص 257.
(5) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 382 س 19.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في صفات الهدي ج 3 ص 742 س 30.
(7) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب الذبح ح 2 و 1 ج 10 ص 112.
(8) وسائل الشيعة: ب 17 من أبواب الذبح ح 2 و 1 ج 10 ص 112.
(9) تهذيب الأحكام: ب 16 من أبواب الذبح ج 5 ص 206، والاستبصار: ب 181 أنه لا يضحي
إلا بما عرف به ج 2 ص 265.
(10) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الأضحية ص 520 س 11.
(11) النهاية: كتاب الباب الذبح ص 258.
(12) المبسوط: كتاب الحج فصل في ذكر نزول منى... ج 1 ص 373.
(13) لا يوجد عندنا كتابه ونقله عنه كشف اللثام: كتاب الحج في شرائط الهدي ج 1 ص 368
س 25.
(14) المهذب: كتاب الحج في أحكام الهدي... ج 1 ص 257.
446

ولكن الأشهر الاستحباب، بل في المنتهى (1) وغيره (2) عليه الاجماع.
وفي المنتهى بعد نقل الوجوب عن الشيخ: الظاهر أنه أراد به تأكيد
الاستحباب (3).
وهو الأظهر، للخبر المروي في التهذيبين (4) ضعيفا، وفي الفقيه موثقا.
وفيه: عمن اشترى شاة لم يعرف بها، قال: لا بأس بها، عرف بها أو
لم يعرف (5).
وبه يحمل النهي في الخبرين على الكراهة جمعا.
وهو أولى من جمع الشيخ، بحمل (6) النهي على ما إذا لم يخبر البائع بأنه
عرف، والمرخص بما إذا أخبر بأنه عرف.
إذ ليس فيما استدل به لهذا الجمع - وهو الصحيح: إنا نشتري الغنم بمنى
ولسنا ندري عرف بها أم لا؟ فقال: إنهم لا يكذبون لا عليك ضح (7) بها -
دلالة عليه، كما لا يخفى.
فالأول أولى، سيما مع اعتضاده بالأصل والشهرة العظيمة والاجماعات
المنقولة.
وأن يكون (إناثا من الإبل أو البقر) كما في الصحاح المستفيضة (8)

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في صفات الهدي ج 2 ص 742 س 30.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 382 س 19.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في صفات الهدي ج 2 ص 742 س 33.
(4) تهذيب الأحكام: ب 16 من أبواب الذبح ح 32 ج 5 ص 206، والاستبصار: كتاب الحج
ب 181 في أنه لا يضحى إلا بما قد عرف به ح 3 ج 2 ص 265.
(5) من لا يحضره الفقيه: ب 199 في الأضاحي ح 29 ج 2 ص 297.
(6) تهذيب الأحكام: ب 16 من أبواب الذبح ج 33 ج 5 ص 207.
(7) تهذيب الأحكام: ب 16 من أبواب الذبح ج 33 ج 5 ص 207.
(8) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب الذبح ج 15 ص 99.
447

(وذكرانا من الضأن أو المعز) كما في الصحيح وفيه: ويجزئ الذكورة من
البدن (1) وفي آخر: الإناث والذكور من الإبل والبقر تجزئ (2).
وفي المنتهى لا نعلم خلافا في جواز العكس في البابين، إلا ما روي عن
ابن عمر أنه قال: ما رأيت أحدا فاعلا ذلك، وإن نحر أنثى أحب إلي،
وهذا يدل على موافقتنا، لأنه لم يصرح بالمنع عن الذكران (3).
قيل: ونحوه التذكرة، وفي النهاية: لا يجوز التضحية بثور ولا بجمل بمنى،
ولا بأس بهما في البلاد، مع قوله: قبيله والأفضل الهدي والأضاحي من
البدن أو البقر ذوات الأرحام ومن الغنم الفحولة، فهو قرينة على إرادة
التأكيد، وفي الاقتصاد: إن من شرطه إن كان من البدن أو البقر أن يكون
أنثى، وإن كان من الغنم أن يكون فحلا من الضأن، فإن لم يجد من
الضأن جاز التيس من المعز، وفي المهذب إن كان من الإبل فيجب أن
يكون ثنيا من الإناث، وإن كان من البقر فيكون ثنيا من الإناث، ولعلهما
أكدا الاستحباب (4).
(وأن ينحر الإبل قائمة) للآية الشريفة (5) والمعتبرة (6).
قيل: وفي التذكرة والمنتهى لا نعلم في عدم وجوبه خلافا، فإن خاف
أن تنفر أناخها (7).

(1) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب الذبح ح 1 و 3 ج 10 ص 99 و 100.
(2) وسائل الشيعة: ب 9 من أبواب الذبح ح 1 و 3 ج 10 ص 99 و 100.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في صفات الهدي ج 2 ص 742 س 14.
(4) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الأضحية ج 1 ص 368 س 29، وفيه بدل
(وفي المهذب)، (وفي التهذيب).
(5) الحج: 36.
(6) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 135.
(7) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الأضحية ج 1 ص 369 س 15.
448

وفي الخبر: عن البدنة كيف ينحرها قائمة أو باركة؟ قال: يعقلها وإن
شاء قائمة وإن شاء باركة (1).
(مربوطة بين الخف والركبة) للصحيح (3).
وفي غيره: وأما البعير فشد أخفافه إلى إباطه وأطلق رجليه (3). وهو الذي
يأتي في الصيد والذبائح، فيجوز التخير وافتراق الهدي وغيره.
ثم الخبران نصان في جمع اليدين بالربط من الخف إلى الركبة أو الإبط.
وعن أبي خديجة أنه رأى الصادق - عليه السلام - وهو ينحر بدنة معقولة
يدها اليسرى (4). وروت العامة نحوه (5)، واختاره الحلبيان (6). فالظاهر
جواز الأمرين.
أقول: لكن الأول أرجح، لصحة السند وغيره.
(وأن يطعنها) في لبتها (من الجانب الأيمن) لها، للصحيح أو
القريب منه: ينحرها وهي قائمة من قبل اليمين (7). والخبر: رأى الصادق
- عليه السلام - إذ نحر بدنته قام من جانب يدها اليمنى (8).
(وأن يتولاه) أي الذبح (بنفسه) إن أحسنه، للتأسي فقد باشر
النحر النبي - صلى الله عليه وآله - بنفسه، كما في الخبرين (9).

(1) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الذبح ح 5 ج 10 ص 135.
(2) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب الذبائح ح 2 ج 16 ص 255.
(3) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 134. (
(4) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 135.
(5) سنن البيهقي: باب نحر الإبل قياما... ج 5 ص 237.
(6) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 215 - 216، وغنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في
الأضحية ص 520 س 14.
(7) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الذبح ح 2 و 3 ج 10 ص 135.
(8) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الذبح ح 2 و 3 ج 10 ص 135.
(9) وسائل الشيعة: ب 35 و 36 من أبواب الذبح ح 3 و 3 ج 10 ص 135 و 136.
449

وفي الصحيح: إن كانت امرأة فلتذبح لنفسها (1).
(وإلا) أي وإن لم يتولاه بنفسه (جعل يده مع يد الذابح)
للصحيح كان علي بن الحسين - عليه السلام - يضع السكين في يد الصبي ثم
يقبض على يده الرجل فيذبح (2).
وإن لم يفعل ذلك كفاه الحضور عند الذبح، كما عن الوسيلة (3)
والجامع (4)، لما في المحاسن عن النبي - صلى الله عليه وآله - في خبر بشر بن
زيد لفاطمة - عليها السلام - إشهدي ذبح ذبيحتك، فإن أول قطرة منها يغفر
الله تعالى بها كل ذنب عليك وكل خطيئة عليك، قال: وهذا للمسلمين
عامة (5).
(والدعاء) عند الذبح بالمأثور في الصحيح: إذا اشتريت هديك
فاستقبل القبلة وانحره أو اذبحه.
وقل: وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا مسلما وما أنا
من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك
له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين، اللهم منك ولك بسم الله والله أكبر،
اللهم تقبل مني ثم أمر السكين ولا تنخعها حتى تموت (6).
وفي الخبر: سمعته يقول: بسم الله وبالله والله أكبر، اللهم هذا منك
ولك، اللهم تقبل مني، ثم يطعن في لبتها (7).

(1) وسائل الشيعة: ب 36 من أبواب الذبح ح 1 و 2 ج 10 ص 136.
(2) وسائل الشيعة: ب 36 من أبواب الذبح ح 1 و 2 ج 10 ص 136.
(3) الوسيلة: كتاب الحج في نزول منى... ص 184.
(4) الجامع: كتاب الحج في أحكام الهدي س 214.
(5) وسائل الشيعة: ب 36 من أبواب الذبح ح 4 ج 10 ص 136.
(6) وسائل الشيعة: ب 37 من أبواب الذبح ح 1 ج 15 ص 37 1.
(7) وسائل الشيعة: ب 35 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 135.
450

(وقسمته أثلاثا، يأكل ثلثه، ويهدي ثلثه، ويعطي (1) القانع
والمعتر ثلثه).
قيل: وعلى وفق ظاهر الأكثر وصريح كثير، أما عدم الوجوب
فللأصل، وأما الفضل فللنصوص من الكتاب والسنة، وأما هذا التثليث
فعليه الأكثر، وقد يؤيده الموثق: سقت في العمرة بدنة فأين أنحرها؟ قال:
بمكة قال: أي شئ أعطي منها؟ قال: كل ثلثا، واهد ثلثا، وتصدق
بثلث (2).
وفي القريب من الصحيح: عن لحوم الأضاحي كان علي بن الحسين
- عليه السلام - وأبو جعفر - عليه السلام - يتصدقان بثلث على جيرانهم، وثلث
على السؤال، وثلث يمسكونه لأهل البيت (3). ويجوز أن يكون التصدق على
الجيران هو الاهداء الذي في الموثق. فالأولى اعتبار استحقاق من يهدي
إليه (4).
أقول: ولكن حكي عن الأصحاب عدمه (5).
وفي الصحيح الوارد فيمن ساق هديا: أطعم أهلك ثلثا، وأطعم القانع
والمعتر ثلثا وأطعم المساكين ثلثا، قلت له: المساكين هم السؤال، قال:
نعم، وقال: القانع الذي يقنع بما أرسلت إليه من البضعة فما فوقها، والمعتر
ينبغي له أكثر من ذلك، هو أغنى من القانع يعتريك فلا يسألك (6).

(1) في المتن المطبوع والشرح الصغير: ويطعم.
(2) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الذبح ح 18 ج 10 ص 146. (
(3) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الذبح ح 13 ج 10 ص 145.
(4) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في كيفية قسمة الأضحية ج 1 ص 368 س 32.
(5) جامع المقاصد: كتاب الحج في مناسك منى ج 3 ص 243.
(6) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 143.
451

فإن كان إطعام القانع والمعتر هو الاهداء وافق الأول، وأشعر أيضا
باستحقاق من يهدي إليه، ودل مجموع الآيتين (1) على التثليث المشهور.
ولكن في التبيان: عندنا يطعم ثلثه ويعطي ثلثه القانع والمعتر ويهدي
الثلث (2)، ونحوه المجمع عنهم - عليهم السلام - (3).
أقول: وظاهرهما الاجماع والنص على ذلك، وهما كافيان في إثباته.
وعزاه في السرائر إلى رواية الأصحاب، لكن في الأضحية خاصة،
وقال في هدي التمتع والقارن: فالواجب أن يأكل منه ولو قليلا، ويتصدق
على القانع والمعتر ولو قليلا، لقوله تعالى: (فكلوا منها وأطعموا القانع
والمعتر) والأمر عندنا يقتضي الوجوب (4) انتهى.
ولم يذكر الاهداء اقتصارا على منطوق الآيتين (5)، لاغفالهما إياه،
واتحاد مضمونهما، إلا في المتصدق عليه.
قيل: علته أن التأسيس أولى من التأكيد، خصوصا وقد تأيد هاهنا
بالخبر الصحيح (6).
وفيه نظر، فإن الصحيح تضمن الأمر بإطعام الأهل ثلثا، ولم يقولوا به
مطلقا. مع أنه ليس فيه التصريح بالاهداء، وإنما احتمل كون إطعام القانع
والمعتر فيه كناية عن الاهداء.
ويمكن الجواب عن الأول: بالمنع عن عدم قول الأصحاب برجحان

(1) الحج: 28 و 36.
(2) التبيان: في تفسير الآية 36 من سورة الحج ج 7 ص 319 س 6.
(3) مجمع البيان: في تفسير الآية 36 من سورة الحج ج 7 ص 86.
(4) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 598.
(5) الحج: 28 و 36.
(6) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في كيفية قسمة الأضحية ج 1 ص 368 س 40.
452

إطعام الأهل الثلث، وذلك فإنه وإن لم يصرحوا باستحبابه بالخصوص،
لكن صرحوا باستحباب أكل الثلث، وهو وإن كان ظاهرا في أكل الذابح
نفسه، إلا أن المراد لعله مع أهله.
وإلا فيتعسر أو يتعذر غالبا أكله الثلث وحده، إلا في مدة مديدة
لا يمكن أكله الثلث فيها إلا بإخراجه من منى، وقد منعوا عنه، كما مضى.
فلا يجامع حكمه ذلك حكمهم باستحباب أكله بنفسه الثلث هنا.
ومن هنا يظهر أن أكل الثلث بنفسه ليس بواجب قطعا، بل
ولا خلاف فيه أيضا، وإنما اختلفوا في وجوبه في الجملة ولو قليلا.
فالشيخ (1) وجماعة (2) على الاستحباب، وعزاه في الدروس (3) إلى
الأصحاب.
ولعله الأقوى، للأصل السليم عما يصلح للمعارضة، عدا ما ستعرفه مع
الجواب عنه.
(وقيل: يجب الأكل منه) وهو الحلي (4) - كما عرفت - وتبعه من
المتأخرين جماعة (5)، لما ذكره من الأمر به في الآية الشريفة (6).
مضافا إلى الأمر به في الصحيح أو الموثق: إذا ذبحت أو نحرت فكل
وأطعم، كما قال الله تعالى: (فكلوا منها وأطعموا القانع والمعتر)، وقال:

(1) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 261.
(2) منهم الكافي في الفقه: كتاب الحج في الهدي ص 200.
(3) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 439.
(4) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 598.
(5) منهم مختلف الشيعة: كتاب الحج في الهدي ص 306 س 27، ومسالك الأفهام: كتاب الحج في
بدل الهدي ج 1 ص 116 س 17، وكشف اللثام: كتاب الحج في كيفية قسمة الأضحية ج 1
ص 369 س 3.
(6) الحج: 36.
453

القانع الذي يقنع بما أعطيته، والمعتر الذي يعتريك، والسائل الذي يسألك
في يديه، والبائس الفقير (1).
ويضعف بمنع إفادة الأمر الوجوب هنا.
أما أولا: فلوروده مورد توهم الخطر، كما ربما يستفاد من تتبع الأخبار،
وصرح به جمع منهم الفاضل المقداد في كنز العرفان (2)، وحكاه بعض عن
صاحب الكشاف، فقالا: كانت الأمم قبل شرعنا يمتنعون من أكل
نسائكهم فرفع الله تعالى الحرج عنهم من أكلها (3). فلا يفيد سوى الإباحة،
كما قرر في محله.
وأما ثانيا: فلأن مورد النزاع إنما هو هدي التمتع خاصة، كما صرح به
في المدارك (4)، ويظهر من غيره أيضا، كما ستعرفه.
ولا اختصاص للآية الشريفة (5)، وكذا الرواية (6)، بل تعمه وهدي
القران والتضحية.
وشمولها لهدي القران صريح الفاضل في المنتهى (7) وابن زهرة (8)،
حيث استدل لجواز أكل هدي القران والمتعة بعد الاجماع بالآية، وساقها إلى
قوله تعالى: (ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم).

(1) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 142.
(2) كنز العرفان: كتاب الحج في أفعاله وأنواعه... ص 313.
(3) الكشاف: في تفسير الآية 28 من سورة الحج ج 3 ص 153.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 8 ص 45.
(5) الحج: 36.
(6) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 142.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 752 س 4.
(8) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الأضحية ص 520 س 7.
454

وقال في وجه الاستدلال: والذي يترتب عليه قضاء التفث، هو هدي
التمتع والقران.
وليس الأكل من الأضحية ولا من هدي القران واجبا اتفاقا، كما
صرح به الفاضل المقداد في الكنز (1)، والعلامة في المنتهى، حيث قال:
هدي التطوع يستحب الأكل منه بلا خلاف، لقوله تعالى: (فكلوا منها)
الآية، وأقل مراتب الأمر الاستحباب - إلى أن قال -: لو لم يأكل من التطوع
لم يكن به بأس بلا خلاف (2).
ومراده بهدي التطوع هدي القران، كما صرح به في موضع آخر منه (3).
وحينئذ، فلا بد من صرف الآية (4) والرواية (5) عن ظاهرهما، فإما إلى
الاستحباب، أو التخصيص بهدي التمتع دون غيره.
والثاني وإن كان أولى، إلا أن الشهرة - مع ما قدمنا من الجواب الأول -
برجحان الأول، أو يساويانه مع الثاني.
فليرجع إلى حكم الأصل، وهو البراءة من الوجوب.
والعجب من العلامة في المنتهى حيث قال فيه بوجوب الأكل،
مستدلا بالآية الشريفة (6). ومع ذلك استدل لاستحباب الأكل من هدي
التطوع بالآية المزبورة، مع أنه ليس فيها إلا أمر واحد.
ولا يمكن حمله في استعمال واحد على معنييه الحقيقي والمجازي، فأما إلى

(1) كنز العرفان: كتاب الحج في أفعاله وأنواعه... ص 313.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 752 س 31 و 35.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 749 س 14.
(4) الحج: 36.
(5) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 142.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 752 س 17.
455

الوجوب أو الاستحباب، لا سبيل إلى الأول، بعد تصريحه لشمول الآية
لهدي القران، المستحب فيه الأكل بلا خلاف، كما ذكره، فتعين الثاني.
وبالجملة: الذي يقتضيه النظر وتتبع الأخبار والفتاوى رجحان القول
بالاستحباب، وإن كان الأحوط القول بالايجاب.
(ويكره التضحية بالثور والجاموس) كما في الشرائع (1) والارشاد (3)
والقواعد (3) والتحرير (4) والمنتهى (5) من غير نقل خلاف فيه أصلا.
قال: لما رواه الشيخ عن أبي بصير قال: سألته عن الأضاحي؟ قال:
أفضل الأضاحي في الحج الإبل والبقر ذوات الأرحام ولا يضحي بثور
ولا جمل (6).
وليس فيه مع إضماره ذكر الجاموس، إلا أن يستدل على كراهيته
بالفحوى.
ويدل على جواز التضحية به صريحا الصحيح: عن الجاموس عن كم
يجزئ في التضحية؟ فجاء في الجواب: إن كان ذكرا فعن واحد، وإن كان
أنثى فعن سبعة (7).
وحينئذ، فلا يحتاج في إثبات اجزائه إلى البناء على أنه مع البقر
جنس، كما تقرر في كتاب الزكاة، فيناقش فيه بأن المستفاد من كلام

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 261.
(2) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 333.
(3) قواعد الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 88 س 14.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 105 س 19.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في صفات الهدي ج 2 ص 742 س 20.
(6) تهذيب الأحكام: ب 16 من أبواب الذبح ح 21 ج 5 ص 204.
(7) تهذيب الأحكام: ب 16 حمت أبواب الذبح 40 ج 5 ص 209.
456

بعض أهل اللغة خلافه.
(والموجوء) وهو مرضوض الخصيتين حتى يفسدا، كما في الكتب
المتقدمة.
عدا التحرير (1) والمنتهى (2)، ففيهما: الموجوء خير من النعجة والنعجة خير
من المعز (3)، وفي آخر: اشتر فحلا سمينا للمتعة، فإن لم تجد فموجوء، فإن
لم تجد فمن فحولة المعز، فإن لم تجد فما استيسر من الهدي (4).
فليس في الروايتين تصريح بالكراهة، وإنما المستفاد منهما أن الفحل من
الضأن أفضل من الموجوء، وأن الموجوء خير من المعز.
وبذلك صرح به في المدارك (5) والذخيرة (6)، لكن قالا بعد نقل الحكم
بالكراهة: قد قطع بها الأصحاب، واحتمل في الذخيرة كون مرادهم منها
ترك الأولى، لا المعنى المصطلح عليه الآن.
(الثالث: في البدل، و) اعلم أنه (لو فقد الهدي ووجد ثمنه)
وهو يريد الرجوع (استناب) ثقة (في شرائه وذبحه طول ذي الحجة)
فإن لم يوجد فيه ففي العام المقبل في ذي الحجة على الأظهر الأشهر، بل عليه
عامة من تأخر، وفي ظاهر الغنية الاجماع عليه (7). وهو الحجة، مضافا إلى
الصحيح (8) الصريح في ذلك.

(1) تحرير الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 1 ص 105 س 19.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في صفات الهدي ج 2 ص 742 س 26.
(3) وسائل الشيعة: ب 14 و 12 من أبواب الذبح ح 1 و 7 ج 10 ص 109 و 156.
(4) وسائل الشيعة: ب 14 و 12 من أبواب الذبح ح 1 و 7 ج 10 ص 109 و 156.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في صفات الهدي ج 8 ص 46.
(6) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 671 س 28.
(7) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج في الأضحية ص 520 س 16.
(8) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 153.
457

وربما استدل له أيضا ببعض المعتبرة: عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج
فوجب عليه النسك فطلبه فلم يجده وهو موسر حسن الحال، وهو يضعف
عن الصيام فما ينبغي له أن يصنع؟ قال: يدفع ثمن النسك إلى من يذبحه
بمكة إن كان يريد المضي إلى أهله وليذبح عنه في ذي الحجة، قال: فإنه
دفعه إلى ما يذبح عنه فلم يصب في ذي الحجة نسكا وأصابته بعد ذلك،
قال: لا يذبح عنه إلا في ذي الحجة ولو أخره إلى قابل (1).
ويضعف بأنه لما ذكر السائل أنه يضعف عن الصيام لم يصح
الاستدلال به على وجوب أن يخلف الثمن مع القدرة عليه، كما في كلام
جمع.
(وقيل): بل لا ينتقل فرضه إلى الصوم، والقائل الحلي (2)، وتبعه
الماتن في الشرائع (3)، وربما يعزى إلى العماني (4). وفيه نظر.
واستدل عليه بصدق أنه غير واجد للهدي فينتقل الفرض إلى الصوم.
وبالموثق: عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي حتى إذا كان يوم النفر وجد
ثمن شاة أيذبح أو يصوم؟ قال: بل يصوم فإن أيام الذبح قد مضت (5).
ويضعف الأول: بمنعه، فإن تيسر الهدي ووجد أنه يعمان العين والثمن،
وإلا لم يجب الشراء مع الوجود يوم النحر وإمكانه إن خصص الوجود به
عنده، وإلا فهو أعم منه عنده وعند غيره في أي جزء كان من أجزاء الزمان
الذي يجزئ فيه.

(1) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب الذبح ح 2 ج 3 ص 153.
(2) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 10 ص 591 - 592.
(3) شرائع الاسلام: كتاب الحج في البدل ج 1 ص 261.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في من فقد الهدي ص 304 س 11.
(5) وسائل الشيعة: ب 44 من أب وأب الذبح ح 3 ج 10 ص 153.
458

لا يقال: إذا لم يجده بنفسه ما كان هناك شمله ممن لم يجده.
لأنا نقول: وجدان النائب كوجدانه، لأنه مما يقبل النائب كما عرفته.
والثاني: بقصور سنده، وعدم مكافأته لمقابله سندا واعتبارا، مضافا إلى
ظهوره فيمن قدر على الذبح بمنى، وهو غير ما نحن فيه، ولا يوجبان الصوم
فيه.
ولعله لذا حمله الشيخ على من صام ثلاثة أيام قبل الوجدان (1) كما في
الخبر: عن متمتع صام ثلاثة أيام في الحج ثم أصاب هديا يوم خرج من
منى، قال: أجزأه صيامه (2)، وغيره (3) على ما مر في بحث وجوب كون
الذبح يوم النحر.
وللإسكافي (4) هنا قول ثالث، فخير بين القولين الأولين وبين الصدقة
بالوسطى من قيمة الهدي في تلك السنة.
قيل: جمعا بين ما مر وخبر عبد الله بن عمر، قال: كنا بمكة فأصابنا
غلا في الأضاحي فاشترينا بدينار، ثم بدينارين، ثم بلغت سبعة، ثم لم
يوجد بقليل ولا كثير، فوقع هشام المكاري رقعة إلى أبي الحسن - عليه السلام -
فأخبره بما اشترينا وإنا لم نجد بعد، فوقع انظروا إلى الثمن الأول والثاني
والثالث فاجمعوا، ثم تصدقوا بمثل ثلثه (5).
ويضعف بأن الجمع بذلك فرع التكافؤ والشاهد المفقودين في المقام،
مع ظهور الثالث بعد تسليمه كما قيل في الندب (6)، مضافا إلى أن إنفاق الثمن

(1) تهذيب الأحكام: ب 4 من أبواب ضروب الحج ج 5 ص 37 - 38.
(2) تهذيب الأحكام: ب 4 من أبواب ضروب الحج ح 41 و 42 ج 5 ص 38.
(3) تهذيب الأحكام: ب 4 من أبواب ضروب الحج ح 41 و 42 ج 5 ص 38.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في من فقد الهدي... ص 304 س 11.
(5) وسائل الشيعة: ب 58 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 172.
(6) كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي وأحكامه ج 1 ص 364 س 14.
459

بدل الهدي مخالف للكتاب.
(ومع فقد الثمن) أيضا (يلزمه الصوم) قولا واحدا (وهو ثلاثة
أيام في الحج متواليات وسبعة في أهله) بالكتاب والسنة والاجماع، وفي
المنتهى لا خلاف فيه بين العلماء (1).
وليس في الكتاب ما يدل على اعتبار التوالي بين الثلاثة، لكن جاء
ذلك من قبل اجماعنا الظاهر المصرح به في المنتهى (2) وغيره، والسنة.
ففي الموثق: لا يصوم الثلاثة الأيام متفرقة (3). ونحوه الصحيح المروي
عن قرب الإسناد (4).
وقريب منهما الصحاح (5) وغيرها الآمرة بصوم يوم قبل التروية وصومها
وصوم عرفة. لكنها محمولة على الاستحباب عند الأصحاب، وفي ظاهر
المنتهى (6) وعن ظاهر التذكرة (7) الاجماع عليه.
ويستثنى من اعتبار التوالي ما إذا صام يومي التروية وعرفة فيؤخر العيد
إلى آخر أيام التشريق، كما مر في كتاب الصوم.
والمراد بقوله: في الحج أي في سفره قبل رجوعه إلى أهله وشهره، وهو
هنا ذو الحجة عندنا، كما في ظاهر المنتهى (8) وغيره، وسيأتي ما يدل عليه.

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في البدل ج 2 ص 743 س 2.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج المبحث الرابع في البدل إذا لم يجد الهدي ج 2 ص 743 س 32.
(3) وسائل الشيعة: ب 53 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 168.
(4) قرب الإسناد: ص 174 س 18.
(5) وسائل الشيعة: ب 53 من أبواب الذبح ح 2 و 3 ج 10 ص 168 - 169.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج المبحث الرابع في البدل إذا لم يجد الهدي ج 2 ص 743 س 22.
(7) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في بدل الهدي ج 1 ص 382 س 30.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج المبحث الرابع في البدل إذا لم يجد الهدي ج 2 ص 745 س 13.
460

والمعتبر من القدرة على الثمن القدرة عليه في موضعه لا في بلده، وفي
المنتهى أنه لا يعلم فيه خلافا (1).
ولو تمكن من الاستدانة ففي وجوبها وجهان.
قيل: وقرب الشهيد الوجوب (2).
أقول: وعليه الشهيد الثاني أيضا (3).
(ويجوز تقديم) صوم (الثلاثة من أول ذي الحجة) كما في كلام
جماعة، وادعى في التنقيح عليه الشهرة (4).
ولا يخلو عن قوة، لاطلاق الآية الشريفة، وتفسيرها في الصحيح
بذي الحجة، وخصوص الموثق: من لم يجد هديا وأحب أن يصوم الثلاثة
الأيام في أول العشر فلا بأس بذلك (5). قيل: ونص ابن سعيد على أنه
رخص في ذلك لغير عذر (6).
وفي السرائر (7) وظاهر التبيان (8) الاجماع على وجوب كون الصوم في
الثلاثة المتصلة بالنحر، وفي الخلاف (9) نفي الخلاف عن وجوبه اختيارا،
لكن يحتمل نفي الخلاف عن تقديمها على الاحرام بالحج.

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج البحث الرابع في البدل إذا لم يجد الهدي ج 2 ص 743 س 6.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 111 في أحكام الهدي ج 1 ص 441.
(3) مسالك الأفهام: كتاب الحج في بدل الهدي ج 1 ص 116 س 27.
(4) التنقيح الرائع: في بدل الهدي ج 1 ص 493.
(5) وسائل الشيعة: ب 46 من أبواب الذبح ح 8 ج 10 ص 156.
(6) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 365 س 9.
(7) السرائر: كتاب الحج في أحكام الذبح ج 1 ص 593.
(8) التبيان: في تفسير الآية 196 من سورة البقرة ج 2 ص 160.
(9) الخلاف: كتاب الحج م 52 في حكم من لم يصم الثلاثة أيام قبل النحر ج 2 ص 278.
461

وفيه (1) وفي النهاية (2) والتهذيب (3) والمبسوط (4) والمهذب (5) ذكر
الرخصة في صومها أول العشر، لكن في الأخيرين أن التأخير إلى السابع
أحوط، وفي التهذيب (6) أنه أولى، وظاهر الخلاف (7) اختصاص الرخصة بالمضطر.
ولا يجوز صومها إلا (بعد التلبس) بالمتعة، إلا في رواية عن
أحمد (8).
قال في المنتهى: وهو خطأ، لأنه تقديم للواجب على وقته وسببه، ومع
ذلك فهو خلاف قول العلماء (9)، ونحوه عن التذكرة (10).
ويكفي التلبس بعمرتها، كما في الشرائع (11) والتحرير (12) والمنتهى (13)
والارشاد (14) والقواعد (15) وعن الخلاف (16) والتذكرة (17)، لاطلاق الآية.

(1) الخلاف: كتاب الحج م 47 في عدم جواز الصيام بدل الهدي اختيارا ج 2 ص 274.
(2) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 255.
(3) تهذيب الأحكام: ب 16 في الذبح ذيل ح 131 ج 5 ص 235.
(4) المبسوط: كتاب الحج في ذكر نزول منى بعد الإفاضة من المشعر وقضاء المناسك بها ج 1 ص 370.
(5) المهذب: كتاب الحج في باب أحكام الهدي وذبحه أو نحره ج 1 ص 258.
(6) تهذيب الأحكام: ب 16 في الذبح ذيل ح 131 ج 5 ص 235.
(7) الخلاف: كتاب الحج م 47 في عدم جواز الصيام بدل الهدي اختيارا ح 2 ص 274.
(8) وسائل الشيعة: ب 46 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 155.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج البحث الرابع في البدل إذا لم يجد الهدي ج 2 ص 745 س 3.
(10) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في بدل الهدي ج 1 ص 383 س 1.
(11) شرائع الاسلام: كتاب الحج في البدل ج 1 ص 262.
(12) تحرير الأحكام: كتاب الحج المطلب الرابع في البدل ج 1 ص 105 س 30.
(13) منتهى المطلب: كتاب الحج البحث الرابع في البدل ج 2 ص 744 س 30.
(14) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في الذبح ج 1 ص 333.
(15) قواعد الأحكام: كتاب الحج المطلب الثاني في الذبح ج 1 ص 88 س 3.
(16) الخلاف: كتاب الحج م 47 في عدم جواز الصيام بدل الهدي اختيارا ج ص 274.
(17) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في البحث الرابع البدل ج 1 ص 382 س 39.
462

والاتفاق فتوى ورواية على أن الراجح صومها من السابع، مع
استحباب كون الاحرام بالحج في الثامن. ولم يحك خلافه فيه إلا عن
الشافعي وبعض العامة (1).
واشترط الشهيد في الدروس (2) واللمعة (3)، وكذا شارحها (4)
التلبس (بالحج) كما عليه الماتن هنا.
ووجهه غير واضح، عدا ما في التنقيح بن كونه تقديما للواجب على
وقته فهو تقديم للمسبب على سببه (5). وهو اجتهاد في مقابلة ما قدمناه من
الدليل.
ولعله عليه اعتماد من وافقناه على الاكتفاء بالتلبس بالعمرة وبنائه.
وبه استدل عليه في المنتهى (6) وغيره، لا على ما في الدروس (7) من أنه بناء
على وجوبها.
والظاهر أن مرجع الضمير الأول هو الهدي، كما. في الذخيرة (8)، أو
الصوم كما في التنقيح (9)، لا الحج كما ذكره شيخنا الشهيد الثاني (10)
وسبطه (11)

(1) والحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 365 س 14.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج في فقد الهدي درس 111 ج 1 ص 440.
(3) اللمعة الدمشقية والروضة البهية: كتاب الحج مناسك منى ج 2 ص 295.
(4) اللمعة الدمشقية والروضة البهية: كتاب الحج مناسك منى ج 2 ص 295.
(5) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 494.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج البحث الرابع في البدل ج 2 ص 744 س 30.
(7) الدروس الشرعية: كتاب الحج في فقد الهدي درس 111 ج 1 ص 440.
(8) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في مناسك منى ص 673 س 20.
(9) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 494.
(10) مسالك الأفهام: كتاب الحج في بدل الهدي ج 1 ص 116 س 29.
(11) مدارك الأحكام: كتاب الحج في بدل الهدي ج 8 ص 53.
463

وعلى التقادير فالمرجع واحد، وهو دفع وجه الاشكال المتقدم،
ولا يحتاج إلى ذلك، بل الدافع له ما عرفت من الدليل، فتأمل.
(ولا) يجوز تقديمها قبل ذي الحجة) مطلقا، لما عرفته.
ويجوز صومها طول ذي الحجة عند علمائنا وأكثر العامة، كما قيل (1)،
لأكثر ما مر، والصحيح من لم يجد ثمن الهدي وأحب أن يصوم الثلاثة
الأيام في العشر الأواخر فلا بأس (2).
وظاهر إطلاق الأدلة كجملة من الفتاوى جوازه اختيارا.
قيل: وظاهر الأكثر، ومنهم الفاضل في جملة من كتبه وجوب المبادرة
بعد التشريق، فإن فات فليصم بعد ذلك إلى آخر الشهر وهو أحوط،
لاختصاص أكثر الأخبار بذلك (3).
ومن ذهب إلى كونه قضاء بعد التشريق لم يجز عنده التأخير إليه اختيارا
قطعا، وهو مذهب الشيخ في المبسوط على ما في المختلف (4).
والحق أنه أداء، كما في الخلاف (5) والسرائر (6) والجامع (7) والمختلف (8)
والمنتهى (9) والتذكرة (10) والتحرير (11)، وفيما عندنا من نسخ المبسوط، إذ

(1) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في بدل الهدي ج 8 ص 53.
(2) وسائل الشيعة: ب 46 من أبواب الذبح ح 13 ج 10 ص 158.
(3) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 365 س 23.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أحكام الصوم أيام التشريق ج 1 ص 30 س 21.
(5) الخلاف: م 52 كتاب الحج في حكم من لم يصم الثلاثة أيام قبل النحر ج 2 ص 278.
(6) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 594.
(7) الجامع للشرائع: كتاب الحج والعمرة في أحكام الهدي ص 211.
(8) مختلف الشيعة: كتاب الزكاة في أحكام الصوم أيام التشريق ج 1 ص 305 س 21.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج في البحث الرابع في البدل ج 2 ص 746 س 11.
(10) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في البحث الرابع في المبدل ج 1 ص 383 س 8.
(11) تحرير الأحكام: كتاب الحج في المطلب الرابع في البدل ج 1 ص 105 س 32.
464

لا دليل على خروج الوقت، بل العدم ظاهر ما مر، وغاية الأمر وجوب
المبادرة.
(ولو خرج ذو الحجة ولم يصم الثلاثة) بكمالها سقط عنه الصوم،
و (تعين) عليه (الهدي في القابل بمنى) عند علمائنا وأكثر العامة، كما
في المدارك (1)، وفي غيره الاجماع (2)، كما عن صريح الخلاف (3)، بل
قيل: نقله جماعة (4).
وهو الحجة، مضافا إلى الصحيح: من لم يصم في ذي الحجة حتى هل
هلال المحرم فعليه دم شاة، وليس له صوم، ويذبحه بمنى (5).
وإطلاقه، بل عمومه يعم الهدي والكفارة.
واحتمال اختصاصه بالثاني لا وجه له، سيما مع استدلال الأصحاب به
فيما نحن فيه، والصحيح: عمن نسي الثلاثة الأيام حتى قدم أهله قال:
يبعث بدم (6).
لكنه معارض بالصحاح المستفيضة: على أن من فاته صومها بمكة لعائق
أو نسيان فليصمها في الطريق إن شاء، وإن شاء إذا رجع إلى أهله (7)،
من غير تقييد ببقاء الشهر وعدم خروجه، بل هي مطلقة شاملة له ولغيره،

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في بدل الهدي ج 8 ص 55.
(2) كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 365 س 25.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 52 ج 2 ص 278.
(4) لم نعثر على قائله.
(5) وسائل الشيعة: ب 47 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 159.
(6) وسائل الشيعة: ب 47 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 160 وفيه اختلاف (عن رجل نسي أن
يصوم الثلاثة الأيام التي على المتمتع إذا لم يجد الهدي حتى يقدم أهله قال: يبعث بدم).
(7) وسائل الشيعة: ب 47 من أبواب الذبح ج 10 ص 160.
465

وبها أفتى الشيخ في التهذيب (1)، ونقل عن المفيد أيضا (2)، لكنه رجع عنه
في الخلاف (3)، كما عرفت.
وفي الاستبصار جمع بينها وبين الصحيحة، بحملها على صورة خروج
الشهر، وحمل هذه الأخبار على بقائه (4).
واستبعده في الذخيرة (5)، واستحسن الجمع بينهما بتقييد الصحيحة
بالناسي دون غيرها.
وجمع الشيخ أولى، لاعتضاده بعد الشهرة والاجماعات المنقولة بظاهر
الكتاب والسنة والاجماع المؤقتة لهذا الصوم بذي الحجة، ومقتضاها سقوطه
بخروجه.
وتقييدها بحال التمكن والاختيار من إتيانه في مكة ليس بأولى من تقييد
الصحاح بها، بحملها على بقاء ذي الحجة، بل هذا أولى من وجوه شتى:
ومنها بعد ما مضى قطعية الكتاب والسنة التي بمعناها، دون هذه فإنها آحاد
وإن كانت صحاحا.
وهل يجب مع دم الهدي دم آخر كفارة، كما في صريح المنتهى (6) وعن
ظاهر المبسوط (7) والجامع (8)، أم لا، كما هو ظاهر المتن وغيره من عبائر

(1) تهذيب الأحكام: كتاب الحج ب 16 في الذبح ج 5 ص 233 - 234.
(2) والناقل هو صاحب الذخيرة: كتاب الحج في الذبح ص 673 س 31.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 52 ج 2 ص 278.
(4) الاستبصار: ب 194 في جواز صوم الثلاثة الأيام في السفر ح 5 ج 2 ص 283.
(5) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في مناسك منى ص 673 س 44.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في البدل ج 2 ص 746 س 17.
(7) المبسوط: كتاب الحج في ذكر نزول منى بعد الإفاضة من المشعر وقضاء المناسك بها ج 1
ص 370.
(8) الجامع للشرائع: كتاب الحج في أحكام الهدي ص 210.
466

الأكثر؟ الأحوط الأول.
واستدل عليه في المنتهى بأنه ترك نسكا، وقال - صلى الله عليه وآله -:
من ترك نسكا فعليه دم، وبأنه صوم مؤقت وجب بدلا فوجب بتأخيره
كفارة، كقضاء رمضان (1).
وهو كما ترى، وسند الخبر لم يتضح لنا، فعدم الوجوب للأصل لعله
أقوى.
(ولو صام الثلاثة في الحج) لفقد الهدي وثمنه (ثم وجد الهدي لم
يجب) عليه على الأشهر الأظهر، وعن الخلاف الاجماع عليه (2)، للأصل،
وظاهر الآية، وصريح الخبر (3)، المنجبر ضعفه بالعمل.
(لكنه أفضل) بلا خلاف يظهر. وبنفيه صرح بعض، خروجا عن
شبهة القول بالوجوب مطلقا، كما عن المهذب (4)، أو إذا وجده قبل التلبس
بالسبعة في وقت الذبح، كما عن القواعد (5).
وللخبر: عن رجل تمتع وليس معه ما يشتري به هديا فلما أن صام ثلاثة
أيام في الحج أيسر، أيشتري هديا فينحره، أو يدع ذلك ويصوم سبعة أيام
إذا رجع إلى أهله؟ قال: يشتري هديا فينحره ويكون صيامه الذي صامه
نافلة (6).
وإنما حمل على الفضل جمعا، ولضعف السند.

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في البدل ج 2 ص 746 س 21.
(2) الخلاف: كتاب الحج م 50 ج 2 ص 277.
(3) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 154.
(4) المهذب: كتاب الحج باب أحكام الهدي وذبحه أو نحره ج 1 ص 259.
(5) قواعد الأحكام: كتاب الحج المطلب الثاني في الذبح ج 1 ص 88 س 3.
(6) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 154.
467

وظاهر العبارة ونحوها وجوب الهدي لو لم يصم الثلاثة بكمالها، كما عن
الأكثر.
خلافا للمحكي عن الخلاف (1) والحلي (2) والفاضل (3) في جملة من
كتبه، فاكتفوا في سقوط الهدي بمجرد التلبس بالصوم، وعليه المقداد في كنز
العرفان (4).
واستدل عليه في المنتهى باطلاق الآية وجوب الصوم على من لم يجد
الهدي، قال: لا يقال: هذا يقتضي عدم الاجتزاء بالهدي وإن لم يدخل في
الصوم، لأنا نقول: لو خلينا والظاهر لحكمنا بذلك، لكن الوفاق وقع على
خلافه فيبقى ما عداه على الأصل (5) انتهى.
والمسألة محل إشكال، والاحتياط يقتضي المصير إلى الأول.
(ولا يشترط في صوم السبعة التتابع) على الأشهر الأقوى، بل في
المنتهى (6) وعن التذكرة (7) أنه لا يعرف فيه خلافا، للأصل وإطلاق
الأمر، وصريح الخبر (8) المنجبر بالعمل.
خلافا للمحكي في المختلف عن العماني والحلي (9)، وفي التنقيح عن
المفيد وابن زهرة العلوي فاشترطوه (10)، وقواه في المختلف لآخر (11).

(1) الخلاف: كتاب الحج م 50 ج 2 ص 277.
(2) السرائر: كتاب الحج في باب الذبح ج 1 ص 594.
(3) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج البحث الرابع في البدل ج 1 ص 383 س 32.
(4) كنز العرفان: كتاب الحج في أفعاله وأنواعه وشئ من أحكامه فروع ح 1 ج 1 ص 297.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في البدل ج 2 ص 747 و 744 س 10 و 3.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في البدل ج 2 ص 747 و 744 س 10 و 3.
(7) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج البحث الرابع في البدل ج 1 ص 383 س 16.
(8) وسائل الشيعة: ب 55 من أبواب الحج ح 1 ج 10 ص 170.
(9) مختلف الشيعة: كتاب الصوم في لواحق الأحكام ج 1 ص 238 س 11.
(10) التنقيح الرائع: كتاب الحج ج 1 ص 494.
(11) مختلف الشيعة: كتاب الصوم في لواحق الأحكام ج 1 ص 238 س 14.
468

وربما عد من الصحيح: عن صوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة أيصومها
متوالية، أو يفرق؟ قال: يصوم الثلاثة الأيام لا يفرق بينها، والسبعة
لا يفرق بينها (1).
وأيد بالحسن: السبعة الأيام الثلاثة الأيام في الحج لا تفرق أبدا إنما
هي بمنزلة الثلاثة الأيام في اليمين (2).
وليسا نصا، فيحتملان الحمل على الكراهة توفيقا بين الأدلة المؤيدة
بعموم الصحيح: كل صوم يفرق إلا ثلاثة أيام في كفارة اليمين (3).
ومع ذلك فلا ريب أن التتابع مهما أمكن أحوط.
(ولو أقام) من وجب عليه صوم السبعة بدل الهدي (بمكة) شرفها
الله سبحانه (انتظر) بصيامها مضي أقل الأمرين من مدة (وصوله إلى
أهله ومضي شهر) بلا خلاف فيه أجده في الجملة.
وبه مطلقا صرح في الذخيرة (4) وفي غيرها أنه مقطوع به في كلامهم،
للصحيح: وإن كان له مقام بمكة وأراد أن يصوم السبعة ترك الصيام بقدر
مسيره إلى أهله أو شهرا ثم صام (5).
قيل: وأوجب القاضي والحلبيون الانتظار إلى الوصول، ولم يعتبروا
الشهر، وحكى ابن زهرة الاجماع، ورواه المفيد عن الصادق
- عليه السلام -، ويوافقها مضمر أبي بصير في الكافي والفقيه (6).

(1) وسائل الشيعة: ب 55 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 170.
(2) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب بقية الصوم الواجب ح 2 ج 7 ص 280. (8)
(3) وسائل الشيعة: ب 10 من أبواب بقية الصوم الواجب ح 1 ج 7 ص 280.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 674 س 26.
(5) وسائل الشيعة: ب 50 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 163.
(6) كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 366 س 10.
469

أقول: ونحوه الصحيح: في المقيم إذا صام الثلاثة الأيام ثم يجاور ينظر
مقدم أهل بلده، فإذا ظن أنهم قد دخلوا فليصم السبعة الأيام (1).
لكنه مقطوع، كما أن الأول مرسل، فيضعف الخبران بهما عن
المقاومة، لما مر من الصحيح.
مع أنه مفصل، فالعمل به أقوى من العمل بالمطلق، بل ينبغي تقييده.
ثم قصر الماتن الحكم على المقيم بمكة ظاهر جمع، ومنهم الصدوق (2)
والشيخ (3) والقاضي وابني سعيد وإدريس فيما حكاه بعض الأفاضل.
قال: وعممه الحلبيان لمن صد عن وطنه، وابن أبي مجد للمقيم بأحد
الحرمين، والفاضل في التحرير لمن أقام بمكة أو الطريق، وأطلق في التذكرة
من أقام، لكنه استدل بالصحيح المتقدم، والوجه قصر الشهر على
المنصوص، للأمر به في الآية بالتأخير إلى الرجوع، غاية الأمر تعميمه ما في
حكمه، وإلا لم يصمها من لا يرجع (4)، انتهى.
وبما استوجهه صرح شيخنا الشهيد الثاني (5)، وتبعه سبطه في
المدارك (6) وصاحب الذخيرة (7)، لكن لم يعتبر الرجوع الحير، بناء على
أن ظاهر الآية الرجوع الحقيقي.
وهو حسن، إلا أن مقتضاه عدم لزوم صومها لمن يريد الإقامة بها أبدا،

(1) وسائل الشيعة: ب 50 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 162.
2) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 24 س 6.
(3) الاقتصاد: في نزول منى والمناسك بها ص 308.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 366 س 13.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في بدل الهدي ج 1 ص 116 س 37.
(6) مدارك الأحكام: كتاب الحج في بدل الهدي ج 8 ص 60.
(7) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 674 س 33.
470

ولعله خلاف الاجماع، وإلى هذا أشار الفاضل المتقدم بقوله: وإلا لم يصمها
من لا يرجع في تعليل تعميم الرجوع للحكمي مطلقا، وبناءه على أن المراد
بالإقامة في الفتوى والرواية المجاورة الأبدية لا مطلق المجاورة.
وفي تعينه إشكال، لصدق الإقامة بغير ذلك مثل المجاورة سنة لغة
وعرفا، مضافا إلى وقوع التصريح بذلك في رواية أبي بصير المتقدمة، فإن
فيها: عن رجل تمتع فلم يجد ما يهدي فصام ثلاثة أيام فلما قضى نسكه بدا
له أن يقيم بمكة سنة، قال: فلينظر منهل أهل بلده فإذا ظن أنهم ا قد دخلوا
بلدهم فليصم السبعة الأيام (1).
وهي وإن كانت مرسلة، لكنها معتضدة بإطلاق لفظة الإقامة لغة
وعرفا.
وحينئذ فيتجه ما ذكراه من اعتبار الرجوع الحقيقي حيث يتوقع ويمكن.
ولعل هذه الصورة مرادهما، أو يتأملان في وجوب السبعة لمن لا يريد الرجوع
أبدا، لاشتراطه بالرجوع المفقود هنا. ولكنه بعيد جدا.
ثم إنه ليس في الصحيحة المتقدمة وكلام الأكثر تعيين مبدأ الشهر أهو بعد
القضاء أيام التشريق، كما عن جماعة (2)، أو يوم يدخل مكة، كما احتمله
آخرون (3)، أو يوم يعزم على الإقامة، كما احتمله في الذخيرة (4)، وفيها أن
الرواية لا يخلو عن اشعار به، وهو كذلك.
(ولو مات) من وجب عليه الصوم بدل الهدي (ولم يصم) فإن لم يكن

(1) وسائل الشيعة: ب 50 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 163.
(2) مسالك الأفهام: كتاب الحج في بدل الهدي ج 1 ص 116 س 38، كشف اللثام: كتاب الحج
في الهدي ج 1 ص 366 س 10.
(3) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 674 س 31.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 674 س 32.
471

قد تمكن من صيام شئ من العشرة سقط الصوم، ولا يجب على وليه القضاء
عنه ولا الصدقة عنه، لما مر في كتاب الصوم.
وفي المنتهى هنا ذهب إليه علماؤنا وأكثر الجمهور (1)، وقريب منه ظاهر
الصيمري، فادعى إطباق الفتاوى على اعتبار التمكن، وجعله المقيد للنص
الآتي بإطلاق القضاء عنه (2)، ورد بذلك على بعض من حكي عنه عدم
اعتباره إياه. وهو حسن.
وإن تمكن من فعل الجميع ولم يفعل قال الشيخ: (صام الولي عنه
الثلاثة) لأيام (وجوبا دون السبعة) (3) وتبعه الماتن هنا وجماعة، كما قيل (4).
للصحيح: عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج ولم يكن له هدي فصام
ثلاثة، أيام في ذي الحجة، ثم مات بعد أن رجع إلى أهله قبل أن يصوم
السبعة الأيام أعلى وليه أن يقضي عنه؟ قال: ما أرى عليه قضاء (5).
وفيه: أن ظاهره نفي القضاء مطلقا، كما عليه الصدوق في الفقيه (6)،
ولكنه استحبه، وذلك فإن العبرة بعموم اللفظ لا خصوص المحل.
خلافا للحلي (7) وأكثر المتأخرين (8)، بل المشهور، كما قيل (9)،

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج البحث الرابع في البدل ج 2 ص 746 س 28.
(2) غاية المرام: كتاب الحج في الهدي ص 97 (مخطوط). (8)
(3) المبسوط: كتاب ا لحج في ذكر نزول منى ج 1 ص 370.
(4) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في بدل الهدي ج 8 ص 61.
(5) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 161 وفيه اختلاف يسير.
(6) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج باب ما يجب من الصوم على المتمتع إذا لم يجد ثمن الهدي
ج 2 ص 510.
(7) السرائر: كتاب الحج في أحكام الذبح ج 1 ص 592.
(8) تحرير الأحكام: كتاب الحج المطلب الرابع في البدل ج 1 ص 106 س 1، مسالك الأفهام:
كتاب الحج في بدل الهدي ج 1 ص 116 س 28.
(9) والقائل هو صاحب ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الهدي ص 674 س 35.
472

فيجب عليه قضاء السبعة أيضا، للصحيح من مات ولم يكن له هدي لمتعة
فليصم عنه وليه (1).
وفيه: أن هذا ظاهر وما مر نص فليقدم عليه، بحمل على
الاستحباب، كما صرح به الصدوق في الفقيه (2).
لكن شهرة العمل بهذا، واعتضاده بعموم نحو الصحيح: في الرجل يموت
وعليه صلاة أو صيام، قال: يقضي عنه أولى الناس بميراثه (3)، المعتضد
بدعوى الاجماع عليه في السرائر (4) والمختلف (5)، وبه استدلا على الوجوب
هنا، وبما يوجب المصير إليه، وصرف التأويل في الصحيح الأول بما في
المنتهى من حمله على ما إذا لم يتمكن من القضاء (6).
إلا أن يقال: إن الشهرة ليست بتلك الشهرة الموجبة لصرف الأدلة عن
ظواهرها بمقتضى القواعد الأصولية، وعموم نحو الصحيحة (7).
وشمولها لمفروض المسألة غير واضح، كما صرح به في الذخيرة (8).
ودعوى الاجماع في محل النزاع المصرح به في كلام الناقل له ربما تكون
ممنوعة، مع أن عبارة السرائر في الوجوب غير صريحة، فإنه قال: والأولى
والأحوط أنه يلزمه القضاء عنه (9)، فتأمل.

(1) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب الذبح ح 6 ج 10 ص 162.
(2) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج باب ما يجب من الصوم على المتمتع إذا لم يجد ثمن الهدي
ذيل ح 3597 ج 2 ص 510.
(3) وسائل الشيعة: ب 23 من أبواب أحكام شهر رمضان صدر ح 5 ج 7 ص 241.
(4) السرائر: كتاب الحج في أحكام الذبح ج 1 ص 592 - 593.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 305 س 9.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج البحث الرابع في الهدي ج 2 ص 747 س 37.
(7) وسائل الشيعة: ب 48 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 161.
(8) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 674 س 41.
(9) السرائر: كتاب الحج في أحكام الذبح ج 1 ص 592 - 593.
473

وكيف كان، فلا ريب أن الوجوب أحوط، بل لا يترك، سيما في
الثلاثة.
(ومن وجب عليه بدنة في كفارة أو نذر وعجز) عنها ولم يكن على
بدلها نص بخصوصها، كفداء النعامة (أجزأه سبع شياه) كما هنا وفي
الشرائع (1) والسرائر (2) والتهذيب (3) والقواعد (4) والمنتهى (5) والتحرير (6)
وعن النهاية (7) والمبسوط (8).
وفي المنتهى ما ربما يشعر باجماعنا عليه (9) قال: للنبوي فيمن أتاه
- عليه السلام -، فقال: إن علي بدنة وأنا موسر لها ولا أجدها فأشتريها،
فأمره - عليه السلام -: أن يبتاع سبع شياه فيذبحهن (10).
والخاصي الصحيح - على قول قوي، أو القريب منه على آخر: في
الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء، قال: إذا لم يجد بدنة فسبع شياه،
فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما بمكة، أو في منزله (11).

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج في البدل ج 1 ص 262.
(2) السرائر: كتاب الحج في أحكام الذبح ج 1 ص 599.
(3) تهذيب الأحكام: كتاب الحج باب 16 في الذبح ذيل ح 138 ج 5 ص 237.
(4) قواعد الأحكام: كتاب الحج المطلب الثاني في الذبح ج 1 ص 88 س 7.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في البدل ج 2 ص 748 س 4.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج في البدل ج 1 ص 106 س 7.
(7) النهاية: كتاب الحج في باب الذبح ص 262.
(8) المبسوط: كتاب الحج في ذكر نزول منى بعد الإفاضة من المشعر وقضاء المناسك بها ج 1
ص 375.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج في البدل ج 2 ص 748 س 5.
(10) سنن ابن ماجة: كتاب الأضاحي ب 6 في كم تجزئ من الغنم عن البدنة ح 3136 ج 2
ص 1048.
(11) وسائل الشيعة: ب 56 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 171.
474

قيل: ولاختصاصه بالفداء اقتصر عليه ابن سعيد، واقتصر الصدوق في
الفقيه والمقنع على الكفارة، وهي أعم من الفداء (1).
أقول: ولكن النبوي عام، وقصور السند أو ضعفه مجبور بعمل
الأصحاب، سيما الحلي (2)، كما انجبر به ضعف الخاصي إن كان، وبذيله
أفتى الشيخ (3) في كتبه المتقدمة، والفاضل في التحرير (4) والمنتهى (5) أيضا.
ولو وجب عليه سبع شياه لم يجزه البدنة وإن كانت السبعة بدلا عنها،
لفقد النص.
وفي إجزاء البدنة عن البقرة وجهان، أظهرهما العدم.
خلافا للتحرير (6) والمنتهى (7) فاستقرب الاجزاء، قال: لأنها أكثر. وهو
كما ترى.
(ولو تعين عليه الهدي ومات) قبله (أخرج من أصل تركته) لأنه
دين مالي وجزء من الحج الذي يخرج كله منه.
ولو قصرت التركة عنه وعن الديون وزعت التركة على الجميع
بالحصص.
وإن لم تف حصته بأقل هدي ففي وجوب إخراج جزء من الهدي مع

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ح 1 ص 366 س 28.
(2) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 599.
(3) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 262، والمبسوط: كتاب الحج في نزول منى بعد الإفاضة
من المشعر وقضاء المناسك بها ج 1 ص 375.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج في البدل ج 1 ص 106 س 7.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في البدل ج 2 ص 748 س 4.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج في البدل ج 1 ص 106 س 9.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في البدل ج 2 ص 748 س 14
475

الامكان ومع عدمه فيعود ميراثا، أو العود ميراثا مطلقا، أو الصدقة به عنه
كذلك؟ أوجه وأقوال، والقول بوجوب إخراج الجزء من الهدي مع الامكان
والصدقة له مع عدمه لا يخلو عن رجحان.
(الرابع: في هدي القران، ويجب ذبحه أو نحره بمنى إن) كان
(قرنه بالحج، وبمكة إن قرنه بالعمرة) بغير خلاف فيهما أجده، وبه
صرح في الذخيرة (1)، وفي غيرها نفيه صريحا، مؤذنا بدعوى الاجماع عليهما،
كما في صريح المدارك (2) وغيره، وعن صريح الخلاف (3) أيضا، للحسن
أو الموثق في الأول: لا هدي إلا من الإبل، ولا ذبح إلا بمنى (4)، وللموثق
في الثاني: فيمن سئل عمن ساق في العمرة بدنة أين ينحرها؟ قال:
بمكة (5).
(وأفضل مكة فناء الكعبة) بالمد سعة أمامها، وقيل: ما امتد من
جوانبها دورا، وهو حريمها خارج المملوك (6).
(بالجزورة) قيل: هي كقسورة في اللغة التل الصغير، والجمع
الجزاور، وقد يقال بفتح الزاء وشد الواو (7).
للصحيح: من ساق هديا وهو معتمر نحر هديه في المنحر، وهو بين
الصفا والمروة، وهي الجزورة (8).

(1) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 674 س 43.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الهدي ج 8 ص 65.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 216 ج 2 ص 373.
(4) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الذبح ح 6 ج 10 ص 93.
(5) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 92.
(6) والقائل هو مجمع البحرين: مادة (فنا) ج 1 ص 332.
(7) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي والضحايا ج 1 ص 373 س 41.
(8) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الذبح ح 4 ج 10 ص 92.
476

وبظاهره أخذ في القواعد فلم يحكم بالأفضلية، بل ذكر فناء الكعبة
بدل مكة (1).
وفي الدروس عبر بالأفضلية (2)، كما في العبارة، ولعله للجمع بين هذه
الرواية والموثقة السابقة، بإبقائها على إطلاقها، وحمل هذه على الفضيلة.
والجمع بالتقييد أولى إن لم يكن على خلافه الاجماع.
(ولو هلك) قبل الذبح أو النحر (لم يقم بدله).
(ولو كان مضمونا) أي واجبا بالأصالة لا بالسياق وجوبا مطلقا
لا مخصوصا بفرد كالكفارة والنذر (لزمه البدل) بلا خلاف أجده، وبه
صرح بعض (3)، للأصل من غير معارض في الأول، وللصحاح وغيرها
مستفيضة فيه وفي الثاني.
ففي الصحيح: عن الهدي الذي يقلد أو يشعر ثم يعطب، قال: إن كان
تطوعا فليس عليه غيره، وإن كان جزاء أو نذرا فعليه بدنه (4).
وصريحه كغيره، كظاهر الماتن وغيره، وصريح الدروس والتذكرة،
كما في الذخيرة أن هدي السياق لا يشترط فيه أن يكون متبرعا به ابتداء،
بل لو كان مستحقا كالنذر والكفارة تأدت به وظيفة السياق (5).
قيل: وعبارة الأصحاب كالصريحة في ذلك (6). فلا ضرورة إلى ارتكاب

(1) قواعد الأحكام: كتاب الحج في هدي القران والأضحية ج 1 ص 89 س 8.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 129 س 8.
(3) وهو صاحب مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 399 في أحكام هدي القران ج 1 ص 358.
(4) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب الذبح ح 1 و 3 ج 10 ص 123.
(5) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 275 س 16، وفيه بدل (التذكرة) (التبصرة)، والنقل
بالمضمون، وموجود بالنص في المدارك فراجع.
(6) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في هدي القران ج 8 ص 66.
477

التأويل في العبارة بجعل الضمير المستكن في (كان) عائدا إلى مطلق
الهدي، وكون إدخاله في باب هدي القران من باب الاستطراد، مع أن
الظاهر المتبادر منها عود الضمير إلى هدي السياق.
وأما ما ينافي الحكم الثاني، كالمرسل: كل شئ إذا دخل الحرم
فعطب فلا بدل على صاحبه تطوعا أو غيره (1)، فلضعف سنده وعدم ظهور
قائل به محمول على العجز عن البدل، أو عطب غير الموت كالكسر، أو
تعلق الوجوب بالعين فإنه لا بدل فيه، كما صرح به بعض المحدثين.
فقال في شرح الحديث المتقدم بعد قوله (إن كان جزاء أو نذرا):
ينبغي حمل النذر فيه على النذر المطلق، فإنه إذا تلف هنا رجع إلى الذمة،
أما لو كان نذرا معينا بهذه البدنة يكون حينئذ قد زال ملكه عنها وتكون في
يده أمانة للمساكين، كالوديعة لا تضمن إلا بالتعدي والتفريط، وهذان
القسمان على ما حررنا مما ادعي عليهما الاجماع (2) انتهى. وهو حسن، وبه
صرح جمع.
(ولو عجز عن الوصول) إلى محله الذي يجب ذبحه فيه (نحره أو
ذبحه) وصرفه في وجوهه في موضع عجزه.
(و) لو لم يوجد فيه مستحق (أعلمه) علامة التذكية والصدقة، بأن
يغمس نعله في دمه ويضرب بها صفحة سنامه، أو يكتب رقعة ويضعها
عنده تؤذن بأنه هدي.
ويجوز التعويل عليها هنا في الحكم بالتذكية والإباحة بلا خلاف أجده،
للمعتبرة المستفيضة.

(1) وسائل الشيعة: ب 25 من أبواب الذبح ذيل ح 6 ج 10 ص 124.
(2) لم نعثر عليه في كلام المحدثين المتوفرة لدينا كتبهم.
478

ففي الصحيح: رجل ساق الهدي فعطب في موضع لا يقدر على من
يتصدق به عليه ولا يعلم أنه هدي؟ قال: ينحره، ويكتب كتابا أنه هدي
ويضعه عليه، ليعلم من مر به أنه صدقة (1).
وفيه: أي رجل ساق بدنة فانكسرت قبل أن تبلغ محلها، أو عرض لها
موت، أو هلاك فلينحرها إن قدر على ذلك، ثم ليلطخ نعلها الذي قلدت
به بدمه حتى يعلم من يمر بها أنها قد ذكيت، فيأكل من لحمها إن
أراد (2).
وظاهرها عدم وجوب الإقامة عنده إلى أن يوجد المستحق وإن أمكنت،
وبه صرح جماعة.
(ولو أصابه كسر) يمنع وصوله (جاز بيعه) كما عن النهاية (3)
والمبسوط (4) وغيرهما (5).
قيل: لخروجه بذلك عن صفة الهدي مع بقائه على الملك، وللحسن (6).
أقول: بل الصحيح على الصحيح: عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر
أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين ثمنه على هدي آخر؟ قال: يبيعه،
ويتصدق بثمنه، ويهدي هديا آخر (7).
(و) إذا باعه فيستحب (الصدقة بثمنه أو إقامة بدله) به لهذا
الخبر، وقول ابن عباس: إذا هديت هديا واجبا فعطب فانحره مكانه إن

(1) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 130.)
(2) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب الذبح ح 4 ج 10 ص 130.
(3) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 259.
(4) المبسوط: كتاب الحج في نزول منى بعد الإفاضة من المشعر ج 1 ص 373.
(5) قواعد الأحكام: كتاب الحج في هدي القران والأضحية ج 1 ص 88 س 20.
(6) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 370 س 18.
(7) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 126.
479

شئت، واهده إن شئت، وبعه إن شئت، وتقومه إن شئت ولاستحبابهما
مطلقا، والخبر يفيد استحبابهما جميعا (1).
أقول: كما في التحرير (2).
ثم قيل أيضا: ولا يجب شئ منهما وإن كان ظاهر الخبر، للأصل من
غير معارض، فإن السياق إنما يوجب ذبح المسوق أو نحره، والخبر يحتمل
الندب والواجب مطلقا لا بالسياق، بل في نذر أو كفارة، بل هو الظاهر
ووجوب بدله ظاهر، وعليه حمل في التذكرة والمنتهى، وفيهما أن الأولى به
ذبحه وذبح ما في ذمته معا.
وإن باعه تصدق بثمنه، للصحيح: عن الهدي الواجب إذا أصابه كسر
أو عطب أيبيعه صاحبه ويستعين بثمنه في هدي؟ قال: لا يبيعه، فإن باعه
فليتصدق بثمنه وليهد هديا آخر (3).
ولتعيين حق الفقراء فيه بتعيينه، ولذا أوجب أحمد في رواية ذبحه،
قال: والأولى حمل ما تلوناه من الرواية على الاستحباب، قلت: لأصالة
البراءة من هديين والحرج والعسر (4) انتهى.
وهو حسن، إلا أنه بعد الاعتراف بكون مورد النص بجواز البيع هو
الواجب مطلقا لا بالسياق يشكل الحكم بجواز البيع في محل البحث، لخلوه
عن النص على هذا التقدير، بل مقتضى الصحيحة المتقدمة في المسألة
الأولى المصرحة بالذبح والتعليم على هذا الوجه مع الكسر وجوبه كالعطب

(1) لم نعثر عليه، ونقله عنه صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 370 س 19.
(2) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 1 ص 107 س 19.
(3) وسائل الشيعة: ب 27 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 126.
(4) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 370 س 21.
480

من غير فرق بينهما.
وهو أيضا ظاهر باقي الروايات (1) المتقدمة ثمة، بناء على وقوع الحكم
فيها منوطا بالعطب، وهو يتناول الكسر وغيره، بل قيل: ظاهر كلام أهل
اللغة اختصاصه بالكسر (2).
وبالجملة: مقتضى النصوص المزبورة عدم الفرق بين المسألتين.
ومنه يظهر ضعف ما قيل: من أن الفارق بينهما هو النص (3). فإنه إن
أراد من النص ما تقدم في المسألة الأولى، فقد عرفت تصريح بعضها بعموم
الحكم وعموم باقيها للمسألتين أو ظهورها في الثانية، وكذا إن أراد من
النص ما مر في هذه المسألة، للتصريح فيه أيضا بالعموم، مع أن موردها
الهدي الواجب مطلقا، لا بالسياق، كما عرفت.
وبالجملة: الأصح عدم الفرق بين المسألتين في وجوب الذبح، وفاقا
لجماعة من متأخري المتأخرين (4).
(ولا يتعين) هدي السياق في حج أو عمرة (للصدقة إلا بالنذر)
وما في معناه، لما مر من المعتبرة (5) الآمرة بتثليثه في الأكل والهدية
والصدقة.
لكن مقتضاها وجوبه، كما عن الحلي، والموجود في السرائر (6) ما

(1) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب الذبح ج 10 ص 130.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الهدي ج 8 ص 70.
(3) القائل هو الشهيد الثاني في مسالك الأفهام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 118 س 7.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الهدي ج 8 ص 70، ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 676
س 29.
(5) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 92.
(6) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 598.
481

قدمناه في هدي التمتع.
نعم التثليث ظاهر الدروس (1)، بل صريحه، وتبعه جماعة (2).
ومقتضى العبارة وما شاكله أن الواجب فيه هو النحر أو الذبح خاصة،
فإذا فعل ذلك صنع به ما شاء إن لم يكن منذورا، للصدقة.
ولعل وجهه الأصل مع ما قدمنا ثمة من صرف الأوامر بالتثليث في
الآية والمعتبرة إلى الاستحباب، كما هو المشهور هنا وثمة. وهو الأقوى.
ونبه بقوله: (وإن أشعره أو قلده) إلى أن بهما لا يتعين للصدقة، وإنما
الواجب بهما نحره أو ذبحه خاصة.
وأما قبلهما فله التصرف فيه بما شاء وإبداله فإنه ماله، كما في
الصحيح: إن لم يكن أشعرها فهي من ماله إن شاء نحرها، وإن شاء
باعها، وإن كان أشعرها نحرها (3).
(ولو ضل فذبحه) الواجد (عن صاحبه أجزأه) عنه إن ذبحه في
منى، وإن ذبحه في غيره لم يجزء، كما في الصحيح (4). لكن ليس فيه
التقييد بكون الذبح عن صاحبه، كما في المتن وكلام جمع.
ولعلهم أخذوه من المرسل: في رجل اشترى هديا فنحره - فمر به رجل آخر
فعرفه فقال: هذه بدنتي ضلت مني بالأمس وشهد له رجلان بذلك، فقال:
له لحمها، ولا يجزئ عن واحد منهما، ثم قال: ولذلك جرت السنة
باشعارها أو تقليدها إذا عرفت (5).

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 112 في الهدي ج 1 ص 444.
(2) مسالك الأفهام: كتاب الحج في أحكام الهدي ص 116 س 17، وجامع المقاصد: كتاب الحج
في مناسك منى ج 3 ص 248.
(3) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب الذبح ذيل ح 1 ج 10 ص 131.
(4) وسائل الشيعة: ب 28 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 127.
(5) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 132.
482

مع وقوع الأمر بالذبح عنه في الصحيح: إذا وجد الرجل هديا ضالا
فليعرفه يوم النحر والثاني والثالث، ثم ليذبحها عن صاحبها عشية
الثالث (1).
وفي المنتهى: إن ذبحه عن نفسه لم يجزء عن واحد منهما، أما عن الذابح
فلأنه نهي عنه، وأما عن صاحبه فلعدم النية (2).
وإطلاق النص والمتن يقتضي عدم الفرق في الحكم بين أن يكون الهدي
الذي تعلق به السياق متبرعا به، أو واجبا بنذر، أو كفارة، وبه صرح
جماعة (3)
خلافا لبعضهم في الواجب (4)، وهو مدفوع بإطلاق النص.
(ولو ضل فأقام بدله ثم وجده) ذبحه، ولا يجب ذبح الأخير، لأنه
لم يتعين له بالإقامة.
وللموثق أو الصحيح: عمن اشترى كبشا فهلك منه، فقال: يشتري
مكانه آخر، فتال: إن كان اشترى مكانه آخر ثم وجد الأول؟ فقال: إن
كانا جميعا قائمين فليذبح الأول وليبع الأخير، وإن شاء ذبحه، وإن كان قد
ذبح الأخير ذبح الأول معه (5).
(فإن ذبح الأخير استحب ذبح الأول) للأمر به في الخبر المتقدم.
ولكن ظاهره الوجوب، إلا أنه لا قائل بإطلاقه، فليحمل على

(1) وسائل الشيعة: ب 28 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 127.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 751 س 6.
(3) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 128 س 27، مسالك الأفهام: كتاب الحج في الهدي ج 1
ص 118 س 16.
(4) جامع المقاصد: كتاب الحج في مناسك منى ج 3 ص 250.
(5) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 132 وفيه اختلاف يسير.
483

الاستحباب كذلك، كما هو ظاهر المتن وغيره، أو يقيد بما إذا لم يتعين
بالنذر، كما في الشرائع (1) والقواعد (2) وغيرهما (3)، أو الاشعار والتقليد
أيضا، كما في المنتهى (4) تبعا للمحكي في المختلف عن الشيخ (5).
وهو الأظهر، للصحيح: عن الرجل يشتري البدنة ثم تضل قبل أن
يشعرها ويقلدها فلا يجدها حتى يأتي منى فينحر ويجد هديه، فقال
- عليه السلام -: إن لم يكن قد أشعرها فهو من ماله إن شاء نحرها وإن شاء
باعها، وإن كان أشعرها نحرها (6).
خلافا لظاهر المتن ونحوه فلم يوجبوا الذبح ولو مع الاشعار، وبه صرح
في المختلف قال: لأنه امتثل المأمور به فيخرج عن العهدة، نعم لو عينه
بالنذر كان قول الشيخ جيدا (7).
وفيه: أنه اجتهاد في مقابلة النص، فلا يعتبروه.
(ويجوز ركوبه وشرب لبنه ما لم يضر) به أو (بولده) بلا خلاف
في الهدي المتبرع به، بل عليه الوفاق في المدارك (8) وفي غيره الاجماع
مطلقا، إلا من الإسكافي في الواجب (9).

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج في هدي القران ج 1 ص 263.
(2) قواعد الأحكام: كتاب الحج في هدي القران ج 1 ص 88 س 22.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في هدي القران ج 8 ص 75.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 750 س 31.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في بيان أحكام الهدي ج 1 ص 307 س 34.
(6) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 131.
(7) مختلف الشيعة: كتا ب الحج في بيان أحكام الهدي ج 1 ص 307 س 35.
(8) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الهدي ج 8 ص 75.
(9) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 677 س 30.
484

أقول: وتبعه الفاضل في المختلف (1) وغيره (2) والمنتهى (3) عن الاجماع
على المستثنى. فإن تم، وإلا كما هو الظاهر، لاطلاق المتن، وكلام كثير.
فالوجه عدم الفرق في الحكم بين الواجب والمتبرع به، لاطلاق النص.
كالصحيح: إن نتجت بدنتك فاحلبها ما لم يضر بولدها، ثم انحرهما جميعا،
قلت: أشرب من لبنها وأسقي؟ قال: نعم، وقال: إن عليا - عليه السلام -
كان إذا رأى أناسا يمشون قد جهدهم المشي حملهم على بدنة، وقال: إن
ضلت راحلة الرجل أو هلكت ومعه هدي فليركب على هديه (4). ونحوه
أخبار أخر صحيحة (5).
نعم يمكن القول بذلك في الواجب المعين، لخروجه عن الملك، فيتبعه
النماء مع عدم معلومية انصراف إطلاق النصوص إليه، مع احتماله أيضا
فيشكل.
أما الواجب المطلق كدم التمتع وجزاء الصيد والنذر الغير المعين،
فالأجود فيه العمل بالاطلاق، وإن كان الأحوط فيه وفي النذر المعين
المنع، فإن فعل غرم قيمة ما يشرب من لبنها لمساكين الحرم.
وأما الخبر: ما بال البدنة تقلد النعل وتشعر؟ فقال - عليه السلام -: أما
النعل فيعرف أنها بدنة ويعرفها صاحبها بنعله، وأما الأشعار فيحرم ظهرها
على صاحبها من حيث أشعرها، فلا يستطيع الشيطان أن يتسنمها (6).

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في بيان أحكام الهدي ج 1 ص 307 س 33 - 34.
(2) تحرير الأحكام: كتاب الحج قي أحكام الهدي ج 1 ص 106 س 32.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 751 س 27.
(4) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الذبح ح 6 ج 10 ص 134.
(5) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الذبح ح 5 و 7 ج 10 ص 133 - 134.
(6) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الذبح ح 8 ج 10 ص 134.
485

فمحمول على الكراهة. قيل: أو الجواز على الضرورة، أو غير المتعين (1).
وفي قوله: (أو بولده) إشارة إلى أن الهدي إذا نتجت فالولد هدي،
كما عن النهاية (2) والمبسوط (3) والتهذيب (4) والسرائر (5) والجامع (6)، ونص
عليه ما مر من الأخبار.
ويؤيده الاعتبار إذا كان موجودا حال السياق مقصودا بالسوق أو
متجددا بعده مطلقا، أما لو كان موجودا حال السياق ولم يقصد بالسوق لم
يجب ذبحه قطعا، كذا قيل (7).
ولكن النص مطلق، إلا أن يمنع انصرافه إلى الأخير.
(ولا يعطى الجزار من الهدي الواجب كالكفارات والنذور) شيئا
(ولا يأخذ الناذر من جلودها).
وظاهر المتن التحريم في المقامين.
خلافا للمحكي عن الشيخ في النهاية (8) والمبسوط (9) فقال: يستحب أن
لا يأخذ شيئا من جلود الهدي والأضاحي، بل يتصدق بها كلها، ولا يجوز
أن يعطها الجزار، فإن أراد أن يخرج شيئا لحاجته إلى ذلك تصدق بثمنه.

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 370 س 40.
(2) النهاية: كتاب الحج في باب الذبح ص 260.
(3) المبسوط: كتاب الحج في أحكام منى ج 1 ص 376.
(4) تهذيب الأحكام: كتاب الحج ب 16 في الذبح ج 5 ص 220.
(5) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 598.
(6) الجامع للسرائر: كتاب الحج في أحكام الهدي ص 214.
(7) كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 371 س 1.
(8) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 261.
(9) المبسوط: كتاب الحج في أحكام منى ج 1 ص 374.
486

قيل: وإنما حرم الثاني دون الأول للنهي عنه من غير معارض، بخلاف
الأول (1).
ففي الصحيح: عن الإهاب، فقال: تصدق به أو تجعله مصلى ينتفع به
في البيت، ولا تعطي الجزارين، وقال: نهى رسول الله - صلى الله عليه
وآله - أن يعطى جلالها وجلودها وقلائدها الجزارين وأمر أن يتصدق بها (2).
وفي الحسن: نهى رسول الله - صلى الله عليه وآله - أن يعطى الجزار من
جلود الهدي وجلالها (3).
قال الكليني: وفي رواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله - عليه السلام -
قال: ينتفع بجلد الأضحية ويشتري به المتاع، وإن تصدق به فهو أفضل (4).
أقول: دعوى فقد المعارض ممنوعة، فقد أرسل الصدوق في الفقيه عنهم
- عليهم السلام - إنما يجوز للرجل أن يدفع الأضحية إلى من يسلخها بجلدها،
لأن الله عز وجل قال: (فكلوا منها وأطعموا) والجلد لا يؤكل ولا يطعم (5).
وأسنده في العلل عن مولانا الكاظم - عليه السلام - الرجل يعطي
الأضحية من يسلخها بجلدها، قال: لا بأس به، قال الله عز وجل: (فكلوا
منها وأطعموا) والجلد لا يؤكل ولا يطعم (6).
وهما وإن وردا في الأضحية، لكن ذكر الآية العامة للهدي أو الخاصة

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 371 س 11.
(2) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الذبح ح 5 ج 10 ص 152.
(3) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 151 وفيه: وجلالها شيئا.
(4) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الذبح صدر ح 2 ج 10 ص 151.
(5) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج في علله ج 2 ص 201.
(6) علل الشرائع: ب 182 في العلة التي من أجلها يجوز أن يعطي الأضحية من يسلخها بجلدها ح 1
ج 2 ص 439.
487

به ظاهر، بل صريح في العموم، مع أن الشيخ (1) عمم المنع للأضحية.
ولعله لهذا أفتى الحلي (2) بكراهة الثاني أيضا كما حكي عنه، وبها يشعر
عبارة الفاضل في المنتهى (3) والتحرير (4) حيث عبر عن المنع بلفظة
(لا ينبغي) الظاهرة فيها، وحكيت أيضا عن جماعة. ولا تخلو عن قوة، لولا
قصور سند الأخبار الأخيرة، وصحة الأخبار الأولة.
فالأخذ بظاهرها من التحريم أحوط وأولى.
ثم إن المنع فيها مطلق ليس مقيدا بالاعطاء أجرا، إلا أن جماعة من
الأصحاب قيدوه بذلك، وقالوا بجوازه على وجه الصدقة كما عن الحلبي (5)
والاصباح (6) والغنية (7) لكن باقي الفتاوى مطلقة.
(ولا) يجوز أن (يأكل منها فإن أخذ) وأكل (ضمنه) أي
المأخوذ والمأكول بغير خلاف أجده، وبه صرح في الذخيرة (8)، بل فيها
الاجماع عن المنتهى (9) والتذكرة (10) وهو الحجة، مضافا إلى النصوص
المستفيضة، وفيها الصحيح وغيره من المعتبرة.
ففي الصحيح: عن فداء الصيد يؤكل منه من لحمه، فقال: يأكل من

(1) المبسوط: كتاب الحج في أحكام منى ج 1 ص 374.
(3) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 200.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 754 س 19.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 1 ص 107 س 14.
(5) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 200.
(6) لا يوجد ولكن نقله الفاضل الهندي في كشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 449 س 40.
(7) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 520 س 15.
(8) ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 678 س 9.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 752 س 19.
(10) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 2 ص 385 س 34.
488

أضحيته ويتصدق بالفداء (1).
وفيه: أن الهدي المضمون لا يؤكل منه إذا عطب، فإن أكل منه غرم.
لكن بأزاءها روايات أخر دالة على جواز الأكل من الواجب وغيره.
منها الحسن: يؤكل من الهدي كله مضمونا كان أو غير مضمون (2).
وحملها الشيخ على حال الضرورة (3)، قال: للخبر إذا أكل الرجل من
الهدي تطوعا فلا شئ عليه وإن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل (4).
وفيه نظر، لكن لا بأس به صونا للروايات عن الطرح.
قيل: ويستثنى من هذه الكلية هدي التمتع فإنه هدي واجب أو
مستحب، ولا يستثنى من ذلك هدي السياق المتبرع به فإنه غير واجب وإن
تعين ذبحه بالسياق، لأن المراد بالواجب ما وجب ذبحه بغير السياق (5)
انتهى.
وهو حسن، وقد مر ما يدل عليه.
(ومن نذر بدنة، فإن عين موضع النحر) تعين بلا إشكال (وإلا
نحرها بمكة) مطلقا، سواء كان المنذور هديا وفي طريق الحج، أم لا،
على ما يقتضيه إطلاق العبارة هنا وفي الشرائع (6) والقواعد (7) وعن النهاية (8)

(1) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الذبح ح 15 ج 10 ص 145 وفيه يأكل من لحمه.
(2) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الذبح ح 6 ج 10 ص 143.
(3) تهذيب الأحكام: ب 16 في الذبح ج 5 ص 225.
(4) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الذبح ح 5 ج 10 ص 143.
(5) القائل صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في الهدي ج 8 ص 77.
(6) شرائع الاسلام: كتاب الحج في هدي القران ج 1 ص 263.
(7) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 89 س 9.
(8) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 262.
489

والمبسوط (1) والسرائر (2).
والخبر: عن رجل جعل لله تعالى بدنة ينحرها حيث جعل لله تعالى
عليه، وإن لم يكن سمى بلدا فإنه ينحرها قبالة الكعبة منحر البدن (3).
وفي سنده جهالة، ومقتضى الأصول جواز النحر حيث شاء، كما
استوجهه بعض متأخري الأصحاب (4)، لكن قيل: إن الحكم مقطوع به في
كلام الأصحاب (5)، فإن تم إجماعا، كما عن الخلاف (6) أو شهرة جابرة،
وإلا فالأخذ بمقتضى الأصول أقوى.
وتقييد الرواية ونحو العبارة بما إذا نذر في طريق الحج كما عن جماعة، أو
نذر الهدي خاصة كما عن ابن زهرة أنه عبر به مدعيا على الحكم
الاجماع (7).
وينبغي أن يقيد الحكم بما إذا لم يكن هناك فرد ينصرف إليه الاطلاق
وإلا فلا يجب النحر بمكة حيث لا يكون هو الفرد المنصرف إليه الاطلاق
بلا إشكال.
(الخامس: الأضحية) بضم الهمزة وكسرها وتشديد الياء المفتوحة.
(وهي مستحبة) عند علمائنا وأكثر العامة، كما في كلام جماعة (8)،

(1) المبسوط: كتاب الحج في أحكام منى ج 1 ص 375.
(2) السرائر: كتاب الحج باب الذبح ج 1 ص 599. (
(3) وسائل الشيعة: ب 59 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 172.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الهدي ج 8 ص 79.
(5) لم نعثر عليه.
(6) الخلاف: كتاب الحج في الدماء المتعلقة بالاحرام م 336 ج 2 ص 438.
(7) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 519 س 35.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في الضحايا ج 2 ص 755 س 17، ومدارك الأحكام: كتاب الحج
ص 450 س 21، وذخيرة المعاد: كتاب الحج في الهدي ص 678 س 33.
490

مؤذنين بدعوى الاجماع.
أما رجحانه فبالكتاب والسنة المستفيضة، بل المتواترة بعد إجماع الأمة.
وأما عدم الوجوب فللأصل، بعد الاجماع المنقول، والنبوي كتب علي
النحر ولم يكتب عليكم (1). وقصور السند بعمل الأصحاب مجبور.
خلافا للإسكافي (2) فأوجبه، للخبر أو الصحيح: الأضحية واجبة على
من وجد من صغير أو كبير وهي سنة (3).
ويضعف بشيوع إطلاق الوجوب على الاستحباب المؤكد في الأخبار،
مع أنه معارض بلفظ السنة.
قيل: ومع ذلك فهو صريح في الوجوب على الصغير (4).
والمراد به حيث يقابل به الكبير غير البالغ، ولا ريب أن التكليف في
حقه متوجه إلى الولي.
مع أنه نفي الوجوب عنه في الصحيح: عن الأضحى أواجب على من
وجد لنفسه وعياله، فقال: أما لنفسه فلا بدعة، وأما لعياله إن شاء
تركه (5). ونحوه آخر أو الخبر (6).
وفيه نظر، لأن نفي الوجوب عن العيال أعم من نفي الوجوب عن ولي
الصغير، إذ لا ملازمة بينهما، إلا على تقدير أن يكون في العيال المسؤول

(1) كنز العمال: كتاب الحج والعمرة في وجوب الأضحية ح 12157 ج 3 ص 85 وفيه: الأضحى
علي فريضة وعليكم سنة.
(2) كما في مختلف الشيعة: كتاب الحج في الأضحية ج 1 ص 307 س 28.
(3) وسائل الشيعة: ب 60 من أبواب الذبح ح 3 ج 10 ص 173.
(4) لم نعثر عليه.
(5) وسائل الشيعة: ب 60 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 173.
(6) وسائل الشيعة: ب 60 صن أبواب الذبح ح 5 ج 10 ص 173.
491

عنهم في الرواية صغير واحد، وليس فيها تصريح به وإن كان السؤال يعمه،
لكن الصحيح المتقدم الموجب بالنسبة إليه خاص، فليقدم عليه.
والتخصيص راجح على المجاز حيثما تعارضا، خصوصا وارتكاب المجاز في
الواجب بحمله على المستحب يوجب مساواة الصغير والكبير فيه، والحال أن
مجموع الأخبار في الكبير مشتركة في إفادة الوجوب.
فلا يمكن صرفه بالإضافة إلى الصغير خاصة إلى الاستحباب، للزوم
استعمال اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد في معنييه الحقيقي والمجازي،
وهو خلاف التحقيق.
فالأظهر في الجواب ما قدمناه.
فأما قوله تعالى: (فصل لربك وانحر) (1) فإن كان بهذا المعنى فإنما
توجه إلى النبي - صلى الله عليه وآله -، وقد قيل: إن وجوبه من خواصه (2)،
ودل عليه ما مر من النص النبوي.
(ووقتها بمنى) أربعة أيام: (يوم النحر وثلاثة بعده وفي) سائر
(الأمصار) ثلاثة (يوم النحر ويومان بعده) بإجماعنا الظاهر، المصرح
به في ظاهر الغنية (3) والمنتهى (4)، وصريح غيرهما (5).
للصحيح: عن الأضحى كم هو بمنى؟ فقال: أربعة أيام. وعنه في
غيره؟ فقال: ثلاثة أيام، قال: فما تقول في رجل مسافر قدم بعد الأضحى

(1) الكوثر: 2.
(2) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الأضحية ج 1 ص 369 س 33.
(3) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 520 س 16. (
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج في الضحايا ج 2 ص 755 س 29.
(5) كشف اللثام: كتاب الحج في مكان إراقة الدماء وزمانها ج 1 ص 374 س 11.
492

بيومين أله أن يضحي في اليوم الثالث؟ فقال: نعم (1). ونحوه الموثق (2)
مجمل نحو الصحيح: الأضحى يومان بعد يوم النحر ويوم واحد
بالأمصار (3). على مريد الصوم.
واليومان إذا نفر في الثاني عشر. وحملهما جماعة على الأفضلية (4).
والخبر: الأضحى ثلاثة أيام أفضلها أولها (5)، على غير منى.
ويحتمل الحمل على التقية، كما في الذخيرة، قال: لأنه مذهب مالك
والثوري وأبي حنيفة (6)، وبأن ذلك مذهبهم كم صرح في المنتهى (7).
(ويكره أن يخرج شيئا من أضحيته عن منى ولا بأس ب‍)
إخراج (السنام) كما في الاستبصار (8) والشرائع (9) والتحرير (10)
والقواعد (11) وغيرها، للخبر: لا يتزود الحاج من أضحيته، وله أن يأكل منها
أيامها إلا السنام، فإنه دواء.

(1) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 95.
وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 95.
(3) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الذبح ح 7 ج 10 ص 96.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الأضحية ج 8 ص 84، وذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح
ص 679 س 13.
(5) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الذبح ح 4 ج 10 ص 95.
(6) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 679 س 15.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في الضحايا ص 755 س 30.
(8) الاستبصار: كتاب الحج ب 189 من أبواب الذبح ج 2 ص 274 ج 2 ص 274 - 275.
(9) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الأضحية ج 1 ص 264، وليس فيه ولا بأس باخراج السنام.
(10) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الضحايا ج 1 ص 108 س 11.
(11) قواعد الأحكام: كتاب الحج في مكان إراقة الدماء: ج 1 ص 89 س 10، وليس فيه ولا بأس
باخراج السنام.
493

وظاهر النهي التحريم، كما عن النهاية (1) والمبسوط (2) والتهذيب (3)،
لكن ضعف سنده يمنع عن العمل به.
مع أن في الصحيح: عن إخراج لحوم الأضاحي عن منى، فقال: كنا
نقول لا يخرج منها بشئ لحاجة الناس إليه، أما اليوم فقد كثر الناس
فلا بأس باخراجه (4).
وهو نص في عدم التحريم فوجب حمل النهي السابق على الكراهة جمعا،
وخصوصا مع صحة سند المجوز، واعتضاده بالأصل والشهرة بين
الأصحاب، كما في الذخيرة (5).
مع أن الشيخ في التهذيب وإن عبر بلفظ (لا يجوز) الظاهر في
التحريم (6)، لكن الظاهر أن مراده منه الكراهة، كما صرح بها في
الاستبصار (7)، مع أنه قبيل ذلك قال: ولا بأس بأكل لحوم الأضاحي بعد
الثلاثة أيام وادخارها، واستدل عليه بأخبار بعضها معتبرة.
ولا ريب أن الادخار بعد ثلاثة لا يكون غالبا، إلا بعد الخروج من
منى، لأنه بعد الثلاث لا يبقى فيه أحد. فلولا أن المراد ب‍ (لا يجوز) الكراهة
لحصل التنافي بين كلاميه فتأمل.
(و) لا بأس بأن يخرج (مما يضحيه غيره) للأصل، واختصاص

(1) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 261. (
(2) المبسوط: كتاب الضحايا والعقيقة ج 1 ص 394.
(3) تهذيب الأحكام: كتاب الحج ب 16 في الذبح ذيل ح 103 ج 5 ص 226
(4) وسائل الشيعة: ب 42 من أبواب الذبح ح 5 ج 10 ص 150.
(5) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الذبح ص 679 س 43
(6) تهذيب الأحكام: كتاب الحج ب 16 في الذبح ذيل ح 103 ج 5 ص 226.
(7) الاستبصار: كتاب الحج ب 189 من أبواب الذبح ج 2 ص 274.
494

النهي السابق بأضحيته.
وعليه حمل الشيخ الصحيحة المتقدمة، مستشهدا بخبر الحسين بن سعيد
عن أحمد بن محمد أنه قال: ولا بأس أن يشتري الحاج من لحم منى
ويتزوده (1).
وفيه: بعد، وفي الخبر الذي استشهد به قطع.
(ويجزئ هدي التمتع عن الأضحية) للصحيحين: يجزئ الهدي عن
الأضحية (2)، كما في أحدهما. وفي الثاني: يجزئه في الأضحية هديه (3).
(و) في لفظ الأجزاء ظهور في أن (الجمع) بينهما (أفضل).
وربما علل بأن فيه فعل المعروف، ونفع المساكين.
وفيه لولا النص نظر، فإن المفروض استحباب الأضحية من حيث أنها
أضحية، لا من حيث أنه نفع للمساكين وفعل للمعروف، وأحدهما غير
الآخر. ولكن الأمر بعد وضوح المأخذ سهل.
ثم إن الموجود في النص هو الهدي بقول مطلق، كما عن النهاية (4)
والوسيلة (5) والتحرير (6) والمنتهى (7) والتذكرة (8).
خلافا للقاضي (9) فقيده بهدي التمتع، كما عن التلخيص (10)

(1) وسائل الشيعة: ب 42 من أبواب الذبح ح 4 ج 10 ص 150.
(2) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج في باب الأضاحي ذيل ح 3067 ج 2 ص 468.
(3) وسائل الشيعة: باب 60 من أبواب الذبح ح 2 ج 10 ص 173.
(4) النهاية: كتاب الحج باب الذبح ص 262.
(5) الوسيلة: كتاب الحج في أحكام منى وعرفات ص 186.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الضحايا ج 2 ص 157 س 22.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج في الضحايا ج 2 ص ى 755 س 6 2.
(8) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الضحايا ج 1 ص 386 س 41.
(9) المهذب: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 1 ص 259.
(10) لا يوجد لدينا كتابه.
495

والتبصرة (1) والقواعد (2) والشرائع (3) والارشاد (4) والدروس (5) فقيدوه
بالواجب، ولعله لانصراف الاطلاق إليه.
قيل: ولعل ذلك نص على الأخفى (6).
أقول: وفيه نظر.
(ومن لم يجد الأضحية (مع القدرة على ثمنها) تصدق بثمنها، ولو
اختلف أثمانها جمع الأول والثاني والثالث وتصدق بثلثها) كما في
كلام جماعة (7)، من غير خلاف بينهم أجده.
للخبر: كنا بالمدينة فأصابها غلاء في الأضاحي فاشترينا بدينار ثم
بدينارين ثم بلغت سبعة ثم لم يوجد بقليل ولا كثير، فوقع هشام المكاري إلى
أبي الحسن - عليه السلام - فأخبره بما اشترينا وإنا لم نجد بعد، فوقع - عليه السلام -
انظروا إلى الثمن الأول والثاني والثالث فاجمعوا، ثم تصدقوا بمثل ثلثه (8).
والظاهر ما في الدروس (9) وكلام جماعة (10) من التصدق بقيمة منسوبة

(1) تبصرة المتعلمين: كتاب الحج في نزول منى ص 74.
(2) قواعد الأحكام: كتاب الحج في هدي القران والأضحية ج 1 ص 89 س 1.
(3) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الأضحية ج 1 ص 264.
(4) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في الذبح ص 334.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 113 في الأضحية ج 1 ص 447.
(6) كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 371 س 31.
(7) النهاية: كتاب الحج في الذبح ص 262، تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الأضاحي ج 2
ص 381 س 37، كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 371 س 32.
(8) وسائل الشيعة: ب 58 من أبواب الذبح ح 1 ج 10 ص 172 وفيه كنا بمكة فأصابنا...... فرقع
هشام المكاري رقعة... ثم لم نجد بقليل ولا كثير... والثالث ثم تصدقوا بمثل ثلثه.
(9) الدروس: كتاب الحج درس 113 في الأضحية ج 1 ص 449.
(10) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الأضحية: ج 8 ص 87، وكشف اللثام: كتاب الحج في
الهدي ج 1 ص 371 س 34.
496

إلى القيم، فن اثنتين النصف، ومن أربع الربع، وهكذا. وأن اقتصار
الأصحاب على الثلث تبعا للرواية.
(ويكره التضحية بما يريبه) للخبرين (1).
(وأخذ شئ من جلودها وإعطاؤها الجزار) أجرة أو مطلقا، بل
يستحب الصدقة بها، لما مر، ومر عن الشيخ المنع.
وقيل في المبسوط: لا يجوز بيع جلدها، سواء كانت واجبة، أو تطوعا،
كما لا يجوز بيع لحمها، فإن خالف تصدق بثمنه.
وفي الخلاف: أنه لا يجوز بيع جلودها، سواء كانت تطوعا، أو نذرا إذا
تصدق بثمنها على المساكين، وقال أبو حنيفة: أو يبيعها بآلة البيت على أن
يعيرها، كالقدر والفأس والمنخل والميزان، وقال الشافعي: لا يجوز بيعها
بحال، وقال عطا: يجوز بيعها على كل حال، وقال الأوزاعي: يجوز بيعها
بآلة البيت.
قال الشيخ: دليلنا اجماع الفرقة وأخبارهم، وأيضا فالجلد إذا كان
للمساكين فلا فرق فيه بين أن يعطيهم إياه أو ثمنه (2).
(وأما الحلق) وفي معناه التقصير (ف‍) هو واجب على (الحاج)
بالاجماع والنصوص.
والقول باستحبابه، كما عن الشيخ في التبيان (3) في نقل وفي النهاية (4)

(1) وسائل الشيعة: ب 61 من أبواب الذبح ح 1 و 2 ج 10 ص 175 - 176.
(2) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الهدي ج 1 ص 371 س 37.
(3) التبيان: ج 2 ص 154.
(4) النهاية: كتاب الحج في الحلق والتقصير ص 262.
497

في آخر شاذ مردود، كما في كلام جمع (1)، مشعرين بدعوى الاجماع (2)،
كما صرح به بعضهم (3).
وهو (مخير بينه وبين التقصير) مطلقا (ولو كان صرورة) لم يحج
بعد (أو ملبدا) وهو من يجعل في رأسه عسلا أو صمغا لئلا يتسخ أو
يقمل (على الأظهر) عند الماتن والأكثر، كما في كلام جمع.
ومستندهم غير واضح، عدا الأصل، وإطلاق قوله تعالى: (محلقين
رؤوسكم ومقصرين (4))، وقوله - عليه السلام -: وللمقصرين (5).
وضعفهما في غاية الظهور، سيما في مقابلة ما سيأتي من النصوص.
والأظهر تعين الحلق عليهما، كما عن النهاية (6) والمبسوط (7)
والوسيلة (8)، وعن المقنع (9) والتهذيب (10) والجامع (11) مع المعقوص، وعن
المقنعة (12) والاقتصاد (13) والمصباح ومختصره (14) وفي الكافي الصرورة (1)،

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير: ج 8 ص 88، وكشف اللثام: كتاب الحج في
الحلق والتقصير ج 1 ص 374 س 21.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 2 ص 762 س 32.
(3) وهو صاحب مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 401 في الحلق والتقصير ج 1 ص 360.
(4) الفتح: 27.
(5) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 6 ج 10 ص 186.
(6) النهاية: كتاب الحج في الحلق والتقصير ص 262.
(7) المبسوط: كتاب الحج في أحكام منى ج 1 ص 376.
(8) الوسيلة: كتاب الحج في أحكام منى وعرفات ص 186.
(9) المقنع: كتاب الحج في الحلق ص 23 س 31.
(10) تهذيب الأحكام: باب 17 في الحلق ذيل ح 11 ج 5 ص 243.
(11) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الحلق ص 216.
(12) المقنعة: كتاب الحج ب 17 في الحلق ص 419.
(13) الاقتصاد: كتاب الحج في نزول منى والمناسك بها ص 308.
(14) مصباح المتهجد: في آداب الحلق والتقصير ص 644 - 645.
(15) الكافي في الفقه: كتاب الحج في الحلق ص 201.
498

للنصوص المستفيضة، وفيها الصحاح وغيرها من المعتبرة.
ففي الصحيح: إذا عقص الرجل رأسه أو لبده في الحج أو العمرة فقد
وجب عليه الحلق (1).
وفيه: إذا أحرمت فعقصت شعر رأسك أو لبدته فقد وجب عليك
الحلق، وليس لك التقصير، وإن أنت لم تفعل فخير لك التقصير والحلق في
الحج، وليس في المتعة إلا التقصير (2).
وفيه: ينبغي للصرورة أن يحلق، وإن كان قد حج فإن شاء قصر،
وإن شاء حلق، فإذا لبد شعره أو عقصه فإن عليه الحلق، وليس له
التقصير (3).
وهذه الأخبار صريحة في الوجوب على الملبد والمعقوص، كالخبر ليس
للصرورة أن يقصر (4)، وآخر إن لم يكن حج فلا بد له من الحلق (5)، في
الوجوب على الصرورة.
لكن لفظة (ينبغي) في الصحيحة الأخيرة ربما يعطي الاستحباب فيه،
إلا أن الظاهر منها أن المراد بها الوجوب، بقرينة قوله: (وإن كان قد حج
وإن شاء) إلى آخره، فإن مفهومه نفي المشيئة عن الذي لم يحج، وهو
الصرورة، وهو نص في الوجوب، فإن الاستحباب لا يجامع نفي المشيئة.
ويعضده الروايتان الأخيرتان، المنجبر ضعف أسنادهما بفتوى هؤلاء
العظماء من القدماء.

(1) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 2 ج 10 ص 185.
(2) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 8 ج 10 ص 186.
(3) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 185.
(4) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ح 10 ج 10 ص 187.
(5) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب الحلق والتقصير ذيل ح 4 ج 10 ص 186.
499

(و) حيثما تخير ف‍ (الحلق أفضل) إجماعا، كما عن التذكرة (1)، وفي
المنتهى لا نعلم فيه خلافا (2)، للصحاح وغيرها.
(والتقصير متعين على المرأة) إجماعا، كما في المختلف (3) وغيره، وفي
التحرير (4) والمنتهى (5) ليس عليها الحلق إجماعا، للنبوي - صلى الله عليه
وآله -: ليس على النساء حلق إنما على النساء التقصير (6).
والمرتضوي: نهى رسول الله - صلى الله عليه وآله - أن تحلق المرأة
رأسها (7).
(ويجزئ) المرأة في التقصير أخذ (قدر (8) الأنملة) كما في كلام
جماعة (9)، للمرسل كالصحيح: تقصر المرة لعمرتها مقدار الأنملة (10)
ولكن في الصحيح: إن لم يكن عليهن ذبح فليأخذن من شعورهن،
ويقصرن من أظفارهن (11).
فالأولى الجمع. وعن الإسكافي أنها يجزئها قدر القبضة (12)، قيل: هو

(1) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 390 س 3.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 2 ص 763 س 22.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 308 س 7.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 108 س 29.
منتهى المطلب: كتاب الحج، في الحلق والتقصير ج 2 ص 763 س 27.
(6) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الحلق والتقصير ح 3 ج 10 ص 189.
(7) سن النسائي: كتاب الزينة في المنهي عن حلق المرأة رأسها ج 8 ص 30.
(8) في المتن المطبوع: ولو قدر.
(9) النهاية: كتاب الحج في الحلق والتقصير ص 263، الوسيلة: كتاب الحج في نزول منى
ص 186، كشف اللثام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 314 س 39.
10) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب التقصير ح 3 ج 9 ص 541.
(11) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 188.
(12) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 308 س 8.
500

على الندب (1).
ثم قيل: المراد بقدر الأنملة أقل المسمى، وهو المحكي عن ظاهر التذكرة
والمنتهى قال: لأن الزائد لم يثبت والأصل براءة الذمة (2).
ثم إطلاق الماتن هنا وفي غيره - كالقواعد (3) - يعطي اجزاء ذلك
للرجل.
ولعله لاطلاق النصوص، إلا أن مقتضاه المسمى، كما احتمل في المرأة
أيضا.
(والمحل) لهما (بمنى، و) عليه ف‍ (لو رحل قبله) ولو جاهلا أو
ناسيا (عاد) إليه (للحلق أو التقصير) مع الامكان فيما قطع به
الأصحاب، كما في المدارك (4).
وفيه: بل ظاهر التذكرة والمنتهى أنه موضع وفاق.
أقول: وبه صرح بعض الأصحاب (5)، وآخر بنفي الخلاف (6)،
للصحيح: عن رجل نسي أن يقصر من شعره أو يحلقه حتى ارتحل من منى،
قال: يرجع إلى منى حتى يلقي شعره بها (7).
ونحوه الخبر: فيمن جهل أن يأتي بأحدهما حتى ارتحل من منى (8).

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 114 في الحلق والتقصير ج 1 ص 453.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 39 س 5، ومنتهى المطلب: كتاب
الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 763 س 37.
(3) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 89 س 13.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 8 ص 95.
(5) هو صاحب مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 402 في الحلق والتقصير ج 1 ص 361.
(6) وهو صاحب ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الحلق والتقصير ص 682 س 9.
(7) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 182.
(8) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الحلق والتقصير ح 4 ج 10 ص 183، نقلا بالمضمون.
501

(و) أما الحسن، بل الصحيح: عن رجل نسي أن يحلق رأسه أو يقصر
حتى نفر؟ قال: يحلق في الطريق أو أين كان (1)، فمحمول على ما (لو
تعذر) العود فإنه إذا كان كذلك (حلق أو قصر حيث كان
وجوبا) (2) بلا إشكال، كما في المدارك (3)، وفي غيره بلا خلاف (4).
(وبعث بشعره إلى منى ليدفن بها استحبابا) مطلقا، للأمر به في
الصحيح وغيره كذلك.
وإنما حمل على الاستحباب جمعا بينهما، وبين الصحيح: عن الرجل
ينسى أن يحلق رأسه حتى ارتحل من منى، فقال: ما يعجبني أن يلقي شعره
إلا بمنى، ولم يجعل عليه شيئا (5).
خلافا لجماعة فأوجبوا البعث مطلقا (6)، وقيده الفاضل في المختلف (7)
بصورة العمد. ولا دليل على تفصيله.
ومتى تعذر البعث سقط، ولم يكن عليه شئ إجماعا، كما قيل (8).
أما دفن الشعر بمنى فقد قيل: قد قطع الأكثر باستحبابه، وأوجبه
الحلي، والأصح الاستحباب، للصحيح: كان علي بن الحسين

(1) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب الحلق والتقصير ح 6 ج 10 ص 183، وفيه: اختلاف يسير.
(2) في الشرح من المطبوع والمخطوطات: (حلق أو قصر وجوبا)، والصحيح ما أثبتناه، كما في جميع
المتون المطبوعة.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 8 ص 96.
(4) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الحلق ص 682 س 9. (
(5) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الحلق والتقصير ح 6 ج 10 ص 184.
(6) النهاية: كتاب الحج في الحلق والتقصير ص 263.
(7) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 308 س 25.
(8) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 8 ص 97.
502

- عليه السلام - يدفن شعره في فسطاطه بمنى ويقول: كانوا يستحبون ذلك،
قال: وكان أبو عبد الله - عليه السلام - يكره أن يخرج الشعر من منى،
ويقول: من أخرجه فعليه أن يرده (1).
ويستفاد منه أنه لا يختص استحباب الدفن بمن حلق في غير منى وبعث
شعره إليها، كما قد يوهمه ظاهر العبارة، بل يستحب للجميع (2).
(ومن ليس على رأسه شعر) حلقه أو لحلقه في إحرام العمرة (يجزئه
إمرار الموسى) عليه، كما في الخبر (3).
وظاهر الاجزاء فيه وفي العبارة عدم وجوب التقصير ولو مع إمكانه
مطلقا.
وهو مشكل حيثما يتخير الحاج بينه وبين الحلق، لأن تعذر الحلق بفقد
الشعر يعين الفرض الآخر.
والخبر ضعيف السند، مضافا إلى قوة احتمال أن يكون المراد بالاجزاء
الاجزاء عن الحلق الحقيقي الذي هو إزالة الشعر، لا الاجزاء عن مطلق
الفرض.
فالوجه - وفاقا لجماعة - تعين التقصير من اللحية أو غيرها، مع
استحباب إمرار الموسى، كما عليه الأكثر ومنهم الشيخ في الخلاف مدعيا
عليه الاجماع (4).
نعم إن لم يكن له ما يقصر منه، أو كان صرورة، أو ملبدا أو
معقوصا، وقلنا بتعين الحلق عليهم، اتجه وجوب الامرار حينئذ. عملا

(1) وسائل الشيعة: ب 6 من أبواب الحلق والتقصير ح 5 ج 10 ص 184.
(2) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 8 ص 97.
(3) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب الحلق والتقصير ح 3 ج 10 ص 191.
(4) الخلاف: كتاب الحج في أعمال العمرة: م 146 ج 2 ص 331.
503

بحديث الميسور لا يسقط بالمعسور (1)، وما لا يدرك كله لا يترك كله (2)،
المؤيد بالخبر المتقدم، فإن ظاهره الورود في الصرورة، فتدبر.
وعليه يحمل إطلاق الخبر الآخر: عن المتمتع أراد أن يقصر فحلق رأسه،
قال: عليه دم يهريقه فإذا كان يوم النحر أمر الموسى على رأسه حين يريد
أن يحلق (3)، بحمله على الصرورة، أو يحمل الأمر فيه على الاستحباب.
(والبدأة برمي جمرة العقبة، ثم بالذبح، ثم بالحلق واجب. فلو
خالف أثم ولم يعد).
أما عدم وجوب الإعادة على تقدير المخالفة فالأصحاب قاطعون به، على
الظاهر المصرح به في المدارك (4)، وأسنده في المنتهى (5) إلى علمائنا، مؤذنا
بدعوى الاجماع عليه.
وهو الحجة، مضافا إلى صريح الصحيح (6) وغيره (7).
وأما وجوب الترتيب فعليه الشيخ (8) في أحد قوليه وأكثر المتأخرين،
كما قيل (9)، وعزاه في المنتهى (10) إلى الأكثر بقول مطلق، للتأسي، مع قوله
- عليه السلام -: خذوا عني مناسككم (11)، وظاهر النصوص.

(1) عوالي اللآلي: في الخاتمة ج 4 ص 58.
(2) عوالي اللآلي: في الخاتمة ج 4 ص 58.
(3) وسائل الشيعة: ب 11 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 190.
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام مناسك منى ج 8 ص 101.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 2 ص 765 س 9.
(6) وسائل ا لشيعة: ب 39 من أبواب الذبح ح 4 ج 10 ص 140.
(7) وسائل الشيعة: ب‍ 39 من أبواب الذبح ح 6 ج 10 ص 140.
(8) الاستبصار: كتاب الحج ب 195 من أبواب الحلق ذيل ح 3 ج 2 ص 284.
(9) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام مناسك منى ج 8 ص 99.
(10) منتهى المطلب: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 2 ص 764 س 31.
(11) عوالي اللآلي: ج 1 ص 34 ح 118.
504

منها: إذا ذبحت أضحيتك فاحلق رأسك (1). والفاء للترتيب.
ومنها: لا يحلق رأسه ولا يزور البيت حتى يضحي فيحلق رأسه ويزور
متى شاء (1).
خلافا للمحكي عن الخلاف (3) والسرائر (4) والكافي (5)، وظاهر
المهذب (6)، وعزاه في الدروس إلى المشهور (7)، فلا يجب.
وفي الأولين استحبابه، وعليه الفاضل في المختلف (8)، للأصل،
والصحيح: أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - أتاه الناس يوم النحر،
فقال: بعضهم يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح، وقال: بعضهم حلقت قبل
أن أرمي فلم يتركوا شيئا كان ينبغي لهم أن يقدموه إلا أخروه ولا شيئا
كان ينبغي لهم أن يؤخروه إلا قدموه، فقال: لا حرج (9) ونحوه (10) الخبر.
وظاهر نفي الحرج الإباحة مطلقا، سيما مع قوله - عليه السلام -:
(ينبغي) الظاهر في الاستحباب.
فحمله على الاجزاء أو الجهل أو النسيان أو الضرورة أو نفي الفداء
بعيد، بل حمل الأوامر الواردة بالترتيب - على تقدير سلامة سندها - على

(1) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 178.
(2) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب الذبح ح 9 ج 10 ص 141.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 168 ج 2 ص 345.
(4) السرائر: كتاب الحج في زيارة البيت والرجوع إلى منى ورمي الجمار ج 1 ص 602.
(5) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 200.
(6) المهذب: كتاب الحج في الحلق ج 1 ص 260.
(7) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 114 في الحلق ج 1 ص 452.
(8) مختلف الشيعة: كتاب الحج في أحكام الهدي ج 1 ص 307 س 18.
(9) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب الذبح ح 4 ج 10 ص 140.
(10) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب الذبح ح 6 ج 10 ص 140.
505

الاستحباب أولى.
والتأسي إنما يجب لو لم يظهر الاستحباب من الخارج وقد ظهر.
هذا مضافا إلى الأصل، ومصير أكثر العامة - كما في المنتهى (1) - إلى
الوجوب، فليترجح بهما الاستحباب وإن تساويا الجمعان.
وربما استدل على الوجوب بالصحيح: عن رجل حلق رأسه قبل أن
يضحي قال: لا بأس، وليس عليه شئ ولا يعودن (2). فإن النهي عن
العود يقتضي التحريم، فيكون الترتيب واجبا.
وفيه نظر، فإن النهي عن العود وإن كان ظاهرا في التحريم، إلا أن
نفي البأس ظاهر في جواز الترك.
وصرفه إلى الاجزاء ليس بأولى من حمل النهي على الكراهة، بل لعله
أولى.
ولعله لذا استدل به الفاضل في المختلف (3) على الاستحباب. وهو
أقرب.
(ولا) يجوز أن (يزور البيت لطواف الحج إلا بعد الحلق أو
التقصير) بغير خلاف ظاهر مصرح به في جملة من العبائر، فإن تم إجماعا،
وإلا فظاهر الصحيح المتقدم وغيره المتضمنين للفظتي (لا حرج)
و (ينبغي) كالصحيح الآتي المتضمن للفظة (لا ينبغي) أيضا خلافه.
ولا ينافيه إيجاب الدم في الأخير، لامكان الحمل على الاستحباب،
لكن لا خروج عما عليه الأصحاب.

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 2 ص 764 س 32.
(2) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب الذبح ح 10 ج 10 ص 141.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 307 س 26.
506

وعليه (فلو طاف قبل ذلك عمدا لزمه دم شاة) فيما قطع به
الأصحاب، كما قيل (1)، وعزاه في الدروس إلى الشيخ والاتباع (2)،
للصحيح: في رجل زار البيت قبل أن يحلق، فقال: إن كان زار البيت قبل
أن يحلق وهو عالم إن ذلك لا ينبغي، فإن عليه دم شاة (3).
وظاهره كالمتن وغيره من عبائر الأكثر، على الظاهر المصرح به في عبارة
بعض أنه لا يجب إعادة الطواف (4)، وبه صرح الصيمري، وعزاه في
الدروس إلى الشيخ والاتباع (5).
خلافا لجماعة من متأخري المتأخرين فأوجبوا إعادته ومنهم شيخنا في
الروضة (6) مدعيا عليه الوفاق.
ويعضده الأصل والقاعدة، فإن الطواف المأتي به قبل التقصير منهي
عنه، فيكون فاسدا، ولا يتحقق به الامتثال.
والصحيح ليس نصا في عدم الوجوب، فيحتمل حمله على مفاد القاعدة.
مع أنه معارض بصحيح آخر: عن المرأة رمت وذبحت ولم تقصر حتى
زارت البيت فطافت وسعت من الليل ما حالها وما حال الرجل إذا فعل
ذلك؟ قال: لا بأس به يقصر ويطوف للحج، ثم يطوف للزيارة، ثم قد

(1) القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 8 ص 92، وذخيرة
المعاد: كتاب الحج في الحلق ص 681 س 35.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 114 في الحلق ج 1 ص 454.
(3) وسائل الشيعة: ب 15 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 197.
(4) وهو صاحب ذخيرة المعاد: كتاب الحج في الحلق والتقصير ص 681 س 31.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 114 في الحلق ج 1 ص 454.
(6) الروضة البهية: كتاب الحج في مناسك منى ج 2 ص 309، والحدائق الناضرة: كتاب الحج في
وجوب تقدم الحلق والتقصير على زيارة البيت ج 17 ص 248.
507

أحل من كل شئ (1).
وتنزيل هذا على ما يؤول إلى الأول بحمله على غير العامد وإبقاء الأول
على ظاهره من عدم وجوب الإعادة، ليس بأولى من العكس، وإبقاء هذا
على عمومه وحمل الأول على خلاف ظاهره.
وبالجملة: التعارض بينهما كتعارض العموم والخصوص من وجه يمكن
صرف كل منهما إلى الآخر، وحيث لا مرجح ينبغي الرجوع إلى مقتضى
الأصل، وهو وجوب الإعادة، كما مر.
(ولو كان ناسيا لم يلزمه شئ، وأعاد طوافه) على المعروف من
مذهب الأصحاب، كما في المدارك (2)، مشعرا بدعوى الوفاق.
مع أن ظاهر عبارة الماتن في الشرائع (3) والفاضل في المختلف والصيمري
وجود الخلاف من الصدوق في الفقيه في وجوب إعادة الطواف (4)، لرواية
الصحيح: عن الرجل يزور البيت قبل أن يحلق، قال: لا ينبغي، إلا أن
يكون ناسيا (1).
لكنه غير صريح في عدم وجوب الإعادة.
مع أنه معارض بالصحيحة الثانية المتقدمة، فإنها بإطلاقها شاملة
لمفروض المسألة، بل وللجاهل أيضا، كما عليه جماعة (6). وهي أقوى
دلالة.

(1) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 182.
(2) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مناسك منى ج 8 ص 93.
(3) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 265.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 308 س 15.
(5) وسائل الشيعة: ب 39 من أبواب الذبح ح 4 ج 10 ص 140.
(6) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 8 ص 94، وذخيرة المعاد: كتاب الحج في
الحلق ص 682 س 5، وكشف اللثام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 375 س 29.
508

فالمصير إليها أقوى، جمع كونها أشهر جدا.
ويدل على وجوب الدم عليه وعلى الجاهل ظاهر المفهوم المعتبر في
الصحيح الأول.
وهل يجب إعادة السعي حيث يجب إعادة الطواف؟ قولان،
أجودهما (1) الأول، عملا بما مر من القاعدة والأصل.
(ويحل من كل شئ) أحرم منه (عند فراغ مناسكه بمنى، عدا
الطيب والنساء) كما عن الإسكافي (2) والخلاف (3) والمختلف (4)، وفي
الكتاب، وفي الشرائع (5) والقواعد (6)، وعن الشيخ في جملة من كتبه (7)
والوسيلة (8) والسرائر (9) والجامع (10) إذا حلق أو قصر أحل من كل شئ
إلا الطيب والنساء.
للخبر: إذا حلقت رأسك فقد حل لك كل شئ إلا النساء
والطيب (11).
والمروي في السرائر صحيحا عن نوادر البزنطي: المتمتع ما يحل له إذا

(1) في (م) و (ق): (أحوطهما) بدل (أجودهما).
(2) كما في كشف اللثام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 375 س 39.
(3) الخلاف: كتاب الحج في وقت التحلل من احرام الحج م 172 ج 2 ص 348.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 309 س 10.
(5) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 265 وزاد الصيد.
(6) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 89 س 17.
(7) النهاية: كتاب الحج في الحلق والتقصير ص 262، تهذيب الأحكام: باب 17 في الحلق ذيل
ح 21 ج 5 ص 245.
(8) الوسيلة: كتاب الحج في أحكام منى وعرفات ص 187.
(9) السرائر: كتاب الحج في أحكام الحلق والتقصير ج 1 ص 651.
(10) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الحلق ص 216.
(11) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 4 ج 10 ص 193.
509

حلق رأسه؟ قال: كل شئ إلا النساء والطيب (1).
وقد يكون الأول هو المراد بالخبرين وكلام هؤلاء، حملا للحلق على
الواقع على أصله.
ويؤيده الأصل، والاحتياط، والصحيح: إذا ذبح الرجل وحلق فقد
أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء والطيب (2).
وعن المقنع (3) والتحرير (4) والتذكرة (5) والمنتهى (6) أنه بعد الرمي
والحلق، ولعل المراد ما سبقه، ولم يذكر الذبح، لاحتمال الصوم بدله،
واكتفاء بالأول والآخر. وعن الصدوقين (7) أنهما قالا بهذا التحلل بالرمي
وحده.
وحجتهما غير واضحة، سيما في مقابلة نحو الأخبار المتقدمة.
نعم في الخبر المروي عن قرب الإسناد: إذا رميت جمرة العقبة فقد أحل
لك كل شئ حرم عليك إلا النساء (8).
(و) أما (الصيد) فهو أيضا باق على تحريمه، كما هنا وفي الشرائع (9)

(1) السرائر في المستطرفات: ج 3 ص 559.
(2) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 193.
(3) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 24 س 2.
(4) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 109 س 8.
(5) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في اليوم الأكبر يوم النحر ج 1 ص 390 س 41، وفيه: بعد الصيد
والحلق.
(6) منتهى المطلب: كتاب الحج في الحلق والتقصير - ج 2 ص 765 س 32 وفيه والصيد بدل الرمي.
(7) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 308 س 35، من لا يحضره الفقيه:
كتاب الحج في الرجوع إلى منى ورمي الجمار ج 2 ص 549.
(8) قرب الإسناد: ص 51 س 20.
(9) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 265.
510

وغيرهما، بل قيل: إنه مذهب الأكثر (1).
وفيه نظر، لاطلاق أكثر الأصحاب أنه يحل من كل شئ إلا النساء
والطيب. وكذلك الأخبار، حتى الصحيح: إذا ذبح الرجل وحلق فقد
أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء والطيب، فإذا زار البيت وطاف
وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا النساء،
فإذا طاف طواف النساء فقد أحل من كل شئ أحرم منه إلا الصيد (2).
فإن المراد بالصيد هنا الصيد الحرمي لا الاحرامي، كما صرح به جماعة
من الأصحاب (3).
ولعله المراد أيضا من نحو العبارة، وإلا فلم نجد على بقاء حرمة الصيد
الاحرامي بعد الحلق أو التقصير دلالة، سوى الأصل المخصص بما عرفت،
وظاهر قوله سبحانه: (لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم) (4)، بناء على أن
الاحرام يتحقق بتحريم الطيب والنساء.
وهو حسن، لولا ظواهر الأخبار التي لم يستثن فيها سوى الطيب
والنساء.
وربما علل بأنه في الحرم، ولذا ذكر والد الصدوق (5) والقاضي (6) أنه
لا يحل بعد طواف النساء أيضا، لكونه في الحرم.

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج ما يتحلل به الحاج ج 1 ص 102.
(2) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 193.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في مناسك منى ج 8 ص 102، ومفتاح الشرائع: كتاب الحج
م 403 في ما يتحلل به الحاج ج 1 ص 362.
(4) المائدة: 95.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 308 س 36.
(6) المهذب: كتاب الحج في الحلق ج 1 ص 261.
511

وفيه: أنه لا ينافي التحلل منه، نظرا إلى الاحرام.
وتظهر الفائدة في أكله لحم الصيد، كما عن الخلاف (1) أنه نص على
حله ومضاعفة الكفارة وغير ذلك.
واعلم أن هذا التحلل هو التحلل الأول للمتمتع، أما غيره فيحل له
بالحلق أو التقصير الطيب أيضا، كما في القواعد (2) وعن الشيخ في جملة من
كتبه (3) والوسيلة (4) والسرائر (5) والجامع (6).
للخبر: عن الحاج غير المتمتع يوم النحر ما يحل له؟ قال: كل شئ إلا
النساء، وعن المتمتع ما يحل له يوم النحر؟ قال: كل شئ إلا النساء
والطيب (7). ونحوه المروي في السرائر (8) صحيحا عن نوادر البزنطي.
وللجمع بين نحو الصحيح: عن رجل رمى وحلق أياكل شيئا فيه
صفرة؟ قال: لا حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة (9)، والصحيح (10)
الآخر المجوز للطيب على الاطلاق من غير تقييد بغير المتمتع، بحمل الأول
على المتمتع، والثاني على غيره.

(1) الخلاف: كتاب الحج في صيد الحرم: م 278 ج 2 ص 407.
(2) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 89 س 17.
(3) تهذيب الأحكام: باب 17 في الحلق ذيل ح 27 ج 5 ص 247، والنهاية: كتاب الحج في الحلق
والتقصير من 262، والاستبصار: ب 197 من حلق رأسه قبل أن يطوف ذيل ح 6 ج 2
ص 288.
(4) الوسيلة: كتاب الحج في السعي ص 176.
(5) السرائر: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 601.
(6) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الحلق ص 216.
(7) وسائل الشيعة: ب 14 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 196.
(8) السرائر: في المستطرفات ج 3 ص 559.
(9) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 2 ج 10 ص 193.
(10) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 7 ج 10 ص 194.
512

خلافا لظاهر المتن والشرائع (1) والمحكي عن الخلاف (2)، فلم يفرقا
في تحريم الطيب بينهما. وهو حسن، لولا الخبران المفصلان المعتضدان بعمل
جماعة من الأعيان.
وللعماني - كما حكي - فأحل الطيب للمتمتع أيضا (3)، للصحيح عن
المتمتع قال: إذا حلق رأسه يطليه بالحناء وحل له الثياب والطيب، وكل
شئ إلا النساء، رددها مرتين ثلاثا، قال: وسألت أبا الحسن
- عليه السلام - عنها، قال: نعم الحناء والثياب والطيب وكل شئ إلا
النساء (4). ونحوه آخر أو الموثق أو الصحيح: رأيت أبا الحسن - عليه السلام -
بعد ما ذبح حلق، ثم ضمد رأسه بمسك وزار البيت وعليه قميص، وكان
متمتعا (5)
وأجاب الشيخ عن الأول بالحمل على من طاف وسعى (6).
وفيه: بعد، مع أنه مروي في الكافي هكذا: عن المتمتع إذا حلق رأسه
قبل أن يزور فيطليه بالحناء، قال: نعم الحناء والثياب والطيب (7) إلى آخر
ما مر. وهذا لا يقبل ما ذكره من الحمل.
وأجاب عنه الشهيد - كما قيل (8) - بأنه متروك، مؤذنا بشذوذه ومخالفته

(1) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 265.
(2) الحاكي هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 376 س 12.
(3) كما في مختلف الشيعة: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 308 س 33.
(4) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 7 ج 10 ص 194، وفيه اختلاف يسير.
(5) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 10 ج 10 ص 194.
(6) تهذيب الأحكام: كتاب الحج ب 17 في الحلق ذيل ح 25 ج 5 ص 246.
(7) الكافي: كتاب الحج باب ما يحل للرجل من اللبس والطيب... ح 1 ج 4 ص 505.
(8) الحدائق الناضرة: كتاب الحج في مواطن التحلل ج 17 ص 256.
513

الاجماع.
أقول: ويمكن حمل هذه الأخبار على التقية، لموافقتها لما عليه أكثر
العامة، كما يفهم من المنتهى (1) ومنهم الشافعي وأحمد وأبو حنيفة.
(فإذا طاف) المتمتع (لحجه حل له الطيب) أيضا، كما عن
النهاية (2) والمبسوط (3) والمصباح ومختصره (4) والانتصار (5) والاستبصار (6)
والوسيلة (7) والسرائر (8)، وفي الشرائع (9، والقواعد (10) والمنتهى (11)،
للخبرين.
في أحدهما: إذا كنت متمتعا فلا تقربن شيئا فيه صفرة حتى تطوف
بالبيت (12).
ولا يتوقف على صلاة الطواف، لاطلاق النص والفتوى.
وإن قدم الطواف على الوقوف أو مناسك منى للضرورة فالظاهر عدم
التحلل، للأصل، وصريح الخبر الثاني المروي عن بصائر الدرجات فإن

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في الحلق والقصر ج 2 ص 765 س 33.
(2) النهاية: كتاب الحج في الحلق والتقصير ص 263.
(3) المبسوط: كتاب الحج في أحكام منى ج 1 ص 377.
(4) المصباح المتهجد: في التوجه إلى مكة لطواف الزيارة ص 645.
(5) الإنتصار: كتاب الحج ص 103.
(6) الاستبصار: كتاب الحج ب 106 في ما يجب على المحرم اجتنابه ج 2 ص 180.
(7) الوسيلة: كتاب الحج في أحكام منى وعرفات ص 187.
(8) السرائر: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 601.
(9) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 265.
(10) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 89 س 18.
(11) منتهى المطلب: كتاب الحج في محرمات المحرم ج 2 ص 766 س 16.
(12) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب تروك الاحرام ح 12 ج 9 ص 95.
514

فيه: إذا أردت المتعة في الحج - إلى أن قال -: ثم أحرمت بين الركن والمقام
بالحج فلا تزال محرما حتى تقف بالمواقف، ثم ترمي وتذبح وتغتسل، ثم
تزور البيت، فإذا أنت فعلت فقد أحللت (1).
وانصراف إطلاق الخبر الأول والفتاوى إلى المؤخر، بل الأكثر ظاهر
فيه، قيل: وقيل: بالتحلل (2).
والمشهور توقف حل الطيب على السعي. وهو الأقوى.
وهو خيرة الخلاف (3) والمختلف (4)، للأصل، والصحيح: فإذا زار
البيت وطاف وسعى بين الصفا والمروة فقد أحل من كل شئ أحرم منه
إلا النساء (5).
والخبر بل الصحيح - كما قيل (6) -: عن رجل رمى وحلق أيأكل شيئا فيه
صفرة؟ قال: لا حتى يطوف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم قد حل له كل
شئ إلا النساء (7).
وضعف الخبرين السابقين، مع إمكان تعميم زيارة البيت فيهما له.
(وإذا طاف طواف النساء حللن له) قيل: اتفاقا صلى له أم لا،
لاطلاق النصوص والفتاوى، إلا فتوى الهداية والاقتصاد (8).

(1) لم نعثر عليه، ووجدناه في وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب أقسام الحج ح 30 ج 8 ص 167.
(2) كشف اللثام: كتاب الحج في تحلل المتمتع ج 1 ص 376 س 24.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 172 ج 2 ص 348.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 309 س 9.
(5) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 1 ج 10 ص 192.
(6) كشف اللثام: كتاب الحج في تحلل المتمتع ج 1 ص 376 س 24.
(7) وسائل الشيعة: ب 13 من أبواب الحلق والتقصير ح 2 ج 10 ص 193، وفيه اختلاف يسير.
(8) كشف اللثام: كتاب الحج في تحلل المتمتع ج 1 ص 376 س 27.
515

وأما الصحيح: ثم ارجع البيت وطف أسبوعا آخر ثم تصلي ركعتين
عند مقام إبراهيم - عليه السلام -، ثم قد أحللت من كل شئ وفرغت من
حجك كله وكل شئ أحرمت منه (1)، فيجوز أن يكون لتوقف الفراغ
عليها.
ولا يحل النساء للرجال إلا به، بالنص، والاجماع، إلا من العماني،
كما في المختلف (2) وغيره.
ويحرم على المرأة الرجال لو تركته، كما صرح به جماعة (3).
وربما استشكل فيه الفاضل في المختلف (4) والقواعد (5).
قيل: من الأصل، للاجماع والأخبار على حرمة الرجال عليها بالاحرام
والنصوص والفتاوى على كونها كالرجل في المناسك لا فيما استثنى، ومنها
طواف النساء، وقد نص عليه لها في الأخبار والفتاوى، ولا يفيدها ظاهرا
إلا حلهم لها ومن انتفاء النص عليه بخصوصه (6).
أقول: النص عليه بالخصوص موجود، وهو الصحيح: المرأة المتمتعة إذا
قدمت مكة ثم حاضت تقيم ما بينها وبين التروية، فإن طهرت طافت
بالبيت وسعت بين الصفا والمروة، وإن لم تطهر إلى يوم التروية اغتسلت
واحتشت، في سعت بين الصفا والمروة، ثم خرجت إلى منى، فإذا قضت

(1) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب زيارة البيت قطعه ح 1 ج 10 ص 205، وفيه اختلاف يسير.
(2) مختلف الشيعة: كتاب الحج في عدم تحليل النساء ج 1 ص 309 س 16.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في المتمتع ج 8 ص 107، ذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 684
س 30.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في عدم تحليل النساء ج 1 ص 309 س 23.
(5) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 89 س 20.
(6) كشف اللثام: كتاب الحج في تحلل المتمتع ج 1 ص 376 س 30.
516

المناسك وزارت البيت طافت بالبيت طوافا لعمرتها، ثم طافت طوافا
للحج، ثم خرجت فسعت، فإذا فعلت ذلك فقد أحلت من كل شئ يحل
منه المحرم إلا فراش زوجها، فإذا طافت طوافا آخر حل لها فراش
زوجها (1). ونحوه (2) خبر آخر، إلا أنه ليس فيه: فإذا طافت طوافا آخر حل
لها فراش زوجها.
ويمكن الاستدلال عليه أيضا بعموم قوله تعالى: (فلا رفث ولا فسوق
ولا جدال في الحج) (3)، والرفث هو الجماع بالنص (4)، والحج إنما يتم
بطواف النساء. فتأمل.
(ويكره) لبس (الخيط) والتقنع (حتى يطوف للحج) ويسعى بين
الصفا والمروة (والطيب حتى يطوف طواف النساء) للصحاح (5)
المستفيضة، المتضمنة للنهي عن ذلك، وهو محمول على الكراهة، جمعا بينها
وبين ما مر من الأدلة الدالة على التحلل بالطوافين عن ذلك، مع ظهور
بعضها في الكراهة.
لكن موردها أجمع المتمتع خاصة، بل في بعضها التصريح بعدم المنع في
غيره، وهو الصحيح: عن رجل رمى الجمار وذبح وحلق رأسه أيلبس قميصا
وقلنسوة قبل أن يزور البيت؟ فقال: إن كان متمتعا فلا، وإن كان مفردا
للحج فنعم (6). ونحوه الخبر المروي عن قرب الإسناد (7).

(1) وسائل الشيعة: ب 84 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 497.
(2) وسائل الشيعة: ب 84 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 497.
(3) البقرة: 197.
(4) وسائل الشيعة:
ب 32 من أبواب تروك الاحرام ح 1 ج 10 ص 108.
(5) وسائل الشيعة: ب 18 و 19 من أبواب الحلق والتقصير ج 10 ص 198 - 200.
(6) وسائل الشيعة: ب 18 من أبواب الحلق والتقصير ح 4 ج 10 ص 199.
(7) قرب الإسناد: ص 59 س 19.
517

لكن ظاهر المتن وغيره الاطلاق، ولم أقف على وجهه.
(ثم) أي بعد قضاء مناسكه بمنى من الرمي والذبح والحلق أو التقصير
(يمضي إلى مكة) شرفها الله تعالى (للطوافين (1) والسعي) بينهما اتفاقا
نصا وفتوى.
والأفضل إيقاع ذلك (ليومه) أي يوم النحر، للأخبار، واستحباب
المسارعة إلى الخيرات، والتحرز عن العوائق والأعراض.
ولا يجب، للأصل، والصحيح: لا بأس أن تؤخر زيارة البيت إلى يوم
النفر، إنما يستحب تعجيل ذلك مخافة الاحداث والمعاريض (2).
وفي الصحيح: لا تؤخر أن تزور من يومك، فإنه يكره للمتمتع أن
يؤخر (3).
وعن النهاية (4) والمبسوط (5) والوسيلة (6) والجامع (7) لا يؤخر عنه إلا
لعذر. قيل: ويجوز أن يريدوا التأكيد (8).
(أو من الغد) مع تعذر يوم النحر اتفاقا، كما قيل (9)، للصحيح: فإن
شغلت فلا يضرك أن تزور البيت من الغد (10).

(1) في المتن المطبوع: للطواف.
(2) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 9 ج 10 ص 202.
(3) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب زيارة البيت ذيل ح 1 ج 10 ص 200.
(4) النهاية: كتاب الحج في زيارة البيت ص 264.
(5) المبسوط: كتاب الحج في أحكام منى ج 1 ص 187.
(6) الوسيلة: كتاب الحج في أحكام منى وعرفات ص 187.
(7) الجامع للشرائع: كتاب الحج في أحكام العود إلى مكة ص 217.
(8) كشف اللثام: كتاب الحج في طواف النساء ج 1 ص 377 س 13.
(9) كشف اللثام: كتاب الحج في طواف النساء ج 1 ص 377 س 13.
(10) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 1 ج 10 ص 200.
518

(ويتأكد ذلك للمتمتع) (1) لما مر، مضافا إلى الصحيح: فينبغي
للمتمتع أن يزور البيت يوم النحر، أو من ليلته، ولا يؤخر ذلك اليوم (2).
والصحيح: عن المتمتع متى يزور البيت، قال: يوم النحر أو من الغد،
ولا يؤخر، والمفرد والقارن ليسا بسواء موسع عليهما (3).
(و) يستفاد منه أنه (لو أخر) المتمتع (أثم) كما عن المفيد (4)
والمرتضى (5) والديلمي (6)، وعليه جماعة من المتأخرين (7)، وعن التذكرة (8)
والمنتهى (9) أنه عزاه إلى علمائنا. ولعله الأقوى.
خلافا لآخرين ومنهم الحلي (10) وسائر المتأخرين، كما قيل (11)،
للأصل، وإطلاق الآية (الحج أشهر معلومات) (12) فإن الشهر كله من
أشهره، والصحاح المستفيضة.
منها - زيادة على ما مر -: الصحيح المروي في السرائر عن نوادر البزنطي:
عن رجل أخر الزيارة إلى يوم النفر، قال: لا بأس (13).

(1) في المتن المطبوع: ويتأكد في جانب المتمتع.
(2) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 7 ج 10 ص 201.
(3) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 8 ج 10 ص 202.
(4) المقنعة: كتاب الحج في زيارة البيت من منى ص 420.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى): ج 3 ص 69
(6) المراسم: كتاب الحج في الذبح ص 114.
(7) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 89 س 24.
(8) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في زيارة البيت ج 1 ص 391 س 23.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج في زيارة البيت ج 2 ص 766 س 34.
(10) السرائر: كتاب الحج باب زيارة البيت ج 1 ص 602.
(11) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الرجوع إلى مكة ج 8 ص 110.
(12) البقرة: 197.
(13) السرائر (المستطرفات): ج 3 ص 561.
519

وفي الصحاح نظر، لوجوب الخروج عن الأولين بما مر، كوجوب تقييد
الصحاح بمن عدا المتمتع به حمل المطلق على المقيد.
وهو أولى من الجمع بينهما بالاستحباب وإن وقع بلفظه وما في
معناه من لفظ (يكره) (وينبغي)، فإن هذه الألفاظ الثلاثة إنما هو
بالنسبة إلى يوم النحر لا غده، ونحن نقول به، لكنه غير ما نحن فيه.
نعم قيل: لو أخر أجزأه على القولين، كما في الاستبصار والشرائع ما
أوقعه في ذي الحجة في أي جزء منه كان، كما في السرائر، لأن الحج
أشهر، فذو الحجة كله من أشهره، للأصل (1).
والصحيح: لا بأس إن أخرت زيارة البيت إلى أن يذهب أيام
التشريق، إلا أنك لا تقرب النساء ولا الطيب (2).
والصحيح: أنا ربما أخرته حتى تذهب أيام التشريق.
وفي الغنية (4) والكافي (5) أن وقته يوم النحر إلى آخر أيام التشريق.
ولعله للصحيح: لا بأس أن تؤخر زيارة البيت إلى يوم النفر (6).
وفي الوسيلة (7) لم يؤخر إلى غد لغير عذر وإلى بعد غد لعذر. وهو يعطي
عدم الاجزاء إن أخر عن الثاني النحر.
(وموسع للمفرد والقارن) تأخير ذلك (طول ذي الحجة) كما عن

(1) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 377 س 17.
(2) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 3 ج 10 ص 201.
(3) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 2 ج 10 ص 201.
(4) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 516 س 4.
(5) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 195.
(6) وسائل الشيعة: ب 1 من أبواب زيارة البيت ح 9 ج 10 ص 202.
(7) الوسيلة: كتاب الحج في أحكام منى وعرفات ص 187.
520

النهاية (1) والمبسوط (2) والخلاف (3) والاقتصاد (4) والمصباح ومختصره (5)، بل
قيل بلا خلاف (6)، للأخبار المطلقة، وللأصل، وأن الحج أشهر.
والصحيح المتقدم المصرح بالفرق بين المتمتع والمفرد والقارن، ولكن
لا يفهم منه إلا التأخير عن الغد، كما لا يفهم من قوله - عليه السلام - في
بعض الصحاح المتقدمة: (وموسع للمفرد أن يؤخره إلا التأخير عن يوم
النحر)، لكنه كالسابق مطلق، ولعله كاف.
ثم هنا وفي الشرائع (7) وعن المنتهى (8) والارشاد (9) أن تأخيرهما (على
كراهية).
قيل: قال في المنتهى: للعلة التي ذكرها الصادق - عليه السلام - في
حديث ابن سنان (10).
أقول: وهو الصحيح الأول من أخبار المسألة، وهو أن يعطي المراد بها
أفضلية التقدم، كما في التحرير (11) والتلخيص. وهو الوجه.
(ويستحب له إذا دخل مكة الغسل وتقليم الأظفار وأخذ الشارب)

(1) النهاية: كتاب الحج في زيارة البيت ص 264
(2) المبسوط: كتاب الحج في أحكام منى ج 1 ص 377.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 175 ج 2 ص 350.
(4) الاقتصاد: كتاب الحج في نزول منى ص 308.
(5) مصباح المتهجد: في التوجه إلى مكة لطواف الزيارة ص 645 س 8، وفيه اختلاف يسير.
(6) القائل هو صاحب مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 404 في الطواف ج 1 ص 363.
(7) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الحلق والتقصير ج 1 ص 265.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج في زيارة البيت ج 2 ص 767 س 23.
(9) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في الحلق ج 1 ص 335.
(10) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في طواف النساء ج 1 ص 377 س 26.
(11) تحرير الأحكام: كتاب الحج في زيارة البيت ج 1 ص 109 س 13.
521

للنص (1).
ولو اغتسل لذلك بمنى جاز، للأصل والنص (2).
ولو اغتسل نهارا وطاف ليلا أو بالعكس أجزأه عن الغسل، ما لم
يحدث، فإن نام أو أحدث حدثا آخر قبل الطواف استحب إعادة الغسل،
للموثق (3).
وكذا إن زار في اليوم الذي اغتسل فيه أو في الليل الذي اغتسل فيه،
للصحيح: عن الرجل يغتسل للزيارة ثم ينام أيتوضأ قبل أن يزور؟ قال:
يعيد الغسل، لأنه إنما دخل بوضوء (4).
(والدعاء عند باب المسجد) بالمأثور في الصحيح من قوله: اللهم أعني
على نسكك، وسلمني له وسلمه لي، وأسألك مسألة العبد الذليل المعترف
بذنبه أن تغفر لي ذنوبي، وأن ترجعني بحاجتي.
اللهم إني عبدك والبيت بيتك، جئت أطلب رحمتك وأؤم طاعتك
متبعا لأمرك راضيا بقدرك، أسألك مسألة المضطر إليك المطيع لأمرك
المشفق من عذابك الخائف لعقوبتك أن تبلغني عفوك، وتجيرني من النار
برحمتك (5).
(القول في الطواف)
(والنظر في مقدماته، وكيفيته، وأحكامه).

(1) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب زيارة البيت ح 2 ج 10 ص 203.
(2) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب زيارة البيت ح 1 ج 10 ص 203.
(3) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب زيارة البيت ح 2 و 3 ج 10 ص 204.
(4) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب زيارة البيت ح 4 ج 10 ص 204.
(5) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب زيارة البيت ح 1 ج 10 ص 205.
522

(أما المقدمة: فيشترط تقديم الطهارة) على الطواف الواجب بإجماعنا
الظاهر المصرح به في كلام جماعة (1)، والصحاح به مع ذلك مستفيضة.
وإطلاق جملة منها كالعبارة يشمل الطواف المندوب، كما عن
الحلبي (2)، لكن صريح جملة أخرى منها الاختصاص بالواجب.
ومنها الصحيح: عن رجل طاف طواف الفريضة وهو على طهر؟
قال: يتوضأ ويعيد طوافه، وإن كان تطوعا توضأ وصلى ركعتين (3).
وعليه الأكثر. وهو الأظهر، لأن المفصل يحكم على المجمل. ويستباح
بالترابية، كما يستباح بالمائية، لعمومات المنزلة.
(وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن) وفاقا للأكثر، كما في كلام
جمع (4)، بل لم ينقل في المنتهى (5) فيه خلاف، وفي الغنية (5) الاجماع عليه.
للنبوي - صلى الله عليه وآله -: الطواف بالبيت صلاة (7)، بناء على أن
التشبيه يقتضي الشركة في جميع الأحكام، ومنها هنا الطهارة من النجاسة.
والخبر: عن رجل يرى في ثوبه الدم وهو في الطواف، قال: ينظر الموضع
الذي يرى فيه الدم فيعرفه ثم يخرج فيغسله، ثم يعود فيتم طوافه

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في الطواف ج 2 ص 290 س 6، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في
الطواف ج 8 ص 114، ومفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 408 في الطواف ج 1 ص 367.
(2) الكافي في الفقه: كتاب الحج في الطواف ص 194.
(3) وسائل الشيعة: ب 38 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 444.
(4) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 408 في الطواف ج 1 ص 367، وكشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 333 س 27.
(5) منتهى المطلب: كتاب الحج في الطواف ج 2 ص 690 س 16.
(6) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 516 س 11.
(7) سنن الدارمي: كتاب المناسك باب الكلام في الطواف ج 2 ص 44.
(8) وسائل الشيعة: ب 52 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 462.
523

وإطلاق النص كالمتن والأكثر يقتضي عدم الفرق في الطواف بين
الفرض والنفل.
خلافا للتحرير (1) فقيده بالفرض.
والأقرب العفو فيه عما يعفى عنه في الصلاة، وفاقا للشهيدين (2)،
لظاهر عموم التشبيه في الخبر الأول، مضافا إلى فحوى العفو عنه في الصلاة
فهنا أولى، وبذلك يقيد إطلاق الخبر الثاني.
خلافا لجماعة فلا يعفى (3)، وهو أحوط.
وكره ابن حمزة (4) الطواف مع النجاسة في ثوبه وبدنه، والإسكافي في
ثوب أصابه دم لا يعفى عنه في الصلاة (5)، وتبعهما جماعة من المتأخرين،
للأصل، وضعف الخبرين، والمرسل كالصحيح: عن رجل في ثوبه دم مما
لا يجوز الصلاة في مثله فطاف في ثوبه؟ فقال: أجزأه الطواف فيه ثم ينزعه
ويصلي في ثوب طاهر (6).
وفي الجميع نظر، لوجوب الخروج عن الأصل بما مر.
وضعف الخبرين ينجبر بالعمل، سيما من نحو ابن زهرة والحلي اللذين
لا يعملان بصحيح أخبار الآحاد فضلا عن ضعيفها إلا بعد احتفافها

(1) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 97 س 31.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 103 في الطواف ج 1 ص 392، ومسالك الأفهام: كتاب
الحج في الطواف ج 1 ص 120 س 17.
(3) السرائر: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 574، ومختلف الشيعة كتاب الحج الطواف ج 1
ص 291 س 11.
(4) الوسيلة: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بها ص 173.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 291 س 9.
(6) وسائل الشيعة: ب 52 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 462.
524

بالقرائن القطعية.
وضعف المرسل وإن عد كالصحيح مع عدم صراحته في العمد،
فيحتمل الجهل، فليحمل عليه للجمع.
(والختان في الرجل) وفاقا للأكثر، بل لم ينقل في المنتهى خلافا
فيه (1)، وعن الحلي (2) أنه شرط الحج بإجماع آل محمد - صلى الله عليه
وآله -، للنهي عنه في الصحاح وغيرها المفسد للعبادة.
من غير فرق بين الفرض والنفل.
خلافا للحلي (3) فظاهره التوقف، وليس في محله.
نعم الأخبار لا تدل على الشرطية المطلقة بحيث يشمل غير صورة العمد،
لاختصاص النهي الذي هو مناط الدلالة بها، فلا يعم غيرها، إلا أن يتم
بالاجماع، وعدم القائل بالفرق إن تم.
واحترز بقوله: (في الرجل) عن المرأة، فلا يشترط عليها بالاجماع، كما
قيل (4)، للأصل، مع اختصاص الأخبار بغيرها، وخصوص الصحيح:
لا بأس أن تطوف المرأة غير مخفوضة (5).
وعن (الصبي)، للأصل، وعدم دليل فيه، عدا إطلاق الصحيح:
الأغلف لا يطوف بالبيت (6)، ولا عموم فيه، بل غايته الاطلاق المنصرف
إلى غيره لغلبته. فتأمل.
مضافا إلى عدم توجه النهي إليه.

(1) منتهى المطلب: كتاب الحج في الطواف ج 2 ص 690 س 21.
(2) السرائر: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 574.
(3) السرائر: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 574.
(4) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 334 س 24.
(5) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب مقدمات الطواف ح 3 ج 9 ص 369.
(6) وسائل الشيعة: ب 33 من أبواب مقدمات الطواف ح 1 ج 9 ص 369.
525

ومن الوجه الأول يستفاد إلحاق الخنثى بالصبي. مع احتمال عدمه،
لوجوب تحصيل يقين الخروج عن عهدة التكليف القطعي.
ولا ريب أنه بل وإلحاق الصبي بالرجل أحوط.
وإطلاق العبارة يشمل المتمكن من الختان وغيره ولو بضيق الوقت.
خلافا لجماعة (1) فيقيدوه بالمتمكن. وهو قوي، للأصل، وعدم
انصراف الأخبار الناهية إلى غيره.
نعم في الخبر: في رجل يسلم فيريد أن يختن وحضره الحج أيحج أم
يختتن؟ قال: لا يحج حتى يختتن (2).
ولكن في سنده جهالة، بل وضعف في الدلالة، لما قيل: من أنه غير
ظاهر في أنه غير متمكن من الختان لضيق الوقت، وأن عليه تأخير الحج عن
عامه لذلك، فإن الوقت إنما يضيق عن الاختتان مع الاندمال. فأوجب
- عليه السلام - أن يختتن ثم يحج وإن لم يندمل (3).
(ويستحب مضغ) شئ من (الإذخر) كما هنا وفي الشرائع (4)
والقواعد (5)، وعن الجامع (6) والجمل والعقود، وفيه: تطيب الفم بمضغ
الإذخر أو غيره (7).

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 112 س 15، ومسالك الأفهام: كتاب الحج في الطواف
ج 1 ص 121 س 19.
(2) وسائل الشيعة: ب 33 في مقدمات الطواف ح 2 ج 9 ص 369.
(3) كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 334 س 28.
(4) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 266.
(5) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 83 س 18.
(6) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الطواف ص 196.
(7) الجمل والعقود: كتاب الحج في الطواف ص 138.
526

(قبل دخول مكة) كما عن الوسيلة (1) والمهذب (2)، وفيه نحو ما في
الجمل والعقود من تطيب الفم به أو بغيره (3).
أو عند دخول الحرم، كما عن النهاية (4) والمبسوط (5) والسرائر (6)
والتحرير (7) والتذكرة (8) والمنتهى (9) والاقتصاد (10) والمصباح ومختصره (11).
وفي هذه الثلاثة التطيب أيضا بغيره كما في الكتابين (12).
والأصل في المسألة الصحيح: إذا دخلت الحرم فخذ من الإذخر
فامضغه (13). ونحوه الخبر (14).
وقال الكليني: سألت بعض أصحابنا عن هذا؟ فقال: يستحب ذلك
ليطيب به الفم لتقبيل الحجر (15).

(1) الوسيلة: كتاب الحج في الطواف ص 172.
(2) المهذب: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 233.
(3) الجمل والعقود: كتاب الحج في الطواف ص 138.
(4) النهاية: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ص 235.
(5) المبسوط: كتاب الحج في ذكر دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 355.
(6) السرائر: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 570.
(7) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 97 س 22.
(8) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في دخول مكة ج 1 ص 360 س 34.
(9) منتهى المطلب: كتاب الحج في دخول مكة ج 2 ص 688 س 11.
(10) الاقتصاد: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ص 303.
(11) مصباح المتهجد: في دخول مسجد الحرام ص 621 س 11.
(12) تهذيب الأحكام: كتاب الحج ب 8 في دخول مكة ذيل ح 3 ج 5 ص 98، والاستبصار: كتاب
الحج ب 109 ج 2 ص 183.
(13) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب مقدمات الطواف ح 1 ج 9 ص 316.
(14) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب مقدمات الطواف ح 2 ج 9 ص 317.
(15) الكافي: كتاب الحج في دخول الحرم ذيل ح 4 ج 4 ص 398.
527

قيل: وهو يؤيد استحبابه لدخول مكة، بل المسجد، وكونه من سنن
الطواف (1).
(ودخولها من أعلاها) كما في الشرائع (2) والقواعد (3) وعن
النهاية (4) والمبسوط (5) والاقتصاد (6) والجمل والعقود (7) والمصباح ومختصره (8).
والكافي (9) والغنية (10) والجامع (11)، إذا أتاها من طريق المدينة، كما عن
المقنعة (12) والتهذيب (13) والمراسم (14) والوسيلة (1) والسرائر (16)
والتحرير (17) والمنتهى (18) والتذكرة (19)، وفيه: أو الشام.
(6) الاقتصاد: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ص 303.
(7) الجمل والعقود: كتاب الحج في الطواف ص 138.
(8) مصباح المتهجد: في دخول مسجد الحرام ص 621 س 2.
(9) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 208.
(10) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 515 س 19.
(11) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الطواف ص 196.
(12) المقنعة: كتاب الحج ب 8 في دخول مكة ص 399.
(13) تهذيب الأحكام: ب 8 في دخول مكة ذيل ح 4 ج 5 ص 98.
(14) المراسم: كتاب الحج في دخول مكة ص 109.
(15) الوسيلة: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بها ص 172.
(16) السرائر: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 570.
(17) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 97 س 24.
(18) منتهى المطلب: كتاب الحج في دخول مكة ج 2 ص 688 س 17.
(19) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في دخول مكة ج 1 ص 360 س 37.

(1) كشف اللثام: كتاب الحج في دخول مكة ج 1 ص 340 س 33.
(2) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 266.
(3) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 83 س 18.
(4) النهاية: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ص 235.
(5) المبسوط: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 355.
528

قيل: لاتحاد طريقهما بقربها، بل قيل ذلك.
وفيه أيضا: فأما الذين يجيئون من سائر الأقطار فلا يؤمرون بأن يدوروا
ليدخلوا من تلك الثنية، يعني الثنية العليا.
وفيه أيضا: وقيل: بل هو عام ليحصل التأسي بالنبي - صلى الله عليه
وآله -، قلت: واستظهره الشهيدان في الدروس والروضة، ونسب في
الدروس إلى الفاضل اختصاصه بالمدني والشامي، قال: وفي رواية يونس
إيماء إليه، قلت: لأنه سأل الصادق - عليه السلام - من أين أدخل مكة وقد
جئت من المدينة؟ فقال: ادخل من أعلا مكة (1)، وفيه أن القيد في كلام
السائل (2).
والأجود الاستدلال له بالأصل، واختصاص الرواية السابقة، وهي
موثقة بالمدني، ولا دليل على العموم، والتأسي به إنما يتم لو دل دليل على
أن فعله على العموم، ولم نجده، وإنما الموجود منه نحو الصحيح: أنه - صلى
الله عليه وآله - دخل من أعلا مكة من عقبة المدنيين (3).
وهو كما ترى، لا دلالة فيه عليه.
والأعلى، كما في الدروس، وعن غيره ثنية كداء بالفتح والمد وهي
التي ينحدر منها إلى الحجون مقبرة مكة (4).
ويستحب دخولها (حافيا) كما عن الشرائع (5) والقواعد (6)، وعن

(1) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب مقدمات الطواف ح 2 ج 9 ص 317.
(2) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في دخول مكة ج 1 ص 340 س 35.
(3) وسائل الشيعة: ب 4 من أبواب مقدمات الطواف ح 1 ج 9 ص 317.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 112 س 7.
(5) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 266.
(6) قواعد الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 83 س 19.
529

المبسوط (1) والوسيلة (2)، وظاهر الاقتصاد (3) والجمل والعقود (4)
والمهذب (5) والسرائر (6) والجامع (7).
وفي الصحيح: إذا دخلت المسجد الحرام فادخله حافيا على السكينة
والوقار والخشوع، ومن دخله بخشوع غفر له إن شاء الله تعالى (8).
وأن يدخلها (على سكينة ووقار) احتراما لها وللبيت،
وللصحيحين (9) وغيرهما، فيها: من دخلها بسكينة غفر له ذنبه.
وفي الصحيح: كيف يدخل بالسكينة؟ قال: يدخل غير متكبر
ولا متجبر (10) وبمعناه غيره (11).
وأن يكون (مغتسلا) لدخولها (من بئر ميمون أو فخ) للصحيح:
إذا انتهيت إلى الحرم إن شاء الله تعالى فاغتسل حين تدخله، وإن تقدمت
فاغتسل من بئر ميمون، أو من فخ، أو من منزلك بمكة (12).
وفي آخر مضمر: عن الغسل في الحرم قبل دخوله مكة أو بعد دخوله،

(1) المبسوط: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 355.
(2) الوسيلة: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بها ص 172.
(3) الاقتصاد: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ص 303.
(4) الجمل والعقود: كتاب الحج في الطواف ص 138.
(5) المهذب: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 233.
(6) السرائر: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 570.
(7) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الطواف ص 196.
(8) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب مقدمات الطواف صدر ح 1 ج 9 ص 321.
(9) وسائل الشيعة: ب 7 و 8 من أبواب مقدمات الطواف ج 9 ص 320 - 321.
(10) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب مقدمات الطواف ح 1 ج 9 ص 320.
(11) وسائل الشيعة: ب 7 من أبواب مقدمات الطواف ح 2 ج 9 ص 320.
(12) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب مقدمات الطواف ح 2 ج 9 ص 316.
530

قال: لا يضرك أي ذلك فعلت، وإن اغتسلت بمكة فلا بأس، وإن
اغتسلت في بيتك حين تنزل بمكة فلا بأس (1).
ويستفاد منه التخيير بين الغسل قبل، الدخول وبعده، لكن المستحب
الأول، كما هو شأن كل غسل يستحب للمكان.
وفي المرسل: إن الله عز وجل يقول في كتابه: (وطهرا بيتي للطائفين
والعاكفين والركع السجود)، فينبغي للعبد أن لا يدخل مكة إلا وهو طاهر
قد غسل عرقه والأذى وتطهر (2).
(ولو تعذر) التقديم (اغتسل بعد الدخول) لما مر من الصحيح.
قيل: والاغتسال من بئر ميمون للقادم من العراق ونحوه، ومن فخ
للقادم من المدينة. وبالجملة: فكل من يمر عليه في قدومه فلا يكلف غيره بأن
يدور حتى يردا حد ذلك فيغتسل فيه، للأصل، وعدم عموم النص أو
إطلاقه (3).
(والدخول) إلى المسجد (من باب بني شيبة) قيل: للتأسي
والنص (4). وعلل فيه بأن هبل - بضم الهاء وفتح الباء - وهو أعظم الأصنام
مدفون تحت عتبتها، فإذا دخل منها وطأه برجله.
وفي المدارك وغيره: أن هذا الباب غير معروف الآن لتوسع المسجد،
لكن قيل: أنه بإزاء باب السلام، فينبغي الدخول منه على الاستقامة إلى

(1) وسائل الشيعة: ب 2 من أبواب مقدمات الطواف ح 1 ج 9 ص 316.
(2) وسائل الشيعة: ب 5 من أبواب مقدمات الطواف ح 3 ج 9 ص 318.
(3) كشف اللثام: كتاب الحج في دخول مكة ج 1 ص 340 س 27، وفيه: وعدم عموم الخبرين أو
إطلاقهما.
(4) كشف اللثام: كتاب الحج في دخول مكة ج 1 ص 341 س 1.
531

أن يتجاوز الأساطين، ليتحقق المرور به على هذا القول (1).
(والدعاء عنده) أي عند الدخول بالمأثور.
وفي الصحيح ففيه: فإذا انتهيت إلى باب المسجد فقم وقل: السلام
عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته بسم الله وبالله ومن الله وما شاء الله
والسلام على أنبياء الله تعالى ورسله والسلام على رسول الله والسلام على
إبراهيم خليل الله والحمد لله رب العالمين.
فإذا دخلت المسجد فارفع يديك واستقبل البيت، وقل: اللهم إني
أسألك في مقامي هذا في أول مناسكي أن تقبل توبتي وتجاوز عن خطيئتي
وتضع عني وزري، الحمد لله الذي بلغني بيته الحرام، اللهم إني أشهد أن
هذا بيتك الحرام الذي جعلته مثابة للناس وأمنا ومباركا وهدى للعالمين،
اللهم إني عبدك والبلد بلدك والبيت بيتك جئت أطلب رحمتك وأؤم
طاعتك مطيعا لأمرك راضيا بقدرك أسألك مسألة المضطر إليك الخائف
لعقوبتك، اللهم افتح لي أبواب رحمتك واستعملني بطاعتك ومرضاتك (2).
(وأما الكيفية: فواجبها النية) واستدامة حكمها إلى الفراغ وفي غيره من
العبادات.
والأظهر الاكتفاء فيها بقصد الفعل المتعين طاعة لله عز وجل، وإن كان
الأحوط التعرض للوجه من وجوب أو ندب، وكون الوجه إسلاميا أو غيره،
تمتعا أو غيره.
وفي الدروس: ظاهر بعض القدماء أن نية الاحرام كافية عن

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 8 ص 124، وذخيرة المعاد: كتاب الحج في
الطواف ص 632 س 2.
(2) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب مقدمات الطواف ح 1 ج 9 ص 321.
532

خصوصيات نيات الأفعال (1).
وما ذكرناه أظهر وأحوط.
(والبدأة بالحجر) الأسود (والختم به) بالاجماع، كما في كلام
جماعة (2)، والمعتبرة.
ففي الصحيح: من اختصر في الحجر الطواف فليعد طوافه من الحجر
الأسود إلى الحجر (3).
وحيث تجب البدأة بالحجر، فلو ابتدأ من غيره لم يعتد بما فعله حتى
ينتهي إلى الحجر الأسود، فيكون منه ابتداء طوافه إن جدد النية عنده، أو
استصحبها فعلا.
والظاهر الاكتفاء في تحقق البدأة بالحجر بما يصدق عليه ذلك عرفا.
واعتبر العلامة (4) ومن تأخر (5) عنه جعل أول جزء من الحجر محاذيا
لأول جزء من مقاديم بدنه، بحيث يمر عليه بعد النية بجميع بدنه علما أو
ظنا. وهو أحوط، وإن كان في تعينه نظر.
ومعنى الختم به إكمال الشوط السابع إليه، بحيث يصدق الختم به عرفا.
خلافا لمن مر فاعتبروا محاذاة الحجر في آخر شوط كما ابتدأ به أولا،
ليكمل الشوط من غير زيادة ولا نقصان.
والكلام فيه كما مر، بل قيل: إن الظاهر الاكتفاء بتجاوزه بنية أن ما

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الطواف ص 112 س 23.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في الطواف ج 2 ص 690 س 30، ومدارك الأحكام: كتاب الحج
في الطواف ج 8 ص 125.
(3) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 432، وفيه إلى الحجر الأسود.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 361 س 35.
(5) مسالك الأفهام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 120 س 34.
533

زاد على الشوط لا يكون جزء من الطواف، بل الظاهر عدم بطلان الطواف
بمثل هذه الزيادة وإن قصد كونها من الطواف (1).
(والطواف على اليسار) بالاجماع، كما في كلام جماعة (2)،
للتأسي، مع حديث خذوا عني مناسككم.
والمراد به جعل البيت على يساره حال الطواف، فلو جعله على يمينه أو
استقبله بوجهه أو استدبره، جهلا أو سهوا أو عمدا ولو بخطوة، لم يصح،
ووجب عليه الإعادة.
ولا يقدح في جعله على اليسار الانحراف اليسير إلى جهة اليمين، بحيث
لا ينافي صدق الطواف على اليسار عرفا قطعا.
(وادخال الحجر) أي حجر إسماعيل - عليه السلام - (في الطواف)
بالاجماع، كما في الغنية (3) وغيرها (4) وعن الخلاف (5)، والصحاح.
منها - زيادة على ما مر -: الصحيح: قلت: رجل طاف بالبيت فاختصر
شوطا واحدا في الحجر، قال: يعيد ذلك الشوط (6).
والصحيح: في الرجل يطوف بالبيت فيختصر في الحجر، قال: يقضي
ما اختصر من طوافه (7).

(1) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 8 ص 127.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 361 س 39، ومدارك الأحكام: كتاب الحج
في الطواف ج 8 ص 128.
(3) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 516 س 11.
(4) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج مفتاح 409 ج 1 ص 369.
(5) الخلاف: كتاب الحج في الطواف م 135 ج 2 ص 325.
(6) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 431.
(7) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 432.
534

قيل: وزاد في التذكرة والمنتهى أنه من البيت، فلو مشى فيه لم يكن
طاف بالبيت، وفي التذكرة أن قريشا لما بنت البيت قصرت الأموال الطيبة
والهدايا والنذور عن عمارته فتركوا من جانب الحجر بعض البيت، قال:
روت عائشة أن النبي - صلى الله عليه وآله - قال: ستة أذرع من الحجر من
البيت، وحكي في موضع آخر عن الشافعي أن ستة أذرع منه من البيت،
وعن بعض أصحابه أن ستة أذرع أو سبعة منه من البيت وأنهم بنوا الأمر
فيه على التقريب، وظاهره فيه وفي المنتهى أن جميعه من البيت، وفي
الدروس أنه المشهور، وجميع ذلك يخالف الصحيح (1).
وفيه: بعد أن سئل عنه عن البيت هو أو فيه شئ من البيت؟ فقال:
لا ولا قلامة ظفر، ولكن إسماعيل دفن أمه فيه، فكره أن تطأ فجعل عليه
حجرا، وفيه قبور أنبياء - عليهم السلام - (2).
أقول: وبمعناه أخبار أخر (3).
وعلى الجملة: فلو مشى على حائطه أو طاف بينه وبين البيت لم يصح
شوطه الذي فعل فيه ذلك، ووجب عليه الإعادة.
وهل الواجب إعادة ذلك الشوط خاصة، أو إعادة الطواف رأسا.
الأصح الأول وفاقا لجمع (4)، للصحيح المتقدم قريبا.
ولا ينافيه الصحيح المتقدم سابقا: من اختصر في الحجر الطواف فليعد
طوافه، لاحتمال التقييد بالشوط الذي وقع فيه الخلل، أو الاختصار في

(1) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 335 س 21.
(2) وسائل الشيعة: ب 30 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 429.
(3) وسائل الشيعة: ب 30 من أبواب الطواف ج 9 ص 430
(4) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 8 ص 130، الحدائق الناضرة: كتاب الحج في
الطواف ج 16 ص 108.
535

جميع الأشواط.
ولا يكفي إتمام الشوط من موضع سلوك الحجر، بل تجب البدأة من
الحجر الأسود، للأمر به فيما مر من الصحيح، مضافا إلى أنه المتبادر من
إعادة الشوط.
(وأن يطوف سبعا) بالاجماع كما في كلام جماعة (1)، والصحاح
المستفيضة وغيرها من المعتبرة القريبة من التواتر، بل لعلها متواترة (2).
(و) أن (يكون) طوافه (بين المقام والبيت) مراعيا قدر ما بينهما
من جميع الجهات مطلقا على المشهور، بل: قيل: كاد أن يكون إجماعا (3)،
وفي الغنية الاجماع عليه صريحا (4).
للخبر: عن حد الطواف بالبيت الذي من خرج عنه لم يكن طائفا
بالبيت؟ قال: كان الناس على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله -
يطوفون بالبيت والمقام وأنتم اليوم تطوفون ما بين المقام والبيت، فكان الحد
موضع المقام اليوم، فمن جازه فليس بطائف، والحد قبل اليوم واليوم واحد
قدر ما بين المقام وبين نواحي البيت، فمن طاف فتباعد من نواحيه أبعد
من مقدار ذلك كان طائفا بغير البيت، بمنزلة من طاف بالمسجد، لأنه
طاف في غير حد، ولا طواف له (5).
وفي سنده جهالة وإضمار، إلا أنه لا محيص عنه، لانجباره بالشهرة

(1) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 409 ج 1 ص 369، ومدارك الأحكام: كتاب الحج في
الطواف ج 8 ص 130.
(2) وسائل الشيعة: ب 19 من أبواب الطواف ج 9 ص 414.
(3) مفاتيح الشرائع: كتاب الحج م 409 ج 1 ص 369.
(4) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 516 س 11. (
(5) وسائل الشيعة: ب 28 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 427.
536

ونقل الاجماع.
خلافا للإسكافي (1) فجوزه خارج المقام مع الضرورة، للموثق
كالصحيح: عن الطواف خلف المقام، قال: ما أحب ذلك، وما أرى به
بأسا، فلا تفعله إلا أن لا تجد منه بدا (2).
قيل: وقد يظهر من المختلف والتذكرة والمنتهى الميل إليه (3).
وفي دلالة الرواية عليه مناقشة، بل ظاهرها الدلالة على الجواز مطلقا ولو
اختيارا، لكن مع الكراهة وأنها ترتفع بالضرورة، ورواها الصدوق في
الفقيه (4)، وظاهره الافتاء بها، فيكون قولا آخر في المسألة.
(و) من لوازمها أن (يصلي ركعتين) وجوبا في الطواف الواجب،
وندبا في المندوب، على المعروف من مذهب الأصحاب، كما في كلام
جماعة (5)، وفي الخلاف (6) الاجماع على الوجوب.
مع أن فيه (7) وفي السرائر (8) نقل قول بالاستحباب.
وهو مع شذوذه، محجوج بظاهر الآية (9)، والأخبار الكثيرة (15) التي
كادت تبلغ التواتر، بل لعلها متواترة.
ويجب إيقاعهما (في المقام) مقام إبراهيم حيث هو الآن، لا حيث

(1) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 288 س 24.
(2) وسائل الشيعة: ب 28 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 427.
(3) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 335 س 40.
(4) من لا يحضره الفقيه: كتاب الحج باب ما جاء في الطواف خلف المقام ح 2809 ج 2 ص 399.
(5) مدارك الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 8 ص 133، والحدائق الناضرة: كتاب الحج في
الطواف ج 16 ص 134.
(6) الخلاف: كتاب الحج م 138 ج 2 ص 327.
(7) الخلاف: كتاب الحج م 138 ج 2 ص 327.
(8) السرائر: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 577.
(9) البقرة: 125.
(10) وسائل الشيعة: ب 74 من أبواب الطواف ج 9 ص 482.
537

كان على عهد النبي - صلى الله عليه وآله - وإبراهيم - عليه السلام -، فالمعتبر
في مكانهما خارج المطاف، وهو مكان مقام الآن.
وفي الصحيح: أصلي ركعتي طواف الفريضة خلف المقام حيث هو
الساعة، أو حيث كان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله -؟ فقال:
حيث هو الساعة (1).
والموجود فيه وفي غيره من النصوص الكثيرة (2) اعتبار الخلف، فما في
المتن وعن النهاية (3) والمبسوط (4) والوسيلة (5) والمراسم (6) والسرائر (7)
والشرائع (8) والتذكرة (9) والتبصرة (10) والتحرير (11) والمنتهى (12) والارشاد (13)
من اعتبار الوقوع فيه للوجه له، إلا أن يراد به (عنده)، كما في جملة من
النصوص (14)، وعن الاقتصاد (1) والجمل والعقود (16) وجمل العلم

(1) وسائل الشيعة: ب 71 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 478.
(2) وسائل الشيعة: ب 71 من أبواب الطواف ج 9 ص 479.
(3) النهاية: كتاب الحج في الطواف ص 242.
(4) المبسوط: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 360.
(5) الوسيلة: كتاب الحج في دخول مكة والطواف فيها ص 172.
(6) المراسم: كتاب الحج في الطواف ص 110.
(7) السرائر: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 577.
(8) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 268.
(9) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 362 س 19. (
(10) تبصرة المتعلمين: كتاب الحج في الطواف ص 68.
(11) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 98 س 8.
(12) منتهى المطلب: كتاب الحج في الطواف ج 2 ص 691 س 31.
(13) إرشاد الأذهان: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 324. (
(14) وسائل الشيعة: ب 74 من أبواب الطواف ج 9 ص 482. (
(15) الاقتصاد: كتاب الحج في دخول مكة والطواف بالبيت ص 303.
(16) الجمل والعقود: كتاب الحج في أحكام الطواف ص 139.
538

والعمل (1) وشرحه (2) والجامع (3).
ويؤيده استدلال الفاضل على ما في المتن بما نص على فعلهما عنده أو
خلفه.
وعن الشهيد أنه قال: وأما تعبير بعض الفقهاء بالصلاة في المقام فمجاز
تسمية لما حول المقام باسمه، إذ القطع حاصل بأن الصخرة التي فيها أثر
قدم إبراهيم - عليه السلام - لا يصلى عليها (4).
والأحوط أن لا يصلي إلا خلفها، كما عن الصدوقين (5)
والإسكافي (6) والشيخ في المصباح ومختصره (7) والقاضي في المهذب (8)،
للأخبار الدالة عليه وعدم تعارض بينها وبين الأخبار المتضمنة للصلاة عنده
إلا تعارض العموم والخصوص المطلق فيجب التقييد.
وعن الشهيد أنه قال لا خلاف في عدم جواز التقدم على الصخرة والمنع
عن استدبارها والتعبير نفي للدلالة على وجوب الاتصال والقرب منه، بحيث
يتجوز عنه بالصلاة فيه لظاهر الآية (9)، انتهى.

(1) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى): كتاب الحج في الطواف ج 3 ص 67.
(2) لا يوجد لدينا كتابه.
(3) الجامع للشرائع: كتاب الحج في الطواف ص 199.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 103 في الطواف ج 1 ص 397.
(5) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 291 س 29، والهداية (الجوامع الفقهية):
كتاب الحج ص 58 س 1.
(6) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 291 س 29.
(7) مصباح المتهجد: في ذي الحجة ص 683.
(8) المهذب: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 231.
(9) الدروس الشرعية: كتاب الحج درس 103 في الطواف ج 1 ص 397، من قوله: (والتعبير)
إلى قوله: (لظاهر الآية) لا يوجد في الدروس،، بل الكلام من أوله إلى آخره موجود في كشف
اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 339 س 40، ولعله. حصل خلط.
539

وهو حسن، ومقتضاه وجوب إيقاعهما في البناء الذي فيه الصخرة.
ولا ينافيه إطلاق الأخبار بالصلاة خلف المقام أو عنده الصادق على
الخارج عن البناء، لانصرافه إلى الداخل فيه لا الخارج.
ولعله لذا رتب الماتن بين الداخل والخارج بقوله - بعد ما مر -
(فإن
منعه زحام) عن الصلاة في المقام (صلى على حياله) أي خلفه أو أحد
جانبيه من خارج البناء، ويوافقه عبائر كثير وإن اختلفت في التخيير بين
الخلف، وأحد الجانبين، أو الترتيب بينهما بتقدم الخلف على الجانب مع
الامكان، كما هو الأحوط.
وعلى الجملة يجب تحري القرب منه ما أمكن.
فإذا تعذر لزحام جاز البعد بقدر الضرورة، للصحيح في الكافي (1) وإن
ضعف في التهذيب: رأيت أبا الحسن موسى - عليه السلام - يصلي ركعتي
طواف الفريضة بحيال المقام قريبا من ظلال المسجد، وفي التهذيب: قريبا
لكثرة الناس (2).
وقيل: للأصل وإطلاق الأخبار بالصلاة خلفه، وللآية باتخاذ المصلى
منه، بمعنى ابتداء المصلي أو اتخاذه منه بكونه بحياله. وأما وجوب تحري
الأقرب منه بقدر الامكان وعدم جواز البعد إلا بقدر الضرورة، فللأخبار
الآمرة بفعلها عنده، واحتمال من في الآية الاتصالية والابتدائية التي في نحو
اتخذت الخاتم من الفضة للاحتياط. وأما جواز الصلاة إلى أحد الجانبين،
للأصل وإطلاق الآية وأخبار الفعل عنده واحتمال هذا الخبر، والأحوط

(1) الكافي: كتاب الحج باب في ركعتي الطواف ح 2 ج 4 ص 423.
(2) تهذيب الأحكام: ب 9 في الطواف ح 136 ج 5 ص 140.
540

الخلف، وفي جواز التباعد لمجرد الزحام أيضا نظر ما لم يتضيق الوقت،
لضعف الخبر (1).
أقول: وفيه نظر، لما عرفت من صحة السند في الكافي، وكون الضعف
في التهذيب.
نعم في الدلالة نظر، لعدم التصريح فيه، بل ولا ظهور بفعله
- عليه السلام - الركعتين ثمة في سعة الوقت، بل هو مجمل، فينبغي الاقتصار
فيه على المتيقن.
ثم إن هذا الحكم - أعني وجوب صلاة ركعتي طواف الفريضة خلف
المقام، أو إلى أحد الجانبين بحيث لا يتباعد عنه عرفا، أو على النهج المتقدم
مع الاختيار قول المعظم، وعليه الأكثر، وفي عبائر جمع أنه الأشهر. ولعله
الأظهر، للكتاب والسنة المستفيضة وفيها الصحاح والمعتبرة.
خلافا للخلاف فيستحب فإن لم يفعل وفعل في غيره أجزأ (2)، وللحلبي
فجعل محلهما المسجد الحرام مطلقا (3)، كما عن ابني بابويه في ركعتي طواف
النساء خاصة (4).
ومستندهم غير واضح، عدا ما قيل: من الأصل وعدم صراحة الآية
فيه، لأنها إن كانت من قبيل اتخاذ الخاتم من الفضة، أو كانت (من)
فيها بمعنى (في) لزم أن يراد بالمقام المسجد أو الحرم، وإلا وجب فعل

(1) القائل هو كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 340 س 2.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 139 ج 2 ص 327.
(3) الكافي في الفقه: كتاب الحج ص 158.
(4) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 291 س 30، ومن لا يحضره الفقيه: كتاب
الحج في طواف النساء ج 2 ص 552.
541

الصلاة على الحجر نفسه، وإن أريد الاتصال والقرب التام وبالمقام الحجر
فالمسجد كله يقربه، وإن وجب الأقرب فالأقرب لزم أن يكون الواجب في
عهده - صلى الله عليه وآله - في الكعبة، لكون المقام عنده. وكذا كل ما
نقل إلى مكان وجب الصلاة فيه، ولعله لا قائل به وإطلاق بعض الأخبار
لمن نسيهما في فعلهما في مكانه (1).
وفي الجميع نظر، لوجوب الخروج عن الأصل بما مر، وظهور الآية فيه
بظهور الاحتمال الأول، على ما اعترف به القائل.
ومنع ما أورد على تقديره من لزوم أن يراد بالمقام المسجد أو الحرم،
باحتمال أن يراد به ما جاوره مما يقرب منه، بل لعله المتعين، لأنه أقرب
المجازات إلى الحقيقة المتعذرة، ومرجعه إلى وجوب مراعاة الأقرب إلى المقام
فالأقرب، كما هو مقتض الاحتمال الأخير أيضا.
ومنعه بعدم قائل بما يلزمه ممنوع، بعدم بلوغ مثله إجماعا، سيما مع عدم
تعرض أحد له.
وحمل غير الناسي على الناسي قياس.
مع أن هذه الوجوه لو صحت لثبت لها القول الأول.
وأما الآخران فلم أقف لهما على مستند، عدا الأخير فله الرضوي (2).
وفي مقاومته لأدلة الأكثر نظر، فضلا من أن يقوى عليه ويترجح.
وأما ما عن الخلاف (3) من أنه لا خلاف في أن الصلاة في غيره، يعني
فيما عدا خلف المقام يجزئه، ولا يجب عليه الإعادة.

(1) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 339 س 28، وفيه اختلاف
يسير.
(2) فقه الإمام الرضا (ع): كتاب الحج ص 223.
(3) الخلاف: كتاب الحج م 139 ج 2 ص 328.
542

فعلى تقدير سلامته من تطرق الوهن إليه بوجود الخلاف، سيما من
الأكثر معارض بالنصوص الآمرة بالإعادة، المرجحة عليه من وجوه لا تخفى
على من تدبر.
ثم إن هذا الخلاف إنما هو في ركعتي طواف الفريضة.
(ويصلي) ركعتي طواف (النافلة حيث يشاء من المسجد)
بلا خلاف فيه فتوى ورواية، وهي مستفيضة، بل في بعضها المروي في
قرب الإسناد: عن الرجل يطوف بعد الفجر فيصلي الركعتين خارج
المسجد، قال: يصلي بمكة لا يخرج منها، إلا أن ينسى فيصلي إذا رجع في
المسجد - أي ساعة أحب - ركعتي ذلك الطواف (1).
وظاهره جواز صلاة الركعتين خارج المسجد بمكة على الاطلاق، ولم أر
مفتيا به.
فالعمل به مشكل ولو صح سنده.
(ولو نسيهما رجع فأتى بهما فيه) أي في المقام تحصيلا للامتثال،
والتفاتا إلى ظاهر الأمر به في الصحاح المستفيضة (2) وغيرها من المعتبرة.
ولا يعارضها الأخبار الأخر المرخصة لفعلهما حيث ذكره، من غير
اشتراط للتعذر فيها أو المشقة، لقصورها جملة عن الصحة، بل ضعف بعضها
سندا، وجميعها دلالة، فإن غايتها الاطلاق.
ويمكن تقييدها بصورة المشقة، جمعا بين الأدلة.
وهو أولى من الجمع بينهما، بحمل الأخبار الأولة على الاستحباب،
وإبقاء الأخيرة على إطلاقها، كما احتمله في الاستبصار (3).

(1) لم نعثر عليه ووجدناه في وسائل الشيعة: ب 73 من أبواب الطواف ح 4 ج 9 ص 481.
(2) وسائل الشيعة: ب 74 من أبواب الطواف ج 9 ص 482.
(3) الاستبصار: باب 156 في من نسي ركعتي الطواف ذيل ح 9 ج 2 ص 236.
543

وربما يعلم من الصدوق في الفقيه (1) أيضا، لما تقرر في الأصول من
أولوية التخصيص من المجاز، مع اعتضادها هنا بالشهرة العظيمة بين
الأصحاب، حتى كادت تكون إجماعا، كما صرح به بعض
الأصحاب (2)، وبكثرة الأخبار الأولة، وصحتها، واستفاضتها، وتضمن
جملة منها تعليل الأمر بالرجوع بقوله تعالى: (واتخذوا) (3).
والأمر فيه للوجوب قطعا، مضافا إلى إشعار بعضها بالتفصيل، فيكون
شاهدا على هذا الجمع، وهو الصحيح: عن رجل نسي أن يصلي ركعتي
طواف الفريضة خلف المقام، وقد قال الله تعالى: (واتخذوا من مقام
إبراهيم مصلى) حتى ارتحل، فقال: إن كان ارتحل فإني لا أشق عليه
ولا آمره أن يرجع، ولكن يصلي حيث يذكر (4).
وبالجملة: لا ريب في هذا الحكم وإن مال عنه إلى محتمل الشيخين
بعض معاصري الأصحاب قال: لصراحة بعض الأخبار في جواز الصلاة
حيث ذكر هنا أيضا (5)، فإن فيه نسيت أن أصلي الركعتين للطواف خلف
المقام حتى انتهيت إلى منى، فرجعت إلى مكة فصليتهما، ثم عدت إلى منى
فذكرنا ذلك له - عليه السلام -، فقال: أفلا صلاهما حيث ذكر (6).
وفيه: بعد الاغماض عن قصور سنده أو ضعفه منع صراحته، إذ ليس
إلا من جهة دلالته على رخصته - عليه السلام - له مع عوده.

(1) من لا يحضره الفقيه: باب السهو في ركعتي الطواف ذيل ح 2833 ج 2 ص 408.
(2) كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 340 س 7.
(3) البقرة: 125.
(4) وسائل الشيعة: ب 74 من أبواب الطواف ح 10 ج 9 ص 484.
(5) وهو صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في من نسي صلاة الطواف ج 16 ص 145.
(6) وسائل الشيعة: ب 74 من أبواب الطواف ح 9 ج 9 ص 483.
544

وهو حسن إن اعتبرنا التعذر في جواز الصلاة في محل الذكر.
وأما إذا اكتفينا بالمشقة ولو من غير تعذر - كما يأتي - فلا صراحة فيه،
لامكان كون عود الراوي معها، ولأجلها رخص فيه.
(ولو) تعذر الرجوع أو (شق صلاهما حيث ذكر) ولو خارج
المسجد أو الحرم، وتمكن من الرجوع إليهما على الأشهر الأقوى، بل كاد أن
يكون إجماعا.
خلافا للدروس فقال: رجع إلى المقام، فإن تعذر فحيث شاء من
الحرم، فإن تعذر فحيث أمكن من البقاع (1)، وهو أحوط.
وأحوط منه الرجوع إلى المسجد إن أمكن ولم يمكن إلى المقام، وإن كان
في تعيينه (2) نظر، لاطلاق الأخبار بالصلاة موضع الذكر، بحيث يشمل
خارج الحرم والمسجد ولو مع التمكن منهما.
وصورة المشقة من غير تعذر في العود إلى المقام، بل ظهور الصحيحة
المتقدمة، أو صراحتها فيها، وصراحة الرواية المتقدمة بعدها قطعا، مضافا
إلى انتفاء العسر والحرج، واعتبار الوسع في التكليف. ولا معارض لها
يوجب الرجوع إن الحرم أو المسجد مع الامكان.
ويقيد المشقة بالتعذر، وللتحرير فجوز الاستنابة فيهما إن خرج وشق
عليه الرجوع (3)، وكذا عن التذكرة إن صلاهما في غير المقام ناسيا ثم لم
يتمكن من الرجوع (4).
قيل: لجواز الاستنابة تبعا للطواف، فكذا وحدها، وللصحيح: فيمن

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الطواف ص 113 س 22.
(2) في (م) و (ق): تعينه.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 98 س 6.
(4) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج في كيفية الطواف ج 1 ص 362 س 39.
545

نسيها حتى ارتحل من مكة، قال: إن كان مضى قليلا فليرجع فليصلهما أو
يأمر بعض الناس فيصليهما عنه (1).
والصحيح: من نسي أن يصلي ركعتي طواف الفريضة حتى خرج من
مكة فعليه أن يقضي، أو يقضي عنه وليه، أو رجل من المسلمين (2).
والخبر: عمن نسي أن يصلي الركعتين، قال: يصلى عنه (3).
والمرسل: عن الرجل ينسى ركعتي طواف الفريضة حتى يخرج، قال:
يوكل (4)، انتهى (5).
وفي هذه الأدلة أجمع نظر، لأن الأول قياس فاسد.
والصحيح الأول مخالف للاجماع، لدلالته على جواز الاستنابة مع التمكن
من الرجوع، ولم أر قائلا به.
والصحيح الثاني يحتمل التقييد بما إذا مات، فإن الحكم فيه ذلك،
كما يأتي.
والخبر الأول يحتمل التقييد به أيضا، مضافا إلى ما في سنده.
نعم الرواية الأخيرة صريحة في ذلك، إلا أن ضعف سندها من وجوه.
وقصورها عن المقاومة للأخبار الآمرة للناسي بفعله لهما بنفسه يمنع عن
العمل بها.
قيل: وظاهر المبسوط الاستنابة إذا خرج مع تعمد الترك (6).

(1) وسائل الشيعة: ب 74 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 482.
(3) وسائل الشيعة: ب 74 من أبواب الطواف ح 13 ج 9 ص 484.
(3) وسائل الشيعة: ب 74 من أبواب الطواف ح 4 ج 9 ص 482.
(4) وسائل الشيعة: ب 74 من أبواب الطواف ح 14 ج 9 ص 484.
(5) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 340 س 14.
(6) والقائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 340 س 17.
546

ولم نقف على مستنده، مع أنه غير مرتبط بما نحن فيه.
ولم يتعرض المصنف لحكم الجاهل والعامد.
أما الجاهل: فالظاهر أنه بحكم الناسي، وفاقا لجماعة (1)، للصحيح:
أن الجاهل في ترك الركعتين عند مقام إبراهيم بمنزلة الناسي (2).
وأما العامد فقيل: إن مقتضى الأصل وجوب العود مع الامكان، وإنما
الكلام في الاكتفاء بصلاتهما حيث أمكن مع التعذر، أو بقاؤهما إلى أن
يحصل التمكن من الاتيان بهما في محلهما. وكذا الاشكال في صحة الأفعال
المتأخرة عنهما من صدق الاتيان بها ومن عدم وقوعها على الوجه المأمور به (3)
انتهى، وهو جيد.
(ولو مات) الناسي لهما ولم يصلهما (قضا) هما (عنه الولي) كما
في كلام جماعة (4)، من غير خلاف فيه بينهم أجده، للعموم، وللصحيحة
المتقدمة قريبا، وهي وإن كانت عامة لصورتي الموت والحياة، لكن الثانية
خرجت بما عرفته من الأدلة.
و (أو) فيها ليست ناصة في التخيير، فيحتمل غيره، وهو تعين الولي
مع وجوده، وجواز غيره له مطلقا، أو مع عدمه.
وإن فاتتاه مع الطواف فهل على الولي قضاء الجميع بنفسه، أو
بالاستنابة؟ الأقوى الوجوب.

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج في الطواف ص 113 س 24، ومدارك الأحكام: كتاب الحج
في واجبات الطواف ج 8 ص 136، وذخيرة المعاد: كتاب الحج ص 630 س 30.
(2) وسائل الشيعة: ب 74 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 482.
(3) مدارك الأحكام: كتاب الحج في واجبات الطواف ج 8 ص 136.
(4) شرائع الاسلام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 267، والجامع للشرائع: كتاب الحج في
صلاة الطواف ص 199، والوسيلة: كتاب الحج في بيان دخول مكة والطواف ص 174.
547

أما الصلاة فلبعض ما مر.
وأما الطواف فللصحيح: فيمن نسي طواف النساء حتى دخل أهله،
قال: لا يحل له النساء حتى يزور البيت، وقال: يأمر من يقضي عنه إن لم
يحج، فإن توفي قبل أن يطاف عنه فليقض عنه وليه أو غيره (1).
وهو وإن كان مخصوصا بطواف النساء، لكن يشمل طواف العمرة
والزيارة بطريق أولى.
(والقران) بين الطوافين فصاعدا - بأن لا يصلي ركعتي كل طواف
بعده، بل تأتي بهن أجمع ثم بصلاتهن كذلك - حرام عند الأكثر على الظاهر
المصرح به في المنتهى (2).
و (مبطل) أيضا كل ذلك (على الأشهر) (3) كل ما هنا وفي
التنقيح (4).
وفيه: إن لم يكن إجماع وغيره نظر، فإنا لم نقف على نص ولا فتوى
يتضمن الحكم بالابطال، وإنما غايتهما النهي عن القران.
ففي الصحيح: عن الرجل يطوف الأسابيع جميعا فيقرن، فقال: لا إلا
أسبوع وركعتان، وإنما قرن أبو الحسن - عليه السلام - لأنه كان يطوف مع
محمد بن إبراهيم لحال التقية (5).
وفي آخر مروي في السرائر عن كتاب حريز: لا قران بين أسبوعين في

(1) وسائل الشيعة: ب 58 من أبواب الطواف ح 6 ج 9 ص 468.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج في الطواف ح 2 ص 699 س 37.
(3) في المتن المطبوع والشرح الصغير: مبطل في الفريضة على الأشهر.
(4) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 503.
(5) وسائل الشيعة: ب 36 من أبواب الطواف ح 7 ج 9 ص 441.
548

فريضة ولا نافلة (1).
وفي الخبر: عن الرجل يطوف بين أسبوعين، فقال: إن شئت رويت
لك عن أهل مكة؟ فقال: قلت له: والله مالي في ذلك حاجة، جعلت
فداك، ولكن ارو لي ما أدين الله عز وجل به؟ فقال لي: لا تقرن بين
أسبوعين، كلما طفت أسبوعا فصل ركعتين، وأما أنا فربما قرنت الثلاثة
والأربعة، فنظرت إليه، فقال: إني مع هؤلاء (2).
وغاية هذه الأخبار الدلالة على تحريم القران، وهو لا يستلزم بطلان
الطواف الأول إذا كان فريضة، أو بطلانهما معا، كما هو ظاهر العبارة
وغيرها، لتعلق النهي بخارج العبادة، لعدم صدق القران إلا بالاتيان
بالطواف الثاني، فهو المنهي عنه لا هما معا، أما الأول، كما هو ظاهر القوم.
نعم لو أريد بالباطل الطواف الثاني اتجه، لتعلق النهي بنفس العبادة
حينئذ.
ويدل على البطلان حينئذ - زيادة على ذلك - الأخبار (3) الدالة على
فورية صلاة الطواف، وأنها تجب ساعة الفراغ منه لا تؤخر، بناء على ما
قررناه في الأصول من استحالة الأمر بشيئين متضادين في وقت مضيق ولو
لأحدهما.
وبالجملة: ظاهر الأدلة تحريم القران في طواف الفريضة.
وأما بطلانه فلم نقف له على حجة، إلا أن يكون إجماعا، كما ربما
يفهم من التنقيح (4) وغيره.

(1) السرائر (في المستطرفات): ج 3 ص 587.
(2) وسائل الشيعة: ب 36 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 441.
(3) وسائل الشيعة: ب 3 من أبواب الطواف ج 9 ص 391.
(4) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 502.
549

ومقابل الأشهر قول الحلي بعدم البطلان والتحريم (1)، بل الكراهة،
للأصل، والأخبار الكثيرة الدالة على أنهم - عليهم السلام - قرنوا، وللصحيح
وغيره: إنما يكره أن يجمع الرجل بين أسبوعين والطوافين في الفريضة، وأما
في النافلة فلا بأس (2).
وفي الجميع نظر، لوجوب الخروج عن الأصل بما مر.
وضعف دلالة الأخبار أجمع.
أما أخبار الفعل فلعل الفعل كان في النافلة أو الفريضة لحال التقية،
فإن الجواز مذهب العامة، كما في المنتهى (3) وغيره (4)، وصرح به جملة من
الأخبار السابقة.
وأما الخبران الأخيران فلأعمية الكراهة فيهما من الكراهة بالمعنى
المصطلح، فلعل المراد بها الحرمة، كما ربما يشير إليه المقابلة لها بنفي البأس
في النافلة، بناء على الاجماعات على الكراهة فيها، بل جعلها في التنقيح على
إرادة الحرمة من لفظ الكراهة أمارة صريحة (5).
ومن هنا يتضح المستند في قوله: (و) القران (مكروه في) الطواف
(النافلة) مضافا إلى الشبهة الناشئة من عموم الأخبار الناهية للنافلة،
وخصوص صحيحة حريز المتقدمة - وإن قيل في تضعيف دلالتها على المنع في
النافلة احتمال - (6) أن يكون المراد أنه لا يجوز أن يقرن طواف النافلة بطواف

(1) السرائر: كتاب الحج في باب دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 572.
(2) وسائل الشيعة: ب 36 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 440.
(3) منتهى المطلب: كتاب الحج في الطواف ج 2 ص 700 س 1.
(4) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 502.
(5) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 502.
(6) الظاهر أن القائل هو صاحب مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام واجبات الطواف ج 8
ص 140.
550

الفريضة، بل يجب أن يصلي ركعتين للفريضة، ثم يطوف للنافلة، لبعده،
غايته.
ولولا نفي الخلاف عن الجواز فيها مع الكراهة الظاهر المصرح به في
التنقيح (1) لكان القول بالمنع فيها أيضا في غاية القوة، لما عرفته، مع قصور
الخبرين المتقدمين بأنه إنما يكره في الفريضة، وأما النافلة فلا بأس عن
صرف الأخبار المانعة بتقييد وشبهه بقوة احتمال ورودهما للتقية. مع أن
ظاهرهما نفي البأس في النافلة بالكلية، ولا قائل به منا، كما عرفته، فتدبر.
واعلم أن تفسير القران - بما قدمناه - من أنه المجمع بين أسبوعين فصاعدا
هو ظاهر النصوص والفتاوى، وبه صرح في التنقيح أيضا (2).
ولكن يحتمل تفسيره بما يعمه والجمع بين طواف وما زاد ولو شوطا أو
بعضه، فيكون إشارة إلى تحريم الزيادة على الطواف مطلقا، وقد فرضها
الأصحاب مسألة أخرى، وظاهرهم الاتفاق على الحكم المذكور فيها إلا
نادرا وأطلقوا الحكم في ذلك فلم يفصلوا بين صور المسألة وشقوقها.
فإن تم إجماعا، وإلا فالمتجه التفصيل على ما ذكره بعض أصحابنا،
حيث قال بعد ذكر الحكم على إطلاقه مبينا لدليله: أما إذا نوى الزيادة من
أول الطواف أو في أثنائه على أن يكون من الطواف فهو ظاهر، لأنه نوى ما
لم يأمر به الشارع، كما لو نوى صوم يوم وليلة أو بعضها، فإن نواها من أول
الأمر لم يشرع إلا في طواف غير مشروع بنية غير صحيحة، وإن نواها في
الأثناء فلم يستدم النية الصحيحة ولا حكمها.
وأما إذا لم يكن شئ من ذلك وإنما تجدد له تعمد الزيادة بعد
الاتمام، فإن تعمدت فعلها لا من هذا الطواف فعدم البطلان ظاهر، لأنه

(1) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 502.
(2) التنقيح الرائع: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 502.
551

حينئذ فعل خارج وقع لغوا، أو جزء من طواف آخر.
وإنما الكلام إذا تعمدها حينئذ من هذا الطواف، وظاهر الأكثر
البطلان، لأنه كزيادة ركعة في الصلاة، كما في الخبر: الطواف المفروض
إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها، فإذا زدت عليها
فعليك الإعادة (1). ولخروجه عن الهيئة التي فعلها النبي - صلى لله عليه وآله -
مع وجوب التأسي، وقوله - صلى لله عليه وآله -: (خذوا عني
مناسككم) (2)، وللخبر: عن رجل طاف بالبيت ثمانية أشواط، قال:
يعيد حتى يستتمه (3).
وفي الكل نظر، لأن الخبرين إن سلمنا يحتملان نية الزيادة أول
الطواف أو أثنائه.
والخروج عن الهيئة المأثورة ممنوع، فإن ما قبلها كان على الهيئة والزيادة
إنما لحقها من بعد، وكذا كونها كزيادة ركعة، بل إنما هي كفعل ركعة بعد
الفراغ من الصلاة، ولذا لم يجزم المحقق بالحرمة، بل الابطال.
وقد يؤيد الصحيحة مع الأصل إطلاق نحو الصحيح: عن رجل طاف
طواف الفريضة ثمانية أشواط، قال: يضيف إليها ستا (4)، وهو كثير، إلا
أنه لا بد أن يكون المراد السهو، أو نية الطواف الثاني، أو تعمد الشوط من
طوافه (5)، إلى آخر ما ذكره.

(1) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 11 ج 9 ص 438.
(2) عوالي اللآلي: ح 73 ج 1 ص 215.
(3) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 436.
(4) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 8 ج 9 ص 437.
(5) القائل هو صاحب كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 336 س 6، وفيه اختلاف
يسير.
552

ولنعم ما ذكره، وإنما ذكرناه بطوله لحسن مفاده وجودة محصوله، وإلى
ما ذكره يميل جماعة.
لكن ما اختاره الأكثر لعله أظهر، للخبر الذي مر.
وضعفه إن كان بعملهم منجبرا، مع أنه قريب من الصحيح، لكون
الراوي عن موجب الضعف مما نقل إجماع العصابة على تصحيح ما يصح
عنه (1)، مع أن الضعف بالاشتراك بين الثقة وغيره، وقيل: إنه الثقة (2)،
ولذا وصفه بعض العلماء (3) بالصحة.
وكيف كان، فالتأمل في السند لا وجه له. وكذا في الدلالة، للاطلاق
ما فيها من الزيادة الشاملة لمفروض المسألة، وتقييده بخصوص ما ذكره من
غير مقيد للوجه له.
ثم إن هذا إذا زاد عمدا، ولو زاد سهوا أكمل أسبوعين على الأشهر
الأظهر كما في الصحاح المستفيضة وغيرها من المعتبرة وأكثرها وإن عمت
صورة العمد، لكنها مخصصة بالسهو، لما مر.
مضافا إلى الصحيح: من طاف بالبيت فوهم حتى يدخل في الثامن
فليتم أربعة عشر شوطا ثم يصلي ركعتين (4).
وبه يقيد الخبران المتقدمان قريبا، المطلقان للإعادة بالزيادة بحملهما
على العمد أيضا وإن بعد في أحدهما.
خلافا للصدوق (5) فجمد على ما ظاهرهما من الاطلاق، ومال إليه

(1) ذخيرة المعاد: كتاب الحج في غسل الجنابة ص 48 س 31.
(2) والقائل هو صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في ما لو زاد في الطواف ج 16 ص 204.
(3) مختلف الشيعة: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 289 س 35.
(4) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 5 ج 9 ص 437.
(5) المقنع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 22 آخر الصفحة.
553

بعض المعاصرين لذلك.
وللخبر: قلت: رجل طاف وهو متطوع ثمان مرات وهو ناس، قال:
فليتم طوافين ثم يصلي أربع ركعات، فأما الفريضة فليعد حتى يتم سبعة
أشواط (1).
مضافا إلى الصحيح المتقدم الأمر بصلاة ركعتين خاصة.
ونحوه، بل وأظهر منه آخر: كان علي - عليه السلام - يقول: إذا طاف
فليتم أربعة عشر، قلت: يصلي أربع ركعات؟ قال: يصلي ركعتين (2).
قال: والتقريب فيهما أن الأول صار باطلا باعتبار الزيادة وإن كانت
سهوا، وأن الشوط الثامن قد اعتد به من الطواف الواجب المأمور به بعد
بطلان الأول، وهاتان الركعتان له (3).
وفي الجميع نظر، لضعف الخبرين بما مر، والثالث بضعف السند،
وشذوذ الصحيحين، وعدم قائل بهما في البين، لانحصار القول في المسألة في
اثنين:
أحدهما: استحباب إكمال أسبوعين، وصلاة أربع ركعات أشار إليه
الماتن بقوله: (وصلى ركعتي) الطواف (الواجب منهما قبل السعي
وركعتي الزيادة بعد).
ودل عليه الصحيح: إن عليا - عليه السلام - طاف طواف الفريضة
ثمانية فترك سبعة وبنى على واحد، وأضاف إليها ستة، ثم صلى ركعتين
خلف المقام، ثم خرج إلى الصفا والمروة، فلما فرغ من السعي بينهما رجع

(1) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 436.
(3) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 9 ج 9 ص 437.
(3) وهذا المعاصر هو صاحب الحدائق الناضرة: كتاب الحج في ما لو زاد في الطواف ج 16
ص 205.
554

فصلى الركعتين اللذين ترك في المقام الأول (1).
ونحوه كثير من الصحاح وغيرها (2)، لكن من غير بيان للركعات أنها
مفصولة أو موصولة.
وثانيهما: ما عليه الصدوق من بطلان ما فعل، ووجوب الإعادة،
ومقتضاه وجوب إعادة سبعة أشواط لا ستة، فيصير المجموع خمسة عشر
شوطا، وهو خلاف نص الصحيحين (3) - المتقدم إليهما الإشارة - من الاكتفاء
بأربعة عشر شوطا.
مع أن أولهما - الدال على قول الأمير - عليه السلام - ذلك - معارض بصريح
الصحيح (4) الأخير، المتضمن لفعله - عليه السلام - خلافه.
ووهنه بعدم إمكان حمله على العمد ولا النسيان لعصمته - عليه السلام -
عنهما مضعف في كلام جماعة (5)، بإمكان كون فعله - عليه السلام - تقية،
فتأمل.
فطرحهما أو حملهما على أن مراده بالركعتين صلاتان أو صلاة ركعتين
لكل طواف أو يراد قبل السعي متعين.
وبالجملة: فالأخبار المتقدمة ما بين ضعيف سندا ودلالة، وشاذة.
ومع ذلك فغير مكافأة لأخبار كثيرة من وجوه عديدة، من حيث
الصحة والاستفاضة والاعتضاد بالشهرة العظيمة، التي كادت تكون
إجماعا، بل لعلها إجماع في الحقيقة.

(1) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 7 ج 9 ص 437.
(2) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ج 9 ص 436.
(3) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 5 و ح 13 ج 9 ص 437 - 438.
(4) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 6 ج 9 ص 437.
(5) كالشيخ العاملي في الوسائل: ب 34 من أبواب الطواف ذيل ح 7 ج 9 ص 437.
555

وبغيرها من المعتبرة، كالرضوي الذي عليه اعتماد الصدوق وأبيه
وكثير: فإن سهوت فطفت طواف الفريضة ثمانية أشواط فزد عليها ستة
أشواط، وصل عند مقام إبراهيم ركعتي الطواف، ثم اسع بين الصفا
والمروة، ثم تأتي المقام فصل خلفه ركعتي الطواف، واعلم أن الفريضة هو
الطواف الثاني والركعتين الأوليين لطواف الفريضة، والركعتين للطواف
الأول والطواف الأول تطوع (1).
وصريح هذه الرواية، وظاهر بعض الصحاح المتقدمة كون الطواف
الثاني الفريضة والأول النافلة، كما عن والد الصدوق (2) والإسكافي (3)،
وهو ظاهر العبارة وأخبار المسألة، للأمر فيها أجمع بإكمال أسبوعين، وهو
حقيقة في الوجوب، فلا يجوز قطع الطواف الثاني.
خلافا للفاضل (4) والشهيدين (5) فجعلوا الثاني هو النافلة، وجوزوا
قطعها.
وهو مشكل، لما عرفته، مع سلامته عن المعارضة بالكلية، سوى أصالة
بقاء الطواف الأول على كونه فريضة بحسب ما اقتضته النية، ولا قائل
بوجوب الطوافين معا، بل نقل الاجماع على عدمه، وأنه إنما يجب الثاني إن
قلنا ببطلان الأول، ولم نقل به، كما مر.
والكلام على تقديره وفي بعض (6) الأخبار التصريح بأن أحدهما فريضة

(1) فقه الرضا - عليه السلام -: ب 31 في الحج وما يستعمل فيه ص 220.
(2) نقله عنهما العلامة في المختلف: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 289 س 38.
(3) نقله عنهما العلامة في المختلف: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 289 س 38.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 700 س 19.
(5) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 117 س 10، ومسالك الأفهام: كتاب الحج ج 1 ص 125
س 1.
(6) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 14 ج 9 ص 438.
556

والآخر نافلة.
وفيه مناقشة واضحة، لوجوب الخروج عن الأصل بما عرفته.
إلا أن يجاب: بأن الناص منه في بلوغها درجة الحجية مناقشة.
والصحيح ظهوره ليس بذلك الظهور المعتد به حتى يكون حجه يخصص
بها الأصل.
مضافا إلى قوة احتمال عدم كونه من أخبار المسألة، كما أشار إليه
بعض الأفاضل، فقال في تضعيف الاستناد إليه بعده: مكن لما امتنع
السهو عليه لم يطف ثمانية، إلا لعدوله في الأول عن نية فرضه لموجب له،
فليس من المسألة (1).
والأخبار الآمرة وإن كانت ظاهرة في ذلك، إلا أنه ربما يفهم منها من
جهة أخرى كون الثاني هو النافلة، ولذا أن الصدوق في الفقيه بعد نقل
بعضها قال: وفي خبر آخر أن الفريضة هي الطواف الثاني (2)، ثم ساق
متن الرضوي إلى آخره.
ولعله هو المراد بالرواية المشار إليها في كلامه، وهو كالصريح فيما ذكرنا
من فهمه من الأخبار (3) الآمرة بالاكمال، أسبوعين ما ذكرناه من أن الثاني
هي النافلة، وكذلك الأصحاب، وإلا فلم نجد لما ذكروه حجة، سوى
الأصل المخصص بما مر.
والجمع بينه وبين الأمر بالاكمال وإن أمكن بحمله على الاستحباب،
إلا أن الجمع بينهما بالتخصيص أرجح، كما في الأصول قد تقرر.

(1) هو الفاضل الهندي في كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 336 س 23.
(2) من لا يحضره الفقيه: باب السهو في الطواف ج 2 ص 396.
(3) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف، أنظر أحاديث الباب ج 9 ص 436 - 439.
557

وكيف كان، فالأحوط ما عليه الإسكافي (1)، بل لا يبعد أن يكون
أظهر.
ثم إن إطلاق العبارة بالاكمال أسبوعين يقتضي عدم الفرق فيه بين
إكمال الشوط الثامن ببلوغ الركن وعدمه، وهو ظاهر بعض الصحاح
المتقدمة، المتضمنة لقوله: (فوهم حتى يدخل في الثامن فليتم أربعة عشر
شوطا) (2)، حيث جعل المناط في الأمر بالاتمام أربعة عشر شوطا الدخول
في الثامن.
ولا ريب في صدقه بالزيادة ولو مع عدم بلوغ الركن.
خلافا للأكثر ففصلوا بين البلوغ فيتم وعدمه فيلغى الزائد، لصريح
الخبر: إن ذكر قبل أن يبلغ الركن فليقطعه، وقد أجزأ عنه، وإن لم يذكر
حتى يبلغه فليتم أربعة عشر شوطا، وليصل أربع ركعات (3).
ولعله أظهر وإن ضعف السند، لانجباره بعمل الأكثر، فيترجح على
الصحيح، لعدم صراحته.
واحتمال الحمل على أن المراد بالدخول في الثامن إتمامه، كما هو ظاهر
مورد الأخبار الباقية، ولذا أن الشيخ بعد نقلهما قال: إن هذا الخبر - وأشار
به إلى الصحيح - مجمل، ورواية أبي كهمس - أشار به إلى الخبر مفصلة،
والحكم بالمفصل أولى منه بالمجمل (4)، وارتضاه بعض من تأخر عنه، إلا أنه

(1) من كون الثاني هو الفريضة والأول نافلة، كما نقله عنه العلامة في المختلف: كتاب الحج في
الطواف ج 1 ص 289 س 38.
(2) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف مقطع ح 5 ج 9 ص 437.
(3) وسائل الشيعة: ب 34 من أبواب الطواف ح 3 و 4 ج 9 ص 437.
(4) الاستبصار: ب 142 في من طاف ثمانية أشواط ذيل ح 8 ج 2 ص 219.
558

رده باشتراط التكافؤ المفقود في محل البحث، لضعف سند الخبر (1). وفيه:
ما مر.
ثم إن صريح العبارة وجوب إيقاع ركعتين قبل السعي للفريضة،
وأخريين بعده للنافلة، وعزى إلى الأكثر (2)، وبه نص الرضوي (3) المتقدم،
والصحيح المروي في السرائر عن نوادر البزنطي.
وفيه: عن الركعات كيف يصليهن أيجمعهن أو ماذا؟ قال: يصلي
ركعتين للفريضة، ثم يخرج إلى الصفا والمروة، فإذا رجع من طوافه بينهما
رجع يصلي ركعتين للأسبوع الآخر (4). ونحوه بعض الصحاح المتقدمة وغيره،
لكن ليس فيهما سوى الأمر بالتفريق بين الركعات، كما مر.
ولم يتعرض فيهما، لكون الأوليين قبل السعي للفريضة، والأخريين
بعده للنافلة.
خلافا لبعض المتأخرين فجعل ذلك على سبيل الأفضلية، وجوز تقديم
الأربع كلا قبل السعي، لاطلاق الأمر بالأربع في الصحيح وغيره (5).
وفيه نظر، لوجوب حمل المطلق على المقيد، وهو أولى من حمل أمر
المفصل على الاستحباب، لرجحان التخصيص على المجاز، كما مر في غير
(ويعيد من طاف في ثوب نجس) أو على بدنه نجاسة مع العلم بها

(1) منهم السيد السند في المدارك: كتاب الحج في مندوبات الطواف ج 8 ص 170.
(2) عزاه إلى الأكثر العلامة في التذكرة: كتاب الحج ج 1 ص 362 س 26.
(3) فقه الرضا - عليه السلام - ب 31 في الحج وما يستعمل فيه ص 220.
(4) السرائر: المستطرفات ج 3 ص 560.
(5) كالسيد السند في المدارك: كتاب الحج في مندوبات الطواف ج 8 ص 171، والمولى الكاشاني
في المفاتيح: كتاب مفاتيح الحج ج 1 ص 370.
559

حينه، إجماعا من القائلين باشتراط الطهارة منها في الطواف، للنهي المفسد
للعبادة.
ولا فرق فيه بين العالم بالحكم وغيره، على الأشهر الأحوط.
خلافا لجمع فألحقوا الثاني بالجاهل بالنجاسة (1).
(ولا يعيد لو لم يعلم) بها حينه ولا قبله قطعا، فإن امتثال الأمر
يقتضي الاجزاء، مضافا إلى ثبوت هذا الحكم في الصلاة، على الأشهر
الأقوى، كما مضى، فكذا هنا إن قلنا بالتسوية بينهما أو بطريق أولى.
وفيما لو علم بها قبله ونسيها حينه إشكال، من خبر التسوية، ومن
الأصل والشك في عموم التسمية، وشمولها لهذا الحكم.
ولا ريب أن الإعادة أحوط وأولى إن لم نقل بكونه أقوى.
خلافا للفاضل وغيره فلم يوجبوها كالجاهل (2). ولعله لما مر، ولاطلاق
المرسل كالصحيح: رجل في ثوبه دم مما لا يجوز الصلاة في مثله فطاف في
ثوبه، فقال: أجزأه الطواف، ثم ينزعه ويصلي في ثوب طاهر (3).
وهو وإن شمل العامد، لكنه خرج بالدليل فيبق الباقي ومنه الجاهل
والناسي، ولا بأس به لولا قصور السند وعدم صحته.
(ولو علم) بها (في أثناء الطواف أزاله) أي نزعه أو غسله
(وأتم) الباقي، لأن امتثال الأمر يقتضي الاجزاء، وللخبرين (4).
وإطلاقهما - كالعبارة وغيرها من عبائر الجماعة - يقتضي عدم الفرق بين

(1) كالسيد السند في المدارك: كتاب الحج أحكام واجبات الحج ج 8 ص 145.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 701 س 8.
(3) وسائل الشيعة: ب 52 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 462.
(4) وسائل الشيعة: ب 52 من أبواب الطواف ح 1 و 2 ج 9 ص 462.
560

ما لو توقف الإزالة على فعل يستدعي قطع الطواف، وعدمه. ولا بين أن
يقع العالم بعد تجاوز النصف، أو قبله، وهو نص القريب من الصحيح.
وفيه: ابتدأت في طواف الفريضة فطفت شوطا، فإذا إنسان أصاب
أنفي فأدماه فخرجت فغسلته ثم جئت فابتدأت الطواف، فذكرت ذاك
لأبي عبد الله - عليه السلام -، فقال: بئس ما صنعت، كان ينبغي لك أن
تبني على ما طفت، أما أنه ليس عليك شئ (1).
خلافا للشهيدين فجزما بوجوب الاستئناف إن توقف الإزالة على فعل
يستدعي قطع الطواف ولما يكمل أربعة أشواط، قيل: نظرا إلى ثبوت ذلك
مع الحدث في أثناء الطواف، والحكم في المسألتين واحد (2). وفيه نظر.
والأجود الاستدلال لهما بعموم ما دل على أن قطع الطواف قبل التجاوز
يوجب الاستئناف، كما يأتي.
ولا معارض له صريحا سوى الخبر الأخير، وهو قاصر سندا، يشكل
تخصيصه به، وكذا الخبران الأولان، مضافا إلى عدم صراحتهما، واحتمالهما
التقييد بصورة التجاوز، كما يمكن تقييد ذلك العموم بغير موردهما.
وبالجملة: فإن التعارض بينهما تعارض العموم والخصوص من وجه،
يمكن تقييد كل منهما بالآخر، والأقوى تقييد هذين بذلك، لقصور السند.
لكن يمكن جبر القصور بعد الجبر بعمل المشهور بالموافقة، للأصل، فإن
الأصل بقاء صحة ما فعل، وعدم وجوب الاستئناف، مع تأمل ما في ذلك
العموم، وإنما غايته الاطلاق الغير المتبادر منه محل النزاع.
ولعل هذا أظهر، سيما مع اعتضاده بصريح ما مر من الخبر المعتبر.

(1) وسائل الشيعة: ب 41 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 447.
(2) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 116 س 22، ومسالك الأفهام: كتاب الحج في أحكام
الطواف ج 1 ص 122 س 5.
561

فتدبر.
(وتصلى ركعتاه) أي الطواف بقول مطلق، كما هنا وفي
السرائر (1)، حيث لم يقيداه بالواجب، أو الواجب منه خاصة، كما هو
الأشهر.
(في كل وقت) حتى الأوقات الخمسة التي تكره فيها ابتداء النافلة
(ما لم يتضيق وقت) فريضة (حاضرة) للصحاح (2) المستفيضة وغيرها
من المعتبرة.
والصحاح المعارضة لها بالمنع محمولة:
إما على التقية، كما صرح به شيخ الطائفة (3)، قال: لأنه مذهب
العامة (4).
أقول: ولكن في الموثق - كالصحيح -: ما رأيت الناس أخذوا عن الحسن
والحسين - عليهما السلام - إلا الصلاة بعد العصر وبعد الغداة في طواف
الفريضة (5).
وظاهره موافقة العامة لنا في هذه المسألة اقتداء منهم بهما - عليهما السلام -.
لكن يمكن الجواب بالفرق بين فعلهم وفعلنا، فإن فعلنا لم يظهر كونه
لأجل اختصاص الجواز بركعتي الطواف، بل يحتمل كونه للجواز على
الاطلاق، كما هو مذهبنا، فإذا رأت العامة نفعلهما فربما توهمت بنا الجواز
مطلقا فأذينا. ولا كذلك لو فعلهما بعد ظهور مذهبهم في المنع مطلقا.

(1) السرائر: كتاب الحج باب دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 577.
(2) وسائل الشيعة: ب 76 من أبواب الطواف انظر أحاديث الباب ج 9 ص 487 - 489.
(3) في (م): كما صرح به جماعة منهم شيخ الطائفة.
(4) الاستبصار: ب 157 وقت ركعتي الطواف ذيل ح 5 ج 2 ص 237.
(5) وسائل الشيعة: ب 76 من أبواب الطواف ح 4 ج 9 ص 487.
562

وربما يشير إلى ما ذكرنا الصحيح: عن صلاة التطوع بعد العصر، فقال:
لا، فذكرت له قول بعض آبائه - عليهم السلام -: أن الناس لم يأخذوا عن
الحسن والحسين - عليهما السلام - إلا الصلاة بعد العصر بمكة، فقال: نعم،
ولكن إذا رأيت الناس يقبلون على شئ فاجتنبه، فقلت: إن هؤلاء
يفعلون، فقال: لستم مثلهم (1).
أو على النافلة، لكراهة ركعتيها على الأشهر، للخبر: عن الطواف بعد
العصر، فقال: طف طوافا وصل ركعتين قبل صلاة المغرب عند غروب
الشمس، وإن طفت طوافا آخر فصل الركعتين بعد المغرب (2).
ولكن ظاهر الصحيحة المتقدمة عدم الكراهة فيها، وإن نهي عنها،
لظهور سياقها في أنه كان اتقاء، ولعله لها أطلق الطواف الماتن هنا
كالسرائر (3).
هذا مع أن في النفس من كراهية ابتدائية النوافل في هذه الأوقات
مطلقا شئ، قدمنا وجهه في كتاب الصلاة، من أراده راجع هناك.
واحترز بقوله: (ما لم يتضيق وقت فريضة حاضرة) عما لو تضيق
وقتها، فإنه يجب تقديمها قطعا.
وعليه يحمل الصحيح: عن الذي يطوف بعد الغداة وبعد العصر وهو في
وقت الصلاة، أيصلي ركعات الطواف نافلة كانت أو فريضة؟ قال:
لا (4). فيقيد وقت الصلاة منه بالضيق منه.

(1) وسائل الشيعة: ب 76 من أبواب الطواف ح 10 ج 9 ص 488.
(2) وسائل الشيعة: ب 76 من أبواب الطواف ح 9 ج 9 ص 488.
(3) السرائر: كتاب الحج باب دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 577.
(4) وسائل الشيعة: ب 76 من أبواب الطواف ح 11 ج 9 ص 489.
563

وربما يفهم من الشيخ في الاستبصار العمل به بإطلاقه، حيث قال - بعد
نقله -: فالوجه في هذا الخبر ما تضمنه من أنه كان في وقت صلاة فريضة،
فلم يجز له أن يصلي ركعتي الطواف إلا بعد أن يفرغ من الفريضة
الحاضرة (1). وهو مشكل.
والأصل يقتضي التخيير بينهما، كما صرح به الفاضل في بعض
كتبه (2)، لأنهما واجبان موسعان، فلا وجه لترجيح أحدهما على الآخر.
هذا إن قلنا بسعة وقت صلاة طواف الفريضة.
وإن قلنا بفوريتها - كما يظهر من جملة من المعتبرة - فتقديمها حينئذ يكون
واجبا.
والصحيح المتقدم غير صريح في الاطلاق، فيحتمل التقييد بما ذكرنا،
عملا بالأصل، مضافا إلى احتماله الحمل على التقية، لما قدمنا.
(ولو نقص من طوافه) شوطا أو أقل أو أزيد أتمه إن كان في
المطاف مطلقا ما لم يفعل المنافي، ومنه طول الفصل المنافي للموالاة إن
أوجبناها، كما هو ظاهر الأصحاب.
وإن انصرف وكان طوافه طواف فريضة (وقد تجاوز النصف) بأن
طاف أربعة أشواط رجع ف‍ (أتم) ما أمكن (ولو) لم يمكنه كأن (رجع
إلى أهله استناب) في الاتمام.
(ولو كان) ما طافه (دون ذلك) أي قبل إتمام الرابع
(استأنف) إن أمكنه، وإلا استناب على الأظهر الأشهر، بل لا يكاد

(1) الاستبصار: ب 57 1 ركعتي الطواف ذيل ح 8 ج 2 ص 238.
(2) منها تحرير الأحكام: كتاب الحج أحكام الطواف ج 1 ص 98 س 10، والمنتهى: كتاب
الحج ج 2 ص 692 س 28.
564

فيه خلاف يظهر، إلا من جمع ممن تأخر حيث قالوا: لم نظفر بمتمسك لهذا
التفصيل، وأن ما وقفنا عليه من الأخبار لا تساعده (1).
ففي الصحيح: رجل طاف بالبيت فاختصر شوطا واحدا في الحجر،
قال: يعيد ذلك الشوط (2).
وفيه: عن رجل طاف بالبيت ستة أشواط، فقال - عليه السلام -:
يطوف شوطا.
وفيه: فإن فاته ذلك حتى أتى أهله، قال: يأمر من يطوف عنه (3).
وعلى مورده اقتصر جماعة، كالشيخ في التهذيب (4) والنهاية (5)،
والفاضل في التحرير (6) والتذكرة (7).
أقول وبالله سبحانه التوفيق: ولعل الدليل على هذا التفصيل مفهوم
التعليل في بعض الأخبار، المتقدمة في بحث أن الحائض والنفساء إذا منعهما
عذرهما عن إتمام العمرة يعدلان إلى الافراد والقران.
ففيه: عن امرأة طافت بالبيت أربعة أشواط وهي معتمرة ثم طمثت،
قال: تتم طوافها، فليس عليها غيره، ومتعتها تامة، فلها أن تطوف بين
الصفا والمروة، وذلك لأنها زادت على النصف وقد مضت متعتها،

(1) منهم الفاضل الهندي في كشف اللثام: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 331 س 8، وصاحب
مدارك الأحكام: كتاب الحج في أحكام الطواف ج 8 ص 175، والمحدث البحراني في
الحدائق: كتاب الحج ج 16 ص 214.
(2) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 431.
(3) وسائل الشيعة: ب 32 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 433.
(4) تهذيب الأحكام: ب 9 في الطواف ح 26 ج 5 ص 109.
(5) النهاية ونكتها: كتاب الحج في طواف البيت ج 1 ص 503.
(6) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام الطواف ج 1 ص 99 س 5.
(7) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 364 س 22.
565

ولتستأنف بعد الحج (1).
وهو صريح في أن علة الحكم بالاتمام بعد تجاوز النصف وطواف أربعة
أشواط إنما هو التجاوز، وأن من تجاوزه فقد تم طوافه.
وقريب منه آخر وارد في المريض بهذا التفصيل، وفيه: رجل طاف
طواف الفريضة، ثم اعتل علة لا يقدر معها على إتمام الطواف، قال: إن
كان طاف أربعة أشواط أمر من يطوف عنه ثلاثة أشواط فقد تم طوافه،
وإن كان طاف ثلاثة أشواط ولا يقدر على الطواف فلا بأس أن يؤخر
الطواف يوما أو يومين، فإن خلته العلة عاد فطاف أسبوعا (2).
وذلك فإن قوله: (فقد تم طوافه) في قوة التعليل للحكم بالاتمام،
وهو جار في المقام.
وخصوصية المورد لا يقدح في عموم التعليل على الأقوى، كما حقق في
الأصول مستقصى.
وضعف الأسانيد منجبر بالفتوى، ولا دليل أبين من هذا، سيما مع
اعتضاده بتتبع الموارد الآخر الثابت فيها ذلك التفصيل بالنص والفتوى.
ومن جملتها ما أشار إليه بقوله: (وكذا) الحكم في (من قطع
طواف) الفريضة (لحدث أو لحاجة) له أو لغيره أو لمرض، أما الأخير
فللنص (3)، المتقدم، المنجبر ضعف سنده بالعمل، والموافقة للرضوي.
وفيه بعد ذكر الحائض في أثناء الطواف وأنها تبني بعد تجاوز النصف لا
قبله: وكذلك الرجل إذا أصابته علة وهو في الطواف لا يقدر على إتمامه

(1) وسائل الشيعة: ب 86 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 502.
(2) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 453.
(3) وسائل الشيعة: ب 45 من أبواب الطواف ح 2 ح 9 ص 453.
566

أعاد بعد ذلك طوافه ما لم يجز نصفه، فإن جاز نصفه فعليه أن يبني على ما
طاف (1).
وعلى ما فصل فيهما يحمل إطلاق الصحيح بالإعادة بعروض المرض في
الأثناء، بحمله على ما إذا لم يتجاوز النصف، فإن المطلق يحمل على المقيد
بعد التكافؤ المشترط الموجود هنا ولو مع ضعف سند المفصل، بناء على ما
مضى من انجباره بالفتوى، مضافا إلى موافقته لما فهم من العلة التي
قدمناها.
وأما الأول: فللمرسل - كالصحيح على الصحيح -: في الرجل يحدث في
طواف الفريضة وقد طاف بعضه، قال: يخرج فيتوضأ، فإن كان جاز
النصف بنى على طوافه، وإن كان أقل من النصف أعاد الطوف (2).
ولا معارض لهذا الخبر، مع اعتباره في نفسه واعتضاده بالفتوى وبمفهوم
التعليل الذي قدمناه، مضافا إلى الأخبار (3) الواردة في الحائض والنفساء
إذا منعهما عذرهما في الأثناء.
وأما الثاني: فللجمع بين النصوص الواردة فيه، المتعارضة أكثرها (4)
تعارض العموم والخصوص المطلق، لدلالة جملة منها معتبرة متضمنة للصحيح
وغيره على البناء مطلقا، وجملة أخرى منها كذلك، على أنه يبني على الشوط
والشوطين في النافلة، ولا يبني في طواف الفريضة، باستثناء هذه عن تلك.
ويلحق ما زاد على الشوطين فصاعدا إلى ما لا يتجاوز النصف بهما،
لعدم قائل بالفرق بينهما أصلا.

(1) فقه الرضا - عليه السلام -: ب 31 في الحج وما يستعمل فيه ص 230.
(2) وسائل الشيعة: ب 40 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 446.
(3) وسائل الشيعة: ب 85 من أبواب الطواف أحاديث الباب ج 9 ص 501 - 502.
(4) هذه الكلمة غير موجودة في (مش).
567

وأما ما في المرسل (1) كالصحيح المروي في الفقيه، من جواز البناء على
الأقل من النصف فلا يبلغ قوة المعارضة للأخبار المصرحة بالإعادة من
وجوه عديدة، مضافا إلى شذوذه، وكونه مرويا في التهذيب (2) بنحو يوافق
تلك الأخبار، ويضاد ما في الفقيه، مع أنه ليس فيه تصريح بالفريضة،
فيحتمل النافلة، والحكم فيها ذلك اتفاقا فتوى ورواية.
وحيث ثبت هذه الكلية من اعتبار التجاوز عن النصف في عدم
الإعادة وعدمه في ثبوتها ظهر صحة التفصيل المذكور في العبارة ونحوها.
وما ذكر الأصحاب من ثبوته أيضا فيمن دخل جوف الكعبة في
الأثناء، مع أنه ورد الصحيح بالإعادة مطلقا، إذ ينبغي تقييده بما إذا لم
يتجاوز النصف، كما هو مورد كثير من المعتبرة المتضمنة للصحيح وغيره،
الواردة بالإعادة في هذه المسألة.
والجمع بالعكس بتخصيص الكلية بهذه الصحيحة وإن أمكن، إلا أن
الجمع الأول أشهر، فتعين.
ثم إن إطلاق النص والفتوى بالإعادة مع عدم التجاوز عن النصف
وعدمها معه فيما لو نقص يشمل صور وقوعه عمدا أو جهلا أو نسيانا،
وحكي التصريح به عن المفيد (3) والديلمي (4).
خلافا لآخرين فقيدوه بصورة النسيان، وأوجبوا الاستئناف مع
العمد (5).

(1) من لا يحضره الفقيه: باب من قطع عليه الطواف بصلاة وغيرها ح 2795 ج 2 ص 393.
(2) تهذيب الأحكام: ب 26 من الزيادات في فقه الحج ح 26 ج 5 ص 397.
(3) المقنعة: كتاب الحج ب 29 من الزيادات في فقه الحج ص 440.
(4) المراسم: كتاب الحج ص 123.
(5) كالحلي في الكافي: في الحج ص 195، والسيد ابن زهرة في الغنية (الجوامع الفقهية): كتاب
الحج ص 517 س 5.
568

قيل: ويؤيده الأمر بالاستئناف إذا قطعه لدخول البيت من غير تفصيل
في الأخبار (1).
وفيه: أن الأخبار الواردة فيه أكثرها مختصة بما إذا طاف ثلاثة أشواط،
والحكم فيه الإعادة مطلقا، عمدا كان أو جهلا أو نسيانا، اتفاقا.
والمطلق منها ليس إلا رواية واحدة.
وحملها على ما يوافق ذلك التفصيل بتقييده بما إذا لم يتجاوز النصف
- كما هو مورد تلك - ممكن، بل متعين، وإن أمكن العكس، لما مر.
وهل يجزئ الاستئناف حيث جاز البناء؟ يعطيه بعض الأخبار المتقدمة
فيمن طاف ووجد النجاسة في الأثناء. لكن ضعف سنده يمنع عن العمل
به هنا، والاحتياط يقتضي ترك الاستئناف.
وحيثما تعين عليه البناء هل يبني من موضع القطع، أو من الركن؟
الأحوط الأول حذرا من الزيادة، وللصحيح (2) وغيره، حيث أمر فيهما
بالحفظ من موضع القطع.
واحتاط في التحرير (3) والمنتهى (4) بالثاني، مع اعترافه فيهما وفي
التذكرة، كما قيل (5)، بدلالة ظاهر الخبر على الأول.
نعم ظاهر ما في بعض الصحاح الوارد فيمن اختصر شوطا من الإعادة
من الحجر إلى الحجر (6) هو الثاني. والجمع بالتخيير لا يخلو عن وجه.

(1) القائل الفاضل الهندي في كشفه: كتاب الحج في الطواف ج 1 ص 337 س 30.
(2) وسائل الشيعة: ب 41 من أبواب الطواف ح 10 ج 9 ص 449.
(3) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام الطواف ج 1 ص 99 س 9.
(4) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 698 س 26.
(5) القائل هو الفاضل الهندي في الكشف: كتاب الحج ج 1 ص 337 س 34، وتذكرة الفقهاء:
كتاب الحج ج 1 ص 364 س 34.
(6) وسائل الشيعة: ب 31 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 431.
569

وإذا شك في موضع القطع أخذ بالاحتياط، كما في الدروس (1).
(ولو قطعه لصلاة فريضة حاضرة) جاز مطلقا وإن لم يتضيق وقتها
بإجماع العلماء، إلا مالكا فإنه قال: يمضي في طوافه ولا يقطعه، إلا أن
يخاف أن يضر بوقت الصلاة، كما في المنتهى (2).
وإذا قطع ثم (صلى، ثم) بعد الفراغ منها (أتم طوافه) من حيث
قطع مطلقا (ولو كان) ما طافه (دون الأربعة) أشواط، كما في صريح
الغنية (3)، والمحكي في الدروس (4) عن الحلبي (5)، وفي غيره عن
الاصباح (6) والجامع (7)، وهو ظاهر الشيخ في النهاية (8) والحلي في
السرائر (9)، والمحكي عن المهذب (10) والفاضل في التحرير (11) والمنتهى (12)
والتذكرة (13)، وفيهما إجماع أهل العلم وغيرهم، حيث أطلقوا البناء وتركوا
التفصيل هنا، مع ذكرهم له في المسائل المتقدمة.
ولعله لاطلاق الصحيح: رجل كان في طواف الفريضة فأدركته صلاة

(1) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 113 س 17.
(2) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 698 س 19.
(3) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): كتاب الحج ص 517 س 4.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 113 س 14.
(5) الكافي في الفقه: حقيقة الحج وأحكامه ص 195.
(6) حكاه عنه الفاضل الهندي في الكشف: كتاب الحج ج 1 ص 338 س 19.
(7) الجامع للشرائع: كتاب الحج باب الطواف ص 198.
(8) النهاية ونكتها: كتاب الحج في طواف البيت ج 1 ص 505.
(9) السرائر: كتاب الحج باب دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 573.
(10) المهذب: كتاب الحج باب الطواف وما يتعلق به من الأحكام ج 1 ص 232.
(11) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام الطواف ج 1 ص 99 س 8.
(12) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 698 س 19.
(13) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ج 1 ص 364 س 30.
570

فريضة، قال: يقطع الطواف، ويصلي الفريضة، ثم يعود فيتم ما بقي عليه
من طوافه (1). ونحوه (2) غيره.
ولا بأس به وإن أمكن تقييد إطلاق الخبرين بمفهوم التعليل المتقدم،
وذلك لامكان العكس بتقييد المفهوم بإطلاق منطوق الصحيح، لرجحانه
هنا على الأول بالشهرة وحكاية (3) الاجماع.
خلافا للشهيدين في الدروس (4) واللمعتين (5) فاختارا الجمع الأول،
وزاد أولهما فادعي ندور ما في المتن.
مع إنك قد عرفت شهرته، ودعوى الاجماع عليه فيما مر.
وهو عجيب، ولا سيما من مثله.
وأعجب من دعواه إضافة الماتن خاصة الوتر بقوله: (وكذا للوتر) وأنه
نادر.
مع أن الشيخ في النهاية (6) والفاضل في التحرير (7) والمنتهى (8) ألحقوه
أيضا، للصحيح: عن الرجل يكون في الطواف قد طاف بعضه وبقي عليه
بعضه، فطلع الفجر فيخرج من الطواف إلى الحجر أو إلى بعض المساجد إذا
كان لم يوتر، فيوتر ثم يرجع فيتم طوافه افترى ذلك أفضل، أم يتم الطواف

(1) وسائل وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 451.
(2) وسائل الشيعة: ب 43 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 451.
(3) كشف اللثام: كتاب الحج ج 1 ص 338 س 20.
(4) الدروس الشرعية: كتاب الحج ص 113 س 15.
(5) اللمعة وشرحها: كتاب الحج ج 2 ص 251.
(6) النهاية ونكتها: كتاب الحج في طواف البيت ج 1 ص 505.
(7) تحرير الأحكام: كتاب الحج في أحكام الطواف ج 2 ص 99 س 10.
(8) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 698 س 26.
571

ثم يوتر وإن أسفر بعض الأسفار؟ قال: ابدأ بالوتر، واقطع الطواف إذا
خفت ذلك، ثم أتم الطواف بعد.
لكن ظاهر من عدا الماتن اشتراط خوف فوات الوتر، كما هو ظاهر
الصحيح (1) أيضا. وهو الأقوى.
خلافا للماتن فأطلق.
وفيه: مخالفة للنص والفتوى، ويشبه أن يكون دعوى الندور لهذا
لا لما مضى.
وللشهيدين (2)، فلم يفرقا بين الفريضة والوتر في جريان التفصيل فيهما.
(ولو دخل في السعي و) قد (ذكر أنه لم يطف) قط (استأنف
الطواف [ثم استأنف السعي] (3)) لوجوب تقديمه عليه، للمعتبرة.
منها - زيادة على ما يأتي - الصحيح: عن رجل طاف بين الصفا والمروة
قبل أن يطوف بالبيت، قال: يطوف بالبيت، ثم يعود إلى الصفا والمروة
فيطوف بينهما (4).
(ولو ذكر أنه طاف، و) لكن (لم يتم) الطواف (قطع
السعي، وأتم الطواف، ثم أتم السعي) للموثق - كالصحيح -: رجل
طاف بالكعبة ثم خرج فطاف بين الصفا والمروة، فبينما هو يطوف إذ ذكر
أنه قد ترك من طوافه بالبيت، قال: يرجع إلى البيت فيتم طوافه، ثم يرجع
إلى الصفا والمروة فيتم ما بقي.

(1) وسائل الشيعة: ب 44 من أبواب الطواف ح 1 ج 9 ص 452.
(2) اللمعة وشرحها: كتاب الحج ج 2 ص 251.
(3) ما بين المعقوفتين لا توجد في جميع المخطوطات، والصحيح ما أثبتناه، كما في المتن المطبوع
والشرح الصغير وباقي المتون المطبوعة.
(4) وسائل الشيعة: ب 63 من أبواب الطواف ح 2 ج 9 ص 472.
572

قلت: فإنه بدأ بالصفا والمروة قبل أن يبدأ بالبيت، فقال: يأتي البيت
فيطوف به ثم يستأنف طوافه بين الصفا والمروة.
قلت: فما فرق بين هذين؟ قال: لأن هذا قد دخل في شئ من
الطواف، وهذا لم يدخل في شئ منه (1).
وظاهره وجوب البناء مطلقا ولو لم يكن عن النصف متجاوزا، كما هو
ظاهر المتن والشرائع (2) والنهاية (3) والتهذيب (4) والسرائر (5) والتحرير (6)
والمنتهى (7) والتذكرة (8)، فيما نقل.
خلافا لصريح الفاضل في القواعد (9) والشيخ في المبسوط - فيما (10) نقل -
والشهيدين في اللمعتين (11) فقيدوه بصورة التجاوز عن النصف، وأوجبوا مع
عدمه الاستئناف.
وربما عزي إلى المشهور (12)، وفيه نظر.
ووجه القولين واضح مما مر، إلا أن ترجيح القول الأول لعله هنا

(1) وسائل الشيعة: ب 63 من أبواب الطواف ح 3 ج 9 ص 472.
(2) شرائع الاسلام: كتاب الحج ج 1 ص 274.
(3) النهاية ونكتها: كتاب الحج في السعي ج 1 ص 507.
(4) تهذيب الأحكام: ب 9 في الطواف ج 5 ص 130.
(5) السرائر: كتاب الحج باب دخول مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 575.
(6) كتاب الأحكام: كتاب الحج في مقدمات السعي ج 1 ص 100 س 24.
(7) منتهى المطلب: كتاب الحج ج 2 ص 697 س 28.
(8) تذكرة الفقهاء: كتاب الحج ح 1 ج 367 س 31.
(9) قواعد الأحكام: كتاب الحج ج 1 ص 83 س 11 مثبت بالهامش.
(10) المبسوط: كتاب الحج في ذكر مكة والطواف بالبيت ج 1 ص 358.
(11) اللمعة وشرحها: كتاب الحج ج 2 ص 252.
(12) عزاه إلى المشهور المحدث البحراني في حدائقه: كتاب الحج ج 16 ص 223.
573

أظهر، لكون القائل به على الظاهر أكثر، وكون النص لما في ذيله، كالنص
من التعليل.
والاستئناف بعد البناء أحوط.
إلى هنا انتهى الجزء السادس - حسب تجزئتنا -
ويتلوه الجزء السابع إن شاء الله تعالى وأوله:
" وسننها أمور: "
574