الكتاب: كشف اللثام (ط.ج)
المؤلف: الفاضل الهندي
الجزء: ٢
الوفاة: ١١٣٧
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: مؤسسة النشر الإسلامي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤١٨
المطبعة:
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك: ٩٦٤-٤٧٠-١٤٤-٥
ملاحظات:

كشف اللثام
عن قواعد الأحكام
تأليف
الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسن الأصفهاني
المعروف به الفاضل الهندي
- 1137 ه‍.
الجزء الثاني
تحقيق
مؤسسة النشر السلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

كشف اللثام عن قواعد الأحكام
(ج 2)
2

(المقصد الخامس)
(في غسل الجنابة)
(وفيه فصلان:)
3

(الأول)
(في سببه وكيفيته)
(الجنابة تحصل للرجل والمرأة بأمرين):
الأول: (إنزال المني) أي انتقاله إلى خارج الجسد لا من محله فقط
(مطلقا) بجماع أو غيره، نوما أو يقظة، اتصف بالخواص الآتية أو لا، بالاجماع
والنصوص (1). وما في كتب الشيخين (2)، وكثير من الأتباع، وجمل السيد (3) من قيد
الدفق، لعله مبني على الغالب، كما في السرائر (4). واعتبر الشافعي (5) الشهوة.
ومن الأخبار ما نفي عنها الغسل إذا أمنت من غير جماع (6)، كما يظهر من
المقنع الميل إليه (7)، ولعل المراد انتقال منيها إلى الرحم، ويشمل الاطلاق خروجه
من المخرج المخصوص ومن غيره، وسيأتي.
(وصفاته الخاصة) به بالنسبة إلى سائر الرطوبات الخارجة من المخرج
المعهود (رائحة الطلع) أو العجين ما دام رطبا، فإذا يبس فرائحة بياض البيض.
(والتلذذ بخروجه) ثم فتور الشهوة إذا خرج (والتدفق) كل ذلك عند

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 471 ب 7 من أبواب الجنابة.
(2) المقنعة: ص 51، النهاية ونكتها: ج 1 ص 227، الإقتصاد: ص 244، المبسوط: ج 1 ص 27.
(3) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) المجموعة الثالثة: ص 25.
(4) السرائر: ج 1 ص 107.
(5) المجموع: ج 2 ص 139.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 471 ب 7 من أبواب الجنابة.
(7) المقنع: ص 13.
5

اعتدال المزاج (فإن اشتبه) بغيره (اعتبر بالدفق والشهوة) والفتور، لصحيح
علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يلعب مع المرأة ويقبلها، فيخرج منه
المني فما عليه؟ قال: إذا جاءت الشهوة ودفع وفتر لخروجه فعليه الغسل، وإن كان
إنما هو شئ لم يجد له فترة ولا شهوة فلا بأس (1).
وفي نهاية الإحكام: وهل يكفي الشهوة في المرأة أم لا بد من الدفق لو اشتبه؟
إشكال (2). قلت: من قوله تعالى: (من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب) (3)
ومن إطلاق الأخبار باغتسالها إذا أنزلت من شهوة.
ثم ظاهر النهاية (4) والوسيلة (5) الاكتفاء بالدفق من الصحيح، وقد يظهر ذلك
من المبسوط (6) والاقتصاد (7) والمصباح (8) ومختصره وجمل العلم والعمل (9)
والجمل والعقود (10) والمقنعة (11) والتبيان (12) والمراسم (13) والكافي (14) والإصباح (15)
ومجمع البيان (16) وروض الجنان (17) وأحكام الراوندي (18)، ولكن عبارة النهاية
يحتمل كون الاكتفاء به للمريض.
(وتكفي الشهوة في المريض) لنحو خبر ابن أبي يعفور سأل الصادق عليه السلام
عن الرجل يرى في المنام ويجد الشهوة، فيستيقظ فينظر فلا يجد شيئا، ثم يمكث

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 477 ب 8 من أبواب الجنابة ح 1.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 100.
(3) الطارق: 6.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 228.
(5) الوسيلة: ص 55.
(6) المبسوط: ج 1 ص 27.
(7) الاقتصاد: ص 244.
(8) مصباح المتهجد: ص 8.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 25.
(10) الجمل والعقود: ص 41.
(11) المقنعة: ص 51.
(12) التبيان: ج 10، ص 324.
(13) المراسم: ص 41.
(14) الكافي في الفقه: ص 127.
(15) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 9.
(16) مجمع البيان: ج 9 ص 471.
(17) روض الجنان: ص 48.
(18) فقه القرآن للراوندي: ج 1 ص 32.
6

الهوين بعد فيخرج، قال: إن كان مريضا فليغتسل، وإن لم يكن مريضا فلا شئ
عليه، قال: فما فرق بينهما؟ قال: لأن الرجل إذا كان صحيحا جاء الماء بدفقة قوية،
وإن كان مريضا لم يجي إلا بعد (1).
(فإن تجرد عنهما لم يجب الغسل) للأصل والخبر، وإن وجدت فيه
رائحة الطلع أو العجين أو بياض البيض، للأصل مع انتفاء النص، وصريح
الدروس (2) وظاهر التذكرة (3) والذكرى (4) اعتبارها.
(إلا مع العلم بأنه مني) كما إذا أحس بخروجه فأمسك ثم خرج بلا دفق
ولا شهوة، وكالخارج بعد الامناء المعلوم إذا لم يستبرئ.
(و) الثاني: (غيبوبة الحشفة) أو قدرها كما يأتي (في فرج آدمي قبل
أو دبر، ذكر أو أنثى، حي أو ميت، أنزل معه أو لا) وهي توجب الجنابة
للانسان.
(فاعلا أو مفعولا على رأي) موافق للمشهور، لعموم الملامسة، والتقاء
الختانين للميت، وللدبر إن كان الالتقاء بمعنى التحاذي، وقول أمير المؤمنين عليه السلام
في صحيح زرارة في الجماع بلا إنزال: أتوجبون عليه الرجم والحد ولا توجبون
عليه صاعا من ماء (5)، لدلالته على الملازمة. ونحو قول أحدهما عليهما السلام في صحيح
ابن مسلم: إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم (6). ومرسل حفص بن سوقة
عن الصادق عليه السلام: في رجل يأتي أهله من خلفها، قال: هو أحد المأتيين، فيه
الغسل (7).
وادعى السيد إجماع المسلمين على عدم الفرق بين الفرجين، ولا بين الذكر

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 478 ب 8 من أبواب الجنابة ح 3.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 95 درس 5.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 23 س 3.
(4) ذكرى الشيعة: ص 27 س 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 470 ب 6 من أبواب الجنابة ح 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 469 ب 6 من أبواب الجنابة ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 481 ب 12 من أبواب الجنابة ح 1.
7

والأنثى، ولا بين الفاعل والمفعول، وأنه من ضروريات الدين، ولكن قال بعد
ذلك: واتصل بي في هذ الأيام عن بعض الشيعة الإمامية أن الوطء في الدبر
لا يوجب الغسل (1).
وحكاه الشيخ في الحائريات عن بعض الأصحاب (2)، واختاره في
الإستبصار (3)، للأصل، وقول الصادق عليه السلام في مرفوع البرقي: إذا أتى الرجل
المرأة في دبرها فلم ينزل، فلا غسل عليهما، وإن أنزل فعليه الغسل ولا غسل
عليها (4). وفي مرسل أحمد بن محمد، في الرجل يأتي المرأة في دبرها وهي
صائمة، قال: لا ينقض صومها، وليس عليها غسل (5). ونحوه مرسل علي بن
الحكم (6)، وهي بعد التسليم يحتمل التفخيذ.
وظاهر المبسوط التردد (7)، وخيرة المعتبر العدم في دبر الغلام (8)، للأصل،
وعدم النص، خصوصا أو عموما، ومنع الاجماع الذي ادعاه السيد (9).
وفي المنتهى التردد في المرأة الموطوءة في دبرها، ثم استدل على جنابتهما
باشتراك الحد والرجم، مع ما مر من كلام أمير المؤمنين عليه السلام (10).
(ولا يجب) الغسل بالايلاج (في فرج البهيمة) قبلها أو دبرها (إلا مع
الإنزال) وفاقا للخلاف (11) والمبسوط (12) والجامع (13) والسرائر (14) والمعتبر (15)،
للأصل، وعدم النص.

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 180.
(2) الحائريات (الرسائل العشر): ص 286.
(3) الإستبصار: ج 1 ص 112 ذيل الحديث 373.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 481 ب 12 من أبواب الجنابة ح 2.
(5) المصدر السابق ج 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 482 ب 12 من أبواب الجنابة ذيل الحديث 3.
(7) المبسوط: ج 1 ص 28.
(8) المعتبر: ج 1 ص 181.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 329.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 82 س 1.
(11) الخلاف: ج 1 ص 117 المسألة 59.
(12) المبسوط: ج 1 ص 28.
(13) الجامع للشرائع: ص 38.
(14) السرائر: ج 1 ص 116.
(15) المعتبر: ج 1 ص 181.
8

وقوى الوجوب في المختلف (1) والذكرى (2)، واستظهر في صوم المبسوط (3)
حملا على ختان المرأة، وضعفه ظاهر، وعملا بفحوى كلام أمير المؤمنين عليه السلام وما
روي عنه عليه السلام أيضا: ما أوجب الحد أوجب الغسل (4). ويظهر من السيد ذهاب
الأصحاب إليه (5).
(وواجد المني على جسده) أو فراشه (أو ثوبه المختص به) وإن كان
نزعه إذا أمكن كونه منه، ولم يحتمل أن يكون من غيره (جنب) وإن لم يذكر
شهوة ولا احتلاما، لأن النبي صلى الله عليه وآله سئل عمن يجد البلل ولا يذكر احتلاما، فقال:
يغتسل (6). وسأل سماعة الصادق عليه السلام عن الرجل ينام ولم ير في نومه أنه احتلم
فوجد في ثوبه وعلى فخذه الماء هل عليه غسل؟ قال: نعم (7).
وفي نهاية الإحكام (8) عملا بالظاهر وهو الاستناد إليه، وهو مما قطع به
الشيخ (9) وابن إدريس (10) والفاضلان (11) والشهيد (12) وغيرهم.
وفي التذكرة الاجماع عليه (13). والعلم بكونه منيا في الفرض المذكور لا بد
من استناده إلى الرائحة، إذ لا يتصور غيرها من خواصه. ويمكن - إن لم يعتبروها
وحدها - أن يعتبروها إذا انضم إليه الكثرة والعادة.
(بخلاف) الثوب أو الفراش (المشترك) فلا يحكم بوجدان المني عليهما

(1) مختلف الشيعة: ج 1 ص 330.
(2) ذكرى الشيعة: ص 27 س 12.
(3) المبسوط: ج 1 ص 27.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 469 ب 6 من أبواب الجنابة ح 4. نقلا بالمضمون.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 328.
(6) المجموع: ج 2 ص 142.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 480 ب 10 من أبواب الجنابة ح 1.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 101.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 228.
(10) السرائر: ج 1 ص 115.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 26، مختلف الشيعة: ج 1 ص 332.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 95 درس 5.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 23 س 21.
9

بجنابة أحد من الشريكين، للأصل المؤيد بالنصوص والاجماع، على أن الشك في
الحدث لا يوجب شيئا.
وحمل عليه الشيخ خبر أبي بصير، سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يصيب بثوبه
منيا ولم يعلم أنه احتلم، قال: ليغسل ما وجد بثوبه وليتوضأ (1). إلا إذا لم يحتمل
كونه من الشريك، وكالاشتراك احتمال الكون من خارج، ولا فرق بين الاشتراك
معا أو متعاقبا.
وفي الدروس: لو قيل بأن الاشتراك إن كان معا سقط عنهما، وإن تعاقب
وجب على صاحب النوبة كان وجها (2).
قلت: لعله لأصل التأخر.
قال: ولو لم يعلم صاحب النوبة فكالمعية (3).
وفي الروض (4) والمسالك (5) القطع بما استوجبه فيه، وتفسير الاشتراك
بالتقارن، ثم لا فرق بين القيام من موضعه وعدمه.
وفي النهاية: إذا انتبه فرأى في ثوبه أو فراشه منيا ولم يذكر الاحتلام وجب
عليه الغسل، فإن قام من موضعه ثم رأى بعد ذلك فإن كان ذلك الثوب أو الفراش
مما يستعمله غيره لم يجب عليه الغسل، وإن كان مما لا يستعمله غيره وجب عليه
الغسل (6). ونحوه في النزهة (7)، وهو رأي ابن حي (8).
وحمل كلام الشيخ في المختلف على تصوير ما يورث الاحتمال غالبا، وما
يدفعه، لا الاشتراك (9).
(و) إذ لا يحكم بالجنابة على أحد من الشريكين (يسقط الغسل عنهما)

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 480 ب 10 من أبواب الجنابة ح 3.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 95 درس 5.
(3) المصدر السابق.
(4) روض الجنان: ص 49 س 23.
(5) مسالك الأفهام: ج 1 ص 7 س 29.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 228.
(7) نزهة الناظر: ص 14.
(8) نقله عنه في السرائر: ج 1 ص 115.
(9) مختلف الشيعة: ج 1 ص 232.
10

وما في المبسوط (1) والمعتبر (2) والإصباح (3) والمنتهى (4) والتذكرة (5) ونهاية
الإحكام (6) والذكرى (7) والدروس (8) والنفلية (9) استحبابه للاحتياط، ويسقط
اعتبار الجنابة عنهما، فتنعقد بهما الجمعة.
(ولكل منهما الائتمام بالآخر على إشكال) من سقوط هذه الجنابة
شرعا، وعدم تعلق فعل مكلف بفعل آخر، وضعفهما واضح. ومن القطع بجنابة
أحدهما كالمصلي جمعة يعلم بجنابة واحد من العدد، وهي مانعة من انعقادها،
ويمكن المناقشة فيه، والمأموم يعلم جنابته أو جنابة إمامه وهو الأقوى، وفتوى
المعتبر (10) وخيرة التحرير (11) والتذكرة (12) والمنتهى (13) ونهاية الإحكام
الأول (14).
(ويعيد) واجد المني على جسده أو ثوبه المختص (كل صلاة لا
يحتمل سبقها) على الجنابة كما في السرائر (15) والمعتبر (16) لا غيرها، للأصل.
هذا باعتبار الجنابة، وأما باعتبار النجاسة فحكمه ما تقدم.
وفي المبسوط: ينبغي أن نقول: يجب أن يقضي كل صلاة صلاها من عند آخر
غسل اغتسل من جنابة، أو من غسل يرفع حدث الغسل (17)، وهو احتياط.
واحتمل الشهيد بناء على نزع الثوب، والصلاة في غيره (18).

(1) المبسوط: ج 1 ص 28.
(2) المعتبر: ج 1 ص 179.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 9.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 80 س 31.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 23 س 24.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 101.
(7) ذكرى الشيعة: ص 27 س 17.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 95 درس 5.
(9) النفلية: ص 96.
(10) المعتبر: ج 1 ص 179.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 12 س 9.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 23 س 25.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 81 س 1.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 101.
(15) السرائر: ج 1 ص 126.
(16) المعتبر: ج 1 ص 179.
(17) المبسوط: ج 1 ص 28.
(18) ذكرى الشيعة: ص 27 س 16.
11

وفي التلخيص: يعيد الصلاة من آخر غسل ونوم (1). يعني من المتأخر منهما
إذا جوز حدوث الجنابة بعد الغسل الأخير من غير شعور بها، أو من آخر نوم إن لم
ينزع الثوب، وآخر غسل إن نزعه.
(ولو خرج مني الرجل من المرأة بعد الغسل لم يجب) عليها
(الغسل) للأصل والنص (2) والاجماع.
(إ لا أن تعلم خروج منيها معه) وألحق به في نهاية الإحكام الظن، بأن
تكون ذات شهوة جومعت جماعا تصب به شهوتها لغلبة الظن بالاختلاط (3)،
واحتاط الشهيد به إذا شكت (4).
وقيل بوجوب اغتسالها ما لم يعلم كون الخارج منيه، لأن الأصل في الخارج
من المكلف أن يتعلق به حكمه إلى أن يعلم المسقط (5)، ولا يعجبني.
وأطلق ابن إدريس إعادتها الغسل إذا رأت بللا علمت أنه مني (6).
وقال الصادق عليه السلام في خبري منصور وسليمان بن خالد: إن ما يخرج من
المرأة إنما هو من ماء الرجل (7).
(ويجب الغسل بما يجب به الوضوء) من الطاهر المملوك أو المباح.
(وواجباته) ثلاثة:
الأول: (النية) وفي إجزائها ما مر (عند أول الاغتسال) مقارنة له،
(ويجوز تقديمها عند غسل الكفين) المستحب قبله كما في المبسوط (8)

(1) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 265.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 482 ب 13 من أبواب الجنابة.
(3) نقله عنه في السرائر: ج 1 ص 115.
(4) ذكرى الشيعة: ص 27 س 24.
(5) جامع المقاصد: ج 1 ص 26.
(6) السرائر: ج 1 ص 122.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 482 ب 13 من أبواب الجنابة ح 1 و 2.
(8) المبسوط: ج 1 ص 19.
12

والسرائر (1) والإصباح (2) وكتب المحقق (3) بناء على ما مر، وفيه ما مر. ونص في
الأولين وفي الشرائع (4) والتذكرة (5) ونهاية الإحكام (6) على استحبابه.
ويجب كونها (مستدامة الحكم إلى آخره) كما في الوضوء، إلا إذا لم
يوال، والظاهر وجوب تجديدها عندما تأخر كما في نهاية الإحكام (7)
والذكرى (8).
(و) الثاني: (غسل جميع البشرة بأقل اسمه) ولو كالدهن مع الجريان
لا بدونه، لقوله تعالى: (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا) (9). وقول أبي
جعفر عليه السلام في حسن زرارة: الجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره
فقد أجزأه (10). وما مر في الوضوء من خبر إسحاق (11). وقصر الدهن في
المقنعة (12) والنهاية (13) على الضرورة.
ولا بد إجماعا من إجراء الماء على عين البشرة (بحيث يصل الماء إلى
منابت الشعر وإن كثف) ولا يجزئ غسل الشعر كما يجزئ في الوضوء غسل
اللحية الكثيفة والمسح على الشعر المختص بمقدم الرأس، والفارق الاجماع
والكتاب، لانتقال اسم الوجه إلى اللحية، وصدق مسح الرأس بمسح الشعر، بل هو
الغالب في غير الأصلع والمحلوق والسنة، نحو ما مر في الوضوء مع نحو
قوله صلى الله عليه وآله: تحت كل شعرة جنابة، فبلوا الشعر وأنقوا البشرة (14).

(1) السرائر: ج 1 ص 98.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 6.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 28، المعتبر: ج 1 ص 140.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 28.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 4.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 106.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 107.
(8) ذكرى الشيعة: ص 100 س 21.
(9) النساء: 43.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 511 ب 31 من أبواب الجنابة ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 341 ب 52 من أبواب الوضوء ح 5.
(12) المقنعة: ص 53.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 231.
(14) جامع الأصول: ج 8 ص 168 ح 5311، وفيه: (فاغسلوا الشعر).
13

وما روي عن الرضا عليه السلام: وميز الشعر بأناملك عند غسل الجنابة فإنه يروى
عن رسول الله صلى الله عليه وآله: أن تحت كل شعرة جنابة فبلغ الماء تحتها في أصول الشعر
كلها، وخلل أذنيك بإصبعك، وانظر أن لا تبقى شعرة من رأسك ولحيتك إلا وتدخل
تحتها الماء (1).
(و) كذا يجب (تخليل كل ما لا يصل إليه الماء) إليه أي جميع البشرة
أو غسله أو البشرة بمعنى البدن أو المتطهر (إلا به) أي التخليل.
وأما خبر السكوني عن الصادق عليه السلام عن آبائه:: كن نساء النبي صلى الله عليه وآله إذا
اغتسلن من الجنابة يبقين صفرة الطيب على أجسادهن، وذلك أن النبي صلى الله عليه وآله
أمرهن أن يصببن الماء صبا على أجسادهن (2).
وخبر إبراهيم بن أبي محمود سأل الرضا عليه السلام عن الرجل يجنب فيصيب
جسده ورأسه الخلوق والطيب والشي اللكد مثل علك الروم والظرب وما أشبهه
فيغتسل، فإذا فرغ وجد في جسده من أثر الخلوق والطيب وغيره، قال: لا بأس (3).
وخبر عمار عن الصادق عليه السلام: في الحائض تغتسل وعلى جسدها الزعفران لم
يذهب به الماء، قال: لا بأس (4). فبعد تسليمها يحتمل بقاء الأثر لعسر الزوال الذي
لا يجب إزالته في التطهير من النجاسات، فهنا أولى.
والظاهر أنها أقل ما يبقى من الخضاب المتفق على جوازه على احتمال
(ينقين) في الأول النون من التنقية لا التبقية، فيعضد المدعى، واحتمال أثر
الخلوق في الثاني الرائحة.
(و) الثالث: الترتيب (تقديم) غسل (الرأس) إجماعا كما في الخلاف (5)

(1) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 83.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 510 ب 30 من أبواب الجنابة ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 509 ب 30 من أبواب الجنابة ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 510 ب 30 من أبواب الجنابة ح 3.
(5) الخلاف: ج 1 ص 132 المسألة 75.
14

والانتصار (1) والتذكرة (2)، ولقول الصادق عليه السلام في حسن زرارة من اغتسل من
جنابة فلم يغسل رأسه ثم بدا له أن يغسل رأسه لم يجد بدا من إعادة الغسل (3).
وأما صحيح هشام بن سالم: (أن الصادق عليه السلام أصاب فيما بين مكة والمدينة
من جارية له، فأمرها فغسلت جسدها وتركت رأسها وقال لها: إذا أردت أن
تركبي فاغسلي رأسك) (4). فمع معارضته بصحيحه أيضا عن ابن مسلم، عنه عليه السلام
أنه قال: فأصبت منها، فقلت: اغسلي رأسك وامسحيه مسحا شديدا لا تعلم به
مولاتك، فإذا أردت الاحرام فاغسلي جسدك) (5) يحتمل غسل جسدها من
النجاسة لا للغسل، وحمله الشيخ على وهم الراوي (6).
والرقبة هنا من الرأس كما في المقنعة (7) والتحرير (8) وكتب الشهيد (9)، وبمعناه
ما في الكافي (10) والغنية (11) والمهذب (12) من غسل الرأس إلى أصل العنق يدل عليه
حسن زرارة الآتي (13). لكن في الإشارة: غسل كل من الجانبين من رأس
العنق (14)، ويحتمل إرادة أصله.
(ثم غسل الجانب الأيمن) من جميع بدنه من أصل العنق إلى تحت القدم،
(ثم الأيسر) كذلك كما هو المشهور.

(1) الإنتصار: ص 30.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 12.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 506 ب 28 من أبواب الجنابة ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 507 ب 28 من أبواب الجنابة ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 508 ب 29 من أبواب الجنابة ح 1.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 134 ح 370.
(7) المقنعة: ص 52.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 12 س 33.
(9) ذكرى الشيعة: ص 100 س 35، الدروس الشرعية: ج 1 ص 96 درس 5، البيان: ص 14.
(10) الكافي في الفقه: ص 133.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 31.
(12) المهذب: ج 1 ص 46.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 506 ب 28 من أبواب الجنابة ح 2.
(14) إشارة السبق: ص 72.
15

وفي المعتبر: اتفاق فقهاء عصره عليه (1)، وفي التذكرة (2) والغنية (3) وظاهر
الإنتصار (4) والخلاف (5) والمنتهى: الاجماع عليه (6).
وفي التذكرة (7) ونهاية الإحكام (8) والذكرى (9): لا فاصل بين الرأس
والجانبين، فكل من أوجب تقديم الرأس أوجب الترتيب بينهما ويؤيده الاحتياط
وبعض الأخبار العامية وأنه صلى الله عليه وآله كان يحب التيامن في طهوره (10).
وإن الغسل البياني لو كان وقع على غير هذه الهيئة لتعينت، فإنما وقع عليها
فتعينت، وما نطق من الأخبار على أن غسل الميت كغسل الجنابة، وقد روي عن
الرضا عليه السلام فيه هذا الترتيب (11).
وفي الوسيلة - بعد ايجاب هذا الترتيب -: وإن أفاض الماء بعد الفراغ على
جميع البدن كان أفضل (12).
وفي الكافي - بعد هذا الترتيب -: ويختم بغسل الرجلين (13). ولعله يعني يختم
كل جانب بغسل رجله. ثم قال: فإن ظن بقاء شئ من صدره أو ظهره لم يصل إليه
الماء، فليسبغ بإراقة الماء على صدره وظهره (14).
وفي الغنية: فإن ظن بقاء شئ من صدره أو ظهره لم يصل الماء إليه غسله (15).
وفي الإشارة: فإن لم يعم الماء صدره وظهره غسلهما (16).

(1) المعتبر: ج 1 ص 184.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 12.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 32.
(4) الإنتصار: ص 30.
(5) الخلاف: ج 1 ص 132 المسألة 75.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 83 س 20.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 14.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 108.
(9) ذكرى الشيعة: ص 100 س 35.
(10) صحيح البخاري: ج 1 ص 53.
(11) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 81.
(12) الوسيلة: ص 56.
(13) الكافي في الفقه: ص 133.
(14) الكافي في الفقه: ص 134.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 32.
(6 1) إشارة السبق: ص 72.
16

وظاهر الكل غسلهما بعد غسل الجانبين ولولا لفظة (لم) لم يبعد إرادته قبله،
فلم يكن ينافي الترتيب، والظاهر ينافيه.
وفي الذكرى عن أبي علي أنه اجتزأ مع قلة الماء بالصب على الرأس وإمرار
اليد على البدن تبعا للماء المنحدر من الرأس على الجسد، وأنه قال: ويضرب
كفين من الماء على صدره وسائر بطنه وعكنه (1)، ثم يفعل مثل ذلك على كتفه
الأيمن، ويتبع يديه في كل مرة جريان الماء حتى يصل إلى أطراف رجله اليمنى
ماسحا على شقه الأيمن كله ظهرا وبطنا، ويمر يده اليسرى على عضده الأيمن إلى
أطراف أصابع اليمنى وتحت إبطيه وارفاغه (2) ولا ضرر في نكس غسل اليد هنا.
ويفعل مثل ذلك بشقه الأيسر حتى يكون غسله من الجنابة كغسله للميت المجمع
على فعل ذلك به، فإن كان بقي من الماء بقية أفاضها على جسده واتبع يديه
جريانه على سائر جسده، ولو لم يضرب صدره وبين كتفيه بالماء إلا أنه أفاض
بقية مائه بعد الذي غسل به رأسه ولحيته ثلاثا على جسده أو صب على جسده من
الماء ما لم يعلم أنه قد مر على سائر جسده أجزأه، ونقل رجليه حتى يعلم أن
الماء الطاهر من النجاسة قد وصل إلى أسفلهما (3) انتهى.
وهو كما لا يدل على الترتيب لا ينفيه.
وما ذكره من (إمرار اليد على البدن تبعا للمنحدر من الرأس وضرب كفين من
الماء على الصدر والبطن) لترطيب (4) ا لبدن وتسهيل جريان الماء عليه، مع جواز
أن يحسب كل ما على اليمين منهما من الغسل.
ونحوه قول الصادق عليه السلام في خبر سماعة: ثم يضرب بكف من ماء على
صدره، وكف بين كتفيه، ثم يفيض الماء على جسده كله (5).

(1) عكن: (طي في العنق، وأصلها الطي في البطن من السمن) مجمع البحرين: ج 6 ص 282.
(2) الأرفاغ: (المغابن من الآباط وأصول الفخذين) مجمع البحرين: ج 5 ص 9.
(3) ذكرى الشيعة: ص 101 س 11.
(4) في س و م: (لتطييب).
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 503 ب 26 من أبواب الجنابة ح 8.
17

وقوله: (فإن كان بقي من الماء بقية أفاضها على جسده) يحتمل أن يريد به ما
في الوسيلة، وإن يريد الإفاضة على الجانبين بالترتيب بعد ما فعله من غسلهما
كالدهن أو قريبا منه أو الإفاضة على كل جانب بعد غسله كذلك، وإن يريد أن
ما ذكره من غسل الجانبين كذلك عند قلة الماء، فإن كان بقي منه بقية كثيرة أفاضها
على الجسد بالترتيب، ثم ذكر أنه مع كثرة الماء لا حاجة إلى ضرب الصدر
وما بين الكتفين بالماء.
وقال الشهيد: ظاهره سقوط الترتيب، وذكر أنه نادر مسبوق وملحوق
بخلافه (1). وفي جمل السيد بعد ترتيب غسل الأعضاء الثلاثة: ثم جميع البدن (2).
وفي المراسم - بعد ذلك -: ثم يفيض الماء على جسده فلا يترك منه شعرة (3).
فيحتمل ما في الجمل والإفاضة على الجسد بالترتيب، فيكون بيانا لما قدمه
من غسل الأعضاء للتصريح بالاستيعاب، والعورتان والسرة تابعة للجانبين
فنصف كل من الأيمن، والنصف من الأيسر.
وفي الذكرى: لو غسلها - يعني العورة - مع أحدهما فالظاهر الاجزاء، لعدم
المفصل المحسوس، وامتناع إيجاب غسلها مرتين (4). وفي الألفية: يتخير في
غسل العورتين مع أي الجانبين شاء، والأولى غسلهما مع الجانبين (5). ولا يعجبني
شئ من ذلك.
ولا يجب الابتداء في كل من الرأس والجانبين بالأعلى للأصل، وقول
الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: اغتسل أبي من الجنابة، فقيل له: قد أبقيت لمعة
في ظهرك لم يصبها الماء، فقال عليه السلام له: ما كان عليك لو سكت؟! ثم مسح تلك
اللمعة بيده (6). إلا أن يكون ارتمس عليه السلام على ما قربه المصنف فيما يأتي.

(1) ذكرى الشيعة: ص 101 س 18.
(2) جمل العلم والعلم (رسائل الشريف المرتضى) المجموعة الثالثة ص 24.
(3) المراسم: ص 42.
(4) ذكرى الشيعة ص 102 س 35.
(5) الألفية: ص 45.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 524 ب 41 من أبواب الجنابة ح 1.
18

وروي نحوه عن النبي صلى الله عليه وآله (1) ولا ينافي العصمة، إذ ليس فيه أنه نسيه، أو أن
القائل أصاب.
واستظهر في الذكرى استحباب غسل الأعلى فالأعلى، لأنه أقرب إلى
التحفظ من النسيان، ولأن الظاهر من صاحب الشرع فعل ذلك (2).
قلت: ويؤيده قول الصادق عليه السلام في حسن زرارة (3) كما في المعتبر (4)
والتذكرة (5)، وفي الكافي (6) والتهذيب مضمر: ثم صب على منكبه الأيمن مرتين،
وعلى منكبه الأيسر مرتين (7).
(فإن عكس) فغسل الأيسر قبل الأيمن أو بعضه أو أحدهما قبل الرأس أو
بعضه (أعاد على ما يحصل معه الترتيب) مع استئناف النية في الأخيرين، إلا
إذا قدمها عند غسل اليدين على مختاره.
(ولا ترتيب) حقيقة (مع الارتماس) في الماء، بل يكفي ارتماسة
واحدة بالنصوص والاجماع، واحتمل في الإستبصار أن يترتب حكما، لأنه إذا
خرج من الماء حكم له أولا بطهارة رأسه ثم الأيمن ثم الأيسر (8).
قال الشهيد: ولو قال الشيخ: إذا ارتمس حكم له أولا بطهارة رأسه ثم الأيمن
ثم الأيسر ويكون مرتبا كان أظهر، لأنه إذا خرج من الماء لا يسمى مغتسلا.
قال: وكأنه نظر إلى أنه ما دام في الماء ليس الحكم بتقدم بعض على الآخر أولى
من عكسه، ولكن هذا يرد على الجانبين عند خروجه، إذ لا يخرج جانب قبل
آخر (9)، انتهى.

(1) سنن ابن ماجة: ج 1 ص 217 ح 663.
(2) ذكرى الشيعة: ص 105 س 32.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 506 ب 28 من أبواب الجنابة ح 2.
(4) المعتبر: ج 1 ص 183.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 13.
(6) الكافي: ج 3 ص 43 ح 3.
(7) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 133 ح 368.
(8) الإستبصار: ج 1 ص 125 ذيل الحديث 6.
(9) ذكرى الشيعة: ص 102 س 10.
19

ولعل أحد المعنيين معنى ما حكي في المبسوط (1) والسرائر (2) والإصباح عن
بعض الأصحاب أنه يترتب حكما (3).
وحكى الفاضلان أنه - أي المغتسل - يرتب حكما بأن ينوي عند الارتماس
غسل رأسه أولا، ثم الأيمن، ثم الأيسر (4).
وينفي الكل الأصل، وعموم أخبار الارتماس، واختصاص أدلة الترتيب
بصب الماء.
ثم معنى الارتماس هو انغماس جميع البدن بالماء، فلا يصدق بغمس عضو،
ثم اخراجه وغمس آخر، فلا يسقط بذلك الترتيب قطعا.
وهل يعتبر في سقوطه مع ما ذكرناه توالي غمس الأعضاء بحيث يتحد عرفا
كما اشتهر بين المتأخرين؟ أو مقارنة النية للانغماس التام حتى تقارن انغسال (5)
جميع البدن دفعة كما قد يفهم من الألفية (6)، أو لا يعتبر شئ حتى إذا نوى فوضع
رجله - مثلا - في الماء ثم صبر ساعة فغمس عضوا آخر وهكذا إلى أن ارتمس
أجزأه، أوجه، ولا يعين أحد الأولين ما في صحيح زرارة (7) وحسن الحلبي (8) عن
الصادق عليه السلام، وكثير من العبارات من وصف الارتماس بالوحدة، لاحتمال أن
يكون المعنى إحاطة الماء بالبدن إحاطة واحدة أي لا متفرقة.
(وشبهه) أي الارتماس من الوقوف تحت مجرى أو مطر غزير كما في
المبسوط (9) والإصباح (10) وظاهر الإقتصاد (11)، لدخوله في الارتماس حقيقة،

(1) المبسوط: ج 1 ص 29.
(2) السرائر: ج 1 ص 121.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 10.
(4) المعتبر: ج 1 ص 184، مختلف الشيعة: ج 1 ص 336.
(5) في ص: (انغماس).
(6) الألفية: ص 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 503 ب 26 من أبواب الجنابة ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 504 ب 26 من أبواب الجنابة ح 12.
(9) المبسوط: ج 1 ص 29.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 10.
(11) الإقتصاد: ص 245.
20

لأنه إحاطة الماء بجميع البدن وانغماسه فيه، ولا دليل على اعتبار الوحدة
بأحد المعنيين الأولين كما عرفت، وللأصل، واختصاص أدلة الترتيب بالصب،
ولصحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن الرجل يجنب هل يجزيه من غسل
الجنابة أن يقوم في المطر حتى يغسل رأسه وجسده وهو يقدر على ما سوى
ذلك؟ قال: إن كان يغسله اغتسالة بالماء أجزأه ذلك (1).
ومرسل محمد بن أبي حمزة عن الصادق عليه السلام: في رجل أصابته جنابة، فقام
في المطر حتى سال على جسده أيجزيه ذلك من الغسل؟ قال: نعم (2). وهما كما في
المعتبر (3) مطلقان لا ينصان على المطلوب.
وفي الذكرى: وبعض الأصحاب ألحق صب الإناء الشامل للبدن (4).
قلت: ولعل الأمر كذلك لدخوله في الارتماس.
وأنكر ابن إدريس سقوط الترتيب في شئ من ذلك للاحتياط، والاجماع
على اعتباره إلا في الارتماس (5).
(وفي وجوب الغسل لنفسه أو لغيره خلاف) فابن إدريس (6) والمحقق (7)
على الثاني للأصل، وظاهر الآية، والاحتياط في الامتناع من فعله بنية الوجوب
قبل وجوب مشروط به من الصلاة، ونحوها إذا اغتسل قبل وجوبها ووجوب
غيرها من المشروط به، والاجماع على جواز تركه إلى تضيق مشروط به.
وفيه أنه لا ينافي الوجوب الموسع، وإنما تظهر الفائدة في فعله قبل وجوب
مشروط به بنية الوجوب، ولصحيح الكاهلي سأل الصادق عليه السلام عن المرأة
يجامعها الرجل فتحيض وهي في المغتسل فتغتسل أم لا؟ قال: قد جاءها ما يفسد

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 504 ب 26 من أبواب الجنابة ح 10.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 505 ب 26 من أبواب الجنابة ح 14.
(3) المعتبر: ج 1 ص 184 - 185.
(4) ذكرى الشيعة: ص 102 س 19.
(5) السرائر: ج 1 ص 121.
(6) السرائر: ج 1 ص 128 - 129.
(7) المعتبر: ج 1 ص 195.
21

الصلاة فلا تغتسل (1). وهو لا يدل على أكثر من السعة. ولقول أبي جعفر عليه السلام في
صحيح زرارة: إذا دخل الوقت وجب الطهور والصلاة (2).
وإن كانت دلالته بالمفهوم وأمكن الحمل على الضيق أو الاختصاص
بالوضوء أو إرادة وجوب المجموع، لكن إنما يرتكب لو قويت الدلالة على
وجوبه لنفسه.
وابنا شهرآشوب وحمزة (3) والمصنف في المنتهى (4) والمختلف (5) والتحرير (6)
والمدنيات: على وجوبه لنفسه، وحكاه عن والده (7)، وحكاه المحقق في الغرية
عن بعض المتأخرين (8)، والشهيد عن الراوندي (9)، وابن شهرآشوب عن السيد،
وأنكر ابن إدريس أن يكون قولا له (10).
واستدلوا بعموم نحو قولهم عليهم السلام (الماء من الماء) و (إذا التقى الختانان
أوجب الغسل) و (إذا أدخله فقد وجب الغسل والمهر والرجم) (1 1).
والجواب: أنها كقولهم عليهم السلام (من نام فليتوضأ) (12) (إذا خفي عنه الصوت
فقد وجب عليه الوضوء) (13) و (غسل الحائض إذا طهرت واجب) (14) وبالإجماع
على وجوب إصباح الصائم متطهرا من الجنابة، وهو يعطي الاغتسال بالليل الذي
ليس فيه مشروط بالطهارة. وقد يمنع الاجماع، ثم لزوم الوجوب لنفسه لجواز

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 483 ب 14 من أبواب الجنابة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 483 ب 14 من أبواب الجنابة ح 2.
(3) الوسيلة: ص 55.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 93 س 10.
(5) مختلف الشيعة: ج 1 ص 321.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 12 س 28.
(7) حكاه في منتهى المطلب: ج 1 ص 93 س 11.
(8) المسائل الغرية (الرسائل التسع): ص 91.
(9) ذكرى الشيعة: ص 23 س 31.
(10) السرائر: ج 1 ص 128 - 129.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 470 و 469 ب 6 من أبواب الجنابة ح 5 و 2 و 1.
(12) عوالي اللآلي: ج 2 ص 178 ح 38.
(13) التهذيب: ج 1 ص 9 ب 1 ح 14.
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 462 ب 1 من أبواب الجنابة ح 3.
22

وجوب تقديمه هنا على وقت المشروط به للضرورة.
والأولى الاستدلال بصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله، سأل الصادق عليه السلام
عن الرجل يواقع أهله، أينام على ذلك؟ قال: إن الله يتوفى الأنفس في منامها، ولا
يدري ما يطرقه من البلية، إذا فرغ فليغتسل (1).
وخبر عمار سأله عليه السلام عن المرأة يواقعها زوجها ثم تحيض قبل أن تغتسل،
قال: إن شأت أن تغتسل فعلت، وإن لم تفعل فليس عليها شئ، إذا طهرت
اغتسلت غسلا واحدا للحيض والجنابة (2).
وخبر زرعة عن سماعة سأله عن الجنب يجنب ثم يريد النوم، قال: إن أحب
أن يتوضأ فليفعل، والغسل أحب إلي وأفضل من ذلك (3). وليست أيضا من النص
في ذلك، لاحتمال الأول الغسل المشروط به ولو صلاة مندوبة، واحتمال
استحباب الغسل للنوم أو الذكر كالوضوء مع ارتفاع الجنابة به (4) أو لا، مع معارضة
الثاني بما مر. واحتج ابن شهرآشوب بظاهر الآية.
(ويستحب المضمضة والاستنشاق) وفاقا للمعظم للأخبار، ولم يذكرا في
المقنع والكافي.
وفي الهداية: وإن شئت أن تتمضمض وتستنشق فافعل (5). ومن العامة من
أوجبهما، ومنهم من أوجب الاستنشاق (6).
ونص المقنعة (7) والنهاية (8) والسرائر (9) والوسيلة (10) والمهذب (11) والإصباح (12)

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 501 ب 25 من أبواب الجنابة ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 527 ب 43 من أبواب الجنابة ح 7.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 502 ب 25 من أبواب الجنابة ح 6.
(4) ليس في ص وك.
(5) الهداية: ص 20.
(6) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 102.
(7) المقنعة: ص 52.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 230.
(9) السرائر: ج 1 ص 118.
(10) الوسيلة: ص 56.
(11) المهذب: ج 1 ص 45 - 46.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 9.
23

والتذكرة (1) والتحرير (2) ونهاية الإحكام (3) والذكرى (4) والبيان (5) استحباب
تثليثهما، وروي عن الرضا عليه السلام (6).
(و) يستحب (الغسل بصاع) للأخبار (7)، وأوجبه بعض العامة (8).
والمشهور أنه أربعة أمداد، كل مد رطلان وربع بالعراقي، ورطل ونصف
بالمدني، فهو تسعة أرطال بالعراقي وستة بالمدني، وعليها نزل قول أبي جعفر عليه السلام
في صحيح زرارة: والمد رطل ونصف، والصاع ستة أرطال (9).
وفي الفقيه: إن الصاع خمسة أمداد، لقول الكاظم عليه السلام في خبر سليمان بن
حفص المروزي: وصاع النبي صلى الله عليه وآله خمسة أمداد (10). ومضمر سماعة: اغتسل
رسول الله صلى الله عليه وآله بصاع وتوضأ بمد وكان الصاع على عهده خمسة أمداد وكان المد
قدر رطل وثلاث أواق (11).
ويجوز أن يكون المراد أن الصاع الذي كان صلى الله عليه وآله يغتسل مع زوجته خمسة
أمداد، كما نطقت به الأخبار.
وعن البزنطي: هو خمسة أرطال، قال: وبعض أصحابنا ينقل ستة أرطال
برطل الكوفة، قال: والمد رطل وربع، قال: والطامث تغتسل بتسعة أرطال (12).
وفي جمل الشيخ (13) والمهذب (14) والوسيلة (15) والإشارة (16) والمعتبر (17)

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 24.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 13 س 4.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 109.
(4) ذكرى الشيعة: ص 104 س 26.
(5) البيان: ص 14.
(6) فقه الإمام الرضا (ع): ص 81.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 510 ب 31 من أبواب الجنابة.
(8) المبسوط للسرخسي: ج 1 ص 45.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 338 ب 50 من أبواب الوضوء ح 1.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 34 ح 69.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 339 ب 50 من أبواب الوضوء ح 4.
(12) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 105 س 4.
(13) الجمل والعقود: ص 43.
(14) المهذب: ج 1 ص 46.
(15) الوسيلة: ص 56.
(16) إشارة السبق: ص 73.
(17) المعتبر: ج 1 ص 186.
24

والمنتهى (1) والتحرير (2) استحبابه بصاع أو أكثر، وفي النهاية جواز الأكثر (3).
قال الشهيد: والظاهر أنه مقيد بعدم أدائه إلى السرف المنهي عنه (4).
قلت: ويؤيده قول الصادق عليه السلام في خبر حريز: إن لله ملكا يكتب سرف
الوضوء (5). وقول النبي صلى الله عليه وآله: الوضوء مد والغسل صاع، وسيأتي أقوام يستقلون
ذلك فأولئك على خلاف سنتي (6).
والظاهر أن غسل الفرج من الصاع كما في المنتهى مع زيادة غسل
الذراعين (7)، لقول الصادقين عليهما السلام في صحيح زرارة ومحمد بن مسلم وأبي بصير:
إنه صلى الله عليه وآله اغتسل هو وزوجته بخمسة أمداد من من إناء واحد، قالا: بدأ هو فضرب
بيده الماء قبلها وأنقى فرجه، ثم ضربت هي فأنقت فرجها (8)، الخبر.
(و) يستحب (إمرار اليد على الجسد، وتخليل ما يصل إليه الماء)
بدونه للاستظهار، وعند مالك: يجب الدلك (9).
ولا يجب عندنا، للأصل، والاجماع كما في الخلاف (10) والتذكرة (11) وظاهر
المعتبر (12) والمنتهى (13)، وإطلاق النصوص، وقول الصادق عليه السلام لزرارة في
الصحيح: لو أن رجلا جنبا ارتمس في الماء ارتماسة واحدة أجزأه ذلك وإن لم
يدلك جسده (14).
(و) يستحب (الاستبراء للرجل المنزل) ومحتمله كما في البيان

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 86 س 2.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 13 س 4.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 231.
(4) ذكرى الشيعة: ص 105 س 13.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 340 ب 52 من أبواب الوضوء ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 339 ب 50 من أبواب الوضوء ح 6.
(7) منتهى المطلب: ج 2 ص 86 س 23.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 513 و ص 512 ب 32 من أبواب الجنابة ح 5 و ح 4.
(9) فتح العزيز بهامش المجموع: ج 2 ص 185.
(10) الخلاف: ج 1 ص 127 المسألة 71.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 24.
(12) المعتبر: ح 1 ص 185.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 85 س 27.
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 503 ب 26 من أبواب الجنابة ح 5.
25

قطعا (1)، والذكرى احتمالا (2)، خلافا للروض (3)، واستحبابه قول السيد (4) وابن
إدريس (5) والفاضلين (6) للأصل.
وفي المبسوط (7) والجمل والعقود (8) والمصباح (9) ومختصره والمراسم (10)
والكامل والوسيلة (11) والغنية (12) والإصباح (13) وظاهر الكافي (14) والجامع (15)
الوجوب، وفي الغنية: الاجماع عليه (16).
ويمكن انتفاء النزاع، لاتفاق الكل على أن الخارج من غير المستبرئ إذا كان
منيا أو اشتبه به لزمته إعادة الغسل، ولا شبهة في بقاء أجزائه في المجرى إذا لم
يستبرئ، فإذا بال أو ظهر منه بلل تيقن خروج المني أو ظنه، فوجبت إعادة الغسل
فلعله الذي أراده الموجبون، ويرشد إليه عبارة الإستبصار (17)، لأن فيه باب وجوب
الاستبراء بالبول من الجنابة، والاحتجاج له أيضا (18) بأخبار الإعادة إن لم يبل.
ولكن في الناصريات: إنه إن بال بولا خرج معه مني مشاهد أعاد، وإلا فلا (19).
وفي الذكرى: لا بأس بالوجوب محافظة على الغسل من طريان مزيله،
ومصيرا إلى قول معظم الأصحاب، وأخذا بالاحتياط (20).

(1) البيان: ص 15.
(2) ذكرى الشيعة: ص 10 س 25.
(3) روض الجنان: ص 55 السطر الأخير.
(4) ونقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 335.
(5) السرائر: ج 1 ص 118.
(6) المعتبر: ج 1 ص 185، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 19.
(7) المبسوط: ج 1 ص 29.
(8) الجمل والعقود: ص 42.
(9) مصباح المتهجد: ص 9.
(10) المراسم: ص 41.
(11) الوسيلة: ص 55.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 29.
(13) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 9.
(14) الكافي في الفقه: ص 133.
(15) الجامع للشرائع: ص 39.
(16) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 32.
(17) الإستبصار: ج 1 ص 118.
(18) عبارة (له أيضا) ليس في س و م وك.
(19) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 43.
(20) ذكرى الشيعة: ص 103 س 10.
26

والاستبراء (بالبول) كما قال الرضا عليه السلام للبزنطي في الصحيح: وتبول إن
قدرت على البول (1)، ولعله لا خلاف فيه، ويعضده الاعتبار.
(فإن تعذر مسح من المقعدة إلى أصل القضيب ثلاثا، ومنه إلى رأسه
ثلاثا، وينتره ثلاثا) كالاستبراء من البول، وفاقا للشرائع (2) والمقنعة (3)
والسرائر (4) والمعتبر (5) والمراسم (6) والجامع (7) والوسيلة (8) والكامل، إلا أن في
المقنعة (9) والمعتبر (10): أنه يمسح تحت الأنثيين إلى أصل القضيب ويعصره إلى
رأس الحشفة. وفي السرائر (11) والمراسم: نتر القضيب (12) خاصة، ولا تثليث في
شئ منها، وفي الثلاثة الأخيرة: إن لم يتيسر البول فالاجتهاد، وأطلقوا.
واقتصر في الاقتصاد (13) والمصباح (14) ومختصره والمهذب (15) والإشارة (16)
على البول، وفي معناه ما في المبسوط (17) والجمل والعقود (18) والإصباح (19) من
البول والاجتهاد، وحكي نحو ذلك عن الجعفي (20) وأبي علي (21).
واقتصر في التحرير (22) والنافع (23) على العصر من المقعدة إلى طرف الذكر

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 503 ب 26 من أبواب الجنابة ح 6.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 28.
(3) المقنعة: ص 52.
(4) السرائر: ج 1 ص 118.
(5) المعتبر: ج 1 ص 185.
(6) المراسم: ص 41.
(7) الجامع للشرائع: ص 28.
(8) الوسيلة: ص 47.
(9) المقنعة: ص 52.
(10) المعتبر: ج 1 ص 185.
(11) السرائر: ج 1 ص 118.
(12) المراسم: ص 41.
(13) الإقتصاد: ص 244.
(14) مصباح المتهجد: ص 9.
(15) المهذب: ج 1 ص 45.
(16) إشارة السبق: ص 73.
(17) المبسوط: ج 1 ص 29.
(18) الجمل والعقود: ص 42.
(19) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 9.
(20) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 103 س 6.
(21) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 103 س 8.
(22) تحرير الأحكام: ج 1 ص 13 س 3.
(23) المختصر النافع: ص 8.
27

ثلاثا ونتره. ونزل في المعتبر على عدم القدرة على البول (1).
وفي النهاية: فإذا أراد الغسل من الجنابة فليستبرئ نفسه بالبول، فإن تعذر
عليه فليجتهد، فإن لم يتأت له، فليس عليه شئ (2).
والمراد إن تعذر عليه فليجتهد حتى يبول، فإن لم يتأت له فلا شئ عليه، كما
روي عن الرضا عليه السلام من قوله: إذا أردت الغسل من الجنابة فاجتهد أن تبول حتى
تخرج فضلة المني في إحليلك، وإن جهدت ولم تقدر على البول فلا شئ
عليك (3). أو فليجتهد في اخراج بقية المني بالنتر والمسح، فإن لم يتأت أي لم
يخرج المني أو لم يتيسر له شئ منه ومن البول بالنسيان ونحوه فلا شئ عليه.
وفي الغنية: الاستبراء بالبول أو الاجتهاد فيه ليخرج ما في مجرى المني منه،
ثم الاستبراء من البول (4). وهو كعبارة النهاية (5) في الاحتمال، ولم نظفر بنص على
الاستبراء من المني بغير البول، ولكن يرشد إليه الاستبراء من البول والاعتبار،
والنصوص على عدم إعادة الغسل إذا لم يبل.
واستشكل في المنتهى (6) ونهاية الإحكام (7) إلحاقه بحدث البول إذا لم يتأت
البول، ولعله استشكل سقوط الإعادة بالاجتهاد لقطعه به فيهما قبل ذلك.
وتخصيص الرجل بالاستبراء موافقة للمبسوط (8) والجمل والعقود (9)
والمصباح (10) ومختصره والوسيلة (11) والإصباح (12) والشرائع (13) والجامع (14)
والسرائر (15)، لاختلاف مخرجي بولها ومنيها، وهو إنما ينفي استبرائها بالبول.

(1) المعتبر: ج 1 ص 185.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 230.
(3) فقه الإمام الرضا (ع): ص 81.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 30.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 230.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 92 س 30.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 114.
(8) المبسوط: ج 1 ص 29.
(9) الجمل والعقود: ص 42.
(10) مصباح المتهجد: ص 9.
(11) الوسيلة: ص 55.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 9.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 28.
(14) الجامع للشرائع: ص 39.
(15) السرائر: ج 1 ص 122.
28

قال الشهيد: ولعل المخرجين وإن تغايرا يؤثر خروج البول في خروج ما
تخلف في المخرج الآخر إن كان، وخصوصا مع الاجتهاد (1).
وفي النهاية - بعد ما سمعت -: وكذلك تفعل المرأة (2). وفي المقنعة: إنها
تستبرئ بالبول، فإن لم يتيسر لها لم يكن عليها شئ (3).
وفي الغنية: غسل المرأة كغسل الرجل سواء، ولا يسقط عنها إلا وجوب
الاستبراء بالبول (4). فكأنه يراه بالاجتهاد، وليكن عرضا. وقال أبو علي: إذا
بالت تنحنحت بعد بولها (5). ونسخ المراسم مختلفة، ففي بعضها: غسل النساء كغسل
الرجال في كل شئ إلا في الاستبراء (6)، وفي بعضها: وفي الاستبراء، وهو
أكثر، وتوقف في المنتهى (7). وقطع الشهيد في النفلية بعموم البول، واختصاص
الاجتهاد به (8).
قلت: واستبراؤها إذا أنزلت أقوى منه إذا جومعت، لما مر من خبري منصور
وسليمان بن خالد: إن ما يخرج منها ماء الرجل (9).

(1) ذكرى الشيعة: ص 104 س 2.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 230.
(3) المقنعة: ص 54.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 34.
(5) ذكرى الشيعة: ص 104 س 1.
(6) المراسم: ص 42.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 92 س 28.
(8) النفلية: ص 96.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 482 ب 13 من أبواب الجنابة ح 1 و 2.
29

(الفصل الثاني)
(في الأحكام)
(يحرم على الجنب قبل الغسل) وإن توضأ أو تيمم مطلقا، أو (1) مع
التمكن من الغسل (الجلوس) بل اللبث (في المساجد) وفاقا للمعظم
للأخبار (2) وهي كثيرة، وقوله تعالى: (ولا جنبا إلا عابري سبيل) (3) على وجه.
وفي الخلاف الاجماع عليه (4)، واستحب سلار تركه (5)، ولعله للأصل، ولعدم
نصوصية الآية، وخبر محمد بن القاسم سأل أبا الحسن عليه السلام عن الجنب ينام في
المسجد، فقال: يتوضأ، ولا بأس أن ينام في المسجد ويمر فيه (6). وحمله بعد
التسليم على التقية أولى، ويؤيده ذكر الوضوء. فإن من العامة من يقول: إذا توضأ
كان كالمحدث بالأصغر يجوز له اللبث في المساجد (7).

(1) في س، م، ك: (و).
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 484 ب 15 من أبواب الجنابة.
(3) النساء: 43.
(4) الخلاف: كتاب الصلاة ج 1 ص 514 المسألة 258.
(5) المراسم: ص 42.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 488 ب 15 من أبواب الجنابة ح 18.
(7) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 136.
30

وقال الصدوق في كل من الفقيه (1) والمقنع: لا بأس أن يختضب الجنب،
ويجنب وهو مختضب، ويحتجم ويذكر الله ويتنور ويذبح ويلبس الخاتم وينام في
المسجد ويمر فيه، ويجنب أول الليل وينام إلى آخره (2)، مع نصه في الهداية (3).
وقبيل ذلك من الفقيه على أنه ليس للحائض والجنب أن يدخلا المسجد إلا
مجتازين (4). وفي باب دخول المساجد من المقنع: على أن لا يأتياها قبل
الغسل (5).
فإما أنه يرى الكراهية كسلار (6)، أو يريد لا بأس بالنوم في المساجد وإن
احتمل الجنابة بالاحتلام لا نوم الجنب، وهو بعيد.
(و) يحرم عليه (وضع شئ فيها) وفاقا للأكثر للأخبار (7)، وظاهر الغنية
الاجماع (8)، وكرهه سلار (9)، وقد يظهر من الخلاف في موضع (10).
(والاجتياز) فضلا عن اللبث (في المسجد الحرام أو مسجد
النبي صلى الله عليه وآله) بالمدينة وفاقا للمعظم للأخبار (11) وهي كثيرة، وفي المعتبر (12)
وظاهر الغنية (13) والتذكرة الاجماع (14).
ولم يتعرض له الصدوقان، ولا المفيد، ولا سلا ر، ولا الشيخ في الجمل
والاقتصاد والمصباح ومختصره، ولا الكيدري، فأطلقوا جواز الاجتياز في

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 87 ذيل الحديث 191.
(2) المقنع: ص 14.
(3) الهداية: ص 21.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 87 ذيل الحديث 191.
(5) المقنع: ص 27.
(6) المراسم: ص 42.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 490 - 491 ب 17 من أبواب الجنابة.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 3.
(9) المراسم: ص 42.
(10) الخلاف: ج 1 ص 513 المسألة 258.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 484 ب 15 من أبواب الجنابة.
(12) المعتبر: ج 1 ص 189.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 3.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 25 س 7.
31

المساجد (1)، وظاهر المبسوط كراهة دخولهما (2).
(ولو أجنب فيهما) نوما أو يقظة أو دخلهما سهوا أو عمدا لضرورة أو لا
(تيمم واجبا للخروج منهما) وتقدم.
(ويجب أن يقصد) في الخروج (أقرب الأبواب إليه) إن أمكنه،
لاندفاع الضرورة به، وجعله في المنتهى أقرب (3)، واستشكله في النهاية (4)، ولعله
من ذلك، ومن الأصل وإطلاق الأخبار والفتاوى. هذا مع تمكنه من الغسل، وإلا
فله التيمم للبثه فيهما، والصلاة في وجه فضلا عن المبادرة إلى الخروج.
(ويحرم عليه قراءة) إحدى (العزائم) الأربع للإجماع كما في المعتبر (5)
والمنتهى (6) والتذكرة (7) وأحكام الراوندي (8).
وفي المعتبر: أنه رواه البزنطي عن المثنى عن الحسن الصيقل عن
الصادق عليه السلام (9).
وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر محمد بن مسلم: الجنب والحائض يفتحان
المصحف من وراء الثوب، ويقران من القرآن ما شاء إلا السجدة (10). وسأله
زرارة: هل يقرءان من القرآن شيئا؟ قال: نعم ما شاء إلا السجدة (11). وهو في
العلل (12) صحيح، ولا ينصان على الصورة، فيجوز اختصاص الحرمة بآية السجدة

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 87 ذيل الحديث 191، المقنعة: ص 51. المراسم: ص 42،
الجمل والعقود: ص 42، الإقتصاد: ص 244، مصباح المتهجد: ص 8، إصباح الشيعة
(سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 9.
(2) المبسوط: ج 1 ص 29.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 87 س 36.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 103.
(5) المعتبر: ج 1 ص 186 - 187.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 86 س 33.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 31.
(8) فقه القرآن للراوندي: ج 1 ص 50.
(9) المعتبر: ج 1 ص 187.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 494 ب 19 من أبواب الجنابة ح 7.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 493 ب 19 من أبواب الجنابة ح 4.
(12) علل الشرائع: ص 288 ح 1.
32

كما يحتمله الإنتصار (1) والإصباح (2) والفقيه (3) والمقنع (4) والهداية (5) والغنية (6)
وجمل الشيخ (7) ومبسوطه (8) ومصباحه (9) ومختصره والوسيلة (10)، وإن بعد بعض
البعد في الخمسة الأولى.
وعن الرضا 7: ولا بأس بذكر الله وقراءة القرآن وأنت جنب إلا العزائم التي
يسجد فيها، وهي: أ لم تنزيل، وحم السجدة، والنجم، وسورة اقرأ باسم ربك
الأعلى (11). وظاهره السور.
واحتج له المفيد باشتمالها على آي السجدة مع اشتراط الطهارة فيها (12)،
وارتضاه الشيخ (13)، واحتمل السيد كونه العلة (14)، واعترض الراوندي باقتضائه
اختصاص الحرمة بآي السجدة (15).
(و) يحرم عليه قراءة (أبعاضها) كما في الشرائع (16)، ويعطيه كلام
المقنعة (17) والنهاية (18) والمهذب (19)، (حتى البسملة إذا نواها منها) كما في
الشرائع (20)، بل لفظ (بسم) كما في نهاية الإحكام (21).
وأما بعض الكلمة ففيه نظر من البعضية، ومن عدم صدق القراءة عرفا،

(1) الإنتصار: ص 31.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 9.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 86 ح 191.
(4) المقنع: ص 13.
(5) الهداية: ص 20.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 487 السطر الأخير.
(7) الجمل والعقود: ص 42.
(8) المبسوط: ج 1 ص 29.
(9) مصباح المتهجد: ص 8.
(10) الوسيلة: ص 55.
(11) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 84.
(12) المقنعة: ص 52.
(13) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 129 ذيل الحديث 352.
(14) الإنتصار: ص 31.
(15) فقه القرآن: ج 1 ص 50.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 27.
(17) المقنعة: ص 52.
(18) النهاية ونكتها: ج 1 ص 229.
(19) المهذب: ج 1 ص 34.
(20) شرائع الاسلام: ج 1 ص 27.
(21) نهاية الإحكام: ج 1 ص 102.
33

والظاهر الإثم بالآية (1) وإن لم يقصد القرآن. نعم لا يأثم إذا قرأ المختص بزعم
الاشتراك ونية غيرها.
(ومس كتابة القرآن) وفاقا للمعظم، لظاهر الآية (2)، وما روي عنه صلى الله عليه وآله
من قوله: لا يمس القرآن إلا طاهر (3). وعن الرضا عليه السلام من قوله: لا تمس القرآن
إن كنت جنبا أو على غير وضوء (4)، وأخبار نهي المحدث عن مسه (5).
وفي المعتبر (6) والمنتهى (7): اجماع علماء الاسلام عليه، وفي التذكرة:
إجماعهم إلا داود (8)، مع ما في المختلف من أن أبا علي كرهه (9)، ويجوز إرادته
الحرمة كما في الذكرى (10).
(و) مس (ما عليه اسمه تعالى) وفاقا للشيخين (11) ومن بعدهما، لقول
الصادق عليه السلام في خبر عمار: لا يمس الجنب درهما ولا دينارا عليه اسم الله (12).
قال في المنتهى: والرواية ضعيفة السند، لكن عمل الأصحاب يعضدها، ولأن
ذلك مناسب للتعظيم (13)، انتهى، وظاهر الغنية الاجماع (14) ونفى في نهاية الإحكام
الخلاف عنه (15).
وهل يختص بالجلالة كما في الموجز الحاوي (16)، أو يعمه والرحمن على
كونه علما ونحوه من الأعلام في سائر اللغات، أو سائر أسمائه تعالى وإن لم تكن

(1) ليس في س و م.
(2) الواقعة: 79.
(3) سنن البيهقي: ج 1 ص 88.
(4) فقه الإمام الرضا (ع): ص 85.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 269 ب 12 من أبواب الوضوء.
(6) المعتبر: ج 1 ص 175.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 87 س 16.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 24.
(9) مختلف الشيعة: ج 1 ص 353.
(10) ذكرى الشيعة: ص 33 س 35 - 36.
(11) المقنعة: ص 51، النهاية ونكتها: ج 1 ص 229.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 491 ب 18 من أبواب الجنابة ح 1.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 87 س 18.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 3.
(15) نهاية الإحكام: ج 1 ص 101.
(16) الموجز الحاوي (الرسائل العشر): ص 43.
34

أعلاما كما يعطي أحد الأخيرين كلام المقنعة (1) والاقتصاد (2) والمصباح (3)
ومختصره والوسيلة (4) والغنية (5) والجامع (6)؟ أوجه، من الأصل، واحتمال الخبر
الإضافة البيانية، ومن اشتراك الجميع في وجوب التعظيم، وخصوصا الأعلام
والاحتياط وظهور لامية الإضافة.
ثم الأولى تعميم المنع لما جعل جز اسمه (7) كما في (عبد الله) للاحتياط،
وقصد الواضع، اسمه تعالى عند الوضع، واحتمال عموم الخبر والفتوى وخصوصا
مع بيانية الإضافة مع احتمال العدم للأصل، والخروج عن اسمه تعالى بالجزئية،
والتعبير بما عليه اسم الله موافقة للخبر والأكثر. ويعطي التعميم لكل ما عليه ذلك
من لوح أو قرطاس أو درهم أو دينار أو فص، ويحتمل أن يراد به (8) نقش اسمه
كأنه مركوبه وظرفه، كما أن اللفظ ظرف للمعنى.
وبالجملة فظاهر أن الحرام إنما هو مس نقشه لاتمام نحو لوح عظيم كتب في
جانب منه.
وظاهر المحقق في المعتبر كمن تقدم الشيخين عدم المنع، لأنه استضعف
الخبر، وإن ذكر أنه مطابق لتعظيمه سبحانه. ثم قال: وفي جامع البزنطي عن محمد
ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام سألته هل يمس الرجل الدرهم الأبيض وهو جنب؟
فقال: والله أني لأوتي بالدرهم فآخذه وأني لجنب، وما سمعت أحدا يكره من
ذلك شيئا إلا عبد الله بن محمد كان يعيبهم عيبا شديدا يقول: جعلوا سورة من
القرآن في الدرهم فيعطى الزانية، وفي الخمر، ويوضع على لحم الخنزير. وفي
كتاب الحسن بن محبوب، عن خالد، عن أبي الربيع، عن أبي عبد الله عليه السلام: في

(1) المقنعة: ص 51.
(2) الإقتصاد: ص 244.
(3) مصباح المتهجد: ص 8.
(4) الوسيلة: ص 55.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 1 و 2.
(6) الجامع للشرائع: ص 39.
(7) في ص وك و م: (اسم).
(8) ليس في س و ص و م.
35

الجنب يمس الدراهم وفيها اسم الله تعالى واسم رسوله، فقال: لا بأس به ربما
فعلت ذلك (1) انتهى.
قلت: لعل الدرهم الأبيض هو الذي انمحى نقشه، مع احتمال الخبرين مس
الدرهم من غير مس الاسم. واحتمال كون نقشه غايرا على خلاف المعهود في
هذه الأزمنة، فلا تصيبه اليد غالبا.
وألحق باسمه تعالى أسماء الأنبياء والأئمة عليهم السلام في المقنع (2) وجمل الشيخ (3)
ومصباحه (4) ومختصره ومبسوطه (5) والسرائر (6) والمهذب (7) والوسيلة (8)
والإصباح (9) والجامع (10) وأحكام الراوندي (11) والارشاد (12) والتبصرة (13) وكتب
الشهيد (14). ولا نعرف المستند، وإن ناسب التعظيم، ولذا رجح الكراهية في
المعتبر (15) والمنتهى (16) والتحرير (17).
(ويكره) له (الأكل والشرب إلا بعد المضمضة والاستنشاق) كما هو
المشهور، وفي الغنية الاجماع عليه (18)، وزاد الصدوق في الفقيه (19) والهداية (20)
والأمالي (21) غسل اليدين، وكذلك روي عن الرضا عليه السلام (22)، ولم أظفر للاستنشاق
بسند غير ذلك.

(1) المعتبر: ج 1 ص 188.
(2) لم نعثر عليه في المقنع.
(3) الجمل والعقود: ص 42.
(4) مصباح المتهجد: ص 8.
(5) المبسوط: ج 1 ص 29.
(6) السرائر: ج 1 ص 117.
(7) المهذب: ج 1 ص 34.
(8) الوسيلة: ص 55.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 9.
(10) الجامع للشرائع: ص 39.
(11) فقه القرآن للراوندي: ج 1 ص 50.
(12) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 225.
(13) تبصرة المتعلمين: ص 8.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 96 درس 5، البيان: ص 15.
(15) المعتبر: ج 1 ص 188.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 87 س 21.
(17) تحرير الأحكام: ج 1 ص 12 س 22.
(18) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 2.
(19) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 83.
(20) الهداية: ص 20.
(21) الأمالي: ص 516.
(22) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 84.
36

واكتفى المحقق في المعتبر بغسل اليدين والمضمضة، واستدل بقول أبي
جعفر عليه السلام في حسن زرارة: الجنب إذا أراد أن يأكل ويشرب غسل يده
وتمضمض وغسل وجهه وأكل وشرب (1). فكان ينبغي له زيادة غسل الوجه كما
في النفلية (2)، لكن فيها زيادة الاستنشاق أيضا.
وفي المنتهى (3) والتحرير (4) ونهاية الإحكام (5) والدروس (6): المضمضة
والاستنشاق أو الوضوء، لقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح الحلبي: إذا كان الرجل
جنبا لم يأكل ولم يشرب حتى يتوضأ (7). وصحيح عبد الرحمن بن أبي عبد الله
سأل الصادق عليه السلام: أيأكل الجنب قبل أن يتوضأ قال: إنا لنكسل، ولكن ليغسل يده،
فالوضوء أفضل (8).
وفي المقنع: لا تأكل ولا تشرب وأنت جنب حتى تغسل فرجك وتتوضأ (9)،
وهو موافق لقول أحمد (10)، ولم أظفر له بسند.
ثم العبارة تفيد ارتفاع الكراهية بذلك كالأكثر، ونص الشرائع خفتها (11)،
ويعطيه عبارات الإقتصاد (12) والمصباح (13) ومختصره، فإن فيها: إنه لا يأكل ولا
يشرب إلا لضرورة، وعند ذلك يتمضمض ويستنشق. وقد يفهم من النهاية (14)
والسرائر (15).

(1) المعتبر: ج 1 ص 191 وليس فيه: (وشرب).
(2) النفلية: ص 98.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 89 س 15.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 12 س 27.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 104.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 96 درس 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 495 ب 20 من أبواب الجنابة ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 496 ب 20 من أبواب الجنابة ح 7.
(9) المقنع: ص 13.
(10) الفتح الرباني: ج 1 ص 141 ح 479.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 27.
(12) الإقتصاد: ص 244.
(13) مصباح المتهجد: ص 9.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 229.
(5 1) السرائر: ج 1 ص 117 - 118.
37

(و) يكره له (النوم إلا بعد الوضوء) للأخبار (1)، وفي الغنية (2)
والمنتهى (3) وظاهر التذكرة (4) والمعتبر الاجماع (5). ثم العبارة تعطي زوال
الكراهية كالأكثر، والظاهر الخفة، لما مر من قول الصادق عليه السلام: إن الله يتوفى
الأنفس في منامها ولا يدري ما يطرقه من البلية، إذا فرغ فليغتسل (6). ويعطيه كلام
النهاية (7) والسرائر (8).
وأطلق في الإقتصاد كراهية نومه (9)، وفي المهذب: لا ينام حتى يغتسل
ويتمضمض ويستنشق (10).
(و) يكره له (الخضاب) للأخبار (11)، والحيلولة في الجملة. وفي الغنية
الاجماع (12). وعن الرضا عليه السلام: من اختضب وهو جنب أو أجنب في خضابه لم
يؤمن عليه أن يصيبه الشيطان بسوء (13).
ولا يحرم، لما مر من الأخبار (14) ببقاء صفرة الطيب والزعفران، وقول
الكاظم عليه السلام: لا بأس بأن يختضب الجنب، ويجنب المختضب، ويطلي بالنورة (15).
وكأنه الذي أراده الصدوق بنفي البأس عنه (16) فلا خلاف.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 501 ب 25 من أبواب الجنابة.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 2.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 89 س 4.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 25 س 14.
(5) المعتبر: ج 1 ص 191.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 501 ب 25 من أبواب الجنابة ح 4.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 229.
(8) السرائر: ج 1 ص 118.
(9) الإقتصاد: ص 244.
(10) المهذب: ج 1 ص 34.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 497 - 498 ب 22 من أبواب الجنابة ح 5 و 9 و 10 و 11.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 2.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 498 ب 22 من أبواب الجنابة ح 10.
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 509 ب 30 من أبواب الجنابة.
(15) وسائل الشيعة: ج 1 ص 496 ب 22 من أبواب الجنابة ح 1.
(16) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 87 ذيل الحديث 191.
38

وكذا يكره أن يجنب المختضب، للأخبار (1) والاعتبار، إلا أن يأخذ الحناء
مأخذه، لقول الكاظم عليه السلام لأبي سعيد: إذا اختضبت بالحناء، وأخذ الحناء مأخذه
وبلغ، فحينئذ فجامع (2). ولعله مراد المفيد بقوله: فإن أجنب بعد الخضاب لم
يخرج (3). وحمله المحقق على اتفاق الجنابة لا عن عمد (4).
(وقراءة ما زاد على سبع آيات) من غير سور العزائم وفاقا للمحقق (5)،
لمضمر عثمان بن عيسى، عن سماعة سأله عن الجنب هل يقرأ القرآن؟ قال: ما بينه
وبين سبع آيات (6). وهل مثلها الآية إذا كررت سبعا؟ احتمال.
وأما الجواز فللأصل والأخبار (7) وهي كثيرة، والاجماع على ما في
الإنتصار (8) والغنية (9) وأحكام الراوندي (10)، وحرمه القاضي (11)، وهو ظاهر
المقنعة (12) والنهاية (13).
واحتمل في الإستبصار (14) ويحتمله التهذيب (15) وحكي في الخلاف عن
بعض الأصحاب (16). وفي المبسوط: الاحتياط أن لا يزيد على سبع أو سبعين (17).
(وتشتد الكراهية فيما زاد على سبعين) كما في الشرائع (18) جمعا بين

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 498 ب 22 من أبواب الجنابة ح 9 و 10 و 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 497 ب 22 من أبواب الجنابة ح 4.
(3) المقنعة: ص 58.
(4) المعتبر: ج 1 ص 192.
(5) المعتبر: ج 1 ص 190.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 494 ب 19 من أبواب الجنابة ح 9.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 492 ب 19 من أبواب الجنابة.
(8) الإنتصار: ص 31.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 3.
(10) فقه القرآن للراوندي: ج 1 ص 50.
(11) المهذب: ج 1 ص 34.
(12) ظاهر المقنعة: ص 52 الجواز فلاحظ.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 229.
(14) الإستبصار: ج 1 ص 115 ذيل الحديث 5.
(15) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 128 ذيل الحديث 348.
(16) الخلاف: ج 1 ص 100 المسألة 47.
(17) المبسوط: ج 1 ص 29.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 27.
39

ما سمعته، ومضمر زرعة عن سماعة قال: ما بينه وبين سبعين آية (1). واقتصر عليه
ابن حمزة (2).
وفي التحرير (3) والمنتهى عن بعض الأصحاب تحريمه (4)، وفي نهاية
الإحكام حكايته عن القاضي (5). وأطلق الصدوق في الخصال (6)، وسلا ر في
المراسم (7) وابن سعيد كراهية القراءة لما عدا العزائم (8)، لاطلاق النهي في نحو قول
أمير المؤمنين عليه السلام في خبر السكوني المروي في الخصال: سبعة لا يقرأون القرآن:
الراكع، والساجد، وفي الكنيف، وفي الحمام، والجنب، والنفساء والحائض (9).
وظاهر جمل الشيخ انتفاء الكراهة مطلقا، لحصره المكروهات في غيرها (10).
وعن سلار قول بالحرمة مطلقا (11)، ولعله لنحو خبر أبي سعيد الخدري
عنه صلى الله عليه وآله: يا علي من كان جنبا في الفراش مع امرأته فلا يقرأ القرآن، فإني أخشى
أن ينزل عليهما نار من السماء فتحرقهما (12). وهو مع التسليم مخصوص، ويقبل
التخصيص بغيره من الأخبار. قال الصدوق: يعني به قراءة العزائم دون غيرها (13).
وفي نهاية الإحكام: لو قرأ السبع أو السبعين ثم قال: سبحان الذي سخر لنا
هذا وما كنا له مقرنين على قصد إقامة سنة الركوب لم يكن مكروها، لأنه إذا لم
يقصد القرآن لم يكن فيه إخلال بالتعظيم، قال: وكذا لو جرى على لسانه آيات من
العزائم لا بقصد القرآن لم يكن محرما (14). وعندي في ذلك نظر.

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 494 ب 19 من أبواب الجنابة ح 10.
(2) الوسيلة: ص 55.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 12 س 21.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 87 س 14.
(5) لم نعثر عليه في نهاية الإحكام على نسبة ذلك إلى القاضي.
(6) الخصال: ص 358 ذيل الحديث 42.
(7) المراسم: ص 42.
(8) الجامع للشرائع: ص 39.
(9) الخصال: ص 357 ح 42.
(10) الجمل والعقود: ص 42.
(11) المراسم: ص 42.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 493 ب 19 من أبواب الجنابة ح 3.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 3 ص 552 ح 4899.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 102.
40

(ويحرم التولية اختيارا) لمثل ما مر في الوضوء.
(ويكره الاستعانة) لعموم ما في أخبار الاستعانة (1) في الوضوء من التعليل
بكونها من الاشتراك في العبادة، ويجبان اضطرارا كما يحتملهما خبر أبي بصير
وعبد الله بن سليمان عن الصادق عليه السلام - إنه كان وجعا شديد الوجع فأصابته جنابة
وهو في مكان بارد - قال: فدعوت الغلمة، فقلت لهم: احملوني فاغسلوني،
فحملوني ووضعوني على خشبات ثم صبوا علي الماء فغسلوني (2).
(ويجوز أخذ ما له في المسجد) لبث فيه أو لا، أي مسجد كان، حرميا أو
غيره، وإن حرم اللبث ودخول الحرمين، فهما (3) محرمان خارجان عن الأخذ
والجواز، للأصل والاجماع كما هو الظاهر والأخبار (4).
وفي علل الصدوق عن زرارة صحيحا إنه سأل الباقر عليه السلام عن الحائض
والجنب ما بالهما يأخذان منه ولا يضعان فيه؟ قال: لأنهما لا يقدران على أخذ ما
فيه إلا منه، ويقدران على ما وضع ما بأيديهما في غيره (5).
ولكن أرسل علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادق عليه السلام: إنه سأل ما بالهما
يضعان فيه ولا يأخذان منه؟ فقال: لأنهما يقدران على وضع الشئ فيه من غير
دخول، ولا يقدران على أخذ ما فيه حتى يدخلان (6) وظاهره متروك، ويحتمل
الأخذ المستلزم لللبث أو من الحرمين، وأما الوضع فصريحه الذي لا يستلزم
الدخول.
(و) يجوز (الجواز فيه) غير الحرمين للأصل والأخبار (7) والآية (8) على

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 335 - 336 ب 47 من أبواب الوضوء.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 336 ب 48 من أبواب الوضوء ح 1.
(3) في جميع النسخ: (فيهما).
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 490 ب 17 من أبواب الجنابة.
(5) علل الشرائع: ح 1 ص 288.
(6) تفسير القمي: ج 1 ص 139.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 484 ب 15 من أبواب الجنابة.
(8) النساء: 43.
41

وجه، والاجماع كما في المنتهى (1)، وليس منه التردد في جوانبه فهو كاللبث وإن
أطلق في بعض الأخبار المشي، وقصر بعضها الحرمة على الجلوس.
(فروع) تسعة:
(أ: الكافر المجنب يجب عليه الغسل) عندنا كسائر الفروع (و) لا
يصح منه، لأن (شرط صحته الاسلام) لانتفاء التقرب بدونه، وإن تقرب الكافر
لوجوب التلقي من الشارع.
(ولا يسقط) عنه (بإسلامه) لثبوت وجوبه بالجنابة من باب الوضع،
وأسقطه أبو حنيفة (2).
(ولا عن المرتد) وإن اغتسل وهو مرتد متقربا لانتفاء الشرط. وفي
المنتهى الاجماع عليه (3).
(ولو ارتد المسلم بعد غسله لم يبطل) للأصل من غير معارض.
(ب: يحرم) عليه (مس المنسوخ حكمه خاصة) أي دون تلاوته لبقاء
قرآنيته (دون المنسوخ) حكمه وتلاوته، أو (تلاوته خاصة) لخروجه عنها.
(ج: لو وجد بللا مشتبها بعد الغسل لم يلتفت إن) أجنب لا بالانزال
أو (كان قد بال) لجريان العادة بخروج أجزاء المني بالبول، وللأخبار (4)
والأصل والاجماع كما يظهر منهم.
(أو استبراء) بالاجتهاد مع تعذر البول كما في المقنعة (5) والمراسم (6)
والمبسوط (7) والسرائر (8) والشرائع (9) والنافع (10) والجامع (11)، للأصل والحرج.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 88 س 5.
(2) المبسوط للسرخسي: ج 1 ص 90.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 82 السطر الأخير.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 517 ب 36 من أبواب الجنابة.
(5) المقنعة: ص 52.
(6) المراسم: ص 41.
(7) المبسوط: ج 1 ص 29.
(8) السرائر: ج 1 ص 118.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 28.
(10) المختصر النافع: ص 9.
(11) الجامع للشرائع: ص 39.
42

ونحو خبر جميل بن دراج سأل الصادق عليه السلام عن الرجل تصيبه الجنابة،
فينسى أن يبول حتى يغتسل، ثم يرى بعد الغسل شيئا، أيغتسل أيضا؟ قال: لا قد
تعصرت ونزل من الحبائل (1). وخبر عبد الله بن هلال سأله عليه السلام عن الرجل يجامع
أهله، ثم يغتسل قبل أن يبول، ثم يخرج منه شئ بعد الغسل، قال: لا شئ عليه،
إن ذلك مما وضعه الله عنه (2).
وفي المقنع (3) والفقيه (4) والخلاف (5) والاقتصاد (6) والمهذب: الإعادة إن لم
يبل (7)، وفي الخلاف الاجماع عليه (8)، ويعضده إطلاق أكثر الأخبار بذلك، وأصل
التخلف ما لم يبل، مع ضعف أخبار عدم الإعادة وعدم نصها في الإنزال.
وفي النهاية (9) والتهذيب (10): لا إعادة على من اجتهد في البول فلم يتأت له.
واحتمل في الإستبصار (11)، واحتمل فيه وفي التهذيب (12) عدم الإعادة مع النسيان
كما في خبر جميل.
ثم في الفقيه (13) والمقنع: إن في خبر آخر: إن رأى بللا ولم يكن بال فليتوضأ
ولا يغتسل (14)، قال الصدوق: إعادة الغسل أصل، والخبر الثاني رخصة.
وفي المنتهى: لو لم يتأت البول ففي الحاقه بحدث البول إشكال، فإن ألحقناه

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 519 ب 36 من أبواب الجنابة ح 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 519 ب 36 من أبواب الجنابة ح 13.
(3) المقنع: ص 13.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 85 ذيل الحديث 188.
(5) الخلاف: ج 1 ص 125 المسألة 67.
(6) الإقتصاد: ص 244.
(7) المهذب: ج 1 ص 45.
(8) الخلاف: ج 1 ص 125 المسألة 67.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 230.
(10) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 143 ذيل الحديث 403.
(11) الإستبصار: ج 1 ص 120 ذيل الحديث 7.
(12) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 145 ذيل الحديث 410.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 85 ح 188 وذيله.
(14) المقنع: ص 13.
43

به كفى الاختراط والاجتهاد في اسقاط الغسل لو رأى البلل المشتبه بعد الإنزال
مع الاجتهاد، وإلا فلا (1). ونحوه في نهاية الإحكام (2).
(وإلا) يكن بال ولا استبرأ بالاجتهاد (أعاد الغسل) اتفاقا، إلا مع
النسيان في وجه، أو اجتهد في البول فلم يتأت له على قول كما عرفتهما، ويعضد
الإعادة الأخبار (3) والاعتبار أيضا (دون الصلاة الواقعة قبل الوجدان) كما
حكاه ابن إدريس عن بعض الكتب والأخبار (4).
ويوهمه صحيح محمد بن مسلم سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يخرج من
إحليله بعد ما اغتسل شئ، قال: يغتسل ويعيد الصلاة، إلا أن يكون بال قبل أن
يغتسل، فإنه لا يعيد غسله (5). ويحمل على الصلاة بعد الخروج.
(د: لا موالاة هنا) وجوبا بشئ من المعنيين، للأصل والنصوص (6)
والاجماع كما هو الظاهر. وحكى في التحرير (7) ونهاية الإحكام (8)، خلافا لبعض
العامة (9)، وإن استحب (10) كما في المهذب (11) والغنية (12) والإشارة (13) ونهاية
الإحكام (14) وكتب الشهيد (15) سوى اللمعة مبادرة إلى الطاعة ورفع الحدث وتحفظا
من طريان المبطل.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 92 س 30.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 114.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 517 ب 36 من أبواب الجنابة.
(4) السرائر: ج 1 ص 123.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 518 ب 36 من أبواب الجنابة ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 508 ب 29 من أبواب الجنابة.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 13 س 2.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 111.
(9) المجموع: ج 1 ص 184.
(10) في ط وك: (استحبت).
(11) المهذب: ج 1 ص 46.
(12) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 33.
(13) إشارة السبق: ص 73.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 111.
(15) الدروس الشرعية: ج 1 ص 96 درس 5، البيان: ص 15، ذكرى الشيعة: ص 105 س 16.
44

قال الشهيد: ولأن المعلوم من صاحب الشرع وذرية المعصومين فعل ذلك (1).
(نعم يشترط عدم تجدد حدث أكبر) من جنابة أو غيرها (أو أصغر،
فإن تجدد أحدهما في الأثناء أعاد فيهما) في الجنابة اتفاقا، وفي الأصغر
(على الأقوى) وفاقا للفقيه (2) والهداية (3) والنهاية (4) والمبسوط (5) والإصباح (6)
والجامع (7)، لأن من شأن غسل الجنابة الصحيح رفعه الأحداث الصغار، وهذا
الغسل إن أتمه لا يرفع ما تخلله، ولأنه حدث لا بد له من أثر، فهو إما الوضوء ولا
وضوء مع غسل الجنابة، أو الغسل وهو المطلوب، ولأنه بعد تمامه ينقض حكمه
من إباحته الصلاة، فنقضه حكم بعضه المتقدم أولى، ولا يكفي البعض في الإباحة
ولا غسل للجنابة غير مبيح وضعف الكل واضح.
ولما روي عن الرضا عليه السلام من قوله: فإن أحدثت حدثا من بول أو غائط أو
ريح بعد ما غسلت رأسك من قبل أن تغسل جسدك فأعد الغسل من أوله (8)،
وحكي نحوه عن عرض المجالس للصدوق عن الصادق عليه السلام (9)، وخلافا
للسيد (10) والمحقق (11) فأوجبا الوضوء خاصة لأصل البراءة، واستصحاب الصحة،
وعدم تأثير الحدث بعد الغسل إلا ايجاب الوضوء، فكذا في الأثناء، مع عموم ما
دل على ايجابه الوضوء، وإنما خرج ما إذا كان قبل الغسل بالنصوص (12)

(1) ذكرى الشيعة: ص 105 س 17.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 88.
(3) الهداية: ص 21.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 233.
(5) المبسوط: ج 1 ص 29 - 30.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 10.
(7) الجامع للشرائع: ص 40.
(8) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 85.
(9) حكاه في المدارك: ج 1 ص 307. ووسائل الشيعة: ج 1 ص 509 ب 29 من أبواب الجنابة
ح 4.
(10) لم نعثر عليه، ونقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 196.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 28.
(12) وسائل الشيعة: ج 1 ص 517 ب 36 من أبواب الجنابة.
45

والاجماع، وهو أقوى عندي إلا أن يصح الخبران، ولابني إدريس (1) والبراج (2)
فلم يريا له أثرا، لأنه لا يوجب الغسل، فلا معنى لإعادته، ولا وضوء مع غسل
الجنابة، ولا بعد في أن لا يجب على من تغوط - مثلا - وقد بقي من الغسل مقدار
درهم إلا غسله.
قلنا: إنما لا يجب الوضوء إذا لم يتجدد حدث، ويجري الأوجه الثلاثة فيما
إذا تخلله حدث أكبر غير الجنابة، إلا أنه على القول بوجوب الاتمام والوضوء
يجب هنا مع الوضوء غسل آخر لذلك الحدث.
(ه‍: لا يجب الغسل) على واجد تمام الحشفة (بغيبوبة بعض
الحشفة) قطعا للأصل، وعدم التقاء الختانين، وصحيح محمد بن إسماعيل، قال
للرضا عليه السلام: التقاء الختانين هو غيبوبة الحشفة؟ فقال: نعم (3).
أما لو كان مقطوع البعض فهل يكفي غيبوبة الباقي مطلقا كما في الشرح (4)
والتذكرة (5) والموجز الحاوي (6)، أو إذا لم يذهب المعظم كما في الذكرى (7)
والروض (8)، أو لا بد من غيبوبة ما بقدرها؟ أوجه، أوجهها الأول، لحصول
الادخال والتقاء الختانين وغيبة الحشفة، بخلاف ما إذا ذهب الكل أو المعظم، إذ
لا إدخال حينئذ، ومن المعلوم أن المعتبر إنما هو الالتقاء بالادخال.
(ويجب على مقطوعها) كلها (لو غيب بقدرها) قطع به هنا وفي
التحرير (9) والنهاية (10) والمنتهى (11)، لتحقق الادخال والالتقاء، واعتبار قدرها
بدلالة الفحوى. ويحتمل قويا الوجوب بمسمى الادخال لذلك مع الاحتياط، ومنع

(1) السرائر: ج 1 ص 118.
(2) جواهر الفقه: ص 12 المسألة 22.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 469 ب 6 من أبواب الجنابة ح 2.
(4) جامع المقاصد: ج 1 ص 276.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 1.
(6) الموجز الحاوي (الرسائل العشر): ص 43.
(7) ذكرى الشيعة: ص 27 س 33.
(8) روض الجنان: ص 48 س 9.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 12 س 13.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 96.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 82 س 9.
46

دلالة الفحوى، بل الظاهر قصر التفسير بالحشفة على واجدها.
واحتمل في التذكرة توقف الوجوب على إدخال جميع الباقي (1) للأصل،
وانتفاء الحشفة، وعدم الدليل على قيام قدرها مقامها، والسقوط رأسا لمثل ذلك.
(وفي) إيلاج (الملفوف نظر) من التردد في المراد من التقاء الختانين،
لامتناع الحقيقة، فإن كان المراد التحاذي - كما هو المشهور - فقد حصل به، وهو
فتوى التذكرة (2) والذكرى (3) والبيان (4) ومقرب المنتهى (5) والدروس (6)، وإن سمي
مدخل الذكر بالختان للمجاورة، وأبقى الالتقاء على حقيقته فلا يحصل.
ولا يعجبني ما في نهاية الإحكام من أن استكمال اللذة إنما يحصل مع ارتفاع
الحجاب، وفيها احتمالها مع اعتبار الخرقة، فإن كانت لينة لا يمنع وصول بلل الفرج
إلى الذكر ووصول الحرارة من أحدهما إلى الآخر، حصلت الجنابة، وإلا فلا (7).
(و: لو خرج المني من ثقبة) في الذكر أو في الخصية أو (في الصلب،
فالأقرب اعتبار الاعتياد وعدمه) كما في نواقض الوضوء، عملا بالأصل،
وحملا لاطلاق الأخبار والفتاوي على المتبادر، وهو المعهود المعتاد.
قال في نهاية الإحكام: فإن اعتبرنا هناك المعدة، فالأقوى اعتبار الصلب هنا
فقد قيل: إنه يخرج من الصلب (8). وقطع في التذكرة بوجوب الغسل مطلقا (9)،
وقربه في المنتهى (10) والنهاية (11)، للعمومات.
وفي الإيضاح احتمال العدم مطلقا، حملا لها على الغالب (12)، وعملا بالأصل.
(ز: لا يجب نقض الضفائر إذا وصل الماء إلى ما تحتها) من البشرة
(وإن لم يمس الماء الشعر بجملته) فإن الواجب إنما هو غسل البشرة لا

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 2.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 23 25 - 26.
(3) ذكرى الشيعة: ص 27 س 6.
(4) البيان: ص 14.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 83 س 6.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 95 درس 5.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 96.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 99.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 23 س 17.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 81 س 11.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 99.
(12) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 50.
47

الشعر، لا نعرف فيه خلافا، ويفيده الأصل والأخبار، كقولهم عليهم السلام إذا مس جلدك
الماء فحسبك (1) والجنب ما جرى عليه الماء من جسده قليله وكثيره فقد أجزأه (2).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر غياث بن إبراهيم: لا تنقض المرأة شعرها إذا
اغتسلت من الجنابة (3). ونحوه قول الصادق عليه السلام في مرسل الحلبي (4)، وحملوا
قوله عليه السلام في صحيح حجر بن زائدة: من ترك شعرة من الجنابة متعمدا فهو في
النار (5) على قدرها من الجسد وتخليلها مع منعها الوصول إلى البشرة.
(ح: لا يجزئ غسل النجس من البدن عن غسله من الجنابة) ولا
العكس كما في المبسوط (6)، لأن الخبث والحدث سببان متباينان لفعلين متباينين،
والأصل عدم التداخل.
(بل يجب إزالة النجاسة أولا ثم الاغتسال ثانيا) أي إزالة النجاسة عن
كل عضو متنجس قبل صب الماء عليه للاغتسال، لئلا يتنجس ماء الغسل، فلا
يطهر من الحدث، ولئلا يمنع عين النجاسة الماء من وصوله البشرة، وللأمر بغسل
الفرج قبل الغسل.
وعندي التداخل أقوى لأصل البراءة، وحصول الامتثال، وتقديم غسل الفرج
من باب الأولى قطعا، والماء لا ينجس ما لم ينفصل، وإلا لم يطهر من الخبث
أيضا، فإذا ارتمس في الكثير أو الجاري أو انصب أحدهما على عضو نجس
بحيث طهر بذلك ونوى به الطهارة منها ومن الجنابة جميعا، والثاني خاصة، لعدم
افتقار الأول إلى النية، فالاجزاء قوي كما في نهاية الإحكام (7)، خلافا للذكرى (8)،

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 341 ب 52 من أبواب الوضوء ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 511 ب 31 من أبواب الجنابة ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 521 ب 38 من أبواب الجنابة ح 3.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 521 ب 38 من أبواب الجنابة ح 4.
(5) وسائل الشيعة: ج 1 ص 463 ب 1 من أبواب الجنابة ح 5.
(6) المبسوط: ج 1 ص 29.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 112.
(8) ذكرى الشيعة: ص 100 س 15 - 16.
48

وكذا القليل مع حكمية النجاسة وطهرها به، كما يعطيه ما ستسمعه من المختلف.
وفي نهاية الإحكام: لو أجرى الماء القليل عليه فإن كان في آخر العضو
فكذلك - يعني كالكثير - وإلا فالوجه عدمه لانفعاله بالنجاسة (1). ولعله يعني أنه
إذا انفصل من العضو وجرى إلى ما بعده لم يكف له في رفع الجنابة، لانفعاله
بالانفصالي.
واستشكل في التذكرة من غير فصل بين القليل والكثير (2)، كما اختير العدم
كذلك في الدروس (3) والبيان (4).
وفي المبسوط: أنه إن اغتسل أولا ارتفعت الجنابة، وعليه إزالة النجاسة إن لم
تزل (5).
قال في المختلف: والحق عندي أن الحدث لا يرتفع إلا بعد إزالة النجاسة إذا
كانت، لأن النجاسة إن كانت عينية ولم تزل عن البدن لم يحصل إيصال الماء إلى
جميع الجسد، فلا يزول حدث الجنابة، وإن كانت حكمية زالت بنية غسل الجنابة (6).
قلت: الظاهر أن كلام الشيخ في النجاسة الحكمية المفتقرة إلى تعدد الغسل
وأنه يرى الطهارة من الجنابة بالغسلة الأولى وإن لم يطهر من الخبث إلا بغسلة
أخرى، ولا بعد فيه.
(ط: لو وجد المرتمس لمعة لم يصبها الماء، فأقوى الاحتمالات
الاجتزاء بغسلها) في أي عضو كانت (لسقوط الترتيب) بالارتماس، وقد
غسل أكثر بدنه فأجزأه، لقول الصادق عليه السلام: فما جرى عليه الماء فقد أجزأه (7).
والظاهر أنه أراد غسلها بعد الخروج من الماء بلا فصل لتحقق الوحدة

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 109.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 30.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 97 درس 5.
(4) البيان: ص 15.
(5) المبسوط: ج 1 ص 29.
(6) مختلف الشيعة: ج 1 ص 336.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 502 ب 26 من أبواب الجنابة ح 2.
49

المعتبرة، فيكون غسلها كتخليل المعاطف، والنكس عند الارتماس، وإن كانت
الوحدة ما احتملناه ثالثا من إحاطة الماء بجميع بدنه إحاطة واحدة، فالمراد
غسلها قبل جفاف البدن أو بعضه، بل حين يصدق معه الإحاطة الواحدة.
(ثم) أقواها (غسلها وغسل ما بعدها) إن لم تكن في الأيسر
(لمساواته) أي الارتماس (الترتيب) حكما على ما قيل (ثم) يحتمل
(الإعادة) من رأس إن لم يكن قارن بالنية إدخال الرأس الماء، وإلا فالإعادة
على الجانبين بالترتيب بعد غسل اللمعة إن كانت في الرأس، وحكاه في المنتهى
عن والده، (1) وقواه (لعدم صدق الوحدة) المعتبرة، ولعله لم يتعرض لما
ذكرناه من الشرط هنا وفي غيره، للظهور. ولو قارن النية بالرأس ورمسه قبل
الجانبين وكانت اللمعة في الأيمن كفاه غسلها ثم الأيسر، وإن كانت في الأيسر
كفاه وغسل الأيسر بتمامه، وإن رمس الرأس ثم الأيمن ثم الأيسر وكانت في
الأيسر كفاه غسلها.
ويحتمل ضعيفا الإعادة من رأس مطلقا، بناء على أنه نوى الارتماس دفعة
ولم يحصل، والمرتب فعل آخر غير منوي.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 84 س 29.
50

(المقصد السادس)
(في الحيض)
(وفيه فصلان:)
51

(الأول)
(في ماهيته)
(الحيض) في اللغة والعرف (دم يقذفه الرحم) أو قذفه، أو في اللغة:
السيل (1) أو السيل بقوة، أو الاجتماع، أو سيل الصمغ من السمرة.
وفي الاصطلاح: دم يقذفه رحم المرأة (إذا بلغت المرأة) تسع سنين، أي
أكملتها، فما تقذفه قبلها ولو طغت فيها ليس بحيض اجماعا، ولنحو قول
الصادق عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن الحجاج: إذا كمل لها تسع سنين أمكن
حيضها (2). وخبره عنه عليه السلام: ثلاث تتزوجن على كل حال: التي لم تحض، ومثلها
لا تحيض، قال: وما حدها؟ قال: إذا أتى لها أقل من تسع سنين (3).
قال في التذكرة: وهذا تحديد تحقيق لا تقريب (4).
وفي نهاية الإحكام: الأقرب أنه تحقيق لا تقريب مع احتماله، قال: فإن قلنا
به فلو كان بين رؤية الدم واستكمال التسع ما لا يسع لحيض وطهر يكون ذلك الدم

(1) لسان العرب: ج 7 ص 142 مادة (حيض).
(2) وسائل الشيعة: ج 15 ص 409 ب 3 من أبواب العدد ذيل الحديث ح 5.
(3) وسائل الشيعة: ج 15 ص 406 ب 2 من أبواب العدد ح 4.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 266 س 22.
53

حيضا، وإلا فلا (1). وللعامة قول بإمكان حيض بنت سبع سنين وآخر بإمكانه أول
التاسعة، وآخر إذا مضت منها ستة أشهر (2).
(ثم) إنه (تعتادها في أوقات معلومة) ويجوز تعليق الظرف بكل من
القذف والاعتياد، وعليه يتعلق قوله: (غالبا) بمعلومه.
وعلى الأول يحتمله، والتعلق بالاعتياد وهو مخلوق غالبا في الظاهر
(لحكمة تربية الولد) كما يشهد به الاعتبار وبعض الأخبار (3)، وبين تربية الولد
به بقوله:
(فإذا حملت صرف الله تعالى ذلك الدم إلى تغذيته) ولذا لا يكون لمن
لا يصلح للحمل لصغر أو كبر، ولا يكون، أو قل ما يكون مع الحمل، ولا ينافيه ما
في بعض الأخبار من: أن النساء لم يكن يحضن حتى بغين فرماهن الله به (4)، لأنه
مع التسليم لا ينافي خلقه فيهن إذا حملن خاصة أو لا، بحيث يقذفه رحمهن كما
يقذفه رحم أولاء كما في سائر الحيوانات مع جواز تغذية أولادهن بغيره.
(فإذا وضعت الحمل خلع الله تعالى عنه صورة الدم وكساه صورة
اللبن) غالبا (لاغتذاء الطفل، فإذا خلت المرأة من حمل ورضاع بقي ذلك
الدم لا مصرف له فيستقر في مكانه) أي الرحم.
(ثم يخرج في الغالب في كل شهر ستة أيام أو سبعة أو أقل) إلى
ثلاثة (أو أكثر) إلى عشرة (بحسب قرب المزاج من الحرارة وبعده عنها،
وهو في الأغلب أسود) أو أحمر كما في التذكرة (5) والنافع (6) وشرحه (7).
(يخرج بحرقة) أي لذع (وحرارة) لقول الصادق عليه السلام في خبر معاوية

(1) نهاية الإحكام: ص 117.
(2) فتح العزيز: ج 2 ص 410.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 579 ب 30 من أبواب الحيض ح 13 و 14.
(4) علل الشرائع: ج 1 ص 290 ح 1.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 26 س 17.
(6) المختصر النافع: ص 9.
(7) المعتبر: ج 1 ص 197.
54

ابن عمار: إن دم الاستحاضة بارد، وأن دم الحيض حار (1). وفي خبر حفص بن
البختري: إن دم الحيض حار عبيط أسود له دفع وحرارة (2). وفي خبر إسحاق بن
جرير: وهو دم حار تجد له حرقة (3). وفي مرسل يونس: إن دم الحيض أسود
يعرف. وقول أبيه عليهما السلام فيه: إذا رأيت الدم البحراني فدعي الصلاة. قال عليه السلام:
وقوله عليه السلام (البحراني) شبيه معنى قول النبي صلى الله عليه وآله: إن دم الحيض أسود يعرف،
وإنما سماه أبي بحرانيا، لكثرته ولونه (4).
والبحراني كما في كتب اللغة: الخالص الحمرة شديدها، منسوب إلى بحر
الرحم أي قعره (5).
وفي المعتبر (6) والتذكرة أنه الشديد الحمرة والسواد (7) وحكاه ابن إدريس
عن نوادر ابن الأعرابي (8).
ثم ظاهر المصنف التعريف، فأما أن عرفه بجميع ما ذكره أو لقوله: (دم يقذفه
الرحم إذا بلغت المرأة) فأخرج دم الاستحاضة ودم القروح ونحوها باشتراط
البلوغ، والنفاس بالاكتفاء به، أو بقوله ذلك مع قوله: (ثم يعتادها في أوقات
معلومة غالبا) أو بجميع ذلك مع قوله: (لحكمة تربية الولد) ولا يرد على شئ من
ذلك أنه لا يميز المشتبه بالاستحاضة أو غيرها، فإن الاشتباه عندنا لا ينافي
الامتياز حقيقة مع أن الشرع لم يبق للاشتباه مجالا.
وفي المقنعة: إن الحائض هي التي ترى الدم الغليظ الأحمر الخارج منها
بحرارة (9) فإن أراد التعريف ورد أنه قد لا يكون بالصفات، وقد يكون غيره بها.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 537 ب 3 من أبواب الحيض ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 537 ب 3 من أبواب الحيض ح 2.
(3) المصدر السابق ح 3.
(4) المصدر السابق ح 4.
(5) لسان العرب: ج 4 ص 46 (مادة بحر).
(6) المعتبر: ج 1 ص 197.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 26 س 18.
(8) السرائر: ج 1 ص 154.
(9) المقنعة: ص 54.
55

ونحوه ما في النهاية من أنها التي ترى الدم الحار الأسود، الذي له دفع (1).
وفي المبسوط: هو الدم الأسود الخارج بحرارة على وجه يتعلق به أحكام
مخصوصة (2). وفيه أيضا أنه قد لا يكون أسود ولا خارجا بحرارة إلا أن يراد
الغالب، كما في السرائر، وفيه مكان قوله: (على وجه يتعلق به أحكام مخصوصة)
قوله: في زمان مخصوص، من شخص مخصوص (3).
وفي الجمل والعقود (4) والمصباح (5) ومختصره نحو ما في المبسوط، لكن زاد
فيها: إن لقليله حدا. وكذا في الإقتصاد، وحذف فيه قيد السواد (6) ثم قال في
المبسوط: وإن شئت قلت: هو الدم الذي له تعلق بانقضاء العدة على وجه إما
بظهوره أو بانقطاعه (7) يعني على تفسير الأقراء بالأطهار أو الحيض، ونحوه في
نهاية الإحكام (8) والتذكرة (9).
وفي المهذب: إلا أن فيه زيادة كونه أسود حار (10)، وفيه: إن النفاس إذا كان
من الحمل من زنا، يتعلق بالعدة.
وفي السرائر أنه إنما يكفي الظهور إذا كانت ذات عادة، وإلا فبمضي ثلاثة
أيام (11) ويندفع بأن المضي كاشف.
وفي الذكرى: لو حذف الانقضاء أمكن، لأن العدة بالأقراء، وهي إما الحيض
أو الطهر المنتهي به، فله في الجملة تعلق بالعدة (12) ولذا قال في الدروس: الدم
المتعلق بالعدة أسود حارا عبيطا غالبا لتربية الولد (13).
وفي الكافي: هو الدم الحادث في أزمان عادية، أو الأحمر الغليظ الحار في

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 234.
(2) المبسوط: ج 1 ص 41 - 42.
(3) السرائر: ج 1 ص 143.
(4) الجمل والعقود: ص 43.
(5) مصباح المتهجد: ص 9.
(6) الإقتصاد: ص 245.
(7) المبسوط: ج 1 ص 41.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 115.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 26 س 15.
(10) المهذب: ج 1 ص 34.
(11) السرائر: ج 1 ص 142.
(12) ذكرى الشيعة: ص 28 س 4.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 97 درس 6.
56

زمان الالتباس (1).
وأحسن منه ما في الغنية من أنه الحادث في الزمان المعهود له، أو المشروع
في زمان الالتباس على أي صفة كان، وكذا دم الاستحاضة، إلا أن الغالب على دم
الحيض الغلظ والحرارة والتدفق والحمرة المائلة إلى الاسوداد، وعلى دم
الاستحاضة الرقة والبرودة والاصفرار (2).
وفي الوسيلة: هو الدم الأسود الغليظ الخارج عن المرأة بحرارة وحرقة، على
وجه له دفع، ويتعلق به أحكام من بلوغ المرأة، وانقضاء العدة وغير ذلك (3) وهو
كأول تعريفي المبسوط (4).
وفي الجامع: دم يجب له ترك الصوم والصلاة، ولقليله حد (5) وهو مع
اختصاره أسد من الجميع، ولو قيل: دم لقليله حد كان أخصر، لكنه شديد الاجمال.
وفي الشرائع: إنه الدم الذي له تعلق، بانقضاء العدة، ولقليله حد (6). فدفع
الاعتراض بالقيد الأخير.
وفي النافع: هو في الأغلب أسود أو أحمر غليظ، حار له دفع (7) قال في
الشرح: وإنما اقتصر على هذا التعريف لأنه يميزه عن غيره من الدماء عند
الاشتباه، وقد روي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دم الحيض حار عبيط أسود، وعن
أبي جعفر عليه السلام: إذا رأت الدم البحراني فلتدع الصلاة (8).
ويحتمل كلامه التعريف المصطلح واللغوي.
وفي المنتهى: هو الدم الأسود العبيط الحار، يخرج بقوة ودفع غالبا (9) وقريب
منه في التبصرة (10).

(1) الكافي في الفقه: ص 127.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 3.
(3) الوسيلة: ص 56.
(4) المبسوط: ج 1 ص 41.
(5) الجامع للشرائع: ص 41.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 28.
(7) المختصر النافع: ص 9.
(8) المعتبر: ج 1 ص 197.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 95 س 15.
(10) تبصرة المتعلمين: ص 8.
57

وفي الإرشاد: هو في الأغلب أسود حار يخرج بحرقة من الأيسر (1). وفي
التلخيص: هو الدم الأسود غالبا، وأقله ثلاثة أيام متوالية على رأي، وأكثره
عشرة (2) وعبارات هذه الكتب الأربعة يحتمل التعريف المصطلح وغيره، وعبارة
الأخير يحتمل التعريف بالجميع، وبقوله: الدم الأسود غالبا وحده.
وفي التحرير: هو الدم الأسود الغليظ الذي يخرج بحرقة وحرارة غالبا،
ولقليله حد يقذفه الرحم مع بلوغ المرأة، ثم يصير لها عادة في أوقات متداولة
بحسب مزاجها لحكمة تربية الولد (3) إلى آخر نحو ما في الكتاب. وهو يظهر في
احتمال التعريف بالجميع، وبقوله: الدم الأسود - إلى قوله - ولقليله حد، ومعه إلى
قوله: ثم يصير لها عادة، أو إلى قوله: لحكمة تربية الولد.
(فإن اشتبه) الحيض (بالعذرة حكم لها) أي بأنه للعذرة (بالتطوق
للقطنة) التي تستدخلها، أو للمرأة به، أو به وبعدمه، فإن تطوقت فالدم للعذرة
للأخبار (4) والاعتبار. وقطع به أكثر الأصحاب.
وإن خرجت القطنة منغمسة في الدم، فالأكثر ومنهم المصنف في أكثر كتبه
والأخبار على أنه حيض (5) وفي المعتبر أنه محتمل (6) ولذا اقتصر في النافع (7)
والشرائع على التطوق (8) فيحتمله الكتاب.
ووجهه الشهيد بأنه قد لا يستجمع مع ذلك الشرائط، ولذا اعترضه، فقال: قلنا
بثبوت الحيض فيه إنما هو بالشرائط المعلومة، ومفهوم الخبرين أنه ملتبس بالعذرة

(1) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 226.
(2) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 226.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 13 س 17.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 535 و 536 ب 2 من أبواب الحيض ح 1 و 2.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 116، وتحرير الأحكام: ج 1 ص 13 س 22، ومنتهى المطلب:
ج 1 ص 95 س 25 - 26.
(6) المعتبر: ج 1 ص 198.
(7) المختصر النافع: ص 9.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 29.
58

لا غير (1) ويعني بالخبرين خبري زياد بن سوقة (2) وخلف بن حماد (3).
(و) يحكم بالدم (للقرح) إذا التبس به (إن خرج من الأيمن)
وللحيض إن خرج من الأيسر كما في الفقيه (4) والمقنع (5) والنهاية (6) والمبسوط (7)
والمهذب (8) والسرائر (9) والوسيلة (10) والإصباح (11) والجامع (12) لقول الصادق عليه السلام
لأبان: مرها فلتستلق على ظهرها، وترفع رجليها، وتستدخل إصبعها الوسطى،
فإن خرج الدم من الجانب الأيسر فهو من الحيض، وإن خرج من الجانب الأيمن
فهو من القرحة (13) كذا في التهذيب (14). وكذا روي عن الرضا عليه السلام (15).
وفي الكافي بالعكس (16) واختاره أبو علي (17) والشهيد في الدروس (18) وابن
طاووس (19) وحكم بتدليس ما في التهذيب، وإنه في بعض نسخه الجديدة. ولم
يعتبر المحقق الجانب أصلا (20) لارسال الخبر واضطرابه [واحتمال كون المرأة

(1) ذكرى الشيعة: ص 28 س 14.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 536 ب 2 من أبواب الحيض، ح 2.
(3) المصدر السابق ح 3.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 97 ذيل الحديث 203.
(5) المقنع: ص 16.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 234.
(7) المبسوط: ج 1 ص 43.
(8) المهذب: ج 1 ص 35.
(9) السرائر: ج 1 ص 146.
(10) الوسيلة: ص 57.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 11.
(12) الجامع للشرائع: ص 41.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 560 ب 16 من أبواب الحيض ح 1.
(14) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 385 ح 1185.
(15) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 193.
(16) الكافي: ج 3 ص 94 ح 3.
(17) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 355.
(18) الدروس الشرعية: ج 1 ص 97 درس 6.
(19) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 28 س 16.
(20) المعتبر: ج 1 ص 198 - 199.
59

المأمورة مرأة كان عليه السلام يعلم أن بها وجه في ذلك الجانب] (1). [واستلزام اعتباره
في الاستحاضة، فلا يحكم فيها إلا للخارج من جانب الحيض لاحتمال القرح] (2)
مع أصل البراءة مما يلزم المستحاضة، ولم يقولوا به. ولعله يخالف الاعتبار لجواز
القرحة في الجانبين، ولم يقطع به المصنف إلا في الكتاب والارشاد (3) وقواه في
النهاية (4) والتلخيص (5).
(وكل ما تراه قبل بلوغ تسع سنين أو بعد سن اليأس وهو ستون
للقرشية) أي المنتسبة إلى النضر بن كنانة بالأب قيل أو بالأم.
(والنبطية) أي المنتسبة إلى النبط وهم كما في مروج الذهب: ولد نبيط بن
ماش بن آدم بن سام بن نوح (6). وفي العين (7) والمحيط (8) والديوان (9) والمغرب
والمعرب والتهذيب للأزهري: قوم ينزلون سواد العراق (10). وفي الصحاح (11)
والنهاية الأثيرية: قوم ينزلون البطائح بين العراقين (12) وقال السمعاني: إنهم قوم من
العجم (13) وقيل: من كان أحد أبويه عربيا والآخر عجميا. وقيل: عرب استعجموا أو
عجم استعربوا (14) وعن ابن عباس: نحن معاشر قريش حي من النبط (15).
وقال الشعبي في رجل قال لآخر: يا نبطي: لا حد عليه، كلنا نبط (16). وعن

(1) ما بين المعقوفين زيادة من ك و ص.
(2) ما بين المعقوفين ساقط من ص.
(3) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 226.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 125.
(5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 266.
(6) مروج الذهب: ج 2 ص 25 - 26.
(7) العين: ج 7 ص 439 مادة (نبط).
(8) المحيط في اللغة: ص 476 مادة (ط) (مخطوط).
(9) ديوان الأدب: ج 1 ص 218 وفيه: والنمط جماعة من الناس أمرهم واحد.
(10) تهذيب اللغة: ج 13 ص 371 مادة (نبط).
(11) الصحاح: ج 3 ص 1162 مادة (نبط).
(12) النهاية لابن الأثير: ج 5 ص 9.
(13) الأنساب: ج 5 ص 454.
(14) مجمع البحرين: ج 4 ص 275 مادة (نبط).
(15) النهاية لابن الأثير: ج 5 ص 9.
(16) النهاية لابن الأثير: ج 5 ص 9.
60

أيوب ابن القرية: أهل عمان عرب استنبطوا، وأهل البحرين نبيط استعربوا (1).
(وخمسون لغيرهما) وأطلق في النهاية (2) والمهذب (3) والسرائر (4)
الخمسون كأكثر الأخبار. وكذا في الشرائع في موضع (5) والستون في موضع (6) كما
قال الكليني. وروي ستون سنة أيضا (7) وسنذكر الرواية، وإليه مال المصنف في
المنتهى (8).
وفي النافع: في اليأس روايتان أشهرهما خمسون سنة (9) (أو دون ثلاثة
أيام أو ثلاثة متفرقة) ولو في العشرة (أو زائدا عن أقصى مدة الحيض)
وهي عشرة اتفاقا (أو) أقصى مدة (النفاس) إن كانت نفساء وهي اثنا عشرة
أو ثمانية عشرة أو أحد وعشرون كما يأتي إن شاء الله.
(فليس حيضا) للنصوص والاتفاق ظاهرا في الأخير، وقطعا في غيره،
إلا في ثلاثة متفرقة في العشر، فيأتي الخلاف فيها. وأما يأس القرشية بالستين
فنسب في التبيان (10) والمجمع (11) إلى الأصحاب.
وفي المقنعة (12) والمبسوط (13) إلى رواية وكأنها مرسلة ابن أبي عمير عن
الصادق عليه السلام إذا بلغت المرأة خمسين سنة لم تر حمرة إلا أن تكون امرأة من
قريش (14) مع قوله عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن الحجاج: إذا بلغت ستين سنة فقد

(1) لسان العرب: ج 7 ص 411 مادة (نبط).
(2) النهاية ونكتها: كتاب الطلاق ج 2 ص 441.
(3) المهذب: كتاب الطلاق ج 2 ص 286.
(4) السرائر: ج 1 ص 145.
(5) شرائع الاسلام: كتاب الطلاق ج 3 ص 35.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 29.
(7) الكافي: ج 3 ص 107 ح 2.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 96 س 13.
(9) المختصر النافع: كتاب الطلاق ص 200.
(10) التبيان: ج 10 ص 30.
(11) مجمع البيان: ج 9 - 10 ص 304.
(12) المقنعة: كتاب النكاح والطلاق ص 532.
(13) المبسوط: ج 1 ص 42.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 508 ب 31 من أبواب الحيض ح 2.
61

يئست من المحيض ومثلها لا تحيض (1). وقطع به الراوندي في الأحكام في
الهاشمية خاصة (2) وقطع به ابنا حمزة (3) وسعيد في القرشية والنبطية (4) كالمصنف،
ونسبه المفيد في النبطية أيضا إلى رواية (5) ولم نظفر بها مسندة.
(ويجامع الحمل) كما في الفقيه (6) والمقنع (7) والناصريات (8) والجامع (9)
وعدد المبسوط (10) (على الأقوى) للأصل، ونحو صحيح بن سنان أنه سأل
الصادق عليه السلام عن الحبلى ترى الدم أتترك الصلاة؟ فقال: نعم، إن الحبلى ربما
قذفت بالدم (11) وحسن سليمان بن خالد سأله عليه السلام الحبلى ربما طمثت، فقال: نعم،
وذلك أن الولد في بطن أمه غذاؤه الدم، فربما كثر ففضل عنه، فإذا فضل دفقته، فإذا
دفقته حرمت عليها الصلاة (12) وصحيح عبد الرحمن بن الحجاج سأل أبا
الحسن عليه السلام عن الحبلى ترى الدم وهي حامل كما كانت ترى قبل ذلك في كل
شهر، هل تترك الصلاة؟ قال: تترك الصلاة إذا دام (13).
ولا فرق بين أن يستبين حملها وما قبله تأخر عن عادتها عشرين يوما أو لا
كما يقتضيه الاطلاق وفي النهاية (14) وكتابي الحديث أن المتأخر عشرين يوما

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 581 ب 31 من أبواب الحيض ح 8.
(2) فقه القرآن للراوندي: كتاب الطلاق ج 2 ص 152.
(3) الوسيلة: ص 56.
(4) الجامع للشرائع: ص 44.
(5) المقنعة: كتاب النكاح والطلاق ص 532.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 91 ح 197.
(7) المقنع: ص 16.
(8) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 227 المسألة 61.
(9) الجامع للشرائع: ص 44.
(10) المبسوط: ج 5 ص 240.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 576 ب 30 من أبواب الحيض ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 579 ب 30 من أبواب الحيض ح 14.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 577 ب 30 من أبواب الحيض ح 2.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 236.
62

استحاضة (1).
ومال إليه المحقق في المعتبر، لقول الصادق عليه السلام للصحاف: إذا رأت الحامل
الدم بعد ما يمضي عشرون يوما من الوقت الذي كانت ترى فيه الدم من الشهر
الذي كانت تقعد فيه فإن ذلك ليس من الرحم ولا من الطمث، فلتتوضأ وتحتشي
بكرسف وتصلي وإذا رأت الحامل الدم قبل الوقت الذي كانت ترى فيه الدم بقليل
أو في الوقت من ذلك الشهر فإنه من الحيضة، فلتمسك عن الصلاة عدد أيامها التي
كانت تقعد في حيضها، فإن انقطع عنها الدم قبل ذلك فلتغتسل ولتصل (2).
وفي الجامع: إن رأته الحامل في أيام عادتها واستمر ثلاثة أيام كان حيضا (3)
وقال أبو علي: لا يجتمع حمل وحيض (4) وهو خيرة التلخيص (5)، ومستنده
الاستبراء بالحيض، ونحو قوله صلى الله عليه وآله في خبر السكوني: ما كان الله ليجعل حيضا مع
حبل (6) وجعله المحقق في النافع أشهر في الرواية (7) وقال في الشرح: أي مع
استبانة الحمل (8).
وفي الخلاف (9) والسرائر (10) والإصباح: إن المستبين حملها لا تحيض (11).
وفي الخلاف الاجماع عليه (12)، واستدل ابن إدريس بالاجماع على صحة طلاقها
مطلقا، وبطلان طلاق الحائض (13).
ويجاب بمنع الأخير مطلقا كمن غاب عنها زوجها، وإن أريد بالاستبانة مضي

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 388 ذيل الحديث 1196، والاستبصار: ج 1 ص 140 ذيل
الحديث 9.
(2) المعتبر: ج 1 ص 201.
(3) الجامع للشرائع: ص 44.
(4) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 356.
(5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 266 وفيه: (على رأي).
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 579 ب 30 من أبواب الحيض ح 12.
(7) المختصر النافع: ص 9.
(8) المعتبر: ج 1 ص 201.
(9) الخلاف: ج 1 ص 239 المسألة 239.
(10) السرائر: ج 1 ص 150.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 10.
(12) الخلاف: ج 1 ص 247 المسألة 218.
(13) السرائر: ج 1 ص 150.
63

عشرين يوما من العادة كما نص عليه في الإستبصار (1).
فيؤيده ما مر من الخبر، وعن الرضا عليه السلام: والحامل إذا رأت الدم كما كانت
تراه، تركت الصلاة أيام الدم، فإن رأت صفرة لم تدع الصلاة، وقد روي أنها تعمل
ما تعمله المستحاضة إذا صح لها الحمل، فلا تدع الصلاة، والعمل من خواص
الفقهاء على ذلك (2).
ولنا نصان على تحيض من استبان حملها.
أحدهما: خبر أبي المغرا سأل الصادق عليه السلام عن الحبلى قد استبان ذلك منها
ترى كما ترى الحائض من الدم قال: تلك الهراقة إن كان دما كثيرا فلا تصلين، وإن
كان قليلا فلتغتسل عند كل صلاتين (3).
والآخر: ما أرسل عن محمد بن مسلم أنه سأل عليه السلام عن الحبلى قد استبان
حبلها ترى ما ترى الحائض من الدم قال: تلك الهراقة من الدم، إن كان دما أحمر
كثيرا فلا تصلي، وإن كان قليلا أصفر فليس عليها إلا الوضوء (4) (5).
(وأقله ثلاثة أيام متوالية) بالاجماع والنصوص (6) وإن وقع الخلاف في
اشتراط تواليها، فالأكثر ومنهم الصدوقان في الرسالة (7) والهداية (8) والشيخ في

(1) الإستبصار: ج 1 ص 140 ذيل الحديث 9.
(2) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 191.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 577 ب 30 من أبواب الحيض ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 579 ب 30 من أبواب الحيض ح 16.
(5) زاد في نسخة ك و ص ما لفظه: [وخبر الصحاف يحتمل أنها إذا رأت الحامل الدم إلى أن
يتجاوز عشرين يوما لم يكن طمثا، وتخصيص العشرين فيها لأن الصحاف سأله عليه السلام عن أم
ولد وهي حامل، فلعلها كانت رأت الدم حتى تجاوز عشرين].
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 551 ب 10 من أبواب الحيض.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 89 ذيل الحديث 195. حيث قال ما لفظه: قال أبي،
في رسالته إلي: إعلم أن أقل الحيض... فإن رأت الدم يوما إلى آخره.
(8) الهداية: ص 21.
64

الجمل (1) والمبسوط (2) وابنا حمزة (3) وإدريس (4) على اشتراطه للأصل
والاحتياط في العبادات، وعموم أدلة وجوبها.
وقد روي عن الرضا عليه السلام (5) والشيخ في الإستبصار (6) والنهاية (7) وا لقاضي (8)
على العدم ولعله أقوى لأصل عدم الاشتراط، وإطلاق النصوص، وأصل البراءة
من العبادات والاحتياط في بعضها، وفي نحو الجماع ومنع الاحتياط في
العبادات، فإن تركها عزيمة.
وقول الصادق عليه السلام في مرسل يونس: وإن انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو
يومين اغتسلت وصلت وانتظرت من يوم رأت الدم إلى عشرة أيام، فإن رأت في
تلك العشرة أيام من يوم رأت الدم يوما أو يومين حتى يتم لها ثلاثة أيام فذلك
الذي رأته في أول الأمر مع هذا الذي رأته بعد ذلك في العشرة هو من الحيض،
وإن مر بها من يوم رأت الدم عشرة أيام ولم تر الدم، فذلك اليوم واليومان الذي
رأته لم يكن من الحيض، إنما كان من علة... (9) الخبر.
وظاهر الوسيلة التردد (10)، والراوندي في الأحكام على الاشتراط في غير
الحامل خاصة (11) إبقاء للأخبار المطلقة على عمومها، وتخصيصا لخبر يونس
بالحامل، لخبر إسحاق بن عمار أنه سأل الصادق عليه السلام عن المرأة الحبلى ترى
الدم اليوم واليومين، قال: إن كان دما عبيطا فلا تصلي ذينك اليومين، وإن كان
صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين (12). وليس نصا في العدم، لجواز تركها الصلاة

(1) الجمل والعقود: ص 45.
(2) المبسوط: ج 1 ص 42.
(3) الوسيلة: ص 56.
(4) السرائر: ج 1 ص 145.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 551 ب 10 من أبواب الحيض ح 2.
(6) الإستبصار: ج 1 ص 130 ب 78 ح 1 و 2 و 3.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 237.
(8) المهذب: ج 1 ص 34.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 555 ب 12 من أبواب الحيض ح 2.
(10) الوسيلة: ص 57.
(11) فقه القرآن للراوندي: ج 1 ص 52.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 578 ب 30 من أبواب الحيض ح 6.
65

برؤيتها الدم وإن لزمها القضاء إذا لم تتوال الثلاثة، ثم المتبادر من الثلاثة
وخصوصا المتوالية الكاملة، فيشترط وجوده فيها دائما ولو بحيث كلما وضعت
الكرسف تلون به، كما في المحرر (1) والشرح (2)، ويعطيه ما في الكافي (3) والغنية (4)
من استمراره ثلاثة أيام على اشتراط التوالي، وعلى الآخر إن يتم لها في العشرة
مقدار ثلاثة أيام كاملة.
قال الشيخ في المبسوط: إذا رأت ساعة دما وساعة طهرا كذلك إلى العشرة لم
يكن ذلك حيضا على مذهب من يراعي ثلاثة أيام متواليات، ومن يقول يضاف
الثاني إلى الأول يقول تنتظر، فإن كان يتم ثلاثة أيام من جملة العشرة كان الكل
حيضا، وإن لم يتم كان طهرا (5). وفي المنتهى أيضا: أنه لو تناوب الدم والنقاء في
الساعات في العشر تضم الدماء بعضها إلى بعض على عدم اشتراط التوالي (6)،
وكذا في الجامع (7).
ويحتمل قويا اشتراط ثلاثة أيام كاملة بلا تلفيق في العشر، لكونه المتبادر.
وحكم في التذكرة (8) ونهاية الإحكام (9) بأن لخروج الدم فترات معهودة لا
تخل بالاستمرار، وحكى في التذكرة الاجماع عليه. وقد لا ينافي أن يكون بحيث
متى وضعت الكرسف تلون.
ومن المتأخرين من اكتفى بالمسمى في كل يوم، وهو مناسب للمشهور من
عدم التشطير. ومنهم من اعتبر وجوده في أول الأول وآخر الآخر وجز من
الثاني حتى يتفق الثلاثة الدماء في الثلاثة الأيام من غير نقصان.
وقال ابن سعيد: لو رأت يومين ونصفا وانقطع لم يكن حيضا، لأنه لم يستمر

(1) المحرر لابن فهد الحلي (الرسائل العشر): ص 140.
(2) جامع المقاصد: ج 1 ص 287.
(3) الكافي في الفقه: ص 128.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 9.
(5) المبسوط: ج 1 ص 67.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 108 س 11.
(7) الجامع للشرائع: ص 43.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 35 س 11.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 164.
66

ثلاثا بلا خلاف من أصحابنا (1). واعتبر في المنتهى (2) والتذكرة (3) الليالي، فاعتبر
ثلاثة أيام بلياليها كأبي علي (4)، وقد يفهم الاجماع من الكتابين، ولعله غير مراد،
ولا دليل على الليلة الأولى. نعم ظاهر توالي الثلاثة دخول ما بينهما من الليلتين.
ثم ما ذكرناه من الاجماع على أن الأقل ثلاثة متوالية مبني على أن من لم
يشترط التوالي يحكم بكون الثلاثة في العشرة، وما بينها من النقاء حيضا لا الثلاثة
خاصة كما في شرح الإرشاد لفخر الاسلام والروض (5) والهادي (6)، وذلك
للإجماع على أن أقل الحيض ثلاثة، وأقل الطهر عشرة، ولذا يحكم بدخول
المتخلل من النقاء بين ثلاثة متوالية وما بعدها إلى العشرة في الحيض، ولكن
هؤلاء يخصصون تحديد الطهر بما بين حيضتين ودخول المتخلل بالنقاء بعد
الثلاثة، ويقولون: إن الثلاثة هنا حيضة واحدة، للإجماع والنصوص (7) على أن أقل
الحيض ثلاثة، ولا دليل على التخصيص.
(وأكثره عشرة أيام) بالاجماع والنصوص (8)، وقول الصادق عليه السلام في
صحيح ابن سنان: (أن أكثر ما يكون الحيض ثمان، وأدنى ما يكون منه ثلاثة) (9)
يحمل على الغالب، لقلة العشر.
(وهي أقل الطهر) عندنا، وللعامة قول بخمسة عشر، وبثلاثة عشر، وبتسعة
عشر (10). ولا حد لأكثره بلا خلاف على ما في الغنية (11)، وظاهر الحلبي تحديده
بثلاثة أشهر (12)، وحمل على الغالب، واحتمل في البيان نظره إلى عدة

(1) الجامع للشرائع: ص 43.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 97 س 22.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 26 س 37.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 202.
(5) روض الجنان: ص 63 س 9 و 11.
(6) الهادي: ص 27 س 2 (مخطوط).
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 551 ب 10 من أبواب الحيض.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 551 ب 10 من أبواب الحيض.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 553 ب 10 من أبواب الحيض ح 14.
(10) المجموع: ج 2 ص 382.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 6.
(12) الكافي في الفقه: ص 128.
67

المسترابة (1).
وأما قول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير في امرأة ترى الدم خمسة والنقاء
خمسة، والدم أربعة والنقاء ستة: إن رأت الدم لم تصل، وإن رأت الطهر صلت ما
بينها وبين ثلاثين يوما (2) ونحو ذلك في خبر يونس بن يعقوب فيمن ترى الدم
ثلاثة أو أربعة وكذا الطهر (3) فيحمل على أنها تفعل ذلك لتحيرها واحتمالها
الحيض عند كل دم والطهر عند كل نقاء إلى أن يتعين لها الأمران بما أمر به الشارع،
لا أن كلا من هذه الدماء حيض وكلا مما بينها من النقاء طهر شرعا، كما قد يتوهم
من الفقيه (4) والمقنع (5) والاستبصار (6) والنهاية (7) والمبسوط (8)، كذا فسر به المحقق
كلام الإستبصار (9)، وهو جيد، وتوقف المصنف في المنتهى (10).
(وكل دم يمكن أن يكون حيضا) إمكانا مستقرا غير معارض بامكان
حيض آخر (فهو حيض) إجماعا كما في المعتبر (11) والمنتهى (12) (وإن) لم
يكن بصفته كأن (كان أصفر أو غيره) فإن الصفرة والكدرة في أيام الحيض
حيض، كما أن الحمرة والسواد في غيرها استحاضة أو غيرها، ولو لم يعتبر
الامكان لم يحكم بحيض، إذ لا يقين، والصفات إنما تعتبر عند الحاجة إليها لا
مطلقا، للنص والاجماع على جواز انتفائها، فلا جهة لما قيل من أصل الاشتغال
بالعبادات والبرأة من الغسل وما على الحائض، وخصوصا إذا لم يكن الدم
بصفات الحيض.

(1) البيان: ص 16.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 545 ب 6 من أبواب الحيض ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 544 ب 6 من أبواب الحيض ح 2.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 98 ذيل الحديث 203.
(5) المقنع: ص 16.
(6) الإستبصار: ج 1 ص 131 ذيل الحديث 454.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 237.
(8) المبسوط: ج 1 ص 43.
(9) المعتبر: ج 1 ص 207.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 105 س 32.
(11) المعتبر: ج 1 ص 203.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 89 س 32.
68

(فلو رأت ثلاثة) أيام (1) (ثم انقطع عشرة، ثم رأت ثلاثة، فهما
حيضان) لكونهما على أقل الحيض، وتخلل أقل الطهر.
(ولو استمر ثلاثة وانقطع، ورأته قبل العاشر وانقطع على العاشر،
فالدمان وما بينهما حيض) كما قال الصادق عليه السلام في خبر ابن مسلم: أقل ما
يكون الحيض ثلاثة أيام، وإذا رأت الدم قبل عشرة أيام فهو من الحيضة الأولى،
وإذا رأته بعد عشرة أيام فهو من حيضة أخرى مستقبلة (2).
(ولو) استمر ثلاثة وانقطع، ثم رأته قبل العاشر و (لم ينقطع عليها فالحيض
الأول خاصة) أي الحيض بيقين هو الأول، والثاني على ما يأتي من التفصيل.
وفيه مع ذلك أنه ربما لم يكن الأول حيضا إذا لم يصادف العادة أو التميز، وكان
الصواب حذف هذا الجواب والاكتفاء بالتفصيل الآتي جوابا عنه وعما بعده.
(ولو تجاوز الدم) مستمرا (العشرة، فإن كانت ذات عادة) في الحيض
(مستقرة) عددا ووقتا (وهي التي يتساوى دمها أخذا وانقطاعا شهرين)
هلاليين (متواليين) أو غير متواليين إذا لم تحض في البين، فالمراد بالتوالي
عدم تخلل حيض بينهما، واشتراط التكرر اتفاقي كما في الوافي (3) والتذكرة (4)،
ويعضده الاشتقاق والأخبار.
وأثبت العادة بعض الشافعية بمرة واحدة (5)، وحكاه فخر الاسلام في شرح
الإرشاد عن بعض الأصحاب، ولا يشترط الثلاثة باتفاقنا كما في الذكرى (6).
(رجعت إليها) فجعلت الحيض ما وافقها خاصة إذا لم تكن ذات تمييز (7)
يخالفها اتفاقا وبالنصوص (8)، وكذا إذا استقرت عادتها عددا خاصة رجعت إلى

(1) ليس في س وك و م.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 552 ب 10 من أبواب الحيض ح 11.
(3) الخلاف: ج 1 ص 239 المسألة 206.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 27 س 10.
(5) المجموع: ج 2 ص 417.
(6) ذكرى الشيعة: ص 28 س 27.
(7) في ص وك و م: (تميز).
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 546 ب 8 من أبواب الحيض.
69

العدد وفي الوقت ما يأتي، وإن استقرت وقتا رجعت إلى الوقت وفي العدد ما يأتي.
ويجوز تعميم العبارة لهما بتعميم الاتفاق آخذا وانقطاعا، للاتفاق فيهما أو في
أحدهما، ثم تعميم الاتفاق فيهما له في العدد وفي الوقتين، وهو يشمل الاتفاق في
الوسط لاستلزامه الاتفاق في الطرفين وإن جهلا، وتعميم الاتفاق في أحدهما
للاتفاق في يوم ما، وعلى هذا الأولى تعميم الشهرين لشهري الحيض اللذين أقل
واحد منهما ثلاثة عشر يوما، وسيأتي الخلاف إذا تعارض التمييز (1) والعادة.
قال في المبسوط: إذا كانت عادتها أن ترى الدم في أول كل شهر خمسة أيام،
فلما كان في بعض الشهور رأت في تلك الخمسة أيام على العادة وطهرت عشرة
أيام ثم رأت دما نظر فيه، فإن انقطع دون أكثر مدة الحيض التي هي عشرة أيام
كان ذلك من الحيضة الثانية، وإن استمر على هيئته واتصل عملت على عادتها
المألوفة من الخمسة في أول كل شهر وتجعل الباقي استحاضة، لأن الدم الثاني لم
يخلص للحيض بل اختلط بدم الاستحاضة ولها عادة فوجب أن ترجع إلى
عادتها (2). وكذا في الوسيلة (3) والإصباح (4).
(وإن كانت مضطربة) الحال أو الدم مختلفة وقتا وعددا وإن كان هذا الدم
ثاني ما رأته أو مضطربة القلب لنسيانها العادة عددا ووقتا، وقد تسمى المتحيرة
والمحيرة (أو مبتدئة) بالدم اسم فاعل أو اسم مفعول، أي التي ابتدأ بها الدم
الآن، قيل: وقد تعم المختلفة الدم عددا ووقتا (5).
(رجعت إلى التمييز) بين دمائها كما قطع به الشيخ (6) وجماعة، لخبر
حفص بن البختري قال: دخلت على أبي عبد الله عليه السلام امرأة، فسألته عن المرأة

(1) في س و ص و م: (التميز).
(2) المبسوط: ج 1 ص 48.
(3) الوسيلة: 60.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 12.
(5) نسبه الشهيد الثاني في مسالك الأفهام: ج 1 ص 10 س 14 (إلى المشهور).
(6) المبسوط: ج 1 ص 48.
70

يستمر بها الدم فلا تدري أحيض هو أو غيره؟ فقال لها: إن دم الحيض حار عبيط
أسود له دفع وحرارة، ودم الاستحاضة أصفر بارد، فإذا كان للدم حرارة ودفع
وسواد فلتدع الصلاة (1).
وخبر إسحاق بن جرير أنها سألته عليه السلام فقالت: إن أيام حيضها تختلف عليها،
وكان يتقدم الحيض اليوم واليومين والثلاثة، ويتأخر مثل ذلك، فما علمها به،
قال عليه السلام: دم الحيض ليس به خفاء، هو دم حار تجد له حرقة، ودم الاستحاضة دم
فاسد بارد (2).
وقوله عليه السلام في مرسل يونس: وأما سنة التي قد كانت لها أيام متقدمة، ثم
اختلط عليها من طول الدم فزادت ونقصت حتى أغفلت عددها وموضعها من
الشهر، فإن سنتها غير ذلك - يعني غير سنة ذات العادة المعلومة - قال: وذلك أن
فاطمة بنت أبي حبيش أتت النبي صلى الله عليه وآله فقالت: إني استحاض ولا أطهر، فقال لها
النبي صلى الله عليه وآله: ليس ذلك بحيض، إنما هو عرق، إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا
أدبرت فاغسلي عنك الدم وصلي. وكانت تغتسل في وقت كل صلاة، وكانت
تجلس في مركن لأختها، وكانت صفرة الدم تعلو الماء، قال أبو عبد الله عليه السلام: أما
تسمع رسول الله صلى الله عليه وآله أمر هذه بغير ما أمر به تلك، ألا تراه لم يقل لها دعي الصلاة
أيام أقرائك، ولكن قال لها: إذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي
وصلي، فهذا بين أن هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها، لم تعرف عددها ولا وقتها،
ألا تسمعها تقول: إني أستحاض ولا أطهر، وكان أبي يقول: إنها استحيضت سبع
سنين ففي أقل من هذا تكون الريبة والاختلاط، فلهذا احتاجت إلى أن تعرف
إقبال الدم من ادباره، وتغير لونه من السواد إلى غيره، وذلك أن دم الحيض أسود

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 537 ب 3 من أبواب الحيض ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 537 ب 3 من أبواب الحيض ح 3.
71

يعرف (1) الخبر.
وظاهر المعتبر (2) والمنتهى الاجماع عليه (3)، وصريح الخلاف (4) والتذكرة
الاجماع في المبتدأة (5)، وظاهر مرسل يونس الاختصاص بالمضطربة.
ثم ما ذكرناه من عموم المضطربة لمن اختلفت عليها أيامها والناسية ظاهر
الكتاب، لعموم اللفظ وتوقف استيفاء الأقسام عليه، وهو ظاهر المبسوط (6)، وخبر
إسحاق بن جرير (7).
ولكن إذا اختلفت الأيام بأن رأت في شهر خمسة وفي آخر عشرة - مثلا -
ففي اعتبارها الخمسة وجهان، احتملا في المنتهى (8) ونهاية الإحكام (9) من
التكرر، ومن عدم الاستواء المعتبر في خبر يونس (10) وغيره (11)، ولا بأس على
الاعتياد بالرجوع إلى التميز في الزائد.
(وشروطه) أي التمييز، والرجوع إليه أربعة:
الأول: (اختلاف لون الدم) مثلا، فالصواب ما في كتب الشيخ (12)
والقاضي (13) وابني حمزة (14) وسعيد وغيرهم من الاختلاف في الصفات (15)،

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 538 ب 3 من أبواب الحيض ح 4.
(2) المعتبر: ج 1 ص 212.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 104 س 24.
(4) الخلاف: ج 1 ص 234 المسألة 200.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 31 س 10.
(6) المبسوط: ج 1 ص 48.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 537 ب 3 من أبواب الحيض ح 3.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 103 س 25.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 160.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 545 ب 6 من أبواب الحيض ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 544 ب 6 من أبواب الحيض ح 2.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 235، المبسوط: ج 1 ص 42، الجمل والعقود: ص 43.
(13) المهذب: ج 1 ص 34.
(14) الوسيلة: ص 59.
(15) الجامع للشرائع: ص 41.
72

وسمعت الصفات المذكورة في المبسوط والنهاية والجمل والاقتصاد والمهذب
والوسيلة، واعتبر ابن سعيد السواد والثخانة والاحتذام (1) أي الحرارة والاحتراق.
وفي نهاية الإحكام: يعتبر القوة والضعف بإحدى صفات ثلاثة: اللون،
فالأسود قوي بالنسبة إلى الأحمر، والأحمر قوي بالنسبة إلى الأشقر، والأشقر
قوي بالنسبة إلى الأصفر والأكدر، والرائحة فذو الرائحة الكريهة أقوى مما لا
رائحة له، والثخن فالثخين أقوى من الرقيق. قال: ولا يشترط اجتماع الصفات، بل
كل واحدة تقتضي القوة (2).
قلت: ولم أظفر في أخبارنا بما يرشد إلى الرائحة، نعم تشهد بها التجربة، وبها
بعض الأخبار العامية (3). وينبغي اعتبار الطراوة والفساد، فقد وصف الحيض
بالعبيط في الأخبار كما سمعت، وأما اعتبار الثخانة فلوصف الاستحاضة في بعض
الأخبار بالرقة (4). ثم قال المصنف: إن ذا الصفتين أقوى من ذي صفة، وتردد فيما
إذا اتصف البعض بصفة والباقي بصفة أخرى، فاحتمل الترجيح بالتقدم لقوته
وعدمه، ولعله أقوى.
وإن اختلفت الدماء ثلاث مراتب - مثلا - كأن رأت الحمرة ثلاثا والسواد
ثلاثا والصفرة فيما بقي فهل الحيض السواد خاصة - كما في المعتبر (5)
والمنتهى (6) - وموضع من التذكرة (7) أم السواد والحمرة جميعا؟ وجهان، كما في
موضع آخر من التذكرة (8).
وفي نهاية الإحكام (9) من أنهما لو انفردا مع التجاوز كان الحيض السواد
خاصة، ومن قوتهما بالنسبة إلى الصفرة وإمكان حيضتهما مع الاحتياط في العبادة

(1) الجامع للشرائع: ص 42.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 135.
(3) جامع الأصول: ج 8 ص 227 وفيه: (أن دم الحيض دم أسود يعرف فإذا....).
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 537 ب 3 من أبواب الحيض.
(5) المعتبر: ج 1 ص 205.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 105 س 8.
(7) تذكرة الفقهاء: ج ص 31 س 30.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 32 س 7.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 136.
73

وأصل عدم الحيض.
(و) الشرط الثاني: (مجاوزته) أي الدم (العشرة) فإن انقطع عليها كان
الجميع حيضا وإن اختلفت اتفاقا، لما عرفت من أن الصفرة والكدرة في أيام
الحيض حيض.
وقد يقال: لا حاجة إلى ذكره لفرض التجاوز أول المسألة، ولعله إنما ذكره
لئلا يتوهم اعتباره في العشرة فما دونها.
(و) الشرط الثالث: (كون ما هو بصفة الحيض، لا ينقص عن الثلاثة،
ولا يزيد على العشرة) وإلا لم يجز قصر الحيض على ما بصفته في الأول، ولا
التحيض بجميع ما بصفته في الثاني اتفاقا.
وهل يفيد التحيض ببعض الثاني وبالأول مع اكماله بما في الأخبار أو بعادة
نسائها؟ قطع الشيخ في المبسوط بالأول فقال: إذا رأت أولا دم الاستحاضة
خمسة أيام ثم رأت ما هو بصفة دم الحيض باقي الشهر يحكم في أول يوم ترى ما
هو بصفة دم الحيض إلى تمام العشرة أيام بأنه حيض وما بعد ذلك استحاضة، وإن
استمر على هيئة جعلت بين الحيضة الأولى والحيضة الثانية عشرة أيام طهرا وما
بعد ذلك من الحيضة الثانية ثم على هذا التقدير (1). وفي المعتبر (2) والتذكرة (3)
والمنتهى (4) والتحرير (5): أنه لا تميز هنا.
ولا يبعد عندي ما ذكره الشيخ، ولا التحيض بالناقص مع إكماله لعموم أدلة
الرجوع إلى التميز.
والشرط الرابع: عدم قصور الضعيف المحكوم بكونه طهرا عن أقله وهو
العشرة، وهو أيضا مما لا خلاف فيه، لكن وقع الخلاف فيما إذا تخلل الضعيف أقل
من عشرة القوي مع صلاحيته للحيضة (6) في كل من الطرفين.

(1) المبسوط: ج 1 ص 46.
(2) المعتبر: ج 1 ص 206.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 31 س 35.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 105 س 14.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 14 س 9.
(6) في س وك: (للحيضية).
74

ففي المبسوط: لو رأت ثلاثة دم الحيض وثلاثة دم الاستحاضة، ثم رأت
بصفة الحيض تمام العشرة، فالكل حيض. وإن تجاوز الأسود إلى تمام ستة عشر
كانت العشرة حيضا والستة السابقة استحاضة (1). قال المحقق: وكأنه، نظر إلى
أن دم الاستحاضة لما خرج عن كونه حيضا خرج ما قبله، ولو قيل: لا تميز لها كان
حسنا (2). وفي التذكرة: الأقرب أن لا تميز لها (3)، وهو الأقرب، إذ لا رجحان لأحد
من طرفي الضعيف، ولهذا الاختلاف لم يذكر هذا الشرط، وقد تردد فيه كما يظهر
من المنتهى (4) والتحرير (5).
وزيد شروط منها: عدم المعارضة بالعادة على المختار، ولم يذكره المصنف
لفرضه في غير ذات العادة.
ومنها: الخروج من الأيسر، ولم يذكره لفرضه له مشتبها بالاستحاضة، وعلى
اعتبار الجانب فهو داخل في الفرض.
ومنها: عدم المعارضة بصفة أقوى، وليس في الحقيقة من شروط التمييز (6) أو
الرجوع إليه لتحققها مع المعارضة، لكنها ترجع إلى الأقوى.
وإذا اجتمعت الشروط رجعت إلى التمييز (7) (فجعلت الحيض ما شابهه)
أي ما شابه الغالب منه وكان على صفته (والباقي استحاضة) وفي المبسوط:
إذا رأت المبتدأة ما هو بصفة الاستحاضة ثلاثة عشر يوما، ثم رأت ما هو بصفة
الحيض بعد ذلك واستمر، كان ثلاثة أيام من أول الدم حيضا والعشرة طهرا، وما
رأته بعد ذلك من الحيضة (8).
قال المحقق: فيه إشكال، لأنه لم يتحقق لها تمييز، لكن إن قصد أنه لا تمييز
لها فيقتصر على ثلاثة لأنه اليقين كان وجها (9). ونحوه في التذكرة (10)، ولم

(1) المبسوط: ج 1 ص 50.
(2) المعتبر: ج 1 ص 206.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 31 س 34.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 105 س 11.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 14 س 6.
(6) في ص و م: (التميز).
(7) ص وك: (التميز).
(8) المبسوط: ج 1 ص 47.
(9) المعتبر: ج 1 ص 206.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 31 س 35.
75

يتعرض الصدوقان ولا المفيد ولا ابن زهرة للتمييز (1).
ونص ابن زهرة على أن عمل المبتدأة والمضطربة على أصل أقل الطهر وأكثر
الحيض، وأن المبتدأة إذا دام بها الدم تتحيض بعشرة ثم هي مستحاضة، فإن رأت
في الحادي والعشرين دما مستمرا إلى ثلاثة فهو حيض ثاني لمضي أقل أيام الطهر.
قال: وكذا لو انقطع الدم أول ما رأته بعد ثلاثة أيام، ثم رأته اليوم الحادي
عشر من وقت ما رأت الدم الأول فإنه دم الاستحاضة، لأنها رأته في أيام الطهر،
وكذا إلى تمام الثالث عشر، فإن رأت في اليوم الرابع عشر دما كان من الحيضة
المستقبلة، لأنها قد استوفت أقل الطهر وهي عشرة. قال: وعلى هذا يعتبر بين
الحيضتين أقل أيام الطهر، ويحكم بأن الدم الذي تراه فيها دم استحاضة إلى أن
يستقر لها عادة تعمل عليها وترجع إليها.
قال: وطريقة الاحتياط يقتضي ما ذكرناه، والعمل عليه عمل على أصل
معلوم (2). وظاهره أن المضطربة أيضا كذلك.
وحكم التقي برجوع المضطربة إلى نسائها، فإن فقدن فإلى التميز واقتصر
للمبتدأة على الرجوع إلى نسائها إلى أن يستقر لها عادة (3).
(ولو) كانت المضطربة والمبتدأة (فقدتا التمييز رجعت المبتدأة)
خاصة في العدد كما في المسالك (4) (إلى عادة نسائها) من أمها وعشيرتها من
أي الأبوين كانت وفاقا للمشهور، ويعضده قول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة
ومحمد بن مسلم: يجب للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي بأقرائها، ثم
تستظهر على ذلك بيوم (5).
ومرفوع أحمد بن محمد عن زرعة عن سماعة سأله عن جارية حاضت أول
حيضها فدام دمها ثلاثة أشهر، قال: قرؤها مثل قر نسائها (6). وقول الصادق

(1) في س و ص وك: (للتميز).
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 6.
(3) الكافي في الفقه: ص 128.
(4) مسالك الأفهام: ج 1 ص 10 س 23.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 546 ب 8 من أبواب الحيض ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 547 ب 8 من أبواب الحيض ح 2.
76

في خبر أبي بصير: في النفساء إن كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت، جلست مثل
أيام أمها أو أختها أو خالتها، واستظهرت بثلثي ذلك (1).
والأخبار ضعيفة مع الاكتفاء في الأول والأخير ببعض نسائها، وهو قد يعطي
الرجوع إليهن مع الاختلاف.
قال المحقق: لكن الوجه في ذلك اتفاق الأعيان من فضلائنا على العمل بذلك،
وقوة الظن بأنها كإحداهن مع اتفاقهن كلهن على تردد عندي (2)، انتهى.
ونحو منه في المنتهى (3). وظاهر مرسل يونس (4) انحصار أمر المستحاضة في
ثلاثة: إما الرجوع إلى العادة، أو إلى التمييز (5)، أو التحيض بستة أو سبعة في كل
شهر.
واحتمل الشهيد في قوله صلى الله عليه وآله فيه لحمنة بنت جحش: (تلجمي وتحيضي في
كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام) أن يكون المعنى فيما علمك الله من
عادات النساء فإنه الغالب عليهن، واستظهر اعتبار اتحاد البلد (6). ولا بأس به.
واختصاص المبتدأة لاختصاص خبر سماعة (7)، والاقتصار فيما خالف
الأصل على اليقين، ولأن المضطربة رأت دما أو دماء قبل ذلك، فربما خالفت
نسائها، وربما كانت معتادة فنسيتها أو اختلطت عليها. وسمعت كلام الحلبيين،
فحكم التقي برجوع كل من المبتدأة والمضطربة إليهن، ولم يحكم ابن زهرة به
لشئ منهما.
واحتمل في نهاية الإحكام ردها إلى أقل الحيض، لأنه اليقين والزائد
مشكوك، ولا يترك اليقين إلا بمثله، أو أمارة ظاهرة كالتميز والعادة، وردها إلى

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 616 ب 3 من أبواب النفاس ح 20.
(2) المعتبر: ج 1 ص 208.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 101 س 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 547 ب 8 من أبواب الحيض ح 3.
(5) في ص و م وك: (التميز).
(6) ذكرى الشيعة: ص 30 س 18.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 547 ب 8 من أبواب الحيض ح 2.
77

الأكثر، لأنه دم يمكن كونه حيضا، ولأن الغالب كثرة الدم للمبتدأة (1).
(فإن فقدن) أي فقدتهن أي العلم بعادتهن (أو اختلفن فإلى عادة
أقرانها) من أهل بلدها كما في المبسوط (2) والإصباح (3)، وكذا في الوسيلة (4)
ولكن باغفال الاختلاف والاقتصار على أنها إن فقدت النساء رجعت إليهن، وكذا
في التحرير (5) والتبصرة (6) وجمل الشيخ (7) واقتصاده (8) والسرائر (9) والمهذب (10)
ولكن باغفال ذلك مع اتحاد البلد، وعطفن في النافع (11) والتلخيص على الأهل
ب‍ (أو) (12) والارشاد (13) ونهاية الإحكام (14) كالكتاب، واختار في المنتهى عدم
اعتبارهن (15).
وفي المعتبر: إن الرجوع إلى الأمر إن اختص به الشيخ، ولا دليل له، وإن
تمسك بغلبة الظن بأنها كأقرانها كما يغلب بأنها كنسائها منعناه، فإن المشاكلة في
الطباع والجنسية، والأصل يوجب الظن بذلك، ولا كذا المناسبة في السن (16).
قال الشهيد: ولك أن تقول: لفظ نسائها دال عليه، فإن الإضافة يصدق بأدنى
ملابسة. قال: وأما المشاكلة فمع السن واتحاد البلد، ويحصل غالبا (17).
وفي المنتهى: إمكان أن يقال: إن الغالب التحاق المرأة بأقرانها وتأييده بقول
الصادق عليه السلام في مرسل يونس: إن المرأة أول ما تحيض ربما كانت كثيرة الدم
فيكون حيضها عشرة أيام، فلا يزال كلما كبرت نقصت حتى يرجع إلى ثلاثة أيام.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 138.
(2) المبسوط: ج 1 ص 46.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 12.
(4) الوسيلة ص 59.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 14 س 2.
(6) تبصرة المتعلمين: ص 9.
(7) الجمل والعقود: ص 46.
(8) الإقتصاد: ص 247.
(9) السرائر: ج 1 ص 37.
(10) المهذب: ج 1 ص 37.
(11) المختصر النافع: ص 9.
(12) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 266.
(13) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 226. وفيه.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 139.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 101 س 1.
(16) المعتبر: ج 1 ص 208 - 209.
(17) ذكرى الشيعة: ص 30 س 37.
78

قال: وقوله عليه السلام: كلما كبرت نقصت دال على توزيع الأيام على الأعمار غالبا (1).
قلت: وأما تأخر الأقران عن الأهل فلاتفاق الأعيان على الأهل دونهن،
وتبادر الأهل من نسائها، والتصريح بهن في خبر أبي بصير (2). ثم إنه وخبر ابن
مسلم ينصان على الاكتفاء ببعض النساء (3) كما يعطيه اقتصار من اقتصر على
فقدانهن مع عدم اتفاق اتفاقهن غالبا، وربما تعسر أو تعذر اعتبار حال الجميع، مع
أن اعتبار الجميع يوجب اعتبار الأحياء والأموات من قرب منهن ومن بعد،
وخلافه ظاهر.
نعم في خبر ابن مسلم: فإن كن نساؤها مختلفات، فأكثر جلوسها عشرة أيام
وأقله ثلاثة أيام (4).
ومن ذكر الاختلاف تمسك به وبفقدان الظن مع الاختلاف، ويمكن إرادة
الاختلاف المزيل للظن، فلو اختلف الطبقة القريبة والبعيدة اعتبرت القريبة كما
ذكره الشهيد (5)، ومع اختلاف نساء طبقة واحدة اعتبر الأغلب كما قطع به (6).
وفي نهاية الإحكام: الأقرب أنها مع الاختلاف ينتقل إلى الأقران لا إلى
الأكثر من الأقارب، فلو كن عشرا فاتفق تسع رجعت إلى الأقران، وكذا الأقران
مع احتمال الرجوع إلى الأكثر عملا بالظاهر. ثم قال: الأقرب اعتبار الأقارب مع
تفاوت الأسنان، فلو اختلفن فالأقرب ردها إلى من هو أقرب إليها. ثم قال: لو
كانت بعض الأقارب تتحيض بست والآخر بسبع، احتمل الرجوع إلى الأقران،
لحصول الاختلاف، والرجوع إلى الست للجمع والاحتياط (7).
(فإن فقدن أو اختلفن تحيضت هي والمضطربة في كل شهر بسبعة

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 101 س 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 616 ب 3 من أبواب النفاس ح 20.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 546 ب 8 من أبواب الحيض ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 547 ب 8 من أبواب الحيض ح 2 وفيه عن (سماعة).
(5) ذكرى الشيعة: ص 30 س 30 و 34.
(6) ذكرى الشيعة: ص 30 س 30 و 34.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 139.
79

أيام) لما في مرسل يونس من قوله صلى الله عليه وآله للمبتدأة: تحيضي في كل شهر في علم
الله ستة أيام أو سبعة أيام، ثم اغتسلي وصومي ثلاثة وعشرين يوما أو أربعة
وعشرين يوما (1). وقول الصادق عليه السلام: وهذه سنة التي استمر بها الدم أول ما تراه
أقصى وقتها سبع، وأقصى طهرها ثلاث وعشرون (2). وقوله عليه السلام: وإن لم يكن لها
أيام قبل ذلك واستحاضت أول ما رأت فوقتها سبع وطهرها ثلاث وعشرون (3).
وقوله عليه السلام في المضطربة الفاقدة للتمييز: فسنتها السبع والثلاث والعشرون (4).
واقتصاره على السبعة كالأكثر، لاقتصار الصادق عليه السلام عليها، واحتمال كون
(أو) من الراوي، وعلى كونها منه صلى الله عليه وآله ظاهرها التخيير، مع إمكان كونها حيضا.
وفي النافع (5) والتحرير (6) والتذكرة (7) ونهاية الإحكام (8): أنهما تتحيضان
بستة أو سبعة. وفي التذكرة: أنه الأشهر (9). وكذا في الخلاف: إن المبتدأة تتحيض
بستة أو سبعة، وأن الاجماع على رواية ذلك (10).
وفي الشرائع: تحيض المتحيرة بإحداهما، والمبتدأة بسبعة (11). وكان العكس
أظهر، فكأنه أراد تحيض كل منهما بإحداهما، لكن اقتصر في المبتدأة على الأقصى.
وفي السرائر (12) والمنتهى (13): إن في كل منهما ستة أقوال، وأن تحيضهما
بستة قول، وبسبعة قول آخر.
(أو) تحيضتا (بثلاثة من شهر وعشرة من آخر) لقول الصادق عليه السلام في
خبر ابن بكير: المرأة إذا رأت الدم في أول حيضها فاستمر بها الدم بعد ذلك تركت

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 547 ب 8 من أبواب الحيض ح 3.
(2) المصدر السابق.
(3) المصدر السابق.
(4) المصدر السابق.
(5) المختصر النافع: ص 9.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 14 س 2.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 32 س 38.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 138.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 32 س 38.
(10) الخلاف: ج 1 ص 234 المسألة 200.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 32.
(12) السرائر: ج 1 ص 147.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 101 س 11 - 15.
80

الصلاة عشرة أيام، ثم تصلي عشرين يوما، فإن استمر بها الدم بعد ذلك تركت
الصلاة ثلاثة أيام وصلت سبعة وعشرين يوما (1). وفي الخلاف: الاجماع على
روايته (2). وتنزل التحير منزلة الابتداء، وهو ممنوع.
ثم ظاهر الخبر تحيضها في الشهر الأول خاصة بعشرة، ثم بثلاثة في كل شهر
كما قاله أبو علي (3)، بل كون العشرة كلها حيضا في الشهر الأول غير معلوم،
فيحتمل الحيض في كل شهر بثلاثة، كما نحكيه عن المعتبر، وما ذكره من تحيض
كل منهما بإحدى الروايتين موافق للنافع (4) والشرائع (5)، إلا أن فيهما ذكر الستة
أيضا على ما سمعت.
وفي الجامع: تتحيض كل منهما بسبعة أو ثلاثة (6) عملا بالرواية واليقين.
وفي النهاية: تخير المبتدأة خاصة بين السبعة والعشرة في الشهر الأول،
والثلاثة في الثاني، وأن المتحيرة تترك الصوم والصلاة كلما رأت الدم، وتفعلهما
كلما رأت الطهر إلى أن ترجع إلى حال الصحة (7)، يعني إلى أن تعرف عادتها. وكذا
في الإستبصار (8) والمبسوط في المتحيرة (9)، وذلك لخبر أبي بصير سأل
الصادق عليه السلام [عن المرأة] ترى الدم خمسة أيام، والطهر خمسة أيام، وترى الدم
أربعة أيام وترى الطهر ستة أيام؟ فقال: إن رأت الدم لم تصل، وإن رأت الطهر
صلت ما بينها وبين ثلاثين يوما، فإذا تمت ثلاثون يوما فرأت الدم دما صبيبا
اغتسلت واستثفرت واحتشت بالكرسف في وقت كل صلاة، فإذا رأت صفرة
توضأت (10). ولفظ هذا الخبر فتوى الفقيه (11) والمقنع (12).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 549 ب 8 من أبواب الحيض ح 6.
(2) الخلاف: ج 1 ص 234 المسألة 200.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 363.
(4) المختصر النافع: ص 9.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 34.
(6) الجامع للشرائع: ص 42.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 235 - 236.
(8) الإستبصار: ج 1 ص 132 ذيل الحديث 3.
(9) المبسوط: ج 1 ص 51.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 545 ب 6 من أبواب الحيض ح 3.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 98 ذيل الحديث 203.
(12) المقنع: ص 16.
81

ونحوه خبر يونس بن يعقوب سأله عليه السلام المرأة ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة،
قال: تدع الصلاة، قلت: فإنها ترى الطهر ثلاثة أيام أو أربعة، قال: تصلي، قلت:
فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة، قال: تدع الصلاة قلت: فإنها ترى الطهر ثلاثة
أيام أو أربعة، قال: تصلي، قلت: فإنها ترى الدم ثلاثة أيام أو أربعة، قال: تدع
الصلاة تصنع ما بينهما وبين شهر، فإن انقطع الدم عنها وإلا فهي بمنزلة
المستحاضة (1).
وخصها الشيخ بالمتحيرة جمعا بينهما وبين ما ورد في المبتدأة، ولا بد من
تقييد ما في النهاية بما فيهما من رؤية الدم خمسة أو ثلاثة أو نحوهما مما لا يزيد
على العشرة، ثم إنهما قصر الحكم على ما بينها وبين شهر.
ثم احتمل في الإستبصار أن يراد بالدم فيهما ما بصفة الحيض، وبالطهر
ما بصفة الاستحاضة (2)، وفي الإقتصاد: تتحيض المضطربة بسبعة في كل شهر، أو
بثلاثة في الشهر الأول وعشرة في الثاني، والمبتدأة بسبعة خاصة (3).
وفي الخلاف (4) والجمل والعقود (5) والمهذب (6) والإصباح العكس (7)، إلا أن
في الخلاف: إن المبتدأة تتحيض بستة أو سبعة أو بثلاثة وعشرة.
وفي المبسوط (8): القطع بتخير المبتدأة بين السبعة أو الثلاثة والعشرة، وقال:
ألزم المتحيرة العمل بالاحتياط والجمع بين عملي الحيض والاستحاضة - كما
يأتي في الكتاب - وحكي التحيض بسبعة في كل شهر رواية. وكذا ابن حمزة (9)،
لكن لم يذكر رواية السبعة في المتحيرة.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 544 ب 6 من أبواب الحيض ح 2.
(2) الإستبصار: ج 1 ص 132 ذيل الحديث 454.
(3) الإقتصاد: ص 247.
(4) الخلاف: ج 1 ص 234 المسألة 200.
(5) الجمل والعقود: ص 46.
(6) المهذب: ص 37.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 12 و 13.
(8) المبسوط: ج 1 ص 47 و 51.
(9) الوسيلة: ص 60.
82

وفي موضع آخر من المبسوط (1): إن المبتدأة تدع الصوم والصلاة كلما رأت
الدم، وتفعلهما كلما رأت الطهر إلى أن تستقر لها عادة، كما قاله في النهاية
والاستبصار للمتحيرة. واستدل عليه بأنه روي عنهم: كلما رأت الطهر صلت
وكلما رأت الدم تركت الصلاة إلى أن تستقر لها عادة.
وفي موضع آخر منه (2) كما في الغنية (3): من جعل عشرة حيضا وعشرة طهرا.
وفي المعتبر: إن الوجه أن تتحيض كل واحدة منهما ثلاثة أيام، لأنه اليقين
في الحيض، وتصلي وتصوم بقية الشهر استظهارا وعملا بالأصل في لزوم
العبادة (4). واستضعافا لخبر يونس بمحمد بن عيسى والارسال.
قال الشهيد: والشهرة في النقل والافتاء بمضمونه حتى عد إجماعا بدفعهما،
قال: ويؤيده أن حكمة الباري أجل من أن يدع أمرا مبهما يعم به البلوى في كل
زمان ومكان ولم يبينه على لسان صاحب الشرع (5).
وفي الكافي: تحيض المتحيرة بسبعة في كل شهر، وأن المبتدأة إذا رأت الدم
صامت وصلت، فإن انقطع الدم لأقل من ثلاث فليس بحيض، وإن استمر ثلاثا
فهي حائض، وكل دم تراه بعدها إلى تمام العشر فهو حيض، فإذا رأت بعد العشر
دما فهي مستحاضة إلى تمام العشر الثاني، فإن رأت بعده دما رجعت إلى عادة
نسائها فتممت استحاضتها أيام طهرهن وتحيضت أيام حيضهن إلى أن تستقر لها
عادة (6). ولم يذكر حالها إذا لم تعرف حال نسائها.
وعن السيد: إن المبتدأة تتحيض في كل شهر بثلاثة إلى عشرة (7). ولعله مراد
الصدوق بقوله: وإن كن نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام (8)، وهو ظاهر

(1) المبسوط: ج 1 ص 46.
(2) المبسوط: ج 1 ص 66.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 7.
(4) المعتبر: ج 1 ص 210.
(5) ذكرى الشيعة: ص 32 س 28.
(6) الكافي في الفقه: ص 128 - 129.
(7) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 226 المسألة 58.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 92 ح 198.
83

خبر زرعة عن سماعة سأله عن جارية حاضت أول حيضها، فدام دمها ثلاثة
أشهر، وهي لا تعرف أيام أقرائها. قال: أقراؤها مثل أقراء نسائها، فإن كانت
نساؤها مختلفات فأكثر جلوسها عشرة أيام وأقله ثلاثة أيام (1).
وفي السرائر: إن في كل منهما ستة أقوال تحيضهما أبدا بستة وبسبعة، وبثلاثة
في الشهر الأول وعشرة في الثاني، وعكسه وجعل كل عشرة حيضا وعشرة طهرا
مع استمرار الدم إلى أن تستقر لها عادة (2).
قلت: وهو قول ابن زهرة (3) كما سمعت كلامه. وفي المنتهى زيادة قول
بتخيرهما بين ستة وسبعة، وآخر بتحيضهما في كل شهر بعشرة (4).
ويظهر لك مما حكيناه زيادة ستة، فتكون الأقوال في كل منهما أربعة عشر.
واستضعف الشهيد العمل بالاحتياط جدا حتى قال في البيان: إنه ليس مذهبا لنا (5).
(ولها التخيير في التخصيص) أي تخصيص كل عدد شأت بالتحيض به
من غير اعتبار لمزاجها مثلا، فإن غلبت حرارته اختارت السبعة، وإن نقصت
فالثلاثة والعشرة، لعموم الدليل، وكذا تتخير بين الستة والسبعة كما في المعتبر (6)،
لظاهر لفظ (7) (أو) في الخبر، خلافا للمنتهى (8) ونهاية الإحكام (9)، بناء على لزوم
تخيرها في السابع بين الصلاة وتركها، ومنع ظهور (أو) في التخيير، لاشتراكها بينه
وبين التقسيم.
وأجاب المحقق بوقوع التخيير بين الواجب وتركه للمسافر المخير بين القصر
والاتمام (10).
قلت: وأيضا فهذا التخير تابع للتخير في التحيض، وإذا نظر إلى الواجب

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 547 ب 8 من أبواب الحيض ح 2.
(2) السرائر: ج 1 ص 147.
(3) البيان: ص 17.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 101 س 14.
(5) البيان: 17.
(6) المعتبر: ج 1 ص 211.
(7) في س، ص و م: (لفظة).
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 101 س 29.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 138.
(10) المعتبر: ج 1 ص 211.
84

فالواقع التحتم، ونحوه كثير، كما أن المسافر يتخير بين الإقامة فيصوم حتما
وعدمها فيفطر حتما، والمكلف بين السفر فيفطر حتما والعدم فيصوم حتما.
وبعبارة أخرى أنها تتخير في فعل ما يوجب عليها الصوم والصلاة وما
يحرمهما عليها كما أن المكلف يتخير في تحصيل الاستطاعة الموجبة للحج وابقاء
الزكوي حولا حتى يجب الزكاة، فهما أنهما يجبان عليهما إذا لم تتحيض، وحينئذ
لا يجوز لها تركتها (1)، وإنما يحرمان إذا تحيضت، وحينئذ لا يجوز لها فعلهما.
وكذا لها التخير في تخصيص أي من أيام الشهر شأت بالتحيض من الأول أو
الوسط أو الآخر كما في المعتبر (2) والإصباح (3) والمنتهى (4) والتحرير (5)، لعدم
الرجحان.
والأقوى التحيض من الأول كما في التذكرة (6)، لقول الصادق عليه السلام في مرسل
يونس: عدت من أول ما رأت الدم الأول والثاني عشرة أيام، ثم هي مستحاضة (7).
وفي خبر ابن بكير: تركت الصلاة عشرة أيام، ثم تصلي عشرين يوما (8).
وقوله صلى الله عليه وآله في خبر السنن: تحيضي في كل شهر في علم الله ستة أيام أو سبعة أيام،
ثم اغتسلي غسلا وصومي ثلاثة وعشرين يوما أو أربعة وعشرين (9). ولأن عليها
أول ما ترى الدم، ويجوز كونه حيضا إن تتحيض، لما عرفت من أن كل ما يمكن
أن يكون حيضا فهو حيض إلى أن تتجاوز العشرة. ثم لا وجه لرجوعها عن ذلك
وتركها العبادة فيما بعد وقضائها لما تركته من الصلاة.

(1) في س و ص: (فعلها) وفي ك و م: (تركهما).
(2) المعتبر: ج 1 ص 209.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 13.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 102 س 2.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 14 س 3.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 32 س 40.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 555 ب 12 من أبواب الحيض ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 549 ب 8 من أبواب الحيض ح 6.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 547 ب 8 من أبواب الحيض ح 3.
85

ثم الظاهر موافقة الشهر الثاني لمتلوه، ولذا قال الشيخ في المبسوط: إذا رأت
ثلاثة أيام دما ثم انقطع سبعة أيام ثم رأت ثلاثة أيام وانقطع، كان الأول حيضا،
والثاني دم فساد (1). ونحوه في الجواهر (2).
(ولو اجتمع التمييز والعادة، فالأقوى العادة إن اختلفا زمانا) أو عددا
أو فيهما، فالاعتبار بها كما في الجمل والعقود (3) وجمل العلم والعمل (4)
والشرائع (5) والجامع (6) والمعتبر (7) والكافي (8) وموضع من المبسوط (9) وظاهر
الإقتصاد (10) والسرائر (11)، وفي التذكرة (12) والذكرى (13) أنه المشهور، لعموم
قولهم عليهم السلام إن الصفرة في أيام الحيض حيض (14)، وعموم أدلة الرجوع إلى العادة،
واختصاص نصوص التمييز بغير ذات العادة، ولأن العادة أفيد للظن لاطرادها
إجماعا، بخلاف الصفات، لتخلفها إجماعا إذا لم يستجمع الشرائط، وإذا استفيدت
العادة من التمييز فهل يقدم عليه؟ وجهان، من العموم، ومن تبادر غيرها، وعدم
رجحان الفرع.
وفي النهاية ترجيح التمييز على العادة (15)، بناء على عموم الرجوع إلى
التمييز، لعموم أخبار صفات الدم (16)، وضعفه ظاهر.
وفي الخلاف ادعى الاجماع عليه، ثم ذكر إنا لو أبقينا أخبار العادة على

(1) المبسوط: ج 1 ص 67.
(2) جواهر الفقه: ص 16 المسألة 36.
(3) الجمل والعقود: ص 46.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 26.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 33.
(6) الجامع للشرائع: ص 44.
(7) المعتبر: ج 1 ص 206.
(8) الكافي في الفقه: ص 128.
(9) المبسوط: ج 1 ص 49.
(10) الإقتصاد: ص 246.
(11) السرائر: ج 1 ص 147.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 32 س 19.
(13) ذكرى الشيعة: ص 29 س 33.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 541 ب 4 من أبواب الحيض ح 9.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 234.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 546 ب 8 من أبواب الحيض.
86

عمومها وقلنا بتقدمها على التمييز كان قويا (1). والمبسوط (2) مثله في الحكم، أولا
بتقدم التمييز ثم تقوية العكس، ونحوه الإصباح (3) وخيرها ابن حمزة (4) لتعارض
الأمارتين والعمومين، وهو ممنوع.
(فروع) ثمانية:
(أ: لو رأت ذات العادة المستقرة) عددا ووقتا (العدد) المعتاد لها
(متقدما على العادة أو متأخرا) عنها (فهو حيض لتقدم العادة تارة
وتأخرها أخرى) اتفاقا كما هو الظاهر، ويشهد به الوجود والاعتبار
والنصوص، وضابط كل ما يمكن كونه حيضا فهو حيض، إلا أن في المبسوط: متى
استقر لها عادة ثم تقدمها الحيض بيوم أو يومين أو تأخر بيوم أو يومين حكمت
بأنه من الحيض، وإن تقدم بأكثر من ذلك أو تأخر بمثل ذلك إلى تمام العشرة أيام
حكم أيضا بأنه دم حيض، فإن زاد على العشرة لم يحكم بذلك (5). ولعله أراد أنها
إذا رأت العادة مع ما قبلها أو ما بعدها، كان الجميع حيضا إن لم يتجاوز الجميع
العشرة، وإلا فالعادة.
(ب: لو رأت العادة والطرفين أو أحدهما فإن تجاوز) الجميع
(العشرة فالحيض العادة) خاصة، خلافا للشافعي (6)، بناء على قوله: بأن أكثر
الحيض خمسة عشر، فاعتبر مجاوزتها. ولأبي حنيفة فجعل العادة وما بعدها
حيضا إن لم يتجاوز مجموعهما العشرة (7). (وإلا فالجميع) عندنا حيض،
وقصره أبو حنيفة على العادة وما بعدها.
(ج: لو ذكرت المضطربة العدد دون الوقت) تحيضت بالعدد، لعموم

(1) الخلاف: ج 1 ص 241 - 242 مسألة 210.
(2) المبسوط: ج 1 ص 48.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 13.
(4) الوسيلة: ص 60.
(5) المبسوط: ج 1 ص 43.
(6) الأم: ج 1 ص 67.
(7) المحلى: ج 2 ص 198 - 199.
87

أدلة الرجوع إلى العادة، ثم إن تميز دمها خصصت العدد بما بصفة الحيض كما في
الوسيلة (1)، لعموم أدلة الرجوع إلى التميز، وإلا (تخيرت في تخصيصه) بأي
الأيام شأت كالمتحيرة.
والأقوى التخصيص بالأول، لما مر، وإن عرفت الوقت جملة لم تتعده كأن
تعلم كون العدد في العشر الأوسط أو النصف الثاني أو الأول، وعلى التخيير لها
التخصيص بما شأت. (وإن منع الزوج التعيين) للأصل مع احتمال العدم
حينئذ جمعا بين الحقين، والتخير في الشهر الأول، ثم الأولى فيما بعده تجري
الموافقة لما اختارته أولا.
(وقيل) في المبسوط (2) والجامع (3): (تعمل) بالاحتياط للتعارض، وقد
يمنع لما عرفت، والأصل والحرج قد ينفيانه، وعليه فتعمل (في الجميع عمل
المستحاضة) وتأتي بالعبادات، وتتجنب ما يحرم على الحائض، ولا يطأها
زوجها ولا تطلق.
(وتغتسل لانقطاع الحيض في كل وقت تحتمله) لعبادة مشروطة به،
وهو آخر العدد من أول الدم إلى أن تطهر، أو ينقضي الشهر إن أضلت العدد في
جميع أيام الشهر، وإلا بأن علمت في الجملة وقتا، أو أوقاتا فبحسب ذلك، فإن
علمت أنها كانت تحيض في الشهر إحدى عشراته ولم تعلمها بعينها، فإنما تغتسل
لانقطاع الحيض ثلاثة أغسال عند آخر كل عشرة غسلا، ثم إن كانت كثيرة الدم أو
متوسطة ولم نقل بتداخل الأغسال، كان عليها إذا احتمل انقطاع الحيض غسلان،
فالكثيرة الدم يجتمع عليها في اليوم بليلته ثمانية أغسال، وعليها تقديم غسل
الحيض، لوجوب المبادرة إلى الصلاة بعد غسل الاستحاضة.
قيل: وإن كانت تعلم من عادتها أنها كانت تغتسل عند الظهر - مثلا - لم يكن
عليها في اليوم للحيض إلا غسل واحد، وإن كانت تغتسل تارة في الظهر وأخرى

(1) الوسيلة: ص 60.
(2) المبسوط: ج 1 ص 51 و 59.
(3) الجامع للشرائع: ص 42.
88

في العشاء - مثلا - لم يكن عليها للحيض إلا غسلان، وهكذا.
وعليها أن تصوم الشهر كله إن كان شهر الصيام (وتقضي صوم العدد)
لفساده قطعا.
(ولو انعكس الفرض) فذكرت الوقت دون العدد، أي ذكرت الأول أو
الآخر أو الوسط أو يوما ما، وأمكنها اعتباره الآن (تحيضت بثلاثة) قطعا،
لعموم أدلة الرجوع إلى العادة، فإن ذكرت الأول تحيضت به وباثنين بعده، أو
الآخر فيه وبيومين قبله، أو الوسط حفته بيومين أو يوما تخيرت كما احتمله في
التذكرة (1). ويقوى فيه اعتبار التمييز إن كان، بخلاف سائر الصور. واحتمل فيها
جعله الآخر تغليبا للسبق (2).
وفي المبسوط: إنه الحيض بيقين، وكل من طرفيه مشكوك فيه (3)، وهو
الأقوى.
وقد تجعل ما عرفته أولا أخيرا أو وسطا أو بالعكس، وذلك بأن ابتدأ بها الدم
الآن في آخر ما عرفته من الأيام، كأن تعرف أن آخر أيامها العاشر فابتدأت الآن
بالدم في العاشر أو بالوسط، أو انتهى دمها الآن إلى الأول أو الوسط أو توسط
الأول أو الآخر وقد تتحيض بأكثر من ثلاثة قطعا، كأن علمت يومين فصاعدا
وسطا فإن الأربعة فصاعدا يكون حيضا قطعا، ويمكن إدخالها حينئذ في ذاكرة
العدد، فإنها تذكره في الجملة.
(واغتسلت) لانقطاع الحيض (في كل وقت يحتمل الانقطاع) ففي
الأول لا تغتسل له إلا في رابع ما تحيضت إلى العاشر (4)، وفي الثاني لا تغتسل له
إلا فيما عرفته الآخر، وهكذا، وصامت الشهر إن كان شهر الصوم إلا فيما تعلمه
حيضا.
(وقضت صوم عشرة احتياطا إن لم يقصر الوقت) المحتمل للحيض

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 34 س 35.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 34 س 40.
(3) المبسوط: ج 1 ص 59.
(4) في س وك و م: (به إلى العاشر).
89

(عنه) كما إذا لم يستمر الدم في الأول بعد ما عرفته الأول إلا يومين أو ثلاثة إلى
تسعة، فلا تقضي إلا ذلك العدد، وكما إذا علمت الوسط وأنه يوم فلا تزيد على
تسعة، وكما إذا علمت الحيض في الثالث والطهر في السادس فلا تقضي إلا خمسة.
(وتعمل) مع ذلك (فيما تجاوز الثلاثة عمل المستحاضة) وفي
الثالث (1) فيما عدا الواحد على ما في المبسوط (2)، وتجمع بين العملين فيما
احتملهما، ويفهم ذلك من اغتسالها للانقطاع كما احتمله إن لم يفهم من قضاء صوم
العشرة، وهذا موافق للشرائع (3) والجامع (4) والمبسوط (5)، لكن ليس فيه إلا قضاء
صوم العشرة، وظاهر الوسيلة (6) والمعتبر (7) الاقتصار فيما عدا الثلاثة على عمل
الاستحاضة، والحكم بطهرها اقتصارا على اليقين وعملا بالأصل.
ويحتمل القول بتخيرها كما خير السيد المتحيرة (8)، وظاهر الخلاف تحيضها
بسبعة، للإجماع (9)، ولخبر يونس (10)، ويضعفه أنه في المبتدأة ومن اختلفت أيامها.
(د: ذاكرة العدد الناسية للوقت قد يحصل لها حيض بيقين) وطهر
بيقين، (وذلك بأن تعلم عددها في وقت يقصر نصفه) أي الوقت (عنه)
أي العدد (فيكون الزائد على النصف وضعفه) أي مثله (حيضا بيقين، بأن
يكون الحيض ستة في العشر الأول، فالخامس والسادس حيض بيقين)
لدخولهما فيه على كل تقدير.
(ولو كان) الحيض (سبعة) فيها كان الزائد على النصف يومين فيتيقن
أربعة أيام (فالرابع والسابع وما بينهما حيض بيقين، ولو كان خمسة من

(1) في ص وك: (الرابع).
(2) المبسوط: ج 1 ص 59.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 24.
(4) الجامع للشرائع: ص 42.
(5) المبسوط: ج 1 ص 59.
(6) الوسيلة: ص 61.
(7) المعتبر: ج 1 ص 220.
(8) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 214.
(9) الخلاف: ج 1 ص 242 المسألة 211.
(10) وسائل الشيعة: ب 8 من أبواب الحيض ح 3 ج 2 ص 547.
90

التسعة الأولى) كان الزائد نصف يوم، (فالخامس) وهو يوم كامل (حيض)
ولو كان خمسة من التسعة بعد أول يوم كان السادس حيضا، ولو كان عشرة في
الشهر مع علمها بحيضها في الثاني عشر فالحيض عشرة من تسعة عشر، يزيد على
النصف بنصف يوم، فالثاني عشر حيض بيقين واليومان الأولان مع تسعة أيام من
الآخر طهر بيقين لا مع ثمانية كما في المبسوط (1)، إلا مع التشطير أو نقض الشهر،
ثم يعلم بالتأمل أن أيا من الأيام يحتمل انقطاع الحيض لتغتسل له.
(ولو ساوى) العدد (النصف) كخمسة من عشر (أو قصر) عنه كأربعة
منها (فلا حيض) لها (بيقين) وهو ظاهر، نعم ربما حصل لها يقين طهر، كما
إذا علمت العدد من أي العشرات.
(ه‍: لو ذكرت الناسية) للوقت أو العدد أو لهما (العادة بعد جلوسها
في غيرها) لتميز (2) أو غيره (رجعت إلى عادتها) فيما قبل وما بعد، لأنها
إنما رجعت إلى غيرها لنسيانها، فإذا ذكرتها اعتبرتها، لعموم الأدلة. (و) لذا (لو
تبينت ترك الصلاة في غير عادتها لزمها إعادتها) أي فعلها لذلك، ولعموم من
فاتته صلاة فليقضها، (و) لزمها (قضاء ما صامت) أو طافت (من الفرض
في عادتها) لظهور اختلال الشرط كما لو ظهرت الجنابة، وظاهر الواو في (ولو
تبينت) أن معنى رجعت إلى عادتها الرجوع إليها بعد، فكأنه قال: رجعت إليها بعد
واستدركت ما تقدم منها.
(فلو كانت عادتها ثلاثة من آخر الشهر فجلست السبعة السابقة)
للتميز أو الرواية أو غيرهما (ثم ذكرت قضت ما تركت من الصلاة والصيام
في السبعة، وقضت ما صامت من الفرض في الثلاثة).
واحتمال العدم هنا لصيامها في أيام طهرها شرعا حين صامت يندفع بالنظر
إلى من لم يعرف الجنابة فصلى أو صام ثم ظهر تقدمها، ومن لم يحس بخروج الدم

(1) المبسوط: ج 1 ص 56.
(2) في ص وك: (لتمييز).
91

أو نسيت الغسل فصلت أو صامت، وبالجملة فشرط الأجزاء الطهارة لا اعتقادها.
(و: العادة قد تحصل من حيض وطهر صحيحين) أي واضحين إذا
تكررا، (وقد تحصل من التمييز كما إذا رأت في الشهر الأول خمسة أسود
وباقي الشهر أصفر أو أحمر، وفي الثاني كذلك) استقرت عادتها خمسة
لصدق استواء أيام حيضها مرتين، وفي المنتهى: لا نعرف فيه خلافا (1).
(فإذا) انتفى التمييز في الثالث كأن (استمرت الحمرة) أو الصفرة (في
الثالث أو السواد) أو وجد مخالفا له في الشهرين كأن استمر السواد أكثر من
خمسة أو رأت السواد خمسة في غير مثل تلك الأيام.
(جعلت الخمسة الأول حيضا والباقي استحاضة عملا بالعادة
المستفادة من التمييز) وفي التمييز المخالف له في الشهرين ما تقدم من القول
باعتباره دون العادة المستفادة منه، هذا مع اتفاق الوصف في الشهرين، فإن
اختلف كأن رأت في الأول خمسة من الأول أسود وفي الثاني أحمر والباقي
صفرة، فهل استقرت عادتها؟ وجهان - كما في الذكرى (2) - من الاختلاف المنافي
للاستقرار وهو ظاهر التحرير (3)، ومن الاتفاق في الحيضة.
(ز: الأحوط) ما في المبسوط (4) من (رد الناسية للعدد والوقت) وكذا
مضطربتهما، خصوصا عند انتفاء التميز (إلى أسوأ الاحتمالات) وهو فرض
الحيض بالنسبة إلى كل ما يحرم على الحائض أو يجب عليها، وفرض الاستحاضة
بالنسبة إلى كل ما يجب عليها، وفرض انقطاع الحيض بالنسبة إلى ما يجب عليها
عند انقطاعه، وذلك لاختلاف الأصحاب كما عرفت، وانتفاء مستند صحيح على
عدد مع الاجماع على أن كل ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض، لكن اعتبار
التميز قوي جدا، ولذا خص في المبسوط (5) ونهاية الإحكام (6) بفاقدته، وسمعت

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 103 س 11.
(2) ذكرى الشيعة: ص 28 س 30.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 14 س 9.
(4) المبسوط: ج 1 ص 58.
(5) المبسوط: ج 1 ص 51.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 146.
92

شدة إنكار الشهيد (1) له مطلقا.
ثم إذا احتاطت فعليها الاحتياط (في ثمانية) أمور، بل اثني عشر أمرا،
ولكن غسل الجنابة إن وجب لنفسه وجب في الحيض أيضا، والطلاق والرجعة من
فعل الزوج.
الأول: (منع الزوج) أو السيد (من الوطء) فإن فعل فلا كفارة كما في
نهاية الإحكام، للأصل (2)، لكن إن وطأها كل يوم أو ليلة فعليه ثلاث كفارات.
وعلى التشطير ثلاث إن اتحد زمان الوطء، وإلا فكفارتان كما في نهاية
الإحكام (3)، وعليها الغسل للجنابة، وهو ثاني الأمور.
والثالث: أنها لا تطلق كما في المبسوط (4)، وفي التذكرة: لو قيل: إن الطلاق
يحصل بايقاعه في أول يوم وأول الحادي عشر أمكن (5). وقطع بذلك في
المنتهى (6) ونهاية الإحكام (7)، إلا أنه زاد في المنتهى (8) بناء على التشطير ايقاعه
في الثاني والثاني عشر. وفي النهاية ايقاعه في يوم بعد الثاني إلى العاشر وفي
الحادي عشر بعد مضي زمان ايقاعه في الأول (9).
والرابع: أنه إنما تنقضي عدتها بانقضاء ثلاثة أشهر، ولا تكلف الصبر إلى سن
اليأس أو استقامة الحيض، للحرج، والنص على اعتبار السابق من الأشهر
والأقراء، واحتمل في نهاية الإحكام الحاقها بالمسترابة (10).
والخامس: أن لا يراجعها زوجها إلا قبل تسعة وثلاثين (11) يوما، وإن وقع
طلاقها في هذه الأيام فعدتها بالنسبة إلى الرجعة من الطلقة الأولى، وبالنسبة إلى

(1) ذكرى الشيعة: ص 32 س 26 - 30.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 147.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 147.
(4) المبسوط: ج 1 ص 51.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 33 س 5.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 118 السطر الأخير.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 154.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 118 س 34.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 154.
(10) المصدر السابق.
(11) في ص وك: (ستة وعشرين).
93

الزوج من الأخيرة.
وفي النفقة إشكال كما في نهاية الإحكام (1)، من الاستصحاب، ومن ارتفاع
علقة الزوجية شرعا، وأصل البراءة، لتجدد وجوبها كل يوم، ولعله أقوى.
(و) السادس: (منعها من المساجد) دخولا أو لبثا ومن الطواف كما في
المنتهى (2)، وأجازه في نهاية الإحكام (3).
(و) السابع: منعها من (قراءة العزائم).
(و) الثامن: (أمرها بالصلوات) الفرائض، قال في النهاية: والأقرب أن
لها التنفل، كالمتيمم يتنفل مع بقاء حدثه، ولأن النوافل من مهمات الدين، فلا تمنع
عنها سواء الرواتب وغيرها، وكذا الصوم المندوب والطواف (4) انتهى.
وهل عليها مع أدائها القضاء؟ وجهان، احتملهما في النهاية (5) والتذكرة (6)، من
الحرج، وترددها بين الطهارة فصحت صلواتها والحيض فلا صلاة عليها. ومن
احتمال انقطاع الحيض في الصلاة أو بعدها إذا أوقعتها قبل آخر الوقت، ولا
قضاء إن أوقعتها بعد الغسل بلا فصل، ولم يبق من وقتها إلا (7) قدر ركعة، وإن
أخرت القضاء حتى مضت عشرة أيام لم يكن عليها إلا قضاء صلوات يوم، إذ لا
يمكن انقطاع الحيض في العشرة إلا مرة.
ثم على المختار من اكتفاء من فاتته إحدى الخمس ولا يعلمها بقضاء ثلاث،
ومن فاتته اثنتان بأربع تكتفي هذه بثلاث إن كانت اغتسلت لكل صلاة، وبأربع إن
كانت جمعت بين الظهرين بغسل وبين العشائين بغسل.
(و) التاسع: (الغسل) لانقطاع الحيض (عند كل صلاة) ولا تجمع
صلاتين بغسل.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 154.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 119 س 2.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 154.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 147.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 148.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 33 س 6.
(7) ليس في س و م.
94

ثم إن كانت كثيرة الدم اغتسلت للاستحاضة أيضا وتؤخره عن غسل الحيض،
لوجوب المبادرة إلى الصلاة بعده تحرزا عن مبادرة الحدث، بخلاف غسل
الحيض فإن انقطاعه لا يتكرر، واحتمال تأخره لا يندفع.
(و) العاشر (صوم جميع رمضان) إن اتفق ذلك فيه.
(و) الحادي عشر: (قضاء) صوم (أحد عشر) منه (على رأي)
وفاقا لما حكي عن أبي علي بن الشيخ (1)، لاحتمال الحيض في أثناء يوم
وانقطاعه في الحادي عشر، فلا يصح صوم أحد منهما لفساده بطرؤ الحيض
اتفاقا، ودليل التشطير عدم الدليل على أن الحيض إذا طرأ في يوم أو انقطع فيه
احتسب كله يوما من أيام الحيض، كيف وظاهر الثلاثة والعشرة ونحوهما الأيام
الكاملة، ووجوب ما يحرم على الحائض من العبادات في اليوم قبل رؤية الدم
وبعد انقطاعه، ويعضده الاعتبار والوجود وإطلاق النصوص على اعتبار التميز
والتحيض إذا رأت بصفة الحيض. ودليل المشهور ظهور الأيام في غير الملفقة ثم
الاقتصار على قضاء أحد عشر إذا علمت أنها لا تحيض في الشهر إلا مرة، وإلا
فعليها قضاء أحد وعشرين.
(و) الثاني عشر: (صوم يومين أول وحادي عشر) أي يوم من الشهر،
أي يوم أرادت وحادي عشره (قضاء عن يوم) إذا أرادت قضاؤه في هذه
الأيام على المشهور، لأنهما لا يجتمعان في الحيض.
(وعلى ما اخترناه) من التشطير يجوز اجتماعهما فيه، فلا بد من أن
(تضيف إليهما الثاني وثاني عشر) فلا تجتمع الأيام الأربعة في الحيض، فإنها
إما ظاهر في الأول فيصح صومه، أو حائض في جميعه وهو أول حيضها، ففي
الحادي عشر طاهر، أو حاضت في أثنائه ففي الثاني عشر طاهر، أو انتهى إليه أو
فيه حيضها، ففي الثاني طاهر، هذا إن لم يكن الأول الذي يصوم فيه أول أيام دمها.

(1) نقله عنه في إيضاح الفوائد: ج 1 ص 54.
95

هذا وإلا اكتفت بالأول والثاني عشر، وسقط الثاني لانتفاء احتمال انتهاء
الحيض بالأول أو فيه والحادي عشر لتعين (1) أحد اليومين من الأول والثاني عشر
طهرا.
(ويجزئها) على الفرض الأول (عن الثاني والحادي عشر يوم واحد
بعد الثاني وقبل الحادي عشر) فتكتفي بصوم ثلاثة أيام، فإنها لا تجتمع في
الحيض، فإن الأول والثاني عشر إنما يجتمعان فيه بأن يكون الأول انتهاء حيض
والثاني عشر ابتداء حيض آخر، ولا يمكن حينئذ أن يكون الباقي الذي في البين
حيضا، وإن كان أحد اليومين من أواسط الحيض فالآخر طهر، وإنما اشترط في
اليوم الذي في البين أن يكون بعد الثاني وقبل الحادي عشر للتشطير، لاحتمال
انتهاء الحيض في أثناء الثاني وابتداء حيض آخر في أثناء الثاني عشر. وأما
احتمال اجتماع الأول والحادي عشر والثاني عشر في الحيض فظاهر.
وهذا كله إذا لم تعلم أنها لا تحيض في الشهر مرتين، وإلا اكتفت بيوم وثاني
عشرة، وإن أرادت قضاء يومين فصاعدا، فإما أن تصوم الأيام ولا مرة ثم مرة
أخرى من ثاني عشر الأول وبينهما يومين متواليين، أو غيرهما منفصلين عن
المرتين، أو متصلين بإحداهما، فإن قضت تسعة أيام صامت عشرين يوما ولا،
فإن تسعة أيام هي الطهر بيقين.
ولا تدركها إلا بصوم الجميع، لاحتمال الحيض في أحد عشر يوما، ثم يقين
الطهر من تسعة عشر يوما ثمانية أيام، ومن ثمانية عشر سبعة، وهكذا إلى اثني
عشر يوما، فيقين الطهر منها يوم، فإذا صامت الأول والثاني عشر لم تقض إلا
يوما، وإذا صامت الأول والثاني ثم الثاني عشر والثالث عشر لم تقض إلا يومين
إلى أن تصوم الأول إلى الثامن ثم الثاني عشر إلى التاسع عشر، فلم تكن قضت إلا
الثمانية أيام، وإنما عليها صوم يومين في البين لمثل ما عرفت في قضاء يوم، وأن

(1) في ص وك: (ليقين).
96

عليها صيام الأول والثاني عشر ويوم في البين.
فإنها إن أرادت قضاء يومين، فصامت الأول والثاني، ثم الثاني عشر، والثالث
عشر احتمل وقوع الأربعة الأيام كلها في الحيض، بأن طهرت في أثناء الثاني، ثم
حاضت في أثناء الثاني عشر. وكذا إن أرادت قضاء ثلاثة فصامت الأول والثاني
والثالث ثم الثاني عشر إلى الرابع عشر لم تعلم إلا صحة يوم لاحتمال انتهاء
حيضها في الثالث، وابتدائه ثانيا في الثالث عشر، وهكذا.
وأما إن تضعف ما عليها من الأيام وتزيد يومين، فتصوم نصف المجموع أولا
ثم النصف الباقي من حادي عشر أول ما صامت أولا، فإن أرادت قضاء يومين
صامت ثلاثة أيام قبل الحادي عشر كيف شأت، وثلاثة من الحادي عشر. كذا في
التذكرة (1) ونهاية الإحكام (2).
وفيه احتمال انتهاء حيضها في أثناء الثالث، وابتدائه ثانيا في أثناء الثالث
عشر، وأما إن قضت ما عليها من يومين فصاعدا متفرقة كما كانت تصوم الثلاثة
قضاء عن واحد متفرقة، فلا تقضي في عشرين أزيد من أربعة، لما عرفت من أن
يقين الطهر منها تسعة، ولا يتفرق فيها أزيد من أربعة، وإذا أرادت قضاء صلاة
قضتها ثلاث مرات، فتغتسل لانقطاع الحيض، وتصليها أول طلوع الشمس - مثلا -
من يوم وتفعل مثل ذلك قبل إكمال عشرة أيام، أي يوم شأت، في أية ساعة
شأت، وتفعل مثل ذلك ثالثة في مثل ذلك الوقت من الحادي عشر.
(ح: إذا اعتادت مقادير مختلفة متسقة) على النظم الطبيعي، كأن ترى
ثلاثة في شهر، وأربعة في آخر، وخمسة في آخر، ثم ثلاثة في آخر، وأربعة في
آخر، وخمسة في آخر - مثلا - أو ترى كل عدد منها شهرين متواليين، أو لا عليه
كأن ترى أربعة في شهر أو شهرين، ثم ثلاثة كذلك، ثم سبعة كذلك إلى غير ذلك.
(ثم استحيضت رجعت إلى نوبة ذلك الشهر) كما في المعتبر (3) لعموم أدلة

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 33 س 22.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 151.
(3) المعتبر: ج 1 ص 213.
97

الرجوع إلى العادة. واحتمل الشهيد نسخ كل عدد لما قبله، وانتفاء العادة بذلك (1)،
إلا إذا تكرر الأخير فيكون هي العادة.
وعلى الأول (فإن نسيتها) أي النوبة وترددت بين جميع تلك الأعداد أو
بعضها (رجعت إلى الأقل فالأقل إلى أن ينتهى إلى الطرف) الذي هو أقلها،
أي إن ترددت بين الجميع رجعت إلى الطرف، فجعلته حيضا يقينا. وإن ترددت
بين عددين رجعت إلى أقلهما، وهكذا، وتجمع في الزائد عليه إلى الأقصى بين
عملي الحيض والاستحاضة، والغسل للاستحاضة ولانقطاع الحيض.
قال في المنتهى: فيمن ترى الدم في الشهر الأول ثلاثة وفي الثاني أربعة وفي
الثالث خمسة ثم عادت إلى ثلاثة ثم أربعة ثم خمسة، أنها إن نسيت النوبة
جلست أقل الحيض، ولو شكت في أنه أحد الآخرين حيضناها بأربعة، لأنها
اليقين ثم تجلس في الأخيرين ثلاثة ثلاثة، لاحتمال أن يكون ما حيضناها
بالأربعة فيه شهر الخمسة فالتالي له ثلاثة، ويحتمل أن يكون شهر الأربعة فالتالي
لتاليه شهر الثلاثة، أما في الرابع فتتحيض بأربعة ثم تعود إلى الثلاثة - يعني في كل
من الشهرين بعده - وهكذا إلى وقت الذكر. قال: وهل يجزئها غسل واحد عند
انقضاء المدة التي جلستها؟ قيل: نعم، لأنها كالناسية إذا جلست أقل الحيض، لأن
ما زاد على اليقين مشكوك، ولا وجوب مع الشك، إذ الأصل براءة الذمة.
والوجه عندي وجوب الغسل يوم الرابع والخامس معا، لأن يقين الحدث -
وهو الحيض - قد حصل، وارتفاعه بالغسل الأول مشكوك فيه، فتعمل باليقين مع
التعارض، ولأنها في اليوم الخامس تعلم وجوب الغسل عليها في أحد الأشهر
الثلاثة، وقد حصل الاشتباه، وصحة الصلاة متوقفة على الغسل، فيجب كالناسي
لعين الصلاة الفائتة. وبهذا ظهر الفرق بينها وبين الناسية، إذ تلك لا يعلم لها حيضا
زائدا على ما جلسته، وهذه عالمة فتوقف صحة صلاة هذه على الطهارة الثانية

(1) ذكرى الشيعة: ص 28 السطر الأخير.
98

بخلاف الأولى (1) انتهى.
واحتمل المحقق الرجوع إلى الروايات على القول بها إذا نسيت النوبة (2).
وإن رأت أعدادا مختلفة غير متسقة ففي المنتهى (3) والتذكرة (4) ونهاية
الإحكام (5): إنها تتحيض بالأقل، وهو ظاهر بناء على ما سبق من اعتيادها الأقل.
قال في المنتهى: وقيل: تجلس الأكثر كالناسية، وهو خطأ، إذ هذه تعلم وجوب
الصلاة في اليوم الرابع والخامس أو الخامس في أحد الأشهر (6).

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 103 س 15 وفيه في الموضعين: (حيضتاها).
(2) المعتبر: ج 1 ص 213.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 103 س 24.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 32 س 22.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 160.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 103 س 25 وفيه: (في اليوم الرابع والخامس أو الرابع).
99

(الفصل الثاني)
(في الأحكام)
(يحرم على الحائض كل عبادة مشروطة بالطهارة) بالاجماع
والنصوص (1) (كالصلاة) والصوم (والطواف) والاعتكاف، وبخصوص
الطواف قوله صلى الله عليه وآله لعائشة لما حاضت: إصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي
بالبيت (2).
(و) يحرم عليها (مس كتابة القرآن) إجماعا كما في الخلاف (3)
والمنتهى (4) والتحرير (5)، ولمثل ما مر في الجنابة.
وقال أبو جعفر عليه السلام في حسن ابن مسلم: الجنب والحائض يفتحان المصحف
من وراء الثوب ويقران من القرآن ما شاء إلا السجدة (6). وظاهر أبي علي
الكراهة (7). ويجوز عطف المس على الطواف لأنه يكون عبادة.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 586 ب 39 من أبواب الحيض.
(2) سنن الدارمي: ج 2 ص 44. وفيه: (افعلي ما يفعل).
(3) الخلاف: ج 1 ص 99 المسألة 46.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 110 س 31.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 11.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 494 ب 19 من أبواب الجنابة ح 7.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 353.
100

(ويكره) لها (حمله ولمس هامشه) كما هو المشهور، لقول أبي
الحسن عليه السلام في خبر إبراهيم بن عبد الحميد: المصحف لا تمسه على غير طهر ولا
جنبا، ولا تمس خطه ولا تعلقه، إن الله تعالى يقول: (لا يمسه إلا المطهرون) (1) مع
أصل الإباحة، وعن ظاهر السيد حرمتهما (2).
(ولا يرتفع حدثها لو تطهرت) وإن كان في الفترة أو النقاء بين الدمين
المحكوم عليه بالحيض، وإن استحب لها الوضوء في وقت كل صلاة والذكر
بقدرها كما يأتي وقلنا بوجوب التيمم إن حاضت في أحد المسجدين أو
استحبابه، لخبر أبي حمزة عن أبي جعفر عليه السلام (3)، أو إذا اضطرت إلى دخول
المساجد كما قاله أبو علي (4)، فإن جميع ذلك تعبد.
وفي الحسن: أن ابن مسلم سأل الصادق عليه السلام عن الحائض تطهر يوم الجمعة
وتذكر الله، فقال: أما الطهر فلا، ولكنها توضأ في وقت الصلاة ثم تستقبل القبلة
وتذكر الله (5).
(ولا يصح صومها) بالاجماع والنصوص (6) وإن كانت غافلة عن الحيض،
ولا يجب عليها عندنا، وإلا لزم التكليف بالمحال، ولا يوجبه وجوب القضاء، فإنه
بأمر جديد.
(ويحرم) عليها (الجلوس) بل اللبث (في المسجد) حرميا وغيره،
للنصوص. وأصاب في التذكرة حيث ذكر أنه لا يعرف هنا خلافا (7)، وفي المعتبر

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 269 ب 12 من أبواب الوضوء ح 3.
(2) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 234.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 485 ب 15 من أبواب الجنابة ح 3.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 223.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 566 ب 22 من أبواب الحيض ح 3، الكافي: ج 3 ص 100 - 1 ح 1،
وفيه: (ولكنها تتوضأ).
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 586 ب 39 من أبواب الحيض.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 27 س 26.
101

الاجماع عليه (1) وفي التحرير: إلا من سلار (2). وليس في كلامه إلا ندبية اعتزال
المساجد (3).
(ويكره الجواز فيه) غير الحرمين، فيحرم فيهما، كما في السرائر (4)
والمهذب (5) والنافع (6) والجامع (7) والغنية (8) والمنتهى (9) والتحرير (10) والتلخيص (11)
والتبصرة (12) لقول أبي جعفر عليه السلام في حسن ابن مسلم: ولا يقربان المسجدين من
الحرمين (13).
وفي مرسل أبي حمزة: إذا كان الرجل نائما في المسجد الحرام أو مسجد
الرسول صلى الله عليه وآله فأصابته جنابة فليتيمم، ولا يمر في المسجد إلا متيمما حتى يخرج
منه ثم يغتسل، وكذلك الحائض إذا أصابها الحيض تفعل كذلك، ولا بأس أن يمرا
في سائر المساجد ولا يجلسان فيها (14).
والخلاف (15) والشرائع (16) والتذكرة (17) والارشاد (18) ونهاية الإحكام (19)
كالكتاب في إطلاق كراهة الجواز، والهداية (20) والمقنعة (21) والمبسوط (22)

(1) المعتبر: ج 1 ص 221.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 8.
(3) المراسم: ص 43.
(4) السرائر: ج 1 ص 144.
(5) المهذب: ج 1 ص 34.
(6) المختصر النافع: ص 10.
(7) الجامع للشرائع: ص 41.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 487 س 32.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 110 س 7.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 8.
(11) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 265.
(12) تبصرة المتعلمين: ص 9.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 488 ب 15 من أبواب الجنابة ح 17.
(14) وسائل الشيعة: ج 1 ص 485 ب 15 من أبواب الجنابة ح 3.
(15) الخلاف: ج 1 ص 517 المسألة 259.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 30.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 27 س 27.
(18) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 228.
(19) نهاية الإحكام: ج 1 ص 119.
(20) الهداية: ص 21.
(21) المقنعة: ص 54.
(22) المبسوط: ج 1 ص 41.
102

والنهاية (1) والاقتصاد (2) والمصباح (3) ومختصره والإصباح مطلقة لجواز
الجواز (4)، كما أطلق سلا ر استحباب اعتزال المساجد (5)، وأطلق في الفقيه (6)
والمقنع (7) والجمل والعقود (8) والوسيلة منعها من دخولها (9).
وفي المعتبر: وأما تحريم المسجدين اجتيازا، فقد جرى في كلام الثلاثة
وأتباعهم، ولعله لزيادة حرمتهما على غيرهما من المساجد، وتشبيها للحائض
بالجنب، فليس حالها بأخف من حاله (10).
وأما كراهة الجواز، ففي الخلاف الاستدلال له بالاجماع والنهي عن وضعها
شيئا في المسجد (11). ونسب في المعتبر (12) والمنتهى (13) إلى الشيخ، واختير العدم
في المنتهى (14)، لعدم وقوفه على حجة. ثم احتمل أن يكون الوجه إما جعل
المسجد طريقا، أو إدخال النجاسة (15) هذا إن أمنت التلويث. (ولو لم تأمن التلويث حرم) الجواز (أيضا) لحرمة التلويث، وفيه نظر،
وإن حرمنا إدخال النجاسة مطلقا حرم مطلقا، إذا استصحب النجاسة، ومن العامة
من قيد كراهية الجواز بخوف التلويث (16).
(وكذا يحرم) الجواز (على المستحاضة وذي السلس والمجروح
معه) أي عدم أمن التلويث.

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 237.
(2) الإقتصاد: ص 245.
(3) مصباح المتهجد: ص 10.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 10.
(5) المراسم: ص 43.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 90 ذيل الحديث 195.
(7) المقنع: ص 13.
(8) الجمل والعقود: ص 44.
(9) الوسيلة: ص 58.
(10) المعتبر: ج 1 ص 222.
(11) الخلاف: ج 1 ص 517 - 518 المسألة 259.
(12) المعتبر: ج 1 ص 222.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 110 س 18.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 110 س 19.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 110 س 20.
(16) فتح العزير: ج 2 ص 418.
103

(ويحرم) عليها (قراءة العزائم) للإجماع كما في المعتبر (1) والمنتهى (2)
والنصوص (3) كما سمعت بعضها. (و) كذا (أبعاضها) كما يعطيه كلام (4)
المقنعة (5) والمهذب (6). وقد مر احتمال الأخبار الاختصاص بآي السجدات،
ويحتمله بعض العبارات منها عبارة (7) الشرائع (8) والنافع (9)، ومنها ما سبقت
الإشارة إليها.
(ويكره) قراءة (ما عداها) كما في المبسوط (10) والجمل والعقود (11)
والسرائر (12) والوسيلة (13) والإصباح (14) والجامع (15) والنافع (16) وشرحه (17)
والشرائع (18)، لما روي عنه صلى الله عليه وآله: لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئا من القرآن (19)،
ولقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر السكوني الذي رواه الصدوق في الخصال:
سبعة لا يقرأون القرآن: الراكع، والساجد، وفي الكنيف وفي الحمام، والجنب،
والنفساء، والحائض (20)، وما أرسل عنه عليه السلام في بعض الكتب: لا تقرأ الحائض
قرآنا (21). وعن أبي جعفر عليه السلام: إنا نأمر نساءنا الحيض أن يتوضأن عند وقت كل
صلاة - إلى قوله: - ولا يقربن مسجدا ولا يقرأن قرآنا (22).

(1) المعتبر: ج 1 ص 223.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 110 س 26.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 493 ب 19 من أبواب الجنابة.
(4) ليس في ص وك.
(5) المقنعة: ص 52.
(6) المهذب: ج 1 ص 34.
(7) ليس في س و م.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 30.
(9) المختصر النافع: ص 9.
(10) المبسوط: ج 1 ص 42.
(11) الجمل والعقود: ص 45.
(12) السرائر: ج 1 ص 145.
(13) الوسيلة: ص 58.
(14) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 10.
(15) الجامع للشرائع: ص 42.
(6 1) المختصر النافع: ص 9.
(17) المعتبر: ج 1 ص 223.
(18) شرائع الاسلام: ج 1 ص 30.
(19) عوالي اللئالي: ج 1 ص 131 ح 12.
(20) الخصال: ص 357 ح 42.
(21) دعائم الاسلام: ج 1 ص 128.
(22) دعائم الاسلام: ج 1 ص 128.
104

وأما الجواز فللأصل والأخبار وهي كثيرة، وفي الإنتصار (1) والخلاف (2)
الاجماع عليه، وفي المعتبر نفي الخلاف عنه (3)، وقصر الكراهية في التحرير (4)
والمنتهى (5) على الزائد على سبع آيات أو سبعين، وحرم القاضي ما زاد على
سبع (6)، وحكاه الشيخ في الخلاف عن بعض الأصحاب (7)، وهو ظاهر المفيد (8).
ولم أظفر بفارق لها بين سبع أو سبعين وغيرها.
(ولو تلت) آية (السجدة أو استمعت) إليها (سجدت) كما في
الشرائع (9) والمعتبر (10) وجوبا، كما في المختلف (11) والتذكرة (12) وظاهر
التحرير (13) والمنتهى (14) ونهاية الإحكام (15)، لاطلاق الأمر. وصحيح أبي عبيدة
سأل أبا جعفر عليه السلام عن الطامث تسمع السجدة، فقال: إن كانت من العزائم فلتسجد
إذا سمعتها (16). وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: والحائض تسجد إذا سمعت
السجدة (17). وفي خبر آخر له: إذا قرئ شئ من العزائم الأربع وسمعتها فاسجد
وإن كنت على غير وضوء، وإن كنت جنبا، وإن كانت المرأة لا تصلي (18). كذا في
السرائر (19) والمعتبر (20) والمختلف (21) والمنتهى (22) والتذكرة (23) أسند هذا الخبر

(1) الإنتصار: ص 31.
(2) الخلاف: ج 1 ص 101 المسألة 47.
(3) المعتبر: ج 1 ص 186.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 10.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 110 س 31. وفيه: (وقيل: سبعين) بدل (أو سبعين).
(6) المهذب: ج 1 ص 34.
(7) الخلاف: ج 1 ص 110 المسألة 47.
(8) المقنعة: ص 52.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 30.
(10) المعتبر: ج 1 ص 227.
(11) مختلف الشيعة: ج 1 ص 345.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 23.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 22.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 109 س 11.
(15) نهاية الإحكام: ج 1 ص 119.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 584 ب 36 من أبواب الحيض ح 1 و 3.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 584 ب 36 من أبواب الحيض ح 1 و 3.
(18) وسائل الشيعة: ج 2 ص 584 ب 36 من أبواب الحيض ح 2.
(19) السرائر: ج 1 ص 226.
(20) المعتبر: ج 1 ص 228.
(21) مختلف الشيعة: ج 1 ص 346.
(22) منتهى المطلب: ج 1 ص 115 س 6.
(23) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 23.
105

إليه عليه السلام، وهو في الكافي (1) والتهذيب (2) موقوف على أبي بصير.
وجوازا كما في المبسوط (3) والجامع (4) جمعا بينها وبين موثق عبد الرحمن
ابن أبي عبد الله سأله عليه السلام عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد إذا سمعت
السجدة؟ قال: تقرأ ولا تسجد (5). وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر غياث المروي
في كتاب ابن محبوب: لا تقضي الحائض الصلاة ولا تسجد إذا سمعت
السجدة (6).
وفي المقنعة (7) والانتصار (8) والتهذيب (9) والوسيلة (10): حرمة السجود عليها،
وفي غير الوسيلة الاحتجاج له باشتراطه بالطهارة، وهو ممنوع، وإن نفى المفيد
الخلاف عنه (11). وفي النهاية (12): أنه لا يجوز لها السجود إذا سمعت (13). وكذا في
المهذب أنها لا تسجد إذا سمعت (14)، فيجوز نهيهما لها عن السجود إذا سمعت لا
إذا قرأت أو استمعت، لاختصاص ما سمعته من خبري نهيها عنه بذلك، ويأتي في
الصلاة إن شاء الله الخلاف في وجوب السجود على السامع غير المستمع مطلقا،
وما ينص على عدمه من الأخبار.
ونص المحقق على جوازه، واستحبابه عند السماع بغير استماع لها
ولغيرها (15). وظاهر التذكرة (16) والمنتهى (17): التردد في جوازه لها إذا سمعت من

(1) الكافي: ج 3 ص 318 ح 2.
(2) تهذيب الأحكام: ج 2 ص 291 ح 1168.
(3) المبسوط: ج 1 ص 114.
(4) الجامع للشرائع: ص 83.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 584 ب 36 من أبواب الحيض ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 585 ب 36 من أبواب الحيض ح 5.
(7) المقنعة: ص 52.
(8) الإنتصار: ص 31.
(9) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 129 ذيل الحديث 450.
(10) الوسيلة: ص 58.
(11) المقنعة: ص 52.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 236.
(13) في س و م: (استمعت).
(14) المهذب: ج 1 ص 35.
(15) المعتبر: ج 1 ص 228 و 229.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 22 - 25.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 115 س 4 - 16.
106

غير استماع بعد اختيار الوجوب عليها إذا استمعت. وفي التحرير - بعد اختيار
أنها تسجد إذا سمعت من غير نص على الوجوب -: لا فرق بين السماع
والاستماع (1).
(ويحرم على زوجها) وسيدها (وطؤها قبلا) بالاجماع والنصوص (2).
(فيعزر لو تعمده عالما) به وبالتحريم كسائر الكبائر، ويحكم بكفره إن استحله
مع علمه بكونه من ضروريات الدين.
(وفي وجوب الكفارة) عليه بتعمده وطأها قبلا، مختارا عالما بحالها،
علم التحريم أو لا (قولان، أقربهما الاستحباب) كما في النهاية (3) والمعتبر (4)
ونكاح المبسوط (5) للأصل، وصحيح العيص سأل الصادق عليه السلام عن رجل واقع
امرأته وهي طامث، قال: لا يلتمس فعل ذلك، وقد نهى الله تعالى أن يقربها، قال:
فإن فعل أعليه كفارة؟ قال: لا أعلم فيه شيئا يستغفر الله (6). وخبر زرارة سأل
أحدهما عليهما السلام عن الحائض يأتيها زوجها، قال: ليس عليه شئ، يستغفر الله ولا
يعود (7).
وحملهما الشيخ على جهله بحيضها والاستغفار، لتفريطه بترك الاحتياط
والسؤال، وأيده بخبر ليث المرادي سأل الصادق عليه السلام عن وقوع الرجل على
امرأته وهي طامث خطأ، قال: ليس عليه شئ وقد عصى ربه (8) وظاهر الثلاثة
التعمد.
ويؤيد الاستحباب اختلاف الأخبار في الكفارة كما ستسمعها، والمشهور

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 22.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 567 ب 24 من أبواب الحيض.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 237.
(4) المعتبر: ج 1 ص 229.
(5) المبسوط: ج 4 ص 242.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 576 ب 29 من أبواب الحيض ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 576 ب 29 من أبواب الحيض ح 2.
(8) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 165 ذيل الحديث 474.
107

الوجوب، لنحو قول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: من أتى حائضا فعليه نصف
دينار يتصدق به (1)، والاجماع على ما في الإنتصار (2) والخلاف (3) والغنية (4).
واشترط في وجوبها في الخلاف (5) والجامع (6).
وفي رجحانها في المنتهى (7) والتذكرة (8) والتحرير (9) ونهاية الإحكام (10)
والشرائع (11) والذكرى العلم بالتحريم (12)، وفي الهادي الاجماع عليه (13). وفي
الذكرى: وأما التفصيل بالمضطر وغيره أو الشاب وغيره كما قاله الراوندي فلا
عبرة به (14).
(وهي) في المشهور (دينار) أي مثقال من ذهب خالص مضروب كما
في الذكرى (15)، فإنه الظاهر. وفي التحرير (16) والمنتهى (17) ونهاية الإحكام:
لا فرق بينه وبين التبر (18).
(في أوله) و (قيمته عشرة دراهم) كما في المقنعة (19) والنهاية (20)
والمراسم (21) والمهذب (22) والغنية (23)، وقد يظهر منه إجزاء عشرة دراهم كما في

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 575 ب 28 من أبواب الحيض ح 4.
(2) الإنتصار: ص 34.
(3) الخلاف: ج 1 ص 226 المسألة 194.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 15.
(5) الخلاف: ج 1 ص 226 المسألة 194.
(6) الجامع للشرائع: ص 41
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 115 س 35.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 1.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 28.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 121.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 31.
(12) ذكرى الشيعة: ص 34 س 30.
(13) الهادي: ص 33 س 9 (مخطوط).
(14) ذكرى الشيعة: ص 34 س 31.
(15) ذكرى الشيعة: ص 35 س 32
(16) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 السطر ما قبل الأخير.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 117 س 8.
(18) نهاية الإحكام: ج 1 ص 112.
(19) المقنعة: ص 55.
(20) النهاية ونكتها: ج 1 ص 237.
(21) المراسم: ص 43 - 44.
(22) المهذب: ج 2 ص 423
(23) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 14.
108

الجامع (1)، وفيه نظر، من عدم انضباط قيمته فقد يزيد وقد ينقص، ومن النظر في
إجزاء القيمة كما في نهاية الإحكام (2) والمنتهى (3) والتحرير (4). والوجه العدم كما
في الأخيرين (5) وكتب الشهيد (6)، اقتصارا على المنصوص.
(ونصفه في أوسطه وربعه في آخره) لخبر داود بن فرقد عن
الصادق عليه السلام قال: قلت: فإن لم يكن عنده ما يكفر، قال: فليتصدق على مسكين
واحد، وإلا استغفر الله ولا يعود، فإن الاستغفار توبة وكفارة لكل من لم يجد
السبيل إلى شئ من الكفارة (7). وهو مرسل ضعيف.
قال في المنتهى: ولا يمنع ضعف سندها العمل بها، إذ الاتفاق وقع على
صحتها (8). ونحوه في المعتبر (9)، وأرسل نحوه عن الرضا عليه السلام (10) وظاهر الأخبار
والأصحاب اعتبار قسمة الحيض الموطوءة.
(ويختلف ذلك بحسب العادة) بل بحسب حيضها الموطوءة فيه كما في
المعتبر (11).
(فالثاني أول) أي من الأول (لذات الستة، ووسط لذات الثلاثة) وفي
المراسم: والوسط ما بين الخمسة إلى السبعة (12).
وقال المفيد: إن أول الحيض أول يوم إلى الثلث الأول من اليوم الرابع منه،
ووسطه ما بين الثلث الأول من اليوم الرابع إلى الثلثين من اليوم السابع، وآخره
ما بين الثلث الأخير من اليوم السابع إلى آخر اليوم العاشر منه. وقال: هذا على

(1) الجامع للشرائع: ص 41.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 122.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 117 س 9.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 السطر الأخير.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 117 س 9. تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 السطر الأخير.
(6) ذكرى الشيعة: ص 35 س 32. الدروس الشرعية: ج 1 ص 101 درس 8.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 574 ب 28 من أبواب الحيض ح 1.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 116 س 26.
(9) المعتبر: ج 1 ص 232.
(10) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 236.
(11) المعتبر: ج 1 ص 232.
(12) المراسم: ص 44.
109

حكم أكثر أيام الحيض وابتدائه من أوائلها، فما سوى ذلك ودون أكثرها فبحساب
ما ذكرناه وعبرته (1).
وفي أحكام الراوندي: وأول الحيض وآخره مبني على أكثر الحيض وهي
عشرة دون عادة المرأة (2)، [ونحوه حل المعقود له] (3)، وهو صريح في اعتباره
الأكثر، حتى أن جميع الثلاثة (4) أول، وذات الستة ليس لها أول ووسط. وعبارة
المفيد تحتمله، والمختار وظاهر سلا ر موافقة ما أرسل في الفقيه (5).
وروي في العلل، عن حنان بن سدير: أن الحيض أقله ثلاثة أيام، وأوسطه
خمسة أيام، وأكثره عشرة أيام (6). وما مر من خبر التحيض بسبعة أيام.
والمقنع في النكاح (7) موافق للمشهور كالفقيه (8) ونكاح الهداية (9). وفيه هنا أن
على واطئها التصدق على مسكين بقدر شبعه (10) وحكاية المشهور رواية - كما
عكس في الفقيه وبالتصدق على مسكين بقدر شبعه (11) - صحيح الحلبي عن
الصادق عليه السلام (12). وحمله الشيخ على العاجز عن التكفير (13) بما مر، كما في خبر
داود.
وسأله عليه السلام عبد الملك بن عمرو عن رجل أتى جاريته وهي طامث، قال:
يستغفر الله ربه، قال: فإن الناس يقولون: عليه نصف دينار أو دينار، فقال عليه السلام:
فليتصدق على عشرة مساكين (14). وهو ظاهر في عدم الوجوب، وليس فيه مقدار

(1) المقنعة: ص 55 - 56.
(2) فقه القرآن: ج 1 ص 54.
(3) ما بين المعقوفين ليس في س و م.
(4) في ص وك: (لذات الثلاثة).
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 101 ح 210.
(6) علل الشرائع: ج 1 ص 291 ح 1.
(7) المقنع: ص 107.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 96.
(9) الهداية: ص 69.
(10) المقنع: ص 16.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج ص 96 ح 200.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 575 ب 28 من أبواب الحيض ح 5.
(13) الإستبصار: ج 1 ص 134 ذيل الحديث 4.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 575 ب 28 من أبواب الحيض ح 2.
110

الصدقة على كل مسكين، فقد يستحب التصدق بالدينار أو نصفه أو ربعه عليهم.
وحمله الشيخ على أنه ربما كان قيمة الكفارة الواجبة مقدار الصدقة على
عشرة مساكين (1).
وفي خبر أبي بصير عنه عليه السلام: من أتى حائضا فعليه نصف دينار يتصدق به (2).
وفي مضمر ابن مسلم يتصدق بدينار ويستغفر الله تعالى (3). وحملا على الوسط
والأول.
وأرسل علي بن إبراهيم في التفسير عنه عليه السلام: من أتى امرأته في الفرج في
أول أيام حيضها فعليه أن يتصدق بدينار، وعليه ربع حد الزاني خمسة وعشرون
جلدة، وإن أتاها في آخر أيام حيضها فعليه أن يتصدق بنصف دينار ويضرب
اثنتي عشرة جلدة ونصفا (4).
وقال عليه السلام في صحيح الحلبي: إن كان واقعها في استقبال الدم فليستغفر الله
وليتصدق على سبعة نفر من المؤمنين بقدر قوت كل رجل منهم ليومه ولا يعد، وإن
كان واقعها في ادبار الدم في آخر أيامها قبل الغسل فلا شئ عليه (5). والظاهر أن
المراد بادباره انقطاعه، وهو يعطي كون الاستقبال بمعنى وجوده، ويمكن أن يراد
أوله، ويكون الدينار مما يفي بقوت سبعة.
(فإن كرره) أي وطأها (تكررت) الكفارة (مع الاختلاف زمانا) كان
وطؤها في الأول والوسط والآخر كما في الشرائع (6) والمعتبر (7)، لكونها أفعالا
مختلفة في الحكم فلا يتداخل.
(أو سبق التكفير) فإنه لا يكفر المتأخر، (وإلا فلا) يتكرر، للأصل،

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 164 ذيل الحديث 470.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 575 ب 28 من أبواب الحيض ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 575 ب 28 من أبواب الحيض ح 3.
(4) تفسير القمي: ج 1 ص 73.
(5) الكافي: ج 7 ص 462 ح 13.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 31.
(7) المعتبر: ج 1 ص 232.
111

وشمول الوطء للواحد والمتعدد، ولذا لا تتكرر الكفارة على من أكل مرات في
يوم رمضان. وكررها الشهيد في الدروس (1) والبيان (2).
وأطلق ابن إدريس (3) العدم، ولعله إنما يريد إذا لم يتخلل التكفير، وتردد
الشيخ في المبسوط (4) هنا، من الأصل وعموم الأخبار.
قلت: العموم يؤيد العدم لما أشرت إليه من العموم للواحد والمتعدد.
وقطع في النكاح منه بالتكرر إذا تخلل التكفير، وأطلق العدم بدونه (5).
ثم هذه الكفارة لوطئ الزوجة حرة أو أمة دائمة أو منقطعة وكذا الأجنبية
بشبهة أو زنا كما في التحرير (6) والمنتهى (7) والذكرى (8)، لعموم خبري أبي بصير (9)
وداود (10) والأولوية.
واحتمل العدم في نهاية الإحكام (11) اقتصارا على اليقين، ولمنع الأولوية،
لأن الكفارة لتكفير الذنب فقد لا يكفر العظيم.
(ولو كانت أمته تصدق) مطلقا (بثلاثة أمداد من طعام) على ثلاثة
مساكين من غير خلاف على ما في السرائر (12)، واجماعا على ما في
الإنتصار (13)، وقد روي عن الرضا عليه السلام (14).
ومن الغريب استدلال السيد عليه مع الاجماع بأن الصدقة: بر، وقربة، وطاعة
لله تعالى، فهي داخلة تحت قوله تعالى: (افعلوا الخير) وأمره بالطاعة فيما لا

(1) الدروس الشرعية: ج ص 101 درس 8.
(2) البيان: ص 20.
(3) السرائر: ج 1 ص 144.
(4) المبسوط: ج 1 ص 41.
(5) المبسوط: ج 4 ص 242.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 ص 31.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 116 س 33.
(8) ذكرى الشيعة: ص 35 ص 31.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 575 ب 28 من أبواب الحيض ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 575 ب 28 من أبواب الحيض ح 1.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 122.
(12) السرائر: ج 3 ص 76.
(13) الإنتصار: ص 165.
(14) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 236.
112

يحصى من الكتاب، وظاهر الأمر الإيجاب، فيقتضي وجوب هذه الصدقة، وإنما
خرج ما خرج عن هذه الظواهر بدليل، ولا دليل على الخروج هنا (1). وهو صريح
في الوجوب، كظاهر الأكثر، وصريح المعتبر (2) والمنتهى الاستحباب (3).
وسمعت خبر عبد الملك الناطق بالتصدق على عشرة مساكين، الظاهر في
عدم وجوب شئ، وإن أمكن حمل جاريته على امرأته. ثم ما ذكرناه من التفريق
على ثلاثة مساكين نص الإنتصار (4) والمقنعة (5) والنهاية (6) والمهذب (7)
والسرائر (8) والجامع (9).
(ويجوز له) أي الزوج، وكذا السيد (الاستمتاع بما عدا القبل) منها
حتى الدبر كما في السرائر (10) ونهاية الإحكام (11) والمختلف (12) والتبيان (13)
والمجمع (14) وظاهرهما الاجماع، ويعطيه كلام الخلاف وصريحه الاجماع (15)،
ويعطيه كلام المعتبر (16) والمنتهى (17) أيضا، وهو ظاهر التذكرة (18) والتحرير (19)
والشرائع كالكتاب (20).
ولعل مراد الشيخ في المبسوط (21) والنهاية (22) والاقتصاد (23) بغير الفرج غير
القبل، وذلك للأصل. وخبر عبد الملك بن عمرو سأل الصادق عليه السلام ما لصاحب

(1) الإنتصار: ص 165.
(2) المعتبر: ج 1 ص 232.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 116 س 29.
(4) الإنتصار: ص 165.
(5) المقنعة: ص 569.
(6) النهاية ونكتها: ج 3 ص 68.
(7) المهذب: ج 2 ص 423.
(8) السرائر: ج 3 ص 76.
(9) الجامع للشرائع: ص 41.
(10) السرائر: ج 1 ص 150.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 122.
(12) مختلف الشيعة: ج 1 ص 348.
(13) التبيان: ج 2 ص 220.
(14) مجمع البيان: ج 2 ص 319.
(15) الخلاف: ج 1 ص 226 المسألة 195.
(16) المعتبر: ج 1 ص 224.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 111 س 18.
(18) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 27 س 31.
(19) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 ص 11.
(20) شرائع الاسلام: ج 1 ص 31.
(21) المبسوط: ج 4 ص 242.
(22) النهاية ونكتها: ج 1 ص 237.
(23) الإقتصاد: ص 245.
113

المرأة الحائض منها؟ فقال: كل شئ ما عدا القبل منها بعينه (1). وقوله عليه السلام في خبر
هشام بن سالم: لا بأس إذا اجتنب ذلك الموضع (2). وفي مرسل ابن بكير: إذا
حاضت المرأة فليأتها زوجها حيث شاء ما اتقى موضع الدم (3).
وأما نحو قوله عليه السلام: (اصنعوا كل شئ إلا النكاح) (4) فبعد التسليم فظاهره
النكاح المعروف، مع احتماله الكراهية. وكذا ظاهر الفرج القبل في نحو قول
الصادق عليه السلام لعبد الله بن سنان ومعاوية بن عمار وغيرهما فيما يحل للرجل من
الحائض: ما دون الفرج (5).
وخبر عمر بن يزيد سأله عليه السلام ما للرجل من الحائض؟ قال: ما بين أليتيها ولا
يوقب (6) يحتمل الإيقاب في القبل.
وعن السيد تحريم الاستمتاع بما بين السرة والركبة (7) لعموم الاعتزال والنهي
عن قربهن. وخبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادق عليه السلام عن الرجل ما
يحل له من الطامث؟ قال: لا شئ حتى تطهر (8). خرج الاستمتاع بما برز من
الإزار بالاجماع وبقي الباقي. وصحيح (9) الحلبي سأله عن الحائض ما يحل
لزوجها منها؟ قال: تتزر بأزار إلى الركبتين وتخرج سرتها، ثم له ما فوق
الإزار (10). ونحو منه خبر أبي بصير عنه عليه السلام (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 570 ب 25 من أبواب الحيض ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 571 ب 25 من أبواب الحيض ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 570 ب 25 من أبواب الحيض ح 5.
(4) مسند أحمد بن حنبل: ج 3 ص 132.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 570 ب 25 من أبواب الحيض ح 3 و 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 571 ب 25 من أبواب الحيض ح 8.
(7) نقله المحقق في المعتبر: ج 1 ص 224 عن شرح الرسالة للسيد المرتضى.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 569 ب 24 من أبواب الحيض ح 12.
(9) ليس في س و م.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 571 ب 26 من أبواب الحيض ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 572 ب 26 من أبواب الحيض ح 2.
114

والمحيض في الآية (1) يحتمل اسمي الزمان والمكان والمصدر، ويبعد الأخير
الاظهار والافتقار إلى الاضمار. وما في بسيط الواحدي عن ابن سكيت من أن
الأصل في ذوات الثلاثة أن مفعلا بالكسر فيها اسم وبالفتح مصدر، يقال: مال
ممالا وهذا مميلة، والأولان سيان إن لم يرجح الأخير. وحمل الأخبار على
الكراهية أولى، للجمع على أن الظاهر من الحلال المباح، فيخرج المكروه.
(ولا يصح طلاقها) اتفاقا (مع الدخول وحضور الزوج أو حكمه)
من الغيبة التي يجامعها معرفته بحالها (وانتفاء الحمل) فيصح مع الحمل على
القول بالاجتماع، ومع الغيبة الموجبة للجهل بحالها ولو في البلد وإذا لم يكن دخل
بها.
(ويجب عليها الغسل عند الانقطاع) المشروط بالطهارة، ومنه إباحة
الوطء كما في المنتهى (2) والذكرى (3)، وللشافعي فيه وجهان (4). وفي وجوبه لنفسه
وجه ضعيف احتمله في المنتهى (5).
وهو (كالجنابة) في الغسل كيفيته وواجباته ومندوباته.
ولكن في النهاية: ويستعمل في غسل الحيض تسعة أرطال من ماء، وإن
زادت على ذلك كان أفضل (6). وفي الجنابة: فإن استعمل أكثر من ذلك جاز (7).
فيحتمل أنه رأى الاسباغ لها بالزائد لشعرها وجلوسها في الحيض أياما، وأن
يكون لاحظ ما كتبه الصفار إلى أبي محمد عليه السلام: كم حد الذي يغسل به الميت؟ كما
رووا أن الجنب يغسل بستة أرطال من ماء والحائض بتسعة (8).
ويجوز فيه نية كل من رفع الحدث والاستباحة كما في غسل الجنابة وإن لم

(1) البقرة: 222.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 117 س 11.
(3) ذكرى الشيعة: ص 31 س 16.
(4) الأم: ج 1 ص 59.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 117 س 16.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 240.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 231.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 718 ب 27 من أبواب غسل الميت ح 2.
115

يرتفع حدثها به وحده، وغسلها لا يغني عن الوضوء كما ذهب إليه السيد (1) وأبو
علي (2).
(لكن يجب) عليها (الوضوء) وفاقا للأكثر، لأصل بقاء الحدث
والاحتياط للعبادة، وعموم آية الوضوء، وقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي
عمير: كل غسل قبله وضوء إلا غسل الجنابة (3) وفي خبر حماد بن عثمان أو غيره:
كل غسل فيه وضوء إلا الجنابة (4).
واستدل الصدوق بأن الوضوء فريضة وغير غسل الجنابة سنة، ولا تجزئ
سنة، عن فريضة (5).
ودليل الخلاف مع أصل البراءة خبر عمار سأل الصادق عليه السلام عن الرجل إذا
اغتسل من جنابته أو يوم جمعة أو يوم عيد هل عليه الوضوء قبل ذلك أو بعده؟
فقال: لا ليس عليه قبل ولا بعد قد أجزأه الغسل، والمرأة مثل ذلك إذا اغتسلت من
حيض أو غير ذلك فليس عليها الوضوء لا قبل ولا بعد قد أجزأها الغسل (6).
ومرسل حماد بن عثمان سأله عليه السلام عن الرجل يغتسل للجمعة أو غير ذلك
أيجزئه من الوضوء؟ فقال عليه السلام: وأي وضوء أطهر من الغسل (7).
وصحيح حكم بن حكيم قال له عليه السلام: إن الناس يقولون يتوضأ وضوء الصلاة
قبل الغسل، فضحك عليه السلام وقال: أي وضوء أنقى من الغسل وأبلغ (8). وقول أبي:
جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: الغسل يجزئ عن الوضوء، وأي وضوء أطهر من

(1) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى): المجموعة الثالثة ص 24.
(2) نقله في مختلف الشيعة: ج 1 ص 340.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 516 ب 35 من أبواب الجنابة ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2 وفيه: (في كل غسل وضوء...).
(5) الهداية: ص 19 - 20.
(6) وسائل الشيعة: ج 1 ص 514 ب 33 من أبواب الجنابة ح 3.
(7) المصدر السابق ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 515 ب 34 من أبواب الجنابة ح 4.
116

الغسل (1). وفي خبر سليمان بن خالد: الوضوء بعد الغسل بدعة (2). وتوقيع أبي
الحسن الثالث عليه السلام لمحمد بن عبد الرحمن الهمداني: لا وضوء للصلاة في غسل
يوم الجمعة ولا غيره (3). وموقوف محمد بن أحمد بن يحيى: أن الوضوء قبل
الغسل وبعده بدعة (4). وما أرسله الكليني: أنه ليس شئ من الغسل فيه وضوء إلا
غسل يوم الجمعة فإن قبله وضوء (5).
والأصل معارض بما ذكرناه، والأخبار تحتمل تمامية الغسل بدون الوضوء لا
ارتفاع الحدث به وارتفاع الحدث الموجب للغسل لا نواقض الوضوء.
والصحيحان مع الموقوف وخبر سليمان الاختصاص بغسل الجنابة، وخصوصا
خبر الحكم فإنه سأل ذلك عقيب ما سأل عن كيفية غسل الجنابة، على أن الأولين
والتوقيع تضمنت غسل الجمعة وغيره. مع أن السيد في الجمل (6) خص الاغناء
بالواجب من الأغسال، ولكن في المعتبر (7) والتذكرة عنه (8) وفي المختلف عنه (9)
وعن أبي علي: اغناء كل غسل عنه، وعلى المختار يتخير بين الوضوء.
(سابقا أو لاحقا) كما في النهاية (10) والوسيلة (11) والسرائر (12)
والجامع (13) والشرائع (14) والمعتبر (15)، وموضع من المبسوط (16) للأصل، ونفي

(1) وسائل الشيعة: ج 1 ص 513 ب 33 من أبواب الجنابة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 1 ص 515 ب 33 من أبواب الجنابة ح 9.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 513 ب 33 من أبواب الجنابة ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 1 ص 514 ب 33 من أبواب الجنابة ح 5.
(5) الكافي: ج 3 ص 45 ح 13.
(6) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 24.
(7) المعتبر: ج 1 ص 247.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 25 س 30.
(9) مختلف الشيعة: ج 1 ص 340.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 234.
(11) الوسيلة: ص 56.
(12) السرائر: ج 1 ص 113.
(13) الجامع للشرائع: ص 33.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 31.
(15) المعتبر: ج 1 ص 196.
(16) المبسوط: ج 1 ص 30.
117

عنه الخلاف في السرائر (1).
وفي النهاية: وكل ما عدا غسل الجنابة من الأغسال فإنه يجب تقديم الطهارة
عليه أو تأخيرها، وتقديمها أفضل إذا أراد الدخول به في الصلاة، ولا يجوز
الاقتصار على الغسل، وإنما ذلك في الغسل من الجنابة حسب، وإن لم يرد الصلاة
في الحال جاز أن يفرد الغسل من الوضوء، غير أن الأفضل ما قدمناه (2).
وكأنه يريد أن كل ما يشرع له الغسل من الحيض - مثلا - يشرع له الوضوء،
فالأفضل تقديمه، فإذا أرادت الغسل لقراءة العزائم أو الجماع - مثلا - استحب لها
الوضوء أيضا لذلك.
وفي السرائر: إن كان غسلها في غير وقت صلاة وأرادت تقديم الوضوء نوت
بوضوئها استباحة الصلاة مندوبا قربة إلى الله تعالى (3).
وفي موضع آخر من المبسوط: يلزمها تقديم الوضوء ليسوغ لها استباحة
الصلاة على الأظهر من الروايات، فإن لم تتوضأ قبله فلا بد منه بعده (4). وكذا ظاهر
جمله (5) ومصباحه (6) ومختصره، وظاهر الصدوقين (7) والمفيد (8) والحلبيين (9)
وجوب تقديمه لما مر من مرسل ابن أبي عمير (10)، وخبر سليمان ابن خالد (11).
قال المحقق: ولا تقوى الرواية - يعني مرسل ابن أبي عمير - أن تكون حجة
في الوجوب، فاقتصر على الاستحباب (12).

(1) السرائر: ج 1 ص 113.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 234.
(3) السرائر: ج 1 ص 151.
(4) المبسوط: ج 1 ص 44.
(5) الجمل والعقود: ص 45.
(6) مصباح المتهجد: ص 10.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 343، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 81 ذيل
الحديث 177.
(8) المقنعة: ص 53.
(9) الكافي في الفقه: ص 134، والغنية (الجوامع الفقهية): ص 492 س 35.
(10) وسائل الشيعة: ج 1 ص 516 ب 35 من أبواب الجنابة ح 2.
(11) وسائل الشيعة: ج 1 ص 514 ب 33 من أبواب الجنابة ح 9.
(12) المعتبر: ج 1 ص 258.
118

(ويجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة) بالاجماع والنصوص (1) (إلا
ركعتي الطواف) إذا فاتتاها بعد الطواف فعليها قضاؤهما. قيل: وكذا إذا نذرت
صلاة في وقت معين فاتفق حيضها فيه (2).
(ويستحب لها) وفاقا للأكثر (الوضوء عند وقت كل صلاة) من
اليومية (والجلوس في مصلا ها) كما في المبسوط (3) والخلاف (4) والنهاية (5)
والمهذب (6) والوسيلة (7) والإصباح (8) والجامع (9) والنافع (10)، وبمعناه ما في
المراسم (11) والسرائر من الجلوس في محرابها (12).
وفي المقنعة ناحية من مصلا ها (13)، وهو كما في البيان (14) يحتمل موافقة ذلك
والمخالفة، وخيرة الشرائع (15) والذكرى (16) والمعتبر (17) والمنتهى الاطلاق (18)،
ونسب في الأخيرين إلى غير الشيخين.
(ذاكرة لله تعالى بقدرها) وفاقا للأكثر وفي المراسم: أنها تسبح
بقدرها (19). وفي المقنعة: أنها تحمد الله وتكبره وتهلله وتسبحه بقدرها (20). وفي
النفلية: جلوسها مسبحة بالأربع، مستغفرة، مصلية على النبي صلى الله عليه وآله بقدرها (21).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 588 ب 41 من أبواب الحيض.
(2) جامع المقاصد: ج 1 ص 328.
(3) المبسوط: ج 1 ص 45.
(4) الخلاف: ج 1 ص 232 المسألة 198.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 236.
(6) المهذب: ج 1 ص 36.
(7) الوسيلة: ص 58.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 11.
(9) الجامع للشرائع: ص 42.
(10) المختصر النافع: ص 10.
(11) المراسم: ص 43.
(12) السرائر: ج 1 ص 145.
(13) المقنعة: ص 55.
(14) البيان: ص 20.
(15) شرائع الاسلام: ج 1 ص 31.
(16) ذكرى الشيعة: ص 35 س 14.
(17) المعتبر: ج 1 ص 232.
(18) منتهى المطلب: ج 1 ص 115 س 17.
(19) المراسم: ص 43.
(20) المقنعة: ص 55.
(21) النفلية: ص 97.
119

ولتكن مستقبلة كما في الإصباح (1) والنفلية (2). ولتحتش كما في النهاية (3).
ويدل على استحباب ذلك مع العمومات، واستلزامه التمرين على العبادة،
والاجماع على رجحانه لها كما في الخلاف (4) نحو قول الصادق عليه السلام في
صحيح الحلبي: وكن نساء النبي صلى الله عليه وآله لا يقضين الصلاة إذا حضن، ولكن يتحشين
حين يدخل وقت الصلاة، ويتوضين ثم يجلسن قريبا من المسجد فيذكرن الله
عز وجل (5).
وفي خبر الشحام: ينبغي للحائض أن تتوضأ عند وقت كل صلاة، ثم تستقبل
القبلة، وتذكر الله مقدار ما كانت تصلي (6). وفي حسن محمد بن مسلم: توضأ في
وقت الصلاة، ثم تستقبل القبلة وتذكر الله تعالى (7). وفي خبر معاوية بن عمار: إذا
كان وقت الصلاة توضأت واستقبلت القبلة وهللت وكبرت وتلت القرآن وذكرت
الله عز وجل (8).
وأوجبه علي بن بابويه (9)، ويحتمله عبارة النهاية (10)، لقول أبي جعفر عليه السلام في
حسن زرارة: وعليها أن تتوضأ وضوء الصلاة عند وقت كل صلاة، ثم تقعد في
موضع طاهر، فتذكر الله عز وجل وتسبحه وتهلله وتحمده كمقدار صلاتها (11).
وليس نصا فيه، والأصل العدم.

(1) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 11.
(2) النفلية: ص 97.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 236.
(4) الخلاف: ج 1 ص 232 المسألة 198.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 587 ب 40 من أبواب الحيض ح 1.
(6) المصدر السابق ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 588 ب 40 من أبواب الحيض ح 4.
(8) المصدر السابق ح 5.
(9) نقله عنه في من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 90 ذيل الحديث 195.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 236.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 587 ب 40 من أبواب الحيض ح 2.
120

وأرسل في الهداية عن الصادق عليه السلام: يجب على المرأة إذا حاضت أن تتوضأ
عند كل صلاة، وتجلس مستقبلة القبلة، وتذكر الله مقدار صلاتها كل يوم (1).
ويحتمل تأكد الاستحباب.
وكما في التحرير (2) والمنتهى (3) والتذكرة (4) ونهاية الإحكام (5): إن هذا
الوضوء لا يرفع حدثا، ولا يبيح ما شرطه الطهارة، وهو كذلك بالنسبة إلى غير هذا
الذكر، وبالنسبة إليه وجهان، وإن لم يشترط فيه ارتفاع الحدث لكن يجوز اشتراط
فضله به، ولا ينافي دوام حدث ارتفاع حكمه أو حكم غيره.
وفي التذكرة: وهل يشترط في الفضيلة عدم الناقض غير الحيض إلى الفراغ؟
إشكال (6).
وعند تعذر الماء فلا يتيمم لعدم النص، وفاقا للتحرير (7) والمنتهى (8)،
واستشكل في نهاية الإحكام (9).
(ويكره لها الخضاب) بالاتفاق كما في المعتبر (10) والمنتهى (11)
والتذكرة (12)، وبكل من نهيها عنه، ونفي البأس لها فيه أخبار (13).
وقال الصدوق: لا يجوز (14)، وحمل في المنتهى على شدة الكراهية (15)،
وخصه سلار بالحناء (16)، ولعله أراد التمثيل. وعلل النهي في عدة أخبار بأنه
يخاف عليها من الشيطان (17).

(1) الهداية: ص 22.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 23.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 115 س 22.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 27 س 18.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 124.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 27 س 18.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 26.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 115 س 27.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 124.
(10) المعتبر: ج 1 ص 233.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 115 س 28.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 30.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 593 ب 42 من أبواب الحيض ح 1 و 5 و 6.
(14) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 91 ذيل الحديث 196.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 115 س 30.
(16) المراسم: ص 44.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 593 ب 42 من أبواب الحيض ح 3 و 4.
121

وعلله المفيد بمنعه الماء من الوصول إلى البشرة - يعني منعا لا يخل بصحة
الغسل شرعا - وخصه بأيديهن وأرجلهن (1)، يعني لا شعورهن لعدم وجوب
غسلها في الغسل.
(وتترك ذات العادة) وقتا (العبادة برؤية الدم فيها) اتفاقا من أهل
العلم كما في المعتبر (2) والمنتهى (3) والتذكرة (4)، لأن العادة كالجبلة، والنصوص
على التحيض أيام العادة، وخصوص قول الصادق عليه السلام في مرسل يونس: فإذا
رأت المرأة الدم في أيام حيضها تركت الصلاة، فإن استمر بها الدم ثلاثة أيام فهي
حائض، وإن انقطع الدم بعد ما رأته يوما أو يومين اغتسلت وصلت (5).
أما إذا رأته قبلها فكالمبتدأة والمضطربة كما في المسالك قطعا (6)، والروض
احتمالا (7).
وإن رأته بعدها فوجهان، من مخالفة العادة، ومن الأولوية.
(والمبتدئة) المبتدأة والمضطربة إنما يتركان العبادة (بعد مضي ثلاثة
أيام) كما في الكافي (8) والسرائر (9) والمعتبر (10) ومصباح السيد (11)، وحكي عن
أبي علي (12) (على الأحوط) كما في النافع (13) والشرائع (14). ولا ذكر للمضطربة
في الكافي والمصباح والشرائع ومضي الثلاثة مبني على لزوم استمرار الدم فيها أو
وجوده آخر الثالث، ولو اكتفينا بالمسمى فهما تتركانها في الثالث.
ووجه الاحتياط ظاهر، وإن حرمت على الحائض، فإن الأوامر عامة، فلا

(1) المقنعة: ص 58.
(2) المعتبر: ج 1 ص 213.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 109 س 15.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 41.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 555 ب 12 من أبواب الحيض ح 2.
(6) مسالك الأفهام: ج 1 ص 9 س 20.
(7) روض الجنان: ص 70 س 3.
(8) الكافي في الفقه: ص 128.
(9) السرائر: ج 1 ص 149.
(10) المعتبر: ج 1 ص 213.
(11) نقله المحقق في المعتبر: ج 1 ص 313.
(12) نقله في مختلف الشيعة: ج 1 ص 363.
(13) المختصر النافع: ص 9.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 32.
122

تسقط ما لم يتيقن السقط، ولا حرمة إلا مع العلم، ولا يرد الرؤية في العادة.
للإجماع والنصوص والظن القوي.
لا يقال: ولا يقين بعد الثلاثة لامكان مجاوزة العشرة مع التميز المقتضي
للتحيض بغير تلك الثلاثة، لتحقق ما يصلح حيضا بالثلاثة، والأصل انتفاء ما
احتمل، مع انتفاء القائل، وإرشاد استظهار المعتادة يوما ويومين إلى جواز ترك
العبادة لها.
وفي المبسوط (1) والإصباح (2) والجامع (3) وظاهر المقنعة (4) والنهاية (5)
والوسيلة: أنهما تتركانها بالرؤية، وإن لم يذكر المضطربة في بعضها فهي أولى
بذلك (6)، وهو خيرة المنتهى (7) والمختلف (8) ونهاية الإحكام (9).
ودليله نحو قولهم عليهم السلام (إذا رأيت الدم البحراني فدعي الصلاة) (10) (وإذا
كان للدم حرارة ودفع وسواد فلتدع الصلاة) (11) وإن رأت الدم لم تصل، وإن رأت
الطهر صلت ما بينهما وبين ثلاثين يوما (12). وخبر إسحاق بن عمار سأل
الصادق عليه السلام عن المرأة الحبلى ترى الدم اليوم واليومين، قال: إن كان دما عبيطا
فلا تصلي ذينك اليومين، وإن كانت صفرة فلتغتسل عند كل صلاتين (13).
وأصل البراءة من العبادات مع احتمال حرمتها، وغير خبر إسحاق لا ينافي
اشتراط مضي ثلاثة، وخبره يحتمل المعتادة وإن اعتبر التميز، لمكان الحمل مع

(1) المبسوط: ج 1 ص 42.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 11.
(3) الجامع للشرائع: ص 42 و 44.
(4) المقنعة: ص 54 - 55.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 235.
(6) الوسيلة: ص 57.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 109 س 19.
(8) مختلف الشيعة: ج 1 ص 359.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 120.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 439 ب 3 أبواب الحيض ذيل الحديث 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 537 ب 3 من أبواب الحيض ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 545 ب 6 من أبواب الحيض ح 3.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 578 ب 30 من أبواب الحيض ح 6.
123

ضعفه، والأصل معارض بما ذكر.
ثم إنهم إنما ذكروا العبادات، وأما التروك فالأحوط - كما في البيان - تعلقها
بالرؤية (1)، وهو ظاهر، لكن الأصل أقوى، وفيه (2) وفي الدروس الفرق بين
المبتدئة والمضطربة باختيار تربص الأولى دون الثانية إذا ظنت الحيض (3).
(ويجب عليها) كما هو ظاهر الأكثر، وصريح الشيخ في جمله (4)، وفي
الإقتصاد: (5) ينبغي (عند) ظهور (الانقطاع قبل العاشر الاستبراء بالقطنة)
تستدخلها، كما في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (6).
والأبلغ أن تعمد برجلها اليسرى على الحائط وتستدخلها بيدها اليمنى، كما
في خبر شرحبيل الكندي عن الصادق عليه السلام (7). أو تقوم وتلزق بطنها بحائط
وتستدخلها وترفع رجلها، كما في خبر سماعة (8) ومرسل يونس عنه عليه السلام (9). وفي
الأخير رجلها اليمنى.
(فإن خرجت نقية) ظهر أنها (طهرت) خصوصا على الوجه الأبلغ.
ففي خبري سماعة وشرحبيل أنه إن كان ثم من الدم مثل رأس الذباب خرج
فلتغتسل كما نص عليه الأصحاب والأخبار، ولا استظهار هنا، ويظهر من
السرائر (10) قول بالاستظهار ومع ذلك ضعيف، وتوهمه الشهيدان (11) من المختلف.
وفي الدروس: الاستظهار مع النقاء إذا ظنت العود (12).
(وإلا صبرت المبتدئة إلى النقاء أو مضي العشرة) احتمل أنها لم تطهر

(1) البيان: ص 20.
(2) البيان: ص 20.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 98 درس 6.
(4) الجمل والعقود: ص 44.
(5) الإقتصاد: ص 246.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 562 ب 17 من أبواب الحيض ح 1.
(7) المصدر السابق ح 3.
(8) المصدر السابق ح 4.
(9) المصدر السابق ح 2.
(10) السرائر: ج 1 ص 149.
(11) ذكرى الشيعة: ص 29 س 32، وروض الجنان: ص 73 س 18.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 98 درس 6.
124

وإن لم يظهر عليها إلا صفرة أو كدرة، كما صرح به سلا ر (1).
وكأنه مراد لمن اقتصر على ظهور الدم عليها كالشيخين (2) والقاضي (3)
والمصنف في التذكرة (4)، وهو مما أراده ابن إدريس حيث قصر الاستظهار على
رؤيتها الصفرة والكدرة بعد العادة (5)، وفهم المصنف منه اشتراطه فيه رؤيتها لهما
ظاهرا فنفاه في المختلف (6).
وقصر الصدوق في المقنع: الاستبراء على ما إذا كانت ترى الصفرة ونحوها،
فقال: وإذا رأت الصفرة والشي فلا تدري أطهرت أم لا؟ فلتلصق بطنها بالحائط
ولترفع رجلها اليسرى - كما ترى الكلب يفعل إذا بال - وتدخل الكرسف (7). وهو
موافق لخبر سماعة سأل الصادق عليه السلام المرأة ترى الطهر وترى الصفرة أو الشئ
فلا تدري أطهرت أم لا قال: فإذا كان كذلك فلتقم فلتلصق بطنها إلى حائط (8). الخبر.
وفي الفقيه: وإذا أرادت المرأة الغسل من الحيض فعليها أن تستبرئ،
والاستبراء أن تدخل قطنة فإن كان هناك دم خرج ولو مثل رأس الذباب فإن
خرج لم تغتسل، وإن لم يخرج اغتسلت، وإذا رأت الصفرة والنتن فعليها أن تلصق
بطنها بالحائط (9) إلى آخر مثل ما في المقنع.
وكأنه نزل أخبار الاستبراء على الوجه الأبلغ، على ما إذا كانت ترى الشئ
كما في خبر سماعة (10)، ونحو خبر ابن مسلم (11) المطلق على غيره أيام كما في

(1) المراسم: ص 43.
(2) المقنعة: ص 55، النهاية ونكتها: ج 1 ص 238.
(3) المهذب: ج 1 ص 35.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 29 س 6.
(5) السرائر: ج 1 ص 149.
(6) مختلف الشيعة: ج 1 ص 361.
(7) المقنع: ص 15.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 562 ب 17 من أبواب الحيض ح 4.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 96 ح 203.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 562 ب 17 من أبواب الحيض ح 4.
(11) المصدر السابق ح 1.
125

الشرائع (1). ولعل منها المضطربة عددا، ودليله واضح، ولا ينافيه قول أبي
جعفر عليه السلام في موثق زرارة وابن مسلم: للمستحاضة أن تنظر بعض نسائها فتقتدي
بأقرائها، ثم تستظهر على ذلك بيوم (2) لاختصاصه بالمستحاضة منها (3)،
واختصاص ما ذكراه بغيرها.
(وذات العادة) عددا إنما عليها أن (تغتسل بعد عادتها بيوم أو
يومين) كما في النهاية (4) والوسيلة (5) والشرائع (6) والنافع (7) وشرحه (8). وحكي
عن الصدوق والمفيد (9)، لقول أبي جعفر عليه السلام لزرارة: تستظهر بيوم أو يومين ثم هي
مستحاضة (10). وفي خبر إسماعيل الجعفي: ثم تحتاط بيوم أو يومين (11).
وفي صحيح ابن مسلم الذي حكاه المحقق في المعتبر عن كتاب المشيخة
للحسن بن محبوب: إذا رأت دما بعد أيامها التي كانت ترى الدم فيها فلتقعد عن
الصلاة يوما أو يومين، ثم تمسك قطنة فإن صبغ القطنة دم لا ينقطع فلتجمع بين
كل صلاتين بغسل، ويصيب منها زوجها إن أحب، وحلت لها الصلاة (12).
وقول الصادق عليه السلام في خبر إسحاق بن جرير: إن كان أيام حيضها دون عشرة
أيام استظهرت بيوم واحد، ثم هي مستحاضة (13). وفي مرسل أبي المغرا: تستظهر

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 30.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 557 ب 13 من أبواب الحيض ح 5.
(3) ليس في ص وك.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 235.
(5) الوسيلة: ص 58 - 59.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 30.
(7) المختصر النافع: ص 10.
(8) المعتبر: ج 1 ص 214.
(9) الحاكي هو المحقق في المعتبر: ج 1 ص 241.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 558 ب 13 من أبواب الحيض ح 13.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 557 ب 13 من أبواب الحيض ح 7.
(12) المعتبر: ج 1 ص 215.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 556 ب 13 من أبواب الحيض ح 3.
126

بيوم إن كان حيضها دون العشرة أيام، فإن استمر الدم فهي مستحاضة (1).
وفي السرائر (2) والمعتبر (3) والمنتهى (4) والتذكرة (5): أو بثلاثة.
وفي المقنع: أن الحبلى إذا رأت الدم زائدا على العادة استظهرت بثلاثة (6).
وبها أخبار، كقول الصادق عليه السلام لسعيد بن يسار: تستظهر بعد أيامها بيومين أو ثلاثة
ثم تصلي (7). وقول الرضا عليه السلام للبزنطي في الصحيح: تستظهر بيوم أو يومين أو
ثلاثة (8). ولمحمد بن عمرو بن سعيد: تنتظر عدة ما كانت تحيض، ثم تستظهر
بثلاثة أيام، ثم هي مستحاضة (9). ومضمر سماعة: في الحبلى ترى الدم تقعد أيامها
التي كانت تحيض، فإذا زاد الدم على الأيام التي كانت تقعد استظهرت بثلاثة أيام،
ثم هي مستحاضة (10).
ثم هل هي مخيرة في الاستظهار؟ قال في المنتهى: الوجه لا لعدم جواز
التخيير في الواجب بل التفصيل، اعتمادا على اجتهاد المرأة في قوة المزاج،
وضعفه الموجبين لزيادة الحيض وقلته (11).
قلت: وهو نحو تحيض المضطربة بما في الروايات.
وعن السيد (12) وأبي علي (13): أنها تستظهر إلى عشرة، وهو ظاهر الشيخين
في المقنعة (14) والجمل (15)، لاطلاقهما صبرها حتى تنقى. وأجازه المحقق

(1) المصدر السابق ح 4.
(2) السرائر: ج 1 ص 149.
(3) المعتبر: ج 1 ص 215.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 100 س 32.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 السطر الأخير.
(6) المقنع: ص 16.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 557 ب 13 من أبواب الحيض ح 8.
(8) المصدر السابق ح 9.
(9) المصدر السابق ح 10.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 557 ب 13 من أبواب الحيض ح 6.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 104 س 20.
(12) نقله عنه المحقق في المعتبر: ج 1 ص 214.
(13) نقل عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 363.
(14) المقنعة: ص 55.
(15) الجمل والعقود: ص 45.
127

واحتاط بيوم أو يومين (1)، وكذا الشهيد (2).
واشترط في البيان ظنها بقاء الحيض (3) ودليله - مع أصل الاستمرار وعدم
مجاوزة العشرة - قول الصادق عليه السلام ليونس بن يعقوب: تنتظر عدتها التي كانت
تجلس، ثم تستظهر بعشرة أيام (4).
وفي مرسل ابن المغيرة: إن كان قرؤها دون العشرة انتظرت العشرة. (5) وهو
مع الارسال لا يفيد، فإن انتظار العشرة يحتمل أنها تنتظرها في الحكم بحيضها أو
استحاضتها فيما زاد على أيامها. وكذا يحتمله الأول أي تستظهر حال نفسها
بالعشرة.
ويحتمل أنها تعد العشرة بعد أيامها طهرا، وحمله الشيخ على أنها تستظهر إلى
عشرة (6)، أي إنما تستظهر إذا كانت عادتها دون العشرة. ثم من المعلوم أن العادة
إذا كانت تسعة لم تستظهر إلا بيوم، كما إذا كانت عشرة لم تستظهر.
ثم ظاهر الأكثر، وصريح الإستبصار (7) والسرائر (8) وجوب الاستظهار عليها،
لظاهر الأخبار والاحتياط في العبادات وغيرها، فإن ترك العبادة عزيمة عليها،
ولاستصحاب الحيض.
ويحتمل استحبابه كما في التذكرة (9) للأصل، وظن الانقطاع على العادة،
وظاهر لفظ الاحتياط في خبر الجعفي (10) والاستظهار في غيره إن كان باعجام
الطاء. وظاهر نحو قول الصادق عليه السلام: إذا مضى أيام أقرائها اغتسلت (11)،

(1) المعتبر: ج 1 ص 214.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 98 درس 6.
(3) البيان: ص 17.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 558 ب 13 من أبواب الحيض ح 12.
(5) المصدر السابق ح 11.
(6) الإستبصار: ج 1 ص 149 ذيل الحديث 5.
(7) الإستبصار: ج 1 ص 149 ذيل الحديث 5.
(8) السرائر: ج 1 ص 149.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 29 س 11.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 557 ب 13 من أبواب الحيض ح 7.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 608 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 13.
128

وقوله عليه السلام: فإذا جازت أيامها ورأت دمها يثقب الكرسف اغتسلت (1) إلى غير
ذلك، وإن احتمل عموم أيامها لأيام الاستظهار.
والاستحباب فتوى المنتهى (2) والبيان (3) والذكرى (4) مطلقا، والمعتبر: إلا أن
يغلب عندها الحيض (5).
وقال ابن حمزة: فإذا طهرت وكان عادتها أقل من عشرة أيام استبرأت بقطنة،
فإن خرجت نقية فهي طاهر، وإن خرجت ملوثة صبرت إلى النقاء، وإن اشتبه
عليها استظهرت بيوم أو يومين ثم اغتسلت (6).
فإما أن يريد بالاشتباه أن ترى عليها صفرة أو كدرة، أو يريد أن في فرجها
قرحا أو جرحا يحتمل تلطخها به، ولا يجوز إرادته اشتباه العادة عليها، فإنها إذا
صبرت إلى النقاء مع علمها بقصور العادة عن العشرة فمع الاشتباه أولى، وإذا
اغتسلت بعد الاستظهار تعبدت.
(فإن انقطع) الدم انقطاعا كاملا (على العاشر) فما دونه (أعادت
الصوم) الواجب الذي فعلته فيه أو قبله، لظهور وقوعه مع الحيض.
(وإن تجاوز أجزأها فعلها) لظهور وقوعه في الطهر.
وهل عليها قضاء ما تركته من الصلاة أيام الاستظهار؟ الوجه الوجوب، كما
في المنتهى (7) لعموم من فاتته صلاة فليقضها (8) وخصوص مرسل يونس عن
الصادق عليه السلام (9).
واستشكل في نهاية الإحكام من عدم وجوب الأداء، بل حرمته على وجوب
الاستظهار (10).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 604 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 1.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 104 س 13.
(3) البيان: ص 17.
(4) ذكرى الشيعة: ص 29 س 27.
(5) المعتبر: ج 1 ص 216.
(6) الوسيلة: ص 58.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 104 س 19.
(8) عوالي اللآلي: ج 3 ص 107 ح 150.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 561 ب 16 من أبواب الحيض ح 3.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 123.
129

(ويجوز لزوجها) أو سيدها (الوطء) في القبل إذا طهرت (قبل الغسل
على كراهية) عندنا (وينبغي له الصبر حتى تغتسل) ولا يجب كما رآه
الشافعي مطلقا (1)، وأبو حنيفة إن انقطع قبل أقصى المدة (2)، لأصل الإباحة، وظهور
قراءة (يطهرن) (3) مخففة في الانقطاع، ومجئ (تفعل) بمعنى فعل كثير.
والاجماع كما في الإنتصار (4) والخلاف (5) والغنية (6) وظاهر التبيان (7) والمجمع (8)
وروض الجنان (9) وأحكام الراوندي (10) والسرائر (11). والأخبار كقول الصادق عليه السلام
في خبر ابن بكير: إذا انقطع الدم ولم تغتسل فليأتها زوجها إن شاء (12). والكراهية
لظهور قوله تعالى: (فإذا تطهرن) في الاغتسال، وتعليق أمر الإباحة عليه،
وللأخبار وهي كثيرة، والظاهر الاتفاق عليها.
(فإن غلبته الشهوة، أمرها بغسل فرجها) وجوبا، وظاهر الأكثر،
وصريح ابن زهرة توقف حمل الوطء عليه (13)، وظاهر التبيان (14) والمجمع (15)
وأحكام الراوندي (16) توقفه على أحد الأمرين منه ومن الوضوء. وصريح
التحرير (17) والمنتهى (18) والمعتبر (19) والذكرى (20) والبيان (21) استحباب غسله،

(1) الأم: ج 1 ص 59.
(2) المجموع: ج 2 ص 370.
(3) البقرة: 232.
(4) الإنتصار: ص 34.
(5) الخلاف: ج 1 ص 228 المسألة 196.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 16.
(7) التبيان: ج 2 ص 221.
(8) مجمع البيان: ج 2 ص 320.
(9) روض الجنان: ص 80 س 11.
(10) فقه القرآن: ج 1 ص 55.
(11) السرائر: ج 1 ص 151.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 573 ب 27 من أبواب الحيض ح 3.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 16.
(4 1) التبيان: ج 2 ص 221.
(15) مجمع البيان: ج 2 ص 320.
(16) فقه القرآن: ج 1 ص 55.
(17) تحرير الأحكام: ج 1 ص 16 س 2.
(18) منتهى المطلب: ج 1 ص 118 س 11.
(19) المعتبر: ج 1 ص 236.
(20) ذكرى الشيعة: ص 34 س 31.
(21) البيان: ص 20.
130

وصريح ابن إدريس: أنه يزيل الكراهية (1).
والظاهر الوجوب من قول أبي جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: إذا أصاب
زوجها شبق فليأمرها فلتغسل فرجها ثم يمسها إن شاء قبل أن تغتسل (2). وخبر
أبي عبيدة سأل الصادق عليه السلام عن الحائض ترى الطهر في السفر، وليس معها من
الماء، وقد حضرت الصلاة، قال: إذا كان معها بقدر ما تغسل به فرجها فتغسله، ثم
تتيمم وتصلي، قال: فيأتيها زوجها في تلك الحال؟ قال: نعم إذا غسلت فرجها
وتيممت فلا بأس (3).
ويمكن استناد ابن إدريس إلى نحوه في نفي الكراهية به، واستند في
المنتهى (4) لعدم الوجوب بقول العبد الصالح عليه السلام في مرسل ابن المغيرة: إذا طهرت
من الحيض ولم تمس الماء فلا يقع عليها زوجها حتى تغتسل، وإن فعل فلا بأس،
وقال: تمس الماء أحب إلي (5).
وفي الفقيه (6) والهداية: أنه لا يجوز وطؤها قبل اغتسالها (7)، وفي المقنع
النهي عن ذلك (8). وفي الثلاثة التعليل بقوله تعالى: (حتى يطهرن) (9) وأن معناه
الغسل من الحيض. وظاهر هذا الكلام الحرمة كما نسبت إلى صاحبه.
لكن بعد ذلك في الثلاثة: أنه إن كان شبقا، وأراد وطأها قبل الغسل، أمرها أن
تغسل فرجها ثم يجامعها (10)، وهو يعطي إرادته شدة الكراهية.

(1) السرائر: ج 1 ص 151.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 572 ب 27 من أبواب الحيض ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 564 ب 21 من أبواب الحيض ح 1.
(4) منتهى المطلب: ج 2 ص 118 س 12 - 13.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 573 ب 27 من أبواب الحيض ح 4.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 95 ذيل ح 199.
(7) الهداية: ص 69.
(8) المقنع: ص 107.
(9) البقرة: 222.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 95 ذيل الحديث 199. المقنع ص 107 الهداية: ص 69.
131

(وإذا حاضت بعد دخول وقت الصلاة بقدر الطهارة) إن فقدتها
(وأدائها) تامة خفيفة مشتملة على أقل الواجبات دون المندوبات (قضتها)
وجوبا إذا طهرت إجماعا على الظاهر. ولخبر يونس بن يعقوب عن الصادق عليه السلام:
في امرأة دخل وقت الصلاة وهي طاهر، فأخرت الصلاة حتى حاضت، قال:
تقضي إذا طهرت (1). ومضمر عبد الرحمن بن الحجاج فيمن طمثت بعد ما زالت
الشمس ولم تصل الظهر، هل عليها قضاء تلك الصلاة قال: نعم (2).
ولم يوجب أبو حنيفة القضاء ما كان بقي من الوقت شئ (3)، بناء على
اختصاص الوجوب بآخر الوقت.
وقد يتوهم من قول الكاظم عليه السلام في خبر الفضل بن يونس: إذا رأت المرأة
الدم بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام فلتمسك عن الصلاة، فإذا طهرت
من الدم فلتقض صلاة الظهر، لأن وقت الظهر دخل عليها وهي طاهر، وخرج عنها
وقت الظهر وهي طاهر، فضيعت صلاة الظهر فوجب عليها قضاؤها (4). غايته مع
احتمال التقية شدة وضوح وجوب القضاء حينئذ ومضى مقدار الطهارة مما نص
عليه في الشرائع (5)، وهو ظاهر الأكثر، لاعتبارهم تمكنها من الصلاة.
واستشكل في صلاة نهاية الإحكام من توقفها عليها، ومن إمكان تقديمها
على الوقت، قال: إذا لم يجز تقديمها الطهارة كالمتيمم والمستحاضة (6). وأجاد
الشهيد حيث قال: لا عبرة بالتمكن منها قبل الوقت، لعدم المخاطبة بها حينئذ (7).
ولعله لا إشكال في عدم اعتبار وقتها إذا كانت متطهرة قبله كما قطع به في
التذكرة (8) ونهاية الإحكام (9) والذكرى (10). واعتبر في الذكرى مقدار باقي

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 597 ب 48 من أبواب الحيض ح 4.
(2) المصدر السابق ح 5.
(3) الفتاوي الهندية: ج 1 ص 38.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 596 ب 48 من أبواب الحيض ح 1.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 30.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 317.
(7) ذكرى الشيعة: ص 122 س 11.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 32.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 123.
(10) ذكرى الشيعة: ص 35 س 5.
132

الشرائط مع فقدها (1)، ولا بأس به.
(ولا يجب) القضاء (لو كان) الحيض (قبله) مضى مقدار أكثر الصلاة
أو لا، وفاقا للمشهور للأصل، مع عدم تقدم وجوب الأداء عليها.
وفي الخلاف الاجماع عليه (2)، وأوجبه أبو علي (3)، والسيد في الجمل: إذا
مضى مقدار الأكثر (4) لخبر أبي الورد سأل أبا جعفر عليه السلام عنها تكون في صلاة
الظهر وقد صلت ركعتين ثم ترى الدم، قال: تقوم من مسجدها ولا تقضي
الركعتين، فإن كانت رأت الدم وهي في صلاة المغرب وقد صلت ركعتين فلتقم من
مسجدها، فإذا تطهرت فلتقض الركعة التي فاتتها من المغرب (5). وأفتى بمضمونه
الصدوق في المقنع (6) والفقيه (7)، وهو مع الضعف يحتمل الاستحباب والاحتياط،
لأن الغالب اتساع الوقت لأقل الواجب من ثلاث ركعات.
وأطلق في النهاية (8) والوسيلة (9) القضاء إذا دخل الوقت، وأطلق في المقنع
أنها إن طمثت بعد الزوال ولم تصل الظهر لم يكن عليها قضاؤها (10).
(ولو طهرت قبل الانقضاء بقدر الطهارة) حسب أو وسائر الشروط
المفقودة كما في الدروس (11) والموجز الحاوي (12) والشرح (13) والروض (14)

(1) ذكرى الشيعة: ص 122 س 10.
(2) الخلاف: ج 1 ص 272 المسألة 13.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 3 ص 23.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 38.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 597 ب 48 من أبواب الحيض ح 3.
(6) المقنع: ص 17.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 93 ذيل الحديث 198.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 238.
(9) الوسيلة: ص 59.
(10) المقنع: ص 15.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 101 درس 8.
(12) الموجز الحاوي (الرسائل العشر): ص 47.
(13) كشف الالتباس: ص 40 س 11 (مخطوط).
(14) روض الجنان: ص 82 س 26.
133

والروضة البهية (1) والمسالك (2).
(وأداء) أقل الواجب من (ركعة) بحسب حالها من ثقل اللسان وبطئ
الحركات وضدهما (3)، كما احتمله في نهاية الإحكام (4) وجب فعلها بإجماع أهل
العلم في العصر والعشاء والصبح كما في الخلاف (5)، والركعة إنما تتم بالرفع من
السجدة الثانية كما في التذكرة (6). واحتمل في الذكرى الاجتزاء بالركوع للتسمية
لغة وعرفا، ولكونه المعظم (7).
وهل عليها الظهران إذا بقي إلى الغروب مقدار خمس ركعات بعد الطهارة أو
الشروط والعشاءان إذا بقي إلى الفجر مثل ذلك؟ اختلف قول الشيخ في
المبسوط (8) في الأول، فأوجب الظهرين في الصلاة واستحبهما والعشائين هنا،
وهو خيرة المهذب (9)، ولم يتعرض في الصلاة للعشائين. وفي الخلاف نفي
الخلاف عن لزوم الصلاتين على من أدرك خمسا قبل الغروب أو الفجر (10)، وهو
خيرة المصنف (11) وابني سعيد (12) في كتبهم والمتأخرين. وفي الإصباح: استحباب
فعل الظهرين بادراك خمس قبل الغروب، والعشائين بإدراك أربع قبل الفجر (13).
وفي الفقيه: وإن بقي من النهار بمقدار ما يصلي ست ركعات بدأ بالظهر (14).

(1) الروضة البهية: ج 1 ص 388.
(2) مسالك الأفهام: ج 1 ص 9 س 29.
(3) في س: (ضدها) و ص: (ضده).
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 314.
(5) الخلاف: ج 1 ص 271 المسألة 13.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 78 س 25.
(7) ذكرى الشيعة: ص 122 س 35.
(8) المبسوط: ج 1 ص 73.
(9) المهذب: ج 1 ص 36.
(10) الخلاف: ج 1 ص 271 المسألة 14.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 2 ص 78 س 27، تحرير الأحكام: ج 1 ص 27 س 22، نهاية الإحكام:
ج 1 ص 315، منتهى المطلب: ج 1 ص 114 س 2.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 63، المعتبر: ج 1 ص 237، المختصر النافع: ص 10، الجامع
للشرائع: ص 61.
(13) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 11.
(14) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 11.
134

قلت: روي عن النبي صلى الله عليه وآله: من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة (1).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد
أدرك العصر (2).
ومن طريقنا عن الأصبغ بن نباتة عنه عليه السلام: من أدرك من الغداة ركعة قبل
طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة (3). وعن عمار عن الصادق عليه السلام: فإن صلى
من الغداة ركعة ثم طلعت الشمس فليتم الصلاة وقد جازت صلاته، وإن طلعت
الشمس قبل أن يصلي ركعة فليقطع الصلاة ولا يصل حتى تطلع الشمس ويذهب
شعاعها (4).
وأما إدراك الظهر والمغرب إذا بقي مقدار خمس ركعات، فيدل عليه عموم
نحو قول الصادق عليه السلام في خبر منصور: إذا طهرت الحائض قبل العصر صلت
الظهر والعصر، فإن طهرت في آخر وقت العصر صلت العصر (5). وفي خبر الكناني:
إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب والعشاء، وإن طهرت قبل أن
تغيب الشمس صلت الظهر والعصر (6). وفي خبر عبد الله بن سنان: إذا طهرت
المرأة قبل غروب الشمس فلتصل الظهر والعصر، وإن طهرت من آخر الليل
فلتصل المغرب والعشاء (7). لكنها ليست نصا في ذلك، ولذا وقع الخلاف فيه.
وفي كتابي الحديث: أنها إن طهرت بعد أربعة أقدام من الزوال لم يجب عليها
الظهر، بل يستحب لها، وكذا لا يجب العشاءان طهرت بعد انتصاف الليل بل
يستحبان (8). ولعله معنى ما في النهاية من قوله: فإن طهرت بعد زوال الشمس إلى

(1) وسائل الشيعة: ج 3 ص 158 ب 30 من أبواب المواقيت ح 4.
(2) المصدر السابق ح 5 وفيه: (عن النبي صلى الله عليه وآله).
(3) المصدر السابق ح 2.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 599 ب 49 من أبواب الحيض ح 6.
(6) المصدر السابق ح 7.
(7) وسائل الشيعة: ح 2 ص 600 ب 49 من أبواب الحيض ح 10.
(8) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 391 ذيل ح 1207، الإستبصار: ج 1 ص 144 ذيل الحديث 9.
135

بعد دخول وقت العصر (وجب) عليها قضاء الصلاتين معا، ويستحب لها
قضاؤهما إذا طهرت قبل مغيب الشمس، وكذلك إن طهرت بعد مغيب الشمس إلى
نصف الليل لزمها قضاء صلاة المغرب وعشاء الآخرة، ويستحب لها قضاء هاتين
الصلاتين إذا طهرت إلى قبل الفجر (1).
وهو مبني على خروج الوقت، والمختار خلافه، واستناد إلى خبر الفضل بن
يونس عن الكاظم عليه السلام قال: إذا رأت الطهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة
أقدام فلا تصلي إلا العصر، لأن وقت الظهر دخل عليها وهي في الدم، وخرج عنها
الوقت وهي في الدم، فلم يجب عليها أن تصلي الظهر، وما طرح الله عنها من
الصلاة وهي في الدم أكثر (2). وهو ضعيف.
ثم إذا لم يبق من آخر الوقت إلا أقل من الصلاة الكاملة ففعلها هل هو
(أداؤها) اعتبارا بأولها - كما المبسوط (3) والشرائع (4) والخلاف، وفيه نفي
الخلاف عنه مع نقله عن السيد (5) - أو قضاؤها - كما في المبسوط عن بعض
الأصحاب (6) وفي الخلاف عن السيد: أو مركب من الأداء والقضاء؟ وجوه (7).
من نحو قوله صلى الله عليه وآله: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك
الصبح (8). ومن أدرك ركعة من الوقت فقد أدرك الوقت (9). وإدراك الجمعة بادراك
ركعة، وهو خيرة الكتاب هنا وفي الصلاة والتحرير (10) والمختلف (11) والمنتهى (12)

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 239.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 598 ب 49 من أبواب الحيض ح 2.
(3) المبسوط: ج 1 ص 72.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 60.
(5) الخلاف: ج 1 ص 268 المسألة 11.
(6) المبسوط: ج 1 ص 72.
(7) الخلاف: ج 1 ص 268 المسألة 11.
(8) صحيح مسلم: ج 1 ص 424 ب 30 من كتاب المساجد ومواضع الصلاة ح 163.
(9) وسائل الشيعة: ج 3 ص 158 ب 30 من أبواب المواقيت ح 4.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 15 س 20.
(11) مختلف الشيعة: ج 1 ص 358.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 114 س 35.
136

ونهاية الإحكام (1).
ومن أنها لم تقع في الوقت بل إجزاء الوقت بإزاء أجزائها، فالآخر بإزاء
الآخر، وأوقع فيه ما قبله فلم يقع شئ منها في وقته.
ومن وقوع بعض في الوقت وبعض خارجه مع كون الظاهر والأصل، أن جملة
الوقت بإزاء الجملة بلا توزيع، وتردد في التذكرة (2).
وإذا وجب عليها فعلها (فإن أهملت وجب القضاء) بالنصوص (3)
والاجماع.
(ولو قصر الوقت عن ذلك) أي الطهارة وإدراك ركعة (سقط
الوجوب) عندنا، لأصل البراءة واتساع وقت العبادة لجميعها مع الشرائط، خرج
ادراك ركعة بالنصوص والاجماع.
وينص على الطهارة قول الصادق عليه السلام في حسن عبيد بن زرارة: وإن رأت
الطهر في وقت صلاة فقامت في تهيئة ذلك، فجاز وقت صلاة ودخل وقت صلاة
أخرى، فليس عليها قضاء (4). وخبر الحلبي سأله عليه السلام عن المرأة تقوم في وقت
الصلاة فلا تقضي طهرها حتى تفوتها الصلاة ويخرج الوقت أتقضي الصلاة التي
فاتتها؟ قال: إن كانت توانت قضتها، وإن كانت دائبة في غسلها فلا تقضي (5).
وخبر ابن مسلم سأل أحدهما عليهما السلام عن المرأة ترى الطهر عند الظهر فتشتغل في
شأنها حتى يدخل وقت العصر، قال: تصلي العصر وحدها فإن ضيعت فعليها
صلاتان (6). فظهر ضعف ما احتمله في نهاية الإحكام من عدم اعتبار وقت
للطهارة، بناء على عدم اختصاصها بوقت واشتراطها في اللزوم بل الصحة (7).

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 124.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 8 س 32 - 33.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 598 ب 49 من أبواب الحيض.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 598 ب 49 من أبواب الحيض ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 600 ب 49 من أبواب الحيض ح 8.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 599 ب 49 من أبواب الحيض ح 5.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 315.
137

وفي النهاية (1) وكتابي الحديث (2) والتذكرة (3) ونهاية الإحكام استحباب
القضاء إذا أدركت أقل من ركعة (4) قضاء لحق ما أدركته من الوقت، لقول
الصادق عليه السلام في خبر الكناني: إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلت المغرب
والعشاء، وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلت الظهر والعصر (5). ونحوه
أخبار (6).
ومال المحقق إلى احتمال الوجوب إذا أدركت الأقل، لظاهر هذه الأخبار،
فقال: ثم الذي يتبين من هذه الأحاديث أن المرأة إذا أدركت من وقت الصلاة قدر
الغسل والشروع في الصلاة فأخرته حتى دخل وقت أخرى لزمها القضاء، ولو قيل
بذلك كان مطابقا لمدلولها (7). وفي النهاية - بعد ما مر -: ويلزمها قضاء الفجر إذا
طهرت قبل طلوع الشمس على كل حال (8).

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 239.
(2) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 391 ذيل الحديث 1207، الإستبصار: ج 1 ص 144 ذيل
الحديث.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 28 س 33.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 314.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 599 ب 49 من أبواب الحيض ح 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 600 ب 49 من أبواب الحيض ح 10 و 11 و 12.
(7) المعتبر: ج 1 ص 240.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 239.
138

(المقصد السابع)
(في الاستحاضة)
139

(وهي) أي دمها أو نفسها لكثرة هذا الاطلاق مجازا، أو حقيقة اصطلاحية
(في الأغلب أصفر بارد) كما في المبسوط (1) والاقتصاد (2) والمصباح (3)
ومختصره والتبيان (4) وروض الجنان (5) والكافي (6) والوسيلة (7) والمراسم (8)
والغنية (9) والمهذب (10) والإصباح (11) والنافع (12) والشرائع (13) وا لمعتبر (14) وجمل
العلم والعمل، إلا أن فيه أنه يضرب إلى الصفرة (15). وقريب من ذلك النهاية ففيها:
تمييز الحيض منها بالسواد والحرارة والدفع (16).
(رقيق) كما في تلك الكتب عدا الأربعة الأول، ونسبه المحقق في المعتبر

(1) المبسوط: ج 1 ص 45.
(2) الإقتصاد: ص 246.
(3) مصباح المتهجد: ص 10.
(4) التبيان: ج 2 ص 220.
(5) روض الجنان: ص 83 س 7.
(6) الكافي في الفقه: ص 128 وفيه: (وإن كان رقيقا باردا فهي استحاضة).
(7) الوسيلة: ص 59.
(8) المراسم: ص 44.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 4.
(10) المهذب: ج 1 ص 37.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 12.
(12) المختصر النافع: ص 10.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 31.
(14) المعتبر: ج 1 ص 241.
(15) جمل العمل والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 26.
(16) النهاية ونكتها: ج 1 ص 234.
141

إلى الشيخين (1) مشعرا بتردده، وفي المقنعة: أنها دم رقيق بارد صافي (2).
(ذو فتور) كما في الشرائع (3) بمعنى ما في النهاية (4) من نفي الدفع عنه،
ويتضمنه ما في الإقتصاد (5) والمبسوط (6) والمقنع (7) والهداية (8) والفقيه عن الرسالة
من أنه: بارد لا تحس بخروجه (9).
وقال الصادق عليه السلام في حسن حفص: دم الاستحاضة أصفر بارد (10). وفي
صحيح معاوية بن عمار أو حسنه: دم الاستحاضة بارد (11). وفي خبر إسحاق
ابن جرير: دم الاستحاضة دم فاسد بارد (12). وقال الكاظم عليه السلام في صحيح علي
ابن يقطين في النفساء: تدع الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط إلى ثلاثين يوما،
فإذا رق وكانت صفرة اغتسلت (13). لكن فيه ما لا نقول به من تركها الصلاة إلى
ثلاثين يوما.
وقد يقال: إن وصف العبيط في الحيض يدل على الغلظ، فيفهم رقة
الاستحاضة.
(وقيدنا بالأغلب لأنه) قد لا يكون بهذه الصفات، بل بصفات الحيض إذا
لم يحكم بالحيضية، لفقدان شرط، أو وجود مانع، أو يكون أكدر أو أخضر.
و (قد يكون بهذه الصفات حيضا، فإن الصفرة) وهي كما في نهاية
الإحكام: شئ كالصديد يعلوه صفرة (14).

(1) المعتبر: ج 1 ص 241.
(2) المقنعة: ص 56.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 31.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 234.
(5) الإقتصاد: ص 246.
(6) المبسوط: ج 1 ص 45.
(7) المقنع: ص 16.
(8) الهداية: ص 22.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 98 ذيل الحديث 203.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 537 ب 3 من أبواب الحيض ح 2.
(11) المصدر السابق ح 1.
(12) المصدر السابق ح 3.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 615 ب 3 من أبواب النفاس ح 16.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 126.
142

(والكدرة) وهي على ما فيها شئ كدر (في أيام الحيض) أي أيام
يحكم فيها بالحيض شرعا لمصادفتها العادة، أو الانقطاع على العاشر، أو نحو ذلك
(حيض، وفي أيام الطهر طهر) بل والسواد والحمرة أيضا، للإجماع على
الحكمين كما في الناصريات (1) والخلاف (2). والأخبار كحسن ابن مسلم سأل
الصادق عليه السلام عن المرأة ترى الصفرة في أيامها، فقال: لا تصلي حتى تنقضي
أيامها، وإن رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت (3).
وأما خبر علي بن أبي حمزة - أن الصادق عليه السلام سئل عن المرأة ترى الصفرة،
فقال: ما كان قبل الحيض فهو من الحيض، وما كان بعد الحيض فليس منه (4) - فمع
الضعف يحتمل قبل الانقضاء وبعده. وكذا مضمر معاوية بن حكيم الصفرة - قبل
الحيض بيومين فهو من الحيض، وبعد أيام الحيض ليس من الحيض، وهي في أيام
الحيض حيض (5) - يحتمل قبل انقضاء أكثر الحيض. وكون اليومين يومي
الاستظهار، وكونها فيهما من الحيض تحيضها فيهما وإن ظهر الخلاف بمجاوزة
العشرة وبعد الأكثر، أو المحكوم بالحيضية ليس منه حتى في يومي الاستظهار إذا
انكشف الخلاف، أوليس منه بعدهما لا فيهما، بمعنى أنها لا تتحيض برؤيتها
بعدهما وإن جاز ظهور كونها حيضا، فيدل على انحصار الاستظهار في يومين.
وقس عليه معنى خبر أبي بصير عن الصادق عليه السلام: في المرأة ترى الصفرة، فقال: إن
كان قبل الحيض بيومين فهو من الحيض، وإن كان بعد الحيض بيومين فليس
من الحيض (6).
ويحتمل الكل أن الغالب أنها إذا انقضى حيضها لم تر صفرة إلا من

(1) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 226 المسألة 60.
(2) الخلاف: ج 1 ص 235 المسألة 201.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 540 ب 4 من أبواب الحيض ح 1.
(4) المصدر السابق ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 541 ب 4 من أبواب الحيض ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 540 ب 4 من أبواب الحيض ح 2.
143

استحاضة (1)، وربما رأتها قبل الحيض، والواو حالية وهي من الحيض، لا بيان
الحكم الشرعي.
(وكل ما) أي دم خرج من قبل المرأة و (ليس بحيض) ولا نفاس
وكأنه اكتفى به عنه (ولا) دم (قرح ولا جرح فهو استحاضة وإن كان مع
اليأس) أو الصغر فلا يتوهمن من إطلاق الأخبار والأصحاب تحيضها بأيامها أو
بالمتميز أو نحوهما.
وإطلاق الأصحاب تقسيم المستحاضة إلى المبتدئة والمعتادة والمضطربة،
وأحكام كل منها انحصارها فيمن بسن الحيض، فهو كقوله في نهاية الإحكام:
الاستحاضة قد يعبر بها عن كل دم تراه المرأة غير دمي الحيض والنفاس خارج
من الفرج مما ليس بعذرة ولا قرح، سواء اتصل بالحيض كالمتجاوز لأكثر
الحيض، أو لم يكن كالذي تراه المرأة قبل التسع، فإنه وإن لم توجب الأحكام
عليها في الحال لكن فيما بعد يجب الغسل أو الوضوء على التفصيل، ويوجب
الأحكام على الغير، فيجب النزح وغسل الثوب من قليله (2). وقد يعبر بها عن الدم
المتصل بدم الحيض وحده، وبهذا المعنى ينقسم المستحاضة إلى معتادة ومبتدئة،
وأيضا إلى مميزة وغيرها، ويسمى ما عدا ذلك دم فساد، لكن الأحكام المذكورة
في جميع ذلك لا تختلف (3) انتهى.
(ثم) عليها أن تحتشي بقطنة مندوفة ونحوها لتلين مشابهة الأجزاء، فلا
يمنع صلابتها أو صلابة جز منها من نفوذ الدم، فنقول: (إن ظهر) دمها (على)
باطن (القطنة ولم يغمسها) كذا هنا وفي التحرير (4) والارشاد (5) والتلخيص (6)

(1) في ص وك: (الاستحاضة).
(2) عبارة (من قليله) ليس في المصدر.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 125.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 16 س 10.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 228.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 267.
144

والتبصرة (1) والبيان (2) واللمعة (3)، وهو يفيد استيعابها، فلو ثقبها ولم يستوعبها
كانت الاستحاضة قليلة، والأكثر التعبير بعدم ثقبها أو الظهور أو الرشح على
ظاهرها. وفي المتوسطة بوجودها، وهو الموافق للأخبار.
وفي النافع (4) وشرحه التعبير هنا بعدم الثقب وفي المتوسطة بالغمس (5)، وفي
المنتهى هنا عدم الظهور على ظاهرها، وفي المتوسطة الغمس (6). فيجوز أن يكونا
ذكرا في المتوسطة أكثرها.
وفي التذكرة (7) ونهاية الإحكام: أن القليل ما يظهر على القطنة كرؤوس الإبر
ولا يغمسها، وأن المتوسطة ما يغمسها ولا يسيل (8). والظاهر أن المراد الظهور على
ظاهر القطنة، فيكون نصا على ما يفيده عبارة الكتاب.
وعلى الجملة إن كان دمها قليلا (وجب عليها تجديد الوضوء عند كل
صلاة) وفاقا للمعظم، لقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: وإن كان
الدم لا يثقب الكرسف توضأت، ودخلت المسجد، وصلت كل صلاة بوضوء (9)،
واطلاق نحو قوله عليه السلام لأبي بصير: فإذا رأت صفرة توضأت (10)، وللصحاف في
الصحيح: فلتتوضأ وتحتشي بكرسف وتصلي (11)، ولابن مسلم في الحسن: فإن
رأت الصفرة في غير أيامها توضأت وصلت (12).

(1) تبصرة المتعلمين: ص 10.
(2) البيان: ص 21.
(3) اللمعة الدمشقية: ص 5.
(4) المختصر النافع: ص 11. لم يذكر فيه عبارة (بعدم الثقب) كما أشار إليه صاحب مفتاح
الكرامة ج 1 ص 388.
(5) المعتبر: ج 1 ص 242 و 243 لم يذكر فيه عبارة (بعدم الثقب) كما أشار إليه صاحب مفتاح
الكرامة ج 1 ص 388.
(6) منتهى المطلب: ج 2 ص 120 س 3 و 5.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 29 س 20.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 126.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 604 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 545 ب 6 من أبواب الحيض ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 577 ب 30 من أبواب الحيض ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 540 ب 4 من أبواب الحيض ح 1.
145

وفي خبر ابن أبي يعفور: فإن ظهر على الكرسف زادت كرسفها وتوضأت
وصلت (1) إن أريد الظهور على باطن الكرسف، وليونس: وإن رأت صفرة فلتتوضأ
ثم لتصل (2)، وقول النبي صلى الله عليه وآله في خبر السنن: ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة (3)،
وقول الباقر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: وإن رأت بعد ذلك صفرة فلتتوضأ
ولتصل (4)، وقوله عليه السلام في خبر زرارة: تصلي كل صلاة بوضوء ما لم ينفذ الدم، فإذا
نفذ اغتسلت وصلت (5). وإن أهملت الدال فيه أفاد الوضوء لمطلق المستحاضة (6).
وفي الناصريات (7) والخلاف (8) الاجماع عليه، ولا فرق بين الفرائض
والنوافل.
ولا تجمع بين فريضة ونافلة بوضوء وفاقا للتذكرة (9) والمنتهى (10) ونهاية
الإحكام (11) والمعتبر (12) للعموم.
وفي المبسوط (13) والمهذب (14): إذا توضأت لفريضة، صلت معها من النوافل
ما شأت، ولا غسل عليها للأصل، ونحو قول الصادق عليه السلام في صحيح الصحاف:
وإن طرحت الكرسف عنها ولم يسل الدم فلتوضأ ولتصل ولا غسل عليها (15).
وفي خبر إسماعيل الجعفي: المستحاضة تقعد أيام قرئها ثم تحتاط بيوم أو

(1) وسائل الشيعة ج 2 ص 608 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 13.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 612 ب 3 من أبواب النفاس ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 542 ب 5 من أبواب الحيض ح 1.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 562 ب 17 من أبواب الحيض ح 1. وليس فيه: (صفرة).
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 607 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 9.
(6) في س، ك و م: الاستحاضة.
(7) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 45.
(8) الخلاف: ج 1 ص 233. المسألة 199.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 30 س 5.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 34 س 28.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 127.
(12) المعتبر: ج 1 ص 250.
(13) المبسوط: ج 1 ص 68.
(14) المهذب: ج 1 ص 39.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 606 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 7.
146

يومين، فإن هي رأت طهرا اغتسلت، وإن هي لم تر طهرا اغتسلت واحتشت فلا
تزال تصلي بذلك الغسل حتى يظهر الدم على الكرسف، فإذا ظهر أعادت الغسل
وأعادت الكرسف (1) ومفهوم أكثر الأخبار في أحكام المستحاضة.
وفي الناصريات الاجماع عليه (2)، وأوجب عليها أبو علي غسلا في كل يوم
بليلة (3) لمضمر زرارة: تقعد بقدر حيضها وتستظهر بيومين، فإن انقطع الدم وإلا
اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت - إلى قوله: - وإن لم يجز الدم الكرسف
صلت بغسل واحد (4). وهو في موضع من التهذيب مسندا إلى أبي جعفر عليه السلام (5).
ولمضمر سماعة: وإن لم يجز الدم الكرسف فعليها الغسل لكل يوم مرة والوضوء
لكل صلاة (6). ويحتملان أن السيلان والغسل الواحد في الأول غسل الحيض،
فيكون كخبر الجعفي.
ولم يوجب الحسن عليها غسلا ولا وضوء (7) للأصل، وحصر نواقض الوضوء
في غير الاستحاضة في نحو قول الرضا عليه السلام لزكريا بن آدم: إنما ينقض الوضوء
ثلاث: البول والغائط والريح (8). وقول الصادق عليه السلام لزرارة: لا يوجب الوضوء إلا
من غائط أو بول أو ضرطة تسمع صوتها أو فسوة تجد ريحها (9)، ولقوله عليه السلام في
خبر ابن أبي يعفور: المستحاضة إذا مضت أيام أقرائها اغتسلت واحتشت كرسفا
وتنظر، فإن ظهر على الكرسف زادت كرسفها وتوضأت وصلت (10). ويحتمل

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 607 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 10.
(2) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 45.
(3) نقله في مختلف الشيعة: ج 1 ص 372.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 605 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 5.
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 173 ح 496 وفيه (عن أبي عبد الله عليه السلام).
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 606 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 6.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 372.
(8) وسائل الشيعة: ج 1 ص 178 ب 2 من أبواب نواقض الوضوء ح 6.
(9) وسائل الشيعة: ج 1 ص 175 ب 1 من أبواب نواقض الوضوء ح 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 608 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 13.
147

الظهور على باطنه وما قبله معارض بما مر، والحصر يحتمل الإضافي.
وكلام الحسن يحتمل نفيهما عمن لا يرى شيئا، لقوله: يجب عليها الغسل عند
ظهور دمها على الكرسف لكل صلاتين غسل، تجمع بين الظهر والعصر بغسل،
وبين المغرب والعشاء بغسل، وتفرد الصبح بغسل، وأما إن لم يظهر الدم على
الكرسف فلا غسل عليها ولا وضوء (1). فيجوز إرادته الظهور على باطن الكرسف،
واختياره ثلاثة أغسال للمستحاضة مطلقا، لاطلاق نحو قول الصادق عليه السلام في
صحيح ابن سنان وحسنه: المستحاضة تغتسل عند صلاة الظهر، وتصلي الظهر
والعصر، ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب والعشاء، ثم تغتسل عند الصبح
فتصلي الفجر (2) وفي خبر أبي المغرا إذ سأله عن الحبلى ترى الدم: تلك الهراقة إن
كان دما كثيرا فلا تصلين، وإن كان قليلا فلتغتسل عند كل صلاتين (3).
ووجب عليها عند كل صلاة غسل ظاهر الفرج كما في المقنعة (4) والبيان (5) إن
أمكن مطلقا إن تم عدم العفو عن قليل هذا الدم (و) إلا فمع الكثرة (تغيير
القطنة) أو تطهيرها إذا تلوثت، قطع به أكثر الأصحاب، لامكان الاحتراز عن
نجاستها، وعدم دليل على العفو، بل انتفاء الخلاف على أنه لا يعفى عن قليل هذا
الدم كما مر، وظاهر الناصرية الاجماع عليه (6)، وفي المنتهى: أنه لا خلاف فيه (7).
ولم يذكره الصدوقان ولا القاضي، ولا ظفرت بخبر يدل عليه، وقد مر عدم الدليل
على بطلان الصلاة بحمل النجاسة مطلقا، فإن كان هنا إجماع كان الحجة، وإلا
فالأصل العدم.

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 372.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 605 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 577 ب 1 من أبواب الحيض ح 5.
(4) المقنعة: ص 57.
(5) البيان: ص 21.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 45.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 120 س 25.
148

ويؤيده خبر الجعفي المتقدم (1)، وقول الصادق عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن
أبي عبد الله، المروي في حج التهذيب: فإذا ظهر عن الكرسف، فلتغتسل ثم تضع
كرسفا آخر ثم تصلي (2)، وفي صحيح الصحاف: فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل
صلاة ما لم تطرح الكرسف (3). إلا إذا أريد به ما سنذكره عن قريب. وقول النبي
في خبر الحلبي إنها: تستدخل القطنة وتستثفر بثوب، ثم تصلي حتى يخرج
الدم من وراء الثوب (4).
ويحتمل أن يراد أنها تصلي كذلك بلا غسل حتى يخرج الدم، فإنه إذا خرج
وجب عليها الغسل لكل صلاتين.
وزاد الشيخان (5) والسيد (6) والأكثر تغيير الخرقة، قال في التذكرة: وفيه نظر،
إذ لا موجب له، لعدم وصول الدم إليها (7). وفي نهاية الإحكام: وفي وجوب تغيير
الخرقة إشكال، أقربه ذلك إن وصل الدم إليها، وإلا فلا (8).
قلت: هذا هو المناسب لما اعتبره في القلة، وفسرها به في التذكرة (9)
والنهاية (10).
(وإن غمسها) أو ظهر عليها على الخلاف (من غير سيل وجب مع ذلك
تغيير الخرقة) لذلك.
(والغسل لصلاة الغداة) كما في المقنعة (11) والمراسم (12) والوسيلة (13)

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 607 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 10.
(2) تهذيب الأحكام: ج 5 ص 400 ح 1390.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 606 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 7.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 604 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 2.
(5) المقنعة: ص 56، النهاية ونكتها: ج 1 ص 241.
(6) نقله عنه المحقق في المعتبر: ج 1 ص 244.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 29 س 22.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 126.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 29 س 20.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 126.
(11) المقنعة: ص 56.
(12) المراسم: ص 44.
(13) الوسيلة: ص 61.
149

والسرائر (1) وكتب ابني سعيد (2)، ولا نعرف خلافا في وجوب هذا الغسل عليها،
وفي الناصريات (3) والخلاف الاجماع عليه (4). وسمعت خبري زرارة وسماعة
بوجوب غسل إن لم يجز الدم الكرسف وجواز أن يراد بالجواز السيلان، وقول
أبي جعفر عليه السلام لزرارة: فإذا نفذ اغتسلت وصلت (5). لكن إهمال الدال محتمل كما
عرفت، فيكون الغسل غسل الانقطاع، ويحتمله خبر زرارة أيضا.
وأما قول الصادق عليه السلام في صحيح الصحاف: وإن لم ينقطع الدم عنها إلا بعد ما
تمضي الأيام التي كانت ترى الدم فيها بيوم أو يومين فلتغتسل ثم تحتشي
وتستذفر وتصلي الظهر والعصر، ثم لتنظر فإن كان الدم فيما بينها وبين المغرب لا
يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل صلاة ما لم تطرح
الكرسف، فإن طرحت الكرسف عنها فسال الدم وجب عليها الغسل، وإن طرحت
الكرسف عنها ولم يسل الدم فلتوضأ ولتصل ولا غسل عليها، قال: وإن كان الدم
إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف الكرسف صبيبا لا يرقا فإن عليها أن تغتسل
في كل يوم وليلة ثلاث مرات (6) الخبر. فيحتمل أن يكون عدم طرح الكرسف
عبارة عن عدم رؤية الدم.
وقوله: (عند وقت كل صلاة) يحتمل التعلق بالصلاة خاصة كما في المعتبر (7)،
وعلى التعلق بها وبالوضوء جميعا يجوز كون الأمر بالوضوء كالأمر في آية
الوضوء (8) أي إذا كانت محدثة. وما بعده عبارة عن مراتب الاستحاضة، فعبر عن

(1) السرائر: ج 1 ص 153.
(2) الجامع للشرائع: ص 44، شرائع الاسلام: ج 1 ص 34، المعتبر: ج 1 ص 243، المختصر
النافع: ص 11.
(3) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 45.
(4) الخلاف: ج 1 ص 233 المسألة 199.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 607 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 9.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 606 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 7.
(7) المعتبر: ج 1 ص 243.
(8) المائدة: 6.
150

الكثير بالسيلان خلف الكرسف كما هو المعروف، وعن المتوسطة بالسيلان إذا
طرحت الكرسف، وعن القليلة بعدم السيلان إذا طرحتها، يعني ترى الدم ولكن
غير سائل.
وأما وجوب الوضوء فيدل عليه عموم ما دل على وجوبه مع كل غسل، لكن
لا يدل عليه لكل صلاة، وتعمه الاطلاقات المتقدمة في القليلة خصوصا وفي خبر
السنن أنه قيل له: وإن سال؟ قال: وإن سال مثل المثعب (1). ولأن القليلة إذا
أوجبت (2) الوضوء فأولى به ما زاد إلى أن تعلم اغناء الغسل عنه، ولم يوجبه الشيخ
في شئ من كتبه، والقاضي، والصدوقان في الرسالة والهداية، والحلبيان، والسيد
في الناصرية في ظاهرهم لصلاة الغداة، لكن عباراتهم يحتمل ما في نكت
النهاية (3) من أنه إنما يجب عليها الغسل لصلاة الغداة، أو إنما يجب عليها لغيرها
الوضوء، فلا ينافي وجوب الوضوء لها أيضا، وإن ذهبوا إلى عدم وجوب الوضوء
للغداة فللأصل، وحصر نواقض الوضوء في الأخبار في غيرها، وإغناء كل غسل
واجب عنه على ما ذهب إليه السيد (4)، لكنه صرح هنا في الجمل بالوضوء للغداة
وغيرها (5).
وأما تغيير القطنة فذكره من ذكره في القليلة، والقاضي ممن لم يذكره فيها،
وينص عليه هنا ما تقدم من خبري الجعفي (6) وعبد الرحمن بن أبي عبد الله (7)،
وفي شرح الإرشاد لفخر الاسلام: إجماع المسلمين عليه.
وأما تغيير الخرقة فذكره الأكثر، ودليله ما مر لتغيير القطنة للقليلة، ولم يذكره
السيدان ولا القاضي في الناصرية والجمل وشرحه والغنية والمهذب.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 542 ب 5 من أبواب الحيض ح 1.
(2) في ص وك: (وجبت).
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 240.
(4) راجع المعتبر: ج 1 ص 244 و 247، عن المصباح.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 27.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 607 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 10.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 607 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 8.
151

وأفتى الصدوق في الفقيه (1) والمقنع (2) بخبر أبي بصير سأل الصادق عليه السلام عن
المرأة ترى الدم خمسة أيام والطهر خمسة أيام وترى الدم أربعة أيام وترى الطهر
ستة أيام، فقال: إن رأت الدم لم تصل، وإن رأت الطهر صلت ما بينها وبين ثلاثين
يوما، فإذا تمت ثلاثون يوما فرأت دما صبيبا اغتسلت واستثفرت واحتشت
بالكرسف في وقت كل صلاة، فإذا رأت صفرة توضأت (3).
وفي المعتبر (4) والمنتهى (5) وجوب ثلاثة أغسال عليها كالكثيرة، وإليه ذهب
الحسن (6) وأبو علي (7)، وحكي عن ظاهر الفاخر (8)، لقول الصادق عليه السلام في خبر
معاوية بن عمار: فإذا جازت أيامها ورأت الدم يثقب الكرسف اغتسلت للظهر
والعصر تؤخر هذه وتعجل هذه، وللمغرب والعشاء غسلا تؤخر هذه وتعجل هذه،
وتغتسل للصبح وتحتشي وتستثفر ولا تحنى، وتضم فخذيها في المسجد وسائر
جسدها خارج، ولا يأتيها بعلها أيام قرها، وإن كان الدم لا يثقب الكرسف
توضأت ودخلت المسجد وصلت كل صلاة بوضوء، وهذه يأتيها بعلها إلا في أيام
حيضها (9).
ويؤيده عموم نحو قوله عليه السلام في صحيح ابن سنان: المستحاضة تغتسل عند
صلاة الظهر وتصلي الظهر والعصر، ثم تغتسل عند المغرب فتصلي المغرب
والعشاء، ثم تغتسل عند الصبح فتصلي الفجر (10) وقول الباقر عليه السلام فيما مر من خبر
الجعفي: فإذا ظهر أعادت الغسل (11) وقول أحدهما عليهما السلام في خبر فضيل وزرارة:

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 98 ذيل الحديث 203.
(2) المقنع: ص 16.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 545 ب 6 من أبواب الحيض ح 3.
(4) المعتبر: ج 1 ص 244.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 120 س 6.
(6) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 244.
(7) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 244.
(8) حكاه عنه في ذكرى الشيعة: ص 30 س 5.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 604 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 605 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 607 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 10.
152

المستحاضة تكف عن الصلاة أيام إقرائها وتحتاط بيوم أو اثنين، ثم تغتسل كل
يوم وليلة ثلاث مرات (1) الخبر. هذا مع إضمار خبري زرارة وسماعة، وضعف
الأخير، ونصهما على الأغسال الثلاثة إذا جاز الدم الكرسف أو ثقبه، وهو يعم
المتوسطة.
(وإن سال) الدم (وجب مع ذلك) كما في الجامع (2) والنافع (3)
والشرائع (4) والسرائر (5) والإشارة (6) وإن لم يكن في الأخير تغيير الخرقة، وفي
المختلف: أنه المشهور (غسل للظهر والعصر) تجمع بينهما (وغسل آخر
للمغرب والعشاء) تجمع بينهما (7)، ولا خلاف في الأغسال.
وفي الخلاف (8) والتذكرة (9) والمنتهى (10) والمعتبر (11) والذكرى الاجماع
عليها (12)، والأخبار ناطقة بها. ولم يتعرض الصدوقان ولا الشيخ في شئ من كتبه،
ولا السيد في الناصرية، ولا الحلبيان ولا ابنا حمزة والبراج ولا سلار للوضوء.
ونص المفيد (13) والسيد في الجمل (14) والمحقق في المعتبر (15) على الجمع
بين كل صلاتين بوضوء، وحكي عن أحمد بن طاووس (16).
وغلط المحقق من أوجب عليها الوضوء لكل صلاة، وقال: إنه لم يذهب إليه
أحد من طائفتنا، ونزل قول الشيخ في الخلاف والمبسوط أنه لا يجوز لها الجمع

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 608 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 12.
(2) الجامع للشرائع: ص 44.
(3) المختصر النافع: ص 11.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 34.
(5) السرائر: ج 1 ص 153.
(6) إشارة السبق: ص 67.
(7) مختلف الشيعة: ج 1 ص 371.
(8) الخلاف: ج 1 ص 233 المسألة 199.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 29 س 33.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 120 س 25.
(11) المعتبر: ج 1 ص 245.
(12) ذكرى الشيعة: ص 30 س 4.
(13) المقنعة: ص 57.
(14) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 27.
(15) المعتبر: ج 1 ص 247 و 250.
(16) حكاه الشهيد في ذكرى الشيعة: ص 30 س 20.
153

بين فرضين بوضوء، على ما يقتصر فيه على الوضوء (1).
ودليل الوجوب لكل صلاة ثبوت نقض قليل هذا الدم للوضوء، فالكثير أولى
وخصوصا المتخلل منه بين صلاتين، والأصل عدم إغناء الغسل عنه مع عموم أدلة
أن مع كل غسل وضوء، وعموم آية الوضوء (2). ودليل العدم الأصل، وخلو
النصوص، وإغناء كل غسل واجب عن الوضوء كما قال به السيد (3)، واختصاص
الآية بالمحدث، ومنع كونها محدثة حدثا يوجب الوضوء، ومنع الأولوية مع وجوب
الأغسال. ودليل الوجوب مع كل غسل لا لكل صلاة وجوب الوضوء مع كل غسل
مع الأصل، ومنع كون المتخلل حدثا كالمتخلل في الصلاة وبينها وبين الغسل.
وإنما يجب الأغسال الثلاثة (مع الاستمرار) للكثرة من الفجر إلى الليل
(وإلا فاثنان) إن استمرت إلى الظهر ثم انقطعت (أو واحد) إن لم يستمر إليه.
وكذا إذا وجدت بعد غسل الصبح ولو لحظة وجب اثنان، وكذا لو وجدت بعد غسل
الظهرين ولو لحظة وجب الثالث ما لم تبرأ، كما نص في التذكرة بقوله: لو كان الدم
كثيرا فاغتسلت أول النهار وصامت ثم انقطع قبل الزوال لم يجب غسل آخر عند
الزوال لا للصوم ولا للصلاة إن كان للبر، ولو كان لا له وجب (4)، لتحقق السيلان
الموجب للغسل بإطلاق النصوص والفتاوى.
كما أنها إذا انتفت عند أحد الأغسال من غير عود لم يجب غسل آخر،
لانتفاء موجبه. ويعضده ظاهر مفهوم قوله عليه السلام في خبر الصحاف: فإن كان الدم
فيما بينها وبين المغرب لا يسيل من خلف الكرسف فلتتوضأ ولتصل عند وقت كل
صلاة (5). ولا يدفعه قوله عليه السلام: فإن كان الدم إذا أمسكت الكرسف يسيل من خلف
الكرسف صبيبا لا يرقا فإن عليها أن تغتسل في كل يوم وليلة ثلاث مرات (6) فإن

(1) المعتبر: ج 1 ص 247.
(2) المائدة: 6.
(3) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 24.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 30 س 38.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 606 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 606 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 7.
154

(إذا) لا يفيد الاستمرار والكلية.
وقد توهم العبارة اعتبار الاستمرار بمعنى أنها إن لم يستمر إلى الظهر، وإن
كانت بعد غسل الصبح إلى ما قبل الظهر بلحظة لم يجب الغسل الثاني وكذا الثالث،
ولعله غير مراد.
ثم في التذكرة والذكرى أن في حكم الاستمرار فعلا الاستمرار قوة، بمعنى
علمها بالعود عادة، أو بإخبار العارف. ففي التذكرة بعدما مر: ولو كانت تعلم
عودته ليلا أو قبل الفجر وجب الأغسال الثلاثة (1) وفي الذكرى: فلو قل عند الظهر
توضأت، ولو جوزت عود الكثرة فالأجود الغسل، لأنه كالحاصل (2)، انتهى.
وعندي فيه نظر.
وفي موضع آخر من الذكرى: استظهار اعتبار التحقق دون التقدير من
قوله عليه السلام في خبر الصحاف: ما لم تطرح الكرسف إلى آخره (3). ثم في الذكرى:
قبل: الاعتبار في الكثرة والقلة بأوقات الصلاة: فلو سبقت القلة وطرأت الكثرة
انتقل الحكم، فلو كانت الكثرة بعد الصبح اغتسلت للظهرين - إلى أن قال: - أما
بالنسبة إلى الظهرين فلا يجب إن كثر بعدهما غسل لها، بل إن استمر إلى العشائين
اغتسلت لهما قطعا، وكذا إن انقطع مظنونا عوده أو مشكوكا فيه، لأصالة البقاء (4)
ويظهر منه اعتبار الاستمرار بالمعنى الذي يظهر من الكتاب، وحكمه الذي عرفته.
وفي البيان: لو اختلفت دفعات الدم عمل على أكثرها ما لم يكن لبر (5).
(و) المستحاضة (مع الأفعال) التي عليها بحسب حالها (تصير بحكم
الطاهر) من الأكبر، ومن الأصغر ما لم يتجدد الدم فيجوز لها، ومنها ما يجوز لها
ويصح منها ما تصح منها، لكن يجب عليها بعد غسل الفرج وتغيير القطنة

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 30 س 38.
(2) ذكرى الشيعة: ص 32 س 1.
(3) ذكرى الشيعة: ص 30 س 10.
(4) ذكرى الشيعة: ص 31 س 35 و 38.
(5) البيان: ص 21 - 22.
155

الاستظهار في منع الدم والتوقي منه، كما في النافع (1) والمنتهى (2) والتلخيص (3)
والمعتبر (4) والتذكرة (5) والتحرير (6) ونهاية الإحكام (7) والبيان (8) وظاهر الفقيه (9)
والمقنع (10) ويعطيه كلام المبسوط (11) والخلاف (12) للأخبار، ودفعا للنجاسة، أو (13)
تقليلا لها بقدر الامكان، فإن اندفعت بالكرسف اقتصرت عليه، وإلا تلجمت
واستثفرت كما في الأخبار، إلا أن يتأذى بالشد، واجتماع الدم حتى لو خرج الدم
بعد الوضوء لتقصيرها في الشد بطل أو في الصلاة بطلت.
ومما يجوز لها مع الأفعال اللبث في المساجد حتى الحرمين وفي الكعبة،
وحرم الشيخ (14) وابن حمزة دخولها (15)، وكرهه ابنا إدريس (16) وسعيد (17) لقول
الصادق عليه السلام في مرسل يونس: المستحاضة تطوف بالبيت وتصلي ولا تدخل
الكعبة (18). وقال الشهيد: حراسة عن مظنة التلويث (19).
ومما يجوز منها جماعها، أما إباحة جماع المستحاضة في الجملة، فكأنه لا
خلاف فيها عندنا، وظاهر المعتبر (20) والمنتهى (21) الاجماع، ويعضده الأصل
والأخبار.

(1) المختصر النافع: ص 11.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 122 س 4.
(3) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 267.
(4) المعتبر: ج 1 ص 250.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 29 س 41.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 16 س 16.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 126.
(8) البيان: ص 21.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 98 ذيل الحديث 203.
(10) المقنع: ص 16.
(11) المبسوط: ج 1 ص 68.
(12) الخلاف: ج 1 ص 252 المسألة 225.
(13) في س و م: (و).
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 549.
(15) الوسيلة: ص 193.
(16) السرائر: ج 1 ص 153.
(17) الجامع للشرائع: ص 44.
(18) وسائل الشيعة: ج 9 ص 507 ب 91 من أبواب الطواف ح 2.
(19) الدروس الشرعية: ج 1 ص 99 درس 7.
(20) المعتبر: ج 1 ص 248.
(21) منتهى المطلب: ج 1 ص 121 س 20.
156

وأما قول ابن إدريس: فإن لم تفعل ما وصفناه، وصامت وصلت، وجب عليها
إعادة صلاتها وصيامها، ولا يحل لزوجها وطؤها (1). فكلامه في النكاح قد يدل
على انعطاف قوله هنا: (ولا يحل) على قوله: (وجب) لرده فيه على العامة
احتجاجهم لحرمة اتيان أدبارهن بالأذى بالنحو (2) بأنه لو عم (3) الأذى بالنجاسة،
لعم البول والاستحاضة.
وهل يتوقف على جميع ما عليها من الأفعال؟ ظاهر المقنعة (4) والاقتصاد (5)
والجمل والعقود (6) والكافي (7) والإصباح (8) ذلك، وحكي عن أبي علي (9) ومصباح
السيد (10)، وبمعناه كلام ابن إدريس (11) على ما ذكرناه.
ويدل عليه قول الصادق عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله: وكل شئ
استحلت به الصلاة فليأتها زوجها (12). وقول أحدهما عليهما السلام في خبر الفضيل
وزرارة: فإذا حلت لها الصلاة حل لزوجها أن يغشاها (13) مع احتماله الاستدلال
على الإباحة في الجملة بإباحة الصلاة، فلا يدل على التوقف وتدخل في الأفعال
تغيير القطنة والخرقة في أوقات الصلوات، وغسل الفرج فيها، وإن لم يتعرضوا له
في أحكامها إلا المفيد (14).
وقال الصدوقان في الرسالة (15) والهداية (16): ومتى اغتسلت على ما وصفت

(1) السرائر: ج 1 ص 153.
(2) في س و م: (بالنجس).
(3) في س و م: (علم).
(4) المقنعة: ص 57.
(5) الإقتصاد: ص 246.
(6) الجمل والعقود: ص 47.
(7) الكافي في الفقه: ص 129.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 14.
(9) نقله في المعتبر: ج 1 ص 248.
(10) نقله في المعتبر: ج 1 ص 248.
(11) السرائر: ج 1 ص 153.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 607 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 8.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 608 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 12.
(14) المقنعة: ص 57.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 91 ذيل الحديث 195.
(16) الهداية: ص 22.
157

حل لزوجها أن يأتيها، كما في مضمر سماعة: وإن أراد زوجها أن يأتيها فحين
تغتسل (1).
وفي نهاية الإحكام (2) والمبسوط (3) التوقف على ما عليها من الأغسال
وتجديد الوضوء، كما قال الصادق عليه السلام لإسماعيل بن عبد الخالق: فلتغتسل
ولتتوضأ ثم يواقعها إن أراد (4). ويحتمل مع متلوه الاغتسال والوضوء للوطئ ولو
سلم أنهما للصلاة فلا يدلان على توقف و ط الكثيرة الدم - مثلا - في الليل على
غسلها للفجر أو الظهرين، وكأنهم لم يريدوه أيضا.
وفي المنتهى تارة التوقف على الأفعال، وأخرى على الأغسال (5). وقال
المفيد: وإذا توضأت واغتسلت - على ما وصفناه - حل لزوجها أن يطأها، وليس
يجوز له ذلك حتى تفعل ما ذكرناه من نزع الخرق وغسل الفرج (6). فظاهره ما
استظهرناه أولا من التوقف على جميع ما عليها من الأفعال.
واستظهر المحقق أنه لا يشترط في الإباحة إلا نزع الخرق وغسل الفرج، ولم
يحك من عبارته (7) إلا قوله: ولا يجوز وطؤها إلا بعد فعل ما ذكرناه من نزع
الخرق وغسل الفرج بالماء (8). وما عندنا من نسخ المقنعة والتهذيب مطبقة على ما
حكيناه.
وفي الذكرى: لما علق المفيد حل الوطء على الأفعال أتبعه بأنه: لا يجوز إلا
بعد نزع الخرق وغسل الفرج بالماء (9). ففهم التوقف على غسل الفرج عند الوطء،
وأراد بالأفعال الأغسال والوضوءات.
وفي المراسم: ولا حرج على زوجها في وطئها بعد فعل ما يجب عليها من

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 606 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 6.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 127.
(3) المبسوط: ج 1 ص 67.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 608 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 15.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 121 س 11 و 20.
(6) المقنعة: ص 57.
(7) أي عبارة المفيد.
(8) المعتبر: ج 1 ص 248.
(9) ذكرى الشيعة: ص 31 س 22.
158

الاحتشاء والغسل (1). والظاهر ضم غين الغسل.
وفي باب المحرمات من الكافي: أن منها و ط المستحاضة حتى تستنجي (2)،
فأفاد مع ما تقدم التوقف على الأفعال وغسل الفرج عند الوطء.
وفي النهاية: يحل لزوجها وطئها على كل حال إذا غسلت فرجها وتوضأت
وضوء الصلاة، أو اغتسلت حسب ما قدمناه (3).
ولما لم يكن ذكر في أحكامها غسل الفرج فالظاهر أنه ترى التوقف على
غسله عند الوطء. ثم إن تعلق قوله: (حسب ما قدمناه) بقوله: (اغتسلت) خاصة،
أفاد التوقف على الوضوء عنده إن لم تكن اغتسلت كان وجب عليها الغسل أم لا؟
فإن كانت اغتسلت كفى الغسل مع غسل الفرج في الإباحة، ولم يتوقف على
الوضوء عنده ولا الوضوءات التي عليها للصلوات. وإن تعلق بالوضوء والاغتسال
جميعا فالظاهر التوقف مع غسل الفرج عنده على ما عليها من الوضوءات
للصلوات وحدها، أو الأغسال وحدها، أو مع الوضوءات.
وفي المهذب: والأفضل لها قبل الوطء أن تغسل فرجها (4)، ولم يذكر غير
ذلك. وفي البيان الإباحة مطلقا (5). وفي التحرير: وإن أخلت بالأغسال (6).
وفي المعتبر (7) والتذكرة (8) والدروس (9) الكراهية إذا أخلت بما عليها للأصل،
والعمومات، وضعف خبر عبد الرحمن بأبان، واحتمال غيره ما عرفت.
وأما الكراهية فلكونه دم مرض أو أذى، فالاجتناب أولى، كذا في المعتبر (10).
وقد يمكن فهم الفرق بين الكثيرة وغيرها مما مر من خبر معاوية بن عمار (11)
بكراهية الوطء في الأولى مطلقا دون غيرها.

(1) المراسم: ص 45.
(2) الكافي في الفقه: ص 284.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 241 - 242.
(4) المهذب: ج 1 ص 38.
(5) البيان: ص 21.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 16 س 16.
(7) المعتبر: ج 1 ص 248.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 30 س 34.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 99 درس 7.
(10) المعتبر: ج 1 ص 248.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 604 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 1.
159

(ولو أخلت بشئ من الأفعال لم تصح صلاتها) المشروطة بها، فلو
أخلت بوظيفة الصبح صحت الظهران إذا أتت بوظيفتهما وبالعكس.
ومن الاخلال تقديم شئ منها على الوقت مع استمرار الدم، إلا أن يدخل
عند الفراغ، فإن الظاهر ما في نهاية الإحكام (1) من الاجزاء، وإلا التقديم لصلاة
الليل، فيجوز الجمع بينها وبين الصبح بغسل على ما نص عليه الصدوقان (2)
والسيد (3) والشيخان (4) والأكثر ومنهم الفاضلان في النافع (5) والمنتهى (6)
والتحرير (7) والتذكرة (8) والنهاية (9)، ولم أظفر له بسند إلا إطلاق كثير من الأخبار
أنها تجمع بين كل صلاتين بغسل، وخبر مرسل عن الرضا عليه السلام (10) بخصوصه،
والاستناد إليهما مشكل، وإلا التقديم للصوم على ما قطع به الشهيد (11)، وفيه نظر.
واستشكل المصنف في النهاية وجوب تقديمه للصوم (12).
ومن الاخلال الفصل مع الاستمرار بين الوضوء والصلاة كما في المبسوط (13)
والسرائر (14) والوسيلة (15) والإصباح (16) والجامع (17) والبيان (18) والخلاف (19).
وفيه أنه لا يجوز الفصل بمقدمات الصلاة أيضا من: الستر، والاجتهاد في القبلة،

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 127.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 90 الحديث 195، المقنع: ص 15.
(3) الناصريات (الجوامع الفقيهة): ص 224 المسألة 45.
(4) المقنعة: ص 57، النهاية ونكتها: ج 1 ص 241.
(5) المختصر النافع: ص 11.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 120 س 24.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 16 س 12.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 29 س 37.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 126.
(10) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 193.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 99 درس 7.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 129.
(13) المبسوط: ج 1 ص 68.
(14) السرائر: ج 1 ص 152.
(15) الوسيلة: ص 61.
(16) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 14.
(17) الجامع للشرائع: ص 44.
(18) البيان: ص 22.
(19) الخلاف: ج 1 ص 152 المسألة 224.
160

وانتظار الجماعة ونحوها. ونهاية الإحكام (1) والدروس (2) وفيهما استثناؤها
وتجويز الفصل بها.
ودليل وجوب المعاقبة، وجوب التجديد لكل صلاة، وكونه حدثا موجبا
للوضوء مع عموم آيته، وعدم العلم بالعفو إلا عن الخارج عن القدرة والاحتياط.
واستدل الشيخ (3) وابن إدريس (4) بقولهم عليهم السلام (تتوضأ عند الصلاة) و (عند)
يفيد الاتصال، ولم نظفر بخبر كذلك مسندا إلا في بعض الأخبار العامية (5).
وخيرة المختلف جواز الفصل، للأصل [والعمومات، وورود الأخبار
بالوضوء للصلاة أو عند وقتها، ومعارضة الاحتياط] (6) بالامتثال. وفي خبر ابن
بكير: فعلت ما تفعله المستحاضة ثم صلت (7). و (ثم) للتراخي.
وتردد المحقق في المعتبر (8) والمصنف في المنتهى (9) والشهيد في الذكرى مع
تقريب للأول، وظاهره التردد في الفرق بين المقدمات وغيرها، قال: أما الأذان
والإقامة فلا يقدحان قطعا نظرا إلى فعلهما على الوجه الأكمل (10). وعندي فيه نظر.
وهل يجوز الفصل بين الغسل والصلاة؟ الأقرب الجواز للأصل والعمومات،
وقول الصادق عليه السلام لإسماعيل بن عبد الخالق: فإذا كان صلاة الفجر فلتغسل بعد
طلوع الفجر ثم تصلي ركعتين قبل الغداة ثم تصلي الغداة (11). رواه الحميري في
قرب الإسناد (12)، والأحوط المعاقبة توقيا عن الحدث بقدر الامكان. ولقول

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 127.
(2) الدروس الشرعية: ج 1 ص 99 درس 7.
(3) الخلاف: ج 1 ص 249 المسألة 221.
(4) السرائر: ج 1 ص 152.
(5) المبسوط للسرخسي: ج 2 ص 17.
(6) ما بين المعقوفين زيادة من س، ص و م.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 549 ب 8 من أبواب الحيض ح 5.
(8) المعتبر: ج 1 ص 248.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 121 س 21.
(10) ذكرى الشيعة: ص 31 س 8.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 608 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 15.
(12) قرب الإسناد: ص 60.
161

الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان وحسنه: تغتسل عند صلاة الظهر (1).
(ولو أخلت بالأغسال لم يصح صومها) كما في الجامع (2) والشرائع (3)
والنافع (4) وشرحه (5). وفي صوم النهاية (6) والسرائر (7) والمبسوط (8) فساده إذا
أخلت بما عليها، وهو يشمل الوضوء وتغيير القطنة والخرقة، فيفيد الفساد إذا
أخلت بشئ من ذلك وعبارة المبسوط أوضح في إفادته.
وظاهر طهارة المبسوط (9) والإصباح (10) الفساد إذا أخلت بالغسل أو
الوضوء، ولم أظفر بشئ من ذلك بسند. وأسند في طهارة المبسوط إلى رواية
الأصحاب (11) وقد يشعر كما في الذكرى بالتوقف (12).
وفي طهارة المعتبر: أنها إن أخلت بما عليها من الأغسال أو الوضوءات (13).
قال الشيخ في المبسوط: روى أصحابنا إن عليها القضاء (14)، وهو أظهر في
التوقف.
وخبر علي بن مهزيار قال: كتبت إليه امرأة طهرت من حيضها أو دم نفاسها
في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله من
غير أن تعمل ما تعمله المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها
وصلاتها أم لا؟ فكتب عليه السلام: تقضي صومها ولا تقضي صلاتها (15). مع التسليم
مشتمل على ما لا نقول به، ولذا أوله الشيخ بجهلها بالمسألة (16).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 605 ب 1 من أبواب الاستحاضة ح 4.
(2) الجامع للشرائع: ص 44.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 35.
(4) المختصر النافع: ص 67.
(5) المعتبر: ج 2 ص 683.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 409.
(7) السرائر: ج 1 ص 407.
(8) المبسوط: ج 1 ص 288.
(9) المبسوط: ج 1 ص 45.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 14.
(11) المبسوط: ج 1 ص 68.
(12) ذكرى الشيعة: ص 31 س 15.
(13) المعتبر: ج 1 ص 248.
(14) المبسوط: ج 1 ص 68.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 590 ب 41 من أبواب الحيض ح 7.
(16) تهذيب الأحكام: ج 4 ص 310 ذيل الحديث 937.
162

وإن قيل: معناه أن صومها مقضي - أي صحيح - دون صلاتها كان أظهر،
والظاهر حينئذ بناء الفعلين للمفعول.
ثم على توقف الصحة على الأغسال أو الأفعال فهل يتوقف صوم كل يوم
على أفعال نهاره خاصة أو فجره خاصة أو ليلته اللاحقة خاصة أو السابقة خاصة
أو الليلتين؟ أوجه، أجودها الأول كما قرب في المنتهى (1) والتذكرة (2)، وقطع به في
البيان (3)، وقطع في الذكرى بعدم اعتبار الليلة اللاحقة (4)، وكلام الشيخ (5) وابني
إدريس (6) وسعيد (7) والمصنف هنا وفي التحرير (8) والنهاية (9) والارشاد (10) عام.
(وانقطاع دمها للبر يوجب الوضوء) كما في المبسوط (11)
والخلاف (12) والإصباح (13) والمهذب (14) إلا أنهم لم يوجبوا الوضوء إلا إذا انقطع
قبل الشروع في الصلاة، وقالوا: سواء عاد إليها الدم قبل الفراغ من الصلاة أو
بعده، إشارة إلى خلاف من فرق بينهما من العامة (15)، وهو يعطي عدم كون
الانقطاع للبر. وقد يشعر عبارة الخلاف بالقصر عليه إلا في المبسوط مع ذلك
قوله: (وعلى كل حال) (16) فيحتمل العموم للبر.
واستدل الشيخ (17) مع الاحتياط بأن دمها حدث وزال العذر فظهر حكمه،
واعترضه ابن إدريس (18) والمحقق (19) بلزوم استئناف الصلاة إن انقطع فيها، لعدم

(1) منتهى المطلب: كتاب الصوم ج 2 ص 586 س 4.
(2) تذكرة الفقهاء: كتاب الصوم ج 1 ص 267 س 14.
(3) البيان: ص 21.
(4) ذكرى الشيعة: ص 31 س 15.
(5) المبسوط: ج 1 ص 67.
(6) السرائر: ج 1 ص 153.
(7) الجامع للشرائع: ص 44.
(8) تحرير الأحكام ج 1 ص 16 س 15.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 129.
(10) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 229.
(11) المبسوط: ج 1 ص 68.
(12) الخلاف: ج 1 ص 251 المسألة 223.
(13) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 434.
(14) المهذب: ج 1 ص 38.
(15) المجموع: ج 2 ص 538.
(16) المبسوط: ج 1 ص 68.
(17) الخلاف: ج 1 ص 251 المسألة 223.
(18) السرائر: ج 1 ص 152 - 153.
(19) المعتبر: ج 1 ص 112.
163

صحتها مع الحدث بلا عذر إلا من المتيمم إذا وجد الماء في الصلاة، فخرج
بالنصوص والاجماع. ثم ظاهر ابن إدريس إيجاب الوضوء مطلقا وإبطال الصلاة،
وظاهر المحقق التردد، واحتمال العفو عن الدم الخارج بعد الطهارة مطلقا.
وفي الذكرى: لا أظن أحدا قال بالعفو عنه مع تعقب الانقطاع، إنما العفو عنه
مع قيد الاستمرار (1). ويأتي عن الجامع القول بالعفو (2).
ثم في الذكرى: أن الأجود إعادة الطهارة إذا انقطع الدم بعدها وإن لم تعلم
الشفاء، لأنه يمكنها أن تصلي بطهارة رافعة للحدث، سواء ظنت عدم الشفاء أو
شكت فيه، ولو ظنت قصور الزمان عن الطهارة والصلاة فلا إعادة، ولو صحب
الانقطاع الصلاة للامتثال، قال: ويحتمل في الأول ذلك أيضا (3). ووافق الشيخ
والمصنف في المنتهى (4) والمختلف (5) والتلخيص (6) والشهيد في البيان (7) في
إيجاب الوضوء إذا انقطع قبل الشروع لذلك لا بعده، لأنها دخلت الصلاة دخولا
شرعيا، ولا دليل على وجوب القطع أو الانقطاع مع قوله تعالى: (ولا تبطلوا
أعمالكم) (8) وعدم قصور العذر الشرعي عن العقلي.
وأبطل في نهاية الإحكام صلاتها بالانقطاع في أثنائها (9)، وهو ظاهر إطلاق
الكتاب والتحرير (10) ومقرب الدروس (11) لأن الوضوء السابق طهارة ضرورية وقد
زالت الضرورة. قال: بخلاف المتيمم، لعدم تجدد حدثه بعد التيمم، وهذه يتجدد
حدثها بعد الوضوء، ولأنها مستصحبة للنجاسة وساغ للضرورة وقد زالت،
بخلاف المتيمم حيث لا نجاسة له حتى لو كان على بدنه أو ثوبه نجاسة مغلظة

(1) ذكرى الشيعة: ص 31 س 35.
(2) الجامع للشرائع: ص 45.
(3) ذكرى الشيعة: ص 32 س 3.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 122 س 17.
(5) مختلف الشيعة: ج 1 ص 376 - 377.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 267.
(7) البيان: ص 22.
(8) محمد: 33.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 128.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 16 س 17.
(11) الدروس الشرعية: ج 1 ص 99 درس 7.
164

ثم وجد الماء في أثناء صلاته أبطلها على إشكال (1). وظاهر التذكرة التوقف إذا
انقطع في الصلاة أو قبلها ثم اشترط في الإعادة استمرار الانقطاع زمانا يتسع
للطهارة والصلاة (2).
واشترط هنا وفي التحرير (3) والمنتهى (4) والنهاية كون الانقطاع للبر، لأنه
بعوده كالمستمر. قال في النهاية: ولو كان لا للبر بل كان من عادتها العود أو
أخبرها به العارف بأن قصر الزمان عن الطهارة والصلاة لم يجب إعادة الطهارة بل
تشرع في الصلاة، ولا عبرة بهذا الانقطاع، لأن الظاهر عدم دوامه، فإن صلت
فتطاول زمانه فالوجه الاجزاء، لأنها دخلت في الصلاة بأمر شرعي فكان مجزئا،
وإن طال الزمان بحيث يتسع للطهارة والصلاة ففي إعادة الوضوء إشكال، أقربه
ذلك، لتمكنها من طهارة كاملة، فلو عاد الدم على خلاف عادتها قبل الامكان لم
يجب إعادته، لكن لو شرعت في الصلاة بعد هذا الانقطاع من غير إعادة الوضوء
ثم عاد الدم قبل الفراغ وجب القضاء، لحصول الشك في بقاء الطهارة الأولى حالة
الشروع، ولو انقطع دمها وهي لا تعتاد الانقطاع والعود ولم يخبرها العارف
بالعود أعادت الوضوء في الحال، ولا تصلي بالوضوء السابق، لاحتمال أن
يكون الانقطاع للبر مع اعتضاده بالأصل، وهو عدم العود بعد الانقطاع، فلو عاد
قبل إمكان فعل الطهارة والصلاة فالوضوء بحاله، لأنه لم يوجد الانقطاع المغني
عن الصلاة مع الحدث، فلو انقطع فتوضأت وشرعت في الصلاة فعاد الدم
استمرت (5) انتهى.
ولم يوجب أحد منهم الغسل للانقطاع. ونص المصنف في النهاية (6) على العدم،
ولعله للأصل، والفرق بينه وبين الوضوء بأن هذا الدم يوجب الوضوء مطلقا، ولا
يوجب الغسل، إلا مع استمرار الكثرة أو التوسط إلى أوقات الصلوات فعلا أو قوة.

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 128.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 30 س 18 و 22.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 16 س 17.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 122 س 17.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 128 - 129.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 129.
165

ويوجبه الشهيد إن كان يوجبه قبل الانقطاع (1)، لأن الشارع علق عليه
الوضوء والغسل والطهارة الأولى كانت لما سلف، قال: وهذه المسألة لم نظفر فيها
بنص من قبل أهل البيت عليهم السلام، ولكن ما أفتى به الشيخ هو قول العامة، بناء منهم
على أن حدث الاستحاضة يوجب الوضوء لا غير، فإذا انقطع بقي على ما كان
عليه، ولما كان الأصحاب يوجبون به الغسل فليكن مستمرا (2).
قلت: قد يمنع تعليق الشارع عليه الغسل مطلقا بل مع الاستمرار المذكور. وإن
كان موجبا للغسل في الغداة - مثلا - فأخلت به ثم برئت فالشهيد يوجب عليها
الغسل (3)، وعلى المشهور وجهان، قربه المصنف في النهاية (4).
وفي الجامع: وانقطاع دم الاستحاضة ليس بحدث، فلو انقطع في الصلاة
أتمها، وإن فرغت من الوضوء وانقطع في وقت واحد صلت به (5). وهذا موافقة
للشيخ وأتباعه في صحة الصلاة وزيادة في صحة الوضوء مع الانقطاع في أثنائه،
مع الاستدلال عليهما بأن الانقطاع ليس حدثا، والدم الموجود قبله لم يناف
الطهارة والصلاة، فلا جهة لبطلانهما، ولا كان يجب به تجديد طهارة، فلا يجب
عليها إذا انقطع في الصلاة وضوء بعدها كما إذا انقطع في أثناء الوضوء. أما إذا
انقطع بعد الصلاة فلعله يوجب الوضوء، وإن انقطع بينها وبين الوضوء احتمل العدم
إذا لم تؤخر الصلاة لعين ما ذكره من الدليل، ويدفع دليله أن الدم الموجود إنما لا
ينافي الطهارة مع الاستمرار للعذر، فالانقطاع مطهر لحكم الحدث لا حدث
كحدث المبطون وذي السلس.

(1) ذكرى الشيعة: ص 31 س 26.
(2) ذكرى الشيعة: ص 31 س 27.
(3) ذكرى الشيعة: ص 31 س 30.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 127.
(5) الجامع للشرائع: ص 45.
166

(المقصد الثامن)
(في النفاس)
167

(وهو) في اللغة ولادة المرأة، لاستلزامه خروج الدم غالبا من النفس
بمعنى الدم، ولذا سمي به اصطلاحا (دم الولادة) قال المطرزي: وأما اشتقاقه
من: تنفس الرحم، أو خروج النفس بمعنى الولد فليس بذلك (1).
(فلو ولدت ولم تر دما فلا نفاس) عندنا (وإن كان) الولد (تاما)
وللشافعي قولان (2)، وعن أحمد روايتان (3).
(ولو رأت الدم مع الولادة) كما في المقنعة (4) والمبسوط (5) والنافع (6)
وشرحه (7) والخلاف (8) وظاهره الاجماع، ويشمله عبارة النهاية (9) والاقتصاد (10)
والمصباح (11) ومختصره والمراسم (12) والسرائر (13) والمهذب (14) والشرائع (15).
(أو بعدها) اجماعا كما في المنتهى (16) والذكرى (17)، ونفى عنه الخلاف في

(1) المغرب: ج 2 ص 318 مادة (نفس).
(2) المجموع: ج 2 ص 149.
(3) المجموع: ج 2 ص 150.
(4) المقنعة: ص 57.
(5) المبسوط: ج 1 ص 68.
(6) المختصر النافع: ص 11.
(7) المعتبر: ج 1 ص 252.
(8) الخلاف: ج 1 ص 246 المسألة 217.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 242.
(10) الإقتصاد: ص 247.
(11) مصباح المتهجد: ص 11.
(12) المراسم: ص 44.
(13) السرائر: ج 1 ص 154.
(14) المهذب: ج 1 ص 39.
(15) شرائع الاسلام: ج 1 ص 35.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 123 س 11.
(17) ذكرى الشيعة: ص 33 س 5.
169

نهاية الإحكام (1). (وإن كان) المتولد (مضغة) كما في المعتبر (2)، ويفيده
المبسوط (3) والمهذب (4) إذا علم كونها مبدأ نشوء آدمي كما في التذكرة (5)
والذكرى (6) وظاهر المعتبر (7) والمنتهى (8) وغيرهما العلم (فهو نفاس) للعموم
ظاهرا.
وخبر زريق الخلعاني الذي رواه الشيخ في أماليه قال: سأل رجل أبا
عبد الله عليه السلام عن امرأة حامل رأت الدم، فقال عليه السلام: تدع الصلاة، قال: فإنها رأت
الدم وقد أصابها الطلق فرأته وهي تمخض، قال: تصلي حتى يخرج رأس الصبي
فإذا خرج رأسه لم يجب عليها الصلاة (9). وخبر السكوني عن الصادق عن
أبيه عليهما السلام قال: قال النبي صلى الله عليه وآله: ما كان الله ليجعل حيضا مع حبل، يعني إذا رأت
المرأة الدم وهي حامل لا تدع الصلاة إلا أن ترى على رأس الولد إذا ضربها الطلق
ورأت الدم تركت الصلاة (10). قال المحقق: والسكوني عامي لكنه ثقة، ولا
معارض لروايته هذه (11).
قلت: لا نعلم كون شئ مما بعد (يعني) من كلام المعصوم. وفسر في جمل
العلم والعمل (12) والجمل والعقود (13) والكافي (14) والغنية (15) والوسيلة (16)
والإصباح (17) والجامع (18) بما بعد الولادة، فيجوز إرادتهم بعد ابتدائها - أي ظهور

(1) نهاية الإحكام: ج 1 ص 130.
(2) المعتبر: ج 1 ص 252.
(3) المبسوط: ج 1 ص 68.
(4) المهذب: ج 1 ص 39.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 35 س 31.
(6) ذكرى الشيعة: ص 33 س 4.
(7) المعتبر: ج 1 ص 252.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 123 س 11.
(9) الأمالي: ج 2 ص 310.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 618 ب 4 من أبواب النفاس ح 2.
(11) المعتبر: ج 1 ص 252.
(12) لم نعثر عليه.
(13) الجمل والعقود: ص 47.
(14) الكافي في الفقه: ص 129.
(15) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 488 س 22.
(16) الوسيلة: ص 61.
(17) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 343.
(18) الجامع للشرائع: ص 44.
170

شئ من الولد مثلا - فلا خلاف، وإن أرادوا الظاهر فدليلهم أنها قبل تمام الولادة
حامل، ولذا يصح لزوجها الرجعة. ويضعف بأن الحمل إنما ينافي الحيض لو سلم
لا النفاس، ولا يدفع صدق الولادة ودمها بالابتداء. وعلى هذا القول لو لم تر بعد
تمام الولادة دما لم يبطل صومها، ولا وجب عليها غسل بما رأته عندها.
وقطع الشيخ (1) والقاضي بشمول الاسم لغير التام من الولد وللسقط (2)،
والفاضلان هنا وفي المعتبر (3) والتحرير (4) والمنتهى (5) والنهاية (6) وا لتذكرة (7)
بشموله للمضغة، وكذا الشهيد (8)، واستدل عليه في الذكرى بصدق الولادة (9).
وفي التذكرة (10) والمعتبر بأنه دم جاء عقيب وضع حمل (11). وفي المنتهى به
وبأنها بد خلق آدمي فهو نفاس، كما لو تبين فيها خلق آدمي، قال: وهو أحد
الوجهين عن أحمد، وفي الوجه الآخر ليس بنفاس وهو اختيار الحنفية، لأنه لم
يتبين فيها خلق آدمي فأشبهت بالنطفة، ولعل بين الأمرين فرقا (12).
وقيدت في الذكرى باليقين (13) أي يقين كونها مبدأ آدمي، وفي التذكرة
بشهادة القوابل أنها لحم ولد (14)، والاجماع على تحقق النفاس بوضعها (15) حينئذ.
وأنكر بعض المتأخرين كون الدم الخارج بوصفها (16) نفاسا وإن علم كونها
مبدأ آدمي، لعدم العلم بصدق الولادة والنفاس بذلك.
وأما العلقة والنطفة، ففي المعتبر (17) والمنتهى القطع بخروجهما وأطلقا (18)،

(1) المبسوط: ج 1 ص 68 - 69.
(2) المهذب: ج 1 ص 39.
(3) المعتبر: ج 1 ص 252.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 16 س 26.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 123 س 13.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 130.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 35 س 32.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 100 درس 8.
(9) ذكرى الشيعة: ص 33 س 4.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 35 س 33.
(11) المعتبر: ج 1 ص 252.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 123 س 12.
(13) ذكرى الشيعة: ص 33 س 4.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 35 س 31.
(15) في ك: (بوصفها).
(16) في س و م: (بوضعها).
(17) المعتبر: ج 1 ص 252.
(18) منتهى المطلب: ج 2 ص 123 س 13.
171

وفي التذكرة (1) ونهاية الإحكام (2) والذكرى (3) والدروس بدخول العلقة مع العلم
بكونها منشأ آدمي (4)، وبمعناه ما في البيان من كون الولد علقة (5)، وقد يتوقف فيه
للشك في صدق الولادة.
(ولو رأت) الدم (قبل الولادة بعدد أيام الحيض) وهي ثلاثة فصاعدا
(وتخلل النقاء عشرة فالأول حيض) على المختار من حيض الحامل (وما
مع الولادة نفاس وإن) اتصل بالنفاس أو (تخلل أقل من عشرة فالأول
استحاضة) بناء على اشتراط تخلل أقل الطهر، كاشتراطه بين حيضتين، لكون
النفاس دم الحيض احتبس للحمل.
وخبر زريق: أن الصادق عليه السلام سئل عن امرأة حاملة رأت الدم، فقال: تدع
الصلاة. قال: فإنها رأت الدم وقد أصابها الطلق فرأته وهي تمخض، قال: تصلي
حتى يخرج رأس الصبي، فإذا خرج رأسه لم يجب عليها الصلاة، وكل ما تركته
من الصلاة في تلك الحال لوجع أو لما هي فيه من الشدة والجهد قضته إذا خرجت
من نفاسها. قال: جعلت فداك ما الفرق بين دم الحامل ودم المخاض؟ قال: إن
الحامل قذفت بدم الحيض وهذه قذفت بدم المخاض إلى أن يخرج بعض الولد
فعند ذلك يصير دم النفاس (6).
وخبر عمار عنه عليه السلام: في المرأة يصيبها الطلق أياما أو يوما أو يومين فترى
الصفرة أو دما، قال: تصلي ما لم تلد (7). وقوله عليه السلام في مرسل يونس: أدنى الطهر
عشرة أيام (8). وقول الباقر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: لا يكون القر في أقل من

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 35 س 31.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 130.
(3) ذكرى الشيعة: ص 33 س 4.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 100 درس 8.
(5) البيان: ص 22.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 580 ب 30 من أبواب الحيض ح 17.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 618 ب 4 من أبواب النفاس ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 554 ب 11 من أبواب الحيض ح 2.
172

عشرة أيام فما زاد أقل ما يكون عشرة من حين تطهر إلى أن ترى الدم (1).
وإطلاق الأخبار والفتاوي بأن دمها إذا جاوز أكثر النفاس حكم
بالاستحاضة، ولو جازت معاقبة الحيض النفاس من غير تخلل أقل الطهر حكم
بالحيضية إذا أمكنت، خصوصا إذا صادف العادة. ونفى الخلاف في الخلاف عن
اشتراط تخلل أقل الطهر بين الحيض والنفاس (2).
واحتمل المصنف في النهاية والمنتهى وظاهر التذكرة حيضية ما قبل الولادة
وإن لم يتخلل نقاء أقل الطهر، قال: لأن نقصان الطهر إنما يؤثر فيما بعده لا فيما
قبله، وهنا لم يؤثر فيما بعده، لأن ما بعد الولد نفاس إجماعا، فأولى أن لا يؤثر فيما
قبله، ويمنع حينئذ اشتراط طهر كامل بين الدمين مطلقا بل بين الحيضتين، قال:
ولو رأت الحامل الدم على عادتها وولدت على الاتصال من غير تخلل نقاء أصلا
فالوجهان (3) انتهى.
وقد يتأيد بالأصل وتخصص الخبرين الأخيرين بغير نفاسين، مع ضعف
أولهما كالأولين، ولم أر من جوز معاقبة الحيض النفاس من غير تخلل أقل الطهر.
(ولا حد لأقله) للأصل والاجماع، وخبر ليث المرادي سأل الصادق عليه السلام
عن النفساء، كم حد نفاسها حتى يجب عليها الصلاة وكيف تصنع قال: ليس لها
حد (4).
(فجاز أن يكون لحظة) وهو معنى قول السيد في الجمل (5) والناصريات (6)

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 553 ب 11 من أبواب الحيض ح 1.
(2) الخلاف: ج 1 ص 246 المسألة 217.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 131، ومنتهى المطلب: ج 1 ص 123 س 17، وتذكرة الفقهاء:
ج 1 ص 36 س 23.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 611 ب 2 من أبواب النفاس ح 1.
(5) لم نعثر عليه.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 227 المسألة 63.
173

وسلار (1). أن أقله انقطاع الدم (وأكثره للمبتدئة ومضطربة الحيض عشرة
أيام، ومستقيمته ترجع إلى عادتها في الحيض) لا النفاس كما يوهمه قول
الصادق عليه السلام لمحمد بن يحيى الخثعمي إذ سأله عن النفساء كما كانت مع ما مضى
من أولادها، قال: فلم تلد فيما مضى، قال: بين الأربعين والخمسين (2) إذ لم يقل به
أحد مع ضعف الخبر، واشتماله على ما لا يقول به مما بين الأربعين والخمسين
وعدم نصوصيته في ذلك (إلا أن ينقطع) دمها (على العشرة فالجميع
نفاس) ولا يجعل العشرة نفاسا مع تجاوزها واعتبار ما دونها في الحيض كما في
المعتبر (3).
وبالجملة فأكثره عشرة كالحيض وفاقا للأكثر للاحتياط، وأصل الإباحة،
ولكونه دم الحيض حقيقة، وحكم الأخبار برجوعها إلى أيام أقرائها، وإن كانت
أيام إقرائها بمعنى (4) عادتها فإنه يرشد إلى الموافقة، وقول أبي جعفر عليه السلام لمالك
بن أعين: إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها، ثم تستظهر بيوم، فلا
بأس بعد أن يغشاها زوجها (5). وقول الصادق عليه السلام ليونس: فلتقعد أيام قرئها التي
كانت تجلس ثم تستظهر بعشرة أيام (6) إن كانت الباء بمعنى (إلى).
وفي مرفوع إبراهيم بن هاشم: أن أسماء سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وقد أتى بها
ثمانية عشر يوما، ولو سألته قبل ذلك لأمرها أن تغتسل وتفعل ما تفعل
المستحاضة (7).
وعن كتاب الأغسال لأحمد بن محمد بن عياش، عن أحمد بن محمد بن
يحيى، عن سعد بن عبد الله، عن إبراهيم بن هاشم، عن عثمان بن عيسى، عن

(1) المراسم: ص 44.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 615 ب 3 من أبواب النفاس ح 18.
(3) المعتبر: ج 1 ص 256.
(4) ليس في ص وك.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 612 ب 3 من أبواب النفاس ح 4.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 612 ب 3 من أبواب النفاس ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 613 ب 3 من أبواب النفاس ح 7.
174

محمد بن أذينة، عن حمران بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام: إن أسماء لو سألت
رسول الله صلى الله عليه وآله قبل ذلك، وأخبرته لأمرها بما أمرها به، قال: فما حد النفساء؟
قال: تقعد أيامها التي كانت تطمث فيهن أيام قرئها، فإن هي طهرت وإلا استظهرت
بيومين أو ثلاثة أيام ثم اغتسلت واحتشت، فإن كان انقطع الدم فقد طهرت، وإن
لم ينقطع فهي بمنزلة المستحاضة تغتسل لكل صلاتين وتصلي (1).
وفي المقنعة: وقد جاءت أخبار معتمدة في أن أقصى مدة النفاس مدة الحيض
وهي عشرة أيام، وعليه أعمل لوضوحه عندي (2).
وفي السرائر: إن المفيد سئل: كم قدر ما تقعد النفساء عن الصلاة؟ وكم يبلغ
أيام ذلك فقد رأيت في كتاب أحكام النساء أحد عشر يوما، وفي رسالة المقنعة
ثمانية عشر يوما، وفي كتاب الاعلام أحدا وعشرين يوما، فعلى أيها العمل دون
صاحبه؟ فأجابه بأن قال: الواجب على النفساء أن تقعد عشرة أيام، وإنما ذكرت
في كتبي ما روي من قعودها ثمانية عشر يوما، وما روي في النوادر استظهارا
بأحد وعشرين يوما، وعملي في ذلك على عشرة أيام، لقول الصادق عليه السلام: لا
يكون دم نفاس زمانه أكثر من زمان حيض (3) [قلت: ما عندنا من نسخ المقنعة كما
سمعت وفيما عندنا من نسخ كتاب أحكام النساء: فإن استمر الدم بالتي تضع
حملها قراءة بعد العشرة الأيام فليس ذلك بدم نفاس بل هو استحاضة (4)] (5).
والصدوق في الفقيه (6) والأمالي (7) وظاهر الهداية (8) والسيد في الجمل (9)
وسلار (10) والمصنف في المختلف (11) على أن أكثره ثمانية عشر يوما، وهو المحكي

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 614 ب 3 من أبواب النفاس ح 11.
(2) المقنعة: ص 57.
(3) السرائر: ج 1 ص 52 - 53.
(4) أحكام النساء (مصنفات الشيخ المفيد): ص 25.
(5) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 101.
(7) أمالي الصدوق: ص 516.
(8) الهداية: ص 22.
(9) لم نعثر عليه.
(10) المراسم: ص 44.
(11) مختلف الشيعة: ج 1 ص 379.
175

عن أبي علي (1) لصحيح ابن مسلم سأل الصادق عليه السلام كم تقعد النفساء حتى تصلي؟
قال: ثماني عشرة سبع عشرة، ثم تغتسل وتحتشي وتصلي (2). وهو يعطي التخيير.
وخبر حنان بن سدير الذي رواه الصدوق في العلل قال، قلت: لأي علة
أعطيت النفساء ثمانية عشر يوما ولم تعط أقل منها ولا أكثر؟ قال: لأن الحيض
أقله ثلاثة أيام وأوسطه خمسة أيام وأكثره عشرة أيام فأعطيت أقل الحيض
وأوسطه وأكثره (3). والمسؤول مجهول.
ورواه في الفقيه (4) مرسلا مقطوعا، وما روي في العيون عن الفضل، عن الرضا
قال: والنفساء لا تقعد عن الصلاة أكثر من ثمانية عشر يوما، فإن طهرت قبل
ذلك صلت، وإن لم تطهر حتى تجاوز ثمانية عشر يوما اغتسلت وصلت وعملت
بما تعمله المستحاضة (5). وصحيح ابن مسلم سأل الباقر عليه السلام عن النفساء كم تقعد؟
فقال: إن أسماء بنت عميس أمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تغتسل لثمان عشرة، ولا
بأس بأن تستظهر بيوم أو يومين (6) نفست بمحمد بن أبي بكر في حجة الوداع،
فأمرها رسول الله صلى الله عليه وآله أن تقعد ثمانية عشر يوما (7).
وقال الحسن: أيامها عند آل الرسول عليهم السلام أيام حيضها وأكثره أحد وعشرون
يوما، فإن انقطع دمها في تمام حيضها صلت وصامت وإن لم ينقطع صبرت ثمانية
عشر يوما ثم استظهرت بيوم أو بيومين، وإن كانت كثيرة الدم صبرت ثلاثة أيام ثم
اغتسلت واحتشت واستثفرت وصلت (8). قال المحقق: وقد روى ذلك البزنطي في
كتابه عن جميل عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام (9).

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 253.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 614 ب 3 من أبواب النفاس ح 12.
(3) علل الشرائع: ص 291 ح 1.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 101 ح 210.
(5) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 124 ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 615 ب 3 من أبواب النفاس ح 15.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 101.
(8) نقله المحقق في المعتبر: ج 1 ص 253.
(9) المعتبر: ج 1 ص 253.
176

وفي المنتهى: أنه رواه في الصحيح عن جميل (1). وكلام الصدوق في الأمالي
يحتمل نحوا من ذلك لقوله: وأكثر أيام النفساء التي تقعد فيها عن الصلاة ثمانية
عشر يوما، وتستظهر بيوم أو يومين إلا أن تطهر قبل ذلك (2).
وفي الخصال عن الأعمش عن الصادق عليه السلام: لا تقعد أكثر من عشرين يوما
إلا أن تطهر قبل ذلك، فإن لم تطهر قبل العشرين اغتسلت واحتشت وعملت عمل
المستحاضة (3). ويحتمله ما مر من قوله عليه السلام في خبر يونس: ثم تستظهر بعشرة
أيام (4). وسمعه عليه السلام ابن سنان في الصحيح يقول: تقعد النفساء تسع عشرة ليلة،
فإن رأت دما صنعت كما تصنع المستحاضة (5).
قال الشيخ: وقد روينا عن ابن سنان ما ينافي هذا الخبر، وأن أيام النفاس مثل
أيام الحيض، فتعارض الخبران (6).
وفي الإنتصار: أن مما انفردت به الإمامية القول بأن أكثر النفاس مع
الاستظهار التام ثمانية عشر يوما (7).
وفي المبسوط: أن ما زاد عليها لا خلاف بينهم، أن حكمه حكم دم
الاستحاضة (8).
وفي المقنع: أنها تقعد عشرة أيام، وتغتسل في الحادي عشر، وتعمل عمل
المستحاضة، وقد روي أنها تقعد ثمانية عشر يوما. وروي عن أبي عبد الله
الصادق عليه السلام أنه قال: إن نساءكم لسن كالنساء الأول، أن نساءكم أكثر لحما وأكثر
دما، فلتقعد حتى تطهر. وقد روي أنها تقعد ما بين أربعين يوما إلى خمسين

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 125 س 10.
(2) أمالي الصدوق: ص 516.
(3) الخصال: ص 609 ح 9.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 612 ب 3 من أبواب النفاس ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 615 ب 3 من أبواب النفاس ح 14.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 178 ذيل الحديث 510.
(7) الإنتصار: ص 35.
(8) المبسوط: ج 1 ص 69.
177

يوما (1). وقد يعطي هذا الكلام التردد بين الجميع.
وفي الفقيه: أن الأخبار التي رويت في قعودها أربعين يوما وما زاد إلى أن
تطهر معلولة كلها وردت للتقية، لا يفتي بها إلا أهل الخلاف (2). وما ذكره من
الأربعين إلى الخمسين رواه ابن مسلم عنه عليه السلام قال: تقعد النفساء إذا لم ينقطع
عنها الدم ثلاثين أو أربعين يوما إلى الخمسين (3). ويحتمل أن يراد أنها في الغالب
ترى الدم كذلك وإن كان بعضه استحاضة.
ورواه محمد بن يحيى الخثعمي سأله عليه السلام عنها، فقال: كما كانت تكون مع ما
مضى من أولادها وما جربت، قال: فلم تلد فيما مضى، قال: بين الأربعين إلى
الخمسين (4). وحفص بن غياث عنه عن أبيه عن علي عليه السلام قال: النفساء تقعد
أربعين يوما، فإن طهرت وإلا اغتسلت وصلت ويأتيها زوجها وكانت بمنزلة
المستحاضة تصوم وتصلي (5). ويجوز كون الجميع حكاية لكلام العامة وإنكارا
عليهم.
وأما ما في الخبر الآخر: (أنها تقعد حتى تطهر) فهو مجمل يفسره ما حكم
بطهرها بعد العاشر أو الثامن عشر أو العادة. وقد سمعت قوله عليه السلام في خبر ليث
(ليس لها حد) (6) وأن معناه حد القلة. وحمله الشيخ على أنه ليس لها حد لا
يتعداه قلة أو كثرة، بل ترجع إلى عادتها (7).
وسأل علي بن يقطين في الصحيح أبا الحسن الماضي عليه السلام عنها فقال: تدع
الصلاة ما دامت ترى الدم العبيط إلى ثلاثين يوما، فإذا رق وكانت صفرة اغتسلت

(1) المقنع: ص 16.
(2) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 101 - 102 ذيل الحديث 210.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 615 ب 3 من أبواب النفاس ح 13.
(4) المصدر السابق ح 18.
(5) المصدر السابق ح 17.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 611 ب 2 من أبواب النفاس ح 1.
(7) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 180 ذيل الحديث 516.
178

وصلت إن شاء الله (1). وعن الرضا عليه السلام: أكثره مثل أيام حيضها وهي عشرة أيام،
وتستظهر بثلاثة أيام ثم تغتسل فإذا رأت الدم عملت كما تعمل المستحاضة، وقد
روي ثمانية عشر يوما، وروي ثلاثة وعشرون يوما، وبأي هذه الأحاديث أخذ
من جهة التسليم جاز (2).
بقي الكلام في أمرين:
الأول: إذا رأت ذات العادة الدم أكثر من عشرة فهل ترجع إلى عادتها
فتجعلها النفاس والباقي استحاضة أم تجعل العشرة كلها نفاسا؟ نص المحقق على
الثاني (3)، ولعله لخلو كلام الأصحاب عن الرجوع إلى عادتها، وإطلاقهم أن الأكثر
عشرة أو ثمانية عشر. ونقل الشيخ في الخلاف الاجماع على كون العشرة نفاسا (4)
وللاستصحاب، ومخالفته الحيض في الاسم.
وفي بعض الأحكام وإن كان دم الحيض حقيقة واحتباسه مدة الحمل
واحتمال أخبار الرجوع إلى أيام أقرائها أن أكثره العشرة كالحيض، كما يظهر من
الشيخين (5) وجماعة أنه الذي فهموه منها، ويؤيده إطلاقها، ولا يخفى ضعف
الجميع. وغلطه المصنف في المنتهى (6) والتحرير (7): ولم يعرف له دليلا سوى قول
الصادق عليه السلام ليونس: تنتظر عدتها التي كانت تجلس ثم تستظهر، بعشرة أيام، قال:
وذلك غير دال على محل النزاع، إذ من المحتمل أن يكون عادتها ثمانية أيام أو
تسعة أيام (8).
قلت: مع احتمال ما أسلفناه من إهمال طاء تستطهر، وكون العشرة أيام

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 615 ب 3 من أبواب النفاس ح 16.
(2) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 191.
(3) المعتبر: ج 1 ص 257.
(4) الخلاف: ج 1 ص 243 المسألة 213.
(5) المقنعة: ص 57 والنهاية ونكتها: ج 1 ص 242.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 125 س 15.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 16 س 28.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 125 س 18.
179

طهرها، ثم الأمر على ما ذكره المصنف (1) من استدلاله بالخبر لقوله: ويعتبر حالها
عند انقطاعه قبل العشرة، فإن خرجت القطنة نقية اغتسلت وإلا توقعت النقاء أو
انقضاء العشرة، يدل على ذلك أن هذه المدة هي أكثر الحيض فيكون أكثر النفاس،
لأن النفاس حيضة، ويؤيد ذلك ما رواه يونس بن يعقوب وذكر الخبر، وقال:
وضابطه البقاء على حكم النفاس ما دام الدم مستمرا حتى تمضي لها عشرة ثم
تصير مستحاضة، واعترض بوجود الخبر باستظهارها يوما أو يومين، وأجاب
بتخصيص ذلك بمن اعتادت في الحيض تسعة أو ثمانية (2).
قلت: ولا ينافيه أنه ذكر الخبر في استظهار الحائض دليلا لمن قال
باستظهارها إلى عشرة، ورده (3) برجحان أخبار الاستظهار بيوم أو يومين قوة
وكثرة وشبها بالأصل وتمسكا بالعبادة، لافتراق الحائض والنفساء بالاجماع على
رجوع الحائض إلى عادتها، وعدم الدليل عند المحقق على رجوع النفساء إليها.
ثم لا ينافي لفظ (تستظهر) في الخبر كون الجميع نفاسا كما ظنه الشهيد (4)
والمصنف في كتبه (5) والشهيد في الدروس (6) والبيان (7) على الرجوع إلى عادتها،
وحكي عن الجعفي وابن طاووس (8) وهو الأظهر، للأخبار الناصة عليه، كقول
أحدهما عليهما السلام في صحيح زرارة: النفساء تكف عن الصلاة أيامها التي كانت تمكث
فيها، ثم تغتسل وتعمل كما تعمل المستحاضة (9). وقول الباقر عليه السلام له في الصحيح:

(1) كذا في النسخ والظاهر أنه (المحقق) لأن نص العبارة موجودة في المعتبر وليست
موجودة في كتب المصنف، والدليل على ذلك أن الشارح ذكر بعد أسطر كلمة (المحقق).
(2) المعتبر: ج 1 ص 255 و 256.
(3) المعتبر: ج 1 ص 254.
(4) ذكرى الشيعة: ص 33 س 19.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 35 س 39، ومنتهى المطلب: ج 1 ص 124 س 5، وتحرير
الأحكام: ج 1 ص 16 س 22، ومختلف الشيعة: ج 1 ص 338، ونهاية الإحكام: ج 1
ص 163.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 100 درس 8.
(7) البيان: ص 22.
(8) حكاهما الشهيد في ذكرى الشيعة: ص 33 س 17.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 611 ب 3 من أبواب النفاس ح 1.
180

تقعد قدر حيضها، وتستظهر بيومين، فإن انقطع الدم وإلا اغتسلت واحتشت
واستثفرت وصلت (1). ولمالك بن أعين: إذا مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام
عدة حيضها ثم تستظهر بيوم فلا بأس بعد أن يغشاها زوجها (2). وقول
الصادق عليه السلام في خبر زرارة: تقعد النفساء أيامها التي كانت تقعد في الحيض
وتستظهر بيومين (3).
وإطلاق أخبار المستحاضة أنها ترجع إلى عادتها، قال المصنف: ولكونه في
الحقيقة حيضا (4).
ويظهر من الذكرى نوع تردد فيه قال: (الأخبار الصحيحة المشهورة تشهد
برجوعها إلى عادتها في الحيض، والأصحاب يفتون بالعشرة، وبينهما تناف
ظاهر، ولعلهم ظفروا بأخبار غيرها.
وفي التهذيب قال: جاءت أخبار معتمدة في أن أقصى مدة النفاس عشرة
وعليها أعمل، لوضوحها عندي، ثم ذكر الأخبار الأولى ونحوها، حتى أن في
بعضها عن الصادق عليه السلام: فلتقعد أيام قرئها التي كانت تجلس، ثم تستظهر بعشرة
أيام. قال الشيخ: يعني إلى عشرة إقامة لبعض الحروف مقام بعض، وهذا تصريح
بأن أيامها أيام عادتها لا العشرة، وحينئذ فالرجوع إلى عادتها كقول الجعفي في
الفاخر وابن طاووس والفاضل أولى، وكذا الاستظهار كما هو هناك. نعم قال
الشيخ: لا خلاف بين المسلمين أن عشرة أيام إذا رأت المرأة الدم من النفاس
والذمة مرتهنة بالعبادة قبل نفاسها فلا يخرج عنها إلا بدلالة والزائد على العشرة
مختلف فيه، فإن صح الاجماع فهو الحجة، ولكن فيه طرح للأخبار الصحيحة أو
تأويلها بالبعيد) (5). انتهت عبارة الذكرى.

(1) المصدر السابق ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 612 ب 3 من أبواب النفاس ح 4.
(3) المصدر السابق ح 5.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 125 س 29.
(5) ذكرى الشيعة: ص 33 س 14.
181

وعنى بقوله: (في التهذيب) قول المفيد المحكي فيه (1) ولا تنافي عندي بين
الرجوع إلى العادة والفتوى بالعشرة، فإنهم إنما يفتون بأنها أكثره لا بكونها كلها
نفاسا إذا تعداها الدم وإن كانت ذات عادة، فلم ينص عليه فيما أعلم غير
المحقق (2).
ويحتمل قريبا أنهم فهموا من تلك الأخبار مجموع الأمرين: أعني الرجوع
إلى العادة وكون الأكثر عشرة، ولم يصرحوا بالأول هنا، بل اكتفوا بتشبيه النفساء
بالحائض في الأحكام غير ما استثنوه، وبحكمهم برجوع المستحاضة إلى عادتها.
وما ادعاه من تصريح ما ذكره من الخبر (بأن أيامها أيام عادتها) ممنوع، إذ
لا معنى لاستظهارها إلى عشرة إلا أنها تستكشف حالها بعد أيام العادة إلى
عشرة، وهو كما يحتمل خروج ما بعدها عن النفاس مع التعدي يحتمل الدخول
عندي احتمالا متساويا. ولا جهة لاستدراكه بنفي الشيخ الخلاف في كون العشرة
نفاسا، فإنه في مقام الاحتجاج على أقوال العامة (3) من كون أكثره أربعين أو
خمسين، أو ستين، أو سبعين.
ثم المصنف في المنتهى ذكر استظهارها بعد العادة بيوم أو يومين، وغلط
المحقق في صبرها عشرة، وفرع على ذلك فروعا: أولها: إنها لا ترجع مع تعدي
دمها العشرة إلى عادتها في النفاس، وذكر ما قدمناه من خبر الخثعمي، ودفعه بأنه
لم يعمل به أحد من الأصحاب، لتضمنه استمرار النفاس إلى أربعين أو خمسين. ثم
قال: الثاني: هل ترجع إلى عادتها أو عادة أمها أو أختها في النفاس؟ لا نعرف
فتوى لأحد ممن تقدمنا في ذلك، وقد روى الشيخ في الموثق عن أبي بصير عن
أبي عبد الله عليه السلام قال: النفساء إذا ابتليت بأيام كثيرة مكثت مثل أيامها التي كانت
تجلس قبل ذلك واستظهرت بمثل ثلثي أيامها ثم تغتسل وتحتشي وتصنع كما
تصنع المستحاضة، وإن كانت لا تعرف أيام نفاسها فابتليت جلست بمثل أيام أمها

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 174 ذيل الحديث 498.
(2) المعتبر: ج 1 ص 257.
(3) المجموع: ج 2 ص 524.
182

أو أختها أو خالتها واستظهرت بثلثي ذلك ثم صنعت كما تصنع المستحاضة
تحتشي وتغتسل. والرواية شاذة، وفي إسنادها ضعف، والأقوى الرجوع إلى أيام
الحيض (1) إنتهى.
الأمر الثاني: إذا كانت مبتدأة أو مضطربة أو ناسية لأيام حيضها ففي الذكرى:
أن المشهور أن العشرة نفاس (2)، وهو ظاهر الكتاب والارشاد (3) وصريح
التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5) للاستصحاب.
قال في المنتهى: لأن النفاس ثبت بيقين، فلا يزول إلا بيقين، وهو بلوغ
العشرة، بخلاف الحيض، لأنه لم يثبت من الابتداء باليقين (6). وللأخبار الناصة
على رجوعها إلى أيام إقرائها، فإن العشرة أيام القر.
وفي المختلف: أن نفاسها ثمانية عشر يوما (7). جمعا بين الأدلة بحمل ما دل
على الثمانية عشر على المبتدئة أو نحوها ممن ليس لها أيام قر ترجع إليها.
وفي المنتهى: احتمالها والجلوس ستة أو سبعة، لأن الحائض تفعل ذلك،
والنفاس حيض حقيقة، ولأن قوله عليه السلام: تجلس أيام حيضها كما يتناول الماضي
بتناول المستقبل. قال: وفيه ضعف وقرب الثمانية عشر إلى الصواب (8).
وفي التحرير: احتمال الأخير مع العشرة (9). وفي البيان: رجوع المبتدأة إلى
التمييز، ثم النساء، ثم العشرة. والمضطربة إلى التمييز، ثم العشرة (10). ويؤيده خبر
أبي بصير المتقدم، ويجوز تعميم أيام الأقراء المحكوم بالرجوع إليها لجميع ذلك.
(ولو ولدت التوأمين على التعاقب) ورأت الدم معهما (فابتدأ النفاس

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 125 س 17 و 20.
(2) ذكرى الشيعة: ص 33 س 23.
(3) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 229.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 36 س 5.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 132.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 125 س 31.
(7) مختلف الشيعة: ج 1 ص 379.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 125 س 28.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 16 س 31.
(10) البيان: ص 22.
183

من الأول) عند علمائنا كما في المنتهى (1) والتذكرة (2). (و) استيفاء (العدد من
الثاني) إن لم يتخلل نقاء أهل الطهر كما في الناصريات (3) والمبسوط (4)
والخلاف (5) والوسيلة (6) والمهذب (7) والجواهر (8) والإصباح (9) والسرائر (10)
والجامع (11) والشرائع (12).
وفي المعتبر بعد تردد في الأول (13). وكذا لو ولدت، أو قطعتين قطعات من
ولد على التعاقب، كما احتمله الشهيد في الذكرى (14) والدروس (15). ودليل
الحكمين أن النفاس دم الولادة، وهو يصدق على كل منهما. ثم ثبت أن أكثر
النفاس عشرة أو ثمانية عشر، فحكم كل منهما ذلك، ولا دليل على امتناع تعاقب
النفاسين بلا تخلل طهر.
وذكر السيد: إنه لم يعرف لأصحابنا فيه نصا صريحا (16)، وتردد المحقق من أنها
حبلى مع بقاء أحدهما ولا حيض ولا نفاس مع الحبل (17)، وانتفاء النفاس ممنوع.
ومن العامة من لم يبتدئ النفاس إلا من الثاني (18)، ومنهم من يستوفي العدد
من الأول حتى إن ولدت الثاني بعد أكثر النفاس من الأول لم يكن نفاسا (19).

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 126 س 25.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 36 س 26.
(3) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 227 المسألة 64.
(4) المبسوط: ج 1 ص 69.
(5) الخلاف: ج 1 ص 247 - 248 المسألة 219.
(6) الوسيلة: ص 62.
(7) المهذب: ج 1 ص 39.
(8) جواهر الفقه: ص 17 المسألة 43.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 434.
(10) السرائر: ج 1 ص 156.
(11) الجامع للشرائع: ص 45.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 35.
(13) المعتبر: ج 1 ص 257.
(14) ذكرى الشيعة: ص 33 ص 31.
(15) الدروس الشرعية: ج 1 ص 100 درس 8.
(16) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 237 المسألة 64.
(17) المعتبر: ج 1 ص 257.
(18) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 362.
(19) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 361.
184

(ولو لم تر) دما (إلا في العاشر فهو النفاس) كما في الجامع (1)
والسرائر (2) والشرائع (3) وا لمعتبر (4) لما عرفت من أنه الذي بعد الولادة، ولا دم
قبله، وهو دم بعد الولادة، ولا يشترط معاقبتها بلا فصل، لعدم الدليل، ونص
الأصحاب على المسألة الآتية.
وكذا لو لم تر إلا في الثامن عشر والحادي والعشرين (5) على القولين
الأخيرين، أما الموجود بعد ذلك فليس منه، لأن ابتداء الحساب من الولادة كما
في نهاية الإحكام (6) ويعطيه كلام السرائر (7)، ولذا لو لم تر إلا بعد العاشر على
المختار لم يكن نفاسا كما نص عليه بنو سعيد (8) والبراج (9).
ويدل على ابتداء الحساب من الولادة قول أبي جعفر عليه السلام لمالك بن أعين: إذا
مضى لها منذ يوم وضعت بقدر أيام عدة حيضها ثم تستظهر بيوم، فلا بأس بعد أن
يغشاها زوجها (10). وفي خبر الفضلاء: أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وآله عن الطواف
بالبيت والصلاة فقال لها: منذ كم ولدت؟ (11). وأيضا لو لم يبتدئ منها لم يتجدد مدة
التأخر عنها.
(ولو رأته) أي العاشر (خاصة مع يوم الولادة فالعشرة نفاس) كما
في المبسوط (12) والخلاف (13) والإصباح (14) والمهذب (15) والسرائر (16)

(1) الجامع للشرائع: ص 45.
(2) السرائر: ج 1 ص 155.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 35.
(4) المعتبر: ج 1 ص 256.
(5) في س و ص: (والحادي عشر).
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 131.
(7) السرائر: ج 1 ص 156.
(8) الجامع للشرائع: ص 45، وشرائع الاسلام: ج 1 ص 35.
(9) المهذب: ج 1 ص 39.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 612 ب 3 من أبواب النفاس ح 4.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 616 ب 3 من أبواب النفاس ح 19.
(12) المبسوط: ج 1 ص 69.
(13) الخلاف: ج 1 ص 248 المسألة 220.
(14) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 434.
(15) المهذب: ج 1 ص 39.
(16) السرائر: ج 1 ص 155.
185

والجواهر (1) والشرائع (2) والجامع (3) والمعتبر (4)، كما أن الحائض إذا رأت
ثلاثة متوالية ثم العاشر خاصة كانت العشرة حيضا.
واستدل على دخول أيام النقاء في النفاس في السرائر (5) والمعتبر (6)
والمنتهى (7) والتذكرة (8) ونهاية الإحكام (9) بأن الطهر لا يقصر عن عشرة.
وفيه أنه يقصر بين نقائي (10) التوأمين، وكذا إذا رأت العاشر وما بعده مع يوم
الولادة وكانت عادتها العشرة أو كانت مبتدأة أو مضطربة على مختاره ومطلقا
على قول المحقق (11).
(ولو رأته يوم الولادة وانقطع عشرة ثم عاد فالأول نفاس والثاني
حيض إن حصلت شرائطه) وإلا فاستحاضة.
وفي المنتهى: أما القائلون من أصحابنا بأن أكثر النفاس ثمانية عشر لو رأت
ساعة بعد الولادة، ثم انقطع عشرة أيام، ثم رأته ثلاثة أيام فإنه يحتمل أن يكون
حيضا، لأنه بعدد أيامه بعد طهر كامل، وأن يكون نفاسا لأنه في وقت إمكانه.
فعلى الأول لو رأته أقل من ثلاثة كان دم فساد، لأنه أقل من عدد الحيض بعد
طهر كامل فكان فسادا، وعلى الثاني يكون نفاسا، ولم نقف لهم على ذلك نص في
ذلك (12) انتهى.
(والنفساء كالحائض في جميع الأحكام) الشرعية. وفي المعتبر (13)
والمنتهى (14) والتذكرة (15): أنه لا يعرف فيه خلاف من أهل العلم، فيحرم عليها

(1) جواهر الفقه: ص 17 المسألة 41.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 35.
(3) الجامع للشرائع: ص 45.
(4) المعتبر: ج 1 ص 256.
(5) السرائر: ج 1 ص 155.
(6) المعتبر: ج 1 ص 256.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 126 س 2.
(8) تذكرة الفقهاء: ج ص 36 س 12.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 132.
(10) في س و م: (نفاس) و ص وك: (نفاسي).
(11) المعتبر: ج 1 ص 256.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 126 س 8.
(13) المعتبر: ج 1 ص 257.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 126 س 31.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24.
186

اللبث في المساجد وقراءة العزائم، وعلى زوجها وطؤها، وفي الكفارة الخلاف،
ويسقط عنها الصوم والصلاة أداء، ويجب قضاء الصوم خاصة، ويكره لها
الخضاب، ومنها مباشرة ما بين السرة والركبة، والوطء بعد الطهر قبل الغسل على
قول، ويستحب لها الوضوء أوقات الصلوات، والذكر بقدرها إلى غير ذلك. وإنما
يفترقان في أشياء: منها الأقل، ومنها الخلاف في الأكثر، ومنها المجامعة مع الحمل
على امتناعها في الحيض، ومنها تخلل الطهر بين الدمين على ما عرفت، ومنها
الدلالة على البلوغ لسبق الحمل، ومنها المدخلية في انقضاء العدة إلا في الحامل
من زنا، ومنها أنه لا عبرة بعادتها أو عادة نسائها في النفاس.
187

(المقصد التاسع)
(في غسل الأموات)
وسائر أحكامهم
وإنما جمعت هنا ضبطا عن الانتشار، وإلا
فالمقصد هنا بالذات هو الغسل، ولذا عنون به.
(وفيه خمسة فصول:)
والتتمة من الخامس، ولو كانت تتمة المقصد جاز، لعدم إفادة
الكلام الحصر، وإنما لم يفرد غسل المس بمقصد لقلة مباحثه.
189

(مقدمة)
أي طائفة من الكلام تقدم على المقصد الذي هي الفصول الخمسة، لكونها في
الآداب المتقدمة على الغسل فما بعده، والفارق بينهما (1) وبين اللواحق حتى
أخرجها من مطالب المقصد دون اللواحق أن أكثر اللواحق مسائل الدفن والتكفين
والغسل.
(ينبغي للمريض ترك الشكاية) من مرضه، لأنه أدخل في الصبر، ولنحو
خبر العرزمي عن أبيه عن الصادق عليه السلام قال: من اشتكى ليلة، فقبلها بقبولها، وأدى
إلى الله شكرها، كانت كعبادة ستين سنة. قال: ما قبولها؟ قال: يصبر عليها ولا يخبر
بما كان فيها، فإذا أصبح حمد الله على ما كان (2).
وخبر بشير الدهان عنه عليه السلام قال، قال الله عز وجل: أيما عبد ابتليته ببلية فكتم
ذلك عواده ثلاثا، أبدلته لحما خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، وبشرا خيرا من
بشره، فإن أبقيته أبقيته ولا ذنب له، وإن مات مات إلى رحمتي (3). ومرسل ابن أبي
عمير عنه عليه السلام: من مرض ثلاثة أيام، فكتمه ولم يخبر به أحدا، أبدل الله عز وجل له
لحما خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، وبشرة خيرا من بشرته، وشعرا خيرا من

(1) كذا في النسخ والحجري والظاهر أنه (بينها).
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 627 ب 3 من أبواب الاحتضار ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 626 - 627 ب 3 من أبواب الاحتضار ح 1.
191

شعره، قال: وكيف يبدله؟ قال: يبدله لحما وشعرا ودما وبشرة لم يذنب فيها (1).
وظاهرهما الكتمان رأسا، لكن سيأتي استحباب إعلام الإخوان بالمرض ليعودوه،
فيحملان على كتمان ما به من الشدة، كما هو الظاهر من قوله عليه السلام في الأول: (ولا
يخبر بما كان فيها) أي في الشكاة لمناسبة قوله: (يصبر عليها) وإن احتمل العود
إلى الليلة.
وأيضا فقد ورد النص على أن الأخبار بالمرض ليس شكاية، وإنما هي
(كأن يقول: ابتليت بما لم يبتل به أحد وشبهه) ففي حسن جميل بن صالح
عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن حد الشكاية للمريض، فقال: إن الرجل يقول
حممت اليوم وسهرت البارحة وقد صدق، وليس هذا شكاية، وإنما الشكوى أن
يقول: لقد ابتليت بما لم يبتل به أحد، ويقول: لقد أصابني ما لم يصب أحدا، وليس
الشكوى أن يقول: سهرت البارحة وحممت اليوم ونحو هذا (2).
ويمكن أن يكون الأولى الكتمان رأسا إلى ثلاثة، ثم الإيذان للعيادة. وقد
يؤيده قول الصادق عليه السلام في مرسل علي بن أسباط: لا تكون عيادة في أقل من
ثلاثة أيام (3). إن كان بمعنى أن لا عيادة في مرض لم يستمر ثلاثة أيام.
(ويستحب عيادته) بالاجماع والنصوص (إلا في وجع العين) لنحو
قول الصادق عليه السلام في مرسل علي بن أسباط: لا عيادة في وجع العين (4). وفي خبر
السكوني عنه عليه السلام: أن أمير المؤمنين عليه السلام اشتكى عينه فعاده النبي صلى الله عليه وآله (5).
ويستحب أن يؤذن إخوانه بمرضه ليعودوه، لقول الصادق عليه السلام في حسن ابن
سنان: ينبغي للمريض منكم أن يؤذن إخوانه بمرضه فيعودونه، فيؤجر فيهم

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 627 ب 3 من أبواب الاحتضار ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 630 ب 5 من أبواب الاحتضار ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 638 ب 13 من أبواب الاحتضار ح 1.
(4) المصدر السابق.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 638 ب 13 من أبواب الاحتضار ح 2.
192

ويؤجرون فيه، فقيل [له]: نعم هم يؤجرون بممشاهم إليه فكيف يؤجر هو فيهم؟
فقال عليه السلام: باكتسابه لهم الحسنات، فيؤجر فيهم فيكتب له بذلك عشر حسنات،
ويرفع له عشر درجات، ويمحى بها عنه عشر سيئات (1).
(وأن يأذن لهم في الدخول عليه) للعيادة، فقال أبو الحسن عليه السلام في خبر
يونس: إذا مرض أحدكم فليأذن للناس يدخلون عليه، فإنه ليس من أحد إلا وله
دعوة مستجابة (2).
ويستحب لهم تكرير العيادة، فعنه صلى الله عليه وآله: أغبوا في العيادة وأربعوا إلا أن يكون
مغلوبا (3). وقال الصادق عليه السلام في مرسل علي بن أسباط: فإذا وجبت - أي العيادة -
فيوم ويوم لا (4).
(فإذا طالت علته ترك وعياله) لقول الصادق عليه السلام في هذا الخبر: فإذا
طالت العلة ترك المريض وعياله.
(ويستحب تخفيف العيادة) فقال الصادق عليه السلام في مرسل موسى بن قادم:
تمام العيادة للمريض أن تضع يدك على ذراعه وتعجل القيام من عنده، فإن عيادة
النوكي أشد على المريض من وجعه (5). وفي خبر عبد الله بن سنان: العيادة قدر
فواق ناقة أو حلب ناقة (6).
(إلا مع حب المريض الإطالة) فقال أمير المؤمنين عليه السلام في خبر مسعدة
بن صدقة: إن من أعظم العواد أجرا عند الله لمن إذا عاد أخاه خفف الجلوس، إلا
أن يكون المريض يحب ذلك ويريده ويسأله ذلك (7).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 632 ب 8 من أبواب الاحتضار ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 633 ب 9 من أبواب الاحتضار ح 1.
(3) أمالي الشيخ الطوسي: ص 639 ح 1318. (ط مؤسسة البعثة).
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 638 ب 13 من أبواب الاحتضار ح 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 642 ب 15 من أبواب الاحتضار ح 3.
(6) المصدر السابق ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 642 ب 15 من أبواب الاحتضار ح 2.
193

(وتجب الوصية على كل من عليه حق) لله أو للناس، لوجوب استبراء
الذمة كيف أمكن، وعنهم عليهم السلام الوصية حق على كل مسلم (1)، ولعمومه قيل
بالوجوب مطلقا (2).
(ويستحب الاستعداد) للموت، وإنما يتحقق (بذكر الموت في كل
وقت) فعنه صلى الله عليه وآله: أكثروا من ذكر هادم اللذات (3). فما ذكر في قليل إلا كثره، ولا
في كثير إلا قلله. وعنه عليه السلام: من عد غدا من أجله فقد أساء صحبة الموت (4).
(و) يستحب (حسن ظنه بربه) فلقد سبقت رحمته غضبه، وهو أرحم به
من كل راحم، وهو عند ظن عبده به.
وفي العيون عن الصادق عليه السلام أنه سأل عن بعض أهل مجلسه فقيل عليل
فقصده فجلس عند رأسه فوجده دنفا، فقال: أحسن ظنك بالله (5). وفي أمالي أبي
علي ابن الشيخ مسندا عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: لا يموتن أحدكم حتى
يحسن ظنه بالله عز وجل، فإن حسن الظن بالله ثمن الجنة (6).
(و) يستحب اتفاقا وبالنصوص (تلقين من حضره الموت الشهادتين
والاقرار بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام) فقال الصادق عليه السلام في خبر أبي خديجة: ما
من أحد يحضره الموت إلا وكل به إبليس من شياطينه من يأمره بالكفر ويشككه
في دينه حتى يخرج نفسه، فمن كان مؤمنا لم يقدر عليه، فإذا حضرتم موتاكم
فلقنوهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله حتى يموتوا (7).
قال الكليني: وفي رواية أخرى قال: فلقنه كلمات الفرج والشهادتين

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 657 ب 29 من أبواب الاحتضار.
(2) جامع المقاصد: ج 1 ص 351.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 649 ب 23 من أبواب الاحتضار ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 651 ب 24 من أبواب الاحتضار ح 2.
(5) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 3 ح 7.
(6) أمالي الشيخ الطوسي: ص 379 ح 814 (ط مؤسسة البعثة).
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 663 ب 36 من أبواب الاحتضار ح 3.
194

وتسمي له الاقرار بالأئمة واحدا بعد واحد حتى ينقطع عنه الكلام (1).
وقال أبو جعفر عليه السلام في خبر أبي بصير: أما أني لو أدركت عكرمة قبل أن تقع
النفس موقعها لعلمته كلمات ينتفع بها، ولكني أدركته وقد وقعت النفس موقعها.
قال أبو بصير: قلت: جعلت فداك وما ذاك الكلام؟ فقال: هو والله ما أنتم عليه،
فلقنوا موتاكم عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله والولاية (2).
وأما قولهما عليهما السلام في خبر ابني مسلم والبختري: (إنكم تلقنون موتاكم عند
الموت لا إله إلا الله ونحن نلقن موتانا محمد رسول الله صلى الله عليه وآله) (3) فالظاهر أن معناه
أنكم تقتصرون على الشهادة الأولى ونحن نلقن الشهادتين.
(و) يستحب تلقينه (كلمات الفرج) ففي حسن الحلبي عن الصادق عليه السلام:
أن رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على رجل من بني هاشم وهو يقضي فقال له: قل لا إله إلا
الله الحليم الكريم، لا إله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السماوات السبع
ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب
العالمين فقالها، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الحمد لله الذي استنقذه من النار (4).
وزيد في الفقيه: (وما تحتهن) قبل (رب العرش العظيم) (وسلام على
المرسلين) بعده (5).
وفي خبر القداح عنه عليه السلام: إن أمير المؤمنين عليه السلام كان إذا حضر أحدا من أهل
بيته الموت، قال له: قل لا إله إلا الله الحليم الكريم - إلى أن قال: - فإذا قالها
المريض، قال: اذهب فليس عليك بأس (6).
(و) يستحب (نقله إلى مصلا ه) الذي كان يصلي فيه أو عليه غالبا،

(1) الكافي: ج 3 ص 123 ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 665 ب 37 من أبواب الاحتضار ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 663 ب 36 من أبواب الاحتضار ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 666 ب 38 من أبواب الاحتضار ح 2.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 131 ح 343.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 666 ب 38 من أبواب الاحتضار ح 3.
195

وجمع بينهما ابنا حمزة (1) وسعيد (2) (إن تعسر عليه خروج روحه) لمضمر
زرارة: إذا اشتد عليه النزع فضعه في مصلا ه الذي كان يصلي فيه أو عليه (3). وخبر
ليث المرادي المروي في معرفة الرجال للكشي عن الصادق عليه السلام: إن أبا سعيد
الخدري كان قد رزق هذا الأمر، وأنه اشتد نزعه فأمر أهله أن يحملوه إلى مصلا ه
الذي كان يصلي فيه، ففعلوا فما لبث أن هلك (4) وخبر حريز المروي في طب
الأئمة قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له رجل: إن أخي منذ ثلاثة أيام في
النزع وقد اشتد عليه الأمر فادع له، فقال: اللهم سهل عليه سكرات الموت ثم أمره،
وقال: حولوا فراشه إلى مصلا ه الذي كان يصلي فيه فإنه يخفف عليه إن كان في
أجله تأخير، وإن كانت منيته قد حضرت فإنه يسهل عليه إن شاء الله (5).
(و) يستحب (الاسراج) عنده كما في الإصباح (6) والوسيلة (7)
والمهذب (8) والكافي (9) والمراسم (10) والشرائع (11) والنافع (12) والجامع (13)
والتذكرة (14) ونهاية الإحكام (15) والتحرير (16) والمنتهى (17) (إن مات ليلا) كما في
المراسم والجامع والشرائع والنافع، وفي المقنعة وليس فيها لفظ (عنده) بل فيها
(إن مات ليلا في بيت أسرج فيه مصباح إلى الصباح) (18). ويمكن إرادتهم ما يعم
الموت ليلا والبقاء إليه.

(1) الوسيلة: ص 62.
(2) الجامع للشرائع: ص 49.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 669 ب 40 من أبواب الاحتضار ح 2.
(4) أخبار معرفة الرجال للكشي: ج 1 ص 203 ح 84.
(5) طب الأئمة عليهم السلام ص 79.
(6) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 437.
(7) الوسيلة: ص 62.
(8) المهذب: ج 1 ص 54.
(9) الكافي في الفقه: ص 236.
(10) المراسم: ص 47.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 36.
(12) المختصر النافع: ص 12.
(13) الجامع للشرائع: ص 49.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 37 س 34.
(15) نهاية الإحكام: ج 2 ص 217.
(16) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 4.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 427 س 4.
(18) المقنعة: ص 74.
196

وأقرب إلى العموم قول النهاية (1) والوسيلة (2): إن كان بالليل، وقول الكافي (3)
والمبسوط (4): إن كان ليلا، والأوضح قول القاضي: ويسرج عنده في الليل
مصباح (5).
والذي ظفرنا به في الباب خبر سهل عن عثمان بن عيسى، عن عدة من
أصحابنا أنه لما قبض الباقر عليه السلام أمر أبو عبد الله عليه السلام بالسراج في البيت الذي كان
يسكنه حتى قبض أبو عبد الله عليه السلام، ثم أمر أبو الحسن عليه السلام بمثل ذلك في بيت أبي
عبد الله عليه السلام حتى أخرج به إلى العراق ثم لا أدري بما كان (6). وهو مع الضعف
حكاية حال، ولا اختصاص له بالموت أو بقاء الميت ليلا، ولا ببيت الموت، بل
ولا بالليل.
قال المحقق في المعتبر: فهي ساقطة لكنه فعل حسن (7). ثم في المقنعة (8)
والنهاية (9) والمبسوط (10) والإصباح (11) والجامع (12) والمنتهى (13) والتذكرة (14)
ونهاية الإحكام: الاسراج إلى الصباح (15). قال في المعتبر: وهو حسن أيضا، لأن
علة الاسراج غايتها الصباح (16).
(و) يستحب (قراءة القرآن عنده) قبل الموت وبعده للتبرك، واستدفاع
الكرب والعذاب، وخصوصا سورتا (يس) و (الصافات) قبله. فروي: أنه يقرأ

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 243.
(2) الوسيلة: ص 62.
(3) الكافي في الفقه: ص 236.
(4) المبسوط: ج 1 ص 174.
(5) المهذب: ج 1 ص 54.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 673 ب 45 من أبواب الاحتضار ح 1.
(7) المعتبر: ج 1 ص 261.
(8) المقنعة: ص 74.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 243.
(10) المبسوط: ج 1 ص 174.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 437.
(12) الجامع للشرائع: ص 49.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 427 س 4.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 37 س 34.
(15) نهاية الإحكام: ج 2 ص 217.
(16) المعتبر: ج 1 ص 261.
197

عند النازع آية الكرسي وآيتان بعدها، ثم آية السخرة (إن ربكم الله الذي خلق
السماوات) إلى آخرها، ثم ثلاث آيات من آخر البقرة (لله ما في السماوات وما في
الأرض) إلى آخرها، ثم يقرأ سورة الأحزاب (1).
وعنه صلى الله عليه وآله: من قرأ سورة (يس) وهو في سكرات الموت أو قرئت عنده جاء
رضوان خازن الجنة بشربة من شراب الجنة فسقاها إياه وهو على فراشه، فيشرب
فيموت ريان ويبعث ريان، ولا يحتاج إلى حوض من حياض الأنبياء (2).
وعنه صلى الله عليه وآله: أيما مسلم قرئ عنده إذا نزل به ملك الموت سورة (يس) نزل
بكل حرف منها عشرة أملاك يقومون بين يديه صفوفا يصلون عليه، ويستغفرون
له، ويشهدون غسله، ويتبعون جنازته، ويصلون عليه، ويشهدون دفنه (3).
وعن سليمان الجعفري: أنه رأى أبا الحسن عليه السلام يقول لابنه القاسم: قم يا بني
فاقرأ عند رأس أخيك (والصافات صفا) حتى تستتمها، فقرأ فلما بلغ (أهم أشد
خلقا أم من خلقنا) قضي الفتى، فلما سجي وخرجوا أقبل عليه يعقوب بن جعفر
فقال له: كنا نعهد الميت إذا نزل به الموت يقرأ عنده (يس والقرآن الحكيم)
فصرت تأمرنا ب‍ (الصافات)، فقال: بابني لم تقرأ عند مكروب من موت قط إلا
عجل الله راحته (4). والأمر بالاتمام يتضمن القراءة بعد الموت.
وعن النبي صلى الله عليه وآله: من دخل المقابر فقرأ سورة (يس) خفف الله عنهم يومئذ،
وكان له بعدد من فيها حسنات (5).
(و) يستحب (تغميض عينيه بعد الموت) للأخبار، والصون عن قبح
المنظر، ودخول الهوام، ونفى عنه الخلاف في المنتهى (6).
(واطباق فيه) كما في كتب الشيخين (7) والمحقق (8) وغيرهم تحفظا من

(1) دعوات الراوندي: ص 252 ح 709.
(2) مصباح الكفعمي: ص 8 (في الهامش).
(3) مصباح الكفعمي: ص 8 (في الهامش).
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 670 ب 41 من أبواب الاحتضار ح 1.
(5) بحار الأنوار: ج 102 ص 301 ح 33.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 427 س 8.
(7) المقنعة: ص 74، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 243.
(8) المعتبر: ج 1 ص 260.
198

دخول الهوام وقبح المنظر، وشد لحييه حذرا من الاسترخاء وانفتاح الفم،
وللأخبار.
واقتصر الحلبي (1) وابن إدريس (2) والمحقق (3) والشيخ في الإقتصاد (4) على
الاطباق كما هنا وفي التحرير (5) والارشاد (6) والتلخيص (7) والتبصرة (8). واقتصر
في التذكرة (9) ونهاية الإحكام (10) على الشد. والشيخان (11) وسلار (12) والقاضي (13)
وابنا حمزة (14) وسعيد (15) والمصنف في المنتهى (16) جمعوا بينهما كما فعلنا. وفي
المنتهى بعد ذكرهما: لا خلاف في استحباب ذلك (17) فيحتملهما والشد خاصة
لكونه المتأخر.
(ومد يديه إلى جنبيه) ذكره الأصحاب مع مد الساقين إن كانتا منقبضتين.
وفي المعتبر: ولم أعلم في ذلك نقلا عن أهل البيت عليهم السلام، ولعل ذلك ليكون أطوع
للغاسل وأسهل للدرج (18).
(وتغطيته بثوب) للتأسي، وقول الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن خالد:
إذا مات لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة (19). ونفى عنه الخلاف في المنتهى (20)،

(1) الكافي في الفقه: ص 236.
(2) السرائر: ج 1 ص 158.
(3) المعتبر: ج 1 ص 260.
(4) الإقتصاد: ص 247.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 4.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 229.
(7) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 268.
(8) تبصرة المتعلمين: ص 11.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 37 س 31.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 216.
(11) المقنعة: ص 74، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 243.
(12) المراسم: ص 47.
(13) المهذب: ج 1 ص 54.
(14) الوسيلة: ص 62.
(15) الجامع للشرائع: ص 49.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 427 س 14.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 427 س 15.
(18) المعتبر: ج 1 ص 261.
(19) وسائل الشيعة: ج 2 ص 661 ب 35 من أبواب الاحتضار ح 2.
(20) منتهى المطلب: ج 1 ص 427 س 16.
199

وفيه ستر عن الأبصار، وصون عن الهوام وغيرها.
(وتعجيل تجهيزه) للأخبار، ولأنه قد يتغير فيعسر نقله وينهتك حرمته،
ولذا ورد في الخبر أنه من كرامته (1)، وعليه الاجماع. وفي المعتبر (2) والتذكرة (3)
ونهاية الإحكام (4): إجماع العلماء، وفي المنتهى: أن الشافعي خالف فيه (5).
(إلا) أنه (مع الاشتباه) لا بد من التأخير إلى تيقن الموت. (فيرجع إلى
الأمارات) المفيدة له كالريح، كما في خبر علي بن أبي حمزة عن الكاظم عليه السلام (6).
وفي التذكرة: كاسترخاء رجليه، وانفصال كفيه، وميل أنفه، وامتداد جلدة
وجهه، وانخساف صدغيه (7). وزيد في غيرها تقلص أنثييه إلى فوق مع تدلي
الجلدة.
وعن أبي علي: من علامته زوال النور من بياض العين وسوادها، وذهاب
النفس، وزوال النبض (8).
ويمكن دخول جميع ذلك في التغيير (9) الوارد في نحو قول الصادق عليه السلام في
خبر إسماعيل بن عبد الخالق: خمس ينتظر بهم إلا أن يتغير (10).
وعن جالينوس: الاستبراء بنبض عروق بين الأنثيين، أو عرق يلي الحالب
والذكر بعد الغمز الشديد، أو عرق في باطن الألية أو تحت اللسان أو في بطن
المنخر (11).
(أو يصبر عليه ثلاثة أيام) إن لم يظهر الموت بأمارة، فإنه إذا لم تظهر

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 676 ب 47 من أبواب الاحتضار ح 7.
(2) المعتبر: ج 1 ص 262.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 37 س 38.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 217.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 427 س 23.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 677 ب 48 من أبواب الاحتضار ح 5.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 137 السطر الأخير.
(8) ذكرى الشيعة: ص 38 س 13.
(9) في ص وك و م: (التغير).
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 676 ب 48 من أبواب الاحتضار ح 2.
(11) نقله الشهيد في ذكرى الشيعة: ص 38 س 14.
200

أمارة الحياة في هذه المدة فهو ميت بالأخبار وقول الأطباء.
(وفي وجوب الاستقبال به إلى القبلة حالة الاحتضار قولان)
فالوجوب خيرة المقنعة (1) والمراسم (2) والمهذب (3) والوسيلة (4) والسرائر (5)
والإصباح (6) والشرائع (7) لقول الصادق عليه السلام في خبر سليمان بن خالد: إذا مات
لأحدكم ميت فسجوه تجاه القبلة (8). ولمعاوية بن عمار إذ سأله عن الميت: استقبل
بباطن قدميه القبلة (9). وظاهرهما التوجيه (10) بعد الموت، ولأن النبي صلى الله عليه وآله دخل
على هاشمي وهو في السوق فقال: وجهوه إلى القبلة فإنكم إذا فعلتم ذلك أقبلت
عليه الملائكة وأقبل الله عز وجل عليه بوجهه فلم يزل كذلك حتى يقبض (11). وهو
أمر في واقعة معينة، مع أن التعليل الذي فيه قرينة على الاستحباب، والاستحباب
خيرة الخلاف (12) والجامع (13) وظاهر المبسوط (14) والنهاية (15) والاقتصاد (16)
والمصباح (17) ومختصره، وحكي عن السيد (18) وغرية المفيد (19)، وهو الأقوى،
للأصل، وضعف أدلة الوجوب، واحتاط به المحقق في النافع (20) وشرحه (21)

(1) المقنعة: ص 73.
(2) المراسم: ص 47.
(3) المهذب: ج 1 ص 53.
(4) الوسيلة: ص 62.
(5) السرائر: ج 1 ص 158. وفيه (يستحب).
(6) إصباح الشيعة: ج 2 ص 426.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 36.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 661 ب 35 من أبواب الاحتضار ح 2.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 662 ب 35 أبواب الاحتضار ح 4.
(10) في س وك: (التوجه).
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 662 ب 35 من أبواب الاحتضار ح 6.
(12) الخلاف: ج 1 ص 691 المسألة 466.
(13) الجامع للشرائع: ص 48.
(14) المبسوط: ج 1 ص 174.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 243.
(16) الإقتصاد: ص 247.
(17) مصباح المتهجد: ص 17.
(18) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 382.
(19) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 381.
(20) المختصر النافع: ص 11.
(21) المعتبر: ج 1 ص 258.
201

خروجا من الخلاف واستظهارا في البراءة.
(وكيفيته) عندنا (أن يلقى على ظهره ويجعل وجهه وباطن رجليه
إلى القبلة بحيث لو جلس لكان مستقبلا) كما قال الصادق عليه السلام في خبر
ذريح: إذا وجهت الميت للقبلة فاستقبل بوجهه القبلة، ولا تجعله معرضا كما يجعل
الناس (1). وفي خبر الشعيري: يستقبل بوجهه القبلة، ويجعل قدميه مما يلي
القبلة (2).
وللعامة قول باضجاعه على الأيمن وتوجيهه كما في الدفن، وآخر إن وسع
المكان أضجع كذلك (3)، وإلا فكما قلناه.
(ويكره طرح حديد) وفي التذكرة: أو غيره (4)، وفي المنتهى: أو شئ
يثقل به (5) (على بطنه) وفي الإشارة: على صدره (6)، قال الشيخ في التهذيب:
سمعنا ذلك مذاكرة من الشيوخ (7)، وفي الخلاف: أنه إجماع (8)، وفي المنتهى: أنه
ينافي الرفق المأمور به للميت (9)، ونسب في النافع إلى القيل (10)، وقال أبو علي:
يضع على بطنه شيئا يمنع من ربوها (11)، وفي الذكرى: أن صاحب الفاخر أمر بجعل
الحديد على بطنه (12).
(و) يكره (حضور جنب أو حائض عنده) للأخبار المعللة بتأذي
الملائكة، وفي المعتبر: قال به أهل العلم (13). والتعليل يفيد اختصاص الكراهية بما

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 661 ب 35 من أبواب الاحتضار ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 662 ب 35 من أبواب الاحتضار ح 3.
(3) المجموع: ج 5 ص 116.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 37 س 37.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 427 س 18.
(6) إشارة السبق: ص 75.
(7) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 290.
(8) الخلاف: ج 1 ص 691 ذيل المسألة 467.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 427 س 19.
(10) المختصر النافع: ص 12.
(11) نقله عنه في تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 37 س 38.
(12) ذكرى الشيعة: ص 38 س 22.
(13) المعتبر: ج 1 ص 263 - 264.
202

قبل الموت حال الاحتضار كما في الكتاب والتلخيص (1) ونهاية الإحكام (2)،
وغيرها من الأخبار ما نص على كراهيته عند التلقين وجواز أن يليا غسله (3).
وفي المقنع (4) والهداية: أنه لا يجوز حضورهما عند التلقين، وقد يريد
اشتداد الكراهية (5).

(1) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 268.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 215.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 671 ب 43 من أبواب الاحتضار.
(4) المقنع: ص 17.
(5) الهداية: ص 23.
203

(الفصل الأول)
(في الغسل)
(وفيه مطلبان):
(الأول:)
(الفاعل والمحل)
وإنما جمعهما في مطلب للاستتباع (1) اختلاف المحل اختلاف الفاعل.
(يجب على كل مسلم) عالم بالحال متمكن كسائر التكاليف (على
الكفاية) إجماعا (تغسيل) الميت (المسلم) عدا من يأتي استثناؤه.
(ومن هو بحكمه وإن كان سقطا له أربعة أشهر) بشهادة التجربة
بحياته، ونحو قول الصادق عليه السلام في خبر زرارة: السقط إذا تم له أربعة أشهر
غسل (2). ولا نعرف فيه خلافا إلا من العامة (3)، لكن في خبر يونس الشيباني عن
الصادق عليه السلام: إذا مضت الخمسة أشهر فقد صارت فيه الحياة (4)، ولذا يظهر التردد

(1) في المطبوع الحجري: (الاستثناء).
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 696 ب 12 من أبواب غسل الميت ح 4.
(3) بل لا خلاف أيضا عند أكثر علماء العامة، راجع المغني لابن قدامة: ج 2 ص 336 و 397.
(4) وسائل الشيعة: ج 19 ص 240 ب 19 من أبواب ديات الأعضاء ذيل حديث 6.
204

من الذكرى (1).
وإذا غسل كفن ودفن كما في المبسوط (2) والنهاية (3) والمراسم (4) والجامع (5)
والمقنعة (6) والمنتهى (7) والتبصرة (8) والارشاد (9) والتلخيص (10) ويقتضيه التذكرة (11)
ونهاية الإحكام (12)، وفي التحرير (13) والشرائع (14): أنه يلف في خرقة، وفي الخمسة
الأول: أنه يحنط، وهو ظاهر الإرشاد والتلخيص. وروي عن الرضا عليه السلام: مع
التكفين والدفن (15).
(أو كان بعضه) أي المسلم أو السقط (إذا كان فيه عظم) قال في
المنتهى: بغير خلاف بين علمائنا (16)، ويدل عليه نحو ما تسمعه (17) من الأخبار في
العظام، وأنه يغسل متصلا بالجملة، فكذا منفصلا.
ولا فرق فيه بين المبان من حي ومن ميت، وفاقا لصريح السرائر (18)
والمنتهى (19) والتذكرة (20) ونهاية الإحكام (21) والدروس (22) وعموم الكتاب
ونحوه، وقضية كلامي النهاية (23) والمبسوط (24)، وخلافا للمعتبر (25)، استنادا إلى

(1) ذكرى الشيعة: ص 40 س 23.
(2) المبسوط: ج 1 ص 180.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 254.
(4) المراسم: ص 46.
(5) الجامع للشرائع: ص 49.
(6) المقنعة: ص 82.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 432 س 24.
(8) تبصرة المتعلمين: ص 13.
(9) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 232.
(10) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 1 ص 267 - 268.
(1 1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 40.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 234.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 30.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38.
(15) فقه الإمام الرضا عليه السلام: ص 175.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 434 س 30.
(17) في س: (سمعته).
(18) السرائر: ج 1 ص 167.
(19) منتهى المطلب: ج 1 ص 434 س 34.
(20) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 41 س 41.
(21) نهاية الإحكام: ج 1 ص 234 - 235.
(22) الدروس الشرعية: ج 1 ص 104 درس 10.
(23) النهاية ونكتها: ج 1 ص 253.
(24) المبسوط: ج 1 ص 183.
(25) المعتبر: ج 1 ص 317.
205

كونه من جملة (لا تغسل). قال في التذكرة: ويمنع التعليل، لأن القطعة ميتة، وكل
ميت يغسل، والجملة يغسل لو ماتت (1).
وهل العظم المجرد كذلك؟ وجهان من الدوران، وقول الكاظم عليه السلام لأخيه في
الصحيح في الرجل يأكله السبع أو الطير فيبقى عظامه بغير لحم، قال: يغسل
ويكفن ويصلى عليه ويدفن (2). وقول الباقر عليه السلام في خبر خالد بن ماد القلانسي
فيمن يأكله السبع أو الطير فيبقى عظامه بغير لحم، قال: يغسل ويكفن ويصلى عليه
ويدفن (3). وإن لم يتضمنا إلا جميع العظام فإن كل عظم منها بعض من جملة يغسل،
ولا فرق بين الاتصال والانفصال، للاستصحاب، مع أن الظاهر تفرقها، وهو خيرة
الشهيد (4). ومن ضعف الدوران وعدم تنجس العظم بالموت إلا بنجاسة عرضية
بمجاورة اللحم ونحوه، واحتمال (يغسل) في الخبرين التخفيف من الغسل
للنجاسة العرضية.
ثم أكثر العبارات وإن لم تنص على لفظ التغسيل للقطعة ذات العظم بل بين
الغسل والاحتمال له، لكن الظاهر أنهم أرادوا به التغسيل كما هو نص الكتاب
والتلخيص (5) والارشاد (6) والسرائر (7) والجامع (8)، فإنها نجسة العين، فلا يفيدها
مجرد الغسل طهارة.
وكما يغسل يكفن كما في المقنعة (9) والمبسوط (10) والنهاية (11) والسرائر (12)

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 41 س 4، وفيه: (ونمنع التعليل).
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 816 ب 38 من أبواب صلاة الجنازة ح 6.
(3) المصدر السابق ح 5.
(4) ذكرى الشيعة: ص 40 س 36.
(5) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 269.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 232.
(7) السرائر: ج 1 ص 167.
(8) الجامع للشرائع: ص 49.
(9) المقنعة: ص 85.
(10) المبسوط: ج 1 ص 182.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 253.
(12) السرائر: ج 1 ص 167.
206

والنافع (1) والجامع (2) والمراسم (3) والمنتهى (4) والارشاد (5) والتلخيص (6)
والتبصرة (7) لنحو الخبرين.
فإن أريد به المعهود للميت فيجب القطع الثلاث على المشهور وإن لم يكن
بتلك الخصوصيات، واحتمل اختصاص وجوبها بما يناله الثلاث عند الاتصال
بالكل، فإن كان مما يناله اثنتان منها لف في اثنتين، وإن كان مما لا يناله إلا واحدة
لف في واحدة. وفي الشرائع (8) والتحرير (9) والتذكرة (10) ونهاية الإحكام: أنه
يلف في خرقة، فكأنهما حملا عليه التكفين (11)، وهو الظاهر.
وهل يحنط؟ قال الشيخان (12) وسلار: نعم (13)، وفي التذكرة: هو حسن إن كان
أحد المساجد وجوبا، وإلا فلا (14)، ونحوه في نهاية الإحكام (15).
قلت: ولعله المراد، وأما دفنه فلا شبهة فيه، وإن لم يصرح به كثير من
الأصحاب.
(ولو خلا من العظم، أو كان للسقط أقل من أربعة أشهر، لفا في خرقة
ودفنا) من غير غسل.
أما لف السقط فذكره المفيد (16) وسلار (17) والقاضي (18) والكيدري (19)

(1) المختصر النافع: ص 15.
(2) الجامع للشرائع: ص 49.
(3) المراسم: ص 46.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 434 س 30.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 232.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 270.
(7) تبصرة المتعلمين: ص 15.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 30.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 41 س 3.
(11) نهاية الإحكام: ج 2 ص 235.
(12) المقنعة: ص 85، والنهاية ونكتها: ج 1 ص 253.
(13) المراسم: ص 46.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 41 س 3.
(15) نهاية الإحكام: ج 1 ص 234.
(16) المقنعة: ص 83.
(17) المراسم: ص 46.
(18) المهذب: ج 1 ص 56.
(19) إصباح الشيعة (الينابيع الفقهية): ج 2 ص 15.
207

والمحقق في النافع (1) والشرائع (2)، وكلام الشيخ وغيره خالي عنه، كمكتوب أبي
جعفر عليه السلام لمحمد بن الفضيل (3).
وأما لف القطعة الخالية من عظم فذكره المحقق في الكتابين (4) وحكاه في
المعتبر عن سلار ولم يرتضه، للأصل (5)، وتبعه الشهيد في الحكاية (6). وعبارة ما
عندنا من نسخ المراسم كذا: يدفن من غير غسل ولا كفن ولا حنوط ولا صلاة (7).
وقطع المصنف في كتبه بما هنا من لفهما (8).
(وحكم ما فيه الصدر، أو الصدر وحده، حكم الميت في التغسيل
والتكفين والصلاة عليه والدفن) كما في المبسوط (9) والنهاية (10) والمراسم (11)
والسرائر (12) والشرائع (13) والنافع (14) وإن لم يذكر الدفن في الثلاثة الأول، ويعطيه
كلام المقنعة (15) والخلاف (16) والوسيلة (17) والمعتبر (18) لذكرهم الصلاة المستلزمة
ظاهرا لسائر الأحكام.
ثم الذي في السرائر (19) والنافع (20) ما فيه الصدر وحسب، وفي النهاية (21)

(1) المختصر النافع: ص 15.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 696 ب 12 من أبواب غسل الميت ح 5.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38، المعتبر: ج 1 ص 319.
(5) المعتبر: ج 1 ح 1 ص 319.
(6) ذكرى الشيعة: ص 40 س 34.
(7) المراسم: ص 46.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 30، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 السطر الأخير - 41
س 1، نهاية الإحكام: ج 2 ص 235.
(9) المبسوط: ج 1 ص 182.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 253.
(11) المراسم: ص 46.
(12) السرائر: ج 1 ص 167.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37.
(14) المختصر النافع: ص 15.
(15) المقنعة: ص 85.
(16) الخلاف: ج 1 ص 716 المسألة 527.
(17) الوسيلة: ص 63.
(18) المعتبر: ج 1 ص 316.
(19) السرائر: ج 1 ص 167.
(20) المختصر النافع: ص 15.
(21) النهاية ونكتها: ج 1 ص 253.
208

والمبسوط (1) والوسيلة (2) موضع الصدر.
وفي الخلاف: إذا وجد قطعة من ميت فيه عظم وجب غسله، وإن كان صدره
وما فيه القلب وجب الصلاة عليه (3)، وفي الجامع: إن قطع بنصفين فعل بما فيه
القلب كذلك (4). يعني الغسل والكفن والصلاة، ولم يذكر غير ذلك.
ويمكن اتحاد الكل في المعنى، فإن القلب في تجويف الصدر، فمن ذكر
الصدر احتمل إرادة المشتمل على القلب، ومن ذكر ما فيه القلب احتمل إرادة
الصدر وإن لم يشتمل عليه، ويحتمله الأخبار المتضمنة له أيضا.
وأما الصدر - وما فيه الصدر أي العضو المشتمل عليه - فالظاهر اتحاد
حكمهما، والظاهر أن موضع الصدر غير خارج عنهما.
وأجاد المحقق في المعتبر حيث أوجب الصلاة لما فيه القلب أو الصدر
واليدان ولعظام الميت جميعها (5)، لصحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن
الرجل يأكله السبع أو الطير فيبقى عظامه بغير لحم كيف يصنع به؟ قال: يغسل
ويكفن ويصلى عليه ويدفن، وإذا كان الميت نصفين صلى على النصف الذي فيه
قلبه (6). ونحوه في القلب مرفوع البزنطي (7)، ومرسل عبد الله بن الحسين عن
الصادق عليه السلام (8)، وخبر القلانسي عن الباقر عليه السلام (9). ولقول الصادق عليه السلام في خبر
الفضل بن عثمان الأعور في القتيل: ديته على من وجد في قبيلته صدره ويداه
والصلاة عليه (10). وقول الباقر عليه السلام في حسن ابن مسلم: إذا قتل قتيل فلم يوجد

(1) المبسوط: ج 1 ص 182.
(2) الوسيلة: ص 63.
(3) الخلاف: ج 1 ص 715 المسألة 527.
(4) الجامع للشرائع: ص 49.
(5) المعتبر: ج 1 ص 317.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 816 ب 38 من أبواب صلاة الجنازة ح 6.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 817 ب 38 من أبواب صلاة الجنازة ح 12.
(8) المصدر السابق ح 11.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 816 ب 38 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 815 ب 38 من أبواب صلاة الجنازة ح 4.
209

إلا لحم بلا عظم لم يصل عليه، وإن وجد عظم بلا لحم فصلي عليه (1).
قال المحقق: ولأن الصلاة ثبتت لحرمة النفس، والقلب محل العلم وموضع
الاعتقاد الموجب للنجاة، فله مزية على غيره من الأعضاء (2). وزيد في التذكرة (3)
ونهاية الإحكام (4): أنه منه ينبت الشرايين السارية في البدن، وهو الرئيس على
الأعضاء، فكأنه الانسان.
والظاهر أن عظم الصدر واليدين الخالية من اللحم يصلى عليه، ولذا يصلى
على جميع العظام، ولم أظفر بخبر في الصدر وحده. ولم يذكر الصدوقان في
الرسالة والمقنع إلا الصلاة على العظام وقالا: إن كان الميت أكله السبع فاغسل ما
بقي منه، وإن لم يبق منه إلا عظام جمعتها وغسلتها وصليت عليها ودفنتها (5).
وفي نهاية الإحكام: تصلي على الصدر والقلب أو الصدر وحده عند جميع
علمائنا (6). وفي التذكرة: يصلى على البعض الذي فيه الصدر والقلب أو الصدر
نفسه عند علمائنا (7). وفي الذكرى: أن بعض الصدر والقلب ككلهما، لكونه من
جملة يجب غسلها منفردة (8).
وقال أبو علي: لا يصلى على عضو الميت والقتيل، إلا أن يكون عضوا تاما
بعظامه، أو يكون عظما مفردا، ويغسل ما كان من ذلك لغير الشهيد (9).
وقوله: (أو يكون عظما مفردا) كقوله عليه السلام في خبر ابن مسلم: (وإن وجد عظم
بلا لحم) (10) يحتمل مجموع العظام، ويوافقه في العضو التام قول الصادق عليه السلام في
مرسل البرقي: إذا وجد الرجل قتيلا فإن وجد له عضو تام صلي عليه ودفن، وإن

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 816 ب 38 من أبواب صلاة الجنازة ح 8.
(2) المعتبر: ج 1 ص 317.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 46 س 10.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 254.
(5) نقله عن علي بن بابويه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 405، المقنع: ص 19.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 46 س 9.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 254.
(8) ذكرى الشيعة: ص 41 س 5.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 405.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 816 ب 38 من أبواب صلاة الجنازة ح 8.
210

لم يوجد له عضو تام لم يصل عليه ودفن (1).
وحمل في التذكرة على الصدر، لاشتماله على ما لا يشتمل عليه غيره (2). وما
في المعتبر عن علي بن المغيرة قال: بلغني أن أبا جعفر عليه السلام قال: يصلى على كل
عضو رجلا كان أو يدا، أو الرأس، جزا فما زاد، فإذا نقص عن رأس أو يد أو
رجل لم يصل عليه (3).
وهما مع القطع معارضان بقول الصادق عليه السلام في خبر طلحة بن زيد: لا يصلى
على عضو رجل من رجل أو يد أو رأس منفردا، فإذا كان البدن فصل عليه، وإن
كان ناقصا من الرأس واليد والرجل (4).
وقول الكليني: روي أنه لا يصلى على الرأس إذا أفرد من الجسد (5). ولا
بأس بالاستحباب كما في المنتهى (6).
(وفي الحنوط) كما في النهاية (7) والمبسوط (8) والمراسم (9) (إشكال)
من اختصاصه بالمساجد، ومن إطلاق الأصحاب أنه كالميت في أحكامه، كذا
في التذكرة (10) ونهاية الإحكام (11). وفيه بعد التسليم أنه مع وجود محل الحنوط
لا إشكال في وجوبه، وهو مراد الشيخ وسلار، ومع الفقد لا إشكال في العدم.
(وأولى الناس بالميت في أحكامه) كلها (أولاهم بميراثه) كما في
النهاية (12) والمبسوط (13) والمهذب (14) والوسيلة (15) [والمعتبر (16)، وفي الجامع]

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 816 ب 38 من أبواب صلاة الجنازة ح 9.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 46 س 13.
(3) المعتبر: ج 1 ص 318.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 816 ب 38 من أبواب صلاة الجنازة ح 7.
(5) الكافي: ج 3 ص 212 ذيل الحديث 2.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 449 س 4 - 5.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 253.
(8) المبسوط: ج 1 ص 182.
(9) المراسم: ص 46.
(10) تذكرة الفقهاء: ص 41 س 2.
(11) نهاية الإحكام: ج 2 ص 234.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 245.
(13) المبسوط: ج 1 ص 174.
(14) المهذب: ج 1 ص 57.
(15) الوسيلة: ص 63.
(16) المعتبر: ج 1 ص 264.
211

فيما عدا التلقين الأخير (1)، والسرائر في غير الغسل (2)، لقوله تعالى:
(وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض) (3) ولثبوت حق الميت عليه بالرحم
والإرث، فمن أداء حقوقه وصلته اشتغاله بأحكامه، فإنها كلها إكرام له وإعانة.
ولأنه لما كان أخص به من غيره كان أشد اجتهادا في فعل ما ينبغي على الوجه
الأكمل، وأكثر احتراما واكراما له، وكان أبصر بعيوبه وأستر لها. ولقول أمير
المؤمنين عليه السلام في خبر غياث: يغسل الميت أولى الناس به (4). قال المحقق: وغياث
بتري لكنه ثقة (5).
وفي خبر السكوني: إذا حضر سلطان من سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة
عليها إن قدمه ولي الميت، وإلا فهو غاصب (6). وقول الصادق عليه السلام في مرسل
البزنطي وابن أبي عمير: يصلي على الجنازة أولى الناس بها أو يأمر من يحب (7).
وفي خبر يحيى بن عبد الله: ما على أهل الميت منكم أن يدرؤا عن ميتهم لقاء منكر
ونكير، قال: كيف يصنع؟ قال عليه السلام: إذا أفرد الميت فليتخلف عنده أولى الناس
به (8) الخبر.
وفي خبر محمد بن عجلان: فإذا أدخلته إلى قبره فليكن أولى الناس به عند
رأسه، وليحسر عن خده، وليلصق خده بالأرض، وليذكر اسم الله، وليتعوذ من
الشيطان، وليقرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد والمعوذتين وآية الكرسي، ثم
ليقل: ما يعلم ويسمعه تلقينه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله،
ويذكر له ما يعلم واحدا واحدا (9). وفي صحيح زرارة إذ سأله عن القبر كم يدخله؟

(1) الجامع للشرائع: ص 120.
(2) السرائر: ج 1 ص 164 - 165.
(3) الأنفال: 75.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 718 ب 26 من أبواب غسل الميت ح 1.
(5) المعتبر: ج 1 ص 264.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 801 ب 23 من أبواب صلاة الجنازة ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 801 ب 23 من أبواب صلاة الجنازة ح 1 و 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 863 ب 35 من أبواب الدفن ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 844 ب 20 من أبواب الدفن ح 8.
212

قال: ذلك إلى الولي إن شاء أدخل وترا، وإن شاء شفعا (1).
وإذا تعدد الأولياء فيأتي مراتبهم في الأولوية، قال الشهيد: ولو امتنع الولي
ففي إجباره نظر، من الشك في أن الولاية هل هي نظر له أو للميت؟ (2) وليس في
المقنع (3) والمقنعة (4) والخلاف (5) إلا أولوية الولي في الصلاة.
وفي المراسم (6) والغنية (7) وجمل السيد (8) والإصباح فيها وفي نزول القبر،
وفي جمل الشيخ (9) والنافع (10) والتلخيص (11) والتبصرة (12) فيها وفي التلقين الأخير،
وفي الإقتصاد (13) والمصباح (14) ومختصره ونهاية الإحكام (15) في الثلاثة، وفي
الهداية في الغسل ونزول القبر (16)، وفي الشرائع (17) والارشاد (18) في الغسل والصلاة
والتلقين الأخير، وقد يظهر من الكافي أن لا أولوية (19).
(والزوج أولى) بزوجته (من كل أحد) لقول الصادق عليه السلام في خبر
إسحاق: الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها (20). قال المحقق: ومضمون

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 850 ب 24 من أبواب الدفن ح 1.
(2) ذكرى الشيعة: ص 38 س 34.
(3) المقنع: ص 20.
(4) المقنعة: ص 232.
(5) الخلاف: ج 1 ص 719 المسألة 535.
(6) المراسم: ص 51 و 80.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 52 س 6 و 17.
(8) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 51 و 52.
(9) الجمل والعقود: ص 88 و 51.
(10) المختصر النافع: ص 40 و 14.
(11) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 269.
(12) تبصرة المتعلمين: ص 12 و 14.
(13) الإقتصاد: ص 249 و 250 و 275.
(14) مصباح المتهجد: ص 19 و 21 و 472.
(15) نهاية الإحكام: ج 2 ص 255 و 275 و 279.
(16) الهداية: ص 23 و 27.
(17) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37 و 43.
(18) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 229 و 263 و 264.
(19) الكافي: ص 156.
(20) وسائل الشيعة: ج 2 ص 853 ب 26 من أبواب الدفن ح 2.
213

الرواية متفق عليه (1). وخبر أبي بصير سأله عليه السلام المرأة تموت من أحق بالصلاة
عليها؟ قال: زوجها، قال: الزوج أحق من الأب والولد والأخ؟ قال: نعم
ويغسلها (2). وحمل ما ورد بخلافهما على التقية (3).
(و) إذا كان الأولياء رجالا ونساء كان (الرجال أولى من النساء) كما
في المعتبر (4)، وفي المبسوط (5) والسرائر في الصلاة (6). وفي الشرائع (7) فيها وفي
الغسل، لكونهم أعقل وأقوى على الأمور وأبصر بها.
(ولا يغسل الرجل) عاريا (إلا رجل أو زوجته) للإجماع
والاستصحاب والأخبار (8). وأما جواز تغسيل زوجته له عاريا فيأتي الخلاف فيه
كما يأتي الكلام في تغسيل ذات محرم منه له عاريا.
(وكذا المرأة) إنما (يغسلها) عارية (زوجها أو امرأة) والمطلقة
رجعيا زوجة كما في المعتبر (9) والتذكرة (10) والتحرير (11) والذكرى (12) وتردد في
المنتهى (13). وفي الذكرى: أنه لا عبرة بانقضاء عدة المرأة عندنا، بل لو نكحت جاز
لها تغسيله وإن بعد الفرض (14).
قلت: قال الصادق عليه السلام في صحيح زرارة فيمن يموت وليس معه إلا النساء:
تغسله امرأته، لأنها منه في عدة، وإذا ماتت لم يغسلها، لأنه ليس منها في
عدة (15). وفي صحيح الحلبي: والمرأة تغسل زوجها، لأنه إذا مات كانت في عدة

(1) المعتبر: ج 1 ص 264.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 802 ب 24 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(3) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 205 ذيل الحديث 486.
(4) المعتبر: ج 1 ص 331.
(5) المبسوط: ج 1 ص 184.
(6) السرائر: ج 1 ح 1 ص 359.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37 و 105.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 713 ب 24 من أبواب غسل الميت.
(9) المعتبر: ج 1 ص 321.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 3.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 17.
(12) ذكرى الشيعة: ص 39 س 38.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 437 س 16.
(14) ذكرى الشيعة: ص 40 س 1.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 716 ب 24 من أبواب غسل الميت ح 13.
214

منه، وإذا ماتت هي فقد انقضت عدتها (1).
(وملك اليمين) غير المزوجة (كالزوجة) إن لم تتبعض أم ولد كانت أم
لا، وفاقا للمعتبر في أم الولد (2) للاستصحاب، ولبقاء علاقة الملك من الكفن
والمؤونة والعدة مع ما كان بينهما من الاستمتاع ما بين المتزاوجين. ولايصاء علي
ابن الحسين عليهما السلام: أن تغسله أم ولد له، على ما في خبر إسحاق بن عمار عن
الصادق عليه السلام (3).
ولا يمنع انقطاع العصمة بالموت، كما لا يمنع في الزوجة، وخلافا له في
غيرها، بناء على انتقال ملكها إلى غيره إذا مات السيد، وهو يعطي الجواز بإذن من
انتقلت إليه.
وتوقف في المنتهى (4) والتحرير (5) والنهاية (6) والتذكرة (7) من ذلك مع أنه لم
يكن بينهما من الاستمتاع ما بينه وبين أم الولد، ومن الاستصحاب، ولا ينفيه
الانتقال، كما لا ينفيه عتق أم الولد.
(ولو كانت) عند موتها أو موت سيدها (مزوجة) ومنها المعتدة من
الزوج كما في نهاية الإحكام (8) والتذكرة (9) (فكالأجنبية) أم ولد كانت أم
غيرها، والفرق بينها وبين الزوجة إذا تزوجت بعده ظاهر لانتفاء العصمة بينهما هنا
في الحياة، بخلافها في الزوجة.
(ويغسل الخنثى المشكل محارمه) من الرجال أو النساء (من وراء
الثياب) للضرورة. وفي التحرير عن أبي علي: أنه تغسله أمته (10)، وهو جيد

(1) المصدر السابق ح 11.
(2) المعتبر: ج 1 ص 321.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 717 ب 25 من أبواب غسل الميت ح 1.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 437 س 20.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 18.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 230.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 6.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 230.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 31.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 18.
215

على خيرة الكتاب. وفي المهذب: أنه ييمم ولا يغسل (1).
وإن لم يكن له ذو رحم محرم، ولا أمة، ففي التذكرة: دفنه من غير غسل (2)،
وفي المنتهى: جواز صب كل من الرجل والمرأة الماء من فوق الثياب (3).
وعن الشافعية قول بشراء أمة من مالها، وإن لم يكن له مال فمن بيت المال (4)،
وآخر بجواز تغسيل الرجال والنساء له (5) استصحابا لما في الصغر. وضعفهما
واضح، وإن اعتبرنا عدد الأضلاع أو القرعة فلا إشكال.
(ولو) مات رجل و (فقد) الرجل (المسلم وذات الرحم) وكان كافرا
(أمرت الأجنبية الكافر بأن يغتسل ثم يغسله غسل المسلمين، ولو كان
امرأة وفقدت المسلمة وذو الرحم) وكانت كافرة (أمر الأجنبي الكافرة
بالاغتسال والتغسيل) كما في النهاية (6) والمقنعة (7) والمبسوط (8) والمراسم (9)
والوسيلة (10) والشرائع (11).
ونسب في التذكرة إلى علمائنا (12) لخبر زيد بن علي عن آبائه عن أمير
المؤمنين: أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وآله نفر فقالوا: إن امرأة توفيت معنا وليس
معها ذو محرم، فقال: كيف صنعتم بها؟ فقالوا: صببنا عليها الماء صبا، فقال: أما
وجدتم امرأة من أهل الكتاب تغسلها؟ قالوا: لا، قال: أفلا يممتموها؟! (13) وخبر
عمار سأل الصادق عليه السلام عن مسلم يموت ليس معه مسلم ولا مسلمة من ذوي
قرابته، ومعه رجال نصارى ونساء مسلمات ليس بينه وبينهن قرابة، قال: يغتسل
النصارى، ثم يغسلونه فقد اضطر. وعن المسلمة تموت وليس معها مسلمة ولا

(1) المهذب: ج 1 ص 56.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 15.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 437 س 28.
(4) المجموع: ج 5 ص 148.
(5) المجموع: ج 5 ص 147.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 255.
(7) المقنعة: ص 86.
(8) المبسوط: ج 1 ص 175.
(9) المراسم: ص 50.
(10) الوسيلة: ص 63.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 39.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 710 ب 22 من أبواب غسل الميت ح 4.
216

مسلم من ذوي قرابتها، ومعها نصرانية ورجال مسلمون، قال: تغتسل النصرانية ثم
تغسلها (1). ولاختصاصهما بأهل الكتاب قصر ابن سعيد الحكم عليهم (2).
واغتسال الكافر أو الكافرة تعبد، أو لزوال النجاسة العرضية.
وخيرة المعتبر الدفن من غير غسل، لضعف الخبرين، وعدم اعتبار نية
الكافر (3)، وهو ظاهر الجامع (4)، لنسبة الحكم فيه إلى رواية ضعيفة. وفي الذكرى:
للتوقف فيه مجال لنجاسة الكافر في المشهور، فكيف يفيد غيره الطهارة؟ (5) وفي
المنتهى عن العامة الدفن بغير غسل، لأنه عبادة لا تصح من الكافر (6).
والجواب: بالمنع أي منع كل من المقدمتين.
قلت: إذا كان المسلم أو المسلمة يصب الماء وينوي لم يبق إشكال في
الوجوب والصحة، وإن لم يكن خبر، غاية الأمر تنجس الميت نجاسة عرضية
بمباشرة الكافر بعد التغسيل في الكثير أو الجاري وعنده في القليل.
ويمكن أن يكون ما ذكروه من أمر المسلم أو المسلمة إشارة إليه، كما احتمل
مثله الشهيد فقال: الظاهر أنه لتحصيل هذا الفعل، لا أنه شرط، لخلو الرواية منه،
وللأصل. إلا أن يقال: ذلك الأمر يجعل فعل الكافر صادرا عن المسلم لأنه آلة له،
ويكون المسلم بمثابة الفاعل، فيجب النية منه (7).
(وفي إعادة الغسل لو وجد المسلم بعده) قبل الدفن (إشكال) من
الامتثال المقتضي للاجزاء، وخصوصا إذا لم يجعله عبادة، بل إزالة نجاسة لو
صححناه من الكافر كالعتق كما أشار إليه في المنتهى (8). ومن ارتفاع الضرورة
المجيزة له، وعدم وقوع الغسل الصحيح حقيقة، بناء على عدم صحته من الكافر،

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 704 ب 19 من أبواب غسل الميت ح 1.
(2) الجامع للشرائع: ص 50.
(3) المعتبر: ج 1 ص 326.
(4) الجامع للشرائع: ص 50.
(5) ذكرى الشيعة: ص 39 س 37.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 436 س 17.
(7) ذكرى الشيعة: ص 40 س 17.
(8) منتهى المطلب: كتاب الصلاة ج 1 ص 436 س 18.
217

كما ينتقض التيمم بالتمكن من الماء لعدم ارتفاع الحدث، وهو خيرة التذكرة (1)
ونهاية الإحكام (2) والذكرى (3) والبيان (4).
(ولذي الرحم) المحرم نسبا، أو رضاعا، أو مصاهرة (تغسيل ذات
الرحم من وراء الثياب مع فقد المسلمة، وبالعكس مع فقد المسلم)
للاستصحاب والأخبار (5)، والظاهر انتفاء الخلاف فيه، ونسب في التذكرة إلى
علمائنا (6).
وأما وجوب الكون من وراء الثياب فهو المشهور، للأخبار وإن جاز اللمس
والنظر في الحياة.
وظاهر الكافي (7) والغنية (8) والإصباح (9) العدم للأصل، وقول أمير
المؤمنين عليه السلام في خبر زيد: إذا كان معه نساء ذوات محرم يؤزرنه ويصببن عليه
الماء صبا، ويمسسن جسده ولا يمسسن فرجه (10). واحتمال الأخبار الاحتياط،
كما قال في الذكرى: محافظة على العورة (11). والاستحباب، وبعضها ما يستر
العورة خاصة.
وفي المعتبر: أن المرأة عورة، فيحرم النظر إليها، وإنما جاز مع الضرورة من
وراء الثياب جمعا بين التطهير والستر (12). وهو مبني على حرمة نظر المحرم إلى
الجسد عاريا كما يصرح به المصنف في آخر حد المحارب.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 14.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 232.
(3) ذكرى الشيعة: ص 39 س 37.
(4) البيان: ص 24.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 705 ب 20 من أبواب غسل الميت.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 33.
(7) الكافي في الفقه: ص 236 - 237.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 21.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 16.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 707 ب 20 من أبواب غسل الميت ح 8.
(11) ذكرى الشيعة: ص 39 س 15.
(12) المعتبر: ج 1 ص 323.
218

وأما الاختصاص بحال الضرورة فهو ظاهر الأكثر، وصريح المعتبر (1)
ومحتاط المبسوط (2)، لعموم نحو قول أبي جعفر عليه السلام في خبر أبي حمزة الثمالي: لا
يغسل الرجل المرأة إلا أن لا توجد امرأة (3).
والأقرب العدم كما في السرائر (4) والمنتهى (5) والتلخيص (6) للأصل، وعموم
صحيح منصور، سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يخرج ومعه امرأته يغسلها؟ قال:
نعم، وأمه وأخته. ونحو هذا يلقى على عورتها خرقة (7).
(ولكل من الزوجين تغسيل صاحبه اختيارا) كما في المراسم (8)
والسرائر (9) والإشارة (10) والمعتبر (11) وظاهر المبسوط (12) والخلاف (13) وجمل
السيد (14). وحكي عنه في شرح الرسالة (15) والجعفي (16) وأبي علي (17). وفي
المختلف عن أكثر كتب الشيخ (18) وفيه وفي التذكرة (19) والمنتهى (20) ونهاية
الإحكام (21) عن الأكثر، ودليله الأصل والعمومات والأخبار الناطقة بتغسيل أمير
المؤمنين عليه السلام فاطمة عليها السلام وإن عللته (22) بكونها صديقة لم يكن يغسلها إلا

(1) المعتبر: ج 1 ص 323.
(2) المبسوط: ج 1 ص 175.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 707 ب 20 من أبواب غسل الميت ح 10.
(4) السرائر: ج 1 ص 168.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 436 س 30.
(6) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 270.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 705 ب 20 من أبواب غسل الميت ح 1.
(8) المراسم: ص 50.
(9) السرائر: ج 1 ص 168.
(10) إشارة السبق: ص 77.
(11) المعتبر: ج 1 ص 322.
(12) المبسوط: ج 1 ص 175.
(13) الخلاف: ج 1 ص 698 المسألة 486.
(14) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 51.
(15) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 322.
(16) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 38 س 36.
(17) نقله عنه في المصدر السابق.
(18) مختلف الشيعة: ج 1 ص 409.
(19) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 42.
(20) منتهى المطلب: ج 1 ص 436 س 30.
(21) نهاية الإحكام: ج 2 ص 229.
(22) في س و م: (عللت).
219

صديق (1). وما تقدم من وصية زين العابدين عليه السلام (2) إن سلمت.
وفحوى حسن حريز عن ابن مسلم سأله عن الرجل يغسل امرأته؟ قال: نعم
إنما يمنعها أهلها تعصبا (3) وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: لا بأس بذلك،
إنما يفعل ذلك أهل المرأة كراهية أن ينظر زوجها إلى شئ يكره منها (4). وإن وقع
السؤال فيه عن النظر إلى الزوجة يغسلها إذا لم يكن من يغسلها. خلافا للتهذيب (5)
والاستبصار (6) والغنية (7) فاشترطوا الاضطرار (8) ولعموم نحو خبر الثمالي (9) وقول
الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: يغسل الزوج امرأته في السفر، والمرأة زوجها في
السفر إذا لم يكن معهم رجل (10). وتعليل تغسيل علي فاطمة عليهما السلام بكونها صديقة (11)،
وفي بعض الأخبار بأنها زوجته في الدنيا والآخرة (12). والكل ضعيف (13).
وهل يغسل كل منهما صاحبه مجردا؟ ظاهر النهاية (14) والمبسوط (15) المنع،
وهو خيرة المنتهى (16)، وصريح التهذيب: أن الأفضل كونه من وراء الثياب (17)،

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 714 ب 24 من أبواب غسل الميت ح 6.
(2) وسائل الشيعة ج 2 ص 717 - 718 ب 25 من أبواب غسل الميت ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 714 ب 24 من أبواب غسل الميت ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 713 ب 24 من أبواب غسل الميت ح 1.
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 440 ذيل الحديث 1421.
(6) الإستبصار: ج 1 ص 199 ذيل الحديث 701.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 21.
(8) في ك: (لما مر من صحيحي زرارة والحلبي الفارقين بين الزوج والزوجة لخروج المرأة
من العدة بموتها).
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 707 ب 20 من أبواب غسل الميت ح 10.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 717 ب 24 من أبواب غسل الميت ح 14.
(11) المصدر السابق ح 15.
(12) بحار الأنوار: ج 81 ص 300 ح 10.
(13) في ك: (والكل ضعيف إلا الصحيحين).
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 255.
(15) المبسوط: ج 1 ص 175.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 437 س 4.
(17) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 438 ذيل الحديث 1415.
220

وصريح الإستبصار استحبابه في تغسيل المرأة زوجها والوجوب في العكس (1)،
وصريح نهاية الإحكام جوازهما مع التجريد (2)، وكذا في الجامع: أنه يجوز نظر
كل منهما إلى الآخر بعد الموت سوى العورة (3).
وعندي الأحوط أن لا يغسل الرجل زوجته إلا من وراء الثياب، لتظافر
الأخبار به. وفي صحيح الحلبي عن الصادق عليه السلام: لا ينظر إلى شعرها ولا إلى
شئ منها (4). ولا يعارضه مضمر الشحام: فليغسلها من غير أن ينظر إلى عورتها (5).
لجواز أن يراد بها جسدها كله. نعم سأل ابن مسلم في الصحيح الباقر عليه السلام عن
امرأة توفيت أيصلح لزوجها أن ينظر إلى وجهها ورأسها؟ قال: نعم (6).
وأما العكس فالأصل يجوز التجريد، ولم أظفر بما يعارضه، وخبر عبد
الرحمن بن أبي عبد الله سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يموت وليس عنده من
يغسله إلا النساء، هل تغسله النساء؟ فقال: تغسله امرأته أو ذات محرمه، وتصب
عليه النساء الماء صبا من فوق الثياب (7). لا ينص على شئ.
(ويغسل الرجل بنت ثلاث سنين الأجنبية مجردة) كما في النهاية (8)
والمهذب (9) والسرائر (10) والنافع (11) اختيارا كما في الدروس (12) للأصل من غير
معارض، وأطلق المصنف في كتبه (13)، وظاهر النهاية (14) والسرائر (15) القصر على

(1) الإستبصار: ج 1 ص 198 ذيل الحديث 697.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 229.
(3) الجامع للشرائع: ص 50.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 716 ب 24 من أبواب غسل الميت ح 11 و 10.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 707 ب 20 من أبواب غسل الميت ح 7، وفيها قال: سألت أبا
عبد الله عليه السلام... الحديث.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 716 ب 24 من أبواب غسل الميت ح 11 و 10
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 706 ب 20 من أبواب غسل الميت ح 4.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 255.
(9) المهذب: ج 1 ص 55.
(10) السرائر: ج 1 ص 168.
(11) المختصر النافع: ص 15.
(12) الدروس الشرعية: ج 1 ص 103 درس 10.
(3 1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 231، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 27، منتهى المطلب: ج 1
ص 436 س 25، مختلف الشيعة: ج 1 ص 407.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 255.
(15) السرائر: ج 1 ص 168.
221

الضرورة، وليس فيهما التصريح بالتجريد من الثياب.
(وكذا المرأة) تغسل ابن ثلاث سنين مجردا كما في تلك الكتب والجامع (1)
والوسيلة (2) والمعتبر (3) اختيارا كما في الأخير والتذكرة (4) ونهاية الإحكام (5)
والدروس (6)، وصريح النافع (7) وظاهر النهاية (8) والسرائر (9) والوسيلة (10) القصر
على الضرورة، لكن في المعتبر: قولنا في الأصل مع التعذر يريد به الأولى لا
التحريم (11).
واشترط في المبسوط (12) والإصباح (13) والشرائع (14) في كل من الصبي
والصبية القصور عن ثلاث سنين، ولا تعرض فيها للاختيار والاضطرار إلا في
المبسوط (15) فاشترط الاضطرار في الصبية، ونص فيه على جواز غسلهن الصبي
مجردا إذا لم يكن له ثلاث سنين (16). وفي الشرائع على غسلهم الصبية مجردة إذا
كانت كذلك (17)، ولعله يستلزم العكس بالأولى.
وقسم ابن حمزة الصبي إلى ابن ثلاث وابن أكثر والمراهق قال: فالأول تغسله
النساء مجردا من ثيابه، والثاني تغسله من فوق ثيابه، والثالث يدفن من غير
غسل. والصبية قسمين فقال: فإن كانت صبية لها ثلاث سنين غسلها الأجنبي من
فوق ثيابها، وإن كانت لأكثر من ذلك دفنوها من غير غسل (18). ونحوه ابن

(1) الجامع للشرائع: ص 50.
(2) الوسيلة: ص 63.
(3) المعتبر: ج 1 ص 323.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 27.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 231.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 103 درس 10.
(7) المختصر النافع: ص 15.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 255.
(9) السرائر: ج 1 ص 168.
(10) الوسيلة: ص 63.
(11) المعتبر: ج 1 ص 323.
(12) المبسوط: ج 1 ص 176.
(13) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 16.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37.
(15) المبسوط: ج 1 ص 176.
(16) ليس في ص و ك و ط.
(17) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37.
(8 1) الوسيلة: ص 63 و 64.
222

سعيد (1) إلا أنه لم يذكر المراهق. وكذا ابن عمه في المعتبر (2) فرق بين الصبي
والصبية بجواز تغسيلهن ابن ثلاث سنين (3) مجردا اختيارا دون العكس، لكن لم
يصرح بجوازه من وراء الثياب.
وعلل الفرق بأن الشرع أذن في اطلاع النساء على الصبي لافتقاره إليهن في
التربية، وليس كذلك الصبية، والأصل حرمة النظر.
قلت: وقد يؤيده خبر عمار عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن الصبي تغسله امرأة،
قال: إنما يغسل الصبيان النساء، وعن الصبية تموت ولا تصاب امرأة تغسلها،
قال: يغسلها رجل أولى الناس بها (4). ووجداننا خبرا بتغسيلهن ابن ثلاث سنين
دون عكسه وهو خبر أبي النمير سأل الصادق عليه السلام عن الصبي إلى كم تغسله
النساء؟ فقال: إلى ثلاث سنين (5). وكأنهم اختلفوا في معناه من دخول الغاية أو
خروجها، فلذا اختلفوا في اعتبار الثلاث أو ما دونها. وأما خبر الخمس
سنين (6) فستسمع ما فيه، لكن لا أعرف ما ادعاه من أصل حرمة النظر.
وفي المقنع: وإذا ماتت جارية في السفر مع الرجال، فلا تغسل، وتدفن كما هي
بثيابها إن كانت بنت خمس سنين، وإن كانت بنت أقل من خمس سنين فلتغسل
ولتدفن (7).
وفي المقنعة: فإن مات صبي مسلم بين نسوة مسلمات لا رحم بين واحدة
منهن وبينه، وليس معهن رجل، وكان الصبي ابن خمس سنين، غسله بعض
النساء مجردا من ثيابه، وإن كان ابن أكثر من خمس سنين غسلته من فوق
ثيابه وصببن عليه الماء صبا ولم يكشفن له عورة ودفنه بثيابه بعد تحنيطه بما

(1) الجامع للشرائع: ص 50.
(2) المعتبر: ج 1 ص 323.
(3) ليس في س و ك و ط.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 712 - 713 ب 23 من أبواب غسل الميت ح 2 و 1.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 712 - 713 ب 23 من أبواب غسل الميت ح 2 و 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 713 ب 23 من أبواب غسل الميت ح 3 و 4.
(7) المقنع: 19 - 20.
223

وصفناه، وإن ماتت صبية بين رجال مسلمين، ليس لها فيهم محرم، وكانت ابنة
أقل من ثلاث سنين جردوها وغسلوها، وإن كانت لأكثر من ثلاث سنين
غسلوها في ثيابها وصبوا عليها الماء صبا وحنطوها بعد الغسل ودفنوها في
ثيابها (1). وكأنه لم يتعرض لابنة ثلاث، لندرة الفرض، ولعله عنده كابنة الأكثر.
ونحوها (2) في المراسم، لكن فيه التصريح بكون تغسيل ابنة الثلاث بالثياب (3).
وفي التهذيب مرسلا عن محمد بن أحمد بن يحيى قال: روي في الجارية
تموت مع الرجل، فقال: إذا كانت بنت أقل من خمس سنين أو ست دفنت ولم
تغسل. يعني أنها لا تغسل مجردة من ثيابها (4). قال المحقق: والرواية مرسلة،
ومتنها مضطرب، فلا عبرة بها، ثم لا يعلم القائل (5).
وفي الفقيه عن جامع محمد بن الحسن: إذا كانت ابنة أكثر من خمس سنين أو
ست دفنت ولم تغسل، وإن كانت أقل من خمس غسلت. وأنه ذكر عن الحلبي
حديثا في معناه عن الصادق عليه السلام (6). وفي الذكرى: وأسند الصدوق في كتاب
المدينة ما في الجامع إلى الحلبي عن الصادق عليه السلام (7).
قلت: والظاهر السقوط من قلم الشيخ أو غيره.
وقال ابن طاووس: ما في التهذيب من لفظ أقل وهم (8).
وفي التذكرة (9) والمنتهى: أن العلماء أجمعوا على جواز تغسيل النساء
الصبي (10)، قال في التذكرة: مجردا، وإن كان أجنبيا اختيارا أو (11) اضطرارا قال

(1) المقنعة: ص 87.
(2) في س و م: (نحوه).
(3) المراسم: ص 50.
(4) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 341 ح 999 وذيله.
(5) المعتبر: ج 1 ص 324.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 155 ذيل الحديث 429.
(7) ذكرى الشيعة: ص 39 س 20.
(8) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 39 س 19.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 27.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 436 س 25.
(11) في ك و م: (و).
224

فيهما: لكن اختلفوا في تقديره (1). وفي التذكرة: وكذا للرجل غسل الصبية إجماعا
منا، لكن اختلف في التقدير (2).
وفي نهاية الإحكام: للنساء غسل الطفل مجردا من ثيابه إجماعا، وإن كان
أجنبيا اختيارا واضطرارا، لكن اختلف في تقديره، وكذا يغسل الرجل الصبية عند
جميع علمائنا إذا كانت بنت ثلاث سنين مجردة وإن كانت أجنبية (3).
واختار في الكل التقدير فيهما بثلاث سنين، لأنه وفاق، وما فوقها الأولى
اتباع عموم الأوامر فيها.
قلت: إنما أفاد ما رأيناه من الأوامر بأن لا يغسل الرجل إلا رجل والمرأة إلا
امرأة، والطفل خارج عن مفهوم الاسمين، فإذا جاز النظر واللمس في الحياة
استصحب إلى وجدان معارض.
(ويجب تغسيل كل مظهر للشهادتين وإن كان مخالفا) للحق (عدا
الخوارج والغلاة) كذا في التحرير (4) والارشاد (5) أيضا، ولم أر موافقا له في
التنصيص على وجوب تغسيل المخالف.
ونص المفيد على الحرمة لغير تقية (6)، وهو الوجه عندي إذا قصد اكرامه
لنحلته أو لاسلامه، وحينئذ لا استثناء لتقية أو غيرها، ومن التقية هنا حضور أحد
من أهل نحلته، فإن الغسل كرامة للميت، ولا يصلح لها غير المؤمن، وإنما يجب إذا
حضر أحد من أهل نحلته لئلا يشيع عندهم أنا لا نغسل موتاهم فيدعو ذلك إلى
تعسر تغسيلنا موتانا أو تعذره.
ويمكن تنزيل الوجوب الذي قال به المصنف عليه، وإن أراد الظاهر فلعله
استند إلى العمومات كقولهم عليهم السلام: غسل الميت واجب (7)، ومضمر أبي خالد: إغسل

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 28.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 31.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 231.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 22.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 229.
(6) المقنعة: ص 85.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 678 ب 1 من أبواب غسل الميت ح 1.
225

كل الموتى: الغريق، وأكيل السبع، وكل شئ إلا ما قتل بين الصفين (1)، وضعفه
واضح.
وفي المراسم (2) والمهذب (3): أن المخالف لا يغسل، وفي الشرائع جوازه (4)
للأصل. وفي المبسوط (5) والنهاية (6) والجامع (7) كراهته.
ولا خلاف بين القولين بالجواز والحرمة إذا نزلت الحرمة على ما ذكرناه، ولا
ينافيه استثناء التقية لجواز أن يكون للدلالة على المراد.
وبالجملة فجسد المخالف كالجماد لا حرمة له عندنا، فإن غسل كغسل
الجمادات من غير إرادة إكرام لم يكن به بأس، وعسى يكون مكروها لتشبيهه
بالمؤمن، وكذا إن أريد إكرامه لرحم أو صداقة ومحبة، وإن أريد إكرامه لكونه أهلا
له لخصوص نحلته أو لأنها لا يخرجه عن الاسلام والناجين حقيقة فهو حرام،
وإن أريد إكرامه لإقراره بالشهادتين احتمل الجواز.
وأما استثناء الخوارج والغلاة فللحكم بكفرهم والاتفاق على أن الكافر لا
يغسل كما في التذكرة (8) والذكرى (9)، وكذا كل من حكم بكفره ممن أنكر شيئا من
ضروريات الدين مع علمه بكونه منها.
(و) كذا الاجماع والنصوص (10) على استثناء (الشهيد) ولم يستثنه
لعروض المنع من غسله، وهو (المقتول) في الجهاد مسلما أو بحكمه من
الأطفال والمجانين (بين يدي الإمام) كما في المقنعة (11) والمراسم (12)

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 688 ب 4 من أبواب غسل الميت ح 6.
(2) المراسم: ص 45.
(3) المهذب: ج 1 ص 56.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37.
(5) المبسوط: ج 1 ص 181.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 257.
(7) الجامع للشرائع: ص 57.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 40 س 35.
(9) ذكرى الشيعة: ص 42 س 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 698 ب 14 من أبواب غسل الميت.
(11) المقنعة: ص 84.
(12) المراسم: ص 45.
226

والشرائع (1)، أو نائبه كما في المبسوط (2) والنهاية (3) والسرائر (4) والوسيلة (5)
والمهذب (6) والجامع (7) والمنتهى (8).
والمراد بالإمام ما يعم النبي صلى الله عليه وآله، أو في كل جهاد حق كما في المعتبر (9)
والغنية (10) والإشارة (11) وظاهر الكافي (12)، واحتمل في التذكرة (13) ونهاية
الإحكام (14)، ورجح في الذكرى (15) لعموم الشهيد، ويمنع. وقول الصادق عليه السلام في
حسن أبان بن تغلب: الذي يقتل في سبيل الله يدفن في ثيابه ولا يغسل (16). ومضمر
أبي خالد: اغسل كل الموتى الغريق وأكيل السبع، وكل شئ إلا ما قتل بين
الصفين (17).
وفي عمومه نظر، ولأصل البراءة من التغسيل، وفيه أن الأصل في موتى
المسلمين وجوبه.
ثم إنما يستثنى الشهيد (إن مات في المعركة) فإن نقل منها وبه رمق أو
انقضى الحرب وبه رمق غسل، لأنه لم يمت بين الصفين، ولنحو قول الصادق عليه السلام
في خبر أبان بن تغلب: إلا أن يكون به رمق ثم مات، فإنه يغسل ويكفن
ويحنط (18). وفي حسنه: إلا أن يدركه المسلمون وبه رمق ثم يموت بعد، فإنه

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37.
(2) المبسوط: ج 1 ص 181.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 253.
(4) السرائر: ج 1 ص 166.
(5) الوسيلة: ص 63.
(6) المهذب: ج 1 ص 54.
(7) الجامع للشرائع: ص 49.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 433 س 24.
(9) المعتبر: ج 1 ص 311.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 19.
(11) إشارة السبق: ص 76.
(12) الكافي في الفقه: ص 237.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 41 س 14.
(14) نهاية الإحكام: ج 2 ص 236.
(15) ذكرى الشيعة: ص 41 س 15.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 700 ب 14 من أبواب غسل الميت ح 9.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 698 ب 14 من أبواب غسل الميت ح 3.
(18) وسائل الشيعة: ج 2 ص 700 ب 14 من أبواب غسل الميت ح 7.
227

يغسل ويكفن ويحنط (1). وظاهرهما وغيرهما أنه يكفي في وجوب التغسيل
إدراكه حيا وإن لم ينقض الحرب ولا نقل من المعركة كما في المهذب (2)
والذكرى (3) وكأنه بمعناه قول المفيد: والمقتول بين يدي إمام المسلمين إذا مات
من وقته - إلى أن قال: - وإن لم يمت في الحال وبقي ثم مات بعد ذلك غسل وكفن
وحنط (4).
وفي المنتهى: لو جرح في المعركة ومات قبل أن ينقضي الحرب وينقل عنها
فهو شهيد، قاله الشيخ، وهو حسن، لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وآله إنه قال يوم أحد: من
ينظر ما فعل سعد بن الربيع؟ فقال رجل: أنا أنظر لك يا رسول الله، فنظر فوجده
جريحا به رمق فقال له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمرني أن أنظر في الأحياء أنت أم في
الأموات، فقال: أنا في الأموات، فأبلغ رسول الله صلى الله عليه وآله عني السلام، قال: ثم لم
أبرح أن مات ولم يأمر النبي صلى الله عليه وآله بتغسيل أحد منهم (5) انتهى.
فالشهيد إن مات في المعركة أو قبل ادراكه حيا (صلي عليه) عندنا ودفن
(من غير غسل ولا كفن) إن لم يكن عاريا، بمعنى أنه لا يجوز نزع ثيابه
وابدالها (6) بالكفن.
أما الزيادة على الثياب فلا بأس كما في حسن زرارة وإسماعيل بن جابر عن
أبي جعفر عليه السلام: دفن النبي صلى الله عليه وآله عمه حمزة في ثيابه بدمائه التي أصيب فيها ورداه
النبي برداء (عليه السلام). ويأتي استثناء ما ينزع عن الشهيد.
(فإن) كان عاريا أو (جرد كفن) وجوبا (خاصة) أي من غير غسل
كما في خبر أبان بن تغلب عن الصادق عليه السلام: أن النبي صلى الله عليه وآله كفن حمزة لأنه

(1) المصدر السابق ح 9.
(2) المهذب: ج 1 ص 55.
(3) ذكرى الشيعة: ص 41 س 8.
(4) المقنعة: ص 84.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 433 س 29، وفيه: (قال الشيخ).
(6) في س و م: (وابداله).
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 700 ب 14 من أبواب غسل الميت ح 8.
228

جرد (1).
(ويؤمر) وجوبا كما هو صريح سلار (2) وابن إدريس (3) وظاهر الأكثر،
وفيه نظر كما في الذكرى (4) للأصل، وعدم انتهاض الدليل عليه (من وجب
قتله) قودا أو حدا (بالاغتسال قبله ثلاثا على إشكال) من إطلاق النص
والفتوى وعهدة الوحدة في أغسال الأحياء وأصل البراءة، ومن أن الظاهر أنه
غسل الميت يقدم عليه، وهو مقرب نهاية الإحكام (5).
(والتكفين والتحنيط) قال الصادق عليه السلام في خبر مسمع: المرجوم
والمرجومة يغسلان ويحنطان ويلبسان الكفن قبل ذلك، ثم يرجمان ويصلى
عليهما، والمقتص منه بمنزلة ذلك يغسل ويحنط ويلبس الكفن ويصلى عليه (6).
ونحوه أرسل في الفقيه عن أمير المؤمنين عليه السلام (7). وهما ضعيفان.
لكن قال المحقق: غير أن الخمسة أفتوا بذلك وأتباعهم، ولم أعلم لأصحابنا
فيه خلافا، ولا طعن بالارسال مع العمل، كما لا حجة في الاسناد المفرد وإن
اتصل، فإنه كما لا يفيد العلم لا يفيد العمل (8)، انتهى.
واقتصر الأكثر ومنهم المصنف في المنتهى (9) والنهاية (10) على ما في الخبرين
من المرجوم والمقتول قودا، واقتصر المفيد (11) وسلار (12) على الأخير، والتعميم
خيرة الشرائع (13) والجامع (14)، واستظهره الشهيد للمشاركة في السبب (15).

(1) المصدر السابق ح 7.
(2) المراسم: ص 46.
(3) السرائر: ج 1 ص 167.
(4) ذكرى الشيعة: ص 42 س 24.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 238.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 703 ب 17 من أبواب غسل الميت ح 1.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 157 ح 44.
(8) المعتبر: ج 1 ص 347.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 434 س 22.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 238.
(11) المقنعة: ص 85.
(12) المراسم: ص 46.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37.
(14) الجامع للشرائع: ص 50.
(15) ذكرى الشيعة: ص 42 س 27.
229

والأقرب العدم كما في المنتهى (1) لكونه قياسا، وليس في المبسوط ذكر
التكفن (2)، وفي الجامع التحنط، وفي الخلاف والشرائع شئ منهما، والظاهر
الاختصار.
(ويجزئ) ما فعله في حياته عنه بعد القتل كما في الخلاف (3) والمبسوط (4)
والمهذب (5) والسرائر (6) والشرائع (7) والمعتبر ونفى فيه الريب عنه (8).
وعن محمد بن قيس الثقة عن أبي جعفر عليه السلام: أن رجلا أتى أمير
المؤمنين عليه السلام فقال: إني زنيت فطهرني، إلى أن ذكر أنه عليه السلام رجمه، فلما مات
أخرجه فصلى عليه ودفنه، فقيل: يا أمير المؤمنين لم لا تغسله؟ قال: قد اغتسل بما
هو طاهر إلى يوم القيامة (9).
وقال في الذكرى: ولا يضر تخلل الحدث بعده (10). يعني الأصغر، للامتثال،
وفي أثنائه يمكن مساواته لغسل الجنابة. ويؤيده قول المفيد: فيغتسل كما يغتسل
من الجنابة (11).
وفي تداخل باقي الأغسال فيه نظر، من فحوى الأخبار السابقة كما في خبر
زرارة عن الباقر عليه السلام في الميت جنبا: يغسل غسلا واحدا يجزئ للجنابة ولغسل
الميت، لأنهما حرمتان اجتمعتا في حرمة واحدة (12)، انتهى.
والاجزاء إذا قتل بالسبب الذي اغتسل لأن يقتل بسببه، فلو اغتسل ثم مات
حتف أنفه أو قتل بسبب آخر لم يجزئ، كما قطع به في الموت حتف أنفه في

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 434 س 28.
(2) في س و م: (التكفين).
(3) الخلاف: ج 1 ص 713 المسألة 521.
(4) المبسوط: ج 1 ص 181.
(5) المهذب: ج 1 ص 55 - 56.
(6) السرائر: ج 1 ص 167.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37.
(8) المعتبر: ج 1 ص 347.
(9) وسائل الشيعة: ج 18 ص 375 ب 14 من أبواب حد الزنا ح 4.
(10) ذكرى الشيعة: ص 42 س 27.
(11) المقنعة: ص 85.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 721 ب 31 من أبواب غسل الميت ح 1.
230

التذكرة (1) ونهاية الإحكام (2)، لعموم الأمر بتغسيل الموتى وأصل عدم الاجزاء،
خرج ما قطعنا بخروجه، ويظهر من نهاية الإحكام الاستشكال في القتل بسبب
آخر، لاستشكاله فيمن وجب قتله لزنا، فاغتسل ثم حضر ولي القصاص وطالب
به هل يغتسل ثانيا، لكن قرب الاغتسال (3).
(ولو) مات رجل مسلم و (فقد المسلم والكافر) الذي يؤمر بتغسيله
فيغسله (وذات الرحم) والزوجة، ولعله عمم ذات الرحم لها مجازا، أو (4) تركها
لدلالة ذكرها، والكافر على فقدها (دفن بغير غسل) وفاقا للمقنع (5) والنهاية (6)
والمبسوط (7) والمهذب (8) والوسيلة (9) والجامع (10) والشرائع (11) والإصباح (12)،
والمعتبر، وفيه أنه المشهور (13). ونسب في التذكرة إلى علمائنا (14)، وبه صحيحا ابن
أبي يعفور (15) وأبي الصباح (16) وخبر الشحام عن الصادق (17) عليه السلام. واستدل أيضا
بأصل حرمة اللمس والنظر، وإنما يتم مع التجريد.
وهل ييمم؟ في التذكرة (18) ونهاية الإحكام: لا (19)، ويعطيه كلام المعتبر (20)،
ونسب في التذكرة إلى علمائنا (21)، وظاهر الكافي (22) وموضع من التهذيب

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 41 س 41.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 238.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 238.
(4) في س و م: (و).
(5) المقنع: ص 20.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 255.
(7) المبسوط: ج 1 ص 175.
(8) المهذب: ج 1 ص 56.
(9) الوسيلة: ص 63.
(10) الجامع للشرائع: ص 50
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 16.
(13) المعتبر: ج 1 ص 325.
(14) تذكره الفقهاء: ج 1 ص 40 س 26
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 708 ب 21 من أبواب غسل الميت ح 2.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 709 ب 21 من أبواب غسل الميت ح 4.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 707 ب 20 من أبواب غسل الميت ح 7.
(18) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 35.
(19) نهاية الإحكام: ج 2 ص 232.
(20) المعتبر: ج 1 ص 325.
(21) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 35.
(22) الكافي في الفقه: ص 237.
231

وجوب غسله من وراء الثياب (1)، وجعله ابن زهرة أحوط (2).
قال الشيخ: من غير مماسة شئ من أعضائه (3)، والآخران: وهن
مغمضات (4). وبه خبر زيد عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام قال: إذا مات الرجل
في السفر ليس له فيهن امرأته ولا ذو محرم يؤزرنه إلى الركبتين ويصببن عليه
الماء صبا، ولا ينظرن إلى عورته، ولا يلمسنه بأيديهن ويطهرنه (5). وخبر جابر عن
الباقر عليه السلام فيمن مات ومعه نسوة وليس معهن رجل، قال: يصببن عليه الماء من
خلف الثوب ويلففنه في أكفانه من تحت الستر (6).
ويمكن اختصاصه بذوات المحرم، وجمعوا بينهما وبين الأخبار الأولة
بحملها على التغسيل مجردا، وجمع في الإستبصار (7) وموضع من التهذيب (8)
باستحباب التغسيل خلف الثياب، ويحتمله كلام الحلبيين (9)، ولا ينافيه كلام
الباقين، لاحتمال نفيهم الوجوب.
ولا ريب أن التغسيل أحوط، وإن ضعف الخبران.
وقال في المنتهى: لا اعتداد بصب الماء عليه من غير عصر الثوب (10). وفي
المقنعة: إنهن يغسلن الصبي ابن أكثر من خمس من فوق الثياب إذا لم يكن رجل
ولا ذات محرم (11). ولم يذكر الرجل صريحا، وإن احتمل كلامه.
(ولا تقربه الكافرة) وإن كانت زوجته أو ذات محرم له، لأنه لا عبرة

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 437 ذيل الحديث 1409.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 23.
(3) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 343 ذيل الحديث 1003.
(4) الكافي في الفقه: ص 237 والغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 22.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 710 ب 22 من أبواب غسل الميت ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 711 ب 22 من أبواب غسل الميت ح 5.
(7) الإستبصار: ج 1 ص 204 ذيل الحديث 720.
(8) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 442 ذيل الحديث 1427.
(9) الكافي في الفقه: ص 237 والغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 23.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 436 س 20.
(11) المقنعة: ص 87.
232

بتغسيلها، ولا نص ولا فتوى هنا كما في المساوي بايقاع صورة الغسل تعبدا.
وأما على ما ذكرناه من تصوير تغسيل الكافر والكافرة فالاحتياط التغسيل،
ويؤيده عموم أخبار الزوجة وذوات الأرحام.
(وكذا المرأة) إذا ماتت وفقدت المسلمة والكافرة والزوج وذو الرحم
دفنت بغير غسل، وفاقا للمقنع (1) والنهاية (2) والوسيلة (3) والمهذب (4) والجامع (5)
والشرائع (6) والإصباح (7) والمبسوط (8) والخلاف (9) والمعتبر (10)، ولا تيمم وفاقا
للثلاثة الأخيرة (11) ونهاية الإحكام (12) والتذكرة (13).
ونسب نفيهما في التذكرة إلى علمائنا (14). وصريح الخلاف الاجماع على نفي
الغسل، ويحتمله على نفي التيمم أيضا (15). وصريح المبسوط: إن المذهب أنه لا
يجوز لأحد أن يغسلها ولا يتيممها (16). وينفي الغسل صحيح الكناني (17) وأخبار
سماعة (18) والشحام (19) وداود بن سرحان عن الصادق عليه السلام (20) ومضمر عبد الرحمن

(1) المقنع: ص 20.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 256.
(3) الوسيلة: ص 63.
(4) المهذب: ج 1 ص 56.
(5) الجامع للشرائع: ص 50.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 16.
(8) المبسوط: ج 1 ص 175.
(9) الخلاف: ج 1 ص 698 المسألة 485.
(10) المعتبر: ج 1 ص 325.
(11) المبسوط: ج 1 ص 175، والخلاف: ج 1 ص 698 المسألة 485، والمعتبر: ج 1 ص 325.
(12) نهاية الإحكام: ج 2 ص 232.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 35.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 35.
(15) الخلاف: ج 1 ص 698 ذيل المسألة 485.
(16) المبسوط: ج 1 ص 175.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 709 ب 21 من أبواب غسل الميت ح 4.
(18) وسائل الشيعة: ج 2 ص 707 ب 20 من أبواب غسل الميت ح 9.
(19) المصدر السابق ح 7.
(20) وسائل الشيعة: ج 2 ص 709 ب 21 من أبواب غسل الميت ذيل الحديث ح 4.
233

بن أبي عبد الله (1).
واستدل المحقق للتيمم بمشاركته للغسل في لزوم الاطلاع المحرم وإن قل (2).
وظاهر الحلبي وجوب غسلها من وراء الثياب مع إغماض العين (3)، وجعله ابن
زهرة أحوط (4)، وهو كذلك.
ويؤيده قول الصادق عليه السلام في خبر أبي بصير: إذا ماتت المرأة مع قوم ليس لها
فيهم محرم يصبون الماء عليها صبا (5). وفي خبر عبد الله بن سنان: غسلها بعض
الرجال من وراء الثوب، ويستحب أن يلف على يديه خرقة (6). وقول أبي
جعفر عليه السلام في خبر جابر: يصبون الماء من خلف الثوب (7). وإن ضعفت الأخبار،
واحتملت الصب على مواضع التيمم منها أو الوضوء خاصة، والأخيران
الاختصاص بالمحارم، واحتمل استحبابه في الإستبصار (8).
(وروي) عن المفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام: (إنهم يغسلون
محاسنها) أي (يديها ووجهها) قال عليه السلام: يغسل منها ما أوجب الله عليه
التيمم، ولا يمس، ولا يكشف لها شئ من محاسنها التي أمر الله بسترها، قال:
كيف يصنع بها؟ قال عليه السلام: يغسل بطن كفيها، ثم يغسل وجهها، ثم يغسل ظهر
كفيها (9). وأجيز في التهذيب (10) والنهاية (11) والمبسوط (12) العمل عليه، واستحب
في الإستبصار (13)، وليس في خبر آخر له غسل ظهر الكفين.

(1) المصدر السابق ح 3.
(2) المعتبر: ج 1 ص 325.
(3) الكافي في الفقه: ص 237.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 23.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 712 ب 22 من أبواب غسل الميت ح 10.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 711 ب 22 من أبواب غسل الميت ح 9.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 711 ب 22 من أبواب غسل الميت ح 5.
(8) الإستبصار: ج 1 ص 204 ذيل الحديث 719.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 710 ب 22 من أبواب غسل الميت ح 1.
(10) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 442 ذيل الحديث 1427.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 256.
(12) المبسوط: ج 1 ص 175.
(13) الإستبصار: ج 1 ص 203 ذيل الحديث 716.
234

وقال عليه السلام في خبر أبي بصير: يغسل منها موضع الوضوء (1)، وفي صحيح داود
ابن فرقد: يغسلون كفيها (2)، ونحوه في خبر جابر.
وفي خبر زيد عن آبائه عن أمير المؤمنين عليه السلام: أن نفرا أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله
فقالوا: إن امرأة توفيت معنا وليس معها ذو محرم، فقال: كيف صنعتم بها؟ فقالوا:
صببنا عليها الماء صبا، فقال: أما وجدتم امرأة من أهل الكتاب تغسلها؟ فقالوا: لا،
فقال: أفلا يممتموها؟! (3) لكنه ضعيف، ويحتمل كون التيمم بمعنى غسل مواضعه.
(ويكره أن يغسل) المؤمن (مخالفا) من المسلمين لغير ضرورة كما في
المبسوط (4) والنهاية (5) والجامع (6) والشرائع (7).
(فإن اضطر) إليه (غسله غسل أهل الخلاف) كما في تلك الكتب لا
غسلنا، فإنه إنما يضطر إليه تقية وشبهها ولما في غسلنا من زيادة الاكرام، ولعل
جمعه بين وجوب تغسيله وكراهيته، بمعنى أنه يجب ايقاع غسله، لكن يكره أن
يتولاه المؤمن بنفسه إلا مع الضرورة، وقد (8) يكون أشار به إلى احتمال ذلك في
كلام الشيخ (9) وابني سعيد (10).
(المطلب الثاني:)
(في الكيفية)
(ويجب أن يبدأ الغاسل بإزالة النجاسة) العارضة (عن بدنه) كما في

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 711 ب 22 من أبواب غسل الميت ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 710 ب 22 من أبواب غسل الميت ح 2.
(3) المصدر السابق ح 4.
(4) المبسوط: ج 1 ص 181.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 257.
(6) الجامع للشرائع: ص 57.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 37.
(8) ليس في ص و ك.
(9) المبسوط: ج 1 ص 181.
(10) الجامع للشرائع: ص 57، شرائع الاسلام: ج 1 ص 37.
235

الشرائع (1) والمعتبر (2)، بلا خلاف كما في المنتهى (3)، وفي التذكرة (4) ونهاية
الإحكام (5) إجماعا، وفيهما (6) وفي المعتبر (7) التعليل بأنه يجب إزالة النجاسة
الحكمية عنه فالعينية أولى، ولصون ماء الغسل من التنجس، وبخبر يونس
عنهم:: إمسح بطنه مسحا رفيقا، فإن خرج منه شئ فانقه (8).
والمراد إزالة النجاسة عن كل عضو قبل تغسيله، إذ لا دليل على وجوبها عن
الرجل - مثلا - قبل غسل الرأس، وإن تضمن الخبر غسل الفرج قبل أول الغسلة
الأولى، ثم قبل أول الثانية إن خرج منه شئ بعد مسح البطن فإنه مع الخصوص
ليس نصا في الوجوب وإن كان الأولى اتباعه.
وليس في المهذب إلا تقديم إزالة النجاسة (9) من غير نص على الوجوب، ولا
في النافع إلا وجوب الإزالة (10) من غير نص على التقديم، ولا في الوسيلة إلا
وجوب التنجية (11) من غير نص على القبلية، ويجوز عمومها لإزالة كل نجاسة، ولا
في الكافي إلا تقديمها (12) من غير نص على الوجوب.
وفي المقنعة (13) والنهاية (14) والمبسوط (15) والاقتصاد (16) والمصباح (17)
ومختصره والمراسم (18) والسرائر (19) والإشارة (20) إلا تقديم تنجيته أو غسل

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38.
(2) المعتبر: ج 1 ص 264.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 428 س 28.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 31.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 223.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 32، نهاية الإحكام: ج 2 ص 223.
(7) المعتبر: ج 1 ص 264.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(9) المهذب: ج 1 ص 57 - 58.
(10) المختصر النافع: ص 12.
(11) الوسيلة: ص 64.
(12) الكافي في الفقه: ص 134.
(13) المقنعة: ص 76.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 246.
(15) المبسوط: ج 1 ص 178.
(16) الإقتصاد: ص 248.
(17) مصباح المتهجد: ص 18.
(18) المراسم: ص 48.
(19) السرائر: ج 1 ص 159.
(20) إشارة السبق: ص 76.
236

فرجه بالسدر والأشنان أو أحدهما، وهو مستحب، وليس من إزالة النجاسة بمعنى
التطهير الشرعي. وليس في الغنية إلا وجوب غسل فرجه ويديه مع النجاسة
والاجماع عليه (1).
وكأنه لا خلاف في وجوب تطهيره من النجاسة وإن لم يتعرض له الأكثر،
وكأنه المعني بالاجماع المحكي في التذكرة (2) ونهاية الإحكام (3)، لكن وجوب
تقديمه على الأغسال مبني على تنجس ماء الغسل. وفيه من الكلام مثل ما مر في
الجنابة، ويزيد هنا أن بدن الميت نجس منجس للماء لا يطهر إلا بعد التغسيل،
فالتقديم ممتنع، إلا أن يجوز الطهارة من نجاسة دون أخرى ولم يعهد، فالظاهر أن
الفاضلين وكل من ذكر تقديم الإزالة أو التنجية أرادوا إزالة العين لئلا يمتزج بماء
الغسل، وإن لم يحصل التطهير.
(ثم) يجب أن (يستر عورته) عن نفسه وعن كل ناظر محترم (ثم
يغسله ناويا) كما في الخلاف (4) والكافي (5) والمهذب (6) والإشارة (7)، لتشبيهه
في الأخبار بغسل الجنابة، وتعليله بخروج النطفة منه (8)، والاحتياط، وكونه عبادة.
ونسب الاجماع عليه إلى الخلاف (9)، وليس فيما عندنا من نسخه ونسخ المؤتلف.
وهل تكفي نية واحدة للأغسال الثلاثة؟ وجهان، ومنصوص الإشارة
التعدد (10)، وحكي عن مصريات السيد عدم وجوب النية (11)، وهو خيرة
المنتهى (12) للأصل. ومنع كونه عبادة إلا مع النية، لاحتمال كونه إزالة نجاسة، ولذا

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 14.
(2) تذكرة الفقهاء: ص 38 س 32.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 223.
(4) الخلاف: ج 1 ص 692 المسألة 469.
(5) الكافي في الفقه: ص 135.
(6) المهذب: ج 1 ص 57.
(7) إشارة السبق: ص 75.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 685 ب 3 من أبواب غسل الميت.
(9) نسبه إليه في ذكرى الشيعة: ص 44 س 35.
(10) إشارة السبق: ص 75.
(11) المصدر السابق.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 435 س 29.
237

تردد المحقق في المعتبر (1) والمصنف في النهاية (2) وظاهر التذكرة (3).
والمشهور وجوب ثلاثة أغسال، قال المحقق: إنه مذهب الأصحاب خلا
سلا ر (4)، ونسب إلى الخلاف الاجماع عليه (5)، وإنما فيه الاجماع على التثليث من
غير تصريح بوجوبه.
ويؤيد الوجوب التأسي، وظاهر الأوامر في الأخبار، كقول الصادق عليه السلام
لابن مسكان في الصحيح: اغسله بماء وسدر، ثم اغسله على أثر ذلك غسلة
أخرى بماء وكافور وذريرة إن كانت، واغسله الثالثة بماء قراح قلت: ثلاث
غسلات لجسده كله؟ قال: نعم (6). وفي خبر الحلبي: يغسل الميت ثلاث غسلات:
مرة بالسدر، ومرة بالماء يطرح فيه الكافور، ومرة أخرى بالماء القراح (7).
ولم يوجب سلار إلا غسلة واحدة بالقراح (8) للأصل، وما نطق من الأخبار
بالتشبيه بغسل الجنابة أو التعليل بخروج النطفة منه، وقول أحدهما عليهما السلام في خبر
أبي بصير في الجنب إذا مات: ليس عليه إلا غسلة واحدة (9).
والأصل معارض بما ذكر، ويجوز كون التشبيه في الكيفية والتعليل لغسلة من
الغسلات، وكون الثلاث غسلا واحدا، وكل واحدة كغسلة من الغسلات الثلاث
لعضو، وكون المطهر حقيقة من نجاسة الموت والجنابة الغسل بالقراح.
ثم المشهور وجوب أن يكون أحد الأغسال بماء السدر، والآخر بماء
الكافور، والآخر بالقراح لغير أدلة وجوب الثلاثة.

(1) المعتبر: ج 1 ص 265.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 223.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 33.
(4) المعتبر: ج 1 ص 265.
(5) الخلاف: ج 1 ص 694 المسألة 476.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 681 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 4.
(8) المراسم: ص 47.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 721 ب 31 من أبواب غسل الميت ح 4.
238

واستحبه ابنا حمزة (1) وسعيد (2)، ولعله للأصل، وللتشبيه بغسل الجنابة، وخلو
بعض الأخبار عن السدر كخبر الكاهلي (3)، وقول الصادق عليه السلام في خبر أبي
العباس: تبدأ بميامنه وتغسله بالماء والحرض، ثم بماء وكافور، ثم تغسله بماء
القراح (4).
وضعف الجميع ظاهر، ولم يصرح الشيخ في المبسوط (5) والنهاية الغسل
بالسدر في الغسل الأول إلا في غسل الرأس (6)، ثم المعروف في النصوص
والفتاوى كون الأول بماء السدر والثاني بماء الكافور والثالث بالقراح.
وفي المختلف (7) والذكرى (8) والبيان (9): أنه يلوح من ابن حمزة استحباب
هذا الترتيب.
والصواب استحبابه الخليط كما حكيناه، ولكن في صحيح يعقوب بن يقطين
عن العبد الصالح عليه السلام أنه قال: تبدأ غسل الميت بمرافقه فيغسل بالحرض، ثم
يغسل وجهه ورأسه بالسدر، ثم يفاض عليه الماء ثلاث مرات، ولا يغسلن إلا في
قميص يدخل رجل يده ويصب عليه من فوقه، ويجعل في الماء شئ من سدر
وشئ من كافور (10). وهو مجمل، وينبغي حمله على التفصيل المعروف.
ولو أخل بالترتيب فقدم الكافور أو القراح ففي التذكرة (11) ونهاية
الإحكام (12) وجهان، من حصول الانقاء، ومن مخالفة الأمر، وهو أوجه.
والمراد (بماء) السدر ماء (طرح فيه من السدر ما يقع عليه اسمه) أي

(1) الوسيلة: ص 64.
(2) الجامع للشرائع: ص 51.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 681 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 9.
(5) المبسوط: ج 1 ص 177.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 246.
(7) مختلف الشيعة: ج 1 ص 387.
(8) ذكرى الشيعة: ص 45 س 3.
(9) البيان: ص 24.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 7.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 5.
(2 1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 224.
239

السدر كما هو ظاهر العبارة، وكلامه في المنتهى (1) والنهاية (2) وقول الشيخ في
النهاية (3) والمبسوط (4) والاقتصاد (5) شئ من السدر، وقول ابن إدريس (6) مثله،
وقول صاحب الجامع قليل سدر (7).
ويحتمل اسم ماء السدر كما في الخلاف (8) والإصباح (9) ومختصره والجمل
والعقود (10) وجمل العلم والعمل (11) والفقيه (12) والهداية (13) والمقنع (14) والوسيلة (15)
والغنية (16) والإصباح (17) والإشارة (18) والكافي (19) والارشاد (20) والتبصرة (21)، وهو
ظاهر التحرير حيث قال: وأقل ما يلقى في الماء من السدر ما يحصل به
الاسم (22)، ويحتملهما عبارة الشرائع (23)، ويشترط كما في الإشارة (24). ويعطيه
عبارة الجامع أن لا يخرج الماء به عن الاطلاق (25).
(ولو خرج به عن الاطلاق لم يجز) لخروجه به عن الطهورية.
قلت: لا دليل على لزوم كونه طهورا شرعا، والذي في الأخبار الغسل بالسدر

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 429 س 7.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 223.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 245.
(4) المبسوط: ج 1 ص 177.
(5) الإقتصاد: ص 248.
(6) السرائر: ج 1 ص 160.
(7) الجامع للشرائع: ص 51.
(8) الخلاف: ج 1 ص 694 مسألة 476.
(9) مصباح المتهجد: ص 18.
(10) الجمل والعقود: ص 48.
(11) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 50.
(12) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 148 ح 415.
(13) الهداية: ص 24.
(14) المقنع: ص 18.
(15) الوسيلة: ص 64.
(16) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 15.
(17) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 15.
(18) إشارة السبق: ص 75.
(19) الكافي في الفقه: ص 134.
(20) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 230.
(21) تبصرة المتعلمين: ص 11.
(22) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 10.
(23) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38.
(24) إشارة السبق: ص 75.
(25) الجامع للشرائع: ص 18.
240

أو بمائه أو بماء وسدر، فيشترط أن يصدق الغسل به أو بمائه.
ولا يكفي في ذلك ورقة ولا سبع ورقات، وفي الشرائع: أقل ما يلقى في الماء
من السدر ما يقع عليه الاسم، وقيل: مقدار سبع ورقات (1). وفي التذكرة: السدر
والكافور لا يبلغ بهما إلى سلب الاطلاق، لصيرورة الماء مضافا، فلا يفيد التطهير،
بل ينبغي أن يكون في الماء قدر سبع ورقات من سدر (2). ونحو منه ما في نهاية
الإحكام (3) والمنتهى: الواجب من السدر أقل ما يطلق عليه الاسم، وقيل: سبع
ورقات (4).
ورواه الشيخ عن عبد الله بن عبيد عن أبي عبد الله عليه السلام قلت: سأله عليه السلام عن
غسل الميت، فقال: يطرح عليه خرقة ثم يغسل فرجه ويوضأ وضوء الصلاة، ثم
يغسل رأسه بالسدر والأشنان، ثم بالماء والكافور، ثم بالماء القراح يطرح فيه سبع
ورقات صحاح من ورق السدر في الماء (5). وظاهره أن السبع ورقات في الماء
القراح كخبر معاوية بن عمار قال: أمرني أبو عبد الله عليه السلام أن أعصر بطنه ثم أوضيه
بالأشنان، ثم أغسل رأسه بالسدر ولحييه، ثم أفيض على جسده منه، ثم أدلك به
جسده، ثم أفيض عليه ثلاثا، ثم أغسله بالماء القراح، ثم أفيض عليه الماء
بالكافور وبالماء القراح، وأطرح فيه سبع ورقات سدر (6).
وفي المقنعة: اعداد نحو رطل من السدر (7)، وفي المهذب: رطل ونصف (8).
وذكر أنه يجعل في أجانة مع الماء ويضرب ليرغو، فيؤخذ رغوته ويجعل في إناء
فيغسل بها رأسه ولحيته (9)، وليس ذلك من الغسل الواجب.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 39.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 223.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 429 س 7.
(5) الإستبصار: ج 1 ص 206 ح 726.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 8.
(7) المقنعة: ص 74.
(8) المهذب: ج 1 ص 56.
(9) المصدر السابق 57.
241

ولا يوهم إضافة ماء السدر الواجب في الغسل كما في الذكرى (1)، لأنهما
ذكرا بعد غسل الرأس واللحية برغوة السدر تغسيله بماء السدر على الترتيب، من
غير نص على أن ماء السدر هو الماء الباقي بعد أخذ الرغوة، فيجوز كونه غيره أو
إياه إذا صب عليه الماء حتى صار مطلقا، مع أن الارغاء لا يستلزم إضافة الماء
الذي تحت الرغوة، خصوصا، وأفاد المفيد أنه يغسل رأسه ولحيته بعد الغسل
بالرغوة بتسعة أرطال من ماء السدر، ثم ميامنه بمثل ذلك، ثم مياسره بمثل ذلك (2)،
وهو ماء كثير، لعله لا يخرج عن الاطلاق برطل من السدر.
ويجب أن يغسله (مرتبا ك‍) غسل (الجنابة) إن لم يغمسه في الماء دفعة
بالنصوص والاجماع كما في الإنتصار (3) والخلاف (4) وظاهر المعتبر (5)
والتذكرة (6).
وفي الإنتصار (7) والمعتبر: أن كل موجب للترتيب في غسل الجنابة موجب له
في غسل الأموات، وأن الفرق بينهما خلاف اجماع الأمة (8)، لكن الصدوق (9)
والقاضي (10) والشيخ في النهاية (11) والمبسوط (12) والمصنف في التذكرة (13)
والنهاية (14) والمنتهى (15) أوجبوا في كل غسلة بعد غسل الرأس ثلاثا أن يغسل من
قرنه إلى قدمه ثلاثا، لخبري الكاهلي (16) ويونس (17).
(ثم بماء) طرح فيه من (الكافور) ما يقع عليه اسمه، ولم يخرجه عن

(1) ذكرى الشيعة: ص 46 س 1.
(2) المقنعة: ص 76.
(3) الإنتصار: ص 36.
(4) الخلاف ج 1 ص 693 المسألة 472.
(5) المعتبر: ج 1 ص 266.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 38.
(7) الإنتصار: ص 36.
(8) المعتبر: ص 266.
(9) المقنع: ص 18.
(10) المهذب: ج 1 ص 58.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 246.
(12) المبسوط: ج 1 ص 178.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 1.
(14) نهاية الإحكام: ج 2 ص 224.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 428 السطر الأخير.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 681 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
242

الاطلاق (كذلك) مرتبا كالجنابة، وفيه جمع ما في ماء السدر من اعتبار اسم
الكافور أو اسم مائه أو الغسل به، والبقاء على الاطلاق والترتيب وقول الشيخ
والصدوق بالغسل من القرن إلى القدم.
وقدر المفيد (1) وسلا ر (2) وابن سعيد الكافور بنصف مثقال (3)، لكن لا يعلم
منهم الوجوب، كيف وسلار إنما يوجب غسلا واحدا بالقراح، وابن سعيد لا
يوجب الخليط؟!
وفي خبر عمار عن الصادق عليه السلام: نصف حبة (4). وفي خبر مغيرة - مؤذن بني
عدي - عنه عليه السلام: أن أمير المؤمنين عليه السلام غسل رسول الله صلى الله عليه وآله بدأ بالسدر، ثم
بثلاثة مثاقيل من كافور (5). وفي خبر يونس عنهم عليهم السلام: والق فيه حبات كافور (6).
وظاهر الحبات فيه غير مصطلح المحاسبين، فيمكن كونها نصف حبة، وشئ
من هذه الأخبار لا يفيد وجوب ما فيه.
وعن الرضا عليه السلام: واغسله مرة أخرى بماء وشئ من الكافور (7). وسمعت
خبر عمار المتضمن لغسله بالقراح قبل الكافور وبعده، فالذي قبله ليس من
الغسلات الواجبة، وإنما هو لتنظيف بدنه من السدر.
وفي المقنع: ويلقى في الماء شئ من جلال الكافور، وشئ من ذريرة
السدر (8).
(ثم كذلك بالقراح) أي الخالص من كل خليط حتى التراب كما قيل، أو
الخليطين كما هو الظاهر، ولا ريب في اشتراط بقاء الاطلاق.
وهل يعتبر خلوه من الخليط رأسا أو القراح، بمعنى أنه لا يعتبر الخليط؟

(1) المقنعة: ص 75.
(2) المراسم: ص 47.
(3) الجامع للشرائع: ص 51.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 684 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 10.
(5) المصدر السابق ح 11.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(7) فقه الرضا: ص 167.
(8) المقنع: ص 18.
243

وجهان، من العدول عن الاطلاق، أو الماء المطلق إلى قيد البحث، أو القراح في
الفتاوى وأكثر الأخبار، والأمر في خبر يونس بغسل الآنية قبل صب القراح
فيها. ومن الأصل والاطلاق في خبر سليمان بن خالد (1)، والأمر بطرح سبع
ورقات سدر فيه في الخبرين المتقدمين (2)، وأن المطلق يطهر من الأحداث
والأخباث فهنا (3) أولى، وعليه منع.
ولعل التحقيق اعتبار أن لا يسمى بماء السدر أو الكافور أو غيرهما، ولا يسمى
الغسل به غسلا بهما أو بغيرهما، وإن اشتمل على شئ منهما أو من غيرهما،
وخصوصا إذا اعتبر بقاء الاطلاق في المائين الأولين، فلا ينافيه طرح سبع
ورقات سدر، خصوصا والمفهوم منه بقاء الورقات على الصحة وعدم الامتزاج.
(ولو فقد السدر والكافور غسله ثلاثا بالقراح [على رأي] (4) لأن
تغسيله ثلاثا واجب، والخليط واجب آخر، فإذا تعذر الثاني لم يسقط الأول،
خصوصا إن تم اشتراط الاطلاق في الغسلتين الأوليين، وجعلتا (5) طهارتين
شرعيتين أو جزين من الطهارة الشرعية.
واكتفى المحقق في كتبه بالمرة (6)، واحتمله المصنف في المختلف (7)
والتحرير (8) والنهاية (9) والمنتهى (10) والتذكرة (11) للأصل، ولأن الواجب الغسل
بالسدر والكافور وقد تعذر، أو الغسل بالقراح مغاير للغسل بهما، ولأن السدر
للتنظيف والكافور للتطييب والحفظ من الهوام وسرعة التغير، فلا يفيد القراح،

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 682 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 8، و ص 689 ب 6 ح 2.
(3) في س، ك و م: (فهاهنا).
(4) جاء في بعض النسخ في هامش الصفحة موضحا عليها خ. ل.
(5) في ك: (وجعلتا جز).
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38، والمعتبر: ج 1 ص 266.
(7) مختلف الشيعة: ج 1 ص 387.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 14.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 257.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 430 س 1.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 38.
244

وضعف الجميع واضح.
وفي المبسوط (1) والنهاية (2) أنه حينئذ يغسل بالقراح، وهو مجمل. وفي
السرائر: أنه لا بأس بتغسيله ثلاثا بالقراح (3).
وفي التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5): أنه إن تعذر السدر ففي تغسيله بما يقوم
مقامه من الخطمي ونحوه إشكال، من عدم النص، وحصول الغرض به. وعندي لا
إشكال في الجواز وعدم الوجوب.
(ولو خيف تناثر جلد المحترق والمجدور) ونحوهما (لو غسله
يممه) بالتراب كتيمم الحي بدلا من الغسل، لعموم بدليته، وخصوص خبر زيد
عن آبائه عن علي عليه السلام: إن قوما أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله فقالوا: مات صاحب لنا وهو
مجدور، فإن غسلناه انسلخ، فقال: يمموه (6)، وللاحتياط، وللإجماع كما في
الخلاف (7).
ويكفي (مرة) كما هو ظاهر إطلاق الأصحاب (على إشكال) من
الاشكال في غسل الميت أهو واحد أم متعدد؟ وعن المصنف: إن اكتفى بالغسل
بالقراح مرة إذا فقد الخليط اكتفى بالتيمم مرة.
(وكذا) ييمم (لو خشي الغاسل على نفسه من استعمال الماء أو
فقد) الماء أو (الغاسل) أي من يعرف الغسل. ويحتمل الغاسل الموافق
ذكوريته أو أنوثيته لما تقدم من خبر زيد: في امرأة ماتت بين رجال (8).
(ويستحب وضع الميت على) شئ مرتفع من (ساجة) ونحوها

(1) المبسوط: ج 1 ص 181.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 257.
(3) السرائر: ج 1 ص 169.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 11.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 225.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 702 ب 16 من أبواب غسل الميت ح 3.
(7) الخلاف: ج 1 ص 717 المسألة 529.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 710 - 711 ب 22 من أبواب عسل الميت ح 4.
245

والساج: خشب أسود يجلب من الهند، والساجة: الخشبة المنشرحة المربعة منها،
لئلا يجتمع تحته ماء الغسل أو يتلطخ بالطين، وليكن منحدرا، موضع رأسه أرفع
من موضع رجليه، لينحدر الماء من أعلاه إلى أسفله دون العكس، إذ قد يخرج من
أسفله شئ.
وفي المنتهى: يضعه على ساجة أو سرير بلا خلاف، لأنه إذا كان على الأرض
سارع إليه الفساد ونالته الهوام (1).
ويستحب وضعه (مستقبل القبلة) بباطن قدميه كما في مصرية السيد (2)
والوسيلة (3) والغنية (4) والإصباح (5) وكتب المحقق (6) للأصل، وخبر يعقوب بن
يقطين سأل الرضا عليه السلام عن الميت كيف يوضع على المغتسل موجها وجهه نحو
القبلة، أو يوضع على يمينه ووجهه نحو القبلة؟ قال: يوضع كيف تيسر (7).
وأوجبه في المنتهى (8)، كما يظهر من المبسوط (9)، لخبري الكاهلي (10)
ويونس (11). ولكن اشتمالها على المندوبات يضعف الوجوب، وقول الصادق عليه السلام
في خبر سليمان بن خالد: إذا غسل يحفر له موضع المغتسل تجاه القبلة، فيكون
مستقبل القبلة بباطن قدميه ووجهه إلى القبلة (12).
وفي المعتبر: اتفاق أهل العلم على الاستقبال (13).

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 428 س 6.
(2) لم نعثر عليه في المسائل المصرية.
(3) الوسيلة: ص 64.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 13.
(5) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 15.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38، المعتبر: ج 1 ص 269 المختصر النافع: ص 12.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 688 ب 5 من أبواب غسل الميت ح 2.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 428 س 7.
(9) المبسوط: ج 1 ص 177.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 681 - 682 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 661 ب 35 من أبواب الاحتضار ح 2.
(13) المعتبر: ج 1 ص 269.
246

ويستحب تغسيله (تحت الظلال) لصحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام
عن الميت هل يغسل في الفضاء؟ قال: لا بأس، وإن ستر بستر فهو أحب إلي (1).
وقول الصادق عليه السلام في خبر طلحة بن زيد، أن أباه [7] كان يستحب أن يجعل
بين الميت وبين السماء ستر، يعني إذا غسل (2).
قال المحقق: وطلحة بن زيد هذا بتري، لكن تنجبر روايته برواية علي بن
جعفر، واتفاق الأصحاب، قال: ولعل الحكمة كراهية أن تقابل السماء بعورة
الميت (3)، ونحوه في الحكمة في التذكرة (4) ونهاية الإحكام (5)، ولعلهما أرادا
المقابلة ولو مستورة أو بالعورة جميع البدن، كما هو ظاهر وصية رسول الله صلى الله عليه وآله
أن يغسله علي عليه السلام (6) لحرمة رؤية عورته على غيره.
(و) يستحب (فتق قميصه) إن افتقر إليه النزع من تحته (ونزعه من
تحته) ذكرهما الشيخان (7) والقاضي (8) وبنو حمزة (9) وسعيد (10) وغيرهم،
لاحتمال تلطخ الذيل بنجاسة فيتلطخ بها الأعالي.
قال المحقق: لا يقال: يلزم لو خلا من النجاسة أن لا تكون هذه الكيفية
مستحبة، لأنا نقول: العلم بخلوه من النجاسة متعذر، وغلبة الظن بالنجاسة
موجودة، إذ المريض من شأنه ذلك، خصوصا عند خروج الروح (11)، انتهى. وقال
الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان: ثم يخرق القميص إذا غسل وينزع من
رجليه (12).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 720 ب 30 من أبواب غسل الميت ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 720 ب 30 من أبواب غسل الميت ح 2.
(3) المعتبر: ج 1 ص 275.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 13.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 222.
(6) بحار الأنوار: ج 22 ص 492 ح 38.
(7) المقنعة: ص 76 النهاية ونكتها: ج 1 ص 246.
(8) المهذب: ج 1 ص 57.
(9) الوسيلة: ص 65.
(10) الجامع للشرائع: ص 52.
(11) المعتبر: ج 1 ص 269.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 727 ب 2 من أبواب التكفين ح 8.
247

(و) يستحب (تليين أصابعه برفق) قبل الغسل، ذكره الشيخان (1)
وغيرهما ليكون أطوع للغسل والتطهير، وفي الخلاف: الاجماع عليه (2)، وفي
المعتبر: أنه مذهب أهل البيت عليهم السلام (3). وإن تصعبت تركت لئلا تنكسر، وفي خبر
الكاهلي: ثم تلين مفاصله، فإن امتنعت عليك فدعها (4). وعمل به القاضي (5)
والمصنف في المنتهى (6) والنهاية (7).
وفي خبر طلحة بن زيد عن الصادق عليه السلام: ولا يغمز له مفصلا (8). وأفتى به
الحسن (9)، وحمل على ما بعد الغسل، فلا يستحب بعده لعدم الفائدة.
(و) يستحب (غسل رأسه برغوة السدر أولا) أي قبل الغسل كما في
الشرائع (10) ونهاية الإحكام (11)، وقضية كلام المنتهى (12)، وكلام الصدوقين في
الرسالة (13) والفقيه (14)، لأنهما ذكرا غسل رأسه ولحيته برغوة السدر ثم بثلاث
حميديات، وكذا روي عن الرضا (15) عليه السلام.
وفي خبر يونس عنهم عليهم السلام ثم اغسل رأسه بالرغوة، وبالغ في ذلك، واجتهد
أن لا يدخل الماء منخريه ومسامعه، ثم أضجعه على جانبه الأيسر، وصب الماء
من نصف رأسه إلى قدميه ثلاث مرات (16) الخبر. ولا دلالة له على خروجه عن

(1) المقنعة: ص 76 النهاية ونكتها: ج 1 ص 246.
(2) الخلاف: ج 1 ص 691 المسألة 468.
(3) المعتبر: ج 1 ص 272.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 681 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
(5) المهذب: ج 1 ص 57.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 428 س 11.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 222.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 694 ب 11 من أبواب غسل الميت ح 4.
(9) مختلف الشيعة: ج 1 ص 382.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 39.
(11) نهاية الإحكام: ج 2 ص 223.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 428 س 32.
(13) نقله عنه في الهداية: ص 24.
(14) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 148 ذيل الحديث 415.
(15) فقه الرضا: ص 166.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
248

الغسل، بل الظاهر أنه أوله. وكذا سائر الأخبار، وعبارات الأصحاب. وعبارة
الكتاب وإن احتملت ذلك كعبارات أكثر كتبه (1)، لكنه لما اشترط في ماء السدر
البقاء على الاطلاق دل ذلك على إرادته ما قدمناه (2).
وأجاز في التذكرة (3) والنهاية (4) حيث استحب غسل الرأس والجسد بالرغوة،
كما يفهم مما مر من خبر معاوية بن عمار (5)، وفي المعتبر: إن غسل رأسه وجسده
برغوة السدر مذهب فقهاء أهل البيت عليهم السلام (6)، وإن تعذر السدر فالخطمي وشبهه
في التنظيف، كما في التذكرة (7) والمنتهى (8) والتحرير (9) ونهاية الإحكام (10)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر عمار: وإن غسلت رأس الميت ولحيته بالخطمي فلا بأس (11).
(ثم) غسل (فرجه بماء السدر والحرض) أي الأشنان كما في
النهاية (12) والمبسوط (13) والوسيلة (14) والمهذب (15) والشرائع (16) والجامع (17)
لخبر الكاهلي (18)، وفيه بتثليث غسله. والاكثار من الماء كما في النهاية (19)
والمبسوط (20)، واقتصر في المقنعة (21) والاقتصاد (22) وا لمصباح (23) ومختصره

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 9، إرشاد الأذهان: ج 1 ص 230، منتهى المطلب: ج 1
ص 428 س 32.
(2) في ص و ك: (ويؤكدها ما بعدها).
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 34.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 323.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 8.
(6) المعتبر: ص 272.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 34.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 284 س 35.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 17 س 9.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 223.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 685 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 12.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 246.
(13) المبسوط: ج 1 ص ص 178.
(14) الوسيلة: ص 65.
(15) المهذب: ج 1 ص 58.
(16) شرائع الاسلام: ج 1 ص 39.
(17) الجامع للشرائع: ص 52.
(18) وسائل الشيعة: ج 2 ص 682 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
(19) النهاية ونكتها: ج 1 ص 246.
(20) المبسوط: ج 1 ص 178.
(21) المقنعة: ص 76.
(22) الإقتصاد: ص 248.
(23) مصباح المتهجد: ص 18.
249

والمراسم (1) والسرائر (2) على الأشنان.
وفي صحيح يعقوب بن يقطين عن الرضا عليه السلام: غسل مرافقه بالحرض (3)،
وفيما مر من خبر معاوية بن عمار غسله به (4)، والظاهر غسل جميع بدنه.
(و) غسل (يديه) كما في جمل العلم والعمل (5) والغنية (6) وكتب
المحقق (7) ثلاثا كما في الإقتصاد (8) والمصباح (9) ومختصره والسرائر (10)، وبمعناه
ما في الرسالة (11) والفقيه (12) من قولهما بثلاث حميديات بماء السدر، كما فيهما من
رؤوس الأصابع إلى نصف الذراع كما في الدروس (13)، كل ذلك لخبر يونس
عنهم عليهم السلام (14)، وحسن الحلبي عن الصادق عليه السلام (15) ولكن فيه غسل كفيه، فيمكن
اتحاد المراد، والاختلاف في الفضل.
وفي الغنية: الاجماع على الاستحباب إن خلتا من النجاسة، والوجوب إن لم
تخلو (16).
(و) يستحب (توضئته) كما في المصباح (17) ومختصره والجامع (18)

(1) المراسم: ص 48.
(2) السرائر: ج 1 ص 162.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 7، وفيه: الحديث عن الإمام الكاظم عليه السلام.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 8.
(5) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 50.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 13.
(7) المعتبر: ج 1 ص 272، شرائع الاسلام: ج 1 ص 39 المختصر النافع: ص 12.
(8) الإقتصاد: ص 248.
(9) مصباح المتهجد: ص 19.
(10) السرائر: ج 1 ص 162.
(11) نقله في الهداية: ص 24.
(12) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 148 ذيل الحديث 415.
(13) الدروس الشرعية: ج 1 ص 106 درس 11.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 2.
(16) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 14.
(17) مصباح المتهجد: ص 18.
(18) الجامع للشرائع: ص 51.
250

والنافع (1) وشرحه (2)، للأخبار، ولا يجب، للأصل وتضمن الأخبار للمستحبات،
والتشبيه بغسل الجنابة، وصحيح يعقوب بن يقطين سأل الرضا عليه السلام عن غسل
الميت أفيه وضوء الصلاة أم لا؟ فقال عليه السلام: تبدأ بمرافقه فيغسل بالحرض، ثم
يغسل وجهه ورأسه بالسدر، ثم يفاض عليه الماء ثلاث مرات (3) الخبر.
وفيه أن الوضوء إن وجب فليس في الغسل.
وصريح النزهة (4) وظاهر الإستبصار (5) والكافي (6) الوجوب، وحكي عن
المحقق الطوسي لظاهر الأخبار، وعموم الأخبار (7) بأن مع كل غسل وضوء سوى
غسل الجنابة.
ولم يجزه الشيخ في الخلاف (8)، وهو ظاهر السرائر (9)، ويحتمله كلام
سلا ر (10) للتشبيه في الأخبار بغسل الجنابة مع الأصل، وأنه لم يعهد الوضوء إلا
المشروط بالطهارة. ويندفع بالأخبار، وأن التشبيه في نفس الغسل والوضوء
خارج.
وفي النهاية: أن الوضوء أحوط (11)، وفي المقنعة (12) والمهذب (13): أنه يوضأ،
وهو يحتمل الوجوب والاستحباب. وظاهر التذكرة (14) ونهاية الإحكام (15) التردد
في المشروعية.

(1) المختصر النافع: ص 12.
(2) المعتبر: ج 1 ص 267.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 7 وفيه عن الإمام الكاظم عليه السلام.
(4) نزهة الناظر: ص 11.
(5) الإستبصار: ج 1 ص 208 ذيل الحديث 731.
(6) الكافي في الفقه: ص 134.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 516 ب 35 من أبواب الجنابة.
(8) الخلاف: ج 1 ص 693 المسألة 472.
(9) السرائر: ج 1 ص 159.
(10) المراسم: ص 48.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 247.
(12) المقنعة: ص 76.
(13) المهذب: ج 1 ص 58.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 42 س 12.
(15) نهاية الإحكام: ج 2 ص 226.
251

(و) يستحب (البدأة) في الغسل (بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر) كما
في النهاية (1) والمبسوط (2) وكتب ابني سعيد (3)، لخبر الكاهلي (4)، وإطلاق قول
الصادق عليه السلام في خبر الفضل: يبدأ بميامنه (5). وفي المعتبر: إنه مذهب فقهائنا
أجمع (6)، وفي التذكرة: قاله علماؤنا (7).
(و) يستحب (تثليث كل غسلة في كل عضو) وفاقا للمشهور، لخبري
يونس (8) والكاهلي (9)، والاجماع على ما في المعتبر (10) والتذكرة (11) والذكرى (12).
(و) يستحب (مسح بطنه) برفق (في) الغسلتين (الأولتين) التي
بالسدر والتي بالكافور إن وجدا قبلهما، حذرا من خروج شئ بعد الغسل، لخبر
الكاهلي (13) وغيره (14)، وفي المعتبر: الاجماع عليه (15).
(إلا الحامل) فيكره فيها، كما هو نص الوسيلة (16) والجامع (17)
والمنتهى (18)، حذرا من الاجهاض، ولخبر أم أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وآله قال:
إذا توفيت المرأة فإن أرادوا أن يغسلوها فليبدأوا ببطنها ولتمسح مسحا رفيقا إن لم
تكن حبلى، وإن كانت حبلى فلا تحركيها (19).

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 246.
(2) المبسوط: ج 1 ص 178.
(3) الجامع للشرائع: ص 52، شرائع الاسلام: ج 1 ص 39.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 682 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 9.
(6) المعتبر: ج 1 ص 273.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 السطر الأخير.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 682 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
(10) المعتبر: ج 1 ص 273.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 42.
(12) ذكرى الشيعة: ص 46 س 4.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 682 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(15) المعتبر: ج 1 ص 273.
(16) الوسيلة: ص 65.
(17) الجامع للشرائع: ص 51.
(18) منتهى المطلب: ج 1 ص 430 س 3.
(19) التهذيب ج 1 ص 302 ح 48.
252

ولا يستحب في الثالثة اتفاقا، كما في المعتبر (1) والذكرى (2) والتذكرة (3)
وظاهر نهاية الإحكام (4)، ويعضده الأصل، وخلو الأخبار عنه.
وفي الخلاف (5) والوسيلة (6) والجامع (7) والذكرى (8) والدروس كراهيته (9). قال
الشهيد: لأنه تعرض لكثرة الخارج (10).
(و) يستحب (الوقوف على الأيمن) كما في النهاية (11) والمصباح (12)
ومختصره والجمل والعقود (13) والمهذب (14) والوسيلة (15) والسرائر (16)
والجامع (17) والنافع (18) والشرائع (19) والغنية (20)، وفي الأخير الاجماع.
واقتصر في المقنعة (21) والمبسوط (22) والمراسم (23) والمنتهى (24) على
الوقوف على جانبه، وجعل في المعتبر أولى (25)، وهو أظهر إن لم يكن إجماع
للأصل، وخلو النصوص عن خصوص الأيمن إلا أن يدخل في عموم التيامن
المندوب إليه في الأخبار.
(وغسل يدي الغاسل) إلى المرفقين (مع كل غسلة) أي بعدها، كما في

(1) المعتبر: ج 1 ص 273.
(2) ذكرى الشيعة: ص 45 س 19.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 39 س 15.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 225.
(5) الخلاف: ج 1 ص 695 المسألة 479.
(6) الوسيلة: ص 65.
(7) الجامع للشرائع: ص 51.
(8) ذكرى الشيعة: ص 45 س 19.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 106 درس 11.
(10) ذكرى الشيعة: ص 45 س 19.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 247.
(12) مصباح المتهجد: ص 18.
(13) الجمل والعقود: ص 49.
(14) المهذب: ج 1 ص 58.
(15) الوسيلة: ص 64.
(16) السرائر: ج 1 ص 166.
(17) الجامع للشرائع: ص 52.
(18) المختصر النافع: ص 12.
(19) شرائع الاسلام: ص 39.
(20) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 13.
(21) المقنعة: ص 76.
(22) المبسوط: ج 1 ص 178.
(23) المراسم: ص 49 وفيه: (بل يقف في جانبه الأيمن).
(24) منتهى المطلب: ج 1 ص 431 س 1.
(25) المعتبر: ج 1 ص 276.
253

النهاية (1) والمبسوط (2) والوسيلة (3) والإصباح (4) والجامع (5) والشرائع (6)،
لكنه خلا عن التحديد إلى المرفقين، ولم يذكره الصدوق (7) والمفيد (8) وسلا ر (9) إلا
بعد الأغسال الثلاثة، وفي خبر يونس غسلهما كذلك بعد الغسلتين الأوليين
خاصة (10) كما في المهذب (11)، وفي صحيح يعقوب بن يقطين عن الرضا عليه السلام:
غسلهما إلى المنكبين ثلاث مرات (12). وظاهره بعد إكمال الأغسال. وفي خبر
عمار عن الصادق عليه السلام بعد الأغسال غسلهما إلى المرافق، والرجلين إلى
الركبتين (13).
(و) يستحب (تنشيفه بثوب) نظيف (بعد الفراغ) من الأغسال الثلاثة،
للأخبار (14)، وفي المعتبر (15) والتذكرة (16) ونهاية الإحكام (17): إنه إجماع (صونا
للكفن) عن البلل المؤدي إلى سرعة الفساد.
(وصب الماء في الحفيرة) المعدة له، لخبر سليمان بن خالد عن
الصادق عليه السلام، وفي المعتبر: لأنه ماء مستقذر فيحفر له، ليؤمن تعدي قذره (18).

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 247.
(2) المبسوط: ج 1 ص 178.
(3) الوسيلة: ص 65.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 15.
(5) الجامع للشرائع: ص 52.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 39.
(7) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 150 ذيل حديث 416.
(8) المقنعة: ص 77.
(9) المراسم: ص 49.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 - 681 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(11) المهذب: ج 1 ص 58.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 7، وفيه الحديث عن الإمام الكاظم عليه السلام.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 684 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 10.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 و 684 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 2 و 3 و 10.
(15) المعتبر: ج 1 ص 277.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 42 س 36.
(17) نهاية الإحكام: ج 2 ص 227 ولم يذكر الاجماع.
(18) المعتبر: ج 1 ص 277.
254

(ويكره) إرساله في (الكنيف) المعد للبول والغائط وفاقا للمعظم، وفي
الذكرى: إنه إجماع (1)، ويؤيده صحيح الصفار أنه كتب إلى العسكري عليه السلام، هل
يجوز أن يغسل الميت وماؤه الذي يصب عليه يدخل إلى بئر كنيف؟ فوقع عليه السلام:
يكون ذلك في بلاليع (2). وفي الفقيه: إنه لا يجوز (3).
(ولا بأس بالبالوعة) وفاقا للفقيه (4) وكتب المحقق (5)، ونسب في ظاهر
المعتبر إلى الخمسة وأتباعهم (6)، واشترط ذلك في النهاية (7) والمبسوط (8)
والوسيلة (9) والمهذب (10) والتذكرة (11) ونهاية الإحكام (12) بتعذر اتخاذ حفيرة له.
وهل يشمل البالوعة ما يشتمل على النجاسات؟ وجهان، أظهرهما العموم.
(ويكره ركوبه) أي جعله بين رجليه وفاقا للأكثر، لخبر عمار، ولما فيه من
احتقار للميت، ولأن الوقوف على جانبه أبلغ في التطهير كما في المنتهى (13)، وفي
الغنية: الاجماع عليه (14)، وقال الصادق عليه السلام في خبر ابن سيابة: لا بأس أن تجعل
الميت بين رجليك، وأن تقوم من فوقه فتغسله إذا قلبته يمينا وشمالا تضبطه
برجليك كيلا يسقط لوجهه (15).
(و) يكره (إقعاده) على كل حال، قطع به معظم الأصحاب، وحكى عليه

(1) ذكرى الشيعة: ص 45 س 36.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 720 ب 29 من أبواب غسل الميت ح 1.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 150 ذيل الحديث 416.
(4) المصدر السابق.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 38، المعتبر: ج 1 ص 278.
(6) المعتبر: ج 1 ص 277.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 246.
(8) المبسوط: ج 1 ص 177.
(9) الوسيلة: ص 65.
(10) المهذب: ج 1 ص 57.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 38 س 8.
(12) نهاية الإحكام: ج 2 ص 222.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 431 س 1.
(14) الغنية (الجوامع الفقيه): ص 501 س 14.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 724 ب 33 من أبواب غسل الميت ح 1.
255

الاجماع في الخلاف (1)، وفي خبر الكاهلي: إياك أن تقعده (2). ولأنه ضد الرفق
المأمور به عموما ولخصوص الميت، وفي الغنية: إنه لا يجوز (3)، ونص ابن سعيد
على تحريمه (4).
وفي خبر الفضل عن الصادق عليه السلام: اقعده واغمز بطنه غمزا رفيقا (5). وحمل
على التقية وعلى نصب رأسه شيئا، كما قال عليه السلام في خبر عمار: وينصب رأسه
ولحيته شيئا، ثم يعصر بطنه شيئا (6). ويجوز كونه بمعنى أخدمه، وأن يكون بكسر (7)
الهمزة من قعد له إذا ترصده، كقوله تعالى: (لأقعدن لهم صراطك المستقيم) (8).
واستبعد المحقق حمله على التقية، وقال: لكن لا بأس أن يعمل بما ذكره
الشيخ من تجنب ذلك، والاقتصار على ما اتفق على جوازه (9).
(و) يكره (قص) شئ من (أظفاره وترجيل شعره) وفاقا للأكثر،
كقول (10) الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: لا يمس من الميت شعر ولا ظفر،
وإن سقط منه شئ فاجعله في كفنه (11). وخبر أبي الجارود سأل أبا جعفر عليه السلام
أتقلم أظافيره وتنتف أبطاه وتحلق عانته إن طالت به من المرض؟ فقال: لا (12).
وفي المعتبر (13) والتذكرة: الاجماع عليه (14).

(1) الخلاف: ج 1 ص 693 المسألة 473.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 681 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 16.
(4) الجامع للشرائع: ص 51.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 9.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 684 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 10.
(7) في ص و ك: (بضم).
(8) الأعراف: 16.
(9) المعتبر: ج 1 ص 278.
(10) في س و م: (كنحو قول).
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 694 ب 11 من أبواب غسل الميت ح 1.
(12) المصدر السابق ح 5.
(13) المعتبر: ج 1 ص 278.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 42 س 28.
256

ونص ابنا حمزة (1) وسعيد على حرمتهما (2)، وفي المقنعة (3) والمبسوط (4)
والخلاف: عدم جواز قص الظفر مع نقل الاجماع عليه في الأخير (5)، وكذا في
المنتهى منسوبا إلى علمائنا (6).
ويحتمل شدة الكراهية، ويؤيده النص عليها في الخلاف بعد ذلك، ونقل
الاجماع عليها، وفيه أيضا الاجماع على أنه لا يجوز تسريح لحيته (7).
(فروع) ثلاثة:
(أ: الدلك ليس بواجب) عندنا، ولا إمرار اليد على جسده وإن استحبا إن
لم يخف استظهارا، ولأمر الصادق عليه السلام بالامرار في خبر عمار (8)، وبالدلك في
خبر معاوية بن عمار (9).
(بل أقل واجب الغسل إمرار الماء على جميع الرأس والبدن) كسائر
الأغسال للأصل. وإن خيف سقوط شئ منه - لكونه مجدورا أو محترقا أو
نحوهما - اكتفى بالصب وجوبا.
(والأقرب سقوط الترتيب) بين الأعضاء (مع غمسه في الكثير) في
أغساله الثلاثة أو بعضها، لا في القليل لتنجسه بملاقاته، وإن لم يشترط (10)
الاطلاق في الأولين لم يشترط الكثرة فيهما.
ووجه القرب التشبيه بغسل الجنابة والأصل.
والأقوى العدم للأصل، والاحتياط، وظواهر الفتاوى، والأخبار المفصلة

(1) الوسيلة: ص 65.
(2) الجامع للشرائع: ص 51.
(3) المقنعة: ص 82.
(4) المبسوط: ج 1 ص 181.
(5) الخلاف: ج 1 ص 695 المسألة 478.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 431 س 3.
(7) الخلاف: ج 1 ص 696 المسألة 481.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 684 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 10.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 683 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 8.
(10) في ص و ك: يشترط.
257

لكيفياتها، واحتمال التشبيه بغسل الجنابة في الترتيب، بل ظهوره.
(ب: الغريق يجب إعادة الغسل عليه) للأخبار (1)، وافتقاره إلى النية، أو
توقف طهارته على الأغسال الثلاثة المعهودة مع وجود الخليطين بالترتيب، ومع
التعذر على أغسال ثلاثة.
ولو قال سلا ر بعدم وجوب النية، أمكن الاجزاء عنده إذا علم موته قبل
خروجه من الماء، لحصول الغرض من تنظيفه، كالثوب تلقيه الريح في الماء. وكذا
لو نوى غسله وهو في الماء أجزأ عنده.
(ج: لو خرجت) من الميت (نجاسة) من سبيليه، أو من غيرهما (بعد
الغسل) أي غسل من الثلاثة، أو في أثنائه (لم يعد) وفاقا للمشهور للأصل،
والأخبار كقول الصادق عليه السلام في خبر روح بن عبد الرحيم: إن بدا من الميت شئ
بعد غسله، فاغسل الذي بدا منه ولا تعد الغسل (2).
وأوجب الحسن إعادته (3)، فإن أراد الخارج من السبيلين في الأثناء فلعله
لكونه كغسل الجنابة، أو نفسه وهو ينتقض بالحدث.
وفي الذكرى: ويتخرج - من كونه كغسل الجنابة أو نفس غسل الجنابة -
الخلاف في غسل الجنابة إذا كان الحدث في الأثناء، والرواية ظاهرها أنه بعد
كمال غسله (4).
(ولا) وجب (الوضوء) كما قاله بعض العامة (5) لمثل ذلك (بل تغسل)
عنه النجاسة حسب، وغسلها واجب في ظاهر الأخبار والفتاوى.
ولو خرجت النجاسة بعد التكفين لم يجب إعادة الغسل في قول أهل العلم

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 677 ب 48 من أبواب الاحتضار ح 3، و ص 687 و 688 ب 4
من أبواب غسل الميت ح 1 و 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 723 ب 32 من أبواب غسل الميت ح 1.
(3) مختلف الشيعة: ج 1 ص 389.
(4) ذكرى الشيعة: ص 45 س 24.
(5) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 326 - 327.
258

كافة كذا في المنتهى، قال: لأنه حرج عظيم، ويحتاج في اخراجه من أكفانه إلى
مشقة عظيمة (1).
(ولو أصابت الكفن غسلت منه) إن تيسر (ما لم يطرح في القبر)
فإن طرح فيه (فيقرض) وفاقا للصدوقين (2) وابن إدريس (3) والمحقق (4)،
لتعسر (5) الغسل في القبر غالبا، وتيسره خارجه غالبا، مع أن إبقاء الكفن أولى.
وأطلق الشيخ (6) وبنو حمزة (7) والبراج (8) وسعيد (9) القرض، لاطلاق خبري
الكاهلي (10) وابن أبي عمير (11). ثم نص المعتبر (12) والتذكرة (13) ونهاية الإحكام (14)
والذكرى (15) وجوب إزالة النجاسة عن الكفن. ونص ابن حمزة (16) على استحبابها.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 431 س 31.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 389، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 151 ذيل
الحديث 416.
(3) السرائر: ج 1 ص 169.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 41.
(5) في س و ص و م: (لعسر).
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 256.
(7) الوسيلة: ص 65.
(8) المهذب: ج 1 ص 59.
(9) الجامع للشرائع: ص 52.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 723 ب 32 من أبواب غسل الميت ح 4.
(11) المصدر السابق ح 3.
(12) المعتبر: ج 1 ص 281.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 57 س 23.
(14) نهاية الإحكام: ج 2 ص 287.
(15) ذكرى الشيعة: ص 50 س 7.
(16) الوسيلة: ص 65.
259

(الفصل الثاني)
(في التكفين)
ويلحق به التحنيط ووضع الجريدتين.
(وفيه مطلبان) وتتمة:
(الأول:)
(في جنسه)
أي الكفن (وقدره) ويلحق به الجريدتان.
(وشرطه أن يكون مما يجوز) للرجل (الصلاة فيه) اختيارا كما في
النافع (1) والوسيلة (2).
(فيحرم) التكفين في الذهب و (في الحرير المحض) رجلا كان أو امرأة
كما في المعتبر (3) والتذكرة (4) ونهاية الإحكام (5) والذكرى (6). وفي الكافي (7)
والغنية (8) اشتراط كونه مما يجوز الصلاة فيه وأطلقا، فلم ينصا على جوازها للرجال.

(1) مختصر النافع: ص 12.
(2) الوسيلة: ص 66.
(3) المعتبر: ج 1 ص 280.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 43 س 7.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 242.
(6) ذكرى الشيعة: ص 46 س 24.
(7) الكافي في الفقه: ص 237.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 24.
260

واقتصر في المبسوط (1) والنهاية (2) والاقتصاد (3) والشرائع (4) والجامع (5)
والتحرير (6) والمعتبر (7) والتذكرة (8) ونهاية الإحكام (9) على المنع من الحرير، وفي
الثلاثة الأخيرة الاجماع عليه، وكذا في الذكرى (10)، وظاهرهم الاجماع على
استواء الرجل والمرأة.
ويؤيد بمضمر الحسن بن راشد: في ثياب تعمل بالبصرة على عمل القصب
اليماني من قز وقطن، هل يصلح أن يكفن فيها الموتى؟ قال: إذا كان القطن أكثر من
القز فلا بأس (11). والأخبار الناهية عن التكفين في كسوة الكعبة (12)، وما في بعض
الكتب عن أمير المؤمنين عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى أن يكفن الرجال في ثياب
الحرير (13).
ويؤيد استواء الرجل والمرأة بخصوصه خبر سهل عن بعض أصحابنا رفعه،
قال: سألته كيف تكفن المرأة؟ قال: كما يكفن الرجل (14) الخبر.
وزادوا إعراض السلف عنه مع الندب إلى إجادة الأكفان، وكونه إتلاف مال لم
يؤذن فيه، واستصحاب الحرمة على الرجال في الحياة، وعموم النص التحريم.
ثم المصنف احتمل في النهاية (15) والمنتهى (16) جواز تكفين النساء فيه
استصحابا لجوازه لهن في الحياة. [وفي النهاية: لا يجوز أن يكفن الميت في شئ
من الحرير (17)] (18).

(1) المبسوط: ج 1 ص 176.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 244.
(3) الإقتصاد: ص 248.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 39.
(5) الجامع للشرائع: ص 53.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 18 س 4.
(7) المعتبر: ج 1 ص 280.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 43 س 6.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 242.
(10) ذكرى الشيعة: ص 46 س 24.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 752 ب 23 من أبواب التكفين ح 1.
(12) المصدر السابق.
(13) دعائم الاسلام: ج 1 ص 232.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 729 ب 2 من أبواب التكفين ح 16.
(15) نهاية الإحكام: ج 2 ص 242.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 438 س 22.
(17) النهاية ونكتها: ج 2 ص 244.
(18) ما بين المعقوفين زيادة من ك.
261

واشتراط جواز الصلاة فيه يعطي المنع من جلد، أو صوف، أو شعر، أو وبر لا
يجوز فيه الصلاة.
ومنع الفاضلان في المعتبر (1) والتذكرة (2) والنهاية (3) والشهيد في الذكرى من
الجلد مطلقا، لخروجه عن مسمى الثوب (4) ونزعه عن الشهيد. ثم استشكل
المصنف في النهاية التكفين في جلد المأكول المذكى (5).
والأقرب جوازه في صوف أو شعر أو وبر يجوز فيه الصلاة كما في المعتبر (6)
والتذكرة (7) ونهاية الإحكام (8) والذكرى (9).
ومنع أبو علي من الوبر (10) قال الشهيد: إما لعدم النقل، أو لنقل العدم (11).
(ويكره الكتان) وفاقا للأكثر، لقول الصادق عليه السلام في مرسل يعقوب بن
يزيد: لا يكفن الميت في كتان (12). وفي خبر أبي خديجة: الكتان كان لبني
إسرائيل يكفنون به، والقطن لأمة محمد صلى الله عليه وآله (13). وهو إنما يدل على فضل القطن.
وظاهر التذكرة (14) ونهاية الإحكام: الاجماع (15)، وفي الكافي: أفضل الأكفان
الثياب البياض من القطن والكتان (16)، ونحوه في الغنية (17) مع الاجماع، وفي
الفقيه: لا يجوز (18)، وقد لا يريدون الخلاف.
(و) يكره (الممتزج بالإبريسم) كما في المبسوط (19) والوسيلة (20)

(1) المعتبر: ج 1 ص 280.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 43 س 13.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 243.
(4) ذكرى الشيعة: ص 46 س 27.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 243.
(6) المعتبر: ج 1 ص 280.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 43 س 14.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 243.
(9) ذكرى الشيعة: ص 48 س 32 و 31.
(10) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 280.
(11) ذكرى الشيعة: ص 48 س 32 و 31.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 751 ب 20 من أبواب التكفين ح 2.
(13) المصدر السابق ح 1.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 43 س 12.
(15) نهاية الإحكام: ج 2 ص 243.
(16) الكافي في الفقه: ص 237.
(17) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 24.
(18) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 147 ذيل الحديث 410.
(19) المبسوط: ج 1 ص 176.
(20) الوسيلة: ص 67.
262

والإصباح (1)، وفي النهاية (2) والاقتصاد: أنه لا يجوز (3)، ولم أظفر لشئ منهما
بسند، وقيدت الكراهية في الشرح بكون الخليط أكثر، لخبر الحسن بن راشد (4)،
وكان الأوضح تقييدها بكون الإبريسم أقل.
(ويستحب القطن المحض) كما في المبسوط (5) والنهاية (6) والاقتصاد (7)
والوسيلة (8) والسرائر (9)، لخبر أبي خديجة (10) المتقدم.
ويستحب (الأبيض) في غير الحبرة كما في الخلاف (11) والوسيلة (12)
والسرائر (13) والجامع (14) والكافي (15) والغنية (16)، لقوله صلى الله عليه وآله في خبر جابر: ليس
من لباسكم شئ أحسن من البياض فالبسوه، وكفنوا فيه موتاكم (17). وفي خبر ابن
القداح: البسوا البياض فإنه أطيب وأطهر، وكفنوا فيه موتاكم (8 1).
وفي نهاية الإحكام: الاجماع على استحباب الكون (19) قطنا محضا
أبيض (20)، وكذا في المعتبر (21) على الكون قطنا أبيض، وهو بمعناه. وفي الخلاف:
نفي الخلاف في استحباب الأبيض (22)، وفي المهذب (23) والإصباح المنع من

(1) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 244.
(3) الإقتصاد: ص 248.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 752 ب 23 من أبواب التكفين ح 1.
(5) المبسوط: ج 1 ص 176.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 244.
(7) الإقتصاد: ص 248.
(8) الوسيلة: ص 66.
(9) السرائر: ج 1 ص 162.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 751 ب 20 من أبواب التكفين ح 1.
(11) الخلاف: ج 1 ص 701 - 702 المسألة 491.
(2 1) الوسيلة: ص 66.
(13) السرائر: ج 1 ص 162.
(14) الجامع للشرائع: ص 53.
(15) الكافي في الفقه: ص 237.
(16) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 24.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 750 ب 19 من أبواب التكفين ح 2.
(18) المصدر السابق ح 1.
(19) في ص و م والمصدر: (الكفن).
(20) نهاية الإحكام: ج 2 ص 242.
(21) المعتبر: ج 1 ص 284.
(22) الخلاف: ج 1 ص 702 المسألة 491.
(23) المهذب: ج 1 ص 60.
263

المصبوغ، مع القطع بالكراهية في السواد في الإصباح (1)، ونقلها في المهذب (2).
وقال الصادق عليه السلام في خبر الحسين بن المختار: لا يكفن الميت في السواد (3).
وبطريق آخر: لا يحرم في الثوب الأسود ولا يكفن به (4). والمشهور الكراهية في
غير الأبيض مطلقا.
وفي المعتبر (5) والتذكرة (6) ونهاية الإحكام (7): الاجماع على كراهية السواد.
وفي المنتهى نفي الخلاف فيها، ونسبه كراهية المصبوغ إلى القيل، ثم نفى البأس
عنه لمخالفته فعلهم عليهم السلام (8).
(وأقل الواجب للرجل والمرأة) اختيارا (ثلاثة أثواب) وفاقا
للمشهور للتأسي، والأخبار، كقول الباقر عليه السلام لزرارة في الصحيح: إنما الكفن
المفروض ثلاثة أثواب وثوب تام، لا أقل منه، يوارى فيه جسده كله، على ما في
أكثر نسخ التهذيب (9)، وفي الخلاف (10) والغنية (11): الاجماع عليه.
والفرض عند سلا ر (12) ثوب واحد للأصل، وقول الباقر عليه السلام لزرارة ومحمد
ابن مسلم في الحسن: إنما الكفن المفروض ثلاثة أثواب وثوب تام لا أقل منه،
يوارى فيه جسده كله (13)، ونحوه الخبر المتقدم في بعض نسخ التهذيب (14)، وفي
بعض أخرى: أو ثوب تام. ويجوز حملهما على حالتي الاختيار والاضطرار،

(1) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17.
(2) المهذب: ج 1 ص 60.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 751 ب 21 من أبواب التكفين ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) المعتبر: ج 1 ص 289.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 43 س 16.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 243.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 438 س 28.
(9) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 292 ح 22.
(10) الخلاف: ج 1 ص 701 المسألة 491.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 23 - 25.
(12) المراسم: ص 47.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 726 ب 2 من أبواب التكفين ح 1 و 2.
(14) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 292 ح 22.
264

ويحتمل (أو) أن يكون من الراوي، وأن يكون (وثوب) بمعنى (وثوب منها) وإن
احتمل المفروض في الخبرين معنى المقدار والتأكد (1).
والثلاثة الأثواب (مئزر) يستر السرة والركبة وما بينهما على ما في الشرح،
قال: لأنه المفهوم منه (2). وفي المسالك (3) وا لروضة البهية (4) والروض (5): يستر ما
بين السرة والركبة، وفي الأخير: أنه المفهوم منه عرفا. وفي المقنعة (6)
والمراسم (7): من سرته إلى حيث يبلغ من ساقيه. وفي المصباح (8) ومختصره
يؤزره من سرته إلى حيث يبلغ المئزر. وفي الوسيلة (9) والجامع (10): استحباب ستره
من الصدر إلى الساقين. وفي الذكرى: استحباب ستره الصدر والرجلين (11)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر عمار: يغطي الصدر والرجلين (12). وفي المسالك (13)
والروضة البهية: استحباب ستره ما بين صدره وقدميه (14)، ويحتملها قول
المبسوط (15) والنهاية، ويكون عريضا يبلغ من صدره إلى الرجلين (16).
(وقميص) يصل إلى نصف الساق على ما في الشرح (17) والروض (18)
والمسالك (19) والروضة البهية (20)، وفيها أنه المفهوم منه عرفا. وفي الأخير:
استحباب كونه إلى القدم (21)، واحتمال (22) جوازه وإن لم يبلغ نصف الساق.

(1) في ص و ك و م: (المقدار أو المتأكد) وفي س: (المقدار أو التأكد).
(2) جامع المقاصد: ج 1 ص 382.
(3) مسالك الأفهام: ج 1 ص 13 ص 20.
(4) الروضة البهية: ج 1 ص 415.
(5) روض الجنان: ص 103 س 3.
(6) المقنعة: ص 78.
(7) المراسم: ص 49.
(8) مصباح المتهجد: ص 19.
(9) الوسيلة: ص 66.
(10) الجامع للشرائع: ص 53.
(11) ذكرى الشيعة: ص 49 س 30.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(13) مسالك الأفهام: ج 1 ص 13 س 21.
(14) الروضة البهية: ج 1 ص 415.
(15) المبسوط: ج 1 ص 179.
(16) النهاية ونكتها: ج 1 ص 248.
(17) جامع المقاصد: ج 1 ص 382.
(18) روض الجنان: ص 103 س 5.
(19) مسالك الأفهام: ج 1 ص 13 س 21.
(20) الروضة البهية: ج 1 ص 415.
(21) الروضة البهية: ج 1 ص 415.
(22) في س و م: (واحتمل).
265

(وإزار) يشمل جميع بدنه طولا وعرضا ولو بالخياطة، ويستحب الزيادة
طولا بحيث يمكن عقده من قبل الرأس والرجلين، وعرضا بحيث يمكن جعل
أحد جانبيه على الآخر.
وفي الشرح (1) والروض (2) وجوب الزيادة طولا كذلك.
وقوله: (على رأي) إشارة إلى الخلاف في كل من وجوب ثلاثة أثواب،
وكونها مئزرا وقميصا وإزارا، وقد مر الكلام في الأول، وأما الثاني فالمشهور ذلك.
أما القميص فالأخبار به متظافرة، كقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان:
ثم الكفن قميص غير مزرور ولا مكفوف وعمامة (3) الخبر.
وفي خبر معاوية بن وهب: يكفن الميت في خمسة أثواب: قميص لا يزر
عليه، وإزار، وخرقة يعصب بها وسطه، وبرد يلف فيه، وعمامة يعتم بها ويلقى
فضلها على صدره (4).
وفي خبر الحلبي الحسن وغيره: أن أباه وصى أن يكفنه في ثلاثة أثواب:
رداء له حبرة وثوب آخر وقميص (5). لكن دلالتها على الوجوب ضعيفة،
ويعارضها خبر محمد بن سهل عن أبيه أنه سأل الكاظم عليه السلام يدرج في ثلاثة
أثواب؟ قال: لا بأس به، والقميص أحب إلي (6).
وينص على الثلاثة قول الصادق عليه السلام في خبر عمار: ثم تبدأ فتبسط اللفافة
طولا، ثم تذر عليها من الذريرة، ثم الإزار طولا حتى يغطي الصدر والرجلين، ثم
الخرقة عرضها قدر شبر ونصف، ثم القميص (7). وفي خبر معاوية بن وهب: يكفن
الميت في خمسة أثواب قميص: لا يزر عليه وإزار، وخرقة يعصب بها وسطه،

(1) جامع المقاصد: ج 1 ص 382.
(2) روض الجنان: ص 103 س 11.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 727 ب 2 من أبواب التكفين ح 8.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 728 ب 2 من أبواب التكفين ح 13.
(5) المصدر السابق ح 14.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 727 ب 2 من أبواب التكفين ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
266

وبرد يلف فيه وعمامة يعتم بها (1).
وقولهم: في خبر يونس: ابسط الحبرة بسطا، ثم ابسط عليها الإزار، ثم
ابسط القميص عليه (2). إن كانت الحبرة هي اللفافة، والإزار هو المئزر، لكن في
دلالتها على الوجوب نظر ظاهر.
ويدل على وجوب الإزار - أي اللفافة - ما مر من قول أبي جعفر عليه السلام في
حسن زرارة وابن مسلم: وثوب تام لا أقل منه يوارى فيه جسده كله (3). وفيه أنه
يجوز، وجوب ذلك إذا اقتصر عليه.
وخبر أبو علي (4) والمحقق (5) بين ثلاثة أثواب يدرج فيها وبين قميص
وثوبين للأصل، وخبر سهل (6)، وضعف الأخبار عن إثبات الوجوب.
(وفي الضرورة) تكفي قطعة (واحدة) شاملة لبدنه كله إن أمكنت، وإلا
فما تيسر ولو ما يستر العورتين خاصة.
ولو لم يوجد إلا نجس، أو جلد من غير مأكول، أو شعره أو صوفه أو وبره أو
حرير، فالوجه التكفين، وخصوصا غير الحرير.
وفي الذكرى: فيه أوجه: المنع لاطلاق النهي، والجواز لئلا يدفن عاريا، مع
وجوب ستره ولو بالحجر، ووجوب ستر العورة خاصة عند الصلاة ثم النزع (7).
(ويستحب) عندنا كما في المعتبر (8) والتذكرة (9) والذكرى (10) (أن يزاد
للرجل) والمرأة، وتركها لدلالة ما سيأتي عليها (حبرة) كعنبة: ضرب من برود
اليمن، محبر أي مزين في العين، وليس حبرة موضعا أو شيئا معلوما إنما هو وشئ

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 728 ب 2 من أبواب التكفين ح 13.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 744 ب 14 من أبواب التكفين ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 726 ب 2 من أبواب التكفين ح 1 و 2.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 279.
(5) المعتبر: ج 1 ص 279.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 727 ب 2 من أبواب التكفين ح 5.
(7) ذكرى الشيعة: ص 46 س 27 - 28.
(8) المعتبر: ج 1 ص 282.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 43 س 26.
(10) ذكرى الشيعة: ص 47 س 19.
267

كقولك: ثوب قرمز، والقرمز صبغه.
وأخبار الحبرة كثيرة، لكنها (1) لا تدل على كونها غير الثلاثة، بل ظاهر الأكثر
كونها اللفافة المفروضة، وكذا قال الحسن: نعم (2)، قال الصادق عليه السلام لحمران بن
أعين: ثم يكفن بقميص ولفافة وبرد يجمع فيه الكفن (3).
وظاهر اللفافة ما يشمل الجسد، وقال الكاظم عليه السلام في خبر يونس بن
يعقوب: كفنت أبي في ثوبين شطويين، كان يحرم فيهما، وفي قميص من قمصه،
وعمامة كانت لعلي بن الحسين عليهما السلام، وفي برد اشتريته بأربعين دينارا، ولو كان
اليوم لساوى أربعمائة دينار (4). ولكن يجوز أن يكون جعل الثوبين مئزرا أو المئزر
الخامسة.
وقالوا: في خبر يونس: ابسط الحبرة بسطا، ثم ابسط عليها الإزار، ثم
ابسط القميص عليه، وترد مقدم القميص عليه (5). لكن الإزار يحتمل اللفافة
الشاملة.
ويؤيده بسط القميص عليه والمئزر، ويكون بسط القميص عليه لتقديم إلباسه
على تأزيره وإن كان من تحته، كما يحمل عليه قول الصادق عليه السلام في خبر عمار:
تشد الخرقة على القميص بحيال العورة والفرج حتى لا يظهر منه شئ (6). أي تشد
الخرقة بعد إلباسه القميص وإن كانت من تحته.
والعمدة في استحبابها زيادة على الثلاثة عمل الأصحاب كما في الذكرى (7)،
لكن إن اقتصر عليها استحب أن تكون اللفافة حبرة.

(1) في س و م: (لكن).
(2) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 48 س 14.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ذيل حديث 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 749 ب 18 من أبواب التكفين ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 744 ب 14 من أبواب التكفين ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(7) ذكرى الشيعة: ص 47 س 24.
268

ثم عبارات الوسيلة (1) والإصباح (2) والتلخيص (3) يعطي اختصاص الحبرة
بالرجل، لاختصاص الأخبار (4) به.
ويستحب كونها (عبرية) كما في النهاية (5) والمبسوط (6) والوسيلة (7)
والإصباح (8) والشرائع (9) والنافع (10) وشرحه (11)، لقول الباقر عليه السلام في خبر زرارة:
كفن رسول الله صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب، ثوبين صحاريين، وثوب يمنية عبري، أو
أظفار (12). وبهذا الترديد أفتى الصدوق في المقنع، فقال: ثم يلف في حبر يماني
عبري أو أظفار نظيف (13)، وقال في الفقيه: كفن النبي صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب:
بردتين ظفريتين من ثياب اليمن، وثوب كرسف، وهو ثوب قطن (14).
والعبرية - بكسر العين أو فتحها -: منسوبة إلى العبر، جانب الوادي، أو
موضع، والظفر - بالكسر -: حصن باليمن، والأظفار: بلدة قرب صنعاء، ولعل
الصحيح ظفار - كقطام - كما قاله الشيخ (15).
ولتكن (غير مطرزة بالذهب) كما في النافع (16) والشرائع (17) والنهاية (18)

(1) الوسيلة: ص 65.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17.
(3) المصدر السابق: ج 26 ص 268.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 و 682 و 684 ب 2 من أبواب التكفين ح 3 و 6 و 10.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 243.
(6) المبسوط: ج 1 ص 176.
(7) الوسيلة: ص 65.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
(10) المختصر النافع: ص 13.
(11) مهذب البارع: ج 1 ص 179.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 726 ب 2 من أبواب التكفين ح 4.
(13) المقنع: ص 18.
(14) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 152 ح 419.
(15) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 292 ذيل الحديث 21.
(16) المختصر النافع: ص 13.
(17) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
(18) النهاية ونكتها: ج 1 ص 243.
269

والمبسوط (1) والوسيلة (2) والجامع (3) والمعتبر (4)، ولا بالحرير كما في غير
الأولين، وفي المبسوط: الحرير المحض (5). واستدل له في المعتبر بأنه تضييع
غير مأذون فيه (6).
(فإن فقدت) الحبرة (فلفافة أخرى) كما في النهاية (7) والمبسوط (8)
والسرائر (9) والإصباح (10) والمهذب (11)، لقول أبي جعفر عليه السلام لزرارة في الصحيح:
فما زاد فهو سنة إلى أن يبلغ خمسة (12). ونحوه حسنة محمد بن مسلم عنه عليه السلام (13)،
وأفاد بهذا الكلام أن الحبرة المستحبة لفافة أخرى.
وقال الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: البرد لا يلف ولكن يطرح عليه
طرحا، وإذا أدخل القبر وضع تحت خده وتحت جنبه (14). وفي الفقيه: وإن شاء لم
يجعل الحبرة معه حتى يدخله قبره فيلقيه عليه (15).
(و) يستحب بلا خلاف كما في المنتهى (16) زيادة (خرقة لفخذيه طولها
ثلاثة أذرع ونصف في عرض شبر) ونصف كما في خبر عمار عن
الصادق عليه السلام (17)، أو شبر كما في خبر يونس عنهم: (18)، وليس فيه مقدار

(1) المبسوط: ج 1 ص 176.
(2) الوسيلة: ص 65.
(3) الجامع للشرائع: ص 53.
(4) المعتبر: ج 1 ص 282.
(5) المبسوط: ج 1 ص 176.
(6) المعتبر: ج 1 ص 280.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 245.
(8) المبسوط: ج 1 ص 177.
(9) السرائر: ج 1 ص 160.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17.
(11) المهذب: ج 1 ص 60.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 726 ب 2 من أبواب التكفين ح 1.
(13) المصدر السابق ح 2.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 746 ب 14 من أبواب التكفين ح 6.
(15) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 150 ح 416.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 438 س 5.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(18) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
270

طول، وإنما فيه خرقة طويلة.
ويجوز كونها أطول كما في المهذب (1) ما لم يؤد إلى الاسراف، وأن يكون
عرضها أكثر كذلك أو أقل كما في المبسوط (2) والوسيلة (3). وأفاد الجميع قول
المحقق تقريبا.
(وتسمى الخامسة) لأنها خامسة الأكفان المفروضة والمندوبة أو الأكفان
المشتركة بين الذكر والأنثى، وظاهر الفقيه (4) والمقنع أنها المئزر (5). وينص على
التغاير أخبار، منها خبر عمار (6)، وصحيح ابن سنان عن الصادق عليه السلام (7)، وينص
على زيادتها على الثلاثة الواجبة أخبار، كمرسل يونس عن الصادقين عليهما السلام (8)،
وخبر آخر لابن سنان (9).
(و) يستحب زيادة (عمامة) للرجل، بالنصوص والاجماع كما في
المعتبر (10) والمنتهى (11)، ويعتبر في قدرها ما يتأدى (12) الهيئة الآتية.
(وتعوض المرأة عنها قناعا) كما في الجامع (13) والشرائع (14) والنافع (15)
وشرحه (16)، لخبري محمد بن مسلم، وعبد الرحمن بن أبي عبد الله، عن

(1) المهذب: ج 1 ص 61.
(2) المبسوط: ج 1 ص 179.
(3) الوسيلة: ص 66.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 151 ذيل حديث 416.
(5) المقنع: ج 1 ص 18.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 727 ب 2 من أبواب التكفين ح 8.
(8) المصدر السابق ح 7.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 728 ب 2 من أبواب التكفين ح 12.
(10) المعتبر: ج 1 ص 283.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 440 السطر الأخير.
(12) في ص و ك: (يتأدى به).
(13) الجامع للشرائع: ص 53.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
(15) المختصر النافع: ص 13.
(16) المعتبر: ج 1 ص 286.
271

الصادقين عليهما السلام (1).
قال فخر الاسلام في شرح الإرشاد: إن الخنثى المشكل يكتفي فيه بالقناع،
لأن الخنثى المشكل حكمه في الدنيا الاستتار بالقناع وعدم العمامة، وكون جسده
عورة، وفي الاحرام حكمه حكم المرأة.
(وتزاد) المرأة (لفافة أخرى لثدييها) تلفان بها، ويشد إلى ظهرها كيلا
يبدو حجمها، ولا يضطربا فينتشر الأكفان، وهو في مرفوع سهل المضمر (2)، لكن
عمل به الشيخ (3) وبنو حمزة (4) وإدريس (5) والبراج (6) وسعيد (7) والمحقق (8)، ولا
بأس به.
(و) تزاد (نمطا) كما في الكامل (9) والمهذب (10) والشرائع (11) والنافع (12)،
فيكون لها ثلاث لفائف، إحداها: الفرض، والثانية: الحبرة، والثالثة: النمط.
وكلام الشيخين وسلا ر في المقنعة والنهاية والخلاف والمبسوط والمراسم قد
يعطي استحباب أربع لفائف لها.
ففي المقنعة بعد ما مر من الحبرة والخامسة زيادة على الثلاثة للرجل: وأكفانها
مثل أكفانه، ويستحب أن تزاد المرأة في الكفن ثوبين، وهما لفافتان أو لفافة
ونمط (13).
وفي النهاية بعد ذلك وتكفينها كتكفينه إلا أن المرأة تزاد لفافتين أو لفافة
ونمطا، ويستحب أن تزاد خرقة يشد بها ثدياها إلى صدرها (14). وفي الخلاف:

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 727 ب 2 من أبواب التكفين ح 9 و ص 729 ح 18.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 729 ب 2 من أبواب التكفين ح 16.
(3) المبسوط: ج 1 ص 180.
(4) الوسيلة: ص 66.
(5) السرائر: ج 1 ص 160.
(6) المهذب: ج 1 ص 60.
(7) الجامع للشرائع: ص 53.
(8) المعتبر: ج 1 ص 285.
(9) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 48 س 15
(10) المهذب: ج 1 ص 60.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
(12) المختصر النافع: ص 13.
(13) المقنعة: ص 82.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 254.
272

والمسنون خمسة: إزاران: أحدهما حبرة - إلى قوله: - وتزاد المرأة إزارين
آخرين (1). وفي المبسوط بعد ذلك: وتحنيطها كتحنيطه، إلا أنها تزاد لفافتين على
ما قدمناه، ويستحب أن تزاد خرقة تشد بها ثدياها إلى صدرها (2). وفي المراسم
بعد ذلك: ويستحب للمرأة أن تزاد لفافتان (3).
ولعلهم أرادوا الزيادة على اللفافة المفروضة، أي يستحب أن يزاد الرجل
لفافة - هي الحبرة - إن وجدت، والمرأة لفافتين.
وفي الوسيلة: أن المسنون ستة: أن يزاد للرجل الحبرة، والخامسة، والعمامة،
وللمرأة لفافتان وخرقة لثدييها (4). وهي أظهر في تثليث لفافتها.
وفي الإقتصاد: يزاد لفافة أخرى إما حبرة أو ما يقوم مقامها، ثم قال: وإن كان
امرأة زيدت لفافة أخرى، وروي - أيضا - نمط (5). فيمكن أن يكون أراد باللفافة
الأخرى في الثانية عين الأولى، والنمط يكون الثالثة، ويمكن أن يكون غيرها
فيكون الثالثة، وكذا النمط، أي وروي في اللفافة الأخرى نمط، والنمط يكون
رابعة.
واستحب القاضي تثليث اللفائف مطلقا (6)، وكون إحداها حبرة، وكون
إحداها نمطا إن كانت امرأة، وإن لم يوجد حبرة ولا نمط فأزاران.
واستحب ابن زهرة زيادة لفافتين، وأطلق (7)، وظاهر الصدوقين في
الرسالة (8) والفقيه (9) والهداية (10) والحلبي استحباب النمط للرجل والمرأة لذكرهم
له مطلقا (11)، فقال الصدوقان: يبدأ بالنمط فيبسطه ويبسط عليه الحبرة ويبسط

(1) الخلاف: ج 1 ص 107 المسألة 491.
(2) المبسوط: ج 1 ص 180.
(3) المراسم: ص 47.
(4) الوسيلة: ص 65 - 66.
(5) الإقتصاد: ص 248.
(6) المهذب: ج 1 ص 60.
(7) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 23.
(8) مختلف الشيعة: ج 1 ص 400.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 143 ذيل الحديث 400.
(10) الهداية: ص 23.
(11) الكافي في الفقه: ص 237.
273

الإزار على الحبرة ويبسط القميص على الإزار (1)، وزيد في الهداية: ويعد
مئزرا (2)، وهو دليل على تثليث الملاف.
وقال الحلبي: ثم يكفنه في درع ومئزر ولفافة ونمط ويعممه - إلى أن قال: -
والأفضل أن يكون الملاف ثلاثا إحداهن حبرة يمنية، ويجزئ واحدة (3).
وفي السرائر: وإن كان امرأة زيدت على مستحب الرجال لفافة أخرى لشد
ثدييها، وروي نمط، والصحيح الأول، وهو مذهب شيخنا أبي جعفر الطوسي،
في كتاب الإقتصاد، لأن النمط هو الحبرة، وقد زيدت على أكفانها، لأن الحبرة
مشتقة من التزيين والتحسين، وكذلك النمط هو الطريقة وحقيقته الأكسية والفرش
ذوات الطرائق، ومنه سوق الأنماط بالكوفة (4)، انتهى.
فهو لا يرى لها زيادة لفافة شاملة لجسدها على الرجل.
واعترض في المختلف على ما ادعاه من اتحاد النمط بالحبرة بعبارة
الصدوقين (5) (6)، وما فهمه من الإقتصاد بعيد، وكلام النهاية والمبسوط والخلاف
نص على أنها يزاد لفافة شاملة لجسدها.
ولم أظفر بالنمط في خبر مسند، ولا بتثليث اللفائف، وإن أمكن فهم تثليث
لفائفها دونه من قول أحدهما عليهما السلام في مرسل يونس: الكفن فريضة للرجال، ثلاثة
أثواب، والعمامة والخرقة سنة، وأما النساء ففريضته خمسة أثواب (7). لكن سأل
عبد الرحمن بن أبي عبد الله الصادق عليه السلام: في كم تكفن المرأة؟ فقال: تكفن في
خمسة أثواب، أحدها الخمار (8). وقال أبو جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم: يكفن

(1) مختلف الشيعة: ج 1 ص 400، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 143 ذيل الحديث 400.
(2) الهداية: ص 43.
(3) الكافي في الفقه: ص 237.
(4) السرائر: ج 1 ص 160.
(5) كذا في النسخ والحجري والصواب علي بن بابويه كما في المصدر.
(6) مختلف الشيعة: ج 1 ص 400.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 727 ب 2 من أبواب التكفين ح 7.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 729 ب 2 من أبواب التكفين ح 18.
274

الرجل في ثلاثة أثواب، والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة: درع ومنطق وخمار
ولفافتين (1). وفي مضمر سهل المرسل المرفوع، سألته كيف تكفن المرأة؟ فقال: كما
يكفن الرجل، غير أنا نشد على ثدييها خرقة (2) الخبر.
وأما حقيقة النمط ففي الصحاح: أنه ضرب من البسط (3)، وفي شمس العلوم:
فراش منقوش بالعهن، وفي العين (4) والمحيط: ظهارة الفراش، وفي النهاية
الأثيرية: ضرب من البسط له خمل رقيق (5)، وفي فقه اللغة للثعالبي (6) والسامي:
أنه الستر، وفي الأساس (7) والمغرب: إنه ثوب من صوف، وفي موضع من
المعرب المهمل: ثوب من صوف يطرح على الهودج، وفي موضع آخر منه: قيل:
وهو بالفارسية نهالي، وفي المصباح للفيومي: ثوب من صوف ذو لون من الألوان،
ولا يكاد يقال للأبيض نمط (8).
وفي تهذيب الأزهري: النمط عند العرب والزوج ضروب الثياب المصبغة،
ولا يكادون يقولون النمط والزوج إلا لما كان ذا لون من حمرة أو خضرة أو
صفرة، فأما البياض فلا يقال له نمط (9). وفي السرائر ما سمعته من أنه الفرش
والكساء ذو الطرائق أي الخطوط، ونحوه في المعتبر (10) والتذكرة (11).
(والعمامة ليست من الكفن) وفاقا للمعظم، لا من فرضه ولا من نفله
لأخبار (12) تكفينه صلى الله عليه وآله في ثلاثة أثواب، لظهور أنه عمم، وغيرها من الأخبار
كقول الصادق عليه السلام في خبر عبد الله بن سنان: والخرقة والعمامة لا بد منهما وليستا

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 727 ب 2 من أبواب التكفين ح 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 729 ب 2 من أبواب التكفين ح 16.
(3) الصحاح: ج 3 ص 1165 (مئة نمط).
(4) العين: ج 7 ص 442 (مادة نمط).
(5) النهاية: ج 5 ص 119 (مادة نمط).
(6) فقه اللغة: ص 247.
(7) أساس البلاغة: ص 655 (مادة نمط).
(8) المصباح المنير: ص 626 (مادة نمط).
(9) تهذيب اللغة: ج 13 ص 378 (مادة نمط).
(10) المعتبر: ج 1 ص 286.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 43 س 39.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 726 و 727 ب 2 من أبواب التكفين ح 3 و 4 و 6.
275

من الكفن (1). وفي خبر سليمان بن خالد: يكفن في ثلاثة أثواب سوى العمامة
والخرقة فإنهما لا يحسبان من الكفن، ولا بد منهما (2).
ويحتمل الجميع خروجها عن الفريضة خاصة، وكذا ما في حسن الحلبي
عنه عليه السلام من قوله: وليس تعد العمامة من الكفن، إنما يعد ما يلف الجسد (3). مع
احتمال كونه من كلام الراوي.
وينص على دخولها في الكفن ما مر من قوله عليه السلام في صحيح ابن سنان: ثم
الكفن قميص غير مزرور ولا مكفوف وعمامة يعصب بها رأسه (4) الخبر.
وفي خبر معاوية بن وهب: يكفن الميت في خمسة أثواب: قميص لا يزر
عليه، وإزار، وخرقة يعصب بها وسطه، وبرد يلف فيه، وعمامة يعتم بها (5). وفي
خبر يونس بن يعقوب: إن أباه أوصاه، فقال: اشتر لي بردا واحدا وعمامة
وأجدهما، فإن الموتى يتباهون بأكفانهم (6). ويحتملان التغليب. وأدخلها الشهيد
في المندوب (7) جمعا.
وهل الخرقة من الكفن المندوب؟ فالصدوق (8) والسيد (9) والقاضي (10)
والجعفي (11) على الخروج لما سمعته من الخبرين، والشيخ (12) والمصنف (13)

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 728 ب 2 من أبواب التكفين ح 12.
(2) المصدر السابق ح 12، مع اختلاف يسير في اللفظ، وفيه: (عن عبد الله بن سنان).
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 728 ب 2 من أبواب التكفين ح 10.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 727 ب 2 من أبواب التكفين ح 8.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 728 ب 2 من أبواب التكفين ح 13.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 749 ب 18 من أبواب التكفين ح 1.
(7) اللمعة الدمشقية: ص 6 (طبعة دار الفكر).
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 125 ذيل الحديث 418.
(9) جمل العمل والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة) ص 51.
(10) المهذب: ج 1 ص 60.
(11) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 48 س 8.
(12) المبسوط: ج 1 ص 176.
(13) تحرير الأحكام: ج 1 ص 18 س 2.
276

والشهيد (1) على الدخول لخبر معاوية بن وهب (2)، وكونها مما يلف به.
(ولو تشاح الورثة) في المندوبات، أو منعوا منها، أو كان الوارث صغيرا
أو مجنونا (اقتصر على الواجب) خلافا للشافعي (3)، إلا في الأول إذا سمح
وقت حصة من يسمح بالمندوبات أو بعضها. ويجوز إرادة المصنف الثاني أو ما
يعمه.
(ويخرج ما أوصى به من الزائد عليه من الثلث) إن لم يجز الورثة.
(و) إذا استغرقت ديونه التركة كان (للغرماء المنع منه) أي الزائد، خلافا
للشافعية (4) في وجه (دون الواجب) لصحيح زرارة أو حسنه سأل الصادق عليه السلام
عن رجل مات وعليه دين وخلف قدر ثمن كفنه، قال: يكفن بما ترك إلا أن يتجر
عليه انسان فيكفنه ويقضي بما ترك دينه (5). وقول النبي صلى الله عليه وآله في خبر السكوني:
أول ما يبدأ به من المال الكفن ثم الدين ثم الوصية ثم الميراث (6). ولعله إجماع
كما يظهر من الذكرى (7).
(ولا يجوز الزيادة على الخمسة) غير العمامة (في الرجل، وعلى
السبعة) غير القناع (في المرأة) لأنه سرف، وكرهها الشافعي (8). ففي الكلام
إشارة إلى خروج القناع كالعمامة، وهو نص الجامع (9).
(ويستحب) عندنا (جريدتان من النخل) أي سعفتان جردتا من
الخوص رطبتان، كما دلت عليه الأخبار (10)، وأفتى به الأصحاب. وفي العين (11)

(1) الدروس: ج 1 ص 108 درس 12.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 728 ب 2 من أبواب التكفين ح 13.
(3) الأم: ج 1 ص 267.
(4) مغني المحتاج: كتاب الفرائض ج 3 ص 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 13 ص 98 ب 13 من أبواب الدين والقرض ح 1.
(6) المصدر السابق ح 2.
(7) ذكرى الشيعة: ص 50 س 21.
(8) الأم: ج 1 ص 266.
(9) الجامع للشرائع: ص 53.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 736 ب 7 من أبواب التكفين.
(11) العين: ج 6 ص 76 (مادة جرد).
277

والمحيط وتهذيب اللغة اعتبار الرطوبة في المفهوم (1)، وفي المحيط اعتبار الطول
أيضا فيه.
وليكن كل منهما (قدر عظم الذراع) كما هو المشهور، ولم أجد به نصا،
ويمكن أن يكونوا حملوا عليه خبري يونس عنهم عليهم السلام (2) ويحيى بن عبادة عن
الصادق عليه السلام بأنها قدر ذراع (3)، لكونه المعنى الحقيقي للذراع مع الأصل. وفي
الروضة البهية: أن الذراع ذراع الميت (4)، ولم أره في غيرها.
وقال الصدوق: طول كل واحدة قدر عظم الذراع، وإن كانت قدر ذراع فلا
بأس، أو شبر فلا بأس (5).
قلت: والشبر في حسن جميل (6) المضمر.
وقال الحسن: قدر أربع أصابع فما فوقها (7)، ويمكن فهمه ذلك من قول
الباقر عليه السلام في خبر يحيى بن عبادة: توضع من أصل اليدين إلى أصل الترقوة (8).
قال الشهيد: والكل جائز، لثبوت الشرعية مع عدم القاطع على قدر معين (9).
(فإن فقد) النخل (فمن السدر، فإن فقد فمن الخلاف، فإن فقد فمن)
أي (شجر رطب) كان وفاقا للنهاية (10) والمبسوط (11) والوسيلة (12)
والإصباح (13) والشرائع (14)، لمرسل سهل المضمر: إن لم يقدر الجريدة، فقال:

(1) تهذيب اللغة: ج 10 ص 639 (مادة جرد).
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 740 ب 10 من أبواب التكفين ح 5 و 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 736 ب 7 من أبواب التكفين ح 5.
(4) الروضة البهية: ج 1 ص 421.
(5) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 143 ذيل الحديث 400.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 740 ب 10 من أبواب التكفين ح 5 و 2.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 394.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 736 ب 7 من أبواب التكفين ح 3.
(9) ذكرى الشيعة: ص 49 س 6.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 245.
(11) المبسوط: ج 1 ص 177.
(12) الوسيلة: ص 66.
(13) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 18.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
278

عود السدر، قيل: فإن لم يقدر على السدر، فقال: عود الخلاف (1). ومكاتبة علي
ابن بلال في الحسن إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام: فيمن يموت في بلاد ليس فيها
نخل، فكتب عليه السلام: يجوز من شجر آخر رطب (2). وعنه بطريق آخر: أنه كتب إليه
يسأله عن الجريدة إذا لم يجد يجعل بدلها غيرها في موضع لا يمكن النخل؟
فكتب: يجوز إذا اعوزت الجريدة، والجريدة أفضل، وبه جاءت الرواية (3).
وفي المقنعة (4) والمراسم (5) والجامع (6): تقديم الخلاف على السدر، وفي خبر
علي بن إبراهيم: يجعل بدلها عود الرمان (7).
وفي النافع (8) وشرحه (9) نسبة جميع ذلك إلى القيل، لضعف الأخبار.
(المطلب الثاني)
(في الكيفية):
يجب التحنيط كما في الخلاف (10) والجمل والعقود (11) والوسيلة (12)
والنافع (13) والشرائع (14) وظاهر السرائر (15)، وهو ظاهر الأمر في الأخبار (16)،
وفي الأول (17) والمنتهى (18) والتذكرة (19): الاجماع عليه، وظاهر المراسم

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 739 ب 8 من أبواب التكفين ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 738 ب 8 من أبواب التكفين ح 1.
(3) المصدر السابق ح 2.
(4) المقنعة: ص 75.
(5) المراسم: ص 48.
(6) الجامع للشرائع: ص 53.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 739 ب 8 من أبواب التكفين ح 4.
(8) المختصر النافع: ص 13.
(9) المعتبر: ج 1 ص 288.
(10) الخلاف: ج 1 ص 708 المسألة 509.
(11) الجمل والعقود: ص 49.
(12) الوسيلة: ص 66.
(13) المختصر النافع: ص 13.
(14) شرائع الاسلام: ج 1 ص 39.
(15) السرائر: ج 1 ص 164.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 747 ب 16 من أبواب التكفين.
(17) الخلاف: ج 1 ص 708 المسألة 509.
(18) منتهى المطلب: ج 1 ص 439 س 25.
(19) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 ص 23.
279

الاستحباب (1).
(ويجب أن يبدأ بالحنوط) قبل التكفين، كما هو ظاهر قول
الصادقين عليهما السلام في صحيح زرارة: إذا جففت الميت عمدت إلى الكافور فمسحت
به آثار السجود (2) الخبر. وقولهم: في خبر يونس: ابسط الحبرة بسطا، ثم
ابسط عليها الإزار، ثم ابسط القميص عليه، وترد مقدم القميص عليه، ثم اعمد إلى
كافور مسحوق فضعه على جبهته - إلى قولهم: - ثم يحمل فيوضع على قميصه (3).
وصريح المراسم (4) وا لتحرير (5) والمنتهى (6) ونهاية الإحكام (7) وظاهر
النهاية (8) والمبسوط (9) والمقنعة (10) والوسيلة (11) كونه بعد التأزير بالمئزر، ثم
كلام المقنعة (12) والمراسم (13) والمنتهى (14) بعد ذلك يعطي التأخير عن إلباس
القميص أيضا.
والظاهر جواز الكل وغيرها كتأخيره عن إلباس القميص والعمامة كما في
المهذب (15)، أو عن شد الخامسة خاصة. ومعلوم أن تأخيره عنه أولى، حذرا
من خروج شئ.
(فيمسح مساجده السبعة بالكافور) كما هو المشهور، ومنها إبهاما
الرجلين كما في المهذب (16)، وفي الإقتصاد (17) والسرائر (18) والمصباح (19)

(1) المراسم: ص 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 748 ب 16 من أبواب التكفين ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 744 ب 14 من أبواب التكفين ح 3.
(4) المراسم: ص 49.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 18 س 10.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 439 س 23.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 246.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 248.
(9) المبسوط: ج 1 ص 179.
(10) المقنعة: ص 78.
(11) الوسيلة: ص 66.
(12) المقنعة: ص 78.
(13) المراسم: ص 49.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 439 س 25.
(15) المهذب: ج 1 ص 61.
(16) المهذب: ج 1 ص 62.
(17) الإقتصاد: ص 249.
(18) السرائر: ج 1 ص 164.
(19) مصباح المتهجد: ص 19.
280

ومختصره: طرف أصابع الرجلين، وفي المقنعة (1) والمبسوط (2) والنهاية (3)
والإصباح (4) ظاهرها.
والمقتصر على المساجد قول الصادق عليه السلام لعبد الرحمن بن أبي عبد الله:
إجعله في مساجده (5). قال المحقق: وكأن القصد به - والله أعلم - تطيب مواضع
العبادة، وتخصيصها بمزيد التفضيل (6).
وزاد الحسن (7) والمفيد (8) والحلبي (9) والقاضي (10) والمصنف في المنتهى (11):
طرف الأنف الذي يرغم به. وفي الفقيه: أنه يجعل على بصره وأنفه، وفي مسامعه
وفيه ويديه وركبتيه ومفاصله كلها، وعلى أثر السجود منه (12)، وفي المقنع: يجعل
على جنبيه وعلى فيه وموضع مسامعه (13).
وفي الخلاف: الاجماع على أنه لا يترك على أنفه ولا أذناه ولا عينيه ولا
فيه (14)، وفي خبر عثمان النوا عن الصادق عليه السلام: لا تمس مسامعه بكافور (15).
وفي خبر حمران عنه عليه السلام: ولا تقربوا أذنيه شيئا من الكافور (16). وفي مقطوع
عبد الرحمن بن أبي عبد الله: لا تجعل في مسامع الميت حنوطا (17).

(1) المقنعة: ص 78.
(2) المبسوط: ج 1 ص 179.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 248.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 18.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 747 ب 16 من أبواب التكفين ح 1.
(6) المعتبر: ج 1 ص 286.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 391.
(8) المقنعة: ص 78.
(9) الكافي في الفقه: ص 237.
(10) المهذب: ص 61.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 439 س 25.
(12) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 149 ذيل الحديث 416.
(13) المقنع: ص 18.
(14) الخلاف: ج 1 ص 703 المسألة 495.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 747 ب 16 من أبواب التكفين ح 2.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 5.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 747 ب 16 من أبواب التكفين ح 4.
281

وفي حسن الحلبي عن الصادق عليه السلام: إذا أردت أن تحنط الميت فاعمد إلى
الكافور فامسح به آثار السجود منه ومفاصله كلها ورأسه ولحيته وعلى صدره من
الحنوط، وقال: حنوط الرجل والمرأة سواء (1). وقال عليه السلام في خبر عمار: واجعل
الكافور في مسامعه وأثر سجوده منه. وفيه، قال: ويجعل على كل ثوب شيئا من
الكافور (2). ولحمران إذ سأله عن الحنوط: يوضع في منخره وموضع سجوده
ومفاصله (3). وفي خبر سماعة: ويجعل شيئا من الحنوط على مسامعه
ومساجده وشيئا على ظهر الكفين (4). ولعبد الله بن سنان إذ سأله عن الحنوط:
تضع في فمه ومسامعه وآثار السجود من وجهه ويديه وركبتيه (5).
وفي خبر الكاهلي والحسين بن المختار: يوضع الكافور من الميت على
موضع المساجد وعلى اللبة وباطن القدمين وموضع الشراك من القدمين وعلى
الركبتين والراحتين والجبهة واللبة (6) وقال الصادقان عليهما السلام لزرارة في الصحيح:
إذا جففت الميت عمدت إلى الكافور فمسحت به آثار السجود ومفاصله كلها،
واجعل في فيه ومسامعه ورأسه ولحيته من الحنوط، وعلى صدره وفرجه (7).
وفي خبر يونس عنهم:: ثم اعمد إلى كافور مسحوق فضعه على جبهته
وموضع سجوده، وامسح بالكافور على جميع مفاصله من قرنه إلى قدمه، وفي
رأسه، وفي عنقه ومنكبيه ومرافقه، وفي كل مفصل من مفاصله من اليدين
والرجلين، وفي وسط راحتيه - إلى قوله: - ولا تجعل في منخريه ولا في بصره

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 744 ب 14 من أبواب التكفين ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 746 ب 14 من أبواب التكفين ح 5.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 746 ب 15 من أبواب التكفين ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 747 ب 16 من أبواب التكفين ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 748 ب 16 من أبواب التكفين ح 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 748 ب 16 من أبواب التكفين ح 6.
282

ومسامعه ولا على وجهه قطنا ولا كافورا (1). كذا في الكافي (2).
وفي التهذيب: وامسح بالكافور على جميع مغابنه من اليدين والرجلين ومن
وسط راحتيه (3)، وحمل الشيخ لفظة (في) في أخبار الجعل في المسامع على
معنى (على) (4).
والواجب المسح (بأقل اسمه) كما في الجمل والعقود (5) والوسيلة (6)
والسرائر (7) والجامع (8) وإن لم ينص فيه على الوجوب، وذلك للأصل،
(ويسقط مع العجز عنه).
(والمستحب ثلاثة عشر درهما وثلث) وفاقا للمشهور، لأخبار الحنوط
الذي نزل به جبرئيل للنبي صلى الله عليه وآله فقسمه ثلاثة أقسام (9) وغيرها. وعن القاضي ثلاثة
عشر درهما ونصف (10).
(ودونه) في الفضل (أربعة دراهم) كما في المقنعة (11) والسرائر (12)
والشرائع (13) والخلاف، وفيه الاجماع عليه (14)، والمعتبر وفيه نفي الخلاف عنه (15)،
وبعض نسخ المراسم. وفي كتب الصدوق (16) وسائر كتب الشيخ (17) والوسيلة (18)

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 744 ب 14 من أبواب التكفين ح 3.
(2) الكافي: ج 3 ص 143 ح 1.
(3) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 306 ح 888.
(4) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 308 ذيل الحديث 893.
(5) الجمل والعقود: ص 50.
(6) الوسيلة: ص 66.
(7) السرائر: ج 1 ص 160.
(8) الجامع للشرائع: ص 53.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 730 ب 3 من أبواب التكفين ح 1 و ص 731 ح 8.
(10) المهذب: ج 1 ص 61 (وفيه الثلث).
(11) المقنعة: ص 75.
(12) السرائر: ج 1 ص 160.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 39.
(14) الخلاف: ج 1 ص 704 المسألة 498.
(15) المعتبر: ج 1 ص 287.
(16) المقنع: ص 18، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 149 ذيل الحديث 416.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 245، المبسوط: ج 1 ص 177، الجمل والعقود: ص 50، الإقتصاد:
ص 248.
(18) الوسيلة: ص 66.
283

والإصباح (1) والجامع (2) أربعة مثاقيل، لقول الصادق عليه السلام في خبر الكاهلي
والحسين بن المختار القصد، وفي بعض النسخ الفضل من الكافور أربعة
مثاقيل (3)، وفسرها ابن إدريس بالدراهم (4). قال الشهيد: نظرا إلى قول
الأصحاب، قال: وطالبه ابن طاووس بالمستند (5).
(والأدون درهم) كما في النهاية (6) والمبسوط (7) والجمل والعقود (8)
والمصباح (9) ومختصره والوسيلة (10) والإصباح (11) والشرائع (12) والسرائر (13)
والجامع (14) والمعتبر، ونفي فيه الخلاف عنه (15).
وفي المقنعة (16) والخلاف (17) والاقتصاد (18) وجمل ا لعلم والعمل (19)
والمراسم (20) والكافي (21) وفي كتب الصدوق (22): مثقال، لمرسل ابن أبي نجران
عن الصادق عليه السلام (23)، وفي مرسل أخرى له عنه عليه السلام: مثقال ونصف (24). وفي

(1) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17.
(2) الجامع للشرائع: ص 53.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 730 ب 3 من أبواب التكفين ح 3.
(4) السرائر: ج 1 ص 160.
(5) ذكرى الشيعة: ص 46 ص 35.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 245.
(7) المبسوط: ج 1 ص 177.
(8) الجمل والعقود: ص 50.
(9) مصباح المتهجد: ص 18.
(10) الوسيلة: ص 66.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17 - 18.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 39.
(13) السرائر: ج 1 ص 160.
(14) الجامع للشرائع: ص 53.
(15) المعتبر: ج 1 ص 286 - 287.
(16) المقنعة: ص 75.
(17) الخلاف: ج 1 ص 704 المسألة 498.
(18) الإقتصاد: ص 248.
(19) جمل العمل والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 50.
(20) المراسم: ص 47.
(21) الكافي في الفقه: ص 237.
(22) المقنع: ص 18، الهداية: ص 25، من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 149 ذيل الحديث 416.
(23) وسائل الشيعة: ج 2 ص 730 ب 3 من أبواب التكفين ح 2.
(24) وسائل الشيعة: ج 2 ص 731 ب 3 من أبواب التكفين ح 5.
284

المنتهى: أن المراد بالمثقال: الدرهم (1)، وعن الجعفي مثقال وثلث (2).
ثم ظاهر الكلام خروج كافور الغسل عن هذه المقادير كما في المنتهى (3)
وظاهر الأكثر، لنحو مرفوعي إبراهيم بن هاشم وابن سنان: أن السنة في الحنوط
ثلاثة عشر درهما وثلث (4). وقيل بالدخول (5) للأصل، ولاطلاق الأخبار بأن
القصد من الكافور أربعة مثاقيل، وبأن أقل ما يجزئ من الكافور للميت مثقال أو
مثقال ونصف، وتردد في التحرير (6) وظاهر التذكرة (7) ونهاية الإحكام (8).
(ويستحب أن يقدم الغاسل غسله) للمس (أو الوضوء على
التكفين) إن أراده كما في النهاية (9) والمبسوط (10) وكتب المحقق (11)
والسرائر (12) والجامع (13).
وعلل في المنتهى بكونه على أبلغ أحواله من الطهارة المزيلة للنجاسة العينية
والحكمية عند تكفين البالغ في الطهارة، قال: فإن لم يتمكن من ذلك - يعني
الغسل - استحب له أن يتوضأ، لأنه إحدى الطهارتين، فكان مستحبا كالآخر
ومرتبا عليه لنقصانه عنه (14). وفي التذكرة بأن الغسل من المس واجب، فاستحب
الفورية (15)، ولم يعلل الوضوء بشئ. وفي المعتبر: لأن الاغتسال والوضوء على
من غسل ميتا واجب أو مستحب وكيف ما كان، فإن الأمر به على الفور، فيكون

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 439 س 34.
(2) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 46 س 32.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 439 س 35.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 731 ب 3 من أبواب التكفين ح 7 و ص 730 ب 3 ح 1.
(5) والقائل هو الفيض الكاشاني في كتاب الوافي: ج 3 ص 47 (الطبعة الحجرية).
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 18 س 18.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 س 26.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 241.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 248.
(10) المبسوط: ج 1 ص 179.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 39، المختصر النافع: ص 13، المعتبر: ج 1 ص 284.
(12) السرائر: ج 1 ص 164.
(13) الجامع للشرائع: ص 52.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 438 س 32.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 س 27.
285

التعجيل به أفضل (1).
قلت: ويمكن المعارضة باستحباب تعجيل الموتى إلى مضاجعهم.
وفي الخصال عن أبي بصير وابن مسلم عن الصادق عن أمير المؤمنين عليهما السلام:
من غسل منكم ميتا فليغتسل بعد ما يلبسه أكفانه (2). ويأتي الآن صحيح ابن مسلم
عن أحدهما عليهما السلام: ثم يلبسه أكفانه، ثم يغتسل (3). ولكنهما لا ينفيان استحباب
التقديم، ثم عبارة الكتاب كغيره يعطي استحباب تقديم غسل المس.
وفي الذكرى: أن من الأغسال المسنونة: الغسل للتكفين (4). وفي النزهة: أن به
رواية (5)، وكأ نهما نظرا إلى قول الصادقين عليهما السلام في صحيح ابن مسلم وحسنه:
الغسل في سبعة عشر موطنا - إلى قولهما عليهما السلام: - وإذا غسلت ميتا أو كفنته أو
مسسته بعد ما يبرد (6). وفيه ما فيه، وليس في الوسيلة إلا استحباب تقديم الغسل (7)
تقديمه وتقديم الوضوء عليه (8)، لأن قبل كل غسل وضوء سوى غسل الجنابة.
ودونهما في الفضل غسل اليدين إلى العاتق، لقول أحدهما عليهما السلام لابن مسلم
في الصحيح: ثم يغسل يديه من العاتق، ثم يلبسه أكفانه، ثم يغتسل (9). وقول
الرضا عليه السلام في صحيح يعقوب بن يقطين: ثم يغسل - الذي غسله - يده قبل أن
يكفنه إلى المنكبين ثلاث مرات، ثم إذا كفنه اغتسل (10).
ودونه غسل اليدين إلى المرفقين والرجلين إلى الركبتين، لقول الصادق عليه السلام
في خبر عمار: ثم تغسل يديك إلى المرفقين، ورجليك إلى الركبتين ثم تكفنه (11).

(1) المعتبر: ج 1 ص 284.
(2) الخصال: ج 2 ص 618 ح 10.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 760 ب 35 من أبواب التكفين ح 1.
(4) ذكرى الشيعة: ص 24 س 10.
(5) نزهة الناظر: ص 16.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 939 ب 1 من أبواب الأغسال المسنونة ح 11 و ص 938 ح 5.
(7) الوسيلة: ص 65.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 150 ذيل الحديث 416.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 760 ب 35 من أبواب التكفين ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 761 ب 35 من أبواب التكفين ح 2، وفيه: (عن العبد الصالح 7).
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 684 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 10.
286

وليس في المقنعة (1) والمقنع (2) والمراسم (3) والكافي (4) إلا غسل اليدين إلى
المرفقين. وفي المنتهى بعد استحبابه الغسل والوضوء إن لم يتمكن منه: ويكفيه أن
يغسل يديه إلى المرفقين ثم يكفنه (5).
وفي المعتبر (6) والتذكرة (7) ونهاية الإحكام: غسلهما إلى الذراعين إن لم يتفق
الغسل أو الوضوء (8)، ولعلهما أرادا إلى منتهى الذراعين، ثم استدلا عليه
بالاستظهار، وصحيح يعقوب بن يقطين (9)، فكأنهما حملاه على قريب من
المنكبين، ولا داعي إليه.
واستحب في الفقيه غسل اليدين من المرفقين قبل تنشيف الميت، ثم الوضوء
والغسل بعده قبل التكفين (10).
(والأقرب عدم الاكتفاء به) أي بهذا الوضوء (في الصلاة إذا لم ينو)
به (ما يتضمن رفع الحدث) لتوقفه عليه وإن نوى به التكفين، لأنا لا نعلم توقف
إيقاعه على الوجه الأكمل على ارتفاع الحدث، إذ ليس لنا نص إلا على تقديم
غسل اليدين إلى المنكبين أو المرفقين، والرجلين إلى الركبتين، وإنما تقديم
الغسل أو الوضوء شئ ذكره الشيخ (11) وتبعه جماعة مبادرة إليهما، أو ليكون على
أكمل حال حين التكفين.
وعلى كل حال (12)، فلا يتجه كون التكفين غاية لشئ منهما، ولا سيما على
الأول، ومنه يظهر أنه إن نوى بهما التكفين كان لغوا، وافترق التكفين، وما ورد
النص باستحباب الطهارة له، وعلم أنه إن لم ينو ما يتضمن رفع الحدث لم يكن ما

(1) المقنعة: ص 77.
(2) المقنع: ص 18.
(3) المراسم: ص 49.
(4) الكافي في الفقه: ص 237.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 438 س 34.
(6) المعتبر: ج 1 ص 284.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 س 28.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 245.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 761 ب 35 من أبواب التكفين ح 2.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 150 ذيل الحديث 416.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 248.
(12) ليس في النسخ.
287

يفعله إلا صورة الوضوء، إلا على عدم اشتراط نية الرفع. وكذا إذا وجب غسل
المس لغيره واغتسل، ولم يكن لمشترط به: لم يكف للصلاة وشبهها، واكتفى في
نهاية الإحكام بهما للصلاة (1).
(و) يستحب (أن يجعل بين أليتيه قطنا) كما في الشرائع (2)، أي على
دبره كما في المقنع (3) والسرائر (4) والمقنعة (5) والنهاية (6) والمبسوط (7) والمراسم (8)
والوسيلة (9) والمصباح (10) ومختصره والإصباح (11)، لقول الصادق عليه السلام في خبر
عمار: تبدأ فتجعل على مقعدته شيئا من القطن وذريرة (12). وكأنه من مراد القاضي
بقوله: ويسد دبره بالقطن سدا جيدا (13). وفي التحرير: وما عدا الأولين جعله
على قبله أيضا (14)، لخبر يونس عنهم عليهم السلام: واعمد إلى قطن فذر عليه شيئا من
حنوط وضعه على فرجيه قبل ودبر (15). ويمكن تعميم ما بين الأليتين لهما،
خصوصا في المرأة.
واقتصر في الفقيه على جعله على القبل مع الحشو في الدبر (16)، ووصف
القطن في التذكرة (17) ونهاية الإحكام (18) بنزع الحب.
(وإن خاف خروج شئ) منه (حشا دبره) بالقطن كما في الفقيه (19)

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 245.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
(3) المقنع: ص 18.
(4) السرائر: ج 1 ص 164.
(5) المقنعة: ص 77 - 78.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 248.
(7) المبسوط: ج 1 ص 179.
(8) المراسم: ص 49.
(9) الوسيلة: ص 66.
(10) مصباح المتهجد: ص 19.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(13) المهذب: ج 1 ص 61.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 18 س 10.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(16) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 151 ذيل الحديث 416.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 س 32.
(18) نهاية الإحكام: ج 2 ص 246.
(19) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 151 ذيل الحديث 416.
288

والكافي (1) والخلاف (2) والاقتصاد (3) والمعتبر (4) والجامع (5) والنهاية (6)
والمبسوط (7) والوسيلة (8)، ولكنهم لم يشترطوا خوف خروج شئ، غير أن كلامي
الخلاف والجامع يعطيانه ككلام أبي علي (9)، وليس في الخمسة الأولى إلا حشو
الدبر به من غير تعرض لجعله على الدبر، وفي الثلاثة الأخيرة: حشوه به مع جعله
على الفرجين، وكذا في التحرير (10) من غير اشتراط خوف خروج شئ.
وفي الكافي: حشو السفل به (11)، وفي الجامع: حشو الدبر وقبل المرأة به (12)،
وفي مرفوع سهل المرسل المضمر: ويصنع لها القطن أكثر مما يصنع للرجال،
ويحشي القبل والدبر بالقطن والحنوط (13).
ثم في الخلاف: يستحب أن يدخل في سفل الميت شئ، من القطن لئلا يخرج
منه شئ، وبه قال المزني، وقال أصحاب الشافعي: ذلك غلط، وإنما يجعل بين
أليتيه، دليلنا: إجماع الفرقة وعملهم به (14).
وفي السرائر: ويحشو القطن على حلقة الدبر، وبعض أصحابنا يقول في كتاب
له: ويحشو القطن في دبره، والأول أظهر، لأنا نجنب الميت كل ما نجنبه
الأحياء (15).
وفي المعتبر: ما ذكره الشيخ هو الأصح، لنا ما رواه يونس عنهم عليهم السلام قال:
واحش القطن في دبره لئلا يخرج منه شئ، وما رواه عمار عن أبي عبد الله عليه السلام

(1) الكافي في الفقه: ص 237.
(2) الخلاف: ج 1 ص 703 المسألة 494.
(3) الإقتصاد: ص 249.
(4) المعتبر: ج 1 ص 285.
(5) الجامع للشرائع: ص 54.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 248.
(7) المبسوط: ج 1 ص 179.
(8) الوسيلة: ص 66.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 398.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 18 س 10.
(11) الكافي في الفقه: ص 237.
(12) الجامع للشرائع: ص 54.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 729 ب 2 من أبواب التكفين ح 16.
(14) الخلاف: ج 1 ص 703 المسألة 494.
(15) السرائر: ج 1 ص 164.
289

قال: وتدخل في مقعدته من القطن ما دخل (1). وفي المختلف: الوجه ما قاله
الشيخ، واستدل مع خبر يونس هذا، بأن المقصود التحفظ مما يخرج منه، وإنما يتم
بحشو القطن في الموضع (2).
وفي نهاية الإحكام: إنكار الجعل في الدبر مطلقا (3)، وفي المنتهى (4) والتذكرة
إنكاره إلا مع خوف خروج شئ منه (5) كما هنا، لما فيه من تناول حرمته وجوازه
مع الخوف لاشتماله على مصلحة لا يحصل بدونه، واشتمال تركه على انهتاك
حرمته، لجواز ظهور حادثة به.
(و) يستحب (أن يشد فخذيه) معا لا واحدة واحدة، لأن الغرض
التحفظ من خروج شئ كما نص عليه في صحيح ابن سنان (6)، وخبر الكاهلي (7)
عن الصادق عليه السلام.
(من حقويه إلى رجليه بالخامسة لفا شديدا) ويخرج رأسها من تحت
رجليه إلى الجانب الأيمن، ويغمرها في الموضع الذي لفت فيه كما في مرسل
يونس (8) عنهم عليهم السلام. قال الشهيد: ولا يشق رأسها، أو يجعل فيها خيط (9).
وفي خبر الكاهلي: ثم اذفره بالخرقة، ويكون تحتها القطن، يذفره به اذفارا
قطنا كثيرا، ثم يشد فخذيه على القطن بالخرقة شدا شديدا حتى لا يخاف أن يظهر
شئ (10). فيحتمل أن يكون اذفره بالفاء واعجام الدال، أي طيب الميت بالخرقة
التي تحتها القطن وتطييب الميت بالقطن بنثر الذريرة عليه، وأن يكون بالقاف

(1) المعتبر: ج 1 ص 285.
(2) مختلف الشيعة: ج 1 ص 398.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 246.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 439 س 5.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 س 34.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 728 ب 2 من أبواب التكفين ح 12.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 681 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 680 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(9) ذكرى الشيعة: ص 47 س 30.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 682 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 5.
290

وإهمال الدال، أي أملاه أي ما بين أليتيه بالخرقة والقطن، أي بالقطن، ولذا أعاد
قوله: (يذفره به) أي بالقطن. وفي الذكرى: هكذا وجد في الرواية، والمعروف يثفر
بها اثفارا من أثفرت الدابة اثفارا (1).
قلت: فإن أريد الاثفار فلعله اثفاره برأسها حين يخرج، ويغمز في الموضع
الذي لفت فيه، ثم المعروف شدها تحت الأكفان جميعا.
وفي خبر عمار: تشد الخرقة على القميص بحيال العورة، والفرج حتى
لا يظهر منه شئ (2). فلعل المراد شدها تحت القميص، ولكن بعد إلباسه إياه،
استظهارا في التحفظ من انكشاف عورته.
وليكن شد الخامسة (بعد أن يضع عليها قطنا) هو الذي يجعل على
الفرجين أو على القبل (و) على القطن (ذريرة) ذكرها الأصحاب، لما مر من
خبر عمار، ومحتمل خبر الكاهلي، ويحتمله مرسل يونس عنهم عليهم السلام: واعمد إلى
قطن فذر عليه شيئا من حنوط وضعه على فرجيه قبل ودبر (3).
والذريرة، وقصب الذريرة: يقال لفتات قصب الطيب الذي يجلب من الهند،
كأنه قصب النشاب وهي فعيلة بمعنى مفعوله، أي ما يذر على الشئ، ولذا فسرت
في المعتبر (4) والتذكرة بالطيب المسحوق (5)، وباليمن أخلاط من الطيب يسمى
الذريرة. وعن الراوندي أنه قيل: إنها الورد والسنبل والقرنفل والقسط والأشنة
واللادن يدق الجميع (6).
وفي المقنعة (7) والمراسم (8) والنهاية (9) والمبسوط (10) والمصباح (11)

(1) ذكرى الشيعة: ص 43 س 23.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 681 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 3.
(4) المعتبر: ج 1 ص 284.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 س 29.
(6) حكاه الشهيد عنه في ذكرى الشيعة: ص 47 س 17.
(7) المقنعة: ص 75.
(8) المراسم: ص 47.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 244.
(10) المبسوط: ج 1 ص 177.
(11) مصباح المتهجد: ص 19.
291

ومختصره والإصباح (1): إنها القمحة، قال في الذكرى: بضم القاف وتشديد الميم
المفتوحة والحاء المهملة، أو بفتح القاف والتخفيف كواحدة القمح، قال: وسماها به
أيضا الجعفي (2).
قلت: والقاضي (3)، وكأنها ما حكاه عن الراوندي أنه قيل: إنها حبوب تشبه
حب الحنطة التي تسمى بالقمح، يدق تلك الحبوب كالدقيق، لها ريح طيبة (4).
وقال ابن إدريس: والذي أراه أنها نبات طيب غير الطيب المعهود، يقال لها:
القمحان نبات طيب يجعلونه على رأس دن الخمر ويطين به ليكسبها الريح
الطيبة (5). قال المحقق: وهو خلاف المعروف بين العلماء (6).
قلت: في العين: القمحان يقال: ورس، ويقال: زعفران (7). والأزهري عن أبي
عبيد: زبد الخمر، ويقال: طيب (8). وفي المحيط: الزعفران والورس، وقيل: ذريرة
تعلو الخمر (9). وفي المقاييس: الورس أو الزعفران أو الذريرة كل ذلك يقال (10).
وفي المجمل: الورس، ويقال للزعفران والذريرة (11).
وعن خط الشهيد عن بعض الفضلاء: أن قصب الذريرة هي القمحة التي يؤتى
بها من ناحية نهاوند، وأصلها قصب النابت في أجمة في بعض الرساتيق يحيط بها
حياة والطريق إليها على عدة عقبات، فإذا طال ذلك القصب ترك حتى يجف، ثم
يقطع عقدا وكعابا، ثم يعبى في الجوالقات، فإذا أخذ على عقبة من تلك العقبات
المعروفة عفن وصار ذريرة ويسمى قمحة، وإن سلك به على غير تلك العقبات بقي

(1) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17.
(2) ذكرى الشيعة: ص 47 س 11.
(3) المهذب: ج 1 ص 60.
(4) حكاه الشهيد الأول في ذكرى الشيعة: ص 47 س 17.
(5) السرائر: ج 1 ص 161.
(6) المعتبر: ج 1 ص 284.
(7) العين: ج 3 ص 55 (مادة قمح).
(8) تهذيب اللغة: ج 4 ص 80 (مادة قمح).
(9) قاموس المحيط: ج 1 ص 244 (مادة قمح).
(10) مقاييس اللغة: ج 5 ص 25 (مادة قمح).
(11) مجمل اللغة: ج 3 ص 732 (مادة قمح).
292

قصبا لا يصلح إلا للوقود (1).
وفي القانون: أجوده الياقوتي اللون، المتقارب العقد ينهشم إلى شظايا كثيرة
وأنبوبه مملوء من مثل نسج العنكبوت، وفي مضغه حرافه ومسحوقه عطر إلى
الصفرة والبياض (2).
(ويجب) على المشهور المختار (أن يؤزره) بالمئزر (ثم يلبسه
القميص ثم يلفه بالإزار) وإن جاز إلباس القميص قبل التأزير كما قدمنا، لكن
لا يتم إلا بعده.
(ويستحب الحبرة فوق الإزار) كما مر، وإن لم يتيسر استحب كون الإزار
حبرة.
(وجعل إحدى الجريدتين مع جلده) تحت القميص (من جانبه
الأيمن من ترقوته، والأخرى من الأيسر بين القميص والإزار) كما هو
المشهور لمضمر جميل (3).
والظاهر إرادة ترقوة الأيسر كما في المقنع (4) والغنية (5) والمهذب (6)
والجامع (7) والذكرى (8) والدروس (9) والبيان (10)، وهو منصوص في الخبر.
وقال الصادق عليه السلام في خبر يحيى بن عبادة: تؤخذ جريدة رطبة قدر ذراع
فتوضع هنا، وأشار بيده من عند ترقوته إلى يده يلف مع ثيابه (11). وفي معاني
الأخبار: وأشار بيده إلى عند ترقوته يلف مع ثيابه (12). ولعل المراد أخذ جريدة

(1) روض الجنان: ص 106 س 20.
(2) القانون في الطب: ج 1 ص 418.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 740 ب 10 من أبواب التكفين ح 2.
(4) المقنع: ص 19.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 29.
(6) المهذب: ج 1 ص 61.
(7) الجامع للشرائع: ص 54.
(8) ذكرى الشيعة: ص 49 س 10.
(9) الدروس الشرعية: ج 1 ص 109 درس 12.
(10) البيان: ص 26.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 737 ب 7 من أبواب التكفين ح 5.
(12) معاني الأخبار: ص 348 ح 1.
293

يلف مع الثياب إخفاء عن الناس ثم تنصيفها ووضعها حيث أشار إليه عليه السلام، أو
جريدتين كل منهما بقدر ذراع، وعلى التقديرين يوافق كون الجريدتين عند
الترقوتين، ولا ينافي إلصاق أحدهما بجلده.
وفي المراسم: أن اليمنى مع الترقوة على الجلد، واليسرى على القميص من
عند تحت اليد إلى أسفل (1). وفي الإقتصاد (2) والمصباح (3) ومختصره: أن اليمنى
على الجلد عند حقوه من الأيمن واليسرى على الأيسر بين القميص والإزار.
وفي خبر يونس عنهم: عليهم السلام يجعل له واحدة بين ركبتيه نصف مما يلي
الساق، ونصف مما يلي الفخذ، ويجعل الأخرى تحت إبطه الأيمن (4). وعمل به
الجعفي (5) والحسن (6).
وفي الحسن عن ابن أبي عمير عن جميل سأله عن الجريدة توضع من دون
الثياب أو من فوقها؟ فقال: فوق القميص ودون الخاصرة فسأله من أي جانب؟
فقال: من الجانب الأيمن (7). ويمكن أن يكون حكما في مادة مخصوصة لم يوجد
فيها إلا جريدة واحدة، والخاصرة يحتمل اعجام الحاء وإهمالها، بمعنى اللفافة
المحيطة، ويمكن الوضع من فوق القميص تحته بمعنى الوضع على الجلد بعد
إلباس القميص.
(و) يستحب (التعميم) بالنصوص (8) والاجماع (محنكا) بالاجماع
على الظاهر، ونص الصادق عليه السلام عليه في مرسل ابن أبي عمير (9)، ويفيده قوله عليه السلام

(1) المراسم: ص 49.
(2) الإقتصاد: ص 249.
(3) مصباح المتهجد: ص 19.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 740 ب 10 من أبواب التكفين ح 5.
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 49 س 13.
(6) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 288.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 740 ب 10 من أبواب التكفين ح 3.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 726 - 728 ب 2 من أبواب التكفين ح 1 و 8 و 10.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 744 ب 14 من أبواب التكفين ح 2.
294

لعثمان النوا: وإذا عممته فلا تعممه عمة الأعرابي (1) كما في المبسوط (2).
والمعروف أن (يلف وسط العمامة على رأسه، ويخرج طرفيها من
تحت الحنك ويلقيان على صدره) كما في خبر يونس (3) عنهم عليهم السلام: وليلق
فضل الأيمن على الأيسر وبالعكس. لتضمنه له. وقال الصادق عليه السلام لعثمان النوا:
خذ العمامة من وسطها، وانشرها على رأسه، ثم ردها إلى خلفه، واطرح طرفيها
على صدره. كذا في التهذيب (4)، وأكثر نسخ الكافي (5) فيوافق ذلك، وفي بعض
نسخه: واطرح طرفيها على ظهره، ويوافقه قوله عليه السلام في خبر حمران بن أعين: ثم
خذوا عمامته فانشروها مثنية على رأسه واطرح طرفيها من خلفه، وابرز
جبهته (6). فيمكن التخيير بين الأمرين.
وقال عليه السلام في خبر معاوية بن وهب: ويلقى فضلها على وجهه. كذا في
التهذيب (7) لكن في الكافي: على صدره (8). وفي خبر عمار: وليكن طرف العمامة
متدليا على جانبه الأيسر قدر شبر يرمى بها على وجهه (9). وفي صحيح ابن سنان:
ويرد فضلها على وجهه. كذا في الكافي (10)، وفي التهذيب: على رجليه (11). ويمكن
اتحاد الوجه والصدر، وتأويل الرجلين بجهتهما.
(و) يستحب (نثر الذريرة على الحبرة واللفافة والقميص) كما في

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 747 ب 16 من أبواب التكفين ح 2.
(2) المبسوط: ج 1 ص 179.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 744 ب 14 من أبواب التكفين ح 3.
(4) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 310 ح 899.
(5) الكافي: ج 3 ص 144 ح 8.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 5.
(7) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 293 ح 858.
(8) الكافي: ج 3 ص 145 ح 11.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(10) الكافي: ج 3 ص 145 ح 9.
(11) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 308 ح 894.
295

المراسم (1) والشرائع (2)، ولم ينص في المقنعة (3) والمبسوط (4) والنهاية (5)
والوسيلة (6) والتحرير (7) والبيان (8) إلا على نثرها على الأوليين، وفي المنتهى:
لا يستحب على اللفافة الظاهرة (9).
والظاهر استحبابه على الأكفان كلها كما في السرائر (10) والذكرى (11)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر سماعة: إذا كفنت الميت فذر على كل ثوب شيئا من ذريرة
وكافور (12). واطلاق قوله عليه السلام في خبر عمار: ويطرح على كفنه ذريرة (13). وفي
المعتبر: اتفاق العلماء على تطييب الكفن بها (14).
وفي التذكرة: إجماعهم على تطييب الميت بها (15)، وقال الصادق عليه السلام في
خبر عمار: والق على وجهه ذريرة (16).
(و) يستحب (كتابة اسمه) وزاد سلار: واسم أبيه (17) (وأنه يشهد
الشهادتين) أي كتبه فلان يشهد أن لا إله إلا الله، ولا بأس بزيادة: وحده
لا شريك له كما في المبسوط (18) والنهاية (19) والمهذب (20)، وأن محمدا رسوله
(وأسماء الأئمة عليهم السلام) أي ويشهد أن فلانا وفلانا إلى آخر أسمائهم

(1) المراسم: ص 48.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
(3) المقنعة: ص 77.
(4) المبسوط: ج 1 ص 177.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 244.
(6) الوسيلة: ص 66.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 18 س 5.
(8) البيان: ص 26.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 440 س 35.
(10) السرائر: ج 1 ص 162.
(11) ذكرى الشيعة: ص 47 س 10.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 746 ب 15 من أبواب التكفين ح 1.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(14) المعتبر: ج 1 ص 285.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 س 29.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(17) المراسم: ص 48.
(18) المبسوط: ج 1 ص 177.
(19) النهاية ونكتها: ج 1 ص 244.
(20) المهذب: ج 1 ص 60.
296

الشريفة: أئمته (1) كما في كتب الشيخ (2) والوسيلة (3) والمهذب (4) والغنية (5)
والارشاد (6)، ويحتمل عبارة الكتاب كسائر كتبه (7)، خلا الإرشاد (8) والجامع (9)
والشرائع (10) كتابة أساميهم الشريفة حسب، تبركا بها.
والأصل في المسألة الأخبار بكتابة الصادق عليه السلام على حاشية كفن ابنه
إسماعيل (11)، وفي كتاب الغيبة للشيخ (12) والاحتجاج للطبرسي (13) على إزاره:
إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله، وزاد الأصحاب الباقي لكونه خيرا محضا،
وانفتاح باب الجواز مع أصالته. وفي الخلاف: الاجماع على الجميع (14).
واقتصر في الفقيه (15) والهداية (16) والمراسم (17) والمقنعة (18) والغرية (19)

(1) في س و م: (أئمة).
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 244، المبسوط: ج 1 ص 177، الخلاف: ج 1 ص 706 المسألة
504، الجمل والعقود: ص 51، الإقتصاد: ص 249.
(3) الوسيلة: ص 66.
(4) المهذب: ج 1 ص 60.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 27 - 28.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 231.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 441 س 4، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 س 30، مختلف الشيعة:
ج 1 ص 406، تبصرة المتعلمين: ص 12، تحرير الأحكام: ج 1 ص 14 س 6، نهاية
الإحكام: ج 2 ص 246.
(8) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 231.
(9) الجامع للشرائع: ص 54.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 757 ب 29 من أبواب التكفين ح 1 و 2.
(12) نقله عنه في بحار الأنوار: ج 81 ص 313 ح 8.
(13) الإحتجاج: ج 2 ص 489.
(14) الخلاف: ج 1 ص 706 المسألة 504.
(15) الفقيه: ج 1 ص 143 - 144 ذيل الحديث 400.
(16) الهداية: ص 23.
(17) المراسم: ص 48.
(18) المقنعة: ص 78.
(19) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 406.
297

والنافع (1) على ما في الخبر، واقتصر ابنا الجنيد (2) وإدريس (3) على الشهادتين،
وزاد ابن زهرة: الاقرار بالبعث والثواب والعقاب (4).
(و) ليكتب (بتربة الحسين عليه السلام إن وجد) ذكره الشيخان (5) وتبعهما
الأصحاب، وهو حسن للتبرك والجمع بين المندوبين من الكتابة وجعل التربة مع
الميت، والظاهر اشتراط التأثير ببلها بالماء كما في رسالة المفيد (6) والسرائر (7)
والمختلف (8) والمنتهى (9) والذكرى (10) وإن أطلق الأكثر، لأن ذلك حقيقة الكتابة.
(فإن فقد) التربة (فبالأصبع) كما هو المشهور، لكن عطف في
الإقتصاد (11) والمصباح (12) ومختصره والمراسم (13) على التربة ب‍ (أو) والأولى ما
في كتب الشهيد (14)، وفاقا لأبي علي (15) وغرية المفيد (16) من الكتابة بالطين
والماء إن لم توجد التربة، فإن لم يتيسر كتب بالإصبع، والمراد الكتابة بها من غير
تأثير، ولو قيل: بالكتابة المؤثرة ولو بالماء قبل ذلك كان حسنا.
(ويكره بالسواد) كما في الوسيلة (17) والجامع (18) وكتب المحقق (19)، وفي

(1) مختصر النافع: ص 13.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 407.
(3) السرائر: ج 1 ص 162.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 28.
(5) المقنعة: ص 78، النهاية ونكتها: ج 1 ص 244.
(6) نقله عنه في السرائر: ج 1 ص 162.
(7) السرائر: ج 1 ص 162.
(8) مختلف الشيعة: ج 1 ص 406.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 441 س 10.
(10) ذكرى الشيعة: ص 49 س 20.
(11) الإقتصاد: ص 248.
(12) مصباح المتهجد: ص 18.
(13) المراسم: ص 48.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 110 درس 12، البيان: ص 26، ذكرى الشيعة: ص 49 س 20.
(15) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 407.
(16) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 406.
(17) الوسيلة: ص 67.
(18) الجامع للشرائع: ص 54.
(19) المعتبر: ج 1 ص 290، وشرائع الاسلام: ج 1 ص 40، مختصر النافع: ص 13.
298

النهاية (1): لا يجوز، ويحتملهما المقنعة (2) والمبسوط (3) والاقتصاد (4)
والمصباح (5) ومختصره والمراسم (6)، ويجوز إرادتهم شدة الكراهة.
ولعلهم إنما كرهوه لكراهية التكفين في السواد واستحبابه في البياض.
وفي المعتبر: لأن في ذلك نوعا من استشباع، ولأن وظائف الميت متلقاة
توقيفا، فيقف على الدلالة (7). وزاد المفيد المنع من سائر الأصباغ (8)، واختير في
المنتهى (9) والدروس (10).
ويكتب ما ذكر (على الحبرة والقميص والإزار والجريدتين) كما في
الفقيه (11) والهداية (12) والمراسم (13) وكتب المحقق (14)، وترك المفيد (15) الإزار،
وابن زهرة (16) الحبرة، وزيد العمامة في النهاية (17) والمبسوط (18) والوسيلة (19)
والإصباح (20)، وكذا في التحرير (21) مع اسقاط الجريدتين، وأطلق الأكفان في
المهذب (22) والسرائر (23) والاقتصاد (24)، وفي المصباح (25) ومختصره الأكفان كلها،

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 245.
(2) المقنعة: ص 78.
(3) المبسوط: ج 1 ص 177.
(4) الإقتصاد: ص 248.
(5) مصباح المتهجد: ص 18.
(6) المراسم: ص 48.
(7) المعتبر: ج 1 ص 290.
(8) المقنعة: ص 78.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 441 س 12.
(10) الدروس الشرعية: ج 1 ص 110 درس 12.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 143 ذيل الحديث 400.
(12) الهداية: ص 23.
(13) المراسم: ص 48.
(14) المعتبر: ج 1 ص 285، شرائع الاسلام: ج 1 ص 40، المختصر النافع: ص 13.
(15) المقنعة: ص 78.
(16) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 27.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 244.
(18) المبسوط: ج 1 ص 177.
(19) الوسيلة: ص 66.
(20) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17.
(21) تحرير الأحكام: ج 1 ص 18 س 6.
(22) المهذب: ج 1 ص 60.
(23) السرائر: ج 1 ص 162.
(24) الإقتصاد: ص 248.
(25) مصباح المتهجد: ص 18.
299

ويفيده عبارة الجامع (1)، ولا بأس به، لثبوت أصل الشرعية، ولكن يحترز عما
يقبحه العقل لسوء الأدب، فلا يكتب على المئزر إلا على ما يحاذي الصدر والبطن.
(و) يستحب (خياطة الكفن بخيوط منه) لا من غيره، وفاقا
للمبسوط (2) والجامع (3) والشرائع (4) والإصباح (5)، ولعله للتجنب عما لم يبالغ في
حله أو طهره.
(وسحق الكافور باليد) لا لغيرها، قال المحقق: ذكره الشيخان ولم أتحقق
مستنده (6). وقال الشهيد: خوفا من الضياع (7). وفي المبسوط: يكره سحقه بحجر أو
غير ذلك (8).
(ووضع الفاضل) من الحنوط (على الصدر) كما هو المشهور لما مر من
صحيح زرارة (9) وحسن الحلبي (10)، ولكونه من المساجد في الجملة، والمحقق
نسبه (11) إلى جماعة من الأصحاب (12).
(وطي جانب اللفافة الأيسر على الأيمن) من الميت (وبالعكس)
كما في المقنعة (13) والنهاية (14) والمبسوط (15) والمهذب (16) والمراسم (17)
والإصباح (18) والوسيلة (19) والشرائع (20)، وفيهما التصريح بالاستحباب، ولعله في

(1) الجامع للشرائع: ص 54.
(2) المبسوط: ج 1 ص 177.
(3) الجامع للشرائع: ص 54.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
(5) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 17.
(6) المعتبر: ج 1 ص 286.
(7) ذكرى الشيعة: ص 47 س 9.
(8) المبسوط: ج 1 ص 179.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 748 ب 16 من أبواب التكفين ح 6.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 744 ب 14 من أبواب التكفين ح 1.
(11) في ص و ك: (ونسبه المحقق).
(12) المعتبر: ج 1 ص 286.
(13) المقنعة: ص 78.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 249.
(15) المبسوط: ج 1 ص 179.
(16) المهذب: ج 1 ص 62.
(17) المراسم: ص 49 - 50.
(18) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 18.
(19) الوسيلة: ص 67.
(20) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
300

مقابلة الجمع بين طرفيها بالخياطة، فقد يكون الاستحباب للسعة.
وفي المنتهى: لئلا تسقط عنه إذا وضع على شقه الأيمن في قبره (1)، وهو يعطي
كونه في مقابلة تركها كما هي، لكن (2) لا تكون لفافة بدون أحد الأمرين.
وفي التعبير باللفافة تعميم للحكم لجميع اللفائف كما في المهذب (3)، ومنها
الحبرة والنمط ونص على الحبرة في جميع تلك الكتب خلا الشرائع، وفي
التذكرة (4) والتحرير (5) ونهاية الإحكام (6).
وفي التذكرة: إن للعامة في طي اللفافة قولين، أحدهما مثل ما قلناه، والثاني
شئ شق الثوب الأيمن على شقه الأيمن (7).
وفي الخلاف: استحباب الابتداء بأيسر الثوب فيجعل على أيمن الميت، ثم
العكس، قال وبه قال أصحاب الشافعي، وقال المزني بالعكس من ذلك، قال:
دليلنا إجماع الفرقة وعملهم (8). وفهم جماعة من نحو عبارة الكتاب ما في
الخلاف، وعللوه باستحباب التيامن.
(ويكره بل الخيوط) التي يخاط بها الكفن (بالريق) كما في
المبسوط (9) والوسيلة (10) والسرائر (11) والجامع (12) والشرائع (13) والنافع (14).
وفي المعتبر: ذكره الشيخ في النهاية والمبسوط، ورأيت الأصحاب يجتنبونه،
ولا بأس بمتابعتهم، لإزالة الاحتمال ووقوفا على الأولى، وهو موضع الوفاق (15).
قال الشهيد: أما بلها بغير الريق فالظاهر عدم الكراهية، للأصل، ولا شعار

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 440 س 3.
(2) في ص و ك: (لكن قد).
(3) المهذب: ج 1 ص 62.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 س 30.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 18 س 14.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 246.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 45 س 1.
(8) الخلاف: ج 1 ص 705 المسألة 500.
(9) المبسوط: ج 1 ص 177.
(10) الوسيلة: ص 67.
(11) السرائر: ج 1 ص 164.
(12) الجامع للشرائع: ص 54.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 40.
(14) مختصر النافع: ص 13.
(15) المعتبر: ج 1 ص 289.
301

التخصيص بالريق إباحة غيره (1).
(و) يكره وفي المهذب: لا يجوز (2) (الأكمام المبتدأة) للقميص، ولا بأس
بالتكفين في قميص ذي كم كان يلبسه هو أو غيره، قطع الأصحاب بالأمرين،
وقال الصادق عليه السلام في مرسل محمد بن سنان: إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له
كما، فأما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلا الإزار (3). وسأل ابن بزيع في الصحيح
أبا جعفر عليه السلام قميصا لكفنه فبعث به فسأله كيف يصنع؟ فقال: إنزع أزراره (4).
(وقطع الكفن بالحديد) قال الشيخ: سمعناه مذاكرة من الشيوخ، وكان
عليه عملهم (5). وفي المعتبر: ويستحب متابعتهم تخلصا من الوقوع فيما يكره (6).
وفي التذكرة (7) ونهاية الإحكام (8): ولا بد له من أصل.
(وجعل الكافور في سمعه وبصره) لما سمعت من الأخبار (9)، خلافا
للصدوق (10) فاستحبه في السمع وعلى البصر كما عرفت.
(تتمة):
(لا يجوز تطييب الميت بغير الكافور والذريرة) وفاقا للغنية (11)
والشرائع (12)، لقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبري محمد بن مسلم وأبي بصير:
لا تجمروا الأكفان، ولا تمسحوا موتاكم بالطيب إلا بالكافور، فإن الميت بمنزلة

(1) ذكرى الشيعة: ص 49 س 24.
(2) المهذب: ج 1 ص 61.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 756 ب 28 من أبواب التكفين ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 756 ب 28 من أبواب التكفين ح 1.
(5) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 294 ذيل الحديث 861.
(6) المعتبر: ج 1 ص 291.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 45 س 5.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 249.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 747 ب 16 من أبواب التكفين.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 149 ذيل الحديث 216.
(11) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 25.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 39.
302

المحرم (1). وقول الصادق عليه السلام في مرسل يعقوب بن يزيد: ولا يحنط بمسك (2).
وفي مرسل ابن أبي عمير: لا يجمر الكفن (3). وخبر إبراهيم بن محمد الجعفري
قال: رأيت جعفر بن محمد عليهما السلام ينفض بكمه المسك عن الكفن، ويقول: ليس هذا
من الحنوط في شئ (4). وقول أبي جعفر عليه السلام في خبر أبي حمزة: لا تقربوا موتاكم
النار، يعني الدخنة (5). إن صح التفسير وأريد بها تجمير الكفن.
وفي النافع كراهية ذلك (6)، وفي الإصباح: كراهية خلط الكافور بشئ من
الطيب وخاصة المسك (7). وفي الخلاف كراهية تجمير الكفن بالعود، وخلط
الكافور بالمسك أو العنبر والاجماع عليها (8).
وفي المختلف: إن المشهور كراهية خلط الكافور بالمسك واختاره، واختار
كراهية تجمير الكفن بالعود (9). وفي المبسوط: لا يخلط بالكافور مسك أصلا ولا
شئ من أنواع الطيب (10)، وفي النهاية: ولا يكون مع الكافور مسك أصلا (11)، وفي
الجامع: لا يحنط بالمسك (12).
وفي الفقيه: يجمر الكفن لا الميت (13)، وأنه روي تحنيط النبي صلى الله عليه وآله بمثقال
مسك سوى الكافور (14). وأنه سئل أبو الحسن الثالث عليه السلام هل يقرب إلى الميت

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 734 ب 6 من أبواب التكفين ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 734 ب 6 من أبواب التكفين ح 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 733 ب 6 من أبواب التكفين ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 735 ب 6 من أبواب التكفين ح 11.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 735 ب 6 من أبواب التكفين ح 12.
(6) المختصر النافع: ص 13.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 18.
(8) الخلاف: ج 1 ص 703 المسألة 493، و ص 704 المسألة 497.
(9) مختلف الشيعة: ج 1 ص 411 و 412.
(10) المبسوط: ج 1 ص 177.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 245.
(12) الجامع للشرائع: ص 53.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 149 ذيل الحديث 416.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 735 ب 6 من أبواب التكفين ح 10.
303

المسك والبخور؟ فقال: نعم (1). وهما مرسلان، مع احتمال الاختصاص به صلى الله عليه وآله،
والسؤال في الأخير عن فعل العامة دون الجواز شرعا، وغايتهما الرخصة، فلا
ينافي الكراهية.
وعن غياث بن إبراهيم عن الصادق عليه السلام: إن أباه عليه السلام كان يجمر الميت بالعود
فيه المسك (2). وحمل على التقية. وقال عليه السلام في خبر عمار: وجمر ثيابه بثلاثة
أعواد (3). ومر خبر مؤذن بني عدي أن أمير المؤمنين عليه السلام غسل النبي صلى الله عليه وآله في
الغسلة الثانية بثلاثة مثاقيل من كافور، ومثقال من مسك (4).
ثم إن كانت الذريرة هي الطيب المخصوص المعهود فمعنى الكلام واضح،
وإن كانت المسحوق من أي طيب كان فالمعنى المنع من التطييب بالتجمير ونضح
نحو ماء الورد ونحوهما.
(ولا يجوز تقريبهما من المحرم، ولا غيرهما من الطيب في غسل و)
لا (حنوط) هذا هو المعروف بين الأصحاب، وحكى عليه الاجماع في
المنتهى (5) والغنية (6)، ودلت عليه الأخبار (7)، وإن كان منطوقها أنه لا يحنط ولا
يمس طيبا، والأخير كأكثر عبارات الأصحاب يحتمل الاختصاص بالحنوط.
ونسب في المعتبر إلى الشيخين وأتباعهما، وحكى عن المرتضى أنه قال في
شرح الرسالة: الأشبه أنه لا يغطي رأسه ولا يقرب الكافور. قال المحقق: وكذا قال
ابن أبي عقيل (8).
(ولا) يجب أن (يكشف رأسه) كما حكي عن الحسن والسيد والجعفي،

(1) المصدر السابق ح 9.
(2) المصدر السابق ح 14.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 745 ب 14 من أبواب التكفين ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 684 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 11.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 432 س 30 و ص 443 س 9.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 25.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 696 ب 13 من أبواب غسل الميت.
(8) المعتبر: ج 1 ص 326.
304

وزاد: كشف رجليه (1)، وفاقا للأكثر، للأصل والعمومات، ونحو قول الصادق عليه السلام
في خبر أبي مريم: توفي عبد الرحمن بن الحسن بن علي بالأبواء وهو محرم،
ومعه الحسن والحسين، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله وعبيد الله ابنا العباس فكفنوه
وخمروا وجهه ورأسه ولم يحنطوه، وقال: هكذا في كتاب علي عليه السلام (2).
وفي الخلاف: الاجماع عليه (3)، ودليل الخلاف أن النهي عن تطيبه دليل بقاء
إحرامه وأحكامه وهو ممنوع، وأضعف منه نحو قول الصادق عليه السلام: من مات
محرما بعثه الله ملبيا (4). ولم يثبت عندنا خبر لا تخمروا رأسه.
(ولا يلحق المعتدة) للوفاة (ولا المعتكف به) للأصل، والعمومات،
وبطلان القياس، والاعتداد والاعتكاف بالموت.
(وكفن المرأة الواجب على زوجها وإن كانت مؤسرة) لقول أمير
المؤمنين عليه السلام في خبر السكوني: على الزوج كفن امرأته إذا ماتت (5). وقول
الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: كفن المرأة على زوجها إذا ماتت (6). ولبقاء أثر
الزوجية الموجبة للكسوة، بدليل جواز رؤيتها وتغسيلها، وللإجماع كما في
الخلاف (7) ونهاية الإحكام (8) وظاهر المعتبر (9) والمنتهى (10) والذكرى (11)
والتذكرة (12).
والنص والفتوى يعمان الصغيرة والكبيرة، المدخول بها وغيرها، الدائمة

(1) الحاكي هو الشهيد الأول في ذكرى الشيعة: ص 41 س 2 - 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 697 ب 13 من أبواب غسل الميت ح 8.
(3) الخلاف: ج 1 ص 698 المسألة 483.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 697 ب 13 من أبواب غسل الميت ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 759 ب 32 من أبواب التكفين ح 2.
(6) المصدر السابق ح 1.
(7) الخلاف: ج 1 ص 709 المسألة 510.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 247.
(9) المعتبر: ج 1 ص 307.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 442 س 12.
(11) ذكرى الشيعة: ص 50 س 37.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 44 س 10.
305

وغيرها، الناشز وغيرها، وإن كان التعليل بوجوب الكسوة يخصصها.
والظاهر أن سائر المؤن الواجبة من قيمة الماء للغسل والسدر والكافور ونحو
ذلك أيضا عليه كما في المبسوط (1) والسرائر (2) ونهاية الإحكام (3).
ولو أعسر - بأن لم يملك ما يزيد على قوت يوم وليلة والمستثنيات من
الدين - كفنت من تركتها كما في نهاية الإحكام (4) لتقدم الكفن على الإرث.
(وأن يؤخذ الكفن أولا من صلب المال) لا من ثلثه كما حكي عن بعض
العامة (5) وإن قل (ثم الديون، ثم الوصايا، ثم الميراث) إجماعا منا، ومن أكثر
العلماء. وقال الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: ثمن الكفن من جميع المال (6).
وسأله زرارة عن رجل مات وعليه دين وخلف قدر ثمن كفنه، قال: يكفن بما
ترك (7). ولأن المفلس لا يكلف نزع ثيابه، وحرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا.
وإن انحصرت التركة في مرهون أو جاني احتمل تقديم المرتهن - كما في
الذكرى (8) - والمجني عليه لتقدم حقهما، واحتمل الفرق باستقلال المجني عليه
وتعلق حقه بالعين، بخلاف المرتهن.
(ولو لم يخلف شيئا دفن عاريا) جوازا (ولا يجب على) أحد من
(المسلمين بذل الكفن) من ماله، للأصل.
(بل يستحب) اتفاقا، لأنه ستر لعورته، ورعاية لحرمته، ولقول أبي
جعفر عليه السلام في خبر سعيد بن ظريف: من كفن مؤمنا كان كمن ضمن كسوته إلى يوم
القيامة (9).

(1) المبسوط: ج 1 ص 188.
(2) السرائر: ج 1 ص 171.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 248.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 248.
(5) المجموع: ج 5 ص 189، عمدة القارئ: ج 8 ص 57.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 758 ب 31 من أبواب التكفين ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 13 ص 405 ب 27 من كتاب الوصايا ح 2.
(8) ذكرى الشيعة: ص 50 س 24.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 754 ب 26 من أبواب التكفين ح 1.
306

(نعم) يجب كما في المنتهى (1) أن (يكفن من بيت المال إن كان) لأنه
من المصالح العظيمة، ويحتمل الاستحباب، للأصل، وبيت المال يشمل الزكاة.
وسأل الفضل بن يونس الكاتب أبا الحسن الأول عليه السلام عن رجل من أصحابنا
يموت ولم يترك ما يكفن به أشتري له كفنه من الزكاة؟ فقال: أعط عياله من الزكاة
قدر ما يجهزونه فيكونون هم الذين يجهزونه، قال: فإن لم يكن له ولد ولا من يقوم
بأمره فأجهزه أنا من الزكاة قال: كان أبي يقول: إن حرمة بدن المؤمن ميتا كحرمته
حيا، فوار بدنه وعورته وكفنه وحنطه، واحتسب بذلك من الزكاة (2).
(وكذا الماء والكافور والسدر وغيره) من المؤن الواجبة، كقيمة الأرض
للدفن، وأجرة التغسيل، والدفن إن لم يوجد متبرع من أصل التركة، فإن لم يكن
فمن بيت المال إن كان، ولا يجب البذل على أحد من المسلمين، ويجوز الاتيان
بالمندوبات من بيت المال إذا لم يكن مصلحة أهم منها.
(ويجب طرح ما سقط من الميت من شعره) أو ظفره أو جلده (أو
لحمه) أو غيرها (معه في الكفن) كما في الشرائع (3) وظاهر المعتبر (4) وغيره،
لقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: لا يمس من الميت شعر ولا ظفر، وإن
سقط منه شئ فاجعله في كفنه (5).
وفي نهاية الإحكام الاجماع (6)، وفي التذكرة: إجماع العلماء على جعله
معه (7)، لكن لم ينص فيهما على الوجوب، وزيد فيهما في دليله أولوية جمع أجزاء
الميت في موضع، وهو يعطي الاستحباب كما هو نص الجامع (8).

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 442 س 20.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 759 ب 33 من أبواب التكفين ح 1.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 41
(4) المعتبر: ج 1 ص 278.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 694 ب 11 من أبواب غسل الميت ح 1.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 250.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 45 س 8.
(8) الجامع للشرائع: ص 51.
307

(الفصل الثالث)
(في الصلاة عليه)
(ومطالبه خمسة):
(الأول:)
(الصلاة واجبة على الكفاية، على كل ميت مظهر للشهادتين)
كما في الجمل والعقود (1) والإصباح (2) والشرائع (3) ولقول الصادق عليه السلام في
خبر طلحة بن زيد: عن أبيه عليه السلام قال: صل على من مات من أهل القبلة، وحسابه
على الله (4). وفي النهاية (5) والاقتصاد (6) والجامع (7) والنافع (8) وشرحه (9) وسائر

(1) الجمل والعقود: ص 88.
(2) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 640.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 104.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 814 ب 37 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 383.
(6) الإقتصاد: ص 275.
(7) الجامع للشرائع: ص 120.
(8) المختصر النافع: ص 40.
(9) المعتبر: ج 2 ص 343.
308

كتب (1) المصنف وكتب الشهيد (2): على كل مسلم، فيخرج من أنكر ضروريا
كالخوارج والغلاة لكفرهم، وفي المبسوط: لا يصلى على القتيل من البغاة
لكفره (3)، وكذا في الخلاف هنا وفيه: في قتال أهل البغي أنه يصلى عليه، للعموم
والاحتياط (4).
وقصر الوجوب في المقنعة (5) والكافي (6) والوسيلة (7) والسرائر (8) والإشارة (9)
على المؤمن، للأصل، وضعف المعارض، وهو قوي، قال الشهيد في البيان:
وهو متروك (10).
وفي الذكرى: وشرط سلار في الغسل اعتقاد الميت للحق، ويلزمه ذلك في
الصلاة (11). قلت: ولعله لتأخرها عنه. ثم استدل ابن إدريس بأن المخالف للحق
كافر بلا خلاف (12)، وقد قال تعالى: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) (13) وفيه
أن الظاهر النهي عن الدعاء لهم، لما في الأخبار من أنه صلى الله عليه وآله كان يكبر على
المنافق أربعا (14)، لكن في كتاب سليم بن قيس: أنه لما تقدم رسول الله صلى الله عليه وآله
ليصلي على ابن أبي أخذ عمر بثوبه من ورائه وقال: لقد نهاك الله أن تصلي عليه
ولا يحل لك أن تصلي عليه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: إنما صليت كرامة لابنه، وإني
لأرجو أن يسلم به سبعون رجلا من بني أبيه وأهل بيته، وما يدريك ما قلت، إنما

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 18 س 28، منتهى المطلب: ج 1 ص 443 س 24، تذكرة
الفقهاء: ج 1 ص 45 س 9، نهاية الإحكام: ج 2 ص 251، تبصرة المتعلمين: ص 12، إرشاد
الأذهان: ج 1 ص 262.
(2) البيان: ص 28، الدروس الشرعية: ج 111 درس 11، اللمعة الدمشقية: ص 7.
(3) المبسوط: ج 1 ص 182.
(4) الخلاف: ج 1 ص 714 المسألة 524.
(5) المقنعة: ص 227.
(6) الكافي في الفقه: ص 157.
(7) الوسيلة: ص 118.
(8) السرائر: ج 1 ص 356.
(9) إشارة السبق: 104.
(10) البيان: ص 28.
(11) ذكرى الشيعة: ص 54 س 15.
(12) السرائر: ج 1 ص 356.
(13) التوبة: 84.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 766 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 9. و ب 5 ص 772 ح 1.
309

دعوت الله عليه (1).
ثم المشهور عدم اشتراط البلوغ، بل يجب على كل ميت (وإن كان) صغيرا
بشرط كونه (ابن ست سنين) فصاعدا (ممن له حكم الاسلام) لاسلام أحد
أبويه، أو كونه لقيط دار الاسلام، أو مسبي (2) المسلم على قول، لقول الصادق عليه السلام
في صحيح زرارة والحلبي إذ سئل متى يجب الصلاة عليه؟ فقال: إذا كان ابن
ست سنين (3). وسئل أبوه عليه السلام: متى تجب الصلاة عليه؟ فقال: إذا عقل الصلاة،
وكان ابن ست سنين (4).
وفي المنتهى (5) وظاهر الخلاف (6) الاجماع عليه، وعن الحسن: إنها لا تجب
على من لم يبلغ (7)، للأصل والأخبار بأنها شفاعة واستغفار، وأنها بإزاء الفرائض
الخمس أو الصلوات الخمس (8). وقول الصادق عليه السلام: إنما الصلاة على الرجل
والمرأة إذا جرى عليهما القلم (9). وفي خبر هشام: إنما يجب أن يصلى على من
وجبت عليه الصلاة والحد، ولا يصلى على من لم تجب عليه الصلاة ولا
الحدود (10).
والأصل معارض، والشفاعة والاستغفار إن سلم عمومهما ففي الطفل لأبويه
وللمصلي، وكونها بإزاء الفرائض لا يوجب وجوبها على الميت، والقلم قد يعم قلم
التمرين، وقد يعم وجوب الصلاة لزومها تمرينا، والحد التأديب، مع ضعف
الخبرين، وسوق الثاني لمناظرة العامة المصلين على الطفل مطلقا.

(1) كتاب سليم بن قيس: ص 143.
(2) في س و ك و م: (مسمى).
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 787 ب 13 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(4) المصدر السابق ح 2.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 448 س 8.
(6) الخلاف: ج 1 ص 722 المسألة 541.
(7) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 299.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 790 ب 15 من أبواب صلاة الجنازة.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 789 ب 14 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 791 ب 15 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
310

ثم اشتراط ست سنين هو المشهور، وفي الإنتصار (1) والغنية (2) والمقنعة (3)
والمنتهى (4) وظاهر الخلاف (5): الاجماع، ويعضده الأصل والأخبار، وهي كثيرة،
منها ما سمعتها الآن.
وأوجبها أبو علي إذا استهل (6)، لقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: وإذا
استهل فصل عليه وورثه (7). وفي خبر السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام: يورث
الصبي ويصلى عليه إذا سقط من بطن أمه فاستهل صارخا (8). وقول الكاظم عليه السلام
في صحيح علي بن يقطين سأل: لكم يصلى على الصبي إذا بلغ من السنين
والشهور؟ قال: يصلي عليه على كل حال (9). وحملت على الاستحباب جمعا.
ثم العبارة ربما أوهمت لزوم إظهار الصغير الشهادتين، وظاهر أنه غير لازم،
ويجوز تعميم المظهر لهما لمن في حكمه، وارجاع ضمير كان إلى الميت، وإن أبقي
على الظاهر فغايته إيجاب الصلاة على الطفل المظهر للشهادتين، وهو لا ينفيها
عن غيره.
وقوله: (ممن له حكم الاسلام) قد يعطي أنه أراد باظهار الشهادتين الاسلام،
أو أراد بحكم الاسلام إظهار الشهادتين، أو اشترط في الأطفال حكم الاسلام،
واكتفى في الكبار بالشهادتين، بناء على أن الدليل إنما ساقنا إلى إعطاء الأطفال
حكم الاسلام أو الكفر.
و (سواء) في ذلك (الذكر والأنثى، والحر والعبد ويستحب على من
نقص سنه عن ذلك إن ولد حيا) لما عرفت (ولا صلاة) ولا استحبابا (لو
سقط ميتا وإن ولجته الروح) للأصل، وقول الصادق عليه السلام في صحيح ابن

(1) الإنتصار: ص 59.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 9.
(3) المقنعة: ص 231.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 448 س 12.
(5) الخلاف: ج 1 ص 722 المسألة 541.
(6) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 299.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 789 ب 14 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(8) المصدر السابق ح 3.
(9) المصدر السابق ح 2.
311

سنان: لا يصلى على المنفوس (1). - وهو المولود الذي لم يستهل - ولم يصح. وفي
خبر السكوني عن جعفر عن آبائه عليهم السلام: وإذا لم يستهل صارخا لم يورث، ولم
يصل عليه (2). والعبارة تشمل الذي خرج بعضه فاستهل ثم سقط ميتا. ويؤيده خبر
السكوني. خلافا للمعتبر (3) والمنتهى (4) والتذكرة (5) ونهاية الإحكام (6)، لاطلاق
خبر ابن سنان. وقال أبو حنيفة: لا يصلى عليه حتى يستهل وأكثره خارج (7).
(والصدر كالميت) في وجوب الصلاة عليه، أو استحبابها، أو العدم،
لقولهم عليهم السلام في عدة أخبار فيمن تفرقت أعضاؤه أنه: يصلى على ما فيه قلبه (8).
وقول الصادق عليه السلام في خبر الفضل بن عثمان الأعور، فيمن قتل فوجد رأسه في
قبيلة، ووسطه وصدره ويداه في قبيلة، والباقي منه في قبيلة: إن ديته على من
وجد في قبيلته صدره، والصلاة عليه (9).
(والشهيد كغيره) في الصلاة عندنا، خلافا للشافعي ومالك وإسحاق
وأحمد في رواية (10)، بالنصوص (11) والاجماع، ولا يدفعها الأخبار بأن عليا عليه السلام
لم يغسل عمار بن ياسر ولا هاشم بن عتبة، ولم يصل عليهما (12) لجواز أن لا
يكون عليه السلام صلى عليهما لمانع وصلى عليهما غيره عليه السلام، مع أن في خبر وهب بن
وهب عن الصادق عليه السلام: إنه صلى عليهما (13). فإما على البناء للمفعول أو للفاعل،

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 788 ب 14 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 789 ب 14 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(3) المعتبر: ج 2 ص 345.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 448 س 23.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 45 س 27.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 252.
(7) الفتاوى الهندية: ج 1 ص 163، شرح فتح القدير: ج 2 ص 92.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 815 ب 38 من أبواب صلاة الجنازة.
(9) المصدر السابق ح 4.
(10) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 401، عمدة القارئ: ج 8 ص 152.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 700 ب 14 من أبواب غسل الميت ح 7 و 8 و 9 و ص 701 ح 12.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 699 ب 14 من أبواب غسل الميت ح 4.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 701 ب 14 من أبواب غسل الميت ح 12.
312

ويكون لم يصل عليهما في الأخبار الأولة وهما من الراوي كما قاله الشيخ (1).
(ولا يصلى) وجوبا ولا استحبابا (على الأبعاض غير الصدر) إلا
العظام على قول المحقق (2)، وكل عضو تام على قول أبي علي (3) وتقدما (وإن
علم الموت) أي موت صاحبها، للأصل، خلافا للشافعية (4)، لما رووه من صلاة
الصحابة على يد عبد الرحمن بن غياث بن أسيد إذ ألقاها طائر بمكة (5)، ولكونه
من جملة ما يصلى عليها. وضعفهما ظاهر، على أنه قيل: إن الطائر ألقى اليد
باليمامة، ومعلوم أنه لا حجة في فعل أهلها (6).
(ولا على الغائب) أي غير المشاهد حقيقة ولا حكما، كمن في الجنازة أو
القبر أو الكفن، قطع به الشيخ في الخلاف (7) والمبسوط (8) وبنو إدريس (9)
وسعيد (10)، وفي التذكرة (11) ونهاية الإحكام (12) وظاهر المنتهى الاجماع (13).
ويؤيده اشتراطها بشروط لا بد من العلم بها، أو لا يعلم بها مع الغيبة، ككونه
إلى القبلة واستلقائه، وكون رأسه إلى يمين المصلي، وأنها لو شرعت على الغائب
يصلى على النبي صلى الله عليه وآله وغيره من الأكابر في أقطار الأرض إن استحب التكرير
ولو بعد الدفن ولم ينقل.

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 331 ذيل ح 968.
(2) المعتبر: ج 1 ص 317، مختصر النافع: ص 15.
(3) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 405.
(4) الأم: ج 1 ص 268.
(5) تلخيص الحبير المطبوع مع المجموع: ج 5 ص 274.
(6) قاله المحقق في المعتبر: ج 1 ص 318.
(7) الخلاف: ج 1 ص 731 المسألة 563.
(8) المبسوط: ج 1 ص 185.
(9) السرائر: ج 1 ص 360.
(10) الجامع للشرائع: ص 121، المعتبر: ج 2 ص 352.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 45 س 29.
(12) نهاية الإحكام: ج 2 ص 252.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 449 س 6.
313

واستدل الشيخ في الكتابين بأنه لا دليل عليه (1). وللعامة قول بالجواز (2)، لما
روي من صلاته عليه السلام على النجاشي (3).
والجواب أنه صلى الله عليه وآله خفض له كل مرتفع حتى رأى جنازته، كما في الخصال (4)
والعيون عن محمد بن القاسم المفسر عن يوسف بن محمد بن زياد عن أبيه عن
الحسن بن علي العسكري عن آبائه عليهم السلام (5)، أو أنه صلى الله عليه وآله دعا له كما في خبر
حريز عن زرارة وابن مسلم (6).
وفي المبسوط (7) والسرائر (8) تقييد الغائب بكونه في بلد آخر، ولعلهما إنما
قيداه بذلك لأن الأصح عند الشافعية أنه إنما يجوز الصلاة على الغائب في بلد
آخر لا في ذلك البلد لامكان حضوره (9)، ولذا استدل في المنتهى: بأنها لا يجوز
على الحاضر في البلد مع الغيبة، فعدم الجواز مع الكون في بلد آخر أولى (10).
ولو اضطر إلى الصلاة عليه من وراء جدار ففي صحتها وجهان، من الشك في
كونها كالصلاة بعد الدفن أو لا، ثم على الصحة في وجوبها قبل الدفن وجهان.
(ولو امتزج قتلى المسلمين) مثلا (بغيرهم صلي على الجميع)
صورة (وأفرد المسلمين) منهم (بالنية) كما في الخلاف (11) والمبسوط (12)
والغنية (13) والكافي (14) السرائر (15) والمعتبر (16)، فينوي الصلاة على المسلمين من

(1) المبسوط: ج 1 ص 185، الخلاف: ج 1 ص 731 المسألة 563.
(2) المجموع: ج 5 ص 252، المغني لابن قدامة: ج 2 ص 391، مغني المحتاج: ج 1 ص 345.
(3) صحيح مسلم: ج 2 ص 656 - 657 ح 62 - 67، السنن الكبرى: ج 4 ص 49 - 50.
(4) الخصال: ج 2 ص 360 ح 47.
(5) عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 217 ح 19.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 795 ب 18 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(7) المبسوط: ج 1 ص 185.
(8) السرائر: ج 1 ص 360.
(9) المجموع: ج 5 ص 253.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 449 س 10.
(11) الخلاف: ج 1 ص 716 المسألة 528.
(12) المبسوط: ج 1 ص 182.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 12.
(14) الكافي في الفقه: ص 157.
(15) السرائر: ج 2 ص 20.
(16) المعتبر: ج 1 ص 315.
314

هؤلاء، ووجهه ظاهر.
واحتمل الشيخ في الكتابين تخصيص صغير الذكر منهم بالصلاة (1)، لما في
خبر حماد بن يحيى عن الصادق عليه السلام من قول النبي صلى الله عليه وآله في بدر: لا تواروا إلا
كميشا - يعني صغير الذكر - وقال: لا يكون إلا في كرام الناس (2)، وأمر علي عليه السلام
بمثل ذلك كما في الكتابين، وذكر فيهما: إنه إن صلى على كل منهم صلاة بشرط
إيمانه في النية كان احتياطا، ثم ذكر أنا لو قلنا بالصلاة على الجميع وإفراد
المسلمين بالنية كان قويا، وهو عندي أولى وأحوط، ولذا اقتصر عليه غيره (3).
(المطلب الثاني)
(في المصلي)
يجب الصلاة كفاية على كل مكلف علم بالموت (و) لكن (الأولى بها)
أي بالتقدم فيها والإمامة (هو الأولى بالميراث) كما في الخلاف (4)
والمبسوط (5) والسرائر (6) والجمل والعقود (7) وكتب المحقق (8) والإشارة (9)، وفي
الخلاف (10) وظاهر المنتهى (11) الاجماع عليه.
ولعله المراد بالولي كما في المقنع (12) ورسالة علي بن بابويه (13) والمراسم (14)،

(1) المبسوط: ج 1 ص 182، الخلاف: ج 1 ص 716 المسألة 528.
(2) وسائل الشيعة: ج 11 ص 112 ب 65 من أبواب جهاد العدو ح 1.
(3) المبسوط: ج 1 ص 182، الخلاف: ج 1 ص 716 المسألة 528.
(4) الخلاف: ج 1 ص 720 المسألة 536.
(5) المبسوط: ج 1 ص 183.
(6) السرائر: ج 1 ص 358.
(7) الجمل والعقود: ص 88.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 105، المختصر النافع: ص 40، المعتبر: ج 2 ص 345.
(9) إشارة السبق: ص 104.
(10) الخلاف: ج 1 ص 720 المسألة 356.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 450 س 28.
(12) المقنع: ص 20.
(13) نقله في من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 165 ذيل الحديث 474.
(14) المراسم: ص 80.
315

وبالأولى بالميت كما في النهاية (1) والغنية (2) وجمل العلم والعمل (3)، وفي
شرحه للقاضي (4) والغنية (5) الاجماع على أولويته، وهو يعم الذكور والإناث كما
ينص عليه قولهم عليهم السلام إن الذكر أولى من الأنثى كما سيأتي في الكتاب، فإن كان الأولى
أنثى لم يجز التقدم بدون إذنها، فإن لم تأذن وأرادت التقدم أمت النساء.
وفي الإقتصاد (6) والمصباح (7) ومختصره والجامع (8): إن الأولى هو الأولى
بميراثه من الرجال، وفي المقنعة: الأولى بالميت من الرجال (9).
ويدل على تقدم الأولى به مع الاجماع المحكي قول أمير المؤمنين عليه السلام في
خبر السكوني: إذا حضر سلطان من سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة عليها إن
قدمه ولي الميت، وإلا فهو غاصب (10). وقول الصادق عليه السلام في مرسلي البزنطي
وابن أبي عمير: يصلي على الجنازة أولى الناس بها، أو يأمر من يحب (11). وقوله
تعالى: (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) (12).
وقد يدل على المرأة خاصة بعد العمومات صحيح زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام:
المرأة تؤم النساء؟ قال: لا، إلا على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها، تقوم
وسطهن في الصف معهن فتكبر ويكبرن (13).
ودليل أن الأولى به هو الأولى بميراثه مع الاجماع إن ثبت، أن ذلك قرينة
شرعية على الأولوية.
وعن أبي علي: إن الأولى بالصلاة على الميت إمام المسلمين، ثم خلفاؤه، ثم

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 383.
(2) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 6.
(3) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 52.
(4) شرح جمل العلم والعمل: ص 160.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 8.
(6) الإقتصاد: ص 275.
(7) المصباح المتهجد: ص 472.
(8) الجامع للشرائع: ص 120.
(9) المقنعة: ص 232.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 801 ب 23 من أبواب صلاة الجنازة ح 4.
(11) المصدر السابق ح 1 و 2.
(12) الأنفال: 75.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 803 ص 25 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
316

إمام القبيلة (1). وفي الكافي: أولى الناس بإمامة الصلاة إمام الملة، فإن تعذر
حضوره وإذنه فولي الميت أو من يؤهل للإمامة (2). ويجوز أن لا يخالفا المشهور.
لكن يسمع الآن تقديم أبي علي الجد على الابن، وهو ظاهر في أنه لا يرى
أولوية الأولى بالميراث مطلقا، ثم على المشهور فالوارث أولى من غيره.
(فالابن) وابنه (أولى من الجد) لأنه لا يرث معه، خلافا لأبي علي (3)،
لأن له الولاية عليه وعلى أبيه، ولأنه أرفق، فدعاؤه إلى الإجابة أقرب.
(والأخ من الأبوين أولى من الأخ لأحدهما) لأن له القرابة من
الجهتين، مع أن الأخ للأب لا يرث معه.
وهل الأكثر ميراثا أولى من الأقل ميراثا؟ قطع به في نهاية الإحكام (4)، كما
يعطيه كلام الشيخ (5) وابن حمزة (6). وفرع عليه أولوية العم من الخال، والأخ للأب
من الأخ للأم. وعلل في المنتهى أولوية الأخ من الأبوين منه لأحدهما بالتقرب
بسببين وكثرة النصيب، وأولية الأخ للأب منه للأم بكثرة النصيب، وكون الأم لا
ولاية لها، فكذا من يتقرب بها (7). ونسب في التذكرة تقديم الأخ للأب عليه للأم
والعم على الخال إلى الشيخ، وقال: فعلى قوله الأكثر نصيبا يكون أولى (8).
(والأب أولى من الابن) كما في المبسوط (9) والخلاف (10) والوسيلة (11)
والشرائع (12) والسرائر (13)، مع أنه أقل نصيبا، ولذا عد في باب الغرقى أضعف. ولذا
قال ابن حمزة: وأما أولى الناس بالصلاة على الميت فأولاهم به في الميراث، إلا

(1) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 303.
(2) الكافي في الفقه: ص 156.
(3) حكاه عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 304.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 256.
(5) المبسوط: ج 1 ص 183.
(6) الوسيلة: 119.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 451 س 2.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 47 س 14.
(9) المبسوط: ج 1 ص 183.
(10) الخلاف: ج 1 ص 720 المسألة 536.
(11) الوسيلة: ص 119.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 105.
(13) السرائر: ج 1 ص 358.
317

إذا حضر الأب والابن معا، فإن الأب أحق من الابن (1)، انتهى. نعم له الولاية على
الابن ومزيد الحنو والشفقة.
قال الشيخ (2) وابن إدريس: ثم الجد من قبل الأب والأم، ثم الأخ من قبل
الأب، ثم الأخ من قبل الأم، ثم العم، ثم الخال، ثم ابن العم، ثم ابن الخال (3). وعند
مالك الأخ أولى من الجد (4)، وفي أحد قولي الشافعي تساوي الأخوة للأبوين
ولأحدهما (5).
وفي المنتهى: يلزم على قوله - يعني الشيخ - أن العم من الطرفين أولى من
العم من أحدهما، وكذا الخال، قال: ولو اجتمع ابنا عم أحدهما أخ لأم كان الأخ
من الأم على قوله -، - أولى من الآخر، وهو أحد قولي الشافعي (6).
(والزوج أولى من كل أحد) لقول الصادق عليه السلام في خبر إسحاق بن
عمار: الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها (7). وخبر أبي بصير سأله عليه السلام
عن المرأة تموت، من أحق أن يصلي عليها؟ قال: الزوج، قلت: الزوج أحق من
الأب والأخ والولد؟ قال: نعم (8)، وهما وإن ضعفا لكن العمل عليهما. قال الشهيد:
لا أعلم مخالفا من الأصحاب (9).
وسأله عليه السلام حفص بن البختري عن المرأة تموت ومعها أخوها وزوجها أيهما
يصلي عليها؟ فقال: أخوها أحق بالصلاة عليها (10). وسأله عليه السلام عبد الرحمن بن
أبي عبد الله عن مثل ذلك، فقال: الأخ (11). وحملا على التقية.
(والذكر من الوارث أولى من الأنثى) مع تساويهما إرثا كما في

(1) الوسيلة: ص 119.
(2) المبسوط: ج 1 ص 183.
(3) السرائر: ج 1 ص 358.
(4) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 368.
(5) المجموع: ج 5 ص 218.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 451 س 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 802 ب 24 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(8) المصدر السابق ح 1.
(9) ذكرى الشيعة: ص 57 س 9.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 802 ب 24 من أبواب الجنازة ح 4.
(11) المصدر السابق ح 5.
318

المبسوط (1) والسرائر (2) والشرائع (3) والإصباح (4). وفي المنتهى: لا خلاف فيه،
لأنه أولى بالولاية والإمامة (5)، إلا إذا نقض لصغر أو جنون، فالأقرب - كما في
الذكرى (6) - أن الولاية للأنثى، ويحتمل الانتقال إلى وليه، كما إذا لم يكن في طبقة
مكلف احتمل الانتقال إلى الأبعد وإلى وليه.
(والحر أولى من العبد) مع التساوي في الطبقة، بل مع كون العبد أقرب،
لأنه لا يرث معه، ولانتفاء ولايته عن نفسه، فعن غيره أولى. وفي المنتهى: لا نعلم
فيه خلافا (7).
(وإنما يتقدم الولي مع اتصافه بشرائط الإمامة) للمأمومين وإن كان
فيهم من هو أولى بها منه (وإلا قدم من يختاره) ويجوز له ذلك مع استجماعه
الشرائط.
وهل يستحب تقديمه الأكمل؟ وجهان، من الأكملية، ومن اختصاصه بمزيد
الرقة التي هي مظنة الإجابة.
(ولو تعددوا) أي الأولياء أو الصالحون للإمامة منهم ومن غيرهم قدم
للإمامة الأرجح استحبابا كما في المكتوبة، وإذا قدم للإمامة (قدم) من يقدمه.
وترتيب الرجحان هنا وفي التحرير (8) والشرائع (9) والبيان (10) (الأفقه،
فالأقرأ، فالأسن، فالأصبح) وإن كان صريح تلك الكتب ذكر مراتب الأولياء،
ويأتي في الجماعة تقديم الأقرأ على الأفقه، وكذا في تلك الكتب إلا في التحرير
فلم يذكر الأفقه فيها رأسا. ولعل الفارق أن نص تقديم الأقرأ صريح في قراءة
القرآن، ولا قرآن في صلاة الأموات، مع عموم أدلة تقديم الأعلم والأفقه.

(1) المبسوط: ج 1 ص 184.
(2) السرائر: ج 1 ص 358.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 105.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 640.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 451 س 18.
(6) ذكرى الشيعة: ص 57 س 24.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 451 س 18.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 19 س 4.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 105.
(10) البيان: ص 28 س 16.
319

والمشهور تقديم الأقرأ على الأفقه كما في المكتوبة، وهو خيرة التذكرة (1)
والمنتهى (2) ونهاية الإحكام (3)، لعموم خبره، ولاعتبار كثير من مرجحات القراءة
في الدعاء، ولأنها لو لم يعتبر لم يعتبر الأقرأ رأسا، ولم يقولوا به.
نعم إنما ذكر في الإرشاد: الأفقه (4)، ثم ليس في الخلاف (5) والمبسوط (6)
والسرائر (7) والإصباح (8) والمنتهى (9) ونهاية الإحكام (10) والتذكرة (11) للأصبح ذكر،
بل انتقلوا فيما عدا الأول والأخير بعد الأسن إلى القرعة. نعم في الأخير بعد
الأسن.
وبالجملة: يقدم الأولى في المكتوبة، وهو يعطي الصباحة وغيرها كقدم
الهجرة، وهو الذي ينبغي إذا عمم المأخذ للمكتوبة وصلاة الجنازة.
وأطلق القاضي في المهذب القرعة إذا تشاح الابنان (12)، واعتبرها في الكامل
إذا تشاحا مع التساوي في العقل والكمال، قال الشهيد: ولم نقف على مأخذ ذلك
في خصوصية الجنازة (13).
(والفقيه العبد أولى) بالإمامة لا الولاية (من غيره الحر) فالأولى
بالولي تقديمه، لأن الفقه أولى الفضائل بالرجحان هنا، ولعموم مرجحاته عموما
وفي خصوص الإمامة. وللعامة وجهان (14).
(ولو تساووا) وتشاحوا أو تشاح المأمومون (أقرع) ولا بأس عندي لو
عقدوا جماعتين أو جماعات دفعة، لكن الأفضل الاتحاد.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 47 س 38.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 451 س 14.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 256.
(4) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 263.
(5) الخلاف: ج 1 ص 720 المسألة 537.
(6) المبسوط: ج 1 ص 184.
(7) السرائر: ج 1 ص 358.
(8) إصباح الشيعة (ضمن سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 640.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 451 س 14.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 256.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 47 س 22.
(12) المهذب: ج 1 ص 130.
(13) ذكرى الشيعة: ص 57 س 21.
(14) المجموع: ج 5 ص 219 س 15.
320

(و) لما لم يجز للولي التقدم إذا لم يستجمع الشرائط، فمعنى أولويته أنه (لا
يجوز لجامع الشرائط التقدم بغير إذن الولي المكلف وإن لم يستجمعها)
وفاقا للمشهور، ويؤيده خبر السكوني (1) المتقدم، وفي المعتبر (2) والتذكرة (3)
الاجماع.
وصريح ابن زهرة استحباب تقديم الولي أو مختاره (4)، وهو قوي، للأصل،
وضعف الخبر سندا ودلالة، ومنع الاجماع على أزيد من الأولوية.
وقدم أبو علي الموصى إليه بالصلاة على الأولياء (5)، لعموم ما دل على الأمر
بإنفاذ الوصية، قال في المختلف: ولم يعتبر علماؤنا ذلك (6).
أقول: نعم قد يستحب للولي الانفاذ مع الأهلية، كما في الذكرى (7).
ولو غاب الولي جاز للحاضرين الصلاة بجماعة، وكذا لو امتنع من الإذن ولم
يصل أو لم يصلح للإمامة كما في الذكرى، قال: لاطباق الناس على صلاة الجنازة
جماعة من عهد النبي صلى الله عليه وآله إلى الآن، وهو يدل على شدة الاهتمام، فلا يزول هذا
المهم بترك إذنه قال: نعم لو كان هناك حاكم شرعي كان الأقرب اعتبار إذنه، لعموم
ولايته في المناصب الشرعية (8).
(وإمام الأصل أولى من كل أحد) حتى الولي، لأنه إمام الثقلين في
الأقوال والأفعال، وأولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهو ضروري المذهب. ولا يفتقر
إلى إذن الولي كما هو ظاهر الكتاب والخلاف (9) والنهاية (10) والكافي (11)

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 801 ب 23 من أبواب صلاة الجنازة ح 4.
(2) المعتبر: ج 2 ص 347.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 47 س 27.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 6.
(5) حكاه عنه العلامة في مختلفه: ج 2 ص 304.
(6) مختلف الشيعة: ج 2 ص 304.
(7) ذكرى الشيعة: ص 57 س 18.
(8) المصدر السابق س 26.
(9) الخلاف: ج 1 ص 719 المسألة 535.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 383.
(11) الكافي في الفقه: ص 156.
321

والسرائر (1) والمهذب (2) والإصباح (3) والشرائع (4) والجامع (5) ومقرب التحرير (6)
وفتوى الدروس (7) والبيان (8)، خلافا للمبسوط (9) والمعتبر (10) والمختلف (11)، لما مر
من خبر السكوني، وهو إن صح فليحمل على غيره، [ويجوز إن أريد بسلطان الله
المعصوم إن قدر لقوله: (إن قدمه الولي) جزاء، ويرجع (هو) في قوله: (فهو
غاصب) إلى الولي، أي أن قدمه الولي فذاك، وإلا فالولي غاصب] (12) وتوقف في
نهاية الإحكام (13)، وهو ظاهر المنتهى (14)، والبحث فيه قليل الجدوى.
(والهاشمي الجامع للشرائط أولى) من غيره بالإمامة، لكن إنما يتقدم
(إن قدمه الولي) إجماعا كما في المعتبر (15) ونهاية الإحكام (16) وا لتذكرة (17).
(و) معنى أولويته أنه (ينبغي له تقديمه) وفي المقنعة: يجب (18)، واستدل
برجحانه لشرف النسب، وقوله صلى الله عليه وآله: قدموا قريشا ولا تقدموها (19). قال الشهيد:
ولم يستثبته في رواياتنا، مع أنه أعم من المدعى (20).
ثم اشتراط استجماعه الشرائط ظاهر، واقتصر الشيخ (21) وابنا إدريس (22)
والبراج (23) على ذكر اعتقاده الحق، وعن أبي علي: ومن لا أحد له فالأقرب نسبا

(1) السرائر: ج 1 ص 357.
(2) المهذب: ص 130.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 640.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 105.
(5) الجامع للشرائع: ص 120.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 19 س 7.
(7) الدروس الشرعية: ج 1 ص 112.
(8) البيان: ص 28 س 15.
(9) المبسوط: ج 1 ص 183.
(10) المعتبر: ج 2 ص 347.
(11) مختلف الشيعة: ج 2 ص 303.
(12) ما بين المعقوفين زيادة من ص و ك.
(13) نهاية الإحكام: ج 2 ص 255.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 450 س 24.
(15) المصدر السابق.
(16) المصدر السابق.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 47 س 27.
(18) المقنعة: ص 232.
(19) سنن البيهقي: ج 3 ص 121.
(20) ذكرى الشيعة: ص 57 س 35.
(21) النهاية ونكتها: ج 1 ص 383.
(22) السرائر: ج 1 ص 357.
(23) المهذب: ج 1 ص 130.
322

برسول الله صلى الله عليه وآله من الحاضرين أولى به (1)، قال الشهيد: ولعله إكرام لرسول
الله صلى الله عليه وآله، فكلما كان القرب منه أكثر كان أدخل في استحقاق الاكرام (2).
ويجوز للعراة الجماعة (و) لكن (تقف العراة في صف الإمام) العاري
كما في النهاية (3) والمبسوط (4) والمهذب (5) والسرائر (6) وكتب المحقق (7)
والوسيلة (8) وفي الأخير: واضعي أيديهم على سوآتهم.
وظاهرهم الوجوب، عدا الشرائع فظاهره الكراهية (9)، وكذا قول الشهيد في
الذكرى: ولا يبرز عنهم الإمام، لأنه أقرب إلى الستر (10). ولا يقعد كما في
المكتوبة، لعدم النص هنا، مع عدم اشتراط الستر على فتواه في التذكرة والنهاية.
وفي الذكرى: لعدم الركوع والسجود هنا (11)، وفيه أنهما في المكتوبة بالايماء
للعاري.
(وكذا النساء) إذا أردن الصلاة (خلف المرأة) أي مؤتمات بها وقفن
معها في صف، للأخبار، كما مر من صحيح زرارة عن الباقر (12) عليه السلام. وظاهر
الأكثر الوجوب، لظاهر الأخبار، وصريح الشرائع الكراهية (13).
(وغيرهم) أي العراة والنساء (يتأخر عن الإمام في صف) ولا يقوم
بجنبه (وإن اتحد) بخلاف المكتوبة قطع به الصدوق (14) والشيخ (15) وابنا

(1) حكاه عنه في الذكرى: ص 57 س 35.
(2) ذكرى الشيعة: ص 57 س 36.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 386.
(4) المبسوط: ج 1، 186 كتاب الصلاة في أحكام الجنائز.
(5) المهذب: ج 1 ص 129.
(6) السرائر: ج 1 ص 361.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 150، المختصر النافع: ص 40، المعتبر: ج 2 ص 347.
(8) الوسيلة: ص 119.
(9) ذكرى الشيعة: ص 57 س 36.
(10) ذكرى الشيعة: ص 58 س 20.
(11) ذكرى الشيعة: ص 58 س 21.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 803 ب 25 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 105.
(14) المقنع: ص 21.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 383.
323

حمزة (1) وإدريس (2) والمحقق (3)، وبه خبر اليسع عن الصادق عليه السلام (4).
(وتقف النساء خلف الرجال) في صف ولا تختلطن بهم ولا تتقدمهن
قطع به الشيخ (5) والمحقق (6) وبنو حمزة (7) وإدريس (8) والبراج (9) وغيرهم. ولعله
لعموم أكثر أخبار تأخرهن عن الرجال في الصلاة (10).
(وتنفرد الحائض) عن الرجال والنساء (بصف خارج) كما في
النهاية (11) والمبسوط (12) والوسيلة (13) والمهذب (14) والسرائر (15) والجامع (16)
والشرائع (17)، ونص في الأخير على استحبابه، والمستند خبر سماعة سأل
الصادق عليه السلام عنها: إذا حضرت الجنازة، فقال: تتيمم وتصلي عليها، وتقوم وحدها
بارزة من الصف (18). ونحوه حسن ابن مسلم سأله عليه السلام عنها: تصلي على الجنازة؟
فقال: نعم، ولا تقف معهم (19).
ولكن ظاهر نحوه من الأخبار النهي عن صفها مع الرجال، وعليه اقتصر في
الفقيه (20) والمقنع (21)، ويحتمله المقنعة (22)، ولذا تردد الشهيد (23).

(1) الوسيلة: ص 119.
(2) السرائر: ج 1 ص 359.
(3) المعتبر: ج 2 ص 354.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 805 ب 28 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 383.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 105 و 106.
(7) الوسيلة: ص 119.
(8) السرائر: ج 1 ص 359.
(9) المهذب: ج 1 ص 129.
(10) وسائل الشيعة: ج 5 ص 405 ب 19 من أبواب صلاة الجماعة، أحاديث الباب.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 384.
(12) المبسوط: ج 1 ص 184.
(13) الوسيلة: ص 119.
(14) المهذب: ج 1 ص 129.
(15) السرائر: ج 1 ص 359.
(16) الجامع للشرائع: ص 121.
(17) شرائع الاسلام: ج 1 ص 105 و 106.
(18) وسائل الشيعة: ج 2 ص 801 ب 22 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(19) وسائل الشيعة: ج 2 ص 800 ب 22 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(20) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 170 ح 497 و 498.
(21) المقنع: ص 21.
(22) المقنعة: ص 232.
(23) ذكرى الشيعة: ص 57 س 4.
324

(المطلب الثالث)
(في مقدماتها)
(يستحب إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليتوفروا على تشييعه)
فيثابوا، ويكثر المصلون عليه والمستغفرون له.
(ومشي المشيع) كما في النهاية (1) والجامع (2) والمعتبر (3) وظاهر المقنع (4)
والمقنعة (5) وجمل العلم والعمل (6) وشرحه للقاضي (7) والغنية (8) والوسيلة (9)
والشرائع (10)، لكراهية الركوب كما في الثلاثة الأولى، لقول الصادق عليه السلام في مرسل
ابن أبي عمير: رأى رسول الله صلى الله عليه وآله قوما خلف جنازة ركبانا، فقال: ما استحيى
هو لا أن يتبعوا صاحبهم ركبانا وقد أسلموه على هذه الحال (11). وفي خبر غياث
[عن أبي عبد الله] (12) عن أبيه عن علي عليهم السلام: أنه كره أن يركب الرجل مع الجنازة
في بدائه إلا من عذر، وقال: يركب إذا رجع (13). وفي المنتهى: إجماع العلماء
عليه (14).
ويستحب مسير المشيع ماشيا أو راكبا (خلف الجنازة، أو إلى أحد
جانبيها) وفاقا للمعظم، لأنه معنى التشييع، ولقوله صلى الله عليه وآله في خبر السكوني: اتبعوا
الجنازة ولا تتبعكم، خالفوا أهل الكتاب (15).

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 249.
(2) الجامع للشرائع: ص 54.
(3) المعتبر: ج 1 ص 293.
(4) المقنع: ص 19.
(5) المقنعة: ص 79.
(6) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 51.
(7) شرح جمل العلم والعمل: ص 154.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 14.
(9) الوسيلة: ص 67.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 41.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 827 ب 6 من أبواب الدفن ح 3.
(12) ما بين المعقوفين من المصدر.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 827 ب 6 من أبواب الدفن ح 2.
(14) منتهى المطلب: ج 1 ص 445 س 14.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 825 ب 4 من أبواب الدفن ح 4.
325

وفي المقنع: روي اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم، فإنه من عمل المجوس (1). مع
قول أبي جعفر عليه السلام في خبر سدير: من أحب أن يمشي ممشى الكرام الكاتبين
فليمش جنبي السرير (2). وفي الخلاف (3) والمقنع (4) استحباب الخلف خاصة.
ويجوز عمومه لما عن الجنبين، بقرينة مقابلتهما له بالمشي أمامها، وإن أراد
مقابل الجميع فلعله لكونه أولى بمعنى التشييع والاتباع، وورود المسير عن
الجانبين في غير خبر سدير مع الخلف والإمام جميعا، وقول الصادق عليه السلام في خبر
إسحاق بن عمار: المشي خلف الجنازة أفضل من المشي بين يديها (5). ويمكن
عموم الخلف لما عن الجانبين، مع أنه لا يمتنع مشاركة الغير له في الأفضلية.
ثم صريح الوسيلة (6) والسرائر (7) والتذكرة (8) والبيان (9) كراهية المشي أمامها،
وهو ظاهر المقنع (10) والمقنعة (11) والاقتصاد (12) والمراسم (13) وجمل العلم والعمل (14)،
إلا أن في الأول: وروي إذا كان الميت مؤمنا فلا بأس أن يمشي قدام جنازته، فإن
الرحمة تستقبله، والكافر لا تتقدم جنازته، فإن اللعنة تستقبله. وفي الأخير: وقد
روي جواز المشي أمامها.
وصريح المعتبر (15) والذكرى (16) وظاهر النهاية (17) والمبسوط (18) وموضع

(1) المقنع: ص 19.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 825 ب 4 من أبواب الدفن ح 3.
(3) الخلاف: ج 1 ص 718 المسألة 533.
(4) المقنع: ص 19.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 824 ب 4 من أبواب الدفن ح 1.
(6) الوسيلة: ص 69.
(7) السرائر: ج 1 ص 164.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 48 س 17.
(9) البيان: ص 30 س 5.
(10) المقنع: ص 19.
(11) المقنعة: ص 79.
(12) الإقتصاد: ص 249.
(13) المراسم: ص 51.
(14) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 51.
(15) المعتبر: ج 1 ص 293.
(16) ذكرى الشيعة: ص 52 س 23.
(17) النهاية ونكتها: ج 1 ص 249 س 19.
(8 1) المبسوط: ج 1 ص 183.
326

من المنتهى العدم (1).
ولا بأس به عندي في جنازة المؤمن دون غيره، للأخبار الفارقة كما أشار إليه
الصدوق (2)، وهي كثيرة، ولا خبر لنا ينهي عنه مطلقا، إلا خبر: لا تتبعكم (3)، وهو
ضعيف معارض بظاهر قول الصادق عليه السلام في خبر إسحاق: إن المشي خلف
الجنازة أفضل من المشي بين يديها [ولا بأس بأن يمشي بين يديها] (4).
وقال الحسن: يجب التأخر خلف جنازة المعادي لذي القربى (5). وظاهر
الأخبار المفصلة معه، إلا أن هنا أخبارا مطلقة بالجواز.
وقال أبو علي: يمشي صاحب الجنازة بين يديها، والقاضون حقه وراءها (6).
ولعله لما في خبر الحسين بن عثمان: أن الصادق عليه السلام تقدم سرير ابنه إسماعيل بلا
حذاء ولا رداء (7).
(و) يستحب (تربيعها) بمعنيين، الأول: حملها بأربعة رجال كما في
الكافي (8) والذكرى (9) والموجز الحاوي (10)، لأنه أدخل في توقير الميت.
ويحتمله قول أبي جعفر عليه السلام في خبر جابر: السنة أن يحمل السرير من جوانبه
الأربع، وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع (11). والثاني: حمل الواحد كلا من
جوانبها الأربع.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 445 س 19.
(2) المقنع: ص 19.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 825 ب 4 من أبواب الدفن ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 824 ب 4 من أبواب الدفن ح 1.
(5) ذكرى الشيعة: ص 52 س 20.
(6) ذكرى الشيعة: ص 52 س 22.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 654 ب 27 من أبواب الاحتضار ح 3.
(8) الكافي في الفقه: ص 238.
(9) ذكرى الشيعة: ص 51 س 21.
(10) الموجز الحاوي (ضمن الرسائل العشرة): ص 51.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 828 ب 7 من أبواب الدفن ح 2.
327

وكان استحبابه اتفاقا، والأخبار به متظافرة، وفي بعضها: أن من ربع خرج من
الذنوب (1). وفي بعضها: محيت عنه أربعون كبيرة (2). وهو يعم الابتداء بأي منها
شاء، والختم بأي، كما كتب الحسين بن سعيد إلى الرضا عليه السلام يسأله عن سرير
الميت يحمل، أله جانب يبدأ به في الحمل من الجوانب الأربعة أو ما خف على
الرجل يحمل من أي الجوانب شاء؟ فكتب عليه السلام: من أيها شاء (3).
(و) الأفضل (البدأة بمقدم السرير الأيمن) وهو الذي يلي يمين الميت
فيضعه على عاتقه الأيمن (ثم يدور من ورائها) دور الرحى (إلى) مقدمها
(الأيسر) فيضع رجلها اليمنى على الأيمن ثم اليسرى على الأيسر ثم مقدمه
الأيسر على الأيسر كما هو المشهور، وبه خبر الفضل بن يونس عن
الكاظم عليه السلام (4)، وخبر البزنطي في جامعه عن ابن أبي يعفور عن الصادق عليه السلام (5)،
وخبر العلاء بن سيابة عنه عليه السلام (6).
وسمع علي بن يقطين الكاظم عليه السلام يقول: السنة في حمل الجنازة أن تستقبل
جانب السرير بشقك الأيمن، فتلزم الأيسر بكفك الأيمن، ثم تمر عليه إلى الجانب
الآخر وتدور من خلفه إلى الجانب الثالث من السرير، ثم تمر عليه إلى الجانب
الرابع مما يلي يسارك (7). ولا تخالف المشهور، فإن الأيسر بمعنى ما يلي يسار
المستقبل له، وهو ما يلي يمين الميت، وما يلي يسارك بمعنى ما يلي يسار الحامل
إذا حمله، وهو ما يلي يسار الميت، أو المراد الجانب الرابع بالنسبة إلى ما يلي
يسارك حين استقبالك له.
وفي المنتهى: الابتداء بوضع ما يلي يمين الميت على كتفه الأيسر، ثم ما يلي
رجله اليمنى عليه، ثم ما يلي رجله اليسرى على الكتف الأيمن، ثم ما يلي يده

(1) المصدر السابق ح 4.
(2) المصدر السابق ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 829 ب 8 من أبواب الدفن ح 1.
(4) المصدر السابق ح 3.
(5) المصدر السابق ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 830 ب 8 من أبواب الدفن ح 5 و ح 4.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 830 ب 8 من أبواب الدفن ح 5 و ح 4.
328

اليسرى عليها، وإنما يتم مع جعل الجنازة بين عمودين ودخول الحامل بينهما (1).
وقيل (2): يبتدئ بما يلي يسار الميت فيحمله بالأيمن، ثم يحمل ما يلي الرجل
اليسرى فيحمله أيضا بالأيمن، ثم يحمل ما يلي الرجل اليمنى بالأيسر، ثم ما يلي
اليد اليمنى بالأيسر أيضا. ونزل عليه خبر علي بن يقطين (3)، وقد سمعت معناه.
(و) يستحب (قول المشاهد للجنازة) المروي عن الباقر وأبيه عليهما السلام
وهو: (الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم) (4) أي الذي اخترمته
المنية أو الضلالة أي استأصلته. والمروي في خبر عنبسة عن الصادق عليه السلام عن
النبي صلى الله عليه وآله وهو: الله أكبر هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا
إيمانا وتسليما، الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت، ففيه من قاله لم
يبق ملك في السماء إلا بكى رحمة لصوته (5).
وعن الرضا عليه السلام: إذا رأيت الجنازة فقل: الله أكبر الله أكبر، هذا ما وعدنا الله
ورسوله وصدق الله ورسوله، كل نفس ذائقة الموت، هذا سبيل لا بد منه إنا لله وإنا
إليه راجعون، تسليما لأمره ورضاء بقضائه، واحتسابا لحكمه، وصبرا لما قد جرى
علينا من حكمه، اللهم اجعله لنا خير غائب ننتظره (6).
(و) يستحب (طهارة المصلي) من الأحداث اتفاقا كما في الغنية (7)
وظاهر التذكرة (8)، ويؤيده مع الاعتبار قول الكاظم عليه السلام لعبد الحميد بن سعد:
تكون على طهر أحب إلي (9). وعن الرضا عليه السلام: وإن كنت جنبا وتقدمت للصلاة

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 444 س 12.
(2) الخلاف: ج 1 ص 718 المسألة 531.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 830 ب 8 من أبواب الدفن ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 830 و 831 ب 9 من أبواب الدفن ح 1 و 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 831 ب 9 من أبواب الدفن ح 2.
(6) فقه الرضا: ص 176.
(7) غنية النزوع (الجوامع الفقهية): ص 502 س 8.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 49 س 18.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 798 ب 21 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
329

عليها فتيمم أو توضأ وصل عليها (1). وعنه عليه السلام: وقد كره أن يتوضأ انسان عمدا
متعمدا للجنازة، لأنه ليس بالصلاة إنما هو التكبير، والصلاة هي التي فيها الركوع
والسجود (2).
ولا يجب، للأصل، والأخبار، والاجماع كما في التذكرة (3) والخلاف (4)
ونهاية الإحكام (5) والذكرى (6). لكن قال المفيد: لا بأس للجنب أن يصلي عليه قبل
الغسل بتيمم مع القدرة على الماء، والغسل له أفضل، وكذلك الحائض تصلي عليه
بارزة عن الصف بالتيمم (7). ولم يذكر صلاتهما بلا تيمم ولا بتيمم غير المتوضئ.
وقال سلار: تجوز هذه الصلاة عند خوف الفوت بالتيمم للجنب وغير
المتوضئ، وإن خاف إذا اشتغل بالتيمم الفوت صلى على حاله ولا حرج (8). وقال
السيد في الجمل (9): ويجوز للجنب أن يصلي عليها عند خوف الفوت بالتيمم من
غير اغتسال.
وقال القاضي في شرح الجمل: وأما الجنب فإنه إذا حضرت الصلاة على
الجنازة وخشي من أنه إن تشاغل بالغسل فاتته فإنه يجوز له أن يتيمم ويصلي.
وقال: وعندنا أن هذه الصلاة جائزة بغير وضوء، إلا أن الوضوء أفضل (10)، وأطلق.
وقال في المهذب: إن الأفضل للانسان أن لا يصليها إلا وهو على طهارة، فإن
لم يكن على ذلك وفاجأته تيمم وصلى عليها، فإن لم يتمكن من ذلك أيضا جاز
أن يصليها على غير طهارة، ومن كان من النساء على حال حيض أو جنابة
وأرادت الصلاة على الجنازة فالأفضل لها أن لا تصليها إلا بعد الاغتسال، فإن لم
تتمكن من ذلك جاز لها ذلك بالتيمم، فإن لم تتمكن من ذلك جاز لها أن تصلي

(1) فقه الرضا: ص 179.
(2) فقه الرضا: ص 179.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 49 س 15.
(4) الخلاف: ج 1 ص 724 المسألة 545.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 264.
(6) ذكرى الشيعة: ص 60 س 23.
(7) المقنعة: ص 231.
(8) المراسم: ص 80.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 52.
(10) شرح جمل العلم والعمل: ص 159 س 9.
330

عليها بغير طهارة (1). وكأنهم أرادوا الفضل.
وقال أبو علي: لا بأس بالتيمم إلا للإمام إن علم خلفه متوضئ (2). قال
الشهيد (3) وفاقا للمختلف (4): وكان نظره إلى اطلاق الخبر بكراهة ائتمام المتوضئ
بالمتيمم، قلنا: ذلك في الصلاة حقيقة. قلت: لا دليل عليه.
(ويجوز التيمم مع) التمكن من (الماء) كما في المقنعة (5) وا لخلاف (6)
والمبسوط (7) والشرائع (8) والجامع (9) والنافع (10) والإصباح (11) لثبوت بدليته، وأصل
عدم اشتراطه بالعذر، وإطلاق قول الصادق عليه السلام في مرسل حريز: والجنب يتيمم
ويصلي على الجنازة (12). وظاهر الخلاف (13) والتذكرة (14) والمنتهى الاجماع
عليه (15).
وأما مضمر زرعة عن سماعة: سأله عن رجل مرت به جنازة وهو على غير
وضوء كيف يصنع؟ قال: يضرب بيده على حائط اللبن فليتيمم به (16). فمع الضعف
والاضمار يمكن استظهار خوف الفوت منه، كما اشترطه أبو علي (17) والسيد (18)
وسلا ر (19) والقاضي (20) والمحقق.

(1) المهذب: ج 1 ص 129.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 309.
(3) ذكرى الشيعة: ص 60 س 28.
(4) مختلف الشيعة: ج 2 ص 309.
(5) المقنعة: ص 231.
(6) الخلاف: ج 1 ص 724 المسألة 545.
(7) المبسوط: ج 1 ص 35.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 50.
(9) الجامع للشرائع: ص 121.
(10) المختصر النافع: ص 40.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 663.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 800 ب 22 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(13) الخلاف: ج 1 ص 724 المسألة 545.
(14) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 49 س 14.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 455 س 12.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 799 ب 21 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(17) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 404.
(18) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 52.
(19) المراسم: ص 80.
(20) المهذب: ج 1 ص 129.
331

قال في المعتبر بعد أن حكى عن الخلاف الاستدلال بالاجماع وبخبر سماعة
وفيما ذكره الشيخ: إشكال، أما الاجماع فلا نعلمه كما علمه، وأما الرواية فضعيفة
من وجهين، أحدهما: أن زرعة وسماعة واقفيان، والثاني: أن المسؤول في الرواية
مجهول، فإذا التمسك باشتراط عدم الماء في جواز التيمم أصل، ولأن الرواية
ليست صريحة في الجواز مع وجود الماء، لكن لو قيل: إذا فاجأته الجنازة وخشي
فوتها مع الطهارة تيمم لها كان حسنا، لأن الطهارة لما لم تكن شرطا وكان التيمم
أحد الطهورين فمع خوف الفوت لا بأس بالتيمم، لأن حال المتيمم أقرب إلى شبه
المتطهرين من المتخلي منه (1) انتهى. وليس كلام الشيخ نصا في الاستدلال بالخبر.
وأجاب الشهيد بحجية الاجماع المنقول بخبر الواحد، وعمل الأصحاب
بالرواية، فلا يضر ضعفها، قال: ولم أر لها رادا غير ابن الجنيد (2).
وهي ظاهرة في المراد وفي كل من ظهورها فيه، وانتفاء الراد غير ابن الجنيد
نظر عرفته، والاجماع الذي يحكيه الشيخ غالبه الشهرة، على أن كلامه ليس نصا
في نقله على المسألة، فإنه ذكرها مع جواز هذه الصلاة بلا طهارة أصلا، واستدل
بالاجماع فعسى يدعيه على الأخير.
أما مع خوف الفوت فلا أعرف خلافا في استحباب التيمم وإن أعطى كلام
المعتبر احتمال العدم، ويؤيده إطلاق الخبرين. ونص حسن الحلبي قال: سئل أبو
عبد الله عليه السلام عن الرجل تدركه الجنازة وهو على غير وضوء فإن ذهب يتوضأ
فاتته الصلاة عليها، قال: يتيمم ويصلي (3).
وهل يشترط الطهارة من الخبث؟ وجهان، احتملا في الذكرى من الأصل (4)،
وإطلاق الأصحاب والأخبار جواز صلاة الحائض مع عدم انفكاكها عن الدم
غالبا، وارشاد التعليل في خبر يونس بن يعقوب - بأنها: تكبير وتسبيح وتحميد

(1) المعتبر: ج 1 ص 405.
(2) ذكرى الشيعة: ص 25 س 29.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 799 ب 21 من أبواب صلاة الجنازة ح 6.
(4) ذكرى الشيعة: ص 61 س 8.
332

وتهليل كالتكبير والتسبيح في البيت (1) - إليه، وأخفية الخبث لصحة الصلاة معه
بخلاف حكم الحدث، ومن إطلاق بعض الأخبار الناطقة بوجوب الطهارة من
الخبث للصلاة، وانتفاء نص على العدم هنا.
والأول أقوى، وهو خيرة البيان (2) والدروس (3) والموجز الحاوي (4)، قال
الشهيد: ولم أقف في هذا على نص ولا فتوى (5).
(ويجب تقديم الغسل والتكفين) لغير الشهيد (على الصلاة) بلا
خلاف، فإن قدمها قال في المنتهى: لم يعتد بها، لأنه فعل غير مشروع فيبقى في
العهدة (6). وهو يعم الناسي والعامد والجاهل. ويحتمل العدم خصوصا في الناسي،
لكن يقين البراءة إنما يحصل بالإعادة.
(فإن لم يكن له كفن) ولا ما يستر به عورته (طرح في القبر ثم صلي
عليه بعد تغسيله وستر عورته) خاصة بنحو اللبن أو التراب (ودفن) بعد
الصلاة كما قال الرضا عليه السلام في مرسل محمد بن أسلم: إذا لم يقدروا على ثوب
يوارون به عورته فليحفروا قبره ويضعوه في لحده يوارون عورته بلبن أو أحجار
أو تراب ثم يصلون عليه ثم يوارونه في قبره، قلت: ولا يصلون عليه وهو مدفون
بعد ما يدفن، قال: لا، لو جاز ذلك لجاز لرسول الله صلى الله عليه وآله فلا يصلى على المدفون
ولا على العريان (7). ونحوه خبر عمار عن الصادق عليه السلام (8).
ولعل وضعه في اللحد وستر عورته فيه لكراهة وضعه عاريا تحت السماء وإن
سترت عورته، كما قد يرشد إليه كراهة تغسيله تحت السماء، ولرفع الحرج عن
المصلين لما في ستر عورته خارجا ثم نقله إلى اللحد من المشقة، وإلا فالظاهر أن

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 799 ب 21 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(2) البيان: ص 30 س 10.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 113 درس 14.
(4) الموجز الحاوي (الرسائل العشرة): ص 51.
(5) ذكرى الشيعة: ص 61 س 9.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 456 س 22.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 813 ب 36 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(8) المصدر السابق ح 1.
333

لا خلاف في جواز الصلاة عليه خارجا إذا سترت عورته بلبن أو تراب أو نحوهما.
(ثم) إنه (يقف الإمام) والمنفرد (ورواء الجنازة مستقبل القبلة
ورأس الميت على يمينه غير متباعد عنها كثيرا وجوبا في الجميع)
والمأموم قد يتباعد عنها كثيرا، لكثرة الصفوف، وقد يكون رأس الميت على
يساره أو جميعه على يمينه لطول الصف.
أما الوقوف فيأتي، وأما الوقوف ورائها فهو كذلك عندنا. ودليله التأسي
واستمرار العمل عليه من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى الآن. ومن العامة (1) من جوز الوقوف
أمامها قياسا على الغائب، وهو كما في الذكرى (2) خطأ على خطأ.
وأما وجوب الاستقبال فعليه الاجماع ظاهرا، وتشمله العمومات وإن تعذر
فكالمكتوبة.
وأما كون رأس الميت على يمينه فقطع به الأصحاب، وصريح الغنية (3)
وظاهر المعتبر (4) الاجماع عليه، وسئل الصادق عليه السلام في خبر عمار عمن صلى
عليه فلما سلم الإمام فإذا الميت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه، فقال: يسوى
وتعاد الصلاة عليه، وإن كان قد حمل ما لم يدفن فإن دفن فقد مضت الصلاة
عليه (5). وإن تعذر سقط كما في المصلوب، ويأتي الصلاة عليه إن شاء الله.
وأما وجوب عدم التباعد عنها كثيرا فهو صريح الشرائع (6) وظاهر النافع (7)
والفقيه (8)، وفيه: فليقف عند رأسه بحيث إن هبت ريح فرفعت ثوبه أصاب الجنازة،
وعليه المصنف هنا والنهاية (9) والتحرير (10) والتذكرة (11) والشهيد في الدروس (12)

(1) المجموع: ج 5 ص 227 - 228.
(2) ذكرى الشيعة: ص 61 س 13.
(3) (الجوامع الفقهية): ص 502 س 12.
(4) المعتبر: ج 2 ص 352، وفيه لأن استقبال القبلة بالميت شرط.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 796 ب 19 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 106.
(7) مختصر النافع: ص 40.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 163 ح 466.
(9) نهاية الإحكام: ج 2 ص 262.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 19 س 20.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 49 س 28.
(12) الدروس: ج 1 ص 113 درس 14.
334

والذكرى وفيه: ولا يجوز التباعد بمائتي ذراع (1).
وفي النهاية (2) والمبسوط (3) والسرائر (4) والمهذب (5): ينبغي أن يكون بينه
وبين الجنازة شئ يسير، وظاهره الاستحباب، ونحوه في المنتهى (6).
ويمكن زيادة هذا القرب على الواجب كما في الذكرى (7)، فلا يكون خلافا،
لكن لم أظفر بخبر ينص على الباب.
(ويستحب وقوفه) أي الإمام، وكذا المنفرد (عند وسط الرجل وصدر
المرأة) وفاقا للأكثر، لقول أمير المؤمنين عليه السلام في مرسل ابن المغيرة: من صلى
على امرأة فلا يقوم في وسطها، ويكون مما يلي صدرها، وإذا صلى على الرجل
فليقم في وسطه (8). وقول الباقر عليه السلام في خبر جابر: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم من
الرجال بحيال السرة، ومن النساء أدون من ذلك قبل الصدر (9).
وفي الغنية الاجماع عليه (10)، وفي المنتهى نفي الخلاف عنه (11)، وفي
الإستبصار: الوقوف عند رأسها وصدره لقول أبي الحسن عليه السلام في خبر البزنطي: إذا
صليت على المرأة فقم عند رأسها، وإذا صليت على الرجل فقم عند صدره (12)،
ويحتمله خبر جابر.
وفي الفقيه (13) والهداية (14): الوقوف عند الرأس مطلقا، وحكي عن الشيخ (15)

(1) ذكرى الشيعة: ص 61 س 12.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 384.
(3) المبسوط: ج 1 ص 184.
(4) السرائر: ج 1 ص 359.
(5) المهذب: ج 1 ص 130.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 458 س 3.
(7) ذكرى الشيعة: ص 61 س 12.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 804 ب 27 من أبواب صلاة الجماعة ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 805 ب 27 من أبواب صلاة الجماعة ح 3.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 8.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 456 س 31.
(12) الإستبصار: ج 1 ص 470 ح 1817.
(13) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 163 ذيل حديث 466.
(14) الهداية ص 25 س 15.
(15) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 190 ح 432.
335

وفي المقنع (1) عند الصدر مطلقا، وفي الخلاف: عند رأس الرجل وصدر المرأة
والاجماع عليه (2)، وحكي عن علي بن بابويه.
والوجه التخيير - لادراك الفضل - بين المشهور وما في الإستبصار كما في
المعتبر (3) والمنتهى (4)، والأولى الحاق الخنثى والصغيرة بالمرأة.
(و) يستحب (جعل الرجل مما يلي الإمام إن اتفقا) وأريدت صلاة
واحدة عليهما بلا خلاف، إلا من الحسن البصري (5) وابن المسيب (6)، للأخبار
والاعتبار.
ولا يجب بلا خلاف كما في المنتهى (7)، للأصل، وقول الصادق عليه السلام في
صحيح هشام بن سالم: لا بأس أن يقدم الرجل وتؤخر المرأة، ويؤخر الرجل
وتقدم المرأة (8).
وينبغي أن (يحاذي بصدرها وسطه) كما في النافع (9) والشرائع (10)
ليتأدى مستحب الوقوف بالنسبة إليهما، وفي خبر عمار عن الصادق عليه السلام: في
اجتماع رجال ونساء جعل رأس رجل إلى ألية آخر، وهكذا إلى آخرهم، ثم جعل
رأس المرأة إلى ألية آخر الرجال وأخرى إلى ألية الأولى، وهكذا ثم قيام المصلي
وسط الرجال (11). وفي مضمر الحلبي: فيكون رأس المرأة عند وركي الرجل مما
يلي يساره، ويكون رأسها أيضا مما يلي يسار الإمام ورأس الرجل مما يلي يمين
الإمام (12).

(1) المقنع: ص 20 س 10.
(2) الخلاف: ج 1 ص 731 المسألة 562.
(3) المعتبر: ج 2 ص 352.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 456 س 32.
(5) الحاوي الكبير: ج 3 ص 49.
(6) لم نعثر عليه، والذي عثرنا عليه خلاف ما نسيه إليه، راجع المجموع: ج 5 ص 228.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 457 س 8.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 810 ب 32 من أبواب صلاة الجنازة ح 6.
(9) المختصر النافع: ص 41.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 106.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 808 ب 32 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 810 ب 32 من أبواب صلاة الجنازة ح 7.
336

(فإن كان) معهما (عبدا وسط بينهما) كما في الفقيه (1) والمقنع (2)
والنهاية (3) والمهذب (4) والسرائر (5) والوسيلة (6) والجامع (7)، لفضل الحر، وقول
الصدوق: كان علي عليه السلام إذا صلى على المرأة والرجل قدم المرأة وأخر الرجل،
وإذا صلى على الحر والعبد قدم العبد وأخر الحر، وإذا صلى على الكبير والصغير
قدم الصغير وأخر الكبير (8). وخبر طلحة بن زيد مثله عن الصادق عليه السلام (9)، وظاهر
التذكرة الاجماع (10).
وفي الذكرى: الأقرب أن الحرة مقدمة على الأمة، لفحوى الحر والعبد، أما
الحرة والعبد فيتعارض فيه فحوى الرجل والمرأة والحر والعبد، لكن الأشهر
تغليب جانب الذكورية فيقدم العبد إلى الأمام (11).
(فإن جامعهم خنثى أخرت عن المرأة) إلى الإمام ولاحتمال الذكورة.
(فإن كان معهم صبي) لا يجب الصلاة عليه بأن كان (له أقل من ست)
سنين، أو صبية كذلك (آخر إلى ما يلي القبلة) سواء فيهما الحر والمملوك، وفاقا
للمبسوط (12) والخلاف (13) والوسيلة (14) والجواهر (15) والسرائر (16) والجامع (17)
والإصباح (18) وإن لم يكن فيها الصبية ولا التصريح بالتعميم للحر والمملوك.

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 169 ح 492.
(2) المقنع: ص 21.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 384.
(4) المهذب: ج 1 ص 129.
(5) السرائر: ج 1 ص 358.
(6) الوسيلة: ص 118.
(7) الجامع للشرائع: ص 123.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 169 ح 492.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 809 ب 32 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 50 س 10.
(11) ذكرى الشيعة: ص 63 س 4.
(12) المبسوط: ج 1 ص 184.
(13) الخلاف: ج 1 ص 722 المسألة 541.
(14) الوسيلة: ص 119.
(15) جواهر الفقه: ص 26 المسألة 85.
(16) السرائر: ج 1 ص 358.
(17) الجامع للشرائع: ص 123.
(18) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 4 ص 640.
337

ودليله أن من يجب الصلاة عليه أولى بالقرب من الإمام، وظاهر الجواهر (1)
الاجماع عليه.
ولا إشكال في الجمع بين من يجب الصلاة عليه ومن يستحب إذا لم يعتبر
الوجه في النية، وعلى اعتباره ففي الذكرى: يمكن الاكتفاء بنية الوجوب لزيادة
الندب تأكيدا (2)، يعني إذا صلى عليهم بنية الوجوب دخلت فيها الصلاة على الطفل
استحبابا تبعا في الروض (3)، وهو متجه تغليبا للجانب الأقوى كمندوبات الصلاة،
وقد نصوا على دخول نية المضمضة والاستنشاق في نية الوضوء إن قدمها عليهما
وافتقارهما إلى نية خاصة إن أخرها عنهما إلى غسل الوجه، ولا يلزم من عدم
الاكتفاء بنية الوجوب في الندب استقلالا عدم الاكتفاء بها تبعا، ومثله لو اجتمع
أسباب الوجوب والندب في الطهارة، وقد ورد النص في الجميع على الاجتزاء
بطهارة واحدة وصلاة واحدة.
وفي التذكرة (4) ونهاية الإحكام: لا يجوز الجمع بنية متحدة الوجه للتضاد (5)
وزيد في التذكرة: لو قيل باجزاء النية الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط
أمكن (6)، قال الشهيد: ويشكل بأنه فعل واحد من مكلف واحد فكيف يقع على
وجهين (7)؟!
(وإلا) يكن للصبي أو الصبية أقل من ست بل ست أو أكثر (جعل) الصبي
الحر (بعد الرجل) قبل المرأة والخنثى والعبد كما في السرائر (8)، وكذا المبسوط (9)
والخلاف (10) والجواهر (11) والإصباح (12)، لكن ليس فيها للمملوك ذكر.

(1) جواهر الفقه: ص 26 المسألة 85.
(2) ذكرى الشيعة: ص 63 س 10.
(3) روض الجنان: ص 310 س 3.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 50 س 8.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 267.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 50 س 8.
(7) ذكرى الشيعة: ص 63 س 11.
(8) السرائر: ج 1 ص 359.
(9) المبسوط: ج 1 ص 184.
(10) الخلاف: ج 1 ص 722 المسألة 541.
(11) جواهر الفقه: ص 26 المسألة 85.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 664.
338

أما تقديمه إلى الأمام على المرأة والخنثى فلقول الصادق عليه السلام في مرسل
ابن بكير: يضع النساء مما يلي القبلة والصبيان دونهن والرجال مما دون ذلك (1).
وفي الخلاف عن عمار بن ياسر: أخرجت جنازة أم كلثوم بنت علي وابنها
زيد بن عمر ومعهما الحسنان عليهما السلام وابن عباس وعبد الله بن عمر وأبو هريرة
فوضعوا جنازة الغلام مما يلي الإمام والمرأة ورأه، وقالوا: هذا هو السنة (2).
وظاهر الجواهر الاجماع، ولاطلاق خبر ابن بكير (3).
أطلق الصدوقان (4) وسلا ر (5) تقديم الصبي إلى الأمام، واستحسنه المحقق
وقال: إن الرواية وإن ضعفت لكنها سليمة عن المعارض (6).
قلت: تقدم خبران بتقديم الصغير إلى القبلة على الكبير، ثم إنه والصدوقين لم
يتعرضا للخنثى، وسلار أولى الخنثى الرجل، ثم الصبي، ثم المرأة (7)، وله وجه.
وأما تقديمه على العبد فلشرف الحرية، وأخره ابن حمزة (8) والمصنف في
المنتهى (9)، لأن العبد البالغ أحوج إلى الشفاعة فأولى بالقرب من الإمام، ولاطلاق
خبري تقديم الصغير إلى القبلة، ولأنه يقدم في الإمامة.
وأطلق تقديم الصبي إلى القبلة على المرأة في النهاية (10) والمهذب (11)
والشرائع (12) والغنية (13)، وفيه الاجماع عليه، لاطلاق الخبرين واستغنائه عن
الشفاعة وإن وجبت الصلاة عليه.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 809 ب 32 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(2) الخلاف: ج 1 ص 722 ذيل المسألة 541.
(3) جواهر الفقه: ص 26 المسألة 85.
(4) نقله عن علي بن بابويه العلامة في مختلف الشيعة: ج 2 ص 309، المقنع: ص 21 س 8.
(5) المراسم: ص 80.
(6) المعتبر: ج 2 ص 354.
(7) المراسم: ص 80.
(8) الوسيلة: ص 119.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 457 س 13.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 384.
(11) المهذب: ج 1 ص 129.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 106.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 9.
339

وقال أبو علي: يجعلون على العكس مما يقوم الأحياء خلف الإمام للصلاة،
وقال في إمامة الصلاة: إن الرجال يلون الإمام ثم الخصيان ثم الخناثى ثم الصبيان
ثم النساء ثم الصبيات (1). وقال الحلبي: تجعل المرأة مما يلي القبلة والرجل مما
يلي الإمام، وكذلك الحكم إن كان بدل المرأة عبدا أو صبيا أو خصيا (2) انتهى.
وإن تساوت الجنائز ذكورة أو أنوثة وغيرهما ففي التذكرة: لو كانوا كلهم
رجالا أحببت تقديم الأفضل إلى الأمام وبه قال الشافعي (3) وفي المنتهى: قدم إلى
الأمام أفضلهم، لأنه أفضل من الآخر، فأشبه الرجل مع المرأة (4). وفي التحرير:
ينبغي التقديم بخصال دينية ترغب في الصلاة عليه، وعند التساوي لا يستحب
القرب إلا بالقرعة أو التراضي (5).
ولم أجد بذلك نصا، إلا أن ينزل عليه قوله صلى الله عليه وآله في خبري السكوني وسيف
ابن عميرة: خير الصفوف في الصلاة المقدم، وخير الصفوف في الجنائز المؤخر،
قيل: يا رسول الله ولم؟ قال: صار سترة للنساء (6).
وفي الوسيلة (7) والجامع (8): في رجلين أو امرأتين يقدم أصغرهما إلى القبلة،
ولعله لخبري طلحة (9) والصدوق (10) كما في الذكرى (11)، وفي خبر عمار عن
الصادق عليه السلام التدريج بجعل (12) رأس رجل إلى ألية الآخر (13). وهكذا وقوف

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 308.
(2) حكاه عنه العلامة في مختلفه: ج 2 ص 308.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 50 س 5.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 457 س 10.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 19 س 28.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 806 ب 29 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(7) الوسيلة: ص 118.
(8) الجامع للشرائع: ص 123.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 809 ب 32 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(10) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 169 ح 492.
(11) ذكرى الشيعة: ص 62 س 35.
(12) في ص و ك: يجعل.
(13) وسائل الشيعة: ج 1 ص 809 ب 32 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
340

الإمام في الوسط، وهو لا ينافي الترتيب المذكور كما في الذكرى (1)، إلا باعتبار
أن الإمام يقوم في الوسط، فلا يفيد تقديم آخر الصف القرب، ولا تأخير وسطه
البعد.
(و) يستحب (الصلاة في المواضع المعتادة) للصلاة على الأموات إن
كانت كما في المبسوط (2) والنهاية (3) والمهذب (4) والوسيلة (5) والسرائر (6)
والجامع (7) وكتب المحقق (8)، لأن السامع بموته يقصدها فيكثر المصلون عليه،
وللتبرك لكثرة المصلين فيها.
(ويجوز في المساجد) اجماعا كما في المنتهى (9)، للأصل، ولخبر البقباق
سأل الصادق عليه السلام هل يصلى على الميت في المسجد؟ قال: نعم (10). وخبر ابن مسلم
عن أحدهما عليهما السلام مثله (11).
ولكن يكره كما في السرائر (12) والنفلية (13) والخلاف (14) والمعتبر (15)
والتذكرة (16) والمنتهى (17) ونهاية الإحكام (18) والذكرى (19) والدروس (20) إلا بمكة
كما فيما عدا الأولين، لقول الكاظم عليه السلام لأبي بكر بن عيسى العلوي: أن الجنائز لا

(1) ذكرى الشيعة: ص 63 س 5.
(2) المبسوط: ج 1 ص 185.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 386.
(4) المهذب: ج 1 ص 130.
(5) الوسيلة: ص 119.
(6) السرائر: ج 1 ص 360.
(7) الجامع للشرائع: ص 120.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 107، المختصر النافع: ص 41، المعتبر: ج 2 ص 356.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 459 س 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 806 ب 30 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 807 ب 30 من أبواب صلاة الجنازة ذيل الحديث 1.
(12) السرائر: ج 1 ص 361.
(13) النفلية: ص 137.
(14) الخلاف: ج 1 ص 721 المسألة 538.
(15) المعتبر: ج 2 ص 356.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 51 س 24.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 458 س 28.
(18) نهاية الإحكام: ج 2 ص 266.
(19) ذكرى الشيعة: ص 62 س 5.
(20) الدروس: ج 1 ص 113 درس 14.
341

يصلى عليها في المسجد (1). وللاستظهار، لاحتمال الانفجار والتلويث.
وأما استثناء مكة ففي المنتهى (2) والذكرى (3) التعليل بكونها كلها مسجدا، وفي
الخلاف: الاجماع عقيب الكراهية والاستثناء (4)، وقال أبو علي: لا بأس بها في
الجوامع وحيث يجتمع الناس على الجنازة دون المساجد الصغار (5).
واستحب في البيان الصلاة في المواضع المعتادة ولو في المساجد (6).
(المطلب الرابع)
(في كيفيتها)
(ويجب فيها القيام) مع القدرة اجماعا كما في الذكرى (7)، ويعضده التأسي
والاحتياط، و (صلوا كما رأيتموني أصلي) (8). وفي التذكرة: لا أعلم فيه خلافا إلا
في قول الشافعي: أنه يجوز أن يصلي قاعدا (9).
ولو صلاها عاجز قاعدا أو راكبا أو نحوهما فهل تسقط عن القادرين؟ وجهان
من تحقق صلاة صحيحة، ومن نقصها مع القدرة على الكاملة.
(والنية) قال في المنتهى: لا نعلم فيها خلافا (10).
(والتكبير خمسا) إن لم يكن الميت منافقا بالاجماع والنصوص. ولا
تشرع الزيادة عليها إجماعا، وما ورد من سبعين على حمزة (11)، وأربعين على فاطمة بنت أسد (12)، وخمس وعشرين على سهل بن حنيف (13)، فحمل على

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 807 ب 30 من أبواب صلاة الجنابة ح 2.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 459 س 1.
(3) ذكرى الشيعة: ص 60 س 5.
(4) الخلاف: ج 1 ص 721 المسألة 538.
(5) حكاه عنه الشهيد في ذكراه: ص 62 س 8.
(6) البيان: ص 30 س 13.
(7) ذكرى الشيعة: ص 58 س 17.
(8) سنن البيهقي: ج 2 ص 345.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 49 س 11.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 453 س 13.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 777 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 778 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 8.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 777 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
342

تكرير الصلاة، وشذ ما ورد من ست، وسبع، وتسع، وإحدى عشرة، ويجوز أن
يكون لحضور جنازة أخرى في أثناء الصلاة والاستئناف عليهما، ويجوز خروج
الزائدة عن الصلاة، ويجوز أن يراد بالتكبير الصلاة، ويراد تكريرها ستا وسبعا
فصاعدا، ويجوز كون تكبيرات الإمام والمأموم اللاحق بأجمعها ستا أو سبعا.
وأما التكبيرات على المنافق فأربع كما في الوسيلة (1) والكافي (2)
والشرائع (3) والجامع (4) ونهاية الإحكام (5) والتحرير (6) والدروس (7) والبيان (8)،
ويعطيه كلام المفيد (9)، لقول الرضا عليه السلام في الصحيح لإسماعيل بن سعد: أما
المؤمن فخمس تكبيرات، وأما المنافق فأربع (10). وقول الصادق عليه السلام في حسن
هشام بن سالم وحماد بن عثمان: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر على قوم خمسا،
وعلى قوم آخرين أربعا، فإذا كبر على رجل أربعا اتهم، يعني بالنفاق (11).
ونحوهما من الأخبار، وهي كثيرة.
وإذا لم يجب الصلاة أو لم يشرع على المخالف إلا تقية فالاقتصار على
الأربع ظاهر، إلا أن يتقي ممن يرى الخمس. واقتصر في المنتهى على رواية
الأربع (12)، وفي المقنعة (13) والمعتبر (14) على روايتها عن الصادقين عليهما السلام.
وظاهر أكثر العبارات تعطي الخمس على الكل، فإن أرادوها فللاحتياط،
وإطلاق كثير من الأخبار، وهي نص المقنع (15) والهداية (16)، وخبر الشارح في

(1) الوسيلة: ص 119، وفيه ناصبا.
(2) الكافي في الفقه: ص 157.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 106.
(4) الجامع للشرائع: ص 121.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 267.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 19 س 24.
(7) الدروس ج 1 ص 113 درس 14.
(8) البيان: ص 29.
(9) المقنعة: ص 229.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 773 ب 5 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 772 ب 5 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 452 س 12.
(13) المقنعة: ص 230.
(14) المعتبر: ج 2 ص 348.
(15) المقنع: ص 22.
(16) الهداية: ص 26 س 9.
343

حواشي الشرائع.
والمراد بالمنافق المخالف للحق كما في الكافي (1) والبيان (2) والروضة
البهية (3)، لظاهر ما سمعته من قول الرضا عليه السلام وأصل البراءة.
(و) يجب (الدعاء بينها) كما هو ظاهر الأصحاب للتأسي، ونحو قول
الصادق عليه السلام لأبي بصير: إنهن خمس تكبيرات بينهن أربع صلوات (4). وليونس بن
يعقوب: إنما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل (5). وقول الباقر عليه السلام في خبر
الفضيل بن يسار: إذا صليت على المؤمن فادع له (6). وقول الرضا عليه السلام في علل
الفضل: إنما أمروا بالصلاة على الميت ليشفعوا له ويدعوا له بالمغفرة - ومرة
أخرى -: إنما هي دعاء ومسألة (7).
ولم يوجبه المحقق (8)، ولعله للأصل، واختلاف الأخبار في الأدعية، وهو
لا ينفي وجوب القدر المشترك. وفي شرح الإرشاد لفخر الاسلام: الصلاة على
النبي واجبة بإجماع الإمامية، قال النبي صلى الله عليه وآله: لا صلاة لمن لا يصلي علي (9)، ولأن
صلاة الجنازة دعاء للميت، وقال الصادق عليه السلام: كل دعاء محجوب عن الله تعالى
حتى يصلى على محمد وآل محمد (10).
ويجب أن يكون الدعاء بينهن (بأن يتشهد الشهادتين عقيب الأولى)
ودخولهما في الدعاء مبني على التغليب، أو استعماله بمعنى الطلب، وذكر الاسم
جميعا، وهما يتضمنان ذكر الله تعالى ورسوله.

(1) الكافي في الفقه: ص 157.
(2) البيان: ص 29.
(3) الروضة البهية: ج 1 ص 429.
(4) وسائل الشيعة ج 2 ص 774 ب 5 من أبواب صلاة الجنازة ح 12.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 783 ب 7 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 768 ب 3 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(7) عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 112 و 113.
(8) المعتبر: ج 2 ص 349.
(9) عوالي اللآلي: ج 3 ص 222 ح 30.
(10) وسائل الشيعة: ج 4 ص 1135 ب 36 من أبواب الدعاء ح 1.
344

(ثم يصلي على النبي وآله: في الثانية) أي عقيبها (ويدعو
للمؤمنين عقيب الثالثة، ثم يترحم على الميت في الرابعة إن كان مؤمنا)
كل ذلك بأية عبارة شاء كما يقتضيه إطلاق الكتاب وغيره ونص التذكرة (1) وهذا
وفاق للخلاف (2) والجمل والعقود (3) والكافي (4) والوسيلة (5) والإشارة (6)
والجامع (7) والغنية (8) والفقيه (9) والمقنع (10) والهداية (11) والمصباح (12) ومختصره إلا أن
في الخمسة الأخيرة ألفاظا معينة.
وفي الغنية بعد الثالثة والرابعة ألفاظا! معينة (13)، وفي المبسوط (14) والنهاية (15)
والاقتصاد (16) والمقنعة (17) والمراسم (18) والسرائر (19) والمهذب (20) بعد الأولى
شهادة التوحيد حسب، وفي الأربعة الأخيرة لها ألفاظ مخصوصة، إلا أن في
المهذب بعد ذكر الألفاظ: والاقتصار على الشهادتين في ذلك مجز. وفي الشرائع:
أنه لا يتعين بينهما دعاء (21).
وإن الأفضل ما رواه محمد بن مهاجر عن أمه أم سلمة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى على ميت كبر وتشهد، ثم كبر وصلى على
الأنبياء ودعا، ثم كبر ودعا للمؤمنين، ثم كبر الرابعة ودعا للميت، ثم كبر

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 50 س 29.
(2) الخلاف: ج 1 ص 724 المسألة 543.
(3) الجمل والعقود: ص 89.
(4) الكافي في الفقه: ص 157.
(5) الوسيلة: ص 119.
(6) إشارة السبق: ص 104.
(7) الجامع للشرائع: ص 121.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 32.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 163 ح 466.
(10) المقنع: ص 20.
(11) الهداية: ج 1 ص 25.
(12) مصباح المتهجد: ص 472.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 33.
(14) المبسوط: ج 1 ص 184.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 385.
(16) الإقتصاد: ص 276.
(17) المقنعة: ص 227.
(18) المراسم: ص 79.
(19) السرائر: ج 1 ص 359.
(20) المهذب: ج 1 ص 130.
(21) شرائع الاسلام: ج 1 ص 106.
345

الخامسة وانصرف (1).
وفي النافع (2) والمعتبر (3): إنه لا يتعين الأدعية، وأن الأفضل ما في الكتاب،
وزيادة الانصراف بالخامسة مستغفرا. وفي المعتبر: إنه مذهب علمائنا،
والاستدلال على الأفضل بخبر ابن مهاجر (4). هذا، وبه استدل المصنف على
وجوب ما في الكتاب في النهاية (5) والمختلف (6).
وروى الصدوق في العلل خبر ابن مهاجر إلا أنه قال في التكبيرة الثانية: ثم
كبر وصلى على النبي صلى الله عليه وآله (7)، وأرسل كذلك في الفقيه (8).
ودليل عدم التعيين الأصل، وقول أبي جعفر عليه السلام في صحيح ابن مسلم
وزرارة وحسنهما ليس في الصلاة على الميت قراءة ولا دعاء موقت إلا أن تدعو
بما بدا لك (9).
وذكر في التذكرة خبر إسماعيل بن همام عن الكاظم عن الصادق عليهما السلام: أنه
صلى رسول الله صلى الله عليه وآله على جنازة فكبر عليها خمسا، وصلى على أخرى فكبر أربعا،
فالتي كبر عليها خمسا حمد الله ومجده في الأولى، ودعا في الثانية للنبي صلى الله عليه وآله،
ودعا في الثالثة للمؤمنين والمؤمنات، وفي الرابعة للميت، وانصرف في الخامسة.
وأما الذي كبر عليه أربعا فحمد الله ومجده في التكبيرة الأولى، ودعا لنفسه وأهل
بيته في الثانية، وللمؤمنين والمؤمنات في الثالثة، وانصرف في الرابعة، ولم يدع له
لأنه كان منافقا. ثم قال: الأقوى أنه لا يتعين دعاء معين، بل المعاني المدلول
عليها تلك الأدعية، وأفضله أن يكبر ويشهد الشهادتين، إلى آخر ما في الكتاب

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 763 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(2) المختصر النافع: ص 40.
(3) المعتبر: ج 2 ص 349.
(4) المعتبر: ج 2 ص 349.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 263.
(6) مختلف الشيعة: ج 2 ص 295.
(7) علل الشرائع: ص 303 ح 3.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 163 ح 466.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 783 ب 7 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
346

إلى قوله: ثم يكبر الخامسة وينصرف مستغفرا، ذهب إليه علماؤنا أجمع (1).
وفي المنتهى: إذا ثبت عدم التوقيت فيها فالأقرب ما رواه ابن مهاجر، ثم ذكر
أنه إذا كبر الثانية صلى على النبي وآله، وأنه لا نعرف في ذلك خلافا، وأنه رواه
الجمهور عن ابن عباس، ورواه الأصحاب في خبر ابن مهاجر وغيره، وأن تقديم
الشهادتين يستدعي تعقيب الصلاة على النبي وآله: كما في الفرائض. قال:
وينبغي أن يصلي على الأنبياء، لخبر ابن مهاجر. ثم قال: الدعاء للميت واجب،
لأن وجوب صلاة الجنازة معلل بالدعاء للميت والشفاعة فيه، وذلك لا يتم بدون
وجوب الدعاء. ثم قال: لا يتعين هاهنا دعاء أجمع أهل العلم على ذلك، ويؤيده
أحاديث الأصحاب (2).
وقال الصادق عليه السلام في حسن زرارة: تكبر ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثم تقول:
اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك، لا أعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، اللهم إن
كان محسنا فزد في حسناته وتقبل منه، وإن كان مسيئا فاغفر له ذنبه وافسح له في
قبره واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله، ثم تكبر الثانية وتقول: اللهم إن كان زاكيا فزكه،
وإن كان خاطئا فاغفر له، ثم تكبر الثالثة وتقول: اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا
بعده، ثم تكبر الرابعة وتقول: اللهم اكتبه عندك في عليين واخلف على عقبه في
الغابرين واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله، ثم كبر الخامسة وانصرف (3).
وفي حسن الحلبي: تكبر ثم تشهد، ثم تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، الحمد لله
رب العالمين رب الموت والحياة، صل على محمد وأهل بيته، جزى الله عنا
محمدا خير الجزاء بما صنع بأمته وبما بلغ من رسالات ربه، ثم تقول: اللهم عبدك
ابن عبدك ابن أمتك، ناصيته بيدك خلا من الدنيا واحتاج إلى رحمتك وأنت غني
عن عذابه، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسنا فزد

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 50 س 27.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 453 س 11 و 31 - 34 و ص 454 س 3 - 6.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 764 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
347

في احسانه وتقبل منه، وإن كان مسيئا فاغفر له ذنبه وارحمه وتجاوز عنه
برحمتك، اللهم ألحقه بنبيك وثبته بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة،
اللهم اسلك بنا وبه سبيل الهدى واهدنا وإياه صراطك المستقيم، اللهم عفوك
عفوك، ثم تكبر الثانية وتقول مثل ما قلت حتى تفرغ من خمس تكبيرات (1).
وفي حسن أبي ولاد: خمس تكبيرات تقول في أولهن: أشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له، اللهم صل على محمد وآل محمد، ثم تقول: اللهم إن هذا
المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وقد قبضت روحه إليك وقد احتاج إلى رحمتك
وأنت غني عن عذابه، اللهم إنا لا نعلم من ظاهره إلا خيرا وأنت أعلم بسريرته،
اللهم إن كان محسنا فضاعف حسناته، وإن كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته، ثم تكبر
الثانية وتفعل مثل ذلك في كل تكبيرة (2).
ولعمار: تكبر ثم تقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، إن الله وملائكته يصلون على
النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما، اللهم صل على محمد وآل
محمد وبارك على محمد وآل محمد كما صليت وباركت على إبراهيم وآل إبراهيم
إنك حميد مجيد، اللهم صل على محمد وعلى أئمة المسلمين، اللهم صل على
محمد وعلى إمام المسلمين، اللهم عبدك فلان وأنت أعلم به، اللهم ألحقه بنبيه
محمد صلى الله عليه وآله وافسح له في قبره ونور له فيه وصعد روحه ولقنه حجته واجعل
ما عندك خيرا له وارجعه إلى خير مما كان فيه، اللهم عندك نحتسبه فلا تحرمنا
أجره ولا تفتنا بعده، اللهم عفوك عفوك، تقول هذا كله في التكبيرة الأولى، ثم تكبر
الثانية وتقول: اللهم عبدك فلان، اللهم ألحقه بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وافسح له في قبره
ونور له فيه وصعد إليك روحه ولقنه حجته واجعل ما عندك خيرا له وارجعه إلى
خير مما كان فيه، اللهم عندك نحتسبه فلا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، اللهم عفوك،
اللهم عفوك تقول هذا في الثانية والثالثة والرابعة، فإذا كبرت الخامسة فقل: اللهم

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 764 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 765 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
348

صل على محمد وعلى آل محمد، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات وألف بين
قلوبهم وتوفني على ملة رسولك، اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان
ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم، اللهم عفوك اللهم
عفوك وتسلم (1).
وفي خبر يونس: التكبيرة الأولى استفتاح الصلاة، والثانية أشهد أن لا إله إلا
الله وأن محمدا رسول الله، والثالثة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وعلى أهل بيته والثناء
على الله، والرابعة له، والخامسة يسلم (2).
وفي مضمر سماعة يقول: إذا كبر: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد وعلى أئمة
الهدى واغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين
آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم، اللهم اغفر لأحيائنا وأمواتنا من المؤمنين
والمؤمنات وألف بين قلوبنا على قلوب أخيارنا واهدنا لما اختلف فيه من الحق
بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، فإن قطع عليك التكبيرة الثانية فلا
يضرك فقل: اللهم هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك أنت أعلم به افتقر إلى رحمتك
واستغنيت عنه، اللهم فتجاوز عن سيئاته وزد في حسناته واغفر له وارحمه ونور
له في قبره ولقنه حجته وألحقه بنبيه صلى الله عليه وآله ولا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، قل هذا
حتى تفرغ من خمس تكبيرات، وإذا فرغت سلمت عن يمينك (3).
وعن الرضا عليه السلام: كبر وقل: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن
محمدا عبده ورسوله وأن الموت حق والجنة حق والنار حق والبعث حق وأن
الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، ثم كبر الثانية وقل: اللهم
صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وعلى آل محمد، أفضل ما صليت

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 767 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 11.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 766 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 10.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 765 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 6.
349

ورحمت وترحمت وسلمت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين إنك حميد
مجيد، ثم تكبر الثالثة وتقول: اللهم اغفر لي ولجميع المؤمنين والمؤمنات
والمسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، تابع بيننا وبينهم بالخيرات إنك
مجيب الدعوات ولي الحسنات يا أرحم الراحمين، ثم تكبر الرابعة وتقول: اللهم
إن هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بساحتك وأنت خير منزول به، اللهم إنا لا
نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه إحسانا
وإن كان مسيئا فتجاوز عنه واغفر لنا وله، اللهم احشره مع من يتولاه ويحبه
وأبعده ممن يتبرأه ويبغضه، اللهم ألحقه بنبيك وعرف بينه وبينه وارحمنا إذا
توفيتنا يا إله العالمين، ثم تكبر الخامسة وتقول: ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي
الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (1).
وقال الحسن: تكبر وتقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن
محمدا عبده ورسوله، اللهم صل على محمد وآل محمد واعل درجته وبيض وجهه
كما بلغ رسالتك وجاهد في سبيلك ونصح لأمته ولم يدعهم سدى مهملين بعده، بل
نصب لهم الداعي إلى سبيلك، الدال على ما التبس عليهم من حلالك وحرامك،
داعيا إلى موالاته ومعاداته ليهلك من هلك عن بينة ويحيى من حي عن بينة
وعبدك حتى أتاه اليقين فصلى الله عليه وعلى أهل بيته الطاهرين، ثم تستغفر
للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ثم تقول: اللهم إن عبدك وابن
عبدك تخلى من الدنيا واحتاج إلى ما عندك نزل بك وأنت خير منزول به افتقر إلى
رحمتك وأنت غني عن عذابه، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، فإن
كان محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فاغفر له ذنوبه وارحمه وتجاوز عنه،
اللهم ألحقه بنبيه وصالح سلفه، اللهم عفوك عفوك، وتقول هذا في كل تكبيرة (2).

(1) فقه الرضا: ص 177.
(2) نقله عنه في منتهى المطلب: ج 2 ص 453 س 20.
350

واستدل له في المختلف في جمعه (1) الأذكار بعد كل تكبيرة بخبر أبي ولاد، ثم
قال: والجواب نحن نقول بموجبه، لكنه لا يجب فعل ذلك لما قدمناه من حديث
محمد بن مهاجر، قال: وكلا القولين جائز للحديثين، ولما مر من قول الباقر عليه السلام
في صحيح زرارة وابن مسلم وحسنهما: ليس في الصلاة على الميت قراءة ولا
دعاء موقت... الخبر (2).
وفي الذكرى: لاشتمال ذلك على الواجب والزيادة غير منافية مع ورود
الروايات بها، وإن كان العمل بالمشهور أولى (3).
وفي الفقيه (4) والمقنع (5) والهداية (6): يكبر ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي
الساعة، ويكبر الثانية ويقول: اللهم صل على محمد وآل محمد وارحم محمدا
وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد كأفضل ما صليت وباركت وترحمت
على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد، ويكبر الثالثة ويقول: اللهم اغفر
للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الأحياء منهم والأموات، ويكبر
الرابعة ويقول: اللهم هذا عبدك وابن عبدك وابن أمتك نزل بك وأنت خير منزول
به، اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم به منا، اللهم إن كان محسنا فزد في
احسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه واغفر له، اللهم اجعله عندك في أعلى عليين
واخلف على أهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا أرحم الراحمين، ثم يكبر
الخامسة.
لكن في الهداية: المواطن التي ليس فيها دعاء موقت الصلاة على الجنازة
والقنوت والمستجار والصفا والمروة والوقوف بعرفات وركعتا الطواف (7).

(1) في س و م: (جعل).
(2)
مختلف الشيعة: ج 2 ص 296.
(3) ذكرى الشيعة: ص 59 س 30.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 163 ذيل الحديث 466.
(5) المقنع: ص 20.
(6) الهداية: ص 25.
(7) الهداية: ص 40.
351

وفي المقنعة (1) والمراسم (2) والمهذب (3) بعد التكبيرة الأولى: أ شهد أن لا إله إلا
الله وحده لا شريك له، إلها واحدا فردا صمدا حيا قيوما لم يتخذ صاحبة ولا ولدا،
لا إله إلا الله الواحد القهار، ربنا ورب آبائنا الأولين. وفي الباقية كما قاله
الصدوق (4)، لكن قدموا بعد الثانية الدعاء بالبركة على الرحمة، وزادوا بعد دعاء
الثالثة وادخل على موتاهم رأفتك ورحمتك وعلى أحيائهم بركات سماواتك
وأرضك إنك على كل شئ قدير، وبعد الخامسة قول: اللهم عفوك عفوك.
وكذا في شرح القاضي لجمل السيد إلا أنه قال: يتشهد المصلي بعد التكبيرة
الأولى الشهادتين، وقال بعض أصحابنا ومنهم شيخنا المفيد: يقول بعد التكبيرة
الأولى: لا إله إلا الله إلى آخر ما سمعت، ثم قال: وكل من هذا الوجه ومن
الشهادتين جائز (5).
وفي المصباح (6) ومختصره بعد الأولى: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وفي الثانية كما في المقنعة (7)، وفي الثالثة كما
ذكره الصدوق (8)، وزاد بعده: تابع بيننا وبينهم بالخيرات إنك مجيب الدعوات إنك
على كل شئ قدير، وكذا في الرابعة - إلى قوله: - فتجاوز عنه، ثم قال: واحشره
مع من كان يتولاه من الأئمة الطاهرين.
وقال ابن زهرة: يشهد بعد الأولى الشهادتين وتصلي بعد الثانية على محمد
وآله وتدعو بعد الثالثة للمؤمنين والمؤمنات فتقول: اللهم ارحم المؤمنين (9)، إلى
آخر ما في المقنعة، وكذا في الرابعة إلا أنه قال: اللهم عبدك بلا لفظ هذا، وزاد لفظ
وارحمه بعد قوله: (واغفر له) ولم يذكر في الخامسة شيئا.

(1) المقنعة: ص 227.
(2) المراسم: ص 79.
(3) المهذب: ج 1 ص 130.
(4) المقنع: ص 20.
(5) شرح جمل العلم والعمل: ص 156.
(6) مصباح المتهجد: ص 472.
(7) المقنعة: ص 228.
(8) المقنع: ص 20.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 32.
352

وقال الصادق عليه السلام لإسماعيل بن عبد الخالق في الدعاء للميت: اللهم أنت
خلقت هذه النفس وأنت أمتها تعلم سرها وعلانيتها أتيناك شافعين فيها فشفعنا،
اللهم ولها ما تولت واحشرها مع من أحبت (1). ولكليب الأسدي: اللهم عبدك
احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه، اللهم إن كان محسنا فزد في احسانه
وإن كان مسيئا فاغفر له (2). ويشبه أن يكونا لمن جهل حاله.
وفي المنتهى: لا يتعين هاهنا - يعني للميت - دعاء، أجمع أهل العلم على
ذلك، ويؤيده أحاديث الأصحاب (3) انتهى.
ثم الدعاء للميت إذا كان مؤمنا (ولعنه إن كان منافقا) أي مخالفا كما في
المنتهى (4) والسرائر (5) والكافي (6) والجامع (7)، وبمعناه ما في الغنية (8) والإشارة (9)
من الدعاء على المخالف، وفي الإقتصاد (10) وكتب المحقق (11) الدعاء عليه إن كان
منافقا من غير نص أو دلالة على معنى المنافق.
وفي المصباح ومختصره: لعن المنافق المعاند (12)، وفي النهاية: لعن الناصب
المعلن والتبرؤ منه (13)، وفي المبسوط: لعن الناصب والتبرؤ منه (14)، وفي الوسيلة:
الدعاء على الناصب (15)، وفي المقنعة (16) والهداية (17): الدعاء على المنافق بما في
صحيح صفوان بن مهران عن الصادق عليه السلام من قول الحسين عليه السلام على منافق:

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 764 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 766 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 7.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 454 س 6.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 454 س 18.
(5) السرائر: ج 1 ص 359.
(6) الكافي في الفقه: ص 157.
(7) الجامع للشرائع: ص 121.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 3.
(9) إشارة السبق: ص 104.
(10) الإقتصاد: ص 276.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 106، المختصر النافع: ص 41، والمعتبر: ج 2 ص 351.
(12) مصباح المتهجد: ص 473.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 385.
(14) المبسوط: ج 1 ص 185.
(15) الوسيلة: ص 119.
(16) المقنعة: ص 229 وفيه: (وإن كان ناصبا).
(17) الهداية: ص 26 س 9، وفيه: (وإذا صليت على ناصب).
353

اللهم اخز عبدك في عبادك وبلادك، اللهم أصله أشد نارك، اللهم أذقه حر عذابك،
فإنه كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت نبيك (1). ونحوه ما في
خبر عامر بن السمط وزاد في أوله: اللهم العن فلانا عبدك ألف لعنة مؤتلفة غير
مختلفة (2).
وفي المقنعة (3) والمهذب (4) وشرح جمل السيد للقاضي (5) الدعاء على
الناصب بما في خبر صفوان، لكن زاد في أوله: عبدك وابن عبدك لا نعلم منه إلا
شرا، ثم قال: فاخزه في عبادك، إلى آخر ما مر محذوفا عنه قوله أذقه حر عذابك
والفاء في فإنه كان وزاد في آخره: فاحش قبره نارا ومن بين يديه نارا وعن يمينه
نارا وعن شماله نارا، وسلط عليه في قبره الحيات والعقارب.
وقال الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: إذا صليت على عدو الله فقل: اللهم إنا
لا نعلم منه إلا أنه عدو لك ولرسولك، اللهم فاحش قبره نارا واحش جوفه نارا
وعجل به إلى النار فإنه كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك ويبغض أهل بيت
نبيك، اللهم ضيق عليه قبره، فإذا رفع فقل: اللهم لا ترفعه ولا تزكه (6). وفي حسنه:
أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال في جنازة ابن أبي: اللهم احش جوفه نارا واملأ قبره نارا
واصله نارا (7).
ولاختصاص هذه الأخبار بالناصب، ونحو ابن أبي اقتصر من اقتصر على
الناصب أو المنافق.
ومما نص على الجاحد للحق حسن ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال: إن كان
جاحدا للحق فقل: اللهم املأ جوفه نارا وقبره نارا وسلط عليه الحيات

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 770 ب 4 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 771 ب 4 من أبواب صلاة الجنازة ح 6.
(3) المقنعة: ص 229.
(4) المهذب: ج 1 ص 131.
(5) شرح جمل العلم والعمل: ص 157.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 769 ب 4 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 770 ب 4 من أبواب صلاة الجنازة ح 4.
354

والعقارب (1). وذلك قاله أبو جعفر لامرأة سوء من بني أمية صلى عليها أبي، وزاد:
واجعل الشيطان لها قرينا فسأله ابن مسلم: لأي شئ يجعل الحيات والعقارب في
قبرها؟ فقال: إن الحيات يعضضنها والعقارب يلسعنها والشيطان يقارنها في قبرها،
قال: أو تجد ألم ذلك؟ قال: نعم شديدا (2).
وهل يجب اللعن أو الدعاء عليه؟ وجهان، من الأصل، وعدم وجوب الصلاة
إلا ضرورة إن قلنا بذلك، فكيف يجب اجزاؤها وهو خيرة الشهيد (3)؟ قال: لأن
التكبير عليه أربع، وبها يخرج من الصلاة، وعليه منع ظاهر، ومن ظاهر الأمر في
خبري الحلبي (4) وابن مسلم (5).
(ودعا بدعاء المستضعفين إن كان منهم) وهو: اللهم اغفر للذين تابوا
واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم. وفي حسن ابن مسلم: ربنا اغفر، وفي آخره
إلى آخر الآيتين (6) وعن الجعفي: إلى آخر الآيات (7). وفي صحيح الحلبي وحسنه
عن الصادق عليه السلام: إن كان المستضعف منك بسبيل فاستغفر له على وجه الشفاعة
منك لا على وجه الولاية (8). وفي الكافي: إن كان مستضعفا دعا للمؤمن
والمؤمنات (9).
والمستضعف - كما في السرائر (10) - من لا يعرف اختلاف الناس فلا يعرف
ما نحن عليه ولا يبغضنا، لتوقيع الكاظم عليه السلام لعلي بن سويد: الضعيف من لم ترفع
إليه حجة ولم يعرف الاختلاف، فإذا عرف الاختلاف فليس بمستضعف (11). وقول

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 771 ب 4 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(2) الكافي ج 3 ص 189 ح 5.
(3) ذكرى الشيعة: ص 60 س 17.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 769 ب 4 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(5) الكافي ج 3 ص 189 ح 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 768 ب 3 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(7) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 59 س 37.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 768 ب 3 من أبواب صلاة الجنازة ح 4.
(9) الكافي في الفقه: ص 157.
(10) السرائر: ج 1 ص 84.
(11) الكافي: ج 2 ص 406 ح 11.
355

الصادق عليه السلام في خبر أبي سارة: ليس اليوم مستضعف أبلغ الرجال الرجال
والنساء النساء (1). وسفيان بن السمط: فتركتم أحدا يكون مستضعفا؟! وأين.
المستضعفون فوالله لقد مشى بأمركم هذا العواتق إلى العوائق في خدورهن
وتحدث به السقايات في طريق المدينة (2). ولأبي بصير: من عرف اختلاف الناس
فليس بمستضعف (3). ولأبي حنيفة من أصحابنا: من عرف الاختلاف فليس
بمستضعف (4). وقول أبي جعفر عليه السلام لزرارة: ما يمنعك من البله قلت وما البله قال
هن المستضعفات من اللاتي لا ينصبن ولا يعرفن ما أنتم عليه (5).
وممن لا يعرف الاختلاف أشباه الصبيان ممن ليس له مزيد تمييز يمكنه به
معرفة الحق أو يبعثه على العناد والبغض لنا، كما قال أبو جعفر عليه السلام لزرارة: هو
الذي لا يستطيع حيلة يدفع بها عنه الكفر، ولا يهتدي بها إلى سبيل الايمان
لا يستطيع أن يؤمن ولا يكفر، قال: والصبيان ومن كان من الرجال والنساء على
مثل عقول الصبيان (6).
وفي الغرية: يعرف بالولاية ويتوقف عن البراءة، وكأنه نظر إلى قول أبي
جعفر عليه السلام في خبر الفضيل: وإن كان واقفا مستضعفا فكبر وقل: اللهم اغفر للذين
تابوا (7) إ لي آخر الدعاء. وفي الذكرى: هو الذي لا يعرف الحق ولا يعاند فيه ولا
يوالي أحدا بعينه (8).
وفي وجوب الدعاء هنا وجهان، من الأمر ووجوب التكبيرة الخامسة
والاحتياط وهو الأجود، ومن الأصل، وأنه ليس من الدعاء للميت، وقطع به

(1) الكافي: ج 2 ص 406 ح 12.
(2) الكافي: ج 2 ص 404 ح 4.
(3) الكافي: ج 2 ص 405 ح 7.
(4) معاني الأخبار: ص 200 ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 14 ص 414 ب 3 من أبواب ما يحرم بالكفر ونحوه ح 2.
(6) الكافي: ج 2 ص 404 ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 768 ب 3 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(8) ذكرى الشيعة: ص 59 س 35.
356

الشهيد في حاشية الكتاب (1).
(وسأل الله أن يحشره مع من يتولاه إن جهله) أي جهل مذهبه بأن لم
يعرف خلافه للحق وإن كان من قوم ناصبة، ولا استضعافه، ولا عرف إيمانه ولا
ظنه، فعندي يكفي الظن في الايمان، ولا بد من العلم في الباقين.
وما ذكره من الدعاء إشارة إلى قول الباقر عليه السلام في صحيح زرارة وابن مسلم:
ويقال في الصلاة على من لا يعرف مذهبه: اللهم إن هذه النفس أنت أحييتها وأنت
أمتها، اللهم ولها ما تولت واحشرها مع من أحبت (2). وهو المذكور في المقنع (3)
والهداية (4) والمقنعة (5) والمصباح (6) ومختصره والمهذب (7) والغنية (8).
وفي المعتبر (9) والتذكرة (10) والمنتهى (11) ونهاية الإحكام (12) الدعاء بما في
خبر ثابت بن أبي المقدام قال: كنت مع أبي جعفر عليه السلام فإذا بجنازة لقوم من جيرته
فحضرها وكنت قريبا منه فسمعته يقول: اللهم إنك خلقت هذه النفوس وأنت
تحييها وأنت أعلم بسرائرها وعلانيتها منا ومستقرها ومستودعها، اللهم وهذا
عبدك ولا أعلم منه شرا وأنت أعلم به وقد جئناك شافعين له بعد موته، فإن كان
مستوجبا فشفعنا فيه واحشره مع من كان يتولاه (13).
فيحتمل الإشارة إليه، لكن ليس الخبر نصا فيمن لا يعرف.
وفي صحيح الحلبي وحسنه عن الصادق عليه السلام قال: وإذا كنت لا تدري ما

(1) القواعد: ج 1 ص 20.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 768 ب 3 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(3) المقنع: ج 1 ص 21.
(4) الهداية: ص 26.
(5) المقنعة: ص 229.
(6) مصباح المتهجد: ص 473.
(7) المهذب: ج 1 ص 131.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 2.
(9) المعتبر: ج 2 ص 351.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 50 السطر الأخير.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 454 س 10.
(12) نهاية الإحكام: ج 2 ص 268.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 769 ب 3 من أبواب صلاة الجنازة ح 7.
357

حاله فقل: اللهم إن كان يحب الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه (1).
وفي حسن ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام الدعاء له بدعاء المستضعف (2). وفي
خبر سليمان بن خالد عن الصادق عليه السلام المجمل بعد دعاء المستضعف: فإن كان
مؤمنا دخل فيها، وإن كان ليس بمؤمن خرج منها (3). وفي الكافي اشترط الدعاء له
وعليه (4)، وفي وجوب الدعاء هنا ما سبق ويقويه وجوبه للمؤمن.
(و) يسأل الله (أن يجعله له ولأبويه) المؤمنين (فرطا إن كان طفلا)
كما في النهاية (5) والمبسوط (6) والاقتصاد (7) والوسيلة (8) والسرائر (9) والجامع (10)،
وكذا الفقيه (11) والمقنع (12) والهداية (13) والمصباح (14) ومختصره، والنافع (15)، لكن فيها
أنه يقول: اللهم اجعله لنا ولأبويه فرطا، بتقديم (لنا) في بعضها وتأخيره. ويوافقه
خبر زيد بن علي عن آبائه: عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه كان يقول: اللهم
اجعله لأبويه ولنا سلفا وفرطا وأجرا (16). ولما تقاربت الألفاظ الثلاثة معنى لكون
الفرط من يتقدم القوم لاصلاح ما يحتاجون إليه كما في السرائر (17) والمنتهى (18)،
والأجر المتقدم كما في الجامع (19) والذكرى (20) اقتصروا عليه. وعن الرضا عليه السلام:

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 768 ب 3 من أبواب صلاة الجنازة ح 4.
(2) المصدر السابق ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 769 ب 3 من أبواب صلاة الجنازة ح 6.
(4) الكافي في الفقه: ص 157.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 385.
(6) المبسوط: ج 1 ص 185.
(7) الإقتصاد: ص 276.
(8) الوسيلة: ص 120.
(9) السرائر: ج 1 ص 359.
(10) الجامع للشرائع: ص 121.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 167 ذيل الحديث 486.
(12) المقنع: ج 1 ص 21.
(13) الهداية: ج 1 ص 26.
(14) مصباح المتهجد: ص 473.
(15) المختصر النافع: ص 41.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 787 ب 12 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(17) السرائر: ج 1 ص 359.
(18) منتهى المطلب: ج 1 ص 454 س 30.
(19) الجامع للشرائع: ص 121.
(20) ذكرى الشيعة: ص 60 س 6.
358

اللهم اجعله لأبويه ولنا ذخرا ومزيدا وفرطا وأجرا (1).
وفي الكافي: دعا لوالده إن كان مؤمنا، ولهما إن كانا مؤمنين (2). وفي الشرائع:
سأل الله أن يجعله مصلحا لحال أبيه شافعا فيه (3). وفي المقنعة (4) أنه يقول: اللهم
هذا الطفل كما خلقته قادرا وقبضته قادرا فاجعله لأبويه نورا وارزقنا أجره
ولا تفتنا بعده. وكذا الغنية (5) والمهذب (6)، لكن فيهما فرطا ونورا.
وفي وجوب الدعاء هنا الوجهان، ويقوى العدم أنه ليس للميت ولا عليه.
(ويستحب الجماعة) في هذه الصلاة بالاجماع والنصوص (7) (ورفع)
المصلي (يديه في التكبيرات) كلها كما في كتابي (8) الأخبار والجامع (9) وكتب
المحقق (10)، لقول الرضا عليه السلام ليونس: ارفع يديك في كل تكبيرة (11)، وحكاه ابن
حمزة رواية (12).
وفي الأولى إجماع كما في نهاية الإحكام (13) والذكرى (14)، وفي التذكرة (15)
والمنتهى (16) وظاهر المعتبر (17): أنه إجماع أهل العلم. والمشهور أن لا رفع إلا
في الأولى، وهو خيرة المختلف (18)، بمعنى استحباب تركه في غيرها، كما نص

(1) فقه الرضا: ص 178.
(2) الكافي في الفقه: ص 157.
(3) شرائع الاسلام: ج 1.
(4) المقنعة: ص 229.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 1.
(6) المهذب: ج 1 ص 131.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 762، ب 1 من أبواب صلاة الجنازة.
(8) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 194 ذيل الحديث 444، والاستبصار: ج 1 ص 478 ب 296.
(9) الجامع للشرائع: ص 121.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 106، المختصر النافع: ص 41، المعتبر: ج 2 ص 356.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 786 ب 10 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(12) الوسيلة: ص 120.
(13) نهاية الإحكام: ج 2 ص 265.
(14) ذكرى الشيعة: ص 63 س 12.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 51 س 3.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 454 س 36.
(17) المعتبر: ج 2 ص 355.
(18) مختلف الشيعة: ج 2 ص 293.
359

عليه الشيخ (1) وجماعة، لخبري غياث بن إبراهيم وإسماعيل بن إسحاق بن أبان
عن الصادق عن أبيه عن علي:: إنه كان لا يرفع يده في الجنازة إلا مرة (2).
وحملا على التقية.
وادعى القاضي في شرح الجمل الاجماع (3)، وهو ظاهر الغنية (4).
وأما نحو خبر محمد بن عبد الله بن خالد: إنه صلى خلف الصادق عليه السلام على
جنازة فرآه يرفع يديه في كل تكبيرة (5)، فغايته الجواز. [لكن الإباحة بعيدة] (6).
(ووقوفه) أي المصلي (حتى ترفع الجنازة) ذكره الأصحاب، وبه خبر
يونس عن الصادق عليه السلام قال بعد الخامسة: يسلم ويقف مقدار ما بين التكبيرتين،
ولا يبرح حتى يحمل السرير من بين يديه (7). وخبر حفص بن غياث عن جعفر
عن أبيه عن أمير المؤمنين عليهم السلام: كان إذا صلى على جنازة لم يبرح من مصلا ه
حتى يراها على أيدي الرجال (8). ولكونه عليه السلام إماما خص الحكم بالإمام في
المصباح (9) ومختصره والسرائر (10) والإشارة (11) والجامع (12) والذكرى (13)
والدروس (14).
(ولا قراءة فيها) عندنا وجوبا ولا استحبابا، ويحمل على التقية نحو قول

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 384.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 786 ب 10 من أبواب صلاة الجنازة ح 4.
(3) شرح جمل العلم والعمل: ص 158.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502، س 7.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 785 ب 10 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(6) ما بين المعقوفين زيادة من ص و ك.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 766 ب 2 من أبواب صلاة الجنازة ح 10.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 786 ب 11 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(9) مصباح المتهجد: ص 473.
(10) السرائر: ج 1 ص 356.
(11) إشارة السبق: ص 104.
(12) الجامع للشرائع: ص 121.
(13) ذكرى الشيعة: ص 64 س 7.
(14) الدروس الشرعية: ج 1 ص 113 درس 14.
360

الرضا عليه السلام في خبر علي بن سويد: تقرأ في الأولى بأم الكتاب (1).
وفي المنتهى تجويز قرأتها (2)، لاشتمالها على الشهادة، يعني قوله: إياك نعبد،
وكرهها الشيخ في الخلاف وحكى الاجماع عليه (3)، ويجوز إرادته الاجماع على
عدم الوجوب.
واحتمل الشهيد استناده في الكراهية إلى أنه تكلف ما لم يثبت شرعه قال:
ويمكن أن يقال بعدم الكراهية، لأن القرآن في نفسه حسن ما لم يثبت النهي عنه،
والأخبار خالية عن النهي وغايتها النفي، وكذا كلام الأصحاب، لكن الشيخ نقل
الاجماع بعد ذلك، وقد يفهم منه الاجماع على الكراهية، ونحن فلم نر أحدا ذكر
الكراهية فضلا عن الاجماع عليها (4) انتهى.
(ولا تسليم) فيها عندنا وجوبا ولا استحبابا، للأصل والاجماع والأخبار،
وما اشتمل منها عليه محمول على التقية وقال أبو علي: ولا استحب التسليم فيها،
فإن سلم الإمام فواحدة عن يمينه (5).
(ويكره تكرارها على) الجنازة (الواحدة) جماعة وفرادى، من مصلي
واحد ومتعدد، كما يقتضيه اطلاقه هنا وفي الإرشاد (6)، وصريحه في النهاية (7)
والتذكرة (8) ودليله في التحرير (9) والمختلف (10)، واطلاق المبسوط (11) والنهاية (12)

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 783 ب 7 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 452 س 28.
(3) الخلاف: ج 1 ص 723 المسألة 542.
(4) ذكرى الشيعة: ص 60 س 33.
(5) نقله عنه العلامة في مختلف الشيعة: ج 2 ص 298.
(6) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 262.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 269.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 51 س 10.
(9) تحرير الأحكام: ج 1 ص 19 س 23.
(10) مختلف الشيعة: ج 2 ص 301.
(11) المبسوط: ج 1 ص 185.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 385.
361

والغنية (1) والمهذب (2) والنافع (3) والشرائع (4)، لخبري إسحاق بن عمار ووهب
ابن وهب عن الصادق عليه السلام: أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على جنازة فلما فرغ جاء قوم
فقالوا: فاتتنا الصلاة عليها، فقال: لا يصلى على جنازة مرتين ولكن ادعوا له (5).
وكذا ما في قرب الإسناد للحميري عن الحسن بن ظريف عن الحسين بن
علوان عنه عليه السلام وفيه: أنهم كلموه صلى الله عليه وآله أن يعيد الصلاة عليها (6). ويحتمل نفي
الوجوب والخوف على الميت، ولمنافاته المبادرة إلى الدفن المأمور بها، ولسقوط
الفرض بواحدة، ولا يتطوع بالصلاة على الميت.
ولذا لا يكررها مصلي واحد، كذا في نهاية الإحكام (7) والتذكرة وفيها بعد
استقراب الكراهة مطلقا: أن الوجه التفصيل، فإن خيف على الميت ظهور حادثة به
كره تكرار الصلاة وإلا فلا (8).
وكرهها ابن إدريس (9) جماعة خاصة، لأن الصحابة صلوا على رسول
الله صلى الله عليه وآله فرادى، كما في إعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي عن كتاب أبان بن
عثمان أنه حدث عن أبي مريم عن أبي جعفر عليه السلام: إن عليا عليه السلام قال: إن رسول
الله صلى الله عليه وآله أمامنا حيا وميتا فدخل عليه عشرة عشرة وصلوا عليه يوم الاثنين، وليلة
الثلاثاء حتى الصباح، ويوم الثلاثاء حتى صلى عليه كبيرهم وصغيرهم وذكرهم
وأنثاهم وضواحي المدينة بغير إمام (10).
وفي الخلاف: من صلى على جنازة يكره له أن يصلي عليها ثانيا، ومن فاتته
الصلاة جاز أن يصلي على القبر يوما وليلة، وروي ثلاثة أيام (11). وهو قصر

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 13.
(2) المهذب: ج 1 ص 132.
(3) المختصر النافع: ص 41.
(4) شرائع الاسلام: ج 1 ص 107.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 782 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 24.
(6) قرب الإسناد: ص 43.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 269.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 51 س 11 و 14.
(9) السرائر: ج 1 ص 360.
(10) أعلام الورى: ص 144.
(11) الخلاف: ج 1 ص 726 المسألة 548.
362

للكراهية على مصلي واحد، واستدل بالاجماع، والأخبار، وكأنه أقوى وفاقا
للشهيد (1)، نظرا إلى صلاة الصحابة عليه صلى الله عليه وآله وإلى الأصل، وقول الصادق عليه السلام
في خبر عمار: الميت يصلى عليه ما لم يوار بالتراب وإن كان قد صلي عليه (2).
وليونس بن يعقوب: إن أدركتها قبل أن تدفن، فإن شئت فصل عليها (3).
وقول الباقر عليه السلام في خبر جابر: أن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على جنازة امرأة من
بني النجار فوجد الحفرة لم يمكنوا فوضع الجنازة فلم يجي قوم إلا قال لهم:
صلوا عليها (4). واطلاق الأخبار بالصلاة على القبر لمن فاتته، وضعف خبري
إسحاق ووهب، واحتمال ما مر، وعدم استحقاق الميت لتكرير الصلاة عليه،
لدلالة أخباره على اختصاصه بمزيد فضل أو سألوه صلى الله عليه وآله: إعادة الصلاة كما في
خبر الحسين بن علوان (5).
وتردد في المنتهى في كراهية صلاة من لم يصل بعد صلاة غيره (6)، واستظهر
الشهيد من الأكثر اختصاص الكراهية بمصلي واحد، لتصريحهم بجواز صلاة من
فاتته على القبر مع ظهور كلامهم فيمن صلى عليه، قال: إلا أن يريدوا الكراهية
قبل الدفن (7). قلت: الجواز لا ينافي الكراهية.
وفي نهاية الإحكام: لا يصلى على المدفون إذا كان قد صلي عليه قبل دفنه
عند جميع علمائنا (8). فإن أراد نفي الجواز فقد نزل كلام الأصحاب على المدفون
الذي لم يصل عليه أحد، وفيه بعد عن عباراتهم.

(1) البيان: ص 29.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 781 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 19.
(3) المصدر السابق ح 20.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 782 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 22.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ب ص 780 ب 6 من أبواب صلاة المسافر ح 13.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 449 س 31.
(7) ذكرى الشيعة: ص 55 س 29.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 253.
363

وقال ابن سعيد: إذا صلي على جنازة ثم حضره من لم يصل صلى عليها،
ولا بأس أن يؤم به الإمام الذي صلى أولا (1)، وظاهره نفي الكراهية، وقد أجاد في
نفيه البأس عن تكرير الإمام لما تظافر من أخبار تكرير النبي صلى الله عليه وآله على حمزة
وفاطمة بنت أسد (2) وأمير المؤمنين عليه السلام على سهيل (3) [وشيث على
آدم عليه السلام (4).] (5)
(المطلب الخامس)
(في الأحكام)
(كل الأوقات صالحة لصلاة الجنازة وإن كانت) الصلاة في (أحد)
الأوقات (الخمسة) التي يكره فيها ابتدأ النوافل أو كانت الأوقات أحدها.
وصحت العبارة، لكون كل منها (6) نوعا ذا أفراد غير محصورة، وذلك للأصل
والأخبار والاجماع، وقول الصادق عليه السلام في خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله:
تكره الصلاة على الجنائز حين تصفر الشمس وحين تطلع (7)، إن صح فعلى التقية.
وكرهها الأوزاعي (8) فيها، وقال مالك (9) وأبو حنيفة: لا يجوز عند طلوع
الشمس أو غروبها أو قيامها.
(إلا عند) اتساع وقتها و (تضيق الحاضرة) أو واجب آخر ينافيها.
(ولو اتسع وقتها) أي الحاضرة (و) تضيق وقت صلاة الجنازة بأن
(خيف على الميت) انفجار أو غيره (لو قدمت) الفريضة (صلي عليه

(1) الجامع للشرائع: ص 122.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 777 و ص 778 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 3 و 8.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 777 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(4) المصدر السابق ح 4.
(5) ما بين المعقوفين ليس في س و ك و م.
(6) في ص و ك: (منهما).
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 798 ب 20 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(8) المجموع: ج 4 ص 172.
(9) بداية المجتهد: ج 1 ص 249.
364

أولا) وجوبا كما هو نص التذكرة (1) والمنتهى (2) ونهاية الإحكام (3)، وظاهر
غيرها، لتوقف الاتيان بالواجبين عليه. ونص السرائر: أن تقديمها أولى وأفضل (4).
ولو اتسع الوقتان تخير كما في المعتبر (5) والتذكرة (6) والمنتهى (7)، لأنه قضية
السعة، والأولى تقديم المكتوبة كما في النهاية (8) والمهذب (9) والتحرير (10) ونهاية
الإحكام (11) والذكرى (12)، لأنها أفضل، ولعموم أخبار فضل أول الوقت، وقول
الصادق عليه السلام في خبر هارون بن حمزة: إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فابداء بها قبل
الصلاة على الميت، إلا أن يكون الميت مبطونا أو نفساء أو نحو ذلك (13). وقول
الكاظم عليه السلام لأخيه في الصحيح: إذا وجبت الشمس فصل المغرب ثم صل على
الجنائز (14).
ولا يعارضها خبر جابر سأل الباقر عليه السلام إذا حضرت الصلاة على الجنازة في
وقت مكتوبة فبأيهما أبدأ؟ فقال: عجل الميت إلى قبره، إلا أن تخاف أن يفوت
وقت الفريضة (15)، لضعفه.
ولو تضيقا ففي المختلف (16) والمنتهى (17) وظاهر السرائر (18) وجوب تقديم
المكتوبة، وهو قضية اطلاق الكتاب والتحرير (19)، وهو الأقوى، لاطلاق الخبرين،
ولأنها أعظم، وكما يقضي فكذا يصلي على القبر مع الفوات.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 51 س 21.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 258 س 27.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 269.
(4) السرائر: ج 1 ص 360.
(5) المعتبر: ج 2 ص 360.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 51 س 21.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 458 س 20.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 385.
(9) المهذب: ج 1 ص 132.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 19 س 32.
(11) نهاية الإحكام: ج 2 ص 269.
(12) ذكرى الشيعة: ص 62 س 17.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 807 ب 31 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 808 ب 31 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 807 ب 31 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(16) مختلف الشيعة: ج 2 ص 310.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 458 س 27.
(18) السرائر: ج 1 ص 360.
(19) تحرير الأحكام: ج 1 ص 19 س 32.
365

وظاهر المبسوط (1) العكس، فأما أن يريد ضيق وقت المختار للمكتوبة أو
يجعل الخوف على الميت كالخوف على الغريق ونحوه.
(وليست الجماعة شرطا) في هذه الصلاة اتفاقا (ولا العدد) عندنا
(بل لو صلى الواحد أجزأ وإن كان امرأة) ومن العامة (2) من شرط ثلاثة،
ولهم وجه باشتراط أربعة واثنين.
(ويشترط حضور الميت) عندنا كما مر (لا ظهوره) للإجماع على
الصلاة عليه مستورا في أكفانه وفي التابوت.
ولذا (فلو دفن قبل الصلاة عليه صلي عليه) وجوبا كما في المختلف (3)
والذكرى (4). أما الجواز فهو المشهور، للأخبار، وفي التذكرة (5) ونهاية الإحكام (6)
الاجماع عليه.
وفي كتابي الأخبار احتمال كون الصلاة المجوزة الدعاء (7)، لنحو قول
الصادق عليه السلام في خبر عمار: ولا يصلى عليه وهو مدفون (8)، وقول الرضا عليه السلام في
مرسل محمد بن أسلم: لا يصلى على المدفون بعد ما يدفن (9)، ومضمر محمد بن
مسلم أو زرارة: الصلاة على الميت بعد ما يدفن إنما هو الدعاء (10).
وفي الإستبصار احتمال الجواز ما لم يوار بالتراب (11)، لقول الصادق عليه السلام في
خبر عمار: الميت يصلى عليه ما لم يوار بالتراب وإن كان قد صلي عليه (12).

(1) المبسوط: ج 1 ص 185.
(2) المجموع: ج 5 ص 213.
(3) مختلف الشيعة: ج 2 ص 305 و 306.
(4) ذكرى الشيعة: ص 55 س 25.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 45 س 39.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 253.
(7) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 202 ذيل الحديث 417، الإستبصار: ج 1 ص 483 ذيل
الحديث 1871.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 795 ب 18 من أبواب صلاة الجنازة ح 7.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 795 ب 18 من أبواب صلاة الجنازة ح 8.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 795 ب 18 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
(11) الإستبصار: ج 1 ص 483 ذيل الحديث 1873.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 781 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 19.
366

ويحتمل هذه الأخبار ما في المختلف (1) من النهي عن الصلاة على من دفن
بعد الصلاة عليه لكونه المعروف، ويحتمل مع ذلك نفي وجوبها أو فضلها.
ودليل الوجوب الأصل السالم عن المعارض المؤيد بالأخبار المجوزة، فإنها
صريحة في أن الدفن ليس بمانع.
وأما خبر عمار: أن الصادق عليه السلام سئل عمن صلي عليه فلما سلم الإمام فإذا
الميت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه، قال: يسوى وتعاد الصلاة عليه وإن كان قد
حمل ما لم يدفن، فإن دفن فقد مضت الصلاة عليه ولا يصلى عليه وهو مدفون (2).
فمع التسليم غايته إجزاء ما فعل من الصلاة حينئذ، وهو لا ينفي الوجوب إذا لم
يصل عليه.
ونص المنتهى الاستحباب (3)، والمعتبر عدم الوجوب لخروجه بالدفن عن
أهل الدنيا ومساواته البالي في قبره (4). وضعفه ظاهر.
ثم إنما يصلى على القبر (يوما وليلة على رأي) وفاقا للمشهور، وفي
الغنية الاجماع عليه (5)، وقال سلا ر: إلى ثلاثة أيام (6)، ورواه الشيخ في الخلاف (7)،
وقال أبو علي: يصلى عليه ما لم يعلم تغير صورته (8).
ولم يعرف الفاضلان (9) ومن بعدهما لشئ من ذلك مستندا. وأطلق الحسن (10)
والصدوق فظاهرهما الدوام، كما هو ظاهر المعتبر (11) والمنتهى (12) والمختلف (13)

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 306.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 796 ب 19 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 450 س 11.
(4) المعتبر: ج 2 ص 358.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 11.
(6) المراسم: ص 80.
(7) الخلاف: ج 1 ص 726 المسألة 548.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 305.
(9) المعتبر: ج 2 ص 359، مختلف الشيعة: ج 2 ص 307.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 305.
(11) المعتبر: ج 2 ص 359.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 450 س 11.
(13) مختلف الشيعة: ج 2 ص 307.
367

ومقرب البيان (1) وفي التذكرة (2) ونهاية الإحكام (3): أن المدفون خرج من أهل
الدنيا. والصلاحية للصلاة عليه مع النهي عن الصلاة عليه فيما سمعته من الأخبار
خرج المقدر بالاجماع فيبقى الباقي.
ثم إنه هنا وفي المنتهى (4) والتذكرة (5) وا لنهاية (6): إنما ذكر الصلاة على مدفون
لم يصل عليه أحد، فلا يبعد أن يكون أومأ بذلك إلى تنزيل إطلاق الأصحاب
الصلاة عليه على ذلك، كما هو ظاهر ما قدمناه من عبارته في النهاية. وقال في
المختلف: إن لم يصل على الميت أصلا بل دفن بغير صلاة صلي على قبره، وإلا
فلا (7). وفي التذكرة: هذا التقدير عندنا إنما هو على من لم يصل عليه (8).
(ولو قلع) الميت عن القبر بعد الدفن (صلي عليه مطلقا) إن لم يصل
عليه أو مطلقا، لانتفاء المانع، قال الشهيد: وهو تام مع بقاء شئ منه، والقلع يدل
عليه، فلو صار رميما ففي الصلاة بعد إذ لا ميت (9).
(نعم تقديم الصلاة على الدفن واجب إجماعا) وهو غير اشتراط
ظهوره في صحتها.
(و) المأموم (المسبوق) ببعض التكبيرات (يكبر) الباقي (مع
الإمام) أو بعده ولو كان في الدعاء بين تكبيرتين، لعموم شرعية الائتمام
والاجماع كما في الخلاف (10)، خلافا لأبي حنيفة (11) وأحمد (12) والثوري (13)

(1) البيان: ص 29 س 9.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 45 س 39.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 253.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 450 س 6.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 45 السطر الأخير.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 253.
(7) مختلف الشيعة: ج 2 ص 305.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 45 السطر الأخير.
(9) ذكرى الشيعة: ص 56 س 3.
(10) الخلاف: ج 1 ص 725 المسألة 547.
(11) بداية المجتهد: ج 1 ص 244.
(12) المغني: ج 2 ص 352.
(13) المغني: ج 2 ص 352.
368

وإسحاق (1) ولمالك على رواية (2)، تنزيلا للتكبيرات منزلة الركعات.
(ثم يتدارك) ما بقي عليه (بعد الفراغ) للإمام عندنا كما في التذكرة (3)،
لعموم ما دل على وجوب إتمام العمل، ولنحو قول الصادق عليه السلام لعيص في
الصحيح: يتم ما بقي (4). وللشحام: يكبر ما فاته (5).
وفي الخلاف الاجماع عليه (6)، خلافا لابن عمر وجماعة من العامة (7)، وقول
أمير المؤمنين عليه السلام في خبر إسحاق: (لا يقضي ما سبق من تكبير الجنائز) (8) إن
سلم، يحتمل أن المقضي ما بقي لا ما سبق، أو أنه ليس بقضاء. وحمله الشيخ على
أنه لا يقضي مع الدعوات بل متتابعا (9).
ثم المشهور هو القضاء متتابعا مطلقا، ونسبه المحقق إلى الأصحاب (10)،
وعليه المصنف في التحرير (11) والارشاد (12) والمنتهى (13) والتلخيص (14)، وظاهرهم
التعين، لقول الصادق عليه السلام في صحيح الحلبي: إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين
من الصلاة على الميت فليقض ما بقي متتابعا (15). وزاد في المنتهى: أن الأدعية
فات محلها فيفوت، قال: أما التكبير فلسرعة الاتيان بها ووجوبه كان مشروع
القضاء (16). واختار في التذكرة (17) والنهاية (18) الاتيان بالدعوات مع سعة الوقت.

(1) المغني: ج 2 ص 352.
(2) بداية المجتهد: ج 1 ص 244.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 51 س 38.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 793 ب 17 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 793 ب 17 من أبواب صلاة الجنازة ح 3.
(6) الخلاف: ج 1 ص 725 المسألة 547.
(7) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 376.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 793 ب 17 من أبواب صلاة الجنازة ح 6.
(9) الإستبصار: ج 1 ص 482 ذيل الحديث 1864.
(10) المعتبر: ج 2 ص 358.
(11) تحرير الأحكام: ج 1 ص 19 س 29.
(12) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 263.
(13) منتهى المطلب: ج 1 ص 456 س 10.
(14) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 268.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 792 ب 17 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 456 س 10.
(17) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 51 س 41.
(18) نهاية الإحكام: ج 2 ص 270.
369

(فإن خاف الفوات) برفع الجنازة وإبعادها أو قلبها عن الهيئة المطلوبة في
الصلاة (وإلى التكبير) وهو أقوى، للأصل، وعموم ما مر من قوله عليه السلام: يتم ما
بقي، وقول أبي جعفر عليه السلام لجابر: تقضي ما فاتك (1). وقول النبي صلى الله عليه وآله: (ما أدركتم
فصلوا وما فاتكم فاقضوا) (2) على وجه، قال الشهيد: - وظاهر ما سيأتي من خبر
القلانسي -: إذ لولا الاشتغال بالدعوات لكان البلوغ إلى الدفن بعيد (3)، وفيه نظر
سيظهر.
ونزل الشهيد كلام الشيخ على نفي وجوب الدعوات، لحصولها من السابقين،
ولأنه موضع ضرورة، ثم قال: ويمكن وجوبه مع الاختيار، لعموم أدلة الوجوب،
وعموم قول النبي صلى الله عليه وآله: وما فاتكم فاقضوا.
قلت: ولا يعارض العموم سقوط الصلاة بفعل السابقين فضلا عن اجزائها، فإن
المسبوق لما ابتدأ كانت صلاته واجبة ووجوبها مستمرا إلى آخرها، وإلا لم يجب
اتمام ما بقي من التكبيرات.
(فإن رفعت الجنازة أو دفنت) قبل اتمام المسبوق (أتم ولو على
القبر) للأصل، وعموم الأمر بالاتمام، والنهي عن ابطال العمل، وتجويز الصلاة
على القبر، وقول أبي جعفر عليه السلام في مرسل القلانسي: في الرجل يدرك مع الإمام
في الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين، فقال: يتم التكبير وهو يمشي معها، فإذا لم يدرك
التكبير كبر عند القبر، فإن كان أدركهم وقد دفن كبر على القبر (4). ويقرب الدفن
قبل الاتمام أن لا يكون للميت كفن فيكون في القبر مستور العورة.
وعندي أن ظاهر الخبر أنه إن لم يدرك الصلاة على الميت صلى عليه عند
القبر، فإن لم يدركها قبل الدفن فبعده، وليس من مسألة المسبوق في شئ. ولم ير

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 793 ب 17 من أبواب صلاة الجنازة ح 4.
(2) سنن البيهقي: ج 4 ص 44.
(3) ذكرى الشيعة: ص 63 س 30.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 793 ب 17 من أبواب صلاة الجنازة ح 5.
370

أبو حنيفة الاتمام إذا رفعت الجنازة (1).
(ولو سبق) المأموم (الإمام بتكبيرة) غير الأولى (فصاعدا استحب)
له (إعادتها مع الإمام) كما في الشرائع (2)، وظاهر الأكثر وخصوصا القاضي
الوجوب (3)، وكأنه لا نزاع لجواز انفراد المأموم متى شاء، فله أن لا يعيد إلا إذا
استمر على الائتمام.
ولذا استدل عليه في التذكرة (4) والنهاية (5) والمنتهى (6) بادراك فضيلة
الجماعة، فالجماعة إن أرادوا الوجوب فبمعنى توقف استمرار الائتمام عليها، لكن
من المأمومين من لا يجوز له هنا الانفراد، وهو البعيد عن الجنازة، ومن لا
يشاهدها، أولا يكون منها على الهيئة المعتبرة.
ويدل على الإعادة ما في قرب الإسناد للحميري عن علي بن جعفر سأل
أخاه عليه السلام عن الرجل يصلي له أن يكبر قبل الإمام؟ قال: لا يكبر إلا مع الإمام، فإن
كبر قبله أعاد التكبير (7). وهو وإن عم لكن الحميري أورده في باب صلاة الجنازة.
ثم الأصحاب أطلقوا الحكم.
وفي الذكرى: في إعادة العامد تردد، من حيث المساواة لليومية في عدم
إعادة العامد، ولأنها أذكار زيادتها كنقصانها، ومن أنها ذكر الله تعالى فلا تبطل
الصلاة بتكرره (8).
(وإذا تعددت الجنائز تخير الإمام) وغيره (في صلاة واحدة على
الجميع) وإن اختلفوا في الدعاء (وتكرار الصلاة) عليه، بأن يصلي (على
كل واحدة) صلاة (أو على كل طائفة) متفقة في الدعاء أو غيرها قال في

(1) المبسوط للسرخسي: ج 2 ص 66.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 107.
(3) المهذب: ج 1 ص 132.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 1.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 270.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 456 س 18.
(7) قرب الإسناد: ص 99 س 7.
(8) ذكرى الشيعة: ص 63 س 32.
371

المنتهى: لا نعرف فيه خلافا (1). قلت: ويدل عليه الأصل والأخبار (2) والاعتبار.
(ولو حضرت الثانية بعد التلبس) بالصلاة على الأولى (تخير بين
الاتمام) للأولى (واستئناف الصلاة على الثانية، وبين الابطال والاستئناف
عليهما) كما في الفقيه (3) والمقنع (4) وكتب المحقق (5)، ويحتمله كلام الشيخ في
كتابي الأخبار (6) وكتابي الفروع (7)، وكلام ابني البراج (8) وإدريس (9)، لما روي عن
الرضا عليه السلام من قوله: إن كنت تصلي على الجنازة وجائت الأخرى فصل عليهما
صلاة واحدة بخمس تكبيرات، وإن شئت استأنفت على الثانية (10) وإن احتمل
إرادة الصلاة. وخبر جابر سأل أبا جعفر عليه السلام عن التكبير على الجنازة هل فيه
شئ موقت؟ فقال: لا، كبر رسول الله صلى الله عليه وآله أحد عشر وتسعا وسبعا وستا وخمسا
وأربعا (1 1). فإنه مع التسليم معناه الاستئناف في الأثناء عليها مع أخرى.
وصحيح علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن قوم كبروا على جنازة تكبيرة أو
اثنتين وقد وضعت معها أخرى كيف يصنعون؟ قال: إن شاؤوا تركوا الأولى حتى
يفرغوا من التكبير على الأخيرة، وإن شاؤوا رفعوا الأولى وأتموا ما بقي على
الأخيرة، كل ذلك لا بأس به (12). إن كان ترك الأولى حتى الفراغ من التكبير على

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 456 س 36.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 811 ب 34 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 165 ذيل الحديث 470.
(4) المقنع: ص 21.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 107، المختصر النافع: ص 41، المعتبر: ج 2 ص 360.
(6) تهذيب الأحكام: ج 3 ص 316 ذيل الحديث 981، الإستبصار: ج 1 ص 475 ذيل
الحديث 1838.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 386، والمبسوط: ج 1 ص 185.
(8) المهذب: ج 1 ص 132.
(9) السرائر: ج 1 ص 361.
(10) فقه الرضا: ص 179.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 781 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 17.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 811 ب 34 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
372

الأخيرة كناية عن الاستئناف عليهما والباقي كناية عن اتمام الصلاة على الأولى
ثم اتمام ما بقي أي فعل الصلاة على الأخيرة.
ولكن إنما يتوجه الحمل عليه لو كان السؤال عن كيفية الصلاة، وليس بظاهر،
فيجوز كونه عن جواز رفع الأولى قبل الأخيرة، وقد يظهر من لفظ (ما بقي على
الأخيرة) التشريك بينهما في الأثناء فيما بقي من الأولى ثم تخصيص الثانية بما
يكمل الصلاة عليها كما فهمه الشهيد (1)، وإن احتمل أن يكون ما بقي هو الصلاة
الكاملة على الأخيرة، فلا يكون في الشقين إلا اتمام الصلاة على الأولى ثم
استئنافها على الأخيرة.
ثم لا يظهر من لفظ السؤال وضع الأخرى بعد التكبير على الأولى، بل يحتمل
ظاهرا أنه سأل عن أنهم كبروا على جنازة وقد كان وضعت معها أخرى صلوا
عليها أولا، فإذا شرعوا في التكبير على الأولى في الذكر التي هي الأخيرة لأنهم
صلوا على الأخرى أولا كيف يصنع بالأخرى إن لم ترفع حتى شرع في الصلاة
على الأولى، فأجاب عليه السلام بالتخيير بين ترك الأولى التي هي الأخرى حتى يفرغوا
من الصلاة على الأخيرة ورفعها والصلاة على الأخيرة.
ثم كيف يجوز إبطال الصلاة الواجبة من غير ضرورة ولا إجماع ولا نص
صحيح إلا أن يراد صحة الصلاة وإن حصل الإثم، وهو واضح لا حاجة به إلى دليل
غير ما تقدم من أدلة التخيير بين جمع الجنائز في صلاة وافراد كل بصلاة.
أو يقال: إنه ليس من الابطال حقيقة، بناء على أنه كما يجوز تكرير الصلاة
على جنازة واحدة يجوز زيادة تكبيرة أو تكبيرات عليها لمثل ذلك بدليل خبر
جابر (2)، فإنما ينوي الآن الصلاة عليهما وينوي الخمس جميعا عليهما، ولعله معنى
قول الصدوق في كتابيه: إن شاء كبر الآن عليهما خمس تكبيرات (3). وقول الشيخ

(1) ذكرى الشيعة: ص 64 س 1.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 781 ب 6 من أبواب صلاة الجنازة ح 17.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 165 ذيل الحديث 470 والمقنع: ص 21.
373

وأتباعه: كان مخيرا بين أن يتم خمس تكبيرات على الجنازة الأولى ثم يستأنف
الصلاة على الأخرى، وبين أن يكبر خمس تكبيرات من الموضع الذي انتهى إليه،
وقد أجزأه ذلك عن الصلاة عليهما (1).
ويحتمل هذه العبارة مختار الشهيد (2)، وفي مختاره إشكال على وجوب
اتباع كل تكبيرة بذكر غير ما يتبع الأخرى، والخبر لا يصلح سندا له كما عرفت.
ثم التخيير الذي اختاره المصنف إذا لم يكن خوف على الأولى فيتعين أو
يستحب الاتمام (3) عليها ثم الاستئناف. وعينه في التذكرة (4) وا لنهاية (5) إذا
استحب (6) الصلاة على الأخيرة، وكأنه ناظر إلى ما احتملناه من أنه لا تبطل
صلاته على الأول حين يريد التشريك، بل هي صلاة واحدة مستمرة، فإذا ابتدأ
بها مستحبة جاز أن يعرضها الوجوب في الأثناء، لأنه زيادة تأكد لها (7) دون
العكس، فإنه إزالة للوجوب أو على الثانية فيتعين القطع أو يستحب. وعينه
الشهيد (8) أيضا مع الخوف، للضرورة.
(والأفضل) كما في المبسوط (9) والسرائر (10) (تفريق الصلاة على
الجنائز المتعددة) إن لم يخف عليها أو يكن بالمصلي عجلة، لأن صلاتين أفضل
من صلاة. وفي التذكرة (11) والذكرى (12): إن القصد بالتخصيص أولى منه بالتعميم.
(وتجزئ الواحدة) بلا خلاف، كما مر، والنصوص متظافرة به، وحينئذ
(فينبغي أن يجعل رأس الميت الأبعد عند ورك الأقرب، وهكذا) كذا في
التذكرة (13) والتحرير (14) ونهاية الإحكام (15) أيضا، والأخبار خالية عن تعيين

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 386.
(2) ذكرى الشيعة: ص 64 س 3 و 2.
(3) في ك و م: (الاتمام أو يستحب).
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 4.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 271.
(6) في ك و م: (استحبت).
(7) في س: (تأكدها).
(8) ذكرى الشيعة: ص 64 س 3 و 2.
(9) المبسوط: ج 1 ص 184.
(10) السرائر: ج 1 ص 359.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 50 س 6.
(12) ذكرى الشيعة: ص 62 س 29.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 49 س 40.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 19 س 26.
(15) نهاية الإحكام: ج 2 ص 267.
374

الأبعد والأقرب، إلا في الرجل والمرأة، فيجعل المرأة وهي أبعد عند ورك الرجل،
وكلام المصنف في الموتى الذين من صنف واحد لما قدمه من جعل صدر المرأة
بحذاء وسط الرجل.
وبالجملة: تجعل الجنائز (صفا مدرجا ثم يقف الإمام عند وسط
الصف) كما في خبر عمار عن الصادق عليه السلام وفيه: فإن كان الموتى رجالا ونساء،
قال: يبدأ بالرجال فيجعل رأس الثاني إلى ألية الأول حتى يفرغ من الرجال كلهم،
ثم يجعل رأس المرأة إلى ألية الرجل الأخير، ثم يجعل رأس المرأة الأخرى إلى
ألية المرأة الأولى حتى يفرغ منهم كلهم، فإذا سوى هكذا قام في الوسط وسط
الرجال فكبر وصلى عليهم كما يصلي على ميت واحد (1).
والظاهر جواز جعل كل وراء آخر صفا مستويا ما لم يؤد إلى البعد المفرط
بالنسبة إلى بعضهم، وكذا جعل كل عند رجل الآخر، وهكذا صفا مستويا كما قالت
بهما العامة (2).
واحتمل المصنف في النهاية (3) التسوية وأجمل، وظاهر الذكرى (4) الاقتصار
على المنصوص، ثم ظاهر النص والأصحاب جعلهم صفا واحدا.
وأجاد الشهيد (5) حيث استظهر جعلهم صفين كتراص البناء لئلا يلزم انحراف
المصلي عن القبلة إذا وقف وسطهم.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 808 ب 32 من أبواب صلاة الجنازة ح 2.
(2) المغني: ج 2 ص 345 س 25.
(3) نهاية الإحكام: ج 2 ص 267.
(4) ذكرى الشيعة: ص 63 س 7.
(5) ذكرى الشيعة: ص 63 س 9.
375

(الفصل الرابع)
(في الدفن)
(والواجب فيه على الكفاية شيئان) في المشهور: أما (دفنه) فعليه
إجماع المسلمين، وإنما يتحقق بمواراته (في حفيرة) فلا يجزئ البناء عليه أو
وضعه في بناء أو تابوت إلا عند الضرورة، فلو تعذر الحفر وأمكن النقل إلى ما
يمكن حفرها قبل أن يحدث بالميت شئ وجب النقل.
ولا بد من كون الحفيرة بحيث (تحرس الميت عن السباع وتكتم رائحته
عن الناس) فإنهما الغرض من دفنه وقال الرضا عليه السلام في علل ابن شاذان: إنه
يدفن لئلا يظهر الناس على فساد جسده، وقبح منظره، وتغير ريحه، ولا يتأذى به
الأحياء بريحه وبما يدخل عليه من الآفة والدنس والفساد، وليكون مستورا عن
الأولياء والأعداء، فلا يشمت عدو ولا يحزن صديق (1).
قال الشهيد (2): وهاتان الصفتان - يعني الحراسة عن السباع وكتم الرائحة -
متلازمتان في الغالب، ولو قدر وجود إحداهما (3) بدون الأخرى وجب مراعاة
الأخرى، للإجماع على وجوب الدفن، ولا يتم فائدته إلا بهما، وأمر النبي صلى الله عليه وآله به.

(1) عيون أخبار الرضا: ج 2 ص 113.
(2) ذكرى الشيعة: ص 64 س 16.
(3) في س و م: (أحدهما).
376

(و) الأمر الثاني: (استقبال القبلة به) في القبر كما في المقنعة (1)
والنهاية (2) والمبسوط (3) والغنية (4) والنافع (5) والجامع (6) والشرائع (7)، للتأسي،
وقول الصادق عليه السلام في صحيح معاوية بن عمار: مات البراء بن معرور الأنصاري
بالمدينة ورسول الله صلى الله عليه وآله بمكة فأوصى أنه إذا دفن يجعل وجهه إلى وجه رسول
الله صلى الله عليه وآله وإلى القبلة فجرت به السنة (8). وفي خبر العلاء بن سيابة في حديث القتيل
الذي أبين رأسه: إذا صرت إلى القبر، تناولته مع الجسد، وأدخلته اللحد، ووجهته
للقبلة (9).
وفي المنتهى: ولأنه أولى من حال التغسيل والاحتضار، وقد بينا وجوب
الاستقبال هناك (10) انتهى.
ونفى القاضي عنه الخلاف في شرح الجمل (11)، واستحبه ابن حمزة (12)، وهو
ظاهر.
وحصر الشيخ في الجمل الواجب في واحد هو دفنه (13)، ولعله للأصل، وعدم
نصوصية خبر معاوية في الوجوب، وضعف الثاني، ويحتمل الأمرين أكثر
العبارات، ولم يذكره سلا ر.
والاستقبال (بأن يضجع على جانبه الأيمن) ويجعل مقاديمه إلى القبلة،
واستحب الشافعي (14) هذه الهيئة.

(1) المقنعة: ص 80.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 251.
(3) المبسوط: ج 1 ص 186.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 14.
(5) المختصر النافع: ص 13.
(6) الجامع للشرائع: ص 54.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 42.
(8) وسائل الشيعة: ج 13 ص 361 ب 10 من أبواب أحكام الوصايا ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 702 ب 15 من أبواب غسل الميت ح 1.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 459 س 11.
(11) شرح جمل العلم والعمل: ص 154.
(12) الوسيلة: ص 68.
(13) الجمل والعقود: ص 50.
(14) الأم: ج 1، ص 276.
377

ونفى القاضي في شرح الجمل خلافها فيه، وظاهر التذكرة الاجماع منا (1).
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله شهد جنازة رجل من بني عبد المطلب فلما أنزلوه في قبره
قال: أضجعوه في لحده على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، ولا تكبوه لوجهه ولا
تلقوه لظهره، ثم قال للذي وليه: ضع يدك على أنفه حتى يتبين لك استقبال القبلة (2).
وقال ابن سعيد: الواجب دفنه مستقبل القبلة، والسنة أن يكون رجلاه شرقية
ورأسه غربيا على جانبه الأيمن (3).
وفي المعتبر: إن الغرض مواراته في الأرض على جانبه الأيمن موجها إلى
القبلة، وأما وجوب دفنه فعليه اجماع المسلمين، ولأن النبي صلى الله عليه وآله أمر بذلك ووقف
على القبور. وفعله والكيفية المذكورة ذكرها الشيخ في النهاية والمبسوط وظاهر
المفيد في المقنعة والرسالة الغرية وابنا بابويه، ولأن النبي صلى الله عليه وآله دفن كذلك، وهو
عمل الصحابة والتابعين (4).
(والمستحب) أمور: منها (وضع الجنازة على الأرض عند الوصول
إلى القبر) كما قال الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: ينبغي أن يوضع الميت
دون القبر هنيهة ثم واره (5).
وليكن (6) دون القبر بذراعين أو ثلاثة كما قال عليه السلام في خبر محمد بن عجلان:
إذا جئت بالميت إلى قبره فلا تفدحه بقبره، ولكن ضعه دون قبره بذراعين أو ثلاثة
أذرع، ودعه حتى يتأهب للقبر ولا تفدحه به (7).
وفي النهاية (8) والمبسوط (9) والوسيلة (10) دونه بذراع.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 14.
(2) دعائم الاسلام: ج 1 ص 238.
(3) الجامع للشرائع: ص 54.
(4) المعتبر: ج 1 ص 291.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 837 ب 16 من أبواب الدفن ح 1.
(6) في س و ك و م: (ولكن).
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 838 ب 16 من أبواب الدفن ح 3.
(8) النهاية ونكتها: ج 1 ص 250.
(9) المبسوط: ج 1 ص 186.
(10) الوسيلة: ص 68.
378

(و) منها: (أخذ الرجل من عند رجلي القبر) المقتضي للوضع عندهما
أخيرا، لقول الصادق عليه السلام في خبر محمد بن عجلان: لا تفدح ميتك بالقبر، ولكن
ضعه أسفل منه بذراعين أو ثلاثة (1). ونحوه مضمر ابن عطية (2). ويحتمله نحو
قوله عليه السلام في حسن الحلبي: إذا أتيت بالميت القبر فسله من قبل رجليه (3).
(و) أخذ (المرأة مما يلي القبلة) اجماعا على ما في الغنية (4) وظاهر
المنتهى (5) والتذكرة (6) ونهاية الإحكام (7)، لأنها تنزل عرضا، ويناسبه الوضع على
إحدى جنبي القبر دون الرجل، ثم وضعها مما يلي القبلة أعون على المبادرة إلى
دفنها مستقبلا بها القبلة.
(و) منها: (إنزاله) أي الرجل كما في النهاية (8) والتلخيص (9)، أو الميت
وهو قضية إطلاق الأخبار (في ثلاث دفعات) أي بعد وضعه على الأرض ثلاث
دفعات، بمعنى أن يوضع إذا قرب من القبر على الأرض، ثم يرفع ويقدم قليلا
فيوضع، ثم يقدم إلى شفير القبر فينزل بعده، لقول الصدوق في العلل: وفي حديث
آخر: إذا أتيت بالميت القبر فلا تفدح به القبر، فإن للقبر أهوالا عظيمة وتعوذ من
هول المطلع، ولكن ضعه قرب شفير القبر واصبر عليه هنيئة، ثم قدمه قليلا واصبر
عليه ليأخذ أهبته، ثم قدمه إلى شفير القبر (10). وروي نحوه عن الرضا عليه السلام (11).
ولم يزد أبو علي في وضعه على مرة (12)، وهو ظاهر المعتبر (13)، لخلو سائر

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 838 ب 16 من أبواب الدفن ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 838 ب 16 من أبواب الدفن ح 2.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 845 ب 21 من أبواب الدفن ح 1.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 16.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 459 س 16.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 29.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 274.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 274.
(9) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 269.
(10) علل الشرائع: ج 1 ص 306 ح 2.
(11) فقه الرضا: ص 170.
(12) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 65 س 31.
(13) المعتبر: ج 1 ص 298.
379

الأخبار عن التثليث.
(و) منها: (سبق رأسه) أي السبق برأسه إلى القبر كما خرج إلى الدنيا،
قطع به الشيخان (1) وغيرهما، ونفى القاضي في شرح الجمل الخلاف عنه (2)،
وحكى ابن زهرة الاجماع عليه (3). وقد يرشد إليه أخبار سله من قبل الرجلين
وليرفق به، ولا ينكس برأسه في القبر كما قال الصادق عليه السلام في خبر محمد بن
عجلان: سله سلا رفيقا (4). وقال الرضا عليه السلام فيما في العيون عن الفضل بن شاذان
عنه عليه السلام: الميت يسل من قبل رجليه، ويرفق به إذا أدخل قبره (5).
(و) أما (المرأة) فتؤخذ وتنزل (عرضا) لكونه أنسب بها، ولقول
الصادق عليه السلام في مرفوع عبد الصمد بن هارون: والمرأة تؤخذ عرضا فإنه أستر (6).
وقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر زيد: يسل الرجل سلا، وتستقبل المرأة
استقبالا (7).
وفي الغنية (8) وظاهر التذكرة (9) والمنتهى (10) ونهاية الإحكام (11) الاجماع عليه.
(و) منها: (تحفي النازل وكشف رأسه وحل أزراره) لنحو قول
الصادق عليه السلام في خبر ابن أبي يعفور: لا ينبغي لأحد أن يدخل القبر في نعلين ولا
خفين ولا عمامة ولا رداء ولا قلنسوة (12). وفي خبر الحضرمي: لا تنزل القبر

(1) المقنعة: ص 80، النهاية ونكتها: ج 1 ص 250.
(2) شرح جمل العلم والعمل: ص 154.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 20.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 843 ب 20 من أبواب الدفن ح 5.
(5) عيون أخبار الرضا عليه السلام: ج 2 ص 122.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 865 ب 38 من أبواب الدفن ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 865 ب 38 من أبواب الدفن ح 2.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502، س 20.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 29.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 459 س 16.
(11) نهاية الإحكام: ج 2 ص 275.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 840 ب 18 من أبواب الدفن ح 3.
380

وعليك العمامة ولا القلنسوة ولا رداء ولا حذاء وحلل أزرارك، قال: قلت:
والخف، قال: لا بأس بالخف في وقت الضرورة والتقية، وليجهد في ذلك جهده (1).
وفي المنتهى: إن المقام مقام اتعاظ وخشوع ويناسبهما ما ذكر (2). وفي
المعتبر: إن ذلك مذهب الأصحاب (3).
(و) منها: (كونه) أي النازل (أجنبيا) كما في النهاية (4) والمبسوط (5)
والوسيلة (6) وكتب ا لمحقق (7)، لا يراثه القسوة كما في الأولين والمعتبر (8)
والمنتهى (9) والتذكرة (10) ونهاية الإحكام (11)، والأخبار بالنهي عن نزول الوالد قبر
ولده كثيرة. وفي خبر علي بن عبد الله والحسين بن خالد عن الكاظم عليه السلام: أن
النبي صلى الله عليه وآله قال: يا أيها الناس إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم،
ولكني لست آمن إذا حل أحدكم الكفن عن ولده أن يلعب به الشيطان، فيدخله
عند ذلك من الجزع ما يحبط أجره (12).
وفي الذكرى عن عبد الله بن محمد بن خالد عن الصادق عليه السلام: الوالد لا ينزل
في قبر ولده، والولد لا ينزل في قبر والده (13).
وليس في التهذيب ولا في كتب الفروع لفظة (لا) في الأخير، فيكون نصا في
الفرق كخبر العنبري سأله عليه السلام: الرجل يدفن ابنه؟ فقال: لا يدفنه في التراب، قال:

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 840 ب 18 من أبواب الدفن ح 4.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 460 س 6.
(3) المعتبر: ج 1 ص 296.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 250.
(5) المبسوط: ج 1 ص 186.
(6) الوسيلة: ص 69.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 42، المختصر النافع: ص 14، المعتبر: ج 1 ص 297.
(8) المعتبر: ج 1 ص 297.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 462 س 8.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 36.
(11) نهاية الإحكام: ج 2 ص 275.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 851 ب 25 من أبواب الدفن ح 4.
(13) ذكرى الشيعة: ص 66 س 32.
381

فالابن يدفن أباه؟ قال: نعم لا بأس (1). ولذا استثنى ابن سعيد الولد (2)، ويظهر الميل
إليه في المنتهى (3).
واستحباب الأجنبية ثابت (إلا) في (المرأة) فالمحارم - كالزوج - أولى
بانزالها اتفاقا كما في التذكرة (4) والمنتهى (5)، والوجه واضح، مع قول علي عليه السلام في
خبر السكوني: مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله أن المرأة لا يدخل قبرها إلا من
كان يراها في حال حياتها (6).
وقال المفيد: وينزلها القبر اثنان، يجعل أحدهما يديه تحت كتفيها والآخر
يديه تحت حقويها، وينبغي أن يكون الذي يتناولها من قبل وركيها زوجها أو
بعض ذوي أرحامها كابنها أو أخيها أو أبيها إن لم يكن لها زوج (7) فقصر الحكم
على من (8) يتناولها من وركيها، ولعله لكونه أهم.
ثم هل يتعين الزوج أو الرحم؟ ظاهر هذه العبارة والتذكرة (9) ونهاية
الإحكام (10) وصريح المعتبر (11) والذكرى (12) الاستحباب، للأصل، وضعف الخبر.
وظاهر جمل العلم والعمل (13) والنهاية (14) والمبسوط (15) والمنتهى (16) الوجوب.
(و) منها: (الدعاء عند إنزاله) قال المحقق: وهو اتفاق العلماء (17). انتهى.
فيقول إذا نزل قبل تناوله: اللهم اجعلها روضة من رياض الجنة ولا تجعلها

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 852 ب 25 من أبواب الدفن ح 6.
(2) الجامع للشرائع: ص 55.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 462 س 8.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 36.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 459 س 25.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 853 ب 26 من أبواب الدفن ح 1.
(7) المقنعة: ص 82.
(8) في س، م والحجري: (بمن).
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 37.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 275.
(11) المعتبر: ج 1 ص 297.
(12) ذكرى الشيعة: ص 66 س 31.
(13) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 51.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 250.
(15) المبسوط: ج 1 ص 186.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 459 س 35.
(17) المعتبر: ج 1 ص 297.
382

حفرة من حفر النيران. على ما في المصباح (1) ومختصره وظاهر المقنعة (2)
والنهاية (3) والمبسوط (4) والمهذب (5) والمنتهى (6) ونهاية الإحكام (7) والتذكرة (8).
وفي الفقيه: أنه يقال عند معاينة القبر (9)، وهو يعم النازل وغيره. ويؤيده أنه
أرسله الراوندي في دعواته عن الصادق عليه السلام إذا نظرت إلى القبر (10). وصرح
الحلبي بالتعميم فقال: إذا عاين المشيعون القبر فليقولوا ذلك، وزاد في آخره: هذا
ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله (11).
وسمع إسحاق بن عمار الصادق عليه السلام يقول: إذا نزلت في قبر فقل: بسم الله
وبالله وعلى ملة رسول الله (12)، وتقول إذا سللت الميت كما في خبر أبي بصير عن
الصادق (13) عليه السلام، أو إذا سله ودلا ه كما في خبر سماعة عنه عليه السلام: بسم الله وبالله
وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله، اللهم إلى رحمتك لا إلى عذابك. وفي خبر سماعة
زيادة: اللهم افسح له في قبره، ولقنه حجته، وثبته بالقول الثابت، وقنا وإياه
عذاب القبر (14).
وفي النهاية (15) والمقنعة (16) والمبسوط (17) والمصباح (18) ومختصره
والتذكرة (19) والمنتهى (20) ونهاية الإحكام (21): إنه يقول إذا تناوله: بسم الله وبالله

(1) مصباح المتهجد: ص 20.
(2) المقنعة: ص 80.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 250.
(4) المبسوط: ج 1 ص 186.
(5) المهذب: ج 1 ص 62.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 460 س 13.
(7) نهاية الإحكام: ج 2 ص 276.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 41.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 171 ذيل الحديث 498.
(10) الدعوات: ص 264 ح 756.
(11) الكافي في الفقه: ص 238.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 847 ب 21 من أبواب الدفن ح 6.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 843 ب 20 من أبواب الدفن ح 3.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 846 ب 21 من أبواب الدفن ح 4.
(15) النهاية ونكتها: ج 1 ص 250.
(16) المقنعة: ص 80.
(17) المبسوط: ج 1 ص 186.
(18) مصباح المتهجد: ص 20.
(19) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 41.
(20) منتهى المطلب: ج 1 ص 460 س 14.
(21) نهاية الإحكام: ج 2 ص 276.
383

وعلى ملة رسول الله، اللهم زدني ايمانا بك وتصديقا بكتابك، هذا ما وعدنا الله
ورسوله، وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا إيمانا وتسليما.
وفي حسن الحلبي عن الصادق عليه السلام: كان علي بن الحسين عليهما السلام: إذا أدخل
الميت القبر قال: اللهم جاف الأرض عن جنبيه وصاعد عمله ولقه منك رضوانا (1).
والظاهر بناء أدخل للمجهول.
(و) منها: (حفر القبر قامة) معتدلة (أو إلى الترقوة) قطع به
الأصحاب، وحكي عليه الاجماع في الخلاف (2) والغنية (3) والتذكرة (4).
وقال الكليني: سهل بن زياد قال: روى أصحابنا أن حد القبر إلى الترقوة،
وقال بعضهم: إلى الثدي، وقال بعضهم: قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس من
في القبر (5). وقال الصادق عليه السلام في خبر السكوني: إن النبي صلى الله عليه وآله نهى أن يعمق القبر
فوق ثلاثة أذرع (6).
قلت: الثلاث يوافق الترقوة، ويمكن اختصاصه بأرض المدينة لبلوغ الرشح
فيها كما قال عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: إن زين العابدين عليه السلام قال: احفروا لي
حتى تبلغوا الرشح (7).
(و) منها: (اللحد مما يلي القبلة) إجماعا كما في الخلاف (8) والغنية (9)
والتذكرة (10)، وقد لحد لرسول الله صلى الله عليه وآله كما نطقت به الأخبار (11)، وعنه 9:

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 845 ب 21 من أبواب الدفن ح 1.
(2) الخلاف: ج 1 ص 705 المسألة 502.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 16.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 16.
(5) الكافي: ج 3 ص 165 ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 836 ب 14 من أبواب الدفن ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 836 ب 14 من أبواب الدفن ح 2.
(8) الخلاف: ج 1 ص 706 المسألة 503.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 17.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 20.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 836 ب 15 من أبواب الدفن ح 1 و 2.
384

اللحد لنا والشق لغيرنا (1).
والشق عند أبي حنيفة أفضل من اللحد (2). وفي خبر أبي همام عن الرضا عليه السلام:
أن أبا جعفر عليه السلام أوصى بالشق له، وقال: فإن قيل لكم: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لحد له
فقد صدقوا (3). وفي خبر الحلبي عن الصادق عليه السلام أنه شق لأبيه عليه السلام من أجل أنه
إن كان بادنا (4). وفي خبر أبي الصلت الهروي عن الرضا عليه السلام الوصية بالشق
لنفسه (5)، فلعله لرخاوة الأرض، فإن الشق حينئذ أفضل، خصوصا إذا كان الميت
بادنا، حذرا من انهدام اللحد كما في التذكرة (6) والمنتهى (7) ونهاية الإحكام (8).
وفي المعتبر: يعمل له شبه اللحد من بناء تحصيلا للفضيلة (9)، ولا بأس به.
(و) منها: (حل عقد الكفن من عند رأسه ورجليه) وغيرها إن كانت
إذا وضع في القبر، للأخبار، ولأن شدها كان لخوف الانتشار، وليسهل له الجلوس
لجواب منكر ونكير، ولذا استحب توسيع لحده مقدار ما يسعه الجلوس فيه.
وفي الغنية (10) والمعتبر (11) الاجماع عليه. ولعله بمعناه ما في مرسل ابن أبي
عمير من الشق (12) كما في الذكرى (13).
(و) منها: (جعل شئ من تربة الحسين عليه السلام معه) فإنها أمان من كل
خوف، وكتب الحميري إلى الفقيه عليه السلام يسأله عن طين القبر يوضع مع الميت في

(1) سنن البيهقي: ج 3 ص 408.
(2) الحاوي الكبير: ج 3 ص 34.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 836 ب 15 من أبواب الدفن ح 2.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 837 ب 15 من أبواب الدفن ح 3.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 837 ب 15 من أبواب الدفن ح 4.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 52 س 23.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 461 س 29.
(8) نهاية الإحكام: ج 2 ص 274.
(9) المعتبر: ج 1 ص 296.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 20.
(11) المعتبر: ج 1 ص 300.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 842 ب 19 من أبواب الدفن ح 6.
(13) ذكرى الشيعة: ص 65 س 31.
385

قبره هل يجوز ذلك أم لا؟ فوقع عليه السلام: توضع مع الميت في قبره ويخلط بحنوطه إن
شاء الله (1).
وفي المنتهى (2) والتذكرة (3) ونهاية الإحكام (4): إنه روى أن امرأة كانت
تزني وتضع أولادها فتحرقهم بالنار خوفا من أهلها، ولم يعلم به غير أمها، فلما
ماتت دفنت فانكشف التراب عنها ولم تقبلها الأرض، فنقلت من ذلك المكان إلى
غيره فجرى لها ذلك، فجاء أهلها إلى الصادق عليه السلام وحكوا له القصة، فقال لأمها: ما
كانت تصنع هذه في حياتها من المعاصي، فأخبرته بباطن أمرها، فقال عليه السلام: إن
الأرض لا تقبل هذه، لأنها كانت تعذب خلق الله بعذاب الله، اجعلوا في قبرها
شيئا من تربة الحسين عليه السلام، ففعل ذلك فسترها الله تعالى (5). ثم جعلها معه عبارة
النهاية (6) والمبسوط (7) والأكثر، وعن المفيد: جعلها تحت خده (8)، واختاره ابن
إدريس (9) والمحقق (10) والشهيد (11)، وفي الإقتصاد: جعلها في وجهه (12)، وحكي
عن الغرية. والظاهر أنه بمعنى جعلها تلقاء وجهه. وظاهر ابن إدريس (13)
المغايرة، وأنهما قولان للشيخ.
وروى الشيخ في فصل أحكام التربة الحسينية من المصباح عن جعفر بن
عيسى أنه سمع الصادق عليه السلام يقول: ما على أحدكم إذا دفن الميت ووسده التراب
أن يضع مقابل وجهه لبنة من الطين، ولا يضعها تحت خده (14).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 742 ب 12 من أبواب التكفين ح 1.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 461 س 9.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 55 س 4.
(4) نهاية الإحكام: ج 2 ص 277.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 742 باب 12 ح 2.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 251.
(7) المبسوط: ج 1 ص 186.
(8) نقله عنه الحلي في سرائره: ج 1 ص 165.
(9) السرائر: ج 1 ص 165.
(10) المعتبر: ج 1 ص 301.
(11) ذكرى الشيعة: ص 66 س 23.
(12) الإقتصاد: ص 250.
(13) السرائر: ج 1 ص 165.
(14) مصباح المتهجد: ص 678 وفيه: (ولا يضعها تحت رأسه).
386

وفي المختلف: إن الكل جائز، لوجود التبرك في الجميع (1)، وهو جيد. وحكى
في المعتبر قول يجعلها في الكفن (2)، وهو أيضا جيد.
(و) منها: (تلقينه) قبل شرج اللبن، لا نعرف فيه خلافا، وفي الغنية
الاجماع عليه (3)، والأخبار به تكاد تبلغ التواتر كما في الذكرى (4).
قال الباقر عليه السلام في صحيح زرارة: واضرب بيدك على منكبه الأيمن ثم قل:
يا فلان قل رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله رسولا وبعلي إماما،
ويسمي إمام زمانه (5). وفي حسنه: وسم حتى إمام زمانه (6).
وقال الصادق عليه السلام في خبر محفوظ الإسكاف: ويدني فمه إلى سمعه ويقول:
إسمع إفهم ثلاث مرات، الله ربك، ومحمد نبيك، والإسلام دينك، وفلان إمامك،
إسمع وافهم، وأعد عليه ثلاث مرات هذا التلقين (7).
وفي خبر أبي بصير: فإذا وضعته في اللحد فضع فمك على أذنه وقل: الله ربك
والإسلام دينك ومحمد نبيك والقرآن كتابك وعلي إمامك (8). وفي خبر آخر له:
فضع يدك على أذنه فقل: الله ربك (9)... إلى آخر ما مر.
وفي خبر إسحاق بن عمار: ثم تضع يدك اليسرى على عضده الأيسر وتحركه
تحريكا شديدا، ثم تقول: يا فلان بن فلان إذا سئلت فقل: الله ربي ومحمد نبيي
والإسلام ديني والقرآن كتابي وعلي إمامي حتى تسوق الأئمة عليهم السلام، ثم تعيد عليه
القول، ثم تقول: أفهمت يا فلان (10).

(1) مختلف الشيعة: ج 2 ص 312.
(2) المعتبر: ج 1 ص 301.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 20.
(4) ذكرى الشيعة: ص 66، س 11.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 844 ب 20 من أبواب الدفن ح 6.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 842 ب 20 من أبواب الدفن ح 2.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 843 ب 20 من أبواب الدفن ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 843 ب 20 من أبواب الدفن ح 3.
(9) الكافي: ج 3 ص 195 ح 2.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 847 ب 21 من أبواب الدفن ح 6.
387

وفي خبر ابن عجلان: ويتشهد، ويذكر ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه (1). وفي
خبر آخر له: ويسمعه تلقينه شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله،
ويذكر له ما يعلم واحدا واحدا (2). وقال الكاظم عليه السلام في خبر علي بن يقطين:
وليتشهد، وليذكر ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه (3).
وفي أمالي الصدوق عن ابن عباس أنه لما وضعت فاطمة بنت أسد في
قبرها زحف النبي صلى الله عليه وآله حتى صار عند رأسها، ثم قال: يا فاطمة إن أتاك منكر
ونكير فسألاك من ربك فقولي: الله ربي ومحمد نبيي والإسلام ديني والقرآن
كتابي وابني إمامي ووليي (4).
وعن الرضا عليه السلام: ثم تدخل يدك اليمنى تحت منكبه الأيمن وتضع يدك
اليسرى على منكبه الأيسر وتحركه تحريكا شديدا وتقول: يا فلان بن فلان الله
ربك، ومحمد نبيك، والإسلام دينك، وعلي وليك وإمامك، وتسمي الأئمة واحدا
بعد واحد إلى آخرهم عليهم السلام، ثم يعيد عليه التلقين مرة أخرى (5). ونحوه في الفقيه (6)
والهداية (7)، وزاد في آخره: أئمتك أئمة هدى أبرار.
وذكر الشيخان (8) والقاضي (9) والمصنف في المنتهى (10) أنه يقول: يا فلان بن
فلان، اذكر العهد الذي خرجت عليه من دار الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله، وأن
محمدا عبده ورسوله، وأن عليا عليه السلام أمير المؤمنين، والحسن والحسين ويذكر
الأئمة إلى آخرهم أئمتك أئمة هدى أبرارا. كذا في المقنعة (11) بالتنكير، والباقون

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 843 ب 20 من أبواب الدفن ح 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 844 ب 20 من أبواب الدفن ح 8.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 842 ب 20 من أبواب الدفن ح 1.
(4) أمالي الصدوق: ص 258 ح 14.
(5) فقه الرضا: ص 171.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 172 ح 500.
(7) الهداية: ص 27.
(8) المقنعة: ص 81، النهاية ونكتها: ج 1 ص 251.
(9) المهذب: ج 1 ص 63.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 460 س 22.
(11) المقنعة: ص 81.
388

ذكروا أئمة الهدى الأبرار بالتعريف. قال المفيد: فإنه إذا لقنه ذلك كفى المسألة بعد
الدفن إن شاء الله تعالى.
ثم إنهم أعرضوا عن الإعادة وسائر ما سمعته في الأخبار، إلا المصنف فاتبع
ما ذكره خبري محفوظ (1) وإسحاق (2). ويمكن أن يكونوا حملوا الإعادة على مرة
أخرى على ما بعد الدفن وثلاثا على ما في الأحوال الثلاث. لكن خبر إسحاق نص
على الإعادة قبل تشريج (3) اللبن، والشيخ في الإقتصاد صرح بتثليث هذا
التلقين (4).
(و) منها: (الدعاء له) قبل التلقين وبعده، قبل شرج اللبن وعنده، وإذا
سوى عليه التراب، ففي خبر إسحاق عن الصادق عليه السلام: فإذا وضعته في قبره فحل
عقدته وقل: اللهم عبدك وابن عبدك، نزل بك وأنت خير منزول به، اللهم إن كان
محسنا فزد في إحسانه، وإن كان مسيئا فتجاوز عنه، وألحقه بنبيه محمد صلى الله عليه وآله
وصالح شيعته، واهدنا وإياه إلى صراط مستقيم، اللهم عفوك عفوك - إلى قوله بعد
التلقين: - ثم تقول: ثبتك الله بالقول الثابت، وهداك الله إلى صراط مستقيم، عرف
الله بينك وبين أوليائك في مستقر من رحمته، ثم تقول: اللهم جاف الأرض عن
جنبيه، واصعد بروحه إليك، ولقنه منك برهانا، اللهم عفوك عفوك، ثم تضع عليه
الطين واللبن، فما دمت تضع اللبن والطين تقول: اللهم صل وحدته، وآنس
وحشته وآمن روعته واسكن إليه من رحمتك رحمة تغنيه بها عن رحمة من
سواك، فإنما رحمتك للظالمين، ثم تخرج من القبر وتقول: إنا لله وإنا إليه راجعون،
اللهم ارفع درجته في أعلى عليين واخلف على عقبه في الغابرين وعندك نحتسبه
يا رب العالمين (5).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 843 ب 20 من أبواب الدفن ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 847 ب 21 من أبواب الدفن ح 6.
(3) في س و ص و م: (شرح).
(4) الإقتصاد: ص 249 و 250.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 847 ب 21 من أبواب الدفن ح 6.
389

وسأله عليه السلام سماعة: ما أقول إذا أدخلت الميت منا قبره؟ قال: قل: اللهم هذا
عبدك فلان وابن عبدك قد نزل بك وأنت خير منزول به قد احتاج إلى رحمتك،
اللهم إنا لا نعلم منه إلا خيرا وأنت أعلم بسريرته ونحن الشهداء بعلانيته، اللهم
فجاف الأرض عن جنبيه ولقنه حجته واجعل هذا اليوم خير يوم أتى عليه واجعل
هذا القبر خير بيت نزل فيه وصيره إلى خير مما كان فيه ووسع له في مدخله وآنس
وحشته واغفر ذنبه ولا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده (1). إلى ما يشبه ذلك في
أخبار أخر.
وفي حسن الحلبي عنه عليه السلام: واستغفر له ما استطعت (2). وفي خبر آخر
لسماعة عنه عليه السلام: وإذا سويت عليه التراب قلت: اللهم جاف الأرض عن جنبيه
وصعد روحه إلى أرواح المؤمنين في عليين وألحقه بالصالحين (3).
وكذا يستحب ذكر الله والاستعاذة وقراءة الفاتحة والتوحيد والمعوذتين وآية
الكرسي قبل التلقين، كما في خبر ابن عجلان (4) وفي مضمر ابن عطية (5)، لكن
ليس نصا في الكون قبل التلقين، ولا فيه ذكر الله والاستعاذة. ونحوه خبر علي بن
يقطين عن الكاظم عليه السلام إلا أن فيه الاستعاذة (6).
وقد يمكن أن يكفي في ذكر الله البسملات في أوائل السور.
وفي خبر آخر لابن عجلان عن الصادق عليه السلام زيادة الصلاة على
النبي صلى الله عليه وآله (7). وفي صحيح زرارة عن الباقر عليه السلام: إذا وضعت الميت في لحده فقل:

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 846 ب 21 من أبواب الدفن ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 845 ب 21 من أبواب الدفن ح 1.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 846 ب 21 من أبواب الدفن ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 844 ب 20 من أبواب الدفن ح 8.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 844 ب 20 من أبواب الدفن ح 7.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 842 ب 20 من أبواب الدفن ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 843 ب 20 من أبواب الدفن ح 5.
390

بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله واقرأ آية الكرسي (1).
(و) منها: (شرج اللبن) أي نضدها على لحده لئلا يصل إليه التراب، قال
في المنتهى: ولا نعلم فيه خلافا (2). قال الراوندي: عمل العارفين من الطائفة على
ابتداء التشريج من الرأس، وإن زاد الطين كان حسنا كما سمعته في خبر
إسحاق (3)، لأنه أبلغ في منع التراب من الدخول، وقد ذكره المصنف في المنتهى (4)
والتذكرة (5) والنهاية (6) كالمحقق في المعتبر (7).
وأسند الصدوق في العلل عن عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام: أن النبي صلى الله عليه وآله
كان يأخذ يمنة سرير سعد بن معاذ مرة ويسرته مرة حتى انتهى به إلى القبر فنزل
حتى لحده، وسوى عليه اللبن وجعل يقول: ناولني حجرا ناولني ترابا رطبا يسد
به ما بين اللبن، فلما إن فرغ وحثا التراب عليه وسوى قبره، قال صلى الله عليه وآله: إني لأعلم
أنه سيبلى ويصل إليه البلى، ولكن الله عز وجل يحب عبدا إذا عمل عملا
فأحكمه (8).
ويجوز مكان اللبن ما يقوم مقامه في منع التراب كما في الغنية (9) والمهذب (10)
والمنتهى (11) كالحجر والخشب والقصب، قال في المنتهى: إلا أن اللبن أولى من
ذلك كله، لأنه المنقول من السلف المعروف في الاستعمال.
(و) منها: (الخروج من قبل رجلي القبر) لقول أبي عبد الله عليه السلام في
خبر السكوني: من دخل القبر فلا يخرج منه إلا من قبل الرجلين (12). وقول

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 844 ب 20 من أبواب الدفن ح 6.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 461 س 34.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 847 ب 21 من أبواب الدفن ح 6.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 461 س 33.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 55 س 8.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 277.
(7) المعتبر: ج 1 ص 299.
(8) علل الشرائع: ج 1 ص 310 ح 4.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 18.
(10) المهذب: ج 1 ص 63.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 461 س 34.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 850 ب 23 من أبواب الدفن ح 1.
391

الصادق عليه السلام في خبر عمار: لكل شئ باب وباب القبر مما يلي الرجلين (1).
وقال أبو علي: في المرأة أنه يخرج من عند رأسها لانزالها عرضا وللبعد عن
العورة (2)، ويدفعه إطلاق النص.
(و) منها: (إهالة الحاضرين) غير ذي الرحم (التراب) أي صبه في
القبر (بظهور الأكف) لمرسل محمد بن الأصبغ عن أبي الحسن عليه السلام: أنه رأى
يحثو التراب على القبر بظهر كفيه (3). ودلالته بعد التسليم ضعيفة، لكن الأكثر
قطعوا به.
وفي الفقيه (4) والهداية (5) والاقتصاد (6) والسرائر (7) والإصباح (8) والمنتهى (9)
استحباب ثلاث حثيات، لأن محمد بن مسلم: رأى أبا جعفر عليه السلام في جنازة رجل
من أصحابنا يحثو عليه مما يلي رأسه ثلاثا بكفه (10). وداود بن النعمان: رأى أبا
الحسن عليه السلام يحثو عليه التراب ثلاث مرات بيده (11). وفي حسن بن أذينة قال:
رأيت أبا عبد الله عليه السلام يطرح التراب على الميت فيمسكه ساعة في يده ثم يطرحه
ولا يزيد على ثلاثة أكف (12). وظاهره الطرح بباطن الكف.
وفي الذكرى: أقله ثلاث حثيات باليدين جميعا، لفعل النبي صلى الله عليه وآله (13).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 849 ب 22 من أبواب الدفن ح 6.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 313.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 855 ب 29 من أبواب الدفن ح 5.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 172 ذيل الحديث 500.
(5) الهداية: ص 27.
(6) الإقتصاد: ص 250.
(7) السرائر: ج 1 ص 165.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 429.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 462 س 3.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 855 ب 29 من أبواب الدفن ح 3.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 854 ب 29 من أبواب الدفن ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 854 ب 29 من أبواب الدفن ح 2.
(13) ذكرى الشيعة: ص 67 س 12.
392

ويستحب كونهم عند الإهالة (مسترجعين) أي قائلين إنا لله وإنا إليه
راجعون. ذكره المحقق في كتبه (1) واقتصر عليه كالمصنف هنا.
وفي التحرير (2) والارشاد (3) والشيخان في المقنعة (4) والنهاية (5)
والمبسوط (6) والمصباح (7) ومختصره والقاضي (8) زادوا قول: هذا ما وعدنا الله
ورسوله وصدق الله ورسوله، اللهم زدنا ايمانا وتسليما، ولم أظفر بنص على
الاسترجاع هنا بخصوصه.
واستدل المحقق عليه بالآية، وقال الصادق عليه السلام في خبر السكوني: إذا
حثوت التراب على الميت فقل: ايمانا بك وتصديقا ببعثك، هذا ما وعدنا الله
ورسوله، وقال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: من حثا على
ميت وقال هذا القول أعطاه الله بكل ذرة حسنة (9). وفي حسن ابن أذينة المتقدم:
كنت أقول - يعني حين كان عليه السلام يمسك التراب بيده -: ايمانا بك وتصديقا ببعثك،
هذا ما وعدنا الله ورسوله - إلى قوله: - وتسليما، هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله،
وبه جرت السنة (10).
وعن الرضا عليه السلام: ثم احث التراب عليه بظهر كفيك ثلاث مرات، وقل: اللهم
ايمانا بك وتصديقا بكتابك، هذا ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله، فإنه من
فعل ذلك وقال هذه الكلمات كتب الله له بكل ذرة حسنة (11).
(و) منها: (رفع القبر) عن الأرض ليعرف فيزار ويحترم ويترحم على

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 43، المختصر النافع: ص 14، المعتبر: ج 1 ص 300.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 20 س 8.
(3) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 264.
(4) المقنعة: ص 81.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 251.
(6) المبسوط: ج 1 ص 187.
(7) مصباح المتهجد: ص 20.
(8) المهذب: ج 1 ص 63.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 855 ب 29 من أبواب الدفن ح 4.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 854 ب 29 من أبواب الدفن ح 2.
(11) فقه الرضا: ص 171.
393

صاحبه، ولا ينبش وعليه الاجماع والنصوص.
وليرفع (أربع أصابع) باتفاق الأصحاب كما في المعتبر (1)، بل العلماء كما
في المنتهى (2)، مضمومة كما في خبر سماعة عن الصادق عليه السلام (3)، أو مفرجة كما
في خبر الحلبي وابن مسلم عنه عليه السلام (4)، وخبر ابن مسلم عن أحدهما عليهما السلام (5).
ونص على التخيير في المنتهى (6) والذكرى (7)، وأطلق في التحرير (8)
والارشاد (9) كالأكثر وكما هنا، والأخبار المطلقة كثيرة، واقتصر المفيد (10)
وسلا ر (11) والشيخ في الإقتصاد (12) والحلبيان (13) وابنا حمزة (14) وإدريس (15)
على المفرجات، وهو ظاهر التذكرة (16) ونهاية الإحكام (17).
ويكره الزائد كما في المنتهى (18) والتذكرة (19) ونهاية الإحكام (20)، ولعله
بمعناه ما في المقنعة (21) والاقتصاد (22) والكافي (23) والسرائر (24) من النهي عنه،
لقول أحدهما عليهما السلام في خبر ابن مسلم: ويلزق القبر بالأرض إلا قدر أربع أصابع

(1) المعتبر: ج 1 ص 301.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 462، س 14.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 856 ب 31 من أبواب الدفن ح 4.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 857 ب 31 من أبواب الدفن ح 6.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 848 ب 22 من أبواب الدفن ح 2.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 462 س 23.
(7) ذكرى الشيعة: ص 67 س 19.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 20 س 8.
(9) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 264.
(10) المقنعة: ص 81.
(1 1) المراسم: ص 51.
(12) الإقتصاد: ص 250.
(13) الكافي في الفقه: ص 239 والغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 19.
(14) الوسيلة: ص 68.
(15) السرائر: ج 1 ص 165.
(16) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 55، س 17.
(17) نهاية الإحكام: ج 2 ص 278.
(18) منتهى المطلب: ج 1 ص 462 س 23.
(19) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 55 س 16.
(20) نهاية الإحكام: ج 2 ص 278.
(21) المقنعة: ص 81.
(22) الإقتصاد: ص 250.
(23) الكافي في الفقه: ص 239.
(24) السرائر: ج 1 ص 165.
394

مفرجات (1). وقول الكاظم عليه السلام فيما رواه الصدوق في العيون عن عمر بن واقد:
ولا ترفعوا قبري أكثر من أربع أصابع مفرجات (2). وفي المنتهى: أنه فتوى
العلماء (3).
واستحب ابن زهرة قدر شبر أو أربع أصابع (4)، وكذا قال القاضي: يرفعه شبرا
أو قدر أربع أصابع (5)، لخبر إبراهيم بن علي والحسين بن علي الرافقي عن
الصادق عن أبيه عليهما السلام: إن قبر رسول الله صلى الله عليه وآله رفع شبرا من الأرض (6).
(و) منها: (تربيعه) المتضمن لتسطيحه وجعله ذا أربع زوايا قائمة.
أما التسطيح فهو مذهبنا، ويدل عليه أخبار التربيع، وقول أمير المؤمنين في
خبر الأصبغ: من حدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج من الاسلام (7). إن كان (حدد)
باهمال الحاء. وفيما أسنده البرقي في المحاسن عن السكوني: بعثني
رسول الله صلى الله عليه وآله إلى المدينة فقال: لا تدع صورة إلا محوتها، ولا قبرا إلا سويته،
ولا كلبا إلا قتلته (8). ولأبي الهياج الأسدي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول
الله صلى الله عليه وآله أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته (9). إن كان
الاشراف بمعنى التسنيم.
وأما الزوايا الأربع فلوصية أبي جعفر عليه السلام في خبر مولى آل سام: أن يربع
قبره (10). وقول أحدهما عليهما السلام في خبر ابن مسلم: وتربع (11) وقول الصادق عليه السلام

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 848 ب 22 من أبواب الدفن ح 2.
(2) عيون أخبار الرضا 7: ج 1 ص 84 ح 6.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 462 س 24.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 19.
(5) المهذب: ج 1 ص 63 و 64.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 857 ب 31 من أبواب الدفن ح 8.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 868 ب 43 من أبواب الدفن ح 1.
(8) محاسن البرقي: ص 613 ح 34.
(9) سنن أبي داود: ج 3 ص 215 ح 3218.
(10) إرشاد المفيد: ص 271.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 848 ب 22 من أبواب الدفن ح 2.
395

فيما أسنده الصدوق في الخصال عن الأعمش: والقبور تربع ولا تسنم (1). وفيما
أسنده في العلل عن الحسين بن الوليد عمن ذكره إذ سأله عليه السلام لأي علة تربع القبر؟
فقال: لعلة البيت، لأنه نزل مربعا (2).
(و) منها: (صب الماء عليه) للأخبار ولا فائدته التراب استمساكا لمنعه
عن التفرق بهبوب الرياح ونحوه. وفي المنتهى: وعليه فتوى العلماء (3)، وفي الغنية
الاجماع عليه (4). وقال الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: يتجافى عنه
العذاب ما دام الندى في التراب (5).
وروى الكشي في معرفة الرجال عن علي بن الحسن عن محمد بن الوليد: أن
صاحب المقبرة سأله عن قبر يونس بن يعقوب وقال: من صاحب هذا القبر؟ فإن
أبا الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام أمرني أن أرش قبره أربعين شهرا أو أربعين
يوما كل يوم مرة الشك من علي بن الحسن (6).
ويستحب أن يبدأ به (من قبل رأسه، ثم يدور عليه) من جوانبه الأربعة
إلى أن ينتهي إلى الرأس (وصب الفاضل) إن كان (على وسطه) قال
المحقق: وهو مذهب الأصحاب، ذكره الخمسة وأتباعهم (7). انتهى.
ويستحب استقبال الصاب القبلة كما في المنتهى (8) والفقيه (9) والهداية (10).
وينص على جميع ذلك قول الصادق عليه السلام في خبر موسى بن أكيل النميري:
السنة في رش الماء على القبر أن تستقبل القبلة، وتبدأ من عند الرأس إلى عند

(1) الخصال: ج 2 ص 604 من أبواب المائة فما فوقه قطعة من ح 9.
(2) علل الشيعة: ج 1 ص 305 ح 1.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 463 س 1.
(4) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 19.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 859 ب 32 من أبواب الدفن ح 2.
(6) رجال الكشي: ج 2 ص 685 رقم السلسلة 722 مع اختلاف يسير.
(7) المعتبر: ج 1 ص 302.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 463 س 5.
(9) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 172 ذيل الحديث 500.
(10) الهداية: ص 28.
396

الرجل، ثم تدور على القبر من الجانب الآخر ثم يرش على وسط القبر، فكذلك
السنة (1).
وقوله عليه السلام: (تدور) يحتمل الدور بالصب، كما فهمه الصدوق. وروي عن
الرضا عليه السلام: فيكون استقبال الصاب مستمرا ودوران الصاب (2)، كما يفهم من
المنتهى (3)، لاستحبابه الاستقبال ابتداء خاصة.
وزاد الصدوق في الكتابين: أن لا يقطع الماء حتى يتم الدورة (4)، وهو مروي
عن الرضا عليه السلام (5).
(و) منها: (وضع اليد عليه والترحم) على صاحبه، قال المحقق: وهو
مذهب فقهائنا (6).
ويستحب تفريج الأصابع والتأثير بها في القبر كما ذكرهما الشيخ (7) وجماعة.
وقال أبو جعفر عليه السلام في صحيح زرارة: إذا حثي عليه التراب وسوي قبره فضع
كفك على قبره عند رأسه وفرج أصابعك واغمز كفك عليه بعد ما ينضح بالماء (8).
وفي حسنه: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصنع بمن مات في بني هاشم خاصة شيئا
لا يصنعه بأحد من المسلمين، كان إذا صلى على الهاشمي ونضح قبره بالماء وضع
رسول الله صلى الله عليه وآله كفه على القبر حتى ترى أصابعه في الطين، فكان الغريب يقدم أو
المسافر من أهل المدينة فيرى القبر الجديد عليه أثر كف رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول:
من مات من آل محمد صلى الله عليه وآله (9). وقال الصادق عليه السلام في حسنه: إذا فرغت من القبر

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 859 ب 32 من أبواب الدفن ح 1.
(2) فقه الرضا عليه السلام: ص 171.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 463 س 6.
(4) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 172 ذيل الحديث 500، الهداية: ص 28.
(5) فقه الرضا عليه السلام: ص 171.
(6) المعتبر: ج 1 ص 302.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 252.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 860 ب 33 من أبواب الدفن ح 1.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 861 ب 33 من أبواب الدفن ح 4.
397

فانضحه ثم ضع يدك عند رأسه وتغمز يدك عليه بعد النضح (1). وقال الكاظم عليه السلام
لإسحاق بن عمار: ذاك واجب على من لم يحضر الصلاة عليه (2). يعني مسح
الأيدي على القبر.
ويستحب استقبال القبلة حينئذ كما في المهذب (3)، لأنه خير المجالس،
وأقرب إلى استجابة الدعاء. ويؤيده أن عبد الرحمن بن أبي عبد الله سأل
الصادق عليه السلام كيف أضع يدي على قبور المؤمنين؟ فأشار بيده إلى الأرض
ووضعها عليها ثم رفعها وهو مقابل القبلة (4).
وأما الترحم عليه حينئذ فذكره الأصحاب، ورواه محمد بن مسلم قال: كنت
مع أبي جعفر عليه السلام في جنازة رجل من أصحابنا، فلما أن دفنوه قام إلى قبره فحثا
التراب عليه مما يلي رأسه ثلاثا بكفه ثم بسط كفه على القبر، ثم قال: اللهم جاف
الأرض عن جنبيه، واصعد إليك روحه، ولقه منك رضوانا، واسكن قبره من
رحمتك ما تغنيه به عن رحمة من سواك ثم مضى (5). وفي خبر سماعة عن
الصادق عليه السلام: إذا سويت عليه التراب قل: اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وصعد
روحه إلى أرواح المؤمنين في عليين وألحقه بالصالحين (6).
(و) منها: (تلقين الولي) أو من يأمره (بعد الانصراف) إجماعا كما في
الغنية (7) والمعتبر (8) وظاهر المنتهى (9) والتذكرة (10) ونهاية الإحكام (11).

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 859 ب 32 من أبواب الدفن ح 4.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 860 ب 33 من أبواب الدفن ح 2.
(3) المهذب: ج 1 ص 64.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 861 ب 33 من أبواب الدفن ح 5.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 855 ب 29 من أبواب الدفن ح 3.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 846 ب 21 من أبواب الدفن ح 4.
(7) الغنية (ضمن الجوامع الفقهية): ص 502، س 18.
(8) المعتبر: ج 1 ص 303.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 463 س 21.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 55 س 24.
(11) نهاية الإحكام: ج 2 ص 279.
398

قال الباقر عليه السلام في خبر جابر: ما على أحدكم إذا دفن ميته وسوى عليه
وانصرف عن قبره أن يتخلف عند قبره، ثم يقول: يا فلان بن فلان أنت على العهد
الذي عهدناك به من شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله، وأن عليا
أمير المؤمنين عليه السلام إمامك وفلان وفلان، حتى تأتي إلى آخرهم، فإنه إذا فعل ذلك
قال أحد الملكين لصاحبه: قد كفينا الوصول إليه ومسألتنا إياه فإنه قد لقن،
فينصرفان عنه ولا يدخلان إليه (1).
وسمع يحيى بن عبد الله الصادق عليه السلام يقول: ما على أهل الميت منكم أن
يدرؤوا عن ميتهم لقاء منكر ونكير، قال: كيف يصنع؟ قال: إذا أفرد الميت
فليستخلف عنده أولى الناس به، فيضع فمه عند رأسه ثم ينادي بأعلى صوته
يا فلان بن فلان أو فلانة بنت فلان هل أنت على العهد الذي فارقتنا عليه من شهادة
أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله سيد النبيين، وأن عليا
أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وأن ما جاء به محمد حق، وأن الموت حق، وأن
البعث حق، وأن الله يبعث من في القبور، قال: فيقول منكر لنكير انصرف بنا عن هذا
فقد لقن حجته (2).
وذكر أبو الصلاح نحو ذلك وزاد بعد قوله: البعث حق قوله: والجنة حق،
والنار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، ثم قال: إذا أتاك الملكان وسألاك فقل:
الله ربي لا أشرك به شيئا، ومحمد نبيي، وعلي والحسن والحسين وفلان وفلان إلى
آخرهم أئمتي، والإسلام ديني، والقرآن شعاري، والكعبة قبلتي، والمسلمون
إخواني (3). وقريب منه في المهذب (4).
وفي مرسل إبراهيم بن هاشم الذي رواه الصدوق في العلل: ينبغي أن يتخلف
عند قبر الميت أولى الناس به بعد انصراف الناس عنه، ويقبض على التراب بكفه،

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 863 ب 35 من أبواب الدفن ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 862 ب 35 من أبواب الدفن ح 1.
(3) الكافي في الفقه: ص 239.
(4) المهذب: ج 1 ص 64.
399

ويلقنه ويرفع صوته، فإذا فعل ذلك كفى الميت المسألة في قبره (1).
وروى العامة (2): ليقم أحدكم عند رأسه ثم ليقل: يا فلان بن فلانة فإنه يسمع
ولا يجيب، ثم يقول: يا فلان بن فلان الثانية فيستوي قاعدا، ثم ليقل: يا فلان بن
فلانة فإنه يقول: أرشدنا إلى خير يرحمك الله ولكن لا تسمعون، فيقول: اذكر ما
خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك
رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا وبالقرآن كتابا، فإن منكرا ونكيرا
يتأخر كل واحد منهما، فيقول: انطلق فما يقعدنا عند هذا وقد لقن حجته، قيل:
يا رسول الله فإن لم يعرف اسم أمه، قال: فلينسبه إلى حواء وليلقنه.
(مستقبلا للقبر والقبلة) كما في السرائر (3)، لأن خير المجالس ما استقبل
فيه القبلة.
وفي الكافي (4) والمهذب (5) والجامع (6) استقبال وجه الميت واستدبار القبلة،
لأنه أنسب بالتلقين والتفهيم، والأخبار مطلقة، ولكل وجه.
وليلقنه (بأرفع صوته) كما في خبر يحيى بن عبد الله (7)، وبه عبر
الشيخان (8) وجماعة، وعبر الحلبي برفيع صوته (9) كما في خبر إبراهيم بن
هاشم (10)، ونحوه في الوسيلة (11) والجامع (12) والإشارة (13) والتحرير (14)، ويحتمل
اتحاد المعنى. هذا إن لم يمنع منه مانع من تقية أو غيرها، وإلا أجزاء سرا كما في

(1) علل الشرائع: ج 1 ص 308 ح 1.
(2) تلخيص الحبير: ج 2 ص 135.
(3) السرائر: ج 1 ص 165.
(4) الكافي في الفقه: ص 239.
(5) المهذب: ج 1 ص 64.
(6) الجامع للشرائع: ص 55.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 862 ب 35 من أبواب الدفن ح 1.
(8) المقنعة: ص 82، النهاية ونكتها: ج 1 ص 252.
(9) الكافي في الفقه: ص 239.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 863 ب 35 من أبواب الدفن ح 3.
(11) الوسيلة: ص 69.
(12) الجامع للشرائع: ص 55.
(13) إشارة السبق: ص 78.
(14) تحرير الأحكام: ج 1 ص 20 س 10.
400

المهذب (1) والجامع (2).
(والتعزية) مستحبة إجماعا واعتبارا ونصا، وهو كثير، وكان الأولى
إدخالها في اللواحق.
(وأقلها الرؤية له) كما في المبسوط (3) والسرائر (4) والمعتبر (5)، لقول
الصادق عليه السلام فيما أرسله الصدوق عنه: كفاك من التعزية أن يراك صاحب
المصيبة (6).
وهي مستحبة (قبل الدفن) باتفاق العلماء (وبعده) اتفاق ممن عدا
الثوري (7)، للعمومات، ولأن هشام بن الحكم رأى الكاظم عليه السلام يعزي قبل الدفن
وبعده (8). وقال الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: التعزية لأهل المصيبة بعدما
يدفن (9).
قال الشيخ في الخلاف (10) والاستبصار (11): إنها بعده أفضل. وهو خيرة
المعتبر (12) والتذكرة (13)، لظاهر هذا الخبر. وقول الصادق عليه السلام فيما أرسله
الصدوق: التعزية الواجبة بعد الدفن (14). ولأن الحاجة إليها بعد الدفن أشد، لغيبة
شخص الميت وفراغ المصابين عن مشاغل التجهيز.
قال الشهيد وأجاد: ولا حد لزمانها، عملا بالعموم. نعم لو أدت التعزية إلى

(1) المهذب: ج 1 ص 64.
(2) الجامع للشرائع: ص 55.
(3) المبسوط: ج 1 ص 189.
(4) السرائر: ج 1 ص 172.
(5) المعتبر: ج 1 ص 341.
(6) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 174 ح 505.
(7) المجموع: ج 5 ص 307.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 873 ب 47 من أبواب الدفن.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 873 ب 48 من أبواب الدفن ح 1.
(10) الخلاف: ج 1 ص 729 المسألة 556.
(11) الإستبصار: ج 1 ص 218 ذيل الحديث 770.
(12) المعتبر: ج 1 ص 342.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 58 س 33.
(14) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 174 ح 504.
401

تجديد حزن قد نسي كان تركها أولى، ثم احتمل التحديد بثلاثة أيام (1)، لأن في
الأخبار أن يصنع للميت للمأتم أو لأهله طعام ثلاثة أيام (2). إيماء إليه. وكذا في
قول الصادق عليه السلام: ليس لأحد أن يحد أكثر من ثلاثة أيام إلا المرأة على زوجها
حتى تقضي عدتها (3).
وفي الكافي: من السنة تعزية أهله ثلاثة أيام (4). وقال الصادق عليه السلام في خبر
إسحاق: ليس التعزية إلا عند القبر (5). وهو مع التسليم، يحتمل الحصر بالنسبة إلى
ما قبل ذلك.
وفي المبسوط: يكره الجلوس للتعزية يومين وثلاثة اجماعا (6). قال في
المختلف: واستحباب التعزية لا يستلزم استحباب الجلوس، لتغاير محل الفعلين (7).
وقال ابن إدريس: لم يذهب أحد من أصحابنا المصنفين إلى ذلك، ولا وضعه في
كتابه، وإنما هذا من فروع المخالفين وتخريجاتهم، وأي كراهة في جلوس
الانسان في داره للقاء إخوانه، والدعاء لهم، والتسليم عليهم، واستجلاب الثواب
لهم في لقائه وعزائه (8)؟!.
وأجاب المحقق بأن الاجتماع والتزاور وإن استحب لكن لخصوص هذه
الجهة يفتقر إلى الدلالة (9)، والشيخ استدل بالاجماع (10)، إذ لم ينقل عن أحد من
الصحابة والأئمة الجلوس لذلك، فاتخاذه مخالفة لسنة السلف، لكن لا يبلغ الحرمة.
والمصنف في المختلف بمنافاته الصبر والرضا بقضائه تعالى (11).

(1) ذكرى الشيعة: ص 70 س 16.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 888، ب 67 من أبواب الدفن.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 914 ب 82 من أبواب الدفن.
(4) الكافي في الفقه: ص 240.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 873 ب 48 من أبواب الدفن ح 2.
(6) المبسوط: ج 1 ص 189.
(7) مختلف الشيعة: ج 2 ص 321.
(8) السرائر: ج 1 ص 173.
(9) المعتبر: ج 1 ص 344.
(10) المبسوط: ج 1 ص 189.
(11) المختلف: ج 2 ص 320.
402

واستظهر الشهيد في الذكرى من أخبار اتخاذ المأتم أو إطعام لمأتم ثلاثة أيام،
إباحة الجلوس للتعزية ثلاثة (1). وقربها في البيان (2)، وقطع بها في الدروس (3).
قال: وشهادة الاثبات مقدمة، إلا أن يقال: لا يلزم من عمل المأتم الجلوس
للتعزية، بل هو مقصور على الاهتمام بأمور أهل الميت، لاشتغالهم بحزنهم، لكن
اللغة والعرف بخلافه، قال الجوهري: المأتم النساء يجتمعن، قال: وعند العامة
المصيبة، وقال غيره: المأتم المناحة، وهما مشعران بالاجتماع (4) انتهى.

(1) ذكرى الشيعة: كتاب الصلاة في التعزية ص 70 س 17.
(2) البيان: ص 31، س 11.
(3) الدروس: ج 1، ص 116.
(4) ذكرى الشيعة: ص 70 س 22.
403

(الفصل الخامس)
(في اللواحق)
(راكب البحر) أو النهر من الموتى (مع تعذر البر يثقل) كما في الفقيه (1)
والمقنعة (2) والنهاية (3) والمبسوط (4) والوسيلة (5) والسرائر (6)، لخبري أبي
البختري (7) وأبان (8) عن الصادق عليه السلام.
(أو يوضع في وعاء) ثقيل كخابية كما في الخلاف (9)، لخبر أيوب بن
الحر (10)، وحكى في الفقيه رواية (11)، وهو كما في المختلف: أوضح طريقا (12).
ويؤيده الاعتبار، فإنه يصون الميت عن الحيوانات، قال الشيخ: فإن لم يوجد

(1) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 157 ح 438.
(2) المقنعة: ص 86.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 257.
(4) المبسوط: ج 1 ص 181.
(5) الوسيلة: ص 69.
(6) السرائر: ج 1 ص 169.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 866 ب 40 من أبواب الدفن ح 2.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 867 ب 40 من أبواب الدفن ح 3.
(9) الخلاف: ج 1 ص 705 المسألة 501.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 866 ب 40 من أبواب الدفن ح 1.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 157 ح 439.
(12) مختلف الشيعة: ج 1 ص 410.
405

ماتت ومات ولدها في بطنها في مقابر المسلمين احتراما لولدها، ذكره الشيخان (1)
وجماعة، وفي الخلاف الاجماع عليه (2).
وفي التهذيب الاستدلال عليه بخبر أحمد بن أشيم عن يونس سأل
الرضا عليه السلام عن الرجل تكون له الجارية اليهودية أو النصرانية حملت منه ثم ماتت
والولد في بطنها ومات الولد أيدفن معها على النصرانية أو يخرج منها ويدفن على
فطرة الاسلام؟ فكتب عليه السلام: يدفن معها (3).
ونسبه المحقق في النافع إلى القيل (4)، وحكى في شرحه الاستدلال بالخبر،
واعترض بضعفه سندا ودلالة، ثم قال: الوجه أن الولد لما كان محكوما له بأحكام
المسلمين لم يجز دفنه في مقابر أهل الذمة، واخراجه مع موتها غير جائز، فتعين
دفنها معه، وقد يمنع عدم جواز اخراجه، إذ لا حرمة للكافرة (5). لكن في المنتهى:
وشق بطن الأم لاخراجه هتك لحرمة الميت، وإن كان ذميا لغرض ضعيف (6)،
وليس ببعيد، وقد يكون هتكا لحرمة الولد.
وهل يشترط في هذا الاستثناء موت الولد بعد ولوج الروح؟ ظاهر الشيخ (7)
وابن إدريس (8) ذلك وكلام المفيد (9) والفاضلين (10) مطلق.
وهل الحمل من زنا المسلم كذلك؟ اطلاقهم يقتضيه، ودليلهم ينفيه إلا
الاجماع إن ثبت مطلقا، لاختصاص الخبر بجارية المسلم (11)، والاحترام إنما هو
لتبعية المسلم، ولا تبعية إذا كان من زنا، مع احتمالها تغليبا للإسلام، لعموم كل
مولود يولد على الفطرة (12).

(1) المقنعة: ص 85، النهاية ونكتها: ج 1 ص 255.
(2) الخلاف: ج 1 ص 729 المسألة 557.
(3) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 334 ح 148.
(4) المختصر النافع: ص 14.
(5) المعتبر: ج 1 ص 292.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 464 س 28.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 255.
(8) السرائر: ج 1 ص 168.
(9) المقنعة: ص 85.
(10) المعتبر: ج 1 ص 292، منتهى المطلب: ج 1 ص 464 س 27.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 866 ب 39 من أبواب الدفن ح 2.
(12) عوالي اللآلي: ج 1 ص 35 ح 18.
406

وهل يختص الاستثناء بالذمية، كما تقتضيه العبارة وظاهر الأكثر؟ وجهان،
من اختصاص الخبر بها والمخالفة للأصل فيقتصر على اليقين، ومن عموم احترام
الولد، وهو ظاهر الخلاف (1)، للتعبير فيه بالمشركة، وقد يفرق بشق بطن غير
الكتابية واخراج الولد.
ثم الشيخ لم يعرف في الخلاف للعامة في المسألة نصا (2)، وفي المعتبر (3)
والتذكرة (4) موافقة عمر بن الخطاب لما ذهبنا إليه من الاستثناء، وعن أحمد: دفنها
بين مقبرتي المسلمين وأهل الذمة (5).
(و) إذا دفنت فلا بد أن (يستدبر بها القبلة) على جانبها الأيسر، ليستقبل
بالولد على الأيمن، لأن وجهه إلى ظهرها، قال في التذكرة: وهو وفاق (6). وهو
ظاهر الخلاف (7).
(ويكره فرش القبر بالساج) وغيره (لغير ضرورة) كما في الوسيلة (8)
وكتب المحقق (9)، لأنه اتلاف للمال بلا مستند شرعي، مع استحباب وضع خده
على التراب كما في الأخبار (10)، ومن الضرورة نداوة القبر، لأن علي بن بلال كتب
إلى أبي الحسن الثالث عليه السلام أنه ربما مات عندنا الميت وتكون الأرض ندية
فيفرش القبر بالساج أو يطبق عليه فهل يجوز ذلك؟ فكتب: ذلك جائز (11). وقال
الصادق عليه السلام في خبر يحيى بن أبي العلاء: ألقى شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وآله في
قبره القطيفة (12). وكان معناه ما روته العامة عن ابن عباس، قال: جعل في قبر

(1) الخلاف: ج 1 ص 730 المسألة 558.
(2) الخلاف: ج 1 ص 730 المسألة 558.
(3) المعتبر: ج 1 ص 293.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 38.
(5) المغني لابن قدامة: ج 2 ص 423.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 39.
(7) الخلاف: ج 1 ص 730 المسألة 558.
(8) الوسيلة: ص 69.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 43، المختصر النافع: ص 14، المعتبر: ج 1 ص 304.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 841 ب 19 من أبواب الدفن.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 853 ب 27 من أبواب الدفن ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 853 ب 27 من أبواب الدفن ح 2.
407

رسول الله صلى الله عليه وآله قطيفة حمراء (1).
وفي المبسوط: ويكره التابوت إجماعا، فإن كان القبر نديا جاز أن يفرش
بشئ من الساج أو ما يقوم مقامه (2). قال المحقق: يعني بذلك دفن الميت به، لأن
النبي صلى الله عليه وآله لم يفعله ولا الصحابة، ولو نقل عن بعضهم لم يكن حجة (3).
(و) يكره (إهالة ذي الرحم) التراب، لقول الصادق عليه السلام في خبر عبيد
بن زرارة لأبي الميت: لا تطرح عليه التراب، ومن كان منه ذا رحم فلا يطرح
عليه التراب، فإن رسول الله صلى الله عليه وآله نهى أن يطرح الوالد أو ذو رحم على ميته
التراب، ثم قال: أنها كم أن تطرحوا التراب على ذوي أرحامكم، فإن ذلك يورث
القسوة في القلب، ومن قسا قلبه بعد من ربه (4). قال المحقق: وعليه فتوى
الأصحاب (5).
(و) يكره (تجصيص القبور) لنحو قول الصادق عليه السلام: كل ما جعل على
القبر من غير تراب القبر فهو ثقل على الميت (6) ولقول الكاظم عليه السلام لأخيه علي: لا
يصلح البناء عليه ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه (7). وما في خبر المناهي
الذي رواه الصدوق في كتبه: من نهيه صلى الله عليه وآله أن تجصص المقابر (8). وما أسنده في
معاني الأخبار عن القاسم بن عبيد رفعه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه نهى عن تقصيص
القبور، قال: وهو التجصيص (9).
وزاد في المنتهى: إنه زينة أهل الدنيا (10)، وظاهره وصريح المبسوط (11)

(1) سنن البيهقي: ج 3 ص 408.
(2) المبسوط: ج 1 ص 187.
(3) المعتبر: ج 1 ص 346 و 300.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 855 ب 30 من أبواب الدفن ح 1.
(5) المعتبر: ج 1 ص 346 و 300.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 864 ب 36 من أبواب الدفن ح 3.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 869 ب 44 من أبواب الدفن ح 1.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 4 ص 4 ح 4968.
(9) معاني الأخبار: ص 279.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 463 س 31.
(11) المبسوط: ج 1 ص 187.
408

والتذكرة (1) ونهاية الإحكام (2) الاجماع، وهو يعم التجصيص الظاهر والباطن.
ويدل على الجواز، مع الأصل والاجماع خبر يونس بن يعقوب: أنه لما
رجع أبو الحسن موسى عليه السلام من بغداد ومضى إلى المدينة ماتت له ابنة بفيد فدفنها،
وأمر بعض مواليه أن يجصص قبرها، ويكتب على لوح اسمها، ويجعله في القبر (3).
وحمله المصنف في المنتهى (4) والتذكرة (5) على التطيين.
وفي المعتبر: إن مذهب الشيخ أنه لا بأس بالتجصيص ابتداء، وأن الكراهية
إنما هي الإعادة بعد الاندراس (6). والذي رأيته في النهاية (7) والمصباح (8)
ومختصره والمبسوط (9): أنه لا بأس بالتطيين ابتداء، بعد اطلاقه كراهية
التجصيص.
(و) يكره (تجديدها) بعد الاندراس، إن كان بالجيم كما في النهاية (10)
والمبسوط (11) والمصباح (12) ومختصره والسرائر (13) والمهذب (14) والوسيلة (15)
والإصباح (16)، أو هو بالحاء المهملة بمعنى تسنيمها، ويحتملهما قول أمير
المؤمنين عليه السلام في خبر الأصبغ: من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج عن
الاسلام (17). ويحتمل قتل المؤمن ظلما، فإنه سبب لتجديد قبر، إلى غير ذلك من
الاحتمالات المعروفة.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 19.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 284.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 864 ب 37 من أبواب الدفن ح 2.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 463 س 35.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 20.
(6) المعتبر: ج 1 ص 305.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 258.
(8) مصباح المتهجد: ص 22.
(9) المبسوط: ج 1 ص 187.
(10) النهاية ونكتها: ج 1 ص 258.
(11) المبسوط: ج 1 ص 187.
(12) مصباح المتهجد: ص 22.
(13) السرائر: ج 1 ص 171.
(14) المهذب: ج 1 ص 65.
(15) الوسيلة: ص 69.
(16) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 439.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 868 ب 43 من أبواب الدفن ح 1.
409

وقال المحقق: إن هذا الخبر رواه محمد بن سنان عن أبي الجارود عن
الأصبغ عن علي عليه السلام، ومحمد بن سنان ضعيف، وكذا أبو الجارود، فإذن الرواية
ساقطة، فلا ضرورة إلى التشاغل بتحقيق نقلها (1).
وذكر الشهيدان: اشتغال الأفاضل مثل الصفار وسعد بن عبد الله وأحمد بن
أبي عبد الله البرقي والصدوق والشيخين بتحقيق هذه اللفظة، مؤذن بصحة
الحديث عندهم وإن كان طريقه ضعيفا، كما في أحاديث كثيرة اشتهرت وعلم
موردها وإن ضعف إسنادها (2).
وعن محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد أنه قال: لا يجوز تجديد القبر، ولا
تطيين جميعه بعد مرور الأيام عليه، وبعد ما طين في الأول، ولكن إذا مات ميت
وطين قبره فجائز أن يرم سائر القبور من غير أن يجدد (3).
(و) يكره (المقام عندها) كما في النهاية (4) والمصباح (5) ومختصره
والمهذب (6) والوسيلة (7) والسرائر (8)، لقول الصادق عليه السلام في خبر إسحاق: ليس
التعزية إلا عند القبر، ثم ينصرفون لا يحدث في الميت حدث فيسمعون الصوت (9).
وفيما حكي عن المحاسن في قوله تعالى: (ولا يعصينك في معروف) المعروف أن
لا يشققن جيبا، ولا يلطمن وجها، ولا يدعون ويلا، ولا يقمن عند قبر، ولا
يسودن ثوبا، ولا ينشرن شعرا (10). وروى نحوه علي بن إبراهيم في تفسيره (11).

(1) المعتبر: ج 1 ص 304.
(2) ذكرى الشيعة: ص 69 س 34، روض الجنان: ص 319 س 2.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 189 ذيل الحديث 579.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 258.
(5) مصباح المتهجد: ص 22.
(6) المهذب: ج 1 ص 65.
(7) الوسيلة: ص 69.
(8) السرائر: ج 1 ص 171.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 873 ب 48 من أبواب الدفن ح 2.
(10) لم أعثر عليه ونقله عنه في مشكاة الأنوار: ص 203.
(11) تفسير علي بن إبراهيم: ج 2 ص 364.
410

وفي الخصال للصدوق في وصية النبي صلى الله عليه وآله: يا علي: ليس على النساء جمعة
ولا جماعة، ولا عيادة مريض، ولا اتباع جنازة، ولا تقيم عند قبر (1). ولما فيه من
السخط لقضائه تعالى، والاشتغال عن المصالح الأخروية والدنيوية، ولما في
طوله من زوال الاتعاظ.
قيل: ويجوز (2)، بل قد يستحب إذا تعلق به غرض صحيح، كتلاوة القرآن،
ودوام الاتعاظ.
وعن الصادق عليه السلام: أن فاطمة عليها السلام أوصت أمير المؤمنين عليه السلام فقالت: إذا أنا
مت فتول أنت غسلي، وجهزني وصل علي، وأنزلني قبري وألحدني، وسو التراب
علي، واجلس عند رأسي قبالة وجهي، فأكثر من تلاوة القرآن والدعاء، فإنها
ساعة يحتاج الميت فيها إلى أنس الأحياء (3). وعنه عليه السلام أنه: لما سوى عليها
التراب أمر بقبرها فرش عليه الماء، ثم جلس عند قبرها باكيا حزينا، فأخذ
العباس بيده فانصرف به (4).
(و) يكره (التظليل عليها) كما في النهاية (5) والمصباح (6) ومختصره
والوسيلة (7) والسرائر (8). ولعل المراد البناء عليها كما في المبسوط (9)
والإصباح (10) والمنتهى (11) والتذكرة (12) ونهاية الإحكام (13)، ولكن البناء يعم
المدر والوبر والأدم. ولعله أراده في المنتهى بقوله: والمراد بالبناء على القبر أن
يتخذ عليه بيت أو قبة.
والأخبار بالنهي عن البناء كثيرة، وفي المبسوط (14) والتذكرة (15) الاجماع

(1) الخصال: ج 2 ص 511 ح 2.
(2) جامع المقاصد: ج 1 ص 450.
(3) البحار: ج 79 ص 27 ح 13.
(4) البحار: ج 79 ص 27 قطعة من ح 13.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 258.
(6) مصباح المتهجد: ص 22.
(7) الوسيلة: ص 69.
(8) السرائر: ج 1 ص 171.
(9) المبسوط: ج 1 ص 187.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 463 س 36.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 463 س 36.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 22.
(13) نهاية الإحكام: ج 2 ص 284.
(14) المبسوط: ج 1 ص 187.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 22.
411

على كراهيته. وزاد في التذكرة والمنتهى (1) ونهاية الإحكام (2): أنه من زينة الدنيا،
وفي المنتهى: أن فيه تضييقا على الناس، ومنعا لهم عن الدفن.
ثم خصت الكراهة (3) في المبسوط بالمواضع المباحة، وفي المنتهى بالمباحة
المسبلة، قال: أما الأملاك فلا، والأخبار مطلقة.
ثم الوجه ما ذكره الشهيد (4) من استثناء قبور الأنبياء والأئمة:، للأطباق
على البناء عليها في جميع الأعصار، ولأنه أنسب بتعظيمهم وأصلح لزوارهم،
وكذا تجديد قبورهم. ولنحو قول النبي صلى الله عليه وآله في خبر أبي عامر البناني: يا علي! من
عمر قبوركم وتعاهدها فكأنما أعان سليمان بن داود على بناء بيت المقدس،
ومن زار قبوركم عدل ذلك له ثواب سبعين حجة بعد حجة الاسلام (5). الخبر.
(و) يكره (دفن ميتين) ابتداء (في قبر) كما في الوسيلة (6) والشرائع (7)
والنافع (8) وشرحه (9)، لما أرسل عنهم عليهم السلام: لا يدفن في قبر واحد اثنان (10).
ولاحتمال تأذي أحدهما بالآخر، أو افتضاحه عنده، ولكراهية جمعهما على
جنازة كما في المبسوط (11) والنهاية (12) والوسيلة (13) والمهذب (14) والجامع (15)،
فهذا أولى. ونهى ابن سعيد عن دفن ميتين في قبر إلا لضرورة.
أما حفر قبر فيه ميت مع العلم ليدفن فيه ميت آخر، ففي النهاية (16)

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 463، السطر الأخير.
(2) نهاية الإحكام: ج 2 ص 284.
(3) في س و ك و م: (الكراهية).
(4) ذكرى الشيعة: ص 49 س 10.
(5) وسائل الشيعة: ج 10 ص 298 ب 26 من أبواب المزار وما يناسبه ح 1.
(6) الوسيلة: ص 69.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 43.
(8) مختصر النافع: ص 14.
(9) المعتبر: ج 1 ص 306.
(10) أرسله الشيخ في المبسوط: ج 1 ص 155.
(11) لم نعثر عليه.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 257.
(13) الوسيلة: ص 69.
(14) المهذب: ج 1 ص 65.
(15) الجامع للشرائع: ص 57.
(6 1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 258.
412

والمبسوط (1) كراهيته أيضا، مع قوله في المبسوط: متى دفن في مقبرة مسبلة، لا
يجوز لغيره أن يدفن فيه إلا بعد اندراسها، ويعلم أنه صار رميما، وذلك على
حسب الأهوية والترب، فإن بادر انسان فنبش قبرا، فإن لم يجد فيه شيئا جاز أن
يدفن فيه، وإن وجد فيه عظاما أو غيرها رد التراب فيه ولم يدفن فيه شيئا (2).
قال المحقق: وهذا يدل على أنه أراد بالكراهية أولا التحريم، لأن القبر صار
حقا للأول بدفنه فيه، فلم يجز مزاحمته بالثاني (3).
ووافقه المصنف في التحريم في التذكرة (4) والنهاية (5) والمنتهى (6)
والتحرير (7)، قال: نعم لو كان في أزج وضع لجماعة جاز على كراهية. وقد
نوقش في صيرورته حقا للأول، وأما تحريم النبش فهو شئ آخر.
ولا إشكال في جواز الأمرين مع الضرورة، وقد روي: أمر النبي صلى الله عليه وآله يوم
أحد بجعل اثنين وثلاثة في قبر (8)، وتقديم أكثرهم قرآنا.
وفي المعتبر (9) والتذكرة (10) ونهاية الإحكام (11): تقديم الأفضل، وأنه
ينبغي جعل حاجز بين كل اثنين، ليشبها المنفردين. وفي المهذب: جعل الخنثى
خلف الرجل وأمام المرأة، وجعل تراب حاجز بينهما (12).
(و) يكره (النقل) من بلد الموت قبل الدفن، بإجماع العلماء كما في
التذكرة (13) ونهاية الإحكام (14)، للأمر بتعجيل التجهيز (إلا إلى أحد المشاهد)
فيستحب عندنا. قال الفاضلان: إن عليه عمل الأصحاب من زمن الأئمة عليهم السلام إلى
الآن، من غير تناكر، فهو إجماع منهم، قالا: ولأنه يقصد بذلك التمسك بمن له

(1) المبسوط: ج 1 ص 187 و 188.
(2) المبسوط: ج 1 ص 187 و 188.
(3) المعتبر: ج 1 ص 306.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 15.
(5) نهاية الإحكام: ج 2 ص 283.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 464 س 13.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 20 س 23.
(8) سنن البيهقي: ج 3 ص 413.
(9) المعتبر: ج 1 ص 338.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 34.
(11) نهاية الإحكام: ج 2 ص 286.
(12) المهذب: ج 1 ص 65.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 1.
(14) نهاية الإحكام: ج 2 ص 283.
413

أهلية الشفاعة، وهو حسن بين الأحياء توصلا إلى فوائد الدنيا، فالتوصل إلى
فوائد الآخرة أولى (1).
قلت: وقد روي في الكافي (2) والفقيه (3) والخصال (4) والعيون (5) وغيرها عن
الصادقين عليهما السلام: إن الله تعالى أوحى إلى موسى أن أخرج عظام يوسف من مصر.
وفي مجمع البيان (6) وقصص الأنبياء للراوندي عن محمد بن مسلم عن أبي
جعفر عليه السلام: لما مات يعقوب حمله يوسف في تابوت إلى أرض الشام، فدفنه في
بيت المقدس. وعن الغرية: قد جاء حديث يدل على رخصة في نقل الميت إلى
بعض مشاهد آل الرسول عليهم السلام إن وصى الميت بذلك.
وفي الجامع: لو مات بعرفة فالأفضل نقله إلى الحرم (7).
قلت: لخبر علي بن سليمان كتب إلى أبي الحسن عليه السلام يسأله عن الميت يموت
بمنى أو عرفات يدفن بعرفات أو ينقل إلى الحرم فأيهما أفضل؟ فكتب عليه السلام:
يحمل إلى الحرم ويدفن، فهو أفضل (8).
وقيد الشهيد استحباب النقل بالقرب إلى أحد المشاهد، وعدم خوف الهتك (9).
وبمعناه قول ابن إدريس: ما لم يخف عليه الحوادث (10). ثم قال: أما الشهيد
فالأولى دفنه حيث قتل، لما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: ادفنوا القتلى في مصارعهم (11).
انتهى.
هذا قبل الدفن، أما بعده فسيأتي.

(1) المعتبر: ج 1 ص 307، تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 2.
(2) الكافي: ج 8 ص 136 ح 144.
(3) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 193 ح 594.
(4) الخصال: باب الأربعة ج 1 ص 205 ح 21.
(5) عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 203 ح 18.
(6) مجمع البيان: ج 5، ص 266.
(7) الجامع للشرائع: ص 56.
(8) وسائل الشيعة: ج 9 ص 381 ب 44 من أبواب مقدمات الطواف وما يتبعها ح 2.
(9) ذكرى الشيعة: ص 64، السطر الأخير.
(10) السرائر: ج 1 ص 170.
(11) ذكرى الشيعة: ص 65 س 5.
414

(و) يكره (الاستناد إلى القبر والمشي عليه) كما في المبسوط (1)
والخلاف (2)، لأن فيهما استهانة بالميت، وحرمة المؤمن ميتا كحرمته حيا. وارشاد
النهي عن الجلوس عليه في خبر علي بن جعفر (3) وغيره إليه، وما روي عنه صلى الله عليه وآله:
لأن أطأ على جمرة أو سيف أحب إلي من أن أطأ على قبر مسلم (4).
وفي التذكرة: إنه قول علمائنا، وأكثر أهل العلم (5). ونسبه المحقق إلى الشيخ،
ومال إلى العدم، وقصر الكراهية على الجلوس الذي في نحو خبر علي بن جعفر،
ثم قال: على أنه لو قيل بكراهية ذلك كله - يعني الجلوس والمشي والاتكاء
عليه - كان حسنا، لأن القبر موضع العظة، فلا يكون موضع الاستهانة (6).
وقطع في المنتهى بكراهية الجلوس والاتكاء عليه، ونسب كراهية المشي
عليه إلى الشيخ، وذكر الرواية عنه صلى الله عليه وآله، لأن أمشي على جمرة أو سيف أو خصف
نعلي برجلي أحب إلي من أن أمشي على قبر مسلم. وما أرسله الصدوق عن
الكاظم عليه السلام قال: إذا دخلت المقابر فطأ القبور، فمن كان مؤمنا استروح إلى
ذلك، ومن كان منافقا وجد ألمه (7).
(ويحرم نبش القبر) إجماعا كما في التذكرة (8)، وفي المعتبر (9) ونهاية
الإحكام (10) بإجماع المسلمين، لأنه مثلة بالميت، وهتك لحرمته. ويحتمله
قوله عليه السلام: من جدد قبرا (11)، إن كان بالجيم أو بالخاء المعجمة. ويستثنى منها
مواضع قطعا،
منها: أن يبلى الميت، ولو شك رجع إلى أهل الخبرة. ويختلف باختلاف

(1) المبسوط: ج 1 ص 188.
(2) الخلاف: ج 1 ص 707 المسألة 507.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 869 ب 44 من أبواب الدفن ح 1.
(4) كنز العمال: ج 15 ص 649 ح 42569.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 26.
(6) المعتبر: ج 1 ص 305.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 468 س 23.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 3.
(9) المعتبر: ج 1 ص 308.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 280.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 868 ب 43 من أبواب الدفن ح 1.
415

الأهوية والترب.
ومنها: أن يدفن في مغصوب، وإن كان الأولى بالمالك الابقاء بأجرة
أو بغيرها.
ومنها: أن يكون في كفن مغصوب.
ومنها: أن يقع في القبر ما له قيمة وإن قلت، وفي نهاية الإحكام: الكراهة إذا
قلت (1).
ومنها: إذا احتيج إلى الشهادة على عينه إذا حصلها النبش ولم يعلم بغير (2)
الصورة عادة.
وفي مواضع وجهان، منها: ما لو كفن في حرير من كونه كالمغصوب،
وكذي القيمة الواقع في القبر فإنه غير مشروع، ومن أن الحق فيه لله، وحقوق
الآدميين أضيق.
ومنها: ما لو ابتلع ما له قيمة، فإن جاز شق جوفه لاخراجه جاز النبش، ولم
يجزه الشيخ في الخلاف (3) وقد يفرق بين كونه من ماله أو مال غيره، وبضمان
الوارث من ماله أو من التركة وعدمه.
ومنها: ما لو دفن إلى غير القبلة أو من غير غسل، ففي المنتهى النبش (4)، وفي
التذكرة (5) ونهاية الإحكام (6) احتماله، وفي الخلاف العدم (7)، لعدم التغسيل.
ومنها: ما لو دفن ولم يكفن أو لم يصل عليه، والوجه ما في التذكرة (8)
والمنتهى (9) ونهاية الإحكام (10) من العدم، لحصول الستر بالدفن، وجواز الصلاة
على القبر.

(1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 280.
(2) في الحجري: (تغير).
(3) الخلاف: ج 1 ص 730 المسألة 559.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 465 س 8.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 11.
(6) نهاية الإحكام: ج 2 ص 280.
(7) الخلاف: ج 1 ص 730 المسألة 560.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 11.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 465 س 12.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 280.
416

ومنها: ما إذا دفن في أرض مملوكة ثم باعها المالك، ففي المبسوط: أن
للمشتري نقل الميت منها (1)، والوجه العدم كما في المعتبر (2)، إلا أن لا يكون
الدفن بإذن البائع كما في التحرير (3) والتذكرة (4) والمنتهى (5).
(و) منها: ما إذا أريد (نقل الميت بعد دفنه) إلى أحد المشاهد، ففي
النهاية (6) والمبسوط (7) والمصباح (8) ومختصره ورود رخصة بالجواز، وفي
الأخير أن الأحوط العدم، وفي الأول أن الأصل العدم، وفي الثانيين أن الأفضل
العدم.
والوجه الحرمة كما هنا وفي التذكرة (9) والمنتهى (10) والتلخيص (11)
والمختلف (12) ونهاية الإحكام (13) والغرية والسرائر (14) والإصباح (15)
والذكرى (16) والبيان (17)، للعموم.
ويمكن أن يريد الشيخ بالرواية ما روي من نقل نوح آدم (18)، وموسى
يوسف (19)، ولا حجة فيهما، لجواز الاختصاص، وإمكان البلى، مع أن المنقول
أن آدم كان في تابوت فأخرج التابوت، ويوسف في صندوق مرمر.

(1) المبسوط: ج 1 ص 188.
(2) المعتبر: ج 1 ص 337.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 20 س 27.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 7.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 464 س 25.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 257.
(7) المبسوط: ج 1 ص 187.
(8) مصباح المتهجد: ص 22.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 3.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 464 س 4.
(11) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 269.
(12) مختلف الشيعة: ج 2 ص 324.
(3 1) نهاية الإحكام: ج 2 ص 283.
(14) السرائر: ج 1 ص 170.
(15) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 439.
(16) ذكرى الشيعة: ص 65 س 14.
(17) البيان: ص 32.
(18) كامل الزيارات: ص 38.
(19) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 193 ح 594.
417

وأطلق ابن حمزة كراهية النقل من قبر إلى قبر (1)، وأبو علي نفى البأس عن
التحويل (2)، لصلاح يراد بالميت.
(و) يحرم (شق ا لرجل الثوب على غير الأب والأخ) وفاقا للأكثر.
أما الحرمة فلكونه تضييعا للمال، واشعاره بعدم الرضا بقضاء الله سبحانه،
ولقوله صلى الله عليه وآله: ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب (3). وللعنه صلى الله عليه وآله الخامشة
وجهها والشاقة جيبها (4). وما مر من قول الصادق عليه السلام في قوله تعالى: (ولا
يعصينك في معروف): إن المعروف أن لا يشققن جيبا (5). الخبر. وما روي
عنه عليه السلام أنه أوصى فقال: لا يلطمن علي خد، ولا يشقن علي جيب، فما من امرأة
تشق جيبها إلا صدع لها في جهنم صدعا، كلما زادت زيدت (6).
وأما الاستثناء فللأخبار الناطقة بشق أبي محمد على أبيه عليهما السلام، وقوله: قد
شق موسى على هارون (7).
وحرمه ابن إدريس (8) مطلقا، لأصل الحرمة، وإطلاق الأخبار (9)، وجواز
اختصاص ما ورد من الشق بالأنبياء والأئمة عليهم السلام.
وقيد الرجل يشعر بجوازه للمرأة مطلقا كما في نهاية الإحكام (10)، وهو ظاهر
الشيخين (11)، لتخصيصها الحكم بالرجل. وفي التحرير: إنها تستغفر الله إذا
شقت (12). فيعطي الحرمة، وكذا عبارة المنتهى لقوله: يحرم ضرب الخدود ونتف

(1) الوسيلة: ص 69.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 2 ص 324.
(3) سنن البيهقي: ج 4 ص 63.
(4) مستدرك الوسائل: مسكن الفؤاد: ص 99.
(5) مشكاة الأنوار: ص 203.
(6) دعائم الاسلام: ج 1 ص 226.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 917 ب 84 من أبواب الدفن ح 5 و 7.
(8) السرائر: ج 1 ص 172.
(9) وسائل الشيعة: ج 15 ص 583 ب 31 من أبواب الكفارات.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 290.
(11) المقنعة: ص 573، النهاية ونكتها: ج 3 ص 69.
(12) تحرير الأحكام: ج 2 ص 109 س 29.
418

الشعور وشق الثوب، إلا في موت الأب والأخ، فقد سوغ فيهما شق الثوب
للرجل (1). وكذا أطلق ابن حمزة حرمة تخريق (2) الثياب لغير الأب والأخ (3)، وهو
قضية الأصل والعمومات.
وفي كفارات الجامع: لا بأس بشق الانسان ثوبه لموت أخيه ووالديه وقريبه،
والمرأة لموت زوجها (4). ويوافقه خبر حنان عن الصادق عليه السلام (5).
(و) يجب أن (يشق بطن الميتة لا خراج الولد الحي) للأخبار (6)
والاعتبار، وفي الخلاف: ولا أعرف فيه خلافا (7). وإن علم إمكان اخراجه بلا
شق ولا جناية عليه تعين كما في الذكرى (8)، وعن الشافعي (9) وأحمد (10) أن
القوابل يخرجنه من غير شق، فإن فقدن ترك حتى يموت، ثم تدفن الأم معه، بناء
على أن مثل هذا الولد لا يعيش عادة، فلا يهتك حرمة الأم لأمر موهوم.
ثم في الفقيه (11) والمقنعة (12) والنهاية (13) والمبسوط (14) والمهذب (15)
والسرائر (16) والجامع (17) والتحرير (18) والمنتهى (19) والتلخيص (20) ونهاية
الإحكام (21) والبيان (22) شق جانبها الأيسر، والأخبار خالية عنه. ولذا أطلق في

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 467 س 2.
(2) الوسيلة: ص 69.
(3) الوسيلة: ص 69.
(4) الجامع للشرائع: ص 419.
(5) وسائل الشيعة: ج 15 ص 583 ب 31 من أبواب الكفارات ح 1.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 673 و 674 ب 46 من أبواب الاحتضار.
(7) الخلاف: ج 1 ص 729 المسألة 557.
(8) ذكرى الشيعة: ص 43 س 5.
(9) راجع المغني لابن قدامة: ج 2 ص 413.
(10) الكافي في فقه أحمد: ج 1 ص 373.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 160.
(12) المقنعة: ص 87.
(13) النهاية ونكتها: ج 1 ص 255.
(14) المبسوط: ج 1 ص 180.
(15) المهذب: ج 1 ص 55.
(16) السرائر: ج 1 ص 169.
(17) الجامع للشرائع: ص 49.
(18) تحرير الأحكام: ج 1 ص 20 س 16.
(19) منتهى المطلب: ج 1 ص 435 س 6.
(20) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 270.
(21) نهاية الإحكام: ج 2 ص 281.
(22) البيان: ص 32.
419

الخلاف (1) كما هنا، واختاره المحقق (2) والشهيد في الذكرى (3).
(ثم يخاط) موضع الشق كما في المقنعة (4) والنهاية (5) والمبسوط (6)
والسرائر (7) والمهذب (8) والجامع (9) والشرائع (10)، ليسهل التغسيل، ولأنه
احترام لها، ولقول الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير، إذ سئل: أيشق بطنها
ويخرج الولد؟ فقال: نعم ويخاط بطنها (11). وموقوف ابن أذينة: يخرج الولد
ويخاط بطنها (12).
ونسب في النافع إلى رواية (13)، وفي المعتبر: وإنما قلنا: وفي رواية ويخاط
الموضع، لأنها رواية ابن أبي عمير عن ابن أذينة موقوفة عليه، فلا يكون حجة ولا
ضرورة إليه، لأن مصيرها إلى البلى (14). ورده الشهيد بأن الظاهر أن عظماء ثقات
أصحاب الأئمة عليهم السلام لا يقولون مثل ذلك إلا عن توقيف (15).
(ولو انعكس) الأمر وخيف على الأم (أدخلت القابلة يدها)
وأخرجته صحيحا إن أمكن، (و) إلا (قطعته وأخرجته) قطعة قطعة بالاعتبار
والاجماع كما في الخلاف (16). وإن لم توجد امرأة فرجل، لأنه موضع ضرورة،
ولقول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر وهب: لا بأس أن يدخل الرجل يده فيقطعه
ويخرجه إذا لم ترفق به النساء (17). ومن البين تقدم المحارم على الأجانب،
والزوج على الجميع، بل على النساء.

(1) الخلاف: ج 1 ص 729 المسألة 557.
(2) المعتبر: ج 1 ص 315.
(3) ذكرى الشيعة: ص 43 س 3.
(4) المقنعة: ص 87.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 255.
(6) المبسوط: ج 1 ص 180.
(7) السرائر: ج 1 ص 169.
(8) المهذب: ج 1 ص 55.
(9) الجامع للشرائع: ص 49.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 44.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 673 ب 46 من أبواب الاحتضار ح 1.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 674 ب 46 من أبواب الاحتضار ح 7.
(13) مختصر النافع: ص 15.
(14) المعتبر: ج 1 ص 316.
(15) ذكرى الشيعة: ص 43 س 4.
(16) الخلاف: ج 1 ص 729 المسألة 557.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 673 و 674 ب 46 من أبواب الاحتضار ح 3.
420

والوجه ما في المعتبر من أنه إن أمكن التوصل إلى اسقاطه صحيحا بعلاج
فعل، وإلا توصل إلى اخراجه بالأرفق فالأرفق (1). ولعله مراد للأصحاب وإن لم
يصرحوا به.
(والشهيد يدفن بثيابه) وجوبا عندنا، والأخبار (2) به كثيرة، وجوز
الشافعي (3) وأحمد (4) التكفين بغيرها.
(وينزع عنه الخفان وإن أصابهما الدم) كما في المقنعة (5) والغنية (6)
والشرائع (7) والمعتبر (8) والنهاية (9) والمبسوط (10) والمهذب (11)، لخروجهما عن
الثياب عرفا، فدفنهما تضييع لم يعتبره الشرع.
وفي المراسم (12) والوسيلة (13) وا لسرائر (14): أنهما لا ينزعان إن أصابهما الدم،
لعموم الأخبار بدفنه في دمائه. وفيه أن المعنى النهي عن التغسيل، فإن من
المعلوم أن العموم غير مراد لنزع السلاح عنه.
وأما قول أمير المؤمنين عليه السلام في خبر زيد: ينزع عن الشهيد الفرو والخف
والقلنسوة والعمامة والمنطقة والسراويل إلا أن يكون أصابه دم، فإن أصابه دم
ترك (15). فمع التسليم يحتمل عود الضمير على السراويل.
وفي الخلاف (16) والمعتبر (17): نزع الجلود منه، لخروجها عن الثياب عرفا،

(1) المعتبر: ج 1 ص 316.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 698 - 701 ب 14 من أبواب غسل الميت.
(3) المجموع: ج 5 ص 263.
(4) الكافي في فقه أحمد: ج 1 ص 358.
(5) المقنعة: ص 84.
(6) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 18.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 43.
(8) المعتبر: ج 1 ص 313.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 253.
(10) المبسوط: ج 1 ص 181.
(11) المهذب: ج 1 ص 55.
(12) المراسم: ص 45.
(13) الوسيلة: ص 63.
(14) السرائر: ج 1 ص 166.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 701 ب 14 من أبواب غسل الميت ح 10.
(16) الخلاف: ج 1 ص 710 المسألة 514.
(17) المعتبر: ج 1 ص 313.
421

ولأمره صلى الله عليه وآله بنزعها عن قتلى أحد. وفي النافع: نزع الخفين والفرو (1). وفي
المقنعة (2) والغنية (3): نزع الفرو والقلنسوة والسراويل إن لم يصبها دم. وفي
المراسم: نزع السراويل والقلنسوة والخف إن لم يصبها دم (4).
وعن أبي علي (5) أيضا: خلع السراويل إن لم يصبه دم، ودليله خبر زيد (6)،
وخيرة المعتبر العدم (7)، لكونه من الثياب، وهو أحوط، وإن احتمل الأمر بالدفن
في الثياب النهي عن التبديل بالأكفان لا تعميم الثياب.
وقال علي بن بابويه: لا ينزع منه شيئا من ثيابه، إلا الخف والفرو والمنطقة
والقلنسوة والعمامة والسراويل، فإن أصاب شيئا من ثيابه دم لم ينزع عنه شئ (8).
فيحتمل ثيابه العموم، للستة، واختصاصها بما عدا الأول أو الأولين أو الثلاثة
الأول.
و (سواء) فيما ذكر وغيره من أحكامه (قتل بحديد أو غيره) كان عليه
أثر قتل أو لا، للعموم، خلافا لأبي علي (9) فيمن ليس به أثر قتل، لانتفاء العلم
بالشهادة، مع أصل وجوب الغسل.
(ومقطوع الرأس) إذا غسل (يبدأ في الغسل برأسه) فيغسل عنه الدم،
ثم يصب عليه الماء للغسل، (ثم ببدنه في كل غسلة) للعمومات، وخصوص
ما تسمعه من الخبر.
(ويوضع مع البدن في الكفن بعد وضع القطن على الرقبة والتعصيب)
حفظا من خروج الدم، (فإذا دفن تناول المتولي) للدفن (الرأس مع البدن)

(1) المختصر النافع: ص 14.
(2) المقنعة: ص 84.
(3) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 501 س 18.
(4) المراسم: ص 45.
(5) حكاه عنه العلامة في مختلفه: ج 1 ص 402.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 701 ب 14 من أبواب غسل الميت ح 10.
(7) المعتبر: ج 1 ص 312.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 402.
(9) المصدر السابق.
422

فدفنه معه.
(والمجروح بعد) إزالة الدماء عنه و (غسله تربط جراحاته بالقطن
والتعصيب) عن العلاء بن سيابة أنه سئل الصادق عليه السلام وهو حاضر، عن رجل
قتل فقطع رأسه في معصية الله تعالى أيغسل أم يفعل به ما يفعل بالشهيد؟ فقال: إذا
قتل في معصية يغسل أولا منه الدم، ثم يصب عليه الماء صبا، ولا يدلك جسده،
ويبدأ باليدين والدبر، ويربط جراحاته بالقطن والخيوط، وإذا وضع عليه القطن
عصب، وكذلك موضع الرأس - يعني الرقبة - ويجعل له من القطن شئ كثير،
ويذر عليه الحنوط، ثم يوضع القطن فوق الرقبة، وإن استطعت أن تعصبه فافعل.
قال العلاء: قلت: فإن كان الرأس قد بان من الجسد وهو معه كيف يغسل؟ فقال:
يغسل الرأس، إذا غسل اليدين والسفلة بدئ بالرأس، ثم بالجسد، ثم يوضع القطن
فوق الرقبة ويضم إليه الرأس ويجعل في الكفن، وكذلك إذا صرت إلى القبر تناولته
مع الجسد وأدخلته اللحد ووجهته للقبلة (1).
(والشهيد الصبي أو المجنون كالعاقل) الكامل عندنا، للعموم، ولأنه
كان في قتلى بدر واحد والطف أطفال، ولم ينقل غسلهم، خلافا لأبي حنيفة (2).
(وحمل ميتين على جنازة بدعة) كما في النهاية (3) والسرائر (4)، وفيهما
أنه لا يجوز. فظاهرهما الحرمة كظاهر الكتاب. ولعل دليلهما كونه بدعة، إذ لم
يعهد من زمن النبي صلى الله عليه وآله إلى الآن.
وصريح الوسيلة (5) والمعتبر (6) والتذكرة (7) والمختلف (8) والمنتهى (9) ونهاية
الإحكام (10) الكراهية، وعليها حمل المحقق كلام الشيخ، واستدل عليها

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 701 ب 15 من أبواب غسل الميت ح 1.
(2) المجموع: ج 5 ص 266.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 257.
(4) السرائر: ج 1 ص 170.
(5) الوسيلة: ص 69.
(6) المعتبر: ج 1 ص 305.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 56 س 16.
(8) مختلف الشيعة: ج 2 ص 319.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 447 س 2.
(10) نهاية الإحكام: ج 2 ص 283.
423

بالشناعة (1).
وفي المهذب: لا يحمل ميتان على جنازة واحدة إلا لضرورة (2). وقال
الجعفي: لا يحمل ميتان على نعش واحد (3). ونحوه في الجامع (4). وهذه
العبارات يحتمل الأمرين.
وكتب الصفار إلى أبي محمد عليه السلام: أيجوز أن يجعل الميتين على جنازة واحدة
في موضع الحاجة وقلة الناس؟ وإن كان الميتان رجلا وامرأة يحملان على سرير
واحد ويصلى عليهما؟ فوقع عليه السلام: لا يحمل الرجل والمرأة على سرير واحد (5).
(ولا) يجوز أن (يترك المصلوب على خشبته أكثر من ثلاثة أيام)
للأخبار والاجماع كما في الخلاف (6). (ثم ينزل ويدفن بعد تغسيله) إن لم
يكن اغتسل، (و) كذا (تكفينه).
(و) أما (الصلاة عليه) فبعد الإنزال، لوجوب الهيئة المعلومة مع الامكان،
فإن لم يمكن الإنزال فقال الرضا عليه السلام لأبي هاشم الجعفري: إن كان وجه
المصلوب إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن، وإن كان قفاه إلى القبلة فقم على
منكبه الأيسر، فإن بين المشرق والمغرب قبلة، وإن كان منكبه الأيسر إلى القبلة
فقم على منكبه الأيمن، وإن كان منكبه الأيمن إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر،
وكيف كان منحرفا فلا تزايلن مناكبه، وليكن وجهك إلى ما بين المشرق
والمغرب، ولا تستقبله ولا تستدبره البتة (7). وأفتى بمضمونه ابن سعيد (8).
وقال الحلبيان: يصلي على المصلوب، ولا يستقبل وجهه الإمام في

(1) المعتبر: ج 1 ص 305.
(2) المهذب: ج 1 ص 65.
(3) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 53 س 18.
(4) الجامع للشرائع ص 57.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 868 ب 42 من أبواب الدفن.
(6) الخلاف: ج 5 ص 462 المسألة 5.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 812 ب 35 من أبواب صلاة الجنازة ح 1.
(8) الجامع للشرائع: ص 122.
424

التوجه (1). فكأنهما عاملان به. ونفي في المختلف البأس عن العمل به (2).
وقال الصدوق في العيون: إنه حديث غريب، لم أجده في شئ من الأصول
والمصنفات (3). قال الشهيد: إلا أنه ليس له معارض ولا راد (4).
قلت: المعارض ما دل على استقبال المصلي القبلة، والراد له وإن لم يوجد
لكن الأكثر لم يذكروا مضمونه في كتبهم، كما اعترف به.
وحكى ابن إدريس عن بعض الأصحاب استقبال المصلي وجه المصلوب
واستدباره القبلة. قال الشهيد: هذا النقل لم نظفر به (5).
تتمة
(يجب الغسل) وفاقا للأكثر، للأخبار من غير معارض (على من مس
ميتا من الناس بعد برده بالموت، وقبل تطهيره بالغسل) خلافا للسيد (6)، بناء
على الأصل، وقول الصادق عليه السلام في خبر سعد بن أبي خلف: الغسل في أربعة عشر
موطنا، واحد فريضة والباقي سنة (7). الخبر. وهو بعد التسليم والمعارضة يحتمل
خروج وجوبه عن نص الكتاب احتمالا ظاهرا. وتطهيره يعم تطهير نفسه قبل
الموت. ويخرج المعصوم والشهيد فإنهما طاهران، ولفظة (قبل) أيضا يخرج
الشهيد، وفيهما كلام يأتي إن شاء الله.
(وكذا القطعة ذات العظم منه) أو من حي كما في الفقيه (8) والنهاية (9)

(1) الكافي في الفقه: ص 157، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 502 س 12.
(2) مختلف الشيعة: ج 2 ص 303.
(3) عيون أخبار الرضا: ج 1 ص 200 ح 8.
(4) ذكرى الشيعة: ص 61 س 17.
(5) ذكرى الشيعة: ص 61 س 20.
(6) جمل العلم والعلم (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 25.
(7) وسائل الشيعة: ج 1 ص 464 ب 1 من أبواب الجنابة ح 11.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 143 ذيل الحديث 400.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 253.
425

والمبسوط (1) والخلاف (2) والسرائر (3) والإصباح (4) والجامع (5) والشرائع (6)
والنافع (7)، وإن فرضت في الفقيه (8) والسرائر (9) والشرائع (10) من الميت خاصة،
وفي الإصباح من الحي (11)، لوجوب الغسل بمسها مع الاتصال، وهو في القطعة من
الميت أوضح، ولقول الصادق عليه السلام في مرسل أيوب بن نوح: إذا قطع من الرجل
قطعة فهي ميتة فإذا مسه انسان فكل ما كان فيه عظم فقد وجب على من يمسه
الغسل، فإن لم يكن فيه عظم فلا غسل عليه (12). وظاهره القطعة من الحي. وفي
الخلاف الاجماع (13)، وتوقف المحقق في المعتبر، لارسال الخبر، ومنع الاجماع،
خصوصا. والسيد لا يوجبه بالمس مطلقا والأصل، قال: وإن قلنا بالاستحباب
كان تفصيا من إطراح قول الشيخ والرواية (14). وجعله الشهيد إحداث قول ثالث،
لانحصار الأصحاب في الموجب والنافي مطلقين (15).
وفي المقنع (16) والفقيه (17): لا بأس بأن تمس عظم الميت إذا جاوز سنة. وهو
مضمون خبر إسماعيل الجعفي سأل الصادق عليه السلام عن مس عظم الميت، قال: إذا
جاوز سنة فليس به بأس (18).

(1) المبسوط: ج 1 ص 182.
(2) الخلاف: ج 1 ص 701 المسألة 490.
(3) السرائر: ج 1 ص 167.
(4) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 436.
(5) الجامع للشرائع: ص 24.
(6) لم نعثر عليه.
(7) المختصر النافع: ص 15.
(8) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 143 ذيل الحديث 400.
(9) السرائر: ج 1 ص 168.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 52.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 437.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 931 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 1.
(13) الخلاف: ج 1 ص 701 المسألة 490.
(14) المعتبر: ج 1 ص 352 - 353.
(15) ذكرى الشيعة: ص 79، س 3.
(16) المقنع: ص 5 ص 7.
(17) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 73 ذيل الحديث 167.
(18) وسائل الشيعة: ج 2 ص 931 ب 2 من أبواب غسل الميت ح 2.
426

وكأنه بمعنى عدم وجوب الغسل بمسه، كما قال أبو علي: أنه يجب بمس
قطعة أبينت من حي ما بينه وبين سنة (1). أو عدم وجوب الغسل - بالفتح -.
وعلى الأول يعطى مساواة العظم للقطعة ذات العظم في إيجاب مسه الغسل
لكن إلى سنة. وفيه قولان:
فمقرب التذكرة العدم (2)، اقتصارا في خلاف الأصل على المنصوص المفتى
به.
ومقرب الذكرى (3) والدروس (4) الوجوب، لدورانه معه وجودا وعدما، قال:
ويمكن الالتفاف إلى طهارته، فلا يفيد غيره نجاسته، قال: ونحن نمنع طهارته قبل
الغسل الشرعي، لأنه ينجس بالاتصال. نعم لو أوضح العظم في حال الحياة وطهر
ثم مات فمسه فالاشكال أقوى، لأنه لا يحكم بنجاسة هذا العظم حينئذ، ولو غلبنا
جانب الحكم توجه وجوب الغسل، وهو أقرب. أما على هذا فظاهر، وأما على
النجاسة العينية فيمكن القول بنجاسته - تبعا للميت عينا - ويطهر بالغسل، قال: أما
السن والضرس فالأولى القطع بعدم وجوب الغسل بمسهما، لأنهما في حكم الشعر
والظفر، هذا مع الانفصال، ومع الاتصال يمكن المساواة، لعدم نجاستها بالموت
والوجوب، لأنهما (5) من جملة يجب الغسل بمسها. انتهى.
وفي المنتهى في التقييد بالسنة نظر. ويمكن أن يقال: إن العظم لا ينفك من
بقايا الأجزاء، وملاقات أجزاء الميتة منجسة وإن لم تكن رطبة، أما إذا جاز عليه
سنة فإن الأجزاء المية تزول عنه ويبقى العظم خاصة، وهو ليس بنجس إلا من
نجس العين (6).
(ولو خلت) القطعة (من العظم، أو كان الميت من غير الناس، أو

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 315.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 59 س 37.
(3) ذكرى الشيعة: ص 79 س 24.
(4) الدروس الشرعية: ج 1 ص 117 س 16.
(5) في ص و ك و م: (لأنها).
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 165 س 19.
427

منهم قبل البرد وجب غسل اليد) بل ما مسه به (خاصة) أما عدم الغسل
فعليه الاجماع والأخبار والأصل.
وأما وجوب غسل ما مسه، أما في الأولين مع الرطوبة فلعله إجماع، إلا في
نحو ما ينفصل من البثورات والثآليل من بدن الانسان، فقد مر الخلاف فيه. وأما
في الثالث فهو فتوى المبسوط (1) ومقرب التذكرة (2)، وهو الأقوى، لعموم ما دل
على نجاسة الميت ذي النفس مطلقا أو الآدمي منه، والاجماع على نجاسته
بخصوصه كما في الخلاف (3) وا لمعتبر (4) وغيرهما، وعموم نحو حسن الحلبي
سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يصيب ثوبه جسد الميت، فقال: يغسل ما أصاب
الثوب (5). وخبر إبراهيم بن ميمون: سأله عليه السلام عن رجل يقع ثوبه على جسد
الميت، قال: إن كان غسل فلا تغسل ما أصاب ثوبك منه، وإن كان لم يغسل
فاغسل ما أصاب ثوبك منه (6). قال الراوي: يعني إذا برد الميت.
وخصوص توقيع صاحب الأمر عليه السلام حيث كتب إليه محمد بن عبد الله
الحميري: الراوي: روي لنا عن العالم عليه السلام أنه سئل عن إمام صلى بقوم بعض
صلاتهم وحدثت عليه حادثة كيف يعمل من خلفه؟ فقال: يؤخر ويتقدم بعضهم
ويتم صلاتهم ويغتسل من مسه، فوقع عليه السلام: ليس على من مسه إلا غسل اليد (7).
وكتب إليه: وروي لنا عن العالم عليه السلام: أن من مس ميتا بحرارته غسل يده، ومن
مسه وقد برد فعليه الغسل، وهذا الميت في هذه الحالة لا يكون إلا بحرارته،
فالعمل في ذلك على ما هو ولعله ينحيه بثيابه ولا يمسه، فكيف يجب عليه الغسل؟
فوقع عليه السلام: إذا مسه في هذه الحال لم يكن عليه إلا غسل يده (8).

(1) المبسوط: ج 1 ص 179.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 59 س 33.
(3) الخلاف: ج 1 ص 700 المسألة 488.
(4) المعتبر: ج 1 ص 348.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1050 ب 34 من أبواب النجاسات ح 2.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1050 ب 34 من أبواب النجاسات ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 932 ب 3 من أبواب غسل المس ح 4.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 932 ب 3 من أبواب غسل المس ح 5.
428

وفتوى الجامع (1) ومقرب الذكرى (2) والدروس (3): العدم، للأصل، وعدم
القطع بالنجاسة حينئذ لعدم القطع بالموت، بل الظاهر تلازم النجاسة ووجوب
الغسل بالمس.
وفي المنتهى (4) ونهاية الإحكام (5): إن في الوجوب نظرا.
(ولا تشترط الرطوبة هنا) في وجوب الغسل أو الغسل، أما الأول فهو
ظاهر الأخبار والأصحاب، وأما الثاني فقد مر الكلام فيه في النجاسات.
(والظاهر أن النجاسة هنا) أي مع الملاقاة باليبوسة، أو نجاسة الميت
المتعدية مع اليبوسة (حكمية) لا يتعدى.
(فلو مسه بغير رطوبة ثم لمس رطبا لم ينجس) للأصل، خالفناه فيما
لاقى الميت، لعموم أدلته والفتاوى، فيبقى الباقي على أصله، وهو خيرة ابن
إدريس (6). ونسب إليه حكمية نجاسته مطلقا، بمعنى أن لو مسه برطوبة ثم لمس
رطبا لم ينجس أيضا، ولا يدل كلامه عليه.
(ولو مس المأمور بتقديم غسله بعد قتله) لذلك السبب، وتقديمه
غسله (أو الشهيد لم يجب الغسل) - بالضم ولا بالفتح - للأصل، وطهارتهم،
وتضمن أكثر الأخبار اغتسال مغسله أو من مسه قبل الغسل. والغسل يعم المتقدم،
والقبلية ظاهرة فيمن يغسل، ولا بعد في الطهارة بالغسل المتقدم، وقد يمنع الطهارة
خصوصا في الشهيد، ثم استلزامها سقوط الغسل بالمس مع كثرة الأخبار المطلقة.
ونص ابن إدريس على وجوب الغسل بمس من قدم غسله لنجاسته
بالموت (7)، وتوقف في المنتهى (8).

(1) الجامع للشرائع: ص 23.
(2) ذكرى الشيعة: ص 79 س 18.
(3) الدروس الشرعية: ج 1 ص 117 درس 16.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 128 س 6.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 172.
(6) السرائر: ج 1 ص 163.
(7) السرائر: ج 1 ص 167.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 128 س 11.
429

أما المعصوم فلا امتراء في طهارته، ولذا قيل: بسقوط الغسل عمن مسه (1)،
لكن لي فيه نظر، للعمومات، وخصوص نحو خبر الحسين بن عبيد كتب إلى
الصادق عليه السلام: هل اغتسل أمير المؤمنين عليه السلام حين غسل رسول الله صلى الله عليه وآله عند
موته؟ فقال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله طاهرا مطهرا، ولكن فعل أمير المؤمنين عليه السلام
وجرت به السنة (2).
(بخلاف من يمم) فإن مسه يوجب الغسل، للعمومات، وخصوص ما
نطق من الأخبار بالغسل إذا مسه قبل الغسل (3)، ولبقائه على النجاسة. ولذا يغسل
- لو أمكن - بعده قبل الدفن.
(و) بخلاف (من) وجب قتله فاغتسل، ثم (سبق موته قتله) أو قتل لا
لذلك السبب، لعدم إجزاء ما قدمه.
(و) بخلاف (من غسله كافر) بأمر المسلم أولى به، بناء على أنه ليس
من الغسل في شئ.
(ولو كمل غسل الرأس فمسه قبل إكمال الغسل) لجميع البدن، (لم
يجب الغسل) لطهارته وكمال الغسل بالنسبة إليه. ويحتمل - كما في الذكرى -
الوجوب (4)، للعمومات وصدق المس قبل الغسل، لأن جزه ليس غسلا، ومنع
طهارته قبل كماله.
(ولا فرق) في وجوب غسل المس (بين كون الميت مسلما أو
كافرا) للعمومات والأولوية، إلا أن الكافر لا يفيده التغسيل شيئا. واحتمل العدم
في التحرير (5) والمنتهى (6) ونهاية الإحكام (7)، لمفهوم ما قيد من الأخبار غسل
المس بما قبل الغسل، وهو ضعيف.

(1) مسالك الأفهام: ج 1 ص 121.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 928 ب 1 من أبواب غسل المس.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 927 ب 1 من أبواب غسل المس.
(4) ذكرى الشيعة: ص 79 س 21.
(5) تحرير الأحكام: ج 1 ص 21 س 9.
(6) منتهى المطلب: ص 128 س 11.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 173.
430

(المقصد العاشر)
(في التيمم)
(وفصوله أربعة:)
431

(الأول)
(في مسوغاته)
إذا كان بدلا اضطراريا، (ويجمعها شئ واحد، وهو العجز عن استعمال
الماء) رأسا أو بمشقة، تسوغ (1) تركه شرعا.
(وللعجز أسباب ثلاثة):
(الأول: عدم الماء) السائغ له استعماله الكافي، لما عليه من الطهارة عنده،
مع طلبه الواجب شرعا، أو سقوطه لتعذره عقلا أو شرعا، أو علمه بالعدم. وعليه
النص وإجماع العلماء.
(ويجب معه) أي عدمه عنده (الطلب) مع الامكان، وعدم التضرر
باستعماله بالاتفاق والنصوص (2)، خلافا لأبي حنيفة (3) ولأحمد (4) في رواية في
رحله وعند أصحابه وعند أمارة تدل عليه من خضرة وقصد طير ونحوهما، وإذا
دل عليه في جهة فإن فقد الجميع ضرب في الأرض (غلوة سهم) أي رمية.
وأبعد ما يقدر عليه المعتدل القوة مع اعتدال السهم والقوس وسكون الهواء

(1) في الحجري: (ليسوغ).
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 963 ب 1 من أبواب التيمم ح 1 و 2.
(3) المبسوط: ج 1 ص 110.
(4) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 236.
433

(في) الأرض (الحزنة) المشتملة على علو وهبوط يوجبان عسر السلوك
ويحجبان الماء.
(و) غلوة (سهمين) أي غلوتي سهم (في السهلة) وفاقا للأحمدي (1)
والمقنعة (2) والاستبصار (3) والمراسم (4) والوسيلة (5) والسرائر (6) والكافي (7)
والغنية (8) والإصباح (9) والإشارة (10) والشرائع (11) والنافع (12) وشرح القاضي
للجمل (13) ومهذب (14)، ونسب في التذكرة إلينا (15)، وبه قول أمير المؤمنين عليه السلام في
خبر السكوني: يطلب الماء في السفر إن كانت الحزونة فغلوة، وإن كانت سهولة
فغلوتين، لا يطلب أكثر من ذلك (16).
وفي السرائر (17): إن الأخبار به متواترة، ونحن لم نظفر إلا بهذا الخبر. وفي
الغنية الاجماع عليه (18).
وفي المنتهى: إن الأكثر من المقدر ضرورية يحصل غلبة الظن بالفقد فساغ
التيمم معه (19).
قلت: ولا ينافيه قول أحدهما عليهما السلام في حسن زرارة: إذا لم يجد المسافر الماء

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 414 - 415.
(2) المقنعة: ص 61.
(3) الإستبصار: ج 1 ص 165 ذيل الحديث 572.
(4) المراسم: ص 54.
(5) الوسيلة: ص 69.
(6) السرائر: ج 1 ص 135.
(7) الكافي في الفقه: ص 136.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 13.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 20.
(10) إشارة السبق: ص 74.
(11) شرائع الاسلام: ص 46.
(12) المختصر النافع: ص 17.
(13) لم نعثر عليه.
(14) المهذب: ج 1 ص 47.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 61 س 18.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 963 ب 1 من أبواب التيمم ح 2.
(17) السرائر: ج 1 ص 135.
(18) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 13.
(19) منتهى المطلب: ج 1 ص 139 س 16.
434

فليطلب ما دام في الوقت، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل (1). فإنه إنما
يدل على أن الطلب في سعة الوقت، وأن التيمم عند ضيقه.
وأما استيعاب الوقت بالطلب - كما فهمه المحقق (2) ومال إلى العمل به لوضوح
سنده وضعف الأول - فليس بنص فيه.
ثم ما ذكرناه من معنى الغلوة هو المعروف، وفي العين (3) والأساس (4): أن
الفرسخ التام خمس وعشرون غلوة. وفي المغرب المعجم عن الأجناس عن ابن
شجاع: أن الغلوة قدر ثلاثمائة ذراع إلى أربعمائة ذراع. وفي الارتشاف أنها مائة
باع، والميل عشرة غلا.
وأطلق الطلب في الإقتصاد (5)، وجمل العلم والعمل (6)، والجمل والعقود (7)
والجامع (8)، ورمية أو رميتين في النهاية (9) والمبسوط (10).
ولا بد من الطلب (من الجهات الأربع) كما في المبسوط (11) والمهذب (12)
وشرح الجمل للقاضي (13)، والغنية (14) والإصباح (15) والإشارة (16) والشرائع (17) إذ
لا مرجح لبعضها، ولا يعلم تحقق الشرط وبراءة الذمة بدون الطلب فيها، وفي الغنية
الاجماع عليه (18).
والأولى أن يجعل مبدأ طلبه كمركز دائرة نصف قطرها ما يبتدئ به من

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 963 ب 1 من أبواب التيمم ح 1.
(2) المعتبر: ج 1 ص 363.
(3) العين: ص 610 (مادة غلوة).
(4) أساس البلاغة: ص 454.
(5) الإقتصاد: ص 251.
(6) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 25.
(7) الجمل والعقود: ص 53.
(8) الجامع للشرائع: ص 46.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 261.
(10) المبسوط: ج 1 ص 31.
(11) المبسوط: ج 1 ص 31.
(12) المهذب: ج 1 ص 47.
(13) شرح جمل العلم والعمل: ص 61.
(14) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 13.
(15) الإصباح (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 20.
(16) إشارة السبق: ص 74.
(17) شرائع الاسلام: ج 1 ص 46.
(18) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 13.
435

الجهات، فإذا انتهى إلى الغلوة أو الغلوتين رسم محيط الدائرة بحركته، ثم يرسم
دائرة صغرى، وهكذا إلى أن ينتهي إلى المركز.
واقتصر في النهاية (1) والاقتصاد (2) والوسيلة (3) على اليمين واليسار، ويمكن
تعميمهما للأربع، وزاد المفيد (4) والحلبي (5) الإمام فقط، لكون الخلف مفروغا عنه
بالمصير، فلا خلاف.
وفي المنتهى: احتمال التحري، فما غلب على ظنه جهة الماء طلبه فيها
خاصة، قال: ولو قيل: التحري باطل والتخصيص بالبعض ترجيح من غير مرجح
فلا بد من الطلب في الجميع ولأن كل جهة يجوز أن يكون الماء موجودا فيها
فيجب الطلب عندها إذ الموجب للتجويز، كان قويا، والطلب واجب (6).
(إلا أن) يمنع منه مانع أو (يعلم عدمه) في الجهات كلها فيسقط أو في
بعضها فيسقط فيها خاصة لتحقق الفقدان وانتفاء الفائدة، إلا أن يعلم أو يظن
وجوده فيما زاد على النصاب حيث يسع الوقت للطلب فيه فيجب، ولا يجب
بالاحتمال، وإلا لم يكن للتقدير بالغلوة والغلوتين معنى.
(ولو أخل بالطلب حتى ضاق الوقت تيمم) وجوبا (وصلى ولا
إعادة) عليه (وإن كان مخطئا) في اخلاله بالطلب وإن ظهر وجود الماء فيما
دون النصاب وفاقا للشرائع (7) وا لمعتبر (8)، لسقوط الطلب عنه بالضيق، وإن أثم
بتركه في السعة وصدق أنه غير واجد للماء فيجب عليه التيمم والصلاة فيجزئان،
بخلاف واجد الماء إذا ضاق الوقت عن الوضوء إذ لا صلاة إلا بطهور، ويجب
الماء (9) مع التمكن والضيق لا يرفعه مع احتمال المساواة، كما في المختلف (10)

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 261.
(2) الإقتصاد: ص 251.
(3) الوسيلة: ص 69.
(4) المقنعة: ص 61.
(5) الكافي في الفقه: ص 136.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 139 س 14.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 46.
(8) المعتبر: ج 1 ص 393.
(9) في ص و ك و م: (المائي).
(10) مختلف الشيعة: ج 1 ص 445 - 446.
436

والجامع (1) والمنتهى (2)، وظاهر النهاية (3) والمبسوط (4) والخلاف (5) والنافع (6)
وجوب الإعادة، بناء على بطلان التيمم لفقد شرطه الذي هو الطلب، وهو ممنوع،
بل شرطه الفقدان.
والطلب واجب آخر (إلا أن يجد الماء في رحله أو مع أصحابه فيعيد)
كما في الشرائع (7)، وفي المبسوط (8) والخلاف (9) والإصباح (10) ولكن اقتصر
فيها على الوجود في رحله، لأنه تيمم مع وجدانه الماء، فهو كمن نسي الطهارة
فصلى وأولى لتفريطه. وظاهر المنتهى الاجماع (11)، والمراد أصحابه الباذلون.
وفي المنتهى (12): مكان (الأصحاب) موضع يمكنه استعماله، فيعم نحو بئر
ومصنع بقربه، ونحوه التذكرة (13).
وفي السرائر (14) والمهذب (15) وظاهر المقنع (16) والفقيه (17) والنهاية (18): أن لا
إعادة، وحكي عن السيد: لرفع النسيان، وفعله أحد الطهورين، وعدم وجدانه
الماء، لأنه بمعنى عدم وجدانه في اعتقاده لا في الواقع، ولذا لا يعيد إن اجتهد فلم
يجده (19).
وقد يقال: إنه بمعنى اعتقاده ذلك المستند إلى الاجتهاد في الطلب، ولاطلاق

(1) الجامع للشرائع: ص 46.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 138 س 24.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 261.
(4) المبسوط: ج 1 ص 31.
(5) الخلاف: ج 1 ص 147.
(6) المختصر النافع: ص 17.
(7) شرائع الاسلام: ج 1 ص 49.
(8) المبسوط: ج 1 ص 31.
(9) الخلاف: ج 1 ص 164 المسألة 116.
(10) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 20.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 152 س 26.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 152 س 34.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 61 س 22.
(14) السرائر: ج 1 ص 140.
(15) المهذب: ج 1 ص 48.
(16) المقنع: ص 9.
(17) الفقيه: ج 1 ص 110 ذيل الحديث 225.
(18) النهاية ونكتها: ج 1 ص 261.
(19) الحاكي المحقق في المعتبر: ج 1 ص 367.
437

نحو قول أبي الحسن عليه السلام ليعقوب بن يقطين: إذا وجد الماء قبل أن يمضي الوقت
توضأ وأعاد الصلاة، فإن مضى الوقت فلا إعادة عليه (1).
وأما مع اجتهاده في الطلب فلا إعادة وإن كان قد علم وجوده فنسي لعدم
التفريط وفعله أحد الطهورين وما كلف به.
(ولو) فعل ما عليه من الاجتهاد لصلاة ثم (حضرت أخرى) وهو في
مكانه (جدد) لها (الطلب، ما لم يحصل علم) استمرار (العدم) عادة
(بالطلب السابق) لعموم أدلته، فإن حصل لم يجب، للأصل، وانتفاء الثمرة.
واكتفى الشهيد بالظن (2)، ويجوز اتحاد المعنى. واستشكل في التحرير تجديد
الطلب مطلقا ثم قرب العدم (3)، وعكس في المنتهى (4). وإن انتقل إلى مكان آخر
جدد الطلب قطعا.
(ولو علم) أو ظن - كما في نهاية الإحكام (5) - أو توهم - كما في المنتهى (6)
أي ظن ضعيفا (قرب الماء منه) بحيث يصل إليه بلا مشقة مسقطة للتكليف
شرعا، ولو في أزيد من غلوة أو غلوتين، وحده الشافعي بما يتردد إليه المسافر
للرعي والاحتطاب (7) (وجب السعي إليه) لوجوب تحصيل الطهور للقادر
عليه بالاتفاق والنصوص. (ما لم يخف ضررا) على نفسه أو ماله أو عرضه أو
على محترم غيره نفسا أو مالا. (أو) عرضا أو يخف أي يعلم عادة (فوت
الوقت) بالسعي إليه، فإن جوز الادراك سعى وجوبا إلى ظن الضيق، ويمكن
إرادته بخوف الفوت.
(وكذا يتيمم لو تنازع الواردون) مالا يمكنه غيره (وعلم أن النوبة
لا تصل إليه إلا بعد فوات الوقت) بناء على جوازه في السعة مع اليأس، وإلا

(1) الإستبصار: ج 1 ص 159 ح 551.
(2) ذكرى الشيعة: ص 22 س 21.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 21 س 14.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 139 س 22.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 184.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 139 س 25.
(7) كفاية الأخيار: ج 1 ص 32.
438

لم يفده العلم شيئا ووجب عليه التأخير إلى الضيق. ولكن الشافعي أوجب عليه
الصبر إلى انتهاء النوبة إليه ولو بعد فوات الوقت (1)، فلعله إشارة إلى خلافه، فيصح
مع القول بوجوب التأخير إلى الضيق مطلقا.
(ولو صب الماء) أو ملكه غيره فأتلفه (في الوقت) ولا يمكنه غيره
(تيمم) قطعا (وأعاد) الصلاة مع الطهارة المائية عند التمكن إن عصى بإتلافه
لعلمه بانحصار مائه فيه، لأن التيمم رخصة فلا يناط بالمعاصي، ولتعلق الطهارة
المائية بذمته بدخول الوقت ووجود الماء.
ويحتمل العدم كما في المنتهى (2) ونهاية الإحكام (3) والتحرير (4) والتذكرة (5)،
للأصل، ولاتيانه بما وجب عليه كمن يملك عبدا وعليه كفارة مرتبة فأعتقه أو
أتلفه ثم لم يقدر إلا على الصوم فإنه يجزئه ولا إعادة عليه إذا وجد، وهو أقوى،
وهو فتوى المعتبر (6) وظاهر اطلاق المبسوط (7).
(ولو صبه قبل الوقت لم يعد) قطعا، لعدم عصيانه، وقال الأوزاعي: إن
ظن أنه لا يتمكن منه أعاد (8).
السبب (الثاني) للعجز: (الخوف) من تحصيله أو استعماله (على
النفس أو المال) له أو لغيره مع الاحترام (من لص أو سبع) بالاجماع
والنصوص نحو: (لا تقتلوا أنفسكم) (9) (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) (10) و (لا
حرج في الدين) (11) و (يريد الله بكم اليسر) (12) وكقول الصادق عليه السلام: لا آمره أن
يغرر بنفسه فيعرض له لص أو سبع (13). وقوله عليه السلام: لا تطلب الماء ولكن تيمم، فإني

(1) المجموع: ج 2 ص 246.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 152 س 16.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 187 وفيه: (الأقوى عدم الإعادة).
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 21 س 18.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 53 س 19.
(6) المعتبر: ج 1 ص 366.
(7) المبسوط: ج 1 ص 30.
(8) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 241، الشرح الكبير: ج 1 ص 250.
(9) النساء: 29.
(10) البقرة: 195.
(11) الحج: 78.
(12) البقرة: 185.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 964 ب 2 من أبواب التيمم ح 2.
439

أخاف عليك التخلف عن أصحابك فتضل ويأكلك السبع (1). ويدخل العرض في
النفس.
ولو خاف جبنا لا عن سبب ففي المعتبر القطع بجواز التيمم (2)، وفي التحرير:
لم يجز له التيمم على أحسن الوجهين (3)، وفي نهاية الإحكام: الأقرب أنه
كالخائف لسبب (4)، وفي التذكرة: الوجه التيمم ولا إعادة لأنه كالخائف
لسبب (5).
قلت: لا بأس به إذا اشتد، بحيث يدخل في المشقة المسوغة للرخصة.
قال: وهو أحد قولي أحمد لكن يعيد عنده، وأصحهما عنده الوضوء (6)،
وتوقف في المنتهى (7). هذا إن لم يورث الجبن مرضا، وإلا كان من الخوف من
مرض.
وفي المنتهى (8) والتذكرة (9) ونهاية الإحكام (10): أنه لا فرق في المال بين
القليل والكثير، وذلك لاطلاق الأصحاب وخبر اللص (11)، ولا شبهة فيه إذا
تضرر بتلفه ضررا لا يحتمل عادة.
وقوله: (أو عطش) يحتمل العطف على الخوف، ويقربه قوله: (في
الحال) وقوله: (أو توقعه في المآل) إذ لا محصل لخوف العطش في الحال
ولا لخوف توقعه. ويحتمل العطف على (لص) بتقدير الخوف، أي أو الخوف من
عطش، بمعنى الخوف من مقاساة مشقة عطش حاصل أو متوقع، بالنصوص

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 964 ب 2 من أبواب التيمم ح 1.
(2) المعتبر: ج 1 ص 366.
(3) تحرير الأحكام: ص 21 س 30.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 188.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 61 س 40.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 61 س 41.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 134 س 31.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 134 س 22.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 61 س 38.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 188.
(11) وسائل الشيعة: ج 2 ص 964 ب 2 من أبواب التيمم ح 2.
440

وإجماع أهل العلم كما في المعتبر (1) والمنتهى (2) والتذكرة (3).
(أو عطش رفيقه أو حيوان له حرمة) كما في المعتبر لكن اقتصر فيه
على دابة (4)، والرفيق هو المسلم أو الكافر الذي يضر به تلفه أو ضعفه، وزاد في
التذكرة: الذمي والمعاهد (5).
ودليل جواز التيمم لعطش المسلم - رفيقا أو غيره أو حيوانه المحترم - وجود
المقتضي، وهو حفظ المسلم الذي حرمته كحرمته وأعظم من حرمة الطهارة
والصلاة، ولذا يقطعان، لإنقاذه من غرق ونحوه وحفظ المال الذي يجوز له ترك
الطلب، وخصوصا دابته التي يفضي عطشها إلى انقطاعه عن الرفقة ونحوه. وقد
يعمم قول الصادق عليه السلام في صحيح ابن سنان: إن خاف عطشا فلا يهريق منه قطرة
وليتيمم بالصعيد، فإن الصعيد أحب إلي (6).
قال في نهاية الإحكام: وغير المحترم من الحيوان كالحربي والمرتد والكلب
العقور والخنزير والفواسق الخمس وما في معناها (7). يعني ما يجوز قتله وجب
كالزاني المحصن والموقب، أو لا كالحية والهرة الضارية.
ثم الحيوان الذي له حرمة يعم حيوانه وحيوان غيره، واستشكل في
المنتهى (8) ونهاية الإحكام (9) في حيوان الغير إن خاف التلف، قال في المنتهى: فإن
أوجبناه فالأقرب رجوعه على المالك بالثمن (10)، واحتمله في النهاية قال: وإن
تولى هو السقي لأنه كنائب المالك (11).
(أو مرض) يخاف حصوله أو زيادته أو عسر علاجه أو استمراره، أو

(1) المعتبر: ج 1 ص 367.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 134 س 31.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 61 س 43.
(4) المعتبر: ج 1 ص 368.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 62 س 9.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 996 ب 25 من أبواب التيمم ح 1.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 189.
(8) منتهى المطلب: ج 1 ص 135 س 16.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 190.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 135 س 17.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 190.
441

يخاف معه التلف باستعماله أو عدم شربه أو استعماله في غير الطهارة، أو
بالاجتهاد في طلبه على نفسه أو مسلم أو حيوان محترم ينقص المرض من قيمته
أو أعضائه، أو يضر مرضه بصاحبه بانقطاعه عن الرفقة ونحوه، لنفي الضرر والعسر
والحرج والنهي عن قتل الأنفس.
ونص الكتاب على مرضه والاجماع عليه، إلا فيمن أجنب (1) وسيأتي،
والنصوص على خصوص نحو المجدور والكسير والمبطون، ومن به قروح أو
جروح، أو خاف على نفسه من البرد.
وقيد المرض في الشرائع (2) والتحرير (3) بالشدة، وذكر في المبسوط (4)
والتذكرة (5) والمعتبر (6): أنه لو كان يسيرا لم يجز التيمم، ونفى عنه الخلاف في
المبسوط (7)، ونسبه الشهيد إلى الفاضلين وقال: يشكل بالعسر والحرج وبقول
النبي صلى الله عليه وآله لا ضرر، مع تجويزهما التيمم للشين (8).
(أو شين) يخاف حصوله أو زيادته من استعمال الماء كما في الخلاف (9)
والمبسوط (10) وا لوسيلة (11) والإصباح (12) والشرائع (13) والمعتبر (14)، وفيه وفي
المنتهى: أنه قول علمائنا (15)، لنفي الحرج والعسر والضرر، وفي نهاية الإحكام: لا
فرق بين شدة قبح الشين وضعفه (16)، وقيده في موضع من المنتهى بالفاحش (17)،

(1) في ص: (اجتنبت) و م: (أجب).
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 47.
(3) تحرير الأحكام: ج 1 ص 21 س 26.
(4) المبسوط: ج 1 ص 34.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 62 س 26.
(6) المعتبر: ج 1 ص 365.
(7) المبسوط: ج 1 ص 34.
(8) ذكرى الشيعة: ص 22 س 37.
(9) الخلاف: ج 1 ص 153 المسألة 102.
(10) المبسوط: ج 1 ص 34.
(11) الوسيلة: ص 70.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 20.
(13) شرائع الاسلام: ج 1 ص 47.
(14) المعتبر: ج 1 ص 365.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 36 س 18.
(16) نهاية الإحكام: ج 1 ص 195.
(17) منتهى المطلب: ج 1 ص 135 س 30.
442

وهو أولى، ويمكن دخوله في عموم من خاف البرد، وقد يدخل في المرض.
و (سواء استند في معرفة ذلك) المذكور من اللص وما بعده (إلى
الوجدان) بنفسه (أو قول عارف وإن كان صبيا أو فاسقا) واحدا إذا حصل
الخوف والظن بقوله، لأنه كالعلامة المورثة للخوف، كما يقبل قول القصاب
الفاسق في التذكية.
قال في التذكرة: وكذا العبد والمرأة، أما الذمي فإن اتهمه في أمر الدين لم يقبل
وإن ظن صدقه قبل (1).
(ولو تألم) باستعمال الماء (في الحال) لشدة البرد أو الحر أو رائحة
كبريتية ونحوها أو لمرض (ولم يخش) سوء (العاقبة توضأ) أو اغتسل،
ولم يجز له التيمم، لخروجه عن النصوص، وللأصل، مع أن أفضل الأعمال
أحمزها، وورود الخبر باغتسال الصادق عليه السلام في ليلة باردة وهو شديد الوجع (2)،
وبوجوب اغتسال من أجنب نفسه على ما كان.
والأقوى الجواز كما في المنتهى (3) ونهاية الإحكام (4) والنهاية (5)
والمبسوط (6) والإصباح (7) وظاهر الكافي (8) والغنية (9) والمراسم (10) والنافع (11)
والجامع (12) والبيان (13)، لنفي العسر والحرج، ويمكن إدخاله فيمن خاف على نفسه
من البرد.
السبب (الثالث: عدم الوصلة) إليه (بأن يكون في بئر) مثلا، ولا

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 62 س 29.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 987 ب 17 من أبواب التيمم ح 3.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 135 س 18.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 195.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 259.
(6) المبسوط: ج 1 ص 30.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 20.
(8) الكافي في الفقه: ص 136.
(9) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 11.
(10) المراسم: ص 53.
(11) المختصر النافع: ص 16.
(12) الجامع للشرائع: ص 45.
(3 1) البيان: ص 34.
443

يمكنه النزول (ولا آلة معه) ليمكنه النزح، أو يجده عند من لا يبذله.
(ولو وجده بثمن وجب شراؤه) اتفاقا (وإن زاد عن ثمن المثل
أضعافا كثيرة، ما لم يضر به في الحال) كما في السرائر (1) والشرائع (2)، كما لو
احتاج إلى الثمن للنفقة ونحوها، وبمعناه ما في النهاية: من وجوب شرائه بالثمن
إلا أن يبلغ مقدارا يضر به في الحال (3)، وما في الإصباح: من شرائه بأي ثمن إذا لم
يضر به وما في النافع (4) وشرحه (5): من شرائه بالثمن وإن كثر ما لم يضر به في
الحال، وما في الخلاف: من شرائه بثمن لا يضر به (6).
وكأنه لا خلاف بين من أطلق الاضرار به ومن قيده بالحال، وأن المراد حال
المكلف في الحال أو فيما بعد كما في التذكرة (7) والذكرى (8) لا زمان الحال.
ومن أعظم الضرر الاجحاف أي استيصال ماله، واقتصر عليه في الكافي (9)
والغنية (10) والوسيلة (11).
أما وجوب الشراء بأي ثمن فلوجوب الطهارة، ولا تتم إلا به، وبعبارة أخرى:
لصدق وجدان الماء والتمكن منه، وللإجماع على ما في الخلاف (12)، وصحيح
صفوان سأل أبا الحسن عليه السلام عن رجل احتاج إلى الوضوء للصلاة وهو لا يقدر
على الماء فوجد بقدر ما يتوضأ به بمائة درهم أو بألف درهم وهو واجد لها
أيشتري ويتوضأ أو يتيمم؟ قال: لا بل يشتري، قد أصابني مثل ذلك فاشتريت
وتوضأت وما يسرني بذلك مال كثير (13).
وما رواه العياشي في تفسيره عن الحسين بن أبي طلحة أنه سأل عبدا صالحا

(1) السرائر: ج 1 ص 141.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 47.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 259.
(4) المختصر النافع: ص 16.
(5) المعتبر: ج 1 ص 369.
(6) الخلاف: ج 1 ص 165 المسألة 117.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 62 س 2.
(8) ذكرى الشيعة: ص 22 س 25.
(9) الكافي في الفقه: ص 136.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 11.
(11) الوسيلة: ص 70.
(12) الخلاف: ج 1 ص 166 مسألة 117.
(13) وسائل الشيعة: ج 2 ص 997 ب 26 وجوب شراء الماء للطهارة وإن كثر الثمن ح 1.
444

إن وجد قدر وضوئه بمائة ألف أو بألف وكم بلغ؟ قال: ذلك على قدر جدته (1).
وفي شرح الإرشاد لفخر الاسلام: إن الصادق عليه السلام اشترى وضوئه بمائة دينار.
وأما عدم الوجوب إذا تضرر فللعسر والحرج والنهي عن التهلكة وقتل
الأنفس (2).
وفي المعتبر: إنه فتوى فضلائنا، واستدل عليه بأن من خاف أخذ اللص ما
يجحف به أن سعى إلى الماء (3) لا يجب عليه السعي، فكذا هنا (4).
وفي التذكرة: إنا سوغنا ترك استعمال عين الماء لحاجته في الشرب فترك
بدله أولى (5)، وفي المنتهى لو احتاج إلى الثمن للنفقة لم يجب عليه الشراء قولا
واحدا (6)، وفيه: لو كانت الزيادة كثيرة يجحف بماله سقط عنه وجوب الشراء، ولا
نعرف فيه مخالفا.
وأطلق السيد (7) وابن سعيد الشراء بما يقدر عليه وإن كثر (8)، ويمكن إرادتهما
المشهور.
ولم يوجب أبو علي الشراء (9) إذا كان غالبا، ولكنه أوجب الإعادة إذا وجد
الماء.
واحتمل عدم الوجوب في نهاية الإحكام (10)، لأن بذل الزائد ضرر، ولسقوط
السعي في طلبه للخوف على شئ من ماله.
والجواب: وجود النص على بذل الزائد، وعمل الأصحاب به، وصدق وجدان
الماء هنا حقيقة.
وفي المبسوط: وجوب الشراء بالثمن إذا لم يضر به، سواء كان ذلك ثمن مثله

(1) تفسير العياشي: ج 1 ص 244 ح 146.
(2) في س و م: (النفس).
(3) في س و ص و ك: (للماء).
(4) المعتبر: ج 1 ص 370.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 53 س 1.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 133 س 28.
(7) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 369.
(8) الجامع للشرائع: ص 45.
(9) المعتبر: ج 1 ص 369.
(10) نهاية الإحكام: ج 1 ص 194.
445

في موضعه أو غير موضعه (1). فلم ينص على ما زاد على ثمن المثل مطلقا. وفي
المهذب: فإن كان متمكنا من ابتياعه من غير مضرة يلحقه وجب عليه ابتياعه، وإن
كان عليه في ابتياعه مضرة يسيرة كان كذلك أيضا (2). ولم يصرح بالشراء بزيادة
كثيرة على الثمن فقد يكون كثرة الزيادة عنده مضرة كثيرة.
وعلى المختار إن أضر به بذل الثمن له (فلا يجب وإن قصر عن ثمن
المثل) إلا أن يكون الضرر يسيرا كما تقدم في التضرر بالاستعمال.
(ولو لم يجد الثمن فهو فاقد) للماء إلا أن يمكنه التكسب فيجب كما في
المنتهى (3) والتذكرة (4) ونهاية الإحكام (5)، أو يباع منه إلى أجل وهو يقدر عليه فيه
عادة، كأن يكون موسرا يمكنه الأداء في بلده أو عند مجئ غلته أو يكون متكسبا
فيجب الشراء أيضا كما في الخلاف (6) والمعتبر (7) والتحرير (8) والمنتهى (9)
والتذكرة (10) ونهاية الإحكام (11). خلافا لبعض العامة (12). وكذا لو أقرض الثمن وهو
موسر كما في نهاية الإحكام (13)، ولا يجب الاقتراض إن كان معسرا. وكذا لا يجب
شراء الماء نسيئة مع الاعسار، خلافا للشافعي (14).
(وكما يجب شراء الماء يجب شراء الآلة) أو استئجارها (لو احتاج
إليها) أي بما يقدر عليه من الثمن أو الأجرة وإن كثر ما لم يتضرر، لمثل ما مر من
وجدانه الماء وتمكنه من استعماله، وإن فقد النص هنا على الزائد على ثمن المثل
أو أجرة المثل، لكن يرشد إليه ما هناك من النص.

(1) المبسوط: ج 1 ص 30.
(2) المهذب: ج 1 ص 48.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 133 س 32.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 53 س 13.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 195.
(6) الخلاف: ج 1 ص 168 مسألة 20.
(7) المعتبر: ج 1 ص 370.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 21 س 24.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 133 س 32.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 53 س 8.
(11) نهاية الإحكام: ج 1 ص 194.
(12) فتح العزيز بهامش المجموع: ج 2 ص 232.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 194.
(14) المجموع: ج 2 ص 255.
446

ولا يجوز المكابرة عليها ولا على الماء إذا لم يبذل، للأصل، وانتفاء الضرورة
لقيام التيمم مقام الطهارة المائية، لكن لو غصب الآلة فاستقى بها فعل حراما
وصحت طهارته كذا في المنتهى (1) ونهاية الإحكام (2).
(ولو وهب منه الماء أو أعير الدلو) مثلا (وجب القبول) لتحقق
التمكن بلا ضرر، إذ لا منة فيهما، وهو وفاق لابني سعيد في الأول (3)، ولم يتعرضا
للثاني. فلو امتنع من الاتهاب أو الاستعارة لم يصح تيممه ما بقي التمكن منهما.
وهل يجب عليه الاستيهاب أو الاستعارة؟ وجهان، احتملا في التذكرة (4)
والمنتهى (5)، وأوجب في نهاية الإحكام (6).
(بخلاف ما لو وهب الثمن أو الآلة) فلا يجب القبول، وفاقا للمعتبر (7)،
لما فيه من المنة، بخلاف هبة الماء والإعادة، لخلوهما عنها غالبا.
وأوجب في المبسوط (8) قبول هبة الثمن، لحصول التمكن، ويأتي عليه هبة
الآلة، وهو خيرة المنتهى فيهما، قال: إن المنة غير معتبرة في نظر الشرع، ولذا
أوجبوا قبول الماء وثمنه مساو له في عدم المنة وثبوتها (9).
(ولو وجد) أي ملك (بعض الماء) وتمكن من استعماله (وجب) عليه
(شراء الباقي) بل تحصيله بما أمكنه من غير ضرر مسقط له، (فإن تعذر
تيمم) وجوبا اتفاقا.
(ولا يغسل بعض الأعضاء) الذي يفي به ماؤه، خلافا للشافعي (10)
وأحمد (11) والحسن (12) والعطاء (13)، للأصل، وخروجه عن أقسام الطهارة، وقول

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 137 س 22.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 195.
(3) المعتبر: ج 1 ص 370، الجامع للشرائع: ص 45.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 53 س 14.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 133 س 30.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 195.
(7) المعتبر: ج 1 ص 370 - 371.
(8) المبسوط: ج 1 ص 31.
(9) منتهى المطلب: ج 1 ص 133 س 21.
(10) الأم: ج 1 ص 49، المجموع: ج 2 ص 268.
(11) المجموع: ج 2 ص 268.
(12) المجموع: ج 2 ص 268.
(13) المجموع: ج 2 ص 268.
447

الصادق عليه السلام في خبري الحلبي والحسين بن أبي العلاء: في الجنب معه من الماء ما
يكفي للوضوء يتيمم ولا يتوضأ (1). والظاهر إجماعنا عليه، كما يظهر من
التذكرة (2) والمنتهى (3).
(وغسل النجاسة العينية) الغير المعفو عنها (عن البدن والثوب) الذي
لا بد له من لبسه في الصلاة (أولى من الوضوء) والغسل (مع القصور) لما
يجده من الماء (عنهما) إذا وجد التراب للتيمم، لأن الوضوء والغسل لهما بدل،
بخلاف الطهارة من الخبث، وهو إجماع كما في التذكرة في نجاسة البدن (4)، ومن
غير أحمد في نجاسة الثوب (5).
(فإن خالف) وتطهر به من الحدث (ففي الاجزاء نظر) من النهي عنه،
لوجوب الصرف في إزالة النجاسة، ومن أنه تطهر بماء مباح طاهر، ولا نص على
النهي عنه، أو من النظر في اقتضاء الأمر النهي عن الضد، أو في انتهاء الأولوية هنا
إلى الوجوب، أو في اقتضاء النهي المفهوم من الأمر الفساد. وفي التذكرة: قرب
الاجزاء إن جوز وجود المزيل في الوقت (6)، يعني التجويز العادي ولو بزعمه.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 995 و 996 ب 24 من أبواب التيمم ح 1 و 3.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 53 س 31.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 133 س 36.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 53 س 43.
(5) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 275، الشرح الكبير: ج 1 ص 253.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 1.
448

(الفصل الثاني)
(فيما يتيمم به)
(ويشترط) بالاجماع والنصوص من الكتاب والسنة (كونه أرضا)
وجوزه مالك بالنبات (1)، وأبو حنيفة بالثلج أيضا (2). (إما ترابا أو حجرا أو
مدرا) وهو التراب المتماسك كاللبن، لدخول الجميع في الأرض والصعيد،
وسيأتي. ولا نعرف في المدر خلافا وإن لم يذكره الأكثر.
ويشترط كونه (طاهرا) اتفاقا، وإلا لم يكن طيبا، ومن العامة من اعتبر
عدم تغيره بالنجاسة. وكونه (خالصا) حقيقة أو عرفا.
ويشترط كونه (مملوكا أو في حكمه) من المباح والمأذون صريحا أو
فحوى أو بشهادة الحال والمغصوب المحبوس فيه وإن لم يوجد إلا بعوض وجب
الشراء، أو الاستئجار بما أمكن، ولم يضر به كما مر (3) في الماء.
وإذا اشترط كونه أرضا (فلا يجوز التيمم بالمعادن) لخروجها عن اسمها،
خلافا للحسن (4) في نحو الكحل والزرنيخ الكائنين من الأرض بناء على عدم
الخروج عنها.

(1) كفاية الأخيار: ج 1 ص 35.
(2) المجموع: ج 2 ص 213.
(3) ليس في س و ك و م.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 372.
449

(ولا الرماد) اجماعا كما في المنتهى (1) لذلك، وقد سئل علي عليه السلام عنه في
خبر السكوني فقال: لا، إنه ليس يخرج من الأرض إنما يخرج من الشجر (2).
ولو احترق التراب حتى صار رمادا خارجا عن اسم الأرض لم يتيمم به
وفاقا للتذكرة (3). وفي نهاية الإحكام: الأقرب جواز التيمم برماد التراب بخلاف
رماد الشجر (4)، وكأنه مبني على عدم خروجه عن اسم الأرض.
(ولا النبات المنسحق كالأشنان والدقيق) اجماعا، وخبر عبيد بن
زرارة سأل الصادق عليه السلام عن الدقيق يتوضأ به، فقال: لا بأس بأن يتوضأ به وينتفع
به (5)، فلعله بمعنى التنظيف (6) والتطهر من الدرن كما قاله الشيخ (7).
(و) لما اشترط كونه ترابا أو حجرا أو مدرا كأن (لا) يجوز (بالوحل)
وهو الطين الرقيق اختيارا وإن لم يخرج من الأرض، وظاهرهم الاتفاق عليه،
والأخبار تنطق به.
أما الأرض الندية فيجوز بها اتفاقا كما يظهر من التذكرة (8). وقال
الصادق عليه السلام في خبر رفاعة: إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر
أجف موضع تجده فتيمم منه، فإن ذلك توسيع من الله عز وجل (9).
(و) لما اشترطت طهارة الأرض كأن (لا) يجوز التيمم بالتراب أو الحجر
(النجس) أو الممتزج به وإن قل.
(و) لما اشترط الخلوص كأن (لا) يجوز بالتراب (الممتزج بما منع

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 5.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 971 ب 8 من أبواب التيمم ح 1.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 18.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 199.
(5) وسائل الشيعة: ج 2 ص 970 - 971 ب 7 من أبواب التيمم ح 7.
(6) في س و ك و م: (التنظف).
(7) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 188 ذيل الحديث 541.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 38.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 972 ب 9 من أبواب التيمم ح 4.
450

منه مزجا يسلبه إطلاق الاسم) فإن لم يسلبه جاز، وهو معنى الاستهلاك الذي
في المبسوط (1) والشرائع (2) والإصباح (3).
قال في المنتهى: لبقاء الاسم معه، ولأنه يتعذر في بعض المواضع (4). يعني
التراب الخالص رأسا، وينبغي اعتبار عدم الإحساس بالخليط، مع ذلك - كما في
الذكرى (5) - فقد يكون بنية محسوسة يحجب وصول الكف عن التراب، مع أنها
لا تسلبه الاسم.
وفي المنتهى: لو اختلط التراب بما لا يعلق باليد كالشعير جاز التيمم منه، لأن
التراب موجود فيه، والحائل لا يمنع من التصاق اليد به، فكان سائغا (6). ولعله يعني
أنه بالاعتماد يتدفن في التراب أو الكف يماس التراب إذا حركت، لأنه لا يعلق
بها، ويتوجه عليه الجواز على الممتزج بنجس قليل إذا علم وصول الكف جميعا
بالتحريك أو الاعتماد إلى الظاهر.
(و) لما اشترط الملك أو حكمه كأن (لا) يجوز بالتراب أو الحجر
(المغصوب) إلا إذا حبس فيه خصوصا بالحجر أو المدر الذي لا ينتقل بالتيمم
إلى الأعضاء ليشبه استعمال الماء في الطهارة. وكذا الوجه عدم جوازه بالتراب
المملوك في أرض مغصوبة، فإن الاعتماد جز التيمم، فهو كاعتماد المصلي على
ملكه الموضوع في أرض مغصوبة.
(ويجوز بأرض النورة) كما في المقنعة (7) والمبسوط (8) والشرائع (9)
والنافع (10) والجامع (11) والوسيلة (12) والنهاية (13)، لكن اشترط في الأخير فقد التراب،

(1) المبسوط: ج 1 ص 32.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 47.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 21.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 11.
(5) ذكرى الشيعة: ص 21 س 33.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 12.
(7) المقنعة: ص 59.
(8) المبسوط: ج 1 ص 32.
(9) شرائع الاسلام: ج 1 ص 47.
(10) المختصر النافع: ص 16.
(11) الجامع للشرائع: ص 47.
(12) الوسيلة: ص 71.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 199.
451

وهو ضعيف، لأنها إن دخلت في الصعيد جاز التيمم بها مطلقا، وإلا لم يجز مطلقا،
إلا أن يكون احتاط بذلك، لاحتمال اختصاص الصعيد بالتراب، فإن أرض النورة
ليست غير الحجر على ما يعرف به.
وهل يجوز بالنورة؟ في مصباح السيد (1) والمراسم (2) والتذكرة (3)
والمعتبر (4): نعم، ويحتمله كلام المبسوط (5)، لدخولها في الصعيد، وخبر
السكوني عن الصادق عليه السلام: إن أمير المؤمنين عليه السلام سئل عن التيمم به، فقال:
نعم (6).
وفي الخلاف (7) والمبسوط (8) والوسيلة (9) والسرائر (10) والإصباح (11) ونهاية
الإحكام (12) والتلخيص (13): المنع، لضعف الخبر، وخروجها بالاستحالة.
قال الشهيد: وهو ممنوع (14)، وفي المنتهى (15) والمختلف (16) الإحالة على
الاسم، وهو الوجه، إلا على القول باعتبار التراب، فإن خروجها عنه معلوم.
(و) يجوز بأرض (الجص) كما في المقنعة (17) والمبسوط (18)
والمهذب (19) والوسيلة (20) وفي النهاية (21) مع فقد التراب.

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 375.
(2) المراسم: ص 54.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 15.
(4) المعتبر: ج 1 ص 375.
(5) المبسوط: ج 1 ص 31 و 32.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 971 باب 8 من أبواب التيمم ح 1.
(7) الخلاف: ج 1 ص 136 المسألة 78.
(8) المبسوط: ج 1 ص 32.
(9) الوسيلة: ص 71.
(10) السرائر: ج 1 ص 137.
(11) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 21.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 199.
(13) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 272.
(14) ذكرى الشيعة: ص 21 السطر الأخير.
(15) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 9.
(16) مختلف الشيعة: ج 1 ص 419.
(17) المقنعة: ص 59.
(18) المبسوط: ج 1 ص 32.
(19) المهذب: ج 1 ص 31.
(20) الوسيلة: ص 71.
(21) النهاية ونكتها: ج 1 ص 262.
452

وهل يجوز بالجص؟ يحتمله العبارة هنا وفي التحرير (1) ونهاية الإحكام (2)
والتلخيص (3) والتبصرة (4) والارشاد (5) والشرائع (6) والنافع (7)، وينص عليه
عبارات الوسيلة (8) والتذكرة (9) والمعتبر (10) والجامع (11)، بناء على دخوله في
الصعيد. وخبر السكوني عن الصادق عليه السلام أنه سئل أمير المؤمنين عليه السلام عن التيمم
به، فقال: نعم. وقد يجزئ فيه ما في النورة من الكلام.
(و) يجوز تيمم (تراب القبر) كما في الشرائع (12)، وإن نبش كما في
المبسوط (13)، وإن تكرر نبشه كما في المعتبر (14)، ما لم يعلم بنجاسته، لأن غايته
اختلاطه بأجزاء الميت التي استحالت ترابا، وكانت طهرت بالغسل. وأما اختلاطه
بالصديد المشتمل على الدم فغير معلوم.
نعم قد يقال: لو كان الميت نجسا توجه المنع لتنجس التراب أولا بصديده،
وهو ممنوع.
وقال الشافعي: لا يجوز بتراب القبر إذا تكرر نبشه، لاختلاطه بصديد الموتى
ولحومهم، وإن لم يتكرر جاز، لعدم الاختلاط. وإن جهل فوجهان، لأصل الطهارة،
وظهور النبش (15).
(و) يجوز التيمم بالتراب (المستعمل) عندنا، للعمومات، ولبقاء الماء
عندنا على الطهورية مع رفعه الحدث، فهو أولى. ومن العامة من منع منه (16).

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 21 س 34.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 199.
(3) تلخيص المرام (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 26 ص 272.
(4) تبصرة المتعلمين: ص 16.
(5) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 233.
(6) شرائع الاسلام: ج 1 ص 47.
(7) المختصر النافع: ص 16.
(8) الوسيلة: ص 71.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 15.
(10) المعتبر: ج 1 ص 375.
(11) الجامع للشرائع: ص 47.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 47.
(13) المبسوط: ج 1 ص 32.
(14) المعتبر: ج 1 ص 379.
(15) المجموع: ج 2 ص 216.
(16) المجموع: ج 2 ص 218، كفاية الأخيار: ج 1 ص 35.
453

والمستعمل هو الملتصق بأعضاء المتيمم، قيل: والمتناثر منها دون الموضع
المضروب عليه، إجماعا على ما في التذكرة (1)، وفي المبسوط بلا خلاف (2).
(و) يجوز بجميع ألوانه من (الأعفر) الذي يشوب بياضه حمرة،
(والأسود والأصفر والأحمر) كالأرمني (والأبيض) الذي يؤكل سفها
بإجماع العلماء كما في التذكرة (3) (و) يجوز تيمم (البطحاء) وهو مسيل فيه
دقاق الحصى كما في العين (4) والمحيط والصحاح (5) والديوان (6) والفائق (7)
وشمس العلوم، وفي المغرب المعجم: مسيل ماء فيه رمل وحصى، وفي المغرب
المهمل: مسيل واسع فيه رمل وحصى، وفي الغريبين وتهذيب اللغة عن النضر: إن
البطحاء الوادي، وأبطحه حصاه اللين في بطن المسيل (8)، وبه فسرهما ابن
الأثير (9)، وفسرهما ابن فارس بكل مكان متسع (10).
وفي التذكرة: وهو - يعني البطحاء - التراب اللين في مسيل الماء (11)، وهو
موافق لوسيط الغزالي.
وفي المنتهى: هو من مسيل السيول للمكان السهل الذي لا جص فيه ولا
حجر، وكذا الأبطح، قال: ويجوز التيمم به، وقال الشافعي في الأم: لا يقع اسم
الصعيد على البطحاء الغليظة والرقيقة (12)، انتهى.
وفي التذكرة: إجماع العلماء على جواز التيمم بها (13).
وحكى النووي في التهذيب عن أصحابه الشافعية لها تفسيرين آخرين:

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 26.
(2) المبسوط: ج 1 ص 32.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 10.
(4) العين: ج 3 ص 174 (مادة بطح).
(5) الصحاح: ج 1 ص 356 (مادة بطح).
(6) ديوان الأدب: ج 2 ص 8.
(7) الفائق: ج 1 ص 197.
(8) تهذيب اللغة: ج 4 ص 398 - 399.
(9) النهاية لابن الأثير: ج 1 ص 134 (مادة بطح).
(10) معجم مقاييس اللغة: ج 1 ص 360 (مادة بطح).
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 11.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 141 س 26.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 11.
454

أحدهما: مجرى السيل إذا جف واستحجر، والثاني: الأرض الصلبة (1). فذكر
المصنف لها إشارة إلى خلاف الشافعي، ويجوز أن يريد بها وبما في التذكرة الرمل
السائل الخارج عن الحجر وعن التراب ظاهرا.
(و) يجوز تيمم (سحاقة الخزف والمشوي) من التراب (والأجر
والحجر)، يجوز عطف الثلاثة على الخزف وعلى السحاقة، والثلاثة الأول
متقاربة المعنى.
أما الجواز بالحجر وسحاقته فعليه الأكثر، لدخوله في الصعيد، لكونه وجه
الأرض كما في العين (2) والمحيط والأساس (3) والمفردات للراغب (4) والسامي
والخلاص، وفي الصحاح عن تغلب (5)، وفي المغرب، وفيها وفي تهذيب اللغة (6)
والمقاييس عن الزجاج لا أعلم اختلافا بين أهل اللغة في ذلك (7).
ولاطلاق ما روي من نحو قوله صلى الله عليه وآله: جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا (8)،
وقول الصادق عليه السلام: فإن فاتك الماء لم تفتك الأرض (9)، وقوله عليه السلام: إذا لم يجد
الرجل طهورا وكان جنبا فليمسح من الأرض وليصل (10).
وزاد في المختلف (11) والتذكرة (12) ونهاية الإحكام (13): أنه تراب اكتسب
رطوبة لزجة وعملت حرارة الشمس فيه حتى تحجر، فحقيقة التراب فيه باقية،
وإنما حدثت زيادة صفة، وورود المنع عليه ظاهر. قال في المختلف: ولأنها لو لم

(1) تهذيب الأسماء واللغات: القسم الثاني ص 28 (مادة بطح).
(2) كتاب العين: ج 1 ص 290 (مادة صعد).
(3) أساس البلاغة: ص 254 (مادة صعد).
(4) المفردات: ص 280.
(5) الصحاح: ج 2 ص 498 (مادة صعد).
(6) تهذيب اللغة: ج 2 ص 8 (مادة صعد).
(7) مقاييس اللغة: ج 3 ص 287 (مادة صعد).
(8) السنن الكبرى: ج 1 ص 212.
(9) الكافي: ج 3 ص 63 ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 982 و 983 ب 14 من أبواب التيمم ح 4 و 7.
(11) مختلف الشيعة: ج 1 ص 421.
(12) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 4.
(13) نهاية الإحكام: ج 1 ص 198.
455

تكن باقية - يعني حقيقة التراب - لم يكن التيمم بها مجزئا عند فقد التراب
كالمعدن، والتالي باطل إجماعا، فكذا المقدم (1).
وهل الرخام كغيره؟ قطع به في المنتهى، وقال: ولم يذكره أصحابنا
بالتنصيص (2)، ولم يجزه الحلبيان بغير التراب (3)، وحكي عن السيد (4) وأبي
علي (5) لكون الصعيد هو التراب، كما في المجمل والمفصل والمقاييس (6)
والديوان (7) وشمس العلوم، ونظام الغريب، والزينة لأبي حاتم، وحكي عن
الأصمعي (8).
ولأن الظاهر عود ضمير (منه) في الآية على الصعيد، ولكن في صحيح زرارة
عن الباقر عليه السلام أي: من ذلك التيمم (9)، ويحتمل المتيمم به. ولما روي من
قوله صلى الله عليه وآله: جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا (10). وتردد الفاضلان في
النافع (11) والنهاية (12).
واشترط (13) الاضطرار في التيمم بالحجر في المقنعة (14) والوسيلة (15)
والسرائر (16) والمراسم (17) والجامع (18) وظاهر النهاية (19)، فيحتمل ما مر من
احتياطهم في الاجتناب عنه مع الامكان، لاختلاف أهل اللغة في معنى الصعيد.

(1) مختلف الشيعة: ج 1 ص 421.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 141 س 20.
(3) الكافي في الفقه: ص 136، الغنية (الجوامع الفقهية): ص 490 س 23.
(4) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 372.
(5) مختلف الشيعة: ج 1 ص 420.
(6) معجم مقاييس اللغة: ج 3 ص 287 (مادة صعد).
(7) الديوان ج 1 ص 403 باب فعيل.
(8) معجم مقاييس اللغة: ج 3 ص 287 (مادة صعد).
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 980 ب 13 من أبواب التيمم ح 1.
(10) السنن الكبرى: ج 1 ص 213.
(11) المختصر النافع: ص 16.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 198.
(13) في س و م: (واشتراط).
(14) المقنعة: ص 60.
(15) الوسيلة: ص 71.
(16) السرائر: ج 1 ص 137.
(17) المراسم: ص 53.
(18) الجامع للشرائع: ص 47.
(19) النهاية ونكتها: ج 1 ص 262.
456

لكن المفيد فسره بالتراب، ثم حكم بأنه إن كان في أرض صخر وأحجار
ليس عليها تراب تيمم بها ولا إعادة عليه (1). فيمكن أن لا يكون تفسيره بالتراب
قطعيا، وأن يكون لا يرى على فاقد الطهورين صلاة أداء ولا قضاء، وإنما جعل
عليه التيمم على الحجر احتياطا.
وأما التيمم بالخزف ونحوه فمنع منه أبو علي، وجعل في المعتبر أشبه (2)،
لخروجه عن اسم الأرض، قال في التذكرة: وهو ممنوع (3)، واستشكله في
المنتهى (4)، والظاهر عندي خروجه عن التراب دون الأرض.
(ويكره) تيمم (السبخ) وهي الأرض المالحة النزازة. (والرمل) كما
في المبسوط (5) والنهاية (6) والمهذب (7) والسرائر (8) والجامع (9) وكتب المحقق (10)،
ولم يجزه أبو علي بالسبخ (11).
وفي الجمهرة عن أبي عبيدة: أن الصعيد هو التراب الخالص الذي لا يخالطه
سبخ ولا رمل (12). وكأن السبخ في كلامه - بالفتح - يعني الملوحة التي تعلو السبخ
- بالكسر - وكأن المنع من التيمم بالأرض السبخة للتحرز عما ربما يعلوها من
الملح الذي لا يجوز التيمم عليه، ويمكن أن يكون التي لم يجزه أبو علي بها هي
المشتملة على ذلك.
وأما الرمل فلعله لاحتمال الخروج عن الصعيد، كما في الجمهرة (13).
(ويستحب من العوالي) لبعدها عن النجاسات، وزوالها عنها غالبا

(1) المقنعة: ص 59 و 60.
(2) المعتبر: ج 1 ص 375.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 11.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 141 س 21.
(5) المبسوط: ج 1 ص 32.
(6) النهاية ونكتها: ج 1 ص 263.
(7) المهذب: ج 1 ص 32.
(8) السرائر: ج 1 ص 137.
(9) الجامع للشرائع: ص 47.
(10) المعتبر: ج 1 ص 374، المختصر النافع: ص 16، شرائع الاسلام: ج 1 ص 48.
(11) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 374.
(12) جمهرة اللغة: ج 2 ص 272.
(13) جمهرة اللغة: ج 2 ص 272.
457

بالسيول والرياح، ولنهي أمير المؤمنين عليه السلام عن التيمم بتراب من أثر الطريق (1)،
وفي الخلاف (2) والمعتبر (3) والتذكرة (4) الاجماع عليه.
(ولو فقد التراب تيمم بغبار ثوبه أو) غبار (عرف دابته أو) غبار
(لبد السرج) أو الرحل، أو نحو ذلك اتفاقا كما يظهر من المعتبر (5) والتذكرة (6)،
ولكونه ترابا، وللأخبار كصحيح زرارة سأل الباقر عليه السلام عن المواقف إن لم يكن
على وضوء ولا يقدر على النزول كيف يصنع؟ قال: يتيمم من لبده أو سرجه أو
عرف دابته، فإن فيه غبارا ويصلي (7). وقول الصادق عليه السلام في خبر رفاعة: فإن كان
في ثلج فلينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره أو شئ مغبر (8).
وليكن الغبار غبار الأرض، لا غبار ما لا يتيمم به كغبار الأشنان والدقيق كما
صرح به السيد (9) وابن إدريس (10) والمصنف في المنتهى (11) والنهاية (12).
وهل يشترط في التيمم بغبار هذه الأشياء عدم التمكن من الأرض؟ ظاهر
الأكثر وصريح السرائر (13) ونهاية الإحكام (14) الاشتراط، ونسب في التذكرة إلى
علمائنا (15)، واستدل عليه في المنتهى (16) ونهاية الإحكام (17) بأن الصعيد هو التراب
الساكن الثابت، وهو ممنوع، وبأن النصوص إنما تتناوله عند فقد الأرض.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 969 ب 6 من أبواب التيمم ح 2.
(2) الخلاف: ج 1 ص 163 مسألة 115.
(3) المعتبر: ج 1 ص 375.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 30.
(5) المعتبر: ج 1 ص 376.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 31.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 972 ب 9 من أبواب التيمم ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 972 ب 9 من أبواب التيمم ح 4.
(9) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 26.
(10) السرائر: ج 1 ص 138.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 30.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 199.
(13) السرائر: ج 1 ص 138.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 200.
(15) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 4.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 27.
(17) نهاية الإحكام: ج 1 ص 200.
458

وأطلق التيمم به في جمل العلم والعمل (1). واحتج في المنتهى لعدم الاشتراط،
بأن الغبار تراب، فإذا نفض أحد هذه الأشياء عاد إلى أصله فصار ترابا مطلقا،
قال: وفيه قوة (2).
قلت: ويحتمل أن يكون الأصحاب إنما اشترطوا الضرورة للاحتياط والتحرز
عن احتمال عدم استيعاب التراب للكفين، فإن خرج عن أحد الأشياء تراب
صالح مستوعب فالظاهر صحة التيمم به مطلقا.
ثم ظاهر الكتاب والمبسوط (3) والمقنعة (4) والشرائع (5) والمنتهى (6) ونهاية
الإحكام (7) اشتراط فقد التراب خاصة، وإن وجد الحجر كصريح المراسم (8)
والجامع (9). ويجوز إرادتهم الصعيد الشامل للحجر كصريح النافع (10) وشرحه (11)
والتحرير (12) والتذكرة (13)، وهو المناسب لما يروونه من مساواة الحجر للتراب
وعدم اشتراطه بفقده.
وصريح النهاية (14) والوسيلة (15) وا لسرائر (16) الاشتراط بفقد الحجر أيضا مع
اشتراطهم الحجر بفقد التراب. وصريح المهذب الاشتراط بفقد الحجر والوحل
أيضا (17)، وأخر غيره الوحل كالكتاب، وهو صريح صحيح أبي بصير عن
الصادق عليه السلام (18) وظاهر غيره.

(1) جمل العلم والعمل (رسائل المرتضى المجموعة الثالثة): ص 26.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 30.
(3) المبسوط: ج 1 ص 32.
(4) المقنعة: ص 59.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 48.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 14.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 199.
(8) المراسم: ص 53.
(9) الجامع للشرائع: ص 47.
(10) المختصر النافع: ص 17.
(11) المعتبر: ج 1 ص 376.
(12) تحرير الأحكام: ج 1 ص 22 س 2.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 31.
(14) النهاية ونكتها: ج 1 ص 262.
(15) الوسيلة: ص 71.
(16) السرائر: ج 1 ص 137.
(17) المهذب: ج 1 ص 31.
(18) وسائل الشيعة: ج 2 ص 973 ب 9 من أبواب التيمم ح 7.
459

ثم قدم في النهاية التيمم بعرف الدابة أو لبد السرج على غبار الثوب، فذكر
أنه إن كانت معه دابة نفض عرفها أو لبد سرجها وتيمم بغبرته، فإن لم يكن معه
دابة وكان معه ثوب تيمم منه (1). والظاهر ما في المنتهى: إن هذا الترتيب لكثرة
وجود أجزاء التراب غالبا في عرف الدابة ولبد السرج دون الثوب (2). وعكس ابن
إدريس فقال: حكم غبار معرفة دابته ولبد سرجه بعد فقدانه غبار ثوبه (3)، وفي
المختلف: لم نقف له على حجة (4).
(ولو لم يجد إلا الوحل تيمم به) بالاتفاق كما في المعتبر (5) وظاهر
التذكرة (6) والمنتهى (7)، والأخبار (8)، فإن الله تعالى أولى بالعذر، ولأنه صعيد طيب
وماء طهور كما علل به في الأخبار وإن تمكن من تحقيقه، ثم التيمم به ولو
بالاطلاء به والصبر إلى الجفاف ووسع الوقت لم يكن فاقدا للتراب.
واختلف في كيفية التيمم به، ففي السرائر: إنه كالتيمم بالأرض (9)، وفي
المقنعة (10) والخلاف (11) والنهاية (12) والمبسوط (13) والمهذب (14): إنه يضع عليه
يديه، ثم يرفعهما فيمسح إحداهما بالأخرى ويفرك طينهما حتى لا يبقى فيهما
نداوة، ثم يمسح بهما وجهه وظاهر كفيه. وفي المعتبر: إنه الوجه لظاهر الأخبار (15).
قلت: بل ظاهرها التيمم به كالتيمم بالأرض كما في السرائر (16)، من غير فرك،
لاحتماله إخلاله بالموالاة.

(1) النهاية ونكتها: ج 1 ص 262.
(2) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 33.
(3) السرائر: ج 1 ص 138.
(4) مختلف الشيعة: ج 1 ص 423.
(5) المعتبر: ج 1 ص 207.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 34.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 34.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 973 ب 9 من أبواب التيمم.
(9) السرائر: ج 1 ص 138.
(10) المقنعة: ص 59.
(11) الخلاف: ج 1 ص 155 المسألة 107.
(12) النهاية ونكتها: ج 1 ص 263.
(13) المبسوط: ج 1 ص 32.
(14) المهذب: ج 1 ص 31.
(15) المعتبر: ج 1 ص 377.
(16) السرائر: ج 1 ص 138.
460

وفي الوسيلة (1) والتحرير (2): إنه يضرب يديه على الوحل قليلا ويتركه عليهما
حتى ييبس، ثم ينفضه عن اليد ويتيمم به، وعندي أنه حينئذ لم يكن يتيمم
بالوحل.
ولا بد من التجفيف قبل الضرب المقرون بنية التيمم كما في الذكرى (3)، وفي
التذكرة: إنه الوجه إن لم يخف فوات الوقت، فإن خاف عمل على الأول. يعني
ما ذكره الشيخان، ونحوه في نهاية الإحكام (4).
قلت: وقد يفوت الوقت بالأول فيتعين المسحان من غير فرك.
(ولو لم يجد إلا الثلج فإن تمكن من وضع يده) أو غيرها (عليه
باعتماد حتى ينتقل من الماء ما يسمى به غاسلا) وذلك إذا حصل الجريان
وإن ضعف، وبمعونة اليد كالدهن (وجب) فعله والتطهر به كذلك، (وقدمه على
التراب) كما في الإستبصار (5) والمعتبر (6)، لأن التيمم إنما يجوز إذا لم يمكن
الطهارة المائية، ويؤكده نحو خبر محمد بن مسلم سأل الصادق عليه السلام عن الرجل
يجنب في السفر لا يجد إلا الثلج، قال: يغتسل بالثلج أو ماء النهر (7)، فإن ظاهره
التسوية.
وخبر معاوية بن شريح: أن رجلا سأله عليه السلام فقال: يصيبنا الدمق والثلج ونريد
أن نتوضأ ولا نجد إلا ماء جامدا، فكيف أتوضأ؟ أدلك به جلدي؟ فقال: نعم (8).
وخبر علي بن جعفر سأل أخاه عليه السلام عن الرجل الجنب أو على غير وضوء لا يكون
معه ماء وهو يصيب ثلجا وصعيدا أيهما أفضل أيتيمم أم يمسح بالثلج وجهه؟ قال:

(1) الوسيلة: ص 71.
(2) تحرير الأحكام: ج 1 ص 22 س 3.
(3) ذكرى الشيعة: ص 22 س 10.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 200.
(5) الإستبصار: ج 1 ص 158 ذيل الحديث 546.
(6) المعتبر: ج 1 ص 378.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 974 ب 10 من أبواب التيمم ح 1.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 975 ب 10 من أبواب التيمم ح 2.
461

الثلج إذا بل رأسه وجسده أفضل، فإن لم يقدر على أن يغتسل به فليتيمم (1). خلافا
للمقنعة، والمبسوط والوسيلة.
ففي المقنعة: فإن حصل في أرض قد غطاها الثلج وليس له سبيل إلى التراب
فليكسره وليتوضأ بمائه، فإن خاف على نفسه من ذلك وضع بطن راحته اليمنى
على الثلج وحركها عليه تحريكا باعتماد، ثم رفعها بما فيها من نداوته فمسح بها
وجهه كالدهن، ثم يضع راحته اليسرى على الثلج ويصنع بها كما صنع باليمنى
ويمسح بها يده اليمنى من المرفق إلى أطراف الأصابع كالدهن، ثم يضع يده
اليمنى على الثلج كما وضعها أولا ويمسح بها يده اليسرى من مرفقه إلى أطراف
الأصابع، ثم يرفعها فيمسح بها مقدم رأسه ويمسح ببلل يديه من الثلج قدميه
ويصلي إن شاء الله، وإن كان محتاجا في التطهر إلى الغسل صنع بالثلج كما صنع به
عند وضوئه من الاعتماد عليه ومسح به رأسه وبدنه كالدهن حتى يأتي على
جميعه (2). وهو نص على تأخير التطهر بالثلج عن التيمم بالتراب وإن قدر على
غسل الأعضاء فوق الدهن.
وفي المبسوط: ومن لم يجد إلا الثلج ولم يقدر على الماء فيتوضأ ولا على
أرض فيتيمم تطهر بالثلج، بأن يعتمد على الثلج حتى يتندى يده ويغسل أعضاءه
في الوضوء أو جميع جسده إن كان عليه غسل (3). وهو يعم الدهن وما فوقه،
ويحتمل الاختصاص بالدهن.
وفي الوسيلة: فإن لم يجد شيئا من ذلك - يعني التراب والحجر وغبار نحو
الثوب والوحل - ووجد الثلج وضع يديه عليه باعتماد حتى تتنديا، ويمسح الوجه
واليدين على ترتيب الوضوء مثل الدهن ويمسح الرأس والرجلين، ومسح جميع
البدن إن كان عليه غسل (4). وهذا المسح يحتمل الجريان وما دونه.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 975 ب 10 من أبواب التيمم ح 3.
(2) المقنعة: ص 59 - 60.
(3) المبسوط: ج 1 ص 31.
(4) الوسيلة: ص 71.
462

وبالجملة: لا تعقل جهة لتقديم التيمم بالتراب على التطهر بالثلج المشتمل
على أجزاء الماء على الأعضاء ولو كالدهن، إلا الرخصة للمشقة (وإلا) يمكنه
الغسل به ولا كالدهن (تيمم به بعد فقد التراب) وما في حكمه كما في مصباح
السيد (1) والمراسم (2) والإصباح (3)، لحسن محمد بن مسلم سأل الصادق عليه السلام عن
رجل أجنب في سفر ولم يجد إلا الثلج أو ماء جامدا، فقال: هو بمنزلة الضرورة
تيمم، ولا أرى أن يعود إلى هذه الأرض التي توبق دينه (4). ويحتمل التيمم
بالصعيد، بأن يريد السائل أنه لم يجد من الماء إلا ثلجا أو ماء جامدا.
نعم في المقنع: روي إن أجنب في أرض ولم يجد إلا ماء جامدا ولم يخلص
إلا الصعيد فصل بالتمسح، ثم لا تعد إلى الأرض التي توبق فيها دينك (5)، والتمسح
فيه لا بد من أن يكون بالماء الجامد، لكن يحتمل مسح أعضاء التيمم خاصة،
ومسح جميع البدن بما يجري عليه كالدهن أو بما دونه.
ويحتمل إرادة السيد وموافقيه من التيمم مسح جميع البدن أو أعضاء الوضوء
كما ذكره الشيخان (6) وابنا حمزة (7) وسعيد (8)، واحتمله المصنف في المختلف (9)
والمنتهى (10) من الخبر الأول، واختاره فيهما وفي التذكرة (11) والنهاية (12) بناء على
وجوب إمساس الماء بالأعضاء واجرائه عليها، فإذا تعذر أحدهما لم يسقط
الآخر، وهو قوي موافق للاحتياط، وإطلاق الأخبار بالتدلك والتمسح بالثلج.
وأنكر ابن إدريس التيمم بالثلج (13)، وأصاب، للإجماع على أنه إنما يكون

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 377.
(2) المراسم: ص 53.
(3) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 21.
(4) الإستبصار: ج 1 ص 158 ح 544.
(5) المقنع: ص 13 - 14.
(6) المقنعة: ص 59، النهاية ونكتها: ج 1 ص 260.
(7) الوسيلة: ص 71.
(8) الجامع للشرائع: ص 47.
(9) مختلف الشيعة: ج 1 ص 425.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 143 س 31.
(11) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 54 س 41.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 200.
(13) السرائر: ج 1 ص 138.
463

بالأرض، ومنعه المصنف في المنتهى عند الضرورة (1). وفيه: أنه خروج عن
الكتاب والسنة، إذ لا دليل على قيام غير الأرض مقامها في التيمم.
وأنكر أيضا إمساس أعضاء الوضوء والغسل به، لخروجه عن اسمي الوضوء
والغسل، لتوقفهما على الجريان، ومنعه المصنف أيضا في المنتهى عند
الضرورة (2)، وهو حسن، وفي المختلف (3) مطلقا.
(ولو لم يجد ماء ولا ترابا طاهرا) مباحا ولا ما في حكم التراب
(فالأقوى سقوط الصلاة أداء) كما في المقنعة (4) والمبسوط (5) والسرائر (6)
والجواهر (7) والناصرية (8) والإصباح (9) والوسيلة (10) والجامع (11) والشرائع (12)
والمعتبر (13)، إذ لا صلاة إلا بطهور (وقضاء) كما في الثلاثة الأخيرة.
وحكى عن المفيد (14) خلافا لما قبلها، للأصل وتبعية القضاء للأداء، وهو
ممنوع، وقوله صلى الله عليه وآله: من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته (15) عام. ولذا اختار
القضاء في المنتهى (16)، وتردد في المختلف (17)، وقد يجاب عن الخبر بأن المفهوم
منه من فاتته صلاة مفروضة عليه وإلا وجب القضاء على الصبي والمجنون
والحائض.
وأجاز الشيخ (18) والقاضي (19) الأداء والإعادة معا، وحكى القاضي (20)

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 143 س 35.
(2) السرائر: ج 1 ص 138.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 143 س 35.
(4) المقنعة: ص 60.
(5) المبسوط: ج 1 ص 31.
(6) السرائر: ج 1 ص 139.
(7) جواهر الفقه: ص 14 مسألة 28.
(8) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 226 المسألة 55.
(9) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 21.
(10) الوسيلة: ص 71.
(11) الجامع للشرائع: ص 47.
(12) شرائع الأحكام: ج 1 ص 49.
(13) المعتبر: ج 1 ص 379.
(14) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 380.
(15) عوالي اللآلئ: ج 2 ص 54 ح 143.
(16) منتهى المطلب: ج 1 ص 142 س 37.
(17) مختلف الشيعة: ج 1 ص 445.
(18) المبسوط: ج 1 ص 31.
(19) جواهر الفقه: ص 14 المسألة 28.
(20) جواهر الفقه: ص 14 المسألة 28.
464

والمحقق (1) قولا بوجوبهما، وفي نهاية الإحكام استحباب الأداء (2)، لحرمة
الوقت والخروج من الخلاف. ويشكل بالأخبار الناهية عن الصلاة بغير طهور،
خصوصا نحو خبر مسعدة بن صدقة: إن قائلا للصادق عليه السلام إني أمر بقوم ناصبية
وقد أقيمت لهم الصلاة وأنا على غير وضوء فإن لم أدخل معهم في الصلاة قالوا ما
شاؤوا أن يقولوا فأصلي معهم ثم أتوضأ إذا انصرفت وأصلي؟ فقال عليه السلام: سبحان الله
فما يخاف من يصلي من غير وضوء أن تأخذه الأرض خسفا (3)، وعن المفيد
قول بأن عليه ذكر الله مقدار الصلاة (4)، ولا بأس به.

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 49.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 201.
(3) وسائل الشيعة: ج 1 ص 257 - 258 ب 2 من أبواب الوضوء ح 1.
(4) نقله عنه في السرائر: ج 1 ص 353.
465

(الفصل الثالث)
(في كيفيته)
(ويجب فيه النية) كسائر العبادات اتفاقا، ولا بد عند من اشترط في
الطهارة المائية نية رفع الحدث أو الاستباحة هنا من النية (المشتملة على
الاستباحة) لما يتوقف فعله أو كماله على التيمم (دون رفع الحدث) فإنه
لا يرفعه، إذ معنى رفعه إزالته وابطاله رأسا حتى لا تجب بعد ذلك الطهارة المزيلة
[لنحوه إلا بعد تجدد نحوه] (1).
والمتيمم إذا وجد الماء انتقض تيممه ووجبت عليه الطهارة المائية لعين ذلك
الحدث.
وفي الخلاف: قال كافة الفقهاء إلا داود وبعض أصحاب مالك (2). وفي
المنتهى: إنه مذهب علمائنا أجمع ومالك والشافعي وأكثر أهل العلم، ونقل عن أبي
حنيفة أنه يرفع الحدث (3). وفي المعتبر (4) والتذكرة (5): إنه مذهب العلماء كافة،
ونسب جماعة رفعه الحدث إلى أبي حنيفة وآخرون إلى مالك.

(1) ما بين المعقوفين ليس في س و ص و ك.
(2) الخلاف: ج 1 ص 144 المسألة 92.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 145 س 1.
(4) المعتبر: ج 1 ص 394.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 66 س 6.
466

قلت: وحكي الرفع عن السيد (1) أيضا، وكأنه أراد رفع منعه من المشروط
بالطهارة ما بقي تعذر استعمال الماء ولم يتجدد الحدث.
(فيبطل معه) أي مع نية الرفع كما في المبسوط (2) والجواهر (3) والمعتبر (4)،
وإن لم يشترط في نية الطهارة نية الاستباحة أو الرفع نواه وحده أو مع الاستباحة
كما يعطيه إطلاق ما عدا الجواهر فعل ذلك عمدا أو سهوا أو جهلا، لأنه نوى ما لم
يقصده الشارع، وفيه أن المنوي مقصود للشارع، وإنما غياه بغاية غير مقصودة له،
فإن لم تشترط في النية التعرض للغاية لم يكن التعرض لذلك إلا لغوا.
نعم إن أدى إلى وصف المنوي بما لم يصفه الشارع به - كأن يكون نيته في قوة
نية تيمم رافع للحدث - توجه البطلان مطلقا.
واحتمل في التذكرة (5) ونهاية الإحكام (6) الصحة مع الاقتصار على نية الرفع،
لاستلزامه الاستباحة، فيقع الزائد عليها لغوا. وحكم الشهيد بأنه إن ضمه إلى
الاستباحة لغى (7). وهما قويان إلا أن يؤدي إلى ما ذكرناه من نية تيمم يكون بهذه
الصفة.
ولا إشكال في الصحة إذا نوى رفع منع الحدث من المشروط بالطهارة لا
زوال حكمه رأسا.
(و) لا بد من نية (التقرب) به ولا شبهة فيه، (و) من (ايقاعه لوجوبه
أو ندبه) والكلام فيه كما في الوضوء.
وفي الوسيلة (8) والجامع (9) والمنتهى (10) وكتب الشهيد (11) والفخرية (12) اعتبار

(1) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 395.
(2) المبسوط: ج 1 ص 24.
(3) جواهر الفقه: ص 13 مسألة 26.
(4) المعتبر: ج 1 ص 395.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 63 س 12.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 204.
(7) ذكرى الشيعة: ص 107 س 22.
(8) الوسيلة: ص 71.
(9) الجامع للشرائع: ص 46.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 145 س 20.
(11) ذكرى الشيعة: ص 107 س 26، الدروس الشرعية: ج 1 ص 132 درس 24، البيان: ص 35.
(12) الفخرية (كلمات المحققين): ص 427.
467

نية البدلية من الوضوء أو الغسل، وكذا في الخلاف (1)، مع احتمال العدم، لاختلاف
حقيقته باختلاف البدلية (2) منه، وقد يمنع.
وقد يقال بالاعتبار إن لم يتساو التيممان في عدد الضرب وعدمه إن تساويا،
لاختلاف الحقيقتين على الأول دون الثاني. وقد يقال بالاعتبار إن كان في ذمته
تيممان: أحدهما: بدل من الوضوء والآخر من الغسل، للافتقار إلى التمييز، بخلاف
ما إذا لم يكن في ذمته إلا أحدهما.
والأقوى عدم الاعتبار مطلقا، للأصل، فإن الواجب إنما هو توجيه النية إلى
الأفعال المعينة المتميزة متقربا بها إلى الله تعالى.
نعم، إن اختلف التيممان في عدد الضرب كان عليه في النية التعرض للعدد أو
البدلية لإفادتها له، حتى إن كان عليه بدل الوضوء ونوى ضربة واحدة وسها فنواه
بدلا من الغسل صح وبالعكس. وكان ما في المبسوط (3) والخلاف (4) وغيرهما
من البطلان، مبني على إقامة نية البدلية مقام نية العدد. وكذا ما في المعتبر (5)
والمنتهى (6) من توقف الصحة على التساوي في العدد.
ويجب كونها (مستدامة ا لحكم حتى يفرغ) كسائر العبادات.
(و) يجب (وضع اليدين على الأرض) كما في النهاية (7) والمبسوط (8)
والجامع (9) والشرائع (10) والمعتبر (11)، والمشهور ضربهما عليها، وفي الأولين كذلك
في البدل من الغسل، وظاهر الكتاب والثلاثة الأخيرة اتحاد المعنى، لأنهم بعد
تعبيرهم بالوضع هنا ذكروا ضربة في بدل الوضوء وضربتين في بدل الغسل،
وظاهر الأولين أيضا ذلك، إذ لا يعقل فارق بين التيممين.

(1) الخلاف: ج 1 ص 140 المسألة 87.
(2) في س و ص و م: (البدل) و ك: (المبدل).
(3) المبسوط: ج 1 ص 34.
(4) الخلاف: ج 1 ص 140 المسألة 87.
(5) المعتبر: ج 1 ص 391.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 154 س 8.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 263.
(8) المبسوط: ج 1 ص 33.
(9) الجامع للشرائع: ص 46.
(10) شرائع الاسلام: ج 1 ص 48.
(11) المعتبر: ج 1 ص 389.
468

ويدل على الضرب الأخبار (1)، فإن أكثرها بلفظه وهو لفظ المعصوم، وأكثر ما
بلفظ الوضع إنما هو لفظ الراوي مع كون الضرب وصفا (2) مقيدا.
ونص الشهيد على عدم اعتبار خصوص الضرب (3)، للأصل، وإطلاق الآية،
ويضعف بما عرفت. وكذا المصنف في النهاية قرب الاجتزاء بأخذ التراب من
الريح والمسح به، وقطع بأنه إن أحدث بعد أخذ التراب من الأرض قبل المسح لم
يبطل التيمم، ولم يفتقر إلى إعادة الأخذ (4). واحتمله في التذكرة (5)، لأنه كأخذ
الماء للوضوء في أنه ليس جز ولا مقصودا بنفسه. ثم المشهور ضرب اليدين
جميعا، وهو ظاهر الأخبار (6)، والظاهر المقارنة.
(ثم) يجب (مسح الجبهة بهما) كما هو المشهور، وبه عدة من
الأخبار (7)، واجتزأ أبو علي بمسحها بالكف اليمنى (8). واحتمل في نهاية
الإحكام (9) والتذكرة (10) المسح بأحديهما، للأصل، وإطلاق الآية (11).
والظاهر المسح بباطنهما كما هو نص المقنعة (12) والمراسم (13) والمهذب (14)
والسرائر (15) والذكرى (16) والدروس (17).
فلو منع الباطن مانع فالأقرب الاجتزاء بالظهر كما في الذكرى (18)، لعموم
الآية وعدم نصوصية الأخبار.

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 976 - 977 ب 11 من أبواب التيمم.
(2) في س و ص و م: (وضعا).
(3) ذكرى الشيعة: ص 108 س 2.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 203.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 64 س 14.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 976 - 977 ب 11 من أبواب التيمم.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 976 - 977 ب 11 من أبواب التيمم.
(8) مختلف الشيعة: ج 1 ص 430.
(9) نهاية الإحكام: ج 1 ص 208.
(10) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 63 س 39.
(11) المائدة: 6.
(12) المقنعة: ص 62.
(13) المراسم: ص 54.
(14) المهذب: ج 1 ص 47.
(15) السرائر: ج 1 ص 136.
(16) ذكرى الشيعة: ص 109 س 15.
(17) الدروس الشرعية: ج 1 ص 33 درس 24.
(18) ذكرى الشيعة: ص 109 س 16.
469

والفتاوى في وجوبه بالباطن والتبادر مقصود على الاختيار، وإن منع مانع
باطن إحداهما خاصة فهل يقتصر على المسح بباطن الأخرى أو يمسح بباطنهما؟
وظاهر الأولى وجهان، ولو تجدد المانع بعد الضرب ضرب الظهر أخرى ثم مسح
به ومسح الجبهة هو المشهور.
وفي الذكرى: إنه متفق عليه (1). وبه موثق زرارة سأل أبا جعفر عليه السلام عن التيمم
فضرب بيديه الأرض، ثم رفعهما فنفضهما، ثم مسح بهما جبهته وكفيه مرة
واحدة (2). وادعى الحسن تواتر الأخبار بأنه صلى الله عليه وآله حين علم عمارا مسح بهما
جبهته وكفيه (3).
وحدها (من القصاص إلى طرف الأنف) الأعلى كما صرح به ابنا
إدريس (4) وحمزة (5)، والمصنف في المنتهى (6) والتذكرة (7) والنهاية (8) والارشاد (9).
وفي أمالي الصدوق (10): والمسح من القصاص إلى طرف الأنف الأسفل.
وفي الناصرية (11) والانتصار (12) والغنية (13): الاجماع على أنه لا يجب مسح
أزيد من القصاص إلى طرف الأنف.
وفي الفقيه (14) والهداية (15): مسح الجبينين والحاجبين. والأخبار بمسح
الجبينين كثيرة. وفي المقنع: إمسح بهما بين عينيك إلى أسفل حاجبيك (6 1)، وكأنه

(1) ذكرى الشيعة: ص 108 س 32.
(2) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 207 - 208 حديث (601)، الإستبصار: ج 1 ص 170 حديث 590.
(3) نقله عنه في المختلف: ج 1 ص 429.
(4) السرائر: ج 1 ص 136.
(5) الوسيلة: ص 73.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 145 س 25.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 63 س 24.
(8) نهاية الإحكام: ج 1 ص 205.
(9) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 234.
(10) لم نعثر عليه.
(11) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 47.
(12) الإنتصار: ص 33.
(13) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 9.
(14) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 104 ذيل الحديث 213.
(15) الهداية: ص 18.
(16) المقنع: ص 9.
470

يريد الجبهة والجبينين. ونفى الشهيد البأس عن مسح الحاجبين (1).
وأما مسح الجبينين فيمكن أن يدخل في مقصود الأكثر، ومنهم السيدان فإنهم
أوجبوا مسح الوجه من القصاص إلى طرف الأنف (2).
وعن علي بن بابويه مسح جميع الوجه (3)، للاحتياط، وليتساوى البدل
والمبدل منه، وظاهر عدة من الأخبار وردت بمسح الوجه (4)، والآية (5)، بناء على
كون الباء للالصاق، لعدم ثبوتها للتبعيض.
والجواب: المعارضة بالأصل، وأخبار الجبهة والجبينين (6)، وصحيح زرارة
عن أبي جعفر عليه السلام (7)، بإفادة الباء في الآية التبعيض، ولا يتوقف على ثبوتها له بل
يتم وإن كانت للالصاق، والمنع من ظهور مسح الوجه أو الوجوه في الاستيعاب،
بل الظاهر الاجتزاء بالمسمى.
وخير المحقق في المعتبر بين استيعاب الوجه ومسح بعضه، قال: لكن لا
يقتصر على أقل من الجبهة (8). ويعطيه كلام الحسن لقوله: لو أن رجلا تيمم فمسح
ببعض وجهه أجزأه، لأن الله عز وجل قال: (بوجوهكم) ومسح رسول الله صلى الله عليه وآله
جبهته، وهو بعض وجهه (9). وكذا أبو علي لقوله: مهما وصلت إليه اليد من الوجه
أجزأه، من غير أن يدع جبينه وموضع سجوده (10).
ويجب مسحها (مستوعبا لها) عندنا، للاحتياط، وظاهر الأخبار
والفتاوى. ولو اشتملت على جبيرة مسح عليها، وأجاز أبو حنيفة ترك ما دون

(1) ذكرى الشيعة: ص 108 س 32.
(2) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 25، الغنية
(االجوامع الفقهية): ص 493 س 6.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 426.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 976 ب 11 من أبواب التيمم.
(5) المائدة: 6.
(6) في ص و م: (الجبين).
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 980 ب 13 من أبواب التيمم ح 1.
(8) المعتبر: ج 1 ص 386.
(9) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 429.
(10) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 430.
471

درهم منها (1). وقال الشافعي: إن ترك شيئا منها نسيانا، فإن تذكر قبل تطاول
الزمان مسح عليه، وإن تطاول فله قولان (2)، الاستئناف والبناء.
وهل يجب الابتداء من الأعلى؟ قطع به في التذكرة (3) ونهاية الإحكام (4)،
وهو خيرة الذكرى (5) والدروس (6) تسوية بينه وبين الوضوء، وتمسكا بالبياني،
وفيهما نظر، والأصل العدم.
(ثم) يمسح (ظاهر الكف الأيمن) ببطن الأيسر (من الزند إلى
أطراف الأصابع) كما هو المشهور، ويدل على مقدار الممسوح أكثر الأخبار.
وفي الناصرية (7) والغنية (8) الاجماع عليه، والأصل عدم الزيادة.
وأما الكون ببطن الأيسر فنص عليه أكثر الأصحاب، وهو المتبادر من إطلاق
غيرهم والأخبار، ولو تعذر فبالظهر كما في الذكرى (9)، ولو تجدد العذر بعد مسح
الوجه ولم يفتقر مسح اليدين إلى ضربة أخرى فالأحوط الاستئناف، ولو تجدد
بعد الضربة الثانية قبل المسح احتمل الاكتفاء بضرب الظهر مرة أخرى.
ويجب مسحها (مستوعبا) لها لما مر، وفيه الخلاف المتقدم وفي الابتداء
من الزند لما مر.
(ثم) يمسح ظاهر الكف (الأيسر كذلك) أي من الزند إلى أطراف
الأصابع مستوعبا.
وفي المقنع: دلك إحدى اليدين بالأخرى فوق الكف قليلا (10)، وفي الفقيه: في
بدل غسل الجنابة مسح ظهر اليدين فوق الكف قليلا (11)، لأن الصادق عليه السلام مسح

(1) المجموع: ج 2 ص 239.
(2) الأم: ج 1 ص 49.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 63 س 32.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 206.
(5) ذكرى الشيعة: ص 109 س 4.
(6) الدروس الشرعية: ج 1 ص 133 درس 24.
(7) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 47.
(8) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 9.
(9) ذكرى الشيعة: ص 109 س 16.
(10) المقنع: ص 9.
(11) من لا يحضره الفقيه: ج 1 ص 104 ذيل الحديث 213.
472

لأبي أيوب وداود بن النعمان فوق الكف قليلا (1).
وإنما اقتصر في الفقيه على ذكره: (في بدل غسل الجنابة) لأنه عليه السلام إنما فعل
ذلك بعد ما حكى أن عمارا أجنب فتمعك في التراب، فقال له النبي صلى الله عليه وآله [وهو]
يهزأ [به]: يا عمار تمعكت كما تتمعك الدابة. لكن السؤال في الخبرين عن كيفية
التيمم مطلقا، ثم يحتملان المسح فوقها من باب المقدمة، وكلام الصدوق أيضا
يحتمله، فلا خلاف، ويحتملان أن السائل رآه عليه السلام يمسح فوقها وإن لم يكن
مسح عليه السلام إلا عليها، وأن يكون قليلا صفة مصدر محذوف أي مسحا قليلا، أي غير
مبالغ في إيصال الغبار إلى جميعها وفوق الكف حينئذ بمعنى على ظهرها أو عليها.
وقيل: بالمسح من أصول الأصابع (2)، لمرسل حماد بن عيسى: أن
الصادق عليه السلام سئل عن التيمم فتلا هذه الآية (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)
وقال: (اغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق) قال: وامسح على كفيك من
حيث موضع القطع (3). وإنما يتم لو كان (حيث) مضافا إلى لفظ (موضع القطع).
والفصيح إضافته إلى الجملة، فالمعنى من حيث الكف موضع القطع، فكأنه عليه السلام
استدل على أن المسح على الكفين بأن اليد مع الاطلاق يتبادر منها الكف، وإذا
أريد الزائد عليها نص عليه بدليل آيتي السرقة والوضوء [على أنه يجوز أن يراد
موضع القطع عند العامة] (4).
وقال علي بن بابويه: تمسح اليدين من المرفقين إلى أطراف الأصابع (5)، لقول
الصادق عليه السلام في خبر ليث: تضرب بكفيك على الأرض مرتين، ثم تنفضهما
وتمسح بهما وجهك وذراعيك (6). ومضمر عثمان عن سماعة سأله كيف التيمم؟

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 976 ب 11 من أبواب التيمم ح 2 و 4.
(2) قاله صاحب المدارك: ج 2 ص 222.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 980 ب 13 من أبواب التيمم ح 2.
(4) ما بين المعقوفين زيادة من ص و ك.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 426.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 978 ب 12 من أبواب التيمم ح 2.
473

فوضع يده على الأرض فمسح بها وجهه وذراعيه إلى المرفقين (1). وفي الصحيح:
أن محمد بن مسلم سأل الصادق عليه السلام عن التيمم، فضرب بكفيه الأرض ثم مسح
بهما وجهه، ثم ضرب بشماله الأرض فمسح بها مرفقه إلى أطراف الأصابع واحدة
على ظهرها وواحدة على بطنها، ثم ضرب بيمينه الأرض، ثم صنع بشماله كما
صنع بيمينه، ثم قال: هذا التيمم على ما كان فيه الغسل وفي الوضوء الوجه واليدين
إلى المرفقين (2). وهي محمولة على التقية، وربما أريد بيان كيفيته على رأيهم.
وجوز المحقق الاستيعاب (3)، عملا بالأخبار كلها. واحتمل في المنتهى
استحباب الاستيعاب، وإرادة الرسغ من المرفق في الثاني (4).
ولا بد من ترتيب الأعضاء كما ذكر، قال في التذكرة: ذهب إليه علماء أهل
البيت (5)، وفي المنتهى: إنه مذهب علمائنا أجمع (6)، وعن المرتضى: إن كل من
أوجب الترتيب في الوضوء أوجب فيه، فمن فرق بينهما خرق الاجماع (7). وفي
الخلاف: إن الدليل عليه دليل وجوبه في الوضوء ومنه الاجماع وإفادة الفاء
المبادرة وقوله صلى الله عليه وآله ابدأوا بما بدأ الله به، والاحتياط (8).
قلت: ومن البيانات ما تضمن تقديم مسح الوجه، وما سمعته آنفا من صحيح
ابن مسلم تضمن الترتيب بين الثلاثة الأعضاء.
وبعض كتب الأصحاب خالية عن الترتيب مطلقا كالمصباح ومختصره
والجمل والعقود والهداية وكالفقيه في بدل الوضوء، وبعضها خالية عنه بين الكفين
كالمقنع وجمل العلم والعمل والسرائر والمراسم والشرائع، ولم ير أبو حنيفة

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 981 ب 13 من أبواب التيمم ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 979 ب 12 من أبواب التيمم ح 5.
(3) المعتبر: ج 1 ص 147.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 147 س 8.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 64 س 6.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 147 س 30.
(7) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 393.
(8) الخلاف: ج 1 ص 138 المسألة 82 و ص 96 المسألة 42.
474

ترتيبا (1)، والشافعي بين اليدين (2).
(ولو نكس) بأن قدم أحدا من الثلاثة على ما قبله (استأنف على ما
يحصل معه الترتيب) أي استأنف التيمم المرتب لفوات الموالاة إن بنى، أو
استأنف الذي قدمه خاصة ليحصل الترتيب إن كان لا يخل بالموالاة، أو قلنا
الاخلال بها لا يبطله وإن حرم، أو لم يوجبها كما احتمله في نهاية الإحكام في
بدل الغسل (3).
(ولو أخل ببعض الفرض) من عضو أو بعضه (أعاد) المسح (عليه
وعلى ما بعده) ليحصل الترتيب كما في المعتبر (4)، وفي المبسوط: يعيد
التيمم (5)، وهما مبنيان على وجوب الموالاة وفواتها وعدمها أو عدم البطلان
بفواتها.
(ويستحب نفض اليدين بعد الضرب) على التراب (قبل المسح)
للأخبار (6)، وتحرزا عن تشويه الخلق.
ولا يجب اجماعا كما في التذكرة (7)، وعن ظاهر أبي علي وجوب المسح بما
على الكفين من التراب على الوجه (8). وقد يقال: لا ينافي النفض، لأنه لا ينفي
التراب رأسا.
واستحب الشيخ في النهاية (9) وظاهر المبسوط (10)، مع النفض مسح إحداهما
بالأخرى. قال المحقق في النكت: أما الجمع بين الأمرين فلا أعرفه (11)، وفي
المنتهى: لا يستحب مسح إحدى الراحتين بالأخرى، خلافا لبعض الجمهور (12).

(1) المحلى: ج 2 ص 161 المسألة 253.
(2) المحلى: ج 2 ص 161 المسألة 253.
(3) نهاية الإحكام: ج 1 ص 208.
(4) المعتبر: ج 1 ص 394.
(5) المبسوط: ج 1 ص 35.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 978 ب 12 من أبواب التيمم ح 2 و 4.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 64 س 4.
(8) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 430.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 263.
(10) المبسوط: ج 1 ص 33.
(11) النهاية ونكتها: ج 1 ص 263.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 148 س 11.
475

(ويجزئه في) بدل (الوضوء ضربة واحدة) وفاقا للأكثر، للأصل
وإطلاق الآية (1) وعدة من الأخبار (2)، وخلو التيممات البيانية عن ضربة أخرى مع
تصريح الراوي لبعضها بالوحدة، وإن احتمل البيان بيان ما يجب فيه من
المسحين، واحتملت الوحدة وحدة المسح أي مسح على كل من الوجه والكفين
مرة. ولخبر زرارة: سأل الباقر عليه السلام كيف التيمم؟ فقال: ضربة واحدة للوضوء
وللغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين، ثم تنفضهما مرة للوجه ومرة لليدين كذا
في المعتبر (3).
والذي في التهذيب وغيره قال عليه السلام: هو ضرب واحد للوضوء والغسل من
الجنابة تضرب بيديك مرتين، ثم تنفضهما نفضة للوجه ومرة لليدين (4). وهو وإن
احتمل الموافقة له في المعنى لكنه خلاف الظاهر.
وعن ظاهر أركان المفيد اختيار ضربتين فيه (5)، لظاهر هذا الخبر على ما في
التهذيب. ويحتمل أن يكون معناه أنه ضربة واحدة للوضوء وفي الغسل من
الجنابة تضرب إلى آخره، ولاطلاق صحيح ابن مسلم: سأل أحدهما عليهما السلام عن
التيمم، فقال: مرتين مرتين للوجه واليدين (6).
ويحتمل مسحين: إحداهما للوجه، والأخرى لليدين، وكون مرتين ظرفا
للقول، أي قال: إنه للوجه واليدين لا لغيرهما، قال ذلك: مرتين مرتين، أي كلما
سألته عن ذلك قال ذلك مرتين، أو أكد مرتين الأولى بالثانية. ولقول الرضا عليه السلام
في صحيح إسماعيل الكندي: التيمم ضربة للوجه وضربة للكفين (7).
ويحتمل أن يكون في مقام بيان بدل الغسل، وأن تكون الضربتان بمعنى

(1) المائدة: 6.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 975 ب 11 من أبواب التيمم.
(3) المعتبر: ج 1 ص 388.
(4) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 210 ح 611.
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 108 س 18.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 978 ب 12 من أبواب التيمم ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 978 ب 12 من أبواب التيمم ح 3.
476

المسحتين على الوجه والكفين لا الضربتين على الأرض، ولما مر من خبر ليث
عن الصادق عليه السلام (1).
ويحتمل أيضا تعلق (مرتين) بالقول، ولأن عمارا سأله عليه السلام عن التيمم من
الوضوء والجنابة ومن الحيض للنساء سواء؟ فقال: نعم (2). وهو مع الضعف يحتمل
التساوي في الاجتزاء بضربة، وفي المسح على بعض الوجه وبعض اليدين.
واحتمل السيد في شرح الرسالة (3) والمحقق في المعتبر (4) والشهيد في
الذكرى (5) استحباب ضربتين، واحتمل الشهيد التخيير إن لم يكن فيه إحداث
قول (6).
وفي رسالة علي بن بابويه (7) وبعض نسخ أمالي ابنه الصدوق (8): ثلاث
ضربات، من غير فرق بين بدلي الوضوء والغسل. وحكى في المقنع رواية (9)، وبه
ما مر من صحيح ابن مسلم عن الصادق عليه السلام (10).
وفي المعتبر: وهذه نادرة على أنا لا نمنعها جوازا (11).
(و) يجزئه (في) بدل (الغسل ضربتان) كما هو المشهور، حملا لما
سمعته من الأخبار عليه جمعا، لمناسبة الخفيف الوضوء والثقيل الغسل، ولخبر
زرارة على ما في المعتبر (12). ولم أظفر بخبر ينص على التفصيل غيره، مع أن متنه
في التهذيب (13) وغيره ظاهر في التساوي. ولا بخبر ينص على وحدة الضربة، فإن

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 978 ب 12 من أبواب التيمم ح 2.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 979 ب 12 من أبواب التيمم ح 6.
(3) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 108 س 24.
(4) المعتبر: ج 1 ص 388 - 389.
(5) ذكرى الشيعة: ص 108 س 24.
(6) ذكرى الشيعة: ص 108 س 24.
(7) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 108 س 16.
(8) أمالي الصدوق: ص 515.
(9) المقنع: ص 9.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 979 ب 12 من أبواب التيمم ح 5.
(11) المعتبر: ج 1 ص 388.
(12) المعتبر: ج 1 ص 388.
(13) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 210 ح 611.
477

انتهضت الأخبار لاثبات وجوب الضربتين انتهضت له مطلقا.
واجتزأ الحسن (1) وأبو علي (2) والمفيد في الغرية (3) والسيد في الجمل (4)
وشرح الرسالة (5) وظاهر الناصرية (6)، والصدوق في ظاهر الهداية (7) والمقنع (8)
بضربة، للأصل والبيانات مع ظهور الأكثر في بدل الغسل، وعدم انتهاض ما مر من
الأخبار لايجاب ضربتين، وخبر عمار المتقدم بالتسوية، وسمعت قول الصدوقين
بثلاث ضربات لصحيح ابن مسلم.
(ويتكرر) عليه (التيمم لو اجتمعا) أي الوضوء والغسل في الوجوب
عليه كالحائض، لوجوب المبدلين، وعدم إغناء أحدهما عن الآخر. فالبدل أولى،
لضعفه، خصوصا إذا اشترطت نية البدلية أو اختلف التيممان في عدد الضربة.
وقد يحتمل الاكتفاء بتيمم واحد، إما بناء على تساويهما في عدد الضربة
وعدم اشتراط نية البدلية، أو على خبري عمار (9) وأبي بصير (10) بتساوي تيممي
الجنب والحائض، وضعفهما ظاهر.
(ويسقط مسح المقطوع) من الوجه أو الكفين (دون الباقي) لأن
الميسور لا يسقط بالمعسور، حتى لو كان مقطوع الكفين كان عليه مسح الجبهة
خاصة وإن بقي الرسغ كما في المعتبر (11) والمنتهى (12)، لأن محل الوجوب الكف
وقد زالت.

(1) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 431.
(2) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 431.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 431.
(4) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى المجموعة الثالثة): ص 25.
(5) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 388.
(6) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 224 المسألة 46.
(7) الهداية: ص 18.
(8) المقنع: ص 9.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 979 ب 12 من أبواب التيمم ح 6 و 7.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 979 ب 12 من أبواب التيمم ح 6 و 7.
(11) المعتبر: ج 1 ص 390.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 148 س 9.
478

واحتمل في المنتهى (1) ونهاية الإحكام (2) مسح الرسغ، لاحتمال دخوله
أصالة. وفي المبسوط: إذا كان مقطوع اليدين من الذراعين سقط عنه فرض التيمم،
ويستحب أن يمسح ما بقي (3).
فإما أن يريد سقوط التيمم رأسا لأن الواجب مسح الجبهة بالكفين وقد
عدمتا، والأصل البراءة من مسحها بغيرهما، لكن يستحب، لاطلاق الآية
وطهورية التراب. أو يريد سقوط فرضه عن اليدين كما نص عليه في الخلاف (4)،
واستحباب مسح ما بقي منهما (5)، لعموم الأيدي في الآية، أو لدليل وجده، ولعله
المراد، وباستحبابه قال المصنف أيضا في النهاية (6). (7)
(ولا بد من نقل التراب) إلى الجبهة والكفين أو حكمه، بمعنى مسح أعضاء
التيمم بالكفين بعد ضربهما على التراب أو غيره من الأرض مع الامكان، وبدونه
بما يقوم مقامهما ولو بمسح نفس الأعضاء بالأرض.
وبالجملة فليس رجوعا عما مر من جواز التيمم بالحجر، وقولا بوجوب
المسح من التراب كما قاله أبو علي (8).
(فلو) انتقل التراب بناقل وغيره، كما لو (تعرض لمهب الريح) حتى
اغبرت جبهته ثم كفاه (لم يكف) وإن قصده، لأنه لم يمسحها بالصعيد، خلافا
لبعض العامة (9) قياسا على جلوس المغتسل تحت الميزاب.

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 148 س 9.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 207.
(3) المبسوط: ج 1 ص 33.
(4) الخلاف: ج 1 ص 138 المسألة 84.
(5) في ص و ك زيادة: (يعني الرسغين لما سمعته من احتمال دخولهما إصالة وفي نهاية
الإحكام لو كان مقطوع اليدين من فوق الزند مسق مسحهما لفوات محله لكن يستحب مسح
شئ من الذراعين قلت: لعله).
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 207.
(7) في ص و ك عبارة: (قال: قال الشيخ: ولو كان مقوعهما من المرفق استحب مسح ما بقي ولا
يسقطط طمسح الجبهة) بدل عبارة (ولعلة.... أيضا في النهاية).
(8) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 108 س 27.
(9) المجموع: ج 2 ص 235.
479

ولا بد من المباشرة بنفسه كالمبدلين، لتعلق الأمر به، وفي المنتهى: لا خلاف
فيه عندنا (1)، (و) لذا (لو يممه غيره مع القدرة لم يجزئ) عندنا وإن كان
بإذنه، وللشافعية فيه وجهان (2).
(ويجوز مع العجز) بشرط توليه بنفسه النية كالمبدلين. قيل: ولو نويا كان
أولى.
ثم إنه يضرب بيدي العليل إن أمكن ويمسح بهما أعضاءه، وإلا ضرب بيدي
نفسه ومسح بهما أعضاءه، إلا أن يفرض تعدد ضرب يدي العليل على الأرض
وامكان مسحهما بأعضائه فلا يبعد وجوب ضرب الصحيح يديه على الأرض، ثم
ضربهما على يدي العليل، ثم المسح بيدي العليل على أعضائه كما قال أبو علي:
يضرب الصحيح بيديه ثم يضرب بهما يدي العليل (3). وفي الذكرى: لم نقف على
مأخذه (4). قلت: المأخذ على ما فرضناه واضح.
(ولو كان على وجهه) أي جبهته (تراب فردده بالمسح لم يجزئ)
لانتفاء النقل وما في حكمه، قال في المنتهى: وفيه احتمال (5)، وكأنه مبني على أن
الواجب مسح الكفين الموضوعتين على الأرض بالوجه، ويحصل بالترديد، فإن
وضع الكفين على التراب كاف، وإن لم يكن على الأرض بل على أعضائه ثم
مسحها بالأعضاء وقد حصلا، لكنه خلاف المعهود من الشارع.
(ولو نقله) إليه (من سائر أعضائه) بالكفين بضربهما عليه ثم مسحهما
بالوجه (جاز)، خلافا للتحرير (6) والتذكرة (7)، لما عرفت من عدم لزوم ضربهما
على الأرض. وكذا لو كان على الجبهة فضرب عليها كفيه ثم مسح عليها بهما. وفي
التذكرة: إن الكل باطل عندنا (8).

(1) منتهى المطلب: ج 1 ص 148 س 13.
(2) المجموع: ج 2 ص 235.
(3) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 109 س 32.
(4) ذكرى الشيعة: ص 109 س 33.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 148 س 23.
(6) تحرير الأحكام: ج 1 ص 22 س 11.
(7) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 64 س 16.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 64 س 16.
480

(ولو معك وجهه) أي جبهته (في التراب لم يجزئ) وإن حصل النقل
أو حكمه لوجوب حصوله بالكفين (إلا مع العذر) المانع من ضرب الكفين أو
مسحهما بالجبهة فيجزئ المعك.
وهل يقدم على التولية؟ وجهان، أقواهما التقديم، خصوصا إذا كان الضرب
على الأرض بمنزلة أخذ الماء لا من الأفعال.
(و) يجب أن (ينزع خاتمه) وشبهه للضرب وللمسح على اليدين،
لوجوب الاستيعاب، وإن تعذر فكالجبيرة.
(ولا) يجب ولا يستحب أن (يخلل أصابعه) للأصل من غير معارض،
فإنما يجب مسح ظاهر الكفين، وأوجبه الشافعي إن لم يفرج الأصابع في الضربة
الثانية، واستحبه إن فرجها (1).
نعم استحب الأصحاب التفريج عند الضرب أولا وثانيا، وللشافعي فيه أقوال
ثانيها المنع في الأولى، وثالثها تخصيص الاستحباب بالثانية (2).

(1) فتح العزيز (بهامش المجموع): ج 2 ص 331.
(2) فتح العزيز (بهامش المجموع): ج 2 ص 331.
481

(الفصل الرابع)
(في الأحكام)
(لا يجوز التيمم قبل دخول الوقت إجماعا) خلافا لأبي حنيفة (1).
(ويجوز) أو يجب (مع التضيق) إجماعا.
(وفي السعة خلاف) فالأكثر على المنع مطلقا، لكونه طهارة اضطرارية
ولا اضطرار مع السعة. ويمنع اشتراطه بالاضطرار على هذا الوجه، وإنما يشترط
بعدم التمكن من استعمال الماء لمشروط بالطهارة في وقته، وإن كان في السعة فلا
يفهم من النصوص سواه كاضطرار المستحاضة ومن به السلس، ولعموم نحو قول
الصادق عليه السلام لابن بكير: فإذا تيمم الرجل فليكن ذلك في آخر الوقت، فإن فاته
الماء فلن تفوته الأرض (2).
وقول أحدهما عليهما السلام في حسن زرارة: إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام
في الوقت، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصل في آخر الوقت (3). وأنت
تعلم أنهما ومثلهما ظاهرة في رجاء التمكن من الماء. وقول أحدهما عليهما السلام في

(1) المجموع: ج 2 ص 243.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 994 ب 22 من أبواب التيمم ح 3.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 993 ب 22 من أبواب التيمم ح 2.
482

خبر آخر لزرارة: إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت، فإذا تخوف
أن يفوته فليتيمم وليصل في آخر الوقت (1). ويحتمل اختصاصه بالرجاء. ولقول
الرضا عليه السلام ليعقوب بن يقطين في الصحيح: إذا وجد الماء قبل أن يمضي الوقت
توضأ وأعاد (2).
ويعارضه أخبار، مع احتماله الاستحباب، وعدم استلزام وجوب الإعادة
بطلان التيمم والصلاة، مع نصه عليه السلام فيه بأنه إن مضى الوقت فلا إعادة، وهو يعم ما
إذا تيمم في السعة، ولوجوب الطلب أول الوقت، فلا يجوز التيمم فيه فيجب
التأخير إلى الآخر، إذ لا قائل بالفرق.
ومرجعه إلى ما في الإنتصار (3) والناصرية (4) والغنية (5) وشرح جمل السيد
للقاضي (6) وأحكام الراوندي (7)، من الاجماع فإنه على المنع، فإن تم كان هو
الحجة ولا ريب أنه أحوط كما في الشرائع (8) والنافع (9) وخيرة التحرير (10)
والمنتهى (11) والارشاد (12) والبيان (13) الجواز مطلقا، وهو ظاهر البزنطي (14)، وحكي
عن الصدوق (15) وظاهر الجعفي (16)، للأصل، واطلاق الآية (17).
وما دل على فضل أول الوقت وعدم الإعادة وإن تمكن من الماء في الوقت

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 982 ب 14 من أبواب التيمم ح 3.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 983 ب 14 من أبواب التيمم ح 8.
(3) الإنتصار: ص 31.
(4) الناصريات (الجوامع الفقهية): ص 225 المسألة 52.
(5) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 12.
(6) شرح جمل العلم والعمل: ص 61 وليس فيه (الاجماع).
(7) فقه القرآن: ج 1 ص 37.
(8) شرائع الاسلام: ج 1 ص 48.
(9) المختصر النافع: ص 17.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 22 س 21.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 140 س 5.
(12) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 234.
(13) البيان: ص 35.
(14) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 106 س 37.
(15) نقله عنهما في ذكرى الشيعة: ص 106 س 34.
(16) نقله عنهما في ذكرى الشيعة: ص 106 س 34.
(17) المائدة: 6.
483

كصحيح زرارة سأل الباقر عليه السلام فإن أصاب الماء وقد صلى بتيمم وهو في وقت،
قال: تمت صلاته ولا إعادة عليه (1). وإن أمكن تخصيصه، ونحوه باليأس أو ظن
الضيق فظهر الخلاف، وجعل (وهو في وقت) قيدا للصلاة وإصابة الماء في
الصلاة، ولكن كما يمكن ذلك يمكن حمل الأخبار المتقدمة على الاستحباب، كما
هو ظاهر قول الصادق عليه السلام في خبر محمد بن حمران: واعلم أنه ليس ينبغي
لأحد أن يتيمم إلا في آخر الوقت (2)، هذا مع ضعف أكثر تلك الأخبار.
و (أقربه) أي الخلاف والإضافة لأدنى ملابسة، أو أقرب آرائه (الجواز
مع العلم) عادة (باستمرار العجز) إلى فوات الوقت (وعدمه مع عدمه)
وفاقا لأبي علي (3) والمعتبر (4) وظاهر الحسن (5)، جمعا بين الأدلة، ولاشتراطه بفقد
الماء. وإنما يتحقق عند اليأس بشهادة وجوب الطلب، وفيه أنه يتحقق باليأس في
الحال.
(ويتيمم للخسوف بالخسوف) مثلا مع اليأس أو مطلقا لتضيقه، بناء على
فوات الوقت بالشروع في الانجلاء كما يأتي.
وأما على القول بالامتداد إلى تمام الانجلاء فإن علم به أوله كان مضيقا أيضا،
لاحتمال الانجلاء وإن أخبر المنجمون بالاحتراق ونحوه، إذ لا عبرة بقولهم.
وأما إن لم يعلم به إلا بعد الاحتراق - مثلا - أو علم وأخر الصلاة فيمكن أن لا
يجوز له التيمم إذا اعتبر فيه الضيق إلى العلم العادي بحصول تمام الانجلاء بتمام
الصلاة. ويجوز أن يريد أن ابتداء الخسوف إلى آخره الذي هو الشروع في
الانجلاء أو تمامه وقت للتيمم، وجب التأخير عن أوله أولا.
(و) يتيمم (للاستسقاء بالاجتماع في الصحراء) ما لم يريدوا تأخير

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 983 ب 14 من أبواب التيمم ح 9.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 992 ب 21 من أبواب التيمم ذيل الحديث ح 3.
(3) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 383.
(4) المعتبر: ج 1 ص 384.
(5) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 383.
484

الصلاة لسبب، وإن لم يصطفوا كما في الذكرى (1)، لأن الاصطفاف بعد الطهارة. قال
الشهيد: والأقرب جوازه بإرادة الخروج إلى الصحراء، لأنه كالشروع في
المقدمات. يعني نحو الاستقبال وتسوية الصف. قال: بل يمكن بطلوع الشمس في
اليوم الثالث، لأن السبب الاستسقاء، وهذا وقت الخروج فيه. يعني أن الخروج
مضيق عليه إذا طلعت الشمس، لوجوب أخذهم فيه من أول اليوم حتى يجتمعوا،
والخروج كالشروع في المقدمات.
نعم إن علم تأخر الإمام أو الجماعة لم يتجه إذا اعتبر الضيق، ثم إن عم
الموجب للتيمم اتجه التأخير إلى قريب من الزوال، وكذا إن اختص بالإمام
وأمكنه الاعلام.
(وللفائتة بذكرها) أما على المضائقة فظاهر، وأما على المواسعة واعتبار
الضيق في التيمم فلعموم الأمر بالقضاء عند الذكر، ولزوم التغرير به لو أخر،
واختصاص أدلة الضيق في التيمم بماله وقت مقدر.
(ولو تيمم لفائتة ضحوة) مثلا أو لمنذورة أو نافلة (جاز أن يؤدي
الظهر في أول الوقت) وإن توقع المكنة، كما قد يفهم من اطلاق المبسوط (2)،
واختاره في التذكرة (3).
(على اشكال) كما في المعتبر (4)، من وجود المقتضي الذي هو الوقت
وارتفاع مانعية الحدث إلى التمكن من استعمال الماء، ومن وجود المقتضي
للتأخير وهو توقع المكنة وانتفاء الضرورة قبل الضيق، فإنهما كما يقتضيان تأخير
التيمم فيقتضيان تأخير الصلاة، وهو المحكي في الإصباح عن السيد (5).
(ولا يشترط) في صحة التيمم (طهارة) جميع (البدن عن النجاسة)
للأصل من غير معارض، (فلو تيمم وعلى بدنه نجاسة جاز) إلا أن يمكنه

(1) ذكرى الشيعة: ص 106 س 30.
(2) المبسوط: ج 1 ص 33.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 64 س 33.
(4) المعتبر: ج 1 ص 383.
(5) حكاه عنه في إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 21.
485

الإزالة ويتسع الوقت لها وللتيمم. ولم نجوز التيمم في السعة مطلقا أو لتوقع المكنة،
ولذا أوجب تقديم الاستنجاء، ونحوه عليه في المبسوط (1) والنهاية (2) والمعتبر (3)
وظاهر المقنعة (4) والكافي (5) والمهذب (6) والإصباح (7)، أو تكون النجاسة في
أعضاء التيمم مع إمكان الإزالة، أو التعدي إلى التراب، أو إلى عضو آخر منها
طاهرا.
والحيلولة إن أمكن إزالة الحائل ففي كتب الشهيد (8) وجوب طهارة هذه
الأعضاء مع الامكان تسوية بينها وبين أعضاء الطهارة المائية، ولا أعرف دليلا
عليه إلا وجوب تأخير التيمم إلى الضيق، فيجب تقديم الإزالة عنها كسائر
الأعضاء إن كانت النجاسة مما لا يعفى عنه، لكنه حكى الاجماع في حاشية
الكتاب.
(ولا يعيد ما صلاه بالتيمم) الصحيح، لإجماعنا (9) عدا طاووس كما في
الخلاف (10) والمعتبر (11) والمنتهى (12) مع انقراض خلافهم، وللأصل والامتثال،
وعموم الأخبار.
(في سفر) كان تيممه وصلاته (أو حضر) خلافا للسيد في شرح
الرسالة (13)، وهو قول الشافعي (14)، ولا أعرف مستنده، فإن الآية والأخبار عامة.
وفي الخلاف: إجماعنا على التساوي (15).

(1) المبسوط: ج 1 ص 34.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 264.
(3) المعتبر: ج 1 ص 194.
(4) المقنعة: ص 62.
(5) الكافي في الفقه: ص 136.
(6) المهذب: ج 1 ص 47.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 21.
(8) الدروس الشرعية: ج 1 ص 131 درس 23، البيان: ص 37، ذكرى الشيعة: ص 109 س 23.
(9) في س و ك و م: (لاجماع).
(10) الخلاف: ج 1 ص 142 المسألة 90.
(11) المعتبر: ج 1 ص 395.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 151 س 13.
(13) نقله عنه في تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 61 س 37.
(14) المغني لابن قدامة: ج 1 ص 267.
(15) راجع الخلاف: ج 1 ص 149 ذيل المسألة 97.
486

ولا فرق بين سفر المعصية والمباح كما في الخلاف (1) والمبسوط (2)، لعموم
الأدلة، خلافا للشافعي في وجه (3).
(تعمد الجنابة) مع علمه بتعدد الغسل (أولا) وفاقا للمحقق (4) وظاهر
الحلبي (5)، للأصل والامتثال والعمومات، وقد يستظهر من قول النبي صلى الله عليه وآله لأبي ذر
وقد جامع على غير ماء: يكفيك الصعيد عشر سنين، على ما في خبر السكوني عن
الصادق عليه السلام (6) وإن احتمل الكفاية أداء، وقيل: المراد تعمدها قبل الوقت، وإلا
كان كإراقة الماء في الوقت.
وخلافا للنهاية (7) والمبسوط (8) والاستبصار (9) والتهذيب (10) والمهذب (11)
والإصباح (12) والارشاد (13) وروض الجنان (14) ففيها الإعادة على من تعمدها
لصحيح ابن سنان: سأل الصادق عليه السلام عن الرجل تصيبه الجنابة في الليلة الباردة
ويخاف على نفسه التلف إن اغتسل، فقال: يتيمم ويصلي، فإذا أمن البرد اغتسل
وأعاد الصلاة (15)، ونحوه مرسل جعفر بن بشير عنه عليه السلام (16) ويحتملان
الاستحباب، وإنما حملوهما على المتعمد لأنه لا يخلو عن تفريط، ولما سيأتي
من التشديد عليه وايجاب الغسل عليه وإن أصابه ما أصابه، وللأخبار المطلقة في

(1) الخلاف: ج 1 ص 169 المسألة 122.
(2) المبسوط: ج 1 ص 34.
(3) المجموع: ج 2 ص 303.
(4) المعتبر: ج 1 ص 396.
(5) الكافي في الفقه: ص 137.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 983 ب 14 من أبواب التيمم ح 12.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 259.
(8) المبسوط: ج 1 ص 30.
(9) الإستبصار: ج 1 ص 162 ذيل الحديث 560.
(10) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 196 ذيل الحديث 568.
(11) المهذب: ج 1 ص 48.
(12) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 20.
(13) إرشاد الأذهان: ج 1 ص 235.
(14) روض الجنان: ص 130 س 27.
(15) وسائل الشيعة: ج 2 ص 981 ب 14 من أبواب التيمم ح 2.
(16) وسائل الشيعة: ج 2 ص 982 ب 14 من أبواب التيمم ح 6.
487

عدم إعادة الجنب مع المطلقة في عدم الإعادة كصحيح ابن مسلم سأل
الصادق عليه السلام عن رجل أجنب فتيمم بالصعيد وصلى ثم وجد الماء، فقال: لا يعيد
أن رب الماء رب الصعيد، فقد فعل أحد الطهورين (1).
واقتصر ابنا إدريس (2) وسعيد (3) على رواية الإعادة عليه، ثم إنهم أطلقوا
التعمد، ولعلهم يريدونه عند العلم بتعذر الغسل. ثم في المقنعة: إن على المتعمد
الغسل وإن خاف على نفسه، ولا يجزئه التيمم (4)، وحكي عن ظاهر أبي علي (5).
وفي الهداية (6) والخلاف (7): وإن خاف التلف، ويحتمله كلام المفيد، وذلك
للإجماع على ما في الخلاف، وهو ممنوع، ولخبر سليمان بن خالد وأبي بصير
وعبد الله بن سليمان عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن رجل في أرض باردة يخاف
إن هو اغتسل أن يصيبه عنت من الغسل كيف يصنع؟ فقال: يغتسل وإن أصابه ما
أصابه (8). ومرفوع علي بن أحمد عنه عليه السلام: في مجدور أصابته جنابة، قال: إن كان
أجنب هو فليغتسل، وإن كان احتلم فليتيمم (9). وخبر ابن مسلم سأله عليه السلام عن
رجل تصيبه الجنابة في أرض باردة ولا يجد الماء وعسى أن يكون الماء جامدا،
فقال: يغتسل على ما كان، حدثه رجل أنه فعل ذلك فمرض شهرا من البرد، قال:
اغتسل على ما كان فإنه لا بد من الغسل (10). والكل يحتمل وجوب تحمل المشقة
اللاحقة بالاستعمال من البرد خاصة.
واستحبابه لا مع خوف المرض أو التلف، ويكون قوله عليه السلام في الأخير:
(اغتسل على ما كان) بلفظ الماضي أي أنه اغتسل على ما كان عنده، أي لم يكن

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 984 ب 14 من أبواب التيمم ح 15.
(2) السرائر: ج 1 ص 141.
(3) الجامع للشرائع: ص 45.
(4) المقنعة: ص 60.
(5) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 437.
(6) الهداية: ص 19.
(7) الخلاف: ج 1 ص 156 المسألة 108.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 986 ب 17 من أبواب التيمم ح 3.
(9) وسائل الشيعة: ج 2 ص 986 ب 17 من أبواب التيمم ح 1.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 987 ب 17 من أبواب التيمم ح 4.
488

يخاف المرض فاغتسل واتفق أنه مرض فصح غسله.
هذا مع ما علم من إرادة الله اليسر وكراهته العسر ونفيه الحرج في الدين
والضرر ونهيه عن الالقاء في التهلكة (1)، وقال الله تعالى (فأتوا حرثكم أنى
شئتم) (2). وسأل إسحاق بن عمار أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يكون مع أهله في
السفر فلا يجد الماء يأتي أهله، فقال: ما أحب أن يفعل ذلك إلا أن يكون شبقا أو
يخاف على نفسه، قال: يطلب بذلك اللذة، قال: هو حلال، قال: فإنه روي عن
النبي صلى الله عليه وآله أن أبا ذر سأله عن هذا، فقال: ائت أهلك وتؤجر، فقال: يا رسول الله
وأؤجر؟! قال: كما أنك إذا أتيت الحرام أزرت فكذلك إذا أتيت الحلال أجرت (3).
وإذا جاز الجماع لم يوجب العقوبة بمثل ذلك وإن كره. نعم في المنتهى
تحريمه إذا دخل الوقت ومعه ما يكفيه للوضوء لتفويته الصلاة بالمائية (4)، واحتمل
في نهاية الإحكام (5) بخلاف فاقد الماء مطلقا، لأن التراب كما يقوم مقام الماء في
الحدث الصغير تقوم مقامه في الكبير.
أما قبل الوقت فنفى عنه الكراهية في الكتابين (6) والتحرير (7)، للأصل من غير
معارض، ولا بأس به.
ثم في الخلاف: إذا جامع المسافر زوجته وعدم الماء فإنه إن كان معه من
الماء ما يغسل به فرجه وفرجها فعلا ذلك، وتيمما وصليا ولا إعادة عليهما، لأن
النجاسة قد زالت، والتيمم عند عدم الماء يسقط به الفرض، وهذا لا خلاف فيه.
وإن لم يكن معهما ماء أصلا فهل يجب عليهما الإعادة أم لا؟ للشافعي فيه وجهان،
أحدهما يجب والآخر لا يجب، والذي يقتضيه مذهبنا أنه لا إعادة عليهما (8)،

(1) البقرة: 195.
(2) البقرة: 223.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 998 ب 27 من أبواب التيمم ح 1 و 2.
(4) منتهى المطلب: ج 1 ص 153 س 25.
(5) نهاية الإحكام: ج 1 ص 219.
(6) منتهى المطلب: ج 1 ص 153 س 17، ونهاية الإحكام: ج 1 ص 219.
(7) تحرير الأحكام: ج 1 ص 23 س 15.
(8) الخلاف: ج 1 ص 169 المسألة 123.
489

انتهى. وكذا في المبسوط إلا أنه احتاط فيه في الأخير بالإعادة (1)، يعني إذا جامع
وهو واجد للماء ثم عدمه - كما هو ظاهر العبارة - أو يفرق بين العادم والواجد
المتضرر بالاستعمال - والوجه ظاهر - أو بين الجماع في الوقت وقبله وسواء في
عدم الإعادة، كان تيممه، لأنه أحدث في الجامع.
(ومنعه) من الوضوء (زحام الجمعة أولا) كما في الشرائع (2)
والمعتبر (3)، للأصل والعمومات.
وفي النهاية (4) والمبسوط (5) والمقنع (6) والوسيلة (7) والجامع (8) والمهذب (9)
الإعادة، لخبري السكوني وسماعة عن الصادق عن أبيه عليهما السلام أن عليا عليه السلام سئل
عن رجل يكون وسط الزحام يوم الجمعة أو يوم عرفة، لا يستطيع الخروج من
المسجد من كثرة الناس، قال: يتيمم ويصلي معهم ويعيد إذا هو انصرف (10). وهما
وإن ضعفا إلا أن في إجزاء هذه الصلاة وهذا التيمم نظرا، فالإعادة أقوى.
وسواء (تعذر عليه إزالة النجاسة) التي لا يعفى عنها (عن بدنه) فصلى
معها (أولا) فأزالها كما في الخلاف (11) وسمعت عبارته، والشرائع (12)
والمعتبر (13)، للأصل.
وفي المبسوط: أن الأحوط الإعادة إن تعذرت الإزالة (14)، ويؤيده خبر عمار
عن الصادق عليه السلام أنه سئل عن رجل ليس عليه إلا ثوب ولا تحل الصلاة فيه وليس
يجد ماء يغسله كيف يصنع؟ قال: يتيمم ويصلي، فإذا أصاب ماء غسله وأعاد

(1) المبسوط: ج 1 ص 35.
(2) شرائع الاسلام: ج 1 ص 49.
(3) المعتبر: ج 1 ص 399.
(4) النهاية ونكتها: ج 1 ص 260.
(5) المبسوط: ج 1 ص 31.
(6) المقنع: ص 9.
(7) الوسيلة: ص 70.
(8) الجامع للشرائع: ص 45.
(9) المهذب: ج 1 ص 48.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 985 ب 15 من أبواب التيمم ح 1 و 2.
(11) الخلاف: ج 1 ص 169 المسألة 123.
(12) شرائع الاسلام: ج 1 ص 49.
(13) المعتبر: ج 1 ص 381.
(14) المبسوط: ج 1 ص 35.
490

الصلاة (1). وأفتى بمضمونه الشيخ في النهاية (2) والمبسوط (3).
ونجاسة البدن أولى بالإعادة، لكن الخبر ضعيف، والأصل البراءة. ثم لما ذكر
الشيخ المسألة في التيمم تعرض لها المصنف فيه، وإلا فالظاهر أن الإعادة للصلاة
مع النجاسة، حتى إذا صلى معها - وإن كان متطهرا بالمائية - أعاد إذا وجد المزيل
لها مع احتمال مدخلية التيمم في ذلك، لاختصاص النص به، وجواز ترتب
الإعادة على اجتماع الخبث والحدث.
(ويستباح به كل ما يستباح بالمائية) كما في المبسوط (4) والشرائع (5)
والجامع (6) والإصباح (7) والجمل والعقود (8) وروض الجنان (9)، لعموم أدلة
طهورية التراب وكونه مثل الماء، ونحو يكفيك الصعيد عشر سنين (10).
واستثنى فخر الاسلام في الإيضاح دخول المسجدين واللبث في المساجد
ومس كتابة القرآن (11). وبمعناه قوله في شرح الإرشاد: إنه يبيح الصلاة من كل
حدث والطواف من الأصغر خاصة، ولا يبيح من الأكبر، إلا الصلاة والخروج من
المسجدين، ونسبه فيه إلى المصنف أيضا.
واستدل في الإيضاح بقوله تعالى: (ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى
تغتسلوا) (12) بناء على أن المعنى النهي عن قرب مواضع الصلاة - أي المساجد -
إلا اجتيازا، فإنه تعالى غياه بالاغتسال، ولو أباحه التيمم لكان أيضا غاية، وكون
الصلاة بمعنى مواضعها وإن كان مجازا، لكن لو أريد بها نفسها كان عابري سبيل

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 1000 ب 30 من أبواب التيمم ح 1.
(2) النهاية ونكتها: ج 1 ص 270.
(3) المبسوط: ج 1 ص 35.
(4) المبسوط: ج 1 ص 34.
(5) شرائع الاسلام: ج 1 ص 50.
(6) الجامع للشرائع: ص 48.
(7) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ص 21.
(8) الجمل والعقود: ص 54.
(9) روض الجنان: ص 130 س 6.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 983 ب 14 من أبواب التيمم ح 12.
(11) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 66 و 67.
(12) إيضاح الفوائد: ج 1 ص 66.
491

بمعنى مسافرين، فيفيد أن لا يجوز التيمم في الحضر، وليس مذهبنا، وليس ما بعده
من الأمر بالتيمم نصا في تسويغ اللبث في المساجد، خصوصا وقد تضمن التيمم
للحدث الأصغر، وبأن الأمة لم تفرق بين مس المصحف واللبث في المساجد.
ويؤيد قوله الاتفاق على أن التيمم لا يرفع الحدث، وإنما أمره رفع منعه،
وليس لنا قاطع برفعه منعه من كل ما يمنعه، ولا يفيده العمومات المتقدمة. فالأولى
الاقتصار على اليقين من الصلاة والخروج من المسجدين.
وفي التذكرة: لو تيمم - يعني الجنب - لضرورة ففي جواز قراءة العزائم
اشكال (1).
(وينقضه نواقضها والتمكن من استعمال الماء) لما هو بدل منه عقلا
وشرعا بالاجماع والنصوص، خلافا لبعض العامة (2).
والتمكن - وهو عبارة الأكثر - يتضمن بقاء الماء والقدرة على استعماله مقدار
فعل الوضوء أو الغسل، وعدم ضيق وقت الفريضة عن فعله وفعلها إن سوغنا به
التيمم.
ويؤيد ذلك الأصل، ولا يعارضه إطلاق عدة من الأخبار وجدان الماء، كما
أن في آيتي (3) التيمم عدم وجدانه، وقد يقال: إنه بمعنى عدم التمكن من استعماله.
ولا خبر العياشي في تفسيره عن أبي أيوب أنه سأل الصادق عليه السلام عن متيمم
أصاب الماء وهو في آخر الوقت، فقال: قد مضت صلاته، فقال: فيصلي بالتيمم
صلاة أخرى؟ فقال: إذا رأى الماء وكان يقدر عليه انتقض التيمم (4). لجواز أن
يكون المعنى جواز صلاة أخرى به، لأنه لم يقدر على الماء وأن يكون المعنى
أنه إن بقي بحيث قدر على استعماله لم يصل أخرى، وإلا صلى.
(فلو وجده) أي الماء أو التمكن منه (قبل الشروع) في الصلاة (بطل)

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 24 س 41.
(2) نيل الأوطار: ج 1 ص 237.
(3) النساء: 43، والمائدة: 6.
(4) تفسير العياشي: ج 1 ص 244 ح 143.
492

تيممه إجماعا، كما في التحرير (1) والخلاف (2) والمعتبر (3) والتذكرة (4) والمنتهى (5)،
وفيما عدا الأول إجماع أهل العلم سوى شاذ من العامة (6).
لكن على القول بوجوب التيمم للضيق وإن وجد الماء واشتراط التمكن
الشرعي في النقض يستثنى من ذلك ما إذا وجده عند الضيق، وخصوصا إذا لم يبق
إلا مقدار ركعة أو من وقت الظهرين إلا مقدار خمس ثم فقده وهو في الصلاة أو
بعدها بلا فصل.
(فإن) لم يتطهر بما وجده من الماء مع التمكن و (عدم استأنف) التيمم
بالاجماع والنصوص.
ولو وجده بعد الفراغ من الصلاة وخروج وقتها لم يبطل بالنسبة إليها إجماعا
وصحت، وبالنسبة إلى غيرها وجدان قبل الشروع. لكنه قبل وقتها غير متمكن من
استعماله شرعا، فيجري فيه ما يتأتى فيمن وجده في الصلاة ثم فقد.
ولو وجده بعد الفراغ والوقت باق فأكثر الأخبار أنه لا إعادة، وهو فتوى
المقنع (7) والتحرير (8) والتذكرة (9) والمنتهى (10) وكذا المعتبر (11) بناء على الجواز في
السعة، وفيه (12) وفي التذكرة (13) اختيار العدم على اعتبار الضيق أيضا، لأن المعتبر
ظنه، فلا يقدح ظهور الخلاف.
وبالإعادة ما سبق من صحيح يعقوب بن يقطين (14)، وهي خيرة الخلاف (15)

(1) تحرير الأحكام: ج 1 ص 22 س 24.
(2) الخلاف: ج 1 ص 140 المسألة 88.
(3) المعتبر: ج 1 ص 401.
(4) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 65 س 13.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 154 س 29.
(6) نيل الأوطار: ج 1 ص 336.
(7) المقنع: ص 8.
(8) تحرير الأحكام: ج 1 ص 22 س 24.
(9) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 66 س 2.
(10) منتهى المطلب: ج 1 ص 151 س 19.
(11) المعتبر: ج 1 ص 396.
(12) المعتبر: ج 1 ص 396.
(13) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 65 س 40.
(14) وسائل الشيعة: ج 2 ص 983 ب 14 من أبواب التيمم ح 8.
(15) الخلاف: ج 1 ص 150 المسألة 197.
493

والاستبصار (1) وظاهر التهذيب (2) والمحكي عن الحسن (3) وأبي علي (4)، ونسب
في المنتهى إلى من اشترط الضيق (5).
والأولى حمل الخبر على الاستحباب، ويؤيده أن رجلين تيمما فصليا ثم
وجدا الماء في الوقت فأعاد أحدهما دون الآخر فسألا النبي صلى الله عليه وآله، فقال لمن لم
يعد: أصبت السنة وأجزأتك صلاتك، وللآخر: لك الأجر مرتين (6).
(ولو وجده) في الأثناء ولو (بعد التلبس بتكبيرة الاحرام) خاصة
(استمر) كما في المقنعة (7) والخلاف (8) والمبسوط (9) والغنية (10)
والمهذب (11) والسرائر (12) والجامع (13) وكتب المحقق (14)، ويحكى عن علي بن
بابويه (15) والسيد في شرح الرسالة (16) لحرمة قطع الصلاة الواجبة وخصوصا مع
الضيق، ولخبر محمد بن حمران سأل الصادق عليه السلام عن رجل تيمم ثم دخل في
الصلاة وقد كان طلب الماء فلم يقدر عليه ثم يؤتى بالماء حين يدخل في الصلاة،
قال: يمضي في الصلاة (17).

(1) الإستبصار: ج 1 ص 160 ذيل الحديث 555.
(2) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 194 ذيل الحديث 562.
(3) نقله عنه في مختلف الشيعة: ج 1 ص 447.
(4) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 111 س 8.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 151 س 18.
(6) سنن البيهقي: ج 1 ص 231.
(7) المقنعة: ص 61.
(8) الخلاف: ج 1 ص 141 المسألة 89.
(9) المبسوط: ج 1 ص 33.
(10) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 14.
(11) المهذب: ج 1 ص 48.
(12) السرائر: ج 1 ص 140.
(13) الجامع للشرائع: ص 48.
(14) المعتبر: ج 1 ص 400، وشرائع الاسلام: ج 1 ص 50، المختصر النافع: ص 17.
(15) لم نعثر على قوله، ولكن حكاه العلامة عن أبي جعفر بن بابويه كما نقله في مختلف الشيعة:
ج 1 ص 435، ومدارك الأحكام: ج 2 ص 245.
(16) نقله عنه في المعتبر: ج 1 ص 400.
(17) وسائل الشيعة: ج 2 ص 992 ب 21 من أبواب التيمم ح 3.
494

وحكاه السيد في الجمل رواية واختار القطع ما لم يركع (1) كما في المقنع (2)
والنهاية (3)، وحكي عن الحسن (4) والجعفي (5)، لصحيح زرارة سأل الباقر عليه السلام
فإن أصاب الماء وقد دخل في الصلاة، قال: فلينصرف فليتوضاء ما لم يركع، فإن
كان قد ركع فليمض في صلاته، فإن التيمم أحد الطهورين (6). وخبر عبد الله بن
عاصم سأل الصادق عليه السلام عن الرجل لا يجد الماء فيتيمم ويقوم في الصلاة فجاء
الغلام فقال: هو ذا الماء، فقال: إن كان لم يركع فلينصرف وليتوضاء وإن كان قد ركع
فليمض في صلاته (7). ويحتمل الركوع فيهما الدخول في الصلاة، خصوصا
والقيام في الصلاة يحتمل احتمالا ظاهرا القيام في مقدماتها ولأجلها، ويحتمله
الدخول في الصلاة أيضا.
وفي المبسوط (8) والإصباح (9) استحباب الانصراف قبل الركوع، وفي
الإستبصار (10) والمعتبر (11) والمنتهى (12) احتماله، وفي التذكرة (13) ونهاية الإحكام (14)
تقريب استحبابه مطلقا. كل ذلك مع السعة.
وقال أبو علي بالقطع ما لم يركع الركعة الثانية إلا مع الضيق (15)، ولعل لخبر
الحسن الصيقل سأل الصادق عليه السلام عن رجل تيمم ثم قام فصلى فمر به نهر وقد

(1) جمل العلم والعمل (رسائل السيد المرتضى المجموعة الثالثة): ص 26.
(2) المقنع: 9.
(3) النهاية ونكتها: ج 1 ص 261.
(4) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 110 س 24.
(5) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 110 س 24.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 991 ب 21 من أبواب التيمم ح 1.
(7) وسائل الشيعة: ج 2 ص 992 ب 21 من أبواب التيمم ح 2.
(8) المبسوط: ج 1 ص 33.
(9) إصباح الشيعة: (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 22.
(10) الإستبصار: ج 1 ص 167 ذيل الحديث 578.
(11) المعتبر: ج 1 ص 400 - 401.
(12) منتهى المطلب: ج 1 ص 155 س 16.
(3 1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 65 س 30.
(14) نهاية الإحكام: ج 1 ص 210.
(15) نقله عنه في منتهى المطلب: ج 1 ص 154 س 34.
495

صلى ركعة، قال: فليغتسل وليستقبل الصلاة، قال: إنه قد صلى صلاته كلها، قال: لا
يعيد (1). مع صحيح زرارة وابن مسلم سألا الباقر عليه السلام عن رجل لم يصب الماء
وحضرت الصلاة فيتيمم ويصلي ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو
يقطعهما ويتوضأ ثم يصلي؟ قال: لا، ولكنه يمضي في صلاته، ولا ينقضهما لمكان
أنه دخلها وهو على طهر بتيمم (2). ولعله قيد لذلك اطلاق الخبرين المتقدمين
بركوع الركعة الثانية.
وخبر الصيقل لا ينص على القطع، واستقبال الصلاة يحتمل فعل ما يريده من
الصلوات بعد ذلك، وقوله: (صلى ركعة) يحتمل صلى صلاة، ولا يدفعه قوله ثانيا:
(أنه قد صلى صلاته كلها) لجواز كونه تكرارا لسؤاله الأول تصريحا بمراده، وأن
يكون المراد به أنه صلى صلاته اليومية كلها.
واحتمل في الإستبصار (3) الاستحباب، واستشكله المصنف في النهاية (4).
ولفظة (أو) في الخبر الأخير يحتمل الشك من الراوي في اللفظ. ويحتمل أن
يكونا أرادا بالنقض التسليم على الركعتين، وجعلهما نافلة وبالقطع هدمهما.
وقال سلار: إنه ينقض التيمم وجود الماء مع التمكن من استعماله، إلا أن يجده
وقد دخل في صلاة وقراءة (5). وقد وجه تارة بأنه حينئذ أتى بأكثر الأركان وهي
النية والقيام والتكبيرة وأكبر الأفعال وهي القراءة، وأخرى باعتبار مسمى الصلاة
ويأتي على اعتبار الضيق والإعادة إن ظهرت السعة، ووجوب القطع متى وجد
الماء مع ظهور السعة كما في التهذيب (6) والواسطة (7)، وفي الإستبصار في وجه (8)،

(1) وسائل الشيعة: ج 2 ص 993 ب 21 من أبواب التيمم ح 6.
(2) من لا يحضره الفقيه ج 1 ص 106 ح 215.
(3) الإستبصار: ج 1 ص 167 ذيل الحديث 578.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 210.
(5) المراسم: ص 54.
(6) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 203 ذيل الحديث 590.
(7) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 111 س 5.
(8) الإستبصار: ج 1 ص 167 ذيل الحديث 578.
496

ويعطيه كلام ابن زهرة (1) لاستدلاله على وجوب المضي في الصلاة بالضيق.
ثم إذا جوزنا الصلاة في السعة أو لم يوجب الإعادة إن ظهرت السعة ووسع
الوقت القطع والتطهر بالماء والاستئناف فهل له ذلك متى شاء؟ جوزه في
التذكرة (2) والمنتهى (3) والنهاية (4)، لجوازه لناسي الأذان وسورة الجمعة
ولادراك الجماعة، فهنا أولى، ولكونه كمن شرع في صوم الكفارة فوجد الرقبة،
بل استحبه في الركعة الأولى خروجا من الخلاف، مع إحتماله المنع للنهي عن
إبطال العمل (5).
(وهل له العدول إلى النفل) ثم القطع بعد التسليم على ركعتين أو قبله وإن
لم يكن له القطع المطلق؟ (الأقرب ذلك) لشرعه لنحو إدراك الجماعة، فهنا
أولى، مع احتمال أن لا يكون إبطالا، ويحتمل الحرمة لكونه إبطالا لا يشرع إلا
فيما عليه قاطع، وهو خيرة الشهيد (6)، وفتوى النهاية (7) والمبسوط (8) حرمة القطع
بعد الركوع، والسرائر حرمته بعد التكبير (9)، والتحرير حرمة العدول (10).
(ولو كان في نافلة) حين وجد الماء (استمر ندبا) كما في
المبسوط (11)، لاطلاق الأخبار وأصل البراءة، وعدم ضيق وقت فريضة وطهارتها،
إلا أن يفرض كذلك أو يظن الفقد إن أتم النافلة فالأحوط القطع. وفي نهاية
الأحكام احتمال قطعها مطلقا لقصور حرمتها (12).
(فإن فقده بعده) أي بعد الفراغ من الفريضة أو النافلة بلا فصل أو بعد

(1) الغنية (الجوامع الفقهية): ص 493 س 14.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 65 س 34.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 155 س 31.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 210.
(5) في ك زيادة: (وهو فتوى النهاية والمبسوط بعد الركوع والسرائر بعد التكبير).
(6) ذكرى الشيعة: ص 111 س 20.
(7) النهاية ونكتها: ج 1 ص 261.
(8) المبسوط: ج 1 ص 33.
(9) السرائر: ج 1 ص 140.
(10) تحرير الأحكام: ج 1 ص 22 س 25.
(11) المبسوط: ج 1 ص 33.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 211.
497

الوجدان أو مضى زمان يتمكن فيه من الطهارة لولا المانع وإن فقد في الصلاة
(ففي النقض) للتيمم بالنسبة إلى غيرها من الصلوات - كما في المبسوط (1) -
قطعا في النافلة واحتياطا في الفريضة (نظر)، من إطلاق نحو الوجدان والإصابة
في أخبار النقض وتحقق القدرة على الاستعمال خصوصا في النافلة، ومن أصلي
البراءة والاستصحاب ومساواة المانع الشرعي للعقلي وبعد البقاء على الصحة مع
وجود الماء والانتقاض بعده، واحتمال الاكتفاء في المنع الشرعي بمرجوحية قطع
النافلة كما يكتفى بالخوف على قليل المال، ومن الشين. ثم إن لم يكن الاستمرار
في الفريضة حتميا لم يكن بينها وبين النافلة فرق.
(وفي تنزل الصلاة على الميت) الذي يمم من أغساله أو بعضها (منزلة
التكبير) في الفرائض، حتى لو وجد الماء لغسله في الأثناء أو بعدها لم يجب
الغسل، كما لا يجب على الشارع في الفريضة إلا لصلاة أخرى (نظر) من الشك
في أن غسله للصلاة عليه أو لتطهيره في آخر أحواله، وهو الأقرب كما في نهاية
الأحكام (2)، لاطلاق الأمر.
(فإن أوجبنا الغسل ففي إعادة الصلاة) عليه (إشكال) من أصل
البراءة، ووقوع صلاة صحيحة جامعة للشرائط، ومن وجوب ايقاعها بعد الغسل
إذا أمكن، وقد أمكن فلا يجزئ ما قبله. والأقرب الأول كما في المعتبر (3) ونهاية
الإحكام (4).
(ويجمع) عندنا بالاجماع والنصوص (بين الفرائض بتيمم واحد)
خلافا للشافعي (5)، وقول الرضا عليه السلام لأبي همام: يتيمم لكل صلاة حتى يوجد
الماء (6)، ليس نصا في الخلاف، لاحتماله أنه يصلي صلاته بالتيمم.

(1) المبسوط: ج 1 ص 33.
(2) نهاية الإحكام: ج 1 ص 211 - 212.
(3) المعتبر: ج 1 ص 401.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 211 - 212.
(5) الأم: ج 1 ص 47.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 991 ب 20 من أبواب التيمم ح 4.
498

واحتمل الشيخ استحباب التجديد كالوضوء (1)، لهذا الخبر وخبر السكوني
عنهم عليهم السلام لا يتمتع بالتيمم إلا صلاة واحدة ونافلتها (2).
(ولو تيمم ندبا لنافلة دخل به في الفريضة) عندنا كالوضوء، خلافا
للشافعي في وجه (3)، قال في التذكرة: ولا خلاف أنه إذا تيمم للنفل استباح مس
المصحف وقراءة القرآن إن كان تيممه عن جنابة، ولو تيمم المحدث لمس
المصحف أو الجنب لقراءة القرآن استباح ما قصده، وفي استباحة صلاة النفل أو
الفرض للشافعي وجهان (4).
(و) إذا اجتمع محدث بالأصغر وجنب وميت وكان هناك ماء مباح أو لرابع
باذل أو مشترك بينهم لا يكفي إلا لأحدهم (يستحب تخصيص الجنب
بالماء) المشترك أو (المباح) إن اشترك فيه الأولان بمبادرتهما إليه، وإثباتهما
أيديهما عليه دفعة وحدهما أو مع غيرهما (أو المبذول).
(وييمم الميت ويتيمم المحدث) كما في النهاية (5) والمهذب (6)
والمبسوط (7)، لأن ابن أبي نجران في الصحيح سأل الكاظم عليه السلام عن ذلك، فقال:
يغتسل الجنب ويدفن الميت ويتيمم الذي هو على غير وضوء، لأن الغسل من
الجنابة فريضة وغسل الميت سنة، والتيمم للآخر جائز (8).
قال الشهيد: وفيه إشارة إلى عدم طهورية المستعمل، وإلا لأمر بجمعه (9).
والحسن التفليسي سأل الرضا عليه السلام عن ميت وجنب اجتمعا ومعهما ما يكفي
أحدهما أيهما يغتسل؟ قال: إذا اجتمع سنة وفريضة بدئ بالفرض (10). ونحوه خبر

(1) تهذيب الأحكام: ج 1 ص 201 ذيل الحديث 584.
(2) وسائل الشيعة: ج 2 ص 991 ب 20 من أبواب التيمم ح 6.
(3) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 65 س 11.
(4) المجموع: ج 2 ص 242.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 264.
(6) المهذب: ج 1 ص 49.
(7) المبسوط: ج 1 ص 34 وفيه (الحكم بالتخيير).
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 987 ب 18 من أبواب التيمم ح 1.
(9) ذكرى الشيعة: ص 23 س 5.
(10) وسائل الشيعة: ج 2 ص 988 ب 18 من أبواب التيمم ح 3.
499

الحسين بن النضر الأرمني عنه عليه السلام (1).
ولأن الجنابة أكبر من موجبات الوضوء، وغاية غسلها فعل الطاعات كاملة،
وغاية غسل الميت التنظيف، مع أنهما واجدان للماء دون الميت، فيحتمل أن
يكون تغسيلهما الميت كالبذل والإراقة.
قال القاضي - وأجاد -: إن أمكن توضأ المحدث وجمع ما ينفصل منه ليغتسل
به مع الباقي الجنب (2)، وقال ابن سعيد: ولو استعمله المحدث والجنب وجمع ثم
غسل به الميت جاز إذا لم يكن عليهما نجاسة تفسده (3)، وقال ابن إدريس: إن
تعين عليهما تغسيل الميت ولم يتعين عليهما الصلاة لضيق وقتها غسلاه، وإلا
تطهرا به وجمعا المنفصل لتغسيل الميت إن لم يتنجس (4).
وليس في شئ من ذلك إطراح للخبرين، بل تنزلهما على ما لا يبعد عنهما،
ولا يأباه الشرع والاعتبار.
وفي التذكرة: لو أمكن أن يستعمله أحدهم ويجمع ويستعمله الآخر فالأولى
تقديم المحدث، لأن رافع الجنابة إما غير مطهر أو مكروه (5). ونحوه في المعتبر (6).
وفي نهاية الإحكام: لو أمكن الجمع وجب بأن يتوضأ المحدث ويجمع ماء
الوضوء في إناء، ثم يغتسل الجنب الخالي بدنه عن نجاسة، ثم يجمع ماؤه في
الإناء ثم يغسل به الميت، لأن الماء عندنا باق على حاله بعد الاستعمال (7).
وفي مرسل محمد بن علي عن الصادق عليه السلام: في الميت والجنب: يتيمم الجنب
ويغسل الميت بالماء (8).
وقد يؤيد بأن الميت يدفن فلا يغسل أبدا، وبأن غسله للتنظيف، ولا يحصل

(1) المصدر السابق ح 4.
(2) المهذب: ج 1 ص 49.
(3) الجامع للشرائع: ص 47.
(4) السرائر: ج 1 ص 142.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 67 س 10.
(6) المعتبر: ج 1 ص 406.
(7) نهاية الإحكام: ج 1 ص 193.
(8) وسائل الشيعة: ج 2 ص 988 ب 18 من أبواب التيمم ح 5.
500

بالتأميم، ولذا تردد المحقق في الشرائع (1)، واقتصر الشيخ في الخلاف (2)
والمبسوط (3) على التخيير، وإن ذكر الحائض فيهما مكان المحدث.
وإن لم يكف الماء أحدا منهم فإن أوجبنا على الجنب استعمال ما يجده من
الماء كان أولى به، وإن كفى الجنب وفضل من الوضوء فإن لم نوجب على الجنب
استعمال الناقص كان أولى بالبذل، لئلا يضيع الفاضل لا بالمشترك، وإن أوجبناه
عليه احتمل لغلظ حدثه واحتمل الجمع بوضوء المحدث واستعمال الجنب الباقي.
وإن اجتمع ميت وحائض ومحدث بالأصغر فالظاهر أن الحائض كالجنب،
ويحتمل العدم للخروج عن النص.
ولو اجتمع جنب وحائض ففي التحرير: إن الجنب أولى (4)، ولعله لكون غسله
فريضة. وفي التذكرة: إنها أولى، لأنها تقضي حق الله وحق زوجها في إباحة
الوطء، مع احتمال أولوية الرجل الجنب، لأنه أحق بالكمال منها (5). وفي نهاية
الإحكام احتمالهما مع التساوي، وتعليل الأول لغلظ حدثها لإسقاطه الصلاة
وتحريمه الوطء (6).
ولو كان الماء ملكا لأحدهم اختص به، ولم يجز بذله لغيره في وقت وجوب
مشروط بالطهارة عليه، وكذا لو اشتركوا فيه وكفى نصيب أحدهم لطهارته لم يجز
البذل لغيره.
(ولو انتهوا) أي المكلفون بالطهارة لأنفسهم أو بعضهم لأنفسهم وبعضهم
لميت أو انتهى جماعة، أو الجنب والمحدث والميت قبل موته، أو بعده مع من يريد
تغسيله (إلى ماء مباح) فكل من سبق إليه فجازه ملكه واختص به.
(و) إن (استووا في إثبات اليد) عليه (فالملك لهم وكل واحد أولى
بملك نفسه) وإن لم يف بما عليه من الطهارة أو لم يكن عليه طهارة وليس عليه

(1) شرائع الاسلام: ج 1 ص 50.
(2) الخلاف: ج 1 ص 166 المسألة 118.
(3) المبسوط: ج 1 ص 34.
(4) تحرير الأحكام: ج 1 ص 22 س 33.
(5) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 67 س 12.
(6) نهاية الإحكام: ج 1 ص 192.
501

بذل نصيبه لغيره، ولا يجوز إذا كانت عليه طهارة وهو يفي بها.
نعم يستحب إذا لم يكن عليه طهارة أولا يفي بها، ولو تمانعوا عليه فالمانع
آثم ويملكه القاهر كما في المعتبر (1) والتذكرة (2)، ولما عرفت من أنه لا يجوز
لمالك الماء إذا كانت عليه طهارة وهو يفي بها بذله لغيره.
ورد أن أبا بصير سأل الصادق عليه السلام عن قوم كانوا في سفر فأصاب بعضهم
جنابة وليس معهم من الماء إلا ما يكفي الجنب لغسله يتوضأون هم هو أفضل أو
يعطون الجنب فيغتسل وهم لا يتوضأون، فقال: يتوضأون هم ويتيمم الجنب (3).
(ويعيد المجنب تيممه بدلا من الغسل لو نقضه بحدث أصغر) وجد
ماء لوضوئه أو لا كما في المبسوط (4) والنهاية (5) والجواهر (6) والسرائر (7)
والإصباح (8) والجامع (9) والنافع (10) والشرائع (11)، لبقاء الجنابة، لما عرفت من أن
التيمم لا يرفع الحدث فلا يفيد الوضوء أو التيمم بدلا منه.
ويؤيده الأخبار الناطقة بأن الجنب إذا وجد ما يكفيه للوضوء تيمم ولم
يتوضأ، ومفهوم قول أبي جعفر عليه السلام في خبر زرارة: ومتى أصبت الماء فعليك
الغسل إن كنت جنبا والوضوء إن لم تكن جنبا (12).
خلافا للسيد في شرح الرسالة (13) فعنه ايجابه الوضوء إذا نقضه بالأصغر ثم
وجد ما يكفيه بناء على ارتفاع الجنابة بالتيمم والأصغر إنما يوجب الوضوء أو

(1) المعتبر: ج 1 ص 407.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 67 س 11.
(3) وسائل الشيعة: ج 2 ص 988 ب 18 من أبواب التيمم ح 2.
(4) المبسوط: ج 1 ص 34.
(5) النهاية ونكتها: ج 1 ص 264.
(6) جواهر الفقه: ص 13 المسألة 25.
(7) السرائر: ج 1 ص 141.
(8) إصباح الشيعة (سلسلة الينابيع الفقهية): ج 2 ص 22.
(9) الجامع للشرائع: ص 46.
(10) المختصر النافع: ص 18.
(11) شرائع الاسلام: ج 1 ص 50.
(12) وسائل الشيعة: ج 2 ص 978 ب 12 من أبواب التيمم ح 4.
(13) نقله عنه في ذكرى الشيعة: ص 112 س 6.
502

التيمم بدلا منه. ورد بما مر من أنه لا يرفع الحدث، ويندفع بأنه لا خلاف في
رفعه مانعية الجنابة ولم يتجدد إلا حدث أصغر لا بد من رفع مانعيته، ولا دليل على
عود مانعية الجنابة به.
(ويتيمم من لا يتمكن من غسل بعض أعضائه) للوضوء أو الغسل
(ولا مسحه) كما في الخلاف (1) والمبسوط (2) والشرائع (3)، للأخبار كقول
الصادق عليه السلام في مرسل ابن أبي عمير: يتيمم المجدور والكسير بالتراب إذا أصابته
جنابة (4) وصحيح ابن مسلم سأل الباقر عليه السلام عن الرجل تكون به القرح والجراحة
يجنب، قال: لا بأس بأن لا يغتسل، يتيمم (5). وخبر البزنطي عن الرضا عليه السلام فيمن
تصيبه الجنابة وبه قروح أو جروح أو يخاف على نفسه البرد، فقال: لا يغتسل،
يتيمم (6). ولأنه غير واجد للماء، فإن معنى وجدانه التمكن من استعماله وليس
بعض الوضوء أو الغسل وضوء وغسلا فلا يجزئ.
ولكن احتاط الشيخ في الكتابين بالجمع بين التيمم وغسل ما يمكنه غسله من
الأعضاء، قال: ليؤدي الصلاة بالاجماع (7). وقد يؤيد بأن الميسور لا يسقط
بالمعسور، وقد مر في الوضوء حكمه في التذكرة (8) وفاقا للنهاية (9) والمعتبر (10)
بغسل ما حول القرح أو الجرح أو الكسر، وسقوط غسل نفسه ومسحه.
ثم المراد بتعذر غسله أو مسحه تعذرهما ولو على الجبائر إن كانت، أو
أوجبناها مع الامكان كما في المنتهى (11) والنهاية (12)، كما قال في التذكرة: ولو تعذر

(1) الخلاف: ج 1 ص 151 المسألة 100.
(2) المبسوط: ج 1 ص 30.
(3) شرائع الاسلام: ج 1 ص 50.
(4) وسائل الشيعة: ج 2 ص 967 ب 5 من أبواب التيمم ح 4.
(5) المصدر السابق ح 5.
(6) وسائل الشيعة: ج 2 ص 968 ب 5 من أبواب التيمم ح 7.
(7) المبسوط: ج 1 ص 35، والخلاف: ج 1 ص 154 المسألة 105.
(8) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 66 س 36.
(9) النهاية ونكتها: ج 1 ص 222.
(10) المعتبر: ج 1 ص 410.
(11) منتهى المطلب: ج 1 ص 72 س 10.
(12) نهاية الإحكام: ج 1 ص 65.
503

المسح على الجبيرة تيمم (1).
أو المراد جواز التيمم وإن كانت جبيرة يمكن مسحها وإن جازت الطهارة
المائية أيضا فيكون مخيرا بينهما، لكن في التذكرة: لو تمكن من المسح بالماء على
الجريح أو على جبيرة وغسل الباقي وجب ولا يتيمم (2)، وفي كل من المنتهى (3)
ونهاية الإحكام (4): إنه إذا أمكن شد الجرح بخرقة والمسح عليها مع غسل الباقي
وجب ولا يتيمم. وهو الوجه لاجزاء المسح على الجبيرة اتفاقا كما في المنتهى (5)
والتذكرة (6) وغيرهما، وإجزاء التيمم غير معلوم، ولاطلاق الأمر بالمسح عليها
في الأخبار.
نعم أطلقت الأخبار تيمم الجنب إذا كان به قرح أو جرح أو كسر فيمكن الفرق
لكن في المنتهى، إنه لا فرق في المسح على الجبائر بين الطهارة الصغرى والكبرى
عند عامة العلماء (7).
(و) يجوز أن يتيمم (من يصلي على الجنازة) من الحدث الأصغر
والأكبر (مع وجود الماء ندبا) كما مر مع الخلاف فيه (ولا يدخل به في
غيرها) من المشروط بالطهارة واجبا أو مندوبا، وجد الماء أو لا، لأنه ليس
تيمما يرفع الحدث أو حكمه، ولاشتراط التيمم المبيح للصلاة في الآية (8) بعدم
وجدان الماء.

(1) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 22 س 1.
(2) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 66 س 22.
(3) منتهى المطلب: ج 1 ص 136 س 132.
(4) نهاية الإحكام: ج 1 ص 196.
(5) منتهى المطلب: ج 1 ص 72 س 10.
(6) تذكرة الفقهاء: ج 1 ص 21 س 28.
(7) منتهى المطلب: ج 1 ص 72 س 24.
(8) المائدة: 6.
504