الكتاب: صلاة الجمعة
المؤلف: محمد مقيم اليزدي
الجزء:
الوفاة: ١٠٨٤
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة: چاپ گلبهار - يزد
الناشر:
ردمك:
ملاحظات: عني باستخراجه وتصحيحه وطبعه السيد جواد المدرسي

الحجة في وجوب صلاة الجمعة في زمن الغيبة
تصنيف
مولانا محمد مقيم اليزدي
أول من أقام الجمعة بيزد
المتوفى سنة 1084
عنى باستخراجه وتصحيحه وطبعه السيد جواد المدرسي
اليزدي دام أفضاله
49

بسمه تعالى
ترجمة المصنف ره
هو الشيخ العظيم والقدوة الكريم مولانا محمد مقيم اليزدي بن
محمد علي بن قاسم علي بن إسماعيل بن تاج الدين على ما نسب نفسه في أواخر
بعض تصانيفه المعروف بملا مقيما ذكره في الجامع المفيدي (تاريخ يزد)
وأثنى عليه غاية الثناء كان ره شيخ الأخباريين بيزد ومرجع فصل الخصومات
ومدرس شرايع الدين. زار بيت الله وأقام الجمعة والجماعة
في المسجد الجامع بيزد أربعين سنة على ما في الجامع وهو أول
من أقام الجمعة بيزد وكان رأيه الوجوب العيني خلف أولادا علماء
صلحاء وكان إقامة الجمعة باقيا في أعقابه على الظاهر إلى زمان
فتح علي شاه قاجار وكان المقيم للجمعة في ذلك الزمان من أحفاده
من يسمى بملا محمد على صالحا عالما أخباريا وحينئذ، انتقل في قضية
50

إلى جدنا العلامة الأصولي الميرزا محمد على المدرس المتوفى سنة 1265
وكان باقيا في أعقابه إلى الآن ولصاحب الترجمة عدة تصانيف
ذكر بعضها في الجامع منها ترجمة جامع الأخبار ومنها ترجمة
من لا يحضره الفقيه ومنها تفسير كبير فارسي مسمى بسفينة النجاة قال
وأنها متداول أقول ومن منن الله تعالى أن ظفرنا بمجلدين من ذلك
التفسير إحديهما محفوظة بمكتبة الوزيري بيزد من سورة العنكبوت
إلى الفتح وأخرى مجلد ضخم من سورة مريم إلى آخر القرآن وفرغ
المصنف منه سنة 1072 وبعده وصايا جمة متخذة من وصايا الأئمة
عليهم السلام وكلمات العلماء والحكماء ومن وصاياه إقامة الجمعة
أصل هذه النسخة متعلقة ببعض السادة حفظه الله واستنسخ المكتبة
الوزيري ومنها ما اطلعنا عليه أيضا في تلك المكتبة وهي
وسيلة النجاة في عدة مجلات والموجود منه المجلد الأول
فارسي ذكر في أوله ما حاصله بالعربية أشار إلى بعض الأعيان الأجلة
وأطرى عليه بصفات لا مزيد عليه من العلم والعرفان والزهد وإقامة العدل
والتقرب عند الملوك إلى غير ذلك ثم قال سلالة أولاد النبي (صلى الله عليه وآله) الميرزا أبو المهدي
بجمع كتاب مقتبس من كتاب الله تعالى والكتب الأربعة وروضة الكافي يشتمل
على ما يهم علمه في الدين من أول كتاب العقل والجهل إلى آخر الديات
وطرائف وردت في روضة الكافي أقول وفي الحقيقة ترجمة للكتب
المذكورة فرغ من المجلد الأول منه سنة 1077 قال ويتلوه المجلد
51

الثاني في الطهارة والصلاة شكر الله مساعيه ومنها هذه الرسالة التي سماها
بالحجة وهو بين يديك والظاهر أنه أدق ما رأينا من تصانيفه رد فيها على
من أنكر عليه وجوب الجمعة فرغ منه سنة 1063 وجدناها مع ما سبق و
ما يأتي وغيرها في ضمن مجموعة ورثناها من جدنا العلامة ميرزا صدر الدين
محمد الطباطبائي ره وكان ذلك من بركات سيدنا والدنا العلام السيد أحمد
المدرس سلمه الله ولا أظن أن لها نسخة ثانية ولا يخفى أن له رسالة أخرى في وجوب
صلاة الجمعة مذكور في تفسير كبيره سفينة النجاة في سورة الجمعة
تنبيه اعلم أنه قد شاع من زمان الصفوية رحمهم الله تعالى إقامة الجمعة
والبحث عنها وإفراد الرسالة فيها إثباتا ونفيا إطلاقا وتقييدا من العلماء
والمتعلمين حتى المشاكلين لهم والطعن على مخالفيهم وذلك لثلاثة أمور
الأول رفع التقية من المخالفين في ممالك إيران بظهور دولتهم لأن المخالفين
يزعمون أن إقامة الجمعة منصب للخليفة أو نائبه وإقامتها بدون إذنه إلحاد في
مرام المخالفين ذكر الخليفة ينادي بذلك قول الشيخ حسين ووالد البهائي ره
في العقد الحسيني وليس لنا اليوم بحمد الله في تركها عذر بخلاف من تقدمنا إلى
آخر ما قال ره فراجع ص 34 وكذا قول صاحب الرسالة في ما يأتي الثاني
كثرة علماء الأخباريين والغالب عليهم القول بالوجوب العيني ومنهم
صاحب الترجمة كما أن على الأصوليين عدم الوجوب العيني والمطلق
الثالث أنه لما تمكن أمر الصفوية وكثر المحاربة والمجادلة والمطاعنة
52

بينهم وبين العثمانية والأوزبكية وغيرهم من المخالفين صاروا بصدد إعداد
العدة وسد ثلم الطعن ومنها صلاة الجمعة أما الشاه إسماعيل ره فكان مشغولا
بتأسيس السلطنة وإقامة عمود الرياسة أما الشاه طهماسب ره ففي أوائل سلطنته
جعل الشيخ على المحقق الكركي ره شيخ الإسلام في منشور عظيم من
أرادها فليراجعها في مظانها وفتوى الشيخ المذكور الوجوب التخييري
بشرط وجود الفقيه وكتب رسالة مفردة فيها على ما في جامع المقاصد
فلم يتيسر إشاعة إقامة الجمعة فلما توفي أو استشهد وصار شيخ الإسلام الشيخ
حسين والد البهائي ره حيث جائا إلى إيران وكان رأيه الوجوب العيني تبعا
لشيخه شيخنا الشهيد الثاني ره في رسالة مفردة منسوبة إليه كتبها في أوائل أمره
شاع إقامة الجمعة والظاهر أنه أول من أقام الجمعة بممالك مجروسة إيران و
اتفق ذلك في الهرات وهلم جر أو مما يوضح ما قلناه قول الشيخ حسين أيضا في الرسالة
المتقدمة ومما يتحتم فعله في زماننا صلاة الجمعة دفعا لتشنيع أهل السنة الخ
فبهذه الأمور وغيرها صارت الجمعة شايعة والعلم عند الله وفاته ره وكان
سبب وفاته ره على ما في الجامع صدمة فرس بعض الفرسان في ميدان قلعه
(والآن صارت تكية أو حسينية محوطة مبوته معدة لإقامة عزاء سيد الشهداء (عليه السلام)
ويكون جنب الشارع مقابل مسجد محلة قلعه كهنة المسمى بشاه يحيى)
واتصل روحه بالملاء الأعلى في عام 1084 ودفن في حظيرة حوالي
وقت الساعة على ما في الجامع وأقيمت له المأتم حشره الله مع محمد و
آله الطاهرين
53

وقد نقل لي بعض السادة الأجلة حفظه الله نقلا عن مشايخ القوم
أن قبره كان في حظيرة أي محوطة قرب وقت الساعة ثم نبش قبره
وألقى عظامه في بئر واستنكر ذلك لجلالة شأن ملا مقيما ره وموضع
القبر الآن يكون دارا نعوذ بالله أقول فعلى هذا المراد بالحظيرة
معناها اللغوي لا البقعة المعروفة المسماة بالحظيرة (روضة محمدية)
وهو إحدى البقاع والمشهورة بيزد
يزد (سيد جواد مدرسي) عفى عنه
54

بسم الله الرحمن الرحيم
وعليه التوكل وبه نستعين
الحمد لله على ما أنزل إلى رسوله كتابا مباركا ليدبروا آياته وليذكر
أولوا الألباب. وأتم به نوره وأخبر أنه ما فرط من شئ في الكتاب.
وبعث الرسول ونصب الأئمة ليبينوا للناس ما نزل من الحكمة و
فصل الخطاب. والصلاة والسلام على محمد سيد المرسلين وعترته الهادين
إلى الرشد والبر والصواب. الذين من تمسك بهم وبكتاب الله
لن يضل أبدا في الدين والدنيا والمعاد والمآب أما بعد فإني
لما تتبعت كتب الفقهاء رضوان الله عليهم في صلاة الجمعة حال الغيبة
وتصفحت آرائهم فيها وجدتهم مختلفين مفترقين فرقا شتى فمنهم من قال إنها واجبة عينية مطلقا ومنهم من رأى وجوبها تخييريا بينها وبين الظهر مطلقا
وبعضهم قال إنها واجبة عينية بشرط الفقيه وقال سلار وابن إدريس
لا يجوز فعلها مطلقا ولا يمكن حمل أقوالهم جميعا على الصواب قال
أمير المؤمنين وسيد الوصيين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ترد على أحدهم
القضية في حكم من الأحكام فيحكم فيها برأيه ثم ترد تلك القضية
55

بعينها على غيره فيحكم فيها بخلاف قوله ثم يجتمع القضاة عند إمامهم
الذي استقضاهم فيصوب آرائهم جميعا وإلههم واحد وكتابهم واحد
ونبيهم واحد فأمرهم الله سبحانه بالاختلاف فأطاعوه أم نهاهم عنه
فعصوه أم أنزل الله سبحانه دينا ناقصا فاستعان بهم على إتمامه أم كانوا
شركاء له فلهم أن يقولوا وعليه أن يرضى أم أنزل الله سبحانه دينا
ناقصا فقصر الرسول (صلى الله عليه وآله) عن تبليغه وأدائه والله سبحانه يقول ما فرطنا
في الكتاب من شئ وهو تبيان كل شئ وذكر أن الكتاب يصدق
بعضه بعضا وأنه لا اختلاف فيه فقال ولو كان من عند غير الله لوجدوا
فيه اختلافا كثيرا وأن القرآن ظاهره أنيق وباطنه عميق لا تفنى
عجائبه ولا تنقضي غرائبه ولا تكشف الظلمات إلا به انتهى كلامه
صلوات الله وسلامه عليه محمد بن نوبختي عن أحمد بن عيسى
عن علي بن حديد عن مرازم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن الله تبارك وتعالى
أنزل في القرآن تبيان كل شئ والله ما ترك شيئا يحتاج إليه العباد
حتى لا يستطيع عبد يقول لو كان هذا أنزل في القرآن إلا وقد
أنزل الله فيه محمد بن أبي عبد الله رفعه عن يونس بن
عبد الرحمن قال قلت لأبي الحسن الأول (عليه السلام) بما أوحد الله عز وجل
فقال يا يونس لا تكونن مبتدعا من نظر برأيه هلك ومن ترك أهل بيت
نبيه (صلى الله عليه وآله) ضل ومن ترك كتاب الله وقول نبيه (صلى الله عليه وآله) كفر عن رسول الله (صلى الله عليه وآله)
56

إذا التبست عليكم الفتن كقطع الليل المظلم فعليكم بالقرآن فإنه
شافع مشفع وما حل مصدق ومن جعله أمامه قاده إلى الجنة ومن جعله
خلفه ساقه إلى النار هو الدليل يدل على خير سبيل وهو كتاب فيه
تفصيل وهو الفصل ليس بالهزل وقال (صلى الله عليه وآله) ما عدل أحد عن القرآن
إلا إلى النار وقد صح عن النبي (صلى الله عليه وآله) يرونه الخاص والعام أنه قال
إني تارك فيكم الثقلين ما أن تمسكتم بهما لن تضلوا كتاب الله وعترتي
أهل بيتي وأنهما لن يفترقا حتى يردا على وفي معناها أحاديث صحيحة
وروايات كثيرة لا يسعها المقام فعلمت يقينا حمد الربى الذي
هداني أن الواجب على من المذاهب والأقوال ما في كتاب الله
العزيز الحكيم وأحاديث الرسول الأمي وعترته عليهم التحية
والتسليم ونبذ قول المانع وراء ظهري لأنه ما كان له على من حجة
وسلطان وإلا كنت من الذين نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم وكان
مثلي كمثل لحمار يحمل أسفارا وصدق في شأني بئس مثل القوم
الذين كذبوا بآيات الله وصرت من الذين قال فيهم والله لا يهدي
القوم الظالمين ولما كانت هذه الفريضة العظيمة في بلدتي (1)
متروكة ولم تكن كما في ساير البلاد معروفة مشهورة لم أجد سبيل السعي
إلى تحصيلها إلا أن أكون مقيمها مع الأولاد والإخوان ومريديها
حتى أجد من الأخيار والأبرار من يقيمها وكان كثير من الأكابر

(1) وهي يزد
57

ينقمون مني وقليل من قليل نصروني وأنا القائل ما قال سيدي الصادق
عليه التحية والثناء لذة ما في النداء أزال التعب والعناء حتى إذا
رأى الفاضل العالم الحكيم ذو الفضل والخلق العظيم جامع المنقول
والمعقول حاوي الفروع والأصول الذي وجب صون اسمه عن اللسان
لأن مآثره متجاوز عن البيان لا زال ظلال فضله وإفادته ظليلا
ممدود أو زلال معرفته وإفاضته جاريا مسكوبا الأحاديث التي
وردت في الجمعة وأقول الفقهاء فيها حال الغيبة مما أنا جمعتها
وكتبتها فكتب رسالة وجيزة موهمة على تحريمها وعدم جوازها وأرسلها
إلى لأتركها وأعرض عنها فلولا ما قرأت مما أوعدني ربي ومن أعرض
عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيمة أعمى. ومن يعرض
عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا لا عرضت عنها. ولولا ما سمعت من قوله
ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه لا غلقت الباب
ومنعت الناس أن يدخلوها ولولا ما رأيت أرأيت الذي ينهى عبدا
إذا صلى لنهيت الناس أن يصلوها ولكن كل ذلك يمنعني من كل
ذلك فأنا إن شاء الله ما دمت حيا مقيمها وأستغفر الله وأتوب إليه بما
جهلت وفرطت فيها وأعتذر إلى الفاضل دام فضله بما أحرر على رسالته
وأجيب عن كل واحدة من مقالته وقد يخطر ببالي أن الغرض
من الرسالة اختباري وإلا أرى عظيما من فضائله أن يفضل على الكتاب
58

والسنة ما يراه من دلائله ولا يظن ظان متعرضا معاذ الله للتعريض بأحد
أو مراء أو حجاج من أنا وما أنا وما لي وللناس لي عملي ولهم عملهم و
كل إليه راجعون ومن رحمته راجون ولكن أجبروا ضميري على إخراج
مكنون ما فيه فإن كل إناء يترشح بما فيه ولا حول ولا قوة إلا بالله و
توكلت على الله وفوضت أمري إليه الله وحسبني ربي ونعم الوكيل
نعم المولى ونعم النصير وما النصر إلا من عند الله العزيز الحكيم قال
بسم الله الرحمن الرحيم الله إني أعوذ بك من علم لا ينفع
ومن صلاة لا ترفع ومن دعاء لا يسمع أقول هذا الدعاء ذكره الشيخ ره
في المصباح هكذا الله إني أعوذ بك من نفس لا تقنع ومن قلب لا يخشع
ومن علم لا ينفع إلى آخر ما ذكره أما القناعة قال في الصحاح القناعة
بالفتح الرضا بالقسم وقد قنع بالكسر يقنع قناعة روى صاحب عدة الداعي
ره عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال القانع يقنع بما يصيب من الدنيا يقنع بالقليل و
يشكر اليسير وينبغي العياذ بالله من نفس لا يقنع لئلا يطمع ما في أيدي
الناس ولا ترغب في الدنيا عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال ما أقبح بالمؤمن أن
تكون له رغبة تذله وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال بئس العبد عبد له طمع يقوده
وبئس العبد عبد له رغبة تذله وعن علي بن الحسين عليهما السلام أنه قال رأيت الخير كله قد اجتمع في قطع الطمع عما في أيدي الناس وعن
أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال رأس كل خطيئة حب الدنيا وأما الخشوع قال صاحب
59

مجمع البيان قدس الله سره عند تفسير قوله تعالى وأنها لكبيرة إلا على الخاشعين
الخشوع والخضوع والإخبات نظائر وضد الخشوع الاستكبار انتهى كلامه
فيجب العياذ بالله من قلب لا يخشع لئلا يستكبر فقد روي عن زين العابدين (عليه السلام)
عليه صلوات الله رب العالمين أول ما عصي به الله الكبر معصية إبليس حتى
أبى واستكبر وكان من الكافرين وسئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن أدنى الإلحاد
فقال إن الكبر أدناه وعن عبد الأعلى عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن أدنى الإلحاد
فقال إن الكبر أدناه وعن عبد الأعلى عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال قلت له ما الكبر
فقال أعظم الكبر أن تسفه الحق وتغمض الناس قلت وما سفه الحق قال
تجهل الحق وتطعن على أهله وأما العلم فعن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه ثلاثة آية محكمة
أو فريضة عادله أو سنة قائمة وما خلاهن فهو فضل وروي عن أمير المؤمنين (عليه السلام)
أنه قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول طلب العلم فريضة على كل مسلم فاطلبوا
العلم من مظانه واقتبسوه من أهله فإن تعلمه الله حسنة وطلبه عبادة والمذاكرة
به تسبيح والعمل به جهاد وتعليمه من لا يعلمه صدقة وبذله لأهله قربة
إلى الله تعالى لأنه معالم الحلال والحرام ومنار سبيل الجنة والمؤنس في
الوحشة والصاحب في الغربة والوحدة والمحدث في الخلوة والدليل على
السراء والضراء والسلاح على الأعداء والزين عند الأخلاء يرفع الله به أقواما
فيجعلهم في الخير قادة تقتبس آثارهم ويهتدي بفعالهم وينتهي إلى آرائهم
ترغب الملائكة في خلتهم وبأجنحتها تمسحهم وفي صلاتها تبارك عليهم
تستغفر لهم كل رطب ويابس حتى حيتان البحر وهوامه وسباع البر
60

وأنعامه وأن العلم حياة القلوب من الجهل وضياء الأبصار من الظلمة وقوة
الأبدان من الضعف يبلغ بالعبد منازل الأخيار ومجالس الأبرار والدرجات
العلى في الدنيا والآخرة والفكر فيه يعدل بالصيام ومدارسته تعدل بالقيام
به يطاع الرب عز وجل ويعبد وبه توصل الأرحام ويعرف الحلال والحرام
والعلم إمام العمل والعمل تابعه يلهمه السعداء ويحرمه الأشقياء فطوبى
لمن لا يحرمه الله منه حظه وقال الصادق (عليه السلام) أولي العلم ما لا يصلح لك العمل
إلا به وأوجب العلم ما أنت مسؤول عن العمل به وألزم العلم لك ما ذلك على
صلاح قلبك وأظهر لك فساده وأحمد العلم عاقبة ما زاد في عملك العاجل
فلا تشغلن بعلم ما لا يضرك جهله ولا تغفلن عن علم ما يزيد في جهلك تركه
وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) يحدث عن النبي (صلى الله عليه وآله) في كلام له العلماء
رجلان عالم آخذ بعلمه فذا ناج وعالم تارك لعلمه فهذا هالك وأن أهل
النار ليتأذون من ريح العالم التارك لعمله وأن أشد أهل النار ندامة وحسرة
رجل دعى عبدا فاستجاب له وقبل منه فأطاع الله فأدخله الله
الجنة وأدخل الداعي النار بترك علمه واتباعه الهوى وطول الأمل
أما اتباع الهوى فيصد عن الحق وطول الأمل ينسي الآخرة وعن
أبي عبد الله (عليه السلام) قال العلم مقرون إلى العمل فمن علم عمل ومن
عمل علم والعلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلا ارتحل وعن علي بن
الحسين (عليه السلام) أنه قال مكتوب في الإنجيل لا تطلبوا علم ما لا تعملون
61

ولما تعملوا بما علمتم فإن العلم إذا لم يعمل به لم يزدد صاحبه إلا
كفرا ولم يزدد من الله إلا بعدا وعن أمير المؤمنين (عليه السلام) في كلام له
خطب به على المنبر أيها الناس إذا علمتم فاعملوا بما علمتم لعلكم
تهتدون أن العالم العامل بغير علمه كالجاهل الحائر الذي لا يستفيق
عن جهله بل قد رأيت أن الحجة عليه أعظم والحسرة أدوم على
هذا العالم المنسلخ من علمه منها على هذا الجاهل المتحير في جهله
وكلاهما حائر بائر لا ترتابوا فتشكوا ولا تشكوا فتكفروا ولا ترخصوا
لأنفسكم فتدهنوا ولا تدهنوا في الحق فتخسروا وأن من الحق أن
أن تفقهوا ومن الفقه أن لا تغتروا وأن أنصحكم لنفسه أطوعكم لربه
وأغشكم لنفسه أعصاكم لربه ومن يطع الله يأمن ويستبشر ومن يعص الله
يخب ويندم وعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال يغفر للجاهل سبعون ذنبا
قبل أن يغفر للعالم ذنب واحدة قال عيسى بن مريم (عليه السلام) ويل للعلماء السوء
كيف تلظى عليهم النار وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال طلبة العلم ثلاثة
فأعرفهم بأعيانهم وصفاتهم صنف يطلبه للجهل والمراء وصنف يطلبه
للاستطالة والختل وصنف يطلبه للفقه والعقل فصاحب الجهل والمراء
موذ ممار متعرض للمقال في أندية الرجال بتذاكر العلم وصفة الحلم
قد تسربل بالخشوع وتخلى من الورع فدق الله من هذا خيشومه
وقطع منه حيزومه وصاحب الاستطالة والختل ذو خب وملق يستطيل
62

على مثله من أشباهه ويتواضع للأغنياء من دونه فهو لحلوانهم هاضم
ولدينه حاطم فأعمى الله على هذا خبره وقطع من آثار العلماء أثره
وصاحب الفقه والعقل وكآبة وحزن وسهر قد تحنك في برنسه و
قام الليل في حندسه يعمل ويخشى وجلا داعيا مشفقا مقبلا على شأنه
عارفا بأهل زمانه مستوحشا من أوثق إخوانه فشد الله من هذا أركانه
وأعطاه يوم القيمة أمانه فبهذه الأحاديث المذكورة وبما لم يذكر
منها مما في معناها تبين لك علم الذي ينفع مما استعاذ منه من علم
لا ينفع أعاذنا الله منه وأما الصلاة فإنها عماد الدين وأول ما يحاسب العبد
في يوم الدين وآخر وصايا الأنبياء والمرسلين عن أبي جعفر (عليه السلام) أنه قال
إن الصلاة إذا ارتفعت في وقتها رجعت بيضاء مشرقة تقول حفظتني حفظك الله
وإذا ارتفعت في غير وقتها تقول ضيعتني ضيعك الله وعن أبي عبد الله (عليه السلام)
أنه قال والله إنه ليأتي على الرجل خمسون سنة وما قبل منه صلاة واحدة
فأي شئ أشد من هذا والله إنكم لتعرفون من جيرانكم وأصحابكم من
لو كان يصلي لبعضكم ما قبلها منه لاستخفافه بها إن الله عز وجل لا يقبل
إلا الحسن فكيف يقبل ما يستخف به وعن أبي جعفر (عليه السلام) قال بينا رسول الله (صلى الله عليه وآله)
جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام يصلي فلم يتم ركوعه ولا سجوده
فقال (صلى الله عليه وآله) نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني
فكل صلاة لا تقام بشروطها وحدودها كما حددها وعينها رسول الله (صلى الله عليه وآله)
63

هي التي لا ترفع سواء زيد فيها كوضع الرباعية موضع الثنائية أو بالعكس أو غير
ذلك أعاذنا الله منه وأما الدعاء فقد قال الله تبارك وتعالى ادعوني أستجب لكم
وقال عز شأنه وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان
وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إذا أراد أحدكم أن لا يسأل ربه شيئا إلا أعطاه
فلييأس من الناس كلهم ولا يكون له رجاء إلا من عند الله فإذا علم الله ذلك
من قلبه لم يسأله شيئا إلا أعطاه وعن أبي عبد الله (عليه السلام) قال إن الله عز وجل
لا يستجيب الدعاء بظهر قلب قاس وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) مثل الذي يدعو بغير
عمل كمثل الذي يرمي بغير وتر وعن الصادق (على السلام) كان رجل من بني إسرائيل (عليه السلام)
قد دعا الله عز وجل أن يرزقه غلاما ثلاث سنين فلما رأى أن الله لا يجيب
قال يا رب أبعيد أنا منك فلا تسمعني أم قريب فلا تجيبني فأتاه آت في منامه
إنك تدعو الله منذ ثلاث سنين بلسان بذئ وقلب عات غير نقية ونية غير
صادقة فاقلع عن بذائك ولتتق الله بقلبك ولتحسن نيتك ففعل الرجل ذلك
عاما فولد له غلام وفي الحديث القدسي فمنك الدعاء وعلى الإجابة فلا تحجب
علي دعوة إلا دعوة أكل الحرام وعن النبي (صلى الله عليه وآله) من أحب أن يستجاب دعاؤه
فليطيب مطعمه وكسبه وقال (عليه السلام) لمن قال ره أحب أن تستجاب دعائي طهر
مطعمك ومأكلك ولا تدخل بطنك الحرام فبهذه وأمثاله قد لا يستجاب
الدعاء نعوذ بالله من جميع ذلك قال وأسئلك أن تصلي على محمد وآله
الطاهرين المعصومين لا سيما صاحب الأمر الذي هو في زماننا هذا إمام
64

مبين أقول لطف هذه العبارة غير خفي وهي غنية عن الشرح اللهم عجل
فرج صاحب الأمر حتى يملأ الأرض قسطا وعدلا قال وبعد أيها الإخوان
في الدين أيدكم الله وإيانا ولجميع المؤمنين أقول هذا تكريم وتعظيم
ودعاء جعله الله وإيانا وجميع المؤمنين مع المتقين الذين نزلت فيهم
إن المتقين في جنات وعيون ادخلوها بسلام آمنين ونزعنا ما في صدورهم
من غل إخوانا على سرر متقابلين وكأنه لو ترك لام (لجميع) لكان أولى
قال فإن الأخبار التي نقلتموه عن كتب الحديث بعضها مطلق وبعضها
مقيد ويجب حمل المطلق على المقيد كما بين في الأصول وقال الشيخ
أبو جعفر رض في كتاب الإعتقادات اعتقادنا في الحديث المفسر أنه يحكم
على المجمل كما قال الصادق (عليه السلام) وكيف لم يحمل المطلق على المقيد مع أن
أكثر الأخبار خالية عن شرط الخطبتين وغيرهما من الشروط لمشروعيتها
إجماعا أقول لا كلام في حمل الحديث المطلق على المقيد ولا نزاع
في الخطبتين إنما الخلاف في أن صلاة الجمعة في حال الغيبة هل هي
واجبة عينية أم تخييرية أم لا يجوز فعلها أصلا حجة القائلين بالوجوب
العيني بوجوه الأول بعموم قوله عز وجل يا أيها الذين آمنوا إذا نودي
للصلاة يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم
تعلمون فإن الترغيب والتحثيث والتأكيد الذي فيها من النداء والتنبيه
والتلطف والتكريم والتعميم والتبيين وتعقيب الأمر بالسعي إليها وتنويه
65

اسمها بذكر الله تعالى والأمر بترك البيع المنافي لها والإشارة بالإشارة
المفيدة بعد درجتها ورفعة محلها والحكم بأنها خير عظيم لدينكم ودنياكم
لدليلا واضحا وبرهانا باهرا لقوم يعلمون ولو أن علماء المعاني
في البيان استبدلوا بها (1) وبسبحان الله أو أقم الصلاة تمثيل الإنكاري
والابتدائي لكان كاشفا عن إعجاز القرآن بل السورة الكريمة من فاتحتها
إلى خاتمتها تنادي وجوب الصلاة وتدعو إليها عموما مطلقا فما ثبت لها
من شرط بدليل قاطع كالعدد والجماعة وجب قبوله وما لم يثبت كذلك
فالأصل عدمه ونعوذ بالله من تضييعها بمجرد توهم عدم شرط لم يثبت

(1) هكذا في النسخة وظني أن صحيح العبارة هكذا لو أن علماء المعاني
والبيان استبدلوها بسبحان الله أو أقم الصلاة لكان كاشفا عن إعجاز
القرآن ولعل المعنى ما عليه بعض أفاضل عصرنا في رسالة معجزة خالدة
إن أحسن طرق لدرك إعجاز القرآن الاستبدال وهو أن يؤتى بمرادف
بعض كلمات القرآن مع حفظ ما عداه على ما هو عليه فعند ذلك يلحق
بكلام الآدميين ويخرج عن حد الإعجاز كما في قوله تعالى اقتربت الساعة
وانشق القمر وشعر امرؤ القيس دنت الساعة وانشق القمر وفيما نحن فيه
لو استبدل قوله تعالى ذكر الله والمراد منه صلاة الجمعة بمرادف مثل
سبحان الله أو أقم الصلاة... يظهر إعجاز هذا الكلام أشد الظهور لكن يبقى
معنى قول الماتن تمثيل الإنكاري والابتدائي مصحح
66

فيها فتكون من الذين أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون
غيا ونتوب إليه مما نسينا أو أخطأنا الثاني (1) بما في الصحيح
عن زرارة قال حثنا أبو عبد الله (عليه السلام) على صلاة الجمعة حتى
ظننت أنه يريد أن نأتيه فقلت نغدوا عليك فقال لا إنما عنيت
عندكم نص على عموم الحث وأذن لكافة مواليهم وشيعتهم مطلقا على الفلاح
بإقامة هذه الفريضة العظيمة فينبغي للمؤمنين الذين يطيعون الله ورسوله
وأولوا الأمر أن يطيعوهم بما حثوهم ويقتدوهم بهدى الله الذي اقتدوه ليكونوا
من حزبهم يوم الدين وفقنا الله وجميع المؤمنين الثالث (2) بما رواه
زرارة قال قلت له يعني أبا جعفر (عليه السلام) على من تحب الجمعة قال تجب
على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لا قل من خمسة من المسلمين أحدهم
الإمام وإذا اجتمع سبعة ولا يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم هذا الحديث
صريح على وجوب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين قال ره في الاستبصار
يتعلق الوجوب بالعدد إذا كانوا سبعة وأما إذا كان العدد خمسا كان
ذلك مستحبا مندوبا إليه انتهى فكل من كان فطنا ذكيا حسن الادراك
يفهم من قوله (عليه السلام) أحدهم الإمام ومن قوله أمهم بعضهم وخطبهم أن
ليس المراد بالإمام إلا أحد من المسلمين يصلح أن يقتدى به وليس مختصا
بالسلطان العادل كما توهمه وأنا أذكر الدليل على ذلك أن شاء الله

(1) في يب و ر
(2) في بدو يب
67

هو أن إطلاق إمام الصلاة في الروايات إنما هو لمن يصلي بالناس ويقتدى به سواء كان معصوما أولا وسواء كانت الصلاة جمعة أو جماعه
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) إمام القوم وافدهم فقدموا أفضلكم وقال رجل لأبي
جعفر (عليه السلام) أني إمام مسجد الحي فأركع بهم وأسمع خفقان نعالهم وأنا
راكع فقال اصبر ركوعك ومثل ركوعك فإن انقطعوا وإلا فانصب
قائم وسأل جميل بن صالح الصادق (عليه السلام) أيهما أفضل يصلي الرجل
بنفسه في أول الوقت أو يؤخر ليلا ويصلي بأهل مسجده إذا كان إمامهم
قال يؤخر ويصلي بأهل مسجده إذا كان الإمام وسأل علي بن جعفر
أخاه موسى (عليه السلام) عن إمام أحدث فانصرف ولم يقدم أحدا ما حال القوم
قال لا صلاة لهم إلا بإمام فليقدم بعضهم فليتم بهم ما بقي منها وقد تمت
صلاتهم أبو علي الحرانق قال كنا عند أبي عبد الله (عليه السلام) فأتاه رجل فقال
صلينا في مسجد الفجر فانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح فدخل
علينا رجل المسجد فأذن فمنعناه ودفعناه على ذلك فقال (عليه السلام) أحسنتم
ادفعوه عن ذلك وامنعوه أشد المنع فقلت له فأن دخل جماعة فقال
يقومون في ناحية المسجد ولا يبدو لهم عن أبي عبد الله (عليه السلام) في رجل
سبقه الإمام بركعة ثم أوهم الإمام فصلى خمسا قال يقضي تلك الركعة
ولا يعتد بوهم الإمام فهذه الأحاديث وما في معناها تدل على أن الإمام
في الصلاة شرعا من يقتدى الصلاة به كائنا من كان والمنكر مكابر
68

وتخصيصه بالسلطان العادل تحكم الرابع من وجوه حجج القائلين
بالوجوب ما رواه (1) أبو بصير ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (عليه السلام)
قال إن الله فرض في كل سبعة أيام خمسا وثلاثين صلاة منها صلاة واجب
على كل مسلم أن يشهدها إلا خمسة المريض والمملوك والمسافر
والمرأة والنبي فقوله (عليه السلام) صلاة واجب على كل مسلم أن يشهدها
نص صريح بوجوب حضورها على عامة المسلمين إلا الخمسة المذكورة
والذي قاله إن حديث المطلق يجب حمله على المقيد فجوابه أنه لم نجد
في هذا الصلاة حديثا مقيدا بالسلطان العادل وليس مقيد إلا بالإمام وهو
من يصلي بالناس وليس في اعتباره خلاف قال في الفقيه روي عن
الصادق (عليه السلام) كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهي والنهي عن صلاة الجمعة
بدون السلطان العادل أو نائبه أو الفقيه غير موجود والحمد لله رب العالمين
الخامس (2) بما ورد في الصحيح عن منصور بن حازم عن الصادق (عليه السلام) قال
يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد فإن كانوا أقل من خمسة
فلا جمعة لهم والجمعة واجبة على كل أحد لا يعذر الناس فيها إلا
خمسة المرأة والمملوك والمسافر والمريض والصبي جمع القوم تجميعا أي
شهدوا الجمعة وقضوا الصلاة فيها أكد (عليه السلام) في الحديث صنوف التأكيد في
وجوب الجمعة بأن وضع أولا الخبر موضع الأمر لأن المعنى ليجمع القوم

(1) في في ويب
(2) في يب ور
69

كما قال الله تبارك تعالى والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء وإخراج
الأمر في صورة الخبر تأكيد للأمر وإشعار بأنه مما يجب أن يتلقى بالمسارعة
إلى امتثاله فكأنهم امتثلوا الأمر بالتجميع ثم ثنى وجوبها على جميع الناس بأن
قال والجمعة واجبة على كل أحد ثم أخبر أخيرا أن في تركها ذنبا عظيما
لا يقبل منهم بذلك عذرا إلا المستثنون المزبورون السادس (1) بما رواه
عمر بن يزيد في الصحيح عن الصادق (عليه السلام) قال إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة
فمن تأمل قوله (عليه السلام) إذا كان سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة وكان له قلب
سليم ظهر له الحق وجوب الجمعة وزهق الباطل عدم جوازها السابع (2) بما رواه
زرارة عن أبي جعفر (عليه السلام) قال فرض الله على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين
صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة عن الصغير
والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمرأة والمريض والأعمى ومن
كان له على رأس فرسخين فمن له ملكة مستقيمة وقوة إدراك يعلم من
قوله (عليه السلام) فرضها الله في جماعة ووضعها عن تسعة أنها فرض عيني حتمي واجب
على جميع الناس عدا التسعة المذكورة السعي إليها وترك ما ينافيها و
بمجرد توهم شرط لم يوجد لا يجترى على تركها ولا يسعى في خرابها
الثامن (3) بما روي عن أبي جعفر (عليه السلام) قال ومثلك يهلك ولم يصل فريضة
فرضها الله عليك قال قلت كيف أصنع قال صلها جماعة يعني الجمعة فكل

(1) في يب ور
(2) في في ويه ويب
(3) في يب ور
70

من له أنس باللسان يفهم وجوب الجمعة بالحديث مرة بالتعجيب والتقريع
والتوبيخ من تركه بقوله ومثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها ومرة بالأمر الموجب
لها التاسع (1) بما رواه أبو بصير ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (عليه السلام)
قال من ترك ثلاث جميع متواليات طبع الله على قلبه العاشر بما روي عنه (صلى الله عليه وآله)
من ترك ثلاث جمع تهاونا طبع الله على قلبه الحادي عشر بما روي
عنه (صلى الله عليه وآله) من ترك ثلاث جمع متعمدا من غير علة طبع الله على قلبه
بخاتم النفاق الثاني عشر بما رواه عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال لينتهين أقوام
عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين
قال صاحب مجمع البيان رضوان الله عليه عند تفسير قوله تعالى
ختم الله على قلوبهم الختم نظيرا الطبع يقال طبع عليه بمعنى ختم عليه
ثم قال ره قيل في معنى الختم وجوه أحدها أن المراد بالختم العلامة
وإذا انتهى الكافر من كفره إلى حالة يعلم الله أنه لا يؤمن فإنه يعلم
على قلبه علامة وقيل هي نكته سوداء يشاهدها الملائكة فيعلمون بها
أنه لا يؤمن من بعدها فيذمونه ويدعون عليه كما أنه تعالى يكتب في قلب
المؤمن الإيمان ويعلم عليه علامات تعلم الملائكة بها أنه مؤمن فيمدحونه
ويستغفرون أو كما طبع على قلب الكافر وختم فوسمه بسمة تعرف
بها الملائكة كفره كذلك وسم في قلب المؤمن بسمات تعرفهم الملائكة

(1) في يب
71

بها وقد تأول على مثل هذا مناولة الكتاب باليمين والشمال في أنها
علامة المناول باليمين من أهل الجنة وأن المناول بالشمال من أهل النار
وقوله تعالى بل طبع الله عليها بكفره يحتمل أمرين أحدهما أنه طبع الله
عليها جزاء للكفر وعقوبة عليه والآخر أنه طبع الله عليها بعلامة كفرهم
كما يقول طبع عليه بالطين وختم عليهما بالشمع وثانيها أن المراد
بالختم على القلوب أن الله شهد عليها وحكم بأنها لا تقبل الحق كما
يقال أراك تختم على كل ما يقوله فلان أي تشهد به وتصدقه وقد ختمت
عليك بأنك لا تفلح أي شهدت وذلك استعارة وثالثها أن المراد بذلك
أنه تعالى ذمهم بأنهم كالمختوم عليها في أنها لا يدخلها الإيمان ولا يخرج
عنها الكفر أو المعنى أن الكفر تمكن من قلوبهم فصارت كالمختوم عليها
وصاروا بمنزلة من لا يسمع ولا يفهم ولا يبصر عن الأصم أبي مسلم و
رابعها أن الله وصف من ذمه بهذا الكلام بأن قلبه ضاق عن النظر
والاستدلال فلم ينشرح له فهو بخلاف من ذكره في قوله تعالى فمن شرح الله
صدره للإسلام فهو على نور من ربه ومثل قوله تعالى أم على قلوب أقفالها
وقوله تعالى وقالوا قلوبنا في أكنة ويقول ذلك أن المطبوع على قلبه
وصف بقلة الفهم بما يسمع من أجل الطبع فقال تعالى بل طبع الله عليها
بكفرهم فلا يؤمنون لا قليلا وقال فطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون
وبين ذلك قوله تعالى قل أرأيتم أن أخذ الله سمعكم وأبصاركم وختم على
72

قلوبكم فعدل الختم على القلوب بأخذ السمع والبصر فدل هذا على أن الختم
على قلب هو أن يصير على وصف لا ينتفع به فيما يحتاج فيه إليه كمالا
ينتفع بالسمع والبصر مع أخذهما وإنما يكون ضيقه بأن لا يسمع ما يحتاج
إليه من النظر والاستدلال الفاصل بين الحق والباطل وهذا كما يوصف
الجبان بأن لا قلب له إذا بولغ في وصفه بالجبن لأن الشجاعة محلها القلب
فإذا لم يكن القلب الذي هو محل الشجاعة لو كانت فإن لا تكون الشجاعة
أولى قال طرفة فالهبيت لا فؤاد له وأنه يراعه مجوف كذلك وصف من
بعد عن قبول الإسلام بعد الدعاء إليه وإقامة الحجة عليه بأنه مختوم على قلبه
ومطبوع عليه ضيق صدره وقلبه في كنان وفي غلاف وهذا من كلام الشيخ
أبي على الفارابي وإنما قال ختم الله وطبع الله لأن ذلك كان لعصيانهم لله
تعالى فجاز ذلك كما يقال أهلكته فلانة إذا أعجب بها وهي لا تفعل به شيئا
لأنه هلك في اتباعها وإلى هنا تم تفسيره وبتفسيره قدس سره فسر الأحاديث
الأربعة الأخيرة على وجه لا مزيد فيه من بيان الختم والطبع وقوله (عليه السلام)
عن ودعهم أي عن تركهم وأيضا قال في مجمع البيان عند تفسير الجمعة
قال ابن سيرين جمع أهل المدينة قبل أن يقدم النبي (صلى الله عليه وآله) المدينة وقيل
قبل أن ينزل الجمعة قالت الأنصار لليهود يوم يجتمعون فيه فنذكر الله
عز وجل ونشكره فقالوا يوم السبت لليهود ويوم الأحد للنصارى فاجعلوه
73

يوم العروبة فاجتمعوا إلى أسعد بن زرارة فصلى بهم يومئذ وذكرهم فسموهم
يوم الجمعة حين اجتمعوا إليه فذبح لهم أسعد بن زرارة شاة فتغدوا وتعشوا
من شاة واحدة وذلك لقلتهم فأنزل الله ذلك وإذا نودي الآية فهذه أول
جمعة جمعت في الإسلام وأما أول جمعة جمعها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأصحابه
فقيل أنه قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) مهاجرا حتى نزل قباء علي بن عمرو بن عوف
وذلك يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول حين الضحى
فأقام بقباء يوم الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس وأسس مسجدهم ثم
خرج من بين أظهرهم يوم الجمعة عامدا المدينة فأدركته صلاة الجمعة
في بني سالم بن عوف في بطن واديهم قد اتخذ اليوم في ذلك الموضع مسجد وكان
هذه الجمعة أول جمعة جمعها رسول الله (صلى الله عليه وآله) في الإسلام فخطب في هذه الجمعة وهي
أول خطبة خطبها بالمدينة فيما قيل فقال الحمد لله إلى آخر الخطبة قال العلامة
في الكشاف في تفسير قوله تعالى ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا
لهم كونوا قردة خاسئين اعتدوا فيه أي جاوزوا ما حد لهم فيه من التجرد للعبادة
وتعظيمه واشتغلوا بالصيد وقال صاحب مجمع البيان عند تفسير قوله تعالى كونوا
قردة خاسئين قال مجاهد لم يمسخوا قردة إنما هو مثل ضربه كما قال كمثل الحمار
يحمل أسفارا وحكي عنه أيضا أنهم مسخت قلوبهم فجعلت كقلوب القردة
لا تقبل وعظا ولا تتقي زجرا فمن وفقه الله بالتوفيق بين الأحاديث الأربع
وبين الآية الكريمة بهذا التفسير كشف له السرائر المذهبات عما في الضمير
74

فهذه حجج قاطعه وبراهين ساطعه على وجوب الجمعة مطلقا وليس في واحدة
منها قيد سلطان عادل ولا إذن ولا فقيه ولو كان لمن شرط ذلك من
الأولين والآخرين حجة واحدة مثلها أو دونها لذكر البتة كما قال
أمير المؤمنين (عليه السلام) في وصية طويلة لابنه الحسن (عليه السلام) واعلم يا بني أنه لو كان
لربك شريك لأتتك رسله ولرأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله و
وصفاته ولكنه إله واحد كما وصف نفسه ولا يضاده في ملكه أحد و
لا يزال أبدا لم يزل فيما أنكر الماتن إثبات وجوب الجمعة مطلقا بهذه
الأحاديث الصحيحة وغيرها وزعم أنه لا يجوز فعلها
إلا مع السلطان أو إذنه أو الفقيه معللا بوجوب حمل الحديث المطلق
على المقيد لزم عليه أن يذكر حديثا مقيدا دالا على وجوب الجمعة
لو جوازها بشرط السلطان أو إذنه أو الفقيه بل وعدم جوازها بدون
هذا الشرط وأنى له ذلك ولولا جاء به لو كان من الصادقين فإذا لم
يأت به حق الحق وبطل الباطل لو كانوا يعلمون وقوله وكيف
لم يحمل المطلق على المقيد مع أن أكثر الأخبار خالية عن شرط
الخطبتين وغيرهما من الشروط لمشروعيتها إجماعا يشهد عليه ويصدقنا
لأن أكثر الأخبار وإن كانت خالية عن شرط الخطبتين وفي بعضها
ما يدل على أنهما شرطان بخلاف الشرط الذي يدعيه فإنه لم نجد
حديثا دالا عليه والله يحق الحق وهو يهدي السبيل قال وكذلك
75

بعض عبارات الفقهاء التي هي مطلقة لم يصرح فيه بالفقيه الجامع
لشرائط الفتوى في حال الغيبة كما نقلتموه فارسيا وعربيا يجب حمله
على المقيد أقول وجوب حمل عباراتهم المطلقة على المقيدة هل هو
ثابت بالنص من الكتاب والسنة أم بالإجماع أو بدليل العقل
أو القياس الله يعلم أن كلها خال من ذلك أما الكتاب والسنة
فظاهر الإجماع أيضا كذلك والعقل يرى خلاف ذلك وأما القياس على
الأحاديث مع قطع النظر عن بطلان القياس فبطلانه أظهر من الشمس لأن
حمل مطلق الأحاديث على مقيداتها أنها كلها فائضة من منبع النبوية التي
لا يوجد فيها اختلاف أصلا لأنها من عند الله بخلاف عبارات الفقهاء و
اختلافاتهم بل خلاف واحد منهم نفسه في شئ واحد كثير فلأي شئ
يجب حمل عباراتهم المطلقة على المقيدة ولو سلمنا ذلك فلم لا تحمل على
عباراتهم المقيدة بوجوب الجمعة في زمان الغيبة وإن لم يجمعها فقيه
لما انساق الكلام إلى عباراتهم التي نقلت وفي ذكرها تماما إكثار ممل
وفي تركها جميعا إجمال مخل فلنذكر ملخص أقوالهم بطريق الإيجاز
وهو أما مقيد بعدم اشتراط الفقيه كقول الشيخ حسين بن عبد الصمد قدس الله
روحه ومما يتحتم في زماننا صلاة الجمعة أما بطريق الوجوب التخييري
لدفع تشنيع أهل السنة إذ يعتقدون أنا نخالف الله والرسول وإجماع العلماء
في تركها وظاهر الحال معهم وأما بطريق الوجوب الحتم والإعراض عن
76

الخلاف لقيام الأدلة القاطعة الباهرة على وجوبها من القرآن و
أحاديث النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة المعصومين الكثيرة الصحيحة الصريحة
التي لا يحتمل التأويل بوجه وكلها خالية من اشتراط الإمام والمجتهد
بحيث لم يحضرني في مسألة من مسائل الفقه عليها أدلة بقدر أدلة
صلاة الجمعة في كثرتها وصحتها والمبالغة فيها ولم نقف لمن اشترط
المجتهد على دليل مع معارضة القرآن والأحاديث الصحيحة ولا قال
باشتراطه أحد من العلماء المتقدمين ولا المتأخرين ما عدا الشهيد ره
في اللمعة وفي باقي كتبه وافق العلماء ولم يشترطه نعم تبعه الشيخ
على عفى الله عنه وملخص الأقوال ثلاثة الأول الوجوب الحتمي من
غير تعرض للمجتهد وهو ظاهر كلام كل العلماء المتقدمين ما عدا سلار
وابن إدريس من المتأخرين الثاني الوجوب التخييري بينها وبين الظهر
وهو مذهب المتأخرين وادعوا عليه الإجماع ولم يشترطوا مجتهدا
الثالث المنع منها حال الغيبة سواء حضر المجتهد أم لا وهو مذهب
سلار وابن إدريس واتفق الكل على ضعفه وبطلانه فالذي يصلي الجمعة
يكون قد برئت ذمته وأدى الفرض بمقتضى كلام الله ورسوله والأئمة
الهادين وإجماع العلماء وخلاف سلار وابن إدريس والشيخ على
رحمهم الله لا يقدح في الإجماع لما قد تقرر من قواعدنا أن خلاف
الثلاثة والأربعة بل والعشرة والعشرين لا يقدح في الإجماع إذا
77

كانوا معلومي النسب وهذا من قواعدنا الأصولية الجماعية فالذي
يصلي الظهر يصح صلاته على مذهب هذين الرجلين والمتأخرين
لأنهم ذهبوا إلى التخيير ولا يصح بمقتضى كلام الله ورسوله والأئمة
المعصومين والعلماء المتقدمين فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم
تعلمون نعم لو أراد أحد تمام الاحتياط للخروج من خلاف هذين
الرجلين صلى الظهر بعدها وليهيئ تاركها الجواب لله تعالى لو
سأله يوم القيمة لم تركت صلاة الجمعة وقد أمرت بها في كتابي العزيز
على أبلغ وجه وأمر بها رسولي الصادق على أكبر وجه وأمر بها الأئمة
الهادون وأكدوا فيه غاية التأكيد ووقع إجماع المسلمين على
وجوبها في الجملة فهل يليق من العاقل الرشيد أن يجيب بقوله تركتها
لأجل خلاف سلار وابن إدريس ما هذا إلا بعمى أو تعام أو تعصب
مضر بالدين أجارنا الله وإياكم وجميع المسلمين وكقول محقق
صديق زكي فطن وضع الرسالة منقحة مجردة في وجوبها وقال وبعد
فإن تقليد بعض السلف دون بعض مذموم عند الرجال وإيثار العادة
على ما يقتضيه الدليل لا تليق بغير أشباه النساء والأطفال ورب
مشهور لا أصل له قد قيل ويقال وانظروا إلى ما قيل ولا تنظروا إلى
من قال فإن الحق أن يتبع فماذا بعد الحق إلا الضلال
لنا على وجوب الجمعة أدلة الأول قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا الآية
78

الثاني الأحاديث الصحيحة المستفيضة بل الواصلة إلى
التواتر فمنها قول النبي (صلى الله عليه وآله) الجمعة حق واجب على كل مسلم ومنها
إلى أن ذكر أحد عشر حديثا ثم قال والأخبار الموثقة والحسنة
كثيرة جدا متواترة وإنما نقلنا الصحيحة الواضحة الدلالة التي
لا يشوبها شك وقد اشتملت على ضروب التأكيد والحث التي لا تخفى
وليس في الآية ولا في ما نقلناه من الأخبار ولا غيرها تعرض بشرط إمام
ولا من نصبه ولا اعتبار إذن الثالث إجماع علماء الإسلام قاطبة على
وجوبها فيستصحب إلى أن يعلم المزيل نعم لها شروط فما ثبت منها
بدليل قاطع أو إجماع واقع كالجماعة والعدد وجب قبوله وما لم
يثبت كذلك فالأصل عدمه وعلى مدعيه الدليل وتقليد فرقة قليلة
في ترك هذه السنة المجمع عليها لا دعائهم شرطا زايدا لم يقم عليه دليل
وطرح كلام الله وكلام رسوله والأئمة المعصومين وطرح أقوال
باقي العلماء لا يفعله موفق بل أما أن يكون لغباوة يقتضي تقليدا في
غير موضعه لأن تقليد الله والنبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة وأكثر العلماء أحق وأما
لاتباع هوى أعاذنا الله منه ثم قال فصل وحيث ذكرنا قوله الله تعالى فيها
وقول رسوله والأئمة المعصومين فلنشر إلى أقوال من بلغنا أقوالهم
من علماء الراشدين ليظهر لمريد الراشد الرشاد وبالله السداد
اختلف علماؤنا رضي الله عنهم فيها حال الغيبة مذهب الأكثر بل هو إجماع
79

منا على أن مخالفة معلوم النسب لا يقدح فيه إلى وجوبها ثم منهم من
أطلقه ومنهم من صرح بعدم اشتراط الإمام ولا من نصبه لا عموما
ولا خصوصا ثم منهم من جعله عينيا ومنهم من جعله تخييريا وذهب بعض
قليل إلى عدم شرعيتها وأما الفقيه فإنه لم يذكر أحد من العلماء السابقين
ولا صرح باشتراطه أحد من المتأخرين إلا الشهيد في اللمعة فقط
نعم قد توهمه ظاهر عبارة العلامة في التذكرة والشهيد في الدروس
فقط وفي باقي كتبهما وافقا العلماء في جوازها مطلقا ولكن شيخنا الشيخ على
عفى الله عنه اعتنى بهذا القول وادعى إجماع القائلين بشرعيتها
عليه ولم نقف له على دليل والإجماع لم يذكره أحد من خلق الله ممن
رأينا كلامه لا تصريحا ولا تلويحا فدعواه الإجماع الذي نقلوه على
اشتراط الإمام أو نائبه إنما هو حال حضوره أما حال الغيبة فالإجماع
على جوازها بغير اشتراط الفقيه لأن المخالف نادر معلوم النسب
ثم قال فصل وبين أقوال الفقهاء وأبطل دعوى الإجماع على شرط
الفقيه بوجه بين من أراد فليطلب هناك وقوله في شرح اللمعة وربما
قيل بوجوبها حينئذ يعني حين غيبة الإمام (عليه السلام) وإن لم يجمعها فقيه عملا
بإطلاق الأدلة واشتراط الإمام أو من نصبه إن سلم فهو مختص بحالة
الحضور أو بإمكانه فمع عدمه يبقى عموم الأدلة من الكتاب والسنة
خاليا عن المعارض وهو ظاهر الأكثر ومنهم المنصف في البيان فإنهم
80

يكتفون بإمكان الاجتماع مع باقي الشرائط وكقول المحقق نجم الملة
والدين مولانا عبد الله الشوشتري ألبسه لباس العبقري في رسالة الفارسية
<لغة = فارسية> در نماز جمعه كه عوض ظهر روز جمعه واجب شده ودر وجوب آن در
زمان غيبت خلافست وأقوى در نظر أين بنده آنست كه واجب معين باشد
همچنانكه بآن جمعى تصريح كرده‌اند نه مخير ودءوى اجماع بر عدم
تعيين مسموع نيست كه منشأ أصل أين دعوى اشتباهيست كه از فهميدن
عبارت خلاف شيخ طوسي عليه الرحمة ونحو آن واقع شده وكلام شيخ
بعد از ملاحظة سابق ولا حقش بمنزله تصريح است بآنچه ما ذكر كرديم
چنانچه بعضى نيز تنبيه كرده‌اند وأحوط اينست كه بعد از إيقاع جمعه
حاضر چهار ركعت مردد ميان ظهر ونافله بجاى آورد ثم ذكر
كيفية الجمعة إلى أن قال ظاهرا در امام نماز جمعه اجتهاد
شرط نباشد هم چنانكه از كلام شيخ در خلاف فهم مىشود واما ظاهرا
مى بايد احكام رابطريقى كه در أول رساله بآن اشاره شد اخذ كرده باشد
وظاهرا در أين دغدغه نباشد كه اكر وصول بمجتهد ممكن باشد جمعه
با أو يا باذن أو گذارد أحوط باشد واگر چه در اشتراط عدالت امام
جمعه خلاف نميداند اما دور نباشد كه چون متظاهر بفسق نباشد ودر
عدالت أو شبهه باشد أحوط إيقاع جمعه باشد با أو با ضميمه
ظهر منفردا
فهذه عباراتهم المقيدة بوجوبها عينيا وبان ليس وجود الفقيه شرطا واما
81

عباراتهم المطلقة فمثل قول العلامة قدس سره في التبصرة لو أمكن الاجتماع
حال الغيبة يستحب الجمعة ومثل قول المحقق شكر الله سعيه في الشرايع إذا لم
يكن الإمام موجود أو من نصبه للصلاة وأمكن الاجتماع والخطبتان قيل يستحب
أن يصلي جمعة وقيل لا يجوز والأول أظهر ومثل قول الشيخ بهاء الملة والدين
محمد رزقة الله مرافقة المعصومين في جامع العباسي
<لغة = فارسية> بد انكه ميان مجتهدين در
وجوب نماز جمعه در زمان غيبت حضرت امام (عليه السلام) خلافست واضح آنست كه
مكلف مخير است ميان گذاردن نماز ظهر ونماز جمعه اما چون ثواب نماز جمعه
بيشتر از نماز است اولى آنست كه بجاى نماز ظهر نماز جمعه گذارده شود و
اگر كسى خواهد بجهت احتياط ظهر را بعد از آن بگذارد جائز است ومنعي
نيست
وأما عبارة المقيدة بشرط الفقيه قوله ره في اللمعة ولا ينعقد الجمعة
إلا بإمام أو نائبه ولو كان فقيها مع إمكان الاجتماع في الغيبة أقول
هذه عباراتهم وأن في عباراتهم هذه وغيرها لعبرة لمن يخشى وموعظة
لمن اتقى وتذكرة لمتبعي الهوى بأن هدى الله هو الهدى ومن اتبع هداه
فلا يضل ولا يشقى ومن التمس غيره فقد ضل وغوى وكان تائها في الأرض
حيران لا يجد سبيلا ولا يرى كيف لا وقد أقروا واعترفوا رضوان الله
عليهم بأنه لا يجوز العمل بقول الموتى عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قال الله عز وجل
اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله فقال والله ما صاموا لهم
ولا صلوا لهم ولكن أحلوا لهم حراما وحرموا عليهم حلالا فاتبعوهم
82

فالحديث مشعر بأن تقليد بعض من حيهم أيضا ليس خاليا من الخطر فنقل
عباراتهم إنما هو لعادة أهل الزمان وتبرئة أكثرهم بما نسب إليهم من
مخالفة الأحاديث والقرآن وما نقل عن سلار وغيره إن صح ولم يكونوا
مخطئين لعلهم كانوا في زمان لا يمكنهم كما لو كنا هذا الزمان في أحد
الحرمين الشريفين وإذا كان الفقيه الجامع لشرائط الفتوى فهو أحق بها
لقوله (صلى الله عليه وآله) من صلى بقوم وفيهم من هو أعلم منه لا يزال أمرهم في سفال
فكيف يجوز بمجرد هؤلاء المعدومين ترك كلام الله وترك أحاديث حجج الله
المعصومين عليهم صلوات الله رب العالمين فإن من يجوز طرحها وتركها
يجوز أن يترك جميع ما ورد عنهم (عليهم السلام) وفي تركها إبطال الدين كما قال
رئيس المحدثين في الفقيه في خبر سهو النبي (صلى الله عليه وآله) أعاذنا الله منه ومن جميع
مضلات الفتن بمنه ولطفه أنه هو البر الرحيم قال وكيف لم يحمل عليه
فإن المنبر والخطبة حق لصاحب الأمر (عليه السلام) أو من هو نائب منابه بإذنه خصوصا
أو عموما فلا يجوز لكل أحد أن يقوم مقامه أقول إن أراد به الاستدلال
على وجوب حمل العبارات المطلقة على المقيدة فظاهر أنه لا ينهض دليلا
لأنه كالمصادرة على المطلوب بل هي هي وإن أراد به دعوى برأسها فعليه
الدليل قال كما أنه لا يجوز أن يتصدى لأمر القضاء والإفتاء إلا الفقيه
الجامع لشرائط الفتوى أقول بين الصلاة والإفتاء بون بعيد وفرق بين فإن
الصلاة إنما هي عبادة مختصه لله رب العالمين ولا يدخل فيها شئ من حقوق
83

الآدميين أمر عباده بالسعي إليها والاجتماع ليحصل توارد القلوب
من المؤمنين على الدعاء والإخلاص ويحصل عليهم الفيض الإلهي وليس
في الكتاب والسنة دليل يقتضي الفقيه والقضاء والإفتاء مما يتم به نظام النوع
الإنساني من دفع الظالم ورد المظلمة على المظلوم واستيفاء الحقوق
والأمر المعروف والنهي عن المنكر وغير ذلك مما لم يمكن حصوله إلا
بالفقيه ونص الكتاب والأحاديث الكثيرة الدالة على ذلك لكن ذكرها
لا يناسب المقام فعدم جواز القضاء والإفتاء لغير الفقيه الجامع لشرائط
الفتوى لا يستلزم عدم جواز الصلاة التي خاطب الله المؤمنين وأمرهم بالسعي
إليها قال وقول المعصوم صلوات الله عليه يصلون أربعا إذا لم
يكن من يخطب وقوله (عليه السلام) صلوا الجمعة أربع ركعات وقوله (عليه السلام) إذا قدم
الخليفة مصرا من الأمصار جمع بالناس ليس ذلك لأحد غيره وقوله (عليه السلام) لا يكون
الجمعة والخطبة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط الإمام وأربعة
في عدة من الأخبار التي نقلتموها وما في معناها مما ذكر فيه الإمام الذي
هو شرط في ماهية الجمعة ومشروعيتها خصوصا قوله (صلى الله عليه وآله) اعلموا أن الله
قد افترض عليكم الجمعة فمن تركها في حياتي أو بعد مماتي ولهم إمام
عادل إلى آخر الحديث تنادي على أن لا تنعقد الجمعة بلا سلطان عادل
هو الحقيقة الشرعية في الإمام أو من نصبه خصوصا أو عموما نائب للإمام
حقيقة أو مجازا قريبا من الحقيقة أقول وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت
84

وإليه أنيب إن أقوال المعصوم تنادي من كان له قلب أو ألقى السمع وهو
شهيد أن الجمعة تنعقد بدون سلطان عادل أو من نصبه لأن قول المعصوم
في الحديث الأول هكذا روى محمد بن مسلم عن أحدهما قال سألته عن
أناس قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم ويصلون أربعا إذا لم يكن
من يخطب هذا تمام الحديث فلينظر الإنسان إلى أن مثل محمد بن مسلم
الذي أجمعت العصابة على تعظيمه وعلو درجته يسأل المعصوم (عليه السلام) في قرية
هل يصلون الجمعة جماعة يعني إذا كان فيهم سلطان عادل أو نائبه أو إنما
يسأل إذا كانوا خالين عنهما لا سبيل إلا إلى الثاني بالضرورة فقول المعصوم (عليه السلام)
في جوابه نعم يدل على جواز الصلاة وانعقادها بدون السلطان ومن نصبه
وقوله (عليه السلام) ويصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب معناه والله علم إذا لم يوجد
شخص يعلم شرائط الخطبة وآدابها ولم يصلح الاقتداء به يصلون أربعا
فرادى لأنه مقابل الجماعة وقول المعصوم في الحديث الثاني هكذا روى
فضل بن عبد الملك قال سمعت أبا عبد الله (عليه السلام) إذا كان قوم في قرية
صلوا الجمعة أربع ركعات فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا إذا كانوا
خمسة نفر وإنما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين هذا تمام الحديث فأول
هذا الحديث كآخر الحديث الأول في أنهم يصلون أربعا إذا لم يكن فيهم من
يحسن الخطبة ويصلح لأن يصلي بالناس لكن آخره أعني قوله فإن كان
لهم من يخطب بهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر دال على وجوبها مؤكدا
85

بوضع الخبر موضع الأمر كما مرو لفظ من عام وما ذكر الفاضل الماتن
بعضا من كل منهما وترك بعضا لا يخلو من غرض وهو ظاهر وأما قول المعصوم
في الحديث هو ما روى جعفر عن أبيه عن علي (عليه السلام) إذا قدم الخليفة مصرا
من الأمصار جمع بالناس ليس لأحد ذلك غيره لا يناقض وجوب الجمعة
عينيا مع غيبة السلطان العادل (عليه السلام) ولا يخفى على من ينطق بالمنطق والميزان
أن من شرط التناقض وحدة الزمان وأما الأخبار التي فيها ذكر الإمام (عليه السلام)
فإنما المراد بالإمام الذي يقتدى به وقد مر الدليل على ذلك في ذكر
حجج بالوجوب العيني وأما قول الماتن خصوصا قوله (صلى الله عليه وآله) اعلموا أن الله
قد افترض عليكم الجمعة فمن تركها في حياتي أو بعد مماتي ولهم إمام
عادل إلى آخر الحديث هو هذا استخفافا أو جهود أفلا جمع الله شمله
ولا بارك له في أمره إلا ولا صلاة له إلا ولا زكاة له إلا ولا صوم له إلا ولا
بر له حتى يتوب وورد هذا الحديث هكذا أيضا كتب عليكم الجمعة فريضة
واجبة إلى يوم القيمة إلى آخره تنادي على أن لا تنعقد الجمعة بلا
سلطان عادل فخطأ محض لأن قوله (صلى الله عليه وآله) كتب عليكم الجمعة فريضة واجبة
إلى يوم القيامة نص على وجوب هذا العظيمة من زمان حياته (صلى الله عليه وآله)
إلى انقضاء الدنيا وقيام القيامة وفي قوله (عليه السلام) فمن تركها وعيد عظيم
بالدعاء على تركها وبأن لا يقبل منه عمل صالح وصار كالذين قال
فيهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف وقوله (عليه السلام) وله إمام عادل
86

الله ورسوله يعلم الظاهر المتبادر من الإمام من يصلي بالناس كما عرفت
وقيد العدل لإخراج الفسقة والجبارين قال الله تعالى واشهدوا ذوي عدل منكم
ولم يفسر أحد بأنهما سلطانان عادلان أو إمامان معصومان وأمثاله
في الأحاديث كثيرة فمن له سمع لا يسمع هذا النداء ومن له قلب
لا يقبل تلك الدعوى وتخصيص الإمام بالسلطان العادل ثم تفسير السلطان
بالإمام أو من نصبه لا يغني من الحق شيئا سلمنا تحكما أن المراد
هو السلطان العادل وصار المعنى من ترك الجمعة مع السلطان العادل كذا
وكذا فبأي من الدلالات يدل خصوصا على أن لا تنعقد الجمعة بلا سلطان
عادل عجبا من درك هذه الدلالة وترك الكريمة العظيمة والأحاديث الصريحة
الكثيرة ويا حسرتا على ما ضيعنا العمر في قيل وقال ووا غفلتا عما يراد
بنا في الحال والمال ما أقول وكيف أقول وما أقول إلا اللهم فاطر
السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا
فيه مختلفون وإنا لله وإنا إليه راجعون قال وأيضا أجمع العلماء كافة
على اشتراط الإمام أو من نصبه خصوصا أو عموما في مهية الجمعة و
مشروعيتها والمشروط عدم عند شرطه أقول من نظر نظرة في كتبهم وجد
كلا من الفرق المذكورة أنه ادعى على مدعاه الإجماع ولم يثبت
فاعتبار الجماع المخالف للقرآن والأحاديث وطرح الموافق وترجيح
المرجوح على الراجح فثبت بطلان هذا الإجماع وكل إجماع يدعى بعد
87

ذلك وقوله والمشروط عدم عند شرطه مراده عند عدم شرطه وإنما السهو
من القلم قال والعجب أن شرطيته مقطوع به في زمان الحضور ومع الغيبة
غير مقطوع به وهذا مثل أن يقال الخطبتان شرط في الجمعة عند الحضور
وأما عند الغيبة فلا وهذا تحكم محض أقول وإن سلمنا الشرطية فكيف
تعجبون من أمر الله رحمة الله عليكم فأنتم قائلون بأن طهارة المائية
شرط الصلاة مع الإمكان ثم تكتفون بالتيمم عند عدمه فليكن هذا مثل
ذاك لا مثل الخطبتين فإنهما بمنزلة الجزئين للصلاة قال والإجماع ثابت
على أنه لا تنعقد مهية الجمعة إلا بالإمام أو نائبه الخاص أو العام في
زمان الحضور كما أن الإجماع على أنه لا تنعقد مهية الجمعة إلا بالخطبتين
في زمان الحضور وكذا باقي شروط الجمعة ففي زمان الغيبة أيضا كذلك
فإن منتفيه بانتفاء شرط وجوده والقول بأن هذه من شروط الماهية
في زمان الحضور لا في الغيبة ترجيح بلا مرجح وتحكم محض أقول
قد ذكر هذا المعنى في قوله أجمع العلماء وفي قوله والعجب أن شرطيته
الخ فلا فائدة في إعادة جوابه وقوله ترجيح بلا مرجح كفى
بوجود الإمام مرجحا قال وما قال الشيخ حسين أن خلاف الثلاثة
أو الأربعة بل والعشرة والعشرين إذا كان معلومي النسب لا يقدح في
الإجماع لنا لا علينا فخلاف الشيخ المذكور نفسه وخلاف مولانا عبد الله
الشوشتري لا يقدح فيه أقول من نظر إلى ما قال الشيخ حسين قدس الله
88

روحه وجد قولا خاليا من الزلل شاهده كتاب الله والأحاديث ويصلح
له العمل وكذا قول مولانا عبد الله عليهم الرحمة والرضوان قال
والشيخ زين الملة والدين رحمة الله عليه لم يصرح بعدم اشتراط الاجتهاد
بل يحكم بضعف دليل من شرط الفقيه أقول إن كان رضي الله عنه مرضيا
عندكم فانظروا إلى كتبه واقتبسوه من نوره فإنه يدلكم على وجوب
الجمعة حال الغيبة مطلقا قال والحاصل أن ترك الظهر الذي أربع
ركعات ثابتة في الذمة بتعين ولا يبرأ المكلف إلا بفعلها إجماعا
والإتيان بصلاة الجمعة الغير المنعقدة ماهيتها إلا بالإمام ونائبه
خصوصا أو عموما بالإجماع بمحض العدالة مع أن العدل المطلق
في عبارات الفقهاء والحديث في صلاة الجمعة يجب أن يحمل
على المقيدة كما لا جرأة في أمر المذهب والدين أقول لا شك
لنا في عدم هذا اليقين لأنه يستلزم طرح ظاهر الكتاب المبين والأحاديث
الأئمة المعصومين ولم يثبت ولن يثبت أن المكلف لا يبرء إلا بفعل
الظهر يوم الجمعة تعالى الله عن أن يكلفنا بالجمعة فإذا امتثلنا لا يبرء
ذمتنا بترك الظهر التي لسنا مكلفين بها يوم الجمعة أو أن يأمرنا بشئ
عموما وأراد منا خصوصا وآخر بيانه عن وقت حاجتنا إليه وجل أمناء الله
أن يرغبونا بما ليس لنا فعله أو بما لا يقبل منا إلا مع شرط وأهملوا
شرطه لا أدري أي الجرأتين أعظم في أمر المذهب والدين إقام الصلاة
إطاعة لأمر الله والرسول والأئمة الهادين أم تركها والحكم القطعي
89

بعدم انعقادها لمجرد دعوى إجماع باطل باليقين فإن وجوب الجمعة
يوم الجمعة دون الظهر في أيامه صلى الله عليه وآله مما لم يخالف
فيه أحد من العالمين والأصل أن يكون باقيا إلى يوم القيمة وأن
لا نجعل محروما قال ومعتقدي أن حال هذا الشخص كحال تصدي
أمر الإفتاء والقضاء بمحض علمه ببعض المسائل القالبي والسلام
على من اتبع الهدى أقول قد مضى القول في الفرق بين الصلاة
وبين الإفتاء والقضاء فإعادة شرحه لغو والمسائل القالبي مستغن
عن الشرح
قد فرغ من تأليف هذا الشرح الموسوم بكتاب الحجة الراجي رحمة ربه
الغفور الرحيم الكريم الغني ابن محمد على محمد مقيم اليزدي
حامد الله رب العالمين ومصليا على النبي وآله الطاهرين قائلا ربنا
لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصرا كما حملته
على الذين من قبلنا ولا تجعلنا من الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس
ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنا قليلا بل أدخلنا
في الصالحين الذين قالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير
وكان ذلك في شهر رمضان المبارك سنة ثلاث وستين وألف 1063
فرغ من تحريره العبد المذنب العاصي المفتاق إلى رحمة ربه الباري ابن
المرحوم المبرور محمد نصير محمد مسامع عفى عنهما المعاصي في 12
شهر ذي قعدة 1140 قد تم طبعه وقد طبعنا كما وجدنا والحمد لله
90