الكتاب: ذخيرة المعاد (ط.ق)
المؤلف: المحقق السبزواري
الجزء: ١ ق ٢
الوفاة: ١٠٩٠
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث
ردمك:
ملاحظات: طبعة حجرية

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة على سيدنا ونبينا محمد وآله الطيبين الطاهرين كتاب الصلاة الصلاة لغة هي الدعاء قال الله تعالى وصل عليهم وقال النبي صلى الله عليه وآله
وصلت عليهم الملائكة وإذا اكل عند القائم صلت عليه الملائكة وبعض أهل اللغة عد من جملة معانيه العبادة المخصوصة وليس ذلك مبنيا على كون اللفظ حقيقة فيها
لغة بل رأيهم جمع المعاني استعمل فيها اللفظ سواء كانت حقيقة أم مجازية وفي كونها حقيقة شرعية خلاف متقرر في الأصول وعلى كل تقدير فلا شك في كونها حقيقة
عرفية وهذه العبادة تارة تكون ذكرا محضا كالصلاة بالتسبيح وتارة فعلا محضا كصلاة الأخرس وتارة تجمعها كصلاة الصحيح ووقوعها على هذه الموارد بالتواطئ والتشكيك
والاشتهار مدلول الصلاة عرفا اغنانا عن الاشتغال بتعريفها وهي من أفضل العبادات وأتمها وأعظمها رتبة وثواب المحافظة عليها عظيم وعقاب تاركها اليم روى محمد بن
يعقوب الكليني في الصحيح عن معاوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى ربهم وأحب ذلك إلى الله عز وجل ما هو فقال ما اعلم شيئا بعد المعرفة أفضل
من هذه الصلاة الا ترى ان العبد الصالح عيسى بن مريم عليه السلام قال وأوصاني بالصلاة والزكاة ما دمت حيا وفي الصحيح عن أبان بن تغلب قال صليت خلف أبي عبد الله (ع) المغرب بالمزدلفة
فلما انصرف أقام الصلاة فصلى العشاء الآخرة ولم يركع بينهما ثم صليت معه بعد ذلك بسنة فصلى المغرب ثم قال فتنفل بأربع ركعات ثم أقام فصلى العشاء الآخرة ثم التفت
إلي فقال يا ابان هذه الصلوات الخمس المفروضات من أقامهن وحافظ على مواقيتهن لقي الله يوم القيامة وله عنده عهد يدخله به الجنة ومن لم يصلهن لمواقيتهن ولم يحافظ عليهن
وذلك إليه ان شاء غفر له وان شاء عذبه وفي الحسن عن جعفر بن البختري عن أبي عبد الله عليه السلام قال من قبل الله منه صلاة واحدة لم يعذبه ومن قبل منه حسنة لم يعذبه وفي
الصحيح عن عبد الله أنه قال مر بالنبي صلى الله عليه وآله رجل وهو يعالج بعض حجراته فقال يا رسول الله الا أكفيك فقال شأنك فلما فرغ قال له رسول الله صلى الله عليه وآله حاجتك قال الجنة فأطرق رسول
الله ثم قال نعم فلما ولى قال له يا عبد الله أعنا بطول السجود وعن أبي بصير قال قال أبو عبد الله صلاة فريضة خير من عشرين حجة وحجة خير من بيت ذهب يتصدق منه حتى يغنى
وعن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله مثل الصلاة مثل عمود الفسطاط إذا ثبت العمود نفعت الاطناب والأوتاد والغشاء وإذا انكسر العمود لم ينفع طنب
ولا وتد ولا غشاء وعن زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول أحب الأعمال إلى الله تعالى الصلاة وهي اخر وصايا الأنبياء الحديث وعن بريد بن خليفة قال سمعت أبا عبد
الله عليه السلام يقول إذا قام المصلي إلى الصلاة نزلت عليه الرحمة من أعنان السماء إلى أعنان الأرض وحفت به الملائكة وناداه ملك لو لم يعلم المصلي ما في الصلاة ما انفتل و
عن الحسين بن سيف عن أبيه قال حدثني من سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول من صلى ركعتين يعلم ما يقول فيهما انصرف وليس بينه وبين الله ذنب وروى الشيخ عن الكاهلي
عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يزال الشيطان زعرا من أمر المؤمن هائبا له ما حافظ على الصلوات الخمس فإذا ضيقن (ضيعهن) اجترء عليه وعن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن
أبيه عن جده عن علي عليهم السلام قال قال رسول الله ان عمود الدين الصلاة وهي أول ما ينظر فيه من عمل ابن ادم فان صحت نظر في عمله وان لم يصح لم ينظر في بقية عمله وعن أبي بصير
عن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لو كان على باب دار أحدكم نهر فاغتسل في كل يوم منه خمس مرات كان يبقى في جسده من الدرن شئ قلنا لا قال فان مثل الصلاة
مثل النهر الجاري كلما صلى كفرت ما بينهما من الذنوب وعن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما من صلاة يحضر وقتها الا نادى ملك بين
يدي الله أيها الناس قوموا إلى نيرانكم التي أوقدتموها على ظهوركم فاطفؤها بصلاتكم وعن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام ان أول ما يحاسب به العبد الصلاة فان قبلت
قبلت ما سواها وان الصلاة إذا ارتفعت في وقتها رجعت إلى صاحبها وهي بيضاء مشرقة تقول حفظتني حفظك الله وإذا ارتفعت في غير وقتها بغير حدودها رجعت
إلى صاحبها وهي سوداء مظلمة تقول ضيعتني ضيعك الله وفي الحسن عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله جالس في المسجد إذ دخل رجل فقام فصلى فلم يتم
ركوعه ولا سجوده فقال صلى الله عليه وآله نقر كنقر الغراب لئن مات هذا وهكذا صلاته ليموتن على غير ديني وفي الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إن تارك الفريضة كافر وروى
الصدوق في الصحيح عن بريد بن معاوية العجلي عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله ما بين المسلم وبين ان يكفر الا ان يترك الصلاة الفريضة أو يتهاون بها فلا يصليها وعن
مسعدة بن صدقة أنه قال سئل أبو عبد الله عليه السلام ما بال الزاني لا تسميه كافرا وتارك الصلاة تسميه كافرا وما الحجة في ذلك فقال لان الزاني وما أشبهه انما يفعل ذلك
لمكان الشهوة لأنها تغلبه وتارك الصلاة لا يتركها الا استخفافا بها وذلك لا تجد الزاني يأتي المراة الا وهو مستلذ لاتيانه قاصد إليها وكل من ترك الصلاة قاصدا
لتركها اللذة فإذا نفيت اللذة وقع الاستخفاف وإذا وقع الاستخفاف وقع الكفر والاخبار في هذا الباب أكثر من أن تحصى وفيما ذكرناه كفاية والنظر في المقدمات كذكر
أقسامها وكمياتها وكثير من شرائطها التي تحصل أولا كمعرفة المواقيت والقبلة غيرها وفي المهية وهي ذات الصلاة واللواحق كالبحث عما يفسدها وكيفية
تلافيها وما يلحقها من النقص بسبب الخوف والسفر النظر الأول في المقدمات وفيه مقاصد الأول في أقسامها وهي واجبة ومندوبة لان العبادة لا تكون الا راجحة
فالواجبات تسع اليومية وهي الخمس سميت بذلك لتكررها في كل يوم ونسبتها إلى اليوم دون الليل إما تغليبا أو لان معظمها في اليوم أو لكونه مذكرا فكان أولي
بالنسبة كما في التغليب والجمعة والعيدان والكسوف العارض للشمس أو القمر والزلزلة والآيات والأولى ادراج الكسوف والزلزلة في الآيات وجعل الأقسام سبعة
والطواف والأموات ويظهر من هذا التقسيم وقوع اسم الصلاة على الأموات حقيقة وقد يستبعد ذلك ويصحح ان اطلاق الصلاة عليها على سبيل المجاز العرفي إذ لا
يفهم عند الاطلاق من لفظ الصلاة عند أهل العرف الا ذات الركوع والسجود أو ما قام مقامهما ولان كل صلاة تجب فيها الطهارة وقراءة الفاتحة لقوله عليه السلام لا صلاة
الا بطهور ولا صلاة الا بفاتحة الكتاب وصلاة الجنازة لا تعتبر فيها ذلك اجماعا والمنذور وشبهه والمراد بشبه المنذور ما حلف عليه أو عوهد أو تحمل عن الغير
ولو باستيجار ومنه صلاة الاحتياط لكونها غير اليومية مع احتمال دخولها فيها وفي كون قضاء اليومية من أقسامها أو من القسم الأخر نظر من كونه غير المقضى ومن (إلى الأداء) إلى
القضاء والأداء والحجة على وجوب هذه الأقسام يجيئ في مواضعها إن شاء الله تعالى وقد يكون بعض هذه الأنواع مندوبا كاليومية المعادة وصلاة العيدين في زمن الغيبة على
المشهور وصلاة الكسوف بعد فعلها أولا وصلاة الطواف المستحب والصلاة على الميت الذي لم يبلغ الست على المشهور والمندوب باب عداه وهي أقسام كثيرة يأتي ذكر بعضها
فاليومية خمس بعد إن كانت خمسين فخففها الله تعالى عن هذه الأمة ليلة المعراج إلى خمس وابقى ثواب الخمسين لاية المضاعفة كما ورد في الخبر ووجوب الصلوات الخمس
من ضروريات دين نبينا صلى الله عليه وآله فلا احتياج إلى التشاغل بالاحتجاج عليه واما نفي وجوب الزائد فلا خلاف فيه بين الأصحاب واخبارنا ناطقة بنفيه واليه ذهب عامة علماء
182

الاسلام الا ما يحكى عن أبي حنيفة من القول بوجوب الوتر وعن الباقر عليه السلام الوتر في كتاب علي واجب واولى بالتأكيد وقد يحتج على عدم وجوب الوتر بالاجماع على تحقق
الصلاة الوسطى ولو كان واجبا لانتفت وهي الصلاة الوسطى على ما دلت عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ففي الصحيحة المذكورة وهي صلاة الظهر وهي أول
صلاة صلاها رسول الله وهي وسط النهار ووسط صلوتين بالنهار صلاة الغداة وصلاة العصر وعلل ابن الجنيد بأنها وسط بين نافلتين متساويتين و
نقل الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة عليه وروى عن زيد بن ثابت أنه قال كان رسول الله يصلى الظهر بالهاجرة ولم تكن صلاة أشد على أصحابه منها فنزلت حافظوا
على الصلاة والصلاة الوسطى وذهب المرتضى إلى انها العصر ونقل اجماع الشيعة عليه واحتج بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ولأنها
وسط صلوتي نهار وصلوتي ليل وتدل عليه بعض الروايات العامة وهنا أقوال أخر كأنها للعامة منها انها الصبح لتوسطها بين صلوتي الليل وصلوتي النهار وبين
الضياء والظلام ولأنها لا تجمع مع أخرى فهي منفردة بين مجتمعتين ولمزيد فضلها لحضور ملائكة الليل والنهار كما قال الله تعالى ان قران الفجر كان مشهودا و
لأنها تأتى في وقت مشقة من برد الشتاء وطيب النوم في الصيف وفتور الأعضاء وكثرة النعاس وغفلة الناس واستراحتهم فكانت معترضة للضياع فخصت
بشدة المحافظة ومنها انها المغرب لأنها تأتي بين بياض النهار وسواد الليل ولأنها أزيد من ركعتين وأقل من أربع فهي متوسطة بين رباعي وثنائي لأنها
لا تتغير فلا تنقص في السفر مع زيادته على الركعتين فيناسب تأكيد الامر بالمحافظة عليها ولان الظهر هي الأولى إذ قد وجبت أولا فيكون المغرب هي الوسطى ومنها
انها العشاء لأنها متوسطة بين صلوتين لا تقصران الصبح والمغرب أو بين ليلية ونهارية ولأنها أثقل صلاة على المنافقين وقيل هي مخفية مثل ليلة القدر و
عن بعض أئمة الزيدية انها الجمعة في يومها والظهر في غيرها والأحسن في هذا الباب ما دلة عليه صحيحة زرارة السابقة والعصر والعشاء كل واحدة أربع ركعات في
الحضر ونصفها في السفر بحذف الركعتين الأخيرتين وكذا في حال الخوف والمغرب ثلث فيهما والصبح ركعتان كذلك ونوافلها في الحضر ثمان ركعات قبل الظهر و
ثمان قبل العصر وأربع بعد المغرب وركعتان من جلوس تعدان بركعة بعد العشاء واحدى عشرة ركعة صلاة الليل وركعتا الفجر هذا هو المشهور بين الأصحاب
ونقل الشيخ في الخلاف الاجماع عليه وقال في الذكرى لا نعلم فيه مخالفا من الأصحاب وتدل عليه الأخبار المستفيضة مثل ما رواه الكليني والشيخ في الحسن عن
الفضيل بن يسار عن أبي عبد الله قال الفريضة والنافلة أحد وخمسون ركعة منها ركعتان بعد العتمة جالسا تعدان بركعة والنافلة أربع وثلثون ركعة وعن
الفضيل بن يسار والفضل بن عبد الملك وبكير قالوا سمعنا أبا عبد الله يقول كان رسول الله يصلي من التطوع مثلي الفريضة ويصوم من التطوع مثلي
الفريضة وعن أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن علي بن النعمان عن الحرث بن المغيرة النضري قال سمعت أبا عبد الله يقول صلاة النهار ست عشر ركعة إذا
زالت الشمس وثمان بعد الظهر وأربع ركعات بعد المغرب يا حارث لا تدعهن في سفر وحضر وركعتان بعد عشاء الآخرة كان أبي يصليهما وهو قاعد وانا
اصليهما وانا قائم وكان يصلي رسول الله ثلث عشر ركعة من الليل وفي طريق هذه الرواية علي بن حديد وهو ضعيف جدا لكن رواها الشيخ بطريق اخر عن أحمد بن
محمد بن عيسى عن علي بن النعمان من غير توسط ابن حديد وعلى هذا فتكون الرواية صحيحة وقد يقال إن مثل ذلك اضطراب مضعف للخبر وفيه تأمل وروى سليمان
بن خالد عن أبي عبد الله قال صلاة النافلة ثمان ركعات حين تزول الشمس قبل الظهر (وست ركعات بعد الظهر) وركعتان قبل العصر وأربع ركعات بعد المغرب وركعتان بعد العشاء
يقرا فيهما مأة أية قائما أو قاعدا والقيام أفضل ولا تعدهما من الخمسين
وثمان ركعات من اخر الليل تقرأ في صلاة الليل بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون
في الركعتين الأوليين وتقرأ في سائرها ما أحببت من القران ثم الوتر ثلث ركعات تقرأ فيهما جميعا قل هو الله أحد وتفصل بينهن بتسليم ثم الركعتان اللتان
قبل الفجر تقرأ في الأولى منهما قل يا أيها الكافرون وفي الثانية قل هو الله أحد وروى أحمد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسن عليه السلام ان أصحابنا يختلفون في صلاة التطوع بعضهم
يصلي أربعا وأربعين وبعضهم يصلي خمسين فأخبرني بالذي تعمل به أنت كيف هو حتى اعمل بمثله فقال أصلي واحدة وخمسين ركعة ثم قال أمسك وعقد بيده الزوال
ثمانية وأربعا بعد الظهر وأربعا قبل العصر وركعتين بعد المغرب وركعتين قبل عشاء الآخرة وركعتين بعد العشاء من قعود تعد بركعة من قيام وثمان صلاة
الليل والوتر ثلثا أو ركعتي الفجر والفرائض سبع عشرة فذلك أحد وخمسون ركعة وروى إسماعيل بن سعد الأحرص القمي قال قلت للرضا عليه السلام كم الصلاة من ركعة قال
أحد وخمسون ركعة والأصحاب عملوا بهذه الروايات وقد روى في غير المشهور انها ثلث وثلثون باسقاط الركعتين بعد العشاء روى حماد بن عثمان في الصحيح قال سألت
أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة رسول الله بالنهار قال ومن يطيق ذلك ثم قال الا أخبرك كيف اصنع انا فقلت بلى فقال ثمان ركعات قبل الظهر وثمان ركعات بعدها قلت و
المغرب قال أربع بعدها قلت فالعتمة قال كان رسول الله يصلي العتمة ثم ينام وقال بيده هكذا فحركها قال ابن أبي عمير ثم وصف كما ذكر أصحابنا وروى الحلبي في الحسن قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام هل قبل عشاء الآخرة وبعدها شئ فقال لا غير اني أصلي بعدها ركعتين ولست أحسبهما من صلاة الليل وروى حنان في الموثق قال سال عمرو بن
حريث أبا عبد الله عليه السلام وانا جالس فقال له اخبرني جعلت فداك عن صلاة رسول الله يصلي ثمان ركعات الزوال وأربعا الأولى وثمان بعدها وأربعا العصر
وثلثا المغرب وأربعا بعد المغرب والعشاء الآخرة أربعا وثمان صلاة الليل وثلثا الوتر وركعتي الفجر وصلاة الغداة ركعتين قلت جعلت فداك فان كنت
أقوى على أكثر من هذا أيعذبني الله على كثرة الصلاة قال لا ولكن يعذب على ترك السنة انها تسع وعشرون روى الحسين بن سعيد عن حماد بن عيسى عن شعيب عن أبي
بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التطوع بالليل والنهار فقال الذي يستحب ان لا يقصر عنه ثمان ركعات عند زوال الشمس وبعد الظهر ركعتان وقبل العصر
ركعتان وبعد المغرب ركعتان ومن السحر ثمان ركعات ثم يؤتر والوتر ثلاث ركعات مفصوله ثم ركعتان قبل
صلاة الفجر وأحب صلاة الليل إليهم اخر الليل
وقريب منه ما روى الصدوق في الفقيه عن أبي جعفر عليه السلام عن أفضل ما يتقرب به العباد إلى الله تعالى من الصلاة قال ستة وأربعون ركعة فرائضه ونوافله قلت هذه
رواية زرارة قال أو ترى أحدا كان اصدع بالحق منه وروى أنها سبع وعشرون باسقاط الركعتين قبل العشاء رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي
جعفر عليه السلام اني رجل تاجر اختلف واتجر فكيف لي بالزوال والمحافظة على صلاة الزوال وكم نصلي قال تصلي ثمان ركعات إذا زالت الشمس وركعتين بعد الظهر و
ركعتين قبل العصر فهذه اثنتي عشرة ركعة وتصلى بعد المغرب ركعتين وبعدما ينتصف الليل ثلث عشر ركعة منها الوتر ومنها ركعتا الفجر فتلك سبع و
عشرون ركعة سوى الفريضة وانما هذا كله تطوع وليس بمفروض ان تارك الفريضة كافر وان تارك هذا ليس بكافر ولكنها معصية لأنه يستحب إذا عمل الرجل
عملا من الخير ان يدوم عليه وفي الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما جرت به السنة في الصلاة فقال ثمان ركعات الزوال وركعتان بعد الظهر وركعتان
183

قبل العصر وركعتان بعد المغرب وثلث عشرة من اخر الليل منها الوتر وركعتا الفجر قلت فهذا جميع ما جرت به السنة قال نعم وروى عبد الله بن سنان
في الحسن قال سمعت أبا عبد الله يقول لا تصل أقل من أربع وأربعين ركعة قال ورايته يصلي بعد العتمة أربع ركعات والوجه في الجمع بين هذه الأخبار ان
تحمل ما تضمن الأقل على شدة الاستحباب والامر بالأقل لا يوجب نفي استحباب الأكثر نعم قول الصادق عليه السلام في صحيحة زرارة نعم بعد قوله فهذا جميع ما جرت به السنة
يدل على نفي استحباب الزائد وأولها الشيخ في التهذيب بأنه يجوز ان يكون قد سوغ لزرارة الاقتصار على هذه الصلوات لعذر كان في زرارة واستدل على هذا
التأويل برواية زرارة السابقة عن أبي جعفر عليه السلام وهيهنا فوايد الأولى المشهور بين الأصحاب ان نافلة الظهر ثمان ركعات قبلها ونافلة العصر ثمان ركعات قبلها وينقل
عن بعض الأصحاب انه يجعل الست للظهر وعن ابن الجنيد انه جعل قبل العصر ثمان ركعات للعصر منها ركعتان قال في الذكرى ومعظم الاخبار والمصنفات خالية من التعيين
للعصر وغيره ولعل مستند ابن الجنيد رواية سليمان ابن خالد السابقة ومستند من جعل الست عشرة للظهر صحيحة حماد بن عثمان السابقة والحق ان
شيئا منهما غير دال على المدعى مع أنه في رواية البزنطي انه يصلي أربع بعد الظهر وأربع قبل العصر وبالجملة ليس في شئ من الروايات دلالة على التعيين وانما المستفاد
منها استحباب ثمان ركعات قبل الظهر وثمان بعدها قبل العصر من غير إضافة إلى الفريضة فالاقتصار في نيتها على ملاحظة الامتثال متجه وقد يقال تظهر فائدة الخلاف
في اعتبار ايقاع الست قبل القدمين أو المثل ان جعلناه للظهر وفيما إذا نذر نافلة العصر قيل ويمكن المناقشة في الموضعين إما الأولى فبان مقتضى النصوص
اعتبار ايقاع الثمان التي قبل الظهر قبل القدمين أو المثل والثمان التي بعدها قبل الأربعة أو المثلين سواء جعلنا الست منها للظهر أو العصر واما الثاني فلان
النذر يتبع قصد الناذر فان قصد الثمان أو الركعتين وجب وان قصد (ما وظفه) الشارع أمكن التوقف في صحة النذر لعدم ثبوت الاختصاص كما بيناه وهو حسن
والثانية قال ابن بابويه أفضل هذه الرواتت ركعتا الفجر ثم ركعة الوتر ثم ركعتا الزوال ثم نافلة المغرب والعشاء ثم قال بعضها أوكد من بعض فأوكدها
الصلوات التي تكون بالليل لا رخصة في تركها في سفر ولا حضر كذا نقل عنه وفي الخلاف ركعتا الفجر أفضل من الوتر باجماعنا ولا يخفى ان الاخبار في فضل صلاة
الليل والتأكيد على فعله أكثر من غيرها فالقول بأفضليتها بالنسبة إلى غيرها غير بعيد والثالثة يكره الكلام بين المغرب ونافلتها لرواية أبي العلا الخفاف
عن جعفر بن محمد عليهما السلام قال من صلى المغرب ثم عقب ولم يتكلم حتى يصلى ركعتين كتبنا له في عليين فان صلى أربعا كتبت له حجة مبرورة ونقل ابن بابويه عن الصادق عليه السلام و
استدل عليه أيضا بما رواه الشيخ عن أبي الفارس قال نهاني أبو عبد الله ان أتكلم بين الأربع ركعات التي بعد المغرب ولا يخفى ان المصنف غير مستفاد منه الا ان يقال
كراهة الكلام بين الأربع يقتضي كراهة الكلام بينها وبين المغرب بطريق أولي وفيه منع واضح والرابعة قال المفيد في المقنعة الأولى القيام إلى نافلة
المغرب عند الفراغ منها قبل التعقيب وتأخيره إلى أن يفرغ عن النافلة واحتج له في التهذيب برواية أبي العلا السابقة ولا يخفى عدم دلالتها عليه وقال في الذكرى الأفضل
المبادرة بها يعني نافلة المغرب قبل كل شئ سوى التسبيح واستدل عليه بان النبي صلى الله عليه وآله فعلها كذلك فإنه لما بشر بالحسن صلى ركعتين بعد المغرب شكرا فلما بشر بالحسين
صلى ركعتين ولم يعقب حتى فرغ منها مقتضى هذه الرواية أولوية فعلها قبل التسبيح أيضا الا انها مجهولة السند معارضة بما دل على الامر بتسبيح الزهراء عليه السلام قبل
ان ينتهى رجليه من الفريضة والخامسة روى الصدوق في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال من قال في اخر سجدة من النافلة بعد المغرب
ليلة الجمعة وإن كان كل ليلة فهو أفضل اللهم إني أسئلك بوجهك الكريم واسمك العظيم ان تصلي على محمد وآل محمد وان تغفر لي ذنبي العظيم سبع مرات انصرف
وقد غفر له والسادسة في موضع سجدة الشكر بعد المغرب روايتان يجوز العمل بهما إحديهما رواية حفص الجوهري عن الهادي انها بعد السبع والثانية رواية
جهم قال رأيت أبا الحسن الكاظم وقد سجد بعد الثلث وقال لا تدعها فان الدعاء فيها مستجاب مع امكان حمل هذه على سجدة مطلقة لكنه بعيد والسابعة
ذكر جمع من الأصحاب ان الجلوس في الركعتين بعد العشاء أفضل من القيام لورود النص على الجلوس فيهما في الروايات الكثيرة كما مر في رواية الفضيل
والبزنطي لكن دل رواية سليمان بن خالد السابقة على أفضلية القيام ويؤيده قول الصادق عليه السلام في رواية الحارث بن المغيرة كان أبي يصليهما وهو قاعد وانا اصليهما
وانا قائم فان مواظبته على القيام يدل على رجحانه وجلوس أبيه انما كان للمشقة فإنه عليه السلام كان رجلا بأدنى يشق عليه القيام كما ورد في بعض الأخبار والثامنة
روى الشيخ في المصباح عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال من صلى بين العشائين ركعتين قرا في الأولى الحمد وذا النون إذ ذهب مغاضبا إلى قوله
وكذلك ننج المؤمنين وفي الثانية الحمد وقوله وعنده مفاتح الغيب إلى اخر الآية فإذا فرغ من القراءة رفع يديه وقال اللهم إني أسئلك بمفاتح الغيب التي
لا يعلمها الا أنت ان تصلي على محمد وال محمد وان تفعل بي كذا وكذا وتقول اللهم أنت ولي نعمتي والقادر على طلبتي تعلم حاجتي فأسئلك بحق محمد وآله لما
قضيتها لي فسأل الله حاجته الا أعطاه والتاسعة روى الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن القراءة في الوتر فقال
كان بيني وبين أبي باب فكان أبي إذا صلى يقرا في الوتر بقل هو الله أحد في ثلاثتهن فكان يقرا قل هو الله أحد فإذا فرغ منها قال كذلك الله أو كذلك الله
ربي وفي الصحيح عن الحارث بن المغيرة عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان أبي يقول قل هو الله أحد يعدل ثلث القران وكان يحب ان يجمعهم في الوتر فيكون القران
كله وفي الصحيح عن يعقوب بن يقطين قال سالت العبد الصالح عليه السلام عن القراءة في الوتر قلت إن بعضا روى قل هو الله أحد في الثلث وبعضا روى المعوذتين وفي الثانية
قل هو الله قال اعمل بالمعوذتين وقل هو الله أحد ويستحب القنوة في الركعة الثالثة من الوتر لقوله عليه السلام في صحيحة ابن سنان في القنوت وفي الوتر في الركعة
الثالثة ومحله قبل الركوع لقوله في صحيحة معاوية بن عمار وما اعرف قنوتا الا قبل الركوع وروى معاوية بن عمار في الصحيح انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن القنوت في
الوتر قال قبل الركوع قال فان نسيت أقنت إذا رفعت رأسي قال لا وروى عمار في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام عن الرجل ينسى القنوت في الوتر أو غير الوتر قال ليس
عليه شئ قال وان ذكره وقد اهوى إلى الركوع قبل ان يضع يده على الركبتين فليرجع قائما وليقنت ثم يركع وان وضع يده على الركبتين فليمض في صلاته
وليس عليه شئ ويستحب الدعاء فيه بما سنح للدين والدنيا روى إسماعيل بن الفضل في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عما أقول في وترى قال ما قضى الله
على لسانك وروى الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام عن القنوت في الوتر هل فيه شئ موقت يتبع ويقال فقال اثن على الله عز وجل وصل على النبي صلى الله عليه وآله واستغفر
لذنبك العظيم ثم قال كل ذنب عظيم وعن أبي عبد الله عليه السلام القنوت في الوتر الاستغفار وفي الفريضة الدعاء ومن المستحبات المؤكدة الاستغفار في الوتر سبعين مرة
وروى الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول في قول الله عز وجل وبالأسحارهم يستغفرون في الوتر في اخر الليل سبعين مرة وفي الصحيح
184

عن منصور عن أبي عبد الله قال من قال في وتره إذا اوتر استغفر الله وأتوب إليه سبعين مرة وواظب على ذلك حتى يمضى سنة كتبه الله عنده من المستغفرين بالاسحار ووجب
له المغفرة من الله عز وجل وروى عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله قال استغفر الله في الوتر سبعين مرة تنصب يدك وتعد باليمنى الاستغفار وكان رسول الله
يستغفر الله في الوتر سبعين مرة ويقول هذا مقام العائذ بك سبع مرات وروى عن علي بن الحسين سيد العابدين انه كان يقول العفو العفو ثلث مائة مرة في السحر ويستحب
الدعاء فيه للاخوان بأسمائهم وأقلهم أربعين فروى عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال دعاء المرء لأخيه بظهر الغيب يدر الرزق ويرفع المكروه
وروى هشام بن سالم في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال من قدم أربعين من المؤمنين ثم دعا استجيب له والعاشرة المستفاد من الروايات المستفيضة الصحيحة ان الوتر اسم
للركعات الثلث لا للركعة الواحدة الواقعة بعد الشفع والمعروف من مذهب الأصحاب ان الركعة الثالثة مفصولة عن الأوليين بالتسليم وقد ورد به اخبار كثيرة
صحيحة وقد ورد في عدة اخبار (بيان) التخيير بين الفصل وعدمه وأجاب عنها الشيخ في التهذيب تارة بالحمل على التقية وتارة بان السلام المخير فيه هو السلام عليكم ورحمة
الله الواقعة بعد السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وان المراد بالتسليم ما يستباح به من الكلام وغيره وكل ذلك عدول عن الظاهر ولو قيل بالتخير لم يكن بعيدا
الا ان يثبت اجماع على خلافه والحادية عشر من مائة صلاة الليل فقام قبل الفجر فصلى الوتر وسنة الفجر كتبت له صلاة الليل روى معاوية بن وهب في الصحيح عن الصادق عليه السلام
انه سمعه يقول إما ترضى أحدكم ان يقوم قبل الصبح ويوتر ويصلي ركعتي الفجر فيكتب له صلاة الليل والمراد بالوتر الركعات الثلث كما ذكرنا والثانية عشر ذكر
في الذكرى قد تترك النافلة لعذر ومنه الهم والغم لرواية علي بن أسباط عن عدة من أصحابنا ان الكاظم عليه السلام كان إذا أهم ترك النافلة وعن معمر بن خلاد عن الرضا عليه السلام إذا
أغم وفي الروايتين ضعف من حيث السند والأولى ان لا تترك النافلة بحال للترغيب البالغ والحث الأكيد عليه كما مر في صحيحة زرارة وموثقة حنان وقال المصنف في صحيحة بن
سنان الواردة فيمن فاته من النوافل إن كان شغله في طلب معيشة لابد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شئ عليه وإن كان شغله لدنيا تشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء
والا لقى الله وهو مستخف متهاون مضيع لحرمة رسول الله والآتيان بالنوافل يقتضي تكميل ما نقص عن الفرائض بترك الاقبال بها فمن ذلك صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام
قال إن العبد ليرفع له من صلاته ثلثها ونصفها وربعها وخمسها فما يرفع له الا ما اقبل منها بقلبه وانما أمروا بالنوافل ليتم لهم ما نقصوا من الفريضة وروى محمد بن مسلم في
الصحيح أيضا قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان عمار الساباطي روى عنك رواية قال وما هي قلنا إن السنة فريضة قال أين يذهب ليس (قد) هكذا حدثته انما قلت له من صلى فاقبل على
صلاته لم يحدث نفسه فيها أو لم يسه فيها اقبل الله عليه ما اقبل عليها فربما رفع نصفها أو ربعها أو ثلثها أو خمسها وانما أمروا بالسنة ليكمل بها ما ذهبت من المكتوبة
وتسقط نوافل الظهرين والوتيرة في السفر إما سقوط نوافل الظهرين فلم اعلم فيه مخالفا بين الأصحاب ويدل عليه الأخبار الصحيحة المستفيضة منها صحيحة عبد الله بن سنان
عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصلاة في السفر ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شئ الا المغرب وفي معناها اخبار كثيرة واما الوتيرة فالأكثر على سقوطها ونقل فيه ابن إدريس الاجماع
وقال الشيخ في النهاية يجوز فعلها ولعل مستنده ما رواه ابن بابويه في الفقيه وغيره عن الفضل بن شاذان عن الرضا قال انما صارت العشاء مقصودة وليس تترك ركعتاها
لان الركعتين ليستا من الخمسين وانما هي زيادة في الخمسين تطوعا ليتم بها بدل ركعة من الفريضة ركعتين من التطوع وفي طريق الرواية عبدوس وعلي بن محمد القيتبي و
لم يثبت توثيقهما الا ان ايراد ابن بابويه لهذه الرواية في كتابه مع ضمانه صحة ما بورده فيه قرينة الاعتماد مع المسامحة في أدلة السنن فلا يبعد العمل بهذه الرواية وإن كانت
معارضة لظواهر الأخبار الكثيرة الصحيحة لأنه خاص معلل وقواه في الذكرى لهذه العلة ويحتمل القول بالسقوط ترجيحا لظواهر الأخبار الكثيرة المعتضدة بالشهرة المقصد
الثاني في أوقاتها فأول وقت الظهر إذا زالت الشمس المعلوم بزيادة الظل بعد نقصه أو ميل الشمس إلى الحاجب الأيمن للمستقبل الا ان يمضى مقدار أدائها ثم تشترك مع
العصر إلى أن يبقى للغروب مقدار أداء العصر فيختص به شرح هذا المقام يحتاج إلى رسم مسائل الأولى لا يجوز تقديم الصلاة على الوقت المقدر لها شرعا ولا تأخيرها
عنه ويجب بأول الوقت وجوبا موسعا عند الأكثر وقد يظهر من كلام المفيد التضييق حيث قال ولا ينبغي لاحد ان يؤخر الصلاة عن أول وقتها وهو ذاكر لها غير ممنوع منها
وان اخرها ثم اخترم في الوقت قبل ان يؤديها في اخر الوقت أو فيما بين الأول والاخر عفى عن ذنبه في تأخيرها والأخبار المستفيضة بل المتواترة ينفيه وتسمع طرفا منها
ولنذكر هيهنا اخبارا دالة عليه منها ما رواه عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له يكون
أصحابنا في المكان مجتمعين فيقوم بعضهم يصلي الظهر وبعضهم يصلي
العصر قال كل واسع ومنها ما رواه زرارة بن أعين قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجلان يصليان في وقت واحد واحدهما يعجل العصر والاخر يؤخر الظهر قال لا باس ومنها
ما رواه محمد بن مسلم قال ربما دخلت على أبي جعفر وقد صليت الظهر فيقول صليت الظهر فأقول نعم والعصر فيقول ما صليت الظهر فيقوم مترسلا غير مستعجل فيغتسل
أو يتوضأ ثم يصلي الظهر ثم يصلي العصر وربما ما دخلت عليه ولم أصل الظهر فأقول لا فيقول قد صليت الظهر والعصر احتج الشيخ الطوسي للمفيد برواية عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله أنه قال لكل صلاة وقتان فأول الوقت أفضله وليس لاحد ان يجعل اخر الوقتين وقتا الا في عذر من غير علة وعن ربعي عنه عليه السلام انا لنقدم
ونؤخر وليس كما يقال من أخطأ وقت الصلاة فقد هلك وانما الرخصة للناسي وللمريض والمدنف والمسافر والنائم في تأخيرها وبعض الأخبار الدالة على أفضلية
أول الوقت ثم قال الشيخ وليس لاحد أن يقول إن هذه الأخبار انما يدل على أن أول الأوقات أفضل ولا يدل على أنه يجب في أول الوقت لأنه إذا ثبت انها في أول الوقت
أفضل ولم يكن هناك منع ولا عذر فإنه يجب ان يفعل ومتى لم يفعل والحال على ما وصفاه استحق اللوم والتعتيف ولم يرد بالوجوب هيهنا ما يستحق بتركه العقاب (ولان الوجوب على ضروب منها ما يستحق بتركه العقاب)
ومنها ما يكون الأولى فعله ولا يستحق بالاخلال العقاب وإن كان يستحق به ضرب من اللوم والعتف وظاهر هذا الكلام ان المراد بالواجب هيهنا الأولى اطلق عليه
مبالغة ولعل هذا غرض المفيد أيضا والجواب عما ذكر من الأدلة ان قوله عليه السلام ليس لأحد الحديث محمول على الكراهة جمعا بين الأدلة ويؤيده قوله في أول الخبر فأول
الوقت أفضله وعن الثاني ان قوله عليه السلام وانما الرخصة مجوز ان يكون تتمة للمنفي سلمنا لكن المراد بالرخصة ما لا مرجوحية فيه جمعا بين الأدلة قال في الذكرى ويمكن
ان يحتج بما رواه الصدوق عن أبي عبد الله عليه السلام أول الوقت رضوان الله واخره عفو الله والعفو لا يكون الا عن ذنب قال وجوابه بجواز توجه العفو بترك الأولى
مثل عفى الله عنك ويمكن الجواب أيضا بأنه يجوز ان يكون المراد ان الصلاة في اخر الوقت توجب غفران الذنوب والعفو عنها والثاني المشهور بين الأصحاب ان لكل صلاة
وقتين سواء في ذلك المغرب وغيرها استنادا إلى صحيحة معاوية بن عمار وابن وهب قال أبو عبد الله عليه السلام لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي
عبد الله قال لكل صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما وحكى ابن البراج عن بعض الأصحاب قولا بان المغرب وقتا واحدا عند غروب الشمس وسيجئ الكلام عليه
واختلف الأصحاب في الوقتين فذهب الأكثر منهم المرتضى وابن الجنيد وابن إدريس والفاضلان وجمهور المتأخرين إلى أن الوقت الأول للفضيلة والثاني
185

للاجزاء وقال الشيخان الأول للمختار والثاني للمعذور والمضطر وقال الشيخ في المبسوط العذر أربعة السفر والمرض وشغل يضر تركه بدينه ودنياه والضرورة خمسة الكافر يسلم والصبي
يبلغ والحائض تطهر والمجنون والمغمى عليه يفيقان وظاهر المفاضلة في الخبرين السابقين يوافق القول المشهور وان أمكن ان يقال بجواز ان يكون صلاة المختار في أول الوقت أفضل من صلاة المضطر
في اخره فان استند الشيخ إلى صحيحة عبد الله بن سنان السابقة فجوابه ما قد أشير إليه مع أن العذر فيها أعم مما ذكره وبالجملة القول المشهور أصح والدليل عليه ما سيجيئ في خصوص
كل صلاة من الحجة على امتدادها إلى اخر الوقت
والثالثة أول وقت الظهر زوال الشمس وهو ميلها عن وسط السماء وانحرافها عن دائرة نصف النهار باجماع العلماء
قاله في المعتبر وقال في المنتهى أول وقت الظهر زوال الشمس بلا خلاف بين أهل العلم ويدل عليه الآية والأخبار المستفيضة وسيجئ طرف منها عن قريب ولا ينافي ذلك
ما دل من الاخبار على أن أول وقت الظهر ما بعد الزوال بقدم أو ذراع أو نحو ذلك فان ذلك محمول على وقت الأفضلية أو الوقت المختص بالفريضة من غير مشاركة النافلة
لا وقت الأجزاء وسيجيئ تحقيقه والرابعة اختلف علمائنا في اخر وقت الظهر فقال السيد المرتضى ممتد في وقت الفضيلة إلى أن يصير ظل كل شئ مثله ووقت الأجزاء إلى أن
يبقى للغروب مقدار أداء العصر وهو اختيار ابن الجنيد وسلار وابن زهرة وابن إدريس وجمهور المتأخرين وذهب الشيخ في المبسوط والخلاف والجمل إلى امتداد وقت
الاختيار ان يصير ظل كل شئ مثله ووقت الاضطرار إلى أن يبقى للغروب مقدار أداء العصر وقال في النهاية اخر وقت الظهر لمن لا عذر له إذا صارت الشمس على أربعة اقدام
ويعلم من بعض مواضع التهذيب ان ذلك اخر الوقت لغير المضطر وقال المفيد وقت الظهر زوال الشمس إلى أن يرجع الفئ سبعي الشخص ونقل في المختلف عن ابن أبي عقيل أول وقت
الظهر زوال الشمس إلى أن ينتهى الظل ذراعا واحدا أو قدمين من ظل قامة بعد الزوال وانه وقت لغير ذوي الأعذار وعن ابن براج ان اخر الوقت ان يصير ظل كل شئ مثله وعن أبي
الصلاح ان اخر وقت المختار الأفضل ان يبلغ الظل سبعي القائم واخر وقت الأجزاء ان يبلغ الظل أربعة أسباعه واخر وقت المضطر ان يصير مثله واختار الشيخ في بعض مواضع
التهذيب ان الحائض إذا طهر بعد أن يصير الفئ أربعة اقدام لم يجب عليه صلاة الظهر بل كان الأفضل ان يصليها والصحيح ان وقت الأجزاء ممتد إلى أن يبقى للغروب مقدار أداء
العصر للمختار والمضطر وان وقت الفضيلة ممتد إلى أن يصير ظل كل شئ مثله ويدل على وقت الأجزاء ظاهر قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل فان المفسرين وان
اختلفوا في تفسير الدلوك فبعضهم فسره بالزوال وبعضهم بالغروب لكن أكثر التابعين والمفسرين على الأول ويرجحه كون التبادر من أصل معنى الدلوك وهو الميل الزوال
ونص جماعة من أهل اللغة على أن الدلوك هو الزوال ويؤيده ان الآية على هذا التفسير تشتمل الصلوات الخمس جميعا إن كان المراد بالغسق انتصاف الليل كما هو الراجح وحينئذ فالمستفاد
من الآية وجوب الصلاة الموسعة من أول الزوال إلى نصف الليل والمراد بذلك إقامة الصلوات الأربع في هذه المدة وظاهره التخيير بين إقامة كل صلاة منها في هذه المدة
أو توزيع الصلوات على الوقت بحيث يكون كل جزء من الوقت وقت الصلاة حيث تعذر الأول كما هو الواقع وهو يستلزم المدعى بمعونة الاتفاق على عدم اختصاص الزمان
المتنازع فيه بإحدى الصلوات بل واما مشترك بين الظهر والعصر أو ليس وقت الشئ منهما ويدل أيضا عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عما فرض الله
من الصلاة فقال خمس صلوات في الليل والنهار فقلت هل سماهن الله بينهن في كتابه فقال نعم قال الله تعالى لنبينه (لنبيه) أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل ودلوكها
زوالها ففيما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل أربع صلاة سماهن وبينهن وقتهن وغسق الليل انتصافه والحديث طويل وما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن أبي نصير عن الضحاك
بن زيد عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل قال إن الله افترض أربع صلوات أول وقتها من زوال الشمس إلى انتصاف الليل
منها صلاتان أول وقتها عند زوال الشمس إلى غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه ومنها صلاتان أول وقتها من غروب الشمس إلى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه وليس في طريق
هذه الرواية من يتوقف في شانه الا الضحاك بن زيد فإنه بهذا العنوان غير مذكور في كتب الرجال وذكر بعض المتأخرين ان الظاهر أنه أبو ملك الثقة وهو غير بعيد ويؤيده
ايراد المصنف وغيره هذه الرواية من الصحاح ومما يؤيده صحة هذه الرواية ان الراوي عن الضحاك بن أبي نصر وهو من الثقات الضابطين من جملة من أجمعت العصابة على تصحيح
ما يصح عنه فمن المستبعد نقله عن الضعفاء كما أشرنا إليه في كتاب الطهارة على أن الشيخ في العدة نص على أنه لا يروى الا عن الثقات وبالجملة عندي هذه الرواية الحقه بالصحاح
وعن معمر بن يحيى في الحسن قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول وقت العصر إلى غروب الشمس وجه الدلالة عدم القائل بالفصل وبعضهم عد هذه معمر بن يحيى من الصحاح مع أن
في طريقها ثعلبة بن ميمون وليس في شانه ما يتخيل منه التوثيق الا ما نقل الكشي عن حمدويه عن محمد بن عيسى من توثيقه والاعتماد على مجرد ذلك مشكل
ومما يؤيد ذلك ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت الظهر والعصر فقال إذا زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا
الا ان هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما حتى تغيب الشمس اوردها الشيخ في موضعين من التهذيب بتفاوت ما في المتن وفي طريقها القاسم
بن عروة وهو غير موثق بالتوثيق في كتب الرجال لكن يروى عنه جماعة من أعيان الثقات والاجلاء من الأصحاب منهم ابن أبي عمير وابن أبي نصر وهذا
يدل على اعتباره كما أشرنا إليه مرارا وأوردها الصدوق في الفقيه بطريق فيه الحكم بن مسكين وهو غير مصرح بالتوثيق الا ان له أصل يرويه ابن أبي عمير
عن الحسن بن محبوب عنه وهذا مما يوجب قوة لنقله وما رواه الشيخ عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام أحب الوقت إلى الله عز وجل أوله حين يدخل
وقت الصلاة فصل الفريضة فإن لم تفعل فإنك في وقت منهما حتى تغيب الشمس وفي طريق هذه الرواية موسى بن بكر وهو غير مصرح بالتوثيق الا ان
له كتاب يرويه ابن أبي عمير وصفوان بن يحيى وعلي بن الحكم وهذا يوجب قوة لنقله ورواية داود بن فرقد الآتية ورواية الحلبي الآتية الا انها تنفى بعض
المذاهب المخالفة للمشهور ويؤيده صحيحة زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول إن من الأمور أمورا موسعة وان الوقت وقتان والصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول الله
وربما اخر الا صلاة الجمعة فان صلاة الجمعة من الامر المضيق انما لها وقت واحد حين تزول الشمس وقريب منها رواية الفضيل بن يسار عن أبي جعفر وما رواه
الشيخ في الموثق عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال اتى جبرئيل رسول الله صلى الله عليه وآله بمواقيت الصلاة فاتاه حين زالت الشمس فأمره فصلى الظهر ثم اتاه حين
زاد الظل قامة فأمره فصلى العصر ثم اتاه حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب ثم اتاه حين الشفق فأمره فصلى العشاء ثم اتاه حين طلع الفجر فأمره
فصلى الصبح ثم اتاه من الغد حين زاد في الظل قامتان فأمره فصلى الظهر ثم اتاه حين زاد في الظل قامتان فأمره فصلى العصر ثم اتاه حين غربت الشمس
فأمره فصلى المغرب ثم اتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلى العشاء ثم اتاه حين نور الصبح فأمره فصلى الصبح ثم قال ما بينهما وقت وفي بعض الروايات بدل
القامة والقامتين ذراع وذراعين وفي بعضها قدمين وأربعة اقدام وحينئذ لا يبعد الجمع بين الروايات بحمل القامة في هذا الخبر على الذراع كما
يستفاد عن بعض الأخبار وسيجئ وعلى ما ذكرنا يضعف التأييد بالخبر المذكور ومما يؤيد ما ذكرنا ما رواه عن عبيد بن زرارة عن
186

أبي عبد الله عليه السلام قال لا يفوت الصلاة من أراد الصلاة لا يفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس ولا صلاة الليل حتى تطلع الفجر ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وما رواه المصنف
في كتاب مدينة العلم في الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله قال كان المؤذن يأتي النبي في الحر في صلاة الظهر فيقول عليه السلام له أبرد أبرد نقل ذلك المصنف في
المنتهى ونقله ابن بابويه في الفقيه عن معاوية بن وهب باسناد صحيح عند المصنف قال ابن بابويه ثم قال مصنف هذا الكتاب يعني عجل عجل واخذ ذلك من التبريد وهو خلاف
الظاهر وما رواه في كتاب مدينة العلم في الصحيح عن الحسن بن علي الوشا قال سمعت الرضا عليه السلام يقول كان أبي ربما صلى الظهر على خمسة اقدام نقل ذلك المصنف في المنتهى و
هذا الخبر ينفي بعض المذاهب المخالفة للمشهور ويؤيده ما مر ان لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله ويدل على وقت الفضيلة ما رواه الشيخ في الحسن للوشاء
عن أحمد بن عمر عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن وقت الظهر والعصر فقال وقت الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يذهب الظل قامة ووقت العصر قامة ونصف إلى قامتين
وفي الصحيح عن أحمد بن محمد وهو ابن أبي نصر قال سألته عن وقت صلاة الظهر والعصر فكتب قامة للظهر وقامة للعصر وجه الاستدلال من الخبرين ان اجزاؤهما على ظاهرهما
من كون ذلك اخر الوقت مطلقا خلاف الاجماع ولا يمكن حمله على كون ذلك وقت الاختيار لما ذكرنا من الدلايل على امتداد وقت الاختيار إلى الغروب فيجب الحمل
على كون ذلك وقت الفضيلة وروى الشيخ والكليني باسناد فيه ضعف لمكان محمد بن عيسى عن يونس عن يزيد بن خليفة قال قلت لأبي عبد الله ان عمر بن
حنظلة أتانا عنك بوقت فقال أبو عبد الله عليه السلام اذن لا يكذب علينا قلت ذكر انك قلت إن أول صلاة افترضها الله على نبيه صلى الله عليه وآله الظهر وهي قول الله عز وجل أقم الصلاة
لدلوك الشمس فإذا زالت الشمس لم يمنعك الا سبحتك ثم لا يزال في وقت إلى أن يصير الطل قامة وهو اخر الوقت فإذا صار الظل قامة دخل وقت العصر فلم يزل
في وقت العصر حتى يصير الظل قامتين وذلك المساء قال صدق واستشهد بعض المتأخرين ببعض الأخبار الدالة على أن الحائض تصلي إذا طهرت قبل غروب الشمس
وفيه انه لا يدل على الأجزاء للمختار احتج الشيخ في الخلاف على ما ذهب إليه من أن اخر وقت الظهر إذا صار ظل كل شئ مثله بالاجماع على أنه وقت للظهر وليس على ما زاد
عليه فلا يكون وقتا عملا بالاحتياط وبما رواه زرارة في الموثق قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم يجبني فلما إن كان بعد ذلك قال
لعمرو بن سعيد بن هلال ان زرارة سألني عن وقت صلاة الظهر في القيظ فلم اخبره فخرجت من ذلك فاقرأه مني السلام وقل له إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر
وإذا كان ظلك مثليك فصل العصر وبروايتي أحمد بن عمر وأحمد بن محمد المتقدمتين ونقل في المنتهى عن الشيخ الاحتجاج بما رواه عن محمد بن حكيم عن العبد الصالح
يقول إن أول وقت الظهر زوال الشمس واخر وقتها قامة من الزوال وأول وقت العصر قامة واخر وقتها قامتان قلت في الشتاء والصيف قال نعم وبرواية معاوية بن
وهب السابقة في الاستدلال على المشهور الدالة على اتيان جبرئيل بمواقيت الصلاة والجواب عن الأول انا قد
بينا الدليل على كون الزائد وقتا للظهر وعن
الرواية الأولى بمنع دلالتها على المدعى بل هي دالة على نقيضه كما لا يخفى على المتدبر ولعل الباعث على ايقاع الصلاة في هذا الوقت قصد ايراد في القيظ كما يستفاد
من الخبر المنقول سابقا من كتاب مدينة العلم ويؤيده ما رواه الكشي في كتاب الرجال باسناد فيه محمد بن عيسى والظاهر أنه ابن عبيد وفيه أيضا القاسم بن عروة عن
ابن بكير قال دخل زرارة على أبي عبد الله قال إنكم قلتم لنا في الظهر والعصر على ذراع وذراعين ثم قلتم أبردوا بها في الصيف فكيف الابراد وفتح الواحة ليكتب ما يقول
فلم يجبه أبو عبد الله بشئ فاطبق الواحة فقال انما علينا ان نسألكم وأنتم اعلم بما عليكم وخرج ودخل أبو بصير على أبي عبد الله عليه السلام فقال إن زرارة سألني عن شئ
فلم أجبه فقد ضقت من ذلك فاذهب أنت رسولي إليه فقل صل الظهر في الصيف إذا كان ظلك مثلك والعصر إذا كان ظلك مثليك وكان زرارة هكذا يصلي في
الصيف ولم اسمع أحدا من أصحابنا يفعل ذلك غيره وغير ابن بكير وعن الثالث والرابع والخامس بالحمل على الفضيلة مع امكان حملها على التقية لموافقتها لمذهب
جمع من العامة وفي خبر زرارة اشعار بذلك حيث اخر الجواب المتضمن لجواز الصلاة بعد القامة والقامتين وعن السادس بان الخبر بالدلالة على نقض المدعى
أشبه كما سبقت الإشارة إليه فان قصد الاستدلال بقوله ما بينهما وقت ففيه ان دلالة الخطاب مطرح إذا عارض المنطوق احتج الشيخ في التهذيب على ما ذهب
إليه من اعتبار الأربع الاقدام بما رواه عن الحسن بن محبوب في الصحيح عن إبراهيم الكرخي قال سألت أبا الحسن موسى عليه السلام متى يدخل وقت الظهر قال إذا زالت الشمس فقلت متى
يخرج وقتها فقال من بعد ما يمضى من زوالها أربعة اقدام وان وقت الظهر ضيق ليس كغيره قلت فمتى يدخل وقت العصر قال إن اخر وقت الظهر هو أول وقت العصر قلت
فمتى يخرج وقت العصر فقال وقت العصر إلى أن تغرب الشمس وذلك من علة وهو تضييع فقلت له لو أن رجل صلى الظهر من بعد ما يمضى من زوال الشمس أربعة
اقدام لكان عندك غير مؤديها فقال إن كان تعمد ذلك ليخالف السنة والوقت لم يقبل منه كما لو أن رجلا اخر العصر إلى قرب ان تغرب الشمس متعمدا من غير علة لم
يقبل منه ان رسول الله قد وقت للصلوات الخمس المفروضات أوقاتا وحد لها حدودا في سنة للناس فمن رغب عن سنة من سنة (سننه) الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض الله
والجواب الطعن في السند لجهالة إبراهيم الكرخي مع أن ظاهر قوله أول وقت الظهر أول وقت العصر خلاف ما اتفق عليه الأصحاب سلمنا لكن يحمل على وقت الفضيلة
ولعل في قوله إن كان تعمد ذلك ليخالف السنة والوقت اشعار بذلك وحينئذ فالمراد بقوله اخر وقت الظهر أول وقت العصر ان اخر وقت فضيلة الظهر أول الوقت المختص
بالعصر من غير مشاركة الظهر باعتبار الفضيلة ونقل عن الشيخ أيضا الاحتجاج عليه بما رواه عن الفضل بن يونس قال سألت أبا الحسن عليه السلام (الأول) قلت المراة ترى الطهر قبل غروب
الشمس كيف تصنع بالصلاة قال إذا رأت الطهر بعدما يمضى من زوال الشمس أربعة اقدام فلا تصلي الا العصر لان وقت الظهر دخل عليها (وخرج عنها الوقت) وهي في الدم
وهذه الرواية
على تقدير تسليمها غير مقيدة للمدعى الكلية وأجاب عنها المصنف بوجوه ثلثة الأول ضعف السند لان الفضل واقفي ولا يخفى ان بعض المتأخرين يميل إلى صحة
هذه الرواية بناء على أن النجاشي وثق الفضل ولم يذكر انه واقفي والشيخ وان ذكر ذلك ولا منافاة بينهما الا ان ضبط النجاشي وتثبته يدفع ذلك الثاني انها
منفية بالاجماع إذ لا خلاف بيننا ان اخر وقت الظهر للمعذور يمتد إلى قبل الغروب بمقدار العصر وفيه نظر لان الشيخ صرح في التهذيب والاستبصار بان الحائض إذا
طهرت بعد ما مضى من الوقت أربعة اقدام لم يجب عليها صلاة الظهر فادعاه الاجماع على خلافه مع مخالفة الشيخ فيه محل تأمل والثالث انه علق الحكم على الطهارة
بعد أربعة الاقدام فيحمل على أنه أراد بذلك ما إذا خلص الوقت للعصر ولا يخفى بعد هذا التأويل جدا وقد أجيب عنها أيضا بأنها معارضة بموثقة عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا طهرت المراة قبل غروب الشمس فليصل الظهر والعصر وان طهرت في اخر الليل فلتصل المغرب والعشاء وهي أوضح سندا إذ ليس في
طريقها من يتوقف عليه الا علي بن الحسن بن فضال وقال النجاشي في تعريفه انه كان فقيه أصحابنا بالكوفة ووجههم وثقتهم وعارفهم بالحديث المسموع قوله فيه سمع
منه شئ كثير ولم نعثر على ذلة (زلة) فيه ولا يخفى ان الحكم بالاطراح بسبب قوة المعارض انما يصح إذا لم يمكن الجمع والجمع هيهنا بحمل خبر ابن سنان على الاستحباب ممكن الا ان
187

يكون مؤيد المنع تسليم حجية الرواية بناء على أن طريقها غير نقي والتحقيق انه وقع التعارض بين رواية الفضل ورواية ابن سنان ويمكن الجمع بينهما إما بحمل الأول على التقية
واما بحمل الثانية على الاستحباب ويؤيد رواية الفضل حسنة معمر بن يحيى قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الحائض تطهر بعد العصر تصلى الأولى قال لا انما تصلي الصلاة التي تطهر عندها
وموثقة محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال قلت المراة ترى الطهر فتشتغل في شأنها حتى يدخل وقت العصر قال تصلي العصر وحدها فان ضيعت فعليها صلاتان وفي معنى رواية
ابن سنان ما رواه عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله عليه السلام وما رواه عن داود الزجاجي عن أبي جعفر عليه السلام وكذا رواية عمر بن حنظلة وقد سبقت تلك الروايات في مبحث الحيض
والشيخ في التهذيب والاستبصار حمل تلك الروايات على الاستحباب وعلى هذا فالمراد بالعصر في خبري معمر بن يحيى ومحمد بن مسلم الوقت المختص بالعصر على جهة الفضيلة
أو الاختيار وهو ما بعد أربعة اقدام على أحد قولي الشيخ وهذا الوجه في طريق الجمع حسن ان رأينا حجية رواية الفضل لان حملها على التقية بعيد إذ لم يظهر موافقة العامة
لمدلوله بل المشتهر بينهم خلافها وان قدحنا في حجية الرواية المذكورة كان التعويل على رواية ابن سنان لاعتقادها (لاعتضادها) بالآية وبالاخبار الكثيرة وبالشهرة ولما دل على
وجوب الصلاة على المكلفين خرج عنه الحائض في زمان حيضها فيبقى غيرها داخلا تحت التكليف وعلى هذا فالمراد بالعصر في خبري معمر ومحمد بن مسلم الوقت المختص بالعصر
والظاهر عند حجية الرواية المذكورة وصحة التعويل عليها وعلى كل تقدير فالرواية مختص بالحائض فلا يعم غيرها فالمراد بقوله وقت الظهر دخل عليها وهي حائض وقت الفضيلة لا
الأجزاء وحينئذ يظهر من هذه الرواية ومن رواية إبراهيم الكرخي ان للظهر وقتي فضيلة على سبيل الترتيب في الأفضلية احتج المصنف في المختلف للمفيد بما رواه زرارة في الصحيح عن
الباقر عليه السلام قال سألته عن وقت الظهر فقال ذراع من زوال الشمس ووقت العصر ذراع من وقت الظهر فذلك أربعة اقدام من زوال الشمس وبما رواه في الصحيح عن الفضيل
وزرارة وبكير بني أعين ومحمد بن مسلم وبريد بن معاوية قال قال أبو جعفر وأبو عبد الله (ع) وقت الظهر بعد الزوال قدمان وقت العصر بعد ذلك قدمان وهذا أول
وقت إلى أن يمضى أربعة اقدام للعصر والجواب ان المفهوم من الخبرين ان وقت الظهر يدخل بعد ذراع من
زوال الشمس لا ان الوقت يخرج بذلك وفي تتمة خبر زرارة تصريح
بذلك حيث قال عليه السلام ان حافظ مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة وكان إذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى عن فيئه ذراعان صلى العصر ثم قال أتدري لم جعل الذراع
والذراعان قلت لم جعل ذلك قال لمكان النافلة لك ان تنفل من زوال الشمس إلى أن يمضي الفئ ذراعا فإذا بلغ فيئك ذراعا من الزوال بدأت بالفريضة وتركت النافلة
وهذا هو المعنى الذي فهم الشيخ من كلام المفيد فإنه جعل وقت الظهر على ثلثة أقسام منها وقت المنفل وهو حين صارت على قدمين أو سبعين أو ما أشبه
ذلك ولعل مراد المفيد أيضا ذلك وإن كان في عبارته اجمالا واما حجة ابن أبي عقيل على ما حكى في المختلف فهي صحيحة زرارة السابقة في احتجاج المفيد وما
رواه محمد بن حكيم قد سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول القامة هي الذراع وقال له أبو بصير كم القامة فقال ذراع ان قامة رجل رسول الله صلى الله عليه وآله
كانت ذراعا وجواب لهذا الاحتجاج الخامسة المشهور بين الأصحاب اختصاص الظهرين أول الوقت بمقدار أدائها تامة الافعال والشروط بأقل
واجباتها بحسب حال المكلف باعتبار كونه مقيما ومسافرا خائفا وغير خائف صحيحا ومريضا سريع القراءة والحركات وبطيئها مستجمعا بعد
دخول الوقت لشرائط الصلاة وفاقدها فان المعتبر مضى مقدار أدائها وتحصيل شرائطها المفقودة بحسب حال المكلف وهذا مما يختلف اختلافا
فاحشا وكذا اختصاص العصر عن اخر الوقت بمقدار أدائها على الوجه المذكور والمنقول عن ابني بابويه اشتراك الوقت بين الظهرين من أوله إلى اخره وقال
السيد المرتضى في المسائل الناصرية على ما نقل عنه الذي نذهب إليه انه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر بلا خلاف ثم يختص أصحابنا بأنهم يقولون
إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر الا ان الظهر قبل العصر قال وتحقيق هذا الموضع انه إذا زالت دخل وقت الظهر بمقدار ما يؤدى أربع ركعات
فإذا خرج هذا المقدار اشترك الفرضان ومعنى ذلك أنه يصح ان يؤدى في هذا الوقت المشترك الظهر والعصر بطوله على أن الظهر مقدمة للعصر
ثم لا يزال في وقت منهما إلى أن يبقى إلى غروب الشمس مقدار أربع ركعات فيخرج وقت الظهر ويخلص هذا المقدار للعصر كما خلص الوقت الأول للظهر قال المصنف
في المختلف بعد نقل هذا المقام من السيد وعلى هذا التفسير الذي ذكر السيد يزول الخلاف ونقل ابن إدريس عن بعض الأصحاب وبعض الكتب انه إذا
زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر الا ان هذه قبل هذه ثم أنكره وجعله ضد الثواب واعترض عليه المحقق وبالغ في انكار كلامه استنادا إلى أن
ذلك مروى عن الأئمة عليهم السلام في اختبار (اختيار) المتعددة على أن فضلاء الأصحاب رووا ذلك وافتوا فيجب الاعتناء بالتأويل لا للاقدام بالطعن وهذا الكلام من المحقق يدل
على اشتهار ذلك من فضلاء الأصحاب ثم قال المحقق ويمكن ان يتأول ذلك من وجوه وذكر وجوها من التأويل وسأذكرها حجة المشهور
وجوه الأول ان القول باشتراك الوقت حين الزوال بين الصلاتين مستلزم لاحد الباطلين إما تكليف ما لا يطاق أو خرق الاجماع فيكون
باطلا بيان الاستلزام المذكور ان التكليف حين الزوال إما ان يقع بالعبادتين معا أو بأحدهما لا بعينها أو بواحدة معينة والثالث خلاف من الاشتراك
فتعين أحد الأولين على أن المعينة إن كانت هي الظهر ثبت المطلب وإن كانت هي العصر لزم خرق الاجماع وعلى الاحتمال الأول يلزم تكليف ما لا يطاق
وعلى الثاني يلزم خرق الاجماع إذ لا خلاف في أن الظهر مرادة بعينها حين الزوال لا لأنها أحد الفعلين الثاني ان الاجماع واقع على أن
النبي صلى الله عليه وآله صلى الظهر أولا وقال صلوا كما رأيتموني أصلي فلو لم يكن وقتا لها لما صح منه صلى الله عليه وآله ايقاعها فيها الثالث
رواية داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر حتى يمضي مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات فإذا
مضى ذلك فقد دخل وقت الظهر والعصر حتى يبقى من الشمس مقدار ما يصلي أربع ركعات فإذا بقى مقدار ذلك فقد خرج وقت الظهر وبقى وقت العصر
حتى تغيب الشمس الرابع رواية الحلبي فيمن نسى الظهر والعصر ثم ذكر عند غروب الشمس قال إن كان في وقت لا يخاف فوت أحدهما فليصل الظهر ثم ليصل
العصر وان هو خاف ان يفوته فليبدء بالعصر ولا يؤخرها فيكون قد فاتتاه جميعا الخامس صحيحة ابن سنان عن الصادق عليه السلام فيمن نام أو نسى ان
يصلي المغرب والعشاء الآخرة واستيقظ قبل الفجر قال وان خاف ان يفوته إحديهما فليبدأ بالعشاء ومتى ثبت ذلك في العشائين ثبت في الظهرين لعدم
القائل بالفصل السادس ظاهر قوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل فان ضرورة الترتيب يقتضي الاختصاص وهذا الوجه ذكره الشارح الفاضل
السابع لا مضى لوقت الفريضة الا ما جاز ايقاعها فيه ولو على بعض الوجوه ولا ريب ان ايقاع العصر عند الزوال على سبيل العمل ممتنع وكذا مع النسيان
على الأظهر لعدم الاتيان بالمأمور على وجهه وانتفاء ما يدل على الصحة مع المخالفة وإذا امتنع وقوع العصر عند الزوال مطلقا انتفى كون
ذلك وقتا لها وهذا الوجه ذكره صاحب المدارك الثامن صحيحة إسماعيل بن همام عن أبي الحسن عليه السلام أنه قال في الرجل
يوم الظهر حتى يدخل وقت العصر انه يبدأ بالعصر ثم يصلي الظهر وصحيحة أبي همام عن أبي الحسن عليه السلام في الحائض
188

إذا اغتسلت في وقت العصر يصلي العصر ثم يصلى الظهر وحسنة بن معمر بن يحيى قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الحائض تطهر عند العصر تصلي الأولى قال لا انما تصلى الصلاة التي
تطهر عندها وفي ذلك الأدلة نظر إما الأول فلان غاية ما يلزم مما ذكر وجوب الاتيان بالظهر دون العصر في أول الوقت على المتذكر ولا يلزم من ذلك الاختصاص فان
القائل بالاشتراك لا يخالف في صورة التذكر بل في صورة النسيان كما إذا ظن الاتيان بالظهر أو اتى بالظهر قبل أول الوقت ظانا دخول الوقت ثم اتى بالعصر في أول
الوقت فإنه يصح عند القائل بالاشتراك ولم يقصد من اشتراك الوقت أكثر من ذلك والدليل الذي ذكره لا ينفيه ولو صح ما ذكره يلزم ان لا يكون شئ من الوقت
مشتركا أصلا لان في كل جزء من الوقت ان لم يأت بالظهر سابقا يلزم اختصاصه بالظهر بعين الدليل المذكور وان اتى به سابقا فالوقت مختص بالعصر واعترض المصنف
في المختلف على الدليل المذكور بنحو ما ذكر وأجاب بما محصله ان اشتراك الوقت على ما فسرتموه فرع وقوع التكليف بالفعل ونحن قد بينا عدم تعلق التكليف به وفيه نظر
لان اللازم مما ذكره عدم تعلق التكليف به إذا كان متذكرا لعدم الاتيان بالظهر في وقته سابقا عليه إما لو ظن خلاف ذلك فلا نسلم عدم تعلق التكليف
بالعصر في ذلك الوقت ولم يلزم ذلك من الدليل الذي ذكره واما الثاني فالكلام عليه قريب من السابق واما الثالث فلان هذا الخبر ضعيف السند مع كونه
معارضا باخبار كثيرة دالة على اشتراك الوقت ويمكن تأويله بان يقال المراد بوقت الظهر في قوله فقد دخل وقت الظهر حتى يمضى مقدار أربع الوقت المختص بالظهر عند
التذكر إذ يجوز ان يكون مقدار أداء العصر من اخر الوقت مختصا بالعصر في صورة العلم والتذكرة وهذا لا ينفي الاشتراك مطلقا وبالجملة ابقاء هذا الخبر على ظاهره وارتكاب
التأويل في معارضه فرع رجحانه عليه وهو ممنوع ومما ذكرنا يعلم الجواب عن الرابع وقوله عليه السلام فيكون فاتتاه جميعا بناء على أن التكليف بالعصر في ذلك الوقت يقتضي
النهي عن الاتيان بالظهر فيه والنهي في العبادة يستلزم الفساد فإذا اتى بالظهر فيه لم يكن صحيحا فيكون قد فاتتاه جميعا ومما ذكرناه يعلم الجواب عن الخامس على أن مدلوله غير
موافق لمذهب أكثر القائلين بالاختصاص فإنهم يقولون بذلك في الزمان المتصل بنصف الليل لا الفجر واما السادس فضعفه ظاهر إذ لم يعلم من الآية وجوب الترتيب بين
الظهرين غاية ما يستفاد منها التكليف بالصلاة أو الصلاتين أو الصلوات الأربع في الوقت المحدود ولا يلزم من ذلك وجوب الترتيب بل دلالة الآية على الاشتراك أظهر سواء
كان المراد بالصلاة الظهرين أو الصلاة الأربعة إما على الأول فلان المستفاد منها ثبوت التكليف بالصلاتين في الوقت المحدود ثبت وجوب الترتيب في صورة التذكر بدليل
من خارج فعند عدم التذكر كان اطلاق الآية بحاله من غير تقييد واما على الثاني فلان الظاهر اشتراك الوقت بين الصلوات الأربعة الا ما خرج بالدليل ولقائل أن يقول إن حمل
الآية على مجرد التوزيع أولي من حمله على الاشتراك لاستلزامه ارتكاب التخصيص البعيد وحينئذ فلا يتم دلالتها على الاشتراك واما السابع فلان قوله وكذا مع النسيان محل تأمل
قوله لعدم الاتيان بالمأمور به قلنا مطلقا لا نسلم ان الوقت المعلوم شرط الصحة صلاة العصر حتى تنتفي عند انتفائه انما المسلم وجوب تأخيرها عن الظهر في صورة التذكر لا مطلقا فعدم
الاتيان بالمأمور به في صورة النسيان ممنوع واما خبر إسماعيل بن حمام فيرد على التمسك بها ان غاية ما يستفاد منه اختصاص اخر الوقت بالعصر في صورة التذكر لا مطلقا
ولا يلزم من ذلك نفي الاشتراك على أن حمل وقت العصر فيه على اخر الوقت بمقدار أدائها خلاف المتبادر بل المتبادر ما بعد وقت فضيلة الظهر وحينئذ كان ظاهره دالا على
كون الوقت الأول للاجزاء لا للفضيلة ان ثبت الاجماع على عدم جواز تقديم العصر على الظهر أداء مطلقا وعلى هذا يجب تأويل الرواية بالحمل على التقية لموافقتها لمذهب
كثير من العامة واما صحيحة أبي همام فيرد على التمسك بها ما ذكرنا من عدم دلالتها على نفي الاشتراك مطلقا مع أن ظاهرها على تقدير حمل وقت العصر فيها على اخر الوقت غير معمول
بين الأصحاب إذ لاقضاء على الحائض فهذا الحمل ليس أقرب من حمل العصر فيها على ما بعد زمان الفضيلة فان ذلك الحمل مع كونه أقرب إلى مفاد الخبر يوافق ما ذهب إليه
الشيخ في التهذيب من عدم وجوب الظهر عليها إذا طهرت بعد ما مضى من الزوال أربعة اقدام واستحبابها حينئذ بخلاف هذا الحمل ان لم يعلم قائل بمقتضاه على أن كثيرا من
الاخبار دلت على أن الحائض إذا طهرت قبل الغروب تصلي الظهر والعصر ومقتضاها التخيير في الترتيب ويمكن الجمع بينها وبين الخبر بحمل الترتيب فيه على الاستحباب أو ارتكاب
التقييد فيها ولا رجحان للثاني على الأول فلا يثبت نفي الاشتراك مطلقا مع أن حملها على الوقت المختص بالعصر عندهم خلاف المتبادر منها على أن هذا الخبر معارض
باخبار كثيرة دالة على أن الحائض إذا طهرت قبل غروب الشمس صلت الظهر والعصر ويمكن الاستدلال عليه أيضا بموثقة محمد بن مسلم لتقدمه في المسألة السابقة وبرواية
منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا طهرت الحائض قبل العصر صلت الظهر والعصر وان طهرت في اخر وقت العصر وأنت خبير بطريق الايراد فيهما حجة القول بالاشتراك
ظاهر الروايات الدالة على ذلك كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا زالت الشمس دخل الوقتان الظهر والعصر وإذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء
الآخرة وقول أبي الحسن عليه السلام في صحيحة محمد بن أحمد بن يحيى إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وصحيحة عبيد بن زرارة على الظاهر عن أبي عبد الله عليه السلام قال فيهما صلاتان
أول وقتهما من عند زوال الشمس إلى غروب الشمس الا ان هذه قبل هذه ورواية عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت الظهر والعصر فقال إذا
زالت الشمس دخل وقت الظهر والعصر جميعا الا ان هذه قبل هذه ثم أنت في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس وقوله في رواية زرارة السابقة وان لم يفعل
فإنك في وقت منهما جميعا حتى تغيب الشمس ورواية الصباح بن سبابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وفي معناها اخبار
متعددة كرواية سفيان ابن السمط ورواية منصور بن يونس ورواية مالك الجهني وغيرها قال المحقق ويمكن ان يتأول ذلك من وجوه أحدها ان الحديث تضمن الا
ان هذه قبل هذه وذلك يدل على أن المراد بالاشتراك ما بعد وقت الاختصاص الثاني انه لم يكن للظهر مقدار بل اي وقت فرضت وقوعها فيه أمكن وقوعها فيما هو
أقل منه حتى لو كانت للظهر تسبيحة كصلاة شدة الخوف كانت العصر بعدها ولأنه لو ظن الزوال وصلى ثم دخل الوقت قبل اكمالها بلحظة أمكن وقوع العصر في أول الوقت
الا ذلك القدر فلقلة الوقت وعدم ضبطه كان التعبير عنه بما ذكر في الرواية أخص العبادات وأحسنها الثالث ان هذا الاطلاق مقيد في رواية داود بن فرقد واخبار الأئمة
وان تعددت في حكم الخبر الواحد ولا يخفى ان ارتكاب التأويل والعدول عن الظاهر انما يستقيم عند معارض أقوى ووجوده فيما نحن بصدده ممنوع ورواية داود بن فرقد لعدم
صحتها غير ناهضة باثبات المطلوب وما ذكره أولا من أن قوله عليه السلام الا ان هذه قبل هذه دال على أن المراد بالاشتراك ما بعد وقت الاختصاص محل تأمل وقد يقال دخول الوقتين
بأول الزوال لا ينافي اختصاص الظهر من أول الوقت بمقدار أدائها إذ المراد بدخول الوقتين دخولهما موزعين على الصلاتين كما يشعر به قوله عليه السلام الا ان هذه قبل هذه و
لا يخفى ان ظاهر الاخبار اشتراك مجموع الوقت بين الصلاتين والتوزيع خلاف الظاهر ومقتضى قوله عليه السلام الا ان هذه قبل هذه وجوب الترتيب وهو غير مناف للاشتراك المطلق ولو كان ذلك
منافيا للاشتراك يلزم اختصاص الوقت بالظهر ما لم يرد ولا اختصاص له بالوقت الأول ويلزم من ذلك نفي اشتراك الوقت مطلقا على أن هذه العبارة غير موجودة في كثير من الأحاديث لم يرد ولا اختصاص
له بالوقت الأول الدالة على الاشتراك كصحيحة محمد بن أحمد بن يحيى ورواية زرارة والصباح وسفيان ومنصور ومالك قال بعض المتأخرين بعد نقله عن بعضهم القول باشتراكه بأجمعه
189

استناد إلى ظاهر الأخبار المطلقة بدخول الوقتين إذا زالت الشمس وضعف المتضمن للاختصاص من الطرفين مع انتفاء القول بالفصل ويدفعه ان اطلاق دخول الوقتين
مجاز على التقديرين إما على تقدير الاختصاص ففي الاسناد باعتبار شدة القرب بين دخولهما وعدم الحد
المعروف المنضبط بينهما فكأنهما بالزوال يدخلان معا واما
على تقدير الاشتراك ففي لفظ الوقتين بإرادة الواحد المشترك إذ لا تعد وحينئذ حقيقة والعلاقة واضحة ولا ترجيح للمجاز الثاني قط بل إما ان يرجح الأول أو يكونا
متساويين ولا يتم التعلق بذلك الاطلاق في القول بالاشتراك الا إذا ثبت رجحان مجازه ومع انتفاء صلاحيته للدلالة على الاشتراك يجب الوقوف في اثبات
التوقيت من الأول والاخر مع موضع اليقين وهو ما بعد القدر المختص من الأول بالنسبة إلى العصر وما قبله من الأخر بالنسبة إلى الظهر وفيه نظر لان أكثر الأخبار الدالة
على الاشتراك خالية عن لفظ الوقتين بل فيهما وقت الصلاتين كصحيحة محمد بن أحمد بن يحيى وغيرها وأيضا الظاهر أن المجاز الثاني أرجح على الأول في أمثال
هذه المقامات التي تعلق الغرض ببيان الحكم الشرعي إذ لا يقع بسببه اختلاف في الحكم غاية ما يلزم منه مسامحة في التأدية والامر فيها هين بخلاف المجاز الأول
فإنه يقع بسببه اختلاف الحكم نعم لا يبعد رجحان المجاز الأول في غير هذه المواضع ثم قوله على تقدير انتفاء الصلاحية للدلالة يجب الوقوف في اثبات التوقيت
على موضع اليقين مما يمكن المناقشة فيه إذ هو موقوف على تحقق ان ايقاع الصلاة في الوقت المعين هل هو من الخصوصيات المقومة لماهية الصلاة أم هو من شرائعه
وكان الأقرب الثاني وعلى الأول ما ذكره وجه بناء على أن وقوع التكليف بالصلاة يستدعى العلم بالبرائة وعلى الثاني لا يتم كلامه الا إذا قلنا بان المراد بالصلاة
المأمور به في ألفاظ الشرع الصلاة الجامعة لشرائط الصحة لا الماهية المطلقة وعلى هذا التقدير نقول التكليف بماهية الصلاة مطلق لا يتقيد بالاشتراط بشئ الا
بحسب اقتضاء الدليل لم يقتض تقييدا زائدا على ايقاع الفعل فيما بين الزوال والغروب ويمكن دفعه بان النصوص دلت على وجوب ايقاع الصلاة في وقت معين المعلوم
عند الشارع واشتراط صحتها به فهي مقيدة للتكليف بمطلق الصلاة (لمطلق الصلاة) المأمور به متقيد بالصلاة المتحققة في وقتها المقدر شرعا وتحصيل البراءة اليقينية بتوقف
على تحصيل الفرد المتيقن على ما حققناه في موضعه نعم لو كان منشأ (التقييد) مجرد الاجماع كان التقدير مقتدرا بقدره ولقائل ان يستدل بالآية على الاشتراك وحينئذ لا يتم
هذا الكلام على التقديرين لكن في الاستدلال بالآية نظر أشرنا إليه والمسألة محل تأمل والميل إلى الاشتراك غير بعيد لظهور الأخبار المذكورة فيه من غير معارض
قوي يوجب العدول عن ظاهرها والأخبار الدالة على أن الحائض إذا طهرت قبل الغروب تصلي الصلاتين لا تخلو عن تأييد ما وكذا قوله عليه السلام في صحيحة زرارة وان كنت صليت
العشاء الآخرة ونسيت المغرب فقم فصل المغرب وفي صحيحة صفوان وقد سأله عن رجل نسى الظهر حتى غربت الشمس وقد كان صلى العصر ان امكنه ان يصليها قبل ان يفوته
المغرب بدأ بها والا صلى المغرب ثم صلاها لا تخلو عن تأييد ما ولا يمكن الاستدلال بها لان نسيان الأول في أول الوقت نادر جدا وليس للرواية عموم واضح بالنسبة
إلى الافراد النادرة المستبعدة خصوصا الرواية الأخيرة فان الجواب فيها تابع للسؤال والمنساق منه ما كان من الصور الشائعة لا النادرة المستغربة والعموم في أمثال
هذه المواضع متخرج من قرائن الافعال وترك الاستفصال فيكون متقدرا بقدرها واعلم أنه يتفرع على القول بالاشتراك والاختصاص أمور كثيرة كمن صلى العصر في الوقت
المختص ساهيا أو صلى الظهرين ظانا دخول الوقت ثم اتفق الوقت العصر في المختص فعلى القول بالاشتراك يصح العصر وعلى القول بالاختصاص يبطل وكمن ظن ضيق الوقت
الا عن أداء العصر فإنه يتعين عليه الاتيان (بالعصر فإذا صلى ثم تبين الخطاء ولم يبق من الوقت الا مقدار ركعة مثلا فحينئذ يجب عليه الاتيان) بالظهر أداء على القول بالاشتراك حسب وكمن أدرك من اخر وقت العشاء مقدار أدائها فإنه يجب العشائين على القول
بالاشتراك ويتعين العشاء على الأخر وكمن صلى الظهر ظانا سعة الوقت ثم تبين الخطاء ووقوعها في المختص بالعصر فحينئذ يجب قضاؤهما على القول بالاختصاص حسب ويتفرع
على هذه المسألة احكام في الحلف والنذر تعليق الظهار وأمثالها
السادسة زوال الشمس ميلها عن وسط السماء وانحرافها عن دائرة نصف النهار ولمعرفة ذلك
طرق منها زيادة الظل بعد نقصه أو حدوثه بعد عدمه بيان ذلك أن الشمس إذا طلعت وقعت لكل شاخص قائم على الأرض بحيث يكون عمودا على سطح الأفق ظل
مستطيل في جانب المغرب وكلما ازدادت الشمس ارتفاعها ازداد الظل نقصا إلى أن تصل الشمس دائرة نصف النهار وهي دائرة عظيمة موهومة تفصل بين المشرق
والمغرب تقاطع دائرة الأفق على نقطتين هما نقطتا الجنوب والشمال وعند ذلك ينتهى نقصان الظل المذكور فإذا زالت الشمس ومالت عن دائرة نصف النهار يريد
الظل بعد نقصانه أو يحدث بعد انعدامه وهو أول الوقت ومن حاول اعتبار ذلك اخذ مقياسا ويقدر ظله عند قرب الشمس من الاستواء ثم تصيرا قليلا فإذا
كان الظل أقل من الأول أو كان مثله فإلى الان لم تزل والا زالت وقد وقع هذا الاعتبار في الاخبار روى سماعة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك متى وقت الصلاة فاقبل
يلتفت يمينا وشمالا كأنه يطلب شيئا فلما رأيت ذلك تناولت عودا فقلت هذه تطلب قال نعم فاخذ العودة فنصب بحيال الشمس ثم قال إن الشمس إذا طلعت كانت الفئ طويلا
ثم لا يزال نقص حتى يزول فإذا زالت زادت فإذا استنبطت الزيادة فصل الظهر ثم تمهل قدر ذراع وصل العصر وروى علي بن أبي حمزة قال ذكر عند أبي عبد الله زوال الشمس
قال فقال أبو عبد الله عليه السلام يأخذون عود أطوله ثلاثة أشبار وان زاد فهو أبين فيقام فما دام ترى الظل ينقص فلم تزل فان زاد الظل بعد النقصان فقد زالت ومنها ميل الشمس
إلى الحاجب الأيمن لمن يستقبل القبلة والمراد بها قبلة أهل العراق وهذا انما يستقيم في أطراف العراق الغربية التي قبلتها نقطة الجنوب فان الشمس عند الزوال في
دائرة نصف النهار المتصلة بنقطتي الجنوب والشمال فيكون بين عيني مستقبل نقطة الجنوب فإذا زالت مالت إلى طرف الحاجب الأيمن واما أوساط العراق وأطرافه
الشرقية فقبلتهم مائلة عن نطفة الجنوب نحو المغرب فلا يميل الشمس إلى الحاجب الأيمن لمستقبل فيها الا بعد مضى زمان طويل من الزوال قال الشيخ في المبسوط وقد
روى أن من يتوجه إلى الركن العراقي إذا استقبل القبلة ووجد الشمس على حاجبه الأيمن علم أنها قد زالت ويعلم منه ان هذا الاعتبار أيضا موجود في الروايات و
يمكن معرفة الزوال بالدائرة الهندية والإسطرلاب وغيرهما ذكر ذلك المفيد وغيره السابقة أول وقت العصر بعد الفراغ من الظهر باجماع علمائنا نقل ذلك في
المعتبر والمنتهى وكثير من الروايات السابقة تدل عليه ويؤيده بيانا ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام بين الظهر والعصر حد معروف قال لا وروى
زرارة عن أبي عبد الله قال إن النبي صلى الله عليه وآله جمع بين الظهرين حين زالت الشمس في جماعة من غير علة والاخبار في هذا الباب كثيرة ويستحب التأخير بمقدار أداء النافلة
كما سيجيئ بيانه وهل يستحب حتى يصير الظل على أربعة اقدام أو يصير ظل كل شئ مثله سيجيئ تحقيق ذلك
إن شاء الله الثامنة اختلف الأصحاب في اخر وقت العصر
فقال المرتضى تميد وقت الفضيلة إلى أن يصير الفئ قامتين ووقت الأجزاء إلى الغروب واليه ذهب ابن الجنيد وابن إدريس وابن زهرة وجمهور المتأخرين فقال المفيد
تميد وقتهما إلى أن يتغير لون الشمس باصفرارها للغروب والمضطر والناسي إلى الغروب وقال الشيخ في الخلاف اخره إذا صار ظل كل شئ مثله وقال في المبسوط إذا صار كل
شئ مثليه للمختار وللمضطر إلى غروب الشمس وهو المنقول عن ابن البراج وأبي الصلاح وابن حمزة وظاهر سلار وعن ابن أبي عقيل ان وقته إلى أن ينتهى الظل ذراعين
190

بعد زوال الشمس فإذا جاوز ذلك دخل في الوقت الأخر مع أنه زعم أن الوقت الأخر للمضطر وعن المرتضى في بعض كتبه يمتد حيت يصير الظل بعد الزيادة مثل ستة أسباعه
للمختار والأقرب الأول وقد تقدمت الحجة عليه وما ورد على خلاف ما ذكرنا فمحمول على الاستحباب روى سليمان بن خالد في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال العصر على ذراعين
فمتى تركها حتى يصير على ستة اقدام فذلك المضيع وروى سليمان بن جعفر قال قال الفقيه اخر وقت العصر ستة اقدام ونصف ولعل المراد ستة اقدام أو ستة اقدام ونصف بعد
المثل ومدلول الخبر الثاني على هذا الحمل قريب من اعتبار المثلين ويمكن الجمع بين الخبرين وما دل على اعتبار المثلين بان اخر وقت فضيلة العصر ليس له حد معين الا انه
ليس خارج عن هذه التحديدات ويرشد إليه قول أبي الحسن عليه السلام في حسنة بكر بن محمد وقت الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يذهب الظل قامة ووقت العصر قامة ونصف إلى قامتين
وروى أبو بصير عن أبي عبد الله عليه السلام ان تضييع العصر هوان تدعها حتى تصفر الشمس وتغيب قال المحقق (في المعتبر) وهذا الاختلاف دلالة الترخيص وامارة الاستحباب
وأول المغرب
إذا غربت الشمس المعلوم بغيبوبة الحمرة المشرقية إلى أن يمضى مقدار أدائها ثم يشترك الوقت بينها وبين العشاءان يبقى لانتصاف الليل مقدار العشاء فيختص بها وهيهنا
مسائل الأولى ان وقت المغرب غروب الشمس بلا خلاف قال في المعتبر وهو اجماع العلماء وقال في المنتهى هو قول كل من يحفظ منه (عنه) العلم لا نعرف فيه مخالفا (خلافا) والأخبار الدالة
عليه متواترة واختلف الأصحاب فيما يتحقق به الغروب فذهب الأكثر منهم الشيخ أبو جعفر الكليني والشيخ في التهذيب والنهاية والفاضلان والشهيدان وأكثر
المتأخرين إلى أنه انما يتحقق ويعلم بذهاب الحمرة المشرقية قال في المعتبر وعليه عمل الأصحاب وقال الشيخ في المبسوط علامة غيبوبة الشمس هو انه إذا رأى الآفاق والسماء مصحية
ولا حائل بينه وبينها وراءها قد غابت عن العين علم غروبها وفي بعض أصحابنا من قال يراعى زوال الحمرة من ناحية المشرق وهو الأحوط واما على القول الأول إذا
غابت الشمس عن النظر ورأى ضوئها على جبل يقابلها أو مكان عال مثل منارة إسكندرية وشبهها فإنه يصلى ولا يلزم حكم طلوعها بحيث لو طلعت وعلى الرواية الأخرى لا
يجوز حتى تغيب في كل موضع تراه وهو الأحوط ويظهر منه ان الاعتبار عند غيبوبة القرص واليه ذهب في الاستبصار وهو مختار السيد المرتضى وابن الجنيد وابن بابويه في
كتاب علل الشرائع وظاهر اختياره في الفقيه حيث نقل الأحاديث الدالة عليه حسب واختاره بعض المتأخرين وقال ابن أبي عقيل أول وقت المغرب سقوط القرص وعلامة
سقوط القرص ان يسود أفق السماء من المشرق وذلك اقبال الليل وتقوية الظلمة في الجو واشتباك النجوم وعند القول الأوسط قرب ويدل عليه الأخبار الكثيرة
ففي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام إذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب والعشاء الآخرة وروى الشيخ والكليني في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله
يقول وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها وروى الشيخ في الصحيح والكليني في الحسن عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال وقت المغرب إذا غاب القرص فان رايته بعد
ذلك وقد صليت أعدت الصلاة ومضى صومك وتكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا ورواها الصدوق بأسانيد متعددة عن حماد في الصحيح عن حريز عن
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال وكذا روى زيد الشحام عن أبي عبد الله عليه السلام وروى الشيخ عن أحمد بن أبي نصر في الصحيح عن القاسم مولى أبو أيوب (وهو القاسم بن عروة) عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله
قال إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل وروى الكليني عن الحسين بن سعيد في الصحيح عن القسم بن عروة عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا غربت الشمس دخل وقت الصلاتين الا ان هذه قبل هذه وفي صحيحة عبد الله بن سنان وقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم وفي صحيحة عبيد بن زرارة
السابقة منها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه وروى الشيخ في الصحيح عن علي بن الحكم عمن حدثه عن أحدهما عليهما السلام انه سئل عن
وقت المغرب فقال إذا غاب كرسيها قلت وما كرسيها قال قرصها فقلت متى تغيب قرصها قال إذا نظرت إليه فلم تره وما رواه ابن بابويه في كتاب المجالس في الصحيح عن
داود بن فرقد قال سمعت أبي سال أبا عبد الله الصادق عليه السلام متى يدخل وقت المغرب فقال إذا غاب كرسيها إلى اخر ما مر في الخبر المذكور وفي الصحيح عن داود بن أبي يزيد
قال قال الصادق جعفر بن محمد عليه السلام إذا غابت الشمس فقد دخل وقت المغرب وما رواه الشيخ في الموثق عن صباح بن سبابة وأبي أسامة قالا سألوا الشيخ عن المغرب فقال بعضهم
جعلني الله فداك ينتظر حتى تطلع كوكب فقال خطابية (خطأبتيه) ان جبرئيل عليه السلام نزل بها على محمد صلى الله عليه وآله حين سقط القرص وروى ابن بابويه في كتاب مدينة العلم على ما نقل المصنف في المنتهى
في الصحيح عن عبد الله بن مسكان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول وقت المغرب إذا غربت الشمس فغاب قرصها وروى في كتاب علل الشرائع في الموثق عن ليث عن أبي عبد الله
قال كان رسول الله لا يؤثر على صلاة المغرب شيئا إذا غربت الشمس حتى يصليها وروى الشيخ عن عمرو بن أبي نصر قال سمعت أبا عبد الله يقول في المغرب إذا توارى
القرص كان وقت الصلاة وفي طريق هذه الرواية موسى بن جعفر البغدادي وهو غير موثق لكنه لم يستثن فيما استثنى من رجال نوارد الحكمة ولعل (ذلك) في اشعار
بحسن حاله وفي طريقها أيضا الوشا وهو ممدوح وعن إسماعيل بن جابر في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن وقت المغرب قال ما بين غروب الشمس إلى سقوط
الشفق وعن جارود باسناد معتبر قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام يا جارود ينصحون فلا يقبلون وإذا سمعوا بشئ نادوا بها وحدثوا بشئ أذاعوه قلت لهم مسوا بالمغرب
قليلا فتركوها حتى اشتبكت النجوم فانا الان أصليها إذا سقط القرص وروى الشيخ في التهذيب في الصحيح وابن بابويه في كتاب المجالس في الصحيح عن حريز عن أبي أسامة وغيره
قال صعدت مرة جبل أبي قبيس والناس يصلون المغرب فرأيت الشمس لم تغب انما يوارث (توارت) خلف الجبل عن الناس فلقيت أبا عبد الله عليه السلام فأخبرته بذلك فقال لي ولم فعلت
ذلك بئسما صنعت انما تصليها إذا لم ترها خلف جبل غارت أو غابت ما لم يتجللها سحاب أو ظلمة تظلمها فإنما عليك مشرقك ومغربك وليس على الناس ان يبحثوا ورواه
ابن بابويه فيمن لا يحضره الفقيه عن أبي أسامة بطريق ضعيف لكن ايراده في ذلك الكتاب قرينة الاعتماد مع أن الظاهر أن ترديد الثقة بين أبي أسامة الثقة وغيره مشعر
بان الراوي مما يوثق بقوله وبالجملة هذا خبر معتبر وان لم يبلغ حد الصحة وروى ابن بابويه في الفقيه باسناده عن سماعة بن مهران قال قلت لأبي عبد الله في
المغرب انما ربما صلينا ونحن نخاف أن تكون الشمس خلف الجبل أو قد سترنا منها الجبل قال فقال ليس عليك صعود الجبل
وليس في طريق هذه الرواية من يتوقف
في شانه الا سماعة وعثمان بن عيسى وهما واقفيان الا ان الشيخ في العدة ذكر ان الأصحاب يعملون بروايات جماعة عدهما من جملتهم وسماعة وثقة النجاشي والمصنف و
عثمان بن عيسى وان لم يوثقه الأصحاب في كتب الرجال الا ان الكشي نقل قولا بأنه مما أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وهذا مشعر بالاعتماد على نقله وبالجملة
هذه الرواية من الأخبار المعتبرة ورواها الشيخ عن سماعة باسناد فيه أحمد بن هلال وكذا ابن بابويه في كتاب المجالس وروى الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن
محمد بن حكيم عن شهاب عبد ربه قال قال أبو عبد الله يا شهاب اني أحب إذا صليت المغرب ان ارى في السماء كوكبا وعن يعقوب في الموثق عن أبي عبد الله قال
مسوا بالمغرب قليلا فان الشمس تغيب من عندكم قبل ان تغيب من عندنا وعن داود بن فرقد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا غابت الشمس فقد
191

دخل وقت المغرب حتى يمضى مقدار ما يصلي المصلي ثلث ركعات فإذا مضى ذلك فقد دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة حتى يبقى من انتصاف الليل مقدار ما يصلي المصلي أربع ركعات
فإذا بقى مقدار ذلك فقد خرج وقت المغرب وبقى وقت العشاء الآخرة إلى انتصاف الليل وفي طريقها ضعف وعن أبي أسامة الشحام قال قال رجل لأبي عبد الله عليه السلام اخر المغرب حتى
تستبين النجوم قال فقال خطابية (خطأبتيه) ان جبرئيل عليه السلام نزل بها على محمد حين سقط القرص وفي طريقها جهالة لكن رواها الصدوق في كتاب علل الشرائع في الصحيح عن ابن أبي عمير عن
إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي أسامة الشحام وفي طريقها إبراهيم بن عبد الحميد وهو واقفي لكنه موثق فالخبر من الموثقات وروى الشيخ باسناده عن ابن سماعة عن محمد بن
زياد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت المغرب من حين تغيب الشمس إلى أن تشتبك النجوم وفي طريقها ابن سماعة الواقفي الثقة ومحمد بن زياد المشترك ولا يبعد ان
يكون ابن أبي عمير بقرينة رواية ابن سماعة عنه لكن الحكم به مشكل والغرض من كثير هذه الروايات التأييد وهو غير موقوف على الصحة وفي الموثق عن إسماعيل بن فضل الهاشمي عن أبي عبد الله عليه السلام
قال رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى المغرب حين تغيب الشمس حيث تغيب يقع حاجبها قال في حينئذ حواجب الشمس نواحيها وعن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت المغرب حين تغيب الشمس وروى
ابن بابويه في كتاب المجالس في الصحيح عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول صبحني رجل كان يمسى بالمغرب ويغلس بالفجر وكنت انا أصلي المغرب إذا وجبت الشمس
وأصلي الفجر إذا استبان لي الفجر فقال لي الرجل ما يمنعك ان تصنع مثل ما اصنع فان الشمس تطلع على قوم قبلنا وتغرب عنا وهي طالعة على آخرين بعد قال فقلت انما علينا
ان نصلي إذا وجبت الشمس عنا وإذا طلعت الفجر عنا ليس علينا الا ذلك وعلى أولئك ان يصلوا إذا غربت عنهم وبإسناد فيه جمالة عن أبان بن تغلب والربيع بن سليمان
وأبان بن أرقم وغيرهم قالوا اقبلنا مكة حتى إذا كنا بوادي الأجفر إذا نحن برجل يصلي ونحن ننظر إلى شعاع الشمس فوجدنا في أنفسنا فجعل يصلي ونحن ندعو عليه حتى صلى ركعة
ونحن ندعو عليه ونقول هذا من شباب أهل المدينة فلما آتينا إذا هو أبو عبد الله جعفر بن محمد فنزلنا فصلينا معه وقد فاتتناه ركعة فلما قضينا الصلاة قمنا إليه فقلنا جعلنا
فداك هذه الساعة نصلي قال إذا غابت الشمس فقد دخل الوقت وروى الشيخ في التهذيب في باب الصلاة على الأموات عن الزيادات عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى
ابن جعفر عليه السلام قال سئلته عن صلاة الجنايز إذا احمرت الشمس أيصلح أم لا قال لا صلاة في وقت صلاة قال إذا وجبت الشمس فصل المغرب ثم صل على الجنايز وفي موثق معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام
ان جبرئيل عليه السلام اتى النبي صلى الله عليه وآله حين غربت الشمس فأمره فصلى المغرب وكذا في رواية معاوية بن ميسرة ومفضل بن عمرو في رواية عمر بن حنظلة عن الصادق عليه السلام تصديق ان المغرب إذا غاب القرص
وبالجملة من تأمل هذه الأخبار وامعن النظر فيها يعلم أن المستفاد منها ما اخترناه وما دل منها على أن أول المغرب سقوط القرص أو غروب الشمس أو استتار القرص متواتر معنى ولا خفاء
في أن المفهوم منها بحسب اللغة والعرف ما ذكرناه ولا يفهم أحد منها ذهاب الحمرة المشرقية ومن المستبعد ان يقال إن المعصومين عليهم السلام ثبتوا الوقت وحدوده في هذه المواضع الكثيرة بعبارات يفهم
منها خلاف المعنى المقصود لغة وعرفا ولم يصرحوا بالمعنى المقصود وبالجملة العدول عن ظاهر هذه الأخبار المعتمدة من غير ضرورة ومعارض قوى خلاف مقتضى القواعد الصحيحة وستعرف
ضعف المعارض أيضا والمصنف في المنتهى اورد هذه الأخبار رواية سماعة ورواية زرارة وعدها من الحسن ورواية عمرو بن أبي نصر ورواية علي بن الحكم ورواية أسامة أو غيره وأجاب
عن الأول أولا بضعف الطريق لمكان سماعة وأحمد بن هلال وأنت خبير بما فيه وثانيها بأنها غير دالة على المطلوب إذ أقصى ما يدل عليه بجواز فعل الصلاة من غير تتبع للشمس بالصعود
على الجبل ولا شك في أن هذا الاعتبار غير واجب ولا يخفى ما فيه من العدول عن الظاهر وعن الثاني في أن الحكم معلق على غيبوبة القرص ونحن نقول بموجبه الا ان العلامة عندنا
غيبوبة الحمرة وقد عرفت ضعف هذا الكلام قال ولأنه لو كان الوقت قد دخل بالاستتار لما أمر بالإعادة عند الظهور إذ هي صلاة قد فعلت في وقتها فلا نستتبع وجوب
الإعادة وهذا أيضا ضعيف لان وجوب الإعادة مبنى على ظهور الخطأ في الظن ونظيره غير عزيز في الاحكام وعن الثالث بالأول من وجوب الثاني وعن الرابع به أيضا و
بالارسال وعن الخامس انه مرسل أيضا وقد مر هناك ما يكفيك مؤنة الجواب ثم قال المصنف وعارض أيضا هذه الأحاديث ما رواه الشيخ عن عبد الله بن صباح قال كتبت إلى العبد
الصالح يتوارى القرص ويقبل الليل ثم يزيد الليل ارتفاعا ويستر عنا الشمس ويرتفع فوق الليل حمرة ويؤذن عندنا المؤذنون فاصلي حينئذ وأفطر ان كنت صائما أو انتظر حتى تذهب
الحمرة التي فوق الليل فكتب انا ارى لك ان تنتظر حتى تذهب الحمرة وتأخذ الحائطة لدينك والجواب ان حمل هذا الخبر على الاستحباب حمل واضح ولعل في قوله عليه السلام ارى لك ان تنتظر
وفي فصل الراوي بين مرارة القرص واقبال الليل وذهاب الحمرة واختياره عليه السلام أحد الامرين من غير بيان لعدم المغايرة اشعار بذلك مع أن هذه الرواية ضعيفه لان عبد الله بن
عبد الله بن صباح الراوي غير مذكور في كتب الرجال وفي طريقها سليمان بن داود وهو مشترك فكيف يصلح المعارضة الأخبار الكثيرة الصحيحة ولا يخفى ان الخبر على هذا الوجه منقول
في الاستبصار وفي التهذيب بدل عبد الله بن صياح عبد الله بن وضاح وموثقة وبدل قوله ويرتفع فوق الليل فوق
الجبل وهو أحسن احتج الشيخ على ما ذهب إليه من اعتبار ذهاب
الحمرة بما رواه عن علي بن أحمد بن أشيم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق وتدري كيف ذاك قلت لا قال لان المشرق
مطل على المغرب هكذا ورفع يمينه فوق يساره فإذا غابت ههنا ذهبت الحمرة من ههنا وعن الحسين بن سعيد عن القسم بن عروة عن بريد بن معاوية عن أبي جعفر عليه السلام
يقول إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني ناحية المشرق فقد غابت الشمس من شرق الأرض ومن غربها وعن أبي عمير عن القاسم بن عروة عن يزيد بن معاوية قال سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول إذا غابت الحمرة من هذا الجانب يعني ناحية المغرب فقد غابت الشمس من شرق الأرض وعن محمد بن علي قال صحبت الرضا عليه السلام في السفر فرأيت يصلي المغرب
إذا أقبلت الفحمة من المشرق يعني السواد وزاد المصنف في المنتهى الاحتجاج برواية محمد بن شريح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن وقت المغرب فقال
إذا تغيرت الحمرة في الأفق وذهبت الصفرة وقبل ان تشتبك النجوم وعن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال انما أمرت أبا الخطاب ان يصلي المغرب حين
زالت الحمرة فجعل هو الحمرة التي من قبل المغرب فكان يصلي حين تغيب الشفق والجواب عن الأول ان الرواية ضعيفة السند للارسال وجهالة المرسل وعلى
تقدير التنزل عن ذلك فحمله على وقت الفضيلة حمل حسن لقربه وقوة المعارض من حيث السند والتعدد والدلالة وأجيب عن الثاني بضعف السند لان في
طريقه القسم بن عروة وهو مجهول والمصنف في المختلف عدها من (الحسن) ولا يبعد ذلك بالتقريب الذي أشرنا إليه مرارا لكن الظاهر من طريقة المصنف انه لا يلتفت إلى ذلك
لعدم جريانه على مقتضاه في مواقعه وأيضا هذه الرواية غير دالة على المطلوب صريحا إذ غاية ما يفهم منه توقف غيبوبة الشمس من المشرق والمغرب على ذهاب الحمرة وهو غير
المدعى ومما يضعف هذا الخبر ان مدلوله لا يستقيم له معنى محصل الا بضرب من التكلف على أن حمل الخبر على أن الغرض بيان فضيلة الوقت متجه جمعا بين الأدلة والجواب
عن الثالث مثل الثاني وعن الرابع باستضعاف السند لاشتراك راويها بين جماعة منهم الضعيف مع أن تأخيره يجوز ان يكون لطلب الفضيلة فلا يدل على الوجوب وعن الخامس بضعف
السند لان في طريقها علي بن الحارث وبكار وهما مجهولان مع أنها خبر واضحة الدلالة على المدعا وانها قابلة للحمل على الفضيلة جمعا وعن السادس أيضا بضعف السند
لان في طريقها علي بن يعقوب وهو مجهول وأحمد بن الحسن وهو مشترك مع قبوله للحمل على الاستحباب والمحقق في المعتبر اورد رواية ابن شريح وابن أشيم ثم قال وابن أشيم ضعيف
192

والرواية مرسلة لكنها معتضدة بأحاديث كثيرة يعضدها عمل الأصحاب والاعتبار وأنت خبير بما فيه وقال الشهيد في الذكرى كل خبر فيه غيبوبة القرص محمول على ذهاب الحمرة
حملا للمطلق على المقيد والجواب ان هذا الحمل انما يتعين إذا انحصر طريق الجمع فيه وانما يصح إذا لم يكن في المقام حمل أقرب منه وغير خاف ان ابقاء الأخبار الصحيحة الواضحة الدالة على أن
أول الوقت استتار القرص وارتكاب تأويل الاستحباب فيما رواه مما ليس مثلها في القوة والصحة أقرب ثم استشهد الشهيد لاعتبار ذهاب الحمرة بما رواه الكليني
عن ابن أبي عمير مرسلا عن الصادق عليه السلام قال وقت سقوط القرص ووجوب الافطار ان تقوم بحذاء القبلة وتتفقد الحمرة التي ترتفع من المشرق إذا جازت
قمة الرأس إلى ناحية المغرب فقد وجب الافطار وسقط القرص قال وهذا صريح في أن زوال الحمرة علامة سقوط القرص ومراسيل ابن أبي عمير في قوة المسانيد
وتبعه في ذلك الشيخ علي ولا يخفى ان جهة التوقف في هذا الخبر ليس منحصرا في ارسال ابن أبي عمير وقبول مرسلاته انما تنفع لو صح السند إليه والامر ليس كذلك
لان في طريقه إلى ابن أبي عمير سهل بن زياد ومحمد بن عيسى وجهة التوقف فيهما معلوم والشارح الفاضل زعم وجود اخبار صحيحة دالة على اعتبار الحمرة ونقل
منها قول الباقر عليه السلام المذكور في رواية بريد وقول الصادق عليه السلام المذكور في مرسلة ابن أبي عمير ثم قال وهذا الحديث دل على أن سقوط
الحمرة علامة سقوط القرص وهو موافق للاعتبار فان المراد بسقوط القرص وغيبوبة الشمس سقوطه عن الأفق المغربي لاخفاءها عن أعيننا
لان ذلك يحصل بسبب ارتفاع الأرض والماء ونحوهما فان الأفق المغربي غير مرئى غالبا ولا يخفى ضعف هذا الكلام إما أولا فلما عرفت من الكلام
في صحة الروايتين واما ثانيا فلان غيبوبة الشمس عن الأفق الحقيقي في الأرض المستوية حسا انما يتحقق بعد غيبوبتها عن الحس بمقداره دقيقة تقريبا
وهذا أقل من ذهاب الحمرة المشرقية بكثير فموافقة الخبر للاعتبار منظور فيه احتج ابن أبي عقيل على ما نقل عنه المصنف في المختلف بصحيحة إسماعيل بن همام قال رأيت
الرضا عليه السلام وكنا عنده لم يصل المغرب حتى ظهرت النجوم قال فصلى بناء على باب دار أبي محمود وأجاب انه حكاية فعل فلعله عليه السلام فعل ذلك لعذر لا انه وقت موظف
ويمكن الحمل على الاستحباب أيضا ولا يخفى ان رواية محمد بن علي السابقة انسب بمذهب ابن أبي عقيل وقد مر الجواب عنه ومما ذكرنا ظهر ان القول بدخول الوقت
باستتار القرص واستحباب التأخير إلى ذهاب الحمرة قوي فان قلت ما الوجه في صحيحة بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سأله سائل عن وقت المغرب فقال إن الله تعالى
يقول في كتابه لإبراهيم عليه السلام فلما جن عليه الليل رأى كوكبا فهذا أول الوقت وصحيحة إسماعيل بن همام السابقة في احتجاج ابن أبي عقيل وصحيحة زرارة قال سألت أبا
جعفر عليه السلام عن وقت افطار الصائم قال حين يبد وثلاثة أنجم قلت إما الأولى فالوجه فيه الحمل على الاستحباب وشهد له رواية شهاب بن عبد ربه السابقة وكذا
الثالثة واما الثانية فيجوز ان يكون تأخيره عليه السلام للاستحباب ويجوز ان يكون الغرض منه بيان الترخيص فان قلت فما وجه الجمع بين هذه الأخبار وبين مرسلة محمد بن
أبي حمزة عمن ذكره عن الصادق عليه السلام قال قال ملعون من اخر المغرب طلبا لفضلها وموثقة صباح بن سبابة وأبي أسامة السابقة الدالة على انكار تأخير المغرب إلى طلوع
الكواكب وموثقة أبي أسامة السابقة الدالة على منع تأخيرها حتى تستبين النجوم قلت قد ورد في اخبار متعددة انكاره عليه السلام تأخير أبي الخطاب صلاة المغرب ففي بعضها
حتى تغيب الشفق وفي بعضها حتى تشتبك النجوم وفي بعضها ان الانكار باعتبار أذاع ذلك وأنشأه وكان الغرض خفاء ذلك لكونه مخالفا لمذهب العامة وطريقتهم
كما يفهم ذلك من رواية جارود وإذا عرفت هذا فيمكن ان يقال التأخير في رواية ابن أبي حمزة مقيد بأحد الصور المذكورة فيكون المعنى ملعون من اخر المغرب على أحد الوجوه
المذكورة كما هو عادة أبي الخطاب وأصحابه وحينئذ يحتمل ان يكون الموصول للعموم ويمكن ان يكون ورود ذلك في زمان اشتدت التقية فلزم الأمران عن التأخير ودفع
الذم البالغ على المخالفة أو قاله عليه السلام تقية واما خبر أبي أسامة فقل قيل في توفيقه وجوه أحدها ان يكون المراد من قوله تستبين النجوم معنى تشتبك بقرينة نسبة الفعل إلى
أبي الخطاب وقد ورد في صحيحة ذريح (زريح) حكاية التأخير إلى اشتباك النجوم عن أصحاب أبي الخطاب وربما كان ذلك مرادا في اللفظ أيضا فصحف لما بين اللفظين ذا لحظ من
التقارب الثاني ان يكون المراد بالاستبانة زيادة الظهور بمعونة زيادة مباني الفعل وهو معنى زائد على أصل حصوله المستفاد من خبر ابن همام الثالث ملاحظة التقية
وهو حسن واما موثقة صباح وأبي أسامة أيضا وانما ارتكبنا التأويل في هذه الأخبار دون الاخبار الأولة لقوة الاخبار الاسناد أفيضعف هذه الأخبار عن مقاومتها
ولكون هذه الأخبار قبل للتأويل ثم لا يخفى ان المراد باشتباك النجوم ظهور الجميع أو كثرة اختلاط بعضها ببعض لكثرة ما ظهر منها قاله ابن أثير وعلى هذا فلا منافاة
بين خبر إسماعيل بن همام وبين ما دل على انكار تأخير المغرب حتى تشتبك النجوم على أن يكون المراد بظهور النجوم إرادة العدد القليل الذي يصدق معه مسمى الجميع على سبيل المجاز
وهو في قوة روية الكوكب أو كان المراد ظهور الا يصل إلى حد الاشتباك فان قلت موثقة ليث السابقة المنقولة عن علل الشرائع تدل على رجحان صلاة المغرب
في أول الوقت وكذا ما سيجيئ من الأخبار الدالة على أن للمغرب وقتا واحدا وهذا ينافي ما اخترت من استحباب التأخير فما وجه الجمع قلت لعل المراد برواية ليث ان
النبي صلى الله عليه وآله إذا غربت الشمس لا يشتغل بشئ بل كان في تهية صلاة المغرب وانتظار فعله وكان همه ذلك وهذا غير مناف للتأخير واما ما دل على أن للمغرب وقتا واحدا
فسيجيئ تحقيقه على وجه ترتفع المنافاة واعلم أن الشهيد في الذكرى نقل روايتي بكر بن محمد وإسماعيل بن همام وقال إنها نادرة ومحمولة على وقت الاشتباه
أو الضرورة ان على مدها حتى يظهر النجوم فيكون فراغه عند ذلك كما قاله الشيخ ويعارضه خبر أبي أسامة ثم نقل مرسلة ابن أبي حمزة وأورد عده اخبار
تتضمن انكار تأخير المغرب إلى ذهاب الشفق ويرد عليه ان حديث بكر بن محمد غير قابل لشئ من التأويلات التي ذكرها ولا لها به مناسبة بوجه وخبر إسماعيل محتمل
لحمل الضرورة على بعد وفي معناهما حديث شهاب بن عبد ربه لكنه قابل للحمل على الفراغ لا الشروع على بعد وقد يظن أنه صريح في الحكم غير قابل للتأويل واما
مرسلة ابن أبي حمزة فقد ظهر الوجه وكذا معارضة خبر أبي أسامة واما ما يتضمن انكار تأخير المغرب إلى ذهاب الشفق فلا يعارض الأخبار السابقة بوجه وقال بعض
المتأخرين بعد نقل صحيحة بكر بن محمد ويمكن حملها على وقت الاشتباه كما يشعر به رواية علي بن الريان قال كتبت إليه الرجل يكون في الدار يمنعه حيطانها النظر
إلى حمرة المغرب ومعرفة مغيب الشفق ووقت صلاة العشاء الآخرة متى يصليها وكيف فوقع عليه يصليها إذا كان على هذه الصفة عند قصر النجوم والعشاء عند
اشتباكها وبياض مغيب الشفق وذكر الشيخ في التهذيب ان معنى قصر النجوم بيانها ولا يخفى بعد هذا الحمل وعدم مناسبتها ثم لا يخفى ان المفهوم من كلام الشيخ
في المبسوط وحصول الاستناد ودخول الوقت وان بقى شعاع الشمس على رؤوس الجبال والمنارة العالية وقال المصنف في التذكرة هو اي الغروب ظاهر في الصحاري
واما في العمران والجبال فيستدل عليه بان لا يبقى شئ من الشعاع على رؤوس الجدران وقلل الجبال وهو حسن وان أمكن المنازعة فيه الثانية
المشهور بين الأصحاب امتداد وقت المغرب للمختار إلى انتصاف الليل مقدار العشاء على الخلاف السابق نظيره في الظهرين وهو اختيار ابن الجنيد
وابن زهرة وابن إدريس وجمهور المتأخرين ونقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه وقال المفيد اخر وقتها غيبوبة الشمس وهو الحمرة
في المغرب والمسافر إذا جد به السير عند المغرب فهو في سعة من تأخيرها إلى ربع الليل وبنحو منه قال الشيخ في النهاية وقال ابن حمزة وهو المنقول عن أبي الصلاح وقال في الخلاف اخره غيبوبة الشفق وأطلق وكذا في الجمل على ما حكى (عنهما وهو المحكي)
193

عن ابن البراج ونقله المصنف في المنتهى عن ابن أبي عقيل ونقل في المختلف عن السيد المرتضى في المسائل الناصرية اخر وقتها مغيب الشفق الذي هو الحمرة وروى ربع الليل و
حكم بعض أصحابنا ان وقتها يمتد إلى نصف الليل وعن ابن أبي عقيل ان ما بعد الشفق وقت الأخير مع أنه قال بان الوقت الثاني وقت للمضطر على ما حكى عنه سابقا
وعن ابن بابويه وقت المغرب لمن كان في طلب المنزل في سفر إلى ربع الليل وكذا للمفيض من عرفات إلى جميع وعن سلار يمتد وقت العشاء الأول إلى أن يبقى لغياب الشفق
الأحمر مقدار أداء ثلث ركعات ونقل عنه في المنتهى ان اخر الوقت غيبوبة الشفق ونقل في المنتهى أيضا عن الشيخ ان اخره للمختار ذهاب الشفق وللمضطر إلى ما قبل نصف الليل
بأربع ونقله عن السيد في المصباح وعن بعض العلماء يمتد وقت المضطر حيت يبقى للفجر وقت العشاء واختاره المحقق في المعتبر ونقل الشيخ عن بعض الأصحاب قولا (بامتداد وقت المضطر إلى طلوع الصبح وحكى عن ابن البراج انه حكى عن بعض قولا) بان للمغرب
وقتا واحدا عند غروب الشمس وذهب الشيخ في التهذيب إلى وجوب ها في أول الوقت والأقرب عندي في هذه المسألة ان وقت الأجزاء للمختار وغيره ويمتد إلى نصف الليل و
للمضطر إلى ما قبل طلوع الشمس بقدر العشاء مع تردد في الأخير وان وقت الفضيلة ممتد إلى سقوط الشفق إما الأول فلما رواه عبيد بن زرارة في الصحيح على الظاهر ومنها
صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى نصف الليل الا ان هذه قبل هذه ولما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي نصر عن القاسم مولى بن أبي نصر عن عبيد بن زرارة عن
أبي عبد الله عليه السلام قال إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى نصف الليل الا ان هذه قبل هذه ويؤيده رواية داود بن فرقد السابقة ويؤيده قول أبي عبد الله عليه السلام
في صحيحة معاوية بن عمار أو ابن وهب لكل صلاة وقتان وأول الوقت أفضله وقوله عليه السلام في صحيحة عبد الله بن سنان لكل صلاة وقتان وأول الوقتين أفضلهما و
يؤيده انه ثبت في الظهرين امتداد وقتهما إلى الغروب فيثبت امتداد المغرب إلى نصف الليل لعدم القائل بالفصل على ما ذكره المحقق والمصنف واستدل المصنف وغيره عليه
أيضا بان المغرب والعشاء صلاة جمع وقد ثبت امتداد العشاء إلى نصف الليل فكذا المغرب وفيه تأمل واستدل عليه بعض المتأخرين بقول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة
المتقدمة ففيما بين زوال الشمس إلى غسق الليل أربع صلوات سماهن الله وبينهن ووقتهن وغسق الليل انتصافه وفيه نظر لأنه لا يمكن حمل الخبر على أن مجموع الوقت
وقت للمجموع (الصلاة الأربع الا بارتكاب التخصيص وليس الحمل على أن المجموع وقت للمجموع)
ولو على سبيل التوزيع أبعد منه وحينئذ تسقط الدلالة احتج القائل بامتداد وقت المغرب إلى ذهاب الشفق ببعض الروايات الدالة عليه والذي وصل إلينا في
هذا الباب روايات منها صحيحة بكر بن محمد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سال سائل عن وقت المغرب قال إن الله تعالى يقول في كتابه فلما جن عليه الليل رأى كوكبا فهذا أول الوقت
واخر ذلك غيبوبة الشفق وأول وقت العشاء ذهاب الحمرة واخر وقتها إلى غسق الليل نصف الليل وموثقة إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن وقت المغرب
قال ما بين غروب الشمس إلى سقوط الشفق وفي صحيحة زرارة والفضيل عن أبي عبد الله عليه السلام ووقت فوتها سقوط الشفق وصحيحة زريح قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ان
أناسا من أصحاب أبي الخطاب يمسون بالمغرب حتى تشتبك النجوم قال أبرء إلى الله ممن فعل ذلك متعمدا ورواه الشيخ بطريق موثق أيضا وفي صحيحة عبد الله بن سنان
وقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم وروى ابن سماعة عن محمد بن زياد عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت المغرب من حين تغيب الشمس إلى أن
تشتبك النجوم وروى ابنه محمد بن شريح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن وقت المغرب قال إذا تغيرت الحمرة في الأفق وذهبت الصفرة وقيل إن تشتبك النجوم وهذا
الخبر ضعيف السند وروى إسماعيل بن مهران قال كتبت إلى الرضا عليه السلام ذكر أصحابنا انه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر وإذا غربت دخل وقت المغرب والعشاء
الآخرة الا ان هذه قبل هذه في السفر والحضر وان وقت المغرب إلى ربع الليل فكتب كذلك الوقت غيران وقت المغرب ضيق واخر وقتها ذهاب الحمرة ومصيرها إلى البياض
في أفق المغرب والخبر ضعيف وفي رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام واخر وقت المغرب اياب الشفق فإذا أب الشفق دخل وقت العشاء واخر وقت العشاء ثلث الليل وفي طريقها
موسى بن بكر وهو ضعيف غير مصرح بالتوثيق لكن يروي جماعة من الأعيان أصحاب عنه كما مر والجواب ان الأخبار السابقة تدل على امتداد وقت المغرب إلى نصف الليل
و (دفع) وقع التعارض بينهما وبين هذه الأخبار ويمكن الجمع بينهما بوجهين أحدهما حمل الأخبار السابقة على الوقت الاضطراري وحمل هذه الأخبار (على الوقت الاختياري وثانيهما حمل الأخبار السابقة على الأجزاء وحمل هذه الأخبار) على الفضيلة وعلى
كل تقدير يسقط التعلق بهذه الاخبار ممن زعم أن ذهاب الشفق اخر وقت مطلقا وان تعلق به من (لهم) ان ذهاب لشفق اخر وقت المختار قلنا قد عرفت ان طريق الجمع
بين الاخبار أحد الوجهين المذكورين والترجيح للوجه الثاني لان الوجه الأول يقتضي ارتكاب خلاف الظاهر في كلا المتعارضين بخلاف الوجه الثاني فإنه يقتضي
ارتكاب التأويل في الأخبار الدالة على ذهاب الشفق دون الاخبار الأدلة مع أن حمل هذه الأخبار على وقت الفضيلة بحمل ظاهر واضح خصوصا في رواية بكر بن محمد
لان قوله فهذا أول الوقت محمول على أول وقت الفضيلة كما مر وكذا قوله وأول وقت العشاء ذهاب الحمرة لما سيجئ فالظاهر من التوسيط بين وقتي الفضيلة موافقة المتوسط
لهما وكذا الحكم في رواية زرارة ورواية إسماعيل بن مهران لا تخلوا عن اشعار بذلك مع أن الاخبار الأدلة على الوقت الاضطراري ينافي ما سيجيئ من امتداد
الوقت الاضطراري (ينافي ما سيجئ من امتداد الوقت الاضطراري) إلى طلوع الصبح واما ما دل على تحديد الوقت المغرب باشتباك النجوم فبالدلالة على نقيض المدعى أشبه لان اشتباك النجوم في الغالب انما يكون بعد ذهاب
الشفق وقد يكون قبله فلا ينطبق عليه ووجه التأويل فيها الحمل على وقت الفضيلة واما صحيحة زريح فمحمول على من فعل التأخير لطلب الفضيلة أو على وقت وجه الإذاعة
كما هو عادة أصحاب أبي الخطاب أو على من داوم على ذلك تهاونا بالسنة وعدولا عنها ويمكن حمل هذه الأخبار على التقية أيضا لموافقتها لمذهب العامة ومما يقوى جواز
تأخير المغرب عن ذهاب الشفق ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عن داود الصرمي قال كنت عند أبي الحسن الثالث عليه السلام يوما فجلس يحدث حتى غاب الشمس ثم
دعا تسمع وهو جالس يتحدث فلما خرجت من البيت نظرت وقد غاب الشمس قبل ان يصلي المغرب ثم دعا بالماء فتوضأ وصلى ووجه الدلالة (التقوية) عند ظهور امارات الاضطرار
والظاهر أنه لو كان لنقله الراوي وفي طريقها داود الصرمي وهو غير موثق ولعل في نقل أحمد بن محمد بن عيسى عنه اشعار بحسن حاله في الجملة وما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن
يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أكون في جانب المصر فيحضر المغرب وانا أريد المنزل فان أخرت حتى أصلي في المنزل كان أمكن لي وادركني المساء أفأصلي في بعض المساجد قال فقال
صلى في منزلك وعن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أكون مع هؤلاء وانصرف من عندهم عند المغرب فامر بالمساجد فأقيمت الصلاة فان انا نزلت أصلي معهم لم استمكن
من الاذان ولا من الإقامة وافتتاح الصلاة فقال أنت بمنزلك وانزع ثيابك وان أردت ان تتوضأ فتوضأ وصل فان في وقت إلى ربع الليل وفي طريقها القاسم بن محمد
الجوهري وهو غير موثق لكنه يروى عنه الحسين بن سعيد ولعل فيه اشعارا بحسن حاله في الجملة وعن عمر بن يزيد بطريقين قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت المغرب فقال إذا
كانت ارفق بك وأمكن لك في صلاتك وكنت في حوائجك فلك ان تؤخرها إلى ربع الليل قال قال ما هذا وهو شاهد في بلده وفي طريق هذه الرواية محمد بن عمر بن يزيد وهو
غير موثق في كتب الرجال الا ان له كتاب يرويه ابن الوليد عن ابن الصفار عن محمد بن عبد الحميد عنه وفيه اشعار بحسن حاله ويؤيده أيضا في الجملة ما رواه الشيخ في الموثق
عن حماد بن موسى الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن صلاة المغرب إذا حضرت هل يجوز ان تؤخر ساعة قال لا باس إن كان صائما أفطر وإن كانت له حاجة قضاها
194

ثم صلى ويؤيده أيضا ما دل على جواز تأخير الصائم في الصورتين المعروفتين وما دل على جواز تأخيرها إلى المزدلفة إما حجة المفيد والشيخ على استثناء المسافر
فلعلها ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألته عن الرجل يدركه صلاة المغرب في الطريق أيؤخرها إلى أن تغيب الشفق قال لا باس بذلك في السفر فاما في الحضر
فدون ذلك شيئا وصحيحة عبيد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس ان يؤخر المغرب في السفر حتى تغيب الشفق ولا باس بان يجعل العتمة في السفر قبل ان يغيب
الشفق ويؤيده ما روى أن النبي صلى الله عليه وآله كان إذا جد به السير اخر المغرب وجمع بينها وبين العشاء والاستدلال بهذين الصحيحين على التوقيت في الحضر بذهاب الشفق ضعيف
لضعف دلالة المفهوم وعدم ظهور الباس في التحريم ويؤيده قوله ولا باس بان يجعل العتمة لما سيجئ من جواز ذلك وقوله فاما في الحضر فدون ذلك شيئا في الخبر الأول
فغير واضح الدلالة على الوجوب مع أن طريقة الجمع تقتضي حملها على الاستحباب احتج القائل بان ما بعد الشفق وقت المضطر بموثقة أبي أسامة السابقة في المسألة المتقدمة
ورواية سعيد بن جناح عن بعض أصحابنا عن الرضا قال إن أبا الخطاب قد كان أفسد عامة أهل الكوفة وكانوا لا يصلون المغرب حين تغيب الشفق وانما ذلك للمسافر والخائف
ولصاحب الحاجة موثقة جميل بن دراج قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في الرجل يصلي المغرب بعدما يسقط الشفق فقال لعلة لا باس قلت فالرجل يصلي العشاء قبل ان
يسقط الشفق فقال لعلة لا باس وله الاستدلال أيضا بالجمع بين ما دل على التوسعة وما دل على التضييق والجواب عن الأول قد سبق وعن الثاني قوله عليه السلام وانما ذلك
إلى اخر الخبر غير صريح في اختصاص الجواز المطلق بهم بل يجوز ان يكون المراد اختصاص إباحة التأخير من غير رجحان لهم وعن الثالث بمامر احتج القائل بتحديد وقت المضطر إلى ربع الليل
بروايتي عمرو بن يزيد وبما ورد من استحباب تأخير المفيض من عرفات للمزدلفة وان صار ربع الليل والجواب
عن الأول انه غير صريح في انتهاء الوقت به وتخصيصه بالذكر يجوز ان
يكون للفضيلة وعن الثاني ان الامر بتأخير الصلاة في ذلك المحل إلى هذه الغاية لا يقتضي خروج الوقت في غير ذلك المحل بمضي الربع بل ربما كان فيه دلالة على خلافه والا
لما ساغ ذلك مع أن المروى في صحاح الاخبار بتأخيرها إلى المزدلفة وان ذهب ثلثا الليل ففيه تلويح بالتوسعة وبما أسلفنا يعلم حجة القائل بامتداد وقت المختار إلى ذهاب
الشفق ووقت المضطر إلى نصف الليل مع جوابها ومما ذكرنا يعلم أن وقت الفضيلة إلى ذهاب الشفق ثم إلى ربع الليل واما ما ذكرنا من امتداد وقت المضطر إلى ما قبل
الفجر بمقدار العشاء فيدل على ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل ونسى ان يصلي المغرب والعشاء الآخرة فان استيقظ قبل
الفجر قيل ما يصليهما كلتيهما فليصليهما وان خاف ان يفوته إحديهما فليبدأ بالعشاء وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس وما رواه
في الصحيح عن شعيب عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء الآخرة أو نسي فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما وان يخشى ان
يفوته أحدهما فليبدء بالعشاء الآخرة وان استيقظ بعد الفجر فليصل الفجر ثم المغرب ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف ان تطلع الشمس ويفوته إحدى الصلاتين فليصل المغرب
وليدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ثم ليصلها وما رواه الشيخ في الموثق عن ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام في جملة حديث وان طهرت في اخر الليل فلتصل
المغرب والعشاء الآخرة وقد يجاب عن الخبر الأول بحمل القبلة على ما قبل بعد الانتصاف وهو بعيد جدا وهو على بعده يجرى في الخبر الثاني أيضا وقد يجاب عن الثالث بالحمل على الاستحباب ولا
يخفى ان الخبرين غير دالين على التعميم فلو قيل باختصاص الحكم بالنائم والساهي والحائض قصر الحكم على مورد الخبر لم يكن بعيدا الا ان يثبت عدم القائل بالفصل وحينئذ يتجه التعميم و
يؤيده ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تفوت الصلاة من أراد الصلاة لا تفوت صلاة النهار حتى تغيب الشمس ولا صلاة الليل حتى يطلع الفجر لكنه ضعيف
السند ولا يخفى انه يمكن حمل هذه الأخبار على التقية لموافقتها لمذهب العامة احتج القائل بان للمغرب وقتا واحدا بما رواه الشيخ في الصحيح عن أديم بن الحر قال سمعت أبا عبد الله يقول إن
جبرئيل أمر رسول الله صلى الله عليه وآله الصلوات كلها فجعل لكل صلاة وقتين الا المغرب فإنه جعل لها وقتا واحدا وما رواه الشيخ والكليني في الصحيح عن زيد الشحام قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن وقت
المغرب فقال إن جبرئيل اتى النبي صلى الله عليه وآله لكل صلاة بوقتين غير صلاة المغرب فان وقتها واحد ووقتها وجوبها قال الشيخ أبو جعفر الكليني بعد نقل هذا الخبر وما رواه عن زرارة والفضيل
قالا قال أبو جعفر عليه السلام ان لكل صلاة وقتين الا المغرب فان وقتها وجوبها وقت فوتها سقوط الشفق والظاهر ارجاع الضمير إلى حريز فيكون هذا الخبر من الصحاح والجواب انا بينا
بالاخبار الكثيرة سعة وقت المغرب وقانون الجمع يقتضى ارتكاب التأويل في هذه الأخبار فاندفع الاستدلال بظاهرها قال الكليني بعد نقل الرواية المذكورة وروى أيضا
ان لها وقتين اخر وقتها سقوط الشفق وليس هذا مما يخالف الحديث الأول ان لها وقتا واحدا لان الشفق هو الحمرة وليس بين غيبوبة الشمس وغيبوبة الشفق الا شئ يسير
وذلك أن علامة غيبوبة الشمس بلوغ الحمرة القبلة وليس بين بلوغ الحمرة القبلة وبين غيبوبتها الا قدر ما يصلي الانسان صلاة المغرب ونوافلها إذا صلاها على تؤدة
وسكون وقد تفقدت ذلك غير مرة ولذلك صار وقت المغرب ضيقا واعلم أن مدلول هذه الروايات لا يخلو عن اجمال وان أردت ان تحيط بوجوه التأويل
فيها فاعلم أن الشيخ روى في الموثق عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام اتيان جبرئيل بمواقيت الصلاة وقد مر الخبر في وقت الظهر وروى الشيخ مدلوله بطريقين
آخرين بتفاوت في المتن وقد مر (في) وقت الظهر مع بيان وجه الجمع بينها إذا عرفت هذا فاعلم أن الاخبار التي هي مورد البحث احتمالات الأول ان يكون المراد بأول
الوقتين المفهوم منها وقت الفضيلة والمراد بثانيهما وقت الأجزاء ويكون المراد (المعنى) ان جبرئيل اتى لكل صلاة بوقتين الا المغرب فإنه لم يأت بها الا بوقت واحد كما
هو المستفاد من الاخبار الثلاثة المذكورة وحينئذ يكون معنى قوله الا المغرب فان لها وقتا واحدا فيما نزل به جبرئيل في مبدء التوقيت وحينئذ فقوله فان وقتها وجوبها يحتمل وجهين أحدهما
ان يكون المراد فان وقتها فيما نزل به جبرئيل واحد وهو وجوب الشمس اي سقوطها وثانيهما ان يكون المراد فان وقتها اي وقت المغرب وقت وجوب المغرب من غير أن
يكون لها فضيلة واجزاء فيما نزل به جبرئيل وعلى هذا يبقى في الحمل اشكالات الأول ان الوقت الأول المذكور في تلك الروايات للظهر والعصر ليس وقتا للفضيلة لما سيجئ
عن أن وقت الفضيلة للظهرين ما بعد النوافل أو هو للظهر إذا صار الفئ ذراعا وللعصر ذراعان وهو الوقت الثاني المذكور في تلك الروايات إما صريحا
واما بالتأويل الذي ذكرنا هناك الثاني ان امتداد وقت الأجزاء أكثر مما يعلم من تلك الأخبار الثالث ان المستفاد من الاستثناء ان لا يكون للمغرب
وقتا فضيلة واجزاء وهو خلاف ما تبين الرابع ان المستفاد من قوله وقت فوتها سقوط الشفق ان لوقت المغرب امتدادا فيكون لها فضيلة واجزاء فيما
نزل به جبرئيل عليه السلام ويمكن دفع الاشكال الأول بأنه يجوز ان يكون الامر كذلك في مبدء الوقت ثم نسخ ولعل ذكره عليه السلام ذلك من غير بيان للنسخ وجود مصلحة
في ذلك كتقية أو غيرها وبهذا يندفع الاشكال الثاني واما الثالث فيندفع بان المستفاد من الاستثناء ان جبرئيل لم يأت للمغرب بوقتين في مبدء الوقت و
ذلك لا ينافي ان يثبت لها وقتان ثانيا بان نسخ الأول كما مر في رفع الاشكالين السابقين الاحتمال الثاني ان يكون المراد بأول الوقتين المفهوم من الاخبار
وقت الأجزاء وبثانيهما وقت الفضيلة فيكون المعنى ان للمغرب وقتا واحدا فان وقتها وجوبها اي وجوب المغرب من غير أن يكون لها وقت فضيلة واجزاء
195

بالوجه المذكور ويحتمل ان يكون المراد بوجوبها وجوب الشمس وهذا الاحتمال يستقيم في الاستثناء بناء على المشهور من أن أول الوقت ذهاب الحمرة المشرقية واما على
ما اخترناه من أن الوقت استتار القرص وان الأفضل (تأخيرها إلى) ذهاب الحمرة فيرد الاشكال في الاستثناء ويندفع بما أشرنا إليه سابقا الاحتمال الثالث ان يكون المراد بأول الوقتين
أول وقت الفضيلة وبثانيهما اخر وقت الفضيلة وعلى هذا استثناء المغرب مبنى على أنه ليس لوقت فضيلتها امتداد يعتد به وليس بين أوله واخره فصل محسوس فان أول
وقت فضيلتها ذهاب الحمرة المشرقية واخر وقت فضيلتها ذهاب الشفق وليس بينهما امتداد كثير وهذا انما يصح على القول المشهور من أن علامة وقت المغرب وذهاب الشمس
ذهاب الحمرة واما على ما اخترناه فلا (يناسبه) ينافيه ما دل الروايات عليه من أن جبرئيل عليه السلام نزل للمغرب حين سقط القرص وكذا التعليل بقوله عليه السلام فان وقتها وجوبها ووقت
فوتها غيبوبة الشفق الا ان يقال بتساوي اجزاء الوقت في مبدء التوقيت من غير أن يكون لها وقت فضيلة (ويكون معنى فان وقتها (غيبوبتها) وان وقت المغرب وقت الوجوب وليس لها وقت فضيلة) حتى يحدد ويبقى
الكلام في أن أول فضيلة الظهر الزوال
فيندفع بالوجه المذكور الاحتمال الرابع ان يكون المراد بالوقتين وقتي الفضيلة بان يقال أول الزوال وما بعد القدمين كلاهما وقت للفضيلة بالنسبة إلى اخر
الوقت بخلاف المغرب فان لفضيلتها وقت واحد وهو ما بين ذهاب الحمرتين لكن هذا لا يستقيم على ما اخترناه من أن استتار القرص يحصل قبل ذهاب الحمرة المشرقية وان
التأخير إلى الذهاب للفضيلة بناء على أن المذكور في الخبر ان جبرئيل عليه السلام نزل للمغرب حين سقط القرص ولا يوافقه التعليل المذكور في الخبر ويمكن دفعه بالوجه الذي
أشير إليه ولا يخفى انه يستفاد من بعض الأخبار ان جبرئيل عليه السلام اتى للمغرب بوقتين فروى الشيخ في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام (ان جبرئيل) اتى النبي صلى الله عليه وآله في الوقت الثاني في المغرب قبل
سقوط الشفق وروى هذا المعنى بعين الاسناد في جملة حديث يتضمن تفصيل اتيان جبرئيل بالتوقيت بنحو ما مر في رواية معاوية بن وهب ولو صحت هذه الرواية تعين
حمل اخبار الواحدة على التقية احتج الشيخ على وجوب المغرب في أول الوقت بان الامر للفور وجوابه ان التحقيق ان الامر لمطلق الفعل من غير دلالة على الفور أو التراخي
الثالثة المشهور بين الأصحاب ان أول وقت العشاء إذا مضى من غروب الشمس مقدار أداء ثلث ركعات واليه ذهب السيد المرتضى والشيخ في الاستبصار والجمل وابن بابويه
وابن الجنيد وأبو الصلاح وابن البراج وابن زهرة وابن حمزة وابن إدريس وسائر المتأخرين ونسبه في المنتهى إلى ابن أبي عقيل أيضا وقال الشيخان أول وقتها غيبوبة
الشفق ونسبه في المختلف إلى ابن أبي عقيل وسلار وهو أحد قولي المرتضى وصرح الشيخ في النهاية بجواز تقديم العشاء قبل الشفق ففي السفر وعند الاعذار وجوز في التهذيب
تقدميه إذا علم أو ظن أنه إذا لم يصل في هذا الوقت لم يتمكن منه بعده ولم يذكر شيئا من ذلك في المبسوط ولعله مراد له والأقرب الأول والكلام في الاشتراك والاختصاص
كما مر لنا ما رواه رواية ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا غابت الشمس دخل الوقتان المغرب وعشاء الآخرة ورواها الشيخ باسناد فيه ضعف وما رواه الشيخ
باسناد فيه الصحيح عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام ومنها صلاتان أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل الا ان هذه قبل هذه وقد مر روايتان عن عبيد بن
زرارة واللتان عليه وكذا يدل عليه رواية داود بن فرقد السابقة واستدلوا عليه أيضا بما رواه الشيخ في الموثق عن عبيد الله وعمران ابني علي الحلبيين قال كنا نختصم في
الطريق في الصلاة العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق وكان معنا من تضيق بذلك صدره فدخلنا على أبي عبد الله عليه السلام فسألنا عن صلاة عشاء الآخرة قبل سقوط
الشفق فقال لا باس بذلك فقلنا وأي شئ الشفق قال الحمرة وليس بذلك البعيد ان يكون المراد بصلاة العشاء المسؤول عنه عنها صلاة العشاء في السفر بقرينة
الاختصاص في السفر فعلى هذا لا تكون الرواية دافعة لمذهب الشيخ في النهاية وفي الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كانت ليلة مظلمة
وريح ومطر صلى المغرب ثم مكث قدر ما يتنفل الناس ثم أقام موزنه ثم صلى العشاء الآخرة ثم انصرفوا ولا يخفى ان الشيخ في النهاية جوز تقديم العشاء عند الاعذار
ويحتمل ان يكون مراده من العذر ما يعم الصورة المذكورة في الخبر فلا تكون الرواية دافعة لمذهبه وفي الصحيح عن عبد الله الحلبي (عن أبي عبد الله عليه السلام) قال لا باس ان يؤخر المغرب في السفر حتى
يغيب الشفق ولا باس بان تعجل العتمة في السفر قبل ان يغيب الشفق وجه الدلالة ان تحديد مبدأ الوقت بذهاب الشفق يقتضي عدم جواز التقديم عليه مطلقا كما لا يجوز
تقديم المغرب على الغروب لكن الرواية غير دافعة لمذهب الشيخ في النهاية ومثلها حسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بان يعجل العشاء الآخرة في السفر قبل ان يغيب
الشفق ورواية إسحاق الفطحي قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام صلى العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق ثم ارتحل ويدل على ما اخترناه أيضا ما رواه الشيخ في الموثق عن زرارة قال
سألت أبا جعفر عليه السلام وأبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي العشاء الآخرة قبل سقوط الشفق قال لا باس به وفي الصحيح عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال صلى رسول
الله صلى الله عليه وآله بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة وصلى بهم المغرب والعشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة وانما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله ليتسع
الوقت على أمته وعن إسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام يجمع بين المغرب والعشاء في الحضر قبل ان يغيب الشفق من غير علة قال لا باس وفي طريق هذه الرواية
إسحاق بن عمار وهو فطحي لكنه ثقة وفي طريقها موسى بن عمر وهو مشترك بين الثقة وغيره ولعل في نقل محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عنه ترجيح كونه الثقة
وعد المصنف هذه الرواية من حسن ولعل مقصوده كونها صحيحا إلى إسحاق وعلى كل تقدير فالرواية صالحة للتأييد ويؤيد ما ذكرناه أيضا ما رواه الشيخ والكليني عن إسماعيل
بن مهران قال كتبت إلى الرضا عليه السلام ذكر أصحابنا انه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر وإذا غربت دخل وقت المغرب والعشاء الآخرة الا ان هذه
قبل هذه في السفر والحضر وان وقت المغرب إلى ربع الليل فكتب كذلك الوقت غير أن وقت المغرب ضيق واخر وقتها ذهاب الحمرة ومصيرها إلى البياض في أفق المغرب و
أجاب الشيخ في التهذيب عن نبذة من هذه الرواية بحملها على الضرورة أو على صورة يعلم فراغها بعد ذهاب الشفق والحمل الثاني بعيد جدا والحمل الأول يؤيده
موثقة جميل بن دراج قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما تقول في الرجل يصلى المغرب بعد ما يسقط الشفق فقال لعلة لا باس قلت فالرجل يصلي العشاء الآخرة قبل ان يسقط
الشفق فقال لعلة لا باس لكن يدفع هذا الحمل كثير من الروايات السابقة ويضعف التأييد بان حصول الباس غير دال على التحريم (فإذا المتجه) ما قربناه احتج الشيخان على ما
نقل عنهما بما رواه الكليني والشيخ عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله متى تجب العتمة قال إذا غاب الشفق والشفق هو الحمرة
وهذه الرواية قد عدها جماعة من
الأصحاب من حسن وفيه تأمل لان في طريقها ثعلبة بن ميمون وفي الحكم بثقته تأمل قد أشرنا إليه سابقا وصحيحة بكر بن محمد السابقة في المسألة السابقة وبرواية يزيد بن
خليفة عن الصادق عليه السلام قال أول وقت العشاء حين تغيب الشفق إلى ثلث الليل وعن زرارة عن الباقر عليه السلام قال فإذا غاب الشفق دخل وقت العشاء (وبان الاجماع واقع على أن بعد الشفق وقت العشاء) ولا اجماع على ما قبله فوجب
الاحتياط ولأنها عبادة موقتة محتاجه إلى ابتداء مضبوط وأداء المغرب غير منضبط فلا يناط به وقت العبادة والجواب عن الأول انه محمول على وقت الفضيلة جمعا
بين الأدلة وهو الجواب عما في معناه من الاخبار ويمكن حمله على التقية لموافقته لمذهب جمهور من العامة وفي الخبرين الأخيرين ضعف واما الوجهان الأخيران
فضعفهما ظاهر الرابعة المشهور بين الأصحاب ان اخر وقت العشاء انتصاف الليل سواء في ذلك المختار
والمضطر إليه ذهب المرتضى وابن الجنيد وابن بابويه وسلار وابن زهرة
196

وابن إدريس وجمهور المتأخرين وقال المفيد اخره ثلث الليل وهو المنقول عن الشيخ في عدة من كتبه وعن ابن البراج وقال الشيخ في المبسوط واخره للمختار ثلث الليل وللمضطر
نصف الليل وهو ظاهر اختياره في النهاية واختاره ابن حمزة وعن ابن أبي عقيل أول وقت العشاء الآخرة مغيب الشفق والشفق الحمرة لا البياض فإذا جاوز ذلك حتى
دخل ربع الليل فقد دخل في الوقت الأخير وقد روى إلى نصف الليل ونقل الشيخ في المبسوط عن بعض أصحاب علمائنا قولا بان اخره للمضطر طلوع الفجر واختاره المحقق
في المعتبر وبعض المتأخرين ونقل في المنتهى عن أبي الصلاح ان اخره للمختار ربع الليل وللمضطر نصف الليل والأقرب عندي امتداد وقت الأجزاء للمختار إلى نصف
الليل ووقت الفضيلة إلى ثلث الليل ووقت المضطر إلى طلوع الفجر مع تردد في الأخير لنا على الحكم الأول ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته
عما فرض الله تعالى من الصلاة إلى اخر الحديث وقد مر في بيان وقت الظهر وما رواه الشيخ في صحيحة عبيد بن زرارة السابقة هناك عن أبي عبد الله عليه السلام ومنها صلاتان
أول وقتهما من غروب الشمس إلى انتصاف الليل وما رواه الشيخ بطريق معتمد عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا غرب الشمس فقد دخل وقت الصلاتين إلى
نصف الليل وفي صحيحة بكر بن محمد وأول وقت العشاء ذهاب الحمرة واخر وقتها إلى غسق الليل نصف الليل وفي صحيحة (موثقة) معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام في اتيان جبرئيل
رسول الله صلى الله عليه وآله بمواقيت الصلاة ثم اتاه حين ذهب ثلث الليل فأمره فصلى العشاء وقد سبق الخبر بتمامه في شرح وقت الظهر ومثلها رواية معاوية بن ميسرة عن أبي عبد الله (وفي موثقة زريح عن أبي عبد الله عليه السلام)
في معنى الأخبار المذكورة ثم اتاه من الغد إلى أن قال وصلى العتمة حين ذهب ثلث الليل وروى الشيخ عن ابن سماعة عن محمد بن زياد عن هارون بن خارجه عن أبي بصير عن
أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لولا أني أخاف ان أشق على أمتي لأخرت العتمة إلى ثلث الليل وأنت في رخصة إلى نصف الليل وهو غسق الليل الحديث وفي طريقها ابن سماعة
الثقة الواقفي ومحمد بن زياد المشترك لكن لا يبعد ان يكون المراد به ابن أبي عمير كما سبقت إليه الإشارة وهرون بن خارجة وهو مشترك بين هارون بن خارجة الأنصاري المجهول
وهرون بن خارجة الصيرفي الثقة والظاهر اتحادهما كما يظهر من كتاب النجاشي في ترجمة مراد بن خارجة أخي هارون هذا وبالجملة الخبر يصلح للتأييد وروى الشيخ في الموثق
عن صفوان عن معلى بن أبي عثمان عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام قال اخر وقت العتمة نصف الليل ويؤيد ما ذكرناه رواية داود بن فرق السابقة أيضا واستدل عليه أيضا
بموثقة الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال العتمة إلى ثلث الليل أو إلى نصف الليل وذلك التضيع وفيه تأمل لان وجه الترديد غير متعين فيجوز ان يكون الترديد باعتبار
ان يكون أحدهما وقتا للمختار والثاني للمضطر ويجوز ان يكون الترديد غير متعين فيجوز ان يكون الترديد من الراوي لعدم حفظه كلام الإمام عليه السلام فالاستدلال بهذا
الخبر مشكل احتج الشيخ على ما نقل عنه بوجوه الأول طريقة الاحتياط والاخذ بالمتيقن وجوابه ظاهر بعد الإحاطة بما ذكر في نظائره والثاني رواية يزيد بن خليفة السابقة
عن قريب وجوابه بعد الإغماض عن السند الحمل على وقت الفضيلة جمعا بين الأدلة والثالثة رواية زرارة عن الباقر واخر وقت العشاء ثلث الليل وجوابه بعد الإغماض عن
السند الحمل على وقت الفضيلة كما مر وروى ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار وقت العشاء الآخرة إلى ثلث الليل وهو يدل على مطلوب الشيخ وجوابه الحمل على الفضيلة
ومن هيهنا ظهر الوجه فيما اخترناه من انتهاء وقت الفضيلة بذهاب ثلث الليل الرابع التمسك باية المسارعة والسابقة وجوابه قد مر في المباحث السابقة من أنها غير ناهضة
بالدلالة على التحديد بالثلث فلو تم لدل على الوجوب في أول الوقت احتج ابن أبي عقيل على ما نقل عنه برواية إسماعيل بن مهران السابقة في المسألة المتقدمة ولا دلالة فيها
على مدعاه بوجه واما امتداد وقت المضطر إلى طلوع الفجر فيدل عليه صحيحة ابن سنان وموثقة ابن سنان ورواية أبي بصير ورواية عبيد بن زرارة وقد سبقت تلك الروايات
مع وجه التردد في دلالتها على المدعى في حكم المغرب فارجع وتدبر قال في المعتبر فيه لنا روايات منها ما روى الأصحاب عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا تفوت صلاة الليل حتى تطلع الفجر ثم
نقل رواية أبي بصير وابن سنان وموثقة ابن سنان قال ومثل معناه عن داود الجرجاني عن أبي عبد الله عليه السلام قال في الذكرى بعد نقل جمل هذه الروايات وقد قال الشيخ في
موضع من الخلاف لا خلاف بين أهل العلم في أن أصحاب الاعداد إذا أدرك أحدهم قبل طلوع الفجر الثاني مقدار ركعة انه يلزم العشاء الآخرة ثم قال وجوابه المعارضة
بالاخبار السابقة والشهرة المرجحة ويؤيدها مرفوع ابن مسكان إلى أبي عبد الله عليه السلام أنه قال من نام قبل ان يصلي العتمة فلم يستيقظ حتى يمضي نصف الليل فلينقض صلاته
ويستغفر الله وكذا رواية النوم عن العشاء إلى نصف الليل متضمنة للقضاء وصوم الغد ولا يخفى ان مجرد المعارضة لا يقتضي الاطراح الا عند عدم امكان الجمع والامر
هيهنا ليس كذلك ومثل هذه الشهرة المخالفة لما نقل الاجماع عليه غير كاف في الترجيح واعترف رحمه الله باستقامة سند رواية ابن سنان ووضوح دلالته لكن قال إنه مطرح بين
الأصحاب وللتأمل فيه مجال فتدبر قال الشارح الفاضل وللأصحاب ان يحملوا الروايات الدالة على امتداد الوقت إلى الفجر على التقية لاطباق الفقهاء الأربعة عليه
وان اختلفوا في كونه اخر وقت الاختيار والاضطرار وهو محمل حسن في الخبرين المتعارضين إذا أمكن حمل أحدهما عليها كما ورد به النص وما ذكره غير بعيد واعلم أنه يستفاد
من بعض هذه الأخبار وغيرها جواز تسمية العشاء عتمة وكرهه الشيخ استنادا إلى حجة ضعيفة وكذا تسمية الصبح بالفجر وينفيه رواية عبد الله بن سنان الآتية زعم بعض
العامة كراهة تسميتها الغداة ويكرهون تسمية المغرب بالعشاء وكل ذلك لم يثبت
وأول الصبح إذا طلع الفجر الثاني المعترض وهو البياض المنتشر في الأفق ويسمى الصادق
لأنه صدقك عن الصبح وسمى صبحا من قولك رجل أصبح إذا اجتمع لونه بياضا وحمرة ولا اعتبار في الأول المسمى بالكاذب ويذنب السرحان لخروجه مستدقا صاعد في
الأفق كذنب الذئب قال المحقق وعليه اجماع أهل العلم ونفى المصنف للخلاف فيه بين علماء الاسلام والأخبار الدالة عليه مستفيضة فروى ابن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام
ووقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتحلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك عمدا لكنه وقت لمن شغل أو نسى أو نام وروى زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول
الله صلى الله عليه وآله يصلي الصبح وهي الفجر إذا اعترض الفجر وأضاء حسنا وروى ابن بابويه في الحسن عن أبي بصير ليث المرادي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت متى يحرم الطعام على الصائم
وتحل الصلاة صلاة الفجر فقال لي إذا اعترض الفجر كالقبطية البيضاء فثم يحرم الطعام (على الصائم) وتحل الصلاة صلاة الفجر قلت أولستا في وقت إلى أن تطلع شعاع الشمس قال هيهات
أين تذهب تلك الصلاة الصبيان ورواها الشيخ باسناد صحيح عن أبي بصير المكفوف بتفاوت ما في المتن وهو
غير المرادي ورواها الكليني باسناد صحيح عن أبي بصير من
غير تقييد وربما يعلل هذه الخبر بهذه العلة قال الجوهري القبطية ثياب رقاق من كتان تتخذ بمصر وروى علي بن عطية في الحسن عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصبح هو الذي إذا رايته
معترضا كأنه بياض سوداء وروى الشيخ في الصحيح عن فضالة عن هشام بن الهذيل عن أبي الحسن الماضي عليه السلام قال سألته عن وقت صلاة الفجر فقال حين يعرض الفجر فتراه
مثل نهر سوداء وسوداء موضع بالعراق من ارض بابل وفي الصحيح عن الحسين بن سعيد عن الحصين بن أبي الحصين انه كتب إلى أبي جعفر عليه السلام يسأله عن وقت صلاة الفجر
فكتب بخطه الفجر يرحمك الله الخيط الأبيض وليس الأبيض صعد ولا تصل في سفر ولا حضر حتى بينه رحمك الله إلى غير ذلك من الاخبار والمستفاد من كثير منها ظهور الإضاءة
والوضوح في الجملة ويحمل عليه الباقي حملا للمطلق على المقيد ولا يمكن الجمع بحمل المطلق على الأجزاء والمقيد على الفضيلة لأنه ينافيه رواية أبي بصير السابقة وبعض
197

الأخبار الدالة على أن أفضل الأوقات لصلاة الفجر فتدبر والصحيح ان اعتبار الإضائة والوضوح في الجملة (احتراز عن الفجر الأول فتدبر واخره طلوع الشمس هذا هو المشهور بين الأصحاب واليه ذهب المرتضى والمفيد في الجمل) والاقتصار وسلار وابن البراج وأبو الصلاح وابن زهرة
وابن إدريس وجمهور المتأخرين منهم وقال ابن أبي عقيل اخره للمختار طلوع الحمرة المشرقية وللمضطر طلوع الشمس واختاره الشيخ في المبسوط وابن زهرة وقال الشيخ
في الخلاف وقت المختار إلى أن يسفر الصبح وهو قريب عن مذهب ابن أبي عقيل لان أسفار الصبح إضاءته واشراقه والأقرب الأول لنا ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي
جعفر عليه السلام قال وقت صلاة الغداة ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وليس في طريق هذه الرواية من يتوقف في شانه الا موسى بن بكر فإنه واقفي غير مصرح بالتوثيق
لكن له كتاب يرويه صفوان وابن أبي عمير وفي هذا دلالة على أن الاعتماد على نقله كما أشرنا إليه مرارا وما رواه عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تفوت الصلاة
من أراد الصلاة إلى قوله ولا صلاة الفجر حتى تطلع الشمس وقد يعد هذا الخبر من الموثقات وفيه تأمل لان في طريقه علي بن يعقوب الهاشمي وهو غير موثق ويؤيد ما ذكرناه
ما رواه الشيخ عن الأصبغ بن نباته قال قال أمير المؤمنين من أدرك من الغداة ركعة قبل طلوع الشمس فقد أدرك الغداة تامة وفي اسنادها ضعف ويؤيده أيضا صحيحة علي بن
يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر ويظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما ويؤخرهما قال يؤخرهما وجه التأييد ان ظاهر الخبر امتداد الوقت
إلى ما بعد الاسفار وظهور الحمرة وكل من قال بذلك قال بامتداده إلى طلوع الشمس ولعل به انضمام هذه الأخبار مع تأيدها بالشهرة كاف في الترجيح وتأويل المعارض و
إن كان قوى الأسانيد احتج الشيخ بصحيحة عبد الله بن سنان السابقة وحسنة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتحلل الصبح السماء ولا ينبغي تأخير ذلك
عمدا ولكنه وقت لمن شغل أو نسى أو نام ورواية أبي بصير السابقة عن قريب ويؤيده ما رواه عن يزيد بن خليفة باسناد ضعيف عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت الفجر حين يبدو
حتى يضئ والجواب منع دلالة الروايتين الأولتين على خروج وقت الاختيار بذلك فان لفظ لا ينبغي ظاهر في الكراهة والشغل المسبوغ معه جواز التأخير أعم من الضروري فأقصى ما
يدلان عليه خروج وقت الفضيلة بالاسفار واما الثالث فحمله على الفضيلة حمل قريب وهو أولي من اطراح ما ذكرنا من الاخبار مع اعتضادها بالشهرة وكذا الرابع
ووقت
نافلة الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يزيد الفئ الحاصل للشخص المنصوب بعد الزوال بمقدار قدمين اختلف الأصحاب في اخر وقت نافلة الظهر فالمشهور بينهم على ما ذكره المصنف وعن
الشيخ في الجمل والمبسوط والخلاف ووقت نافلة الظهر من الزوال إلى أن يبقى لصيرورة الفئ مثل الشخص بمقدار ما يصلي فيه فريضة الظهر وذهب ابن إدريس بامتداده إلى أن يصير
ظل كل شئ مثله وهو مذهب المحقق في المعتبر والمصنف في تذكرة ونقل المحقق في الشرائع قولا بامتداد وقت الفريضة والاخبار في هذا الباب مختلفة فبعضها يدل على القول
الأول كصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال إن حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة وكان إذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى من فيئه ذراعان صلى العصر ثم قال
أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلنا لم جعل ذلك قال لمكان النافلة لك ان تنتفل من زوال الشمس إلى أن يمضي ذراع فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت
النافلة وسيجيئ اخبار أخرى في معناه عند شرح قول المصنف وأول الوقت أفضل والمحقق في المعتبر تمسك بهذه الرواية على اعتبار المثل والمثلين فقال بعد نقل الرواية
وهذا يدل على بلوغ المثل والمثلين لان التقدير ان الحائط ذراع فحينئذ ما روى من القامة والقامتين جار هذا المجرى ويدل عليه ما روى علي بن يقطين (حنظلة) عن أبي عبد الله عليه السلام قال في
كتاب علي عليه السلام القامة ذراع وعنه (ع) قلت كم القامة قال ذراع ان قامة رجل رسول الله صلى الله عليه وآله كانت ذراعا قال فبهذا الاعتبار يعود اختلاف كلام الشيخ لفظيا وفيه نظر لمنع ما ادعاه لضعف سند ما
استند إليه من الرواية والروايتان المذكورتان غير دالتين على أن المراد بالقامة الذراع في الخبر الذي تمسكنا به فلا نعدل فيه عن الظاهر على أن قوله عليه السلام في اخر الخبر فإذا
بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة صريح في اعتبار قامة الانسان ويدل على القول الأخير ظواهر الاخبار المتضمنة لاستحباب هذه النوافل قبل الفريضة وهي كثيرة منها صحيحة
محمد بن أحمد بن يحيى قال كتب بعض أصحابنا إلى أبي الحسن عليه السلام روى عن آباءك عليهم السلام القدم والقدمان والأربع والقامة والقامتان وظل مثلك والذراع والذراعان فكتب عليه السلام لا
القدم والقدمان إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين وبين يديها سبحة وهي ثمان ركعات فان شئت طولت وان شئت قصرت ثم صل الظهر فإذا فرغت كان بين
الظهر والعصر سبحة وهي ثمان ركعات ان شئت طولت وان شئت قصرت ثم صل العصر وسيجيئ اخبار أخرى من هذا القبيل عند شرح قول المصنف وأول الوقت أفضل الا ما
يستثنى ويمكن الجمع بوجهين أحدهما حمل المطلق على المقيد والثاني حمل الرواية الأولى على الأفضلية وما دل على التوسعة على الجواز والأخير أقرب ويدل عليه حسنة
محمد بن مسلم الآتية عند شرح قول المصنف والنوافل ما لم يدخل وقتها وموثقة سماعة الآتية هناك وبعض الأخبار يدل على اعتبار ثلثي القامة وهو محمول على الفضيلة
وبعض الأخبار يدل على جواز النوافل طول النهار وسيجيئ تحقيقه واعلم أن مقتضى كلام الشيخ في المبسوط والجمل استثناء قدر ايقاع الفرضين من المثل والمثلين والاخبار
لا يساعد عليه فان خرج الوقت ولم يتلبس بالنافلة قدم الظهر ثم قضاها اي النافلة بعدها اي بعد الظهر وان تلبس بركعة أتمها ثم صلي الظهر وهذا الحكم ذكره الشيخ
واتباعه والمستند فيه موثقة عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام قال للرجل ان يصلي الزوال ما بين زوال الشمس إلى أن يمضى قدمان فإن كان قد بقى من الزوال ركعة واحدة
أو قبل ان يمضى قدمان أتم الصلاة حتى يصلي تمام الركعات وان مضى قدمان قبل ان يصلي ركعة بدا بالأولى ولم يصل الزوال الا بعد ذلك وللرجل ان يصلي من نوافل
الأولى ما بين الأولى إلى أن يمضى أربعة اقدام فان مضت الأربعة اقدام ولم يصل من النوافل شيئا فلا يصل النوافل وإن كان قد صلى ركعة فليتم النوافل حتى يفرغ منها
ثم يصلي العصر وقال للرجل ان يصلي ان بقى عليه شئ من صلاة الزوال الا ان يمضي بعد حضور الأولى نصف قدم وللرجل إذا كان قد صلى من نوافل الأولى شيئا قبل
ان يحضر العصر فله ان يتم نوافل الأولى إلى أن يمضي بعد حضور العصر قدم وقال القدم بعد حضور العصر مثل نصف قدم بعد حضور الأولى في الوقت سواء والحكم الذي
ذكروه في العصر مصرح في الخبر واما الظهر فلا لان مفهومي الشرطين المذكورتين في حكمها متعارضان الا ان يثبت عدم القائل بالفصل وحينئذ يتم الحكم فيها أيضا وحينئذ
يقال المراد بتقديم الفريضة وفي رواية زرارة المتقدمة تقديمها في صورة عدم التلبس بالنافلة وهو غير بعيد قال في المعتبر وهذه الرواية سندها جماعة من الفطحية
لكن يعضدها انه محافظة على سنة لم يتضيق وقت فريضتها وهو حسن ويعضده موافقة مضمونها للاطلاقات المذكورة مع عدم معارض يعتد به لكن في تتمة
الخبر تقيد للحكم المذكور قال في الذكرى بعد نقل هذه التتمة ولعله أراد بحضور الأولى والعصر ما تقدم من الذراع والذراعين والمثل والمثلين وشبهه ويكون للمتنفل
ان يزاحم الظهر والعصر بما بقى من النوافل ما لم يمض قدر المذكور فيمكن ان يحمل لفظ الشئ على عمومه فيشمل الركعة وما دونها وما فوقها فيكون فيه بعض مخالفة للتقدير
بالركعة ويمكن حمله على الركعة فما فوقها ويكون مقيدا لها بالقدم والنصف ويجوز ان يريد بحضور الأولى مضى نفس القدر المذكورين في الخبر وبحضور العصر الاقدام الأربع
وتكون المزاحمة المذكورة مشروعة بان لا يزيد على نصف قدم في الظهر بعد القدمين ولا على قدم في العصر بعد الأربع ثم لا يخفي انه ذكر جماعة من الأصحاب انه مع التلبس
(بركعة) يتم النافلة محففة وذكروا ان المراد بتخفيفها الاقتصار على أقل ما يجزي فيها كقراءة الحمد وحدها والاقتصار على تسبيحة واحدة في الركوع والسجود حتى قال بعض المتأخرين
198

انه لو تأدى التخفيف بالصلاة جالسا اثره على القيام لاطلاق الامر بالتخفيف والنص الذي هو مستند الحكم خال عن هذا القيد كما عرفت ونافلة العصر بعد الفراغ من الظهر إلى أن
يزيد الفئ أربعة اقدام على القول المشهور بين الأصحاب وقيل إلى أن يصير ظل كل شئ مثله وقيل يمتد بامتداد الفريضة والكلام في هذا الباب كما مر في الظهر فان خرج قبل
تلبسه بركعة صلى العصر وقضاها والا أتمها قد مر دليل هذا الحكم فلا حاجة إلى الإعادة ويجوز تقديم النافلتين على الزوال في يوم الجمعة خاصة فههنا حكمان أحدهما
جواز تقدم النافلتين في يوم الجمعة وسيجئ بيان ذلك في احكام الجمعة ان شاء تعالى والثاني عدم جواز تقديمها على الزوال في غير الجمعة وهو المشهور بين الأصحاب ويدل
عليه ان الصلاة وظيفة شرعية فيتوقف شرعيتها على بيان الشارع وقد ثبت ذلك فيما بعد الزوال حيث روى الشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن عدة انهم سمعوا أبا جعفر
يقول كان أمير المؤمنين عليه السلام لا يصلي من النهار حتى يزول الشمس ولا من الليل بعد ما يصلي العشاء حتى ينتصف الليل وما رواه بطريق فيه علي بن السندي عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
قال كان علي عليه السلام لا يصلي من الليل شيئا إذا صلى العتمة حتى ينتصف الليل ولا يصلي من النهار حتى تزول الشمس ويؤيده ما رواه بطريق فيه موسى بن بكر عن زرارة قال سمعت
أبا جعفر عليه السلام يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله لا يصلي من النهار شيئا حتى يزول الشمس وفيه نظر ان كثيرا من الروايات يدل على جواز التقديم فالجمع بين الروايات يحمل (بحمل) ما ذكر من
الاخبار على الأفضلية حسن روى الشيخ في الحسن عن محمد بن عذافر قال قال أبو عبد الله عليه السلام صلاة النافلة بمنزلة الهدية مني ما اتى بها قبلت فقدم منها ما شئت واخر منها
ما شئت وروى الشيخ عن القسم بن الوليد الغساني عن أبي عبد الله قال قلت له جعلت فداك صلاة النهار صلاة النوافل كم هي قال ست عشرة اي ساعة النهار شئت ان تصليها صليتها
الا انك إذا صليتها في مواقيتها أفضل وعن علي بن الحكم عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لي صلاة النهار ست عشرة ركعة اي النهار شئت ان شئت في أوله وان شئت
في وسطه وان شئت في اخره وعن علي بن الحكم عن سيف بن عبد الاعلى قال سئلت أبا عبد الله عن نافلة النهار قال ست عشرة ركعة مني ما نشطت ان علي بن الحسين كان له ساعات من النهار
يصلي فيها فإذا شغله ضيعة أو سلطان قضاها انما النافلة بمنزلة (مثل) الهدية مني ما اتى بها قبلت قال الشيخ بعد نقل هذه الأخبار الوجه في هذه الأخبار انها رخصة لمن علم من حاله انه
ان لم يقدمها اشتغل عنها ولم يتمكن من قضائها فاما مع ارتفاع الاعذار فلا يجوز تقديمها على ما بيناه واحتج عليه برواية محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن الرجل
يشتغل عن الزوال يتعجل من أول النهار قال نعم إذا علم أنه يشتغل فيجعلها في صدر النهار كلها ونحوه ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني اشتغل
قال فاصنع كما تصنع صل ركعات إذا كانت الشمس في مثل موضعها صلاة العصر يعني ارتفاع الضحى الأكبر واعتد بها عن (من) الزوال ولا يخفى ان الجمع بين الاخبار بحمل ما دل على جواز
التقديم على الجواز المطلق وحمل ما دل على عدم التقديم على الأفضلية أقرب واستوجهه الشهيد في الذكرى ويؤيده صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال ما صلى (يصلى) رسول الله صلاة الضحى
قط قال فقلت له ألم تخبر انه كان يصلي في صدر النهار وأربع ركعات قال بلى انه كان يجعلها من الثمان التي بعد الظهر ويزيد فيه اي في الجمعة أربع ركعات وسيجيئ بيان ذلك إن شاء الله ونافلة
المغرب يصلي بعدها إلى ذهاب الحمرة المغربية ولا اعتبار بالبياض الباقي في جانب المغرب بعد ذهاب الحمرة عند أصحابنا والقول بانتهاء وقت نافلة المغرب بذهاب الحمرة مشهور بين العلماء
قال في المنتهى وعليه اتفاق علمائنا وفي المعتبر وهو مذهب علمائنا قال ويدل عليه انه وقت يستحب فيه تأخير العشاء فكان الاقبال على النافلة حسنا وعند ذهاب الحمرة يقع الاشتغال بالفرض
ولا يصلح للنافلة ويؤيد ذلك ما روى عمرو بن حريث عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان النبي صلى الله عليه وآله يصلي ثلثا للمغرب وأربعا بعدها ويدل على أن اخر وقتها ذهاب الحمرة ما روى من منع النافلة في وقت
فريضة روى ذلك جماعة منهم محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا دخل وقت الفريضة فلا تطوع انتهى كلام المحقق وقريب منه كلام المصنف في المنتهى لكنه زاد عليه نقل ما رواه ابن بابويه عن
أبي جعفر عليه السلام في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله فإذا أبت الشمس وهو ان تغيب صلى المغرب ثلثا وبعد المغرب أربعا ثم لا يصلى شيئا حتى يسقط الشفق فإذا سقط صلى العشاء قال وهذا يدل
على أن اخر وقتها غيبوبة الحمرة كما قلنا لان اشتغال الرسول صلى الله عليه وآله بالعشاء في ذلك الوقت انما يكون بعد دخول وقت العشاء وحينئذ لا تطوع واحتج عليه برواية محمد بن مسلم المذكورة يمكن
ان يقال التأسي يقتضي فعلها كما فعلها النبي صلى الله عليه وآله وفيه نظر فان النهي عن التطوع في وقت الفريضة انما يتوجه إلى غير الرواية والا لم يشرع نافلة المغرب عند من قال بدخول وقت العشاء
بعد مضي مقدار ثلث ركعات من أول الوقت كالفاضلين ولا نافلة الظهرين عند الجميع على أن المستفاد من كثير من الاخبار جواز التطوع في وقت الفريضة كما سيجيئ وقوله
عند ذهاب الحمرة يقع الاشتغال بالفرض فلا يصلح للنافلة دعوى مجرد عن الدليل مع أن الاشتغال واقع قبل ذهاب الحمرة عند الأكثر ومجرد استحباب التأخير لا يصلح للفرق
ومن هيهنا قال شيخنا الشهيد رحمه الله في الذكرى والدروس إلى امتداد وقتها بوقت المغرب لأنها تابعة لها وهو
غير بعيد ويدل عليه الأخبار الدالة على جواز النافلة في كل وقت وقد مر
في المسألة السابقة فان ذهبت الحمرة ولم يكملها اشتغل بالعشاء هذا هو المشهور بين الأصحاب واحتج عليه في المعتبر بان النافلة لا تزاحم غير فريضتها لرواية محمد بن مسلم وما رواه أبو بكر
عن جعفر بن محمد قال إذا دخل وقت صلاة مفروضة فلا تطوع ويرد عليه ما ذكر سابقا وجزم الشهيد بناء على التوقيت المذكور بان من كان قد شرع في ركعتين منها ثم زالت الحمرة
يتمها سواء كانت الأولتين أو الأخيرتين للنهي عن ابطال العمل ولان الصلاة على ما افتتحت عليه وفي التعليلين تأمل وعن ابن إدريس انه يتم الأربع بالتلبس بشئ منها قبل ذهاب الشفق
وهو غير بعيد بل لم يبعد شرعية الاتيان بها بعد المغرب حتى أوقعها والوتيرة بعد العشاء وتمتد بامتدادها لعموم ما دل على شرعيتها بعد العشاء قال في المنتهى ذهب إليه علماءنا
أجمع وفي المعتبر وعليه علماؤنا وذكر الشيخان واتباعهما انه ينبغي ان يجعلهما خاتمة نوافله ومستنده غير معلوم ويستحب القراءة في هاتين الركعتين بالواقعة والتوحيد لما رواه الشيخ
في الصحيح عن ابن أبي عمير قال كان أبو عبد الله عليه السلام يقرء في الركعتين بعد العشاء الواقعة وقل هو الله أحد ووقت صلاة الليل بعد انتصافه ونقل المحقق في المعتبر
والمصنف في المنتهى اجماع علمائنا عليه ويدل عليه صحيحة فضيل عن أحدهما عليهما السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلي بعد ما ينتصف الليل ثلث عشر ركعة وحسنة ابن أذينة السابقة
ورواية زرارة السابقة وروى الشيخ بطريق فيه موسى بن بكر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وكان لا يصلي بعد العشاء
حتى ينتصف الليل ثم يصلي ثلث عشر ركعة منها الوتر ومنها ركعتا الفجر قبل الغداة فإذا طلع الفجر وأضاء صلى الغداة وروى ابن بابويه مرسلا عن
أبي جعفر عليه السلام في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم ارى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى فراشه ولم يصل شيئا حتى يزول نصف الليل فإذا زال نصف الليل
صلى ثمان ركعات وأوتر في الربع الأخير من الليل بثلث ركعات وقرء فيهن فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد ويفضل بين الثلث بتسليمة و
يتكلم ويأمر بالحاجة ولا يخرج من مصلاه حتى يصلي الثالثة التي يوتر فيها ويقنت فيها قبل الركوع ثم يسلم وروى الشيخ في الصحيح عن عبد الله
بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال انما على أحدكم إذا انتصف ان يقوم فيصلي صلاته جملة واحدة ثلث عشرة ركعة ثم إن شاء جلس فدعا
وان شاء نام وان شاء ذهب حيث شاء وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا صلى العشاء الآخرة اوى إلى فراشه لا يصلي شيئا الا بعد انتصاف الليل ووجود ابن بكير في طريق هذه الرواية لا يجعلها قاصرة عن الصحاح ويدل عليه قول أبي
199

جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة وبعد ما ينتصف الليل ثلث عشر ركعة وروى ابن بابويه بطريق معتبر عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى صلاة
العشاء اوى إلى فراشه فلم يصل شيئا حتى ينتصف الليل وفي دلالة هذه الأخبار على عدم شرعيتها قبل نصف الليل تأمل مع وجود عدة اخبار دالة على الترخيص
كما سيجيئ ولا ينافيها ما رواه ابن بابويه مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام وقت صلاة الليل نصف الليل إلى اخره لان حملها على وقت الفضيلة طريق الجمع وسيجيئ لهذا المقام تتمة
فانتظرها وكلما قرب من الفجر كان أفضل ونقل في المعتبر والمنتهى اجماع الأصحاب عليه واستدل عليه بقوله تعالى وبالأسحار هم يستغفرون والسحر ما قبل الفجر على ما نص
عليه أهل اللغة وقد صح عن الصادق عليه السلام أنه قال المراد بالاستغفار هنا الاستغفار في قنوت الوتر وكانه إشارة إلى ما رواه محمد بن عمار في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام
يقول في قول الله عز وجل وبالأسحار هم يستغفرون في الوتر اخر الليل سبعين مرة وبصحيحة إسماعيل بن سعد الأشعري قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن ساعات الوتر قال اجتها
إلى الفجر الأول وسألته عن أفضل ساعات الليل قال الثلث الباقي ورواية مرازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له متى أصلي صلاة الليل فقال صلها اخر الليل قال فقلت
فاني لا استنبه فقال تستنبه مرة فتصلها وتنام فتقضيها فإذا اهتممت بقضائها في النهار استنبهت ولا يخفى اختصاص الروايتين الأولتين بالوتر وضعف الأخيرة
سندا مع أن في دلالتها على الكلية المذكورة نوع خفاء والأولى الاستدلال عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن شعيب عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن التطوع
بالليل والنهار فقال الذي يستحب ان لا يقصر عنه ثمان ركعات عند زوال الشمس إلى أن قال ومن السحر ثمان ركعات ثم يؤتر وفي اخر الخبر وأحب صلاة الليل إليهم اخر الليل
وفي الصحيح عن ابن بكير عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ما جرت به السنة في الصلاة فقال ثمان ركعات من الزوال إلى أن قال وثلث عشر ركعة من اخر الليل وقول أبي
عبد الله عليه السلام فيما رواه الشيخ في الصحيح عن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن سليمان بن خالد عنه وثمان ركعات من اخر الليل الحديث وفي دلالتها على الكلية المذكورة
نوع خفاء ولا يخفى ان كثيرا من الأخبار السابقة دال على أن النبي صلى الله عليه وآله وعليا كانا يصليان صلاة الليل بعد نصف الليل من غير فصل وهذا ينافي ما ذكر من استحباب
التأخير ويؤيد ذلك كثير من الروايات الدالة على فضيلة ذلك الوقت منها ما رواه عمر بن يزيد في الصحيح انه سمع أبا عبد الله عليه السلام يقول إن في الليل لساعة لا يوافقها عبد مسلم
يصلي ويدعوا الله فيها الا استجاب له في كل ليلة قلت أصلحك الله فأية ساعة من الليل قال إذا مضى نصف الليل إلى الثلث الباقي وقال ابن الجنيد يستحب الاتيان بصلاة
الليل في ثلث أوقات لقوله تعالى ومن اناء الليل فسبح واطراف النهار ولما رواه معاوية بن وهب في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام وذكر صلاة النبي قال كان يأتي بظهور (بطهور) فيخمر
عند رأسه ويوضع سواكه عند فراشه ثم ينام ما شاء الله فإذا استيقظ جلس ثم قلب بصره في السماء ثم تلا للآيات من آل عمران ان في خلق السماوات والأرض الآية ثم
يستن ويتطهر ثم يقوم إلى المسجد فيركع أربع ركعات على قدر قراءة ركوعه وسجوده حتى على قدر ركوعه يركع حتى يقال حتى يرفع رأسه ويسجد حتى يقال متى يرفع رأسه ثم
يعود إلى فراشه فينام ما شاء الله ثم يستيقظ فيجلس فيتلوا الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السماء ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المسجد فيصلى أربع ركعات كما ركع قبل
ذلك ثم يعود إلى فراشه فينام إلى ما شاء الله ثم يستيقظ فيجلس فيتلوا الآيات من آل عمران ويقلب بصره في السماء ثم يستن ويتطهر ويقوم إلى المجسد فيوتر ويصلي الركعتين
ثم يخرج إلى الصلاة ومعنى يستن يستاك وروى الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة أمر بوضوءه
وسواكه بوضع عند رأسه مخمرا فيرقد ما شاء الله ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي أربع ركعات ثم يرقد ثم يقوم فيستاك ويتوضأ ويصلي أربع ركعات ثم يرقد حتى
إذا كان في وجه الصبح نام فاوتر ثم صلى الركعتين ثم قال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة قلت متى كان يقوم قال بعد ثلث الليل قال الكليني وقال في حديث
اخر بعد نصف الليل ويمكن الجمع بين الروايات بان يقال اخر الليل أفضل بالنسبة إلى من يجمع بينها دون من يفرق ويكون التفريق في أوقات ثلث أفضل تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله
فان طلع الفجر الثاني وقد صلى أربعا اكملها والا صلى ركعتي الفجر إما الحكم الأول فهو المشهور بين الأصحاب ومستنده رواية أبي جعفر الأحول قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا كنت صليت
أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع أم لم يطلع والرواية وإن كانت ضعيفة لان الراوي عن أبي جعفر عليه السلام مجهول الا انها معتضدة بعمل الأصحاب
وعموم الاخبار الآتية ويظهر من المعتبر وجود روايات بهذا المضمون وقال الشيخ والأفضل ان يعدل عن اتمام صلاة الليل إلى صلاة الغداة ثم يصلي تمامها بعد
الفراغ من صلاة الفجر واستدل عليه بما رواه يعقوب البزاز قال قلت له أقوم قبل الفجر بقليل فاصلي أربع ركعات ثم أتخوف ان ينفجر الفجر ابدا بالوتر أو أتم الركعات قال بل
اوتر واخر الركعات حتى تقضيها في صدر النهار والرواية ضعيف السند للاضمار ولان في طريقها محمد بن سنان وهو ضعيف وفي تعيين أفضلية ما وقع الامر به في هذا الخبر
تأمل لمعارضة الخبر الآخر والحمل على التخيير أقرب ويمكن الجمع بين الخبرين بان يقال بتعين الوتر في صورة يخشى ان ينفجر الفجر حتى يتحقق الوتر في وقته إما إذا طلع الفجر فإنه
يتم صلاته (الليل) يوتر ثم يوتر روى محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الرجل يقوم اخر الليل وهو يخشى ان يفجأه الصبح أيبدأ بالوتر أو يصلى الصلاة على وجهها حتى يكون
اخر ذلك قال بل يبدأ بالوتر وقال انا كنت فاعلا ذلك واما الحكم الثاني فهو مشهور ذكره الشيخان ومن تبعهما والحجة عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن جابر قال
قلت لأبي عبد الله عليه السلام اوتر بعدما يطلع الفجر قال لا وإذا امتنع الوتر امتنع ما قبله بطريق أولي وفيه نظر لان الأولوية المذكورة ممنوعة مع أنها معارضة بروايات كثيرة
منها صحيحة سليمان بن خالد قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام ربما قمت وقد طلع الفجر فاصلي صلاة الليل والوتر والركعتين قبل الفجر ثم أصلي الفجر قال قلت افعل انا ذا قال نعم ولا
يكون منك عادة ومنها رواية إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أقوم وقد طلع الفجر ولم أصل صلاة الليل فقال صل صلاة الليل واوتر وصل ركعتي الفجر ومنها رواية
عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أقوم وقد طلع الفجر فان انا بدأت بالفجر صليتها في أول وقتها وان بدأت في صلاة الليل والوتر صليت الفجر في وقت هؤلاء فقال ابدا
بصلاة الليل والوتر ولا تجعل ذلك عادة ومنها ما رواه إسماعيل بن سعد الأشعري في الصحيح عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سألته عن الوتر بعد فجر الصبح قال نعم قد كان أبي ربما اوتر
بعد ما انفجر الصبح ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن إبراهيم بن عبد الحميد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام وأظنه إسحاق بن غالب قال قال إذا قام الرجل في الليل فظن أن
الصبح قد أضاء فاوتر ثم اوتر ثم نظر فرأى أن عليه ليلا قال يضيف إلى الوتر ركعة ثم يستقبل صلاة الليل ثم يؤتر بعده ومنها حسنة عبد الله بن سنان قال سمعت أبا عبد الله
يقول إذا قمت وقد طلع الفجر فابدء بالوتر ثم صلى الركعتين ثم صل للركعات إذا أصبحت قال في المعتبر لو طلع الفجر ولم يصل ففيه روايتان إحديهما يتم النافلة مزاحما بها الفريضة
وروى ذلك جماعة منهم عمر بن يزيد ونقل الرواية السابقة والاخرى يبدأ بالفجر رواها أيضا عمر بن يزيد ونقل ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن صلاة
الليل ما لوتر بعد طلوع الفجر فقال صلها بعد الفجر حتى تكون في وقت تصلي الغداة في اخر وقتها ولا تعمد ذلك كل ليلة وقال اوتر أيضا بعد فراغك منها ثم قال واختلاف
الفتوى دليل التخيير والجمع الذي ذكره حسن الا ان في دلالة صحيحة عمر بن يزيد المذكورة على ما ذكره تأمل فان قوله عليه السلام صلها بعد الفجر محتمل الامرين أحدهما ان يكون المراد صلها
200

بعد صلاة الفجر كما فهمه المحقق وثانيهما ان يكون المراد به صلها بعد طلوع الفجر كما فهمه بعض المتأخرين وزعم دلالتها على جواز الاتيان بها بعد طلوع الفجر على جواز
وما دل على تقديم الفريضة على الأفضلية واثبات ذلك لا يخلو عن اشكال ويمكن الجمع بين الروايات بان يحمل النهي عن المداومة ولعل في قوله اوتر اشعار في ذلك
لما في صيغة المضارع من الدلالة على الاستمرار وفي رواية سليمان بن خالد وعمر بن يزيد اشعار بذلك واعلم أن المشهور بين الأصحاب ان اخر وقت صلاة الليل طلوع الفجر الثاني
والمنقول عن المرتضى ان اخره طلوع الفجر الأول قال في الذكرى ولعله نظر إلى جواز ركعتي الفجر حينئذ والثالث ان دخول وقت صلاة انما يكون بعد خروج وقت أخرى وفيه نظر
لدلالة الأخبار الكثيرة على جوازها إلى اخر الليل وظاهر ان ما قبل طلوع الفجر الثاني من الليل مع ما سيجيئ من أن محل ركعتي الفجر قبل الفجر ومعه وبعده ووقتهما اي ركعتي
الفجر بعد طلوع الفجر الأول ما اختاره المصنف مذهب المرتضى والشيخ في المبسوط وقال الشيخ في النهاية وقتها عند الفراغ من صلاة الليل وإن كان ذلك قبل طلوع الفجر الأول
وهو مذهب ابن بابويه واختاره ابن إدريس وابن البراج وجمهور المتأخرين وقال ابن بابويه كلما قرب من الفجر كان أفضل (وقال في المعتبر ان تأخيرها حتى تطلع الفجر الأول أفضل) والأقرب ما ذهب إليه الأكثر لنا ما رواه الشيخ
في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر قال سألت الرضا عليه السلام عن ركعتي الفجر فقال احشوا بهما صلاة الليل وفي الصحيح عن ابن أبي نصر أيضا قال قلت لأبي الحسن ركعتي الفجر اصليهما
قبل الفجر وبعد الفجر فقال قال أبو جعفر عليه السلام أحشو بهما صلاة الليل وصلتهما قبل الفجر وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول صل ركعتي الفجر قبل الفجر وبعد
وعنده وفي الصحيح عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن ركعتي الفجر متى اصليهما فقال قبل الفجر ومعه وبعده وفي الحسن عليه السلام لإبراهيم بن هاشم عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام
الركعتان اللتان قبل الغداة أين موضعهما فقال قبل طلوع الفجر فإذا طلع الفجر فقد دخل وقت الغداة وفي الصحيح عن عبد الله بن بكير عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال
انما على أحدكم إذا انتصف الليل ان يقوم فيصلي صلاته جملة واحدة ثلث عشرة ركعة ثم إن شاء جلس فدعا وان شاء نام وان شاء ذهب حيث شاء وفي الصحيح عن حماد
بن عيسى عن محمد بن حمزة بن بيض عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن أول وقت ركعتي الفجر قال سدس الليل الباقي ولعله محمول على الفضيلة وفي موثقة زرارة
لابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام وثلث عشرة ركعة من اخر الليل منها الوتر وركعتا الفجر وفي صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وبعد ما ينتصف الليل ثلث عشرة ركعة منها الوتر
ومنها ركعتا الفجر وفي صحيحة الحارث النصري وكان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي ثلث عشرة ركعة من الليل وروى ابن بابويه مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام في وصف صلاة رسول الله ويصلي
ركعتي الفجر قبل الفجر وعنده وبعده ويدل عليه اخبار أخرى وإن كان في أسانيد أكثرها خللا واما مستند الشيخ والمرتضى في أن أول وقتهما طلوع الفجر الأول فلعله صحيحة
عبد الرحمن بن الحجاج قال قال أبو عبد الله عليه السلام صلهما بعد ما يطلع الفجر وصحيحة يعقوب بن سالم البزاز قال قال أبو عبد الله عليه السلام صلهما (بعد الفجر) وحملهما لفظ الفجر على الفجر الأول لتناسب
الاخبار السالفة لكن يبعد هذا الحمل فيما رواه أبو بكر الخضرمي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام فقلت متى أصلي ركعتي الفجر فقال حين يعترض الفجر وهو الذي سمته العرب
الصديع لان الصديع هو الصبح والجواب ان هذين الخبرين معارضان بالأخبار المستفيضة السابقة فيحملان على الفضيلة جمعا بين الاخبار مع امكان المناقشة
في دلالتهما لعدم وضوح مرجع الضمير على أن حمل الخبرين على التقية بعد حمل الفجر على الفجر الثاني كما هو الظاهر حمل حسن لان مذهب جمهور العامة ان هاتين
الركعتين انما تصليان بعد طلوع الفجر الثاني ويؤيد ذلك ما رواه أبو بصير قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام متى أصلي ركعتي الفجر قال فقال لي بعد طلوع الفجر قلت له
ان أبا جعفر عليه السلام امرني ان اصليهما قبل طلوع الفجر فقال يا أبا محمد ان الشيعة اتوا أبي مسترشدين فأفتاهم يمر الحق واتوني (شكاكا) مشكاكا فأفتيتهم بالتقية وهذان الخبران مستند
المحقق في أفضلية التأخير إلى طلوع الفجر الأول ويخدشه قرب احتمال حملها على التقية كما عرفت ويمتد وقت نافلتي الفجر إلى أن يطلع الفجر الحمرة فان طلعت ولم يصلهما
بدا بالفريضة هذا هو المشهور بين الأصحاب ويدل عليه الأخبار الكثيرة السابقة الدالة على جواز فعلهما بعد الفجر فان البعدية مستمرة إلى طلوع الحمرة ويدل على انتهاء
الوقت بذلك صحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر ويظهر الحمرة ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخرهما قال يؤخرهما
وقال ابن الجنيد على ما نقل عنه وقت صلاة الليل والوتر والركعتين من حين انتصاف الليل إلى طلوع الفجر على الترتيب وهو ظاهر اختيار الشيخ في كتابي الاخبار ويدل
عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن ركعتي الفجر قبل طلوع الفجر أو بعد الفجر فقال قبل الفجر (انها) من صلاة الليل ثلث عشرة ركعة صلاة الليل أتريد ان تقايس
لو كان عليك من شهر رمضان أكنت تتطوع إذا دخل عليك وقت الفريضة فابدء بالفريضة (وصحيحة سليمان بن خالد قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام
عن الركعتين قبل الفجر قال تركعهما حتى تنور الغداة انهما قبل الغداة ويدل عليه أيضا حسنة زرارة) وصحيحة ابن أبي نصر السابقتان والجمع بين هذه الأخبار وبين ما دل على
جواز فعلهما قبل الفجر وبعده ممكن بوجهين أحدهما حمل هذه الأخبار على الفضيلة والأخبار السابقة على الجواز والثاني حمل الفجر في الأخبار السابقة على الفجر الأول
والظاهر رجحان الأول على الثاني ويؤيده رواية الحسين بن أبي العلا قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يقوم وقد تنور بالغداة قال فليصل السجدتين اللتين قبل
الغداة (ثم يصل الغداة) وقد يقال في تأويل صحيحة زرارة وجه اخر وهو ان الغرض من ذكر التطوع بالصوم لمن عليه شئ من قضاء شهر رمضان معارضة ما عقله عليه السلام عن زرارة وهو مجادلة
قياس ركعتي الفجر على غيرهما من النوافل المتعلقة بالفرائض من حيث إن الوقت فيها متحد مع وقت الفريضة فيكون وقت ركعتي الفجر بعد طلوع الفجر ودخول وقت
الفريضة وحاصل المعارضة ان اشتغال الذمة بالصوم الواجب مانع من التطوع فيقاس عليه حكم ركعتي الفجر ويقال ان دخول وقت الفريضة بطلوع الفجر يمنع من
الاشتغال بالتطوع فلا مساغ لفعلهما بعد الفجر والمطلوب بهذه المعارضة بيان فساد القياس لا التنبيه على الوجه الصحيح وبهذا الوجه يندفع اشكال المقايسة
المفهوم من الخبر فان اعتبار القياس مما لا خفاء في ثبوت انكاره عن طريقتهم عليهم السلام ويمكن دفع هذا الاشكال بوجهين آخرين أحدهما انه عليه السلام لما علم أن زرارة كثيرا ما يبحث مع
المخالفين ويبحثون معه علمه طريقا لالزامهم على أصولهم وثانيهما ان يكون الغرض تنبيها على اتحاد حكم المسئلتين وتمثيل مسألة مجهولة له بمسألة معلومة وليس المقصود
القياس المصطلح اعلم أنه ذكر الشيخ وجماعة من الأصحاب ان الأفضل اعادتهما بعد طلوع الفجر الأول إذا صلاهما قبل استنادا إلى صحيحة حماد بن عثمان قال قال أبو عبد الله
وبما صليتهما وعلى ليل فان تمت ولم تطلع الفجر أعديهما (أعدتهما) وموثقة زرارة لابن بكير قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول اني لأصلي صلاة الليل فافرغ من صلوتي وأصلي الركعتين
فأنام ما شاء الله قبل ان يطلع الفجر فان استيقظت عند الفجر أعدتهما والروايتان مخصوصتان بصورة النوم بعدهما قبل طلوع الفجر فالاستدلال بهما على الاستحباب
مطلقا محل اشكال مع أن الظاهر من الفجر الفجر الثاني فتعيين الفجر الأول مشكل ويستفاد من هاتين الروايتين عدم كراهية النوم بعد صلاة الليل وقطع الشيخ والمصنف
بالكراهة لما رواه سليمان عن (بن) حفص المروزي قال قال أبو الحسن الأخير إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ولكن ضجعة بلا نوم فان صاحبه لا يحمد على ما قدم من صلاته
وفي طريقه ضعف ويجوز تقديمها على الفجر وقد مر بيان ذلك وقضاء صلاة الليل (أفضل) من تقديمها وهيهنا مسئلتان الأولى يجوز تقديم نوافل الليل على الانتصاف
لمسافر يصده جده أو شاب يمنعه رطوبة رأسه عن القيام إليها في وقتها على المشهور بين الأصحاب ونقل عن زرارة بن أعين المنع من تقديمها على الانتصاف مطلقا وانه قال
201

كيف يقضي صلاة قبل وقتها ان وقتها بعد انتصاف الليل واختاره ابن إدريس والمصنف في المختلف والأقرب الأول لنا ما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح عن ليث المرادي قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الصيف في الليالي القصار صلاة الليل في أول الليل فقال نعم ما رأيت ونعم ما منعت وأضاف إليه ابن بابويه تتمة (متمة) وهي قوله وسألته عن
الرجل يخاف الجنابة في السفر أو في البرد فيعجل صلاة الليل والوتر في أول الليل فقال نعم وروى الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن خشيت ان لا تقوم في اخر الليل
وكانت بك علة أو أصابك برد فصل واوتر من أول الليل في السفر وفي الصحيح على المشهور عن أبان بن تغلب قال خرجت مع أبي عبد الله عليه السلام فيما بين مكة والمدينة فكان
يقول إما أنتم فشباب تؤخرون واما انا فشيخ أعجل فكان يصلي صلاة الليل أول الليل وانما نسبنا صحتها إلى المشهور لان في طريقها محمد بن إسماعيل عن الفضل وقد عرفت
الحال فيه وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن (الصلاة) بالليل في السفر في المحمل إلى أن قال قلت جعلت فداك في أول الليل فقال إذا خفت الفوت في اخره
وهذان الخبران اوردهما الشيخ في باب الصلاة في السفر وفي الصحيح عن يعقوب الأحمر قال سألته عن صلاة الليل في الصيف في الليالي القصار في أول الليل فقال نعم
ما رأيت ونعم ما صنعت ثم قال إن الشباب يكثر النوم فانا امرك به وفي الموثق عن يعقوب بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يخاف الجنابة في السفر أو البرد أيعجل
صلاة الليل والوتر في أول الليلة قال نعم والاخبار في هذا الباب كثيرة قال ابن بابويه وكلما روى من الاطلاق في صلاة الليل من أول الليل فإنما هو في السفر لان المفسر من
الاخبار يحكم على المجمل وفيه نظر لان في اخبار السابقة ما هو واضح الدلالة على تسويغ التقديم في غير السفر ويظهر من بعض الروايات جواز التقديم على الانتصاف مطلقا
مثل ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن عيسى قال كتبت إليه أسأله يا سيدي روى عن جدك أنه قال لا باس بصلاة الليل من أول الليل فكتب في اي وقت صلى فهو جائز
إن شاء الله ورواية سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بصلاة الليل من أول الليل إلى اخره الا ان أفضل ذلك إذا انتصف الليل ورواها الشيخ أيضا في باب صلاة السفر
في الصحيح عن ابن أبي عمير عن جعفر بن بشير عن سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام بتفاوت ما في المتن
ورواية الحسين بن علي بن بلال قال كتبت إليه في وقت صلاة الليل فكتب عند الزوال الليل
وهو نصفه أفضل فان فات فأوله واخره جائز وحسنة محمد بن عذافر انما التطوع بمنزلة الهدية متى ما اتى به قبلت وفي رواية سيف بن عبد الاعلى انما النافلة مثل
الهدية متى ما اتى بها قبلت الثانية نص الأصحاب على أن قضاء النافلة أفضل من التقديم ويدل عليه رواية معاوية بن وهب في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت إن رجلا من
مواليك من صلحائهم شكى إلي ما يلقى من النوم فقال اني أريد القيام للصلاة بالليل فيغلبني النوم حتى أصبح فربما قضيت صلوتي الشهر المتتابع والشهرين اصبر على
ثقله فقال قرة عين له والله ولم يرخص له (في الصلاة) في أول الليل وقال القضاء بالنهار أفضل قلت فان من نسائنا ابكار الجارية تحب الخير وأهله وتحرص على الصلاة
فيغلبها النوم حتى ربما قضت وربما ضعفت عن قضائه وهو تقوى عليه أول الليل فرخص لهن في الصلاة أول الليل إذا ضعفن وضيعن القضاء وروى محمد وهو ابن مسلم في الصحيح
عن أحدهما عليهما السلام قال قلت الرجل من امره القيام بالليل يمضي عليه الليلة والليلتان والثلث لا يقوم فيقضي أحب إليك أم يعجل الوتر أول الليل قال لا بل يقضي وإن كان
ثلثين ليلة وتقضى الفرائض في كل وقت ما لم يتضيق الحاضرة وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء ويدل عليه صحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام فيمن فاته صلوات قال يقضيها
إذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فإذا دخل وقت صلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف ان يذهب وقت هذه الصلاة التي قد حضرت وهذه أحق بوقتها
فليصلها فإذا قضاها فليصل ما قد فاته مما قد مضى ولا يتطوع بركعة حتى تقضى الفريضة كلها وغيرها من الاخبار والنوافل ما لم يدخل وقتها اي وقت الفريضة ولعل
المراد بالنوافل غير المرتبة كما نقل الصريح به عنهم والمنقول عن الشيخان (الشيخين) واتباعهما المنع من قضاء النافلة مطلقا وفعل ما عدا الراتبة من النوافل في أوقات الفرائض
وأسنده في المعتبر إلى علمائنا وذهب جماعة منهم الشهيدان وابن الجنيد من المتقدمين إلى الجواز وهو أقرب احتج أصحاب القول الأول بروايات منها رواية محمد بن مسلم
عن أبي جعفر عليه السلام قال قال لي رجل من أهل المدينة يا أبا جعفر مالي لا أراك تطوع بين الأذان والإقامة كما يصنع الناس قال فقلت انا إذا أردنا ان نتطوع كان تطوعنا
في غير وقت فريضة فإذا دخلت الفريضة فلا تطوع ورواية سيف بن عميرة عن أبي بكر عن جعفر بن محمد عليه السلام قال إذا دخل وقت صلاة مفروضة فلا تطوع ورواية أديم بن
الحر قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا يتنفل الرجل إذا دخل وقت (فريضة) قال وقال إذا دخل وقت فريضة فأبدأ بها والكل مشترك في قصور الاسناد لاشتمال سند الرواية
الأولى والأخيرة على الطاطري وعبد الله بن جبله وهما واقفيان والثانية على أبي بكر الحضرمي ولم يثبت بتوثيقه ويقرب منها ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار عن نجيه قال
قلت لأبي جعفر عليه السلام تدركني الصلاة أو يدخل وقتها فابدء بالنافلة قال فقال أبو جعفر عليه السلام لا ولكن ابدا (بالمكتوبة) واقض النافلة وهذه الرواية ضعيفة والأولى الاستدلال
عليه بصحيحة زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام أصلي نافلة وعلي فريضة أو في وقت فريضة قال لا انه لا يصلي نافلة في وقت فريضة أرأيت لو كان عليك من شهر رمضان أكان لك
ان تتطوع حتى تقضيه قال قلت لا قال فكذلك الصلاة قال فقايسني وما كان ما يقايسني وقد مر عند شرح كلام المصنف فان طلعت ولم يصلهما صحيحة أخرى لزرارة فيه دلالة
على ما ذكره وبصحيحة الآتية الطويلة عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى تبدأ بالمكتوبة وبما رواه حريز في كتابه عن
زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام لا تصل من النافلة شيئا في وقت الفريضة فإنه لا يقضي نافلة في وقت فريضة (فإذا دخل وقت فريضة فأبدأ بالفريضة قال) وقال أبو جعفر عليه السلام انما جعلت القدمان والأربع والأذرع
والذراعان وقتا لمكان النافلة نقل عن ذلك ابن إدريس عن كتاب حريز والجواب سيجيئ ان المراد بوقت الفريضة في هذه الأخبار وقت فضيلة الفريضة وهو ما بعد
الفراغ من النافلة أو ما بعد الذراع والذراعين على ما سيجيئ بيانه مستوفى ومن تتبع الأحاديث ونظر في الاخبار يعلم أن مرادهم عليهم السلام بقولهم وقت الفريضة أو أدركت
الصلاة أو حضر وقتها في أكثر الأوقات حضور الوقت المقرر لها على جهة الفضيلة فحمل هذه الأخبار على هذا غير بعيد بل المستأنس بسياق الاخبار لا يتوقف في
رجحان ذلك على أنه لو حمل على وقت الأجزاء يلزم التخصيص ولا خفاء في أن السلامة عنه مرجح ظاهر واضح وعلى هذا فلا دلالة في هذه الأخبار على عموم الحكم وعلى تقدير
حمل وقت الفريضة على ما بعد الذراع والذراعان كما اطلق ذلك في عدة من الاخبار لا يبعد حمل التطوع فيما عد الخبر الأول على النوافل المرتبة كما لا يخفى على المتأمل
في الأحاديث فينتفى العموم من هذه الجهة ثم هذه الأخبار محمولة على الأفضلية ويدل على ذلك ما رواه الشيخ والكليني في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن محمد بن مسلم قال قلت
لأبي عبد الله عليه السلام إذا دخل وقت الفريضة (أتنفل) أو ابدا بالفريضة قال إن الفضل ان تبدأ بالفريضة وانما أخرت الظهر ذراعا من عند الزوال من أجل صلاة الأوابين
والظاهر أن المراد بوقت الفريضة في هذا الخبر ما بعد الذراع والذراعين في الظهر والعصر مثلا كما نطقت به الأخبار الكثيرة الدالة على أنه أول الوقت المحمولة على
الفضيلة أو معنى اخر سيجيئ بيانه جمعا بينها وبين غيرها من الأخبار الكثيرة الدالة على أن أول وقت الأجزاء الزوال وفي قوله انما أخرت الظهر تنبيه واضح عليه وهو بمعنى
ظاهر في صحيحة زرارة المتضمنة لان وقت الظهر بعد ذراع والعصر بعد ذراعين حيث قال فيه انما جعل الذراع والذراعان لمكان النافلة فان المراد بصلاة الأوابين
202

نوافل الأولى على ما دلت عليه الأخبار الكثيرة فان قلت الخبر الحسن لا يصلح لمعارضة الأخبار الصحيحة وارتكاب التأويل فيها قلت قد أشرنا مرارا إلى أن حمل الأوامر وما يقرب
منها مما كان في معناها على الرجحان المطلق في اخبارنا حمل واضح لا بعد فيه ويكفى في ارتكابه أو في سبب بلا تكلف يعتريه فلا فساد فيه إذا اقتضاه خبر معتبر فان
قلت الظاهر من التنفل في هذا الخبر الاتيان بالنوافل المرتبة واما في خبر محمد بن مسلم المذكور أولا فالظاهر من التطوع فيه أعم من ذلك فيبقى المنع فيه فيما عدا رواية سالما
عن المعارض فلا يلزم حمله على الأفضلية قلت هذا الخبر معارض لظاهر الخبر السابق على جهة العموم ويمكن التأويل فيه بوجهين أحدهما تخصيصه بما عدا رواية وثانيهما
تعميمه بالنسبة إليها وحمل النفي فيها على الأفضلية وغير خاف رجحان الثاني على الأول والمعنى الذي ذكرناه لدخول وقت الفريضة تبعا لبعض محققي المتأخرين قد ذكره
الشيخ في التهذيب وبينه وذكر هذه الشبهة وأجاب عنها بما ذكرنا حيث قال فان قيل قد ذكرتم انه إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الفرض ثم قلتم ان البداية بالنوافل أفضل و
هذا ينافي ما روى في الاخبار انه لا تطوع في وقت فريضة ثم نقل رواية محمد بن مسلم المذكورة ورواية أخرى عن زياد أبي عتاب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إذا حضرت
المكتوبة فابدأ بها فلا يضرك ان تترك ما قبلها من النافلة ثم قال وما قدمتموه من الاخبار أيضا من أن أول الوقت
أفضل يؤكد هذه الأخبار فكيف يجمعون (يجمع) بين هذه
وتلك قلنا إما الذي تضمنه الاخبار التي قدمناها من أن الصلاة في أول الوقت أفضل فهي محمولة على الوقت الذي يلي النوافل (فان النوافل) انما يجوز تقديمها إلى أن يمضي مقدار
قدمين أو ذراع فإذا مضى ذلك المقدار فلا يجوز الاشتغال بالنوافل بل ينبغي ان يبدأ بالفرض ويكون ذلك الوقت أفضل من الوقت الذي بعده وهو وقت المضطر و
صاحب الاعذار (وكل ذلك قد اوردنا فيه الاخبار ثم نقل اخبار أخرى دالة عليه) ثم قال فان قيل الاخبار التي تضمنت ان أول الوقت أفضل عامة وليس فيها تخصيص الوقت الذي ذكرتموه فمن أين قلتم ذلك وهلا حملتموها على العموم و
قيل له حملنا ذلك على ما قلناه لئلا تتناقض الاخبار وقد ورد أيضا بشرحها اثار ثم نقل رواية دالة على بيان ان أفضل وقت الظهر ما كان بعد الذراع ثم قال بعد ذلك
فاما ما تضمنه الاخبار التي قدمناها من أنه لا تطوع في وقت فريضة فمحموله على أنه لا تطوع في وقت فريضة قد تضيق وقتها أو في وقت فريضة لم يشرع فعل النافلة
فيه على ما بيناه من أنه إذا مضى من الزوال قدمان أو قدم ونصف فلا نافلة وينبغي ان يبدأ بالفريضة وعلى هذا لا تنافي بين الاخبار ثم نقل اخبار دالة عليه ثم قال
فان قيل قد نراكم رتبتم الأوقات بعضها على بعض وجعلتم لبعضها فضلا على بعض وقد روى أن ذلك كله سواء ثم نقل اخبارا دالة على التوسعة ثم قال قيل له ليس في
الاخبار ما ينافي ما قدمناه لان قوله عليه السلام كل ذلك واسع محمول على أن ذلك كله جائز قد سوغته الشريعة وإن كان لبعضها فضل على بعض وليس في الخبران ذلك كله
واسع متساو في الفضل ويجوز ان يكون سوغ ذلك لهم لضرب من التقية والاستصلاح وأورد خبرا دالا عليه انتهى وقد غفل عن هذا المعنى جماعة من المتأخرين
حتى نقل صاحب المنتقى (المنتهى) عن بعض معاصريه انه يرى ايثار تقديم الفريضة على النافلة في أول الوقت من حسنة محمد بن مسلم المذكورة وأشباهه ومما يقتضى حمل الأخبار السابقة
على الأفضلية ما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يأتي المسجد وقد صلى أهله أيبتدأ بالمكتوبة أو يتطوع فقال إن كان في وقت
حسن فلا باس بالتطوع قبل الفريضة وإن كان خاف الفوت من أجل ما مضى في (من) الوقت فليبدء بالفريضة وهو حق الله ثم ليتطوع ما شاء الامر موسع ان يصلي
الانسان في أول وقت الفريضة والفضل ان صلى الانسان وحده ان يبدأ بالفريضة إذا دخل وقتها ليكون فضل أول الوقت للفريضة وليس بمحظور عليه ان
يصلي النوافل من أول الوقت إلى قريب من اخر الوقت ورواه الكليني في الكافي بتفاوت ما وفيه موسع ان يصلي الانسان في أول دخول وقت الفريضة بالنوافل الا ان يخاف
فوت الفريضة وما رواه الشيخ (والكليني) في الموثق عن إسحاق بن عمار قال قلت أصلي في وقت فريضة نافلة قال نعم في أول الوقت إذا كنت مع امام يقتدى به فإذا كنت وحدك فابدء
بالمكتوبة ومما يدل على جواز النافلة في وقت الفريضة ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن مسكان ومحمد بن النعمان الأحول عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا دخل المسافر مع
أقوام حاضرين في صلاتهم فإن كانت الأولى فليجعل الفريضة في الركعتين الأوليين وإن كانت العصر فليجعل الأوليين نافلة والأخيرتين فريضة اوردها الشيخ
في باب القضاء من التهذيب وما رواه الكليني في باب الرجل يصلي وحده ثم يعيد في الجماعة في الصحيح عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل دخل المسجد وافتتح
الصلاة فبينها وهو قائم يصلي إذا اذن المؤذن وأقام الصلاة قال فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الامام ولتكن الركعتان تطوعا ومما يؤيد ذلك
الأخبار الكثيرة الدالة على شرعية خمس صلوات في كل وقت من جملتها الفائتة وهي أعم من المندوبة ومن جملتها صلاة الاحرام وهي مندوبة ويجئ بعض تلك الأخبار
عند شرح قول المصنف ويترتب الفائتة على الحاضرة ويمكن الجمع بين الاخبار بوجه آخر وهو ان يقال بتخصيص النهي الواقع على التنفل بعد دخول وقت الفريضة
بما إذا كان المقيم قد شرع في الإقامة كما تدل عليه صحيحة عمر بن يزيد انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرواية التي يروون انه لا ينبغي ان يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا
الوقت قال إذا اخذ المقيم في الإقامة فقال له الناس يختلفون في الإقامة قال المقيم الذي تصلي معه والشهيد في الذكرى استشهد برواية محمد بن مسلم وسماعة وإسحاق بن
عمار على جواز النافلة مطلقا لمن عليه فريضة وأنت خبير بان الاخبار الثلاثة غير عامة في النوافل مطلقا فلا تنهض باثبات المدعى كلية والتحقيق ان النوافل المرتبة يجوز الاتيان
بها في أول وقت الأجزاء وهو ما قبل الذراع والذراعين على ما مر وما في وقت فضيلة الفريضة بها الفضل (فالأفضل) تقديم الفريضة ويجوز النافلة مرجوحة بالنسبة إلى الاتيان
بالفريضة لا مطلقا فلا يرد ان العبادة لا تكون الا راجحة والدليل عليه الاخبار الثلاثة المذكورة وعموم ما دل على شرعية النوافل في كل وقت وما دل على شرعيتها قبل الفريضة
كما في الظهرين والصبح أو بعدها كما في المغرب وقد مر من الأخبار الدالة على قدر صالح واما قضاء النوافل فكذلك للاخبار الكثيرة الدالة على شرعيتها في كل وقت
كصحيحة حسان بن مهران قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قضاء النوافل قال ما بين طلوع الشمس إلى غروبها وصحيحة ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول صلاة النهار
يجوز قضاؤها اي ساعة شئت من ليل أو نهار (وحسنة الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال اقض صلاة النهار اي ساعة شئت من ليل أو نهار) ورواية محمد بن يحيى حبيب قال كتبت إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام تكون على الصلاة النافلة متى اقضيها فكتب في اي ساعة شئت
من ليل أو نهار وكصحيحة عبد الله بن المغيرة قال سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الرجل يفوته الوتر قال يقضيه وترا ابدا وقريب منه موثقة زرارة وموثقة سليمان بن خالد وموثقة
أخرى لسليمان بن خالد قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قضاء الوتر بعد الظهر فقال اقضه وترا ابدا وموثقة الفضل قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول تقضيه من النهار ما لم تزل
الشمس وترا فإذا زالت الشمس فمثنى مثنى وقريب منه موثقة أبي بصير ورواية كردويه ومنها صحيحة علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل يفوته الوتر من الليل قال
يقضيه وترا متى ما ذكر وان زالت الشمس وبعضها تدل على قضاء نوافل النهار في النهار ونوافل الليل في الليل وهي أيضا يفند المدعى بعمومها كحسنة معاوية بن عمار
وموثقة إسماعيل الجعفي وأظهر منها دلالة صحيحة محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يفوته صلاة النهار قال يقضيها ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء وحسنة
الحلبي لإبراهيم بن هاشم قال سئل أبو عبد الله عن رجل فاته صلاة النهار متى يقضيها قال متى ما شاء ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء وأظهر منها دلالة
203

موثقة أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان فاتك شئ من تطوع النهار والليل فاقضه عند زوال الشمس وبعد الظهر عند العصر وبعد المغرب وبعد العتمة ومن اخر السحر وما
رواه الحميري في كتاب قرب الإسناد باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام وسألته عن رجل نسى صلاة الليل والوتر ويذكر إذا قام في صلاة الزوال قال ابتدء بالزوال فإذا
صلى صلاة الظهر صلى صلاة الليل واوتر ما بينه وبين صلاة العصر أو متى أحب ومن ذلك الأخبار الدالة على شرعية خمس صلوات في كل وقت كما أشرنا إليه وكذلك الحكم في
باقي النوافل لعموم ما دل على شرعيتها من غير ثبوت تخصيص فان الاخبار التي تتوهم صلاحيتها لذلك قد مر الوجه فيها وانها محمولة على معاني لا يصلح لمعارضة تلك العمومات
سالمة عن المعارض ولخصوص الأخبار الدالة على شرعية كثير منها في أوقات الفرائض مثل الصلوات الواردة بين الظهر والعصر خصوصا يوم الجمعة وبين المغرب والعشاء
كصلاة الغفيلة وغيرها وكذا صلاة الرغائب ونافلة رمضان فان بعضها ما بينهما وغيرها مما يشتمل عليها كتب الأدعية وغيرها الثانية اختلف الأصحاب في جواز التنفل لمن عليه
فائته فالأكثر على المنع ومنهم المصنف في المختلف وأكثر المتأخرين وقيل بالجواز وهو اختيار ابن بابويه وابن الجنيد والشهيدين وهو أقرب لنا مضافا إلى العمومات الدالة على شرعيتها
في كل وقت ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله وقد تغلبته عيناه فلم يستيقظ حتى إذا (اذاه حر الشمس) طلع الشمس ثم استيقظ فعاد
نادية ساعة وركع ركعتين ثم صلى الصبح النادي هم القوم المجتمعون قاله ابن الأثير وما رواه الصادق في الفقيه (في الصحيح) عن الحسن بن محبوب عن الرباطي عن سعيد الأعرج قال سمعت أبا عبد الله
يقول إن الله تبارك وتعالى أنام رسول الله صلى الله عليه وآله عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس ثم قام فبدء فصلى الركعتين اللتين قبل الفجر ثم صلى الفجر إلى اخر الخبر وما رواه زرارة
في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل وقت صلاة مكتوبة فلا صلاة نافلة حتى يبدأ بالمكتوبة قال فقدمت الكوفة فأخبرت الحكم بن عتيبة وأصحابه فقبلوا
ذلك مني فلما كان في القابل أتيت أبا جعفر عليه السلام فحدثني ان رسول الله صلى الله عليه وآله عرس في بعض أسفاره وقال من يكلؤنا فقال بلال انا فنام بلال وناموا حتى طلعت الشمس فقال يا
بلال (ما أرقدك فقال يا رسول الله اخذ بنفسي ما اخذ أنفاسكم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله قوموا فتحولوا عنه مكانكم الذي أصابكم فيه الغفلة قال يا بلال) اذن
فاذن فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله ركعتي الفجر ثم قام فصلى بهم الصبح ثم قال من نسي شيئا من الصلاة فليصلها إذا ذكرها فان الله تعالى يقول أقم الصلاة لذكري قال زرارة
فحملت الحديث إلى الحكم وأصحابه فقال قد نقضت حديثك الأول فقدمت على أبي جعفر عليه السلام فأخبرته بما قال القوم فقال يا زرارة الا أخبرتهم فإنه قد فات الوقتان جميعا و
ان ذلك كان قضاء من رسول الله صلى الله عليه وآله قوله من عرس بتشديد الراء اي نزل في اخر الليل للاستراحة ويكلؤنا بالهمزة اي يحرسنا ولفظة ما في قوله ما أرقدك استفهامية
ويحتمل على بعد كونه تعجبية اي ما أكثر نومك وقوله اخذ بنفسي يحتمل ان يكون بسكون الفاء ويحتمل ان يكون بفتح الفاء ويكون المراد بالنفس الصوت ويكون انقطاع
الصوت كناية عن النوم قال الشهيد في الذكرى بعد نقل هذا الخبر وفيه فوائد منها استحباب ان يكون القوم حافظ إذا ناموا صيانة لهم عن هجوم ما يخاف منه ومنها ما تقدم من أن
الله تعالى أنام نبيه ليعلم أمته ولئلا يعتبر بعض الأمة بذلك ولم اقف على دار لهذا الخبر من حيث توهم القدح في العصمة به ومنها ان العبد ينبغي ان يتفال بالمكان و
الزمان بحسب ما يصيبه فيهما من خير وغيره ولهذا تحول النبي صلى الله عليه وآله إلى مكان اخر ومنها استحباب الاذان للفائتة كما يستحب للحاضرة وقد روى العامة عن أبي قتادة وجماعه من
الصحابة في هذه الصورة ان النبي صلى الله عليه وآله أمر بلالا فاذن فصلي ركعتي الفجر ثم امره فأقام فصلى صلاة الفجر ومنها استحباب قضاء السنن ومنها جواز فعلها لمن عليه قضاء وإن كان
قد منع منه أكثر المتأخرين وقد تقدم حديث اخر فيه ومنها شرعية الجماعة في القضاء كالأداء ومنها وجوب قضاء الفائتة لفعله عليه السلام ووجوب التأسي به وقوله فليصلها ومنها
ان وقت قضاءها ذكرها ومنها ان المراد بالآية ذلك ومنها الإشارة إلى المواسعة في القضاء وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن عثمان عن سماعة عن أبي بصير عن أبي عبد الله
قال سألته عن رجل نام على الغداة حتى طلعت الشمس فقال يصلي ركعتين ثم يصلي الغداة قال الشيخ بعد نقل هذا الخبر والخبر الأول المعنى فيهما انه انما يجوز التطوع ركعتين
ليجتمع الناس الذين فاتتهم الصلاة ليصلوا جماعة كما فعل النبي صلى الله عليه وآله فاما إذا كان الانسان وحده فلا يجوز ان يبدأ بشئ من التطوع أصلا وهذا التأويل في الرواية
الأخيرة بعيد جدا وحكى في الذكرى عن بعض الأصحاب الإشارة إلى امكان ان يكون الخبر المروى عن النبي صلى الله عليه وآله من المنسوخ وفيه عدول عن الظاهر من غير ضرورة وما نقله ابن
طاوس في بعض مصنفاته عن حريز بن عبد الله عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له رجل عليه دين من صلاة قام يقضيه فخاف ان يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلة تلك قال
يؤخر القضاء ويصلي صلاة ليلته تلك ومما يؤيد ما اخترناه قول أبي عبد الله عليه السلام في موثقة عمار الساباطي فإذا أردت ان تقضي شيئا من الصلاة مكتوبة أو غيرها فلا تصل
شيئا حتى تبدأ فتصلي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة لها ثم اقض ما شئت وحجة القائلين بالمنع قول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة السابقة ولا يتطوع بركعة حتى
يقضى الفريضة كلها ولصحيحة زرارة السابقة المشتملة على قياس الصلاة بالصوم والجواب عن الأول انه محمول على الفضيلة جمعا بين الأدلة وعن الثاني بهذا الوجه وبان
المتبادر من وقت الفريضة ودخول وقت الفريضة وقت الأداء ودخوله فلا تنهض حجة في حكم القضاء وقوله على فريضة وإن كان ظاهرا في العموم بالنسبة إلى
الأداء والقضاء لكن وقوع الرواية على هذا الوجه غير معلوم لمكان الترديد وعلى هذا فالمراد بقوله عليه السلام لو كان عليك من شهر رمضان الأداء لا القضاء وهذا هو الجواب
عن بقية الأخبار السابقة ان تمسك بها متمسك ويكره ابتداء النوافل عند طلوع الشمس حتى ترتفع ويذهب الحمرة ويذهب شعاعها وغروبها اي ميلها إلى الغروب
وهو اصفرارها حتى يكمل الغروب بذهاب الحمرة المشرقية وقيامها في وسط النهار إلى أن يزول ويأخذ الظل في الزيادة الا يوم الجمعة إذ لا يكره فيه الصلاة عند
قيام الشمس وكذا يكره ابتداء النوافل بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس عدا ذي السبب ما ذكره المصنف مذهب أكثر الأصحاب وهو اختيار
الشيخ في المبسوط وقال في الخلاف الاخبار التي يكره فيها الصلاة خمسة وقتان يكره الصلاة لأجل الفعل بعد طلوع الفجر إلى طلوع الشمس وبعد العصر إلى غروبها وثلاثة لأجل الوقت
عند طلوع الشمس وعند قيامها وعند غروبها والأول انما يكره ابتداء الصلاة فيه نافلة فاما كل صلاة لها سبب من قضاء الفريضة أو نافلة أو تحية مسجد أو
صلاة زيارة أو صلاة احرام أو صلاة طواف أو نذر أو صلاة كسوف أو جنازة فإنه لا باس به ولا يكره واما ما نهى فيه لأجل الوقت فالأيام والبلاد والصلوات فيه
سواء الا يوم الجمعة فان له ان يصلي عند قيامها النوافل قال ومن أصحابنا من قال التي لها سبب مثل ذلك وقال في النهاية ومن فاته شئ من صلاة النوافل فليقضها
اي وقت شاء من ليل أو نهار ما لم يكن وقت فريضة أو عند طلوع الشمس وغروبها فإنه يكره صلاة النوافل في هذين الوقتين وقد وردت رواية بجواز النوافل في
هذين الوقتين اللذين ذكرناهما فمن عمل بها لم يكن مخطئا لكن الأحوط ما ذكرناه فصرح بكراهة النوافل أداء وقضاء في الوقتين من غير استثناء وبه صرح المفيد في
المقنعة وعن ابن أبي عقيل لا نافلة بعد طلوع الشمس إلى الزوال وبعد العصر إلى أن تغيب الشمس الا قضاء السنة فإنه جائز فيهما والا يوم الجمعة وقال ابن الجنيد على
ما نقل عنه ورد النهي عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن الابتداء بالصلاة عند طلوع الشمس وغروبها وقيامها نصف النهار الا يوم الجمعة في قيامها وعن الجعفي كراهة الصلاة في
الأوقات الثلاثة الا القضاء وعن المرتضى ومما انفردت الامامية كراهية صلاة الضحى فان التنفل بالصلاة بعد طلوع الشمس إلى الزوال محرمة الا يوم الجمعة خاصة قال في
204

الذكرى وكانه عنى به يعنى بالتنفل صلاة الضحى لذكرها من قبل وجوز في الناصرية ان يصلي في الأوقات المنهى عن الصلاة فيها كل صلاة لها سبب متقدم والأصل في
هذه المسألة الروايات المستفيضة من طريق العامة والخاصة كصحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال يصلي على الجنازة في كل ساعة انها ليست بصلاة ركوع وسجود و
انما تكره الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها التي فيها الخشوع والركوع والسجود لأنها تغرب بين قرني شيطان وتطلع بين قرني شيطان قيل قرني الشيطان
حزب الشيطان وهم عبدة الشمس يسجدون لها في هذه الأوقات وعن بعض العامة ان الشيطان يدنى (رأسه) من الشمس في هذه الأوقات ليكون الساجد للشمس ساجدا
له وروى الكليني عن إبراهيم بن هاشم رفعه قال قال رجل لأبي عبد الله عليه السلام الحديث الذي روى عن أبي جعفر عليه السلام ان الشمس تطلع بين قرني شيطان قال نعم ان إبليس اتخذ عرشا
بين السماء والأرض فإذا طلعت الشمس وسجد في ذلك الوقت الناس قال إبليس لشياطينه بني ادم يصلون لي وعن أبي الحسن الثاني عليه السلام ان الشيطان يقارن الشمس في
ثلثة أحوال إذا ذرت وإذا كبدت وإذا غربت وصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا صلاة نصف النهار الا يوم الجمعة ورواية معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
قال لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن الشمس بين قرني شيطان وقال لا صلاة بعد العصر حتى يصلي المغرب وفي طريق الخبرين الطاطري
وهو واقفي شديد العناد وهذه الروايات شاملة للصلوات الفرائض والنوافل مطلقا واستثنى منها الفرائض لعموم ما دل على الاذن في صلاة الفرائض في كل وقت كقول
أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة أربع صلوات يصليها الرجل في كل ساعة وعد الصلاة الفائتة وصلاة الكسوف والطواف والأموات وفي صحيحة معاوية بن عمار خمس
صلوات لا تترك على حال وعد هذه الأربع مع صلوه الاحرام وفيها فصل إذا ذكرت وفي صحيحة زرارة يقضيها إذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فان قلت
النسبة بين هذه الأخبار والأخبار السابقة الدالة على المنع عموم من وجه فجاز ان يكون كل منهما مخصصا للأخرى فما وجه ترجيح ما ذكرتم من امكان الجميع بحمل
هذه الأخبار على الجواز المطلق وهو لا ينافي الكراهة قلت المرجح كثرة هذه الأخبار وتأييدها بالشهرة وعمل الأصحاب وقوة ظهورها في العموم وظهورها في
الجواز من غير باس وكراهة واعتضادها بما صرح فيه بالتعميم بالنسبة إلى ما بعد الغداة وما بعد العصر في رواية أبي بصير لكن ينافي ذلك اخبار كثيرة مثل ما رواه أبو
بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل ولم يصل المغرب والعشاء أو نسي فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما فليصلهما وان خشى ان يفوته إحديهما فليبدأ بالعشاء
الآخرة وان استيقظ بعد الفجر فليصل المغرب ويدع العشاء حتى تطلع الشمس وتذهب شعاعها ثم ليصلها وفي رواية الحسن بن زياد عن أبي عبد الله عليه السلام ان الذاكر ظهرا منسية
في أثناء العصر يعدل ولو ذكر مغربا في أثناء العشاء صلى المغرب بعدها ولا يعدل لان العصر ليس بعدها صلاة وفي صحيحة
ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس وحمل الشيخ هذه الأخبار على التقية ويمكن القول بتعين ذلك بمعونة عمل الأصحاب وفي
صحيحة زرارة الطويلة الواردة في تفصيل القضاء أيها ذكرت فلا تصلها الا بعد شعاع (الشمس) ويمكن حمله على التقية أيضا واما استثناء قضاء ذي السبب فيدل عليه تظافر الروايات
بقضاء النافلة في كل وقت كحسنة الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله عليه السلام قال اقض صلاة النهار اي ساعة شئت من ليل أو نهار كل ذلك سواء ويمكن الحاق هذه الرواية بالحسن
والحكم بتوثيق الحسين لما أشرنا إليه في كتاب الطهارة وصحيحة علي بن بلال قال كتبت إليه في قضاء النافلة من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس ومن بعد العصر إلى أن تغيب الشمس
فكتب لا يجوز ذلك الا للمقتضى فاما لغيره فلا وما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن النضر وابن أبي نصر في بعض أسانيدهما قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن القضاء قبل طلوع الشمس
وبعد العصر قال نعم فإنه من سر آل محمد صلى الله عليه وآله وفي الصحيح عن ابن أبي يعفور قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام في قضاء صلاة الليل والوتر يفوت الرجل يقضيها بعد صلاة الفجر وبعد العصر
قال لا باس بذلك وعن محمد بن فرج قال كتبت إلى العبد الصالح أسأله عن مسائل فكتب إلي وصل بعد العصر من النوافل ما شئت وصل بعد الغداة من النوافل ما شئت
وعن جميل بن دراج قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن قضاء صلاة الليل بعد الفجر إلى طلوع الشمس قال نعم وبعد العصر إلى الليل فهو من سر آل
محمد المخزون وعن سليمان بن هارون قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن قضاء الصلاة بعد العصر قال انما هي النوافل فاقضها متى شئت ويشترك هذه الأخبار الأربعة في الضعف لكنها
مؤيدات ويؤيد ما ذكرناه أيضا حسنة الحلبي قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن رجل فاتته صلاة النهار متى يقضيها قال متى ما شاء ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء و
عن أبي بصير بسند معتبر قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان فاتك شئ من تطوع النهار والليل فاقضه عند زوال الشمس الحديث ولا يخفى انه لم يستفد ومن هذه الأخبار عدم كراهة
القضاء في وقت طلوع الشمس وغروبها الا بعموم هذه الأخبار والنسبة بينها وبين ما دل على الكراهة عموم من وجه وكلا المتعارضين قابل للتخصيص فترجيح أحد الطرفين (على الأخرى)
يحتاج إلى دليل واما استثناء ذي السبب فاستدل عليه بان شرعية ذي السبب عامة وإذا تعارض العمومات وجب الجمع والحمل على غير ذوات الأسباب وجه جمع ويرد عليه ما ذكرنا
من عدم انحصار طريق الجمع في هذا وقد يقال يكفي في المرجح تطرق التخصيص إلى عموم ما دل على الكراهة بمطلق الفرائض وقضاء النوافل واعتضاد عموم شرعية ذي السبب باطلاق
ما دل على رجحان الصلاة وفيه تأمل لان ما دل على الاذن أيضا مخصص بعدم اشتغال الذمة بالواجب المضيق أيضا ويمكن الترجيح باعتبار الكثرة فان ارتكاب التخصيص في
اخبار قليلة أولي من ارتكابه في الأخبار الكثيرة ولا يخفى ان ظاهر الصدوق التوقف في أصل هذه المسألة فإنه قال وقد روى نهى عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها
لان الشمس تطلع بين قرني الشيطان (وتغرب بين قرني الشيطان) الا انه روى لي جماعة من مشايخنا عن أبي الحسين محمد بن جعفر الأسدي (رضي الله عنه) انه ورد عليه فيما ورد من جواب مسائله من محمد بن عثمان العمري
قدس الله روحه واما ما سالت عنه من الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فلئن كان كما يقول الناس ان الشمس تطلع بين قرني شيطان وتغرب بين قرني شيطان
فما ارغم أنف الشيطان بشئ أفضل من الصلاة فصلها وارغم أنف الشيطان انتهى ولا يبعد العمل بهذا الخبر فان قوله روى لي جماعة من مشايخنا يدل على استفاضة عنده
ومحمد بن جعفر الأسدي ثقة ومن الظاهر أن الجواب عن الإمام عليه السلام لا من محمد بن عثمان على ما هو معلوم من دأبهم وقد صرح بذلك في كتاب اكمال الدين وكذا الطبرسي في كتاب
الاحتجاج فما قاله بعض المتأخرين ولولا قطع الرواية ظاهر التعين المصير على ما تضمنته محل نظر وحينئذ تحمل اخبار النهي على التقية لموافقتها لمذهب العامة واخبارهم وقد
حكى عن الشيخ الثقة الجليل أبو جعفر محمد بن النعمان انه أكثر في كتابه المسمى افعل لا تفعل من التشنيع على العامة في روايتهم ذلك عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقال إنهم كثيرا ما يخبرون عن
النبي صلى الله عليه وآله بتحريم شئ وبعلة تحريمه وذلك العلة خطا لا يجوز ان يتكلم بها النبي صلى الله عليه وآله ولا يحرم الله من قبلها شيئا فمن ذلك ما اجمعوا عليه من النهي عن الصلاة في وقتين
عند طلوع الشمس حتى يلتام طلوعها وعند غروبها فلولا علة النهي انها تطلع وتغرب بين قرني الشيطان لكان ذلك جائزا فإذا كان اخر الحديث موصولا بأوله و
اخره فاسد فسد الجميع وهذا جهل من قائله والأنبياء لا تجهل فلما بطلت هذه الرواية بفساد اخر الحديث ثبت ان التطوع جائز فيهما وان الوقت أفضل على المشهور بين
الأصحاب وقد مر نقل القول بالوجوب وتكلمنا عليه والدليل على فضل الصلاة في أول الوقت اخبار كثيرة كقول الصادق عليه السلام في صحيحة معاوية بن عمار أو ابن وهب لكل صلاة
205

وقتان وأول الوقت أفضله وقوله عليه السلام في صحيحة محمد بن مسلم إذا دخل وقت صلاة فتحت أبواب السماء لصعود الأعمال فما أحب ان يصعد عمل أول من عملي ولا يكتب
في الصحيفة أحد أول مني وقوله عليه السلام في صحيحة بكر بن محمد لفضل الوقت الأول على الأخير خير للمؤمن من ماله وولده وروى زرارة في الصحيح قال قلت لأبي جعفر عليه السلام
أصلحك الله وقت كل صلاة أول الوقت أفضل أو وسطه أو اخره فقال أوله قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله يحب من الخير ما يعجل وروى سعد بن أبي خلف في الصحيح عن أبي
الحسن قال الصلوات المفروضات في أول وقتها إذا أقيم حدودها أطيب ريحا من قضيب الأس حين يؤخذ من شجره في طيبه وريحه وطراوته فعليكم بالوقت الأول
الا فيما يستثنى وهو مواضع تأخير الظهر والعصر للمتنفل بمقدار ما يصلي النافلة على المشهور بين الأصحاب وذهب بعض محققي المتأخرين إلى استحباب تأخير الظهر بمقدار
ما يمضى من أول الزوال ذراع من الظل وفي العصر ذراعان وللأول رجحان ما وإن كانت الاخبار شديدة الاختلاف جدا فما يدل على الأول رواية عيسى بن أبي
منصور الصحيحة على الظاهر قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام إذا زالت الشمس فصليت سبحتك فقد دخل وقت الظهر ويحمل على وقت الفضيلة جمعا بينها وبين ما دل على أن
أول وقت الأجزاء زوال الشمس وصحيحة محمد بن أحمد بن يحيى السابقة عند شرح قول المصنف ووقت نافلة الظهر وما رواه الكليني في الصحيح عن عمر بن حنظلة ومنصور
ابن حازم قالوا كنا نقيس الشمس بالمدينة بالذراع فقال أبو عبد الله عليه السلام الا أنبئكم بابين من هذا إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة
وذلك إليك ان شئت طولت وان شئت قصرت وفي الحسن لإبراهيم بن هاشم عن ذريح المحاربي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام متى أصلي الظهر فقال صل الزوال ثمانية
ثم صل الظهر ثم صل سبحتك طولت أو قصرت ثم صل العصر وما رواه الشيخ في الصحيح عن الحرث بن المغيرة النضري وعمر بن حنظلة (ومنصور بن حازم) قالوا كنا نعتبر الشمس بالمدينة
بالذراع فقال أبو عبد الله عليه السلام الا أنبئكم بابين من هذا قلنا بلى جعلنا الله فداك قال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة وذلك إليك
فان أنت خففت سبحتك فحين تفرغ من سبحتك وان أنت طولت فحين من سبحتك وان أنت طولت فحين تفرغ من سبحتك وفي الموثق عن سماعة بن مهران قال
قال أبو عبد الله عليه السلام إذا زالت الشمس فصل ثماني ركعات ثم صل الفريضة أربعا فإذا فرغت من سبحتك قصرت أو طولت فصل العصر وفي الموثق عن الحرث بن المغيرة
عن عمر بن حنظلة قال كنت أقيس الشمس عند أبي عبد الله عليه السلام فقال يا عمر الا أنبئك بابين من هذا قال قلت بلى جعلت فداك قال إذا زالت الشمس فقد وقع الظهر الا
ان بين يديها سبحة وذلك إليك (فان أنت خففت فحين تفرغ من سبحتك وان تطولت فحين من سبحتك) وفي الموثق عن ذريح (زريح) المحاربي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سال
أبا عبد الله عليه السلام أناس وانا حاضر فقال إذا زالت الشمس فهو وقت لا يحبسك عنها الا سبحتك تطيلها أو تقصرها فقال بعض القوم انا نصلي الأولى إذا كانت على
قدمين والعصر على أربعة اقدام فقال أبو عبد الله عليه السلام النصف من ذلك أحب إلي وهذه الأخبار الثلاثة اوردها الشيخ في زيادات التهذيب وروى الشيخ والكليني
باسناد فيه ضعف عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر الا ان بين يديها سبحة وذلك إليك ان شئت طولت وان شئت
قصرت وفي خبر اخر عن عمر بن حنظلة فإذا زالت الشمس لم يمنعك الا سبحتك وروى الكليني باسناد فيه ضعف عن مسمع بن عبد الملك قال إذا صليت الظهر فقد دخل
وقت العصر الا ان بين يديها سبحة فذلك إليك ان شئت طولت وان شئت قصرت وروى الشيخ باسناد فيه ضعف عن محمد بن الفرج قال كنت أسال عن أوقات الصلوات
فأجاب إذا زالت الشمس فصل سبحتك وأحب ان يكون فراغك من الفريضة والشمس على قدمين ثم صل سبحتك وأحب ان يكون فراغك من العصر والشمس على
أربعة اقدام ومما يدل على الثاني ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة انه سال أبا جعفر عليه السلام عن وقت الظهر فقال ذراع من زوال الشمس ووقت العصر ذراعان
من وقت الظهر فذلك أربعة اقدام من زوال الشمس ثم قال إن حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله كان قامة إذا مضى منه ذراع صلى الظهر وإذا مضى منه ذراعان صلى العصر ثم قال
أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلت لم جعل ذلك قال لمكان النافلة لك ان تتنفل من زوال الشمس إلى أن يمضى ذراع فإذا بلغ فيئك ذراعا بدأت بالفريضة
وتركت النافلة ورواه الشيخ بطريق فيه محمد بن سنان الضعيف عن ابن مسكان عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام وقد نقل الرواية هكذا قال ابن مسكان وحدثني بالذراع
والذراعين سليمان بن خالد وأبو بصير المرادي وحسين صاحب الفلانس وابن أبي يعفور ومن لا احصه منهم وما رواه ابن بابويه والشيخ في الصحيح عن الفضيل بن يسار
وزرارة وبكر ومحمد بن مسلم ويزيد بن معاوية العجلي قال قال أبو جعفر عليه السلام وأبو عبد الله وقت الظهر بعد الزوال قدمان ووقت العصر بعد ذلك قدمان وهذا أول وقت
إلى أن يمضى أربعة اقدام للعصر وما رواه الشيخ في الموثق عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان في الجدار ذراعا صلى الظهر وإذا كان ذراعين
صلى العصر قال قلت إن الجدار يختلف بعضها قصير وبعضها طويل فقال كان جدار مسجد رسول الله صلى الله
عليه وآله يومئذ قامة ورواها الشيخ في الزيادات عن إسماعيل الجعفي بطريق
أخرى بتفاوت ما في المتن وزاد في اخرها وانما جعل الذراع والذراعين لئلا يكون تطوع في وقت فريضة وفي الموثق عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام
قال سألته عن وقت الظهر فقال إذا كان الفئ ذراعا وبالسند المذكور عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن وقت صلاة الظهر فقال إذا كان الفئ ذراعا قلت
ذراعا من اي شئ قال ذراعا من (رمحك) قلت فالعصر قال انظر الشطر من ذلك قلت هذا شبر قال وليس شبر كثير وفي الموثق عن زرارة عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت الظهر على
ذراع وفي الموثق عن زرارة (عن أبي عبد الله عليه السلام قال وقت الظهر على ذراع وفي الموثق عن زرارة) عن أبي جعفر عليه السلام قال أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلت لم قال لمكان الفريضة لك ان تتنفل من زوال الشمس إلى أن يبلغ ذراعا فإذا
بلغت ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة (وفي الموثق عن إسماعيل الجعفي عن أبي جعفر عليه السلام قال أتدري لم جعل الذراع والذراعان قال قلت لم قال لمكان
الفريضة لئلا يؤخذ من وقت هذه ويدخل في وقت هذه) وفي الموثق عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن أفضل وقت العصر قال ذراع بعد الزوال قال قلت في الشتاء والصيف
سواء قال نعم وفي الموثق عن الحسين بن سعيد عن أبي عبد الله بن محمد قال كتبت إليه جعلت فداك روى أصحابنا عن أبي جعفر عليه السلام وأبي عبد الله عليه السلام انهما قالا إذا زالت الشمس
فقد دخل وقت الصلاتين الا ان بين يديهما سبحة ان شئت طولت وان شئت قصرت وروى بعض مواليك عنهما ان وقت الظهر على قدمين من الزوال ووقت
العصر على أربعة اقدام من الزوال فان صليت قبل ذلك لم يجزئك وبعضهم يقول يجزي ولكن الفضل في انتظار القدمين والأربعة اقدام وقد أحببت جعلت
فداك ان اعرف موضع الفضل فكتب القدمان والأربعة صواب جميعا وراوي هذه الرواية مشترك وقد وقع في غير موضع حديث بهذه الصورة وذكر علي بن مهزيار انه قرا
الجواب بخط أبي الحسن عليه السلام وفي الموثق عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول كان حائط مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله قامة إذا مضى من فيئه ذراع صلى الظهر وإذا مضى من فيئه ذراعان
صلى العصر ثم قال أتدري لم جعل الذراع والذراعان قلت لا قال من أجل الفريضة إذا دخل وقت الذراع والذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة وفي الموثق
عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الظهر على ذراع والعصر على نحو ذلك وبالاسناد لا يخلو عن قوة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام يقول كان رسول الله لا
يصلي من النهار شيئا حتى يزول الشمس فإذا زال الشمس قدر نصف إصبع صلى ثماني ركعات فإذا فاء الفئ ذراعين صلى العصر الحديث وهذه الأخبار العشرة
206

اوردها الشيخ في باب الزيادات عن التهذيب وروى الصدوق في باب صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام قال كان رسول الله لا يصلي من النهار شيئا
حتى يزول النهار فإذا زال صلى ثماني ركعات وهي صلاة الأوابين تفتح في تلك الساعة أبواب السماء ويستجاب الدعاء وتهب الرياح وينظر الله إلى خلقه فإذا فاء الفئ
ذراعا صلى الظهر أربعا وصلى بعد الظهر ركعتين ثم صلى ركعتين اخرا ومن ثم صلى العصر أربعة إذا فاء الفئ ذراعين الحديث وفي خبر رواه الكليني بطريقين أحدهما
حسن لإبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن سنان في باب بناء مسجد النبي صلى الله عليه وآله وكان جداره قبل ان يطل قامة فكان إذا كان الفئ ذراعا (وهو قدر مربض عتر) صلى الظهر وإن كان ضعف ذلك
صلى العصر ورواه الشيخ أيضا في الحسن وفي حسنة محمد بن مسلم المذكورة عند شرح قول المصنف والنوافل ما لم يدخل وقتها وانما أخرت الظهر ذراعا من عند الزوال من أجل
صلاة الأوابين ويمكن الجمع بين هذه الأخبار بوجوه الأول وهو الوجه الراجح الوقوف على ظاهر الاخبار الأدلة من أن الاعتبار بالنوافل وان وقت فضيلة الظهر إذا فرغ
من النوافل سواء كان الفئ على ذراعين أو أقل وإذا صار الفئ على قدمين ولم يصل النوافل فعليه بالفريضة وحينئذ لابد من التأويل في الاخبار المتأخرة بان يقال
ما دل على أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي الظهر على ذراع والعصر على أربعة مبني على أن النبي صلى الله عليه وآله كان يطيل النوافل بحيث يفرغ في ذلك الوقت لغرض انتظار الجماعة أو يقال إنه قد
يفرغ قبل ذلك لكن ينتظر اجتماع الناس بهذا المقدار أو ينتظر فراغ الجماعة من النوافل بهذا المقدار واما ما دل على أن أول وقت الظهر على ذراع وما يقرب منه فمحمول على أن
المراد بوقت الظهر الوقت المختص بالظهر بحيث لا يشارك فيه النوافل إما على جهة الفضيلة أو الاختصاص أو على أن المراد بوقت الظهر وقت فضيلة الظهر إما لصدقه
عليه في الجملة باعتبار فضيلة بالنسبة إلى الأوقات المتأخرة عنه أو بالنسبة إلى الأوقات المتأخرة وبعض صور التقديم أو لكونه هو الوقت الذي لا ينبغي التأخير عنه كلية
سواء أدي النوافل أم لا على أن يكون القيد قيدا للنفي ولا ينبغي التقديم عليه كلية (سواء أدي النوافل أم لا على أن يكون القيد قيدا للمنفي أو لكونه هو الوقت المضبوط الذي لا ينبغي التقديم عليه كلية) ويعتبر القيد كما مر واما وقت الفراغ من النوافل فيختلف باختلاف الاشخاص فلا
يصدق عليه قيد الانضباط والفرق بين هذا التعليل وبين السابق عليه دقيق فتأمل واما رواية عبيد بن زرارة فيحمل وقت الظهر فيه على الوقت المختص بالظهر من غير مشاركة
النوافل على الوجه الذي ذكرنا ويكون السؤال عن أفضل اجزاء هذا الوقت لان وقت الأجزاء مطلقا واما ما كتب عليه السلام في جواب عبد الله بن محمد القدمان والأربعة اقدام
ثواب جميعا فمحمول على ثبوت الفضيلة لهما وان وجد بعض الأوقات أفضل بالنسبة إليهما إذ ليس فيه دلالة واضحة على الأفضلية المطلقة وإن كانت له ظهور ما فيها فا
لحمل على ما ذكرنا لضرورة الجمع غير بعيد الوجه الثاني ان يقال الأفضل الاتيان بالظهر والعصر عند الذراع والذراعين وبعده في الفضل وقت الفراغ من النوافل و
هذا الوجه لا يوافق سياق الأخبار السابقة خصوصا ما يستفاد من صحيحة محمد بن يحيى من نفي اعتبار القدم والقدمين ويدفعه قوله عليه السلام في موثقة ذريح المحاربي النصف
من ذلك أحب إلي وما رواه الشيخ في باب الزيارات عن أبي بصير باسناد فيه ضعف قال ذكر أبو عبد الله عليه السلام أول الوقت وفضله قلت فكيف اصنع بالثماني ركعات
قال خفف ما استطعت الوجه الثالث ان يقال الأفضل الاتيان بالظهرين عند الفراغ من نوافلهما بمقتضى الاخبار الأدلة والأفضل الاتيان بهما عند الذراع والذراعين
بمقتضى الأخيرة ولا منافاة بينهما إذ يمكن الجمع بين الفضيلتين بان يؤدى النوافل بحيث يفرغ منها (عند الذراع والذراعين وهذا الوجه مثل الوجه السابق في الاختلال الوجه الرابع ان يقال الأفضل ان يؤدي بحيث يفرغ منها) عند القدم والقدمين ثم يؤدى الفريضتين جمعا بين ما دل
على فضيلة الاتيان بهما عند الفراغ من النوافل وموثقة ذريح المحاربي وبعده في الفضيلة اعتبار القدمين والأربعة اقدام في الامر المذكور وهذا الوجه أيضا
لا يوافق سياق الأخبار السابقة خصوصا صحيحة محمد بن يحيى ورواية أبي بصير الوجه الخامس ان يقال المكلف مخير في رعاية الفضيلة بين اعتبار الفراغ من النوافل
واعتبار الاقدام وهذا ظاهر المناسبة بقوله الا أنبئكم بابين من هذا في عدة من الاخبار لكن ينافيه صحيحة محمد
بن أحمد بن يحيى مع امكان الجمع ولا ينافيه موثقة
ذريح أيضا لامكان الجمع بما ستعلم لكن ينافيه رواية أبي بصير والوجه الذي ذكرناه أولا لا يخلو عن الرجحان وقوفا على ظواهر الاخبار المعتضدة بالشهرة الوجه السادس
ان يقال الأفضل الاتيان بهما عند الفراغ من النوافل وبعده في الفضيلة الاتيان بهما عند الذراع والذراعين وهو غير بعيد والوجه السابع ان يقال الأفضل للمتنفل الأول
ولغيره الثاني ولا يخفى جهة بعده فان قلت الذي اخترت ان الفضيلة في الاتيان بهما عند الفراغ من النوافل وهذا ينافي موثقة ذريح واخبار أخرى مثل ما رواه الشيخ
بطريقين أحدهما صحيح والاخر موثق عن عبد الله بن مسكان عن إسماعيل بن عبد الخالق قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت الظهر فقال بعد الزوال بقدم أو نحو
ذلك الا في يوم الجمعة أو في السفر فان وقتها حين تزول وإسماعيل بن عبد الخالق ممدوح وربما يظن توثيقه من عبارة النجاشي لكنها غير صريحة في ذلك وفي رواية
ابن مسكان عند تأييد لتوثيقه وما رواه الشيخ في الموثق عن سعيد الأعرج عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن وقت الظهر أهو إذا زالت الشمس فقال بعد الزوال
بقدم أو نحو ذلك الا في السفر أو يوم الجمعة فان وقتها إذا زالت قلت إما موثقة ذريح فلعل المقصود فيها ان الاقتصار في النافلة وعدم تطويل الزائد فيها أفضل
للمسارعة إلى الاتيان بالفريضة فلا منافاة لها لمفاد الأخبار السابقة واما بقية الروايات فالوجه فيها أحد الامرين الأول ان يقال الاتيان بالنوافل قبل القدم
ثم الاتيان بالفريضة عند القدم أفضل ويدفعه نفي اعتبار القدم والقدمين في صحيحة محمد بن أحمد بن يحيى الثاني ان يقال اعتبار القدم مبني على الغالب فان
المتنفل إذا اقتصد في حركاته يفرغ من النوافل إذا كان الظل على قدم غالبا ولعل في قوله عليه السلام أو نحو ذلك إعانة ما لهذا التأويل فان قلت قد روى الشيخ عن زرارة
قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصوم فلا اقبل حتى تزول الشمس فإذا زالت صليت نوافلي ثم صليت الظهر ثم صليت نوافلي ثم صليت العصر ثم نمت وذلك قبل ان يصلي الناس فقال
يا زرارة إذا زالت الشمس فقد دخل الوقت ولكن أكره لك (ذلك) ان تتخذه وقتا دائما وفي هذه الرواية دلالة على أن مجرد الفراغ من النوافل غير كان لحصول وقت الفضيلة
فما الوجه فيها قلت لعل وقت فضيلة الفريضة زمان الفراغ من النوافل إذا اتى بها مقتصدا غير مستعجل والكراهة المذكورة في الخبر باعتبار مسارعة زرارة و
استعجاله التام حيث يفرغ من الصلوات قبل ان يصلي الناس ثم لا يخفى ان الأخبار السابقة الدالة على استحباب التأخير بمقدار النوافل مختصة بالمتنفل والأخبار الدالة
على استحباب التأخير بمقدار الذراع والذراعين ما دل بالوجوه المذكورة فمن لم يكن متنفلا كان الأفضل له ان يأتي بالصلاة في أول الوقت لكونه مسارعة
إلى المغفرة واستباقا إلى الخير ولعموم الأدلة الدالة على فضيلة أول الوقت وروى الشيخ عن سعيد بن الحسن قال قال أبو جعفر عليه السلام أول الوقت زوال الشمس وهو وقت الله الأفضل وحملها
الشيخ عن كونه أفضل بالنسبة إلى غير المتنفل وهو حمل بعيد لعدم الاشعار بهذا التخصيص في الرواية مع كونه تخصيصا لغير المنساق إلى الذهن المقصود بالملاحظة
والأقرب حملها على أن المراد الأفضلية بالنسبة إلى ما بعد وقت الفضيلة الثاني يستحب تأخير العصر بمقدار النافلة وقيل إلى أن يصير ظل كل شئ مثله وقيل إلى أن يصير
الظل قدمين والأول أقرب للاخبار السابقة وموثقة ذريح صريح في استحباب التأخير بأحد المقدارين وروى الشيخ في باب الزيارات عن صفوان الجمال باسناد فيه جهالة عن أبي عبد الله
قال قلت العصر متى أصليها إذا كنت في غير سفر قال على قدر ثلثي قدم بعد الظهر ولا يخفى وجه التأويل فيما دل على التحديد بأحد المقادير بعد ايقان ما أسلفنا
207

الثالث يستحب تأخير الظهر للايراد على ما ذكره جماعة من الأصحاب لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إذا اشتد الحر إلى وقوع الظل الذي يمشى الساعي فيه إلى الجماعة فابردوا بالصلاة
فان شدة الحر من قيح جهنم ومن طريق الأصحاب ما رواه الصدوق عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال كان المؤذن يأتي النبي صلى الله عليه وآله في صلاة الظهر فيقول له رسول
الله صلى الله عليه وآله أبرد أبرد قال ابن بابويه انه بمعنى عجل قال في الذكرى وهو قريب وقد يعتبر كون الصلاة في جماعة وقد يعتبر أيضا كونها في المسجد وفي البلاد الحارة عند شدة
الحر قال الشارح الفاضل نقل اعتبار المسجد وكون البلاد حارة عن الشيخ والظاهر عدم اعتبارهما اخذا بالعموم ولا يخفى ان العموم الذي ذكره موجود في الخبر الأول
لكنه عامي لا يصلح للاحتجاج واما الخبر الثاني فلا عموم فيه ويمكن الاستشهاد على الحكم المذكور وعلى عمومه بموثقة زرارة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن وقت صلاة
الظهر في القيظ فلم يجبني فلما إن كان بعد ذلك قال لعمرو بن سعيد بن هلال ان زرارة سألني عن وقت الظهر في القيظ فلم اخبره فخرجت من ذلك فاقراه مني السلام
وقل له إذا كان ظلك مثلك فصل الظهر وإذا كان ظلك مثليك فصل العصر ويستفاد منه حكم العصر أيضا والأصحاب خصوا الحكم بالظهر وهو جيد فان الخروج
عن الأخبار الكثيرة الدالة على فضيلة أول الوقت بمجرد ذلك مشكل وفي تنزيل الجمعة منزلة الظهر وجهان الأقرب لا اقتصارا للحكم على مورد النص وللأخبار الدالة
على ضيق وقت الجمعة وادعاء عموم النص توهم وخالف في ذلك المصنف في التذكرة الرابع يستحب تأخير المغرب إلى ذهاب الحمرة المشرقية على القول بدخول وقتها باستتار القرص الخامس
يستحب تأخير المغرب والعشاء للمفيض من عرفة فإنه يستحب تأخيرهما إلى المزدلفة وهي المشعر الحرام وان مضى ربع الليل ونقل المصنف في المنتهى اجماع أهل العلم عليه و
روى محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال لا تصلي المغرب حتى تأتي جمعا وان ذهب ثلث الليل السادس يستحب تأخير العشاء إلى ذهاب الحمرة المغربية وقد مر دليله السابع المستحاضة
تؤخر الظهر والمغرب إلى اخر وقت فضيلتهما لتجمع بينهما وبين العصر والعشاء بغسل واحد وقد مر ذلك الثامن المشتغل بقضاء الفرائض يستحب له تأخير الأولى إلى اخر وقته
على المشهور بين المتأخرين وفيه قول بالوجوب وسيأتي (وسيجيئ خ ل) تحقيقه التاسع تأخير الصبح حتى يكمل له نافلة الليل إذا أدرك منها أربعا العاشر تأخير المغرب للصائم إذا نازعته
نفسه إلى الافطار وكان من يتوقع افطاره وسيجيئ في محله وروى سماعة عن أبي عبد الله عليه السلام في الصلاة تحضر وقد وضع الطعام قال إن كان أول الوقت فليبدء بالطعام و
ان خاف تأخير الوقت فليبدء بالصلاة وهو مطلق في جميع الصلوات الحادي عشر الظان دخول الوقت ولا طريق له إلى العلم يستحب له التأخير إلى حصول العلم روى علي بن
جعفر عن أخيه موسى عليه السلام وقد سأله عمن صلى الصبح مع ظن طلوع الفجر فقال لا يجزيه حتى يعلم أنه قد علم وفي الدلالة تأمل الثاني عشر المدافع للأخبثين يستحب له
التأخير إلى أن يخرجهما لصحيحة هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا صلاة لحاقن ولا حاقنة وهو بمنزلة من هو في ثيابه الثالث عشر تأخير صلاة الليل إلى اخره الرابع
عشر تأخير ركعتي الفجر إلى طلوع الفجر الأول الخامس عشر تأخير مريد الاحرام الفريضة الحاضرة حتى يصلي نافلة الاحرام كما سيجيئ في محله السادس عشر تأخير الصلاة لمن
أراد التيمم إلى اخر الوقت السابع عشر تأخير السلس والمبطون الظهر والمغرب للجمع الثامن عشر تأخير ذوات الاعذار الصلاة إلى اخر الوقت (عند) رجاء زوال العذر و
أوجبه المرتضى وابن الجنيد وسلار التاسع عشر قضاء صلاة الليل في صورة جواز التقديم العشرون تأخير الوتيرة ليكون الختم بها الا في نافلة شهر رمضان على قول الحادي
والعشرون تأخير المربية ذات الثوب الظهرين إلى اخر الوقت ليصلي أربع صلوات بعد غسلها الثاني والعشرون تأخير الصبح عن نافلته إذا لم تصل قبله الثالث والعشرون
تأخير المسافر إلى الدخول ليتم وقد دل عليه صحيحة محمد بن مسلم وذكروا مواضع أخرى منها توقع المسافر النزول إذا كان ذلك ارفق به ومنها انتظار الامام أو المأموم أو
كثرة الجماعة ومنها إذا كان التأخير مشتملا إلى صفة كمال كالوصول إلى مكان شريف أو التمكن من استيفاء أفعالها على الوجه الأكمل ومنها التأخير لقضاء حاجة المؤمن
ولا شك انه أعظم من النافلة بل لا يبعد استحباب تأخير الفريضة أيضا لها ولا يجوز تأخيرها عن وقتها بلا خلاف بين الأصحاب لكونه مكلفا بأدائها في وقتها فلو اخر عن وقتها لم
يكن ممتثلا ولا تقديمها عليه قال في المنتهى وهو قول أهل العلم كافة الا ما روى عن ابن عباس في مسافر صلى الظهر قبل الزوال يجزيه وبمثله قال الحسن والشعبي قال لنا الاجماع
على ذلك وخلاف هؤلاء لا اعتداد به وقد انقرض أيضا فلا تعويل عليه ومما يدل عليه ان المكلف مأمور بالاتيان بها في وقتها ومخالفة المأمور به عصيان ويؤيد ذلك
ما رواه الشيخ في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال من صلى في غير وقت فلا صلاة له وعن محمد بن الحسن العطار عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال لان أصلي الظهر في وقت
العصر أحب إلي من أن أصلي قبل ان تزول الشمس (فانا إذا صليت قبل ان تزول الشمس) لم تحسب لي وان صليت في وقت العصر حسب لي وعن عبد الله بن سليمان مثله ويؤيده أيضا اخبار أخرى واما ما رواه الشيخ في
الصحيح عن عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت في السفر شيئا في غير وقتها فلا يضر وما رواها الصدوق عن الحلبي في الصحيح بأدنى تفاوت فحملها الشيخ على التأخير لعذر ويمكن
الحمل على النوافل ووقت الفضيلة ويجتهد في الوقت إذا لم يتمكن من العلم وهيهنا مسئلتان الأولى هل يجوز التعويل على الظن عند التمكن من العلم المشهور بين الأصحاب
لا ولا اعلم التصريح لاحد منهم بخلافه نعم ظاهر المفيد والشيخ في النهاية (الجواز قال في النهاية) ولا يجوز لاحد ان يدخل في الصلاة الا بعد حصول العلم بدخول وقتها أو يغلب على ظنه ذلك وقال
المفيد من ظن أن الوقت قد دخل فصلى ثم علم بعد ذلك أنه صلى قبله أعاد الصلاة الا ان يكون الوقت دخل وهو في الصلاة لم يفرغ منها بعد فيجزيه ذلك ويدل على المشهور
ان المكلف مأمور بالصلاة في الوقت والتكليف اليقيني يقتضي البراءة اليقينية ولا يحصل الخروج عن عهدة التكليف الا باليقين ويؤيده العمومات الدالة على النهي عن
اتباع الظن وما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في الرجل يسمع الاذان فيصلي الفجر ولا يدرى اطلع الفجر أم لا غير أنه يظن لمكان الاذان انه طلع قال لا يجزيه حتى يعلم أنه
طلع واستدل عليه في المنتهى بان العلم يؤمن معه الخطأ والظن لا يؤمن معه ذلك (وترك ما يؤمن معه ذلك) وترك ما يؤمن معه الخطاء قبيح عقلا واستضعف ذلك بعضهم
بان العقل لا يقضي بقبح التعويل على الظن هنا بل لا يأباه لو قام عليه دليل ويمكن ارجاع كلام المصنف بالوجه الذي ذكرناه فيستقيم لكن لا يخفى ان ما رواه الشيخ في الصحيح عن
ابن أبي عمير عن إسماعيل بن رياح (رياج) عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت وأنت ترى انك في وقت ولم يدخل الوقت فدخل الوقت وأنت في الصلاة فقد أجزأت (عنه) عنك يدل
على جواز الاكتفاء بالظن مطلقا لان قوله عليه السلام وأنت ترى ظاهر في الظن ولا تقييد في الخبر بصورة عدم التمكن من العلم والاجزاء يقتضي الصحة لان النهي في العبادة يستلزم
الفساد فالمسألة محل تردد ويجوز التعويل على اذان الثقة الذي يعرف منه الاستظهار عند التمكن من العلم ظاهر المحقق في المعتبر نعم لقول النبي صلى الله عليه وآله المؤذنون امناء
ولان الاذان شروع للاعلام بالوقت فلو لم يعول عليه لم يجعل الغاية من شرعه واعترض عليه الشهيد وغيره بأنه يكفي في صدق الأمانة تحققها بالنسبة إلى ذوي الأعذار
وشرعية الاذان للاعلام لتقليدهم خاصة ولتنبيه المتمكن على الاعتبار والمسألة محل تردد لاختلاف الروايات فروى الشيخ في الصحيح عن ذريح قال قال أبو
عبد الله عليه السلام مثل الجمعة باذان هؤلاء فإنهم أشد شئ مواظبة على الوقت وفي الصحيح عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن محمد بن خالد القسري قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أخاف
ان تصلي الجمعة قبل ان تزول الشمس فقال انما ذاك على المؤذنين وفيهما دلالة على قول المحقق ويخالفه رواية علي بن جعفر السابقة ولا يبعد ترجيح قول المحقق
208

وحمل رواية علي بن جعفر على الكراهة توفيقا بين الاخبار وهل يجوز الاعتماد على شهادة العدلين ظاهر أكثر الأصحاب ذلك لكونها شهادة اعتبرها الشارع لكن في
اثبات ذلك كلية اشكال واما الاعتماد على شهادة العدل الواحد فالظاهر عدم جوازه لفقد الدليل ومفهوم أية التثبت غير ناهض باثباته نعم إذا انضم إليها قرائن
توجب العلم صح التعويل عليه وكان خارجا عن محل النزاع الثانية المشهور بين الأصحاب جواز التعويل على الامارات المفيدة للظن وعدم وجوب الصبر إلى حصول
اليقين عند عدم التمكن من العلم بل نقل بعضهم الاجماع عليه وقال ابن الجنيد ليس للشاك يوم الغيم ولا غيره ان يصلي الا عند يقينه بالوقت وصلاته في اخر الوقت مع
اليقين خير من صلاته مع الشك وقال السيد المرتضى لا يصح الصلاة سواء كان جهلا أو سهوا ولابد من أن يكون جميع الصلاة واقعة في الوقت المضروب لها فان صادف
شئ من اجزائها ما هو خارج الوقت لم تكن مجزئة وبهذا مفتى (افتى) محصلوا أصحابنا ومحققوهم وقد وردت روايات به وإن كان في بعض كتب أصحابنا ما يخالف ذلك
من الرواية وقال ابن أبي عقيل من صلى صلاة فرض أو سنة قبل دخول وقتها فعليه الإعادة ساهيا كان أو متعمدا في اي وقت كان الا سنن الليل في السفر واستدلوا
على الأول بما رواه الشيخ بطريقين في باب القبلة ويؤاخذ منهما في باب المواقيت من الزيارات في الموثق عن سماعة قال سألته عن الصلاة بالليل والنهار وإذا لم
ترى الشمس ولا القمر ولا النجوم قال اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك قيل وهذا يشمل الاجتهاد في الوقت والقبلة وفيه تأمل وبرواية أبي الصباح الكناني
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صام ثم ظن أن الشمس قد غابت وفي السماء علة فأفطر ثم إن السحاب انجلى فاذن الشمس لم تغب قال قد تم صومه ولا يقضيه وإذا جاز
التعويل على الظن في الافطار جاز في الصلاة إذ لا قائل بالفرق وفيه تأمل وبصحيحة زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام وقت المغرب إذا غاب القرص فان رايته بعد ذلك وقد
صليت أعدت الصلاة (ومضى صومك) وكف عن الطعام ان كنت أصبت منه شيئا وفي الدلالة تأمل وفي سند الأولتين قصور والأظهر الاستدلال عليه برواية إسماعيل بن رباح
السابقة ويؤيده ما رواه الشيخ في باب الزيارات من المواقيت في الموثق عن عبد الله بن بكير عن أبيه عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له اني ربما صليت الظهر في يوم غيم (فانجلت) فوجدتني
صليت حين زال النهار فقال لا تعد ولا تعده نقلها ابن إدريس من كتاب عبد الله بن بكير بأدنى تفاوت في العبارة
والمشهور رجحان وإن كان طريق التردد غير
منسد عنه بالكلية وروى الشيخ والكليني في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير عن أبي عبد الله الفرا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال له رجل من أصحابنا ربما اشتبه
الوقت علينا في يوم الغيم فقال تعرف هذه الطيور التي عندكم بالعراق يقال لها الديكة قلت نعم قال إذا ارتفعت أصواتها وتجاوبت فقد زالت الشمس
أو قال فصله ورواية مرسلة حسين بن المختار عن رجل قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني رجل مؤذن فإذا كان يوم الغيم لم اعرف الوقت قال إذا صاح الديك ثلثة أصوات
ولاء فقد زالت الشمس وقد دخل وقت الصلاة وأورده ابن بابويه في الفقيه وظاهر الاعتماد وقال (ومال) إليه الشهيد في الذكرى وهو غير بعيد ونفاه المصنف في التذكرة قال
الشهيد وهو محجوج في الخبرين فان انكشف فساد ظنه وقد فرغ قبل الوقت أعاد والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه انه مكلف باتيان الصلاة
في وقتها ولم يحصل وموثقة أبي بصير السابقة وغيرها واما الاستدلال بما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في رجل صلى الغداة بليل غره من
ذلك القمر ونام حتى طلعت الشمس فأخبر انه صلى بليل قال يعيد صلاته فضعيف لظهور الرواية في صورة التمكن من العلم فان دخل اي الوقت وهو متلبس بالصلاة
ولو (باقي) (في) التشهد أجزأ على قول الشيخ وجماعة من الأصحاب لرواية إسماعيل بن رياح السابقة ولأنه متعبد بظنه خرج منه ما إذا لم يدرك شيئا من الوقت بالاجماع فيبقى
الباقي وفيه نظر لان التعبد بالظن لا يكفي في سقوط التكليف بالصلاة في وقتها لاختلاف الامرين وقال السيد وابن الجنيد وابن أبي عقيل بوجوب الإعادة
كما لو وقعت بأسرها قبل دخول الوقت واختاره المصنف في المختصر واحتج عليه بأنه مأمور بايقاع الصلاة في وقتها ولم يحصل الامتثال وهو حسن لكنه محجوج برواية
إسماعيل قال المحقق ما اختاره الشيخ وجه بتقدير تسليم الرواية وما ذكره المرتضى أوجه بتقدير اطراحها وهو حسن ولو صلى قبله عامدا أو جاهلا أو ناسيا
بطلت صلاته لا خفاء في الحكم المذكور ان وقعت صلاته قبل الوقت بتمامها وان دخل الوقت وهو متلبس بها فإن كان الشروع في الصلاة قبل الوقت على سبيل
العمد فالبطلان واضح لأنها عبارة منهية فتكون فاسدة وقال الشيخ في النهاية من صلي الفرض قبل دخول الوقت عامدا أو ناسيا ثم علم بعد ذلك وجب عليه إعادة الصلاة
فإن كان في الصلاة لم يفرغ منها بعد ثم دخل وقتها فقد أجزأت عنه ولا يجوز لاحد ان يدخل في الصلاة الا بعد حصول العلم بدخول وقتها أو يغلب على ظنه ذلك
وربما حمل كلامه على أن مراده بالمتعمد الظان وهو غير بعيد جمعا بين كلاميه واما الناسي فظاهر كلام الشيخ صحة صلاته وذكر المصنف في المختصر انه منصوص كلام أبي
الصلاح والظاهر من كلام ابن البراج وقال السيد المرتضى لا يصح صلاته وهو منصوص ابن أبي عقيل والظاهر من كلام ابن الجنيد على ما نقله المصنف عنهم واختاره المصنف
وأكثر المتأخرين وهو أقرب لعدم حصول الامتثال ولرواية أبي بصير وغيرها والمراد بالناسي ناسي مراعاة الوقت وأطلقه في الذكرى على من (حرت) منه الصلاة
حال عدم حظور الوقت بالبال ولو وقعت الناسي بتمامها في الوقت ففيه وجهان أقربهما الصحة لأنه اتى بالمأمور به فتكون مجزئة لا يقال كان الواجب عليه مراعاة الوقت
ولم يحصل فلم يأت بالمأمور به على وجهه لأنا نقول وجب عليه المراعاة من باب المقدمة حال ملاحظة وجوب الاتيان في الوقت ليأتي منه الاتيان بها في الوقت
على وجه الامتثال والإطاعة واما عند الذهول عن هذه المقدمة فله الاتيان بها في وقتها متقربا متمثلا من دون ملاحظة الوقت ومراعاته فلا تكون
المراعاة مقدمة للفعل مطلقا واما الجاهل والمراد به الجاهل بالوقت أو بوجوب المراعاة فالمشهور بطلان صلاته والمنقول عن أبي الصلاح صحة صلاته والأول أقرب
بالتقريب المتقدم ولو اتفقت صلاة الجاهل في الوقت فان قصدنا بالجاهل من علم وجوب رعاية الوقت وعرف المواقيت لكنه جاهل بالوقت لعدم مراعاته
الوقت فالظاهر بطلان صلاته على القول باشتراط التقرب وقصد الامتثال في الطاعة لأنه لم يأت بها على وجه الامتثال والإطاعة نعم ان قيل بعدم اشتراط
ذلك في الصحة وسقوط التعبد لم يبعد القول بالصحة ههنا وان قصدنا بالجاهل من علم وجوب رعاية الوقت لكنه غير عارف بالوقت أيضا (فالظاهر البطلان أيضا) على القول المذكور
بالتقريب السابق وان قصدنا بأنه الجاهل بوجوب رعاية الوقت ففيه اشكال ورجح بعض أفاضل المتأخرين قدس سره الصحة لصدق الامتثال وقال أيضا كل من فعل ما هو في
نفس الامر وان لم يعرف كونه كذلك ما لم يكن عالما بنهيه وقت الفعل حتى تؤاخذ المسائل من غير أهله بل لو لم يأخذ من أحد وظنها كذلك فإنه يصح ما فعله وكذا
في الاعتقادات وان لم يأخذها عن أدلتها فإنه يكفي ما اعتقده دليلا وأوصله إلى المطلوب ولو كان تقليدا قال كذا يفهم من كلام منسوب إلى المحقق نصير الملة و
الدين قدس سره العزيز قال وفي كلام (الشارح) إشارات إليه وذكر أشياء يطول الكلام بنقلها وعندي ان ما ذكره منظور فيه مخالف للقواعد المقررة العدلية وليس
المقام محل تفصيله لكن أقول اجمالا ان أحد الجاهلين ان صلى في الوقت والاخر في غير الوقت فلا يخلو إما ان يستحقا العقاب أو لم يستحقا أصلا أو يستحق أحدهما
209

دون الأخر وعلى الأول يثبت المطلوب لان استحقاق العقاب انما يكون لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه وعلى الثاني يلزم خروج الواجب (الوقت) عن كونه واجبا ولو انفتح
هذا الباب يجرى الكلام في كل واحد واحد من أفعال الصلاة ويقضي الامر إلى ارتفاع جل التكاليف وهذا مفسدة واضحة لا يشرع لاحد الاجتراء عليه ومعلوم
فساده ضرورة وعلى الثالث يلزم خلاف العدل لاستوائهما في الحركات الاختيارية الموجبة للمدح أو الذم وانما حصل مصادفة الوقت وعدمه بضرب من
الاتفاق من غير أن يكون لاحد منهما فيه ضرب من التعمل والسعي وتجويز مدخلية الاتفاق الخارج عن المقدور في استحقاق المدح أو الذم مما هدم بنيانه
البرهان وعليه اطباق العدلية في كل زمان واما الإشارات التي ذكرها فكل منهما قابل للتأويل فيشكل الاعتماد عليها وليس المقام محل التفصيل هذا ظاهر
التحقيق وإن كان الاشكال فيه وفي نظائره ثابتا ولو صلى العصر قبل الظهر ناسيا أعاد وإن كان في الوقت المختص بالظهر والا فلا لو ظن أنه صلى الظهر فاشتغل بالعصر
فان ذكر وهو فيها ولو بالتسليم وان قلنا باستحبابه عدل بنية سواء كان في الوقت المختص بالأولى أو في الوقت المشترك والأصل فيه مع الاجماع المنقول روايات
منها ما رواه الشيخ في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل أم قوما في العصر فذكر وهو يصلي انه لم يكن صلى الأولى قال فليجعلها
الأولى التي فاتته ويستأنف بعد صلاة العصر وقد قضى القوم صلاتهم وما رواه عن زرارة في الصحيح على المشهور عن أبي جعفر عليه السلام قال وان نسيت الظهر حتى صليت
العصر وذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك منها فاتوها الأولى ثم صلى العصر فإنما هي أربع مكان أربع قال الشيخ في الخلاف قوله عليه السلام أو بعد فراغك منها المراد
ما قارب الفراغ ولو قبل التسليم ولا يخفى بعد هذا الحمل جدا بل الظاهر من الخبر جواز العدول بعد الفراغ وروى الشيخ باسناد فيه ضعف عن الحلبي قال سألته عن رجل
نسى ان يصلي الأولى حتى صلى العصر قال فليجعل صلاته التي صلى الأولى ثم ليستأنف العصر والظاهر عدم الفرق بين الظهرين والعشائين في وجوب العدول إلى السابقة
إذا ذكر في الأثناء وروى الشيخ في باب الزيارات من المواقيت رواية دالة على عدم العدول في العشاء لكنها ضعيف السند معارض برواية زرارة الآتية المشهورة بين
الأصحاب فاذن التعويل على رواية زرارة وان ذكر بعد الفراغ فإن كان صلى اللاحقة في الوقت المختص بالسابق لم يصح والا صح بناء على القول باختصاص الظهر من أول
الوقت بمقدار أدائها واما على القول بالاشتراك كما هو مذهب ابن بابويه صحت صلاته على التقديرين والأخبار الواردة بعدم الإعادة مطلقة كرواية زرارة ورواية
صفوان وقد مر تحقيق هذا المقام في مسألة الاشتراك والاختصاص والفوائت تترتب كالحواضر فلو صلى المتأخر ثم ذكر عدل مع الامكان والا استأنف سيجيئ تحقيق
هذه المسألة في مبحث القضاء إن شاء الله تعالى وللمترتب الفائتة على الحاضرة وجوبا على رأى ذهب أكثر المتقدمين إلى وجوب الفور في القضاء فاوجبوا تقديم الفائتة على الحاضرة
سواء تعددت أو اتحدت ما لم يتضيق وقت الحاضرة فمنهم من صرح ببطلان الحاضرة إذا اتى بها في سعة الوقت مع تذكر الفائتة وهم المرتضى وابن البراج وأبو الصلاح والشيخ
في المبسوط وابن إدريس ومنهم من لم يصرح بذلك كالمفيد وابن أبي عقيل وابن الجنيد والشيخ في النهاية والخلاف وبالغ السيد المرتضى في المسائل الرسية حتى قال بعد كلام
فإن كان محتاجا إلى تعيش (يستدنه هو عنه) يسمد به جرحته وما لا يمكنه دفعه من خلته كان ذلك الزمان مستثنى من أوقات القضاء كاستثناء الحاضرة عند التضيق ولا يجوز له الزيادة
على مقدار الزمان الذي لابد منه في طلب ما يمسك به الرمق وحكم من عليه نفقة في وجوب تحصيلها لحكم نفقة في نفسه واما فرض في نومه (يومه) وليلته في زمان التعيش فلا يجوز (ان يصل) الا
في اخر الوقت كما قلنا فان الوجه في ذلك لا يتغير بإباحة التعيش واما النوم فيجرى ما يمسك الحياة منه في وجوب التشاغل به (بما يجرى) مجرى ما يمسك الحياة من الغداء وتحصيله كذا
نقل المصنف في المختصر ونحو منه كلام ابن إدريس في السرائر وذهب ابنا بابويه إلى الواسعة المحضة واليه ذهب أكثر المتأخرين قال المصنف في المختصر وهو مذهب والدي وأكثر من عاصرناه
من المشايخ لكن عند المتأخرين تقديم الفائتة مستحب وعند ابني بابويه تقديم الحاضرة مستحب وكان القول بالواسعة كان مشهورا بين القدماء أيضا نقل السيد الجليل
رضي الدين علي بن موسى الطاوس في بعض الرسائل المنسوبة إليه المصحة (المصنفة) في هذه المسألة من كتاب أو فاخر (أمفاخر) المختصر من تحير الاحكام تأليف أبي الفضل محمد بن أحمد بن
سليم الذي ذكر في حلية انه ما روى فيه الا ما أجمع عليه وصح من قول الأئمة عليهم السلام عنده ما هذا لفظة والصلوات الفائتات يقضين ما لم يدخل عليه وقت صلاة فإذا دخل
عليه وقت صلاة بدا بالتي دخل وقتها وقضى الفائتة متى أحب ونقل ابن طاوس أيضا في الرسالة المذكورة عن كتاب النقض على من أظهر الخلاف لأهل بيت النبي صلى الله عليه وآله املا (عبد الله الحسين بن) أبى
عبد الله بن علي المعروف بالواسطي ما هذا لفظه مسألة من ذكر صلاة وهو في أخرى قال أهل البيت عليهم السلام يتم التي هو فيها ويقضي ما فاته وبه قال الشافعي ثم ذكر خلاف المخالفين
وقال فيه أيضا ان سال سائل وقال أخبرونا عمن ذكر صلاة وهو في أخرى ما التي تجب عليه قال يتم التي هو فيها ويقضي ما فاته ثم ذكر خلاف المخالفين واستدل عليه بما روى
عن الصادق عليه السلام ونقل بعض الروايات الدالة على ذلك وفي المسألة قولان آخران أحدهما ما اختاره المحقق وهو وجوب تقديم الفائتة الواحدة على الحاضرة (دون المتعددة) وثانيهما
ما اختاره المصنف في المختصر وهو وجوب الفائتة ان ذكرها في يوم الفوات سواء كان واحدة أو متعددة وكانه أراد باليوم ما يتناول الليلة المستقبلة ليأتي تعدد الفائتة
(حينئذ) تذكرة في يوم الفوات مع وجوب التقديم والأقرب عندي القول بالمواسعة مطلقا لنا اطلاق الآيات الدالة على وجوب إقامة الصلاة المتحققة لكل وقت الا ما خرج
بالدليل وقوله تعالى أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل والأخبار الدالة على ذلك كقوله عليه السلام إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر والعصر إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة
الموافقة لها في المعنى وأوضح منها دلالة صحيحة سعد بن سعد قال قال الرضا عليه السلام يا فلان إذا دخل الوقت عليك فصلها فإنك لا تدري ما يكون وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل أو نسي ان يصلي المغرب والعشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر قدر ما يصليهما كلتيهما فليصلهما فان خاف ان يفوته إحديهما ليبدأ
(بالعشاء) وان استيقظ بعد الفجر فليصل الصبح ثم المغرب ثم العشاء قبل طلوع الشمس وفي الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نام رجل ولم يصل صلاة المغرب والعشاء
الآخرة أو نسى فان استيقظ قبل الفجر قبل ما يصليهما كلتيهما فليصلهما وان خشى ان يفوته إحديهما فليبدء بالعشاء الآخرة وان استيقظ بعد الفجر فليصل الفجر بعد المغرب
ثم العشاء الآخرة قبل طلوع الشمس فان خاف ان يطلع الشمس ويفوته إحدى الصلاتين فليصل المغرب ويدع العشاء الآخرة حتى تطلع الشمس ويذهب شعاعها ثم ليصلها
وقد مر اخبار أربعة دالة على المواسعة عند شرح قول المصنف والنوافل ما لم يدخل وقت فريضة وهي صحيحة عبد الله بن سنان وصحيحة زرارة ورواية أبي بصير
ورواية زرارة المنقولة من كتاب ابن طاوس وما رواه الصدوق في الصحيح عن الحسن بن محبوب عن الرباطي عن سعيد الأعرج قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن الله تبارك
وتعالى (أنام) رسول الله صلى الله عليه وآله عن صلاة الفجر حتى طلعت الشمس ثم قام فبدء فصلى الركعتين اللتين قبل الفجر ثم صلى الفجر إلى اخر الخبر وقوله عليه السلام في اخر حسنة زرارة الآتية في
حجة القائلين بالمضايقة أيهما ذكرت فلا تصلهما الا بعد شعاع الشمس قلت فلم ذاك قال لأنك لا تخاف فوته وما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي
عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يفوته المغرب حتى تحضر العتمة قال إن حضرت العتمة وذكر ان عليه صلاة المغرب فان أحب ان يبدأ بالمغرب بدا بالعتمة ثم صلى المغرب
210

بعد ويحمل فوات المغرب على السابقة على يومه لئلا يكون مدلول الخبر مخالفا للمشهور المدعى عليه الاجماع وعن عمار بن موسى أيضا عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل ينام
عن الفجر حتى تطلع الشمس وهو في سفر كيف يصنع أيجوز له ان يقضي بالنهار قال لا يقضى صلاة نافلة ولا فريضة بالنهار ولا يجوز له ولا يثبت له ولكن يؤخرها فيقضيها
بالليل وعن عمار في الموثق في خبر طويل فإذا أردت ان تقضي شيئا من الصلاة مكتوبة أو غيرها فلا تصل شيئا حتى تبدأ فتصلي قبل الفريضة التي حضرت ركعتين نافلة
لها ثم اقض ما شئت وفي اخر الخبر المذكور وعن الرجل يكون عليك صلاة في الحضر هل يقضيها وهو مسافر قال نعم يقضيها بالليل على الأرض فاما على الظهر فلا وما
رواه الكليني والشيخ عن محمد بن مسلم قال سألته عن الرجل يفوته صلاة النهار قال يقضيها ان شاء بعد المغرب
وان شاء بعد العشاء وفي الحسن لإبراهيم بن هاشم عن الحلبي
قال سئل أبو عبد الله عن رجل فاتته صلاة النهار ومتى يقضيها قال متى ما شاء ان شاء بعد المغرب وان شاء بعد العشاء وما رواه الشيخ عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام ان
قويت فاقض صلاة النهار بالليل وجه الدلالة في الاخبار الثلاثة ان صلاة النهار أعم من الفريضة والنافلة وما رواه الشيخ في باب السهو من زيادات التهذيب عن جميل باسناد
فيه ارسال عن أبي عبد الله عليه السلام قلت يفوت الرجل الأولى والعصر والمغرب ويذكر عند العشاء قال يبدأ بالوقت الذي هو فيه فإنه لا باس من الفوات فيكون قد ترك الفريضة في وقت
قد دخل ثم يقضي ما فاته الأول فالأول وما رواه الشيخ عن الحسن بن زياد الصيقل قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل نسى الأولى حتى صلى ركعتين من العصر قال فليجعلها
الأولى وليستأنف العصر قلت فإنه نسى المغرب حتى صلى ركعتين من العشاء ثم ذكر قال فليتم صلاته ثم ليقض بعد المغرب قال قلت له جعلت فداك قلت حين نسى الظهر ثم ذكر
وهو في العصر يجعلها الأولى ثم ليستأنف وقلت لهذا يتم صلاته بعد المغرب فقال ليس هذا مثل هذا ان العصر ليس بعدها صلاة والعشاء بعدها صلاة قال في الذكرى
وحمله هنا على مغرب أمسه أولي لرواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام الدالة على العدول وروى الحميري في كتاب قرب الإسناد عن علي بن جعفر عليه السلام قال وسألته يعنى الكاظم عليه السلام عن رجل نسى المغرب
حتى دخل وقت عشاء الآخرة قال يصلي العشاء ثم المغرب وسألته عن رجل نسي العشاء فذكر قبل طلوع الفجر كيف يصنع قال يصلي العشاء ثم الفجر وسألته عن رجل نسى
الفجر حتى حضر الظهر قال يبدأ بالظهر ثم يصلي الفجر كذلك كل صلاة بعدها صلاة ونقل ابن طاوس في رسالته المذكورة عن كتاب الصلاة للحسين بن سعيد ما هذا
لفظه عن صفوان عن القيص (العيص) بن القسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل نسى أو نام عن الصلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال إن كانت صلاة الأولى فليبدء بها
وإن كانت صلاة العصر فليصل العشاء ثم يصلي العصر ونقل عن أصل عبيد الله بن علي الحلبي الذي قيل إنه عرض الصادق عليه السلام ما هذا لفظه ومن نام أو نسى أو (ان) يصلي المغرب
والعشاء الآخرة فان استيقظ قبل الفجر بمقدار ما يصليهما جميعا فليصلهما وان استيقظ بعد الفجر فليصل الفجر ثم يصلي المغرب ثم العشاء وعن الكتاب المذكور
خمس صلوات يصلين على كل حال متى ذكره ومتى ما أحب صلاة فريضة نسيها يقضيها مع غروب الشمس وطلوعها وصلاة ركعتي الاحرام وركعتي الطواف الفريضة
وكسوف الشمس عند طلوعها وغروبها ومما يؤيد المطلوب الأخبار الدالة على جواز قضاء النوافل في كل وقت (والأخبار الدالة على جواز قضاء النافلة في كل وقت) وقد سلفت عند شرح قول المصنف والنوافل ما لم يدخل
وقتها والأخبار الدالة على كراهية الصلاة مطلقا في الأوقات المكروهة (المكروة) وقد سلفت في محلها وبعضها صريح في القضاء كقوله عليه السلام في موثقة عمار الساباطي وقد سأله
عن الرجل إذا عاقه أمر عن صلاة الفجر وان طلعت الشمس قبل ان يصلي ركعة فليقطع الصلاة ولا يصلي حتى تطلع الشمس وتذهب شعاعها والرواية على تمامها مذكورة
في باب الزيادات من التهذيب والأخبار الدالة على استحباب الأذان والإقامة لقاضي الصلاة وقد رووه الأصحاب بطرق متعددة منها صحيحة محمد بن مسلم المذكورة في التهذيب في (باب الزيادات وفي)
باب فوائت الصلاة ومنها صحيحة زرارة السابقة عند شرح قول المصنف والنوافل ما لم يدخل وقتها ومنها حسنة زرارة الآتية في حجة القائلين بالمضايقة ومما يؤيد
المطلوب ان القول بالمضايقة على الوجه الذي ذكروا يتضمن حرجا عظيما وعسرا بالغا ومشقة شديدة لأنه يحتاج إلى ضبط الأوقات ومعرفة الساعات والرصد لاخر
كل صلاة وحفظ بقية الوقت عن الزيادة والنقصان بفعل الفريضة الحاضرة وضبط انصاف الليل ومعرفتها ومعرفة طلوع الشمس وغروبها وضبطها بحيث يتحقق اتمام
الحاضرة عنده ولا شك في كون هذه الأشياء من أعظم الحرج وأشد العسر والضيق فيكون منفيا بالآية وكذلك ما ذكر جماعة منهم من الاقتصار على أقل ما يتحقق به التفتيش (التعيش)
يتضمن حرجا وعسرا عظيما وتعطيلا للأمور وتفويتا للأغراض وقد يدعى الاجماع من فقهاء الاعصار والامصار على بطلان ذلك قاله المحقق والمصنف احتج القائلون بالمضايقة
بوجوه الأول الاجماع نقله الشيخ في الخلاف وابن زهرة واحتج به الثاني طريقة الاحتياط إذ به تحصل براءة الذمة يقينا الثالث قوله تعالى أقم الصلاة لذكري بناء على أن
معناها أقم الصلاة لذكر صلوتي على أن يكون المضاف مقدرا أو يكون معناها أقم الصلاة لذكري الصلاة بناء على أن المذكور هو الله تعالى الرابع دلت النصوص
على الامر بالقضاء عند التذكر والامر للفور ويلزم منه بطلان الحاضرة في سعة الوقت لان الامر بالشئ يستلزم النهي عن ضده والنهي بالعبادة يستلزم الفساد
الخامس قوله تعالى لا صلاة لمن عليه صلاة السادس الروايات منها ما رواه الشيخ بطريقين أحدهما من الصحاح ذكره في باب المواقيت من الزيادات والاخر من
الحسان لإبراهيم بن هاشم أورده في التهذيب في موضعين ورواه الكليني بالطريق الثاني عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام انه سئل عن رجل صلى بغير طهور أو نسى صلوات لم يصلها
أو نام عنها فقال يقضيها إذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار فإذا دخل وقت صلاة ولم يتم ما قد فاته فليقض ما لم يتخوف ان يذهب وقت هذه الصلاة التي قد
حضرت وهذه أحق بوقتها فليصلها فإذا قضاها فليصل ما قد فاته مما قد مضى ولا يتطوع بركعة حتى يقضي الفريضة وفي المواضع الثلاثة في التهذيب اختلافا في المتن و
منها ما رواه الشيخ والكليني عن زرارة بطريقين أحدهما من الحسان لإبراهيم بن هاشم والاخر من الضعاف لمحمد بن إسماعيل الراوي عن الفضل عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا
نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء صلوات فابدأ بأولهن فاذن لها وأقم ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة قال وقال أبو جعفر عليه السلام
وان كنت قد صليت الظهر وقد فاتتك الغداة فذكرتها فصل اي ساعة ذكرتها ولو بعد العصر ومتى ما ذكرت صلاة فاتتك صلها وقال إن نسيت الظهر حتى صليت العصر
فذكرتها وأنت في الصلاة أو بعد فراغك فاتوها الأولى ثم صلى العصر فإنما هي أربع مكان أربع وان ذكرت انك لم تصل الأولى وأنت في صلاة العصر وقد صليت
منها ركعتين فصل الركعتين الباقيتين وقم فصل العصر وان كنت ذكرت انك لم تصل العصر حتى دخل وقت المغرب ولم تخف فوتها فصل العصر ثم صل المغرب وان كنت قد صليت
المغرب فقم فصل العصر وان كنت قد صليت من المغرب ركعتين ثم ذكرت العصر فاتوها العصر ثم سلم ثم صل المغرب وان كنت قد صليت العشاء الآخرة ونسيت المغرب (فيه فصل المغرب) وان
كنت ذكرتها وقد صليت من العشاء الآخرة ركعتين أو قمت في الثالثة فاتوها المغرب ثم سلم ثم قم فصل العشاء الآخرة وان كنت قد نسيت العشاء الآخرة حتى
صليت الفجر فصل العشاء الآخرة وان كنت ذكرتها وأنت في ركعة أو في الثانية من الغداة فاتوها العشاء ثم قم فصل الغداة واذن وأقم وإن كانت المغرب والعشاء
قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل ان تصل الغداة ابدأ بالمغرب ثم العشاء وان خشيت ان تفوتك الغداة ان بدأت بهما
فابدأ بالمغرب ثم بالغداة ثم صل العشاء وان
211

خشيت ان تفوتك صلاة الغداة ان بدأت بالمغرب فصل الغداة ثم صل المغرب والعشاء ابدا بأولهما لأنهما جميعا قضاء أيهما ذكرت فلا تصلهما لا بعد شعاع
الشمس قال قلت لم ذاك قال لأنك لست تخاف فوته وفي عبارة التهذيب وفي اختلافات متن الحديث في الجملة ومنها ما رواه الشيخ والكليني عن عبيد بن زرارة باسناد فيه القسم
بن عروة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا فاتتك صلاة فذكرتها في وقت أخرى فان كنت تعلم انك إذا صليت التي قد فاتتك كنت من الأخرى في وقت فابدأ بالتي فاتتك فان الله عز
وجل يقول أقم الصلاة لذكري وان كنت تعلم انك إذا صليت التي فاتتك فاتتك التي بعدها فابدأ بالتي أنت في وقتها وأقم للأخرى ومنها قوله عليه السلام في صحيحة زرارة السابقة
عند شرح قول المصنف والنوافل ما لم يدخل وقتها من نسى شيئا من الصلوات فليصلها إذا ذكرها فان الله عز وجل يقول أقم الصلاة لذكري ومنها ما رواه الشيخ باسناد
ضعيف بسهل بن زياد ومحمد بن سنان عن أبي بصير قال سئلته عن رجل نسى الظهر حتى دخل وقت العصر قال تبدأ بالمكتوبة وكذلك الصلاة وتبدأ بالتي نسيت الا ان تخاف ان
تخرج وقت الصلاة فتبدأ بالتي أنت في وقتها ثم تقضي التي نسيت ورواه الكليني بعيني الاسناد وتفاوت في المتن فإنه اورده هكذا قال تبدأ بالظهر وكذلك الصلاة
تبدأ بالتي نسيت إلى اخر الخبر والمعنى بتفاوت عند التأمل ومنها رواه الشيخ والكليني باسناد ضعيف لعلي بن محمد عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام
انه سئل عن رجل نسى صلاة حتى دخل وقت صلاة أخرى فقال إذا نسى الصلاة أو نام عنها صل حين يذكرها وان ذكرها مع امام في صلاة المغرب أتمها بركعة ثم صلى
المغرب ثم صلى العتمة بعدها وإن كان صلى العتمة وحده فصلى منها ركعتين ثم ذكر انه نسى المغرب أتمها بركعة فيكون صلاته للمغرب ثلث ركعات ثم يصلي العتمة
بعد ذلك ومنها ما رواه الكليني والشيخ عن صفوان باسناد فيه محمد بن إسماعيل الراوي عن الفضل عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عن رجل نسى الظهر حتى غربت الشمس وقد
كان صلى المغرب فقال كان أبو جعفر عليه السلام وكان أبي عليه السلام يقول إن امكنه ان يصليها قبل ان يفوته المغرب بدا بها صلى المغرب ثم صلاها ومنها ما رواه الشيخ في باب
القبلة باسناد ضعيف عن معمر بن يحيى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى على غير القبلة ثم تبين له القبلة وقد دخل وقت صلاة أخرى قال يصليها قبل ان يصلي
هذه التي دخل وقتها الا ان يخاف فوت التي دخل وقتها ومنها ما رواه الشيخ في باب القبلة باسناد أضعف من الأول عن عمرو بن يحيى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
رجل صلى على غير القبلة ثم تبينت له القبلة وقد دخل في وقت صلاة أخرى قال يعيدها قبل ان يصلي هذه التي قد دخل وقتها ومنها الاخبار الخمس وهي مروية
في الكتب بطرق متعددة ولتذكر منها خبرا واحدا من الصحاح لحصول الغرض بذلك روى معاوية بن عمار في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول خمس صلوات لا تترك
على كل حال إذا طفت بالبيت وإذا أردت ان تحرم وصلاة الكسوف وإذا نسيت فصل إذا ذكرت والجنازة والجواب عن الأول بمنع الاجماع مع مخالفة من ذكر من
القائلين بالمواسعة وعن الثاني بأنه يقتضي الأولوية لا الوجوب وعن الثالث بان حمل الآية على المعنى الذي ذكروه خلاف الظاهر وللآية معاني كثيرة ذكرها المفسرون
وأكثرها أظهر مما ذكروا فكيف يتعين الحمل عليه منها لذكرى اي لتذكرني فان ذكرى ان أعبد وتصلى ولتذكر فيها لاشتمال الصلاة على الاذكار فكأنه قيل لكونها
ذكرى أو لذكرى فيها أولا اني ذكرتها في الكتب وأمرت بها أولا ان أذكرك بالمدح والثناء واجعل لك لسان صدق أو لذكرى خاصة لا يشوبه بذكر غيري أو لاخلاص
ذكري وطلب وجهي لا ترائي بها ولا تقصد بها غرضا اخر أو ليكون لي ذاكرا غير ناس أو لأوقات ذكري وهي مواقيت الصلاة فان قلت قد علل عليه السلام في روايتي عبيد وزرارة
السابقتين وجوب الفائتة وعند التذكر والبداة بها بالآية وهذا يقتضي حمل الآية على ما ذكروا فما الوجه فيما قلتم قلت ينبغي ان يحمل الخبران على أن التعليل
تعليل لوجوب الاتيان بالفائتة فكأنه عليه السلام قال يجب الاتيان بالفائتة لان الله تعالى أمر بإقامة الصلوات ومنها الفائتة التي لم يؤدها فيجب عليه اداؤها عند التذكر
وهذا الوجه في صحيحة زرارة مستقيم من غير تكلف واما اجزاؤها في الخبر الآخر فلا يصفو عن شوب التكليف الا ان ارتكابه أهون من حمل الآية على خلاف الظاهر وقد
يجاب عن الآية بعد تسليم المعنى الذي ذكرها المستدل بان الامر غير دال على الفورية فلا يتم دلالة الآية على مدعاه وفيه نظر لان الآية على هذا الحمل دالة
على تعيين زمان المأمور به والاخلال به يوجب عدم الاتيان بالمأمور به لا يقال الحقيقة غير مرادة إذ لا يمكن الاتيان بالصلاة في زمان التذكر لأنا نقول إذا تعذرت
الحقيقة يحمل اللفظ على أقرب المعاني إليها فيجب الاتيان بها بعد التذكر بلا فصل يعتد به على أن هذا المعنى ينساق إلى الذهن في أمثال هذه المواضع عرفا و
عن الرابع بمنع ان الامر للفور قال في المعتبر ولو قالوا ادعى المرتضى ان أوامر الشرع على التضيق قلنا يلزمه ما عمله واما نحن فلا نعلم ما ادعاه والأولى للمستدل
أن يقول وقع الامر بالفائتة عند التذكر ومقتضى ذلك عدم جواز التأخير بالتقريب الذي أشرنا إليه وحينئذ فالجواب ان النصوص محمولة على بيان زمان مبدء
الوجوب أو على الاستحباب جمعا بينها وبين ما دل على المواسعة وعن الخامس انه ضعيف السند فإنه ذكره الشيخ في المبسوط والسيد مرسلا فلا يصح التعويل عليه سلمنا لكن
لا دلالة على نفي الصحة فيجوز ان يكون محمولا على نفي الكمال ولقائل أن يقول نفي الصحة أقرب المعاني إلى الحقيقة فيجب ان يحمل عليه لكونه أظهر ويمكن المناقشة فيه بان
ايراد مثل هذا الكلام في نفي الكمال شايع شيوعا إما يوجب الشك في الظهور المذكور سلمنا لكن تخصيص الصلاة في قوله عليه السلام من عليه صلاة بالقضاء لا وجه
له لعمومها بالنسبة إلى القضاء والأداء فيمكن حملها على الأداء ويكون المعنى لا صلاة قضاء لمن عليه صلاة أداء أو يكون المعنى لا صلاة مطلقا لمن كان في وقت الصلاة و
يؤيد ذلك ما رواه علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن صلاة الجنائز إذا احمرت الشمس أيصلح أو لا قال لا صلاة في وقت صلاة وقال إذا وجبت الشمس فصل المغرب ثم
صل على الجنازة ولقائل أن يقول الحمل على الأداء يوجب مخالفة الاجماع للاتفاق على جواز الفائتة في وقت الحاضرة فالصواب ان يقال الصلاة أعم من الأداء و
القضاء وتخصيصه بأحدهما ترجيح من غير مرجح فيحمل على المعنى الأعم ويخص الصلاة المنفي بالنافلة وحينئذ يكون النفي محمولا على الأفضلية جمعا بينها (وبين ما دل) على جواز النافلة
في وقت الفريضة ويحتمل ان يقال المراد لا صلاة لمن عليه صلاة على سبيل التضييق حذرا عن ارتكاب التخصيص والجواب عن الروايات إما اجمالا فبان يقال قد ذكرنا
اخبارا كثيرة دالة على المواسعة بوجه لا يقبل التأويل وأكثرنا من الشواهد والامارات المؤكدة لها بحيث يذهب الشك ويزول الارتياب وهذه الأخبار قابلة
للتأويلات القريبة فيتعين (فتعين) التأويل فيها لان الجمع مقدم على الاطراح واما تفصيلا فيه ان طرق التأويل فيها واما الرواية الأولى فيمكن تأويلها بأحد وجوه
ثلثة إما الحمل على الاستحباب ويؤيده انه يوجب السلامة عن التخصيص فان الصلاة الفائتة المنسية في الخبر أعم من الفريضة والنافلة إذ لا تخصيص واما الحمل
على التقية واما الحمل على أن المراد انه إذا دخل في الصلاة ولم يتمها دخل وقت الحاضرة فإنه يتم الفائتة ثم يشتغل بالحاضرة وفي بعض مواضع التهذيب فإذا دخل وقت
صلاة ولم يتم ما قد فاته فليمض بدل فليقض وهذا التأويل فيها انسب واما الرواية الثانية فبالتأويلين الأولين وكذا الثالثة ويحتمل فيها تأويل اخر وهو تخصيصها
بالصلاة المشتركة في الوقت كالظهرين والعشائين فيحمل على نسيان الظهر في وقت العصر والمغرب في وقت العشاء واما الرابعة فقد مر وجه التأويل فيها واما
212

الخامسة فبان يقال بعد الإغماض عن السند المراد بالمكتوبة العصر كما هو الظاهر والمراد بوقت العصر الوقت المختص بها والمراد بالموصول في قوله وتبدأ بالتي نسيت العهد
إشارة إلى الظهر لا على العموم ولا يجرى هذا التأويل في الرواية المذكورة على الوجه الذي في الكافي فيتعين فيها أحد التأويلات المذكورة واما السادسة فبالحمل على
الاستحباب أو التقية بعد الإغماض عن السند واما السابعة فبأحد الوجهين المذكورين ويحتمل وجها اخر وهو ان يقال المراد تقديم الفائتة إذا لم تزاحم زمان فضيلة
الحاضرة ولعل في الخبر اشعارا بذلك ففيه اشعار بالمواسعة واما وجه التأويل في الثامنة والتاسعة فظاهر مما سلف في نظائرهما مع أن ظاهرهما مخالف لما سيجئ في احكام
القبلة من عدم الإعادة خارج الوقت في الصورة المفروضة واما اخبار الخمس فمحمول على الوجوب على سبيل المواسعة أو على الاستحباب التضييق كما في بعض قرانة
المسبحة وهو الطواف والاحرام ويؤيد ذلك عموم المنسية بالنسبة إلى النوافل على أن فيها دلالة على جواز الأربعة الأخرى في كل وقت ومن ذلك ما إذا كان عليه
القضاء وهذا ينافي المضائقة ومما ذكرنا يظهر الجواب عن الأخبار الدالة على الامر بها عند التذكر سوى ما ذكرنا من الاخبار وقد يستدل على المضائقة بما
رواه المشايخ الثلاثة في التهذيب وفي والفقيه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قلت له اخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل ما لا يدري ما هو من كثرتها كيف يصنع
قال فليصل حتى لا يدري كم صلى من كثرتها فيكون قد قضى بقدر ما علمه من ذلك قال فقلت انه لا يقدر على القضاء فقال إن كان شغله في طلب معيشة لابد منها
أو حاجة لأخ مؤمن فلا شئ عليه وإن كان شغله للجمع للدنيا والتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء والا لقى الله عز وجل وهو مستخف متهاون مضيع لحرمة
رسول الله صلى الله عليه وآله والحديث طويل نقلنا موضع الحاجة والاستدلال بهذا الخبر على أن وجوب المضائقة عجيب جدا احتج المحقق ومن تبعه على وجوب تقديم الفائتة الواحدة
برواية صفوان المذكورة وعدها جماعة من الصحاح والجواب ان هذه الرواية غير نفي السند لان في طريقها محمد بن إسماعيل عن الفضل وقد مر انه في غير ثقة ولا ممدوح و
نعم لا يخلو عن قوة فيصلح ان يخرج شاهدا والاعتماد عليه منفردا مشكل مع أنها معارضة برواية علي بن جعفر المنقولة من كتاب قرب الإسناد وصحيحة عيص المنقولة من كتاب
الحسين بن سعيد وحملها على الاستحباب حمل واضح هذا مع ما عرفت من الاشعار فيها بالمواسعة وكون تخصيص المضائقة بالفائتة الواحدة قولا غير معروف الا عن المحقق كل
ذلك مع معارضتها للآيات والعمومات التي أشرنا إليها فاذن يضعف التعويل على هذه الرواية والاستناد إليها في الحكم المذكور احتج المصنف في المختصر على ما اختاره
من تقديم فائتة اليوم برواية صفوان وعدها من الصحاح ولحسنة زرارة الطويلة وعدها من الصحاح أيضا ثم قال لا يقال هذا الحديث يدل على وجوب الابتداء
بالقضاء في اليوم الثاني لأنه عليه السلام قال وإن كانت المغرب والعشاء قد فاتتاك جميعا فابدأ بهما قبل ان تصلي الغداة إن كان الامر للوجوب والا سقط الاستدلال
به لأنا نقول جاز ان يكون للوجوب في الأول دون الثاني الدليل فإنه لا يجب من كونه للوجوب مطلقا كونه للوجوب في كل شئ ثم قال ولان كل صلاة متأخرة يجب
اداؤها بعد المقدمة عليها لوجوب الترتيب ولأنه ظهر يوم مثلا فيجب بعد صبحه لا يقال انما يجب ذلك لو بقى وقت الصبح إما إذا اخرج وصارت قضاء في الذمة فلم قلتم
بوجوب بقاء التقديم لأنا نقول التقديم واجب في نفسه وايقاع الغداة في وقتها واجب اخر ولا يلزم من فوات الواجب الثاني فوات الأول انتهى والجواب عن الرواية
الأولى قد سلف مع كونها غير وافية بتمام مدعاه وعن الثاني ان الأوامر في اخبارنا ان ثبت ظهورها في الوجوب فإنه ظهور ضعيف يزول بأدنى معارض وقد
عرفت معارضة رواية علي بن جعفر وعيص والآيات والعمومات الكثيرة والأدلة الدالة على أفضلية أول الوقت واستعماله في قرائته على الاستحباب أيضا يضعف
الظهور المذكور وكون تخصيص التقديم بفائتة اليوم مذهبا نادرا مع عدم صحة الرواية أيضا مؤيد لعدم الحكم بالوجوب ثم ما ذكره من وجوب تقديم المتقدمة ان
أراد انه واجب (طبيعته وجوبها في وقتها المضروب لها شرعا فمسلم لكن لا يلزم وجوب التقديم عند خروج الوقت وان أراد به انه واجب) استقلالا فممنوع وأي دليل عليه ومن هنا ظهر سقوط قوله ولأنه ظهر يوم فيجب بعد صبحه بقى في المقام شئ اخر وهو انه وقع الامر بتقديم الفائتة في
عدة من الاخبار وعمل بها المتأخرون على جهة الاستحباب وقد وقع الامر بتقديم الحاضرة في عدة من الاخبار وعمل بها ابنا بابويه وجماعة من المتقدمين والجمع بين الروايات
في غاية الاشكال فيمكن ترجيح الأول ترجيحا للاخبار زرارة على غيرها لكون زرارة من أعاظم الفضلاء النقاد والضابطين مع اشتهار تلك الأخبار بين الطائفة جدا
ويمكن ترجيح الثاني وحمل ما دل على تقديم الفائتة على التقية لكون ذلك مذهب أكثر العامة مع اعتضاد تقديم الحاضرة بما دل على أفضلية أول الوقت ويمكن
القول بالتخيير وهذا يرجع إلى أن يقال الامر في تلك الأخبار مستعملة في الرخصة والإباحة الصرفة أو يخص ما دل على تقديم الفائتة بصورة لا يزاحم زمان فضيلة
الحاضرة أو لا يوجب فوات زمان فضلها ويخص ما دل على تقديم الحاضرة بما عدا ذلك وفيه بعد يظهر عند التأمل في الاخبار ومع ذلك لا يجرى في بعض الأخبار فتدبر
جدا
المقصد الثالث في الاستقبال يجب استقبال الكعبة مع المشاهدة وجهتها مع البعد في فرائض الصلوات وهيهنا أبحاث الأول في تحقيق
القبلة وهي في اللغة الحالة التي عليها الانسان حال استقبال الشئ ثم نقلت في العرف إلى ما يجب استقبال عينه أو جهته في الصلوات المفروضة واختلف الأصحاب
فيما يجب استقباله فذهب المرتضى وابن الجنيد وأبو الصلاح والمحقق في المعتبر والنافع والمصنف وأكثر المتأخرين إلى أنه عين الكعبة لمن يتمكن من العلم بها من غير
مشقة كثيرة عادة كالمصلي في بيوت مكة وجهتها لغيرها وذهب الشيخان وجماعة من الأصحاب منهم سلار وابن
البراج وابن حمزة والمحقق في الشرائع إلى أن الكعبة
قبلة لمن كان في المسجد والمسجد قبلة لمن كان في الحرم والحرم قبلة لمن كان خارجا عنه ورواه الصدوق في الفقيه ونسبه في الذكرى إلى أكثر الأصحاب ونسبه في المختصر إلى
ابن زهرة والذي اطلعت عليه ما ذكره في الغنية حيث قال القبلة هي الكعبة فمن كان مشاهدا لها وجب عليه التوجه إليها ومن شاهد المسجد الحرام ولم يشاهد الكعبة
وجب عليه التوجه إليه ولم يشاهده توجه نحوه بلا خلاف ولم يذكر ان الحرم قبلة من نأى عنه والظاهر أنه لا خلاف بين الفريقين في وجوب التوجه إلى الكعبة للمشاهد
ومن هو بحكمه وإن كان خارج المسجد فقد صرح به من أصحاب القول الثاني الشيخ في المبسوط وابن حمزة في الوسيلة وابن زهرة في الغنية ونقل المحقق الاجماع
عليه لكن ظاهر كلام الشيخ في النهاية والخلاف يخالف ذلك فاذن التعويل عليه بمسلك الاجماع مشكل ثم الظاهر أن الفريق الثاني أيضا متفقون على أن فرض الثاني اعتبار
الجهة لا وجوب التوجه إلى عين الحرم وان لم يصرحوا بذلك للاتفاق على وجوب التعويل على الامارات عند تعذر المشاهدة ومن الظاهر عند كل أحد ان الامارات
لا تفيد العلم بالمقابلة الحقيقية خصوصا مع تصريحهم بموافقة امارات البلاد المتباعدة كعراق وخراسان وغيرهما لكن المتأخرون فهموا من كلام أصحاب الفريق الثاني
عدم اعتبار الجهة فقالوا يلزم عليهم خروج بعض الصف المستطيل عن سمت القبلة ويشهد بهذا الفهم كلام الشيخ في الخلاف كما سيجئ ومما يدل على القول الأول
ما رواه علي بن إبراهيم باسناده إلى الصادق ان النبي صلى الله عليه وآله صلى بمكة إلى بيت المقدس ثلث عشرة سنة وبعد هجرته صلى بالمدينة سبعة أشهر ثم وجهه الله إلى الكعبة وذلك أن
اليهود كانوا يعيرون رسول الله صلى الله عليه وآله ويقولون له ان أنت تابع لنا تصلي إلى قبلتنا فاغتم لذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وخرج في جوف الليل ينظر إلى افاق السماء ينتظر
213

من الله في ذلك فلما أصبح وحضر وقت صلاة الظهر كان في مسجد بني سالم قد صلى من الظهر ركعتين فنزل جبرئيل فاخذ بعضده فحوله إلى الكعبة وانزل عليه قد نرى تقلب وجهك
في السماء فلنولينك قبلة ترضيها فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وكان قد صلى ركعتين إلى بيت المقدس وركعتين إلى الكعبة وفي
الفقيه نحو منه الا أنه قال صلى بالمدينة تسعة عشر شهرا وزاد انه بلغ الخبر مسجدا بالمدينة وقد صلى أهله من العصر ركعتين فحولوا نحو القبلة فكانت أول صلاتهم إلى
البيت المقدس واخرها إلى الكعبة فسمى ذلك المسجد مسجد القبيلتين (القبلتين) وما رواه الشيخ في الموثق عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله قال قلت له متى صرف رسول الله إلى
الكعبة قال بعد رجوعه من بدر وليس في طريق هذه الرواية من يتوقف في شانه الا الطاطري إذ هو واقفي لكنه ثقة والظاهر أن هذه الرواية منقولة من كتاب القبلة له و
قد نص الشيخ في الفهرست على أن الطاطري روى كتبه عن الرجال الموثوق بهم وبروايتهم وفي طريق هذه الرواية وهب وهو مشترك بين الثقة والمجهول لكن رواية الطاطري
عنه يرجح كونه الثقة للوجه الذي أشرنا وعن أبي بصير عن أحدهما قال إن بني عبد الأشهل اتوهم وهم في الصلاة قد صلوا ركعتين إلى بيت المقدس فقيل لهم ان نبيكم قد صرف
إلى الكعبة فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء وجعلوا الركعتين الباقيتين إلى الكعبة فصلوا صلاة واحدة إلى القبلتين فلذلك سمى مسجدهم مسجد
القبلتين وما رواه الكليني في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته هل كان رسول الله يصلي إلى بيت المقدس قال نعم فقلت أكان
يجعل الكعبة خلف ظهره فقال إما إذا كان بمكة فلا وأما إذا هاجر إلى المدينة فنعم حتى حول إلى الكعبة احتج الشيخ رحمه الله باجماع الفرقة وبما رواه عن عبد الله بن محمد الحجال عن بعض
رجاله عن أبي عبد الله عليه السلام ان الله جعل الكعبة قبلة لأهل المسجد وجعل المسجد قبلة لأهل الحرم وجعل الحرم قبلة لأهل الدنيا ومثله روى أبو الوليد الجعفي عن أبي عبد الله عليه السلام
ومثله روى ابن بابويه في كتاب علل الشرايع باسناد لا يخلو عن قوة عن أبي عبد الله عليه السلام وبان المحذور في استقبال عين الكعبة لازم لمن أوجب استقبال جهتها لان لكل مصل جهة والكعبة
لا تكون في الجهات كلها ولا كذلك التوجه إلى الحرم لأنه طويل يمكن ان يكون كل واحد متوجها إلى جزء منه وفي أدلة الطرفين نظر إما الأول فلعدم صحة الروايات مع معارضتها
بالاخبار الأخيرة المعتضدة بالشهرة وبما رواه الكليني عن علي بن محمد رفعه قال قيل لأبي عبد الله عليه السلام لم صار الرجل ينحرف في الصلاة إلى اليسار فقال لان الكعبة ستة حدود
أربعة منها على يسارك واثنان منها على يمينك فمن أجل ذلك وقع التحريف على اليسار ونقله الشيخ في التهذيب وزاد عليه وسئل المفضل بن عمر أبا عبد الله عليه السلام عن التحريف لأصحابنا
ذات اليسار عن القبلة وعن السبب فيه فقال إن الحجر الأسود لما انزل به من الجنة ووضع في موضعه جعل انصاب الحرم من حيث يلحقه النور نور الحجر فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال
وعن يسارها ثمانية كله اثنا عشر ميلا فإذا انحرف الانسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة انصاب الحرم وإذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة ورواه ابن
بابويه في كتاب علل الشرايع مسندا عن المفضل باسناد ضعيف ويمكن حمل الأخبار الدالة على المسامحة في التأدية من حيث إن الكعبة أشرف اجزاء الحرم وأعظمها والمنظور إليه وهي المفخر
والمطاف والمزار ويعين على هذا كون الكعبة قبلة عند جمهور العامة فلعله تسامح في التأدية لئلا يخالف ظاهر الكلام مذهب جمهور العامة فإنه أقرب إلى الاحتياط والتقية
واما الاخبار فلمنع ثبوت الاجماع في محل النزاع واما الروايتان فسندها ضعيف جدا وحملها الشهيد في الذكرى على أن المراد بالمسجد والحرم جهتهما وانما ذكرهما على
سبيل التقريب إلى افهام المكلفين اظهارا لسعة الجهة وقوله إن المحذور يلزم في ايجاب استقبال الجهة كما يلزم في عين الكعبة ممنوع لأنا نعني بالجهة السمت الذي اقتضت التوجه
إليه رعاية الأمارات الشرعية لا نفس البينة وذلك من الامتناع بمكان على أن الالزام في الكعبة لازم في الحرم وإن كان طويلا وتحقيق المقام ان الاخبار من الطرفين
متعارضة فيمكن ترجيح الاخبار الأولة لقوة أسانيدها بالنسبة إلى الأخبار الكثيرة ويمكن ترجيح الأخبار الأخيرة لاعتضادها بالشهرة ومخالفة العامة وكون التأويل
فيها أبعد والآية غير دالة على أحد المذهبين لان ظاهرهما من اعتبار جهة المسجد مطلقا غير مطابق لشئ منهما فيحمل على أن المراد بالمسجد الكعبة لكونها مسجدا والحرام صفة
له كما في قوله تعالى البيت الحرام أو تسميته للجزء باسم الكل لان عنوان المسجد أحق برعاية التعظيم وأنسب باستحقاق التكريم من عنوان البيت وحينئذ يطابق القول الأول أو يحمل على أن
المراد بالمسجد الحرم تسمية للكل باسم أشرف اجزائه اشعارا بالتعظيم أو لمشاركته مع المسجد في وجوب الاحترام ولكونه مسجدا في الحقيقة كما نقل ذلك عن ابن
عباس وعن عطار منه في قوله تعالى فلا يقربوا المسجد الحرام ان المراد بالمسجد الحرام الحرم وعن ابن عباس ان المراد بالمسجد هنا الحرم وقيل ذلك في قوله تعالى سبحان الذي
اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام لاحاطته بالمسجد وشدة البناء به وحينئذ يطابق القول الثاني والترجيح الواضح لا يخلو عن اشكال فاذن ظهر من هذه الجملة ان المسألة محل
تردد ومقتضى التردد العمل بالقول الأول تحصيلا للبراءة اليقينية من التكليف الثابت ولا خفاء في بطلان القول الثاني ان قصد القائلون به ففي اعتبار الجهة و
حيث اتفق الفريقان جميعا على أن فرض النائي التعويل على الامارات ارتفعت ثمرة الخلاف بالنسبة إليهم ثم الظاهر من مذهب الأصحاب وغيرهم ان فرض القريب استقبال
العين واحتج عليه في المعتبر باجماع العلماء كافة على ذلك وان لم يثبت الاجماع المذكور كان للمنازعة في الحكم المذكور طريق فان مقتضى الآية الشريفة
وجواب استقبال شطر المسجد والشطر في اللغة الجانب والجهة والناحية من البين ان تحصيله أهون مؤنة من تحصيل مقابلة العين ثم لا يخفى ان المعتبر
بالنسبة إلى البعيد اعتبار الجهة ويدل عليه الآية وما رواه المصنف في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا صلاة الا إلى القبلة قال له أين حد القبلة
قال ما بين المشرق والمغرب قبلة كله وفي الصحيح عن معاوية بن عمار انه سئل عن الصادق عليه السلام عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد
انحرف عن القبلة يمينا أو شمالا فقال قد مضت صلاته وما بين المشرق والمغرب قبلة وما رواها الشيخ باسناد حسن وللأصحاب اختلاف كثير في تعريف
الجهة ولا يكاد يوجد تعريف يسلم عن الخلل لكن هذا الاختلاف قليل الفائدة في أمر الدين بعد اتفاق الكل على أن فرض البعيد رعاية العلامات المقررة
والتوجه إلى السمت الذي عينه رعاية تلك العلامات فالأولى إناطة تعريفها بذلك والمستفاد من الأدلة الشرعية ان أمر القبلة هين مسامح سهل الخطب فيه وانه
يكفي فيه التوجه إلى ما يصدق عليه عرفا انه جهة المسجد وناحيته والذي يدل على ذلك الآية وقول أبي جعفر والصادق عليه السلام ما بين المشرق والمغرب قبلة و
قوله عليه السلام ضع الجدي على قفاك وصل فان بناء الامر على هذه العلامة التي تختلف بحسب اختلاف المواضع اختلافا فاحشا فيه من التوسعة ما لا يخفى وخلو
الاخبار عما زاد على ذلك وكذا كتب الأقدمين مع شدة الاحتياج وتوفر الدواعي على النقل والمعرفة وعموم اشفاقهم بالنسبة إلى شيعتهم مما يؤيد ذلك
والظاهر أنه يجب الاستعانة بعلم الهيئة وتعلم مسائله لأنه علم دقيق مسائلها مبنية على مقدمات دقيقه يحتاج تحصيلها إلى زمان طويل وتحمل اتعاب بالغ والتكليف
بذلك لجمهور الناس مخالف لما يعلم من قوانين الشرع مباين للشريعة السهلة السمحة ولو كان ذلك واجبا لكان الظاهر منه ان يكون في طريق الأصحاب خبرا ويجئ به اثر
فلما لم يكن في الاخبار ولا عمل المتقدمين علمنا انتفاؤه مع أن غاية ما يحصل منه بعد بذل تمام السعي التخمين لا العلم واليقين الثاني جهة القبلة هي الكعبة لا البنية
214

فلو زالت البنية صلى إلى جهتها كما يصلي من هو أعلى موقفا أو اخفضن محلا منها فالقبلة محلها من تخوم الأرض إلى أعيان السماء وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء
ويدل عليه مضافا إلى ذلك الآية ما رواه الشيخ في اخر أبواب الزيادات (من كتاب الصلاة) في التهذيب في الموثق للطاطري عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن رجل قال صليت
فوق أبي قبيس العصر فهل يجزى والكعبة تحتي قال نعم انها قبلة من موضعها إلى السماء وفي الباب المذكور في الصحيح عن عبد الله بن مسكان عن خالد بن أبي إسماعيل قال قلت لأبي
عبد الله عليه السلام الرجل يصلي على أبي قبيس مستقبل القبلة قال لا باس وفي بعض نسخ التهذيب خالد أبي إسماعيل وهو غير موثق في كتب الرجال والأصحاب صرحوا بان المصلى بمكة يجب
عليه مشاهدة الكعبة لقدرته على اليقين ولو نصب محرابا أو علامة بعد المشاهدة جاز وكذا الذي نشأ بمكة وتيقن الإصابة ولو شك وجبت المعاينة بالترقي
إلى موضع مرتفع ولا يكفي الاجتهاد بالعلامات لأنه عدول عن اليقين بالظن مع القدرة على اليقين ولو تعذر عليه كالمحبوس جاز وكذا من هو بنواحي الحرم
وهل يكلف الصعود على الجبال ليرى الكعبة الظاهر لا إن كان فيه عسر وحرج وأوجب الشيخ والمصنف في بعض كتبهما صعود الحبل (الجبل) مع القدرة الثالث المنقول من ظاهر كلام
الأصحاب ان الحجر من الكعبة وبه جزم المصنف في النهاية والمستفاد من النصوص الصحيحة خلاف ذلك ولا يجوز استقباله في الصلاة وان وجب ادخاله في الطواف فمن ذلك صحيحة
معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الحجر أمن البيت هو أو فيه شئ من البيت قال لا ولا قلامة ظفر ولكن إسماعيل دفن امه فيه فكره ان يوطأ فحجر عليه حجرا
وفيه قبور أنبياء قال الشهيد في الذكرى وقد دل النقل على أنه كان منها في زمن إبراهيم وإسماعيل إلى أن بنت قريش الكعبة فأعوزتهم الآلات فاختصروها بحذفه
وكان كذلك في عهد النبي صلى الله عليه وآله ونقل عنه صلى الله عليه وآله الاهتمام بادخاله في بناء الكعبة وبذلك احتج ابن الزبير حيث ادخله فيها ثم أخرجه الحجاج ورده إلى ما كان انتهى والنقل الذي
ذكره لم اطلع في طرق الأصحاب الرابع يجب الاستقبال في فرائض الصلوات يومية كانت أو غيرها الا صلاة الخوف بالاجماع ويدل عليه مضافا إلى الاجماع
الآية بمعونة ما رواه ابن بابويه في باب القبلة في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام ثم استقبل القبلة بوجهك ولا نقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك فان الله
عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وآله في الفريضة فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره واما الآية بانفرادها ففي دلالتها على العموم تأمل ولا يخفى انه لا يدل
الخبر على عموم الحكم بالنسبة إلى ما عد الصلوات اليومية لدلالة غير واحد من الاخبار على أن ما فرض الله من الصلاة منحصر في الصلوات الخمس وإفادة هذا المعنى من
الفريضة في الخبر غير بعيد على أن حمل المفرد المعرف باللام على الفرد المتبادر المنساق إلى الذهن غير بعيد على ما أشرنا إليه مرارا واما الآية بانفرادها فغاية ما يستفاد
منها عند التأمل وجوب التولية مطلقا إما محلها وعمومها وتكررها فلا والصواب ان يستدل عليه بما دل على الشرطية كقوله صلى الله عليه وآله في صحيحة زرارة السابقة لا صلاة الا إلى
القبلة ويؤيده ما رواه ابن بابويه في الصحيح في الباب المذكور عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود إلى غير
ذلك من الاخبار والاستدلال بالشرطية على الوجوب انما يتم على القول بوجوب مقدمة الواجب كما هو المحقق ويدل على الوجوب ما رواه الكليني في الصحيح في باب فرض
الصلاة عن زرارة قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة فقال الوقت والطهور والقبلة والتوجه والركوع والسجود والدعاء قلت ما سوى ذلك قال سنة مفروضة
لكن دلالتها على العموم بالنسبة إلى ما عد اليومية غير واضح كما أشرنا إليه ويدل عليه أيضا اخبار أخرى لكن اغنانا عن الاشتغال بنقلها وبيان دلالتها حصول الكفاية بما ذكرنا
ويجب الاستقبال أيضا عند الذبح كما سيجئ في محله واحتضار الميت وقد مر تحقيقه ودفنه والصلاة عليه وسيجئ تحقيقه إن شاء الله تعالى ويستحب النوافل والظاهر أن ذلك اتفاقي
بين الأصحاب ويدل عليه التأسي فان ذلك معلوم من فعل النبي والأئمة ولقوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي وعموم قولهم عليهم السلام (قوله عليه السلام) أفضل المجالس ما استقبل به القبلة وظاهر كلام المصنف
انه يجوز صلاة النافلة في حال الحضر والاختيار إلى غير القبلة ويجوز ان يكون مراده الاستحباب مع الشرطية ويصلي اي النوافل على الراحلة (إما جواز صلاة النافلة على الراحلة) سفرا فقال المحقق ان عليه اتفاق
علمائنا سواء كان السفر طويلا أو قصيرا ونقل الاتفاق عليه أيضا المصنف في المنتهى والشهيد في الذكرى واما الجواز في الحضر فقد نص عليه الشيخ في المبسوط والخلاف وتبعه المتأخرون
ومنعه ابن أبي عقيل والأقرب جواز التنفل على الراحلة حضرا وسفرا مع الضرورة والاختيار وكذا الماشي ويدل عليه الأخبار المستفيضة منها ما رواه الشيخ بطريقين
أحدهما من الصحاح والثاني من الضعاف لمحمد بن سنان ورواها الكليني بالطريق الثاني عن الحلبي انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن صلاة النافلة على البعير والدابة فقال نعم
حيث كان توجها وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله انتهى الخبر كما في التهذيب وفي الكافي فقال نعم حيث ما كنت متوجها قلت استقبل القبلة إذا أردت التكبير قال لا ولكن تكبر حيث
ما كان متوجها وكذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وآله ومنها ما رواه الكليني في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام (عن الرجل يصلي راحلته قال يؤمن ايماء وليجعل السجود واخفض من
الركوع قلت يصلي وهو يمشي قال نعم يؤمن ايماء وليجعل السجود اخفض من الركوع ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن شعيب قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام) عن الصلاة في السفر وانا أمشي قال ادم ايماء
واجعل السجود اخفض من الركوع ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قال لي أبو جعفر عليه السلام صل صلاة الليل والوتر والركعتين في المحمل وفي الصحيح عن علي بن مهزيار
قال قرأت في كتاب لعبد الله بن محمد إلى أبي الحسن عليه السلام اختلف أصحابنا في روايات عن أبي عبد الله عليه السلام في ركعتي الفجر فروى بعضهم ان صلهما في المحمل وروى لا تصلهما الا على
الأرض فاعلمني كيف تصنع أنت لأقتدي بك في ذلك فوقع عليه السلام موسع عليك باية عملت وفي الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس ان يصلي الرجل صلاة
الليل في السفر وهو يمشي ولا باس ان فاتته صلاة الليل ان يقضيها بالنهار وهو يمشي يتوجه إلى القبلة ثم يمشى ويقرأ فإذا أراد ان يركع حول وجهه إلى القبلة وركع
وسجد ثم مشى وفي الصحيح عن معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول كان يدعو بالطهور في السفر وهو في محمله فيؤتى بالتور فيه الماء للتوضئ ثم يصلي
الثماني والوتر في محمله فإذا نزل صلى الركعتين والصبح وفي الصحيح عن حماد بن عثمان عن أبي الحسن الأول عليه السلام في الرجل يصلي وهو على دابته في الأمصار قال لا باس وما
رواه الصدوق في الصلاة في السفر والكليني والشيخ في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن عبد الرحمن بن الحجاج انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي النوافل في الأمصار
وهو على دابته حيث ما توجهت به قال لا باس والاخبار في هذا الباب كثيرة وقد حصلت الكفاية بما أوردناه ويستحب الاستقبال بتكبيرة الاحرام بما رواه
الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي نجران قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة بالليل في السفر في المحمل قال إذا كنت على غير القبلة فاستقبل القبلة ثم كبر وصل حيث
ذهب بعيرك وقطع ابن إدريس بوجوب الاستقبال بالتكبير ونقله عن جماعة من الأصحاب الا من شذ ويدفعه اطلاق الأخبار المتقدمة ويزيده بيانا ما رواه الشيخ
في الصحيح عن سيف التمار عن أبي عبد الله عليه السلام في جملة حديث قال انما فرض الله على المسافر ركعتين لا قبلهما ولا بعدهما شئ الا صلاة الليل على بعيرك حيث توجه بك و
في الصحيح عن صفوان الجمال قال كان أبو عبد الله عليه السلام يصلي صلاة الليل بالنهار على راحلته حيث ما توجهت به وقد اورد الشيخ هاتين الروايتين في باب نوافل
الصلاة في السفر ويكفي في الركوع والسجود والايماء وليكن السجود اخفض من الركوع ولا يجب في الايماء للسجود وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه لاطلاق الأخبار المتقدمة
ولقوله عليه السلام فيما رواه الشيخ في الحسن لثعلبة بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله يضع بوجهه في الفريضة على ما امكنه من شئ ويومئ في النافلة ايماء
215

ولو ركع الماشي وسجد مع الامكان كان أولي لصحيحة معاوية بن عمار المتقدمة والأفضل الصلاة عند الاستقرار لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام
قال سألته عن صلاة النافلة في الحضر على ظهر الدابة إذا خرجت قريبا من أبيات الكوفة أو كنت مستعجلا (بالكوفة فقال إن كنت مستعجلا) تقدر على النزول وتخوفت فوت ذلك أن تركت وأنت راكب
فنعم والا فان صلاتك على الأرض أحب إلي وروى الشيخ في باب المواقيت من الزيادات في الموثق عن عمار الساباطي في حديث طويل وعن الرجل يكون عليه صلاة في الحضر
هل يقضيها وهو مسافر قال نعم يقضيها بالليل على الأرض فاما على الظهر فلا قيل والى غير القبلة سواء كان في حال الركوب والمشي أم لا والقائل بذلك المحقق وهو المنقول
عن ظاهر الخلاف واليه ذهب (المتأخرين) وظاهر جماعة من الأصحاب وصريح جماعة المنع ويدل على الأول الأصل وقوله تعالى في سورة البقرة ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله فان
الظاهر والله تعالى اعلم ولله المشرق والمغرب لا يختص به مكان دون مكان كالكعبة أو غيره فبأي مكان تولوا وجوهكم فثم جهته (جهة الله) التي أمر بها أو رضيها أو فثم قبلة الله قال الشيخ
الطبرسي في مجمع البيان الوجه والجهة والوجهة القبلة ويؤيد ذلك قول المحقق في المعتبر وقد استفاض النقل انها في النافلة وفي المنتهى وقد قال الصادق عليه السلام انها في النافلة
ونحو منه في التذكرة ونحوه قال الراوي عنهما عليهما السلام كما نقل عنه فان قلت لا ينحصر معنى الآية فيما ذكر فقد قيل في تفسيره وجوه منها ما قال صاحب الجوامع وصاحب الكشاف والبيضاوي و
هو ان مجموع ما في جهة المشرق لله ففي اي مكان قد فعلتم التولية اي تولية وجوهكم شطر القبلة فثم جهته التي أمر بها ورضيها والمعنى انكم إذا صنعتم ان تصلوا
في المسجد الحرام أو في بيت المقدس فقد جعلنا لكم الأرض مسجدا فصلوا في اي بقعة شئتم من بقاعها وافعلوا التولية فيها فان التولية لا يختص بمسجد ولا مكان
ويؤيد ذلك قوله تعالى فيما قبل الآية ومن أظلم ممن منع مساجد الله ان الآية ومنها ما ذكره البيضاوي وهو ان المراد بأي مكان فعلتم التولية نحو المسجد الحرام فهناك
وجه الله اي ذات الله يعلم ويرى فيكون المراد بالوجه الذات كما في قوله تعالى كل شئ هالك الا وجهه وقوله يريدون وجهه وقوله يبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام ومنها
ما نقله الشيخ الطبرسي في مجمع البيان عن بعض المفسرين وهو ان معناه بأي مكان تولوا فثم الله يعلم ويرى فادعوه كيف توجهتم وعلى هذا التفسير للوجه يحتمل ان
يكون المراد بأي مكان تولوا فثم الله اي يعلم ويعرف بالدلائل والشواهد المنصوبة في البلاد والعباد ومشارق الأرض ومغاربها ومنها ما نقله الطبرسي أيضا عن بعض المفسرين
وهو ان المراد فثم رضوان الله اي الوجه الذي يودي إلى رضوانه كما يقال هذا وجه الصواب ومنها ما نقله صاحب الكشاف عن بعضهم وهو ان المراد فأينما تولوا للدعاء
والذكر ولم يرد الصلاة وفي بعض التفاسير قال مجاهد والحسن لما نزلت وقال ربكم ادعوني استجب لكم قالوا أين ندعوه فأنزل الله الآية وقال أبو العالية لما صرفت
القبلة قال اليهود ليست لهم قبلة معلومة فتارة يصلون هكذا وتارة هكذا فنزلت وقيل نزلت في قوم (عميت)
عليهم القبلة فصلوا إلى انحاء مختلفة فلما أصبحوا تبينوا خطاهم
وبه روايتان من طريق العامة وقال الصدوق في الفقيه ونزلت هذه الآية في قبلة المتحير ذكر ذلك بعد نقل صحيحة معاوية بن عمار السابقة فيحتمل ان يكون من
كلام أبي جعفر عليه السلام ويحتمل ان يكون من كلام الصدوق والظاهر أنه لا يقول ذلك الا عن رواية والظاهر الأول يظهر ذلك عند التأمل في سياق كلامه وروى الشيخ في التهذيب في اخر باب
القبلة عن محمد بن الحصين قال كنت إلى عبد صالح الرجل يصلي في يوم غيم في فلاة من الأرض ولا يعرف القبلة فيصلي حتى إذا فرغ من صلاته بدت له الشمس فإذا هو قد
صلى لغير القبلة أيعتد بصلاته أم يعيدها فكتب يعيدها ما لم يفته الوقت أو لم يعلم أن الله يقول وقوله الحق فأينما تولوا فثم وجه الله والراوي ضعيف وقيل كان
للمسلمين التوجه إلى حيث شاؤوا في صلاتهم كما في مجمع البيان أو بين الصخرة والكعبة كما في الكبير وكتاب الراوندي وفيه نزلت الآية ثم نسخت وقيل نزلت في التطوع على الراحلة
حيث توجهت حال السفر قال الطبرسي وهذا مروي عن أئمتنا عليهم السلام وقال الشيخ في النهاية بعد نقل الآية وروى عن الصادق عليه السلام أنه قال هذا في النوافل خاصة في حال السفر وبالجملة
إذا قام هذه الاحتمالات كلا أو بعضا سقط الاستدلال قلت الاحتمال الذي ذكرنا أقرب إلى ظاهر لفظ الآية لاشتمال هذه الاحتمالات على جهة بعد فلا يعدل عن الظاهر الا لدليل
إما الاحتمال الأول فلان حمل قوله تعالى فأينما تولوا على معنى اي مكان تولوا وجوهكم إلى القبلة خلاف الظاهر بل المتبادر وباي مكان وليتم وجوهكم وقوله فثم وجه الله
لا يناسب هذا الحمل إذ ليس جهة الله ذلك المكان الذي وقعت التولية إليه واما الاحتمال الثاني فلانه مشتمل على حمل الآية على اي معنى تولوا وجوهكم فيه إلى المسجد الحرام
وهو خلاف الظاهر كما قلنا مع أن قوله فثم وجه الله لا يستقيم على هذا الحمل الا يضرب من التوسع ولا يجوز العدول عن الحقيقة الا بدليل ولا دليل عليه هيهنا ومن هيهنا يعلم
بعد الاحتمال الثالث والرابع واما بعد الاحتمال الخامس فغير خفي واما الاحتمال السادس فلانه تخصيص من غير دليل وما قاله مجاهد والحسن وأبو العالية غير ثابت
وكذا التخصيص بالمتحير والتخصيص بالنافلة على الراحلة حال السفر واحتمال النسخ قول ضعيف لا شاهد عليه ويدل على القول الثاني قول أبي جعفر عليه السلام في صحيحة زرارة السابقة
لا صلاة الا إلى القبلة وقد يستدل عليه بوجهين آخرين الأول ان العبادة متلقاه من الشارع ولم ينقل النافلة إلى غير القبلة إلى الاستقرار فيكون فعلها كذلك
تشريعا محرما الثاني ان المعلوم من فعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة ذلك فيكون واجبا عملا بالتأسي وفيهما نظر إما الأول فلان عموم الأدلة المقتضية للامتثال لكل
فرد من الطبيعة المطلوبة كاف في اخراج الفعل عن كونه تشريعا وتوضيحه ان الظاهر المعروف بينهم ان استقبال القبلة خارج عن حقيقة الصلاة وليست من اجزائها وحيث
ثبت الاشتراط تخصصت طبيعة الصلاة المطلقة المطلوبة بنوع منه وحيث لم يثبت كانت المطلقة باقية على اطلاقها فيحصل الامتثال بكل فرد منها ولا يتوقف على بيان
كل فرد بخصوصه قولا أو فعلا أما الثاني فلان التأسي تابع للاطلاع على جهة الفعل فإن كانت هي الوجوب وجب وذلك منتف هيهنا وهذه المسألة محل تردد فيحتمل
القول بعدم جواز النافلة إلى غير القبلة تمسكا بالخبر وترجيحا له على الآية فان الآية وإن كانت لها ظهور في المدعى لكن ظهور ضعيف لا يقاوم ظهور الخبر في مدلوله واما
النقل الدال على أن المراد في الآية النافلة مطلقا فغير معلوم الصحة والقدر المعلوم منه معارض بنظيره أو قريب منه فيحتمل القول بالجواز ترجيحا للآية على الخبر ان قلنا
بعدم مقاومة ظواهر اخبار الآحاد لظواهر الآيات إما مطلقا أو عند تأيد الآية ببعض الاخبار وإن كان ضعيفا كما فيما نحن بصدده ويؤيده تطرق التخصيص إلى الخبر
بخروج النافلة على الراحلة سفرا وحضرا كما بينا ولا يخفى ان مقتضى التردد في ترجيح المتعارضين هنا القول بالجواز ان قلنا إن استقبال القبلة ليست من حقيقة
الصلاة لكن لو نازع فيه منازع وقال إنه من أركان الصلاة أو احتمل ذلك اتجه القول بعدم الجواز تحصيلا للبرائة اليقينية من التكليف الثابت
والأوجه في هذا المقام العمل بالاحتياط ولا يجوز ذلك اي الاتيان بالصلاة على الراحلة والى غير القبلة في الفريضة لا اعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب إما الثاني
فقد مر الدليل عليه واما الأول فقال المحقق في المعتبر انه مذهب العلماء كافة سواء في ذلك الحاضر والمسافر ويدل عليه ما رواه الشيخ في التهذيب في أواخر باب الصلاة
المضطر من الزيادات وفي الاستبصار في باب المريض يصلي في محله في الحسن لثعلبة بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال لا يصلى على الدابة الفريضة الا مريض
يستقبل به القبلة ويجزيه فاتحة الكتاب ويضع بوجهه في الفريضة على ما امكنه من شئ ويؤمى في النافلة ايماء وما رواه الشيخ في التهذيب في أواخر باب السفر من
216

الزيادات في الموثق لأحمد بن الحسن إذ الظاهر أنه ابن فضال عن النضر عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصل شيئا من المفروض راكبا قال النفر في حديثه
الا أن تكون مريضا وفي نسخ التهذيب اختلاف ففي بعض النسخ السند على وجه اخر فيه جهالة لكن الاعتماد على الأول ما رواه في التهذيب في أواخر باب صلاة المضطر
من الزيادات باسناد ضعيف لأحمد بن هلال عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أيصلي الرجل شيئا من المفروض راكبا قال لا الا من ضرورة ورواه
في الاستبصار أيضا وفي التهذيب في أواخر الباب المذكور باسناد ضعيف لعلي بن أحمد بن أشيم المجهول عن منصور بن حازم قال سأله أحمد بن النعمان فقال أصلي في محملي وانا مريض
قال فقال إما النافلة فنعم واما الفريضة فلا قال ذكر احمد شدة وجعه فقال انا كنت مريضا شديد المرض فكنت أمرهم إذا حضرت (فينيخوني) فاحتمل بفراشي فأوضع في
محملي ولا يخفى ان مقتضى اطلاق كلام الأصحاب عدم الفرق بين اليومية وغيرها من الصلوات الواجبة في الحكم المذكور وبه صرح الشيخ في المبسوط لكن في الاستدلال
على التعميم المذكور اشكال إذ القول بتخصيص الأدلة المذكورة بالمعنى المتبادر المنساق إلى الذهن وهو الصلوات الخمس غير بعيد كما لا يخفى على المتأمل نعم يمكن ان
يقال ظاهر رواية منصور بن حازم العموم لأنه يستفاد منها بمعونة المقام وتفصيل الفريضة والنافلة وكون السؤال عن مطلق (الصلاة عموم) الفريضة ولعل هذا المقدار عند
الانضمام إلى عمل الأصحاب وفتاويهم وتوقف يقين البراءة عليه كاف في التعميم المذكورة وكذا مقتضى اطلاقهم عدم الفرق بين الواجب الأصل وبالعارض
كالمنذور وبه صرح الشيخ في المبسوط والشهيد في الذكرى قال إنه لا فرق في ذلك بين ان ينذرها راكبا أو مستقرا على الأرض لأنها بالنذر أعطيت حكم الواجب وينافيه ما رواه
الشيخ في باب السفر من الزيادات عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن رجل جعل الله عليه ان يصلي بكذا وكذا هل يجزيه ان يصلي ذلك على دابته وهو مسافر
قال نعم وفي طريق هذه الرواية محمد بن أحمد العلوي وهو غير مصرح في كتب الرجال بالتوثيق لكن طريق الشيخ إلى علي بن جعفر صحيح ويمكن المناقشة بان الصحيح ما نقله
الشيخ من كتاب علي بن جعفر وفي كون الخبر من هذا القبيل تأمل قال بعض المتأخرين يمكن القول بالفرق واختصاص الحكم بما وجب بالأصل خصوصا مع وقوع
النذر على تلك الكيفية عملا بمقتضى الأصل وعموم ما دل على وجوب الوفاء بالنذر وأيده بالخبر المذكور وليس بذلك البعيد وهل ينسحب الحكم في الدواب المعقولة
(بحيث يا من عن الحركة والاضطراب) المشهور بين المتأخرين ذلك فلا تجوز الصلاة عليه اختيارا إما تمسكا بعموم الأدلة واما لأن اطلاق الامر بالصلاة ينصرف إلى القرار المعهود وهو ما كان على الأرض
وما في معناها كالذودق المشدود على الساحل لأنه بمثابة السرير والماء بمثابة الأرض وتحركه سفلا وصعدا كتحرك السرير على وجه الأرض وليست الدابة للقرار
عليها وبهذا الوجه تمسك الشهيد رحمه الله والى هذا القول ذهب المصنف في المنتهى واستقرب في النهاية والتذكرة الجواز والمسألة محل اشكال نظر إلى عموم اللفظ لغة وكون مقصودهم
في أغلب الأحيان الافراد الشائعة المتعارفة لا الافراد النادرة المستغربة وضع فهم القرار من الامر بالصلاة واحتج الشارح الفاضل العموم بحسنة عبد الرحمن
ابن أبي عبد الله السابقة وعدها من الصحاح قال وجه عمومها الاستثناء المذكور ولا يخفى ان ادعاء مثل هذا العموم في المفرد المعرف باللام محل تأمل كما نبهنا
عليه مرارا واما الاستثناء فمقتضاه اعتبار عموم حالات الراكب لا (لولا) العموم من (في) المركوب وهو واضح وتوقف المصنف في القواعد في جواز الصلاة على الأرجوحة
المعلقة بين الجبال نظرا إلى التعليل السابق وقد دل بعض الروايات الصحيحة على جواز الصلاة على الرف المعلق بين نخلتين روى الشيخ في الصحيح عن علي بن
جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام قال سألته عن الرجل هل يصلح له ان يصلي على الرف المعلق بين نخلتين قال إن كان مستويا يقدر على الصلاة عليه فلا باس واما السفينة
فيجوز الصلاة عليه إذا لم يتمكن من البر والذي يدل على ذلك مضافا إلى الاجماع روايات كثيرة منها ما رواه الكليني بطريقين أحدهما من الصحاح والاخر من الحسان
ورواه الشيخ بالطريق الثاني عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الصلاة في السفينة فقال يستقبل القبلة فإذا دارت واستطاع يتوجه إلى القبلة
فليفعل والا فليصل حيث توجهت به فان امكنه القيام فليصل قائما والا فليقعد ثم ليصل ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
قال سألته عن صلاة الفريضة في السفينة وهو يجد الأرض يخرج إليها غير أنه يخاف السبع واللصوص ويكون معه قوم لا يجتمع رأيهم على الخروج ولا يطيعونه
وهل يضع وجهه إذا صلى أو يؤمى ايماء قاعدا أو قائما فقال إن استطاع ان يصلي قائما فهو أفضل وان لم يستطيع صلى جالسا وقال لا عليه ان لا يخرج فان أبي سأله
عن مثل هذه المسألة رجل فقال أترغب عن صلاة فرح وفي الصحيح عن أبي أيوب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام انا ابتلينا وكنا في سفينة فأمسينا ولم نقدر على
مكان تخرج فيه فقال أصحاب السفينة ليس يصلى يومنا ما دمنا نطمع في الخروج فقال إن أبي كان يقول تلك صلاة نوح عليه السلام أو ما ترضى ان تصلي صلاة نوح عليه السلام
فقلت بلى جعلت فداك قال لا يضيقن صدرك فان نوحا قد صلى في السفينة قال قلت قائما أو قاعدا قال بل قائما قال قلت فاني ربما استقبلت القبلة فدارت
السفينة قال تحر القبلة لجهدك والاخبار في هذا الباب كثيرة وقد حصلت الكفاية بما ذكرنا واما في صورت الاختيار فيه قولان الأول الجواز وإن كانت
السفينة سائرة اختاره المصنف وهو المنقول عن ابن بابويه وابن حمزة وكثير من الأصحاب جوزه ولم يذكر الاختيار وكذا نقل في الذكرى الثاني المنع واستقر
به الشهيد في الذكرى ونقله عن أبي الصلاح وابن إدريس والأقرب الجواز لما رواه ابن بابويه في الصحيح عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة
في السفينة (فقال إن رجل اتى أبى فقال اني أكون) والجدد مني قريب فاخرج فاصلي عليه فقال له أبو جعفر عليه السلام إما ترضى ان تصلي بصلاة نوح وفي طريق هذه الرواية علي بن السندي وليس في شانه
ما يدل على مدح الا ان الكشي نقل عن النصر بن الصباح توثيقه والنصر من الغلاة فلا اعتماد على توثيقه فالخبر انما يصلح للتأييد ويؤيده أيضا ما رواه الشيخ في
الضعيف عن المفضل بن صالح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الفرات وما هو أضيق منه من الأنهار في السفينة فقال إن صليت فهو حسن (وان خرجت فهو حسن) وما رواه الحميري
باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام وسألته عن الرجل هل يصلح له ان يصلي الفريضة في السفينة وهو يقدر على الجد قال نعم لا باس ويؤيده أيضا العمومات
الدالة على جواز الصلاة في السفينة من غير تفصيل احتج المانع بالرواية مثل ما رواه الكليني في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن حماد بن عيسى عليه السلام قال سمعت أبا عبد الله
يسال عن الصلاة في السفينة فيقولوا ان استطعتم ان يخرجوا إلى الجدد فاخرجوا فإن لم يقدروا فصلوا قياما فإن لم تستطيعوا فصلوا قعودا وتحروا القبلة
ورواها الشيخ في التهذيب معلقا عن الكليني ببقية السند والمتن وما رواه الشيخ في الضعيف عن علي بن إبراهيم قال سألته عن الصلاة في السفينة قال يصلي وهو
جالس إذا لم يمكنه القيام في السفينة ولا يصلي في السفينة يحول وجهه إلى القبلة ثم يصلي كيف ما دارت وبان القرار ركن في القيام وحركة السفينة يمنع
من ذلك وبان الصلاة فيها مستلزمة للحركات الكثيرة الخارجة عن الصلاة والجواب عن الخبرين انهما محمولان على الاستحباب جمعا بين الأدلة وعن الثاني
بمنع كون القرار ركنا مطلقا لابد لذلك من دليل وعن الثالث بان تلك الحركات بالنسبة إلى المصلي حركة عرضية وهو ساكن ولا نسلم منافاة الحركة العرضية
217

الكثيرة للصلاة ولابد من دليل ولا يجوز المذكور من الصلاة على الراحلة والى غير القبلة الا مع العذر فيجوز حينئذ الصلاة على الراحلة وترك الاستقبال
كالمطاردة وكالمرض المانع من النزول ومن التوجه إلى القبلة ولو بمعين والخوف وغيرها من الاعذار وسيجيئ بيان ذلك في صلاة الخوف والذي يدل على ذلك
حسنة عبد الرحمن بن أبي عبد الله وموثقة عبد الله بن سنان السابقتان عن قريب وما رواه الشيخ عن الحميري في الصحيح قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام روى جعلني
الله فداك مواليك عن آباءك ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى الفريضة على راحلته في يوم مطير ويصيبنا المطر ونحن في محاملنا والأرض مبتلة والمطير يؤذي فهل
يجوز لنا يا سيدي ان نصلي في هذه الحالة في محاملنا أو على دوابنا الفريضة إن شاء الله فوقع يجوز ذلك مع الضرورة الشديدة وعن جميل بن دراج في الصحيح قال
سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وآله الفريضة في المحمل في يوم رحل ومطر وما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد عن أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول إن كنت في
ارض مخافة فخشيت لصا أو سبعا فصل الفريضة وأنت على دابتك وسيجئ تتمة هذا المقام ولو فقد علم القبلة إما بالمشاهدة أو بالخبر المتواتر أو مقابلة
قبلة المعصوم كقبلة مسجد المدينة والكوفة ان ثبت انضباطه عول على الامارات الآتية ويجتهد مع الخفاء ومراده
بالاجتهاد تحصيل الامارات المفيدة
للظن واستعماله في هذا المقام في تحصيله علامات البعيد مطلقا أكثر وتنقيح هذا المقام يتم ببيان أمور الأول المعروف بين المتأخرين ان العاجز عن رعاية العلامات
المنضبطة يعول على الامارات المفيد للظن قال في المعتبر فاقد العلم يجتهد فان غلب على ظنه جهة القبلة لامارات بنى عليه وهو اتفاق أهل العلم ونحو منه كلام المصنف
في المنتهى والظاهر أن مرادهما بالامارات المفيدة للظن ما عد العلامات المنضبطة النجومية وان تلك العلامات مفيدة للعلم بجهة القبلة عندهم كما صرح به
بعض المتأخرين لكن كلام المصنف في التذكرة يشعر بخلاف ذلك حيث قال القادر على معرفة القبلة لا يجوز له الاجتهاد عند علمائنا ويحصل اليقين لمن كان معاينا
للكعبة أو كان بمكة من أهلها أو ناشئا بها من وراء حائل محدث كالحيطان وكذا إن كان بمسجد النبي صلى الله عليه وآله لليقين بصحة قبلته ثم قال بمسألة فاقد العلم يجتهد
بالأدلة التي وضعها الشارع علامة فان قلب على ظنه الجهة للامارة بنى عليه باجماع العلماء لأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة وقال المفيد في المقنعة
فإذا أطبقت السماء بالغيم فلم يجد الانسان دليلا عليها بالشمس والنجوم فليصل إلى أربع جهات وان لم يقدر على ذلك بسبب من الأسباب المانعة من الصلاة
أربع مرات فليصل إلى اي جهة شاء وذلك مخير مع الاضطرار وحمل الشيخ في التهذيب كلامه على فرض التحري في صورة الاضطرار والصلاة إلى أربع جهات في صورة
الاختيار وقال في المبسوط بعد أن ذكر أربع علامات نجومية لقبلة العراق فان فقد هذه الامارات صلى إلي أربع جهات الصلاة الواحدة مع الاختيار ويدل على
الأول ما رواه الكليني والشيخ معلقا عنه في الصحيح عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام يجزى التحري ابدا إذا لم يعلم أين وجه القبلة لكن الخبر لا يدل على وجوب التحري وفي
الموثق عن سماعة قال سألته عن الصلاة بالليل والنهار إذا لم يرى الشمس ولا القمر ولا النجوم قال اجتهد رأيك وتعمد القبلة جهدك ورواه الشيخ باسناد أخرى من
الموثقات عن سماعة بأدنى تفاوت في المتن وروى الكليني في باب الرجل يصلي بالقوم وهو على غير طهر في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام في الأعمى
يؤم القوم وهو على غير القبلة قال يعيد ولا يعيدون فإنهم قد تحروا ورواها الشيخ في باب فضل المساجد في أواسط الباب ويؤيده أيضا ما رواه الشيخ والكليني في
الصحيح عن سليمان بن خالد قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الرجل يكون في قفر من الأرض في يوم غيم فيصلي لعين القبلة كيف يصنع قال إن كان في وقت فليعد صلاته وإن كان
مضى الوقت فحسبه اجتهاده ورواها الشيخ عن سليمان بن خالد باسناد أخرى من الموثقات ويؤيده أيضا بعض الأخبار الدالة على عدم الإعادة بعد خروج
الوقت في صورة التحري وهو صحيحة يعقوب بن يقطين وسيجيئ عند شرح قول المصنف ولو صلى باجتهاد أو لضيق الوقت لكن في تلك الرواية دلالة على عدم وجوب
التحري وجواز الاكتفاء بصلاة واحدة عند التأمل الصادق حجة الشيخ ما رواه بطريقين عن خداش (خراش) عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له جعلت فداك
ان هؤلاء المخالفين علينا يقولون إذا أطبقت علينا أو اظلمت فلم يعرف السماء كنا وأنتم سواء في الاجتهاد فقال ليس كما يقولون إذا كان ذلك فليصل لأربع وجوه
والجواب ان هذا الخبر ضعيف السند للارسال ولجهالة خداش وفي طريقة إسماعيل بن عباد وهو أيضا مجهول فلا يصلح لمعارضة الأخبار السابقة والشيخ جمع
بين الاخبار بحمل الاخبار الأدلة على صورة الاضطرار وعدم التمكن من الصلاة لأربع جهات وهذه على صورة الاختيار وهو حمل بعيد ويمكن الجمع بحمل الاخبار
الأدلة على التقية أيضا لكن يستقيم ذلك عند صلاحية الخبر الأخير للمعارضة ويمكن تقوية الرواية بأنها مذكورة في التهذيب بطريق صحيح عن عبد الله بن المغيرة عن
إسماعيل بن عباد عن خداش وصحة الطريق إلى ابن المغيرة كافية لأنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم (أو) والأحوط الصلاة إلى أربع جهات في الصورة المذكورة
الثاني الظاهر من كلام المصنف في هذا الكتاب وغيره حيث عد الرياح الأربع من العلامات وجمع بينها وبين سائر العلامات النجومية انها من العلامات المفيدة
للعلم بالجهة كالعلامات النجومية وانها مقدمة على الامارات المفيدة للظن وجماعة من المتأخرين منهم الشارح الفاضل عدها من جملة الامارات المفيدة للظن
والظاهر ذلك لأنها من أضعف العلامات إذ قلما يتفق المعرفة بها الا مع العلم بالجهات الأربع ومعه يحصل الغنية عن الاستدلال بالرياح وربما يحصل المعرفة بها
لعلامات اخر وكالحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة وإثارة السحاب وأمثال ذلك لكن غاية ما يترتب على ذلك الظن بالجهة وقد عد الشارح من الامارات أيضا
القمر فإنه يكون ليلة الرابع من الشهر وقت المغرب في قبلة العراق أو قريبا منها وليلة الرابع عشر منه نصف الليل وليلة الحادي والعشرين منه عند الصبح وذلك كله
تقريبي لا يستمر على وتيرة واحدة الثالث إذا اجتهد فأخبر غيره بخلاف اجتهاده فالمشهور انه يعول على اجتهاده قال المصنف في المنتهى العالم بجهة القبلة لا يقلد غيره
بلا خلاف وكذا المجتهد وذهب جماعة منهم المحقق والشهيد إلى أنه يعمل بأقوى الظنين وهو أقرب لأن الظاهر وجوب التعويل في المسألة الظنية إلى أقوى الظنون
ويؤيده ما دل على التحري فان الاستخبار ممن يفيد قوله الظن نوع من التحري ولو فقد الامارات فأخبره عادل بالقبلة فقيل يبني على قوله وقيل يصلي إلى أربع جهات
والأول أظهر بالتقريب الذي ذكرناه وفي العمل بقول الفاسق والكافر قولان ورجح المحقق العمل بقولهما ان أفاد الظن وهو غير بعيد للتقريب السابق وآية
التثبت غير نافية لذلك عند التحقيق فان فقد الظن صلى إلى أربع جهات كل فريضة هذا هو المشهور واليه ذهب الشيخان وابن إدريس وأكثر المتأخرين قال في المختصر و
هو الظاهر من كلام ابن الجنيد وأبي الصلاح وسلار وقال ابن أبي عقيل لو خفيت عليه القبلة لغيم أو ريح أو ظلمة فلم يقدر على القبلة صلى حيث شاء مستقبل القبلة
وغير مستقبلها ولا إعادة عليه إذا علم بعد ذهاب وقتها انه صلى لغير القبلة وهو الظاهر من اختيار ابن بابويه ونفى عنه البعد في المختصر ومال إليه في الذكرى واختاره غير
واحد من المتأخرين وهو أقرب لنا ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال تحري المتحير ابدا أينما توجه إذا لم يعلم أين وجه القبلة ويؤيده
218

ما رواه في الصحيح عن معاوية بن عمار انه سال عن الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد انحرف عن القبلة يمينا وشمالا فقال قد مضت صلاته
وفارس المشرق والمغرب قبلة ونزلت هذه الآية في قبلة المتحير ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله وانما جعلنا ذلك من المؤيدات لاحتمال ان يكون قوله
ونزلت هذه الآية من كلام ابن بابويه لكنه خلاف الظاهر كما يفهم من سياق كلامه ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني في الصحيح عن ابن أبي عمير (عن بعض أصحابنا عن زرارة) قال سألت أبا جعفر
عليه السلام من قبلة المتحير فقال يصلي حيث يشاء قال الكليني بعد نقل هذا الخبر وروى أيضا انه يصلي إلى أربع جوانب ويؤيده في رواية داود بن الحصين المنقولة
عند شرح قول المصنف قيل والى غير القبلة احتج الشيخ ومن تبعه برواية خداش (خراخ) المذكورة في المسألة السابقة والرواية (بالجملة) غير نفي السند ومدلولها نفي
الاجتهاد بالكلية وهو متروك معارض بما دل على ثبوت الاجتهاد في الجملة فاذن لا تعويل على هذه الرواية واستدل في المعتبر على هذا القول بان الاستقبال بالصلاة
واجب ما أمكن ولا يتحقق الاستقبال الا بذلك والجواب منع الصغرى مستندا بالروايات المذكورة ونقل عن السيد رضي الدين بن طاوس استعمال القرعة في الصورة
المذكورة وعلى القول المشهور يعتبر في الجهات الأربع كونها على خطين مستقيمين وقع أحدهما على الأخر بحيث يحدث منهما زوايا قائمة لأنها المتبادر من النص وقيل
بالاجتزاء بالأربع حيث اتفق وهو بعيد واشترط الشهيد في البيان التباعد بينهما بحيث لا يكون بين كل واحدة وبين الأخرى ما يعده قبلة واحدة لقلة الانحراف
ومع العذر يصلي إلى اي جهة شاء المشهور بينهم ان مع العذر يصلي من الجهات ما احتمله الوقت وان ضاق الا عن صلاة واحدة صلى إلى اي جهة شاء لان التقدير تساوى
الاحتمالات فيسقط الترجيح قال المحقق في المعتبر وكذا لو منعت ضرورة عن عدو أو سبع أو مرض والأعمى يقلد وكذا العامي الذي لا يتمكن عن الاجتهاد إما مطلقا
أو لضيق الوقت هذا هو المشهور بين المتأخرين وبه صرح ابن الجنيد على ما نقل عنه والشيخ في المبسوط جوز تقليد العدل العارف وكلامه في الخلاف يعطى عدم جواز التقليد
للأعمى وغيره ووجوب الصلاة إلى الأربع مع السعة والتخيير مع الضيق والأقرب الأول لأنه أحد الامارات المفيدة للظن فيجوز التعويل عليه عند عدم الامارة
أقوى منه لما مر من الأدلة احتج الشيخ بان الأعمى ومن لا يعرف امارات القبلة إذا صليا إلى أربع جهات برئت ذمتهما بالاجماع وليس على براءة ذمتهما إذا صليا على
واحدة دليل واستدل على التخيير عند الضرورة بان وجوب القبول من الغير لم يقم عليه دليل والصلاة على الجهات الأربع منفى يكون الحال حال ضرورة فثبت
التخيير وجوابه معلوم ممن حققنا وجوز الشيخ في المبسوط جواز تقليد الصبي والمراة وقال المصنف في المختصر والوجه عندي اشتراط العدالة ومنع الشيخ من قبول الفاسق و
الكافر واختار جماعة جواز الرجوع إليهم عند الوثوق وحصول الظن وهو أقرب للوجه الذي أشرنا إليه والمراد بالتقليد هنا قبول قول الغير سواء استند إلى
الاجتهاد أو اليقين ويقدم العدل العارف بأدلة القبلة واماراتها فان تعذر فغيره والكل مشترط بإفادة الظن والظاهر وجوب الرجوع إلى أقوى الظنين فيدور
الامر معه فلو وجد المكفوف محرابا فهو أولي وكذا تقليد المخبر عن علم أولي من تقديم المخبر عن ظن وكذا الكلام في صورة الاختلاف في العدالة والعلم والضبط والعدد
وغيرها من الامارات وهل يجوز للعامي المتمكن من معرفة الأدلة التقليد في سعة الوقت المشهور بين المتأخرين عدم الجواز واحتمل في الذكرى الجواز وظاهر الشيخ في المبسوط جواز تقليد
العدل العارف وهو غير بعيد لما ظهر من أدلة كمال المسامحة في رعاية القبلة ولو استغنى في البلد عن اعتبار العلامات فهل يجب (عليه التعلم يبنى على أن التعلم علامات القبلة هل يجب) عينا أو كفاية وكان الأكثر
على الأول وماله في الذكرى إلى وجوب التعلم عينا عند عروض الحاجة كإرادة السفر مثلا ويعول على قبلة البلد مع عدم علم الخطأ اطلاق العبارة يشمل المحاريب
المنصوبة في المساجد والطرق والقبور قال المصنف في التذكرة يجوز التعويل على المحاريب المنصوبة في بلاد المسلمين ولا يجب عليه الاجتهاد في طلب القبلة وقال في الذكرى لو كانت
قرية صغيرة ونشأ فيها قرون من المسلمين لم يجتهد في قبلتها واطلاق كلامهم يقتضي عدم الفرق بين ما يفيد العلم والظن لكن المستفاد من حكمهم بوجوب
تقديم العلم على الظن عدم جواز التعويل عليها للتمكن من العلم الا إذا أفادت اليقين ولعل الامر كذلك وعلل الحكم المذكور في الذكرى وغيره بان الخطاء في الجهة
مع استمرار الخلق الكثير واتفاقهم ممتنع وهذا التعويل يختص بالمساجد القديمة التي يكون محضرا للمسلمين ومجمعا لهم لا للمساجد المستحدثة التي يقل وقوع
المسلمين إليها وصرح جماعة منهم بعدم جواز التعويل على المحاريب المنصوبة في الطرق النادرة مرور المسلمين عليها ونحو القبر للمسلمين في الموضع المنقطع و
الذي حكم به الأصحاب عدم جواز الاختيار في الجهة في محاريب المسلمين إما في التيامن أو التياسر فالأظهر الجواز لعموم الامر بالتحري وربما يمنع ذلك لان احتمال
إصابة الخلق الكثير أقرب من احتمال إصابة الواحد وفيه انه يجوز تركهم الاجتهاد لعدم وجوبه فهذا التعليل انما يتم لو ثبت وجوب الاجتهاد عليهم ووقوعه
عنهم ومنع ذلك ظاهر قال في الذكرى وقد وقع في زماننا واجتهاد بعض علماء الهيئة في قبلة مسجد دمشق وان فيه تياسر عن القبلة مع تواطؤا الاعصار الماضية
على عدم ذلك ونقل عن عبد الله بن المبارك انه أمر أهل مرو بالتياسر بعد رجوعه من الحج ثم المراد بالبلد في كلام المصنف بلد المسلمين فلو وجد محراب في بلد لا يعلم
أهله أو في بلد مشترك بين المسلمين والكفار لم يجز التعويل عليه والمضطر على الراحلة يستقبل القبلة في جميع صلاته ان تمكن والا فبالتكبير والا سقط ظاهر
عبارة المصنف انه إذا لم يتمكن من الاستقبال في جميع الصلاة اكتفى بالاستقبال في التكبير فقط لكن المصنف في غير هذا الكتاب والمحقق والمتأخرون عنهما صرحوا بأنه
يستقبل القبلة بحسب المكنة في أفعال الصلاة لقوله تعالى فولوا وجوهكم شطره وفيه خفاء لان المستفاد من الآية بمعونة بعض الأخبار وجوب الاستقبال
في كل الصلاة لا في كل جزء جزء فإذا تعذر المكلف به فاثبات شئ اخر بدله يحتاج إلى دليل خاص وهذا بناء على أن التكليف بالكل ليس تكليفا بالاجزاء
أصالة ويمكن الاستدلال عليه بقوله عليه السلام لا صلاة الا إلى القبلة فإنه من حيث المعنى يرجع إلى قولنا كل صلاة لم يستقبل فيها بتمامها إلى القبلة لم يصح خرج عنه بعض
الصور التي دل الدليل على صحته فيبقى غيره داخلا في عموم الحكم ويؤيده قوله عليه السلام إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم لكن لا يخفى ان الشيخ قد روى باسنادين أحدهما
من الصحاح عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام الذي يخاف اللصوص والسبع يصلي صلاة المرافقة ايماء على دابته وساق الكلام إلى أن قال ولا يدور إلى القبلة
ولكن أينما دارت دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حيث يتوجه وروى الكليني باسناد صحيح عن زرارة بعض الخبر المذكور ومن جملتها قوله ولا يدور إلى
القبلة إلى اخر ما نقلنا والمستفاد من هذا الخبر عدم وجوب الاستقبال في غير تكبيرة الاحرام ويؤيده في الجملة ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة وفضيل ومحمد بن
مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال في صلاة الخوف عند المطاردة والمناوشة وتلاحم القتال فإنه يصلي كل انسان منهم بالايماء حيث كان وجهه وفي صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام
والمطاردة ايماء يصلي كل رجل على حباله فالحكم المذكور محل اشكال ولو تعذر عليه الاستقبال قيل يجب عليه
تحرى الأقرب إلى جهة القبلة فالأقرب قيل وكان
وجهه ان للقرب اثرا عند الشارع ولهذا افترقت الجهات في الاستدراك لو ظهر خفاء الاجتهاد وهو ضعيف وقيل بالعدم للخروج عن القبلة فيتساوى الجهات
219

وهو غير بعيد لكن لو قيل يجب تحرى ما بين المشرق والمغرب لقولهم عليهم السلام ما بين المشرق والمغرب قبلة كان قويا قال المصنف في النهاية ولو لم يتمكن من الاستقبال جعل صوب
الطريق بدلا عن القبلة لان المصلي لابد ان يستمر على جهة واحدة لئلا يتوزع فكره وجعلت تلك الجهة جهة الكعبة لشرفها فإذا عدل عنها الحاجة السير فيلزم
الجهة التي قصدها محافظة على المعنى المقتضى للاستمرار على الجهة الواحدة ثم الطريق في الغالب لا ينفك عن معاطف يلقاها السالك يمنه ويسره فيتبعه كيف
كان للحاجة وهو وجه (استحبابي) واثباته مشكل وكذا الماشي وكذا الحكم في الصلاة في السفينة وكثير من الاخبار دل على وجوب الاستقبال حينئذ بقدر الامكان
كصحيحة حماد بن عثمان وصحيحة أبي أيوب وحسنة حماد بن عيسى وسلفت تلك الروايات الثلث عند شرح قول المصنف ولا يجوز ذلك في الفريضة ويؤيده ما رواه سليمان بن
خالد قال سألته عن الصلاة في السفينة فقال يصلي قائما فإن لم يستطع القيام فليجلس ويصلي وهو مستقبل القبلة فان دارت السفينة فليدر مع القبلة ان قدر
على ذلك وان لم يقدر على ذلك فليلبث على مقامه وليتحر القبلة بجهده وقال يصلي النافلة مستقبل القبلة إذا كبر ثم لا يضره حيث دارت لكن روى الشيخ في
الموثق عن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة المكتوبة في السفينة وهي تأخذ شرقا وغربا فقال استقبل القبلة ثم كبر ثم اتبع السفينة
ودر معها حيث دارت بك ويمكن الجمع بين هذا الخبر وبين الأخبار السابقة (استحباب) إما بحمل اخبار السابقة على الاستحباب أو حمل هذا الخبر على حال الضرورة وعدم
التمكن من الاستقبال ولعل الأخير أوجه وقوة (وأقوى) مع الأخبار الصحيحة المشهورة بين الطائفة ويؤيده قوله عليه السلام لا صلاة الا إلى القبلة بالتقريب السابق وقوله عليه السلام إذا
أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم ومع ذلك فطريق التأمل غير منسد عنه بالكلية فتدبر وعلامة أهل العراق ومن والاهم من البلاد التي ورائهم بالنسبة
إلى جهة القبلة جعل مطلع الفجر وهو المشرق على المنكب وهو مجمع العضد والكتف الأيسر والمغرب على المنكب الأيمن وكثير من الأصحاب عبروا عنهما بمشرق الاعتدال
ومغربه وجعل الجدي والصحيح انه مكبر وربما صغر ليتميز عن البرج وهو نجم مضئ في جملة أنجم بصورة سمكة يقرب من القطب الشمالي الجدي رأسها والفرقدان ذنبها يجعله
بحذاء المنكب الأيمن قال الشارح الفاضل لما كان الجدي ينتقل عن مكانه مشرقا ومغربا وارتفاعا وانخفاضا لم يكن علامة دائما بل انما يكون علامة
في حال غاية ارتفاعه بان يكون إلى جهة السماء والفرقدان إلى الأرض أو غاية انخفاضه عكس الأول كما قيده بذلك المصنف وغيره إما إذا كان أحدهما إلى جهة
المشرق والاخر إلى المغرب فالاعتبار بالقطب وهو نجم خفي في وسط الأنجم التي بصورة السمكة لا يكاد يدركه الا حديد البصر وهو علامة دائما كالجدي حال الاستقامة
ولا يتغير عن مكانه الا يسير الا يكاد يبين للحسن فلا يؤثر في الجهة وحركته اليسيرة دورة لطيفة حول قطب العالم الشمالي قال وانما يشترط في الجدي الاستقامة
لكونه في تلك الحال على دائرة نصف النهار فإنها يمر بقطبي العالم ويقطع الأفق على نقطتين هما نقطتا الجنوب والشمال فإذا كان القطب مسامتا لعضو من
المصلي كان الجدي على تلك الحال مسامتا له أيضا لكونهما على دائرة واحدة بخلاف ما لو كان منحرفا نحو المشرق والمغرب والتقييد الذي اعتبره رحمه الله مشهور ممن صرح
بترجيح النجم الخفي المحقق والمصنف والشهيد وهو مذكور في بعض كتب العامة أيضا ونقل الشيخ المدقق الجليل مولانا احمد الأردبيلي في شرح هذا الكتاب
عن بعض علماء (الهيئة) الماهرين في الفن المذكور ان هذا خطأ لان الجدي أقرب إلى القب الشمالي من تلك النجمة وان ليس الجدي حال الاستقامة على القطب الشمالي بل له
أوضاع متعددة وهو ان يكون على القطب وخط نصف النهار لكونه مائلا إلى المغرب كثير قال واعتبرنا ذلك فوجدنا ان الجدي أقرب إلى القطب كما أفاد واعتبر
المحقق في المعتبر لأهل المشرق أولا جعل الجدي خلف المنكب الأيمن ثم قال إن الجدي ينتقل والدلالة القوية القطب الشمالي فإذا حصله العراقي جعله خلف أذنه اليمنى
دائما بأنه لا يتغير وان تغير كان يسيرا وبين الامرين تخالف قال بعض الفضلاء واعتبار محراب مسجد الكوفة يساعد على الأول ومن علامات قبلة العراقي أيضا
جعل عين الشمس عند الزوال على الحاجب الأيمن مما يلي الانف إذا استخرج (القبلة) لوقت بغير استقبال قبلة العراق فهذه علامات ثلثة قد ذكرها المصنف لقبلة العراقي
وأكثر هذه العلامات وغيرها من علامات سائر البلاد مأخوذة من علم الهيئة وغاية ما وصل إلينا في هذا الباب روايتان أحدهما ما رواه الشيخ في الموثق عن
محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن القبلة قال ضع الجدي في قفاك وصل والظاهر أن الرواية منقولة من كتاب الطاطري وهو كتاب معتمد والخبر معمول بين الأصحاب
وحملوه على قبلة العراقي لان الراوي الكوفي وثانيهما ما رواه الصدوق مرسلا قال وقال رجل للصادق عليه السلام اني أكون في السفر ولا اهتدى إلى القبلة بالليل قال أتعرف
الكوكب الذي يقال له جدي قلت نعم قال اجعله على يمينك وإذا كنت في طريق الحج فاجعله بين كتفيك وفيها اجمال واضح ولا يخفى ان بين هذه العلامات الثلاثة المذكورة
اختلاف واضح فان العلامة الأولى سواء قيد المشرق والمغرب بالاعتدالين أو كان المقصود ان يجعل مشرق يوم على اليسار ومغرب ذلك اليوم على اليمين يقتضى
محاذاة نقطة الجنوب وكذا العلامة الثالثة واما الثانية فيقتضي انحرافا بينا عنها نحو المغرب وهو المطابق لمعظم بلاد العراق والأولى حمل العلامة الأولى
والثالثة على أطراف العراق الغربية كموصل وبلاد الجزيرة فان قبلتها يناسب نقطة الجنوب والعلامة الثانية على أوساط العراق كبغداد والكوفة وما والاهما
فإنه ينحرف قبلتها عن نقطة الجنوب نحو المغرب والبصرة أشد انحرافا ويقرب منها بتبريز وأردبيل وقزوين وهمدان وما والاها من بلاد خراسان وذكر الفاضلان
انه قبلة كوفة وخراسان واحد وفيه اشكال ويستحب لهم التياسر قليلا إلى يسار المصلي يعني إذا عين المصلي الجهة التي يجوز التوجه إليها برعاية العلامات المقررة
ويستحب له التياسر قليلا وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب وظاهر الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف الوجوب واستدل عليه في الخلاف باجماع الفرقة وبرواية المفضل بن عمرو يؤيده مرفوعة
علي بن محمد وقد مر ما في أوائل مبحث القبلة والروايتان ضعيفتا السند جدا والعمل بهما لا يؤمن معه من الانحراف اليسير عن سمت القبلة وهذا الحكم مبنى على أن
قبلة البعيد هي الحرم كما صرح به المحقق واحتمل المصنف اطراده على القولين ويحكى ان العلامة المحقق نصير الملة والدين محمد بن محمد بن الحسن الطوسي قدس الله
روحه قد حضر مجلس درس المحقق نجم الدين أبي القسم جعفر بن سعيد فكان مما جرى في درسه هذه المسألة فاورد عليها اشكالا حاصله ان التياسر أمر اضافي لا يتحقق الا
بالإضافة إلى صاحب يسار يتوجه إلى جهة فإن كانت تلك الجهة محصلة لزم التياسر عما وجب التوجه إليه وهو حرام لأنه خلاف الآية وان لم تكن محصلة لزم عدم امكان
التياسر إذ تحققه موقوف على تحقق الجهة التي يتياسر إليها فكيف يتصور الاستحباب واجابه المحقق رحمه الله في الدرس بما اقتضاه الحال ثم كتب في ذلك رسالة استحسنها المحقق
الطوسي رحمه الله والرسالة بتمامها منقولة في كتاب المهذب البارع في شرح النافع وحاصل الجواب ان التياسر عن تلك الجهة المحصلة المقابلة لوجه المصلي حين استعمال
العلامات المنصوبة لها استظهار في مقابلة الحرم لان قدر الحرم عن يمين الكعبة يسير وعن يسارها متسع كما دلت عليه الرواية التي أسند إليها الأصحاب في ذلك
وإذ قد علم ضعف مستند هذا الحكم فترك الإطالة فيه أولي وعلامة أهل الشام جعل بنات نعش الكبرى وهي سبعة كواكب أربعة منها نعش وثلث بنات حال
220

غيبوبتها وهو انحطاطها ودنوها إلى جانب المغرب خلف الاذن اليمنى وجعل الجدي خلف الكتف الأيسر عند طلوعه وهو غاية ارتفاعه وفي جعل العراقي له خلف
المنكب اليمنى والشامي خلف الكتف اليسرى إشارة إلى أن انحراف العراقي عن نقطة الجنوب نحو المغرب أكثر من انحراف الشامي عنها نحو المشرق ومغيب سهيل اليمنى وهو
اخذه في الانخفاض وميله عن دائرة نصف النهار على العين اليمنى وطلوعه وهو بروزه عن الأفق المرئي بين العينين وقد يتوهم ان المراد بطلوعه غاية ارتفاعه وهو خطأ
لأنه حينئذ يكون على دائرة نصف النهار كما هو الشأن في غاية ارتفاع كل كوكب فإذا جعل في هذه الحالة بين العينين حصل استقبال نقطة الجنوب وهذه ليست قبلة
للشامي وجعل الصبا مقصورة بفتح الصاد ريح (تهب) ما بين مطلع الشمس في حال الاعتدال إلى الجدي على الخد الأيسر والشمال بفتح الشين ومحلها ما بين القطب ومغرب
الاعتدال على الكتف الأيمن ويستفاد من هذه العلامات ان قبلة الشامي منحرفة عن نقطة الجنوب نحو المشرق قليلا قال الشارح الفاضل وبالتحرير المستفاد من هذه
العلامات وغيرها يعلم أن سمت قبلة الشامي على ثلث مقدار ما بين نقطة المشرق والجنوب بحيث يكون ثلثا ذلك المقدار على يسار المصلي وثلثه عن يمينه نحو الجنوب وعلامة
المغرب والمراد بعض أهل المغرب كالحبشة والنوبة فان البلاد المشهورة في المغرب قبلتها يقرب من نقطة المشرق بل يميل عنها نحو الجنوب يسيرا فهي بعيدة عن هذه
العلامات جعل الثريا عند طلوعها على اليمين والعيوق بالتشديد وهو نجم احمر مضئ في طرف المجرة يتلوها الثريا ويبعد عنها إلى جهة الشمال على الشمال والجدي
على صفحة الخد الأيسر وعلامة اليمن جعل الجدي وقت طلوعه بين العينين وسهيل عند مغيبه وهو ميله عن دائرة نصف النهار بل قبل اخذه في المغيب عند
كونه على الدائرة بين الكتفين ليكون مقابلا للجدي وقت طلوعه والجنوب بفتح الجيم ريح مقابلة لريح الشمال مهبها ما بين نقطتي الجنوب والمشرق على مرجع
الكتف الأيمن وهو مبدأ رجوعه قرب المفصل كما قيل وهذه العلامات يقتضي كون قبلة اليمن نقطة الشمال مقابلا لبعض بلاد العراق كالموصول وبعض
الأصحاب جعل اليمن في مقابلة الشامي قال الشارح الفاضل والتحقيق ان عدن وما والاها يناسب العلامات المذكورة واما صنعاء المشهورة وما ناسبها في مقابلة للشامي
والمصلي في وسط الكعبة يكفيه ان يستقبل إلى اي جدار منها شاء لا خلاف في جواز صلاة النافلة في وسط الكعبة وكذا الفريضة في حال الاضطرار نقل اتفاق
أهل العلم عليهما المحقق والمصنف وغيرهما انما الكلام في صلاة الفريضة فيه اختيارا فذهب أكثر الأصحاب منهم الشيخ في النهاية والاستبصار إلى الجواز على كراهة وقال في الخلاف
بالتحريم وتبعه ابن البراج احتج المجوزون بما رواه الشيخ في الاستبصار في الموثق عن يونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام إذا حضرت المكتوبة وانا في الكعبة أفأصلي
فيها قال صل ويعضده قوله تعالى وعهدنا إلى إبراهيم وإسماعيل ان طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع والسجود فان الظاهر منها تعميم الاذن والترخص في الركوع والسجود
في اجزاء البيت بأسرها وبان القبلة ليست مجموع البنية بل نفس العرصة وكل جزء من اجزائها إذ لا يمكن محاذاة المصلي الا بقدر بدنه والباقي خارج عن مقابلته و
هذا المعنى يتحقق مع الصلاة فيها وفي الأخير نظر إذ لقائل أن يقول يجوز ان يكون المعتبر التوجه إلى جهة الكعبة بان تكون الكعبة في جهة مقابلة للمصلي وان لم
يحصل المحاذاة لكل جزء منها لابد لنفي ذلك من دليل احتج الشيخ في الخلاف باجماع الفرقة وبان القبلة هي الكعبة لمن شاهدها فتكون القبلة جملتها والمصلي في وسطها غير
مستقبل للجملة وبما رواه في الاستبصار في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصلي المكتوبة في الكعبة فان النبي صلى الله عليه وآله لم يدخل الكعبة في حج ولا عمرة ولكنه
دخلها في الفتح فتح مكة وصلى ركعتين بين العمودين ومعه أسامة ابن زيد وهذه الرواية اوردها الشيخ في التهذيب أواخر زيادات كتاب الصلاة باسناد موثق عن معاوية بن
عمار وما رواه قبيل الخبر المذكور بنحو من ورقة في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال لا تصلي المكتوبة في الكعبة واوردهما في الاستبصار بسند قريب عن السند
الأول أقوى منه عن محمد عن أحدهما عليهما السلام قال لا تصلح صلاة المكتوبة في جوف الكعبة وأوردها بهذه العبارة في التهذيب باسناد أخرى من الموثقات على ما في بعض نسخ التهذيب
عن محمد وفي بعض النسخ من الضعاف وفي الكل نظر إما الاجماع فلعدم ثبوته مع مخالفة الأكثر كيف والشيخ نفسه قال في النهاية والاستبصار في (با) الكراهة واما الوجه الثاني
فيمنع ان القبلة هي الجملة لابد من دليل واما الروايات فبالحمل على الكراهة جمعا بين الأدلة والتحقيق ان الروايات غير ناهضة باثبات التحريم لضعف ظهورها فيه فيزول
بأدنى امارة فيكفي في ذلك موثقة يونس ثم إن علمنا بالموثقات تعين المصير إلى مدلولها والا وجب الصلاة خارج الكعبة تحصيلا للبراءة اليقينية مما دل
على اشتراط الصلاة بالقبلة كقوله عليه السلام لا صلاة الا إلى الكعبة واما قوله تعالى فولوا وجوهكم فظاهره الاختصاص بحال البعيد وكذا قوله عليه السلام ما بين المشرق والمغرب قبلة
والترجيح للجواز لان مدار العمل عندي على الخبر المعتبر المفيد للظن القوي المعمول هو أو ما هو في مرتبته بين الأصحاب لا دوران الامر مع الصحة وعدمها بالمعنى
المصطلح بين المتأخرين على ما أشرنا إليه سابقا ولا خفاء في كون الخبر المذكور من هذا القبيل إذ ليس في طريقه من يتوقف في شانه الا الحسن بن علي بن فضال (ويونس) إما
الحسن فما قيل في شانه مما يدل على الاعتماد التام على نقله والوثوق البالغ بخبره غير خفي على الناظر في كتب الرجال فلا يضر ذلك كونه فطحيا مع أنه رجع إلى الحق كما
قيل واما يونس فهو موثق في كتب الرجال وليس فيه قدح الا ما نقل الكشي عن حمدويه عن بعض أصحابه انه فطحي وقال النجاشي أنه قال يعبد الله ورجع وغير خفي انه مجرد
هذا مع توثيق الأصحاب له واشتهار اخباره بين الطائفة ورواية الاجلاء عنه كابن أبي عمير وغيره لا يوجب
انحطاط اخباره عن درجة الاعتماد مع أن الخبر المذكور (معتضد)
بطاهر الآية مشتهر بينهم فالتعويل على مدلوله أقرب والمصلي على سطحها يصلي قائما ويبرز بين يديه شيئا منها ليكون توجهه إليه هذا هو المشهور بين الأصحاب واليه ذهب
الشيخ في المبسوط وقال في الخلاف والنهاية يستلقي على ظهره ويصلي إلى البيت المعمور ونحوه قال ابن بابويه (وبه قال ابن) البراج ان لم يتمكن النزول والا فعليه ان ينزل حجة الأول رعاية العمل
بالأدلة الدالة على وجوب القيام والركوع والسجود وحجة الثاني اجماع الفرقة على ما نقل الشيخ في الخلاف وما رواه عن علي بن محمد عن إسحاق بن محمد عن عبد السلام عن الرضا عليه السلام
قال في الذي يدركه الصلاة وهو فوق الكعبة فقال إن قام لم يكن له قبلة ولكن يستلقي على قفاه يفتح عينيه إلى السماء ويقعد بقبلة القبلة التي في السماء البيت
المعمور ويقرء فإذا أراد ان يركع غمض عينيه وإذا أراد ان يرفع رأسه من الركوع فتح عينيه والسجود على نحو ذلك وفيه نظر إما الاجماع فقد تقدم الكلام عليه مرارا
واما الخبر فضعيف السند جدا فلا يصلح لتخصيص الأدلة القول الأول فظهر ان الترجيح للقول الأول ولو قيل إن تمكن من النزول وجب تحصيلا للبرائة اليقينية والا
صلى قائما لم يكن بعيدا الا ان يثبت الاجماع على نفي هذا التفصيل ولو صلى باجتهاد أو لضيق الوقت عن الصلاة إلى أربع جوانب أو لاختيار المكلف ان (لها إذا) قلنا بتحير (بتخيير)
المتحير ثم انكشف فساده أعاد مطلقا سواء كان في الوقت أو خارجه إن كان مستدبرا واليه ذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخان وسلار وأبو الصلاح وابن البراج
وابن زهرة وقال السيد المرتضى إن كان الوقت باقيا أعاد وإن كان قد خرج الوقت فلا إعادة واختاره ابن إدريس والمحقق والمصنف في المختصر والشهيد وجماعة من المتأخرين
وهو ظاهر ابن الجنيد (وابن بابويه) وهو أقرب لنا ان وجوب القضاء تكليف مستأنف فيتوقف على الدلالة ولا دلالة وما رواه الكليني في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام
221

قال إذا صليت وأنت على غير القبلة فاستبان لك انك صليت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد فان فاتك الوقت فلا تعد ورواه الشيخ باسناده إلى الكليني بتفاوت
ما في المتن ورواه باسناد أخرى صحيحة عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله بتفاوت ما في المتن وبإسناد أخرى غير صريحة صحيحة عنه أيضا وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن
عبد الرحمن بن أبي عبد الله انه سال الصادق عن رجل أعمى صلى على غير القبلة فقال إن كان في وقت فليعد وإن كان قد مضى الوقت فلا يعد وصحيحة سليمان بن خالد السابقة عند
شرح قول المصنف ويجتهد مع الخفاء وما رواه الشيخ في الصحيح عن يعقوب بن يقطين قال سالت عبدا صالحا عن رجل صلى في يوم سحاب على غير القبلة ثم طلعت
الشمس وهو في وقت أيعيد الصلاة إذا كان قد صلى على غير القبلة وإن كان قد تحرى القبلة بجهده أيجزيه صلاته فقال يعيد ما كان في وقت فإذا ذهب الوقت
فلا إعادة عليه ورواه في موضع أخرى باسناد اخر صحيح عن يعقوب وما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا صليت على غير القبلة فاستبان لك قبل ان تصبح
انك صليت على غير القبلة فأعد صلاتك والظاهر أن الحكم مفروض في العشائين ويستفاد منه بمعونة الأخبار السابقة الدالة على عدم الإعادة خارج الوقت امتداد
وقت العشائين إلى الصبح في الجملة ويحتمل ان يكون المراد بالاصباح الاسفار أو طلوع الشمس فيكون الحكم مفروضا في صلاة الصبح ويؤيده رواية محمد بن الحصين
السالفة عند شرح قول المصنف قيل والى غير القبلة احتج الشيخ رحمه الله بما رواه في الموثق عن عمار بن موسى عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى على غير القبلة فيعلم وهو في الصلاة قبل
ان يفرغ عن صلاته قال إن كان متوجها فيما بين المشرق والمغرب فليحول وجهه إلى القبلة حتى يعلم وإن كان متوجها إلى دبر القبلة فليقطع الصلاة ثم يحول وجهه إلى
القبلة ثم يفتح الصلاة والجواب ان مدلول الرواية خارج عن محل النزاع إذ لا دلالة فيها على القضاء بعد خروج الوقت ويؤيد قول الشيخ ما رواه عن الطاطري
عن محمد بن زياد عن حماد بن عثمان عن معمر بن يحيى قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى على غير القبلة ثم تبين له القبلة وقد دخل وقت صلاة أخرى قال يصليها قبل ان
يصلي هذه التي دخل وقتها الا ان يخاف فوت التي دخل وقتها وروى بالاسناد السابق عن عمرو بن يحيى عن أبي عبد الله عليه السلام نحوا من السابق لكن بدل قوله يصليها يعيدها
والجواب بعد الإغماض عن السندان هاتين الروايتين لا يصلحان لمقاومة الأخبار السابقة فيلزم ارتكاب التأويل فيها إما بالحمل على من صلى على غير القبلة من غير
اجتهاد مع التمكن منه واما بحمل قوله عليه السلام وقد دخل وقت صلاة أخرى على صلاة مشتركة مع الصلاة الأولى في الوقت كالظهرين والعشائين ولعل في قوله عليه السلام يعيد في الخبر
الثاني اشعار إما بذلك واما بالحمل على الاستحباب ومما يضعف الاستناد إليهما كون ظاهرهما غير معمولة بين الأصحاب لشموله لغير المستدبر أيضا واما ما رواه ابن بابويه في
الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال لا صلاة الا إلى القبلة قال قلت وأين حد القبلة قال ما بين المشرق والمغرب قبلة كله قال قلت فمن صلى لغير القبلة في يوم غيم أو
في غير الوقت قال يعيد فلا تنافي الاخبار الأولة لان المراد بالإعادة الاتيان بها ثانيا في الوقت ويعيد الصلاة في المفروض المذكورة في الوقت خاصة إن كان
مشرقا أو مغربا بان يكون توجهه إلى نفس المشرق والمغرب وهذا الحكم اجماعي نقل الاجماع عليه المصنف والمحقق وغيرهما ويدل على وجوب الإعادة انتفاء الشرط المقتضي لانتفاء
المشروط فيبقى في الذمة وعلى عدم وجوب القضاء انه بتكليف مستأنف فينبغي الدلالة وهي منتفية ويدل على الجميع أيضا الاخبار السالفة فان قلت فما الوجه فيما رواه الشيخ في
الصحيح عن عبد الله بن المغيرة عن القسم بن الوليد قال سألته عن رجل تبين له وهو في الصلاة انه على غير القبلة قال يستقبلها إذا أثبت (ثبت) ذلك وإن كان فرغ منها فلا
يعيد قلت مرجع الضمير في قوله يستقبلها إلى القبلة لا إلى الصلاة والرواية محمولة على صورة انحرف يسيرا بحيث لا يصل التشريق والتغريب ولا يعيد إن كان بينهما
اي المشرق والمغرب وهذا الحكم اجماعي على ما نقل المصنف والمحقق وغيرهما لكن عبارات المتقدمين مطلقة في وجوب الإعادة في الوقت إذا صلى لغير القبلة قال المفيد
في المقنعة ومن أخطأ القبلة أو سهى عنها ثم عرف ذلك والوقت باق أعاد فان عرفه بعد خروج الوقت لم يكن عليه إعادة فيما مضى اللهم الا ان يكون قد صلى مستدبر
القبلة وقال الشيخ في المبسوط وإذا صلى البصير إلى بعض الجهات ثم تبين انه اذن صلى إلى غير القبلة والوقت باق أعاد الصلاة وقال في النهاية فان صلاها ناسيا أو شبهة ثم تبين انه
صلى إلى غير القبلة وكان الوقت باقيا وجب عليه إعادة الصلاة وقريب منها كلام الشيخ في الخلاف وابن زهرة وابن إدريس ولعل مرادهم من الصلاة إلى غير القبلة ما لم يكن
فيما بين المشرق والمغرب (لمشتهر من أن ما بين المشرق والمغرب) قبلة ويؤيده ايراد الشيخ للرواية المتضمنة لذلك في شرح كلام المفيد السابق من غير تعرض لكلام عليه وكذا الاستقبال ويدل على الحكم
المذكور مضافا إلى الاجماع المنقول ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت الرجل يقوم في الصلاة ثم ينظر بعد ما فرغ فيرى انه قد انحرف
عن القبلة يمينا أو شمالا قال قد مضت صلاته ما بين المشرق والمغرب قبلة ورواه الشيخ باسناد حسن لثعلبة عن معاوية وهل الناسي كالظان في الاحكام السابقة
قيل نعم وهو قول الشيخين وجماعة وقربه الشهيد استنادا إلى عموم الاخبار الشاملة لمحل النزاع وخالف فيه الفاضلان لأنه مستند إلى تقصيره بخلاف الظان وفي هذا
التعليل ضعف وحجة الأول لا يخلو عن قوة لكن فيه انه سيجيئ عند شرح قول المصنف والالتفات إلى ما رواه اخبار دالة على أن الالتفات مبطل وتلك الأخبار شاملة للسهو
والظاهر عدم الفرق بين السهو في بعض الصلاة أو جميعه فينسحب حكم البطلان الثابت للأول في الثاني مع أن بعض تلك الأخبار شامل لمحل النزاع لعمومه والنسبة بين ما
ذكر هيهنا من الاخبار تلك الأخبار عموم من وجه ويحتمل ترجيح التخصيص في هذه الأخبار وسيجيئ بيانه هناك فانتظره وبالجملة فالمسألة لا يخلو عن تردد قال الشهيد إما
جاهل الحكم فالأقرب انه يعيد مطلقا الا ما كان بين المشرق والمغرب لأنه ضم جهلا إلى تقصير ووجه المساواة الناس في سعة ما لم يعلموا انتهى كلامه والمسألة محل اشكال ولو ظهر
الخلل وهو في الصلاة استدار إلى القبلة إن كان الانحراف قليلا بان يكون الانحراف غير بالغ إلى حد التشريق والتغريب والا استأنف وظاهر المحقق في المعتبر نقل
الاجماع على الحكم الأول قال الشهيد وظاهر كلام الأصحاب ان الكثير ما كان إلى سمت اليمين أو اليسار أو الاستدبار ولم ينقل المصنف وغيره خلافا في هذه المسألة
لكن قال الشيخ في المبسوط وإن كان في خلال الصلاة ثم ظن أن القبلة عن يمينه أو شماله بنى عليه واستقبل القبلة وتممها وإن كان مستدبر القبلة أعاد من أولها بلا خلاف
وقال فيه أيضا فان دخل يعني الأعمى فيها ثم غلب على ظنه ان الجهة في غيرها مال إليها وبنى على صلاته ما لم يستدبر القبلة ويستفاد منه عدم وجوب الاستيناف في صورة
التشريق والتغريب والأول أقرب ويدل على الحكم الأول قولهم عليهم السلام ما بين المشرق والمغرب قبلة وموثقة عمار ورواية القسم بن وليد السابقتان في المسألة المتقدمة
وعلى الحكم الثاني انتفاء الشرط (المقتضى لانتفاء المشروط) الموجب للاستيناف ولو تبين في أثناء الصلاة الاستدبار وقد خرج الوقت فالأقرب انه ينحرف ولا إعادة وهو اختيار الشهيدين لأنه
دخل دخولا مشروعا والامتثال يقتضي الأجزاء والإعادة انما يثبت عند بقاء الوقت لا مطلقا ولا قضاء لفقد الدلالة ولا يتعدد الاجتهاد بتعدد الصلاة الا إذا
حصل شك في الاجتهاد الأول وخالف فيه الشيخ في المبسوط فأوجب التجديد دائما لكل صلاة ما لم يحضره الامارات للسعي في إصابة الحق ولان الاجتهاد الثاني ان خالف الأول
وجب المصير إليه لان تغيير الاجتهاد لا يكون الا الامارة أقوى من الأول وأقوى الظنين أقرب إلى اليقين وان وافقه تأكد اليقين وهو حسن ان احتمل تغير الظن
222

ولو تغير اجتهاد المجتهد في أثناء الصلاة انحرف وبنى إن كان لا يبلغ موضع الإعادة والا أعاد ولو تغير اجتهاده بعد الصلاة لم يلتفت ولا يلحق به حكم اليقين قال
المصنف في المنتهى لا نعرف فيه خلافا ولو خالف المجتهد اجتهاده وصلى وصادف القبلة لم يصح صلاته لأنه أقدم على النهي والنهي في العبادة يستلزم الفساد قال الشيخ في المبسوط
بالاجزاء لان المأمور به هو التوجه إلى القبلة وقد اتى به ومنعه ظاهر ولو قلد مجتهدا فأخبره بالخطأ استدار ان لم يبلغ الانحراف موضع الإعادة والا استأنف
ولو صلى بقول واحد فأخبره اخر بخلافه في أثناء الصلاة اعتبر بالأول ولو اختلف المجتهدون لم يأتهم بعضهم ببعض عند الشيخ والمحقق وأكثر الأصحاب لان كل واحد
منهم يعتقد خطأ الأخر واحتمل المصنف في التذكرة الصحة لان فرض كل واحد منهم التعبد بظنه فكانوا كالقائمين حول الكعبة فان جهتهم مختلفة مع صحة صلاتهم جماعة وربما يفرق
بينهما بتعدد الجهة في المصلين حول الكعبة بخلاف المجتهدين للقطع بخطأ بعضهم وربما يدفع بان الخطأ في استقبال الكعبة لا في الجهة التي يجب استقبالها عليهم لان كلامهم
متعبد بظنه وان لم يطابق الواقع ولو اختلف الإمام والمأموم في التيامن والتياسر فالأقرب جواز الاقتداء لان صلاة كل منهما صحيحة ولحصول الشرط بالنسبة إلى كل
منهما لان الواجب مع البعد الجهة وما بين المشرق والمغرب قبلة مع ما علم من المساهلة في أمر القبلة وقوى المصنف في التذكرة عدم الجواز بناء على أن الواجب إصابة العين وفيه
تأمل {المقصد الرابع} ما يصلى فيه وفيه مطلبان
الأول اللباس يجب ستر العورة في الصلاة وهو قول علماء الاسلام نقل ذلك جماعة من الأصحاب منهم الفاضلان
والشهيد وقال المصنف أجمع علماؤنا على أنه شرط في الصلاة وقال في المعتبر وعندنا وعند الأكثر انه شرط في الصحة مع الامكان ونحوه قال الشهيد رحمه الله ويدل عليه روايات كثيرة منها
صحيحة علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام قال سألته عن رجل قطع عليه أو غرق متاعه فبقى عريانا وحضرت الصلاة كيف يصلي قال إن أصاب حشيشا يستر (ليستر) عورته أتم صلاته بالركوع
والسجود وان لم يصب شيئا يستر به عورته أومأ وهو قائم فترك أعظم أو كان الصلاة حينئذ صريح في اشتراط الصحة بالستر وانما عددنا هذه الرواية من الصحاح جريا على المشهور وقد
يتوقف في ذلك بناء على أن الشيخ نقلها عن محمد بن علي بن محبوب عن العمركي عن علي بن جعفر والشائع المتعارف وجود الواسطة بين ابن محبوب والعمركي فلا يبعد سقوط الواسطة
سهوا وهذا من عادة الشيخ والواسطة بينهما في الأكثر محمد بن أحمد العلوي وهو مجهول الحال فاذن الحديث معلل واما قوله تعالى يا بني ادم خذوا زينتكم عند كل مسجد ففيه
تأييد ما لوجوب الستر في الصلاة لما قيل اتفق المفسرون على أن الزينة هنا ما يواري العورة في الصلاة والطواف لأنهما المعبر عنهما بالمسجد ولا ينافي التأييد في الجملة وجود الاختلافات
في تفسيرها في الاخبار وأقوال المفسرين ولا دلالة فيها على وجوب الامر المذكور مع قيام الاحتمالات الكثيرة على خلافه ولا تأييد (فيها) للاشتراط الا في صورة تضاد الصلاة
عاريا للستر الواجب لا مطلقا فالاستدلال بها على الاشتراط كما وقع في كلام الشهيد وغيره محل اشكال واما قوله تعالى يا بني ادم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم اي ستر
عوراتكم وكلما بسوء كشفه عنكم ففيه اشعار بوجوب ستر العورة باللباس مطلقا فان يواري سوآتكم يومي إلى قبح الكشف وان الستر مراد الله سبحانه وفيها تأييد للاشتراط في الصورة
المذكورة وهل الستر شرط مع الذكر أو مطلقا ظاهر المصنف في المختصر والنهاية صحة الصلاة إذا لم يعلم بالانكشاف سواء دخل في الصلاة عاريا ساهيا أو انكشف في الأثناء وسواء كان
الانكشاف في جميع الصلاة أو كان في بعضها وقال في المعتبر لو انكشف عورته في أثناء الصلاة ولم يعلم صحت صلاته لأنه مع عدم العلم غير مكلف ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن
علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام في الرجل يصلي وفرجه خارج لا يعلم به هل عليه الإعادة قال لا إعادة عليه وقد تمت صلاته ويظهر من التعليل عدم الفرق بين الستر
ابتداء والتكشف في الأثناء وبين الكشف في جميع الصلاة وبعضها وفرق الشهيد رحمه الله في كتبه وقال في الذكرى ولو قيل بان المصلي عاريا مع التمكن من الساتر يعيد مطلقا
والمصلى مستورا ويعرض له الكشف في الأثناء بغير قصد لا يعيد مطلقا كان قويا وقريب منه كلامه في البيان وكلامه يحتمل أمرين أحدهما الفرق بين الانكشاف في جميع
الصلاة وبين الانكشاف في البعض وثانيهما الفرق بين النسيان ابتداء والتكشف في الأثناء وكلامه في الذكرى
يشعر بالأول حيث قال وليس بين الصحة مع عدم الستر بالكلية
وبينهما مع عدمه ببعض الاعتبارات تلازم بل جاز ان يكون المقتضى للبطلان انكشاف جميع العورة في جميع الصلاة فلا يحصل البطلان بدونه وجاز ان يكون المقتضى
للصحة ستر جميعها في جميعها فتبطل بدونه وقال ابن الجنيد لو صلى وعورتاه مكشوفتان غير عامد أعاد في الوقت فقط فقال الشيخ في المبسوط فان انكشف عورتاه في الصلاة وجب
سترهما عليه ولا يبطل صلاة سواء كان ما انكشف عنه قليلا أو كثيرا بعضه أو كله وكلام الشيخ مطلق يشتمل صورة العلم والعمد وعليه حمله المصنف في التذكرة وإن كان المنساق
إلى الذهن منها الانكشاف بدون العلم والعمد وعليه حمل المصنف في المختصر والأقرب ان الانكشاف ساهيا غير ضائر مطلقا لحصول الامتثال فان التكليف بالصلاة مطلق لا
يتخصص بشرط الا بالقدر الذي اقتضاه الدليل ويقتضي الاشتراط الا بشرط العلم والتذكر لا مطلقا ويعضده رواية علي بن جعفر السابقة فان الظاهر من قوله وفرجه؟ ح
محمول على معنى الجنس وان احتملت الوحدة وعد المصنف هذه الرواية من الصحاح مع أن في طريقة محمد بن أحمد العلوي وهو غير موثق ولعله نظر إلى أن الوسائط بين علي
بن جعفر والناقلين غير ضائر لان الاخبار مأخوذة من كتابه وكتابه أصل مشهور معول عليه منقول بطرق شئ من الصحاح وغيره وانما يذكرون الوسائط رعاية
لاتصال السند لكن طريق (التأمل) عن ذلك غير منسد بالكلية واما الفرق الذي نقلناه عن الشهيد فلا دليل عليه واما ما قاله ابن الجنيد فاحتج له المصنف بان الستر شرط
للصحة وقد انتفى فوجبت الإعادة لعدم حصول الامتثال واما القضاء فغير واجب لأنه بتكليف جديد ولم يثبت واعترض عليه بان الستر شرط للصحة عند التذكر لا
مطلقا وقد يعترض عليه أيضا بان الستر إذا كان شرطا على الاطلاق فهو كالطهارة التي لا يفرق الحال فيها بين الوقت وخارجه ويمكن المناقشة فيه بان الأخبار الدالة
على وجوب القضاء لا يشتمل على فوات القضاء بأي نحو كان فشمولها لمحل النزاع محل تأمل واما كلام الشيخ في المبسوط فإن لم يبق على اطلاقه لم يخالف المشهور
وان أبقى على الاطلاق خالف المشهور وابطاله لا يخلو عن اشكال لان ما اقتضاه الدليل بطلان الصلاة بالانكشاف محامدا في جميع الصلاة لا مطلقا والمصنف في التذكري
أبقاه على الاطلاق واعترض عليه بان الستر شرط وقد فات وأنت خبير بما فيه فتدبر بثوب (ط) على الاجماع وقد مر تحقيقه في كتاب الطهارة الا ما استثنى من
ثوب ذي القروح الدامية والجروح وثوب المربية للصبي والمتنجس بدم ينقص عن سعة الدرهم البغلي وما لا يتم الصلاة فيه وما تعذر تطهيره مع الاضطرار إلى
لبسه وقد مر تفصيل هذه المسائل مملوك للمصلي ويتحقق بملك العين والمنفعة كالمستأجر والمستحق منفعته بوجه شرعي كالوصية أو الشرط في عقد لازم أو
نحوها أو مأذون فيه في الصلاة واللبس مطلقا منطوقا أو مفهوما قال الشارح الفاضل ولا يكفي شاهد الحال هنا لعدم النص وأصالة المنع من التصرف في
مال الغير فيقصر فيما خالفه على محل الوفاق وهو المكان والفرق بين اللباس والمكان ان اللباس يبلى بالاستعمال ولكل جزء منه مدخل في التأثير بخلاف
المكان انتهى ولا يخفى انه ان اشترطنا في شاهد الحال حصول العلم برضى المالك لم يبق فرق بين المكان وغيره في الالتحاق شاهد الحال فيهما بالصريح وان
اكتفينا بالظن كان للتأمل فيه مجال ويمكن ان يقال شاهد الحال انما يتحقق في كل موضع لم يتعارف بين الناس المضائقة في أمثاله وكان من الشايع المعتاد
223

حصول الاذن في نظائره وهذا مما يختلف بحسب الأحوال والأزمان وحينئذ لم يبعد انسحاب الحكم في اللباس أيضا ان فرضنا تحقق ذلك فيه إذ لم يثبت شمول المنع
من التصرف في مال الغير لهذا الموضع والأصل الإباحة فلو صلى في الثوب المغصوب عالما بالغصبية بطلت صلاته وان جهل الحكم لا خلاف في تحريم الثوب المغصوب حال
الصلاة وغيرها انما الكلام في بطلان الصلاة (وغيرها) بذلك عند العلم بالغصبية فأطلق الشيخ ومن تبعه القول بالبطلان ونسبه في المنتهى إلى علماءنا مؤذنا بدعوى
الاجماع عليه وصرح بذلك في النهاية فقال فيه لا تصح الصلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغصبية عند علماءنا أجمع ولا فرق بين ان يكون هو الساتر أو غيره بل لو
كان معه خاتم أو درهم أو غيرهما مغصوب وصلى مستصحبا له بطلت صلاته وبعدم الفرق بين الساتر وغيره صرح جماعة حتى قال الشهيد في البيان ولا تجوز الصلاة في
الثوب المغصوب ولو خيطا فيبطل الصلاة مع علمه بالغصب وقال المحقق في المعتبر اعلم اني لم اقف على نص من أهل البيت عليهم السلام بابطال الصلاة وانما هو شئ ذهب إلى (إليه) المشايخ
الثلاثة منا واتباعهم والأقرب انه إن كان ستر به العورة أو سجد عليه أو قام فوقه كانت الصلاة باطلة وقواه الشهيد في الذكرى وحجة الأول يرجع إلى وجهين الأول
ان الحركات الواقعة في الصلاة منهية عنها لأنها تصرف في المغصوب والنهي عن الحركة نهى عن القيام والقعود والركوع والسجود وكل جزء منها جزء للصلاة فيكون النهي
متعلقا بجزء الصلاة والنهي في العبادة يستلزم الفساد واعترض الشارح الفاضل وغيره عليه بان الحركات المخصوصة الواقعة في الصلاة انما تعلق النهي فيها بالتصرف
في المغصوب من حيث هو تصرف في المغصوب لا عن الحركات من حيث هي حركات الصلاة فالنهي يتعلق بأمر خارج عنها ليس جزءا ولا شرطا فلا يتطرق إليها الفساد بخلاف ما
لو كان المغصوب ساترا أو مسجدا أو مكانا لفوات بعض الشروط أو بعض الأجزاء وفيه نظر لان الانسان إذا كان متلبسا بلباس مغصوب في حال الركوع مثلا
فلا خفاء في أن الحركة الركوعية حركة واحدة شخصية محرمة لكونها محركة للشئ المغصوب فيكون تصرفا في مال الغير محرما فلا يصح التعبد به مع أنه جزء للصلاة
واعتبار الجهتين غير نافع في صحة تعلق الوجوب والحرمة الا مع الاختلاف المتعلق لا مطلقا وبالجملة لا يصح هذا الكلام على رأى أصحابنا القائلين بان الشئ الواحد
الشخصي لا يجوز ان يكون متعلقا للوجوب والحرمة معا مطلقا وانما يتم على رأى جماعة من العامة المخالفين في هذه المسألة بناء على أنهم يقولون الايجابي (التكليف) في الحقيقة
ليس متعلقا بهذا الفرد الشخصي بل متعلق بطبيعة كلية شاملة لهذا الفرد ولغيره وكذا التكليف التحريمي متعلق بطبيعة الغصب لا بخصوص هذا الفرد والنسبة
بين الطبيعتين عموم من وجه فطلب الفعل والترك غير متعلق بأمر واحد في الحقيقة حتى يلزم التكليف بما لا يطاق وانما جمع المكلف بين الطبيعة المطلوبة وجوده
و (الطبيعة المطلوبة) عدمه في فرد واحد باختياره ولا غرض للشارع بخصوص هذا الفرد فهو ممتثل للتكليف الايجابي باعتبار بان هذا فرد للطبيعة المطلوبة وامتثال الطبيعة انما
يحصل بالاتيان بفرد من افرادها وهو مستحق أيضا للعقاب باعتبار كون هذا الفرد فردا للطبيعة المنهية وهذا مرادهم باجتماع الوجوب والحرمة من جهتين
ولا يرد عليهم ان اختلاف الحيثية التقييدية الموجبة للاختلاف الشخصي مخرج للمسألة عن المتنازع واختلاف الحيثية التعليلية غير دافع للمفسدة وهذا
القول غير صحيح على أصول أصحابنا لان تعلق التكليف بالطبيعة مسلم لكن لا نزاع عندنا في أن الطبيعة المطلوبة يجب أن تكون حسنة ومصلحة راجحة متأكدة
يصح للحكيم ارادتها وقد ثبت ذلك في محله وغير خاف ان الطبيعة لا يتصف بهذه الصفات من حيث التحصل الخارجي باعتبار انحاء وجوداته الشخصية وحينئذ نقول الفرد
المحرم لا يخلو إما ان يكون حسنة ومصلحة متأكدة مرادة للشارع أم لا وعلى الأول لا يصح النهي عنه وعلى الثاني لم يكن القدر المشترك بينه وبين باقي الافراد
مطلوبا للشارع بل المطلق الطبيعة المقيدة بقيد يختص به ما عدا ذلك الفرد فلا يحصل الامتثال بهذا الفرد لخروجه عن افراد المأمور به وبالجملة إذا قال الشارع صل
فكأنه قال أريد منك ان تفعل هذا أو هذا وكل منها مصلحة حسنة راجحة بحسب الحكمة فلا يكون المحرم من تلك الجهة وجملة ما ذكرنا ظاهرة عند التأمل كافية للذكي
المتدبر وزيادة التفصيل في هذا المقام لا يليق بهذا الفن فان المسألة من المسائل الأصولية والوجه الثاني من حجة القول الأول ان المكلف مأمور بايانة (باتيانة) المغصوب ورده
إلى المالك فإذا افتقر إلى فعل كثير كان مضادا للصلاة والامر بالشئ يقتضي النهي عن ضده فيفسد واعترض عليه الشارح الفاضل وغيره بمنع كلية (الكبرى) بناء على منع ان الامر بالشئ
نهى عن اضداده الخاصة وفيه نظر أشرنا إليه في كتاب الطهارة عند شرح قول المصنف ودخول المساجد ولا يخفى ان الوجه الثاني يختص بسعة الوقت وبصورة المضادة
ولا يقتضي بطلان الصلاة في الوقت المضيق وظاهر الأصحاب عموم الحكم وقد صرح به بعضهم واحتج المحقق على البطلان في الصورة التي ذكرها بان جزء الصلاة منهى عنه
حينئذ وتبطل الصلاة بفواته إما لو لم يكن كذلك لم يبطل وكان كلبس خاتم من ذهب وارتضاه الشارح الفاضل وفيه نظر لأنا لا نسلم ان ستر العورة جزء للصلاة
بل هو شرط لها والنهي عن الشرط لا يقتضي بطلان الشرط والمشروط الا إذا كان الشرط عبادة وذلك فيما نحن فيه ممنوع الا ترى ان إزالة النجاسة شرط للصلاة ولا يقدح في الصلاة
إذا كانت بماء مغصوب أو آلة مغصوبة أو كانت بفعل غاصب قهرا وتحقيق المقام ان التلبس بالمغصوب لا يخلو إما أن تكون الحركة التي هي من اجزاء الصلاة بحيث يوجب تلك
الحركة حركة في اللباس المغصوب أم لا وعلى الأول يلزم بطلان تلك الحركة ويلزم منه بطلان الصلاة ان لم يكن تدارك تلك الجزء بحيث لا يوجب أمرا مفسدا ووجهه
ظاهر مما بيناه وعلى الثاني فلا يخلو إما ان يكون ايصال المغصوب إلى المالك مضادا للصلاة منافيا لها أم لا وعلى الأول يلزم بطلان الصلاة الا إذا ثبت عدم القائل
بالفصل وبالجملة ان ثبت عدم القائل بالفصل تعين المصير إلى مقتضاه والا كان الحكم مقدار بالقدر الذي اقتضاه الدليل المذكور وقيد المصنف الحكم المذكور بصورة العلم
بالغصبية لان الجاهل بالغصبية غير مكلف بالاجتناب واما جاهل الحكم فالظاهر من اطلاقاتهم تعلق حكم البطلان بالنسبة إليه سواء كان جاهلا بتحريم الغصب أو جاهلا
ببطلان الصلاة أو جاهلا بكون الحركات المذكورة غصبا قال المصنف في المنتهى (في) المكان لو كان عالما بالغصبية وجاهلا بالتحريم فإنه لا يكون معذورا ولا يصح صلاته عندنا
وكلامه يؤذن بالاجماع واحتمل في النهاية الحاق الثالث بجاهل الغصبية وربما مال بعض المتأخرين إلى الحاق جاهل الحكم بجاهل الغصب في عدم وجوب القضاء والاشكال
في هذه المسألة طريق والناسي للحكم كجاهل الحكم ولو نسى الغصبية ففيه أوجه الأول: الإعادة في الوقت والقضاء خارجه ولا اعلم به قائلا الثاني: الإعادة في الوقت
دون القضاء وفي كلام ابن إدريس دلالة على أنه قول بعض الأصحاب واختاره المصنف الثالث: عدم الإعادة مطلقا اختاره ابن إدريس وهو أقرب لنا ان النهي غير متعلق
به في صورة النسيان فيبقى اطلاق التكليف بالصلاة سالما عن المعارض ووجوب التحفظ بحيث لا يعرض له النسيان غير ثابت واما الاستدلال بقوله صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطأ
والنسيان بناء على أن تعذر الحقيقة يقتضي حمل الكلام على أقرب المجازاة وهو رفع جميع الأحكام فضعيف لان المتبادر من مثل هذا الكلام رفع المؤاخذة بمعونة ما اقترن
بهما في الخبر كالاكراه وكون الحمل على رفع جميع الأحكام موجب لثبوت الإعادة للناسي في كثير من الصور احتج القائل بوجوب الإعادة دون القضاء بان الناسي مفرط
لقدرته على التكرار الموجب للتذكر فإذا أخل كان مفرطا ولأنه لما علم كان حكمه المنع من الأصل (الصلاة) والأصل بقاء ذلك عملا بالاستصحاب واما عدم وجوب القضاء فلان
224

بتكليف جديد ولم يثبت والجواب منع وجوب التكرار ومنع كونه موجبا للتذكار وعلى تقدير التسليم لا يلزم بطلان الصلاة ووجوب الإعادة الا إذا ثبت التكليف التحريمي
حال الفعل وهو ممنوع واما التمسك بالاستصحاب فقد أشرنا إلى جهة ضعفه مرارا وقد يعترض عليه بان الصلاة الواقعة إن كانت مأمورا بها لزم الخروج عن العهدة فلا تجب
الإعادة والا ثبت القضاء وللمناقشة فيه مجال فتدبر
ويجوز في الثوب كونه من جميع ما ينبت من الأرض كالقطن والكتان والحشيش إذا صدق على المعمول منه اسم الثوب فلم
ستر بالحشيش والورق مع القدرة على الثوب لم يجز كما هو الظاهر من تخصيص الستر بالثوب وقد صرح الشهيد في الدروس وفيه اشكال لان الدليل لا يقتضي الاشتراط الصلاة بستر
العورة واشتراط أمر زائد على ذلك لا دليل عليه فيكون منتفيا وسيجيئ زيادة تحقيق لهذا المقام وكذا يجوز من جلد ما يؤكل لحمه مع التذكية قال المصنف في التحرير ذهب إليه
علماؤنا الأمصار وقال في المنتهى ذهب إليه العلماء أجمع وان لم يدفع على الأشهر الاظهر وخالف فيه الشيخ والمرتضى وقد مر الكلام في تحقيقه في أواخر كتاب الطهارة و
صوفه وشعره وريشه ووبره وإن كانت ميتة مع غسل موضع الاتصال لا خلاف بين الأصحاب في جواز الصلاة في الأشياء المذكورة إذا اخذ بطريق الجز ونقل الاجماع
على ذلك جماعة منهم ويدل عليه ما رواه الشيخ في باب الزيادات في الحسن بمحمد بن عيسى وكثير منهم (عدوا) هذه الرواية من الصحاح وهو غير بعيد عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال
لا باس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ان الصوف ليس فيه روح والتعليل يقتضي التعميم فيما ليس له روح وأما إذا اخذ بطريق القلع فالمشهور جواز الصلاة فيه إذا
غسل موضع الاتصال وخالف فيه الشيخ وقد مر الكلام في ذلك في كتاب الطهارة وكذا يجوز من الخز الخالص من الامتزاج بوبر الأرانب والثعالب وغيرهما مما لا يصح الصلاة
فيه لا مطلق الخلوص وجواز الصلاة في وبر الخز الخالص متفق عليه بين الأصحاب ونقل اجماعهم عليه جماعة منهم المحقق والمصنف وابن زهرة والشهيد وغيرهم ويدل عليه الأخبار المستفيضة
منها ما رواه الكليني في الصحيح عن عبد الرحمن الحجاج قال سال أبا عبد الله عليه السلام رجل وانا عنده عن جلود الخز فقال ليس لها باس فقال الرجل جعلت فداك انها في بلادي
وانما هو كلاب يخرج من الماء فقال أبو عبد الله عليه السلام إذا خرجت من الماء (تعيش خارجة من الماء فقال) الرجل لا قال لا باس وهذا الخبر يصلح للتأييد لا للدلالة إذ ليس فيها تصريح بجواز الصلاة
فيها ومنها ما رواه ابن بابويه والشيخ في الصحيح عن سليمان بن جعفر الجعفري قال رأيت أبا الحسن الرضا يصلي في جبة خز ومنها ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن علي بن مهزيار
قال رأيت أبا جعفر الثاني يصلي الفريضة وغيرها في جبة خز طاروي وكسائي (وكساني) جبة خز وذكر انه لبسها على بدنه وصلى فيها وأمرني بالصلاة ومنها ما رواه الكليني والشيخ
في الصحيح عن سعد بن سعد قال سألت الرضا عن جلود الخز فقال هل ذا نحن فليس فقلت ذاك الوبر جعلت فداك قال إذا حل وبره حل جلده ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح
عن الحلبي قال سألته عن لبس الخز فقال لا باس به ان على الحسين عليه السلام كان يلبس الكساء الخز في الشتاء فإذا جاء الصيف باعه وتصدق بثمنه وكان يقول أبى انى لا سيجيئ من ربي ان
اكل ثمن ثوب قد عبدت الله فيه ومنها ما رواه الشيخ في الموثق عن معمر بن خلاد قال سألت أبا الحسن الرضا عن الصلاة في الخز فقال صل فيه ومنها ما رواه الكليني في
الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة قال خرج أبو جعفر عليه السلام يصلي على بعض أطفالهم وعليه جبة خز صفراء ومطرف خز أصفر والمشهور بين المتأخرين ان حكم الجلد حكم الوبر ومنعه
ابن إدريس ونفى عنه الخلاف وتبعه المصنف في المنتهى حجة الأول: الأصل (وتؤيده) صحيحة عبد الرحمن بن الحجاج وصحيحة سعد بن سعد المذكورتان وانما جعلتها من المؤيدات إذ ليس في
الخبرين تصريحا بجواز الصلاة فيها ويؤيده في الجملة موثقة معمر لاطلاق الخز فيها مع عدم الاستفصال وان أمكن ان يكون المراد منه الثوب المتخذ من الوبر المعمول
في ذلك الزمان لشيوع استعماله فيه وكونه الفرد الغائب الشائع ويؤيده أيضا ما رواه ابن بابويه عن يحيى بن عمران أنه قال كتبت إلى أبي جعفر الثاني في السحاب والفنك
والخز وقلت جعلت فداك أحب ان لا تجيبني بالتقية في ذلك وكتب إليه بخطه صل فيها وحجة الثاني: العمومات الدالة على المنع من كل شئ مما يؤكل لحمه خرج الوبر بالنص
والاجماع فيبقى الجلد تحت عموم المنع والتحقيق انه وقع التعارض بين الاخبار فيمكن تخصيص الأخبار الدالة على المنع وابقاء ما ذكرنا من المؤيدات على ظواهرها ويمكن
ارتكاب التأويل في المؤيدات المذكورة فان خرج قلنا بترجيح أحد الطرفين فذاك والا تعين المصير إلى مقتضى الأصل وهو الجواز والمسألة محل تردد فان قلت ستعلم ان
بعض الأخبار الدالة على المنع غير محمول على ظاهره من النهي التحريمي وبعضها غير شامل لمحل النزاع وما دل منها على المنع في جلود السباع غير نافع للشك في كون الخز منها فاذن
يبقى أصل الجواز سالما عن المعارض قلت الشك في كونه من السباع يقتضي الاجتناب عنه تحصيلا للبرائة اليقينية ان لم يرجح المؤيدات المذكورة ولقائل أن يقول ما دل
على تحريم الصلاة في جلود السباع لا عموم فيها عموما واضحا لغويا أو عرفيا بحيث يشتمل غير المعلوم انما العموم فيه مستفاد بقرائن الأحوال وترك الاستفصال وكون
التخصيص بالبعض منافيا لحكمة الإفادة والبيان وإذا حمل على افراده المتبادرة من المعلومات دون غيرها لم يكن بذلك البعيد إذ ليس فيه ما يدفعه رعاية الامر (الامورة)
والمذكورة فاذن يبقى فيه الأصل سالما عن مقاومة الدافع ومصارمة الرافع واعلم أن للأصحاب اختلافا في حقيقة الخز فقيل إنه دابة بحرية ذات أربع تصاد من الماء
ويموت بفقده وقد رواه الشيخ والكليني عن ابن أبي يعفور باسناد فيه محمد بن سليمان الديلمي الضعيف وغيره من المجاهيل قال كنت عند أبي عبد الله عليه السلام إذ دخل عليه رجل
من الخزازين فقال له جعلت فداك ما تقول في الصلاة في الخز فقال لا باس بالصلاة فيه فقال له الرجل جعلت فداك انه ميت وهو علاجي وانا اعرفه فقال له
أبو عبد الله عليه السلام انا عرف به منك فقال له الرجل انه علاجي وليس أحد اعرف به مني فتبسم أبو عبد الله عليه السلام ثم قال له تقول انه دابة تخرج من الماء أو تصاد من الماء فتخرج فإذا
فقد الماء مات فقال الرجل (صدقت جعلت فداك هكذا هو فقال أبو عبد الله عليه السلام فإنك تقول دابة تمشي على أربع وليس هو في حد الخيشان فتكون ذكاته خروجه) اي والله هكذا أقول فقال له أبو عبد الله عليه السلام فان الله تعالى أحله فجعل ذكاته موته كما أحل الحيتان وجعل ذكاتها موتها قال في المعتبر عندي
في هذه الرواية توقف لضعف محمد بن سليمان ومخالفتها لما اتفقوا عليه من أنه لا يوكل من حيوان البحر الا السمك ولا من السمك الا ماله فلس وحدثني جماعة من التجار
انه القندس ولم أتحققه قال الشهيد في الذكرى مضمونها مشهور بين الأصحاب فلا يضر ضعف الطريق والحكم جاز ان يسند إلى حل استعماله في الصلاة وان لم يذك
كما أحل الحيتان لخروجها من الماء حية فهو تشبيه للحل بالحل لا في جنس الحلال ثم قال الشهيد ولعله ما يسمى في زماننا بمصر وبر السمك وهو مشهور هناك ومن الناس من
زعم أنه كلب الماء وعلى هذا يشكل ذكاته بدون الذبح لأنه الظاهر أنه ذو نفس سائلة وهذا الكلام مبنى على ما اختاره من اشتراط التذكية فيه وان ذكاته اخراجه حيا
استنادا إلى الخبر السابق وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج السابقة تدل على كونه كلب الماء إذا عرفت هذا فاعلم أنه في جواز الصلاة في الجلد المشهور في هذا الزمان في
العجم بجلد الخز اشكال لما عرفت عن التردد في انسحاب حكم الوبر في الجلد مع أنه لم يثبت ان هذا هو الخز المحكوم بالجواز في زمان الأئمة فان قلت هذا اللفظ كان
مستعملا في معنى والظاهر موافقة للمعنى المستعمل فيه في زماننا لان الأصل عدم النقل إذا لم يثبت عرف طار قلت لا دليل على هذا الحكم كلية والاستناد إلى الاستصحاب
في هذه المواضع ضعيف نعم قد يحصل الظن إذا لم يحصل أمر يوجب التشكيك والاختلاف في مدلوله لا مطلقا على أن المعتبر على أن التسليم العرف الثابت فيما بين العرب
في هذا الزمان بحيث يكون منضبطا في بلادهم ومحاوراتهم الا ان يكون عرفا مخصوصة بطائفة دون طائفة أو ببلد دون بلد وهذا فيما نحن فيه غير معلوم بل
225

القدر المعلوم اشتهار هذا الشئ بهذا الاسم في بلاد العجم وغير خاف ان هذا الاشتهار بمعزل عن السببية للحكم المذكور مع أنه على تقدير تسليم اشتراط هذا الاطلاق عند
العرب في هذا الزمان لنا ان نقول عدم انضباط ذلك في القرون السالفة على قرننا هذا كما شهد به اختلاف الفقهاء في تفسيره مما يشعر (يسقط) التعلق به فان قلت
على ما ذكرت كما أنه لم يثبت كونه خزا بالمعنى (الجايز لم يثبت عدم كونه خزا بالمعنى) المذكور إذ ليس هيهنا ما يوجب توهم ذلك الا القاعدة المشهورة بين جماعة منهم من أنه إذا اشتبه الشئ المحصور بغير المحصور كان
له حكم غير المحصور الحاقا للشئ بالأعم الأغلب لكن تلك القاعدة لم يثبت على وجه تكون حجة شرعية مع أنه مقررة في اشتباه الشئ بالشئ بعد ثبوت الحكم وهيهنا الاشتباه
في مدلول الحكم على أنه لو أفادت رعاية تلك القاعدة الظن كانت إفادته مقصورة على صورة لم يحصل أمرا موجبا للتشكيك ولا خفاء في أن الاطلاق الشايع في هذا
الزمان موجب للتشكيك وإذا سقط التعلق بهذه القاعدة يبقى أصل الجواز بحاله ويؤيده صحيحة عبد الله بن سنان عن الصادق عليه السلام قال كل شئ فيه حلال وحرام فهو لك حلال
حتى تعرف الحرام بعينه فتدعه قلت صحيح انه لم يثبت عدم كونه خزا لكن ثبت اشتراط الصلاة بلباس لم يكن من الأشياء المنهية عند الشارع بمقتضى النصوص الدالة
عليه واليقين بالبرائة يقتضي الاجتناب عن الشئ المذكور لأن الشك في حصول الشرط مستلزم للشك في حصول المشروط واما الخبر فغير شامل للاشتباه في مدلول
الحكم الشرعي على ما بيناه في كتاب الطهارة ولقائل ان يعترض هيهنا بما أشرنا إليه عن قريب في تحقيق جلد
الخز واعلم أن ما ذكرنا من الاتفاق على (الجواز انما هو في الخز الخالص راجع بوبر الأرانب
والثعالب إما الممتزج بشئ منها فالمشهور بين الأصحاب عدم جواز الصلاة فيه قال) (في) المنتهى وعليه فتوى علمائنا وقال فيه أيضا كثير من الأصحاب ادعوا الاجماع هيهنا
ويدل عليه ما رواه الكليني في الصحيح عن أحمد بن محمد رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام في الخز الخالص أنه قال لا باس
به فاما الذي يخلط فيه وبر الأرانب وغير ذلك مما لا يشبه هذا فلا تصل فيه (وما رويه الشيخ عن أيوب بن نوح رفعه قال قال أبو عبد الله عليه السلام الصلاة في الخز الخالص لا باس به واما الذي يخلط فيه وبر
الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصل فيه) وروى داود الصرمي قال سألته عن الصلاة في الخز يفش بوبر الأرانب فكتب يجوز ذلك قال الشيخ
فهذا حديث شاذ ما رواه الا داود الصرمي وذكر ان فيها اضطرابا لان في هذه الرواية أضاف السؤال إلى نفسه ولم يبين المسؤول وفي رواية أخرى أضاف السؤال إلى رجل وبين
ان المسؤول أبو الحسن الثالث وقال المحقق بعد نقل الروايات الثلاثة والوجه ترجيح الروايتين الأوليين وان كانتا مقطوعتين لاشتهار العمل بهما بين الأصحاب ودعوى
أكثرهم الاجماع على مضمونها وهو حسن فان الكل مشترك في ضعف الاسناد ويرجح الأوليين الشهرة ويؤيدهما ما دل على عدم جواز الصلاة في وبر ما لا يؤكل لحمه وتوقف
اليقين بالبرائة من التكليف الثابت وقال ابن بابويه بعد نقل رواية داود وهذا رخصة الاخذ بها مأجور وزادها مأثوم والأصل ما ذكره أبي رحمه الله في رسالته إلى فصل
في الخز ما لم يكن مغشوشا بوبر الأرانب والأقرب ما رجحناه والسنجاب هذا هو المشهور بين المتأخرين واليه ذهب الفاضلان والشهيد وهو أحد قولي الشيخ قاله في المبسوط وموضع
من النهاية حتى قال في المبسوط واما السنجاب والحواصل فلا خلاف في أنه يجوز الصلاة فيها ونسبه في المنتهى إلى أكثر الأصحاب وذهب الشيخ في الخلاف وموضع من النهاية إلى المنع واختاره
ابن البراج وابن إدريس وهو ظاهر ابن الجنيد والمرتضى وأبو الصلاح وظاهر ابن زهرة نقل الاجماع عليه واختاره المصنف في المختصر ونسبه الشهيد الثاني إلى الأكثر وذهب ابن حمزة
إلى الكراهة قال الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه وقال أبي في رسالته إلى لا باس في شعر ووبر كل ما اكلت لحمه وإن كان عليك غيره من غير سنجاب أو سمور أو فنك أردت
الصلاة فانزعه وقد روى فيه رخص احتج القائلون بالجواز بروايات منها ما رواه الشيخ في الصحيح على الظاهر عن أبي علي بن راشد قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما تقول في الفراء اي شئ
يصلى فيه قال اي الفراء قلت الفنك والسنجاب والسمور قال فصل في الفنك والسنجاب فاما السمور فلا تصل فيه قلت فالثعالب يصلي فيها قال لا ولكن تلبس بعد الصلاة
قلت أصلي في الثوب الذي يليه قال وزعم الشهيد الثاني انه ليس من الجانبين حديث صحيح سوى هذه وفيه ما فيه ورواه الكليني باسناد ضعيف عن أبي على ومنها ما رواه
الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الفراء والسمور والسنجاب والثعالب وأشباهه قال لا باس بالصلاة فيه ومنها ما رواه الشيخ في الضعيف لبشير وداود الصرمي
عن بشير بن بشار قال سألته عن الصلاة في الفنك والفراء والسنجاب والسمور والحواصل الذي (التي) تصاد ببلاد الترك أو بلاد الاسلام إذا صلى فيه لغير تقية قال صل في السنجاب
والحواصل الخواز رمية ولاتصل في الثعالب ولا السمور ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد عن الوليد بن ابان للمجهول قال قلت للرضا أصلي في الفنك والسنجاب قال
نعم قلت يصلي في الثعالب إذا كانت ذكية قال لا تصل فيها ومنها ما رواه الشيخ باسناد ضعيف لاشتماله على عدة من المجاهيل عن مقاتل بن مقاتل قال سألت أبا الحسن عليه السلام
عن الصلاة في السمور والسنجاب والثعالب فقال (لي) لا خير في ذا كله ما خلا السنجاب فإنه دابة لا تأكل اللحم ومنها ما رواه الكليني باسناد ضعيف جدا عن علي بن أبي حمزة قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام وأبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء والصلاة فيها فقال لا تصل فيها الا فيما كان منه ذكيا إلى أن قال لا باس بالسنجاب فإنه دابة لا تأكل اللحم وليس هو مما
نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وآله إذ نهى عن كل ذي ناب ومخلب ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن لباس الفراء السمور والفنك والثعالب وجميع
الجلود قال لا باس بذلك وما رواه الشيخ باسناد فيه محمد بن زياد المشترك عن الريان بن الصلت قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن لبس فرو السمور والسنجاب والحواصل وما
أشبهها والمناطق والكيمخت والمحشو بالقن والخفاف من أصناف الجلود فقال لا باس بهذا كله الا الثعالب وعد الشيخ هذه الرواية من الصحاح وكانه يظن أن محمد بن
زياد الذي في الطريق هو ابن أبي عمير وليس بذلك البعيد على ما أشرنا إليه في بعض المباحث السابقة ومنها رواية يحيى بن عمران السالفة في المسألة السابقة المنقولة
عن الفقيه وفي التمسك بهذه الروايات اشكال إما الضعاف (الضعيف) منها فللضعف (فللضعيف) واما صحيحة أبي علي بن راشد فلاشتمالها على الفنك وجواز الصلاة فيه غير معمول بين
الأصحاب واما صحيحة الحلبي فكذلك أيضا مشتملة على ما لا يعمل به الأصحاب مع قبولها للحمل على التقية ووجود المعارض كما سيأتي واما صحيحة علي بن يقطين ورواية ابان (زيان) فلعدم صراحتهما
في جواز الصلاة واما حجة القائلين بالمنع فما رواه الكليني والشيخ عنه في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن ابن أبي عمير عن ابن بكير قال سال زرارة أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الثعالب
والفنك والسنجاب وغيره من الوبر فاخرج كتابا زعم أنه املاء رسول الله صلى الله عليه وآله ان الصلاة في وبر كل شئ حرام اكله فالصلاة في وبره وشعره وجلده وبوله وروثه وكل شئ
منه فاسد لا يقبل منه (تلك) الصلاة حتى يصلى في غيره مما أحل الله اكله ثم قال يا زرارة هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله فاحفظ (ذلك) يا زرارة فإن كان مما يؤكل لحمه فالصلاة في وبره وبوله
وشعره وروثه وألبانه وكل شئ منه جائز إذا علمت أنه ذكا قد ذكاه الذبح وإن كان غير ذلك مما قد نهيت عن اكله أو حرم عليك اكله فالصلاة في كل شئ منه فاسد
ذكاه الذبح أو لم يذكه ويؤيده ما دل على المنع مما لا يؤكل لحمه مطلقا وفي الاستناد إلى هذه الحجة أيضا اشكال لمعارضتها للاخبار السابقة وأجاب المحقق في المعتبر (عن رواية ابن) أبي بكير
المذكورة بان خبرنا خاص والخاص مقدم على العام وبان ما ذكره من الخبر مروى عن ابن بكير وفيه طعن وليس كذلك علي بن راشد ولأنه مطابق لما دل عليه اطلاق الامر بالصلاة
وفيه نظر لان الرواية وإن كانت عامة الا ابتنائها (انشائها) على السبب الخاص وهو السنجاب يجعلها كالنص في المسؤول عنه وفي ترجيح خبر أبي علي بن راشد على خبر ابن
بكير أيضا تأمل لان ابن بكير وإن كان فطحيا لكنه من الشهرة والجلالة بمكان حتى قال الكشي انه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وأقروا لهم بالفقه واما أبو
علي بن راشد فلم يذكره النجاشي ولا الشيخ في الفهرست نعم ذكره الشيخ في كتاب الرجال ووثقه فترجيح روايته لا يخلو عن اشكال وتحقيق المسألة انه يمكن الجمع
226

بين الاخبار بوجهين أحدهما حمل الأخبار الدالة على الجواز على التقية لموافقتها لمذهب العامة ويحدثه ان مذهب العامة جواز الصلاة في جلود ما لا يؤكل لحمه
مطلقا والمستفاد من أكثر الأخبار السابقة ثبوت الجواز في السنجاب ونفى ذلك عن غيره كالسمور أو الثعالب وأمثالهما وثانيهما حمل خبر المنع على الكراهة ولعل الثاني أرجح
وترجيحا للاخبار الكثيرة المعتضدة بنقل الاجماع على مدلوله والأصل والاحتياط في الاجتناب عنه ثم على القول بالجواز انما يجوز الصلاة فيه مع تذكية لأنه ذو نفس
قطعا قال في الذكرى وقد اشتهر بين التجار والمسافرين انه غير مذكى ولا عبرة بذلك حملا لتصرف المسلمين على ما هو الأغلب نعم لو علم ذلك حرم استعماله وهو حسن و
يؤيده ما سنحققه من أضعف ما اشتهر من أن الأصل عدم التذكية ويؤكده ان متعلق الشهادة إذا كان غير محصور لا تسمع وكذا يجوز الصلاة في الممتزج بالحرير
سواء كان الخليط أقل أو أكثر قال في المعتبر ولو كان عشرا ما لم يكن مستهلكا بحيث يصدق على الثوب انه إبريسم وهو مذهب علمائنا ويدل عليه مضافا إلى الأصل ويقيد
الأخبار الدالة على التحريم بالمحض ما رواه الكليني في كتاب الزي والتجمل في باب لبس الحرير باسناد معتبر جدا عن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام في الثوب يكون فيه الحرير
فقال إن كان فيه خلط فلا باس وفي الصحيح عن ابن أبي نصر قال سال الحسين بن قياما أبا الحسن عليه السلام عن الثوب (املحم) والقز والقطز (والقطن) القز أكثر من النصف أيصلي فيه قال لا باس قد كان
لأبي الحسن عليه السلام منه جباب وما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن يونس (يوسف) بن إبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بالثوب ان يكون سداه وزره (وعله) حريرا وانما كره الحرير المبهم
للرجال وما رواه في باب الزيادات في الصحيح عن فضيلة بن أيوب عن موسى بن بكر عن زرارة قال سمعت أبا جعفر عليه السلام ينهى عن لباس الحرير للرجال والنساء الا ما كان من حرير
مخلوط لحمته أو سداه خز أو كتان أو قطن وانما يكره الحرير المحض للرجال والنساء والظاهر أنه لا يتقدر أقل الخليط بالعشر كما توهم ذلك عبارة المعتبر لأن الاعتبار بحصول الخليط
بحيث لا يصدق عليه الحرير المحض ولا يعتبر في ذلك الحصول القدر المذكور وقال ابن إدريس في السرائر ولا باس بما كان
ممزوجا بغير الإبريسم الذي يجوز الصلاة فيه سواء كان السدى أو اللحمة أو أقل أو أكثر بعد أن ينسب إليه بطريق الجزئية كعشر وتسع وثمن وسبع وأمثال ذلك والأصل ما
ذكرناه ويحرم لبس الحرير المحض على الرجال باتفاق علماء الاسلام على ما قاله المصنف والمحقق وغيرهما ولا فرق في (بين) في حال الصلاة وغيرها ويدل على عموم التحريم في حال
الصلاة وغيرها اخبار من طريق العامة والخاصة فمن طريق الخاصة ما رواه ابن بابويه في الفقيه عن أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السلام ان النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام اني أحب لك ما أحب لنفسي
وأكره لك ما أكره لنفسي فلا تتختم بخاتم ذهب فإنه زينتك في الآخرة ولا تلبس (قرمن) فإنه من أردية إبليس ولا تركب بمشيرة حمراء فإنها من مراكب إبليس ولا تلبس الحرير فيحرف
الله جلدك يوم تلقاه لم يطلق النبي صلى الله عليه وآله لبس الحرير لاحد من الرجال الا لعبد الرحمن بن عوف وذلك أنه كان رجلا قملا وما رواه الكليني في الموثق عن محمد بن مسلم عن أبي
جعفر عليه السلام قال لا يصلح لبس الحرير والديباج فاما بيعهما فلا باس ويدل على تحريم الصلاة فيه ما رواه الكليني والشيخ عنه في الصحيح عن محمد بن عبد الجبار قال كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله
هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج فكتب لا تحل الصلاة في حرير محض وما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن سعد الأشعري قال سألته يعني الرضا عليه السلام عن الثوب
الإبريسم هل يصلي فيه الرجال قال لا إلى غير ذلك من الاخبار واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الصلاة في ثوب ديباج فقال
ما لم يكن فيه تماثيل فلا باس فما دل وحمله الشيخ على حال الضرورة أو على ديباج لم يكن حريرا محضا وذهب علماؤنا إلى بطلان الصلاة في الحرير المحض ونقل اجماعهم عليه المصنف
والمحقق وغيرهما ولا فرق بين ان يكون ساترا أو غيره ونسب المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر عدم الفرق إلى المرتضى والشيخين واتباعهم لنا على البطلان مطلقا ان الصلاة
فيه منهى كما تقدم والنهي في العبادة يستلزم الفساد قيل إما البطلان على تقدير كونه ساترا للعورة ظاهر لاستحالة اجتماع الواجب والحرام في شئ واحد وفيه نظر أشرنا
إليه سابقا ثم ما ذكرنا من التحريم وبطلان الصلاة مخصوص بحال الاختيار إما في حال الضرورة كدفع الحر والبرد فلا بلا خلاف ونقل الاجماع عليه جماعة كثيرة وكذا في حال
الحرب وان لم يكن ضرورة ونقل الاجماع عليه الشهيد في الذكرى ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المنقول اخبار متعددة ما رواه الكليني في كتاب الزي من الكافي في الموثق
عن ابن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يلبس الرجل الحرير والديباج الا في الحرب في الموثق عن سماعة بن مهران قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الحرير والديباج فقال
إما في الحرب فلا باس وإن كان فيه تماثيل ورواه الشيخ أيضا وعن إسماعيل بن الفضل عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصلح للرجل ان يلبس الحرير الا في الحرب وقد روى أن النبي صلى الله عليه وآله
رخص لبس الحرير لعبد الرحمن بن عرف (عوف) لدفع القمل قال المحقق قال الراوندي في الشرائع (الرائع) لم يرخص لبس الحرير لاحد الا لعبد الرحمن فإنه كان قملا والمشهور ان الترخيص لعبد
الرحمن والزبير ويعلم من الترخيص لهما بطريق القمل جوازه لغيرهما بفحوى اللفظ ويقوى عند عدم التعدية وهو حسن ثم المعتبر في التحريم كون الثوب حريرا محضا كما
بينا ولو خيط الحرير بغيره لم يخرج عن التحريم وأظهر في المنع ما لو كانت البطانة حريرا وحدها أو الظهارة واما الحشر بالإبريسم فقال المصنف لا يرفع التحريم خلافا
للشافعي ونحوه قال المحقق في المعتبر ومال الشهيد في الذكرى إلى الجواز لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد قال قرأت في كتاب محمد بن إبراهيم إلى أبي الحسن الرضا عليه السلام
يسئله عن الصلاة في ثوب حشوه قز فكتب إليه قرأته لا باس بالصلاة فيه ونقل الشيخ بعد نقل هذا الخبر عن الصدوق ان المعنى في هذا الخبر قز الماقر دون (قز) الإبريسم قال
المحقق والرواية ضعيفة لاستناد الراوي إلى ما وجده في كتاب لم يسمعه من محدث وأجاب الشهيد في الذكرى عن قول الصدوق بأنه خلاف الحقيقة الظاهرة وعن كلام المحقق
بان اخبار الراوي بصيغة الجزم والمكاتبة المجزوم بها في قوة المشافهة مع أن الخاص مقدم على العام فلو قيل بالعمل برواية الحسين لم يكن بعيدا ويؤيده ما ذكره الصدوق
في الفقيه انه كتب إبراهيم بن مهزيار إلى أبي محمد عليه السلام في الرجل يجعل في جبته بدل القطن قزا هل يصلي فيه فكتب نعم لا باس به اورده الصدوق بصيغة الجزم أيضا انتهى كلامه
وروى الكليني مكاتبة محمد بن إبراهيم أيضا باسناد ضعيف وبالجملة الظاهر أن القول بالتحريم ليس باجماعي وإن كان كلام الفاضلين مشعرا به حيث اطلقا القول به ونسبا
المخالفة إلى العامة فإن لم يكن اجماعيا كان القول بالجواز متجها للروايتين المذكورتين مع اعتضادهما بالأصل وتعلق النهي في أكثر الروايات بالثوب الإبريسم
وعدم صدقه على الحشو واما الزر إذا كان حريرا فالظاهر جوازه لرواية يوسف بن إبراهيم السابقة منضما إلى الأصل ويستفاد من فحوى الرواية المذكورة جواز الصلاة
في الثوب إذا كان له ريح ديباج أو حرير محض وهو المنقول عن الشيخ رحمه الله واختاره المصنف استنادا إلى الأصل وكونه مما لا يتم الصلاة فيه منفردا وفي الأخير تأمل ومنعه ابن
البراج استنادا إلى صدق الحرير عليه وأجاب المصنف بمنع التناول والمفهوم من النص اللباس الا التكة
والقلنسوة هذا هو الأشهر وذهب إليه الشيخ وابن إدريس وأبو الصلاح
واختاره جماعة من المتأخرين منهم المحقق والشهيدان والمنقول عن المفيد وابن بابويه وابن الجنيد عدم الاستثناء فظاهرهم المنع وقواه المصنف في المختصر وبالغ الصدوق
في الفقيه فقال لا يجوز الصلاة في تكة رأسها من إبريسم ولعل الثاني أقرب احتج الأقربون بما رواه الشيخ عن الحلبي في باب الزيادات عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال مالا تجوز
الصلاة فيه وحده فلا باس الصلاة فيه مثل تكة الإبريسم والقلنسوة والخف والزناد يكون في السراويل ويصلى فيه وفي الطريق علي بن هلال
227

وهو ضعيف ويدل على القول الثاني عموم الأخبار الدالة على المنع من الحرير الشاملة بعمومها لمورد النزاع وما رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن محمد بن عبد الجبار
قال كتبت إلى أبي محمد (ع) أسأله هل يصلى في قلنسوة حرير محض أو قلنسوة ديباج فكتب لا تحل الصلاة في حرير محض وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن عبد الجبار قال كتبت إلى
أبي محمد أسأله هل يصلى في قلنسوة عليها في وبر مما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير أو تكة من وبر الأرانب فكتب لا تحل الصلاة في الحرير المحض وإن كان الوبر ذكيا حلت
الصلاة فيه وأجيب عن الخبر السابق بان هذا الخبر عام وخبر الحلبي خاص والخاص مقدم على العام وبان المكاتبة ضعيف وفيه نظر لان الجواب يبنى عن (على) السؤال
خاصة بحيث يصير كالنص في المسؤول عنه والمكاتبة إذا شهد بصحتها الثقة في قوة للشافهة (المشافهة) مع أن خبر الحلبي لا يصلح للمعارضة لضعف ويجوز الركوب عليه والافتراش
له على المعروف بين الأصحاب وحكى المصنف في المختصر عن بعض المتأخرين القول بالمنع وتردد فيه المحقق في المعتبر والأول أقرب ويدل عليه مضافا إلى الأصل السالم عن المعارض
ما رواها الشيخ في زيادات التهذيب في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن فراش حرير ومثله من الديباج ومصلى من الحرير ومثله من الديباج يصلح
للرجل النوم عليه والتكاؤه والصلاة قال يفرشه ويقوم عليه ولا يسجد قال المحقق في المعتبر ومنشأ التردد عموم تحريمه على الرجال وهو ضعيف فان النهي انما تعلق بلبسه
وهو غير مستلزم لمنع الافتراش ولم يثبت مستندا قويا دالا على عموم التحريم وفي حكم الافتراش التوسد عليه وكذا الالتحاف به على الظاهر واما التدثر به فقال الشارح الفاضل
انه كالافتراش إذ لا يعد لبسا وقال بعض المتأخرين عنه بتحريمه لصدق اسم اللبس عليه وفيه تردد والكف به بان يجعل في رؤوس الأكمام والذيل ويحول الزيق والحق به اللبنة
وهو الجيب وهو المعروف بين الأصحاب قاله الشيخ وتبعه المتأخرون واستدل عليه المصنف والمحقق بما رواه العامة عن عمر ان النبي صلى الله عليه وآله نهى عن الحرير الا في موضع إصبعين أو ثلث
أو أربع ومن طريق الأصحاب ما رواه جراح المدايني عن أبي عبد الله عليه السلام انه كان يكره ان يلبس القميص المكفوف بالديباج وهذه الرواية غير تقي السند لان جراح غير موثق وكذا
الراوي عنه وهو القسم بن سليمان ومع ذلك فالرواية غير دالة على الجواز لان استعمال الكراهة للمعنى الشامل للتحريم شائع ذائع وكونها حقيقة في المعنى المصطلح بين
الأصوليين غير واضح على أن الرواية معارضة بما دل على تحريم لبس الحرير مطلقا إذ الظاهر أنه لعمومه شامل لمحل النزاع نعم يؤيد القول بالجواز فحوى رواية يوسف بن إبراهيم
مع الاعتضاد بالأصل قيل وربما ظهر من عبارة ابن البراج المنع من ذلك والاحتياط يقتضيه قال الشارح الفاضل واعلم أن التحديد بأربع أصابع ورد في أحاديث العامة
عن النبي صلى الله عليه وآله ولم نقف على تحديده في اخبارنا وذكره بعض الأصحاب كذلك وللتوقف فيه مجال وهو حسن ثم على تقدير اعتباره فالمعتبر أربع أصابع مضمومة اقتصارا على القدر
المتيقن ويجوز للنساء أجمع المسلمون على جواز لبس الحرير للنساء في غير حال الصلاة نقل ذلك المحقق والمصنف والشهيدان وغيرهم واختلف الأصحاب في جوازه لهن في
حال الصلاة فذهب الأكثر إلى الجواز وقال ابن بابويه النهي عن الصلاة في الحرير مطلق فيتناول المراة باطلاقه وتوقف المصنف في المنتهى حجة الأول عموم الامر بالصلاة في
الكتاب والسنة فلا يتقيد بالاشتراط بشئ الا بالقدر الذي اقتضاه الدليل وقد ثبت ذلك في الرجال دون النساء ويدل عليه ما رواه الكليني في كتاب الزي في الموثق عن عبد الله
بن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال النساء تلبس الحرير والديباج الا في الاحرام وقريب منها رواية إسماعيل بن الفضل ويؤيده رواية يوسف بن إبراهيم السابقة ولعل حجة ابن بابويه
رواية محمد بن عبد الجبار ورواية زرارة المتقدمتان والجواب إما عن رواية محمد بن عبد الجبار فبانها وإن كانت شاملة للمراة باطلاقها الا ان ابتنائها على سؤال خاص
وهو القلنسوة التي هي من ملابس الرجال مما يشعر اشعارا ما بالتخصيص ويؤيده تعلق السؤال في أكثر الروايات بصلاتهم فيه ولو كان المنع متناولا لهن لكن بالسؤال أخرى
لجواز اللبس لهن في غير حال الصلاة واما رواية زرارة ففي طريقها موسى بن بكر الواقفي فلا يصلح لمعارضة الأدلة السابقة وللتردد في هذه المسألة طريق وإن كان
للقول بالجواز رجحان ما فروع الأول: هل يحرم على الخنثى لبس الحرير قيل نعم اخذا بالاحتياط وقيل لا الاختصاص التحريم بالرجال والشك في كونه رجلا ولعله أقرب
الثاني: لو لم يجد المصلي الا الحرير صلى عاريا عندنا لان وجود المنهى عنه كعدمه ولو وجد النجس والحرير صلى في النجس لورود الاذن في لبسه كما بيناه في كتاب الطهارة الثالث:
قيل يحرم على الولي تمكين الصبيان من الحرير لقوله عليه السلام حرام على ذكور أمتي وقول جابر كنا ننزعه من الصبيان ونتركه على الجواري وفيه ضعيف لان الصبي ليس بمكلف فلا يشمله الخبر
ونقل جابر يجوز ان يكون للتنزه والتورع وقيل لا لانتفاء الدليل وعدم كون الصبي محلا للتكليف وهو اختيار المحقق ومن تأخر ويكره السود عدا العمامة والخف
والكساء الكساء بالمد واحد الاكسبة (الأكسية) ثوب من صوف ومنه العباء قاله الجوهري يدل عليه ما رواه الكليني عن أحمد بن محمد رفعه عن أبي عبد الله عليه السلام قال يكره السواد الا في ثلثة الخف والعمامة
والكساء وما رواه في كتاب الزي من الكافي عن أحمد بن أبي عبد الله عليه السلام عن بعض أصحابه رفعه قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يكره السواد الا في ثلثة الخف والعمامة والكساء عن حذيفة
بن منصور قال كنت عن أبي عبد الله عليه السلام بالحيرة (بالحبرة) فاتى رسول أبي العباس الخليفة يدعوه فدعا بممطر أحد ووجهه اسود والاخر أبيض فلبسه ثم قال أبو عبد الله عليه السلام إما اني ألبسه (وانا) واعلم أنه
لباس أهل النار قال في القاموس الممطر والممطرة بكسرهما ثوب يتوقى به من المطر وروى ابن بابويه مرسلا عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال فيما علم أصحابه لا تلبسوا السواد فإنه لباس فرعون
وروى باسناده عن إسماعيل بن مسلم عن الصادق عليه السلام أنه قال اوحى الله إلى نبي من أنبيائه قل للمؤمنين لا تلبسوا لباس أعدائي ولا تطعموا طعام أعدائي ولا تسلكوا مسالك أعدائي
فتكونوا أعدائي كما هم ويتأكد الكراهة في القلنسوة السوداء لما رواه الشيخ وابن بابويه عن الصادق عليه السلام انه سئل عن الصلاة فيها فقال لا تصل فيها فإنها لباس أهل النار
وقال المصنف في المنتهى ويكره المزعفر والمعصفر للرجال ويكره في الأحمر وقال المحقق يكره للرجال الصلاة وفي المزعفر والمعصفر والأحمر ويدل عليه ما رواه الشيخ
عن يزيد بن خليفة عن أبي عبد الله انه كره الصلاة في المشبع بالعصفر (المدرج) بالزعفران وفي الموثق عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام قال تكره الصلاة في الثوب المصبوغ
المشبع المفدم والمفدم جاء بمعنيين أحدهما المصبوغ بالحمرة مشبعا ذكره الجوهري وغيره اي (حاثر) مشبع قاله الجوهري وبالنظر إلى المعنى الثاني ذكره الشيخ وجماعة منهم ابن إدريس
وابن الجنيد (الصلاة) في الثياب المتفدمة بلون من الألوان وقد اورد الكليني اخبارا كثيرة في المفدم والمعصفر والأحمر في كتاب الزينة من الكافي من أرادها فليرجع إليه ويستحب لبس
البياض والكتان والقطن والكتان روى الكليني اخبارا دالة عليه في كتاب الزينة وروى أيضا عن الصادق عليه السلام النهي عن لبس الصوف والشعر الا عن علة وعن لبس النعل السوداء
واستحباب الصفراء والخف الأسود ويكره الصلاة في الثوب الواحد الرقيق غير الحاكي للرجل المراد حكاية اللون خاصة الا الحجم تحصيلا لكمال الستر والتفاتا إلى فحوى
ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يصلي في قميص واحد أو قباء طاق أو قباء محشو لبس عليه ازار فقال إذا كان القميص صفيقا والقباء
ليس بطويل الفرج والثوب الواحد إذا كان يتوشح به والسراويل بتلك المنزلة كل ذلك لا باس به ولكن إذا لبس السراويل جعل على عاتقه شيئا ولو حبلا الصفيق ضد
السخيف والعاتق موضع الرداء من المنكب وما رواه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم قال رأيت أبا جعفر عليه السلام صلى في ازار واحد ليس بواسع قد عقده على عنقه فقلت له ما ترى الرجل يصلي (في قميص في الصحيح)
واحد فقال إذا كان كثيفا فلا باس به الحديث ومقتضى النص وظاهر كلام الأصحاب ان الثوب إذا كان كثيفا لا يكره الصلاة فيه وحده ويستفاد نفي الباس عن الصلاة
228

في الثوب الواحد وازراره محللة ان دين محمد حنيف وما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال صلى أبو جعفر عليه السلام في ثوب واحد عن رفاعة بن موسى قال حدثني من سال أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل يصلي في ثوب واحد يأتزر به فقال لا باس به إذا رفعه إلى الثديين ورواه الكليني في الصحيح عن رفاعة ويظهر عدم كراهة ترك الرداء معه للامام من قول أبي جعفر عليه السلام
لما أم أصحابه في قميص بغير رداء وسألوه عن ذلك أن قميصي كثيف فهو يجزى ان لا يكون على ازار ولا رداء وقد يورد عليه الاتفاق على استحباب العمامة والسراويل وعلى كراهة الإمامة
بغير رداء فيكون ترك ذلك مكروها أيضا وقد يعتذر عنه بان مراد من قال بجواز الصلاة في ثوب واحد الجواز المطلق وفيه ما فيه وبان المراد ثوب واحد على البدن فلا
ينافي استحباب العمامة وقد يعتذر عنه بان المراد بالمكروه ما نص على رجحان تركه عينا فترك المستحب لا يعد مكروها بل هو خلاف الأولى فيندفع الايراد باستحباب العمامة و
السراويل وان يأتزر على القميص اي فوقه وهذا الحكم ذكره الثلاثة واتباعهم واحتج له الشيخ بما رواه في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا ينبغي ان تتوشح بازار فوق
القميص إذا أنت صليت فإنه من ذي الجاهلية
وما رواه عن محمد بن إسماعيل عن بعض أصحابنا عن أحدهم عليهم السلام قال قال الارتداء فوق التوشح في الصلاة مكروه والتوشح فوق القميص
مكروه وفيه نظر لان مقتضى الرواية كراهية التوشح فوق القميص وهو خلاف الاتزار قال الجوهري وصاحب القاموس يقال توشح الرجل بثوبه وسيفه إذا تقلد ونقل بهما
الجوهري عن بعض أهل اللغة ان التوشح بالثوب هو ادخاله تحت اليد اليمنى والقاؤه على المنكب الأيسر كما يفعل المحرم وقد روى الشيخ في الصحيح عن موسى بن
القسم البجلي قال رأيت أبا جعفر الثاني عليه السلام يصلي في قميص قد اتزر فوقه بمنديل وهو يصلي وفي الصحيح عن موسى بن عمر بن بزيع قال قلت للرضا عليه السلام أشد الازار والمنديل فوق قميصي في
الصلاة فقال لا باس به ورواه ابن بابويه بطريق حسن لإبراهيم بن هاشم قال المحقق في المعتبر والوجه ان التوشح فوق القميص مكروه واما ما رواه الشيخ في الحسن عن حماد
بن عيسى قال كتب الحسن بن علي بن يقطين إلى العبد الصالح عليه السلام هل يصلى الرجل الصلاة وعليه ازار متوشح به فوق القميص فكتب نعم فمحمول على الجواز المطلق وهو لا ينافي
الكراهة وقال الشيخ بعد نقل هذه الأخبار المراد بالاخبار المتقدمة هو ان يلتحف الانسان ويشتمل به كما يلتحف اليهود وما قدمناه أخيرا هو ان يتوشح بالإزار ليغطي
ما قد كشف منه ويستر ما يعرى من بدنه واحتج بهذا وما رواه في الموثق عن سماعة قال سألته عن رجل يشتمل في صلاته بثوب واحد قال (لا يشتمل بثوب واحد) فاما ان يتوشح فيغطى منكبيه
فلا باس وقال ابن بابويه في الفقيه بعد أن روى الكراهة وقد رويت رخصة في التوشح بالإزار فوق القميص عن العبد الصالح وعن أبي الحسن الثالث وعن أبي جعفر عليه السلام وبه
اخذ وأفتى واما جعل المتزر تحت القميص فقد نقل المصنف الاجماع على عدم كراهته وروى الشيخ في الضعيف عن زياد بن المنذر عن أبي جعفر عليه السلام قال سأله رجل وانا حاضر عن
رجل يخرج من الحمام أو يغتسل فيتوشح ويلبس قميصه فوق الازار فيصلي وهو كذلك قال هذا عمل قوم لوط قال قلت فإنه يتوشح فوق القميص فقال هذا من الجبر
الحديث في هذا الخبر اشعار ما بان المراد بالتوشح الاتزار فيؤيد ما قاله الجماعة والاعتماد على مجرد ذلك مشكل خصوصا إذا خالف بعض اجزاء الخبر للاجماع المنقول فتدبر
وان يشتمل الصماء الظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين الأصحاب واختلف أهل اللغة في تفسيره وقال في الصحاح هوان تجلل جسدك بثوبك نحو شمله الاعراب بأكسيتهم (باكليتهم)
وهو ان يرد الكسائي (الكساء في) من قبل يمينه على يده اليسرى وعاتقه الأيمن ثم يرده ثانية من حلفه (خلفه) على يده اليمنى وعاتقه الأيمن فيغطيهما جميعا وذكر أبو عبيدة ان الفقهاء يقولون
هو ان يشتمل بثوب واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعفه (فيضعه) على منكبه فيبدر منه فرجه فإذا قلت اشتمل فلان الصماء كأنك قلت اشتمل الشملة التي تعرف
بهذا الاسم لان الصماء ضرب من الاشتمال وقريب منه كلام صاحب الدروس وقال ابن فارس هو ان يلتحف بالثوب ثم يلقى الجانب الأيسر على الأيمن وقال (في المغرب) (المعرب) لبسه الصماء هي عند
العرب ان يشتمل بثوبه فيجلل جسده كله به ولا يرفع جانبا يخرج منه يده وقيل إن يشتمل بثوب واحد وليس عليه ازار وقال الهروي هو ان يتجلل الرجل بثوبه ولا يرفع منه
جانبا عن الأصمعي هو ان يشتمل بالثوب حتى يجلل به جسده ولا يرفع منه جانبا فيكون فيه فرجة يخرج منها يده وقال ابن الأثير في النهاية هو ان يتجلل الرجل بثوبه ولا
يرفع منه جانبا وانما قيل لها صماء لأنه يشد على يديه ورجليه المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع والفقهاء يقولون هو ان يتغطى بثوب واحد ليس عليه
غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعفه على منكبه فينكشف عورته انتهى كلامه وقال الهروي في الغريبين من فسره بما قاله أبو عبيدة فكراهة للتكشف وابداء العورة ومن
فسره تفسير أهل اللغة فإنه كره ان يتزمل به شاملا جسده مخافة ان يدفع منها إلى حالة سادة لنفسه فيهلك قال القيتبي وانما قيل صماء لأنه إذا اشتمل به على شديد به
ورجليه المنافذ كلها كالصخرة الصماء هذا تفسير أهل اللغة واما الفقهاء فقال الشيخ في المبسوط وهو ان يلتحف بالإزار ويدخل طرفيه تحت يده ويجمعهما على منكب واحد
كفعل اليهود ونسبه الشارح الفاضل إلى المشهور بين الأصحاب والمراد بالالتحاف ستر المنكبين وقال ابن إدريس في السرائر ويكره السدل في الصلاة كما يفعل اليهود وهو ارية لفف
بالإزار ولا يرفعه على كتفيه وهذا تفسير أهل اللغة في اشتمال الصماء وهو اختيار السيد المرتضى واما تفسير
الفقهاء لاشتمال الصماء الذي هو السدل قالوا هو ان يلتحف
بالإزار ويدخل طرفيه من تحت يده ويجعلهما جميعا على منكب واحد ومقتضى كلامه اتحاد السدل واشتمال الصماء وقال المصنف في التذكرة يكره السدل وهو ان يلقى طرف
الرداء من الجانبين ولا يرد أحد طرفيه على الكتف الأخرى ولا يضم طرفيه بيده وقال الشهيد في النفلية والسدل وهو ان يلتف بالإزار فلا يرفعه على كتفيه لعل أصل
السدل في اللغة الارخاء كما فسره به في الدروس وقال الجوهري سدل ثوبه اي أرخاه وقال ابن الأثير في النهاية فيه نهى عن السدل في الصلاة وهو ان يلتحف بثوبه ويدخل يديه من
داخل فيركع ويسجد وهو كذلك وكانت اليهود تفعله فنهوا عنه وهذا مطرد في القميص وغيره من الثياب وقيل هو ان يضع وسط الازار على رأسه ويرسل طرفيه عن يمينه و
شماله من غير أن يجعلهما على كتفيه ومنه حديث علي عليه السلام انه رأى قوما يصلون قد سدلوا ثيابهم فقال كأنهم اليهود انتهى كلامه وقال في المغرب سدل الثوب سدلا
من باب طلب إذا أرسله من غير أن يضم جانبيه وقيل إن يلقيه على رأسه ويرخيه على منكبه والمعتمد في تفسير اشتمال الصماء قول الشيخ ويدل عليه ما رواه ابن بابويه في
الصحيح عن زرارة قال قال أبو جعفر عليه السلام خرج أمير المؤمنين عليه السلام على قوم فرآهم يصلون في المسجد قد سدلوا أرديتهم فقال لهم مالكم قد سدلتم ثيابكم كأنكم يهود قد خرجوا
من قهرهم يعني بيعهم إياكم وسدل ثيابكم وقال زرارة قال أبو جعفر عليه السلام إياكم والتحاف الصماء قلت وما الصماء قال إن تدخل الثوب من تحت جناحك فتجعله على منكب
واحد ورواه الكليني في الحسن لإبراهيم بن هاشم بأدنى تفاوت في المتن ورواه الشيخ باسناده إلى الكليني ببقية السند والمتن وروى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن
أخيه موسى عليهما السلام قال سألته هل يصلح ان يجمع الرجل في طرفي ردائه على يساره فقال لا يصلح ولكن أجمعهما على يمينك أو دعهما وروى العلامة عن أبي سعيد الخدري ان النبي صلى الله عليه وآله
نهى عن اشتمال الصماء وهو ان يجعل وسط الرداء تحت منكبه الأيمن ويرد طرفه على الأيسر وعن ابن مسعود قال نهى النبي صلى الله عليه وآله ان يلبس الرجل ثوبا واحدا يأخذ بجوانبه
عن منكبيه يدعى تلك الصباء وعن بعض الشافعية هو ان يلتحف بالثوب ثم يخرج يديه من قبل صدره فيبدو عورته وان يصلي بغير حنك هذا مذهب الأصحاب من غير خلاف
ظاهر واسندها في المعتبر إلى علماءنا وقال في المنتهى ذهب إليه علماؤنا أجمع والمستفاد من الاخبار كراهة ترك الحنك في حالة الصلاة وغيرها روى الكليني والشيخ
229

باسناده عنه عن ابن أبي عمير في الحسن لإبراهيم بن هاشم عمن ذكره عن أبي عبد الله عليه السلام قال من تعمم ولم يتحنك فأصابه داء لا دواء له فلا يلومن الا نفسه وعن عيسى بن حمزة عن
أبي عبد الله عليه السلام قال من اعتم فلم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن الا نفسه وروى ابن بابويه في الفقيه عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال من خرج في
سفر فلم يدر العمامة تحت حنكه فأصابه ألم لا دواء له فلا يلومن الا نفسه وقال الصادق عليه السلام ضمنت لمن خرج عن بيته معتما ان يرجع إليهم سالما وقال عليه السلام اني لاعجب ممن يأخذ في
حاجة وهو على وضوء كيف لا يقضى حاجته واني لاعجب ممن يأخذ في حاجته وهو معتم تحت حنكه كيف لا يقضى حاجته وقال النبي صلى الله عليه وآله الفرق بين المسلمين والمشركين
(الثلجي) بالعمائم في أول الاسلام وابتدائه وقد نقل عنه صلى الله عليه وآله أهل الخلاف أيضا انه أمر بالثلجى ونهى عن الاقتعاط انتهى كلامه وقال ابن الأثير في النهاية هو يعني الثلجي جعل
بعض العمامة تحت الحنك والاقتعاط ان لا يجعل تحت حنكه منها شيئا ونحو منه قال الجوهري وغيره وروى الكليني في باب (العمائم من كتاب) الزي عن علي بن حكم رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال
من خرج من منزله معتما تحت حنكه يريد سفرا لم يصبه في سفره سرق ولا حرق ولا مكروه قال وروى أن الطابقية عمة إبليس والمستفاد من هذه الأخبار كراهة ترك
تحت الحنك مطلقا ونقل المصنف في المختصر ومن تأخر عنه عن ابن بابويه القول بالتحريم وكلامه في الفقيه هكذا وسمعت مشايخنا رضي الله عنهم يقولون لا يجوز الصلاة
في الطابقية ولا يجوز للمعتم ان يصلي الا وهو متحنك والطابقية هي الاقتعاط قاله في (ق) وقد مر تفسير الاقتعاط والمراد بالتحنك إرادة جزء من العمامة تحت الحنك
سواء كان طرف العمامة أو وسطها وفي تأدي السنة بإزارة غيرها وجهان أظهرهما العدم اقتصارا على مورد النص ومطابقة المعهود وكلام أهل اللغة واللثام للرجال
والنقاب للمراة هذا هو المشهور ولما رواه الكليني والشيخ عنه في الصحيح على المشهور مع توقف فيه لمحمد بن إسماعيل الراوي عن الفضل عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له أيصلي
الرجل وهو متلثم فقال إما على الأرض فلا واما على الدابة فلا باس والرواية غير دالة على التعميم الحكم وما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال سألته عن الرجل يصلي
فيتلوا القران وهو متلثم فقال لا باس به وان كشف عن فيه فهو أفضل قال وسألته عن المراة تصلي متنقبة قال إذا كشفت عن موضع السجود فلا باس به وان أسفرت فهو
أفضل وما رواه الشيخ مما دل على نفي الباس لا ينافي الأفضلية وقال الشيخ بعد نقل خبرين يناسب هذا المراد بهذين الخبرين هو انه إذا لم يمنع اللثام عن سماع القران
(فإنه) فلا باس به فاما مهما منع من سماعة فإنه لا يجوز ذلك واستدل عليه بما رواه في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام هل يقرا الرجل في صلاته وثوبه على فيه فقال لا
باس بذلك إذا سمع الهمهمة ورواه الصدوق في الصحيح عن الحلبي أيضا ورواه عن عبد الله بن سنان في الصحيح بدون قوله إذا سمع الهمهمة والأقرب في وجه الجمع ما ذكرناه
أولا وأطلق المفيد المنع من اللثام للرجل قال في المعتبر والظاهر أنه يريد الكراهة واستدل برواية الحلبي المذكورة ويستفاد من هذه الرواية تحريم اللثام إذا
منع سماع القراءة وبه افتى الفاضلان وهو حسن وهو يحرم كل منهما لوضع القراءة أو شيئا من الاذكار أو سماعها وتقييد المصنف بالقراءة خرج مخرج المثال
والقباء المشدود في غير الحرب هذا هو المشهور بين الأصحاب ومستنده غير معلوم وحرم صاحب الوسيلة الصلاة في القباء المشدود الا في حال الحرب وقال المفيد في
المقنعة ولا يجوز لاحد ان يصلي وعليه قباء مشدود الا ان يكون في الحرب فلا يتمكن ان يحله فيجوز ذلك للاضطرار وقال الشيخ في التهذيب بعد نقل هذه العبارة
ذكر ذلك علي بن الحسين بن بابويه وسمعناه من الشيوخ مذاكرة ولم اعرف به خبرا مسندا قال الشهيد في الذكرى بعد نقل هذه الكلام من الشيخ قلت قد روى العامة
ان النبي صلى الله عليه وآله قال لا يصلي أحدكم وهو محرم وهو كناية عن شد الوسط وكرهه في المبسوط انتهى قال الشارح الفاضل في شرح هذا الكتاب وظاهره ذكره لهذا الحديث جعلة دليلا على كراهة
القباء المشدود من جهة النص وهو بعيد لكونه على تقدير تسليمه غير المدعى ونقل في البيان عن الشيخ كراهة شد الوسط ولا يخفى ان الشيخ اورد في باب الزيادات
من التهذيب خبرين دالين على كراهة حل الأزرار في الصلاة فيمكن تخصيص كراهة الشد بما عدا الأزرار جمعا أو يخص كراهة حل الأزرار بما إذا كان واسع الجيب
والإمامة بغير رداء وهو ثوب يجعل على المنكبين وفي الدروس انه ملحقة وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب والأصل فيه ما رواه الشيخ والكليني في الصحيح عن سليمان بن
خالد قال سألت أبا عبد الله عن رجل أم قوما في قميص ليس عليه رداء فقال لا ينبغي الا ان يكون عليه رداء أو عمامة يرتدي بها والرواية انما تدل على كراهة الإمامة
بدون الرداء في القميص وحده لا مطلقا ويؤيد هذا التخصيص قول أبي جعفر عليه السلام لما أم أصحابه في قميص بغير رداء ان قميصي كثيف فهو يجزى ان لا يكون على ازار ولا رداء
وقال الشارح الفاضل وكما يستحب الرداء للامام يستحب لغيره من المصلين وفاقا للشهيد وإن كان للامام اكد واستدل على هذا التعميم بتعليق الحكم على مطلق المصلي
في عدة من الاخبار مثل ما رواه ابن بابويه في الصحيح في باب القبلة عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال أدنى ما يجزئك ان تصلي فيه بقدر ما يكون على منكبيك مثل جناحي
الخطاف وما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح قال سال أبو عبد الله عليه السلام عن رجل ليس معه الا سراويل قال يحل التكة منه فيطرحها على عاتقة ويصلي
قال وإن كان معه سيف وليس معه ثوب فليقلد (فلينقد) السيف ويصلي قائما ورواه الصدوق في الصحيح عن عبد الله بأدنى مخالفة وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام أنه قال
إذا لبس السراويل فليجعل على عاتقة شيئا ولو حبلا ويؤيده رواية جميل قال سال مرازم (مرادم) أبا عبد الله عليه السلام وانا معه حاضر عن الرجل الحاضر يصلي في ازار متزرا به
قال يجعل على رقبته منديلا أو عمامة يرتدى بها ولا يخفى انه ليس حديث الرداء مذكورا في الرواية الأولى أقصى ما يدل عليه استحباب ستر المنكبين واما الروايات
الثلاثة الأخيرة فلا دلالة لها على عموم الحكم فثبات الحكم كلية بهذه الروايات محل اشكال والمعتبر في الرداء ما يصدق عليه الاسم عرفا ويقوم التكة ونحوها مقامه
مع الضرورة كما يدل عليه رواية ابن سنان قال الشارح الفاضل واعلم أنه ليس في هذه الأخبار وأكثر عبارات الأصحاب بيان كيفية لبس الرداء بل هي مشتركة في أنه يوضع
على المنكبين وفي التذكرة هو الثوب الذي يوضع على المنكبين ومثله في النهاية فيصدق أصل السنة بوضعه كيف اتفق لكن روى كراهة سدله وهو ان لا يرفع
أحد طرفيه على المنكب وانه فعل اليهود وروى علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل هل يصلح له ان يجمع طرفي رداءه على يساره قال لا يصلح جمعهما على اليسار لكن أجمعهما
على يمينك أو دعهما يعين ان الكيفية الخالية عن الكراهة هي وضعه على المنكبين ثم رد ما على الأيسر على الأيمن وبهذه الهيئة فسره بعض الأصحاب لكن لو فعله على غير هذه
الهيئة خصوصا ما نص على كراهته هل ثياب عليه لا يبعد ذلك لصدق مسمى الرداء وهو في نفسه عبارة لا يخرجها كراهتها عن أصل الرجحان ويؤيده اطلاق تلك الأخبار
وغيرها وانها أصح من الاخبار المقيدة وما ذكره حسن الا ان في معنى السدل اختلافا قد عرفته فتدبر واستصحاب الحديد ظاهرا هذا هو قول أكثر الأصحاب وقال
الشيخ في النهاية ولا يجوز الصلاة إذا كان مع الانسان شئ من حديد شهر مثل السكين والسيف إن كان في غمد أو قراب فلا باس بذلك وعن ابن البراج انه عد ثوب
الانسان إذا كان فيه سلاح مشهر مثل سكين أو سيف مما لا تصح الصلاة فيه على حال قال وكذلك إذا كان معه (في كمة مفتاح حديد الا ان يلفه بشئ وإذا كان معه) دراهم سود الا ان يشدها في شئ والأصل في هذا
الباب ما رواه الشيخ باسناد ضعيف عن السكوني عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يصلي الرجل وفي يده خاتم حديد ورواه الكليني أيضا ثم قال وروى إذا كان
230

المفتاح في غلاف فلا باس وروى الكليني باسناد ضعيف عن أحمد بن محمد بن أبي الفضل المدايني عمن حدثه عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصلي الرجل وفي كمة (فكة) مفتاح حديد
وروى الصدوق عن عمار الساباطي في الرجل يصلي وعليه خاتم حديد قال لا ولا يتختم به لأنه من لباس أهل (النار) وروى الشيخ باسناد ضعيف عن موسى بن
أكيل التميري (النميري) عن أبي عبد الله عليه السلام في الحديد انه حلية أهل النار وساق الكلام إلى أن قال وجعل الله الحديد (في الحديد زينة الجن) في الدنيا زينة الجن والشياطين محرم على الرجل المسلم ان يلبسه في
الصلاة الا ان يكون قتال عدو فلا باس به قال قلت فالرجل في السفر يكون معه السكين في خفه لا يستغنى عنه أو في سراويله مشدود أو المفتاح يخشى ان وضعه ضاع و
يكون في وسطه المنطقة من حديد قال لا باس بالسكين والمنطقة للمسافر والمنطقة في وقت ضرورة وكذلك المفتاح إذا خاف الصيغة (الضيعة) والنسيان ولا باس بالسيف وكل آلة
السلاح في الحرب وفي غير ذلك لا تجوز الصلاة في شئ من الحديد فإنه نجس ممسوج قال المحقق في المعتبر قد بينا ان الحديد ليس بنجس باجماع الطوائف فإذا ورد التنجيس
حملناه على كراهية استصحابه فان النجاسة قد يطلق على ما يستحب ان يجتنب وقريب منه كلام المصنف في المنتهى وانما حملنا هذه الروايات على رجحان الترك لكونها بضعف
سندها غير ناهضة باثبات التحريم فتحمل على رجحان الترك باعتقاد عمل الطائفة والمسامحة في أدلة السنن قال المحقق ويسقط الكراهة مع ستره وقوف بالكراهة
على موضع الوفاق ممن كرهه وهو حسن ويدل عليه ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي ان الحديد إذا كان في غلاف فلا باس بالصلاة فيه وفي ثوب المتهم بعدم التوقي
من النجاسات على المشهور بين الأصحاب وقال الشيخ في المبسوط إذا عمل (كافر ثوب المسلم) كاثو بالمسلم فلا يصلى فيه الا بعد غسله وكذلك إذا أصبغه له لان الكافر نجس سواء كان كافر الأصل أو كافر
ردة أو كافر ملة قال في المختصر وتعليل الشيخ يؤذن بالمنع وهو اختيار ابن إدريس وجعل قول الشيخ في النهاية ظاهر خبرا واحد اورده ايرادا لا اعتقاد أو قال ابن الجنيد فإن كان
استعاره من ذمي أو ممن الأغلب على ثوبه النجاسة أعاد خرج الوقت أو لم يخرج وهو يؤذن بقول الشيخ في المبسوط وذكر قبل ذلك كلاما ظاهرا دالا على استحباب التجنب ووجوب
الإعادة والأقرب المشهور وعلل بالاحتياط في العبادة وفيه ضعيف وبما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سال أبي أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يعير ثوبه
لمن يعلم أنه يأكل الجري (والخنزير) ويشرب الخمر فيرده أيصلي فيه قبل ان يغسله قال لا يصلي حتى يغسله ولا يخفى ان هذه الرواية غير دالة على تعميم الحكم ويؤيده ما رواه ابن بابويه
في الصحيح والكليني والشيخ في باب الزيادات في التهذيب باسناد فيه محمد بن إسماعيل الراوي عن الفضل عن العيص بن القسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي في ثوب المراة
وإزارها ويعتم بخمارها قال نعم إذا كانت مأمونة وهذه الرواية أيضا غير دالة على تعميم الحكم قال الشيخ بعد نقل صحيحة عبد الله هذا الخبر محمول على الاستحباب لان الأصل
في الأشياء كلها الطهارة ولا يجب غسل شئ من الثياب الا بعد العلم بان فيها نجاسة ثم استدل بما رواه أيضا عبد الله بن سنان في الصحيح قال سال أبي أبا عبد الله عليه السلام
وانا حاضر اني أعير الذمي ثوبي وانا اعلم أنه يشرب الخمر ويأكل لحم الخنزير فيرد على فاغسله قبل ان أصلي فيه فقال أبو عبد الله عليه السلام صل فيه ولا تغسله من أجل ذلك فإنك
اعرفه إياه وهو ظاهر ولم تستيقن انه نجسه فلا باس ان تصلي فيه حتى تستيقن انه نجسه وعن المعلى بن خنيس قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول لا باس بالصلاة في الثياب
التي تعملها المجوس والنصارى واليهود عن معاوية بن عمار وفي الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الثياب السابرية تعملها المجوس وهم أخباث وهم يشربون الخمر
ونساؤهم على تلك الحال ألبسها ولا اغسلها وأصلي فيها قال نعم قال معاوية (فق‍.. بصا وخطته وفتلت) له
ازار أو رداء من السابري ثم بعثت بها إليه في يوم جمعة
حين ارتفع النهار وكانه عرف ما أريد فخرج فيها إلى الجمعة وفي الصحيح عن عبد الله بن علي الحلبي قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الثوب المجوسي فقال يرش بالماء
وروى الشيخ عند شرح قول المفيد ولا تصلي المراة الحرة بغير خمار عن عبد الله بن جميل قال اخبرني أبي قال سالت جعفر بن محمد عن الثوب يعلمه أهل الكتاب أصلي فيه
قبل ان يغسل قال لا باس وان يغسل أحب إلي والحق الشهيد بما ذكرنا من لا يتوقى المحرمات في الملابس واستحسنه الشارح الفاضل قال وينبه عليه كراهة معاملة الظالم
واخذ ماله وفي الخلخال المصوت للمراة دون الأصم والمستند فيه ما رواه الكليني وابن بابويه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سال عن الخلاخل هل يصلح
لبسها للنساء والصبيان قال إن كان صماء فلا باس وإن كان له صوت فلا يصلح ولا اختصاص للرواية بحال الصلاة بل المستفاد منها الكراهة مطلقا وقال ابن البراج
على ما حكى عنه لا يصح الصلاة في خلاخل النساء إذا كان له صوت والأظهر الكراهة لقصر الرواية عن إفادة التحريم والتماثيل والصورة في الخاتم والثوب والحق به السيف
أيضا والظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في رجحان الاجتناب عن ذلك الأصل فيه روايات منها ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن محمد بن إسماعيل بن بزيع انه سال الرضا عليه السلام
عن الثوب المعلم فكره ما فيه التماثيل (ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن إسماعيل قال سألت أبا الحسن عن الصلاة في ثوب ديباج فقال ما لم يكن
فيه التماثيل) فلا باس ومنها ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن الثوب يكون في علمه مثال طير أو غير ذلك
أيصلى فيه قال لا وعن الرجل يلبس الخاتم فيه نقش مثال الطير أو غير ذلك قال لا تجوز الصلاة فيه ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان عن ابن مسكان عن محمد بن
مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان جبرئيل اتاني فقال انا معشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تمثال جسده ولا اناء يبال فيه وعن عمرو بن خالد عن أبي
جعفر عليه السلام قال قال جبرئيل يا رسول الله انا لا ندخل بيتا فيه صورة انسان ولا بيتا يبال فيه ولا بيتا فيه كلب ومنها ما رواه الكليني عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام
انه كره ان يصلي وعليه ثوب فيه تماثيل إذا عرفت هذا فاعلم أن الخلاف بين الأصحاب في موضعين الأول المشهور بينهم كراهة الصلاة فيما ذكر واليه ذهب سلار وابن
حمزة وابن إدريس وجمهور المتأخرين وهو الظاهر من كلام ابن الجنيد وقال الشيخ في المبسوط الثوب إذا كان فيه تمثال وصورة لا تجوز الصلاة فيه وكذا في النهاية وفي موضع اخر
منه ولا يصلي في ثوب فيه تماثيل ولا في خاتم كذلك وحرم ابن البراج الصلاة في الخاتم الذي فيه صورة ولم يذكر الثوب احتج القائلون بالكراهة بأنه فعل المأمور
به وهو الصلاة المشروعة فيخرج عن العهدة وتوجهه ان اشتراط الصلاة بما ذكر يستلزم تقييد النصوص المطلقة والأصل عدمه وبرواية محمد بن إسماعيل المذكورة
وفيه نظر لان استعمال الكراهة في المطلق الشامل للتحريم شائع احتج الشيخ برواية عمار المذكورة وأجيب عنه بالطعن في السند ولعل الأقرب المشهور لعدم انتهاء من
(رواية) عمار عند عدم اشتهار مدلولها على وجه التحريم بين الأصحاب لتقييد النصوص المطلقة فحملها على الكراهة غير بعيد الثاني ظاهر الأكثر عدم الفرق بين صور
الحيوان وغيره ونسب اطلاق القول بذلك في المختصر إلى ما عدا ابن إدريس وقال ابن إدريس انما تكره الصلاة في الثوب الذي عليه الصور والتماثيل من الحيوان فاما
صور غير الحيوان فلا باس وقد يستند له بتفسير قوله تعالى يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل فعن أهل البيت عليهم السلام انها كصور الأشجار وبما روى روى العامة في (حسن)
ان رجلا قال لابن عباس اني اصور هذه الصورة فافتني فيها فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول كل مصور في النار يجعل له لكل صورة صورها نفسا فيعذبه في جهنم
وقال إن كنت لابد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له وفيهما ضعف لان حصول الرخصة في شرع من تقدم لا ينافي الكراهة في شرعنا (وغاية ما يستفاد من خبر ابن عباس من حصول الاذن وهو لا ينافي الكراهة) والأقرب المشهور لعموم روايتي محمد بن
إسماعيل وعمار وتكره الصلاة إلى الوسائد الممثلة إذا كانت تجاه القبلة الا ان تعطى ويكره وضع الدراهم السود الممثلة بين يدي المصلي وليكن خلفه روى الشيخ باسناد
231

فيه محمد بن سنان عن ليث المرادي قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام الوسائد تكون في البيت فيها التماثيل عن يمين أو شمال فقال لا باس ما لم تجاه الكعبة فإن كان شئ منها بين
يديك مما يلي القبلة نقطة وصل وإذا كانت معك دراهم سود فيها تماثيل فلا تجعلها من بين يديك واجعلها من خلفك وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي جعفر
أصلي والتماثيل قدامي وانا انظر إليها قال لا اطرح عليها ثوبا ولا باس بها إذا كانت عن يمينك أو شمالك أو خلفك أو تحت رجلك أو فوق رأسك وإن كانت في القبلة فالق
عليها ثوبا وصل وفي الصحيح عن الحلبي قال قال أبو عبد الله عليه السلام ربما قمت فاصلي وبين يدي الوسادة وفيها تماثيل طير فجعلت عليها ثوبا وروى ابن بابويه في الصحيح عن عبد الرحمن بن
الحجاج انه سئل أبا عبد الله (ع) عن الدراهم السود يكون مع الرجل وهو يصلي مربوطة أو غير مربوطة فقال ما اشتهى ان يصلي ومعه هذه الدراهم التي فيها التماثيل ثم قال عليه السلام ما للناس
يد من حفظ بضاعتهم فان صلى وهي معه فليكن من خلفه ولا يجعل شيئا منها بينه وبين القبلة وقد ورد بعض الروايات المعروفة المشتملة على المجاهيل بنفي الباس إذا كانت الصورة
بين يديه وهو لا ينافي الكراهة وحكم الشيخ بشذوذ تلك الرواية ولو كانت الصورة مستورة خفت الكراهة أو زالت روى الشيخ والكليني باسنادين مختلفين في الصحيح عن
حماد بن عثمان قال سئلت أبا عبد الله عن الدراهم السود فيها التماثيل أيصلي الرجل وهي معه فقال لا باس ذلك إذا كانت مواراة وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر عليه السلام
عن الرجل يصلي وفي ثوبه دراهم فيها تماثيل قال لا باس بذلك وتزول الكراهة بتغير الصورة روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال لا باس أن تكون التماثيل في الثوب إذا
غيرت الصورة منه ويؤيده ما رواه عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن التماثيل تكون في البساط لها عينان وأنت تصلي فقال إن كان لها عين واحدة
فلا باس وإن كان لها عينان فلا والمستفاد من رواية محمد بن مسلم السابقة نفي الباس إذا كانت تحت رجل المصلي وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال لا باس ان
تصلي على كل التماثيل إذا جعلتها تحتك وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم أيضا عن أبي جعفر قال لا باس ان تصلي على كل التماثيل إذا جعلتها تحتك وروى الشيخ عن سعد بن إسماعيل
عن أبيه قال سئلت أبا الحسن الرضا عن المصلي والبساط يكون عليه تماثيل يقوم عليه فيصلي أم لا فقال والله اني لأكره ذلك وعن رجل دخل على رجل عنده البساط عليه تمثال
فقال أتجد ههنا مثالا فقال لا تجلس عليه ولاتصل عليه والرواية ضعيفة لعدم ذكر سعد وأبيه في كتب الرجال وحملها الشيخ على الكراهة ولا باس به ومحرم الصلاة في جلد الميتة
وان دبغ والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ونقل الاجماع على ذلك جماعة منهم والأخبار الدالة عليه
مستفيضة فروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن أبي عمير وعن غير واحد عن أبي عبد الله
في الميتة قال لا تصل في شئ منه ولاشيع قال في القاموس الشيع بالكسر قبال النعل وقبال النعل لكتاب ذمام بين الإصبع الوسطى والتي تليها وروى الشيخ في الصحيح عن محمد
بن مسلم قال سئلته عن جلد الميت أيلبس في الصلاة إذا دبغ فقال لا ولو دبغ سبعين مرة ورواه أيضا عن محمد بن مسلم باسناد اخر وفي الصحيح عن علي بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله
جعلت فداك الميتة تنتفع بشئ منها قال لا والاخبار في هذا الباب كثيرة وفيما ذكرناه كفاية إذا عرفت هذا فاعلم أنه ذكر جماعة من الأصحاب منهم الشهيدان والشيخ على أن
الصلاة كما تبطل في الجلد مع العلم بكونه ميتة أو وجوده في يد كافر كذلك تبطل مع الشك في تذكيته لأصالة عدم التذكية وفيه ضعف قوي لأنه مبنى على اعتبار الاستصحاب وتعميمه
حتى في غير الأحكام الشرعية وهو ضعيف جدا مع أنه على تقدير التسليم كانت ما يحصل منه الظن لعدم التذكية واعتبار الظن في مثله محل النظر مع أنه قد ورد في عدة من الاخبار
الاذن في الصلاة فيما لا يعلم بكونه ميتة كما سيأتي بل في بعض الأخبار الصحيحة الآتية عند شرح قول المصنف الا الخف والجورب دلالة على جواز الصلاة فيما لم يكن من ارض
المصلين فان قلت قد وقع النهي عن الصلاة في الميتة في الأخبار السابقة فالتكليف بالصلاة مشروط بعدم كون اللباس من الميتة وتحصيل العلم بذلك انما يحصل عند
الاجتناب عما يحتمل الاجتناب عما يحتمل كونه ميتة قلت قد عرفت مرادا (مرارا) ان عموم المفرد المعرف باللام انما يكون مفهوما بمعاونة المقام وكون الحمل على بعض الافراد
ترجيحا من غير مرجح وحمله على الافراد المنساقة إلى الذهن لا يجرى فيه ذلك وغير خفي ان المتبادر المنساق إلى الذهن ههنا ما علم كونه منه خصوصا إذا سال السائل عنها
فغاية ما يستفاد من الاخبار النهي عن الصلاة فيما علم كونه ميتا نعم قد روى الشيخ عن علي بن أبي حمزة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الفراء والصلاة فيها فقال لا تصل فيها
الا فيما كان منه ذكيا والاحتمال الذي ذكرته لا يجرى فيه الا انه ضعيف معارض بما سيأتي فلا يصلح للاستناد إليه وعلى كل تقدير لو دلت القرائن على التذكية فلا ريب في
كونه محكوما بالطهارة روى ابن بابويه في الصحيح عن حفص البختري قال قلت لأبي عبد الله رجل ساق الهدى فعطب في موضع لا يقدر على من يتصدق به عليه ولا يعلم أنه هدى
قال ينحره ويكتب كتابا أو يضعه عليه ليعلم من يمر به انه صدقة والظاهر أنه يكفي في الحكم بذكاة الجلد الذي لا يعلم كونه ميتة وجود في يد مسلم أو في سوق الغالب عليه المسلمون سواء
أخبر ذو اليد بالتذكية أم لا وسواء كان ممن يستحيل الميتة بالدبغ أو ذباحة أهل الكتاب أم لا وهو ظاهر اختيار المحقق في المعتبر ونسب الشارح الفاضل طهارة ما يوجد في يد المستحل
للميتة إلى المشهور في الفتاوي والاخبار وان لم يخبر بالتذكية ومنع المصنف في التذكرة والمنتهى من تناول ما يوجد في يد مستحيل الميتة بالدبغ وان أخبر بالتذكية لأصالة العدم وقال
الشيخ في النهاية ولا يجوز شراؤها ممن يستحل ذلك أو كان منهما فيه واستقرب الشهيد في الذكرى والبيان القبول أخبر بالتذكية لكونه زائدا عليه فيقبل قوله
فيه كما قيل في تطهير الثوب النجس لنا على الطهارة قول الصادق عليه السلام كل شئ ظاهر حتى يعلم أنه قذر وعلى جواز الصلاة فيه أصالة عدم اشتراط الصلاة
فيه بالاجتناب عنه عملا بالاطلاق وما رواه الشيخ في التهذيب في باب اللباس عند شرح قول المفيد ويصلى في الخف في الصحيح عن الحلبي قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام
عن الخفاف التي تباع في السوق فقال اشتر وصل فيه حتى يعلم أنه ميت بعينه وما رواه في باب الزيادات من التهذيب في الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن الرضا عليه السلام قال
سئلته عن الخفاف يأتي السوق فيشتري الخف لا يدري أذكى هو أم لا ما تقول في الصلاة فيه وهو لا يدري أيصلي فيه قال نعم انا اشترى الخف من السوق
ويصنع لي وأصلي فيه وليس عليكم المسألة وفي الصحيح عن ابن أبي نصر أيضا قال سئلته عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية
هي أم غير ذكية أيصلي فيها قال نعم ليس عليكم المسألة ان الخوارج ضيقوا على أنفسهم لجهالتهم ان الدين أوسع من ذلك وما رواه ابن بابويه في الصحيح
عن سليمان بن جعفر الجعفري انه سال العبد الصالح موسى بن جعفر عليه السلام عن الرجل يأتي السوق فيشتري جبة فراء لا يدري أذكية هي أم غير ذكية
أيصلي فيها قال نعم ليس عليكم المسألة ان أبا جعفر عليه السلام كان يقول إن الخوارج ضيقوا على أنفسهم لجهالتهم ان الدين أوسع من ذلك وفي الحسن عن جعفر
بن محمد بن يونس ان أباه كتب إلى أبي الحسن يسأله عن الفر والخف ألبسه وأصلي فيه ولا اعلم أنه ذكى فكتب لا باس به وما رواه الكليني في الصحيح عن عبد الله
بن سنان قال قال أبو عبد الله عليه السلام كل شئ فيه حلال وحرام فهو للنساء حلال ابدا حتى تعرف الحرام بعينه ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد
عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن تقليد السيف في الصلاة فيه الفراء والكميت قال لا باس مالا يعلم أنه ميت ورواه ابن بابويه أيضا
عن عثمان عن سماعة باسناد اخر معتبر وما رواه الشيخ في التهذيب في باب الزيارات (الزيادات) في الحسن المحمد بن عيسى الأشعري عن عبد الله بن المغيرة قال حدثني علي بن أبي حمزة ان رجلا سال أبا
232

عبد الله عليه السلام وانا عنده عن الرجل يتقلد السيف ويصلي فيه قال نعم قال الرجل ان فيه الكيمخت فقال وما الكيمخت فقال جلود دواب منه ما يكون ذكيا ومنه يكون ميتة
فقال ما علمت أنه ميتة فلا تصل فيه
وفي الصحيح عن عبد الله بن المغيرة عن إسحاق بن عمار عن العبد الصالح أنه قال لا باس بالصلاة في الفراء (اليماني) وفيما صنع في ارض الاسلام
قلت فإن كان فيها غير أهل الاسلام قال إذا كان الغالب عليها المسلمون فلا باس وما رواه الشيخ وابن بابويه باسناد فيه جهالة عن إسماعيل بن عيسى قال سألت أبا الحسن عليه السلام
عن جلود الفراء يشريها الرجل في سوق من أسواق الجبل أيسأل عن ذكاته إذا كان البائع مسلما غير عارف قال عليكم أنتم ان تسئلوا عنه إذا رأيتم المشركون يبيعون ذلك
وإذا رأيتم يصلون فيه فلا تسألوا عنه إلى غير ذلك من الاخبار الناطقة بجواز الاخذ بظاهر الحال الشاملة للاخذ من المستحل وغيره مع اعتضادها بالأصل ولا
يعارضها ما رواه الشيخ والكليني عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في الفراء فقال كان علي بن الحسين عليه السلام رجلا صردا (فلائته) فراء الحجاز لان دباغها بالقرظ
فكان يبعث إلى العراق فيؤتى مما قبلكم بالقرد فيلبسه فإذا حضرت الصلاة ألقاه وألقى القميص الذي تحته وكان يسئل عن ذلك فيقول ان أهل العراق يستحلون لباس
الجلود الميتة ويزعمون ان دباغه ذكاته وما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني ادخل سوق المسلمين أعني هذا الخلق الذين يدعون
الاسلام فاشترى منهم الفراء للتجارة فأقول لصاحبها أليس هي ذكية فقال بلى فهل يصلح إلى أن أبيعها على انها ذكية فقال لا ولكن لا باس ان تبيعها وتقول قد
شرط الذي اشتريتها منه انها ذكية قلت وما أفسد ذلك قال استحلال أهل العراق للميتة وزعموا أن دباغ جلد الميتة
ذكاته ثم لم يرضوا ان يكذبوا في ذلك الا على
رسول الله صلى الله عليه وآله لضعف سند الروايتين بالاشتمال سند الأولى على عدة من الضعفاء منهم محمد بن سليمان الديلمي وقال النجاشي انه ضعيف جدا لا يعول عليه في شئ وقال
في ترجمة أبيه وقيل كان كذابا غالبا وكذلك ابنه محمد لا يعمل بما انفرد به من الرواية واشتمال سند الثانية على عدة من المجاهيل مع أن أقصى ما يستفاد من الرواية
الأولى انه عليه السلام كان ينزع منه فرو العراق حال الصلاة ومن الجائز ان يكون ذلك على جهة الأفضلية وفي لبسها في غير حال الصلاة اشعار بعدم كونه ميتة و
المستفاد من الرواية الثانية النهي عن بيع ما أخبر بذكاته على أنه ذكي وهو غير دال على تحريم الاستعمال واعلم أن عدم الاستفصال في الروايات بين ميتة ذي النفس
وغيره وكذا اطلاق الأصحاب يقتضي عدم الفرق وقواه صاحب حبل المتين ونقل عن والده الميل إليه ومقتضى كلام المحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى اختصاص
المنع بميتة ذي النفس وبه حكم في المدارك ونقل المدقق الشيخ علي في شرح الألفية نقل الاجماع على جواز الصلاة في ميتة السمك ونسب النقل إلى كرى (الذكرى) عن المعتبر وفي
شرح القواعد نقلا عن المعتبر بلا واسطة والشارح الفاضل خطأ هذا النقل إذ ليس ذلك في المعتبر وانما الموجود فيه عبارة موهمة لذلك وهو حسن وللتأمل في هذه
المسألة مجال وإن كان لتعميم الحكم رجحان مع موافقته للاحتياط ثم لا يخفى انه لا فرق في الثوب بين كونه ساترا للعورة أم لا لعموم قوله عليه السلام لا تصل في شئ منه ولا شبع
وهل يحرم استصحاب غير الملبوس أيضا فيه رجحان وكذا يحرم الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه سواء قبل التذكية وذكى أم لا وان دبغ باجماع الأصحاب نقل ذلك جماعة
منهم ويدل عليه رواية ابن بكير السابقة في تحقيق السنجاب وفيه تأمل لما مر هناك من رجحان حمل هذه الرواية على الأفضلية دون الحظر ويدل عليه أيضا ما رواه
الكليني في الصحيح عن علي بن مهزيار قال كتب إليه إبراهيم بن عقبة عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب هل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية
فكتب لا تجوز الصلاة فيها والاستدلال بهذا الخبر على التعميم يحتاج إلى الاستعانة بعدم القائل بالفصل وهذا الخبر اورده الشيخ في التهذيب معلقا عن علي بن مهزيار وطريقه
إليه صحيح لكن الظاهر من التعليق هناك حوالة الاسناد إلى الخبر السابق هناك فإنه مروى عن علي بن مهزيار باسناد ضعيف وعلى هذا فاسناد الخبر في التهذيب ضعيف وذكر بعض
الأفاضل ان الرواية التي لا تصلح للبناء عليه لم تكن في النسخة الموجودة بخط الشيخ أولا والحق ثانيا فيضعف احتمال البناء ويؤيده ان الشيخ اورده في الاستبصار معلقا
عن علي بن مهزيار ثم اورد بعد هذه الرواية التي ذكر احتمال البناء عليه وعلى هذا فالرواية صحيحة في كتاب الشيخ أيضا وما رواه الشيخ عن محمد بن أحمد بن يحيى عن عمر بن علي بن
عمر عن إبراهيم بن محمد الهمداني قال كتبت إليه يسقط على ثوبي الوبر والشعر مما لا يؤكل لحمه من غير تقية ولا ضرورة فكتب لا تجوز الصلاة فيه وراوي هذه الرواية غير مصرح
بالتوثيق الا ان الكشي نقل رواية دالة على توثيقه لكنها ضعيفة السند وبعض الروايات الدالة على حسن حاله لكنه مستند إليه والراوي عنه غير مصرح بالتوثيق
الا ان له كتابا يرويه محمد بن علي بن محبوب وعدم استثنائه فيما استثنى من رجال نوادر الحكمة مشعر بحسن حاله وبالجملة هذا الخبر لا يخلوا عن اعتبار ما ويدل على تحريم
الصلاة في جلود السباع ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن سعد الأحرص قال سألت أبا الحسن الرضا عليه السلام عن الصلاة في جلود السباع فقال لا تصل فيها وما رواه في الموثق
عن سماعة قال سألته عن لحوم السباع وجلودها فقال إما لحوم السباع من الطير والدواب فانا نكرهه واما الجلود فاركبوا عليها ولا تلبسوا منها شيئا تصلون فيه قال في المعتبر بعد
نقل رواية ابن بكير المذكورة وابن بكير وإن كان ضعيفا الا ان الحكم بذلك مشهور عن أهل البيت عليهم السلام ثم استدل بان خروج الروح من الحي سبب الحكم بموته الذي هو
سبب المنع من الانتفاع بالجلود ولا تنهض الذباحة مبيحة ما لم يكن المحل قابلا والا لكانت ذباحة الآدمي مطهرة جلده لا يقال هذا الذباحة منهى عنها فيختلف الحكم لذلك
لأنا نقول ينتقض بذباحة الشاة المغصوبة فإنها منهى عن ذباحتها ثم الذباحة تفيد الحل والطهارة وكذا بالآلة المغصوبة فبان ان الذباحة مجردة لا تقتضي زوال
حكم الموت ما لم يكن للمذبوح استعداد قبول احكام الذباحة وعند ذلك لا نسلم ان الاستعداد التام موجود في السباع لا يقال فيلزم المنع من الانتفاع بها في غير الصلاة
لأنا نقول علم جواز استعماله في غير الصلاة بما ليس موجودا في الصلاة فيثبت لها هذا الاستعداد لكن ليس تاما يصح معه الصلاة فلا يلزم من الجواز هناك بوجود
الدلالة الجواز هنا مع عدمها انتهى كلام المحقق واعترض عليه بان الذكاة ان صدقت فيه أخرجته عن الميتة والا لم يجز الانتفاع به مطلقا وبان الذكاة عبارة عن قطع العروق
المعينة على الوجه المعتبر شرعا واطلاق الروايات يقتضى خروج الحيوان عن كونه ميتة بذلك الا فيما دل الدليل على خلافه وهذا الاعتراض في موقعه فاذن التعويل
في اثبات الحكم المذكور على الاجماع والروايات المذكورة المعتضدة بالشهرة وكذا يحرم الصلاة في صوفه وشعره وريشه ووبره والظاهر أنه أيضا غير المواضع المستثناة
اجماعي ونقل الاجماع عليه جماعة منهم واستدلوا عليه برواية ابن بكير المتقدمة وصحيحة علي بن مهزيار ورواية إبراهيم بن محمد الهمداني المتقدمتين ورواية الحسن بن علي الوشا
قال كان أبو عبد الله عليه السلام يكره بالصلاة في وبر كل شئ لا يؤكل لحمه ورواية أحمد بن إسحاق الأبهري قال كتبت إليه جعلت فداك عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب
فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية فكتب لا تجوز الصلاة فيها ولا يخفى دلالة ضعف هذه الأخبار وضعف سند بعضها لكن الامر في ذلك
هين في مثل هذه المسألة الاتفاقية مع وجود الصحيح فيها قال المحقق بعد نقل هذه الأخبار وسوى صحيحة علي بن مهزيار وهذه الأخبار وإن كانت ما بين مرسل أو
ضعيف لكن الفتوى بها مشهورة بين فقهاء أهل البيت اشتهارا ظاهرا فالعمل بها لازم و [ينبغي التنبيه على أمور] الأول: المشهور بين الأصحاب انه لا يجوز الصلاة في قلنسوة أو تكة
233

متخذتين من جلد غير المأكول لتناول الأدلة لهما والشيخ في التهذيب حمل رواية جميل الدالة على جواز الصلاة في جلود الثعالب الذكية على القلنسوة والتكة وشبهها مما لا يتم
به الصلاة والمستفاد من كلامه الجواز ويؤيده ما رواه الشيخ في (زيادات التهذيب) باسناد فيه علي بن السندي عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألته عن الخفاف من الثعالب أو الجرز منه أيصلى فيها
أم لا قال إذا كان ذكيا فلا باس قال الجوهري الجرز بالكسر لباس من لباس النساء من الوبر ويقال هو الفرو الغليظ والأشبه المنع الثاني: الأشهر عدم جواز الصلاة في
القلنسوة والتكة المتخذة من وبر ما لا يؤكل لحمه استنادا إلى الروايات الدالة على المنع وللشبح في المسألة قولان أحدهما الجواز في المتخذ من وبر الأرانب واحتمله المحقق في
المعتبر ويدل عليه ما رواه في الصحيح عن محمد بن عبد الجبار قال كتبت إلى أبي محمد عليه السلام أسأله هل يصلى في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه أو تكة حرير أو تكة من وبر الأرانب فكتب لا
تحل الصلاة في الحرير المحض وإن كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه وأجاب عنه صاحب المعتبر وغيره بترجيح اخبار المنع لقوة المشافهة بالنسبة إلى المكاتبة وبان الرواية
تضمنت قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه لا المتخذ منه وفيه نظر لأنا لا نسلم ضعف المكاتبة على أن ذلك انما يكون عند تكافؤ السند وهيهنا ليس كذلك لضعف اخبار
المشافهة الدالة على المنع دون هذا الخبر والرواية مشتملة على التكة المعمولة من وبر الأرانب فلا يصح الجواب بان الرواية متضمنة
للمتخذ من الوبر وكان المجيب غفل عن الاشتمال المذكور والتحقيق انه وقع التعارض بنى الاخبار ويمكن الجمع بوجهين أحدهما حمل خبر الجواز على التقية والثاني
حمل اخبار المنع على الأفضلية والترجيح للأول لان حمل نفي الجواز على الأفضلية في اخبار المنع لا يخلو عن بعد من أن ابقاء أكثر المعتضد بالشهرة على ظاهره أولي وعلى كل تقدير
فخبر الجواز مخصوص بالتكة المعمولة من وبر الأرانب وقلنسوة عليها وبر ما يؤكل لحمه فمن أراد اثبات العموم احتاج إلى دليل اخر الثالث: قال المصنف في التذكرة لو مزج صوف ما يؤكل
لحمه من صوف ما لا يؤكل لحمه ونسج منها ثوب لم تصح الصلاة فيه تغليبا للحرمة على اشكال ينشأ من إباحة المنسوج من الكتان والحرير ومن كونه غير متخذ من مأكول اللحم وكذا لو
اخذ قط وخيطت ولم يبلغ كل واحد منهما ما يستر العورة ووجه الاشكال الذي ذكره لا يخلو عن ضعف والأقرب المنع ووجهه يعلم مما ذكرنا سابقا الرابع كلام أكثر
الأصحاب مطلق في المنع من الصوف والشعر وغيرهما من غير تخصيص الملابس قيل وربما ظهر من كلام بعض الأصحاب المنع من ذلك مطلقا وبعضهم خصه بالملابس فلو كانت غيره
كالشعرات الملقاة عن الثوب لم يمنع الصلاة فيه وبه صرح الشارح الفاضل ونقل التصريح به عن الشيخ والشهيد في الذكرى وظاهر المعتبر ولم اطلع على التصريح الذي
ذكره واستدل عليه صحيحة بعض المتأخرين بصحيحة محمد بن عبد الجبار المذكورة وما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن الريان قال كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام هل يجوز الصلاة في ثوب
يكون فيه شعر من شعر الانسان واظفاره من قبل ان ينقضه ويلقيه عنه فوقع يجوز وفيه نظر لما عرفت من ترجيح حمل الخبر الأول على التقية فبقى الأخبار الدالة
على المنع الشاملة بعمومها لمحل النزاع سالمة عن المعارض مع انتفاء العموم فيه الا ان يقال بعدم القائل بالفصل باثباته مشكل واما الرواية الثانية فمخصوصة
بالانسان فلا تدل على العموم وكلام الشارح الفاضل يدل على وجود القول بالفرق بين الانسان وغيره وللتردد في المسألة طريق وإن كان للقول بالمنع رجحان ما
الخامس: قال المصنف في المنتهى لو شك في كون الصوف أو الشعر أو الوبر عن مأكول اللحم لم يجز الصلاة لأنها مشروطة بستر العورة بما يؤكل لحمه والشك في الشرط يقتضي الشك في
المشروط ولقائل أن يقول النصوص الدالة على المنع عن ملابسة ما لا يؤكل لحمه لا عموم لها عموما ظاهرا لغويا أو عرضيا بحيث تشتمل المعلوم والمشكوك بل إن عمومها مستفاد
بقرائن الأحوال واطلاق السؤال وعدم الاستفصال وغير بعيد انصرافها إلى الافراد المعلوم كونها مما لا يؤكل لحمه وعمومها بالنسبة إليها لا أزيد من ذلك الا خبر ابن
بكير وقد عرفت ان حملها على المنع التحريمي محل النظر وعلى هذا القدر المستفاد منها المنع في الافراد المعلومة فالافراد المشكوكة باقية على أصل الإباحة عملا باطلاق الامر
بالصلاة ويؤيده صحيحة عبد الله بن سنان قال قال أبو عبد الله كل شئ يكون فيه حرام وحلال فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام بعينه وفي معناه رواية سعد بن صدقه
عن الصادق عليه السلام والأحوط التنزه والمنع من الأشياء المذكورة فيما عدا ما استثنى من الخز والسنجاب فائدة اختلف الروايات في جواز الصلاة في جلد الأرنب والثعلب فما
يدل على المنع صحيحة علي بن مهزيار السابقة و (صحيحة أبي) علي بن راشد ورواية بشير بن بشار ورواية الوليد بن ابان ورواية مقاتل بن مقاتل ورواية الريان بن الصلت وقد تسبقت
تلك الروايات الخمسة عند تحقيق السنجاب ورواية أحمد بن إسحاق الأبهري السابقة في المسألة المتقدمة وبعض الأخبار يدل على المنع منها بعمومه كرواية ابن بكير ورواية
إبراهيم بن محمد الهمداني السابقة في المسألة المتقدمة ومما يدل على المنع أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن محمد بن عيسى عن جعفر بن محمد بن أبي زيد المجهول قال
سئل الرضا عن جلود الثعالب الذكية قال لا تصل فيها وفي الصحيح عن علي بن مهزيار عن رجل سال الماضي عليه السلام عن الصلاة في جلود الثعالب فنهى عن الصلاة فيها وفي الثوب
الذي يليه فلم أدر اي الثوبين الذي يلصق بالوبر أو الذي يلصق بالجلد فوقع عليه السلام بخطه الذي يلصق الجلد وذكر أبو الحسن عليه السلام انه سأله عن هذه المسألة فقال لا تصل
في الذي فوقه ولا في الذي تحته قال بعض الأفاضل النقاد هكذا اورد الحديث في الكتابين وسوقه يؤذن بسقوط شئ من الكلام السابق على حكاية صورة التوقيع
وقد صار بهذا الاعتبار مظنة للارسال فان حكاية التوقيع محتملة لان يكون من كلام الرجل ومن كلام علي بن مهزيار ولكن الظاهر من قوله وذكر أبو الحسن عليه السلام انه من كلام
محمد بن عبد الجبار وان المراد بابي الحسن علي بن مهزيار فإنه كنيته وبذلك يتحقق اتصال الحديث ويستغني عن حكاية التوقيع ثم إن الحديث مروى في الكافي عن أحمد بن
إدريس عن محمد بن عبد الجبار بتغير الطريق في المتن مخالفة لفظية في عدة مواضع فإنه قال وفي الثوب الذي يلصق بالجلد وفي اخر الحديث لا تصل في الثوب الذي إلى اخره وزاد
قبل قوله واذكر أبو الحسن كلمة قال وفي عدة نسخ من الكافي وذكر أبو الحسن عليه السلام والاعتبار يشهد بأنه من تصرف الناسخين وبتقدير صحته يكون من كلام علي بن مهزيار
ويعود ضمير انه وسأله إلى الرجل الذي حكى عنه السؤال علي بن مهزيار فلا ينافي الاتصال انتهى كلامه وهو حسن ومرفوعة أحمد بن محمد ومرفوعة أيوب بن نوح السابقة
عند تحقيق الخز ومما يدل على الجواز ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الفراء والسمور والسنجاب والثعالب وأشباهه قال لا باس بالصلاة
فيه وفي الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الفراء السمور والفنك والثعالب وجميع الجلود قال لا باس بذلك وفي الصحيح عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام
قال سألته عن الصلاة في جلود الثعالب فقال إذا كانت ذكية فلا باس وفي الصحيح عن جميل عن الحسين بن شهاب قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن جلود الثعالب إذا كانت ذكية
أيصلي فيها قال نعم ذكرها الشيخ في الزيادات والراوي مجهول الا ان في صحتها إلى جميل قرينة الاعتماد ويؤيده رواية داود الصرمي السابقة عند تحقيق الخز قال المحقق
في المعتبر واعلم أن المشهور في فتوى الأصحاب المنع مما عد السنجاب ووبر الخز والعمل به احتياط للدين ثم قال بعد أن اورد روايتي الحلبي وعلي بن يقطين وطريق هذين
الخبرين أقوى من تلك الطرق ولو عمل بهما عامل جاز وعلى الأول عمل الظاهر بين من الأصحاب منضما إلى الاحتياط للعبادة وقال الشهيد في الذكرى هذان الخبران مصرحان
بالتقية لقوله في الأول وأشباهه وفي الثاني وجميع الجلود وهذا العموم لا يقول به الأصحاب وهذه الأخبار لم يتضمن الأرنب لكن رواية الخز المغشوش دالة عليه وهو
234

حسن وتحقيق المقام انه وقع التعارض بين الاخبار ويمكن الجمع بوجهين أحدهما حمل اخبار المنع على الأفضلية
ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله
عن جلود الثعالب فقال ما أحب ان يصلي فيها ويمكن حمل اخبار الجواز على التقية ابقاء للأكثر الأشهر على ظاهره والمسألة محل تردد وإن كان للمنع رجحان كذلك اختلفت الاخبار في
السمور فبعضها يدل على المنع وهو المشهور بين الأصحاب كصحيحة أبي علي بن راشد ورواية بشير بن بشار ورواية مقاتل السابقات عند تحقيق السنجاب وما رواه الشيخ في الصحيح عن
سعد بن سعد الأشعري عن الرضا عليه السلام قال سئلته عن جلود السمور فقال اي شئ هو (ذاك) قال الا ولبس فقلت هو الأسود فقال هو يصيد فقلت نعم يأخذ الدجاج والحمام قال لا وبعضها
يدل على الجواز والقول به منقول عن الصدوق في المقنع كصحيحة الحلبي وصحيحة علي بن يقطين ورواية الريان لكن روايتي الريان وابن يقطين غير دالتين على جواز اللبس في الصلاة
ويمكن الجمع بين الاخبار أحدهما حمل اخبار المنع على الأفضلية والثاني حمل اخبار الترخيص على التقية وهذا أقرب فإنك قد عرفت ان دلالة جواز اللبس في الصلاة منحصرة في رواية
الحلبي وهي مشتملة على ما لا يعمل به الأصحاب كما أشرنا إليه فحينئذ يتعين حملها على التقية عملا بالاخبار الكثيرة المعمولة بين الأصحاب * (مسألة) * قال الشيخ في النهاية لا يجوز الصلاة
في الثوب الذي تحت وبر الثعالب والأرانب ولا الذي فوقه ونحوه قال في المبسوط وقال ابن بابويه إياك ان تصلي في الثعلب ولا في الثوب الذي يليه من تحته وفوقه وذهب ابن إدريس
وجمهور المتأخرين إلى الجواز استناد إلى الأصل واطلاق الامر بالصلاة احتج الشيخ بان تحصيل اليقين بالبرائة يتوقف عليه وبرواية علي بن مهزيار السابقة وأجاب عنه في
المختصر بأنه قد حصل اليقين بالبرائة حيث أوقع الفعل على الوجه المأمور به وبان الرواية ضعيفة بجهالة الراوي ولا يخفى ان الرواية صحيحة عند المشهور الصادق كما أشرنا إليه
مع أن صحيحة أبي علي بن راشد السابقة أيضا موافق لقول الشيخ لكن الاستدلال على التحريم بمجرد النهي الواقع في اخبارنا من غير انضمام قرينة لا يخلو عن اشكال وكذا يحرم
الصلاة فيما يستر ظهر القدم ولا ساق له بحيث يغطي المفصل الذي بين الساق والقدم وشيئا من الساق وان قل كالشمشك بضم الشين وكسر الميم والنعل
وشبهها واليه ذهب المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية وهو المنقول عن ابن البراج وكلام سلار مشعر بالمنع الا في الصلاة على الموتى واليه ذهب الفاضلان وذهب الشيخ في
المبسوط وابن حمزة إلى الكراهة واليه ذهب أكثر المتأخرين وهو أقرب للأصل واطلاق الامر بالصلاة فلا يفيد الا بدليل استدل المحقق على القول الأول بفعل النبي وعمل
الصحابة والتابعين فإنهم لم يصلوا في هذا النوع وهو استدلال ضعيف لأنه شهادة على نفي غير محصور فلا تسع إذ من المستبعد إحاطة العلم بأنهم كانوا لا يصلون
فيما هو كذلك دائما مع أنه على تقدير التسليم غير دال على التحريم لجواز ان يكون ذلك مبنيا على عادة بلادهم أو يكون محمولا على الاستحباب ولو نسلم هذا الاستدلال
لزم تحريم الصلاة في كل ما لم يصل فيه النبي صلى الله عليه وآله وهو معلوم البطلان وحيث كان الحكم مخصوصا بما لا ساق له مع كونه ساتر الظهر القدم فلا تحريم ولا كراهة فيما
ليس كذلك كالنعل العربي لانتفاء الوصف الموجب لشئ منهما بل يستحب الصلاة في النعل العربي عند علمائنا والمستند فيه ورود الامر بالصلاة فيه في عدة اخبار منها ما رواه
الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فإنه يقال ذلك من السنة ورواه ابن بابويه باسناد
اخر في الصحيح عن عبد الرحمن بأدنى تفاوت في المتن ومنها ما رواه في الصحيح عن عبد الله بن المغيرة قال إذا صليت فصل في نعليك إذا كانت طاهرة فان ذلك من السنة
وروى الشيخ في الصحيح عن الحسين بن سعيد عن محمد بن إسماعيل قال رايته يصلي في نعليه (لم يحلفها واحسبه قال ركعتي الطواف وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال رأيت أبا عبد الله يصلي في نعليه) غير مرة ولم أر نزعها قط وفي الصحيح عن علي بن مهزيار قال رأيت أبا جعفر عليه السلام صلى
حين زالت الشمس يوم التروية ست ركعات خلف المقام وعليه نعلاه ولم ينزعهما ومقتضى الروايات استحباب الصلاة في النعل مطلقا ولعل حمله على العربية
كونها هي المتعارفة في ذلك الزمان والقول بالاطلاق غير بعيد (وكذا لا تحريم ولا كراهة) فيما انتفى فيه أحد الوصفين المذكورين قال في التذكرة انه موضع وفاق بين العلماء ولذا قال
المصنف الا الخف والجورب وهو نعل مخصوص وهو معرب ومثلهما الجرموق قال في الذكرى وهو خف واسع قصير يلبس فوق الخف وقد مر من الاخبار في حكم
الميتة ما يدل على جواز الصلاة في الخف ويزيده بيانا ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن الفضل قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن لباس الجلود والخفاف والنعال و
الصلاة فيها إذا لم تكن عن (من) ارض المصلين (المسلمين) فقال إما النعال والخفاف فلا باس بها وما رواه الشيخ والكليني عن الحسن بن الجهم قال قلت لأبي الحسن عليه السلام اعترض السوق فاشترى
خفا لا أدرى أذكى هو أم لا قال صل فيه (قلت) والنعل قال مثل ذلك قلت اني أضيق من هذا قال أترغب عما كان أبو الحسن عليه السلام يفعله وعن إبراهيم بن مهزيار قال سألته عن الصلاة
في جرموق وأتيته بجرموق بعثت به إليه فقال يصلي فيه وعورة الرجل التي يجب سترها في حال الصلاة (ويشترط صحة الصلاة) وغيرها ويشترط صحة الصلاة بسترها قبله
ودبره ومنها البيضتان دون الأليين والفخذ وهذا القول هو المشهور بين الأصحاب حتى نقل ابن إدريس اجماع فقهاء أهل البيت عليهم السلام ونقل عن ابن البراج أنه قال
هي من السرة إلى الركبة وعن أبي الصلاح انه جعلهما من السرة إلى نصف الساق مع أن المحقق في المعتبر قال ليست الركبة من العورة باجماع علمائنا والأقرب الأول
وقد مر الاستدلال عليه في أوائل مباحث الاستنجاء ولم تقف لأبي الصلاح وابن البراج على حجة يعتد بها ويجب على الرجل سترهما مع القدرة عليه
ولو بالورق والطين وظاهر العبارة ان ذلك على وجه التخيير فيجوز الاستتار بالورق مع امكان الثوب كما يجوز بالطين مع امكانهما وفي المسألة أقوال أخر
منها انه يستر بالثوب فان تعذر فبالورق أو الحشيش أو الطين مخيرا بينها اختاره المصنف في القواعد وهو قول الأكثر إما صريحا أو ظاهرا كالشيخ وابن إدريس والمحقق
والمصنف في أكثر كتبه والشهيد في البيان ومنها انه يستر بالثوب أو الحشيش أو الورق مخيرا بينها فان تعذر فبالطين ذهب إليه الشهيد (في الذكرى ومنها انه يستر بالثوب فان تعذر فبالأوراق فان تعذر فبالطين ذهب إليه الشهيد) في الدروس واستدل على القول
الأول بحصول المقصود من الستر ورواية علي بن جعفر وقد سبقت عند شرح قول المصنف يجب ستر العورة في الصلاة وبقول الباقر عليه السلام النورة سترة وفيه نظر المنع
حصول المقصود بالستر والرواية غير دالة على التخيير واما ما دل على أن النورة سترة فروايتان نقلناهما في مبحث الخلوة لكنهما غير نقي السند فالتعويل عليهما مشكل
وان تمسك القائل بهذا القول بالأصل وعدم الدليل على الزائد لكان أولي واستدل على القول الثاني إما على تقديم الثوب فبعدم فهم غيره من الساتر عند الاطلاق
وبرواية علي بن جعفر وقد يستدل عليه أيضا بقول الباقر عليه السلام إذ في (أدنى) ما يصلى فيه المراة درع وملحفة ومقتضاه وجوب الثياب للمراة فيثبت الحكم في الرجل أيضا للاجماع على
عدم الفرق وعلى التخيير بين الباقي عند تعذر الثوب بحصول مقصود السترية ويرد على الأول ان القدر الذي ثبت بالاجماع أو الاخبار وجوب الستر بحيث لا ينظر
إليه واما دليل (دلالتها) على الستر بالثياب فغير واضح والحكم بالتستر بالحشيش في الرواية تابع للسؤال وهو تعذر الثوب وذلك لا يقتضى عدم جواز الستر به عند امكان
الثوب وقول الباقر عليه السلام منزل على الغالب المتعارف فالاستدلال به مشكل وعلى الثاني المنع المذكور احتج الشهيد على ما ذهب إليه من التخيير بين الثياب وغيرها برواية علي
ابن جعفر وعلى تقديمها على الطين بعدم فهمه من الساتر عند الاطلاق وقد يستدل عليه أيضا بقوله تعالى خذوا زينتكم عند كل مسجد فان ذلك لا تعد زينة
وفيه نظر لان الرواية مختصة بصورة تعذر الثياب فلا دلالة فيها على التخيير بين الثياب وغيرها وما استدل به على تقديمها على الطين لو تم اقتضى تقديم الثياب
على الورق والحشيش على أن الاستدلال بالآية مشكل لما أشرنا إليه سابقا من الاختلاف في تفسيرها في الاخبار وأقوال المفسرين مع أن الزينة غير مرادة بظاهرها
للاجماع على الاجتزاء بالخرق وشبهها مما لا تعد زينة ولو تم ما نقل بعضهم من اجماع المفسرين على أن المراد بالزينة ما يواري العورة لاشتراك الكل في ذلك وان
235

حجة القول الرابع فيمكن تحصيلها مما قيل في حجج غيره من الأقوال والمسألة محل اشكال ولو قيل بالتخيير في الستر بين الثياب وغيرها في غير حال الصلاة لعدم انتهاض الأدلة على أكثر من ذلك
واما في حال الصلاة فيجب تقديم ما عدا الطين عليه تمسكا بما دل على الانتقال إلى الايماء من غير اعتبار الطين لم يكن بعيدا فروع
الأول إذا لم يوجد ساتر الا الطين ففي
وجوب الركوع والسجود نظر لأن الظاهر من الأدلة تعين الايماء عند تعذر الثياب وما يجرى مجراه كالحشيش الثاني يعتبر في الثوب كونه ساترا للعورة ويعتبر كونه صفيقا ساترا للون البشرة
وهل يعتبر كونه ساترا للحجم قال المحقق والمصنف لا وهو الاظهر لحصول الستر المأمور به وقيل يعتبر لما رواه الشيخ عن أحمد بن حماد رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصل فيما شف أو صف يعني الثوب
الصقيل كذا فيما وجدناه من نسخ التهذيب وذكره الشهيد رحمه الله انه وجده كذلك بخط الشيخ رحمه الله أبي جعفر وان المعروف أو وصف بواوين قال ومعنى شف لاحت منه البشرة ووصف حكى الحجم وقريب
من هذه الرواية مرفوعة محمد بن يحيى لكنهما ضعيفتا السند غير واضحتي الدلالة على التحريم فيبقى الأصل والعمومات سالمة عن المعارض وإذا كان الستر بالطين فقد صرح الشهيد باعتبار
اللون والحجم معا فان تعذر فاللون خاصة قال وفي الايماء هنا نظر وتبعه الشارح الفاضل ولم اطلع على تصريح لمن تقدمها هيهنا وما ذكرا غير بعيد فلا ينسحب حكم الثوب هنا لمكان
الفرق عرفا لكن قول الصادق عليه السلام النورة سترة مما يدل على خلافه والرواية وإن كانت ضعيفة لكنها مشهورة بين الأصحاب فتأمل الثالث قال المحقق ولو وجد وحلا أو ماء كدرا بحيث
لو نزله ستر عورته لم يجب نزوله لان فيه ضررا ومشقة وقال جماعة من المتأخرين بالوجوب والقول بعدم الوجوب لأجل الصلاة قوى لفقد الدليل فان الأدلة الدالة على وجوب
الستر لأجل الصلاة واشتراطها غير شاملة لمحل النزاع إما وجوب الستر بأحد الامرين المذكورين عن الناظر إذا لم يتضمن مشقة شديدة عادة فغير بعيد ثم القائلون بالوجوب
اختلفوا فقال الشارح الفاضل والظاهر أن الوحل مقدم على الماء وان لم يستر الحجم لأنه ادخل في مسمى الساتر وأشبه بالثوب والطين المقدمين على الماء وفيه ضعف ونقل عن ظاهر الذكرى
تقديمهما على الحفيرة وعن بعضهم تقديم الحفيرة على الماء الكدر وتأخير الطين عنه وعن بعضهم تقديم الماء الكدر على الحفيرة مطلقا والشارح الفاضل ذكر في تحقيقه تفصيلا والكل
غير منوط بدليل يعتد به ولو أمكن العاري ولوج حفيرة والصلاة فيها قائما بالركوع والسجود وجب عند المحقق لحصول الستر ولم يثبت شرطية التصاقه بالبدن فيجب اتمام الأركان
وأيده بما رواه الشيخ في الصحيح عن أيوب بن نوح عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال العاري الذي ليس له ثوب إذا وجد حفيرة دخلها ويسجد فيها ويركع واليه ذهب المصنف في التحرير وقيل
لا يجب استضعافا للرواية وهو أقرب لعموم ما دل على الانتقال إلى الايماء عند تعذر الثياب وما يجرى مجراها كالحشيش الرابع يجب شراء الساتر بثمن المثل أو أزيد مع عدم التضرر
على الأقرب لحصول المكنة المقتضية للامتثال ولو أعير وجب القبول والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ولو وهب منه فالشيخ على وجوب القبول ومنعه المصنف في التذكرة لما فيه
من المنة الخامس لو لم يجد الا ثوب حرير صلى عاريا ولم تجز الصلاة فيه لتعلق النهي عن الصلاة فيه ولو وجد النجس والحرير واضطر إلى لبس أحدهما فالظاهر وجوب لبس النجس السادس
الستر يراعى من الجوانب الأربع ومن فوق ولا يراعي من تحت ولو صلى على طرف سطح بحيث يرى عورته من تحته ففيه نظر لان الستر يراعي من الجوانب التي قرنت العادة بالنظر
إليها ولان الستر من تحت انما يفتقر إذا كان على وجه الأرض السابع لو كان في الثوب خرق فإن لم يحاذ العورة فلا كلام فيه وان حازاها بطلت الصلاة ولو جمعه بيده بحيث
يتحقق الستر بالثوب صح كما صرح به جماعة من الأصحاب ولو وضع يده عليه بحيث يكون الستر مستند إلى يده أو وضع اليد غيره كذلك فالذي صرح به جماعة من الأصحاب البطلان
ولي فيه اشكال
الثامن لو وجد الساتر في أثناء الصلاة فان امكنه الستر من غير فعل المنافي وجب ولو توقف على فعل المنافي صحت الصلاة عند تضيق الوقت والا بطل
مع احتمال وجوب الاستمرار مطلقا التاسع لو وجد ساتر إحدى العورتين وجب ولعل الأولى صرفه إلى القبل لقوله عليه السلام في بعض الأخبار التي نقلناها في أوائل أحكام الخلوة و
إما الدبر فمستور بالأليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة والخنثى المشكل ان امكنه ستر القبلتين قدم ذلك على ستر الدبر والا فالذي قربه
الشهيد في الذكرى وجوب الستر الذكر لبروزه وفيه اشكال وقال بعض العامة يستر ما ليس للمطلع فإن كان رجلا ستر آلة النساء وإن كانت امرأة ستر آلة الرجال ولا دليل عليه
العاشر الأقرب انه ليس الستر معتبرا في صلاة الجنازة لان اسم الصلاة لا تقع عليها الا مجازا كما بيناه سابقا وقيل يجب لاطلاق الاسم عليها
فان فقد جميع ما يمكن الستر به
ولو بالشراء أو الاستيجار أو الاستعارة صلى عريانا قائما مع امن المطلع وجالسا مع عدمه هذا مذهب الأكثر وقال المرتضى يصلي جالسا مؤميا وان امن وقال ابن إدريس يصلي
قائما مؤميا في الحالين ومنشأ الاختلاف اختلاف الروايات يدل على التفصيل ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن مسكان عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يخرج عريانا فتدركه
الصلاة قال يصلي عريانا قائما ان لم يره أحد فان رآه أحد صلى جالسا ويدل على الثاني ما رواه الشيخ في الحسن لإبراهيم بن هاشم عن زرارة قال قلت لأبي جعفر رجل خرج من سفينة
عريانا أو سلب ثيابه ولم يجد شيئا يصلي فيه فقال يصلي ايماء فإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها وإن كان رجلا وضع يده على سؤته ثم يجلسان فيؤميان ايماء ولا يركعان ولا
يسجدان فيبدوا ما خلفهما تكون صلاتهما ايماء وبرؤوسهما قال وان كانا في ماء أو بحر لجي لم يسجدا عليه وموضوع عنهما التوجه فيه يؤميان في ذلك ايماء رفعهما موجه ووضعهما
وفي الصحيح عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن قوم صلوا جماعة وهم عراة قال يتقدمهم الامام بركبتيه ويصلي بهم جلوسا وهو جالس قيل والحكم بالجلوس مع الجماعة يقتضي
جوازه مطلقا إذ لا يعقل ترك الركن لتحصيل الفضيلة وفي الموثق عن إسحاق بن عمار قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام قوم قطع عليهم الطريق فأخذت ثيابهم فبقوا عراة وحضرت الصلاة
كيف يصنعون قال يتقدمهم امامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيؤمى ايماء بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوههم ولعل المراد بقوله وهم يركعون ويسجدون في
خلفه على وجوههم الايماء بالرأس والوجه ويدل على القول الثالث رواية علي بن جعفر السابقة وصحيحة عبد الله ابن سنان السابقة عند شرح قول المصنف والإمامة بغير رداء ويمكن
الجمع بين الاخبار إما بحمل الأخبار المطلقة على التفصيل استنادا إلى الخبر المفصل فإنه وإن كان مرسلا الا انه صحيح إلى ابن مسكان وهو ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه
فيكون الخبر من الأخبار المعتبرة واما بالحمل على التخيير كما مال إليه المحقق في المعتبر استضعافا للرواية المفصلة ولا يخفي ان حمل الأخبار المطلقة على التفصيل تأويل بعيد والحمل على
التخيير أقرب وحينئذ يمكن حمل خبر التفصيل على الفضيلة ويؤمى في الحالين اي حالتي القيام والقعود راكعا وساجدا ايماء بالرأس لخبر زرارة فان تعذر فبالعينين ورجح الشهيد
في الذكرى وجوب جعل السجود اخفض من الركوع تحصيلا للافتراق والقرب من الأصل وجعل الانحناء فيهما بحسب الممكن بحيث لا يبدو معه العورة استصحابا للأصل واحتمل
وجوب وضع الأعضاء السبعة في السجود على الكيفية المعتبرة فيه وكل ذلك تقييد للنص وكذا القول بوجوب رفع شئ يسجد عليه ان امكنه وقوله عليه السلام في صحيحة عبد الرحمن الواردة
في المريض ويضع بوجهه في الفريضة على ما امكنه من شئ لا يدل عليه لان حكم المريض لا ينسحب ههنا الا بدليل وظاهر الاخبار وكلام الأصحاب ان الايماء في حالتي القيام والجلوس
على وجه واحد فلا يجب على القائم الجلوس ليؤمى للسجود وحكى الشهيد في الذكرى عن شيخه السيد عميد الدين انه كان يقوى جلوس القائم ليؤمى للسجود جالسا لأنه أقرب إلى هيئة
الساجد فيدخل تحت فاتوا منه ما استطعتم وهو ضعيف لان الوجوب حينئذ انتقل إلى الايماء فلا معنى للتكليف بالاتيان بالممكن من السجود ولو صلى العاري بغير ايماء بطلت صلاته
وكذا لو اتى بالركوع والسجود سواء كان متعمدا أو ناسيا أو جاهلا لعدم حصول الامتثال الموجب للصحة وربما قيل بالصحة في الناسي لعدم توجه النهي إليه وهو ضعيف وهل يجوز صلاة
العاري في سعة الوقت صرح الشيخ في النهاية بالجواز وقال المرتضى وسلار يجب ان يؤخر رجاء لحصول السترة وقال في المعتبر إلى وجوب التأخير مع ظن تحصيل السترة والتعجيل بدونه و
هو غير بعيد وإن كان قول الشيخ أقوى لاطلاق الأدلة ويستحب الجماعة للعراة رجالا كانوا أو نساء ويصلون صفا واحدا يتقدمهم الامام بركبتيه كما يدل عليه صحيحة ابن سنان
236

السابقة وفي كيفية صلاتهم قولان فذهب المرتضى والمفيد إلى انهم يصلون جميعا بالايماء واختاره ابن إدريس مدعيا الاجماع عليه وذهب الشيخ في النهاية إلى أن الامام يؤمى
ومن خلفه يركع ويسجد ويستفاد ذلك من ظاهر رواية إسحاق بن عمار السابقة قال في المعتبر بعد نقل الرواية وهذه حسنة ولا يلتفت إلى من يدعى الاجماع على خلافها ولا يخفى
ان الرواية من الموثقات لان في طريقها عبد الله ابن جبلة الواقفي وإسحاق بن عمار الفطحي الفرق بين المنفرد وغيره في وجوب الركوع والسجود وعدمه لا يخلو عن بعد ومع ذلك فالرواية
قابلة للتأويل على وجه يوافق قول السيد فالاستناد إلى ظاهرها محل تأمل
وجسد المراة الحرة كله عورة يجب ستره عدا الوجه قال الشارح الفاضل وهو ما يجب غسله في الوضوء
أصالة واثبات هذا التحديد لا يخلو عن اشكال قال في الذكرى وفي الصدغين وما لم يجب غسله من الوجه نظر من تعارض العرف اللغوي والشرعي إما العنق فلا شك في وجوب
ستره من الحرة واما الأمة فالأقرب تبعيته للرأس من دون الرأس وفي اثبات وجوب ستر العنق للحرة خفاء والكفين ولعل مرادهم من حدهما (من دون الرأس وفي اثبات وجوب ستر العنق للحرة خفاء) مفصل الزندين كما قاله الشارح الفاضل
ولا فرق بين ظاهرهما وباطنهما قال الشارح الفاضل واستثناء هذين موضع وفاق بين الأصحاب وفيه تأمل والقدمين والظاهر أنه لا فرق بين ظاهرهما وباطنهما كما صرح به الشهيد
وغيره وكلام الأصحاب مختلف ففي أكثر عباراتهم كعبارة الشيخ والمحقق والمصنف في عدة من كتبه ظاهر القدمين مع أن تعليل المصنف والمحقق يقتضي عدم الفرق وفي كثير من عباراتهم
بلفظ القدمين كما اورده المصنف ههنا وربما استثنى بعضهم باطن القدمين من هذا الحكم صريحا واعلم أن الأصحاب اختلفوا فيما يجب ستره على المراة في الصلاة فالأكثر ومنهم
الشيخ في النهاية والمبسوط على ما قاله المصنف وقال في الاقتصار واما المراة الحرة فان جميعها عورة يجب عليها ستره في الصلاة ولا تكشف غير الوجه فقط وقال أبو الصلاح المراة كلها عورة
وأقل ما يجزى الحرة البالغة درع سابغ إلى القدمين وخمار قال المصنف وهذا يقتضي ما اقتضاه كلام الشيخ في الاقتصار وقال ابن زهرة والعورة الواجب سترها من النساء جميع
أبدانهن الا رؤوس المماليك منهن وقال ابن الجنيد الذي يجب ستره من العورتان وهما القبل والدبر من الرجل والمراة وهذا يدل على المساواة بينهما وقال ابن الجنيد أيضا
لا باس ان تصلي المراة الحرة وغيرها وهي مكشوفة الرأس حيث لا يراها غير ذي محرم وكذلك الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام والأقرب الأول ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة
قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن أقل ما تصلي فيه المراة قال درع وملحفة فتنشرها على رأسها وتجلل بها وفي الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال والمراة تصلي في الدرع والمقنعة
إذا كان الدرع كثيفا وفي الموثق عن ابن أبي يعفور قال قال أبو عبد الله عليه السلام تصلي المراة في ثلثة أثواب ازار ودرع وخمار ولا يضرها بان تقنع الخمار فإن لم تجد فثوبين (فتأتزر) بأحدهما
وتقنع بالآخر فقلت فإن كان درعا وملحفة ليس عليها مقنعة فقال لا باس إذا تقنعت بالملحفة فإن لم يكفها فليلبسها طولا ويستفاد من صحيحة محمد بن مسلم استثناء الوجه والكفين
والقدمين لأنه عليه السلام اجتزى بالدرع وهو القميص والمقنعة وهي للرأس فيستفاد منه ان ما عدا ذلك غير واجب والدرع لا يستر البدن ولا القدمين بل ولا العقبين غالبا احتج
الشيخ في الاقتصار بان بدن المراة كله عورة والجواب انه ان أراد وجوب ستره عن الناظر المحرم فمسلم لكن ذلك غير محل النزاع وان أراد وجوب ستره في الصلاة فممنوع
لابد لذلك من دليل احتج ابن الجنيد بما رواه عبد الله ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس بالمراة المسلمة الحرة ان تصلي وهي مكشوفة الرأس اوردها الشيخ في التهذيب بطريق موثق لعبد الله بن
بكير ومحمد بن عبد الله الأنصاري ورواه باسناد أخرى عن ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس ان تصلي المراة المسلمة وليس على رأسها قناع وأجاب عنها الشيخ في التهذيب بالحمل على الصغيرة
أو على حالة الضرورة واحتمل في الخبر الثاني ان يكون المراد بالمراة المسلمة الأمة قال المحقق في المعتبر ان هذه الرواية مطرحة لضعف عبد الله ابن بكير فلا يترك لخبره الأخبار الصحيحة المتفق
على مضمونها وهو حسن ومع ذلك فطريق التأمل غير مسند عنه بالكلية واعلم أنه ليس في كلام المصنف وأكثر عبارات الأصحاب تعرض لوجوب ستر الشعر بل ربما ظهر منها انه غير واجب
لعدم دخوله في مسمى الجسد المحكوم بكونه عورة وهو الظاهر من اطلاق الامر بالصلاة لعدم الأدلة بتقييده واستقرب الشهيد في الذكرى الوجوب لما رواه ابن بابويه عن الفضيل عن أبي جعفر عليه السلام
قال صلت فاطمة عليها السلام في درع وخمار ليس عليها أكثر مما وارت به شعرها وأذنيها وهي بعد الإغماض عن السند لا تدل على الوجوب ويمكن الاستدلال بها على عدم وجوب ستر العنق ويجوز
للأمة والصبية وهي الأنثى غير البالغة كشف الرأس في الصلاة ونقل عليه الفاضلان والشهيدان اجماع العلماء عليه الا الحسن البصري فإنه أوجب على الأمة الخمار إذا تزوجت
أو اتخذها الرجل لنفسه ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المنقول ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي الحسن عليه السلام قال ليس على الإماء ان يتقنعن في الصلاة وفي الصحيح
عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت رحمك الله الأمة تغطي رأسها إذا صليت قال ليس على الأمة قناع وما رواه الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول
ليس على الأمة قناع في الصلاة ولا على المدبرة ولا على المكاتبة إذا شرطت عليها قناع في الصلاة وهي مملوكة حتى يؤدي جميع مكاتبتها واما الصبية فيدل على ثبوت الحكم
فيها عدم التكليف في حقها وقد يستدل عليه برواية ابن بكير السابقة وهو ضعيف واطلاق كلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في الأمة بين القن والمدبرة والمكاتبة المشروطة
والمطلقة التي لم تؤد من مكاتبتها شيئا وأم الولد سواء كان ولدها حيا أو ميتا والامر كل لاطلاق النصوص واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال
قلت له الأمة تغطي رأسها إذا لم يكن لها ولد فلا يصلح لمعارضة الخبرين السابقين لأنه لو سلم مفهومها لم يكن واضح الدلالة على الوجوب كما لا يخفى ولو انعتق بعضها فكالحرة في
وجوب الستر لعدم دخولها في مفهوم الأمة حتى يستثني من عموم ما دل على وجوب الستر في المراة وهل يستحب للأمة القناع أثبته في المعتبر ونقله عن عطا وعن عمر انه ينهى عن ذلك
وضرب أمة لآل انس رآها بمقنعة واستند المحقق إلى أن الستر انسب بالحياء وهما مرادان من الأمة كالحرة وفعل عمر جاز ان يكون رأيا واثبات الحكم الشرعي بمثل هذا التعليل مشكل
ولا اختصاص لهذا التعليل بحال الصلاة واعترف المحقق بعدم ورود نص فيه والأظهر العدم لعدم الدليل ولما رواه أحمد بن محمد بن خالد البرقي في كتاب المحاسن باسناده إلى حماد اللحام
قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المملوكة تقنع رأسها إذا صلت قال لا قد كان أبي إذا رأى الخادم تصلي مقنعة ضربها لتعرف الحرة من المملوكة ونحوه نقل الشهيد في الذكرى عن البزنطي
باسناده إلى حماد اللحام قال وروى إسماعيل الميثمي في كتابه عن أبي خالد القماط قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الأمة أتقنع رأسها فقال إن شاءت فعلت وان شاءت لم تفعل سمعت
أبي يقول كن يضربن فيقال لهن لا تشبهن بالحراير ويجب على الأمة سترها عدا الرأس مما يجب ستره على الحرة قال في المنتهى لا يجوز للأمة كشف ما عدا الوجه والكفين والقدمين
ذهب إليه علماؤنا انتهى والظاهر تبعية العنق للرأس لأنه الظاهر من نفي وجوب التقنع عليهن ولعسر ستره من دون الرأس فروع الأول لو انعتق بعضها فالظاهر أنها كالحرة في وجوب
الستر لعدم دخولها في مفهوم الأمة حتى يستثنى من عموم ما دل على وجوب الستر في المراة وقد روى الصدوق عن محمد بن مسلم عن الباقر عليه السلام ليس على الأمة قناع في الصلاة ولا على
المدبرة والمكاتبة إذا شرط عليها موليها حتى تؤدي جميع مكاتبتها قال الشهيد وهو يشعر بما قالوا للتخصيص بالمشروطة وهذه الرواية قريبة مما نقلناه عن الكافي الثاني
هل يلحق الخنثى بالمراة تردد فيه المصنف في المنتهى من أصالة براءة الذمة ومن العمل بالاحتياط ثم استقرب الوجوب لان الشرط بدون ستر الجميع لا يتيقن حصوله وتبعه الشهيد في
الذكرى وفيه نظر لان الاشتراط انما ثبت في حق المراة لا مطلقا فههنا كان اطلاق الامر بالصلاة باقيا على حاله (من غير تقييد) فمقتضى ذلك عدم الوجوب الثالث ان أعتقت الأمة في
أثناء الصلاة وعلمت بها قيل يجب عليها ستر رأسها فان افتقرت إلى فعل كثير استنافت والصحيح ان الاستيناف انما يثبت إذا أدركت بعد القطع ركعة في الوقت والا وجب الاستمرار
لان وجوب الستر مشروط بالقدرة عليه وقال الشيخ في الخلاف يستمر المقنعة وأطلق لان دخولها كان مشروطا والصلاة على ما افتتحت عليه وهو ظاهر المصنف في المعتبر ولا يخلو عن
قوة لان القدر الثابت وجوب الستر إذا توجه التكليف بذلك قبل الدخول في الصلاة والمسألة محل تردد ولو انعتق بعضها في الأثناء فكما انعتق كله والأقرب في الصبية
237

الاستيناف الا ان يقصر الباقي من الوقت عن قدر الطهارة وأداء ركعة ويستحب للرجل ستر جميع جسده في حال الصلاة والمراد ما يعتاد تغطيته غالبا لا مطلقا الجسد لئلا
يدخل في الوجه والكفان والقدمان واستندوا في ذلك إلى ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فان الله أحق ان يتزين له والرداء أكمل وأفضل من ذلك
إضافة السروال والتعمم فقد روى ركعة بسراويل تعدل أربعا بغيره وكذا روى في العمامة كذا قال الشهيد وهذه الروايات مجهولة ولعلها عامية ولم يبعد الاكتفاء بها إذا
قارن الشهرة بناء على المسامحة في أدلة السنن ويستحب للمراة في حال الصلاة لبس ثلثة أثواب درع وقميص وخمار ومراده بالدرع الثوب الذي يكون فوق القميص لكنه خلاف اللغة
لان الدرع هو القميص والمستند في هذا الحكم رواية ابن أبي يعفور السابقة عند شرح قول المصنف وجسد المراة كله عورة وما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل بن دراج قال سألت أبا
عبد الله عليه السلام عن المراة تصلي في درع وخمار فقال تكون عليها ملحفة تضمها عليها
المطلب الثاني في المكان والأجود ان يقال في تعريفه بحسب الإباحة انه الفراغ
الذي يشغله شئ من بدن المصلي أو يستقر عليه ولو بوسائط وباعتبار الطهارة انه ما يلاقي بدن المصلي أو ثيابه وعرف المدقق الشيخ فخر الدين المكان الذي يعتبر اباحته
ما يستقر عليه المصلي ولو بوسايط أو يلاقي بدنه وثيابه وما يتخلل بين مواضع الملاقاة في موضع الصلاة كما يلاقي مساجده ويحاذي بطنه وصدره واستشكل بأنه
يقتضي بطلان صلاة ملاصق الحايط المغصوب وكذا وضع الثوب المغصوب محاذيا لصدره وليس الامر كذلك يجوز الصلاة في كل مكان مملوك عينا أو منفعة كالمستأجر والموصى للمصلي
بمنفعته والمعمر أو في حكمه كالمستعار وكالمأذون فيه صريحا بان يقال صل في هذا المكان أو كن في هذا المكان أو فحوى كادخال الضيف منزله وكذا اطلق الأصحاب ولو فرض
وجود الامارات على كراهة المالك فيه بسبب من الأسباب كمخالفته له في الاعتقاد مثلا لم يبعد عدم الجواز أو بشاهد الحال وفسره الشارح الفاضل تبعا للمحقق في الشرايع بما إذا كان
هناك اماره تشهد ان المالك لا يكره وظاهر ذلك أنه يكفي حصول الظن برضى المالك وظاهر كثير من عبارات الأصحاب اعتبار العلم برضى المالك وغير بعيد جواز الصلاة في كل
موضع لم يتضرر المالك بالكون فيه وكان المتعارف بين الناس عدم المضايقة في أمثاله وان فرضنا عدم العلم برضى المالك هناك على الخصوص بسبب من الأسباب نعم
لو ظهرت كراهة المالك لامارة لم تجز الصلاة فيه مطلقا وعلى كل تقدير فالظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في جواز الصلاة في الصحاري والبساتين إذا لم تكن مغصوبة ولم
يتضرر المالك ولم تكن امارة تشهد بعدم الرضا وان لم يأذن المالك صريحا أو فحوى وفي كلام الصحاري الأماكن المأذون في غشيانها على وجه مخصوص إذا اتصف به المصلي
كالحمامات والخانات والأرحية وغيرها ولو فرض صلاة أحد في أحد المواضع المذكورة ممن لا تعلق له بالانتفاع بها على الوجه الموضوعة له بحيث لا يعود إلى المالك نفع
وأوجبت صلاته تضيقا على أهلها بحيث تشهد القرينة على عدم رضا المالك امتنعت صلاته ولا يقدح في الجواز
كون الصحراء لمولى عليها لشهادة الحال ولو من الولي قال
في الذكرى ولو علم أنها لمولى عليه والظاهر الجواز لاطلاق الأصحاب وعدم تخيل ضرر لاحق به فهو كالاستقلال بحائطه ولو فرض ضرر امتنع منه ومن غيره ووجه المنع
ان الاستناد إلى أن المالك اذن بشاهد الحال والمالك هنا ليس أهلا للاذن الا ان يقال إن الولي اذن هنا والطفل لابد له من ولي انتهى
وتبطل في المغصوب مع علم الغصبية
وان جهل الحكم سواء كان الغصب لعينه أو لمنفعته كادعاء الوصية بها واستيجارها كذبا وكاخراج روشن أو ساباط في موضع يمنع منه والظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين
الأصحاب ونسبه المصنف إلى علمائنا والشهيد إلى الأصحاب والمحقق إلى الثلاثة واتباعهم ودليله ان الصلاة في المكان المغصوب تصرف في ملك الغير وهو حرام فلا
يجوز ان يكون مأمورا به لامتناع ان يكون شئ واحد شخصي واجبا وحراما وقد تحقق عندنا ذلك في الأصول وان خالف فيه جماعة من العامة وتمام بيانه
متعلق بفن الأصول وقد أشرنا إليه سابقا إشارة مقنعة للمذكي المتدبر فلا نعيدها ههنا ولا فرق في الحكم المذكور بين اليومية وغيرها خلافا لبعض العامة حيث
جوز صلاة الجمعة والعيدين والجنازة في المكان المغصوب استنادا إلى أن الامام إذا صلى في موضع مغصوب فامتنع الناس فاتهم الصلاة ولهذا أبيحت الجمعة خلف الخوارج
والمبتدعة وهو غلط فاحش على قواعدنا ولا فرق بين الغاصب وغيره ممن علم الغصب وجوز المرتضى والشيخ أبو الفتح الكراجكي الصلاة في الصحارى المغصوبة استصحابا
لما كانت عليه قبل الغصب وهو غير بعيد ولو صلى المالك في المكان المغصوب صحت صلاته ونقل الاجماع عليه الا من الزيدية ولو اذن المالك للغاصب أو لغيره في الصلاة
صحت لارتفاع المانع وقال الشيخ في المبسوط لو صلى في مكان مغصوب مع الاختيار لم تجز الصلاة فيه ولا فرق بين ان يكون هو الغاصب أو غيره ممن اذن له في الصلاة لأنه
إذا كان الأصل مغصوبا لم يجز الصلاة فيه والظاهر مراده بالاذن الغاصب كما فسره المصنف وإن كان الوهم لا يذهب إلى احتمال تأثير اذنه في الصحة حمله على إرادة لمالك
كما هو ظاهر المعتبر بعيد جدا إذ لا جهة للبطلان على ذلك التقدير ووجهه في الذكرى بان المالك (لما) لم يكن متمكنا من التصرف فيه لم يفد اذنه الإباحة كما لو باعه فإنه
باطل ولا يجوز للمشترى التصرف (فيه) وفيه نظر لمنع الأصل وبطلان القياس فلا يتم الحكم في الفرع وفي الذكرى أيضا ويجوز ان يقرا اذن بصيغة المجهول ويراد به الاذن
المطلق المستند إلى شاهد الحال فان طريان الغصب يمنع استصحابه كما صرح به ابن إدريس ويكون فيه التنبيه على مخالفة المرتضى رحمه الله وتعليل الشيخ مشعر بهذا انتهى وفيه
تكلف ولا فرق بين صلاة الفريضة والنافلة في البطلان وهل تبطل الصلاة تحت السقف المغصوب والخيمة المغصوبة فيه اشكال ينشئ من أن التوقف في الصلاة فيهما
هل هو تصرف وتأثير في الشئ المغصوب بناء على أن التصرف في كل شئ بحسب ما يليق به والانتفاع به بحسب ما أعد له أم لا ولو فرضنا مضادتها للايصال إلى المستحق كان
البطلان متجها بناء على الأصل المشار إليه مرارا وهل تبطل الطهارة في المكان المغصوب قال المحقق لا استنادا إلى أن الكون ليس جزء منها ولا شرطا فيه واليه ذهب المصنف في المنتهى
واستشكل ذلك في الذكرى بان الافعال المخصوصة من ضرورتها المكان فالامر بها أمر بالكون مع أنه منهى عنه وفيه نظر لأنه ان أراد بقوله الامر بها أمر بالكون ان الكون
جزء للطهارة معتبر في ماهيتها فممنوع وان أراد انه مأمور به من باب المقدمة من حيث توقف الطهارة على الكون فمسلم لكن كون ذلك منهيا عنه يقتضي عدم حصول التعبد بهذا
الكون وعدم ترتب الثواب عليه والشرط للطهارة الذي تتوقف عليه حصول الكون على اي وجه كان لان الغرض من الاتيان بالمقدمة التوصل إلى ذي المقدمة وهو
حاصل منها مطلقا كما في سلوك الطريق المغصوب إلى الميقات عند وجوب الحج وحكم المصنف في النهاية والتذكرة بالبطلان قال وكذا لو أدى الزكاة وقرأ القرآن المنذور في المكان
المغصوب (يجزيان إما الصوم في المكان المغصوب) فجزم بصحته لأنه لا مدخل للكون فيه وفيه نظر والفرق بين الصوم وقراءة القرآن مثلا محل اشكال والأقرب صحة الطهارة الا ان يقال اجراء الماء على العضو تصرف
في مال الغير لكونه في قضاء الغير أو لكون العضو متصلا بالعضو الذي على المكان فهو نوع تصرف في المكان وفيه بعد نعم اتجه البطلان لو كانت الطهارة مضاده للخروج
عن ملك الغير واما الزكاة فإذا كان تسليمها إلى المستحق متضمنا للتصرف في ملك الغير كما إذا دخل الانعام مثلا في ملك الغير لكون المستحق فيه لم يبعد البطلان ومثله إذا جعل
الحنطة في ظرف مغصوب وأعطاه المستحق ويمكن ان يقال الواجب تسليط المستحق عليه وتمكينه من اخذه وإزالة ملكيته عنه وسوق الانعام وتحريك الظرف المغصوب من مقارناته
لأنه عينه وجزءه فبطلانه غير مؤثر في بطلان الزكاة واما قرائة القران والصوم فلا وجه لبطلانهما أصلا ولو كان المصلي مضطرا بالكون في المكان المغصوب كما لو كان
محبوسا أو جاهلا بالغصبية لا ناسيا جاز إما المضطر فلانتفاء تحريم الكون مع الاضطرار ويجب عليه تأخيرها إلى اخر الوقت فيه خلاف بين العلماء واما الجاهل فلانتفاء
التحريم بالنسبة إليه وهو موضع وفاق بين العلماء واما استثناء الناسي فلا وجه له لانتفاء التحريم بالنسبة إليه والكلام فيه خلافا واستدلالا وكذا الكلام في جاهل المسألة
238

كما مر في الثوب فلا نعيده ههنا ولو امره الاذن في الكون في المكان صريحا أو فحوى بالخروج من المكان المأذون في الكون فيه فإن لم يكن قد اشتغل بالصلاة والوقت متسع وجب
الخروج على الفور لامتناع التصرف في ملك الغير عند عدم رضاه فلو اشتغل بالصلاة حينئذ لم تصح لحصول النهي المقتضى للفساد وإن كان قد اشتغل المأذون له بالصلاة ففيه
أوجه أحدها ما اختاره المصنف هنا وهو المنقول عن جماعة وأشار إليه المصنف بقوله تممها خارجا سواء كان الوقت مضيقا أو متسعا وعلل بان فيه جمعا بين حق الله تعالى وأمره
باتمام العمل وعدم ابطاله وبين حق الآدمي وفيه انه يستلزم فوات كثير من الأركان والشرايط مع التمكن من الاتيان بها إذا كان الوقت متسعا ووجوب اتمام العمل مطلقا بحيث
يشمل محل النزاع ممنوع وثانيها قطع الصلاة مع سعة الوقت واتمامها خارجا عند ضيقه وهو الظاهر من اطلاق كلام الشيخ والمحقق واختاره بعض المتأخرين ولعله أقرب إما
القطع مع السعة فلعدم جواز الاتمام (مستقرا بأنه تصرف في ملك الغير مع عدم رضاء وعدم جواز الاتمام) خارجا لاستلزامه فوات كثير من الأركان والشرايط فلا يصح واما الاتمام خارجا عند الضيق فسيجيئ بيانه مع جهة التأمل فيه و
ثالثها الاتمام مستقرا مطلقا وقواه الشهيد في الذكرى والبيان تمسكا بمقتضى الاستصحاب وان الصلاة على ما افتتحت عليه وضعفه ظاهر لتعلق النهي المنافي للصحة وبناء حق العباد
غالبا على التضييق ورابعها الفرق بين الاذن بالصلاة والاذن بالكون مطلقا فيتم في الأول مستقرا وهو مختار المصنف في أكثر كتبه واما في الثاني فاحتمل الأوجه الثلاثة
في القواعد والتذكرة وفي النهاية احتمل الأوجه الثلاثة في صورة سعة الوقت واستقرب بطلان الصلاة قاطعا في
صورة التضييق واستجود الشارح الفاضل المفرق بين ما إذا
كان الاذن في الصلاة أو في الكون المطلق أو شاهد الحال أو الفحوى فيتمها في الأول مطلقا ويخرج في الباقي مصليا مع الضيق ويقطعها مع السعة قال ووجهه في الأول ان
اذن المالك في الامر اللازم شرعا يفضي إلى اللزوم ولا يجوز له الرجوع كما لو اذن في دفن الميت في ارضه أو اذن في رهن ماله على مال الغير وفيه نظر لان المالك اذن في أمر
لازم بشرط كونه في مكان مملوك أو مأذون فيه لا مطلقا ولا نسلم افضاء مثل هذا الاذن إلى اللزوم وثبوت الحكم في نظائره لدليل خاص بها لا يوجب التعدية إلى محل النزاع
واستشكل بعضهم ما ذكره الشارح من الفرق بان المفروض وقوع الاذن في الاستقرار بقدر الصلاة والا لم يكن الدخول فيها مشروعا وفيه نظر لان القدر اللازم في
فرض المسألة الدخول في الصلاة دخولا مشروعا وهو لا يقتضي وقوع الإذن الصريح في الاستقرار بقدرها فضلا عن الإذن الصريح بالصلاة وما جعله الشارح مناط
اللزوم الإذن الصريح بالامر الموجب اللزوم بزعمه وهو الصلاة واستلزام الاذن المذكور اللزوم لا يوجب استلزام الاذن المطلق له وكذا يخرج مصليا لو ضاق الوقت
ثم امره المالك الاذن له بالكون أو الصلاة بالخروج قبل الاشتغال وعلل ذلك بأنهما حقان مضيقان فيجب الجمع بينهما بقدر الامكان ولقائل أن يقول وجب عليه
الصلاة تامة الأركان وكذا يجب عليه الخروج عن ملك الغير ولا يمكن الجمع بينهما أصلا لان الخروج متشاغلا يقتضي فوات بعض الأركان والشرايط وبين الامرين عموم
من وجه ولا يمكن ابقاءهما على العموم حذرا على التكليف بما لا يطاق فلابد من تخصيص في واحد منهما ويمكن تخصيص كل منهما للاخر فتعين أحد التخصيصين يحتاج إلى دليل
ومع فقده تعين المصير إلى التخيير فان ثبت الاجماع في هذه المسألة أو قلنا بترجيح ما دل على ترك التصرف في ملك الغير وابقاؤه على العموم لاعتضاده بالشهرة فذاك والا كان
للتأمل في المسألة مجال وعلى كل تقدير فلا ريب في كون الخروج متشاغلا بالصلاة أولي وأحوط ولو دخل المكان بدون اذن المالك ثم امره بالخروج فكالمسألة السابقة
ولا معصية فيه إذا خرج بما هو شرط في الخروج من السرعة وسلوك أقرب الطرق وأقلها ضررا وذهب شاذ من الأصوليين إلى استصحاب حكم المعصية عليه وهو باطل على
أصولنا إذ هو مفض إلى القول بالتكليف بما لا يطاق وتمام تحقيق هذه المسألة متعلق بفن الأصول
ويجوز في النجس مع عدم التعدي ويشترط طهارة موضع الجبهة دون باقي
مساقط الأعضاء فإنه لا يشترط طهارتها ولا يقدح في صحة الصلاة نجاستها إذا لم تكن متعدية على الأشهر بين الأصحاب ونقل عن أبي الصلاح انه اعتبر طهارة المواضع
السبعة وعن المرتضى انه اعتبر طهارة مكان المصلي وربما ينقل عنه انه اعتبر طهارة ما يلاصق البدن وان لم يسقط عليه والأصح الأول إما اعتبار طهارة موضع الجبهة فللاجماع
فان كل من اعتبر الطهارة في الصلاة اعتبر طهارة موضع الجبهة كذا قال المحقق والمعتبر والمصنف في التذكرة ونقل الاجماع عليه أيضا المصنف في المنتهى والمختصر والشهيد في الذكرى
وابن زهرة في الغنية لكن لا يخفى انه قد مر في كتاب الطهارة ان المحقق نقل عن الراوندي وصاحب الوسيلة انهما ذهبا إلى أن الأرض والبواري والحصر إذا أصابها البول وجففتها
الشمس لا تطهر بذلك لكن يجوز السجود عليها واستجوده المحقق وعلى هذا فدعوى الاجماع كلية محل تأمل نعم دعوى الاجماع فيما عدا ذلك وبالجملة ان تم الاجماع فهو الحجة
والا كان للمناقشة في هذا الحكم طريق إذ لم نظفر بدليل اخر واما عدم اعتبار طهارة ما عدا موضع الجبهة فللاطلاقات السالمة عن مقاومة المعارض المؤيدة بالأصل وما
رواه ابن بابويه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام انه سئله عن البيت والدار لا يصيبهما الشمس ويصيبهما البول ويغتسل فيهما من الجنابة أيصلي فيهما إذا جفا قال نعم وما
رواه ابن بابويه باسناد صحيح والشيخ أيضا في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الشاذ كونه تكون عليها الجنابة أيصلي عليها في المحمل فقال لا باس وفي الفقيه لا باس بالصلاة
عليها وروى مضمونه الشيخ عن أبي عبد الله عليه السلام باسناد مضطرب جدا ويؤيده روايتان منقولتان عن علي بن جعفر وقد مضتا في كتاب الطهارة عند شرح قول المصنف وتطهر
الشمس ويؤيده أيضا ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البارية تبل قصبها بماء قذر هل تجوز الصلاة عليها فقال إذا جفت فلا باس بالصلاة عليها واما
ما دل على المنع كخبر ابن بكير وغيره فمحمول على الكراهة جمعا بين الأدلة احتج القائلون باعتبار طهارة المكان بنهيه عليه السلام عن الصلاة في المجزرة وهي المواضع التي تذبح فيها الانعام و
المزبلة والحمامات وهي مواطن النجاسة فتكون الطهارة معتبرة والجواب انه يجوز ان يكون علة النهي ما في هذه المواضع من شدة الاستقذار والاستخباث الدالين على
مهانة من نفس يستقر بها فلا يلزم التعدية إلى غيرها وبالجملة لا نسلم ان العلة هي النجاسة المطلقة على أن النهي عن الصلاة في هذه المواضع نهي تنزيه فلا يلزم التحريم واما حجة أبي
الصلاح فغير معلومة ولا يخفى انه يجب تقييد النجاسة المتعدية المانعة من الصلاة فيها بغير المعفو عنها إذ لا منع مع العفو وقد صرح بذلك الشهيد في الذكرى فقال ولو كان
المكان نجسا بما عفى عنه كدون الدرهم دما ويتعدى فالظاهر أنه عفو لأنه لا يزيد على ما هو على المصلي واحتمل على قول المرتضى البطلان لعدم ثبوت العفو هنا وقد ذكر التقية
المذكور المصنف في التذكرة والنهاية وتعليله في المنتهى مشعر به أيضا ونقل عن المدقق الشيخ فخر الدين انه نقل في شرح القواعد أنه قال الاجماع منا واقع على اشتراط خلو المكان
عن نجاسة متقدمة وإن كانت معفوا عنها في الثوب والبدن وهو محل تأمل بل تحير ولو كان المكان نجسا ففرش عليه طاهر فالصلاة صحيحة ونقل الاجماع عليه المصنف في التحرير ولو
وقع طرف ثوبه أو عمامة على نجاسة احتمل على قول السيد البطلان اعتدادا إلى أن ذلك مكان الصلاة وهذا ان فسرنا المكان بما يلاقي بدنه وثوبه إما ان فسرناه بما
يستقر عليه فلا وكذا لا يشترط وقوع الجبهة في السجود على الأرض أو ما أنبتته مما لا يؤكل ولا يلبس تنقيح هذا المقام يتم ببيان أمور
الأول أجمع الأصحاب على أنه لا يجوز السجود
على ما ليس بأرض ولا نباتها حكى ذلك جماعة من الأصحاب ويدل عليه الأخبار المستفيضة منها ما رواه الصدوق في الصحيح عن هشام بن الحكم أنه قال لأبي عبد الله عليه السلام اخبرني عما
يجوز السجود عليه وعما لا يجوز قال السجود لا يجوز الا على الأرض أو ما أنبتت الأرض الا ما اكل أو لبس فقال له جعلت فداك ما العلة في ذلك قال لان السجود خضوع لله
عز وجل فلا ينبغي ان يكون على ما يؤكل ويلبس لان أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في سجوده في عبادة الله عز وجل فلا ينبغي ان يضع جبهته في سجوده على معبود
أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها والسجود على الأرض أفضل لأنه أبلغ في التواضع والخضوع لله عز وجل وروى الشيخ صدر الخبر إلى ذكر العلة معلقا عن هشام وطريقه
239

إلى هشام في الفهرست معتبر ومنها ما رواه الصدوق في الصحيح والشيخ باسناد فيه جهالة عن حماد بن عثمان عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال السجود على ما أنبتت الأرض الا ما اكل أو لبس ومنها
ما رواه الكليني بطريقين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم والشيخ بالطريق الحسن عن زرارة عن أبي جعفر
عليه السلام قال قلت له اسجد على الزفت يعني القير قال لا ولا على (الثوب) الكرسف ولا على
الصوف ولا على شئ من الحيوان ولا على طعام ولا على شئ من ثمار الأرض ولا على شئ من الرياش ومنها ما رواه الشيخ والكليني باسناد لا يخلو عن اعتبار إذ ليس من يتوقف فيه
الا القسم بن عروة وقد أشرنا إلى ما يشعر بحسن حاله عن أبي العباس الفضل بن عبد الملك قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا تسجد الا على الأرض أو ما أنبتت الأرض الا القطن والكتان
الثاني يجوز السجود على الأرض وما أنبتته الأرض إذا لم يكن ملبوسا أو ماكولا عادة لصحيحة هشام بن الحكم السابقة وما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليهما السلام
قال سألته عن الرجل يصلي على الرطبة النابتة قال فقال إذ الصق جبهته بالأرض فلا باس وعلى الحشيش النابت الثيل وهو يصيب أرضا جددا قال لا باس الثيل ضرب من النبت
قاله الجوهري والجدد المستوى من الأرض ولعل قوله عليه السلام لصق جبهته إشارة إلى تمكنها أو يكون التخصيص محمولا على الاستحباب وما رواه الشيخ والكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم
عن الفضيل بن يسار وبريد بن معاوية عن أحدهما عليهما السلام قال لا باس بالقيام على المصلي من الصوف والشعر إذا كان يسجد على الأرض فإن كان من نبات الأرض فلا باس بالقيام عليه
والسجود عليه إلى غير ذلك من الاخبار ويجوز السجود على الأجزاء المنفصلة عن الأرض وان لم يصدق عليها اسم الأرض عرفا اتفاقا ويدل عليه اخبار منها ما رواه الكليني في
الصحيح عن عمران عن أحدهما قال كان أبي عليه السلام يصلي على الخمرة ويجعلها في الطنفسة ويسجد عليها فإن لم تكن خمرة جعل حصى على الطنفسة حيث يسجد وروى هذا الخبر الشيخ أيضا باسناد
فيه شئ الخمرة بضم الخاء واسكان الميم سجادة صغيرة منسوجة من السعف قال ابن الأثير هي مقدار ما يضع الرجل وجهه عليه في سجوده من حصير أو نسجة خوص ونحوه من النبات و
الطنفسة بكسر الطاء والفاء وبضمهما وكسر الطاء وفتح الفاء البساط الذي له خمل دقيق قاله ابن الأثير وعلى ما ذكرنا فالأرض في خبر هشام محمولا على المعنى المجازى الثالث لا يجوز
السجود على ما اكل أو لبس عادة بلا خلاف بين الأصحاب الا في القطن والكتان فالمعروف بين الأصحاب عدم جواز السجود عليهما والمنقول عن المرتضى في بعض رسائله تجويز
الصلاة عليهما على كراهية تنزه وفضل لا انه محظور ومحرم واستحسنه المحقق في المعتبر ونقل عن السيد انه ذهب في الجمل والانتصار (إلى المنع) ونقل فيه اجماع الطائفة والأول أقرب لصحيحة
هشام وحماد وحسنة زرارة وقد سبق الكل وما رواه الشيخ معلقا عن علي بن يقطين انه سال أبا الحسن الأول عليه السلام عن الرجل يسجد على المسنح (النسج) والبساط فقال لا باس إذا كان في حال
التقية ولا باس بالسجود على الثياب في حال التقية والمسح بكسر الميم واسكان السين المهملة واخره حاء مهملة بساط لا خمل له ويقال له البلاس بفتح الباء وكسرها وجه الاستدلال بهذه
الرواية انها دلت على ثبوت الباس بالسجود على الثياب عند عدم التقية ومنها المعمول على القطن والكتان وشك بعض المتأخرين في كون قوله ولا باس بالسجود إلى اخره من تتمة
الخبر بناء على أن الشيخ اورد هذا الخبر في موضع اخر من طريق أحمد بن محمد من غير هذه التتمة وكذا في الاستبصار وهذه التتمة موجودة في الفقيه لكن من حيث إن مصنفه كثيرا ما يصل
كلامه في الاخبار من غير ملاحظة التميز حصل الشك في كونه تتمة الخبر قال ويقوى في الخواطر بمعونة عدة قراين ان يكون الخبر في ايراد الشيخ له بالصورة الأخيرة مأخوذا من الفقيه
فيبقى الشك في كون الزيادة بحاله منه ويدل عليه أيضا رواية فضل بن عبد الملك السابقة ويؤيده أيضا توقف تحصيل البراءة اليقينة عليه احتج المرتضى بأنه لو كان
السجود على الثوب المنسوج من القطن والكتان محرما محظورا لجرى في القبح ووجوب إعادة الصلاة واستينافها مجرى السجود على النجاسة ومعلوم ان أحدا لا ينتهى إلى ذلك
وضعفه ظاهر ويدل على الجواز روايات منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن داود الصرمي قال سألت أبا الحسن الثالث عليه السلام هل يجوز السجود على القطن والكتان من غير تقية فقال جائز وعن
منصور بن حازم باسناد فيه ضعف عن غير واحد من أصحابنا قال قلت لأبي جعفر عليه السلام انا نكون في ارض باردة يكون فيها الثلج أفنسجد عليه فقال لا ولكن اجعل بينك وبينه شيئا
قطنا أو كتانا وفي الضعيف عن الحسين بن علي بن كيسان الصنعاني قال كتبت إلى أبي الحسن (الثالث) أسئله عن السجود على القطن والكتان من غير تقية ولا ضرورة فكتب إلي ذلك جايز وفي الضعيف
عن ياسر الخادم قال مر بي أبو الحسن عليه السلام وانا أصلي على الطبري وقد ألقيت عليه شيئا اسجد عليه فقال لي مالك لا تسجد عليه أليس هو من نبات الأرض ورواه ابن بابويه أيضا
(وفي الحسن) عن الفضيل بن يسار وبريد بن معاوية عن أحدهما عليهما السلام قال لا باس بالقيام على المصلي من الشعر والصوف إذا كان يسجد على الأرض فإن كان نبات الأرض فلا باس بالقيام عليه والسجود
ورواه الكليني أيضا وأجاب الشيخ عن هذه الأخبار بالحمل على الضرورة أو التقية ورده المحقق في المعتبر بان في رواية الحسين الصنعاني في التنصيص على الجواز مع انتفاء التقية
والضرورة وقال المصنف في المختصر في المنع من السجود على القطن والكتان انه قول علمائنا أجمع فلا تعتد بخلاف المرتضى مع فتواه بالموافقة وحمل الاخبار على التقية حتى ما تضمن نفيها
وهو حسن لأن هذه الأخبار لا تخلو عن ضعف في السند أو قصور في الدلالة مع مخالفتها المدعى عليه الاجماع فلا تعويل عليها عند معارضة الأخبار الصحيحة الرابع المراد بكونه
ماكولا في العادة فان يطرد (يطرو) اكله فلو اكل نادرا أو في محل الضرورة كالعقاقير التي تجعل في الأدوية من النباتات التي قل اكلها لم يعد ماكولا ولو اكل في قطر شائعا دون قطر
ففيه وجهان اطراد المنع واختصاص كل قطر بمقتضى عادته ولو كان له حالتان يؤكل في إحديهما دون الأخرى اختص المنع بحاله تؤكل فيها ولا يعتبر في المأكول والملبوس كونه
بحيث ينتفع به فيها بالفعل بل به أو بالقوة القريبة عن الفعل ولو توقف الاكل على طبخ ونحوه واللبس على غزل ونسج وخياطة وغيرها لم يؤثر في كونه مأكولا وملبوسا لصدق
المأكول والملبوس عليه عرفا وجوز المصنف في التذكرة والمنتهى السجود على الحنطة والشعير قبل الطحن وعلل في المنتهى بكونهما غير مأكولين وفي التذكرة بان القشر حائل بين المأكول
والجبهة ويضعف الأول بان (الافتقار) الاقتصار إلى العلاج لا يخرجهما عن كونهما مأكولين عادة الثاني بما ذكره الشهيد في الذكرى من أن العادة جارية بأكلهما غير منخولين خصوصا الحنطة
وخصوصا في الصدر الأول منع ان النخل لا يأتي على جميع الأجزاء (لان الأجزاء) الصغيرة تنزل مع الدقيق فتؤكل ولا يقدح التبعية في الاكل في كونها ماكولا وجوز المصنف في النهاية السجود على القطن
والكتان قبل غزلهما وقوى جواز السجود على الكتان قبل غزله ونسجه وتوقف فيه بعد غزله والأظهر في الكل المنع ولو كان القطن في قشره لم يمنع من السجود على القشر لكونه غير
مأكول الخامس المعتبر في وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه المسمى ولو سجد على خمرة معمولة بخيوطه من جنس ما يجوز السجود عليه فلا اشكال ولو عملت بسيور فإن كان مغطاة
بحيث تقع الجبهة على الخوص صح السجود أيضا ولو وقعت على السيور لم يجز ويحمل عليه ما رواه الشيخ عن علي بن الريان قال كتب بعض أصحابنا بيد إبراهيم بن عقبة إليه يعني أبا جعفر عليه السلام
يسئله عن الصلاة على الخمرة المدنية فكتب صل فيها ما كان معمولا بخيوطه ولا تصل على ما كان بسيوره وأطلق في المبسوط جواز السجود على المعمول بالخيوط السادس السجود على الأرض
أفضل لما رواه الشيخ عن إسحاق بن الفضل انه سال أبا عبد الله عليه السلام عن السجود على الحصر والبواري فقال لا باس وان تسجد على الأرض أحب إلي فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يحب ان يمكن جبهته
من الأرض فانا أحب لك ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحبه والأفضل السجود على التربة الحسينية قال ابن بابويه قال عليه السلام يعني الصادق عليه السلام السجود على طين قبر الحسين عليه السلام ينور إلى الأرضين
السبعة ومن كان معه سبحة من طين قبر الحسين عليه السلام كتب مستحبا (مسبحا) وان لم يستبح (يسبح) بها وروى الشيخ في المصباح عن معاوية بن عمار قال كان لأبي عبد الله عليه السلام خريطة ديباج صفراء
فيها تربة أبا عبد الله عليه السلام وكان إذا حضرته الصلاة حبة (جعله) على سجادته وسجد (عليه) ثم قال إن السجود على تراب أبي عبد الله عليه السلام يخرق الحجب وعن (عبد الله بن) عبيد بن علي بن الحلبي عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال
لا يخلو المؤمن من خمسة مسواك ومشط وسجادة وسبحة فيها أربع وثلثون حبة وخاتم عقيق وروى أيضا عن الصادق عليه السلام قال من أراد الحجر من تربة الحسين عليه السلام فاستغفر به
مرة واحدة كتب الله له سبعين مرة فان مسك السبحة ولم يسبح بها ففي كل حبة منها سبع مرات فلا يصح السجود على الصوف والشعر والجلد بلا خلاف في ذلك بين الأصحاب
240

ويدل عليه الأخبار المتقدمة والمستحيل من الأرض إذا لم يصدق عليه اسمها كالمعادن كالملح والعقيق والذهب والفضة والقير والوجه فيه الحصر المستفاد من الأخبار السابقة
ويؤيده ما رواه الشيخ في الضعيف عن يونس بن يعقوب عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تسجد على الذهب والفضة وما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن الحسين ان بعض أصحابنا
كتب إلى أبي الحسن الماضي يسأله عن الصلاة على الزجاج قال فلما نفذ كتابي إليه تفكرت وقلت هو مما أنبتت الأرض وما كان لي ان أسئله عنه فكتب إليه لا تصل على الزجاج
وان حدثتك نفسك انه مما أنبتت الأرض ولكنه من الملح والرمل وهما ممسوحان وظاهر هذا الخبر على هذا الوجه المذكور في التهذيب كونه من الصحاح لان قوله كتب إليه من كلام محمد بن الحسين
فلا يضر جهالة المكتوب إليه لعدم استناد النقل إليه لكن الخبر مروى في الكافي بعين الاسناد والمتن الا في قوله فكتب إليه ففي الكافي فكتب إلي وفي بعض النسخ قال فكتب
إلي فالخبر على الوجه المنقول في الكافي غير صحيح فربما يجعل ذلك علة لاعتلال الخبر فلم يحكم بصحته في التهذيب أيضا واعلم أن هذا الحكم في القير محل اشكال لاختلاف الروايات
فبعضها يدل على المنع كحسنة زرارة السابقة وما رواه الشيخ عن محمد بن عمرو بن سعيد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال لا تسجد على الفقر ولا على القير ولا على الضاروج والفقر غير
معروف في عرف زماننا ولم اطلع عليه من كتب اللغة وليس في سند هذا الخبر (من) يتوقف في شانه الا علي بن إسماعيل (والظاهر أنه علي بن إسماعيل) السرى وليس في شانه توثيق الا ان الكشي نقل عن نضر بن
الصباح (توثيقه ولا عبرة بذلك لان نضر بن الصباح) غال ولعل في نقل أحمد بن محمد بن عيسى عنه اشعارا بحسن حاله وظن بعض المتأخرين ان علي بن إسماعيل هذا من مدحه العلامة بقوله خير فاضل وهو توهم لأن الظاهر أن الممدوح
بهذا الوجه من أصحابنا العياشي كما ذكره الشيخ ويدل على الجواز ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار قال سال المعلى بن خنيس أبا عبد الله عليه السلام وانا عنده عن السجود على الفقر وعلى
القير فقال لا باس اورده ابن بابويه بهذه العبارة سال المعلى إلى اخر الخبر وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن معاوية بن عمار انه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة على القار فقال لا
باس به وفي الصحيح عن معاوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفينة فقال تستقبل القبلة بوجهك وساق الحديث إلى أن قال ويصلي على الفقر والقير ويسجد
عليه وجمع الشيخ بين الروايات بحمل رواية معاوية على الضرورة أو التقية ولا يخفى ان الحمل على الضرورة بعيد عن سياق الأحاديث المذكورة واما الحمل على التقية فإنما يستقيم
عند انتهاض غير الصحيح لمعارضة الصحيح وقد يقال حديث هشام بن الحكم السابق في أوايل الباب يساعد ما دل على المنع لدلالة سياقه وما سبق في سؤاله من طلب التفصيل لحكم ما بجواز
السجود عليه وما لا يجوز على الحضر في الأرض ونباتها غير المأكول والملبوس فظاهر ان الاسم (للأرض) غير صادق على القير فلو كان خارجا عن الحضر لم يشع في مقام البيان ترك التعرض له و
والتعريف لحاله فيصير بهذا التقريب نصا في موافقة ما دل على المنع وأورد عليه ان قصد الايضاح والتعريف التام غير ملحوظ في الخبر ولا محذور في عدم إجابة المسائل في تمام
مسؤوله لجواز اقتضاء الحكمة لذلك وانما قلنا إن قصد الايضاح غير ملحوظ لان الأرض لا يصدق على الأجزاء المنفصلة عنها حقيقة فظاهر الخبر يقتضي عدم جواز السجود عليها
مع أن ذلك مخالف للنص والاتفاق فلو كان الايضاح والبيان التام ملحوظا في الخبر لوجب نصب قرينة دالة على أن المراد بالأرض المعنى المجازى الشامل لأجزائها فانتفاء القرينة
على ذلك دال على انتفاء الملاحظة المذكورة فانهدم ما بنى عليه دعوى نصوصية خبر هشام في حكم القير والتحقيق انه يمكن الجمع بين الاخبار بوجهين أحدهما ما دل على النهي
في القير على الكراهة وحمل الجواز في خبر هشام على الإباحة الصرفة ونفيه على مقابله فان هذا الاطلاق شايع في الاخبار أو بحمل الجواز على المعنى الأعم ويرتكب التخصيص في
عموم مالا يجوز السجود عليه بالقير وحينئذ يمكن ابقاء الأرض على معناها الحقيقي وارتكاب التخصيص فيما لا يجوز السجود عليه باجزاء الأرض تقليلا في المجاز ويمكن حمل الأرض
على المعنى الشامل لأجزائها بقرينة شيوع الحكم وظهوره وثانيهما حمل اخبار الجواز على التقية ولا ترجيح للأول باعتبار نصوصية اخبار الجواز لان خبر الجواز وإن كان نصا
في القير الا انه ليس بنص في عموم الحالات بل هو ظاهر فيه قابل للتخصيص بحال الضرورة على أن احتمال التقية يوهن اقتضاء النصوصية اللفظية للترجيح والظاهر أن للترجيح للثاني
لان لخبر هشام ظهورا تاما في الحضر فلا ينافي ذلك لزوم المجاز في لفظ الأرض لان اطلاقها على المعنى الشامل للاجزاء عند اشتهار الحكم ووضوحه مما لا بعد فيه أصلا
بخلاف التخصيص بالقير في مثل هذا المقام كما لا يخفى على المتدبر واما حمل اخبار الجواز على التقية عند موافقة مدلولها للعامة ومخالفتها لجمهور الأصحاب فاحتمال قريب
واضح وبالجملة حكم المنع بين الأصحاب بحيث لا يكاد يظهر مخالف فيه بل يظهر من كلام بعضهم نقل الاتفاق عليه وهذا مرجح قوى للخبر الموافق له على أن خبر زرارة أيضا
خبر معتمد لا يقصر عن الصحاح لما قد علم من الاعتماد على نقل إبراهيم بن هاشم خصوصا إذا انضم إلى رواية محمد بن إسماعيل عن الفضل حتى أنها تعد عند كثير من المتأخرين
من الصحيح ولولا هذه الشهرة العظيمة كان الجمع بحمل اخبار المنع على الكراهة جمعا قريبا واضحا الا ان الشهرة تدفعه
واعلم أن ظاهر كثير من الأصحاب عدم جواز السجود على الجص وقد
صرح به بعضهم وصرح الشيخ في المبسوط الجواز (بجواز) السجود عليه وهو ظاهر ابن بابويه ويدل عليه ما رواه المشايخ الثلاثة بأسانيدهم في الصحيح عن الحسن بن محبوب انه سال أبا السحن (ع) عن الجص
يوقد عليه بالعذرة وعظام الموتى ثم يجصص به المسجد أيسجد عليه فكتب إليه بخطه ان النار قد طهراه والمشايخ الثلاثة أوردوا هذا الخبر في مبحث السجود وظاهر ذلك
انهم فهموا منه الدلالة على جواز السجود على الجص وان ذلك مذهب لهم وقال الشهيد في الذكرى فيه إشارة إلى الجواز (وقد يناقش في دلالته على الجواز) بان سوق السؤال صريح في أن المطلوب معرفة حال الجص
باعتبار ما يختلط به من اثار العذرة المحترقة عليه وليس في ذكر السجود عليه منافاة لإرادة ذلك المعنى وحده
من السؤال إذ هو وجه من وجوه مباشرته فيما يعتبر فيه الطهارة
غاية الأمر انه من حيث تغير ومن صورته الأرضية صار مظنة للمانعية من السجود عليه أيضا فيحتمل ان يكون ذلك ملحوظا في السؤال مع المعنى الأول كما يحتمل عدمه فلو توافق
الجواب السؤال في التعبير بلفظ السجود أمكن جعله دليلا على الحكمين ولكن لم يأت لجواب على وفق لفظ السؤال بل اقتصر فيه على بيان الحكم الذي لا شك في ارادته إما بشهادة
قرينة لعدم القصد بالسؤال إلى غيره واما المانع من بيان الحكمين وعلى الاحتمالين لا يبقى للنظر إليه في حكم السجود وجه ولا يخفى ما فيه من التكلف لأن الظاهر أن غرض السائل استعلام
حاله باعتبار السجود لكن كان منشأ تردده الشك في حكمه باعتبار احتمال النجاسة من حيث اختلاطه بالاجزاء النجسة المحترقة فلما أجاب عليه السلام يرفع ما كان منشأ لتجويزه عدم جواز
السجود عليه كان في قوة التصريح بالجواز كما لا يخفى على المتدبر ومن هنا يظهر ان القول بجواز السجود على الجص أقوى ثم اعلم أن القدماء صرحوا بأنه لا يجوز (السجود) الا على
الأرض أو ما أنبتته مما لا يؤكل ولا يلبس عادة ولم يصرحوا بحكم الخزف والظاهر أنه مستحيل عن الأرض وان اسم الأرض لا يصدق عليه فظاهر هذا الاطلاق عدم جواز
السجود عليه عندهم والشيخ جعل من الاستحالة المطهرة صيرورة التراب خزفا وهذا كالتصريح بعدم صدق الأرض عليه لكن جماعة من المتأخرين قطعوا بجواز
السجود على الخزف من غير تردد ولا نقل خلاف في ذلك حتى أن المنصف في التذكرة استدل على عدم خروجه بالطبخ عن اسم الأرض بجواز السجود عليه (وظاهر هذا الاستدلال ان جواز السجود عليه) أمر مسلم مفروغ عنه
غير محتاج إلى الاستدلال وقال المحقق في المعتبر بعد أن منع من التيمم عليه لخروجه بالطبخ عن اسم الأرض ولا يعارض بجواز السجود لأنه قد يجوز السجود على ما ليس بأرض
كالكاغذ وهذا الكلام لا يستقيم بوجه كما أشرنا إليه في مبحث التيمم نعم ان صح كون هذه المسألة اجماعية صح هذا الكلام واثبات الاجماع محل اشكال فالقول
بالمنع غير بعيد إذ الظاهر عدم صدق الأرض والمستفاد من الاخبار الحصر المشار إليه مرارا ويكفي في صحة هذا القول وجود الدليل مع موافقته لاطلاقات جماعة
منهم ولا يحتاج إلى وجود القائل به صريحا وان قلنا بالاحتياج في المسائل التي يقع البلوى بها غالبا ولا يكون حكما مستحدثا لم يبحث عند القدماء إلى وجود
الموافق كما قيل إن وجود الكلية كاف ولا يحتاج إلى التنصيص ويؤيد ذلك تصريح الشهيد وغيره بالكراهة مع أن الظاهر أنه لا علة لذلك لا التفصي من الخلاف
241

وممن زعم الجواز الشارح الفاضل محتجا بصدق الاسم وفيه منع واضح قال وعدم جواز التيمم عند بعض الأصحاب لا للاستحالة بل لعدم صدق اسم التراب عليه بناء على أن المراد
بالصعيد المأمور بالتيمم به في الآية هو التراب كما ذكر بعض أهل اللغة ودائرة السجود أوسع من ذلك وفيه نظر لان المحقق لم يجوز التيمم للاستحالة لأنه قائل بان المراد
بالصعيد وجه الأرض وقد صرح بعدم صدق الأرض على الخزف والوحل لا يجوز السجود عليه اختيارا وهو الماء الممتزج بالتراب بحيث لا يصدق عليه اسم التراب لعدم صدق الأرض
عليه ولما رواه الشيخ في الموثق عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام انه سأله عن حد الطين الذي لا يسجد عليه ما هو فقال إذا غرقت الجبهة ولم يثبت على الأرض فان اضطر أو ماء هذا الحكم مشهور
بين الأصحاب مستنده نفي الحرج والضرر وما رواه الشيخ في الموثق عن عمار أيضا انه سأله عن الرجل يصيبه المطر وهو لا يقدر ان يسجد فيه من الطين ولا يجد موضعا جافا قال يفتتح
الصلاة فإذا ركع قد يركع كما يركع إذا صلى فإذا رفع رأسه من الركوع فليؤم بالسجود ايماء وهو قائم ومقتضى الرواية واطلاق جماعة من الأصحاب عدم وجوب الجلوس للسجود وأوجب
الشارح الفاضل الجلوس وتقريب الجبهة من الأرض بحسب الممكن وجعل بعضهم وجوب الجلوس والآتيان من السجود بالممكن أولي استنادا إلى أنه لا يسقط الميسور بالمعسور
(بعد استضعاف الرواية وفيه نظر لان وجوب الانحناء من باب المقدمة فوجوبه تابع لوجوب ذي المقدمة فثبوته مستلزم لسقوطها وقوله عليه السلام لا يسقط الميسور بالمعسور) بعد تسليم السند لا
يشتمل هذا وكذا قوله عليه السلام إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم ويمكن الاستدلال عليه بتوقف تحصيل البراءة اليقينية عليه ولقائل أن يقول ضعف الرواية منجبر بالشهرة وعدم
المعارض فيكفي الايماء وينبغي ان لا يترك الاحتياط في أمثال هذه المواضع والمغصوب اي لا يجوز السجود على الأرض المغصوبة لما تبين من اشتراط الإباحة في المكان وذكر هذه المسألة
في هذا المكان غير مناسب ويجوز على القرطاس وإن كان مكتوبا الظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ونقل الشارح الفاضل في شرح الشرايع الاجماع عليه ويدل عليه ما رواه الشيخ في
الصحيح عن علي بن مهزيار قال سئل داود أبا الحسن عليه السلام عن القراطيس والكواغذ المكتوبة عليها هل يجوز السجود عليها أم لا فكتب يجوز وأورده في الاستبصار معلقا عن علي بن مهزيار عن
داود بن فرقد والامر في هذا الاختلاف (هين واثر هذا الاختلاف صح) انما يظهر لو كان علي بن مهزيار يرويها عن داود وليس الامر كذلك بل الظاهر من سياق العبارة علمه بالسؤال والجواب نعم قد يؤثر ذلك عند وجود
المعارض ومقام الترجيح (فبناء) على أنهم كثيرا ما يعتمدون في أمثال هذه المواضع على الراوي فيطلقون القول بوجه يشعر بعلمهم بالسؤال والجواب الا ان ذلك خلاف ظاهر العبارة وفي
الصحيح عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام انه كره ان يسجد على قرطاس عليه كتابة وفي الصحيح عن صفوان بن الجمال قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام في المحمل يسجد على قرطاس وأكثر ذلك يؤمى ايماء
واطلاق الروايات يقتضي عدم الفرق بين المتخذ من القطن والإبريسم وغيره واعتبر المصنف في التذكرة كونه مأخوذا من غير الإبريسم لأنه ليس بأرض ولا نباتها وهو تقييد للنص
من غير دليل واعتبر الشهيد في البيان كونه مأخوذا من نبات وفي الدروس عدم كونه من حرير أو قطن أو كتان وقال في الذكرى الأكثر اتخاذ القرطاس من القنب فلو اتخذ من الإبريسم
فالظاهر المنع الا ان يقال ما اشتمل عليه من أخلاط النورة تجوز له بعد لاستحالته عن اسم الأرض وقالوا اتخذ من القطن والكتان أمكن بناؤه على جواز السجود عليهما وقد سلف
وأمكن ان يقال المانع اللبس حملا للقطن والكتان المطلقين على المقيد فحينئذ يجوز السجود على القرطاس وإن كان منهما لعدم اعتبار لبسه وعليه تخرج جواز السجود على ما لم يصلح للبس
من القطن والكتان وقال أيضا وفي النفس من القرطاس شئ من حيث اشتماله على النورة المستحيلة الا ان نقول الغالب جوهر القرطاس أو نقول جمود النورة يرد (عليها) اسم الأرض و
يظهر من هذا الكلام نوع توقف في هذا الحكم وما أجاب به مع ما فيه من التكليف الواضح مستغنى عنه بعد ثبوت الحكم بالروايات الصحيحة ويكره السجود على القرطاس إذا كان فيه كتابة
لصحيحة جميل المذكورة لكن يشترط في صحة السجود عليه وقوع شئ من الجبهة على شئ من القرطاس الخالي عن الكتابة إذا كانت كتابته بما لا يصح السجود عليه وربما يخيل ان الخبر غرض
والسجود في الحقيقة على القرطاس فلا يضر وليس بشئ وهل ينسحب هذا الحكم في كل نبات مصبوغ الظاهر العدم إذا لم يكن للصبغ جرم ولا فرق في كراهية السجود (على القرطاس صح) المكتوب بين القاري
والأمي لاطلاق النص وقال الشيخ في المبسوط لا يكره في حق الأمي ولا القاري إذا كان هناك مانع من البصر
وتبعه عليه ابن إدريس وانما يشترط وقوع الجبهة على ما يصح
السجود عليه مع الاختيار ويجوز ان يسجد على يده ان منعه الحر ولا ثوب معه فإن كان معه ثوب كان مقدما ويدل على جواز السجود على الثوب عند الضرورة مضافا
إلى الاتفاق ما رواه الشيخ في الصحيح عن القسم بن الفضيل قال قلت للرضا عليه السلام جعلت فداك الرجل يسجد على كمة من شدة اذى الحر والبرد قال لا باس به وفي الصحيح عن ابن أبي نصر
عن المثنى الحناط عن عيينة بياع القصب قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام ادخل المسجد في اليوم الشديد الحر فأكره ان أصلي على الحصى فابسط ثوبي فاسجد عليه فقال نعم ليس به باس وعن أحمد بن
عمر قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يسجد على كمه قميصه من اذى الحر والبرد أو على ردائه إذا كان تحته مسح أو غيره مما لا يسجد عليه فقال لا باس به وعن محمد بن القسم بن الفضل
قريبا منه ويدل على جواز السجود على يده عند عدم الثوب ما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له ان أكون في السفر فتحتضر (فتحضر) الصلاة وأخاف الرمضاء على وجهي كيف
اصنع قال تسجد على بعض ثوبك قلت ليس علي ثوب يمكنني ان اسجد على طرفه ولا ذيله قال اسجد على ظهر كفك فإنها أحد المساجد ولا يقدح ضعف السند الرواية بعد
اعتضادها بالشهرة وسلامتها عن المعارض وموافقتها للاعتبار وقطع الشهيد في الدروس بتقديم المعدن والقير والصهروج على اليد وفيه تأمل وتنظر في البيان في تقديم
المعدن على الثياب الملبوسة ولو منعه البرد فكذلك لما في الاخبار وقال المصنف في المنتهى السجود على القطن والكتان أولي من الثلج وهو حسن بل الظاهر وجوب تقديمهما لما رواه
الشيخ عن منصور بن حازم عن غير واحد من أصحابنا قال قلت لأبي جعفر عليه السلام انا نكون بأرض باردة يكون فيها الثلج أفنسجد عليه فقال لا ولكن اجعل بينك وبينه شيئا قطنا
أو كتانا وفي الموثق عن عمار قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي على الثلج قال لا فإن لم يقدر على الأرض بسط ثوبه وصلى عليه والظاهر تقديم المعدن على الثلج لما رواه الشيخ
عن داود (الصربي) قال سألت أبا الحسن عليه السلام قلت له اني اخرج في هذا الوجه وربما لم يكن فيه موضع أصلي فيه من الثلج فكيف اصنع قال إن أمكنك ان لا تسجد على الثلج فلا تسجد
عليه وان لم يمكنك فسوه واسجد عليه وجعل الشهيد في البيان اليد أولي من الثلج وهو غير بعيد ويجوز السجدة على المسح والبساط وغيرهما مما لا يصح السجود عليه اختيارا
عند التقية أيضا اتفاقا لما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الماضي عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح والبساط فقال لا باس إذا كان في حال التقية و
عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يسجد على المسح فقال إذا كان في تقية فلا باس والظاهر جواز السجود على طرف الثوب إذا كان من جنس ما يصح السجود عليه في حال
الاختيار أيضا ولا يمنع حمل المصلي شيئا منه من جواز السجود عليه على الأصح عملا باطلاق الأدلة وعمومها ومنع الشيخ من السجود على ما هو حامل له ككرر العمامة وطرف الرداء
قال في الذكرى فان قصد لكونه من جنس ما لا يسجد عليه فمرحبا بالوفاق وان جعل المانع نفس الحمل كما هو مذهب العامة طولب بدليل المنع وهو حسن وقال فيه أيضا
وان احتج الشيخ برواية الأصحاب عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق عليه السلام في السجود على العامة لا يجزيه حتى يصلي جبهته إلى الأرض قلنا لا دلالة فيه على كون المانع الحمل بل جاز
لفقد كونه مما يسجد عليه وكذا ما رواه طلحة بن زيد عن الصادق عليه السلام عن أبيه عن علي عليه السلام انه كان لا يسجد على الكم ولا على العمامة وهو حسن
ويجتنب المشتبهة بالنجس في المحصور
دون غيره هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب كالشيخ ومن تبعه والحجة عليه غير واضحة وان لم يثبت الاتفاق عليه كان القول بطهارة كل جزء من المكان وجواز
السجود عليها متجها لأصالة الطهارة وقول الصادق عليه السلام ليس ينبغي لك ان تنقض اليقين ابدا بالشك وقوله عليه السلام كل شئ طاهر حتى تعلم أنه قذر وينقل عنهم الاستدلال على
ما ذكروه إما على وجوب الاجتناب المحصور فبان المشتبه بالنجس قد امتنع منه التمسك بأصالة الطهارة للقطع بحصول النجاسة فيما وقع فيه الاشتباه فيكون حكمه حكم
النجس في أنه لا يجوز السجود عليه ولا الانتفاع به في شئ مما يشترط فيه الطهارة ويرد عليه ان هذا الامتناع انما يثبت إلى المجموع لا بالنسبة إلى كل جزء جزء ولو تم
242

هذا الاستدلال اتى في غير المحصور كالصحراء أيضا فاحتج إلى أن يتكلف ويقال الحكم لا يتعدى هناك الحكم للاجماع أو رفعا للمشقة ومن الأصحاب جماعة ويقولون (بالجواز) للملاقي لبعض المحل المشتبه
من المحصور على الطهارة لعدم القطع بملاقاته ويوافقون للباقين في منع السجود واما على الجواز في الثاني فبدفع المشقة ويشكل بانتفاء المشقة في كثير من الضرر وبان مجرد المشقة
لا يكفي في زوال حكم التنجيس مع أن ما يصلح للاقتضاء في المحصور وغيره متحد والكلام في تحقيق معنى المحصور قد مر في كتاب الطهارة
ويكره ان يصلي وهو على جانبه أو قدامه امرأة
تصلي على رأي هذا قول المرتضى وابن إدريس وأكثر المتأخرين وذهب الشيخان إلى أنه لا يجوز ان يصلي الرجل والى جنبه امرأة تصلي سواء صلت صلاته مقتدية به أو لا فان فعلا
بطلت صلاتهما وكذا ان تقدمته عند الشيخ ولم يذكر ذلك المفيد وتبعهما ابن حمزة وابن الصلاح وقال الجعفي ومن صلى وحياله امرأة وليس بينهما قدر عظم الذراع فسدت الصلاة
والأول أقرب لنا اطلاق الامر بالصلاة فلا يتقيد الا بدليل وما ذكروه لا يصلح للتقييد وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أصلي والمراة إلى
جنبي وهي تصلي فقال لا الا ان تتقدم هي أو أنت ولا باس ان تصلي وهي بحذائك قائمة وجالسة وجه الاستدلال بهذا الخبر ان المستفاد منه جواز تقدم المراة في الصلاة والشيخ
واتباعه مانعون عن ذلك لكنها غير رافعة لقول المفيد وفي الصحيح عن العلا عن محمد عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن الرجل يصلي في زاوية الحجرة وامرأته أو ابنته تصلي بحذائه في الزاوية
الأخرى قال لا ينبغي ذلك فإن كان بينهما شبر اجزاه ذلك وجه الاستدلال بهذا الخبر ان قوله عليه السلام لا ينبغي ظاهره الكراهة والاكتفاء بالشبر يقتضي عدم وجوب الزائد وذكر
الشيخ بعد نقل الرواية يعني إذا كان الرجل متقدما للمرأة والظاهر أن ذلك من كلامه وهو تخصيص من غير ضرورة وقد يقال الظاهر أن الستر بالسين المهملة والتاء المثناة من فوق
وليس بشئ لان الراوي الشيخ فهو اعرف بالرواية وما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن حريز عن أبي عبد الله عليه السلام في المراة تصلي إلى جنب الرجل قريبا منه فقال إذا كان بينهما
موضع رحل فلا باس وهذا الخبر غير رافع لقول الجعفي بل يوافقه ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن فضالة عن حسين بن عثمان عن الحسن الصيقل عن ابن مسكان عن أبي بصير قال
سألته عن الرجل والمراة يصليان في بيت واحد المراة عن يمين الرجل بحذائه قال لا الا ان يكون بينهما شبر أو ذراع وفي طريق هذه الرواية الحسن الصيقل وهو مجهول الحال الا (انها) صحيحة
إلى فضالة وقيل إنه ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فيكون للخبر قوة وفي الصحيح عن الحسن بن علي بن فضال عمن اخبره عن جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي والمراة
تصلي بحذائه قال لا باس وصحتها إلى الحسن امارة الاعتماد عليها وأولها الشيخ بما إذا كان التباعد عشرة أذرع أو كان بينهما حائل وهو بعيد وعن أبي بصير باسناد فيه ضعف لمحمد بن
سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل والمراة يصليان جميعا في بيت المراة عن يمين الرجل بحذائه قال لا حتى يكون بينهما شبر أو ذراع أو نحوه واستدل عليه أيضا بما
رواه ابن بابويه عن معاوية بن وهب أنه سأل أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل والمراة يصليان في بيت واحد فقال إذا كان بينهما قدر شبر صلت بحذائه وحدها (وهو) وحده ولا باس وفي الصحيح
عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام إذا كان بينه وبينهما قدر ما يتخطى أو قدر عظم الذراع فصاعدا فلا باس ان صلت بحذائه وحدها وفي هذا الاستدلال اشكال لان المعنى
بالوحدة كما يجوز ان يكون الانفراد يجوز ان يكون صلاة أحدهما بدون الآخر واعتبار مقدار في ذلك على سبيل الوجوب وإن كان خلاف الاتفاق لكن احتمال الاستحباب لا دليل
على نفيه وعدم ذكر الأصحاب لذلك لا يوجب اطباقهم على نفيه بخلاف الوجوب والأظهر ان يجعل الخبران من المؤيدات واستدل عليه أيضا بما رواه ابن بابويه في الصحيح عن
جميل عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال لا باس ان تصلي المراة بحذاء الرجل وهو يصلي فان النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي وعايشة مضطجعة بين يديه وهي حايض وكان إذا أراد ان يسجد غمز
رجلها فرفعت رجلها حتى يسجد والظاهر من قوله عليه السلام وهو يصلي ان يكون حالا من قوله تصلي المراة لكن التعليل لا يناسبه الا بتكلف أو يحتمل ان يكون حالا من قوله لا باس (فيكون للمعنى لا باس صح)
بذلك والحال ان عكسه جايز فيكون قوله وهو يصلي (يعني) بحذاء المراة ويكون التعليل لذلك ويحتمل ان يكون جملة مستأنفة ويرجع ماله إلى الاحتمال المذكور على الاحتمالين
فالقدر المستفاد من الخبر جواز صلاة كل منهما بحذاء الأخر في الجملة لا في خصوص حالة كون الأخر مصليا فالاستدلال بهذا الخبر مشكل واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن
زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن المراة تصلي عند الرجل فقال لا تصلي المراة بحيال الرجل الا ان يكون قدامها ولو (بصدره) فإنها تدفع قول من اعتبر في زوال المنع في
صورة تقدم الرجل مقدار مسقط الجسد إما من اعتبر أقل من ذلك فلا والمستفاد من كلام المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى ان المعتبر شبر أو مسقط الجسد فلا يتم الاستدلال
بها واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في المراة تصلي عند الرجل فقال إذا كان بينهما حاجز فلا باس فلا يمكن الاستدلال بها على المدعا لظهور الرواية
في اعتبار الحائل ويمكن الاستدلال بهذه الاخبار بناء على الاختلاف في اعتبار القيود فيها ففي بعضها لم يعتبر الحائل وفي بعضها لم يعتبر التقدير بالعشر وهذا الاختلاف
امارة الاستحباب والاختلاف في القيود يبنى على اختلاف مراتب الفضيلة احتج المانعون بالاجماع ادعائه الشيخ وبحصول يقين البراءة وضعفهما ظاهر وبما رواه الشيخ في الموثق
عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام انه سئل عن الرجل يستقيم له ان يصلي وبين يديه امرأة تصلي قال لا يصلي حتى يجعل بينه وبينها أكثر من عشرة وإن كانت عن يمينه ويساره
جعل بينه وبينها مثل ذلك فإن كانت تصلي خلفه فلا باس وإن كانت تصيب ثوبه وإن كانت المراة قاعدة أو نائمة أو قائمة في غير صلاة فلا باس حيث كانت وفي الصحيح عن
محمد عن أحدهما عليهما السلام قال سألته عن المراة تزامل الرجل في المحمل يصليان جميعا فقال لا ولكن يصلي الرجل فإذا فرغ صلت المراة وعن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته
عن امام كان في الظهر فقامت امرأته بحياله تصلي معه وهي تحسب انها العصر هل يفسد ذلك على القوم وما حال المراة في صلاتها معهم وقد كانت صلت الظهر قال
لا يفسد ذلك على القوم وتعيد المراة وعد بعضهم هذه الرواية من الصحاح وفيه تأمل لان في طريقه جعفر بن محمد عن العمركي وجعفر مشترك بين الثقة وغيره الا ان يقال
طريق الشيخ إلى علي بن جعفر صحيح فتكون الرواية من الصحاح وفيه تأمل ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن إدريس بن عبد الله القمي قال سألت أبا عبد الله عن الرجل يصلي
وبحياله امرأة نائمة جنب على فراشها فقال إن كانت قاعدة فلا تضرك وإن كانت تصلي فلا ويؤيده ما رواه الكليني باسناد ضعيف عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال
سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي والمراة بحذائه يمنه أو يسره قال لا باس به إذا كانت لا تصلي والجواب عن الروايات بالحمل على الأفضلية جمعا بين الأدلة ويؤيده ذلك
اختلاف القيود في الأخبار السابقة بناء على اختلاف مراتب الفضيلة مع أن الامر بالإعادة في رواية علي بن جعفر لا يعلم كونه بسبب المحاذاة إذ يجوز ان يكون وجهه اقتدائها
في صلاة العصر بمن يصلي الظهر مع اعتقادها انها العصر فلا يدل على أحد الامرين صريحا ويزول المنع كراهة وتحريما مع الحائل بين الرجل والمرأة أو تباعد عشرة
أذرع أو مع وقوع الصلاة منها خلفه قال الشارح الفاضل بحيث لا يحاذي جزء منها بجزء منه في جميع الأحوال ونحوه قال المدقق الشيخ علي وقال المحقق في المعتبر ولو كانت متأخرة
عنه ولو بشبر أو مسقط الجسد أو غيره متشاغلة بالصلاة لم تمنع صلاته وقال المصنف في المنتهى لو صلت قدامة أو إلى أحد جانبيه وبينهما حائل أو بعد عشرة أذرع فما زاد
لم تبطل صلاة واحد منهما اجماعا وكذا لو صلت متأخرة عنه ولو بشبر أو بقدر مسقط الجسد وفيه اشعار بنقل الايقاف عليه وظاهر الشيخ في التهذيب وتر (التحرير) حصول الاكتفاء
بالشبر وهو أقرب قصرا للحكم المخالف للأصل والأدلة على موضع الوفاق ويؤيد ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن فضال عمن اخبره عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي
والمراة بحذائه أو إلى جنبه فقال إذا كان سجودها مع ركوعه فلا باس ورواه الكليني في الصحيح عن ابن فضال عن ابن بكير عمن رواه عن أبي عبد الله عليه السلام وفي رواية عمار اشعار
(بما ذكره) الشارح الفاضل والظاهر أنه لا خلاف في زوال المنع بتوسط الحائل أو بعد عشرة أذرع وقد حكى الاجماع عليه المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر وهو موافق للأصل
243

ومقتضى أدلة الجواز واستدل عليه برواية عمار السابقة والذكور في الرواية أكثر من عشرة أذرع فلا ينطبق عليه واما زوال المنع بصلاتها خلفه فمشهور بين الأصحاب والظاهر أنه أيضا
اجماعي وينبغي التنبيه على أمور الأول قال الشارح الفاضل المراد بالحائل الحاجز بينهما بحيث يمنع الرؤية من جدار أو ستر وغيرهما ولا يخفى ان عبارة الأصحاب مطلق من غير تقييد
روى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر قال سألته عن الرجل يصلي في مسجد حيطانه كراء كله قبلته وجانباه وامرأته تصلي حياله يراها ولا تراها قال لا باس وفيه اشعار بعدم
التقييد الثاني قال المصنف في النهاية ليس المقتضى للتحريم أو لكراهة النظر لجواز الصلاة وإن كانت قدامه عارية ولمنع الأعمى ومن غمض عينه وقريب منه كلامه في التذكرة وقال الشهيد في
البيان وفي تنزل الظلام أو فقد البصر منزلة الحائل نظر أقربه المنع واولى بالمنع منع الصحيح نفسه من الابصار واستوجه المصنف في التحريم الصحة في الأعمى واستشكل في من غمض عينيه
واليه ذهب الشارح الفاضل والظاهر عدم زوال المنع بشئ من ذلك لما دل على اعتبار الحاجز وعدم صدقه على شئ من ذلك الثالث المراد بالمراة البالغ لأنه المتعارف المنساق إلى
الذهن ولأنها مؤنث المراء يقال مراء ومرأة وامرأة (وامراء) (والمراء) هو الرجل كما نص عليه أهل اللغة وعلى هذا لا يتعلق الحكم بالصغيرة وان قلنا إن عبادتها شرعية قصرا
للحكم على مورد النص وكذا القول في الصبي ونقل عن بعض حواشي الشهيد على القواعد ان الصبي والبالغ يقرب حكمهما من الرجل والمراة وعنى بالبالغ المراة لان الصيغة تشترك
فيها المذكر والمؤنث والأقوى عدم الالحاق الرابع صرح جماعة من الأصحاب منهم المصنف والشهيدان بأنه
يشترط في تعلق الحكم بكل منهما كراهة وتحريما صحة صلاة الأخر لولا
المحاذاة بان تكون جامعة لجميع الشرايط المعتبرة في الصحة سوى المحاذاة فلا يتعلق الحكم بالفاسدة بل تصح الأخرى من غير كراهة فان الفاسدة كلا صلاة واحتمل الشارح الفاضل
عدم الاشتراط لصدق الصلاة على الفاسدة وهو غير بعيد وعلى الأول فالمعتبر في رفع المنع العلم بالفساد قبل الشروع ولو علم بعد الفراغ لم يؤثر في الصحة وهل يقبل قوله في الفساد فيه
وجهان الخامس اطلاق كلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق بين اقتران الصلاتين لو سبق أحدهما في بطلان الكل وذهب جماعة من المتأخرين إلى اختصاص البطلان بالمقتربة والمتأخرة
دون السابقة ورواية علي بن جعفر يساعد الثاني وباقي الروايات الأول ويمكن ترجيح الأول ان قلنا بان الصلاة الفاسدة غير مؤثرة في البطلان بان يقال يجوز ان يكون تخصيص
الفساد بصلاة المراة في رواية علي بن جعفر مبنيا على أن علة فسادها الاقتداء في صلاة العصر بمن يصلي الظهر مع اعتقادها انها العصر وحينئذ يبقى اطلاق باقي الاخبار سالما عن المعارض
ولو لم يعلم أحدهما بالآخر الا بعد الفراغ صحت الصلوتان جميعا وفي الأثناء يستمر لسبق الانعقاد ويحتمل قويا وجوب الأبطال في سعة الوقت ان لم يمكن إزالة المانع بدون المبطل
السادس ظاهر كلام المصنف اختصاص المنع بالرجل والأولى تعميم الحكم لأن الظاهر عدم القائل بالفصل وبعض الروايات ا لسابقة يساعد على تعميم الحكم السابع قال الشيخ في المبسوط فان صلت
خلفه في صف بطلت صلاة من عن يمينها وشمالها ومن يحاذيها من خلفها ولا يبطل صلاة غيرهم وان صلت بجنب الامام بطلت صلاتها وصلاة الامام ولا يبطل صلاة غيرهم
وحمله الشهيد على عدم عملهم بالحال الثامن مبدء التقدير وعن موقف المصلي وهو ظاهر في صورة المحاذاة إما مع تقدمها فالظاهر أنه كذلك لأنه المفهوم عرفا ويحتمل اعتباره من موضع
السجود لعدم صدق التباعد بالقدر المذكور حال السجود قال الشارح الفاضل وليس في كلامهم تصريح بشئ ولو كان أحدهما على مرتفع بحيث لا يبلغ من موقف الأخر إلى أساس ذلك المرتفع
عشر أذرع ولو قدر إلى موقفه إما مع الحايط مثلا أو ضلع المثلث الخارج من موقفه إلى موقف الأخر بلغه ففي اعتبار أيها نظر ولم يبعد اعتبار الضلع واحتمل بعضهم سقوط
المنع مع عدم التساوي في الموقف التاسع ما ذكرنا كله مخصوص بحال الاختيار إما مع الاضطرار فلا كراهة ولا تحريم ولو اجتمعا في مكان لا يتمكنان من التباعد صلى الرجل أولا ذكره
جماعة من الأصحاب ومستنده صحيحة محمد بن مسلم السابقة ولو كان المكان ملك المراة عينا أو منفعة لم يجب عليها التأخر ولو ضاق الوقت سقط الوجوب
ويكره الصلاة أيضا في الحمام
هذا هو المشهور بين الأصحاب ونقل عن أبي الصلاح انه منع من الصلاة في الحمام وتردد في الفساد والأول أقرب لما رواه الكليني والشيخ عن عبد الله بن الفضل عمن حدثه عن أبي عبد الله قال عشرة
مواضع لا يصلي فيها الطين والماء والحمام والقبور ومسان الطريق وقرى النمل ومعاطن الإبل ومجرى الماء والسنج والثلج قال في ق (المقنعة) سنن الطريق مثلثة وبضمتين نهجه وجهته و
الرواية وإن كانت ضعيفة الا انها معتضدة بعمل الأصحاب مع المسامحة في أدلة السنن وانما حملناها على الكراهة جمعا بينها وبين ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام
انه سأله عن الصلاة في بيت الحمام فقال إذا كان الموضع نظيفا فلا باس وحمله الصدوق على (المسلخ) وروى الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي قال سألت أبا الحسن (عبد الله صح) عليه السلام عن الصلاة في بيت الحمام قال
إذا كان موضعا نظيف فلا باس وحمله الشيخ أيضا على المسلخ وظاهرهما نفي ثبوت الكراهة في المسلخ وبه صرح الشهيدان واحتمل ثبوت الكراهة المصنف في التذكرة وبنى الاحتمال على علة
النهي فإن كانت النجاسة لم تكره وإن كان كشف العورة فيكون مأوى الشياطين كره وهذا الابتناء ضعيف لجواز ان لا يكون الحكم معللا أو تكون العلة غير ما ذكره إما سطح
الحمام فلا تكره الصلاة فيه قطعا وفي بيوت الغائط اي المواضع المعدة لذلك هذا هو المشهور بين الأصحاب وقال المفيد في المقنعة ولا يجوز الصلاة في بيوت الغايط ولعله يريد
الكراهة ومستند هذا الحكم تكون بيوت الغائط مظنة للنجاسة وما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن مسكان عن محمد ابن مروان عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله جبرئيل اتاني فقال
انا معاشر الملائكة لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تمثال جسد ولا اناء يبال فيه وعن عمرو بن خالد عن أبي جعفر عليه السلام قال قال جبرئيل يا رسول الله صلى الله عليه وآله انا لا ندخل بيتا وفيه صورة انسان ولا
بيتا يبال فيه ولا بيتا فيه كلب ونفور الملائكة منه يؤذن بعدم كونه موضع الرحمة فلا ينبغي ان يتخذ مكانا للعبادة وفي معاطن الإبل وهي جمع المعطن قال الجوهري معاطن الإبل
مباركها حول الماء تشرب عللا بعد نهل والعلل الشرب (الثاني والنهل الضرب صح) الأول وقال في ق (المقنعة) العطن محركة وطن الإبل ومنزلها حول الحوض وقريب منه كلام ابن الأثير وغيره والمستند في هذا الحكم ما روى
عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا أدرككم الصلاة وأنتم في أعطان الإبل فاخرجوا منها وصلوا فإنها جن من جن خلقت الا ترونها إذا نفرت كيف تشمخ بأنفها يقال شمخ الرجل بأنفه إذا
تكبر قاله الجوهري وغيره وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة في مرابض الغنم فقال صل فيها ولا تصل في أعطان الإبل الا ان تخاف
على متاعك الضيعة فاكنسه ورشه بالماء وصل ورواها الشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم وروى الكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في أعطان الإبل
فقال إن تخوفت الضيعة على متاعك فاكنسه وانضحه لا باس في مرابض الغنم ورواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم بأدنى تفاوت في المتن واعلم أن المذكور في الخبر المعطن وكذلك
في كلام جماعة من الأصحاب منهم الشيخان وصرح المصنف والمحقق بان المراد بأعطان الإبل مباركها وقد عرفت ان مقتضى تفسير أهل اللغة كونها أخص من المبارك قال ابن إدريس في
السرائر بعد تفسير المعطن بما نقلناه عن أهل اللغة هذا حقيقة المعطن عند أهل اللغة الا ان أهل الشرع لم يخصصوا ذلك بمبرك دون مبرك ولعل استنادهم في التعميم
إلى التعليل المستفاد من الخبر الأول ولا يخفى ان القول بالكراهة هو المشهور بين الأصحاب ونقل عن أبي الصلاح انه منع من الصلاة في أعطان الإبل وهو ظاهر المفيد في المقنعة وهو
أحوط وقوفا على ظاهر الخبر وفي قرى النمل وهي جمع قرية وهي مجتمع ترابها والمستند فيه رواية عبد الله ابن الفضل السابقة ولعدم انفكاك المصلي من اذاها وقتل بعضها وفي
مجرى المياه وهو المكان المعد لجريانه فيه وان لم يكن فيه ماء والمستند فيه أيضا المخبر المذكور وقيل يكره الصلاة في بطون الأودية التي يخاف فيها هجوم السيل وقال المصنف في النهاية
فان امن السيل احتمل بقاء الكراهة اتباعا لظاهر النهي وعدمها لزوال موجبها ولم اقف على النهي الذي ادعاه وفي ارض السبخة (بفتح الباء) وإذا كانت نعتا للأرض كقولك الأرض السبخة
(فما) بكسر الباء نقل ذلك عن كتاب العين للخليل قال الشارح الفاضل ويجوز هيهنا ان يكون السبخة بكسر الباء فتكون إضافة الأرض إليها من باب إضافة الموصوف إلى الصفة
كمسجد الجامع والمعتمد ما قاله الخليل والمستند في هذا الحكم ما رواه ابن بابويه في الصحيح في الفقيه عن الحلبي عن الصادق عليه السلام قال وكره الصلاة في السبخة الا أن تكون مكانا لينا
244

تقع عليه الجبهة مستوية ورواه في كتاب علل الشرايع في الصحيح بتفاوت المتن وما رواه الشيخ في الصحيح
عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الصلاة في السبخة لم تكرهه قال لان
الجبهة لا تقع مستوية فقال (في الموثق) لا باس وروى ابن بابويه في كتاب علل الشرايع عن أبان بن عثمان عن الحسن بن (السوى) قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام لم حرم الله الصلاة في السبخة قال لان الجبهة لا يتمكن عليها
ويحمل التحريم على الكراهة جمعا بينها وبين ما دل على الجواز فروى الشيخ فقلت إن كان فيها ارض مستوية عن سماعة قال (لتسعى) عن الصلاة في السباخ فقال لا باس وحملها الشيخ على موضع
تقع الجبهة عليه مستوية وهو بعيد ومثله الرمل المنهال والبيد قيل هو موضع مخصوص بين مكة والمدينة على ميل من ذي الحليفة ونقل الشهيد رحمه الله عن بعض العلماء انها الشرف الذي امام
ذي الحليفة مما يلي مكة سميت بذلك لأنها تبيد جيش السفياني والمستند فيه اخبار منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال الصلاة تكره في ثلثة مواطن من الطريق البيداء
وهي ذات الجيش وذات الصلاصل وضجنان وقال لا باس ان يصلي بين الظواهر وهي الجواز جواد الطرق ويكره ان يصلي في الجواد ورواه الكليني أيضا باسناد صحيح وفي الصحيح عن ابن أبي نصر قال
قلت لأبي الحسن انا كنا في البيداء في اخر الليل فتوضأت واستمكث وانا أهم الصلاة ثم كأنه دخل قلبي شئ فهل يصلي في البيداء في المجمل قال لا تصلي في البيداء قلت فأين حد البيداء فقال كان
جعفر عليه السلام إذا بلغ ذات الجيش جد في السير ولا يصلي حتى يأتي معرس النبي صلى الله عليه وآله قلت وأين ذات الجيش فقال دون الحفيرة بثلاثة أميال ورواها الكليني أيضا في الصحيح وفي الصحيح عن أيوب بن
نوح عن أبي الحسن الأخير قال قلت له تحضر الصلاة والرجل بالبيداء قال ينحى عن الجواد يمنة ويسرة ويصلي قال ابن إدريس والبيداء لأنها ارض خصف على ما روى في بعض الأخبار ان جيش
السفياني يأتي إليها فاصدا مدينة الرسول فيخسف الله تعالى به تلك الأرض وبينها وبين ميقات أهل المدينة الذي هو ذو الحليفة ميل واحد وهو ثلث فرسخ قال وكذلك تكره الصلاة في كل ارض
خسف ولهذا كره أمير المؤمنين عليه السلام الصلاة في ارض بابل وفي وادي ضجنان بالضاد المعجمة المفتوحة والجيم الساكنة جبل بناحية مكة وفي ذات الصلاصل جمع صلصال قال ابن إدريس
وهي الأرض التي لها صوت ودوي وتبعه المصنف في المنتهى وقيل إن المواضع الثلاثة مواضع خسف قيل إنه الطين الحر المخلوط بالرمل فصار يتصلصل إذا جف اي يصوت وبه فسره الشهيد ونقله
الجوهري عن أبي عبدة ونحو منه كلام صاحب القاموس حيث قال الصلصال الطين الحر خلط بالرمل أو الطين ما لم يجعل خزفا والمستند في كراهة الصلاة في الموضعين صحيحة معاوية بن عمار
السابقة وكذا تكره الصلاة بين المقابر من دون حائل أو بعد عشرة أذرع المستند في ذلك ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن الرجل يصلي بين القبور
قال لا يجوز ذلك الا ان يجعل بينه وبين القبور إذا صلى عشرة أذرع من بين يديه وعشرة أذرع من خلفه وعشرة أذرع عن يمينه وعشرة أذرع عن يساره ثم يصلي ان شاء وقضية الجمع
بينهما وبين ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سئلت أبا الحسن الماضي عن الصلاة بين القبور هل يصلح قال لا باس وما رواه في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى انه سأله
عن الصلاة بين القبور هل يصلح قال لا باس ويقتضي الحمل على الكراهية وخالف فيه المفيد حيث قال ولا يجوز الصلاة إلى شئ من القبور حتى يكون بينه وبين حائل أو قدر لبنة
أو عثرة منصوبة أو ثوب موضوع وأبو الصلاح حيث حرمها وتردد في البطلان واحتج في المختصر للمفيد برواية معمر بن خلاد عن الرضا عليه السلام قال لا باس بالصلاة بين المقابر ما لم يتخذ
القبر قبله والجواب بعد الإغماض عن السند ان ثبوت الباس غير مستلزم للتحريم والتوجه إلى القبلة أعم من اتخاذها قبلة وبالجملة هذه الرواية لضعف سندها وخفاء دلالتها
لا تصلح معارضة للاخبار السابقة واعلم أن الأصحاب ذكروا ان الكراهة تزول بالحائل والتباعد المذكور وان الحائل يحصل بالعشرة ونحوها ومستند ذلك غير معلوم وقال
المفيد في المقنعة وقد روى أنه لا باس بالصلاة إلى قبلة فيها قبر امام الأصل والأصل ما قدمناه وقد أشار بهذه الرواية إلى ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن عبد الله الحميري قال كتبت
إلى الفقيه أسأله الرجل يزور قبور الأئمة الأئمة هل يجوز ان يسجد على القبر أم لا وهل يجوز لمن صلى عند قبورهم ان يقوم بحذاء القبر ويجعل القبر قبلة ويقوم عند رأسه و
رجليه وهل يجوز ان يتقدم القبر ويصلي ويجعله خلفه أم لا فأجاب وقرات التوقيع ومنه نسخت إما السجود على القبر فلا يجوز في نافلة ولا فريضة ولا زيادة بل يضع خده الأيمن
على القبر واما الصلاة فإنها خلفه يجعله الامام ولا يجوز ان يصلى بين يديه لان الامام لا يتقدم ولا يبعد العمل بهذه الرواية لصحتها وعلو اسنادها ومطابقتها للأصل وما قال المحقق
في المعتبر انها ضعيفة شاذة فغير واضح والحق جماعة من الأصحاب بالقبور القبر والقبرين ومستنده غير واضح والحق بعضهم استدبار القبر الواحد وكرهوا الصلاة إلى القبر وعليه وحرمة
ابن بابويه وفي بيوت النيران فسر ذلك بما أعدت الاضرام النار فيها عادة كالقرن والأتن وان لم تكن مواضع عبادتها وعلل بان في الصلاة فيها تشبها بعبادتها وفيه ضعف و
التخصيص بمواضع عبادة النيران غير بعيد والمسألة ان لم تكن اتفاقية كان للكلام عليها مجال وفي ثبوت الخمر وساير المسكرات لقول الصادق عليه السلام في موثقة عمار لا تصل في بيت فيه
خمر أو مسكر واطلاق الرواية يشمل ما إذا كان البيت معدا لاحراز الخمر أم لا وفي كلام المصنف في النهاية اشعار بالتخصيص الأول وفي عطفها هنا على بيوت النيران اشعار بذلك ومنع الصدوق
من الصلاة في بيت فيه خمر محروز في انية مع أنه حكم بطهارة الخمر ولا بعد فيه بعد ورود النص لكن المتأخرون استبعدوا ذلك وفي بيوت المجوس علله الصادق عليه السلام بأنها لا تنفك
عن النجاسات وأيده بما رواه الشيخ عن أبي جميله عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصل في بيت فيه مجوسي ولا باس ان تصلى في بيت فيه يهودي أو نصراني ولو اضطر إلى الصلاة في بيت المجوسي
صلى فيه بعد أن يرش الموضع بالماء لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة في البيع والكنايس وبيوت المجوس قال رشه وصله وروى
الشيخ في الصحيح عن أبي بصير قال سئلت أبا عبد الله عن الصلاة في بيت المجوس فقال رش وصل وفي جواد الطرق والقول بكراهة ذلك مشهور بين الأصحاب حتى قال المصنف في المنتهى
انه مذهب علمائنا أجمع وذهب المفيد إلى عدم الجواز ويدل على الكراهة ما رواه الشيخ في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس ان يصلي بين الظواهر وهي الجواد وجواد الطرق
ويكره ان يصلي في الجواد ويوافق قول المفيد ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة في السفر فقال لا تصل على الجادة واعتزل على جانبها وفي الحسن
بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة في ظهر الطريق فقال لا باس ان تصلي في الظواهر التي بين الجواد فاما على الجواد فلا تصل فيها ويمكن الجمع بين
الاخبار بوجهين إما حمل النهي على الكراهة واما حمل الكراهة في خبر معاوية على التحريم ولعل الأولى أقرب لموافقته للأصل والشهرة ولا فرق في الكراهة بين ان يكون الطريق مشغولة
بالمارة أو لم تكن وقت الصلاة للعموم نعم لو تعطلت المارة اتجه الفساد والتحريم والمراد بجواد الطرق العظمى منها وهي التي يكثر سلوكها والأجود تعميم الكراهة لما رواه الشيخ في الموثق
بالحسن بن علي بن فضال عن الحسن بن الجهم عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال كل طريق يوطأ فلا تصل عليها وبإسناد اخر ضعيف عنه عليه السلام كل طريق يوطأ ويتطرق وكانت فيه جادة أو لم تكن فلا ينبغي الصلاة
فيه وصلاة الفريضة في جوف الكعبة وسطحها إما الأول فقد مر مستنده في مبحث القبلة واما الثاني فلما رواه ابن بابويه عن الصادق عن ابائه عن أمير المؤمنين عليهم السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى عن
الصلاة في أماكن وعد منها الصلاة على ظهر الكعبة وطريقها ضعيف وفي مرابط الخيل والحمير والبغال لما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال سألته عن الصلاة في أعطان الإبل
وفي مرابض البقر والغنم فقال إن نضحته بالماء وقد كان يابسا فلا باس بالصلاة فيها فاما مرابط الخيل والبغال فلا والحمير غير موجودة في هذه الرواية وهي موجودة في رواية الكليني
عن سماعة والتوجه في حال الصلاة إلى نار مضرمة هذا هو المشهور وذهب أبو الصلاح إلى عدم الجواز والأصل في هذا الباب ما رواه الشيخ والصدوق في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه
موسى قال سألته عن الرجل يصلي والسراج موضوع بين يديه في القبلة قال لا يصلح له ان يستقبل النار وروى الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا يصلي الرجل
245

وفي قبلته نارا وحديد قلت اله ان يصلي وبين يديه مجمرة شبه قال نعم فإن كان فيها نار فلا يصل حتى ينحها عن قبله وعن الرجل يصلى وبين يديه قنديل معلق فيه نار الا انه بحياله
قال إذا ارتفع كان أشر لا يصلي بحياله والرواية الأولى غير واضحة الدلالة على التحريم وكذا الثانية مع عدم صحة سندها فالحمل على الكراهة متجه ويؤيده ما رواه الشيخ عن عمرو بن
إبراهيم الهمداني ارفع الحديث قال قال أبو عبد الله عليه السلام لا باس ان يصلي الرجل والنار والسراج والصورة بين يديه ان الذي يصلي له أقرب إليه من الذي بين يديه وحكم الشيخ بشذوذ
هذه الرواية وقال الصدوق بعد نقل رواية علي بن جعفر هذا هو الأصل الذي يجب ان يعمل به فاما الحديث الذي يرويه عن أبي عبد الله عليه السلام وأشار إلى المرفوعة المذكورة فهو حديث
يروى عن ثلثة من المجهولين باسناد منقطع إلى أن قال ولكنها رخصة اتصلت بها علة صدرت عن ثقات ثم اتصلت بالمجهولين والانقطاع فمن اخذ بها لم يكن مخطئا بعد أن
يعلم أن الأصل هو النهي وان الاطلاق هو رخصة والرخصة رحمة ولا يخفى ان اطلاق الرويات يقتضى تعميم الحكم بالنسبة إلى المضرمة وغيرها فوجه التخصيص بها غير واضح أو إلى
تصاوير قد مر مستند هذا الحكم في مبحث اللباس أو إلى مصحف مفتوح لما رواه الشيخ في الموثق عن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل يصلي وبين يديه مصحف مفتوح في قبلته قال
لا قلت فإن كان في تلاف (خلاف) قال نعم ومقتضى النص عموم الحكم بالنسبة إلى القارئ وغيره سواء كان تامة مانع من الابصار أم لا واشترط الشارح الفاضل عدم المانع عن الابصار كالعمى والظلمة
وكره المصنف في المنتهى والنهاية وغيره التوجه إلى كل شاغل من كتابة ونقش وغيرهما نظرا إلى اشتراك الجميع في العلة وهو ضعيف والصواب قصر الحكم على مورد النص أو إلى حائط نيز
من بالوعة لما رواه الكليني عن ابن أبي نصر عمن سئل أبا عبد الله عليه السلام عن المسجد نيز حائط قبلته من بالوعة يبال فيها فقال إن كان نزه من البالوعة فلا تصل فيه وإن كان نزه من
غير ذلك فلا باس به ولو نز الحايط من الغايط قيل يكره بطريق أولي وتردد المصنف فيما ينز من الماء النجس والخمر نظرا إلى انسحاب العلة والى قوله عليه السلام وإن كان من غير ذلك فلا باس و
الحكم في الكل محل تردد وقصره على محل النص أوفق بالقواعد أو التوجه إلى انسان مواجه أو باب مفتوح ذكره الحلبي ومستنده غير معلوم قال المحقق في المعتبر وهو أحد الأعيان
فلا باس باتباع فتواه ولا باس بالبيع والكنايس من غير كراهية على المشهور بين الأصحاب خلافا لابن البراج وابن إدريس فإنهما ذهبا إلى الكراهة على ما نقل عنهما استنادا إلى عدم انفكاكهما
عن النجاسة وهو ضعيف ويدل على الأول ما رواه الشيخ في الصحيح عن العيص بن القسم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن البيع (والكنائس) يصلي فيها فقال نعم قال وسألته هل يصلح نقضها مسجدا
فقال نعم وفي الصحيح عن حماد الناب عن حكم بن الحكيم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام يقول وسئل عن الصلاة في البيع والكنايس فقال صل فيها فقد رايتها ما أنظفها قلت أيصلي فيها وان
كانوا يصلون فيها فقال نعم إما تقرأ القرآن قل كل يعمل على شاكلته فربكم اعلم بمن هو اهدى سبيلا صل على القبلة وغربهم ويستفاد من صحيحة ابن سنان المذكورة عن قريب
استحباب الرش واطلاق (النص) وكلام الأصحاب يقتضى عدم الفرق بين اذن أهل الذمة وعدمه واحتمل الشهيد في الذكرى توقفها على الاذن تبعا لغرض الواقف وعملا بالقرينة
وفيه تأمل وكذا لا باس بالصلاة في مرابض الغنم لما رواه ابن بابويه في الصحيح والشيخ في الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة في مرابض الغنم فقال صل فيها وفي صحيحة
محمد بن مسلم ولا باس في مرابض الغنم والمرابض جمع مربض وهو مأواها ومقرها عند الشرب كمعطن الإبل وكذا لا باس بالصلاة في بيت اليهودي والنصراني روى الشيخ عن أبي جميلة
عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصل في بيت فيه مجوسي ولا باس ان تصلى (في بيت) وفيه يهودي أو نصراني (عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا تصل في بيت فيه مجوسي ولا باس ان تصلي وفيه يهودي أو نصراني) والروايتان تشملان ما هما فيه سواء كان بينهما أم لا ولا تشتملان بينهما إذا لم يكونا
فيه
تتمة صلاة الفريضة في المسجد أفضل ولا خلاف في ذلك بين أهل الاسلام بل كاد ان يكون ذلك من ضروريات الدين والاخبار في فضل المساجد وثواب الاختلاف إليها
والصلاة فيها وذم تاركها كثيرة روى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن أناسا كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله أبطاؤا عن الصلاة في المسجد فقال
رسول الله صلى الله عليه وآله ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد ان نأمر بحطب فتوضع على أبوابهم فتوقد عليهم نار فتحرق عليهم بيوتهم وعن الإصبع بن نباته عن علي بن أبي طالب عليه السلام قال كان يقول
246

من اختلف إلى المسجد أصاب إحدى الثمان أخا مستفادا في الله أو علما مستطرفا أو أية محكمة أو يسمع كلمة يدل على هدى أو رحمة منتظرة أو كلمة ترده عن ردئ أو يترك ذنبا خشية
أو حياء وعن علي بن الحكم عن رجل عن أبي عبد الله عليه السلام قال من مشى إلى المسجد لم يضع رجلا على رطب ولا يابس الا سبحت له الأرض إلى الأرضين السابعة وفي الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض
أصحابه قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام اني لأكره الصلاة في مساجدهم فقال لا تكره فما من مسجد بني الا على قبر نبي أو وصي نبي قتل فأصاب تلك البقعة رشة من دمه فأحب الله ان
يذكر فيها فاد فيها الفريضة والنوافل واقض ما فاتك وعن إسماعيل بن أبي عبد الله عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الاتكاء في المسجد رهبانية العرب والمؤمن مجلسه مسجده وصومعته
بيته وعن السكوني عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله من كان القرآن حديثه والمسجد بيته بنى الله له بيتا في الجنة وعن السكوني عن جعفر عن ابائه عليهم السلام قال قال
النبي صلى الله عليه وآله من سمع النداء في المسجد فخرج منه من غير علة فهو منافق وعن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال لا صلاة لمن لم يشهد الصلوات المكتوبات من جيران المسجد
إذا كان فارغا صحيحا قال ابن بابويه وروى أن في التورية مكتوبا ان بيوتي في الأرض المساجد فطوبى لمن تطهر في بيته ثم زارني في بيتي الا ان على المزور كرامة الزائر
الا بشر المشائين في الظلمات إلى المساجد بالنور الساطع يوم القيامة وعن علي عليه السلام ان الله تبارك وتعالى ليريد عذاب أهل الأرض جميعا حتى لا يحاشى فيهم أحد فإذا نظر إلى
الشيب (ناقلي) اقدامهم إلى الصلوات أو الولدان يتعلمون القرآن رحمهم الله فاخر ذلك عنهم وروى الكليني عن جابر عن أبي جعفر عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لجبرئيل اي البقاع أحب إلى الله
قال المساجد وأحب أهلها أولهم دخولا واخرهم خروجا منها وما ذكرنا انما هو في حق الرجال واما النساء فأكثر
الأصحاب ان المستحب لهن ان لا يحضرن المساجد لكون ذلك أقرب
إلى الاستتار المطلوب منهن وعن أبي عبد الله عليه السلام خير مساجد نسائكم البيوت رواه الشيخ عن يونس بن ظبيان عنه عليه السلام ثم المساجد مع اشتراكها في مطلق الفضيلة تختلف بحسب مقدارها
فبعضها أفضل من بعض فمسجد الحرام أفضل من غيره وفي اجزاء مسجد الحرام أيضا اختلاف في الفضيلة ثم مسجد النبي صلى الله عليه وآله ثم مسجد الأقصى والكوفة والصلاة في مسجد الأعظم
أفضل من مسجد القبيلة والصلاة في مسجد القبيلة أفضل من الصلاة في مسجد السوق والصلاة في مسجد السوق أفضل من الصلاة في البيت ولنذكر طرفا من الأخبار الدالة على
ما ذكرنا من غير استقصاء فروى الشيخ في باب تحريم المدينة وفضلها في الصحيح عن معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سأله ابن أبي يعفور كم أصلي فقال صلى ثمان ركعات عند
زوال الشمس فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال الصلاة في مسجدي كالف في غيره الا المسجد الحرام (فان الصلاة في المسجد الحرام) تعدل الف صلاة في مسجدي وفي الصحيح عن معاوية بن وهب عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
صلاة في مسجدي مثل الف صلاة في غيره الا المسجد الحرام فإنها خير من الف صلاة وفي الصحيح عن صفوان وفضالة وابن أبي عمير عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله
كم يعدل الصلاة فيه فقال قال رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة في مسجدي هذا أفضل من الف صلاة في غيره الا المسجد الحرام وروى الكليني في كتاب الزيارات في الصحيح عن ابن مسكان عن أبي
الصامت قال قال أبو عبد الله عليه السلام صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بعشرة آلاف صلاة وعن هارون بن خارجة قال الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله تعدل عشرة آلاف صلاة وروى الكليني والصدوق
عن خالد بن ماذا القلانسي عن الصادق عليه السلام أنه قال مكة حرم الله وحرم رسول الله صلى الله عليه وآله وحرم علي بن أبي طالب عليه السلام الصلاة فيها بمأة الف صلاة والدرهم فيها بمأة ألف درهم والمدينة
حرم الله وحرم رسوله صلى الله عليه وآله وحرم علي بن أبي طالب عليه السلام الصلاة فيها بعشرة آلاف صلاة والدرهم فيها بعشرة آلاف درهم والكوفة حرم الله وحرم رسوله وحرم علي بن أبي طالب عليه السلام والصلاة
فيها بألف صلاة وسكت عن الدرهم ولعل المراد الصلاة في مساجدها ويشهد لذلك ما رواه الشيخ عن عمار بن موسى في الموثق عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الصلاة في المدينة
هل هي مثل الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا ان الصلاة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله الف صلاة والصلاة في المدينة مثل الصلاة في ساير البلدان وقال ابن بابويه وروى أبو حمزة
246

الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال من صلى في المسجد الحرام صلاة مكتوبة قبل الله منه في كل صلاة صلاها منذ يوم وجبت عليه الصلاة وكل صلاة يصليها إلى أن يموت ونقل المصنف
عن ابن بابويه انه روى عن الحسين بن خالد عن أبي الحسن الرضا عليه السلام عن ابائه عليهم السلام قال قال محمد بن علي الباقر صلاة في المسجد الحرام أفضل من مأة الف صلاة في غيره من المساجد وعن سعد بن
صدقة عن الصادق جعفر بن محمد عن ابائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة في مسجدي تعدل عند الله عشرة الف صلاة في غيره من المساجد الا المسجد الحرام فان الصلاة فيه تعدل
مأة الف صلاة وروى الشيخ عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله عليه السلام قال قال لي يا هارون بن خارجة كم بينك وبين مسجد الكوفة يكون ميلا قلت لا قال أفتصلي فيه الصلوات كلها قلت
لا فقال إما لو كنت حاضرا بحضرته لرجوت ان لا يفوتني فيه صلاة وتدري ما فضل ذلك الموضع ما من عبد صالح ولا نبي الا وقد صلى في مسجدكم حتى أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما اسرى (الله) به
قال له جبرئيل أتدري أين أنت يا رسول الله صلى الله عليه وآله الساعة أنت مقابل مسجدكم فان قال فاستأذني لي ربي عز وجل حتى آتيه فاصلي فيه ركعتين فاستأذن الله عز وجل فاذن له وان
ميمنته لروضة من رياض الجنة وان وسطه لروضة من رياض الجنة وان مؤخره لروضة من رياض الجنة وان الصلاة المكتوبة فيه لتعدل بألف صلاة وان النافلة فيه لتعدل بخمسمائة
صلاة وان الجلوس فيه بغير تلاوة ولا ذكر لعبادة ولو علم الناس ما فيه لأتوه ولو قال وعن عبد الله ابن يحيى الكاهلي عن أبي عبد الله عليه السلام قال جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام وهو في مسجد الكوفة
فقال السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته فرد عليه فقال جعلت فداك اني أردت المسجد الأقصى فأردت ان أسلم عليك وأودعك فقال وأي شئ أردت
بذلك فقال الفضل جعلت فداك فبع راحلتك وكل زادك وصل في هذا المسجد فان الصلاة المكتوبة فيه حجة مبرورة والنافلة عمرة مبرورة والبركة منه على اثنى عشر ميلا
يمينه يمن ويساره مكر وفي وسطه عين من دهن وعين من لبن وعين من ماء شراب للمؤمنين وعين من ماء طهر للمؤمنين منه سارت سفينة نوح وكان فيه نسر ويغوث ويعوق صلى فيه سبعون
نبيا وسبعون وصيا وانا أحدهم وقال بيده على صدره ما دعا فيه مكروب بمسألة في حاجة من الحوائج الا اجابه الله وفرج كربته قوله عليه السلام يساره مكر يعني منازل الشياطين كذا
فسر عليه السلام في حيز (خير) وروى ابن بابويه عن الإصبع بن نباته أنه قال بينما نحن ذات يوم حول أمير المؤمنين عليه السلام في مسجد الكوفة إذ قال يا أهل الكوفة لقد حباكم الله عز وجل ما لم يحب به أحدا
من فضل مصلاكم بيت ادم وبيت نوح وبيت إدريس ومصلى إبراهيم الخليل ومصلى أخي الخضر عليه السلام ومصلاي وان مسجدكم هذا الاحد الأربعة مساجد التي اختاره الله عز وجل لأهلها
وكأني به قد أوتي يوم القيامة في ثوبين أبيضين يشبه بالمحرم ويشفع لأهله ولمن يصلي فيه فلا ترد شفاعته ولا تذهب الأيام والليالي حتى ينصب الحجر الأسود فيه وليأتين عليه
زمان يكون المصلي المهدي من ولدي ولا يبقى على الأرض مؤمن الا كان به أو حن قلبه إليه فلا تهجروه وتقربوا إلى الله عز وجل بالصلاة فيه وارغبوا إليه في قضاء حوائجكم فلو
يعلم الناس بما فيه من البركة لأتوه من أقطار الأرض ولو حبوا على الثلج قال ابن بابويه وقال أبو جعفر عليه السلام لأبي حمزة الثمالي المساجد الأربعة المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ومسجد بيت
المقدس ومسجد الكوفة يا أبا حمزة الفريضة فيها تعدل حجة والنافلة تعدل عمرة وعن أمير المؤمنين عليه السلام لا تشد الرجال (الرحال) الا إلى ثلثة مساجد المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ومسجد
الكوفة وروى الشيخ عن نجم بن حليم عن أبي جعفر الباقر عليه السلام قال لو يعلم الناس ما في مسجد الكوفة لأعدوا له الزاد والرواحل من مكان بعيد ان صلاة فريضة فيه تعدل حجة وصلاة
نافلة تعدل عمرة وعن الإصبع بن نباته عن أمير المؤمنين عليه السلام قال النافلة في هذا المسجد تعدل عمرة مع النبي صلى الله عليه وآله والفريضة تعدل حجة مع النبي صلى الله عليه وآله وقد صلى فيه الف نبي وألف وصي وروى
الشيخ عن أبي حمزة الثمالي ان علي بن الحسين عليه السلام اتى مسجد الكوفة عمدا عن المدينة فصلى فيه أربع ركعات ثم عاد حتى ركب راحلته واخذ الطريق وقال ابن بابويه وقال علي عليه السلام صلاة في
بيت المقدس تعدل الف صلاة وصلاة في المسجد الأعظم تعدل مائة الف صلاة وصلاة في مسجد القبيلة تعدل خمسا وعشرين وصلاة في مسجد السوق تعدل اثني عشر صلوات وصلاة
الرجل في بيته صلاة واحدة والظاهر أن المراد بالمسجد الأعظم في هذا الخبر المسجد الحرام وفي بعض النسخ الحرام بدل على الأعظم وروى الشيخ هذا الخبر عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام
لكن فيه وصلاة في المسجد الأعظم مأة صلاة وعلى هذا فالمراد به المسجد الأعظم في البلد وتختص في الفضيلة مساجد أخرى كمسجد السهلة ومسجد الخيف ومسجد الغدير ومسجد
قبا ومسجد الفضيح ومسجد براثا في غربي بغداد قال الشهيد وهو اليوم معلوم وقد صليت فيه إلى غير ذلك من المساجد وقد ورد بفضلها اخبار مذكورة في كتب الأصحاب وفي
هذا المقام سؤالات الأول ان المستفاد من الأخبار السابقة ان الصلاة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وقد روى الشيخ في الحسن عن الحسن بن علي الرشا عن الرضا عليه السلام
قال سألته عن الصلاة في المسجد الحرام والصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله في الفضل سواء قال نعم والصلاة فيما بينهما تعدل الف صلاة فما وجه التأويل والجمع بين الاخبار والجواب انه
يمكن حمل هذا الخبر على أن المراد استوائهما في مجرد ثبوت الفضل وان اختلفا في مرتبته لكنه تأويل بعيد وقوله عليه السلام والصلاة فيما بينهما فيه اجمال ولو كان المراد الصلاة فيهما زاد
اشكال البعد ومأول بان المراد ثبوت المضاعفة المذكورة فيهما جميعا وان اختص أحدهما بالزيادة وبالجملة لا محيص الا التأويل المذكور أو الاطراح حيث دلت الأخبار الكثيرة
الواضحة المعمولة على خلافه الثاني مقتضى الاطلاق في اثبات الفضيلة للمسجد الحرام يقتضي اثباتها للكعبة أيضا لكونها من اجزاء المسجد مع أن الصلاة فيها مكروهة فيلزم تساوى
المكروه مع غيره في الفضل والجواب بعد تسليم صدق عنوان مسجد الحرام على الكعبة ان المتبادر والمنساق إلى الذهن عن اطلاقه وما عدا الكعبة وشمول المفرد المعرف باللام
لما عد المتبادر السابق إلى الذهن غير واضح ولو سلم فنقول ما دل على ثبوت الأفضلية لاجزاء المسجد مطلقا مخصص بما دل على النهي عن الصلاة في الكعبة وقد أجيب عنه أيضا بان استواء
اجزاء المساجد في الفضيلة المذكورة أعني المضاعفة بعدد معين لا يقتضي استواءها في مرتبة الفضيلة إذ يجوز ان يكون العدد الذي بإزاء الصلاة في بعض اجزاء المسجد مختصا
بفضيلة وثواب زائد على ما ثبت للعدد الذي بإزاء الصلاة في البعض الأخر ويجوز أيضا اشتراك الكل في المضاعفة بالعدد المعين واختصاص بعض الأجزاء بزيادة على
العدد المعلوم وفيه ان الظاهر من النهي عن الصلاة في الكعبة رجحان الصلاة خارج المسجد أيضا بالنسبة إليها فلا تثبت لها المضاعفة المذكورة وما ذكر من جواز اختلاف العددين
في الفضيلة خلاف الظاهر إذ الظاهر أن المراد ان الصلاة الواحدة في المسجد الحرام ومسجد النبي صلى الله عليه وآله مثل الف صلاة في غيرهما إذا فرضت الصلوتان بوجه واحد من استجماع الشرايط و
المكملات وعدمها الا باعتبار المكان وحينئذ لا وجه للتجويز المذكور الثالث ان الصلاة إلى قبر النبي صلى الله عليه وآله من غير حائل أو بعد عشرة أذرع مكروهة ومقتضى اطلاق ثبوت الفضيلة
المذكورة يقتضي ثبوتهما أيضا فيلزم تساوى المكروه من غيره والجواب بعد تسليم كراهة الصلاة إلى القبر ومساوات قبر النبي صلى الله عليه وآله لغيره من المقابر في اعتبار كراهة الصلاة إليه
ان النسبة بين العامين عموم من وجه فيجوز تخصيص كل منهما للاخر فان قلنا بتخصيص اخبار الكراهة باخبار المضاعفة ثبت المضاعفة بدون الكراهة وان قلنا بعكسه
انعكس الحكم وعلى التقديرين لا يلزم مساواة المكروه لغيره الرابع اجزاء المسجد الحرام مختلفة في الفضيلة وكذا مسجد النبي صلى الله عليه وآله فكيف الوجه في ثبوت المضاعفة بعدد معين للاجزاء
جميعا والجواب ان المساواة في المضاعفة المذكورة لا تقتضي المساواة في مرتبة الفضيلة وحدها كما أشير إليه في الجواب عن السؤال الثاني ويمكن ان يقال كل جزء من اجزاء المسجد
ثبت للصلاة فيها المساواة للعدد الكائن في غير المسجد لكن العدد الذي بإزاء البعض ما كان في مكان غير شريف والذي بإزاء البعض الأخر ما كان في مكان أشرف منه و
هكذا فيثبت المساواة في المضاعفة المذكورة مع المخالفة في مراتب الفضيلة لكن استثناء المسجد الحرام في قوله صلى الله عليه وآله صلاة في مسجدي مثل الف صلاة في غيره الا المسجد الحرام ينافي
هذا الوجه فتدبر الخامس المستفاد من كثير من الأخبار السابقة ان الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله تعدل الف صلاة في غيره والمستفاد من بعضها انها أفضل من الف صلاة في غيره فما وجه الجمع
والجواب انه يجوز أن تكون المعادلة باعتبار الثواب والأفضلية باعتبارات أخرى كالأخفية والأسهلية فان العملين إذا استويا في الثواب والاجر كان اخفهما وأسهلهما أفضل ويجوز ان يكون
247

المراد بالمعادلة اشتماله على ثواب العدد ولا ينافيه الزيادة عليه في الفضيلة ولهذا أجاب عليه السلام في خبر جميلة بالأفضلية لما سئل عن المعادلة ويجوز ان يكون المساواة والأفضلية (تختلف)
بحسب احتمال اشخاص المصلين وأحوالهم فيثبت كل منهما لبعض الاشخاص دون بعض أو على بعض (الأحوال) دون بعض السادس قد ظهر بعض الأخبار الصحيحة ان صلاة في مسجد الحرام تعادل
الف صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وقد ثبت ان صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله تعادل الف صلاة في غيره ويلزم من ذلك أن صلاة في المسجد الحرام تعادل الف الف صلاة من غيره وبعض الأخبار السابقة
الدالة على أن صلاة في المسجد الحرام تعادل مأة الف صلاة في غيره ينافي ذلك ما الوجه في ذلك وقد يقال في جوابه ان المأة الف المذكورة في الخبر ليس فيها تعيين موضع
الصلاة فيمكن ان يقع في أماكن مختلفة الفضيلة بحيث تعادل الف الف فان المأة الف يحتمل نقصانها عن الف الف كما هو الظاهر ويحتمل زيادتها عليه كما إذا اتفق مجموعه في مسجد النبي صلى الله عليه وآله
ويمكن فرضها على وجه يساوى الف الف فليحمل عليه جمعا بين الاخبار وفيه نظر لان مقتضى الخبر الذي استفيد منه معادلتها لألف الف معادلتها لذلك العدد في اي
مكان اتفق ذلك العدد الا مسجد النبي صلى الله عليه وآله سواء كان شريفا أو غيره كما يفهم من الاستثناء الواقع في ذلك الخبر وحينئذ لا يمكن التوفيق الا بان يفرض بعض المأة الف في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وبعضها
في غيره ولا يمكن فرض ذلك على وجه يساوى الف الف لان أقرب الاحتمالات ان يفرض تسعمأة وواحدة منها في مسجد النبي صلى الله عليه وآله والباقي تمام المأة الف في غيره وهو يزيد على الف الف
بتسعة وتسعين الا ان يقال الامر مبنى على التخمين والكسور مغتفرة في مثله غير ملحوظة في الاطلاقات كما هو شائع في مجارى العادات وعلى هذا يحصل الجمع بهذا الوجه ويمكن الجمع بان
يقال الامر في ذلك يختلف بحسب الاشخاص أو الأحوال أو خصوصيات الصلوات مثلا الصلاة المشتملة على أقل الواجبات فيه تقتضي المضاعفة بقدر ما والمشتملة على المندوبات و
المكملات توجب المضاعفة بمقدار أكثر بناء على أن أصل ايقاع أفعال الصلاة كما يقتضي المضاعفة وازدياد الثواب يمكن ان يقتضي وقوع الخصوصيات المستحبة والمكملات المندوبة
ازدياد الثواب أيضا بعدد معين وبهذا الوجه يمكن تصحيح الاختلاف في عدد المضاعفة وكذلك يمكن أن تكون صلاة الصبح مثلا تقتضي المضاعفة بمقدار وصلاة الظهر تقتضي ضعف
المقدار الأول وعلى هذا القياس السابع ان المستفاد من بعض الأخبار السابقة ان الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بألف ومن بعضها بعشرة آلاف فما الوجه فيه ويمكن ان يستفاد جوابه مما قدمنا
ذكره ويمكن الجواب بوجه آخر وهو ان المستفاد من خبر الألف مساواتها الألف صلاة في اي موضع اتفق الا المسجد الحرام واما اخبار العشرة آلاف فليس في أكثرها التعميم فيمكن حملها على
موضع لا يكون له مزيد فضيلة بحيث يساوى عشرة آلاف صلاة فيه لألف صلاة من (في) غيره من المواضع المتصفة بمزيد الفضيلة نعم لا يستقيم هذا الوجه في بعضها مما دل على التعميم
المذكور الثامن ان المستفاد من كثير من الأخبار السابقة ان الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بألف والمستفاد من بعضها ان الصلاة في مسجد الكوفة بألف ويلزم من ذلك لتساويهما (في) بالفضل مع أنه
نقل الاجماع على بطلانه فقد دلت الاخبار عليه وكذلك الكلام فيما دل على أن الصلاة في المسجد الأقصى بألف
والجواب ان الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بألف الف صلاة في اي موضع اتفق وإن كان مسجد
الكوفة أو الأقصى كما يفهم من الاستثناء المذكور في اخبار فضل صلاة مسجد النبي صلى الله عليه وآله والصلاة في مسجد الكوفة الف صلاة من غير مسجد النبي صلى الله وعليه واله إذ لا تعميم فيه ولا تعيين فلا
يلزم المساواة وكذا الكلام في مسجد الأقصى ومما ذكرنا يعلم أن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله الف الف صلاة والصلاة في المسجد الحرام الف الف صلاة بل إذا اعتبرنا ما دل على أن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله
بعشرة آلاف في غيره الا المسجد الحرام زاد عدد المضاعفة اضعاف مضاعفة التاسع قوله صلى الله عليه وآله صلاة في مسجدي كالف في غيره يدخل في اطلاق الغير باقي المساجد والأماكن التي يتسحب فيها الصلاة
أو يباح أو يكره إذا لم يذكر وكان خاص بل صرح بالتعميم ويلزم من ذلك مساواة الفاضل للمفضول والجواب ان المراد ان المضاعفة بهذا القدر ثابت للصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وآله بالنسبة إلى جميع
المواضع فاضلا كان أو غيره ولا ينافي ذلك زيادة المضاعفة بالنسبة إلى الصلاة في بعض الأماكن فلا يلزم مساواة الفاضل للمفضول (والتشريف) للمشروف وعلى هذا فلفظ المعادلة
المذكورة في بعض الأخبار مصروفا عن معناه الظاهر ولا ضير فيه العاشر المضاعفة المذكورة للمسجدين هل يختص بما كان في زمن النبي صلى الله عليه وآله أو يشمل ما زيد عليه والخبر مجمل فالتحقيق في هذا
248

الباب والجواب ان كلا الامرين محتمل ولا دليل على التعيين وبعض الأخبار يؤيد الأول روى الشيخ في الحسن بإبراهيم عن زرارة قال قلت لأبي جعفر عليه السلام ما تقول في النوم في المساجد فقال
لا باس الا في المسجدين مسجد النبي صلى الله عليه وآله ومسجد الحرام قال وكان يأخذ بيدي في بعض الليل فيتنحى ناحية ثم يجلس فيتحدث في المسجد الحرام فربما نام فقلت له في ذلك انما يكره ان ينام في المسجد
الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فاما الذي في هذا الموضع فليس به باس وفي بعض الأخبار ان بيت علي وفاطمة عليهما السلام أفضل من ما بين القبر والروضة وفي الاخبار أيضا ان الصلاة
في بيت فاطمة أفضل من الروضة وفي الاخبار أيضا ما يدل بظاهره على أن ما بين الروضة إلى البقيع من رياض الجنة وفي الاخبار أيضا بعض التحديدات لمسجد النبي صلى الله عليه وآله وفي بعضها انه
كان ثلثة آلاف وستمأة ذراع مكسر وصلاة النافلة في المنزل هذا الحكم مشهور بين الأصحاب ونسبه المصنف في المنتهى إلى علمائنا ومؤذنا بدعوى الاجماع عليه وقال في المعتبر انه فتوى
علمائنا وذكره الشيخ ونقل عن الشهيد الثاني انه رجح في بعض فوائده رجحان فعلها في المسجد أيضا كالفريضة حجة الأصحاب على الأول ان العبادة في حال الاستتار أبلغ في الاخلاص و
قد تبين هذا المعنى في قوله تعالى ان تبدوا الصدقات فنعما هي وان تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم يريد النوافل وما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته الا
المكتوبة وعن زيد بن ثابت قال نبأ (جاء) رجال يصلون بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج مغضبا وأمرهم ان يصلوا النوافل في بيوتهم وفي الكل ضعف والقول الأخير حسن وقد مر اخبار كثيرة دالة
عليه في المسألة المتقدمة كصحيحة ابن أبي عمير وصحيحة معاوية بن عمار ورواية هارون بن خارجه ورواية عبد الله ابن يحيى الكاهلي ورواية أبي حمزة ورواية نجم بن حطيم ورواية الأصبغ والعمومات
الكثيرة وقد مر عند شرح قول المصنف وكلما قرب من الفجر كان أفضل خبر صحيح دال على أن النبي صلى الله عليه وآله يصلى صلاة الليل في المسجد ويستحب اتخاذ المساجد هذا اجماعي بين أهل الاسلام
قال الله تبارك وتعالى انما يعمر مساجد الله من امن بالله واليوم الآخر وروى الكليني والشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبيدة الحذاء قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول من بنى
مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة قال أبو عبيدة فمر بي أبو عبد الله في طريق مكة وقد سويت أحجار المسجد فقلت جعلت فداك ترجوا ان يكون هذا من ذاك فقال نعم وقد ورد في بعض
الروايات عن الباقر (ع) من بنى مسجدا كمفحص قطاة بنى الله له بيتا في الجنة مفحص القطاة هو الموضع الذي تجثم فيه وتبيض كأنها تفحص عنه التراب اي تكشفه قال ابن الأثير وهذا التشبيه
مبالغة في الصغر ويمكن ان يكون إشارة إلى عدم الاحتياج إلى الجدران بل يكفي رسمه ويستحب اتحادها مكشوفة ويدل عليه روايات منها ما رواه الكليني والشيخ في الحسن
بإبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال سمعته يقول إن رسول الله بنى مسجده بالسميط ثم إن المسلمين كثروا فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله لو أمرت بالمسجد فزيد فيه فقال
نعم فامر به فزيد فيه وبنى (بالسعيدة) ثم إن المسلمين كثروا فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله لو أمرت بالمسجد فزيد فيه فقال نعم فامر به فزيد فيه وبنى جداره بالأنثى والذكر ثم اشتد عليهم
الحر فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله لو أمرت بالمسجد فظلل فقال نعم فامر به فأقيمت فيه سواري من جزوع (جذوع) النخل ثم طرحت عليه العوارض والخصف والإذخر فعاشوا فيه حتى أصابهم
الأمطار فجعل المسجد يكف عليهم فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وآله لو أمرت بالمسجد فطين فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وآله لا عريش كعريش موسى فلم يزل كذلك حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وكان جداره
قبل ان يظلل قامة فكان إذا كان الفي ذراعا وهو قدر مربض عنز صلى الظهر فإذا كان ضعف ذلك صلى العصر وقال السميط لبنة (لبنه) والسعيدة لبنة ونصف والأنثى والذكر
لبنتان مخالفتان ومنها ما رواه الشيخ في الحسن بمحمد بن عيسى الأشعري والكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي قال سألته عن المساجد المظللة يكره المقام فيها قال نعم ولكن لا يضركم
الصلاة فيها اليوم ولو كان العدل لرأيتم أنتم كيف يصنع في ذلك ومنها ما رواه ابن بابويه مرسلا عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال أول ما يبدأ به قائمنا سقوف المساجد فيكسرها ويأمر بها
فيجعل عريشا كعريش موسى إذا عرفت هذا فاعلم أن ظاهر كلام الأصحاب كراهية التظليل مطلقا والاخبار لا نساعد على ذلك لان المستفاد من الخبر الأول كراهة التسقيف خاصة دون التظليل
248

بغيره وانها لا تزول بالاحتياج إلى التسقيف وكذا المستفاد من الخبر الأخير كراهة التسقيف حسب والخبر الثاني وإن كان بلفظ المظللة مطلقا لكن لما كان المتعارف الشائع منها المسقفة أمكن
انصراف المفرد المعرف باللام إليها قال الشهيد في الذكرى بعد أن ذكر كراهة التظليل وقد سلف ان النبي صلى الله عليه وآله ظلل مسجده ولعل المراد به تظليل جميع المسجد أو تظليل خاص أو في
بعض البلاد والا فالحاجة ماسة إلى التظليل لدفع الحر والبرد لا يخفى انه لو قيل باختصاص الكراهة بالسقف وانها لا تزول بالحاجة كان حسنا ووجهه بعضهم بان هذا القدر
من التظليل يدفع اذى الحرارة والبرودة ومع المطر لا يتأكد استحباب التردد إلى المساجد كما يدل عليه اطلاق النهي عن التسقيف وما اشتهر من قوله عليه السلام إذا ابتلت النعال فالصلاة
في الرحال والنعال وجه الأرض الصلبة قاله الهروي في الغريبين وقال ابن الأثير النعال جمع نعل وهو ما غلظ من الأرض في صلابة وانما خصها بالذكر لان (أدنى) بلل ينديها بخلاف
الرخوة فإنها تنشف الماء وقال الجوهري النعل الأرض الغليظة يبرق حصاها ولا تنبت شيئا ويستحب جعل الميضاءة وهي المطهرة للحدث والخبث على بابها لما رواه الشيخ عن إبراهيم بن
عبد الحميد عن أبي إبراهيم عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وبيعكم وشراءكم واجعلوا مطاهركم على أبواب مساجدكم وابد بأنه لو جعلت داخلها لتأذي المسلمون
برائحتها وهو مطلوب الترك ومنع ابن إدريس عن جعل الميضاءة في وسط المسجد قال في الذكرى وهو حق ان لم يسبق المسجد وهو حسن وذكر المصنف والمتأخرون عنه كراهة الوضوء من
البول والغائط داخل المسجد لما رواه الشيخ عن رفاعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الوضوء في المسجد فكرهه من الغائط والبول وحكم الشيخ في النهاية بعدم جواز ذلك وتبعه ابن إدريس
ومنع في المبسوط عن إزالة النجاسة في المساجد وعن الاستنجاء من البول والغائط قال في الذكرى وكانه فسر الرواية بالاستنجاء ولعله مراده في النهاية وهو حسن وما ذكره غير بعيد وجعل
المنارة مع حائطها مستنده غير واضح وعلله المصنف في النهاية بان فيه التوسعة ورفع الحجاب بين المصلين وفيه ضعف وأطلق الشيخ في النهاية المنع من جعل المنارة في وسط المسجد وهو حق
ان (ثبت) المسجدية وذكر أكثر الأصحاب كراهة تطويل المنارة زيادة عن سطح المسجد لئلا يشرف المؤذن على الجيران روى الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن ابائه عليهم السلام ان عليا عليه السلام
مر على منارة طويلة فامر بهدمها ثم قال لا ترفع المنارة الا مع سطح المسجد ويستحب تقديم الرجل اليمنى دخولا وتقديم الرجل اليسرى خروجا علله في المعتبر بان اليمين أشرف فيدخل
بها إلى الموضع الشريف وبعكسه الخروج ويستحب الدعاء عندهما لان المساجد مظنة الإجابة وروى الشيخ عن العلا بن الفضيل عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا دخلت المسجد وأنت تريد ان تجلس
فلا تدخله الا طاهرا وإذا دخلته فاستقبل القبلة ثم ادع الله واسأله وسم حين تدخله واحمد الله وصل على النبي صلى الله عليه وآله وفي الموثق عن سماعة قال إذا دخلت المسجد فقل بسم الله والسلام
على رسوله الله صلى الله عليه وآله ان الله وملائكته يصلون على محمد وآل محمد والسلام عليهم ورحمة الله وبركاته رب اغفر لي ذنوبي وافتح لي أبواب فضلك وإذا خرجت فقل مثل ذلك وروى ابن
بابويه في الحسن عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال من دخل سوقا أو مسجد جماعة فقال مرة واحدة اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له والله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله
بكرة وأصيلا وصلى الله لا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم وصلى الله على محمد واله عدلت حجة مبرورة وتعاهد النعل عند الدخول وهو استعلام حاله استظهارا للطهارة و
الحق به ما كان مظنة النجاسة كالعصا ويدل عليه ما رواه الشيخ عن عبد الله بن ميمون القداح عن جعفر عن أبيه عليهما السلام ان عليا عليه السلام قال قال النبي صلى الله عليه وآله تعاهدوا نعالكم عند أبواب مساجدكم قال
الجوهري التعهد التحفظ بالشئ وتجديد العهد به وهو أفصح من قولك تعاهدت لان التعاهد انما يكون بين اثنين وإعادة المستهدم بكسر الدال وهو المشرف على الانهدام فإنه في
معنى عمارتها فيدخل تحت عموم الآية وكنسها وهو جمع كناستها بضم الكاف اي قمامتها واخراجها من المسجد لما فيه من تعظيم شعائر الله وترغيب الناس إلى التردد إليه فيصان عن الخراب ويتأكد
الاستحباب في يوم الخميس وليلة الجمعة لما رواه الشيخ عن عبد الحميد عن أبي إبراهيم عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من كنس المسجد يوم الخميس وليلة الجمعة فاخرج من التراب ما بذر في العين غفر الله
له والتقدير يكون التراب مما يذر في العين مبالغة في المحافظة على كنس المساجد وإن كانت نظيفة أو على فعل ما تيسر وان لم يستوعبها والاسراج فيها ليلا لكونه احسانا بالنسبة إلى
المترددين ولما رواه الشيخ من انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أسرج في مسجد من مساجد الله أسراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش يستغفرون له ما دام في ذلك المسجد ضوء من ذلك السراج ولا
يشترط تردد المصلين لعموم النص ولا يتوقف على اذن الناظر إذا كان من مال المسرج ولو كان من مال المسجد اعتبر ذلك ولو لم يكن للمسجد ناظرا معين استأذن الحاكم فان تعذر لم يبعد جواز
ذلك لآحاد المسلمين ويجوز نقض المستهدم خاصة بل قد يجب إذا خيف من انهدامه على أحد من المترددين ولا يشترط في جواز النقض العزم على الإعادة لان المقصود منه دفع الضرر وهو
حاصل بدون ذلك والظاهر جواز النقض للتوسعة لما مر في خبر عبد الله ابن سنان من أمر النبي صلى الله عليه وآله بها قال الشهيد في الذكرى لو أريد توسعة المسجد ففي جواز النقض وجهان من عموم المنع ومن أن
فيه احداث مسجد ولاستقرار قول الصحابة على توسعة مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله بعد انكارهم ولم يبلغنا انكار علي عليه السلام وقد أوسع السلف المسجد الحرام ولم يبلغنا انكار علماء ذلك العصر
قال نعم الأقرب ان لا ينقض الا بعد الظن الغالب بوجود العمارة ولو اخر النقض إلى اتمامها كان أولي الا مع الاحتياج إلى الآلات وهو حسن وتردد فيه الشارح الفاضل وصرح الشهيدان
بأنه يجوز احداث روزنة أو شباك أو باب ونحوه لمصلحة عامة وتصرف الآية في ذلك المسجد أو غيره وهو غير بعيد لكن في صرف الآية في غير المسجد مطلقا تأمل وفي جوازه لمصلحة خاصة كقرب
المسافة على بعض المصلين وجهان واستعمال (آلته كالفرش والسرج والأحجار ونحوهما في غيره من المساجد وقيده الشارح الفاضل وفاقا للشهيد باستغنائه عنها أو تعذر استعمالها فيه أو كون
الثاني اخرج لكثرة المصلين أو لاستيلاء الخراب عليه للمصلحة ولان المالك واحد هو الله والتعليل ضعيف وفي هذا الحكم نظر من أصله نعم لو تعذر صرفه فيه أو حصل الاستغناء بالكلية
في الحال والمال لم يبعد جواز ذلك قال الشارح الفاضل واولى بالجواز صرف غلة وقفه ونذره على غيره بالشروط ولا يجوز لغير ذلك وقال في شرح الشرايع وليس كذلك المشهد فلا يجوز
صرف ماله إلى مشهد اخر ولا مسجد ولا صرف مال المسجد إليه مطلقا وفي الأولوية المذكورة نظر لتعلق النذر والوقف بمحل معين فكيف يجوز صرفها في غيره وفي الفرق بين المشهد
وغيره بعد وعلة الفرق غير واضحة نعم لم يبعد ما ذكره في صورة تعذر صرفه فيه وفي صورة الاستغناء التام حالا ومنالا لما في ابقاءه من التعريض للاتلاف لكن في تعيين صرفها في
مسجد اخر حينئذ اشكال إذ لا دليل عليه بل لا يبعد حينئذ صرفها في وجوه القربات والمقام محل اشكال وتردد ويكره جعل الشرف للمسجد بضم الشين وفتح الراء جمع شرفه بسكون الراء وهي ما
يجعل في أعلى الجدران والأصل في هذا الحكم ما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن ابائه عليهم السلام عن علي عليه السلام انه رأى مسجدا بالكوفة وقد شرف فقال كأنه بيعة وقال إن
المساجد لا يشرف بل يبنى جما والتعلية لأنه مخالف للسنة النبي صلى الله عليه وآله في مسجده والمحاريب الداخلة في الحائط ذكر ذلك الشيخ وجماعة من الأصحاب واحتج عليه في المعتبر (وغيره) بما رواه الشيخ عن طلحة بن زيد
عن جعفر عن أبيه عن ابائه عن علي عليه السلام انه كان يكسر المحاريب إذا رآها في المساجد ويقول كأنها مذابح اليهود والرواية غير واضحة الدلالة على كراهة المحاريب الداخلة في الحايط بل في لفظ
الكسر اشعار بان المراد منها المحاريب الداخلة في المسجد والشارح الفاضل (عمم) الحكم بالنسبة إليهما وقيد الدخول بكونه كثيرا ونسب الأول إلى جماعة من الأصحاب والثاني إلى الرواية المذكورة
وجعلها طريقا إذا لم يتضمن تغيير صورة المسجد والا حرم والبيع فيها والشراء وتمكين المجانين لما رواه الشيخ في الحسن عن علي بن أسباط عن بعض رجاله عن الصادق عليه السلام قال جنبوا مساجدكم
الشراء والبيع والمجانين والصبيان والاحكام والضالة والحدود ورفع الصوت ويدل عليه أيضا رواية عبد الحميد السابقة عند شرح قول المصنف والميضاءة على أبوابها وعن بعض
الأصحاب ينبغي ان يراد بالصبي من لا يوثق به إما من علم منه ما يقتضى الوثوق لمحافظته على التنزه من النجاسات وأداء الصلاة فإنه لا يكره تمكينه لأنه ينبغي القول باستحباب تمرينه
على فعل الصلاة في المسجد وانفاذ الاحكام يدل عليه الرواية المتقدمة وقال الشيخ في الخلاف وابن إدريس انه غير مكروه واستقر به المصنف في المختلف محتجا بان الحكم طاعة فجاز ايقاعها
في المساجد الموضوعة للطاعات وبان أمير المؤمنين عليه السلام حكم في مسجد الكوفة وقضى فيه بين الناس ودكة القضاء معروفة فيه إلى يومنا هذا وأجاب عن الرواية بالطعن في السند
249

واحتمال ان يكون متعلق النهي (انقاد) الاحكام كالحبس على الحقوق والملازمة فيها عليها وقال الراوندي الحكم المنهى عنه ما كان فيه جدل أو خصومة وربما قيل دوام الحكم فيها مكروه وأما إذا
اتفق في بعض الأحيان فلا ويحتمل تخصيص الكراهة بما يكون الجلوس لأجل ذلك لا بما إذا كان الجلوس لأجل
العبادة فاتفق صدور الدعوى والقول بعدم الكراهة المطلقة غير بعيد وتعريف
الضوال المنهي عنه في مرسلة علي بن أسباط السابقة وكذا يكره السؤال عنها فيها أيضا لما رواه ابن بابويه في الفقيه مرسلا ان النبي صلى الله عليه وآله سمع رجلا ينشد ضالة في المسجد فقال قولوا لأرد الله
عليك فإنها لغير هذا بنيت وروى الشيخ باسناد فيه محمد بن أحمد الهاشمي المجهول عن علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الشعر أيصلح ان ينشد في المسجد فقال لا باس وسألته عن الضالة
أيصلح ان ينشد في المسجد قال لا باس قال الشيخ لا تنافي بين الخبرين لان الخبر الأول محمول على ضرب من الكراهة والاخر محمول على الجواز وانشاد الشعر لما رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن
عبد الرحمن بن الحجاج عن جعفر بن إبراهيم وكانه الجعفري عن علي بن الحسين عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من سمعتموه ينشد الشعر في المساجد فقولوا له فض الله فاك انما نصبت المساجد للقرآن وقد
مر رواية علي بن جعفر عن أخيه موسى عليه السلام لا باس بانشاد الشعر وهو لا ينافي الكراهة قال الشهيد في الذكرى بعد نقل الرواية وليس ببعيد حمل إباحة انشاد الشعر على ما (نقل منه) يقل به ويكثر
منفعته كبيت حكمة أو شاهد على لغة في كتاب الله أو سنة نبيه صلى الله عليه وآله وشبهه لأنه من المعلوم ان النبي صلى الله عليه وآله كان ينشد بين يديه البيت والأبيات من الشعر في المسجد ولم ينكر ذلك والحق به المدقق
الشيخ على مدح النبي صلى الله عليه وآله ومراثي الحسين عليه السلام وما ذكرا غير بعيد لما رواه في الصحيح عن علي بن يقطين انه سال أبا الحسن عليه السلام عن انشاد الشعر في الطواف فقال ما كان من الشعر لا باس به فلا باس
وإقامة الحدود للنهي عنه في مرسلة علي بن أسباط السابقة ورفع الصوت إذا تجاوز المعتاد للنهي عنه في المرسلة السابقة ولمنافاته الخشوع المطلوب في المسجد ولو في قرائة القرآن وعمل
الصنايع لما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله عن سل السيف في المسجد وعن برى النبل في المسجد وقال انما بنى لغير ذلك والتعليل مشعر بكراهة عمل جميع الصناعات
وقد مر أيضا عند شرح قول المصنف وتعريف الضوال وانشاد الشعر تعليل مشعر بذلك ولو لزم منه تعطيل المصلين حرم قطعا ودخول من فيه رائحة ثوم أو بصل وكذا غيرهما من
الروايح المؤذية لأنه يؤذي المجاور ولما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام عن أبيه عن ابائه عليهم السلام قال من اكل شيئا من المؤذيات ريحها فلا يقربن المسجد ويتأكد للكراهة في الثوم
لاستفاضة الروايات بالنهي لاكله عن قرب المسجد ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح والكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال سألته عن الثوم فقال انما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله
عنه لريحه وقال من اكل هذه البقلة الخبيثة فلا يقرب مسجدنا فاما من اكله فلم يأت المسجد فلا باس وفي الصحيح عن أبي بصير قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الثوم والبصل والكراث فقال لا باس
باكله نيار في القدر ولا باس ان يتداوى بالثوم ولكن إذا كان ذلك فلا يخرج إلى المسجد وروى الكليني في الموثق عن عبد الله ابن مسكان عن الحسن الزيات قال لما قضيت نسكي مررت
بالمدينة فسألت عن أبي جعفر عليه السلام فقالوا هو بينبع فاتيت ينبع فقال لي يا حسن أمسيت إلى هيهنا قلت نعم جعلت فداك كرهت ان اخرج ولا أراك فقال اني اكلت هذه البقلة يعني الثوم فأردت
ان أتنحى مسجد رسول الله صلى الله عليه وآله ونقل الشيخ في الاستبصار باسناد صحيح عن زرارة قال حدثني من أصدق من أصحابنا قال سئلت أحدهما عليهما السلام عن الثوم فقال أعد كل صلاة صليتهما ما دمت تأكله ثم
قال فالوجه في هذا الخبر ان تحمله على ضرب من التغليظ في كراهيته دون الخطر (الحظر) الذي يكون من (كل) ذلك يقتضي استحقاقه الذم والعقاب بدلالة الاخبار الأولة والاجماع الواقع على أن
كل هذه الأشياء لا يوجب إعادة الصلاة والتنخم والبصاق لما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم عن جعفر عن أبيه عليهما السلام
قال إن عليا عليه السلام قال البصاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنه وعن
عبد الله ابن سنان قال سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول من تنخع في المسجد ثم ردها في جوفه ثم لم تمر بداء في جوفه الا أبرأته وعن إسماعيل بن مسلم الشعيري عن جعفر عن أبيه عن ابائه عليهما السلام قال من
وقر بنخامته المسجد لقى الله يوم القيامة ضاحكا قد اعطى كتابه بيمينه وبإزائها روايات أخرى روى الشيخ عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له الرجل يكون في المسجد في الصلاة فيريد
250

ان يبصق فقال عن يساره وإن كان في غير صلاة فلا يبزق حذاء القبلة ويبرق عن يمينه وشماله وعن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال لا يبزقن أحدكم في الصلاة قبل وجهه ولا عن يمينه
وليبزق عن يساره وتحت قدمه اليسرى وعن محمد بن علي بن مهزيار قال رأيت أبا جعفر الثاني عليه السلام تفل في المسجد الحرام فيما بين الركن اليماني والحجر الأسود ولم يدفنه وعن عبيد بن زرارة قال سمعت
أبا عبد الله عليه السلام يقول كان أبو جعفر عليه السلام يصلي في المسجد فيبصق امامه وعن يمينه وعن شماله وخلفه على الحصا ولا يغطيه ولا يخفى ان ما دل (على) كراهة التنخم سالمة عن المعارض واما البصاق فيعارضه
الروايات المذكورة مع كونها أكثر وأقوى منه فالحكم بكراهته محل تأمل وقتل القمل فيستره بالتراب لم اقف في ذلك على نص وأسنده في الذكرى إلى الجماعة لان فيه استقذارا
يكرهه النفس فيغطيه بالتراب وقد دل الرواية السابقة على ستر البصاق ولا يبعد ان يكون الحكم في النخامة أيضا كذلك فيمكن ارجاع الضمير إلى الكل ورمى الحصى خذفا هذا هو المشهور وحرمه
الشيخ والأصل فيه ما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن ابائه عليهم السلام ان النبي صلى الله عليه وآله أبصر رجلا يخذف بحصاة في المسجد فقال ما زالت تلعن حتى وقعت ثم قال الخذف في النادي من
أخلاق قوم لوط ثم تلا عليه السلام وتأتون في ناديكم المنكر قال هو الخذف والرواية ضعيف السند فحملها على الكراهة غير بعيد واستفيد من الخبر كراهة الخذف في غير المسجد أيضا ويدل عليه
أيضا ما رواه الشيخ في باب اللباس والمكان من الزيادات عن زياد بن المنذر عن أبي جعفر في جملة حديث قال إن حل الأزرار في الصلاة والخذف بالحصى ومضغ الكندر في المجالس على ظاهر
الطريق من عمل قوم لوط قال الشارح الفاضل والمراد بالخذف هنا رمى الحصا بالأصابع كيف اتفق وان لم تكن على الوجه المذكور في رمى حصاة الجمار قال في صلى الله عليه وآله الخذف بالحصى الرمي به
بالأصابع ولا يخفى ان كلام أكثر أهل اللغة يخالف ذلك قال في النهاية هو رميك حصاة أو نواة يأخذها بين سبابتيك وترمى بها أو تتخذ مخذفة من خشب ثم ترمى بها الحصاة بين
ابهامك والسبابة وقال في ق (المقنعة) الحذف كضرب رميك بحصاة أو نواة أو نحوهما تأخذ بين سبابتيك تخذف به أو بمخذفة من خشب وقال في المغرب الخذف ان ترمى بحصاة أو نواة أو
نحوهما تأخذه بين سبابتيك وقيل إن تضع طرف الابهام على طرف السبابة وكشف العورة مع امن المطلع وعلله في المعتبر بان ذلك استخفاف بالمسجد وهو محل وقار ثم قال وقد روى
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال كشف السرة والفخذ والركبة في المسجد من العورة ويحتمل ان يكون مراد المصنف من العورة ما يجب ستره في الصلاة ويحتمل ان يكون مراده ما يستحب ستره فيها فيدخل
فيه المذكورات ويحرم الزخرفة هي النقش بالزخرف وأطلق المصنف في غير هذا الكتاب النقش من غير تقييد بالذهب وكذا المحقق في المعتبر وتبعهما الشهيد في الذكرى معللين بان ذلك
لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله فتكون بدعة وهو استدلال ضعيف ونقش الصور واحتج عليه الفاضلان بالتعليل السابق وبما رواه الشيخ عن عمرو بن جميع قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الصلاة
في المساجد المصورة فقال أكره ذلك ولكن لا يضركم اليوم ولو قد قام العدل لرأيتم كيف يصنع في ذلك والرواية ضعيفة السند لاشتمالها على عدة من المجاهيل ومع ذلك غير دالة
على التحريم والشهيد في البيان حرم زخرفها ونقشها وتصويرها بما فيه روح وكره غيره كالشجر وفي الدروس كره الجميع واتخاذ بعضها في ملك اي تملك بعضها أو طريق اي جعله طريقا
بحيث ينمحي صورة المسجدية فان ذلك تغيير للوقف وتخريب موضع العبادة ويمكن ان يكون المراد جعلها في ملك الغير أو في طريق مسلوك ومتى فعل ذلك وجب اعادتها الحال الأول
وبيع آلتها مع عدم الحاجة إلى بيعها لعمارته وان جوزنا صرف آلته في غيره من المساجد إما مطلقا أو على الشروط المنقولة عن بعضهم هناك اتجه الجواز هنا أيضا إذا كان المصلحة
في ذلك وتملكها بعد زوال اثارها لان العرصة داخلة في الوقف فلا يجوز تغييره وادخال النجاسة إليها سواء كان مع التلويث أم لا عند المصنف وهو ظاهر كلام جماعة منهم
ابن إدريس مدعيا الاجماع عليه والمشهور بين المتأخرين ان التحريم مختص بصورة التلويث وازالتها فيها علله في المعتبر بان ذلك يعود إليها بالتنجيس في مقتضاه اختصاص التحريم بما إذا
استلزم الإزالة تنجيس المسجد وبالجملة لا ريب في تحريمها مطلقا ان قلنا بتحريم الادخال (مطلقا) والا فالظاهر اختصاص التحريم بما إذا استلزمت الإزالة التلويث واستقرب المدقق الشيخ على عموم
المنع وإن كانت الإزالة فيما لا ينفعل كالكثير لما فيه من الامتهان المنافي لقوله صلى الله عيه وآله جنبوا مساجدكم النجاسة وهو ضعيف واخراج الحصا منها والصواب تقييده بما إذا كانت تعد من اجزاء
250

المسجد أو من آلاته إما لو كانت قمامة كان اخراجها مستحبا واختار المحقق في المعتبر كراهة اخراج الحصى والأصل في هذا الباب ما رواه الشيخ عن وهب بن وهب عن جعفر عن أبيه عن ابائه (ع) قال إذا
اخرج (الحصاة من المسجد فيقراها حكامها أو في مسجد اخر فإنها تسبح والرواية ضعيفة جدا قال النجاشي في شأن راويها انه
كان كذابا وقال الشيخ انه كان) قاضيا عاميا فلا تعويل على مثل هذه الرواية نعم إذا كان الحصى قيمة واعتذار بها عرفا اتجه التحريم إذا كان متضمنا للتضيع أو انتفاءها عن المسجد ومتى
أخرجت على الوجه الممتنع فتعاد لو خرج والتعرض للبيع جمع بيعة بالكسر وهو معبد النصاري والكنايس جمع كنيسة وهو معبد اليهود لأهل الذمة لاطلاق النهي عن التعرض لما في أيديهم المتناول
لذلك ولو كانت في ارض الحرب أو باد أهلها جاز استعمال آلتها في المساجد وكذا يجوز جعلها حينئذ مساجد وينقض منها ما لا بد منه في تحقق المسجدية ويدل عليه مضافا إلى أصل الإباحة
وعموم ما دل على جواز التصرف في هذين ما رواه الشيخ عن محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان عن صفوان عن عيص بن القسم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن البيع والكنايس هل يصلح نقضها لبناء
المساجد قال نعم
* (المقصد الخامس) * في الأذان والإقامة الاذان لغة الاعلام ومثله الاذن والايذان ومنه قوله تعالى فاذنوا بحرب من الله ورسوله اي اعلموا وعلى قرائة المد
معناه اعلموا من ورائكم بالحرب فيفيد المد التعدية والإقامة مصدر أقام بالمكان والتاء عوض عن الواو المحذوف لان أصله أقوام أو مصدر أقام الشئ بمعنى أرامه ومنه يقيمون الصلاة
والاذان شرعا اذكار مخصوصة وضعت للاعلام بأوقات الصلاة والإقامة اذكار مخصوصة عند إقامة الصلاة واتفق الأصحاب على أنهما وهي من الله تعالى وروى الكليني والشيخ في الحسن
بإبراهيم عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال لما هبط جبرئيل (ع) بالاذان على رسول الله صلى الله عليه وآله كان رأسه في حجر علي (ع) فاذن جبرئيل (ع) وأقام فلما انتبه رسول الله صلى الله عليه وآله قال يا علي سمعت قال نعم قال
حفظت قال نعم قال ادع بلالا فعلمه فدعا علي (ع) بلالا فعلمه وروى الكليني في الحسن بإبراهيم عن زرارة والفضيل عن أبي جعفر (ع) قال لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله السماء فبلغ البيت المعمور وحضرت
الصلاة فاذن جبرئيل وأقام فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وصف الملائكة والنبيون خلف محمد صلى الله عليه وآله وروى ابن بابويه في الصحيح عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) أنه قال لما اسرى برسول الله صلى الله عليه وآله حضرت
الصلاة فاذن جبرئيل قال الله أكبر الله أكبر قالت الملائكة الله أكبر الله أكبر فلما قال اشهد ان لا إله إلا الله قالت الملائكة خلع الأنداد فلما قال اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله قالت
الملائكة نبي بعث فلما قال حي على الصلاة قالت الملائكة حث على عبادة ربه فلما قال حي على الفلاح قالت الملائكة أفلح من اتبعه وقد اجتمعت العامة على نسبته إلى رؤيا عبد الله ابن زيد
في منامه ونقلوا موافقة عمر له في المنام وهو باطل عند الشيعة قال ابن عقيل اجتمعت الشيعة على أن الصادق (ع) لعن قوما زعموا ان النبي (ع) اخذ الاذان من عبد الله ابن زيد فقال نزل الوحي على
نبيكم فيزعمون أنه اخذ الاذان من عبد الله ابن زيد قال المحقق وما نقل عن أهل البيت عليهم السلام انسب بحال النبي صلى الله عليه وآله فان الأمور المشروعة منوطه بالمصالح والاطلاع عليها مما (ممن يقصر) يقعه عنه فطن
البشر فلا يعلمها مفصلة الا الله فلا يكون للنبي صلى الله عليه وآله فيه الخيرة ولان الأمور المشروعة مع خفتها وقلة اذكارها مستفادة من الوحي إلهي فما ظنك بالمهم منها وهو حسن وفي الأذان والإقامة فضل
كثير وترغيب بالغ فروى الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أذنت في ارض فلاة وأقمت صلى خلفك صفان من الملائكة وان أقمت ولم تؤذن صلى خلفك صف واحد و
في الصحيح عن محمد بن مسلم نحوا من السابق ورى الصدوق مرسلا ان حد الصف ما بين المشرق والمغرب وروى أيضا عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال من صلى باذان وإقامة صلى خلفه صفان
من الملائكة لا يرى طرفاهما وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مروان قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول المؤذن يغفر له مد صوته ويشهد له كل شئ سمعه وفي الصحيح عن معوية بن وهب عن أبي
عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من اذن في مصر من أمصار المسلمين سنة وجبت له الجنة وعن زكريا صاحب السابري عن أبي عبد الله (ع) قال ثلثة في الجنة على المسك الأذفر مؤذن اذن
احتسابا وامام أم قوم وهم به راضون ومملوك يطيع الله ويطيع مواليه وعن سعد الإسكاف قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول من اذن سبع سنين احتسابا جاء يوم القيمة ولاذنب له وعن علي (ع)
قال رسول الله صلى الله عليه وآله للمؤذن فيما بين الأذان والإقامة اجر الشهيد المتشحط بدمه في سبيل الله قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وآله انهم يجتلدون على الاذان قال كلا انه يأتي على الناس زمان
251

يطرحون الاذان على ضعفائهم وتلك لحرم حرمها الله على النار وعن سعد بن ظريف عن أبي جعفر (ع) قال من اذن عشر سنين محتسبا يغفر الله له مد بصره وصوته في السماء ويصدقه كل
رطب ويابس سمعه وله من كل من يصلي معه في مسجده سهم وله من كل من يصلي بصوته حسنة وعن العرزمي عن أبي عبد الله (ع) قال من أطول الناس أعناقا يوم القيمة المؤذنين والاخبار
في هذا الباب كثيرة وفيما أوردناه كفاية وهما اي الأذان والإقامة مستحبان في الفرايض اليومية والجمعة خاصة إما استحبابهما في الفرايض اليومية فهو قول أكثر الأصحاب واليه
وذهب الشيخ في الخلاف والسيد المرتضى في جواب المسائل (الناصرية) وابن إدريس وسلار وجمهور من المتأخرين وأوجب المفيد الاذان في صلاة الجماعة وهو المنقول عن الشيخ وابن البراج وابن حمزة
وعن أبي الصلاح مع أنهما شرط في الجماعة وقال الشيخ في المبسوط ومن صلى جماعة بغير اذان وإقامة لم يحصل فضيلة الجماعة والصلاة ماضية وأوجبهما المرتضى في الجمل على الرجال دون النساء
في كل صلاة جماعة في سفر أو حضر وأوجبهما عليهم في سفر وحضر والفجر والمغرب وصلاة الجمعة وأوجب الإقامة خاصة وعلى الرجال في كل فريضة وأوجبهما ابن الجنيد على الرجال للجمع والانفراد
والسفر والحضر في الفجر والمغرب والجمعة والإقامة في باقي الصلوات المكتوبات قال وعلى النساء التكبير والشهادتان فقط كذا نقل عنه وعن ابن أبي عقيل من ترك الأذان والإقامة متعمدا
بطلت صلاته الا الاذان في الظهر والعصر والعشاء الآخرة فان الإقامة مجزية عنه ولا إعادة عليه في تركه فاما الإقامة فإنه ان تركها متعمدا بطلت صلاته وعليه الإعادة كذا في المختلف و
نقل المحقق عنه وعن المرتضى ان الإقامة واجبة على الرجال دون الاذان إذا صلوا فرادى ويجبان عليهم في المغرب والعشاء ثم قال بعد ذلك بأسطر وقال علم الهدى أيضا يجب الاذان و
الإقامة سفرا وحضرا والوجه جواز الاجتزاء بالإقامة في السفر حجة المشهور وجوه منها الأصل ومنها ان الصادق (ع) لما علم حماد الصلاة لم يؤذن ولم يقم بل قام مستقبل القبلة منتصبا
واستقبل بأصابع رجليه جميعا القلبة وقال بخشوع الله أكبر إذ الظاهر أنه لو أذن وأقام لنقله الراوي إذ هو في مقام ذلك ولو كانا واجبين لفعلهما في مقام البيان وما رواه الشيخ
في الصحيح عن عبد الله الحلبي عن أبي عبد الله عن أبيه انه إذا كان صلى في البيت وحده أقام إقامة ولم يؤذن وفي الصحيح عن عمرو بن يزيد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الإقامة بغير اذان في المغرب
فقال ليس به باس وما أحب ان يعتاد وفي الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل هل يجزئه في السفر والحضر إقامة ليس معها اذان قال نعم لا باس به وفي الصحيح عن زرارة
عن أبي جعفر (ع) انه سأله عن رجل نسى الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة قال فليمض في صلاته فإنما الاذان سنة والأولى جعل هذا الخبر من المؤيدات وفي الصحيح عن عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله (ع) قال يجزئك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير اذان ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي همام عن أبي الحسن (ع) قال الأذان والإقامة مثنى مثنى
فقال إذا أقام مثنى مثنى ولم يؤذن اجزاه في الصلاة المكتوبة ومن أقام الصلاة واحدة واحدة ولم يؤذن لم يجزه الا باذان وعن عبد الله ابن بكير في الموثق عن الحسن بن زياد قال قال
أبو عبد الله (ع) إذا كان القوم لا ينتظرون أحدا اكتفوا بإقامة واحدة ومقتضى هذه الروايات استحباب الاذان مطلقا وقال المصنف في المختلف وإذا كان الاذان مستحبا في كل موضع
فكذا الإقامة وألزم خرق الاجماع احتج الشيخ في التهذيب على وجوب الاذان في الجماعة بما رواه عن القسم بن محمد عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أحدهما (ع) قال سألته أيجزي اذان واحد
قال إن صليت جماعة لم يجزء الا اذان وإقامة وان كنت وحدك تبادر أمرا تخاف ان تفوتك يجزئك إقامة الا الفجر والمغرب فإنه ينبغي ان تؤذن فيهما وتقيم من أجل انه لا تقصير فيهما
كما يقصر في سائر الصلوات والجواب بعد استضعاف السند للقسم بن محمد وعلي بن أبي حمزة انها محمولة على الاستحباب جمعا بين الأدلة فإنه كما يجوز ان يراد بالاجزاء الأجزاء في الصحة يجوز
ان يراد به الأجزاء في الفضيلة والقرينة عليه قوله وان كنت وحدك تبادر أمرا تخاف ان يفوتك يجزئك إقامة وهذا التنزيل لازم لكلام الشيخ فإنه لا يقول بوجوب الإقامة ويدل
على القول بايجابهما في الصبح والمغرب ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال يجزئك في الصلاة إقامة واحدة الا الغداة والمغرب وفي الموثق عن سماعة
قال قال أبو عبد الله لا يصلى الغداة أو المغرب الا باذان وإقامة ورخص في سائر الصلوات بالإقامة والاذان أفضل وفي الصحيح عن الصباح بن سبابة المجهول قال قال لي أبو عبد الله (ع) لا تدع
251

الاذان في الصلوات كلهما فان تركته فلا تتركه في المغرب والفجر فإنه ليس فيهما تقصير وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال إن أدنى ما يجزئ من الاذان ان تفتح
الليل باذان وإقامة وتفتح النهار باذان وإقامة ويجزيك في سائر الصلوات إقامة بغير اذان والجواب ان هذه الأخبار محمولة على تأكد الاستحباب جمعا بينهما وبين الاخبار
الأولة وينفى قول من أوجبهما في السفر في الجماعة وفي الصبح والمغرب والجمعة مضافا إلى ما سبق ذكره ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم والفضيل بن يسار عن أحدهما (ع) قال يجزيك
إقامة في السفر وبإسناد فيه علي بن السندي عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول يقصر الاذان في السفر كما يقصر الصلاة تجزي إقامة واحدة وما رواه ابن بابويه في الصحيح
عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن الصادق (ع) أنه قال يجزئ في السفر إقامة بغير اذان إذا عرفت هذا فاعلم أن الأقرب استحباب الاذان مطلقا واما الإقامة ففيه اشكال لعدم التصريح بالترخيص
فيها في شئ من الاخبار بل وقع الامر به في اخبار كثيرة وفي كثير من الأخبار السابقة ظهور ما في وجوبها ذكر الشيخ اخبارا ثلثة دالة على أن الإقامة من الصلاة لكن في طريق
الكل صالح بن عقبة وهو ضعيف جدا والترجيح لاستحبابها للأصل بناء على أنه خارج عن حقيقة الصلاة للاتفاق ولما دل على ا ن أول الصلاة التكبير فلا يتوقف تحصيل
اليقين بالبرائة من التكليف بالصلاة عليه ولعدم القائل بالفصل كما نقله المصنف في المختلف ولاشعار خبر زرارة وحماد بالاستحباب وعدم وضوح دلالة الأوامر والأخبار السابقة
على أكثر من التأكيد في الرجحان المطلق والاحتياط ان لا يترك بحال أداء وقضاء وإن كان استحب بهما في الأداء اكد للمنفرد والجامع إشارة إلى رد القائلين بوجوبهما في الجماعة
للرجل والمراة إذا لم يسمع الرجال الا جانب فلو أجهرت بحيث لا يصل إلى هذا الحد لم يكن به باس وقد أجمع الأصحاب على مشروعية الاذان للنساء ويدل عليه ما رواه الشيخ في
الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المراة تؤذن للصلاة فقال حسن ان فعلت وان لم تفعل أجزأها ان يكبر وان تشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ولا
يتأكد في حقهن لما رواه الشيخ في الصحيح عن جميل بن دراج قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن المراة أعليها اذان وإقامة فقال لا ويجزي لهن الاكتفاء بالشهادتين لما رواه الشيخ في الصحيح
عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) النساء عليهن اذان فقال إذا شهدت الشهادتين فحسبها وتقييد المصنف بعدم اسماع الرجل مبني على تحريم ذلك وكون صوتها بالنسبة إلى الرجال عورة
وفيه خفاء فان سمعوا مع علمها حرم ولم تعتد به للنهي المفسد (المفسدة) للعبادة بناء على المقدمة المذكورة قال في الذكرى ظاهر المبسوط الاعتداد به لأنه لا مانع منه مع أنه نهى ان يرفعن
أصواتهن بحيث يسمعن الرجال فان أراد به مع الاسرار فبعيد الاجتزاء بما لم يسمع لان المقصود بالاذان الابلاغ وعليه دل قوله صلى الله عليه وآله القه على بلال فإنه أندى منك صوتا وان أراد مع
الجهر فأبعد للنهي عن سماع صوته الأجنبية الا ان يقال ما كان من قبيل الاذكار وتلاوة القران مستثنى كما استثنى الاستفتاء من الرجال وتعلمهن منهم والمحاورات الضرورية ثم
قال ولعل الشيخ يجعل سماع الرجل صوت المراة في الاذان كسماعها صوته فيه فان صوت كل منهما بالنسبة إلى الأخر عورة انتهى والتحقيق انه ان قلنا بتحريم الاسماع اتجة عدم الاعتداد
وان قلنا بجوازه إما مطلقا أو في الصورة المذكورة كان في الاعتداد اشكال لتوقف الأمور الشرعية على التوقيف ولم يثبت الظاهر أنه لا خلاف في أنه يجوز ان تؤذن للنساء
ويعتددن به قال في المنتهى وهو مذهب علمائنا وفي المعتبر وعليه علمائنا لما روى من جواز امامتها لهن وإذا جاز ان تؤمهن جاز ان تؤذن لهن منصب الإمامة أتم قالوا ولو اذن
للمحارم فكالأذان للنساء في الاعتداد لجواز الاستماع ولم اطلع على نقل اجماع فيه ولو لم يكن اجماعيا كان للتأمل فيه مجال قال في الذكرى وفي حكم المراة الخنثى فتؤذن للمحارم من
الرجال والنساء ولاجانب النساء ولا لاجانب الرجال ويتأكد ان في الجهرية وهي العشاء ان والصبح مستنده غير
واضح وأسنده في المعتبر إلى الشيخ ووجهه بان في ايجاب الجهر دلالة على
اعتناء الشارع بالتنبيه عليها وفي الاذان زيادة تنبيه فيتأكد فيها وتبعه المصنف وغيره وهو تعليل ضعيف خصوصا الغداة والمغرب وقد مر ما يصلح للدلالة عليه ويسقط
اذان العصر يوم الجمعة اختلف الأصحاب في اذان العصر يوم الجمعة فأطلق الشيخ في المبسوط سقوطه وتبعه جماعة من الأصحاب وهو ظاهر اختيار المفيد على ما نقله الشيخ وقال في النهاية انه غير جائز
وقال ابن إدريس انه يسقط عمن صلى الجمعة دون من صلى الظهر ونقل ذلك عن ابن البراج في الكامل ونقل عن المفيد في المقنعة والأركان الامر بالاذان لصلاة العصر والعبارة
المنقولة عن ابن البراج دالة على السقوط لمن يصلى الجمعة في صورة الجمع ولا يفهم منه حكم التفريق وذهب بعض المتأخرين إلى استحباب الاذان للعصر الا في صورة الجمع ونقل عن المفيد
في المقنعة أنه قال بعد أن اورد تعقيب الأولى ثم قم فاذن للعصر وأقم الصلاة احتج الشيخ في التهذيب على ما حكاه من كلام المقنعة المتضمن للسقوط بما رواه في الصحيح عن ابن أذينة
وعن رهط منهم الفضيل وزرارة عن أبي جعفر (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله جمع بين الظهر والعصر باذان وإقامتين وجمع بين المغرب والعشاء باذان واحد وإقامتين وعن حفص بن غياث
عن جعفر عن أبيه (ع) قال الاذان الثالث يوم الجمعة بدعة ويرد عليه ان مقتضى الرواية الأولى سقوط الاذان الثاني عند الجمع مطلقا وهو غير المدعا والرواية الثانية مع قصور اسنادها
غير واضحة الدلالة على المدعا لما فيها من الاجمال الواضح وقد حملها المصنف وغيره على أن المراد بالاذان الثالث الاذان الثاني للجمعة لان النبي صلى الله عليه وآله شرع للصلاة اذانا وإقامة فالزيادة
ثالث بالنسبة إليهما احتج ابن إدريس بان الاجماع منعقد على استحباب الاذان لكل صلاة من الخمس خرج عنه المجمع عليه فيبقى الباقي على العموم واعترض عليه بمنع الاجماع على السقوط
مع صلاة الجمعة لتصريح بعض الأصحاب بالاستحباب مطلقا والتحقيق انه ان لم يتحقق الاجماع الذي نقله كما هو الظاهر كان القول بالاستحباب متجها الا في صورة الجمع للأدلة الدالة على شرعية
الاذان واستحبابها خرج عنه ما خرج بالدليل فيبقى غيره داخلا في العمومات السالمة عن المعارض ولو جمع المسافر أو الحاضر بين الفرضين كان له ترك الاذن الثانية وهو المشهور بين الأصحاب
ذكره الشيخ وجماعة منهم ونقله الشهيد عن ابن أبي عقيل أيضا ويدل عليه الرواية المتقدمة ويؤيده ما رواه الشيخ عن صفوان الجمال قال صلى بنا أبو عبد الله (ع) الظهر والعصر عندما
زالت الشمس باذان وإقامتين ثم قال إني على حاجة فتنفلوا وذكر الشهيد في الذكرى والشارح الفاضل ان الجمع إن كان في وقت فضيلة الأولى اذن لها وأقام ثم أقام للثانية
من غير اذان وإن كان في وقت فضيلة الثانية اذن لها ثم أقام للأولى وصلاها ثم أقام للثانية وليس في الروايات هذا التفصيل بل المستفاد منها سقوط الاذان للثانية مطلقا
وهو ظاهر الشيخ والمصنف في كتبه وذكر في الذكرى ان الساقط مع الجمع الغير المستحب اذان الاعلام ويبقى اذان الذكر والاعظام وهو غير واضح وهل سقوط الاذان هيهنا على سبيل الرخصة
أو الكراهة أو التحريم فقيل بالتحريم في الجمعة وفي العصر عرفة وعشاء مزدلفة قاله المصنف والشهيد في البيان وقال الشارح الفاضل القائل بالتحريم في غير الصور الثلاثة وقيل بالكراهة في
مواضع استحباب الجمع دون غيرها وقيل بالترخيص ولا يبعد ان يقال إنه يكره في موضع يستحب الجميع بالمعنى المستعمل في العبادات بمعنى ان الاتيان به أقل ثوابا من الاتيان بالصلاة
من غير تفريق واما في غير مواضع استحباب الجمع فتركه مرخص فيه بمعنى عدم التأكيد في استحبابه كما في غيره الا انه مكروه أو مباح ويدل عليه ان ما دل على شرعية الاذان من النصوص الدال
على شرعيته مطلقا وما دل على السقوط لا يقتضي مرجوحية فعله مطلقا لان المستفاد منه ان النبي صلى الله عليه وآله تركه وجمع بين الصلاتين ويجوز ان يكون ذلك في موضع استحباب الجمع لغرض حصول
الجمع أو يكون ذلك لعلة وهو لا ينافي الاستحباب وقد يستدل على التحريم بأنه لم ينقل ذلك عن فعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام ولم يفعل في عهده فتكون بدعة وبالروايتين المذكورتين
وفيه نظر لأن عدم النقل ليس دليل العدم وعدم فعله في عهدهم عليهم السلام ممنوع ومجرد عدم النقل لا يستلزم كونه بدعة إذا دلت الظواهر والعمومات على شرعيته واما الروايتان
فقد عرفت الحال فيهما واما في الصورتين الآتيتين فالظاهر التحريم كما سنبين فان قلت لم يظهر القائل بالفصل بين المواضع الثلاثة قلت تفصيل هذه المسألة غير مذكور
في كلام القدماء بل هو مستحدث بين المتأخرين فلا قدح في عدم ثبوت الموافق بقى الكلام في تحقيق معنى الجمع ولم اطلع على تصريح بذلك في كلام الأصحاب سوى ابن إدريس
فإنه قال في السرائر بعد أن ذكر استحباب الجمع في المواضع الثلاثة وحد الجمع ان لا يصلي بينهما نافلة واما التسبيح والأدعية فمستحب ذلك وليس بجميع ويستفاد ذلك من كلام الشهيد في
252

في الذكرى أيضا لكنه لا يخفى انه يعتبر مع ذلك صدق الجمع عرفا بحيث لا يقع بينهما فصل يعتد به ولا يتخلل عوارض خارجة عن الأمور المرتبطة بالصلاة قال المحقق نقلا عن الشيخ ومن جمع
بين الصلاتين في وقت الأولى أو الثانية اذن وأقام للأولى منهما ويقيم للأخرى بغير اذان قال ووجه ذلك أن الاذان اعلام بدخول الوقت فإذا صلى في وقت الأول اذن لوقتها ثم أقام
للأخرى لأنه لم يدخل وقت يحتاج إلى الاعلام ولو جمع بينهما في وقت الثانية اذن لوقت الثانية ثم صلى الأولى لأنها مرتبة عليها وتبعه في ذلك التوجيه المصنف في عدة من
كتبه وهو مشعر بأنه مناط الاعتبار في الجمع حصولهما في وقت فضيلة إحديهما وهو على الاطلاق مشكل بل لابد من اعتبار صدق الجمع عرفا واحتمل بعض المتأخرين في شرح الشرايع تحقق
التفريق بالتحقيق وهو بعيد لانهم يستحبون الجمع بين صلاة الجمعة والعصر واستحباب عدم التعقيب بعد صلاة الجمعة بعيد وكذا يسقط اذان العصر في عرفه واذان العشاء لمن يصلي
العشائين في المزدلفة والمستند في هذا الباب روايات كثيرة منها ما رواه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد لله (ع) أنه قال السنة في الاذان يوم عرفة ان يؤذن ويقيم للظهر
ثم يصلي ثم يقوم فيقيم للعصر بغير اذان وكذلك المغرب والعشاء بمزدلفة وفي الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة المغرب والعشاء بجمع باذان واحد وإقامتين وهل
سقوط الاذان هنا على سبيل الرخصة أو الكراهة أو التحريم الظاهر الأخير كما اختاره المصنف والشهيد في البيان لان المستفاد من الخبر رجحان تركه وكون السنة في خلافه ولا شئ من العبادات
من هذا القبيل فيكون الاتيان به تشريعا وبدعة وقد صح عن الصادق (ع) أنه قال كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار وكذا يسقط الاذان لغير الأولى عن القاضي
للصلوات المتعددة المؤذن في أول ورده لما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى الصلوات وهو جنب اليوم أو اليومين والثلاثة ثم ذكر
بعد ذلك قال يتطهر ويؤذن ويقيم في أولهن ثم يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة فيصلي بغير اذان حتى يقضي صلاته وروى بطريقين أحدهما عن الحسان بإبراهيم بن
هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك قضاء وصلوات فابدأ بأولهن فاذن لها وأقم ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل
صلاة والمشهور بين الأصحاب ان الأفضل ان يؤذن لكل صلاة قاله الشيخ (الشيخان) والفاضلان وغيرهما واستدل عليه المصنف بقوله (ع) من فاته فريضة فليقضها كما فاتته وقد كان من حكم الفائتة
استحباب تقديم الأذان والإقامة عليها فكذا قضائها وبما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي قال سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل إذا أعاد الصلاة هل يعيد الأذان والإقامة
وفيهما نظر إما الأول فلان الظاهر من قوله فليقضها كما فاتته الاتيان باجزائها وصفاتها الداخلة فيها لا لأمور الخارجة عنها سلمنا لكن الاذان ساقط في صورة الجمع في الأداء
غير ساقط في صورة التفريق فما الدليل على أنه يعتبر حال التفريق في اعتبار المماثلة لكن هذا الكلام انما يتم في ما صح له حالتي الجمع والتفريق كالظهرين والعشائين لا مطلقا
فللمستدل اجراء الكلام في غيره ثم التعدية والتعميم لعدم القائل بالفصل سلمنا لكن الخبر غير واضح الدلالة على صورة التعدد غاية ما اتضح دلالتها عليه حكم الفريضة الواحدة
واما الثاني فلعدم دلالته على أنه يعيدهما لكل صلاة صلاة وحكى الشهيد في الذكرى قولا بان الأفضل ترك الاذان لغير الأولى لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله شغل يوم الخندق من أربع
صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله فامر بلالا فاذن وأقام للأول ثم أقام للبواقي من غير اذان وهذا القول حسن للروايتين السابقتين بل لو وجد القائل بعدم مشروعية
الاذان لغير الأولى من الفوائت عند الجمع بينهما كان القول به متجها لعدم الثبوت التعبد به على ذلك الوجه مع اقتضاء الخبرين رجحان تركه المقتضى للفساد في العبادات قال
الشهيد في الدروس استحباب الاذان للقاضي لكل صلاة ينافي سقوطه عمن جمع في الأداء وفيه انه لا منافاة بين الحكمين إذا دل عليهما دليل لكن الكلام في ذلك ثم احتمل كون الساقط
مع الجمع اذان الاعلام لا لاذان الذكرى وهذا الفرق لا يرتبط بدليل والاذان مشتمل على الاذكار وغيرها كالحيعلات فإذا انتفى النص على شرعية تعين سقوطه واعلم أنهم
جوزوا والاكتفاء بالإقامة لكل صلاة فائتة في الصورة المذكورة الاستناد إلى بعض الروايات العامية وبما روى في طريق الخاصة موسى بن عيسى قال كتب إليه رجل يجب عليه
إعادة الصلاة أيعيدها باذان وإقامة فكتب يعيد هل بإقامة وبان الاذان اعلام بدخول الوقت فلا معنى لايقاعه بعد فواته وفيه منع واضح والرواية ضعيفة والعمل بمدلول
الروايتين السابقتين أولي ويسقط الأذان والإقامة عن الجماعة الثانية إذا حضرت في مكان لإقامة الصلاة فوجدت جماعة أخرى قد أذنت وأقامت وصلت ما لم تتفرق
الجماعة الأولى وهذا الحكم ذكره الشيخ وجماعة من الأصحاب كالفاضلين وغيرهما والأصل فيه ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قلت الرجل يدخل المسجد
وقد صلى القوم أيؤذن ويقيم قال إن كان دخل ولم يتفرق الصف صلى باذانهم وإقامتهم وإن كان تفرق الصف اذن وأقام وما رواه في الصحيح عن الحسين بن سعيد عن أبي علي
قال كنا عند أبي عبد الله (ع) فاتاه الرجل فقال جعلت فداك صلينا في المسجد الفجر وانصرف بعضنا وجلس بعض في التسبيح فدخل علينا رجل المسجد فاذن فمنعناه ورفعنا (ودفعناه) عن ذلك فقال أبو
عبد الله (ع) أحسنت ادفعه عن ذلك وامنعه أشد المنع فقلت فان دخلوا فأرادوا ان يصلوا فيه جماعة قال يقومون في ناحية المسجد ولا يبدو لهم امام ويؤيده ما رواه الشيخ عن زيد بن علي عن
ابائه عليهم السلام " قال دخل رجلان المسجد وقد صلى علي (ع) بالناس فقال لهما ان شئتما فليؤم أحدكما صاحبه ولا يؤذن ولا يقيم وعن أبي بصير قالت سألته عن الرجل ينتهي إلى الامام حين يسلم
فقال ليس عليه ان يعيد الاذان وليدخل معهم في أذانهم فان وجدهم قد تفرقوا أعاد الاذان والحكم بالسقوط عن المصلي الثاني وقع في الرواية الأولى معلقا على عدم تفرق الصف
وكذا في كلام الفاضلين وهو ظاهر الرواية الأخيرة وهو انما يتحقق ببقاء الجمع أو أكثرهم بحيث لا يصدق التفرق عرفا والمستفاد من الرواية الثانية انه يكفي في السقوط بقاء البعض ولو
واحدا واختاره الشارح الفاضل وهو مشكل لضعف الرواية بناء على جهالة الراوي وفي المبسوط إذا اذن في مسجد دفعة لصلاة بعينها كان ذلك كافيا لمن يصلى تلك الصلاة في ذلك المسجد ويجوز
له ان يؤذن فيما بينه وبين نفسه وان لم يفعل فلا شئ عليه وكلامه يؤذن باستحباب الاذان سرا وان السقوط عام شمل التفرق وغيره والأقرب الوقوف في الحكم بالسقوط على القدر
المتيقن وقد يتوقف في أصل الحكم استضافا للمستند لاشتراك أبي بصير بين الثقة وغيره وليس بشئ لما قد حققنا سابقا ان الظاهر عن أبي بصير في أمثال هذه المواضع هو الثقة مع أن
الرواية مشهورة بين الأصحاب معتضدة بغيرها فلا سبيل إلى التوقف في مدلولها نعم يتجه قصر الحكم على المسجد كما ذكره المحقق في المعتبر والنافع واختاره الشارح الفاضل اقتصارا على مورد
النص واستقرب الشهيد عدم الفرق بين المسجد وغيره قال لا وذكره في الرواية بناء على الغالب والأول أقرب والظاهر عموم الحكم بالنسبة إلى المنفرد والجامع خلافا لابن حمزة وكيفيته اي
الاذان ان يكبر أربعا بالتكبير المعهود وهو الله أكبر ثم يشهد بالتوحيد ولغته هو اشهد ان لا إله إلا الله ثم يتشهد بالرسالة للنبي صلى الله عليه وآله بالمعهود ثم يدعوا إلى الصلاة بالدعاء المعهود و
هو حي على الصلاة اي هلم إليها تعدي بعلى شرعا وبالى أيضا ثم يدعوا إلى الفلاح باللفظ المعهود شرعا وهو حي على الفلاح اي هلم إلى فعل ما يوجب الفوز بالثواب والبقاء والدوام
في الجنة وهو الصلاة ثم يدعوا إلى خير العمل بلفظه المعهود شرعا وهو الصلاة ومن هنا يعلم أن الصلاة اليومية الأفضل الأعمال البدنية حتى الصلاة غيرها ويكبر بعد الدعاء إلى خير
العمل ثم يهلل كل فصل من هذه الفصول بعد التكبير الأول مرتين فيكون عدد فصوله ثمانية عشر حرفا هذا هو المشهور بين الأصحاب وحكى الشيخ في الخلاف عن بعض الأصحاب تربيع التكبير
في اخر الاذان والمعهود المشهور ويدل عليه روايات روى الشيخ وابن بابويه عن أبي بكر الحضرمي وكليب الأسدي عن أبي عبد الله (ع) انه حكى لهما الاذان فقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر
اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح حي على خير العمل
حي على خير العمل الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله لا إله إلا الله والإقامة كذلك وفي بعض نسخ التهذيب أربع تكبيرات في اخر الحديث وعن إسماعيل الجعفي قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول الأذان والإقامة خمسة و
ثلاثون حرفا فعد ذلك بيده واحدا واحدا الاذان ثمانية عشر حرفا والإقامة سبع عشر حرفا " وعن زرارة عن أبي جعفر قال قال يا زرارة تفتتح الاذان بأربع تكبيرات وتختمه بتكبيرتين
253

وتهليلتين وفي الموثق عن المعلى بن خنيس قال سمعت أبا عبد الله (ع) يؤذن فقال الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان محمد ا
رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح حتى فرغ من الاذان وقال في آخره الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله لا إله إلا الله وروى الشيخ
في الاستبصار في الصحيح عن زرارة قال قال أبو جعفر (ع) يا زرارة تفتح الاذان بأربع تكبيرات وتختمها بتكبيرتين وتهليلتين وان شئت زدت على الترتيب حي على الفلاح مكان الصلاة خير من النوم
وفي سند هذا الحديث في التهذيب خلل وفي التهذيب يدل تختمها تختمه وهو أصوب وبعض الروايات يدل على خلاف ما ذكرناه وروى الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سئلت أبا عبد الله
عن الاذان فقال تقول الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح
حي على خير العمل حي على خير العمل الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله لا إله إلا الله وروى الشيخ باسناد فيه علي بن السندي عن زرارة والفضيل بن اليسار عن أبي جعفر قال لما اسرى رسول الله صلى الله عليه وآله
فبلغ البيت المعمور وحضرت الصلاة فاذن جبرئيل وأقام فقدم رسول الله وصف الملائكة والنبيون خلف رسول الله قال فقلنا له كيف اذن فقال الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا إله إلا الله
اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله اشهد ان محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة
حي على الفلاح حي على الفلاح حي على خير العمل حي على خير العمل
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله لا إله إلا الله والإقامة مثلها الا ان فيها قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة بين حي على خير العمل وبين الله أكبر فامر بها رسول الله بلالا فلم يزل
يؤذن بها حتى قبض الله رسوله وأجاب عنهما الشيخ في التهذيب بأنه يجوز ان يكون انما اقتصر على ذلك لأنه قصد إلى افهام السائل كيفية التلفظ به وكان المعلوم له ان ذلك لا يجزي الاقتصار
عليه دون الأربع مرات ولا يخفى بعد هذا التأويل خصوصا في الرواية الأخيرة بل قيل إنها لا تحتمله أصلا ويمكن الجمع بين الاخبار بوجهين أحدهما حمل اخبار التربيع على الأفضلية
وحمل اخبار التثنية على الأجزاء ويوجه ترك العمل بها بين الأصحاب بان رجحان التربيع كاف في التزامهم العمل به وثانيهما حمل اخبار التثنية على التثنية فقد نسب القول بها إلى بعض قدماء العامة
فلعله كان رأيا مستقرا في ذلك الزمان لكن تثنية التهليل يأبى هذا الحمل لما يحكى من اطباق العامة على خلافها ولا يجرى هذا التأويل في الخبر الثاني لاشتماله على خير العمل وهو متروك عندهم
وفي صحيحة أبي همام السابقة الأذان والإقامة مثنى مثنى وفي بعض الأخبار الآتية ان الاذان مثنى مثنى ويمكن تأويله بان هذا الاطلاق بناء على أن غالب فصوله مثنى مثنى والغرض منه الرد على
من زعم أنه واحدة واحدة ولم يكن الغرض متعلقا ببيان تفصيل اجزائه والإقامة كذلك فصولا وترتيبا وعددا الا انه يسقط من التكبير الأول مرتان ومن التهليل وهو آخرها مرة فيسقط
من العدد ثلثه فصول ثم يزيد مرتين قد قامت الصلاة بعد حي على خير العمل فيكمل فصولها سبعة عشر وهذا هو المشهور بين الأصحاب فنسبه المحقق في المعتبر إلى السبعة واتباعهم وقال في المنتهى فصول
الإقامة مثنى عدا التهليل في آخرها فإنه مرة واحدة وذهب إليه علمائنا ونقل ابن زهرة اجماع الفرقة عليه واستدل عليه المحقق بما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن مهران الجمال قال سمعت أبا عبد الله
يقول الاذان مثنى مثنى والإقامة مثنى مثنى وهي غير منطبقه على المدعا لتضمنها تثنية التهليل في آخر الإقامة والصواب الاستدلال عليه برواية إسماعيل الجعفي المتقدمة فإنها تنطبق عليه و
حكى الشيخ في الخلاف عن بعض الأصحاب انه جعل فصول الإقامة مثل فصول الاذان وزاد فيها قد قامت الصلاة مرتين ويدل عليه روايتا أبي بكر الحضرمي وزرارة والفضيل السابقتان وروى الشيخ في الصحيح
عن معوية بن وهب عن أبي عبد الله (ع) قال " الاذان مثنى والإقامة واحدة " وفي الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال " الإقامة مرة مرة الا قول الله أكبر الله أكبر فإنه مرتان وأجاب عنهما
في التهذيب بالحمل على حال التقية أو عند العجلة واستشهد بما رواه في الصحيح عن أبي عبيده الحذاء قال رأيت أبا جعفر يكبر واحدة واحدة في الاذان فقلت له لم لم تكبر واحدة واحدة في الاذن فقال لا
باس به إذا كنت مستعجلا قال الشيخ في النهاية والذي ذكرناه من فصول الاذان هو المختار المعمول عليه وقد روى سبعة وثلثون فصلا في بعض الروايات يضيف التكبير مرتين في أول الإقامة وفي بعضها
ثمانية وثلثون فصلا يضيف إلى ذلك أيضا لا إله إلا الله مرة أخرى في آخر الإقامة وفي بعضها اثنان وأربعون فصلا يضيف إلى ذلك أيضا التكبير في آخر الاذان مرتين وفي آخر الإقامة مرتين
فان عمل عامل على إحدى هذه الروايات لم يكن مأثوما هذا ملخص كلامه ولا يخفى ان الحكم بالتعيين مع الاختلاف الكثير في الاخبار مشكل والقول بالتخيير ليس بذلك البعد لكن لا ريب ان العمل
على المشهور أولي ويجوز النقص عن المشهور في السفر عند الأصحاب وكذا عند العذر لما رواه الشيخ باسناد معتبر عن يزيد بن معاوية عن أبي جعفر قال الاذان يقصر في السفر كما تقصر الصلاة الاذان واحدا
واحدا والإقامة واحدة وعن نعمان الرازي قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول يجزيك من الإقامة طاق طاق في السفر ولصحيحه أبي عبيده السابقة وفي بعض الروايات المرسلة عن الصادق ان الإقامة
التامة وحدها أفضل منها منفردين وعمل بمضمونها في الذكرى وهو غير بعيد واما إضافة ان عليا ولي الله وآل محمد خير البرية وأمثال ذلك فقد صرح الأصحاب بكونها بدعة وإن كان حقا
صحيحا إذ الكلام في دخولها في الاذان وهو موقوف على التوقيف الشرعي ولم يثبت ولا اعتبار باذان الكافر وهو مذهب العلماء كافة ويدل عليه ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي
عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عن الاذان هل يجوز ان يكون من غير عارف قال لا يستقيم الاذان ولا يجوز ان يؤذن به الا رجل مسلم عارف فان علم الاذان فاذن به ولم يكن عارفا لم يجز اذانه ولا
اقامته ولا يعتد به وفي بعض النسخ ولا يقتدى به ويؤيده ما نقل عن النبي من طريق العامة وعن علي (ع) من طرق الخاصة الامام ضامن والمؤذن مؤتمن وما نقل عنه اللهم اغفر للمؤذنين وهل
يصير الكافر بتلفظه بالشهادتين في الاذان والصلاة مسلما يحتمل ذلك كما اختاره المصنف في التذكرة لان الشهادة صريح في الاسلام وقد روى عن النبي أمرت ان أقاتل الناس حتى يقولوا
لا إله إلا الله فإذا قالوها عصم مني دماؤهم وأموالهم الا بحقها والوجه العدم كما اختاره جماعه من الأصحاب منهم الشهيدان لان الشهادتين في الاذان لم يوضع لغرض الاخبار بهما عن الاعتقاد وكذا
في الصلاة وكذا يجوز لمن يعرف معناهما أو كان ذاهلا غافلا وبالجملة التلفظ بهما غير ظاهر في الاخبار عن الاعتقاد إذ يجوز ان يكون أعجميا أو ساهيا أو حاكيا أو قاصدا عدم عموم النبوة كما زعمت
طائفة من اليهود ان محمدا نبي العرب خاصة فلا يوجب مطلق التلفظ بهما الحكم بالاسلام إذ الامر الموجب للحكم بكونه مسلما انما هو التلفظ بهما على وجه وضع عرفا للاخبار عن الاعتقاد
وان لم يكن الاعتقاد متحققا في الواقع وعلى التقديرين لا يعتد باذانه لوقوع أوله حال الكفرية وظاهر كلام المصنف عدم الاشتراط الايمان والأقرب الاشتراط كما اختاره جماعة منهم الشهيدان
لموثقة عمران الساباطي ويؤيده في الجملة ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله قال إذا دخل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه وقد بقى على الامام أية أو آيتان فخشى
ان هو اذن وأقام ان يركع فليقل قد قامت الصلاة الحديث وكذا لا اعتبار باذان غير المميز لعدم الدليل على الاعتداد به والوظايف الشرعية تحتاج إلى التوقيف ويؤيده رفع القلم عنه فلا حكم
لعبادته وعدم تصور الأمانة في حقه وعم صدق العارف عليه وكذا المجنون ويمكن ادخاله في غير المميز وكذا لا اعتداد باذان غير المرتب فان الترتيب بين الأذان والإقامة وفصولها شرط
لأنهما عبادة شرعية يجب ايقاعهما على الوجه المعهود من الشارع ولما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن الصادق (ع) قال من سهى في الاذان فقدم أو اخر عاد على الأول الذي اخره حتى يمضى على آخره ويظهر
من عموم الرواية عدم الاعتداد بغير المترتب سواء كان على سبيل العمد أو النسيان ويجوز الاذان من المميز يعني يترتب عليه اثره من الاجتزاء به في الصلاة وقيام الشعار به في البلد والظاهر أنه اجماعي بين الأصحاب
نقل اتفاقهم عليه الفاضلان والشهيد (ره) ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) ولا باس ان يؤذن الغلام الذي لم يحتلم وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) ان عليا (ع) كان يقول لا
باس ان يؤذن الغلام قبل ان يحتلم والمرجع في التمييز إلى العرف وقال الشارح الفاضل المراد بالمميز من يعرف الاضر من الضار والأنفع من النافع إذا لم يحصل بينهما التباس بحيث يخفى على غالب الناس والامر فيه
غير واضح ويستحب ان يكون المؤذن المنصوب للاذان عدلا لما نقل عن النبي صلى الله عليه وآله يؤذن لكم خياركم وما نقل عنه وعن علي (ع) المؤذن مؤتمن رواه الشيخ عن عيسى بن عبد الله الهاشمي عن أبيه عن جده عن علي (ع) ولأنه (يقلد ذو الاعذار بل قيل)
254

بجواز التعويل عليه مطلقا فينبغي ان يكون مؤتمنا والأكثر على الاعتداد باذان الفاسق لأنه يصح منه الاذان الشرعي لنفسه معتبر باذانه عملا باطلاق الامر بالاذان والاعتداد به للسامع فلا يتخصص
الا بدليل ونقل عن ابن الجنيد انه منع من الاعتداد باذان الفاسق لفقد الأمانة واستوجه بعضهم قول ابن الجنيد في منصوب الحاكم الذي يرزق من بيت المال فيحصل بالعدل كمال المصلحة
الاستحباب المذكور متعلق بالناصب لا بالمؤذن وكذا يستحب ان يكون المؤذن صيئا (صيتا) اي رفيع الصوت ليكمل الغرض المقصود من الاذان وهو الاعلام ويتم النفع ويحصل رفع الصوت المستحب
روى الشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله كان قال كان طول حائط مسجد رسول الله قامة فكان (ع) يقول البلال إذا دخل الوقت يا بلال أعل فوق الجدار وارفع صوتك بالاذان
فان الله عز وجل قد وكل بالاذان ريحا يرفعه إلى السماء وان الملائكة إذا سمعوا الاذان من أهل الأرض قالوا هذه أصوات أمة محمد صلى الله عليه وآله بتوحيد الله عز وجل ويستغفرون لامة محمد صلى الله عليه وآله حتى يفرغوا من تلك
الصلاة وذكر جماعة منهم يستحب ان يكون مع ذلك حسن الصوت لتقبل القلوب على سماعه وكذا يستحب ان يكون بصيرا بالأوقات ليأمن الغلط فيقلده ذو الاعذار ولو اذن الجاهل في الوقت
صح واعتد به والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه العمومات وأن يكون متطهرا من الحدثين لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله حق وسنة ان لا يؤذن أحد الا وهو طاهر قال في المعتبر وعليه فتوى العلماء وقال
في المنتهى وعليه اجماع العلماء ولا تجب الطهارة لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال لا باس ان تؤذن وأنت على غير طهر ولا تقيم الا وأنت على وضوء وفي الصحيح
عن محمد وهو ابن مسلم عن أحدهما قال سئلته عن الرجل يؤذن وهو يمشي أو على ظهر دابته وهو على غير طهور فقال نعم إذا كان التشهد مستقبل القبلة فلا باس وعن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس
ان يؤذن الرجل وهو على غير وضوء لا يقيم الا وهو على وضوء وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) ان عليا كان يقول لا باس ان يؤذن الغلام قبل ان يحتلم ولا باس ان يؤذن المؤذن وهو جنب ولا يقيم
حتى يغتسل ويستفاد من أكثر هذه الروايات اشتراط الطهارة في الإقامة كما ذهب إليه السيد المرتضى والمصنف في المنتهى والمشهور العدم للأصل واليه ذهب المصنف في (المخ) والتذكرة وهو غير بعيد لان غاية
ما يستفاد من الاخبار رجحان الطهارة وتأكدها فيها قال الشارح الفاضل ولا يجوز الاذان حينئذ اي حين الجنابة في المسجد مع القدرة على الغسل فلو فعله لم يعتد به للنهي المفسدة للعبادة وفيه نظر
لتعلق النهي بالامر الخارج وأن يكون قائما على مرتفع إما القيام لكونه أبلغ لصوته ولما روى عن النبي صلى الله عليه وآله يا بلال قم فناد بالصلاة وروى عن الباقر (ع) لا يؤذن جالسا الا راكب أو مريض ورواه الشيخ عن
حمران عنه (ع) ويؤيده ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس للمسافر يؤذن وهو راكب ويقيم وهو على الأرض قائم واستحباب القيام في الإقامة آكد للرواية المذكورة
ولما رواه الشيخ في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) لا باس ان يؤذن راكبا أو ماشيا أو على غير وضوء ولا تقيم وأنت راكب أو جالس الا من علة أو تكون في ارض ملصة الأرض الملصة ما
كثر فيه اللصوص وفي الصحيح عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) يؤذن الرجل وهو قاعد قال نعم ولا يقيم الا وهو قائم وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن عبد صالح قال يؤذن الرجل وهو جالس ولا يقيم
الا وهو قائم وقال تؤذن وأنت راكب ولا تقيم الا وأنت على الأرض إلى غير ذلك من الاخبار ويؤيد كون ذلك على جهة الاستحباب ما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن ابنه عن آبائه عن علي (ع) قال إن
النبي صلى الله عليه وآله كان إذا دخل المسجد وبلال تقيم (يقيم) الصلاة جلس وقال المفيد في المقنعة ولا يجوز الإقامة الا وهو قائم موجه إلى القبلة مع الاختيار وظاهره اشتراط القيام فيها وقال ابن بابويه لا باس بالاذان
قائما وقاعدا ومستقبلا ومستدبرا وذاهبا وجائيا وعلى غير وضوء والإقامة على وضوء مستقبلا وإن كان إماما فلا يؤذن الا قائما انتهى ولو أقام ماشيا إلى الصلاة فلا باس قاله الشهيد (ره)
في الذكرى استنادا إلى رواية ضعيفة واما كون القيام على مرتفع فلكونه أبلغ في رفع الصوت فيكون به أتم واعم وقد مر في رواية ابن سنان ان النبي صلى الله عليه وآله كان يقول لبلال واعل فوق الجدار و
الظاهر عدم استحباب الصعود على المنارة لعدم النص وما رواه علي بن جعفر قال سئلت أبا الحسن عن الاذان في المنارة اسنة هو فقال انما كان يؤذن للنبي في الأرض ولم يكن يومئذ منارة
وقال المصنف في (المخ) والوجه استحبابه في المنارة للامر بوضع المنارة مع حائط غير مرتفعة روى أن عليا (ع) مر على منارة طويلة فامر بهدمها ثم قال لا ترفع المنارة الا مع سطح المسجد ولولا
استحباب الاذان فيها لكان الامر بوضعها عبثا وبرواية ابن سنان السالفة عند شرح قول المصنف صيتا وقد يقال قد ثبت وضع المنارة في الجملة ولولا الاذان فيها لكان عبثا
وفيه نظر لان غاية ما يستفاد من الرواية الأولى إباحة وضع المنارة وهو لا يستلزم الاستحباب واما الرواية الثانية فليس فيها ذكر المنارة أصلا ووضع المنارة ممن يعتد بفعله غير ثابت و
ان يكون مستقبلا للقبلة باتفاق الأصحاب ويؤيده قوله خير المجالس ما استقبل به القبلة ويتأكد الاستقبال في الشهادتين لصحيحة محمد بن مسلم السابقة عند شرح قول المصنف متطهر أو في الإقامة
لما رواه الشيخ عن سليمان بن صالح عن أبي عبد الله (ع) قال لا يقيم أحدكم الصلاة وهو ماش ولا راكب ولا مضطجع إلى أن يكون مريضا وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة فإنه إذا اخذ في الإقامة فهو
في صلاة ونقل عن المرتضى انه أوجب الاستقبال في الأذان والإقامة وأوجبه المفيد في الإقامة والأقرب الاستحباب ويكره الالتفات يمينا وشمالا سواء كان على المنارة أم على الأرض خلاف لبعض العامة
وأن يكون متأنيا في الاذان غير مستعجل لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إذا أذنت فترسل وإذا أقمت فاحدر قال ابن الأثير ترسل اي تأن ولا تستعجل ومن طريق الأصحاب ما رواه الشيخ عن الحسن السرى عن
أبي عبد الله (ع) قال الاذان ترتيل والإقامة حدر والمراد بالترتيل التمهل محدرا في الإقامة لقول النبي صلى الله عليه وآله في الخبر المذكور إذا أقمت فاحدر اي أسرع قاله ابن الأثير وغيره قال الجوهري حدر
في قرائته وأذانه يحدر حدرا اي أسرع والمراد بالاسراع ههنا قصر الوقوف لاتركها أصلا لما سيجئ من استجابها ويدل على هذا الحكم اخبار منها ما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة
قال قال أبو جعفر (ع) الاذان جزم بافصاح الألف والهاء والإقامة حدر وفي الصحيح عن معوية بن وهب أنه سئل أبا عبد الله (ع) عن الاذان وقال اجهر وارفع صوتك فإذا أقمت فدون ذلك و
لا تنتظر بأذانك واقامتك الا دخول وقت الصلاة واحدر اقامتك حدرا وأن يكون واقفا على أواخر الفصول عند علمائنا ويدل عليه حسنة زرارة السابقة وما رواه ابن بابويه عن
خالد بن نجيح عن أبي عبد الله (ع) قال الأذان والإقامة مجزومان وفي خبر آخر موقوفان وروى الشيخ في الصحيح عن عثمان بن عيسى عن خالد بن نجيح عن الصادق (ع) أنه قال التكبير جزم في الاذان مع الافصاح
بالهاء والألف وأن يكون تاركا للكلام خلالهما إما ترك الكلام خلال الاذان فمستنده غير واضح وعلل بان فيه تفويتا للاقبال المطلق في العبادة واما كراهته في أثناء الإقامة فلما رواه الشيخ عن
عمرو بن أبي نصر في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيتكلم الرجل في الاذان قال لا باس قلت في الإقامة قال لا وعن أبي هارون المكفوف قال قال أبو عبد الله (ع) يا هارون الإقامة من الصلاة فإذا أقمت
فلا تتكلم ولا تؤم بيدك والنهي في الروايتين محمول على الكراهة لما رواه الشيخ في الصحيح عن حماد بن عثمان انه سئل أبا عبد الله عن الرجل يتكلم بعدما يقيم الصلاة قال نعم وعن محمد الحلبي قال سئلت
أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتكلم في اذانه أو في اقامته فقال لا باس وعن الحسن بن شهاب قال سمعت أبا عبد الله يقول لا باس بان يتكلم الرجل وهو يقيم الصلاة وبعد ما يقيم ان يشاء وظاهر
الشيخين في المقنعة والتهذيب المنع من الكلام في خلال الإقامة مع الاختيار مطلقا ويدفعه الأحاديث السابقة إذ لا تخصيص فيها بحال الضرورة ويتأكد الكراهة بعد قول المقيم قد قامت
الصلاة وقيل بالتحريم وسيجئ بيانه ولو تكلم في أثناء الاذان لم يعده عامدا كان أو ناسيا الا ان يكون طويلا بحيث يخرجه عن المولاة وكذا السكوت ولو تكلم في أثناء الإقامة أعاد قاله
جماعة من الأصحاب منهم المصنف ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله لاتكلم إذا أقمت الصلاة فإنك إذا تكلمت أعدت الإقامة وكذا يستحب ان يكون فاصلا
بينهما بركعتين أو سجدة أو جلسة وفي المغرب بخطوة أو سكتة أو تسبيحة ذهب إليه علمائنا أجمع وقال في المعتبر وعليه علمائنا فكلام الفاضلين يشعر بدعوى الاجماع على ذلك وقال الشيخ
في النهاية ويستحب ان يفصل الانسان بين الأذان والإقامة بجلسة أو سجدة وأفضل ذلك السجدة الا في المغرب خاصة فإنه لا يسجد بينهما ويكفي الفصل بينهما
بخطوة أو جلسة خفيفة وقال ابن إدريس ومن صلى منفرا فالمستحب له ان يفصل بين الأذان والإقامة بسجدة أو جلسة أو خطوة والسجدة أفضل الا في الاذان
255

للمغرب خاصة فان الجلسة أو الخطوة السريعة فيها أفضل وإذا صلى في جماعة فمن السنة ان يفصل بين الأذان والإقامة بشئ من نوافله ليجتمع الناس في زمان تشاغله بها الا صلاة المغرب فإنه
لا يجوز ذلك فيها ولم اطلع على نص في اعتبار الخطوة واعترف به الشهيد في الذكرى ولا على اعتبار السجدة قال الشارح الفاضل يمكن دخولها في حديث الجلوس فإنها جلوس وزيادة وفيه ما فيه
واما البواقي فالأصل فيها اخبار روى الشيخ في الصحيح عن سليمان بن جعفر الجعفري قال سمعته يقول أفرق بين الأذان والإقامة بجلوس أو بركعتين وفي الصحيح عن أحمد بن محمد قال قال القعود
بين الأذان والإقامة في الصلوات كلها إذا لم يكن قبل الإقامة صلاة تصليها وفي الصحيح عن ابن أبي عمير عن الحسين بن شهاب عن أبي عبد الله (ع) قال لابد من قعود بين الأذان والإقامة وفي الصحيح
عن ابن أبي عمير عن أبي علي صاحب الأنماط عن أبي عبد الله (ع) أو أبي الحسن (ع) قال قال يؤذن للظهر على ست ركعات ويؤذن للعصر على ست ركعات بعد الظهر وجه الاستناد إلى هذا الخبر ان نوافل
كل من الظهر ين ثمانية فمقتضى الامر بالاذان بعد الست تأخير الركعتين من الاذان ولا ينبغي تأخيرها عن الإقامة لما ثبت من شدة ارتباطها واتصالها بالصلاة فلا يناسب ذلك
وقوع الفصل بينهما وبين الصلاة فتعين كون الركعتين بينهما ولا يخفى ان مقتضى الاخبار الثلاثة الأولة عدم الفرق في مدلولها من استحباب الجلسة أو الصلاة أو الجلسة وحدها بين
المغرب وغيرها ويدل على استحباب الفضل بينهما في المغرب بالجلوس ما رواه الشيخ عن إسحاق الجريري عن أبي عبد الله (ع) قال قال من جلس فيما بين اذان المغرب والإقامة كان كالمتشحط بدمه في
سبيل الله فوجه استثناء المغرب غير واضح مع أن الذي ذكره الشيخ في النهاية استحباب الجلسة أو الخطوة في المغرب وكذا ابن إدريس والظاهر أن مراد الفاضلين من استثناء المغرب اثبات ما
ذكروا على وجه الأفضلية وان جاز غيره لكن اثباته مشكل ورواية اسحق تدفعه وروى الشيخ وابن بابويه في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا قمت إلى الصلاة الفريضة
فاذن وأقم وافصل بين الأذان والإقامة بقعود أو كلام أو تسبيح قال سألته كم الذي يجزي بين الأذان والإقامة من القول قال الحمد لله وروى الشيخ عن سيف بن عميرة عن بعض أصحابه عن أبي
عبد الله (ع) قال بين كل أذانين قعدة الا المغرب فان بينهما نفسا ولعل ذلك هو المراد بالسكتة والجمع بين هذا الخبر وبين رواية اسحق ان يحمل هذا على أن المراد انه يجزي الاكتفاء في المغرب
بالسكتة بخلاف غيرها فإنها تحتاج إلى الجلسة وعن جعفر بن محمد بن يقطين رفعه إليهم قال يقول الرجل إذا فرغ من الاذان وجلس اللهم اجعل قلبي بارا ورزقي دارا واجعل لي عند (خبر) رسول الله صلى الله عليه وآله
قرارا ومستقرا ومعنى البار المحسن ومعنى كون الرزق دارا زيادته وتجدده شيئا فشيئا من غير نفاد وانقطاع كما يدر اللبن والقرار والمستقر قيل هما مترادفان وقيل القرار المقام والمستقر
المكان قيل ويمكن كون المستقر في الدنيا والقرار في الآخرة كأنه يسال ان يكون قراره في النشأتين في جوار رسول الله واختص الدنيا بالمستقر والآخرة بالقرار اقتداء بقوله تعالى ولكم
في الأرض مستقر وبقوله عز شانه وان الآخرة هي دار القرار ولا ينافي استحباب الجلسة على سبيل التخيير ما روى الشيخ في الصحيح عن ابن مسكان قال رأيت أبا عبد الله (ع) اذن وأقام من غير أن يفصل
بينهما بجلوس وينبغي تقييد استحباب الركعتين بما إذا لم يدخل وقت فضيلة الفريضة وقد مر ما يصلح دليلا لهذا التقييد عند شرح قول المصنف والنوافل ما لم يدخل وقتها وأن يكون
(رافعا معوية) المستند في ذلك اخبار منها صحيحة معوية بن وهب السابقة عند شرح قول المصنف مجددا في الإقامة ومنها رواية عبد الله بن سنان السابقة عند شرح قول المصنف صيتا ومنها ما رواه ابن
بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال لا يجزيك عن الاذان الا ما أسمعت نفسك أو فهمته وافصح بالألف والهاء وصل على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك في اذان أو غيره وكلما
اشتد صوتك من غير أن يجتهد (تجهد) نفسك كان من يسمع أكثر فكان اجرك في ذلك أعظم قوله (ع) من غيران تجهد نفسك اي من غير مشقة تحتملها وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي
عبد الله (ع) قال إذا أذنت فلا تخفين صوتك فان الله يأجرك مد صوتك فيه وعن محمد بن راشد قال حدثني هشام بن إبراهيم انه شكى إلى أبي الحسن الرضا (ع) سقمه وانه لا يولد له فأمره بان يرفع
صوته بالاذان في منزله قال ففعلت فاذهب الله عنى سقمي وكثر ولدي قال محمد بن راشد وكنت دائم العلة ما انفك منها في نفسي وجماعة خدمي فلما سمعت ذلك من هشام عملت به فاذهب الله عني
وعن عيالي العلل والاسقام هذا في الاذان واما الإقامة فلم اطلع على دليل دال على استحباب رفع الصوت فيها والمستفاد من صحيحة معاوية بن وهب السابقة وارفع به صوتك وإذا أقمت فدون ذلك
وعمم الشارح الفاضل الحكم بالنسبة إليهما وهو غير واضح والحكم المذكور مختص بالرجال واما المرأة فاللأولى بالنسبة إليها الاسرار كذا ذكره جماعة من الأصحاب والأدلة غير مساعدة على اثبات
هذا التفصيل ويستحب الحكاية لسامع الاذان وهو موضع وفاق بين العلماء قال المصنف في المنتهى ويدل عليه ما رواه الصدوق في كتاب علل الشرايع في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع)
أنه قال له يا ابن مسلم لا تدع ذكر الله على كل حال ولو سمعت المنادي ينادي بالاذان وأنت على الخلاء فاذكروا الله عز وجل وقل كما يقول وفي الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) ما أقول
إذا سمعت الاذان فقال أذكر الله مع كل ذاكر وقد مر أيضا خبران غريبان منهما في كتاب الطهارة في أواخر مبحث الاستنجاء قال ابن بابويه وروى أن من سمع الاذان فقال كما يقول المؤذن زيد في
رزقه وظاهر الاخبار ان الحكاية لجميع ألفاظ الاذان وقال الشيخ في المبسوط روى عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان يقول إذا قال حي على الصلاة لاحول ولا قوة الا بالله والرواية مجهولة الاسناد فالعدول
عن ظاهر الروايات الصحيحة إليها مشكل وقال أيضا من كان خارج الصلاة وسمع المؤذن فينبغي ان يقطع كلامه إن كان متكلما وإن كان يقرا القران فالأفضل له ان يقطع القران ويقول كما يقول
المؤذن لان الخبر على عمومه وهي حسن وصرح بأنه لا يستحب حكايته في الصلاة وبه قطع المصنف في التذكرة وقال أيضا متى قاله في الصلاة لم تبطل صلاته الا في قوله حي على الصلاة فإنه متى قال
ذلك مع العلم بأنه لا يجوز فإنه يفسد الصلاة لان ليس بتحميد ولا تكبير بل هو من كلام الآدمين المحض فان قال بدلا من ذلك لاحول ولا قوة الا بالله لم تبطل صلاته وتبعه على ذلك
جماعة من الأصحاب ولافرغ من الصلاة ولم يحكه فالظاهر سقوطها لفوات محلها واختاره الشهيد وقال الشيخ في المبسوط لأنه مخير واختاره المصنف في التذكرة وقال في الخلاف يؤتى به لا من حيث كونه
اذانا بل من حيث كونه ذكرا ولو دخل المسجد والمؤذن يؤذن ترك الصلاة التحية إلى فراغ المؤذن استحبابا ليجمع بين الحقين قال المصنف وغيره وهو حسن وقال جماعة من الأصحاب ان المستحب حكاية
الاذان المشروع فأذان العصر يوم الجمعة وعرفه الاذان الثاني يوم الجمعة لا يحكى وكذا اذان المجنون والصبي غير المميز وعد الشارح الفاضل منها اذان الجنب في المسجد وفيه نظر لان تحريم الكون
لا يقتضي فساد اذانه وليس منها اذان من اخذ عليه اجرا لان المحرم اخذ الاجر لا لاذان وروى ابن بابويه في الصحيح عن الحرث بن المغيرة النضري عن أبي عبد الله (ع) أنه قال من سمع المؤذن يقول
اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان محمدا رسول الله (ص) فقال مصدقا محتسبا وانا اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله اكتفى بها عن كل من أبى وجحد واعين بها من أقر وشهد كان له من الاجر
عدد من أنكر وجحد وعدد من أقر وشهد وروى عن الصادق (ع) أنه قال من قال حين يسمع اذان الصبح اللهم إني أسئلك باقبال نهارك وادبار ليلك وحضور صلواتك وأصوات دعائك ان تتوب
علي انك أنت التواب الرحيم وقال مثل ذلك حين يسمع اذان المغرب ثم مات من يومه أو ليلته مات تائبا قال الشيخ في المبسوط وروى أنه إذا سمع المؤذن يؤذن يقول اشهد ان لا إله إلا الله
يقول وانا اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله رسول لا وبالأئمة الطاهر بن أئمة ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثم يقول اللهم
رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود (الذي) وعدته وارزقني شفاعته يوم القيمة والتثويب بدعة والمراد به قول المؤذن الصلاة
خير من النوم على المشهور بين الأصحاب منهم الشيخ في المبسوط وابن أبي عقيل والسيد المرتضى وبه صرح جماعة من أهل اللغة منهم الجوهري وقال ابن الأثير الأصل في التثويب ان يجئ الرجل مستصرخا
فيلوح بثوبه ليرى ويشهر فسمى الدعاء تثويبا لذلك وكل داع مثوب وقيل انما سمى تثويبا من ثاب يثوب إذا رجع فهو رجوع إلى الامر بالمبادرة إلى الصلاة فان المؤذن إذا قال
حي على الصلاة فقد دعاهم إليها فإذا دعا بعده الصلاة خير من النوم فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها انتهى وقال في المغرب التثويب القديم هو قول المؤذن في اذان الصبح الصلاة
خير من النوم والمحدث في الصلاة الصلاة وأقامت قامت وفسره في (ق) بمعاني منها الدعاء إلى الصلاة وتثنية الدعاء وأن يقول في اذان الفجر الصلاة خير من النوم مرتين وقال الشيخ في النهاية
التثويب تكرير الشهادتين والتكبير اي زائدا على القدر الموظف شرعا وقال ابن إدريس التثويب تكرير الشهادتين دفعتين لأنه مأخوذ من ثاب إذا رجع وفسره بعضهم بما يقال بين
256

بين الأذان والإقامة من الحيعلتين مثنى في اذان الصبح واختلف الأصحاب في حكم التثويب بالمعنى الذي ذكرناه أولا حال الاختيار من غير تقية فقال ابن إدريس وابن حمزة وجماعة من المتأخرين بالتحريم
وهو ظاهر الشيخ في النهاية وقال الشيخ في المبسوط والمرتضى في الانتصار بالكراهة وهو اختيار المحقق وعن ابن الجنيد انه لا باس في اذان الصبح بعد قولك حي على خير العمل الصلاة خير من النوم مرتين و
ليستا من أصل الاذان حجة الأول ان شرعتها (شرعيتها) موقوفة على ورود النقل وثبوته عن صاحب الشرع ولم يثبت فتكون بدعة والروايات السابقة خالية عنها ولو كانت داخلة في الاذان
لاشتملت عليها لاقتضاء مقام البيان ذلك واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن وهب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التثويب الذي يكون بين الأذان والإقامة فقال ما نعرفه فغير واضح
الدلالة على العموم لأن الظاهر ما كان بين الأذان والإقامة قال محمد بن الحسن كان التثويب الأول الصلاة خير من النوم من بين الأذان والإقامة ثم أحدث الناس بالكوفة حي على الصلاة حي على
الفلاح مرتين بينهما واما ما رواه الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال النداء والتثويب في الإقامة من السنة وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال كان أبي ينادي في بيته بالصلاة خير من
النوم ولو رددت ذلك لم يكن به باس فحملها الشيخ على التقية مستندا إلى اجماع الطائفة على ترك العمل بها قال المحقق (في المعتبر) وفي كتاب أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي من أصحابنا قال حدثني
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) أنه قال الاذان الله أكبر الله أكبر اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان لا إله إلا الله وقال في آخره لا إله إلا الله مرة قال إذا كنت في اذان الفجر فقل الصلاة خير
من النوم بعد حي على خير العمل وقل بعده الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله ولا تقل في الإقامة الصلاة خير من النوم انما هو في الاذان ثم نقل عن الشيخ في الاستبصار انه حمل ذلك على التقية
وقال لست ارى هذا التأويل شيئا فان في جملة الاذان حي على خير العمل وهو انفراد الأصحاب فلو كان للتقية لما ذكره لكن الأوجه ان يقال فيه روايتان عن أهل البيت (ع) أشهرها تركه
وقد يجاب عنه بأنه ليس في الرواية تصريح بأنه يقول حي على خير العمل جهرا فيحتمل ان يكون المراد انه إذا (قال) قيل سرا يقول بعده الصلاة خير من النوم فحملها على التقية غير بعيد وبالجملة يمكن الجمع
بين الاخبار بوجهين الأول حمل هذا الخبر على التقية والثاني حمل الاختلاف على التخيير والشهرة يعتضد الأول ويؤيده كون هذا الخبر مخالفا لما عليه عمل الأصحاب من تربيع التكبير في أول
الاذان وتثنية التهليل في اخره فالعمل على المشهور ويكره الترجيع لغير الاشعار اختلف الأصحاب في حقيقة الترجيع فقال الشيخ في المبسوط انه تكرار التكبير والشهادتين في أول الاذان وقال المصنف
في المنتهى انه تكرار الشهادتين مرتين وقال الشهيد في الذكرى انه تكرار الفصل زيادة على الموظف وهو مناسب لما ذكره بعض أهل اللغة من أنه ترديد القراءة وذكر جماعة من أهل اللغة
منهم صاحب القاموس وصاحب المغرب انه تكرار الشهادتين جهرا بعد اخفائهما وهو ناظر إلى قول الشافعي حيث استحب الترجيع بهذا المعنى تعويلا على حجة ضعيفة ومن العامة من سنه
وقال معناه ان يحفض مرة ويجهر أخرى من غير زيادة على فصول الاذان واختلف الأصحاب في حكم الترجيع أيضا فقال الشيخ في المبسوط والخلاف انه غير مسنون وقال ابن إدريس وابن حمزة انه محرم وهو ظاهر
الشيخ في النهاية وذهب آخرون إلى كراهته قال في لنتهى الترجيع مكروه ذهب إليه علمائنا وهذا مشعر بالاتفاق فلعله يريد بالكراهة المعنى الشامل للتحريم حجة القول بالتحريم لا يخلو عن رجحان
لان الاذان سنة متلقاه من الشارع كساير العبادات فتكون الزيادة فيه تشرعيا محرما والمراد بالزيادة المحرمة زيادتها على انها من الاذان معتبرة فيه لا مطلقا واما الترجيع لاشعار
المصلين فجوزه الشيخ ومن تأخر عنه ونقل المصنف في المختلف الاتفاق عليه ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن محبوب عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال لو أن مؤذنا
أعاد في الشهادة وفي حي على الصلاة أو حي على الفلاح المرتين والثلث وأكثر من ذلك إذا كان إماما يؤيد جماعة القوم ليجمعهم لم يكن به باس والخبر المذكور بعد انضمامه إلى الاجماع المنقول
كاف في حصول الظن بمدلوله وكذا يكره الكلام لغير المصلحة الصلاة بعد قول المؤذن قد قامت الصلاة كراهة مغلظة واليه ذهب الأكثر وقال الشيخان في النهاية والمقنعة والمرتضى في
المصباح إذا قال الامام قد قامت الصلاة حرم الكلام الا ما يتعلق به والصلاة من تسوية صف أو تقديم امام واحتجوا عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عمير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
الرجل يتكلم في الإقامة قال نعم فإذا قال المؤذن قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام على أهل المسجد الا ان يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم امام فلا باس أن يقول بعضهم لبعض تقدم
يا فلان وفي الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال إذا أقيمت الصلاة حرم الكلام على الامام وأهل المسجد الا في تقديم امام وفي الموثق عن سماعة قال قال أبو عبد الله (ع) إذا قال المؤذن الصلاة فقد
حرم الكلام الا ان يكون القوم (يعرف) ليس لهم امام والجواب ان هذه الأخبار معارضة بصحيحة حماد بن عثمن ورواية الحسن بن شهاب السالفتين عند شرح قول المصنف تاركا للكلام فيجب حمل
التحريم فيها على الكراهة الشديدة جمعا بين الأدلة والالتفات يمينا وشمالا في أثناء الاذان بل يلزم سمت القبلة لعموم أدلة الاستقبال وهذا رد على الشافعي حيث استحب ان يلتفت عن يمينه
عند قوله حي على الصلاة عن يساره عند قوله حي على الفلاح وعلى ابن حنيفة حيث استحب ان يدار بالاذان في المأذنة ومع التشاح يقدم الأعلم ومع التساوي يقرع اي لو اجتمع اثنان فصاعدا
وكل منهم يريد الاذان قدم الأعلم والظاهر أن المراد به الأعلم باحكام الاذان التي من جملتها الأوقات كما صرح به جماعة من المتأخرين ومع التساوي يقرع وفي الذكرى قدم الأعلم بالأوقات
وقال الشيخ في المبسوط وإذا تشاح الناس في الاذان أقرع بينهم لقول النبي صلى الله عليه وآله لو يعلم الناس ما في الاذان والصف الأول ثم لم (يجلدوا) يجدوا الا ان يستهموا عليه لفعلوا فدل على جواز الاستفهام فيه ولم
يذكر الشيخ الترجيح بالأعلمية قال المصنف في التذكرة وهذا القول جيد مع فرض التساوي في الصفات المعتبرة في التأذين وان لم يتساووا قدم من كان أعلى صوتا وأبلغ في معرفة الوقت و
أشد محافظة عليه ومن يرتضيه الجيران واعف عن النظر وقريب منه كلامه في المنتهى وقال الشهيد في الذكرى ومع التشاح يقدم من فيه صفة كمال واعتبار صفة الكمال مطلق محل اشكال
وذكر المدقق الشيخ على في اعتبار الأوصاف ومراتب تقديم بعضها على بعض تفاصيل لا ترتبط بدليل وذكر جماعة من الأصحاب ان الكلام انما يختص بصوت الارتزاق من بيت المال حيث لا يحتاج
إلى المتعدد والا اذن الجميع والتحقيق ان اختلاف الصفات إن كان بحيث يختلف به مصالح المسلمين كان تقديم الراجح متجها وان لم يحصل التشاح والا فاثبات التقديم بهذه المرجحات
محل اشكال لفقد النص الدال عليه وعدم استقلال العقل باثبات هذه الأمور ويجوز مع الاجتماع ان يؤذنوا دفعة والأفضل ان يؤذن كل واحد بعد فراع الأخر وينبغي
تقييد الأفضلية المذكورة بسعة الوقت كما صرح به في غير هذا الكتاب وفاقا للمحقق (ره) والمراد بها عدم اجتماع الامام والمأمومين لاتساع وقت اجزاء الصلاة فان تأخير الصلاة
عن وقتها المطلوب شرعا لأمر غير موظف مستبعد جدا ومع ذلك فاثبات الأفضلية المذكورة محل اشكال قال الشيخ في الخلاف لا ينبغي الزيادة على اثنين واستدل باجماع الفرقة على
ما رووه من أن الاذان الثالث بدعة ونقل عن ولده الشيخ أبى على أنه قال في شرح النهاية والده ان الزايد على اثنين بدعة باجماع أصحابنا وقال الشيخ في المبسوط ويجوزان يكون المؤذنون
اثنين اثنين إذا أذنوا في موضع واحد فإنه اذان واحد فاما إذا اذن واحد بعد الأخر فليس ذلك بمسنون ولا مستحب وفسر المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر اذان الواحد بعد
الأخر بان يبنى كل واحد على فصول الأخر وهو المعبر عنه بالتراسل وفيه بعد بل الظاهر من كلامه وقوع المجموع بعد تمام الأول كما فهمه المصنف في التذكرة وعلل كراهته بأنه يتضمن
تأخير الصلاة عن أول وقتها من غير موجب وهو حسن ويمكن الاستدلال على ما اختاره الفاضلان في أصل المسألة بعموم الأدلة الدالة على شرعية الاذان وشمولها لمحل النزاع فلا
يلزم كونه بدعة ولقائل أن يقول عدم تمكين النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك مع توفر الداعي عليه شاهد للكراهة أو التحريم واعلم أنهم ذكروا ان الاذان الثاني تحريمه على وجه كونه وظيفه شرعية
بهذا الوجه كما زعمه العامة لا من حيث كونه ذكرا صرح به المدقق الشيخ على في شرح القواعد ويجتزي الامام باذان المنفرد ذكره كثير من الأصحاب واحتجوا عليه بفعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة
عليهم السلام وما رواه الشيخ عن عمرو بن خالد عن أبي جعفر (ع) قال كنا معه فسمع إقامة جار له بالصلاة فقال قوموا فقمنا فصلينا معه بغير اذان ولا إقامة قال يجزيكم اذان جاركم
وعن ابن مريم الأنصاري قال صلى بنا أبو جعفر (ع) في قميص بلا ازار ولا رداء ولا اذان ولا إقامة فلما انصرف قلت له عافاك الله صليت بنا في قميص بلا ازار ولا رداء ولا اذان ولا
إقامة فقال إن قميصي كثيف فهو يجزئ ان لا يكون على ازار ولا رداء واني مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم فلم أتكلم فأجزاني ذلك وفي طريق الروايتين ضعف لكنهما مؤيدتان بالشهرتان
257

وبما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال إذا اذن مؤذن فنقص الاذان وأنت تريد ان تصلي باذانه فأتم ما نقص هو من اذانه وهذا الخبر غير دال على عموم الحكم
بل المستفاد منه جواز الاجتزاء في الجملة ومقتضى اطلاق النص والفتاوي عدم الفرق في المؤذن بين كونه مؤذن مصر أو مسجد أو منفردا وخصه الشارح الفاضل بمؤذن الجماعة والمصر وصرح
به في شرح الشرايع ومنع من الاجتزاء بسماع اذان المنفرد باذانه ووجه هذا التخصيص غير واضح وهل الحكم مختص بالامام ظاهر عباراتهم ذلك وصرح بعضهم بالعموم إما لعموم قوله (ع) يجزيكم اذان
جاركم (واما لدعوى الأولوية وفيه نظر إذ لا عموم لقوله (ع) يجزيكم اذان جاركم) فيمكن تخصيصه بما لا يشمل محل النزاع مع أن الخبر ضعيف فالاستناد إلى مثله مشكل والأولوية ممنوعة فالاقتصار على مورد الاتفاق أولي ويستفاد من الروايتين الاكتفاء بالإقامة
أيضا ومقتضى رواية أبي مريم عدم الكلام بعد الإقامة وهو موافق لما سبق من أن التكلم موجب لإعادة الإقامة وهل يستحب إعادة الأذان والإقامة وعدم الاكتفاء بالمسموع لم يبعد ذلك
تمسكا بالعمومات فان مقتضى الأخبار المذكورة جواز الاكتفاء بها لا رجحانه وفي رواية ابن سنان السابقة دلالة على التخيير لكن يستثنى من ذلك المؤذن للجماعة والمقيم لهم فإنه لا يستحب
معه الأذان والإقامة لهم واستدل عليه باطباق المسلمين كافة على تركه وهو دليل عدم الاستحباب ولو اذن المنفرد ثم أراد الجماعة أعاد الأذان والإقامة على ما ذكره الشيخ في النهاية والمبسوط وتبعه
جماعة ممن تأخر محتجا بما رواه الشيخ في الموثق عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال وسأل عن الرجل يؤذن ويقيم ليصلى وحده فيجئ رجل اخر فيقول له فصلى جماعة هل يجوز ان يصليا
بذلك الأذان والإقامة قال لا ولكن يؤذن ويقيم قال الشهيد في الذكرى وبها افتى الأصحاب ولم أدلها وإذا سوى الشيخ نجم الدين فإنه ضعف سندها بأنهم فطحية قال الفاضلان في المنتهى
والمعتبر وفي الطريق ضعف الا ان مضمونها استحباب تكرار الأذان والإقامة وهو ذكر الله وذكر الله حسن ثم اختار الاجتزاء بالاذان والإقامة الواقعتين في حال الانفراد اعتمادا
على ما دل من الاجتزاء باذان الغير إذا كان منفردا فبأذانه أولي وادعاء الأولوية محل نظر واستضعاف رواية عمار ثم التمسك بما دل على الاجتزاء باذان المنفرد مع كونه أضعف منها سندا
محل تأمل (وعلى كل تقدير فالإعادة أولي) ويؤذن المصلي خلف غير المرضى ويقيم لنفسه لما سبق من عدم الاعتداد باذان المخالف وإقامة ويؤيده قول الصادق (ع) في رواية محمد بن عذافر اذن خلف من قرأت خلفه فان
خاف الفوات والظاهر أن المراد به فوات الركعة بحيث لا يلحق الامام راكعا اقتصر من فصول الاذان على التكبيرتين الأخيرتين وقد قامت الصلاة وهذا الحكم ذكره الشيخ وجماعة من
الأصحاب واستدلوا عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن أبي أيوب عن معاذ بن كثير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخل الرجل المسجد وهو لا يأتم بصاحبه وقد بقى على الامام أية أو ايتان فخشى ان
هو اذن وأقام ان يركع فليقل قد قامت الصلاة (قد قامت الصلاة) الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله لا إله إلا الله وينبغي العمل على مدلول الرواية وكلام المصنف وغيره قاصر عن إفادة المراد موهم لخلاف المقصود
والراوي ضعيف لكن صحة الرواية إلى ابن أبي عمير يوجب الاعتماد عليه كما سبقت الإشارة إليه في كتاب الطهارة واستشكله بعضهم بأنه متضمن لتقديم الذكر المستحب على القراءة الواجبة ومن ثم حمل
الشهيد الثاني في بعض حواشيه عبارة المحقق على أن المراد بفوات الصلات فوات ما يعتبر بالركعة من القراءة وغيرها والامر في هذا الاشكال هين بعد وضوح دلالة النص عليه واما الحمل
المذكور فمدفوع بالنص السابق والرواية السابقة صريحة في فوات الركوع ونقل عن جماعة منهم الشهيد انهم عبروا بخوف فوت الصلاة ويأتي بما يتركه المؤذن من التعميل والتكبير (والتهليل) الأخير إقامة
لشعار الايمان ويدل عليه رواية ابن سنان السابقة عن قريب ومقتضى عدم الاعتداد باذان المخالف واستحباب الاتيان (به خلفه عدم القائل في الاتيان) بما ترك ويمكن حمله على صورة تعذر الاتيان بالجميع أو يقال إن هذا
أيضا مستحب برأسه ويمكن جعل المسألة منفصله عن السابق وانها محمولة على غير المخالف كمن أخل ببعض
الفصول ناسيا وينبغي ان يلحق بهذا المقام مسائل الأولى اختلف الأصحاب في تارك الأذان والإقامة
في الصلاة فقول السيد المرتضى في المصباح والشيخ في الخلاف يمضي في صلاته إن كان متعمدا ويستقبل صلاته ما لم يركع إن كان ناسيا واليه ذهب الأكثر وقال الشيخ في النهاية بعكسه وهو قول
ابن إدريس قال في النسيان بل لا يجوز الرجوع كما جاز في العمد وأطلق الشيخ في المبسوط الاستيناف ما لم يركع من غير فرق بين العمد والنسيان وقال ابن أبي عقيل من نسى الاذان في صلاة الصبح أو المغرب
258

حتى أقام رجع فاذن وأقام ثم افتتح الصلاة وان ذكر بعد ما دخل في الصلاة انه قد نسى الاذان قطع الصلاة واذن وأقام ما لم يركع فإن كان قد ركع مضى في صلاته ولا إعادة
عليه وكذا ان سها عن الإقامة في الصلوات كلها حتى يدخل في الصلاة رجع إلى الإقامة ما لم يركع فإن كان قد ركع مضى في صلاته فلا إعادة عليه الا ان يكون قد تركه متعمدا أو استخفافا
فعليه الإعادة وقال ابن الجنيد من نسى الأذان والإقامة في الفجر والمغرب أو الإقامة في غيرهما رجع حتى يأتي بذلك ما لم يركع فإن كان ناسيا للإقامة وحدها رجع ما لم يقرأ عامة لسورة
فإن كان لما سمع المؤذن قال مثل قوله اجزاه ذلك ولم يبطل (ولم يقطع) الصلاة ولو كان في اخر الوقت فخاف ان قطع ورجع إلى الأذان والإقامة ان يفوته الصلاة أو بعضها أو خاف على نفسه
اجزاءه ان يكبر (بالفجر) ويشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله مرة مرة ومضى في صلاته حجة الأول إما على وجوب الاستمرار في صورة العمد فعموم ما دل على ترك ابطال الصلاة
واما على الاستقبال ما لم يركع فما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا افتتحت الصلاة فنسيت ان تؤذن وتقيم ثم ذكرت قبل ان تركع فانصرف فاذن وأقم واستفتح الصلاة
وان كنت قد ركعت فأتم على صلاتك احتج الشيخ بما رواه زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له رجل ينسى الأذان والإقامة حتى يكبر قال يمضى على صلاته ولا يعيد وعن أبي الصباح عن أبي
عبد الله (ع) قال سألته عن رجل نسى الاذان حتى صلى قال لا يعيد والجواب عن الأول بعد استضعاف السند انه محمول على الجواز جمعا بينه وبين الخبر السابق وعن الثاني انا نقول بموجبه فإنه لا
يعيد الصلاة بعد الفراع منها كذا نقل المصنف في (المخ) هذين الخبرين وأجاب ويوافق الخبر الأول ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل نسى الأذان والإقامة حتى دخل
في الصلاة قال فليمض في صلاته فإنما الاذان سنة وفي الصحيح عن ابن أبي نصر عن داود بن سرعان عن أبي عبد الله (ع) في رجل نسى الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة قال ليس عليه شئ والجواب
انهما محمولان على الجواز المطلق جمعا بين الأدلة إذا عرفت هذا فاعلم أن إعادة الصلاة ما لم يركع في صورة النسيان متجه للخبر المذكور وانما حملناه على الاستحباب لما رواه الشيخ في الصحيح
عن زرارة قال سئلت أبا جعفر (ع) عن رجل نسى الأذان والإقامة حتى دخل في الصلاة قال فليمض في صلاته فإنما الاذان سنة واما عدم جواز الإعادة في صورة العمد فمبني
على عدم جواز ابطال الصلاة مطلقا وفيه كلام سيجئ في موضعه واعلم أن ههنا روايات أخرى منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل ينسى ان يقيم الصلاة
وقد افتتح الصلاة قال إن كان قد فرغ من صلاته فقد تمت صلاته وان لم يكن فرغ من صلاته فليعد وحملها المصنف في (المخ) على أن المراد بما قبل الفراغ ما قبل الركوع لأن المطلق يحمل على
المقيد وهو بعيد جدا وحملها الشيخ على الاستحباب وقال المحقق في المعتبر وما ذكره محتمل لكن فيه تهجم على ابطال الفريضة بالخبر النادر ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان عن
الحسين بن أبي العلا عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يستفتح صلاة المكتوبة ثم يذكر انه لم يقم قال فان ذكر انه لم يقم قبل ان يقرأ فليسلم على النبي صلى الله عليه وآله ثم يقيم ويصلي فان ذكر بعدما
قرا بعض السورة فليتم على صلاته ومنها ما رواه الشيخ باسناد فيه محمد بن إسماعيل عن الفصل (الفضل) عن محمد بن (مسلم) إسماعيل عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في الرجل ينسى الأذان والإقامة حتى يدخل في الصلاة
قال إن كان ذكر قبل ان يقرء فليصل على النبي صلى الله عليه وآله وليقم وإن كان قد قرا فليتم صلاته ونحوه روى زيد الشحام في الصحيح عن الصادق (ع) وهذه الروايات محمولة على تأكد الرجوع إلى الأذان والإقامة
قبل القراءة وان جاز قبل الركوع مطلقا وروى الشيخ عن زكريا بن ادم قال قلت لأبي الحسن (ع) الرضا (ع) جعلت فداك كنت في صلوتي فذكرت في الركعة الثانية وانا في القراءة
اني لم أقم فكيف اصنع قال اسكت موضع قراءتك وقل قد قامت الصلاة (قد قامت الصلاة) ثم امض قي قراءتك وصلاتك وقد تمت صلاتك والرواية ضعيفة السند قال في الذكرى وهو يشكل
بأنه كلام ليس من الصلاة ولا من الاذكار والمستفاد من الروايات السابقة استحباب الرجوع إلى تدارك الأذان والإقامة أو الإقامة وحدها ولا دلالة منها على الرجوع لاستدراك
الاذان إذا اتى بالإقامة ولم اطلع على تصريح بذلك الا من المحقق وابن أبي عقيل فيما حكى عنه وابن الجنيد على التفصيل المنقول عنه سابقا وحكى فخر المدققين الاجماع على عدم
الرجوع إلى الاذان مع الاتيان بالإقامة والشهيد الثاني حكم بجواز الرجوع لاستدراك الاذان وحده دون الإقامة الثانية لا يجوز تقديم الاذان على (تقديم) دخول الوقت الا في
258

في الصبح فيجوز تقديمه عليه مع استحباب اعادته بعده إما الأول فعليه اتفاق علماء الاسلام نقل ذلك جماعة من الأصحاب واما الثاني فهو مشهور بين الأصحاب قال ابن أبي عقيل الاذان
عند آل الرسول عليهم السلام الخمس بعد دخول وقتها الا في الصبح فإنه جايز يجوز ان يؤذن لها قبل دخول وقتها بذلك تواترت الاخبار عنهم وقالوا كان للرسول صلى الله عليه وآله مؤذنان
أحدهما بلال والاخر ابن أم مكتوم وكان عمى وكان يؤذن قبل الفجر وبلال إذا طلع الفجر وكان يقول (ع) إذا سمعتم اذان بلال فكفوا عن الطعام والشراب (احتج بذلك وبما رواه الشيخ) في الصحيح عن ابن سنان عن أبي
عبد الله (ع) قال قلت له ان مؤذنا يؤذن بليل فقال إما ان ذلك ينفع الجيران لقيامهم إلى الصلاة واما السنة فإنه تتأدى مع طلوع الفجر ولا يكون بين الأذان والإقامة الا
الركعتان وعن ابن سنان في الصحيح أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن النداء قبل طلوع الفجر فقال لا باس واما السنة فمع الفجر وان ذلك ينفع الجيران يعني قبل الفجر ويستفاد من قوله (ع) واما
السنة فمع الفجر ان الاذان المتقدم لمجرد التنبيه فلا يعتد به للصلاة وخالف في الحكم المذكور ابن إدريس فمنع من تقدم الاذان في الصبح أيضا وهو المنقول عن ظاهر اختيار المرتضى
في المسائل المصرية وابن الجنيد وأبي الصلاح والجعفي واستند السيد إلى أن الاذان دعا إلى الصلاة ففعله قبل وقتها وضع للشئ في غير موضعه ولما روى أن بلالا اذن
قبل طلوع الفجر فأمره النبي صلى الله عليه وآله ان لا يعيد الاذان وأجيب عن الأول بمنع انحصار فائدة الاذان فيما ذكر بل له فوايد أخرى كامتناع الصايم من الأكل والشرب والتاهب للصلاة
واغتسال الجنب واتمام النوافل الليلة (الليلية) ونحوها وعن الرواية بالقول بالموجب كما مر والأقرب في المسألة القول الأول ولا حد لهذا التقديم عندنا والأولى ان يجعل في ذلك ضابطا
ليصح التعويل عليه ولا فرق بين كون المؤذن واحدا أو اثنين الثالثة يجوز ارتزاق المؤذن من بيت المال إذا اقتضته المصلحة لأنه من مصالح المسلمين واما اخذ الأجرة عليه ففيه
خلاف فذهب جمع من الأصحاب منهم الشيخ في الخلاف إلى عدم الجواز وذهب المرتضى إلى الكراهة وهو ظاهر المحقق في المعتبر والشهيد في الذكرى احتج الأولون بما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر
عن أبيه عن ابائه عن علي (ع) قال اخر ما فارقت عليه حبيب قلبي ان قال يا علي إذا صليت فصل صلاة أضعف من خلفك ولا تتخذن مؤذنا يأخذ على اذانه اجرا والرواية ضعيفة السند
فالتعويل عليها مشكل وهل الإقامة كالاذان فيه وجهان وحكم المصنف في النهاية بعدم جواز الاستيجار عليها وان
قلنا بجواز الاستيجار على الاذان فارقا بينهما بان الإقامة لا كلفة فيها
بخلاف الاذان فان فيه كلفة بمراعاة الوقت وهو ضعيف
النظر الثاني في الماهية اي ماهية الصلاة أعم من الواجبة والمندوبة وفيها مقاصد
الأول
في كيفية الصلاة اليومية يجب على المكلف معرفة واجب أفعال الصلاة من مندوبها يجب على المكلف معرفة كيفية الصلاة وما يعتبر في ماهيتها ليتمكن من الاتيان بها
على جهة الامتثال ولابد من أن تكون تلك المعرفة مستنده إلى دليل تفصيلي إن كان مجتهدا أهلا للاستدلال أو دليل اجمالي إن كان مقلدا لم يبلغ مرتبة كما تقرر في
الأصول ولا يكفي تقليد غير المجتهد وكل ذلك مشروط بكون المكلف مستجمعا للفهم والعقل والتمكن مقدار ما يصح تكليفه بما ذكرنا فلو كان المكلف لا يتمكن بنفسه من التأمل في
المقدمات المنتجة لان معرفة الصلاة لابد ان يكون لها مستند صحيح يجوز التعويل عليه وهو إما الاخذ عن دلائلها أو الاعتماد فيها على اخذها كما هو شأن المجتهد والمقلد ولم
يحصل له هذه المعرفة بالاستماع والتعليم أيضا فخلاف لا يجب عليه معرفة أفعال الصلاة على الوجه المذكور ومع هذا لا يسقط عنه التكليف بالصلاة إذا لم يكن منسلخا عن العقل
الذي هو مناط التكليف بالكلية بل يجب عليه الاتيان بها على وجه زعمها وأذعنها وتفصيل الامر الذي يجب عليه والحال هذه متعسر الضبط لاختلاف الامر في هذا الباب
اختلافا فاحشا لكن الذكي المتأمل بعد ما اتقن قواعد العدل لا يخفى عليه شئ من ذلك انشاء الله تعالى ثم لو كان المكلف مستجمعا للشرايط المصححة لتكليفه بالمعرفة المذكورة على أحد الوجهين
المذكورين وخالف في ذلك ولم يحصل فلاخفاء في كونه اثما مستحقا للذم وحينئذ إذا دخل الوقت وهو عاجز عن تحصيل المعرفة المذكورة فالظاهر أنه يجب عليه حينئذ الاتيان بالصلاة حسب ما
زعمه وظنه من أفعالها وكيفياتها وحينئذ فان طابقا الواقع اتفاقا فهل يجب عليها القضاء أم لا المشهور بين المتأخرين نعم وظاهر الدليل لا لان ايجاب القضاء معلق بفوات الصلاة الواقعية ولم
يتحقق ولو كان في سعة الوقت متمكنا عن تحصيل المعرفة المذكورة فخالف ولم يحصل حتى ضاق الوقت عنه فالظاهر وجوب الصلاة بالوجه المذكور عليه وهل يسقط القضاء لو طابق
الواقع الظاهر من الدليل ذلك وإن كان هذا الحكم هيهنا اخفى من السابق كما يظهر بالتأمل والتدقيق والمشهور خلاف ذلك ووجوب المعرفة المذكورة ثابت بالنسبة إلى القدر الذي يحصل
بمعرفتها التمكن من الاتيان بالصلاة والأمور المعتبرة فيها على وجه الامتثال بحيث يحصل البراءة عن التكليف وهل يعتبر في ذلك التمييز بين واجبات الافعال ومندوباتها حتى يوقع كلا
مهما على وجهة كما حكم به المصنف اثبات ذلك متعسر مع أن الأصل يقتضي عدمه وعدم ظهور هذه التدقيقات الا من المتأخرين من غير أن يكون لها اثر في الاعصار السابقة عليهم ولهذا المقام
دقايق وتفاصيل مبنية على المقدمات الكلامية ولا يناسب شرحها المقام وان ساعد التوفيق فعمل فيه رسالة مفردة وافية بحقها كافية في استقصاءها والمراد بالمعرفة المذكورة في
كلام المصنف أعم من العلم اليقيني لان غالب الاحكام يناط بالظن ويمكن ان يكون المراد بها اليقين والمراد من الواجب والمندوب الواجب والمندوب بالنسبة إلى المكلف وان خالف الحكم الأصلي
اليقيني لوقوع الخطاء في المسألة وظنية الطريق لا ينافي قطعية الحكم وإذا قطع المصنف بوجوب معرفة واجب أفعال الصلاة من مندوباتها اردفه بقوله وايقاع كل منهما على وجهه ذكر الشارح
الفاضل هيهنا تفصيلا محصله ان لو نوى بالواجب الندب عمدا أو جهلا بطلت الصلاة للاخلال بالواجب على ذلك الوجه المقتضي للبطلان ولعدم اتيانه بالمأمور به على وجهه فلم يطابق فعله ما في
ذمته لاختلاف الوجه ويمتنع اعادته لئلا يلزم (زيادة أفعالها الصلاة عمدا وأنت خبير وانه لم يقم دليل على وجوب الاتيان بالفعل على وجهه بمعنى ان بقصد انفاقه بالجهة التي
عليها في الواقع من) من الوجوب أو الندب ولا على وجوب المطابقة لما في الذمة بهذا المعنى ثم لا نسلم ان الزيادة في الافعال عمدا مطلق موجب للبطلان لابد لذلك
من دليل ثم قال ولو عكس بان نوى بالمندوب من الافعال الوجوب فإن كان الفعل ذكرا بطلت الصلاة أيضا للنهي المقتضى للفساد ولأنه كلام في الصلاة ليس منها ولو ما استثنى فيها و
إن كان فعلا اعتبر في الحكم بابطاله الكثرة التي يعتبر في الحكم الفعل الخارج عن الصلاة وان لم يكن كثيرا لم تبطل ويقع لغوا مع احتمال البطلان به مطلقا للنهي المقتضى للفساد وفيه نظر لأنا
لا نسلم ان الذكر المستحب لو قصد به الوجوب كان منهيا سلمنا لكن النهى حينئذ غير متعلق بعين الصلاة ولا جزءها فلا يلزم بطلان الصلاة بذلك ثم القدر المسلم ان الكلام الذي لا يكون ذكرا ولا
دعاء إذا صدر في أثناء الصلاة يلزم بطلانها لا مطلقا ثم حكمه بابطال الفعل المندوب الذي قصد به الوجوب إذا كان كثيرا محل نظر لان الفعل الكثير انما يبطل إذا لم يكن مندوبا في الصلاة
وأما إذا كان مندوبا فلا نسلم انه يبطل الصلاة سواء قصد به الوجوب أو الندب ثم احتماله البطلان به مطلق معللا بالنهي المقتضي للفساد محل تأمل لتعلق النهى بالامر الخارج واستقرب
الشهيد في البيان الصحة في القسم الذي قصد بالمندوب الواجب مطلقا استنادا إلى نية الوجوب أفادت تأكيد الندب وهذا الفرق غير مرتبط بدليل صحيح وقد أطال الشارح الفاضل الكلام على هذا
وإذ قد عرفت ضعف مستند الحكم من أصله كان الاعراض عنه أولي والواجب من الصلاة اليومية سبعة بناء على عدم وجوب التسليم ويعجبني ان اورد ههنا حدثين مشتملين على معظم
أفعال الصلاة أحدهما ما رواه الصدوق في الصحيح والكليني والشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن حماد بن عيسى أنه قال قال لي أبو عبد الله (ع) يوما تحسن ان تصلي يا حماد قلت يا سيدي انا احفظ كتاب
حريز في الصلاة قال فقال لا عليك قم صل قال فقمت بين يديه متوجها إلى القبلة فاستفتحت الصلاة وركعت وسجدت فقال يا حماد لا تحسن ان تصلي ما أقبح بالرجل ان يأتي عليه ستون
سنة أو سبعون سنة فما تقيم صلاة واحدة بحدودها تامة قال حماد فأصابني في نفسي الذل فقلت جعلت فداك فعلمني الصلاة فقال أبو عبد الله (ع) مستقبل القلبة منتصبا فأرسله يديه
جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه وقرب بين قدميه حتى كان بينهما ثلثة أصابع مفرجات واستقبل بأصابع رجليه جميعا لم يحرفها القبلة بخشوع واستكانة فقال الله أكبر ثم قرأ الحمد
بترتيل وقل هو الله أحد ثم صبر هنية بقدر ما (؟) وهو قايم ثم قال الله أكبر وهو قائم ثم ركع وملا كفيه من ركبتيه منفرجات ورد ركبتيه إلى خلفه ونصب عنقه وغمض عينيه ثم سبح
ثلثا بترتيل وقال سبحان ربي العظيم وبحمده ثم استوى قائما فلما استمكن من القيام قال سمع الله لمن حمده ثم كبر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه وسجد ووضع يديه على الأرض قبل ركبتيه
259

فقال سبحان ربي الأعلى وبحمده ثلث مرات ولم يضع شيئا من بدنه على شئ منه وسجد على ثمانية أعظم الجبهة والكفين وعيني الركبتين وأنامل ابهامي الرجلين والأنف فهذه السبعة فرض و
وضع الأنف على الأرض سنة وهو الارغام ثم رفع رأسه من السجود فلما استوى جالسا قال الله أكبر ثم قعد على جانبه الأيسر ووضع ظهر قدمه اليمنى على باطن قدمه اليسرى وقال استغفر الله
ربي وأتوب إليه ثم كبر وهو جالس وسجد الثانية وقال كما قال في الأول ولم يستعن بشئ من (جسده) على شئ منه في ركوع ولا سجود وكان محتجا ولم يضع دراعية على الأرض فصلى ركعتين
على هذا ثم قال يا حماد هكذا صل ولا تلتفت ولا تعبث بيديك وأصابعك ولا تبزق عن يمينك ولا يسارك ولابين يديك وثانيهما ما رواه الشيخ والكليني بأسانيد ثلثة وبعضها من الصحاح
وبعضها من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا قمت في الصلاة فلا تلصق قدمك
بالأخرى دع بينهما فصلا إصبعا أقل من ذلك إلى شبر أكثره وأسدل منكبيك و
ارسل يديك ولا تشبك أصابعك ولتكونا على فخذيك قبالة ركبتيك وليكن نظرك إلى موضع سجودك فإذا ركعت فصف في ركوعك بين قدميك تجعل بينهما قدر شبر وتمكن
راحتيك من ركبتيك وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى وبلع بأطراف أصابعك عين الركبة وفرج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك فان وصلت أطراف أصابعك في ركوعك
إلى ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الركبة وتفرج بينهما وأقم صلبك ومد عنقك وليكن نظرك إلى ما بين قدميك فإذا أردت ان تسجد فارفع يدلك بالتكبير وخر ساجدا وابدأ
بيديك تضعهما على الأرض قبل ركبتيك تضعهما معا ولا تفترش ذراعيك افتراش السبع ذراعيه لا تضع ذراعيك على ركبتيك وفخذيك ولكن تجنح بمرفقيك ولا تلزق كفيك
بركبتيك ولا تدنهما من وجهك بين ذلك حيال منكبيك ولا تجعلهما بين يدي ركبتيك ولكن تحرفهما عن ذلك شيئا وابسطهما على الأرض بسطا واقبضهما إليك قبضا وإن كان تحتهما
ثوب فلا يضرك وان أفضيت بهما إلى الأرض فهو أفضل ولا تفرجن بين أصابعك في سجودك ولكن اضممهن جميعا قال فإذا قعدت في تشهدك فالصق ركبتيك بالأرض وفرج بينهما شيئا
وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى وأليتاك على الأرض وطرف ابهامك اليمنى على الأرض وإياك والقعود على قدميك فتتأذى بذلك ولا
تكون قاعدا على الأرض فتكون انما قعد بعضك على بعض فلا تصبر للتشهد والدعاء
الأول من واجبات الصلاة
القيام ولا خلاف في وجوبه بين علماء الاسلام ونقل عليه الاجماع
المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والتذكرة والشهيد في الذكرى ونقل اجماع الفرقة عليه ابن زهرة في الغنية وهو ركن في الصلاة تبطل الصلاة لو أخل به عمدا أو سهوا مع القدرة عليه و
نقل الاجماع عليه الفاضلان في المعتبر والمنتهى واستدلوا على الوجوب والركنية بوجوه الأول قوله تعالى حافظوا على الصلوات (بتركه) الوسطى وقوموا لله قانتين فان الظاهر أن المراد به قوموا
لله في الصلاة قانتين ذاكرين الله في قيامكم والقنوت ان يذكر الله قائما كما ذكره صاحب الكشاف أو داعين والقنوت هو الدعاء في الصلاة حال القيام كما ذكره الشيخ الطبرسي ناقلا عن ابن عباس
قال وهو المنقول عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله (ع) الثاني ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من طريق العامة أنه قال لرافع بن خديج صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا الثالث صحيحة حماد بن عيسى السابقة وجه
الاستدلال انه (ع) كان في مقام بيان الواجب لأنه اتفق فعله (ع) بعد التقبيح والتوبيخ على ما يفعله ثم امره بمثل ما فعله بقوله هكذا صل فيكون ما اتى به واجبا الا ما خرج من الدليل الرابع
ان المعهود من فعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام ذلك مع قوله صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني (أصلي) الخامس ما رواه الشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) في قول الله عز وجل الذين يذكرون الله
قياما قال الصحيح يصلي قائما وقعود المريض يصلي جالسا وعلى جنوبهم الذي يكون أضعف من المريض الذي يصلي جالسا السادس ما رواه الشيخ باسنادين أحدهما من الصحاح والاخر من الحسان بإبراهيم
ابن هاشم عن جميل انه سئل أبا عبد الله (ع) ما حد المريض الذي يصلي قاعدا فقال إن الرجل ليوعك ويخرج ولكنه اعلم بنفسه ولكن إذا قوى فليقم ولا يخفى تطرق البحث إلى أكثر هذه الأدلة إما
إلى صحيحة حماد فلانا لا نسلم انه (ع) بصدد بيان الواجب يرشد (إليه) اتيانه (ع) بكثير من المستحبات والتقبيح والتوبيخ المذكور لا يدل على أن الغرض متعلق بحال الواجب لجواز ان يكون ذلك مبنيا على مداومته في عدة
متمادية على ترك السنن والفضايل وإهماله المستحبات المؤكدة ومثل هذا التأكيد في شأن الفضايل والنوافل غير غريز في كلامهم عليهم السلام ويؤيده انه (ع) لم يأمره بإعادة ما صلى
من الصلوات واما الاستناد إلى قوله (ع) صلوا كما رأيتموني أصلي فضعيف لأنه (ع) كان مواظبا على السنن والمندوبات في الصلاة فيكون امره بالتأسي والمتابعة محمولة على الاستحباب
واما روايتا أبي حمزة وجميل فدلالتهما على الوجوب غير واضحة واما الآية فيمكن المناقشة في دلالتها على الوجوب بان الظاهر من قوله تعالى حافظوا على الصلاة إرادة العموم بالنسبة
إلى الواجب والمندوب وهو مقتض لحمل الامر بالمحافظة على الاستحباب ولا ترجيح لحمل الامر على الوجوب على تخصيص الصلوات بالفرايض وان حملنا الامر المذكور على الاستحباب يمكن
ان يجعل ذلك قرينة لإرادة القيام في جميع الصلوات من قوله تعالى قوموا وحمل الامر به على الاستحباب وانصرف القنوت إلى الامر المعين وتبادره إلى الذهن بعد ثبوت استحبابه كما سيجئ مؤيد
لهذا الحمل لكن الحق ان حمل المعرف باللام على المعهود المنساق إلى الذهن وهو الصلاة اليومية أولي من حمل الامر على الوجوب وتبادر القنوت بالمعنى المعلوم فإنما نشاء من استقرار الاصطلاح
فالمناقشة ساقطة ولا يخفى ان دلالة هذه الأدلة على الركنية بالمعنى الذي ذكر غير واضحة وان سلمنا دلالتها على الوجوب فان المستفاد منها على التقدير المذكور بطلان الصلاة
بترك القيام عمدا لان الصلاة قاعدا ضد الواجب فتكون منهيا عنه والنهى في العبادة يستلزم الفساد واما سهوا فالامر فيه غير واضح ويمكن الاستدلال على الوجوب والركنية بما رواه
الصدوق في باب القبلة في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) ثم استقبل القبلة بوجهك ولا تقلب وجهك عن القبلة فيفسد صلواتك فان الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وآله في الفريضة فول
وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره فقم منتصبا فان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من لم يقم صلبه فلا صلاة له الحديث والمراد بإقامة الصلب وهو عظم من لدن الكاهل
إلى العجب وهو أصل الزند اقامته على وجه الانتصاب وإن كان معناه اللغوي أعم تصحيحا للتعليل ويعضده توقف اليقين بالبرائة من التكليف الثابت عليه لكن هذا المعاضد لا يفي
بلزوم القضاء انما يختص بحال الإعادة لا يقال روى زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال لا تعاد الصلاة الامن خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وهذا دال على عدم ركنية القيام
وفي الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قلت له الرجل يصلي وهو قاعد فيقرا السورة فإذا أراد ان يختمها قام فركع باخرها قال صلاته صلاة القائم وهذا يدل على عدم وجوب القيام حال التكبير و
القراءة لأنا نقول الخبر الأول غير معمول بين الأصحاب فلا تعويل عليه واما الخبر الثاني فمحمول على المريض أو الصلاة المندوبة قضية للجمع (وعدم انحصار طريق الجمع فيه) غير ضائر إذا رجح هذا الجمع اتفاق الأصحاب وكذا
الكلام في الاخبار الموافقة لشئ منهما في المعنى إذا عرفت هذا فاعلم أن القيام ليس بركن في جميع الحالات لان من نسى القراءة أو ابعاضها أو جلس في موضع القيام لا يجب عليه إعادة
الصلاة ولهذا ذكر جماعة من متأخري الأصحاب ان الركن هو القيام المتصل بالركوع ونقل عن الشهيد انه ذكر في بعض فوائده ان القيام بالنسبة إلى الصلاة على انحاء القيام إلى النية فإنه لما
وجب وقوع النية في حال القيام اتفاقا وجب تقديمه عليها زمانا يسيرا ليقطع بوقوعها حال القيام وهذا شرط للصلاة لتقدمه عليها واعتباره فيها والقيام في النية وهو متردد
بين الشرط والركن كحال النية والقيام في التكبير تابع له في الركنية والقيام في القراءة واجب غير ركن والقيام المتصل بالركوع ركن فلو ركع جالسا بطلت صلاته وإن كان ناسيا
والقيام من الركوع واجب غير ركن والقيام في حال القنوت تابع له في الاستحباب وتبعه عليه الشهيد الثاني وهو حسن الا ان في اثبات ركنية القيام حال النية عسرا واشكالا
واما ركنية القيام حال الافتتاح والقيام المتصل بالركوع فيمكن استفادتها من الخبر السابق بأدنى تأمل فان الظاهر هيهنا اعتبار القيام في جميع حالات الصلاة الا ما استثنى
والمراد بالقيام المتصل بالركوع الجزء الذي يركع عنه وليس من لوازم الركوع كما ذهب كثير من الأوهام لجواز الركوع منحنيا بعد الجلوس والقدر الموصوف بالركنية ما يصدق
عليه انه قيام متصل بالركوع سواء اتفق مع القراءة فيصدق عليه انه جزء قيام القراءة أم لا والزايد عليه إما متصف بالوجوب أو الاستحباب حسب والقيام في حال القنوت
متصف بالاستحباب والجزء الذي يتصل بالركوع منه متصف بالوجوب والركنية ولا اشكال فيه واستشكل المدقق الشيخ على الاستحباب قيام القنوت بأنه متصل بقيام القراءة فهو
260

في الحقيقة كله قيام واحد فكيف يوصف بعضه بالوجوب وبعضه بالاستحباب ولا وجه له إذ لا اشكال في اتصاف بعض اجزاء الامر (المتهد) بالوجوب واتصاف بعضها بالاستحباب
ويجب الاستقلال والمراد به ان يكون قائما بنفسه غير مستند إلى شئ بحيث لو رفع السناد سقط ويعتبر في القيام الانتصاب ويتحقق بنصب فقار الظهر فلا يخل بالانتصاب
اطراق الرأس وإن كان الأولى إقامة النحر لبعض الأخبار الدالة عليه ويخل به الميل يمينا وشمالا إذا أخرجه عن كونه منتصبا عرفا وكذا الانحناء فلا يجزي
القيام من تلك الحالات اختيارا والقول بوجوب الاستقلال هو المشهور بين العلماء وذهب أبو الصلاح إلى جواز الاستناد على كراهة حجة الأول ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله
ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا تستند بخمرك أنت تصلي ولا تستند إلى جدار الا أن تكون مريضا الخمر بالخاء المعجمة والميم المفتوحتين ما واراك من شجر ونحوه وكون ذلك هو المتبادر
معنى القيام وصحيحة حماد ودليل التأسي وتوقف اليقين بالبرائة عليه وحجة الثاني ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل هل يصلح له ان يستند إلى حائط
المسجد وهو يصلي أو يضع يده على الحائط وهو قائم من غير مرض ولا علة فقال لا باس وعن الرجل يكون في صلاة فريضة فيقوم في الركعتين الأوليين هل يصلح له ان يتناول
جانب المسجد فينهض يستعين به على القيام من غير (ضعف) ولا علة قال لا باس ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ في الموثق عن عبد الله ابن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يصلي متوكيا
على عصا أو على حايط فقال لا باس بالتوكي على عصا والاتكاء على الحائط وعن سعيد بن يسار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التكاءة في الصلاة على الحايط يمينا وشمالا فقال لا باس
قال الشهيد في الذكرى والخبر لا يدل على الاعتماد صريحا لان الاستناد يغايره وليس بمستلزم له ولا يخفى بعد هذا التأويل والأقرب في الجمع حمل رواية ابن سنان على الكراهة واما
باقي أدلة المشهور فضعف بعضها يظهر مما ذكرناه سابقا وبعضها ترفعه الروايات المذكورة فاذن قول أبي الصلاح لا يخلو عن قوة وينبغي ان لا يترك الاحتياط في أمثال هذه المواضع
ثم إن عملنا بخبر ابن سنان وقلنا بان مدلوله التحريم هل يلزم اشتراط الصلاة بالأقلام كما هو المشهور فنحكم بالبطلان لو خالف الظاهر ذلك في صورة العمد لان مدلول الخبر يرجع إلى النهى
عن (الاستناد) المقارن للصلاة فيكون المنهى عنه مجموع الامرين من الصلاة والاستناد مجتمعا لان لانيه عن الشئ مع وصف اعتباري يرجع عند التحقيق إلى النهى عن مجموع ذلك الشئ
وسبب ذلك الأمر الاعتباري لان التكليف بالمسبب تكليف بالسبب حقيقة فالمكلف به حينئذ ترك مجموع الامرين وهو انما يتحقق بترك الصلاة وحدها أو بترك الاستناد وحده أو بتركهما معا لكن
لما ثبت ان ترك الصلاة ليس فردا للمراد لعدم كونه مأذونا فيه تعين ان يكون المطلق هيهنا من انتفاء المجموع نحوا خاصا من انحائه وهو ترك الاستناد وحده فثبت ان المطلق الصلاة
المقارنة لعدم الاستناد والصلاة في حال الاستناد ضد لها والامر بالشئ يستلزم النهى عن هذه الخاص فتكون الصلاة في حال الاستناد منهيا عنها فتكون باطلة هذا في ضيق
الوقت واما في السعة فنقول الصلاة المقارنة لعدم الاستناد والاتفاق على عدم وجوب ظهرين مثلا ومتى لم يكن مبرئة للذمة عن الصلاة الواجبة عليه كالظهر مثلا كان واقعا
على وجه غير مشروع فيكون باطلا واما في صورة النسيان فلا يتم فيها هذا الوجه فتدبر وقد صرح بعض المتأخرين بان حكم الاستعانة بشئ وتناوله حال النهوض حكم الاستناد
لكن لا يخفى ان الحكم بالتحريم هيهنا أضعف من السابق والظاهر أنه يجب الاعتماد على الرجلين لكونه المتبادر من الامر بالقيام منتصبا وانه يجب ان لا تتباعدا يخرج عن حد القيام عرفا
فان عجزا اعتمد وهو مقدم على الجلوس والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه الأخبار السابقة وبعض العمومات الدالة على اعتبار القيام ولو عجز عن القيام في جميع الحالات وقدر
(مر) على البعض لم يسقط عنه بل وجب عليه القيام بقدر مكنة سواء كان مستقلا أو متكئا منتصبا أو منحنيا ويدل عليه قول الصادق (ع) في صحيحة جميل بن دراج السابقة ولكن إذا نوى فليقم
ويؤيده قوله (ع) إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم وقوله (ع) لا يسقط الميسور بالمعسور ولو عجز عن الركوع قائما أو السجود وامكنه القيام لم يسقط عنه فرضه بل يصلي قائما ويؤمى للركوع
ثم يجلس ويؤمي للسجود قال المصنف في المنتهى وعليه علمائنا وعلى هذا لو قد ر على الانحناء جالسا ولم يقدر عليه قائما يؤمي قائما ويدل عليه ان القيام معتبر في جميع الحالات الا ما خرج
بالدليل ولا دليل على سقوطه هيهنا فيكون واجبا وحيث حصل العجز عن الركوع وجب الايماء بدله لعموم ما دل على بدلية الايماء عند العجز عن الركوع ولا يلزم سقوط القيام ولقائل أن يقول
قد دلت الآية على وجوب الركوع وهو مطلق الانحناء ولا دليل على إرادة معنى خاص شرعي هيهنا فتكون باقية على المعنى اللغوي لان القران نزل بلسان العرب فما لم يدل على صرف
بعض الألفاظ عن المعنى الحقيقي لغة كان باقيا على الحقيقة اللغوية وعلى هذا فالانحناء أيضا واجب كما أن القيام واجب فإذا تعذر قائما وجب جالسا ولا ترجيح لاعتبار القيام عليه لكن
هذا لا يتم في صورة يتمكن من الايماء بالرأس قائما لصدق الركوع لغة حينئذ قال في القاموس وكل شئ يخفض رأسه فهو راكع ويمكن ترجيح اعتبار القيام بالشهرة واتفاق الأصحاب
فان عجز قعد وهو اجماعي بين العلماء نقل الاجماع على ذلك جماعة منهم المصنف والمحقق ويدل عليه روايتا أبي حمزة وجميل السابقتان وما رواه الشيخ عن محمد بن إبراهيم عمن اخبره عن
الصادق (ع) قال يصلي المريض (قائما) فإن لم يقدر على ذلك صلى جالسا وأسنده في الفقيه إلى الصادق (ع) ونقل مرسلا عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال المريض يصلي قائما فإن لم يستطع صلى جالسا ونقل الشيخ
عن محمد بن إبراهيم أيضا عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) قال يصلي المريض قاعدا الحديث وتنقيح هذا المبحث انما يحصل ببيان أمور الأول المشهور بين الأصحاب ان حد العجز المسوغ للقعود هو العجز عن القيام
أصلا وهو مستند إلى علمه بنفسه ونقل عن المفيد في بعض كتبه ان حده ان لا يتمكن من المشي بمقدار زمان الصلاة وقال الشيخ في المبسوط وقدر روى أصحابنا انه إذا لم يقدر على القيام في جميع الصلاة
قرأ جالسا فإذا أراد الركوع نهض وركع عن قيام حجة الأول صحيحة جميل السابقة وما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن عمرو بن أذينة عمن اخبره عن أبي جعفر (ع) انه سئل ما حد المرض
الذي يفطر صاحبه والمرض الذي يدع صاحبه فيه الصلاة قائما قال بل الانسان على نفسه بصيره قال ذاك إليه هو اعلم بنفسه وجه الاستدلال انه لو كان للعجز تحديد معين كما
هو مقتضي القول الأخير لبينه (ع) في مقام الجواب ويدل على قول المفيد ما رواه الشيخ عن سليمان بن حفص المروزي قال قال الفقيه (ع) المريض انما يصلي قاعدا إذا صار بالحال التي
لا يقدر فيها ان يمشي مقدار صلاته إلى أن يفرغ قائما ويرد عليه انها مع ضعف سندها معارضة بما ذكرنا من الأدلة وما تضمنته من التحديد غير موافق للاعتبار فان المصلي
قد يتمكن من القيام بمقدار الصلاة (ولا يتمكن) من المشي وقد يكون الامر بالعكس والترجيح للقول الأول لما ذكر من الخبرين مع اعتضادهما بالشهرة وبما مر من الأدلة على اعتبار القيام الثاني
إذا قدر على الصلاة متكيأ (وعلى الصلاة ماشيا ولم يقدر عليها) مستقرا ومستقلا رجح الاتكاء وفاقا لجماعة من الأصحاب للأحاديث الدالة على نفى الباس مع سلامتها عن المعارض هيهنا ويعضده قول الصادق (ع)
في صحيحة عبد الله بن سنان لا تستند إلى جدار الا أن تكون مريضا ويؤيده كونه أقرب إلى الهيئة المنقولة ونقل عن المصنف انه رجح القيام ماشيا مع الاستقلال الثالث إذا عجز عن القيام
مطمئنا وقدر عليه ماشيا ففي ترجيحه على القعود خلاف فذهب المصنف والشارح الفاضل إلى ترجيح القيام ماشيا وذهب الشهيد إلى ترجيح القعود واختاره المدقق الشيخ على احتج الشارح الفاضل
برواية سليمان بن حفص السابقة فإنه نزلها على أن الجلوس انما يسوغ إذا لم يقدر على القيام بمقدار الصلاة وإن كان ماشيا وبان القيام ماشيا يفوت معه وصف من أوصاف القيام وهو
الاستقرار والجلوس يفوت معه أصل القيام وفوات الوصف أولي من فوات الأصل بالكلية والوجهان ضعيفان إما الأول فلكون الرواية ضعيفة السند غير واضحة الدلالة
على المعنى الذي فهمه مع أنها على هذا الحمل يقتضي جواز القعود مع القدرة على القيام في بعض الصلاة وهو غير قائل بها فمدلولها لا يوافق مذهبه واما الثاني فلان الاستقرار
ليس من أوصاف القيام بل هو وصف من أوصاف المصلي معتبر في صحة صلاته من غير اختصاص له بحال القيام والقعود فترجيح القيام عليه يحتاج إلى دليل احتج الشهيد بان
الاستقرار ركن في القيام إذ هو المعهود من صاحب الشرع واحتج الشيخ علي بان الطمأنينة أقرب إلى حال الصلاة من الاضطراب عرفا أو شرعا والخشوع الذي هو روح العبادة بهما
يتحقق وفيهما نظر إما الأول فلانه ان أراد ان الاستقراره معهود من صاحب الشرع معتبر في حال (القيام حال الاختيار) فمسلم لكن لا يجدي نفعا وان أراد غير ذلك فممنوع ويمكن توجيهه بان المعهود
261

من صاحب الشرع الصلاة في حال القيام مستقرا اختيار أو الصلاة جالسا حال الاضطرار بالمرض واما الصلاة ماشيا حال المرض فغير معهود من صاحب الشرع فلو كان المشي سائغا
للمرض أحيانا لوقع البيان والتعليم لكنه بعد محل التأمل واما الثاني فلانه لو سلم ان الطمأنينة مع الجلوس أقرب إلى هيئة الصلاة من الاضطراب لكن تأسيس الحكم الشرعي بمثل هذا الوجه
مشكل ويمكن تقوية القول الأول بقول الصادق (ع) في صحيحة زرارة السابقة المنقولة عن الفقيه قم منتصبا معللا بقول النبي صلى الله عليه وآله من لم يقم صلبه فلا صلاة له لعموم التعليل ويقول الصادق (ع) في
مرسلة محمد بن إبراهيم السالفة يصلي المريض قائما فإن لم يقدر صلى جالسا ونقل ابن بابويه ما يقرب منه عن النبي صلى الله عليه وآله كما مر فان قلت يصدق على من لم يقدر على الصلاة مطمئنا انه لم يقدر
على الصلاة قائما لان السكون من الهيئات المعتبرة في الصلاة وعدم القدرة على الخبر ويستلزم عدم القدرة على الكل فعلى هذا الحديث مصادم لهذا القول قلت المتبادر
من الصلاة في أمثال هذه المواضع ماهية الصلاة بما يعتبر فيها من حيث هي وبهذا يصح انقسامها إلى الصلاة مستقرا وماشيا وقاعدا ولاخفاء في أن الاستقرار ليس معتبرا في
ماهية الصلاة بهذا المعنى نعم يخدش الوجهين ان اعتبار العموم بالنسبة إلى غير الفرد المتبادر الشايع المأنوس السابق إلى الذهن لا يصفو عن شوب التردد والتثبت ويمكن تقوية
القول الثاني بقول الصادق (ع) في مرسلة محمد بن إبراهيم السابقة يصلي المريض قاعدا ويقول أبي جعفر (ع) في حسنة أبي حمزة السابقة المريض يصلي جالسا ويضعف الأول بعد تسليم
السند ان وقوع الرواية على الوجهين يرشد الحدس السليم إلى أن الخبر على هذا الوجه تتمة له على الوجه السابق نقل مرة تمامها ومرة بعضها بقدر الاحتياج ومثل هذا غير
نادر ويضعف الثاني بأنه غير دال على العموم كما لا يخفى على التأمل في سياق الحديث وهذه المسألة عندي محل تردد الرابع يتحقق العجز عن القيام بحصول الألم الشديد الذي لا يتحمل
عادة ولا يعتبر العجز الكلي ولا يختص القعود بكيفية وجوبا بل يجلس كيف شاء نعم يستحب له ان يربع قاريا ويثنى رجليه راكعا ويتورك بين السجدتين وعند التشهد وفسر التربيع هيهنا
بان ينصب فخذيه وساقيه وتثنية الرجلين بان يفترشهما تحته ويجلس على صدورهما بغير اقعاد واستدل على الأولين بما رواه الشيخ عن حمران بن أعين عن أحدهما (ع) قال كان أبي صلى الله عليه وآله إذا صلى
جالسا تربع فإذا ركع ثنى رجليه وليس ذلك بواجب للأصل ولما رواه الصدوق عن معوية بن ميسرة انه سال أبا عبد الله قال يصلي الرجل وهو جالس متربع ومبسوط الرجلين فقال لا
باس بذلك وروى الشيخ في الموثق عن جماعة من فضلاء الأصحاب عن الصادق (ع) في الصلاة في المحمل صل متربعا وممدود الرجلين وكيف أمكنك واما التورك فسيجئ بيان معناه
واستحبابه ذكر جماعة من أصحابنا المتأخرين في كيفية الركوع القاعد وجهين أحدهما ان ينحني بحيث يصير بالنسبة إلى القاعد المنتصب كالراكع القائم بالنسبة إلى القائم وثانيهما ان ينحني
بحيث يحاذي جبهته موضع سجوده وأدناه ان ينحني بحيث يحاذي جبهته ما قدام ركبتيه كما أن أدنى ركوع القائم ان تصل راحتاه إلى ركبتيه وهو مستلزم لمحاذاة بعض الوجه ما
قدام ركبتيه وأكمل ركوع القائم ان يستوي ظهره وعنقه وهو يستلزم محاذاة الجبهة لموضع السجود ولا ريب في كون كل منهما محصلا للبرائة لكن في الحكم بوجوب (أحدهما) تأمل والظاهر عدم وجوب
رفع الفخذين عن الأرض وأوجبه الشهيد في بعض كتبه استنادا إلى أنه واجب حال القيام والأصل بقاءه لعدم دليل على اختصاص وجوبه بحال القيام واعترض عليه بان ذلك
غير مقصود حال القيام بل انما حصل تبعا للهيئة الواجبة في تلك الحال وهي منتفية هنا وبأنه ينتقض بالصاق البطن فإنه يحصل في حال القعود أكثر مما يحصل في حال القيام و
لم يحكم باعتبار التجافي نعم لو قدر على الارتفاع زيادة على حال الجلوس ودون الحال التي يحصل بها مسمى الركوع قائما وأوجبنا ذلك تحصيلا للواجب بقدر الامكان اتجه
وجوب رفع الفخذين لكن الامر غير مقتدر (مقدر) حينئذ بمجافاتهما بل يجب ما أمكن من الرفع لكن في الوجوب المذكور تأمل ولو قدر على أقل ما يتحقق به الركوع دون الزايد عليه لم يكن له ان ينقص
منه لحصول القدرة المستلزمة للوجوب وحينئذ يسقط اعتبار الفرق بينه وبين السجود للعجز المستتبع للسقوط ولو قدر على ذلك أكمل حالات الركوع دون الزايد عليه ففي وجوب الاكتفاء
بالأقل منه تحصيلا للفرق بينه وبين السجود كما ذهب إليه المدقق الشيخ على نظر لعدم ثبوت وجوب اعتبار الفرق كلية وذهب الشهيد إلى عدم وجوب استبعادا (للمنع) من الركوع
الكامل قال في الذكرى ولو قدر على أكمل الركوع وزيادة فيجب ههنا اثبات والسجود بالزائد قطعا لان الفرق بينهما واجب مع الامكان ولو قدر على زيادة الخفض في السجود
فلا ريب في وجوبه حتى لو امكنه السجود على أحد الجبينين أو الصدغين أو الذقن أو عظم الرأس وجب والا وجب أدناه رأسه من الأرض بحسب الطاقة وعندي في كل هذه الأحكام
نظر فان عجز عن الصلاة جالسا منتصبا ومنحنيا مستقلا متكئا اضطجع متوجها إلى القبلة ويؤمي بالركوع والسجود والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه حسنة أبي حمزة
السابقة وظاهر كلام المصنف هيهنا وفاقا لكلام المحقق في الشرايع التخيير بين الاضطجاع على الأيمن والأيسر وهو المستفاد من كلام الشيخ في بعض مواضع المبسوط وبه صرح المصنف في النهاية وجعل الاضطجاع
على الأيمن أفضل وقال في التذكرة ولو اضطجع على الأيسر فالوجه الجواز والذي ذكر في عدة من كتبه انه
ينتقل من القعود إلى الاضطجاع على الأيمن قال في المنتهى ولو عجز عن القعود
صلى مضطجعا على جانب الأيمن بالايماء مستقبلا للقبلة بوجهه ذهب إليه علمائنا ونحو منه كلام المحقق في المعتبر وهو اختيار جماعة من المتأخرين منهم الشهيدان واليه ذهب ابن إدريس
وهو مستفاد من كلام الشيخ في النهاية وفي موضع من المبسوط ويدل عليه رواية عمار عن أبي عبد الله (ع) قال المريض إذا لم يقدر ان يصلي قاعدا كيف قدر صلى إما ان يوجه فيؤمي ايماء وقال
يوجه كما يوجه الرجل في (لحده) وينام على جنبه الأيمن ثم يؤمي بالصلاة فإن لم يقدر ان ينام على جنبه الأيمن فكيف ما قدر فإنه له جايز ويستقبل القبلة بوجه ثم يؤمي بالصلاة
ايماء وفي متن هذه الرواية اضطراب ونقلها في المعتبر بوجه آخر وتبعه على ذلك الشهيدان وهو هذا المريض إذا لم يقدر ان يصلي قاعدا يوجه كما يوجه الرجل في لحده وهو على هذا
الوجه يسلم من الاضطراب واسندها إلى حماد وهي كذلك في بعض نسخ التهذيب وما رواه الصدوق مرسلا عن النبي صلى الله عليه وآله المريض صلى قائما وان لم يستطع صلى جالسا فإن لم يستطع صلى على جانبه الأيمن
فإن لم تستطع صلى على جانبه الأيسر فإن لم يستطع استلقى وأومأ ايماء وجعل وجهه نحو القبلة وجعل سجوده اخفض من ركوعه ويدل على الأول اطلاق ما رواه الشيخ في الموثق
عن سماعة قال سألته عن المريض لا يستطيع الجلوس آل فليصل وهو مضطجع وليضع على جبهته شيئا إذا سجد فإنه يجزي عنه ولن يكلف الله مالا طاقة له به ويمكن الجمع بين الروايات إما
بحمل المطلق على المقيد أو بحمل الروايتين الأوليين على الاستحباب والترجيح مشكل الا ان وجوب تحصيل البراءة اليقينة من التكليف الثابت يرجح التأويل الأول والمصير إلى
القول الثاني فان عجز عن الصلاة مضطجعا أيضا استلقى والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه رواية عمار السالفة والمرسلة المنقولة عن الصدوق وبعض الروايات
يدل على أنه ينتقل إلى الاستلقاء بعد العجز عن القعود وهو ما رواه عن الشيخ عن محمد بن إبراهيم عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) قال يصلي المريض قاعدا فإن لم يقدر صلى مستلقيا ثم يكبر ثم يقرأ
فإذا أراد الركوع غمض عينيه ثم يسبح ثم يفتح عينيه فيكون فتح عينيه رفع رأسه من الركوع فإذا أراد ان يسجد غمض عينيه ثم سبح فإذا سبح فتح عينيه فيكون فتح عينيه دفع رأسه من
السجود ثم يتشهد وينصرف وأسنده ابن بابويه إلى الصادق (ع) قال المحقق في المعتبر بعد نقل هذه الرواية وهذه يدل على انتقاله بعد العجز عن الصلاة قاعدا إلى الاستلقاء لكن الرواية
الأولى أشهر وأظهر بين الأصحاب ولأنها مسندة وهذه مجهولة الراوي وقوله الرواية الأولى إشارة إلى رواية عمار السابقة لكنه أسنده إلى حماد كما قلنا سابقا وبالجملة رواية عمار
مع ما ذكر من الرجحان معتضدة بقوله تعالى الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم وبحسنة أبي حمزة السابقة لكن يستفاد منها الانتقال من الاضطجاع على الأيمن إلى
الاستلقاء ولم أجد به قائلا صريحا وإن كان كلام الشيخ وابن إدريس والمصنف في كثير من كتبه وكلام المحقق في المعتبر لا يأبى عن الحمل عليه فإنهم قالوا يضطجع على الأيمن ثم قالوا فان
عجز عن الاضطجاع استلقى ولم يذكروا حديث الاضطجاع على الأيسر والجمع بين الروايتين بحمل المرسلة المذكورة على التقية غير بعيد ويمكن الجمع (بين الروايات) أيضا بان يقال الانتقال من القعود
إلى الاستلقاء جائز لكن تقديم الاضطجاع عليه أفضل وكذا الانتقال من الاضطجاع على الأيمن إلى الاستلقاء (حينئذ جايز) لكن تقديم الاضطجاع على الأيسر أفضل لكنه متوقف على
262

على وجود القائل وهو غير ظاهر وينبغي التنبيه على أمور الأول لو قدر المريض على رفع موضع السجود للسجدة عليه وجب لصدق السجود عليه وكانه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه ما
رواه الشيخ في الحسن لثعلبة عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال لا يصلى على الدابة الفريضة الا مريض يستقبل القبلة ويجزيه فاتحة الكتاب ويضع بوجهه في الفريضة على ما
امكنه من شئ ويؤمي في النافلة ايماء اوردها في باب المضطر من باب زيادات التهذيب وفي الاستبصار أيضا ويؤيده ما رواه عن إبراهيم بن أبي زياد الكرخي قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل شيخ
كبير لا يستطيع القيام إلى الخلاء لضعفه ولا يمكنه الركوع والسجود فقال ليؤم برأسه ايماء وإن كان له من يرفع الخمرة إليه فليسجد وان يمكنه ذلك فليؤم برأسه نحو القبلة ايماء
واستدل عليه بما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال سألته عن المريض قال يسجد على الأرض أو على مروحة أو سواك يرفعه وهو أفضل من الايمان انما كره من كره السجود على المروحة
من أجل الأوثان التي كانت تعبد من دون الله وانا لا نعبد غير الله قط فاسجد على المروحة أو على عود وعن أبي بصير قال سألته عن المريض هل تمسك المرا شيئا يسجد عليه قال لا الا
ان يكون مضطر أليس عنده غيرها وليس شئ مما حرم الله الا وقد أحله لمن اضطر وفي الاستدلال بهما نظر الثاني هل يجب ان يضع على جبهته شيئا حال الايماء لم يتعرض لذلك
أكثر الأصحاب وربما نقل عن بعضهم القول بالوجوب ويدل عليه ما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال سألته عن المريض لا يستطيع الجلوس قال فليصل وهو مضطجع وليضع على جبهته
شيئا إذا سجد فإنه يجزي عنه (الحديث) الوجوب قال الشهيد في الذكرى بعد نقل هذه الرواية يمكن ان يراد به مع اعتماده على ذلك الشئ ويمكن ان يراد به على الاطلاق إما مع الاعتماد فظاهر واما
مع عدمه فلان السجود عبارة عن الانحناء وملاقاة الجبهة على ما يصح السجود عليه باعتماد فإذا تعذر ذلك وملاقاة الجبهة ممكنة وجب تحصيله لان الميسور لا يسقط بالمعسور فان
قلنا به أمكن انسحابه في المستلقى وفيه نظر لان الواجب ملاقاة الجبهة للأرض أو ما يقوم مقامهما باعتماد حال الانحناء فإذا تعذر ذلك لم يثبت وجوب شئ اخر بدله الا بدليل
فان استند إلى ما نقل عنه (ع) لا يسقط الميسور بالمعسور كان لقائل أن يقول بعد تسليم صحة الرواية والاغماض عن الاجمال الذي فيها انما يجزي (يجري) في الجزء عند تعذر الكل لا الاتيان
بفرد اخر (من التبيعة عند تبيعة الفرد الواحد) وغير خاف ان الامر ههنا كذلك ويدل على الأول حمل أكثر الروايات عنه في مقام البيان وكذا كلام الأصحاب وضعف رواية سماعة سندا ودلالة فان حملها على الاستحباب
غير بعيد والمسألة محل تردد وإن كان الترجيح الأول لا يقال يمكن الاستدلال على الوجوب بحسنة عبد الرحمن السابقة لأنا نقول فرق بين وضع الشئ على الوجه ووضع الوجه على الشئ
والمذكور في الرواية الثاني ومحل البحث الأول على أن المعنى المستأنس المتبادر عنه الوضع باعتماد فالتعميم لا يصفر عن كدر الاشكال وذهب بعض المتأخرين إلى الاستحباب واستدل
عليه بما رواه الشيخ والكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المريض إذا لم يستطع القيام والسجود وقال يؤمى برأسه ايماء وان يضع جبهته على الأرض أحب
إلى وبصحيحة زرارة السابقة عن قريب ولا يخفى ان مدلولهما لغير محل البحث والاستدلال بهما مما لا وجه له ويمكن توجيهه بان حملهما على ظاهرهما مصادم لوقوع الشهرة على خلافهما فيجب
صرفهما عن ظاهرهما وحملهما على وضع الأرض وما يجري مجراها على الجبهة ويكون المراد من الأرض اجزائها لكن هذا التأويل في رواية زرارة متناه في البعد ولو حمل على أن المريض
يسجد على الأرض كما هو في صورة التمكن من ذلك أو يرفع المروحة والسواك ويضعهما على الجبهة كما في صورة العجز عن الأول بان يحمل الترديد على اعتبار الحالتين لا انه حكم للمريض
في حالة واحدة قل اشكال البعد فتدبر الثالث ذكر الفاضلان ومن تأخر عنهما ان الايماء بالرأس مقدم على الايماء بالعين والثاني منوط بالعجز عن الأول ولم يذكروا خلافا
في هذا الباب ولم اطلع على مصرح بخلافه الا ان كلام المتقدمين خال عن هذا التفصيل وبعض الروايات بلفظه الايماء غير تعيين وبعضها يشتمل على الايماء بالعين فقط كمرسلة محمد بن
إبراهيم السابقة وبعضها مشتمل على الايماء بالرأس كحسنة الحلبي ورواية إبراهيم بن أبي زياد السابقتين وما رواه ابن بابويه مرسلا عن أمير المؤمنين (ع) دخل رسول الله صلى الله عليه وآله على رجل من الأنصار
وقد شبكته الريح فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله كيف أصلي فقال إن استطعتم ان تجلسوه فاجلسوه والا فوجهوه إلى القبلة ومروه فليؤم برأسه ايماء ويجعل السجود اخفض من الركوع وإن كان لا
يستطيع ان يقرأ فاقرؤا عنده واسمعوه والجمع بين الروايات بالقول بالتخيير ممكن الا ان المرسلة ضعيفة ومخالفة المشهور مشكل فالتعويل عليه تحصيلا للبرائة اليقينية من التكليف الثابت
متجه والمصنف لم يتعرض للتفصيل المذكور بل ذكر الايماء بالعين فقط فقال ويجعل قيامه للنية والتكبير والقراءة وما يتبعهما فتح عينيه وركوعه تغميضهما ورفعه من الركوع فتحهما و
سجوده الأول تغميضهما ورفعه فتحهما وسجوده ثانيا تغميضهما ورفعه فتحهما وهكذا في الركعات وذلك كله مع امكان التغميض والفتح والا اجزاء القصد واجراء الاذكار على
اللسان وهل يشترط ان يقصد بها كونها تلك الأفعال فيه وجهان وهل يلحقها حكم المبدل فيبطل الصلاة بزيادة ما كان ركنا منها إما مطلقا أو عند قصد البدلية أم لا فيه أوجه
ولو تجدد عجز القائم قعد في اي فعل كان للعجز المسوغ للجلوس فإن كان قبل القراءة قرأ قاعدا وإن كان في الأثناء بنى على ما مضى من غير استيناف وهل يقرأ في حالة الهوى قيل نعم
وهو اختيار الأكثر تحصيلا للقراءة في الحالة العليا ووافق الشهيد في بعض كتبه المشهور واستشكله في الذكرى قال فيه قال الأصحاب ويقرأ في انتقاله الا ما هو أدنى لان تلك الحالة
أقرب إلى ما كان عليه ويشكل بان الاستقرار شرط مع القدرة ولم يحصل وينبه عليه رواية السكوني عن الصادق (ع) في المصلي يريد التقدم قال يكف عن القراءة في مشيه حتى
يتقدم ثم يقرأ وقد عمل الأصحاب بمضمون الرواية انتهى وفيه نظر لأنا لا نسلم الاستقرار شرط كلية حتى في الصورة المذكورة والرواية مع ضعف سندها مختصة بترك المشي وقد
يستدل على وجوب الاستقرار بقول الصادق (ع) وليتمكن في الإقامة كما يتمكن في الصلاة فإنه إذا اخذ في الإقامة فهو في صلاة والرواية ضعيفة السند ومع هذا في شمولها
(فمحل) النزاع تأمل وقد يرجح اعتبار الاستقرار بأنه أقرب إلى هيئة الصلاة والغرض المقصود بها وقد يستدل على المشهور بان ترك القراءة يستلزم فوات الحالة العليا بالكلية والآتيان
بها يستلزم (فواة وصف القيام وهو الاستقرار) فوات وصف أولي من فواة الأصل وفيه نظر لأنا لا نسلم وجوب اعتبار الحالة العليا كلية وكانا قد أشرنا إليه سلمنا لكن قوله الاتيان به يستلزم فوات وصف
القيام محل نظر قد أشرنا إليه في نظيره والمسألة محل تردد ويمكن ان يقال الحالة العليا على قسمين قسم منه داخل (تحت القيام وقسم منه داخل) تحت الجلوس ففي الأول يجب القراءة لوجوب اعتبار القيام مهما أمكن
وينسحب الحكم في الثاني لعدم القائل بالفصل فالمشهور أقوى ولو نفل بعد الفراغ من القراءة ركع جالسا ولو كان في أثناء الركوع فإن كان بعد الذكر لم يبعد وجوب الجلوس مستقرا
لتحصيل الفصل بينه وبين السجود ويكون بدلا عن القيام من الركوع وإن كان قبل الذكر ففيه وجهان مبنيان على أن الركوع هل يتحقق بمجرد الانحناء إلى أن يصل كفاه ركبتيه و
الباقي من الذكر والطمأنينة والرفع أفعال خارجة عن حقيقة أم لا فعلي الأول لا يجب الركوع جالسا وعلى الثاني يجب والظاهر الأول وسيجئ الكلام فيه ثم الظاهر أنه ان تمكن من الذكر
في حال الهوى عن هيئة الراكع أو الاستمرار عليه حتى يصير ركوع قاعد وجب وأكمله كذلك والا سقط ويجئ على القول بتقديم الاستقرار على اعتبار الحالة العليا وجوب النزول راكعا
لو وقع الذكر حالة الركوع جالسا مستقرا والحكم المذكور وكذا الحكم الآتي لا يختصان بالقيام والقعود بل يجريان في جميع المراتب ولو تجددت قدرة العاجز عن القيام عليه قام
سواء في ذلك القاعد والمضطجع والمستلقى تاركا للقراءة إن كان قبلها أو في أثنائها لتحصل في حالة العليا ويبنى على ما قرأ في الحالة الدنيا واستحب بعضهم الاستيناف و
استشكل ذلك بأنه مستلزم لزيادة الواجب مع حصول الامتثال ولو خف بعد القراءة وجب القيام ليركع عن قيام وهل يجب الطمأنينة فيه قال المصنف لا واحتمل الشهيد في الذكرى
الوجوب معللا بان الحركتين المتضادتين في الصعود والهبوط بينهما سكون فينبغي مراعاته ليتحقق الفصل ويرد عليه ان الكلام في الطمأنينة العرفية وهي زائدة على القدر
الضروري بين الحركتين مع أن الكلام في الوجوب الشرعي لا الضرورة العقلية التي لا تكون مؤثرة في إناطة التكليف بها وبان الركوع القائم يجب ان يكون عن طمأنينة وهذا
ركوع قائم ويرد عليه انه بمنزلة إعادة الدعوى لان الخصم لا يسلم ان ركوع القائم يجب ان يكن عن طمأنينته كلية وبان معه تيقن الخروج من العهدة وأجيب بأنه احتياط لا يجب
263

المصير إليه وفيه نظر إذ الحكم بكونه مجرد احتياط انما يستقيم إذا دل دليل على عدم اعتباره أو لم يكن رعايته منوطة بالخروج عن عهدة تكليف ثابت والامر ههنا ليس كذلك لان التكليف
بالصلاة ثابت وعند عدم الطمأنينة المذكورة لا يحصل الامتثال يقينا فيجب الطمأنينة ليحصل اليقين والامتثال وقد حققنا هذا الأصل في غير هذا الكتاب ولو خف
في الركوع قيل الطمأنينة وجب ان يرتفع منحنيا إلى حد الراكع ليكملها وليس له الانتصاب لئلا يزيد الركن ثم يأتي بالذكر الواجب من أوله وان اتى ببعضه وحصل فصل طويل ان
أوجبنا تسبيحة واحدة إذ لم يسبق عنه كلام تام فلا يجوز البناء وان أوجبنا تعدد التسبيح أعاد إن كان في أثناء تسبيحه وحصل فصل طويل والا بنى على السابق ولو خف بعد الذكر
قد تم ركوعه فيقوم معتدلا مطمئنا ولو خف بعد الاعتدال من الركوع لم يبعد وجوب القيام ليسجد عن قيام والطمأنينة ان لم تحصل سابقا واستشكل المصنف وجوب القيام
لو كان الخفة بعد الطمأنينة للشك في كون الهوى إلى السجود فائما واجبا برأسه أو وجوبه من باب المقدمة فيسقط حينئذ ولو تمكن المصلي قاعدا أو ما دونه من القيام للركوع خاصة
وجب لكونه ركنا في الصلاة واجبا برأسه فلا يسقط بالعجز عن غيره والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب
الثاني من واجبات الصلاة النية ووجوبها في الصلاة ثابت باجماع
المسلمين ونقل ذلك المصنف وغيره وحقيقتها العزم على الفعل والقصد إليه بان لا يكون صدور الفعل عنه على سبيل السهو والنسيان قال بعضهم النية عند الفقهاء القصد المقارن
للفعل ولا يخفى ان هذا أمر سهل الحصول لا يكاد ينفك عنه المكلف حين إرادة الفعل ولهذا يحكى عن علمائنا المتقدمين انهم ما كانوا يذكرون النية في كتبهم الفقهية بل يقولون
أول واجبات الوضوء مثل غسل الوجه وأول واجبات الصلاة تكبيرة الافتتاح إلى غير ذلك وكانه لهذا السبب لم يذكر النية في الأخبار الواردة في بيان حقايق العبادات في مواقع التعليم
مع تأكد الحاجة إليها وعموم البلوى بها وهذا من أقوى الحجج على سهولة الخطب في أمر النية وانها أمر لا ينفك عنها العقلاء بحيث لا يحتاج المكلفون إلى التنبيه عليها والارشاد
إليها ومن ههنا قال بعض الفضلاء لو كلف الله الصلاة أو غيرها من العبادات بغير نية كان تكليفا بما لا يطاق وقال اخر لولا قيام الأدلة على اعتبار القربة والا لكان ينبغي
ان يكون هذا من باب اسكتوا عما سكت الله عنه وبما ذكرنا يظهر ان التدقيقات الناشية بين الناس في أمر النية من مستحدثات المتأخرين ومبدعاتهم من غير أن يكون لها ظهور كلا
أو بعضا في الصدر الأول وعدم التوغل فيها أولي وأشد وهي ركن تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا والمراد بالركن بما يلتئم (منه) مع بطلان الصلاة بتركه عمدا وسهوا كالركوع
والسجود أو ما يشتمل عليه المهية من الأمور الوجودية المتلاحقة مع المقيد المذكور والتقييد بالأمور الوجودية
لاخراج التروك كترك الكلام والفعل الكثير فإنها لا تعد اركانا
عندهم ويمكن ان يكون المراد بالركن ما يبطل الصلاة بتركه مطلقا فيكون أعم من الشرط وبالجملة لا خلاف في ركنيتها بهذا المعنى ونقل المصنف وغيره اتفاق العلماء على ذلك واحتجوا على
وجوبها وركنيتها بقوله تعالى وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين وقول النبي صلى الله عليه وآله انما الأعمال بالنيات وانما لامرئ ما نوى وقول الرضا (ع) لاعمل الأبنية وبان الأعمال
تقع على وجوه مختلفة بعضها غير مراد الله فلا يختص المراد الا بالنية وللنظر إلى كل واحد من تلك الوجوه طريق كما لا يخفى على الفطن بعد الإحاطة بما ذكرنا في كتاب الطهارة
واختلف الأصحاب في كون النية جزء للصلاة أو شرطا فيها فقيل بالأول وقيل بالثاني وتردد بعضهم وأدلة الطرفين مدخولة والفائدة في تحقيق ذلك قليلة وقد فرع على القولين
أشياء بعضها لا يتفرع عليهما وبعضها قليل الفائدة فالاعراض عن الإطالة في هذا الباب أولي والاشتغال إلى تحقيق حقيقة النية أهم فاعلم أن هيهنا أسوار (لا يسعنا خلا)
الذات على الوجه الاجمالي والمراد بالذات الأمور المعتبرة في ماهية صلاة معينة كالظهر مثلا بحيث يكون الاخلال بشئ منها موجبا لعدم الامتثال الثاني القصد (المستفاد) بالشئ الملحوظ
على الوجه المذكور قبل الاشتغال به الثالث ملاحظة اتصاف الفعل الملحوظ على الوجه المذكور ببعض الأوصاف المميزة له مثل كونه ظهرا مثلا وكونه واجبا أو ندبا وكونه أداء أو قضاء إلى
غير ذلك الرابع إرادة التقرب بالفعل المذكور وجعل القربة غاية للفعل الخامس اقتران القصد المذكور بأول الافعال بحيث لا يحصل بينهما فصل السادس الاستدامة الحكمية إما الأول
فلا ريب في اعتباره وكذا الثاني واما الرابع فلاشك في وجوبه واما اشتراطه في ترتب الثواب فلا خلاف فيه بين الأصحاب واما في الصحة بمعنى سقوط القضاء وسقوط العقاب التابع
للترك فمشهور بين الأصحاب وخالف فيه السيد المرتضى وقد مر الكلام في ذلك في كتاب الطهارة وفسر الشارع الفاضل النية بإرادة الفعل المخصوص المتعبد به مقارنة له لله تعالى ثم الاجماع على توقف
الصلاة عليها وكانه غفل عن خلاف المرتضى ويمكن تأويل كلام الشارع بوجه ما واما الخامس والسادس فسيجئ الكلام فيه عن قريب واما الثالث فقد أشار إليه المصنف بقوله ويجب ان يقصد فيها
اي في النية تعيين الصلاة مثل كونه ظهر أو عصرا ذكر الشيخ (ذلك) ومن تبعه ونفى المصنف في المنتهي الخلاف فيه وادعى في التذكرة اجماع علمائنا عليه واحتج الشيخ في الخلاف على وجوب التعيين والوجه
والأداء أو القضاء بوجهين أحدهما حصول الامتثال يقينا عند ذلك وثانيهما ان الفعل يقع على وجوه مختلفة فيحتاج إلى مميز فاحتيج إلى اعتبار تعيين الظهر مثلا ليتميز عن العصر وقصد الوجوب
ليتميز عن المعادة وقصد الأداء ليتميز عن القضاء وفي الأخير نظر لأنه ان قصد ان الفعل يقع على وجوه مختلفة صحيحة شرعا في زمان واحد فممنوع لان العصر انما يجب بعد الظهر خصوصا في
الوقت المختص بالظهر ومع هذا لا يجري (لا يجزي) في المغرب وكذا الكلام في الوجوب والندب لان الإعادة انما يتصور بعد الاتيان بالفعل أولا واما الأداء والقضاء فإنهما يجري الكلام
فيهما عند اشتغال الذمة بهما لا مطلقا مع امكان البحث على ذلك التقدير وان قصد ان الفعل يقع على وجوه ونيات مختلفة مؤثرة في انصراف الفعل إلى ما قصد وان لم تكن صحيحة شرعا
كما إذا قصد العصر حين اشتغال الذمة بالظهر ففيه ان اعتبار التأثير المذكور أول البحث وان قصد المعنى المذكور بدون التقييد بالتأثير المذكور فغير مانع كما لا يخفى وبالجملة في
اتمام هذا الاستدلال فرع خفاء مع أنه عول عليه الأكثرون واما الأول فلا يخلوا عن قوة بناء على ما ذكرنا من عدم ثبوت شرطية نية واما ان رجحنا شرطية النية فتقول الامر بالصلاة
مطلقا لا يتخصص بشرط الا بدليل ولا دليل على اشتراط الأمور المذكورة واليقين بالامتثال لا يتوقف عليه بعد اطلاق التكليف وهذا الكلام لا يتم على تقدير ترجيح الجزئية
أو التردد فيها فيتجه القول بالوجوب حينئذ لا يقال قد دل عدم ظهور الامر بذلك منهم عليهم السلام وعدم اهتمام السلف بذكره وايراده مع تأكد الحاجة إليه وعموم البلوي به على عدم الوجوب لأنا نقول
لعل ذلك لقلة احتياجه إلى التنبيه فان التعيين وقصد الفريضة والأداء والقضاء لا يكاد ينفك عن المكلف غالبا فيمكن ان يكون ذلك أغناهم عليهم السلام عن التأكيد والتنبيه
وتبعهم السلف في ذلك والحق ان طريق التأمل غير منسد بالكلية في هذا الكلام الا ان الرشد في العمل بما اشتهر بين الأصحاب وان يقصد فيها الوجه اي الوجوب ذكر ذلك الشيخ
ومن تبعه وظاهر التذكرة واتفاق الأصحاب عليه وطريق الاستدلال فيه كالسابق وقد جمع في بعض عباراتهم اعتبار الوجوب التعليلي مع الوجوب الوصفي والأول إشارة إلى ما ذكره المتكلمون
من أنه لابد من فعل الواجب لوجوبه أو لوجه وجوبه وفي الذكرى نسب الجمع بين الامرين إلى المتكلمين قال وهذا يطرد في جميع نيات العبادات لكن معظم الأصحاب لم يتعرضوا له في غير الصلاة
وقد بين معنى وجه الوجوب في مبحث الوضوء وان يقصد فيها التقرب قد مر تحقيق ذلك في كتاب الطهارة وان يقصد فيها الأداء والقضاء ذكره الشيخ ومن تبعه وظاهر التذكرة
اتفاقه (اتفاق) الأصحاب عليه واستدلوا عليه بالدليلين السابقين وقد مر التحقيق في هذا الباب وحكى عن بعض الأصحاب انه اعتبر في النية ملاحظة الافعال على الوجه المفصل ثم العود إلى اعتبار
الوصف والقصد إلى الافعال الملحوظة ثانيا والظاهر انتفاءه لأنه لم يعهد ذلك عن الأئمة عليهم السلام ولاعن السلف ولو كان (على) ذلك معتبر الجاء يه اثر النية مع أن الملاحظة المفصلة لا
يبقى عند الفراغ من التعدد أو الشروع في النية المذكورة فإن كان الغرض التفصيل فقد فات وإن كان الغرض الملاحظة الاجمالية فهى غير متوقفة على التعدد المذكور ومع أن جميع
ما عدده انما يفيد التصور الاجمالي وان قصد اعتبار ملاحظة جميع الواجبات جزاء كان أو تركا فهو مفض إلى عسر بالغ وامر النية أسهل خطبا من ذلك وبالجملة الظاهر فساد هذا
القول ولا يعتبر في النية التلفظ بل الاعتبار بالعقد القلبي وكثير من العامة استحبوا التلفظ منهم من أوجبه وهو فاسد وهل يجزيه ان ينوي فريضة الوقت من غير تعرض للظهر مثلا
264

منعه المصنف في التذكرة وجوزه في النهاية وقال الشهيد في الذكرى هذا إذا كان في الوقت المختص إما في المشترك فيحتمل المنع لاشتراك الوقت بين الفرضين ووجه الأجزاء ان قضيته الترتيب تجعل
هذا الوقت للأولى ولو صلى الظهر ثم نوى بعدها فريضة الوقت اجزاء وإن كان في المشترك انتهى وللتأمل في هذه المسألة مجال والاحتياط في المنع والظاهر عدم الافتقار إلى نية فرض صلاة
الظهر بل يكفي فرض الظهر وقربه الشهيد في الذكرى وخالف فيه بعض العامة ولا يشترط تعيين عدد الركعات ولا نية القصر والاتمام وإن كان في موضع التخيير فقد جزم كثير من الأصحاب
بعدم اشتراط التعيين واحتمل الشهيد في الذكرى (وخالف بعض العامة ولا يشترط تعيين عدد الركعات ولا نية القصر والاتمام وإن كان في موضع التخيير فقد جزم كثير من الأصحاب بعدم اشتراط التعيين
واحتمل الشهيد في الذكرى) وجوبه لان الفرضين مختلفان فلا يتخصص أحدهما الا بالنية قال وعلى الأول لو نوى أحدهما فله العدول إلى الأخر وعلى الثاني يحتمل ذلك
لأصالة بقاء التخيير ويحتمل جواز العدول من التمام إلى القصر دون العكس كيلا يقع الزائد بغير نية ويجب ايقاعها اي النية عند أول جزء من التكبير قال في المنتهى ويشترط في النية مقارنتها
لتكبير الافتتاح ذهب إليه علمائنا وقال في التذكرة الواجب اقتران النية بالتكبير بان يأتي بكمال النية قبله ثم يبتدئ بالتكبير بلا فصل وهذا يصح صلاته اجماعا قال ولو ابتدأ بالنية
بالقلب حال ابتداء التكبير باللسان ثم فرغ منهما دفعة فالوجه الصحة انتهى ونقل الشهيد عن بعض الأصحاب انه أوجب ايقاع النية بأسرها بين الألف والراء قال وهو مع العسر مقتض لحصول
أول التكبير بغير نية وهذا القول ضعيف مخالف للاجماع المنقول في التذكرة وهل يشترط بقاء النية فعلا إلى اخر التكبير الظاهر العدم وقيل بالاشتراط واليه ذهب المصنف في التذكرة والشهيد
في الذكرى استنادا إلى أن الصلاة لا تنعقد الا بتمام التكبير ولهذا لو رأى المتيمم لإماء قبل تمام التكبير بطل تيممه وفيه نظر لان القدر المسلم وجوب مقارنة النية لأول جزء من الصلاة
حتى (ليكون) الاتيان بالصلاة بأسرها بنية والمقارنة المذكورة حاصلة بالمقارنة لجزء من التكبير لان جزء الجزء جزء وعدم حصول العقد بدون التكبير لا يستلزم ان لا يكون
جزء التكبير جزأ للصلاة فالمقارنة للصلاة لا يستلزم الا المقارنة لجزء من التكبير وايجاب الزايد على المقارنة المذكورة يحتاج إلى دليل ويجب استمرارهما حكما إلى الفراغ لا يجب
الاستمرار الفعلي إلى اخر الصلاة اجماعا بل الواجب الاستمرار الحكمي إلى اخر الصلاة بان لا ينوي نية تنافي النية الأولى ونقل المصنف في التذكرة الاجماع عليه فلو نوى الخروج من
الصلاة مطلقا أوفي الحال أو في ثانية أو الرياء ببعضها أو نوى ببعض أفعال الصلاة غير الصلاة بطلت وتنقيح المقام يتم ببيان أمور الأول قال الشيخ في الخلاف إذا دخل في صلاته
ثم نوى انه سيخرج منها قبل اتمامها اوشك هل يخرج منها أو يتمها فان صلاته لا تبطل ثم قال بعد الاستدلال على الأول ويقوى في نفسي انها تبطل ورجحه على الأول واستدل
عليه بما سنذكر والى الأول ذهب الشيخ في المبسوط وجمع من الأصحاب منهم المحقق في الشرايع والى الثاني ذهب كثير من المتأخرين منهم المصنف في عدة من كتبه وذهب المصنف في المختلف إلى البطلان ان
نوى قطع الصلاة إذ به خرج منها دون ما إذا نوى انه سيخرج منها وقال في القواعد ولو نوى في (أو) الخروج في الثانية فالوجه عدم البطلان ان رفض القصد قبل البلوغ
إلى الثانية وتردد فيه (في) التذكرة ولعل الترجيح للقول الثاني لأنه مكلف بالصلاة يقينا ومتى لم يستمر على حكم النية الأولى لعدم المنافي كان حصول الامتثال مشكوكا فلا يبرئ ذمته
عن التكليف الثابت كما قد حققته في محله نعم ان ثبت كون النيات والقصور شرائط للصلاة خارجة عن حقيقتها اتجه عدم البطلان بناء على أن تخصيص المطلق بالاشتراط بشئ منوط
باقتضاء الدليل متقدر بقدره فلا يتم فيما لا يقوم عليه دليل احتج الشيخ على ما اختاره في الخلاف أولا بان صلاته قد انعقدت صحيحة بلا خلاف وابطالها يحتاج إلى دليل وليس في الشرع
ما يدل عليه وبأنه قد روى نواقض الصلاة وقواطعها ولم ينقل في جملة ذلك شئ مما حكيناه ويرد على الأول ان الاستناد في الصحة إلى عدم الدليل على الأبطال انما يتم على القول
بالاستصحاب المردود الذي قد أشرنا إلى ضعفه مرارا وعلى القول بكون النية وما يتعلق بها خارجة عن حقيقة الصلاة ولم يثبت فلا تعويل على هذا الدليل ويرد على الثاني انه لم
يثبت في النصوص ما يدل على حصر المبطلات والقواطع وعدم ظهور ما دل على كونه قاطعا في الروايات لا يدل على عدم كونه قاطعا واستدل على ما اختاره ثانيا بان من شرط الصلاة
الاستدامة الحكمية ولم يتحقق وبالاخبار الدالة على النية وفيه ضعف لمنع كون الاستدامة الحكمية شرطا للصحة والاخبار غير دالة على اشتراط حصول النية المطلقة ومنهم من استدل
على هذا القول بان نية الخروج يقتضي وقوع بعدها من الافعال بغير نية وبان الاستمرار على حكم النية الأول واجب اجماعا ومع نية الخروج أو التردد يرتفع الاستمرار وفيه نظر لان
نية الخروج لا يستلزم ما ذكرتم لجواز الرجوع إلى النية الأولى قبل حصول المنافي وعند عدم الاتيان بما كان استدراكه موجبا لزيادة مبطلة والاجماع المذكور يستلزم الاثم
بترك الاستمرار لا بطلان الصلاة به واما التفصيل الذي ذكره المصنف فلا يستند إلى ما يصلح للتعويل وما قيل في توجيهه وجه ضعيف والظاهر أنه تحكم لا يصلح للاعتماد الثاني إذا علق الخروج
بأمر يتحقق الثبوت في ثاني الحال فالظاهر أنه مثل ما إذا قصد الخروج في ثاني الحال كما صرح به المصنف فيتبعه في الحكم وأما إذا علق الخروج بأمر ممكن كدخول زيد فقال في التذكرة احتمل
البطلان في الحال كما لو قصد ترك الاسلام ان (دخل) فإنه يكفر في الحال وعدمه لأنه ربما لا يدخل فيستمر على مقتضى النية فان دخل احتمال البطلان قضية للتعليق وعدمه لأنه إذا لم يبطل
حالة التعليق لم يكن للتردد اثر وقال في النهاية على تقدير البطلان حين وجود الدخول يحتمل البطلان من وقت التعليق لان بوجود الصفة يعلم أن التعليق خالف مقتضى النية المعتبرة في
الصلاة من وقت وجود الصفة وفي كلامه في القواعد نوع اضطراب والتحقيق يقتضي عدم الفرق بين هذه المسألة والمسألة الأولى وان اوهم الاختلاف بتحقق الوقوع وعدمه نوع
فرق في الحكم والترجيح في المسئلتين البطلان للتقريب الذي أشرنا إليه الثالث لو نوى فعلا منافيا للصلاة كالحدث أو الكلام فلم يفعل فالمشهور بين الأصحاب عدم بطلان الصلاة بذلك واليه
ذهب الشيخ والمحقق والمصنف في المنتهى والتحرير والشهيد وغيرهم وقيل بالبطلان واستشكل المصنف في القواعد ووجه الاشكال في التذكرة والنهاية بالبناء على أن أراد في الضدين هل يتنافيان
أم لا فعلى الأول يلزم البطلان لرفع النية الأولى دون الثاني وفيه نظر لان المنافاة بين نية الصلاة وإرادة المنافي لها عند عدم الذهول عن المنافاة مما لا ينبغي ان يتوقف فيه وان
جوز عدم التنافي بين إرادتي الضدين في بعض المراد لان المعتبر في نية الصلاة القصد الجازم لا القصد المطلق فإذا قصد المنافي لم يبق النية الفعلية ولا الحكمية البتة وأيضا على
تقدير المنافاة فالحكم بالبطلان محل تأمل لجواز الرجوع إلى النية الأولى قبل الاتيان بما لا يمكن استدراكه فلا يلزم ان يكون بعض الأفعال بغير نية وعلل في المختلف عدم البطلان
بان المنافي للصلاة فعل المنافي كالكلام عمدا لا العزم عليه وتبعه الشهيد في الذكرى ويشكل بأنهما اختيارا ان نية الخروج يوجب البطلان مع أن نية المنافي في قوة نية الخروج عند
عدم الذهول عن المنافاة الا ان يخص الكلام بصورة الذهول عن المنافاة وبما بينا لك سابقا يظهر عليك دليل القول بالبطلان الرابع ذكر الشيخ والفاضلان وغيرهم ان من قصد
بالصلاة أو ببعضها غير الصلاة تبطل صلاته واطلاق كلامهم يقتضي عدم الفرق بين ما إذا كان ذلك بطريق الاستقلال أو الانضمام ولا بين ان يكون ذلك على سبيل العمد والسهو
ولابين ان يكون الفعل مما يقدح زيادته في صحة الصلاة أم لا والحكم بهذا التعميم مما في صحته خفاء لان أقصى ما يستفاد مما ذكروا في توجيه كلامهم ان اقتران القصد المذكور بالفعل
يقتضي عدم صحته وعدم الاعتداد به في الصلاة وذلك لا يقتضي بطلان الصلاة الا إذا كان الاتيان ثانيا بدون القصد الفاسد موجبا لخلل في الصلاة كما في الأركان وأما إذا لم يكن
الامر كذلك ففي الحكم بالبطلان خفاء والى هذا نظر بعض المتأخرين فاختار ان يقصد الافهام خاصة بما يعد قرانا بنظمه وأسلوبه لا تبطل الصلاة وان لم يعتد به فيها لعدم
التقرب به وكذا الكلام في الذكر قال ويدل على جواز الافهام بالذكر مضافا إلى الأصل وعدم الخروج بذلك عن كونه ذكرا روايات منها صحيحة الحلبي انه سأل أبا عبد اله (ع) عن الرجل يريد
الحاجة وهو يصلي فقال يؤمي بيده ويشير برأسه ويسبح ووجه المدقق الشيخ على كلامهم بان المراد انه قصد بالفعل المنوي به الصلاة غير الصلاة والحكم بالبطلان لعدم تمخضه بالقربة
فلا يقع مجزيا وعدم جواز الاتيان بفعل اخر غيره لاستلزام الزيادة في أفعال الصلاة عمدا إذا الفرض ان الأول مقصود به الصلاة أيضا وحكى عن ولد المصنف انه نقل الاجماع على ذلك
ولا يخفى ان اتمام هذا التوجيه يتوقف على اثبات ان تكرار الفعل الذي قصد به الصلاة مبطل للصلاة وهو غير واضح الا ان يثبت عليه الاجماع وهو أيضا غير واضح ثم إن المصنف وغيره
265

صرحوا بانسحاب حكم الأبطال في الذكر المستحب أيضا وتنظر فيه المدقق الشيخ علي فقال من نودي بالذكر
المندوب الصلاة وغير الصلاة معا كان قصد افهام الغير بتكبير الركوع أو زجره
لا يبطل به الصلاة إذ لا يخرج بذلك عن كونه ذكر الله ولا يصير من كلام الآدميين وكلام الاعتداد به في الصلاة حينئذ لو تحقق لم يقدح في الصحة لعدم توقف صحة الصلاة عليه
قال إذا قصد الافهام مجردا عن كونه ذكرا فإنه يبطل حينئذ وفي كلام الأخير نظر والظاهر في المسألة ان القران والذكر والدعاء لو قصد به غير الصلاة لم تبطل الصلاة لعموم ما دل على جوازهما
في الصلاة من غير دليل على التخصيص واما غير ما ذكر فالحكم بالبطلان قوة لتوقف الامتثال عليه كما أشرنا إليه لكن لا يثبت بهذا المسلك وجوب القضاء فتدبر الخامس ذكر المصنف وغيره ان
من قصد بالصلاة أو ببعض أجزاءها الرياء يبطل صلاته وصرح المصنف بانسحاب الحكم في الذكر المندوب أيضا والكلام في هذه المسألة كما في المسألة السابقة غير أن ما دل على جواز
القران والذكر في الصلاة مخصص هيهنا لتحريم العبادة التي قصد به الرياء فلعموم الحكم بالبطلان ههنا وجه أقوى أشرنا إليه والمدقق الشيخ على فرق في الذكر المندوب بين قصد الرياء
وغيره فحكم بالبطلان في صورة قصد الرياء لكونه منهيا عنه فيخرج عن كونه ذكرا قطعا فيبطل به الصلاة وفي هذا التعليل نظر لان التحريم لا يستلزم خروجه عن كونه ذكرا كما لا يخفى السادس
ذكر المصنف وغيره ان قصد الرياء أو الوجوب أو غير الصلاة في الزائد على القدر الواجب من هيأت الصلاة كالطمأنينة لا يوجب الأبطال الا مع الكثرة والحكم بالبطلان في صورة الكثرة مبني
على ما سيجئ من أن الفعل الكثير موجب للبطلان وان الكثرة متحققة بمثل هذا الفعل وسيجئ تحقيقه في محله وقد يقال إنه مبني على أن الأكوان غير باقية وان الباقي محتاج إلى المؤثر
فعلى القول ببقاء الأكوان واستغناء الباقي لا يتحقق الكثرة بزيادة الطمأنينة إذ هي بعد حدوثها باقية مستغنية عن المؤثر إذ لا يعقل وجود الكثرة إذا لم يصدر من الفاعل شئ
ضعفه ظاهر
الثالث من واجبات الصلاة تكبيرة الاحرام سميت بذلك لان بها يحرم ما كان محللا قبلها على المكلف كالكلام وسميت تكبيرة الافتتاح لان بها يحصل
الدخول في الصلاة وهي ركن في الصلاة تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ونقل عليه اجماع المسلمين الا الشاذ منهم جماعة من الأصحاب ويدل
عليه مضافا إلى الاتفاق وكون الجزئية مقتضية لذلك وتوقف الامتثال عليه اخبار كثيرة منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل ينسى تكبيرة
احرام قال يعيد وفي الصحيح عن محمد وهو ابن مسلم عن أحدهما (ع) في الذي يذكر انه لم يكبر في أول صلاته فقال إذا استيقن انه لم يكبر فليعد ولكن كيف يستيقن وفي الصحيح عن زريح بن
محمد المحاربي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل ينسى ان يكبر حتى قرأ قال يكبر وعن ذريح باسناد اخر صحيح ما يقرب منه وفي الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل
ينسى ان يفتتح الصلاة حتى يركع قال يعيد الصلاة وفي الصحيح عن الفضل بن عبد الملك وابن أبي يعفور عن أبي عبد الله قال في الرجل يصلي فلم يفتتح بالتكبير هل يجزيه (تكبيرة) الركوع قال لا
بل يعيد صلاته إذا حفظ انه لم يكبر ورواه الكليني بأدنى تفاوت في المتن وفي الصحيح عن ابن بكير عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أقام الصلاة فنسى ان يكبر حتى يفتتح
الصلاة قال يعيد فان قلت قد روى الشيخ وابن بابويه في الصحيح عن عبيد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل نسى ان يكبر حتى دخل في الصلاة فقال أليس كان من نيته ان يكبر
قال نعم قال فليمض في صلاته وفي الصحيح عن أحمد بن محمد بن أبي نصر عن أبي الحسن الرضا (ع) قال قلت له الرجل (فانسى ان يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع فقال أجزئه وروى الشيخ في الفه (الفقيه)
عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال قلت له رجل) ينسى أول تكبيرة من الافتتاح فقال إن ذكرها قبل الركوع كبر ثم قرا ثم ركع وان ذكرها في الصلاة كبرها في قيامه في موضع التكبيرة قبل
القراءة وبعد القراءة قلت فان ذكرها بعد الصلاة قال فليقضها ولا شئ عليه ورواه الصدوق أيضا في الفقيه في الصحيح عن
زرارة في المتن مخالفة في مواضع منها ان فيه كبرها في مقامه في موضع التكبير وهو انسب وروى الشيخ في الصحيح عن سماعة بن مهران عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل قام في الصلاة
ونسى ان يكبر فبدأ بالقراءة فقال إن ذكرها وهو قائم قبل ان يركع فليكبر وان ركع فليمض في صلاته فما وجه الجمع بين هذه الأخبار والاخبار الأولة قلت إما الخبر الأول فالظاهر من السؤال
عما كان في نية المصلي فرض المسألة في حكم الشك والتعبير بالنسيان مبني على المسامحة في التأدية فان نسيان الفعل كما يطلق على تركه ناسيا قد يطلق على ذهابه عن الذهن بعد حضوره
فيه والعلم به واما الخبر الثاني فقد حمله الشيخ على الشك أيضا ولا يخلو عن بعد بالنسبة إلى السابق وقد يقال لو حمل على إرادة التكبير المستحب نظرا إلى عدم الوثوق بصحة اثبات (الهاء) مع لفظ التكبير
لقلة الضبط في أمثاله كما يعرفه الممارس ولتركها في حديث أول الباب مع مناسبتهما لمن يكن بعيدا من الصواب وهو حسن وقد يحمل على المأموم إذا نسى ان يكبر للافتتاح والركوع فإنه يجزيه
وهو تأويل بعيد جدا واما الرواية الثالثة فقد حملها الشيخ في الاستبصار على الشك أيضا وهو بعيد عن سياقها جدا وذكر في التهذيب ان ضمير فليقضها عائد إلى الصلاة لا إلى التكبير
وان قوله ولا شئ عليه يريد به نفي العقاب لأنه لم يتعمد تركها قال بعض الأصحاب وهذا الذي ذكره هو أقصى ما يقال في تأويل الحديث وينبغي ان يضاف إليه حمل قوله وبعد القراءة على إرادة
ما كان قد مر المصلي قبل ذكر التكبير وحاصله انه يستأنف الصلاة حين ذكر نسيان التكبير قال ولو شك في استقامة هذا الحمل لم يكن لا اطراح الخبر فإنه لا يقام وما ورد بالإعادة انتهى وهو
جيد واما الرواية الرابعة فحملها الشيخ على الشك ويمكن حملها على نسيان التكبير المستحب أيضا وفيه بعد ويمكن حمل هذه الأخبار جميعا على التقية لموافقتها لمذهب بعض العامة وبالجملة
ارتكاب التأويل في هذه الأخبار معين لكثرة الاخبار الأولة واعتضادها بعمل الأصحاب واتفاقهم وتأييدها بالاخبار الدالة على اعتبارها في حقيقة الصلاة وصورتها الله أكبر يجب
مراعاتها وهو المشهور بين الأصحاب ونقل ابن زهرة الاتفاق عليه وخالف في ذلك جماعة من العامة حتى جوز أبو حنيفة ان يقال الله العظيم الله الجليل وان يأتي بالترجمة وان يقال لا إله إلا الله
وسبحان الله إلى غير ذلك وقال الشافعي وجماعة منهم ينعقد قوله الله أكبر معرفا واليه ذهب ابن الجنيد والمعتمد الأول لان العبادات توقيفية يجب تلقيها من الشارع فمتى لم يكن معهودا منه لم
يحصل به الامتثال والمعهود في التكبير الصورة المذكورة فلا يحصل الامتثال بدونه وما دل على اجزاء التكبير لا ينافي ذلك لان المعهود المتبادر من التكبير العبارة المذكورة والظاهر كونه حقيقة
فيها مجازا في غيرها مع أنها لو شك في ذلك لكفى الاستدلال بوجوب تحصيل البراءة اليقينية من التكليف الثابت واستدل على المشهور بما رواه الجمهور في حديث رفاعة عن النبي صلى الله عليه وآله قال ويقول
الله أكبر وصحيحة حماد السابقة وبان النبي صلى الله عليه وآله كان يداوم عليه وهو دليل على تعينه وجوبا والكل محل نظر لا يخفى على المتدبر وإذا ثبت وجوب الاتيان بالصيغة على الوجه المعهود فلو عكس
المكلف وغير ترتيبها أو اتى بمعناها بان يقال الله أعظم أو أجل أو نحو ذلك مع القدرة على الاتيان بالصورة المعلومة أو اتى بها قاعدا معها اي مع القدرة على القيام أو اتى بها وهو
اخذ في القيام بحيث وقعت قبل استيفاء القيام أو هو هاو إلى الركوع وفيه رد على الشيخ حيث جوز في الخلاف الاتيان ببعض التكبير منحنيا ومستنده غير معلوم أو أخل بحرف واحد بطلت
الصلاة لعدم الاتيان بالمأمور على وجهه ويتحقق الاخلال بالحرف بوصل إحدى الهمزتين في الكلمتين أما همزة
أكبر فظاهر لأنها همزة القطع واما همزة الله فلانها وإن كانت همزة وصل
تقع في الدرج عند اتصال الكلام بكلام سابق الا انه لاكلام قبل التكبير إذا النية أمر قلبي لا مدخل للسان فيها ولو فرض تلفظ المصلي بها كان لغوا مخالفا للمعهود المنقول عن صاحب شرع
فلا عبرة بها فخلاف وصل التكبير بها يوجب مخالفة المعهود من صاحب الشرع من القطع ونقل عن بعض المتأخرين جواز الوصل حينئذ عملا بظاهر القانون العربي وفيه ان ايراد الكلام المتصل به أمر مستحدث
مبتدع لم يعهد عن الشارع فلا يوجب سقوط التكليف بما ثبت وجوبه من قطع الهمزة كما لا يخفى ومن هيهنا يظهر ان اتصال التكبير بكلام اخر بحيث يوجب الدرج لغة غير جائز
لاستلزام ذلك إما مخالفة الشرع أو مخالفة اللغة ويعتبر في التكبير الهيئة فلو قاله على حد أسماء العدد لم ينعقد ويعتبر فيه عدم الفصل بما يعد فصلا عرفا سواء كان سكوتا أو لفظا
فلو قال الله تعالى أكبر لم ينعقد ويجب علم المد بين الحروف في غير موضعه فلو مد همزة الله بحيث يصير استفهاما فمع القصد يبطل وبدونه وجهان ناشئان من أن الدلالة غير متوقفة
على القصد وخروج ذلك عن المعهود ومن أن الاشباع بحيث يحصل به الحرف شائع في كلام العرب غير غزير بينهم والأول أرجح عملا بوجوب تحصيل البراءة اليقينية وكذا الكلام في
لفظ أكبر فلو تلفظ بحيث صار اكبار وهو الطبل كان فيه الوجهان عند عدم القصد هذا إذا كان الاشباع كثيرا بحيث يحصل منه حرف صحيح والا لم يضر واما مد اللام الثاني من الجلالة
266

فغير ضار بل لابد من القدر الطبيعي منه واشتهر بين الأصحاب انه يشترط القصد إلى الافتتاح فلو قصد به بتكبير الركوع لم ينعقد وهو حسن لصحيحة ابن أبي يعفور والفضل بن عبد الملك
ولو قصدهما معا كما في المأموم فالاجزاء من مذهب ابن الجنيد والشيخ في الخلاف محتجا باجماع الفرقة وروى الشيخ عن معوية بن شريح عن الصادق (ع) إذا جاء الرجل مبادرا والامام راكع
أجزأه تكبيرة واحدة لدخوله في الصلاة والركوع ومنعه المصنف ومن تبعه استنادا إلى أن الفعل الواحد لا يتصف بالوجوب والاستحباب وفيه نظر لان الأجزاء عنهما لا يقتضي اتصافها
بالجهتين بل يجوز ان يكون المراد حصوله ثواب المجموع ويمكن ان يقال ما دل على استحباب تكبيرة (الركوع) مخصوص بصورة لم يعرض علة للوجوب وذلك لا ينافي رجحانها مطلقا في الصورة المذكورة
باعتبارين فيحصل له ثواب المجموع فاذن قول الشيخ متجه ولو نذر تكبير الركوع لم يجز عنهما عند المانعين استنادا إلى أن (ان تغير الأسباب يوجب) تغاير المسببات وان الأصل عدم التداخل وفيه نظر لان
العلل الشرعية معرفات لا أسباب حقيقية فلا ضير في تواردها على أمر واحد والأصل المذكور ممنوع والعاجز عن العربية يتعلم واجبا لوجوب تحصيل مقدمة الواجب المطلق واشتهر
بينهم انه لو تعذر أجزء بلغته مراعيا في ذلك المعنى العربي قاله الشيخ ومن تأخر واستدل جماعة منهم عليه بان التكبير ذكر فإذا تعذر اللفظ اتى بمعناه تحصيلا لفائدة المعنى وفيه نظر
لأنه إذا ثبت بالأدلة وجوب التكبير وهو لا يصدق على الترجمة كما مر فإذا تعذر لزم سقوطه للعجز المستتبع له واثبات شئ اخر بدله يحتاج إلى دليل ولا دليل على وجوب تحصيل فائدة
المعنى والظاهر استواء الألسنة واللغات في الترجمة وربما يقال بتقديم السريانية والعبرانية ثم الفارسية ولا حجة عليه واعلم أن في كثير من عباراتهم قيد الاتيان بالترجمة يضيق الوقت
وفي هذا التقييد تأمل لان مناط اعتبار الترجمة العجز بالكلية وهو قد يحصل في سعة الوقت إذا علم العجز في تمامه ولهذا صرح المصنف في النهاية بجواز الصلاة في أول الوقت إذا علم
انتفاء التعلم في الوقت لكن لم يظهر خلاف في هذه المسألة مع وجوب تحصيل البراءة اليقينية المتوقفة على الاتيان بالترجمة فما ذكره متجه والأخرس يأتي منها بالمقدور قال
عجز عن التلفظ أصلا وجب عليه ان يعقد قلبه بها مشيرا بها بأصابعه اختلف عبارات الأصحاب في بيان القدر الواجب على الأخرس فقال الشيخ في المبسوط والمصنف في التحرير يكبر بالإشارة
بإصبعه ويؤمي وارتضاه المحقق في المعتبر وقال في النهاية وقراءة الأخرس وشهادته الشهادتين ايماء بيده مع الاعتقاد بالقلب وقريب منه كلام المصنف ههنا وكلام المحقق في الشرايع الا انهما اطلقا
الإشارة من غير تقييد باليد وزاد على الامرين جماعة من الأصحاب منهم المصنف في القواعد والشهيد في البيان تحريك اللسان وذكر في التذكرة تحريك اللسان والإشارة باليد بدون عقد
القلب وقال في النهاية حرك لسانه وأشار بإصبعه أو شفتيه ولهاقه مع العجز عن حركة اللسان وفي بعض عباراتهم ان الأخرس يعقد قلبه بمعنى التكبير والظاهر أنهم لم يريدوا بالمعنى مدلول
اللفظ كما ذكره جماعة من الأصحاب استناد إلى أن ذلك لا يجب على غير الأخرس بل المراد قصد كونه ذكر الله وثناء عليه واحتجوا على اعتبار تحريك اللسان بأنه كان واجبا مع القدرة على
النطق فلا يسقط (بالعجز عنه إذ لا يسقط) الميسور بالمعسور وفيه نظر لان تحريك اللسان انما كان واجبا عند القدرة من باب المقدمة لأصالة وسقوط وجوب ذي المقدمة مستتبع لسقوط وجوبها والخبر عند
التأمل الصحيح لا يدل الاعلى ان سقوط بعض الواجبات بالأصالة لا يستلزم سقوط بعض الأخر لعدم ظهور عمومه بالنسبة إلى افراد الواجب مطلقا وعلى اعتبار الإشارة وتحريك اللسان أيضا بما رواه
السكوني عن أبي عبد الله (ع) أنه قال تلبية الأخرس وتشهده وقراءة القران في الصلاة تحريك لسانه وإشارة بإصبعه وفيه نظر لضعف الرواية وعدم شمولها لمحل البحث واحتج جماعة
من الأصحاب على اعتبار العقد بالقلب ان الإشارة لا اختصاص لها بالتكبير ولابد لمريده من مخصص وهذا مبني عن وجوب الإشارة وقد عرفت ما فيه ولهذا احتمل بعض الشارحين
للشرايع سقوط الفرض للعجز عنه كما ذكره بعض العامة الا ان عدم ظهور الموافق من الأصحاب يضعف هذا الاحتمال وتوقف تحصيل البراءة اليقينية على الاتيان بالثلاثة يقتضي وجوبها
فتدبر ويتخير في السبع أيها شاء جعلها تكبيرة الافتتاح سيأتي انه يستحب للمصلي التوجه بست تكبيرات مضافا إلى تكبيرة الافتتاح بينهما دعا ان والمصلي بالخيار ان شاء جعلها الأخيرة
واتى بالست قبلها وانشاء جعلها الأولى ويأتي بالست بعدها وان شاء جعلها الوسطى والكل جائز وذكر الشهيد في الذكرى ومن تبعه ان الأفضل جعلها الأخيرة ومستنده غير واضح
فان كبر ونوى الافتتاح ثم كبر ثانيا كذلك اي بنية الافتتاح بطلت صلاته فان كبر ثالثا كذلك اي بنية الافتتاح صحت صلاته ولافرق في البطلان بما ذكر بين قصد الخروج عن الصلاة
قبل الاتيان بالثانية أم لا على القول بان قصد الخروج غير مبطل واما على القول بأنه مبطل فينبغي تقييده بعدم حصول القصد المذكور سابقا أم لا وانعقاد الصلاة بالثالثة
مشروط باقتران النية بها وهذا الحكم مشهور بين الأصحاب ذكره الشيخ ومن تبعه واحتج عليه المصنف بأنه فعل منهى عنه فيكون باطلا ومبطلا وفيه نظر وان لم تكن المسألة اجماعية كان للمناقشة
فيه مجال ويمكن تصحيحه بالتقريب الذي أشرنا مرارا فتدبر ويستحب رفع اليدين بها هذا هو المشهور بين الأصحاب حتى أن المصنف في المنتهى نفى عنه الخلاف بين أهل العلم وقال المحقق في
المعتبر انه سنة بغير خلاف ونقل عن السيد المرتضى القول بوجوب رفع اليد في تكبيرات الصلاة كلها ويجوزان يكون مراده تأكد الاستحباب فإنه يطلق الوجوب على ذلك كثيرا ويؤيد ذلك أنه
لم ينقل عنه القول بوجوب تكبير الركوع والسجود ويدل على رجحان الرفع اخبار ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار قال رأيت أبا عبد الله (ع) إذا كبر في الصلاة رفع يديه
حتى يكاد يبلغ اذنيه وفي الصحيح عن ابن سنان قال رأيت أبا عبد الله (ع) يرفع يده حبال (حيال) وجهه حين استفتح وما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا قمت في
الصلاة فكبرت فارفع يديك ولا تجاوز بكفيك اذنيك اي حبال (حيال) وجهك ويدل على عدم الوجوب ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال قال على الامام ان يرفع
يده في الصلاة ليس على غيره ان يرفع يده في الصلاة والظاهر أنه لا قائل بالفصل بين الامام وغيره فعدم وجوبه على غير الامام يوجب تعدية الحكم إليه ولهذا (إذا) ذكر الشيخ ان المعنى
في هذا الخبر ان فعل الامام أكثر فضلا وأشد تأكيدا وإن كان فعل المأموم أيضا فيه فضل ويؤيده عدم ذكر الرفع في تكبير الافتتاح وتكبير السجود في صحيحة حماد السابقة وفي جعله في
رواية الأصبغ الآتية من الزينة والخشوع تأييد ما لاستحبابه احتج السيد باجماع الفرقة وبان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) فعلوه وللامر به كما في قوله تعالى فصل لربك وانحر روى الشيخ في الصحيح
عن ابن سنان عن الصادق (ع) في قول الله عز وجل فصل لربك وانحر قال هو رفع يديك حذاء وجهك وروى عمرو بن يزيد قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في قوله تعالى فصل لربك وانحر
هو دفع يديك حذاء وجهك وروى جميل قال قلت لأبي عبد الله (ع) فصل لربك وانحر فقال بيده هكذا يعني استقبل بيديه حذو وجهه القبلة في افتتاح الصلاة وهاتين الروايتين
قد اوردهما الشيخ أبو علي الطبرسي في مجمع البيان وأورد بعض المتأخرين رواية أخرى عن حماد بن عثمن عن الصادق (ع) في معنى الروايات المذكورة وروى عن مقاتل بن حنان عن الأصبغ بن نباته
عن أمير المؤمنين (ع) قال لما نزلت هذه السورة قال النبي صلى الله عليه وآله لجبرئيل ما هذه النحرة التي امرني ربي قال ليست بنحرة ولكن يأمرك إذا تحرمت للصلاة ان ترفع يديك إذا كبرت وإذا رفعت
رأسك من الركوع وإذا سجدت فإنه صلاتنا وصلاة الملائكة في السماوات السبع قال لكل شئ زينة وزينة الصلاة رفع الأيدي عند كل تكبيرة وقال النبي صلى الله عليه وآله رفع الأيدي من الاستكانة
قلت وما الاستكانة قال الا تقرأ هذه الآية فما استكانوا لربهم وما يتضرعون اوردها الثعلبي والواحدي على ما نقل عنهم الشيخ الطبرسي ويؤيد قول السيد وقوع الامر برفع الأيدي
في حسنة زرارة السابقة ولا يخفى ان بعض هذه الروايات مطلق وبعضها مخصوص بتكبيرة الافتتاح فمن أراد اثبات تعميم حكم الوجوب في تكبيرات الصلاة كلها احتاج الا (إلى) الاستعانة
بعدم القائل بالفصل والجواب منع ثبوت الاجماع فيما اشتهر خلافه وفعلهم عليهم السلام أعم من الوجوب ولم يثبت كونه بيانا للجمل لتوقفه على عدم تحقق البيان القولي وهو ممنوع وقوله (ع)
صلوا كما رأيتموني أصلي محمول على الاستحباب كما أشرنا إليه سابقا والآية غير واضحة الدلالة على هذا المعنى مع اختلاف المفسرين في تفسيرها فقد قيل إن أناسا كانوا يصلون وينحرون
لغير الله فأمر الله نبيه ان يصلي وينحر لله عز وجل اي فصل لوجه ربك إذا صليت لا لغيره وانحر لوجهه وباسمه إذا نحرث وقيل هي صلاة الفجر يجمع والنحر بمنى وقيل صلاة العيد ويمكن ان
يراد نحر الإبل ويمكن ان يعم الذبح فيشمل الشاة والمراد الهدى الواجب كما في المعالم أو الأضحية كما في الكشاف وحينئذ يمكن اختصاص الوجوب به (ع) على المشهور من عدم وجوبها وقيل صل صلاة
267

الفرض لربك واستقبل القبلة بنحرك من قول العرب منازلنا تتناحر اي تتقابل وروى الكليني والشيخ في الصحيح عن حماد (عن أبي نصر) عن أبي جعفر (ع) قال قلت له فصل لربك وانحر قال النحر
الاعتدال في القيام ان يقيم صلبه ونحره قال في الق نحر الدار كمنع استقبلها والرجل في الصلاة انتصب ونهض أو وضع يمينه على شماله أو انتصب بنحره ازاء القبلة وقال ابن الأثير
نحروها نحرهم الله اي صلوها في أول وقتها من نحر الشهور هو أوله وبالجملة الآية ذو وجوه غير متعينة فيما ذكره مع أن الخطاب متوجه إلى النبي صلى الله عليه وآله وشموله الأمة متوقف على ثبوت وجوب
التأسي وهو لا يصفر عن شوب التأمل والنظر واما الاستعانة إلى الآية بانضمام الاخبار المفسرة لها فجوابها ان حملها على الاستحباب أو الاختصاص بالنبي صلى الله عليه وآله طريق الجمع ولعل الشهرة
والقرب يرجح هذا الجمع وإن كان طريقه غير منحصر فيه لجواز حمل رفع اليد في صحيحة علي بن جعفر على رفعهما حال القنوت ووقوع الامر برفع الأيدي في بعض الأخبار محمول على الاستحباب
جمعا وينبغي ان لا يترك الاحتياط في أمثال هذه المواضع لان قول السيد بذلك البعيد إذا عرفت هذا فاعلم أن عبارات الأصحاب فيها نوع اختلاف في بيان حد الرفع فقال الشيخ في
الرفع المعتبر في تكبيرة الافتتاح وغيرها يحاذي بيديه شحمتي اذنيه وعن ابن أبي عقيل يرفعهما حذو منكبيه أو حيال خديه لا يتجاوز بهما اذنيه وقال ابن أبويه يرفعهما إلى النحر ولا
يتجاوز بهما الاذنين حبال الخد والكل متقارب وجعل الفاضلان مدلول قول الشيخ أولي وقالا في مبحث تكبير الركوع يرفع يديه حذاء وجهه وفي رواية إلى أذينة وبها قال الشيخ
وقال الشافعي إلى منكبيه وبه رواية عن أهل البيت (ع) أيضا وقال المحقق بعد هذا الكلام لكن الأشهر ما رواه حماد بن عيسى إلى اخر ما نقل واحتج في المنتهى على ما اختاره برواية عمار
ورواية ابن سنان السابقة والأصل في هذا الباب اخبار كثيرة كصحيحة معوية بن عمار وصحيحتي ابن سنان وحسنة زرارة وقد سبقت هذه الأخبار الأربعة وروى الشيخ في الصحيح
عن صفوان بن مهران الجمال قال رأيت أبا عبد الله (ع) إذا كبر في الصلاة يرفع يديه حتى يكاد يبلغ اذنيه وفي الصحيح عن فضالة عن سماعة عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله (ع) إذا دخلت المسجد
فاحمد الله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله فإذا افتتحت الصلاة فكبرت فلا تجاوز اذنيك ولا ترفع يديك بالدعاء بالمكتوبة تجاوز بهما رأسك وعن منصور بن حازم قال رأيت أبا عبد الله
افتتح الصلاة فرفع يديه حيال وجهه واستقبل القبلة ببطن كفيه وروى الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أحدهما (ع) قال ترفع يديك في افتتاح الصلاة قبالة وجهك ولا
ترفعهما كل ذلك والظاهر أن رفع اليد بحيث يكون شئ منها محاذيا للنحر وشئ منها محاذيا للوجه والاذن ولا يرفعهما بحيث يتجاوز الاذن وبهذا يحصل الجمع بين الكل ويؤيده ما نقل
عن بعض صحاح العامة انه (ع) رفع يديه حتى كانتا بحيال منكبيه وحاذى ابهاميه (اذنيه ثم كبر وقال في رواية أخرى حتى رأيت ابهاميه) قربتا من اذنيه ويكره ان يتجاوز بهما رأسه كأنها اذان خيل شمس ويستفاد هذا الحكم من بعض الأخبار السابقة
ويستحب ان يكونا مبسوطتين ويستقبل بباطن كفيه القبلة لرواية منصور بن حازم السابقة وذهب جماعة من الأصحاب إلى الاستحباب ضم الأصابع حين الرفع استنادا إلى رواية
حماد السابقة لكن لا يخفى ان حديث رفع اليد في تكبيرة الافتتاح غير موجود في الرواية نعم ذكر فيها الرفع من الركوع والظاهر أن ضم الأصابع المنقولة في أول الخبر مستمر إلى تلك
الحالة والا لنقل الراوي وحينئذ تعدية الحكم وتعميمه يحتاج إلى الاستعانة بعدم القائل بالفصل ونقل الفاضلان عن المرتضى وابن الجنيد تفريق الابهام وضم الباقي ونقله في الذكرى
عن المفيد وابن البراج وابن إدريس وجعله أولي وأسنده إلى الرواية والمشهور بينهم انه يبتدئ برفع يديه عند ابتدائه بالتكبير ويكون انتهاء الرفع عند انتهاء التكبير ويرسلهما بعد ذلك
قال المحقق في المتبر وهو قول علمائنا ولم اعرف فيه خلافا ولأنه لا يتحقق رفعهما بالتكبير الا كذلك وقريب منه كلام المصنف في المنتهى ويخالف ذلك بما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن
الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطهما بسطا ثم كبر ثلث تكبيرات إلى اخر الخبر ولو كانت يداه تحت ثيابه ولم يخرجهما رفعهما تحت الثياب عملا بعموم الأدلة
ويتأكد الاستحباب في تكبيرة الاحرام وكذا في التكبيرات كلها للامام ويستحب اجماع الامام من خلفه تكبيرة الاحرام قال في المنتهى لا نعرف فيه خلافا والمستند في ذلك اخبار كثيرة
منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال وإذا كنت إماما فإنه يجزيك ان تكبر واحدة تجهر وتستر ستا لكن المستفاد من هذه الرواية مجرد الجهر والمدعى أكثر منها ويستحب
للمأموم الاسرار لقوله (ع) لا ينبغي لمن خلف الامام ان يسمعه شيئا مما يقول ويتخير المنفرد عملا باطلاق الأدلة ونقل في الذكرى عن الجعفي انه اطلق رفع الصوت بها ويستحب عدم
المد بين الحروف كمد الألف الذي بين اللام والهاء زائدا على القدر الضروري أو الهمزتين بحيث لا يخرج اللفظ إلى لفظ اخر قالوا ويستحب أيضا ترك الاعراب في اخره لما روى
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال التكبير جزم
الرابع من واجبات الصلاة القراءة ولا خلاف بين الأصحاب في وجوبها واليه ذهب أكثر المخالفين وليس ركن في الصلاة عند الأكثر حتى أن
الشيخ نقل الاجماع عليه وحكى في ظاهر القول بركنيتها عن بعض الأصحاب والأول أصح للروايات الكثيرة المستفيضة الدالة على عدم إعادة الصلاة بتركها نسيانا منها ما رواه الصدوق
في الصحيح عن زرارة عن أحدهما (ع) قال إن الله تبارك وتعالى فرض الركوع والسجود والقراءة سنة فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ومن نسى فلا شئ عليه ومنها ما رواه الشيخ في
الصحيح عن
معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قلت الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوليين فتذكر في الركعتين الأخيرتين انه لم يقرأ قال أتم الركوع والسجود قلت نعم قال إني
أكره ان اجعل اخر صلوتي أولها وفي الصحيح عن سماعة عن أبي بصير قال إذا نسى ان يقرأ في الأولى والثانية اجزاءه تسبيح الركوع والسجود وإن كانت الغداة فنسى ان يقرأ فيها فليمض
في صلاته وروى الشيخ والكليني باسناد معتبر عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال إن الله عز وجل فرض الركوع والسجود والقراءة سنة فمن ترك القراءة متعمدا أعاد الصلاة ومن نسى
القراءة فقد تمت صلاته ولا شئ عليه إلى غير ذلك من الاخبار كرواية منصور بن حازم ورواية سماعة وحسين بن حماد وغيرها واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع)
قال سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته قال لا صلاة له الا ان يقرأ بها في جهر أو اخفات فمحمول على صورة العمد دون النسيان جمعا بين الأدلة وتجب في الفريضة الثنائية
كالصبح وفي الأوليين من غيرها اي غير الثنائية الحمد عند علمائنا أجمع على ما نقله جماعة من الأصحاب ويدل عليه صحيحة محمد بن مسلم السابقة وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم أيضا قال
سألته عن الذي لا يقرأ بفاتحة الكتاب في صلاته قال لا صلاة له الا ان يبدأ بها في جهرا واخفات وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسى أم القران قال إن كان لم يركع
فليعد أم القران وعن سماعة قال سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فنسى فاتحة الكتاب قال فليقل أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ان الله هو السميع العليم ثم ليقرأها ما دام لم
يركع فإنه لا قراءة حتى يبدأ بها في جهر أو اخفات فإنه إذا ركع أجزأ وهل يتعين الفاتحة في النافلة الأقرب ذلك لان الصلاة عبادة متلقاه من الشارع متوقفة على النقل منه
فيجب الاقتصار فيها على المنقول وقال المصنف في التذكرة لا يجب قراءة الفاتحة فيها للأصل فان أراد نفي الوجوب بالمعنى المصطلح فصحيح لان وجوب الفاتحة فيهما تابع لوجوبها
وان أراد عدم الاشتراط في صحتها فممنوع ويجب فيما ذكر مع الحمد قرائة سورة كاملة لا خلاف بين الأصحاب في جواز الاقتصار على الحمد وحدها في النوافل مطلقا وفي الفرايض عند
الضرورة كالخوف والمرض وضيق الوقت ونقل الاتفاق على ذلك المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر واختلفوا في وجوب السورة عند عدم الضرورة على الاقتصار فذهب الأكثر منهم الشيخ
في عدة من كتبه والسيد المرتضى وابن أبي عقيل وابن إدريس إلى وجوب السورة واختاره كثير من المتأخرين وذهب الشيخ في النهاية وابن الجنيد وسلار والمحقق في المعتبر إلى الاستحباب و
اختاره جماعة من المتأخرين ومال إليه المصنف في المنتهى وهو أقرب لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن زياب عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول إن فاتحة الكتاب وحدها تجوز في الفريضة
وعن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إن فاتحة الكتاب وحدها تجزي في الفريضة والاستدلال بهذين الخبرين مبني على عموم المفرد المعرف باللام في أمثال هذه المواضع كما حققناه
مرارا وعن (سعد بن) سعد الأشعري في الصحيح عن أبي الحسن الرضا (ع) قال سألته عن رجل قرا في ركعة الحمد ونصف سورة هل يجزيه في الثانية ان لا يقرأ الحمد ويقرأ ما بقى من السورة قال يقرأ
ما بقى من السورة وعن زرارة في الصحيح قال قلت لأبي جعفر (ع) رجل قرأ سورة في ركعة فغلط أيدع المكان الذي غلط فيه ويمضى في قراءته أو يدع تلك السورة
268

ويتحول عنها إلى غيرها قال كل ذلك لا باس به وان قرا أية واحدة فشاء ان يركع بها ركع وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن الرجل يفتتح القراءة في الصلاة يقرأ بسم الله
الرحمن الرحيم قال نعم إذا افتتح الصلاة فليقلها في أول ما يفتتح ثم يكفيه ما بعد ذلك وعن عبد الله ابن علي وأخيه محمد بن علي الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) انهما سألا عمن يقرا بسم الله الرحمن
الرحيم حين يريد يقرأ فاتحة الكتاب قال نعم ان شاء سرا وانشاء جهرا قال أفيقرأها في سورة الأخرى فقال لا ولا يخفى ان حمل هذا الحديث على التقية أولي لان ظاهره نفى رجحانه
قرائتها مع السورة الأخرى وليس الامر كذلك وعن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يسمع السجدة في الساعة التي لا يستقيم الصلاة فيها قبل غروب الشمس وبعد صلاة الفجر
فقال لا يسجد وعن الرجل يقرأ في المكتوبة سورة فيها سجدة من العزايم فقال إذا بلغ موضع السجدة فلا يقرها فان أحب ان يرجع فيقرأ سورة غيرها ويدع التي فيها السجدة فيرجع
إلى غيرها ويؤيد استحباب السورة ما رواه الشيخ في الصحيح عن إسماعيل بن الفضل قال صلى بنا أبو عبد الله (ع) أو أبو جعفر (ع) فقرا بفاتحة الكتاب واخر سورة المائدة فلما سلم التفت إلينا
فقال إما انى انما أردت ان أعلمكم وهذا الخبر مما استدل به جماعة من الأصحاب على الاستحباب وهو غير بعيد لكنه للتأييد أصلح لقيام احتمال ان يكون ذلك في صلاة مندوبة
يصح فيها الجماعة أو يكون الغرض من قوله (ع) انما أردت ان أعلمكم تعليم طريق التقية لكن الاحتمالان بعيدان كما لا يخفى عند المتدبر ومما يؤيده أيضا قوله (ع) في صحيحة علي بن يقطين
بعد سؤاله عن تبعيض السورة أكره ولا باس في النافلة لأن اطلاق الكراهة على أمر واجب في الصلاة بعد (بعيد) واستدل بعضهم بهذه الرواية على وجوب السورة وهو فاسد ويؤيده أيضا
ما رواه الشيخ في الصحيح عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيقرأ الرجل السورة الواحدة في الركعتين من الفريضة فقال لا باس إذا كانت أكثر من ثلث آيات فإنها وان احتمل
فيها ان يكون المراد تكرارها لكن التقييد بكونها أكثر من ثلث آيات مشعر بإرادة التبعيض ويؤيده أيضا ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي بكير عن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
الرجل يقرن بين السورتين في الركعة فقال إن لكل سورة حقا فاعطها حقها من الركوع والسجود قلت فيقطع السورة فقال لا باس ويؤيد الاستحباب ما رواه الشيخ في الصحيح
عن أبان بن عثمن عمن اخبره عن أحدهما (ع) قال سألته هل يقسم السورة في ركعتين فقال نعم (أتمها كيف شئت وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن السورة أيصلي الرجل بها في
ركعتين من الفريضة فقال نعم إذا كانت ست آيات قرآنا وبعد طريق الصدوق إلى منصور بن حازم من الصحاح) بالنصف منها في الركعة الأولى والنصف الآخر في الركعة الثانية وهذه الرواية نقلها المحقق
عن حريز بن عبد الله عن أبي بصير ولعله نقله عن كتاب حريز فتكون صحيحة وفي الصحيح عن عبد الله ابن بكير عن مسمع البصري قال صليت مع أبي عبد الله (ع) فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب
العالمين ثم قرا السورة التي بعد الحمد ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قام في الثانية فقرا الحمد ولم يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرا سورة أخرى وفيه تأييد ما لكنه ضعيف لاحتمال ان يكون
جهة الترك الضرورة أو التقية والمستفاد مما عدا الخبرين الأوليين جواز تبعيض السورة ويلزم منه جواز
الاقتصار على الحمد وحدها بناء على ما يظهر من كلام المصنف في المختلف من عدم القائل
بالفصل لكن قال الشيخ في المبسوط قرائة سورة بعد الحمد واجب على أنه ان قرا بعض سورة لان حكم ببطلان الصلاة وقال ابن الجنيد ولو قرأ بام الكتاب وبعد السورة في الفرايض أجزأ احتج الموجبون
بوجوه منها قوله تعالى فاقرأوا ما تيسر من القران وجه الاستدلال ان الامر للوجوب وقوله تعالى ما تيسر عام فوجب قراءة كل ما تيسر لكن وجوب الزائد على مقدار الحمد والسورة في الصلاة
منفي بالاجماع فيبقى وجوب السورة سالما عن الرافع ومنها ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم قال قال أبو عبد الله (ع) لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة أول بأكثر ومنها ما رواه عن يحيى بن عمران
الهمداني قال كتبت إلى أبي جعفر (ع) جعلت فداك ما تقول في رجل ابتدأ ببسم الله الرحمن الرحيم في صلاته وحده وحده في أم الكتاب فلما صار إلى غير أم الكتاب من السورة تركها فقال العباسي
ليس بذلك باس فكتب بخطه يعيدها مرتين على رغم انفه يعني العباسي ومنها ما رواه عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا يجوز للمريض ان يقرأ في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها ويجوز
للصحيح في قضاء صلاة التطوع بالليل والنهار ومنها ما رواه في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس ان يقرأ الرجل في الفريضة بفاتحة الكتاب في الركعتين الأوليين إذا ما أعجلت
269

به حاجة أو تخوف شيئا وفي معناه ما رواه باسناد عن محمد بن سنان الضعيف عن الحسن الصيقل قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيجزئ عني ان أقول في الفريضة فاتحة الكتاب وحدها إذا كنت مستعجلا
أو اعجلني شئ فقال لا باس ومنها ما رواه عن معوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال من غلط في سورة فليقرأ قل هو الله أحد ثم ليركع واستدل أيضا على وجوب السورة بما رواه
الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن رجل يقرا السورتين في الركعة فقال لا لكل سورة ركعة وبما دل على تعيين السورة في كثير من المواضع وبما دل على عدم العدول من سورة
إلى أخرى وبوقوعه في الصلاة الباني وكانه إشارة إلى رواية حماد المشهورة وبان النبي (ص) كان يواظب على هذا فيكون واجبا لان فعله صلى الله عليه وآله بيان للمجمل وبقوله (ع) صلوا كما رأيتموني أصلي فهذا
أقصى ما استدل به على وجوب السورة والجواب عن الأول ان مورد الآية صلاة التهجد كما يعلم من سياقها فتكون خارجة عن محل البحث وأيضا يجوز أن تكون لفظة ما نكرة موصوفة ولا موصولة
حتى تفيد العموم فيكون المعنى اي شئ تيسر اي اقرأوا مقدار ما أردتم وأجبتم ولعل ذلك أظهر لكونه المتبادر عرفا كما يقال اعطه ما تيسر وكونه انسب بسياق الآية وغرض التخفيف والامتنان
المقصود بيانه بها والتفريع على قوله فتاب عليكم واستلزامه التفصي والخلوص عن مثل ذلك التخصيص الذي يمتنع عند التحقيق إذ هو في نهاية البعد ويحتمل ان بكون المراد صلوا ما
تيسر من الصلاة بالليل بان يكون المراد من القراءة الصلاة تسمية للكل باسم الجزء وهذا الاحتمال نقله الشيخ الطبرسي عن أكثر المفسرين وهذا الاحتمال ليس أبعد مما بنى عليه كلام المستدل
من ذلك التخصيص المستبعد وان سلم رجحان التخصيص على المجاز ولو سلم ان المراد بالقراءة معناها الحقيقي وان ما للعموم لكن حمل الامر على الرجحان المطلق احتمال قريب مناسب بسياق الآية وغير خفى
رجحانه على التخصيص الذي بنى عليه كلام المستدل وعن الثاني بعد الإغماض عن ضعف السند المشتمل على محمد بن عبد الحميد فإنه غير موثق في كتب الرجال صريحا نعم قد يعد المصنف الرواية المشتملة
عليه من الصحاح مع اشتماله عليه ان النهى وقع عن قرائة الأقل من سورة والأكثر والمستفاد من العبارة ان النهى فيهما بمعنى واحد وثبت انه في الأكثر بمعنى الكراهة كما سيجئ فيكون في الأقل
كذلك مع أن وجود ما يقتضي الجواز من النصوص السابقة سبب واضح للحمل على الكراهة وان سلم كون ذلك خلاف الظاهر في نفسه إذ لاخفاء في أن حمل اخبار الجواز على كثرتها وقوة أسانيدها
على حال الضرورة مرجوح بالنسبة إلى هذا التأويل جدا وعن الثالث بعد استضعاف السند بيحيى ان قوله يعيدها محمول على الاستحباب جمعا بينها وبين ما سبق من الأدلة خصوصا رواية
محمد بن مسلم والحلبيين والأقرب ارجاع ضمير يعيدها إلى البسملة فكأنه (ع) قال عليه ان يعيد البسملة إذا أراد قراءة السورة والإعادة رجوع إلى الشئ ثانيا ولا يعتبر فيه اشتمال الأول على خلل
الا في عرف خاص بأصحاب صناعة واما ارجاعه إلى الصلاة فيقتضي الامر بإعادة الصلاة لأجل ترك فعل مندوب وهو لا يخلو عن بعد وإن كان نظيره متحققا وعن الرابع بعد استضعاف السند
لان فيه محمد بن عيسى عن يونس وقد نقل الصدوق عن شيخه ابن الوليد أنه قال ما تفرد به محمد بن عيسى من كتب يونس وحديثه لا يعمل به ان التحقيق ان مفهوم الصفة انما يكون حجة إذا حصل الظن
بان ذكر الصفة بخصوصيتها لا فائدة له سوى التخصيص والامر هيهنا ليس كذلك لاحتمال أن تكون فائدة تخصيص الحكم بالمريض وعدم التعميم حذرا عن اجتزاء المكلفين على المسامحة في أمر هذه الفضيلة
المؤكدة وجوبهم على مقتضى الترخيص ومن ما دس الأحاديث وتصفحها يجد نظير ذلك من الكثرة والشيوع بمكان ويرشد إليه قوله (ع) ويجوز للصحيح في قضاء صلاة النوافل إذ لا يختص
الجواز بالقضاء اتفاقا ولو سلم ظهورها فيما ذكر وسلم صلاحية المفهوم لتخصيص العمومات في بعض الصور كما هو التحقيق وان منعه جماعة من الأصوليين تقول قد وقع التعارض بينها وبين
الأخبار السابقة الدالة على جواز الترك ويمكن الجمع بينهما بوجهين أحدهما حمل اخبار الجواز على حال الضرورة وثانيهما ارتكاب التأويل في الخبر المذكور إما بان يقال المفهوم فيه غير ملحوظ
أو يقال المراد من الجواز فيه الإباحة لا المعنى الشامل للكراهة واطلاقه عليه شائع مشهور حتى يمكن القول بكونه على سبيل الحقيقة ولا ريب في رجحان الثاني على الأول ومن هنا يظهر
ان ما ذكره بعض أفاضل الشارحين من لزوم حمل اخبار الجواز على حال الضرورة واستنادا إلى أن المطلق والعام يحمل على المقيد والخاص محل نظر وعن الخامس بأنها غير دالة على المطلق صريحا
لكون دلالتها مفهوم قد عرفت الامر فيها بل لقائل أن يقول هي بالدلالة على نقيض المدعا أشبه إذ مقتضاها جواز اقتصار المصلي على الفاتحة إذا أعجلته حاجة والجواب أعم من الضرورية
269

مع أن مفهومه ثبوت البأس وهو غير واضح الدلالة على التحريم وإن كان المعنى الأصلي للباس وهو العذاب والشدة في الحرب انسب بمعنى التحريم هذا مع ما عرفت من أن قاعدة الجمع يقتضي ارتكاب
التأويل فيها ومما ذكرنا يظهر الجواب عن الخبر الموافق لها في المعنى وعن السادس ان الرواية محمولة على الاستحباب أو الارشاد إذ لا قائل بوجوب قرائة التوحيد والحال هذه مع أن ضرورة الجمع بينه
وبين الأخبار السابقة أيضا خصوصا صحيحة زرارة يقتضي ذلك وعن السابع ان ظاهر الحديث المنع من القران بين السورتين وأين هذا من ايجاب السورة الا ترى انه (ع) قال لكل سورة ركعة و
لم يقل لكل ركعة سورة ولعلك تستفيد هذا المعنى صريحا في بعض الأخبار وعن الثامن ان الامر بالسورة المعينة في مواضعه ليس محمولا على الايجاب مطلقا عند أكثر القائلين بوجوب السورة
وفي أكثر المواضع بالاتفاق بل على الاستحباب مع أن وجود ما هو أقوى منه يقتضي هذا الحمل وعن التاسع ان منع العدول عن سورة إلى غيره لا يخالف شيئا من المذهبين كما لا يخفى
على المتدبر وعن العاشر بما عرفت من عدم دلالة رواية حماد على وجوب ما اشتملت عليه وعن الحادي عشر بانا لا نسلم ان فعله (ع) بيان للمجمل انما يكون ذلك إذا لم يتحقق بيان قولي و
هو ممنوع والخبر بعد تسليم صحته غير محمول على الوجوب كما أشرنا إليه سابقا مع أن معارضة الأقوى يقتضي التأويل فيه ويؤيد ذلك أن المنقول من فعل النبي صلى الله عليه وآله خصوص بعض السور ولا
قائل بوجوبه على التعيين قال المحقق في المعتبر وفعل النبي صلى الله عليه وآله الذي استدللنا به على الوجوب يعارضه قوله (ع) للاعرابي لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وهو دليل الاجتزاء وفيه تأمل ويتخير
المصلي في الزائد على الركعتين الأوليين وهو ثالثة المغرب وأخيرتا الرباعية بين قراءة الحمد وحدها من غير سورة وأربع تسبيحات اتفق الأصحاب على جواز التسبيحات فيما ذكر نقل
الاتفاق على ذلك جماعة منهم والاخبار بذلك مستفيضة أو متواترة فاختلفوا في مقدار التسبيحات فقال الشيخ في النهاية والاقتصار انه ثلث مراة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر فيكون اثنتي عشرة تسبيحة وهو المنقول عن ظاهر كلام ابن أبي عقيل ونقل عن السيد المرتضى انه عشر تسبيحات بحذف التكبير في الأوليين دون الثالثة وهو اختيار للشيخ في المبسوط والجمل
وسلار وابن البراج وابن إدريس أيضا لأنه قال يجزي المستعجل أربع وغيره عشر وذهب ابن بابويه إلى انهما تسعة بحذف التكبير في الثلث وأسنده في المعتبر إلى حريز بن عبد الله السجستاني من
قدماء الأصحاب وهو منسوب إلى أبي الصلاح لكن المصنف في المنتهى أسند إلى أبي الصلاح القول بثلث تسبيحات ونقل عن ابن الجنيد أنه قال والذي يقال في مكان القراءة تحميد وتسبيح وتكبير
تقدم ما شاء قال المفيد أقله أربع تسبيحات وهي العبارة الآتية مرة واحدة واختاره الشيخ في الاستبصار وجماعة من المتأخرين وقال المحقق في المعتبر بعد نقل الروايات الأربعة الآتية
وهي صحيحة زرارة وصحيحة عبيد والحلبي وعلي بن حنظلة والوجه عندي القول بالجواز في الكل إذ لا ترجيح وإن كانت الرواية الأولى أولي وأشار بالرواية الأولى إلى رواية زرارة التي هي مستند
قول المفيد وظاهر هذا القول الاكتفاء بمطلق الذكر لان ذلك مقتضى رواية علي بن حنظلة واسند هذا القول في الذكرى إلى صاحب البشرى وقواه وقال المصنف في المنتهى والأقرب عدم
وجوب الاستغفار وهو مشعر بوجود القول بوجوبه فهذه ستة أقوال في هذه المسألة أو سبعة أو ثمانية واختار المصنف فذهب المفيد فقال صورتها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر ولم اطلع على مستند القول الأول والثاني واما الثالث فيدل عليه ما رواه ابن بابويه عن حريز عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال لا تقرأ في الركعتين الأخيرتين
من الأربع الركعات المفروضات شيئا إماما كنت أو غير امام قال قلت فما أقول فيهما قال إن كنت إماما أو وحدك فقل سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاث مرات تكمله تسع
تسبيحات ثم تكبر وتركع وهذه الرواية مما اورده الشيخ محمد بن إدريس في اخر كتاب السرائر نقلا عن كتاب حريز بن عبد الله في جملة الاخبار التي استطرفها وانتزعها من كتب المشيخة المتقدمين
ولفظ وحدك غير موجود فيها وكذا قوله تكمله تسع تسبيحات وعلى هذا الوجه نقلها المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى عن كتاب حريز ونقل في السرائر والمنتهى تتمة لهذا الخبر وهي
هذه وان كنت خلف امام فلا تقرأ شيئا في الأوليين وانصت لقراءته ولا تقولن شيئا في الأخيرتين فان الله عز وجل يقول للمؤمنين وإذا قرئ القران يعني في الفريضة خلف الامام
فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون والأخريان تبع للأوليين وهذه التتمة مروية في الفقيه في الصحيح عن زرارة وفيه بدل قوله ولا تقولن شيئا في الأخيرتين ولا تقران
شيئا في الأخيرتين ويدل على الرابع ما رواه الشيخ عن عبيد الله ابن علي الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قمت في الركعتين لا تقرأ فيهما فقل الحمد لله وسبحان الله والله أكبر ويدل على الخامس
ما رواه الكليني والشيخ باسناده عنه عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) ما يجزي من القول في الركعتين الأخيرتين قال إن يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ويكبر ويركع وهذه
الرواية فيه ضعف لان في طريقها محمد بن إسماعيل عن الفضل وقد عرفت جهة التوقف فيه وروى الشيخ في الصحيح عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الركعتين الأخيرتين من الظهر
قال تسبح وتحمد الله وتستغفر الله لذنبك وان شئت فاتحة الكتاب فإنها تحميد ودعاء وهذه الرواية اسندها المحقق في المعتبر إلى زرارة ولم يذكر فيها قوله وان شئت إلى اخره والظاهر أن العمل
المدلول كل واحد من هذه الأخبار جائز متسع كما هو (مقتضي) مذهب ابن الجنيد والمحقق وصاحب البشرى ولا ينافي ذلك ضعف الاسناد في الخبر الثالث لاعتضادها بخبرين من الاخبار الآتية مضافا
إلى أن العامل (في الحقيقة) بصحيحة الحلبي وزيادة التهليل غير قادح لاشتمال كثير من الأخبار المعتبرة مع ما دل الاذن في الكلام بالدعاء ومن وجد اختلاف هذه الأخبار يجب بحسب الحدس الصحيح
ان خصوص ترتيب معين غير معتبر ويرشد إلى ذلك صحيحة زرارة الآتية المصدرة بذكر المسبوق وما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) في جملة حديث فزاد النبي صلى الله عليه وآله
في الصلاة سبع ركعات هي سنة ليس فيهن قراءة انما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء إلى اخر الخبر وقوله (ع) في صحيحة عبيد بن زرارة فإنها تحميد ودعاء مما يشعر بالتوسعة أيضا ومما
ذكرنا يظهر ان زيادة التكبير على التسبيحات التسع كما هو مذهب المرتضى غير ضار وينقل عن بعض المتأخرين التوقف في ذلك بناء على عدم الوقوف في ذلك على نص بالخصوص وهل يجزي
مطلق الذكر يحتمل ذلك لاطلاق رواية علي بن حنظلة مع كون اسنادها معتبرة إلى ابن بكير إذ ليس فيه من يتوقف في شانه الا الحسن بن علي بن فضال وهو بمكان من الجلالة وكذا ابن
بكير والواسطة بينه وبين الامام وإن كان مجهولا الا ان ابن بكير ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه فلا يضر جهالة حال الواسطة وفي التعليل المذكور في خبر عبيد بن زرارة
نوع اشعار بجواز الاكتفاء بمطلق التحميد والدعاء وان لم يكن دالا عليه بناء على أن عدم مدخلية خصوص المادة في العلية ليس بذلك الواضح والاشعار المذكور مضافا إلى رجحان
دعوى عدم القائل بالفصل يؤيد جواز الاكتفاء بمطلق الذكر ويحتمل العدم لنوع تأمل في اسناد الخبر وعدم صراحتها في المدعاء ومخالفة ظاهرها من التسوية لما سنحققه من تفصيل
التسبيح وعدم قائل بهذه التوسعة يجامع ان التكليف اليقيني يقتضي البراءة اليقينية وروى ابن بابويه باسناد فيه ضعف عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال أدنى ما يجزي من القول في الركعتين
الاخرتين ثلث تسبيحات يقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله إذا عرفت هذا فاعلم أن الأصحاب اختلفوا في أفضلية التسبيح أو القراءة في الركعتين الأخيرتين فالذي يظهر من كلام
الصدوق أفضلية التسبيح مطلقا وهو منسوب إلى ابن أبي عقيل وابن إدريس ونقل عن ظاهر الشيخ في أكثر كتبه المساواة ويظهر من كلامه في الاستبصار التخيير للمنفرد وأفضلية القراءة للامام ونقل
عن ابن الجنيد أنه قال يستحب للامام التسبيح إذا تيقن انه ليس معه مسبوق وان علم دخول المسبوق أو جوزه قرا ليكون ابتداء الصلاة للداخل بقرائة يقرأ فيها والمنفرد يجزيه مهما فعل وقال المصنف
في المنتهى الأفضل للامام القراءة وللمأموم التسبيح وقواه في التذكرة والروايات مختلفة في هذا الباب اختلافا كثيرا فبعضها يدل على أفضلية التسبيح للامام وغيره كصحيحة زرارة
السابقة وبعضها يدل على أفضلية التسبيح من غير تفصيل فمنها ما رواه الصدوق في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف الامام يحتسب
بالصلاة خلفه جعل ما أدرك أول صلاته ان أدرك من الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة ركعتين وفاته ركعتان وساق الحديث إلى أن قال فإذا سلم الامام قام فصلى الأخيرتين لا يقرأ
فيهما انما هو تسبيح وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة الحديث ورواه الشيخ في الصحيح أيضا عن زرارة وفي موضع الحاجة اختلاف حيث قال فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين لا يقرأ
فيهما لان الصلاة انما يقرأ فيهما في الأوليين في كل ركعة بام الكتاب وسورة وفي الأخيرتين لا يقرأ انما هو تسبيح وتهليل وتكبير ودعاء ليس فيهما قراءة ومنها ما رواه الصدوق بالاسناد
270

معتبر عن ابن أبي عمير عن محمد بن حمران انه سال أبا عبد الله (ع) فقال لأي علة صار التسبيح في الركعتين أفضل من القراءة لان النبي ما كان في الأخيرتين ذكر ما رأى من عظمة الله عز وجل فدهش
فقال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فلذلك صار التسبيح أفضل من القراءة وقد تضمن هذا الخبر علة الجهر أيضا قبل ان يسئل علة التسبيح وفي الجواب عن علة الجهر تصريح
بأنه صلى الله عليه وآله كان إماما يصلي بالملائكة وهذا الخبر اورده في كتاب علل الشرايع باسناد اخر ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن قيس عن أبي جعفر (ع) قال كان أمير المؤمنين (ع) إذا صلى كان يقرأ
في الأوليين من صلاته الظهر سرا ويسبح في الأخيرتين من صلاته الظهر على نحو من صلاته العشاء وكان يقول أول صلاة أحدكم الركوع ومنها حسنة زرارة السابقة عن قريب ويؤيده
ما رواه ابن بابويه في الفقيه مرسلا عن الرضا (ع) انما جعل القراءة في الركعتين الأوليين والتسبيح في الأخيرتين للفرق بين ما فرض الله عز وجل من عنده وبين ما فرض رسول الله صلى الله عليه وآله و
اوردها في كتا بعلل الشرايع في جملة العلل التي نقلها عن الفضل بن شاذان ويؤيده أيضا ما رواه الصدوق عن زرارة في الصحيح قال قال أبو جعفر (ع) كان الذي فرض الله على العباد عشر
ركعات وفيهن القراءة وليس فيهن وهم يعني سهو فزاد رسول الله صلى الله عليه وآله سبعا وفيهن السهو وليس فيهن قرائة وأوردها الكليني باسناد ظاهره كونه صحيحا ونقل ابن إدريس في السرائر
عن كتاب حريز بن أبي عبد الله قال زرارة قال أبو جعفر (ع) كان الذي فرض الله على العباد من الصلاة عشر فزاد رسول الله صلى الله عليه وآله سبعا وفيهن السهو وليس فيهن قرائة ونقل أيضا عن كتاب حريز
قال يعني الفضيل قال يعني أبا جعفر (ع) انه فرض الله عز وجل كل صلاة ركعتين وزاد رسول الله صلى الله عليه وآله سبعا وفيهن الوهم وليس فيهن قرائة وبعضها يدل على أفضلية التسبيح للامام
وهو ما رواه الشيخ باسناد لا يخلو عن ضعف عن سالم (بن) خديجة عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت امام قوم فعليك ان تقرأ في الركعتين الأوليين وعلى الذين خلفك ان يقولوا
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهم قيام فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك ان يقرأوا فاتحة الكتاب وعلى الامام التسبيح مثل ما يسبح في الركعتين
الأخيرتين فعلى الذين خلفك ان يقرأوا فاتحة الكتاب وعلى الامام التسبيح مثل ما يسبح في الركعتين الأخيرتين وبعضها يدل على أفضلية القراءة للامام مثل ما رواه الشيخ في
الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت إماما فاقرا في الركعتين الأخيرتين بفاتحة الكتاب وان كنت وحدك فيسعك فعلت أولم تفعل وما رواه الكليني والشيخ في الصحيح
عن معوية بن عمار قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القراءة خلف الإمام في الركعتين الأخيرتين فقال الامام يقرا فاتحة الكتاب ومن خلفه يسبح وبعضها يدل على أفضلية القراءة للامام
والمنفرد مثل ما رواه الشيخ عن جميل بن دراج قال سألت أبا عبد الله (ع) عما يقرأ الإمام في الركعتين فقال في اخر الصلاة فقال بفاتحة الكتاب ولا يقرأ الذين خلفه ويقرأ الرجل إذا
صلى وحده فيهما بفاتحة الكتاب وفي طريق هذه الرواية علي بن السندي وليس في شانه توثيق يعتد به وبعضها يدل على أفضلية القراءة مطلقا من غير تفصيل وهو ما رواه الشيخ
باسناد ضعيف عن محمد بن حكيم قال سألت أبا الحسن (ع) أيما أفضل القراءة في الركعتين الأخيرتين أو التسبيح فقال القراءة أفضل وبعضها يدل على أفضلية القراءة في الجملة وهو
ما رواه الشيخ في باب الجماعة عن ابن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إن كنت خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القران فلا تقرأ خلفه في الأوليين
وقال يجزيك التسبيح في الأخيرتين قلت اي شئ تقول أنت قال اقرا فاتحة الكتاب وحكى عن بعض المتأخرين انه اقتطع عجز هذا الخبر عن الصدوق جعله حديثا مستقلا فأورده في حجة ترجيح
قرائة الحمد للامام ويرد عليه ان الاحتمالات غير منحصرة في ذلك بل ههنا احتمالان آخران أحدهما ان يكون من تتمة الحكم الذي ذكر في الصدور فصل بينهما بقوله وقال لما بين
الأوليين واأخرتين من الاختلاف لا للانتقال من مسألة إلى أخرى فيكون محصله ان المأموم يسبح في الأخيرتين لكن الأفضل له ان يقرأ والتخيير المذكور وإن كان غير معروف بين
المتأخرين الا انه ذهب إليه السيد المرتضى وأبو الصلاح وابن زهره والمصنف في المختلف كما سيجئ بيانه مع ما دل عليه من الاخبار وقد يرجح الاحتمال الأول بان الاستفهام عن حال الامام
في الايتمام لا يخلوا عن بعد وان جاز ذلك على سبيل الفرض وقصد السائل جعله وسيلة إلى استعلام ما هو الراجح لأنه الذي يفعله الامام عند فرض وقوع الائتمام مع احتمال وقوع الائتمام
للامام تقية ويرجح الثاني بأنه ليس بين المسئلتين على التقدير الأول علاقة يحسن اعتبارها الجمع بينهما في إفادة الحكم ابتداء من غير تقدم شوال عنهما لكن يمكن ان يكون الجمع من
الراوي ولا يخفى ان الخبر على الحمل الثاني وإن كان يوافق خبر سالم ابن أبي خديجة الا انه يخالف صحيحة معوية بن عمار وصحيحة زرارة وغيرهما من العمومات السابقة فالترجيح للاحتمال الأول
وثانيهما ان يراد منه بيان حال المسبوق وانه يجزيه تسبيح الامام في الأخيرتين وإن كان المأموم مصليا للأوليين أو الثانية في تلك الحال غيران الأولى للامام قرائة الحمد وربما شهد
لهذا الاحتمال قوله في صدر الحديث حتى يفرغ فان الظاهر كونه بصيغة المخاطب لان الغائب لخلوه عن الفائدة وانه كناية عن ادراك المأموم الصلاة من أولها فيحتاج إلى بيان حكم من دخلها
في الأثناء فأفاده بذلك الكلام وعندي هذا الاحتمال وإن كان جايز الا انه مرجوح إذ اطلاق هذا الكلام وإرادة المسبوق مع كونه ليس من الافراد المنساقة إلى الذهن لا يخلو عن بعد
وقوله حتى يفرغ في صدر الخبر لا يكفي مصححا لهذا الاطلاق يظهر ذلك عند التدبر ومما ذكرنا يظهر ان جعل هذا الخبر من مؤكدات أفضلية القراءة للامام متجه لأن الظاهر أنهم عليهم السلام
كانوا يداومون على صلاة الجماعة فالاخبار عن حاله بالقراءة مخصوص بحال الإمامة لبعد الايتمام بالنسبة إليهم وبعض الأخبار يدل على التسوية بينهما وهو ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحسن بن
علي بن فضال عن عبد الله ابن بكير عن علي بن حنظلة عن أبي عبد الله (ع) عن الركعتين ما اصنع فيهما قال إن شئت فاقرا فاتحة الكتاب وان شئت فاذكروا الله فهما سواء قلت فأي ذلك أفضل قال
هما والله سواء ان شئت سبحت وان شئت قرأت والجمع بين هذه الروايات بحيث يرتفع الخلاف بالكلية في غاية العكس لكن الظاهر أن الترجيح للقول بأفضلية التسبيح مطلقا إما في حق المنفرد
فظاهر لصحيحة زرارة وحسنة زرارة ورواية محمد بن حمران ومحمد بن قيس وصحيحة زرارة المنقولة عن الفقيه وغيرها ولا يعارضه الا رواية محمد بن حكيم وعلي بن حنظلة وهما ضعيفان لا يصلحان
لمعارضة الاخبار (المذكورة) مع كونهما اقبل للتقية من معارضتهما واما رواية جميل فيمكن تأويلها بان السائل سئل عن الشئ الذي يقرا الامام والتسبيح ليس داخلا في القراءة على ما يعلم من موارد
اطلاقاتها في الاخبار وكان السائل يقول إذا قرا الامام فأي شئ يقرأ فأجاب ثم اردفه ببيان حال المنفرد فكأنه قال الذي يقرا المنفرد إذا اختار القراءة فاتحة الكتاب لا لفاتحة
مع السورة ولا يلزم من هذا نفي أفضلية التسبيح مع قبولها للحمل على التقية لموافقتها لمذهب كثير من العامة واما اخبار التسبيح فإنها مخالفة لقول أكثر العامة لان الشافعي واحمد يوجبان
القراءة في الركعتين الأخيرتين ومالك يوجبه في ثلث ركعات من الرباعية واما أبو حنيفة خير بين الحمد والتسبيح وجوز السكوت واما في حق الامام فاخبار الطرفين وإن كانت قوية
الا ان الترجيح لما ذكرناه لكثرة الأخبار الدالة على أفضلية التسبيح مع التصريح بشمولها للامام أو ظهورها فيه كروايات زرارة ومحمد بن حمران ومحمد بن قيس وغيرها والمعارضة القوية منحصرة
في صحيحة منصور ورواية محمد بن حكيم والثانية ضعيفة مع كونها اقبل للتأويل بالحمل على التقية والأولى لا يقاوم تلك الأخبار مع كونها قابلة للحمل على التقية دون الاخبار المرجحة
للتسبيح فان أبا حنيفة ذهب إلى التخيير بين القراءة والسكوت ولعل القراءة عنده للامام أفضل وحمل الرواية عليه صحيح واضح ولعل في قوله (ع) فعلت أولم تفعل اشعارا ما بهذا المعنى فإنه
ظاهر في التخيير بين الفعل والترك لا التخيير بين الشئ وبين بدله كما تجده السليقة واما رواية معوية بن عمار
فيمكن تأويله بما ذكرنا في تأويل رواية جميل فقد مر التأويل فيها واما صحيحة ابن
سنان فظاهرها ترجيح القراءة للامام الا انه يمكن تأويلها بما سبق ذكره مع احتمال ان يكون قرائة الإمام عليه السلام للتقية واما رواية علي بن حنظلة فمحموله على التقية جمعا بين الاخبار وقد يظن أن
صحيحة الحلبي مما ترجح أفضلية التسبيح للامام بناء على أن الظاهر أن يكون قوله لا تقرأ هنا لا نفيا لكن جماعة من الأصحاب جعلوه نفيا فيكون المعنى إذا قمت في الركعتين غير قار وأيدوه
بادخال كلمة الفاء على قل دون لا تقرأ فان الظاهر دخولها على وجوب الشرط ويحتمل ان يكون ذلك من باب سهو الناسخين بناء على قلة الانضباط في أمثال ذلك في كتب الحديث فقد
تبدل الواو فاء وبالعكس والظاهر أن الخبر المذكور يحتمل الوجهين وترجيح أحد الاحتمالين لا يخلوا عن اشكال واما في حق المأمور فاظهر من الباقي لدلالة روايتي زرارة ومحمد بن حمران ومعوية بن
271

عمار وغيرها عليه ولا يعارضه الا رواية سالم بن أبي خديجة ومحمد بن حكيم وهما نازلان عن مقام المعارضة والأولى من رواية زرارة على ما نقل من كتاب حريز تدل على أن السكوت بالنسبة
إليه ولى وحينئذ فالجمع بينها وبين غيرها من الاخبار ان يقال أفضلية التسبيح بالنسبة إلى قرائة الحمد لا السكوت فإنه أولي بمقتضى الخبر المذكور لكن يخالفه ما رواه ابن بابويه في الصحيح عن بكر بن
محمد الأزدي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إني أكره للمرء ان يصلى خلف الامام صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار قال قلت جعلت فداك فيصنع ماذا قال يسبح وصحيحة معوية بن عمار
السابقة وحينئذ فالأولى ان يقال النهى وقع عن القراءة لا عن مطلق القول كما في رواية الصدوق فلعل في نقل ابن إدريس والمنتهى سهوا فتدبر ومما ذكرنا ظهر ان الترجيح للقول بأفضلية
التسبيح مطلق واما ما رواه الطبرسي في كتاب الاحتجاج في جملة الأجوبة التي خرجت من الناحية المقدسة في جواب مسائل محمد بن جعفر الحميري قال سألت في الركعتين الأخراوين قد كثرت
فيهما الروايات فبعض يروي ان قرائة الحمد فيهما أفضل ويروي ان التسبيح فيهما أفضل فالفضل لأيهما لنستعمله فالجواب قد نسخت قراءة أم الكتاب التسبيح والذي نسخ التسبيح قول
العالم (ع) كل صلاة لا قراءة فيها فهي خداج الا العليل ومن يكثر عليه السهو فيجوز (فيخوف) بطلان الصلاة عليه فغير واضح السند وظاهره مطروح بين الأصحاب وما هذا شانه لا يصلح المعارضة
ما ذكرنا من الاخبار ومن المتأخرين من زعم أفضلية القراءة مطلقا استنادا إلى صحيحتي منصور والحلبي وأنت خبير بما فيه ومنهم من زعم أولوية القراءة للمنفرد استنادا إلى صحيحة معوية بن عمار
ورواية جميل وابن حكيم والى فضيلة الفاتحة ووجود الخلاف في التسبيحات وفيه ما فيه وقال بعض الأفاضل إذا ضم الاستغفار إلى التسبيح فينبغي القطع بصيرورته أفضل من القراءة
لاشتماله على الدعاء الذي هو أفضل من القراءة وذكر بعض الروايات الدالة على ذلك وفيه أيضا ان الفاتحة أيضا مشتملة على الدعاء كما وقع التصريح به في بعض الأخبار السابقة
فلا يتم ما ذكره وينبغي التنبيه على أمور الأول من نسى القراءة في الركعتين الأوليين فهل يتعين عليه القراءة في الركعتين الأخيرتين واستدل على المشهور بعموم الروايات الدالة على جواز
التسبيح وبما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال قلت الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأولتين فذكر في الركعتين الأخيرتين انه لم يقرأ قال أتم الركوع والسجود
قلت نعم قال إني أكره ان اجعل اخر صلوتي أولها قال المصنف في المختلف وهذا الحديث كما يدل على عدم وجوب القراءة يدل على أولوية التسبيح حجة القول الآخر ما رواه الحسين بن حماد
عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت له عن القراءة في الركعة الأولى قال اقرأ في الثانية قال أجزء في الثالثة قلت أسهو في صلوتي كلها قال إذا حفظت الركوع والسجود فقد تمت صلاتك و
صحيحة محمد بن مسلم السابقة في أوايل بحث القراءة الدالة على عدم صحة الصلاة بدون القراءة وبما نقل عن النبي صلى الله عليه وآله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب وأجيب عن الأول بالقدح في السند وبان
الامر بالقراءة لا ينافي التخيير فان الواجب المخير مأمور به وعن الثاني والثالث انهما غير باقيان على العموم بل يختصان بالعامد والكل محل نظر إما الاستدلال على الأول بعمومات الروايات
فلانه معارض بما دل على اشتراط القراءة في الصلاة خرج ناسي القراءة في جميع الصلاة لدليل مختص به فيبقى غيره داخلا تحت مقتضى الاشتراط هذا مع المعارضة بما رواه
ابن بابويه في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قلت له رجل نسى القراءة وفي الأوليين فذكرها في الأخيرتين فقال يقضي القراءة والتكبير والتسبيح الذي فاته في الأخيرتين الأوليين ولا شئ
عليه واما الاستدلال بصحيحة معوية بن عمار فلانه يجوز ان يكون المراد بقوله (ع) أكره ان اجعل اخر صلوتي أولها قرائة الحمد والسورة معا لا القراءة مطلقا يرشد إلى هذا مرسلة أحمد بن
النضر عن رجل عن أبي جعفر (ع) قال قال لي اي شئ يقول هؤلاء في الرجل إذا فاتته مع الامام ركعتان قال قلت يقولون يقرأ في الركعتين بالحمد وسورة فقال هذا يقلب صلاته
فيجعل أولها اخرها فقلت كيف يصنع قال يقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة فظهر ان ما ذكره المصنف وتبعه بعض الفضلاء المتأخرين من أن صحيحة معوية دالة على أفضلية التسبيح محل نظر
واما الاستدلال على الثاني فلمعارضة اخبار التخيير وقول المصنف الامر لا ينافي التخيير محل تأمل لان ظاهر الامر الايجاب عينا والتخيير يثبت بدليل اخر مخرج له عن ظاهره وقد عرفت حال الجواب
عما دل على اشتراط القراءة بأنه يخص العامد والتحقيق انه وقع التعارض بين ما دل على اشتراط القراءة والامر بالقراءة للناسي وما دل على التخيير ويجوز كل تخصيص منهما بصورة
التذكر وعدم النسيان وحمل الامر على الاستحباب أو الارشاد ولا يبعد ارتكاب التأويل في الأول لقلة بالنسبة إلى معارضة ومخالفة للمشهور مع تطرق التخصيص إليه بخروج بعض افراد
الساهي فظهر ان الترجيح للمشهور والرواية المنقولة عن ابن بابويه غير واضحة في خلاف ما ذكرنا لجواز ان يكون انه المراد يقضي القراءة بعد الفراغ من الصلاة إذ ليس فيها تعيين زمان القضاء
فتدبر الثاني الأقرب عدم اشتراط الترتيب في التسبيحات وفاقا للمحقق في المعتبر لاختلاف الروايات وهو دليل على ذلك وخالف فيه المصنف والشهيد الثالث هل يجب الاخفات فيها قيل
نعم تسوية بين البدل والمبدل وهو قول الشهيد (ره) وقيل لا استنادا إلى الأصل وهو أقرب عملا باطلاق الأدلة وعدم ما يوجب التقييد قال في الذكرى عموم الاخفات في الفريضة
كالنص وفيه تأمل لان هذا غير مسلم الا في القراءة الرابع لو شك في عدده بنى على الأول اخذا بالتيقن وتحصيلا بالبرائة اليقينية ولو لم يحسن القراءة وجب عليه التعلم لتوقف
الواجب المطلق عليه والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب وغيرهم ممن قال بوجوب القراءة ونقل الاجماع عليه جماعة من الأصحاب فان ضاق الوقت عن التعلم يجب عليه الائتمام ان امكنه
أو القراءة من مصحف ان أحسنه وفي المبسوط والخلاف بجواز ان يقرأ في الصلاة من المصحف إذا لم يحسن ظاهرا وظاهره جواز الاكتفاء بها للمتمكن من الحفظ وبه صرح الفاضلان معللين بان الواجب
مطلق القراءة ومنع ذلك الشهيد ومن تبعه للمتمكن من الحفظ والأول أقرب ويدل على ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبان بن عثمن عن الحسن بن زياد الصيقل قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول
في الرجل يصلي وهو ينظر في المصحف يقرأ فيه يضع السراج قريبا منه فقال لا باس بذلك ولا يضر جهالة الحسن بعد صحة الرواية عن ابان وكونه ممن اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه
كما أشرنا إليه مرارا مع اعتضادها باطلاق الامر بالقراءة ودعوى كون المتبادر منه القراءة من الحفظ ممنوعة نعم هي من أشهر افراد القراءة في حال الصلاة وهذا لا يكفي لتقييد
المطلق واما ما رواه الحميري باسناده عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل والمراة يضع المصحف امامه ينظر فيه ويقرأ ويصلي قال لا يعتد بتلك الصلاة فيمكن الجمع بينه
وبين الخبر السابق بالحمل على الكراهية والظاهر أن تتبع القاري كالقراءة من المصحف ولو توقف تحصيل المصحف على شراء أو استيجار أو استعارة وجب تحصيلا للواجب بقدر الامكان
وكذا لو احتاج إلى مصباح في الظلمة لأجل القراءة وان لم يمكنه شئ مما ذكرنا فان أحسن منه شيئا قرا ما يحسن منها فإن كان ما يحسن مجموع الفاتحة وانما يجهل السورة أو بعضها
اقتصر على ما يحسن من غير تعويض عن المتروك بقران ولاذكر بلا خلاف في ذلك وإن كان ما يحسن بعض الفاتحة فإن كان آية قرءه بلا خلاف في ذلك بين الأصحاب وإن كان بعض
الآية ففي قراءته أقوال الأول الوجوب لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله فإن كان معك قرأن فاقرأ به والثاني عدمه استنادا إلى أن النبي صلى الله عليه وآله أمر الأعرابي ان يحمد الله ويكبره ويهلله وقوله الحمد لله بعض الآية
ولم يأمر بتكرارها ولا اقتصار عليها واستحسن هذا المحقق في المعتبر الثالث وجوب قرائتها إن كان قرآنا وهو المشهور بين المتأخرين والترجيح في أمثال هذه المواضع لجانب الاحتياط بالتقريب
الذي أشرنا إليه مرارا وهل يفتقر على الآية التي يعلمه من الفاتحة أو يعوض من الفائت بتكرار قرائتها أو بغيرها من القران أو الذكر عند تعذره فيه قولان وظاهر عبارة المصنف الأول
واليه ذهب المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى واختار المصنف في بعض كتبه على ما نقل عنه وجوب التعويض عن الفائت ونسبه الشارح الفاضل إلى أكثر المتأخرين واستدل عليه بعموم قوله (ع) فاقرأوا
ما تيسر من القران خرج عنه ما قام الدليل على عدم وجوب قرائته فيبقى الباقي وفيه نظر فيظهر مما ذكرنا في المباحث السابقة وهذا الدليل على تقدير تمامه لا يفيد وجوب الذكر
عند تعذر القران ثم إن علم غيرها من القران فهل يعوض من الفائت بقرائة ما يعلم من الفاتحة مكررا بحيث يساويها أم يأتي ببدله من سورة أخرى فيه قولان وعلل الأول
بأنه أقرب إليها من غيرها والثاني بان الشئ الواحد لا يكون أصلا وبدلا والتعليلان ضعيفان وهل يراعى في البدل المساواة في الآيات أو في الحروف أو فيهما جميعا وفيه أقوال وان
لم يحسنها متوالية اتى بها متفرقة وأوجبوا مراعاة الترتيب فان علم الأول اخر البدل وعلى هذا القياس ولو يعلم من القران غيرها قيل يقتصر عليه وقيل يجب تكرار ما علمه بقدرها
272

وقيل يأتي بالذكر بدل الباقي ولو لم يحسن شيئا من الفاتحة فالمشهور انه يجب عليه ان يقرأ بدلها من غيرها ان علمه وقيل إنه يتخير بينه وبين الذكر وهو اختيار المحقق في الشرايع ويمكن
الاستدلال على الأول بما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله ابن سنان عن الصادق (ع) قال إن الله فرض من الصلاة الركوع والسجود الا ترى لوان رجلا دخل في الاسلام لا يحسن ان يقرأ
القران اجزاءه ان يكبر ويسبح ويصلي وهل يجب مساواة البدل للمبدل وهل يجب مساواتها ظاهر الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر عدم الوجوب والمشهور بين المتأخرين وجوب المساواة وعلى
هذا القول هل يجب المساواة في الحروف والآيات أو فيهما جميعا فيه أقوال وهل يجب ان يكون العوض سورة كاملة فيه قولان فلو لم يحسن شيئا من القران سبح الله تعالى
وهلله وكبره هذا هو المشهور في عباراتهم وذكر الشيخ في الخلاف الذكر والتكبير وذكر بعضهم التحميد والتسبيح والتهليل والتكبير والموجود في الرواية السابقة التكبير والتسبيح قال في الذكرى
ولو قيل يتعين ما يجزي في الأخيرتين من التسبيح كان وجها لأنه قد ثبت بدليته عن الحمد في الأوليين عنهما بقدر القراءة وجوبا كما هو الظاهر من كلامه (والمشهور بين المتأخرين) نفاه في المعتبر قال و
قولنا بقدر القراءة نريد به الاستحباب لان القراءة إذا سقطت لعدم القدرة سقطت توابعها وصار ما تيسر من الذكر والتسبيح كافيا ولو لم يحسن الذكر قال المصنف في النهاية انه
يقوم بقدر القراءة ثم يركع إذ لا يلزم من سقوط واجب سقوط غيره ثم يتعلم بعد ذلك بحسب القدرة واعلم أن أكثر الخلافات التي أوردناها في هذا المبحث ترجيح طرف منها
مشكل لفقد النص وعدم استقلال العقل بأمثال هذه الأمور لكن القاعدة التي أشرنا إليها مرادا من وجوب تحصيل اليقين ببرائة الذمة من التكلف الثابت عند الشك
والاشتباه في حقيقة المكلف به وما يعتبر فيه يقتضي العمل بطريقة الاحتياط في أمثال هذه المواضع لكن في وجوب القضاء عند الاخلال به تأمل والأخرس يحرك لسانه
ويعقد قلبه بها لم يذكر الشيخ سوى تحريك اللسان وزاد عليه الفاضلان عقد القلب والظاهر أن المراد بعقد القلب قصد كونه قرائة ويحتمل ان يكون المراد احضار الألفاظ
على ترتيبها في الذهن ويفهم من الذكرى ان المراد به فهم المعاني وهو بعيد إذ لا دليل على وجوب ذلك على الأخرس وغيره وزاد بعض المتأخرين على تحريك اللسان وعقد القلب الإشارة
باليد ولعل مستنده رواية السكوني السابقة في حكم التكبير وهي رواية ضعيفة فالتعويل عليها مشكل الا انها موافقة لضابط تحصيل اليقين بالبرائة من التكليف الثابت
كما أشرنا إليه مرارا ولافرق بين الأخرس ومن عجز عن النطق ببعض القراءة ويحب عليهم وعلى من يبدل حرفا بحرف اصلاح اللسان بحسب المقدور والظاهر أنهم لا يصلون في الوقت
مهما بقى رجاء الاصلاح وامكان التعلم فان ضاق الوقت صلى بحسب الممكن ولا يجزي الترجمة مع القدرة بلا خلاف في ذلك بين الأصحاب ووافقنا عليه أكثر العامة خلافا لأبي
حنيفة فإنه جوز الترجمة مع القدرة استنادا إلى تعليل عليل وتقيده عدم الأجزاء بالقدرة إشارة إلى جوازه عند العجز من الذكر بالعربية ولو عجز عن العربية فيهما معا
وجبت الترجمة ففي ترجيح أيهما قولان ووجه ترجيح ترجمة القران انها أقرب إليه من ترجمة الذكر ووجه الأخر فوات الفرض من القران وهو نظمه المعجز بخلاف الذكر ولا تجزي
القراءة مع اخلال حرف منها فضلا عن الازيد حتى التشديد والاعراب فإنه حرف مع زيادة والظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين الأصحاب ونقل (الاتفاق) عليه المحقق في المعتبر ونسبه في
التذكرة إلى أقوى القولين ويحكى عن السيد المرتضى المخالفة في هذا الحكم في الاعراب الذي لا يتغير المعنى بتغيره فجوز تغييره حجة المشهور ان قرائة الفاتحة واجبة في الصلاة شرط
في صحتها ولا شك في أن الفاتحة اسم للمجموع المركب من الكلمات والحروف المعلومة على الهيئة المخصوصة من الاعراب والبناء والآتيان بالكل انما يتحقق عند الاتيان بكل جزء منه
فيلزم وجوب الاتيان بكل كلمة منها على الهيئة المعتبرة فيها ولعل السيد نظر إلى أن من قراء الفاتحة على هذا الوجه يصدق عليه المسمى عرفا والظاهر أن أمثال تلك التغيرات مما
يقع التسامح والتساهل في الاطلاقات العرفية فالاطلاق العرفي مستند إلى التساهل في العبارة والتأدية لا انه يصدق اللفظ حقيقة وعلى هذا فالترجيح للمشهور وقد عد
مما يشترط في صحة القراءة المد المتصل دون المنفصل وكانه نبأ على أنه الواجب المقرر عند القراء واعلم أن المراد بالاعراب هيهنا الاعراب الذي تواتر نقله في القران لا ما وافق
قانون العربية مطلقا وقد حكى عن جماعة من الأصحاب دعوى الاجماع على تواتر القراءات السبع وحكى الشارح الفاضل ان بعض محققي القراء أفرد كتابا في أسماء الرجال الذين نقلوا هذه
القراءات في كل طبقة وهم يزيدون على ما يعتبر في التواتر واما الثلاثة الباقية وهي تمام العشر فقد حكى الشهيد في الذكرى عن بعض الأصحاب المنع منه ثم رجح الجواز لثبوت تواترها
كتواتر السبع وقال المدقق الشيخ على بعد ما نقل ذلك وهذا لا يقصر عن ثبوت الاجماع بخبر الواحد وأورد عليه ان المقرر في الأصول اشتراط التواتر فيما يقرأ قرأنا ومجرد نقل
واحد ولو كان عدلا لا يفيد حصول التواتر ثم لا يخفى ان تواتر القراءات السبع مما قد نوقش فيه حتى قيل وليس المراد بتواتر السبع والعشر ان كلما ورد من هذه القراءات متواتر بل
المراد انحصار التواتر الان فيما نقل من هذه القراءات فان بعض ما نقل عن السبعة شاذ فضلا عن غيرهم لكن الظاهر أنه لا خلاف في جواز القراءة بها قال الشيخ أبو علي الطبرسي في
تفسيره الكبير الظاهر من مذهب الإمامية انهم اجمعوا على جواز القراءة بما يتداوله القراء بينهم من القراءات الا انهم اختاروا القراءة بما جاز بين القراء وكرهوا تجويد قرائة منفردة
والشائع في اخبارهم ان القران نزل بحرف واحد ثم ذكر في تأويل ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انزل القران على سبعة أحرف تأويلان ثانيهما ان المراد سبعة أوجه من القراءات وذكر ان الاختلاف
في القراءات على سبعة أوجه وفصل تلك الوجوه ثم نقل عن الشيخ السعيد أبي جعفر الطوسي قدس الله روحه ان هذا الوجه أصلح لما روى عنهم عليهم السلام من جواز القراءة بما
اختلف القراء فيه وقال المصنف في المنتهى أحب القراءات إلى ما قرأه عاصم من طريق أبي بكر بن عباس وطريق أبي عمرو بن العلا فإنها أولي من قرائة حمزة والكسائي لما فيهما من الادغام والإمالة
وزيادة المد كله تكلف فلو قرا به صحت صلاته بلا خلاف وكذا لا يجزي القراءة مع مخالفة ترتيب الآيات على الوجه المنقول بالتواتر لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه فان المتبادر
من قرائة الفاتحة مثلا قرائتها على ترتيبها ونظمها المعهودة واولى منه بعدم الأجزاء إذا خالف في ترتيب كلماتها فلو خالف الترتيب قال الشيخ لا صلاة له وذكر الفاضلان ومن
تبعهما انه يعيد الصلاة إن كان غامدا والقراءة إن كان ساهيا ما لم يتجاوز المحل ولعل مرادهم باستيناف القراءة استينافها على وجه يحصل معه الترتيب كما صرح به المصنف
في النهاية والحكم بوجوب إعادة الصلاة في صورة المخالفة عمدا مشكل لان المقرر على هذا الوجه وان لم يعد من القراءة المعتبرة في الصلاة لكنه لم يخرج عن كونه قراءنا فيشمله عموم
ما دل على جواز قرائة القران في الصلاة لابد لنفيه من دليل نعم يحتاج إلى التدارك وقال المصنف في النهاية لو قدم مؤخرا أو اخر مقدما عامدا بطلت قرائته وعليه الاستيناف
لاخلاله بالجزء الصوري فإن كان ساهيا عاد إلى الموضع الذي أخل منه بالترتيب فقراء منه ومراده من الاستيناف إعادة القراءة من رأس وهي مبنية على أن الاخلال بالموالاة
عامدا موجب لإعادة القراءة وسيجيئ تحقيقه وكذا لا يجزي القراءة مع قرائة السورة أو لا لوجوب السورة بعد الحمد على القائلين بوجوبها فلا يجزي قبله فلو قدم السورة عمدا
فظاهر الشيخ والمحقق عدم وجوب إعادة الصلاة وقد قطع جماعة من الأصحاب منهم المصنف بوجوب إعادة الصلاة استنادا إلى أنه فعل منهى عنه في العبادة وفيه نظر لأنه لو سلم كونه منهيا عنه
فإنه لا يلزم من ذلك الا بطلانها وعدم الاعتداد بها في الصلاة لا بطلان الصلاة بها ولو قدم السورة ناسيا فظاهر المصنف في عدة من كتبه انه يعيد الحمد والسورة فظاهر المحقق والشهيد في
الذكرى انه يعيد السورة وهو حسن على القول بوجوب السورة ولا مع الزيادة على سورة بعد الحمد فيما يجب فيه السورة واختلف الأصحاب في جواز القران بين سورتين في ركعة واحدة
من الصلاة فقال الشيخ في النهاية والمبسوط انه غير جايز بل قال في النهاية انه مفسد ونحو منه كلامه في الخلاف واليه ذهب المرتضى في الانتصار ونقل اجماع الفرقة إليه واختاره في المسائل المصرية الثالثة
أيضا ولكن نقل في التذكرة عن المرتضى القول بكراهة القران وذهب الشيخ في الاستبصار إلى الكراهة واختاره ابن إدريس والمحقق وجمهور المتأخرين لكن اختلف اختيار المصنف في
كتبه وقال ابن بابويه لا يفرق بين سورتين ولم ينص بتحريم ولا كراهة احتج الأولون بما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن الرجل يقرا السورتين في الركعة
273

فقال لكل سورة ركعة وعن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال لا تقرأ في المكتوبة بأقل من سورة ولا بأكثر ويؤيده ما رواه عن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) اقرا سورتين في ركعة
قال نعم قلت أليس يقال اعط كل سورة حقها من الركوع والسجود فقال ذلك في الفريضة فاما النافلة فليس به باس وان الصلاة المأتي بها بيانا من النبي صلى الله عليه وآله لا يخلوا عن أحد الامرين من
الوحدة أو التعدد لا محالة وأيهما كان تعين وجوبه ولما كان وجوب التعدد منفيا يلزم وجوب الوحدة وفيه نظر لأن هذه الروايات يجب حملها على الاستحباب جمعا بينها وبين ما دل
على الجواز كما سيأتي واشتمال صلاة النبي صلى الله عليه وآله على شئ لا يقتضي تعين وجوب ذلك الشئ على ما أومأنا إليه مرارا احتج القائلون بالاستحباب بما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت
أبا الحسن (ع) عن القران بين السورتين في المكتوبة والنافلة قال لا باس وفي الصحيح عن ابن بكير عن زرارة قال قال أبو جعفر (ع) انما يكره ان يجمع بين السورتين في الفريضة واما النافلة فلا باس و
التحقيق انه وقع التعارض بين الاخبار ويمكن الجمع بينها بوجهين أحدهما حمل (اخبار المنع على الاستحباب وثانيهما) اخبار الجواز على التقية ولعل للأول ترجيح ما والعمل بالاحتياط أولي واما الاستدلال على بطلان الصلاة
بان القارن غير آت بالمأمور به على وجهه فيبقى في عهدة التكليف فلتأمل فيه مجال قال الشيخ الفاضل ويتحقق القران بقرائة أزيد من سورة وان لم يكمل الثانية بل بتكرر السورة الواحدة
أو بعضها ومثله تكرار الحمد وفيه نظر لأنه ينافي تجويزهم العدول من سورة إلى أخرى ما لم يتجاوز النصف من غير خلاف ظاهر فيه وأيضا كثير من الروايات يدل على جواز قرائة أكثر
من سورة وقد مر نبذة من ذلك واما رواية منصور بن حازم فغير نقي السند قال بعض الأصحاب وكيف كان فموضع الخلاف قرائة الزائد على أنه جزء من القراءة المعتبرة في الصلاة
إذ الظاهر أنه لا خلاف في جواز القنوت ببعض الآيات واجابه المسلم بلفظ القران والاذن للمستأذن بقوله ادخلوها بسلام ونحو ذلك واعلم أن محل الخلاف فريضة واما النافلة
فلا خلاف في جواز القران ويدل على ذلك رواية زرارة السابقة وغيرها من الروايات منها ما رواه الشيخ باسناد معتبر عن عبد الله ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس ان تجمع في
النافلة من السور ما شئت وعن محمد بن القسم قال سألت عبدا صالحا (ع) هل يجوز ان يقرا في صلاة الليل فاقرأ السورتين والثلاث وما كان من صلاة النهار فلا تقرأ الا بسورة سورة
وفيه دلالة على رجحان ترك القران في النافلة النهارية واستثنى من الفريضة في الحكم الذي ذكر صلاة الكسوف لما سيجئ من تعدد السورة فيها ويجب الجهر بالقراءة في الصبح وأوليي
المغرب وأوليي العشاء والاخفات في البواقي وهي الظهران مطلقا وأخيرة المغرب وأخيرة العشاء المشهور بين الأصحاب ما ذكره المصنف وانه يبطل الصلاة بتركه عالما عامدا ونقل الاجماع
عليه الشيخ في الخلاف وابن زهرة في الغنية والمنقول عن السيد المرتضى (ره) انه من وكيد السنن وعن ابن الجنيد والقول باستحبابهما وقال ابن إدريس لا خلاف بيننا في أن الصلاة الاخفاتية
لا يجوز الجهر فيها بالقراءة مع أنه قال في موضع اخر والجهر فيما يجب الجهر فيه واجب على الصحيح من المذهب ونقل الخلاف فيه عن السيد حجة المشهور ما رواه الشيخ وابن بابويه في الصحيح عن
زرارة عن أبي جعفر (ع) في رجل جهر فيما لا ينبغي الجهر فيه أو اخفى فيما لا ينبغي الاخفاء فيه فقال اي ذلك فعل متعمدا فقد نقض صلاته وعليه الإعادة وان فعل ذلك ناسيا أولا
يدري فلا شئ عليه وقد تمت صلاته والاستدلال بهذا الخبر على تفصيل مواضع الجهر والاخفات بمعونة ان المذكور من المواضع التي لا ينبغي الاجهار فيها والتي لا ينبغي الاخفاء
فيها معلوم من خارج بغير نزاع وان النبي صلى الله عليه وآله كان يذام على هذا فيجب للامر بالتأسي أو لكونه بيانا للمجمل ويرد عليه ان الرواية معارضة بالرواية الآتية ومداومة النبي صلى الله عليه وآله لا يقتضي الوجوب
كما ذكرناه مرارا حجة القول الآخر ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل يصلي الفريضة ما يجهر فيه بالقراءة هل عليه ان لا يجهر قال إن شاء
جهر وان شاء لم يجهر قوله هل عليه ان لا يجهر معناه هل عليه في ذلك من حرج أم لا وحملها الشيخ على التقية لموافقتها لمذهب العامة قال المحقق في المعتبر وهو تحكم من الشيخ فان بعض الأصحاب
لا يرى وجوب الجهر بل يستحبه مؤكدا وحملها بعضهم على الجهر العالي وهو بعيد والمسألة محل اشكال لوقوع التعارض بين الخبرين مع صحة اسنادهما ويمكن الجمع بينهما بوجهين
أحدهما حمل الخبر الأول على الاستحباب بان يجعل نقص بالصاد المهملة لعدم الانضباط في أمثال ذلك أو يجعل بالضاد المعجمة ويكون ذلك مبنيا على تأكد الاستحباب وكذا الامر
بالإعادة وثانيهما حمل الخبر الثاني على التقية ويرجحه شهرة مدلول الخبر الأول بين الأصحاب ومخالفته للعامة ويؤيده ما رواه ابن بابويه في الفقيه باسناد معتبر عن ابن أبي عمير عن
محمد بن حمران انه سأل أبا عبد الله (ع) فقال لأي علة تجهر في صلاة الجمعة وصلاة المغرب وصلاة العشاء الآخرة وصلاة الغداة وسائر الصلوات الظهر والعصر لا يجهر فيهما لان النبي (ص)
لما اسرى به إلى السماء كان أول صلاة فرض الله عليه الظهر يوم الجمعة فأضاف الله عز وجل إليه الملائكة تصلي خلفه وامر نبيه صلى الله عليه وآله ان يجهر بالقراءة ليبين لهم فضله ثم فرض عليه
العصر ولم يضف إليه أحدا من الملائكة وأمر ان يخفى القراءة لأنه لم يكن ورائه (احده) ثم فرض عليه المغرب وأضاف إليه الملائكة فأمره بالاجهار وكذلك العشاء الآخرة فلما كان قرب الفجر
نزل ففرض الله عز وجل عليه الفجر فأمره بالاجهار ليبين للناس فضله وكماله كما بين الملائكة فلهذه العلة يجهر فيها وأورده في كتاب العلل باسناد أخرى وباسناده عن الفضل بن شاذان
في ذكر العلة التي من اجلها جعل الجهر في بعض الصلوات دون بعض ان الصلوات التي يجهر فيها انما هو في أوقات مظلمة فوجب ان يجهر فيها ليعلم المار ان هناك جماعة فان أراد
ان يصلي صلى لأنه ان لم ير جماعة علم ذلك من جهة السماع والصلاتان اللتان لا يجهر فيهما انما هما بالنهار في أوقات فريضة فهي تعلم من جهة الرؤية فلا يحتاج فيها إلى السماع و
يرجح الأول وضوح دلالة الخبر الثاني على التوسعة وعلو اسناده واعتضاده بظاهر القران قال الله تعالى ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا إذ ليس المراد والله
تعالى اعلم النهى عن حقيقة الاجهار والاخفات إذ لا واسطة بينهما بل المراد بها النهى عن الجهر العالي والاخفات الشديد والاخر بالمتوسط بينهما وهو شامل للجهر والاخفات بالمعنى
الذي هو محل البحث والآية وان قيل في تفسيرها وجوه متكثرة لكن الترجيح لما ذكرنا فمن تلك الوجوه ان المعنى لا يجهر (لا تجهر) بإشاعة صلاتك عند من يؤذيك ولا تخافت بها عند من يلتمسها
منك ومنها لا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها كلها وابتغ بين ذلك بان تجهر في صلاة الليل وتخافت في صلاة النهار ومنها ان يكون المراد بالصلاة الدعاء ومنها ان يكون
خطابا لكل واحد من المكلفين أو من باب إياك أعني واسمعي يا جاره اي لا تعلنها اعلانا يوهم الرياء ولا تسترها بحيث يظن بك تركها وانما قلنا برجحان المعنى الذي ذكرناه لنحو بعد في المعاني
الأخر إما الأول والرابع فان الاجهار والاخفات صفتان يعقبان القراءة واستعمالهما في غيرهما على ضرب من التوسع كما أومأ إليه صاحب الكشاف ويستفاد من كلام أهل اللغة ان
الاخفات مخصوص بالألفاظ حقيقة فيقع التردد بين حذف المضاف والقرينة عليه ما ذكر وارتكاب المجاز في اطلاق لفظ الاخفات وليس للثاني ترجيح فان قلنا ترجيح الأول فذاك وان
تمسكنا في ترجيحه بما سيجيئ من الخبرين واما الثاني فلان الظاهر أن متعلق النهي فيهما واحد مع أن هذا المعنى يستلزم الاجمال والبيان يرجح عليه واما الثالث فلان الآية على هذا
المعنى ينافي قوله تعالى ادعوا ربكم تضرعا وخفية وما يدعى من النسخ لم يثبت مع كونه خلاف الأصل على أن دعوى تبادر الأركان المخصوصة عن لفظ الصلاة غير بعيد ويرجح ما
ذكرناه ما رواه الشيخ باسناد معتبر عن سماعة قال سألته عن قول الله عز وجل ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها قال المخافتة ما دون سمعك والجهر ان ترفع صلاتك شديدا و
روى الكليني باسناد فيه شئ عن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله (ع) على الامام ان يسمع من خلفه وان كثروا فقال ليقرأ قرائة وسطا يقول الله تبارك الله تبارك وتعالى ولا تجهر
بصلاتك ولا تخافت بها وبهذه الرواية وظاهر الرواية الأولى يرتفع احتمال الاختصاص بالنبي صلى الله عليه وآله ومما يؤيد عدم وجوب الجهر والاخفات ظاهر قول الإمام (ع) في صحيحة محمد بن
مسلم السالفة لا صلاة الا ان يقرأ بها في جهر أو اخفات وحملها على أن المراد لا صلاة الا ان يقرأ بها سواء كان في صلاة جهرية أو اخفائية خلاف الظاهر وفي رواية أخرى
لا صلاة الا ان يبدأ بها في جهر أو اخفات وقوله (ع) في صحيحة الحلبيين نعم ان شاء سرا وان شاء جهرا بعد سؤال السائل من قرائة البسملة لان كل من قال بوجوب الجهر في القراءة قال
بوجوبه في البسملة كما قال المصنف في المنتهى فان قلنا بترجيح أحد الجانبين كان العمل بمقتضاه والا تعين المصير إلى مقتضى القول المشهور تحصيلا للبرائة اليقينية وينبغي التنبيه على أمور الأول
274

الظاهران الجهر والاخفات حقيقتان متضادتان لا يتصادقان في محل واحد كما صرح به المصنف في النهاية وربما يظن خلاف ذلك وهو توهم واما تفسيرهما فقال المصنف في التذكرة أقل الجهر ان
يسمع غيره القريب تحقيقا أو تقديرا وحد الاخفات ان يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سميعا باجماع العلماء ولان مالا يسمع لا يعد كلاما ولا قراءة وقريب منه كلام المحقق في
المعتبر وقال في المنتهى أقل الجهر الواجب ان يسمع غيره القريب أو يكون بحيث يسمع لو كان سامعا بلا خلاف بين العلماء والاخفات ان يسمع نفسه أو بحيث يسمع لو كان سامعا وهو
وفاق لان الجهر هو الاعلان والاظهار وهو يتحقق بسماع الغير القريب فيكتفي به والاخفات السر وانما حددناه بما قلناه لان ما دونه لا يسمى كلاما ولا قرانا وما زاد عليه يسمى
جهرا وبنحو ما ذكر فسرهما في سائر كتبه وكذا الشهيد وقال ابن إدريس وادنى حد الجهر ان يسمع من عن يمينك أو شمالك ولو على صلاته فوق ذلك لم يبطل صلاته وحد الاخفات
أعلاه ان يسمع أذناك القراءة وليس له حد أدنى بل إن لم تسمع اذناه القراءة فلا صلاة له وليس له حد أدنى بل إن لم تسمع اذناه القراءة فلا صلاة له وان سمع من عن يمينه
أو شماله صار جهرا إذا فعله عامدا بطلت صلاته وقال المدقق الشيخ في شرح القواعد وينبغي ان يزاد في الجهر قيدا اخر وهو تسميته جهرا عرفا وذلك بان يتضمن اظهار الصوت
على الوجه المعهود وقال في تفسير الاخفات ولابد من زيادة قيد اخر تسميته مع ذلك اخفاتا بان يتضمن اخفاء الصوت وهمسه قال وليس المراد اسماع نفسه خاصة لان بعض الاخفات
قد يسمعه القريب ولا يخرج بذلك عن كونه اخفاتا وقال الشارح الفاضل أقل السر ان يسمع نفسه لاغير وأقل الجهر ان يسمع من قرب منه إذا كان صحيح السمع مع اشتمال القراءة على الصوت
الموجب لتسميته جهرا عرفا وقريب منه كلامه في الروضة والمسالك وقال الفاضل الأردبيلي بعد تفسير نقل المصنف الظاهر أنه لابد مع ذلك من انضمام العرف بان سمى جهرا أو اخفاتا
وقيل لابد من ظهور جوهر الحروف وعدمه ليتحقق التباين الكلي ولا يخفى ان كلام هؤلاء الفضلاء الثلاثة مخالف لما نقلناه عن الفاضلين وابن إدريس مع ادعاء الفاضلين
الاجماع عليه لكنه مرتبط بالدليل فإنه قد يسمع القريب ولا يسمى جهرا عرفا والإحالة إلى العرف هي الحكمة في أمثال هذه الأحكام مع أن ضبط التحديد الذي ذكروه يقتضي إلى
العسر والضيق الشديد غالبا والحال انه لم يعهد بهم (ع) المضائقة في أمثال هذا الا انك فقد سمعت ان دعوى الفاضلين الاجماع على التحديد الذي ذكر أكان التعدي عنه في
غاية الاشكال ثم الدليل على أن أقل الاخفات المجزي ان يسمع نفسه ظاهر الآية على التفسير الراجح المعتضد
بخبري سماعة وابن سنان وما رواه الكليني والشيخ عنه في الحسن عن زرارة
عن أبي جعفر (ع) قال لا يكتب من القراءة والدعاء الا ما اسمع نفسها إذ الظاهر من السماع سماع جواهر الحروف والظاهر أنه لا خلاف في هذا الحكم وقد سمعت نقل الاجماع عليه فتعين
التأويل فيما خالفه وهو ما وراه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال سألته عن الرجل يصلح له ان يقرأ في صلاته ويحرك لسانه بالقراءة في لهواته من غير أن يسمع
نفسه قال لا باس ان لا يحرك لسانه يتوهم توهما وحملها الشيخ على من كان مع الامام لا يقتدي به في الصلاة ويخاف من اسماع نفسه القراءة واسند فيه بما وراه في الصحيح عن محمد بن
أبي حمزة عمن ذكر عن أبي عبد الله (ع) قال يجزيك عن القراءة معهم مثل حديث النفس وقريب منها ما رواه في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يصلي خلف من لا
يقتدى بصلاته والامام يجهر بالقراءة قال اقرا لنفسك وان تسمع نفسك فلا باس اوردها الشيخ في التهذيب في احكام الجماعة ولا يخفى بعد التأويل الذي ذكره الشيخ الا انه لا
معدل عن ارتكاب التأويل في الخبر المذكور بعد مخالفته للاخبار الأولة وغيرها من الأخبار الدالة على وجوب القراءة والاتفاق عليه وتوقف اليقين بالامتثال عليه واما ما
رواه المشايخ الثلاثة بأسانيد مختلفة صحيحة عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) هل يقرا الرجل في صلاته وثوبه على فيه قال لا باس بذلك إذا اسمع اذنيه الهمهمة فلا ينافي ما ذكرناه لان
الهمهمة الصوت الخفي على ما قاله صاحب القاموس ولا يعتبر فيه عدم الفهم وإن كان كلام ابن الأثير يقتضيه الثاني وجوب الجهر في موضعه مختص بالرجال ولا جهر على النساء قال الفاضلان
والشهيدان عليه اجماع العلماء لكن لا تقتصر في الاخفات عن اسماع نفسه ولو جهرت ولم يسمعها الأجنبي فالظاهر الجواز لحصول الامتثال ولو سمعها الأجنبي فالمشهور بين المتأخرين بطلانها
للنهي في العبارة (العبادة) المستلزم للفساد وهو مبني على أن صو ت المرأة الأجنبية عورة ولم يظهر إلى الان دليله وما يقال من أنه يجوز ان يكون النهى هيهنا راجعا إلى الزيادة في الحركة بحيث
يحصل الجهر والقراءة الواجبة يتحقق بدونه فكان النهى في غير العبادة فضعيف جدا ثم الظاهر من كلامهم حيث خصوا استثناء حكم المراة بالجهر وجوب الاخفات في موضعه عليه ولم
اطلع على تصريح منهم بذلك وربما اشعر بعض عباراتهم بثبوت التخيير لها مطلقا وقال الفاضل الأردبيلي (ره) ولا دليل على وجوب الاخفات على المراة في الإخفائية والامر على ما ذكره
لولا أن اليقين بالبرائة عن التكليف يقتضي وجوب اخفاتها وهل الخنثى كالرجل أو كالمرأة فيه قولان الثالث حكم القضاء حكم الأداء في وجوب اعتبار الجهر والاخفات والظاهر أنه
لا خلاف فيه بين الأصحاب الرابع ذهب الأصحاب إلى أن جاهل الحكم معذور في الجهر والاخفات ويدل عليه صحيحة زرارة السابقة ولو ذكر في أثناء القراءة لم يجب عليه الاستيناف صرح
به المصنف ويمكن استنباطه من الصحيحة المذكورة الخامس قال في المنتهى يستحب للامام ان يجهر بقرائته بحيث يسمعه المأموم ما لم يبلغ صوته العلو المفرط وهو اجماع العلماء كافة يدل
عليه الاخبار السادس الجهر انما يجب في القراءة خاصة ولا يجب في شئ من اذكار الصلاة ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أبي الحسن موسى (ع) قال سألته عن الرجل ان قال (لم)
يجهر بالتشهد والقول بالركوع والسجود والقنوت قال انشاء جهر وان شاء لم يجهر نعم يستجب للامام الجهر لما سيجئ السابع يستحب في صلاة الليل الاجهار وفي صلاة النهار
الاخفات لما رواه الشيخ عن ابن فضال عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله قال السنة في صلاة (النهار) بالاخفاء والسنة في صلاة الليل بالاجهار ونقل في المنتهى اتفاق الأصحاب عليه ويجب
اخراج الحروف من مواضعها المنقولة بالتواتر وهو مشهور في كلام الأصحاب ولم يحضرني مخالف من الأصحاب فيه فلو اخرج حرفا من مخرج غيره كالضاد الذي مخرجه أول حافة اللسان وما يليها
من الأضراس بخروجه من مخرج الظاء وهو ما بين طرف اللسان والطرف الأدنى من الثنايا بطلت الصلاة واما مراعاة الصفات المقررة في العربية كالجهر والهمس والاستعلاء و
الاطباق ونظائرها فظاهرهم عدم وجوب مراعاتها والبسملة في أول الحمد وأول السورة عدا سورة البراءة لكونها جزاء من السورة والآتيان بالكل يستلزم الاتيان بكل جزء منه واما (كونها جزء)
من الحمد ومن كل سورة فقال في المنتهى انه مذهب فقهاء أهل لبيت عليهم السلام ونقل اجماعنا عليه الشهيد أيضا في الذكرى وهو ظاهر المحقق في المعتبر لكن نقل الشهيد في الذكرى عن ابن
الجنيد انه يرى أن البسملة في الفاتحة بعضها وفي غيرها افتتاح لها لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن السبع المثاني والقرآن العظيم هي الفاتحة قال
نعم قلت بسم الله الرحمن الرحيم من السبع قال نعم هي أفضلهن واستدل عليه أيضا بما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان قال صليت خلف أبي عبد الله (ع) أياما وكان يقرأ في الفاتحة الكتاب بسم الله
الرحمن الرحيم فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم الله الرحمن الرحيم واخفى ما سوى ذلك ولا يخفى عدم دلالتها على المدعا بوجه وبما رواه باسناد لا يخلو عن ضعف لمكان
محمد بن عيسى عن يونس عن معوية بن عمار قال قلت لأبي عبد الله (ع) إذا قمت للصلاة اقرا بسم الله الرحمن الرحيم في فاتحة الكتاب قال نعم قلت فإذا قرأت فاتحة الكتاب اقراء بسم الله الرحمن
الرحيم مع السورة قال نعم وهذه الرواية أيضا غير دالة على المدعا وبرواية يحيى بن عمران السالفة وقد عرفت ما في دلالتها وبان الله تعالى قال ولقد أتيناك سبعا من المثاني
قال المفسرون انها الفاتحة وانما يكون سبعا بالبسملة وفيه طريق للتأمل وبان السلف حافظوا على اثباتها في المصاحف مع مبالغتهم على تجريد القران من غيرها وهذا دال
على كونه أية من القران في المواضع المثبتة فيه كما هو أحد الأقوال لا انها جزء من السورة واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون إماما
فيستفتح بالحمد ولا يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم فقال ليضره ولا باس به فمحمول على حال التقية جمعا بين الأدلة ويجوز ان يكون محمولا على النسيان وابن الجنيد يحتمل ان يكون مستنده
الخبرين السابقين الدالتين على عدم وجوب البسملة مع السورة ولا دلالة لهما على عدم كون البسملة جزء من السورة لجواز ابتنائها على عدم وجوب السورة والموالات بان لا يقرأ
275

من غيرها ولا يسكت بحيث لا يعد قاريا ويجوز له ان يقطع القراءة بسكوت ودعاء وثناء ولا يخرج به عن اسم القاري قال في المنتهى لا نعرف فيه خلافا بين الأصحاب وقد نص الشيخ ومن
تبعه على أنه لا يقدح في الموالاة الدعاء بالمباح وشوال الرحمة والاستعاذة من النقمة عند أيتهما ورد السلام والحمد عند العطسة ونحو ذلك وسيجيئ لذلك زيادة تفصيل و
بيان انشاء الله ووجوب الموالاة مشهور بين الأصحاب ذكره الشيخ ومن تبعه واستدل عليه بان النبي صلى الله عليه وآله يفعله فيكون واجبا ببعض التقريبات التي أشرنا إليه مرارا ويرد عليه انه لم يثبت ما
ادعاه من فعل النبي صلى الله عليه وآله وعدم النقل ليس دليل لعدم سلمنا لكن لا يلزم الوجوب كما أشرنا إليه مرارا ويمكن الاستناد فيه إلى قاعدة وجوب تحصيل اليقين بالبرائة لكن عموم
ما دل على جواز قرائة القران في أثناء الصلاة يضعف التمسك بها وإذا وجب الموالاة فيعيد القراءة لو قراء خلالها اطلاق العبارة يشمل صورتي العمد والنسيان و
هو موافق لما ذهب إليه المحقق في الشرايع واختاره الشهيد في الدروس وفي المسألة قولان آخران أحدهما بطلان الصلاة في صورة العمد وبطلان القراءة في صورة النسيان و
إليه ذهب المصنف في القواعد وهو ظاهر كلامه في التحرير واختاره الشهيد في الذكرى والمدقق الشيخ على وثانيهما استيناف القراءة في صورة العمد والبناء على ما مضى منها في صورة
النسيان وهو قول الشيخ في المبسوط واختاره المصنف في التذكرة ونهاية حجة الأول ان الموالاة شرط الصحة القراءة وإذا انتفى الشرط انتفى المشروط إما الثانية فظاهرة واما الأولى
فلما ثبت من فعل النبي صلى الله عليه وآله وأنت خبير بما فيه حجة القول الثاني إما على بطلان الصلاة في صورة العمد فهي ان القراءة على هذا الوجه منهى عنها لوجوب الموالاة فتكون مفسده للصلاة
وتوجيهه بعد تسليم وجوب الموالاة فان قرائة الشئ خلالها كلام منهى عنها وقد ثبت ان الكلام بحرفين عامدا وجب لبطلان الصلاة وما دل على جواز قرائة القران
في أثناء الصلاة لا يشمل هذا بعد تسليم تحريمه لكن الشأن في اثباته واما بطلان القراءة في صورة النسيان فدليله ما مر في حجة القول الأول واما القول الثالث فحجته غير
واضحة والمسألة عندي محل اشكال ولو نوى القطع اي قطع القراءة وسكت أعاد قال الشيخ في المبسوط وان نوى ان يقطعها ولم يقطعها بل قرائها كانت صلاته ماضيه وان نوى
قطعها ولم يقرأ بطلت صلاته ويرد عليه ان السكوت إما ان يكون منافيا للصلاة أم لا فعلى الأول كان البطلان مستندا إليه من غير افتقار إلى انضمام القصد إليه وعلى الثاني
لا يلزم بطلان الصلاة لأنه اباء مستند البطلان إلى نية قطع القراءة أو إلى السكوت أو إلى المجموع لا سبيل إلى الأول لان قطع القراءة إما ان يكون منافيا للصلاة أم لا وعلى
الثاني كيف يكون نية منافية للصلاة وعلى الأول انما يستقيم استناد البطلان إليه على قول من يجعل نية المنافي مبطلا للصلاة والشيخ لا يقول به ولا إلى الثاني لأن المفروض عدم
منافاة القطع للصلاة ولا إلى الثالث لبعد تأثير الاجتماع في ذلك وفي المسألة قول اخر وهو انه بعيد القراءة في الصورة المذكورة وهو قول المحقق وكلام المصنف يحتمل القولين
وتفصيل المقام ان نية قطع القراءة إما بان يقصد عدم الرجعة إليها أم لا فعلى الأول فهي في قوة نية قطع الصلاة أو نية المنافي لها فيبنى على كون ذلك مبطلا للصلاة
أم لا فان قلنا بالأول يلزم البطلان سواء انضم إليه سكوت أم لا وان قلنا بالثاني فإن كان معه سكوت طويل يخرج به عن كونه قاريا فيلزم منه إعادة القران بناء على ما قطع به المتأخرون
من أن السكوت المذكور موجب لبطلان القراءة وإن كان السكوت قليلا لم يضر وعلى الثاني فان سكت طويلا على الوجه المذكور وكان حكمه ما ذكر والا قرأ الباقي وصحت فظهر ان لقول
بان مجرد نية قطع القراءة مبطل لها لا يخلو عن بعد واطلاق كلام المصنف يقتضي عدم الفرق في نية القطع بين ان ينوي قطعها ابدا وبنية العود وفي السكوت بين الطويل والقصير
والاشكال في هذا الاطلاق ثابت بخلاف ما لو فقد أحدهما فلو نوى القطع ولم يسكت فيجرى فيه بعض التفاصيل السابقة ويعلم حكمه مما قد بيناه وان سكت بدون النية فإن كان
سكوتا طويلا يخرج به عن كونه قاريا مصليا فيلزم بطلان الصلاة على ما صرح به المتأخرون وإن كان سكوتا طويلا يخرج به عن كونه قاريا فيلزم بطلان القراءة عندهم وإن كان
سكوتا قليلا لم يضر وأدلة هذه الأحكام غير واضحة عندي وربما يستشكل حكم المصنف بان نية القطع غير ضار بناء على أن ناوي قطع القراءة إذا قرا كانت قرائته غير محسوبة من الصلاة
وان كل فعل من أفعال الصلاة وان لم يحتج إلى نية يخصها لكن يشترط عدم وجود نية تنافيها وفيه ان نية القطع لا يستلزم ان يكون المقرر بنية المنافي لجواز الرجوع إلى النية
الصحيحة قال الشهيد في الذكرى من سكت في أثناء القراءة بما يزيد عن العادة فإن كان لأنه اربح عليه فطلب التذكر لم يضر الا ان يخرج عن كونه مصليا وان سكت عمدا لا لحاجة
حتى خرج عن كونه قاريا استأنف القراءة وتقيده بالعمد يدل على أن حكم السهو عنده غير ذلك وظاهر المصنف استواء الحكم في الصورتين وأدلة الكل غير واضحة عندي لفقد النص وعدم استقلال
العقل في أمثال هذه الأحكام والعمل بالاحتياط في أمثالها وقد نبهناك عليه مرارا ويحرم العزايم الأربع في الفرايض هذا مذهب أكثر الأصحاب ونقل عن المرتضى والشيخ وابن زهرة
والمصنف في الانتصار والخلاف والغنية والنهاية اتفاق الأصحاب عليه وخالف فيه ابن الجنيد فقال لو قراء صورة من العزايم في النافلة سجد وإن كان في فريضة أومأ فإذا فرغ قراها و
سجد حجة المشهور ما رواه الشيخ عن زرارة عن أحدهما (ع) قال لا تقرأ في المكتوبة بشئ من العزايم فان السجود زيادة في المكتوبة وما رواه في الصحيح عن عثمن بن عيسى عن سماعة قال من قرأ اقرأ
باسم ربك فإذا ختمها فليسجد فإذا قام فليقرأ فاتحة الكتاب وليركع قال وان ابتليت بها مع امام لا يسجد فيجزيك الايماء والركوع ولا تقرأ في الفريضة اقراء في التطوع و
استضعف الروايتان إما الأولى فلمكان ابن بكير والقسم بن عروة في الطريق وفيه انا قد أشرنا مرارا إلى صحة الاعتماد على ابن بكير واما القسم فيمكن الاعتماد عليه أيضا بالتقريب
الذي أشرنا إليه مرارا في كتاب الطهارة واما الثانية فلمكان عثمن بن عيسى وسماعة ان الخبر موقوفة وقد مر في المباحث السابقة ما يفي بدفع هذا الكلام وبالجملة التوقف
في العمل بمثل هذين الخبرين المعمولين عند الأصحاب ويسجد قال يسجد إذا ذكر إذا كانت من العزايم وفي الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال سألته عن إما م قرأ السجدة
فأحدث قبل ان يسجد كيف يصنع قال يقدم غيره فيشهد ويسجد وينصرف هو وقد تمت صلاتهم وفي الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) انه سأ ل عن الرجل يقرا بالسجدة
في اخر السورة قال يسجد ثم يقوم يقرأ فاتحة الكتاب ثم يركع ويسجد وحملها الأصحاب على أن النوافل وهو متجه في الخبر الأول والثالث بلا بعد إذ ليس في كلام السائل ما
يدل على وقوعه في الفريضة حتى يلزم من تقرير الإمام (ع) جوازه دون الخبر الثاني إذ الإمامة في غير الفريضة نادرة جدا وحينئذ يقع التعارض بين هذا الخبر وبين الأولين ويمكن
الجمع بوجهين أحدهما حمل الخبرين الأولين على الفضيلة ويعضده ما رواه الحميري في كتاب قرب الإسناد باسناده عن علي بن جعفر قال سألته عن الرجل يقرأ في الفريضة سورة و
النجم أيركع بها أو يسجد ثم يقوم فيقرا فاتحة الكتاب ويركع ولا يعود يقرأ في الفريضة بسجدة وثانيهما حمل الخبر على صورة يكون الامام مخالفا فان الاقتداء في الصلاة بالمخالفين
على سبيل التقية كان شائعا في زمن الأئمة عليهم السلام ويؤيده اعتضاد الخبرين الأولين بالشهرة بين الأصحاب وقاعدة تحصيل البراءة اليقينية ولزوم كون العبارة راحجة و
على هذا ينبغي ارتكاب التأويل في رواية علي بن جعفر الأخيرة بالحمل على الناسي ومما ذكرنا يظهر ما يصلح حجة لابن الجنيد وربما يحمل كلامه على أن المراد بالايماء ترك قرائة السجدة
مجازا وهو مناسب لما ذهب إليه ابن الجنيد من عدم وجوب السورة لكن اطلاق الايماء على هذا المعنى بعيد جدا ومن حجج القول المشهور ان قرائة العزيمة مستلزمة لاحد محذورين
إما ترك السجدة الواجبة واما زيادة السجدة في الصلاة وكلاهما محرمان فيكون قرائة العزيمة محرمة وصحة هذا الاستدلال موقوفة على أن السجدة بعد العزيمة واجبة فورية مطلقا
بحيث يحصل الفصل القليل وعلى ان زيادة السجدة في الصلاة محرمة مطلقا واثبات الامرين لا يخلو عن اشكال لا يقال قد ثبت في مسألة المتوسط في الأرض المغصوبة ان الخروج واجب
عليه وليس محرما ولا يمكن ان يكون أمر واحد متعلقا للايجاب والتحريم معا فعلى تقدير قرائة العزيمة كان أحد الامرين من السجدة أو تركها متعلقا للتكليف دون مقابله فلو
سلمت المقدمتان الممنوعتان لا يلزم المدعا وهو تحريم قرائة العزيمة لأنها غير مستلزمة للحرام بناء على ما ذكرنا ولاوجه لتحريمه سوى ذلك لأنا نقول قد يكون الشئ حراما مطلقا وواجبا
276

مشروطا ولا منافاة بينهما وكذلك قد يكون الشئ واجبا مطلقا وحراما مشروطا ولا منافاة بينهما فعلى التقدير تسليم
المقدمتين الممنوعتين كان السجود الزائد في الصلاة مثلا حراما
مطلقا وتركه مشروط شرعا بترك قرائة العزيمة ومقدمة الواجب واجبة فيكون ترك العزيمة واجبا ثم إن خالف الواجب وقرا العزيمة أمكن وجوب السجود عليه حينئذ إذ لا منافاة
بين التحريم المطلق والوجوب المشروط وذلك غير مناف لتحريم الشرط وتحريم السجود تحريما مطلقا لا يستلزم تحريمه على تقدير قرائة العزيمة وعدمه هذا هو الكلام في تحريم العزيمة
في الصلاة وقد صرح المصنف ومن تبعه من المتأخرين ببطلان الصلاة بها ولم أجد تصريحا لاحد من القائلين بالتحريم بعدم البطلان ويمكن توجيه الاستدلال على البطلان بعد القول
بالتحريم بوجهين الأول ان قرائة العزيمة منهى عنها والنهى في العبادة مستلزم للفساد وغاية ما يلزم منه بطلان قرائة تلك السورة وعدم الاعتداد بها في الصلاة مع جواز التدارك
بقرائة سورة أخرى فلا يلزم بطلان الصلاة فهذا الاستدلال لا يتم الا على القول بوجوب السورة وتحريم القران الثاني إذا قرأ سورة العزيمة فاما ان يسجد أو يركع فعلى الأول
يلزم زيادة السجدة وهي يستلزم بطلان الصلاة وعلى الثاني يلزم بطلان ركوعه لأنه مأمور بضده أعني السجود ويرد عليه ان للتعيين عليه في الصور المفروضة أحد الامرين من
السجود أو تركه لامتناع التكليف بالضدين فيجوز ان يكون المأمور به الركوع ولا يلزم بطلانه لأنه غير مأمور بضده ويجوز ان يكون المأمور به السجود ولا يلزم بطلان الصلاة المنع
ان الزيادة السجود مطلقا موجبة لبطلان الصلاة ويمكن توجيهه بوجه آخر وهو ان يقال إذا ثبت تحريم قرائة العزيمة كانت مبطلة للصلاة بمقتضى العمومات الدالة على أن تعمد الكلام
في الصلاة مبطل لها فاخرج عنها ما جاز من القران والدعاء فيها بمقتضى العمومات الدالة عليه فيبقى غير ذلك داخلا في عموم المنع وقد يحكم ببطلان الصلاة بمجرد الشروع
فيها وان لم يبلغ موضع السجدة وهو ضعيف إذ لم يثبت ان الزيادة على سورة في الصلاة مبطلة ومما يؤيد ذلك ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل يقرأ
في المكتوبة سورة فيها سجدة من القران فقال إذا بلغ موضع السجدة فلا تقرأها وان أحب ان يرجع فيقرأ سورة غيرها ويدع التي فيها السجدة فيرجع إلى غيرها قال المحقق في المعتبر
والتحقيق فان قلنا بوجوب سورة مضافة إلى الحمد وحرمنا الزيارة لزم المنع من قرائة سورة العزيمة وان أخبرنا أحدهما لم يمنع ذلك إذا لم يقرأ موضع السجود قال في الذكرى
بعد نقل هذا الكلام من المعتبر قلت وكذا لو لم توجب السجود في الحال لمانع يمنع منه وهو المتلبس بالصلاة التي ينافيها زيادة السجود لم يحكم بالبطلان كما قاله ابن الجنيد وفي
بعض الروايات ايماء إليه مثل رواية أبي بصير عن الصادق (ع) ان صليت مع قوم قرأ الامام اقرا باسم ربك أو شيئا من العزايم وفرغ من قرائته ولم يسجد فاوم ايماء ولا يخفى ان
هذه الرواية معتبرة اوردها الشيخ في التهذيب لكن لا يستفاد منه جواز قرائة العزيمة وتأخير السجود حينئذ انما المستفاد منه جواز تأخير السجود عند سماعها من الغير قال الشهيد في الذكرى
لو قرا العزيمة سهوا في الفريضة ففي وجوب الرجوع عنها ما لم يتجاوز النصف وجهان مبنيان على أن الدوام كالابتداء أولا والأقرب الأول وان تجاوز ففي جواز الرجوع
وجهان أيضا من تعارض عمومين أحدهما المنع من الرجوع هنا مطلقا والثاني المنع من زيادة سجدة وهو أقرب وان منعناه أومأ بالسجود ثم ليقضها ويحتمل وجوب الرجوع ما لم يتجاوز
السجدة وهو أقرب انتهى ولا يخفى ان الحكم بجواز الرجوع بعد تجاوز النصف غير بعيد كما اختاره المصنف في النهاية لموثقة عمار السابقة ولا ينافيه الأخبار المانعة من العدول لان
الخاص مقدم على العام وإذا أتم السورة ناسيا فظاهر الشهيد انه يؤمي ثم يقضي وبه قطع الشارح الفاضل والمصنف في النهاية حيز بين الايماء والقضاء وقال ابن إدريس مضى في صلاته ثم
قضى وفي الكل اشكال لصراحة بعض الأخبار السابقة في أنه يسجد في أثناء الصلاة مع أنهم يقولون بالفورية ولا دليل على سقوطه بالايماء ولو استمع في الفريضة قال المصنف
في النهاية أومأ أو سجد بعد الفراغ ودليله غير واضح وقرب المصنف تحريم الاستماع في الفريضة كالقراءة وفيه تأمل ويجوز قرائة العزيمة في النوافل فيجب السجود ثم يقوم فيتم القراءة فلو
كانت السجدة اخر السورة استحب له بعد القيام قرائة الحمد ليركع عن قرائة لرواية الحلبي المتقدمة وقال الشيخ يقرأ الحمد وسورة أو آية معها ولو نسى السجدة حتى ركع سجد إذا ذكر لصحيحة
محمد بن مسلم السابقة ولو كان مع امام ولم يسجد امامه ولم يتمكن من السجدة أومأ لروايتي سماعة وأبي بصير المتقدمتين وكذا يحرم ما يفوت الوقت بقرائته وهذا انما يتم على
القول بوجوب السورة وتحريم الزائد فإنه على هذا التقدير يلزم الاخلال بالصلاة أو ببعض اجزائها حتى يخرج الوقت عمدا وقول امين وتبطل اختيارا قال في ق امين بالمد و
القصر وقد يشد الممدود ويمال أيضا عن الواحدي في البسيط اسم من أسماء الله تعالى أو معناه اللهم استجب أو كذلك مثله فليكن أو كذلك فافعله وقال ابن الأثير هو اسم مبني على الفتح
ومعناه اللهم استجب لي وقيل معناه كذلك فليكن يعني الدعاء وقال في المغرب معناه استجب وقال صاب الكشاف انه صوت سمى به الفعل الذي هو استجب كما أن رويد وحيهل وهلم أصوات
سميت بها الافعال التي هي امهل وأسرع واقبل والقول بتحريمه وبطلان الصلاة به هو المشهور بين الأصحاب ونقل الشيخان والمرتضى وابن زهرة والمصنف في النهاية اجماع الأصحاب عليه وقال
ابن بابويه لا يجوز ان يقال بعد فاتحة الكتاب امين لان ذلك كان يقوله النصارى ونقل عن ابن الجنيد انه جوز التأمين عقيب الحمد وغيرها ومال إليه المحقق في المعتبر واليه ذهب بعض
المتأخرين والأقرب الأول لنا ما رواه الكليني والشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن جميل عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت خلف امام فقرا الحمد ففرغ من قرائتها فقل أنت الحمد لله رب العالمين
ولا تقل امين وعن الحلبي باسناد فيه محمد بن سنان عن أبي عبد الله (ع) أنه قال له أقول إذا فرغت من فاتحة الكتاب آمين قال لا ونقل المحقق هذه الرواية من جامع أحمد بن محمد بن أبي نصر
عن عبد الكريم عن محمد الحلبي ويستفاد من هاتين الروايتين تحريم فعلها بمعونة فهم الأصحاب والشهرة بينهم أو نقول قد منع النصوص عن الكلام في الصلاة خرج عنه ما دل النص على
رجحان فعله فيبقى غيره على المنع وبعد ثبوت التحريم ثبت البطلان بنحو هذا التقريب مضافا إلى عدم القائل بالفصل وتوقف اليقين بالبرائة من التكليف الثابت على تركه قال
المحقق في المعتبر ويمكن ان يقال بالكراهة ويحتج بما رواه الحسين بن سعيد عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ فاتحة الكتاب آمين
قال ما أحسنها واخفض الصوت بها ويطعن في الروايتين الأولتين يعني روايتي الحلبي بان أحدهما رواية محمد بن سنان وهو مطعون فيه وليس عبد الكريم في النقل والثقة كابن أبي عمير فيكونه
رواية الاذن أولي لسلامة سندها من الطعن ورجحانها ثم لو تساوت الروايتان في الصحيحة جمع بينهما بالاذن والكراهة توفيقا ولان رواية المنع يحتمل منع المنفرد والمبيحة يتضمن
الجماعة ويكون المنع في إحديهما منعا في الأخرى وفيه نظر لان راوي الرواية المبيحة وهو جميل روى المنع أيضا مع أن رواية المنع معتضدة بين الروايتين المذكورتين فلا ترجيح
له لرواية الترخيص بل الامر بالعكس لكثرة الروايات والشهرة بين الأصحاب ومخالفة جمهور العامة مع أن الرواية المبيحة غير قابلة للحمل على الكراهة بل هي دالة على نقيضها فان أقل
مراتب الاستحسان الاستحباب وحملها على التقية أقرب من تخصيص رواية المنع بالمنفرد لأنه تخصيص بعيد مع أن رواية جميل الدالة على المنع لا يحتمل هذا التأويل وبالجملة حمل
رواية الرخصة على التقية أقرب قيل وربما فهم ذلك من طور الكلام وهو غير بعيد وشهد لهذا الحمل ما رواه الشيخ في الصحيح عن معوية بن وهب قال قلت لأبي عبد الله (ع) أقول امين إذا قال
الامام غير المغضوب عليهم ولا الضالين فقال هم اليهود والنصارى فان عدوله (ع) عن الجواب إلى تفسير الآية قرينة على التقية وربما حمل قوله (ع) هم اليهود والنصارى على التشنيع على المخالفين
والمراد ان الذين يقولون آمين في الصلاة مندرجون في عداد اليهود والنصارى فلا تتبعهم في ذلك فيكون كناية عن منع الاقتداء بهم والقائلين بالتحريم والابطال وجوه أخرى
منها اجماع الفرقة على ما نقله جماعة منهم وقد عرفت الكلام عليه مرارا قال المحقق في المعتبر والمشايخ الثلاثة منا يدعون الاجماع على تحريمها وابطال الصلاة بها ولست نحقق
ما ادعوه ومنها انه نقل عن النبي صلى الله عليه وآله ان هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الآدميين والتأمين من كلامهم لأنها ليست بقران ولا دعاء وانما هي اسم للدعاء والاسم غير المسمى وفيه
نظر لأنا لا نسلم انه اسم للدعاء بل الظاهر أنها دعاء كقولك اللهم استجب قال نجم الأئمة المحقق الرضي وليس ما قال بعضهم ان صه مثلا اسم للفظ اسكت الذي هو دال على معنى الفعل فهو
277

علم للفظ الفعل لا لمعناه بشئ لان العربي القح ربما يقول هذا مع أنه ربما لا يخطر بباله لفظ اسكت وربما لم يسمعه أصلا ولو قلت إنه اسم لاصمت أو امتنع أو كف عن الكلام أو غير ذلك
مما يؤدي هذا الكلام لصح فعملنا منه ان المقصود المعنى لا اللفظ انتهى ومنها ما نقله عن النبي صلى الله عليه وآله انما هو التسبيح والتكبير وقراءة القران وانما للحصر وليس التأمين أحدها وفيه ان الخبر
مخصص بالدعاء ومنه التأمين ومنها انه عمل كثير خارج عن الصلاة وفيه منع ظاهر ومنها ان التأمين يستدعي سبق دعاء ولا يتحقق الدعاء الا مع القصد فعند عدم القصد
يكون لغوا وإذا لم يجز عند عدم القصد لم يجز مطلقا والالزم القول بالفصل لأنه لو كان النطق بها تأمينا لاشترط بالقصد وهو خلاف الاجماع وفيه نظر لان الدعاء باستجابة الدعاء
لا يلزم ان يكون متعلقا بما قبله ولو تعلق به جاز سواء قصد به الدعاء أم لا لأن عدم القصد بالدعاء لا يخرجه عن كونه دعاء ومنها ان معناها اللهم استجب ولو نطق بذلك
أبطل صلاته فكذا ما قام مقامه ذكر ذلك المحقق في المعتبر والمصنف في جملة من كتبه وفيه نظر لان الدعاء في الصلاة جاز بلا خلاف وهذا دعاء عام في طلب استجابة الدعاء فلا وجه
للمنع منه ويستحب الجهر بالبسملة في مواضع الاخفات للامام والمنفرد في الأوليين والأخيرتين على المشهور بين الأصحاب ونقل السيد المرتضى وابن إدريس عن بعض أصحابنا القول
باختصاص ذلك بالامام دون غيره ونقله المصنف وغيره عن ابن الجنيد وخصه ابن إدريس بالأوليين قال بل قال بعدم جواز الجهر بها في الأخيرتين ونقل الاجماع على جواز الاخفات
فيهما وأوجب أبو الصلاح والجهر بها في أوليي الظهر والعصر في ابتداء الحمد والسورة التي يليها وما وجب ابن البراج الجهر بها فيما يخافت فيه وأطلق والأول أقرب لنا على جواز الجهر
والاخفات في البسملة الا فيما خرج بالدليل صحيحة الحلبيين السابقة في مسألة وجوب السورة وعلى استحباب الجهر بها مطلقا ما رواه الشيخ في المصباح عن أبي الحسن الثالث (ع) أنه قال إن علامات
المؤمن خمس صلاة الخمسين وزيارة الأربعين والتختم في اليمين وتعفير الجبين والجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وما رواه الكليني في روضة الكافي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن سليم بن
قيص الهلال قال خطب أمير المؤمنين (ع) ونقل كلامه (ع) في الخطبة إلى قوله وأمرت الناس الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم الحديث مضافا إلى ما اشتهر من أن من شعار الشيعة الجهر بالبسملة
لكونها بسملة حتى قال ابن أبي عقيل تواترت الاخبار عنهم (ع) ان لا تقية في الجهر بالبسملة مع صحة المسامحة في أدلة السنن فلا يضر عدم ظهور سند الرواية الأولى وعدم بلوغ
الثانية حد الصحة واما ما رواه الشيخ عن صفوان في الصحيح قال صليت خلف أبي عبد الله (ع) أياما فكان يقرأ في فاتحة الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة
جهر ببسم الله الرحمن الرحيم واخفى ما سوى ذلك فمخصوص بالامام فلا يشمل غيره مع أن في اثبات استحباب التأسي بالأئمة عليهم السلام نوع خفاء ولا يفهم منه حال الركعتين الأخيرتين إذ لم
يعلم أنه (ع) قراء أو سبح وكذا ما رواه في الحسن عن عبد الله ابن يحيى الكاهلي قال صلى بنا أبو عبد الله (ع) في مسجد بنى كاهل فجهر مرتين ببسم الله الرحمن الرحيم بل دلالتها على العموم اخفى من الأول
وكذا ما رواه باسناد فيه ضعف عن أبي حمزة قال قال علي بن الحسين (ع) يا ثمالي ان الصلاة إذا أقيمت جاء الشيطان إلى قرين الامام فيقول هل ذكر ربه فان قال نعم ذهب وان قال لأركب على
كتفيه وكان الامام حتى ينصرفوا قال فقلب جعلت فداك أليس يقرأون القران قال بلى ليس حيث تذهب يا ثمالي انما هو الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم بل الظاهر منها الجهر منها في أول الصلاة فلا
يعم فما قال الشارح بعد نقل رواية صفوان ورواية أبي حمزة وهذه الرواية تتناول باطلاقها جميع الصلوات والأوليين والأخيرتين والتاسي يقتضي شمول الامام وغيره وفرع عليه
ضعف قول ابن الجنيد وابن إدريس غير مستقيم احتج ابن الجنيد بان الأصل وجوب مخافتته بالبسملة فيما تخافت به لأنها بعض الفاتحة خرج عنه الامام بالنص والاجماع فيبقى المنفرد على
الأصل والجواب منع ان الأصل وجوب المخافتة فيها بل الأصل عدمه ورواية زرارة التي هي الأصل في هذا الباب انما يدل على وجوب الاخفات فيما ينبغي الاخفات فيه ولم يثبت كون
البسملة منه حتى يشمله حكم الوجوب واما قول ابن إدريس باختصاص الحكم بالأولين فاعترض عليه انه تحكم لا دليل عليه وكانه نظر إلى أن الأصل في استحباب الجهر بالبسملة التأسي بهم
عليهم السلام وذلك لا يتم في الأخيرتين إذا لم يثبت انهم (ع) يقرؤن في الأخيرتين أم يسبحون فكيف يثبت جهرهم بالبسملة فيهما لكن مما ذكرنا من الدليل على ما اخترناه يندفع هذا الكلام
احتج الموجبون بأنهم (ع) كانوا يداومون عليه ولو كان مسنونا لا خلو به في بعض الأوقات والجواب منع دلالة مداومتهم (ع) على الوجوب لانهم (ع) كانوا يداومون على السنن والمندوبات
مع أن صحيحة الحلبيين السابقة يدفع هذا القول والترتيل قال في ص الترتيل في القراءة الترسل فيها والتبين بغير بغى وقال في ق رتل الكلام ترتيلا الحسن تأليفه وترتل فيه
ترسل وقال في النهاية ترتيل القراءة الثاني فيها والتمهل وتبين الحروف والحركات تشبيها بالثغر المرتل وهو المشبه بنور الاقحران وقال في المغرب الترتيل في الاذان وغيره ان لا يعجل في
ارسال الحروف بل يثبت فيها ويبينها تبينا ويوفيها حقها من الاشباع من غير اسراع من قولهم ثغر مرقل ورتل مفلج مستوي النسبة حسن الترتيل وقال في الكشاف ترتيل القران
قراء ته على ترسل وتؤده بتبيين الحروف واشباع الحركات حتى يجئ المتلو منه شبيها بالثغر المرتل وهو المفلج المشبه بنور الاقحران وان لا يهده هذا ولا يسرده سردا حتى يشبه المتلو
في تتابعه الثغر الالص هذا ما قاله أهل اللغة إما الفقهاء فقال المحقق في المعتبر ونعني بالترتيل في القراءة تنبيها من غير مبالغة قال وربما كان واجبا إذا أريد به النطق
بالحروف بحيث لا يدمج بعضها في بعض وتبعه المصنف في المنتهى وقال في النهاية ونعني به بيان الحروف واظهارها ولا يمد بحيث يشبه الغناء وقال الشهيد في الذكرى انه حفظ الوقوف وأداء
الحروف والأصل في هذا الباب قوله تعالى ورتل القران ترتيلا وفي الكافي عن علي (ع) بينه تبيانا ومالاتهذه هذا الشعر ولا تنثره نثر الرمل ولكن افرغ به القلوب القاسية ولا
تكونن هم أحدكم اخر السورة وعن ابن عباس لان اقرا البقرة أرتلها أحب إلي من أن اقرا القران كله وعن الصادق (ع) في الترتيل هو ان يتمكث فيه ونحسن به صوتك وعنه (ع) ينبغي للعبد
إذا صلى ان يرتل قرائته وإذا مر باية فيها ذكر الجنة والنار سال الله الجنة وتعوذ بالله من النار وإذا مر بيا أيها
الناس أو يا أيها الذين امنوا قال لبيك ربنا والوقوف
على مواضعه فيقف على التام ثم الحسن ثم الجائز على ما هو مقرر عند القراء تحصيلا لتحسين النظم وتسهيل الفهم ولا يتعين الوقف في موضع ولا يقبح بل القاري مخير في ذلك
متى حافظ على النظم وما ذكره القراء قبيحا أو واجبا لا يعنون به المعنى الشرعي صرح به محققوهم على ما نقل عنهم وروى الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) في الرجل يقرأ
فاتحة الكتاب وسورة أخرى في النفس الواحد قال انشاء قرأ في نفس وانشاء غيره نعم يكره قرائة التوحيد في نفس واحد وروى الكليني عن الصادق (ع) ما يدل عليه وقراءة قصار
السور من المفصل في الظهرين والمغرب قال الشارح الفاضل المسموع كونه من سورة محمد صلى الله عليه وآله إلى اخر القران سمى بذلك لكثرة الفصول بين سورة وقصاره من الضحى إلى اخره و
متوسطاته وهي من عم إلى الضحى في العشاء ومطولاته وهي من أوله إلى عم في الصبح وقال في ق المفصل كمعظم من القران من الحجرات إلى اخره في الأصح أو من الجاثية أو القتال
أوقاف عن النوى أو الصافات أو الصف أو تبارك عن ابن أبي الصيف أو انا فتحنا عن الذرماوى أو سبح اسم ربك عن الفركاح أو الضحى عن الخطابي وهذا التفصيل مذكور في كلام جماعة
من الأصحاب وليس في اخبارنا تصريح بهذا الاسم ولا تحديده فيما اعلم وانما رواه الجمهور واللائق العمل بما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) القراءة في
الصلاة فيها شئ موقت قال لا الا الجمعة يقرا بالجمعة والمنافقين قلت له فأي السور تقرأ في الصلوات قال إما الظهر والعشاء الآخرة يقرا فيهما سواء والعصر والمغرب سواء واما الغداة
فأطول فاما الظهر وعشاء الآخرة فسبح اسم ربك الاعلى والشمس وضحيها ونحوهما واما العصر واما المغرب فإذا جاء نصر الله والهيكم التكاثر ونحوهما واما الغداة فعم يتسائلون
وهل اتيك حديث الغاشية ولا أقسم بيوم القيمة وهل اتى على الانسان حين من الدهر وفي الصحيح عن ابان عن عيسى بن عبد الله القمي عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى
الغداة بعم يتسائلون وهل اتيك حديث الغاشية ولا أقسم بيوم القيمة وشبهها وكان يصلي الظهر بسبح اسم والشمس وضحيها وهل اتيك حديث الغاشية وشبهها وكان يصلي المغرب
بقل هو الله أحد وإذا جاء نصر الله والفتح وإذا زلزلت وكان يصلي العشاء الآخرة بنحو ما يصلي الظهر والعصر بنحو من المغرب وقال ابن بابويه في الفقيه وأفضل ما يقرأ في
278

في الصلوات في اليوم والليلة في الركعة الأولى الحمد وانا أنزلناه وفي الثانية الحمد وقل هو الله أحد الا في صلاة العشاء الآخرة ليلة الجمعة ثم قال وانما يستحب قرائة القدر في الأولى والتوحيد
في الثانية لان القدر سورة النبي صلى الله عليه وآله وأهل بيته عليهم السلام فيجعلهم المصلي وسيلة إلى الله لأنه بهم وصل إلى معرفته فاما التوحيد فالدعاء على اثرها مستحبات (مستحاب) وهو القوت انتهى ويشهد
له ما رواه الكليني عن أبي علي بن راشد قال قلت لأبي الحسن (ع) جعلت فداك انك كتبت إلى محمد بن الفرج تعلمه ان أفضل ما يقرأ في الفرايض انا أنزلناه وقل هو الله أحد وان صدري
ليضيق بقراءتهما في الفجر فقال (ع) لا يضيق صدرك بهما فان الفضل والله فيها وفي التوقيع المنسوب إلى الثقة المعظم عن محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري عن صاحب الامر (ع) قال وروى
في ثواب القران في الفرايض وغيرها ان العالم (ع) قال عجبا لمن لم يقرأ في صلاته انا أنزلناه في ليلة القدر كيف تقبل صلاته وما زكت صلاة لم يقرأ فيها قل هو الله أحد وروى أن
من قراء في فريضته الهمزة اعطى من الدنيا فهل يجوزان يقرا الهمزة ويدع هذه السورة التي ذكرها مع ما قد روى ولا تقبل ولا يزكي الا بهما هذا سؤال الحميري وذكر بعد هذا
التوقيع والثواب في السور على ما قد روى وإذا تركت سورة ما فيها الثواب وقراء قل هو الله أحد وانا أنزلناه لفضلهما اعطى ثواب ما قرأ وثواب السورة التي تركت ويجوزان يقرأ
غير هاتين السورتين ويكون صلاته تامة ولكن يكون قد ترك الأفضل وقراءة سورة هل اتى على الانسان حين من الدهر في صبح الاثنين والخميس قاله الشيخ واتباعه ممن تأخر عنه وزاد
الصدوق قرائة الغاشية في الركعة الثانية وقال من قرأهما في صلاة الغداة يوم الاثنين ويوم الخميس وقال الله شر اليومين وحكى عمن صحب الرضا (ع) إلى خراسان انه كان يقرأهما والجمعة و
الاعلى ليلة الجمعة في العشائين هذا قول الشيخ في النهاية والمبسوط والمرتضى وابن بابويه وأكثر الأصحاب وقال الشيخ في المصباح والانتصار يقرأ في ثانية المغرب قل هو لله أحد وقال ابن أبي عقيل
يقرا في ثانية العشاء الآخرة ليلة الجمعة سورة المنافقين مستند الأول ما رواه الشيخ باسناد معتبر عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله (ع) اقرا في ليلة الجمعة الجمعة وسبح اسم ربك الاعلى وفي
الفجر سورة الجمعة وقل هو الله أحد وفي الجمعة سورة الجمعة والمنافقين وروى الحميري في كتاب قرب الإسناد عن أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي عن الرضا (ع) أنه قال يقرأ في ليلة الجمعة الجمعة
وسبح اسم ربك الاعلى وفي الغداة الجمعة وقل هو الله أحد ومستند الثاني ما رواه الشيخ عن أبي الصباح الكناني قال قال أبو عبد الله (ع) إذا كان ليلة الجمعة فأقراء في المغرب سورة
الجمعة وقل هو الله أحد وإذا كان في العشاء الآخرة فاقرا سورة الجمعة وسبح اسم ربك الاعلى وإذا كان صلاة الغداة يوم الجمعة فاقرأ سورة الجمعة وسبح اسم ربك الاعلى وإذا كان صلاة
الغداة يوم الجمعة فاقرأ سورة الجمعة وقل هو الله أحد فإذا كان صلاة الجمعة فأقراء سورة الجمعة والمنافقين وإذا كان صلاة العصر يوم الجمعة فاقرا بسورة الجمعة وقل هو الله
أحد ومستند الثالث ما رواه في الصحيح عن حريز وربعي رفعاه إلى أبي جعفر (ع) قال إن كانت ليلة الجمعة يستحب ان يقرأ في العتمة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون وفي صلاة الصبح مثل ذلك
وفي صلاة الجمعة مثل ذلك وفي صلاة العصر مثل ذلك والمقام مقام الاستحباب فلا مشاحة في اختلاف الروايات والجمعة والتوحيد في صبحها اي صبح الجمعة هذا قول الشيخين و
اتباعهما وقال ابن بابويه يقرا المنافقين في الثانية واليه ذهب السيد المرتضى وقال ابن أبي عقيل يقرأ في الثانية المنافقون أو الاخلاص والأول أقرب لنا ما رواه الكليني عن الحسين بن
أبي حمزة في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) بما اقرا في صلاة الفجر في يوم الجمعة فقال اقراء في الأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بقل هو الله أحد ثم أقنت حتى يكونا سواء ورواية أبي
بصير المتقدمة ورواية ابن أبي نصر وأبي الصباح المتقدمتان ويدل على قول ابن بابويه مرفوعة حريز وربعى المتقدمة والترجيح للروايات الأول والجمعة والمنافقين في الظهرين في
يوم الجمعة هذا هو المشهور بين الأصحاب وقال ابن بابويه لا يجوزان يقرأ في ظهر يوم الجمعة بغير سورة الجمعة والمنافقون فان نسيتهما أو واحدة منهما في صلاة الظهر وقرأت غيرهما
ثم ذكرت فارجع إلى سورة الجمعة والمنافقون وقد رويت رخصة في القراءة في صلاة الظهر بغير سورة الجمعة والمنافقين لا استعملها ولا افتى بها الا في حال السفر والمرخص وخيفة
فوت حاجة والظاهر من كلامه وجوب السورتين في ظهر يوم الجمعة واختاره أبو الصالح ونقل المحقق في الشرايع قولا بوجوب السورتين في الظهرين يوم الجمعة ولم اطلع على قائله والعبارة
التي نقلها المحقق في المعتبر عن ابن بابويه في كتاب الكبير مختص بالظهر فكان القائل بذلك غيرهم أو توهم المحقق من أول كلامه وحكى في الذكرى عن المعتبر نسبه هذا القول فيه إلى ابن بابويه
ولم أجده في المعتبر فكأنه وهم وقال السيد المرتضى إذا دخل الامام في صلاة الجمعة وجب ان يقرأ في الأولى بالجمعة وفي الثانية المنافقين لا يجزيه غيرهما والأقرب الأول ويدل على
رجحانهما في صلاة الجمعة ما رواه الشيخ باسنادين صحيحين عن محمد بن مسلم قال قلت لأبي عبد الله (ع) القراءة في الصلاة فيها شئ موقت قال لا الا في الجمعة يقرأ بالجمعة والمنافقين وما رواه
الكليني في الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال ليس في القراءة شئ موقت الا الجمعة ويقرأ بالجمعة والمنافقين ورواية أبي بصير ورواية أبي الصباح ومرفوعة حريز وربعي المتقدمان
وعلى عدم وجوبهما فيما ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن الأول (ع) عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سور ة الجمعة متعمدا قال لا باس بذلك وعن سهيل الأشعري
قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يقرأ في صلاة الجمعة بغير سورة الجمعة متعمدا قال لا باس وعن محيى الأزرق بياع السابري قال سألت أبا الحسن (ع) قلت رجل صلى الجمعة فقرأ سبح اسم ربك وقل
هو الله أحد قال اجزاه وروى ابن بابويه والشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول في صلاة الجمعة لا باس بان تقرأ فيها بغير الجمعة والمنافقين إذا كنت مستعجلا
ويدل على رجحانهما في صلاة الظهر يوم الجمعة ما رواه الكليني والشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن عمر بن يزيد قال قال أبو عبد الله (ع) من صلى الجمعة بغير الجمعة والمنافقين أعاد الصلاة في
سفر أو حضر والثابت في السفر انما هو الظهر الا الجمعة وما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القراءة في الجمعة إذا صليت وحدي أربعا اجهر بالقراءة قال نعم
وقال اقرا بسورة الجمعة والمنافقين يوم الجمعة ويدل على عدم وجوبهما فيها ما رواه الشيخ عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن الجمعة في السفر ما اقرأ فيهما قال اقرأهما بقل هو الله
أحد ويؤيده عموم صحيحة محمد بن مسلم السابقة ويدل على رجحان فعلهما في العصر مرفوعة ربعي وحريز ويعارضه رواية أبي الصباح وضعف السند غير قادح للمسامحة في أدلة السنن واما ما
رواه الكليني والشيخ عنه في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال إن الله أكرم بالجمعة المؤمنين فسنها رسول الله صلى الله عليه وآله بشارة لهم والمنافقين توبيخا للمنافقين فلا ينبغي
تركهما فمن تركهما متعمدا فلا صلاة له وما رواه الحسين بن عبد الملك عن أبي عبد الله (ع) قال من لم يقرأ في الجمعة بالجمعة والمنافقين فلا جمعة له فمأول جمعا بين الاخبار والضحى و
ألم نشرح سورة وكذا الفيل ولايلاف هذا هو المشهور بين الأصحاب ذكره الشيخان وابن بابويه وعلم الهدى ومن تبعهم ونسبه المحقق إلى رواية الأصحاب وقال الشيخ في الاستبصار هاتين
الصورتين يعني الضحى والم نشرح سورة واحدة عند آل محمد عليه وعليهم السلام وينبغي ان يقرأهما موضعا واحدا ولا يفصل بينهما ببسم الله الرحمن الرحيم في الفرائض وقال الشيخ في التهذيب وعندنا
انه لا يجوز قرائتها بين السورتين الا في ركعة وهو مشعر بالاتفاق عليه وما نسبه المحقق إلى رواية الأصحاب ففيه خفاء إذا لم اطلع على رواية (وأكثر) عليه في كتب الحديث ولا في كتب
الاستدلال والذي وقفت عليه في هذا الباب روايتان الأولى ما رواه الشيخ في الصحيح عن زيد الشحام قال صلى بنا أبو عبد الله (ع) الفجر فقرأ الضحى والم نشرح في ركعة والثانية ما رواه
المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر عن كتاب البزنطي عن المفضل قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لا يجمع بين سورتين في ركعة الا الضحى والم نشرح والفيل ولايلاف قريش هاتان الروايتان
غير دالتين على المدعا كما اعترف به المصنف وغيره وهو ظاهر كذا لا يدلان على وجوب قرائتهما في ركعة إما الأولى فلان فعل الإمام (ع) أعم منه واما الثانية فلان ما يدل عليه الخبر استثناء
هذه السور من النهى عن القران وكون اللازم من ذلك نفى التحريم أو الكراهية في الجمع بين هذه السور وهو لا يستلزم الوجوب ولا الرجحان بوجه والقول بكونهما سورتين غير بعيد للاتفاق
على وضعهما في المصاحف سورتين وفي رواية المفضل دلالة عليه قال المحقق في المعتبر بعد أن منع دلالة الروايتين على وجوب قرأتهما في الركعة ولقائل أن يقول لا نسلم انهما سورة
(وأتم) بل تم ليكونا سورتين وان لزم قراءتهما في الركعة الواحدة على ما ادعوه ونطالب بالدلالة على كونهما سورة واحدة وليس في قرائتهما في الركعة الواحدة دلالة على ذلك وقد
279

تضمنت رواية المفضل لتسميتهما سورتين ونحن فقد بينا ان الجمع بين السورتين في الفريضة مكروه فتستثنيان من الكراهة انتهى كلامه وهو حسن وروى الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير
عن بعض أصحابنا عن زيد الشحام قال صلى أبو عبد الله (ع) فقرأ في الأولى والضحى وفي الثانية ألم نشرح وحملها الشيخ على النافلة وهو غير بعيد وفي الصحيح عن زيد الشحام قال صلى بنا أبو عبد الله
فقرابنا بالضحى والم نشرح وحملها الشيخ على أن المراد انه قراهما في ركعة لكن ذلك خلاف المتبادر كما لا يخفى ويجب البسملة بينهما نفاه الشيخ في التبيان قضاء لحق الوحدة ولان الشاهد على
الوحدة اتصال المعنى والبسملة بنفيه ومنع ذلك ابن إدريس استناد إلى تواتر البسملة بينهما وكتابتها في المصحف مع مبالغة السلف في تجريده عن الزوائد ولا ينافي ذلك الوحدة كما في سورة النمل
قال المحقق في المعتبر ان كانتا سورتين فلابد من مراعاة البسملة وان كانتا سورة واحدة فلا إعادة للاتفاق على انها ليست آيتين من سورة واحدة ويجوز العدول عن سورة إلى غيرها
ما لم يتجاوز النصف الا في التوحيد والجحد ولا يعدل عنهما الا إلى الجمعة والمنافقين تنقيح هذا المقام انما يتم برسم مسائل الأولى المشهور جواز العدول من سورة إلى أخرى في غير
التوحيد والجحد ما لم يتجاوز النصف ذكره الشيخ والفاضلان وغيرهم واعتبر ابن إدريس والشهيد في الذكرى والدروس عدم بلوغ النصف وأسنده في الذكرى إلى الأكثر ونسبه المدقق
الشيخ على إلى المصنف في النهاية لكن وجدت كلام المصف في النهاية موافقا للأول والتحديد بمجاوزه النصف أو بلوغه غير موجود في النصوص كما اعترف جماعة من الأصحاب بل الروايات مطلقة بجواز
العدول منها ما رواه الشيخ والكليني في الصحيح عن عمرو بن أبي نصر قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل يقوم في الصلاة ويريدان يقرأ سورة فيقرأ قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون
فقال يرجع من كل سورة الأقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وما رواه الشيخ عن الحلبي قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل قراء في الغداة سورة قل هو الله أحد قال لا باس ومن افتتح
بسورة ثم بدا له ان يرجع في سورة غيرها فلا باس الأقل هو الله أحد ولا يرجع منها إلى غيرها وكذلك قل يا أيها الكافرون وهذه الرواية جعلها جماعة من الأصحاب منهم المصنف في المنتهى من
الصحاح وللتوقف فيه مجال لان في طريقه أحمد بن محمد بن عيسى عن ابن مسكان والحال ان احمد ومن كان في طبقته بل من كان فوقها لا يروون عن ابن مسكان الا بالواسطة وكثير ما يكون الواسطة
محمد بن سنان وملاحظة هذه المقدمة مضافا إلى ما علم من طريقة الشيخ من اسقاط بعض الوسائط في أثناء الأسانيد أحيانا يوجب الشك في اتصال اسناد هذا الخبر فلا يبقى الوثوق بصحته
واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله ابن بكير عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يزيدان يقرا السورة فيقرأ غيرها فقال له ان يرجع ما بينه وبين ان يقرأ ثلثيها فدال على
التحديد بالثلثين وهو غير المدعا وحمله على الشروع في الثلث الثاني كما ارتكبه بعض الأصحاب فمع كونه تكلفا بعيدا يعارض مفهومه مذهب الجماعة الا بتأويل بان يقال العدول بعد الشروع
في الثلث الثاني مكروه وقد يقال موارد هذا الخبر من أراد ان يقرأ السورة فقرا غيرها وحق هذا ان يجب عليه الرجوع ما لم يركع لان ما اتى به لا يعد قرائة الصلاة الا ان يحمل على من
قصد سورة ثم ذهل فقصد أخرى وفيه كلام سيجيئ عن قريب واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي والكناني وأبي بصير عن أبي عبد الله في الرجل يقرأ في المكتوبة بنصف السورة ثم ينسى
فيأخذ في أخرى حتى يفرغ منها ثم يذكر قبل ان يركع قال يركع ولا يضره فلا دلالة فيها على شئ من التحديدين أصلا إذ ليس في كلامهم (ع) تحديد أصلا والمستفاد من كلام مجرد صحة الصلاة
عند العدول بعد النصف في صورة النسيان ولا يفهم منه غير ذلك وربما يقدح في دلالتها بعدم حجية مفهوم اللقب وهو ضعيف إذ مفهومها يرجع عند التحصيل إلى مفهوم الغاية
لا يخفى على المتأمل وبالجملة لا دلالة في النصوص على شئ من التحديدين نعم ان ثبت اجماع على عدم جواز
العدول بعد تجاوز النصف يثبت ذلك وينضم إليه جواز العدول قيل
ذلك بمقتضى عموم الاخبار فيثبت قول الشيخين ومن تبعهما لكن الظاهر عدم ثبوت اجماع عليه ووجهه المصنف في النهاية بالبناء على تحريم القران قال ولا يجوز القران بين سورتين فكذا بين
السورة ومعظم الأخرى وأنت خبير بما فيه واستدل الشارح الفاضل وفاقا للمدقق الشيخ علي على التحديد الثاني بقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم فان الانتقال من سورة إلى أخرى ابطال
للعمل خرج ما قبل النصف بالاجماع فبقى غيره داخلا في عموم المنع وفيه نظر لأنا لا نسلم ان الانتقال المذكور ابطال للعمل ان يجوز ان يكون المراد بابطال العمل تضييع العمل واخراجه عن
الانتفاع بالكلية واثبات ان استعماله في هذا المعنى على خلاف الحقيقة مشكل على أنه لو سلم كونه معنى مجازيا فإنه أقرب من ارتكاب التخصيص البعيد اللازم للمعنى الذي حملوه عليه و
على هذا لا يتم الاحتجاج بالآية الا إذا ثبت ان الانتقال من السورة يوجب ارتفاع ثوابها بالكلية وهو غير ظاهر بل الظاهر خلافه وهذا المعنى يناسب ما قال بعض المفسرين من أن المراد ابطال
الأعمال بالكفر والنفاق وما نقل عن بعضهم ان المراد ابطاله بالرئاء والسمعة وعن بعضهم ان المراد ابطاله بالمعاصي والكبائر وهذه الوجوه الثلاثة مذكورة في مجمع البيان وفي
غيرها ما يقر ب منها ولم ينقل المعنى الذي استند إليه المستدل عن أحد من المفسرين في شئ من التفاسير المشهورة فالاستناد إليه مشكل هذا مع أن الاستدلال بالآية انما يتم على القول
بعدم تخصيص الآية بالاخبار الآحاد واما على القول بتخصيص الآية بها كما هو الظاهر من مذهب المستدل فالمصير إلى مقتضى النصوص السابقة متعين لأنها خاصة بالنسبة إلى الآية وحينئذ فان ثبت اجماع
على عدم جواز العدول بعد التجاوز عن النصف كان الخبر متخصصا بقدرة والا فلا وعلى التقدير ينقدح التقدير ببلوغ النصف الذي دام المستدل اثباته الثانية لا يجوز العدول
عن سورة قل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون إلى غيرها الا ما استثنى متى شرع فيهما عند الأكثر فالمرتضى والشيخ وابن إدريس والمصنف في عدة من كتبه وهي (ط) المفيد ونقل المرتضى في
الانتصار اجماع الفرقة عليه وذهب المحقق في المعتبر إلى الكراهة وتوقف فيه المصنف في المنتهى والتذكرة والأصل في هذه الروايتان السابقتان أعني رواية عمرو بن أبي نصر
ورواية الحلبي لكن دلالتهما على التحريم ليس بواضح احتج المحقق بقوله تعالى فاقرؤا ما تيسر من القران ولا يبلغ الرواية قوة في تخصيص القران وفيه كلام يعرف من تذكر المباحث السابقة
والتوقف في هذا المقام في موقعه الا ان مقتضاه عدم العدول تحصيلا للبرائة اليقينية كما نبهناك عليه مرارا الثالثة يجوز العدول عن التوحيد والجحد إلى الجمعة والمنافقين في يوم الجمعة
ما لم يتجاوز النصف أو لم يبلغه على المشهور بين الأصحاب وربما يتوهم عدم الخلاف فيه وقال المحقق في الشرايع في احكام الجمعة وإذا سبق الامام إلى قرائة سورة فليعدل إلى الجمعة والمنافقين ما
لم يتجاوز نصف السورة الا في سورة الجحد والتوحيد وهو ظاهر اطلاق كلام ابن الجنيد وقال السيد المرتضى في الانتصار ومما انفردت الامامية خطر الرجوع إلى سورة الاخلاص وروى
قل يا أيها الكافرون أيضا إذا ابتدأ بها ثم نقل الاجماع عليه وظاهر وعموم المنع والأول أقرب لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا افتتحت صلاتك بقل هو الله
أحد وأنت تريد ان تقرأ غيرها فامض فيها ولا ترجع الا أن تكون في يوم الجمعة فإنك ترجع إلى الجمعة والمنافقين منها ومما يختص بسورة الجمعة ما رواه باسنادين في الصحيح عن محمد بن
مسلم عن أحدهما (ع) في الرجل يريد ان يقرأ سورة الجمعة في الجمعة فقرأ قل هو الله أحد قال يرجع في سورة الجمعة ورواها الكليني في الصحيح ثم قال وروى أيضا يتمها ركعتين ثم يستأنف
وما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله ابن بكير عن عبيد بن زرارة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أراد ان يقرا في سورة فاخذ في أخرى قال فليرجع إلى السورة الأولى الا ان يقرأ بقل هو الله
أحد قلت رجل صلى الجمعة وأراد ان يقرا سورة الجمعة فقرا قل هو الله أحد قال يعود إلى سورة الجمعة واشترط المدقق الشيخ علي والفاضل (الش..) في جواز العدول عن السورتين ان يكون
الشروع فيها نسيانا استنادا إلى رواية محمد بن مسلم وفيه نظر لان الرواية غير واضحة الدلالة على أن المصلي شرع في التوحيد سهوا لجواز ان يكون المراد انه يريد قرائة الجمعة
ثم بدا له سورة التوحيد وعلى تقدير التسليم يجوز ان يكون التخصيص في كلام السائل فلا يفيد نفى الحكم فيما عداه وبالجملة رواية الحلبي عام وما ذكر لا يوجب تخصيصا لها فالقول
بالتعميم أظهر ولا يخفى ان المذكور في هذه الروايات سورة التوحيد والحق به الأصحاب سورة الجحد وهو مشكل لفقد النص الموجب لتخصيص الروايتين الدالتين على النهي عن العدول
عنها كما سبق وربما يتمسك في ذلك بعدم القائل بالفضل واثباته لا يخلو عن اشكال ثم اعتبار المصنف في جواز العدول من السورتين في يوم الجمعة مصرح به في كلام كثير من الأصحاب
منهم ابن بابويه وابن إدريس والمصنف في النهاية والشارح الفاضل وغيرهم وأكثر عبارات الأصحاب مجمل من غير تصريح فيه بذلك واثباته بالدليل مشكل لان النصوص السابقة كما عرفت خالية عن هذا التفصيل
280

واستدل عليه المدقق الشيخ علي والشارح الفاضل بالجمع بين ما رواه الشيخ عن الصباح بن صبيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل أراد ان يصلي الجمعة فقرأ بقل هو الله أحد قال يتمها ركعتين ويستأنف
وبين الروايات السابقة فان العدول من الفريضة إلى النافلة بغير ضرورة غير جائز فإنه في حكم ابطال العمل المنهى عنه فحملت هذه الرواية على بلوغ النصف والأول على عدمه وهذا هو
التفصيل الذي صرح به ابن بابويه وابن إدريس وفيه نظر لان تعيين هذا التفصيل من غير نص اخر شاهد عليه لا وجه له مع أنه يستلزم ارتكاب تخصيص بعيد في كلام التعارضين
والجمع بين الاخبار بالحمل على التخيير أقرب كما يشعر به كلام الكليني (ره) ولا فساد في العدول من الفريضة إلى النافلة بعد تحقق النص ثم اعلم أن المذكور في كثير من عبارات الأصحاب في هذه المسألة
ظهر الجمعة وفي كثير منها اجمال والظاهر اشتراك الحكم عندهم بين الظهر والجمعة بلا خلاف في عدم الفرق بينهما لكن لم يثبت ذلك كان تعميم الحكم محل تأمل للشك في أن الجمعة في الاخبار
حقيقة في صلاة الجمعة مجاز في صلاة الظهر أم هي مشتركة اشتراكا معنويا والمصنف في التذكرة عمم الحكم في الظهرين وتبعه الشارح الفاضل ومستنده غير ظاهر بل الظاهر عدمه قصرا للتخصيص في
النصوص المانعة عن العدول على مورد اليقين نقل عن الجعفي تعميم الحكم في صلاة الجمعة وصبحها والعشاء ليلة الجمعة ودليله غير معلوم ولو تعسر الاتيان ببقية السورة للنسيان أو
حصول ضرر بالاتمام جاز العدول مطلق كما صرح به الأصحاب ترجيحا للأخبار الدالة على رجحان قرائة السورة الكاملة في الصلاة وحملا للاخبار المانعة عن العدول على الافراد الغالبة
بل يجب العدول على القول بوجوب السورة ووجهه ظاهر وكذا لو ظن سعة الوقت لسورة طويلة ثم بان فساد الظن ومع العدول بعد البسملة هذا الحكم ذكره المصنف في كتبه وتبعه جماعة من
المتأخرين وعلل بان البسملة أية من كل سورة وقد قراها بنية السورة المعدول عنها فلا يحسب من المعدول إليها ومبناه على أن البسملة لا يتعين كونها من سورة الا بالقصد وفيه نظر
لأنا لا نسلم ان للنية مدخلا في صيرورة البسملة جزء من السورة نعم إذا اتى بمجرد البسملة فقد اتى بشئ يصلح لان يكون جزء لكل سورة وليس لها اختصاص بخصوص سورة معينة
فإذا اتى ببقية الأجزاء فقد اتى بجميع اجزاء هذه السورة المعينة ولا فساد في ذلك وهذا واضح عند التدبر وكذا يعيدها اي البسملة لو قراها بعد قرائة الحمد من غير قصد سورة
معينة بعد القصد لان البسملة صالحة لكل سورة فلا يتعين لاحدى السور الا بالتعين وهو القصد بها إلى أحدها فبدونه يعيدها بعد القصد وفيه نظر لان البسملة من الأجزاء
المشتركة بين السور والتمييز بين السورة انما يتحقق ببقية الأجزاء المختصة ببعضها ولا دليل على أنه يشترط ان يتميز بسملة هذه السورة عن بسملة سورة أخرى ولو تم ما ذكروه يلزم ان يحتاج
كل كلمة مشتركة بين السورتين إلى القصد مثل الحمد لله مثلا والظاهر أنه لم يقل به أحد والمتأخرون ذكروا هيهنا تفاصيل ملحقة بهذا الأصل فقالوا لا يشترط في الحمد بسورة
معينة لتعينها ابتداء فيحمل اطلاق النية على ما في ذمته وكذا لو عين عليه سورة معينة بنذر أو شبهه أو ضاق الوقت الا عن اقصر سورة أو لا يعلم الا تلك السورة وهل يكفي القصد
المتقدم على تلك السورة أو قبل الصلاة نظر فيه لحصول التعين بذلك ولعدم المخاطبة بالسورة بعد فلا يؤثر التعيين ولعل الأول أوجه واختاره الشهيد (ره) ولو كان معتادا قرائة
سورة معينة بحيث يسبق لسانه إليها فهل يكفي ذلك عن القصد فيه وجهان ولو جرى لسانه على بسملة وسورة فهل يجزي المضي عليها أم لا يجب الإعادة بعد القصد على القول
بوجوب السورة اختار الشهيد الأجزاء استنادا إلى رواية أبي بصير المتقدمة في المسألة السابقة قال الشارح الفاضل وهو يتم مع الشك في قصد الثانية في حال الذهول عن الأولى
فإنه لا يجب الالتفات لفوات محله إما مع العلم بعده كما هو بعض محتملات الرواية لكونها أعم من ذلك فلا يتجه العمل به لان عموم الرواية مخصص بالقاعدة المقتضية لوجوب
القصد والتحقيق عندي ان المكلف ان قصد أولا الاتيان بسورة ما اي سورة اتفق من غير تعيين فالظاهر أن الاتيان بالسورة الثانية ناسيا غير ضائر لحصول الامتثال والرواية
المذكورة ولم يثبت قاعدة وجوب القصد إلى سورة معينة فكيف يوجب تخصيص الرواية وان قصد ترك السورة المعدول إليها إما صريحا أو في ضمن إرادة السورة المعدول عنها
ففي الأجزاء اشكال لحصول السورة الثانية بدون نية التقرب فلا يعتد بها لكن عموم الرواية المذكورة يقتضي الأجزاء وكذا رواية عبيد بن زرارة المتقدمة في المسألة السابقة والوجه
عدم العدول عن مقتضى النص الصحيح أمثال هذه التعليلات فاذن ما ذكره الشيخ (ره) متجه ولعل بناء الرواية على عدم وجوب السورة كما هو التحقيق واعلم أن قرائة البسملة بغير
قصد لما لم يكن من القراءة المعتد بها كانت من قبيل قرائة الشئ الخارج في خلال القراءة فتكون موجبة لبطلان الصلاة أو بطلان القراءة على رأى المصنف كما مر في مسألة
الموالاة فالاكتفاء بمجرد إعادة البسملة محل اشكال وكانه لهذا قد حكم الشهيد في البيان ببطلان الصلاة في صورة العمد وقد يتكلف في دفع الاشكال بان المصلي لما كان في
نيته ان ذلك من قرائة الصلاة لم يكن من غيرها فلا يقدح في الموالاة كما لو أعاد أية وكلمة للاصلاح ويؤيده ما رواه البزنطي عن أبي العباس في الرجل يريد ان يقرا السورة
فيقرا في أخرى قال يرجع إلى التي يريد وان بلغ النصف والرواية مقطوعة
الخامس من واجبات الصلاة الركوع ووجوبه ثابت بالنص والاجماع في كل ركعة مرة الا
في صلاة الكسوف والآيات كما سيجيئ في محله وهو لغة مطلق الانحناء وشرعا انحناء مخصوص وهو ركن يبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا كونه ركنا في الصلاة في الجملة
مما لا خلاف فيه بين الأصحاب والأخبار الدالة مستفيضة منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال إن الله فرض من الصلاة الركوع والسجود الا
ترى لو أن رجلا دخل في الاسلام لا يحسن ان يقرا القران اجزاه ان يكبر ويصلي وفي الصحيح عن رفاعة عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل ينسى ان يركع حتى يسجد ويقوم قال يستقبل
وفي الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أيقن الرجل انه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة في كل
ركعة مرة الا الكسوف كما سيجيئ وذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه ركن في الأولتين وفي ثالثة المغرب دون غيرها وسيجيئ تحقيق ذلك في محله انشاء الله تعالى ويجب فيه الانحناء بقدر ما يصل
راحتاه إلى ركبتيه وجوب الانحناء ثابت بالنص والاجماع بلا ريب فيه واما التحديد المذكور فقد نقل الفاضلان الشهيد وغيرهم انه اجماع العلماء كافة الا من أبي حنيفة
واستدلوا عليه بوجوه الأول التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله الثاني صحيحة حماد السابقة الثالث قول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة وتمكن راحتيك من ركبتيك الرابع قوله (ع) في صحيحة زرارة و
تمكن راحتيك من ركبتيك وتضع يدك اليمنى (على ركبتيك اليمنى) قبل اليسرى وبلع بأطراف أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك فان وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزاك ذلك
وأحب إلى أن تمكن كفيك عن ركبتيك فتجعل أصابعك في عين الركبة وتفرج بينهما ونقل المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى عن معوية بن عمار وابن مسلم والحلبي قالوا وبلع بأطراف
أصابعك عين الركبة فان وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزاك ذلك وأحب إلي ان تمكن كفيك من ركبتيك فإذا أردت ان تسجد فارفع كفيك بالتكبير وخر
ساجدا وفي الأدلة الثلاثة الأول نظر إما الأول فلتوقفه على ثبوت مداومة النبي صلى الله عليه وآله مع وجوب التأسي وذلك محل النظر واما الثانية فلما أشرنا إليه سابقا من عدم دلالة
الرواية على وجوب ما اشتملت عليه واما الثالثة فلكون الرواية محمولة على الاستحباب ليسلم عن مخالفة ما نقل عليه الاجماع من عدم وجوب وضع اليد في حال الركوع واما الرواية الأخيرة
فلها ظهور ما في المدعا يجده الطبع التسليم وان أمكن في المناقشة في دلالتها أيضا والامر في ذلك هين بعد ثبوت الاتفاق على هذه المسألة وتوقف اليقين بالبرائة من التكليف
الثابت عليه واعلم أن أكثر عبارات الأصحاب دال على أن المعتبر وصول شئ من باطن كل من اليدين إلى محاذاة الركبتين بحيث يتمكن من وضعه عليها وبعضها كعبارة المنتهى والذكرى دال
على وجوب بلوغ اليد من غير تقييد وهو يتحقق بوصول رؤوس الأصابع وصرح المحقق الشيخ علي والشارح بان وصول شئ من رؤوس الأصابع غير كاف واثباته لا يخلو عن اشكال (لظهور) صحيحة
زرارة والرواية المنقولة في المعتبر والمنتهى في خلافه واثبات اجماع من عدا أبي حنيفة عليه لا يخلو عن اشكال لاختلاف عبارة الأصحاب في نقله فما نقل في المعتبر والتذكرة منطبق
عليه والمذكور في المنتهى والذكرى نقل اجماع من عدا أبي حنيفة على وجوب وصول اليد ولعل في عبارة المنتهى والذكرى مسامحة في التعبير والمراد ما ذكر في غيرهما بناء على أن الذي
281

يقع في الخاطر من وصول اليد وصول شئ من الراحة ويشعر بذلك الأدلة التي ذكر في الكتابين سيما الذكرى فإنه قال بعد نقل قول الباقر (ع) في صحيحة زرارة وتمكن راحتيك من ركبتيك وهو دليل
على الانحناء هذا القدر لان الاجماع على عدم وجوب وضع الراحتين فاذن لا معدل عن العمل بما ذكره المدققان لتوقف البراءة اليقينية عليه ولا تعويل على ظاهر الخبر إذا خالف فتاوى الفرقة
ولا يشترط وضع اليد بل هو مستحب نقل الاجماع عليه الا ممن لا يعتد بمخالفته جماعة من الأصحاب منهم الفاضلان وقد مر نقل الشهيد الاجماع على عدم وجوب وضع اليد ويدل على الاستحباب الرواية
السابقة وظاهر قوله (ع) فان وصلت أطراف أصابعك في ركوعك إلى ركبتيك أجزاك ذلك يقتضي الوجوب لان الوصول لا يتحقق بدون الوضع الا ان الاجماع المذكور يصرفه عن الظاهر
بحمل الوصول على الأعم من ذلك واعتبر الانحناء احترازا عن أن يخنس ويخرج ركبتيه وهو مائل ينتصب فإنه لا يجزئه وكذا لو جمع بين الانحناء والانخناس بحيث لولا الانخناس لم يبلغ
الراحتان لم يجز ويجب الذكر فيه ولا يتعين فيه لفظ مخصوص منه بل يكفي الذكر مطلقا من تسبيح أو تهليل أو تكبير أو غيرها من الاذكار المشتملة على الثناء على الله تعالى على رأى اعلم أنه
لا خلاف فيه بين الأصحاب في وجوب الذكر في الركوع وخالف فيه بعض العامة والأخبار الدالة على الوجوب
مستفيضة من طرق أصحابنا واختلف الأصحاب في موضعين الأول في أنه
هل يكفي مطلق الذكر أم يتعين فيه التسبيح الثاني هو المشهور ذهب إليه معظم الأصحاب ونقل السيد المرتضى والشيخ وابن زهرة في الانتصار وف والغنية اجماع الفرقة عليه والأول مذهب الشيخ في المبسوط
والجمل واليه ذهب الحليون الأربعة وكثير من المتأخرين وجوز الشيخ في النهاية ان يقال بعد التسبيح لا إله إلا الله والله أكبر مع أنه قال فيه التسبيح في الركوع فريضة من تركه متعمدا فلا صلاة له وظاهر
كونه قولا ثالثا لنا ما رواه الشيخ في الصحيح عن هشام بن الحكم عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له يجزي ان أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا إله إلا الله والحمد لله والله أكبر فقال نعم كل
هذا ذكرا لله وعن هشام بن سالم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) مثله وما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن هشام بن الحكم قال قال أبو عبد الله (ع) ما من كلمة أخف على اللسان منها ولا أبلغ من
سبحان الله قال يجزي في الركوع والسجود ان أقول مكان التسبيح لا إله إلا الله والحمد لله والله أكبر قال نعم كل ذا ذكرا لله وما رواه الشيخ في الحسن عن مسمع أبي سيار عن أبي عبد الله (ع)
قال يجزيك من القول في الركوع والسجود ثلث تسبيحات أو قد رهن مترسلا وليس له ولا كرامة أن يقول سبح سبح سبح وعن مسمع في الحسن أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال لا يجزي الرجل في صلاته
أقل من ثلث تسبيحات أو قدرهن وانما جعلنا هاتين الروايتين من الحسان وفاقا لصاحب المنتقى لان من رواية مسمع ولم يثبت توثيقه نعم روى الكشي عن محمد بن مسعود عن علي بن الحسن بن فضال
توثيقه وابن فضال فطحي ولا يبعد تصحيح الخبر كما فعله صاحب المدارك وصاحب حبل المتين لجلالة شأن ابن فضال والاعتماد التام على نقله وعلى كل تقدير فالخبران من الأخبار المعتبرة
ويؤيد ما ذكرناه ما رواه الكليني عن هشام في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) يجزي عني ان أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود لا إله إلا الله والله أكبر قال نعم احتجوا بما رواه عقبة بن
عامر انه لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت سبح اسم ربك الاعلى قال لنا رسول الله صلى الله عليه وآله اجعلوها في سجودكم وبما رواه هشام بن سالم قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن التسبيح في الركوع والسجود فقال تقول في الركوع سبحان ربي العظيم وفي السجود سبحان ربي الأعلى الفريضة من ذلك تسبيحة واحدة والسنة ثلث والفصل في سبع
وبما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قلت ما يجزي من القول في الركوع والسجود فقال ثلث تسبيحات في ترسل وواحدة تامة تجزي وعن علي بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن الأول
قال سألته عن الركوع والسجود كم يجزي فيه من التسبيح فقال ثلثة ويجزيك واحدة إذا أمكنت جبهتك من الأرض وعن الحسين بن علي بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن الأول (ع) قال سألته عن الرجل يسجد
كم يجزيه من التسبيح في ركوعه وسجوده فقال ثلاث ويجزيه واحدة وعن معوية بن عمار في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) أخف ما يكون من التسبيح في الصلاة قال ثلاث تسبيحات مترسلا تقول سبحان الله سبحان الله
سبحان الله وقريب منها روايات أخرى غير نقية الأسانيد منها ما رواه الشيخ في الموثق عن سماعة قال سألته عن الركوع والسجود هل نزل في القران فقال نعم قول الله عز وجل يا أيها الذين
امنوا اركعوا واسجدوا فقلت كيف حد الركع والسجود فقال إما ما يجزيك من الركوع فثلث تسبيحات تقول سبحان الله ثلثا ومن كان يقوى على أن يطول الركوع والسجود فليطول ما
استطاع يكون ذلك في تسبيح الله وتحميده والدعاء أو التضرع فان أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجده وعن داود الابزاري عن أبي عبد الله (ع) قال أدنى التسبيح ثلث مرات وأنت
ساجد لا تعجل بهن وعن أبي بصير قال سألته عن أدنى ما يجزي من التسبيح في الركوع والسجود فقال ثلاث تسبيحات ومنها رواية أبي بكر الآتية والجواب عن الأول انه خبر ضعيف السند عامي فلا
يصلح معارضا للاخبار السابقة ولو سلم صحته فيجب حمله على الاستحباب جمعا بين الاخبار وعن الثاني ان المراد بقوله الفريضة من ذلك أن الفريضة يتأدى بها لكونها أحد افرادها
لا انها متعينة فرضا وانما حملنا على هذا المعنى جمعا بينه وبين الأخبار السابقة وما دل على جواز مطلق التسبيح أو تسبيح اخر غير المذكور في الخبر مع أن في طريقة القسم بن عروة
وليس في شانه توثيق صريح فلا يقاوم الأخبار السابقة وعن الثالث ان أقصى ما يستفاد منه اجزاء التسبح لا عدم اجزاء غيره لان السؤال وقع عن الشئ المجزي لا حصر المجزي وعن
الرابع ان السؤال فيه انما هو عن القدر المجزي من التسبيح والجواب مطابق له فلا دلالة فيه على عدم الأجزاء غير التسبيح وبه يعلم الجواب عن الخامس وعن السادس بأنه لا دلالة فيها على عدم
اجزاء غير التسبيح وقوله أخف من المحمول على مرتبة لها فضيلة ما جمعا بينه وبين ما دل على جواز الاقتصار على أقل مما ذكر فيه ومما ذكرنا سهل استخراج طريق الجواب عن بقية
الاخبار الثاني القائلون بوجوب التسبيح اختلفوا على عدة أقوال الأول جواز التسبيح مطلقا واليه ذهب السيد المرتضى في الانتصار الثاني وجوب تسبيح واحدة كبرى وهي سبحان ربي العظيم
وبحمده واليه ذهب الشيخ في النهاية الثالث التخيير بين واحدة كبرى وثلث صغريات وهي سبحان الله وهو منسوب إلى ظاهر ابني بابويه وهو الظاهر من كلام الشيخ في النهاية الرابع وجوب التسبيح ثلث مرات على
المختار وواحدة على المضطر وهو منسوب إلى أبي الصلاح فمذهبه وجوب الثلاث ونقل عنه أنه قال أفضله سبحان ربي العظيم وبحمده (ويجوز سبحان الله قال الشارح وهو ظاهره ان المختار لو قال سبحان ربي العظيم وبحمده) ثلاثا كانت واجبة يعنى التخييري الخامس نسب في التذكرة
القول بوجوب ثلاث تسبيحات كبريات إلى بعض علمائنا وهو مؤذن بوجوبها عينا فيكون قولا خامسا والأقرب الأول (على القول) بتعيين التسبيح لدا صحيحة الحسين بن علي بن يقطين (وصحيحة أبيه علي بن يقطين) السابقتين فإنهما
دالتان على جواز الاكتفاء بواحدة ويحمل الاخبار المعارضة لهما على الاستحباب جمعا بين الأدلة لا يقال الأخبار الدالة على عدم اجزاء أقل من ثلث تسبيحات أكثر مما ذكرتم وهي صحيحة معوية
ابن عمار وحسنة مسمع ورواية أبي بصير وداود الابزاري ومضمرة سماعة فيجب ابقاءها على ظواهرها وارتكاب التأويل في الأخبار الدالة على الأجزاء بحملها على حال الضرورة لأنا نقول
حمل الخبرين على حال الضرورة من غير أمر مشعر به تخصيص في نهاية البعد حتى كاد ان لا يكون مجوزا وحمل الاخبار الأخرى على الفضيلة حمل قريب هذا مرجح لا يقاومه الكثرة إذا كانت
اخبار الطرفين معتبرة على أن الكثرة في الأخبار الدالة على عدم الأجزاء ممنوع لان صحيحة ابن عمار معارضة صحيحة علي بن يقطين مع علو اسنادها واستنادها إلى الامام الأخير وحسنة مسمع معارضة
بصحيحة زرارة السابقة الدالة على جواز واحدة تامة فإنها وان حمل على الكبرى كانت أقل من ثلاث تسبيحات في المقدر أو الترجيح معنا بقى الروايات الثلاثة الضعيفة وهي معارضة بصحيحة
ابن يقطين وخبر هشام بن سالم الدال على جواز الاكتفاء سبحان ربي العظيم فإنه أقل من ثلاث تسبيحات فالروايات المذكورة لا يقاوم ما رجحنا مع اعتضاد ما رجحناه في الأخبار الصحيحة
الدالة جواز الذكر مطلق حجة المذهب الثاني رواية هشام بن سالم السابقة والجواب ان الرواية مساو له بالتأويل الذي ذكرنا سابقا جمعا بين الأدلة ويحتمل ان يكون ذلك إشارة
إلى مطلق التسبيح المسؤول عنه إذ هو غير بعيد في مقام الجمع على أن هذا الخبر غير منطبق على المدعا لعدم اشتماله على لفظ وبحمده حجة المذهب لثالث صحيحة زرارة السابقة وصحيحة معوية بن
عمار السابقة والجواب ان رواية زرارة غير دالة على المدعا فان الواحدة التامة يصدق على مثل سبحان الله إذ لا ظهور لها في الكبرى مع أنه لو سلم ظهورها فيها تعين حملها على ما
ذكرناه قضاء لحق الجمع واما رواية معوية فغير دالة على التخيير مع أنه يجب تأويلهما بما ذكرنا سابقا جمعا بين الاخبار وقد يستدل للمذهب الرابع بما رواه الشيخ عن أبي بكر الخضرمي قال قلت
لأبي جعفر (ع) اي شئ حد الركوع والسجود قال تقول سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاثا في الركوع وسبحان ربي الاعلى وبحمده ثلاثا في السجود فمن نقص واحدة نقص ثلث صلاته ومن نقص اثنتين
282

نقص ثلثي صلاته ومن لم يسبح فلا صلاة له والجواب عنه مع قطع النظر عن القدح في السند انها غير دالة على الوجوب بل دلالتها على الاستحباب أظهر خصوصا إذا اقتضته قاعدة الجمع بين الأدلة
ولا يخفى ان مقتضى هذه الرواية استحباب سبحان ربي العظيم وبحمده ونقل في المنتهى اجماع الأصحاب عليه وهي مذكورة في صحيحة حماد وصحيحة أخرى لزرارة فلا يقدح خلو كثير من الروايات عن لفظ
وبحمده كرواية هشام بن سالم السالفة وحسنة الحلبي في ذكر السجود وكذا بعض عبارات الفقهاء ويجب الطمأنينة بضم الطاء وسكون الهمزة بعد الميم وهو سكون الأعضاء واستقرارها في
هيئة الراكع بقدره اي بقدر الذكر الواجب وجوب الطمأنينة بهذا القدر مما لا خلاف فيه بين الأصحاب ونقل اتفاقهم عليه الفاضلان وغيرهما وقال الشيخ في (الخلاف) انها ركن والمشهور خلافه وهو الأصح
لما سنبين من عدم بطلان الصلاة بتركها سهوا ولو كان مريضا لا يتمكن سقطت عنه ولو تمكن من مجاوزه الانحناء أقل لواجب والابتداء بالذكر عند بلوغ حده واكماله قبل الخروج عنه فهل
يجب ذلك قيل لا واستقر به الشهيد في الذكرى للأصل وقيل نعم استنادا إلى أن الذكر في حال الركوع واجب آخر ولا يسقط أحد الواجبين بسقوط الأخر وهو حسن ولو اتى بالذكر
من دون كمال الهوى أو رفع قبل اكماله فان تداركه صح كما صرح به المصنف والشهيد (ره) ويتحقق التدارك في الأخيرة بالاتيان به مطمئنا قبل الخروج عن حد الراكع ومنعه الشارح الفاضل استنادا
إلى كون ذلك منهيا عنه وفيه منع ورفع الرأس منه اي من الركوع فلا يجوز ان يهوى للسجود بدونه الا مع الغدر وهو اجماعي بين الأصحاب ونقل الاجماع عليه جماعة منهم ويدل عليه ورود
الامر به في كثير من الروايات وقول الصادق (ع) في رواية أبي بصير إذا رفعت رأسك من الركوع فاقم صلبك فإنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه والطمأنينة قائما ولا حد لها بل يكفي
مسماها وهو ما يحصل به الاستقرار والسكوت ولا خلاف في وجوبه بين الأصحاب ونقل اجماعهم عليه جماعة منهم وجعلها الشيخ في (الخلاف) ركنا والمشهور خلافه ويدل عليه قوله (ع) في صحيحة
زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والقبلة والوقت والركوع والسجود والظاهر عدم الفرق في اعتبار الرفع بين الفريضة والنافلة وقال المصنف في النهاية لو ترك الاعتدال في
الركوع والسجود في صلاة النفل عمدا لم يبطل صلاته لأنه ليس ركنا في الفرض فكذا في النفل وهو ضعيف ولو عجز المصلي عن الانحناء إلى حد الراكع اتى بالممكن منه ذكره جماعة من الأصحاب
ولم اطلع على خلاف فيه بينهم واستدلوا عليه بوجهين أحدهما ان الزيادة على المقدور ممتنعة بالنسبة إليه فيكون التكليف به منفيا ويجب الاتيان بالمقدور لأنه بعض الوجب و
فيه نظر لان اجزاء الواجب وجوبها تابع لوجوب الكل وليس لها وجوب أصالة فإذا انتفى وجوب الكل استتبع ذلك انتفاء وجوب الجزء التابع لوجوب الكل واثبات وجوب اخر بالنسبة إليه
أصالة يحتاج إلى دليل وثانيهما قوله (ع) لا يسقط الميسور بالمعسور فيه تأمل لما فيه من الاجمال الموجب اخفاء مدلوله فيشكل الاستناد إليه ويمكن الاستدلال عليه بالآية لان الركوع في
اللغة بمعنى الانحناء ولم يثبت حقيقة شرعية للفظ الركوع حتى يحمل عليه وما ذكره جماعة من العلماء من أن الركوع حقيقة شرعية في الانحناء الخاص لم يثبت فيجب مطلق
الانحناء مهما أمكن لكن هذا الاستدلال مبني على أن الحقيقة الشرعية إذا لم يثبت يجب حمل الكلام على المعنى اللغوي أو العرفي ان ثبت بناء على أن الأصل عدم النقل ولى في عموم هذا الحكم
تأمل وتفصيله متعلق بفن اخر ومع ذلك القدر المستفاد من هذا الدليل وجوب مطلق الانحناء لا الانحناء بحسب الممكن فلا يتم الاستدلال بمجرد الآية على المدعا ويمكن الاستدلال
عليه بقوله (ع) إذا أمرتكم بشئ فاتوا منه ما استطعتم فالامر في ثبوت هذه المسألة ونظائرها هين بعد توقف البراءة اليقينية عليه وعدم ظهور خلاف فيه ولو عجز أصلا أومأ
برأسه والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه القاعدة التي أشرنا إليه مرارا والراكع خلقة لكبر أو مرض يزيد انحناء يسيرا وجوبا عند المصنف والمحقق في الشرايع واستحبابا
على قول اختاره المحقق في المعتبر وهو المنقول عن الشيخ حجة الأول وجوب تحصيل الفرق بين الركوع والقيام وفيه منع واضح وحجة الثاني الأصل وفيه تأمل والأول أقرب لتوقف
اليقين بالبرائة من التكليف الثابت عليه ويمكن ان يتكلف في الاستدلال عليه بالآية بان يقال الامر بالركوع في الآية عام والركوع بمعنى الانحناء بناء على عدم ثبوت الحقيقة
الشرعية فالامتثال لا يحصل الا بالاتيان بفرد من الانحناء ولا يكفي في ذلك حصوله اضطرارا فيجب تحصيل فرد من الانحناء غير حاصل بالاضطرار لتحصيل الامتثال وفيه كلام
أشرنا إليه مع أن التكليف بالانحناء منصرف عرفا إلى من لم يكن منحنيا فتدبر وينحني طويل اليدين وقصيرهما ومقطوعهما كالمستوي والظاهر أنه لا خلاف فيه بينهم حملا للأوامر على الغالب
ويسقط الطمأنينة في الحالين مع العجز قد سبق ما يفي ببيانه ويستحب التكبير له اي للركوع هذا هو المشهور بين الأصحاب (وأوجب ابن أبي عقيل تكبير الركوع) وأوجب سلار تكبير الركوع والسجود والقيام والقعود وكذا نقل في المختلف
ونقل الشيخ في المبسوط عن بعض أصحابنا (القول بوجوب تكبير) الركوع عن بعض أصحابنا وان تركها عمدا يبطل الصلاة حجة الأول على عدم الوجوب الأصل وما رواه الشيخ عن أبي بصير قالت سألت أبا عبد الله (ع) عن
أدنى ما يجزي من التكبير في الصلاة قال تكبيرة واحدة وهذه الرواية عدها جماعة من الأصحاب من الموثقات مع أن في طريقها محمد بن سنان وهو ضعيف فالتعويل عليها لا يخلو عن اشكال
والتمسك بالأصل في عدم وجوب التكبير بعد ثبوت التكليف بأصل الصلاة المتوقف برائته على الاتيان لا يخلو عن اشكال كما وقعت الإشارة إليه في المباحث السابقة ويمكن ان يقال
حديث أبي بصير وإن كان ضعيف السند الا ان شهره مدلولها بين الأصحاب يكفي في العمل بها وقد قال الشهيد في الذكرى قد استقر الاجماع على خلاف قول ابن أبي عقيل وسلار والأصل
أيضا يمكن الاستناد به هيهنا لان تكبير الركوع ليس جزأ للصلاة معتبرا في ماهيتها لظاهر قولها أبى جعفر (ع) في صحيحة زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة إلى آخر الخبر السالف وإذا لم يكن جزأ للصلاة
يحصل امتثال التكليف بالصلاة واليقين بذلك بدونه وحينئذ يصح ان يقال الأصل عدم وجوبه كما لا يخفى والظاهر أن للقائل بالوجوب انما يقول بوجوب إعادة الصلاة إذا تركها المكلف
عامدا وحينئذ فصحيحة زرارة حجة عليه وعلى رجحان فعله ما رواه الكليني والشيح عنه عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال إذا أردت ان تركع فقل وأنت منتصب الله أكبر ثم اركع وقل
رب لك ركعت إلى اخر الحديث وفى صحيحة حماد السابقة في وصف صلاة الصادق (ع) انه رفع يديه حيال وجهه قال الله أكبر وهو قائم ثم ركع ويستحب كون التكبير للركوع قائما للروايتين
المذكورتين وقال الشيخ في الخلاف ويجوز ان يهوى بالتكبير فان أراد الجواز المطلق فهو متجه وان أراد المساواة في الفضيلة (فممنوع) ذكر ذلك جماعة من المتأخرين رافعا يديه والقول باستجاب
هذا مشهور بين الأصحاب ونقل المرتضى اجماع الامامية على وجوب الرفع وجعله من متفرداتهم قال في المعتبر ولا اعرف ما حكاه (ره) وظاهر ابن الجنيد وجوب الرفع في تكبيرة الاحرام خاصة ويدل
على مطلق الرجحان صحيحة حماد المذكورة وما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح قال رأيت أبا عبد الله (ع) يرفع يديه إذا ركع وإذا رفع رأسه من السجود وإذا أراد ان يسجد الثانية وعن
صفوان الجمال في الصحيح قال رأيت أبا عبد الله (ع) إذا كبر في الصلاة رفع يديه حتى يكاد يبلغ اذنيه وعن
ابن مسكان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال في الرجل يرفع يديه كلما اهوى
للركوع والسجود وكلما رفع رأسه من ركوع أو سجود وقال هو العبودية وعن زرارة قال قال أبو عبد الله (ع) رفع يديك في الصلاة زينها ونقل في الذكرى عن الحسين بن سعيد انه نقل
في كتابه عن علي (ع) باسناده رفع اليدين في التكبير وهو العبودية وعلى عدم الوجوب ما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال قال على الامام ان يرفع يده في الصلاة
ليس على غيره ويلزم عدم الوجوب على الامام لعدم القائل بالفصل وقوله على الامام ان يرفع يده محمول على تأكد الفضيلة كما مر وقد مر تمام الكلام في هذا الباب في تكبيرة الاحرام
وقد مر هناك أيضا بيان كيفية الرفع فارجع إليه واعلم أن المشهور بين الأصحاب ان استحباب الرفع انما هو في حال التكبير وانه ليس في حال الرفع من الركوع تكبير ولا رفع يد حتى قال المحقق
في المعتبر رفع اليدين بالتكبير مستحب في كل رفع ووضع الا في الرفع من الركوع فإنه يقول سمع الله لمن حمده من غير تكبير ولا رفع يد وهو مذهب علمائنا ثم قال بعد مباحثة ذكرها
وقد روى في بعض اخبارنا استحباب رفع اليدين عند الرفع من الركوع أيضا ونقل روايتي ابن عمار وابن مسكان وكلامه الأول ظاهر في نقل الاتفاق على ما ذكره وهو مشكل بعد تصريح
ابن بابويه وغيره بخلافه وقال الشهيد في الذكرى بعد نقل روايتي ابن عمار وابن مسكان وظاهرهما مقارنة الرفع للرفع وعدم تقييد الرفع بالتكبير فلو ترك التكبير فظاهرهما استحباب الرفع
والحديثان اوردهما في التهذيب ولم ينكر منهما شيئا وهما يتضمنان رفع اليدين عند رفع الرأس من الركوع ولم اقف على قائل باستحبابه الا ابني بابويه وصاحب الفاخر ونفاه ابن أبي عقيل والفاضل
283

وهو ظاهر ابن الجنيد والأقرب استحبابه لصحة سند الحديثين وأصالة الجواز وعموم ان الرفع زينة الصلاة واستكانه من المصلي وحينئذ يبتدى بالرفع عند ابتداء رفع الرأس وينتهي بانتهائه
وعليه جماعة من العامة انتهى كلامه ويستحب أيضا رد الركبتين إلى خلف وتسوية الظهر ومد العنق والدعاء المستند فيها روايات كثيرة ولنكتف بايراد رواية واحدة يتضمن الجميع
روى الكليني والشيخ عنه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا أردت ان تركع فقل وأنت منتصب الله أكبر ثم اركع وقل رب لك ركعت ولك أسلمت وبك امنت وعليك توكلت
وأنت ربي خشع لك سمعي وبصري وشعري وبشري ولحمي ودمي وعصبي وعظامي وما أقلته قدماي غير مستنكف ولا مستكبر ولا مستحير سبحان ربي العظيم وبحمده ثلاث مرات
في ترسل ونصف في ركوعك بين قدميك وتجعل بينهما قدر شبر وتمكن راحتيك من ركبتيك وتضع يدك اليمنى على ركبتك اليمنى قبل اليسرى وتلقم بأطراف أصابعك عين
الركبة وفرج أصابعك إذا وضعتها على ركبتيك وأقم صلبك ومد عنقك وليكن نظرك بين قدميك ثم قل سمع الله لمن حمده وأنت منتصب قائم الحمد لله رب العالمين أهل
الجبروت والكبرياء والعظمة لله رب العالمين تجهر بها صوتك ثم رفع يدك بالتكبير وتخر ساجدا والتسبيح بعد الدعاء ثلاثا أو خمسا أو سبعا يدل على استحباب الثلاث وأفضلية السبع
رواية هشام بن سالم السالفة في ذكر الركوع واما خصوص الخمس فلم اطلع على رواية دالة عليه وظاهر كلام المصنف وجماعة من الأصحاب ان منتهى الفضيلة السبع كما هو ظاهر رواية هشام لكن
روى الشيخ عن أبان بن تغلب في الصحيح قال دخلت على أبي عبد الله (ع) وهو يصلي فعددنا له في الركوع والسجود ستين تسبيحة وروى الكليني عن حمزة بن حمران والحسن بن زياد قالا دخلنا إلى
أبي عبد الله (ع) وعنده قوم فصلى بهم العصر وقد كنا صلينا فعددنا له في ركوعه سبحان ربي العظيم وبحمده أربعا أو ثلثا وثلثين مرة وقال أحدهما في حديثه وبحمده في الركوع والسجود
سواء وذكر جماعة من الأصحاب منهم المحقق في المعتبر الوجه استحباب ما يتسع له العزم ولا يحصل به السام الا ان يكون إماما فان التخفيف أليق لئلا يلحق السام وقد روى النبي صلى الله عليه وآله كان
إذا صلى بالناس خفف بهم الا ان يعلم منهم الانشراح لذلك وهو حسن ويدل عليه رواية سماعة السابقة في ذكر الركوع ويقول سمع الله لمن حمده من الركوع إماما كان أو مأموما
أو منفردا ونقل المصنف في المنتهى اجماع علمائنا عليه وأسنده في المعتبر إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الاجماع عليه ويدل عليه صحيحة زرارة السابقة عن قريب وصحيحة حماد السابقة ويستحب الدعاء
بعد التسميع بان يقول الحمد لله رب العالمين أهل الجبروت والكبرياء والعظمة لله رب العالمين سواء كان إماما أو مأموما قال المصنف انه فتوى علمائنا ويدل عليه صحيحة زرارة السابقة
وقال في المعتبر ويستحب الدعاء بعده بان يقول الحمد لله رب العالمين أهل الكبرياء والعظمة نقله عن الشيخ وقال إنه مذهب علمائنا ونقل في الذكرى عن الحسين بن سعيد انه روى باسناده إلى
أبي بصير عن الصادق (ع) سمع الله لمن حمده الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم بحول الله وقوته أقوم واقعد أهل الكبرياء والعظمة والجبروت ولو قيل باستحباب التحميد خاصة للمأموم لم يكن بعيدا
لما رواه الكليني عن جميل بن دراج في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) قلت ما يقول الرجل خلف الامام إذا قال سمع الله لمن حمده فلا يقول الحمد لله رب العالمين ويخفض من الصوت إذ الظاهر أن
الضمير في قوله إذا سمع الله لمن حمده يرجع إلى الامام ولا يبعد ارجاعه إلى المأموم لئلا ينافي مدلول الخبر لما ادعى عليه الاتفاق لكن نقل الشهيد في الذكرى عن الحسين بن سعيد انه روى
باسناده إلى محمد بن مسلم عن الصادق (ع) إذا قال الامام سمع الله لمن حمده قال من خلفه ربنا لك الحمد وإن كان وحده إماما أو غيره قال سمع الله لمن حمده الحمد لله رب العالمين و
قال الشيخ (ره) ولو قال ربنا لك الحمد لم يفسد صلاته لأنه نوع تحميد لكن المنقول عن أهل البيت (عليهم السلام) أولي وجعل في المنتهى تركه أولي مؤذنا بنسبته إلى الأصحاب ونقل في الذكرى عن
المحقق انكار القول المذكور للمأموم وان المروي ما ذكره الشيخ ثم قال والذي ذكره في المعتبر يدفعه قضية الأصل والخبر حجة عليه وطريقه صحيح واليه ذهب صاحب الفاخر واختاره ابن الجنيد
ولم يقيده بالمأموم واستحب أيضا في الذكر هنا بالله أقوم واقعد واعلم أن في روايتنا ربنا لك الحمد بدون الواو والعامة مختلفون في ثبوتها وسقوطها فمنهم من اسقطها
لأنها زيادة لا معنى لها وهو منسوبا إلى الشافعي والأكثر على ثبوتها فمنهم من زعم أنها واو العطف والمعطوف هيهنا مقدر والواو يدل عليه وتقديره ربنا حمدناك ولك الحمد فيكون
ذلك أبلغ في الحمد وزعم بعضهم ان الواو قد يكون مقتحه في كلام العرب وهذه منها لورود اللفظين في الاخبار الصحاح عندهم والظاهر أن اثباتها جائز لغة لان الواو قد يزاد في
كلام العرب كما ذهب إليه الأخفش والكوفيون وجماعة وقال ابن هشام في المغني والزيادة ظاهرة في قوله فما بال من أسعى لاخبر عظمه حياطا وينوي من سفاهته كسرى
ولقد رمقتك في المجالس كلها فإذا وأنت تعين من يبغينني ثم المشهور بين الأصحاب ما ذكره المصنف من كون التسميع بعد الانتصاب وكلام المصنف والمحقق دال على أن ذلك اجماعي بينهم
وذهب أبو الصلاح وابن زهرة إلى أنه يقول سمع الله لمن حمده في حال ارتفاعه وباقي الاذكار في حال الانتصاب ونقله في الذكرى عن ظاهر ابن أبي عقيل وابن إدريس وروايتا زرارة
وحماد حجتان عليهم ويستفاد من رواية زرارة استحباب الجهر بها قال في الذكرى ولعله لغير المأموم إذ يستحب الاخفات له في جميع اذكاره ثم اعلم أن سمع من الافعال المتعدية إلى المفعول
بأنفسها وعدى هيهنا باللام تضمنا لمعنى استحباب فعدى بما تعدى به كما أن قوله تعالى لا يسمعون الملاء الاعلى ضمن معنى يضعون فعدى بالى قال ابن الأثير سمع الله لمن حمده اي
أجاب حمده وتقبله يقال اسمع دعائي اي أجب لان غرض السائل الإجابة والقبول ومنه الحديث اللهم إني أعوذ بك من دعاء لا يسمع اي لا يستجاب ولا يعتد به فكأنه غير مسموع ومنه
الحديث سمع سامع بحمد الله وحسن بلاءه علينا اي ليسمع السامع وليشهد الشاهد حمدنا الله انتهى وهذه اللفظة يحتمل بحسب اللفظ الدعاء والثناء والأظهر كونه دعاء
روى الكليني في كتاب الدعاء باسناده إلى المفضل قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك علمني دعاء جامعا فقال لي احمد الله فإنه لا يبقى أحد يصلي الا دعاك يقول سمع الله
لمن حمده ويكره الركوع ويداه تحت ثيابه بل يكون بارزة أو في كمة ذكر ذلك الشيخ في المبسوط وتبعه كثير من الأصحاب وقال ابن الجنيد لو ركع ويداه تحت ثيابه جاز ذلك إذا كان عليه ميزر
أو سراويل ويدل عليه ما رواه الشيخ في الموثق عن العمار عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يدخل يديه تحت ثوبه قال إن كان عليه ثوب اخر فلا باس وقال أبو الصلاح ويكره ادخال
اليدين في الكمين أو تحت الثياب ومستند اطلاق القول بالكراهة غير واضح ولعله ما روى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن الرجل يصلي ولا يخرج يديه عن
ثوبه قال إن اخرج يديه فحسن وان لم يخرج فلا باس ففيه اشعار ما بالمدعى لكن ليس له دلالة واضحة عليه وذكر جماعة من الأصحاب كراهة أشياء أخرى في الركوع كالتديح وهو ان
الظهر ويطأطأ الرأس والانخناس الذي يكون معه تمام الانحناء الواجب وهو تقويس الركبتين والتراجع إلى وراء والتطبيق وهو جعل أحد الكفين على الأخرى ثم ادخالهما بين ركبتيه وظاهر
الخلاف وابن الجنيد التحريم والتبازخ وهو تسريح الظهر اي جعله كالسرج للظهر واخراج الصدر
السادس من واجبات الصلاة السجود وهو لغة الخضوع وشرعا وضع
الجبهة على الأرض ونحوها فهو خضوع خاص ويجب في كل ركعة سجدتان هذا اجماعي بين المسلمين بل كان ان يكون من ضروريات الدين ويدل عليه النصوص المعتبرة هما معا
ركن تبطل الصلاة بتركها عمدا وسهوا نقل المصنف في التذكرة الاجماع عليه وقال المحقق في المعتبر انه مذهب العلماء كافة ويدل عليه ان السجود جزء من الصلاة قطعا والاخلال
بالجزء يستلزم الاخلاص بالكل فالاخلال بالسجود يستلزم عدم الاتيان بالمأمور به فيبقى المكلف تحت العهدة إلى أن يتحقق الامتثال ويدل عليه أيضا ما رواه الصدوق والشيخ
في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال لا تعاد الصلاة الا من خمسة وعد فيها السجود والمشهور انه لا فرق بين الأوليين والآخرين وذهب الشيخ في المبسوط إلى انهما ركن في الأوليين وثالثة
المغرب دون الأخيرتين بناء على أن الناسي فيهما لا يعيد الصلاة وسيجيئ تحقيق ذلك في محله انشاء الله تعالى لا يترك إحديهما سهوا هذا مذهب الأكثر ونقل في الذكرى الاجماع عليه
ونقل عن ظاهر ابن أبي عقيل ان يسال السجدة الواحدة يبطل وإن كان سهوا والمعتمد الأول لروايات كثيرة نذكرها انشاء الله تعالى في أحكام السهو أو استند ابن أبي عقيل إلى رواية ضعيفة
سيجيئ في محلها واستدل لها المتأخرون بان الاخلال بالسجدة اخلال بالركن الذي يوجب اخلاله بطلان الصلاة سواء كان ذك عمدا أو سهوا لان مجموع السجدتين ركن والاخلال
284

بالجزء يستلزم الاخلال بالكل والجواب منع كون المجموع ركنا بهذا المعنى وقد أطال المتأخرون الكلام هيهنا بما لا فائدة فيه وفي ايراده ولا محيص الا بالتزام عدم ركنية المجموع بعد
تفسير الركن بهذا المعنى ويجب في كل سجدة وضع الجبهة على ما يصح السجود عليه قد تقدم بيانه في المكان فلو سجد على كور العمامة وهي دورها لم يجز والمانع عنه كونه من غير جنس ما يصح
السجود عليه غالبا لا كونه محمولا وأطلق الشيخ في المبسوط المنع عما هو حامل له ككور العمامة قال الشهيد في الذكرى فان قصد لكونه من جنس ما لا يسجد عليه فمرحبا بالوفاق وان جعل
المانع نفس الحمل كمذهب العامة طولب بالدليل ويتحقق وضعها بوضع ما يصدق عليه الاسم منها على المشهور بين الأصحاب وحدده ابن بابويه في موضعين من الفقيه بمقدار الدرهم و
كذا في المقنع على ما نقل عنه ونحوه قال ابن إدريس وصدر المسألة بما إذا كان على جبهته علة فكأنه يرى أن الاجتزاء بالدرهم مع تعذر الأكثر والمعتمد الأول لأنه يصدق معه
مسمى وضع الجبهة والتكليف بالمطلق تقتضي الاكتفاء بالمسمى لما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح عن أحدهما (ع) قال قلت له الرجل يسجد وعليه قلنسوة أو عمامة فقال إذا مس شيئا
من جبهته الأرض فيما بين حاجبيه وقصاص شعره فقد أجزأ عنه وعن عمار الساباطي في الموثق ان أبي عبد الله (ع) انه إذا قال ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف مسجد فما أصاب
الأرض منه فقد أجزاك وعن زرارة في الصحيح عنه مثل ذلك وما رواه الشيخ عن مروان بن مسلم وعمار الساباطي قال ما بين قصاص الشعر إلى طرف الأنف مسجد اي ذلك أصيب به (أصاب) الأرض
أجزاك وهذا الخبر من الأخبار المعتبرة إذ ليس في طريقها من يتوقف في شانه الا الحسن بن علي بن فضال وهو من الثقة والجلالة بمكان وما رواه ابن بابويه والشيخ في الصحيح عن زرارة
عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن المريض كيف يسجد فقال على حمرة أو على مروحة أو على سؤاك يرفعه إليه وهو أفضل من الايماء انما كره من كره السجود على المروحة من أجل الأوثان
التي كانت تعبد من دون الله وانا لم نعبد غير الله فقط فاسجدوا على المروحة وعلى السؤاك وعلى عود وفي الفقيه والتهذيب اختلاف في ألفاظ الحديث وانما أوردناه من الفقيه ويؤيده
ما رواه الشيخ باسناد لا يخلو عن اعتبار ما عن بريد عن أبي جعفر (ع) قال الجبهة إلى الانف اي ذلك أصبت به الأرض في السجود أجزاك والسجود عليه كله أفضل وما رواه باسناد فيه ضعف
لمكان عبد الله ابن بحر عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن حد السجود قال ما بين قصاص الشعر إلى موضع الحاجب ما وضعت منه أجزاك ولعل مستند ابن بابويه وابن إدريس ما رواه
الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال الجبهة كلها من قصاص شعر الرأس إلى الحاجبين موضع السجود فأيما سقط من ذلك إلى الأرض أجزاك مقدار الدرهم مقدار
طرف الأنملة وغالب استعمال الأجزاء في أقل الواجب والجواب ان طرف الأنملة أقل من مقدار الدرهم فلا دلالة فيها على المدعا بل هي بالدلالة على نقيضه أشبه سلمنا لكنها محمولة
على الفضيلة والاستحباب جمعا بين الأدلة وبه قطع الشهيد في الذكرى في باب المكان ثم رجع عنه بعد ذلك وقال الأقرب ان لا ينقص في الجبهة عن درهم التصريح الخبر وكثير من الأصحاب
به فيحمل المطلق من الاخبار وكلام الأصحاب على المقيد وليس بجيد وربما يحتج لهما بما رواه الشيخ في الصحيح عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن المراة يطول قصتها فإذا
سجدت رفع بعض جبهتها على الأرض وبعض يغطيه الشعر هل يجوز ذلك قال لا حتى تضع جبهتها على الأرض القصة شعر الناصية والجواب ان هذه الرواية غير دالة على مطلوبهم
إذ ليس فيها التحديد بالدرهم أصلا وما تضمنته من السجود على جميع الجبهة محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة إما بحمل الجواز المنفي في الخبر على ما لا مرجوحية فيه أو حمل قوله لا
على الكراهة لا على النفي ولا على التحريم ويجب أيضا عدم علو موضع الجبهة على الموقف بأزيد من لبنة بفتح اللام وكسر الباء أو بكسر اللام وسكون الباء والمراد بها المعتادة في
زمان ظهور المعصومين عليهم السلام وقيدت بأربع أصابع مضمومة ذكر هذا التقدير الشيخ ومن تبعه من المتأخرين عنه والحكم بعدم جواز ارتفاع موضع السجود عن الموقف بهذا المقدار
معروف بين الأصحاب واسند في المنتهى هذا التحديد إلى الشيخ ثم قال وهو مذهب علمائنا مؤذنا بدعوى الاجماع عليه وأسنده في الذكرى إلى الأصحاب وقال المحقق في المعتبر ولا
يجوز ان يكون موضع السجود أعلى من موقف المصلي بما يعتد به مع الاختيار وعليه علمائنا لأنه يخرج بذلك عن الهيئة المنقولة عن صاحب الشرع وقريب منه كلام المصنف في التذكرة و
نسب في المعتبر التحديد باللبنة إلى الشيخ واحتجوا على ذلك بما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد
الله (ع) قال سألته عن السجود على الأرض المرتفعة فقال إذا كان موضع جبهتك مرتفعا
عن موضع يديك قدر لبنة فلا باس وجه الدلالة تعليق نفي الباس على هذا المقدار فيكون الباس ثابتا في القدر والزائد عليه وعندي هذه الرواية من الحسان لان في طريقها
النهدي والظاهر كونه هشيم بن أبي مسروق بقرينة رواية محمد بن علي بن محبوب عنه وليس في شانه إلى ما نقل الكشي عن حمدويه عن أصحابنا انه فاضل وله كتاب يرويه جماعة من الثقات
كمحمد بن علي بن محبوب وسعد بن عبد الله أو محمد بن الحسن الصفار وفيه أيضا اشعار يحسن حاله والظاهر أن مثل هذه الأخبار إذا اشتهر بين الأصحاب يكفي لصحة التعويل عليه وحينئذ تعين التأويل
فيما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن سنان قال سألت أبا عبد الله (ع) عن موضع جبهة الساجد أيكون ارفع من مقامه قال لا ولكن ليكن مستويا بالحمل على الرجحان المطلق ويؤيده ما رواه الشيخ
عن أبي بصير في الصحيح على الظاهر قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يرفع موضع جبهته في المسجد فقال اني أحب ان أضع وجهي في موضع قدمي وكرهه والحق الشهيد الانخفاض بالارتفاع وتبعه
على ذلك الشهيد الثاني ولم أجده في كلام غيرهما من المتقدمين عليهما بل المستفاد من كلامهم استحباب المساواة وعدم جواز الارتفاع بالمقدار المذكور حسب وصرح المصنف في
النهاية بجواز الانخفاض ونقل في التذكرة الاجماع عليه ويدل عليه صدق السجود معه فيحصل الامتثال واستدل الشهيد بما رواه الشيخ في الموثق عن عمار عن أبي عبد الله (ع) في المريض يقوم
على فراشه ويسجد على الأرض فقال إذا كان الفراش غليظا قدر اجرة أو أقل استقام له ان يقوم عليه ويسجد على الأرض وإن كان أكثر من ذلك فلا وهي غير ناهضة باثبات التحريم
ولا فرق في اعتبار عدم العلو بين الأرض المنحدرة وغيرها لاطلاق النص والفتوى وانسحابه في عدم الانخفاض على القول باعتباره مشكل لعدم العموم في النص الذي هو مستنده
واعتبر الشهيد (ره) ذلك في بقية المساجد ولم أجده في كلام من تقدم عليه الا ان المصنف في النهاية قال يحسب تساوي الأعالي والأسافل أو انخفاض الأعالي وهو ظاهر فيما ذكره الاحتياط
فيه وإن كان اثبات وجوبه محل اشكال مع أن التقريب الذي أشرنا إليه يقتضي نفيه ولو وقعت جبهته على ارض مرتفع بأزيد من اللبنة وقد قطع الفاضلان وغيرهما بأنه يرفع
رأسه ويسجد على المساوي لعدم تحقق السجود فلا يصح يؤثر في حصول التكرار ولا مانع عنه ويؤيده ما رواه الشيخ عن الحسين بن حماد قال قلت لأبي عبد الله (ع) اسجد فيقع جبهتي على الموضع
المرتفع قال ارفع رأسك ثم ضعه والحسين راوي هذه الرواية غير موثق في كتب الرجال لكن قد يروى بعض من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح منه وفيه اشعار ما بحسن حاله وعلى
كل تقدير يصلح للتأييد وروى الشيخ في الصحيح عن معوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) إذا وضعت جبهتك على نبكة فلا ترفعها ولكن جرها على الأرض قال في الخلاف النبكة محركة ويسكن
اكمة محددة الرأس وربما كانت حمراء أو ارض فيها صعود وهبوط أو التل الصغير وفي الصحيح عن ابن مسكان عن حسين بن حماد عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له أضع وجهي للسجود فيقع وجهي
على حجر أو على شئ مرتفع أحول وجهي إلى مكان مستو قال نعم جر وجهك على الأرض من غير أن ترفعه وحمل المصنف هذين الخبرين على ما إذا كان المرتفع قدر لبنة فما دون وحملها على الاستحباب
وحمل الخبر الأول على الجواز المطلق بان يكون الامر فيه محمولا على الارشاد غير بعيد وجمع المحقق في المعتبر بحمل رواية ابن عمار على مرتفع يصح معه السجود فيجب السحب لئلا يزيد في
السجود وهو بعيد والأحوط عدم العدول عن مدلول الروايتين الأخيرتين مع الامكان ولو وقعت الجبهة على ما لا يصح السجود عليه ولو لم يكن مرتفعا بالقدر المنهى فهل يجوز
الرفع ثم السجدة ظاهر المصنف في التذكرة نعم ومنعه المدقق الشيخ علي بل أوجب جرها إلى ما يصح السجود عليه وتبعه عليه الشارح الفاضل وهو أحوط وإن كان اثباته مشكلا والذكر فيه
مطلقا على رأى والبحث في هذه المسألة كما مر في الركوع خلافا واستدلالا ومختارا والسجود على سبعة أعضاء والجبهة والكفين والركبتين وابهامي الرجلين هذا مذهب الأصحاب
بل نقل المصنف في التذكرة والشهيد في الذكرى اجماع الأصحاب عليه الا المرتضى فإنه جعل عوض الكفين المفصل عند الزندين ووافقه على ذلك ابن إدريس ويدل على المشهور ما رواه الشيخ
285

في الصحيح عن زرارة قال قال أبو جعفر (ع) قال رسول الله صلى الله عليه وآله السجود على (سبعة) أعظم الجبهة واليدين والركبتين والابهامين وترغم بانفك ارغاما فاما الفرض فهذه السبعة واما الارغام بالأنف فسنة
من النبي صلى الله عليه وآله وما رواه حماد بن عيسى في الحسن ان الصادق (ع) لما علمه الصلاة سجد على الثمانية الأعظم الكفين والركبتين وأنامل ابهامي الرجلين والجبهة والأنف وقال سبع منها فرض يسجد
عليها وهي التي ذكرها الله عز وجل في كتابه وقال إن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا وهي الجبهة والكفان والركبتان والابهامان ووضع الانف على الأرض سنة واعلم أن المراد
بالكفين ما يشمل الأصابع وقد صرح الفاضلان ومن تبعهما من المتأخرين بأنه يكفي في وضع الكفين وغيرهما (المسمى) ولا يجب الاستيعاب ولم أجد قائلا بخلاف ذلك ويدل عليه حصول الامتثال
بذلك وعموم صحيحة زرارة المشتملة على حصر ما يعاد منه الصلاة مضافا إلى الأصل والمصنف مع تصريحه بما ذكرنا في غير واحد من كتبه تردد في المنتهى فقال فيه هل يجب استيعاب
جميع الكف بالسجود عندي فيه تردد والحمل على الجبهة يحتاج إلى دليل لورود النص في خصوصية الجبهة والتعدي بالاجراء في البعض يحتاج إلى دليل والأحوط اعتبار باطنهما لكون ذلك
هو المعهود وصرح المصنف في النهاية والشهيدان بعدم الاجتزاء بالظاهر ونقل في الذكرى عن الأكثر ونقل في النهاية عن ظاهر علمائنا الا المرتضى وجوب تلقي الأرض بباطن راحتيه وتنظر فيه المصنف في
المنتهى وجوز المرتضى وابن الجنيد وابن إدريس القاء زنديه وتنظر فيه المصنف في المنتهى والظاهر من الخبرين الاعتبار بالابهامين وهو المذكور في أكثر عباراتهم واستقرب المصنف في المنتهى جواز
السجود على ظاهر ابهامي الرجلين وهو غير بعيد عملا بعموم الرواية وذكر ابن إدريس طرفي ابهامي الرجلين وفي المبسوط ان وضع بعض أصابع رجليه اجزاء وابن زهرة يسجد على أطراف القدمين وأبو الصلاح
أطراف أصابع الرجلين واستوجه الشهيد تعين الابهامين وهو ظاهر الأكثر قال نعم لو تعذر السجود عليهما لعدمهما أو قصرهما اجزاء على بقية الأصابع وهو حسن ويجب الاعتماد على
مواضع الأعضاء بالقاء ثقلها عليها فلو تحامل عنها لم يجز على ما خرج به جماعة من الأصحاب وعلل بان الطمأنينة لا يحصل بهذا القدر ولعل ذلك هو المتبادر من الامر بالسجود
على الأعضاء وروى علي بن يقطين في الصحيح عن الكاظم (ع) يجزيك واحدة إذا أمكنت جبهتك من الأرض يعنى تسبيحة اوردها الشيخ في التهذيب وروى الشيخ في التهذيب عن علي بن جعفر عن أخيه
موسى بن جعفر (ع) قال سألته عن الرجل يسجد على الحصى ولا يمكن جبهته على الأرض قال يحرك جبهته حتى تمكن فيثحى الحصى عن جبهته ولا يرفع رأسه والروايتان مع عدم صراحتها في الوجوب
لا يعمان الأعضاء السبعة والمناقشة إلى التعليلات متطرقة الا ان الصواب العمل على ما وافق المشهور والاحتياط وعلى هذا فلو سجد على مثل الصوف والقطن وجب ان يعتمد عليه
حتى يثبت الأعضاء ان أمكن والا لم يصل عليه مع امكان غيره ولا يجب المبالغة في الاعتماد بحيث يزيد على قدر نقل الأعضاء ولا استواء الأعضاء في مقدار الثقل ويجب ان
يجافي بطنه عن الأرض فلو أكب على وجهه ومد يديه ورجليه ووضع جبهته على الأرض سطحا لم يجزه على ما صرح به المصنف وغيره لأنه لا يسمى ذلك سجودا ولو تعذر وضع بعض المساجد
وضع ما بقى والطمأنينة فيها اي في السجود بقدر الذكر الواجب هذا قول علمائنا أجمع واحتجوا عليه بوجوب
التأسي ورواية حماد وغيرها وللتأمل فيها مجال الا ان ظهور
الاتفاق مع توقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه وانضمام ما ذكر من الأدلة إليها يقتضي القطع بوجوبها وذهب الشيخ في الخلاف إلى انها ركن وهو ضعيف وسيجيئ تحقيقه
انشاء الله تعالى ولو لم يعلم الذكر الواجب فالظاهر وجوب الطمأنينة بقدره لعدم سقوط أحد الواجبين لسقوط الأخر ورفع الرأس منه والجلوس مطمئنا عقيب السجدة الأولى هذا
مذهب علمائنا كافة نقل ذلك جماعة من العلماء ويدل عليه توقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه ولا حد لهذه الطمأنينة بل يكفي مسماها والعاجز عن السجود لمرض
ونحوه اقتصر على ما يتمكن منه وظاهر المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر انها اجماعية فان عجز عن ذلك يؤمئ برأسه فان تعذر فبعينه ولو احتاج إلى رفع شئ يسجد عليه فعل وقد مر
تحقيق هذه الأحكام في مبحث القيام وذو الدمل والجرح والورم ونحوها إذا لم يمكنه وضع الجبهة على الأرض يحفر لها حفيرة أو يعمل لها شيئا مجوفا من طين أو خشب ونحوه ليقع
السليم من الجبهة على الأرض فان تعذر لاستغراق الجبهة أو غير ذلك سجد على إحدى الجبينين فان تعذر فعلى ذقنه هذا هو المشهور بين الأصحاب وقال الشيخ في المبسوط إن كان هناك دمل
أو جراح ولم يتمكن من السجود عليه سجد على أحد جانبيه فإن لم يتمكن سجد على ذقنه وان جعل لموضع الدمل حفرة يجعلها فيها كان جائزا وفيه تصريح بعدم الوجوب ونحوه قال في النهاية
وقال ابن حمزة يسجد على أحد جانبيها (وان لم يتمكن فالحفيرة) وان لم يتمكن فعلى ذقنه وقال علي بن بابويه يحفر حفيرة ذو الدمل وإن كان بجبهته علة تمنعه من السجود سجد على قرنه الأيمن من جبهته فان عجز
فعلى قرنه الأيسر فان عجز فعلى ظهر كفه فان عجز فعلى ذقنه وتبعه ولده الصدوق (ره) والأول أقرب إما وجوب الحفيرة فلان الواجب امساس شئ من الجبهة وهو يحصل بذلك فيكون
واجبا من باب المقدمة والعدول عنه إلى غيره يحتاج إلى دليل ويعضده ما رواه الشيخ في الصحيح عن صفوان بن يحيى عن إسحاق بن عمار عن بعض أصحابه عن مصادف قال خرج بي دمل فكنت اسجد
على جانب فرأى أبو عبد الله (ع) اثره فقال لي ما هذا فقلت ما أستطيع ان اسجد من أجل الدمل فإنما اسجد منحرفا فقال لا تفعل ذلك احفر حفيرة واجعل الدمل في الحفيرة حتى تقع جبهتك
على الأرض إما وجوب السجدة على أحد الجبنيين عند تعذره فالظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب وتوقف اليقين بالبرائة من التكليف الثابت عليه يقتضي المصير إليه واحتج عليه الفاضلان
بأنهما مع الجبهة كالعضو الواحد فيقوم أحدهما مقامهما وبان السجود على أحد الجبينين أشبه بالسجود على الجبهة من الايماء وبان الايماء سجود مع تعذر الجبهة والجبينين أولي وفى هذه التعليلات
ضعف واما السجود على الذقن مع تعذر الجبين فاستدل الفاضلان عليه بقوله تعالى ويخرون للأذقان سجدا فإذا صدق عليه السجود وجب ان يكون مجزيا في الامر بالسجود المأمور به غير هذا
المعنى بدليل عدم صحة الاجتزاء به في حال الاختيار فلا يحصل بذلك امتثال الامر بالسجود وبما رواه الكليني مرسلا عن الصادق عليه السلام انه سئل عمن بجبهته علة لا يقدر على السجود عليها
قال يضع ذقنه على الأرض ان الله عز وجل يقول يخرون للأذقان سجدا وضعف الرواية منجبرة بشهرة مدلولها بين الأصحاب ولا ترتيب بين الجبينين لاطلاق الرواية لكن الأولى
تقديم الأيمن خروجا عن خلاف ابني بابويه حيث أوجبا تقديم الأيمن والمراد بالذقن مجمع اللحيين وهل يجب كشفه من اللحية قال الشارح الفاضل نعم استنادا إلى أن اللحية ليس من
الذقن فيجب كشفه ليصل البشرة إلى ما يصح السجود عليه مع الامكان وقيل لا يجب لاطلاق الخبر ولعله أقرب والمراد بالعذر هيهنا المشقة الشديدة التي لا تتحمل عادة وان أمكنها تحملها
بعسر ولو تعذر جميع ما ذكرنا أومأ وقد مر دليله في مبحث القيام ويستحب التكبير له أي بالسجود قائما قبل السجود ثم يهوي إليه قال في المنتهى وعليه علمائنا رافعا يديه به نسبه في التذكرة
إلى علمائنا وقد مر سابقا الخلاف في وجوب التكبير والرفع وبيان الراجح ويدل على رجحان فعلهما ما مر في صحيحة حماد ان الصادق عليه السلام كبر وهو قائم ورفع يديه حيال وجهه ثم سجد و
قال ابن أبي عقيل يبدأ بالتكبير قائما ويكون انقضاء التكبير مع مستقرة ساجدا وخير الشيخ في الخلاف بين هذا وبين التكبير قائما وروى الكليني باسناده عن المعلى بن خنيس عن أبي عبد الله عليه السلام
قال كان علي بن الحسين إذا اهوى ساجدا انكب وهو يكبر والوقوف على مدلول رواية حماد أولي والسبق بيديه إلى الأرض قال في المنتهى وعليه فتوى علمائنا أجمع ويدل
عليه صحيحة زرارة السابقة في أول مبحث ماهية الصلاة وغيرها من الاخبار مثل ما رواه الشيخ عن محمد وهو ابن مسلم قال رأيت أبا عبد الله عليه السلام يضع يديه قبل ركبتيه إذا سجد
وإذا أراد ان يقوم رفع ركبتيه قبل يديه وعن الحسين ابن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يضع يديه قبل ركبتيه في الصلاة قال نعم إلى غير ذلك من الاخبار وليس
ذلك واجبا لما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل إذا ركع ثم رفع رأسه أيبدأ فيضع يديه على الأرض أم ركبتيه قال لا يضره وأي ذلك بدأ
فهو مقبول منه وفي الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال لا باس إذا صلى الرجل ان يضع ركبتيه على الأرض قبل يديه وحملها الشيخ على حال الضرورة وهو بعيد قال في الذكرى
ويستحب ان يكونا معا وروى السبق باليمنى وهو اختيار الجعفي والارغام بالأنف وهو الصامة بالرغام ولعل مرادهم وضع الأنف على ما يصح السجود عليه كما صرح به الشارح الفاضل ونسب المصنف
استحباب ذلك إلى علمائنا أجمع وقال الصدوق في الفقيه الارغام سنة في الصلاة فمن تركه متعمدا فلا صلاة له ويدل على رجحان فعله صحيحة حماد وزرارة السابقة وما رواه الشيخ
286

في الموثق عن عمار عن الصادق (ع) عن آبائه عن علي (ع) قال لا يجزي صلاة لا يصيب الانف ما يصيب الجبنين وهي محمولة على نفى الأجزاء الكامل لما رواه الشيخ عن محمد بن مصادف قال سمعت
أبا عبد الله (ع) يقول انما السجود على الجبهة وليس على الانف سجود ويجزي إصابة الأرض بما حصل من الانف لاطلاق الأدلة واعتبر السيد المرتضى (ره) إصابة الطرف التي تلي
الحاجبين وقال ابن الجنيد يماس الأرض بطرف الانف وحديثه إذا أمكن ذلك للرجل والمراة والدعاء فيه للدين والدنيا لما رواه الشيخ في الصحيح عن ابان عن عبد الرحمن بن سبابة
قال قلت لأبي عبد الله (ع) ادعوا الله وانا ساجد فقال نعم فادع للدينا والآخرة فإنه رب الدنيا والآخرة وروى الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال صلى بنا أبو بصير في طريق مكة فقال
وهو ساجد وقد كانت ضاعت ناقة لهم اللهم رد على فلان ناقته قال محمد فدخلت على أبي عبد الله (ع) فأخبرته فقال وفعل فقلت نعم قال فسكت قلت أفأعيد الصلاة قال لا
وهذا الخبر دال على جواز الدعاء في السجود مطلقا ويستحب ان يدعو امام التسبيح بما روى الشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سجدت فكبر وقل اللهم لك سجدت
وبك امنت ولك أسلمت وعليك توكلت وأنت ربي سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره والحمد لله رب العالمين تبارك الله أحسن الخالقين ثم قل سبحان ربي الأعلى
ثلاث مرات فإذا رفعت رأسك فقل بين السجدتين اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني وادفع عني وعافني اني لما أنزلت إلي من خير فقير تبارك الله رب العالمين والتسبيح ثلاثا أو خمسا
أو سبعا وقد مر تحقيق ذلك في الركوع والتورك بين السجدتين بان يجلس على وركه الأيسر ويخرج رجليه جميعا من تحته ويجعل رجله اليسرى على الأرض وظاهر قدمه اليمنى
على باطن قدمه اليسرى ويفضي بمقعدته إلى الأرض هذا تفسير الشيخ ومن تبعه من المتأخرين ويدل عليه صحيحة حماد السابقة ونقل عن المرتضى في المصباح أنه قال يجلس مماسا بوركه
الأيسر مع ظاهر فخذه اليسرى للأرض رافعا فخذه اليمنى على عرقوبه الأيسر وينصب طرف ابهام رجله اليمنى على الأرض ويستقبل بركبتيه معا القبلة وعن ابن الجنيد أنه قال في الجلوس
بين السجدتين يضع ألييه على بطن قدميه ولا يقعد على مقدم رجليه وأصابعهما ولا يقعا اقعاء الكلب وقال في تورك التشهد يلزم (ق) الييته جميعا ووركه الأيسر وظاهر فخذه
الأيسر بالأرض فلا يجزيه غير ذلك ولو كان في طين ويجعل بطن ساقه الأيمن على رجله اليسرى وباطن فخذه الأيمن على عرقوبه الأيسر ويلزق حرق (ويلزم حرف) ابهام رجله اليمنى مما يلي حرفها الأيسر
بالأرض وباقي أصابعها غالبا عليها ولا يستقبل بركبتيه جميعا القبلة والمتعمد الأول ولا يستحب عندنا الافتراش وهو ان يثنى رجله اليسرى فيبسطها ويجلس عليها وينصب
رجله اليمنى ويخرجها من تحته ويجعل بطون أصابعه على الأرض معتمدا عليها ليكون اطرافها إلى القبلة والدعاء عنده اي عند التورك بين السجدتين بما مر في خبر الحلبي
وفي خبر حماد ان الصادق (ع) بين السجدتين استغفر الله ربي وأتوب إليه وجلسة الاستراحة بعد الرفع من السجدة الثانية واستحباب هذه الجلسة مذهب أكثر الأصحاب وذهب المرتضى
في الانتصار إلى وجوبها حجة الجمهور ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله ابن بكير عن زرارة قال رأيت أبا جعفر (ع) وأبا عبد الله (ع) إذا رفعا رؤسهما من السجدة الثانية نهضا ولم يجلسا ويؤيده
ما رواه عن علي بن الحكم عن رحيم قال قلت لأبي الحسن الرضا (ع) جعلت فداك أراك إذا صليت رفعت رأسك من السجود في الركعة الأولى والثانية تستوي جالسا ثم تقوم فنصنع كما تصنع قال
لا تنظروا إلى ما اصنع اصنعوا ما تؤمرون احتج المرتضى بالاجماع والاحتياط وقد مر الكلام في نظائرهما مرارا فلا نعيده هيهنا واحتج له في المختلف بما رواه الشيخ في الموثق عن أبي بصير قال
قال أبو عبد الله (ع) إذا رفعت رأسك من السجدة الثانية من الركعة الأولى حين تريد ان تقوم فاستو جالسا ثم قم والجواب ان الامر فيها محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة ويدل على رجحان
فعلها مضافا إلى ما سبق ما رواه الشيخ عن عبد الحميد بن عواض في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال رايته إذا رفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الأولى جلس حتى يطمئن ثم يقوم وعن الأصبغ بن
نباته قال كان أمير المؤمنين (ع) إذا رفع رأسه من السجود قعد حتى يطمئن ثم يقوم فقيل يا أمير المؤمنين (ع) كان من قبلك أبو بكر وعمر إذا رفعوا رؤوسهم من السجود نهضوا على صدور
اقدامهم كما نهض الإبل فقال أمير المؤمنين (ع) انما يفعل ذلك أهل الجفاء من الناس ان هذا من توفير الصلاة وأن يقول عند الاخذ في القيام بحول الله وقوته أقوم واقعد و
اركع واسجد لما رواه في الصحيح عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قمت من السجود قلت اللهم ربي بحولك وقوتك أقوم واقعد وان شئت قلت اركع واسجد وروى الشيخ في الصحيح
عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا جلست في الركعتين الأولتين فتشهدت ثم قمت فقل بحول الله وقوته أقوم واقعد وفي الصحيح عن رفاعة بن موسى قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول
كان علي (ع) إذا نهض من الركعتين الأوليين قال بحولك وقوتك أقوم واقعد وفي الصحيح عن أبي بكر الخضرمي قال قال أبو عبد الله (ع) إذا قمت من الركعتين فاعتمد على كفيك وقل
بحول الله أقوم واقعد قال علي (ع) كان يفعل ذلك وفي المعتبر يقول ذلك في جلسة الاستراحة والأكثر كالصدوقين والجعفي وابن الجنيد والمفيد وسلار وأبي الصلاح وابن
حمزة على الأول وهو ظاهر الشيخ (ره) هكذا نقل عنهم الشهيد (ره) ويظهر من هذه الروايات عدم توظيف التكبير عند القيام من التشهد وهو اختيار الشيخ وأكثر الأصحاب وذهب المفيد (ره) إلى أنه
يقوم من التشهد بالتكبير ويدفعه مضافا إلى ما ذكرنا ما دل على أن تكبيرات الصلاة منحصرة في خمس وتسعين خمس للافتتاح وخمس للقنوت والبواقي للركوع والسجود والقيام والقعود
روى الكليني والشيخ عنه في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال التكبير في صلاة الفرض في الخمس صلوات خمس وتسعون تكبيرة منها تكبيرة القنوت خمس وفي الحسن بإبراهيم بن
هاشم عن عبد الله ابن مغيرة وفسرهن في الظهر أحد وعشرون تكبيرة وفي العصر أحد وعشرون تكبير وفي المغرب ست عشرة تكبيرة وفي العشاء الآخرة أحد وعشرون تكبيرة (وفى الفجر عشرة تكبيرة) وخمس تكبيرات
في القنوت خمس صلوات وعن صباح المربي قال قال أمير المؤمنين (ع) خمس وتسعون تكبيرة في اليوم والليلة للصلوات منها تكبير القنوت ويستفاد من هذه الروايات استحباب تكبير القنوت
كما هو المشهور بين الأصحاب ونفاه المفيد قال الشيخ في الاستبصار هذه الروايات التي ذكرناها ينبغي ان يكون العمل عليها وبها كان يفتي شيخنا المفيد قديما ثم عزله في اخر عمره ترك
العمل بها والعمل على رفع اليدين بغير تكبير والأول أولي بوجود الروايات بها وما عداها ست اعرف به حديثا (أصل) والاعتماد على يديه عند قيامه سابقا برفع ركبتيه هذا مذهب
الأصحاب ويدل عليه صحيحة محمد بن مسلم السابقة عن قريب ويكره الاقعاء بين السجدتين وهو ان يعتمد بصدور قدميه على الأرض ويجلس على عقبيه قاله الفاضلان في المعتبر و
المنتهى ونقلا عن بعض أهل اللغة انه الجلوس على ألييه ناصبا فخذيه مثل اقعاء الكلب ورجحا الأول لأنه تفسير الفقهاء وبحثهم على تقديره واختلف في حكمه الأصحاب فذهب الأكثر
إلى كراهته وادعى الشيخ في الخلاف الاجماع عليه ونقله المحقق في المعتبر عن معوية بن عمار ومحمد بن مسلم من القدماء وذهب الشيخ في المبسوط والمرتضى إلى عدم كراهيته وقال ابن بابويه لا باس بالاقعاء
بين السجدتين ولا باس به بين الأولى والثانية وبين الثالثة والرابعة ولا يجوز الاقعاء في التشهدين وتبعه ابن إدريس الا في التشهد قال وتركه أفضل وفي التشهد اكد والأول
أقرب لما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي وابن مسلم وابن عمار قالوا قال لا تقع في الصلاة بين السجدتين كاقعاء الكلب وفي الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال لا تقع بين السجدتين
اقعاء ويعضده قوله (ع) في صحيحة زرارة السالفة في أول مباحث ماهية الصلاة إياك والقعود على قدميك فتتأوى بذلك ولا تكون قاعدا على الأرض فيكون انما قعد بعضك
على بعض فلا تصبر للتشهد والدعاء فان العلة التي ذكرها في التشهد يحصل في غيره فينسحب الحكم فيه إما النافون لكراهة (للكراهة) فلعل مستندهم ما رواه الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
أنه قال لا باس بالاقعاء بين السجدتين والجواب ان البأس فيها محمول على ما يساو في التحريم جمعا بين الأدلة واعلم أن الروايات المذكورة في النهى عن الاقعاء مخصوصة بالجلوس بين السجدتين
وكذا كثير من عبارات الأصحاب وصرح الشهيد بتعميم الحكم بالنسبة إلى جلسة الاستراحة وظاهر كلامه كون ذلك قول الأكثر ونسب المصنف في النهاية كراهة الاقعاء إلى حالة الجلوس مطلقا
وصرح الشارح الفاضل بعموم الحكم بالنسبة إلى جميع حالات الجلوس وهو غير بعيد ويمكن الاستدلال عليه بصحيحة زرارة المذكورة
السابع من واجبات الصلاة التشهد
وهو تفعل من الشهادة وهو لغة الخبر القاطع وعرفا الشهادة بالتوحيد والرسالة ويطلق على ما يشمل الصلاة على النبي وآله ووجوبه في الصلاة اجماعي بين الأصحاب نقل اتفاقهم
287

نقل اتفاقهم على ذلك كثير منهم ويدل عليه بعض الأدلة الآتية في غصون هذا البحث وغيره في المباحث الآتية ويجب عقيب كل ثنائية وفي اخر الثلاثية والرباعية أيضا الشهادتان
والصلاة على النبي وآله عليهم السلام إما وجوب الشهادتين في المواضع المذكورة فاجماعي بين الأصحاب نقل اتفاقهم على ذلك جماعة من الأصحاب منهم المرتضى والشيخ وابن إدريس والمصنف و
والشهيد وغيرهم واقتصر الصدوق في المقنع على الشهادتين ولم يذكر الصلاة على النبي وآله ثم قال وادنى ما
يجزي من التشهد أن يقول الشهادتين أو يقول بسم الله وبالله ثم يسلم وحكم
في الذكرى بأنه معارض باجماع الامامية ويدل على وجوب التشهد مضافا إلى الاتفاق المنقول وتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت ما رواه الشيخ في الصحيح عن الفضيل وزرارة
ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فإن كان مستعجلا في أمر يخاف ان يفوته فسلم وانصرف اجزاء وفي الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال
إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا وان كنت قد تشهدت فلا تعد وعلى وجوب خصوص الشهادتين ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم قال
قلت لأبي عبد الله (ع) التشهد في الصلاة قال مرتين قال قلت وكيف مرتين قال إذا استويت جالسا فقل اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم ينصرف
قال قلت قول العبد التحيات لله والصلوات الطيبات لله قال هذا اللطف من الدعاء يلطف العبد ربه وعن سورة بن كليب قال سألت أبا جعفر (ع) عن أدنى ما تجزى من التشهد فقال الشهادتان ويؤيده
ما رواه عن يعقوب بن شعيب عن أبي عبد الله (ع) قال التشهد في كتاب علي (ع) شفع ولا يمكن الاستدلال بما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله ابن بكير عن عبد الملك بن عمرو عن أبي عبد الله (ع) قال التشهد
في الركعتين الأوليين الحمد لله اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وال محمد وتقبل شفاعته وارفع درجته لاشتمالها على ما ليس بواجب
اتفاقا وتعارض ما ذكرناه اخبار كثيرة لابد من ارتكاب التأويل فيها لئلا يخالف ما اشتهر بين الأصحاب ونقل الاتفاق عليه منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي
جعفر (ع) ما يجزي من القول في التشهد في الركعتين الأولتين قال إن تقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له قلت فما يجزي من التشهد في الركعتين الأخيرتين فقال الشهادتان
لا أقل منهما الاظهر في قوله فما يجزي من التشهد ان يكون السؤال عن أقل المجزي وعلى هذا يلزم ان يكون أقل المجزى في التشهد الأول الشهادتان لا أقل منهما إذا جزاء الأقل من الشهادتين
في التشهد الأول يستلزم أجزأ في التشهد الثاني لما رواه الشيخ في الصحيح عن أحمد بن أبي نصر قال قلت لأبي الحسن (ع) جعلت فداك التشهد الذي في الثانية يجزي ان أقوله في الرابعة قال
نعم وتعين حينئذ ارتكاب التأويل في خبر زرارة ويمكن بوجهين أحدهما حمل قوله فما يجزي من التشهد على أن السؤال عن مطلق المجزي لا عن أقل مراتب الأجزاء فيكون الجواب بالامر المجزي
ولا يلزم ان يكون أقل المجزي وحينئذ فالفرق بين الجوابين يحتاج إلى أن يقال زيادة التشهد في الأخيرة أكثر تأكيدا وثانيهما ان يقال الغرض من السؤال استعلام كيفية الشهادة فأجاب (ع)
ببيان كيفية الشهادة بالتوحيد ليقيس الشهادة بالرسالة عليه أو الغرض استعلام كيفية الشهادة بالتوحيد اعتمادا على أن كيفية الشهادة الأخرى مطردة معروفة لا يحتاج إلى
البيان ولعل في التغيير السؤالين حيث قال في الأول ما يجزي من القول في التشهد وفي الثاني ما يجزي من التشهد اشعارا بنحو هذا التأويل الثاني راجح حملا للخبر على ما وافق القول وإن كان
التأويل الأول قريبا في نفسها وحمل خبر زرارة على التقية أيضا متجه لكونه أقرب إلى مذهب العامة ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن سعد بن بكر عن حبيب الخثعمي عن
أبي جعفر (ع) يقول إذا جلس الرجل للتشهد فحمد الله اجزاه وحمله الشيخ على التقية لموافقتها لمذهب كثير من العامة ويمكن حملها على اجزاء الحمد في الاذكار والدعوات التي يستحب ان
يقرأ حال الجلوس للتشهد ومنها ما رواه عن بكر بن حبيب قال سألت أبا جعفر (ع) عن التشهد فقال لو كان كما يقولون واجبا على الناس هلكوا انما كان القوم يقولون أيسر ما يعلمون إذا حمدت
الله أجزاك ووجه التأويل فيه قريب من السابق وقريب منه ما رواه في الصحيح عن صفوان عن منصور عن بكر بن حبيب قال قلت لأبي عبد الله (ع) اي شئ أقول في التشهد والقنوت قال قلت
بأحسن ما علمت فإنه لو كان موقتا لهلك الناس ومنها ما رواه في الصحيح عن عبد الله ابن بكير عن زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يحدث بعدما رفع رأسه من السجود الأخير فقال تمت
صلاته فإنما التشهد سنة فليتوضأ ويجلس مكانه أو مكانا نظيفا فتشهد وحملهما الشيخ على من أحدث بعد الشهادتين قبل ان يستكمل تشهده وهو بعيد جدا ويمكن ان يقال
لا دلالة في الخبر على عدم وجوب التشهد بل المستفاد منها تمامية الصلاة في صورة تخلل الحدث وهو لا يستلزم خروج التشهد عن الصلاة إذ لم يثبت ان تخلل الحدث في أثناء الصلاة
مبطل مطلقا نعم هو خلاف المشهور كما سيجيئ في احكام الخلل وقوله (ع) فإنما التشهد سنة يعني ثابت بالسنة لا الكتاب فلا ينافي وجوبه ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح
عن أبي جعفر (ع) أنه قال لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود ثم قال القراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة ومنها ما رواه
في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه في السجدة الأخيرة وقيل إن يتشهد قال ينصرف فليتوضأ فان شاء رجع إلى المسجد وان شاء حيث شاء قعد فتشهد
ثم يسلم وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته وحملها الشيخ على من دخل في صلاته بتيمم ثم أحدث ناسيا قبل الشهادتين وهو بعيد جدا والوجه فيه ما مر في الخبر السابق
ويمكن حمل هذين الخبرين على التقية وعليه اقتصر الشهيد في الذكرى بعد ايراده لنبذة من الاخبار المخالفة لما عليه عمل الأصحاب وحكايته عن الشيخ تأويلها بما لا يسلم عن التكليف قال
ولو حملت على التقية لكان انسب لأنه (مذهب) كثير من العامة كالشافعي وأهل العراق والأوزاعي ومالك إذ يقولون بعدم وجوب التشهد الأول وقال بعدم وجوب التشهد الثاني أيضا
مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي عن علي وسعيد بن المسيب والنخفي والزهري واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد وهو ابن مسلم عن أحدهما في الرجل يفرغ من صلاته قد نسى التشهد
حتى ينصرف فقال إن كان قريبا رجع إلى مكانه فتشهد والا صلب مكانه نظيفا فتشهد فيه وقال انما التشهد سنة في الصلاة فحمل السنة على ما ثبت بقول النبي صلى الله عليه وآله دون الكتاب
واما وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله واله عليهم السلام في التشهدين فمشهور بين الأصحاب ونقل اتفاق الأصحاب عليه جماعة منهم الشيخ وابن زهرة والمحقق والمصنف وغيرهم ولم يذكره الصدوق أصلا و
لا والده في التشهد الأول وعن ابن الجنيد أنه قال يجزي الشهادتان إذا لم يخل الصلاة على محمد وآله في أحد التشهدين احتج الفاضلان على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله بما رواه الصدوق
في باب الفطرة من كتاب الصوم في الصحيح عن زرارة وأبي بصير ورواه الشيخ عن زرارة قالا قال أبو عبد الله (ع) ان من تمام الصوم اعطاء الزكاة يعني الفطرة كما أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وآله تمام
الصلاة لأنه من صام ولم يؤد الزكاة فلا حيوله إذا تركها متعمدا ولا صلاة له إذا ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وآله ان الله عز وجل قد بدأ بها قبل الصوم قال قد أفلح من تزكى وذكر اسم
ربه فصلى وفي متن الحديث بين عبارة الصدوق والشيخ اختلاف ولا يخفى ان غاية ما يستفاد من هذه الرواية وجوب الصلاة على النبي وآله (ع) في الصلاة لا وجوبها في كل من التشهدين
وربما يقال إن هذا التشبيه ربما اقتضى توجه النفي إلى الفضيلة والكمال لا إلى الصحة للاتفاق على عدم توقف صحة الصوم على الزكاة واحتجا أيضا بورود الامر بها في قوله تعالى
صلوا عليه وسلموا تسليما ولا يجب في غير الصلاة اجماعا فيجب في الصلاة في حال التشهد وفيه نظر لأنه يجوز ان يكون المراد بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله الاعتناء باظهار شرفه وتعظيم
شانه فلا يدل على المدعا أو يكون المراد الكلام الدال على الثناء عليه وهو حاصل بالشهادة بالرسالة وبالجملة اثبات ان المراد بالصلوات المتعارفة محل اشكال على أن الامر
المطلق لا يقتضي التكرار فغاية ما يلزم من الآية وجوب الصلاة في العمر مرة واثبات ان القول بذلك خلاف الاجماع كما ادعاه الفاضلان لا يخلو عن عسر والاستناد في
وجوبها في الصلاة إلى أن تحصيل اليقين بالبرائة من التكليف الثابت متوقف عليه أقرب وعلى كل تقدير فلا ريب في رجحان فعلها في جميع الأحوال روى الشيخ في الصحيح عن
زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال صلى على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكرته أو ذكره ذاكر عندك وعن عبد الله بن سنان في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يذكر النبي صلى الله عليه وآله وهو في الصلاة المكتوبة
إما راكعا واما ساجدا فيصلى عليه وهو على تلك الحال فقال نعم ان الصلاة على نبي الله صلى الله عليه وآله كهيئة التكبير والتسبيح وهي عشر حسنات يبتدوها ثمانية عشر ملكا أيهم يبلغها إياه
288

والأخبار الواردة في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله كثيره اورد طرفا منها الكليني في باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله من كتاب الدعاء في الكافي وهل يجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكر
نقل المصنف في المنتهى والمحقق في المعتبر الاجماع على عدمه ثم قال لا يقال ذهب الكرخي إلى وجوبها في غير الصلاة في العمر مرة وقال الطحاري كلما ذكر قلنا الاجماع سبق الكرخي والطحاوي
فلا عبرة (بتحريمها) هذا كلامهما ولم اطلع على مصرح بالوجوب من الأصحاب الا ان صاحب كنز العرفان ذهب إلى ذلك ونقله عن ابن بابويه واليه ذهب الشيخ البهائي (ره) في مفتاح الفلاح وللعامة
ههنا أقوال مختلفة قال في الكشاف الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله واجبة وقد اختلفوا فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره وفي الحديث من ذكرت عنده فلم يصل علي فدخل النار فأبعده الله
ويروى انه قيل يا رسول الله (ص) أرأيت قول الله تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي صلى الله عليه وآله فقال (ع) هذا من العلم المكنون ولولا انكم سألتموني عنه ما أخبرتكم به ان الله وكل بي
ملكين فلا أذكر عند عبد مسلم فيصل علي الا قال ذانك الملكان غفر الله لك وقال الله وملئكته جوابا لذينك الملكين امين ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلي علي الا قال
ذانك الملكان لا غفر الله لك وقال الله وملائكته لذينك الملكين امين ومنهم من قال يجب في كل مجلس مرة وان تكرر ذكره كما قيل في آية السجدة وتسمية الغاطس وكذلك في
كل دعاء في أوله واخره ومنهم من أوجبها في العمر مرة وكذا قال في اظهار الشهادتين والذي يقتضيه الاحتياط الصلاة عند كل ذكر لما ورد في الاخبار انتهى والأقرب عدم
الوجوب للأصل المضاف إلى الاجماع المنقول سابقا وعدم تعليمهن للمؤذنين وعدم ورودها في اخبار الاذان وعدم وجودها في كثير من الأدعية المضبوطة المنقولة عن
الأئمة الطاهرين مع ذكره (ع) فيها وكذلك في الأخبار الكثيرة وما يتوهم دليلا على وجوبها كلما ذكر أمور الأول الآية وقد عرفت الجواب عنه الثاني الروايات المنقولة عن
الكشاف الثالث انها دالة على التنويه لرفع شانه والشكر لاحسانه المأمور بهما الرابع انه لولاه لكان كذكر بعضنا بعضا وهو منهى عنه في أية النور وبهذه الوجوه الثلاثة احتج
صاحب الكنز وهو ضعيف جدا الخامس صحيحة زرارة السابقة وجوابه ضعف دلالة الأوامر في اخبارنا على الوجوب فلا يصح للتعويل على مجرد ذلك إذا لم ينضم إليه قرينة أخرى خصوصا
إذا عارض الاجماع المنقول وقد ورد من طريقنا بعض الروايات الدالة على الوجوب مثل ما رواه الكليني عن محمد بن هارون عن أبي عبد الله (ع) قال إذا صلى أحدكم ولم يذكر النبي صلى الله عليه وآله
في صلاته يسلك بصلاته غير سبيل الجنة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من ذكرت عنده ولم يصل علي ودخل النار فأبعده الله وقال صلى الله عليه وآله ومن ذكرت عنده فنسى الصلاة علي خطى به طريق الجنة
وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ومن ذكرت عنده فنسى ان يصلي علي خطا الله به طريق الجنة لكن الروايتين ضعيف السند جدا فلا يصلح للتعويل قال بعض
المتأخرين ويمكن اختيار الوجوب في كل مجلس مرة ان صلى اخرا وان صلى ثم ذكر يجب أيضا كما في تعدد الكفارة بتعدد الموجب إذا تخللت والا فلا وهو ضعيف والظاهر أنه لم يقل به سواه واعلم أن
المشهور بين الأصحاب ان التشهد الواجب انما يحصل بان يقول اشهد ان لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ثم يصلى على النبي وآله وما زاد على ذلك فهو مندوب وقيل الواجب
أن يقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد وهو أحوط والظاهر أنه مجز اتفاقا ولو قال اشهد ان لا إله إلا الله
وأن محمدا رسول الله أو قال اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسوله أو قال اشهد ان لا إله إلا الله اشهد ان محمدا عبده ورسوله من غير واو غير الترتيب فالأحوط عدم الأجزاء
وإن كان القول بالاجزاء غير بعيد ويجب الجلوس مطمئنا بقدره بلا خلاف بين الأصحاب ويدل عليه الاخبار والجاهل بالتشهد ويتعلم مع السعة ومع الضيق يأتي منه بقدر ما يعلم
وان لم يعلم شيئا لا يبعد وجوب الجلوس بقدره حامدا لله تعالى اختاره الشهيد (ره) وقوفا على ظاهر خبر الخثعمي السابق ولو لم يعلم شيئا أصلا لا يبعد وجوب الجلوس أيضا ويستحب
التورك لما مر في صحيحة حماد وغيرها ويكره الاقعاد لما ما مر وقال ابن بابويه والشيخ لا يجوز وعلله ابن بابويه بان المقعي ليس بجالس انما يكون بعضه قد جلس على بعضه فلا يصير للدعاء
والتشهد ويستحب الزيادة في الدعاء بما رواه الشيخ في الموثق عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا جلست في الركعة الثانية فقل بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله اشهد ان لا إله إلا الله
وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة اشهد انك نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول اللهم صل على محمد وآل محمد وتقبل شفاعته
في أمته وارفع درجته ثم تحمد الله مرتين أو ثلاثا ثم تقوم فإذا جلست في الرابعة قلت بسم الله وبالله والحمد لله وخير الأسماء لله اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا
عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة واشهد انك نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول التحيات لله والصلوات الطيبات الطاهرات الزاكيات الغاديات
الرائحات السايبات الناعمات لله ما طاب وزكى وطهر وخلص وصفا فلله واشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أرسله بالحق بشيرا و
نذيرا بين يدي الساعة اشهد ان ربي نعم الرب وأن محمدا نعم الرسول واشهد ان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث من في القبور الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن
هدينا الله والحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآل محمد وبارك على محمد وآل محمد وسلم على محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم انك حميد مجيد
اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين امنوا ربك انك رؤوف رحيم اللهم صل على محمد وآل محمد وامنن علي بالجنة
وعافني من النار اللهم صل على محمد واغفر للمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين الا تبارا ثم قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام على أنبياء الله ورسوله السلام على
جبرئيل وميكائيل والملائكة المقربين السلام على محمد بن عبد الله خاتم النبيين لا نبي بعده السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم تسلم وأكثر الأصحاب افتتحوه بقولهم بسم الله وبالله
والأسماء الحسنى كلها لله
ومندوبات الصلاة ستة الأول التسليم على رأى اختلف الأصحاب في التسليم هل هو واجب أو مستحب فذهب المرتضى في المسائل
الناصرية والمحمدية وأبو الصلاح وسلار وابن أبي عقيل والقطب الراوندي وصاحب الفاخر وابن زهرة إلى الوجوب واختاره المحقق وصاحب البشري والمصنف في المنتهى والشهيد و
ذهب الشيخان وابن البراج وابن إدريس إلى الاستحباب واليه ذهب جمهور المتأخرين عن الشهيد ونسبه في الذكرى إلى أكثر القدماء واختاره المصنف في عدة من كتبه وهو أقرب لنا ما رواه
الشيخ في الصحيح عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا استويت جالسا فقل اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم تنصرف وفي الصحيح عن علي بن جعفر
عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل يكون خلف الامام ويطول الامام التشهد فيأخذ الرجل البول أو يتخوف على شئ يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع قال يتشهد هو و
ينصرف ويدع الامام وقد يقال مجرد السكوت عن ذكر التسليم لا يدل على عدم وجوبه فلعل سكوته (ع) لظهور ان الانصراف من الصلاة لا تكون به (الا) على أن السكوت عنه ممنوع فان الانصراف
في قوله (ع) وينصرف الظاهر أنه عبارة من التسليم كما يعطيه قوله (ع) في صحيحة الحلبي فان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت ويشهد له ما رواه أبو كهمش عن الصادق (ع)
انه سأله عن السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف هو قال لا ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو انصراف وفيه ان الظاهر من سياق الحديث جواز الاكتفاء
بالتشهد وما ذكره من أن الانصراف عبارة عن التسليم ففيه بعد ظاهر إذ ليس هذا معنى الانصراف لغة ولا عرفا ولم يثبت كونه حقيقة شرعية ومما ذكر من الخبرين لا يدل الا على الانصراف
يتحقق بالتسليم لا انه معناه ولذا أيضا ما رواه الكليني والشيخ باسناده عنه باسنادين أحدهما عن الحسان بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أحدهما (ع) قال قلت له من لم يدر في أربع هو أو في اثنتين
وقد أحرز الثنتين قال يركع ركعتين فأربع سجدات وهو قائم بفاتحة الكتاب ويتشهد ولا شئ عليه إلى اخر الخبر وسيجيئ في مسألة الشك بين الاثنتين والأربع وجه الدلالة ان
الظاهر أن المراد بقوله (ع) يركع ركعتين بمعونة اخر الخبر اتمام الصلاة بالبناء على الأقل وظاهره عدم وجوب التسليم ولو كان المراد به صلاة الاحتياط أيضا ففيه تأييد للمدعى إذ الظاهر
عدم القائل بالفصل بين عدم وجوبه في صلاة الاحتياط وغيرها وعلى هذا يؤيد عدم الوجوب ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى ركعتين فلا
289

يدري ركعتان وهي أو أربع قال يسلم ثم يقوم فيصلى ركعتين بفاتحة الكتاب ويتشهد وينصرف وليس عليه شئ ولنا أيضا ما رواه الكليني والشيخ باسناده عنه باسنادين أحدهما
من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن معوية بن عمار قال قال أبو عبد الله (ع) إذا فرغت من طوافك فاتت مقام إبراهيم وصل ركعتين واجعله امامك واقرا فيهما قل هو الله أحد وفي الثانية
قل يا أيها الكافرون ثم تشهد واحمد الله وأثنى عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله واسئله ان يتقبل منك الحديث ورواها الشيخ باسناد أخرى (في الموثق وجه الاستدلال) ان ظاهرها عدم وجوب التسليم في ركعتي الطواف
والظاهر عدم القائل بالفصل ولنا أيضا ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن امام قرا السجدة فأحدث قبل ان يسجد كيف يصنع قال يقوم غيره فيتشهد و
يسجد وينصرف هو وقد تمت صلاتهم ولنا أيضا التمسك بالأصل مضافا إلى ما دل على كون التسليم خارجا من الصلاة من الاخبار الآتية فإنه على هذا التقدير يجعل امتثال التكليف
بالصلاة بدونه واثبات التكليف اخر به يحتاج إلى دليل والأصل عدمه وللقائل باستحباب التسليم حجج أخرى منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن الرجل
يصلي ثم يجلس فيحدث قبل ان يسلم قال قد تمت صلاته وفي الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات
فاحشا وان كنت قد تشهدت فلا تعد وعن غالب بن عثمن في الموثق عن ابن عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يصلي المكتوبة فينقضى صلاته ويتشهد ثم ينام قبل ان يسلم قال تمت صلاته وإن كان
رعافا غسله ثم رجع فسلم وعن الحسن بن الجهم قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل صلى الظهر أو العصر فأحدث حين جلس في الرابعة فقال إن كان قال اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول
الله صلى الله عليه وآله فلا يعيد وإن كان لم يتشهد قبل ان يحدث فليعد وجه الاستدلال بهذه الاخبار الأربعة ان المستفاد منها ان تخلل المنافي بين الصلاة وبين التسليم غير قادح في صحتها والظاهر أنه
لم يقل به أحد من القائلين بوجوب التسليم كما قطع به جماعة من الأصحاب منهم المصنف في المختلف لكن لا يخفى ان اثبات هذه المقدمة لا يخلو عن اشكال وقد حكى في الذكرى عن صاحب الفاخر
ان الحدث بعد شهادة الشهادتين قبل التسليم غير ضائر مع أن ظاهره القول بوجوب التسليم وقد حكى بعض المتأخرين عن ابن بابويه ان تخلل الحدث في أثناء الصلاة بعد الفراغ من
الأركان غير ضائر ونطق به اخبار متعددة مر ذكرها في مبحث التشهد وهذا القول وان لم يثبت التصريح به من الصدوق الا ان اثبات نفى هذا القائل به محل اشكال وعلى
كل تقدير فهذه الأخبار انما يصلح حجة على جمهور القائلين بوجوب التسليم ويمكن جعلها من مؤيدات القول باستحباب ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن الفضيل وزرارة ومحمد بن مسلم عن أبي
جعفر (ع) قال إذا فرغ من الشهادتين فقد مضت صلاته فإن كان مستعجلا في أمر يخاف ان يفوته فسلم وانصرف اجزاه ويحمل الأجزاء على الأجزاء في حصول الفضيلة جمعا بينه وبين أول الخبر
وقريب منها الاخبار الآتية الدالة على خروج التسليم من الصلاة وفي الاحتجاج بها تأمل إذ لا يستلزم الوجوب الجزئية فيجوز ان يكون التسليم واجبا خارجا عن الصلاة كالنية
عند القائل بخروجها من الصلاة نعم لو ثبت ان القائلين بوجوبه متفقون على كونه جزأ من الصلاة كما هو مذهب جمهورهم ومشاهير قدمائهم تمت هذه الحجة في اثبات
أمثال هذه المقدمات تعذر أو تعسر متناه في الشدة فيشكل التعويل عليها كيف وقد ذهب صاحب البشرى إلى أن التسليم واجب وان حصل الخروج من الصلاة قبله بقول السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين ومنها ما رواه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن رجل صلى خمسا قال إن كان جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته وجه الاستدلال
بهذه الخبر ان الزيادة في الصلاة مبطلة للأخبار الدالة عليه ولو كان التسليم من الصلاة لوقعت هيهنا الزيادة في أثناء الصلاة فلما لم يبطل الصلاة بذلك يلزم عدم كون التسليم
منها وفيه نظر لتوقفها على استلزام الوجوب الجزئية وهو ممنوع على أن كون الزيادة في الأثناء مبطلة مطلقا محل تأمل ومنها قوله (ع) في بعض الروايات المنقولة عن طريق العامة انما صلاتنا
تكبير وركوع وسجود ولم يذكر التسليم وفيه بعد الإغماض عن السند ان حملها على الحصر الحقيقي وارتكاب التخصيص فيها بالتشهد والحركات والسكنات كالقيام من الركوع والطمأنينة فيه
والجلوس بين السجدتين ونحوها ليس أقرب من حملها على أن الحصر غير مراد بل كأنه عبر (ع) عن الصلاة بمعظم أفعالها أو باشراقها كقوله تعالى انما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم
وكقوله (ع) الحجج (الحج) عرفة ويجوز ان يكون الحصر اضافيا بالنسبة إلى ما لا يجوز فعله في الصلاة من الكلام والاكل ونحوهما واستدل بعضهم على هذا المطلوب بما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب
في الموثق قال قلت لأبي الحسن (ع) صليت بقوم فقعدت للتشهد ثم قمت ونسيت ان أسلم عليهم فقالوا ما سلمت علينا فقال ألم تسلم وأنت جالس قلت بلى (قال) فلا باس عليك ولو نسيت حتى قالوا
ذلك استقبلتهم بوجهك فقلت السلام عليكم وهو ضعيف لان لفظة بلى في جواب الاستفهام بالنفي يفيد الاثبات كما حقق في محله فالخبر دال على وقوع السلام منه ولعله كان قد اتى بصيغة
السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ولم يأت بالعبارة التي جرت العادة بين الناس بسلام بعضهم (على بعض) بها أعني السلام عليكم فقالوا له ما سلمت علينا وربما كان في لفظة الفاء في قوله
فلا باس في اشعار ما بخلاف المطلق ويؤيد استحباب التسليم ان النبي صلى الله عليه وآله لم يعلمه للاعرابي حين علمه الصلاة كما رواه العامة ويؤيده أيضا قول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة وحسنتها السابقتين
في مبحث التشهد وإن كان الحديث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته احتج الموجبون بوجوه الأول قوله تعالى وسلموا تسليما لان الامر للوجوب ولا يجب في غير الصلاة والجواب انه يجوز ان
يكون المراد بالتسليم الإطاعة والانقياد للنبي صلى الله عليه وآله كما ورد في بعض الأخبار أو يكون المراد التسليم على النبي صلى الله عليه وآله بقرينة العطف وهو خلاف المدعا أو يكون المراد التسليم لأوامر الله وانقياد احكامه
الثاني مداومة النبي صلى الله عليه وآله والأئمة من بعده فيكون واجبا إما لكون فعلهم بيانا للجمل أو لقول النبي صلى الله عليه وآله صلوا كما رأيتموني أصلي والجواب عنه بعد تسليم المداومة المذكورة مع أنه قد منعه
جماعة من الأصحاب انها أعم من الوجوب وقد مر ذلك في نظائر هذا المقام الثالث صحيحة حماد السابقة وقد مر الجواب عنه أيضا في نظائر هذا المسألة مع أن الرواية المذكورة على الوجه الذي
في الفقيه غير مشتملة على التسليم الرابع ما رواه الصدوق والمرتضى والشيخ مرسلا عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله مفتاح الصلاة الطهور وتحريمهما التكبير وتحليلها التسليم
وقد رواه الكليني مسندا عن علي بن محمد بن عبد الله عن سهل بن زياد عن جعفر بن محمد الأشعري عن أبي القداح عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث وجه الاستدلال ان التسليم وقع
خبرا عن التحليل لان هذا من المواضع التي يجب فيها تقديم المبتدأ على الخبر لكونهما معرفتين وحينئذ فيجب كون الخبر مساويا للمبتدأ أو أعم منه فلو وقع التحليل بغيره كان المبتدأ أعم وأيضا
فان الظاهر إرادة حصر التحليل فيه لأنه مصدر مضاف إلى الصلاة ويتناول كل تحليل يضاف إليها ولان الخبر إذا كان مفردا كان هو المبتدأ بمعنى ان الذي صدق عليه انه تحليل الصلاة
يصدق عليه التسليم كذا قرره المحقق في المعتبر والجواب أولا باستضعاف السند وما يقال من أن هؤلاء المشايخ الثلاثة هم العمدة في ضبط الأحاديث وفقدها فارسالهم دليل على علمهم
بصحتها فيستقيم التعويل عليها محل تأمل إذ لا شهادة في الارسال على العلم بالصحة مع ما يعلم من طريقه المرتضى والشيخ من المبسوط ايراد الاخبار العامية لغرض الاحتجاج عليهم لا لصحة الاستناد
إليها وثانيا يمنع الدلالة إذ لا نسلم تعين مساواة الخبر للمبتدأ فيما نحن فيه ولا كون إضافة المصدر للعموم إذ كما أنه يكون لاستغراق يكون لغيره كالجنس والعهد على أن التحليل قد
يحصل بغير التسليم كالمنافيات وان لم يكن الاتيان به جائزا وحينئذ لابد من تأويل التحليل بالتحليل الذي قرره الشارع وحينئذ كما أمكن إرادة التحليل الذي قرره الشارع على سبيل
الوجوب أمكن إرادة التحليل الذي قرره على سبيل الاستحباب وليس للأول على الأخير ترجيح واضح فاذن يضعف التعويل على الخبر مع أن معارضته بما هو أقوى منه يوجب تعيين المصير إلى
ارتكاب التأويل فيه الخامس ما رواه الشيخ عن أبي بصير باسناد معتبر قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في رجل صلى الصبح فلما جلس في الركعتين قبل ان يتشهد رعف قال فليخرج فليغسل انفه
ثم ليرجع فليتم صلاته فان اخر الصلاة التسليم والجواب بعد الإغماض عن السند ان كون التسليم اخر أفعال الصلاة لا يقتضي وجوبه فان الافعال الوجوب والمندوب مع أن الغاية قد
تكون خارجة سلمنا لكن يجب تأويلها جمعا بينها وبين ما هو أقوى منها ومما يضعف الاستناد إليها انها متروكة الظاهر بين الأصحاب إذ لا يظهر قائل بمضمونها السادس ما رواه
زرارة وابن مسلم قالا قلنا لأبي جعفر (ع) رجل صلى في السفر أربعا أيعيد قال إن كان قرنت عليه أية التقصير وفسرت فصلى أربعا أعاد وان لم يكن قرنت عليه ولم يعلمها فلا إعادة وجه
290

الاستدلال انه لو كان التسليم مستحبا لانقظت الصلاة باتمام التشهد فيكون الزيادة بعد اتمام الصلاة فلا يكون ضائرة والجواب عنه انه يجوز ان يكون وجوب الإعادة باعتبار انه
قولي (تولي) المجموع فيكون اتيانا بالفعل على غير وجهه المشروع وبالجملة لا يتم كون العلة ما ذكره إذ لا نص عليها وقد يجاب بان فعل الركعتين بقصد الاتمام يقتضي الزيادة في الصلاة و
البطلان لذلك وفيه ان الظاهر من مذهب القائل بالاستحباب ان التشهد اخر أفعال الصلاة فلا يضر فعل المنافي بعده كما صرح به الشيخ في الاستبصار وابن إدريس في مسألة من زاد
في صلاته ركعة بعد التشهد حيث اعترفا بعدم بطلان الصلاة بذلك بناء على استحباب التسليم السابع تعلق الامر وما في معناه به في اخبار كثيرة والامر للوجوب فيكون التسليم
واجبا فمن ذلك ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا لم تدر أربعا صليت أو خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قرائة
فتشهد فيهما تشهدا خفيفا وفي الصحيح عن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى الركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما حتى ركع فقال يتم صلاته ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو
وهو جالس قبل ان يتكلم إلى غير ذلك من الأخبار الكثيرة كصحيحة عبيد الله الحلبي وصحيحة عبد الحميد بن عواض ومرسلة ابن أبي عمير وحسنة زرارة الطويلة الواردة في حكم الفوائت
وحسنة الحلبي الواردة في حكم صلاة الخوف وحسنة أخرى لزرارة وموثقة أبي بصير وموثقة عمار ورواية أبي بكر الخضرمي ورواية الحسين بن أبي العلا ورواية عبد الله ابن أبي يعفور
وعبد الرحمن بن سبابة وغيرها من الاخبار التي لا مزيد فائدة في نقلها والجواب ان دلالة الأوامر في اخبارنا على الوجوب من غير قرينة تلتحق بها غير واضح وعلى كل تقدير فلا
معدل عن حمل الأوامر في تلك الأخبار على الاستحباب جمعا بين الأدلة الثامن من قول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم الواردة في صلاة الخوف فصار للأولين
التكبير وافتتاح الصلاة وللآخرين التسليم والجواب ان غاية ما يستفاد من ذلك تأكد الاستحباب حسب التاسع ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار بن موسى قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
التسليم ما هو قال اذن فإنه يعطي بظاهره عدم جواز الخروج من الصلاة بدون الاذن والجواب ان ظاهره اثبات الاذن للتسليم لا حصر فيه على أنه يجوز ان يكون المراد
من الاذن الاعلام وهل التسليم جزء من الصلاة أم خارج عنها قال المرتضى لم أجد لأصحابنا نصا فيه ويقوى عندي انها من الصلاة والثاني وقد تقدمت في هذا البحث روايات
كثيرة دالة عليه ويزيد بيانا ما رواه الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد قال سألت أبا عبد اله (ع) عن رجل نسى ان يجلس في الركعتين الأوليين فقال إن ذكر قبل ان يركع فليجلس وان لم
يركع حتى يركع فليتم الصلاة حتى إذا فرغ فليسلم وليسجد سجدتي السهو وعن الحسين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى الركعتين من المكتوبة فلا يجلس بينهما حتى يركع
في الثالثة قال فليتم صلاته ثم ليسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل ان يتكلم ويدل على كونه جزء من الصلاة رواية أبي بصير المتقدمة ويؤيده تأييدا ضعيفا صحيحة الفضلاء
الواردة في صلاة الخوف ولا معدل عن ارتكاب التأويل فيما دل على الجزئية لعدم انتهاضه بمقاومة الأخبار الدالة على خروجه عن الصلاة
وصورته اي صورة التسليم على
القول باستحبابه وندبه السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أو السلام عليكم ورحمة الله وبركاته اختلف الأصحاب فيما يجب من صيغة التسليم فذهب الأكثر إلى أنه السلام عليكم
قال في الدروس وعليه الموجبون وذكر في البيان ان السلام علينا لم يوجبه أحد من القدماء وان القائل بوجوب
التسليم يجعلها مستحبة كالتسليم على الأنبياء والملائكة غير مخرجه من
الصلاة والقائل بندب التسليم يجعلها مخرجة وذهب المحقق إلى التخيير بين الصيغتين وان الواجب ما تقدم منها وتبعه المصنف وانكره الشهيد في الذكرى انه قول محدث في زمان
المحقق أو قبله بزمان يسير ونقل الايماء إلى ذلك من شرح رسالة سلار وقال في موضع اخر انه قوي متين الا انه لا قائل به من القدماء وكيف يخفى عليهم مثله لو كان حقا
مع أنه قد قال بذلك في الرسالة الألفية واللمعة الدمشقية وهي اخر ما صنفه وذهب الفاضل يحيى بن سعيد في الجامع إلى وجوب السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وتعينها للخروج
من الصلاة وانكره في الذكرى فقال إنه خروج من الاجماع من حيث لا يشعر به قائله ونسبه المحقق في المعتبر هذا القول إلى الشيخ وخطاه الشهيد في هذه النسبة وذهب صاحب الفاخر إلى
وجوب التسليم على النبي صلى الله عليه وآله وجعل ذلك من جملة أقل المجزي في الصلاة والاجماع منقول على خلافه ولعل الرجحان للقول ان قلنا بوجوب التسليم ان ثبت الاجماع الذي نقله جماعة
من الأصحاب منهم المصنف والمحقق على جواز الاكتفاء بالسلام عليكم لحصول البراءة اليقينية عند الاتيان به دون غيره وربما يحتج له بان المستفاد من أدلتهم ان تم ووجوب التسليم بالمعنى
المتبادر منه والمعروف منه عند الخاصة والعامة السلام عليكم كما يستفاد من عباراتهم ويعلم ذلك بتتبع الأحاديث والاخبار حيث يذكر فيها ألفاظ السلام المستحبة والسلام
علينا وعلى عباد الله الصالحين ثم يقال ويسلم ولهذا الكلام وجه وان أمكن المناقشة فيه احتج المحقق على وجوب إحدى الصيغتين تخييرا بصدق التسليم عليهما فيتناولهما عموم
قوله (ع) وتحليلها التسليم ويرد عليه انه يجوز أن تكون اللام للعهد إشارة إلى التسليم المعهود بين العامة والخاصة على أنه يجوز ان يكون التسليم حقيقة شرعية في ذلك واثبات نفيه
لا يخلو عن اشكال ويمكن الاستناد في رفع الأخير إلى أنه لم يثبت حقيقة شرعية في ذلك والأصل عدمه لكن في اتمام هذا الأصل تأمل ليس هذا موضع ذكره ثم الظاهر أن الواجب على
القول بوجوب التسليم السلام عليكم خاصة وبه قال ابن بابويه وابن عقيل وابن الجنيد وقال أبو الصلاح يجب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ولعل مستنده ما رواه الشيخ في الصحيح
عن علي بن جعفر قال رأيت اخوتي موسى (ع) واسحق ومحمد ابني جعفر يسلمون في الصلاة على اليمين والشمال السلام عليكم ورحمة الله وهو غير دال على الوجوب وذهب ابن زهرة إلى وجوب
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وقال المصنف في المنتهى ولو قال السلام عليكم ورحمة الله جاز وان لم يقل وبركاته بلا خلاف ويخرج به من الصلاة اختلف الأصحاب فيما به يخرج المكلف
من الصلاة فقيل يتعين للخروج السلام عليكم وهو قول أكثر القائلين بوجوب التسليم ومنهم من قال إنه يخرج من الصلاة بقوله السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين وان وجب الاتيان
السلام عليكم بعد ذلك وهو صاحب البشرى وذهب المحقق والمصنف في المنتهي والشهيد في اللمعة والرسالة إلى التخيير بينهما وانه يخرج من الصلاة بكل منهما ولو جمع بينهما بحصل الخروج
بالمتقدم منهما وقد سمعت انكار الشهيد لذلك في الذكرى وقال في البيان بعد البحث عن الصيغة الأولى وأوجبها بعض المتأخرين وخير بينها وبين السلام عليكم وجعل الثانية منهما
مستحبة وارتكب جواز السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين السلام عليكم ولم يذكر ذلك في خبر ولا مصنف بل القائلون بوجوب التسليم واستحبابها يجعلونها مقدمة وذهب يحيى بن
سعيد إلى تعين الخروج بالصيغة الأولى واما القائلون باستحباب التسليم فمنهم من قال إنه يخرج من الصلاة (بالفراغ من الصلاة على النبي وآله ومنهم من فان يخرج من الصلاة) بالتسليم وهو ظاهر الشيخين والأقرب انه يخرج من الصلاة بكل واحدة
من العبارتين إما العبارة الثانية فقد نقل اتفاق علماء الاسلام عليه المحقق في المعتبر والمصنف في التذكرة ووافقهم في دعوى الاتفاق عليه الشهيد في الذكرى ويدل عليه ما نقل
الفضلاء الثلاثة عن جامع البزنطي عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن تسليم الامام وهو مستقبل القبلة ثم قال يقول السلام عليكم ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله وتحليلها
التسليم والأخبار الواردة في الامر بالتسليم بناء على أن المتبادر منها العبارة المذكورة كما مر ذكره ويؤيده أيضا ما نقل العامة من فعل النبي صلى الله عليه وآله والصحابة والتابعين واما العبارة
الأولى فللاخبار الكثيرة منها ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال قال أبو عبد الله (ع) كلما ذكرت الله عز وجل به والنبي صلى الله عليه وآله فهو من الصلاة فان قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
فقد انصرفت وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت إماما فإنما التسليم ان تسلم على النبي صلى الله عليه وآله ويقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإذا قلت ذلك فقد انقطعت الصلاة
ثم تؤذن القوم فنقول وأنت مستقبل القلبة السلام عليكم وكذلك إذا كنت وحدك تقول السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين مثل ما سلمت وأنت امام فإذا كنت في جماعة
نقل مثل ما قلت وسلم على من يمينك وشمالك فإن لم يكن على شمالك أحد فسلم على من عن يمينك ولا تدع التسليم على يمينك وان لم يكن على شمالك أحد وعن أبي كهمش عن الصادق (ع) انه
سأله عن السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته انصراف قال لا ولكن إذا قلت السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو انصراف وقد يستدل عليه أيضا بما رواه الشيخ في الحسن
291

عن ميسر عن أبي جعفر (ع) قال شيئان يفسد الناس بهما صلاتهم قول الرجل تبارك اسمك وتعالى جدك ولا اله غيرك وانما هو شئ قالته الجن بجهالة فحكى الله عنهم وقول الرجل السلام علينا
وعلى عباد الله الصالحين وفيه نظر لأن الظاهر (من الخبر) ان هذين القولين مبطلان للصلاة فلابد من العدول عن ظاهره بالحمل على ما إذا قاله في غير محله المقرر شرعا ولهذا استدل بها المصنف على بطلان
الصلاة بتقديمه على التشهد هذا على القول بوجوب التسليم واما على القول باستحبابه فالظاهر أن الخروج عن الصلاة بالكلية انما يتحقق بأحد التسليمين وإن كان الخروج عن واجبات الصلاة
تحصيل عند الفراغ من الصلاة على النبي وآله وبهذا يحصل الجمع بين الأخبار الدالة على أن الفراغ من الصلاة انما يحصل عند الفراغ من التشهد وبين ما دل على أنه يحصل بالتسليم
كالاخبار المذكورة ومن هذا الباب ما رواه الشيخ في التهذيب عن أبي بصير عن الصادق (ع) قال إذا نسى الرجل ان يسلم فإذا ولى وجهه إلى القبلة وقال السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين
فقد فرغ من صلاته وبهذا يحصل الجمع بين عبارات الأصحاب من القائلين بالاستحباب قال والظاهر من عبارة المفيد والشيخ ان الخروج من الصلاة انما يحصل بالتسليم مع تصريح الشيخ في
الاستبصار بان اخر الصلاة على النبي وآله قال في الذكرى وهو ظاهر الباقين ويلزم من ذلك بقاء في الصلاة بدون الصيغتين وان طال ما لم يخرج عن كونه مصليا أو يأت بمناف
ولا استبعاد في ذلك ولا يلزم من ذلك تحريم ما يجب تركه ولا ايجاب ما يجب فعله في الصلاة لجواز اختصاص ذلك بما قبل الفراغ من الواجبات نعم يبقى اثار البقاء على الصلاة المحافظة على الشروط
وثواب المصلي واستجابة الدعاء صرح بذلك كله الشهيد في الذكرى وقال فيه أيضا الاحتياط للدين الاتيان بالصيغتين جمعا بين القولين وليس ذلك بقادح في الصلاة
بوجه من الوجوه بأدنى بالسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين دون (العكس) فإنه لم يأت به خبر منقول ولا مصنف مشهور سوى ما في بعض كتب المحقق (ره) ويعتقد ندب السلام علينا ووجوب الصيغة
الأخرى وان اتى المصلي الا إحدى الصيغتين فالسلام عليكم ورحمة الله وبركاته مخرجة بالاجماع انتهى وما جعله الاحتياط مخالف لما اختاره في اللمعة والرسالة ولقول المحقق والمصنف
ولقول يحيى بن سعيد والأحسن عندي الاتيان بهما جمعا بالترتيب الذي ذكره مع عدم نية الوجوب في شئ منهما
بالاكتفاء بالقربة وهذا الترتيب موجود في رواية أبي بصير الطويلة
المذكورة في التشهد وغيرها وهل يجب في التسليم نية الخروج على القول بوجوبه قال في المنتهى لم أجد لأصحابنا نصا فيه وقال الشيخ في المبسوط ينبغي ان ينوى بها ذلك وربما يقال بالوجوب
والأجود عدمه للأصل ويؤيده ان جميع العبادات لا يتوقف على نية الخروج فاخراج الصلاة منها تحكم والظاهر أن مناط النية الاقدام على الافعال لا الترك ووجه الوجوب
بان نظم السلام يناقض الصلاة في وضعه من حيث هو خطاب للادميين ومن ثم يبطل الصلاة بفعله في أثناء الصلاة عامدا فإذا لم يقترن به نية تصرفه إلى التحليل لكان مناقضا للصلاة
مبطلا لها وبان الأصحاب وخصوصا المتأخرين يوجبون على المعتمر والحجاج نية التحليل بجميع المحللات فليكن بالتسليم كذلك لأنه محلل من الصلاة بالنص وضعف التعليلين ظاهر وفي جواز الاكتفاء
بمثل سلام عليكم تردد لاطلاق الامر بالتسليم وكونه مخالفا للمنقول عن صاحب الشرع ولعل الأوجه العدم وقال في المعتبر لو قال سلام عليكم ناويا به الخروج فالأشبه انه يجزي لأنه
يقع عليه اسم التسليم ولأنها كلمة ورد في القران صورتها قال في الذكرى وفيه بعد لأنه مخالف للمنقول عن صاحب الشرع ولا نسلم وقوع التسليم الشرعي عليه ولا يلزم من وروده في
القران التعبد به في الصلاة ويستحب ان يسلم المنفرد إلى القبلة تسليمة واحدة هذا مذهب الأصحاب ويدل عليه ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الحميد بن عواض عن أبي عبد الله (ع) قال إن
كنت قوما أجزأك تسليمة واحدة عن يمينك وان كنت مع امام فتسليمتين وان كنت وحدك فواحدة مستقبل القبلة ورواية أبي بصير السابقة عن قريب ويومئ بمؤخر عينيه
والمؤخر كون طرفها الذي يلي الصدغ إلى يمينه ذكر ذلك الشيخ وتبعه عليه الجماعة قال في المعتبر بعد نسبته إلى الشيخ وربما يؤيده بما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي في جامعة
عن عبد الكريم عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله (ع) إذا كنت وحدك فسلم تسليمة واحدة عن يمينك وفي الدلالة نظر والامام أيضا يسلم تسليمة واحدة إلى القبلة لرواية عبد الحميد
وأبي بصير السابقتين وصحيحة منصور الآتية وقال ابن الجنيد إن كان الامام في صف مسلم عن جانبيه ويشير الامام بصفحة وجهه لرواية عبد الحميد المذكورة ولا تنافي بينها وبين
رواية أبي بصير لان الاستقبال إلى القبلة لا ينافي الايماء إلى اليمين ولعل الغرض من ذكر الاستقبال الرد على من يجعل الايماء بتمام الوجه كما يفصله العامة ولا يحتاج إلى تكلف الجمع
بجعل أول التسليم إلى القبلة واخره إلى اليمين قال في الذكرى بعد نقل رواية علي بن جعفر السابقة ويبعد ان يختص الرؤية بهم مأمومين لا غير بل الظاهر الاطلاق وخصوصا
منهم الامام ففيه دلالة على استحباب التسليمتين للامام والمنفرد أيضا غير أن الأشهر الواحدة فيهما والمأموم يسلم عن الجانبين إن كان على يساره أحد والا فعن يمينه لرواية
عبد الحميد المذكورة وما رواه الشيخ في الصحيح عن منصور وهو ابن حازم قال قال أبو عبد الله (ع) الامام يسلم واحدة ومن ورائه يسلم اثنين فإن لم يكن عن شماله أحد سلم واحدة وفي
الصحيح عن ابن مسكان عن عنبسة بن مصعب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل يقوم في الصف خلف الامام وليس على يساره أحد كيف يسلم قال قال تسليمه عن يمينه واما ما رواه في الصحيح عن زرارة
ومحمد بن مسلم ومعمر بن يحيى وإسماعيل عن أبي جعفر قال يسلم تسليمة إماما كان أو غيره فيمكن حملها على الترخيص ولا ينافي ذلك أفضلية التسليمتين للمأموم وخصها الشيخ بما عدا المأموم
وإذا كان على يساره أحد وليس في هذه الأخبار دلالة على الايماء بصفحة الوجه وجعل ابنا بابويه الحائط عن يساره كافيا في التسليمتين للمأموم قال في الذكرى لا باس باتباعهما لأنهما
جليلان لا يقولان الا عن تثبت ولا يخفى عن رواية منصور ورواية عنبسة ورواية أبي بصير تنفيه ولا ايماء إلى القبلة بشئ من صيغتي التسليم المخرج من الصلاة بالرأس ولا بغيره و
نقل في الذكري الاجماع عليه قال وانما المنفرد والامام يسلمان تجاه القبلة بغير ايماء واما المأموم فالظاهر أنه يبتدئ مستقبل القبلة ثم يكمله بالايماء إلى الجانب الأيمن والأيسر و
استشكل الشارح الفاضل كلامه وقال فعلى هذا يكون الايماء إليهما بعد الفراغ من التسليم وهو مخالف لقولهم من كون الايماء بالتسليم وهو ضعيف فان المستفاد من كلامه ان يكون
الايماء إليهما بعد الشروع في التسليم ويصرح به كلامه حيث قال بعد ما نقلنا منه بلا فصل وفيه دلالة على استحباب التسليم أو على أن التسليم وان وجب لا يعد جزء من الصلاة من الجانبين
ويحرم ان استلزم استدبار أو نقل في الذكرى عن المفيد وسلار انه يستحب عند ذكر النبي صلى الله عليه وآله بالتسليم عليه الايماء إلى القبلة بالرأس قال وهو حسن في البلاد التي يكون قبره في قبلة
المصلي ويستحب للقصد بالتسليم إلى الأنبياء والأئمة والحفظة والمأمومين لذكر أولئك مع استحباب السلام عليهم وحضور هؤلاء ويريد الامام المأمومين الرد على الامام
ومن على جانبيه قيل وفي الاخبار دلالة على ذلك قال في الذكرى ولو أضاف الجميع إلى ذلك قصد الملائكة أجمعين ومن كان على جانبيه من مسلمي الإنس والجن كان حسنا وقيل يجب ان
يقصد المأموم بالأولى الرد على الامام لقوله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ويمكن الجواب بان الامام لا يقصد به التحية وانما الغرض بها الاتيان (الإيذان) بالانصراف
من الصلاة كما مر في خبري ابن أبي بصير وعمار بن موسى سلمنا لكن المستفاد منه وجوب التسليم لا قصد الرد به وفي الأول نحو تأمل والوجهان ينسحبان في رد المأموم على مأموم آخر
وعلى القول بوجوب الرد يكفي في القيام به واحد فيستحب الباقين وإذا اقترن تسليم الإمام والمأموم اجزا ولا رد هنا وكذلك إذا اقترن تسليم المأمومين وقال ابن بابوبه يرد
المأموم على الامام بواحدة ثم يسلم عن جانبيه بتسليمتين
الثاني من مندوبات الصلاة التوجه بسبع تكبيرات بينها ثلثة أدعية احديها تكبيرة الافتتاح ويتخير
المصلى أيها شاء جعلها تكبيرة الافتتاح قالوا والأفضل جعلها الأخيرة واطلاق كلام المصنف يقتضي انسحاب ذلك في جميع الصلوات فرضا كان أو نفلا وبه صرح ابن إدريس
في السرائر والمحقق في المعتبر وغيرهما من الأصحاب وخصها المرتضى بالفرائض وابن الجنيد بالمنفرد وقال المفيد في المقنعة يستحب التوجه في سبع صلوات قال الشيخ في التهذيب ذكر ذلك علي بن
الحسين في رسالته ولم أجد بها خبرا مسندا وتفصيلها ما ذكره أول كل فريضة وأول ركعة من صلاة الليل وفي المفردة من الوتر وفي أول ركعة من ركعتي الزوال وفي
أول ركعة من نوافل المغرب وفي أول ركعة من ركعتي الاحرام فهذه الستة مواضع ذكرها علي بن الحسين وزاد الشيخ يعنى المفيد الوتيرة والأصح الأول لعموم الاخبار منها ما رواه
292

الشيخ في الصحيح عن زيد الشحام قال قلت لأبي عبد الله (ع) الافتتاح فقال تكبيرة تجزيك قلت فالسبع قال ذلك الفضل وعن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال التكبيرة الواحدة في
افتتاح الصلاة تجزي والثلث أفضل والسبع أفضل كله وروى الشيخ في الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا افتتحت الصلاة فارفع كفيك ثم ابسطها
بسطا ثم كبر ثلث تكبيرات قل اللهم أنت الملك الحق المبين لا إله إلا أنت سبحانك اني ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي انه لا يغفر الذنوب الا أنت ثم كبر تكبيرتين ثم قل لبيك وسعديك
والخير في يديك والشر ليس إليك والمهدي من هديت لا ملجأ منك الا إليك سبحانك وحنانيك تباركت وتعاليت سبحانك رب البيت ثم كبر تكبيرتين ثم تقول وجهت وجهي
للذي فطر السماوات والأرض (عالم الغيب والشهادة) حنيفا مسلما وما انا من المشركين ثم تعوذ من الشيطان الرجيم ثم اقرأ فاتحة الكتاب وروى الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة قال أدنى ما يجزي عن
التكبير
في التوجه تكبيرة واحدة وثلاث تكبيرات أحسن وسبع أفضل إلى غير ذلك من الاخبار وينفى قول ابن الجنيد صريحا ما رواه الشيخ في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن أخف ما يكون
من التكبير في الصلاة قال ثلاث تكبيرات فإن كانت قرائة قرأت بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون وإذا كنت إماما فإنه يجزيك ان تكبر واحدة تجهر فيها وتستر ستا وعن
أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إذا افتتحت الصلاة فكبر ان شئت واحدة وان شئت ثلاثا وان شئت خمسا وان شئت سبعا كل ذلك عجر عنك غير انك إذا كنت إماما لم تجهر الا بتكبيرة
وقد ورد الدعاء عقيب السادسة بقوله يا محسن قد اتاك المسئ وقد أمرت المحسن ان يتجاوز عن المسئ أنت المحسن وانا المسئ فصل على محمد وال محمد وتجاوز عن قبيح ما تعلم مني وورد
أيضا أنه يقول رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي الآية
الثالث من مستحبات الصلاة القنوت ويطلق في اللغة على معان خمسة الدعاء والطاعة والسكون و
القيام والامساك عن الكلام نص عليه في (ق) وذكر ابن الأثير معاني أخرى كالخشوع والصلاة والعبادة والقيام وطول القيام وقال الجوهري القنوت الطاعة هذا هو الأصل
ومنه قوله تعالى القانتين والقانتات ثم سمى القيام في الصلاة قنوتا وقريب منه كلام ابن فارس والقنوت في اصطلاح الفقهاء الدعاء في أثناء الصلاة في محل معين سواء كان
معه رفع اليدين أم لا وربما يطلق على الدعاء مع رفع اليدين ويستحب عقيب قرائة الثانية قبل الركوع إما استحباب القنوت في جميع الصلوات فهو مشهور بين الأصحاب ذهب إليه أكثرهم
وقال ابن بابويه فيمن لا يحضر الفقيه القنوت سنة واجبة من تركها عمدا أعاد ونقل عن ظاهر ابن أبي عقيل القول بوجوبه في الصلاة الجهرية والأقرب الأول لنا على رجحان فعله
مضافا إلى اتفاق الامامية ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال القنوت في كل صلاة في الركوع الثانية قبل الركوع ورواه الكليني في الحسن وعن صفوان الجمال في الصحيح
قال صليت خلف أبى عبد الله (ع) أياما فكان يقنت في كل صلاة يجهر فيها أو لا يجهر فيها ورواه الكليني والصدوق أيضا في الصحيح وفى الصحيح عن عبد الله بن بكير عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع)
عن القنوت في صلاة الخمس جميعا فقال اقنت فيهن جميعا قال سألت أبا عبد الله (ع) بعد ذلك فقال إما ما جهرت فيه فلا تشك ورواه الكليني أيضا في الصحيح إلى ابن بكير إلى اخر ما مر
وفى الصحيح عن الحسن بن علي بن فضال عن عبد الله ابن بكير عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال القنوت في كل الركعتين في التطوع أو الفريضة قال الحسن وأخبرني عبد الله بن بكير عن زرارة عن
أبي جعفر (ع) قال القنوت في كل الصلوات قال محمد بن مسلم فذكرت ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال إما ما لا نشك فيه فاجهر فيه بالقراءة والتخصيص بالجهرية في هذين الخبرين محمول على
تأكد الفضيلة وشدة الاستحباب وما رواه الصدوق عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال القنوت في كل الصلوات وما رواه الكليني والشيخ عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) رجل نسى
القنوت وهو في بعض الطريق فقال يستقبل القبلة ثم ليعله ثم قال إني لأكره للرجل ان يرغب عن سنة رسول الله صلى الله عليه وآله أو يدعها وروى الكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله (ع)
قال سألته عن القنوت فقال في كل صلاة فريضة ونافلة والأخبار الآتية الدالة على القضا بعد الركوع لو نسيه إلى غير ذلك من الاخبار ويدل على عدم الوجوب ما رواه الشيخ
في الصحيح عن البزنطي عن أبي الحسن الرضا (ع) قال قال أبو جعفر (ع) في القنوت ان شئت فاقنت وان شئت فلا تقنت قال أبو الحسن (ع) وإذا كان التقية فلا تقنت واما أتقلد هذا وفي الصحيح عن
ابن أبي عمير عن جميل بن صالح الثقة عن عبد الملك بن عمر وقال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت قبل الركوع أو بعده قال لا قبله ولا بعده وعن سعد بن سعد الأشعري في الصحيح عن أبي الحسن
الرضا عليه السلام قال سألته عن القنوت هل يقنت في الصلاة كلها أم فيما يجهر فيها بالقراءة قال ليس القنوت الا في الغداة والجمعة والوتر والمغرب وفي الموثق عن يونس بن يعقوب
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت في اي الصلوات اقنت فقال لا تقنت الا في الفجر والمغرب وفي الموثق عن يونس بن يعقوب قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت في اي الصلوات اقنت فقال
لا تقنت الا في الفجر وفي الصحيح عن أحمد بن محمد قال قال لي أبو جعفر (ع) في القنوت في الفجر ان شئت فاقنت وان شئت فلا تقنت وقال هو إذا كانت تقية فلا تقنت وانا أتقلد
هذا ويؤيده عدم ذكره في صحيحة حماد وعدم تعليم النبي (ص) الأعرابي واحتج ابن بابويه بقوله تعالى وقوموا لله قانتين واستدل له المتأخرون أيضا بما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن
أذينة عن وهب عن أبي عبد الله (ع) قال القنوت في الجمعة والعشاء والعتمة والوتر والغداة فمن ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له (وروى الكليني باسناد فيه ضعف
عن وهب بن عبد الله وبه عن أبي عبد الله قال من ترك القنوت رغبة عنه فلا صلاة له) وهذا قرينة على أن وهب في الاسناد الذي ذكره
الشيخ وهب بن عبد ربه وهو ثقة فالخبر من الصحاح فلا يستقيم المناقشة فيه بضعف الاسناد ويؤيد قوله ما رواه الشيخ في الموثق عن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إن نسى الرجل القنوت في
شئ من الصلاة حتى يركع فقد جازت صلاته وليس عليه شئ وليس ان يدعه متعمدا والجواب عن الآية ان القنوت يجئ في اللغة لمعان فيجوز ان يكون المراد به في الآية الطاعة
أو غيرها من المعاني فلا يختص بالدعاء سلمنا ان المراد به الدعاء لكن الدعاء يتحقق في ضمن القراءة لان فاتحة الكتاب مشتملة على الدعاء (فلا دلالة في الآية على الدعاء) المخصوص على أن احتمال الاختصاص في
الصلاة الوسطى قائم ومدلوله أعم من الوعدة والتكرار فلا يثبت عموم الحكم في جميع الصلوات المفروضات بمجرد الآية بل يحتاج إلى الاستعانة بمقدمة أخرى كادعاء عدم القائل بالفصل
وفي اثباته عسر ومما يؤيد عدم دلالة الآية اختلاف المفسرين في تفسيره قال في مجمع البيان قال ابن عباس معناه داعين والقنوت هو الدعاء في الصلاة حال القيام وهو المروي
عن أبي جعفر (ع) وأبي عبد الله عليهما السلام وقيل طائعين وقيل خاشعين وقيل ساكتين وقال في الكشاف قوموا لله قانتين ذاكرين الله في قيامكم والقنوت ان يذكر الله قائما وعن
عكرمة كانوا يتكلمون في الصلاة وعن مجاهد هو الركود وكف الأيدي والبصر وروى أنه إذا قام أحدهم إلى الصلاة هاب الرحمن ان يمد بصره أو يلتفت أو يقلب الحصى أو يحدث
نفسه بشئ من أمور الدنيا والجواب عن الروايات انها محمولة على الفضيلة جمعا بين الأدلة على أن ما تضمنته رواية وهب أخص من الدعوى إذ تعمد تركه قد يكون رغبة عنه
وقد لا يكون ففي هذا التقييد اشعار ما بعدم الوجوب واما القائل بوجوبه في الجهرية فلعل حجته صحيحة سعد بن سعد وصحيحة وهب السابقتين ورواية سماعة الآتية والجواب
ان التخصيص فيها محمول على تأكد الفضيلة وشدة الاستحباب ويمكن حملها على التقية أيضا ويؤيد ذلك ما رواه الكليني والشيخ في الموثق عن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت
فقال فيما يجهر فيه بالقراءة قال فقلت له اني أسألك إياك عن ذلك فقال في الحسن كلها فقال رحم الله أبي ان أصحاب أبي اتوه فسئلوه فأخبرهم بالحق ثم اتوني شكاكا فأخبرهم بالتقية واما
كون القنوت قبل الركوع وبعد القراءة فمشهور بين الأصحاب وحكى المصنف في المنتهى اتفاقهم عليه ويطهر من المحقق في المعتبر الميل إلى التخيير بين فعله قبل الركوع وبعده وإن كان الأول أفضل
لما رواه الشيخ عن إسماعيل الجعفي ومعمر بن يحيى عن أبي جعفر (ع) قال القنوت قبل الركوع وان شئت بعده وفي سند الرواية ضعف ويدل على الأول صحيحة زرارة السابقة وقول أبي
عبد الله في صحيحة أبي بصير كل قنوت قبل الركوع الا الجمعة رواها الشيخ ورواها الكليني عن يعقوب بن يقطين في الصحيح قال سألت عبدا صالحا (ع) عن القنوت في الوتر والفجر وما يجهر به
قبل الركوع (أو بعده قال قبل الركوع) حين يفرغ من قرائتك وعن معوية بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال ما اعرف قنوتا الا قبل الركوع وروى الشيخ عن سماعة في الموثق قال سألته عن القنوت في اي صلاة
هو فقال كل شئ يجهر بالقراءة فيه قنوت والقنوت قبل الركوع وبعد القراءة ويستحب القنوت في الوتر لما مر والظاهر أنه لا فرق بينه وبين غيره في أنه قبل الركوع للرواية السابقة
293

ولما رواه الشيخ في الموثق عن عمار عن أبي عبد الله (ع) عن الرجل ينسى القنوت في الوتر أو في غير الوتر قال ليس عليه شئ وقال إن ذكره وقد اهوى إلى الركوع قبل ان يضع يده على الركبتين فليرجع
قائما وليقنت ثم يركع وان وضع يده على الركبتين فليمض في صلاته وليس عليه شئ نعم الظاهر استحباب الدعاء بعد الركوع أيضا بما رواه الشيخ عن بعض أصحابنا قال كان أبو الحسن (ع)
إذا رفع رأسه من اخر ركعة الوتر قال هذا مقام من حسناته نعمة منك وشكره ضعيف وذنبه عظيم وليس لذلك الا رفقك (ورحمتك) فإنك قلت في كتابك المنزل على نبيك المرسل صلى الله عليه و
اله كانوا قليلا من الليل ما يهجعون وبالأسحار هم يستغفرون طال هجوعي وقل قيامي وهذا السحر وانا استغفرك لذنوبي استغفار من لا يجد لنفسه ضرا ولا نفعا ولا موتا ولا حياة ولا
نشورا ثم يخر ساجدا وسماه في المعتبر قنوتا والمصنف في المنتهى جوز قنوت الوتر قبل الركوع وبعده نظرا إلى الروايتين ويستحب ان يدعو فيه بالمنقول روى الكليني والشيخ عنه في الحسن
بإبراهيم بن هاشم عن سعد بن أبي خلف عن أبي عبد الله (ع) قال يجزيك في القنوت اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة انك على كل شئ قدير وروى الشيخ عن أبي بصير عن
أبي عبد الله (ع) قال القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى بعد القراءة نقول في القنوت لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم لا إله إلا الله رب السماوات السبع ورب الأرضين
السبع وما فيهن وما بينهن رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين اللهم صل على محمد وآل محمد كما هديتنا به اللهم صل على محمد وال محمد كما أكرمتنا به اللهم اجعلنا ممن اخترته لدينك
وخلقته لجنتك اللهم لا تزع قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب وذكر الشيخ وأكثر الأصحاب ان أفضل ما يقال فيه كلمات الفرج ونسبه ابن إدريس إلى
الرواية وصورتها لا إله إلا الله الحليم الكريم لا إله إلا الله العلي العظيم سبحان الله رب السماوات السبع ورب الأرضين السبع وما فيهن وما بينهن ورب العرش العظيم والحمد لله رب
العالمين وما رواه زرارة في الحسن عن أبي جعفر (ع) وحكى عن المفيد وجمع من الأصحاب أنه يقول قبل التحميد وسلام على المرسلين وجوز المحقق بلفظ القران لكن لا يبعد ان يكون
اخراجه من أثناء كلمات الفرج أولا (ف) لأنه ليس منها قال ابن بابويه وادنى ما يجزي من القنوت أنواع منها أن يقول رب اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم انك أنت الأعز الاجل الأكرم و
منها أن يقول سبحان من دانت له السماوات والأرض بالعبودية ومنها ان يسبح ثلث تسبيحات ويجوز الدعاء في القنوت بما يبيح للدين والدنيا ذكر ذلك الأصحاب ويدل عليه ما
رواه الشيخ والكليني باسنادين مختلفين عن إسماعيل بن الفضل في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت وما يقال فيه فقال ما قضى الله على لسانك ولا اعلم فيه شيئا موقتا وروى ابن بابويه
في الصحيح عن الحلبي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت فيه قول معلوم فقال اثن على ربك وصل على نبيك واستغفر لذنبك وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله ع) قال
القنوت في الفريضة الدعاء وفي الوتر الاستغفار ورواه الكليني باسناد اخر عن عبد الرحمن في الصحيح وفي بعض الروايات ان أدنى القنوت خمس تسبيحات ويجوز الدعاء فيه للمؤمنين باسماعهم
والدعاء على الكفرة والمنافقين صرح به غير واحد من الأصحاب وروى أن النبي صلى الله عليه وآله دعا في قنوته لقوم بأعيانهم (وعلى آخرين بأعيانهم) واختلف الأصحاب في جواز الدعاء في القنوت بالفارسية فمنعه سعد بن عبد الله
واجازه محمد بن الحسن الصفار واختاره ابن بابويه والشيخ في النهاية والفاضلان وغيرهم لصحيحة علي بن مهزيار قال سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل يتكلم في صلاة الفريضة بكل شئ يناجي ربه
قال نعم قال ابن بابويه بعد نقل هذا الخبر ولو لم يرد هذا الخبر لكنت أجيزه بالخبر الذي روى عن الصادق (ع) أنه قال كل شئ مطلق حتى يرد فيه نهى والنهى عن الدعاء بالفارسية في الصلاة
غير موجود ونقل عن الصادق (ع) مرسلا كلما ناجيت به ربك في الصلاة فليس بكلام ويستحب إطالة القنوت وقد ورد عنهم (ع) أفضل الصلاة ما طال قنوتها قال في الذكرى وروى
علي بن إسماعيل الميثمي باسناده إلى الصادق (ع) صل يوم الجمعة الغداة بالجمعة والاخلاص واقنت في الثانية بقدر ما قمت في الركعة الأولى ويستحب التكبير قائما رافعا يديه خلافا للمفيد وقد مر
تحقيق ذلك سابقا ويستحب رفع اليدين تلقاء وجهه مبسوطتين يستقبل ببطونهما السماء وبظهورهما) الأرض قاله الأصحاب وروى عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) وترفع يديك حيال وجهك وان
شئت تحت ثوبك وتتلقى بباطنهما السماء وروى الشيخ عن محمد بن سليمان قال كتبت إلى الفقيه أسأله عن القنوت فقال إذا كان ضرورة شديدة فلا ترفع اليدين ومفهومه دال على استحباب الرفع
وقال المفيد يرفع يديه حيال صدره وحكى في المعتبرة ولا يجعل باطنهما إلى الأرض وذكر ابن إدريس انه يفرق الابهام من الأصابع وذكر الأصحاب انه يستحب نظره إلى بطونهما وسيجيئ ذلك و
عن الجعفي انه يمسح وجهه بيديه ويمرها على لحيته وصدره قيل والموجود في التوقيع المنسوب إلى الحميري (رض) استحباب مسح الوجه بيديه عند الفراغ في قنوت الوتر خاصة ويستحب الجهر به
في الجهرية والاخفائية لما رواه الصدوق عن زرارة في الصحيح عن الباقر (ع) القنوت كلها جهار ولا ينافي ذلك ما رواه الشيخ باسناده عن علي بن يقطين قال سألت أبا لحسن الماضي (ع) عن الرجل
هل يصلح له ان يجهر بالتشهد والقول في الركوع والسجود والقنوت قال انشاء جهر وان شاء لم يجهر وعن المرتضى والجعفي انه تابع للصلاة في الجهر والاخفاء لعموم صلاة النهار
عجما وصلاة الليل جهر والجواب عنه بعد سلامة السند ان الخاص مقدم على العام وهل يسر به المأموم المشهور نعم وقربه الشهيد في الذكرى استنادا إلى ما دل على أنه لا ينبغي لمن خلف الامام
ان يسمعه شيئا مما يقول وفيه تأمل لان كلا من الخبرين يصلح لان يكون مخصصا للاخر والترجيح يحتاج إلى دليل وفي صلاة الجمعة قنوت اخر بعد ركوع الثانية ففي الجمعة
قنوتان أحدهما في الركعة الأولى قبل الركوع وثانيهما في الركعة الثانية بعد الركوع والى هذا القول ذهب معظم الأصحاب وهو قول الشيخ والصدوق في المقنع وسلار وابن البراج
وابن حمزة ونسبه المحقق إلى المفيد في المقنعة وهو مختار المحقق والمصنف في أكثر كتبه وظاهر ابن أبي عقيل وأبي الصلاح ان في الجمعة قنوتين قبل الركوع مع احتمال موافقتها للمشهور ونقل
ابن بابويه في الفقيه حديثا عن زرارة عن أبي جعفر (ع) وساق الكلام إلى أن قال وعلى الامام فيها قنوتان في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الركعة الثانية بعد الركوع ومن صلاها
وحده فعليه قنوت واحد في الركعة الأولى قبل الركوع ثم قال وتفرد بهذه الرواية حريز عن زرارة والذي استعمله وأفتى به ومضى عليه مشائخي (ره) هو ان القنوت في جميع الصلوات
في الجمعة وغيرها في الركعة الثانية بعد القراءة وقبل الركوع وكلامه يحتمل أمرين أحدهما ان يكون مراده ان القنوت في الركعة الثانية قبل الركوع وهو لا ينافي استحباب
القنوت في الركعة الأولى قبل الركوع وثانيهما ان يكون مراده ان في الجمعة قنوتا واحدا في الثانية قبل الركوع كما مر في غيره وهذا أظهر وظاهر ابن إدريس ان في الجمعة قنوتا
واحدا (في الثانية قبل الركوع قال المفيد في الجمعة قنوتا واحدا) في الركعة الأولى قبل الركوع وهو ظاهر ابن الجنيد واختاره المصنف في المختلف وبعض المتأخرين ويظهر من كلام المرتضى التردد بين ان يكون له قنوتا واحدا قبل الركوع أو مرتين
أحدهما في الأولى قبل الركوع وثانيهما في الثانية بعده والأقرب الأول لنا صحيحة زرارة المذكورة في الفقيه فان الظاهر من سياق كلامه ان العبارة المذكورة تتمة الرواية وانها
منقولة عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر (ع) ويؤيده ذلك بعد العبارة التي نقلنا سابقا بلا فصل وقال زرارة قلت له إلى اخر ما ذكره واحتمال ان يكون منقولة عن زرارة
من غير اسناده إلى الإمام (ع) بعيد جدا وما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي جعفر قال سأل عبد الحميد أبا عبد الله (ع) وانا عنده عن القنوة في يوم الجمعة قال في الركعة الثانية فقال
له قد حدثنا بعض أصحابنا انك قلت في الركعة الأولى فقال في الأخيرة وكان عنده ناس كثير فلما رأى غفلة منهم قال يا أبا محمد في الركعة الأولى والأخيرة قال قلت جعلت فداك قبل الركوع
أو بعده فقال كل القنوت قبل الركوع الا الجمعة فان الركعة الأولى القنوت فيها قبل الركوع والأخيرة بعد الركوع وفي الصحيح عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال يسأله بعض أصحابنا
وانا عنده عن القنوت في الجمعة وساق الكلام بنحو مما مر في الخبر السابق وأجاب بعضهم عن هذا الخبر بالطعن في السند لمكان أبي بصير وقد مر منا في مباحث السابقة ما يفي بدفعه
وفي الموثق عن سماعة قال سألته عن القنوت في الجمعة فقال إما الامام فعليه القنوت في الأولى بعدما يفرغ من القراءة قبل ان يركع وفي الثانية بعدما يرفع رأسه من الركوع قبل
السجود الحديث فان قلت قد روى الشيخ في الصحيح عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال القنوت يوم الجمعة في الركعة الأولى وعن معوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد اله (ع) يقول في
قنوت الجمعة إذا كنت إماما قنت في الركعة الأولى وإن كان يصلى أربعا ففي الركعة الثانية قبل الركوع وفي الصحيح عن عمر بن حنظلة قلت لأبي عبد الله (ع) القنوت يوم الجمة قال أنت
294

رسولي إليهم وفي هذا إذا صليتم في جماعة ففي الركعة الأولى وإذا صليتم وحدانا ففي الركعة الثانية وهذه الأخبار تدل على مذهب المفيد ودلالة الأخيرتين أوضح فما وجه الجمع بين
هذه الروايات وبين الأخبار السابقة قلت يجوز ان يكون تخصيص القنوت الأولى بالذكر في هذه الأخبار بناء على شدة الاستحباب وتأكد الفضيلة فيه دون القنوت للثانية واما
ما رواه الكليني باسناد لا يخلو عن قوة عن معوية بن عمار عن الصادق (ع) ما اعرف قنوتا الا قبل الركوع فخصص بما عدا القنوت الثاني يوم الجمعة جمعا بين الاخبار واما ما رواه الشيخ
عن أبي بصير في الموثق قال القنوت في الركعة الأولى قبل الركوع فليس بمناف لما اخترناه بوجه واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن جميل بن صالح الثقة عن عبد الملك بن عمر
والمجهول قال قلت لأبي عبد الله (ع) قنوت الجمعة في الركعة الأولى قبل الركوع وفي الثانية بعد الركوع فقال لا قبل ولا بعد وفي الصحيح عن داود بن الحصين الثقة الواقفي قال سمعت معمر بن
أبي رياب يسئل أبا عبد الله (ع) وانا حاضر عن القنوت في الجمعة فقال ليس فيها قنوت فأولهما الشيخ بوجوه منها ان ليس فيها قنوت فرضا ومنها ان ليس فيها قنوت موظف ومنها
ان ليس فيها قنوت إذا كان الحال حال تقية ولو نسيه قضاه بعد الركوع هذا مذهب الأصحاب لا اعرف فيه مخالفا قال المصنف في المنتهى لا خلاف عندنا في استحباب الاتيان بالقنوت
بعد الركوع مع نسيانه قبله واما انه هل هو أداء أو قضاء ففيه تردد ثم قرب كونه قضاء ويدل على استحباب الاتيان به بعد الركوع وان نسى قبله ما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم
في الصحيح قالا سألنا أبا جعفر (ع) عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع قال يقنت بعد ركوعه فإن لم يذكر فلا شئ عليه وعن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت ينساه الرجل
فقال يقنت بعدما يركع وان لم يذكر حتى ينصرف فلا شئ عليه وعن عبيد بن زرارة في الموثق للحسن بن علي بن فضال قال قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل ذكر انه لم يقنت حتى ركع قاله فقال
يقنت إذا رفع رأسه واما ما رواه الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح قال سألته عن الرجل ينسى القنوت حتى يركع أيقنت قال لا وما رواه الصدوق وعن معوية بن عمار في الصحيح انه سأل أبا عبد الله
عليه السلام عن القنوت في الوتر قال قبل الركوع قال فان نسيت اقنت إذا رفعت فقال لا يتمكن حملها على نفى الوجوب قال الصدوق (ره) بعد ايراده لهذا الخبر حكم من ينسى القنوت حتى يركع
ان يقنت إذا رفع رأسه من الركوع وانما منع الصادق (ع) من ذلك في الوتر والغداة خلافا للعامة لانهم يقنتون فيهما بعد الركوع وانما اطلق ذلك في ساير الصلوات لان جمهور العامة
لا يرون القنوت فيها وكلامه يقتضي انضمام الغداة إلى الوتر في السؤال مع أنه ليس موجودا في الرواية فلعل ذلك سهو من الناسخين وقال المفيد في المقنعة ولو لم يذكر القنوت حتى
ركع في الثالثة قضاه بعد الفراغ ونحوه قال الشيخ في النهاية ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي بصير في الصحيح قال سمعته يذكر عند أبي عبد الله (ع) قال في الرجل إذا سهى في القنوت قنت بعدما
ينصرف وهو جالس ويدل عليه أيضا رواية زرارة السابقة في أوايل مباحث القنوت واما ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن سهل عن أبيه قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل نسى القنوت في المكتوبة
قال لا إعادة عليه فيجوز ان يكون المراد نفى إعادة القنوت على سبيل الوجوب واما تحقيق كونه قضاء أو أداء فامر اصطلاحي ولا ضرورة في تنقيحه مع وجود ما هو أهم منه
الرابع
من مستحبات الصلاة شغل النظر قائما إلى مسجده لقول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة الطويلة السابقة في أوايل مبحث ماهية الصلاة وليكن نظرك إلى موضع سجودك وقول أبي جعفر (ع)
فيما رواه الصدوق عن زرارة في الصحيح في مبحث القبلة واخشع ببصرك لله عز وجل ولا ترفعه إلى السماء ولكن (حذاء) وجهك في موضع سجودك وروى نحوها الكليني في الحسن بإبراهيم بن
هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) وقانتا إلى باطن كفيه لم اطلع على رواية تدل بمنطوقها عليه قال في المعتبر ذكر ذلك بعض الأصحاب وهو بناء على أن القانت يجعل باطن كفيه إلى السماء
والنظر إلى السماء في الصلاة مكروه رواه زرارة عن أبي جعفر (ع) قال أجمع بصرك ولا ترفعه إلى السماء وتغميض العين كذلك فتعين شغلها بما يمنعها من النظر إلى ما يشغل ولا باس
به وراكعا إلى بين وعليه هذا المشهور بينهم ذكر الشيخان والمرتضى وقال الشيخ أيضا في النهاية وغمض عينيك فإن لم تفعل فليكن نظرك إلى ما بين رجليك واختار المصنف في المنتهى التخيير و
يدل على الأول قول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة الطويلة وفي صحيحة زرارة المذكورة في بحث السجود وليكن نظرك إلى ما بين قدميك ويؤيده ما رواه عن مسمع عن أبي عبد الله (ع) عن آبائه
عليهم السلام ان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى ان يغمض الرجل عينيه في الصلاة ويدل على استحباب التغميض صحيحة حماد الطويلة السابقة والجمع بين الروايات بالتخيير متجه قال المحقق ويمكن تقديم العمل
برواية حماد بما عرف من وجوب تقديم الخاص على العام وهو محل النظر وساجدا إلى طرف انفه ومتشهدا إلى حجره قاله الأصحاب ولا باس به لما فيه من الخشوع والاقبال على العبادة
بمعونة ما دل على كراهية التغميض في الصلاة
الخامس من مستحبات الصلاة وضع اليدين قائما على فخذيه بحذاء ركبتيه هذا هو المشهور بين الأصحاب ذكره الشيخان والمرتضى و
ابن بابويه وتبعهم المتأخرون عنهم ويدل عليه صحيحة زرارة الطويلة السابقة قال في المعتبر والمنتهى والمستند النقل المشهور عن أهل البيت عليهم السلام ونقلا موضع الحاجة من الرواية
المذكورة وما رواه حماد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال ارسل يديه جميعا على فخذيه قد ضم أصابعه وقرب بين قدميه حتى كان بينهما قدر ثلاث أصابع مفروجات واستقبل بأصابع
رجليه جميعا القبلة لم يحرفهما عن القبلة وقال بخشوع الله أكبر والذي صرح به في الخبر وضعها على الفخذين قبل تكبير الاحرام ولا يعلم الحال فيما بعدها وقانتا تلقاء وجهه وقد مر
بيان ذلك في مبحث القنوت وراكعا على ركبتيه وينبغي تفريج الأصابع وايصالها إلى عين الركبة ووضع اليمنى قبل اليسرى يدل على ذلك صحيحة زرارة الطويلة وعلى ما عدا
الأخيرة صحيحة حماد وساجدا بحذاء اذنيه رواه حماد من فعل النبي صلى الله عليه وآله وفي صحيحة زرارة ولا تلزق كفيك بركبتيك ولا تدنهم من وجهك بين ذلك حال منكبيك ولا تجعلهما
بين يدي ركبتيك ولكن تحرفهما عن ذلك شيئا والظاهر حسن العمل بكل من الروايتين (متشهدا) وتشهدا على فخذيه هذا هو المشهور بين الأصحاب ويحكى عن ابن الجنيد أنه قال يشير بالسبابة في تعظيم الله
عز وجل كما تفعله العامة فائدة ذكر الشيخ وجمع من الأصحاب ان المراة حكمها في الصلاة حكم الرجل الا في الجهر والاخفات وفي مواضع أخرى مذكورة في صحيحة زرارة قال إذا قامت المراة في
الصلاة جمعت بين قدميها ولا تفرج بينهما وتضم يديها إلى صدرها لمكان ثدييها فإذا ركعت وضعت يديها فوق ركبتيها على فخذيها (لئلا) تطأطأ كثيرا فيرتفع عجيزها فإذا جلست
فعلى أليتيها ليس كما يقعد الرجل وإذا سقطت للسجود بدأت بالقعود بالركبتين قبل اليدين ثم تسجد لاطئتا بالأرض فإذا كانت في جلوسها ضمت فخذيها (أصابعها) ورفعت ركبتيها من الأرض فإذا
نهضت انسلت انسلالا ترفع عجيزتها أولا وقد روى الكليني حديثا سابقا على هذا الحديث بأسانيد بعضها صحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) ثم قال وبهذه الاسناد عن حماد بن عيسى عن حريز
عن زرارة قال إذا قامت المراة إلى اخر الخبر والظاهر أن ترك التصريح برواية زرارة عمن روى عنه من الأئمة عليهم السلام اعتمادا على ما علمه من الاسناد السابق وتحويل على وضوح الحال
في أمثال ذلك فان الرواية عن غير المعصوم خلاف ما عهد من طريقتهم كما لا يخفى على المستأنس بسننهم؟ فعلى هذا الاضمار الذي في الخبر بحسب الظاهر غير قادح في صحة التعويل عليه و
قد روى الشيخ عن الكليني عن زرارة باسناد حسن وفيه اسقاط لفظة ليس في قوله كما يقعد الرجل قال في الذكرى وهو سهو من الناسخين لان الرواية منقولة من الكافي ولفظة
ليس موجودة فيه وسرى هذا السهو في التصانيف كالنهاية للشيخ وغيرها وهو عدم مطابقته للكافي لا يطابق المعنى إذ جلوس المراة ليس كجلوس الرجل لأنها في جلوسها تضم فخذيها
وترفع ركبتيها من الأرض بخلاف الرجل فإنه يتورك وعن بعض الأفاضل انه حمل التشبيه مع اسقاط ليس على إرادة المصلى جالسا في حال قرائته وهو تكلف مستغنى عنه وروى
الشيخ عن ابن أبي يعفور عن الصادق (ع) قال إذا سجدت المراة بسطت ذراعيها وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألته عن جلوس المراة في الصلاة قال تضم فخذيها وعن ابن بكير عن بعض أصحابنا
قال المراة إذا سجدت تضمت والرجل إذا سجد تفتح قال في الذكرى بعد نقل هذه الأخبار (ولم يزد في التهذيب على هذه الأخبار) وهي غير واضحة الاتصال لكن الشهرة يؤيدها وأنت خبير بما فيه السادس من
مستحبات الصلاة التعقيب قال الجوهري التعقيب في الصلاة الجلوس بعد أن يقضيها للدعاء أو مسألة ونحوه قال ابن فارس في المجمل وقال صاحب القاموس انه الجلوس بعد الصلاة لدعاء
وقال ابن الأثير فيه من عقب في صلاته فهو في صلاة اي أقام في مصلاه بعدما يفرغ من الصلاة فكلام اللغويين دال على اعتبار الجلوس في مفهومه وعن بعض فقهائنا انه
295

فسره بالاشتغال عقيب الصلاة بدعاء أو ذكر وما أشبه ذلك ولم يذكر الجلوس ولعل المراد بما أشبه الذكر وقراءة القران ويجوز ان يكون البكاء من خشية الله والتفكر في مصنوعات الله
وتعديد آلاء الله والاعتراف بالذنوب من جملته وهل مجرد الجلوس بعد الصلاة تعقيب كما يقتضيه كلام ابن الأثير فيه تأمل وعلى كل تقدير فله فضل عميم كما يستفاد من بعض الأحاديث
الآتية واستحباب التعقيب متفق عليه بين المسلمين والأخبار الدالة عليه متواترة روى الكليني والشيخ عنه عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال الدعاء بعد الفريضة
أفضل من الصلاة تنفلا وروى الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال الدعاء دبر المكتوبة أفضل من الدعاء دبر التطوع كفضل المكتوبة على التطوع وعن الوليد بن صبيح
في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال التعقيب أبلغ في طلب الرزق من الضرب في البلاد يعنى بالتعقيب الدعاء بعقب الصلاة والظاهر أن التفسير للوليد أو لغيره وهم أجلاء فيكون معتبرا وعن منصور بن
يونس عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) قال من صلى صلاة فريضة وعقب إلى أخرى فهو ضيف الله وحق على الله ان يكرم ضيفه وقد ورد في تفسير قوله تعالى فإذا فرغت فانصب والى ربك
فارغب عن الباقر والصادق عليهما السلام إذا فرغت من الصلاة المكتوبة فانصب إلى ربك في الدعاء وارغب إليه في المسألة يعطك وروى الكليني عن الحسن بن المغيرة انه سمع أبا عبد الله (ع)
يقول إن فضل الدعاء بعد النافلة كفضل الفريضة على النافلة قال ثم قال ادعه ولا تقل قد فرغ عن الامر فان الدعاء هو العبادة ان الله عز وجل يقول إن الذين يستكبرون عن عبادتي
سيدخلون جهنم داخرين وقال ادعوني استجب لكم وقال إذا أردت ان تدعو الله فمجده واحمده وسبحه وهلله واثن عليه وصل على النبي صلى الله عليه وآله ثم سل تعط وروى عن أمير المؤمنين (ع) قال
قال رسول الله صلى الله عليه وآله أيما امرئ جلس في مصلاه الذي صلى فيه الفجر يذكر حتى يطلع الشمس كان له من الاجر كحجاج بيت الله وعن الصادق (ع) عن ابائه عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال من صلى فجلس
في مصلاه إلى طلوع الشمس كان له سترا من النار إلى غير ذلك من الاخبار ويعضده الواردة في فضل الدعاء والحث عليه من أراد كثيرا منها فليرجع إلى في كتاب الدعاء من الكافي وروى
الشيخ عن معوية بن عمار في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجلان افتتحا الصلاة في ساعة واحدة فتلا هذا القران فكانت تلاوته أكثر من دعائه ودعا هذا أكثر من تلاوته ثم انصرفا
في ساعة واحدة أيهما أفضل قال كل فيه فضل كل حسن قلت اني قد علمت كلا حسن وان كلا فيه فضل فقال الدعاء أفضل إما سمعت قول الله عز وجل وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين
يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين هي والله أفضل هي والله العبادة أليست هي أشدهن هي والله أشدهن وروى الصدوق عن هشام بن سالم في الصحيح أنه قال لأبي عبد الله (ع)
اني اخرج وأحب ان يكون معقبا فقال إن كنت على وضوء فأنت معقب
وأفضله تسبيح الزهراء وقد ورد في فضله اخبار كثيرة فمن ذلك ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح قال
قال أبو عبد الله (ع) من سبح تسبيح فاطمة الزهراء قبل ان يثنى رجليه من صلاة الفريضة غفر له ويبدأ بالتكبير ورواه الكليني باسناد اخر من الصحاح عن عبد الله وروى الكليني عن ابن أبي نجران
عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال من سبح الله في دبر الفريضة تسبيح فاطمة المائة واتبعه بلا إله إلا الله غفر له روى الشيخ عن أبي هارون المكفوف عن أبي عبد الله (ع) قال يا أبا هارون انا نأمر صبياننا
بتسبيح فاطمة (ع) كما نأمرهم بالصلاة فالزمه فإنه لا يلزمه عبد فشقي وعن صالح بن عقبه عن أبي جعفر (ع) قال ما عبد الله بشئ من التحميد أفضل من تسبيح فاطمة (ع) ولو كان شئ أفضل منه لنحله
رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة (ع) وفي بعض نسخ التهذيب التمجيد بدل التحميد وعن أبي خالد القماط قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول تسبيح فاطمة (ع) في كل يوم دبر كل صلاة أحب إلي من صلاة الف ركعة في كل
يوم ويدل على أفضليته رواية صالح بن عقبة ورواية مفضل بن عمر الآتية وما رواه الكليني عن أبي أسامة زيد الشحام ومنصور بن حازم وسعيد الأعرج عن أبي عبد الله (ع) قال تسبيح فاطمة (ع)
من الذكر الكثير الذي قال الله عز وجل اذكروا الله ذكرا كثيرا والمشهور في ترتيبه ما دل عليه ما رواه الكليني عن محمد بن عذافر في الصحيح قال دخلت مع أبي على أبي عبد الله (ع) فسئله أبي
عن تسبيح فاطمة (ع) فقال الله أكبر حتى احصى أربعا وثلثين مرة ثم قال الحمد لله حتى بلغ سبع وستين ثم قال سبحان الله حتى بل مائة يحصيها بيده جملة واحدة رواها الشيخ عن
الكليني وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال تبدأ بالتكبير أربعا وثلثين ثم التحميد ثلثا وثلثين ثم التسبيح ثلثا وثلثين ونقل ابن بابويه تقديم التسبيح على التحميد وكلامه ليس بصريح
في الترتيب حيث قال وهي أربع وثلثون تكبيرة (وثلث وثلثون تسبيحة) وثلث وثلثون تحميدة فان الواو غير دالة على الترتيب ويناسب قوله وقول النبي صلى الله عليه وآله في اخر حديث تضمن علة انتساب التسبيح إلى فاطمة (ع)
اوردها الصدوق في الفقيه مرسلا أفلا أعلمكا ما هو خير لكما من الخادم إذا أخذتما منامكما فكبرا أربعا وثلثين تكبيرة وسبحا ثلثا وثلثين (تسبيحة واحمدا ثلث وثلثين) تحميدة ويناسبه أيضا ما رواه
الشيخ في باب فضل شهر رمضان عن المفضل بن عمير في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) في جملة حديث طويل فإذا سلمت في الركعتين سبح تسبيح فاطمة وهو الله أكبر أربعا وثلثين مرة وسبحان الله ثلاثا
وثلثين مرة والحمد لله ثلاثا وثلثين مرة فوالله لو كان شيئا أفضل منه لعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله إياها والتعويل على المشهور ويستحب ان يكون بالتربة الحسينية لما نقل الشيخ في المصباح فقال
روى عن الصادق (ع) من أراد الحجر من تربة الحسين فاستغفر ربه مرة واحدة كتب الله له سبعين مرة وان أمسك التسبيحة بيده ولم يسبح بها ففي كل حبه منها سبع مرات وروى
الشيخ عن محمد بن عبد الله ابن جعفر الحميري قال كتبت إلى الفقيه أسأله هل يجوز ان يسبح الرجل بطين القبر وهل فيه فضل فأجاب وقرات التوقيع ومنه نسخت يسبح به فما شئ من التسبيح
أفضل منه ومن فصله ان المسبح ينسى التسبيح ويدير السبحة فكتب له ذلك التسبيح وما نقل بعض أصحابنا المتقدمين صورة التوقيع بنحو مما ذكر ثم قال وفيه أيضا يعنى التوقيع وسئل
عن السجدة على لوح من طين القبر هل فيه فضل فأجاب يجوز ذلك وفيه الفضل وقال ابن بابويه في الفقيه قال (ع) يعنى الصادق السجود على طين قبر الحسين (ع) ينور إلى الأرضين السبعة
ومن كانت معه سبحة من طين قبر الحسين (ع) كتب مسبحا وان لم يسبح بها والتسبيح بالأصابع أفضل منه بغيرها لأنها مسؤلات يوم القيمة انتهى ويستحب ان يتبع تسبيح الزهراء (ع)
بلا (اله) الا الله لما مر وروى الشيخ عن محمد بن مسلم في الحسن قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التسبيح فقال ما علمت شيئا موظفا غير تسبيح فاطمة صلوات الله عليها وعشر مرات بعد الغداة تقول
لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت ويميت ويحيى بيده الخير وهو على كل شئ قدير لكن الانسان يرد تسبيح ما شاء تطوعا وعن زرارة في الحسن عن أبي جعفر (ع)
قال ما يجزيك من الدعاء بعد الفريضة ان تقول اللهم إني أسئلك من كل خير أحاط به علمك وأعوذ بك من كل شر أحاط به علمك اللهم إني أسئلك عافيتك في أموري كلها وأعوذ
بك من خزى الدنيا وعذاب الآخرة والدعاء الواردة في عقيب الصلوات العامة لكل صلاة أو مخصوصة بعضها كثيرة ولأصحابنا رضوان الله عليهم أجمعين في هذا الباب كتب مبسوطة
فمن أرادها فليرجع إليها وينبغي التنبيه على أمور الأول قال المصنف في المنتهى أفضل ما يقال ما نقل عن أهل البيت عليهم السلام وهو انه إذا سلم كبر ثلاثا يرفع يديه إلى شحمتي اذنيه
قبل ان يثنى رجليه وروى الشيخ عن صفوان في الصحيح قال رأيت أبا عبد الله (ع) إذا صلى وفرغ من صلاته رفع يديه جميعا فوق الرأس ويظهر في المنتهى اختصاصه بالامام الثاني
يستحب مؤكدا سجدة الشكر بعد الصلاة وفيها فضل كثير روى الشيخ في الصحيح عن مرازم عن أبي عبد الله (ع) قال سجدة الشكر واجبة على كل مسلم يتم بها صلاتك وترضى بها ربك
وتعجب الملائكة منك وان العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح له الرب تعالى الحجاب بين العبد وبين الملائكة فيقول يا ملائكتي انظروا إلى عبدي أدي قربتي وأتم عهدي ثم سجد لي شكرا
على ما أنعمت به عليه ملائكتي ماذا قال فتقول الملائكة يا ربنا رحمتك ثم يقول الرب تعالى ثم ماذا له قال فتقول الملائكة يا ربنا حسبك فيقول الرب تعالى ثم ماذا له فنقول
الملائكة يا ربنا كفاية مهمة فيقول الرب تعالى ثم ماذا فلا يبقى شئ من الخير الا قالته الملائكة فيقول الله تعالى يا ملائكتي ثم ماذا فتقول الملائكة يا ربنا لا علم لنا فيقول الله تعالى لأشكرنه
كما شكرني واقبل إليه بفضلي وأريه رحمتي وروى الصدوق عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال من سجد سجدتي الشكر وهو متوض كتب الله له بها عشر صلوات ومحا
عنه عشر خطايا عظام والاخبار في هذا الباب كثيرة وفي الذكرى روى الأصحاب أدنى ما يجزي فيها أن يقول شكرا ثلثا وقال الصادق (ع) ان العبد إذا سجد فيقول يا رب حتى
ينقطع نفسه قال له الرب عز وجل لبيك ما حاجتك واذكارها كثيرة منها ما رواه الكليني عن عبد الله بن جندب قال سألته أبا الحسن (ع) عما أقول في سجدة الشكر فقد اختلف أصحابنا فيه
296

فقال قل وأنت ساجد اللهم إني أشهدك واشهد ملائكتك وأنبيائك ورسلك وجميع خلفك انك أنت الله ربي والاسلام ديني ومحمد نبي وعلي وفلان وفلان إلى آخرهم أئمتي بهم أتولى
ومن أعدائهم أتبرأ اللهم إني أشهدك دم المظلوم ثلاثا اللهم إني أنشدك دم المظلوم بإيوائك على نفسك لأوليائك لتظفرنهم بعدوك وعدوهم ان تصلى على محمد وآل محمد وعلى
المستحفظين من آل محمد اللهم إني أسئلك اليسر بعد العسر ثلاثا ثم ضع خدك الأيمن على الأرض وتقول يا كهفي حين تعنيني المذاهب وتضيق الأمور بما رحبت يا باري خلقي رحمة بي وقد
كان عن خلقي غنيا صل على محمد وآل محمد وعلى المستحفظين من آل محمد ثم ضع خدك الأيسر وتقول يا مذل كل جبار ويا معز كل ذليل قد وعزتك بلغ بي مجهودي ثلاثا ثم تقول يا حنان يا منان
يا كاشف الكرب العظام ثلاثا ثم تعود للسجود فتقول مأة مرة شكرا شكرا ثم تسئل الله حاجتك انشاء الله تعالى وعن سليمان بن حفص المروزي قال كتبت إلى أبي الحسن (ع) في سجدة الشكر فكتب إلي
مأة مرة شكرا شكرا وان شئت عفوا عفوا ويستحب فيها ان يفرش ذراعيه بالأرض وليلصق جؤجؤه بالأرض والإطالة والدعاء والبكاء وتعفير الجبين والخدين كما مر كل ذلك للرواية
ويستحب عند تجدد النعم وكذا عند تذكرها للروايات الدالة عليه
الثالث لا اعرف خلافا بين الأصحاب في أن سجدات القران خمس عشرة ثلاث في المفصل وهي في النجم وانشقت واقرأ
واثنتا عشرة في باقي القران وهي في الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج في موضعين والفرقان والنمل والم تنزيل وص وحم فصلت ونقل الشهيد اجماع الأصحاب عليه وقال ابن
بابويه ويستحب ان يسجد في كل سورة فيها سجدة فيدخل فيه آل عمران لقوله تعالى يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي كغيرها والواجب منها أربع وهي في ألم تنزيل وفصلت والنجم
واقرء والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب نقل اجماعهم عليه المصنف والشهيد وغيرهما ويدل عليه مضافا إلى الاجماع المنقول ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال سئلته عن الرجل
يعلم السورة من العزايم فيعاد عليه مرارا في المقعد الواحد قال عليه ان يسجد كلما سمعهما وعلى الذي يعلمه أيضا ان يسجد وعن محمد في الصحيح عن أحدهما قال سئلته عن الرجل يقرء السجدة فينساها
حتى يركع ويسجد قال يسجد إذا ذكرها إذا كانت من العزايم وعن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي
عبد الله (ع) انه سأل عن الرجل يقرأ السجدة في اخر السورة قال يسجد ثم يقرء فاتحة الكتاب ثم
يركع ويسجد وعن أبي بصير في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال إن صليت مع قوم فقرء الامام اقرأ باسم ربك الذي خلق أو شيئا من العزائم وفرغ من قرائته ولم يسجد فاوم ايماء والحايض تسجد إذا
سمعت السجدة وعن سماعة في الموثق قال من قرء اقرأ باسم ربك فإذا ختمها فليسجد وفي الموثق قال قال أبو عبد الله إذا قرأت السجدة فاسجد ولا تكبر حتى ترفع رأسك وعن أبي بصير في الضعيف
قال إذا قرأت شئ من العزايم الأربعة فسمعتها فاسجد وان كنت على غير وضوء وان كنت جنبا وإن كانت المراة لا تصلى وساير القران بالخيار إن شئت سجدت وان شئت لم تسجد وهذه الأخبار
وان لم يكن مصرحة بالوجوب على ما نبهناك عليه كثيرا لكن انضمام عمل الأصحاب وفهمهم يقتضي المصير إلى الوجوب ويؤيده قوله تعالى وإذا قرئ عليهم القران لا يسجدون واستدل جماعة من الأصحاب على
وجوبها كونها بصيغة الامر والامر للوجوب وضعفه ظاهر لان غاية ما يستفاد من ذلك تعلق التكليف بالسجود وهو حاصل في ضمن الصلاة ومن أين يلزم منه وجوب السجود عند قرائة الآية واستماعها
وخص الشهيد هذا الاستدلال بما عدا ألم قال واما فيها فلانه تعالى خص المؤمن باية في الذي إذا ذكر بها سجد وهو يقتضي سلب الايمان عند عدم السجود وسلب الايمان منهى عنه فيجب السجود لئلا
يخرج عن الايمان وهو استدلال ضعيف لان المستفاد من الآية حصر المؤمن في الذين إذا ذكروا بآيات ربهم خروا سجدا وسبحوا بحمد ربهم ومن الظاهر أن أصل الايمان لا يتوقف على السجود والتسبيح
عند الذكر (التذكر) بآيات الله مطلقا بل لم يقل أحد بوجوب الامرين عند تذكر الآيات مطلقا فلابد من حمل المؤمن على المؤمن الكامل كما في قوله تعالى انما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وليس
هذا أبعد من ارتكاب التخصيص البعيد واستدل أيضا الشهيد (ره) ببعض الروايات المنقولة من طريق العامة وبما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قرأت شيئا
من العزائم التي تسجد فيها فلا تكبر قبل سجودك ولكن تكبر حين ترفع رأسك والعزائم أربعة حم السجدة وتنزيل والنجم واقرأ وهو استدلال ضعيف إذا عرفت هذا فاعلم أنه لا خلاف بين الأصحاب
في وجوب السجود على القارئ والمستمع وانما اختلفوا في السامع من غير اصغاء فذهب الشيخ إلى عدم وجوبه عليه ونقل الاجماع عليه في الخلاف وقال ابن إدريس يجب السجود على السامع وذكر
انه اجماع الأصحاب احتج الشيخ باجماع الفرقة وبما رواه عن عبد الله بن سنان قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن رجل يسمع السجدة تقرأ قال لا تسجد الا ان يكون منصتا لقرائته مستمعا لها أو
يصلي بصلاته فاما ان يكون يصلي في ناحية أخرى فلا تسجد لما سمعت وفي سند الرواية ضعف احتج ابن إدريس بالاجماع وبرواية أبي بصير السابقة وبعموم الامر والأدلة من الطرفين
ضعيفه فلا يعدل عن الأصل لسلامته عن المعارض والجمع بين الروايتين بحمل ما دل على الامر بالسجود بالنسبة إلى السامع على الفضيلة والاستحباب متجه وان أمكن حمل خلافه على التقية
لموافقته لمذاهب العامة فقول الشيخ أقرب قال في الذكرى طريق الرواية التي ذكرها الشيخ محمد بن عيسى عن يونس مع أنها تتضمن وجوب السجود إذا صلى بصلاة الثاني (التالي) لها وهو غير مستقيم
عندنا إذ لا يقرء في الفريضة عزيمة على الأصح ولا يجوز القدرة في النافلة غالبا وقد نقل ابن بابويه عن ابن الوليد (ره) انه لا يعتمد على حديث محمد بن عيسى عن يونس ولا يخفى امكان حمل الخير
على المصلي خلف المخالف والقدرة في بعض النوافل سايغه كالاستسقاء والغدير والعيدين مع اختلال الشرايط الرابع الظاهر أن موضع السجود في هذه الأربع بعد الفراغ عن الآية وذهب المحقق
في المعتبر إلى أن موضعه في حم السجدة عند قوله صلى الله عليه وآله واسجدوا لله واعبدوا ونقله عن الشيخ في الخلاف قال في الذكرى ليس كلام الشيخ صريحا فيه ولا ظاهرا بل ظاهره ما قلناه يعنى وجوب السجود عند تعبدون لأنه
ذكر في أول المسألة ان موضع السجود في حم عند قوله واسجدوا لله الذي خلقهن ان كنتم إياه تعبدون ثم قال وأيضا قوله واسجدوا لله الذي خلقهن أمر والامر يقتضي الفور عندنا وذلك يقتضي
السجود عقيب الآية ومن المعلوم ان اخر الآية تعبدون ولأنه تخلل السجود في أثناء الآية يؤدي إلى الوقوف على المشروط دون الشرط والى ابتداء القاري بقوله ان كنتم إياه تعبدون وهو
مستهجن عند القراء لأنه لا خلاف فيه بين المسلمين انما الخلاف في تأخير السجود إلى يسمون فان ابن عباس والثوري وأهل الكوفة والشافعي يذهبون إليه والأول هو المشهور عند الباقين فاذن ما اختاره
في المعتبر لا قائل به فان احتج بالفور قلنا هذا القدر لا يخل بالفور والا لزم وجوب السجود في باقي الآي العزايم عند صيغة الامر وحذف ما بعده من اللفظ ولم يقل به أحد انتهى
كلامه وهو حسن وهل الطهارة شرط الأقرب لا لاطلاق الأوامر ولا دليل على التقييد وظاهر ابن الجنيد اعتبار الطهارة وفي الحائض تأمل لتعارض الروايات فرواية أبي بصير وسماعتا السابقتان
تدلان على انها تسجد وما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الحائض هل تقرأ القران وتسمع سجدة إذا سمعت السجدة قال تقرأ ولا تسجد
دال على انها لا تسجد والشيخ في النهاية منع من سجود الحائض استنادا إلى الرواية المذكورة ويمكن حمل الرواية على السماع المقابل للاستماع ولا يشترط استقبال القبلة وستر العورة ولا خلو
الثوب والبدن عن النجاسة لاطلاق الامر وعدم الدليل على التقييد في اشتراط السجود على الأعضاء السبعة أو للاكتفاء بالجبهة نظر من أن المعهود من السجود الأول ومن صدقه بوضع الجبهة
وكذا في السجود على ما يصح عليه في الصلاة ولا يبعد ترجيح الاشتراط لما رواه الصدوق عن هشام بن الحكم في الصحيح أنه قال قلت لأبي عبد الله اخبرني عما يجوز السجود عليه وعما لا يجوز قال السجود
لا يجوز الا على الأرض أو على ما أنبتت الأرض الا على ما اكل أو لبس فقال جعلت فداك ما العلة في ذلك قال لان السجود خضوع لله عز وجل فلا ينبغي ان يكون ما يوكل ويلبس لان
أبناء الدنيا عبيد ما يأكلون ويلبسون والساجد في عبادة الله عز وجل لا ينبغي ان يضع جبهته في سجوده على معبود أبناء الدنيا الذين اغتروا بغرورها ولا يجب فيها ذكر ولا تكبير فيها الا في
الرفع لما مر وبما رواه محمد بن مسلم في الصحيح عن الباقر (ع) لا تكبر حتى تسجد ولكن تكبر حين ترفع ويستحب ان يأتي فيها بالذكر لما رواه أبي عبيدة الحذاء عن أبي عبد الله قال إذا قرء أحدكم السجدة من العزايم
فليقل في سجوده سجدت لك تعبدا ورقا لا مستكبرا عن عبادتك ولا مستنكفا ولا معظما بل انا عبد ذليل خائف مستجير اوردها الكليني وفي بعض الروايات كذكر الصلاة وروى أنه
(يقول في العزائم لا إله إلا الله حقا حقا لا إله إلا الله ايمانا وتصديقا لا إله إلا الله عبودية ورقا سجدت لك يا رب انا تعبدا ورقا والمشهور بين الأصحاب انه يجب قضاء العزيمة مع الفوات
297

ويستحب قضاء غيرها ذكر ذلك الشيخ ومن تبعه ويوافقه صحيحة محمد بن مسلم السابقة وفي نية أداء أو القضاء قولان وهل يتعدد بتعدد السبب عند تخلل السجود قال في الذكرى نعم لقيام
السبب بأصالة عدم التداخل وهو تعليل ضعيف ثم نقل رواية محمد بن مسلم السابقة
وهي غير دالة على مدعاه (كتبه حسين بن عبد الله)
بسم الله الرحمن الرحيم
المقصد الثاني في صلاة الجمعة لا خلاف بين العلماء في وجوب صلاة الجمعة في الجملة وعلى بعض الوجوه ويدل عليه مضافا إلى الاتفاق الآية والأخبار الكثيرة المتواترة
وسيجيئ طرف منها وهي ركعتان كالصبح باتفاق العلماء نقل ذلك الفاضلان وغيرهما ويدل عليه فعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام والأخبار المتواترة وسيجيئ طرف منها في محلها
عوض الظهر فلا يجوز الجمع بينهما وهذا أيضا اتفاق بين العلماء ونقل الاتفاق عليه جماعة من الأصحاب ويدل عليه مضافا إلى ما ذكر روايات منها قوله (ع) في صحيحة الفضل بن عبد الملك
إذا كان قوم في قرية صلوا صلاة الجمعة أربع ركعات فإن كان لهم من يخطب جمعوا إذا كانوا خمسة نفر وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين وفي صحيحة محمد بن مسلم يصلون أربعا إذا
لم يكن من يخطب وفي حسنة الحلبي ان فاتته الصلاة اي صلاة الجمعة فلم يدركها فليصل أربعا والتفصيل قاطع للشركة ووقتها عند زوال الشمس يوم الجمعة إلى أن يصير ظل كل شئ مثله
إما كون أول وقت الجمعة زوال الشمس فهو مشهور بين الأصحاب واليه ذهب الأكثر وقال الشيخ في الخلاف وفي أصحابنا من أجاز الفرض عند قيام الشمس قال واختاره علم الهدى قال ابن إدريس
ولعل شيخنا سمعه من المرتضى مشافهة فان الموجود في مصنفات السيد موافق للمشهور من عدم جواز ايقاعها قبل تحقق الزوال والأقرب الأول ويدل عليه ما رواه الشيخ عن زرارة
في الصحيح قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول إن من الأمور أمورا مضيقه وأمورا موسعة وان الوقت وقتان الصلاة مما فيه السعة فربما عجل رسول الله صلى الله عليه وآله وربما اخر الا صلاة الجمعة فان صلاة
الجمعة من الامر المضيق انما لها وقت واحد حين تزول ووقت العصر يوم الجمعة وقت صلاة الظهر في سائر الأيام وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)) قال وقت صلاة الجمعة
عند الزوال ووقت العصر يوم الجمعة وقت الظهر في غير يوم الجمعة ويستحب التكبير بها وفي بعض نسخ التهذيب بدل عبد الله بن سنان عبد الله بن مسكان وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
قال لا صلاة نصف النهار الا الجمعة وعن ذريح في الصحيح قال قال لي أبو عبد الله أصل الجمعة باذان هؤلاء فإنهم أشد شئ مواظبة على الوقت وعن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن
الزوال يوم الجمعة ما حده قال إذا قامت الشمس صل الركعتين فإذا زالت الشمس فصل الفريضة وما رواه الصدوق عن عبيد الله الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال وقت الجمعة زوال الشمس و
وقت العصر يوم الجمعة في الحضر نحو من وقت الظهر في غير يوم الجمعة وعن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال وقت صلاة الجمعة يوم الجمعة ساعة تزول الشمس ويؤيده ما رواه الشيخ
عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي الجمعة حين يزول الشمس قدر شراك ويخطب في الظل الأول فيقول جبرئيل يا محمد قد زالت فأنزل وصل وفي الصحيح عن
حماد بن عثمن عن محمد بن خالد القسري قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني أخاف أن تكون تصلي الجمعة قبل ان تزول الشمس قال فقال انما هذا على المؤذنين وعن عبد الرحمن بن عجلان قال قال أبو جعفر (ع)
إذا كنت شاكا في الزوال فصل الركعتين فإذا استيقنت الزوال فصل الفريضة وما رواه الكليني عن ابن أبي عمير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة يوم الجمعة فقال نزل بها جبرئيل مضيقة
إذا زالت الشمس فصلها قال قلت إذا زالت صليت ركعتين ثم صليتها فقال قال أبو عبد الله (ع) إما إذا زالت الشمس لم ابدأ بشئ من المكتوبة قال القسم فكان ابن بكير يصلي الركعتين وهو يسأل
في الزوال فإذا استيقن الزوال بدأ بالمكتوبة يوم الجمعة وعن ابن سنان باسناد فيه كلام قال قال أبو عبد الله (ع) إذا زالت الشمس يوم الجمعة فابدؤا بالمكتوبة ويدل عليه أيضا ان الأمور الشرعية
متوقفة على التوظيف والنقل عن صاحب الشرع ولم يثبت في غير الزوال احتج المخالف بروايات عامية لا تصلح للتعويل واما كون اخر وقت الجمعة إذا صار ظل كل شئ مثله فمشهور بين
الأصحاب بل قال في المنتهى انه مذهب علمائنا أجمع وقال أبو الصلاح إذا مضى مقدار الاذان والخطبة وركعتي الفجر فقد فاتت ولزم أدائها ظهرا وقال الشيخ في المبسوط ان بقى من وقت الظهر
قدر خطبتين وركعتين خفيفتين صحت الجمعة وقال ابن إدريس يمتد وقتها بامتداد وقت الظهر واختاره الشهيد في الدروس والبيان وقال الجعفي وقتها ساعة من النهار واما القول الأول
فمستنده غير واضح قال في الذكرى لم نقف لهم على حجة الا ان النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي في هذا الوقت قال ولا دلالة فيه لان الوقت الذي كان يصلي فيه ينقص عن هذا المقدار غالبا ولم يقل أحد بالتوقيت
بذلك الناقص واما أبو الصلاح فلعل مستنده الأخبار السابقة الدالة على التضيق وأجاب عنه في المعتبر بان ذلك لو صح لما جاز التأخير عن الزوال بالنفس الواحد وبان النبي صلى الله عليه وآله
كان يخطب في الفي الأول فيقول جبرئيل يا محمد قد زالت الشمس فأنزل وصل وهو دليل على تأخير الصلاة من الزوال بقدر قول جبرئيل ونزوله (ع) ودعائه امام الصلاة ولو
كان مضيقا لما جاز ذلك ولا يخفى ضعف الجوابين نعم يمكن دفعه بالاخبار الدالة على جواز ركعتي الزوال بعد دخول وقت الفريضة واحتج المحقق على أبي الصلاح بما روى
عن أبي جعفر (ع) قال وقت الجمعة إذا زالت وبعده بساعة روى ابن بابويه مرسلا عن أبي جعفر (ع) قال أول وقت الجمعة ساعة تزول الشمس إلى أن يمضى ساعة وزاد بعضهم ما رواه
الفضيل بن يسار عن أبي جعفر (ع) أنه قال والصلاة ما وسع فيه تقدم مرة وتؤخر أخرى والجمعة مما يضيق وقتها فان وقتها يوم الجمعة ساعة يزول وفيه ضعف واما قول الجعفي
فيدل عليه الرواية المنقولة عن الفقيه والمسألة محل اشكال والاحتياط يقتضي المبادرة إلى الفعل عند تحقق الزوال فان خرج الوقت صلاها ظهرا وفي العبارة تسامح
والمراد انه إذا خرج وقت الجمعة صلى الظهر أداء ان بقى وقتها وقضاء ان فات والظاهر أنه اجماعي ويدل عليه قوله (ع) في حسنة الحلبي فان فاتته الصلاة فلم يدركها فليصل أربعا
وفي صحيحة عبد الرحمن العزرمي فان أدركته وهو يتشهد فصل أربعا ما لم يتلبس في الوقت ويتحقق المتلبس بالتكبير وبه صرح الشيخ وجماعة من الأصحاب واعتبر الشهيد ومن تأخر عنه
ادراك الركعة في الوقت حجة الأول ان الوجوب يتحقق باستكمال الشرايط فيجب اتمامها وان ابطال العمل منهى عنه ويرد عليه ان من جملة الشرايط الوقت فما لم يتحقق التكليف بالفعل
فان التكليف بالفعل يستدعي زمانا يسعه وانه لو سلم ان ابطال العمل منهى عنه قط فهيهنا لم ينعقد العمل أصلا إذ حصل البطلان بخروج الوقت من غير تأثير له فيه حجة الثاني
قوله (ع) فيما روى عنه من أدرك من الوقت (ركعة فكأنما أدرك الوقت) ولعل الترجيح للقول الثاني
ولا تجب الجمعة الا بشروط سبعة الأول الإمام العادل أو من ياسره وعلى هذا الشرط مشهور بين الأصحاب بل نقل
الاجماع عليه وسيجيئ الكلام في تحقيقه وتحقيق انه هل يختص بزمان حضور الإمام (ع) أو يعم زمان الغيبة وحضور أربعة منه اي مع الامام لا خلاف بين العلماء في اعتبار العدد و
اشتراطه في صحة صلاة الجمعة انما الخلاف في أقله فللأصحاب فيه قولان أحدهما انه خمسة واليه ذهب الأكثر منهم المفيد والمرتضى وابن الجنيد وابن إدريس والفاضلان و
ثانيهما انه سبعة في الوجوب العيني وخمسة في الوجوب التخييري واليه ذهب الشيخ وابن البراج وابن زهرة وهو المنقول عن الصدوق ومال إليه الشهيد في الذكرى حجة الأول وجهان
الأول ظاهره الآية فان الامر للوجوب ثبت الاشتراط بالخمسة للاتفاق والأخبار الكثيرة والزايد منتف لفقد الدليل الثاني الروايات منها ما رواه الشيخ عن منصور في الصحيح
عن أبي عبد الله (ع) قال يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زاد وان كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم ومنها ما رواه الكليني والشيخ عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال كان
أبو جعفر (ع) يقول لا يكون الجمعة والخطبة وصلاة ركعتين على أقل من خمسة رهط الامام وأربعة
ومنها ما رواه عن الفضل بن عبد الملك في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله (ع)
298

يقول إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر الحديث وبإسناد معتبر عن أبي يعفور قال لا يكون جمعة ما لم يكن القوم خمسة
حجة الثاني ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كانوا سبعة يوم الجمعة
فليصلوا في جماعة وعن محمد بن مسلم في الصحيح باسناد فيه الحكم بن مسكين وهو غير موثق
في كتب الرجال الا ان كتابه كتاب معتبر برواية ابن أبي عمير وعن الحسن بن محبوب عن أبي جعفر (ع) قال يجب الجمعة على سبعة نفر من المسلمين ولا تجب على أقل منهم الامام وقاضيه والمدعى
حقا والمدعى عليه والشاهدان والذي يضرب الحدود بين يدي الامام ورواه الصدوق عن محمد بن مسلم باسناد اخر وما رواه ابن بابويه في الصحيح عن زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع)
على من تجب الجمعة قال على سبعة نفر من المسلمين ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الامام فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم وقال المحقق بعد نقل (في أن من شروط صلاة الجمعة الجماعة) نبذة
من الروايات ونحن نرى العمل على الوجوب مع الخمسة لأنها أكثر ورودا ونقلة ومطابقة لدلالة القران ولو قال الاخبار بالخمسة لا يتضمن الوجوب وليس البحث في الجواز بل في
الوجوب ورواية محمد بن مسلم يتضمن سقوط الوجوب عمن قبل عددهم عن سبعة فكانت أدل على موضع النزاع قلنا ما ذكرته وإن كان ترجيحا لكن روايتنا دالة على الجواز ومع جواز
يجب للآية فلو عمل برواية محمد بن مسلم لزم تقييد الامر المطلق المتيقن بخبر الواحد ولا كذا مع العمل بالاخبار التي اخترناها على أنه لا يمكن العمل برواية محمد بن مسلم لأنه احصى السبعة
ممن ليس حصرهم شرطا فسقط اعتبارها وأجاب المصنف تارة بحمل قوله (ع) ولا يجب على أقل منهم في رواية محمد بن مسلم على ما كان أقل من خمسة وهو بعيد جدا وتارة باستضعاف
السند للحكم بن مسكين والترجيح عندي للقول الأخير لعدم وضوح دلالة اخبار الخمسة على الوجوب العيني ووضوح دلالة الاخبار التي الأخيرة على انتفاء الوجوب العيني في
الخمسة ويؤيده ما رواه الشيخ عن أبي العباس في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال أدنى ما يجزي في الجمعة سبعة أو خمسة أدناه والتمسك بالآية يضعف عن مقاومة الأخبار المذكورة
بعد ثبوت التخصيص بالعدد بالاتفاق (والاخبار) إذ لم يبق لها بعد ذلك الظهور ضعيف في انتفاء اعتبار الزايد على الخمس كما لا يخفى على المندوب في التحقيق وكونها قطعي المتن غير نافع وتعيين
ما ليس بمعتبر البتة في رواية محمد بن مسلم محمول على التمثيل فلا يوجب اطراح الخبر كما زعمه المحقق والثالث من شروط صلاة الجمعة الجماعة وهو اجماعي بين العلماء نقل ذلك جماعة
من الأصحاب ويدل عليه الأخبار المستفيضة منها قول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة الآتية منها صلاة واحدة فرضها الله في جماعة وهي الجمعة وفي صحيحة عمر بن يزيد السابقة والمسألة
المتقدمة إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة ويتحقق الجماعة بنية المأمومين الاقتداء بالامام ويعتبر في انعقاد هانية العدد المعتبر ولو أخل بها بعض المأمومين
بعد حصولها في العدد المعتبر بطلب صلاته حسب وفي وجوب نية الإمامة نظر مسألة قال في الذكرى لو بان ان الامام محدث فإن كان العدد لا يتم بدونه فالأقرب انه لا جمعة لهم لانتفاء
الشرط وإن كان العدد حاصلا من غيره صحت صلاتهم عندنا لما سيأتي انشاء الله تعالى في باب الجماعة قال وربما افترق الحكم هيهنا وهناك لان الجماعة شرط في الجمعة ولم يحصل في نفس الامر
بخلاف باقي الصلاة فان القدوة إذا فاتت فيها يكون قد صلى منفردا وصلاة المنفرد هناك صحيحة بخلاف الجمعة واعترض على هذا الفرق يمنع صحة الصلاة هناك على تقدير الانفراد
لعدم اتيان المأموم بالقراءة التي هي من وظايف المنفرد وبالجملة هنا مشتركتان في الصحة ظاهرا وعدم استجماعهما للشرائط الواقعية ولا يخفى ان الفرق حاصل بين الصلاتين
باعتبار صحة صلاة الجمعة بدون قيد الجماعة بخلاف غيرها وان اتفقتا في انتفاء بعض شروط الانفراد وهي القراءة لكن كون هذا الفرق مؤثرا في افتراق الحكم يحتاج إلى
دليل وقال بعض المتأخرين ولو قيل بالصحة مطلقا فإن لم يكن العدد حاصلا من غيره أمكن لصدق الامتثال واطلاق قول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة وقد سأله عن قوم صلى
بهم امامهم وهو غير طاهر أيجوز صلاتهم أم يعيدونها لا إعادة عليهم تمت صلاتهم وعليه هو الإعادة وليس عليه ان يعلمهم هذا عنه موضوع وهو غير بعيد والرابع مما يشترط في
الجمعة الخطبتان لا خلاف في ذلك بين الأصحاب واليه ذهب العامة الا من شذ منهم ويدل عليه الاخبار منها قول الصادق (ع) فيما روى عنه صحيحا وانما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين
وقوله (ع) في صحيحة محمد بن مسلم الآتية في محلها يصلون أربعا إذا لم يكن يخطب واستدل عليه أيضا بالتأسي وفيه تأمل ويجب الاتيان بالخطبتين من قيام مع القدرة ولا اعرف في ذلك
خلافا بين الأصحاب ونقل المصنف في التذكرة الاجماع عليه ويدل عليه ما رواه الشيخ عن معوية بن وهب في الصحيح قال قال أبو عبد الله (ع) ان أول من خطب وهو جالس معوية واستأذن
الناس في ذلك من وجع كان بركبتيه وكان يخطب خطبة وهو جالس وخطبة وهو قائم ثم يجلس بينهما ثم قال الخطبة وهو قائم خطبتان يجلس بينهما جلسة لا يتكلم فيها قدر ما يكون
فضل ما بين الخطبتين ولو منعه مانع فالظاهر جواز الجلوس وفي وجوب الاستبانة (الاستنابة) حينئذ اشكال قالوا ولو خطب جالسا مع القدرة بطلت صلاته وصلاة من يعلم بذلك من المأمومين فإن لم يعلم
بذلك فقد قطعوا بصحة صلاته بناء على أن الظاهر من حال المسلم خصوصا للعدل ان يكون جلوسه في حال الخطبة لعذر ولم يفصلوا بين تجدد العلم بعد الصلاة وعدمه كما في المحدث وفي
الأول اشكال لعدم الاتيان بالمأمور به على وجهه وفقد النص على صحته كما في المحدث و (يجب) في القيام الطمأنينة كما في المبدل لتوقف البراءة اليقينية عليه وهل يجب اتحاد الخطيب فالامام
فيه قولان اختار اولهما الرواندي وقواه المصنف في المنتهى والشهيد في الذكرى واختار ثانيهما المصنف في النهاية معللا بانفصال كل من العبادتين عن الأخرى وبان غاية الخطبتين
ان يكون الركعتين ويجوز الاقتداء بامامين في صلاة واحدة والتعليلان ضعيفان إما الأول فلمنع الانفصال واستلزامه لمدعاه واما الثاني فلمنع الأصل مع أن التعدية إلى
الفراغ قياس لا نقول به والمسألة محل اشكال ينشأ من أن المنقول من فعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام الاتحاد فيجب عدم التعدي عنه وقوفا في الوظايف الشرعية على القدر الثابت
المتيقن ومن اطلاق الامر بالصلاة في الآية والاخبار والاشتراط متقدر بقدر الدليل والدليل لا يقتضي الخصوصية المذكورة في الخطبتين والاحتياط واضح المشتملة كل منهما اي
الخطبتين على حمد الله تعالى والصلاة على النبي وآله عليهم السلام والوعظ وقراءة سورة خفيفة اختلف كلام الأصحاب في القدر المعتبر في كل واحد من الخطبتين فقال الشيخ في المبسوط
أقل ما يكون الخطبة أربعة أصناف حمد لله والصلاة على النبي وآله والوعظ وقراءة سورة خفيفة من القران ومثله قال ابن حمزة وابن إدريس في موضع من السرائر وقال الشيخ
في الخلاف أقل ما يكون الخطبة ان يحمد الله تعالى ويثنى عليه ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ويقرأ شيئا من القران ويعظ الناس ووافقه ابن إدريس في موضع من السرائر في عدم ذكر السورة ولم يذكر أبو الصلاح
القراءة وقال الشيخ في الاقتصار أقل ما يخطب به أربعة أشياء الحمد لله والصلاة على النبي وآله عليه وعليهم السلام والوعظ وقراءة سورة خفيفة من القران بين الخطبتين وفي النهاية ينبغي ان يخطب
الخطبتين ويفصل بينهما بجلسة ويقرأ سورة خفيفة ويحمد الله تعالى في خطبة ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو الأئمة المسلمين ويدعوا أيضا للمؤمنين ويعظ ويزجر وينذر ويخوف ومثله
قال ابن البراج وابن زهرة قال ابن الجنيد عن الخطبة الأولى وبوشحها بالقران وعن الثانية ان الله يأمر بالعدل والاحسان الآية وقال المرتضى في المصباح يحمد الله ويمجده ويثنى عليه
ويشهد لمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة ويوشح الخطبة بالقران ثم يفتتح (الثانية) بالحمد والاستغفار والصلاة على النبي وآله صلى الله عليه وآله والدعاء لأئمة المسلمين ويظهر من كلام الفاضلين ان وجوب الحمد لله والصلاة على
النبي وآله والوعظ موضع وفاق بين علمائنا وأكثر العامة لعدم تحقق الخطبة بدونها عرفا وقد وقع الخلاف في هذه المسألة في مواضع الأول هل تجب القراءة في الخطبتين أم لا
كما هو مذهب أبي الصلاح الثاني على تقدير وجوب القراءة هل للواجب سورة كاملة أو أية تامة الفائدة وعلى الأول فهل الواجب سورة خفيفة فيهما أو في الأولى خاصة أو بين الخطبتين
وعلى الثاني (فهل الواجب) أية تامة الفائدة فيها أو في الأولى خاصة الثالث هل تجب الشهادة لمحمد صلى الله عليه وآله بالرسالة في الأولى كما هو ظاهر المرتضى أم لا الرابع هل يجب الاستغفار (والدعاء) لأئمة المسلمين كما هو ظاهر
المرتضى أيضا واعلم اني لم اقف في هذه المسألة على رواية دالة على أقل القدر الواجب في الخطبتين والذي وقفت عليه في هذا الباب روايتان أحدهما ما رواه الكليني باسناد معتبر والشيخ
في الموثق عن سماعة قال قال أبو عبد الله (ع) ينبغي للامام الذي يخطب بالناس يوم الجمعة ان يلبس عمامة في الشتاء والصيف ويتردى ببرد يمينة أو عدنية ويخطب وهو قائم يحمد الله
299

ويثنى عليه ثم يوصى بتقوى الله ويقرأ سورة من القران صغيرة ثم يجلس ثم يقوم فيحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمد صلى الله عليه وآله وعلى أئمة المسلمين ويستغفر للمؤمنين والمؤمنات فإذا فرغ من
هذا قال المؤذن فصلى بالناس ركعتين يقرا بالأولى بسورة الجمعة وفي الثانية بسورة المنافقين وعلى هذه الرواية اعتمد المحقق في المعتبر وثانيهما ما رواه الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح
ان أبا جعفر (ع) خطب خطبتين في الجمعة ونقل الخطبتين والأولى منها تضمنت حمد الله والشهادتين والصلاة على النبي وآله والوعظ قال ثم اقرا سورة من القران وادع ربك وصل على
النبي صلى الله عليه وآله وادع للمؤمنين والمؤمنات ثم يجلس وتضمنت الثانية الحمد والشهادتين والوعظ والصلاة على محمد وآله قال ثم يقول اللهم صل على أمير المؤمنين ووصي رسول رب العالمين ثم تسمى الأئمة
حتى تنتهي إلى صاحبك ثم تقول اللهم افتح له فتحا يسيرا وانصره نصرا عزيرا قال ويكون اخر كلامه أن يقول إن الله يأمر بالعدل والاحسان وايتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء و
المنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون ثم تقول اللهم اجعلنا ممن يذكر فتنفعه الذكرى ومن هنا يظهر ان القول بوجوب السورة في الخطبة الأخيرة لا وجه له لعدم اشتمال الروايتين
عليها بل مقتضى رواية سماعة عدم توظيف القراءة في الثانية ومقتضى الرواية الثانية ان يكون اخر كلامه ان الله يأمر بالعدل والاحسان الآية وذكر ذلك ابن الجنيد والمرتضى
قال الشهيد وأورده البزنطي في جامعه انه ذكر جماعة من الأصحاب منهم المصنف والشهيد انه يجب في الخطبتين التحميد بصيغة الحمد لله وفي اثباته اشكال لصدق مسمى الخطبة بدونه والأقرب
لا ينحصر الوعظ في لفظ بل يجزي كلما اشتمل على الوصية بتقوى الله والحث على الطاعات والزجر عن المعاصي وفي الاجتزاء بالآية المشتملة على التحميد ونحوه مما يعتبر في الخطبة وجهان
ولعل الاجتزاء أقرب واعلم أنه ذكر جماعة من الأصحاب انه يجب الترتيب بين اجزاء الخطبة الحمد ثم الصلاة ثم الوعظ ثم القراءة وهو أحوط والمشهور بين الأصحاب المنع عن الخطبة بغير العربية
وهو حسن لتوقف البراءة اليقينية عليها ولو لم يفهم العدد العربية ولو لم يمكن التعلم قيل يجب بغير العربية لان مقصود الخطبة لا يتم بدون فهم معانيها واحتمل بعضهم وجوب
العربية للتأسي واحتمل بعضهم سقوط الجمعة حينئذ والخامس عدم جمعة أخرى بينهما أقل من فرسخ لا اعلم خلافا بين أصحابنا في اعتبار وحدة الجمعة بمعنى انه لا يجوز إقامة جمعتين بينهما
أقل من فرسخ واختلف العامة على مذاهب لا فائدة يعتد بها في ايرادها والأصل في هذه المسألة ما رواه الكليني والشيخ عنه عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال
يكون بين الجماعة ثلاثة أميال يعنى لا يكون جمعة الا فيما بينه وبين ثلاثة أميال وليس تكون جمعة الا بخطبة وإذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال فلا باس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء
وروى الشيخ عن محمد بن مسلم أيضا في الموثق عن أبي جعفر (ع) أنه قال إذا كان بين الجماعتين ثلاثة أميال (فلا باس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء ولا يكون بين الجماعتين أقل من ثلاثة أميال) ورواه الصدوق عن محمد بن مسلم باسناد ظاهره الصحة عن أبي جعفر (ع) وذكر بعض
الأصحاب انه يعتبر الفرسخ من المسجد صليت في مسجد والا فمن نهاية المصلين ولو كان بعضهم بحيث لا يبلغ البعد بينه وبين الجمعة الأخرى النصاب دون من سواه مما يتم بهم العدد فيحتمل بطلان
صلاته (جامعة لاستجماع صلاة) من عداه شرائط الصحة ويحتمل بطلان صلاة المجموع لانتفاء الشرط المعتبر في صحة الجماعتين إذا المجموع جماعة واحدة عرفا ولعل الثاني أقرب والسادس مما يعتبر في وجوب الجمعة كمال
المخاطب بها ويحصل بأمور التكليف المتحقق بالبلوغ والعقل فلا يجب على الصبي والمجنون باتفاق العلماء نعم يصح من الصبي المميز تمرينا ويجزيه بدلا عن الظهر ولو أفاق المجنون في وقت الصلاة
خوطب بها ويجب عليه وجوبا مراعى باستمرار الإقامة إلى اخر الصلاة والذكورة فلا يجب على المراة باتفاق الأصحاب نقل ذلك المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والتذكرة وفي الخنثى
المشكل قولان فقيل بالسقوط للشك في سبب الوجوب واختاره الشهيد وقيل بالوجوب عليها لعموم الأوامر خرج المراة فيبقى الخنثى تحت الحكم وقربه الشارح الفاضل وفيه ان دخولها في
المستثنى مشكوك كما أن دخولها في المستثنى مشكوك فلم يثبت وجوبها عليها ويرد على التعليل الأول لان الواجب عليها أحد الامرين من الظهر أو الجمعة ووجوب الظهر مشروط بكونها
امرأة كما أن وجوب الجمعة مشروط بكونها رجلا والشك في ذلك يستلزم الشك في كلا الجانبين فلا يتعين وجوب الظهر عليها وسقوط الجمعة عنها ويمكن ان يقال الجمعة واجبة على التضيق
والأصل عدمها بالنسبة إليها فيجوز لهما التأخير إلى فواتها وحينئذ يتعين وجوب الظهر نعم ان قلنا باتساع وقت الجمعة واتفقت في اخر وقت الظهر لم يجز هذا الوجه وحينئذ لا يبعد القول بوجوب
الجمعة عليها ان قلنا بجوازها عن المراة لتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه والحرية فلا يجب على العبد باتفاق الأصحاب ونقل اتفاقهم عليه المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى و
التذكرة والشهيد في الذكرى ولا فرق في ذلك بين القن والمدبر والمكاتب الذي لم يؤد شيئا لصدق الملوك على الكل وهل يجب عليه إذا امره المولى فيه تردد واختلف الأصحاب في
المبعض إذا هاياه المولى فاتفقت الجمعة في يومه فالمشهور سقوط الجمعة عنه وذهب الشيخ في المبسوط إلى وجوبها عليه ولعله أقرب لعدم صدق العبد والملوك عليه فلا يكون مستثنى من عموم
ما دل على الوجوب وليس في الروايات اشتراط الحرية في الوجوب حتى يلزم عدم وجوبها عليه والحضر فلا يجب على المسافر باتفاق الأصحاب ونقل اتفاقهم عليه الفاضلان والشهيد والظاهر أن
المراد منه ما قابل السفر الشرعي فيدخل فيه ناوي الإقامة عشرا والمقيم في بلد ثلثين يوما وفي المنتهى نقل الاجماع عليه ويدخل فيه كثير السفر والمعاصي به كما صرح به جماعة من
الأصحاب منهم الشهيد في الذكرى وقال في المنتهى لم اقف على قول لعلمائنا في اشتراط الطاعة في السفر لسقوط الجمعة وقرب الاشتراط وفي اثباته اشكال لعدم ثبوت حقيقة شرعية هيهنا ومن
حصل في أحد المواضع الأربعة فالظاهر عدم الوجوب عليه لصدق السفر وجزم المصنف في التذكرة بالوجوب وقيل بالتخيير واليه ذهب الشهيد في الذكرى (الدروس) والسلامة عن العمى ونسب ذلك في المنتهى و
التذكرة إلى علمائنا وفي المعتبر والذكرى إلى الأصحاب والعرج هذا الشرط ذكره والشيخ في جملة من كتبه ولم
يذكره المفيد ولا المرتضى والنصوص خالية منه كما ستعلم وقال المرتضى وقد روى أن
العرج عذر قال المحقق فإن كان يريد المقعد فهو اعذر من المريض والكبير لأنه ممنوع من السعي فلا يتناوله الامر بالسعي وان لم يرد ذلك فهو في خير المنع وقال المصنف في المنتهى ولا يجب على الأعرج
وهو مذهب علمائنا أجمع لأنه معذور يعرج لحصول المشقة في حقه ولأنه مريض فسقطت عنه والتعليلان ضعيفان وقيده في التذكرة بالاقعاد ونقل اجماع الأصحاب عليه إذا لم يكن
مقعدا فالظاهر وجوب الحضور كما صرح به المصنف في التذكرة والشهيد في الذكرى لعموم الأدلة (الوجوب) وعدم ما يصلح للتخصيص والمرض بلا خلاف بين الأصحاب نقل اتفاقهم عليه الفاضلان واطلاق
النصوص وكلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في المرض والعمى بين ما يشق معهما الحضور وغيره وبهذا التعميم صرح المصنف في التذكرة واعتبر الشهيد والثاني في شرح الشرايع تعذر الحضور أو المشقة
التي لا يتحمل مثلها عبادة أو خوف أو زيادة المرض وهو تقييد للنصوص من غير دليل والكبر المزمن قال في المنتهى ولا يجب على الشيخ الكبير وهو مذهب علمائنا ولم يقيده بالمزمن و
قيده في القواعد بالبالغ حد العجز وقيده جماعة من الأصحاب بالبالغ حد العجز أو المشقة الشدة والنصوص مطلقة والأصل في اشتراط الأمور المذكورة في وجوب صلاة الجمعة
روايات منها ما رواه الكليني عن أبي بصير ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إن الله عز وجل فرض في كل سبعة أيام خمسا وثلاثين صلاة منها صلاة واجبة على كل مسلم ان
يشهدها الا خمسة المريض والمملوك والمسافر والمراة والصبي ومنها ما رواه الصدوق عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال انما فرض الله من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلاثين صلاة منها
صلاة واحدة فرضها الله عز وجل في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن (تسعة) الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمراة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين ورواه الكليني باسنادين
أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم ومنها صحيحة منصور الآتية عند تحقيق صلاة الجمعة في زمان الغيبة وفي بعض خطب أمير المؤمنين (ع) المنقولة في الفقيه والمصباح الجمعة واجبة على
كل مؤمن الا على الصبي والمريض والمجنون والشيخ الكبير والأعمى والمسافر والمراة والعبد والمملوك ومن كان على رأس فرسخين وعدم بعد أكثر من فرسخين اختلف الأصحاب في تحديد
البعد المقتضى لعدم السعي إلى الجمعة فالمشهور بينهم ان حده ان يكون أزيد من فرسخين واليه ذهب الشيخان والسيد المرتضى وأبو الصلاح وسلار وابن إدريس والفاضلان وقال الشيخ
أبو جعفر بن بابويه في المقنع وضعها الله تعالى عن تسعة إلى أن قال ومن كان على رأس فرسخين ورواه فيمن لا يحضره الفقيه وذكره في كتاب الأمالي في وصف دين الإمامية وهو قول ابن حمزة
وقال ابن أبي عقيل ومن كان خارجا من مصر أو قرية إذا غدا من أهله بعدما يصلى الغداة فيدرك الجمعة مع الامام فإتيان الجمعة عليه فرض وان لم يدركها إذا غدا إليها بعد صلاة
300

الغداة فلا جمعة عليه وقال ابن الجنيد ووجوب السعي إليها على من يسمع النداء بها أو كان يصلى إلى منزله إذا راح منها قبل خروج نهار يومه وهو يناسب قول ابن أبي عقيل ويدل على
القول الأول ما رواه الكليني عن محمد بن مسلم وزرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال تجب الجمعة على من كان منها على فرسخين ورواها الشيخ عنهما باسناد فيه علي بن السندي
وروى الكليني والشيخ عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الجمعة فقال يجب على كل من كان منها على رأس فرسخين فان زاد على ذلك فليس عليه شئ ونسبها في المعتبر في
الذكرى إلى محمد بن مسلم وحريز عن أبي عبد الله (ع) أو يدل على الثاني ما مر من رواية زرارة وخطبة علي (ع) ويمكن الجمع بين الروايات بوجهين أحدهما ان يكون المراد بمن كان على رأس فرسخين
ان يكون أزيد منهما ويؤيده ان الغالب حصول العلم بكون المسافة فرسخين عند العلم بكونه أزيد من غير انفكاك بينهما فان العلم بمقدار فرسخين من غير زيادة نادر وثانيهما حمل الوجوب
فيما دل على الوجوب في الفرسخين على الاستحباب اكد ويرجح الأول كثرة الاخبار والشهرة وعموم الآية وتحقيق الامر قليل الفائدة لان الحصول على رأس فرسخين من غير زيادة نادر جدا
ويدل على القول الثالث ما رواه الشيخ عن زرارة باسنادين صحيحين قال قال أبو جعفر (ع) الجمعة واجبة على من أصلي الغداة في أهله أدرك الجمعة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله انما يصلي العصر في
وقت الظهر في ساير الأيام كي إذا قضوا الصلاة مع رسول الله صلى الله عليه وآله رجعوا إلى رحالهم قبل الليل وذلك سنة إلى يوم القيمة وأجاب عنه في الذكرى بالحمل على الفرسخين وهو بعيد جدا
والأولى الحمل على الاستحباب وفاقا للشيخ في كتابي الحديث ومن شرايط وجوب الجمعة أيضا ارتفاع المطر وقال في التذكرة انه لا خلاف فيه بين العلماء ويدل عليه ما رواه الصدوق
والشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس بان يترك الجمعة في المطر والحق المصنف ومن تأخر عنه بالمطر الرجل والحر والبرد الشديد من إذا خاف الضرر
معهما ولا باس به تفصيا من لزوم الحرج المنفي قال في المعتبر قال علم الهدى وروى أن من يخاف على نفسه ظلما أو ماله فهو معذور وكذا من كان متشاغلا بجهاز ميت أو تعليل
والذاء أو من يجري مجراه من ذوي الحرمات الوكيدة يسعه التأخر وجميع من ذكر من ذوي الأعذار لا يجب عليهم حضور الجمعة
فان حضر المكلف عنهم الذكر موضع إقامة الجمعة وجبت
عليهم وانعقدت بهم بمعنى ان العدد يكمل بهم وتنقيح هذه المسألة يتم بتبيان أمور الأول ذكر الأصحاب ان من لا يلزمه الجمعة إذا حضرها جاز له فعلها تبعا واجزائه عن الظهر قال في المنتهى
لا خلاف في أن العبد والمسافر إذا صليا الجمعة اجزائهما عن الظهر وحكى نحو ذلك في البعيد وقال في المريض لو حضر وجبت عليه وانعقدت به وهو قول أكثر أهل العلم وقال في الأعرج
لو حضر وجبت عليه وانعقدت به بلا خلاف وعن المصنف في التذكرة لو حضر المريض والمحبوس لعذر المطر أو الخوف وجبت عليهم وانعقدت بهم اجماعا وقال الشهيد في الذكرى والظاهر أن
الاتفاق واقعا على صحتها بها يعنى جماعة المسافرين واجزائها عن الظهر وقال في النهاية من لا يلزمه الجمعة إذا حضرها وصلاها انعقدت جمعة واجزائه وعلله بتعليل ضعيف ويدل على الحكم
المذكور وما رواه الشيخ باسناد ضعيف عن حفص بن غياث قال سمعت بعض مواليهم يسال ابن أبي ليلى عن الجمعة هل تجب على المراة والعبد والمسافر فقال ابن أبي ليلى لا يجب الجمعة على واحد منهم
ولا الخائف فقال الرجل فما تقول ان حضر واحد منهم الجمعة مع الامام فصلاها معه هل يجزيه تلك الصلاة عن ظهر يومه فقال نعم فقال له الرجل وكيف يجزي ما لم يفرضه
الله عليه مما فرضه الله عليه وقد قلت إن الجمعة لا يجب عليه ومن لا يجب عليه الجمعة فالفرض عليه ان يصلي أربعا ويلزمك فيه معنى ان الله فرض عليه أربعا فكيف اجزئ عنه ركعتان
مع ما يلزمك ان من دخل فيما لم يفرضه الله عليه لم يجز عنه مما فرضه الله عليه فما كان عند ابن أبي ليلى فيها جواب وطلب إليه ان يفسرها له فابى ثم سألته انا عن ذلك ففسرها لي فقال
الجواب عن ذلك أن الله عز وجل فرض على جميع المؤمنين والمؤمنات ورخص للمراة والمسافر والعبد ان لا يأتوها فلما حضروها سقطت بالرخصة ولزمه الفرض الأول فمن أجل ذلك أجزأ
عنهم فقلت عمن هذا فقال عن مولانا أبي عبد الله (ع) وعن أبي الهمام في الصحيح عن أبي الحسن (ع) أنه قال إذا صليت المراة في المسجد مع الامام يوم الجمعة ركعتين فقد نقصت صلاتها وان صليت
في المسجد أربعا نقصت صلاتها لتصلي في بيتها أربعا أفضل وجه الاستدلال ان نقض الصلاة بالضاد المهملة يقتضي أجزاءها في الجملة وكذا قوله لتصلي في بيتها أربعا أفضل ولا
يخفى انه لو لم يثبت الاجماع على الحكم المذكور كان للتأويل فيها مجال لان الأدلة اقتضت سقوط الوجوب عن
المذكورين فلا يشملهم عموم الآية والأخبار الدالة على الامر بها والقول
بجواز فعلها منهم يحتاج إلى دليل لان العبادات متوف على التوظيف الشرعي والرواية الأولى ضعيف السند لا يصلح التأسيس الحكم الشرعي والثانية مخصوصة بالمراة فلا يعم غيرها ويمكن
ان يقال ضعف الرواية الأولى منجبر بالشهرة وفيه تأمل لان اشتهار مدلولها وهو الوجوب بين المتقدمتين غير واضح وعلى كل تقدير فالاحتياط يقتضي صلاة الظهر ممن لا يجب
عليه السعي سوى البعيد خصوصا المسافر لاستفاضة الروايات بان المسافر فرضه الظهر دون الجمعة منها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قال لنا
صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة وعنه في الصحيح أيضا قال سألته عن صلاة الجمعة في السفر قال يصنعون كما يصنعون في الظهر ولا يجهر الامام فيها بالقراءة وانما
الجهر إذا كان خطبة وعن جميل في الصحيح قال سألته أبا عبد الله (ع) عن الجماعة يوم الجمعة (في السفر فقال يصنعون كما يصنعون في غير يوم الجمعة) في الظهر ولا يجهر الامام انما يجهر الامام إذا كانت خطبة الثاني المشهور بين الأصحاب ان من لا يجب عليه
السعي يجب عليه الصلاة سوى غير المكلف والمراة مع الحضور وممن ذكر ذلك من غير استثناء المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية وقال الشيخ في المبسوط أقسام الناس في الجمعة خمسة من يجب
عليه وينعقد به وهو الذكر الحر البالغ العاقل الصحيح المسلم من العمى والأعرج والشيخوخة التي لا حراك معها الحاضر ومن هو بحكمه ومن لا يجب عليه ولا ينعقد به كالصبي و
المجنون والعبد والمسافر والمراة لكن يجوز لهم فعلها الا المجنون ومن ينعقد به ولا يجب عليه وهو المريض والأعمى والأعرج ومن كان على رأس أكثر من فرسخين ومن تجب عليه ولا ينعقد
به وهو الكافر لأنه مخاطب بالفروع عندنا ولعل مراده بنفي الوجوب في موضع جواز الفعل بقى الوجوب العيني لان الجمعة لا يقع مندوبة وينبغي ان يقيد الوجوب المنفي عن المريض والأعمى
والأعرج (ذ) كلام الشيخ بحال عدم الحضور لئلا ينافي الاجماع المنقول في كلام المصنف كما نقلناه سابقا لكنه خلاف الظاهر من كلامه والمستفاد من كلام المفيد والشيخ في النهاية وجوبها
على المراة عند الحضور وصرح به ابن إدريس فقال بوجوبها على المراة عند الحضور غير أنها لا تحسب من العدد ويؤيده رواية حفص بن غياث السابقة وقال المحقق في المعتبر ان وجوب الجمعة
عليها مخالف لما عليه اتفاق فقهاء الأمصار وطعن في رواية حفص بن غياث بضعف وجهالة المروي عنه ويؤيد عدم الوجوب عليها صحيحة أبي همام السابقة واما المسافر والعبد فالمشهور
انه يجب عليهما الجمعة عند الحضور وهو فتوى الشيخ في الخلاف والمحقق وابن إدريس وظاهر الشيخ في المبسوط عدم الوجوب عليهما وهو المنقول عن أبي حمزة والمصنف وهو أقرب لاطلاق الأخبار الدالة
على عدم وجوبها عليهما وضعف رواية حفص الدالة على الوجوب واما غير ما ذكر فقد مر نقل المصنف الاجماع على الوجوب عند الحضور في بعضهم والوجه ان يقال إن ثبت الاجماع على وجوب
الجمعة على أحد المذكورين عند الحضور تعين المصير إليه والا كان القول بنفي الوجوب العيني مطلقا متجها الا في البعيد فان حضوره يوجب زوال الوصف الموجب للترخيص الثالث
الظاهر اتفاق الأصحاب على عدم انعقاد عدد الجمعة بالمراة واستدل عليه في المنتهى بقول أبي جعفر (ع) في حسنة زرارة لا يكون الخطبة والجمعة وصلاة ركعتين على أقل من
خمسة رهط قال صاحب الصحاح الرهط ما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة ويقول الصادق (ع) في صحيحة منصور يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة لا أقل قال صاحب
الصحاح القوم الرجال دون النساء وبقوله صلى الله عليه وآله جمعوا إذا كانوا خمسة نفر قال صاحب الصحاح النفر بالتحريك عده رجال من ثلاثة إلى عشرة وفي هذه الأدلة تأمل والظاهر اتفاقهم على
انعقاد الجمعة بالعبد والمريض والأعمى والمحبوس بعذر المطر ونحوه ويدل عليه عموم الأدلة التي هي مستند اعتبار العدد واختلف الأصحاب في انعقادها بالمسافر والعبد لو حضرا
فقال الشيخ في الخلاف والمحقق في المعتبر وابن إدريس ينعقد بهما لان ما دل على اعتبار العدد مطلق فيتناولهما كما يتناول غيرهما وهو متجه لكن لا يتم فيما لو كان العدد منحصرا في المسافرين
للأخبار المذكورة الدالة على أن المسافر لا يجمع بل لا يتم فيما لو كان العدد منحصرا (في الأخبار المذكورة الدالة) في العبيد أيضا لكونهم مستثنى مما دل على وجوب الجمعة باجتماع العدد وذهب جماعة من الأصحاب منهم
301

الشيخ في المبسوط وابن حمزة والمصنف في بعض كتبه لا ينعقد بهما لأنهما ليسا من أهل فرض الجمعة كالصبي ولان الجمعة انما يصح من المسافر تبعا لغيره فكيف يكون متبوعا ولأنه لو جاز ذلك جاز
انعقادها بالمسافرين وان لم يكن معهم حاضرون وأجيب بان الفرق بينه وبين الصبي عدم التكليف في الصبي دون المسافر والعبد ويمنع التبعية للحاضر والالتزام بانعقادها بجماعة
المسافرين وفيه تأمل لما أشرنا إليه ويمكن الجواب بمنع الملازمة الرابع قال الشارح الفاضل وينبغي ان يستثنى أيضا يعني من كلام المصنف المريض الذي يوجب حضوره مشقة شديدة أو
زيادة في المرض ونحوه من الأعذار الموجبة لذلك ومن خاف فوت المال أو النفس للنهي عن العبادة على ذلك التقدير المقتضي للفساد انتهى وينبغي تقييده بما إذا كان الأمور المذكورة
حاصلة بسبب التشاغل بالصلاة إما إذا كان حصولها بسبب السعي والحضور حسب فلا نهي حينئذ في العبادة بل النهي متعلق بالسعي الذي هو خارج عن حقيقة الصلاة ويشترط في النائب
المنصوب من قبل الامام لامام الجمعة بل في امام الجمعة مطلقا
شرايط الإمامة وهي البلوغ فلا يصح نيابة الصبي وإن كان مميزا على المشهور بين الأصحاب وذهب الشيخ في (ط وف) إلى جواز
إمامة الصبي المراهق المميز العاقل في الفرايض قيل والظاهر أن مراده بالفرايض ما عدا الجمعة وهو غير ظاهر احتجوا على الأول بوجوه أقر بها ان مقتضى الأدلة وجوب القراءة في الصلاة
على المكلف وقد دل الدليل على جواز الاكتفاء بقرائة الامام البالغ فالحاق الصبي به يحتاج إلى دليل والأصل عدم السقوط ويؤيده ان غير المكلف لا يؤمن اخلاله بواجب أو فعله
لمبطل فلا يتحقق الامتثال ويؤيده أيضا ما رواه الشيخ باسناد فيه ضعف عن إسحاق بن عمار عن الصادق (ع) عن ابائه عن علي (ع) أنه قال لا باس ان يؤذن الغلام قبل ان يحتلم ولا يؤم
حتى يحتلم فان أم جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه وفي بعض الأخبار الضعيفة ما يدل على نفى الباس في إمامة الصبي الذي لم يحتلم اورده الشيخ وحمله على من لم يحتلم وكان بالغا
بسبب آخر وهو بعيد وروى الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن عبد الله ابن المغيرة عن غياث بن إبراهيم الثقة التبري عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم ان يؤم القوم
وان يؤذن وهذا خبر معتمد لا يبعد التعويل عليه لكن العمل به خلاف الاحتياط فالعمل على المشهور والعقل فلا ينعقد امامة المجنون لعدم الاعتداد بفعله ولو كان يعنون
أدوارا فالظاهر جواز إمامته لعدم المانع منه واختاره المصنف في باب الجماعة من التذكرة وقطع في باب الجمعة من التذكرة بالمنع من امامة لامكان عروضه حالة الصلاة ولأنه لا يؤمن
احتلامه في حينه بغير شعوره فقد روى أن المجنون يمنى حاله بجنونه ولهذه العلة استحب المصنف في النهاية الغسل له بعد الإفاقة والتعليلان ضعيفان كما لا يخفى والايمان والمراد به هيهنا
الاقرار بالأصول الخمسة على وجه يعد اماميا ولا خلاف في اعتبار ذلك بين الأصحاب ويدل عليه عموم ما دل على بطلان عبارة المخالف والأخبار الدالة على عدم الاعتداد بالصلاة
خلف المخالفين والنهى عن الصلاة خلفهم اوردهما الشيخ في التهذيب في احكام الجماعة ومما يدل على اعتبار
الايمان ما رواه الكليني عن زرارة باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم قال كنت
جالسا عند أبي جعفر (ع) ذات يوم إذ جاءه رجل فدخل عليه فقال له جعلت فداك اني رجل جار مسجد لقومي فإذا انا لم أصل معهم وقعوا في وقالوا هو هكذا وهكذا فقال إما لئن
قلت ذاك لقد قال أمير المؤمنين (ع) من سمع النداء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له فخرج الرجل فقال له لا تدع الصلاة معهم وخلف كل امام فلما خرج قلت له جعلت فداك كبر على قولك
لهذا الرجل حين استفتاك فإن لم يكونوا مؤمنين قالوا فضحك (ع) ثم قال ما أريك بعد الا ههنا يا زرارة فإنه علة أعظم من أنه لا يأتم به ثم قال يا زرارة إما تراني قلت صلوا في مساجدكم
وصلوا مع أئمتكم وروى الشيخ عن أبي عبد الله (ع) البرقي في الصحيح قال كتبت إلى أبي جعفر (ع) يجزي جعلت فداك الصلاة خلف من وقف على أبيك وجدك صلوات الله عليهم فأجاب لا تصل
ورائه وروى الكشي في كتاب الرجال عن يزيد بن حماد باسناد لا يبعد ان يعد قويا عن أبي الحسن (ع) قال قلت له أصلي خلف من لا اعرف فقال لا تصل الا خلف من تثق بدينه إلى اخر الخبر و
العدالة لا خلاف بين الأصحاب في اعتبار عدالة امام الجماعة مطلقا ونقل اجماعهم على ذلك جماعة كثيرة منهم بل ذهب من غيرهم أبو عبد الله البصري إلى ذلك محتجا باجماع أهل البيت
(ع) فان اجماعهم عنده حجة احتج الأصحاب على ذلك مضافا إلى اتفاقهم بقوله تعالى ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار والفاسق ظالم لقوله تعالى ومن يتعد حدود الله فقد ظلم
نفسه والايتمام ركون لان معنى الركون هو الميل القليل وبالروايات منها ما رواه الشيخ باسناد صحيح وابن بابويه بأسانيد ثلاثة اثنان منها من الصحاح عن عمر بن يزيد الثقة قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن امام لا باس به في (جميع) امره عارف غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغضبها اقرأ خلفه قال لا تقرأ خلفه ما لم يكن عاقا قاطعا وما رواه الشيخ عن خلف بن
حماد عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال لا تصل خلف الغالي وإن كان يقول بقولك والمجهول والمجاهر بالفسق وإن كان معتقدا ورواه ابن بابويه وفي الفقيه مرسلا وفي أوله ثلاثة لا يصلى خلفهم
الحديث وأسنده في كتاب الخصال بنحو من الاسناد الذي ذكره الشيخ وفي اسناد هذا الخبر ضعيف للارسال وفيه محمد بن عيسى وفيه كلام وما رواه الشيخ في الصحيح إلى سعد بن إسماعيل عن أبيه قال قلت
للرضا (ع) رجل يقارف الذنوب وهو عارف بهذا الامر أصلي خلفه قال لا قارفه يعنى قاربه قاله في الخلاف وغيره وقال ابن الأثير قارف الذنب وغيره إذا داناه ولاصقه وما رواه الكليني
والشيخ عن أبي علي بن راشد باسناد ضعيف قال قلت لأبي جعفر ان مواليك قد اختلفوا فاصلي خلفهم جميعا فقال لا تصل الا خلف من تثق بدينه وأمانته وعن زرارة في الحسن بإبراهيم
بن هاشم قال قلت لأبي جعفر (ع) ان أناسا رووا عن أمير المؤمنين (ع) انه صلى أربع ركعات بعد الجمعة لم يفصل بينهن بتسليم فقال يا زرارة ان أمير المؤمنين (ع) صلى خلف
فاسق فلما سلم وانصرف قام أمير المؤمنين فصلى أربع ركعات لم يفصل بينهن بتسليم فقال له رجل إلى جنبه يا أبا الحسن (ع) صليت أربع ركعات لم تفصل بينهن فقال انهن أربع ركعات
متشابهات فسكت فوالله ما عقل ما قال له وروى ابن بابويه عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) أنه قال خمسة لا يؤمون الناس ولا يصلون بهم صلاة فريضة في جماعة الأبرص والمجذوم
وولد الزنا والأعرابي حتى يهاجر والمحدود وروى مرسلا عن أمير المؤمنين (ع) لا يصلين أحدكم خلف الأجذم والأبرص والمجنون والمحدود وولد الزنا والأعرابي لا يؤم المهاجر
ورواه الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) في جملة حديث قال وقال أمير المؤمنين (ع) الخبر بأدنى تفاوت وروى الشيخ باسناد ضعيف عن جعفر بن محمد (ع) انه سئل
عن القراءة خلف الإمام فقال إذا كنت خلف الامام تولاه وتثق به فإنه يجزيك قرائته وان أحببت ان تقرأ فاقرا فيما يخافت فيه فان اجهر فانصت قال الله تعالى وانصتوا لعلكم ترحمون
قال فقيل له فإن لم أكن أثق به فاصلي خلفه واقرا قال صلى قبله أو بعده وهذه الأخبار لا يخلو من ضعف في سند أو قصور في دلالة وفي دلالة الآية أيضا تأمل لكن إذ قد عرفت ان
اشتراط العدالة في الجملة مما لا خلاف فيه بين الأصحاب وله ظهور واضح عن مذهب علماء أهل البيت عليهم السلام سألت عليك مؤنة الاستدلال نعم القدر المستفاد من الاخبار
سهولة الخطب في أمر العدالة والمستفاد من اطلاق كثير من الروايات وخصوص بعضها بالاكتفاء في ذلك بحسن الظاهر بل المنقول من فعل السلف الاكتفاء بأقل منه كما سيتضح
عن قريب لكن ينبغي ان لا يترك الاحتياط وقد روى الأصحاب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال امام القوم وافدهم فقدموا فضلكم وقال (ع) ان سركم ان تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله من صلى بقوم وفيهم من هو اعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة وعن أبي ذر (ره) ان امامك شفيعك إلى الله عز وجل فلا تجعل شفيعك إلى الله عز وجل
فلا تجعل شفيعك سفيها ولا فاسقا والامر المهم هيهنا تحقيق معنى العدالة وما به تحصل وما به تعرف فاعلم أن كلام الأصحاب في معنى العدالة المعتبرة في الامام الجماعة
وفي الشاهد مختلف والظاهر أن العدالة المعتبرة فيهما واحد عندهم من غير قائل بالفرق قال المفيد العدول من كان معروفا بالدين والورع من محارم الله تعالى وقال الشيخ في النهاية
العدل الذي يجوز قبول شهادته للمسلمين وعليهم هو ان يكون ظاهره ظاهر الايمان ثم يعرف بالستر والصلاح والعفاف والكف عن البطن والفرج واليد واللسان ويعرف باجتناب
الكباير التي اوعد الله عليها النار من شرب الخمر والزنا والربا وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك الساتر لجميع عيوبه ويكون متعاهد للصلوات الخمس مواظبا عليهن
حافظا لمواقيتهن متوفرا على حضور جماعة المسلمين غير متخلف عنهم الا لمرض أو علة أو عذر وقال ابن البراج العدالة معتبرة في صحة الشهادة على المسلم ويثبت في الانسان بشروط
302

وهو البلوغ وكمال العقل والحصول على ظاهر الآيات الستر والعفاف واجتناب القبايح ونفى التهمة والظنة والحسد والعداوة وقال أبو الصلاح العدالة شرط قبول الشهادة
على المسلم ويثبت حكمها بالبلوغ وكما العقل والايمان واجتناب القبائح أجمع وانتفاء الظنة بالعدوة أو الحسد أو المناقشة أو المملكة أو الشركة وقال الشيخ في المبسوط العدالة
في اللغة ان يكون الانسان متعادل الأحوال متساويا وفي الشريعة هو من كان عدلا في دينة لا في مروته وعدلا في احكامه فالعدل في الدين ان يكون مسلما لا يعرف منه شئ
من أسباب الفسق وفي المروة ان يكون مجتنبا للأمور التي تسقط المروة التي مثل الاكل في الطرقات ومد الأرجل بين الناس ولبس الثياب المصبغة والعدل في الاحكام ان يكون
بالغا عاقلا فمن كان عدلا في جميع ذلك قبلت شهادته ومن لم يكن عدلا لم يقبل فان ارتكب شيئا من الكباير وهي الشرك والقتل والزنا واللواط والغصب والسرقة وشرب الخمر والقذف
وما أشبه ذلك فإذا فعل واحدة من هذه الأشياء سقطت شهادته فاما إن كان مجتنبا للكبائر ومواقعا للصغاير فإنه يعتبر الأغلب من حاله مجانبة المعاصي وكان يواقع ذلك
نادرا قبلت شهادته وإن كان الأغلب مواقعته للمعاصي واجتنابه لذلك نادرا لم يقبل شهادته وانما الأغلب في الصغاير لأنا لو قلنا إنه لا يقبل شهادة من واقع اليسير من الصغاير
أدي ذلك إلى أن لا يقبل شهادة أحد لأنه لا أحد ينفك من مواقعة (بعض) المعاصي وقال ابن الجنيد فإذا كان الشاهد حرا بالغا بصيرا معروف النسب مرضيا غير مشهور بكذب في شهادة و
لا بارتكاب كبيرة ولا مقام على صغيرة حسن التيقظ عالما بمعاني الأقوال عارفا باحكام الشهادة غير معروف بحيف على معامل ولا تهاون بواجب من علم أو عمل ولا معروف بمباشرة
أهل الباطل والدخول في جملتهم ولا بالحرص على الدنيا ولا بساقط المروة بريئا من أهواء أهل البدع التي يوجب على المؤمنين البراءة من أهلها فهو من أهل العدالة المقبول شهادتهم
وظاهر كلامه موافقته الشيخ في المبسوط وقال ابن إدريس وبعد كلام الشيخ في ظاهر هذا القول لم يذهب إليه لا في هذا الكتاب ولا ذهب إليه أحد من أصحابنا لأنه لا صغاير عندنا في المعاصي الا
بالإضافة إلى غيرها وما خرجه واستدل به من أنه يؤدى ذلك إلى أن لا يقبل شهادة أحد لأنه لا أحد ينفك من مواقعة بعض المعاصي فغير واضح لأنه قادر على التوبة من ذلك الصغير
فإذا تاب قبلت شهادته وليست التوبة مما يتعذر على انسان دون انسان ولا شك ان هذا القول يخرج لبعض المخالفين فاختاره شيخنا هيهنا ونصره وأورده على جهته ولم
يقل عليه شيئا لان هذا عادته في كثير مما يورده في هذا الكتاب وقال ابن حمزة المسلم لم تقبل شهادته إذا كان عدلا في ثلاثة أشياء الدين والمروة فالحكم في العدالة في الدين
الاجتناب من الكباير ومن الاصرار على الصغاير وفي المروة الاجتناب عما يسقط المروة من ترك صيانة النفس وفقد المبالاة وفي الحكم البلوغ وكمال العقل وقال المحقق في الشرايع
لا ريب في زوالها يعني العدالة بمواقعة الكباير كالقتل والزنا واللواط وغصب الأموال المغصوبة وكذا موافقة الصغاير مع الاصرار وفي الأغلب إما لو كان في القدرة فقد قيل لا يقدح
لعدم الانفكاك منها الا فيما يقل فاشتراطه التزام للأشق وقيل يقدح لامكان التدارك بالاستغفار والأول أشبه وكلامه يقتضي موافقة الشيخ في المبسوط وكذا المصنف في المختلف
هذا ما قال المتقدمون في معنى العدالة واما المتأخرون فقد قالوا إنها ملكه تبعث على ملازمة التقوى والمروة بحيث لا يرتكب كبيرة ولا صغيرة مع الاصرار أو في الأغلب و
المشهور بينهم ان الصغيرة النادرة غير قادحة وان أمكن تداركها بالاستغفار إذا عرفت هذه الجملة فاعلم أن الأصحاب مختلفون في أن كل معصية هل هي كبيرة أم لا بعضها كبيرة وبعضها
صغيرة فللأصحاب في ذلك قولان القول الأول ما ذهب إليه جماعة منهم المفيد وابن البراج والشيخ أبو علي الطبرسي وابن إدريس وهو ان كل معصية كبيرة نظرا إلى اشتراكها في مخالفة أمر الله
تعالى ونهيه لكن قد يطلق الصغير والكبير على الذنب بالإضافة إلى ما فوقه وما تحته فالقبلة صغيرة بالنسبة إلى الزنا كبيرة بالنسبة إلى النظر بشهوة قال الشيخ أبو علي الطبرسي في تفسيره
الكبير بعد نقل هذا القول والى هذا ذهب أصحابنا رض فإنهم قالوا المعاصي كلها كبيرة لكن بعضها أكبر من بعض وليس في الذنوب صغيرة وانما يكون صغيرا بالإضافة إلى ما هو أكبر
ويستحق العقاب عليه أكثر ويظهر من كلامه ان هذا القول اتفاقي بين الأصحاب ويظهر ذلك من كلام الشيخ في العدة وابن إدريس في السرائر أيضا فلهذا القول شواهد في الاخبار مثل
ما دل على أن كل معصيته (معصية) شديدة وما دل على أن كل معصيته (معصية) قد يوجب لصاحبها النار وما دل على التحذير من استحقار الذنب واستصغاره وأمثال ذلك ويؤيده ما رواه الكليني
عن عبد الله بن سنان باسناد محتمل الصحة عن أبي عبد الله (ع) لا صغيرة مع الاصرار ولا كبيرة مع الاستغفار وما رواه ابن بابويه باسناد ضعيف عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لا تحقروا شيئا (من الشر) وان صغر
في أعينكم ولا تستكثروا شيئا من الخير وان كبر في أعينكم فإنه لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الاصرار وجه التأبيد ان المراد بالاصرار الإقامة على الذنب بعدم التوبة و
الاستغفار كما قال جماعة من المفسرين في تفسير قوله تعالى ولم يصروا على ما فعلوا وروى الكليني عن جابر عن أبي جعفر في قول الله عز وجل ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون قال الاصرار
ان يذنب الذنب فلا يستغفر ولا يحدث نفسه بتوبة فذلك الاصرار وروى من طريق العامة عن النبي صلى الله عليه وآله ما أصر من استغفر لكن هذا تأييد ضعيف لجواز ان يكون المراد
بالاصرار المداومة عليه أو العزم على المعاودة فان ذلك انسب باللغة قال الجوهري أصررت على الشئ اي أقمت ودمت وقال ابن الأثير أصر على الشئ يصر اصرارا إذا لزمه و
دوامه وثبت عليه وقال في الق أصر على الامر لزم وقريب منه كلام ابن فارس في المجمل واما الرواية فضعيف السند وروى ابن بابويه مرسلا عن الصادق شفاعتنا لأهل الكباير من
شيعتنا واما التائبون فان الله عز وجل يقول ما على المحسنين من سبيل وفي هذه المقابلة اشعار بان ما عدا التائب صاحب كبيرة وعلى هذا القول يزول العدالة بمواقعة
المعصية أية معصية كانت من غير فرق بين الصغيرة والكبيرة وعلى هذا يلزم اشكال وهو ان لا يوجد عادل أصلا إذ الانسان لا ينفك عن الصغاير الا المعصوم وفي ذلك تعليل
للأحكام الكثيرة المبينة (المبنية) على وجود العدل وتفويت للمنافع العظيمة الدينية والدنيوية وتضيع للحقوق وفيه من الحرج والضيق ما لا يخفى وقد قال تعالى ما جعل عليكم في الدين
من حرج وقال عز شانه يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر وأجاب ابن إدريس من أصحاب هذا القول بان تدارك الذنب بالاستغفار ممكن ومع الاستغفار والتوبة لا يبقى للذنب
اثر واعترض عليه بوجهين أحدهما ان التوبة متوقفة على العزم على عدم المعاودة والعزم على ترك الصغاير متعذر أو متعسر لان الانسان لا ينفك عنه غالبا فكيف يتحقق
العزم على تركها ابدا مع ما جرب من حاله وحال غيره من عدم الانفكاك عنها وهذا الاشكال وإن كان وروده على أصحاب هذا القول أشد لكنه متوجه إلى غيرهم أيضا في الجملة
إذا الظاهر أن التوبة من الذنب واجب اتفاقا من غير فرق بين الصغيرة والكبيرة فإذا اعتبر في التوبة العزم على الترك وعدم المعاودة جاء الاشكال وهذا الاشكال لازم لوجوب
التوبة من غير اختصاص له بهذا القول نعم وروده على هذا القول باعتبارين وجوب التوبة واعتبار العدالة ومن لم يعتبر في التوبة العزم على الترك كما هو مذهب جمع من العلماء
ويدل عليه بعض الأخبار لم يحتج إلى زيادة نظر في دفع هذا الاشكال وثانيهما انه لا يكفي في التوبة مطلق الاستغفار واظهار الندم حتى يعلم من حاله ذلك وهذا قد يؤدى
إلى زمان طويل يفوت معه الغرض من الشهادة ونحوها فيبقى الحرج ولعل القائلين ان كل معصية كبيرة بالنسبة إلى معصية أخرى لا يقدح عندهم في العدالة الذنب مطلقا
بل القادح عندهم التظاهر به والاكثار منه وعدم المبالاة بحيث لا يظهر فيه اثر التقوى والورع عن محارم الله تعالى أو يقال القادح في العدالة ارتكاب الذنوب بحيث لا يصح
توصيفه بالورع والتقوى عرفا وهذا أمر يختلف بحسب الأوقات والأحوال وأنواع المعاصي فقليل من بعض أنواعها كالقتل يقدح فيها وكثير من بعض أنواعها لا يقدح
فيها كبعض المعاصي التي يبتلى بها الناس غالبا ولا ينفك عنها الا البالغون في التقوى المتناهون في الاخلاص وان صح اطلاق الكبيرة عليها بالنسبة إلى ذنب اخر أصغر منه أو
يقال بعض أنواعها وهو ما اختص باسم الكبيرة عند الفرقة الأخرى كالقتل والزنا وعقوق الوالدين وأشباه ذلك قادح عندهم في العدالة مطلقا واما غيرها فيقدح مع
الاكثار والإصرار وان اشترك الكل في كونها كبيرة ببعض الاعتبارات وقد نقل بعض الأصحاب الاتفاق على أن مثل القتل والزنا والعقوق قادح في العدالة مطلقا ولعل
303

هذا الوجه أقرب إلى التحقيق وأنسب إلى الضبط وقد يقال من قبلهم ان المراد بالعدل عندهم اجتنب من الأكبر ولم يصر على الأصغر متى عن له معصيتان أحدهما البر والاخر أصغر وهو ضعيف
القول الثاني ما ذهب إليه الشيخ في المبسوط وابن حمزة والفاضلان وجمهور المتأخرين وهو ان المعصية نوعان كبيرة وصغيرة وليس كل معصية كبيرة كما ذهب إليه الأصحاب القول الأول و
يشهد لذلك قوله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم دل بمفهومه على أن اجتناب بعض الذنوب وهي الكبائر يكفر السيئات وهو يقتضي كونها غير كباير
وقال سبحانه الذين يجتنبون كبائر (الاثم والفواحش وفي الحديث ان الأعمال الصالحة تكفر الصغاير وروى ابن بابويه مرسلا عن الصادق (ع) من اجتنب الكبائر كفر الله عنه
جميع ذنوبه وذلك قوله تعالى ان تجتنبوا كبائر) ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما وعن الصادق (ع) انه سئل عن قول الله عز وجل ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك
لمن يشاء هل يدخل الكبائر في مشية الله تعالى قال نعم ذلك إليه عز وجل انشاء عذب عليها وان شاء عفى وعن رسول الله صلى الله عليه وآله انما شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي وروى الكليني
باسناد فيه كلام عن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال إن الله عز وجل لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء الكباير فما سواها قال قلت دخلت (دخل) الكبائر في الاستثناء قال
نعم وقريب منه عن إسحاق بن عمار عن الصادق (ع) وتشهد له أيضا الأخبار الكثيرة الدالة على تفصيل الكبائر وبيانها وسيجيئ طرف منها وشهد له أيضا ما دل من الأخبار الواردة في ثواب
بعض الأعمال انه مكفر للذنوب الا الكبائر وأمثال ذلك وبالجملة تخصيص الكبيرة ببعض أنواع الذنوب في الخبار والآثار أكثر من أن يحصى فاذن الترجيح لهذا القول والمعتبر في
العدالة على هذا القول إن لا يرتكب كبيرة ولا صغيرة مع الاصرار وللعلماء في تفسير الكبيرة اختلاف كثير فقال قوم هي كل ذنب توعد الله عليه بالعقاب في الكتاب العزيز وقال بعضهم
هي كل ذنب رتب عليه الشارع حدا أو صرح فيه بالوعيد وقال طائفة هي كل معصية يؤذن بقلة اكتراث بفاعلها بالدين وقال جماعة كل ذنب علم حرمته بدليل قاطع وقيل كل ما
توعد عليه توعدا شديدا في الكتاب أو السنة وعن ابن مسعود أنه قال اقرا ومن أول سورة النساء إلى قوله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم فكل ما نهى عنه
في هذه السورة إلى هذه الآية فهو كبيرة وقالت المعتزلة ان الصغير ما نقض (نقص) عقابه عن ثواب صاحبه وقال قوم ان الكبائر سبع الشرك بالله وقتل النفس التي حرم الله وقذف المحصنة واكل مال
اليتيم والزنا والفرار عن الزحف وعقوق الوالدين ورووا في ذلك حديثا عن النبي صلى الله عليه وآله وقيل إنها تسع بزيادة السحر والالحاد في ملت الله اي الظلم فيه ورواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله ورواه
أبو هريرة وزاد عليه اكل الربا وروى عن علي (ع) زيادة على ذلك شرب الخمر والسرقة وزاد بعضهم على السبعة السابقة ثلثة عشرة أخرى اللواط والسحر والربا والغيبة واليمين الغموس
وشهادة الزور وشرب الخمر واستحلال الكعبة والسرقة ونكث الصفقة والتعرب بعد الهجرة والياس من روح الله والا من من مكر الله وقد تزاد أربعة عشرة أخرى اكل الميتة
والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة والسحت والقمار والنجس في الكيل والوزن ومعونة الظالمين وحبس الحقوق من غير عسر والاسراف والتبذير والخيانة والاشتغال
بالملاهي والإصرار على الذنوب وقد يعد منه أشياء أخرى كالقيادة والدياثة والغصب والنميمة وقطيعة الرحم وتأخير الصلاة عن وقتها والكذب خصوصا على رسول الله صلى الله عليه وآله
وضرب المسلم بغير حق وكتمان الشهادة والسعاية إلى الظالم ومنع الزكاة المفروضة وتأخير الحج عن عام الوجوب والظهار والمحاربة بقطع الطريق ونقل عن ابن عباس أنه قال لما سئل عن
الكباير أسبع هي هي إلى السبعمائة أقرب منها إلى السبعة والقول الأول من هذه الأقوال مشهور بين أصحابنا ولم أجد في كلامهم اختيار قول اخر ويدل عليه ما رواه الكليني عن الحسن بن محبوب
في الصحيح قال كتب مع بعض أصحابنا إلى أبي الحسن (ع) يسأله عن الكباير كم هي وما هي فكتب الكبائر من اجتنب ما وعد الله عليه النار كفر عنه سيئاته إذا كان مؤمنا والسبع الموجبات
قتل النفس الحرام وعقوق الوالدين واكل الربا والتعرب بعد الهجرة وقذف المحصنة واكل مال اليتيم والفرار من الزحف ويؤيده ما رواه ابن بابويه عن أحمد بن النضر عن عباد عن كثير
النوا قال سألت أبا جعفر (ع) عن الكبائر فقال كلما اوعد الله عليه النار وما رواه الكليني باسناد فيه ضعف عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) في قول الله تعالى ان تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه الآية
قال الكباير التي أوجب الله عز وجل عليها النار وما رواه الكليني عن محمد بن مسلم باسناد فيه محمد بن عيسى عن يونس عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول الكباير سبع قتل المؤمن متعمدا وقذف
المحصنة والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة واكل مال اليتيم ظلما واكل الربا بعد البينة وكل ما أوجب الله عز وجل عليه النار قال إن أكبر الكباير الشرك بالله ويؤيده تأييدا
ضعيفا ما رواه عن أبي بصير باسناد فيه محمد بن يونس عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا قال معرفة الامام واجتناب الكباير التي أوجب الله
عليها النار وروى الكليني عن عبيد بن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الكباير فقال هن في كتاب علي (ع) سبع الكفر بالله عز وجل وقتل النفس وعقوق الوالدين
واكل الربا بعد البينة واكل مال اليتيم ظلما والفرار من الزحف والتعرب بعد الهجرة قلت فهذا أكبر المعاصي قال نعم قلت فاكل درهم من مال اليتيم ظلما أكبر أم ترك الصلاة قال
ترك الصلاة قلت فما عددت ترك الصلاة في الكباير فقال اي شئ أول ما قلت لك قال قلت الكفر قال تارك الصلاة كافر يعني من غير علة وفي الصحيح عن مسعدة بن صدقة قال
سمعت أبا عبد الله (ع) يقول الكبائر القنوط من رحمة الله والأياس من روح الله عز وجل والامن من مكر الله وقتل النفس التي حرم الله وعقوق الوالدين واكل مال اليتيم ظلما واكل
الربا بعد البينة والتعرب بعد الهجرة وقذف المحصنة والفرار من الزحف الحديث قد ورد غير ذلك مما دل على انها سبعة ويمكن الجمع بينها وبين الأخبار السابقة بأنه يجوز ان يكون
مراتب الكبائر مختلفة بان يكون السبع أكبر من الباقي ولا ينافي ذلك أن يكون كل ما اوعد الله عز وجل عليه النار كبيرة وروى الكليني في الصحيح عن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى وكان
مرضيا ممدوحا قال حدثني أبو جعفر الثاني (ع) قال سمعت أبي (ع) يقول سمعت أبي موسى بن جعفر (ع) يقول دخل عمرو بن عبيد علي أبي عبد الله (ع) فلما سلم وجلس تلا هذه الآية الذين يجتنبون
كبائر الاثم والفواحش ثم أمسك فقال له أبو عبد الله (ع) ما أمسك فقال أحب ان اعرف الكبائر من كتاب الله عز وجل فقال نعم يا عمرو أكبر الكبائر الاشراك بالله يقول الله عز وجل
ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة وبعده الأياس من روح الله لان الله عز وجل يقول لا يتأسوا من روح الله انه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون ثم الامن لمكر الله
لان الله عز وجل يقول فلا يا من مكر الله الا القوم الخاسرون ومنها عقوق الوالدين لان الله عز وجل جعل العاق جبارا شقيا وقتل النفس التي حرم الله الا بالحق لان الله عز وجل
يقول فجزاؤه جهنم خالدا فيها إلى الخ وقذف المحصنة لان الله عز وجل يقول لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم واكل مال اليتيم لان الله عز وجل يقول انما يأكلون في بطونهم نارا و
سيصلون سعيرا والفرار من الزحف لان الله عز وجل يقول ومن يولهم يومئذ دبره الا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة فقد باء بغضب من الله وماويه جهنم وبئس المصير واكل الربا لان
الله عز وجل يقول الذين يأكلون الربا لا يقومون الا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس والسحر لان الله عز وجل يقول ولقد علموا لمن اشتريه ماله في الآخرة من خلاق والزنا
لان الله عز وجل يقول ومن يفعل ذلك يلق آثاما يضاعف له العذاب يوم القيمة ويخلد فيه مهانا واليمين الغموس الفاجرة لان الله عز وجل يقول الذين يشترون بعهد الله وايمانهم
ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة والغلول لان الله عز وجل يقول ومن يغلل يأت بما غل يوم القيمة ومنع
الزكاة المفروضة لان الله عز وجل يقول فتكوى بها جباههم وجنوبهم
وظهورهم وشهادة الزور وكتمان الشهادة لان الله عز وجل يقول ومن يكتمها فإنه اثم قلبه وشرب الخمر لان الله عز وجل نهى عنها عن عبادة الأوثان وترك الصلاة متعمدا أو شيئا
مما فرض الله لان رسول الله صلى الله عليه وآله قال من ترك الصلاة متعمدا فقد برأ من ذمة الله وذمة رسوله ونقض العهد وقطيعة الرحم لان الله عز وجل يقول أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار قال فخرج
عمرو وله صراخ من بكائه وهو يقول هلك من قال برأيه ونازعكم في الفضل والعلم ورواه ابن بابويه أيضا وروى ابن بابويه في كتاب عيون أخبار الرضا بأسانيد متعددة لا يخلو
عن اعتبار عن الفضل بن شاذان فيما كتب به الرضا (ع) للمأمون ان البكائر هي قتل النفس التي حرم الله تعالى والزنا والسرقة وشرب الخمر وعقوق الوالدين والفرار من الزحف واكل مال
اليتيم ظلما واكل الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به من غير ضرورة واكل الربا بعد البينة والسحت والميسر وهو القمار والنجس في المكيال والميزان وقذف المحصنات
304

واللواط وشهادة الزور والياس من روح الله والامن من مكر الله والقنوط من رحمة الله ومعونة الظالمين والركون إليهم واليمين الغموس وحبس الحقوق من غير عسر والكذب والكبر
والاسراف والتبذير والخيانة والاستخفاف بالحج والمحاربة لأولياء الله والاشتغال بالملاهي والإصرار على الذنوب وقد وقع في الاخبار في خصوص بعض الذنوب انها كبائر كالغناء
والخيف في الوصية والكذب على الله ورسوله والأئمة عليهم السلام وغيرها وسيجيئ لذلك زيادة تحقيق في كتاب الشهادات ثم اعلم أن المراد بالاصرار على الصغيرة الاكثار منها سواء كان
من نوع واحد أو من أنواع مختلفة وقيل المراد به على نوع واحد منها وقيل يحصل بكل منهما ونقل بعضهم قولا بان المراد به عدم التوبة وهو ضعيف وقسم بعض علمائنا الاعلام
والإصرار إلى فعلى وحكى فالفعلي هو الدوام على نوع واحد من الصغاير بلا توبة أو الاكثار من جنس الصغاير بلا توبة والحكمي هو العزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها وهذا
مما ارتضاه جماعة من المتأخرين والنص حال عن بيان ذلك لكن المداومة على نوع واحد من الصغاير والعزم على فعل تلك الصغيرة بعد الفراغ منها يناسب معنى اللغوي المفهوم من الاصرار
واما الاكثار من الذنوب وان لم يكن من نوع واحد بحيث يكون ارتكابه للذنب أغلب من اجتنابه عنه إذا عن له من غير توبة فالظاهر أنه قادح في العدالة بلا خلاف في ذلك بينهم نقل
الاجماع عليه المصنف في التحرير فلا فائدة في تحقيق كونه داخلا في مفهوم الاصرار أم لا ويفهم من العبارة المنقولة سابقا عن المحقق انه غير داخل في معنى الاصرار وكذا من كلام المصنف حيث
قال في باب الشهادات من هذا الكتاب وبالاصرار على الصغاير أو في الأغلب ونحوه قال في القواعد وقال في التحرير وعن الاصرار على الصغاير والاكثار منها ثم قال واما الصغاير فان داوم
عليها أو وقعت منه في أكثر الأحوال ردت شهادته اجماعا وعلى كل تقدير فالمداومة والاكثار من الذنب والمعصية غير قادح في العدالة واما العزم عليها بعد الفراغ ففي كونه قادحا
تأمل ان لم يكن ذلك اتفاقيا وفي صحيحة عمر بن يزيد السابقة اشعار ما بالعدم إذ الظاهر أن اسماع الكلام المغضب للأبوين معصية
واعتبر المتأخرون في معنى العدالة الملكة
التي تبعث على ملازمة التقوى والمروة والمراد بالملكة الهيئة النفسانية الراسخة ولم أجد ذلك في كلام من تقدم على المصنف وليس في الاخبار منه اثر ولا شاهد عليه فيما اعلم وكأنهم
اقتفوا في ذلك اثر العامة حيث يعتبرون ذلك في مفهوم العدالة ويوردونه في كتبهم واعلم أن المحقق لم يذكر في معنى العدالة المروة وهو قول لبعض العلماء نظر إلى أن مخالفة
المروة مخالفته للعبادة لا الشرع والمشهور اعتبارها في الإمامة والشهادة سواء جعلناها جزء مفهوم العدالة كما هو المشهور أم جعلناها صفة برأسها كما جرى عليه جماعة قال بعض الاعلام
الوجه انه لا يقبل شهادة من لا مروة له لان طرح المروة إما ان يكون لخيل ونقصان أو قلة مبالات وحياء وعلى التقديرين يبطل الثقة والاعتماد على قوله إما المخيل فظاهر
واما قليل الحياء فلان من لاحياء له يصنع ما شاء كما ورد في الخبر وما ذكره وإن كان وجها اعتباريا حسنا الا ان التعويل عليه مع فقد شاهد من جهة النصوص لا يخلو عن اشكال
وفي ضبط المروة عبارات متقاربة منها ان صاحب المروة هو الذي يصون نفسه عن الأدناس ولا يشبهنا عند الناس أو الذي يتحرز مما يسخر به ويضحك ان الذي يسير بسيره أمثاله في
زمانه ومكانه وبالجملة المروة مجانبة ما يؤذن بخسة النفس ودنائة الهمة من المباحات والمكروهات وصغائر المحرمات التي لا يبلغ حد الاصرار كالاكل في الأسواق والمجامع في أكثر البلاد
والبول في الشرايع وقت سلوك الناس وكشف الرأس في المجامع وتقبيل أمته وزوجته في المحاضر ولبس الفقيه ثياب الجندي والاكثار من الحكايات المضحكة والمضايقة في اليسير الذي
لا يناسب حاله ونقل الماء والأطعمة بنفسه ممن ليس أهلا لذلك إذا كان عن شح وظنة ويختلف ذلك بحسب الاشخاص والأحوال والأوقات والبلاد ولو ارتكب بعض هذه الأشياء
تخفيفا للمؤنة واقتداء بالسلف التاركين للتكلف والتقيد بالرسوم المبتدعة لم يكن ذلك قادحا في المروة كما صرح به بعض الأصحاب واما ما ورد الشرع برجحانه كالاكتحال بالأئمة
والحناء فلا حرج فيه وإن كان منكرا في أكثر البلاد مستهجنا عند العامة والمصنف لم يذكر في مفهوم العدالة حيث عرفها في كتاب نهاية الوصول الاجتناب عن الاصرار على الصغاير
بل اعتبر فيها ترك الكبائر وبعض الصغاير وهو ما يدل فعله على نقص في الدين وعدم الرفع عن الكذب وبعض المباحات وهو ما يقدح في المروة واقتفى في ذلك اثر الراوي في
المحصول ولعله ادخل الاصرار على الصغاير في الكباير فاكتفى بذكرها منها ولا يعتبر في العدالة الاتيان بالمندوبات الا ان يبلغ تركها أحدا يؤذن بقلة المبالاة بالدين و
الاهتمام بكمالات الشرع كترك المندوبات أجمع قيل ولو اعتاد ترك صنف منها كالجماعة والنوافل ونحو ذلك فكترك الجميع لاشتراكها في العلة المقتضية لذلك نعم لو تركها
أحيانا لم يصر وإذا زالت العدالة بارتكاب ما يقدح فيها فتعود بالتوبة لا اعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب وكذلك من حد في معصية ثم تاب رجعت عدالته وقبلت شهادته ونقل
بعض الأصحاب اجماع الفرقة على ذلك ومن العامة من اعتبر اصلاح العمل مدة فمنهم من اعتبر سنة ومنهم من اعتبر ستة أشهر ولعل الأشهر عند الأصحاب انه لا يكفي في ذلك مجرد اظهار
التوبة إذ لا يؤمن ان يكون له في الاظهار غرضا فاسدا بل لابد من الاختيار مدة يغلب معه الظن بأنه أصلح سريرته وانه صادق في توبته ومن الأصحاب من اعتبر اصلاح العمل وانه يكفي
في ذلك عمل صالح ولو ذكر أو تسبيح ومنهم من اكتفى في ذلك بتكرار اظهار التوبة والندم ومجرد استمرارها على التوبة وذهب الشيخ في موضع من من المبسوط إلى الاكتفاء في قبول الشهادة
باظهار التوبة عقيب قول الحاكم له تب اقبل شهادتك لصدق التوبة المقتضى لعود العدالة وفيه ان المقتضى لعود العدالة التوبة المعتبرة شرعا لا مطلق اظهار التوبة ويجيئ على قول
من اعتبر في مفهوم العدالة الملكة ان لا يكتفي التوبة في عود العدالة بل يحتاج إلى عود الملكة ورسوخ الهيئة في النفس لكنهم لم يذكروا ذلك بل صرحوا بان التوبة كافية
والظاهر أنه لا خلاف فيه كما ذكرنا بقى في هذا المقام تحقيق ان المعتبر في امام الجماعة وقبول الشهادة هل هو الظن الغالب بحصول العدالة المستند إلى البحث والتفتيش أم يكفي في ذلك ظهور (الاسلام وعدم ظهور)
ما يقدح في العدالة المشهور بين المتأخرين الأول وجوز بعض الأصحاب التعويل في العدالة على حسن الظاهر
وقال ابن الجنيد كل المسلمين على العدالة إلى أن يظهر خلافها وذهب الشيخ في
الخلاف وابن الجنيد والمفيد في كتاب الاشراف إلى أنه يكفي في قبول الشهادة ظاهر الاسلام مع عدم ظهور ما يقدح في العدالة ومال إليه في المبسوط وهو ظاهر الاستبصار بل ادعى في الخلاف
الاجماع والاخبار وقال البحث عن عدالة الشهود ما كان في أيام النبي صلى الله عليه وآله ولا أيام الصحابة ولا أيام التابعين وانما هو شئ أحدثه شريك بن عبد الله القاضي ولو كان شرطا لما أجمع أهل الأمصار
على تركه قال بعض الأصحاب بعد نقل القولين ونسبة القول الثاني إلى الجماعة المذكورة وباقي المتقدمين لم يصرحوا في عباراتهم بأحد الامرين بل كلامهم محتمل لهما والظاهر عدم القائل بالفصل
في باب الإمامة والشهادة فما يدل على الحال (في أحدهما يدل على الحال) في الأخر والترجيح القول الأخير وهو انه لا يعتبر في العمل بمقتضى العدالة البحث في التفتيش بل يكفي الاسلام وحسن الظاهر وعدم ظهور القادح
في العدالة لاخبار كثيرة يستفاد ذلك من التحاق بعضها ببعض وان لم يكن كل واحد منها بانفراده ناهضا باثبات المدعا فمن ذلك ما رواه الكليني والشيخ عن حريز في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
في أربعة شهدوا على رجل محصن بالزنا فعدل منهم اثنان ولم يعدل الأخر ان قال فقال إذا كانوا أربعة من المسلمين ليس يعرفون بشهادة الزور أجيزت شهادتهم جميعا وأقيم الحد
على الذي شهدوا عليه انما عليهم ان يشهدوا بما ابصروا وعلموا وعلى الوالي ان يجيز شهادتهم الا ان يكونا معروفين بالفسق ومنها ما رواه الصدوق عن عبد الله بن المغيرة باسناد
ظاهر الصحة قال قلت للرضا (ع) رجل طلق امرأته وشهد شاهدين ناصبيين قال كان من ولد على الفطرة وعرف بالصلاح في نفسه جازت شهادته وليس في اسناد هذا الخبر من يتوقف في
شانه الا أحمد بن محمد بن يحيى الذي يروى الصدوق عنه وهو غير موثق في كتب الرجال والظاهر أن ذلك غير قادح في صحة الرواية لان أحمد بن محمد المذكورة من مشايخ الإجازة وليس بصاحب
كتاب والنقل من الكتب التي هو الواسطة في نقلها رعاية لاتصال الاسناد خصوصا اخبار الفقيه فإنها منقولة من الكتب المعتمدة كما صرح به مؤلفه والكتب كانت معروفة في
زمانهم فلا يضر ضعف مشايخ الإجازة وعن عبيد الله بن المغيرة بالاسناد السابق عن أبي الحسن الرضا (ع) قال من ولد على الفطرة وعرف بصلاح في نفسه جازت شهادته وروى الشيخ
هذين الخبرين باسنادين ضعيفين ومنها ما رواه الشيخ في الموثق عن عبد الله بن أبي يعفور عن أخيه عبد الكريم عن أبي جعفر (ع) قال تقبل شهادة المراة والنسوة إذا كن مستورات من أهل
305

البيوتات معروفات بالستر والعفاف مطيعات للأزواج تاركات البذاء والتبرج إلى الرجال في أنديتهم وجه الاستدلال بهذه الاخبار ان القدر الذي اعتبره (ع) أقل من الظن العدالة بالمعنى
الذي اعتبروه ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن محمد بن عيسى عن يونس عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن البينة إذا أقيمت على الحق يحل للقاضي ان يقضي بقول البينة من غير مسألة
إذا لم يعرفهم قال فقال خمسة أشياء يجب على الناس الاخذ بها بظاهر الحكم الولات والمناكح والمواريث والذبايح والشهادات فإذا كان ظاهره ظاهرا مأمونا جازت شهادته
ولا يسئل عن باطنه وروى ابن بابويه في كتاب الخصال في الصحيح بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر المقري باسناده رفعه إلى أبي عبد الله عن أبيه عن ابائه عليهم السلام قال قال أمير المؤمنين (ع) خمسة أشياء
يجب على القاضي الاخذ فيها بظاهر الحكم إلى اخر الخبر بأدنى تفاوت وروى الصدوق في الفقيه باسناد حسن للوشاء عن العلا بن سيابة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن شهادة من يلعب بالحمام قال
لا باس إذا كان لا يعرف بفسق ورواه الشيخ عن العلا باسناد ضعيف لمكان محمد بن موسى المشترك بين الضعيف وغيره وما رواه الكليني والشيخ عنه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الحسن بإبراهيم بن
هاشم عن أبي الحسن (ع) أنه قال له جعلت فداك كيف طلاق السنة قال يطلقها إذا طهرت من حيضها قبل ان يغشاها بشاهدين عدلين كما قاله الله تعالى ثم قال علي في اخر الرواية من ولد على
الفطرة أجيزت شهادته على الطلاق بعد أن يعرف منه خبر وما رواه الكليني والشيخ في الصحيح عن الحسن بن محبوب عن عمرو بن أبي المقدام عن أبيه عن سلمة بن كهيل قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول
لشريح في حديث طويل واعلم أن المسلمين عدول بعضهم على بعض الا مجلود في حد لم تيب منه أو معروف بشهادة زور أو ظنين الظنين المتهم كما يعرف من كتب اللغة وقال ابن الأثير في النهاية وفيه
لا يجوز شهادة ظنين اي متهم في دينه
ويؤيده في الجملة ما رواه الشيخ في الكليني عن أبي بصير في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عما يرد من الشهود قال الظنين والمتهم والخصم قال قلت الفاسق
والخائن قال كل هذا يدخل الظنين وفي معناها رواية عبد الله بن سنان وسليمان بن خالد وما رواه الصدوق عن عبيد الله بن علي الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) ومنها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن ابن
أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) في قوم خرجوا من خراسان أو بعض الجبال وكان يأمهم رجل فلما صاروا إلى الكوفة علموا انه يهودي قال لا يعيدون قال
الصدوق في الفقيه وفي كتاب زياد بن مروان القندي في نوادر محمد بن أبي عميران الصادق (ع) قال في رجل صلى يقوم من حين خرجوا من خراسان حتى قدموا مكة فإذا هو يهودي أو نصراني
قال ليس عليهم إعادة وسمعت جماعة من مشيختنا يقولون إنه ليس عليهم إعادة شئ مما جهر فيه وعليهم إعادة ما صلى بهم مما لم يجهر فيه والحديث المفسر يحكم على المجمل ومنها ما رواه الشيخ
باسناد لا يخلو عن اعتبار عن عبد الرحيم القصير قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول إذا كان الرجل لا نعرفه يام الناس يقرا القران فلا تقرأ خلفه واعتد بصلاته
فهذه الأخبار واضحة الدلالة على أنه
يكفي في اعتبار العدالة وحسن الظاهر في الجملة ويدل عليه أيضا العمومات الدالة على فضيلة الجماعة وترتب الثواب عليها وقد ثبت اشتراطها بالعدالة بهذا المقدار الذي ذكرنا
فيكون التقييد والتخصيص متقدرا بقدره فمن أراد اثبات أمر زائد على ذلك احتاج إلى دليل والدليل غير ناهض بذلك وبهذا التقريب يمكن الاستدلال بالعمومات الدالة علي ان
شهادة الشاهدين مناط الحكم والاعتبار وروى الشيخ باسنادين أحدهما صحيح والاخر موثق عن عبد الله بن بكير قال سأل حمزة ابن حمران أبا عبد الله عن رجل أمنا في السفر وهو جنب وقد علم ونحن
لا نعلم قال لا باس وعن عبيد الله بن علي الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في رجل يصلى في القوم ثم يعلم أنه صلى بهم إلى غير القبلة فقال ليس عليهم إعادة شئ في هذين الخبرين
تأييد ما للمطلوب وإن كان ضعيفا قال الشهيد الثاني وهذا القول وإن كان أمتن دليلا وأكثر رواية وحال السلف يشهد به وبدونه لا يكاد ينتظم الاحكام للحكام خصوصا
في المدن الكبار والقاضي المنفذ من بعيد إليها لكن المشهور الان بل المذهب خلافه احتج الأولون بوجهين الأول قوله تعالى واشهدوا ذوي عدل منكم مع قوله تعالى واستشهدوا شهيدين
من رجالكم فيجب حمل هذا المطلق على المقيد ولابد من اشتمال الوصف بالعدالة على أمر زايد على الاسلام لان الاسلام داخل في قوله من رجالكم فإنه خطاب للمسلمين ولان العدالة
شرط قبول الشهادة كما يقتضيه ظاهر الآية والجهل بالشرط يقتضي الجهل بالمشروط والجواب ان القدر المستفاد من هذا الدليل ان العدالة أمر زايد على الاسلام ونحن نقول بمقتضاه فان
حسن الظاهر وعدم ظهور الفسق أمر زايد على الاسلام وفي قوله لان العدالة شرط قبول الشهادة منع ظاهر والمناسب ان يقال وقع الامر باشهاد العدل فيجب العلم بكونه عدلا ليحصل الخروج
عن العهدة أو يقال العدالة شرط الصحة الطلاق لان كل من قال بوجوب الاشهاد قال باشتراط في صحة الطلاق
ولان الامر في الآية للارشاد إلى كيفية الطلاق والجهل بالشرط يوجب
الجمل بالمشروط حينئذ فالجواب انا لا نسلم ان العدالة أمر وراء الاسلام وحسن الظاهر وابتغاء ظهور الفسوق لا يقال إن يكون احتمال العدالة مجرد ذلك يكفينا لان البراءة اليقينية من التكليف
اليقيني يقتضي اعتبار ما يحصل معه اليقين بالعدالة ولا يحصل ذلك الا عند البحث والتفتيش لأنا نقول هذا الكلام يبتني على الشك في مدلول الآية وحينئذ نقول الأخبار السابقة
تكفي في تبيين مدلولها وان المراد بالعدالة المذكورة فيها ما ذكرناه وحققناه الثاني ما رواه الشيخ عن ابن أبي يعفور قال قلت لأبي عبد الله (ع) يما يعرف عدالة الرجل بين المسلمين حتى
تقبل شهادته لهم وعليهم قال فقال إن يعرفوه بالستر والعفاف والكف عن البطن والفرج واليد واللسان ويعرف باجتناب الكباير التي اوعد الله عليها النار من شرب الخمر والزنا والربا
وعقوق الوالدين والفرار من الزحف وغير ذلك والدال على ذلك كله والساتر لجميع عورته حتى يحرم على المسلمين تفتيش ما وراء ذلك من عثرته (عثراته) وغيبته ويجب عليهم توليته و
اظهار عدالته في الناس التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن وحافظ مواقيتهن باحضار جماعة المسلمين وان لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم الا من علة وذلك لان الصلاة ستر
وكفارة للذنوب ولو لم يكن ذلك لم يكن لاحد ان يشهد على أحد بالصلاح لان من لم يصل فلا صلاح له بين المسلمين لان الحكم جرى فيه من الله ورسوله صلى الله عليه وآله بالحرق في جوف بيته قال رسول
الله صلى الله عليه وآله لا صلاة لمن لا يصلى في المسجد مع المسلمين الا من علة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا غيبة الا لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا ومن رغب عن جماعة المسلمين وجب على المسلمين غيبته وسقطت
بينهم عدالته ووجب هجرانه وإذا رفع إلى امام المسلمين انذره وحذره فان حضر جماعة المسلمين والا أحرق عليه بيته ومن لزم جماعتهم حرمت عليهم غيبته وثبتت عدالته بينهم وأجيب
عن هذه الرواية بالطعن في السند لان في طريقه الحسن بن علي وأبيه والظاهر أنهما ابنا فضال وهما فطحيان وفي طريقهما محمد بن موسى وهو مشترك بين الضعيف وغيره ولا يبعد ان يكون
هو محمد بن موسى الهمداني الذي استثنى من رجال نوادر الحكمة بقرينة رواية محمد بن أحمد بن يحيى عنه وعلى هذا فالرواية ضعيفة ولا يخفى ان هذه الرواية على هذا الوجه غير دالة على مدعاهم
بل بالدلالة على نقيضه أشبه لان غاية ما يستفاد منها ان المحافظة على الصلوات وحضور الجماعات كاف في الحكم بالعدالة من غير احتياج إلى التفتش والتطين (التفتيش والتبطين) لكن اوردها الصدوق
فيمن لا يحضر والفقيه باسناد صحيح عن ابن أبي عمير (يعفور) الثقة باختلاف في المتن يوجب دلالة ما على مدعاهم حيث قال بعد قوله والفرار من الزحف وغير ذلك والدلالة على ذلك كله ان يكون سابق
الجميع عيوبه حتى يحرم على المسلمين ما وراء ذلك من عثراته وعيوبه وتفتيش ما وراء ذلك ويجب عليهم تزكيته واظهار عدالته في الناس ويكون منه التعاهد للصلوات الخمس إذا واظب عليهن
وحفظ مواقيتهن بحضور جماعة من المسلمين وان لا يتخلف عن جماعتهم في مصلاهم الا من علة فإذا كان كذلك لازما لمصلاه عند حضور الصلوات الخمس فإذا سئل عنه في قبيلته ومحلته
قالوا ما رأينا منه الا خيرا مواظبا على الصلوات متعاهدا لأوقاتها في مصلاه فان ذلك يجيز شهادتهم وعدالته بين المسلمين وذلك أن الصلاة ستر وكفارة للذنوب وليس يمكن
الشهادة على الرجل بأنه يصلى إذا كان لا يحضر مصلاه ويتعاهد جماعة المسلمين وانما جعل الجماعة والاجتماع إلى الصلاة لكن يعرف من يصلى ممن لا يصلى ومن تحفظ مواقيت الصلاة
ممن يضيع ولولا ذلك لم يكن لاحد ان يشهد على اخر بصلاح لان من لا يصلى لا صلاح له بين المسلمين فان رسول الله صلى الله عليه وآله هم بان يحرق قوما في منازلهم لتركهم الحضور (لجماعة المسلمين) وقد كان منهم من
يصلي في بيته فلم يقبل منه ذلك وكيف يقبل شهادة أو عدالة بين المسلمين ممن جرى الحكم من الله عز وجل ومن رسوله صلى الله عليه وآله فيه الحرق في جوف بيته بالنار وقد كان يقول صلى الله عليه وآله لا صلاة
لمن لا يصلى في المسجد مع المسلمين الا من علة ويمكن تأويل هذا الخبر بما ذكره الشيخ في الاستبصار حيث قال بعد نقل الخبر على الوجه الذي نقلناه أولا واما ما رواه علي بن إبراهيم ونقل مرسلة
306

يونس السالفة فلا ينافي الخبرين الأولين من وجهين أحدهما انه لا يجب على الحاكم التفتيش عن بواطن الناس وانما يجوز لهم ان يقبل شهادتهم إذا كانوا على ظاهر الاسلام والإمامة وإذ لا
يعرفهم بما يقدح فيهم ويوجب تفسيقهم ومتى تكلف التفتيش عن أحوالهم يحتاج إلى أن يعلم أن جميع الصفات المذكورة في الخبر الأول منتفية عنهم لان جميعها موجب التفسيق والتضليل
ويقدح في قبول الشهادة والوجه الثاني ان يكون المقصود بالصفات المذكورة في الخبر الأول الاخبار عن كونها قادحة في الشهادة وان لم يلزم التفتيش عنها والمسألة والبحث عن
حصولها وانتفاءها ويكون الفائدة في ذكرها انه ينبغي قبول شهادة من كان ظاهره الاسلام ولا يعرف فيه شئ من هذه الأشياء فإنه متى عرف فيه أحد هذه الأوصاف المذكورة
فإنه يقدح ذلك في شهادته ويمنع من قبولها هذا ما حضرني في تحقيق هذه المسألة وانما أطنبنا الكلام فيها هيهنا وإن كان تحقيقها انسب بباب الشهادات لكونها من
المسائل المهمة التي وقع الاحتياج الشديد إليها
ومما يشترط في النائب طهارة المولد وهو ان لا يعلم كونه ولد زنا واشتراط ذلك مذهب الأصحاب لا نعلم فيه
مخالفا وقد مر في المسألة السابقة خبران دالان عليه والظاهر أنه لأمنع فيمن يناله الألسن ولا ولد الشبهة ولا من جهل أبوه وربما يقال بكونه مكروها لنفرة النفس منهم الموجبة
لعدم كمال الاقبال على العبادة والذكورة لان صلاة الجمعة لا ينعقد بالمراة وقال المصنف في التذكرة انه يشترط في امامة الرجال الذكورة عند علمائنا أجمع وبه قال عامة العلماء
ويعضده الشك في حصول البراءة من التكليف الثابت عنده وفي العبد والأبرص والأجذم والأعمى إما العبد فاختلف الأصحاب في إمامته فقال الشيخ في الخلاف
وابن الجنيد وابن إدريس انها جائزة وقال الشيخ في النهاية والمبسوط لا يجوز ان يام الأحرار ويجوز ان يام مواليه إذا كان اقراءهم وأطلق ابن حمزة (قولان) العبد لا يؤم الحر واختاره العلامة في النهاية
وقال ابن بابويه في المقنع لا يؤم العبد الا أهله والأول أقرب للأصل والعمومات وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) انه سئل عن العبد يام القوم إذا رضوا به وكان
أكثرهم قرانا قال لا باس به وعن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن العبد يام القوم إذا رضوا به وكان أكثرهم قرانا قال لا باس به وفي الموثق عن سماعة قال سألته عن المملوك
يام الناس فقال لا الا ان يكون هو أفقههم وأعلمهم احتج المصنف في النهاية على أن العبد لا يؤم الحر بأنه ناقص فلا يليق بهذا المنصب الجليل واحتج ابن بابويه بما رواه السكوني عن جعفر عن أبيه
عن علي عليه السلام قال لا يؤم العبد الا أهله اوردها الشيخ وهي رواية ضعيفة فلا يصلح لمعارضته ما ذكرنا واما الأبرص والجذم فاختلف الأصحاب في جواز امامتها فقال الشيخ في النهاية
والخلاف بالمنع من ذلك مطلقا وقال المرتضى في الانتصار وابن حمزة بالكراهة وقال الشيخ في المبسوط وابن البراج وابن زهرة بالمنع من امامتها الا لمثلهما وقال ابن إدريس يكره إمامتهما في ما عدا
الجمعة والعيد إما فيهما فلا يجوز ومما يوافق المنع الخبر ان السابقان في أوايل مبحث العدالة وما رواه الكليني والشيخ عن أبي بصير في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال خمسة لا يأمون الناس
على كل حال المجذوم والأبرص والمجنون وولد الزنا والأعرابي ومما يوافق القول بالجواز ما رواه الشيخ في الصحيح عن عبد الله بن يزيد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المجذوم والأبرص يؤمان
المسلمين قال نعم قلت يبتلى الله بهما المؤمنون قال نعم وهل كتب الله البلاء الا على المؤن وراوي هذه الرواية غير موثق في كتب الرجال وأولها الشيخ في التهذيب بحملها على الضرورة بان لا
يوجد غيرهما أو ان يكونا امامين لأمثالهم وفيه بعد واضح ويمكن الجمع بين الاخبار بحمل الاخبار الأول على المعنى الشامل للكراهة لو صلح الخبر الأخير لمعارضة اخبار المنع ولا يلزم استعمال
المشترك في معنييه كما زعمه الشهيد (ره) استنادا إلى أن النهى في ولد الزنا والمجنون محمول على المنع من النقيض ولقائل أن يقول دلالة اخبار المنع على عدم جواز المنع غير واضحة لان مع مقتضى
الأصل والعمومات الجواز والمسألة عندي محل تردد واما الأعمى فاختلف الأصحاب في جواز إمامته والمشهور الجواز بل قال المصنف في المنتهى في باب الجماعة ولا باس بإقامة الأعمى إذا كان من
ورائه من يسدده ويوجهه إلى القبلة وهو مذهب أهل العلم لا نعلم فيه خلافا الا ما نقل عن انس وقال في باب الجماعة من التذكرة لا خلاف بين العلماء في جواز إمامة الأعمى لمثله وللمبصر
ونسب جواز إمامة الأعمى في المنتهى في باب الجمعة إلى أكثر أهل العلم ونسب في التذكرة في باب الجمعة اشتراط السلامة من العمى إلى أكثر علمائنا وبه افتى في النهاية والأقرب الجواز لنا مضافا إلى
اطلاقات الأدلة ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس بان يصلى الأعمى بالقوم وان كانوا هم الذين يوجهونه وما رواه الشيخ عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله
في الأعمى يام القوم وهو على غير القبلة قال يعيد ولا يعيدون فإنهم قد تحروا وفي بعض الأخبار الضعيفة ولأيام الأعمى في الصحراء الا ان يوجه إلى القبلة ورواها الكليني والشيخ
عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قلت اصلى خلف الأعمى قال نعم إذا كان له من يسدده وكان أفضلهم وقد سبق في المباحث السابقة صحيحة محمد بن مسلم الدالة على أن أبا بصير أمهم في طريق
مكة وانه نقله إلى الصادق (ع) ولم ينكره ففيه دلالة على المدعا احتج المصنف في التذكرة على المنع بان الأعمى لا يتمكن من الاحتراز عن النجاسات غالبا وبأنه ناقص فلا يليق بهذا المنصب
الجليل وفيهما ضعف
وفي استحبابها اي صلاة الجمعة حال الغيبة وامكان الاجتماع قولان اختلف الأصحاب في صلاة الجمعة في حال غيبة الامام على أقوال
فالمشهور بين المتأخرين منهم انه واجبة تخييرا بمعنى ان المكلف مخير بين ايقاع الصلاة ظهرا وبين ايقاعها جمعة مع أن الأفضل الجمعة وذهب سلار وابن إدريس إلى تحريمها في زمان
الغيبة وهو ظاهر المرتضى ومال إليه المصنف في المنتهى وفي موضع من التحرير والشهيد في الذكرى ونسب الشهيد في البيان هذا القول إلى أبي الصلاح أيضا مع أنه نسب إليه في شرح الارشاد
القول بالاستحباب وحكم الشارح الفاضل في بعض رسائله بخطأ النسبتين وان المستفاد من كلام أبي الصلاح القول بالوجوب العيني ونسب الشيخ فخر الدين والشيخ علي القول بالتحريم إلى الشيخ
في الخلاف وهو خطأ وذهب المدقق الشيخ علي إلى أن صحة صلاة الجمعة في زمان الغيبة مشروطة بوجود الفقيه الجامع لشرائط الاقتداء وزعم أن هذا مذهب جمهور القائلين
بجوازها في زمان الغيبة وربما يتوهم ذلك من بعض عبارات المصنف والشهيد والظاهر أنه قول مستحدث مختص بالمدقق الشيخ علي كما سيتحقق واما الوجوب العيني في زمان الغيبة فالمشهور بين
علمائنا المتأخرين القول بانتفائه بل نقل المصنف في التذكرة وبه اطباق علمائنا على ذلك ونقل الاجماع عليه المدقق الشيخ علي وقال الشهيد في الذكرى ان عمل الطائفة على عدم
الوجوب العيني في سائر الأعصار والامصار وظاهر كلام المحقق أيضا ان ذلك اتفاقي حيث قال السلطان (الامام) أو نائبه شرط في وجوب الجمعة وهو قول علمائنا لكن الظاهر أن ذلك
ليس باتفاقي بين الأصحاب بل كثير من عبارات المتقدمين واضحة الدلالة على خلافه قال الشيخ المفيد في كتاب الاشراف بان عدد ما يجب به الاجتماع في صلاة الجمعة عدد ذلك ثمانية عشر خصلة
الحرية والبلوغ والتذكير وسلامة العقل وصحة الجسم والسلامة من الأعمى وحضور المصر والشهادة للنداء وتخلية السرب ووجود أربعة نفر مما تقدم ذكره من هذه الصفات ووجود
خامس يأمهم له صفات يختص بها على الايجاب ظاهر الايمان والطهارة في المولد من السفاح والسلامة من ثلاثة أدواء البرص والجذام والمعرة بالحدود المشينة لمن أقيمت عليه في الاسلام والمعرفة
بفقه الصلاة والافصاح بالخطبة والقرآن وإقامة فرض الصلاة في وقتها من غير تقديم ولا تأخير عنه بحال والخطبة بما يصدق فيه من الكلام فإذا اجتمعت هذه الثماني عشرة خصلة
وجب الاجتماع في الظهر يوم الجمعة على ما ذكرناه وكان فرضها على النصف من فرض الظهر للحاضر في سائر الأيام وقال في المقنعة واعلم أن الرواية جاءت عن الصادقين (ع) ان الله جل
جلاله فرض على عباده من الجمعة خمسا وثلثين صلاة لم يقرض فيها الاجتماع الا في صلاة الجمعة خاصة فقال جل من قائل يا أيها الذين امنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة
فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم ان كنتم تعلمون وقال الصادق (ع) من ترك الجمعة ثلثا من غير علة طبع الله على قلبه فغرضها وقفك الله الاجتماع على ما قدمناه الا انه بشريطة
حضور امام مأمور على (صفات) يتقدم الجماعة ويخطب بهم خطبتين يسقط بهما وبالاجتماع على المجتمعين في الأربع ركعات ركعتان وإذا حظر الامام وجب الجمعة على سائر المكلفين الا
من عذره الله تعالى منهم وان لم يحظر قام سقط فرض الاجتماع وان حضر امام يخل بشريطة من يتقدم فيصلح به الاجتماع فحكم حضوره حكم عدم الامام والشرايط التي تجب فيمن يجب معه الاجتماع
ان يكون حرا بالغا طاهرا في ولادته مجنبا من الأمراض الجذام والبرص خاصة في خلقته سلما مؤمنا معتقدا للحق باسره في ديانته مصليا للفرض في ساعته فإذا كان كذلك واجتمع
307

معه أربعة نفر وجب الاجتماع ومن صلى خلف امام بهذه الصفات وجب عليه الانصات عند قرائته والقنوت في الأولى من الركعتين في فريضة ومن صلى خلف امام بخلاف ما وصفنا
رتب الفرض على المشروح فيما قدمناه ويجب حضور الجمعة مع من وصفناه من الأئمة فرضا ويستحب مع من خالفهم تقيه وندبا روى هشام بن سالم عن زرارة بن أعين قال حثني
أبو عبد الله (ع) على صلاة الجمعة حتى ظننت انه يريد ان نأتيه فقلت نغدو عليك فقال لا انما عنيت عندكم هذا كلامه في المقنعة وظاهر الشيخ في التهذيب موافقته للمفيد لأنه
ذكر في شرح هذا المقام بعض الأخبار الدالة على وجوب صلاة الجمعة من غير تخصيص ولا تقييد ولم يتعرض لتقييد أو تأويل فيه وقال أبو الصلاح التقى بن نجم الحلبي ولا تنعقد الجمعة الا بامام
الملة أو منصوب من قبله أو من يتكامل له صفة امام الجماعة عند تعذر الامرين وهو صريح في عدم اشتراط الامام أو نائبه وليس فيه زيادة على ما هو المعتبر عنده في امام الجماعة
حيث قال في باب الجماعة واولى الناس بها امام الملة أو من منصبه فان تعذر الامر ان لم ينعقد الا بامام عدل وقال بعد العبارة التي نقلناها أولا وإذا تكاملت هذه الشروط
انعقدت معه جمعة وانتقل فرض الظهر من أربع ركعات إلى ركعتين بعد الخطبة وتعين فرض الحضور على كل رجل بالغ حر سليم مخلى السرب حاضر بينها وبينه فرسخان فما دونهما
ويسقط فرضها عمن عداه فان حضرها تعين عليه فرض الدخول فيها جمعة وقال القاضي أبو الفتح الكراجكي في كتابه المسمى بتهذيب المسترشدين ما هذا لفظه وإذا حضرت
العدة التي يصح ان ينعقد بحضورها الجماعة يوم الجمعة وكان امامهم مرضيا متمكنا من إقامة الصلاة في وقتها وابراز الخطبة على وجهها وكانوا حاضرين آمين ذكورا بالعين كاملي
العقول أصحاء وجبت عليهم فريضة الجمعة وكان على الامام ان يخطب بهم خطبتين ويصلى بهم بعدهما ركعتين وهذه العبارات واضحة الدلالة على الوجوب العيني من غير اشتراط الامام أو نائبه
وهو ظاهر الصدوق في المقنع حيث قال وان صليت الظهر مع امام بخطبة صليت ركعتين وان صليت بغير خطبة صليتها أربعا وقد فرض الله من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلثين صلاة واحدة
فرضها الله في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والمراة والعبد والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين ومن صلها وحده فليصلها
أربعا كصلاة الظهر في ساير الأيام وقال في كتاب الأمالي في وصف دين الإمامية والجماعة يوم الجمعة فريضة وفي ساير الأيام سنة فمن تركها رغبة عنها وعن جماعة المسلمين من غير علة
فلا صلاة له ووضعت الجمعة عن تسعة عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمراة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين وقال الشيخ عماد الدين الطبرسي في كتابه المسمى
بنهج العرفان إلى هداية الايمان بعد نقل الخلاف بين المسلمين في شروط وجوب الجمعة ان الامامية أكثر ايجابا للجمعة من الجمهور ومع ذلك يشنعون عليهم بتركها حيث إنهم لم يجوزوا الايتمام
بالفاسق ومرتكب الكباير والمخالف في العقيدة الصحيحة وظاهر قوله إن الامامية أكثر ايجابا للجمعة من الجمهور انما يستقيم على القول بعدم شرطية الامام أو نائبه في الوجوب العيني كما
لا يخفى على المتدبر إذ على تقدير الاشتراط كان الوجوب العيني في زمان الغيبة على طول مدته واستمرار أيامه منتفيا فكيف يتصور الحكم بكون الامامية أكثر ايجابا من الجمهور مع أن
الجمهور لا يشترطون الا المصر كما يقوله الحنفي وجوقه وحضور أربعين كما يقوله الشافعي ويكتفون في ايجابها بامام يقتدى به أربعة نفر من المكلفين بها واما عبارات الشيخ
في النهاية والمبسوط والخلاف فدالة على الجواز المطلق من غير اختصاصها بالوجوب التخييري أو العيني بل ربما يدعى ان في عبارة النهاية والخلاف اشعارا بالوجوب العيني وهو حسن والاشعار
في عبارة الخلاف أقوى الا ان عبارات الشيخ موهمة للوجوب التخييري
وبالجملة الوجوب العيني أحد الأقوال في هذه المسألة واختاره الشارح الفاضل في رسالته المعبولة في هذه
المسألة ونسبه إلى أكثر علمائنا المتقدمين واليه ذهب جماعة من المتأخرين عنه وهذا القول هو الراجح عندي لعموم الأخبار الكثيرة الدالة عليه منها ما رواه الصدوق عن زرارة
في الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال له انما فرض الله عز وجل على الناس من الجمعة إلى الجمعة خمسا وثلثين صلاة منها صلاة واحدة فرضها الله عز وجل في جماعة وهي الجمعة ووضعها عن تسعة
عن الصغير والكبير والمجنون والمسافر والعبد والمراة والمريض والأعمى ومن كان على رأس فرسخين ورواه الكليني عن زرارة باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم بأدنى تفاوت
في المتن ومنها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن أبي بصير ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إن الله عزول فرض في كل سبعة أيام خمسا وثلثين صلاة منها صلاة واجبة
على كل مسلم ان يشهد بها الا خمسة المريض والمملوك والمسافر والمراة والصبي ومنها ما رواه الصدوق عن زرارة باسناده الصحيح قال قلت لأبي جعفر (ع) على من تجب الجمعة قال تجب على سبعة
نفر من المسلمين ولا جمعة لأقل من خمسة من المسلمين أحدهم الامام فإذا اجتمع سبعة ولم يخافوا أمهم بعضهم وخطبهم ومنها ما رواه الشيخ عن منصور في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال
يجمع القوم يوم الجمعة إذا كانوا خمسة فما زادوا فان كانوا أقل من خمسة فلا جمعة لهم والجمعة واجبة على كل أحد لا يعذر الناس فيها الا خمسة المراة والمملوك والمسافر والمريض
والصبي وعن أبي بصير ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال من ترك الجمعة ثلث جمع متواليات طبع الله على قلبه وعن زرارة في الصحيح قال قال أبو جعفر (ع) الجمعة واجبة على من أن
صلى الغداة في أهله أدرك الجمعة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله انما يصلي العصر في وقت الظهر في ساير الأيام كي إذا قضوا الصلاة مع رسول الله رجعوا إلى رحالهم قبل الليل وذلك سنة
إلى يوم القيمة وروى الكليني عن محمد بن مسلم وزرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال يجب الجمعة على من كان منها على فرسخين وعن ابن مسلم في الحسن بإبراهيم قال
سئلت أبا عبد الله عن الجمعة فقال تجب على من كان منها على رأس فرسخين فان زاد على ذلك فليس عليه شئ وروى الشيخ الخبر الأول عن محمد بن مسلم وزرارة باسناد فيه علي
بن السندي وليس في شانه توثيق يعتد به والخبر الثاني معلقا عن علي بن إبراهيم بساير الاسناد وروى الشيخ في الصحيح عن أبي بكر قال حدثني زرارة عن عبد الملك عن أبي جعفر (ع)
قال قال مثلك يهلك ولم يصل فريضة فرضها الله قال قلت فكيف اصنع قال قال صلوا جماعة يعني صلاة الجمعة وعن محمد بن مسلم في الموثق عن أبي جعفر (ع) قال يجب الجمعة على
من كان منها على فرسخين ومعنى ذلك إذا كان الامام عادلا وقال إذا كان بين الجماعتين ثلثة أميال فلا باس ان يجمع هؤلاء ويجمع هؤلاء ولا يكون بين الجماعتين أقل من ثلثة
أميال واعلم أن للجمعة حقا قد ذكر عن أبي جعفر (ع) أنه قال لعبد الملك مثلك بهلك ولم يصل فريضة فرضها الله عليه قال قلت كيف اصنع قال صلها جماعة يعني الجمعة وعن الفضل بن
عبد الملك في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله يقول إذا كان قوم في قرية صلوا الجمعة أربع ركعات فإن كان لهم من يخطب بهم جمعوا إذا كانوا خمسة نفر وانما جعلت ركعتين
لمكان الخطبتين وانما جعلنا هذه الرواية من الصحاح مع أن في طريقها أبان بن عثمان لكونه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه كما أشرنا إليه مرارا ويؤيده ما رواه الشيخ
عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن أناس في قرية هل يصلون الجمعة جماعة قال نعم يصلون أربعا إذا لم يكن من يخطب وعن عمر بن يزيد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كانوا
سبعة يوم الجمعة فليصلوا في جماعة وليلبس البرد والعمامة وليتوكأ على قوس أو عصا وليقعد قعدة بين الخطبتين ويجهر بالقراءة ويقنت في الركعة الأولى منها قبل الركوع وعن زرارة في
الصحيح قال حثنا أبو عبد الله (ع) على صلاة الجمعة حتى ظننت انه يريد ان نأتيه فقلت نغدو عليك قال انما عنيت عندكم ويؤيد ذلك ما رواه الكليني عن سماعة في الموثق قال سئلت
أبا عبد الله (ع) عن الصلاة يوم الجمعة فقال إما مع الامام فركعتان واما من يصلى وحده فهي أربع ركعات بمنزلة الظهر يعني إذا كان امام يخطب فاما إذا لم يكن إما يخطب فهي أربع ركعات
وان صلوا جماعة وقول النبي صلى الله عليه وآله في خطبة طويلة حث فيها على صلاة الجمعة منها ان الله تعالى قد فرض عليكم الجمعة فمن تركها في حيوتي أو بعد موتي استخفافا بها أو جحودا لها فلا جمع الله شمله
ولا بارك له في امره الا ولا صلاة له الا ولا زكاة له الا ولا حج له الا ولاصوم له الا ولا بر له حتى يتوب قال الشارح الفاضل بعد نقل الخبر نقل هذا الخبر المخالف والموافق واختلفوا (في ألفاظ تركناها لا مدخل لها في هذه الباب وأمثال ذلك)
308

عن النبي والأئمة عليهم السلام كثيرة دالة على ايجابها والحث عليها ويؤيده قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير
لكم ان كنتم تعلمون وجه التأييد ما نقل من اجماع المفسرين على أن المراد من الذكر المأمور بالسعي إليه في الآية صلاة الجمعة أو خطبتها فكل من يتناوله اسم الايمان مأمور بالسعي إليها
والامر للوجوب فالمستفاد من الآية وجوب السعي لصلاة الجمعة عند حصول النداء للصلاة المطلقة كما هو الغالب الشايع تحققه عند الزوال ومتى ثبت السعي عند تحقق
الندا وجب مطلقا وان لم يتحقق النداء للاتفاق على أن وجوب السعي ليس مشروطا بحصول النداء فالتعليق بالشرط المذكور في الآية منزل على الغالب في بلاد المسلمين من تحقق
النداء عند الزوال وكانه كنى به عن الزوال وفائدته التأكيد في الاذان ولهذا اتى بلفظة إذا الدالة على تحقق الوقوع وفي الآية ضروب من التأكيد لا يخفى على الماهر
في صناعة المعاني وما يتوهم من أن الامر أعم من الايجاب العيني والتخييري ولا دلالة للعام على الخاص فكلام ضعيف لان الامر بالسعي يقتضي استحقاق الذم سند عدم الاتيان
بالمأمور به على الخصوص كما هو مقتضى الأدلة الدالة على أن الامر للايجاب وهذا معنى الايجاب العيني فلا وجه لهذا التوهم وانما جعلنا الآية من المؤيدات دون الدلائل
إذ لقائل ان ينازع في دلالة الآية ويقول المشهور بين المحققين ان الخطابات القرآنية لا يشتمل غير الموجودين في زمن الخطاب وانما يعلم استواءهم للموجودين في زمن الخطاب
في الحكم بدليل خارج من الاجماع وغيره وعلى هذا فيجوز ان يكون الايجاب بالنسبة إلى الموجودين في زمان الخطاب بناء على تحقق شرط الوجوب وهو الامام الصالح لامامة
الجمعة ولا يلزم وجوبه بالنسبة إلى غير الموجودين ايجابا مطلقا سواء تحقق الشرط أم لا نعم صلاحيتها للتأييد غير منكر كما لا يخفى على المتدبر
فان قلت هذه الأخبار وإن كان
لها دلالة على وجوب صلاة الجمعة من غير تقييد ولافرق بين الأزمان الا ان الاجماع المنقول ينافيه والاجماع المنقول وان لم يكن حجة الا انه يوجب الشك في كون
ظواهر الاخبار مرادا فلا يبقى الظن بإرادة العموم منها فلا يستقيم الاستدلال بها على العموم قلت لم يبق الوثوق بنقل الاجماع المذكور بعد مخالفته للعبارات المنقولة
من جماعة من أفاضل المتقدمين ونقل الاجماع المذكور لم يتفق الا من المصنف والمدقق الشيخ علي والمصنف كثيرا ما يتسامح في أمثال هذه الأمور واما الشيخ علي فان عادته
متابعة المصنف وغيره فلا تعويل على نقله الاجماع واما المحقق فليس كلامه بصريح في نقل الاجماع بل نسب الحكم المذكور سابقا إلى علمائنا ويجوز ان يكون مراده من العلماء المشاهير
منهم ولعله نظر إلى ما يفهم من كلام الشيخ ومن تبعه في بادي النظر ولم يبالغ في التتبع فاتفق منه نسبه الحكم إلى علمائنا ووقوع المساهلة في بعض الأحيان ممن لم يكن معصوما غير عزيز
والمصنف تبع المحقق كما هو عادته في أمثال هذه الأمور ثم تبعه الشيخ علي واما الشهيد فيظهر من كلامه ان الاجماع المذكور لم يثبت عنده كما يفهم من عبارته الآتية حيث نسب
الاجماع إلى الفاضل من غير أن يحكم به ونقل القول بالوجوب العيني وبالجملة لا يحصل لي ظن بالاجماع المذكور بحيث يوجب رفع الظن بظواهر الأخبار الكثيرة العامة المشتملة
على تأكيدات متعددة فان قلت ما مر من رواية زرارة وعبد الملك الدالتين على أنه (ع) أمرهما (وحثهما) على صلاة الجمعة غير دال على العموم لان هذا بمنزلة الاذن فلا يلزم وجوبها بدونه
قلت إن المعبر عند القائل باشتراط الاذن كون امام الجمعة (الامام) أو من نصبه لذلك على الخصوص وليس في الخبرين ما يدل على أن الإمام (ع) نصب أحد هذين الرجلين إماما لصلاة الجمعة بل أمرهما
بها أعم من كونهما امامين أو مأمومين وليس في الخبرين زيادة على الأوامر الواقعة في ساير الأخبار بالنسبة إلى ساير المكلفين فإن كان هذا كافيا في الاذن كان كل مكلف مأذونا
فيها جامعا لما اعتبروه من الشرط فيرتفع ثمرة الخلاف وبالجملة أمرهما للرجلين ورد بطريق يشملهما وغيرهما من المكلفين كما لا يخفى على المتدبر في سياق الخبر فلا اختصاص للاذن
بهما وقد يستدل على الوجوب الأعم بوجوه أخر منها استصحاب الحكم السابق فان وجوب الجمعة حال حضور الامام أو نائبه ثابت باجماع المسلمين فيستصحب إلى زمان
الغيبة وان فقد الشرط المدعى إلى أن يحصل الدليل الناقل عن ذلك الحكم وهو منتف وفيه نظر لان ثبوت الحكم عند تحقق شرط مع احتمال مدخلية الشرط في ثبوت الحكم
لا يستلزم تحققه عند انتفاء ذلك الشرط وبالجملة مثل هذا الاستصحاب مردود لا يصلح لإناطة الحكم به كما أشرنا إليه مرارا
ومنها ان الأصل الجواز وأدلة التحريم غير
تامة وإذا ثبت الجواز المطلق ثبت الوجوب بالمعنى الأعم من العيني والتخييري لان الإباحة والكراهة منتفيتان في العبادات اتفاقا وفيه نظر لأنا لا نسلم ان الأصل في
العبادات الجواز بل الأصل فيها التحريم إلى أن يرد النقل الدال عليه احتج القائلون بالتحريم بوجوه الأول ان شرط انعقاد الجمعة الامام أو من نصبه لذلك (اجماعا) وفي حال الغيبة
الشرط منتف فينتفي الانعقاد والاجماع المذكور نقله ابن زهرة وابن إدريس الثاني ان الظهر ثابتة في الذمة بيقين فلا يبرء المكلف الا بفعلها الثالث انه يلزم من عدم
القول به الوجوب العيني لافضاء الأدلة إلى ذلك والمشرعون لها لا يقولون به والجواب عن الأول بمنع الاجماع في صورة النزاع بل القدر المسلم اشتراط الامام
أو نائبه في زمان الحضور وعند التمكن من ذلك لا مطلقا مع امكان المنازعة فيه أيضا كما اتفق لبعض المتأخرين فان كلام كثير من القدماء خال عن اعتبار هذا الشرط وقد
مر طرف منه إما اشتراطه في أصل المشروعية في زمان الغيبة فما لاوجه له أصلا وكيف يدعى الاجماع عليه مع مخالفة معظم الأصحاب فيه سلمنا اعتبار الاذن المطلق
لكن نقول إنه حاصل من الأئمة الماضيين كما مر في الأخبار السابقة سلمنا لكن الفقهاء منصوبون من قبلهم (ع) وهم يباشرون في زمان الغيبة ما هو أعظم من ذلك
كالحكم والافتاء وإقامة الحدود وغيرها وعن الثاني انا لا نسلم اشتغال الذمة بالظهر في يوم الجمعة (بل) لابد لذلك من دليل وعن الثالث انا لا نسلم افضاء جميع الأدلة إلى الوجوب
العيني بل المستفاد من بعضها الرجحان المطلق الشامل للوجوب العيني والتخييري سلمنا لكن نحن نقول بمقتضاه كما هو مذهب جماعة من الأصحاب احتج المدقق الشيخ على
ما اختاره من (اشتراط) الفقيه في صحة صلاة الجمعة بان اذن الامام معتبر فيها فمع حضوره يعتبر حضوره أو نائبه ومع عدمه يقوم الفقيه مقامه لأنه نائبه على العموم وجملة ما ذكره من
الدليل على المقدمة الأولى أمور ثلثة الأول ان النبي صلى الله عليه وآله كان يعين لامامة الجمعة وكذا الخلفاء بعده كما يعين للقضاء وكما لا يصح ان ينصب الانسان نفسه قاضيا من دون
اذن الامام فكذا لا يجوز ان ينصب نفسه لامامة الجمعة قالوا وليس هذا قياسا بل استدلالا بالعمل المستمر في الاعصار الثاني رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال تجب
الجمعة على سبعة نفر من المؤمنين ولا تجب على أقل منهم الامام وقاضيه ومدعيا حق وشاهدان والذي يضرب الحدود بين يدي الامام الثالث انه اجماعي على ما نقله
جماعة من الأصحاب منهم المحقق والمصنف والشهيد في الذكرى والاجماع المنقول بخبر الواحد حجة فكيف بنقل هؤلاء الأعيان والجواب عن الأول بعد تسليم ما ادعاه من العمل
المستمر منع دلالاته على الشرطية يجوز ان يكون ذلك حسما لمادة النزاع وتسهيلا للامر وكفاية لمؤنة الاختيار حتى يصلح الناس الاعتماد عليه بغير ريبة وتردد ولاستحقاقه
عن بيت المال لسهم وافر من حيث قيامه بهذه الوظيفة العظيمة من وظائف الدين ولهذه العلة كانوا يعينون لامامة الصلوات والاذان وغيرهما من الأمور الدينية
فلا يتوقف صحته على الاذن والتعيين اتفاقا ولم يزل الامر مستمرا في هذه الأمور في زمن أئمة العدل والجوز إلى زماننا هذا مع عدم احتمال الاشتراط في شئ منها وعن
الثاني ان الخبر متروك الظاهر لان مقتضى ظاهره ان الجمعة لا تنعقد الا باجتماع الجماعة المذكورة في الخبر وهو خلاف الاجماع وأيضا ظاهره يقتضي عدم الاكتفاء بنائب
الامام وهو خلاف الاجماع أيضا فيجب حمل الخبر على أن المراد من ذكر الجماعة المذكورة التمثيل لاشتراط
اعتبارهم على الخصوص مع أن ضرورة الجمع بينه وبين الأخبار السابقة
خصوصا رواية محمد بن مسلم راوي هذا الخبر يقتضي المصير إلى الحمل المذكور ومما يؤيده ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة
أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة الحديث وقد يجاب باستضعاف سند الرواية لان في طريقها الحكم بن مسكين وهو غير مصرح بالتوثيق في كتب الرجال وفيه
309

نظر لأن هذه الرواية موجودة في الفقيه أيضا باسناد ظاهر الصحة إذ ليس في طريقه من يتوقف في شانه الا علي بن أحمد بن عبد الله بن أحمد بن أبي عبد الله البرقي وأبوه والظاهر أن وجودهما
غير قادح لأنهما من مشايخ الإجازة وليسا من أصحاب الكتب والمصنفات والرواية منقولة عن كتاب أحمد بن أبي عبد الله البرقي بناء على ما صرح به الصدوق من أن جميع ما في الفقيه
منقول من كتب معتمدة وكتب البرقي كانت معروفه عندهم وعلى هذا فذكر الرجلين المذكورين رعاية لاتصال السند بحسب الظاهر وان حصل الغناء عنه فتوسطهما غير قادح
في صحة الرواية وعن الثالث ان الاجماع المدعى انما يختص بحال الحضور والتمكن من الاستيذان أو في الوجوب العيني فلا يعم الاستحباب في حال الغيبة والذي يدل على ذلك انهم
يذكرون شرط الامام أو نائبه ثم يذكرون بعد ذلك الاستحباب في زمان الغيبة على هذا جرت عادتهم في مؤلفاتهم وهو صريح فيما ذكرناه قال الشيخ في الخلاف بعد أن
اشترط في الجمعة اذن الامام أو نائبه ونقل فيه الاجماع فان قيل أليس قد رويتم فيما مضى من كتبكم انه يجوز لأهل القرايا والسواد من المؤمنين إذا اجتمعوا العدد الذي ينعقد
بهم ان يصلوا جمعة قلنا ذلك مأذون فيه مرغب فيه فجرى ذلك مجرى ان ينصب الامام من يصلى بهم وقال الشيخ في المبسوط بعد أن ذكر في أول الباب اشتراط صحة انعقاد الجمعة
بالسلطان العادل أو من يأمره ولا بأس ان يجتمع المؤمنون في زمان الغيبة بحيث لا ضرر عليهم فيصلون بخطبتين فإن لم يتمكنوا من الخطبتين صلوا جماعة ظهرا أربع ركعات
وقال في النهاية الاجتماع في صلاة الجمعة فريضة إذا حصلت شرائطه ومن شرائطه ان يكون هناك امام عادل أو من نصبه الامام للناس للصلاة ثم قال في اخر الباب ولا باس
ان يجتمع المؤمنون في زمان التقية بحيث لا ضرر عليهم فيصلون جماعة بخطبتين فإن لم يتمكنوا من الخطبة جاز لهم ان يصلوا جماعة لكنهم يصلون أربع ركعات ويحتذي على كلام
الشيخ يحيى بن سعيد في الجامع وهذه العبارات دالة على أن هذا الشرط مختص بزمان الحضور بل عبارة الخلاف دالة على حصول الشرط في زمان الغيبة وقال المحقق في المعتبر
السلطان العادل أو نائبه شرط وجوب الجمعة وهو قول علمائنا ثم استدل بما مر سابقا من فعل النبي صلى الله عليه وآله والخلفاء بعده واحتج على اشتراط عدالة السلطان ثم قال لا يقال
لو لزم ما ذكرتم لما انعقدت ندبا مع عدمه لانسحاب العلة في الموضعين وقد أجزتم ذلك إذا أمكنت الخطبة لأنا نجيب بان الندب لا يتوفر الدواعي على اعتماده فلا يحصل
الاجتماع المستلزم للفتن الا نادرا وقال في موضع اخر لو لم يكن امام الأصل ظاهر أسقط الوجوب ولم يسقط الاستحباب وصليت جمعة إذا أمكن الاجتماع والخطبتان وبه قال
الشيخ وانكره سلار واحتج على ما ذكره رواية الفضل بن عبد الملك وزرارة وعبد الملك السابقات وقال بعد ذلك في موضع اخر لو كان السلطان جايرا ثم نصب عدلا استحب
الاجتماع وانعقدت جمعة وأطبق الجمهور على الوجوب لنا انا بينا ان الإمام العادل أو من نصبه شرط الوجوب والتقدير عدم ذلك الشرط إما الاستحباب فلما بيناه من الاذن مع
عدمه ولا يخفى ان هذه العبارات كالصريح في أن الشرط المذكور للوجوب العيني عنده ويحتمل اختصاصه بزمان الحضور أيضا وقال المصنف في التذكرة ووجوبها يعني الجمعة على
الأعيان ثم قال يشترط في وجوب الجمعة السلطان أو نائبه عند علمائنا أجمع واستدل عليه بنحو مما في كلام المحقق ثم قال بعد ذلك وهل لفقهاء المؤمنين حال الغيبة والتمكن من
الاجتماع والخطبتين صلاة الجمعة أطبق علماؤنا على عدم الوجوب لانتفاء الشرط وهو ظهور الاذن من الامام واختلفوا في استحباب إقامة الجمعة فالمشهور ذلك واستدل عليه بالاخبار
المذكورة وقريب منه كلامه في النهاية وهو كالصريح في أن الشرط المذكور انما هو للوجوب وانه منتف في زمان الغيبة وانه لا يتحقق بالفقيه وذكره الفقيه من باب التمثيل
لا الاشتراط وقال في موضع آخر من التذكرة لو كان السلطان جائرا ثم نصب عدلا استحب الاجتماع وانعقدت جماعة على الأقوى ولا يجب لفوات الشرط وهو الامام أو من نصبه وأطبق
الجمهور على الوجوب وقال الشهيد في الذكرى ان شرط وجوبها سبعة الأول السلطان العادل وهو الامام أو نائبه اجماعا ثم اخذ في ذكر شروط النائب إلى أن قال الثانية
اذن الامام له كما كان النبي صلى الله عليه وآله يأذن لأئمة الجمعات وأمير المؤمنين (ع) بعده وعليه اطباق الامامية هذا مع حضور الإمام (ع) واما مع غيبته كهذا الزمان ففي انعقادها قولان
أصحهما وبه قال معظم الأصحاب الجواز إذا أمكن الاجتماع والخطبتان ويعلل بأمرين أحدهما ان الاذن حاصل من الأئمة الماضين فهو كالاذن من امام الوقت واليه
أشار الشيخ في الخلاف ويؤيده صحيح زرارة قال حثنا أبو عبد الله (ع) على صلاة الجمعة حتى ظننت انه يريد ان نأتيه فقلت نغدو عليك فقال لا انما عنيت عندكم ولان الفقهاء
حال الغيبة يباشرون ما هو أعظم من ذلك بالاذن كالحكم والافتاء فهذا أولي والتعليل الثاني ان الاذن انما يعتبر مع امكانه إما مع عدمه فيسقط اعتباره
ويبقى عموم القران والاخبار خاليا عن المعارض ثم نقل صحيحة عمر بن يزيد وصحيحة منصور بن حازم ورواية عبد الملك السابقات ثم قال والتعليلان حسنان والاعتماد على
الثاني إذا عرفت ذلك فقد قال الفاضلان يسقط وجوب الجمعة حال الغيبة ولم يسقط الاستحباب وظاهرهما انه لو اتى به كانت واجبة مجزية من الظهر فالاستحباب
انما هو في الاجتماع بمعنى انه أفضل الفردين الواجبين على التخيير وربما يقال بالوجوب المضيق حال الغيبة لان قضية التعليلين ذلك فما الذي اقتضى سقوط الوجوب
الان ان عمل الطائفة على عدم الوجوب العيني في ساير الاعصار والامصار ونقل الفاضل فيه الاجماع انتهى كلامه وأنت إذا تأملت هذه العبارات وجدتها دالة
على عدم اعتبار الفقيه في صحة الجمعة في زمان الغيبة وليس ما يصلح مستندا لهذا التوهم الا تعبير المصنف في التذكرة والشهيد في الدروس واللمعة بلفظ الفقهاء واللبيب
المتأمل يعلم أنه غير دال على الاشتراط بل الغرض التمثيل أو الرد على ابن إدريس حيث زعم عدم حصول الشرط وهو اذن الامام بان يقال بعد التنزل ان الاذن حاصل
للفقهاء لكونهم منصوبين من قبلهم (ع) كما يستفاد من كلام المصنف في الخلاف ثم نقول محتجا على القائل باشتراط الفقيه لا يخلو إما ان يحصل الشرط وهو اذن الامام بحضور
الفقيه أم لا وعلى الأول يلزم وجوب الجمعة عينا والقائل باشتراط الفقيه لا يقول به على أن عباراتهم صريحة في عدم حصول شرط الوجوب وهو اذن (الامام) في زمان
الغيبة وعلى الثاني لم يكن فرق بين حضور الفقيه وعدمه فتدبر ولو صلى الظهر من وجب عليه السعي إلى الجمعة لم تسقط الجمعة عنه بل يجب عليه ان يحضر (الجمعة) فان ادركهم
صليها والا أعاد ظهره لأنه لم يأت بالمأمور به فلا يخرج عن عهدة التكليف فيجب عليه الاتيان بالجمعة مع الامكان والا أعاد الظهر وصحت حينئذ لتعلق التكليف بها ولا
فرق بين العمد والنسيان ولابين ان يظهر في نفس الامر عدم الوجوب أم لا ولو صلى الظهر ناسيا ثم ظهر عدم التمكن من الجمعة لم يبعد القول بالصحة ولو لم يجتمع شرائط
الجمعة لكن اجتماعها قبل خروج الوقت مرجو فهل له له تعجيل الظهر فيه وجهان أجودهما عدم الأجزاء لان صحة الظهر انما يترتب على انتفاء شرائط وجوب الجمعة وهو غير معلوم
ويدرك
المأموم الجمعة بادراك الامام راكعا في الثانية لا خلاف بين الأصحاب في ادراك الجمعة بادراك ركعة مع الامام نقل اتفاقهم على ذلك جماعة منهم ويدل عليه ما رواه
الشيخ عن عبد الرحمن العزرمي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدركت الامام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف إليها ركعة أخرى واجهر فيها فان أدركته وهو يتشهد
فصل أربعا وما رواه الشيخ والكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألت أبا عبد الله (ع) عمن لم يدرك الخطبة يوم الجمعة فقال يصلى ركعتين فان فاتته الصلاة
فلم يدركها فليصل أربعا وقال إذا أدركت الامام قبل ان يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة فان أنت أدركته بعد ما ركع فهي الظهر أربع ركعات وما رواه
الصدوق عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا أدركت الامام قبل ان يركع الركعة الأخيرة فقد أدركت الصلاة وان أدركته بعد ما ركع فهي أربع بمنزلة الظهر وعن
الفضل بن عبد الملك في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدرك الرجل ركعة فقد أدرك الجمعة وان فاتته فليصل أربعا ورواه الشيخ عن أبي بصير وأبي العباس الفضل بن
عبد الملك باسناد فيه القسم عنه (ع) واما ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا يكون الجمعة الا لمن أدرك الخطبتين فمحمول على نفي الفضيلة والكمال جمعا
310

بين الأدلة واختلف الأصحاب فيما يتحقق ادراك الركعة فمعظمهم على أنه يتحقق بادراك الامام راكعا في الثانية إليه ذهب الشيخ في الخلاف والمرتضى والفاضلان وجمهور
المتأخرين وذهب المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية وكتابي الحديث إلى أن المعتبر ادراك تكبيرة الركوع في الثانية والأقرب الأول لنا ان الجمعة تدرك بادراك الركعة ويدرك
الركعة بادراك الامام راكعا إما الأول فقد مر بيانه واما الثاني فيدل عليه ما رواه الصدوق عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا أدركت الامام وقد
ركع فكبرت قبل ان يرفع الامام رأسه فقد أدركت الركعة وان رفع رأسه قبل ان تركع فقد فاتتك الركعة ورواه الكليني والشيخ عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم
عنه (ع) بزيادة قوله وركعت بعد قوله فكبرت وما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد في الصحيح ورواه الكليني باسناد اخر عن سليمان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في الرجل
إذا أدرك الامام وهو راكع فكبر الرجل وهو مقيم صلبه ثم ركع قبل ان يرفع الامام رأسه فقد أدرك الركعة وما رواه الصدوق عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله (في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)) قال إذا دخلت المسجد
والامام راكع فظننت انك ان مشيت إليه رفع رأسه قبل ان تدركه فكبر واركع فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف وإذا جلس فاجلس مكانك فإذا قام
فالحق بالصف ورواه الكليني والشيخ عنه باسناد فيه عبد الله بن محمد بن عيسى وهو غير موثق في كتب الرجال عن عبد الرحمن عنه (ع) ورواه الشيخ باسناد صحيح عن عبد الرحمن عنه (ع)
ويؤيده ما رواه الشيخ باسناد فيه ضعف عن معوية بن شريح عن أبي عبد الله (ع) انه إذا جاء الرجل مبادرا والامام راكع اجزائه تكبيرة لدخوله في الصلاة والركوع وعن
جابر الجعفي قال قلت لأبي جعفر (ع) اني أؤم قوما فاركع فيدخل الناس وانا راكع فكم انتظر قال ما أعجب ما تسئل عنه انتظر مثلي ركوعك فان انقطعوا فارفع رأسك وفي
الصحيح عن صفوان عن أبي عثمان عن معلى بن خنيس عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سبقك الامام بركعة فأدركته وقد رفع رأسه فاسجد معه ولا تعتد بها وما رواه الصدوق باسناد
ضعيف عن أبي أسامة انه سأل أبا عبد الله (ع) عن رجل انتهى إلى الامام وهو راكع قال إذا كبر وأقام (صلبه) ثم ركع فقد أدرك وفي الفقيه قال رجل لأبي جعفر (ع) اني امام مسجد الحي
فاركع بهم واسمع خفقان نعالهم وانا راكع فقال اصبر ركوعك ومثل ركوعك فان انقطعوا والا فانتصب قائما احتج الشيخ في كتابي الحديث على القول الثاني بما رواه
عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قال لي ان لم تدرك القوم قبل ان يكبر الامام الركعة فلا يدخل معهم في تلك الركعة وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال لا
تعتد بالركعة التي لم تشهد تكبيرها مع الامام وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال إذا أدركت التكبيرة قبل ان يركع الامام فقد أدركت الصلاة وروى الكليني باسناد
فيه محمد بن إسماعيل الراوي عن الفضل عن محمد بن مسلم قال قال أبو عبد الله (ع) إذا لم تدرك تكبيره الركوع فلا تدخل في تلك الركعة وأول الشيخ بعض الأخبار السابقة بتأويل
بعيد والجواب ان النهي في الرواية الأولى محمول على الكراهة ونفى الاعتداد في الرواية الثانية محمول على نفي الاعتداد بها في الفضيلة ويكون الغرض التحريص على كمال
السعي في عدم التأخير وانما حملنا على ذلك رعاية لقاعده الجميع وابقاء الأخبار الكثيرة على ظاهرها فان هذه الأخبار الأصل فيها
واحد وهو محمد بن مسلم بخلاف الاخبار الأول ومقتضي هذا الوجه في الجمع ان المكلف مخير في الصورة المذكورة بين الدخول معهم في الصلاة وعدمه وان الأولى عدم الدخول
معهم وهذا يجري في غير صلاة الجمعة مما جاز للمكلف الاتيان بها جماعة وفرادى دون الجمعة على القول بوجوب الاتيان بها عينا كما اخترناه وبالجملة الأخبار السابقة
الدالة على وجوب ادراك صلاة الجمعة المتحقق بالدخول معهم في الصلاة في الصورة المذكورة أخص مطلقا من الأخبار المذكورة والخاص مقدم على العام لا يقال يمكن الاستدلال
على القول الثاني بقوله (ع) في صحيحة الحلبي المتقدم إذا أدركت الامام إلى اخر الخبر لأنا نقول يمكن الجمع بينها وبين الأخبار السابقة بوجهين أحدهما العمل بظاهرها وتخصيص
الحكم بالجمعة وإن كانت الركعة في غيرها تدرك بادراك الامام راكعا الثاني أو يحمل قوله وقد ركع على أنه قد رفع رأسه من الركوع والترجيح للثاني صونا للاخبار
الكثيرة المعتضدة بالشهرة عن التأويل ولقرب هذا التأويل على أن ادراك الامام قبل الركوع يشمل ما بعد تكبيرة الركوع فلا يوافق القول الثاني والمعتبر على
هذا القول اجتماعهما في حد الراكع وهل يقدح غير اخذ الامام في الرفع مع عدم مجاوزته حد الراكع فيه وجهان واعتبر المصنف في التذكرة ذكر المأموم قبل رفع الامام
ومستنده غير معلوم ولو كبر وركع ثم شك هل كان الامام راكعا أو رافعا لم يعتد به وصلى الظهر للشك في ادراك الجمعة فيبقى تحت العهدة والاستناد إلى أن الأصل عدم
الرفع فمع كونه ضعيفا معارض بان الأصل عدم الادراك ولو تيقن ان الوقت لا يتسع لأقل الواجب من الخطبتين والركعتين فقيل لم تجب الجمعة وقيل تجب ان أدرك
الخطبتين ومقدار ركعة وذهب المصنف في النهاية إلى وجوب الدخول في الصلاة مع ادراك الخطبتين وتكبيرة الافتتاح والقول الوسط أقرب لعموم قوله (ع)
من أدرك من الصلاة ركعة ولو انفض العدد في الأثناء أتم الجمعة يعني إذا حصل الشروع في الصلاة ثم انفض العدد وجب الاتمام جمعة وان لم يبق الا الامام وهذا
الحكم مشهور بين الأصحاب ذكره الشيخ ومن تأخر عنه قال الشيخ لا نص لأصحابنا فيه والذي يقتضيه مذهبهم انه لا يبطل الجمعة بعد الشروع وحجتهم على ذلك تحريم ابطال العمل
وان القدر الثابت اشتراط صلاة الجمعة بالعدد في الابتداء لا الاستدامة وللعامة ههنا أقوال مختلفة منها اشتراط ان يكون الانفضاض من بعد الاتيان بركعة تامة لقوله
(ع) من أدرك ركعة من الجماعة فليضف إليها أخرى والمصنف في التذكرة نفى عن هذا القول الباس وهو ضعيف إذ لا دلالة في الخبر على المدعى والظاهر أن المعتبر في وجوب
الاتمام حصول التكبير من الامام فلو انفض العدد بعد ذلك لم يقدح ولا يعتبر حصول التكبير من العدد لانسحاب الدليل فيه وهو ظاهر المعتبر وغيره وربما يفهم من
بعض عباراتهم ان المعتبر حصول التلبس من العدد المعتبر ولو انفضوا قبل التلبس بالصلاة سقطت الجمعة سقوطا مراعى بعدم عودهم أو حصول من ينعقد به الجمعة سواء
كان في أثناء الخطبة أو قبلها ولو عادوا بعد انفضاضهم بنى الامام على الخطبة وان طال الفصل على الظاهر لحصول الامتثال بالخطبة وعدم ثبوت اشتراط الموالاة ولو
اتى غيرهم ممن لم يسمع الخطبة فالظاهر وجوب إعادة الخطبة من رأس
ويجب تقديم الخطبتين على الصلاة هذا مشهور بين الأصحاب وقال المصنف في المنتهى لا نعرف فيه مخالفا واستدلوا
فيه إلى فعل النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) والصحابة والتابعين روى أبو مريم عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن خطبة رسول الله صلى الله عليه وآله اقبل الصلاة أو بعد فقال قبل الصلاة ثم يصلى
ويستفاد ذلك من صحيحة عبد الله بن سنان الآتية في المسألة الآتية لكن روى الصدوق في الفقيه مرسلا عن الصادق (ع) أول من قدم الخطبة على الصلاة يوم الجمعة عثمان لأنه
كان إذا صلى لم يقف الناس على خطبته وتفرقوا وقالوا ما نصنع بمواعظه وهو لا يتعظ بها وقد أحدث ما أحدث فلما رأى ذلك قدم الخطبتين على الصلاة
ولعل لفظه الجمعة في هذه الرواية سهو عن الناسخين بدل العيد ويدل على رجحان تقديم الخطبتين صحيحة محمد بن مسلم الآتية في المسألة الآتية ورواية سماعة السابقة عند
تحقيق ما يعتبر في الخطبة وبالجملة لاشك في رجحانه واما الوجوب والاشتراط ففي اثباته اشكال ان لم يكن اجماعيا ويمكن الاستدلال عليه بان اليقين بالبرائة من التكليف
الثابت يتوقف عليه فيكون متعينا وفيه تأمل ويجب تأخيرهما عن الزوال اختلف الأصحاب في وقت الخطبة فذهب المرتضى وابن أبي عقيل وأبو الصلاح إلى أن
وقتهما بعد الزوال فلا يجوز تقديمها عليه واختاره المصنف ونسبه في الذكرى إلى معظم الأصحاب وقال الشيخ في الخلاف يجوز ان يخطب عند وقوف الشمس فإذا زالت صلى الفرض
وقال في النهاية والمبسوط ينبغي للامام إذا قرب من الزوال ان يصعد المنبر ويأخذ في الخطبة بمقدار ما إذا خطب الخطبتين زالت الشمس فان زالت نزل فصلى بالناس واختاره
ابن البراج وذهب ابن حمزة إلى وجوب صعود الامام المنبر بمقدار ما إذا خطب زالت الشمس وان يخطب قبل الزوال والأقرب جواز ايقاع الخطبتين قبل الزوال وهو
311

مختار المحقق ومال إليه الشهيدان لنا ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى الجمعة حين تزول الشمس قدر شراك
ويخطب في الظل الأول فيقول جبرئيل يا محمد قد زالت الشمس فأنزل فصل وجه الاستدلال ان المستفاد من قوله الظل الأول ما كان قبل حدوث الفئ بقرينة قول جبرئيل
يا محمد قد زالت الشمس فأنزل وتحديد الزوال في أول الخبر بقدر شراك بناء على أنه مقدار قليل لا يكاد يحصل العلم اليقيني بالزوال قبل ذلك وقد يقال إن الظل
لا يطلق على الفئ الحادث حقيقة وهو المنقول عن جماعة من أهل اللغة وعلى هذا يقوى الاستدلال لكن ذلك لم يثبت عندي وأجيب عن هذا الدليل بان الأولية أمر
اضافي يختلف باختلاف المضاف إليه فيمكن ان يراد به أول الظل وهو الفئ الحاصل بعد الزوال بغير فصل كما يدل عليه قوله (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يصلى الجمعة
حين تزول الشمس قدر شراك فان ادراكه (ع) بالصلاة بعد زوال الشمس عن دائرة نصف النهار قدر شراك يستدعي وقوع الخطبة أو شئ منها بعد الزوال ويكون
معنى قول جبرئيل (ع) يا محمد قد زالت الشمس فأنزل وصل انها قد زالت قدر الشراك فأنزل وصل وفيه عدول عن الظاهر (وأجاب المصنف) في المختلف بالمنع من دلالة الخبر على صورة النزاع لاحتمال
ان يكون المراد بالظل الأول هو الفئ الزائد على ظل المقياس فإذا انتهى في الزيادة إلى محاذاة الظل الأول وهو ان يصير ظل كل شئ مثله وهو الظل الأول نزل فصلى
بالناس ويصدق عليه ان الشمس قد زالت حينئذ لأنها قد زالت عن الظل الأول وفيه بعد وعدول عن الظاهر جدا مع استلزامه وقوع الجمعة بعد وقتها عند المصنف وصيرورة
ظل كل شئ مثله ولنا الاخبار أيضا الكثيرة الدالة على أن أول (وقت) صلاة الجمعة أول الزوال وهو يقتضي جواز ايقاع الخطبة قبل الزوال وقد مر طرف من تلك الأخبار
عند شرح قول المصنف ووقتها عند زوال الشمس واحتج الشيخ باجماع الفرقة أيضا وهو اعلم بما ادعاه احتج المانعون بقوله تعالى إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله
أوجب السعي بعد النداء الذي هو الاذان فلا يجب قبله وبما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألته عن الجمعة فقا ل اذان وإقامة يخرج الامام بعد الاذان
فيصعد المنبر فيخطب ولا يصلي الناس ما دام الامام على المنبر ثم يقعد الامام على المنبر قدر ما يقرا قل هو الله ثم يقوم فيفتح خطبته ثم ينزل فيصلى بالناس يقرأ بهم في الركعة الأولى
بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين وبان الخطبتين بدل من الركعتين فكما لا يجوز ايقاع المبدل قبل الزوال فكذا البدل وبأنه يستحب صلاة ركعتين عند الزوال وانما يكون
ذلك إذا وقعت الخطبة بعده والجواب عن الأول انه موقوف على عدم جواز الاذان يوم الجمعة قبل الزوال وهو مم لا يقال قد مر سابقا ان عدم جواز ايقاع الاذان قبل
دخول وقت الصلاة اتفاقي بين علماء الاسلام لأنا نقول الخطبتان بمنزلة بعض الصلاة فإذا دخل وقت الخطبتين فكأنه دخل وقت الصلاة وبالجملة القدر المسلم حصول الاتفاق
على عدم جواز الاذان قبل وقت الخطبتين لا وقت الصلاة على أن هذا لازم على المانعين أيضا إذ على قولهم وقت الصلاة بعد الزوال بمقدار الخطبتين فإذا جاز الاذان
في أول الزوال يلزم جوازه قبل دخول وقت الصلاة وبما ذكرناه يعلم الجواب عن الثاني على أن الخبر غير دال على وجوب ما اشتمل عليه بقرينة ذكر مالا خلاف في استحبابه واما
الأخيران فضعفهما ظاهر لا يحتاج إلى الإطالة
ويجب الفصل بين الخطبتين بجلسة خفيفة على المشهور بين الأصحاب واستشكل المصنف في المنتهى وتردد المحقق في المعتبر قال وجه
الوجوب فعل النبي صلى الله عليه وآله وأئمة الجمع بعده ولما روى عن أهل البيت (ع) من طرق أحدهما رواية معاوية بن وهب التي سلفت عن أبي عبد الله (ع) قال يخطب وهو قائم ثم يجلس
بينهما جلسة لا يتكلم فيها ووجه الاستحباب انه فصل بين ذكرين جعل للاستراحة فلا يتحقق فيه معنى الوجوب ولان فعل النبي صلى الله عليه وآله كما يحتمل ان يكون تكليفا يحتمل انه للاستراحة
وليس فيه معنى التعبد ولانا لا نعلم الوجه الذي أوقعه عليه فلا يجب المتابعة انتهى كلامه والكلام في وجوب
الطمأنينة فيه كما في وجوب الجلوس والأولى السكوت
في حال الجلوس لرواية معاوية بن وهب السابقة عند شرح قول المصنف والخطبتان من قيام ويحتمل ان يكون المراد بقوله لا يتكلم فيها النهي عن التكلم بشئ من الخطبة حالة
الجلوس ويستحب ان يكون الجلسة بقدر قرائة قل هو الله أحد لحسنة محمد بن مسلم السابقة في المسألة المتقدمة وذكر المصنف وغيره انه لو عجز عن القيام في الخطبتين فصل بينهما
بسكتة وهو غير بعيد واحتمل في التذكرة الفصل بينهما بالاضطجاع (وهو بعيد) ويجب رفع صوته حتى يسمع العدد المعتبر فصاعدا وتردد فيه المحقق في الشرايع وهو في موقعه ووجهه
أصالة عدم الوجوب وان الغرض من الخطبة لا يحصل بدون الاستماع ويؤيده فعل النبي والأئمة (ع) وتوقف البراءة اليقينية عليه ولو حصل مانع سقط الوجوب واحتمل
بعضهم سقوط الصلاة حينئذ لعدم سقوط التعبد بالصلاة على هذا الوجه وفيه تأمل ولو صليت الجمعة فرادى لم تصح وقدمها يدل عليه سابقا
ولو اتفقت جمعتان
بينهما أقل من فرسخ بطلتا ان اقترنت لامتناع الحكم بصحتهما ولا أولوية لأحدهما فيكون البطلان ثابتا لهما وتجب عليهما الجمعة مجتمعين أو متفرقين بما يجوز معه التعدد ان بقى
الوقت ويتحقق الاقتران باستوائهما في التكبير عند علماؤنا وأكثر العامة والروايات التي هي الأصل في هذا الحكم غير ناهضة باثبات هذا التحديد فاذن التعويل على
الاجماع ان ثبت وهل المعتبر أول التكبير أو اخره أو المجموع فيه أوجه وبالأوسط صرح المصنف في النهاية واعتبر بعض العامة الشروع بالخطبة لقيامها مقام ركعتين وقال بعضهم
يعتبر بالفراغ فان تساويا فيه بطلتا وان سبقت إحديهما بالتسليم صحت دون الأخرى واطلاق كلام الأصحاب وصريح بعضهم يقتضي عدم الفرق بين ما إذا علم كل فريق
بالاحرام لامع حصول العلم بالاقتران بعد الفراغ ويشكل بان الاتيان بالمأمور به ثابت لكل من الفريقين لاستحالة التكليف بالغافل وعدم ثبوت شرطية الوحدة
على هذا الوجه وبالجملة ليس للروايات التي هي مستند الحكم دلالة واضحة على انسحاب الحكم في الصورة المذكورة الا بتكلف بان يقال محصل قوله (ع) ولا يكون بين الجماعتين أقل من ثلاثة
أميال يرجع إلى أنه لا يتحقق بين جماعتين صحيحتين في الجمعة أقل من هذا المقدار وحمل الخبر على ظاهره من معنى النفي أولي من حمله على النهى وعلى هذا يلزم بطلان الجمعتين إذا
كان بينهما أقل من هذا المقدار مطلقا بمقتضى الخبر وعلى هذا لا يبعد ثبوت الاقران بشاهدين عدلين إذ كانا في مكان يسمعان التكبيرين كما صرح به بعض المتأخرين ولا
حاجة إلى اعتبار الامامين في تساوي الاذن من الامام على ما سبق تحقيقه والا اللاحقة لسبق انعقاد الأولى واستجماعها لشرائط الصحة فان مخالفة الوحدة الواجبة
انما نشأت من الفرقة اللاحقة وقال في التذكرة ان صحة السابقة وبطلان اللاحقة مذهب علمائنا أجمع وحينئذ يجب على اللاحقة إعادة الظهر ان لم يدرك الجمعة مع الفرقة
الأولى أو التباعد بما يصح معه التعدد اعتبر الشارح الفاضل في صحة السابقة عدم علم كل من الفريقين بصلاة الأخرى والا لم يصح صلاة كل منهما للنهي عن الانفراد بالصلاة
عن الأخرى المقتضي للفساد ولقائل ان يمنع تعلق النهى بالسابقة فان النهى انما وقع عن التعدد وهو غير حاصل من السابقة فان الشئ انما يستند إلى العلة المستقلة
أو الجزء الأخير منها الذي لا ينفك المعلول عنه وليست السابقة كذلك نعم يمكن ان يعتبر في صحة السابقة العلم بالسبق أو الظن عند تعذر العلم بان يعلم أو يظن انتفاء جمعة
أخرى مقارنه لها أو سابقة عليها إذ مع احتمال السبق وعدمه لا يحصل العلم بامتثال التكليف لا يقال هذا مبني على أن النهى عن الشئ هل يقتضي الاجتناب عما
يشك في كونه فردا له أم لا وعلى الأول صح اعتبار العلم أو الظن المذكور لان النهى انما وقع عن الصلاة اللاحقة والمقارنة فيجب التحرز عما جاز فيه أحد الامرين وعلى الثاني
يكفي في صحة الصلاة عدم العلم بكونها لاحقة أو مقارنة مع أن الراجح الأخيرة لأنا نقول المستند في اعتبار العلم أو الظن المذكور حصول الامر بجمعة لا تكون مقارنة أو لاحقة
فإنه إذا ورد الامر بالجمعة ثم ورد النهي عن الجمعة المقارنة واللاحقة يلزم منه تخصيص الامر المذكور أولا بجمعة لا يكون مقارنة ولا لاحقة وامتثال هذا التكليف يستدعي
العلم أو الظن بانتفاء الوصفين وليس المستند مجرد النهى عن الجمعة المقارنة واللاحقة حتى ينسحب فيه التفصيل المذكور تأمل فان فيه دقة والظاهر أن المستفاد من الاخبار
312

الدالة على وجوب وحدة الجمعة انه متى تحقق جمعتان يجب ان يكون بينهما المسافة المذكورة فالتكليف بوجوب اعتبار المسافة بين الجمعة وجمعة أخرى إذ اعتبار السبق انما يتحقق
إذا حصل العلم بوجود جمعة أخرى كما هو شأن الامر المعلق بالشرط فالمأمور به صلاة جمعة يراعى فيه هذه الشرطية وعلى هذا لا يلزم في امتثال التكليف العلم أو الظن
بانتفاء جمعة أخرى سابقة أو مقارنة نعم يعتبر العلم أو الظن بعدم السبق أو المقارنة أو حصول المسافة عند العلم بحصول جمعة لا مطلقا وبالجملة لا يتضح دلالة الاخبار
على أكثر من ذلك فتدبر وبقى الاشكال في صورة يظن الفريق الأولى حصول جمعة متأخرة مع عدم علم أصحابها بالجمعة المتقدمة وحينئذ فالحكم بصحة السابقة لا يصفو
عن كدر الاشكال ولا يخفى ان ظاهر اطلاقات الأصحاب عدم الفرق في بطلان اللاحقة بين علمهم بسبق الأولى وعدمه ويشكل التعميم بناء على استحاله توجه النهى إلى
الغافل وعدم ثبوت شرطية الوحدة على هذا الوجه ويمكن ان يتكلف في اثباته بمامر في المسألة المتقدمة وكذا تبطل الصلاة المشتبهة وفيه مسئلتان الأولى ان يكون
السابق متحققا لكنه اشتبه سواء علم حصول جمعة سابقة معينة وأشبهت أو علم جمعة سابقة في الجملة ولم يتعين والوجه في وجوب الإعادة في الصورتين وجود
الشك في حصول شرائط الصحة فيبقى المكلف تحت العهدة إلى أن يتحقق الامتثال ويجئي في صورة الظن كل فرقة بعدم سبق الأخرى الاشكال السابق وكذا في صورة
عدم كل فرقة بالجمعة الأخرى واختلف الأصحاب في أن الواجب على الفرقتين صلاة الظهر أو الجمعة فذهب الأكثر إلى أن الواجب عليهم صلاة الظهر لا الجمعة للعلم بوقوع جمعة
صحيحة فلا يشرع جمعة أخرى عقيبها ولما لم تكن متعينة وجبت الظهر عليهما حصول لعدم البراءة بدون ذلك وقال الشيخ في المبسوط يصلون جمعة مع اتساع الوقت لان الحكم
بوجوب الإعادة عليهما يقتضي عدم كون الصلاة الواقعة منهما مقبولة في نظر الشرع واستوجهه بعض المتأخرين بان الامر بصلاة الجمعة عام وسقوطها بهذه الصلاة التي
ليست مبرئة للذمة غير معلوم وتحقيق المقام ان نقول لا يخلوا ما ان يعتبر في امتثال التكليف بصلاة الجمعة العلم أو الظن بعدم حصول جمعة أخرى سابقة أو مقارنة أم لا
وعلى الأول يحتمل وجوب الظهر لأنه لا يمكن الاتيان بالجمعة المكلف بها حينئذ على وجه الامتثال لان الجمعة التي يصح الامتثال بها ما يظن كونها غير لاحقة ولا مقارنة لجمعة
أخرى وهي غير مقدورة في الفرض المذكور فثبت وجوب الظهر ويحتمل راجحا وجوبهما جميعا لان تعين وجوب الظهر انما يكون عند تعذر الاتيان بالجمعة المتصفة
بكونها غير لاحقة ولا مقارنة لاخرى وهو غير معلوم وكذا تعين وجوب الجمعة انما يكون عند التمكن من الاتيان
بالجمعة الموصوفة وهو أيضا غير معلوم فيلزم وجوبهما معا
تحصيلا للبرائة اليقينية وعلى الثاني وهو الاحتمال الراجح كما أشرنا إليه وهو ان لا يعتبر العلم أو الظن المذكور مطلقا بل يعتبر عند حصول العلم بجمعة أخرى صحيحة لفريق اخر الظن
أو العلم بعدم كون هذه الجمعة التي يأتي بها لاحقة ولا مقارنة إذا لم يكن بينهما المسافة المعتبرة فالواجب الجمعة إذ لم يحصل العلم الواحد من الجماعة بحصول جمعة أخرى صحيحة لفريق
اخر لجواز ان يكون الجمعة الصحيحة له دون فرقه أخرى لا يقال كل منهم لا يخلوا عن أحد الامرين الاتيان بالجمعة ثانيا أو الاتيان بالجمعة اللاحقة وكلاهما لا يجوز الاقدام عليه
(لأنا لا نقول لا نسلم عدم جواز الاقدام) الا مع العلم بكونه بأحد الوصفين على الخصوص لا مطلقا فان الاتيان بالجمعة ثانيا انما يحرم عند العلم بالاتيان بالجمعة الصحيحة أولا لا مطلقا وكذا الاتيان بالجمعة اللاحقة
يحرم عند العلم بجمعة سابقة لا مطلقا وعلى القول المشهور لو تباعد الفريقان بالنصاب بان خرج أحدهما من المصر وأعادوا جميعا (الجمعة) لم يصح لامكان كون من سبقت جمعته هم
الذين خرجوا من المصر فلا يصح من المتخلفين الجمعة لسبق جمعة أخرى صحيحة في الناقص عن النصاب إما لو خرجوا منه جميعا وبعدوا بمقدار النصاب تعين عليهم فعل الجمعة مع سعة الوقت
إما مجتمعين أو متباعدين بمقدار النصاب المسألة الثانية ان لا يكون السابق متحققا باشتباه السبق والاقتران وفي عدم جواز الاكتفاء حينئذ مطلق اشكال يعلم وجهه مما سبق
واختلف الأصحاب في حكمها فذهب الشيخ ومن تبعه إلى وجوب إعادة الجمعة مع سعة الوقت لعموم الأوامر المقتضية للوجوب ولأصالة عدم تقدم كل من الجمعتين على الأخرى
وفي الأخير ضعف واضح وذهب المصنف في جملة من كتبه إلى وجوب الجمع بين الفرضين لان الواقع إن كان الاقتران فالفرض الجمعة وإن كان السبق فالظهر فلا يحصل يقين البراءة بدونهما
وفيه انا لا نسلم ان وقوع السبق بدون العلم به يقتضي وجوب الظهر واحتمل في التذكرة وجوب الظهر خاصة لأن الظاهر صحة إحداهما لندور الاقتران جدا فكان جاريا مجرى
المعدوم وللشك في شرط صحة الجمعة وهو عدم سبق أخرى وهو يقتضي الشك في المشروط وفيه انا لا نسلم ان شرط صحة الجمعة عدم سبق أخرى بل يكفي عدم العلم بسبق أخرى في بعض
المواد والأقرب مذهب الشيخ ويعلم وجهه مما حققناه سابقا والمعتق بعضه لا تجب عليه الجمعة وان اتفقت في يومه خلافا للشيخ وقد سبق تحقيق هذه المسألة ويحرم السفر
يوم الجمعة بعد الزوال قبلها اي صلاة الجمعة والظاهر أنه اجماعي بين علمائنا كما نقل المصنف في المنتهى والتذكرة واليه ذهب أكثر العامة والحجة عليه ان ذمته مشتغلة بالفرض والسفر
مستلزم للاخلال به فيكون حراما وهذا مبني على أن الامر بالشئ يستلزم النهى عن ضده الخاص كما هو التحقيق واعترض عليه بأنه على هذا التقدير يلزم من تحريم السفر عدم تحريمه وكل ما
أدي وجوده إلى عدمه فهو باطل إما الملازمة فلانه لا مقتضى لتحريم السفر الا استلزامه لفوات الجمعة كما هو المفروض ومتى حرم السفر لم تسقط الجمعة فلا يحرم السفر لانتفاء
المقتضي واما بطلان اللازم فظاهر ومحصله ان علة تحريم السفر استلزام السفر للفوات وهو (هي) غير ثابت على تقدير كون السفر حراما فحرمة السفر مستلزمة لانتفاء علة حرمته وكل
ما استلزم وجوده انتفاء علة وجوده فهو منتف فيلزم انتفاء الحرمة وهذا الاعتراض مختص بصورة امكان الجمعة في الطريق على القول بتحريم السفر حينئذ ومبنى على اختصاص الترخيص
بالسفر المباح وجوابه انا لا نسلم ان علة حرمة السفر استلزام السفر للفوات ولا ان علتها حصول الفوات في الواقع أو على تقدير السفر بل علة حرمة السفر استلزام جوازه لجواز تفويت
الواجب وجواز تفويت الواجب منتف فيكون ملزومه وهو جواز السفر منتفيا والاستلزام المذكور ثابت سواء كان السفر حراما أو مباحا فحرمة السفر ليست مستلزمة
لانتفاء العلة المقتضية لحرمته هذا ان قلنا إن التحريم شامل لصورة التمكن من إقامة الجمعة في حال السفر لكن الظاهر خلاف ذلك أن لم يثبت الاجماع عليه فلو كان بين يدي
المسافر جمعة أخرى يعلم ادراكها في محل الترخص جاز سفره كما ذهب إليه بعض الأصحاب واختاره المدقق الشيخ علي وذهب جماعة إلى عموم التحريم في الصورتين والاجماع المنقول
سابقا يعم الجميع لنا ان المقتضي تحريم تفويت الجمعة وهو غير لازم في صورة التمكن إذ لا مانع من إقامة الجمعة في السفر فان قلت فعلى هذا يلزم ان يكون الجمعة في السفر
واجبه عليه مع أنه خلاف النصوص قلنا التخصيص لازم في النصوص الدالة على عدم وجوب الجمعة على المسافر بان يختص بمسافر لم يتوجه إليه التكليف قبل السفر بيان ذلك أن هاهنا
حكمان عامان أحدهما ان كل حاضر يجب عليه صلاة الجمعة وثانيهما ان كل مسافر لم يجب عليه صلاة الجمعة والمكلف قبل انشاء السفر داخل في موضوع الحكم الأول ومقتضاه ايجاب
الجمعة عليه سواء أوقعها في حال الحضور أو في حال السفر إذ لا تقيد بشئ منهما فإذا تركها في حال الحضور ثم سافر وجب عليه الاتيان بها في هذه الحالة فالحكم الأول بعمومه اقتضى وجوب
الجمعة عليه في حال السفر على أن يكون القيد قيد للوجوب ومقتضى عموم الحكم الثاني عدم الوجوب عليه في الصورة المذكورة فلابد من ابقاء أحدهما على العموم والتخصيص
في الأخر والترجيح لتعميم الأول للاجماع على وجوب الجمعة على الحاضر مطلقا من غير أن يكون مشروطا بعدم صدق السفر عليه لاحقا على أن ارتكاب التخصيص في الحكم الأول يوجب زيادة
التخصيص في الآية والأخبار العامة فان قلت السفر الموجب للترخيص مختص بالسفر المباح فيرجع مآل الحكم الثاني إلى قولنا كل مسافر بسفر مباح لم يجب عليه الجمعة وحينئذ لو قلنا بان
السفر محرم في الصورة المذكورة لا يلزم تخصيص في شئ من العامين أصلا فتعين القول بذلك لان الأصل عدم التخصيص قلت بعد تسليم اختصاص الترخيص بالسفر المباح ان الاسفار
المحرمة خارجة عن هذا الحكم العام وهو مخصص ويخرج السفر المبحوث عنه عن الحكم بدليل اخر وارتكاب تحريمه لا يوجب بقاء العام على عمومه نعم لو كان مستند القول باختصاص
313

الترخيص بالسفر المباح نص كان لهذا الكلام وجه بان يقال يصير الكلام بانضمام ذلك النص بمنزلة قولنا كل سفر مباح لم يجب فيه الجمعة وحينئذ فالقول بتحريم هذا السفر يوجب
ابقاء هذا العام على عمومه لكنه مندفع عند التدبر إذ هو عند التأمل والتحقيق في قوة اثبات اللغة بالترجيح ومثله في المآل فالتعويل عليه مشكل واستدل المصنف في التذكرة
على تحريم السفر بعد الزوال بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من سافر من دار اقامته يوم الجمعة دعت عليه الملائكة لا يصحب في سفره ولا يعان على حاجته والوعيد لم يلحق المباح
وهو ضعيف لأن الظاهر أن الرواية عامية وحملها على التحريم وتخصيصها بما بعد الزوال ليس أولي من حملها على الكراهة واستدل عليه بعضهم بفحوى قوله تعالى وذروا البيع إذ الظاهر أن
النهى عن البيع انما وقع لمنافاته السعي الواجب كما يشعر به التعليل المستفاد من قوله تعالى ذلكم خير لكم فيكون السفر المنافي كذلك وبما رواه ابن بابويه في الصحيح عن أبي بصير عن أبي
عبد الله (ع) قال إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت في البلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد وإذا حرم السفر بعد الفجر في العيد حرم بعد الزوال في الجمعة بطريق
أولي لان الجمعة اكد من العيد وفي الدليلين ضعف قال الشارح الفاضل ومتى سافر بعد الوجوب كان عاصيا فلا يترخص حتى يفوت الجمعة فيبتدئ السفر من موضع
تحقق الفوات قاله الأصحاب وهو يقتضي عدم ترخص المسافر الذي يفوت بسفره الاشتغال بالواجب من تعلم ونحوه أو يحصل في حالة الإقامة أكثر من حالة السفر لاستلزامه
ترك الواجب المضيق فهو أولي من الجمعة خصوصا مع سعة وقتها ورجاء حصول جمعة أخرى أولا معه واستلزام الحرج وكون أكثر المكلفين لا ينفكون عن وجوب التعلم
فيلزم عدم تقصيرهم أو فوات أغراضهم التي بها نظام النوع غير ضائر والاستبعاد غير مسموع انتهى وهو مبني على أن الامر بالشئ يستلزم النهى عن ضده الخاص وهو لا يقول
به لكنه موافق للتحقيق فما ذكره صحيح كلما كان السفر منافيا للاشتغال بالتعلم الواجب المضيق الا في تحقيق المقدار الذي يجب تعلمه على كل مكلف اشكال وعسر وقد قال
بعض أفاضل الشارحين ليس في الكتاب والسنة ما يدل على وجوب التعلم على الوجه الذي اعتبره المتأخرون بل المستفاد منهما خلاف ذلك كما يرشد إليه تيمم عمار وطهارة
أهل قبا ونحو ذلك وأطال الكلام في هذا الباب وقوى عدم الوجوب والاكتفاء في الاعتقادات الكلامية بإصابة الحق كيف اتفق وان لم يكن عن دليل وقواه بعض الأفاضل
المتأخرين عنه وهو عند التأمل لا يوافق القواعد الصحيحة العدلية على ما أظن وتحقيق هذا المقام يحتاج إلى زيادة تطويل لا يناسب هذا الكتاب فرعان الأول لو كان السفر واجب
كالحج والغزو مع التضيق أو مضطر إليه ارتفع التحريم على اشكال في السفر الواجب الثاني لو كان بعيدا عن الجمعة بفرسخين فما دون فخرج مسافرا في صوب الجمعة قيل يجب عليه الحضور
عينا وان صار في محل الترخص لأنه لولاه لحرم عليه السفر ولان من هذا شانه يجب عليه السعي قبل الزوال فيكون سبب الوجوب سابقا على السفر كما في الاتمام لو خرج بعد الزوال
واحتمل في الذكرى عدم كون هذا المقدار محسوبا من المسافة لوجوب قطعه على كل تقدير ويجري مجرى الملك في أثناء المسافة قال ويلزم من هذا خروج قطعه من السفر عن اسمه بغير موجب
(ع) وقال بعض المتأخرين ولو قيل باختصاص تحريم السفر بما بعد الزوال وان وجوب السعي إلى الجمعة قبله للبعيد انما يثبت مع عدم انشاء المكلف سفر ا مسقطا للوجوب لم يكن
بعيدا من الصواب والظاهر عندي ان انشاء السفر إذا كان قبل زمان تعلق وجوب السعي وهو زمان لا يدرك الجمعة ان اخر السعي سقطت الجمعة والا وجبت عليه وان صدق اسم
المسافر ووجهه يعلم مما حققناه سابقا ويحرم الاذان الثاني اختلف الأصحاب في الاذان الثاني فذهب الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر إلى أنه مكروه وذهب ابن إدريس وجمهور
المتأخرين إلى أنه محرم احتج القائلون بالتحريم بان الاتفاق واقع على أن النبي صلى الله عليه وآله لم يفعله ولا أمر بفعله وإذا لم يثبت مشروعيته كان بدعة كالاذان للنافلة والمروى ان أول من
فعل ذلك عثمان قال الشافعي ما فعله النبي وأبو بكر وعمر أحب إلي وقيل أول من فعل ذلك معاوية وهو متجه ان قصد به كونه عبادة على هذا الوجه واحتجوا أيضا بما رواه الشيخ
عن حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه قال الاذان الثالث يوم الجمعة بدعة وسمى ثالثا لأنه ثالث بالنسبة إلى الأذان والإقامة الموظفين شرعا وردها المحقق باستضعاف
السند قال في الذكرى ولا حاجة إلى الطعن في السند مع قبول الرواية التأويل وتلقى الأصحاب لها بالقبول بل الحق ان لفظ البدعة ليس بصريح في التحريم فان المراد
بالبدعة ما لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وآله ثم تجدد بعده وهو ينقسم إلى محرم ومكروه ويرد عليه ان الظاهر من البدعة التحريم وقد روى الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل في الصحيح
عن الصادقين (ع) الا وان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار نعم يمكن ان يقال يحتمل ان يكون المراد بالاذان الثالث الاذان للعصر فدلالة الرواية
على المدعا غير واضحة واختلف كلامهم في تفسير الاذان الثاني فقيل ما وقع ثانيا بالزمان بعد اذان اخر واقع في الوقت من مؤذن واحدا وقاصد كونه ثانيا سواء
كان بين يدي الخطيب أو على المنارة أو غيرهما وقيل ما وقع ثانيا بالزمان والقصد لان الواقع أولا هو المأمور به والمحكوم بصحته فيكون التحريم متوجها إلى الثاني وقيل إنه
ما لم يكن بين يدي الخطيب لأنه الثاني باعتبار الاحداث سواء وقع أولا أو ثانيا بالزمان لما رواه الشيخ عن عبد الله بن ميمون عن جعفر عن أبيه (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا خرج إلى الجمعة قعد على المنبر حتى يفرغ المؤذنون والرواية ضعيفة السند معارضة بما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألته عن الجمعة فقال
اذان وإقامة يخرج الامام بعد الاذان فيصعد المنبر الحديث وهو صريح في استحباب الاذان قبل صعود الامام المنبر فيكون المحدث غيره وقال ابن إدريس الاذان الثاني ما يفعل
بعد نزول الامام مضافا إلى الاذان الذي عند الزوال
ويحرم البيع وشبهه من العقود والايقاعات بعد الزوال أجمع العلماء كافة على تحريم البيع بعد الاذان للجمعة نقل
الاجماع عليه المصنف في المنتهى والتذكرة ويدل عليه قوله تعالى وذروا البيع لأنه في قوة ان يقال اتركوا البيع بعد النداء فيكون البيع حراما واما الاستدلال عليه بقوله تعالى
فاسعوا بناء على أن الفورية يستفاد من ترتب الجزاء على الشرط أو على أن قوله تعالى وذروا البيع قرينة على إرادة الفور من الامر بالسعي وإذا كان الامر بالسعي للفور كان البيع
شرعا لمنافاته للسعي والامر بالشئ يستلزم النهي عن ضده فمع ما فيه من مخالفة المشهور من عدم وجوب السعي فورا بل يتضيق بتضيق وقت الصلاة فلا يصلح للقائلين بالتوسعة
الاستناد إليه وضعف الابتناء الثاني لا يفيد عموم الدعوى بل يختص بصورة المنافاة ثم لا يخفى ان المذكور في عبارات الأصحاب تحريم البيع بعد الاذان حتى أن المصنف
في المنتهى والنهاية نقل اجماع الأصحاب على عدم تحريم البيع قبل النداء ولو كان بعد الزوال قال في المنتهى لا نعرف خلافا بين أهل العلم في مشروعية الاذان عقيب حضور الامام إلى قوله
وهو الاذان الأول الذي يحرم به البيع ويتعلق به وجوب السعي وينبغي فعله مع اذان المؤذنين في المنارة وقال أيضا وإذا صعد الخطيب المنبر ثم اذن المؤذن حرم وهو مذهب
علماء الأمصار إلى قوله ولا يحرم بزوال الشمس ذهب إليه علماؤنا أجمع بل يكون مكروها ونسبه إلى جماعة من التابعين وأكثر أهل العلم ونسب إلى مالك واحمد تحريم البيع بعد الزوال
فما اختاره في هذا الكتاب من إناطة التحريم بالزوال واختاره الشارح الفاضل محل تأمل بقى الكلام في تحقيق ما يشبه البيع من سائر العقود والايقاعات ولعل المشهور عدم التحريم
قال المحقق في المعتبر الأشبه بالمذهب لا واستشكله المصنف في جمله من كتبه فتوقف في بعضها وذهب في بعضها إلى التحريم ووافقه جماعة من الأصحاب منهم الشهيد نظرا إلى المشاركة
في العلة المؤمى إليها بقوله ذلكم خير لكم وهو ضعيف وربما يحتج عليه (إليه) بفورية السعي ومنافاته لمطلق المعاوضة وأنت خبير بما فيه قال في الذكرى ولو حملنا البيع على المعاوضة
المطلقة التي هي معناه الأصلي كان المستفاد من الآية تحريم غيره ويمكن تعليل التحريم بان الامر بالشئ يستلزم النهي عن ضده ولا ريب ان السعي مأمور به فيتحقق النهي عن
كل ما ينافيه من بيع وغيره ويرد عليه على الأول ان مطلق المعاوضة غير المعنى المتبادر من البيع عرفا وشرعا سلمنا التساوي لكن تعيين كون المراد مطلق المعاوضة يحتاج
إلى دليل مع أن الأصل عدم التحريم وعلى الثاني انه مخالف لما ذهب ألية في مواضع من كتابه من عدم كون الامر بالشئ مقتضيا للنهي عن ضده الخاص ولا يثبت به (عله لها) دعوى
314

لاختصاصه بالمنافي وهل الشراء مثل البيع في التحريم ظاهر الأصحاب ذلك ولعل المراد بالبيع المذكور في الآية أعم من الشراء وإن كان للمناقشة فيه مجال ولو كان أحد
المتعاقدين ممن لا يجب عليه السعي ففي التحريم عليه خلاف فذهب جماعة من المتأخرين إلى التحريم (وذهب
المحقق إلى عدم تحريم) وفاقا للشيخ فإنه كرهه ولم يحرمه استنادا إلى الأصل حجة الأول انه معاونة
على المحرم وقد نهى الله تعالى عنها بقوله عز وجل ولا تعاونوا على الاثم والعدوان وهو لا يفيد عموم (الدعوى) إذ قد لا يكون معاونة كما إذا وقع الايجاب من غير أن يكون للمشترى
مدخلا فيه فقيل لا يقال لو لم يتحقق البيع فلا يتصف بالتحريم فلفعل المشتري مدخل في حصول الحرام لأنا نقول في تأثير الفعل في اتصاف فعل الغير بالتحريم مما لاوجه له فالظاهر تحريم
الايجاب وان لم يتحقق القبول نعم لا يبعد اعتبار الظن بالقبول أو عدم الظن بعدم القبول وينعقد البيع وشبهه لو تحقق بعد الزوال وان اثم بفعل عند المصنف
وجمهور المتأخرين ونقله الشيخ عن بعض الأصحاب وذهب جماعة من الأصحاب منهم ابن الجنيد والشيخ في المبسوط والخلاف إلى عدم الانعقاد ومال إليه بعض أفاضل الشارحين والأول أقرب
لما تحقق في الأصول من أنه لا منافاة بين التحريم وترتب الأثر ولهذا لم يتناقض النهي مع التصريح بترتب اثره عليه ويضاف ذلك إلى عموم ما دل على ترتب الأثر نحو
قوله تعالى الا ان يكون تجارة عن تراض منكم وقوله (ع) البايعان بالخيار ما لم يفترقا إلى غير ذلك من الاخبار حتى يتم المطلوب احتج الشيخ بان النهى في المعاملات يقتضي الفساد
وجوابه منع ذلك كما حقق في الأصول واحتج بعض الشارحين بأنه لم يثبت كون العقد المحرم سببا للانتقال إذ لا يمكن الاستدلال لقوله تعالى وأحل الله البيع ولا بالاجماع
في محل الخلاف وجوابه واضح مما أسلفنا ويكره السفر بعد الفجر وهذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب وأكثر العامة على ما ذكره المصنف في التذكرة وذكر انه لا يكره السفر ليلة الجمعة
اجماعا ولعل الحجة في هذا الباب مضافا إلى الاتفاق اطلاق النهى عنه في الخبر النبوي السالف ذكره في مسألة تحريم السفر بعد الزوال ولما فيه من حرمان نفسه من
أكمل الفرضين
وفي وجوب الاصغاء والطهارة في الخطبتين وتحريم الكلام قولان مراده بالاصغاء الاستماع سواء كان المصغى مع ذلك متكلما أم لا ولهذا جمع بينه وبين
تحريم الكلام وفي القاموس ان الاصغاء الاستماع مع ترك الكلام فيكون ذكره مغنيا غير ذكره واختلف الأصحاب في وجوب الانصات فذهب الأكثر إلى الوجوب وذهب
الشيخ في المبسوط والمحقق في المعتبر إلى أنه مستحب حجة الأول ان فائدة الخطبة انما يتم به وفيه منع واضح لمنع كون الفائدة منحصرة في استماع كل منهم جميع الخطبة ولو قصد بهذا الاستدلال
على وجوب اصغاء الزائد على العدد كان اخفى دلالة قال الشارح الفاضل ووجوب الاصغاء غير مختص بالعدد لعدم الأولوية نعم سماع العدد شرط في الصحة وفيه تأمل لجواز
حصول الواجب بسماع العدد كفاية وعلى تقدير وجوب سماع الزائد على العدد هل يجب الاسماع على الخطيب فيه نظر من حيث توقفه على الاسماع واشتراط الوجوب
بامكان السماع ولعله أوجه وعلى تقدير وجوب السماع يجب ان يقرب البعيد ويجلس بعضهم بجنب بعض تحصيلا للسماع الواجب بقدر الامكان حجة الشيخ ومن وافقه الأصل السالم
عن المعارض وهو متجه واختلفوا أيضا في اشتراط طهارة الخطيب من الحدث وقت ايراد الخطبتين فقال الشيخ في المبسوط والخلاف بالاشتراط ومنعه ابن إدريس والفاضلان حجة الأول
وجوه الأول انه أحوط إذ مع الطهارة تبرء الذمة بيقين وبدونها لا يحصل يقين البراءة الثاني التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله الثالث ما رواه الشيخ في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
قال وانما جعلت الجمعة ركعتين من أجل الخطبتين فهي صلاة حتى ينزل الامام والاتحاد غير متحقق فيجب حمل الكلام على المساواة في جميع الأحكام ولكونها أقرب المجازات إلى
الحقيقة وبهذا التقرير يندفع ما يقال اثبات المماثلة بين شيئين لا يقتضي ان يكون من جميع الوجوه كما تقرر في مسألة ان نفي المساواة لا يفيد العموم والجواب عن الأول منع
كون الاحتياط دليلا شرعيا بل الحكم بالوجوب من غير دليل دال عليه ينافي الاحتياط وعن الثاني ان فعل النبي صلى الله عليه وآله أعم من الواجب والتأسي انما يجب فيما يعلم كونه من على جهة الوجوب
وعن الثالث ان المتبادر بقرائن المقام انه كالصلاة في وجوب الاتيان بها أو الثواب أو غير ذلك مما يقرب منه سلمنا لكن لا يمكن حملها على المماثلة من جميع الجهات الا بارتكاب
التخصيص فيها وليس الحمل عليه أقرب من الحمل على ما ذكرنا وبالجملة دلالة الرواية على ما ذكر غير واضح فلا معدل عن الأصل والاحتياط واضح والمستفاد من الدلائل المذكورة
والمساواة بين الحدث والخبث في الحكم المذكور وبه صرح الشهيد في البيان وفي الذكرى والدروس خص الحكم بالحدث ولعل الأقوال في المسألة ثلاثة ومقتضى الدليل السابق
وجوبها على المأموم أيضا وقال الشارح الفاضل لم اقف على قائل بوجوبها على المأموم واختلف الأصحاب في تحريم الكلام فذهب الأكثر إلى التحريم فمنهم من عمم حكم التحريم بالنسبة إلى المستمعين
والخطيب ومنهم من خصه بالمستمعين ونقل عن الشيخ الثقة الجليل أحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي أنه قال في جامعه إذا قام الامام يخطب فقد وجب على الناس الصمت وذهب الشيخ
في المبسوط وموضع من الخلاف والمحقق في المعتبر إلى الكراهية وهو أقرب للأصل وضعف المعارض ويؤيده ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا خطب الامام
يوم الجمعة فلا ينبغي لاحد ان يتكلم حتى يفرغ من خطبته فإذا فرغ تكلم ما بينه وبين ان يقام الصلاة فان سمع القراءة أو لم يسمع أجزأه فان الظاهر من قوله (ع) لا ينبغي الكراهية ويؤيده
ما رواه العامة عن انس قال بينا رسول الله صلى الله عليه وآله يخطب يوم الجمعة إذ قام إليه رجل فقال يا رسول الله هلكت (الكراع) الشاة فادع الله إن يسقينا وذكر الحديث قال ثم دخل رجل
من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه وآله قائم يخطب فاستقبله قائما فقال يا رسول الله هلكت الأموال وانقطعت السيل فادع الله يرفعها عنا وروى أن رجلا
قام إلى النبي صلى الله عليه وآله وهو يخطب فقال يا رسول الله متى الساعة فاعرض عنه وأومأ الناس إليه بالسكوت فلم يقبل فأعاد فلما كان في الثالثة قال له النبي صلى الله عليه وآله ويحك ماذا
أعددت لها قال أحب الله ورسوله فقال إنك مع من أحببت حجة القول بالتحريم صحيحة ابن سنان السابقة وقد عرفت الجواب عنه ومن المتأخرين من صرح بعموم التحريم
ومن القائلين بالتحريم من صرح بانتفاء التحريم بالنسبة إلى البعيد الذي لا يسمع والأصم لعدم الفائدة ولم أجد تصريحا من القائلين بالتحريم ببطلان الصلاة أو الخطبة بالكلام
والظاهر تحريم الكلام أو كراهته فيما بين الخطبتين ولا يحرم بعد الفراغ من الخطبتين ولا قبل الشروع فيهما عند علمائنا والممنوع من سجود الركعة الأولى على الأرض وما يقوم
مقامها لكثرة الزحام ونحوه لا يجوز له ان يسجد على ظهر غيره أو رجله اجماعا منا على ما حكاه جماعة من الأصحاب بل ينتظر حتى يتمكن من السجود ويسجد ويلحق قبل الركوع ويفتقر
ذلك للحاجة والضرورة فان تعذر ادراكه قبل الركوع لم يلحق وظاهر كلام المصنف هنا انه لا يلحق إذا أمكن ادراكه راكعا وهو خلاف ما صرح به المصنف وغيره فإنهم قالوا إنه يلحق
فيقوم منتصبا مطمئنا يسيرا بغير قرائة ثم يركع ويسجد معه في الثانية في صورة التعذر المذكور وينوى بهما اي بالسجدتين انهما للركعة الأولى لأنه لم يسجد لها بعد ثم يتم الصلاة
بعد تسليم الامام وقال في المعتبر وهذا متفق عليه وفي المنتهى انه مذهب علمائنا أجمع ولو نوى بهما للركعة الثانية بطلت صلاته على المشهور ذهب إليه الشيخ في النهاية واختاره أكثر
المتأخرين وقال الشيخ في المبسوط ان لم ينو انهما للأولى لم يعتد بهما ويستأنف سجدتين للركعة الأولى ثم
استأنف بعد ذلك ركعة أخرى وقد تمت جمعته قال وقد روى أنه يبطل صلاته
ونحوه قال في الخلاف على ما نقل عنه وهو المحكي عن السيد المرتضى ومال إليه الشهيد في الذكرى حجة الأول ان المكلف مع نية انهما للثانية لم يأت بالمأمور به على وجهه لان المأمور به
اتيان ركعة كاملة ولم يأت بها فيبقى في عهدة التكليف وحينئذ إما ان يجب عليه إعادة السجدتين أو استيناف الصلاة لان المخرج عن العهدة أحدهما والأول باطل لان الزيادة في
الركن مبطلة للأخبار الدالة على أن الزيادة في الصلاة مبطلة فتعين الثاني وفيه نظر لأنه موقوف على اثبات ان نية كونهما للأولى شرط في الصحة وليس عليه دليل واضح ولقائل
أن يقول الواجب على المكلف في الصورة المذكورة إعادة السجدتين أو استيناف الصلاة إذ لا قائل بغيرهما وحيث ثبت بطلان الأول تعين الثاني لكنه متوقف على ثبوت عدم
القائل بالواسطة وهو غير واضح حجة الثاني الاجماع على ما حكاه الشيخ في الخلاف وما رواه الشيخ وابن بابويه باسناد ضعيف عن حفص بن غياث قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في رجل
315

أدرك الجمعة وقد ازدحم الناس وكبر مع الامام وركع ولم يقدر على السجود وقام الامام والناس في الركعة الثانية وقام هذا معهم (فركع) الامام ولم يقدر هو على الركوع في الركعة
الثانية من الزحام وقدر على السجود كيف يصنع فقال أبو عبد الله (ع) إما الركعة الأولى فهي إلى عند الركوع تامة فلما لم يسجد لها حتى دخل في الركعة الثانية لم يكن له ذلك فلما سجد في
الثانية فإن كان نوى ان هذه السجدة هي للركعة الأولى فقد تمت له الركعة الأولى فإذا سلم الامام قام فصلى ركعة يسجد فيها ثم يتشهد فيسلم وإن كان لم ينو ان يكون تلك
السجدة للركعة الأولى لم يخبر عنه للأولى ولا الثانية وعليه ان يسجد سجدتين وينوى انهما للركعة الأولى وعليه بعد ذلك ركعة ثانية يسجد فيها وفيه نظر لعدم ثبوت الاجماع
وضعف سند الرواية وعدم صراحة دلالتها على المدعا لأنها يجوزان يكون قوله (ع) وعليه ان يجسد سجدتين إلى اخرها كلاما مستأنفا مؤكدا ما تقدم لا ان يكون معطوفا
على جواب الشرط ويكون محصله انه ليس له ان ينوى انهما للثانية فان نواهما لها لم تسلم له الأولى ولا الثانية بل الواجب عليه ان يسجد سجدتين ينوى بهما للأولى لابعد السجدتين
اللتين فعلهما للثانية قال الشهيد في الذكرى ليس يبعد العمل بهذه الرواية لاشتهارها بين الأصحاب وعدم وجود ما ينافيها وزيادة السجود مغتفرة في المأموم كما لو سجد
قبل امامه وهذا التخصيص يخرج الروايات الدالة على الأبطال عن الدلالة واما ضعف الراوي فلا (يضر) مع الاشتهار على أن الشيخ قال في الفهرست ان كتاب حفص
يعتمد عليه انتهى وفيه تأمل والمسألة عندي محل اشكال وتردد فروع الأول لو أهمل فلم ينو بهما الأولى ولا الثانية ففيه قولان أحدهما الصحة ذهب (إليه) جماعة من الأصحاب
منهم ابن إدريس والشيخ علي والشارح الفاضل والثاني البطلان واختاره المصنف حجة الأول ان الاطلاق محمول على ما في ذمته فإنه لا يجب لكل فعل من أفعال الصلاة
نية وانما يعتبر للمجموع النية في أولها وحجة الثاني انه مقتد بالامام وصلاته تابعة لصلوته فيلحقه حكمه ويصرف فعله إليه وهو ضعيف نعم يدل عليه ظاهر رواية
حفص السابقة ولعل الأول أقرب لضعف الرواية به وكون الحكم بالبطلان وايجاب الظهر يحتاج إلى دليل لان ايجاب الظهر معلق على فوات الجمعة ولم يثبت الثاني
لو سجد ولحق الامام راكعا في الثانية تابعه وادركها ولو لحقه رافعا ففي المسألة أقوال ثلاثة الأول وجوب الانفراد حذرا من مخالفة الامام في الافعال لتعذر
المتابعة الثاني وجوب المتابعة وحذف الزايد كمن تقدم الامام سهوا في ركوع أو سجود الثالث التخيير بين ان يجلس حتى يسجد الامام ويسلم ثم ينهض إلى الثانية وبين
ان يعدل إلى الانفراد والمسألة محل تردد الثالث لو تابع الامام في ركوع الثانية والحال ما ذكر من فوات السجود الأولى قبل الاتيان به فالظاهر بطلان صلاته
بناء على أن زيادة الركن مبطلة وخالف فيه بعض العامة الرابع لو لم يتمكن من السجود في ثانية الامام أيضا حتى قعد الامام للتشهد ففي فوات الجمعة وعدمه وجهان
من عدم ادراك الركعة التامة حقيقة وادراكها حكما ولعل الأقرب العدم لان الجماعة والعدد شرط لصحة الجمعة ابتداء لا استدامة كما مر هذا إذا اتى بالسجود قبل تسليم
الامام إما لو اتى به بعده فقد قال في المنتهى الوجه ههنا فوات الجمعة قولا واحد لان ما يفعله بعد التسليم لم يكن في حكم صلاة الامام وفيه نظر لمنع اشتراط الجماعة في صحة الجمعة
الا في الابتداء وعلى ان قلنا بفوات الجمعة فهل يعدل بنية الظهر أو يستأنف فيه وجهان وقرب المصنف الثاني ووجه بان كلا منهما صلاة منفردة عن الأخرى في الشرائط
والاحكام والأصل عدم جواز العدول بالنية من فرض إلى اخر لقوله (ع) وانما لكل (امرئ) لما نوى وان النية انما يعتبر في أول العبادة لقوله (ع) انما الأعمال بالنيات ويوجه الأول بان
الجمعة ظهر مقصورة فإذا جاز العدول من السابقة المغايرة فههنا أولي وفي التوجيهين نظر وفي المسألة اشكال الخامس لو زوحم عن الركوع والسجود في الأولى صبر حتى يتمكن منهما
ثم يلحق لما رواه ابن بابويه عن عبد الله بن الرحمن الحجاج في الصحيح عن أبي الحسن (ع) في رجل صلى في جماعة يوم الجمعة فلما ركع الامام ألجأه الناس إلى جدار أو أسطوانة
فلم يقدر على أن يركع ولا ان يسجد حتى يرفع القوم رؤوسهم أيركع ثم يسجد ثم يقوم في الصف قال لا باس بذلك ورواه الشيخ عن عبد الرحمن باسناد فيه مشترك وفي
المتن اختلاف ولو زوحم عن ركوع الأولى صبر حتى يلحق الامام في ركوع الثانية وتمت جمعة ويأتي بالثانية بعد تسليم الامام ولو أدركه حينئذ بعد الرفع من الأخيرة ففي
ادراك الجمعة وعدمه قولان فذهب المحقق في المعتبر إلى الثاني وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في الذكرى والشيخ علي إلى الأول استنادا إلى عموم الرواية المذكورة
وهو ضعيف لان ظاهر الرواية اختصاصها بفوات الركوع والسجود في الركعة الأولى كما يعلم بعد التدبر فيها ولاوجه للاستناد إليها نعم يمكن تقريبه بما أشرنا إليه من أن الجماعة
شرط في الابتداء لافي الاستدامة فعموم ما دل على وجوب الجمعة وتعينها سالم عن المعارض ههنا
ويستحب ان يكون الخطيب بليغا جامعا بين الفصاحة
التي هي عبارة عن خلوص الكلام من ضعف التأليف وتنافر الكلمات والتعقيد وعن كونها غريبة وحشية وبين القدرة على تأليف الكلام المطابق لمقتضى الحال من غير املال
ولا خلال وانما استحب ذلك ليكون كلامه وقع في القلوب فيحصل الأثر المطلوب من الخطبة على أبلغ وجه مواظبا على الفرائض وأداء الصلوات في أوقاتها الفاضلة محافظا
عليها مجانبا عن المنهيات ليكون لوعظه محل في النفوس وتأثير في القلوب والمباكرة إلى المسجد للامام وغيره لما رواه الكليني والشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح قال قال أبو عبد الله (ع)
فضل الجمعة على غيرها من الأيام وان الجنان لتزخرف وتزين يوم الجمعة لمن اتاها وانكم تتسابقون إلى الجنة على قدر سبقكم إلى الجمعة وان أبواب السماء لتفتح لصعود اعمال
العباد وعن جابر ين يزيد عن أبي جعفر (ع) قال قلت له قول الله عز وجل فاسعوا إلى ذكر الله قال قال اعملوا وعجلوا فإنه يوم مضيق على المسلمين فيه وثواب اعمال المسلمين
فيه على قدر ما ضيق عليهم والحسنة والسيئة يضاعف فيه قال وقال أبو جعفر (ع) والله لقد بلغني ان أصحاب النبي صلى الله عليه وآله كانوا يتجهزون للجمعة يوم الخميس لأنه يوم مضيق على
المسلمين وعن جابر قال كان أبو جعفر (ع) يبكر إلى المسجد يوم الجمعة حين تكون الشمس قدر رمح فإذا كان شهر رمضان يكون قبل ذلك وكان يقول إن لجمع شهر رمضان
على ساير الشهور فضلا كفضل رمضان على ساير الشهور ويستحب ان يكون المباكرة بعد حلق الرأس كذا ذكره جماعة من الأصحاب ولم اطلع فيه على اثر وعلله المحقق في المعتبر بأنه
يوم اجتماع بالناس فيجتنب فيه ما ينفر وفيه ضعف وقص الأظفار والشارب لروايات كثيرة منها ما رواه الشيخ باسناد معتبر عن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع)
قال اخذ الشارب والأظفار من الجمعة إلى الجمعة أمان من الجذام وفي رواية أخرى له عنه (ع) اخذ الشارب والأظفار وغسل الرأس بالخطمي يوم الجمعة ينفي الفقر ويزيد
في الرزق ومنها ما رواه الكليني والشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال من اخذ شاربه وقلم من أظفاره وغسل رأسه بالخطمي يوم الجمعة كان كمن أعتق نسمه وروى
الشيخ عن عبد الرحيم القصير عن أبي جعفر (ع) قال من اخذ من أظفاره وشاربه كل جمعة وقال حين يأخذه بسم الله وبالله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وآله لم يسقط منه قلامة ولاجزائرة
الا كتب الله له بها عتق نسمة ولم يمرض الا مرضه الذي يموت فيه وعن محمد بن العلا عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول من اخذ من شاربه وقلم أظفاره يوم الجمعة ثم قال بسم الله على
سنة محمد وآل محمد كتب الله (له) بكل شعرة وكل قلامة عتق رقبة ولم يمرض مرضا يصيبه الا مرض الموت وعن عبد الله بن هلال قال قال لي أبو عبد الله (ع) خذ من شاربك وأظفارك
كل جمعة وان لم يكن فيها شئ فحكها فلا يصيبك جذام ولا برص ولا جنون وعن ابن أبي يعفور قال قلت له جعلت فداك انه ما استنزل الرزق بشئ يعدل التعقيب بين
طلوع الفجر إلى طلوع الشمس قال لي أجل ولكني أخبرك بخير من ذلك اخذ الشارب وتقليم الأظفار يوم الجمعة والسكينة والتطيب ولبس افخر الثياب لما رواه الكليني
عن هشام بن الحكم قال قال أبو عبد الله (ع) ليتزين أحدكم يوم الجمعة يغتسل ويطيب ويسرح لحيته ويلبس أنظف ثيابه وليتهيأ للجمعة وليكن عليه في ذلك اليوم السكينة
والوقار ليحسن عبادة ربه وليفعل الخير ما استطاع فان الله تعالى يطلع إلى الأرض ليضاعف الحسنات وروى الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قال لي أبو جعفر (ع)
316

لا تدع غسل يوم الجمعة فإنه سنة وشم الطيب والبس صالح ثيابك وليكن فراغك من الغسل قبل الزوال فإذا زالت فقم وعليك السكينة والوقار وروى ابن بابويه في الفقيه
عن الرضا (ع) أنه قال ينبغي للرجل ان لا يدع ان يمس شيئا من الطيب في كل يوم فإن لم يقدر ففي كل جمعة لا يدع ذلك وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم الجمعة ولا يصيب طيبا
(قال) دعا بثوب مصبوغ بزعفران فرش عليه الماء ثم مسحه بيده ثم مسح به وجهه وروى الشيخ عن ابن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في قول الله تعالى خذوا زينتكم عند كل
مسجد في العيدين والجمعة والتعمم شاتيا كان أو قائظا والرداء والاعتماد مستنده ما رواه الشيخ عن عمر بن يزيد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كانوا سبعة يوم الجمعة فليصلوا
في جماعة وليلبس البرد والعمامة وليتوكأ على قوس أو (عصاء) وليقعد قعدة بين الخطبتين ويجهر بالقراءة ويقنت في الركعة الأولى منهما قبل الركوع وما رواه عن سماعة في
الموثق وقد سبقت عند تحقيق ما يعتبر في الخطبة والسلام أولا عند أكثر الأصحاب استنادا إلى ما رواه الشيخ عن عمر بن جميع يرفعه عن علي (ع) أنه قال من السنة إذا صعد الامام المنبر
ان يسلم إذا استقبل الناس قال في الذكرى وعليه عمل (الناس) وخالف فيه الشيخ في الخلاف فنفى استحبابه استنادا إلى الأصل وفقد الدليل على ايجاب التسليم أو استحبابه وكانه
نظر إلى ضعف سند الرواية وينبغي التنبيه على أمور الأول يستحب الجهر في صلاة الجمعة والظاهر أنه مجمع عليه بين الأصحاب بل قال المحقق في المعتبر انه لا يختلف فيه أهل العلم
ويدل عليه ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الصلاة في السفر قال يصنعون كما يصنعون في الظهر ولا يجهر الامام فيها بالقراءة وانما
يجهر إذا كانت خطبة ونحوه روى في الصحيح عن ابن أبي عمير عن جميل عن أبي عبد الله (ع) ويدل عليه أيضا صحيحة عمر بن يزيد السابقة عن قريب وقول أبي جعفر عليه السلام
في صحيحة زرارة المنقولة في الفقيه والقراءة فيها بالجهر وصحيحة عبد الرحمن العزرمي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدركت الامام يوم الجمعة وقد سبقك بركعة فأضف إليها
ركعة أخرى واجهر فيها فان أدركته وهو يتشهد فصل أربعا ويدل على عدم الوجوب والأصل مضافا إلى الشهرة بين الأصحاب والروايات المذكورة غير ناهضة باثبات
الوجوب سيما إذا (كان) لم يظهر قائل بالوجوب من الأصحاب ويؤيده صحيحة علي بن جعفر السابقة في مبحث الجهر والاخفات قال المصنف في المنتهى أجمع كل من يحفظ عنه العلم على أنه يجهر
بالقراءة في صلاة الجمعة ولم اقف على قول للأصحاب في الوجوب وعدمه والأصل عدمه الثاني المشهور بين الأصحاب استحباب الجهر بالظهر يوم الجمعة وقال ابن بابويه بعد نقل صحيحة
عمران الآتية الدالة عليه وهذه رخصة الاخذ بها جائز والأصل انه انما يجهر فيما إذا كانت خطبة فإذا صلاها الانسان وحده فهي كصلاة الظهر في ساير الأيام يخفى فيها
القراءة وكذلك في السفر من صلى الجمعة جماعة بغير خطبة جهر بالقراءة وان أنكر ذلك عليه وكذلك إذا صلى ركعتين بخطبة في السفر جهر فيها وقال ابن إدريس يستحب الجهر بالظهر
ان صليت جماعة لا انفرادا ونقل المحقق في المعتبر عن بعض الأصحاب المنع من الجهر بالظهر مطلقا وقال إن ذلك أشبه بالمذهب والأول أقرب لما رواه الشيخ وابن بابويه عن عمران
الحلبي في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله (ع) وسئل عن الرجل يصلي الجمعة أربع ركعات أيجهر فيها بالقراءة فقال نعم والقنوت في الثانية وما رواه الكليني والشيخ عنه عن الحلبي
في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القراءة في الجمعة إذا صليت وحدي أربعا اجهر بالقراءة فقال نعم ويدل على نفى القول الأخير ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم
في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قال لنا صلوا في السفر صلاة الجمعة جماعة بغير خطبة واجهروا بالقراءة فقلت انه ينكر علينا الجهر بها في السفر فقال اجهروا بها ويؤكد نفي
القولين الأخيرين ما رواه الشيخ باسناد صحيح عن فضالة عن الحسين بن عبد الله الإرجاني وهو غير موثق في كتب الرجال عن محمد بن مروان المشترك بين الثقة وغيره قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن صلاة الظهر يوم الجمعة كيف نصليها في السفر فقال تصلها في السفر ركعتين والقراءة فيها جهرا احتج المحقق بصحيحة جميل وصحيحة محمد بن مسلم السابقة في المسألة
المتقدمة وأجاب عنهما الشيخ في كتابي الحديث بالحمل على حال التقية والخوف وهو غير بعيد ويمكن حمل الخبرين على التقية أيضا وارتكاب أحد التأويلين متعين جمعا بين الاخبار
وفي صحيحة محمد بن مسلم تأييد ما لارتكاب أحد التأويلين المذكورين الثالث المشهور بين الأصحاب التنفل يوم الجمعة بعشرين ركعة زيادة عن كل
يوم بأربع ركعات قال المصنف في النهاية والسبب فيه ان الساقط ركعتان فيستحب الاتيان بدلهما والنافلة الراتبة ضعف الفرائض وفيه ان هذا التعليل يقتضي ان لا يزيد
شيئا لان البدلية عن الساقط يقتضي (تقتضي) الأربع (والباقي يقتضي الأربع) بناء على أن النافلة ضعف الفريضة وعلى تقدير تمامه يقتضي اختصاص الزيادة بمن صلى الجمعة والاخبار مطلقة وقد وقع الخلاف بين
الأصحاب في مواضع الأول ذهب الشيخ في النهاية والمبسوط والخلاف والمفيد في المقنعة وجماعة من
المتأخرين إلى استحباب تقديم نوافل الجمعة كلها على الفريضة بان يصلى ستا عند انبساط
الشمس وستا عند ارتفاعها وستا قبل الزوال وركعتين بعد الزوال وقال المفيد حين تزول يستظهر بهما في تحقق الزوال والظاهر من كلام السيد وابن أبي عقيل وابن الجنيد
استحباب ست منها ما بين الظهرين ونقل عن ابن بابويه استحباب تأخير الجمع وكلامه غير دال على ذلك فإنه قال في المقنع ان استطعت ان تصلى يوم الجمعة إذا طلعت الشمس ست ركعات
وإذا انبسطت ست ركعات وقبل المكتوبة ركعتين وبعد المكتوبة ست ركعات فافعل وان قدمت نوافلك كلها يوم الجمعة قبل الزوال أو اخرتها إلى بعد المكتوبة فهي ستة
عشر ركعة وتأخيرها أفضل من تقديمها وفي رواية زرارة بن أعين وفي رواية أبي بصير تقديمها أفضل من تأخيرها ونحوه كلام والده في الرسالة ونقله في الفقيه ويزاد بعد
قوله فافعل وفي نوادر أحمد بن محمد بن عيسى وركعتين بعد العصر ولكلامه احتمالان أحدهما ان يكون التأخير أفضل بالنسبة إلى تقديم الجميع على المكتوبة وثانيهما ان (يكون) التأخير
أفضل من التقديم مطلقا والترجيح للاحتمال الأول والثاني المشهور ابتداء الست أولا عند انبساط الشمس والثاني عند ارتفاعها ويظهر من كلام ابن أبي عقيل وابن الجنيد
انه يصلى الست الأول عند ارتفاعها وقال ابنا بابويه عند طلوع الشمس الثالث الركعتان يصلى عند الزوال عند الشيخين والسيد المرتضى وأبي الصلاح وابن الجنيد وخالف فيه
ابن أبي عقيل وجعلهما مقدمة على الزوال
الرابع المشهور ان عدد النوافل عشرون ركعة وقال ابن الجنيد انه...؟ ركعة وقال ابنا بابويه ان قدمت النوافل أو اخرتها فهي ستة
عشر ركعة والاخبار في بيان نوافل الجمعة مختلفة والعمل بكل واحد من الأخبار الصحيحة الواردة فيها سائغ ولنكتف بايراد نبذة من الأخبار الواردة في هذا الباب روى الشيخ عن يعقوب بن
يقطين في الصحيح عن العبد الصالح (ع) قال سألته عن التطوع يوم الجمعة قال إذا ردت ان تتطوع يوم الجمعة في غير سفر صليت ست ركعات (ارتفاع النهار وست ركعات) قبل نصف النهار وركعتين إذا زالت الشمس
قبل الجمعة وست ركعات بعد الجمعة وروى الشيخ في التهذيب عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الصحيح عن محمد بن عبد الله قال سئلت أبا الحسن (ع) عن التطوع يوم الجمعة قال ست ركعات
في صدر النهار وست قبل الزوال وركعتان إذا زالت ست ركعات بعد الجمعة فذلك عشرون ركعة سوى الفريضة ورواه في الاستبصار عن ابن أبي نصر في الصحيح قال سألت
أبا الحسن (ع) الحديث وقد يتوقف في صحة هذا الحديث بناء على أن احتمال سقوط الراوي وهو محمد بن عبد الله المشترك بين جماعة منهم المجهول في عبارة الاستبصار غير بعيد لكن
الامر في ذلك هين بعد صحة الطريق إلى ابن أبي نصر وموافقته لصحيحة يعقوب وروى (الشيخ) عن حماد بن عيسى في الصحيح عن الحسين بن المختار الواقفي عن علي بن عبد العزيز المشترك بين مجاهيل عن
مراد بن خارجه المجهول قال قال أبو عبد الله (ع) إما انا فإذا كان يوم الجمعة وكانت الشمس من المشرق ومقدارها من المغرب في وقت صلاة العصر صليت ست ركعات فإذا ارتفع
النهار صليت شيئا فإذا زاغت أو زالت صليت ركعتين ثم صليت الظهر ثم صليت بعدها ستا وروى باسناد ضعيف عن ابن أبي نصر قال قال أبو الحسن (ع) الصلاة النافلة يوم الجمعة ست ركعات
بكرة وست ركعات صدر النهار وركعتان إذا زالت الشمس ثم صل الفريضة وصل بعدها ست ركعات وروى الشيخ عن سعد بن سعد الأشعري في الصحيح عن الرضا (ع) قال سألته عن
الصلاة يوم الجمعة كم ركعة هي قبل الزوال قال ست ركعات بكرة وست بعد ذلك اثنتا عشرة ركعة ست ركعات بعد ذلك ثماني عشرة ركعة وركعتان بعد الزوال فهذه عشرون
317

عشرون ركعة وركعتان بعد العصر فهذه ثنتان وعشرون ركعة قال في المعتبر وهذه الرواية انفردت بزيادة ركعتين وهي نادرة وروى الشيخ عن سليمان بن خالد في
الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) النافلة يوم الجمعة قال ست ركعات قبل زوال الشمس وركعتان عند زوالها والقراءة في الأولى بالجمعة وفي الثانية بالمنافقين وبعد الفريضة ثماني
ركعات وعن سعيد الأعرج في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن صلاة النافلة يوم الجمعة فقال ست عشرة ركعة قبل العصر ثم قال وكان علي (ع) يقول ما زاد فهو خير
وقال أنشأ رجل ان يجعل منها ست ركعات في صدر النهار وست ركعات نصف النهار ويصلي الظهر ويصلي معها أربعة ثم يصلي العصر وعلي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن
(ع) عن النافلة التي تصلى في يوم الجمعة وقت الفريضة قبل الجمعة أفضل أو بعدها قال قبل الصلاة قال الشيخ بعد ايراد هذا الخبر وعنه (ع) قال صل يوم الجمعة عشر ركعات
قبل الصلاة وعشرا بعدها وعن علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن (ع) عن النافلة التي تصلى يوم الجمعة قبل الجمعة أفضل أو بعدها قال قبل الصلاة وبهذا الخبر استدل
الشيخ في كتابي الحديث على أفضلية تقديم نوافل يوم الجمعة واعترض عليه بان الظاهر من سوق الحديث انه هو الخبر السابق عن علي بن يقطين والسؤال هناك عن النافلة التي تصلى في وقت
الفريضة وهي عبارة عن الركعتين اللتين ذكر في أكثر الاخبار ايقاعهما عند الزوال ودلت صحيحة علي بن جعفر على تسميتها ركعتي الزوال وان محلهما قبل الاذان فلا يبقى للخبر مناسبة
بدعوى الشيخ واعتبار ظاهر التعدد في الحديثين يدفعه ما يعلم بالممارسة من كثرة وقوع أمثال هذه الاغلاظ في ايراد الاخبار وشيوع وقوعها متعددة مع الاتحاد فمع قيام هذا الاحتمال
لا يبقى الوثوق بهذا الاستدلال للعارف بحقيقة (غلبته) الاخبار وبعض الأخبار يدل على استحباب تأخير نوافل الجمعة عن الفريضة كرواية الحال بن مصعب وغيرها وفي اسنادها قصور
وخصصها الشيخ بما إذا زالت الشمس ولم تصل الفريضة فان الأفضل تأخيرها عن الفريضة للأخبار الدالة على ذلك الخامس إذا لم يكن امام الجمعة ممن يقتدى به جاز ان يقدم المأموم
صلاته على صلاة الامام ويجوز ان يصلي معه ركعتين ويتممها بعد تسليم الامام وفي الأفضل منهما تردد فمما يدل على الأول ما رواه الشيخ عن أبي بكر الحضرمي قال قلت لأبي جعفر (ع)
كيف تصنع يوم الجمعة قال كيف تصنع أنت قلت أصلي في منزلي ثم اخرج فاصلي معهم قال كذلك اصنع انا وروى عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال مامن عبد
يصلي في الوقت ويفرغ ثم يأتيهم ويصلي معهم وهو على وضوء الا كتب الله له خمسا وعشرين درجة ويدل على الثاني ما رواه الشيخ عن حمران عن أبي عبد الله (ع) قال في كتاب علي عليه السلام
إذا صلوا الجمعة في وقت فصلوا معهم ولا تقوم من مقامك حتى تصلي ركعتين اخريين وفي الطريق ضعف
المقصد الثالث في صلاة العيدين وهما اليومان (المعروفان) واحدهما عييد وياؤه منقلبة
عن واو لأنه مأخوذ من العود لكثرة عوائد الله تعالى وفضله فيه أو لعود السرور والرحمة بعوده وتجب باتفاق الأصحاب وخالف فيه جماعة من العامة احتج الأصحاب مضافا إلى اتفاقهم بوجوه
منها ان النبي صلى الله عليه وآله كان يفعله فيجب به تأسيا به صلى الله عليه وآله وفيه ان دلائل التأسي على تقدير تمامها لا تجري فيما لم يعلم الوجه فاتمام هذا الدليل يتوقف على اثبات انها كانت واجبة عليه (ع) ومنها
قوله تعالى قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى ذكر جمع من المفسرين ان المراد بالزكاة والصلاة زكاة الفطرة وصلاة العيد وهو مروى عن الصادق (ع) وفي الاستدلال بها على الوجوب تأمل ومنها
قوله تعالى فصل لربك وانحر قال في المعتبر قال أكثر المفسرين المراد صلاة العيد وظاهر الامر الوجوب وفي هذا الاستدلال أيضا تأمل ومنها ما رواه الشيخ وابن بابويه عن جميل (في الصحيح) قال سألت
أبا عبد الله (ع) عن التكبير في العيدين قال سبع وخمس وقال صلاة العيدين فريضة وروى الشيخ عن أبي أسامة عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة العيدين فريضة وصلاة الكسوف فريضة وعن أبي بصير في
الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت في البلد فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد (والاستدلال) بهذا الخبر وما في معناه مما تضمن الامر بها يتوقف
على اثبات ان الامر في اخبارنا ظاهر في الوجوب وهو محل تام
وانما يجب صلاة العيد بشروط الجمعة جماعة نقل جماعة كثيرة من الأصحاب ان صلاة العيدين انما يجب على من يجب
عليه صلاة الجمعة وقد تقدم ان المشهور بينهم ان شروط وجوب الجمعة وصحتها أمور الأول السلطان العادل أو من نصبه للصلاة وظاهر كلام الفاضلين ادعاء للاجماع على اشتراطه كما
في الجمعة وقد عرفت عدم اتمام ذلك في الجمعة وصراحة كلام جماعة من المتقدمين في الوجوب العيني في حال الغيبة ولم اطلع على كلامهم في صلاة العيد وظاهر كلام ابن بابويه الوجوب
العيني وقد نقل اتفاق الأصحاب على أن صلاة العيد واجبة على من وجب عليه الجمعة ومقتضى ذلك القول بالوجوب العيني في زمان الغيبة ههنا لمن قال به في الجمعة الا اني لم أعثر
على تصريح لواحد منهم بذلك احتجوا على الاشتراط المذكور بما رواه الشيخ عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال ليس في الفطر والأضحى اذان ولا إقامة إلى أن قال
ومن لم يصل مع امام في جماعة فلا صلاة له ولا قضاء عليه وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن الصلاة يوم الفطر والأضحى فقال ليس صلاة الا مع امام وعن معمر بن يحيى عن أبي جعفر (ع)
قال لا صلاة يوم الفطر والأضحى (الا مع امام) ويروي الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال من لم يصل مع الامام في جماعة يوم العيد فلا صلاة له ولا قضاء عليه وروى ابن بابويه
عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) لا صلاة يوم الفطر والأضحى الا مع امام وفيه نظر لأن الظاهر أن المراد بالامام في هذه الأخبار امام الجماعة لا امام الأصل كما يشعر به تنكير
الامام ولفظة الجماعة وصحيحة زرارة وقول الصادق (ع) في صحيحة عبد الله بن سنان من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصل وحده كما يصلي في الجماعة وفي
موثقة سماعة لا صلاة في العيدين الا مع امام وان صليت وحدك فلا باس وروى هذين الخبرين الشيخ والصدوق ولا يخفى ان ظاهر صحيحة جميل السابقة الوجوب المطلق من غير اشتراط
فإنه وان لم يصرح فيها بمن وجبت عليه الا ان المتبادر من مثله بقرائن الأحوال وعدم الاستفصال الايجاب المطلق من غير تخصيص بشرط مع أن حمل الوجوب على الطبيعة الكلية
يقتضي اتصاف كل فرد منها بالوجوب الا ما خرج بالدليل ويلزم من ذلك وجوب صلاة العيد عند استجماع ما عدا الامام ومن نصبه من الشرائط لشرعيتها وفقد الدليل على استحبابها حينئذ
ويؤيد الوجوب ما دل على وجوب التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله فيما علم عنه (كونه) صدر عنه صلى الله عليه وآله على وجه الوجوب وإن كان لنا فيه نوع تأمل إذ الامر ههنا كذلك فان وجوبها عليه (ع) ثابت باجماع
الأصحاب مع أن التمسك بالأصل عدم الوجوب فيما ثبت وجوبه ظاهرا اشكال فاذن القول بعدم الوجوب في غاية الاشكال والاجتزاء على الحكم بالوجوب مع عدم ظهور مصرح
به من الأصحاب أيضا لا يخلو عن اشكال وطريق الاحتياط واضح قال الشارح الفاضل ولا مدخل للفقيه حال الغيبة في وجوبها في ظاهر الأصحاب وإن كان ما في الجمعة من الدليل قد يتمشى
هنا الا انه يحتاج إلى القائل ولعل المعتبر في وجوبها حال الغيبة مطلق بخلاف الجمعة ان الواجب الثابت في الجمعة انما هو التخييري كما مر إما العيني فهو منتف بالاجماع والتخييري في العيد
غير متصور إذ ليس معها فرد اخر يتخير بينها وبينه فلو وجبت لوجبت عينا وهو خلاف الاجماع انتهى كلامه وأنت خبير بحقيقة الحال فلا تغفل الثاني من شرائط وجوب الجمعة العدد والظاهر
اتفاق الأصحاب على اعتباره هنا في الوجوب وقد صرح بنقل اتفاقهم عليه المصنف في المنتهى والظاهر الاكتفاء فيه بالخمسة لما رواه الصدوق عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
أنه قال في صلاة العيدين إذا كان القوم خمسة أو سبعة فإنهم يجمعون الصلاة كما يصنعون يوم الجمعة والمنقول عن ابن أبي عقيل اشتراط السبعة هنا مع اكتفائه في الجمعة بخمسة وكلامه
مشعر بان ذلك مستندا إلى رواية لأنه قال لو كان إلى القياس لكانا جميعا سواء لكنه بعيد عن الخالق سبحانه ومن شرائط الجمعة الخطبتان وقد صرح الشيخ في المبسوط
باشتراطهما في هذه الصلاة حيث قال وشرائطها شرائط الجمعة (سواء) في العدد والخطبة وغير ذلك ومنع المصنف من اشتراطهما لكنه أوجبهما في بعض كتبه وفاقا لابن إدريس واستحبهما
في هذا الكتاب كما سيجئ ونقل المحقق في المعتبر الاجماع على استحبابهما ونسبه في الذكرى إلى المشهور بين الأصحاب في ظاهر كلامهم وهو أقرب للأصل وعدم انتهاض الأدلة بالوجوب
ويؤيده ان الخطبتين متأخرتان عن الصلاة ولا يجب استماعهما اجماعا ومن شرائط الجمعة الوحدة وظاهر كثير من الأصحاب اعتبارها هنا حيث طلقوا القول بمساواتها للجمعة في
الشرائط ونقل الصريح بذلك عن أبي الصلاح وابن زهرة وتوقف فيه المصنف في التذكرة والنهاية وذكر الشهيد ومن تأخر عنه ان هذا الشرط انما يعتبر مع وجوب الصلاتين لا إذا كانتا
318

مندوبتين أو أحدهما مندوبة حجة
الأول انه لم ينقل عن النبي صلى الله عليه وآله انه صلى في زمانه عيدان في بلد كما أنه لم ينقل انه صليت جمعتان في بلد وبما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع)
قال قال الناس لأمير المؤمنين (ع) الا تخلف رجل لا يصلي في العيدين قال لا أخالف السنة وفي دلالتهما على المنع نظر وما ذكر الشهيد وغيره من التفصيل لا شاهد له من جهة النص ثم
اعلم أن صلوه العيد انما تجب على من يجب عليه الجمعة ولا يجب على غيرهم ممن يسقط عنه الجمعة عند الأصحاب والظاهر أنه لا خلاف في ذلك بينهم ونسبه في التذكرة إلى علمائنا أجمع وقال
في المنتهى انه لا نعرف فيه خلافا ويدل على سقوطه عن المسافر ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أحدهما (ع) قال انما صلاة العيدين على المقيم ولا صلاة الا مع الامام
وعن الفضيل بن يسار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال ليس في السفر جمعة ولا فطر ولا اضحى ويدل على سقوطها عن المرأة ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
قال انما رخص رسول الله صلى الله عليه وآله للنساء العواتق في الخروج في العيدين للتعرض في الرزق وعن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له هل يؤم الرجل
باهله في صلاة العيدين في السطح أو بيت قال لا يؤم بهن ولا يخرجن وليس على النساء خروج وقال أقلوا بهن من الهيئة حتى لا يسلكن الخروج وما رواه الشهيد في الذكرى عن ابن
أبي عمير وذكر انه من الصحيح عن جماعة منهم حماد بن عثمان وهشام بن سالم عن الصادق (ع) أنه قال لا بأس بان تخرج النساء بالعيدين للتعرض للرزق واما ما رواه الشهيد في الذكرى
عن كتاب أبي إسحاق إبراهيم الثقفي باسناده إلى علي (ع) أنه قال لا تحبس النساء عن الخروج في العيدين فهو عليهن واجب فمحمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة ويدل على سقوطها عن المريض
الذي لا يستطيع ما رواه الشيخ عن هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (ع) قال الخروج يوم الفطر والأضحى إلى الجبانة حسن من استطاع الخروج إليها فقلت أرأيت إن كان مريضا
لا يستطيع الخروج أيصلي في بيته قال لا وحمله الشيخ على نفي الوجوب وهو حسن والمشهور بين الأصحاب انها يستحب لمن لا يجب عليه الجمعة الا لثواب وذوات الهيئة من النساء فإنه يكره
لهن الخروج ولم اطلع على نص يدل على الحكم المذكور على سبيل العموم نعم يدل على استحبابها للمسافر ما رواه الشيخ عن سعيد بن سعد الأشعري في الصحيح عن الرضا (ع) قال سألته
عن المسافر إلى مكة وغيرها هل عليه صلاة العيدين الفطر والأضحى فقال نعم الا بمنى يوم النحر وهو محمول على الاستحباب جمعا بين الأدلة وقد سلف ما يدل على استحبابها للمرأة
وقال الشيخ في المبسوط لا بأس بخروج العجائز ومن لا هيئة لهن من النساء في صلاة الأعياد ليشهدن الصلاة ولا يجوز ذلك لذوات الهيئات منهن والجمال قال في الذكرى الشيخ منع من خروج
ذوات الهيئات والجمال والحديث دال على جوازه للتعرض للرزق اللهم الا ان يريد المحصنات أو المملكات كما هو ظاهر ابن الجنيد حيث قال ويخرج إليه النساء العواتق والعجائز ونقله
الثقفي عن نوح بن دراج من قدماء علمائنا ومع تعذر الحضور مع الجماعة وإن كان الامام حاضرا أو اختلال الشرائط المتحقق بفقد بعضها يستحب صلاة العيد جماعة وفرادى
والبحث في هذا المقام في أمور الأول المشهور بين الأصحاب استحباب هذه الصلاة منفردا مع تعذر الجماعة ونقل عن ظاهر الصدوق في المقنع وابن أبي عقيل عدم مشروعية الانفراد
فيها مطلقا والأول أقرب لنا ما رواه الصدوق والشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال من لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيب بما وجد وليصل وحده
كما يصلي في الجماعة وروى الشيخ عن سماعة في الموثق عنه (ع) قال لا صلاة في العيدين الا مع امام وان صليت وحدك فلا باس وعن الحلبي في الموثق بابن فضال قال سئل أبو عبد الله (ع)
عن الرجل لا يخرج يوم الفطر والأضحى عليه صلاة وحده فقال نعم واستدل عليه أيضا بما رواه الصدوق والشيخ عن منصور عن أبي عبد الله (ع) قال مرض أبي يوم الأضحى فصلى
في بيته ركعتين ثم ضحى وفيه تأمل لعدم وضوح دلالة الخبر على أن صلاته (ع) كان منفردا احتج في الخلاف للصدوق وابن أبي عقيل بصحيحة محمد بن مسلم السابقة في أوائل مبحث صلاة
العيد والجواب بالحمل على نفي الوجوب أو الكمال أو التخصيص بحال الاضطرار جمعا بين الأدلة الثاني المشهور بين الأصحاب انه يستحب الاتيان بها جماعة وفرادى مع اختلال بعض
الشرائط قاله الشيخ وأكثر الأصحاب وقال السيد المرتضى انها تصلى عند فقد الامام واختلال بعض الشرائط على الانفراد وقال ابن إدريس ليس معنى قول أصحابنا تصلى على الانفراد
ان يصلي كل واحد منهم منفردا بل الجماعة أيضا عند انفرادها من الشرائط سنة مستحبة بل المراد انفرادها عن الشرائط وهو تأويل بعيد وقال الشيخ قطب الدين الراوندي
من أصحابنا من ينكر الجماعة في صلاة العيد سنة بلا خطبتين ولكن جمهور الامامية يصلونها جماعة وعليهم حجة ونص عليه الشيخ في الحائريات والأقرب المشهور لموثقة سماعة السابقة
وما رواه الشيخ باسناد فيه ضعف
عن عبد الله بن المغيرة قال حدثني بعض أصحابنا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن صلاة الفطر والأضحى فقال صلهما ركعتين في جماعة وغير جماعة وكبر سبعا
وخمسا والأحوط ان لا يترك الجماعة عند التمكن منها وكيفيتها اي صلاة العيد ان يكبر للافتتاح ويقرء الحمد وسورة ويستحب الاعلى ثم يكبر ويقنت خمسا بعد كل تكبيرة
قنوتا ويكبر السادسة مستحبا فيركع بها ثم يسجد سجدتين ثم يقوم فيقرأ الحمد وسورة ويستحب الشمس ثم يكبر ويقنت أربعا ثم يكبر الخامسة مستحبا للركوع ثم يسجد
سجدتين ويتشهد ويسلم الأصل في هذه الكيفية النصوص الواردة عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم فمن ذلك ما رواه الشيخ عن يعقوب بن يقطين في الصحيح قال سألت العبد
الصالح عن التكبير في العيدين اقبل القراءة أو بعدها وكم عدد التكبير في الأولى وفي الثانية والدعاء بينهما وهل فيهما قنوت أم لا فقال تكبير العيدين للصلاة قبل الخطبة يكبر تكبيرة
يفتح بها الصلاة ثم يقرأ ثم يكبر خمسا ويدعو بينهما ثم يكبر أخرى ويركع بها فذلك سبع تكبيرات بالتي افتتح بها ثم يكبر في الثانية خمسا يقوم فيقرأ ثم يكبر أربعا ويدعو بينهن
ثم يكبر التكبيرة الخامسة وفي الاستبصار ثم يركع بالتكبيرة الخامسة وعن أبي بصير في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال التكبير في الفطر والأضحى اثنتا عشرة تكبيرة يكبر في الأولى
واحدة ثم يقرأ ثم يكبر بعد القراءة خمس تكبيرات والسابعة يركع بها ثم يقوم في الثانية فيقرأ ثم يكبر أربعا والخامسة يركع بها وقال ينبغي للامام ان يلبس خلة ويعتم شاتيا
كان أو قائظا وعن إسماعيل الجعفي باسناد فيه جهالة عن أبي جعفر (ع) في صلاة العيدين قال يكبر واحدة يفتتح بها الصلاة ثم يقرأ أم الكتاب وسورة ثم يكبر خمسا يقنت بينهن ثم يكبر واحدة
ويركع بها ثم يقوم فيقرأ أم الكتاب وسورة يقرأ في الأولى سبح اسم ربك الاعلى وفي الثانية والشمس وضحاها ثم يكبر أربعا ويقنت بينهن ويركع بالخامسة وعن محمد بن مسلم باسناد فيه
ضعف قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التكبير في الفطر والأضحى فقال ابدأ فكبر تكبيرة تقرأ ثم تكبر بعد القراءة خمس تكبيرات ثم تركع بالسابعة ثم تقوم فتقرأ ثم تكبر أربع تكبيرات
ثم تركع بالخامسة وبإسناد فيه شئ عن معاوية قال سألته عن صلاة العيدين فقال ركعتان ليس قبلهما ولا بعدهما شئ وليس فيهما اذان ولا إقامة يكبر فيهما اثنتي عشرة تكبيرة
يبدأ فيكبر ويفتتح الصلاة ثم يقرأ فاتحة الكتاب ثم يقرأ والشمس وضحاها ثم يكبر خمس تكبيرات ثم يكبر فيركع فيكون يركع بالسابعة ويسجد سجدتين ثم يقوم فيقرأ فاتحة الكتاب
وهل اتيك حديث الغاشية ثم يكبر أربع تكبيرات ويسجد سجدتين ويتشهد قال وكذلك صنع رسول الله صلى الله عليه وآله والخطبة بعد الصلاة وانما أحدث الخطبة قبل الصلاة عثمان وإذا خطب الامام
فليقعد بين الخطبتين قليلا وينبغي للامام ان يلبس يوم العيدين بردا ويعتم شاتيا كان أو قائظا ويخرج إلى البر حيث ينظر إلى افاق السماء ولا يصلي على حصير ولا يسجد عليه وقد كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج إلى البقيع فيصلي بالناس وعن علي بن أبي حمزة في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) في صلاة العيدين قال يكبر ثم يقرأ ثم يكبر خمسا ويقنت بين كل تكبيرتين ثم يكبر السابعة ثم يركع بها
ثم يسجد ثم يقوم في الثانية فيقرأ ثم يكبر أربعا ويركع بها ولعل المراد يركع بتكبيرة والأخبار الدالة على أن التكبير في صلاة العيدين سبع وخمس كثيرة وفيما ذكرناه كفاية وقد وقع الخلاف في
هذا المقام في مواضع الأول أكثر الأصحاب منهم الشيخ وابن أبي عقيل وابن حمزة وابن إدريس والفاضلان والشهيدان على أن التكبير في الركعتين معا بعد القراءة وقال ابن الجنيد التكبير
في الأولى قبل القراءة وفي الثانية بعدها ونسب إلى المفيد انه يكبر إذا نهض إلى الثانية ثم يقرأ ثم يكبر أربع تكبيرات يركع بالرابعة ويقنت ثلث مرات وهو المحكي عن السيد المرتضى وابني
بابويه وأبي الصلاح وسلار والأقرب الأول لما اوردنا من الاخبار ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام في صلاة العيدين قال الصلاة قبل الخطبتين بعد القراءة
319

سبع في الأولى وخمس في الأخيرة وكان أول من أحدثها بعد الخطبة عثمان لما أحدث احداثه كان إذا فرغ من الصلاة قام الناس ليرجعوا فلما رأى ذلك قدم الخطبتين واحتبس الناس
للصلاة وما تضمنه هذا الخبر من كون التكبير سبعا في الأولى بعد القراءة خلاف المعروف بين أصحابنا وما وردت به الأخبار الكثيرة من أن تكبيرة الافتتاح إحدى السبع
ولا يتجه حمله على التقية حيث يعزى إلى جمع من العامة القول به لان الحكم بتقديم القراءة ينافيها فإذا المتجه حمله على الاستحباب احتج ابن الجنيد على ما نقل عنه بما رواه الشيخ
عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال التكبير في العيدين في الأولى سبع قبل القراءة وفي الأخيرة خمس بعد القراءة وعن إسماعيل بن سعد الأشعري في الصحيح أيضا عن الرضا
عليه السلام عن التكبير في العيدين قال التكبير في الأولى سبع تكبيرات قبل القراءة وفي الأخيرة خمس تكبيرات بعد القراءة وأجاب عنهما المصنف في المختلف بالمنع من الدلالة على محل النزاع
إذ لا خلاف في أن السابعة بعد القراءة لأنها للركوع وإذا احتمل الواحدة احتمل غيرها وهو ان بعضها قبل القراءة فيحمل على تكبيرة الافتتاح وفيه تأمل إذ يصح اطلاق
كون السبع قبل القراءة إذا كان الست قبلها إما اطلاق السبع باعتبار الواحد مما لاوجه لصحته ويدل على قول ابن الجنيد ما رواه الشيخ عن هشام بن الحكم في الصحيح عن
أبي عبد الله (ع) في صلاة العيدين قال يصل القراءة بالقراءة وقال يبدأ بالتكبير في الأولى ثم يقرأ ثم يركع بالسابعة وعن هشام بن الحكم في الصحيح وعبيد الله الحلبي في الصحيح عن
أبي عبد الله (ع) مثله وعن سماعة في الموثق قال سألته عن الصلاة يوم الفطر فقال ركعتين بغير اذان ولا إقامة وينبغي للامام ان يصلي قبل الخطبة والتكبير في الركعة الأولى يكبر
ستا ثم يقرأ ثم يكبر السابعة ثم يركع بها فتلك سبع تكبيرات ثم يقوم في الثانية فيقرأ فإذا فرغ من القراءة كبر أربعا ويركع بها قال الشيخ هذه الأخبار محمولة على التقية لأنها وردت
موافقه لمذاهب بعض العامة وهو حسن عندي وقال المحقق في المعتبر ليس هذا التأويل بحسن فان ابن بابويه ذكر ذلك في كتابه بعد أن ذكر في خطبته انه لا يودعه الاما هو حجة له واختاره
ابن الجنيد منا لكن الأولى ان يقال فيه روايتان أشهرهما بين الأصحاب ما اختاره (ره) انتهى وفيه تأمل لا يخفى على المتدبر واعلم اني لم اقف على حجة لما ذهب إليه المفيد ومن وافقه
مع أن الروايات المذكورة يدفعه الثاني حكى في التذكرة اتفاق الأصحاب على وجوب قرائة سورة مع الحمد وانه لا يتعين في ذلك سورة مخصوصة واختلفوا في الأفضل فقال الشيخ في
الخلاف والمفيد والسيد المرتضى وأبو الصلاح وابن البراج وابن زهرة انه الشمس في الأولى والغاشية في الثانية وقال في المبسوط والنهاية يقرأ في الأولى الاعلى وفي الثانية الشمس وهو
قول ابن بابويه في المقنع ومن لا يحضره الفقيه واختاره المصنف ويناسب الأول ما رواه الشيخ عن جميل في الصحيح قال سألته يعني أبا عبد الله (ع) ما يقرأ فيهما قال الشمس وضحيها
وهل اتيك حديث الغاشية واشباههما ويدل على الثاني رواية إسماعيل بن جابر السابقة وفي طريقها ضعف الثالث اختلف الأصحاب في وجوب التكبيرات الزائدة وكذا في
القنوتات بينهما وسيجئ تحقيق ذلك عن قريب الرابع المشهور بين الأصحاب ان مع كل تكبيرة من التكبيرات الزائدة قنوتا فيكون عدد القنوت في الأولى خمسا وفي الثانية أربعا
وعلى قول المفيد ثلاثا وبه صرح ابن زهرة وابن إدريس وجماعة من المتأخرين لكن المستفاد من كلام الشيخ في النهاية والمبسوط ان القنوت في الأولى أربع وفي الثانية ثلاث حيث قال يقنت بين
كل تكبيرتين يعني من التكبيرات الزائدة وهو المستفاد من صحيحة يعقوب ورواية إسماعيل بن جابر السابقتين والمستفاد من كلام ابن بابويه ان القنوت أربع في الأولى ورواية
أبي الصباح الكناني اشتملت على خمس قنوتات في الركعة الأولى قبل القراءة وظاهرها ان في الركعة الثانية أيضا خمس قنوتات فتدبر ووقتها من طلوع الشمس إلى الزوال
والظاهر أنه اتفاقي بين الأصحاب حكى اتفاقهم عليه المصنف في النهاية وقال الشيخ في المبسوط وقت صلاة العيد إذا طلعت الشمس وارتفعت وانبسطت والذي وصل إلينا في هذا الباب خبران أحدهما
ما رواه الشيخ عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قال أبو جعفر (ع) ليس في الفطر والأضحى اذان ولا إقامة اذانها طلوع الشمس إذا طلعت خرجوا وثانيهما ما رواه الشيخ عن سماعة في الموثق
قال سألته عن الغدو إلى المصلى في الفطر والأضحى فقال بعد طلوع الشمس ومقتضى الروايتين ان وقت الخروج بعد طلوع الشمس وقال المفيد (ره) انه يخرج بعد (قبل) طلوعها
فإذا طلع صبر هنيئة ثم صلى واحتج له المصنف في الخلاف بما فيه من المباكرة إلى فعل الطاعة وعارضه بان التعقيب في المساجد إلى طلوع الشمس عبادة ويستحب تأخير صلاة العيد في الفطر
عن الأضحى باجماع العلماء حكى ذلك جماعة منهم لاستحباب الافطار في الفطر قبل خروجه بخلاف الأضحى فان الأفضل ان يكون الافطار فيه بشئ مما يضحى به ولان الأفضل اخراج
الفطرة قبل الصلاة فاستحب تأخيرها ليتسع الوقت لذلك وفي الأضحى تقديمها ليتسع الوقت للتضحية بعدها فان المستحب ذلك ولو فاتت صلاة العيد بخروج وقتها لم تقض عند
أكثر الأصحاب ولافرق في الصلاة بين كونها فرضا أو نفلا وفي الفوات بين ان يكون عمدا أو نسيانا وبهذا التعميم صرح المصنف في التذكرة وقال الشيخ في التهذيب من فاتته الصلاة
يوم العيد لا يجب عليه القضاء ويجوز له ان يصلي ان شاء ركعتين وإن شاء أربعا من غير أن يقصد بها القضاء وقال ابن إدريس يستحب قضاؤها وقال ابن حمزة إذا فاتت لا يلزم قضاؤها
الا إذا وصل في حال الخطبة وجلس (مستمعا) لها وقال ابن الجنيد من فاتته ولحق الخطبتين صلاها أربعا مفصولات يعني بتسليمتين ونحوه قال علي بن بابويه الا أنه قال يصليها بتسليمة
حجة الأول ان القضاء فرض مستأنف فيتوقف على الدلالة ولا دلالة عليه ههنا وما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال ومن لم يصل مع الامام في جماعة يوم العيد
فلا صلاة له ولا قضاء عليه وفيه نظر لأنه محمول على المختار جمعا بينه وبين ما دل على جوازها وحده لمن لم يشهد العيد احتج القائلون بأنها تقضى أربعا بما رواه الشيخ عن أبي
البختري في الضعيف عن جعفر عن أبيه عن ابائه عليهم السلام قال من فاتته صلاة العيد فليصل أربعا وهذه الرواية ضعيف السند فلا يصلح للتعويل ويمكن الاستدلال على القضاء
بعموم قوله (ع) من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته لكن مقتضي عمومه وجوب القضاء ههنا ولم يقل به أحد من الأصحاب ويدل على قول ابن حمزة ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي عبد الله (ع)
قال قلت أدركت الامام على الخطبة قال تجلس حتى يفرغ من خطبته ثم يقوم فتصلى الحديث وهذه الرواية غير نقي السند لان في طريقها أحمد بن محمد بن موسى وهو غير موثق في كتب الرجال
والمشهور بين الأصحاب انه لو ثبت الرؤية من الغد فإن كان قبل الزوال صليت العيد وإن كان بعده فاتته الصلاة ونقل في المنتهى الاجماع عليه ولا قضاء عليه حينئذ وكلام المنتهى ظاهر
في كون ذلك اتفاقيا عند الأصحاب وقال في الذكرى سقطت الا على القول بالقضاء ونقل عن ابن الجنيد إذا تحققت الرؤية بعد الزوال افطروا واغدوا إلى العيد لما روى
عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال فطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون وعرفتكم يوم تعرفون وجه الدلالة ان الافطار انما يقع في الصورة المذكورة في الغد فيكون الصلاة فيه وروى أن ركبا
شهدوا عنده صلى الله عليه وآله انهم رأوا الهلال فأمرهم ان يفطروا وإذا أصبحوا يغدوا إلى مصلاهم قال في الذكرى وهذه الأخبار لم يثبت من طرقنا ولا يخفى انه قد ورد من طريق الأصحاب
ما يوافق هذه الأخبار في الحكم والظاهر أن ذلك مذهب لمحمد بن يعقوب الكليني والصدوق قال في الكافي باب ما يجب على الناس إذا صح عندهم الرؤية يوم الفطر بعدما أصبحوا صائمين
ثم اورد في هذا الباب خبرين أحدهما عن محمد بن قيس في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال إذا شهد عند الامام شاهدان انهما رأيا الهلال منذ ثلاثين يوما أمر الامام بالافطار في ذلك
اليوم إذا كانا شهدا قبل زوال الشمس فان شهدا بعد زوال الشمس أمر الامام بافطار ذلك اليوم واخر الصلاة إلى الغد فصلى بهم وثانيهما عن محمد بن أحمد بن يحيى في الصحيح رفعه
قال إذا أصبح الناس (صياما) ولم يروا الهلال وجاء قوم عدول يشهدون على الرؤية فليفطروا وليخرجوا من الغد أول النهار إلى عيد وقال الصدوق في الفقيه باب ما يجب على الناس إلى
اخر ما ذكره (الكليني) بتفاوت يسير ثم اورد رواية محمد بن قيس باسناد حسن بإبراهيم بن هاشم ثم قال وفي
خبر قال إذا أصبح الناس إلى اخر ما مر في المرفوعة السابقة فاذن العمل بمقتضى
هاتين الروايتين غير بعيد ويحرم السفر بعد طلوع الشمس قبل الصلاة على من يجب عليه صلاة العيد لاستلزام السفر ترك الواجب ولعل المراد به السفر المستلزم لترك الصلاة لا
مطلقا وتحقيق هذا المقام يستفاد مما ذكرنا في باب الجمعة في السفر بعد الزوال ويكره بعد الفجر على المشهور وتردد في جواز المحقق في الشرايع والكراهة متجه لصحيحة أبي بصير السابقة
320

في أوائل هذا المقصد وعدم انتهاضها بالدلالة على التحريم خصوصا إذا لم يكن القول بذلك مشهورا بين الأصحاب والأحوط عدم الاقدام عليه
والخطبة بعدها اي بعد صلاة
العيد واستماعها مستحب قد مر الدلالة على ترجيح استحباب الخطبة ويدل على رجحان فعلها التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله والأخبار الكثيرة مضافا إلى كون ذلك اجماعيا وهما بعد الصلاة وقبلها
بدعة والظاهر أنه مجمع عليه بين الأصحاب بل قال في الذكرى انه اجماعي وقال في المنتهى انه لا نعرف فيه خلافا الا من بنى أمية (وقيل إن بني أمية) فعلوا ذلك وكذا ابن الزبير ثم انعقد الاجماع من المسلمين على
كونهما بعد الصلاة وفي صحاح العامة أخبأ دالة عليه واخبارنا به مستفيضة فقد مر صحيحة محمد بن مسلم ورواية معاوية وهو ابن عمار في تحقيق كيفية هذه الصلاة وروى الشيخ عن
سليمان بن خالد عن أبي عبد الله (ع) قال والخطبة بعدها والظاهر استحباب الخطبة لمن يصلي جماعة وان لم يتحقق شرائط الوجوب صرح به المصنف والظاهر سقوطها مع الانفراد لفقد الدليل
على شرعيتها حينئذ استماعها مستحب وان قلنا بوجوبها وحكى المصنف في المنتهى والتذكرة اجماع المسلمين على ذلك مع أنه قائل في الكتابين بوجوبها وروى العامة عن عبد الله بن
الصائب قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله صلاة العيد فلما قضى الصلاة قال انا نخطب فمن أحب ان يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب ان يذهب فليذهب وهما خطبتان كخطبة الجمعة لكن
ينبغي ان يذكر في خطبة الفطر ما يتعلق بالفطرة ووجوبها وشرائطها وقدر المخرج وجنسه ومستحقه وفي الأضحى احكام الأضحية كذا ذكر جماعة من الأصحاب وهو حسن للتأسي وفي
وجوب القيام فيهما والجلوس بينهما نظر وكذا في استحباب الجلوس قبلها ونفاه المصنف في بعض كتبه لان استحبابه في الجمعة لأجل الاذان كما ورد في بعض الأخبار ان النبي صلى الله عليه وآله
يجلس حتى يفرغ المؤذنون وهو منفي هنا وهو حسن ولو اتفق العيد والجمعة تخير من صلى العيد في حضور الجمعة اختلف الأصحاب في هذه المسألة فقال الشيخ (ره) في جملة
من كتبه إذا اجتمع عيد وجمعة تخير من صلى العيد في حضور الجمعة وعدمه ونحوه قال المفيد في المقنعة ورواه ابن بابويه في كتابه واختاره ابن إدريس واليه ذهب أكثر المتأخرين
بل نسبه المصنف في المنتهى إلى من عدا أبي الصلاح وفي الذكرى إلى الأكثر وقال ابن الجنيد في ظاهر كلامه باختصاص الترخيص بمن كان قاصي المنزل واختاره المصنف في بعض كتبه وقال
أبو الصلاح قد وردت الرواية إذا اجتمع عيد وجمعة ان المكلف مخير في حضور أيهما شاء والظاهر في المسألة وجوب عقد الصلاتين وحضورهما على من خوطب بذلك وقريب منه
كلام ابن البراج وابن زهرة والترجيح للأول لما رواه الصدوق عن الحلبي في الصحيح انه سأل أبا عبد الله (ع) عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا يوم الجمعة قال اجتمعا في زمان علي (ع)
فقال من شاء ان يأتي الجمعة فليأت ومن قعد فلا يضره وليصل الظهر وخطب (ع) خطبتين جمع فيهما خطبة العيد وخطبة الجمعة وهذه الرواية معتضدة بالشهرة والأصل
مؤيد بغيرها فروى الكليني والشيخ عنه باسناد فيه شئ عن أبان بن عثمان عن سلمة عن أبي عبد الله (ع) قال اجتمع عيدان (على عهد أمير المؤمنين (ع) فخطب الناس فقال هذا يوم أجمع فيه عيدان) فمن أحب ان يجمع معنا فليفعل ومن لم يفعل فإنه له رخصة
يعني من كان متنحيا وروى العامة عن زيد بن أرقم ان النبي صلى الله عليه وآله صلى العيد ورخص في الجمعة وروى أن ابن الزبير لما صلى العيد ولم يخرج إلى الجمعة قال ابن عباس أصاب السنة
حجة ابن الجنيد على ما نقل عنه ما رواه الشيخ باسناد غير نقى عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه (ع) ان علي بن أبي طالب (ع) كان يقول إذا اجتمع عيدان للناس في يوم واحد فإنه ينبغي
للامام أن يقول للناس في خطبته الأولى انه قد اجتمع لكم عيدان فانا اصليهما جميعا فمن كان مكانه قاصيا فأحب ان ينصرف عن الأخر فقد أذنت له والجواب بعد تسليم منع
الدلالة على اختصاص الترخيص بالنائي فان تصريح الامام بالتأذين للنائي لا يستلزم وجوب الحضور على غيره قال في الذكرى القرب والبعد من الأمور الإضافية فيصدق
القاصي على من بعد بأدنى بعد فيدخل الجميع الامن كان مجاورا للمسجد وربما صار بعض إلى تفسير القاصي باهل القرى دون أهل البلد لأنه المتعارف انتهى والظاهر احالته
إلى العرف وهو بحسب العرف لا يختص باهل القرى ولا يعم من عدا جار المسجد حجة القائل بوجوب الصلاتين ان دليل الحضور فيهما قطعي وخبر الواحد المتضمن لسقوط الجمعة
والحال هذه انما يفيد الظن فلا يعارض القطع قال في الذكرى ويجاب عنه بان الخبر المتلقى بالقبول المعمول عليه عند معظم الأصحاب في قوة المتواتر فيلحق بالقطعي ولان نفي الحرج
والعسر يدل على ذلك أيضا فيكون الخبر معتضدا بالكتاب العزيز وفيه نظر والصحيح عندي في الجواب ان شمول دليل الحضور لمحل النزاع ليس الا بحسب الظاهر وليس من
قبيل النص فغاية ما يستفاد منه عند سلامته عن المعارض ليس الا الظن الغالب وما مرمن النص دال على الترخيص بصريحه فيكون حاكما على دليل الحضور دافعا للظن الحاصل
منه فان الخاص حاكم على العام وبالجملة الظن حاصل مع النص الدال على الترخيص وغاية ما يستفاد من الأدلة الفرعية ليس الا الظن كما نبهنا عليه مرارا والاحتياط غير خفى وهل
يجب الحضور على الامام حتى إذا اجتمع العدد صلى الجمعة والا الظهر أم لا قيل نعم واليه ذهب جماعة منهم (المرتضى وهو المستفاد من كلام أبي الصلاح وابن البراج
واختاره المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى والشهيد في الذكرى وظاهر كلام) الشيخ في الخلاف ثبوت التخيير بالنسبة إلى الامام أيضا والأول أقرب
استنادا إلى ما دل على وجوب الحضور مع سلامته عن المعارض ههنا ويعلم الامام ذلك اي التخيير في خطبة تأسيا بأمير المؤمنين (ع) وفي وجوب التكبيرات الزائد والقنوت بينهما
قولان اختلف الأصحاب في وجوب التكبيرات الزائدة فذهب الأكثر الأصحاب منهم السيد المرتضى وابن الجنيد والشيخ في الاستبصار وأبو الصلاح وابن إدريس إلى الوجوب وذهب
المفيد والشيخ في التهذيب والخلاف إلى الاستحباب واختاره جماعة من المتأخرين منهم المحقق في المعتبر وقواه الشهيد في الذكرى حجة الأول التأسي بالنبي والأئمة عليهم السلام
والاخبار المذكورة وفيه تأمل لان وجوب التأسي يتبع وجوبها على النبي صلى الله عليه وآله وهو ممنوع هنا إذا ثبت مواظبته (ع) عليها وهو غير واضح والاخبار غير واضحة الدلالة على الوجوب الا ان يستعان في ذلك
بالشهرة واستدل الشيخ على قول المفيد في التهذيب بما رواه عن زرارة في الصحيح ان عبد الملك بن أعين سال أبا جعفر (ع) عن الصلاة في العيدين فقال الصلاة فيهما سواء يكبر الامام
تكبيرة الصلاة قائما كما يصنع في الفريضة ثم يزيد في الركعة الأولى ثلاث تكبيرات وفي الأخرى ثلاثا سوى تكبيرة الصلاة والركوع والسجود وان شاء ثلاثا وخمسا وان شاء خمسا وسبعا
بعد أن يلحق ذلك إلى وتر ويؤيده ما رواه هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن التكبير في الفطر والأضحى فقال خمس وأربع فلا يضرك إذا انصرفت على وتر وليس في
طريق هذا الخبر من يتوقف في شأنه الا يزيد بن إسحاق فإنه غير موثق في كتب الرجال الا ان له كتابا يرويه غير واحد من الثقات الاجلاء وفيه اشعار بحسن حاله وربما أيد بما رواه الشيخ عن
عيسى بن عبد الله عن أبيه عن جده عن علي (ع) قال ما كان يكبر النبي صلى الله عليه وآله (في العيدين الا تكبيرة واحدة حتى ابطأ عليه لسان الحسين (ع)
فلما كان ذات يوم عيد ألبسته امه وأرسلته مع جده فكبر رسول الله) فكبر الحسين (حين) حتى كبر النبي صلى الله عليه وآله سبعا ثم قام في الثانية فكبر النبي (ص) وكبر الحسين حين كبر خمسا فجعلها رسول الله صلى الله عليه وآله سنة وفي
هذا التأييد ضعف وأجاب الشيخ في الاستبصار عن الخبرين الأولين بالحمل على التقية لموافقتهما لمذهب كثير من العامة قال ولسنا نعمل به واجماع الفرقة المحقة على ما قدمناه
والمسألة محل تردد فيمكن ترجيح القول الأول استنادا إلى الأخبار السابقة بمعونة الشهرة بين الأصحاب واستضعاف خبر هارون وحمل خبر زرارة على التقية ويمكن ترجيح
القول الثاني تمسكا بالخبرين المعتضدين بالأصل وحينئذ يحمل الأخبار السابقة على الاستحباب ويؤيد هذا ان التأويل (أقرب إلى التأويل) السابق فان حمل الكلام على التقية إذا لم يكن مدلوله
مذهبا لجمهور العامة أو أكثرهم لا يخلو عن بعد مع عدم جريان هذا التأويل في خبر هارون وبالجملة ان قلنا بأحد هذين الترجيحين فذاك والا فمقتضى التوقف الاتيان بها لتوقف
البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه
واختلف الأصحاب أيضا في القنوت بعد كل تكبيرة فذهب الأكثر منهم المرتضى إلى وجوبه وجعله من متفردات الامامية ونقل اجماعهم
عليه وذهب الشيخ في الخلاف إلى استحبابه واختاره المحقق في المعتبر حجة الأول صحيحة يعقوب بن يقطين ورواية إسماعيل بن جابر السابقتين في بيان كيفية هذه الصلاة وفيه
تأمل لعدم وضوح دلالتهما على الوجوب وحجة الثاني الأصل وفيه تأمل لان اليقين بالبرائة من التكليف الثابت يتوقف على الاتيان به فلا ينفع الأصل في أمثال هذه
المواضع كما مر في نظاير هذا المقام نعم يمكن الاستناد إلى الأخبار الواردة بحسب الظاهر في مقام البيان خالية عن ذكر القنوت وقد مر عدة منها فاذن لا يبعد ترجيح القول الثاني
والمشهور انه لا يتعين في القنوت لفظ مخصوص ونقل عن ظاهر كلام أبي الصلاح وجوب الدعاء بالمرسوم والأول أقرب لاختلاف الروايات في تعيينه وأكثرها بلفظ الدعاء والقنوت
321

من غير تعين ولما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن الكلام الذي يتكلم به فيما بين التكبيرتين في العيدين قال فقال ما شئت من الكلام الحسن
فروع الأول يستحب رفع اليدين مع كل تكبيرة (كما في تكبيرة) الصلاة اليومية لما رواه الشيخ عن يونس قال سألته عن تكبير العيدين أيرفع يده مع كل تكبيرة أم يجزيه ان يرفع في أول
التكبير فقال مع كل تكبيرة الثاني لو نسى التكبيرات كلا أو بعضا مضى في صلاته ولا شئ عليه لأن الظاهر أنها ليست بأركان للصلاة ولقوله (ع) في صحيحة زرارة
لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وفي قضائه بعد الصلاة قولان فذهب الشيخ إلى اثباته استنادا إلى قول المصنف (ع) في صحيحة ابن سنان
إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ثم ذكرت فاصنع الذي فاتك سهوا ونفاه المحقق في المعتبر والمتأخرون استنادا إلى أنه ذكر تجاوز محله فيسقط للأصل
الثالث لو شك في عدد التكبير أو القنوت بنى على الأقل اقتصارا على القدر المتيقن ولو ذكر الاتيان به بعد فعله لم يضر الرابع الظاهر أن الامام لا يتحمل التكبير والقنوت
وانما يتحمل القراءة واحتمل في الذكرى تحمل القنوت الخامس لو أدرك بعض التكبيرات مع الامام دخل معه فإذا ركع الامام اتى بالتكبير والقنوت مخففا ان أمكن ولحق به
والا قضاه بعد التسليم عند الشيخ ومن تبعه وسقط عند المحقق ومن تبعه ويستحب الاصحار بها اي بصلاة العيد وهو اجماعي بين الأصحاب على ما نقله جماعة منهم واليه ذهب
أكثر العامة تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله والأصل في هذا الباب ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله كان يخرج حتى ينظر إلى افاق السماء وقال لا
تصلين يومئذ على بساط ولا بارية وعن معاوية أيضا وينبغي للامام ان يلبس يوم العيدين برد أو يعتم شاتيا أو قائظا ويخرج إلى البر حيث ينظر إلى افاق السماء ولا يصلي
على حصير ولا يسجد عليه وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج إلى البقيع فيصلى بالناس وروى ابن بابويه عن أبي بصير في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا ينبغي ان يصلي صلاة العيد في مسجد
مسقف ولا في بيت انما يصلي في الصحراء أوفي مكان بارز وعن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه انه كان إذا خرج يوم الفطر والأضحى فاتى بطنفسة أبى ان يصلي عليها
يقول هذا يوم كان رسول الله صلى الله عليه وآله يخرج فيه حتى يبرز لافاق السماء ويضع جبهته على الأرض وروى الشيخ عن الفضيل (في الصحيح) عن أبي عبد الله (ع) اتى بجمرة يوم الفطر فأمر بردها
وقال هذا يوم كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجب ان ينظر فيه إلى افاق السماء ويضع جبهته على الأرض واستحباب الاصحار بصلاة العيد ثابت في جميع المواضع الا بمكة فان أهلها
يصلون في المسجد الحرام لما رواه الكليني والشيخ عنه عن محمد بن يحيى رفعه عن أبي عبد الله (ع) قال السنة على أهل الأمصار ان يبرزوا من أمصارهم في العيدين الا أهل مكة فإنهم يصلون
في المسجد الحرام ورواه الصدوق في الفقيه عن حفص بن غياث عن الصادق (ع) والحق به ابن الجنيد مسجد النبي صلى الله عليه وآله وهو مدفوع بالروايات السابقة ولو كان هناك مانع من
مطر أو وحل أو خوف سقط استحباب الاصحار حذرا من المشقة الشديدة المنافية لسهولة التكليف والخروج حافيا بالسكينة ذاكر الله تعالى يدل عليه فعل الرضا (ع) لما خرج إلى
صلاة العيد في عهد المأمون وان يطعم قبله اي الخروج في الفطر وبعده في الأضحى مما يضحى به والظاهر أنه مجمع عليه بين الأصحاب بل قال في المنتهى انه قول عامة أهل العلم
ويدل عليه ما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال لا تخرج يوم الفطر حتى تطعم شيئا ولا تأكل يوم الأضحى شيئا الامن هديك وأضحيتك ان قويت عليه وان
لم تقو فمعذور قال وقال أبو جعفر (ع) كان أمير المؤمنين (ع) لا يأكل يوم الأضحى شيئا حتى يأكل من أضحيته ولا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ويؤدي الفطرة ثم قال وكذلك نفعل نحن
وما رواه الكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال أطعم يوم الفطر قبل ان تخرج إلى المصلى وعن جراح المدايني عن أبي عبد الله (ع) قال أطعم يوم الفطر قبل ان
تصلي ولا تطعم يوم الأضحى حتى ينصرف الامام وعن أبي جعفر (ع) قال لا تأكل يوم الأضحى الامن أضحيتك ان قويت وان لم تقو فمعذور ويستحب يوم الفطر الافطار على الحلوى ذكر
ذلك كثير من الأصحاب لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله كان يأكل قبل خروجه تمرات ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أقل أو أكثر والرواية غير ناهضة بالدلالة على استحباب الافطار بمطلق الحلو
قال في الذكرى وأفضلها السكر ومستنده غير واضح وروى من تربة الحسين عليه السلام وتحريمه الا بقصد الاستشفاء أقرب لشذوذ الرواية وتحريم الطين على الاطلاق الا ما
خرج بدليل ويعمل منبر من طين ولا ينقل المنبر من الجامع باتفاق الأصحاب ويدل عليه ما رواه الصدوق عن إسماعيل بن جابر عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له أرأيت صلاة العيدين
هل فيهما اذان وإقامة قال ليس فيهما اذان ولا إقامة ولكن ينادى الصلاة الصلاة ثلاث مرات وليس فيهما منبر.
المنبر لا يحرك من موضعه ولكن يصنع للامام شئ شبه المنبر من
طين فيقوم عليه فيخطب الناس ثم ينزل وهذه الرواية صححها المصنف وغيره لكن فيه تأمل لان في طريقها محد بن عيسى والظاهر أنه العبيدي وفيه كلام
والتكبير في الفطر عقيب أول
أربع صلوات أولها المغرب ليلة العيد هذا هو المشهور بين الأصحاب وظاهر المرتضى في الانتصار انه واجب وضم ابن بابويه إلى هذه الصلوات الأربع صلاة الظهرين وابن الجنيد النوافل
أيضا والأصل في هذا الحكم ما رواه الشيخ عن سعيد النقاش قال قال أبو عبد الله (ع) لي إما ان في الفطر تكبيرا ولكنه مسنون قال قلت وأين هو قال في ليلة الفطر في المغرب والعشاء
الآخرة وفي صلاة الفجر وفي صلاة العيد ثم يقطع قال قلت كيف أقول قال تقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا وهو قول الله ولتكملوا
العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ونقل ابن بابويه هذه الرواية في أبواب الصوم وقال بعد قوله وفي صلاة العيدين وفي غير رواية سعيد والظهر والعصر نقل تتمة الرواية
وزاد بعد قوله والله أكبر الله أكبر وفي اخره والحمد لله على ما أبلانا والرواية واضحة الدلالة على الاستحباب ويؤيده ما يدل على استحباب التكبير في الأضحى لعدم القائل بالفصل
على الظاهر وفي الأضحى عقيب خمس عشرة إن كان بمنى أولها ظهر العيد وفي غيرها اي غير منى عقيب عشر صلوات هذا هو المشهور بين الأصحاب وذهب المرتضى وابن الجنيد إلى وجوبه
واستحبه ابن الجنيد عقيب النوافل فالأقرب الاستحباب لنا مضافا إلى الأصل ما رواه الشيخ في مباحث الحج معلقا عن علي بن جعفر والظاهر أن اسناده إليه صحيح عن أخيه موسى (ع) قال
سألته عن التكبير أيام التشريق أو أجب هو أم لا قال يستحب وان نسى لا شئ عليه قال وسألته عن النساء هل عليهن التكبير أيام التشريق قال نعم ولا يجهرن ويؤيده رواية سعيد السابقة
لعدم القائل بالفصل واما ما رواه الشيخ عن عمار في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن التكبير فقال واجب في دبر كل صلاة فريضة أو نافلة أيام التشريق فمحمول على التأكيد
جمعا بين الاخبار احتج المرتضى بقوله تعالى واذكروا الله في أيام معدودات فان المراد به التكبير أيام التشريق والامر للوجوب روى الشيخ عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن قول الله عز وجل واذكروا الله في أيام معدودات قال المراد به التكبير في أيام التشريق صلاة الظهر من يوم النحر إلى صلاة الفجر يوم الثالث وفي
الأمصار عشر صلوات فإذا نفر بعد الأولى أمسك أهل الأمصار ومن أقام بمنى فصلى بها الظهر والعصر فليكبر وروى الشيخ في مباحث الحج عن حماد بن عيسى في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
قال سمعته يقول قال علي (ع) في قول الله اذكروا في أيام معلومات قال أيام العشر وقوله اذكروا الله في أيام معدودات قال أيام التشريق والجواب ان الامر محمول على
الاستحباب جمعا بين الأدلة واحتج أيضا بالاجماع والجواب منع ثبوته سيما (فيه) خالف فيه معظم الأصحاب احتج ابن الجنيد على استحبابه عقيب النوافل بما رواه حفص بن غياث باسناده
إلى علي (ع) قال على الرجال والنساء ان يكبروا أيام التشريق في دبر الصلوات وعلى من صلى وحده ومن صلى تطوعا ويدل عليه موثقة عمار السابقة لكن يدفعه ما رواه الشيخ
عن داود بن مرقد في الصحيح قال قال أبو عبد الله (ع) التكبير في كل فريضة وليس في النافلة تكبير أيام التشريق قال جماعة من الأصحاب ولو فاته صلاته كبر عقيبها ولو خرجت أيامه
لقوله عليه السلام فليقضها كما فاتته وفيه تأمل لخروج التكبير عن الصلاة واختلف الأصحاب في كيفية التكبير فروى ابن بابويه في مباحث الحج ان عليا (ع) كان يقول في دبر كل
صلاة في عيد الأضحى الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد وفي المقنع في صفته تكبير الأضحى الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد والله أكبر على ما
322

هدانا والحمد لله على ما أولانا والله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام وقال المفيد في تكبير الفطر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله على ما رزقنا من بهيمة الأنعام وقال
الشيخ في النهاية الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله على ما هدانا وله الشكر على ما أولانا وفي الأضحى كذلك الا انه يزيد فيه ورزقنا من بهيمة الأنعام وقال في المبسوط في تكبير الفطر
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد على ما هدانا وله الشكر على ما أولانا وفي الأضحى مثله الا انه يزيد في اخره ورزقنا من بهيمة الأنعام وفي الخلاف على ما حكى (سنه)
الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر (على ما هدانا وله الشكر على ما أولانا وفي الأضحى الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الحمد لله
على) ولله الحمد وقال ابن أبي عقيل في الأضحى الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا
من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا وقال ابن الجنيد في الفطر الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد على ما هدانا وفي الأضحى الله أكبر الله أكبر الله أكبر
ثلاثا لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا كذا حكى عنه المصنف في الخلاف ونقل عنه في المعتبر
والمنتهى غير ذلك وفي الذكرى غيره وفي البيان غيره وقال الشهيد في الدروس مثل النهاية الا انه ثلث التكبير في أوله والتثليث المذكور منقول عن البزنطي في جامعه قال
المحقق في المعتبر ولا ريب ان ذلك تعظيم لله وذكر مستحب فلا فائدة في المضايقة (عليه) وهو حسن ويدل على التوسعة فيه ما رواه الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال
سألته عن رجل فاتته ركعة مع الامام من الصلاة أيام التشريق قال يتم صلاته ثم يكبر قال وسألته عن التكبير بعد كل صلاة فقال كم شئت انه ليس شئ موقت يعني في الكلام
وأوردها الشيخ في التهذيب بتفاوت في المتن فإنه قال فيه وسألته عن التكبير بعد كم صلاة وفيه تفاوت اخر غير مؤثر في المعنى والذي وصل إلينا في كيفية التكبير روايات
منها ما رواه الكليني عن معاوية بن عمار باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم وأوردها الشيخ باسناد اخر فيه ضعف عن أبي عبد الله (ع) قال التكبير أيام التشريق من صلاة الظهر يوم
النحر إلى صلاة العصر من اخر أيام التشريق ان أنت أقمت بمنى وان أنت خرجت فليس عليك التكبير والتكبير ان تقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد لله
أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والحمد لله على ما أبلانا وعن زرارة في الحسن بإبراهيم قال قلت لأبي جعفر (ع) التكبير في أيام التشريق في دبر الصلوات
فقال التكبير بمنى في دبر خمسة عشر صلاة وفي ساير الأمصار في دبر عشر صلوات وأول التكبير في دبر صلاة الظهر يوم النحر تقول فيه الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر
ولله الحمد لله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام وعن منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل واذكروا الله في أيام معدودات قال
هي أيام التشريق كانوا إذا قاموا بمنى بعد النحر تفاخروا فقال الرجل منهم كان أبي يفعل كذا وكذا فقال الله عز وجل فإذا قضيتم من عرفات فاذكروا الله كذكركم آباءكم
أو أشد ذكرا قال والتكبير الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد الله أكبر على ما هدانا الله أكبر على ما رزقنا من بهيمة الأنعام والعمل بمضمون كل واحد
من هذه الأخبار متجه في الأضحى واما في الفطر فالأولى العمل برواية سعيد النقاش فإنها مستند الحكم هناك
ويكره التنفل بعدها إلى الزوال وقبلها للاخبار الكثيرة الدالة
عليه منها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) صلاة العيدين مع الامام سنة وليس قبلها ولا بعدها صلاة ذلك اليوم إلى الزوال الا بمسجد النبي صلى الله عليه وآله
فإنه يصلي فيه ركعتين قبل خروجه فإن لم يكن في مسجد النبي صلى الله عليه وآله وكان في المدينة قصده وصلى ركعتين فيه قبل خروجه لما رواه الشيخ وابن بابويه عن محمد بن الفضل الهاشمي
عن أبي عبد الله (ع) أنه قال ركعتان من السنة ليس يصليان في موضع الا بالمدينة قال يصلي في مسجد الرسول صلى الله عليه وآله في العيد قبل ان يخرج إلى المصلي ليس ذلك الا بالمدينة لان رسول الله
صلى الله عليه وآله فعله
المقصد الرابع في صلاة الكسوف قال في القاموس يقال كسف الشمس والقمر كسوفا احتجبا كانكسفا والله إياهما أحجبهما والأحسن في القمر خسف
وفي الشمس كسفت وفي المجمل وكان بعض أهل العلم يقول الخسوف للقمر والكسوف للشمس وقال آخرون إذا ذهب بعضها فهو الكسوف وإذا ذهب كلها فهو الخسوف واليه أومأ في القاموس
وقال ابن الأثير قد تكرر في الحديث ذكر الكسوف والخسوف للشمس والقمر فرواه جماعة فيهما بالكاف ورواه جماعة فيهما بالخاء ورواه جماعة في الشمس بالكاف وفي القمر بالخاء
والكثير في اللغة وهو اختيار الفراء ان يكون الكسوف للشمس والخسوف للقمر يقال كسفت الشمس وكسفها الله وانكسفت وخسف القمر وخسفه الله وانخسف وكلام الجوهري قريب مما في القاموس
الا انه جعل انكسفت الشمس من كلام العامة وكذا في المغرب وهو وهم فان الاخبار مملوة بلفظ الانكساف ومراد المصنف من الكسوف احتجاب القمرين ولو عبر بصلاة الآيات كان أجود
ولعل التخصيص في العنوان لكثرة وقوعهما بالنسبة إلى غيرهما من الآيات وانعقاد الاجماع على شرعيتهما واختصاص معظم النصوص بهما ويحتمل ان يكون المراد من صلاة الكسوف
الصلاة التي من شأنها ان يصلي للكسوف وقد وقع ذلك في بعض الأخبار روى الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) كل أخاويف السماء من ظلمة أو فزع أو ريح
فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن يجب عند كسوف الشمس والقمر بلا خلاف في ذلك بين الأصحاب نقل اجماعهم على ذلك جماعة منهم ويدل عليه الاخبار فروى ابن بابويه عن جميل
في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة العيدين فريضة وصلاة الكسوف فريضة وروى الشيخ عن جميل بن دراج في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال وقت صلاة الكسوف في الساعة التي ينكسف
عند طلوع الشمس وعند غروبها قال وقال أبو عبد الله (ع) هي فريضة ونحوه روى في الصحيح إلى محمد بن عمران عن أبي عبد الله (ع) وعن أبي أسامة عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة العيدين
فريضة وصلاة الكسوف فريضة وعن علي بن أبي عبد الله (ع) قال سمعت أبا الحسن موسى (ع) يقول إنه لما قبض إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله جرت ثلاث سنن إما واحدة فإنه لما مات انكسفت الشمس فقال
الناس انكسفت الشمس لفقد ابن رسول الله صلى الله عليه وآله فصعد رسول الله صلى الله عليه وآله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس ان الشمس والقمر ايتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له
لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا انكسفا أو واحدة منهما فصلوا بالناس صلاة الكسوف إلى غير ذلك من الاخبار والزلزلة ونقل المصنف في التذكرة اتفاق الأصحاب عليه
ونسبه في المعتبر إلى الأصحاب قال في الذكرى وابن الجنيد لم يصرح به لكن ظاهر كلامه ذلك حيث قال يلزم الصلاة عند كل مخوف سماوي وكذا ابن زهرة واما أبو الصلاح فلم يتعرض
لغير الكسوفين ويدل عليه ما رواه ابن بابويه عن سليمان الديلمي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أراد الله ان يزلزل الأرض أمر الملك ان يحرك عروقها فيتحرك بأهلها قلت
وإذا كان ذلك فما اصنع قال صل صلاة الكسوف وضعف الرواية سندا ودلالة يتجه بعمل الأصحاب وفتاويهم ويمكن الاستدلال عليه أيضا بصحيحة محمد بن مسلم وبريد بن معاوية الآتية
مع امكان المناقشة فيه وقد يستدل عليه أيضا بما رواه الشيخ عن عمر بن أذينة عن رهط وهم الفضيل بن يسار وزرارة وبريد ومحمد بن مسلم عن كليهما (ع) ومنهم من رواه عن أحدهما عليهما السلام
ان صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله والناس خلفه في كسوف الشمس ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها ورووا
إن الصلاة في هذه الآيات كلها سواء ووجه الاستدلال بها بوجهين إحدهما إن قوله (ع) صلاها في كسوف الشمس يقتضي ايقاع تلك الصلاة مع جميع اعتباراتها من جهاتها والوجوه
التي يقع عليها فلو كانت مستحبة هناك أوقعها في الكسوف كذلك وهو خلاف الاجماع وثانيهما ان اطلاق التسوية يقتضي بظاهر الاشتراك في الوجوب والوجهان ضعيفان والآيات
المخوفة وكان الأولى تأخيرها بان يقال وباقي الآيات لاشتراك الكل في كونه أية والريح المظلمة وباقي أخاويف السماء ذهب أكثر الأصحاب إلى وجوب الصلاة لجميع أخاويف السماء
كالشيخ في الخلاف والمفيد والمرتضى وابن الجنيد وابن أبي عقيل وابني بابويه وسلار وابن البراج وابن إدريس وجمهور المتأخرين بل نقل الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة عليه وقال
في نهاية صلاة الكسوف والزلازل والرياح المخوفة والظلمة الشديدة فرض واجب لا يجوز تركها علي حال ونحوه قال في المبسوط وقال في الجمل صلاة الكسوف فريضة في أربعة مواضع
عند كسوف الشمس وخسوف القمر والزلازل والرياح السوداء المظلمة ونحوه قال ابن حمزة ونقل عن أبي الصلاح انه لم يتعرض لذكر غير الكسوفين والترجيح للأول بما رواه ابن بابويه
323

والشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا قلنا لأبي جعفر عليه السلام هذه الرياح والظلم التي تكون هل يصلي لهما فقال كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف وعن محمد بن
مسلم وبريد بن معاوية في الصحيح عن أبي جعفر (ع) (وأبي عبد الله (ع)) قالا إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات فصلها ما لم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة والامر وان لم يكن واضح الدلالة على الوجوب
في اخبارنا الا ان عمل الأصحاب وفهمهم مما يعيننا على الحكم وبه مقتضى الرواية الأولى إناطة الحكم بما يحصل به الخوف عادة لعامة الناس ولو كسف بعض الكواكب أو كسف بعضها
أحد النيرين كما نقل ان زهرة رؤيت في جرم الشمس كاسفة لها فالذي استقر به المصنف في التذكرة والشهيد في البيان عدم وجوب الصلاة بذلك استنادا إلى أن
الموجب الآية المخوفة لعامة الناس وأغلبهم لا يشعرون بذلك واحتمل في الذكرى الوجوب لأنها من الأخاويف ولعل الأول أقرب
فيجب لجميع هذه الأسباب صلاة ركعتين في
كل ركعة خمس ركوعات وكيفيتها ان يكبر للاحرام ثم يقرأ الحمد وسورة ثم يركع ثم يقوم فيقرأ الحمد وسورة ثم يركع هكذا خمسا ثم يسجد بعد القيام من الركوع
الخامس سجدتين ثم يقوم فيصلي الركعة الثانية كذلك ويتشهد ويسلم ويجوز ان يقرأ بعض السورة فيقوم من الركوع ويتمها من غير أن يقرأ الحمد وانشاء وزع السورة
على الركعات الأولى وكذلك السورة في الثانية مستند هذه الكيفية النصوص الواردة عن أصحاب العصمة سلام الله عليهم أجمعين فروى الشيخ عن عمر بن أذينة عن رهط
في الصحيح عن كليهما (ع) ومنهم من رواه عن أحدهما (ع) ان صلاة كسوف الشمس والقمر والرجفة والزلزلة عشر ركعات وأربع سجدات صلاها رسول الله صلى الله عليه وآله والناس خلفه في
كسوف الشمس ففرغ حين فزغ وقد انجلى كسوفها ورووا ان الصلاة في هذه الآيات كلها سواء وأشدها وأطولها
كسوف الشمس تبدأ فتكبر بافتتاح الصلاة ثم تقرأ أم الكتاب
وسورة ثم تركع ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع الثالثة (الثانية خ ل) ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع (الثالثة ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ أم الكتاب وسورة ثم تركع) الرابعة ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ
أم الكتاب وسورة ثم تركع الخامسة (ثم ترفع رأسك) فإذا رفعت رأسك قلت سمع الله لمن حمده ثم تخر ساجدا فتسجد سجدتين ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الأولى قال قلت وان هو قرأ
سورة واحدة في الخمس ركعات ففرقها بينها قال أجزأه أم القران في أول مرة وان قرأ خمس سور مع كل سورة أم الكتاب والقنوت في الركعة الثانية قبل الركوع إذا فرغت من القراءة
ثم تقنت في الرابعة مثل ذلك ثم في السادسة ثم في الثامنة ثم في العاشرة والرهط الذين رووه الفضيل وزرارة وبريد ومحمد بن مسلم وروى الكليني والشيخ عنه عن زرارة
ومحمد بن مسلم باسنادين أحدهما من الحسن بإبراهيم بن هاشم قالا سألنا أبا جعفر (ع) عن صلاة الكسوف كم هي ركعة وكيف نصليها فقال هي عشر ركعات وأربع سجدات تفتتح الصلاة
بتكبير وتركع بتكبيرة وترفع رأسك بتكبيرة الا في الخامسة التي تسجد فيها وتقول سمع الله لمن حمده وتقنت في كل ركعتين قبل الركوع وتطول القنوت والركوع على
قدر القراءة والركوع والسجود فإذا فرغت قبل ان ينجلي فاقعد وادع الله حتى ينجلي فان انجلى قبل ان تفرغ من صلاتك فأتم ما بقى تجهر بالقراءة قال قلت كيف القراءة فيها
فقال إن قرأت في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب فان نقصت من السورة شيئا فاقرأ من حيث نقصت ولا تقرأ فاتحة الكتاب قال وكان يستحب ان يقرأ فيها بالكهف والحجر الا ان يكون إماما
يشق على من خلفه فان استطعت أن تكون صلاتك بارزا لا يجنك بيت فافعل وصلاة كسوف الشمس أطول من صلاة كسوف القمر وهما سواء في القراءة والركوع والسجود وروى
الصدوق عن الحلبي في الصحيح انه سأل أبا عبد الله (ع) عن صلاة الكسوف كسوف الشمس وخسوف القمر قال عشر ركعات وأربع سجدات تركع خمسا ثم تسجد في الخامسة ثم تركع خمسا ثم تسجد
في العاشرة وان شئت قرأت سورة في كل ركعة وان شئت قرأت نصف سورة في كل ركعة فإذا قرأت سورة في كل ركعة فاقرأ فاتحة الكتاب وان قرأت نصف سورة أجزأك
ان لا تقرأ فاتحة الكتاب الا في أول ركعة حتى يستأنف أخرى ولا تقل سمع الله لمن حمده في رفع رأسك من الركوع الا في الركعة التي تريد ان تسجد فيها وقد دل بعض الأخبار
على أن عليا (ع) صلى في كسوف الشمس ركعتين في أربع سجدات وأربع ركعات وبعضها على أن أبا جعفر (ع) صلى ثمان ركعات كما يصلي ركعة وسجدتين وحملها الشيخ على التقية لأنهما
موافقان لمذاهب بعض العامة والمشهور بين الأصحاب انه إذا أكمل سورة وجب عليه قرائة الحمد فيما يليه وهو المستفاد من الاخبار واستحبه ابن إدريس محتجا بان الركعات كركعة واحدة
ورده المحقق في المعتبر بأنه خلاف فتوى الأصحاب والمنقول عن أهل البيت (ع) وهو حسن قال الشهيد في الذكرى فان احتج ابن إدريس برواية عبد الله بن سنان عن الصادق (ع)
قال انكسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى ركعتين قام في الأولى فقرأ سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقراء سورة
ثم ركع (فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ بسورة ثم رفع فأطال الركوع ثم رفع رأسه فقرأ سورة ثم ركع) فعل ذلك خمس ركعات قبل ان يسجد ثم سجد سجدتين ثم قام في الثانية ففعل مثل ذلك فكان له عشر ركعات وأربع سجدات والتوفيق بينها وبين باقي الروايات
بالحمل على استحباب قرائة الفاتحة مع الاكمال فالجواب ان تلك الروايات أكثر وأشهر وعمل الأصحاب بمضمونها فتحمل هذه الرواية على أن الراوي ترك ذكر الحمد للعلم به ليوافق تلك الروايات الأخر
ولا يخفى ان في هذا التأويل بعدا لكن سند هذه الرواية غير معلوم وعلى كل تقدير فالعدول عن الروايات الصحيحة المعتضدة بالشهرة بين الطائفة المقوية بتوقف البراءة
اليقينية من التكليف الثابت على العمل بمضمونها مما لا وجه لصحته فاذن التعويل على المشهور ويستفاد من اطلاق الرواية الثانية جواز التفريق بان يبعض سورة في إحدى الركعتين
ويقرأ في الأخرى خمسا والجمع في الركعة الواحدة بين الاتمام والتبعيض بان يتم السورة في القيام (الأول) مثلا ويبعض سورة في أربع البواقي واحتمل الشهيد في الذكرى انحصار المجزي
في سورة واحدة أو خمس سور لأنها إن كانت ركعة وجبت الواحدة وإن كانت خمسا فالخمس فيمكن استناد ذلك إلى تجويز الامرين وليس بين ذلك واسطة وهل يجب اكمال سورة في
الخمس قال المصنف في النهاية الأقرب ذلك لصيرورتها حينئذ بمنزلة ركعة فيجب فيها الحمد وسورة ولو جمع في ركعة بين الاتمام والتبعيض فهل يجوز ان يسجد قبل اتمام السورة فيه وجهان أو لعل
الأقرب الجواز وفي جواز اتمامها بعد القيام من السجود وجهان لكن لابد حينئذ من قرائة الحمد قال المصنف الأقرب انه يجوز ان يقرأ في الخمس سورة وبعض أخرى فإذا قام إلى الثانية فالأقرب
وجوب الابتداء بالحمد لأنه قيام عن سجود فوجب فيه الفاتحة ثم يبتدي بسورة من أولها ثم إما ان يكملها أو يقرأ بعضها ويحتمل ضعيفا ان يقرأ من الموضع الذي انتهى إليه
أولا من غير أن يقرأ الفاتحة لكن يجب ان يقرأ الحمد في الثانية بحيث لا يجوز الاكتفاء بالحمد مرة في الركعتين انتهى وذكر الشهيد انه متى ركع عن بعض سورة تخير في القيام بعده
بين القراءة من موضع القطع وبين القراءة من اي موضع شاء من السورة وبين رفضها وقرأته غيرها واحتمل أيضا ما قربه المصنف من جواز إعادة البعض الذي قرأ من السورة
أولا قال (فح) هل يجب قرأته الحمد يحتمل ذلك لابتداءه بسورة ويحتمل عدمه لان قرأته بعضها مجز فقرأته جميعها أولي هذا ان قرأ جميعها وان قرأ بعضها فأشد اشكالا
وعن المصنف انه تردد في وجوب قرائة الحمد لو رفض السورة التي قرأ بعضها من أن وجوب الحمد مشروط باكمال السورة قبلها ومن انه في حكم الاكمال قال الشهيد ويجيئ ذلك
في العدول عن الموالاة في السورة الواحدة ولا يخفى ان في أكثر هذه الصور اشكال لان مقتضى قوله (ع) فان نقصت من السورة شيئا فاقرأ من حيث نقصت تعين القراءة من موضع
القطع فلا يكون العدول إلى غيره من السورة أو غيرها سائغا والمتجه الاقتصار على المورد الذي دلت عليه الرواية لتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه
ووقتها اي وقت
هذه الصلاة من حين ابتداء الكسوف إن كان سببها الكسوف إلى ابتداء الانجلاء إما ان وقتها في الكسوف من حين ابتدائه فالظاهر أنه لا خلاف فيه بل قال في المنتهى انه مذهب
علماء الاسلام لقول النبي صلى الله عليه وآله فإذا رأيتم ذلك فصلوا وقول الصادق (ع) وقت صلاة الكسوف في الساعة التي تنكسف وانما اختلف الأصحاب في اخره فالمشهور بين الأصحاب ما اختاره المصنف
واليه ذهب الشيخان وابن حمزة وابن إدريس والمحقق في النافع وذهب المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى إلى أن اخره تمام الانجلاء واختاره الشهيد وبعض المتأخرين وهو المحكي عن ظاهر
المرتضى وابن أبي عقيل وسلار وهو الراجح لنا ان وجوب الصلاة يتحقق بتحقق الكسوف ولا دليل على السقوط بالأخذ في الانجلاء فيستمر الوجوب ويؤيده ما رواه الشيخ عن عمار
324

الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال قال إن صليت الكسوف إلى أن يذهب الكسوف عن الشمس والقمر وتطول في صلاتك فان ذلك أفضل والذهاب انما يكون بانجلاء
التام وعن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) صلاة الكسوف إذا فرغت قبل ان ينجلي (فأعد)
ولو خرج الوقت بالأخذ في الانجلاء لما استحب الإعادة بعده واما القول بانتهاء الوقت بالأخذ
في الانجلاء فحجته غير واضح ولعلها ما رواه الشيخ عن حماد بن عثمان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال (ذكروا) عنده انكساف الشمس وما يلقى الناس من شدته فقال إذا انجلى منه شئ
فقد انجلى قال المحقق لا حجة في ذلك لاحتمال ان يكون أراد تساوي الحالين في زوال الشدة لابيان الوقت ولو غابت الشمس أو القمر بعد الكسوف وقبل الانجلاء وجبت
الصلاة أداء إلى أن يتحقق الانجلاء التام وكذا لو سترت بغيم أو طلعت الشمس أو القمر بعد انخسافه لاطلاق الامر قال في الذكرى لو اتفق اخبار رصدين عدلين بمدة المكث أمكن العود
إليهما ولو اخبرا بالكسوف في وقت مترقب فالأقرب انهما ومن اخبراه بمثابة العالم وكذا لو اتفق العلم بخبر الواحد للقرائن وهو متجه ان أفاد الاخبار العلم أو أخبر العدلان عن علم أن
قلنا بوجوب العمل بقولهما مطلقا لكن في هذا التعميم اشكال فلو قصر عنها سقطت لاستحالة التكليف بشئ يقصر وقته عنه ومقتضى ذلك أن المكلف لو شرع في
الصلاة في ابتداء الوقت ثم تبين ضيقه عنها لم يجب الاتمام بل يجب القطع لانكشاف عدم الوجوب لكن المصنف في المنتهى ذكر انه لو خرج الوقت قبل اتمام الصلاة يتمها ويدل
عليه حسنة زرارة السابقة في بيان كيفية هذه الصلاة وتردد الفاضلان في وجوب الصلاة لو قصر الوقت عن أخف الصلاة مع حكمهما بعدم الوجوب في صورة عدم ادراك
الركعة واستوجه المصنف في المنتهى وجوب الصلاة مع ادراك الركعة نظر إلى أن ادراك الركعة بمنزلة ادراك الصلاة ولا يخفى ان اثبات انسحاب مستند هذا الحكم فيما عدا اليومية
محل اشكال والظاهر أن الأدلة غير دالة على التوقيت بل ظاهرها سببية الكسوف لايجاب الصلاة ومقتضى ذلك عدم تقدر الوجوب بمقدار ادراك الصلاة أو ركعة منها
فان ثبت اجماع على شئ من ذلك تعين المصير إليه والا لم يكن معدل عن اطلاق الأدلة فتدبر وكذا الرياح والأخاويف غير الزلزلة بشرط سعة زمانها لأخف الصلاة على
المشهور بين الأصحاب وأسنده في الذكرى إلى الأصحاب وذهب في الدروس إلى عدم اعتبار سعة وقتها كالزلزلة واختاره المصنف في بعض كتبه نظر ا إلى اطلاق الامر واحتمل المصنف
في بعض كتبه وجوب الاكمال على من أكمل ركعة فخرج الوقت لعموم من أدرك من الوقت ركعة وفيه ان عموم المفرد المعرف ليس الا بحسب القرائن الحالية والمقالية وعند عدم
تبادر بعض الافراد وانسياق الذهن إليه وما نحن فيه ليس من هذا القبيل لان المتبادر المنساق إلى الذهن وقت صلاة اليومية ويؤيده لفظة من التبعيضية فإنها
تفيد زيادة الوقت عن الركعة والمفروض في محل البحث خلاف ذلك على أن الخبر المذكور خبر عامي لا يصلح التعويل عليه الا في مورد الشهرة والاتفاق وقد يروى الخبر بلفظ
اخر وهو من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة والاستناد إليه أيضا محل اشكال والأقرب في المسألة ما اختاره المصنف هنا لقول أبي جعفر (ع) في حسنة زرارة ومحمد بن مسلم
كل أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصل له صلاة الكسوف حتى يسكن وجه الدلالة ان حتى إما ان يكون لانتهاء الغاية أو التعليل وعلى الأول يثبت التوقيت صريحا وعلى
الثاني يلزم التوقيت أيضا لاستلزام انتفاء العلة انتفاء المعلول ولو تركها اي الصلاة لهذه الأخاويف عمدا أو نسيانا حتى خرج الوقت قضاها واجبا المراد ان من علم بحصول
الآية المخوفة وترك الصلاة يجب عليه القضاء وان احترق بعض القرص سواء كان عالما في الترك أو ناسيا على المشهور بين الأصحاب وقال الشيخ في النهاية والمبسوط لا يقضي الناسي ما لم
يستوعب الاحتراق وهو اختيار ابن حمزة وابن البراج وظاهر الجمل ايجاب القضاء مع احتراق القرص وعدمه عند احتراق البعض وكذا في المسائل المصرية وهو ظاهر المرتضى في
المصباح واحتج الأولون بوجوه منها الأخبار الدالة على وجوب قضاء ما فات من الصلوات من غير استفصال منها قول أبي جعفر (ع) في صحيحة زرارة أربع صلوات يصليها
الرجل في كل ساعة صلاة فاتتك فمتى ما ذكرتها أديتها الحديث وقوله (ع) في صحيحة أخرى لزرارة وقد سأله عن رجل صلى بغير طهور أو نسى صلاة أو نام عنها يقضيها إذا ذكرها وظاهر
هذين الخبرين وما في معناهما العموم بقرينة عدم الاستفصال وإن كان احتمال الاختصاص بالمتبادر الغالب المنساق إلى الذهن وهو صلاة اليومية غير بعيد بناء على أن
التعميم بالنسبة إلى الافراد النادرة غير واضح سيما إذا لم يكن العموم مستندا إلى الأداة الموضوعة له ومنها ما رواه الشيخ عن حريز عمن اخبره عن أبي عبد الله (ع) قال إذا انكسف القمر
فاستيقظ الرجل ولم يصل فليغتسل من غد وليقض الصلاة وان لم يستيقظ ولم يعلم بانكساف القمر فليس عليه الا القضاء بغير غسل وفي سند هذه الرواية ضعف مع أن
ظاهرها غير معمول بين الأصحاب ومنها ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال وان لم تعلم حتى يذهب الكسوف ثم علمت بعد ذلك فليس عليك
صلاة الكسوف وان أعلمك أحد وأنت نايم فعلمت ثم غلبتك عيناك فلم تصل فعليك قضاؤها ويدل على عدم وجوب القضاء الا مع استيعاب الاحتراق الأصل وما
رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح انه سأل أخاه موسى (ع) عن صلاة الكسوف هل على من تركها قضاء فقال إذا فاتتك فليس عليك قضاء ويؤيده ما رواه عن عبيد الله الحلبي
باسناد فيه محمد بن سنان الضعيف قال سألت أبا عبد الله (ع) عن صلاة الكسوف تقتضي إذا فاتتنا قال ليس فيها قضاء وقد كان في أيدينا انها تقتضي ويمكن الجمع بين هذين الخبرين
والخبرين السابقين بوجهين أحدهما حمل الخبرين السابقين على الاستحباب صونا للخبر الراجح بحسب صحة السند عن التأويل مع قرب التأويل المذكور وثانيهما حمل هذين الخبرين على صورة
عدم العلم أولا ولعل في العدول عن لفظ الراوي إلى قوله (ع) إذا فاتتك اشعار إما بهذا التأويل ويعضده الشهرة والمسألة محل اشكال والاحتياط في القضاء واعلم أن أكثر
أدلة الطرفين مختصة بالكسوفين فلا يجري في غيرهما من الأخاويف والقول بترجيح وجوب القضاء هناك غير بعيد للأخبار الدالة على وجوب قضاء ما فات فإنها سالمة عن المعارض
ههنا وطريق التأمل غير منسد فيه فتدبر إما لو جهلها حتى خرج وقتها فلا قضاء الا في الكسوف بشرط احتراق القرص أجمع القول بعدم وجوب قضاء صلاة الكسوفين الا
مع الاستيعاب قول أكثر الأصحاب بل قال في التذكرة انه مذهب الأصحاب عدا المفيد في المقنعة وقال المفيد في المقنعة إذا احترق القرص كله ولم تكن علمت به حتى أصبحت
صليت صلاة الكسوف جماعة وان احترق بعضه ولم تعلم به حتى أصبحت صليت القضاء فرادى وظاهر المرتضى في الاقتصار وعلي بن بابويه وابنه في المقنع وابن الجنيد وأبي الصلاح
وجوب القضاء مطلق والمتجه الأول ويدل عليه ما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا انكسفت الشمس كلها واحترقت ولم تعلم وعلمت
بعد ذلك فعليك القضاء وان لم تحترق كلها فليس عليك قضاء وما رواه ابن بابويه عن محمد بن مسلم والفضيل بن يسار في الصحيح انهما قالا لأبي جعفر (ع) أتقضي صلاة
الكسوف ومن إذا أصبح فعلم وإذا امسى فعلم قال إن كان القرصان احترقا كلهما قضيت وإن كان انما احترق بعضهما فليس عليك قضاؤه وما رواه الشيخ عن زرارة في
الموثق عن أبي جعفر (ع) قال انكسفت الشمس وأنا في الحمام فعلمت بعد ما خرجت فلم اقض وفي غير الكسوفين لا يجب القضاء على المشهور بين الأصحاب استنادا إلى الأصل واستشهد
بالروايات المتضمنة لسقوط القضاء في الكسوف إذا لم يستوعب الاحتراق نظرا إلى أن الوجوب هناك أقوى للاجماع على أنه موجب للصلاة واستفاضة النصوص به وضعفه ظاهر
واحتمل الشهيد في الذكرى انسحاب الخلاف ههنا واحتمل الشارح الفاضل وجوب القضاء هنا لوجود السبب وعموم قوله (ع) من فاته فريضة والتعليل الأول ضعيف والاستناد
إلى الثاني غير بعيد واما الزلزلة فقد صرح المصنف في التذكرة بسقوطها في صورة الجهل عملا بالأصل السالم عن المعارض وفيه نظر لان المعارض موجود وهو عموم ما دل
على وجوب الصلاة للزلزلة من غير توقيت ولا تقييد بالعلم المقارن لحصولها ولهذا قال في النهاية ويحتمل في الزلزلة قويا الاتيان بها لان وقتها العمر
ووقت الزلزلة مدة
العمر ويصليها أداء وان سكنت هذا قول أكثر الأصحاب لاطلاق الامر الخالي من التقييد بالتوقيت فمجرد حصولها سبب لوجوب الفعل من غير أن يكون موقتا بزمانها فلاوجه للشك
325

فيه لمنافاته القواعد الأصولية من امتناع التكليف بفعل في زمان لا يسعه كم ينقل عن المصنف وحكى الشهيد في البيان قولا بأنها تصلي بنية القضاء والحق المصنف في التذكرة والنهاية الصحيحة
لأنها من قبيل الأسباب لا الأوقات لتعذر الصلاة فيه لقصوره جدا قال في النهاية ويحتمل ان يكون سببا للفورية فيجب الابتداء بالصلاة حين وقوعه ويمتد الوقت بامتداد الصلاة
ثم يخرج ويصير قضاء لكن الأول أولي قال ويحتمل في البلاد التي تستمر فيها الزلزلة زمانا طويلا كون الوقت بها منوطا بها والضابط ان كل أية يقصر زمانها عن فعل العبادة
فإنها سبب وما لا يقصر ولو قصر في بعض الأوقات سقطت وما ذكره من الضابط غير مرتبط بدليل والحق ان زمان صلاة الزلزلة مدة العمر ويستوي في ذلك البلاد لعدم
التوقيت في النصوص وما احتمله من الفورية وامتداد وقت الأداء بمقدار الصلاة لا حجة عليه لان التحقيق ان الامر غير دال على الفورية كما هو مختار المصنف في كتبه الأصولية
قال الشهيد في الذكرى وحكم الأصحاب بان الزلزلة يصلى أداء طول العمر لا بمعنى التوسعة فان الظاهر وجوب الامر هنا على الفور بل على معنى نية الأداء وان أخل بالفورية لعذر
وغيره وما ذكره موافق للاحتياط وان في اثباته عسرا وفي هذا المقام اشكال وهو ان الأداء والقضاء من توابع الوقت المضروب فما لا يضرب له وقت كالزلزلة لم يتصف بكونه
أداء وقضاء فلا يستقيم الحكم بكونها تصلى أداء وان سكنت وحكى عن المدقق الشيخ علي أنه قال في بعض حواشيه انما كانت هذه الصلاة أداء لان الاجماع واقع على كون هذه الصلاة
موقته والتوقيت يوجب نية الأداء ولما كان وقتها لا يسعها وامتنع فعلها فيه وجب المصير إلى كون ما بعده صالحا لايقاعها فيه حذرا من التكليف بالمحال وبقى حكم
الأداء مستصحبا لانتفاء الناقل عنه وروعي فيها الفورية من حيث إن فعلها خارج وقت السبب انما كان بحسب الضرورة فاقتصر في التأخير على قدرها وفي ذلك
جمع بين القواعد المتضادة وهي تأقيت هذه الصلاة مع قصر وقتها واعتبار سعة الوقت لفعل العبادة انتهى ولا يخفى ما فيه من التكليف وادعاؤه الاجماع على توقيت هذه
الصلاة مع تصريح كثير منهم بامتدادها بامتداد العمر محل التعجب
ويستحب في صلاة الكسوف الجماعة عند علمائنا أجمع على ما حكاه المصنف في التذكرة ويتأكد استحباب الجماعة إذا
استوعب الاحتراق وقال الصدوق إذا احترق القرص كله فصلها في جماعة وان احترق بعضه فصلها فرادى قال في الذكرى ان أراد نفي تأكد الاستحباب مع احتراق بعض القرص
فمرحبا بالوفاق وان أراد انفي استحباب الجماعة وترجيح الفرادى طولبا بدليل المنع ويدل على استحباب الجماعة فيها في الجملة قوله (ع) في صحيحة الرهط السابقة ان رسول الله صلى الله عليه وآله
صلى بأصحابه صلاة الكسوف ويدل على جواز الانفراد ما رواه الشيخ عن روح بن عبد الرحيم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن صلاة الكسوف تصلى جماعة قال جماعة وغير جماعة وعلى
تأكد الاستحباب في صورة الاستيعاب ما رواه الشيخ عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال إذا انكسف الشمس والقمر فإنه ينبغي للناس ان يفرغوا إلى امام ليصلي بهم وأيهما كسف
بعضه فإنه يجزي الرجل يصلي وحده وصرح الشهيد في البيان بجواز اقتداء المفترض بالمتنفل في هذه الصلاة وبالعكس كاليومية وهو حسن ولو أدرك المأموم الامام قبل
الركوع الأول فالظاهر أنه مدرك للركعة ولو لم يدركه حتى رفع رأسه من الركوع الأول فالظاهر فوات (تلك) الركعة كما صرح به المحقق في المعتبر والمصنف في عدة من كتبه اقتصارا في الاكتفاء بفعل
الغير في تأدية الواجب على ما دل عليه الدليل ويؤيده ان الدخول معه في هذه الحالة يستلزم تخلف المأموم عن الامام ان تدارك الركوع بعد سجود الامام أو تحمل الامام الركوع
ان رفض الركوعات وسجد بسجود الإمام قال المصنف في النهاية بعد استشكاله ادراك الركعة في الصورة المفروضة فان منعناه استحب المتابعة حتى يقوم من السجود في الثانية فيستأنف
الصلاة معه فإذا قضى صلاته أتم هو الثانية ويحتمل الصبر حتى يبتدئ بالثانية قال ويحتمل المتابعة ببينة صحيحة فإذا سجد الإمام لم يسجد هو بل هو ينتظر الامام إلى أن يقوم
فإذا ركع الامام أول الثانية ركع معه عن ركعات الأولى فإذا انتهى إلى الخامس بالنسبة إليه سجد ثم لحق الامام ويتم الركعات قبل سجود الثانية والإطالة بقدره وهو موضع
وفاق بين العلماء على ما ذكره المحقق في المعتبر وهذا انما يتم مع العلم بذلك أو الظن الحاصل من اخبار الرصدي مثلا إما بدونه فلم يبعد ان يكون التخفيف ثم الإعادة مع عدم الانجلاء
أولي لما في التطويل من خوف خروج الوقت قبل الاتمام ويدل على استحباب الإطالة ما رواه الشيخ عن عمار في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال إذا صليت الكسوف فإلى ان يذهب
الكسوف عن الشمس والقمر وتطول في صلواتك فان ذلك أفضل وان أحببت ان تصلي فتفرغ من صلواتك قبل ان يذهب الكسوف فهو جائز وقد يستدل عليه بقوله (ع) في
صحيحة الرهط السابقة حيث حكى صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله ففرغ حين فرغ وقد انجلى كسوفها وهو لا يصفو عن التأمل لجواز ان يكون ذلك من باب الاتفاق لكن نقله (ع)
وذلك مما يشعر رجحانه إذ لا يتعلق غرض بنقل الأمور الاتفاقية والإعادة لو لم ينجل بعد الفراغ من الصلاة واستحباب الإعادة والحال هذه قول أكثر الأصحاب ونقل عن ظاهر المرتضى
وأبي الصلاح وسلار وجوب الإعادة قال في الذكرى وهؤلاء كالمصرحين بان اخر وقتها وتمام الانجلاء ومنع ابن إدريس من الإعادة وجوبا واستحبابا والأول أقرب لنا على رجحان
فعله ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح قال قال أبو عبد الله (ع) صلاة الكسوف إذا فرغت قبل ان ينجلي فأعدو على عدم الوجوب مضافا إلى الأصل قوله (ع) في حسنة زرارة ومحمد بن
مسلم السابقة وإذا فرغت قبل ان ينجلي فاقعد وادع الله إذ التخيير بين الإعادة والدعاء كما هو مقتضى ظاهر الجمع بين الخبرين مما لا أعلم ذاهبا إليه من الأصحاب ويؤيده عدم الوجوب
رواية عمار السابقة كما لا يخفى وقراءة الطوال ومساواة الركوع والسجود للقرائة يدل على ذلك حسنة زرارة ومحمد بن مسلم السابقة وما رواه الشيخ عن أبي بصير باسناد
فيه ضعف قال سألته عن صلاة الكسوف فقال عشر ركعات وأربع سجدات تقرأ في كل ركعة مثل يس والنور ويكون ركوعك مثل قراءتك وسجودك مثل ركوعك قلت لمن لم
يحسن يس وأشباهها قال فليقرأ ستين أية في كل ركعة ومقتضى حسنة زرارة ومحمد بن مسلم ان قرائة الطوال
انما يستحب إذا لم يكن امام يشق ذلك على من خلفه وينبغي
تقييده بسعة الوقت كما وقع في بعض عباراتهم والتكبير عند الرفع من كل ركوع الا في الخامس والعاشر فيقول سمع الله لمن حمده والقنوت خمسا يستفاد ذلك من حسنة
زرارة ومحمد بن مسلم وصحيحة الرهط وذكر الشهيد في البيان انه يجزي القنوت على الخامس والعاشر وأقله على العاشر ولم اطلع على نص يشهد له الا أنه قال الصدوق في الفقيه
وان لم يقنت الا في الخامسة وفي العاشرة فهو جايز لورود الخبر ويتخير المكلف لو اتفقت مع الحاضرة ما لم يتضيق وقت الحاضرة إذا حصل الكسوف في وقت فريضة حاضرة
فان تضيق وقت إحديهما تعينت للأداء اجماعا ثم يصلي بعدها ما اتسع وقتها جمعا بين الحقين وان تضيقا قدمت الحاضرة بلا خلاف كما حكى في الذكرى وان اتسع
الوقتان كان مخيرا في الاتيان بأيهما شاء عند أكثر الأصحاب وقال ابن بابويه ولا يجوز ان يصليها في وقت فريضة حتى يصلي الفريضة وهو قول الشيخ في النهاية والأول أقرب
لنا انهما واجبان اجتمعا مع سعة وقتهما فإذا اتى المكلف بكل منهما يحصل الامتثال فيحصل الخروج عن عهدة التكليف ولما رواه ابن بابويه عن محمد بن مسلم وبريد بن معاوية في
في الصحيح عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام قالا إذا وقع الكسوف أو بعض هذه الآيات صليتها ما لم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة فان تخوفت فابدأ بالفريضة
واقطع ما كنت فيه من صلاة الكسوف فإذا فرغت من الفريضة فارجع إلى حيث كنت قطعت واحتسب مما مضى فان قلت قد روى الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع)
قال سألته عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة قال ابدأ بالفريضة وهذا يدل على وجوب تقديم الفريضة قلت الجمع بين هذه الرواية وبين الرواية السابقة يقتضي المصير إلى ما ذكرنا
من التخيير وينبغي التنبيه على أمور الأول لو خشى فوات الحاضرة قدمها على الكسوف ولو دخل في الكسوف قبل تضيق الحاضرة ثم خشى فوات الحاضرة على تقدير الاتمام قطع
بلا خلاف وصلى الحاضرة ثم أتم صلاة الكسوف من حيث قطع ذهب إلى أكثر ذلك الأصحاب كالشيخين والمرتضى وابن بابويه ومن تبعهم وذهب الشيخ في المبسوط إلى أنه يجب عليه استينافها من
رأس واختاره الشهيد في الذكرى والأول أقرب لصحيحة بريد ومحمد بن مسلم السابقة وما رواه الشيخ عن أبي أيوب إبراهيم بن عثمان في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته
326

عن صلاة الكسوف قبل ان تغيب الشمس ويخشى فوت الفريضة فقال اقطعوها وصلوا صلاة الفريضة وعودوا إلى صلاتكم وعن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع)
جعلت فداك ربما ابتلينا بالكسوف بعد المغرب قبل العشاء الآخرة فان صليت الكسوف خشيت (خشينا) ان تفوتنا الفريضة فقال إذا خشيت ذلك فاقطع صلاتك واقض فريضتك
ثم عد فيها احتج الشهيد في الذكرى على ما جعله أولي من وجوب الاستيناف بان البناء بعد تخلل الصلاة الأجنبية لم يعهد من الشارع تجويزه في غير هذا الموضع والاعتذار بان
الفعل الكثير مغتفر هنا لعدم منافاته الصلاة بعيد فإذا لم نبطلها بالفعل الكثير بل بحكم الشارع بالابطال والشروع في الحاضرة فإذا فرغ منها فقد اتى بما يحل بنظم صلاة
الكسوف فيجب اعادتها من رأس تحصيلا ليقين البراءة انتهى كلامه وهو مدفوع بالنصوص السابقة الثاني قال الصدوق في الفقيه وإذا كان في صلاة الكسوف فدخل عليه وقت الفريضة
فليقطعها وليصل الفريضة ثم يبني على ما مضى من صلاة الكسوف ومقتضاه رجحان القطع إذا دخل وقت الفريضة ويدفعه الرواية التي نقلها عن بريد ومحمد بن مسلم فان مقتضاها
الامر بصلاة الكسوف ما لم يتخوف ان يذهب وقت الفريضة وإذا كان كذلك لم يتجه رجحان قطعها بدخول الوقت الثالث لو ضاق وقت الحاضرة فاشتغل بها فانجلى الكسوف فإن لم
يكن فرط فيها ولا في تأخير الحاضرة فلا قضاء لان وجوب القضاء يتبع وجوب الأداء وان فرط فيها إلى أن ضاق وقت الحاضرة وجب قضاء (صلاة) الكسوف إما مع استيعاب الاحتراق
أو مطلقا على التفصيل المذكور في حكم القضاء وان فرط في فعل الحاضرة أول الوقت فقيل يجب قضاء الكسوف وقيل لا يجب وهو ظاهر المحقق في المعتبر حجة الأول ان فوات صلاة الكسوف
مستند إلى تقصيره السابق وهو ضعيف لان تأخير الصلاة من أول وقتها جايز فلا يكون ذلك تقصيرا حجة الثاني ان التأخير كان مباحا ثم تعين عليه فعل الحاضرة بسبب التضيق
ولم يتمكن من صلاة الكسوف تمكنا شرعيا فلا يجب عليه أداء وهو مستتبع لعدم وجوبها عليه قضاء لأنه تابع لوجوب الأداء ويقدم صلاة الكسوف على النافلة وان خرج
وقتها وهو قول علمائنا أجمع (على ما حكاه) المصنف في المنتهى ويدل عليه ما رواه الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة فقيل له في وقت
صلاة الليل فقال صل صلاة الكسوف قبل صلاة الليل ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قلت فإذا كان الكسوف اخر الليل فصلينا صلاة (الكسوف فاتتنا صلاة) الليل فبأيهما
نبدأ فقال صل صلاة الكسوف واقض صلاة الليل حين تصبح مسألة لا يجوز ان يصلي صلاة الكسوف ماشيا وعلى الراحلة اختيارا عند جمهور الأصحاب خلافا لابن الجنيد فإنه
جوز ذلك كما هو مذهب العامة ويدل على ما ذكرناه العمومات الدالة على ذلك منها ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا يصلي على الدابة
الفريضة الا مريض وعن عبد الله بن سنان قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيصلي الرجل شيئا من المفروض راكبا فقال لا الا من ضرورة ويجوز ذلك في حال الضرورة ويدل على
جوازه في حال الضرورة راكبا ما رواه الشيخ عن علي بن الفضل الواسطي قال كتبت إلى الرضا (ع) إذا انكسفت الشمس أو القمر وانا راكب لا أقدر على النزول فكتب إلي صل على
مركبك الذي أنت عليه
المقصد الخامس في الصلاة على الأموات تجب على الكفاية الصلاة على كل مسلم إما وجوب الصلاة على المؤمن وهو المسلم الذي يعتقد امامة الأئمة الاثني
عشر فهو موضع وفاق بين الأصحاب وانما الخلاف في غير الامامي من المسلمين فالمشهور بين الأصحاب وجوب الصلاة عليهم ذهب إليه الشيخ في جملة من كتبه وابن الجنيد وجمهور المتأخرين بل قال المصنف
في المنتهى ويجب الصلاة على الميت البالغ من المسلمين بلا خلاف وقال في التذكرة انما يجب الصلاة على المسلم بالاجماع وقا ل المفيد في المقنعة ولا يجوز لاحد من أهل الايمان
ان يغسل مخالفا للحق في الولاية ولا يصلي عليه الا ان يدعوه ضرورة إلى ذلك من جهة التقية فيغسله بغسل أهل الخلاف وإذا صلى عليه لعنه في صلاته ولم يدع له فيها وظاهر
الشيخ في التهذيب موافقته للمفيد في هذا الحكم حيث استدل بقوله بان المخالف لأهل الحق كافر فيجب ان يكون حكمه حكم الكفار الا ما خرج بالدليل وإذا كان غسل الكافر
لا يجوز فيجب ان يكون غسل المخالف أيضا غير جايز واما الصلاة عليه فيكون على حد ما كان يصلي النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) على المنافقين ومنع أبو الصلاح جواز الصلاة على المخالف
الا لتقية قال فان فعل لعنه بعد الرابعة ومنع ابن إدريس وجوب الصلاة الاعلى المعتقد للحق أو هو من بحكمه كابن ست والمستضعف وشرط سلار للغسل اعتقاد الميت
للحق قال في الذكرى ويلزمه ذلك في الصلاة حجة المشهور ما رواه الشيخ عن الحسن بن محبوب في الصحيح عن إبراهيم بن مهزم الثقة عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) قال صل على من مات
من أهل القبلة وحسابه على الله وليس في طريق هذا الخبر من يتوقف في شانه الا طلحة بن زيد وهو غير موثق
في كتب الرجال مع أنه تبري عامي الا ان الشيخ ذكر في الفهرست ان
كتابه معتمد وفي صحة اسناد الخبر إلى ابن محبوب وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه تقوية للاعتماد على هذا الخبر خصوصا عند معاضدته بالشهرة بين الأصحاب
وبما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن ابائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله صلوا على المرجوم من أمتي وعلى القاتل نفسه من أمتي لا تدعو ا أحدا من أمتي بلا
صلاة فاذن ترجيح المشهور غير بعيد احتج من خالف في ذلك بان المخالف كافر فلا يجوز الصلاة عليه وهو مطالب باثبات ما ذكره فان فيه منع واضح ثم المراد بالمسلم من كان مظهرا
للشهادتين ولا يعتقد خلاف ما ثبت من الدين ضرورة فخرج الغلاة والنواصب والخوارج وكذا يخرج عنه المرتد والظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في وجوب الصلاة على مرتكب
الكبائر إذا كان معتقدا للحق ويدل عليه ما رواه الشيخ عن هشام بن سالم (في الصحيح ورواه ابن بابويه في الصحيح عن هشام بن سالم) باسنادين أحدهما صحيح والاخر حسن عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له شارب الخمر والزاني والسارق
يصلي عليهم إذا ماتوا فقال نعم واحترز بالمسلم عن الكافر فلا يجوز الصلاة عليه بالاجماع ولقوله تعالى ولاتصل على أحد منهم مات ابدا وما رواه الشيخ عن الحلبي في الحسن بإبراهيم
ابن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال لما مات عبد الله بن أبي سلول حظر النبي صلى الله عليه وآله جنازته فقال عمر لرسول الله صلى الله عليه وآله ألم ينهك الله ان تقوم على قبره فسكت فقال يا رسول الله ألم ينهك الله ان
تقوم على قبره فقال له ويلك وما يدرك ما قلت اني قلت اللهم احش جوفه نارا واملا قبره نارا واصله نارا فقال أبو عبد الله (ع) فابدأ من رسول الله ما كان يكره
فلا يدل على أنه صلى الله عليه وآله صلى على جنازته بل حضر ودعا عليه وكذا يجب الصلاة وعلى من هو بحكمه اي المسلم ممن بلغ ست سنين ذكرا كان أو أنثى حرا كان أو عبدا والمراد بمن كان في حكم
المسلم من يولد من مسلم أو مسلمة والحق به من كان سبيا لمسلم أو ملقوطا في دار الاسلام واختلف الأصحاب في الحد الذي يجب فيه الصلاة على الطفل فالأكثر على أنه بلوغ ست
سنين ذهب إليه الشيخ وابن البراج وابن زهرة وابن حمزة وسلار والبصروي والمتأخرون ونقل المرتضى فيه الاجماع وكذا المصنف في المنتهى قال المفيد في المقنعة لا يصلى
على الصبي حتى يعقل الصلاة ونحوه قال الجعفي وقال ابن الجنيد يجب على المستهل يعني من رفع بالبكاء قال ابن أبي عقيل لا يجب الصلاة على الصبي حتى يبلغ وكلام الصدوق في
المقنع موافق للمفيد وروى الشيخ في الفقيه عن الباقر والصادق عليهما السلام والأقرب الأول لنا ما رواه الكليني عن زرارة في الصحيح قال مات ابن لأبي جعفر (ع) فأخبر بموته فامر به فغسل
وكفن ومشى معه وصلى عليه وطرحت خمرة فقام عليها ثم قام على قبره حتى فرغ منه ثم انصرف وانصرفت معه حتى انى لامشي معه فقال إما انه لم يكن يصلى على مثل هذا وكان ابن
ثلث سنين كان علي (ع) يأمر به فيدفن ولا يصلي عليه ولكن الناس صنعوا شيئا فنحن نصنع مثله قال قلت فمتى تجب عليه الصلاة فقال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين الحديث
وفي الفقيه وصلى أبو جعفر (ع) على ابن له صغير له ثلاث سنين ثم قال لولا أن الناس يقولون إن بني هاشم لا يصلون على الصغار من أولادهم ما صليت عليه وسئل متى تجب الصلاة عليه
قال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين ويؤكده ما رواه ابن بابويه عن عبيد الله الحلبي في الصحيح وعن زرارة في الصحيح ورواها الشيخ والكليني عنهما في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع)
انه سئل عن الصلاة على الصبي متى يصلي عليه فقال إذا عقل (الصلاة) قلت متى تجب الصلاة عليه قال إذا كان ابن ست سنين والصيام إذا اطاقه ولعل المراد بالوجوب هنا مطلق الثبوت والمعنى انه
متى يعقل الصلاة بحيث يؤمر بها تمرينا فقال إذا كان ابن ست سنين يكشف عنه وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليهما السلام في الصبي متى يصلى فقال إذا عقل الصلاة
327

قلت متى يعقل الصلاة ويجب عليه فقال لست سنين واما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال سألته عن الصبي يصلي عليه إذا مات وهو ابن خمس سنين
قال إذا عقل الصلاة صلى عليه فلا ينافي ما ذكرناه لأنه المستفاد منها ثبوت الصلاة عليه إذا عقل الصلاة وهو محدود بالست بمقتضى الأخبار السابقة حجة ابن الجنيد ما رواه عبد الله بن
سنان عن أبي عبد الله (ع) قال لا يصلي عن المنفوس وهو المولود الذي لم يستهل ولم يصح ولم يورث من الدية ولامن غيرها وإذا استهل فصل عليه وورثه اوردها الشيخ في الصحيح
وخبر السكوني عن الصادق (ع) عن ابائه (ع) يورث الصبي ويصلى عليه إذا سقط من بطن امه فاستهل صارخا وإذا لم يستهل صارخا لم يورث ولم يصل عليه اوردها الشيخ في باب الزيارات (الزيادات)
في الصحيح وروى الشيخ عن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) لكم يصلى على الصبي إذا بلغ السنين والشهور قال يصلى عليه على كل حال الا ان يسقط لغير تمام وروى في الصحيح إلى أحمد بن
محمد بن عيسى عن رجل عن أبي الحسن الرضا (ع) قال قلت لكم يصلى على الصبي إذا بلغ من السنين قال يصلى عليه على كل حال الا ان يسقط لغير تمام والجواب حمل هذه الأخبار على التقية أو
الاستحباب جمعا بين الأدلة وسيجئ زيادة تحقيق لذلك حجة ابن أبي عقيل على ما حكى عنه ان الصلاة استغفار للميت ودعاء له ومن لم يبلغ لا حاجة له إلى ذلك ورواية عمار عن أبي
عبد الله (ع) انه سئل عن المولود ما لم يجر عليه القلم هل يصلى عليه قال لا انما الصلاة على الرجل والمرأة إذا جرى عليهما القلم اوردها الشيخ في الموثق وأجيب عن الأول بالمنع
من كون الصلاة لأجل الدعاء للميت أو لحاجته إلى الشفاعة لوجوبها على النبي والأئمة مع استغناءهم عن شفاعتنا وعن الرواية بالقدح في السند ويمكن ان يراد بجرى
القلم مطلق الخطاب الشرعي والتمريني جمعا بين الأدلة ويؤيد قول ابن أبي عقيل ما رواه الكليني عن هشام قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان الناس يكلمونا ويردون علينا قولنا
انه لا يصلى على الطفل لأنه لم يصل فيقولون لا يصلى الاعلى من صلى فنقول نعم فيقولون أرأيتم لوان رجلا نصرانيا أو يهوديا أسلم ثم مات من ساعته فما الجواب فيه فقال
قولوا لهم أرأيت لوان هذا الذي أسلم الساعة ثم افترى على انسان ما كان يجب عليه في فريته فإنهم سيقولون يجب عليه الحد فإذا قالوا هذا قل لهم فلو ان هذا الصبي الذي
لم يصل افترى على انسان هل كان يجب عليه يجب عليه الحد فإنهم سيقولون لا فيقال لهم صدقتم انما يجب ان يصلي على من وجب عليه الصلاة والحدود ولا يصلي على من لم يجب عليه الصلاة
ولا الحدود وهذه الرواية ضعيفة لا يصلح لمقاومة ما ذكرنا من الاخبار ومع هذا يمكن تأويله بما لا يخالف الأخبار السابقة فتدبر ويستحب على من لم يبلغها اي الست هذا
هو المشهور بين الأصحاب خصوصا المتأخرين منهم قال المفيد في المقنعة ولا صلاة عند آل محمد عليهم السلام على من لا يعقل الصلاة وهو ظاهره نفي الاستحباب وهو ظاهر الكليني والصدوق
في الفقيه حيث لم يورد الا الأخبار الدالة على نفيه وكلام الشيخ في المبسوط أيضا مشعر به ويظهر من كلامه في كتابي الاخبار نوع تردد فيه حجة المشهور بعض الروايات العامية والروايات
المذكورة في المسألة المتقدمة في احتجاج ابن الجنيد كصحيحة علي بن يقطين وابن سنان وغيرهما وحملها الشيخ على التقية أو ضرب من الاستحباب ولا يخفى ان حملها على التقية أقرب
لاخبار كثيرة مقتضية لذلك وقد مر في المسألة المتقدمة صحيحة زرارة وموثقة عمار ورواية هشام ويزيده بيانا ما رواه الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم
قال رأيت ابنا لأبي عبد الله (ع) في حياة أبي جعفر (ع) يقال له عبد الله فطيم قد درج فقلت له يا غلام من ذا
الذي إلى جنبك المولى لهم فقال هذا مولاي فقال له المولى
يمازجه لست بمولى فقال ذاك (شرف) مشرف لك فطعن في جنان الغلام فمات فاخرج في سقط إلى البقيع فخرج أبو جعفر (ع) وعليه حبة خز صفراء وعمامة خز صفراء ومطرف
خز أصفر فانطلق يمشي إلى البقيع وهو معتمد علي والناس يعزونه على ابن ابنه فلما انتهى إلى البقيع تقدم أبو جعفر (ع) فصلى عليه وكبر عليه أربعا ثم أمر به فدفن ثم اخذ
بيدي فتنحى بي ثم قال إنه لم يكن يصلي على الأطفال انما كان أمير المؤمنين صلوات الله عليه يأمر بهم فيدفنون من وراء ولا يصلي عليهم وانما صليت عليه من أجل أهل المدينة
كراهية ان يقولوا لا يصلون على أطفالهم وقال ابن بابويه في الفقيه وصلى أبو جعفر (ع) على ابن له صغير له ثلث سنين ثم قال لولا أن الناس يقولون إن بني هاشم لا يصلون
على الصغار من أولادهم ما صليت عليه وسئل متى تجب الصلاة عليه قال إذا عقل الصلاة وكان ابن ست سنين وروى الكليني عن علي بن عبد الله قال سمعت أبا الحسن موسى (ع) يقول إنه لما
قبض إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وآله جرت فيه ثلاث سنن وساق الكلام إلى أن قال قال يعني رسول الله صلى الله عليه وآله يا علي قم فجهز ابني فقام علي فغسل إبراهيم وحنطه وكفنه ثم خرج به ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله
حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس ان رسول الله صلى الله عليه وآله نسى ان يصلي على إبراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما ثم قال يا أيها الناس اتاني جبرئيل بما قلتم وزعمتم اني نسيت ان
أصلي على ابني لما دخلني من الجزع الا وانه ليس كما ظننتم ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة وأمرني ان لا أصلي الا على من صلى إلى اخر الحديث
وكيفيتها ان ينوى الصلاة المعينة تقربا إلى الله تعالى لأنها عبادة فيفتقر إلى النية وهل يعتبر فيها نية الوجوب أو الندب فيه قولان والظاهر عدم وجوب التعرض للأداء أو القضاء
ولا تعيين الميت ولا معرفته الا مع التعدد فيحتاج إلى التعيين ان لم يقصد التشريك وهل يكفي نية منوي الامام فيه تردد ويجب استدامة النية حكما إلى الفراغ وعلى المأموم
نية القدوة كغيرها من الصلاة ويكبر تكبيرة الاحرام مقارنة للنية ثم يتشهد عقيبها الشهادتين ثم يكبر ثانية ويصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثم يكبر ثالثة ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ثم يكبر رابعة
ويدعو للميت إن كان مؤمنا اختلف الأصحاب في وجوب الدعاء بين التكبيرات فالمشهور بين الأصحاب خصوصا المتأخرين منهم وجوبه بل وجوب الاذكار الأربعة بل قال في الذكرى ان الأصحاب
بأجمعهم يذكرون ذلك في كيفية الصلاة ولم يصرح أحد منهم بندبه والمذكور في بيان الواجب ظاهره الوجوب وقيل بعدم الوجوب واليه ذهب المحقق في الشرايع وهو ظاهر كلامه في النافع
حجة
القول بوجوب الدعاء وقوع الامر به في الأخبار الكثيرة كما سيجئ في طي المباحث الآتية وفي رواية أبي بصير انها خمس تكبيرات بينهن أربع صلوات وحجة الثاني اطلاق الروايات المتضمنة
لان الصلاة على الميت خمس تكبيرات فان الاكتفاء (بذلك) في مقام البيان على الظاهر يقتضي عدم وجوب غيرها والمسألة محل اشكال لامكان الجمع بين الاخبار بوجهين مع عدم وضوح الترجيح
الأول حمل الأوامر وما في معناها على الاستحباب الثاني حمل الروايات الدالة على انها خمس تكبيرات على انها بيان للتكبيرات المعتبرة فيها حيث يحتاج إلى البيان لوقوع الاختلاف
فيها بين العامة والخاصة والتحقيق انه لا يستفاد من الاخبار لأدلة واضحة عدم وجوب الدعاء بالكلية وحيث توقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه كان القول بوجوبه
متجها الا ان يجاب التشهد في الأولى والصلاة على النبي وآله في الثانية والدعاء للمؤمنين في الثالثة والدعاء للميت في الرابعة كما هو المشهور بين الأصحاب خصوصا المتأخرين كالمصنف
ومن تبعه خلاف ما يفهم من الأخبار الكثيرة فمنها ما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح انهما سمعا أبا جعفر (ع) يقول ليس في الصلاة على الميت قراءة ولادعاء موقت الا
تدعو بما بدا لك وأحق الموتى ان يدعى له ان يبدأ بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وما رواه الكليني والشيخ عنه بأدنى تفاوت في المتن عن محمد بن مسلم وزرارة ومعمر بن يحيى وإسماعيل الجعفي
عن أبي جعفر (ع) قال ليس في الصلاة على الميت قرائة ولادعاء موقت تدعو بما بدا لك وأحق المؤتى ان يدعى له المؤمن وان يبدأ بالصلاة على نبي الله صلى الله عليه وآله ومنها الأخبار الكثيرة
الواردة في بيان الدعاء بين التكبيرات وسيجئ طرف منها ومن هذا الباب رواية ابن همام الآتية عند شرح قول المصنف ويكبر الخامسة وما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب
في الموثق عنه (ع) انما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل وعن يونس عن الصادق (ع) قال قال الصلاة على الجنائز التكبيرة الأولى استفتاح الصلاة والثانية يشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا
رسول الله صلى الله عليه وآله والثالثة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وعلى أهل بيته والثناء على الله والرابعة له والخامسة يسلم ويقف مقدار ما بين التكبيرتين ولا يبرح حتى يحمل السرير من بين
يديه وعن فضالة في الصحيح عن كليب الأسدي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التكبير على الميت فقال بيده خمسا قلت فكيف أقول إذا صليت عليه قال تقول اللهم عبدك يحتاج
إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم إن كان محسنا فزد في احسانه وإن كان مسيئا فاغفر له احتجوا بما رواه الشيخ عن محمد بن مهاجر في الصحيح عن امه أم سلمة وهي مجهولة عن أبي عبد الله عليه السلام
328

قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا صلى على ميت كبر وتشهد ثم كبر وصلى على الأنبياء (ع) ودعا للمؤمنين ثم كبر الرابعة ودعا للميت ثم كبر وانصرف فلما نهاه الله عز وجل عن
الصلاة على المنافقين كبر فتشهد ثم كبر فصلى على النبيين عليهم السلام (ثم ذكر ودعا للمؤمنين) ثم كبر الرابعة وانصرف ولم يدع للميت وهي غير ناهضة باثبات الوجوب مع عدم انطباقها على ما ذكروه فان
دلالة قوله فتشهد على الشهادتين غير واضحة والصلاة على الأنبياء والدعاء غير واجب عندهم ثم على القول بوجوب الاذكار الأربعة لا يتعين فيها لفظ مخصوص كما هو الظاهر
من الأدلة وبه صرح كثير من الأصحاب وقد مر ما يدل عليه قال في الذكرى المشهور توزيع الاذكار على ما مر ونقل الشيخ فيه الاجماع ولا ريب انه كلام الجماعة الا ابن أبي عقيل
والجعفي فإنهما أوردا الاذكار الأربعة عقيب كل تكبيرة وان تخالفا في الألفاظ قال الفاضل وكلاهما جائز قلت لاشتمال ذلك على الواجب والزيادة غير منافية
مع ورود الروايات بها وإن كان العمل بالمشهور أولي انتهى وهو حسن ولنورد ههنا نبذة من الروايات التي وصل إلينا في هذا الباب وعندي ان العمل بكل منها
جائز وإن كان الأولى اتباع الأقوى منها سندا فمن ذلك ما رواه الشيخ عن أبي ولاد في الصحيح ورواه الكليني عن أبي ولاد باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التكبير على الميت فقال خمس تكبيرات تقول إذا كبرت اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللهم صل على محمد وال محمد ثم تقول اللهم إن كان
هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك قد قبضت روحه إليك وقد احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم ولا نعلم من ظاهره الاخيرا وأنت اعلم بسريرته
اللهم إن كان محسنا فضاعف احسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عن إساءته ثم يكبر الثانية ثم تفعل ذلك في كل تكبيرة ومنها ما رواه الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن
هاشم عن أبي عبد الله (ع) في الصلاة على الميت قال تكبر ثم تصلي على النبي صلى الله عليه وآله ثم تقول اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك لا نعلم منه الا خيرا وأنت اعلم به اللهم إن كان
محسنا فزد في احسانه وتقبل منه وإن كان مسيئا فاغفر له ذنبه وافسح في قبره واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله ثم تكبر الثانية وتقول اللهم إن كان زاكيا فزكه وإن كان خاطئا فاغفر له
ثم تكبر الثالثة وتقول اللهم لا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده ثم تكبر الرابعة وتقول اللهم اكتبه عندك في عليين واخلف على عقبه في الغابرين واجعله من رفقاء محمد صلى الله عليه وآله ثم تكبر
الخامسة وانصرف ومنها ما رواه الكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال تكبر ثم تشهد ثم تقول انا لله وانا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين
رب الموت والحياة صل على محمد وأهل بيته جزى الله عنا محمد خير الجزاء بما صنع بأمته ربما بلغ من رسالات ربه ثم تقول اللهم عبدك وابن عبدك وابن أمتك ناصيته بيدك خلا
من الدنيا واحتاج إلى رحمتك وأنت عني عن عذابه اللهم انا لا نعلم منه الا خيرا وأنت اعلم اللهم إن كان محسنا فزد في احسانه وتقبل منه وإن كان مسيئا فاغفر له ذنبه وارحمه
وتجاوز عنه برحمتك اللهم الحقه بنبيك وثبته بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة اللهم اسلك بنا وبه سبيل الهدى واهدنا وإياه صراطك المستقيم اللهم عفوك
عفوك ثم تكبر الثانية وتقول مثل ما قلت حتى تفرغ من خمس تكبيرات ومنها ما رواه الشيخ عن عمار بن موسى الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الصلاة على الميت
فقال تكبر ثم تقول انا لله وانا إليه راجعون ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما اللهم صل على محمد وال محمد وبارك على محمد وآل
محمد كما صليت وباركت على إبراهيم انك حميد مجيد اللهم صل على محمد وعلى أئمة المسلمين اللهم صل على محمد وعلى امام المسلمين اللهم عبدك فلان وأنت اعلم به اللهم الحقه بنبيه
محمد صلى الله عليه وآله وافسح له في قبره ونور له فيه وصعد روحه ولقنه حجته واجعل ما عندك خيرا له وارجعه إلى خير مما كان فيه اللهم عندك نحتسبه فلا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده اللهم
عفوك عفوك تقول هذا كله في التكبيرة الأولى ثم تكبر الثانية وتقول اللهم عبدك فلان اللهم الحقه بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وافسح له في قبره ونور له فيه وصعد روحه ولقنه واجعل حجته
ما عندك خيرا له وارجعه إلى خير مما كان فيه اللهم عندك نحتسبه فلا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده اللهم عفوك اللهم عفوك وتقول هذا في الثالثة والرابعة فإذا كبرت
الخامسة فقل اللهم صل على محمد وآل محمد اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات وألف بين قلوبهم وتوفني على ملة رسولك اللهم اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل
في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم اللهم عفوك اللهم عفوك وتسلم ومنها ما رواه الشيخ عن سماعة في الموثق ورواه الكليني عن سماعة باسناد اخر قال سألته عن
الصلاة على الميت فقال خمس تكبيرات تقول إذا كبرت اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل على محمد وآل محمد وعلى أئمة الهدى واغفر
لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا انك رؤوف رحيم اللهم اغفر لاحيائنا وأمواتنا من المؤمنين والمؤمنات وألف بين قلوبنا على
قلوب أخيارنا واهدنا لما اختلف فيه من الحق باذنك انك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم فان قطع عليك التكبيرة الثانية فلا يضرك فقل اللهم هذا عبدك وابن عبدك
وابن أمتك أنت اعلم به افتقر إليك واستغنيت عنه اللهم تجاوز عن سيئاته وزد في احسانه واغفر له وارحمه ونور له في قبره ولقنه حجته والحقه بنبيه ولا تحرمنا اجره ولا تفتنا بعده قل
هذا حين تفرغ من الخمس تكبيرات فإذا فرغت سلمت عن يمينك (وقال) في الذكرى بعد نقل الروايات المذكورة وهذه الروايات مشتركة في تكرار الدعاء بين التكبيرات وفي
أكثرها تكرار جميع الاذكار وانفردت الأخيرة يعني رواية عمار بالدعاء بعد الخامسة ونحن لا نمنع جوازه فان الدعاء حسن على كل حال وما ذكره من أن في أكثرها تكرار جميع
الاذكار محل نظر فلا تغفل وذكر ابن بابويه بعد الشهادتين أرسله بالحق بشيرا ونذيرا بين يدي الساعة وفي الدعاء للميت اللهم اجعله عندك في أعلى عليين واخلف
على أهله في الغابرين وارحمه برحمتك يا ارحم الراحمين وذكر المفيد بعد التشهد الها واحدا أحدا فردا صمدا حيا قيوما لم يتخذ صاحبة ولا ولدا لا إله إلا الله الواحد القهار
ربنا ورب آبائنا الأولين وفي الدعاء للمؤمنين اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات الاحياء منهم والأموات وادخل على موتاهم رأفتك ورحمتك وعلى احيائهم بركات
سمواتك وأرضك انك على كل شئ قدير وبعد الخامسة اللهم عفوك عفوك ويدعو عليه اي على الميت إن كان منافقا لعل المراد بالمنافق المخالف بقرينة المقابلة وفسره بعضهم
بالناصب وذكر الشيخ في المبسوط الناصب وفي النهاية الناصب المعلن به وأكثر الاخبار الآتية يقتضي الاختصاص به وبعضها يقتضي العموم
والظاهر من كلام المصنف وغيره ان ذلك على سبيل
الوجوب كما في قرينة وقال الشهيد في الذكرى والظاهر أن الدعاء على هذا القسم غير واجب لان التكبير عليه أربع وبها يخرج من الصلاة وهو استدلال ضعيف إذ لا دليل على اشتراط
ان يكون الدعاء على الميت أوله بعد الرابعة نعم يفهم عدم وجوب الدعاء على المنافق من رواية أم سلمة السابقة عن قريب وكذا من رواية إسماعيل بن همام الآتية عند شرح قول المصنف
ثم يكبر الخامسة فيمكن انسحاب حكمه في المخالف مع تأمل فيه وقد ورد الامر بالدعاء على المنافق في عدة روايات منها ما رواه ابن بابويه عن صفوان بن مهران الجمال في الصحيح عن أبي
عبد الله (ع) أنه قال مات رجل من المنافقين فخرج الحسين بن علي عليهما السلام يمشي فلقى مولى له فقال له إلى أين تذهب فقال أفر من جنازة هذا المنافق ان أصلي عليه فقال له الحسين قم إلى
جنبي فما سمعتني أقول فقل مثله قال فرفع يديه فقال اللهم اخز عبدك في عبادك وبلادك اللهم أصله أشد نارك اللهم أذقه حر عذابك فإنه كان يوالي أعدائك ويعادي أوليائك
ويبغض أهل بيت نبيك وروى الكليني في الحسن عن عامر بن السمط ما يقرب من الخبر السابق وفيه فلما ان كبر عليه وليه قال الحسين عليه السلام اللهم العن فلانا عبدك الف لعنه مؤتلفة غير
مختلفة اللهم اخز عبدك إلى اخر ما مر في الحديث السابق ومنها ما رواه الكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا صليت على عدو لله فقل اللهم ان فلانا لا نعلم الا
انه عدو لك ولرسولك اللهم فاحش قبره نارا واحش جوفه نارا وعجل به إلى النار فإنه كان يتولى أعداءك ويعادي أوليائك ويبغض أهل بيت نبيك اللهم ضيق على قبره فإذا رفع فقل
اللهم لا ترفعه ولا تزكه ومنها ما رواه عن محمد بن مسلم في الحسين بإبراهيم عن أحدهما عليهما السلام قال إن كان جاحدا للحق فقل اللهم املاء جوفه نارا وقبره نارا وسلط عليه الحيات والعقارب
329

وذلك قاله أبو جعفر لامرأة سوء من بني أمية صلى عليها أبي وقال هذه المقالة واجعل الشيطان لها قرينا الحديث وروى ابن بابويه عن عبيد الله بن علي الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
أنه قال إذا صليت على عدو لله عز وجل فقل اللهم انا لا نعلم الا انه عدو لك ولرسولك اللهم فاحش قبره نارا واحش جوفه نارا وعجله إلى النار فإنه كان يوالي أعداءك ويعادي أولياءك
ويبغض أهل بيت نبيك اللهم ضيق عليه قبره فإذا رفع فقل اللهم لا ترفعه ولا تزكه ومنها ما رواه الكليني عن ابن أبي نصر قال يقول اللهم اخز عبدك في بلادك وعبادك اللهم
أصله نارك وأذقه أشد عذابك فإنه كان يعادي أوليائك ويوالي أعداءك ويبغض أهل بيت نبيك وعن حماد بن عثمان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أو عن من ذكره عن أبي عبد الله (ع)
قال ماتت امرأة من بني أمية فحضرها فلما صلوا عليها ورفعوها وصارت على أيدي الرجال قال اللهم ضعها ولا ترفعها ولا تزكها قال وكانت عدوه لله قال ولا اعلم الا
قال ولنا واعلم أن هذه الروايات غير ناهضة باثبات الوجوب بناء على ما قررناه مرارا من أن الامر المجرد عن قرينة خارجة في الاخبار الخاصية غير واضحة الدلالة على الوجوب
مع معارضتها بما يفهم من رواية أم سلمة السابقة في الجملة فالحكم بوجوب الدعاء على المخالف سيما غير الناصب محل تأمل ويدعو بدعاء المستضعفين إن كان الميت منهم واختلف
كلام الأصحاب في تفسير المستضعف فقال ابن إدريس انه من لا يعرف اختلاف الناس في المذاهب ولا يبغض أهل الحق على اعتقادهم وعرفه الشهيد في الذكرى بأنه الذي لا يعرف الحق
ولا يعاند فيه ولا يوالي أحدا بعينه وحكى عن المفيد في الغرية انه عرفه بأنه الذي يعرف بالولاء ولا يتوقف عن البراءة والتفسيرات متقاربة وربما يفسر بمن يعرف الحق ولا يعرف
الدليل عليه والظاهر أنه ليس بجيد لدخول هذا القسم في المؤمن على الظاهر ويؤيده ما رواه الكليني في كتاب الايمان والكفر في باب المستضعف عن إسماعيل (الجعفي) عن أبي جعفر عليه السلام
في جملة حديث قلت فهل سلم أحد لا يعرف هذا الامر فقال لا الا المستضعفين قلت من هم قال نساؤكم وأولادكم ثم قال أرأيت أم أيمن فاني اشهد انها من أهل الجنة وما كانت
تعرف ما أنتم عليه وأورد الكليني في الباب المذكور والذي قبله اخبارا نافعة في تحقيق معنى المستضعف من أراد فليرجع إليه وان يحشره مع من يتولاه ان جهل حاله والظاهر أن
معرفة بلد الميت الذي يعرف ايمان أهلها كاف في الحاقه بهم ولنورد طرفا من الأخبار الواردة في بيان كيفية الدعاء للمستضعف والمجهول روى الكليني عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن
هاشم عن أحدهما (ع) قال الصلاة على المستضعف والذي لا يعرف الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والدعاء للمؤمنين والمؤمنات يقول ربنا اغفر للذين تابوا واتبعوا
سبيلك وقهم عذاب الجحيم إلى اخر الآيتين وعن الفضيل بن يسار في الحسن بإبراهيم عن أبي جعفر (ع) قال إذا صليت على المؤمن فادع له واجتهد له في الدعاء وإن كان واقفا مستضعف
فكبر وقل اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم هكذا وجدنا الخبر في التهذيب والكافي ونقل الشارح الفاضل وإن كان منافقا مستضعفا قال وفي
هذا الخبر دلالة على أن المنافق هو المخالف مطلقا لوصفه له بكونه قد يكون مستضعفا فكيف يختص بالناصب وعلى ان المستضعف لابد ان يكون مخالفا فيقرب حينئذ تفسير ابن إدريس
وسقط قول بعضهم ان المراد من لا يعرف دلائل الحق انتهى وروى الكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال إن كان مستضعفا فقل اللهم اغفر للذين تابوا
واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم وإذا كنت لا تدري ما حاله فقل اللهم إن كان يحب الخير وأهله فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه وإن كان المستضعف منك بسبيل فاستغفر له على وجه
الشفاعة لاعلى وجه الولاية ورواه ابن بابويه عن الحلبي في الصحيح وروى ابن بابويه عن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال الصلاة على المستضعف والذي لا يعرف
مذهبه يصلي على النبي صلى الله عليه وآله ويدعو للمؤمنين والمؤمنات ويقال اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم ويقال في الصلاة على من لا يعرف مذهبه اللهم هذه النفوس
أنت أحييتها وأنت أمتها اللهم ولها ما تولت واحشرها مع من أحبت قوله ويقال في الصلاة على من لا يعرف مذهبه يحتمل ان يكون من كلام الصدوق ويحتمل ان يكون تتمة للحديث
وروى الكليني عن ثابت بن أبي المقدام قال كنت مع أبي جعفر (ع) فإذا بجنازة القوم من حيرته فحضرها وكنت قريبا منه فسمعته يقول اللهم انك أنت خلقت هذه النفوس وأنت
تميتها وأنت تحييها وأنت اعلم بسرائرها وعلانيتها ومستقرها ومستودعها اللهم ان هذا عبدك ولا اعلم منه شرا وأنت اعلم به وقد جئناك شائعين له بعد موته فإن كان مستوجبا
فشفعنا فيه واحشره مع من كان يتولاه وعن سليمان بن خالد عن أبي عبد الله عليه السلام قال يقول (اشهد ان لا إله إلا الله) وأن محمدا رسول الله اللهم صل على محمد وآل محمد عبدك ورسولك اللهم
صل على محمد وآل محمد وتقبل شفاعته وبيض وجهه وأكثر تبعه اللهم اغفر لي وارحمني وتب على اللهم اغفر للذين تابوا واتبعوا سبيلك وقهم عذاب الجحيم فإن كان مؤمنا دخل فيها
وإن كان ليس بمؤمن خرج عنها وان يجعله ولأبويه فرطا إن كان طفلا الأصل فيه ما رواه الشيخ عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليه السلام في الصلاة على الطفل انه كان يقول اللهم
اجعله لأبويه ولنا سلفا وفرطا واجرا الفرط بفتح الراء في أصل الوضع المتقدم على القوم ليصلح لهم ما يحتاجون إليه مما يتعلق بالماء قال النبي (ص) انا فرطكم على الحوض قال ابن الأثير
اي متقدمكم إليه يقال فرط يفرط فهو فارط وفرط إذا تقدم وسبق القوم ليرتاد لهم الماء ويهئ لهم الدلاء والأرشية ومنه الدعاء للطفل الميت اللهم اجعله لنا فرطا اي اجرا يتقدمنا
ثم يكبر الخامسة وينصرف
لا خلاف بين الأصحاب في أن الصلاة على الميت غير المنافق خمس تكبيرات واخبارهم به مستفيضة وقد مر طرف منها في المباحث السالفة ويزيده بيانا ما رواه
ابن بابويه عن عبد الله بن سنان باسنادين صحيحين ورواه الشيخ عنه في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال لما مات ادم (ع) فبلغ إلى الصلاة عليه فقال هبة الله لجبرئيل (ع) تقدم يا رسول الله
فصلى على نبي الله فقال (ع) ان الله عز وجل أمرنا بالسجود لأبيك فلسنا نتقدم أبرار ولده وأنت من أبرهم فتقدم فكبر عليه خمسا عدة الصلاة التي افترضها الله تعالى على أمة محمد صلى الله عليه وآله وهي من
السنة الجارية في ولده إلى يوم القيامة وروى الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال التكبير على الميت خمس تكبيرات وعن إسماعيل بن سعد الأشعري في الصحيح عن أبي الحسن
الرضا (ع) سألته عن الصلاة على الميت فقال إما المؤمن فخمس تكبيرات واما المنافق فأربع ولا سلام فيها وعن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال كبر رسول الله صلى الله عليه وآله وعن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع)
قال التكبير على الميت خمس تكبيرات وعن قدامة بن زائدة قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على ابنه إبراهيم (ع) فكبر عليه خمسا وعن أبي ولاد قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
التكبير على الميت فقال خمسا إلى غير ذلك من الروايات كرواية أبي بكر الحضرمي وما دل على خلاف ما ذكرناه من الروايات فمع كونه غير نفي السند يجب حمله على التقية جمعا بين
الأدلة أو على الاستحباب إذا التمس أهل الميت إلى غير ذلك من التأويل المذكور في التهذيب وإن كان الميت مخالفا اقتصر المصلي على أربع تكبيرات إدانة له بمقتضى مذهبه
على المشهور بين المتأخرين وظاهر كلام الشيخ في النهاية والمبسوط وابن زهرة في الغنية عدم الفرق في اعتبار الخمس وروى الشيخ عن حماد بن عثمان وهشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال كان
رسول الله صلى الله عليه وآله يكبر على قوم خمسا وعلى آخرين أربعا فإذا كبر على رجل أربعا اتهم ورواها الشيخ عنهما باسناد اخر من الحسان بإبراهيم بن هاشم وزاد يعني بالنفاق بعد قوله اتهم وعن
إسماعيل بن همام عن أبي الحسن (ع) قال قال أبو عبد الله (ع) صلى رسول الله صلى الله عليه وآله على جنازة فكبر عليه خمسا وصلى على اخر فكبر عليه أربعا فاما الذي كبر عليه خمسا فحمد الله ومجده في التكبيرة الأولى
ودعا في الثانية للنبي صلى الله عليه وآله ودعا في الثالثة للمؤمنين والمؤمنات ودعا في الرابعة للميت وانصرف في الخامسة واما الذي كبر عليه أربعا حمدا لله ومجده في التكبيرة الأولى ودعا
لنفسه وأهل بيته في الثانية ودعا للمؤمنين والمؤمنات في الثالثة وانصرف في الرابعة فلم يدع له لأنه كان منافقا قال في الذكرى وهذا جمع حسن بين ما رواه العامة لو كانوا
يعقلون ولا يخفى ان هذه الروايات غير واضح العموم بالنسبة إلى المخالفين مع أن الأخبار السابقة بعمومها يقتضي الخمس ويمكن الاستدلال على اعتبار الأربع بصحيحة إسماعيل بن
سعد المذكورة فان الظاهر من مقابلة المنافق بالمؤمن كون المراد منه المخالف لكن الحكم به لا يصفو عن كدر الاشكال ولا يجوز الزيادة (عن خمس) بنيته كونها داخلة في الصلاة ولا النقيصة
عنها ويبطل الصلاة مع النقصان ان لم يمكن التدارك ولا تبطل مع الزيادة لتحقق الخروج من الصلاة بالخامسة ولو شك في عدد التكبيرات بنى على الأقل ولو فعله ثم ذكر سبقه لم
330

يبطل الصلاة بذلك ويجب استقبال القبلة بلا خلاف بين الأصحاب لكون المنقول من النبي والأئمة عليهم السلام اقامتها كذلك فيجب تحصيلا للبرائة اليقينية لعدم ثبوت شرعيتها على
وجه اخر وانما يجب مع الامكان فليسقط لو تعذر من المصلي أو الجنازة كالمصلوب الذي يتعذر انزاله وروى الكليني في الصحيح إلى أبي الهاشم الجعفري قال سألت الرضا (ع) عن
المصلوب فقال إما علمت أن جدي (ع) صلى عمه قلت اعلم ذلك ولكن لا افهمه مبينا قال أبينه لك إن كان وجه المصلوب إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن فإن كان قفاه إلى القبلة
فقم على منكبه الأيسر فان بين المشرق والمغرب قبله وإن كان منكبه الأيسر إلى القبلة فقم على منكبه الأيمن وإن كان منكبه الأيمن إلى القبلة فقم على منكبه الأيسر وكيف كان
منحرفا فلا تزال مناكبه وليكن وجهك إلى ما بين المشرق والمغرب لا تستقبله ولا تستدبره البتة قال أبو هاشم وقد فهمت انشاء الله فهمته والله قال في الذكرى وهذه الرواية
وإن كانت غريبة نادرة كما قاله الصدوق وأكثر الأصحاب لم يذكروا مضمونها في كتبهم الا انه ليس لها معارض ولا راد وقد قال أبو الصلاح وابن زهرة يصلي على المصلوب ولا
يستقبل وجهه الامام في التوجه فكأنهما عاملان بها وكذا صاحب الجامع والفاضل في (لف) قال إن عمل بها فلا بأس وابن إدريس نقل عن بعض الأصحاب ان صلى عليه وهو على خشبة
استقبل وجهه وجه المصلي ويكون هو مستدبر القبلة ثم حكى بان الاظهر انزاله بعد الثلاثة والصلاة عليه قلت هذا النقل لم أظفر به وانزاله قد يتعذر كما في قضية زيد انتهى ومن
الواجبات أيضا القيام مع القدرة اجماعا ومع العجز يصلي بحسب الامكان ولو وجد من يمكنه القيام فهل يسقط الصلاة عنه بصلاة العاجز فيه وجهان وفي وجوب الستر مع الامكان
قولان وجزم المصنف بعدم اعتبار لأنها دعاء وأجاب عنه في الذكرى بأنها تسمى صلاة وان اشتملت على الدعاء فيدخل تحت عموم الصلاة واعترض عليه بان الاطلاق أعم من الحقيقة
والمسألة محل تردد فيمكن ترجيح الوجوب لتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه فان قلت اطلاق الأدلة يقتضي حصول البراءة بدون الستر لان التكليف متعلق
بالصلاة والستر خارج من حقيقتها فمن أراد اثبات اشتراطها به احتاج إلى دليل وليس ههنا ما يصلح لذلك فالأصل وهو ابقاء الاطلاق بحاله لا صارف عنه (له خ ل) قلت هذا
الكلام انما يستقيم إذا كان مستند الحكم بوجوب الصلاة على الميت هو مجرد النصوص وليس الامر كذلك بل الاجماع يقتضي وجوب الامر المجمل الذي لا يحصل العلم بامتثاله الا بالستر
فان قلت اطلاق النصوص الاخبارية من غير دليل على التقييد يرجح القول بعدم الوجوب قلت هذا انما يستقيم إذا كان النص المطلق الوارد من جهة الأئمة (ع) في مقام البيان
لحقيقة المكلف به وبدون ذلك لا يستقيم الا إذا حصل الظن بأنه لو كان الواجب الامر المقيد المشروط لوصل إلينا بيان من جهة النصوص الواردة عنهم (ع) وهذا الامر يختلف
باختلاف الاحكام واثباته في كثير من المواضع لا يخلو عن كدر الاشكال وفي هذا المقام دقائق وتفصيلات يطول الكلام باستقصائها ويمكن ترجيح عدم الوجوب استنادا إلى
ما رواه الشيخ عن عبيد الله الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بالصلاة على الجنائز حين تغيب الشمس وحين تطلع انما هو استغفار وفي موثقة يونس بن يعقوب الآتية
عند شرح قول المصنف ويستحب فيه الطهارة انما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل ويؤيده مرسلة حريز المذكورة في الموضع المذكور ولعل الرجحان للأخير والأحوط الأول والأحوط
ترك ما ترك في ذات الركوع والابطال بما يبطل به وإن كان اثباته لا يخلو عن اشكال فتدبر ويجب تقارب المصلي من الجنازة فلا يجوز التباعد الفاحش بحيث لا يصدق الصلاة عليه
عرفا وفي الذكرى لا يجوز التباعد بمائتي ذراع ومستنده غير واضح والكلام في الارتفاع والانخفاض كما في التباعد ويجب أيضا جعل رأس الجنازة إلى يمين المصلي والظاهر أنه لا خلاف
فيه بين الأصحاب وهذا انما يعتبر بالنسبة إلى غير المأموم ولا بد مع ذلك من كون الميت مستلقيا بحيث لو اضطجع على يمينه كان مستقبلا للقبلة والوجه فيه كون ذلك هو المنقول
عن أصحاب العصمة (ع) مع عدم ثبوت شرعية غيره فيتوقف البراءة اليقينية من التكليف اليقيني عليه وما رواه الشيخ عن عمار في الموثق عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن ميت صلى عليه فلما
سلم الامام فإذا الميت مقلوب رجلاه إلى موضع رأسه قال يسوى ويعاد الصلاة عليه وإن كان قد حمل ما لم يدفن فإذا دفن فقد مضت الصلاة ولا يصلى عليه وهو مدفون ولو تعذر
ذلك كما في المصلوب الذي يتعذر انزاله سقط وقد روى أن الصادق (ع) صلى على عمه زيد مصلوبا ولا قراءة فيها أي في الصلاة على الميت على سبيل الوجوب باتفاق الأصحاب وقد مر
ما يدل عليه وقد وردت القراءة في رواية علي بن سويد عن الرضا (ع) وقد عملها الشيخ على وهم الراوي أو التقية وفي رواية عبد الله بن ميمون القداح عن الصادق (ع) عن أبيه
ان عليا (ع) كان إذا صلى على ميت يقرأ فاتحة الكتاب وحملها الشيخ على التقية أيضا قال الشيخ في الخلاف ويكره القراءة قال في الذكرى بعد نقل ذلك عنه ويمكن ان يقال بعدم
الكراهة لان القران في نفسه حسن ما لم يثبت النهى عنه والاخبار خالية عن النهى وغايتها النفي وكذا كلام الأصحاب لكن الشيخ نقل الاجماع بعد ذلك وقد يفهم منه الاجماع
على الكراهية ونحن فلم نر أحدا ذكر الكراهية فضلا عن الاجماع عليها انتهى كلامه ولا تسليم في صلاة الميت على سبيل الوجوب باتفاق الأصحاب والأخبار الدالة على ذلك مستفيضة
من طرق الأصحاب وقد مر شئ منها سابقا ويؤكده ما رواه الكليني عن الحلبي وزرارة عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) قال أليس في الصلاة على الميت تسليم وقد ورد التسليم في أربعة
اخبار والكل مشترك في عدم صحة السند ومعارضة الصحيح المشهور فتعين حملها على التقية قال في الذكرى واما شرعية التسليم استحبابا أو جوازا فالكلام فيه كالقراءة إذا لاجماع المعلوم
انما هو على عدم وجوبه ومع التقية لا ريب فيه ويستحب الطهارة فيه حكمان أحدهما عدم اشتراط الطهارة من الحدث في صلاة الميت والظاهر أنه اتفاقي بين الأصحاب نقل اتفاقهم
عليه المصنف في التذكرة والأخبار الدالة عليه مستفيضة فروى الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن الرجل تفجأه الجنازة وهو على غير طهر قال فليكبر معهم
وروى الكليني والشيخ عن يونس بن يعقوب في الموثق وابن بابويه عنه باسناد فيه جهالة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الجنازة أصلي عليها على غير وضوء فقال نعم انما هو تكبير وتسبيح
وتحميد وتهليل كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء وروى الكليني والشيخ عنه عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الحائض تصلي على الجنازة قال
نعم ولا تقف معهم تقف مفردة هذا لفظ التهذيب وفي الكافي قال نعم ولا تصف معهم وعن عبد الرحمن بن أبي
عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال قلت تصلي الحائض على الجنازة قال نعم ولا
تقف معهم تقوم مفردة وروى الشيخ عن سماعة في الموثق عن أبي عبد الله (ع) عن المرأة الطامث إذا حضرت الجنازة فقال تيمم وتصلي عليها وتقوم وحدها بارزة عن الصف وعن عبد الله بن المغيرة
عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الحائض تصلي على الجنازة فقال نعم ولا تقف معهم والجنب يصلي على الجنازة إلى غير ذلك (من الاخبار) وثانيهما استحباب الطهارة ويدل عليه ما رواه الكليني
والشيخ عنه عن صفوان بن يحيى باسنادين أحدهما من الصحاح عن عبد الحميد بن سعيد (سعد) قال قلت لأبي الحسن (ع) الجنازة يخرج بها ولست على وضوء فان ذهبت أتوضأ فاتتني الصلاة
أيجزيني ان أصلي عليها وانا على غير وضوء قال تكون على طهر أحب إلي ويجوز التيمم مع وجود الماء وقد مر تحقيقه في كتاب الطهارة وهل يشترط الطهارة من الخبث فيه نظر ويرجح عدم
الاشتراط جواز الصلاة على الميت للحائض مع عدم انفكاكها من النجاسة غالبا مضافا إلى ما مر سابقا والأحوط الاشتراط قال في الذكرى ولم اقف في هذا على نص ولا فتوى ويستحب
الوقوف حتى ترفع الجنازة سواء كان إماما أو مأموما كما صرح به جماعة من الأصحاب وخصه الشهيد بالامام تبعا لابن الجنيد والأول أقرب عملا باطلاق النص والمستند في هذا الحكم
ما رواه الشيخ عن حفص بن غياث عن جعفر عن أبيه (ع) ان عليا (ع) كان إذا صلى على جنازة لم يبرح من مصلاه حتى يراها على أيدي الرجال وفي رواية يونس في كيفية هذه الصلاة ولا يبرح حتى (السالفة)
يحمل السرير من بين يديه ولو اتفق صلاة جميع الحاضرين استثنى منهم أقل ما يمكن به رفع الجنازة
والصلاة في المواضع المعتاد اي الصلاة على الجنايز ليكون ذلك طريقا إلى تكثير المصلين
وهو أمر مطلوب رجاء لحصول الدعوة المجابة فيهم وقد روى الصدوق عن عمر بن يزيد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا مات الميت فحضر جنازته أربعون رجلا من المؤمنين فقالوا
انا لا نعلم منه الأخير أو أنت اعلم به منا قال الله تبارك وتعالى قد أجزت شهادتكم وغفرت له ما اعلم مما لا تعلمون والمائة أبلغ لبعض الروايات الواردة من طريق العامة وتجوز في المساجد
331

والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه مضافا إلى الأصل ما رواه الشيخ عن الفضل بن عبد الملك في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) يصلى على الميت في المسجد قال نعم
وعن محمد بن مسلم باسناد فيه ضعف مثل ذلك وفي الصحيح عن أحمد بن أبي نصر عن داود بن الحصين الثقة الواقفي عن فضل البقاق وهو الفضل بن عبد الملك السابق قال سألته عن الميت
هل يصلى عليه في المسجد قال نعم وذكر أكثر الأصحاب انه يكره ذلك الا بمكة وقال ابن الجنيد لا باس فيها بالجوامع وحيث يجتمع الناس على الجنازة دون المساجد الصغار ومستند الكراهية
ما رواه الشيخ عن أبي بكر بن عيسى بن أحمد العلوي قال كنت في المسجد وقد جئ بجنازة فأردت ان أصلي عليها فجاء أبو الحسن الأول (ع) فوضع مرفقه على صدري فجعل يدفعني حتى أخرجني من
المسجد ثم قال يا أبا بكر ان الجنائز لا يصلى عليها في المسجد وحملها على الكراهة طريق الجمع الا انها ضعيف السند لجهالة أبي بكر وعدم توثيق موسى بن طلحة الراوي عنه ومع ذلك معارضة
بما هو أقوى منها فالعدول عن ظاهر الخبر الصحيح والاستناد إليها محل اشكال ولا يبعد الاكتفاء بها بانضمام الشهرة واما استثناء مسجد مكة فقد ذكره الشيخ في الخلاف واحتج باجماع
الفرقة عقيب ذكر الكراهة والاستثناء وعلله المصنف في المنتهى بان مكة كلها مسجد فلو كرهت الصلاة في بعض مساجدها لزم التعميم فيها أجمع وهو خلاف الاجماع ووافقه الشهيد واعترض
عليه بان مسجدية ما خرج عن المسجد الحرام منها ليس على حد المساجد لجواز تلويثه بالنجاسة واللبث فيه للجنب وغير ذلك بخلاف المسجد ويستحب وقوف الامام عند وسط الرجل
وصدر المرأة هذا هو المشهور بين الأصحاب وقال الشيخ في الاستبصار انه يقف عند رأس المرأة وصدر الرجل حجة الأول ما رواه الكليني والشيخ عنه عن عبد الله بن المغيرة في الحسن
بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) من صلى على امرأة فلا يقوم في وسطها ويكون مما يلي صدرها وإذا صلى على الرجل فليقم في وسطه
وعن جابر باسناد ضعيف عن أبي جعفر (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم من الرجل بحيال السرة ومن النساء أدون من ذلك قبل الصدر حجة الثاني ما رواه الكليني والشيخ عنه باسناد ضعيف
عن موسى بن بكر عن أبي الحسن (ع) قال قال إذا صليت على المرأة فقم عند رأسها وإذا صليت على الرجل فقم عند صدره وروى الشيخ عن سماعة في الموثق قال سألته عن جنائز الرجال
والنساء إذا اجتمعت فقال يقدم الرجل قدام المراة قليلا وتوضع المراة أسفل من ذلك قليلا عند رجليه ويقوم الامام عند رأس الميت فيصلي عليهما جمعا والترجيح للمشهور
ويجعل الرجل مما يليه اي يلي الامام ثم العبد البالغ ثم الخنثى ثم المرأة ثم الصبي لو اتفقوا جميعا الظاهر أنه لا خلاف بين الأصحاب في جواز الصلاة الواحدة على الجنائز المتعددة وقال في
المنتهى انه لا يعرف فيه خلافا ويدل عليه الاخبار الآتية ومضمرة سماعة السابقة في المسألة المتقدمة واستشكل جمع من الأصحاب الصلاة الواحدة في صورة اجتماع الصبي الذي
لم يبلغ الست مع غيره ممن يجب الصلاة عليه لاختلاف الوجه وقد مر في كتاب الطهارة في مسألة تداخل الأغسال ما يندفع به هذا الاشكال وقطع المصنف في التذكرة بعدم جواز الجمع
بنية واحدة متحدة الوجه ثم قال ولو قيل باجزاء الواحدة المشتملة على الوجهين بالتقسيط أمكن واستشكل بان الفعل الواحد الشخصي لا يتصف بوجهين متنافيين وقال
الذكرى انه يمكن الاكتفاء بنية الوجوب لزيادة الندب تأكيدا وهو ضعيف لمكان التنافي إذا عرفت هذا فاعلم أنه إذا اجتمع الرجل والمرأة يستحب تقديم الرجل إلى الامام والظاهر أنه
لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه الاخبار منها ما رواه الكليني والشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن الرجال والنساء كيف يصلي عليهم قال الرجل امام النساء
مما يلي الامام يصف بعضهم على اثر بعض ومنها ما رواه الشيخ عن زرارة والحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال في الرجل والمرأة كيف يصلى عليهما فقال يجعل الرجل والمرأة ويكون
الرجل مما يلي الامام ومنها ما رواه الكليني والشيخ عن عبد الرحمن أبي عبد الله في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت فقال يقدم الرجال في كتاب
علي عليه السلام ومنها ما رواه الشيخان عن عمار بن موسى في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يصلي على ميتين أو ثلاثة موتى كيف يصلى عليهم قال إن كان ثلثة أو اثنين أو عشرة أو أكثر
من ذلك فليصل عليهم صلاة واحدة يكبر عليهم خمس تكبيرات كما يصلي على ميت واحد وقد صلى عليهم جميعا يضع ميتا واحد ثم يضع الأخر إلى ألية الأول ثم يجعل رأس الثالث إلى
ألية الثاني شبه المدرج حتى يفرغ منهم كلهم ما كانوا فإذا سواهم هكذا قام في الوسط فكبر خمس تكبيرات يفعل كما يفعل إذا صلى على ميت واحد فان كانوا رجالا ونساء قال يبدأ
بالرجل فيجعل رأس الثاني إلى ألية الأول حتى يفرغ من الرجال كلهم ثم يجعل رأس المرأة إلى ألية الرجل الأخير ثم يجعل رأس المراة الأخرى إلى رأس المرأة الأولى حتى يفرغ منهم
كلهم فإذا سوى هكذا قام في الوسط وسط الرجال فكبر وصلى عليهم كما يصلى على ميت واحد ومنها ما رواه الشيخان باسناد فيه ضعف عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال سألته كيف يصلى
على الرجال والنساء فقال يوضع الرجال مما يلي الرجال والنساء خلف الرجال واما ما رويا عن طلحة بن زيد في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال كان إذا صلى على المرأة
والرجل قدم المرأة واخر الرجل وإذا صلى على العبد والحر قدم العبد واخر الحر وإذا صلى على الكبير والصغير قدم الصغير واخر الكبير فالتقديم فيها محمول على التقديم إلى القبلة لئلا
ينافي الأخبار المذكورة واما ما رواه الشيخ عن عبيد الله الحلبي باسناد فيه من لم يوثق في كتب الرجال قال سألته عن الرجل والمرأة يصلي عليهما قال يكون الرجل بين يدي
المرأة مما يلي القبلة فيكون رأس المراة عند وركى الرجل مما يلي يساره ويكون رأسها أيضا مما يلي يسار الامام ورأس الرجل مما يلي يمين الامام فلا يقاوم الأخبار المذكورة
مع امكان تأويله على وجه يرتفع التنافي وإن كان بعيد ا والكيفية المذكورة على وجه الاستحباب لما رواه الشيخ عن هشام بن سالم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس بان
يقدم الرجل ويؤخر المراة ويؤخر الرجل ويقدم المرأة يعني في الصلاة ثم ما ذكره المصنف من تقديم الحر على العبد فمستفاد من رواية طلحة بن زيد المذكورة بمعونة الشهرة بين الأصحاب
واما تقديم الخنثى على المرأة فقد ذكره الشيخ ومن تبعه ولم اطلع على مستنده وجعل ابن الجنيد الخصي بين الرجل والخنثى ومستنده غير واضح واما تقديم المرأة على الصبي والمراد منه من
لم يجب الصلاة عليه كما صرح به في المعتبر وغيره فعللوه بان الصبي لا يجب الصلاة عليه ومراعاة الواجب أولي فيكون مرتبة أقرب إلى الامام وأطلق الشيخ في النهاية تقديم الصبي إلى القبلة
وأطلق ابنا بابويه جعل الصبي إلى الامام والمرأة إلى القبلة وأسنده في المعتبر إلى الشافعي واستحسنه لما رواه الشيخ عن ابن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) في جنائز الرجال والصبيان
والنساء قال يوضع النساء مما يلي القبلة والصبيان دونهم والرجال دون ذلك ويقوم الامام مما يلي الرجال قال وهذه الرواية وإن كانت ضعيفة لكنها سليمة من المعارض ولا باس به
واما الصبي الذي يجب الصلاة عليه فمقدم على المرأة ونقل الشيخ في الخلاف الاجماع عليه لان الحسن والحسين عليهما السلام صليا على أم كلثوم أختهما وابنها زيد وهو مقدم عليها رواه عمار
ابن ياسر وذكر الشهيد تقديم الطفل على الطفلة والدليل عليه غير واضح قال في الذكرى الظاهر من خبر طلحة بن زيد ان الاسن متقدم لدلالة الصغير والكبير عليه وهو الذي فهمه
يحيى بن سعيد ويمكن ان يراد بالصغير دون البلوغ واستقرب تقديم الحرة على الأمة لفحوى الحر والعبد وفيه اشكال إما الحرة والعبد فلا اشكال فيه لان مقتضى منطوق الأخبار المذكورة
تقديم العبد لدخوله في عموم الرجال وربما يتوهم ههنا تعارض فحوى الرجل والمرأة والحر والعبد ولو اجتمع الرجال صفوا مدرجا كما مر في خبر عمار وكذا لو اجتمع الرجال
والنساء وذكر المصنف استحباب تقديم الأفضل إلى الامام كما يقدم أفضل المأمومين إلى الصف الأول فإنه نوع تعظيم وقال في الذكرى انه مدفوع باطلاق النص والأصحاب وهو حسن
وينبغي مراعاة سنة الموقف في الذكر والأنثى عند الاجتماع فيجعل صدر المرأة محاذيا لوسط الرجل فيقف الامام موقف الفضيلة
ويستحب نزع النعلين هذا مذهب الأصحاب
لا أعلم فيه مخالفا والأصل فيه ما رواه الشيخ عن سيف بن عميرة عن أبي عبد الله (ع) قال لا يصلي على الجنازة بحذاء ولا باس بالخف ونقل عن ابن بابويه في المقنع أنه قال وروى أنه لا يجوز
للرجل ان يصلي على جنازة بنعل حذو وكان محمد بن الحسن يقول كيف يجوز الصلاة الفريضة ولا يجوز صلاة الجنازة وكان يقول لا يعرف النهى عن ذلك الا عن رواية محمد بن موسى
الهمداني وكان كذابا وقال الصدوق وصدق في ذلك الا اني لا أعرف عن غيره رخصة واعرف النهى وإن كان غير ثقة ولا يرد الخبر بغير خبر معارض قال في الذكرى بعد نقل هذا قلت
332

قد روى الكليني عن (عمدة) عن سهل بن زياد عن إسماعيل بن مهران عن سيف بن عميرة ما قلناه وهذا طريق غير طريق الهمداني الا ان يفرق بين الحذاء وبين نعل الحذو واستحب المحقق
في المعتبر الحفا لأنه موضع اتعاظ فناسب التذلل بالخفاء ولقول النبي صلى الله عليه وآله من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمهما الله على النار ورفع اليدين في كل تكبيرة أجمع العلماء كافة على ما نقله جماعة
من الأصحاب على استحباب رفع اليدين في التكبيرة الأولى واختلفوا في البواقي فذهب الأكثر منهم المفيد والمرتضى والشيخ في النهاية والمبسوط وابن إدريس إلى أنه غيره مستحب وذهب الشيخ في
كتابي الاخبار إلى أنه مستحب في الجميع واختاره الفاضلان حجة الأول ما رواه الشيخ عن غياث بن إبراهيم في الموثق عن أبي عبد الله (ع) انه كان لا يرفع يده في الجنازة الامرة واحدة يعني
في التكبير ورواه باسناد اخر عن غياث مرسلا ورواه في الاستبصار عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن علي (ع) انه كان الحديث وعن إسماعيل بن إسحاق بن ابان الوراق عن جعفر عن أبيه (ع)
قال كان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) يرفع يده في أول التكبير على الجنازة ثم لا يعود حتى ينصرف وراوي هذه الرواية غير مذكور في كتب الرجال وفي طريقها سلمة بن الخطاب
وهو ضعيف وحجة الثاني ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن العرزمي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال صليت خلف أبي عبد الله (ع) على جنازة فكبر خمسا يرفع يديه في كل تكبيرة وعن
يونس باسناد فيه ضعف قال سألت الرضا (ع) قلت جعلت فداك ان الناس يرفعون أيديهم في التكبير على الميت في التكبيرة الأولى ولا يرفعون فيما بعد ذلك فاقتصر على التكبيرة
الأولى كما يفعلون أو ارفع يدي في كل تكبيرة فقال ارفع يديك في كل تكبيرة وعن محمد بن عبد الله بن خالد مولى بني الصيد انه صلى خلف جعفر بن محمد على جنازة فرآه
يرفع يديه في كل تكبيرة وفي طريقها عدة من المجاهيل وأجاب الشيخ عن الروايتين الأوليين بالحمل على التقية أو على أن الغرض فيها بيان الجواز ورفع الوجوب وهو حسن وفي
رواية يونس تأييد ما للحمل الأول وبالجملة ترجيح هذه الأخبار بحسب السند بناء على صحة الأولى منها مع قرب ارتكاب التأويل المذكور في الخبرين السابقين مع المسامحة
في أدلة السنن كاف لترجيح هذا القول وإن كانت الشهرة ترجيح القول الأول واما ما قال المحقق في المعتبر بعد ايراد الاخبار من الطرفين ما دل على الزيادة أولي ولان
رفع اليدين مراد لله في أول التكبير وهو دليل الرجحان فيسوغ في الباقي تحصيلا للأرجحية ولأنه فعل مستحب فجاز ان يفعل به مرة ويخل به أخرى فلذلك اختلف الروايات
فيه ففيه نظر لا يخفى على المتدبر واما رفع اليدين حاله الدعاء للميت فلم يرد به نص خاص قال الشارح الفاضل وعمل الطائفة الان عليه ولا يبعد استحبابه لدخول ذلك في اطلاق
ما دل على الامر برفع اليد حال الدعاء ولا يصلى عليه الابعد غسله وتكفينه حيث يجبان وهذا قول العلماء كافة حكاه بعض الأصحاب وذلك لان النبي صلى الله عليه وآله كان يفعل ذلك
وكذلك الأئمة (ع) وكذا الصحابة والتابعون فيجب فعله لعدم ثبوت شرعية خلاف وعدم حصول البراءة اليقينية من التكليف الثابت بغيره فان فقد الكفن جعل في القبر وسترت
عورته ثم يصلى عليه بعد ذلك ذكره الأصحاب واستدلوا عليه بما رواه ابن بابويه والشيخ عن عمار الساباطي في الموثق قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما تقول في قوم كانوا في سفر لهم
يمشون على ساحل البحر فإذا هم برجل ميت عريان قد لقطه البحر وهم عراة ليس معهم الا ازار فكيف يصلون عليه وهو عريان وليس معهم فضل ثوب يكفنونه به قال يحفر له ويوضع في لحده ويوضع
اللبن على عورته فيستر عورته باللبن والحجر ويصلى عليه ثم يدفن ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن محمد بن أسلم عن رجل من أهل الجزيرة قال قلت لأبي الحسن الرضا (ع) قوم كسر بهم
في بحر فخرجوا يمشون على الشط فإذا هم برجل ميت عريان والقوم ليس عليهم الا مناديل متزرين بها وليس عليهم فضل ثوب يوارون الرجل فكيف يصلون عليه وهو عريان فقال
إذا لم يقدروا على ثوب يوارون به عورته فليحفروا قبره ويضعوه في لحده يوارون عورته بلبن أو أحجار أو تراب ثم يصلون عليه ثم يوارونه في قبره ومقتضى اطلاق الامر
بالستر عدم اناطته بوجود الناظر وذكر الشهيد في الذكرى انه أمكن ستره بثوب صلى عليه قبل الوضع في اللحد وتبعه الشارح الفاضل مصرحا بالوجوب والرواية الأخيرة دالة عليه
وإن كان اطلاق الرواية الأولى يدفعه ولو فاتت الصلاة عليه قبل دفنه صلى على قبره يوم وليله اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب الأكثر منهم الشيخان وابن البراج وابن إدريس
والكيدري وابن حمزة والمحقق في الشرايع والمصنف ههنا إلى جواز الصلاة على القبر يوما وليلة ممن فاتته الصلاة عليه قبل الدفن واطلاق كلامهم يقتضي جواز الصلاة عليه كذلك وإن كان
الميت قد صلي عليه قبل الدفن وقال سلار يصلى عليه إلى ثلاثة أيام ويظهر من كلام الشيخ في الخلاف ان به رواية وقال ابن الجنيد يصلى عليه ما لم يتغير صورته ولم اطلع على مستند
لشئ من هذه التقديرات واعتراف المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى بعدم الاطلاع على ذلك وقال ابن بابويه من لم يدرك الصلاة على الميت صلى على القبر ولم يقدر لها وقتا وقربه
الشهيد في البيان وأوجب المصنف في المختلف الصلاة على من دفن بغير صلاة ومنع من الصلاة على غيره وحكم المحقق في المعتبر بعدم وجوب الصلاة بعد الدفن مطلقا قال ولا امنع الجواز وقواه
المصنف في المنتهى والأقرب عندي انه تجوز الصلاة على القبر لمن فاتته الصلاة من غير تحديد كما ذهب إليه ابن بابويه وانه يجب الصلاة عليه إذا دفن بغير صلاة إما الأول لما رواه
الشيخ عن هشام بن سالم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس ان يصلي الرجل على الميت بعدما يدفن وفي الصحيح عن عبد الله بن مسكان عن مالك مولى الجهم عن أبي عبد الله (ع) قال
إذا فاتتك الصلاة على الميت حتى يدفن فلا باس بالصلاة عليه وقد دفن وعن عمرو بن جميع عن أبي عبد الله (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا فاتته الصلاة على الميت صلى على القبر وروى أن
النبي صلى الله عليه وآله صلى على قبر مسكينه دفنت ليلا واما الثاني فلما دل على وجوب الصلاة على كل مسلم إذ لا دليل على الاستثناء فان قلت كثير من الروايات يدل على المنع من الصلاة
عليه بعد الدفن منها ما رواه الشيخ عن يونس بن ظبيان في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يصلي على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه ومنها موثقة
عمار المذكورة عند (صريح) قول المصنف وجعل رأس الجنازة إلى يمين المصلي ومنها موثقة عمار السابقة في المسألة المتقدمة ومنها ما رواه الشيخ عن عمار أيضا في الموثق عن
أبي عبد الله (ع) قال الميت يصلي عليه ما لم يوار بالتراب وإن كان قد صلى ومنها ما رواه عن يونس بن يعقوب في الصحيح والموثق عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الجنازة لم ادركها
حتى بلغت القبر أصلي عليها قال إن أدركتها قبل ان يدفن فان شئت فصل عليها ومنها ما رواه عن محمد بن أسلم عن رجل من أهل الجزيرة قال قلت للرضا (ع) يصلي على المدفون بعد
ما يدفن قال لا لو جاز لاحد لجاز لرسول الله صلى الله عليه وآله قال بل لا يصلى على المدفون ولا على العريان ومنها (ما رواه عن) زرارة أو محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم ونوح بن شعيب قال الصلاة
على الميت بعدما يدفن انما هو الدعاء قال قلت فالنجاشي لم يصلي عليه النبي عليه واله السلام قال لا انما دعى له قلت إما الرواية الأولى فضعيف السند جدا مع أن النهي عن الصلاة
على القبر لا يدل على أن المراد منه الصلاة على الميت لجواز ان يكون المراد منه إقامة الصلاة على القبور ويكون النهى محمولا على الكراهة واما الرواية الثانية فواردة في صورة
خاصة فالتعدية إلى غيرها يحتاج إلى دليل اخر واما الرواية الثالثة فحملها على صورة الاختيار حمل قريب ومحمل ظاهر فلا يدل على صورة الفوات واما الرواية الرابعة فمحمولة على الاستحباب
المؤكد يعني يصلي عليها على سبيل الاستحباب المؤكد وان صلى عليها ما لم يوار بالتراب وان قرئ الفعل بصيغة المعلوم لم يكن مدلول الخبر منافيا لما قدمناه واما الرواية
الخامسة فمحمولة على نفى تأكد الاستحباب بعد الدفن واما الرواية السادسة فضعيف السند مع كونها معارضة بأقوى منها ويمكن حملها على صورة عدم الفوات واما السابعة
فمع الإغماض عن سندها حيث لم يسند إلى الإمام (ع) مطلق بالنسبة إلى ما دل على جواز الصلاة لمن فاتته والمقيد حاكم على المطلق وهذا التأويل أقرب من حمل الصلاة
في الاخبار الأولة على الدعاء وكذا من حمل اخبار الجواز على صورة لم يصل على الميت كما فعله المصنف في الخلاف إذ التخصيص متقدر بقدر اقتضاء الدليل ولا دليل على التخصيص الزايد مما
ذكرناه واما ما رواه الشيخ عن ابن أبي نصر في الصحيح عن الحسن بن موسى عن جعفر بن عيسى قال قدم أبو عبد الله (ع) مكة فسألني عن عبد الله بن أعين فقلت مات فقال مات قلت نعم قال
فانطلق بنا إلى قبره حتى نصلي عليه قلت نعم فقال لا ولكن نصلي عليه ههنا فرفع يديه يدعو واجتهد في الدعاء وترحم عليه فلا ينافي ما قربناه كما لا يخفى على التدبر احتج المحقق على
333

ما ذهب إليه من عدم الوجوب بان المدفون خرج بدفنه عن أهل الدنيا فيساوي من فني في قبره ولأنه لو جازت الصلاة عليه بعد دفنه لصلي على الأنبياء في قبورهم والصلحاء وان
تقادم العهد ويؤيد ذلك ما رواه عمار وتلا بعض الروايات المذكورة وما ذكره من التعليل الأول وجه استحساني ضعيف واما الثاني فيمكن الجواب عنه بما ذكره الشيخ في الخلاف من
استلزامه الفتنة لما روى عنه (ع) لا تتخذوا قبوري وثنا يعبد لعن الله اليهود فإنهم اتخذوا قبور أنبياءهم مساجد أو لما روى عنه (ع) انا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري أكثر
من ثلاثة أيام مع أن ما ذكره من التعليل لا ينهض حجة على القائلين بالتحديد واما الروايات فقد مر الجواب عنها ويكره تكرار الصلاة على الجنازة اختلف الأصحاب في هذه المسألة فقال (في)
المصنف في المختلف المشهور كراهة تكرار الصلاة على الميت وقال الشهيد في الذكرى ظاهرهم اختصاص الكراهة بمن صلى على الميت لما تلوناه عنهم من جواز الصلاة ممن فاتته على القبر ويريدون
بالكراهة قبل الدفن حتى ينتظم الكلام وقيد ابن إدريس الكراهية بالصلاة جماعة لتكرار الصحابة الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله فرادى ويظهر من كلام الشيخ (في الخلاف) اختصاص الكراهية بالمصلي
المتحد واحتمل الشيخ في الاستبصار استحباب التكرار من المصلي الواحد وغيره وللمصنف قول بكراهة تكرار الصلاة إذا خاف على الميت وله أيضا قول بكراهة التكرار عند الخوف عليه
أو مع منافاة التعجيل وقيد الشارح الفاضل الكراهة بكون التكرار من المصلي الواحد ويكون منافيا للتعجيل والمسألة محل اشكال لاختلاف الاخبار فيدل على المنع ما رواه الشيخ
عن وهب بن وهب في الضعيف عن جعفر عن أبيه (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على جنازة فلما فرغ جاء ناس فقالوا يا رسول الله لم ندرك الصلاة عليها فقال لا تصلي على جنازة مرتين ولكن ادعوا
له وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على جنازة فلما فرغ جاء قوم فقالوا فاتتنا الصلاة عليها فقال (ص) ان الجنازة لا يصلى عليها مرتين ادعوا له وقولوا
له حرا وفي طريق هذه الرواية غياث بن كلوب وهو عامي لم يوثقوه في كتب الرجال الا انه قد يعمل الأصحاب برواياته كما يظهر من كلام الشيخ في العدة ومما يدل على الجواز موثقة
عمار وموثقة يونس بن يعقوب المشار إليها في المسألة المتقدمة وما رواه الشيخ عن عمر بن شمر عن جابر في الضعيف عن الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله خرج على جنازة امرأة
من بني النجار فصلى عليها فوجد الحفرة لم ينكتوا (يمكنوا خ ل) فوضع الجنازة فلم يجئ قوم الا قال لهم (ع) صلوا عليها وما رواه الشيخ عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال كبر
أمير المؤمنين (ع) على سهل بن حنيف وكان بدريا خمس تكبيرات ثم مشى ساعة ثم وضعه وكبر عليه خمسة أخرى فصنع ذلك حتى كبر عليه خمسا وعشرين تكبيرة وعن عمرو بن شمر في الضعيف
قال قلت لجعفر بن محمد (ع) جعلت فداك انا نتحدث بالعراق ان عليا (ع) صلى على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا ثم التفت إلى من كان خلفه فقال إنه كان بدريا قال فقال جعفر (ع) انه لم
يكن كذا ولكنه صلى عليه خمسا ثم رفعه ومشى به ساعة ثم وضعه وكبر عليه خمسا ففعل ذلك خمس مرات حتى كبر عليه خمسا وعشرين تكبيرة وروى هذا المعنى عقبة عن جعفر (ع) وفيه ثم قال لأنه بدري
عقبي إحدى وكان من النقباء الذين اختارهم رسول الله صلى الله عليه وآله من الاثني عشر فكانت له خمس مناقب فصلى عليه لكل منقبة صلاة وروى الكليني في الضعيف عن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال
كبر رسول الله صلى الله عليه وآله على خمرة سبعين تكبيرة وكبر علي (ع) عندكم على سهل بن حنيف خمسة وعشرين تكبيرة قال كبر خمسا خمسا كلما أدركه الناس قالوا يا أمير المؤمنين لم ندرك الصلاة على
سهل فيضعه فيكبر عليه خمسا حتى انتهى إلى قبره خمس مرات وعن زرارة في الضعيف عن أبي جعفر (ع) قال صلى رسول الله على حمزة سبعين صلاة والمشهور في وجه الجمع بين هذه الأخبار
حمل اخبار المنع على الكراهة وهو مشكل لان الكراهة في العبادات انما يتصور إذا كان لطبيعة ما مطلوبة شرعا فرد ان لكل منهما ثواب واحدهما أقل ثوابا بالنسبة إلى الفرد الآخر مع
تمكن المكلف من اختيار الفرد الذي هو أكثر ثوابا من الأخر وهذا المعنى لا يتصور ههنا وأقلية الثواب بالنسبة إلى الصلاة على الميت الذي لم يصل عليه غير نافع اللهم الا ان يخص الحكم
بصورة المنافاة للتعجيل ويعم الكراهة بحيث يدخل في المكروه ما كان أقل ثوابا بالنسبة إلى طبيعة أخرى مطلوبة شرعا (وان لم يدخلا بحيث طبيعة واحدة مطلوبة شرعا) فيقال هذه الصلاة أقل ثوابا من التعجيل مع أن التزام ارتكاب أمير
المؤمنين (ع) للفعل المكروه خمس مرات وأمره به لا يخلو عن اشكال ويمكن الجمع بين الاخبار بحمل اخبار المنع على صورة المنافاة للتعجيل ويكون معنى قوله لا يصلي على جنازة مرتين اي على
سبيل الوجوب ولا يبعد ان يقال برجحان تكرار الصلاة عليه في صورة عدم المنافاة للتعجيل لمن لم يدرك الصلاة وللامام وان ادركها استنادا إلى قضية سهل بن حنيف مع امكان النزاع في عموم
الحكم إذ يجوز اختصاص الحكم بميت له شرف ومزية في الدين ولهذا لم ينقل مثله في غير سهل واما من أدرك الصلاة غير الامام فلا يدل على رجحان الصلاة بالنسبة إلى عموم رواية عمار
السابقة والاستناد إلى مجرده لا يخلو عن اشكال والذي يخدش هذا الاختيار عدم ظهور مصرح به على هذا الوجه فان قلت كيف يتعلق بقضية سهل في ترجيح رجحان التكرار للامام
وقد قال المصنف في المختلف ان حديث سهل بن حنيف مختص بذلك الشخص اظهار فضله كما خص النبي صلى الله عليه وآله عمه حمزة بسبعين تكبيرة وفي كلام أمير المؤمنين (ع) في نهج البلاغة ما يدل عليه قلت
هذا خلاف الظاهر إذ كون سهل بخصوصه مستثنى عن حكم شرعي كلي لا يخلو عن اشكال والنقل الذي ذكر لم يثبت على وجه ينهض حجة ثم لا يبعد اختصاص الحكم بميت له شرف ومزية في الدين
كما أشرنا إليه وبالجملة طريق التردد غير مسند في هذه المسألة
واولى الناس (بها) أولاهم بالميراث والمراد بالأولى ههنا المستحق للميراث وهذا الحكم في الجملة مما لا خلاف فيه بين
الأصحاب وإن كان لابن الجنيد خلاف في بعض جزئيات المسألة كما سيجئ واستدلوا عليه بقوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله وبما رواه الكليني عن
ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال يصلي على الجنازة أولي الناس بها أو يأمر من يحب وعن أحمد بن محمد بن أبي نصر في الضعيف عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع)
قال يصلى على الجنازة أولي بها أو يأمر من يحب وفي عموم الآية على وجه يشمل محل النزاع تأمل وكون المراد بالأولى في الاخبار المستحق للميراث غير متضح الا ان فهم الأصحاب وعملهم
يكفي لعدم العدول عنه ومن الأصحاب من صرح بانسحاب الحكم في المعتق عند فقد القريب ثم أولاده ثم الامام وقيل ضامن الجريرة ثم الحاكم ثم عدول المؤمنين والحجة على ذلك
غير واضحة والوارث أولي من الموصى إليه بالصلاة عند المصنف ومن تبعه وقدم ابن الجنيد الموصى إليه وفاء بعهد الميت ولاشتهار ذلك بين السلف كوصية أبي بكر لعمر ووصية عمر لصهيب
ووصية عائشة لأبي هريرة ووصية ابن مسعود لزبير ووصية ابن جبير لأنس ووصية ابن مسعود أبي شريحة لزيد بن أرقم فجاء عمرو بن حريث أمير الكوفة ليتقدم فاعلمه ابنه بوصيته فقدم
زيدا ولان ايصاؤه إليه لظنه فيه مزية فلا ينبغي منعه منها ويدل على مختار المصنف عموم الأدلة السابقة وما ذكر من الحجج لابن الجنيد لا ينتهض حجة في اثبات حكم شرعي وفعل المذكورين
ليس بحجة مع احتمال حصول الاذن للوارث ولا (فيه) منع يمكن الاستناد إلى عموم ما دل على الوفاء بالوصية والمسألة محل تردد واعلم أن ظاهر الأصحاب ان اذن الولي انما يتوقف عليه الجماعة
لا أصل الصلاة وقد صرح به بعض الأصحاب وهو حسن تقدير الحكم المخالف للأصل بالمقدار المستفاد من الدليل وهو أولوية الولي بالإمامة لان هذا هو المتبادر من الخبرين
السابقين وعلى هذا فالمراد بالأولوية توقف الجماعة على تقدمه أو اذنه ويتعين الثاني إذا لم يكن أهلا للإمامة ولو أبى عن الاذن والتقدم مع استيهاله سقط اعتباره كما
صرح به الشارح الفاضل وللمناقشة فيه مجال فإنه إذا ثبت له الولاية كان سقوطها بمنعه محتاجا إلى دليل واضح وقد يعلل عدم توقف أصل الصلاة عليه بأنها واجبة على الكفاية
فلا يناط برأي أحد من المكلفين وقد يقال لا منافاة بين الوجوب كفاية والإناطة برأي بعض المكلفين على معنى انه ان أقام بنفسه أو بنصب غيره وقام ذلك الغير سقط عن الغير
والا سقط اعتباره وانعقدت جماعة وفرادى بغير اذنه والأب أولي من الابن لا أعلم في ذلك خلافا بين الأصحاب واستدل عليه بان الأب ارق على الميت وأشفق فيكون
دعاؤه أقرب إلى الإجابة ومجرد هذا التعليل لا يصلح لتأسيس الحكم واثباته نعم يصلح توجيها للحكم بعد ثبوته والولد أولي من الجد على المشهور ونقل عن ابن الجنيد انه جعل الجد
أولي من الأب والابن محتجا بان منصب الإمامة أليق بالأب من الولد والأقرب الأول لما علم من الأولوية المتقدمة لان الجد لا يرث مع وجود الابن والأخ من الأبوين أولي ممن
يتقرب بأحدهما إما تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب خاصة فلا ريب فيه استنادا إلى الأولوية السابقة لأنه يرث معه واما على الأخ من الام فلعله المصنف في المنتهى بأنه
334

أكثر نصيبا في الميراث وبان الام لا ولاية لها في الصلاة فمن يتقرب بها أولي ولم يتعرض المصنف ههنا لحال اجتماع الجد مع الأخ ولا لحكم باقي الوراث وقال الشيخ في المبسوط
فان حضر جماعة من الأولياء كان الأب أولي ثم الولد ثم ولد الولد ثم الجد من قبل الأب (ثم الأخ من قبل الأب ثم الأخ من قبل الأب) والام ثم الأخ من قبل الام ثم العم ثم الخال ثم ابن العم ثم ابن الخال وجملته ان من كان أولي بميراثه
كان أولي بالصلاة عليه لقوله تعالى وأولوا الأرحام بعضهم أولي ببعض وذلك عام ونحوه قال ابن إدريس وتبعهما في الأحكام المذكورة المصنف وغيره وظاهر التعليل المذكور ان من يرث
أولي ممن لا يرث وكذا أكثر نصيبا أولي من الأقل لكنه ينتقض بالأب فإنه أقل نصيبا من الابن وكذا الجد فإنه مساو مع الأخ في الاستحقاق فيكون هذان الحكمان مستثنيين
من الكلية السابقة لدليل اخر
والزوج أولى من كل أحد قال في الذكرى لا أعلم فيه مخالفا من الأصحاب ويدل عليه ما رواه الكليني والشيخ عنه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال
قلت له المراة تموت من أحق الناس بالصلاة عليها قال زوجها قلت الزوج أحق من الأب والولد والأخ فقال نعم ويغسلها وفي طريق هذه الرواية علي بن أبي حمزة وهو واقفي مطعون
والقسم بن محمد والظاهر أنه الجوهري وهو أيضا واقفي ورواها ابن بابويه باسناد ظاهر الصحة عن ابن أبي عمير عن علي بن أبي حمزة عن أبي بصير ورواها الكليني بدون قوله ويغسلها باسناد
اخر عن أبي بصير وليس فيه من يتوقف في شانه الا إسماعيل بن مرار فإنه لم يوثق في كتب الرجال لكنه من الرواة المشهورة وقد نقل الأصحاب كتب يونس بن عبد الرحمن من طريقه ويؤيده
ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها ومقتضى الروايات المذكورة ان الزوج أحق من جميع الأقارب
لكن بعض الروايات يدل على أولوية الأخ وروى الشيخ عن حفص البختري عن أبي عبد الله (ع) في المرأة تموت ومعها اخوها وزوجها أيهما يصلي عليها فقال اخوها أحق بالصلاة عليها
وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة على المرأة الزوج أحق بها أو الأخ قال الأخ وفي طريقها محسن بن أحمد وهو غير موثق في كتب الرجال قال
الشيخ الوجه في هذين الخبرين ان نحملهما على ضرب من التقية لأنهما موافقان لمذاهب العامة وهو حسن ترجيحا للخبر المشهور المعمول بين الأصحاب على غيره ويؤيده ما دل على رجحان الأولى
بالميراث لان ميراث الزوج أكثر من الاخوة قال في المعتبر وفي الزوج مع الأخ روايتان أشهرهما الولاية للزوج لأنه أقوى في الميراث ثم نقل رواية أبي بصير ورواية عبد الرحمن ورواية
حفص ثم قال الرواية الأولى أرجح لوجهين أحدهما ضعف ابان وابن البختري وسلامة سند الأولى والثاني للزوج الاطلاع على عورة المراة وليس كذلك المحارم وما ذكره من
التعليل الثاني ضعيف وفي ترجيح الرواية الأولى على الأخريين تأمل فان ابان قد نقل الكشي اجماع العصابة على تصحيح ما يصح عنه وحفص قد وثقة النجاشي ومراده بسلامة
سند الرواية الأولى سلامة روايته عن الطعن وهو كذلك في أحد الطريقين المنقول عن الكافي فلا يرد عليه اعتراض الشهيد بوجود علي بن أبي حمزة والقسم بن محمد في الطريق
وكانه غفل عن الاسناد الذي نقلنا واما اعتراض بعض المتأخرين بان في الطريق أبي بصير المشترك بين الثقة والضعيف بل ههنا هو الضعيف بقرينة الراوي عنه فجوابه معلوم
مما حققنا في كتاب الطهارة ولا يلحق الزوجة بالزوج في هذا الحكم لفقد النص وقيل بالمساواة استنادا إلى صدق اسم الزوج عليها لغة وهو ضعيف فان ما ذكره انما يستقيم لو كان النص
وأرادا بولاية الزوج من غير تقييد لامع التصريح بكونه أحق بامرأته كما في الخبر الذي هو الأصل في هذا الباب والظاهر عدم الفرق في الزوجة (الدائمة) والمتمتعة ولابين الحرة والأمة لعموم
النص فالزوج والى من سيد المملوكة وكذا عدم الفرق في الزوج بين العبد والحر لكن المصنف ذكر في المنتهى ان الحر أولي من العبد وإن كان الحر بعيدا والعبد أقرب لان العبد لا ولاية له في نفسه
ففي غيره أولي ولا نعلم فيه خلافا ولعل الزوج مستثنى من الحكم المذكور للنص والذكر من الأولياء المتعددين في طبقة واحدة أولي من الأنثى قال في المنتهى انه لا خلاف فيه وحكى بعض المتأخرين
قولا باشتراك الورثة في الولاية واستدل بعضهم على الأول بقوله (ع) يصلي على الجنازة أولي الناس بها ومع وجود الذكر يصدق كونه أولي وكانه نظر إلى أن ميراث الذكر أكثر لكن ذلك
لا يتم كلية لتخلف ذلك في بعض المواد كما إذا انحصر الوارث في الأخ من قبل الام والأخت من قبل الام واعلم أن عبارات أكثر الأصحاب مطلقة في أولوية الذكر من الأنثى وما ذكرنا من
التقييد بالكون في طبقة واحدة مما صرح به جماعة من الأصحاب منهم الشهيدان رحمهما الله فلو لم يكن في طبقتها ذكر فالولاية للأنثى لما رواه ابن بابويه والشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع)
قال قلت المرأة تؤم النساء قال لا الا على الميت إذا لم يكن أحد أولي منها تقوم وسطهن في الصف تكبر ويكبرن ورواها الشيخ عن زرارة باسناد اخر من الموثقات وبإسناد اخر ضعيف
ولو كان الذكر ناقصا لصغر أو جنون ففي انتقال الولاية إلى الأنثى من طبقته أو إلى وليه نظر واستقرب في الذكرى الانتقال إلى الأنثى ولو لم يكن في طبقة مكلف ففي انتقال الولاية إلى
الابعد أولي وليه نظر ولو كان الأقرب غائبا ففيه وجهان ويحتمل قويا سقوط اعتباره مطلقا في الصورة المذكورة والحر أولي من العبد وإن كان العبد أقرب من الحر بلا خلاف لأنه لا يرث
مع الحر ويؤيده كونه محجورا عليه من التصرفات في نفسه فكذا في غيره والأفقه من الأولياء المجتمعين في طبقة واحدة أولي من غيره وقد صرح المصنف بان الفقيه العبد أولي من غيره الحر وكذا لو أراد
الولي تقديم غيره فالأولى تقديم الأفقه ولم يرد عليه ههنا نص على الخصوص والظاهر الحاق الأصحاب صلاة الجنازة بالمكتوبة واختلف كلامهم ههنا فمنهم من قدم (يقدم) الأفقه ثم الأقرأ ثم
الاسن وهو خيرة المصنف في القواعد والتحرير والمحقق في الشرايع وأكثرهم على تقديم الأقرأ على الأفقه ذهب إليه الشيخ وابن إدريس والمصنف في عدة من كتبه والمحقق في المعتبر وربما يوجه تقديم
الأفقه ههنا دون المكتوبة بان القراءة ساقطة في صلوه الجنازة ورد بان مرجحات القراءة معتبره في الدعاء ولولا ذلك لسقط الترجيح بالقراءة مطلقا والمراد بالأفقه الأعلم
بفقه الصلاة وبالأقرأ الأعلم بمرجحات القراءة لفظا ومعنى وبالأسن الأكثر سنا وقيل إن المراد أكثر مدة في الاسلام وانتقل جماعة من الأصحاب منهم الشيخ إلى القرعة بعد اعتبار
الترجيح بالسن واعتبر بعضهم بعد الاسن الأقدم هجرة ثم الأصبح ذكرا وهو غير بعيد إذ لا نص ههنا على الخصوص فينبغي اعتبار مرجحات اليومية ههنا وسيجئ الكلام في هذه الأوصاف
في امامة الجماعة مفصلا والظاهر أن هذه المرجحات انما تعتبر عندهم إذا كان كل واحد منهم أهلا للإمامة فلو كان الأفقه منهم غير عادل لم يكن قوله في تقدم الغير معتبرا مع احتمال
ذلك على بعدكما يفهم من ظاهر العبارة وهل الأولوية ههنا على سبيل الاستحباب أو يسقط ولاية المرجوح بالكلية لم اطلع على تصريح بشئ من ذلك في كلام الأصحاب فإن لم يكن
الولي بالشرائط المعتبرة في الإمامة استناد من يريد ممن استكملت أوصاف الامام فيه بناء على أن الامام يشترط عدالته ههنا أيضا وان لم يكن صلاة حقيقة ويظهر من المصنف في المنتهى
ان ذلك اتفاقي بين الأصحاب والا كان للمنازعة فيه مجال لعموم النص وعدم كونها صلاة حقيقة فلا يعتبر فيها ما يعتبر في الصلاة الحقيقة كما يستفاد من بعض الأخبار السابقة
ويجوز للولي الاستنابة مع الصلاحية أيضا إذ لا مانع منه ولو وجد الأكمل استحب استنابته لان كماله قد يكون سببا لاستجابة دعائه ويحتمل ترجيح الولي لاختصاصه بمزيد الرقة التي هي
مظنة الإجابة وليس لاحد التقدم بدون اذنه وقد مر تحقيقه وامام الأصل أولي من كل أحد وتحقيق احتياجه (ع) إلى اذن الولي وعدمه زيادة تكلف مستغنى عنه فلا وجه للاشتغال
وبه الهاشمي أولى من غيره مع الشرائط انه قدمه الولي ويستحب له تقديمه ذكره الأصحاب بل أوجبه المفيد حجة الأول قوله (ع) قدموا قريشا ولا تقدموهم وبأنه مع استكمال الشرائط يرجح لعلو
النسب وطعن الشهيد في الرواية بأنه غير مسبب في رواياتنا وبأنه أعم من الدعوى وحمل في الذكرى كلام المفيد على أن مراده امام الأصل وهو بعيد عن سياق كلامه جدا ولو أمت المرأة النساء
والعاري مثله وقف الامام منهما في الصف لا يبرز عنه استحبابا والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل على حكم المرأة صحيحة زرارة المذكورة عند شرح قول المصنف والذكر أولي
من الأنثى ورواية الحسن الصيقل عن أبي عبد الله (ع) ورواية جابر عن أبي جعفر (ع) وظاهر العبارة ان العراة لا يجلسون كاليومية وبه صرح المحقق في المعتبر والظاهر أن الفارق اختصاص اليومية
بالنص الدال على اعتبار الجلوس لاحتياجها إلى الركوع والسجود كما ذكره بعضهم لان الواجب الايماء وغيرهم
اي غير النساء والعراة وتثنية الضمير أولي اي غير العاري والمرأة يتقدم على الصف
وإن كان المؤتم واحدا بخلاف غيرها من الصلوات فان المأموم الواحد يقف عن يمين الامام والأصل في هذا الباب ما رواه الكليني وابن بابويه عن اليسع بن عبد الله القمي قال سألت أبا عبد الله (ع)
335

عن الرجل يصلي على الجنازة وحده قال نعم قلت فاثنان يصليان عليها قال نعم ولكن يقوم الأخر خلف الأخر ولا يقوم بجنبه ورواه الشيخ عن القسم بن عبيد الله القمي وينفرد الحايض بصف
قد مر ما يدل عليه عند شرح قول المصنف ويستحب فيها الطهارة وإذا اقتدى النساء بالرجل وقفن خلفه وإن كان وراءه رجال وقفن خلفهم لان مواقف النساء في الجماعة خلف
الرجال وروى الكليني والشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله خير الصفوف في الصلاة المقدم وخير الصفوف في الجنائز المؤخر قيل يا رسول الله ولم قال صار
ستره للنساء
ولو فات عن المأموم بعض التكبيرات ثم ما بقي منها بعد فراغ الامام ولاء اي من غير دعاء وان رفعت الجنازة يدل عليه روايات منها ما رواه الشيخ وابن بابويه
عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أدرك الرجل التكبيرة والتكبيرتين من الصلاة على الميت فليقض ما بقى متتابعا وعن عميص بن القاسم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن الرجل يدرك من الصلاة على الميت تكبيرة قال يتم ما بقي وعن خالد بن مأد القلانسي وهو غير موثق عن رجل عن أبي جعفر (ع) قال سمعته يقول في الرجل يدرك مع الامام
في الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين فقال يتم التكبير وهو يمشي معها فإذا لم يدرك التكبير كبر عند القبر فإن كان ادركهم وقد دفن كبر على القبر وفي الضعيف عن زيد الشحام قال سألت
أبا عبد الله (ع) عن الصلاة على الجنايز إذا فاتت الرجل منها التكبيرة أو الثنتان أو الثلاث قال يكبر ما فاته وعن جابر في الضعيف عن أبي جعفر (ع) قال قلت له أرأيت ان فاتتني تكبيرة
أو أكثر قال تقضي ما فاتك قلت استقبال القبلة قال بلى وأنت تتبع الجنازة الحديث وروى الشيخ عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه ان عليا (ع) كان يقول لا يقضى ما سبق
من تكبير الجنائز حملها الشيخ على نفي القضاء الخاص يعني مشغولا بالدعاء لا القضاء المتتابع قال في الذكرى يريد به نفى وجوب الدعاء لحصوله من السابقين ولأنه موضع ضرورة لانفى
جوازه لدلالة ما يأتي عليه بل يمكن وجوبه مع الاختيار لعموم أدلة الوجوب وعموم قول النبي صلى الله عليه وآله صلوا وما فاتكم فاقضوا فحينئذ تحمل رواية اسحق على غير التمكن من الدعاء بتعجيل رفعها وعليه
يحمل قول الصادق (ع) في رواية الحلبي فلتقض ما بقي متتابعا والمستفاد من كلامه تخصيص التتابع بصورة عدم التمكن من الدعاء وبه صرح المصنف في بعض كتبه ولا يخفى ان مقتضى صحيحة الحلبي ان من
هذا شانه لا يأتي بالدعاء بين التكبيرات سواء امكنه الاتيان بذلك قبل وقوع ما ينافي الصلاة من البعد والانحراف أم لا والتخصيص يحتاج إلى دليل والاتفاق على الوجوب الكفائي ينفي
شمول أدلة الوجوب لموضع النزاع وذكر في الذكرى بعد نقل مرسلة القلانسي وهذا يشعر بالاشتغال بالدعاء إذ لو والى لم يبلغ الحال إلى الدفن واستحسنه الشارح الفاضل
وفيه تأمل لان معنى قوله (ع) فإن كان ادركهم وقد دفن انه لم يدرك شئ من التكبيرة مع الامام لأنه أدرك البعض ولم يدرك الباقي حتى الدفن فلا اشعار فيه بما ذكره (ره) ويستحب إعادة
ما سبق به على الامام وقيده الشارح الفاضل بصورة السهو أو الظن بأنه كبر قال ولو كان متعمدا ففي الإعادة اشكال من أن التكبير ركن فزيادته كنقصانه ومن كونه ذكر الله ثم قال ولا ريب ان
عدم العود أولي وقال في شرح الشرايع انه يستمر في صورة العمد حتى يلحقه الامام ويأتم واستشكل بعض المتأخرين الحكمين خصوصا الثاني لان التكبير الواقع على هذا الوجه منهى عنه والنهى في
العبادة يقتضي الفساد فلو قيل بوجوب الإعادة مع العمد كان جيدا ان لم يبطل الصلاة بذلك ولو حضرت الجنازة في الأثناء فان شاء قطع الصلاة على الأولى واستأنف صلاة واحده عليهما
أو أتم الصلاة على الأولى واستأنف الصلاة على الأخرى هذا الحكم ذكره الصدوقان والشيخ وجماعة من الأصحاب ونقل عن ابن الجنيد أنه قال يجوز للامام جمعهما إلى أن يتم على الثانية خمسا
وانشاء ان يومي إلى أهل الأولى ليأخذوها ويتم على الثانية خمسا وتأول الشيخ رواية جابر عن الصادق (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله كبر إحدى عشرة وسبعا وستا بالحمل على جنازة ثانية فيبتدي
من حين انتهى خمسا وهكذا وهذا دال على اختياره جواز التشريك احتج الأولون بما رواه الكليني والشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) في قوم كبروا على جنازة تكبيرة أو تكبيرتين
وضعت معها أخرى قال إن شاؤوا تركوا الأولى حتى يفرغوا من التكبير على الأخيرة وأنشأوا رفعوا الأولى وأتموا التكبير على الأخيرة كل ذلك لا بأس به قال في الذكرى والرواية قاصرة
عن إفادة المدعى إذ ظاهرها ان ما بقى من تكبير الأولى محسوب للجنازتين فإذا فرغ من تكبير الأولى تخيروا بين تركها بحالها حتى تكملوا التكبير على الأخيرة وبين رفعها من مكانها والاتمام
على الأخيرة وليس في هذا دلالة على ابطال الصلاة على الأولى بوجه هذا مع تحريم قطع العبادة الواجبة وما ذكره من عدم دلالة الرواية على القطع متجه واما ما ذكره من تحريم قطع العبادة
الواجبة ووافقه غير واحد من المتأخرين فحكموا بتحريم القطع ههنا الا لضرورة فغير مسلم إذ عمدة ما يعول عليه في هذا الباب هو الاجماع وهو غير تام في موضع النزاع واما الاستناد إلى قوله
تعالى لا تبطلوا فغير تام كما بيناه في المباحث السابقة واما ما ذكره من أن ظاهر الرواية التشريك فهو متجه لظهور قوله (ع) وأتموا التكبيرة على الأخيرة في ذلك وان احتمل ان يكون المراد باتمام
التكبير على الأخيرة استيناف الصلاة عليها بعد اتمام الأولى لكنه احتمال مرجوح فاعتراض المدقق الشيخ علي عليه بعدم استفادة ذلك من الرواية مندفع ومما ذكرنا يظهر ان القول
بالتشريك متجه ويؤيده حصول الامتثال به وحينئذ يلزم تجديد النية عند إرادة التشريك وعدم ذكرها في الحديث كما في غالب العبادات مبني على سهولة الامر فيها وعدم الانفكاك
عنها في أكثر الأحيان فلا اشكال في الخبر من هذه الجهة ومتى قلنا بالتشريك فان قلنا باعتبار الاذكار الأربعة مع كل تكبيرة كما هو مذهب الأصحاب فلا اشكال والا فالظاهر
اعتبار وظيفة الصلاتين من الأدعية مع كل تكبيرة فلو كان التشريك عند التكبيرة الثانية يتشهد بعده للثانية ويصلى على النبي وآله للأولى والظاهر أنه يتخير في التقديم والتأخير
وهكذا إلى اخر الصلاة ومثله ما لو اقتصر على صلاة واحدة على متعدد فإنه يشرك بينهم فيما يتحد لفظه ويراعي في المختلف فلو كان منهم مؤمن وطفل ومجهول ومنافق راعى وظيفة
كل واحد منهم ومع اتحاد الصف يراعى تثنية الضمير وجمعه وتذكيره وتأنيثه أو يذكر مطلقا مؤلا بالميت أو يؤنث مطلقا مأولا بالجنازة ولعل الأول أولي وجوز الشهيد (ره) قطع
الصلاة في صورة الخوف على الجنائز واعترض عليه الشارح الفاضل في الروضة بان الخوف إن كان على الجميع أو على الأول فالقطع يزيد الضرر على الأولى ولا يزيله لانهدام ما قد مضى
من صلاتها الموجب لزيادة مكثها وإن كان الخوف على الأخيرة فلابد لها من المكث مقدار الصلاة عليها وهو يحصل مع التشريك والاستيناف نعم يمكن فرضه نادرا بالخوف
على الثانية بالنظر إلى تعدد الدعاء مع اختلافهما فيه بحيث يزيد ما يتكرر منه على ما مضى من الصلاة وفيه نظر فإنه يجوز ان يكون الخوف على المجموع مع التشريك وعلى الثانية
مع الاتمام والاستيناف للثانية ويجوز ان يكون الخوف مع الامرين مختصا بالثانية إما زيادة المكث للثانية في صورة الاتمام والاستيناف ظاهر وكذا زيادته بالنسبة إليهما في صورة
التشريك في بعض الصور فان التشريك موجب لزيادة الدعاء وتكرره مثلا إذا قصد التشريك عند التكبيرة الثانية
فلاخفاء في حصول الضرر بالنسبة إلى الثانية وكذا بالنسبة
إلى الأولى لان الأدعية المتكررة تزيد على ما مضى منه بكثير سواء اختلفا في الدعاء أو اتحدا وفي جميع هذه الصور الثلاث المذكورة تعين القطع والاستيناف دفعا للضرر وان حصل
الضرر عليهما بسبب التشريك ولم يحصل الضرر على شئ منهما بسبب الاتمام والاستيناف تعين اتمام الأولى والاستيناف على الثانية ان قلنا بتحريم القطع من غير ضرورة ولا تخير بينة وبين
القطع والاستيناف وعلى التقديرين لم يجز له التشريك وبالجملة التشريك قد يكون موجبا للخوف على المجموع واما اتمام الأولى والاستيناف على الثانية فقد يكون موجبا
للخوف على الثانية فإذا اجتمع الخوفان تعين القطع ثم لا يخفى ان ظاهر كلام المصنف ان التخيير بين القطع وبين اتمام الأولى والاستيناف على
الثانية ثابت مطلقا وجعل في النهاية الثاني متعينا إذا كانت الثانية مندوبة وعلى القول بالتشريك لافرق بين اختلاف الجنازتين في الوجوب والندب وعدمه كما في صورة
التعداد ابتداء ولا اشكال في اختلاف الجهة كما مر تحقيقه
ويستحب للمشيع وهو الماشي مع الجنازة إلى موضع الدفن أو الصلاة أو المغتسل المشي وراء الجنازة أجمع العلماء كافة على استحباب
تشييع الجنازة وفيه ثواب عظيم والاخبار به مستفيضة فروى الكليني عن جابر في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال إذا دخل المؤمن قبره نودي الا ان أول أحبائك الجنة الا
وأول حبا من تبعك المغفرة وعن جابر أيضا عن أبي جعفر (ع) قال من شيع ميتا حتى يصلى عليه كان له قيراط من الاجر ومن بل معه إلى قبره حتى يدفن كان له قيراطان من الاجر والقيراط مثل
336

جبل أحد ونحوه روى أبو بصير عن أبي جعفر (ع) وعن داود الرقي عن رجل من أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال من شيع جنازة مؤمن حتى يدفن في قبره وكل الله عز وجل به سبعين ملكا من
المشيعين يشيعونه ويستغفرون له إذا خرج من قبره إلى الموقف وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال أول ما يتحف به المؤمن يغفر لمن تبع جنازته وعن ميسر قال سمعت أبا جعفر
(ع) يقول من تبع جنازة مسلم اعطى يوم القيمة أربع شفاعات ولم يقل شيئا الا قال الملك ولك مثل ذلك وعن الأصبغ قال قال أمير المؤمنين (ع) من تبع جنازة كتب الله
له من الاجر أربع قراريط قيراط باتباعه وقيراط للصلاة عليها وقيراط بالانتظار حتى يفرغ من دفنها وقيراط للتعزية وعن أبي الجارود عن أبي جعفر (ع) قال فيما ناجى به موسى
ربه قال يا رب مالمن تبع جنازة قال أوكل به ملائكة من ملائكتي معهم رايات يشيعونهم من قبورهم إلى محشرهم وروى الشيخ عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال حضر أبو جعفر
(ع) جنازة رجل من قريش وانا معه وكان فيها عطاء فصرخت صارخة فقال عطا لتسكتين أو لنرجعن قال فلم تسكت فرجع عطا قال فقلت لأبي جعفر (ع) ان عطا قد رجع قال ولم
قلت صرخت هذه الصارخة فقال لها لتسكتين أو لنرجعن قال فلم تسكت فرجع فقال امض بنا فلو انا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا له الحق لم نقض حق مسلم قال فلما
صلى على الجنازة قال وليها لأبي جعفر (ع) ارجع مأجورا رحمك الله فإنك لا تقدر على المشي فابى ان يرجع قال فقلت له قد اذن لك في الرجوع ولى حاجة أريد ان أسئلك
عنها فقال امضه فليس باذنه جئنا ولا باذنه نرجع انما هو فضل واجر طلبناه فبقدر ما نتبع الجنازة الرجل يوجر على ذلك إذا عرفت هذا فاعلم أن المعروف بين الأصحاب ان
مشي المشيع وراء الجنازة أو أحد جانبيها أفضل من المشي امامها وحكى الشهيد في الذكرى عن كثير من الأصحاب كراهة المشي امامها وقال المصنف في المنتهى انه مذهب علمائنا أجمع
ونص المحقق في المعتبر على عدم كراهة ذلك بل هو مباح وقال ابن أبي عقيل يجب التأخر خلف جنازة المعادي لذوي القربى لما ورد من استقبال ملائكة العذاب إياه
وقال ابن الجنيد يمشي صاحب الجنازة بين يديها والباقون وراءها محتجا بما روى أن الصادق (ع) مشى بين يدي سرير إسماعيل بلا حذاء ولا رداء وهو غير ناهض
لعموم الدعوى ويدل على استحباب التبع لها ما رواه الكليني والشيخ عنه في الصحيح عن إسحاق بن عمار المشترك بين ثقتين أحدهما فطحي عن أبي عبد الله (ع) قال المشي خلف الجنازة
أفضل من المشي بين يديها ولا بأس ان يمشي بين يديها وروى الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه عن ابائه عن علي (ع) قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم
خالفوا أهل الكتاب وعن جابر عن أبي جعفر (ع) قال مشى النبي خلف جنازة فقيل له يا رسول الله مالك تمشي خلفها فقال إن الملائكة رايتهم يمشون امامها ونحن تبع لهم ويدل
على استحباب المشي أحد جانبيها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن سدير عن أبي جعفر (ع) قال من أحب ان يمشي مشي الكرام الكاتبين فليمش جنبي السرير وفي اسنادها هذا الخبر جهالة لكن
الشهرة مع المسامحة في أدلة السنن جابرة لها ويدل على جواز المشي بين يديها ما رواه الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح وابن بابويه عنه باسناد ظاهره الصحة عن أحدهما (ع)
قال سألته عن المشي مع الجنازة فقال بين يديها وعن يمينها وعن شمالها وخلفها وروى الكليني عن محمد بن مسلم في الموثق عن أبي جعفر (ع) قال امش بين يدي الجنازة وخلفها
ولعل الامر في الخبر محمول على الإباحة والترخيص جمعا بين الأدلة ويوافق قول ابن أبي عقيل ما رواه الكليني والشيخ عن أبي بصير في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) كيف اصنع إذا خرجت
مع الجنازة أمشي امامها أو خلفها أو عن يمينها أو عن شمالها قال إن كان مخالفا فلا تمش امامه فان ملائكة العذاب يستقبلونه بأنواع العذاب وفي معناها رواية السكوني
عنه (ع) وروى الكليني عن يونس بن ظبيان عن أبي عبد الله (ع) قال امش امام جنازة المسلم العارف ولا تمش امام جنازة الجاحد فان امام جنازة المسلم ملائكة يسرعون به إلى
الجنة وان امام جنازة الكافر ملائكة يسرعون به إلى النار والنهى في هذه الأخبار محمول على ترك الأولى والأفضل جمعا بين الأدلة ويستحب ان يكون المشيع ماشيا ويكره الركوب
قال في المنتهى وهو قول العلماء كافة ويدل عليه ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال مات رجل من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله
في جنازته يمشي فقال له بعض الأصحاب الا تركب يا رسول الله فقال اني لأكره ان اركب والملائكة يمشون وما رواه الكليني عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابنا عن
أبي عبد الله (ع) قال رأى رسول الله صلى الله عليه وآله قوما خلف جنازة ركبانا فقال ما استحيى هؤلاء ان يتبعوا أصحابهم ركبانا وقد أسلموه على هذه الحال وعن أبي بصير قال سمعت أبا جعفر (ع)
يقول من مشى مع جنازة حتى يصلي عليها ثم رجع كان له قيراط الحديث ويستحب للمشيع ان يحضر قلبه التفكر في ماله والتخشع والاتعاظ بالموت ويكره له الضحك والسرور لما روى أن
النبي صلى الله عليه وآله أو عليا (ع) شيع جنازة فسمع رجلا يضحك فقال كأن الموت فيها على غيرنا كتب الحديث وروى السكوني عن الصادق عن ابائه (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثة ما أدري
أيهم أعظم جرما الذي يمشي مع الجنازة بغير رداء والذي يقول قفوا والذي يقول استغفروا له غفر الله لكم ومنه يظهر كراهية مشي غير صاحب الجنازة بغير رداء ونقل عن
ظاهر ابن حمزة تحريمه إما صاحب الجنازة فيفعله ليتميز عن غيره كما سيجئ وذكره الجعفي وبن حمزة والفاضلان وعن ابن الجنيد انه ذكر التميز بطرح بعض زيه بارسال طرف العمامة
أو اخذ مئزر من طرفها (فوقها خ ل) على الأب والأخ ولا يجوز على غيرهما ويكره للمشيع الجلوس قبل ان يوضع الميت في لحده عند أكثر أصحابنا وظاهر الشيخ في الخلاف وابن الجنيد انتفاء الكراهة والأول
أقرب لما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي لمن شيع جنازة ان لا يجلس حتى يوضع في لحده (فإذا وضع في لحده) فلا بأس
والتربيع اتفق الأصحاب على استحباب التربيع وهو
حمل الجنازة من جوانبها الأربعة وهو أولي من الحمل بين العمودين كما استحبه العامة قال في الذكرى وليس فيه دنوة ولا سقوط مروة فقد حمل النبي صلى الله عليه وآله جنازة سعد ولم تزل الصحابة
والتابعون على ذلك لما فيه من البر والاكرام للمؤمن وفيه فضل كثير فروى الشيخ باسناد فيه قوة عن جابر ورواه الكليني عنه في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال من حمل جنازة من أربع
جوانبها غفر الله له أربعين كبيرة وروى الكليني عن سليمان بن خالد عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال من اخذ بقائمة السرير غفر الله له خمسا وعشرين كبيرة وإذا ربع خرج من الذنوب وعن عيسى بن
راشد عن رجل من أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول من اخذ بجوانب السرير الأربعة غفر له أربعين كبيرة وقال الصدوق في الفقيه وقال أبو جعفر (ع) من حمل أخاه الميت
بجوانب السرير الأربعة محى الله عنه أربعين كبيرة من الكبائر وفي الفقيه أيضا وقال (ع) لإسحاق بن عمار يعني الصادق (ع) إذا حملت جوانب السرير سرير الميت خرجت من الذنوب كما ولدتك أمك
قال في الذكرى والمراد بالتربيع حملها من جوانبها الأربعة كيف اتفق بأربعة رجال وظاهره حصول السنة وان لم يحمل الشخص الواحد جوانبه الأربعة وهو حسن لبعض الأخبار السابقة
وروى الشيخ عن جابر عن أبي جعفر (ع) قال السنة ان يحمل السرير من جوانبه الأربع وما كان بعد ذلك من حمل فهو تطوع وفي الخبر احتمالان ثم الأفضل ان يربع الشخص الواحد
لما مر من الاخبار وهو يحصل بحمل جوانب السرير الأربعة على اي وجه كان لما رواه الصدوق عن الحسين بن سعيد في الصحيح عن أبي الحسن الرضا (ع) انه كتب إليه يسأله عن سرير الميت يحمل
اله جانب يبدأ به في الحمل من جوانبه الأربعة أو ما خف على الرجل يحمل من اي الجوانب شاء فكتب عن أيها شاء وأوردها الشيخ باسناد فيه جهالة وفيها اضمار وأفضل هيئة المستحبة
على ما يستفاد من الاخبار الآتية ان يأخذ الحامل جانب السرير الذي يلي اليد اليمنى للميت ثم يمر إلى الجانب الذي يلي الرجل اليمنى ثم يمر إلى الجانب الذي يلي الرجل اليسرى ثم إلى الجانب
الذي يلي اليد اليسرى وهذا وإن كان غير مشهور بين المتأخرين لكنه مستفاد من الاخبار وهو المصرح به في كلام المصنف في المنتهى حيث قال التربيع المستحب عندنا ان يبدأ الحامل بمقدم السرير
الأيمن ثم يمر معه ويدور من خلفه إلى الجانب الأيسر فيأخذ رجله اليسرى ويمر معه إلى أن يرجع إلى المقدم كذلك دور الرحا وحاصل ما ذكرناه ان يبدأ فيضع قائمة السرير التي
تلي اليد اليمنى للميت فيضعها على كتفها الأيسر ثم ينتقل فيضع القائمة التي تلى رجله اليمنى على كتفه الأيسر (ثم ينتقل) فيضع القائمة التي تلي رجله اليسرى على كتفه الأيمن ثم ينتقل فيضع القائمة
التي يده اليسرى على كتفه الأيمن وهكذا ونقله عن جماعة من العامة ونقل عن أبي حنيفة والشافعي واحمد في إحدى روايته انه يضع قائمة السرير الأيسر على كتفه اليمنى من عند رأس الميت ثم
337

يضع القائمة اليسرى من عند الرجل على الكتف اليمنى ثم يعود إلى القائمة التي من عند رأس الميت فيضعها على كتفه اليسرى ثم ينتقل إلى اليمنى من عند رجليه فمراده من مقدم السرير الأيمن جانبه
الذي يلي يمين الميت كما يدل عليه قوله صلى الله عليه وآله في الحاصل لكن ما ذكر من أنه يضع الجانب الذي يلي اليد اليمنى للميت على اليسار فغير واضح بل الظاهر أنه يضعه على اليمين كما قاله بعض أعاظم الشارحين لأنه
أخف وأسهل مع خلوه عن مشقة الدخول تحت الجنازة ولأنه أبعد من الحمل بين العمودين ويمكن فهمه من رواية علي بن يقطين الآتية وظاهر كلام الشهيد في الدروس هو المعنى الذي ذكرناه وجعله
بعض أفاضل الشارحين هو المشهور والمنقول على الظاهر قال وهو المفهوم من بعض عبارات الأصحاب وذهب جماعة من المتأخرين منهم الشهيد في الذكرى والشيخ علي والشارح الفاضل إلى أنه يبدأ
بمقدم السرير الأيمن وهو الذي يلي يسار الميت والذي وصل إلينا في هذا الباب من الاخبار ما رواه الشيخ والكليني في الصحيح عن إبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابه عن الفضل بن يونس الثقة
الواقفي قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن تربيع الجنازة قال إذا كنت في موضع تقية فابدأ باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم ارجع من مكانك إلى ميامن الميت لا تمر خلف رجليه البتة
حتى تستقبل الجنازة فيأخذ يده اليسرى ثم رجله اليسرى ثم ارجع إلى مكانك لا تمر خلف الجنازة البتة حتى تستقبلها تفعل كما فعلت أولا وان لم تكن تتقي فيه فان تربيع الجنازة التي
جرت به السنة ان تبدأ باليد اليمنى ثم بالرجل اليمنى ثم بالرجل اليسرى ثم باليد اليسرى تدور حولها والظاهر أن اليد والرجل المذكور في الرواية يد الميت ورجله فيكون دالا على ما ذكرناه وما رواه
الكليني والشيخ في الحسن أو الموثق عن العلا ابن سيابة وهو غير موثق عن أبي عبد الله (ع) قال تبدأ في حمل السرير من الجانب الأيمن ثم تمر عليه من خلفه إلى الجانب الآخر حتى ترجع إلى المقدم
كذلك دوران الرحى عليه وفي هذا الخبر اجمال لان الجانب الأيمن كما يحتمل ان يكون المراد منه جانب السرير الذي يلي يمين الميت يحتمل ان يكون المراد منه جانبه الذي يلي يمين المشيعين
لكن يتعين حمله على الأول توفيقا بينه وبين الخبر الأول وبما رواه الشيخ والكليني عن علي بن يقطين باسناد فيه إبراهيم بن هاشم عن غير واحد عن أبي الحسن موسى (ع) قال سمعته يقول السنة في
حمل الجنازة ان تستقبل جانب السرير بشقك الأيمن وتلزم الأيسر بكفك الأيمن ثم تمر عليه إلى الجانب الرابع مما يلي يسارك وهذا الخبر أيضا ظاهر فيما ذكرناه واحتج من زعم أن البدءة
بمقدم السرير الذي يلي يسار الميت بالخبرين الأولين وجوابه ظاهر مما حررناه إذا عرفت هذا فاعلم أن الشيخ ذكر في النهاية والمبسوط انه يبدأ بمقدم السرير الأيمن ثم يمر معه ويدور من خلفه إلى الجانب
الأيسر فيأخذ رجله اليسرى ويمر معه إلى أن يرجع إلى المقدم كذلك دور الرحا ونحوه قال جماعة من الأصحاب وقال في الخلاف صفة التربيع ان يبدأ بيسرة الجنازة ويأخذها بيمينه ويتركها
على عاتقه ويرجع الجنازة تمشي إلى رجليها ويدور دور الرحا إلى أن يرجع إلى يمنة الجنازة فيأخذ ميامن الجنازة بمياسره ونقل اجماع الطائفة عليه وحمل الشهيد وجماعة
ممن تأخر عنه مقدم السرير الأيمن والأيسر في كلامه على جانبه الذي يلي يمين المشيعين والجانب الذي يلي يسارهم فحكموا بالاختلاف بين كلاميه قال في الذكرى والشيخ في الخلاف عمل
على خبر علي بن يقطين ونقل الخبر ثم قال ويمكن حمله على التربيع المشهور لان الشيخ ادعى عليه الاجماع وهو في المبسوط والنهاية وباقي الأصحاب على التفسير الأول فكيف يخالف دعواه ولأنه قال في الخلاف
يدور دور الرحى كما في الرواية وهو لا يتصور الا على البداءة بمقدم السرير الأيمن والختم بمقدم الأيسر والإضافة قد يتعاكس والحق ان كلام الشيخ في النهاية والمبسوط وكذا كلام باقي الأصحاب
ممن وافقوه غير ظاهر فيما فهمه فان اعتبار اليمنة واليسرة للسرير كما يمكن باعتبار المشيعين يمكن باعتبار الميت فينبغي ان يحمل عليه حتى يوافق الروايات وكلامه في الخلاف كما فهمه المصنف
في المنتهى وحينئذ ينتفي التنافي بين كلاميه كما قاله الراوندي حيث قال بعد حكاية كلام الشيخ في النهاية والخلاف ومعناهما غير متغير نقله الشهيد عنه والشارح الفاضل أشار إلى الروايات
وذكر ان في رواية الفضل تصريح بان المبدأ به أيمن السرير لا الميت ثم قال فتحرر من ذلك أن أفضل هيأته ان يبدأ بمقدم السرير الأيمن وهو الذي يسار الميت فيحمله بكتفه الأيمن ثم ينتقل
إلى مؤخر السرير الأيمن فيحمله أيضا بكتفه الأيمن ثم ينتقل إلى مؤخره الأيسر فيحمله بكتفه الأيسر ثم ينتقل إلى
مقدمه الأيسر فيحمله بكتفه الأيسر هذا هو المشهور وكيفيته لا يخلو عن اجمال
في عباراتهم واشتباه ومحصله ما ذكرنا وممن صرح بهذه الهيئة المصنف في المنتهى والشيخ في المبسوط وجماعة (انتهى كلامه) وفي مواضع من كلامه نظر لا يخفى على المتأمل فيما ذكرنا
ويستحب الاعلام للمؤمنين
لما فيه من الفائدة للميت بكثرة الداعين وللمدعوين باشتغالهم بالطاعات كالصلاة والدعاء والحمل والتربيع والتعزية وغير ذلك مما رغب فيه مع ما في ذلك من فوائد الاسترجاع
والاتعاظ والاعتبار والتذكر لأمور الآخرة وحصول الألم الموجب لتنبيه القلب وزجر النفس وغير ذلك من الفوائد والأصل فيه ما رواه الكليني عن أبي ولاد عن عبد الله بن سنان باسنادين
أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي لأولياء الميت منكم ان يؤذنوا اخوان الميت بموته فيشهدون جنازته ويصلون عليه ويستغفرون له فيكتب لهم الاجر
ويكتسب (ويكتب خ ل) للميت الاستغفار ويكتسب هو الاجر فيهم (منهم) وفيما اكتسب لميتهم من الاستغفار وعن ذريح المحاربي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الجنازة يؤذن به الناس قال نعم
وعن القسم بن محمد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال إن الجنازة يؤذن به الناس ولا يبعد تعميم الاستحباب للأولياء وغيرهم لعموم بعض الأخبار السابقة والعلة المفهومة
من الخبر الأول والاشتراك في الفوائد التابعة لذلك وهل يشرع النداء قال في الخلاف لا أعرف فيه نصا وفي المعتبر والتذكرة لا بأس به لما يتضمن من الفوائد وخلوه من منع
شرعي والدعاء عند المشاهدة روى الكليني والشيخ عن أبي حمزة في الصحيح قال كان علي بن الحسين بن (ع) إذا رأى جنازة قد أقبلت قال الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد
المخترم وروى الكليني ذلك من فعل أبي جعفر (ع) في مرفوعة أبي الحسن النهدي والسواد والشخص والمخترم الهالك أو المستأصل قال في الذكرى ولا ينافي هذا حب لقاء الله لأنه غير
مقيد بوقت فيحمل على حال الاحتضار كما روينا عن الصادق (ع) ورووه في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من أحب لقاء الله أحب الله لقائه ومن كره لقاء الله كره الله لقائه فقيل
له صلى الله عليه وآله إنا لنكره الموت فقال ليس ذلك ولكن المؤمن إذا حضره الموت بشر برضوان الله وكرامته فليس شئ أحب إليه مما امامه فأحب لقاء الله وأحب الله لقائه وان الكافر إذا حضر بشر
بعذاب الله فليس شئ أكره إليه مما امامه كره لقاء الله وكره الله لقائه وبقية عمر المؤمن نفيسة كما أشار إليه النبي صلى الله عليه وآله في الصحاح لا يتمنى أحدكم الموت ولا يدع به من قبل ان يأتيه
انه إذا مات انقطع عمله وانه لا يزيد المؤمن عمره الا خيرا وقال علي (ع) بقية عمر المؤمن لاثمن لها يدرك بها ما فات ويحيى بها ما مات وحب البقاء للطاعة والاستعداد للآخرة لا ينافيه
حب لقاء الله ويمكن ان يكون في هذا الدعاء إشارة إلى مقام التفويض إلى الله والتوكل عليه فإنه لما رأى الميت وعلم بموته علم أن الله اختار للميت موته وغاية لما هو الأصلح بحاله
وان الله اختار له الحياة رعاية للأصلح بحاله حمدا لله تعالى على ذلك لكون الحياة مصلحة له واحسانا بالنسبة إليه والا لأماته لما علم من الأخبار الكثيرة ان الله تعالى لا يفعل بعباده
المؤمنين الا ما كان مصلحة لهم سواء كان محبوبا أو مكروها عندهم قال في الذكرى ويجوز ان يكنى بالمخترم عن الكافر لأنه الهالك على الاطلاق بخلاف المؤمن أو يراد بالمخترم
من مات دون أربعين سنة ويستحب الدعاء بما رواه الكليني والشيخ عن عنبسة بن مصعب عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من استقبل جنازة أو رأها فقال الله أكبر هذا
ما وعدنا الله ورسوله وصدق الله ورسوله اللهم زدنا ايمانا وتسليما الحمد لله الذي تعزز بالقدرة وقهر العباد بالموت لم يبق في السماء ملك الا بكى رحمة لصوته خاتمه لاحكام
الميت يذكر فيها دفنه وما يتقدمه ويتبعه من الاحكام
ينبغي على وجه الاستحباب وضع الجنازة مما يلي رجلي القبر للرجل ونقله في ثلاث دفعات وانزاله في الثالثة والأصل في ذلك
ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي ان يوضع الميت دون القبر هنيئة ثم وأره وفي الصحيح عن محمد بن عطية قال إذا أتيت بأخيك إلى القبر
فلا تفدحه ضعه أسفلا من القبر بذراعين أو ثلاثة حتى يأخذ أهبته ثم ضعه في لحده والصق خده بالأرض وتحسر عن وجهه ويكون أولي الناس به مما يلي رأسه ثم ليقرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله
أحد والمعوذتين وآية الكرسي ثم ليقل ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه فدحه اي أثقله قاله الجوهري وغيره وعن محمد بن عجلان قال سمعت صادقا يصدق على الله يعني أبا عبد الله (ع)
قال إذا جئت بالميت إلى قبره فلا تفدحه بقبره ولكن ضعه دون قبره بذراعين أو ثلاثة أذرع ودعه حتى يتأهب للقبر ولا تفدحه به فإذا أدخلته إلى قبره فليكن أولي الناس به عند
338

رأسه وليتحسر عن وجه ويلصق خده بالأرض وليذكر اسم الله وليتعوذ من الشيطان وليقرأ فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد والمعوذتين وآية الكرسي ثم ليقل ما يعلم ويسمعه تلقينه
شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله ويذكر له ما يعلم واحدا واحدا وروى الكليني عن يونس قال حديث سمعته عن أبي الحسن موسى (ع) ما ذكرته وانا في بيت الا ضاق
علي يقول إذا أتيت بالميت على شفير قبره فامهله ساعة فإنه يأخذ أهبته للسؤال والمستفاد من هذه الأخبار استحباب وضع الميت دون القبر هنيئة ثم دفنه ولا يستفاد منه ما اشتهر
بين الأصحاب من أنه ينقل في ثلاث دفعات وبمضمون الاخبار افتى ابن الجنيد والمصنف في المعتبر في اخر كلامه وهو متجه واما استحباب كون الوضع مما يلي الرجل فيدل عليه ما رواه الشيخ
عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال لكل شئ باب وباب القبر مما يلي الرجلين إذا وضعت الجنازة فضعها مما يلي الرجلين (يخرج الميت مما يلي الرجلين) ويدعى له حتى يوضع في حفرته ويسوى عليه
التراب ويستفاد منه ان ادخال الرجل من قبل الرجلين ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني والشيخ باسناده عنه عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أتيت
بالميت القبر فسله من قبل رجليه فإذا وضعه في القبر فاقرأ أية الكرسي وقل بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم صل على محمد وآله اللهم
افسح له في قبره والحقه بنبيه صلى الله عليه وآله وقل كما قلت في الصلاة عليه مرة واحدة من عند اللهم إن كان محسنا فزد في احسانه وإن كان مسيئا فاغفر له وارحمه وتجاوز عنه واستغفر له ما
استطعت قال وكان علي بن الحسين (ع) إذا دخل القبر قال اللهم جاف الأرض عن جنبيه وصاعد عمله ولقه منك رضوانا وعن محمد بن مسلم قال سألت أحدهما (ع) عن الميت فقال
يسل من قبل الرجلين ويلصق القبر (الأرض) الا قدر أربع (أصابع) مفرجات ويربع قبره وعن جبير بن نضر الحضرمي قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان لكل بيت بابا وباب القبر من قبل الرجلين وسبق
رأسه حال الانزال على باقي بدنه قال المفيد كما سبق إلى الدنيا من بطن امه ويوضع المرأة مما يلي القبلة وتنزل عرضا لما رواه الشيخ عن عبد الصمد بن هارون رفع الحديث
قال قال (أبو عبد الله خ ل) رسول الله صلى الله عليه وآله إذا دخل الميت القبر إن كان رجلا يسل سلا والمراة تؤخذ عرضا فإنه استر وعن زيد بن علي عن ابائه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) قال يسل
الرجل سلا ويستقبل المراة استقبالا ويكون أولي الناس بالمرأة في مؤخرها وضعف الخبرين منجبر بالشهرة والواجب دفنه اي الميت رجلا كان أو امرأة في حفيرة تستر رائحته
وتحرسه عن هوام السباع على الكفاية أجمع العلماء كافة على وجوب الدفن كفاية لأمر النبي صلى الله عليه وآله
وفعله وقد قطع الأصحاب وغيرهم بان الواجب وضعه في حفيرة تستر عن الانس ريحه وعن
السباع بدنه بحيث يعسر نبشها غالبا لان فائدة الدفن انما يتم بذلك والوصفان متلازمان غالبا ولو قدر (وجود) أحدهما بدون الأخر وجب مراعاة الأخر للاجماع على وجوب
الدفن المتوقف فائدته عليهما وظاهرهم تعين الحفرة اختيارا فلا يجزي التابوت والا رج الكائنان على وجه الأرض تحصيلا للبرائة اليقينية من التكليف الثابت واستقربه
الشهيد في الذكرى لأنه مخالف لما أمر به النبي صلى الله عليه وآله من الحفر ولأنه (ع) دفن كذلك وهو عمل الصحابة والتابعين ولو تعذر الحفرة لصلابة الأرض أو أكثرية الثلج ونحو ذلك جاز
مواراته بحسب الامكان ويجب حينئذ تحصيل الوصفين بحسب المكنة ولو دفن بالتابوت في الأرض جاز لكنه مكروه اجماعا على ما نقله الشيخ في المبسوط والظاهر أنه لافرق بين أنواع
التابوت في ذلك واضجاعه على جانب الأيمن مستقبل القبلة هذا هو المشهور بين الأصحاب وذهب ابن حمزة إلى استحبابه حجة المشهور التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) وما رواه عن معاوية
ابن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال كان البراء بن معرور التميمي الأنصاري بالمدينة وكان رسول الله صلى الله عليه وآله والمسلمون يصلون إلى البيت المقدس فأوصى البراء إذا دفن ان يجعل
وجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وآله إلى القبلة فجرت به السنة وانه أوصى بثلث ماله فنزل به الكتاب وجرت به السنة وفي الحجتين تأمل ولا ريب في كون الأحوط العمل به ويسقط الاستقبال
عند التباس القبلة وعند تعذره كمن مات في بئر وتعذر اخراجه وصرفه إليها والكافرة الحاملة من مسلم يستدبر بها القبلة والظاهر أن هذا الحكم اتفاقي بين العلماء قاله المصنف
في التذكرة وانما وجب الاستدبار بها ليكون وجه الولد إلى القبلة وقد صرح الشيخان واتباعهما بأنها تدفن في مقابر المسلمين اكراما للولد واحتج عليه الشيخ في التهذيب بما رواه
أحمد بن أشيم عن يونس قال سألت الرضا (ع) عن الرجل يكون له الجارية اليهودية والنصرانية فيواقعها فتحمل ثم يدعوها إلى أن تسلم فتأبى عليه فدنا ولادتها فماتت وهي تطلق والولد
في بطنها ومات الولد أيدفن معها على النصرانية أو يخرج منها ويدفن على فطرة الاسلام فكتب يدفن معها قال المحقق ولست ارى في هذا حجة واستند في ذلك إلى ابن أشيم ضعيف وبان
دفنه معها لا يتضمن دفنها في مقبرة المسلمين بل ظاهر اللفظ يدل على أنه يدفن معها حيث تدفن هي ولا اشعار في الرواية بموضع دفنها ثم استوجه الحكم المذكور بان الولد لما كان محكوما
له باحكام المسلمين لم يجز دفنه في مقابر أهل الذمة واخراجه مع موتهما غير جائز فتعين دفنها (معه) وهو حسن وراكب البحر يثقل ويرمى فيه قطع الشيخ وأكثر الأصحاب بان من مات في
سفينة في البحر يغسل ويحنط ويكفن ويصلي عليه وينقل إلى البر مع المكنة فان تعذر لم يتربص به بل يوضع في خابية أو نحوها أو يسد رأسها ويلقى في البحر أو يثقل ليترسب في الماء
ثم يلقى فيه وظاهر المفيد في المقنعة والمحقق في المعتبر عدم اشتراط تعذر البر في ذلك ويدل على الوضع في الخابية ما رواه الشيخ عن أيوب بن الحر في الصحيح والكليني عنه باسنادين
أحدهما من الصحاح قال سئل أبو عبد الله (ع) عن رجل مات وهو في السفينة في البحر كيف يصنع به قال يوضع في خابية وتوكأ رأسها ويطرح في الماء ويدل على التثقيل ما رواه الكليني والشيخ
عنه باسناد لا يبعد جعله من الموثقات عن ابان عن رجل عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في الرجل يموت مع القوم في البحر فقال يغسل ويكفن ويصلى عليه ويثقل ويرمى في البحر وعن سهل بن
زياد رفعه عن أبي عبد الله (ع) قال إذا مات الرجل في السفينة ولم يقدر على الشط قال يكفن ويحنط في ثوب ويلقى في الماء وما رواه الشيخ في الصحيح إلى أبي البختري وهب بن وهب القرشي
عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) إذا مات الميت في البحر غسل وكفن وحنط ثم يوثق في رجليه حجر ويرمى به في الماء والاخبار الثلاثة وإن كان في أسانيدها خلل
لكن تعددها واشتهار مضمونها بين الطائفة يكفي لجواز العمل بها ولعل العمل بالأول أولي قال في المعتبر واما التثقيل ففيه أحاديث فيها ضعف لكن العمل بها يتضمن ستر الميت
وصيانته عن بقائه بين ظهراني صحبه وقد يقال الستر لا يتعين كونه بالثقيل لحصوله بالوضع في الاناء والتقييد بالتعذر غير موجود في أكثر هذه الروايات نعم هو موجود في مرفوعة
سهل بن زياد وغير معلوم كونه من كلام الإمام (ع) فيجوز ان يكون من كلام الراوي لكن لا ريب في كون العمل بمقتضاه أحوط لعدم ظهور القائل بعده صريحا وينبغي استقبال القبلة
وأوجبه ابن الجنيد والشهيدان لأنه دفن حيث يحصل به مقصود الدفن وفيه نظر لكن الاحتياط فيه وأوجب بعض العامة جعله بين لوحين رجاء لحصول البر فيدفنه المسلمون قال في
الذكرى وفيه تعرض لهتك معلوم بإزاء أمر موهوم
ويستحب حفر القبر قدر قامة أو إلى الترقوة لما رواه ابن بابويه في الفقيه مرسلا عن الصادق (ع) قال حد القبر إلى الترقوة
وما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال حد القبر إلى الترقوة وقال بعضهم إلى الثدي وقال بعضهم قامة الرجل حتى يمد الثوب على رأس من في
القبر واما اللحد فبقدر ما يمكن فيه الجلوس قال ولما حضر علي بن الحسين عليه السلام الوفاة أغمي عليه فبقى ساعة ثم رفع عنه الثوب ثم قال الحمد لله الذي أورثنا الجنة نتبوأ منها حيث نشاء
فنعم اجر العاملين ثم قال إحفروا إلى حتى تبلغ الرسخ قال ثم مد الثوب عليه فمات (ع) والظاهر هذا من محكى ابن أبي عمير وفي الكليني سهل بن زياد قال روى أصحابنا ان حد القبر إلى الترقوة وقال
بعضهم إلى الثدي إلى اخر ما مر في خبر ابن أبي عمير وروى الكليني والشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) ان النبي نهى ان يعمق القبر فوق ثلاثة أذرع واللحد مما يلي القبلة قدر
الجلوس قال المصنف في المنتهى اللحد أفضل من الشق وهو قول العلماء ويدل عليه ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله اللحد لنا والشق لغيرنا وما رواه الكليني والشيخ عنه عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم
عن أبي عبد الله (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله لحد له أبو طلحة الأنصاري وعن أبي همام إسماعيل بن همام عن أبي الحسن الرضا (ع) قال قال أبو جعفر (ع) حين أحضر إذا انا مت فاحفروا لي وشقوا لي
شقا فان قيل لكم ان رسول الله صلى الله عليه وآله لحد له فقد صدقوا قال في المنتهى معنى اللحد انه إذا بلغ ارض القبر حفر في جانبه مما يلي القبلة مكانا يوضع الميت فيه ومعنى الشق ان يحفر له في ارض
339

القبر شقا شبه النهر يوضع الميت فيه ويسقف عليه قال وذلك يختلف باختلاف الأراضي فينبغي اللحد في القوية والشق في الرخوة وعليه يحمل الحديث المتقدم وإن كان ضعيف
السند وفيه بعد لان ارض المدينة قوية ولهذا لحد للنبي صلى الله عليه وآله وحمل الخبر المذكور على التقية غير بعيد ويستحب ان يكون اللحد واسعا يتمكن الرجل من الجلوس فيه لرواية ابن أبي عمير
المذكورة في المسألة المتقدمة ولو كانت الأرض رخوة لا تحمل اللحد لم يبعد استحباب ان يعمل له شبه اللحد من بناء تحصيلا للفضيلة كما قاله المحقق في المعتبر وكشف الرأس للنازل
هذا مذهب الأصحاب ويدل عليه روايات منها ماراه الكليني عن علي بن يقطين في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألت أبا الحسن (ع) يقول لا تنزل في القبر وعليك العمامة والقلنسوة
ولا الحذاء ولا الطيلسان وحلل ازرارك وبذلك سنة رسول الله صلى الله عليه وآله جرت وليعوذ بالله من الشيطان الرجيم وليقرأ فاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد وآية الكرسي وان قدر
ان يحتسر عن خده ويلصقه بالأرض فليفعل وليتشهد وليذكر ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه وعن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال لا ينبغي لاحد ان يدخل القبر في نعلين
ولا خفين ولا عمامة ولا رداء ولا قلنسوة وعن أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله (ع) قال لا تنزل القبر (
وعليك العمامة) ولا قلنسوة ولا رداء ولا حذاء وحلل ازارك قال قلت والخف قال لا بأس
بالخف في وقت الضرورة والتقية وما رواه الشيخ عن سيف بن عميرة عن أبي عبد الله (ع) قال لا تدخل القبر وعليك نعل ولا قلنسوة ولا رداء ولا عمامة قلت والخف (قال لا بأس) بالخف فأن في خلع
الخف شناعه وحل العقد الكائنة في الكفن من قبل رأسه ورجليه هذا اتفاقي بين الأصحاب ويدل عليه روايات منها ما رواه الشيخ عن أبي حمزه في الصحيح قال قلت لأحدهما (ع)
يحل كفن الميت قال نعم ويبرز وجهه وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن عقد كفن الميت قال إذا أدخلته القبر فحلها وروى عن ابن أبي عمير في الصحيح عن غير واحد من أصحابه
وعن حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) قال يشق الكفن من عند رأس الميت إذا ادخل قبره وفي المعتبر ان هذه الرواية مخالفة لما عليه الأصحاب ولان ذلك افساد للمال على وجه غير
مشروع وفي التعليل الأخير تأمل ويمكن دفع الأول بما قال في الذكرى من امكان ان يريد بالشق الفتح ليبدو وجهه فان الكفن كان منضما ولا ريب في استحباب ذلك والصاق خده
بالأرض لما دلت عليه الأخبار الكثيرة وجعل التربة معه ذكر ذلك الشيخان ومن تبعهما وعلله في المنتهى بطلب البركة والاحتراز من العذاب والستر من العقاب وقد روى أن امرأة كانت
تزني وتضع أولادها فتحرقهم بالنار خوفا من أهلها ولم يعلم به غير أمها فلما ماتت ودفنت فانكشفت التراب عنها ولم تقبلها الأرض فنقلت عن ذلك الموضع إلى غيره فجرى
لها ذلك فجاء أهلها إلى الصادق (ع) وحكوا له القصة فقال لامها ما كانت تصنع هذه في حياتها من المعاصي فأخبرته بباطن أمرها فقال (ع) ان الأرض لا تقبل هذه لأنها كانت
تعذب خلق الله بعذاب الله اجعلوا في قبرها شيئا من تربة الحسين (ع) ففعل ذلك فسترها الله تعالى واختلف الأصحاب في موضع جعلها ففي المقنعة تحت خده واستحسنه الشهيد وفي
الغرية والاقتصار في وجهه وقيل تلقاء وجهه وقيل في الكفن وفي المختلف الكل جائز
والتلقين يستحب لملحد الميت ان يلقنه الشهادتين وأسماء الأئمة (ع) والاخبار بذلك
مستفيضة بل قال في الذكرى به اخبار تكاد تبلغ التواتر فمنها خبر ابن عجلان وخبر ابن عطية السابقتين في أوائل الخاتمة وخبر ابن يقطين السابق عند شرح قول
المصنف وكشف الرأس ومنها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قال إذا وضعت الميت في لحده فقل بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله واقرأ أية
الكرسي واضرب بيدك على منكبه الأيمن ثم قل يا فلان قد رضيت بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وآله رسولا وبعلي إماما وتسمى امام زمانه فإذا حثى
عليه التراب وسوى قبره فضع كفك على قبره عند رأسه وفرج أصابعك واغمر كفك عليك بعد ما ينضح بالماء ومنها ما رواه الكليني عن أبي بصير في الصحيح ورواه الشيخ باسناد
فيه من لم يوثق في كتب الرجال عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سللت الميت فقل بسم الله وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله اللهم إلى رحمتك لا إلى عذابك فإذا وضعته في
اللحد فضع يدك على اذنه فقل الله ربك والاسلام دينك ومحمد صلى الله عليه وآله نبيك والقرآن كتابك وعلي امامك وعن محفوظ الإسكاف عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أرد ت ان يدفن
الميت فليكن أعقل من ينزل في قبره عند رأسه وليكشف خده الأيمن حتى يفضى به إلى الأرض ويدني فهمه إلى سمعه ويقول اسمع افهم ثلث مرات الله ربك ومحمد نبيك والاسلام
دينك وفلان امامك اسمع افهم واعدها عليه ثلاث مرات هذا التلقين ومنها ما رواه الشيخ والكليني عن محمد بن عجلان عن أبي عبد الله (ع) قال سله سلا رفيقا فإذا وضعته
في لحده فليكن أولي الناس به مما يلي رأسه وليذكر الله (وسمه) يصلي على النبي (ص) ويتعوذ من الشيطان الرجيم وليقرأ فاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واية الكرسي وان قدر
ان يحسر عن خده ويلزمه بالأرض فعل وليتشهد ويذكر ما يعلم حتى ينتهي إلى صاحبه ومنها ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا نزلت في قبر فقل بسم الله
وبالله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله ثم تسل الميت سلا فإذا وضعه في قبره فحل عقدته وقل اللهم يا رب عبدك وابن عبدك نزل بك وأنت خير منزول به اللهم إن كان محسنا
فزد في احسانه وإن كان مسيئا فتجاوز عنه والحقه بنبيه محمد صلى الله عليه وآله وصالح شيعته واهدنا وإياه إلى صراط مستقيم اللهم عفوك عفوك ثم تضع يدك اليسرى
على عضده الأيسر وتحركه تحريكا شديدا ثم تقول يا فلان ابن فلان إذا سئلت فقل الله ربي ومحمد نبي والاسلام ديني والقرآن كتابي وعلي امامي حتى تسوق الأئمة ثم تعيد عليه
القول ثم تقول أفهمت يا فلان وقال صلى الله عليه وآله فإنه يجب ويقول نعم ثم تقول ثبتك الله بالقول الثابت هداك الله إلى صراط مستقيم عرف الله بينك وبين أوليائك في
مستقر في رحمته ثم تقول اللهم جاف الأرض عن جنبيه واصعد بروحه إليك ولقنه منك برهانا اللهم عفوك عفوك ثم تصنع الطين واللبن فما دمت تصنع اللبن والطين
تقول اللهم صل وحدته وانس وحشته وامن روعته واسكن إليه من رحمتك رحمة تغنيه بها عن رحمة من سواك فإنما رحمتك للظالمين ثم تخرج من القبر تقول انا لله وانا إليه
راجعون اللهم ارفع درجته في أعلى عليين واخلف على عقبه في الغابرين وعندك نحتسبه يا رب العالمين قال الصدوق وضع يده اليمنى تحت منكبه الأيمن وتحرك تحريكا شديدا
وتقول يا فلان الله ربك ومحمد نبيك إلى اخره والدعاء باتفاق العلماء وقد مر شئ منه في الأخبار السابقة في المسألة المتقدمة وأوائل الخاتمة ويدل عليه أيضا ما رواه
الكليني عن محمد بن مسلم في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أحدهما (ع) قال إذا وضع الميت في لحده فقل بسم الله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وآله عبدك وابن عبدك
نزل بك وأنت خير منزول به اللهم افسح له في قبره والحقه بنبيه اللهم انا لا نعلم الا خيرا وأنت اعلم به فإذا وضعت عليه اللبن فقل اللهم صل وحدته وامن وحشته واسكن إليه من رحمتك
رحمة تغنيه عن رحمة من سواك وإذا خرجت من قبره فقل انا لله وانا إليه راجعون والحمد لله رب العالمين اللهم ارفع درجته في أعلى عليين واخلف على عقبه في الغابرين يا رب
العالمين ومن هذا الباب روايتا سماعة المذكورتان في الكافي وغيرهما وشرج اللبن اي نضده بالطين وشبهه على وجه يمنع وصول التراب (إلى الميت) والظاهر أنه متفق عليه بين الأصحاب
ويدل عليه رواية إسحاق بن عمار السابقة قال في الذكرى وان سواه بالطين كان ندبا لما روى أن النبي صلى الله عليه وآله رأى في قبر ابنه خللا فسواه بيده ثم قال إذا عمل أحدكم فليتقن قال الرواندي
عمل العارفين من الطائفة على ابتداء التشريج من الرأس ثم يخرج من القبر ويقول انا لله وانا إليه راجعون اللهم ارفع درجته في عليين واخلف على أهله في الغابرين عندك نحتسبه
يا رب العالمين والخروج من قبل الرجلين وقد مر في أوائل الخاتمة ما يدل عليه ويزيده بيانا ما رواه الشيخ عن السكوني عن جعفر عن أبيه (ع) قال من دخل القبر فلا يخرج منه الا
من قبل الرجلين واطلاقا النصوص يقتضي عدم الفرق في هذا الحكم بين الرجل والمرأة وهو المشهور بين الأصحاب وقال ابن الجنيد في المرأة يخرج من عند رأسها ولم نقف على
شاهد لقوله من الآثار
وإهالة الحاضرين بظهور الأكف مسترجعين والمراد بالإهالة صب التراب عليه ويدل على استحباب الإهالة روايات منها ما رواه الكليني عن داود
ابن النعمان في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال رأيت أبا الحسن (ع) يقول ما شاء الله لا ما شاء الناس فلما انتهى
إلى القبر تنحى فجلس فلما ادخل الميت لحده قام فحثى عليه التراب ثلاث مرات بيده
340

وعن عمر بن أذينة في الحسن بإبراهيم قال رأيت أبا عبد الله (ع) يطرح التراب على الميت فيمسكه ساعة في يده ثم يطرح ولا يزيد على ثلاثة أصابع اكفه قال فسأته عن ذلك فقال يا عمر كنت أقول
ايمانا بك وتصديقا ببعثك هذا ما وعدنا الله ورسوله إلى قوله تسليما هكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وآله وبه جرت السنة وعن محمد بن مسلم قال كنت مع أبي جعفر (ع) في جنازة
رجل من أصحابنا فلما ان دفنوه قام (ع) إلى قبره فحثا عليه مما يلي رأسه ثلاثا بكفه ثم بسط كفه على القبر ثم قال اللهم جاف الأرض عن جنبيه واصعد إليك روحه ولقه منك رضوانا
واسكن قبره من رحمتك ما تغنيه به عن رحمة من سواك ثم مضى وعن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال إذا حثوت التراب على الميت فقل ايمانا بك وتصديقا ببعثك هذا ما وعدنا الله
ورسوله صلى الله عليه وآله قال وقال أمير المؤمنين (ع) سمعت رسول الله يقول من حثا على ميت وقال هذا القول أعطاه الله بكل ذرة حسنة واما استحباب كون الإهالة
بظهور الأكف فيدل عليه ما رواه الشيخ عن محمد بن الأصبغ عن بعض أصحابنا قال رأيت أبا الحسن (ع) وهو في جنازة فحثى التراب على القبر بظهر كفيه واما استحباب الاسترجاع
حالة الإهالة فلم اطلع على نص دال عليه بخصوصه لكنه مشهور بين الأصحاب
ورفعه اي القبر عن وجه الأرض بقدر أربع أصابع واختلف كلام الأصحاب فالمفيد أربع أصابع مفرجات لا أزيد من ذلك وابن أبي عقيل مضمومات وابن زهرة خير بين أربع أصابع مفرجات)
وبين شبر واختلف الروايات فرواية محمد بن مسلم السابقة في أوائل الخاتمة يدل على الأول وكذا ما رواه الشيخ عن عبيد الله الحلبي ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال امرني
أبي ان اجعل ارتفاع قبره أربع أصابع مفرجات وذكر ان الرش بالماء حسن وقال توضأ إذا أدخلت الميت القبر ويدل على الثاني ما رواه الكليني والشيخ عنه عن سماعة في
الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال يستحب ان يدخل معه في قبره جريدة رطبة ويرفع قبره من الأرض مقدار أربع أصابع مضمومة وينضح عليه الماء ويخلا عنه وبعضها مطلق كحسنة حماد بن
عثمان المذكورة في التهذيب والكافي وموثقة محمد بن مسلم المذكورة في الكافي قال في الذكرى اختلاف الرواية دليل التخيير وهو حسن وروى العامة ان قبر النبي صلى الله عليه وآله رفع قدر
شبر ورويناه أيضا عن إبراهيم بن علي عن الصادق (ع) وهو يصلح (مستندا) لابن زهرة وتربيعه يدل عليه رواية محمد بن مسلم السابقة في أوائل الخاتمة وليكن القبر مسطحا باجماعنا وخالف
فيه العامة مع أنه مروي عندهم أيضا وصب الماء من قبل رأسه دور الاخلاف في استحباب الرش بعد الفراغ ويدل عليه روايات كثيرة منها ما رواه الكليني عن زرارة
في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قال أبو عبد الله (ع) إذا فرغت من القبر فانضحه ثم ضع يدك عند رأسه وتغمر كفك عليه بعد النضح وعن حماد بن عثمان في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله (ع)
قال إن أبي قال لي ذات يوم في مرضه يا بني ادخل أناسا من قريش من أهل المدينة حتى اشهدهم قال فأدخلت عليه أناسا منهم فقال يا جعفر إذا انا مت فغسلني وكفني
وارفع قبري أربع أصابع ورشه بالماء فلما خرجوا قلت يا أبه لو أمرتني بهذا صنعته ولم ترد ان ادخل عليك قوما تشهدهم فقال يا بني أردت ان لا تنازع وعن ابن أبي عمير في الحسن
بإبراهيم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) في رش الماء على القبر قال يتجافى عنه العذاب ما دام الندى في التراب والأولى في كيفيته اعتبار ما رواه الشيخ عن موسى بن أكيل النمري
عن أبي عبد الله (ع) قال السنة في رش الماء على القبر ان تستقبل القبلة وتبدأ من عند الرأس إلى عند الرجل ثم تدور على القبر من الجانب الآخر ثم ترش على وسط القبر فكذلك
السنة ووضع اليد عليه اي على القبر والترحم يدل عليه رواية محمد بن مسلم السابقة في الإهالة ورواية زرارة السابقة في المسألة المتقدمة ورواية زرارة السابقة في التلقين
وفيها دلالة على استحباب كون ذلك من عند رأسه وروى الكليني عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الموثق قال سألته عن وضع الرجل يده على القبر ما هو ولم صنع فقال صنعه رسول الله صلى الله عليه وآله
على ابنته بعد النضح قال وسألته كيف أضع يدي على قبور المسلمين فأشار بيده إلى الأرض ووضعها عليه ثم رفعها وهو مقابل القبلة وعن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي
جعفر (ع) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصنع بمن مات من بني هاشم خاصة شيئا لا يصنعه بأحد من المسلمين كان إذا صلى على الهاشمي ونضح قبره بالماء وضع رسول الله صلى الله عليه وآله كفه على القبر حتى يرى
أصابعه في الطين فكان الغريب يقدم والمسافر من أهل المدينة فيرى القبر عليه اثر كف رسول الله صلى الله عليه وآله فيقول من مات من آل محمد صلى الله عليه وآله وفيه دلالة على الاختصاص لكن يجوز ان يكون ذلك
مختصا بالنبي صلى الله عليه وآله لمصلحة فلا ينافي عموم الأخبار السابقة وفي رواية إسحاق بن عمار ورواية محمد بن إسحاق دلالة على اختصاصه بمن لم يدرك الصلاة ولعل المراد اختصاص الاستحباب المؤكد بالصورة
المذكورة ويستحب زيارة القبور للرجال قال في المنتهى وهو قول العلماء ويدل عليه الاخبار من العامة والخاصة وفيه أيضا لا خلاف في الدعاء والصدقة والاستغفار وأداء الواجبات
التي يدخلها النيابة وكذا قراءة شئ عنده من الأدعية والقرآن روى الصدوق باسناده عن محمد بن مسلم وظاهره كونه صحيحا أنه قال قلت لأبي عبد الله (ع) الموتى تزورهم قال نعم فقلت يعلمون
بنا إذا اتيناهم قال اي والله انهم ليعلمون بكم ويفرحون بكم ويستأنسون إليكم قال قلت فأي شئ تقول إذا اتيناهم قال قل اللهم جاف الأرض عن جنوبهم وصاعد إليك أرواحهم
ولقهم منك رضوانا واسكن إليهم من رحمتك ما تصل به وحدتهم وتونس به وحشتهم انك على كل شئ قدير وفي الفقيه أيضا قال الرضا (ع) مامن عبد زار قبر مؤمن فقرأ
انا أنزلناه في ليلة القدر سبع مرات الا غفر الله له ولصاحب القبر وروى الكليني عن عبد الله بن سنان في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال قلت لأبي عبد الله (ع) كيف التسليم
على أهل القبور فقال نعم تقول السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين أنتم لنا فرط ونحن انشاء الله بكم لاحقون وعن محمد بن أحمد في الصحيح قال كنت بفيد فمشيت
مع علي بن بلال إلى قبر محمد بن إسماعيل بن بزيع فقال لي علي بن بلال قال لي صاحب هذا القبر عن الرضا (ع) قال من اتى قبر أخيه ثم وضع يده على القبر وقرأ انا أنزلناه في ليلة القدر
سبع مرات امن يوم الفزع الأكبر أو يوم الفزع والأخبار الدالة على استحباب زيارة قبور المؤمنين وما يقال عند ذلك كثيرة وفيما ذكرناه كفاية وقد ورد في الأخبار المعتبرة
زيارة فاطمة (ع) قبور الشهداء في الأسبوع مرتين في الاثنين والخميس وفي كل ميت (سبت) واستغفارها لحمزة ويستفاد منه استحباب زيارة النساء قبور المؤمنين وينبغي كون ذلك
بحيث لا يراهن الرجال ويحتمل اختصاصها صلوات الله عليها بذلك لعصمتها ومعلومية سترها عن العيون وحكى في الذكرى عن الصدوق انه متى زار قبر دعى به مستقبل
القبلة قال بعض أعاظم الشارحين ورأيت في بعض الزيارات ان زيارة غير المعصوم مستقبل القبلة وزيارته مستدبرها ومستقبلها وروى في الكافي عن مفضل بن عمر
ومحمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) زوروا موتاكم فإنهم يفرحون بزيارتكم وليطلب أحدكم حاجته عند قبر أبيه وعند قبر امه بما يدعو لهما وتلقين الولي
أو من يأمره بعد الانصراف بأعلى صوته لا خلاف في ذلك بين الأصحاب نقل اجماعهم على ذلك جماعة منهم ونسب إلى الفقهاء الأربعة انكار ذلك ويدل على ذلك روايات
منها ما رواه الشيخ عن جابر بن يزيد عن أبي جعفر (ع) قال ما على أحدكم إذا دفن ميته وسوى عليه وانصرف من قبره ان يتخلف عند قبره ثم يقول يا فلان بن فلان أنت على العهد الذي
عهدناك به من شهادة ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله وان عليا أمير المؤمنين عليه السلام امامك وفلان وفلان وفلان حتى يأتي على اخرهم فإنه إذا فعل
ذلك قال أحد الملكين لصاحبه قد كفينا الدخول عليه والوصول إليه ومسئلتنا إياه فإنه قد لقن فينصرفان عنه ولا يدخلان عليه ومنها ما رواه الصدوق عن يحيى بن عبد الله
أنه قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول ما على أهل الميت منكم ان يدر أو عن ميتهم لقاء منكر ونكير فقلت وكيف يصنع فقال إذا فرد الميت فليتخلف عنده أولي الناس به فيضع
فاه على رأسه ثم ينادي بأعلى صوته يا فلان بن فلان أو يا فلانة بنت فلان هل أنت على العهد الذي فارقناك عليه من شهادة ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا
عبده ورسوله سيد النبيين وان عليا أمير المؤمنين وسيد الوصيين وان ما جاء به محمد حق وان الموت حق والبعث حق وان الساعة آتية لا ريب فيها وان الله يبعث
من في القبور فإذا قال ذلك قال منكر لنكير انصرف بنا عن هذا فقد لقن حجته والظاهر أنه لا اختصاص لذلك بالولي فيجوز الاستنابة فيه ويفهم من الذكرى انه اتفاقي وهل يعتبر
اذنه في ذلك الذي ظاهر المنتهى العدم وعلى هذا كان التخصيص فالرواية الثانية من باب الأولوية ولم يتعرض الشيخان والفاضلان لكيفية وقوف الملقن وقال ابن إدريس انه يستقبل القبلة والقبر
341

وقال أبو الصلاح وابن البراج والشيخ يحيى بن سعيد يستدبر القبلة والقبر امامه قال في الذكرى وكلاهما للخبر الشامل لذلك ولمطلق النداء عند الرأس على اي وضع كان المنادى وهو
متجه قال ابن البراج ومع التقية يقول ذلك سرا
والتعزية لأهل المصيبة جميعا وهي تفعله من العزاء وهو الصبر والمراد بها الحمل على الصبر والتسلي عن
المصاب باسناد الامر إلى الله تعالى وحكمته ومصلحة والتذكر بما وعد الله على الصبر من الثواب وقد اتفق العلماء على استحبابه وفيه ثواب عظيم فروى الكليني عن السكوني عن أبي عبد الله (ع)
عن ابائه عليهم السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من عزى حزينا كئيبا كسى في الموقف حلة يحبى بها وعن محمد بن خالد في الصحيح عن وهب عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من عزى مصابا كان له مثل اجره من غير أن ينتقص من اجر المصاب شيئا وعن أبي جعفر (ع) قال كان فيما ناجى به موسى ربه قال يا رب ما لمن عزى الثكلى قال أظله في ظلي في
يوم لاظل الا ظلي وعن أمير المؤمنين (ع) قال من عزى الثكلى أظله الله في ظل عرشه يوم لاظل الا ظله ويستحب ملاطفة اليتيم ففي الفقيه قال (ع) يعني الصادق (ع) مامن عبد يمسح
يده على رأس يتيم ترحما له الا أعطاه الله عز وجل بكل شعرة نورا في يوم القيمة وروى أنه يكتب الله عز وجل له بعدد كل شعرة مرت عليها يده حسنة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله من
أنكر منكم قساوة قلبه فليدن يتيما فيلاطفه وليمسح رأسه يلين قلبه بإذن الله عز وجل فان لليتيم حقا وقال الصادق (ع) إذا بكى اليتيم اهتز له العرش فيقول الله تبارك وتعالى
من هذا الذي ابكى عبدي الذي سلبته أبويه في صغره فوعزتي وجلالي وارتفاعي في مكاني لا يسكنه عبد مؤمن الا أوجبت له الجنة ويستحب التعزية لجميع أهل الميت صغيرهم
وكبيرهم عملا بالعموم والظاهر أنه لافرق بين الرجل والمرأة عند عدم الفتنة لعموم النص قال في الذكرى ويتأكد في النساء لضعف صبرهن ونقل الرواية السابقة عن أبي جعفر (ع)
والرواية السابقة عن علي (ع) وغيرها قال نعم لا تعزى الشابة الأجنبية خوف الفتنة وقال في المنتهى ولا ينبغي ان يعزى النساء الأجانب خصوصا الشواب وقال الشارح الفاضل تكره
تعزية النساء خوفا من الفتنة ويؤيد ذلك في الشواب ما روى الصدوق ان أمير المؤمنين (ع) كان يسلم على النساء وكان يكره ان يسلم على الشابة منهن وقال أتخوف ان يعجبني
صوتها فيدخل من الاثم على أكثر مما اطلب من الاجر واختلف في تعزية الذمي فمنعها في المعتبر لأنه موادة منهى عنها ولقوله صلى الله عليه وآله لا تبدؤهم بالسلام وهذا في معناه وجوزه في التذكرة
لان النبي صلى الله عليه وآله عاد يهوديا في مرضه وقال له أسلم فنظر إلى أبيه فقال له أبوه اطع أبا القاسم فأسلم فقال النبي صلى الله عليه وآله الحمد لله الذي أنقذه من النار والتعزية في معنى العبادة وأجيب لعله لرجاء
اسلامه ومنع ابن إدريس من تعزية المخالف للحق مطلقا الا لضرورة فيدعو له بالهام الصبر الا بالاجر ووافقه المصنف في المنتهى ودليله غير واضح مع ورود الاخبار في الترغيب في عبادات
المخالف وحضور جنائزهم وعموم اخبار التعزية الا ان يحمل على الضرورة ولا ضرورة في هذا الحمل وبالجملة للتوقف في هذا الحكم مجال ولاحد للتعزية لعدم ما يدل على التحديد بل يحصل
متى صدق اسمها عرفا وقال أبو الصلاح من السنة تعزية أهله ثلاثة أيام وحمل الطعام إليهم وقال في الذكرى ويمكن القول بثلاثة أيام لنقل الصدوق عن أبي جعفر (ع) يصنع للميت
مأتم ثلاثة أيام من يوم مات ونقل عن الصادق (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله أمر فاطمة (ع) ان تأتي أسماء بنت عميس ونسائها وان تصنع لها طعاما ثلاثة أيام فجرت بذلك السنة وقال الصادق (ع)
ليس لأحد ان يحد أكثر من ثلاثة أيام الا المرأة على زوجها حتى ينقضي عدتها قال واوصى به أبو جعفر (ع) بثمانمائة درهم لمأتمه وكان يرى ذلك السنة لان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر
باتخاذ الطعام لآل جعفر وفي كل هذه ايماء إلى ذلك ويجوز فعلها قبل الدفن وبعده لعموم النص وروى الشيخ وابن بابويه عن هشام بن الحكم في الصحيح والكليني عنه في الحسن بإبراهيم بن
هاشم قال رأيت موسى بن جعفر يعزي قبل الدفن وبعده والأفضل كونها بعد الدفن عند أكثر الأصحاب لما رواه الشيخ عن ابن أبي عمير في الحسن عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع)
قال التعزية لأهل المصيبة بعد ما يدفن وروى في الفقيه مرسلا عن الصادق (ع) أنه قال التعزية الواجبة بعد الدفن وروى الكليني عن محمد بن خالد البرقي في الصحيح عن بعض أصحابه
عن أبي عبد الله (ع) قال التعزية الواجبة بعد الدفن ولعله محمول على تأكد الاستحباب وبعض الأخبار يدل على انها عند القبر وروى الكليني عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام
(قال ليس التعزية عند القبر ثم ينصرفون لاتحدث في الميت؟ فيستمعون الصوت ورواه باسناد اخر فيه ضعف عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله عليه السلام)
ويكفي في حصول التعزية المشاهدة لما رواه ابن بابويه مرسلا عن الصادق (ع) أنه قال وكفاك من التعزية ان يراك صاحب المصيبة وذكر الشيخ في المبسوط انه يكره الجلوس (للتعزية) يومين
وثلاثة اجماعا ومنعه ابن إدريس وقال اي كراهة في جلوس الانسان في داره للقائه إخوانه والتسليم عليهم واستجلاب الثواب لهم في لقائه وعزائه وانتصر المحقق بأنه لم ينقل
عن أحد من الصحابة والأئمة الجلوس لذلك فاتخاذه مخالف لسنة السلف ولا يبلغ التحريم والظاهر قول ابن إدريس وروى الكليني في الحسن عن أبي عبد الله (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله أمر فاطمة عليها السلام
ان تتخذ طعاما لأسماء بنت عميس ثلاثة أيام فتأتيها ونسائها فتقيم عندها ثلاثة أيام وعن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال يصنع لأهل الميت ماتم ثلاثة أيام
من يوم مات قال في القاموس المأتم كل مجتمع في حزن أو فرح أو خاص بالنساء أو بالشواب وقال ابن الأثير المأتم في الأصل مجتمع الرجال والنساء في الغم والفرح ثم خص به اجتماع
النساء للموت وقيل هو للشواب من النساء لاغير وقال الجوهري المأتم النساء تجتمع ولو كان غرض الشيخ تخصيص الحكم بالرجال لم يكن في الخبرين حجة عليه ويكره فرش القبر بالساج من غير
ضرورة هذا مشهور بين الأصحاب ولم اطلع على مستند له واما جوازه عند الضرورة فلما رواه الشيخ عن علي
بن محمد القاساني قال كتب علي بن بلال إلى أبي الحسن (ع) انه ربما مات الميت
عندنا ويكون الأرض ندية فنفرش الأرض بالساج أو نطبق عليه فهل يجوز ذلك فكتب ذلك جائز وقيل يحرم فرش القبر مما له قيمة من الثياب ونحوها كما يحرم وضع ذلك مع
الميت ولعل مستنده استلزام ذلك حصول الاسراف ولم اطلع على نص دال على الترخيص الا انه روى الكليني عن يحيى بن أبي العلا عن أبي عبد الله (ع) قال القى شقران مولى رسول الله صلى الله عليه وآله
في قبره القطيفة قال في الذكرى إما وضع الفرش والمخدة فلا نص فيه نعم روى ابن عباس من طرقهم انه جعل في قبر النبي صلى الله عليه وآله قطيفة حمراء والترك أولى
ونزول ذي الرحم الا في المرأة
ذكر ذلك الشيخ في المبسوط والنهاية وتبعه على ذلك جماعة من الأصحاب ولم يذكره المتقدمون وعلل بالتعليل المذكور في موثقة عبيد بن زرارة الآتية وفيه تأمل واضح لاختصاص التعليل
بأنه هالة وعدم ثبوت تحققه في غيرها والذي يستفاد من الروايات كراهة ان ينزل الوالد قبر ولده ولم اطلع على مستند لغير ذلك روى الكليني عن حفص بن البختري
وغيره في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال يكره للرجل ان ينزل في قبر ولده وعن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم عن محمد بن أبي حمزة الثقة عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال لما مات
إسماعيل بن أبي عبد الله (ع) اتى أبو عبد الله (ع) القبر فارخى نفسه فقعد ثم قال رحمك الله وصلى عليه ولم ينزل في قبره وقال هكذا فعل النبي صلى الله عليه وآله بابنه إبراهيم وعن ابان في الموثق عن عبد الله
ابن راشد وهو غير موثق قال كنت مع أبي عبد الله (ع) حين مات إسماعيل ابنه فأنزل في قبره ثم رمى بنفسه على الأرض مما يلي القبلة ثم قال هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وآله بإبراهيم ثم قال إن
الرجل ينزل في قبر والده ولا ينزل في قبر ولده وعن عبد الله بن راشد عن أبي عبد الله (ع) قال الرجل ينزل في قبر والده ولا ينزل الوالد في قبر ولده وعن عبد الله بن العنبري قال
قلت لأبي عبد الله (ع) الرجل يدفن ابنه قال لا يدفنه في التراب قال قلت فالابن يدفن أباه قال نعم لا باس وروى الشيخ عن عبد الله بن محمد بن خالد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال الوالد
لا ينزل في قبر ولده والولد ينزل قي قبر والده والمستفاد من هذه الروايات عدم كراهة نزول الولد قبر والده وقال في الذكرى يستحب في الرجل نزول الأجانب واحتج بخبر عبد الله
بن محمد بن خالد عن الصادق (ع) الوالد لا ينزل في قبر ولده والولد لا ينزل في قبر والده فزاد لفظة لاعلى ما نقلناه فقلنا قال ولا ينافيه خبر عبد الله بن العنبري عنه (ع) لا يدفن ابنه ولا باس بدفن
الابن أباه لان المكروه لا بأس به وهو يشعر بان الكراهية في جانب الأب الدافن أشد ولا يخفى ان لفظة لاغير موجودة في رواية عبد الله بن محمد فيما عندنا من نسخ التهذيب
مع صحته وكذا في المنتهى فلاوجه للتعويل عليه والشارح الفاضل وافق الذكرى الا انه نقل الرواية المذكورة مرسلا عن الصادق (ع) ولعله نظر إلى الذكرى من غير مراجعة إلى
الأصول كما يفهم من طريقته في هذا الشرح وبالجملة لا يستفاد من الاخبار سوى كراهية نزول الوالد قبر ولده بل يفهم من رواية محمد بن عطية ورواية محمد بن عجلان المذكورتين في أوائل
342

الخاتمة ومن رواية محمد بن عجلان المذكورة عند التلقين رجحان نزول الولي فالحكم بكراهة نزول ذي الرحم مطلقا محل اشكال وهذا الحكم ثابت عند المصنف في كل رحم الا في المرأة فلا
كراهة لنزول ذي الرحم بل يستحب ذلك عند الأصحاب ويدل عليه ما رواه الكليني والشيخ عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) مضت السنة من رسول الله صلى الله عليه وآله
ان المرأة لا يدخل قبرها الامن كان يراها في حيوتها وعن إسحاق بن عمار عن أبي عبد الله (ع) قال الزوج أحق بامرأته حتى يضعها في قبرها ولو تعذر المحرم للمرأة فامرأة صالحة
ثم أجنبي صالح قال المفيد وينزلها القبر اثنان يجعل أحدهما يديه تحت كتفيها والاخر يديه تحت حقويها وينبغي ان يكون الذي يتناولها من قبل وركيها زوجها
أو بعض ذوي ارحامها كأبيها أو أخيها ان لم يكن لها زوج ويناسبه ما رواه الشيخ عن زيد بن علي عن ابائه عن أمير المؤمنين (ع) قال يسل الرجل سلا ويستقبل المرأة استقبالا
ويكون أولي الناس بالمرأة في مؤخرها ويكره اهالة التراب على الرحم ويستوي في ذلك الرجل والمرأة وهذا الحكم ذكره الشيخان ومن تبعهما قال في المعتبر وعليه فتوى
الأصحاب ومستنده ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة في الموثق قال مات لبعض أصحاب أبي عبد الله (ع) ولد فحضر أبو عبد الله (ع) فلما الحد تقدم أبوه فطرح عليه التراب فاخذ أبو
عبد الله (ع) بكفيه وقال لا تطرح عليه التراب ومن كان منه ذا رحم فلا يطرح عليه التراب فان رسول الله صلى الله عليه وآله نهى ان يطرح الوالد وذو رحم على ميتة التراب فقلنا يا ابن رسول الله
أتنهانا عن هذا وحده فقال أنهاكم ان تطرحوا التراب على ذوي ارحامكم فان ذلك تورث القسوة في القلب ومن قسى قلبه بعد من ربه وتجديد القبور بعد اندراسها
على وجه الأرض سواء اندرست عظامها أم لا والمستند فيه ما رواه الشيخ عن الأصبغ ابن نباته قال قال أمير المؤمنين (ع) من جدد قبرا أو مثل مثالا فقد خرج من
الاسلام ونقلها الصدوق مرسلا عن أمير المؤمنين (ع) ثم قال اختلف مشايخنا في معنى هذا الخبر فقال محمد بن الحسن الصفار رحمه الله هو جدد بالجيم لاغير وكان شيخنا محمد بن
الحسن بن أحمد بن الوليد يحكى عنه أنه قال لا يجوز تجديد القبر ولا تطيين جمعه بعد مرور الأيام وبعد ماطين في الأول ولكن إذا مات ميت فطين قبرها فجائز ان يرم سائر
القبور من غير أن يجدد وذكر عن سعد بن عبد الله انه كان يقول انما هو من حدد القبر بالحاء غير المعجمة يعني به من سنم قبرا وذكر عن أحمد بن أبي عبد الله البرقي أنه قال انما هو جدث قبرا
وتفسير الجدث القبر (فلا ندري) ما عنى به والذي اذهب إليه انه جدد بالجيم ومعناه نبش قبرا لان من نبش قبرا فقد جدده وأحوج إلى تجديده وقد جعله جدثا محفورا وأقول
ان التجديد على المعنى الذي ذهب إليه محمد بن الحسن الصفار والتحديد بالحاء غير المعجمة الذي ذهب إليه سعد بن عبد الله والذي ذهب إليه البرقي كله داخل في معنى الحديث وان من خالف الإمام عليه السلام
في التجديد والتسنيم والنبش واستحل شيئا من ذلك فقد خرج من الاسلام والذي أقوله في قوله (ع) ومن مثل مثالا انه يعني من أبدع بدعة ودعا إليها أو وضع
دينا فقد خرج من الاسلام وقولي في ذلك قول أئمتي عليهم السلام (فان) فلو أصبت فمن الله على ألسنتهم وان أخطأت فمن عند نفسي انتهى كلام الصدوق (ره) قال الشيخ في التهذيب
بعد نقل كلام البرقي ويمكن ان يكون المعنى بهذه الرواية النهى ان يجعل القبر دفعة أخرى قبرا لانسان اخر لان الجدث هو القبر فيجوز ان يكون الفعل مأخوذا منه وقال وكان
شيخنا محمد بن محمد بن النعمان (ره) يقول إن الخبر الخد بالخاء والدالين وذلك مأخوذ من قوله تعالى قتل أصحاب الأخدود والخد هو الشق يقال خددت الأرض خدا اي شققته
وعلى هذه الروايات يكون النهى تناول شق القبر إما ليدفن فيه أو على جهة النبش على ما ذهب إليه محمد بن علي وكل ما ذكرناه من الروايات والمعاني محتمل وقال المحقق في المعتبر وهذا
الخبر رواه محمد بن سنان عن أبي الجارود عن الأصبغ بن نباته عن علي (ع) ومحمد بن سنان ضعيف وكذا أبو الجارود فاذن الرواية ساقطه وقال في الذكرى اشتغال هؤلاء الأفاضل
بتحقيق هذا اللفظ مؤذن بصحة الحديث عندهم وإن كان طريقه ضعيفا كما في أحاديث كثيره اشتهرت وعلم موردها وان ضعف اسنادها فلا يرد ما ذكره في المعتبر من ضعف محمد بن
سنان وأبي الجارود على أنه قد ورد نحوه من طريق أبي الهماج وقد نقله الشيخ في النهاية وهو من صحاح
العامة وهو يعطي صحة الرواية بالحاء المهملة لدلالة الاشراف والتسوية وعليه
يعطى ان المثال هذا هو التمثال هناك وقد ورد في النهى عن التصوير وإزالة التصاوير اخبار مشهورة واما الخروج من الاسلام بهذين فاما على طريق المبالغة زجرا عن
الاقتحام على ذلك واما لأنه فعل ذلك مخالفة للإمام (ع) انتهى ولا يخفى ان مجرد بحث هؤلاء العلماء عن تحقيق لفظ الخبر لا يدل على قبولهم إياه وتصحيحهم له لجواز ان
كل واحد منهم يذكر ما وصل إليه من الطرق الذي ينسب إليه وإن كان في الطريق خلل نعم فيه اشعار ما بذلك لكن مجرد ذلك لا يكفي في صحة الاحتجاج به وعلى
تقدير التسليم لما حصل الاشتباه فيما هو الصحيح منه كان اثبات التكليف الايجابي بأحد معانيه لا يصفو عن شوب الاشكال نعم اثبات الكراهية بمثله غير بعيد
للمسامحة في أدلتها ولم يذكر المصنف ههنا كراهية تجصيص القبور وهو مشهور بين الأصحاب ونقل المصنف في التذكرة اجماع الأصحاب عليه وذهب الشيخ إلى عدم كراهة التجصيص
ابتداء وانما المكروه اعادتها بعد اندراسها واختاره المصنف في المنتهى ويدل على الأول ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الموثق عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن البناء على
القبر والجلوس عليه هل يصلح فقال لا يصلح البناء على القبر ولا الجلوس ولا تجصيصه ولا تطيينه وفي طريق هذه الرواية علي بن أسباط وكان فطحيا قال الكشي قالوا إنه مات
على مذهبه وذكر النجاشي انه رجع وكان أوثق الناس وأصدقهم لهجة فهذا الخبر من الاخبار المعتمدة التي لا سبيل إلى الطعن فيه وروى الشيخ والكليني عن يونس بن يعقوب
باسناد فيه ضعف قال لما رجع أبو الحسن موسى (ع) من بغداد ومضى إلى المدينة ماتت ابنة له بفيد فدفنها وامر بعض مواليه ان يجصص قبرها ويكتب على لوح اسمها ويجعله
في القبر وما نقلنا من الشيخ طريق جمع بين الروايتين ان صلحت هذه الرواية لمقاومة الخبر الأول وجمع بينهما في الاستبصار بحمل الخبر الأول على الكراهة والثاني على الجواز وهو
بعيد لأنه يستلزم أمر الإمام (ع) بالمكروه وربما يجمع بين الروايتين بالقول بالجواز في قبر من يظهر لتعين قبره اثر من زيارة ونحوها كما فعل الكاظم (ع) بابنته فإنها أهل
للتعظيم والزيارة فيدخل في ذلك من يشاركها في الوصف من العلماء والصالحين وفيه أيضا تأمل واحتمل بعضهم في طريق الجمع تخصيص النهى بتجصيص نفس القبر دون ما بنى عليه
أو تجصيص داخل القبر دون خارجه والكل لا يصفو عن الاشكال على كل تقدير فالظاهر أنه يستثنى من ذلك قبور الأنبياء والأئمة (ع) لاطباق الناس على البناء على قبورهم من غير
نكير واستفاضة الروايات الدالة على تعاهد قبورهم وتعميرها مع ما فيه من تعظيم الدين وتحصيل المصالح الدينية للمؤمنين وربما يستثنى قبور الصلحاء والعلماء أيضا لما فيه
من تعظيم الشرع وأهله وتحصيل الفوائد الدينية واما التطيين فقال الشيخ والمصنف انه يكره بعد الاندراس لافي الابتداء واحتج على الأول بما روى عن النبي صلى الله عليه وآله لا يزال الميت يسمع
الاذان ما لم يطين قبره وعلى الثاني برواية يونس بن يعقوب المذكورة والروايتان ضعيفتان مع أنه روى الشيخ والكليني عن السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال لا تطينوا القبر
من غير طينه وفيه اشعار بنفي البأس في التطيين بطينه واما البناء على القبر فمكروه عند الأصحاب
ونقل المصنف في التذكرة الاجماع عليه وكذا الشيخ في المبسوط وفي الذكرى المشهور
كراهية البناء على القبر واتخاذه مسجدا ويدل عليه رواية علي بن جعفر السابقة وما رواه الشيخ عن يونس بن ظبيان في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يصلى
على قبر أو يقعد عليه أو يبنى عليه وعن جراح المدايني عن أبي عبد الله (ع) قال لا تبنوا على القبور ولا تصوروا سقوف البيوت فان رسول الله صلى الله عليه وآله كره ذلك وفي صحاح العامة عن جابر
نهى رسول الله صلى الله عليه وآله ان يجصص القبر أو يبنى عليه أو يقعد عليه وقال (ع) لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا عليها وروى الصدوق عن سماعة انه سئله (ع) عن زيارة القبور وبناء المساجد
فيها فقال زيارة القبور لا باس بها ولا يبنى عندها مسجدا قال الصدوق وقال النبي صلى الله عليه وآله لا تتخذوا قبري قبلة ولا مسجدا فان الله تعالى لعن اليهود حيث اتخذوا قبور
أنبياءهم مساجدا قال في الذكرى بعد نقل هذه الأخبار وهذه الأخبار رواها الصدوق والشيخان وجماعة المتأخرين في كتبهم ولم يستثنوا قبرا ولا ريب ان الامامية مطبقة على
343

مخالفة قضيتين من هذه إحديهما البناء والاخرى الصلاة في المشاهد المقدسة فيمكن القدح في هذه الأخبار لأنها آحاد وبعضها ضعيف الاسناد وقد عارضها اخبار
منها وقال ابن الجنيد لا بأس بالبناء عليه وضرب الفسطاس لصوته ومن يزوره أو يخصص هذه العمومات باجماعهم في عهود كانت الأئمة ظاهرة فبهم وبعدهم من غير نكير والأخبار الدالة
على تعظيم قبورهم وعماراتها وأفضلية الصلاة عندها وهي كثيرة ونقل نبذة من الأخبار الواردة في هذا الباب ثم قال ومع ذلك فقبر رسول الله صلى الله عليه وآله مبني عليه
في أكثر الاعصار ولم ينقل عن أحد من السلف انكاره بل جعلوه انسب لتعظيمه انتهى وهو حسن وقد مر في باب المكان تحقيق الصلاة إلى قبورهم (ع) والمشهور بين الأصحاب كراهة
القعود على القبر كما يعلم من الأخبار السابقة وروى عن النبي صلى الله عليه وآله من طريق العامة لان يجلس أحدكم على جمر فيحرق ثيابه فتصل النار إلى يديه أحب إلي من أن يجلس على قبر
وهذا مبالغة تامة في الزجر
والنقل الا إلى أحد المشاهد إما كراهة نقل الميت إلى غير بلد موته من غير مشاهد المشرفة فقد نقل المحقق في المعتبر والمصنف في التذكرة اجماع
العلماء عليه واستدل عليه بقول النبي صلى الله عليه وآله عجلوهم إلى مضاجعهم واما جواز النقل إلى أحد المشاهد المشرفة بل استحبابه فقال في المعتبر انه مذهب علمائنا خاصة قال وعليه على
الأصحاب من زمن الأئمة إلى الان وهو مشهور بينهم لا يتناكرونه ولأنه يقصد بذلك التمسك بمن له أهلية الشفاعة وهو حسن في الأحباء توصلا إلى فوائد الدنيا فالتوصل
إلى فوائد الآخرة أولي ونقل عمل الامامية واجماعهم على ذلك في التذكرة والذكرى وغيرهما قال في الذكرى ولو كان هناك مقبرة بها قوم صالحون أو شهداء استحب
النقل إليها أيضا لتناله بركتهم ولا باس به قال الشارح الفاضل ويجب تقييده بما إذا لم يخف هتك الميت بانفجاره ونحوه لبعد المسافة أو غيرها وهو غير بعيد وقال أيضا هذا
كله في غير الشهيد فان الأولى دفنه حيث قتل لقوله صلى الله عليه وآله ادفنوا القتلى في مصارعهم ودفن ميتين في قبر واحد لقوله (ع) لا يدفن في قبر واحد اثنان نقله الشيخ في المبسوط مرسلا
ومع الضرورة تزول الكراهة لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال للأنصار يوم أحد احفروا واوسعوا وعمقوا واجعلوا الاثنين والثلاثة في القبر الواحد هذا في الدفن ابتداء
وأما إذا أريد نبش قبر ميت ودفن اخر فيه فقال في النهاية بالكراهة أيضا وقيل بالتحريم لتحريم النبش ولان القبر صار حقا للأول يدفنه فيه وفيه نظر إما الأول فلان الظاهر
كما سيجئ ان مستند تحريم النبش الاجماع واجرائه في محل النزاع مما لا وجه له ثم لو سلم تحريم النبش حينئذ لا يلزم تحريم الدفن بعده واما الثاني فلمنع ثبوت الحقيقة المذكورة هذا
كله في غير السرب إما فيه فيجوز مطلقا اقتصارا في الحكم المخالف للأصل على مورد النص والاتفاق والاستناد إلى القبر والمشي عليه قال الشيخ في الخلاف انه قول العلماء أجمع ونقله
في المعتبر أيضا عن العلماء واحتج عليه الشيخ بقوله (ع) لان يجلس أحدكم إلى جمر إلى اخر الحديث
المذكور عند شرح قول المصنف وتجديد القبور وبقول الكاظم (ع) ولا يصلح البناء على القبر ولا
الجلوس ويرد عليه اختصاص الروايتين بالجلوس فلا تعم الاستناد والمشي وقد روى الصدوق في الفقيه مرسلا عن الكاظم (ع) أنه قال إذا دخلت المقابر فطأ القبور فمن كان مؤمنا
استروح روحه ومن كان منافقا وجد المه ولا معارض له قال في الذكرى ويمكن حمله على القاصد زيارتهم بحيث لا يتوصل إلى قبر الا بالمشي على اخر أو يقال تختص الكراهية
بالقعود لما فيه من اللبث المنافي للتعظيم وفي الأولى بعد وربما يحمل على الداخل للزيارة والمراد حينئذ بوطئها كثرة التردد بينها للزيارة وعدم الاقتصار على زيارتها اجمالا
على طريق الكناية ولا يخلو عن بعد ويحرم نبش القبر والظاهر أنه اجماعي بين العلماء نقل اجماعهم جماعة والاستدلال بان فيه المثلة بالميت والانتهاك لحرمة لا يخلو عن ضعف واستثنى
عن النبش المحرم مواضع منها إذا وقع في القبر ماله قيمة فإنه يجوز نبشه لاخذه صيانة للمال عن الإضاعة ومنها إذا غصب ارض ودفن فيها فللمالك قلعه وكذا لو كفن في الثوب
المغصوب وقال في المنتهى للمالك قلعه واخذ كفنه بل يجب عليه اخذ القيمة ومنها نبشه للشهادة على عينه لقسمه ميراثه أو اعتداد زوجته ومنها ان يصير الميت رميما فإنه
يجوز نبشه لدفن غيره أو لمصلحة المالك المعير فلو نبشه لظنه ذلك فظهر بقاؤه وجب دفنه وإذا دفن في الأرض ثم بيعت قال الشيخ في المبسوط جاز للمشتري نقل الميت منها
والأفضل تركه ورده الفاضل (الفاضلان خ ل) بتحريم النبش وفيه تأمل لان التعويل في تحريمه على الاجماع وهو لا يتم في محل النزاع ولو دفن بغير غسل قال الشيخ في الخلاف لا ينبش واختاره
المحقق في المعتبر واختار المصنف في المنتهى والتذكرة النبش وهو أقرب ولو دفن إلى غير القبلة فالظاهر النبش كما اختاره المصنف في التذكرة ولو دفن بغير صلاة فالظاهر عدم النبش
لمكان الصلاة على قبره ولو دفن بغير كفن فالذي صرح به جماعة من الأصحاب منهم المصنف في التذكرة عدم النبش لحصول الستر بالدفن وربما ينقل عن المصنف النبش ولعله أقرب ولو
كفن في حرير فالظاهر أنه كالمغصوب ولو ابتلع حيا جواهرا وماله قيمة ثم مات فهل يشق جوفه فيه وجهان أحدهما لا ورجحه الشيخ في الخلاف سواء كان له أو لغيره لقول النبي صلى الله عليه وآله
حرمة المسلم ميتا كحرمته حيا وثانيهما نعم توسلا إلى استيفاء المال ومراعاة حرمة الحي قال في الذكرى ويحتمل تقييده بعدم ضمان الوارث جمعا بين الحرمتين لو ضمنه وعليه يتفرع
النبش قال ويمكن الفرق بين ماله وبين مال غيره لأنه استهلك مال نفسه بابتلاعه فهو كما لو أتلفه في حياته ومهما قلنا بعدم النبش يؤخذ من تركته إذا كان لغيره لأنه
أتلفه في حياته إما لو بلى وانتفت المثلة جاز النبش لاخراجه لزوال المانع ولو أوصى بدفن خاتم معه وشبهه مما يتبرك به ففي اجابته وجهان من إضاعة المال ومن تسلطه
على ماله فيجري مجرى الوصية به لغيره وحينئذ يعتبر الثلث أو الإجازة ولو لم يكن فيه غرض لم يجز لكونه اتلافا محضا ويحرم نقل الميت بعد دفنه هذا قول أكثر الأصحاب قال ابن إدريس
لا يجوز نقله وهو بدعة في شريعة الاسلام سواء كان النقل إلى مشهد أو غيره وقال الشيخ في النهاية وقد وردت رواية بجواز نقله إلى بعض مشاهد الأئمة سمعناها
مذاكرة والأصل ما قدمناه وقال في المبسوط بعد الإشارة إلى ورود الرواية المذكورة وانهم سمعوها مذاكرة والأول أفضل وهو دال على اختيار الجواز وأسنده المصنف في
التذكرة إلى بعض علمائنا وجعله ابن حمزة مكروها وقال ابن الجنيد ولا باس بتحويل الموتى من الأرض المغصوبة ولصلاح يراد بالميت واحتج المانعون بتوقفه على النبش
المحرم واستلزامه الهتك المحرم ويرد على الأول منع حرمة النبش في الصورة المذكورة لان التعويل في هذا الباب على الاجماع كما عرفت واثباته ههنا محل اشكال وعلى تقدير تسليم
تحريم النبش ههنا لكنه لا يستلزم تحريم النقل بعد تحقق النبش مع أنه قد يتحقق بغير فعل المكلف أو بفعله خطأ أو نسيانا وعلى الثاني منع الاستلزام المذكور ومن هنا يعلم أن
القول بالجواز أقرب للأصل السالم عن المعارض وروى الصدوق عن الصادق (ع) ان موسى (ع) استخرج عظام يوسف (ع) من شاطئ النيل وحمله إلى الشام قيل وهذا يومي إلى
الجواز لان الصادق (ع) (من) تقريره له كحديث ذكرى حسن على كل مال (حال) ولا دلالة في هذا الخبر على المدعا لان ذلك حكاية فعل في زمان سابق في مادة خاصة فلا دلالة
فيه على عموم الأزمان والاشخاص وحديث التقرير لاوجه له والقياس على حديث الذكر ضعيف للتصريح بالعموم هناك
وشق الثوب على غير الأب والأخ اطلاق العبارة
يقتضي عدم الفرق في ذلك بين الرجل والمرأة وقيل بجواز ذلك للنساء مطلقا والأول أشهر ويعلل بان فيه إضاعة المال والسخط لقضاء الله وفيه تأمل وعلى
استثناء الأب والاخر أكثر الأصحاب وذهب ابن إدريس إلى عموم التحريم ويعلل الأول بان العسكري (ع) شق ثوبه على الهادي وفعل الفاطميات على الحسين قال في الذكرى
روى فعل الفاطميات أحمد بن محمد بن داود عن خالد بن سدير عن الباقر وسأله عن شق الرجل ثوبه على أبيه وامه وأخيه أو على قريب له فقال لا بأس بشق الجيوب قد شق
موسى بن عمران على أخيه هارون ولا يشق الوالد على ولده ولا زوج على امرأته ويشق الامرأة على زوجها (انتهى) وقال فيه أيضا وروى الحسن الصيقل وعن الصادق (ع) لا ينبغي الصياح
على الميت ولا شق الثياب وظاهره الكراهية انتهى وروى هذا الخبر في الكافي عن امرأة الحسن الصيقل ولعل في الذكرى خطأ وفي الذكرى يحرم اللطم والخدش وجز
الشعر اجماعا قاله في المبسوط ونقل الشهيد بعض الأخبار الدالة عليه وينبغي لصاحب المصيبة تغيير وضعه ليعرف انه صاحب مصيبة لما رواه ابن بابويه عن أبي بصير عن الصادق (ع)
344

قال ينبغي لصاحب المصيبة ان لا يلبس ردائة وأن يكون في قميصه حتى يعرف ووضع رسول الله صلى الله عليه وآله قميصه في جنازة سعد الخبر وروى أنه لما مات إسماعيل خرج أبو عبد الله (ع)
بلا حذاء ورداء وروى ذلك الكليني عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن القاسم بن محمد عن الحسين بن عثمان وعن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال ينبغي
لصاحب المصيبة ان يضع رداءه حتى يعلم الناس انه صاحب المصيبة ولا ينبغي ذلك لغير صاحب المصيبة لما رواه ابن بابويه عن الصادق (ع) قال ملعون ملعون من وضع ردائه في
مصيبة غيره ولعل المراد تغيير وضعه بوضع ردائه قصد إلى ذلك ويجوز البكاء على الميت والظاهر أنه لا خلاف فيه ويدل عليه الاخبار وكذا الندبة وهو عد محاسن الميت وما (يحصل)
به الحزن عليه وبالحق جائز وبالباطل حرام والظاهر أنه لا خلاف في شئ من ذلك والاخبار داله عليه من طريق العامة والخاصة ويستحب ان يصنع طعام لصاحب المصيبة ويبعث
به إليهم قال في المنتهى وهو وفاق العلماء لما أمر رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك لآل جعفر وهو مروي في الكافي عن هشام بن سالم في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله (ع) وعن أبي بصير عن أبي
عبد الله (ع) قال ينبغي لجيران صاحب المصيبة ان يطعموا الطعام عنه ثلاثة أيام والظاهر كراهية اكل الطعام (عندهم) وعن الصادق (ع) الاكل عند أهل المصيبة من عمل الجاهلية
والسنة البعث إليهم قال في الذكرى لو أوصى الميت بذلك نفذت وصيته لأنه نوع من أنواع البر ويلحقه ثوابه بعد موته ويستحب الصبر على المصائب والاسترجاع قال الصدوق
في الفقيه قال رسول الله صلى الله عليه وآله أربع من كن فيه كان في نور الله الأعظم من كان عصمة امره
شهادة ان لا إله إلا الله واني رسول الله ومن إذا اصابته مصيبة قال انا لله وانا
إليه راجعون ومن إذا أصاب خيرا قال الحمد لله ومن إذا أصاب خطيئة قال استغفر الله وأتوب إليه وقال أبو جعفر (ع) مامن مؤمن يصاب بمصيبة في الدنيا فيسترجع عند
مصيبته ويصبر حين تفجأه المصيبة الا غفر الله له ما مضى من ذنوبه الا الكبائر التي أوجب الله عليها النار وكلما ذكر مصيبته فيما يستقبل من عمره فاسترجع عندها وحمد الله
عز وجل غفر الله كل ذنب اكتسبه فيما بين الاسترجاع الأول إلى الاسترجاع الأخير الا الكبائر من الذنوب ويحرم دفن غير المسلمين في مقابرهم بلا خلاف في ذلك ولا فرق بين
أصناف الكفار وأطفالهم في حكمهم وهذا الحكم ثابت للجميع الا الذمية الحامل من مسلم وقد مر تحقيق ذلك فتذكر
المقصد السادس في الصلوات المنذورات من نذر صلاة
وأطلق وجب عليه ركعتان ولا يجوز الاكتفاء بأقل منهما على رأي لأنه المعهود الغالب في النوافل لا ما نص على وحدته على الخصوص وهو الوتر ولنهي النبي صلى الله عليه وآله عن البتراء وهي
الركعة الواحدة والقول الأخر جواز الاكتفاء بركعة واختاره المصنف في النهاية وولده استنادا إلى صدق الصلاة عليها حقيقة شرعا لا لخصوصية كونها وترا مع اصاله البراءة
عن الزايد ويؤيده (ع) الصلاة خير موضوع من شاء استقل ومن شاء استكثر والتحقيق ان نذر الصلاة المطلقة يقتضي ايقاع فرد من الصلاة واقعة على جهة مشروعة
فحينئذ ان أوقع الوتر يحصل الامتثال لأنه اتى بفرد من الصلاة واقعة على وجه مشروع وليس المنذور الا ذلك وكون الغالب ركعتين لا يقتضي التخصيص في المطلق وأما إذا أوقع
ركعة غير الوتر ففي حصول الامتثال تأمل لعدم ثبوت شرعية الصلاة على هذا الوجه وعدم ثبوت دخولها في قوله (ع) الصلاة خير فلا يحصل اليقين بالبرائة من التكليف الثابت
وعلى هذا لو صرح بالركعة ففي اجزاء ركعة غير الوتر تأمل لكنهم مصرحون بالجزاء حينئذ بل قال المصنف في النهاية ولو قيد نذره بعدد تعين ان يقيد مثله اجماعا ولو ثبتت
الشرعية في الركعة الواحدة مطلقا كان متجها لكن ذلك غير واضح عندي الا ان يكون الحكم اجماعيا وليس المراد انحصار الواجب في الركعتين بل المراد انها أقل الواجب ويجوز
جعلها ثلاثا وأربعا بتسليمة واحدة ونقل المصنف في النهاية الاجماع عليه وذكر الشهيد في الذكرى انه لم يظفر بقائل بخلافه من الأصحاب وغيرهم ولولا ذلك كان للمنازعة
فيه مجال للتقريب الذي مر في الركعة الواحدة واحتمل الشارح الفاضل انحصار الواجب في الركعتين ولا يجوز الزيادة عليهما كما لا يجوز النقصان لان المنذورة نافله
في المعنى وهي مقصورة في الغالب عليهما فكما لا يدخل الركعة مع وقوعها نادرا فكذا الزائد وهذا التعليل حجة على من استند في عدم جواز الركعة إلى التعليل المذكور
الا ان يتمسك بالاجماع ههنا وان أراد جعلها ثلاثا أو أربعا فهل يجب التشهد بينهما كاليومية فيه وجهان ولعل الوجوب أوجه لعدم ثبوت التعبد بدونه والظاهر أنه لا يجزي
الزايد على الأربع مع الاطلاق لعدم ثبوت التعبد به مجتمعا كهيئة اليومية في جميع الهيئات والكيفيات والشرائط المعتبرة فيهما قال المصنف في النهاية ويشترط فيها ما يشترط
في الفرائض اليومية من الطهارة والاستقبال وغيرهما اجماعا ولو صرح بنفي فعل يجب في اليومية ولا يشترط في النافلة كالاقتصار على الفاتحة والصلاة جالسا جاز لأنها
هيئة مشروعة اختيارا فينعقد نذرها ولا يتعين عند الاطلاق زمان ولامكان بل يجب ما أوجبه بالنذر في اي زمان ومكان شاء عملا بمقتضى الاطلاق
ولو قيد النذر بهيئة مشروعة تعينت كنذر صلاة جعفر (ع) فيجب مراعاة عددها واذكارها الداخلة فيها لا الدعوات الخارجة عنها ولو نذر العيد المندوب
في وقته تعين بلا اشكال ووجهه ظاهر ولو نذر هيئته اي هيئة العيد في غير وقته فالوجه عدم الانعقاد لعدم ثبوت التعبد بها على الهيئة المعلومة في غير وقتها
المعين فيكون بدعة ويحتمل الانعقاد وهو الموجود في بعض نسخ الكتاب لأنها صلاة وذكر الله تعالى فيدخل تحت عموم الأوامر الدالة على استحبابه وفيه ان الهيئة الخاصة ليس ذكرا
حتى يدخل تحت العموم ولعل الأقوى ما اختاره المصنف وهو الذي جزم به في بعض كتبه وقربه في بعض اخر وكذا صلاة الكسوف وغيرها من الهيئات المختصة بوقت معين ولو قيد العدد
بخمس فصاعدا بتسليمة واحدة قيل لا ينعقد وهو اختيار ابن إدريس والشهيد في الذكرى وقيل ينعقد حجة الأول عدم وقوع التعبد بها شرعا فيكون بدعة وحجة الثاني عموم
الوفاء (بالنذر ولأنها عبادة ولا يخرجها عدم التعبد بها عن ذلك وفيه لان عموم الوفاء) بالنذر مخصوص بما لم يكن مرجوحا شرعا وكونها عبادة ممنوع لان العبادة ما ثبت التعبد به من الشارع ولو اطلق الخمس صح فعلها على الوجه المتعبد به كاثنتين وثلث ويجوز
على القول بجواز الركعة الاكتفاء بالواحدة متكررة أو الواحدة مع الثنائيتين مثلا ولو قيده بأقل انعقد وإن كان ركعة وقد نقل المصنف في النهاية الاجماع على ذلك
وقد مر الكلام فيه ثم إن اطلق العدد الذي دون الخمس وجب كما في اليومية فيتشهد في محله وان قيده بتشهد واحد ففي الانعقاد اشكال ولعل عدمه أقرب وربما احتمل الانعقاد
وبطلان القيد لا غير فيصليها على الوجه المشروع وهو ضعيف ولو قيده بزمان تعين ونقل بعضهم الاتفاق عليه سواء كان له مزية أم لا لوجوب الايفاء بالنذر مع عدم ما
يفيد المنع فان خالف وأوقع المنذور قبل الزمان المعين لغى ووجب اعادته فيه فان اخره عنه من غير عذر قضى وكفر وان اخره عنه لعذر قضى ولا كفارة ولو تعين الزمان
بالنوع كيوم الجمعة مثلا تخير في ايقاعه في اي جمعة شاء والأفضل التعجيل ولو قيده بمكان له مزية كالمسجد وإن كان مسجد السوق تعين لاتصافه بالمزية في الجملة ولا يعتبر كثرة
الفضيلة والا حصلت الشبهة في أكثر النذور والا اجزاءه أين شاء هذا مذهب المصنف وجماعة من الأصحاب وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في البيان إلى تعين القيد وهو
أقرب لوجوب الايفاء بالنذر مع حصول الرجحان في المنذور والامر ههنا كذلك لان الصلاة في ذلك المكان المعين راجحة بالنسبة إلى عدمه ولا يعتبر في رجحان الشئ رجحان جميع قيوده
وبالجملة هذا نذر واحد متعلق بشئ راجح على عدمه فينعقد لعموم الأدلة ولافرق بينه وبين الزمان لان رجحان القيد إن كان معتبرا في تعين المنذور وتقيده يلزم عدم التعين
في الزمان لانتفاء الرجحان في القيد والا يلزم التعين في الزمان والمكان من غير فرق والمصنف ومن تبعه فرقوا بين الزمان والمكان وقد قيل في توجيه ذلك وجوه ضعيفة
وأطيل الكلام والتحقيق ما أشرنا إليه ومما ذكرنا يعلم أنه لو قيل بما يتعين النذر المقيد بالمكان المكروه كالصلاة في الحمام كان قويا لان الكراهية في العبادات بمعنى أقلية
الثواب فالمنذور عبادة راجحة في نفسها وإن كان انقص ثوابا من غيرها وليس المعتبر سوى ذلك كما أشرنا إليه وعلى المشهور من اشتراط المزية في تعيين المكان هل يجزي في ذي المزية
الصلاة في الأعلى منه مزية كالمسجد الجامع بالنسبة إلى مسجد القبيلة نظر من وجود المقتضي للزوم وهو النذر وحصول المزية فيتعين الصلاة فيه فلا يحصل الامتثال في غيره ومن أن
345

نسبة ذي المزية إلى الازيد منه مزية كنسبة ما لا مزية فيه إلى ذي المزية فينسحب حكم الثاني في الأول واختاره المصنف في التذكرة والنهاية وأنت خبير بما أطلناه من التحقيق ويشترط
في صحة انعقاد النذر المقيد بزمان معين ان لا يكون عليه صلاة واجبة في ذلك الزمان ولعل هذا مبني على
القول بعدم صحة النافلة ممن عليه فريضة كما هو رأى جماعة
من الأصحاب بناء على أن مشروعية المنذور شرط في انعقاد النذر فيجب ان يكون المنذور شرعيا قبل تعلق النذر حتى يصح تعلقه به وانعقاده والنافلة لمن عليه الفريضة
غير مشروعة وما ذكرنا يظهر فساد ما قيل إن النص الذي اقتضى المنع انما دل مع تسليمه على منع ايقاع الصلاة لمن عليه صلاة لا على ايقاع النذر فلا يكون النذر ممنوعا منه
وإن كان متعلقه النافلة وبعد انعقاده تصير فريضة فلا يمنع فعلها ممن عليه صلاة وذلك لان المنع حينئذ من انعقاد (النذر) لا عن ايقاعه بناء على ما ذكرنا من أن الانعقاد مشروط
بشرعية المنذور وهي منتفية ههنا ولو نذر صلاة الليل وجب ثماني ركعات في وقتها المعين لاطلاقها عليها في المتعارف ولا يتعين دعاء ولا الشفع والوتر وهل
يجب سورة بعد الحمد مقتضى الدليل العدم وصحح الشارح الفاضل الوجوب ولا دليل عليه الا ان يكون اجماعيا ولو قيد بعدمها فلا ريب في عدم الوجوب وكلما يشترط في
الصلاة اليومية يشترط في الصلاة المنذورة مع الاطلاق لا التقيد وقد مر تحقيق ذلك الا الوقت إذ لا يتعين فعل المنذورة في وقت الفريضة بل تابع لاطلاق النذر
وتقييده وحكم اليمين والعهد في ذلك حكم النذر فلو حالف على فعل صلاة أو عاهد عليه الله انعقد على الوجه الذي فصل
المقصد السابع في النوافل وهي عقد
أنواع كثيرة وذكر المصنف ههنا جمله منها فقال
ويستحب صلاة الاستسقاء وهو طلب السقيا من الله تعالى عند الحاجة إليها وهو اجماعي عند أصحابنا قال المصنف في التذكرة
وقال في المنتهى أجمع كل من يحفظ عنه العلم على استحباب صلاة الاستسقاء الا أبا حنيفة فإنه قال ليس لها الصلاة بل مجرد الدعاء وقد كان الاستسقاء مشروعا في الملل السابقة
أيضا روى ابن بابويه عن الصادق (ع) أنه قال إن سليمان بن داود خرج ذات يوم مع أصحابه ليستسقى فوجد نمله قد رفعت قائمة من قوائمه إلى السماء وهي تقول اللهم انا خلق
من خلقك لاغنى لنا عن رزقك فلا تهلكنا بذنوب بني ادم فقال سليمان (ع) ارجعوا فقد سقيتم بغيركم ويدل على استحبابها ما رواه الشيخ عن عبد الله بن بكير في الموثق به قال
سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في الاستسقاء قال يصلي ركعتين ويقلب رداءه الذي على يمينه فيجعله على يساره (والذي على يساره) على يمينه ويدعوا الله فيستسقى وعن صفوان في الصحيح اخبرني موسى بن
بكر وعبد الله بن المغيرة عن طلحة بن زيد عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله صلى للاستسقاء ركعتين وبدأ بالصلاة قبل الخطبة وكبر سبعا وخمسا وجهر بالقراءة وغير ذلك
من الاخبار الآتية جماعة تأسيا بالنبي والأئمة (ع) وفي الاخبار الآتية ما يدل عليه قال في المنتهى ويصلي جماعة وفرادى وهو قول أهل العلم الا أبا حنيفة وانما يستحب عند قلة
الأمطار وغور الأنهار وهو سبب من غضب الله تعالى على عبادة روى الشيخ في التهذيب عن عبد الله (عبد الرحمن) بن كثير عن الصادق عليه السلام قال إذا فشت أربعة ظهرت أربعة إذا فشى الزنا
ظهرت الزلازل وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء وإذا خفرت الذمة نصر المشركون على المسلمين وروى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
إذا غضب الله تعالى على أمة ثم لم ينزل بها العذاب غلت أسعارها وقصرت اعمارها ولم يربح تجارها ولم تزك ثمارها ولم تغرز أنهارها وحبس عنها امطارها وسلط عليها
شرارها وصلاة الاستسقاء كالعيد في كونها ركعتين يقرأ فيهما ما مر ويكبر فيها التكبيرات الزايدة ويقنت بعد كل تكبيرة منها وهذا الحكم مجمع عليه بين الأصحاب ويدل عليه ما رواه
الكليني والشيخ عنه عن هشام بن الحكم في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن صلاة الاستسقاء قال مثل صلاة العيدين يقرأ فيهما ويكبر فيهما يخرج الامام فيبرز إلى مكان
نظيف في سكينة ووقار وخشوع ومسألة ويبرز معه الناس فيحمد الله ويمجده ويثنى عليه ويجتهد في الدعاء ويكثر من التسبيح والتهليل والتكبير ويصلى مثل صلاة العيدين ركعتين في
دعاء ومسألة واجتهاد فإذا سلم الامام قلب ثوبه وجعل الجانب الذي على المنكب الأيمن على المنكب الأيسر والذي على الأيسر على الأيمن فان النبي صلى الله عليه وآله كذلك يصنع والظاهر من قوله ويصلي مثل
صلاة العيدين المماثلة في الكيفية لا الأمور الخارجة عنها كالوقت وعمم الشارح الفاضل المماثلة المذكورة في كلام المصنف بالنسبة إلى الوقت أيضا فخصه بما بين طلوع الشمس إلى الزوال
واحتذى فيه كلام الشهيد في البيان حيث قال ووقتها وقت العيد وربما يقال بعد الزوال ونقل في الذكرى عن ظاهر كلام الأصحاب ان وقتها وقت صلاة العيد ونقل عن ابن أبي عقيل التصريح
بان الخروج في صدر النهار وعن أبي الصلاح انبساط الشمس وابن الجنيد بعد صلاة الفجر قال الشيخان لم يعينا وقتا الا انهما حكما بمساواتهما العيد والظاهر أنه لا يتعين له وقت
لاطلاق الأدلة وبه صرح الفاضلان بل قال المصنف في النهاية وفي اي وقت خرج جاز وصلاها إذ لا وقت لها اجماعا ونحوه قال في التذكرة ثم قال والأقرب عندي ايقاعها
بعد الزوال لان ما بعد العصر أشرف قال ابن عبد البر الخروج إليها عند زوال الشمس عند جماعة من العلماء انتهى وهي مثل صلاة العيد في كيفيتها الا انه يقنت في الاستسقاء
بالاستعطاف وهو طلب العفو من الله تعالى على عباده والرحمة لهم وسؤال توفير الماء وأفضله ما نقل عن أهل البيت عليهم السلام في ذلك ولتكن الصلاة بعدان يصوم
ألنا س ثلاثة أيام ويخرج بهم الامام في الثالث يدل على ذلك ما رواه الشيخ عن حماد السراج قال أرسلني محمد بن خالد إلى أبي عبد الله (ع) أقول له ان الناس قد أكثروا
علي في الاستسقاء فما رأيك في الخروج غدا فقلت ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال لي قل له ليس الاستسقاء هكذا فقل له يخرج فيخطب الناس ويامرهم بالصيام اليوم وغدا ويخرج
بهم يوم الثالث وهم صيام قال فاتيت محمدا فأخبرته بمقالة أبي عبد الله (ع) فجاء فخطب الناس وأمرهم بالصيام كما قال أبو عبد الله (ع) فلما كان في اليوم الثالث ارسل إليه
ما رأيك في الخروج وفي غير هده الرواية انه امره ان يخرج يوم الاثنين فيستسقى ويؤيده ما دل على استحبابه دعاء الصايم وليكن الثالث الجمعة أو الاثنين إما الاثنين
فللرواية المذكورة واما الجمعة فلشرفه وكونه محلا لإجابة الدعاء وقد ورد ان العبد يسأل الله الحاجة فيؤخر اجابتها إلى يوم الجمعة ولم يذكر المفيد في المقنعة وأبو الصلاح
سوى الجمعة ونقل عن ابن الجنيد وابن أبي عقيل وسلار انهم لم يعينوا يوما إلى الصحراء والظاهر أنه اجماعي نقله جماعة من الأصحاب تأسيا بالنبي صلى الله عليه وآله ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي
البحتري عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن علي (ع) أنه قال مضت السنة انه لا يستسقى لا بالبراري حيث ينظر الناس إلى السماء ولا يستسقى في المساجد الا بمكة ويفهم ذلك من ظاهر حسنة هاشم السابقة
وغيرها قال في المعتبر بعد نقل رواية أبي البختري وهذه الرواية وان ضعف سندها الا ان اتفاق الأصحاب على العمل بها ويستفاد من الرواية المذكورة ان أهل مكة يستسقون
في المسجد الحرام قال في المنتهى وهو قول علمائنا أجمع وأكثر أهل العلم والحق به ابن الجنيد مسجد النبي صلى الله عليه وآله ومستنده غير واضح والمفيد وابن أبي عقيل وجماعة لم يستثنوا المسجد الحرام
على ما حكى الشهيد في الذكرى حفاة بالسكينة والوقار إما السكينة والوقار فيدل عليه حسنة هشام السالفة واما الحفاء فلكون ذلك أقرب إلى الخشوع والتذلل المطلوب
في هذا الباب ويستحب ان يخرج المؤذنون بين يدي الامام بأيديهم العنز لما سيجئ في رواية قوة (عدة خ ل) ويخرج معهم الشيوخ والأطفال والعجايز هذا مشهور بين الأصحاب وعلل بأنهم أقرب إلى
الرحمة وأسرع إلى الإجابة وقد روى الشيخ عن النبي صلى الله عليه وآله لولا أطفال رضع وشيوخ ركع وبهائم رتع لصب عليكم العذاب صبا ويتأكد في أبناء الثمانين لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله إذا بلغ الرجل
ثمانين سنة غفر ما تقدم من ذنبه وما تأخر ويفرق بين الأطفال وأمهاتهم ليكثروا من البكاء فلعله يكون سبب لادراك رحمة الله تعالى وتحويل الرداء بعد الصلاة لحسنة هشام
وموثقة ابن بكير السابقتين وغيرهما من الاخبار وفي بعض الروايات عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن تحويل النبي صلى الله عليه وآله إذا استسقى قال علامة بينه وبين أصحابه يحول الجدب خصبا وقال
بعض الأصحاب يحوله بعد الفراغ من الخطبة وقال المفيد وسلار وابن البراج يحول الامام ردائه ثلاث مرات ولعلها بعد الفراغ من الصلاة وبعد الصعود على المنبر وبعد الفراع من
الخطبة ولامانع من تكراره في هذه المواضع وهل يستحب للمأموم التحويل أثبته في المبسوط وفي الخلاف يستحب للامام خاصة ثم يستقبل القبلة بعد الصلاة والتحويل وقبل الخطبتين ويكبر الله مائة
346

عاليا صوته ويسبح مائة عن يمينه ويهلل مائة عن يساره ويحمد الله مائة تلقاء الناس هذا هو المشهور بين المتأخرين وقال المفيد يكبر إلى القبلة مائة والى اليمين مسبحا والى اليسار
حامدا ويستقبل الناس مستغفرا مائة مائة والصدوق وافق في التكبير والتسبيح وجعل التهليل مستقبلا للناس والتحميد إلى اليسار ويدل على الأول ما رواه الكليني والشيخ (عنه) عن
محمد بن مسلم عن قرة (مرة) مولى خالد وعن فضاله في الصحيح عن أحمد بن سليمان عن قرة قال صاح أهل المدينة إلى محمد بن خالد في الاستسقاء فقال لي انطلق إلى أبي عبد الله (ع) فسأله ما رأيك فان
هؤلاء قد صاحوا إلي فاتيته فقلت له ما قال لي فقال لي قل له فليخرج قلت له متى يخرج جعلت فداك قال يوم الاثنين قلت كيف يصنع قال يخرج المنبر ثم يخرج يمشي كما
يخرج يوم العيدين وبين يديه المؤذنون في أيديهم عنزهم حتى إذا انتهى إلى المصلى (يصلى) بالناس ركعتين بغير اذان ولا إقامة ثم يصعد المنبر فيقلب رداءه فيجعل الذي على يمينه
على يساره والذي على يساره على يمينه ثم يستقبل القبلة فيكبر الله مائة تكبيرة رافعا (بها صوته) ثم يلتفت إلى الناس عن يمينه فيسبح الله مائة تسبيحة رافعا بها صوته ثم يلتفت إلى
الناس عن يساره فهلل الله مائة تهليلة رافعا بها صوته ثم يستقبل الناس فيحمدوا الله مائة تحميده ثم يرفع يديه فيدعو ثم يدعون فاني (لأرجو ان لا يخيبوا قال ففعل فلما رجعنا قال هذا من تعليم جعفر وفي رواية يونس فما رجعنا حتى أتممنا أنفسنا وتبعونه) في الاذكار كلها وفي رفع
الصوت لا في التحويل إلى الجهات وعن ابن الجنيد أنه قال إذا كبر رفع صوته وتابعوه في التكبير ولا يرفعون أصواتهم ولم اطلع على مستند للمتابعة قال الشارح الفاضل ومستند
ذلك كله تعليم الصادق (ع) لمحمد بن خالد والي المدينة وهو غير واضح
ثم يخطب ويبالغ في السؤال هذا قول علمائنا أجمع على ما حكاه المصنف في التذكرة ويدل عليه رواية
طلحة بن زيد السابقة وبعض الروايات يدل على أن الخطبة قبل الصلاة وجعل الشيخ العمل برواية طلحة أولي لاعتضادها بما دل على أن صلاة الاستسقاء مثل صلاه
العيد وهو حسن عملا بالمعمول المشهور بين الأصحاب وما ذكره من جعل الخطبة بعد الاذكار مذهب ابن أبي عقيل والشيخ وابن حمزة وهو المشهور بين المتأخرين ويؤيده رواية قرة
السابقة لأنه ذكر فيها الدعاء بعد الاذكار والظاهر أن الدعاء إشارة إلى الخطبة لان الغرض الأهم منها ههنا الدعاء ونسب في الذكرى القول بان الذكر بعد الخطبة إلى المشهور
ولعل الامر ان جايزان كما صرح به الشهيد في البيان وغيره فان تأخرت الإجابة أعادوا الخروج هذا قول علماءنا أجمع حكاه المصنف في المنتهى ويؤيده مضافا إلى السبب المقتضي
لتحصيل المسبب قوله (ع) ان الله يحب الملحين في الدعاء
ويستحب نافلة شهر رمضان وهي الف ركعة استحباب هذه النافلة مذهب أكثر الأصحاب ونقل في المختلف عن سلار انه ادعى الاجماع
عليه قال في المعتبر وقال بعض الأصحاب الحديث منا لم يشرع لرمضان زيادة نافلة ونقل عن الصدوق أنه قال نافلة زيادة فيه على غيره وكلامه في الفقيه لا يدل على نفي المشروعية
حيث قال بعد ايراد خبر سماعة الدال على تفصيل هذه النافلة وانما أوردت هذا الخبر في هذا الباب مع عدولي عنه وتركي لاستعماله ليعلم (لتعليم) (عن غيره) الناظر في كتابي
كيف يروى ومن رواه وليعلم من اعتقادي فيه اني لا ارى بأسا باستعماله والأخبار الدالة على استحبابها كثيرة جدا مذكورة في التهذيب الا انه لم يبلغ شئ منها حد الصحة
عندي وان عد بعضها من الصحاح نعم بعضها من الموثقات والتحاق بعضها ببعض مع كثرتها واعتضادها بفتاوى الأصحاب والشهرة بينهم والعمومات الدالة على رجحان الصلاة خصوصا
في الليل وفي رمضان تعين المصير إلى مدلولها وبإزائها روايات منها ما رواه الصدوق عن عبد الله بن سنان باسنادين صحيحين ورواها الشيخ عنه في الصحيح أيضا انه سأل أبا عبد الله (ع)
عن الصلاة في شهر رمضان فقال ثلاث عشر ركعة منها الوتر وركعتان قبل صلاة الفجر كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى ولو كان فضلا كان رسول الله اعمل به وأحق ومنها ما رواه
الصدوق عن الحلبي في الصحيح والشيخ عنه أيضا في الصحيح بتفاوت ما في المتن قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الصلاة في شهر رمضان فقال ثلاث عشرة ركعة منها الوتر وركعتا الصبح قبل
الفجر كذلك كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلى وانا كذلك أصلي ولو كان خيرا لم يتركه رسول الله صلى الله عليه وآله ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم باسناد (لم خ ل) لا يبعد الحاقه بالموثقات بناء على أن الشيخ علقه عن
علي بن الحسن بن فضال وعدم ثقة الواسطة بينه وبين علي غير ضائر إذ الظاهر أن النقل من كتاب علي والغرض من الواسطة اتصال السند قال سمعت أبا عبد الله يقول كان رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا صلى العشاء الآخرة اوى إلى فراشه لا يصلى شيئا الا بعد انتصاف الليل لا في رمضان ولا في غيره ونقل في المعتبر في احتجاج النافين ما رواه الأصحاب عن محمد بن مسلم قال سمعت إبراهيم بن هشام
يقول هذا في شهر رمضان فرض الله صيامه وسن رسول الله صلى الله عليه وآله قيامه فذكرت ذلك لأبي جعفر (ع) قال كذب ابن هشام كان رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعات منها الوتر
وركعتان قبل الفجر في رمضان وغيره قال الشيخ بعد نقل ما عدا الأخيرة فالوجه في هذه الأخبار وما جرى مجراها انه لم يكن رسول الله صلى الله عليه وآله يصلي صلاة النافلة جماعة في شهر رمضان ولو
كان فيه خير لما تركه (ع) ولم يرد انه لا يجوز ان يصلى على الانفراد واحتج على هذا التأويل بما رواه عن زرارة وابن مسلم والفضيل في الصحيح قالوا سألناهما عن الصلاة في رمضان
نافلة بالليل جماعة فقالا ان النبي صلى الله عليه وآله كان إذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلى منزله ثم يخرج من اخر الليل إلى المسجد فيقوم فيصلى فخرج في أول ليلة من شهر رمضان ليصلي كما
كان يصلى فاصطف الناس خلفه فهرب منهم إلى بيته وتركهم ففعلوا ثلاث ليال فقام في اليوم الرابع على منبره فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس ان الصلاة بالليل
في شهر رمضان النافلة في جماعه بدعة (وصلاة الضحى بدعة) الا فلا تجتمعوا ليلا في شهر رمضان لصلاة الليل ولا تصلوا صلاة الضحى فان ذلك معصية الا وان كل بدعة ضلالة وكل ضلالة
سبيلها إلى النار ثم نزل وهو يقول قليل في سنة خير من كثير في بدعة الا ترى انه (ع) لما أنكر الصلاة في شهر رمضان أنكر الاجتماع فيها ولم ينكر نفس الصلاة ولو كان نفس الصلاة
منكرا مبتدعا لا نكره كما أنكر الجماعة ولا يخفى بعد هذا التأويل الذي ذكره الشيخ بل قيل إنه فوق الاستبعاد وما ذكر من الدليل على التأويل المذكور لا دلالة فيه على المدعى لجواز
ان يكون وقوع الاقتداء من الصحابة في صلاة الليل فأنكرها النبي صلى الله عليه وآله دون أصل الصلاة وأجاب المصنف في المختلف عن رواية عبد الله بن سنان لجواز ان يكون السؤال وقع عن
النوافل الراتبة هل تزيد في شهر رمضان أولا فأجاب (ع) بعدم الزيادة وقد قال ابن الجنيد وقد روى عن أهل البيت (ع) زيادة في صلاة الليل على ما كان يصليها الانسان في غيره
أربع ركعات تتمة اثنى عشر ركعة وهذا التأويل أيضا لا يخلو عن بعد وإن كان أقرب من الأول وقد يقال الأولى حمل هذه الأخبار على عدم تأكد ذلك وتوطيته بخصوصه
وان استحباب الزيادة انما هو بالنظر إلى عموم أرجحية الاكثار من الصلاة بحسب الامكان لا سيما مع شرف الزمان ولا باس به وهي الف ركعة ونقل المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى
اجماع القائلين بالزيادة عليه ولا يخفى ان الروايات الواردة في بيان تفصيل الركعات مختلفة اختلافا كثيرا ولم اطلع على ما يتضمن الألف بالتفصيل المذكور الا انه يحصل
من مجموعها ولعل ذلك مراد الشهيد (ره) حيث ذكران الألف رواها جميل بن صالح وعلي بن أبي حمزة وإسحاق بن عمار وسماعة بن مهران فان رواية جميل بن صالح انما تضمن استحباب
الاكثار من الصلاة في شهر رمضان وغيره في اليوم والليلة وان عليا (ع) يصلى في اليوم والليلة الف ركعات ورواية علي بن حمزة لم يتضمن زيادة المأت في ليالي الافراد ورواية اسحق
ابن عمار انما تضمنت ذكر المأت خاصة به في ليالي الافراد فينقص ثمانون ونحوه رواية سماعة ورواية أخرى لسماعة لا تدل على استحباب المائة في ليلة تسع عشرة ويوافقها
رواية مسعدة بن صدقة ورواية أخرى لسماعة انما تضمنت ذكر المائة في ليلة إحدى وعشرين وثلاث وعشرين وترتيب نافلة رمضان ان يصلى في كل ليلة عشرين ركعة لروايات كثيرة داله عليه ثمان
منها بعد المغرب واثنتي عشرة بعد العشاء هذا هو الأشهر بين الأصحاب وخبر الشيخ في النهاية بين ذلك وبين جعل اثنتي عشرة بين العشاءين والثمان بعد العشاء واختاره
المحقق في المعتبر ويدل على الأول رواية مسعدة بن صدقة ورواية علي بن أبي حمزة ورواية أبي بصير ورواية محمد بن سليمان عن عدة من الأصحاب عن أبي عبد الله (ع) وأبي الحسن والرضا (ع)
ورواية الحسن بن علي عن أبيه ورواية محمد بن أحمد بن مطهر ويدل على عكس ما ذكر رواية سماعة والتخيير بين الامرين طريق الجمع الا ان الأولى العمل على الأول لكثرة الروايات الدالة
عليه واما الوتيرة فالمشهور انها تفعل بعد وظيفة العشاء لتكون خاتمة النوافل قاله في الذكرى ونقل عن سلار انها مقدمة على الوظيفة ويدل عليه رواية محمد بن سليمان قال في
347

الذكرى والظاهر جواز الامرين وهو حسن وفي ليلة تسع عشرة واحدى وعشرين (وثلاث وعشرين) زيادة مائه وفي العشر الأواخر زيادة عشر والأشهر انه يصلى في العشر الأواخر ثمان بعد بين
العشائين والباقي بعد العشاء قاله في المنتهى وذهب ابن البراج وأبو الصلاح إلى أنه يصلى اثنتي عشرة ركعة بين العشائين والباقي بعد العشاء والمحقق خير بين ان يصلى ثمان بين
العشائين والباقي بعد العشاء وبين العكس ويدل على الأول رواية علي بن أبي حمزة ورواية محمد بن سليمان عن عدة من الأصحاب ورواية الحسن بن علي عن أبيه ويدل على عكسه رواية
سماعة ويدل على القول الثاني رواية مسعدة (بن صدقه) ورواية محمد بن أحمد بن مطهر والتخيير طريق الجمع بين الروايات ولو اقتصر في ليالي الافراد على المائة وأراد تفريق الثمانين
على الشهر كان جايزا فان أراد ذلك صلى في كل يوم جمعة عشر ركعات أربع منها بصلاة علي وركعتان بصلاة فاطمة وأربع منها بصلاة جعفر عليهم السلام وفي ليلة اخر جمعة
عشرين ركعة بصلاة علي عليه السلام وفي عشيتها ليلة السبت عشرين ركعة بصلاة فاطمة عليهما السلام اعلم أن النافلة رمضان صورتين أحدهما ما ذكره المصنف أولا ونسب في الذكرى
القول به إلى طائفة من الأصحاب وفي المنتهى إلى أكثر الأصحاب وثانيهما ما ذكر المصنف ثانيا ونسبه في الذكرى إلى أكثر الأصحاب وعليه رتب الشيخ الدعوات المختصة بالركعات في المصباح
ويدل عليه ما رواه الشيخ عن المفضل بن عمر (عن ابن أبي عمير) عن أبي عبد الله (ع) أنه قال يصلي في شهر رمضان زيادة الف ركعة قال قلت له ومن يقدر على ذلك قال ليس حيث تذهب أليس يصلي
في شهر رمضان زيادة الف (ركعة) في تسع عشرة منه في كل ليلة عشرين ركعة وفي ليلة تسع عشرة مائة ركعة وفي ليلة إحدى وعشرين مائة ركعة وفي ليلة ثلاث وعشرين مائة ركعة ويصلى
في ثمان ليال منه في العشر الأواخر ثلاثين ركعة فهذه تسعمائة وعشرون ركعة قال قلت جعلني الله فداك فرجت عني لقد كان ضاق لي الامر فلما ان أتيت لي بالتفسير فرجت
عني فكيف تمام الألف ركعة قال تصلي في كل يوم جمعة في شهر رمضان أربع ركعات لأمير المؤمنين (ع) وتصلي ركعتين لابنة محمد عليهما السلام وتصلي بعد الركعتين أربع ركعات
لجعفر الطيار وتصلي في ليلة الجمعة في العشر الأواخر لأمير المؤمنين (ع) عشرين ركعة وتصلي في عشية الجمعة ليلة السبت عشرين ركعة لابنة محمد عليهما السلام ثم قال اسمع وعه وعلم
تقات إخوانك هذه الأربع والركعتين فإنهما أفضل الصلوات بعد الفرايض فمن صلاها في شهر رمضان أو غيره انفتل وليس بينه وبين الله عز وجل من ذنب ثم قال يا مفضل
ابن عمر تقرأ في هذه الصلوات كلها أعني صلاة شهر رمضان الزيادة منها بالحمد وقل هو الله أحد ان شئت مرة وان شئت ثلاثا وان شئت خمسا وان شئت سبعا وان شئت
عشرا واما صلوه أمير المؤمنين (ع) فإنه يقرء فيها بالحمد في كل ركعة وخمسين مرة قل هو الله أحد
ويقرء في صلاة ابنة محمد عليهما السلام في أول ركعة الحمد وانا أنزلناه في ليلة القدر
مائة مرة وفي الركعة الثانية بالحمد وقل هو الله أحد مائة فإذا سلمت في الركعتين تسبح تسبيح فاطمة الزهراء (ع) وهو الله أكبر أربعا وثلثين مرة وسبحان الله ثلاثا وثلاثين مرة والحمد لله ثلاثا
وثلثين مرة فوالله لو كان شيئا أفضل منه لعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله إياها وقال لي تقرأ في صلاة جعفر في الركعة الأولى الحمد وإذا زلزلت وفي الثانية الحمد والعاديات وفي الثالثة
الحمد وإذا جاء نصر الله وفي الرابعة الحمد وقل هو الله أحد ثم قال لي يا مفضل ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم وينبغي التنبيه على أمور الأول ذكر الشارح الفاضل
انه لو اتفقت عشية الجمعة الأخيرة ليلة العيد صلى وظيفتها في ليلة اخر سبت منها ودليله غير معلوم الثاني ما ذكر في الخبر من الصلاة في كل جمعة عشر ركعات (مبني على الغالب) من اشتمال الشهر على
أربع جمعات فلو اتفق فيه خمس جمع ففي كيفية بسط الثمانين احتمالات أظهرها سقوط العشر في الجمعة الأخيرة لاعطاء كل جمعة حقها الثالث قال في الذكرى ولو فات شئ من
النوافل ليلا فالظاهر أنه يستحب قضاؤها نهارا وبذلك افتى ابن الجنيد وكذا لو فاته الصلاة ليلة الشك ثم ثبتت الرؤية الرابع لافرق في استحباب هذه النوافل بين الصائم وغيره
عند جمهور الأصحاب عملا بمقتضى العموم ونقل الشارح (الفاضل) قولا باختصاص ذلك بالصائم وهو ظاهر أبي الصلاح والأول أقرب الخامس روى الشيخ عن سليمان بن عمر وعن أبي عبد الله (ع)
قال قال أمير المؤمنين (ع) من صلى ليلة النصف من شهر رمضان مائة ركعة يقرء في كل ركعة بقل هو الله أحد عشر مرات اهبط الله عز وجل إليه من الملائكة عشرة يدرأون عنه أعداءه
من الجن والإنس واهبط الله إليه عند موته ثلاثين ملكا يؤمنونه من النار ونقل رواية أخرى تدل على أن من فعل ذلك لم يمت حتى يرى في منامه مائة من الملائكة ثلاثين يبشرونه بالجنة
وثلاثين يؤمنونه من النار وثلاثين يعصمه من أن يخطئ وعشرة تكيدون من كاده
ويستحب صلاة الحاجة والاستخارة والشكر على ما رسم ولصلاة
الحاجة والاستخارة أنواع كثيرة مذكورة في مواضعها (ولنورد) ههنا عدة من الأخبار المعتبرة روى الكليني عن زرارة في الصحيح والشيخ عنه في الصحيح أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال في الامر
يطلبه الطالب من ربه قال تصدق في يومك على ستين مسكينا على كل مسكين صاع بصاع النبي صلى الله عليه وآله فإذا كان الليل اغتسلت في الثلث الباقي وليست أدنى ما يلبس من تعول
من الثياب الا ان عليك في تلك الثياب ازارا ثم تصلى ركعتين فإذا وضعت جبهتك في الركعة الأخيرة للسجود هللت الله وعظمته وقدسته ومجدته وذكرت ذنوبك فأقررت
بما تعرف منها مسمى ثم رفعت رأسك ثم إذا وضعت رأسك للسجدة الثانية استخرت الله مائة مرة اللهم إني أستخيرك ثم تدعو الله بما شئت وتسأله إياه وكلما سجدت فافض ركبتيك
إلى الأرض ثم ترفع الازار حتى تكشفهما واجعل الازار من خلفك بين أليتك وباطن ساقيك وروى الصدوق عن مرازم في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن العبد الصالح موسى بن
جعفر عليهما السلام قال إذا قدحك أمر عظيم فتصدق في نهارك على ستين مسكينا على كل مسكين صاع بصاع النبي صلى الله عليه وآله من تمر أو بر أو شعير فإذا كان الليل اغتسلت في ثلث الليل الأخير ثم
لبست أدنى ما يلبس من تعول من الثياب الا ان عليك في تلك الثياب ازارا ثم تصلى الركعتين تقرأ فيهما بالتوحيد وقل يا أيها الكافرون فإذا وضعت جبينك (جبهتك) في الركعة
الأخيرة للسجود هللت الله وقدسته وعظمته ومجدته ثم ذكرت ذنوبك فأقررت بما تعرف منها مسمى وما لم تعرف به أقررت به جملة ثم رفعت رأسك فإذا وضعت جبينك في السجدة
الثانية استخرت الله مائة مرة تقول اللهم إني أستخيرك لعلمك ثم تدعوا بما شئت من أسمائه وتقول يا كائنا قبل كل شئ ويا كائنا بعد كل شئ افعل بي كذا وكذا وكلما سجدت
نافض بركبتيك إلى الأرض وترفع الازار حتى تكشف عنهما واجعل الازار من خلفك بين أليتيك وباطن ساقيك فاني ارجوان تقضي حاجتك انشاء الله وابدأ بالصلاة على النبي
وأهل بيته صلوات الله عليهم وبالاسناد عن مرازم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أراد أحدكم شيئا فليصل ركعتين ثم ليحمد الله عز وجل وليثن عليه وليصل على النبي وآله ويقول اللهم
إن كان هذا الامر خيرا لي في ديني ودنياي فيسره لي وقدره لي وإن كان غير ذلك فاصرفه عني قال مرازم فسألت اي شئ يقرأ فيهما فقال اقرأ فيهما ما شئت ان شئت فاقرء
فيهما بقل هو الله وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد تعدل ثلث القران وعن حماد بن عثمان الكتاب في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في الاستخارة ان يستخير الله الرجل في اخر سجدة
من ركعتي الفجر مائة مرة ومرة ويحمد الله ويصلي على النبي وآله ثم يستخير الله خمسين مرة ثم يحمد الله ويصلى على النبي وآله ويتم المائة والواحدة وروى الكليني عن عمرو بن حريث في الصحيح
قال قال أبو عبد الله (ع) صل ركعتين واستخر الله فوالله ما استخار الله مسلم الا خار له البتة وفي الاستخارة بطريق الصلاة مع الدعاء وبالدعاء المجرد اخبار كثيره مذكورة في
التهذيب وغيرها وللاستخارة طرق أخرى منها الاستخارة بالرقاع والبنادق والقرعة والاستخارة بها مروية في كتب الأصحاب بأسانيد غير نقية وأنكرها ابن إدريس قال إنها
من أضعف اخبار الآحاد وشواذ الاخبار لان رواتها فطحية ملعونون مثل زرعة ورفاعة وغيرهما فلا يلتفت إلى ما اختصا بروايته قال والمحصلون من أصحابنا ما يختارون في
كتب الفقه الا ما اخترناه ولا يذكرون البنادق والرقاع (والقرعة) الا في كتب العبادات دون كتب الفقه وذكر ان الشيخين وابن البراج لم يذكروها في كتبهم الفقهية ووافقه المحقق فقال
واما الرقاع وما يتضمن افعل ولا تفعل ففي خبر الشذوذ فلا عبرة بهما قال في الذكرى وانكار ابن إدريس الاستخارة بالرقاع لا مأخذ له مع اشتهارها بين الأصحاب وعدم راد
لها سواه ومن اخذ اخذة كالشيخ نجم الدين قال وكيف تكون شاذة وقد دونها المحدثون في كتبهم والمصنفون في مصنفاتهم وقد صنف السيد العالم العابد صاحب الكرامات الظاهرة
348

والماثر الباهرة رضي الدين أبو الحسن علي بن طاووس الحسنى رحمه الله كتابا ضخما في الاستخارات واعتمد فيه على رواية الرقاع وذكر من اثارها عجائب وغرائب أراه الله تعالى (أيا) وقال
إذا توالي الامر في الرقاع فهو خير محض وان توالى النهى فذلك الامر شر محض وان تفرقت كان الخير والشر موزعا بحسب تفرقها على أزمنة ذلك بحسب ترتيبها انتهى
ومن الاستخارات
الاستخارة بالعدد ذكره الشهيد في الذكرى قال لم تكن هذه مشهورة في العصور الماضية قبل زمان السيد الكبير العابد رضي الدين محمد بن محمد الآوي الحسيني المجاور بالمشهد المقدس
الغروي رضي الله تعالى عنه قال وقد رويناه عنه وجميع مروياته عن عدة من مشايخنا عن الشيخ الكبير الفاضل جمال الدين بن المطهر عن والده رضي الله عنهما عن السيد رضي الدين
عن صاحب الامر عليه السلام يقرأ الفاتحة عشرا وأقله ثلاث ودونه مرة ثم يقرأ القدر عشرا ثم يقول هذا الدعاء ثلاثا اللهم إني أستخيرك لعلمك بعاقبة الأمور وأستشيرك لحسن ظني بك في
المأمول والمحذور اللهم إن كان الامر الفلاني مما قد نيطت بالبركة اعجازه وبواديه وحفت بالكرامة أيامه ولياليه فخر لي اللهم فيه خيرة ترد شموسه ذلولا وتقعض أيامه سرورا
اللهم إما أمر فأتمر واما نهى فانتهى اللهم إني أستخيرك برحمتك خيرة في عافية ثم تقبض على قطعة من السبحة وتضمر حاجته إن كان عدد تلك القطعة زوجا فهو افعل وإن كان فردا لا تفعل
أو بالعكس وقال ابن طاوس (ره) في كتاب الاستخارات وجدت بخط أخي الصالح رضي الدين محمد بن محمد الحسنى ضاعف الله سيادته وشرف خاتمته ما هذا لفظه عن الصادق (ع) من أراد ان
يستخير الله تعالى فليقرأ الحمد عشر مرات وانا أنزلناه عشر مرات ثم يقول وذكر الدعاء الا أنه قال عقيب والمحذور اللهم إن كان أمري هذا قد نيطت وعقبت سرورا يا الله إما أمر فأتمروا
ما نهى فانتهى اللهم خر لي برحمتك خيرة في عافية ثلث مرات ثم يأخذ كفا من الحصى أو سبحة وللإستخارات طرق أخرى كثيرة غير ما ذكرنا والظاهر أن معنى الاستخارة طلب الخيرة من الله تعالى
قاله في القاموس والنهاية وغيرهما قال المحقق صلاة الاستخارة هي ان تصلي ركعتين وتسأل الله ان يجعل ما عزمت عليه خيرة وقال ابن إدريس الاستخارة في كلام العرب الدعاء وقال بعد
كلام يرتبط به معنى استخرت الله استدعيت ارشادي وكان يونس بن حبيب اللغوي يقول إن معنى قولهم استخرت الله استفعلت الخبر اي سألت الله ان يوفق خير الأشياء التي أقصدها
واما كيفية صلاة الشكر فمستفادة مما رواه الكليني والشيخ عنه عن هارون بن خارجة عن أبي عبد الله (ع) قال قال في صلاة الشكر إذا أنعم الله عز وجل عليك بنعمة فصل ركعتين تقرأ
في الأولى بفاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وتقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون وتقول في الركعة الأولى في ركوعك
وسجودك (الحمد لله شكرا شكرا وحمدا وتقول في الركعة الثانية في ركوعك وسجودك) الحمد لله الذي استجاب دعائي وأعطاني مسئلتي ونقل عن ابن البراج أنه قال في الروضة وقتها ارتفاع النهار وعموم الرواية يدفعه ويستحب صلاة علي عليه السلام أربع ركعات
يقرء في كل ركعة الحمد مرة وخمسين مرة التوحيد وتسميتها بصلاة علي (ع) مستفادة من رواية مفضل بن عمر السابقة وروى الصدوق عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال من توضأ
فاسبغ الوضوء وافتتح الصلاة فصلى أربع ركعات يفصل بينهن بتسليمه يقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد خمسين مرة انفتل وليس بينه وبين الله ذنب الا غفر له ثم قال رضي الله عنه
واما محمد بن مسعود العياشي (ره) فقد روى في كتابه عن عبد الله بن محمد عن محمد بن إسماعيل السماك عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) ان هذه الصلاة تسمى صلاة فاطمة
وصلاة الأوابين ونقل عن شيخه محمد بن الحسن بن الوليد انه روى هذه الصلاة وثوابها وكان يقول اني لا أعرفها بصلاة فاطمة عليها السلام واما أهل الكوفة فإنهم يعرفونها بصلاة فاطمة (ع)
وصلاة فاطمة (ع) ركعتان في الأولى الحمد مرة والقدر مائة مرة وفي الثانية الحمد مرة والتوحيد مائة مرة ذكرها الشيخ في المصباح ولعل مستندها رواية مفضل بن عمر السابقة في نافلة
رمضان
وصلاة جعفر بن أبي طالب ويسمى صلاة الحبا وصلاة التسبيح أربع ركعات بتسليمتين يقرأ في الأولى الحمد والزلزلة ثم يقول خمس عشرة مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله
والله أكبر ثم يركع ويقولها (في ركوعه) عشرا ثم يرفع ويقولها في حالة الرفع عشرا ثم يسجد ويقولها في سجوده عشرا ثم يرفع رأسه من السجود ويقولها في حالة الرفع بين السجدتين عشرا ثم يسجد
ثانيا ويقولها في حالة السجود عشرا ثم يرفع رأسه من السجود ويقولها في حالة الرفع عشرا وهكذا في البواقي ويقرأ في الثانية العاديات وفي الثالثة النصر وفي الرابعة التوحيد
ويدعو بالمنقول أجمع المسلمون الا من شذ من العامة على استحباب هذه الصلاة قاله المصنف في المنتهى والروايات الدالة عليه مستفيضة فمن ذلك ما رواه الشيخ عن بسطام في الصحيح
عن أبي عبد الله (ع) قال قال له رجل جعلت فداك أيلتزم الرجل أخاه قال نعم ان رسول الله صلى الله عليه وآله يوم افتتح خيبر اتاه الخبر ان جعفر قد قدم فقال والله ما أدرى بأيهما انا أشد سرورا بقدوم
جعفر أو بفتح خيبر قال فلم يلبث ان جاء جعفر قال فوثب رسول الله صلى الله عليه وآله فالتزمه وقبل ما بين عينيه قال فقال له الرجل الأربع الركعات التي بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وآله أمر جعفر (ع) ان يصليها
قال فلما قدم قال له يا جعفر الا أعطيك الا أمنحك الا أحبوك قال فتشوف الناس ورأوا انه يعطيه ذهبا وفضة قال بلى يا رسول الله قال صل أربع ركعات متى ما صليتهن غفر لك
ما بينهن ان استطعت كل يوم والا فكل يومين أوكل جمعة أو كل شهرا وكل سنة فإنه يغفر لك ما بينهما قال كيف أصليها قال تفتتح الصلاة ثم تقرأ ثم تقول خمس عشرة مرة وأنت قائم
سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فإذا ركعت قلت ذلك عشر أو إذا رفعت رأسك فعشرا وإذا سجدت (الثانية) فعشرا وإذا رفعت رأسك فعشرا وإذا سجدت الثالثة عشرا وإذا
رفعت رأسك عشرا فذلك خمس وسبعون تكون ثلاثمائة في أربع ركعات فهي الف ومائتان وتقرأ في كل ركعة بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ومن ذلك ما رواه الصدوق
عن إبراهيم بن أبي البلاد في الصحيح قال قلت لأبي الحسن بعلي موسى بن جعفر عليهما السلام اي شئ لمن صلى صلاة جعفر قال لو كان عليه مثل رمل عالج وزبد البحر ذنوبا لغفرها الله له قال قلت
هذه لنا قال فلمن هي الا لكم خاصة قال قلت فأي شئ اقرأ فيها قال وقلت اعترض القران قال لا اقرأ فيهما إذا زلزلت وإذا جاء نصر الله وانا أنزلناه في ليلة القدر وقل هو الله أحد ورواه
الشيخ أيضا ويدل عليه حسنة أبي بصير المذكورة في الكافي ورواية أبي حمزة المذكورة في الفقيه وغير ذلك من الروايات والخلاف فيها في مواضع الأول المشهور بين الأصحاب ان التسبيح بعد القراءة
ذهب إليه الشيخان وابن الجنيد وابن إدريس وابن أبي عقيل وجمهور المتأخرين وقال ابن بابويه بعد نقل رواية أبي حمزة الدالة على أن التسبيح قبل القراءة وقد روى أن التسبيح في صلاة
جعفر بعد القراءة فبأي الحديثين اخذ المصلي فهو مصيب ويدل على الأول (حسنة خ ل) صحيحة بسطام وحسنة أبي بصير وعلى الثاني رواية أبي حمزة وهي غير صحيحة فالترجيح للأول والتخيير غير بعيد
الثاني المشهور في التسبيحات الصورة المذكورة وابن بابويه بعد نقل رواية أبي حمزة الدالة على انها الله أكبر سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله نسب الصورة التي ذكرناها إلى رواية وقال فيأتي
الحديثين اخذ المصلى فهو مصيب وهو غير بعيد وإن كان الأولى العمل على المشهور لصحيحة بسطام وحسنة أبي بصير وضعف المعارض عن المقاومة الثالث اختلف الأصحاب في قرأتها فالمشهور انه يقرأ
في الأولى بعد الحمد الزلزلة وفي الثانية (والعاديات) وفي الثالثة النصر وفي الرابعة التوحيد وهو اختيار السيد المرتضى وابن الجنيد وأبي جعفر بن بابويه وأبي الصلاح وابن البراج وسلار
وقال علي بن بابويه يقرأ في الأولى والعاديات وفي الثانية الزلزلة وفي الباقيتين كما تقدم قال وأن شئت صلها كلها بالتوحيد وقال الصدوق في المقنع بالتوحيد في الجميع
وعن ابن أبي عقيل في الأولى الزلزلة وفي الثانية النصر وفي الثالثة العاديات وفي الرابعة قل هو الله أحد والروايات مختلفة في هذا الباب فمقتضي صحيحة بسطام الجمع بين قل هو الله
أحد وقل يا أيها الكافرون في كل ركعة وروى الصدوق عن عبد الله بن المغيرة في الصحيح ان الصادق (ع) قال له اقرأ في صلاة جعفر بقل هو الله وقل يا أيها الكافرون وفي
صحيحة إبراهيم بن أبي البلاد السابقة انه يقرأ فيها إذا زلزلت وإذا جاء نصر الله وانا أنزلناه في ليلة القدر وقل هو الله أحد وروى الشيخ عن إبراهيم بن عبد الحميد عن أبي الحسن (ع) ما هو المشهور
بين الأصحاب لكن طريق الشيخ إلى أحد كتابي إبراهيم غير صحيح وإبراهيم هو واقفي لكن يعضدها الشهرة ورواية مفضل بن عمر السابقة في نافلة رمضان الرابع المشهور بين الأصحاب
انه يستحب العشر بعد السجدة الثانية قبل القيام إلى الركعة الثانية وكذا في الثالثة قبل القيام إلى الرابعة وقال ابن أبي عقيل ثم يرفع رأسه من السجود وينهض قائما ويقول
ذلك عشرا ثم يقرأ والتعويل على المشهور الخامس المشهور انها بتسليمتين وظاهر ابن بابويه في المقنع أنه يقول بتسليمة واحدة تعويلا على حجة ضعيفة السادس يجوز الاحتساب بها من نوافل
349

الليل والنهار وقال ابن الجنيد ولا أحب الاحتساب بها من شئ من التطوع الموظف عليه ولو فعل وجعلها قضاء للنوافل أجزأه والأول أقرب لما رواه الشيخ عن ذريح في الصحيح عن
الصادق (ع) قال إن شئت صل صلاة (الليل) التسبيح بالليل وان شئت بالنهار وان شئت في السفر وان شئت جعلتها (من نوافلك وان شئت جعلتها) من قضاء صلاة وعن ذريح بن محمد المحاربي في الصحيح قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن صلاة (جعفر) احتسب بها عن نافلتي قال ما شئت من ليل أو نهار السابع روى الشيخ عن علي بن الريان في الصحيح قال كتبت إلى الماضي الأخير (ع) أسأله عن
رجل صلى صلاة جعفر ركعتين ثم يعجله عن الركعتين الأخيرتين حاجة أو يقطع ذلك بحادث يجوز له ان يتمها إذا فرغ من حاجته وان قام عن مجلسه أم لا يحسب ذلك الا ان يستأنف
الصلاة ويصلى الأربع ركعات كلها في مقام واحد فكتب بل إن قطعه عن ذلك أمر لابد منه فليقطع ذلك ثم ليرجع فليبن على ما بقى منها الشارح وروى الصدوق عن أبي
بصير عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا كنت مستعجلا فصل صلاة جعفر مجردة ثم اقض التسبيح وأنت ذاهب في حوائجك ورواه في الكافي والتهذيب عن ابان عنه (ع) وفي التوقيتات
المنسوبة إلى الحميري على ما نقله بعض أعاظم الأصحاب إذا نسى التسبيح وذكر في محل اخر قرائة في ذلك المحل مع ما فيه ويجوز فعلها في السفر في المحل على ما دل عليه بعض الروايات
واما الدعاء المنقول الذي أشار إليه المصنف فهو ما ذكره الصدوق في الفقيه نقلا عن الحسن بن محبوب قال تقول في اخر سجدة من صلاة جعفر بن أبي طالب (ع) يا من لبس العز والوقار
يا من تعطف بالمجد وتكرم به يا من لا ينبغي التسبيح الا له يا من احصى كل شئ علمه يا ذا النعمة والطول يا ذا المن والفضل يا ذا القدرة والكرم أسئلك بمعاقد العز من عرشك
ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم الاعلى وكلماتك التامات ان تصلى على محمد وال وان تفعل بي كذا
وكذا وروى الشيخ عن أبي سعيد المدايني قال قال لي أبو
عبد الله الا أعلمك شيئا تقوله في صلاة جعفر فقلت بلى فقال إذا كنت في اخر سجدة من الأربع ركعات فقل إذا فرغت من تسبيحك سبحان من لبس العز والوقار سبحان
من تعطف بالمجد وتكرم به سبحان من لا ينبغي التسبيح الا له سبحان من احصى كل شئ علمه سبحان ذي المن والنعم سبحان ذي القدرة والامر اللهم إني أسألك بمعاقد العز من
عرشك ومنتهى الرحمة من كتابك وباسمك الأعظم الاعلى وكلماتك التامة التي تمت صدقا وعدلا صل على محمد وأهل بيته وافعل بي كذا وكذا
ويستحب ليلة الفطر
ركعتان يقرء في الأولى الحمد مرة وألف مرة بالتوحيد وفي الثانية الحمد مرة والتوحيد مرة مستنده رواية الشيخ عن السياري رفعه إلى أمير المؤمنين (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله
من صلى ليلة الفطر ركعتين يقرأ في أول ركعة منهما الحمد وقل هو الله أحد الف مرة وفي الركعة الثانية الحمد وقل هو الله أحد مرة واحدة لم يسأل الله شيئا الا أعطاه الله
وضعف سند الرواية منجبر بقبول الأصحاب كما قاله الشهيد في الذكرى وصلاة يوم الغدير وهو الثامن عشر من ذي الحجة وكيفية هذه الصلاة وفضلها مروى في كتب الأدعية
والحديث وليلة النصف من شعبان وهي أربعة ركعات يقرأ في كل ركعة الحمد وقل هو الله أحد مأة مرة ويدعو بعدها بالمنقول وليلة المبعث ويومه وهو السابع والعشرون
من رجب ذكر الأصحاب في هذه الأوقات صلاة متعددة في كتب الأدعية وغيرها من أرادها رجع إليها وكل النافلة ركعتان بتشهد وتسليم الا الوتر وصلاة الأعرابي إما الحكم
الأول فهو مشهور بين الأصحاب ذكره الشيخ في الخلاف والمبسوط وابن إدريس والمحقق وجمهور المتأخرين استنادا إلى أن مشروعية الصلاة موقوفة على التوظيف الشرعي ولم يثبت الا على
الوجه المذكور ويؤيده ما رواه؟ عن علي بن جعفر عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل يصلي النافلة هل يصلح له ان يصلى أربع ركعات لا يفصل بينهن قال لا ان يسلم
بين كل ركعتين واما استثناء الوتر فهو مجمع عليه بين الأصحاب وقد تقدم مستنده في أوائل كتاب الصلاة واما صلاة الأعرابي فاستثناؤها مشهور بين الأصحاب ولم يستثنها الشيخ
والمحقق في المعتبر وقال ابن إدريس وقد روى رواية في صلاة الأعرابي انها أربع بتسليم بعدها فان صحت هذه الرواية وقف عليها ولا يتعداها ومستند هذه الصلاة ما رواه
الشيخ (في المصباح) مرسلا عن زيد بن ثابت قال اتى رجل من الاعراب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقال بأبي أنت وأمي يا رسول لله انا نكون في هذه البادية بعيدا عن المدينة فلا نقدر ان نأتيك
كل جمعة فدلني على عمل فيه فضل صلاة الجمعة إذا مضيت إلى أهلي فأخبرتهم به فقال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان عند ارتفاع النهار فصل ركعتين تقرأ في أول ركعة الحمد مرة واحدة وقل أعوذ
برب الفلق سبع مرات وفي الثانية الحمد مره وقل أعوذ برب الناس سبع مرات فإذا سلمت فاقرأ أية الكرسي سبع مرات ثم قم فصل ثماني ركعات بتسليمتين واقرأ في كل
ركعة منها الحمد مرة وإذا جاء نصر الله مرة وقل هو الله أحد خمسه وعشرين مرة فإذا فرغت من صلاتك فقل سبحان الله رب العرش العظيم ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم سبعين
مرة قال والذي اصطفاني بالنبوة مامن مؤمن ولا مؤمنة يصلى هذه الصلاة يوم الجمعة كما أقول الا وانا ضامن له الجنة ولا يقوم من مقامه حتى يغفر له ذنوبه ولأبويه ذنوبهما
تمام الخبر والظاهران هذه الرواية من طرق العامة ونقل ذلك غير ضائر في مثل هذا المقام خصوصا مع اشتهاره عند طائفة كثيرة من الأصحاب وقد اورد الشيخ في المصباح
وابن طاوس في تتمته صلاة كثيرة مستثناة عن هذه القاعدة فتخصيص الاستثناء بالصلاتين المذكورتين محل تأمل نعم أسانيد الروايات الواردة بها غير واضحة وكان ذلك غير
ضار في مثل هذا المقام وحديث الارسال في طريق الروايات ينسحب في صلاة الأعرابي الا انها أشهر في كتب الفروع
وجميع النوافل فعلها قائما أفضل مع جواز الاتيان (بها)
جالسا قال في المعتبر وهو اطباق العلماء وقال في المنتهى انه لا يعرف فيه مخالفا وكأنهما لم يعتدا بخلاف ابن إدريس حيث منع من الجلوس في النافلة في غير الوتيرة اختيار أو الأخبار الكثيرة
حجة عليه منها ما رواه الشيخ عن ابن مسكان عن الحسن بن (؟) الصيقل في الصحيح قال قال لي أبو عبد الله (ع) إذا صلى الرجل جالسا وهو يستطيع القيام فليضعف وعن سهل بن الحسن في الحسن انه
سأل أبو عبد الله (ع) عن الرجل يصلى النافلة قاعدا وليست به علة في سفرا وحضر قال لا بأس به وعن محمد بن مسلم باسناد فيه جهالة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل يكسل أو يضعف
فيصلي التطوع جالسا قال يضعف ركعتين بركعة ويؤيده ما رواه عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قلت له الرجل يصلى وهو قاعد فيقرأ السورة فإذا أراد ان يختمها
قام فركع باخرها قال صلاته صلاة القائم وعن حماد بن عثمان في الصحيح عن الحسن (ع) قال سألته عن الرجل يصلى وهو جالس فقال إذا أردت ان تصلى وأنت جالس يكتب لك بصلاة
القيام فاقرأ وأنت جالس فإذا كنت في اخر السورة فقم وأتمها واركع فتلك تحسب لك بصلاة القائم وعن حماد بن عثمان في الصحيح أيضا قال قلت لأبي عبد الله (ع) قد يشتد علي القيام في الصلاة
فقال إذا أردت ان تدرك صلاة القائم فاقرأ وأنت جالس فإذا بقى من السورة ايتان فقم فأتم ما بقى واركع واسجد فذلك صلاة القائم وعن أبي بصير عن أبي جعفر (ع) قال قلت له انا
نتحدث نقول من صلى وهو جالس من غير علة كانت صلاته ركعتين بركعة سجدتين بسجدة فقال ليس هو هكذا هي تامة لكم وعن حماد بن عثمان في الصحيح عن معاوية بن ميسرة انه سمع أبا عبد الله (ع)
يقول لو سئل أيصلي الرجل وهو جالس متربعا وهو مبسوط الرجلين فقال لا بأس وفي جواز الاستلقاء والاضطجاع فيها اختيارا قولان أظهرهما العدم وقوفا في الوظائف الشرعية
على القدر الثابت المتيقن وقيل بجوازه واختاره المصنف حتى اكتفى باجزاء القراءة والاذكار على القلب دون اللسان واستحب تضعيف العدد في الحالة التي صلى عليها على حسب
نيتها من القيام فكما يحسب الجالس ركعتين بركعتين يحسب المضطجع على الأيمن أربعا بركعة وعلى الأيسر بثمان والمستلقى ستة عشر والكل غير مرتبط بالدليل النظر الثالث
في اللواحق وفيه مقاصد
الأول في الخلل وفيه مطلبان الأول في مبطلات الصلاة كل من أخل بواجب من واجبات الصلاة عمدا أو جهلا بوجوبه أو كونه مبطلا سواء كان ذلك الواجب
من أجزأ الصلاة كالقراءة والركوع والسجود أو صفاتها كالطمأنينة في حال القراءة والجهر والاخفاف أو شرائطها كالوقت والاستقبال وستر العورة أو تروكها الواجبة كالفعل
الكثير والكلام وغيرهما بطلت صلاته لأنه لم يأت بالمأمور به على الوجه المطلوب شرعا فيبقى في عهدة التكليف وهذه الكلية ثابتة في جميع موادها الا الجهر والاخفات فقد
عذر الجاهل فيهما بلا خلاف بين الأصحاب ويدل عليه صحيحتا زرارة السابقتان في مسألة الجهر والاخفات ويعذر الجاهل غصبية الثوب أو غصبية المكان أو نجاستهما أو نجاسة البدن
350

أو موضع السجود أو غصبية الماء أو جلد (الميت) المأخوذ من مسلم وقد تقدم (الكلام) في هذه المسائل مستوفى وتبطل بفعل كل ما يبطل الطهارة عمدا أو سهوا
إذا أحدث في أثناء الصلاة فلا يخلو إما
ان يكون عمدا أو سهوا أو سبقه الحدث من غير اختيار إما في صورة العمد فلا أجد خلافا بين الأصحاب في كونه مبطلا للصلاة ونقل الاتفاق عليه جماعة من الأصحاب منهم المصنف لكن
عموم كلام ابن بابويه الآتي وعموم ما نقل عن ابن عقيل سابقا في مسألة المتيمم المحدث ناسيا في أثناء الصلاة يخالفه واما في صورة السهو فقال المصنف في التذكرة انه مبطل
للصلاة اجماعا وقال في النهاية لو شرع متطهرا ثم أحدث ذاكرا للصلاة أو ناسيا لها بطلت صلاته اجماعا إذا كان عن اختياره ونسبه المحقق في المعتبر إلى الخمسة وفي
الشرايع اورده الخلاف في صورة السهو وتبعه بعض الشارحين وكذا المصنف في المنتهى ويدل عليه كلام الشهيد في الدروس والظاهر أن مرادهم به ما كان من غير اختيار كما يفهم من
كلام المصنف في المنتهى وكلام ابن بابويه الآتي الدال على عدم البطلان بالحدث الواقع بعد السجود يشمل صورة السهو ظاهرا والخلاف في المتيمم المحدث ناسيا في أثناء الصلاة مشهور
لكن ليس النظر في هذا المقام عليه واما في صورة سبق الحدث فالمشهور بين الأصحاب انه مبطل للصلاة وحكى المصنف في التذكرة والنهاية وغيره عن المرتضى والشيخ انه يتطهر ويبنى على ما
مضى من صلاته وقال في المنتهى إما الناسي إذا سبقه الحدث فان أكثر أصحابنا أوجبوا عليه الاستيناف بعد الطهارة وقال الشيخ في الخلاف والسيد المرتضى في المصباح إذا سبقه
الحدث ففيه روايتان إحديهما يعيد الصلاة واخرى يعيد الوضوء ويبنى على صلاته قال الشيخ في الخلاف والذي اعمل عليه وأفتى به الرواية الأولى وجعله في المبسوط أحوط وقد مر
في باب التيمم قول المفيد بان المتيمم المحدث في الأثناء ناسيا إذا وجد الماء يتطهر ويبنى على ما مضى من صلاته واختاره الشيخ في النهاية والمبسوط وابن أبي عقيل وقواه المحقق في المعتبر
وقد سبق تحقيق الامر فيه ونقل الشارح الفاضل الاتفاق على بطلان الصلاة في المائية مطلقا وهو توهم احتج القائلون بوجوب الإعادة بوجوه الأول ان الطهارة شرط
في صحة الصلاة فيكون انتفاءها موجبا لانتفاء صحة الصلاة قضية للشرطية الثاني الطهارة الواقعة في الأثناء متضمنة للفعل الكثير وهو مبطل للصلاة اجماعا الثالث
رواية أبي بكر الحضرمي عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) انهما قالا لا يقطع الصلاة الا أربع الخلاء والبول والريح والصوت اورده الكليني في الموثق إلى أبي بكر الرابع ما رواه الشيخ
عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال سئل عن الرجل يكون في صلاته فيخرج منه حب القرع كيف يصنع قال إن كان خرج نظيفا عن العذرة فليس عليه شئ ولم
ينقض وضوءه وان خرج متلطخا بالعذرة فعليه ان يعيد الوضوء وإن كان في صلاته قطع الصلاة وأعاد الوضوء والصلاة واستدل عليه أيضا برواية الحسن بن الجهم قال سألت
أبا الحسن (ع) عن رجل صلى الظهر والعصر فأحدث حين جلس في الرابعة فقال إن كان اشهد ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله فلا يعيد وإن كان لم يتشهد قبل ان يحدث
فليعد ويمكن الاستدلال عليه أيضا بما رواه الشيخ في باب الاحداث من كتاب طهارة التهذيب في الضعيف عن أبي الصباح الكناني عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يخفق
وهو في الصلاة فقال إن كان لا يحفظ حدثا منه إن كان فعليه الوضوء وإعادة الصلاة وإن كان يستيقن انه لم يحدث فليس عليه وضوء ولا إعادة واستدل عليه أيضا بان
الصلاة وظيفة شرعية فيجب الاقتصار فيها على التوظيف الشرعي والمنقول الاتيان بها على النظم المخصوص فبدونه لا يحصل الامتثال ويرد على الأول ان المعتبر عدم وقوع شئ
من اجزاء الصلاة بدون الطهارة واما اشتراط عدم تحلل الحدث في الأثناء فممنوع وعلى الثاني منع الاجماع في محل النزاع وعلى الاستناد إلى الروايات عدم صحة أسانيدها ومعارضتها
بأقوى منها مع امكان الجمع بالتخيير ولا عموم في الرواية الأولى فيجوز اختصاصها بصورة العمد ويمكن ان يقال ضعف الروايات منجبر بالشهرة وفيه تأمل ويرد على الدليل الأخيران
التوظيف بهذا النحو ثابت بأدلة القائلين بالبناء وهذا موقوف على تمامية تلك الأدلة احتج القائلون بالبناء بما رواه الشيخ عن الفضيل بن يسار في الصحيح قال قلت لأبي
جعفر (ع) أكون في الصلاة فأجد غمزا في بطني أو اذى أو ضربانا فقال انصرف ثم توضأ وابن علي ما مضى من صلاتك ما لم تنقض الصلاة بالكلام متعمدا وان تكلمت ناسيا
فلا شئ عليك فهو بمنزلة من تكلم في الصلاة ناسيا قلت فان قلب وجهه عن القبلة قال نعم وان قلب وجهه عن القبلة قال المرتضى رضي الله عنه لو لم يكن الأذى والغمز ناقضا
للطهارة لم يأمره بالانصراف وأجيب عنه بأنه ليس في الخبر انه أحدث والأذى والغمز ليس بحدث اجماعا وان الامر بالوضوء محمول على الاستحباب ويمكن ان يقال لا محيص عن
حمل الأذى والغمز في الخبر على المتضمن للناقض إذ الظاهر أنه لم يقل أحد بجواز الانصراف وتجديد الوضوء بدون الحدث والحكم باستحباب الوضوء مع بقاء الطهارة والبناء على ما مضى
لا يخلو عن بعد وكان المراد بالانصراف في الخبر قضاء الحاجة لكن الظاهر أنه يصير مدلوله على هذا مخالفا لما اتفقوا عليه ويعضده ما رواه الشيخ عن أبي سعيد القماط في الضعيف قال
سمعت رجلا يسأل أبا عبد الله (ع) عن رجل وجد غمزا في بطنه أو أذى أو عصرا من البول وهو في صلاة المكتوبة في الركعة الأولى أو الثانية (أو الثالثة) أو الرابعة قال فقال إذا أصاب شيئا من
ذلك فلا بأس بان يخرج لحاجته تلك فيتوضأ ثم ينصرف إلى مصلاه الذي كان يصلي فيه فيبنى على صلاته من الموضع الذي خرج منه لحاجته ما لم ينقض الصلاة بكلام قال قلت وان
التفت يمينا وشمالا أو ولى عن القبلة قال نعم كل ذلك واسع انما هو بمنزلة رجل سهى فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة فإنما عليه ان يبنى على صلاته ومما يضعف
الاستناد إلى الحجة المذكورة ان الخبر يتضمن جواز الاستدبار في الصورة المذكورة وانه غير قادح في صحة الصلاة وهو خلاف ما تضمنه كثير من الاخبار وحمله بعض الأصحاب على التقية
إذ يعزى إلى أبي حنيفة وجماعة من العامة القول بإعادة الوضوء والبناء لمن سبقه الحدث واستشهد لهذا القول بما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح والكليني عنه في الحسن
بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) في الرجل يحدث بعد أن يرفع رأسه من السجدة الأخيرة وقبل ان يتشهد قال ينصرف ويتوضأ فان شاء رجع إلى المسجد وان شاء ففي بيتة وان
شاء حيث شاء قعد فيتشهد ثم يسلم وإن كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته وهذه الرواية مختصة بحدث يكون بعد السجود فلا يشهد على عموم الدعوى والمسألة محل
اشكال والاحتياط في الجمع بين القولين واما حجة المفيد ومن تبعه فقد مر في بحث التيمم واعلم أن المشهور بين الأصحاب بطلان الصلاة بالحدث المتخلل في أثناء الصلاة سواء كان
عامدا أم لا وسواء كان بعد السجود وقبل التشهد أم لا وقال الصدوق في الفقيه ان رفعت رأسك من السجدة الثانية في الركعة الرابعة فأحدثت فان كنت قد قلت الشهادتين
فقد مضت صلاتك وان لم تكن قلت ذلك فقد مضت صلاتك فتوضأ ثم عد إلى مجلسك وتشهد حجته على ذلك ما رواه الشيخ عن زرارة في الموثق بابن بكير قال قلت لأبي عبد الله (ع)
الرجل يحدث بعد ما يرفع رأسه من السجود الأخير فقال تمت صلاته فإنما التشهد سنة في الصلاة فليتوضأ وليجلس مكانه أو مكانا نظيفا فيتشهد وما رواه الكليني عن عبيد بن
زرارة في الموثق بابن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل صلى الفريضة فلما فرغ ورفع رأسه من السجدة الثانية من الركعة الرابعة أحدث فقال إما صلاته فقد مضت وبقى
التشهد وانما التشهد سنة في الصلاة فليتوضأ وليعد إلى مجلسه أو مكان نظيف فيتشهد وصحيحة زرارة السابقة
ويؤيده ما رواه الصدوق عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع)
أنه قال لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والقبلة والركوع والسجود ثم قال القراءة سنة والتشهد سنة ولا ينقض الفريضة السنة وربما يحتج بان التشهد ليس ركنا فلا يبطل
الصلاة بتركه سهوا لان الحدث سهوا في حكم ترك التشهد سهوا وهذه حجة ضعيفة وأجاب المصنف بأنه يحتمل ان يكون المراد بعد الرفع الاتيان بالواجب من التشهد قبل الاتيان بالمستحب
وأجاب عن الحجة الأخيرة بأنه في صورة الحدث يصدق عليه انه الحدث في أثناء الصلاة بخلاف ناسي التشهد إذا اعتقد خروجه من الصلاة فإنه يكون خارجا منها والجوابان ضعيفان
قال في الذكرى بعد نقل الروايتين هذان الحديثان معتبرا الاسناد لكن يعارضهما ان الحدث وقع في الصلاة فيفسدها ورواية الحسن بن الجهم ونقل الرواية المذكورة والمعارضة
الأولى بين الوهن ونعم ما قيل إنه اجتهاد في مقابل النص واما الرواية فقاصر السند لا تصلح لمعارضة ما هو أقوى منه مع امكان حمله على إعادة التشهد أو إعادة الصلاة على
351

سبيل الاستحباب فاذن ظهر مما ذكرنا ان قول الصدوق في هذه المسألة قوى وطريق الاحتياط واضح وتبطل الصلاة بترك الطهارة كذلك اي عمدا أو سهوا للاجماع والاخبار
وبتعمد التكفير هذا هو المشهور بين الأصحاب ونقل المرتضى والشيخ اجماع الفرقة وخالف فيه ابن الجنيد فجعل تركه مستحبا وأبو الصلاح حيث جعل فعله مكروها واستوجهه المحقق في المعتبر احتج
المانعون بالاحتياط بان أفعال الصلاة متلقاة من الشارع ولا شرع هنا وبأنه فعل كثير خارج من الصلاة وبما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع)
قال قلت له الرجل يضع يده في الصلاة اليمنى على اليسرى قال ذاك التكفير فلا تفعل وعن حريز عن رجل عن أبي جعفر (ع) قال لا تكفر انما يضع ذلك المجوس ويوافقه قوله (ع) في حسنة
زرارة لا تكفر فإنما فعل ذلك المجوس وهذه الأدلة لا تصفو عن التأمل والنهى في الروايات المنقولة عنهم غير واضح في التحريم خصوصا في رواية حريز المشتملة على عدة من
المكروهات وعلى تقدير التسليم فالتحريم لا يستلزم البطلان لان النهي متعلق بأمر خارج عن حقيقة الصلاة قال المحقق في المعتبر الوجه عندي الكراهية إما التحريم فيشكل
لان الامر بالصلاة لا يتضمن حال الكفين فلا يتعلق بها تحريم لكن الكراهية من حيث هي مخالفة لما دلت عليه الأحاديث عن أهل البيت (ع) من استحباب وضعهما على الفخذين
محاذيتين للركبتين واحتجاج علم الهدى بالاجماع غير معلوم لنا خصوصا وقد وجد من أكابر العلماء من يخالف في ذلك ولا نعلم من وراه من الموافق كما لا يعلم أنه لا موافق
له وقوله هو فعل كثير في غاية الضعف لان وضع اليدين على الركبتين ليس بواجب ولم يتناول النهى وضعهما في موضع معين وكان للمكلف وضعهما كيف شاء واما احتجاج
الطوسي (ره) بان أفعال الصلاة متلقاة قلنا حق لكن (كما) لا يثبت تشريع وضع اليمنى لم يثبت تحريم وضعها فصار للمكلف وضعها كيف شاء وعدم تشريعه لا يدل على تحريمه لعدم
دلالة التحريم وقوله الاحتياط يقتضي طرح ذلك قلنا متى إذا لم يوجد ما يدل على الجواز أم إذا وجد لكن الأوامر المطلقة بالصلاة دالة باطلاقها على عدم المنع ثم قال
واما الرواية فظاهرها الكراهة لما تضمنه من قوله إنه تشبه بالمجوس وامر النبي صلى الله عليه وآله بمخالفتهم ليس على الوجوب لانهم قد يفعلون الواجب من اعتقاد الإلهية وانه فاعل الخير
فلا يمكن حمل الحديث على ظاهره فاذن ما قال أبو الصلاح أولي ويؤكد ما ذكرناه ان النبي صلى الله عليه وآله لم يأمر به الأعرابي وكذا رواية أبي حميد حكاية صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله هذا كلام
المحقق وهو جيد واعلم أن التكفير في اللغة هو الخضوع وان ينحني الانسان ويطأطئ رأسه قريبا من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه واختلف كلام الأصحاب في تفسيره ههنا
ففسره المحقق والمصنف بوضع اليمين على الشمال وقيده المصنف في المنتهى والتذكرة بحال القراءة وقال الشيخ لافرق بين وضع اليمين على الشمال وبالعكس وتبعه ابن إدريس ففسر
التكفير بوضع اليمين على الشمال أو بالعكس ووافقه الشهيدان في التفسير المذكور وقال المصنف في المنتهى قال الشيخ في الخلاف يحرم وضع الشمال على اليمين وعندي فيه تردد
إذ رواية محمد بن مسلم يتضمن العكس ورواية حريز تدل على المنع من التكفير وفي رواية محمد بن مسلم ان التكفير هو وضع اليمنى على الشمال فحسب فنطالب الشيخ بالمستند انتهى
كلامه وهو حسن والظاهر أنه لافرق في الكراهية أو التحريم بين ان يكون الوضع فوق السرة أو تحتها ولابين ان يكون بينهما حائل أم لا ولابين ان يكون الوضع على الزند أو الساعد
كما صرح به جماعة من الأصحاب نظرا إلى عموم المستند واستشكل المصنف في النهاية الأخير ولا ريب في جواز التكفير في حالة التقية بل قد يجب ولو تركه والحال هذه فالظاهر عدم بطلان
صلاته لتوجه النهي إلى أمر خارج عن العبادة
ويبطل الصلاة أيضا بتعمد الكلام بحرفين مما ليس بقران ولادعاء لا خلاف في ذلك بين الأصحاب نقل اتفاقهم على ذلك جماعة منهم
كالفاضلين والشهيدين وغيرهم ويدل عليه الأخبار المستفيضة من طرق العامة والخاصة فمن طريق العامة ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شئ من كلام الناس
انما هي التسبيح والتكبير وقراءة القران وفي دلالته على المدعا نظر وعن زيد بن أرقم كنا نتكلم في الصلاة يتكلم أحدنا صاحبه وهو إلى جنبه حتى نزلت وقوموا لله قانتين فأمرنا بالسكوت
ونهانا عن الكلام رواه مسلم وفى الدلالة على البطلان تأمل ومن طريق الخاصة اخبار كثيرة منها ما رواه الشيخ (في الصحيح) عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن الرجل بأخذه الرعاف أو القئ في الصلاة
كيف يصنع قال ينفتل فيغسل انفه ويعود في الصلاة وان تكلم فليعد الصلاة ورواه الشيخ عن محمد بن مسلم باسناد اخر صحيح (والكليني عنه باسناد اخر صحيح) وزاد في الرواية وليس عليه وضوء ومنها ما رواه الشيخ عن إسماعيل
ابن عبد الخالق في الصحيح قال سألته عن الرجل يكون في جماعة من القوم يصلى المكتوبة فيعرض له رعاف كيف يصنع قال يخرج فان وجد ما قبل ان يتكلم فليغسل الرعاف ثم ليعد وليبن
على صلاته ومنها ما رواه الشيخ والكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يصيبه الرعاف وهو في الصلاة فقال إن قدر على ماء عنده يمينا وشمالا
بين يديه وهو مستقبل القبلة فليغسله عنه ثم ليصل ما بقى من صلاته وان لم يقدر على ماء حتى ينصرف بوجهه أو يتكلم فقد قطع صلاته ومنها صحيحة الفضيل السابقة عند شرح
قول المصنف وتبطل بفعل كل ما يبطل الطهارة وينبغي التنبيه على أمور الأول قطع الأصحاب بان الحرف الواحد غير المفهم غير مبطل للصلاة ونقل الاجماع عليه المصنف في التذكرة والشهيد في
الذكرى والشارح الفاضل واستندا مع ذلك إلى عدم صدق الكلام عليه في عرف العرب (قيل لا يصدق الكلام عليه في عرف العرب) بل في اللغة أيضا لاشتهار الكلام لغة في المركب من الحرفين قاله الشيخ الرضي رضي الله عنه
وذكر بعضهم انه جنس لما يتكلم به سواء كان على حرف واحد أو أكثر وقد يقال إن الاطلاق أعم من الحقيقة فلا دلالة في هذا الكلام على خلاف المدعا وفيه عدول عن ظاهره ولا يخفى ان
الواقع في أكثر الروايات لفظ التكلم وكان الظاهر صدقه على الحرف الواحد لكنها محمولة على الشائع الغالب وقوفا على الاجماع المنقول وإن كان الاحتياط يقتضى الاجتناب عنه ومن
هنا يعلم أن الظاهر أن الحرف الواحد المفهم مبطل وبه صرح جماعة من الأصحاب بل يصدق الكلام عليه في
اللغة والعرف بل في صناعة أهل العربية أيضا لتضمنه الاسناد واستشكله المصنف في
التذكرة نظرا إلى أنه يحصل به الافهام فأشبه الكلام ومن دلالة مفهوم النطق بحرفين على عدم الأبطال وكلامه محل نظر واستوجه المصنف في المنتهى الأبطال به نظرا إلى صدق الكلام
عليه ومقتضى التقريب الذي ذكر ابطال الصلاة لو كان بعد الحرف الواحد غير المفهم مدة واختاره الشهيد واستشكله المصنف نظرا إلى أنه قد (يتفوة لاجماع) الحركة ولا يعد حرفا ومن
حيث إنها أحد حروف العلة فضمها إلى الحرف كضم حرف اخر إليه الثاني لا يعتبر في الكلام المبطل الوضع فالتكلم بالمهملات يوجب بطلان الصلاة بلا خلاف ويدل عليه التقريب الذي
ذكرنا الثالث الظاهر أن التنحنح غير مبطل للصلاة كما صرح به جماعة من الأصحاب لعدم صدق التكلم عليه لغة وعرفا وروى الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق انه سأل أبا عبد الله (ع)
عن الرجل يسمع صوتا بالباب وهو في الصلاة فيتنحنح ليسمع جاريته وأهله لتأتيه فيشير إليها بيده ليعلمها من بالباب لتنظر من هو قال لا بأس به وقال المصنف في المنتهى لو تنحنح بحرفين
وسمى كلاما بطل صلاته وهو متجه لكن مجرد التنحنح لا يوجب صدق الكلام عليه فهو مجرد الفرض والظاهر أن النفخ بحرفين بحيث يصدق عليه الكلام مبطل وكذا التأوه بهما كما صرح به جماعة
من الأصحاب لصدق التكلم ولو تأوه كذلك خوفا من النار ففي البطلان وجهان أحدهما نعم لصدق التكلم وثانيهما لا واختاره المحقق في المعتبر استنادا إلى أن ذلك منقول عن كثير
من الصلحاء في الصلاة قال ووصف إبراهيم بذلك يؤذن بجوازه والأنين بحرفين بحيث يصدق التكلم مبطل للصلاة وروى الشيخ عن طلحة بن زيد عن جعفر بن محمد (ع) ان عليا عليه السلام
قال من أن في صلاته فقد تكلم وحمله الأصحاب على الأنين بحرفين الرابع لافرق في بطلان الصلاة بين ان يكون الكلام لمصلحة
الصلاة أم لا عند الأصحاب ولابين ان يكون الكلام لمصلحة أخرى غير الصلاة كانقاذ الأعمى والصبي إذا خاف عليهما التردي في
بئر أم لا على المشهور بين الأصحاب ويفهم من المعتبر والمنتهى انه اجماعي عند الأصحاب وذكر المصنف في النهاية انه غير مبطل ولا يبعد ترجيح الأول لصدق التكلم ويؤيده ما روى الشيخ عن إسماعيل بن أبي
زياد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام أنه قال في رجل يصلي ويرى الصبي يحبو إلى النار أو الشاة يدخل البيت ليفسد الشئ قال فلينصرف وليحرز ما يتخوف ويبنى على صلاته ما لم يتكلم
ويجوز التنبيه بتلاوة القران والدعاء والذكر والإشارة باليد كما لو أراد الاذن لقوم فقال ادخلوها بسلام آمنين أو لمن أراد التخطي على البساط بنعله اخلع نعليك انك بالوادي
352

المقدس طوى وأراد عطاء كتاب لمن اسمه يحيى يا يحيى خذ الكتاب بقوة وروى أن عليا عليه السلام قال كانت لي ساعة ادخل فيها على رسول الله صلى الله عليه وآله فإن كان في الصلاة سبح وذلك
اذنه وإن كان في غير الصلاة اذن وروى الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل يكون في صلاته فيستأذن انسان على الباب فيسبح ويرفع
صوته ويسمع جاريته فتاتيه فيشيرها بيده ان على الباب انسانا هل يقطع ذلك صلاته وما عليه فقال لا بأس لا يقطع ذلك صلاته وروى الكليني والشيخ بتفاوت
ما عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن الرجل يريد الحاجة وهو في صلاة فقال يؤمي رأسه ويشير بيده والمرأة إذا أرادت الحاجة وهي تصلي تصفق
بيدها ورواها الصدوق عن الحلبي عنه (ع) في الصحيح وروى أيضا عن عبد الله بن أبي يعفور في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يريد الحاجة وهو في الصلاة فقال يشير بيده والمراة
إذا أرادت الحاجة تصفق وفي بعض الروايات الضعيفة عن أبي الحسن موسى (ع) ان الرجل إذا كان في الصلاة فدعاه الوالد فليسبح فإذا دعته الوالدة فليقل لبيك قال المصنف في
النهاية فإذا صفقت ضربت بطن كفها الأيمن على ظهر الكف الأيسر أو بطن الأصابع على ظهر الأصابع الأخرى ولا ينبغي ان تضرب البطن على البطن لأنه لعب ولو فعلته على وجه
اللعب بطلت صلاتها مع الكثرة وفي القلة اشكال ينشأ من تسويغ القليل ومن منافاة اللعب الصلاة انتهى كلامه ولا يبعد عدم البطلان لما دل على أن الصلاة لا تعاد
الا من أشياء مخصوصة وعدم ثبوت منافاة اللعب مطلقا لحقيقة الصلاة وللتأمل فيه مجال
فلو اتى بكلمات لا توجد في القران على نظمها ويوجد مفرداتها مثل يا إبراهيم سلام كن
فالظاهر بطلان الصلاة بها ولو لم يقصد بالقران أو التسبيح سوى التفهم فالظاهر عدم البطلان لعدم خروجه بذلك عن كونه قرانا واحتمل المصنف في النهاية البطلان وإشارة
الأخرس غير مبطل لأنها ليست بكلام وفيه وجه ضعيف بالبطلان الخامس لا يبطل الصلاة بالكلام سهوا بلا خلاف بين الأصحاب حكاه الفاضلان وغيرهما ويدل عليه ما
رواه الشيخ والكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين
فقلت سجدتا السهو هما قبل التسليم أو بعده قال بعده ويدل عليه أيضا صحيحة الفضيل السابقة عند شرح قول المصنف ويبطل بفعل كل ما يبطل الطهارة وما رواه الشيخ
عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) في الرجل يسهو في الركعتين ويتكلم فقال يتم ما بقى من صلاته تكلم أولم يتكلم ولا شئ عليه ويدل عليه أيضا بعض الأخبار الضعيفة السادس
لو ظن اتمام الصلاة فتكلم لم يفسده صلاته على المشهور بين الأصحاب وذهب الشيخ في النهاية إلى البطلان والأول أقرب لنا ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) في رجل
صلى ركعتين من المكتوبة فسلم وهو يرى أنه قد أتم الصلاة وتكلم ثم ذكرانه لم يصل غير ركعتين فقال يتم ما بقى من صلاته ولا شئ عليه وعن سعيد الأعرج في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله (ع)
يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وآله ثم سلم في ركعتين فسأله من خلفه يا رسول الله أحدث في الصلاة شئ قال وما ذاك قالوا انما صليت ركعتين فقال أكذلك يا ذا اليدين وكان يدعى
ذا الشمالين فقال نعم فبنى على صلاته فأتم الصلاة أربعا وقال إن الله عز وجل هو الذي أنساه رحمة للأمة الا ترى لوان رجلا صنع هذا لعير وقيل ما تقبل صلاتك فمن دخل عليه
اليوم ذلك قال قد سن رسول الله (ص) وقد صارت أسوة وسجد سجدتين لمكان الكلام ورواه الكليني أيضا في الصحيح وروى الشيخ في الصحيح إلى علي بن النعمان الرازي وهو مجهول قال
كنت مع أصحاب لي في سفر وانا امامهم فصليت بهم المغرب فسلمت في الركعتين الأوليين فقال لي أصحابي انما صليت بنا ركعتين فكلمتهم وكلموني فقالوا إما نحن فنعيد فقلت لكني لا أعيد
وأتم بركعة فأتممت بركعة ثم سرنا واتيت أبا عبد الله (ع) فذكرت له الذي كان من أمرنا فقال لي أنت كنت أصوب منهم فعلا انما يعيد من لا يدري ما صلى وفي هذا الخبر دلالة على أن
الصواب بالنسبة إلى المأمومين أيضا الاتمام مع أنهم لم يكن كلامهم مبنيا على ظن الاتمام وعمل الأصحاب بهذا المعنى غير معلوم ويؤيد المدعا ما رواه الشيخ عن زيد الشحام أبي أسامة
في الضعيف في جملة حديث مضمر وهو ان استيقن انه صلى ركعتين أو ثلاثا ثم انصرف فتكلم فلم يعلم أنه لم يتم الصلاة وما بقى منها فان نبي الله صلى الله عليه وآله صلى بالناس ركعتين ثم نسى حتى انصرف فقال
له ذو الشمالين يا رسول الله أحدث في الصلاة شئ فقال أيها الناس أصدق ذوا الشمالين فقالوا نعم لم تصل الا ركعتين فقام فأتم ما بقى من صلاته السابع قال في المنتهى لو تكلم مكرها
ففي الأبطال به تردد ينشأ من كون النبي صلى الله عليه وآله جمع بينه وبين الناسي في العفو والأقرب البطلان لأنه تكلم عامدا بما ليس من الصلاة والاكراه لا يخرج الفعل عن التعمد وما قربه غير بعيد
نظر ا إلى عدم الدليل على استثناء المكره بما دل على ابطال التكلم عامدا وإن كان الافراد الغالبة المنساقة إلى الذهن غيره وفي تعميم الحكم بالنسبة إلى غيرها نوع تأمل وما دل على
عفو المكره لا يدل على عدم الأبطال وهو ظاهر وفي المسألة نوع تردد والبرائة اليقينية تقتضي الاتمام والإعادة
وتبطل الصلاة بتعمد الالتفات إلى ما وراءه هذا التقييد موجود
في أكثر عبارات الأصحاب وقال في المقنعة حتى يرى من خلفه ومقتضى هذا التقييد ان الالتفات إلى اليمين واليسار لا يوجب بطلان الصلاة سواء كان بكل البدن أو بالوجه خاصة
لكن صرح المحقق في المعتبر بان الالتفات بكل البدن مبطل وهو أعم من أن يكون إلى الخلف أو إلى اليمين واليسار بل يشمل ما بين الجانبين والقبلة أيضا وهو ظاهر كلام المصنف في المنتهى
والتذكرة وقال الشهيد في الذكرى واعلم أن الالتفات إلى محض اليمين واليسار بكله كالاستدبار كما أنه يحكمه في الصلاة مستدبرا على أقوى القولين فيجئ القول بالابطال
ولو فعله ناسيا إذا تذكر في الوقت وان فرقنا بين الالتفات وبين الصلاة إلى اليمين واليسار فلا ابطال انتهى وصرح في الذكرى والبيان بان الانحراف عن القبلة ولو كان
يسيرا عامدا موجب البطلان واما الالتفات بالوجه خاصة والمراد به ما لم يكن مع الالتفات بكل البدن فلا يخلوا إما ان يكون إلى الخلف أو إلى أحد الجانبين (أو إلى ما بين القبلة واحد الجانبين) وظاهر قولهم والالتفات إلى
ما وراءه وظاهر عبارة المفيد انه مبطل إذا كان إلى الخلف وظاهر عبارة المعتبر انه غير مبطل وكلام المصنف في المنتهى والتذكرة والنهاية لا يخلو عن اضطراب ويشعر
كلام الفاضلين بأنهما زعما التلازم بين الالتفات بالوجه إلى ما وراءه وبين الالتفات بكل البدن والظاهر أن ليس الامر كذلك نعم الانفكاك بينهما نادر جدا فان المراد
بالالتفات بالوجه إلى جانب مواجهة لذلك الجانب لا مجرد النظر إليه وصرح جماعة من الأصحاب منهم الشهيدان بان الالتفات بالوجه مبطل للصلاة إذا بلغ الوجه حد
الاستدبار فيجوز ان يكون مرادهم فجاوزه حد الجانبين ويجوز ان يكون مرادهم مواجهته لمقابل القبلة وما يقرب منه واما التخصيص بمقابل القبلة حقيقة فبعيد
واما الالتفات بالوجه إلى أحد الجانبين فمكروه عند أكثر الأصحاب وليس بمبطل قال في المنتهى الالتفات يمينا وشمالا الا ينقص ثواب الصلاة ولا يبطلها وعليه جمهور العلماء وهو مشعر
بالاتفاق وفي المعتبر والتذكرة نسب مخالفته إلى بعض العامة ونقل عن ولد المصنف انه جعل الالتفات يمينا وشمالا مبطلا للصلاة ونقل الشهيد في الذكرى عن بعض مشايخه
المعاصرين ان الالتفات بالوجه مبطل والالتفات بالوجه أعم من أن يصل إلى محض الجانبين أم لا فالظاهر هذا الكلام ابطال الالتفات بالوجه وإن كان إلى ما بين القبلة والجانبين
والتعليل الذي نقل عن ولد المصنف أيضا مشعر بذلك فحينئذ يكون مراده من الالتفات يمينا وشمالا الالتفات نحو اليمين وان لم يصل إلى محض اليمين ويحتمل التخصيص ويؤيده ما دل
على أن ما بين المشرق والمغرب قبلة وجميع ما ذكرنا في صورة العمد
واما السهو ففي كلام الأصحاب فيه تدافع واضطراب واستند في الدروس إلى الأكثر ان الاستدبار غير مبطل سهوا كما
هو مختار المصنف في هذا الكتاب وغيره وذهب الشيخ في موضع من المبسوط إلى أنه مبطل سواء كان عمدا أو سهوا وهو المفهوم من بعض مواضع التهذيب وهو قول الشيخ أبي جعفر الكليني واختاره
المحقق في المعتبر والمصنف في موضع من المنتهى وذهب الشهيد في البيان إلى أن الانحراف اليسير مبطل عمدا ثم قال ولو كان إلى محض الجانبين أو مستدبرا بطلت وإن كان سهوا الا ان يستمر السهو
حتى يخرج الوقت فلا قضاء فيهما على الأقرب واختاره الشارح الفاضل وقال الشهيد في الذكرى وإن كان ناسيا وكان بين المشرق والمغرب فلا ابطال وإن كان المشرق والمغرب أو
كان مستدبرا فقد أجرياه في المقنعة والنهاية مجرى الظان في الإعادة في الوقت إذا كان إليهما ومطلق ان استدبر وتوقف فيه الفاضلان انتهى والذي اطلعت عليه انهم ذكروا ما نقل
353

عنهم في صورة صلى إلى غير القبلة ناسيا (ساهيا) وهو غير الالتفات فلعل ما ذكره مبني على عدم الفرق وفي كلامه اشعار ما بذلك وقال بعض المتأخرين ان الانحراف إن كان يسيرا
لا يبلغ حد اليمين واليسار لم يضر وان بلغه واتى بشئ من الافعال في تلك الحال أعاد في الوقت والا فلا إعادة وينبغي التنبيه على الاضطراب الذي أشرنا إليه قال الشيخ في
المبسوط بعد أن عد التروك الواجبة في الصلاة وعد منها الالتفات إلى ما وراءه
وهذه التروك الواجبة على القسمين أحدهما متى حصل عامدا كان أو ناسيا أبطل الصلاة والقسم
الأخر متى حصل ساهيا أو ناسيا أو للتقية فإنه لا يقطع الصلاة وهو كل ما عدا نواقض الوضوء وهذا تصريح منه بان الالتفات ساهيا لا يقطع الصلاة ثم قال بعد ذلك
في فصل اخر ومن نقص ركعة أو ما زاد عليها ولا يذكر حتى يتكلم أو يستدبر القبلة أعاد وهذا ظاهر في أن الاستدبار سهوا موجب للبطلان فبين كلاميه تدافع واحتذى كلامية
أبي حمزة في الوسيلة فذكر نحوا منهما وعد المحقق في الشرايع الالتفات إلى ما وراءه من جملة ما لا يبطل الصلاة الا عمدا وصرح في المعتبر بان الاستدبار مبطل للصلاة عمدا وسهوا
وصرح المصنف في هذا الكتاب بان الالتفات لا يبطل سهوا وسيجئ قوله ولو نقصها أو ما زاد سهوا أتم ان لم يكن تكلم أو استدبر القبلة أو أحدث وصرح في المنتهى بان
الالتفات إلى ما وراءه سهوا لا يبطل الصلاة وصرح في مبحث السهو بان الاستدبار مبطل للصلاة عمدا وسهوا وصرح بالأول في النهاية وقال في المبحث
الذي قريب منه فيمن نقص من عدد صلاته ساهيا إما لو فعل المبطل عمدا وسهوا كالحدث والاستدبار ان ألحقناه فإنها تبطل وهذا رجوع منه إلى التردد بعد الحكم
بعدم كونه مبطلا سهوا ويمكن دفع التدافع في كلام الشيخ وابن حمزة وكلامي المصنف ههنا بحمل التكلم والاستدبار المذكور في كلامهم إذا كان عمدا بعد ظن الخروج فرقا بينه
وبين السهو وهذا التوجيه لا يجري في كلام المصنف في المنتهى وما يحذو حذوه ولو ظن الخروج من الصلاة فاستدبر عامدا ففي الحاقه بالسهو وعدمه وجهان ولعل الأول أشهر
هذا تحريز الأقوال في هذه المسألة ومستند أصل المسألة روايات منها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح انه سمع أبا جعفر (ع) يقول الالتفات يقطع الصلاة إذا كان بكله
ومنها ما رواه الصدوق عن عمر بن أذينة في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) انه سأله عن الرجل يرعف وهو في الصلاة وقد صلى بعض صلاته فقال إن كان الماء عن يمينه أو عن شماله أو عن خلفه
فليغسله من غير أن يلتفت وليبن على صلاته فإن لم يجد الماء حتى يلتفت فليعد الصلاة قال والقئ مثل ذلك ومنها ما رواه الشيخ والكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم عن
أبي جعفر (ع) قال سألته عن الرجل يلتفت في الصلاة قال لا ولا ينقض أصابعه ومنها ما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) ثم استقبل القبلة ولا تقلب
بوجهك عن القبلة فيفسد صلاتك فان الله عز وجل يقول لنبيه صلى الله عليه وآله في الفريضة فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وروى الكليني والشيخ عنه
في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا استقبلت القبلة فلا تقلب وجهك عن القبلة فتفسد صلاتك فان الله تعالى قال لنبيه في الفريضة فول وجهك شطر
المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره واخشع بصرك ولا ترفعه إلى السماء ولكن حذاء وجهك في موضع سجودك ومنها ما رواه الكليني والشيخ عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن
هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا التفت في صلاة مكتوبة من غير فراغ فأعد الصلاة إذا كان الالتفات فاحشا وان كنت قد تشهدت فلا تعد ومنها حسنة الحلبي المتقدمة
في المسألة السابقة ومنها ما رواه الصدوق عن أبي بصير في الضعيف عن الصادق (ع) ان تكلمت أو صرفت وجهك عن القبلة فأعد ومنه ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم
باسناد فيه ضعف عن أحدهما (ع) قال سئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته وقد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر انه فاتته ركعة قال يعيد ركعة واحدة يجوز
له ذلك إذا لم يحول وجهه عن القبلة فإذا حول وجهه فعليه ان يستقبل الصلاة استقبالا إلى غير ذلك من الاخبار
إذا عرفت هذا فاعلم أن الصحيح ان الانحراف عن القبلة بكل
البدن يوجب بطلان الصلاة مطلقا وان لم يصل إلى حذاء التشريق والتغريب عملا بمنطوق صحيحة زرارة المذكورة وعموم عدة من الأخبار المذكورة فان قلت يدفعه مفهوم حسنة
الحلبي فان مقتضاه عدم البطلان عند عدم كونه فاحشا وما رواه الشيخ في الاستبصار عن عبد الحميد بن عبد الملك في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الالتفات في الصلاة أيقطع
الصلاة فقال لا وما أحب ان يفعل كذا في الاستبصار وفي التهذيب عن عبد الحميد عن عبد الملك ولعل ما في الاستبصار هو الصحيح قلت لا يبعد ان يقال الفحش حاصل عند الالتفات
بكل البدن فإنه كما يحصل باعتبار زيادة الانحراف يحصل باعتبار شمول البدن أيضا مع أن العمل بالمنطوق راجح واما خبر عبد الحميد فمحمول على صورة عدم الالتفات بالكلية
جمعا بين الأدلة واما الانحراف بالوجه إذا وصل إلى حد الخلف فمقتضى صحيحة زرارة المنقولة عن الفقيه انه موجب للبطلان ويدل عليه أيضا حسنة الحلبي المذكورة إذ
الظاهر أن الفحش متحقق في الصورة المذكورة ويدل عليه أيضا ما دل على أن الالتفات مبطل من غير تخصيص نعم يعارضه مفهوم صحيحة زرارة والجواب عنه ان عموم المفهوم فيها
معتبر بالنسبة إلى الافراد الشايعة الغالبة دون الافراد النادرة فان الالتفات بالوجه بحيث يصل إلى حد الخلف مع عدم الانحراف بكل البدن نادر جدا وهذا أولي
في وجه الجمع بينه وبين منطوق حسنة الحلبي من أن يحمل الفحش فيه باعتبار كل البدن حسب توفيقا بين الخبرين وبين صحيحة حسنة زرارة المنقولة عن الفقيه فاذن ذلك أقرب من تخصيص الخبر
المذكور بالالتفات بجميع البدن وهو ظاهر واعلم أن ليس المراد بالخلف في قولنا الالتفات بالوجه بحيث يصل إلى الخلف المقابل للقبلة حقيقة بل هو (مع) ما يقرب منه ويمكن
الحاق ما بين الجانبين والخلف به مطلقا نظرا إلى ما ذكرنا من الدليل واما الالتفات إلى محض اليمين واليسار ففي كونه مبطلا تأمل ولا يبعد ترجيح عدم الأبطال لمفهوم
صحيحة زرارة وما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى عليه السلام قال سألته عن الرجل يكون في صلاته فيظن ان ثوبه قد انخرق أو اصابه شئ هل يصلح له ان ينظر فيه أو يمسه قال إن
كان في مقدم ثوبه أو جانبيه فلا باس وإن كان في مؤخرة فلا يلتفت فإنه لا يصلح ويعضده عموم رواية عبد الحميد فان قلت حسنة الحلبي السابقة وصحيحة زرارة المنقولة عن
الفقيه تدلان على الأبطال قلت لانم تحقق الفحش في الصورة المذكور فلا معارضة للحسنة المذكورة واما الصحيحة فمخصصة بالالتفات الفاحش جمعا بين الأدلة ومن
هنا يظهر ان الالتفات إلى أحد الجانبين إذا لم يصل حد التشريق والتغريب غير مبطل وهل يحرم الالتفات إلى أحد الجانبين الظاهر العدم للأصل والظاهر صحيحة عبد الحميد
وصحيحة محمد بن مسلم غير ناهضة بالدلالة على التحريم خصوصا مع انضمام غير المحرم إليه فيها نعم إذا كان الالتفات طويلا جدا احتمل القول بالتحريم أو الأبطال وكذا لو فعل
شيئا من أفعال الصلاة حال الالتفات لوجوب الاستقبال بجميع البدن عند الاتيان بأفعال الصلاة ويحتمل الفرق بين مالا يمكن تداركه من الافعال كالأركان وغيرها
كالقراءة هذا هو الكلام في صورة العمد واما السهو فان بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار وكان الانحراف بكل البدن أو بالوجه خاصة مع بلوغه حد الاستدبار
فلا يبعد اختيار انه مثل العمد في البطلان فيجب الإعادة في الوقت وخارجه لعموم المستند وعدم ما يصلح للتخصيص واما ما دل على العفو عن السهو فإنما المستفاد منه عدم الاثم
والعقاب لاعدم ترتب الأحكام الوضعية فان قلت قد روى الكليني والشيخ عن عبد الرحمن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا صليت وأنت على غير القبلة فاستبان
لك انك صليت وأنت على غير القبلة وأنت في وقت فأعد وان فاتك الوقت فلا تعد وهذا يدل على عدم وجوب القضاء لمن التفت ساهيا إما بناء على عموم الرواية
بالنسبة إلى من صلى على غير القبلة تمام الصلاة ساهيا فينسحب الحكم ههنا بطريق أولي واما بناء على عمومها بالنسبة إلى من صلى بعض صلاته على غير القبلة ساهيا
ويدل عليه أيضا صحيحة زرارة المذكورة في بحث القبلة عند شرح قول المصنف ولو صلى باجتهاده أو لضيق الوقت والنسبة بين الخبرين وما استندتم إليه من الاخبار عموم من
وجه فيجوز ارتكاب التخصيص في كلام الجانبين فما وجه ترجيح ما ذكرتم قلت تخصيص الروايتين بمن صلى على غير القبلة ظانا أولي من ارتكاب التأويل في الأخبار الكثيرة وفي قوله
354

فاستبان لك اشعار ما بما ذكر من التخصيص على أن احتمال ارتكاب التأويل في الاخبار المعارضة لهما ليس بذلك البعيد فما نفينا عنه البعد من الحكم المذكور لا يخلو عن
نوع تردد
وان بلغ الانحراف حد اليمين واليسار وان لم يتجاوز عنه ولم يكن الانحراف بالبدن كله فإن لم يأت بشئ من أفعال الصلاة على هذه الحالة فالظاهر أنه غير مبطل
للأصل السالم عن المعارض مضافا إلى ما مر في العمد اللهم الا ان يكون طويلا جدا فيحتمل القول بالبطلان حينئذ لكن لم يكن ذلك باعتبار الالتفات وان اتى بشئ
من أفعال الصلاة على هذه الحالة فان أمكن تداركه فالظاهر أنه غير قادح في الصحة مع احتماله وان لم يمكن تداركه كما إذا كان ركنا فالظاهر أنه مبطل لاشتراط صحة الصلاة
بالتوجه إلى القبلة بجميع البدن فيجب الإعادة أو القضاء ويحتمل عدم وجوب القضاء وان لم يبلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار سواء كان بالبدن كله أم لا فالظاهر أنه ليس
عليه شئ لصحيحة معاوية بن عمار المذكورة في مبحث القبلة عند شرح قول المصنف ولا يعيد إن كان بينهما ولو ظن الخروج من الصلاة فانحرف عامدا فالظاهر أنه بحكم
الانحراف عامدا في التفاصيل المذكورة فيه ويخدشه رواية أبي سعيد القماط المذكورة عند شرح قول المصنف ويبطل بفعل كل ما يبطل الطهارة واما المكره فالكلام
في الحاقه بالعامد المختار كما مر في المسألة المتقدمة من غير فرق وان أردت تفصيل هذه المسألة فاعلم أن الانحراف عن سمت القبلة انما يكون إلى سبع جهات
اليمين واليسار وما بين كل واحد منهما والقبلة ودبر القبلة وما بين كل واحد من الجانبين والدبر وعلى كل تقدير فاما ان يكون الانحراف بكل البدن أم بالوجه
خاصة فصار الاحتمالات أربعة عشر وعلى كل تقدير إما ان يكون عامدا أو ساهيا أو ظانا الخروج من الصلاة أو مكرها فصار الاحتمالات ستا وخمسين وعلى كل
تقدير إما ان يكون الالتفات طويلا أو قصيرا فصارت الاحتمالات (مائة واثنى عشر وعلى كل تقدير إما لم يفعل شيئا من الصلاة في تلك الحالة أو فعل ما يمكن تداركه لو فعل مالا يمكن تداركه فصارت الاحتمالات ثلاثمائة
وست وثلاثين وعلى كل تقدير إما ان يذكر في الوقت أو خارجه فصارت الاحتمالات ست
مائة واثنى وسبعين وأنت جد الإحاطة بما ذكرنا لا يخفى عليك حكم شئ منها فتدبر وكن من المحتاطين في جميع الأحوال فإنه اقصد الطرق واسلم في المال ويبطل الصلاة
أيضا بتعمد القهقهة بلا خلاف ونقل الاتفاق عليه جماعة من الأصحاب منهم الفاضلان ويدل عليه الأخبار المستفيضة منها ما رواه الشيخ عن ابن أبي عمير في الصحيح
على الظاهر عن رهط سمعوه يقول إن التبسم في الصلاة لا ينقض الصلاة ولا ينقض الوضوء انما يقطع الضحك الذي فيه القهقهة يريد به قطع الصلاة دون الوضوء لان
القطع انما يستعمل في الصلاة ولم تجر العادة باستعماله في الوضوء ومنها ما رواه الكليني والشيخ في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال القهقهة لا تنقض
الوضوء ولكن تنقض الصلاة ومنها ما رواه الشيخان عن سماعة قال سألته عن الضحك هل يقطع الصلاة قال إما التبسم فلا يقطع الصلاة واما القهقهة فهي تقطع الصلاة
ونحوه روى الكليني عن زرعة وقريب منه روى الصدوق مرسلا عن الصادق (ع) ويستفاد من هذه الرواية ان التبسم لا يقطع الصلاة وهو اتفاقي نقل الاتفاق عليه جماعة
من الأصحاب ويستفاد من الرواية انه من افراد الضحك ويوافقه كلام صاحب القاموس حيث قال فيه هو أقل الضحك وأحسنه وفي الصحاح انه دون الضحك واعلم أن المذكورة
في كلام الأصحاب لفظ القهقهة وفي القاموس هي الترجيع في الضحك أو شدة الضحك وفي الصحاح القهقهة في الضحك معروف وهو أن يقول قه فه وقال الشارح الفاضل
هي لغة الترجيح في الضحك أو شدة الضحك (والمراد هنا مطلق الضحك) كما صرح به المصنف في غير هذا الكتاب وقال في الروضة هي الضحك المشتمل على الصوت وان لم يكن فيه ترجيع ولا شدة وفيه تأمل إذ لا يساعد
على ما ذكره العرف ولا اللغة ولا خصوص النص إذ ليس فيه سوى القهقهة ولعله نظر إلى ايراد الفقهاء التبسم في مقابلة القهقهة ومجرد ذلك غير كاف وما نقله عن المصنف لم اطلع عليه
صريحا ولعله نظر إلى عبارة المنتهى حيث قال فيه يجب عليه ترك الضحك في الصلاة لا التبسم فلو قهقه عمدا بطلت صلاته ولا يبعد ان يكون مراد المصنف من الضحك القهقهة
وقوفا على المنصوص وبالجملة الذي ثبت بالنصوص القهقهة واما انسحاب الحكم في كل ضحك يكون فيه صوت فيحتاج إلى دليل مع أن الأصل ينفيه والنصوص تشمل السهو أيضا لكن
نقل المصنف في التذكرة والشهيد في الذكرى والشارح الفاضل الاجماع على عدم الأبطال به ولو وقعت على وجه لا يمكن دفعه لمقابلة ملاعب ونحوه فاستقرب الشهيد في الذكرى
البطلان وان لم يأثم لعموم الخبر وهو متجه بل يظهر من التذكرة انه متفق عليه بين أصحابنا وتبطل الصلاة أيضا بتعمد الفعل الكثير الذي ليس من الصلاة لا خلاف بين العلماء في أن
الفعل الكثير الخارج من الصلاة مما لم يكن من جنس الصلاة عامدا مبطل حكى ذلك الفاضلان وغيرهما قال المصنف في المنتهى ويجب عليه ترك الفعل الكثير الخارج عن أفعال الصلاة
فلو فعله عامدا بطلت صلاته وهو قول أهل العلم كافة لأنه يخرج به عن كونه مصليا والقليل لا يبطل الصلاة بالاجماع قال ولم يحد الشارع القلة والكثرة فالمرجع في ذلك
إلى العادة وكل ما ثبت ان النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع) فعلوه في الصلاة أو أمروا به فهو من حيز القليل كقتل البرغوث والحية والعقرب وكما روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله انه كان يحمل امامة بنت أبي
العاص فكان إذا سجد وضعها وإذا قام رفعها انتهى واعلم أن للأصحاب في تحديده عبارات منها ما سمى كثيرا عرفا ذكره المصنف وغيره ومنها ما يخرج فاعله به عن كونه مصليا عرفا ذكره الشارح
الفاضل قال ابن إدريس في السرائر وهو ما يسمى في العادة كثير مثل الأكل والشرب واللبس وغير ذلك مما إذا فعله الانسان لا يسمى مصليا بل يسمى آكلا وشاربا ولا يسمى فاعله في
العادة مصليا وقال المصنف في التذكرة اختلف العلماء في حد الكثرة فالذي عول عليه علماؤنا البناء على العادة فما يسمى في العادة كثيرا فهو كبر والا فلا لان عادة الشرع رد
الناس فيما لم ينص عليه إلى عرفهم وبه قال بعض الشافعية وقال بعضهم القليل مالا يسع زمانه لفعل ركعة من الصلاة والكثير ما يسع وقال بعضهم ما لا يحتاج إلى فعل (اتيدين) معا
كرفع العمامة وحل الأزرار فهو قليل وما يحتاج إليهما معا كتكرير (كتكوير) العمامة وعقد السراويل فهو كثير وقال بعضهم القليل مالا يظن الناظر إلى فاعله انه ليس في الصلاة والكثير ما يظن
به الناظر إلى فاعله الاعراض عن الصلاة انتهى وما ذكره من التعليل على إحالة الحكم بالعرف فهو متجه إن كان مستند أصل الحكم النص وليس كذلك فاني لم اطلع على نص يتضمن ان الفعل
الكثير مبطل ولاذكر نص في هذا الباب في شئ من كتب الاستدلال فاذن مستند الحكم هو الاجماع فيجب إناطة الحكم بمورد الاتفاق فكل فعل ثبت الاتفاق على كونه فعلا كثيرا
كان مبطلا ومتى ثبت انه ليس بكثير فهو ليس بمبطل ومتى اشتبه الامر فلا يبعد القول بعدم كونه مبطلا لان اشتراط الصحة بتركه يحتاج إلى دليل بناء علي ان الصلاة اسم للأركان
المعينة مطلقا فيكون هذه الأمور خارجة عن حقيقتها ويحتمل القول بالبطلان ووجوب الإعادة لتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه وهذا مبني على أن
الصلاة اسم للأركان الجامعة لشرائط الصحة ويؤيد الأول ما دل على حصر أسباب الإعادة في أشياء محصورة وإن كان الاستدلال بهذا الوجه لا يصفو عن شوب الاشكال
وذكر المصنف ان الخطوة الواحدة والضربة قليل والثلاثة كثيرة وفي الفعلين للشافعية وجهان أحدهما انه كثير لتكرره والأصح خلافه لان النبي صلى الله عليه وآله خلع نعليه في الصلاة وهما فعلان
وفي كون الثلاثة كثيرة مبطلة تأمل وذكر أيضا ان الثلاثة المبطلة يراد بها الخطوات المتباعدة إما الحركات الخفية كتحريك الأصابع في سبحة أو حكة فالأقرب منع الأبطال
بها فهي مع الكثرة بمثابة الفعل القليل ويحتمل الأبطال للكثرة ولعل هذا الاحتمال ضعيف
وقال في المنتهى لا باس ان يعد الرجل عدد ركعاته بأصابعه أو بشئ يكون معه
من الحصى وشبهه وعليه علماؤنا أجمع بشرط ان لا يتلفظ بل يعقده في ضميره وليس مكروها وبه قال أهل العلم كافة الا أبا حنيفة فإنه كرهه وكذلك الشافعي انتهى ويدل عليه ما رواه
ابن بابويه عن عبد الله بن المغيرة في الصحيح أنه قال لا باس ان يعد الرجل صلاته بخاتمة أو بحصى يأخذه بيده فيعد به وعن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال استغفر الله في الوتر
سبعين مرة وتنصب يدك اليسرى ويعد باليمنى وروى الشيخ عن حبيب الخثعمي قال شكوت إلى أبي عبد الله (ع) كثرة السهو في الصلاة فقال احص صلاتك بالحصى أو قال احفظها بالحصى
وفي بعض الأخبار انه كان (ع) يعد التسبيح بالإصبع ويحركه قليلا واحتج في الذكرى ان النبي صلى الله عليه وآله علم جعفر صلاة التسبيح وهي محتاجة إلى العدد وروى البزنطي عن داود بن سرحان
355

عن الصادق عليه السلام في عد الآي بعقد اليد قال لا بأس هو احصى للقران وذكر المصنف في التذكرة أيضا ان الفعلة الواحدة لا يبطل فان تفاحشت فاشكال كالوثبة الفاحشة
فإنها لافراطها وبعدها عن حال المصلي يوجب البطلان وذكر أيضا ان الكثير إذا توالى أبطل إما مع التفرق فاشكال ووجه الاشكال تحقق الكثرة ومن خروجه بالتفريق
عن الكثرة وحديث امامة يقوى الثاني وفي بعض الأخبار ان الحسين كان يصلى وعلى عاتقه شئ وكان كلما يركع أو يسجد يقع من كتفه ثم يضعه عليه حتى كمل الصلاة
واعلم أن
جماعة من الأصحاب صرحوا بجواز أشياء في الصلاة ولم اطلع على خلاف فيه والظاهر أنه لم يصدق على شئ منها الفعل الكثير وحصرها ابن حمزه في ثمانية العمل القليل مثل الايماء
وقتل المؤذيات من الحيه والعقرب والتصفيق وضرب الحائط تنبيها على الحاجة وما لا يمكن التحرز منه كازدراد ما يخرج من خلل الأسنان وقتل القمل والبرغوث وغسل
ما أصاب الثوب من الرعاف ما لم ينحرف عن المبتلة أو يتكلم وحمد الله تعالى على العطاس ورد السلام بمثله وزاد في الذكرى أشياء أخرى كعدد الركعات والتسبيح بالأصابع والإشارة
باليد والتنحنح أو ضرب المراة على فخذها ورمى الغير بحصاة طلبا لاقباله وضم الجارية إليه وارضاع الصبى حال التشهد ورفع القلنسوة من الأرض ووضعها على الرأس
ولبس العمامة والرداء ومسح الجبهة ولنذكر ههنا بعض الأخبار الدالة على ما ذكر وغيره وقد مر في هذا الباب اخبار متعددة عند شرح قول المصنف والكلام بحرفين ومسألة تخلل
الحدث وروى الشيخ عن يونس بن يعقوب في الموثق بالحسن بن علي بن فضال ويونس قال رأيت أبا عبد الله (ع) يسوى الحصى في موضع سجوده بين السجدتين وعن عبيد الله الحلبي
في الموثق بالحسن عن أبي عبد الله (ع) قال سألته أيمسح الرجل جبهته في الصلاة إذا لصق بها تراب فقال نعم قد كان أبو جعفر (ع) يمسح جبهته في الصلاة إذا الصق بها التراب وعن
صفوان في الصحيح عن إسحاق بن عمار عن رجل من بني عجل قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المكان يكون فيه الغبار فانفخه إذا أردت السجود فقال لا باس وروى الشيخ والكليني عن محمد بن
مسلم باسناد فيه محمد بن عيسى عن يونس عن أحدهما (ع) في الرجل يمس انفه في الصلاة فيرى دما كيف يصنع ينصرف فقال إن كان يابسا فليرم به ولا بأس وفى الكافي رواه كثيرا
وروى الشيخ عن ابن أبي نضر في الصحيح عن أبي الوليد قال كنت جالسا عند أبي عبد الله (ع) فسأله ناجية أبو حبيب فقال له جعلني الله فداك ان لي رحى اطحن فيها فربما قمت في ساعة
من الليل فاعرف من الرحى ان الغلام قد نام فاضرب الحائط لأوقظه فقال نعم أنت في طاعة الله تطلب رزقه ورواه ابن بابويه بتفاوت في المتن وفيه فأقوم فاصلي إلى اخره
وروى الشيخ في الحسن بن محبوب في الصحيح عن علي بن الحسن بن رباط عن محمد بن بجيل أخي محمد بن بجيل قال رأيت أبا عبد الله (ع) يصلى فمر به رجل وهو بين السجدتين فرماه أبو عبد الله (ع)
بحصاة فاقبل إليه الرجل ورواه ابن بابويه أيضا وروى الشيخ عن أبي حمزة في الضعيف قال قال أبو جعفر (ع) ان أدخلت يدك في نفسك وأنت تصلي فوجدت دما سائلا
ليس برعاف ففته بيدك وقد مر عند شرح قول المصنف والكلام في مسألة الالتفات اخبار دالة على أن غسل الرعاف لا ينقض الصلاة ويزيده تأكيدا ما رواه الشيخ عن معاوية
ابن وهب في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرعاف أينقض الوضوء قال لوان رجلا رعف في صلاته وكان عنده ماء أو من يشير إليه بماء فتناوله فقال برأسه فغسله فليبن
على صلاته لا يقطعها وعن أبي بصير في الموثق قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في رجل صلى الصبح فلما جلس في الركعتين قبل ان يتشهد رعف قال فليخرج فليغسل انفه ثم ليرجع
فليتم صلاته فان اخر صلاته التسليم وعن غالب بن عثمان باسناد معتبر عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يصلى المكتوبة فيقضي صلاته ويتشهد ثم ينام قبل ان يسلم قال قد تمت
صلاته وإن كان رعافا فاغسله ثم ارجع فسلم
وأورد الشيخ بعض الأخبار الدالة على أن الرعاف ينقض الصلاة وحملها الشيخ على رعاف يحتاج ازالته إلى الاستدبار وهو حسن جمعا
بين الأدلة وروى الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى بن جعفر (ع) يسأله عن الرجل يكون في صلاته فرماه رجل فشجه فسال الدم فانصرف فغسله ولم يتكلم حتى رجع إلى المسجد هل
يعتد بما صلى أو يستقبل الصلاة قال يستقبل الصلاة ولا يعتد بشئ مما صلى ويمكن ارتكاب التأويل السابق فيها جمعا بين الأدلة ويجوز الحمل على الاستحباب أيضا وعن علي بن جعفر
في الصحيح عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل يكون به الثالول أو الجرح هل يصلح له ان يقطع الثالول وهو في صلاته أو ينتف بعض لحمه من ذلك الجرح ويطرحه قال إن لم يتخوف ان يسيل
الدم فلا باس وان تخوفه فلا يفعله وعن عمار في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الدمل يكون بالرجل فينفجر وهو في الصلاة قال يمسحه ويمسح يده بالحائط وبالأرض ولا يقطع الصلاة
اورده الشيخ في باب الاحداث من الزيادات وعن ابن أبي عمير في الصحيح عن مسمع قال سألت أبا الحسن (ع) فقلت أكون أصلي فتمر بي الجارية فربما ضممتها إلي قال لا بأس وعن أبي بكر الحضرمي عن
أبي عبد الله (ع) قال لا بأس بالنفخ في الصلاة في موضع السجود ما لم يؤذ أحدا وفي الصحيح عن الحسين بن أبي العلاء الممدوح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل يقوم في الصلاة فيرى القملة قال
فليدفنها في الحصى فان عليا (ع) كان يقول إذا رايتها فادفنها في البطحاء وفي الضعيف عن أبي حمزة قال إن وجدت قملة وأنت في الصلاة فادفنها في الحصى وعن عمار الساباطي في
الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال لا بأس ان تحمل المرأة صبيها وهي تصلى وترضعه وهي تتشهد وروى الشيخ والكليني في الصحيح عن محمد بن مسلم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون في الصلاة
فيرى الحية (أو العقرب) فيقتلهما ان أذياه قال نعم وروى الشيخ في الصحيح عن الحسين بن أبي العلا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يرى الحية والعقرب وهو يصلى المكتوبة قال فيقتلهما وروى
الشيخ وابن بابويه عن عمار في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون في الصلاة فيرى حية بحياله فيجوز ان يتناولها فيقتلها فقال إن كان بينه وبينها خطوة واحدة فليخط
فليقتلها والا فلا وروى الشيخ والكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يقتل البقة والبرغوث والقملة والذباب في الصلاة أينقض صلاته ووضوءه قال
لا ورواه ابن بابويه أيضا في الصحيح وفي الصحيح عن الحسين بن محبوب عن علي بن الحسن الرباطي عن زكريا الأعور ورواه ابن بابويه أيضا عن زكريا قال رأيت أبا الحسن (ع) يصلي قائما والى جانبه رجل كبير
يريد ان يقوم ومعه عصا له فأراد ان يتناولها فانحط أبو الحسن (ع) وهو قائم في صلاته فناول الرجل العصا ثم عاد إلى صلاته وعن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال
قلت له الرجل يعبث بذكره في الصلاة المكتوبة قال وماله فعل قلت عبث به حتى مسه بيده فقال لا بأس وروى الشيخ في باب الاحداث من الزيادات عن معاوية بن عمار في
الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يعبث بيده بذكره في الصلاة المكتوبة قال لا بأس به وروى الشيخ والكليني عن إسماعيل بن أبي زياد في الضعيف عن جعفر عن أبيه عن علي (ع)
أنه قال في رجل يصلى ويرى الصبي يحبوا إلى النار أو الشاة تدخل البيت لتفسد الشئ قال فلينصرف وليحرز ما يتخوف ويبنى على صلاته ما لم يتكلم وعن السكوني في الضعيف
عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في الرجل يصلى في موضع ثم يريد ان يتقدم قال يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم إلى الموضع الذي يريد ثم يقرأ وروى ابن بابويه عن
محمد بن مسلم باسناد ظاهره كونه صحيحا انه سأل أبا جعفر (ع) عن الرجل تؤذيه الدابة وهو يصلى قال يلقيها عنه ان شاء وان يدفنها في الحصى وعن الحلبي في الصحيح انه سال أبا عبد الله (ع)
عن الرجل يحنك وهو في الصلاة قال لا بأس وعن علي بن جعفر في الصحيح انه سأل أخاه موسى بن جعفر (ع) عن الرجل يحرك بعض أسنانه وهو في الصلاة هل ينزعه قال إن كان لا يدمينه
فلينزعه وإن كان يدمي فينصرف وعن الرجل يرى في ثوبه خرء الطير أو غيره هل يحكه وهو في الصلاة قال
لا باس وقال لا بأس ان يرفع الرجل طرفه إلى السماء وهو يصلى وعن
حنان بن سدير انه سأل الصادق (ع) أيومي الرجل في الصلاة فقال نعم قد أومى النبي صلى الله عليه وآله في مسجد من مساجد الأنصار بمحجن كان معه
وعن عمار في الموثق انه سأل أبا عبد الله عليه السلام
عن الرجل والمرأة يكونان في الصلاة فيريدان شيئا أيجوز لهما ان يقولا سبحان الله قال نعم ويوميان إلى ما يريدان والمرأة إذا أرادت شيئا ضربت على فخذها وهي في
الصلاة وعن بكير بن أعين في الحسن ان أبا جعفر (ع) رأى رجلا رعف وهو في الصلاة وادخل يده في انفه فاخرج دما فأشار إليه بيده أفركه بيدك وصل إلى غير ذلك من الاخبار واعلم أن
ابطال الفعل الكثير يختص بصورة العمد كما صرح به المصنف وغيره من الأصحاب ونسبه في التذكرة إلى علمائنا مؤذنا بدعوى الاجماع عليه ونسبه في الذكرى إلى الأصحاب واحتج عليه
356

بقول النبي صلى الله عليه وآله رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وفيه تأمل لكن إذ قد عرفت ان مأخذ الحكم منحصر في الاجماع فيجب اقتصاره على مورده وهو في صورة العمد واستشكل هذا الحكم
الشارح الفاضل بالكثير الذي يوجب انمحاء صورة الصلاة وفيه تأمل فتدبر
ويبطل الصلاة أيضا بتعمد البكاء للدنيوية من الأمور كذهاب مال أو فوت حي محبوب وان وقع على
وجه لا يمكن رفعه وان ارتفع الاثم حينئذ وهذا الحكم ذكره الشيخ وجماعة من الأصحاب ولم اطلع على مخالف فيه واستدلوا عليه بأنه فعل خارج عن حقيقة الصلاة فيكون قاطعا
وبما رواه الشيخ عن النعمان بن عبد السلام عن أبي حنيفة قال سألت أبا عبد الله (ع) عن البكاء في الصلاة يقطع الصلاة قال إن بكى لذكر جنة أو نار فذلك هو أفضل الأعمال
في الصلاة وإن كان لذكر ميت له فصلوته فاسدة والأول قياس محض والرواية ضعيفة لاشتمال سنده على عدة من الضعفاء ولهذا توقف فيه بعض الشارحين للشرائع
ونقله عن بعض مشايخه المعاصرين له ولا يبعد ان يقال ضعف الخبر منجبر بالشهرة بين الأصحاب وعلى كل تقدير فالاحتياط في الاجتناب عنه قال الشارح الفاضل واعلم أن
البكاء المبطل للصلاة هو المشتمل على الصوت لا مجرد خروج الدمع مع احتمال الاكتفاء به في البطلان ووجه الاحتمالين اختلاف معنى البكاء المبطل لغة مقصورا وممدودا
والشك في إرادة أيهما من الاخبار قال الجوهري البكاء يمد ويقصر فإذا مددت أردت الصوت الذي يكون مع البكاء وإذا قصرت أردت الدموع وخروجها قال الشاعر
بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل انتهى وما نقله عن الجوهري نسبه ابن فارس إلى قوم وليس بمتفق عليه عند أهل اللغة والظاهر عدم الفرق بين اللفظين
عرفا فالظاهر من كلام الأصحاب إرادة الأعم وكذا في الرواية مع أنه لم يرد في الرواية بلفظ البكاء بل بلفظ الفعل وظاهره العموم بالنسبة إلى الامرين ومع هذا يحتمل تخصيص
الحكم قصرا للحكم المخالف للأصل على القدر المتيقن مع تأمل فيه هذا كله إذا كان البكاء لشئ من أمور الدنيا واما البكاء خوفا من الله تعالى وخشية من عقابه وندامة على ما صدر عنه
من التفريط فهو أفضل الأعمال قال الله تبارك وتعالى إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجدا وبكيا فقد صح عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لأمير المؤمنين (ع) في جملة وصية له. والرابعة كثرة
البكاء لله يبنى لك بكل دمعة الف بيت في الجنة وروى ابن بابويه عن (منصور) صفور بن يونس بن و ج انه سأل الصادق (ع) عن الرجل يتباكى في الصلاة المفروضة حتى يبكى قال
قرة عين والله وقال إذا كان كذلك فاذكرني عنده وروى الشيخ عن سعيد بياع السابري قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيتباكى الرجل في الصلاة قال بخ بخ ولو مثل رأس الذباب
وروى الكليني عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم عن (منصور) صفور بن يونس عن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (ع) قال مامن مشي الا وله كيل ووزن الا الدموع فان القطرة يطفئ بحارا من نار
فإذا اغرورقت العين بمائها لم يرهق وجهها قتر ولا ذلة فإذا فاضت حرم الله على النار ولو أن باكيا بكى في أمة لرحموا وعن محمد بن مروان عن أبي عبد الله (ع) قال مامن عين
الا وهي باكية يوم القيمة الا عينا بكت من خوف الله وما أغر ورقت عين بمائها من خشية الله عز وجل الا حرم الله عز وجل سائر جسده على النار ولا فاضت على خده فرهق
ذلك الوجه قتر ولا ذلة وما من شئ الا وله كيل ووزن الا الدمعة فان الله عز وجل يطفي باليسير منها البحار من النار فلو ان عبدا بكا في أمة لرحم الله عز وجل تلك الأمة بكاء
ذلك العبد وعن أبي حمزة عن أبي جعفر (ع) قال مامن قطرة أحب إلى الله عز وجل من قطرة دموع في سواد الليل مخافة من الله لا يراد بها غيره وفي الحسن بإبراهيم عن صالح بن رزين
ومحمد بن مروان وغيرهما عن أبي عبد الله (ع) قال كل عين باكية يوم القيمة الا ثلاثة أعين غضت من محارم الله وعين سهرت في طاعة الله وعين بكت في جوف الليل من خشية الله
وعن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم عن رجل من أصحابه قال قال أبو عبد الله (ع) اوحى الله عز وجل إلى موسى (ع) ان عبادي لم يتقربوا إلي بشئ أحب إلى من ثلاث خصال قال موسى يا رب
وما هن قال يا موسى الزهد في الدنيا والورع من المعاصي والبكاء من خشيتي قال موسى يا رب فما لمن صنع ذا فأوحى الله عز وجل إليه يا موسى إما الزاهدون في الدنيا ففي الجنة واما
البكاؤن من خشيتي ففي الرفيع الاعلى لا يشاركهم أحد واما الورعون عن المعاصي فاني أفتش الناس ولا أفتشهم وعن علي بن أبي حمزة قال قال أبو عبد الله (ع) لأبي بصير ان خفت
أمرا يكون أو حاجة تريدها فابدأ بالله فمجده واثن عليه كما هو أهله وصلى على النبي صلى الله عليه وآله واسئل حاجتك وتباك ولو مثل رأس الذباب ان أبي (ع) كان يقول إن أقرب ما يكون العبد
من الرب عز وجل وهو ساجد باك والاخبار في فضل البكاء والتباكي كثيرة وفيما ذكرناه كفاية وفي اخبار متعددة دلالة على أن الابتهال يكون عند جرى الدمعة وعندما
يرى أسباب البكاء وتبطل الصلاة أيضا بتعمد الأكل والشرب وهو مذهب الشيخ في المبسوط والخلاف ومنعه المحقق في المعتبر وطالبه بالدليل على ذلك واستقرب عدم البطلان بهما
الا مع الكثرة كسائر الافعال الخارجة من الصلاة واستشكل المصنف في المنتهى الاجماع الذي نقله الشيخ وجعل ما نقلناه عن المحقق أولي وهو مختار جماعة من المتأخرين منهم
الشهيد قصرا للحكم المخالف للأصل على مورد الاتفاق ويمكن الاستدلال عليه بما أشرنا إليه من العمومات لكنه لا يصفو عن نوع تأمل قال في المنتهى ولو ترك في فيه شيئا يذوب
كالسكر تذاب فابتلعه لم تفسد صلاته عندنا وعند الجمهور يفسد لأنه يسمى كلاما لو بقى من أسنانه شيئا من بقايا الغداء فابتلعه في الصلاة لم تفسد صلاته قولا واحدا
لأنه لا يمكن التحرز عنه وكذا لو كان في فيه لقمة ولم يبتلعها الا في الصلاة لأنه فعل قليل وفرع الشارح الفاضل الأولين على القول باعتبار الكثرة في البطلان وبناهما عليه
وهو مناف للاتفاق المفهوم من كلام المصنف ولو وضع في فيه لقمة ومضغها وابتلعها أو تناول قلة وشرب منها فقد قال المصنف في النهاية والتذكرة انه مبطل أيضا لان التناول
والمضغ والابتلاع أفعال كثيرة وكذا المشروب والتخصيص بالعمد يقتضي عدم بطلان الصلاة بهما ناسيا ونقل في المنتهى اجماع الأصحاب عليه ويؤيده ما أشرنا إليه من العمومات
السابقة مع عدم الدليل على حصول البطلان به وهذا الحكم ثابت في جميع الصلوات الا في الوتر لصائم اصابه عطش المستند فيه ما رواه الشيخ عن سعيد الأعرج قال قلت لأبي
عبد الله (ع) اني أبيت وأريد الصوم فأكون في الوتر فأعطش فأكره ان اقطع الدعاء واشرب وأكره ان أصبح
وانا عطشان وامامي قلة بيني وبينها خطوتان أو ثلاث قال تسعى إليها
وتشرب منها حاجتك وتعود إلى الدعاء وهذا الاستثناء انما يصح بناء على قول الشيخ من اعتبار المسمى أو بناء على أن الشرب فعل كثير والا فلا استثناء واستقرب المصنف في المنتهى
اعتبار القلة ههنا وحمل رواية سعيد على القلة ويفهم منه ان الفعل الكثير قادح في النوافل أيضا وهو ظاهر اطلاقاتهم وقد تردد بعض الشارحين نظرا إلى ما دل على اختلاف
حكم الفريضة والنافلة ووقوع المساهلة التامة فيها مثل فعلها جالسا وراكبا وماشيا والى غير القبلة وبدون السورة وبعض الأصحاب اشترط ان لا يفعل ما ينافي الصلاة
اقتصارا في الرخصة على موردها لكن الرواية مشتملة على ثلاث خطوات والمصنف في كثير من كتبه عدها من الفعل الكثير فان صح كان مستثنى أيضا ولافرق في الوتر بين
الواجب بالنذر وغيره ولا في الصوم بين الواجب وغيره عملا باطلاق الخبر والشيخ جعل مورد الرخصة مطلق النافلة محتجا بالخبر وفيه ان الرواية مخصوصة بالصورة المذكورة فتعديتها
إلى غيرها لاوجه له ومن هنا يعلم أن الاستناد إلى الرواية يقتضي عدم تعميم الحكم بالنسبة إلى صلاة الوتر مطلقا بل تخصيصها بدعائه كما هو موردها ومن ثم اقتصر بعض
الأصحاب عليه وإذ قد عرفت ضعف مستند الحكم من أصله وان التعويل على اعتبار القلة والكثرة غير بعيد سقط ابتناء الحكم على خصوص الرواية لكن البراءة اليقينية
من التكليف الثابت تقتضيه ولا يبطل جميع ذلك المتقدم من قوله وبتعمد التكفير إلى هنا لو وقع سهوا وقد مر الكلام فيه وتبطل الصلاة أيضا بالاخلال بركن وهو
القيام والنية والتكبير والركوع والسجود وقد مر ما يتعلق بالقيام والنية والتكبير وقد بقى في هذا المقام مسئلتان الأولى المشهور بين الأصحاب ان من أخل بالركوع
ناسيا حتى يسجد بطلت صلاته وهو قول المفيد والسيد المرتضى وسلار وابن إدريس وأبي الصلاح وابن البراج وهو المحكي عن ظاهر ابن أبي عقيل واليه ذهب جمهور المتأخرين وقال
الشيخ في المبسوط وان أخل به عامدا أو ناسيا في الأوليين مطلقا أو في ثالثة المغرب بطلت صلاته وإن كان في الأخيرتين من الرباعية فان تركه عملا (عمدا) بطلت صلاته فان تركه ناسيا
357

وسجد السجدتين أو واحدة منهما أسقط السجدة وقام وركع وتمم صلاته ونحوه قال في كتابي الاخبار وعد في فصل السهو في المبسوط مما يوجب الإعادة من ترك الركوع حتى يسجد قال وفي بعض
أصحابنا من قال يسقط السجود ويعيد الركوع ثم يعيد السجود والأول أحوط ونسى في المنتهى ما نقله عن بعض الأصحاب إلى الشيخ وحكاه المحقق عن بعض الأصحاب وقال في النهاية فان
تركه ناسيا ثم ذكر في حال السجود وجب عليه الإعادة فإن لم يذكر حتى صلى ركعة أخرى ودخل في الثالثة ثم ذكر أسقط الركعة الأولى وبنى كأنه صلى ركعتين
وكذلك إن كان قد
ترك الركوع في الثانية وذكر في الثالثة أسقط الثانية وجعل الثالثة ثانية وتمم الصلاة وقال ابن الجنيد لو صحت له الأولى (وسهى) في الثانية سهوا لم يمكنه استدراكه كان أيقن
وهو ساجد انه لم يكن ركع فأراد البناء على الركعة الأولى التي صحت له رجوت ان يجزئه ذلك ولو أعاد إذا كان في الأوليين وكان الوقت متسعا كان أحب إلي وفي
الثانيتين كان ذلك يجزئه ويقرب منه قول علي بن بابويه فإنه قال وان نسيت الركوع بعدما سجدت من الركعة فأعد صلاتك لأنه إذا لم تثبت لك الأولى لم تثبت لك
صلاتك وإن كان الركوع من الركعة الثانية أو الثالثة فاحذف السجدتين واجعل الثالثة ثانية والرابعة ثالثة وقال المفيد ان ترك الركوع ناسيا أو متعمدا أعاد على
كل حال قال المصنف في المختلف فإن كان مراده من ذلك ما قصدناه من الإعادة ان ذكر بعد السجود فهو مذهبنا وان قصد الإعادة وان ذكر قبل السجود فهو ممنوع حجة المشهور وجوه
الأول ان الناسي للركوع إلى أن يسجد لم يأت بالمأمور به فلم يخرج عن عهدة التلكيف الثاني انه لو أعاد الأول لزاد ركنا ولو لم يأت به لنقص ركنا وكلاهما مبطل الثالث ان الزايد
لا يكون من الصلاة وهو فعل كثير فيكون مبطلا الرابع ما رواه الشيخ عن رفاعة في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل ينسى ان يركع حتى يسجد ويقوم قال يستقبل ورواه
الشيخ عن رفاعة باسناد اخر صحيح بتفاوت ما في المتن ورواه الكليني عن رفاعة باسنادين عن أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم وما رواه الشيخ عن أبي بصير باسنادين صحيحين عن
أبي عبد الله (ع) قال إذا أيقن الرجل انه ترك ركعة من الصلاة وقد سجد سجدتين وترك الركوع استأنف الصلاة وفي الصحيح عن صفوان عن إسحاق بن عمار الثقة المشترك بين
الفطحي وغيره قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن الرجل ينسى ان يركع قال يستقبل حتى يضع كل شئ من ذلك موضعه عن أبي بصير باسناد فيه ضعف قال سألت أبا جعفر (ع)
عن رجل نسى ان يركع فقال عليه الإعادة ويرد على الأول انا لا نسلم انه لم يأت بالمأمور به انما يصح ذلك إذا ثبت ان انتفاء ذلك معتبر في حقيقة الصلاة أو شرط في
صحتها وهو ممنوع ويمكن ان يقال بتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت على عدم الاعتداد بها من دون الإعادة ويرد عليه ان الظاهر أن انتفاء الامر المذكور ليس بداخل
في حقيقة الصلاة فإذا لم يثبت دليل على اشتراطها كان المطلق باقيا على اطلاقه فيتحقق البراءة بدونه ويمكن المنازعة في المقدمة المذكورة ويرد على الثاني انه
مختص بصورة التذكر بعد الاتيان بالسجدتين جميعا لا مطلقا فيكون أخص من الدعوى ويمكن الحكم بالتعميم بادعاء عدم القائل بالفصل وفي اثباته عسر ويرد عليه أيضا ان ما
سيجئ من الرواية يدل على جواز التلفيق فيكون الزيادة ههنا مغتفرة غير موجبة للبطلان ويرد على الثالث انا لا نسلم كون ذلك فعلا كثيرا سلمنا لكنه وقع سهوا فلا يكون
مبطلا ويرد على الرابع ان الروايتين الأولتين مختصتان بصورة التذكر بعد السجدتين فلا يوجب عموم الدعوى الا ان يثبت عدم القائل بالفصل وفيه اشكال والروايتان الأخرتان
غير صحيحتين فلا يصح التعويل عليهما مع أن ظاهرهما من حيث العموم غير معمول به بين الأصحاب وفيه تأمل
نعم يرد المعارضة بما سيجئ مما دل على جواز التلفيق فلا يتعين الحكم بالبطلان
والإعادة والشيخ في التهذيب حمل الأخبار السابقة الدالة على الإعادة على الركعتين الأوليين وانه يلفق في الأخيرتين محتجا بما رواه عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) في رجل شك
بعدما سجد انه لم يركع فان استيقن فليلق السجدتين اللتين لا ركعة لهما فيبنى على صلاته على التمام وإن كان لم يستيقن الا بعد ما فرغ وانصرف فليقم فليصل ركعة وسجدتين
ولا شئ عليه وعن العيص بن القسم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسى ركعة في صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال يقوم فيركع ويسجد سجدتي السهو ثم اورد
الشيخ رواية أبي بصير السابقة وأجاب عنها بالحمل على مثل المغرب والغداة والحمل على الركعتين الأوليين قال ويحتمل ان يكون أراد بقوله استأنف الصلاة يعني الركعة الثانية
التي فاتته واحتج على ما ذكره بما رواه عن حكم بن حكيم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل ينسى من صلاته ركعة أو سجدة أو الشئ منها ثم يذكر بعد ذلك فقال يقضي ذلك
بعينه فقلت أيعيد الصلاة فقال لا وروى ابن بابويه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا نسيت شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا ثم ذكرت فامض
الذي فاتك سواء وأجاب المحقق في المعتبر عن رواية محمد بن مسلم بان ظاهرها الاطلاق وتخصيصها بالأخيرين تحكم وفيه ان الاطلاق أحد الأقوال في المسألة فلا سبيل
إلى رده من غير دليل وأجاب عنها أيضا بأنه خبر واحد فلا يترك له الأكثر وأجيب عنها أيضا باستضعاف السند لان في طريقها الحكم بن مسكين وهو مجهول وعن رواية العيص
بأنها غير دالة على مطلوبه وانما تدل على وجوب الاتيان بالمنسي خاصة والشيخ لا يذهب إليه بل يوجب الاتيان بما بعده وقد أجيب عنه أيضا بان الظاهر أن المراد به الركعة لا مجرد
الركوع ونحن نقول بموجبه وهو سجود السهو لنقصان الركعة مع ذكرها بعد الصلاة والآتيان بها وليس في شئ مما اورده الشيخ دلالة على اختصاصه بالأخيرتين فتخصيصه بهما وتخصيص غيره
بغيرهما تحكم ظاهر وما ذكره من الاحتمال الأخير في تأويل رواية أبي بصير بعيد جدا ويرد على الاحتجاج بخبر حكم بن حكيم انه غير دال الا على الاتيان بالمنسي خاصة وهو خلاف مدعاه مع أنه
لا دلالة على اختصاصه بالأخيرتين ومعارضته بأقوى منه ويمكن تأويله بحمله على صورة لم يتجاوز محل المنسي ومثله الكلام في رواية ابن سنان ولابد من حمل التكبير فيها على غير تكبير الافتتاح
جمعا بينها وبين ما دل على أن نسيان تكبير الافتتاح يوجب إعادة الصلاة واعلم أن الصدوق اورد رواية محمد بن مسلم في كتابه بطريق صحيح ومنها أوضح مما في كتابي الشيخ فإنه روى عن
العلا عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) في رجل شك بعدما سجد انه لم يركع فقال يمضى في صلاته حتى يستيقن انه لم يركع فان استيقن انه لم يركع فليلق السجدتين اللتين لا ركوع
لهما ويبنى على صلاته على التمام وإن كان لم يستيقن الا من بعد ما فرغ وانصرف فليقم وليصل ركعة وسجدتين ولا شئ عليه ومقتضاها وجوب الاتيان بالركوع واسقاط السجدتين
مطلقا من غير تخصيص بالأخيرتين كما هو أحد الأقوال في المسألة وطريق الجمع بينه وبين الأخبار السابقة الدالة على الاستيناف التخيير بحمل هذه على الجواز والأخبار السابقة على الأفضلية
ولكن القائل بالتخيير غير معلوم وعلى كل تقدير فلاخفاء في أولوية الاستيناف فينبغي ان يكون العمل عليه الثانية المشهور بين الأصحاب ان من أخل بالسجدتين حتى ركع فيما بعد بطلت صلاته
سواء في ذلك الأوليان وغيرهما وهو قول المفيد وأبي الصلاح وابن إدريس والشيخ في النهاية فيما حكى عنهم واليه ذهب جمهور المتأخرين وقال الشيخ في الحمل والاقتصاد ان كانتا يعني السجدتين
من الأخيرتين بنى على الركوع في الأول وأعاد السجدتين ووافق المشهور في موضع من المبسوط وقال في موضع اخر منه من ترك السجدتين من ركعة من الركعتين الأوليين حتى تركع فيما بعدها
أعاد على المذهب الأول وعلى الثاني يجعل السجدتين في الثانية للأولى وبنى على صلاته وأشار بالمذهب الأول إلى ما ذكره في الركوع من أنه إذا ترك الركوع حتى يسجد أعاد قال وفي أصحابنا
من قال يسقط السجود ويعيد الركوع ثم يعيد السجود قال والأول أحوط لان هذا الحكم مختص بالركعتين الأخيرتين وهنا علم تحقق الأقوال الثلاثة المذكورة في الركوع هنا أيضا
احتجوا على الأول بأنه أخل بالركن حتى دخل في اخر فان أعاد الأول لزاد ركنا ولا نقص ركنا وكلاهما مبطلان وبان الحكم المتحقق في الركوع ينسحب ههنا لعدم القائل بالفصل وقد
ثبت البطلان هناك فكذا ههنا وفيه تأمل وبقوله (ع) في صحيحة زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وهذا للتأييد ولم اقف للقائلين
بالتلفيق هنا على حجة واضحة واحتج لهم في المختلف بان السجدتين متساويتان للركوع في الحكم فانسحب فيها حكم التلفيق الثابت في الركوع وضعف هذا الاستدلال ظاهر
وكذا تبطل
الصلاة بزيادته اي الركن كذلك اي عمدا وسهوا لم أجد خلافا في هذا الحكم بين الأصحاب واحتجوا عليه باشتراك الزيادة والنقصان في تغيير هيئة الصلاة وبما رواه الكليني والشيخ عنه
358

بتفاوت في المتن عن زرارة وبكير ابني أعين في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) قال إذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها واستقبل الصلاة
استقبالا وروي الكليني بالاسناد السابق عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة ركعة لم يعتد بها واستقبل الصلاة استقبالا
إذا كان قد استيقن يقينا وروي الشيخ عن أبي بصير في الصحيح قال قال أبو عبد الله (ع) من زاد في صلاته فعليه الإعادة وما رواه الشيخ من منصور بن حازم في الصحيح عن أبي
عبد الله (ع) قال سألته عن رجل صلى فذكر انه زاد سجدة فقال لا يعد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة ومقابلة الركعة بالسجدة وقرينة على أن المراد بالركعة
الركوع وقريب منه موثقة عبيد بن زرارة الآتية عند شرح قول المصنف ولو ذكر السجدة أو التشهد وفي الحجة الأولى تأمل وكذا في الاخبار إما حسنة زرارة وبكير
وصحيحة أبي بصير فلانه لا يبعد ان يكون المراد بالزيادة في الصلاة فيهما زيادة ركعة حذرا عن ارتكاب التخصيص (البناء) البعيد ويؤيده حسنة زرارة واما رواية منصور
وعبيد فلكونهما أخص من المدعى ويمكن حمل الخبرين الأولين على عمومها اللفظي فيما لم يثبت وليس على اخراجه بمعونة الشهرة بين الأصحاب وعملهم لكن طريق التأمل فيه
غير مسند واستثنى من هذه القاعدة أمور ذكرها الشارح الفاضل وفصلها واما ذكر محصل ما ذكره فمن قاعدة البطلان بزيادة الركن عمدا النية فان زيادتها غير
مبطلة مع عدم التلفظ بها لان الاستدامة الفعلية أقوى من الحكمية ومن قاعدة البطلان بزيادة الركن سهوا أمور الأول النية فان زيادتها سهوا غير مبطل
بطريق أولي الثاني القيام ان جعلناه ركنا كيف ما اتفق كما اختاره بعض الأصحاب واختاره المصنف واستثناه من القاعدة وعلى ما حققه المتأخرون من أن
الركن قيام خاص لا مطلق القيام فلا استثناه الثالث الركوع فيما لو سبق به المأموم امامه سهوا ثم عاد إلى المتابعة وسيأتي الركوع أيضا فيما لو استدركه
الشاك فيه في محله ثم تبين قبل رفع رأسه فعله قيل على ما اختاره الشهيد وجماعة وسيجئ تحقيقه الرابع السجود إذا زاد سجدة ان جعلنا الركن ماهية
السجود وان جعلنا الركن مجموع السجدتين كان عدم البطلان بنقصان الواحدة موجبا للاستثناء في قاعدة البطلان بنقصان الركن الخامس
لو تبين المحتاط ان صلاته كانت ناقصة وان الاحتياط مكمل لها فإنه يجزيه كما سيجئ إن كان الذكر بعد الفراغ أو قبله على قول قوي فيغتفر ما
زيد من الأركان من النية وتكبيرة الافتتاح وجعله من هذا الباب انما يستقيم إذا لم يكن الاحتياط صلاة على حدة وللتأمل فيه مجال السادس
لو سلم على بعض من صلاته ثم شرع في فريضة أو ظن أنه سلم فشرع في فريضة أخرى ولما يأت بينهما بالمنافي فان المروى عن صاحب الامر عليه السلام الأجزاء
عن الفريضة الأولى واغتفار ما زيد من تكبيرة الاحرام وهل يفتقر إلى نية العدول فيه وجهان وصحح الشارح الفاضل العدم نعم يعتبر ملاحظة كونها من
الأولى من حين الذكر وعدم كونها من الثانية بناء على اعتبار الاستدامة الحكمية
السابع لو زاد ركعة سهوا اخر الصلاة قد جلس اخرها بقدر
التشهد فان صلاته صحيحة والزيادة مفتقرة وان اشتملت على أركان كما سيجئ تحقيقه الثامن لو أتم المسافر جاهلا بوجوب القصر أو ناسيا ولم يذكر
حتى خرج فان صلاته حينئذ صحيحة والزيادة مغتفرة التاسع لو كان في الكسوف وتضيق وقت الحاضرة قطعها واتى بالحاضرة ثم بنى في الكسوف على
ما اختاره جمع من الأصحاب ورواه محمد بن مسلم من الباقر عليه السلام ورواه هو وغيره عن الصادق (ع) وفي جعله من هذا الباب تأمل وكذا تبطل الصلاة بزيادة
ركعة كذلك اي عمدا وسهوا والظاهر أنه لا نزاع في ذلك في صورة العمد واما في صورة السهو فإن لم يجلس عقيب الرابعة بمقدار التشهد فلا خلاف بين الأصحاب
في أن ذلك مبطل للصلاة ونقل اتفاقهم على ذلك جماعة منهم كالفاضلين والشهيد وغيرهم وان جلس بمقدار التشهد فمقتضى اطلاق الأكثر منهم الشيخ في جملة
من كتبه والسيد المرتضى وابن بابويه البطلان وقال الشيخ في المبسوط من زاد ركعة في صلاته أعاد ومن أصحابنا من قال إن كانت الصلاة رباعية وجلس في الرابعة
مقدار التشهد فلا إعادة عليه والأول هو الصحيح لان هذا قول من يقول إن الذكر في التشهد ليس بواجب والذي نقله الشيخ عن بعض الأصحاب محكى عن ابن الجنيد
واختاره المحقق في المعتبر والمصنف في التحرير والمختلف وجعله المحقق أحد قولي الشيخ ونسبه في المنتهى إلى الشيخ في التهذيب وفيه تأمل لما سيجئ وقال ابن إدريس في السرائر
من صلى الظهر (نلا) أربع ركعات وجلس في دبر الرابعة فتشهد الشهادتين وصلى على النبي صلى الله عليه وآله ثم قام ساهيا عن التسليم وصلى ركعة خاصة فعلى مذهب من أوجب
التسليم فالصلاة باطلة وعلى مذهب من لم يوجبه فالأولى ان يقال إن الصلاة صحيحة لأنه ما زاد في صلاته ركعة لأنه بقيامه خرج من صلاته إلى هذا القول ذهب
شيخنا أبو جعفر في استبصاره نعم ما قال انتهى كلامه وما نقله عن الاستبصار فهو ظاهر التهذيب (مثلا) أيضا احتج الشيخ في الخلاف على القول الأول بتوقف يقين البراءة
عليه قال وانما يعتبر الجلوس بمقدار التشهد أبو حنيفة بناء على أن الذكر في التشهد وليس بواجب واستدل عليه أيضا برواية زرارة وبكير ورواية أبي بصير
السابقتين عن قريب ويرد عليه بالمعارضة بالأخبار الآتية احتج أصحاب القول الثاني بان نسيان التشهد غير مبطل فإذا جلس للتشهد فقد فصل بين
الفرض والزيادة بما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن رجل صلى خمسا فقال إن كان جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته وعن
محمد بن مسلم فيه جهاله قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل استيقن بعد ما صلى الظهر انه صلى خمسا قال وكيف استيقن قلت علم قال إن كان علم أنه كان جلس في الرابعة
فصلاة الظهر تامة وليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة وسجدتين فيكونان ركعتي نافلة ولا شئ عليه ويدل عليه أيضا ما رواه الصدوق عن جميل بن دراج
في الصحيح عن الصادق عليه السلام أنه قال في رجل صلى خمسا انه إن كان جلس في الرابعة مقدار التشهد فعبادته جائزة وعن العلا عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
قال سألته عن رجل صلى الظهر خمسا فقال إن كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهد ثم يصلي وهو جالس ركعتين
وأربع سجدات فيضيفها إلى الخامسة فتكون النافلة ومضمون الخبر الأخير مخالف المعمول بين الأصحاب ويرد على الحجة الأولى ان تحقق الفصل بالجلوس لا يقتضي عدم وقوع
الزيادة في أثناء الصلاة وعلى الروايات انه لا يبعد ان يكون المراد بالجلوس والجلوس بمقدار التشهد، التشهد لشيوع مثل هذا الاطلاق وندرة وقوع الجلوس بدون
التشهد وبه صرح الشيخ في الاستبصار حيث قال إن هذين الخبرين لا ينافيان الخبرين الأولين يعني روايتي أبي بصير وابني أعين لان من جلس في الرابعة وتشهد ثم قام
وصلى ركعة لم يخل بركن من أركان الصلاة وانما أخل بالتسليم والاخلال بالتسليم لا يوجب إعادة الصلاة وقريب منه كلامه في التهذيب واستحسن هذا الحمل
الشهيد في الذكرى قال ويكون (في) هذه الأخبار دلالة على ندب التسليم والذي لم يحصل ان من تشهد عقيب الرابعة وكذا عقيب الثالثة والثانية في الثلاثية والثنائية
فان صلاته صحيحة بناء على ما اخترناه من استحباب التسليم وان جلس بقدر التشهد ولم يتشهد ففيه تردد نظرا إلى مدلول اللفظ حيث لم يذكر فيه صومي
الجلوس بقدر التشهد ومن قرب احتمال ان يكون المراد به نفس التشهد ومقتضى التردد القول بالإعادة بناء على توقف اليقين بالبرائة عن التكليف الثابت
عليها وعلى كل تقدير فلا ريب في أن الاحتياط فيه واما ما روى الشيخ عن زيد بن علي في الضعيف عن ابائه عن علي عليه السلام قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر خمس
359

ركعات ثم انفتل فقال له بعض القوم (ها) يا رسول الله هل زيد في الصلاة شئ قال وما ذاك قال صليت بنا خمس ركعات قال فاستقبل القبلة وكبر وهو جالس
ثم سجد سجدتين ليس فيهما قرائة ولا ركوع ثم سلم وكان يقول هما المرغمتان فضعيف لا يعول عليه ويمكن حمله على أنه صلى الله عليه وآله ثم قام إلى الخامسة ولو ذكر
الزيادة بعد السجود كان قد جلس بعد الرابعة أو تشهد على القولين فالأولى ان يضيف إلى الخامسة ركعة أخرى ويكون نافلة كما مر في خبر محمد بن مسلم واحتمل
المصنف التسليم وسجود السهو ولو ذكر الزيادة قبل الركوع فلا اشكال في الصحة ولو ذكرها بعد الركوع قبل السجود فالظاهر الصحة ان تشهد بعد الرابعة مع تردد فيه
واحتمل المصنف البطلان ولو زاد أكثر من واحدة أو زاد في الثنائية أو الثلاثية فان تشهد فالظاهر الصحة على اشكال واليه ذهب الشهيد وبدل التشهد فالظاهر فيه وفي الفرع
السابق البطلان لحسنة زرارة وبكير وصحيحة أبي بصير السالمتين عن المعارض ههنا
وكذا تبطل الصلاة بنقصان ركعة عمدا لما مر من أن نقصان الركن موجب لبطلان
الصلاة ولو نقصها أو نقص ما زاد على الركعة سهوا أتم الصلاة ان لم يكن تكلم أو استدبر القبلة أو أحدث تنقيح هذا المقام يتم برسم مسائل الأولى إذا ذكر
النقص بعد التسليم قبل فعل المنافي فالظاهر أنه يجب عليه اتمام الصلاة ولا إعادة عليه ولو كان في الثانية والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه ما رواه
الشيخ عن الحرث بن المغيرة والنضري في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) إذا صلينا المغرب فسهى الامام فسلم في الركعتين فأعدنا الصلاة فقال ولم أعد أتم ليس قد انصرف
رسول الله (ص) في الركعتين فأتم ركعتين الا أتم في ما رواه الشيخ والكليني في الصحيح إلى أبي بكر الحضرمي قال صليت بأصحابي المغرب فلما ان صليت ركعتين فأعدت فأخبرت
أبا عبد الله (ع) فقال لعلك أعدت فقلت نعم فضحك ثم قال انما كان يجزيك ان تقوم وتركع ركعة ان رسول الله صلى الله عليه وآله سهى فسلم في ركعتين ثم ذكر حديث ذي الشمالين فقال ثم قام
فأضاف إليهما ركعتين ورواه الشيخ عن العيص في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسى ركعة من صلاته حتى فرغ منها ثم ذكر انه لم يركع قال يقوم فيركع ويسجد سجدتين
وأوردها الشيخ في موضع اخر بتفاوت في السند ويدل قوله سلمت فقال بعضهم انما صليت ركعتين ويسجد سجدتين السهو وفي الصحيح إلى الحسين بن أبي
العلا الممدوح عن أبي عبد الله عليه السلام قال قلت أجئ إلى الامام وقد سبقني بركعة في الفجر فلما سلم وقع
في قلبي اني قد أتممت فلم أزل أذكر الله تعالى حتى طلعت
الشمس فلما طلعت الشمس نهضت فذكرت ان الامام كان قد سبقني بركعة قال فان كنت في مقامك فأتم بركعة وان كنت قد انصرفت فعليك الإعادة وعن عمار
في الموثق عن أبي عبد الله (ع) سألته عن رجل صلى ثلاث ركعات وهو يظن أنها أربع فلما سلم ذكر انها ثلاث قال يبنى على صلاته متى ما ذكر ويصلى ركعة ويتشهد ويسلم
ويسجد سجدتي السهو قد جازت صلاته الثانية ان يذكر النقض بعد فعل المنافي عمدا لا سهوا كالكلام واختلف الأصحاب في حكمه فالمشهور عدم وجوب
الإعادة وقال الشيخ في النهاية يجب عليه الإعادة وهو المنقول عن أبي الصلاح الحلبي ونقل في المبسوط عن بعض أصحابنا قولا بوجوب الإعادة في غير الرباعية
والأقرب الأول وقد مر تحقيقه سابقا عند شرح قول المصنف والكلام بحرفين ويؤيده رواية أبي سعيد القماط المذكورة عند شرح قول المصنف وتبطل بفعل كل
ما يبطل الطهارة الثالثة ان يذكر النقص بعد فعل كل ما يبطل الصلاة عمدا أو سهوا كالحدث والفعل الكثير الذي يوجب انمحاء صورة والأكثر على وجوب
الإعادة وقال ابن بابويه في المقنع على ما حكى عنه ان صليت ركعتين من الفريضة ثم قمت فذهبت في حاجة لك فأضف إلى صلاتك ما نقص ولو بلغت الصين ولا
تعد الصلاة فان إعادة الصلاة في هذه المسألة مذهب يونس بن عبد الرحمن ويدل على القول الأول ما رواه الشيخ عن جميل في الصحيح قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
رجل صلى ركعتين ثم قام قال يستقبل قال قلت فما يروى الناس فذكر له حديث ذي الشمالين فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبرح من مكانه ولو برح استقبل وعن
أبي يصير في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى ركعتين ثم قام فذهب في خاصة قال يستقبل الصلاة فقلت ما بال رسول الله لم يستقبل حين
صلى ركعتين فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم ينتقل من موضعه وعن سماعة في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في تتمه حديث قال قلت أرأيت من
صلى ركعتين وظن أنها أربع فسلم وانصرف ثم ذكر بعدما ذهب انه صلى ركعتين قال يستقبل الصلاة من أولها قال قلت فما بال رسول الله لم
يستقبل الصلاة وانما أتم لهم ما بقى من صلاته فقال إن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يبرح من مجلسه فإن كان لم يبرح من مجلسه فليتم ما نقص من
صلاته إذا كان قد حفظ الركعتين الأوليين وعن محمد بن مسلم باسناد فيه ضعف عن أحدهما (ع) قال سئل عن رجل دخل مع الامام في صلاته وقد سبقه
بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر انه قد فاتته ركعة قال يعيد ركعة واحده يجوز له ذلك إذا لم يحول وجهه عن القبلة فإذا حول وجهه عن القبلة فعليه
ان يستقبل الصلاة استقبالا ويدل على القول الثاني ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن رجل صلى بالكوفة ركعتين ثم ذكر
وهو بمكة أو بالمدينة أو بالبصرة أو ببلدة من البلد ان انه صلى ركعتين قال يصلى ركعتين وأولها الشيخ بوجهين أحدهما الحمل على صورة الظن دون اليقين
وثانيهما الحمل على النافلة دون الفريضة وفيهما يعد ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن محمد وهو ابن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال سئل رجل دخل مع
الامام في صلاته وقد سبقه بركعة فلما فرغ الامام خرج مع الناس ثم ذكر بعد ذلك أنه فاتته ركعة قال يعيدها ركعة واحدة ورواه الصدوق باسناد
الظاهر الصحة وعن عبيد بن زرارة في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى ركعة من الغداة ثم انصرف وخرج في حوائجه ثم ذكر انه صلى ركعة قال فليتم ما بقى
وعن عبيد بن زرارة في الموثق بابن بكير قال سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل يصلى الغداة ركعة ويتشهد ثم ينصرف ويذهب ويجئ ثم يذكر بعد انه انما صلى ركعة
قال يضيف إليها ركعة وعن عبيد بن زرارة في الموثق ما يقرب من السابق وحمل الشيخ هذه الأخبار على ماذا (إذا) لم يحصل الاستدبار وهو بعيد ويدل عليه
أيضا ما رواه الشيخ عن عمار في الموثق في جملة حديث والرجل يذكر بعدما قام وتكلم ومعنى في حوائجه انه انما صلى ركعتين في الظهر والعصر والعتمة والمغرب
قال يبنى على صلاته فيتمها ولو بلغ الصين ولا يعيد الصلاة ورواه ابن بابويه بتفاوت في المتن وأولها الشيخ بما ذكر في تأويل صحيحة زرارة وهو بعيد
ويؤيد هذا القول ما رواه الشيخ عن حمزة بن حمران في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال ما أعاد الصلاة ففيه قط يختال (يحتال) لها ويدبرها حتى لا يعيدها والأقرب
في وجه الجمع بين هذه الأخبار حمل اخبار الإعادة على الاستحباب وحمل ما يعارضها على الرخصة
ولو تيقن انه ترك سجدتين وشك هل هما من ركعة واحدة
أو اثنتين بطلت الصلاة لأنه يجب عليه الاتيان بالصلاة تامة الافعال ولم يحصل العلم بذلك بل ولا الظن فينبغي تحت عهدة التكليف وبهذا التعليل لا يثبت
وجوب القضاء ويحتمل الصحة لان ذلك من قبيل الشك في حصول المبطل بعد مجاورة المحل ويجئ في محله اخبار دالة على أن مثل هذا الشك غير موجب للبطلان
وقد تعلل الصحة بالأصل وبعد نسيان السجود رأسا من ركعة بخلاف الواحدة من كل منهما وفي التعليلين تأمل ولو شك قبل اكمال السجود وبعد الركوع هل
رفعه من الركوع لرابعة أو لخامسة بطلت صلاته عند المصنف والمحكى عن جماعة من الأصحاب منهم المحقق والشهيد عدم البطلان والبناء على الرابعة والاتمام
360

حجة الأول وقوع التردد بين محذورين كل منهما مبطل للصلاة لأنه ان أتمها أمكن كونها خامسة فيلزم زيادة الركن وان تركها أمكن كونها رابعة فيلزم نقيصة
الركن وكلاهما موجب لبطلان ويرد عليه انا لا نسلم ان احتمال زيادة الركن أو نقصانه مبطل للصلاة بل انما يسلم بطلان الصلاة بالزيادة والنقصان الثابت المحقق لا
مطلقا فلابد التعميم الحكم وانسحاب حكم المتحقق في المحتمل من دليل وحجة الثاني أصالة عدم الزيادة وأصالة الصحة وفيه تأمل قيل لو منع تجويز الزيادة لاثر في جميع صوره
فيلزم البطلان في صورة تأخر الشك عن السجود ان التجويز قائم والفرق بان ما بعد السجود محتمل للزيادة سهوا والمتنازع معرض له عمدا غير جيد لان الزيادة المحتملة
ركن ولافرق في زيادته بين العمد والسهو ولقائل أن يقول تجويز الزيادة مؤثر في البطلان لا ما خرج بالدليل ويمكن تقوية الأول بان الذمة مشغولة بالصلاة الخالية
عن الزيادة والنقيصة فلا يحصل البراءة بدونه ويمكن تقوية الثاني بان النصوص الآتية الدالة على حكم (النصوص) الشك بين الأربع والخمس شامل لمحل النزاع
لصدق الركعة بتحقق الركوع وفيه منع نعم يمكن الاستناد إلى صحيحه عبد الرحمن بن الحجاج وموثقة إسحاق بن عمار الآيتين في مسألة الشك بين الاثنين والثلاثة وصحيحة
الحلبي الآتية في احكام سجود السهو ويؤيده ما دل على أنه لا يعيد الصلاة وفيه فاذن الترجيح للقول بالصحة وفي حكمه لو كان الشك بعد الركوع قبل الرفع ويحتمل
ارسال نفعه وعدم الركعة فيكون من باب الشك بين الثلاث والأربع لدخوله تحت العمومات الدالة عليه الا ان يثبت ان زيادة الركن قادح في صحة الصلاة مطلقا لا
ما خرج بالدليل ولم يثبت ذلك بوجه يصفو عن الاشكال بل يجرى هذا الاحتمال في الصورة السابقة أيضا الا انه لا اعلم به قائلا من الأصحاب فالاجتراء عليه مشكل
وعلى كل تقدير فالحكم بجواز البناء على الأقل فيه متجه نظر إلى ما ذكرنا وحسنة زرارة الآتية في مسألة الشك بين الثلاث والأربع ولو كان الشك قبل الركوع سواء
كان قبل القراءة أو بعدها ارسل نفسه فجلس وسلم ويبنى على الرابعة ويحتاط بركعة لأنه شك بين الثلاث والأربع وهذا على القول المشهور وسيجئ خلاف ما فيه
وتحقيقه وأما إذا كان الشك بعد الساجدين أو بينهما فسيجئ بيان حكمه وتبطل الصلاة لو شك في عدد الثنائية كالصبح ورباعية السفر وصلاة العيدين حال كونها فرضا
وصلاة الكسوف وكذا يبطل الصلاة
ولو شك في عدد الثلاثية كالمغرب نسب المصنف في التذكرة هذه الأحكام إلى علمائنا قال ولم يفرق أحد من الجمهور بين
الصلوات بل وسوى بينها في الحكم وهو قول الصدوق هنا وقال في المنتهى ولو شك في عدد الثنائية كالصبح وصلاة السفر والجمعة والكسوف أو في الثلاثية
كالمغرب عنه المصنف في المختلف والشهيد في الذكرى أنه قال في المقنع إذا شككت في المغرب فلم تدري في ثلاث أنت أم أربع وقد أحرزت الثنتين في
نفسك وأنت في شك من الثلاث والأربع فأضف إليها ركعة أخرى ولا تعد بالشك فان ذهب وهمك إلى الثالثة فسلم وصل ركعتين بأربع سجدات
وانه جالس قال الشهيد وهو قول نادر وما نقل عنه مخصوص ببعض صور المسألة وظاهر كلامه في الفقيه يوافق المشهور والأقرب القول الأول ويدل عليه روايات
منها ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام وعن حفص بن البختري وغيره في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا شككت في المغرب
فأعد وروى هذه الرواية الكليني والشيخ عنه عن حفص وغيره في الحسن بإبراهيم بن هاشم ومنها ما رواه عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما عليه السلام
قال سألته عن السهو في المغرب قال يعيد حتى يحفظ انها ليست مثل الشفع والظاهر أن المراد بالشفع الأربع جمعا بينه وبين غيره من الاخبار ومنها
ما رواه عن أبي بصير في الصحيح قال قال أبو عبد الله (ع) إذا سهوت في المغرب فأعد الصلاة وعن العلا في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يشك في
الفجر قال يعيد قلت والمغرب قال نعم والوتر والجمعة من غيران أسئله ولعل المراد بالوتر الثلاث ركعات وروى الكليني والشيخ عنه عن محمد بن مسلم في
الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلى ولا يدرى اواحدة صلى عن اثنتين قال يستقبل حتى يستيقن انه قد أتم
وفي الجمعة وفي المغرب وفي الصلاة في السفر وروى (خ) عن عبد الله بن مسكان في الصحيح وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه عن عنبسة بن
مصعب وهو ما وسى غير موثق قال قال أبو عبد الله عليه السلام إذا شككت في المغرب فأعد وإذا شككت في الفجر فأعد وعن سماعة في
الموثق قال سألته عن السهو في صلاة الغداة قال إذا لم تدر واحدة صليت أم ثنتين فأعد الصلاة من أولها والجمعة أيضا إذا سهى فيها
الامام فعليه ان يعيد الصلاة لأنها ركعتان والمغرب إذا سهى فيها فلم يدر كم ركعة صلى فعليه ان يعيد الصلاة واما ما رواه الشيخ عن عمار
الساباطي في الموثق قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل (سها) في المغرب فلم يدر ركعتين صلى أم ثلاثة قال يسلم ثم يقوم فيضيف إليها ركعة ثم قال هذا والله
مما لا يقضى ابدا فقد أجيب عنه بالطعن في السند لان الراوي فطحي والظاهر أنه من الاخبار المعتمدة بصحته إلى ابن أبي عمير الواقع في الطريق وعمل الأصحاب
بروايات عمار لكن لم يظهر قائل به صريحا لعدم انطباقه على التفصيل المنقول عن الصدوق ولا على ما نقل عنه من البناء على الأول فعند معارضته
بالاخبار الكثيرة والشهرة التامة حتى أن الشيخ نقل الاجماع على ترك العمل به لا يجوز التعويل عليه وان أمكن الجمع بينه وبين الأخبار السابقة
بالتخيير وبالجملة يتوقف البراءة اليقينية من التكليف الثابت على الإعادة فتعين العمل بها ومنه يظهر الجواب عما رواه الشيخ عن عمار الساباطي
أيضا في الموثق قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل لم يدر صلى الفجر ركعتين أو ركعة قال يتشهد وينصرف ثم يقوم فيصلى ركعة فإن كان
صلى ركعتين كانت هذه تطوعا وإن كان صلى ركعة كانت هذه تمام الصلاة قلت فيصلي المغرب فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا قال يتشهد و
ينصرف ثم يقوم فيصلى ركعة فإن كان صلى ثلاثا كانت هذه تطوعا وإن كان صلى اثنتين وكان هذه تمام الصلاة وهذا والله مما لا يقضى ابدا مع أن
هذه الرواية أضعف سندا من السابق وعمل الصدوق بمضمونه غير معلوم وقال الشيخ في الاستبصار بعد نقل روايتي عمار ان هذين الخبرين شاذان
مخالفان للاخبار كلها وان الطائفة قد أجمعت على ترك العمل بها ثم احتمل حملها على نافلتي الفجر والمغرب وهو بعيد واما الروايات التي سيجيئ في المسألة
الآتية الدالة على أن من يدرى صلى ركعة أو ركعتين يتم بركعة الشاملة بعمومها لمحل النزاع فالجواب عنها انها عامة بالنسبة إلى ما دل على وجوب الإعادة
هاهنا والخاص مقدم على العام فمسلم لا يخفى ان عموم النصوص وفتاوى الأصحاب يقضى عدم الفرق في وجوب الإعادة بين الشك في الزيادة والنقصان
ويؤيده ما رواه الشيخ عن التفصيل باسناد لا يخلو من قوة قال ما سألته عن السهو فقال في صلاة المغرب إذا لم تحفظ ما بين الثلاث إلى الأربع فأعد صلاتك
وتبطل الصلاة أيضا لو شك في عدد الأوليين مطلقا رباعية كانت أم غيرها على المشهور بين الأصحاب حتى قال المصنف في المنتهى والشهيد في
الذكرى انه قول علمائنا أجمع الا أبي جعفر بن بابويه فإنه قال في الشك بين الركعة والركعتين فله البناء على الركعة وقال والده إذا شك في
الركعة الأولى والثالثة أعاد وان شك ثانيا وتوهم الثانية بنى عليها ثم احتاط بعد التسليم بركعتين قاعدا وان توهم الأولى بنى عليها
361

وتشهد في كل ركعة فان تيقن بعد التسليم الزيادة لم يضر لان التسليم حائل بين الرابعة والخامسة وان تساوى الاحتمالان تخير بين ركعة قائما
وركعتين جالسا ويدل على القول الأول روايات كثيرة منها ما رواه الشيخ عن الفضل بن عبد الملك في الصحيح قال قال لي إذا لم تحفظ الركعتين الأوليين
فأعد صلاتك وعن أبي بصير في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سهوت في الركعتين الأولتين فأعدهما (متى) يثبتها وعن رفاعة في الصحيح قال سألت
أبا عبد الله (ع) عن رجل لا يدري أركعة صلى أم اثنتين قال يعيد ومنها ما رواه الكليني والشيخ عنه باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن
أحدهما عليه السلام قال قلت له رجل لا يدري اواحدة صلى أم ثنتين قال يعيد وعن الحسن بن علي الوشا في الخمس به قال قال لي أبو الحسن الرضا عليه السلام
الإعادة في الركعتين الأخيرتين وروى الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا جعفر عليه السلام إلى الأولتين والسهو في الركعتين الأخيرتين وروى
الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا جعفر (ع) عن رجل شك في الركعة الأولى قال يستأنف وعن ابن مسكان في الصحيح عن عنبسة بن مصعب الضعيف
قال قال لي أبو عبد الله عليه السلام إذا شككت في الركعتين الأولتين فأعد ورواه الكليني في الضعيف وعن سماعة في الموثق إذا سهى الرجل في الركعتين
الأولتين من الظهر والعصر فلم يدر واحدة صلى أم ثنتين فعليه ان يعيد الصلاة ورواه الكليني أيضا في الموثق عن إسماعيل الجعفي وعن أبي يعفور عن أبي
جعفر وأبي عبد الله عليه السلام انهما قال إذا لم تدر اواحدة صليت أم ثنتين فاستقبل ويدل على قول ابن بابويه روايات منها ما رواه الشيخ عن الحسين بن
أبي العلا في الحسن به قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل لا يدري أركعتين صلى أم واحدة قال يتم وعن عبد الرحمن بن الحجاج في القوى عن أبي إبراهيم (ع)
قال في الرجل لا يدري ركعة صلى أم اثنتين قال يبنى على الركعة وفي طريق هذه الرواية السندي بن الربيع وهو غير موثق في كتب الرجال الا ان له كتابا يرويه صفوان
وغيره وفيه اشعار ما بحسن حاله وعن عبد الله بن أبي يعفور في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل لا يدري أركعتين صلى أم واحدة فقال يتم
بركعة وعن الحسين بن أبي العلا في الحسن به عن أبي عبد الله عليه السلام في الرجل لا يدري ركعتين صلى أم واحدة قال يتم على صلاته وأجاب الشيخ عن هذه الأخبار
أولا بأنها اخبار قليلة وما تضمن الإعادة كثير جدا ولا يجوز العدول عن الأكثر إلى الأقل وثانيا بالحمل على النافلة وهو حمل بعيد والأقرب في الجمع بين
الاخبار التخيير والأحوط الإعادة لحصول البراءة بها يقينا واما التفصيل الذي ذكره علي بن بابويه فلم اطلع على مستند له
وكذا تبطل صلاته إذا شك
ولم يعلم كم صلى على المشهور بين الأصحاب حتى قال في المنتهى وعليه علماؤنا وهو مشعر باتفاقهم ومقتضى كلام ابن بابويه فيمن لا يحضره الفقيه جواز البناء
على الأقل في هذه المسألة أيضا وقال والده فان شككت فلم تدر اواحدة صليت أم اثنتين أم ثلاثا أم أربعا صليت ركعه من قيام وركعتي من جلوس ويدل
على القول الأول روايات منها ما رواه الكليني في الصحيح عن أبي الحسن (ع) قال إن كنت لا تدري كم صليت ولم يقع وهمك على شئ فأعد الصلاة ورواه
الشيخ عن صفوان باسناد فيه جهالة وروى الكليني عن عبد الله بن أبي يعفور الثقة باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع)
قال إن شككت فلم تدر أفي ثلاث أنت أم في اثنتين أم في واحدة أم في أربع فأعد ولا تمض على الشك ورواه الشيخ عن ابن أبي يعفور باسناد فيه اشتراك و
روى الكليني والشيخ عنه عن زرارة وأبي بصير باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم قال قلت له الرجل يشك كثيرا في صلاته حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقى
عليه قال يعيد قلنا فإنه يكبر عليه ذلك كلما أعاد شك قال يمضى في شكه الحديث وروى الشيخ عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر (ع) قال سألته عن الرجل
يقوم في الصلاة فلا يدري صلى شيئا أم لا فقال يستقبل ويدل عليه أيضا ما مر من أنه إذا لم يسلم له الأوليان تبطل الصلاة فإنه في الحقيقة شك في الأوليين
ويدل عليه أيضا قوله (ع) في رواية علي بن النعمان السابقة انما يعيد من لا يدري ما صلى ويدل على البناء على الأول ما رواه الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيح
قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل لا يدري كم صلى واحدة أم اثنتين أم ثلاثا قال (ع) يبنى على الجزم ويسجد سجدتي السهو يتشهد خفيفا وحملها الشيخ
على أن المراد بالجزم استيناف الصلاة وحمل الامر بالسجود على الاستحباب وفيه بعد واستشكله في الذكرى بأنه لا يجمع بين سجدتي السهو وبين إعادة الصلوات
وجوبا ولا استحبابا وأجاب المصنف عن هذه الرواية بالحمل علي من كثر سهوه وهو أيضا بعيد على أن البناء على الجزم لا يطابق بحمل حكم كثير السهو ويدل عليه أيضا
ما رواه الشيخ عن صفوان في الصحيح عن عنبسة بن مصعب الضعيف قال سألته عن الرجل لا يدري ركعتين ركع أو واحدة أو ثلاثا قال يبنى صلاته على ركعة واحدة
يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ويسجد سجدتي السهو وعن عبد الله بن المغيرة في الموثق وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه عن علي بن أبي حمزه الضعيف
عن رجل صالح قال سألته عن الرجل يشك فلا يدري واحدة صلى أم اثنتين أو ثلاثا أو أربعا تلتبس عليه صلاته قال كل ذا قلت نعم قال فليمض في صلاته ويتعوذ
بالله من الشيطان الرجيم فإنه يوشك ان يذهب عنه ورواه ابن بابويه عن أبي بصير في الصحيح وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه عن علي بن أبي حمزة قال
الصدوق وروى سهل بن السبع في ذلك عن الرضا (ع) أنه قال يبنى على يقينه ويسجد سجدتي السهو بعد التسليم ويتشهد تشهدا خفيفا وطريقه إلى سهل من (الحيال)
بإبراهيم بن هاشم وسهل ثقة ثم قال وقد روى أنه يصلى ركعة من قيام أو ركعتين وهو جالس وليست هذه الأخبار مختلفة وصاحب هذا السهو بالخيار بأي جزء منها اخذ
فهو مصيب وحمل الشيخ رواية علي بن أبي حمزة على السهو في النوافل واحتمل حملها على من يكثر عليه السهو والأقرب في الجمع بين الاخبار والحمل على التخيير وأمكن العدول عن الأخبار الكثيرة
المعتضدة بالشهرة إلى غيرها مشكل
وبالجملة لا ريب في أن الاحتياط في الإعادة أو لم يعلم ما نواه فان الصلاة تبطل حينئذ لانتفاء الترجيح قال الشارح الفاضل
هذا إذا لم يعلم ما قامه إليه والا بنى عليه عملا بالظواهر من أنه نوى ما في نفسه ان يفعله وفيه تأمل إذ لا دليل على جواز الاكتفاء بمثل هذه القرينة قيل ويدل عليه
الاخبار أيضا مثل ما رواه الشيخ والكليني عن عبد الله بن المغيرة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال في كتاب حريز أنه قال إني نسيت اني في صلاة فريضة حتى ركعت
وانا أنويها تطوعا قال فقال هي التي قمت فيها ان كنت قمت وأنت تنوي فريضة ثم دخلك الشك فأنت في الفريضة وان كنت دخلت في نافلة فتنويها فريضة
فأنت في النافلة فان كنت دخلت في فريضة ثم ذكرت نافلة كانت عليك فامض في الفريضة وعن معاوية باسناد
فيه شئ قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن رجل قام في الصلاة المكتوبة فسهى فظن أنها نافلة أو كان في النافلة فظن أنها مكتوبة قال هي على ما افتتح الصلاة عليه وعن الحسن بن محبوب في الصحيح وقيل إن
ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه عن عبد العزيز الضعيف عن عبد الله بن أبي يعفور الثقة عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل قام في صلاة
فريضة فصلى ركعة وهو ينوى انها نافلة قال هي التي قمت فيها ولها وقال إذا قمت وأنت تنوي الفريضة فدخلك الشك بعد فأنت في الفريضة على الذي
قمت لو أن كنت دخلت فيها وأنت تنوي نافلة ثم انك تنويها بعد فريضة فأنت في النافلة وانما يجب للبعد من صلاته التي ابتدا في أول صلاته وفي
362

دلالة تلك الأخبار تأمل إذ المستفاد منها ان من دخل في الصلاة بنية الفريضة أو النافلة ثم سهى عنها ونواها غيرها فإنما يحسب له ما نوى عند دخوله
فيها وذلك غير المدعا قال الشارح الفاضل ولو شك بعد الفراغ من أربع هل هي الظهر أو العصر قيل يبنى على الظهر بناء على الظاهر من أنه بدء
بالواجب أولا ولو صلى رباعية مرددة بين الظهر والعصر كان طريقا إلى البراءة أيضا إذا صادفت الأولى الوقت المشترك والا لم يصلح الترديد
كذا ذكره الشهيد وجماعة مع احتمال البطلان في الجميع كما يقتضيه اطلاق العبارة لعدم اليقين انتهى كلامه ولعل احتمال البطلان في الجميع ضعيف فتدبر
ويكره للرجل العقص قال في القاموس عقص شعره ظفره وقبله والقول بكراهة ذلك هو المشهور بين الأصحاب ذهب إليه سلار وأبو الصلاح وابن إدريس
وجمهور المتأخرين هو ظاهر عبارة المفيد وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ إلى أنه محرم مبطل للصلاة احتج الشيخ باجماع الفرقة وبما رواه مصارف
عن أبي عبد الله عليه السلام في رجل صلى صلاة فريضة وهو معقوص الشعر قال يعيد صلاة وفيه نظر لمنع ثبوت الاجماع وضعف الرواية فلا تنهض
حجة باثبات التحريم نعم يمكن اثبات الكراهية بمثلها واختار فخر الدين ولد المصنف التحريم ان منع من السجود وهو خروج عن المسألة مستلزم لاستواء الحكم
في الرجل والمرأة قيل وعلى تقدير التحريم لا يتجه البطلان الصلاة لان النهي عن أمر خارج ولا يخفى انه قد يلزم البطلان إذا كان حله ضدا للصلاة بناء على أن
الامر بالشئ مستلزم للنهي عن ضده الخاص والنهى في العبارة يستلزم الفساد والحكم المذكور مختص بالرجل اجماعا أو كان الصواب تقييد العبارة
والالتفات بالوجه يمينا وشمالا هذا هو المشهور بين الأصحاب إلى أنه محرم مبطل للصلاة وقد مر تحقيق الكلام في هذا الباب والتثاؤب والتمطي
والفرقعة بالأصابع والعبث ونفخ موضع السجود والتنخم والبصاق المستند في هذه الأحكام روايات كثيرة منها ما رواه الكليني باسنادين أحدهما
من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أبي جعفر (ع) أنه قال إذا قمت بالصلاة فعليك بالاقبال على صلاتك فإنما يحسب لك منها ما أقبلت عليه ولا تعبث
فيها بيدك ولا براسك ولا بلحيتك ولا تحدث نفسك والا تتثاوب ولا تتمخط ولا تكفر فإنما يفعل ذلك المجوس ولا تلثم ولا تفرج كما يتفرج البعير ولا
تقع على قدميك ولا تفترش ذراعيك ولا تقرقع (تفرقع) أصابعك فان ذلك كله نقصان في الصلاة ولا تقم إلى الصلاة متكأسا (متكاسلا) ولا متناعسا ولا متثاقلا
فإنهن من خلال النفاق فان الله تعالى نهى المؤمنين ان يقوموا إلى الصلاة وهم سكارى يعني سكر النوم وقال للمنافقين وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا
كسالى يراؤن الناس ولا يذكرون الله الا قليلا وعن الحسين بن الحسن الفارسي عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله كره لكم أيتها الأمة
أربعا وعشرين خصلة ونهاكم عنها كره لكم العبث في الصلاة وروى الصدوق في كتاب الخصال باسناد اخر عن الصادق (ع) عن ابائه عن علي عليه السلام
قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ان الله عز وجل كره لكم أيتها الأمة أربعا وعشرين خصلة ونهاكم عنها كره لكم العبث في الصلاة سارق الكلام إلى أن قال كره النفخ في
موضع الصلاة وروى الكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا دخلت في الصلاة فعليك بالتخشع والاقبال على
صلاتك فان الله عز وجل يقول الذين هم في صلواتهم خاشعون وعن جهم بن الحميد عن أبي عبد الله (ع) قال كان أبي يقول كان علي بن الحسين عليه السلام إذا
قام في الصلاة كأنه ساق شجرة لا يتحرك منه شئ الا ما حرك الريح منه وعن أحمد بن محمد بن عيسى رفعه عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قمت في الصلاة فلا تعبث بلحيتك
ولا براسك ولا تعبث بالحصى وأنت تصلي الا ان تسوي حيث تسجد فإنه لا باس وروى الشيخ عن أبي بصير قال قال أبو عبد الله (ع) إذا قمت في الصلاة فاعلم
انك بين يدي الله فان كنت لا تراه فاعلم أنه يراك فاقبل صلاتك ولا تمتخط ولا تبزق ولا تنقض أصابعك ولا تورك فان قوما قد عذبوا بنقض الأصابع و
التورك في الصلاة وإذا رفعت رأسك (في) من الركوع فاقم صلبك حتى ترجع مفاصلك وإذا سجدت فافعل مثل ذلك وإذا كنت في الركعة الأولى والثانية
فرفعت رأسك من السجود فاستقم جالسا حتى ترجع مفاصلك فإذا نهضت فقل بحول الله وقوته أقوم واقعد فان عليا (ع) هكذا كان يفعل وعن محمد بن مسلم في
القوي عن أبي عبد الله (ع) قال قلت الرجل ينفخ في الصلاة موضع جبهته قال لا وروى عن النبي (ص) أربع من الجفاء ان ينفخ في الصلاة وان يمسح وجهه قبل ان ينصرف من الصلاة
وان يبول قائما وان يسمع المنادي فلا يجيبه وروى الكليني عن مسمع أبي يسار عن أبي عبد الله (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله سمع خلفه فرقعة فرفع رجل أصابعه في صلاته فلما انصرف قال النبي صلى الله عليه وآله
قال لا باس بالنفخ في الصلاة في موضع السجود ما لم يؤذ أحدا ونقل عن بعضهم اختيار الكراهة حين الأذى فقط والتأوه بحرف واحد قال الشارح الفاضل واصله قول
أو مسند الشكاية والتوجع والمراد هنا النطق بهذا الصوت على وجه لا يظهر منه حرفا والأنين به أي بحرف واحد قال الشارح الفاضل هو مثل التأوه الا ان الأنين
للمريض والتأوه للأعم منه والضابط في كراهية التأوه والأنين أولا يظهر منه ما بعد كلاما عرفا والا حرما وقد سبق تحقيقه ولم اطلع على دليل واضح للكراهية
ومدافعة الأخبثين أو الريح لما فيه من سلب الخشوع والاقبال المطلوب في العبادة ويدل عليه ما رواه الشيخ عن هشام بن الحكم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا
صلاة لحاقن ولا حاقنة وهو بمنزلة من هو في ثيابه وقوله (ع) ولا تحتقن في حسنة زرارة السابقة عن قريب وروى الشيخ عن أبي بكر الحضرمي عن أبيه عن أبي عبد الله (ع)
قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لا تصل وأنت تجد شيئا من الأخبثين وفي المنتهى نقل الاجماع على صحة الصلاة في الحالة المذكورة فتحمل الأخبار المذكورة على نفى الكمال و
الكراهة ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ والكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع ان يصبر عليه
على تلك الحال أو لا يصلي قال فقال إن احتمل الصبر ولم يخف اعجالا عن الصلاة فليصل وليصبر ولو عرضت المدافعة في أثناء الصلاة فلا كراهة حينئذ بل يجب الصبر والاتمام
ويكره أيضا مدافعة النوم لما فيه من سلب الخشوع والاقبال على الصلاة ويدل عليه حسنة زرارة السابقة أيضا
ويحرم قطع الصلاة اختيارا لم اطلع على خلاف في ذلك بين
الأصحاب وقيده المصنف في بعض كتبه والمتأخرون عنه بالواجبة واستدل عليه بوجهين الأول ان الاتمام واجب وهو ينافي القطع فيكون القطع محرما الثاني قوله تعالى
ولا تبطلوا أعمالكم والوجهان ضعيفان وربما احتج عليه بصحيحة عبد الرحمن المتقدمة في المسألة السابقة وهو أيضا ضعيف ويجوز للضرورة كقبض العزم وحفظ النفس
363

المحترمة من التلف أو الضرر وانقاذ الغريق وقتل الحية التي يخافها على نفس محترمة واحراز المال المضر ضياعه وخوف ضرر الحدث مع امساكه إلى غير ذلك ويدل عليه
مضافا إلى الأصل وما يدل على انتفاء الضرر ما رواه الشيخ عن حريز في الصحيح والكليني في الضعيف عمن اخبره عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت
غلاما لك قد ابق وغير ما لك عليه مال أو حية تخافها على نفسك فاقطع الصلاة واتبع الغلام أو غريما لك واقتل الحية ورواه ابن بابويه عن حريز في (الضه) عن أبي عبد الله (ع)
وعن سماعة قال سألته عن الرجل يكون قائما في الصلاة الفريضة فينسى كيسة أو متاعا يتخوف ضيعه أو هلاكه قال يقطع صلاته ويحرز متاعه ثم يستقبل الصلاة قلت
فيكون في الصلاة الفريضة فتلفت دابته فيخاف ان تذهب أو يصيب منها عنفا فقال لا باس بان يقطع صلاته ورواه الكليني في (الضه) عن عثمان بن عيسى عن سماعة
وينبغي تقيد الجواز بصورة لا يمكن تحصيل الغرض بدون القطع وقسم الشهيد في الذكرى القطع إلى الافساد الخمسة وقد يحرم وهو القطع بدون الضرورة وقد يجب كما
في حفظ الصبي والمال المحترم على التلف وانقاذ الغريق والمحترق حيث يتعين عليه بان لم يكن من يحصل به الكفاية أو كان وعلم أنه لا يفعل فان استمر حينئذ بطلت
صلاته بناء على أن الامر بالشئ يستلزم النهى في العبارة يستلزم الفساد وقد يستحب كالقطع لاستدراك الأذان والإقامة وقراءة الجمعة والمنافقين في الظهر (والعصر) والجمعة والايتمام
بامام الأصل وقد يباح كما في قتل الحية التي لا يغلب على الظن اذاها واحراز المال الذي لا يضر فوته وقد يكره كاحراز المال اليسير الذي لا يبالي بفواته واحتمل التحريم حينئذ
وتبعه عليه الشارح الفاضل وقيد المال الذي لا يضر فوته باليسير وهو حسن إذ الظاهر أن احراز المال الكثير عادة واجب فيلحق بالمال المضر فواته وقد يتوقف في جواز
القطع في الصورة التي عد القطع فيها مباحا ومكروها لعموم أدلة تحريم القطع وعدم ما يدل على جوازه فيها لكن قد عرفت ضعف ما دل على تحريم القطع وان
العمدة في هذا الباب الاتفاق وهو منتف في محل البحث فكان أصل الإباحة سالما عن مقاومة الرافع فالقول بالجواز متجه قال في الذكرى وإذا أراد القطع فالأجود
التحلل بالتسليم لعموم وتحليلها التسليم وفيه نظر قال ولو ضاق الحال عنه سقط ولو لم يأت به وفعل منافيا اخر فالأقرب عدم الاثم لان القطع سائغ
والتسليم انما يجب التحلل به في الصلاة التامة
وكذا يجوز الدعاء في أثناء الصلاة بالمباح للدين والدنيا قال في المنتهى ويجوز الدعاء في أحوال الصلاة قائما وقاعدا
وراكعا وساجدا ومتشهدا وفي جميع أحوالها مما هو مباح للدنيا والآخرة بغير خلاف بين علمائنا ونسبه في المعتبر إلى فتوى الأصحاب ويدل عليه الآيات والروايات
نحو قوله تعالى ادعوني استجب لكم وقوله عز وجل قل ما يعبأو بكم ربكم لولا دعاؤكم وما رواه الشيخ عن علي بن مهزيار في الصحيح قال سألت أبا جعفر (ع) عن الرجل يتكلم في صلاة
الفريضة بكل شئ يناجي به ربه قال نعم وعن معاوية بن عمار في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجلين افتتحا الصلاة في ساعة واحدة فتلا هذا القران فكانت تلاوته
أكثر من دعائه ودعا هذا أكثر فكان دعائه أكثر من تلاوته ثم انصرفا في ساعة واحدة أيهما أفضل قال كل فيه فضل كل حسن قلت اني قد علمت أن كلا حسن وان كلا فيه فضل
فقال الدعاء أفضل إما سمعت قول الله عز وجل وقال ربكم ادعوني استجب لكم ان الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين هي والله العبادة هي والله
أفضل هي والله أفضل أليست هي العبادة هي والله العبادة هي والله العبادة أليست هي أشد هن هي والله أشد هن هي والله أشدهن وروى الكليني في الصحيح عن ابان وهو
ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه عن عبد الرحمن بن سيابة وهو غير موثق قال قلت لأبي عبد الله (ع) ادعوا الله وانا ساجد فقال نعم فادع للدنيا والآخرة فإنه رب
الدنيا والآخرة وعن محمد بن مسلم في الصحيح قال صلى بنا أبو بصير في طريق مكة فقال وهو ساجد وقد كانت ضاعت ناقة لهم اللهم رد على فلان ناقته قال محمد فدخلت
على أبي عبد الله (ع) فأخبرته فقال وفعل فقلت نعم قال فسكت قلت أفأعيد الصلاة قال لا وفي الصحيح عن عثمان بن عيسى عن سماعة قال قال
أبو عبد الله (ع) ينبغي لمن قرأ القران إذا مر باية من القران فيها مسألة أو تخويف ان يسأل عند ذلك خير ما يرجو ويسال العافية من النار ومن العذاب وروى الكليني
عن الحلبي في الصحيح الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يكون مع الامام فيمر بالمسألة أو بأية فيها ذكر جنة أو نار قال لا باس ان يسئل عند ذلك
ويتعوذ من النار ويسال الله الجنة وعن حماد بن عيسى في الحسن بإبراهيم عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) قال كلما كلمت الله به في صلاة الفريضة فلا باس وعن جميل بن
دراج باسناد معتبر عن أبي عبد الله (ع) قال أقرب ما يكون العبد من ربه إذا دعا ربه وهو ساجد فأي شئ يقول إذا سجد قلت علمني جعلت فداك ما أقول قال قل يا رب الأرباب
ويا مالك الملوك ويا سيد السادات ويا جبار الجبابرة ويا اله الألهة صلى على محمد وآل محمد وافعل بي كذا وكذا ثم قال فانا عبدك ناصيتي في قبضتك ثم ادع ما شئت
واسئله فإنه جواد لا يتعاظمه شئ وعن عبد الله بن هلال باسناد معتبر قال شكوت إلى أبي عبد الله (ع) تفرق أموالنا وما دخل علينا فقال عليك بالدعاء وأنت ساجد
فان أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد قال قلت فادعوا الله في الفريضة واسمي حاجتي فقال نعم قد فعل ذلك رسول الله (ع) فدعا على قوم بأسمائهم وأسماء ابائهم وفعل
علي (ع) بعده والاخبار في هذا الباب كثيرة ولا يجوز الدعاء بالشئ المحرم والظاهر أنه مبطل للصلاة مع العلم بالتحريم والجهل أيضا لأنه كلام مبطل والجهل ليس بعذر في الصحة و
البطلان وتنظر فيه الشارح الفاضل ونقل عن الذكرى ترجيح الصحة وعن المصنف القطع بعدم عذره قال ولا يعذر جاهل كون الكلام مبطلا لتكليفه بترك الحرام وكذا الكلام
في ساير منافيات الصلاة لا يخرجها الجهل بالحكم عن المنافيات قال ويظهر من الشيخ في التهذيب ان الجهل بالحكم عذر والظاهر ما ذكرنا
وكذا يجوز رد السلام على المسلم تنقيح
هذا المقام برسم مسائل الأولى يجب رد الاسلام على المسلم لقوله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ويدل عليه الاخبار أيضا والظاهر أنه لا خلاف فيه والمراد
بالتحية في الآية السلام كما يفهم من كلام أهل اللغة والتفسير قال في القاموس التحية السلام وفي مجمع البيان التحية السلام يقال حي يحى تحية إذا سلم وقال في تفسير الآية
أمر الله تعالى المسلمين برد السلام على المسلم بأحسن مما سلم إن كان مؤمنا والا فليقل وعليكم لا يزيد على ذلك فقوله بأحسن منها للمسلمين خاصة وقوله أو ردوها لأهل
الكتاب عن ابن عباس فإذا قال المسلم السلام عليكم فقلت وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فقد حييته بأحسن منها وهذا منتهى رد السلام وقيل إن قوله أو ردوها
أيضا عن السندي وعطا وإبراهيم وابن جريح قالوا إذا سلم عليك فرد عليه بأحسن مما سلم عليك أو بمثل ما قال وهذا أقوى ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله قال إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا
وعليكم وذكر علي بن إبراهيم في تفسيره عن الصادقين (ع) ان المراد بالتحية في الآية والسلام غيره من البر وذكر الحسن ان رجلا دخل على النبي صلى الله عليه وآله فقال السلام عليك فقال النبي صلى الله عليه وآله وعليك السلام
ورحمة الله فجائه اخر وسلم فيه فقال السلام عليك ورحمة الله فقال صلى الله عليه وآله وعليك السلام ورحمة الله وبركاته فجائه اخر فقال السلام عليك ورحمة الله وبركاته فقال النبي صلى الله عليه وآله وعليك فقيل
364

يا رسول الله صلى الله عليه وآله زدت الأول والثاني في التحية ولم تزد الثالث فقال إنه لم يبق لي من التحية شيئا فرددت عليه مثله انتهى كلامه (ره) وقال البيضاوي والجمهور على أنه في السلام
قال التحية في الأصل مصدر حياك الله على الاخبار من الحياة ثم استعمل للحكم والدعاء بذلك ثم قيل لكل دعاء فغلب في السلام وفي الكشاف بنى على السلام وجرى عليه وفي المعالم التحية دعاء
الحياة والمراد بها ههنا السلام عليكم وفي المغرب حياه بمعنى أحياه (تحية) كبقاه بمعنى أبقاه تبقيته هذا أصلها ثم سمى ما يحيى به من سلام ونحوه تحية قال الله تعالى تحيتهم يوم يلقونه سلام
ولذا جمعت فقيل تحيات وتحايا وحقيقة حييت فلانا قلت له حياك الله اي عمرك الله وفي الآية احتمالات أخر منها ما قيل إن المراد بالتحية العطية وأوجب الثواب أو
الرد نقل البيضاوي قال وهو قول قديم للشافعي وهو خلاف الظاهر من التحية والظاهر عدم وجوب تعويض العطية اوردها بل قد يكون ردها مذموما عقلا وشرعا فلا
يصح الاستناد إلى الوجوب بمجرد هذا الاحتمال ومنها ما نقل من تفسير علي بن إبراهيم من أن المراد من الآية السلام وكل بر واحسان وهو أيضا خلاف الظاهر من الآية قال بعض الأصحاب
لو ثبت صحه الرواية المنقولة في تفسيره يمكن حملها على الرجحان المطلق لا الوجوب إذ الظاهر عدم القائل بوجوب تعويض كل بر واحسان وهو معلوم من الروايات أيضا وقال
بعضهم الذي افهم مما وصل إلى من كلامه يعني علي بن إبراهيم انه يريد تفسير أحسن منها بالزيادة في البر والاحسان ولهذا قال أوردوها يعني بمثلها من السلام فلا نزاع حينئذ ومنها
ان المراد كل بر مما يسمى تحية على ما نقل من القول بوجوب الرد في غير السلام كأنعم صباحا استنادا إلى عموم الآية في كل ما تسمى تحية ولا يخفى ان إرادة العموم من الآية غير
ظاهرة مع ما مر من كلام أهل اللغة والتفسير لكن يناسبه ما مر من كلام صاحب المغرب وبالجملة القدر المعلوم من الآية السلام المتعارف بين المسلمين وادخال غيره فيها يحتاج
إلى دليل واضح والأصل ينفيه والاحتياط واضح الثانية نقل بعض المتأخرين عن ظاهر الأصحاب ان عليك السلام بتقديم عليك أو عليكم تسليم صحيح يوجب الرد ولم اطلع على ما نقله
من ظاهر الأصحاب الا في كلام ابن إدريس وقد صرح المصنف في التذكرة بخلافه فقال ولو قال عليكم السلام لم يكن مسلما انما هي صيغة جواب ويناسبه ما روى العامة عنه صلى الله عليه وآله أنه قال
لمن قال عليك السلام يا رسول الله صلى الله عليه وآله لا تقل عليك السلام فان عليك السلام تحية الموتى إذا سلمت فقل سلام عليك فيقول الراد عليك السلام وهذه الرواية لم يثبت عندنا
قيل ولو صحت لم يلزم عدم وجوب الرد كما في رواية أخرى لهم ان النبي صلى الله عليه وآله رد عليه بعد نحو هذا الكلام وعندي في المسألة تردد للشك في دخوله تحت الآية والاخبار وكذا لو قيل
سلام وسلاما والسلام ففي وجوب الرد تردد ينشأ من (صدق) التحية عرفا وعدم ثبوت عموم الآية وكذا سلامي وسلام الله عليك وأمثالها وظاهر كلام ابن إدريس عدم وجوب الجواب في أمثالها
الثالثة هل يتعين في الجواب في غير الصلاة عليكم السلام بتقديم عليكم ظاهر المصنف في التذكرة ذلك حيث قال وصيغة الجواب وعليكم السلام ولو قال وعليك السلام للواحد جاز
ولو ترك حرف العطف وقال عليكم السلام فهو جواب خلافا لبعض الشافعية فلو تلاقى اثنان فسلم كل واحد منهما على الأخر وجب على كل واحد منهما جواب الأخر ولا يحصل الجواب بالسلام
وان ترتب السلامان انتهى ويوافقه الرواية السابقة المنقولة من طريق العامة والمستفاد من كلام ابن إدريس خلافه وهو أقرب لقول رسول الله صلى الله عليه وآله فيما رواه عن زرارة عن
أبي جعفر (ع) في الحسن بإبراهيم بن هاشم فإذا سلم عليكم مسلم فقولوا سلام عليكم فإذا سلم عليكم كافر قولوا عليك الرابعة الظاهر عدم وجوب رد السلام بالأحسن ولا اعلم في ذلك خلافا بين
الأصحاب نعم يخالفه التفسير المنقول في مجمع البيان عن ابن عباس كما مر ويدل على ما ذكرنا الآية فان الظاهر أن أو للتخيير ويدل عليه أيضا الرواية السابقة المنقولة من طريق العامة
والرواية المنقولة في مجمع البيان من طريقهم وحسنة زرارة السابقة وغيرها الخامسة الرد واجب كفاية لا عينا وحكى الاجماع عليه المصنف في التذكرة ويدل عليه ما رواه الكليني في
كتاب العشرة عن غياث بن إبراهيم في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سلم من القوم واحد أجزأ عنهم وإذا رد واحد أجزأ عنهم وعن ابن بكير باسناد فيه ضعف عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا مرت الجماعة بقوم أجزأهم ان يسلم واحد منهم وإذا سلم على القوم وهم جماعة أجزأهم ان يرد واحد منهم ولعل هذين الخبرين بمعونة الاجماع المنقول كاف في الحكم المذكور
وإن كان ظاهر الآية مخالف ثم الظاهر أنه انما يسقط بفعل من كان داخلا في المسلم عليهم فلا يسقط برد من لم يكن داخلا فيهم ولا يجب الرد عليه وهل يسقط برد الصبي المميز الداخل
فيهم قال في الذكرى فيه وجهان مبنيان على صحة قيامه بفرض الكفاية وهو مبني على أن أفعاله شرعية أم لا ولا يخفى ان مقتضى الخبرين السابقين حصول الأجزاء به الا ان
ظاهر الآية خلافه لتوجه الخطاب إلى المكلفين منهم ولعل الترجيح في الوقوف على ظاهر الآية وهو أحوط ولو كان المسلم صبيا مميزا ففي وجوب الرد عليه وجهان أظهرهما ذلك عملا بعموم
الآية الظاهر أن وجوب الرد فوري لأنه المتبادر من الرد في مثل هذا المقام ولمكان الفاء الدالة على التعقيب بلا مهملة في الآية وربما يمنع ذلك في الجزائية والتارك له فورا
يأثم قيل ويبقى في ذمته مثل سائر الحقوق وفيه تأمل الا ان يكون اجماعيا
السادسة صرح جماعة من الأصحاب بوجوب الاسماع تحقيقا أو تقديرا ولم أجد أحدا صرح بخلافه في غير
حال الصلاة ويدل عليه مضافا إلى التبادر العرفي ما رواه الكليني باسناد فيه ضعف عن ابن أبي القداح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا سلم أحدكم فليجهر بسلامه لان لا يقول سلمت فلم يردوا
علي ولعله يكون قد سلم ولم يسمعهم فإذا رد أحدكم فليجهر برده فلا يقول المسلم سلمت فلم يردوا علي ثم قال كان علي (ع) يقول (لا تغضبوا) ولا تغضبوا افشوا السلام وأطيبوا الكلام وصلوا بالليل
والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام ثم تلا عليهم قول الله عز وجل السلام المؤمن المهيمن السابعة منه قال المصنف
في التذكرة ولو ناداه من وراء ستر أو حائط وقال السلام عليكم يا فلان
أو كتب كتابا وسلم عليه فيه أو ارسل رسولا فقال سلام على فلان فيبلغه الكتاب والرسالة قال بعض الشافعية يجب عليه الجواب لان تحية الغائب انما يكون بالمناداة أو الكتاب أو الرسالة
وقد قال تعالى وإذا حييتم بتحية الآية والوجه انه ان سمع النداء وجب الجواب والا فلا انتهى وهو متجه لعدم ثبوت شمول الآية للصور المذكورة عدا صورة المناداة مع سماع النداء وقال
فيه أيضا وما يعتاده الناس من السلام عند القيام ومفارقة الجماعة دعاء لا تحية يستحب الجواب عنه ولا يجب التاسعة يكره ان يخص طائفة من الجمع بالسلام ويستحب ان يسلم الراكب على الماشي
والقائم على الجالس والطائفة القليلة على الكثيرة للخبر وفي الخبر أيضا ان الصغير يسلم على الكبير وأصحاب البغال يبدون (أصحاب) الحمير وأصحاب الخيل يبدؤن أصحاب البغال العاشرة قيل يحرم
سلام المرأة على الأجنبي لان اسماع صوتها حرام وان صوتها عورة وتوقف فيه بعض المتأخرين وهو في محله لعدم ثبوت دليل واضح عليه بل المفهوم من بعض الأخبار مثل تكلم فاطمة
عليها السلام مع أصحابه مثل سلمان وغيره وادخال النبي صلى الله عليه وآله جابرا بيتها وتكلمها وعدم نهي النبي صلى الله عليه وآله التوجه إذا سمعها الرجل يدل على الجواز لكن المفهوم من كثير من عبارات الأصحاب
التحريم قاله بعض الأصحاب وروى الكليني عن ربعي بن عبد الله في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله يسلم على النساء ويردون عليه وكان أمير المؤمنين (غ) يسلم على النساء
وكان يكره ان يسلم على الشابة منهن أتخوف ان يعجبني صوتها فيدخل على أكثر مما طلبت (على) من الاجر ويستفاد من هذه الرواية كراهة السلام على الشابة من النساء وهل يجب على الأجنبي
الرد عليها على القول بتحريم تسليمها يحتمل ذلك لعموم الأدلة ويحتمل لكون المتبادر من التحية في الآية (التحية) المشروعة وهو مختار المصنف في التذكرة حيث قال ولو سلم رجل على امرأة
أو بالعكس فإن كان بينهما زوجته أو محرمية أو كانت عجوزا خارجا عن مظنة الفتنة ثبت استحقاق الجواب والا فلا وفي وجوب الرد عليها لو سلم عليها أجنبي وجهان فيحتمل
الوجوب نظرا إلى عموم الآية فيجوز اختصاص تحريم الاسماع بغيره ويحتمل العدم كما هو مختار المصنف ويحتمل وجوب الرد خفيا
الحادية عشر قال المصنف في التذكرة ولا يسلم على أهل الذمة
ابتداء ولو سلم عليه ذمي أو من لم يعرفه فبان ذميا رد بغير السلام بان يقول هداك الله وانعم الله صباحك وأطال الله بقاءك ولو رد بالسلام لم يزد
في الجواب على قوله وعليك انتهى ويدل على عدم التسليم عليهم ابتداء ما رواه الكليني عن غياث بن إبراهيم في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين لا تبدوا أهل الكتاب
بالتسليم وإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم وهذه الرواية تدل على الاقتصار أيضا ويدل عليه أيضا حسنة زرارة السابقة وما رواه الكليني عن سماعه في الموثق قال
365

سألت أبا عبد الله (ع) عن اليهودي والنصراني والمشرك إذا سلموا على الرجل وهو جالس كيف ينبغي ان يرد عليهم فقال يقول وعليكم وعن محمد بن مسلم في الموثق بابن فضال وابن بكير
عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سلم عليك اليهودي والنصراني والمشرك فقال عليك وهذه الرواية تدل على اختصاص الآية بتحية المسلم كما قواه الطبرسي فان مقتضى الآية وجوب الرد
بالأحسن أو المثل وهل يكون الاقتصار المذكور على سبيل الوجوب حتى لا يجوز المثل أو الاستحباب فيه تردد والأصل يقتضي الثاني واما ما ذكره المصنف من جواز الرد بغير
السلام فدليله غير واضح وروى الكليني عن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال تقول في الرد على اليهود والنصارى سلام وهل يجب الرد عليهم لم أجد تصريحا في هذا الباب في
كلام الأصحاب وقد رخص في السلام عليهم والدعاء لهم في بعض الأحيان وروى الكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال قلت لأبي الحسن (ع) أرأيت ان احتجت إلى المتطبب وهو
نصراني أسلم عليه وأدعو له قال نعم لا ينفعه دعاؤك ونحوه روى عن عبد الرحمن بن الحجاج عنه (ع) في الحسن بإبراهيم بن هاشم وعن محمد بن عرفة عن أبي الحسن الرضا (ع) قال قيل
لأبي عبد الله (ع) كيف ادعو لليهودي والنصراني قال تقول له بارك الله لك في دنياك الثانية عشر إذا سلم عليه وهو في الصلاة وجب عليه الرد لفظا والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب
ونسبه في التذكرة إلى علمائنا وقال في المنتهى ويجوز له ان يرد السلام إذا سلم عليه نطقا ذهب إليه علماؤنا أجمع والظاهر أن مراده من الجواز نفي التحريم ردا لقول بعض العامة
قال في الذكرى وظاهر الأصحاب مجرد الجواز للخبرين والظاهر أنهم أرادوا به بيان شرعيته
ويبقى الوجوب معلوما من القواعد الشرعية قال وبالغ بعض الأصحاب في ذلك فقال
يبطل الصلاة لو اشتغل بالاذكار ولما يرد السلام ويدل على وجوب رد السلام في حال الصلاة الآية لعمومها ويدل على شرعيته في الصلاة روايات منها ما رواه الكليني عن
سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل يسلم عليه في حال الصلاة قال يرد يقول سلام عليكم ولا يقول وعليكم السلام فان رسول الله صلى الله عليه وآله كان قائما يصلي فمر به عمار بن
ياسر فسلم عليه فرد عليه النبي صلى الله عليه وآله هكذا ورواه الشيخ في التهذيب باسقاط سماعة في السند ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال دخلت على أبي جعفر (ع) وهو في الصلاة فقلت
السلام عليكم فقال السلام عليك قلت كيف أصبحت فسكت فلما انصرف قلت أيرد السلام وهو في الصلاة قال نعم مثل ما قيل له ومنها ما رواه الصدوق باسناده عن محمد بن مسلم
والظاهر صحته كما أشرنا إليه مرارا انه سأل أبا جعفر (ع) عن الرجل يسلم على القوم في الصلاة فقال إذا سلم عليك مسلم وأنت في الصلاة فسلم عليه تقول السلام عليك وأشير
بإصبعك ومنها ما رواه البزنطي في جامعه على ما نقله الفاضلان عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) ان عمار سلم على رسول الله صلى الله عليه وآله فرد صلى الله عليه وآله ومنها ما رواه الشيخ والصدوق عن عمار الساباطي في الموثق
قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المصلي فقال إذا سلم عليك رجل من المسلمين وأنت في الصلاة فرد عليه فيما بينك وبين نفسك ولا ترفع صوتك إلى غير ذلك من الاخبار وبعض هذه
الروايات تتضمن الامر بالرد فيدل على الوجوب عند القائل بكون الامر في اخبارنا للوجوب الثالثة عشر المشهور بين الأصحاب انه إذا سلم عليه في الصلاة بقوله (ع) سلام عليكم
يجب ان يكون الجواب مثله ولا يجوز الجواب بعليكم السلام ونسبه المرتضى إلى الشيعة وقال المحقق هو مذهب الأصحاب قاله الشيخ وهو حسن ولم اطلع في ذلك خلا فا الامن
ابن إدريس حيث قال قي السرائر إذا كان المسلم عليه قال له سلام عليكم أو سلام عليك أو السلام عليكم أو عليكم السلام فله ان يرد بأي هذه الألفاظ كان لأنه رد مسلم مأمور به
قال فان سلم بغير ما بيناه فلا يجوز للمصلي الرد عليه ويدل على الأول رواية سماعة وظاهر الآية لوقوع الامر برد السلام بعينه فحيث تعذر الحمل على حقيقته يحمل على أقرب المجازات
إلى الحقيقة وهو المماثلة التامة ولا ينافي ذلك رواية محمد بن مسلم حيث تضمنت الرد بالمثل وهو أعم لأنه وإن كان أعم لغة لكن المتبادر منها المماثلة التامة فالحمل عليها غير بعيد
خصوصا إذا اقتضت قاعدة الجمع ذلك ويمكن ان يقال بمنافات هذه الرواية له بناء على تضمنها انه (ع) أجاب بقوله السلام عليك لا سلام عليكم وحينئذ يكون رواية محمد بن مسلم المنقولة
عن الفقيه أيضا منافية له الا ان يقال لافرق عندهم بين الكلامين لكن يضعف حينئذ الاستناد إلى الآية ويمكن المنازعة في دلالة رواية سماعة بناء على أنه يجوز ان يكون نفي وعليكم
السلام باعتبار زيادة حرف العطف فتدبر ولو غير عليكم بعليك ففي حصول الرد تردد ولو أضاف في الجواب إلى عليكم السلام ما يوجب كونه حسن ففي حصول الرد به تردد
فلا يبعد ترجيح ذلك نظرا إلى الآية وامكان تأويل الاخبار وكذا كلام الأصحاب ولو قال المسلم عليكم السلام فظاهر المحقق عدم جواز اجابته الا إذا قصد الدعاء وكان مستحقا
وتردد فيه المصنف في المنتهى وعلى تقدير الجواز هل يجب فيه أيضا تردد للشك في دخوله تحت المراد في الآية وعلى تقدير الوجوب هل يتعين سلام عليكم أو يجوز الجواب بالمثل
نقل ابن إدريس الأول عن بعض الأصحاب واختار الثاني واستشكله المصنف في التذكرة والنهاية والمسألة محل تردد ويحتمل قويا تعين الجواب بالمثل نظرا إلى الآية وصحيحة محمد بن مسلم
على ما مر من أن المراد من المماثلة منها المماثلة التامة وحينئذ يحتمل رواية سماعة ورواية محمد بن مسلم يحمل على الغالب من أن المسلم يقول سلام عليكم والسلام عليك الرابعة عشر لو حياه أو
سلم عليه بغير ما ذكر من الألفاظ فعند ابن إدريس والمحقق لم يجز اجابته وقال المحقق نعم لو دعا له وكان مستحقا وقصد الدعاء لأرد السلام لا امنع منه وقال المصنف في التذكرة والنهاية
انه يجوز الرد إذا سمى تحية وكذا ان قصد الدعاء وان لم يسم تحية وأوجب الرد في المختلف واستقر به في المنتهى وعندي انه ان قصد به الدعاء فهو جايز لما دل على جواز الدعاء في أحوال
الصلاة والا ففي جواز الرد ووجوبه تأمل لما مر من عدم ظهور العموم في الآية واحتمال ذلك فيها احتج المصنف في المختلف على الوجوب بوجوه الأول الآية الثاني انه أما داع
أوراد لتحية وعلى التقديرين لا تحريم الثالث صحيحة محمد بن مسلم السابقة قال وهو عام ولا عبرة بخصوص السبب بل بعموم اللفظ وأنت خبير بما في الاستدلال بالآية واما
الوجهان الأخيران فبمكان من الضعف لا يخفى على المتأمل وما ذكره من عموم اللفظ في الخبر عجيب جدا الخامسة عشر لا يجب ان يقصد القران بالرد ويحكى عن ظاهر كلام الشيخ اعتباره
ويدل على ما قلناه عموم الآية وصحيحة محمد بن مسلم السابقة لاشتمالها على أنه (ع) أجاب بقوله السلام عليك مع أنه ليس من ألفاظ القران ولعموم قوله (ع)
نعم مثل ما قيل له ورواية محمد بن مسلم المنقولة عن الفقيه السادسة عشر يجب اسماعه تحقيقا أو تقديرا على المشهور بين الأصحاب وظاهر اختيار المحقق في المعتبر خلافه ويدل على
الأول التبادر العرفي ورواية ابن القداح السابقة ويدل على الثاني موثقة عمار السابقة وما رواه الشيخ عن منصور بن حازم في القوي عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سلم
عليك الرجل وأنت تصلي قال ترد عليه خفيا وحمله بعض الأصحاب على حال التقية لان المشهور بين العامة عدم وجوب الرد نطقا السابعة عشر لو قام غيره بالواجب من الرد فهل
يجوز للمصلي الرد أم يستحب ذلك أم لا قيل نعم لاطلاق الامر وقيل لا لحصول الامتثال فيسقط الوجوب ولا دليل على ثبوت الاستحباب بعد سقوط الوجوب وكذا الجواز الا ان
يقصد به الدعاء إذا كان المسلم مستحقا فحينئذ لا يبعد الجواز الثامنة عشر لو ترك المصلي الرد واشتغل باتمام الصلاة يأثم لأنه ترك الرد الواجب فورا لا يقال التوالي بين اجزاء
الصلاة سيما القراءة أيضا واجب فما وجه ترجيح ما ذكرتم لأنا نقول لا نسلم وجوب التوالي بحيث يقدح فيه مجرد الرد مع أن الترجيح ثابت بما دل على وجوب الرد في الصلاة
وهل تبطل الصلاة قيل نعم للنهي المقتضي للفساد واستضعف بان النهى عن أمر خارج عن الصلاة وفيه ما فيه وقيل إن اتى بشئ من الاذكار في زمان الرد بطلت لتحقق النهى
ومنعه الشارح الفاضل لان الامر بالشئ لا يقتضي النهى عن ضده الخاص وتحقيق المقام انه ان اتى بشئ من القراءة أو الاذكار في زمان وجوب الرد فلا يعتد بتلك القراءة
أو الذكر في الصلاة بناء على ما تحقق عندي من أن الامر بالشئ يستلزم النهى عن ضده الخاص والنهى في العبادة يستلزم الفساد وفي بطلان الصلاة بها مع التدارك نظر إذ لا دليل على أن
الكلام الذي يكون من قبيل الذكر أو القران يبطل الصلاة وإن كان حرام وعدم البطلان به أيضا لا دليل عليه الا ان يقال يكفي عدم الدليل على البطلان بناء على أن عدم تخلل
المبطل من الشرائط والصلاة الشرعي حقيقة في المهية مطلقا وهذا بمقدمتيه لا يصفو عن شوب النظر والتأمل وإن كان ترجيحه غير بعيد وكذا الاستناد إلى ما دل على حصر أسباب
366

الإعادة في أشياء مخصوصة ثم إن اخترنا عدم البطلان فان استمر على ترك الرد قلنا ببقاءه في ذمته يلزم بطلان الصلاة لأنه لم يتدارك القراءة والذكر على وجه صحيح الا ان ينسى عدا عن
التسليم والرد وان اشتغل بغير القراءة والذكر من أفعال الصلاة وكان منافيا للرد ضدا له يلزم بطلان ذلك الفعل ويلزم حينئذ بطلان الصلاة ان لم يكن تداركه ولو
أخل بالرد ثم صار بحيث يستلزم الرد بطلان الصلاة بان يتوقف على المشي إلى مكان المسلم أو تنبيه بأمر مناف للصلاة ليسمع ففي بقاء الرد على الوجوب حينئذ نظر ثم لا يخفى ان
الظاهر أن الفورية المعتبرة في جواب المسلم انما هو تعجيله بحيث لا يعد تاركا له عرفا وعلى هذا لا يضر اتمام كلمة أو كلام لو وقع السلام في أثنائها
التاسعة عشر ذكر جميع من
الأصحاب انه لا يكره السلام على المصلي استنادا إلى الأصل والعمومات وقوله تعالى إذا دخلتم بيوتا فسلموا على أنفسكم قال في الذكرى وروى البزنطي في سياق أحاديث الباقر (ع)
إذا دخلت المسجد والناس يصلون فسلم عليهم فإذا سلم عليك فاردد فاني افعله وان عمار بن ياسر مر على رسول الله صلى الله عليه وآله وهو يصلي فقال السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله
وبركاته فرد (ع) وبعض الروايات يتضمن كراهة السلام على المصلي روى عبد الله بن جعفر الحميري في كتاب قرب الإسناد عن الصادق (ع) أنه قال كنت اسمع أبي يقول إذا دخلت المسجد
والقوم يصلون فلا تسلم عليهم وصل على النبي صلى الله عليه وآله ثم اقبل على صلاتك وإذا دخلت على قوم جلوس وهم يتحدثون فسلم عليهم
وكذا يجوز التسمية للعاطس قال الجوهري التسمية
ذكر الله تعالى على الشئ وتسمية العاطس أن يقول له يرحمك الله بالسين والشين جميعا قال فغالب الاخبار بالسين لأنه مأخوذ من السمت وهو القصد والمحجة وقال أبو عبيد الشين أعلا
في كلامهم وأكثر وقال أيضا تشميت العاطس دعاء وكل داع لاحد بخير فهو مشمت ومسمت وقال في القاموس التسميت ذكر الله تعالى على الشئ والدعاء للعاطس وفي المجمل يقولون
للعاطس يرحمك الله فيقال التشمت ويقال التسميت ذكر الله تعالى على الشئ وفي النهاية التسميت بالسين والشين الدعاء بالخير والبركة والمعجمة أعلاهما والظاهر أن المراد مطلق
الدعاء للعاطس بان يقول يرحمك الله أو يغفر الله لك وما أشبهه وجوازه بل استحبابه مشهور بين الأصحاب وتردد فيه المحقق في المعتبر ثم قال والجواز أشبه بالمذهب ويدل على (الجواز كونه دعاء وقد سبق ما دل) جواز
الدعاء في أحوال الصلاة وحينئذ يكون مستحبا للعمومات (الدالة) على استحباب الدعاء للمؤمنين ويدل عليه أيضا عموم ما دل على رجحان فعل التسميت فيكون شاملا لحال الصلاة أيضا روى
الكليني عن جرا ح المدايني في القوي قال قال أبو عبد الله (ع) للمسلم على أخيه من الحق ان يسلم عليه إذا لقيه ويعوده إذا مرض وينصح له إذا غاب ويسمته إذا عطس يقول الحمد لله رب العالمين
لا شريك له ويقول له يرحمك الله فيجيبه يقول له يهديكم الله ويصلح بالكم ويجيبه إذا دعاه ويشيعه إذا مات وعن مسعدة بن صدقه عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا عطس
الرجل فسمتوه ولو من وراء جزيرة وفي رواية أخرى ولو من وراء البحر وعن داود بن الحصين في الموثق قال كنا عند أبي عبد الله (ع) فأحصيت في البيت أربعة عشر رجلا فعطس أبو عبد الله (ع)
فما تكلم أحد من القوم فقال أبو عبد الله (ع) لاتسمتون فرض المؤمن على المؤمن إذا مرض ان يعوده وإذا مات ان يشهد جنازته وإذا عطس ان يسمته أو قال يشمته وإذا دعاك
ان تجيبه إلى غير ذلك من الاخبار واعلم أن ظاهر المنتهى اشتراط كون العاطس مؤمنا ويحتمل الجواز في المسلم مطلقا عملا بظاهر رواية جراح وغيرها مما اشتمل على ذكر المسلم وفي بعض الأخبار
ان أبا عبد الله (ع) سمت رجلا نصرانيا فقال له يرحمك الله وذكر المصنف في التذكرة ان استحباب التسمية على الكفاية وهو خلاف ظاهر الاخبار وذكر فيه أيضا انه انما يستحب إذا قال العاطس الحمد لله
والمستفاد من كلام الشارح الفاضل عموم الاستحباب وبعض الروايات دال على أنه يشترط في استحبابه ان يصلي العاطس على النبي صلى الله عليه وآله أيضا رواه الكليني عن ابن أبي عمير في الحسن إبراهيم بن هاشم عن
بعض أصحابه قال عطس رجل عند أبي جعفر (ع) فقال الحمد لله رب العالمين فلم يسمته أبو جعفر (ع) فقال نقصتنا حقنا ثم قال إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمد
وأهل بيته فقال الرجل فسمته أبو جعفر (ع) وفي بعض الأخبار انه إذا عطس الرجل ثلاثا فسمته ثم اتركه ويستحب للعاطس ان يدعو له
بعد التسميت روى الكليني عن سعد بن أبي خلف في الصحيح قال كان أبو جعفر (ع) إذا عطس فقيل له يرحمك الله قال يغفر الله لكم ويرحمكم وإذا عطس عنده انسان قال يرحمك الله عز وجل وعن
محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال إذا عطس الرجل فليقل الحمد لله لا شريك له وإذا سمت الرجل فليقل يرحمك الله وإذا رددت فليقل يغفر الله لك ولنا فان رسول الله صلى الله عليه وآله سئل عن أية أو شئ
فيه ذكر الله فقال كل ما ذكر الله فيه فهو حسن وهل يجب العاطس الرد فيه تردد للشك في صدق التحية عليه قيل وعلى كل تقدير فجوابه مشروع في الصلاة أيضا وكذا يجوز بل يستحب الحمد عند
العطسة من العاطس وسامعه قال المصنف في المنتهى ويجوز للمصلي ان يحمد الله إذا عطس ويصلي على النبي وآله (ع) وان يفعل ذلك إذا عطس غيره وهو مذهب أهل البيت (ع) ويدل عليه مضافا إلى
العمومات السابقة ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح والكليني عنه في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا عطس الرجل في الصلاة فليقل الحمد لله وما رواه الكليني عن أبي بصير في الموثق
بابن فضال عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له اسمع العطسة وانا في الصلاة (فاحمد الله) وأصلي على النبي صلى الله عليه وآله قال نعم وإذا عطس أخوك وأنت في الصلاة فقل الحمد لله وصل على النبي صلى الله عليه وآله وإن كان بينك وبين
صاحبك اليم فائدة روى الكليني مرفوعا عن أمير المؤمنين (ع) أنه قال من قال إذا عطس الحمد لله رب العالمين على كل حال لم يجد وجع الاذنين والأضراس وعن أبي عبد الله (ع) قال في وجع الأضراس
والاذان إذا سمعتم من يعطس فابدأوه بالحمد وعن أبي عبد الله (ع) قال من سمع عطسة فحمد الله عز وجل وصلى على النبي وأهل بيته لم يشك عينه ولا ضرسه ثم قال إن سمعتها فقلها وإن كان بينه
وبينك البحر وعن أبي عبد الله (ع) قال من عطس ثم وضع يده على قصبة انفه ثم قال الحمد لله رب العالمين كثيرا كما هو أهله وصلى الله على محمد وآله وسلم خرج من منخره الأيسر طائرا أصغر من الجراد
وأكبر من الذباب حتى تصير تحت العرش يستغفر له إلى يوم القيمة
المطلب الثاني في السهو والشك السهو غروب المعنى عن القوة الذاكرة مع ثبوته في الحافظة ويرادفه النسيان وقد
يطلق النسيان على ذهابه عن الحافظة أيضا والمراد بالسهو هنا ما يعم الامرين والشك تساوي الاعتقادين المتضادين وقد يطلق السهو على الشك أيضا وقد استعمله المصنف ههنا
فقال الحكم للسهو مع غلبة الظن بأحد الطرفين بل يبنى على الظن ومعناه تقدير الصلاة كأنها وقعت على هذا الوجه سواء اقتضى الصحة أو الفساد فلو شك بين الاثنين والثلاث مثلا
وظن الثلاث بنى عليه من غير احتياط ولو شك بين الأربع والخمس وظن كونها أربعا بنى عليه من غير سجود سهو ولو ظن كونها خمسا كان كمن زاد ركعة فيبنى على الخلاف السابق والمراد
من غلبة الظن مجرد الرجحان كما يستفاد من كلام المفيد في المقنعة والمصنف في النهاية والشهيد في الدروس والذكرى وهو المستفاد من النصوص والمراد انه لا يجري حكم الشك مع غلبة الظن
أو المراد انه لا يبقى حكم الشك مع غلبة الظن إذا حصل الظن بعد التروي فلا يلزم اجتماع الشك والظن ويحتمل ان يكون المراد من السهو مطلق التردد المقابل للجزم واطلاق العبارة
يقتضي عدم الفرق بين ان يكون الشك في عدد الركعات أو الافعال وهو ظاهر كلامه في النهاية وكثير من اطلاقاتهم وبه صرح ابن إدريس والشهيدان والاخبار غير واضحة الدلالة على
ذلك فإنها تختص (باعداد) الركعات وسيجئ تلك الأخبار عند حكم الشك في عدد الأخيرتين وكذلك اطلاق كلام المصنف يقتضي عدم الفرق بين الأوليين والأخيرتين والرباعية وغيرها وبهذا
التعميم صرح الشهيدان وابن زهرة وهو ظاهر كلام الشيخ في المبسوط ولم ينقلوا في ذلك خلافا الا من ظاهر ابن إدريس فإنه يدل على اختصاص الحكم بالأخيرتين لكن لا يخفى ان ظاهر كلام المفيد في
المقنعة والشيخ في النهاية أيضا يقتضي ذلك فإنهما ذكرا ان الشك في عدد الصبح والمغرب وعدد الركعات بحيث لا يدري كم صلى يوجب الإعادة من غير استفصال ثم ذكر احكام الشك المتعلق
بالأخيرتين واستفصلا بين غلبة الظن وعدمهما ووافقهما المصنف في المنتهى وعلى نحو ذلك جرى كلام الشيخ في المبسوط لكنه علل الحكم في الأخيرتين عند غلبة الظن بتعليل يقتضي انسحاب
الحكم في الجميع وكلام ابن إدريس مضطرب لأنه قال لا حكم لهما يعني الشك والسهو مع غلبة الظن لان غلبة الظن يقوم مقام العلم في وجوب العمل عليه مع فقدان دليل العلم في وجوب
مع فقدان دليل العلم وانما يحتاج إلى تفصيل أحكام السهو عند اعتدال الظن وتساويه ثم قال والسهو المعتدل فيه الظن على ضروب ستة فاولها ما يجب إعادة الصلاة على كل حال
إلى أن قال وثالثا ما يجب فيه العمل على غالب الظن وعد من الأول السهو في الأوليين والمغرب والغداة وساق الكلام إلى أن وصل إلى الضرب الثالث وعد منه الشكوك المتعقلة بالأخيرتين مع غلبة
367

الظن واستدل الشهيد في الذكرى على اعتبار الظن بان تحصيل اليقين عسر في كثير من الأحوال فاكتفى بالظن تحصيلا لليسر ودفعا للحرج والعسر وروى العامة عن النبي صلى الله عليه وآله
إذا شك في أحدكم في الصلاة فينظر (اي ذلك أحرى) إلى ذلك الصواب فليبن عليه وعن الصادق (ع) بعدة طرق إذا وقع وهمك على الثلاث فابن عليه وان وقع وهمك على الأربع فسلم وانصرف
ثم قال ولافرق بين الشك في الافعال والاعداد ولابين الأوليين والأخيرتين في ذلك ونسب الخلاف فيه إلى ظاهر ابن إدريس ثم قال فان اراده فهو بعيد وخلاف فتوى الأصحاب
وتخصيص لعموم الأدلة وفيه نظر لان الاشتهار بين الأصحاب غير نافع والاجماع غير واضح والدليل العام غير ثابت لان الخبر الأول عامي وباقي الروايات مختص بالأخيرتين
وربما يستدل على اعتبار الظن في الأوليين بصحيحة صفوان السابقة عند شرح قول المصنف إذا لم يعلم كم صلى ويمكن الاستدلال بها على انسحاب حكم الظن في المغرب والصبح أيضا
لا يقال النسبة بين مفهوم هذا الخبر وبين ما دل على وجوب الإعادة إذا لم يحفظ الأوليين مثلا عموم من وجه فهو أعم منه باعتبار شموله له ولغيره أخص منه باعتبار اختصاصه
بالظن وشمول الأخر للشك الصرف فما وجه ترجيح ما ذكرتم لأنا نقول اخراج الظن المتعلق باعداد الأوليين عنه يستلزم اخراج الظن المتعلق بالمغرب والصبح أيضا إذ النص
وارد في الجميع ولا ترجيح فيلزم اطراح المفهوم المذكور نعم يرد على الاستدلال المذكور ان اثبات العموم في مفهوم الخبر لا يخلو عن اشكال وقد مر الكلام في نظائره غير مرة وعلى هذا
لا يلزم عدم الإعادة في صورة الظن مطلقا ويمكن ان يقال يثبت بالخبر عدم الإعادة في بعض صور الظن فيما لولا الظن وجب الإعادة ولا ترجيح للبعض إذ لا دليل عليه فيلزم انسحاب
الحكم في الكل والا يلزم تأخير البيان عن وقت الحاجة أو يستعان في ذلك بعدم القائل بالفصل والكل لا يصفو عن الاشكال فتدبر واحتط وربما يستدل بالخبر المذكور على
انسحاب الحكم في الافعال بان يقال إذا ثبت في الاعداد ثبت في الافعال بطريق (أولي) وفيه تأمل واعلم أن مقتضى كلام علي بن بابويه الآتي في مسألة الشك بين الاثنين والثلاث
انه إذا حصل الظن بالثلاث يبنى عليه ويتم ويصلى صلاة الاحتياط ركعة قائما ويسجد سجدتي السهو وهو خلاف المشهور بينهم من البناء على الظن الا انه ليس على المشهور دليل واضح لاختصاص ما دل
على اعتبار حكم الظن بغير الصورة المذكورة وضعف دلالة صحيحة صفوان على العموم ويدل على قول ابن بابويه ما رواه الكليني والشيخ عن أبي بصير في الموثق قال سألته عن رجل
صلى فلم يدر أفي الثالثة هو أم في الرابعة قال فما ذهب وهمه إليه ان رأى أنه في الثالثة وفي قلبه من الرابعة شئ سلم بينه وبين نفسه ثم يصلي ركعتين يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب
ويخالف قوله باعتبار دلالته على الركعتين وهو يقول بركعة واحدة قائما ومما يدل على صلاة الاحتياط مع الظن حسنة محمد بن مسلم ورواية جميل الأتيتين في مسألة الشك بين الاثنين
والثلاث ويدل على سجدتي السهو مع الظن ما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار في الضعيف قال قال أبو عبد الله (ع) إذا ذهب وهمك إلى التمام ابدا في كل صلاة فاسجد سجدتين بغير
ركوع أفهمت قلت نعم ويدل عليه أيضا حسنة الحلبي الآتية في مسألة الشك بين الاثنين والثلاث وكذا مقتضى كلام علي بن بابويه السابق في مسألة الشك في عدد الأوليين انه إذا شك في
الركعة الأولى والثانية أعاد وان شك ثانيا وتوهم الثانية بنى عليها ثم احتاط بعد التسليم بركعتين جالسا واعلم أنه ذكر الشارح الفاضل في شرح الشرايع ان من عرض له الشك في شئ
من أفعال الصلاة يجب عليه التروي فان ترجح عنده أحد الطرفين عمل عليه وان بقى الشك بلا ترجيح لزمه حكم الشاك والروايات غير ناهضة بالدلالة على ذلك فان مقتضاها ان
الظان يعمل بمقتضاه والشاك يعمل بما رتب عليه والاحتياط فيما ذكره وكذا لا حكم لناسي القراءة أو الجهر والاخفات أو قرائة الحمد أو السورة حتى يركع الظاهر أنه لا خلاف في هذه الأحكام
بين الأصحاب ويدل عليه مضافا إلى ذلك ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال إن الله عز وجل فرض الركوع والسجود والقراءة سنة فمن ترك القراءة
متعمدا أعاد الصلاة ومن نسى القراءة فقد تمت صلاته ولا شئ عليه رواه الكليني باسناد قوى عن زرارة ونحوه روى الصدوق عن زرارة عن أحدهما (ع) وما رواه الشيخ
والكليني عن منصور بن حازم في الموثق بابن فضال ويونس بن يعقوب قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني صليت المكتوبة فنسيت ان اقرأ في صلاتي كلها فقال أليس قد أتممت الركوع والسجود
قلت بلى فقد تمت صلاتك إذا كنت ناسيا وعن معاوية بن عمار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قلت الرجل يسهو عن القراءة في الركعتين الأوليين فيذكر في الركعتين الأخيرتين انه
لم يقرأ قال أتم الركوع والسجود قلت نعم قال إني أكره ان اجعل اخر صلوتي أولها وعن أبي بصير في الموثق قال إذا نسى ان يقرأ في الأولى والثانية أجزأه تسبيح الركوع والسجود وإن كانت الغداة
فنسى ان يقرأ فيها فليمض في صلاته وعن سماعة في الموثق قال سألته عن الرجل يقوم في الصلاة فينسى فاتحة الكتاب قال فليقل أستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ان الله هو السميع العليم
ثم ليقرأها ما دام يركع فإنه لا قراءة حتى يبدأ بها في جهرا واخفات فإنه إذا ركع أجزأه انشاء وعن الحسين بن حماد في القوى عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له أسهو عن القراءة في الركعة
الأولى قال اقرأ في الثانية قلت أسهو في الثانية قال اقرأ في الثالثة قلت أسهو في صلوتي كلها قال إذا حفظت الركوع والسجود تمت صلاتك ولعل المراد بقوله (ع) اقرأ في الثانية الامر
بالقراءة المختصة بها لا إعادة القراءة المنسية وبهذا الوجه يأول ما رواه الشيخ عن زيد بن علي (ع) في الضعيف قال صليت مع أبي المغرب فنسى فاتحة الكتاب في الركعة الأولى فقرأها
في الثانية نعم روى الصدوق عن زرارة في الصحيح قال قلت له يعني أبا جعفر (ع) رجل نسى القراءة في الأوليين فذكرها في الأخيرتين فقال يقضي القراءة والتكبير والتسبيح
الذي فاته في الأوليين ولا شئ عليه ولا يجري فيه التأويل المذكور ولعله محمول على الاستحباب أو التقية وما دل على عدم صحة الصلاة بدون قراءة الفاتحة محمول على
على صورة العمد جمعا بين الأدلة ومقتضى كلام المصنف الرجوع إلى كل واحد مما ذكر إذا تذكر قبل الركوع وهو في قرائة الحمد وابعاضها متجه لتحقق التكليف وعدم ما يدل على سقوطه حينئذ
ويؤيده ما رواه الكليني عن أبي بصير في الضعيف قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسى أم القران قال إن كان لم يركع فليعد أم القران
واما السورة فلا يتجه فيه هذا الحكم لما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) اقرأ سورة فانتبه وانا في اخرها فارجع إلى أول السورة أو امضى قال
بل امض وهذا الخبر من مؤيدات استحباب السورة إما في الجهر والاخفات فالظاهر أنه لا يرجع إليه إذا فرغ من القراءة وان لم يركع كما صرح به جماعة من الأصحاب منهم المصنف في التذكرة والنهاية
بل لا يرجع إليه وإن كان في أثناء القراءة كما صرح به الشهيد في البيان ويدل على ذلك صحيحتا زرارة السابقة في مسألة الجهر والاخفات وكذا لا حكم لناسي ذكر الركوع أو السجود
أو الطمأنينة فيه حتى ينتصب لا اعلم خلافا في ذلك كله ويدل عليه ان التدارك يوجب زيادة الركن مع أنه قد فات محله والحاقه في غير محله لا دليل عليه ولا يلزم منه إعادة الصلاة
لعموم ما دل على حصر الإعادة في أشياء مخصوصة وفيه تأمل ويدل على بعضها ما رواه الشيخ عن عبد الله بن القداح عن جعفر عن أبيه (ع) ان عليا (ع) سئل عن رجل ركع ولم يسبح ناسيا قال
تمت صلاته وعن علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل نسى تسبيحه في ركوعه وسجوده قال لا بأس بذلك وكذا لا حكم لناسي الرفع من الركوع أو الطمأنينة فيه اي في الرفع حتى
يسجد أو الذكر في السجدتين أو السجود على الأعضاء السبعة لا أعلم خلافا بين الأصحاب في هذه الأحكام ويجري فيه التعليل السابق في المسألة المتقدمة ويستثنى من ذك الجهة
كما صرح به جماعة من الأصحاب إذ لا يتحقق السجود بدون وضعها فيكون الاخلال به في السجدتين معا اخلالا بالركن فيكون مبطلا والاخلال به في أحدهما تركا للسجدة الواحدة
فيكون مما يحتاج إلى التدارك أو الطمأنينة فيهما اي في السجدتين أو في الجلوس بينهما وكذا لو نسى كما أن الرفع من السجدة الأولى حتى سجد ثانيا وذلك بان يتحقق مسمى الرفع
الموجب لتعدد السجدتين كما نبه عليه المصنف في القواعد والشهيد في البيان والا لم يتحقق التعدد ويكون المسألة من قبيل ما يحتاج إلى التدراك واحتمل الشارح الفاضل تحقق
التعدد بالنية بدون الرفع بمعنى انه لو سجد بنية الأولى ثم توهم الرفع والعود أو ذهل عنه بحيث توهم انه سجد ثانيا وذكر بنية الثانية أو لم يذكر يكون قد سجد سجدتين وانما نسى
الرفع بينهما وهو بعيد جدا
وكذا لا حكم للسهو في السهو في هذه العبارة اجمال والأصل فيه ما رواه الشيخ عن حفص بن البختري في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال ليس على الامام
368

سهو ولا على من خلف الامام سهو ولا على السهو سهو ولا على الإعادة إعادة ورواه الكليني باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم وما رواه الكليني والشيخ عنه في مرسلة يونس
عن أبي عبد الله (ع) ولا سهو في سهو قوله (ع) ولا على الإعادة إعادة يحتمل وجهين أحدهما ان يكون المراد انه إذا أعاد الصلاة لخلل موجب للإعادة ثم حصل أمر موجب للإعادة فإنه لا يلتفت
إليه ولم أجد تصريحهم بذلك وثانيهما من صلى منفردا ثم وجد الامام فأعاد استحبابا فإنه لا يعيد مع امام اخر قال المصنف في المنتهى معنى قول الفقهاء لاسهو للسهو ان لا حكم للسهو
في الاحتياط الذي يوجبه السهو كمن شك بين الاثنين والأربع فإنه يصلي ركعتين احتياطا على ما يأتي فلو سهى فيهما ولم يدري صلى واحدة أم اثنتين لم يلتفت إلى ذلك
وقيل معناه ان من سهى فلم يدر هل سهى أم لا لا يعتد ولا يجب عليه شئ والأول أقرب ويحتمل ان يكون مراده بعدم الالتفات البناء على الأكثر ويحتمل ان يكون المراد انه
لا يلتفت إلى ما يقتضيه الشك المذكور في غير صلاة احتياط عن الإعادة بل يبنى على المتيقن وعلله في التذكرة وفاقا للمحقق بأنه لو تداركه أمكن ان يسهو ثانيا فلا ينفك
عن التدراك وهو حرج فيكون منفيا ولأنه شرع لإزالة حكم السهو فلا يكون سببا لزيادته وذكر المتأخرون انه يمكن ان يراد بالسهو في كل واحد من الموضعين معناه المتعارف
أو الشك فيحصل من ذلك أربع الأول ان يستعمل كل منهما في معناه المتعارف وحينئذ لابد من تقدير مجاز للسهو الثاني بان يكون المراد منه موجب السهو بفتح الجيم من قبيل تسمية
المسبب باسم السبب فيكون معنى لا حكم للسهو في موجب السهو وذلك بان يسهو في سجدتي السهو عن ذكر أو طمأنينة أو غيرهما ما لا يتلافى ان قلنا إنه يوجب السجود في الصلاة فإنه لا
يوجب ههنا ومثله ما لو سهى عن بعض واجبات السجدة المنسية كالتسبيح والسجود على بعض الأعضاء عدا الجبهة ولو سهى في سجدتي السهو عما يوجب القضاء فالظاهر على هذا الحمل سقوطه
عنه للعموم الثاني ان يسهو في شك يعني موجب الشك بان يسهو في صلاة الاحتياط عما يوجب سجود السهو في الفريضة فلا يجب عليه السجود ولو كان المسهو عنه ما يتدارك في محله فلابد من
تداركه ولا سجود أيضا عن الزيادة إن كانت ولو كان مما يتدارك بعد الفراغ كالسجدة والتشهد فعله ولا يسجد له كما ذكره الشارح الفاضل ويحتمل سقوط التدراك في الموضعين سيما
الأخير لدخوله تحت عموم لاسهو في سهو الثالث ان يشك في سهو بمعناه المتعارف وحينئذ يحتمل ان يكون المراد من السهو أصل معناه ويحتمل ان يكون المراد منه موجب السهو مجازا وعلى
الأول كان معناه انه شك في أنه هل سهى أم لا وحكمه انه لا شئ عليه ولو كان الشك في السهو في فعل معين ولم يتجاوز محله فالظاهر وجوب التدراك لأنه يرجع إلى الشك في فعل مع عدم
تجاوز ملحه فيدخل تحت الأخبار الدالة على وجوب التدارك حينئذ ولو تيقن وقوع السهو لكن شك في أن له حكما أم لا بان نسى تعيينه فالظاهر أنه لا حكم له ولو انحصر فيما يتدارك
كالسجدة والتشهد قال الشارح الفاضل اتى بهما جميعا لاشتغال الذمة يقينا وعدم تحقق البراءة بدونه وفيه نظر لان اشتغال الذمة انما يتحقق عند عدم مجاوزة المحل لا مطلقا
والأخبار الدالة على التدراك لا تشمل محل البحث بل الظاهر أنه يرجع إلى الشك في كل منهما فيجري فيه حكم الشك ولو انحصر فيما يبطل وفيما لا يبطل فالظاهر عدم البطلان والظاهر أنه
يرجع إلى الشك فينسحب فيه حكمه وعلى الثاني كان معناه ان يشك فيما يوجبه السهو مثل ان يشك في عدد سجدتي السهو أو في افعالهما قبل تجاوز المحل فإنه يبنى على وقوع المشكوك
فيه الا ان يستلزم الزيادة فإنه يبنى على وقوع المصحح ومثله ان يشك في الشك فيه ولو شك في تحقق موجب السهو ووقوعه كما لو تيقن السهو الموجب للسهو أو لئلا في فعل وشك
في وقوع موجبه قال الشارح الفاضل يجب عليه فعله لأصالة عدمه وظاهر المصنف في النهاية خلافه ولعل الترجيح للأول الرابع ان يشك في شك ومعناه ان يشك هل حصل له شك أم لا وحكمه
ان لا يلتفت إليه أو يشك فيما يوجبه الشك كما لو شك في ركعتي الاحتياط في عدد أوفي فعل في محله فإنه يبنى على وقوع المشكوك الا ان يستلزم الزيادة فإنه يبنى على وقوع
المشكوك فيه قال الشارح الفاضل وليس منه يعنى من السهو في السهو ما لو شك في فعل كالركوع والسجود فاتى به فيشك في أثنائه في ذكر أو طمأنينة لان عوده أولا إلى ما شك فيه ليس سببا (مسببا)
عن السهو والشك وانما اقتضاه أصل الوجوب مع اصاله عدم الفعل واعلم أن هذه التفاصيل غير مستفادة من الخبر لاجماله وعدم وضوح معناه وإن كان حمل السهو في الموضعين
في الخبر على المعنى الشامل للشك والنسيان غير بعيد وحينئذ يمكن استخراج تلك الأحكام منه الا ان اثباته مشكل ومع قطع النظر عن الخبر يشكل الامر في مواضع من الأحكام المذكورة
منها نفى سجود السهو عند تحقق موجبه في صلاة الاحتياط ومنها البناء على وقوع المشكوك إذا شك في عدد سجدتي السهو أو افعالهما لأصالة عدم الوقوع ومنها البناء على وقوع
المشكوك إذا شك في عدد صلاة الاحتياط أوفي بعض أفعالها وينبغي ان لا يترك الاحتياط في أمثال هذه المواضع
وكذا لا حكم للسهو اي الشك الحاصل للامام أو المأموم إذا
حفظ عليه الأخر بل يرجع كل منهما إلى يقين صاحبه وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ويدل عليه حسنة حفص المتقدمة في المسألة السابقة وما رواه الشيخ والكليني
بتفاوت في المتن عن يونس عن رجل عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الامام يصلي بأربعة أنفس أو خمسة فسبح اثنان على أنهم صلوا ثلاثة ويسبح ثلاثة على أنهم صلوا أربعة يقولون
هؤلاء قوموا ويقول هؤلاء اقعدوا والامام (مائل) قائل مع أحدهما أو معتدل الوهم فما يجب عليه قال ليس على الامام سهو إذا حفظ عليه من خلفه سهوه بايقان منهم وليس
على من خلف الامام سهوا إذا لم ينسه الامام ولا سهو في سهو وليس في المغرب والفجر سهو ولا في الركعتين الأوليين من كل صلاة ولا سهو في نافلة فإذا اختلف على الامام من خلفه فعليه وعليهم
في الاحتياط الإعادة والاخذ بالجزم ورواه الصدوق عن نوادر إبراهيم بن هاشم بتفاوت ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) قال سألته
عن رجل يصلي خلف امام لا يدري كم صلى هل عليه سهو قال لا وروى الصدوق في الفقيه عن محمد بن سهل عن الرضا (ع) الامام يحمل اوهام من خلفه الا تكبيرة الافتتاح وروى الكليني
والشيخ عنه عن محمد بن يحيى رفعه عن الرضا (ع) قال الامام يحمل اوهام من خلفه الا تكبيرة الافتتاح فروع الأول لا ريب في رجوع أحدهما إلى الأخر مع شكه ويقين الأخر واما مع
الظن فمحتمل كما حكم به جماعة من المتأخرين لان الظن في باب الشك بمنزلة اليقين ويخدشه قوله (ع) بايقان منهم في المرسلة السابقة على ما في التهذيب والكافي (وفي الفقيه) باتفاق منهم
واما الرجوع مع الظن إلى يقين الأخر كما حكم به جماعة من الأصحاب فمحل التأمل لعدم ثبوت دليل عليه مع أنه متعبد بالعمل بما يقع عليه وهمه وكون اليقين أقوى من الظن غير
نافع ههنا لان قوه اليقين حاصلة لمن حصل له اليقين لا لغيره نعم إذا حصل ظن أقوى بسبب يقين الغير كان عليه العمل بمقتضاه ولم يكن من هذا الباب الثاني لافرق في الحكم السابق
بين الافعال والركعات ولابين كون المأموم عادلا أو فاسقا لاطلاق الأدلة وفي الصبي المميز تأمل نعم ان أفاد قوله الظن كان البناء عليه متجها ويكفي في الرجوع تنبيه الحافظ
بتسبيح ونحوه مما يفهم منه المراد والظاهر أنه لا يجوز التعويل على غير الإمام والمأموم في هذا الباب الا إذا أفاد قوله الظن فيبنى عليه من باب الرجوع إلى الظن لا تقليد الغير وفي بعض الأخبار
الصحيحة ان رجلا صلى ثم أخبر انه صلى في غير وقته قال يعيد وفي الأخرى جواز الاتكال في العدد على
الغير
الثالث ان اشترك الإمام والمأموم في الشك واتحد لزمهما حكمه وان
اختلف فان جمعهما رابطة رجعا إليها كما إذا شك الامام بين الاثنين والثلاث والمأموم بين الثلاث والأربع رجعا إلى الثلاث لان الامام حفظ انتفاء الأربع والمأموم انتفاء الاثنين
وكذا لو انعكس ويحكى عن بعض المتأخرين وجوب الانفراد واختصاص كل منهما بشكه في الصورة الأولى مع الموافقة في الصورة الثانية ولاوجه له ولو كانت الرابطة شكا رجعا إليها
كما لو شك أحدهما بين الاثنين والثلاث والأربع والاخر بين الثلاث والأربع فيسقط اعتبار الاثنين ولافرق مع وجود الرابطة بين كون شك أحدهما موجبا للبطلان وعدمه
وان لم يجمعهما رابطة تعين الانفراد ولزم كل منهما العمل بمقضى شكه كما لو شك أحدهما بين الاثنين والثلاث والاخر بين الأربع والخمس ولو تعدد المأمومون واختلفوا هم وامامهم
فالحكم ما مر في السابق من النظر إلى وجود الرابطة وعدمها فان وجدت رجعوا إليها جميعا كما لو شك أحدهم بين الاثنين والأربع والاخر بين الثلاث والأربع والاخر بين الاثنين
والثلاث والأربع فيرجعون جميعا إلى الأربع وكما لو شك أحدهم بين الواحد والاثنين والثلاث والاخر بين الاثنين والثلاث والأربع والاخر بين الاثنين والثلاث والخمس فيرجعون
369

جميعا إلى الشك بين الاثنين والثلاث ويعملون بمقتضاه
وان لم يوجد الرابطة تعين الانفراد ويعمل كل منهم بمقتضى شكه ولو حفظ بعض المأمومين وشك الباقون رجع الامام
إلى من يحفظ وباقي المأمومين إلى الامام الرابع إذا فعل المأموم ما يوجب سجدتا السهو فالذي ذهب إليه جماعة من الأصحاب منهم المصنف انه يجب عليه موجبه ونقل عن الشيخ والسيد
انه لاسهو على المأموم حتى إذا فعل موجب السجدة لا يجب عليه وهو مذهب المحقق واختاره الشهيد في الذكرى الا ان المحقق ذكر ان لاقضاء عليه أيضا فيما يوجب القضاء
والشهيد صرح بخلافه وذكر المحقق أيضا ان المحل إن كان باقيا يأتي به وإن كان السهو موجبا للبطلان يبطل صلاته والى هذا القول ذهب العامة الا مكحول على ما
نقله المصنف في المنتهى حجة الأول عموم ما دل على أن هذا الفعل موجب للسجدة (ف‍) لا دليل على التخصيص وما رواه الشيخ والكليني عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا عبد
الله (ع) عن الرجل يتكلم ناسيا في الصلاة يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين فقلت سجدتي السهو قبل التسليم هما أو بعد قال بعد وعن منهال القصاب
قال قلت لأبي عبد الله (ع) أسهو في الصلاة وانا خلف الامام فقال إذا سلم فاسجد سجدتين ولا تهب حجة الشيخ على ما حكى عنه حسنة حفص بن البختري ورواية محمد بن سهل السابقتين وما
رواه الشيخ في باب فضل المساجد من التهذيب عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل ينسى وهو خلف الامام ان يسبح في السجود أو في الركوع أو ينسى
أن يقول بين السجدتين شيئا فقال ليس عليه شئ وعن عمار أيضا في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل سهى خلف الامام بعد ما افتتح الصلاة ولم يقل شيئا
ولم يكبر ولم يسبح ولم يتشهد حتى يسلم فقال قد جازت صلاته وليس عليه إذا سهى خلف الامام سجدتا السهو لان الامام ضامن لصلاة من خلفه وأجاب المصنف عن رواية حفص
باستضعاف السند وبأنه محمول على السهو في العدد وفي الأول تأمل والثاني متجه بقرينة قوله (ع) ليس على الامام سهو وأجاب عن الثاني بالحمل على الوهم في العدد وعن الثالث باستضعاف
السند (القول بالموجب وعن الرابع باستضعاف السند) وبالمعارضة بما دل على نفى ضمان الامام كرواية أبي بصير باسناد فيه ضعف عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له أيضمن الامام الصلاة فقال ليس بضامن ورواية الحسين بن يسير
عن أبي عبد الله (ع) انه سأله رجل عن القراءة خلف الإمام فقال لا (ان) الامام ضامن للقرائة وليس يضمن الامام صلاة الذين خلفه انما يضمن القراءة في صحيحة معاوية بن وهب أيضا
ان الامام لا يضمن وحمل الشيخ ما دل على ضمان الامام على الضمان في القراءة احتج المحقق على ما اختاره ببعض الروايات العامية وبرواية محمد بن سهل ورواية حفص قال وحفص وإن كان
ضعيفا فالعمل والاعتبار والأحاديث يعضد روايته وتحقيق المقام ان هذه الأخبار غير دالة على مدعاهم الا إحدى رواية عمار ويمكن الجمع بينها وبين ما دل على وجوب السجود
بوجهين أحدهما حمل رواية عمار على التقية لموافقته لمذاهب العامة وثانيهما حمل ما دل على وجوب السجود على الاستحباب وارتكاب التخصيص في العمومات وان تركنا اعتبار خبر عمار
تعين العمل على خلافه والمسألة محل تردد ورعاية الاحتياط أوجه الخامس لو انفرد الامام بالسهو سجد خاصة دون المأموم على المشهور بين الأصحاب وخالف فيه الشيخ (ره) وهو قول
جمهور العامة حجة الشيخ ما دل على وجوب المتابعة وجوابه منع وجوب المتابعة الا في الصلاة وحينئذ يتجه القول الأول للأصل وحصول الامتثال فان الظاهر أن سجدة السهو خارجه عن
حقيقة الصلاة الا ان طريق المناقشة فيه غير مسدودة فللتردد في المسألة مجال وقد روى الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يدخل مع الامام
وقد صلى الامام ركعة أو أكثر فسهى الامام كيف يصنع الرجل قال إذا سلم الامام فسجد سجدتي السهو فلا يسجد الرجل الذي دخل معه وإذا قام وبنى على صلاته وأتمها وسلم سجد الرجل سجدتي
السهو وفيه موافقه لقول الشيخ فاذن الاحتياط فيه قال في الذكرى تفريعا على قول الشيخ لو رأى (المأموم) الامام يسجد للسهو وجب عليه السجود وان لم يعلم عروض السبب حملا على أن الظاهر منه انه
يؤدي ما وجب عليه ولعدم شرعية التطوع بسجدة السهو وفيه نظر لاحتمال صدور الموجب في غير الصلاة التي اقتدي به فيها مع تذكره الان وهذا الاحتمال وإن كان خلاف
الظاهر في أكثر الأحيان لكن قد لا يخالف الظاهر مع أن وجوب العمل بالظاهر في محل البحث غير واضح ولو عرض للامام السبب فلم يسجد إما عمدا أو نسيانا وجب على المأموم فعله على ما صرح
به الشيخ قال في الذكرى وربما قيل يبنى هذا على أن سجود المأموم هل هو لسهو الامام أو لنقص صلاته أو لوجوب المتابعة فعلى الأول يسجد وان لم يسجد الامام وعلى الثاني لا
يسجد الا بسجوده
وكذا لا حكم للسهو مع الكثرة والمراد بالسهو هنا الشك كما يشعر به كلام المصنف في المنتهى والتذكرة والنهاية أو المعنى الشامل للسهو أيضا كما هو ظاهر جماعة من الأصحاب منهم
الشيخ وابن زهرة وابن إدريس وبه صرح الشارح الفاضل والأصل في هذا الباب روايات منها ما رواه الكليني والشيخ عنه باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن زرارة
وأبي بصير في الصحيح قالا قلنا له الرجل يشك كثيرا في صلاته حتى لا يدري كم صلى ولا ما بقى عليه قال يعيد قلنا فإنه يكثر عليه ذلك كلما أعاد شك قال يمضى في شكه ثم قال لا تعودوا الخبيث
من أنفسكم نقض الصلاة فتطمعوه فان الشيطان خبيث معتاد لما عود فليمض أحدكم في الوهم ولا يكثرن نقض الصلاة فإنه إذا فعل ذلك مرات لم يعد إليه الشك قال زرارة
ثم قال انما يريد الخبيث ان يطاع فإذا عصى لم يعد إلى أحدكم ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم باسنادين صحيحين ورواه الكليني أيضا عنه في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال إذا كثر السهو عليك
فامض على صلاتك فإنه يوشك ان يدعك انما هو من الشيطان ورواه ابن بابويه أيضا لكن بدل قوله فامض بقوله فدعه ومنها ما رواه الشيخ في الصحيح عن ابن سنان والظاهر أنه عبد الله
الثقة عن غير واحد عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كثر عليك السهو فامض في صلاتك وعن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يكثر عليه الوهم في الصلاة فيشك في الركوع فلا
يدري اركع أم لا ويشك في السجود فلا يدري اسجد أم لا فقال لا يسجد ولا يركع ويمضي في صلاته حتى يستيقن يقينا وروى ابن بابويه مرسلا عن الرضا (ع) قال إذا كثر عليك السهو في الصلاة
فامض على صلاتك والمستفاد من الرواية الأولى حكم الشك الموجب للإعادة ولا يعم غيره واما الروايات الأخرى سوى رواية عمار فإنها يختص بالسهو ويحتمل ان يكون المراد منه المعنى الشامل
للشك بقرينة التعليل في رواية محمد بن مسلم فان الشك أيضا من الشيطان كما في رواية زرارة ويعضده رواية عمار وعمل الأصحاب ومعنى المضي على الصلاة في الشك عدم الإعادة وعدم
الاحتياط فيما استلزم الشك أحدهما لولا الكثرة وعدم تدارك الفعل المشكوك فيه وإن كان في محله بل يبنى على وقوع المشكوك فيه ما لم يستلزم الزيادة فيبنى على وقوع المصحح صرح
بذلك جماعة من الأصحاب لكن الصحيح من الروايات السابقة غير صريح في ذلك فان المستفاد منه المضي على صلاته وعدم ابطالها وهو لا ينافي البناء على الأقل والاخذ بالمتيقن نعم لا يبعد
ادعاء ظهور ذلك منه ولعل ذلك مضافا إلى عمل الأصحاب ورواية عمار الدالة على البناء على وقوع المشكوك فيه يكفي لصحة التعويل عليه والظاهر سقوط سجدتي السهو إذا اقتضاهما
الشك كما إذا كان الشك بين الأربع والخمس لأن الظاهر من المضي على الصلاة عدم الالتفات إلى الشك فلا يكون له تأثير واعلم أن ظاهر عبارات كثير من الأصحاب التسوية بين الشك
والسهو في عدم الالتفات إليهما بل شمول الحكم للسهو في كلامهم أظهر وهو ظاهر النصوص وفي عبارة المعتبر وكلام المصنف في عدة من كتبه اشعار باختصاص الحكم بالشك والأول يقتضي
عدم الأبطال بالسهو في الركن وعدم القضاء إذا كان السهو موجبا له ولم أجد أحدا من الأصحاب صرح بهما بل صرح جماعة منهم بخلافهما مع تصريح بعضهم بسقوط سجود السهو والفرق
بينه وبين القضاء محل نظر واحتمل الشارح الفاضل عدم وجوب القضاء قال الشهيد في الذكرى لو كثر السهو عن ركن فلابد من الإعادة وكذا عن واجب يستدرك إما في محله أو غير محله
لوجوب الاتيان بالمأمور به وإذا لم يأت به فهو غير خارج عن عهدة الامر وهل تؤثر الكثرة في سقوط سجدتي السهو لم اقف للأصحاب فيه على نص وإن كان ظاهر كلامهم يشمله لان عباراتهم
لا حكم للسهو مع كثرته وكذا الاخبار يتضمن ذلك الا ان المراد به ظاهر الشك لامتناع حمله على عموم أقسام السهو والأقرب سقوط السجدتين دفعا للحرج انتهى كلامه وللتأمل فيه مجال
وما قربه من سقوط السجدتين حسن عملا بظاهر الروايات وان لم نجعل الروايات شاملة للسهو بل خصصناها بالشك كان الحكم بذلك مشكل إذ التعويل إلى نفى الحرج ضعيف ومن
الأصحاب من ذهب إلى عدم سقوط السجدتين واختاره بعض المتأخرين نظرا إلى أن الروايات تتضمن وجوب المضي في الصلاة وعدم الالتفات إلى الشك فتبقى الأوامر المتضمنة للسجود
370

بفعل موجبه سالمة عن المعارض وهو متجه ان خصصنا الروايات بالشك
ولو اتى بعد الحكم بالكثرة بما شك فيه فالذي صرح به جماعة من الأصحاب بطلان صلاته وهو حسن فيما
كان زيادته في الصلاة مبطلة إن كان الامر بالمضي على سبيل الايجاب وفيه اشكال إذ يجوز ان يكون من باب الاستحباب أو الترخيص ولو تذكر بعد الشك اتى بما يلزمه فلو كان
قد فعل ففي الاجتزاء به وجهان واختلف الأصحاب فيما به يتحقق الكثرة فالمشهور بين المتأخرين منهم انه يرجع في ذلك إلى العرف ذهب إليه الفاضلان والشهيدان وغيرهم وقال الشيخ في
المبسوط وقيل حده ان يسهو ثلاث مرات متوالية وبه قال ابن حمزة وقال ابن إدريس حده ان يسهو في شئ واحد أو فريضة واحدة ثلاث مرات فليسقط بعد ذلك حكمها ويسهو في أكثر الخمس
أعني ثلاث صلوات من الخمس فيسقط بعد ذلك حكم السهو في الفريضة الرابعة وأنكر المحقق هذا القول فقال في المعتبر يجب ان يطالب هذا القائل بمأخذ دعواه فانا لا نعلم لذلك
أصلا في لغة ولا شرع والدعوى من غير دلالة تحكم والأقرب الأول إذ لم اطلع على تحديد لذلك في الاخبار واما ما رواه ابن بابويه عن محمد بن أبي حمزة في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
أنه قال وإذا كان الرجل يسهو في كل ثلاث فهو ممن يكثر عليه السهو فيحتمل وجهين أحدهما ان يكون المراد الشك في جميع الثلاث بان يكون المراد الشك في كل واحد واحد من اجزائه الثلاث
اي ثلاث كان وثانيهما ان يكون المراد انه كلما صلى ثلاث صلوات يقع فيها الشك بحيث لا يسلم له ثلاث صلوات خالية من الشك ثبت له حكم الكثرة وحينئذ يقع الاحتياج إلى العرف أيضا
إذ ليس المراد كل ثلاث صلوات يجب على المكلف على التعاقب إلى انقضاء التكليف والا يلزم انتفاء حكم الكثرة وسقوطه بالكلية وترجيح أحد الاحتمالين على الأخر على وجه واضح لا يخلو
عن اشكال وان لم يبعد ادعاء ترجيح الأخير ومع هذا فالثلاث مجمل فيحتمل ان يكون المراد الصلوات أو الفرائض أو الركعات أو الافعال ولا يبعد ترجيح الأولين ومع هذا فغاية ما
يستفاد من الرواية حصول الكثرة بذلك وهو غير مناف للعرف لأحصرها فيه فاذن لا معدل عن الإحالة إلى العرف قال في الذكرى ويظهر من قوله (ع) في حسنة حفص بن البختري ولا
على الإعادة إعادة ان السهو يكثر بالثانية الا ان يقال يختص بموضع وجوب الإعادة وفيه تأمل إذ ليس في نفى الإعادة (في الإعادة) ودلالة على أن ذلك باعتبار حصول الكثرة وعلى التفسير الذي
اعتبر فيه عدد الثلاث هل يعتبر سقوط حكم السهو في الرابعة أو الثالثة كل محتمل والذي ذكره جماعة من الأصحاب الأول والرواية على التفسير الأول تعضد الثاني ولو حصلت الثلاث
غير متوالية لم يعتد بها نعم لو تكرر أياما بحيث يصدق الكثرة عرفا تعين اعتبارها ولو كثر شكه في فعل بعينه بنى على فعله فلو شك في غيره فالظاهر البناء عليه أيضا لصدق الكثرة صرح به الشهيد
في الذكرى ولو سهى عن أربع سجدات في فريضة واحدة وتخلل الذكر فالظاهر أنه يصدق الكثرة عرفا فحينئذ يقضي السجدات جميعا بناء على أن الكثرة غير مؤثرة في سقوط القضاء للفعل المنسي
ويسجد للسهو ست سجدات أو أربع سجدات بناء على الاحتمالين من اعتبار السقوط في الثالث أو الرابع بناء على عدم التداخل واما على القول بالتداخل وهو المختار كما سيجئ يسجد سجدتين
واحتمل الشهيد في الذكرى الاجتزاء بسجدتين وان لم يقل بالتداخل محتجا بدخوله في خبر الكثرة ان تعدد السهو قال إما لو كان في سهو متصل فالظاهر أنه لا يدخل في الكثرة ومراده بالسهو
المتصل ما لم يتذكر الابعد نسيان الجميع ويعلم من ذلك أن الكثرة يتحقق عنده بالثانية وذكر جماعة من الأصحاب منهم الشيخ والمصنف انه يسجد ثماني سجدات للسهو وفي الخلاف لا نص لأصحابنا فيها
وقضية المذهب بطلان الصلاة ان قلنا باشتراط سلامة الركعتين الأوليين والا اتى بأربع وسجد للسهو أربع مرات وحكمهم بأربع سجدات أما مبني على اعتبار كون الكثرة الموجبة
لسقوط موجب السهو في ثلاث فرائض أو على عدم سقوط موجب السهو واختصاص الحكم بالشك أو على اختصاص الحكم بصورة يتخلل تحقق الموجب ولو ذكر قبل التسليم نسيان الأربع عاد للأخيرة
وقضى ثلاثا وسجد للسهو ومتى تحقق الحكم بالكثرة يستمر اعتبار سقوط حكم السهو إلى أن يخلو من السهو والشك فرائض متعددة بحيث ينتفي عنه وصف الكثرة عرفا فيتعلق بها حينئذ حكم السهو
الطاري وهكذا واحتمل في الذكرى الاكتفاء في زواله بتوالي ثلاث بغير شك وتعضده رواية محمد بن أبي حمزة على أحد التفسيرين السابقين وربما احتمل بعضهم زوالها
بصلاة واحدة خالية عن السهو والشك وزعم أن هذا ظاهر الرواية المذكورة وفيه نظر وهل يعتبر في مرات السهو التي يتحقق معها الكثرة ان يكون كل منهما موجبا لشئ أم يكفي حصول
السهو مطلقا كالسهو في النافلة والسهو الذي غلب الظن أحد الجانبين بعد التروي فيه وجهان ناشيان من اطلاق
النص واعتبار المشقة
ولو نسى الحمد وذكر في حال قرائة السورة
أو بعدها قبل الركوع أعادها اي السورة بعد أن يقرأ الحمد وقد مر ما يصلح مستندا لهذا الحكم وظاهر العبارة انه يعيد بعد قرائة الحمد والسورة التي قراها أولا بعينها والامر ليس
كذلك بل هو مخير بين الاتيان بها وغيرها من السورة ولو ذكر الركوع قبل السجود بعدان هوى له قبل ان يصل إلى حده ركع والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه
ان الذمة مشغولة بفعل الركوع ولامانع منه فيجب الاتيان به تحصيلا للبرائة ويدل عليه أيضا ما رواه ابن بابويه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا نسيت
شيئا من الصلاة ركوعا أو سجودا أو تكبيرا فاقض الذي فاتك سهوا وأورده الشيخ أيضا عن عبد الله بن سنان في الصحيح وفيه فاصنع الذي فاتك سهوا فإنها محمولة على صورة التذكر قبل
فوات المحل بمعونة ما دل على أن نسيانها موجب لإعادة الصلاة فإنه محمول على صورة التذكر بعد فوات المحل جمعا بين الأدلة ويؤيده ما سيجئ من وجوب الاتيان به إذا شك في
فعله قبل فوات المحل ففي صورة النسيان أولي بمعونة الحكم بعدم البطلان استنادا إلى الأصل واعلم أن مقتضى بعض عباراتهم وجوب القيام أولا ثم الركوع ولعله مبني على أن المتبادر
من تدارك الركوع تداركه على هذا الوجه أو لتدارك القيام المتصل بالركوع فإنه ركن ولم يحصل وربما يقال إنه معلل باستدراك الهوى إلى الركوع فإنه واجب ولم يقع بقصد الركوع
ذكر ذلك غير واحد من الأصحاب وللنزاع في اثبات وجوب الهوى المذكور مجال الا ان اليقين بالبرائة من التكليف الثابت يقتضيه والحكم المذكور
على التعليل الأخير انما يتم إذا نسى الركوع في حال القيام إما إذا حصل النسيان بعد الوصول إلى حد الراكع قبل ان يحصل منه صورة الركوع بان وصل إلى حد لو تجاوز عنه صدق
عليه اسم الراكع فلا بل مقتضاه انه يقوم منحنيا إلى حد الراكع كما قاله غير واحد من الأصحاب ولو تحقق صورة الركوع قبل النسيان ففي وجوب العود اشكال لاستلزامه زيادة الركن فان
حقيقة الركوع هو الانحناء المخصوص وقد حصل واما الطمأنينة والذكر والرفع عنه فواجبات في الركوع ولا مدخل لها في تحصيل حقيقته ولو نسى الرفع بعد اكمال الذكر ففي وجوب
استدراك القيام حينئذ اشكال وكذا يرجع في العكس وهو ما لو ذكر انه نسى السجود قبل ان يركع فإنه يعود له والظاهر أن هذا الحكم في السجدة الواحدة مما لا خلاف فيه بين الأصحاب
ويدل عليه ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن جابر في الحسن بمحمد بن عيسى الأشعري عن أبي عبد الله (ع) في رجل نسى ان يسجد السجدة الثانية حتى قام فذكر وهو قائم انه لم يسجد قال فليسجد ما لم
يركع فإذا ركع فذكر بعد ركوعه انه لم يسجد فليمض على صلاته حتى يسلم ثم يسجدها فإنها قضاء الحديث وما رواه ابن بابويه عن ابن مسكان عن أبي بصير في الصحيح قال سألت أبا عبد
الله (ع) عن رجل نسى ان يسجد واحدة فذكرها وهو قائم قال يسجدها إذا ذكرها ولم يركع فإن كان قد ركع فليمض على صلاته فإذا انصرف قضاها وحدها وليس عليه سهو وهذه
الرواية اوردها الشيخ باسناد فيه ضعف وفي العبارة أدنى تفاوت واختلف الأصحاب في نسيان السجدة فذهب المتأخرون إلى أنه كنسيان السجدة الواحدة في وجوب الرجوع وهو قول
المفيد في الرسالة الغرية
وذهب ابن إدريس إلى أن نسيان السجدتين بعد قيامه إلى الركوع يوجب إعادة الصلاة وهو الظاهر من كلام المفيد وأبي الصلاح وكلام الشيخ والمرتضى وسلار مضطرب حجة
الأول ان القيام ليس انتقالا عن المحل والا لم يجب الرجوع إلى السجدة الواحدة وإذا لم يكن انتقالا عن المحل وجب الرجوع إلى السجدتين أيضا وهذه الحجة ضعيفة نعم لا يبعد
ترجيح هذا القول استناد ا إلى صحيحة ابن سنان السابقة في المسألة المتقدمة وصحيحة محمد بن مسلم السابقة عند شرح قول المصنف ويبطل بالاخلال بركن لا تخلو عن تأييد
ماله وينبغي ان لا يترك الاحتياط في أمثال هذه المواضع ومتى كان المنسى مجموع السجدتين عاد إليهما من غير جلوس واجب قبلهما إما لو كان المنسى أحدهما فإن كان قد جلس عقيب
الأولى واطمأن بنية الفصل أو لا بنية ولم يجب الرجوع إلى الجلوس قبل السجدة وان لم يجلس أو جلس ولم يطمئن فقيل يجب الجلوس واختاره الشارح الفاضل معللا بأنه من أفعال الصلاة
371

ولم يأت به مع امكان تداركه ويمكن المنازعة فيه بان القدر الثابت الجلوس الفاصل بين السجدتين المتصل بهما وقد فات ولا يمكن تداركه لا مطلقا وقيل لا وهو قول المصنف في
المنتهى وهو المحكي عن الشيخ في المبسوط استنادا إلى أن الفصل بين السجدتين تحقق بالقيام واستضعف بان الواجب ليس هو مطلق الفصل بل الجلوس الفاصل وهو لم يحصل
والمسألة محل تردد ولا يبعد ترجيح الأول تحصيلا للبرائة اليقينية من التكليف الثابت قال الشارح الفاضل ولو شك هل جلس أم لا بنى على الأصل فيجب الجلوس وإن كان حالة
الشك قد انتقل عن محله لأنه بالعود إلى السجدة مع استمرار الشك يصير في محله
ومثله ما لو تحقق نسيان سجدة وشك في الأخرى فإنه يجب عليه الاتيان بهما معا عند الجلوس وإن كان
ابتداء الشك بعد الانتقال وهو غير بعيد ولو كان قد نوى بالجلوس الاستحباب لتوهمه انه جلسة الاستراحة وانه فرغ من السجدتين ففي الاكتفاء به وجهان ولعل
الترجيح للاكتفاء لان أصل الجلوس قد حصل والمعهود من طريق الأئمة عدم مثل هذه المضايقة في أمر النيات يظهر ذلك لمن تتبع آثارهم واخبارهم وقد حكم الأصحاب بأنه لو نوى
فريضة ثم ذهل عنها ونوى ببعض الافعال أو الركعات النفل سهوا لا يضر لان العبرة بالنية أولا وبه نصوص اخبارية منها ما رواه الشيخ عن عبد الله بن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع)
قال سألته عن رجل قام في صلاة فريضة فصلى ركعة وهو ينوى انها نافلة قال هي التي قمت فيها ولها وقال إذا قمت وأنت تنوى الفريضة فدخلك الشك بعد فأنت في الفريضة
على الذي قمت له وان كنت دخلت فيها وأنت تنوى نافلة ثم انك تنويها بعد فريضة فأنت في النافلة وانما يحسب للعبد من صلاته التي ابتدأ في أول صلاته وعن معاوية قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل قام في الصلاة المكتوبة فسهى فظن أنها نافلة أو كان في النافلة فظن أنها مكتوبة قال هي على ما افتتح الصلاة عليه وعن عبد الله بن المغيرة في الحسن
بإبراهيم بن هاشم قال في كتاب حريز أنه قال إذا نسيت اني في صلاة فريضة حتى ركعت وانا أنويها تطوعا قال فقال هي التي قمت فيها ان كنت قمت وأنت تنوى فريضة ثم دخلك
الشك فأنت في الفريضة إلى اخر الحديث وعلل الشارح الفاضل صحة الاكتفاء باقتضاء نية الصلاة ابتداء كون كل فعل في محله ولا يعارضها النية الطارية سهوا وأشار إلى بعض ما اوردنا
من الاخبار وكلام الأصحاب ثم اورد بحثا محصلا انه قد سلف في ناسي الركوع ولما سجد انه يجب عليه القيام ثم الركوع لعدم تحقق الهوى بنية الركوع وانما كان الهوى السابق بنية السجود
فلا يجزي ومقتضى هذا الدليل عدم وجوب القيام هنا لاقتضاء نية الصلاة الترتيب بين الافعال فيقع الهوى السابق للركوع ولكن الجماعة قطعوا بوجوب القيام مع حكم كثير منهم بالاجتزاء
هنا بجلسة الاستراحة والفرق غير واضح ويمكن ان يقال لعل الفرق مبني على ما ذكرنا سابقا من تعليل وجوب القيام هناك فإنه لا يدور على اعتبار النية العارضة دون ما ذكره الشارح هناك ولو
نوى بالجلوس عقيب السجدة الأولى الوجوب لا للفصل كما لو جلس للتشهد فالاكتفاء به أقرب من السابق واعلم أنه لو كان قد تشهد أو قرا أو سبح وتلافي السجود وجب عليه إعادة ما بعده
لرعاية الترتيب مسألة من نسى التشهد وذكر قبل ان يركع رجع فتلافاه ثم اتى بما بعده والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ويدل عليه روايات منها ما رواه الشيخ عن سليمان بن
خالد في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل نسى ان يجلس في الركعتين الأوليين فقال إن ذكره قبل ان يركع فليجلس وان لم يذكر حتى ركع فليتم الصلاة حتى إذا فرغ فليسلم
ويسجد سجدتي السهو وعن عبد الله بن أبي يعفور في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يصلي ركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما فقال إن ذكر وهو قائم في الثالثة فليجلس
وان لم يذكر حتى ركع فليتم صلاته ثم سجد سجدتين وهو جالس قبل ان يتكلم ورواه ابن بابويه في الصحيح عن الحلبي في الحسن عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قمت في الركعتين من الظهر
أو غيرها ولم تتشهد فيهما فذكرت ذلك في الركعة الثالثة قبل ان تركع فاجلس وتشهد وقم فأتم صلاتك وان أنت لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك حتى تفرغ فإذا فرغت
فاسجد سجدتي السهو بعد التسليم قبل ان يتكلم ورواه الكليني أيضا في الحسن
ولو ذكر بعد التسليم ترك الصلاة على النبي وآله قضاها هذا الحكم ذكره جماعة من الأصحاب منهم الشيخ
والفاضلان وأنكروه ابن إدريس احتج المصنف في المختلف على الأول بأنه مأمور بالاتيان بالصلاة على النبي وآله (ع) ولم يأت به فيبقى في عهدة التكليف وفوات المحل لا يستلزم سقوط الفعل
بأنه جزء ما يجب تداركه وقضاؤه بعد الصلاة ويقضي لو نسى مع التشهد فيجب قضاؤه ولو نسى منفردا ومحصله التسوية بين الكل والجزء وعلله بتعليل ضعيف وكلا الوجهان
ضعيفان إما الأول فلان الواجب الصلاة في محل خاص وقد فات وايجاب القضاء يحتاج إلى دليل وليس هنا واجبان أحدهما الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله والاخر ايقاعه في محله حتى لا يلزم من
فوات الثاني سقوط الأول واما الثاني فلان التسوية بين الكل والجزء في الحكم المذكور قياس لا دليل عليه الا ترى ان الصلاة تقضى ولا يقضى اجزاؤها مطلقا وكذا مجموع الركوع
وواجباته من الطمأنينة والذكر يقضى ولا يقضى ابعاضها قال ابن إدريس حمله على التشهد قياس لا نقول به ورده المصنف فقال بعد الاحتجاج على ما اختاره بما نقلناه وليس في هذه
الأدلة قياس وانما هو لقصور قوته المميزة حيث لم يجد لها نصا صريحا حكم بان ايجاب القضاء مستند إلى القياس خاصة وفيه ضعف ويمكن الاستدلال على هذا القول بصحيحة
عبد الله بن سنان السابقة عند شرح قول المصنف ولو ذكر الركوع وصحيحة حكم بن حكيم السابقة في مسألة الاخلال بالركن وعلى القول الأول لو ترك بعضا لا يستقل بالدلالة كنسيان
الصلاة على آل محمد صلى الله عليه وآله خاصة وجب ان يضم إليه مما قبله ما يتم به وان لم يكن نسيه
ولو ذكر السجدة أو التشهد بعد الركوع قضاهما تحقيق هذا المقام يتم برسم
مسائل الأولى من ترك سجدة من صلاته ولم يذكر حتى ركع قضاها بعد الفراغ من الصلاة وليس عليه الإعادة وهذا هو المشهور بين الأصحاب وذهب الشيخ في التهذيب إلى أنه متى ترك
سجدة واحدة من الأوليين أعاد الصلاة والظاهر من كلام ابن أبي عقيل إعادة الصلاة بترك سجدة واحدة مطلقا سواء في ذلك الركعتان الأوليان والأخريان لأنه قال من سهى عن فرض
فزاد فيه أو نقص منه أو قدم منه مؤخرا أو اخر منه مقدما فصلوته باطله وعليه الإعادة وقال قريبا منع في موضع اخر وعد من الفرائض الركوع والسجود وذهب المفيد والشيخ
في التهذيب على ما حكى عنهما الشهيد في الذكرى إلى أن كل سهو يلحق الركعتين الأوليين يوجب إعادة الصلاة وكذلك الشك سواء كان في العدد أو في افعالهما ونقل الشيخ
هذا القول عن بعض علمائنا وعلى هذا القول يلزم في نسيان السجدة الواحدة إعادة الصلاة إذا كان في الأوليين والأول أقرب لنا حسنة إسماعيل بن جابر وصحيحة أبي بصير
المتقدمتين عند شرح قول المصنف وكذا العكس وما رواه الشيخ عن عبد الله بن أبي يعفور في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا نسى الرجل سجدة وأيقن انه قد تركها فليسجدها بعدما
يقعد قبل ان يسلم وإن كان شاكا فليسلم ثم يسجدها وليتشهد تشهدا خفيفا ولا يسميها النقرة فان النقرة نقرة الغراب وكان المراد بالقعود والقعود للتشهد أو نفس التشهد كما
مر في بعض الأخبار وعن عمار بن موسى الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) انه سأله عن الرجل ينسى سجدة فذكرها بعدما قام وركع قال يمضي في صلاته ولا يسجد حتى يسلم فإذا سلم سجد
مثل ما فاته قلت فإن لم يذكر الابعد ذلك قال يقضي ما فاته إذا ذكره وجه الاستدلال بهذه الاخبار العموم وعدم الاستفصال احتج الشيخ بما رواه عن أحمد بن محمد بن أبي نصر في
الصحيح قال سألت أبا الحسن (ع) عن رجل صلى ركعتين ثم ذكر في الثانية وهو راكع ان ترك سجدة في الأولى قال كان أبو الحسن (ع) يقول إذا تركت السجدة في الركعة الأولى فلم تدر واحدة
أو اثنتين استقبلت حتى يصح لك ثنتان وإذا كان في الثالثة والرابعة فتركت سجدة بعدان تكون قد حفظت الركوع أعدت السجود ورواه الكليني في الصحيح وفي المتن اختلاف كثير
وصورة الخبر في الكافي هكذا قال سألته عن رجل صلى ركعة ثم ذكر وهو في الثانية وهو راكع انه ترك سجدة من الأولى فقال كان أبو الحسن (ع) يقول إذا تركت السجدة في الركعة الأولى ولم
تدر واحدة أم ثنتين استقبلت الصلاة حتى يصح لك انهما ثنتان ومدلول هذه الرواية غير منطبق على المدعا لان ظاهره الشك في تحقق السجدة الثانية منه ويجوز ان يكون المراد انه تيقن
ترك السجدة لكن شك في كون المتروك واحدة أو ثنتين وهذا أوفق بالسؤال وفي هذه الروايات منافاة لما اخترناه الا ان فيها اجمالا يشكل التعويل عليها وأجاب عنه المصنف في المختلف بأنه
يحتمل ان يكون المراد بالاستقبال الاتيان بالسجود المشكوك فيه لا استقبال الصلاة وبكون قوله (ع) وإذا كان في الثالثة والرابعة فتركت سجدة راجعا إلى من تيقن ترك السجدة في الأوليين
372

فان عليه إعادة السجدة لفوات محلها ولا شئ عليه لو شك بخلاف ما لو كان الشك في الأولى لأنه لم ينتقل عن محل السجود فيأتي بالمشكوك فيه وهو بعيد جدا ويعارض قول الشيخ ما رواه
عن محمد بن منصور في الضعيف قال سألته عن الذي ينسى السجدة الثانية من الركعة الثانية أو شك فيها فقال إذا خفت ان لا يكون وضعت جبهتك الا مرة واحدة فإذا سلمت سجدت سجدة واحدة
وتضع وجهك مرة واحدة وليس عليك سهو وحملها الشيخ على أن يكون المراد من الركعة الثانية الثانية من الركعتين الأخيرتين وهو تأويل بعيد
احتج في المختلف لابن أبي عقيل بما رواه
الشيخ عن معلى بن خنيس في الضعيف قال سألت أبا الحسن الماضي (ع) في الرجل ينسى السجدة من صلاته قال إذا ذكرها قبل ركوعه سجدها وبنى على صلاته ثم يسجد سجدتي السهو بعد انصرافه
فان ذكرها بعد ركوعه أعاد الصلاة ونسيان السجدة في الأوليين والاخريين سواء وهذه الرواية ضعيفة لان في طريقها علي بن إسماعيل وهو مجهول وفيه أيضا ارسال وفي المعلى بن
خنيس كلام والمشهور انه قتل في حياة الصادق (ع) فكيف يروى عن الكاظم (ع) والشيخ حمل نسيان السجدة في هذه الرواية على نسيان السجدتين معا وهو غير بعيد جمعا بين الأدلة وقد روى الشيخ
عن منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل صلى فذكر انه زاد سجدة فقال لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة وعن عبيد بن زرارة في الموثق قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن رجل شك فلم يدر اسجد ثنتين أم واحدة فسجد أخرى ثم استيقن انه قد زاد سجدة فقال لا والله لا يفسد الصلاة زيادة سجدة وقال لا يعيد صلاته من سجدة ويعيدها
عن ركعة فصريح هذين الخبرين عدم الإعادة بزيادة سجدة وفيهما اشعار بعدم الإعادة بنقصانها أيضا كما لا يخفى على المتدبر احتج من ذهب إلى أن كل سهو اوشك يلحق الأوليين
يوجب إعادة الصلاة بعدة من الأخبار المذكورة عند شرح قول المصنف في عدد الأوليين مطلقا والجواب ان القدر الذي يفهم من تلك الأخبار الشك في العدد مع أن الجمع بين الأدلة
يقتضي الحمل عليه ويدل على عدم إعادة الصلاة بالسهو اللاحق في الأوليين الأخبار المذكورة عند شرح قول المصنف ولا لناسي القراءة وعند شرح قوله ولا لناسي ذكر الركوع والاخبار
المذكورة في هذه المسألة وغيرها فالتعويل على المشهور الثانية يجب في الصورة المذكورة سجدة السهو على المشهور بين الأصحاب ونقل المصنف في المنتهى والتذكرة اجماعهم عليه ونقل في المختلف
والذكرى الخلاف في ذلك عن ابن أبي عقيل وابني بابويه وفي المختلف عن المفيد في الغرية واستدل الشيخ على القول الأول بما رواه في الصحيح عن ابن أبي عمير عن رجل عن سفيان بن السمط
عن أبي عبد الله (ع) قال تسجد سجدتي السهو في كل زيادة يدخل عليك أو نقصان وفي سند هذه الرواية كلام على أن حملها على ظاهرها (معارض) باخبار كثيره دالة على عدم وجوب سجدة السهو في
كثير من مواضع الزيادة والنقصان وحملها على الاستحباب أقرب من ارتكاب هذا التخصيص البعيد مع أن لرواية أبي بصير السابقة عند شرح قول المصنف وكذا العكس يقتضى عدم سجود السهو
ههنا مع رجحان تلك الرواية سندا ومطابقتها للأصل واعتضادها برواية إسماعيل وابن أبي يعفور وعمار فان السكوت عن ذكر سجود السهو في مقام البيان يقوى عدم وجوبه
ويعضده ما رواه الشيخ عن عمار في الموثق عن أبي عبد الله (ع) انه سأله عن الرجل ينسى الركوع أو ينسى سجدة هل عليه سجدة السهو قال لا قد أتم الصلاة وأول الشيخ رواية أبي بصير بان
المراد بقوله (ع) وليس عليه أيضا سهو انه لا يكون له عليه حكم السهاة بل يكون حكم القاطعين لأنه إذا ذكر ما كان فاته وقضاه لم يبق عليه شئ بشك فيه فخرج عن حد السهو وفيه بعد والعدول
عما عليه أكثر الأصحاب لا يخلو عن اشكال
الثالثة من نسى التشهد ولم يذكر حتى ركع قضاه وسجد سجدتي السهو عند المصنف إما وجوب السجود فنقل بعض الشارحين للشرايع انه لا خلاف فيه بين
الأصحاب ونقل في المختلف والذكرى الخلاف فيه عن ابن أبي عقيل والشيخ في الجمل والاقتصار ولم يذكره أبو الصلاح فيما يوجب سجدة السهو والصحيح الوجوب ويدل عليه صحيحة سليمان بن
خالد وصحيحة عبد الله بن أبي يعقور وحسنة الحلبي السابقات عند شرح قول المصنف وكذا العكس وما رواه الكليني عن الفضيل بن يسار في الحسن بإبراهيم بن هاشم ورواه الشيخ
بأدنى تفاوت عن أبي جعفر (ع) قال في الرجل يصلى الركعتين من المكتوبة ثم ينسى فيقوم قبل ان يجلس بينهما قال فليجلس ما لم يركع وقد تمت صلاته فإن لم يذكر حتى ركع فليمض
في صلاته فإذا سلم سجد سجدتين وهو جالس وما رواه الشيخ عن ابن أبي يعفور في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل صلى الركعتين من المكتوبة فلا يجلس فيهما حتى يركع فقال
يتم صلاته ثم يسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل ان يتكلم وعن الحسين بن أبي العلا في الحسن أو الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى الركعتين من المكتوبة لا يجلس بينهما
حتى يركع في الثالثة قال فليتم صلاته ثم ليسلم ويسجد سجدتي السهو وهو جالس قبل ان يتكلم ورواه باسناد اخر في الصحيح عن الحسين ورواه باسناد اخر فيه ضعف عن الحسين بتفاوت في
المتن وعن أبي بصير في الموثق قال سألته عن الرجل ينسى ان يتشهد قال يسجد سجدتين يتشهد فيهما وعن ابن مسكان في الصحيح عن الحسن الصيقل وهو غير موثق عن أبي عبد الله (ع) في الرجل
يصلي الركعتين من الوتر يقوم فينسى التشهد حتى يركع فيذكر وهو راكع قال يجلس من ركوعه فيتشهد ثم يقوم فيتم قال قلت أليس قلت في الفريضة إذا ذكر بعد ما يركع مضى ثم سجد
سجدتين بعدما ينصرف يتشهد فيهما قال ليس النافلة مثل الفريضة وهذه الأخبار وإن كانت غير صريحة في الوجوب إذ لم يثبت كون الامر في اخبارنا حقيقة في الوجوب لكن لا يبعد أن يقول
في الوجوب على هذه الأخبار بمعونة الشهرة لكن ذلك لا يصفو عن شوب النظر والتأمل وكذا الاستناد إلى أن البراءة اليقينية يقتضى العمل بها واما ما رواه الشيخ عن محمد بن علي
الحلبي باسناد فيه محمد بن سنان الضعيف قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يسهو في الصلاة فينسى التشهد فقال يرجع ويتشهد قلت أيسجد سجدتي السهو فقال ليس في هذا سجدنا السهو فحمل على
التذكر قبل الركوع فلا ينافي ما ذكر مع أن سندها ضعيف وعدها المصنف من الموثقات ووجهه غير ظاهر واما ما رواه الشيخ عن زرارة في الموثق بابن بكير قال سألت أبا جعفر (ع) هل سجد
رسول الله صلى الله عليه وآله سجدتي السهو قط فقال لا ولا يسجدها فقيه فيمكن حملها على أن الفقيه يسعى في حفظ صلاته بالتوجه فيها بحيث لا يصدر منه السهو وفيه بعد لكن الرواية غير معمولة بين الأصحاب
(ليشكل) التعويل عليه واما وجوب القضاء فهو المشهور بين الأصحاب وذهب المفيد وابنا بابويه إلى أنه يجزى التشهد الذي في سجدتي السهو عن قضاء التشهد وذهب ابن الجنيد إلى وجوب الإعادة إذا
نسى التشهدين حجة الأول ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) في الرجل يفرغ من صلاته وقد نسى التشهد حتى ينصرف فقال إن كان قريبا رجع إلى مكانه فيتشهد والا
طلب مكانا نظيفا فيتشهد فيه وعن علي بن حمزه في الضعيف قال قال أبو عبد الله (ع) إذا قمت في الركعتين ولم تتشهد فذكرت قبل ان تركع فاقعد وتشهد وان لم تذكر حتى تركع فامض في صلاتك كما
أنت فإذا انصرفت سجدت سجدتين لا ركوع فيهما ثم تشهد التشهد الذي فاتك ورواه الكليني أيضا حجة الثاني ظاهر الروايات المذكورة فإنها يتضمن ذكر سجدتي السهو من غير تعرض لذكر التشهد وذلك
في مقام البيان يقتضي نفي وجوبه ويمكن الجمع بين الروايات بحمل التشهد المذكور في رواية علي بن أبي حمزة على التشهد الذي يتضمنه سجدتا السهو واما الجمع بين صحيحة محمد بن مسلم والاخبار المذكورة
فيمكن بوجهين أحدهما ان يقال المراد بتلك الروايات حكم التشهد الأول وبالصحيحة المذكورة حكم التشهد الثاني وثانيهما ان يقال المراد بتلك الروايات ما إذا كان التذكر في أثناء الصلاة
وبالصحيحة المذكورة ما إذا كان التذكر بعد الفراغ من الصلاة لكن لا اعلم ذهاب أحد من الأصحاب إلى شئ من هذين التفصيلين ويمكن الجمع أيضا بحمل صحيحة محمد بن مسلم على الاستحباب فاذن ظهر ان
القول الثاني لا يخلو عن قوة والاحتياط واضح واما ما رواه الشيخ عن عمار بن موسى في الموثق عن أبي عبد الله (ع) (عن) في رجل نسى التشهد في الصلاة قال أذكر أنه قال بسم الله فقط فقد جازت صلاته
وان لم يذكر شيئا من التشهد أعاد الصلاة فمدلولها غير معمول بين الأصحاب مع عدم صحة سندها فيشكل التعويل عليها
الرابعة لم يصرح المصنف ببيان زمان قضاء السجود والتشهد المنسيين والظاهر أنه
لا خلاف بينهم في أن التشهد يقضى بعد التسليم واختلفوا في السجود فذهب الأكثر إلى أنه أيضا كذلك ذهب إليه الشيخان والسيد المرتضى واتباعهم وقال علي بن بابويه ان السجدة المنسية في الأولى تقضى
في الثالثة والمنسية في الثانية تقضى في الرابعة والمنسية في الثالثة تقضى بعد التسليم وقال ابن الجنيد واليقين بتركه إحدى السجدتين أهون من اليقين بتركه الركوع فان أيقن تركه إياها
بعد ركوعه في الثالثة لها سجدها قبل سلامه والاحتياط إن كانت في الأوليين الإعادة إن كانت في وقت وللمفيد قول اخر في الغرية قال إن ذكر بعد الركوع فليسجد ثلاث مرات (سجده) واحدة
منها قضاء والاثنان لركعة التي هو فيها ويدل على القول الأول صحيحتا إسماعيل وأبي بصير وموثقة عمار السابقات ويدل على انها تقضى قبل التسليم صحيحة عبد الله بن أبي يعفور السابقة والجمع بالتخيير
373

متجه وعلى ما ذهبنا إليه من استحباب التسليم يرتفع الخلاف بين الاخبار فان مقتضى هذا القول إن السجدة تقضى بعد الفراغ من الصلاة وهو يحصل بالفراغ من التشهد ولا ينافي
ذلك شئ من الاخبار واما قول ابن بابويه والمفيد فمستندهما غير معلوم قال في الذكرى وكأنهما عولا على خبر
لم يصل إلينا
الخامسة إذا نسى السجدة من الركعة الأخيرة وذكرها
بعد التشهد قبل التسليم فان قلنا إن التسليم واجب وان الخروج من الصلاة انما يحصل به فالظاهر وجوب الرجوع لعدم فوات محلها واشتغال الذمة بها وعموم صحيحة ابن سنان
السابقة عند شرح قول المصنف ولو ذكر الركوع قبل السجود وفي الأخير تأمل وان قلنا إن التسليم مندوب ففي المسألة وجهان أحدهما الرجوع إليها سواء كانت واحدة
أو ثنتين لأنه لا يخرج عن الصلاة الا بالتسليم أو بالفعل المنافي وان قلنا باستحباب التسليم فتعين الرجوع لما ذكر من التعليل في الصورة السابقة وثانيهما بطلان
الصلاة لو كان المنسي السجدتين وقضاء السجدة الواحدة إن كان المنسي سجدة واحدة إما الأول فلانه خرج من الصلاة فحصل ترك الركن الموجب للإعادة وفيه ان ما دل
على أن ترك السجدتين موجب لإعادة الصلاة لا عموم له بحيث يشمل محل البحث واما الثاني فلحصول الخروج من الصلاة الموجب لفوات التدارك المقتضي لتعين القضاء وفيه تأمل لما
رواه الشيخ عن حكم بن حكيم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في رجل نسى ركعة أو سجدة أو الشئ منها ثم تذكر بعد ذلك قال يقضي ذلك بعينه قلت أيعيد الصلاة فقال لا وربما قيل يمحى
الاشكال إذا كان التذكر بعد التسليم أيضا السادسة إذا نسى التشهد ولم يذكره الابعد التسليم فالظاهر أنه يقضيه سواء تخلل الحدث أم لا لصحيحة محمد بن مسلم السابقة عن قريب
وقال ابن إدريس لو نسى التشهد الأول ولم يذكره حتى ركع في الثالثة مضى في صلاته فإذا سلم منها قضاه وسجد سجدتي السهو فان أحدث بعد سلامه وقبل الاتيان بالتشهد المنسي وقبل
سجدتي السهو لم تبطل (صلاته) بحدثه الناقض لطهارته بعد سلامه منها لأنه بسلامه انفصل منها فلم يكن حدثه في صلاته بل بعد خروجه منها بالتسليم الواجب عليه قال فإذا كان المنسي
التشهد الأخير واحدث ما ينقض طهارته قبل الاتيان به فالواجب عليه إعادة صلاته من أولها مستأنفا لها لأنه بعد في قيد صلاته لم يخرج منها مجال وهو مبني على ما
اشتهر عندهم من أن الحدث في أثناء الصلاة مبطل فإذا نسى التشهد الأول وحصل الفراغ من الصلاة بالتشهد الثاني أو التسليم ثم أحدث لم يكن هذا الحدث موجبا لنقض الصلاة
لأنه ليس في أثناء الصلاة فإذا نسى التشهد الثاني لم يحصل الفراغ من الصلاة لأنه يحصل بكمال التشهد الثاني عنده بناء على أن التسليم عنده مستحب فإذا أحدث حينئذ كان الحدث في أثناء الصلاة
فيكون مبطلا ويرد عليه انا لا نسلم ان الفراغ انما يحصل بالتشهد بل يفرغ بالتسليم فإنه باعتبار السهو قد وقع موقعه فيحصل الفراغ به وقد أشار إلى ذلك المحقق في المعتبر
والشهيد في الذكرى على أن بطلان الصلاة بالحدث المتخلل مطلقا مما لا دليل عليه نعم هو من المقدمات الذائعة المشهورة بينهم السابعة قال الشارح الفاضل تقييد الحكم بنسيان سجدة والتشهد هو
مورد النص مشهور الفتوى فلا يقضى ابعاضهما لعدم الدليل الا الصلاة على النبي وآله على ما مر ولو كان المنسي إحدى الشهادتين احتمل قويا وجوب قضائها لا لكونها بعضا من الجملة بل لصدق
اسم التشهد عليها فيدخل في المتن ولا يخفى ان الظاهر من الروايتين الدالتين على وجوب قضاء التشهد اختصاصه بمجموع التشهد فلا يعم الابعاض ويمكن الاستدلال على ابعاض التشهد بعموم
صحيحة ابن سنان وصحيحة حكم بن حكيم وبهذا الوجه يمكن الاستدلال على وجوب قضاء ابعاض الصلاة مطلقا لا ما يوجب بطلان الصلاة لكن المشهور بين الأصحاب اختصاص الحكم بالسجدة والتشهد قال في الذكرى
بعد نقل رواية حكم وهي تدل بظاهرها على قضاء ابعاض الصلاة على الاطلاق وهو نادر مع امكان الحمل على ما يقضى منها كالسجدة والتشهد وابعاضه أو على أنه يستدركه في محله وكذا
ما روى عبد الله بن سنان ونقل الرواية المذكورة قال وكذا رواية الحلبي عنه (ع) إذا نسيت من صلاتك فذكرت قبل ان تسلم أو بعد ما تسلم أو تكلمت بكلمة فانظر الذي كان نقص من صلاتك فأتمه
وابن طاوس في البشرى يلوح منه ارتضاء مفهومها انتهى الثامنة معنى القضاء هنا الاتيان بالمنسى سواء كان في وقته أو في خارجه لا القضاء المصطلح عليه ولا يعتبر فيه نية بل الظاهر أنه
لا يعتبر فيه نية كونه أداء وقضاء لاطلاق الأدلة التاسعة هل يجب الترتيب بين الأجزاء المنسية وسجود السهو لها أو لغيرها الظاهر العدم عملا باطلاق الأدلة وأوجب في الذكرى تقديم
الأجزاء المقضية على سجود السهو لها وسجود السهو لها على سجود السهو لغيرها وإن كان مسبب الغير مقدما على الأجزاء وعلل الأول بان الأجزاء المقضية اجزاء فتقديمها اربط لها بالصلاة والثاني
بان السجود مرتبط بتلك فتقدم على غيرها وضعف التعليلين ظاهر بل الظاهر من رواية علي بن أبي حمزة السابقة تقديم السجدتين على التشهد المقضي ويسجد للسهو في جميع ذلك على رأى يحتمل
ان يكون المراد بجميع ذلك جميع ما ذكره من أول الباب إلى هنا لكن الظاهر عدم الوجوب في كثير منها مثل صورة غلبة الظن وكثرة السهو وسهو الامام أو المأموم مع حفظ الأخر ويحتمل ان
يكون المراد بجميع ما ذكر من قوله ولو نسى الحمد إلى ههنا وما ذكره مبني على القول بوجوب سجدتي السهو لكل زيادة ونقيصة وسيجئ حكاية هذا القول وتحقيقه فانتظره
ولو شك في شئ
من الافعال وهو في موضعه اتى به لتوقف تحصيل البراءة اليقينية من التكليف الثابت عليه ولما رواه الشيخ عن عمران الحلبي في الصحيح قال قلت الرجل يشك وهو قائم فلا يدري اركع أم لا
قال فليركع قال فليركع وعن عبد الله بن الرحمن أبي عبد الله في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل رفع رأسه من السجود فشك قبل ان يستوي جالسا فلم يدر اسجد أم لم يسجد قال يسجد قلت فرجل
نهض من سجوده فشك قبل ان يستوي قائما فلم يدر اسجد أم لم يسجد قال يسجد وعن أبي بصير باسنادين أحدهما من الحسان الصحاح والاخر من الضعاف قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل شك وهو قائم
فلا يدري اركع أم لم يركع قال يركع ويسجد ورواه الكليني أيضا في الصحيح وعن أبي بصير والحلبي في الصحيح في الرجل لا يدري اركع أم لم يركع قال يركع وعن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سئل
أبو عبد الله (ع) عن رجل سهى فلم يدر سجدة سجد أم ثنتين قال يسجد أخرى وليس عليه بعد انقضاء الصلاة سجدتا السهو ورواه الكليني أيضا في الحسن ويحمل هذان الخبران وما في معناهما كرواية أبي بصير
ومفضل بن صالح على الشك العارض له قبل تجاوز المحل جمعا بينها وبين الاخبار الآتية واختصاص هذه الروايات بالركوع والسجود غير قادح لعدم القائل بالفصل على الظاهر
واما ما رواه الشيخ عن الفضيل بن يسار في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) استتم قائما فلا أدري ركعت أم لا قال بل قد ركعت فامض في صلاتك فإنما ذلك من الشيطان فحملها
الشيخ على أنه أراد (ع) إذا استتم قائما من الركعة الرابعة فلا يدري اركع في الثالثة أم لا وهو تأويل بعيد جدا والجمع بالحمل على التخيير ممكن الا ان الظاهر أنه لا قائل بمضمونه من الأصحاب
ويمكن ان يقال المراد بقوله استتم قائما القيام عن الانحناء وظاهر ذلك حصول الركوع منه فيكون من باب الظن بالركوع فلم يجب عليه الركوع أو يقال إنه شك في الركوع بعد
الاشتغال بواجب اخر وهو القيام عن الركوع ولعل هذا الوجه أقرب ويمكن أيضا تأويل هذا الخبر بالحمل على كثرة السهو ويشعر به قول استتم بصيغة الاستقبال الدال
على الاستمرار التجددي وقوله (ع) انما ذلك من الشيطان لا يخلو عن ايماء إليه وفيه بعد فان رجع الشك في الفعل موضعه وذكر بعد فعله انه كان قد فعله فإن كان ركنا
بطلت صلاته لما مر من أن زيادة الركن مبطلة والا فلا بل حكمه حكم زيادة غير الركن سهوا بلا فرق بين السجدة وغيرها على المشهور بين الأصحاب وقال السيد المرتضى ان شك
في سجدة فاتى بها ثم ذكر فعلها أعاد الصلاة وهو قول أبي الصلاح وابن أبي عقيل ولعل الأول أقرب لصحيحة منصور بن حازم وموثقة عبيد بن زرارة السابقتين عند شرح
قول المصنف ولو ذكر السجدة أو التشهد ولو شك في الركوع وهو قائم فركع ثم ذكر قبل رفعه بطلت صلاته على رأى هذا مذهب أكثر المتأخرين وذهب الشيخ والمرتضى وابن إدريس
إلى أنه يرسل نفسه للسجود ولا يبطل صلاته بذلك وهو قول الشيخ المتقدم أبي جعفر الكليني حجة الأول ان الركوع يتحقق بالانحناء الخاص وليس للقيام عنه مدخل في تحصيله
فتحقق في المسألة المفروضة زيادة الركن الموجب للبطلان كما مر ولقائل أن يقول الانحناء الخاص مشترك بين الركوع والهوى للسجود ويتميز الأول عن الثاني بالرفع عنه ولم يثبت
ان مجرد القصد يكفي في كونه ركوعا فاذن لا يلزم زيادة الركن وفيه نظر لأنه لو اعتبر في تشخص الركوع رفع الرأس عنه لزم ان يبطل الصلاة إذا ترك الرفع عنه ساهيا والظاهر أنه
وهو ليس كله والشهيد في الذكرى قوى القول الثاني ثم قال لان ذلك وإن كان بصورة الركوع الا انه في الحقيقة ليس بركوع لتبين خلافه والهوى إلى السجود مشتمل عليه (وهو) واجب (فيتادى) الهوى
374

إلى السجود به فلا يتحقق الزيادة حينئذ بخلاف ما لو ذكر بعد رفع رأسه من الركوع لان الزيادة حينئذ متحققة لافتقاره إلى هوى السجود انتهى ولعل غرضه الانحناء الخامس كما يصلح ان يعد
ركوعا يصلح لان يعد هويا إلى السجود فلما تبين تحقق الركوع وفراغ الذمة عنه تصرف إلى ما يجب عليه وهو الهوى إلى السجود (وإذا) وان لم يثبت ان نية كونه ركوعا تعينه لذلك وأورد
عليه انا لا ندعى ان الركوع هو الهوى على الوجه المخصوص حتى يوجب صرفه إلى السجود لزوال حقيقة الركوع بل نقول إن الركوع هو الانحناء على الوجه المخصوص وهو أمر اخر وراء الهوى
والمبطل هو تلك الهيئة لا الهوى بنية الركوع وهي لا تزول بصرف الهوى إلى السجود وفيه نظر لان الركوع ليس الا حد معين من الانحناء وليس هو أمر غير الهوى إذ الطمأنينة وغيرها خارجة عن حقيقة
الركوع فتدبر وقد يوجه هذا القول بان هذه الزيادة لم تقتض تغيير الهيئة الصلاة ولا خروجا عن الترتيب الموظف فلا يكون مبطلة وان تحقق مسمى الركوع لانتفاء ما يدل على
بطلان الصلاة بزيادته على هذا الوجه من نص أو اجماع والأظهر ان يقال بعد تسليم تحقق الزيادة المنساق إلى الذهن مما دل على أن الزيادة في الصلاة مبطله وكذا ما دل على أن
زيادة الركوع مبطلة غير هذا النحو من الزيادة فيحصل التأمل في المسألة من حيث النظر إلى العموم اللفظي وانسياق الخاص من حيث الشيوع والكثرة والتعارف إلى الذهن والمسألة
محل اشكال والاتمام ثم الإعادة طريق الاحتياط
وان شك بعد انتقاله إلى واجب اخر من واجبات الصلاة فلا التفات إلى الشك بل يبني على وقوع الفعل المشكوك فيه وهذا الحكم
في الجملة اتفاقي بين الأصحاب نعم وقع الخلاف في مواضع نشير إليه والأصل في هذا الباب روايات كثيرة منها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل شك في الاذان
وقد دخل في الإقامة قال يمضي قلت رجل شك في الأذان والإقامة وقد كبر قال يمضى قلت رجل شك في التكبير وقد قرأ قال يمضى قلت شك في القراءة وقد ركع قال يمضى
قلت شك في الركوع وقد سجد قال يمضى على صلاته ثم قال يا زرارة إذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس (لسهو) بشئ ومنها ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن جابر في الحسن بمحمد بن
عيسى الأشعري قال قال أبو عبد الله (ع) ان شك في الركوع بعدما سجد فليمض وان شك في السجود بعدما قام فليمض كل شئ شك فيه مما قد جاوزه ودخل في غيره فليمض عليه ومنها
ما رواه عن حماد بن عثمان في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) أشك وانا ساجد فلا أدري ركعت أم لا فقال قد ركعت امضه وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال سألته عن
رجل شك بعدما سجد انه لم يركع قال يمضى في صلاته وعن عبد الرحمن أبي عبد الله في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل اهوى إلى السجود فلم يدر اركع أم لم يركع قال قد ركع وفي الصحيح عن ابن بكير
وهو الثقة التي اجتمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه وإن كان فطحيا عن محمد بن مسلم الثقة عن أبي جعفر (ع) قال كلما شككت فيه مما قد مضى فامضه كما هو وينبغي التنبيه على الأمور
الأول المشهور بين الأصحاب انه لافرق في الحكم (المذكور وكذا في الحكم) السابق وهو انه إذا شك في الفعل قبل الانتقال يأتي به بين ان يكون الشك في الأوليين أو غيرهما وقال المفيد في المقنعة وكل سهو يلحق
الانسان في الركعتين الأوليين من فرائضه فعليه الإعادة وحكى المحقق في المعتبر عن الشيخ قولا بوجوب الإعادة لكل شك يتعلق بكيفية الأوليين كاعدادهما ونقل في الذكرى عن
الشيخين القول بالبطلان إذا شك في افعالهما كما إذا شك في اعدادهما قال ونقله الشيخ عن بعض القدماء من علمائنا والأقرب الأول عملا باطلاق الأخبار السابقة وعدم
الاستفصال فيها وقد مر عند شرح قول المصنف ولو ذكر السجدة أو التشهد حكاية احتجاج الشيخ وتحقيق الكلام فيه ويشكل الامر في المغرب والفجر لان عموم قوله (ع) إذا شككت في المغرب
فأعد وإذا شككت في الفجر فأعد يشمل الشك في الكيفية وهو أخص من الأخبار المذكورة والخاص مقدم على العام ولهذا احتمل الشهيد في الذكرى الحكم بالبطلان في المغرب ولا يمكن
تخصيصه بما إذا كان الشك قبل مجاوزة المحل إذا الظاهر أنه لم يقل به أحد ولا يخفى ان حمل قوله (ع) إذا شككت في المغرب فأعد على الشك في الركعات بارتكاب مجازا وتقييد أقرب من تخصيص
الأخبار المذكورة بما عدا المغرب والثنائي فان هذا التأويل بعيد لا يخفى على المتأمل في سياق تلك الأخبار
الثاني اطلاق الأخبار السابقة يقتضي عدم الفرق بين ان يكون
الشك في الركن أو غيره واستقرب المصنف في التذكرة البطلان ان تعلق الشك بركن من الأوليين محتجا بان ترك الركن سهوا مبطل كعمده والشك فيه في الحقيقة شك في الركعة إذ لافرق
بين الشك في فعلها وعدمه وبين الشك في فعلها على وجه الصحة والبطلان ومحصله ان الشك في الركن بمنزلة الشك في الركعة وهو مطالب باثبات ما اعاده الثالث لو شك في قرائة
الفاتحة وهو في السورة فالذي اختاره جماعة من الأصحاب منهم الشيخ انه يعيد قرائة الفاتحة وذهب ابن إدريس إلى أنه لا يلتفت ونقله عن المفيد في رسالة الغرية واختاره المحقق فإنه
قال بعد أن نقل عن الشيخ القول بوجوب الإعادة ولعله بناء على أن محل القرائتين واحد قال وبظاهر الاخبار يسقط هذا الاعتبار والأقرب القول الثاني لنا عموم قوله (ع) في صحيحة
زرارة إذا أخرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشكك ليس بشئ إذ يصدق على من شك في قرائة الحمد وهو في السورة انه خرج من شئ هو الحمد ودخل في غيره وهو السورة ونحوه الاستدلال بحسنة
إسماعيل بن جابر وموثقة محمد بن مسلم حجة الأول قوله (ع) في صحيحة زرارة قلت شك في القراءة وقد ركع فان التقييد بالركوع يقتضي مغايرة حكم ما قبل الركوع له وقد تعلق بهذا الوجه
جماعة من الأصحاب وهو ضعيف لان التقييد ليس في كلامه (ع) بل في كلام الراوي فلا يصلح للاحتجاج على أنه ليس في كلام الراوي أيضا حكم على محل الوصف حتى يقتضي نفيه عما عداه بل سؤال عن حكم
محل الوصف ولا دلالة في ذلك على شئ سلمنا لكن دلالة المفهوم لا تعارض المنطوق ولو شك في القراءة وهو قانت فالظاهر أنه كالمسألة السابقة في عدم وجوب العود للأخبار المذكورة
وقيل يجب العود لوجهين الأول مفهوم قوله في صحيحة زرارة قلت شك في القراءة وقد ركع وجوابه قد مر الثاني الاستناد إلى خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله السابق حيث دل على أن من نهض عن
السجود ولم يستتم قائما ثم شك في السجود يرجع إليه وجه الاستدلال به ان العمل به متعين لكونه خاصا ويدخل فيه الشك في القراءة وإن كان قانتا بل وان هوى إلى الركوع ما لم يتحقق
مسماه لان عود من لم يستتم قائما إلى السجود مع اتيانه في بعض افراده بمعظم ركن القيام يفيد العود ههنا بطريق أولي فيكون مجموعها داخلة في مدلول الحديث فيخصص عموم صحيحة زرارة
والى هذا الوجه تعلق الشارع الفاضل وهو ضعيف لان ما ادعاه من الأولوية ممنوع كيف وهو موقوف على تحقيق العلة وكونها في الفرع أقوى ودون اثباته خرط القتاد على أن
هذا الخبر معارض بصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله الدالة على أن من شك في الركوع بعد الهوى إلى السجود لا يلتفت فما وجه الترجيح ومما ذكرنا يظهر ان الشك في ابعاض الحمد أو السورة
بعد التجاوز عنه والدخول في البعض الأخر حكمه عدم الالتفات الرابع لو شك في الركوع وقد هوى إلى السجود فالأظهر عدم وجوب العود إلى الركوع وقوى الشارح الفاضل وجوب
العود ما لم يصر إلى حد السجود والوجه الأول لصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله وعموم الروايات السابقة الخامس لو شك في السجود وهو يتشهد أو في التشهد وقد قام فالأظهر انه
لا يلتفت وبه قال الشيخ في المبسوط
وكذا لو شك في التشهد ولما يستكمل القيام وقال المصنف في النهاية انه يرجع إلى السجود والتشهد ما لم يركع وهو المنقول عن الشيخ في النهاية ونقل عن القاضي انه
فرق في بعض كلامه بين السجود والتشهد فأوجب الرجوع بالشك في التشهد حال قيامه دون السجود وفي موضع آخر سوى بينهما في عدم الرجوع وحمل على أنه أراد بالشك في التشهد
تركه ناسيا لئلا يتناقض كلامه لنا عموم الأخبار السابقة حجة الشيخ على ما نقل عنه حسنة الحلبي السابقة عند شرح قول المصنف ولو شك في شئ من الافعال وهو غير دال على التحديد
الذي ذكر ويحمل على الشك ولما يقم جمعا بين الأدلة وقد يستشكل الحكم بعدم العود إلى السجود إذا شك فيه في حال التشهد نظرا إلى خبر عبد الرحمن بن أبي عبد الله الدال على أن الشاك في السجود
قبل تمام القيام يرجع فيشمل ما كان بعده تشهد وما لم يكن والظاهران الرواية مختصه بسجود لم يكن بعده تشهد بقرينة قوله رجل نهض من سجوده فان القيام عن السجود انما يختص به
واما السجود الذي بعده تشهده فالقيام بعده قيام عن التشهد لاعن السجود وربما يجعل القرينة عطف الشك على النهوض بالفاء المقتضية للتعقيب بلا مهمله فيدل على عدم تخلل
التشهد وهذا انما يستقيم إذا كان المراد من النهوض رفع الرأس لكنه ليس كذلك لان النهوض بمعنى القيام السادس لو شك في السجود ولم يستكمل القيام فالظاهر أنه يرجع إلى السجود
كما اختاره الشهيدان عملا بصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله السابقة السابع استشكل الشارح الفاضل تحقيق محل رجوع الشاك وعدمه وذكر ان مقتضى الحديث ان من دخل في فعل لا يعود
375

إلى غيره وهو يقتضي ان من شك في القراءة وقد اخذ في الركوع ولم يصل إلى حده لا يلتفت بل لو شك فيها وهو قانت لم يعد وكذا لو شك في السجود وقد دخل في التشهد (أو في التشهد) وقد اخذ في
القيام وزعم أن الامر في تلك الصور ليس كذلك لصحيحة عبد الرحمن وأنت خبير بما فيه ثم قال وان أريد بالموضع المحل الذي يصح ايقاع ذلك الفعل فيه كما هو الظاهر منه أشكل في كثير
من هذه الموارد أيضا فان التكبير حالته التي يقع فيها القيام فما لم يهو إلى الركوع فهو قائم والقراءة حالة القيام أيضا فالأخذ في الهوى يسيرا يفوت حالته المجوزة للقرائة فيلزم عدم
العود وكذا القول في التشهد بالنسبة إلى الاخذ في القيام ولأجل ما ذكر من العلة عدل عن ظاهر هذه الأخبار وتكلف لها معنى اخر وهو ان محل كل فعل يزول بالدخول في فعل اخر
حقيقي ذاتي وهو الفعل المعهود شرعا المعدودة عند الفقهاء فعلا لها كالتكبير والقيام والقراءة والركوع والسجود والتشهد دون ما هو مقدمة لها كالهوى إلى الركوع والسجود
والنهوض إلى القيام ولهذا لا يعدها الفقهاء أفعالا عند عد الافعال قال ولعل هذا هو السر في قوله (ع) في صحيحة زرارة ثم دخلت في غيره بعد قوله خرجت من شئ إذا لم يكن هنا
واسطة كان الخروج من الشئ موجبا للدخول في الأخر ولا يحسن الجمع بينهما عاطفا بثم الموجبة للتعقيب بالتراخي ثم فرع على ذلك أنه لو شك في القراءة وقد اخذ في الركوع ولما يصل
إلى حده انه لا يرجع إليها وكذا لو شك في الركوع قبل وضع الجبهة على الأرض وما في حكمها قال والموجب للمصير إلى هذا التوجيه الجمع بين صحيحة زرارة المقتضية لعدم العود متى خرج من الفعل
ودخل في غيره ومثله صحيحة إسماعيل بن جابر وخبر عبد الرحمن المقتضي للعود إلى السجود للشاك فيه متى لم يستو قائما والحق ان العدول عن المعنى الظاهر المفهوم لغة وعرفا إلى هذا المعنى المشتمل
على التكلف من غير ضرورة لاوجه له والجمع بينها وبين خبر عبد الرحمن بارتكاب التخصيص أولي فالصحيح ابقاء الاخبار على معناه الظاهر ولا يرد الانتقاصات التي ذكره (ره) كما عرفت مع أنه
على هذا التوجيه لا يحصل الجمع بينها وبين إحدى روايتي عبد الرحمن الا بوجه لا يوافق بعض ما زعمه الشارح ثم ما ذكره من التفريعين محل التأمل إما الأول فلان الهوى إلى الركوع ليس مقدمة
للواجب بل هو واجب مستقل ولهذا لو جلس بعد القراءة ثم قام منحنيا إلى حد الراكع لم يخرج عن العهدة واما الثاني فلمنافاته لاحدى روايتي عبد الرحمن على أن في تفريعه على ما
ذكره تأملا لان الهوى إلى السجود وإن كانت مقدمة للسجود الا ان محله بعد واجب مستقل هو القيام عن الركوع فمرتبته بعد تجاوز محل الركوع الا ان يقال الشك في الركوع
يستلزم الشك في القيام عنه أيضا فحين الهوى إلى السجود لا يعلم الدخول في واجب آخر مستقل حتى يسقط عنه الرجوع إلى الركوع لكن يلزم على هذا وجوب العود لو شك في
القيام عن الركوع والذكر فيه معا حال الهوى إلى السجود والظاهر أنهم لا يقولون به ثم إنه استشكل عليه الامر في مواضع منها العود إلى القراءة بعد القنوت لدخوله في فعل مستقل
فمقتضى ذلك عدم العود إليه وهو يرى وجوب العود لما مر سابقا فأجاب بان القنوت ليس من أفعال الصلاة المعهودة فلا يدخل في الخبرين قال ولا يكاد يوجد في هذا المحل احتمالات
واشكالا الا وبمضمونه قائل من الأصحاب وعلى ما حققناه المقام يرتفع هذا الاشكال ولا حاجة إلى هذا التكلف ومنها الشك في ذكر الركوع أو السجود أو الطمأنينة فيهما أو السجود
على بعض الأعضاء السبعة بعد رفع الرأس عنهما فإنه قد وقع الاتفاق على عدم العود في هذه الأشياء مع أنه لم يدخل في فعل اخر على الوصف الذي ذكر وأجاب عن هذا الاشكال
بوجهين أحدهما ان رفع الرأس من الركوع والسجود واجب مستقل لأنه مقدمة للواجب والثاني ان العود من هذه المواضع يستلزم زيادة الركن والتزم ركنية السجدة الواحدة
وزعم أن عدم البطلان بزيادتها مستثنى من القاعدة الكلية ولا يخفى ان هذا الاشكال انما يتوجه إذا قصدنا رعاية كلية القاعدتين وهما ان الشك قبل تجاوز المحل يوجب
التلافي والشك بعد تجاوز المحل حكمه عدم الالتفات ولا اشكال في الاخبار لان مقتضاها عموم الكلية الثانية دون الأولى الا ان يقال بالعموم في مفهومها وهو ضعيف وعلى
هذا فالجواب الثاني لا ينفع لأنه يوجب التخصيص في القاعدة الأولى وبعد ارتكاب التخصيص لا توجه لهذا الاشكال واما الجواب الأول فلا يتم فيما إذا شك حين الرفع من السجدة
الثانية في الذكر مثلا فان الظاهر أنه لا يعتد مع أنه لم يدخل في فعل مستقل الثامن لو تلافى ما شك فيه بعد الانتقال فالأشهر انه يبطل صلاته ان تعمد سواء كان ركنا أو غيره
للاخلال بنظم الصلاة ولان المأتي به ليس من أفعال الصلاة فيبطلها وفيه تأمل نعم يتوقف تحصيل البراءة اليقينية من التكليف الثابت على ترك التدارك واحتمل الشهيد في الذكرى
عدم البطلان بناء على أن ترك الرجوع رخصة
ولو شك هل صلى في الرباعية اثنتين أو ثلاثا أو هل صلى ثلاثا أو أربعا بنى على الأكثر وصلى ركعة من قيام
أو ركعتين من جلوس
تنقيح هذا المقام برسم مسائل الأولى لو شك في الرباعية بين الاثنين والثلاث فالمشهور بين الأصحاب انه يبنى على الثلاث ويتم ثم يأتي بصلاة الاحتياط وفي المسألة أقوال أخر منها البناء على
الأقل وهو المنقول عن السيد المرتضى ومنها تجويز البناء على الأقل وهو ظاهر ابن بابويه فيمن لا يحضره الفقيه ومنها قول علي بن بابويه حيث قال كما نقل عنه إذا شككت بين الاثنين والخمس والثلاث
وذهب وهمك إلى الثالثة فأضف إليها رابعة فإذا سلمت صليت ركعة بالحمد وحدها وان ذهب وهمك إلى الأقل فابن عليه وتشهد في كل ركعة ثم اسجد للسهو وان اعتدل وهمك فأنت
بالخيار ان شئت بنيت على الأقل وتشهدت في كل ركعة وان شئت بنيت على الأكثر وعملت ما وصفناه ومنها قال ابن بابويه في المقنع سئل الصادق (ع) عمن لا يدري اثنتين صلى
أم ثلاثا قال يعيد قيل فأين ما روى عن رسول الله صلى الله عليه وآله الفقيه لا يعيد الصلاة قال انما ذلك في الثلاث والأربع والظاهر أنه قائل بمضمونه ولذلك نقل بعضهم الفتوى بذلك عن الصدوق
في المقنع لكن الفاضلان نقلا الاجماع على عدم الإعادة في صور الشك والأخيرتين إما القول الأول فلم اطلع على نص صريح يدل عليه كما اعترف به الشهيد في الذكرى وابن عقيل
ادعى تواتر الاخبار فيه احتج الشيخ في التهذيب على هذا القول بما رواه عن زرارة ورواه الكليني أيضا في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أحدهما (ع) قال قلت له رجل لا يدري اواحدة صلى
أم اثنتين قال يعيد قلت رجل لا يدري اثنتين صلى أم ثلاثا قال إن دخله الشك بعد دخوله في الثالثة مضى في الثالثة ثم صلى الأخرى ولا شئ عليه ويسلم وزاد في الكافي قلت فإنه لم
يدر في اثنتين هو أم في أربع قال يسلم ويقوم فيصلي الركعتين ثم يسلم ولا شئ عليه وعن عمار بن موسى الساباطي قال قال أبو عبد الله (ع) كلما دخل عليك من الشك في صلاتك فاعمل على
الأكثر فإذا انصرفت فأتم ما ظننت انك نقصت وعن عمار بن موسى الساباطي قال سألت أبا عبد الله (ع) عن شئ من السهو في الصلاة فقال الا أعلمك شيئا إذا فعلته ثم ذكرت انك أتممت
أو نقصت لم يكن عليك شئ قلت بلى قال إذا سهوت فابن على الأكثر فإذا فرغت وسلمت فقم فصل ما ظننت انك نقصت فان كنت قد أتممت لم يكن في هذه شئ وان ذكرت انك
كنت نقصت كان ما صليت تمام ما نقصت وفي الفقيه قال أبو عبد الله (ع) لعمار يا عمار أجمع لك السهو في كلمتين متى شككت فخذ بالأكثر فإذا سلمت فأتم ما ظننت انك قد نقصت
والرواية غير دالة على المدعا وظاهرها البناء على الأقل إذا وقع الشك بعد دخوله في الثالثة وهي الركعة المترددة بين كونها ثالثة أو رابعة لا المتردد بين كونها ثانية أو ثالثة
لان ذلك شك في الأوليين وهو مبطل كما مر ويحتمل ان يكون المراد بقوله (ع) ثم صلى الأخرى صلاة الاحتياط فيطابق المشهور
الا ان الاستدلال بها على ذلك مما لاوجه له واما رواية
عمار فليست بصحيحة فيشكل التعويل عليها مع كونها معارضة بما رواه ابن بابويه عن إسحاق بن عمار في الموثق قال قال لي أبو الحسن (ع) إذا شككت فابن على اليقين قال قلت هذا أصل
قال نعم وما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح عن أبي إبراهيم (ع) في السهو في الصلاة قال يبنى على اليقين ويأخذ بالجزم ويحتاط بالصلوات كلها وعن محمد بن سهل
عن أبيه في القوى قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل لا يدري ثلاثا صلى أم اثنتين قال يبنى على النقصان ويأخذ بالجزم ويتشهد بعد انصرافه تشهدا خفيفا كذلك
في أول الصلاة (واخرها) والجمع بين هذه الروايات بالتخيير متجه كما هو قول ابن بابويه واما القول الثاني فحجته الروايات المذكورة واما القول الثالث فحجته الجمع بين الروايات كما نبهنا
عليه واما القول الرابع فقال في الذكرى انه لم يقف على ماخذه واما قول ابن بابويه في المقنع فيدل عليه ما رواه الشيخ عن عبيد بن زرارة في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن
رجل لم يدر ركعتين صلى أم ثلاثا قال يعيد قلت أليس يقال لا يعيد الصلاة فقيه فقال انما ذلك في الثلاث والأربع ويمكن الجمع بين هذه الرواية وحسنة زرارة بوجهين أحدهما ان
376

يقال انما يعيد إذا دخل الشك قبل الدخول في الركعة المترددة بين الثالثة والرابعة فتخصيص هذه الرواية بالصورة المذكورة ومقتضى هذا الجمع إعادة الصلاة إذا كان الشك بعد اتمام
الركعتين وقبل الدخول في الركعة المذكورة وذلك خلاف المشهور بين الأصحاب بل ظاهرهم الصحة في الصورة المذكورة ويمكن ان يقال إذا رفع رأسه من السجود يحصل الدخول في الركعة
الأخرى بان يقال رفع الرأس من السجدة الثانية من مقدمات القيام لا انه واجب مستقل والدخول في مقدمة الشئ في قوة الدخول فيها وفيه بعد وخروج عن الظاهر والاحتياط فيها الاتمام
والاحتياط مع الإعادة وثانيهما التخيير بين الإعادة والاتمام إذا كان الشك بعد الدخول في الركعة المذكورة واعلم أن ظاهر الأصحاب ان كل موضع تعلق الشك بين الاثنتين يشترط
في عدم وجوب الإعادة اكمال السجدتين قال الشهيد في الذكرى ووجهه المحافظة على سلامة الأوليين فان الظاهر محافظتهما تحقق بذلك فبدون ذلك يجب الإعادة لما مر
من الأخبار الدالة عليه ونقل عن بعض الأصحاب الاكتفاء بالركوع لصدق مسمى الركعة وفيه تأمل قال في الذكرى نعم لو كان ساجدا في الثانية ولما يرفع رأسه وتعلق الشك لم استبعد
صحته لحصول مسمى الركعة ولا يخفى ان مقتضى عموم صحيحة عبيد زرارة ومفهوم حسنة زرارة الإعادة في الصورة المذكورة
الثانية ما ذكر المصنف من التخيير في الاحتياط بين ركعتين
جالسا وركعة قائما هو المشهور بين الأصحاب وعن ابن أبي عقيل الجعفي انهما لم يذكرا التخيير بل ذكر الركعتين عن جلوس والمستفاد من كلام علي بن بابويه تعين الركعة من قيام على تقدير
البناء على الأكثر وظاهر رواية عمار وحسنة زرارة ان حملناها على ما يطابق المشهور يوافق القول الأخير الثالث لو شك في الرباعية بين الثلاث والأربع فالمشهور بين الأصحاب انه
يبنى على الأكثر ويتم ويصلى للاحتياط وقال ابن بابويه وابن الجنيد انه يتخير بين البناء على الأقل والاحتياط وبين البناء على الأكثر والاحتياط حجة الأول ما رواه الكليني والشيخ
عنه عن عبد الرحمن بن سيابة وأبي العباس في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا لم تدر ثلاثا صليت أو أربعا ووقع رأيك على الثلاث فابن على الثلاث وان وقع رأيك على الأربع فسلم
وانصرف وان اعتدل وهمك فانصرف وصل ركعتين وأنت جالس وروى الكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا لم تدر ثنتين صليت أو أربعا ولم يذهب
وهمك إلى شئ فتشهد وسلم ثم صل ركعتين وأربع سجدات تقرأ فيهما بام القران ثم تشهد وسلم فان كنت انما صليت ركعتين كانتا هاتين تمام الأربع وان كنت صليت الأربع
كانتا هاتان نافلة وان كنت لا تدري ثلاثا صليت أم أربعا ولم يذهب وهمك إلى شئ فسلم ثم صل ركعتين وأنت جالس تقرأ فيهما بام الكتاب وان ذهب وهمك إلى الثلاث فقم فصل
الركعة الرابعة ولا تسجد سجدتي السهو فان ذهب وهمك إلى الأربع فتشهد وسلم ثم اسجد سجدتي السهو ورواه الصدوق في الصحيح إلى قوله كانت هاتان نافلة وروى الكليني عن محمد بن مسلم في الحسن
قال انما السهو بين الثلاث والأربع وفي الاثنين والأربع بتلك المنزلة ومن سهى فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا واعتدل شكه قال يقوم فيتم ثم يجلس فيتشهد ويسلم ويصلي ركعتين وأربع سجدات
وهو جالس فإن كان أكثر وهمه إلى الأربع تشهد وسلم ثم قرأ فاتحة الكتاب وركع وسجد ثم قرأ فسجد سجدتين وتشهد وسلم وإن كان أكثر وهمه الثنتين نهض فصلى ركعتين وتشهد وسلم ولعل
المراد بقوله فلم يدر ثلاثا صلى أم أربعا الشك في أثناء الركعة فإنه لو حمل على الشك بعد تمام الركعة يلزم الجمع بين البناء على الأقل والاتمام وصلاة الاحتياط ولا اعلم قائلا به وروى
الشيخ والكليني عن الحسين بن أبي العلا في الحسن بالحسين ولا يبعد الحاقه بالصحاح عن أبي عبد الله (ع) قال إن استوى وهمه في الثلاث والأربع سلم وصلى ركعتين وأربع سجدات بفاتحة الكتاب وهو جالس
يقصر في التشهد وروى الشيخ والكليني عن جميل عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال فيمن لا يدري أثلاثا صلى أم أربعا ووهمه في ذلك سواء قال فقال إذا اعتدل الوهم في الثلاث والأربع
فهو بالخيار انشاء صلى ركعة وهو قائم وانشاء صلى ركعتين وأربع سجدات وفي بعض نسخ التهذيب زيادة قوله وهو جالس وفاقا للكافي وزاد في الكافي وقال في رجل لم يدر اثنتين صلى
أم أربعا ووهمه يذهب إلى الأربع أو إلى الركعتين (فقال يصلي ركعتين) وأربع سجدات وقال إن ذهب وهمك إلى ركعتين وأربع فهو سواء وليس توهم في هذا الموضع مثله في الثلاث والأربع حجة القول
الثاني اعتبار الجمع بين الروايات المذكورة وبين ما رواه الكليني عن زرارة باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن أحدهما (ع) قال وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث
قام فأضاف إليها أخرى ولا شئ عليه وهذا القول متجه وإن كان الأحوط العمل بالمشهور الرابعة المشهور بين الأصحاب انه تخيير في الصورة المذكورة في صلاة الاحتياط بين ركعتين جالسا وركعة قائما
والمنقول عن ظاهر الجعفي وابن أبي عقيل تعين الركعتين جالسا حجة الأول مرسلة جميل السابقة لكنها ضعيفة بالارسال وبعلي بن حديد الواقع في السند فإنه ضعيف ولعل حجة الآخرين
استضعاف الخبر المذكور والتعويل على باقي الاخبار وهو متجه
ولو شك بين الاثنين والأربع وسلم وصلى ركعتين من قيام هذا قول معظم الأصحاب وربما نقل عن ابن بابويه التخيير بينه وبين
البناء على الأقل والإعادة ونقل في المختلف عن ابن بابويه أنه قال يعيد مع أن الفاضلين نقل الاجماع على عدم الإعادة في صورة تعلق الشك بالأخيرتين حجة الأول ما رواه الشيخ عن
محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى ركعتين فلا يدري ركعتان هي أو أربع فقال يسلم ثم يقوم فيصلى ركعتين بفاتحة الكتاب ويتشهد وينصرف وليس عليه شئ وما رواه
الكليني والشيخ عنه باسناد فيه محمد بن عيسى عن يونس وفيه كلام قد عرفته عن ابن أبي يعفور قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل لا يدري ركعتين صلى أم أربعا قال يتشهد ويسلم ثم يقوم
فيصلى ركعتين وأربع سجدات يقرأ فيهما بفاتحة الكتاب ثم يتشهد ويسلم وإن كان صلى أربعا كانت هاتان نافلة وإن كان صلى ركعتين كانت هاتان تمام الأربعة وان تكلم
فليسجد سجدتي السهو ويدل عليه أيضا حسنة الحلبي وحسنة زرارة السابقتين (السابقتان خ ل) في المسألة المتقدمة ويدل على التخيير بينه وبين البناء على الأقل الجمع بين ما مر وما رواه الكليني والشيخ
عنه باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن زرارة عن أحدهما (ع) قال قلت له من لم يدر في أربع هو أو في ثنتين وقد أحرز الثنتين قال يركع ركعتين وأربع سجدات وهو قائم
بفاتحة الكتاب ويتشهد ولا شئ عليه وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع وقد أحرز الثلاث قام فأضاف إليها أخرى ولا شئ عليه ولا ينقض اليقين بالشك ولا يدخل الشك في اليقين ولا
يخلط أحدهما باخر ولكنه ينقض الشك باليقين ويتم على اليقين فيبنى عليه ولا يعتد بالشك في حال من الحالات واما ما رواه الشيخ عن أبي بصير (في الصحيح) عن أبي عبد الله (ع) قال إذا لم تدر أربعا صليت أم
ركعتين فقم واركع ركعتين ثم سلم واسجد سجدتين وأنت جالس ثم سلم بعدهما فيمكن ان يحمل على البناء على الأقل والأكثر ولا يبعد ادعاء ظهوره في الأول والمستفاد من هذه الرواية اعتبار
سجدتي السهو وحملها الشيخ والمصنف على ما إذا تكلم ناسيا وهو بعيد والحمل على الاستحباب أقرب ويدل على التخيير بين الامرين والإعادة الجمع بين ما مر وما رواه الشيخ عن محمد وهو ابن مسلم في
الصحيح قال سألته عن الرجل لا يدري صلى ركعتين أم أربعا قال يعيد الصلاة ويمكن حمل هذه الرواية على الشك في أثناء الركعة ولعله أقرب
ولو شك بين الاثنين والثلاث والأربع
سلم وصلى ركعتين ركعة من قيام وركعتين من جلوس هذا قول أكثر الأصحاب وذهب ابن بابويه وابن الجنيد إلى أنه يبنى على الأربع ويصلى ركعة من قيام وركعتين من جلوس وجوز ابن الجنيد
البناء على الأقل ما لم يخرج الوقت إما القول الأول فحجته ما رواه الشيخ والكليني عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) في رجل صلى فلم يدر اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا
قال يقوم فيصلى ركعتين من قيام ويسلم ثم يصلى ركعتين من جلوس ويسلم وإن كان صلى أربعا كانت الركعات نافلة والا تمت الأربع هكذا اورده المصنف في المنتهى والمختلف وفي التهذيب
الركعتان بدل الركعات وفي الكافي فإن كانت أربع ركعات كانت الركعتان نافلة والامر في هذه الاختلاف هين نعم في بعض نسخ الكافي فلم يدر اثنتين صلى أم أربعا ولعله ليس بصحيح
واما القول الثاني فقال في الذكرى انه قوى من حيث الاعتبار لأنهما ينفيان حيث تكون الصلاة اثنتين ويجتزي أحدهما حيث يكون ثلاث الا ان النقل والاشتهار يدفعه وقد ينازع في
قوته من حيث الاعتبار فإنه يستلزم تلفيق البدل الواحد من الفعل قائما وقاعدا على تقدير كون الواقع ركعتين ويستلزم زيادة بعض الأفعال كالنية والتكبير في البدل وتغيير صورة البدل
على التقدير المذكور ثم قوله والنقل يدفعه كأنه إشارة إلى مرسلة ابن أبي عمير المذكورة ويعارضه ما رواه ابن بابويه عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح عن أبي إبراهيم (ع) قال قلت لأبي
عبد الله (ع) رجل لا يدري اثنتين صلى أم ثلاثا أم أربعا فقال يصلي ركعة من قيام ثم يسلم ثم يصلى ركعتين وهو جالس والجمع بين الروايتين بالحمل على التخيير غير بعيد الا انه لا أعلم قابلا به
377

من الأصحاب ومع ذلك فنسخ من لا يحضره الفقيه مختلف ففي بعضها يصلى ركعتين من قيام وفي سند الرواية أيضا اختلاف ففي بعضها عن أبي إبراهيم (ع) قال قلت له وفي أكثر النسخ كما اوردته
والاعتبار يقتضي ترجيح الأول ويحتمل وقوع التصحيف في لفظ أبي إبراهيم وعلى القول المشهور فهل يجوز ان يصلى بدل الركعتين جالسا ركعة قائما فيه أقوال ثلاثة الأول تحتمه ونسبه
في الذكرى إلى ظاهر المفيد في الغرية وسلار الثاني عدم الجواز ونسبه في الذكرى إلى أكثر الأصحاب الثالث التخيير لتساويهما في البدلية بل الركعة من قيام أقرب إلى حقيقة
المحتمل وهو قول المصنف والشهيدين والأوسط أقرب وقوفا على النص وهل يجب تقديم الركعتين من قيام فيه أقوال الأول وجوب تقديمهما وهو قول المفيد (في المقنعة) والمرتضى في أحد قوليه
الثاني التخيير وهو ظاهر المرتضى في الانتصار وأكثر الأصحاب الثالث تحتم تقديم الركعتين جالسا وقد نقل بعض الأصحاب حكاية قول به الرابع تحتم تقديم ركعة قائما وهو المنقول عن
المفيد في الغرية ولعل (الأول) الأقرب وقوفا على النص وذكر الشارح الفاضل ان المصنف وأكثر الجماعة انما خصوا من مسائل الشك هذه الأربع لأنها مورد النص ولعموم البلوى بها للمكلفين
فمعرفة حكمها واجب عينا كباقي واجبات الصلاة ومثلها الشك بين الأربع والخمس وحكم الشك في الركعتين الأوليين والثنائية والثلاثة بخلاف باقي مسائل الشك المنشعبة تتفق
نادرا أو لا تكاد ينضبط لكثير من الفقهاء قال وهل العلم بمعرفة ما يجب معرفته منها شرط في صحة الصلاة فيقع بدون معرفتها باطلة وان لم يعرض في ذلك الصلاة يحتمله تسوية
بينها وبين باقي الواجبات والشرائط التي لا يصح الصلاة بدون معرفتها وان اتى بها على ذلك الوجه وعدمه لان الاتيان بالفعل على الوجه المأمور به يقتضي الأجزاء ولان
أكثر الصحابة لم يكونوا في ابتداء الاسلام عارفين باحكام السهو والشك مع مواظبتهم على الصلاة والسؤال عند
عروضه ولأصالة عدم عروض الشك وإن كان عروضه أكثر وفي
هذه الأوجه نظر واضح وللتوقف مجال انتهى كلامه (ره) ولا يبعد ترجيح عدم الاشتراط لما أشار إليه من عدم اشتغال الصحابة بذلك في مبدء الاسلام ولعدم أمر النبي صلى الله عليه وآله والأئمة (ع)
أصحابهم الاشتغال بتعلمه مع اشفاقهم على رعيتهم وشيعتهم ومبالغتهم في هدايتهم وصيانتهم عن الضلال ولأنه يسئل عنهم في الوقايع الجزئية بعد الوقوع ولم يأمروا بالإعادة
مع الموافقة ولم يلوموا على ترك معرفتها بل وقع الاستحسان منهم عند موافقة السائل في العمل ويؤيده ما دل على كون الجهل عذرا فغير بعيد عدم اشتراط معرفة هذه المسائل
في صحة الصلاة على من كان من عادته عدم عروض ذلك له الا قليلا وهذه الوجوه كما دل على ذلك دل على عدم الوجوب أيضا لكن الظن ان بعض المتأخرين نقل عن السيد المرتضى (ره) انه حكى
اجماع الأصحاب على الاشتراط المذكور ولا يحضر في كلام السيد في هذا الباب ولا يعيد لو ذكر ما فعل وإن كان في الوقت لحصول الامتثال الموجب للخروج عن العهدة وللتعليل في
الاخبار بان صلاته إن كانت تامة كان المأتي به نافلة وإن كانت ناقصة كان المأتي به تمامها وهذا فيما إذا تذكر تمامها واضح وكذا إذا تذكر النقص بعد الفراغ من الصلاة وكان
المأتي به أولا مطابقا للناقص كما إذا تبين انها اثنتين وقد بدا بالركعتين ولو لم يكن مطابقا فالظاهر أنه أيضا كذلك لعموم الأدلة وربما يستشكل ذلك لاختلال نظم الصلاة والوجه انه
غير قادح لما ذكرنا ولو تذكر النقص قبل الشروع في الاحتياط ولم يعمل منافيا فالظاهر أنه يعمل بما هو مقتضى تذكر النقص وقد مر وما دل عليه يقضي على ما دل على حكم الشك فان الظاهر
اختصاصه بالشك المستمر لا الزائد وكأنه لا خلاف في ذلك بينهم ولو تذكر النقص في أثناء الاحتياط وكان مطابقا كما لو ذكر انهما اثنتين وقد بدا بالركعتين فيحتمل اتمام صلاة الاحتياط
بأسرها نظرا إلى عموم الأدلة ويحتمل (الاكتفاء بالقدر المطابق بان يتم الركعتين نظرا إلى حصول الغير ظاهر ويحتمل) بطلان الاحتياط والرجوع إلى حكم تذكر النقص ويحتمل ضعيفا بطلان الصلاة ولو تذكر النقص في أثناء صلاة الاحتياط وكان مخالفا كما لو تذكر
انها ثلاث وقد بدأ بالركعتين فإن لم يتجاوز القدر المطابق ففيه الاحتمالات السابقة في المسألة المتقدمة ويزيد عليها احتمال اخر وهو ان يكتفي بالقدر المطابق
في المسألة المتقدمة ويزيد عليها احتمال الأخر وهو يكتفي وهو الركعة وان تجاوز القدر المطابق فإن كان جلس عقيب الركعة ففيه أوجه الاكتفاء به وترك التتمة
أو اتمام الاحتياط بأسرها أو اتمام الركعتين أو بطلان الصلاة أو الرجوع إلى حكم تذكر النقص وان لم يجلس عقيب الركعة ففيه الأوجه السابقة لكن بعضها في الصورة السابقة أقوى
منه ههنا ولو تذكر في أثناء الركعتين جالسا انها ثلاث ففيه أوجه اتمام الاحتياط باسره أو بطلان الصلاة أو الرجوع إلى حكم تذكر النقص أو الاكتفاء بهما والترجيح في هذه الأحكام
بوجه واضح لا يخلو عن اشكال وإن كان ترجيح اتمام الاحتياط باسره غير بعيد نظرا إلى عموم النصوص والوجه العمل بالاحتياط بقدر الامكان
ولو ذكر ترك ركن من إحدى الصلاتين أعادهما
مع الاختلاف في العدد كالصبح والظهر والا فالعدد كاف كالظهرين فيصلى أربعا ينوى ما في ذمته وقد مر في كتاب الطهارة نظير هذه المسألة وسيجئ أيضا ويتعين الفاتحة في
الاحتياط على القول المشهور بين الأصحاب وذهب ابن إدريس إلى التخيير بين قرائة الفاتحة والتسبيح ويدل على الأول انها صلاة منفردة كما هو ظاهر الروايات ولا صلاة الا بفاتحة الكتاب
وللاخبار السابقة كصحيحة محمد بن مسلم وحسنة الحلبي وحسنة الحسين بن أبي العلا ورواية ابن أبي يعفور وغيرهما فان التخصيص في مقام البيان يقتضي اليقين (التعين) لا يقال بعض الأخبار كصحيحة أبي العباس وعبد
الرحمن بن سيابة وصحيحة محمد بن مسلم وغيرهما يدل على صلاة ركعتين أو ركعة مطلقا وليس فيها تعيين قرائة الفاتحة والجمع بينها وبين الاخبار المقيدة يكون بوجهين أحدهما حمل المطلق على المقيد انما
يحتاج إليه عند التعارض وثانيهما حمل ما دل على التعيين على الاستحباب ولا ترجيح لاحد التأويلين على الأخر فما وجه ما ذكرتم من تعيين قرائة الفاتحة نظرا إلى الروايات لأنا نقول
لا نسلم تحقق صلاة ركعتين بدون الفاتحة والمستند ما مر من قوله صلى الله عليه وآله لا صلاة الا بفاتحة الكتاب سلمنا ذلك لكن لاخفاء في أن المنساق إلى الذهن من الامر بصلاة ركعتين ما اشتمل
على الفاتحة وان لم يصل إلى حد الحقيقة فالحمل عليه أقرب احتج ابن إدريس بان الاحتياط قائم مقام الركعتين الأخيرتين فيثبت فيها ما يثبت في مبدله وفيه منع واضح واعلم أنه كما يعتبر
في الاحتياط الفاتحة يعتبر فيها جميع ما يعتبر في الصلاة من الأركان والاجزاء والشرائط كالنية والتكبير وغيرهما ولا تبطل الصلاة بفعل المبطل قبله اي قبل الاحتياط قال الشهيد
في الذكرى ظاهر الفتاوي والاخبار وجوب تعقيب الاحتياط للصلاة من غير تخلل حدث أو كلام أو غيره وظاهر هذا الكلام وجوب المبادرة مما لا خلاف فيه بينهم وهل تبطل الصلاة
بتخلل شئ مما ذكر قيل نعم وقيل لا والأول ظاهر المفيد واختاره المصنف في المختلف والشهيد في الذكرى والثاني مختار جماعة من الأصحاب منهم ابن إدريس والمصنف هنا ويمكن ترجيح هذا القول لاطلاق
الاخبار فان المستفاد منها ان من حصل له مقتضى الاحتياط عليه ان يصلي صلاة الاحتياط وهو أعم من تخلل الحدث بين الصلاتين وعدمه فبكل من الامرين يحصل الامتثال نعم لو ثبت
الاجماع على وجوب الفورية لم يتجه هذا الاستدلال إذ على ذلك التقدير يكون المراد من عموم الاخبار خصوص الفورية وإن كان فيه عدول عن الظاهر وحينئذ يبقى الحكم بالبطلان وعدمه
بلا دليل لما ستعرف من ضعف أدلة البطلان نعم كان وجوب إعادة الصلاة مقتضى وجوب تحصيل البراءة اليقينية من التكليف الثابت مع تأمل فيه الا ان الاجماع المذكور غير
ثابت وينبغي ان لا يترك الاحتياط احتج المصنف في المختلف بوجوه منها ان الاحتياط معرض لان يكون تماما للصلاة فكما يبطل الصلاة بالحدث المتخلل بين أجزاءها المحققة فكذا ما هو بمنزلتها
ومنها قوله (ع) في اخر رواية ابن أبي يعفور المتقدمة في مسألة الشك بين الاثنين والأربع وإن كان صلى ركعتين كانت هاتان تمام الأربع وإن كان صلى أربعا كانت هاتان نافلة وان
تكلم فليسجد سجدتي السهو ومنها قوله (ع) في صحيحة أبي بصير السابقة إذا لم تدر أربعا صليت أو ركعتين فقم واركع ركعتين والفاء للتعقيب وايجاب التعقيب ينافي تسويغ الحديث ومنها
قوله (ع) في صحيحة زرارة السابقة وإذا لم يدر في ثلاث هو أو في أربع قام فأصاب إليها أخرى فان جعل القيام جزأ يقتضي تعقيب فعله بالشرط وفي الكل نظر إما الأول فلان شرعية فعل
الاحتياط استدراك للفائت لا يقتضي جزئيتها للصلاة مع أنه منفصل عنها بما يوجب الانفصال والانفراد من النية والتكبير والتسليم واما الثاني فمع عدم صحة سند الرواية غير
صريحة في المدعا لاحتمال ان يكون المراد سجود السهو للكلام الصادر في أثناء الصلاة أو في أثناء صلاة الاحتياط لا الكلام المتخلل بين الصلاتين مع أن ترتب السجود عليه ليس بصريح في تحريمه
على أنه لو سلم تحريمه لا يلزم منه بطلان الصلاة به واما الثالث فبعد تسليم دلالة الفاء الجزائية على التعقيب مع أنه قد منعه بعض العلماء وان مجرد الحدث مناف للتعقيب الذي دل عليه الفاء نقول
378

ليس المراد به ههنا التعقيب ذكر ثم في بعض الأخبار كصحيحة محمد بن مسلم وحسنة الحلبي ورواية ابن أبي يعفور وعدم ذكر شئ منهما في بعض الروايات كحسنة زرارة وبالجملة يجد المتتبع ان الفاء
في أمثال هذه المقامات في الاخبار منسلخة عن معنى التعقيب وانما المراد مجرد ترتب ما بعدها على السابق
وعلى تقدير التسليم لا يلزم منه بطلان الصلاة بترك المبادرة انما اللازم
منه وجوب المبادرة وليس الكلام فيه واما الرابع فلانه لا يعتبر في الجزاء ان يكون بعد الشرط بلا فصل مع أن ذلك لا يقتضي الا مجرد الوجوب وهو غير محل البحث واعلم أن المصنف في المختلف
اورد على ابن إدريس التناقض بين فتواه بعدم البطلان بالحدث المتخلل وبجواز التسبيح فان مقتضى كونها صلاة منفردة ومقتضى الثاني كونها جزء للأولى قال في الذكرى ويمكن رفعه
بان التسليم جعل لها حكما مغاير للجزء باعتبار الانفصال عن الجزء ولا ينافي ذلك في تبعية الجزء في بعض الأحكام وهو متجه ان ثبت التبعية بدليل لكن الظاهر انتفاء الدليل عليه بل الدليل
موجود على عدمها كما مر واعلم أن الشهيد في الذكرى نقل الاجماع على وجوب الفورية في الأجزاء المنسية ولو فعل المنافي قبل فعلها ففي بطلان الصلاة بذلك الوجهان السابقان
ويمكن ترجيح عدم البطلان نظرا إلى اطلاق الأدلة فإنه ليس في شئ منها ما يدل على الفورية نعم لو ثبت الاجماع المذكور لم يمكن الاستدلال باطلاق الأدلة على عدم البطلان فان
المراد بالمطلق على ذلك التقدير المقيد وحينئذ يبقى الحكم بالبطلان وعدمه بلا دليل نعم تحصيل البراءة اليقينية يقتضي الإعادة وربما يستند في البطلان إلى كونها جزء
يقينا وهو ممنوع لخروجها عن الجزئية المختصة ولو فات الوقت ولم يفعلها متعمدا بطلت الصلاة عند بعض الأصحاب لأنه لم يأت بالماهية على وجهها وفي التعليل تأمل قال في
الذكرى ويحتمل قويا صحة الصلاة بتعمد ترك الابعاض وان خرج الوقت لعدم توقف صحة الصلاة في الجملة عليها (قيل) وإن كان تركها سهوا لم يبطل ونوى بها القضاء وكانت مترتبة
على الفوائت قبلها ابعاضا كانت أو صلوات مستقلة ولا يخفى ان عدم البطلان حينئذ متجه الا ان كونها مترتبة على الفوائت قبلها يحتاج إلى دليل ولم اطلع عليه مع أن اطلاق الأدلة
يقتضي انتفاءه ولو فاته الاحتياط عمدا احتمل كونه كالسجدة الفائتة ان قلنا بالبطلان هناك بل يمكن ان يقال هنا أولي لاشتماله على أركان ويحتمل الصحة بناء على أن فعل
المنافي قبله لا يبطله قال في الذكرى فان قلنا نوى القضاء بعد خروج الوقت ويترتب على ما سلف وفيه نظر وقال أيضا في الذكرى يترتب الاحتياط بترتب المجبورات وهو بناء
على أنه لا يبطله فعل المنافي وكذا الأجزاء المنسية تترتب ولو فاته سجدة من الأولى وركعة احتياط قدم السجدة ولو كانت من الركعة الأخيرة احتمل تقديم الاحتياط لتقدمه عليها وتقديم
السجدة لكثرة الفصل بالاحتياط بينها وبين الصلاة وفي الكل نظر لانتفاء الدليل على شئ من ذلك نعم الأحوط الاخذ بما ذكره من الترتب
ويبنى على الأقل في النافلة ويجوز البناء
على الأكثر فيها والبناء على الأقل أفضل عندهم إما جواز البناء على الأقل فلكونه القدر المتيقن فيحصل اليقين بالامتثال بالاتيان بالمشكوك وفي الكافي روى أنه إذا سهى في النافلة
بنى على الأقل واما جواز البناء على الأكثر فالظاهر أنه متفق عليه بين الأصحاب قاله المحقق في المعتبر واحتجوا عليه بان النافلة لا يجب بالشروع فللمكلف الاقتصار على ما أراد وفيه ان الكلام
في تحقق الامتثال وتحصيل ثواب النافلة بذلك لافي جواز القطع وما ذكره يدل على مجرد جواز القطع حسب قال بعض المتأخرين لافرق في مسائل السهو والشك بين الفريضة
والنافلة الا في الشك بين الاعداد فان الثنائية من الفريضة تبطل بذلك بخلاف النافلة وفي لزوم سجود السهو فان النافلة لا سجود فيها بفعل ما يوجبه في الفريضة للأصل وصحيحة
محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سألته عن السهو في النافلة قال ليس عليك سهو ويحتمل ان يكون المراد بقوله (ع) ليس عليك سهو رفع أحكام السهو بالكلية ولو تكلم ناسيا اوشك بين
الأربع والخمس أو قعد في حال قيام أو قام في حال قعود تلافاه على رأى أو زاد أو نقص غير المبطل ناسيا على رأي سجد للسهو في جميع ذلك وقد مر عند شرح قول المصنف ولو ذكر السجدة
أو التشهد، الكلام في سجود السهو عند نسيان السجدة أو التشهد ويناسب هذا المقام تحقيق مسائل الأولى لو تكلم ناسيا في الصلاة فالمشهور بين الأصحاب انه يجب عليه (سجدة) السهو ونقل المصنف
في المنتهى اجماع الأصحاب عليه لكن نقل في المختلف والذكرى عن ابني بابويه خلافه ويدل على الأول ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل
يتكلم ناسيا في الصلاة يقول أقيموا صفوفكم قال يتم صلاته ثم يسجد سجدتين فقلت سجدتا السهو قبل التسليم هما أو بعده قال بعد ورواية عبد الله بن أبي يعفور السابقة في مسألة
الشك بين الاثنين والأربع والظاهر أنه لافرق عندهم بين التكلم في الصلاة ناسيا أو ظانا للخروج من الصلاة وعلى هذا يدل عليه أيضا قوله (ع) سجد يعني رسول الله صلى الله عليه وآله لمكان الكلام
في صحيحة سعيد الأعرج المشتملة على ذكر سهو رسول الله صلى الله عليه وآله وقد مرت عند شرح كلام المصنف والكلام بحرفين ويدل على عدم الوجوب ما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
في الرجل يسهو في الركعتين ويتكلم فقال يتم ما بقى من صلاته تكلم أو لم يتكلم ولا شئ عليه وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) في رجل صلى ركعتين من المكتوبة فسلم وهو يرى أنه قد أتم الصلاة
وتكلم ثم ذكر انه لم يصل ركعتين فقال يتم ما بقى من صلاته ولا شئ عليه (ويدل عليه) أيضا قوله (ع) في صحيحة الفضيل بن يسار السابقة عند شرح قول المصنف وتبطل بفعل كل ما يبطل الطهارة وان
تكلمت ناسيا فلا شئ عليك ويدل عليه أيضا بعض الأخبار الضعيفة ويمكن الجمع بين الاخبار بوجهين أحدهمها ان يحمل قوله (ع) لا شئ عليه على نفي الاثم أو الإعادة والثاني ان يحمل ما دل
على السجدتين على الاستحباب ويعضد الأول الشهرة بين الأصحاب ويعضد الثاني قرب المعنى وبعد التأويل الأول رواية علي بن نعمان الرازي حيث حكى انه سلم في المغرب في الركعتين الأوليين
سهوا وتكلم فأعاد أصحابه وهو لم يعد بل أتمه بركعة والظاهر أنه لم يسجد سجدتي السهو والا ذكر والصادق عليه السلام صوب فعله وقد مرت الرواية عند شرح قول المصنف والكلام بحرفين ورواية زيد
الشحام السابقة في الموضع المذكور والمسألة محل اشكال وإن كان القول بعدم الوجوب لا يخلو عن رجحان فتدبر الثانية المشهور بين الأصحاب ان من سلم في غير موضعه ناسيا يجب عليه سجدتا
السهو ونقل المصنف في (المنتهى اجماع الفرقة عليه ونسبه المحقق إلى علمائنا وخالف فيه علي بن بابويه وولده في المقنع نقله المصنف في
) المختلف والشهيد في الذكرى وجماعة من الأصحاب كابن أبي عقيل والمفيد والمرتضى وابن زهرة وسلار وابن حمزة لم يذكروا التسليم في غير موضعه فيما يوجب سجود السهو لكنهم
ذكروا الكلام ساهيا وذكر المصنف والشهيدان التسليم داخل في الكلام وفيه تأمل احتج المصنف على ما اختاره بصحيحة سعيد الأعرج التي أشرنا إليه في المسألة المتقدمة حيث قال (ع) وسجد لمكان
الكلام وفيه نظر ان من المحتمل ان يكون الموجب للسجود الكلام الواقع بعد التسليم لا نفس التسليم على ما ذكره شيخنا أبو جعفر الكليني واحتج المحقق بما رواه عمار عن أبي عبد الله (ع) عن رجل صلى ثلاث
ركعات وظن أنها أربع فسلم ثم ذكر انها ثلاث قال يبنى على صلاته ويصلي ركعة ويتشهد ويسلم ويسجد سجدتي السهو ويدل على عدم الوجوب صحيحة محمد بن مسلم ورواية علي بن نعمان الرازي ورواية زيد
الشحام المذكورات في مسألة الكلام بحرفين وقوله (ع) في صحيحة سعيد الأعرج المذكورة هناك وسجد سجدتين لمكان الكلام حيث خص التعليل بالكلام ويدل عليه أيضا صحيحة الحرث بن المغيرة
النضري وحسنة الحسين بن أبي العلا ورواية أبي بكر الحضرمي السابقان عند شرح قول المصنف فلو نقصها أو زاد سهوا
الثالثة لو شك بين الأربع والخمس فالمشهور بين الأصحاب انه يجب عليه سجدتا
السهو وخالف فيه المفيد والشيخ في الخلاف وابنا بابويه وسلار وأبو الصلاح حجة الأول روايات منها ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا لم تدر أربعا صليت أم
خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك ثم سلم بعدهما ورواه الكليني والشيخ عنه باسناد فيه محمد بن عيسى عن يونس عن عبد الله وعن عبيد الله بن علي الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا لم تدر أربعا
صليت أم خمسا أم نقصت أم زدت فتشهد وسلم واسجد سجدتين بغير ركوع ولا قراءة تشهد فيهما تشهد خفيفا ورواه الصدوق في الصحيح وما رواه الشيخ والكليني عن أبي بصير في الصحيح عن أبي
عبد الله (ع) قال إذا لم تدر خمسا صليت أم أربعا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك وأنت جالس ثم سلم بعدهما وعن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله
إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر زاد أم نقص فليسجد سجدتين وهو جالس وسماها رسول الله صلى الله عليه وآله المرغمتين واعلم أن للشك بين الأربع والخمس صورا لأن الشك إما ان يكون بعد رفع الرأس من
السجدتين أو قبله بعد اتمام الذكر في السجدة الثانية أو بعد السجدة الثانية قبل تمام ذكرها أو بين السجدتين أو قبل الرفع من السجدة الأولى بعد تمام ذكرها أو قبل تمام ذكرها أو بعد الرفع
من الركوع أو بعد الانحناء قبل الرفع بعد تمام الذكر وقبله أو قبل الركوع بعد القراءة أو أثنائها أو قبل القراءة بعد استكمال القيام أو قبل استكماله فهذه ثلاث عشرة صورة ففي الأولى عليه سجدتا
379

السهو حسب كما مر والظاهر الحاق الثانية بالأولى وفي الثالثة تردد ينشأ من كون الذكر من أفعال الركعة فلم يتم الركعة فلم يدخل تحت مدلول الفرض؟ فيجئ فيه الخلاف السابق من البطلان وعدمه
ومن تنزيل معظم أفعال الركعة منزلتها فيصدق عليه النصوص ويزيد هذا التردد في الرابعة وللأصحاب فيهما قولان والخامسة والسادسة يجري فيهما هذا التردد وان لم يبعد ترجيح عدم
دخول تلك الصور الأربعة تحت المراد بالنصوص واما الصور البواقي فقد مضى احكامها سابقا والفصل بين الشك في أثناء القراءة أو بعد تمامها ما قبل الركوع كما ذكرنا مذكور في كلام
بعض الأصحاب ولا فائدة فيه إذ لا جهة لاختلاف الحكم فيهما الا ان يقال بتعدد سجدتي السهو بتعدد اجزاء القراءة على القول بوجوبهما لكل زيادة أو نقيصة وهو بعيد واما الفصل بين
ان يكون الشك بعد الشروع في القراءة أو قبله فتظهر فائدته على القول بوجوب سجدتي السهو لكل زيادة أو نقيصة بناء على تعددهما بتعدد الموجب واما الفصل بين ان يكون الشك
قبل استيفاء القيام أو بعده فله فائدة بناء على الخلاف في أن القيام في غير موضعه يوجب سجود السهو أم لا فعلى القول به تجب السجدة في الثاني دون الأول واعلم أنه إذا تعلق الشك
بالخمس فله صور قد مر بعضها
ومنها الشك بين الاثنتين والخمس بعد اكمال السجود لتحقق حفظ الركعتين المعتبر في الصحة والشك بين الثلاث والخمس بعد اكمال السجود وفيهما وجهان البناء على الأقل
والبطلان ولعل الترجيح للأول نظرا إلى عموم ما دل على البناء على الأقل في كل شك وحينئذ فعليه سجدتا السهو عملا بعموم حسنة زرارة السابقة وغيرها واما بعد الركوع فيجري فيه الخلاف
السابق في الشك بين الأربع والخمس بعد الركوع وقد رجحنا هناك البناء على الأقل واتمام الركعة وينسحب ههنا أيضا وفيما بعد الركوع (وقبل الرفع والأربع ومنها الشك بين الاثنين) يجري الاشكال والتردد الذي ذكرنا هناك والراجح
البناء على الأقل ويحتمل هدم الركعة فيكون من قبيل الشك بين الاثنين والأربع فيعمل بمقتضاه وفيما قبل الركوع يرجع إلى الشك بين الاثنتين) (والأربع) والثلاث والخمس بعد السجود وفيه وجه بالبناء
على الأقل وسجدة السهو كما ذكرنا ووجه بالبطلان كما ذكره بعض الأصحاب ووجه بالبناء على الثلاث ولعل الترجيح للأول ومنها الشك بين الاثنين والثلاث والخمس بعد اكمال السجود
وفيه وجه بالبناء على الأقل وسجدة السهو لما ذكرنا ووجه بالبناء على الأربع وصلاة الاحتياط وسجدة السهو ورجحه بعضهم لدخوله تحت عموم الشك بين الاثنين والثلاث والأربع فتجب الشك
بين الأربع والخمس وفيه نظر لأن الظاهر من النص ما إذا كان الشك متعلقا بالثلاثة حسب من غير انضمام الخمس فلا يشمل محل البحث ونحوها الشك بين الاثنين والأربع والخمس ومنها الشك بين الثلاث والأربع
والخمس وفيه وجه بالبناء على الأقل وهو الراجح ووجه بالبناء على الأربع هذا إذا كان بعد اكمال السجود وقبل ذلك بعد الرفع من الركوع يجري فيه القول بالبطلان وفيما بعد الركوع
قبل الرفع يجري الاشكال الذي ذكر وفيما قبل الركوع يرجع إلى الشك بين الاثنتين والثلاث والأربع واما ما رواه الشيخ عن زيد الشحام عن أبي أسامة قال سألته عن الرجل صلى العصر
ست ركعات أو خمس ركعات قال إن استيقن انه صلى خمسا أو ستا فليعد وإن كان لا يدري أزاد أم نقص فليكبر وهو جالس ثم ليركع ركعتين فيقرأ فيهما بفاتحة الكتاب في اخر صلاته ثم يتشهد
الحديث فخبر ضعيف غير معمول بين الأصحاب فيشكل التعويل عليه واعلم أن المصنف لم يذكر الشك بين الأربع والست وفيه وجه بالبطلان مطلقا احتمله المصنف في المختلف وغيره استنادا إلى أن زيادة
الركن مبطلة ومع احتمالها لا يتيقن البراءة من التكليف الثابت وفيه ان المسلم حصول البطلان بالزيادة المتيقنة لا المحتملة مع أن النصوص الدالة على عدم البطلان بمجرد الزيادة يدفعه
وكذا ما دل على البناء على الأقل في الشك مطلقا وكذا صحيحة الحلبي السابقة وما دل على أن الفقيه لا يعيد (صلاته) وفيه وجه بالبناء على الأقل ذكره بعض الأصحاب وهو وجه نظرا إلى عموم ما دل على
البناء على الأقل في كل سهو وفيه وجه ثالث وهو التسوية بينه وبين الخمس في الحكم نقله المصنف عن ابن أبي عقيل واختاره وقال لم نقف لغيره في ذلك على شئ ومال إليه الشهيد واعلم أن تعلق الشك بالسادسة
ينشعب إلى خمس عشرة صورة أربع ثنائية وست ثلاثية وأربع رباعية وواحدة خماسية وصور تعلق الشك بالثانية والثالثة والرابعة والخامسة إحدى عشر فالمجموع ست وعشرون والاحتمالات
الثلاثة عشرة المذكورة تجرى في كل واحد منها فيصير المجموع ثلاثمائة وثمان وثلاثين ومحصل الحكم في الجميع ان كل شك يتعلق بالثانية يصح من أحواله الثلاثة عشر صورتان وهما بعد الفراغ
من ذكر السجدة الثانية قبل الرفع وبعده ويبطل في غيرهما من الصور على اشكال في بعضها كما في صورة عروض الشك بعد السجدة الثانية وقبل اتمام ذكرها وخلاف في بعضها كما في صور عروض
الشك بعد الركوع فاعلم أن جملة المسائل المتعلقة بالشك المتعلق بالركعة الثانية خمس عشرة سبع منها فيما لا يتعلق بالسادسة وثمان فيما يتعلق بها ست منها وهي الشك
بين الاثنين والخمس والاثنين والثلاث والخمس والاثنتين والست والاثنين والثلاث والست والاثنين والخمس والست والاثنين والثلاث والخمس والست باطلة بجميع صورها على قو ل مرجوح
ويبنى على الأقل في الصورتين السابقتين على الاحتمال الراجح وفي بعضها احتمال البناء على الثلاث ويبطل الباقي على اشكال في بعض الصور وخلاف في البعض كما أشرنا إليه فالمحكوم
بالصحة من هذه الجملة على الاحتمال الراجح اثنى عشر وغير المحكوم بها ست وستون بقى من المسائل المتعلقة بالثانية تسع فالثلاث منها وهي الشك بين الاثنتين والثلاث والاثنتين
والأربع والاثنين والثلاث والأربع صحيحة في الصورتين السابقتين وباطلة في غيرهما من الصور على اشكال في بعض الصور وخلاف في بعضها فالمحكوم بالصحة منها ست وغير المحكوم
بها ثلاث وثلاثون والست الباقية وهي الشك بين الاثنتين والأربع والخمس والاثنين والأربع والست والاثنين والأربع والخمس والست والاثنين والثلاث والأربع (والخمس والاثنين والثلاث والأربع) والست
والاثنين والثلاث والأربع والخمس والست فالظاهر صحتها في الصورتين السابقتين ويبنى على الأقل ويسجد للسهو وفيه قول بالبناء على الأربع وفيما تعلق الشك بالسادسة منها قول
بالبطلان ويبطل في غيرهما من الصور على اشكال في بعض الصور وخلاف في بعضها فراجحة الصحة منها اثنتي عشر وغيرها ست وستون بقى من جملة المسائل إحدى عشر سبع منها وهي
الشك بين الثلاث والأربع والشك بين الأربع والخمس والشك بين الثلاث والأربع والخمس والشك بين الأربع والست والشك بين الثلاث والأربع والست والشك بين الأربع والخمس
والست والشك بين الثلاث والأربع والخمس والست يصح على خلاف في بعض الصور ويبنى في بعض الصور على الأكثر على المشهور ويبنى في بعضها على الأقل وفي بعضها اشكال أشير إليه في مسألة
الشك بين الأربع والخمس وفي بعضها يبنى على الأقل مع احتمال البناء على الرابعة والاحتياط وبالجملة الترجيح في الكل للصحة وصورها إحدى وتسعون وواحدة منها وهي الشك بين الثلاث
والخمس يصح منها أربع صور وهي ما قبل الركوع ويرجع إلى الشك بين الاثنين والأربع وما عداها من الصور فالترجيح فيها الصحة واحكامها يعلم مما ذكرنا سابقا وواحدة أخرى وهي الشك
بين الثلاث والخمس والست يصح منها أربع صور وهي ما قبل الركوع لأنه يرجع إلى الشك بين الاثنتين والأربع والخمس فيبنى على الاثنين أو الأربع على الخلاف واما ما عداها ففيه قول
بالبطلان مطلقا في غير صورتي اكمال السجود والترجيح للصحة مطلقا ويبنى على الأقل ويتم ويسجد للسهو وفي صورة الشك قبل الرفع من الركوع يجري احتمال رجوعه إلى الشك بين الاثنين
والأربع والخمس فيجري فيه احتمال البناء على الأربع وهدم الركعة وواحدة أخرى وهي الشك بين الثلاث والست فالراجح في جميع صورها الصحة فيبنى على الأقل ويتم ويسجد للسهو وفيه
قول بالبطلان والمسألة الحادية عشر الشك بين الخمس والست فإن كان قبل الركوع هدم الركعة وكان شكا بين الأربع والخمس ويزيد عليه سجدتي السهو لمكان الزيادة فيسجد أربع سجدات
بناء على القول بسجود السهو لكل زيادة وإن كان بعده كان كمن زاد ركعة اخر الرابعة فيعتبر الجلوس بقدر التشهد أو التشهد كما مر فبهذا الاعتبار ينقسم التسعة منها إلى ثمانية عشر
فيصير جملة الصور ثلثمأة وسبع وأربعين فراجح الصحة منها مأة وثلاث وسبعون وغيرها مأة وأربع وسبعون الرابعة لو قام في موضع قعود أو قعد في موضع قيام وجب عليه سجدتا السهو عند
ابن بابويه والسيد المرتضى وسلار وأبي الصلاح وابن البراج وابن حمزة وابن إدريس والمصنف وخالف في ذلك الشيخان والكليني وعلي بن بابويه وابن أبي عقيل وابن الجنيد والمحقق والشيخ
نجيب الدين صاحب الجامع احتج المصنف على ما اختاره بأنه زاد على صلاته وكل من زاد على صلاته وجب عليه سجود السهو إما الصغرى فظاهر واما الكبرى فلان الشك في الزيادة يقتضي وجوب
السجدتين لما تقدم فاليقين بها أولي وبما رواه منهال القصاب قال قلت لأبي عبد الله (ع) أسهو في الصلاة وانا خلف الامام فقال إذا سلم فاسجد سجدتين ولا تهب وعن عمار الساباطي قال
سألت أبا عبد الله (ع) عن السهو ما يجب فيه سجدتا السهو فقال إذا أردت ان تقعد فقمت أو أردت ان تقوم فقعدت أو أردت ان تقرأ فسبحت أو أردت ان تسبح فقرات فعليك سجدتا السهو وليس في شئ
380

مما يتم به الصلاة سهو ويدل عليه أيضا ما رواه الكليني عن معاوية بن عمار باسناد فيه محمد بن عيسى عن يونس قال سألته عن الرجل يسهو فيقوم في موضع قعود أو يقعد في حال قيام
قال يسجد سجدتين بعد التسليم وهما المرغمتان ترغمان الشيطان ولا يخفى ان في تتمة رواية عمار ما يضعف الاحتجاج به حيث قال وعن الرجل إذا أراد ان يقعد فقام ثم ذكر من
قبل ان يقوم شيئا أو يحدث شيئا قال ليس عليه سجدتا السهو متى يتكلم بشئ وفي بعض النسخ بدل قوله إن يقوم شيئا ان يقدم شيئا ولا يخفى أيضا ان حسنة إسماعيل بن جابر
وصحيحة أبي بصير وصحيحة سليمان بن خالد وصحيحة عبد الله بن أبي يعفور وحسنة الحلبي السابقات عند شرح قول المصنف وكذا العكس وصحيحتي عبد الله بن أبي يعفور وموثقة عمار
وصحيحة الفضيل بن يسار وحسنتي الحسين بن أبي العلا ورواية محمد بن علي الحلبي ورواية محمد بن منصور السابقات عند شرح قول المصنف ولو ذكر السجدة أو التشهد وصحيحة زرارة
وصحيحة محمد بن مسلم وصحيحة عبيد بن زرارة وموثقة عبيد بن زرارة وموثقة عمار وحسنة الحسين بن أبي العلا ورواية ابن مسلم السابقات عند شرح قول المصنف ولو نقصها أو
ما زاد على الركعة سهوا ظاهرها وصريح بعضها ففي سجود السهو في القيام في موضع القعود والجمع بين الاخبار بحمل (يحمل) ما دل على السجود على الاستحباب متجز (مجز) والاحتياط في السجود
وعارض المحقق رواية عمار المذكورة في الاحتجاج على الوجوب بما رواه سماعة عن أبي عبد الله (ع) قال من حفظ سهوه قائمة (فأتمه) فليس عليه سجدتا السهو ورد هذا الخبر الكليني في الصحيح
عن عثمان بن عيسى عن سماعة بزيادة قوله انما السهو على من لم يدر أزاد أم نقص فيها الخامسة ذهب المصنف إلى وجوب السهو زيادة أو نقيصه وهذا القول نقله الشيخ في الخلاف
عن بعض الأصحاب حيث قال واما سجدتا السهو فلا تجتاز الا في أربعة مواضع وعد المواضع ثم قال فاما ما عدا ذلك فهو كل سهو يلحق الانسان فلا يجب عليه سجدتا السهو فعلا كان
أو قولا زيادة كان أو نقصانا متحققة كانت أو متوهمة وعلى كل حال قال وفي أصحابنا من قال عليه سجدتا السهو في كل زيادة قال في الدروس ولم نظفر بقائل ولا
بمأخذه وبالجملة هذا القول خلاف المشهور بين الأصحاب ولعل مستنده ما رواه الشيخ عن ابن أبي عمير عن بعض أصحابه عن سفين بن السمط عن أبي عبد الله (ع) قال يسجد سجد السهو
في كل زيادة يدخل عليك أو نقصان وفي الرواية خلل من حيث الارسال وجهالة الراوي الا ان الصحيحة إلى ابن أبي عمير يجبر هذا الضعف واستدل عليه أيضا بصحيحة الحلبي المذكورة
في المسألة الثالثة وجه الاستدلال إذا وجب الشك في الزيادة والنقيضة ففي صورة اليقين أولا ويرد عليه ان الرواية الأولى محمولة على الاستحباب جمعا بين الاخبار و
الثانية غير دالة على المدعا وما ذكر من الأولوية ممنوع على أن احتمال الاختصاص بالشك في الركعات فيها غير بعيد ويدل على انتفاء الوجوب لكل زيادة أو نقيضه جميع الأخبار
التي استدللنا بها على عدم وجوب سجود السهو في المسائل المذكورة في شرح هذا المقام ويدل عليه أيضا صحيحة محمد بن مسلم وصحيحة زرارة وموثقة زرارة
ابن حازم ورواية معاوية بن عمار وموثقة أبي بصير وموثقة سماعة المذكورات في مسألة نسيان القراءة وصحيحة زرارة المذكورتان في مسألة الجهر والاخفات ورواية
عبد الله القداح ورواية علي بن يقطين المذكورة في نسيان ذكر الركوع والاستدلال ببعض هذه الأخبار باعتبار صراحته في المطلوب وببعضها باعتبار عمومه
واطلاقه وببعضها باعتبار السكوت عن ذكر السجدة في مقام البيان فتدبر فيها السادسة ذهب المصنف إلى وجوب سجدتا السهو لكل شك في زيادة أو نقيصة وهو
ظاهر ما نقله الشيخ في الخلاف عن بعض الأصحاب وكلام ابن بابويه في الفقيه يحتمله حيث قال ولا يجب سجدتا السهو الاعلى من قعد في حال قيامه أو قام في حال قعوده
أو ترك التشهد أو لم يدر زاد أم نقص ويحتمل ان يكون مراده زيادة الركعة أو نقصانها وتبع المصنف الشارح الفاضل والمشهور بين الأصحاب عدم الوجوب في الصورة
المذكورة واحتج المصنف بصحيحة عبيد الله بن علي الحلبي السابقة عن قريب وبما رواه ابن بابويه عن الفضيل بن يسار باسناد ظاهره الصحة انه سئل أبا عبد الله (ع) عن السهو فقال
من يحفظ سهوه قائمه فليس عليه سجدتا السهو وانما السهو على من لم يدر أزاد في صلاته أم نقص منا وله الاستدلال بحسنة زرارة السابقة عن قريب وما رواه الشيخ والكليني
عن سماعة في الموثق قال قال من حفظ سهوه فأتمه فليس عليه سجدتا السهو وانما السهو على على من لم يدر
أزاد أم نقص منها والجواب ان هذه الأخبار محمولة على الاستحباب
جمعا بين الأدلة ويحتمل ان يكون المراد بالزيادة والنقصان المذكورتين فيها زيادة الركعة ونقصانها ويدل على عدم الوجوب بالشك في الزيادة والنقصان مطلقا الأخبار المذكورة
عند شرح قول المصنف وان شك بعد انتقاله فلا التفات والاخبار المذكورة عند شرح قول المصنف ولو شك في شئ من الافعال سيما حسنة الحلبي ويدل عليه أيضا
الأخبار السابقة المذكورة في مواضع الاحتياط فإنها خالية عن ذكر سجود السهو في مواضع البيان فاذن الترجيح للمشهور السابقة ذكر الشيخ المفيد في الرسالة اخرية فيما يوجب سجود
السهو ان لم يدر أزاد سجدة أو نقص سجدة أو زاد ركوعا ولم يتيقن ذلك وكان الشك فيه حاصلا بعد تقضي وقته وهو في الصلاة وتحقيق الامر في ذلك يستفاد مما حققناه
وهما اي سجدتا السهو سجدتان بعد الصلاة المشهور بين الأصحاب ان محل السجدتين بعد التسليم ونقل الشيخ في المبسوط عن بعض الأصحاب انهما ان كانتا للزيادة فمحلهما بعد التسليم
وان كانتا (للنقصان فمحلهما) محلهما قبله ونسبه في المعتبر إلى قوم من أصحابنا وهو قول ابن الجنيد على ما في المختلف ونقل في الذكرى كلام ابن الجنيد ثم قال وليس في هذا كله تصريح بما يرويه بعض
الأصحاب ان ابن الجنيد قائل بالتفصيل نعم هو مذهب أبي حنيفة من العامة ونقل المحقق في الشرائع قولا بان محلهما قبل التسليم مطلقا ولم أظفر بقائله ويدل على القول الأول
رويات كثيرة كصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج وصحيحة عبد الله بن سنان وصحيحة أبي بصير السابقات في المسألة المتقدمة وصحيحة سليمان بن خالد وحسنة الحلبي السابقتين عند شرح
قول المصنف وكذا العكس وحسنة الفضيل بن يسار السابقة عند شرح قول المصنف ولو ذكر السجدة والتشهد واختصاص أكثر هذه الأخبار بخصوص بعض المواد لا ينافي صحة الاستدلال
بها على التعميم بمعونة عدم القائل بالفضل ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن عبد الله بن ميمون القداح في الموثق بالحسن بن فضال عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي (ع) قال سجدتا السهو
بعد التسليم وقبل الكلام ورواه ابن بابويه مرسلا عن أمير المؤمنين (ع) ويدل على أنهما بعد الفراغ عن الصلاة صحيحة عبد الله بن أبي يعفور السابقة عند شرح قول المصنف وكذا العكس وصحيحة
ابن أبي يعفور وحسنة الحسين بن أبي العلا السابقة عند شرح قول المصنف ولو ذكر السجدة أو التشهد ويتجه الاستدلال بهذه الاخبار الأربعة على أن محلهما بعد التسليم بناء على
وجوب التسليم ودخوله في الصلاة ويدل على القول الثاني ما رواه الشيخ عن سعد بن سعد الأشعري في الصحيح قال قال الرضا (ع) في سجدتي السهو إذا أنقصت قبل التسليم وإذا زادت بعده وما رواه
الصدوق عن صفوان بن مهران الجمال باسناد ظاهر الصحة عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن سجدتي السهو فقال إذا نقصت فقبل التسليم وإذا زدت فبعده قال الصدوق انى افتى به في حال التقية ولعل مستند القول الثالث
ما رواه الشيخ عن ابن الجارود في الضعيف قال قلت لأبي جعفر (ع) متى اسجد سجدتي السهو قال قبل التسليم فإنك إذا سلمت بعد ذهبت مر من صلاتك ونقل الشيخ روايتي سعد وأبي الجارود وحملها على التقية ونقل
عن ابن بابويه أنه قال انما افتى بهما في حال التقية ويمكن الجمع بين الاخبار بالتخيير أيضا الا ان الترجيح للتأويل المذكور ويجب ان يفصل بينهما بجلسة لتحقق التلبية ويقول فيهما بسم الله وبالله اللهم صل على محمد
وآل محمد أو السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته روى الصدوق عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال يقول في سجدتي السهو بسم الله وبالله وصلى الله على محمد وال محمد قال وسمعت مرة أخرى يقول بسم الله
وبالله السلام عليك ورحمة الله وبركاته ورواه الكليني عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم وفيه بدل قوله وصلى الله اللهم صل وفاقا لبعض نسخ الفقيه وروى الشيخ عن عبيد الله الحلبي في الحسن بمحمد بن عيسى الأشعري قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول
في سجدتي السهو إلى اخر ما نقل الصدوق لكن فيه والسلام عليك بإضافة الواو والظاهر اجزاء الكل واستضعف المحقق هذه الرواية من حيث تضمنها وقوع السهو من الإمام قال المحقق ثم لو سلمناه لما وجب فيها ما سمعه لاحتمال
ان يكون ما قاله على وجه الجواز لا اللزوم وأجيب عن الأول بان سماع ذلك من الامام لا يستلزم وقوع السهو منه لجواز كونه اخبارا عما يقال فيهما بل الظاهر أن ذلك هو المراد من الرواية كما يدل عليه
العبارة المنقولة في الفقيه والكافي واعلم أنه لا ريب في اجزاء ما ذكر من الذكر وهل يجب فيهما الذكر مطلقا المشهور نعم خلافا للمحقق في المعتبر بالمصنف في المنتهى وهو لا يخلو عن قوة
نظرا إلى اطلاق (الا) السجود، (من غير تعرض للذكر في مقام البيان الا ان يقال المتبادر من الامر بالسجود السجود المعهود في الصلاة المتضمنة للذكر ويدل عليه أيضا ما رواه ابن بابويه)
381

عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن سجدتي السهو هل فيهما تكبيرا وتسبيح فقال لا انهما سجدتان فقط وإن كان الذي سها هو الامام كبر إذا سجد وإذا رفع رأسه
ليعلم من خلفه انه قد سها وليس عليه ان يسبح فيهما ولا فيهما تشهد بعد السجدتين وعلى تقدير وجوب الذكر هل يتعين فيه ما ذكر قال الجماعة من الأصحاب نعم والأشبه لا وهو قول الشيخ
نظرا إلى اطلاق الأدلة
ويتشهد بعد ذلك تشهدا خفيفا ويسلم وجوب التشهد والتسليم بعدهما هو المشهور بين الأصحاب وقال المحقق في المعتبر والمصنف في المنتهى انه قول علمائنا أجمع
وقال المصنف في المختلف الأقرب عندي ان ذلك كله للاستحباب بل الواجب فيه النية لاغير حجة الأول على وجوب التشهد قول الصادق (ع) في صحيحة الحلبي السابقة ويسجد سجدتين
بغير ركوع ولا قراءة يتشهد فيهما تشهدا خفيفا وعلى وجوب التسليم قوله (ع) في صحيحة ابن سنان إذا كنت لا تدري أربعا صليت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسليمك
ثم سلم بعدهما ويدل على التشهد فيهما موثقة أبي بصير ورواية ابن مسكان السابقتان عند شرح قول المصنف ولو ذكر السجدة أو التشهد وصحيحة علي بن يقطين وحسنة سهل
السابقتان عند شرح قول المصنف وكذا إذا لم يعلم كم صلى وحجة الثاني رواية عمار السابقة مضافا إلى أصل البراءة ويدل عليه اطلاق الامر بالسجود في كثير من الاخبار
من غير تعرض لذكر التشهد والتسليم ويؤيده انتفاء الامر بالتسليم في الرواية الأولى والتشهد في الثانية مع ورود الخبرين في مقام البيان فيحصل الجمع بين الاخبار
بحمل ما دل على التشهد والتسليم على الاستحباب فاذن قول المصنف في خلاف قوى والمراد بالتشهد الخفيف ما اشتمل على مجرد الشهادتين والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وقيل يجب فيهما
التشهد المعهود (فيهما) في الصلاة والظاهر من التسليم ما ينصرف به في الصلاة وذكر أبو الصلاح انه ينصرف بالتسليم على محمد صلى الله عليه وآله ويجب فيهما النية على ما ذكره جماعة من الأصحاب والظاهر أنه
لا يعتبر فيهما تعيين السبب لحصول الامتثال بدونه وأوجبه الشهيد في الذكرى وقيل يجب ان تعدد السبب على القول بتعددهما بتعدده ويتفرع على الخلاف في هذه المسألة ما لو ظن
سهوه كلاما فسجد له فتبين انه كان نسيان سجدة فعلى القول بوجوب تعيين السبب يجب الإعادة كما قاله الشهيد في الذكرى والظاهر أنه يجب فيهما السجود على الأعضاء السبعة ووضع
الجبهة على ما يصح السجود عليه لأنه المتبادر المنساق إلى الذهن مضافا إلى توقف اليقين بالامتثال عليه وفي وجوب الطهارة والاستقبال والستر قولان والأحوط الوجوب
وقال الشيخ في المبسوط فإذا أراد ان يسجد سجدتي السهو استفتح بالتكبير وكلامه يحتمل الاستحباب والوجوب
وصرح جماعة من الأصحاب بالاستحباب محتجين برواية عمار السابقة وهي مختصة
بالاستحباب للامام فروع الأول يجب المبادرة إليهما قبل فعل المنافي عند الأصحاب وفي كثير من الأخبار السابقة إشارة إليه منها صحيحة عبد الله بن أبي يعفور وحسنة الحلبي السابقتان
عند شرح قول المصنف وكذا العكس وصحيحة عبد الله بن أبي يعفور وحسنة الحسين بن العلا السابقات عند شرح قول المصنف ولو ذكر السجدة أو التشهد حيث قيد فيها بحال الجلوس قبل
التكلم لكن روى الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) انه سأله عن الرجل يسهو في صلاته فلا يذكر ذلك حتى يصلي الفجر كيف يصنع قال لا يسجد سجدتي السهو حتى يطلع
الشمس ويذهب شعاعها ولو نسيهما اتى بهما متى ذكر لاطلاق الامر المقتضي لوجوب الامتثال وروى الشيخ عن عمار في الموثق عن أبي عبد الله (ع) انه سأله عن الرجل إذا سهى في
الصلاة فينسى ان يسجد سجدتي السهو قال يسجدهما متى ذكر ولو اهملهما عمدا فأكثر الأصحاب على أنه لا يبطل الصلاة استنادا إلى أن المستفاد من الأدلة وجوبهما لاشتراط صحة الصلاة
بهما نعم يجب عليه الاتيان بهما ولو طالت المدة عندهم وذهب الشيخ في الخلاف إلى اشتراط صحة الصلاة بهما وهو أحوط وتحقيق الامر يبنى على أن الصلاة اسم للأركان مطلقا أو مقيدا
باستجماعها شرائط الصحة وعلى الأول يقوى الأول وعلى الثاني الثاني لتوقف اليقين بالبرائة عليه الثاني لو جلس في موضع قيام ناسيا ولما يتشهد كالأولى والثالثة
صرف إلى جلسة الاستراحة ولا سجود عليه على الظاهر وان تشهد وجب السجود للتشهد على القول بوجوب السجود له لا للجلوس على الأقرب وفي الخلاف إن كان الجلوس بقدر الاستراحة
ولم يتشهد فلا سجود عليه وان تشهد أو جلس بقدر التشهد سجد على القول بالزيادة والنقيصة وفي المختلف ان جلس ليتشهد ولم يتشهد فالزائد على جلسة الاستراحة يوجب السجود
قال في الذكرى في وجوب السجود للزائد على (عن) قدرها للتشهد اشكال لان جلسة الاستراحة لاقدر لها بل يجوز تطويلها وتركها فان صرف الجلوس للتشهد إليها فلا يضر طولها وان لم
يصرف لم ينفع قصرها في سقوط سجود السهو وهو متجه الثالث لو تعدد ما يوجب السجدتين فالظاهر التداخل واختاره الشيخ في المبسوط وجعل التعدد أحوط وذهب المصنف وجماعة من أصحابنا
المتأخرين إلى عدم التداخل مطلقا وذهب ابن إدريس إلى التداخل ان اتحد الجنس والا فلا لنا ان الامر مطلق فيحصل الامتثال بفرد واحد من المأمور به فإنهم (ع) قالوا إذا تكلم سجد
للسهو وإذا سلم في غير موضعه سجد للسهو وليس في أحد النصين تقييد للسجود بكونه سجودا مغايرا لسجود يتدارك به خلل اخر بل النص مطلق فيحصل امتثال كل من التكليفين بكل
ما كان فردا للسجود واحتج المصنف في المختلف على ما اختاره بتعليل عقلي ضعيف واحتج الشهيد في الذكرى بقيام السبب واشتغال الذمة وبما روى عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لكل سهو سجدتان
والجواب عن الأول قد ظهر بما ذكرنا وعن الثاني انه ليس في الخبر ان لكل سهو سجدتان على حدة فلا ينفع وقال ابن إدريس ان تجانس اكتفى بالسجدتين لعدم الدليل ولقولهم (ع) من تكلم في صلاته
ساهيا يجب عليه سجدتا السهو ولم يقولوا دفعة واحدة أو دفعات فاما إذا اختلف الجنس فالأولى عندي بل الواجب الاتيان عن كل جنس بسجدتي السهو لعدم الدليل على تداخل الأجناس بل
الواجب اعطاء كل جنس ما يتناوله اللفظ لأنه قد تكلم وقام في حال قعود وقالوا (ع) من تكلم يجب عليه سجدتا السهو ومن قام في حال قعود يجب عليه سجدتا السهو وهذا قد فعل الفعلين فيجب عليه
امتثال الامر ولا دليل على التداخل لان الفرضين لا يتداخلان بلا خلاف محقق وجوابه ظاهر مما حققنا قال الشهيد في الذكرى بعد اختياره عدم التداخل مطلقا لو نسى القراءة مثلا
لم يجب عليه لكل حرف ينسى سجدتان وإن كان لو انفرد لأوجب ذلك لان اسم القراءة يشملها ولو نسيها في الركعات نسيانا مستمرا لاتذكر فيه فالظاهر أنها سبب واحد ولو تذكر ثم عاد إلى النسيان فالأقرب
تعدد السبب وكذا لو تكلم بكلمات متوالية أو متفرقة ولم يذكر (يتذكر) النسيان فكلام واحد ولو ذكر تعدد انتهى الرابع قال الشهيد في الذكرى ينبغي ترتيبه بترتيب الأسباب ولو كان هناك ما يقضي
من الأجزاء قدمه على سجدتي السهو وجوبا على الأقوى ولو تكلم ونسى سجدة سجدها أولا ثم سجد لسهوها وإن كان متأخرا عن الكلام لارتباطه بها ويحتمل تقديم سجود الكلام لتقدم سببه
ولو نسى سجدات اتى بها متتاليا وسجد للسهو بعدها وليس له ان يخلله بينها على الأقرب صونا للصلاة عن الأجنبي انتهى كلامه ولي في هذه الأحكام تأمل فائدة روى الكليني
وابن بابويه عن السكوني في الضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال اتى رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله أشكو إليك ما القى من الوسوسة في صلوتي حتى لا أدري ما صليت من
زيادة أو نقصان فقال إذا دخلت في صلاتك فاطعن فخذك الأيسر بإصبعك اليمنى المسبحة ثم قل بسم الله وبالله توكلت على الله أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم
فإنك تنحره وتطرده وروى الصدوق في الفقيه عن عمر بن يزيد في الصحيح أنه قال شكوت إلى أبي عبد الله (ع) السهو في المغرب فقال صلها بقل هو الله أحد وقل يا أيها الكافرون ففعلت
ذلك فذهب عني وروى عن أبي حمزة الثمالي عن أبي عبد الله (ع) قال اتى النبي صلى الله عليه وآله رجل فقال يا رسول الله لقيت من وسوسة صدري شدة وانا رجل معيل مدين محوج فقال له كرر هذه الكلمات
توكلت على الحي الذي لا يموت والحمد لله الذي لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولى من الذل وكبره تكبيرا قال فلم يلبث ان عاد إليه فقال يا رسول الله
اذهب الله عني وسوسة صدري وقضى ديني ووسع رزقي
خاتمة من ترك من المكلفين الصلاة مستحلا اي معتقدا حل تركها وكان التارك ممن ولد على الفطرة الاسلامية قتل من غير
استتابة لأنه أنكر ما ثبت من الدين ضرورة فيكون مرتدا ومن حكم المرتد انه يقتل إن كان ولد مسلما وفي عدة من الاخبار ان تارك الصلاة كافر من غير تقييد بالاستحلال
ولعله محمول على المبالغة وفي حكم ترك الصلاة ترك جزء أو شرط معلوم ثبوته من الدين ضرورة كالركوع والطهارة دون ما ليس كذلك كقرائة الحمد وهذا الحكم مختص بالرجل واما المرأة
فلا تقتل بل تستتاب فان أبت تحبس وتضرب أوقات الصلاة حتى تتوب أو تموت ولو ادعى المستحل شبهة محتملة كدعوى عدم علمه بالوجوب ممن احتمل ذلك في حقه كالساكن في بادية نائية عن
382

بلاد المسلمين أو دعوى النسيان في اخباره عن الاستحلال أو الغفلة أو تأويل الصلاة بالنافلة ونحو ذلك قبل ولو كان التارك المستحل مسلما عقيب كفر اصلى استتيب فان امتنع
قتل لان هذا حكم المرتد إذا كان مسلما عن كفر اصلى وهو مرتد بانكاره ما علم من الدين ضرورة وان لم يكن التارك للصلاة مستحلا للترك عزر ويقتل في الرابعة مع تخلل
التعزير ثلاثا وقيل في الثالثة حجة الأول ما روى عنهم (ع) ان أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة قال الشيخ وذلك عام في جميع الكبائر وحجة الثاني ما روى الشيخ في الخلاف مرسلا
عنهم (ع) ان أصحاب الكبائر يقتلون في الثالثة والاخذ بالأحوط يقتضي التأخير إلى الرابعة
ولا يسقط القضاء عن التارك سواء كان مستحلا أم غيره وسواء قتل أم لا لعموم
الأوامر الدالة على وجوب القضاء كقوله من فاتته صلاة فريضة فليقضها كما فاتته خرج عنه الكافر الأصلي بالاتفاق فيبقى غيره داخلا في عموم الحكم وهذا الحكم فيمن تقبل توبته
واضح واما من لا تقبل توبته لكون ارتداده عن فطرة فان قتل بقى ذمته الا ان يقضي الولي أو غيره عنه وان لم يقتل لمانع فهل يكون توبته مقبولة باطنا فيما بينه وبين الله
المشهور العدم لحكم الشارع بعدم قبولها ظاهرا واجرائه مجري الميت فيما يتعلق بماله ونكاحه وذهب جماعة من
المتأخرين إلى قبول توبته باطنا لعموم ما دل على قبول توبة
العصاة ولقوله تعالى ان الذين امنوا ثم كفروا ثم امنوا أثبت الايمان بعد الكفر وهو شامل للمرتد عن فطرة ولأنهم مكلفون بالعبادات لعموم الأدلة فيلزم صحتها منهم المستلزمة
لقبول التوبة باطنا والا يلزم التكليف بما لا يطاق وعدم سقوط القتل وغيره لا يستلزم عدم قبول التوبة باطنا كما لا يخفى وكل من فاتته فريضة سواء كانت يوميه أو غيرها
مما يقضي سواء كان فواتها عمدا أو سهوا أو بنوم أو سكر أو شرب مرقد أو ردة عن الاسلام وجب عليه القضاء لا خلاف بين العلماء في أن من ترك الصلاة الواجبة مع استكمال
الشرائط أو أخل بها لنوم أو نسيان يلزمه القضاء نقل الاجماع على ذلك جماعة من الأصحاب والذي يدل عليه ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من فاتته فريضة فليقضها إذا ذكرها فذلك
وقتها والأخبار الدالة عليه من طريق الخاصة كثيرة منها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن رجل صلى ركعتين بغير طهور أو نسى صلاة لم يصلها أو نام
عنها قال يقضيها إذا ذكرها في اي ساعة ذكرها من ليل أو نهار وعن حماد بن عثمان في الصحيح انه سأل أبا عبد الله (ع) عن رجل فاته شئ من الصلاة فذكر عند طلوع الشمس وعند
غروبها قال فليصل حين يذكر ومنها ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول خمس صلوات لا تترك على كل حال وساق الكلام إلى أن قال وإذا
نسيت فصل إذا ذكرت ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل صلى الصلاة وهو جنب اليوم واليومين والثلاثة ثم ذكر بعد ذلك قال يتطهر
ويؤذن ويقيم في أولاهن ثم يصلي ويقيم بعد ذلك في كل صلاة ومنها حسنة زرارة السابقة في مسألة ترتب الفائتة على الحاضرة وكثير من الأخبار المذكورة هناك والاخبار في هذا
الباب كثيرة جدا وفيما ذكرناه كفاية ومقتضى هذه الأخبار عدم الفرق بين ان يكون النوم بفعله أم لا ولابين ان يكون النوم على خلاف العادة أم لا وقال الشهيد في الذكرى
ولو كان النوم على خلاف العادة فالظاهر التحاقه بالإعادة وقد نبه عليه في المبسوط والحجة على ما ذكره غير واضح وكذا يجب القضاء لو فاتته بسبب شرب مسكر أو مرقد لعموم ما دل على وجوب
قضاء الفائت أسنده في الذكرى إلى الأصحاب واستدل عليه بعضهم بصحيحة زرارة السابقة نظرا إلى أن ثبوت الحكم في النوم يقتضي ثبوته ههنا بطريق أولي وفيه
تأمل واستثنى جماعة من متأخري الأصحاب عن الموجب للقضاء السكر الذي يكون الشارب غير عالم به أو أكره عليه أو اضطر إليه لحاجة ودليل هذا الاستثناء غير واضح بل عموم دليل الحكم
يقتضي انسحابه ههنا وكذا يجب قضاء ما فات في زمان ردته لعموم كثير من النصوص ونقل في المنتهى الاجماع عليه
وهذا الحكم أعني وجوب القضاء على كل من فاتته فريضة ثابت على كل
حال الا ان تفوت الفريضة بصغر أو جنون هذا اجماعي نقل الاجماع عليه جماعة واستدل عليه بقوله (ع) رفع القلم عن ثلاثة وعد الصبي والمجنون والنائم وهو استدلال ضعيف جدا
وذكر الشارح الفاضل انه يجب تقييده بكون سبب الجنون ليس من فعله والأوجب القضاء كالسكران وفيه تردد أو اغماء وإن كان يتناول الغداء اختلف الأصحاب في ذلك فذهب
الأكثر إلى أنه لا يجب القضاء على المغمى عليه وذهب الصدوق في المقنع إلى أنه يقضي ما فاته وحكى عن بعض الأصحاب انه يقضي اخر أيام افاقته ان افاق نهارا أو اخر ليلته ان افاق
ليلا والأول أقرب لما رواه الشيخ عن أيوب بن نوح في الصحيح قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث (ع) أسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا فكتب لا يقضي الصوم ولا
يقضي الصلاة وعن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المريض هل يقضي الصلاة إذا أغمي عليه قال لا الا الصلاة التي افاق فيها وعن حفص في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال
يقضي الصلاة التي افاق فيها وعن علي بن مهزيار في الصحيح قال سألته عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا فكتب لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة وعن أبي بصير
في الصحيح عندي عن أحدهما (ع) قال سألته عن المريض يغمى عليه ثم يضيق كيف يقضي صلاته قال يقضي الصلاة التي أدرك وقتها وعن أبي أيوب باسناد فيه توقف عن أبي عبد الله (ع) قال سألته
عن رجل أغمي عليه أياما لم يصل ثم افاق أيصلي ما فاته قال لا شئ عليه وفي الحسن عن معمر بن عمر وهو مجهول قال سألت أبا جعفر (ع) عن المريض يقضي الصلاة إذا أغمي عليه قال لا وفي الصحيح إلى
علي بن محمد بن سليمان وهو مجهول قال كتبت إلى الفقيه أبي الحسن العسكري (ع) أسأله عن المغمى عليه يوما أو أكثر هل يقضي ما فاته من الصلاة أم لا فكتب لا يقضي الصوم ولا يقضي الصلاة
وروى الكليني باسناد ظاهر كونه صحيحا عن العيص بن القسم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل اجتمع عليه صلاة السنة من مرض قال لا يقضي واما ما رواه الشيخ عن ابن سنان في
الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال كل شئ تركته من صلاتك لمرض أغمي عليك فيه فاقضه إذا أفقت وعن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن الرجل يغمى عليه ثم يفيق
قال يقضى ما فاته يؤذن في الأولى ويقيم في البقية وعن منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في المغمى عليه قال يقضي كل ما فاته وعن رفاعة في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال
سألته عن المغمى عليه شهرا ما يقضي من الصلاة قال يقضيها كلها ان أمر الصلاة شديد فمحمول على الاستحباب كما ذكره الشيخ في كتابي الاخبار جمعا بين الأدلة واما ما رواه
الشيخ عن سماعة في الموثق قال سألته عن المريض يغمى عليه قال إذا جاز عليه ثلاثة أيام فليس عليه قضاء وإذا أغمي عليه ثلاثة أيام فعليه قضاء الصلاة فيهن وعن حفص في الصحيح عن
أبي عبد الله (ع) قال سألته عن المغمى عليه قال فقال يقضي صلاة يوم وعن العلا بن الفضيل في الضعيف قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يغمى عليه يوما إلى الليل ثم يفيق
قال إن افاق قبل غروب الشمس فعليه قضاء يومه هذا فان أغمي عليه أياما ذوات عدد فليس عليه ان يقضي الا اخر أيامه ان افاق قبل غروب الشمس وعن عبد الله بن محمد قال
كتبت إليه جعلت فداك روى عن أبي عبد الله (ع) في المريض يغمى عليه أياما فقال بعضهم يقضي صلاة اليوم الذي افاق فيه وقال بعضهم يقضي صلاة ثلاثة أيام ويدع ما سوى
ذلك وقال بعضهم انه لاقضاء عليه فكتب يقضي صلاة اليوم الذي يفيق فيه فالكل محمول على الاستحباب مع أن الرواية الأخيرة يمكن حملها على قضاء الصلاة التي أدرك وقتها
وهو ظاهر رواية العلا ويمكن حمل رواية حفص عليه واعلم أن ظاهر الأدلة عدم الفرق بين ان يكون الاغماء من غير فعله أم لا وذكر الشهيد انه لو أغمي بفعله وجب عليه القضاء وأسنده
إلى الأصحاب والحجة عليه غير واضحة
أو حيض أو نفاس هذا الحكم اتفاقي وقد مر في محله ولافرق بين ان يكون سببهما من الله تعالى أو من قبل المرأة أو كفر أصلي لا عارضي كالمرتد
وسقوط القضاء عن الكافر الأصلي بعد اسلامه موضع وفاق ويدل عليه الآية والخبر ولا يلحق بالكافر الأصلي من حكم بكفره من فرق المسلمين ولا غيرهم من المخالفين بل يجب عليهم القضاء عند
الاستبصار إذا فاتتهم وأما إذا أوقعوها صحيحة بحسب معتقدهم لم يجب عليهم القضاء إما الأول فلعموم الأدلة الدالة على وجوب القضاء الفائت الشامل لمحل البحث وخروج الكافر
الأصلي بدليل مختص به غير منسحب في غيره واما الثاني فللاخبار المستفيضة الدالة على ذلك منها ما رواه الشيخ عن بريد بن معاوية العجلي في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
رجل حج وهو لم (لا) يعرف هذا الامر ثم من الله عليه بمعرفته والدينونة به عليه حجة الاسلام إذ (أو) قد قضى فريضة (فقال قد قضى فريضة) ولو حج لكان أحب إلي قال وسألته (ع) عن رجل وهو في بعض هذه (أصاب)
383

من أهل القبلة ناصب متدين ثم من الله عليه فعرف هذا الامر يقضي حجة الاسلام فقال يقضي أحب إلي وقال كل عمل عمله وهو في حال نصبه وضلالته ثم من الله عليه وعرفه
الولاية فإنه يؤجر عليه الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها لأنها لأهل الولاية واما الصلاة والحج والصيام فليس عليه قضاء وما رواه الكليني والشيخ عنه عن زرارة
وبكير والفضيل ومحمد بن مسلم وبريد العجلي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر وأبي عبد الله (ع) انهما قالا في الرجل (يكون) في بعض هذه الأهواء الحرورية والمرجئة والعثمانية والقدرية
ثم يتوب ويعرف هذا الامر ويحسن رأيه أيعيد كل صلاة صلاها أو صوم أو زكاة أو حج أو ليس عليه إعادة شئ من ذلك قال ليس عليه إعادة شئ من ذلك غير الزكاة لابد ان
يؤديها لأنه وضع الزكاة في غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية ومنها ما رواه الكليني عن ابن أذينة في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال كتبت إلى أبو عبد الله (ع) ان كل عمل عمله
الغاصب في حال ضلاله أو في حال نصبه ثم من الله عليه وعرفه هذا الامر فإنه يؤجر عليه ويكتب له الا الزكاة فإنه يعيدها لأنه وضعها في غير موضعها وانما موضعها أهل الولاية
واما الصلاة والصوم فليس عليه قضاؤهما وانما اعتبرنا في عدم وجوب القضاء كون الفعل صحيحا بحسب معتقدهم لاقتضاء النصوص سقوط القضاء عند الاتيان بالفعل والمتبادر
منه الصحيح والحمل على الصحيح عندنا في غاية البعد واستشكل المصنف في التذكرة سقوط القضاء عمن صلى منهم أو صام لاختلال الشرائط والأركان وهو مدفوع بالنصوص المذكورة
والمستفاد من الخبر الأول والثالث حصول الاجر لهم عند الاستبصار بالافعال الصادرة لهم في حال المخالفة وهو غير بعيد لجواز ان يكون ترتب الثواب موقوفا على
حصول الاستبصار أخيرا ولا ينافي ذلك الأخبار الكثيرة الدالة على بطلان عباداتهم وعدم حصول الاجر لهم عليها فإنها مقيدة بدوائر المخالفة جمعا بين الأدلة والخبر الثاني
يدل على عدم الفرق في الحكم المذكور بين من يحكم باسلامه من المخالفين ومن يحكم بكفره من أهل القبلة لان من جملة من ذكر فيه (فيها) صريحا الحرورية وهم كفار لانهم خوارج
واعلم أن الأصحاب صرحوا هنا بان المخالف انما يسقط عنه قضاء ما صلاه صحيحا عنده وتوقف جماعة منهم فيما صح عندنا خاصه وفي باب الحج عكسوا فشرطوا في عدم إعادة
الحج ان لا يخل بركن عندنا لا عندهم وممن صرح بالقيدين المخالفين الشهيد (ره) ووجه الفرق غير واضح أو عدم المطهر من الماء والتراب وللأصحاب فيه قولان وقد مر تحقيقه
في مباحث التيمم ويقضي في السفر ما فات في الحضر من الصلاة تماما اعتبارا بحالة الفوات وكذا يقضي في الحضر ما فات في السفر قصرا والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب
ويدل عليه ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته ومن طريق الأصحاب ما رواه الشيخ عن زرارة في الحسن قال قلت له رجل فاتته صلاة من صلاة السفر فذكرها
في الحضر فقال يقضي ما فاته كما فاته وإن كانت صلاة السفر أداها في الحضر مثلها وإن كانت صلاة الحضر فليقض في السفر صلاة الحضر وعن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام
قال إذا نسى الرجل صلاة أو صلاها بغير طهور وهو مقيم أو مسافر فذكرها فليقض الذي وجب عليه لا يزيد على ذلك ولا ينقص من نسى أربعا فليقض أربعا مسافرا كان أو مقيما
وان نسى ركعتين صلى ركعتين إذا ذكر مسافرا كان أو مقيما ولو حصل الفوات في أماكن التخيير ففي ثبوت التخيير في القضاء أو تحتم القصر وجهان أحوطهما الثاني
ولو نسى
تعيين الصلاة الواحدة الفائتة اليومية صلى ثلاث صلوات ثلاثا ينوى بها المغرب وأربعا مرددا بين الظهر والعصر والعشاء مخيرا بين الجهر والاخفات واثنتين نوى بهما
الصبح هذا هو المشهور بين الأصحاب ذهب إليه الشيخان وابنا بابويه وابن الجنيد وابن إدريس وأكثر المتأخرين ونقل الشيخ في الخلاف اجماع الفرقة وحكى عن أبي الصلاح وابن حمزة وجوب
الخمس والأول أقرب لنا ان الواجب على المكلف الاتيان بمثل الفائت ولا يمكن نية كون هذا الفعل ظهرا أو عصرا لان الظهرية مثلا خصوصية مختصة بالأداء ولا يصدق على
القضاء الا كونه بدلا عن الظهر مثلا فيكون مقتضى الامر بالقضاء ايجاب فعل مماثل للأول في جميع الخصوصيات سوى نية كونه ظهرا مثلا ونيه كونه أداء فبالواحدة المرددة بين
الثلاث يحصل امتثال التكليف فمن أراد ايجاب أمر اخر احتاج إلى دليل ويشكل هذا الاحتجاج على القول بوجوب الجهر والاخفات كما هو المشهور ولنا أيضا ما رواه الشيخ باسنادين أحدهما
من الصحاح والاخر من الحسان عن علي بن أسباط عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال من نسى صلاة من صلاة يومه واحدة ولم يدر اي صلاة هي صلى ركعتين وثلاثا وأربعا والظاهر أن
هذا الخبر مما يصلح للتعويل عليه لان علي بن أسباط قد وثقة النجاشي وقال إنه من أوثق الناس وأصدقهم لهجة وذكر انه كان فطحيا ثم رجع عنه وتركه ولم يذكر الشيخ كونه فطحيا ثم
رجع عنه انما ذكره الكشي في موضع وفي موضع اخر قال إنه مات على مذهبه وعندي الترجيح لقول النجاشي وعلى كل تقدير فالترجيح للعمل برواياته وإن كان موثقا وقوله عن غير
واحد يدل على تعدد الرواية وظهور صحة الخبر عنده ومثل هذا الكلام عند ضعف الرواة وعدم صحة التعويل على نقلهم لا يصدر عن الثقات الاجلاء لما فيه من التلبيس الواضح
مع أن رواية الثقات عن الضعفاء ليس الا قليلا كما أشرنا إليه مرارا هذا مع تكرر هذا الخبر في أصول الأصحاب واشتهار العمل به بينهم احتج القائلون بالخمس بأنه يجب عليه قضاء الفائتة
ولا يعلم الاتيان بها الا بقضاء الخمس والجواب المنع من توقف العلم بالاتيان على الخمس والمستند ظاهر وقد مر في أواخر مباحث الوضوء بعض ما يتعلق بهذا المقام ولو كانت الفائتة
من صلاة السفر اكتفى باثنتين ثنائية مطلقة اطلاقا رباعيا ومغربا على المشهور وخالف ابن إدريس هنا مع موافقته فيما تقدم نظرا إلى اختصاص النص بالصورة السابقة فالتعدية
إلى غيره قياس وزعما منه حصول الاجماع في الصورة السابقة حسب ويمكن الاستدلال على المشهور بالحجة الأولى من الحجتين السابقتين لكن فيه اشكال الجهر والاخفات على القول بوجوبهما
وربما يظن أن انسحاب حكم النص ههنا ليس من القيام الممنوع منه بل هو من باب دلالة التنبيه ومفهوم الموافقة وفيه ما فيه ولو تعددت الفائتة المجهولة قضى كذلك ثلاثا ثلاثا ولو
كانت الفائتة من صلاة السفر اثنتين اثنتين حتى يغلب على ظنه الوفاء وينبغي تقييده بصورة لم يكن العدد معلوما والا تعين اتباع العدد ولو نسى عدد الفائتة المعينة كررها حتى
يغلب على ظنه الوفاء قال الشارح الفاضل هذا إذا لم يمكنه تحصيل اليقين والا وجب كما لو علم انحصار العدد المجهول بين حاضرين فإنه يجب قضاء أكثر الاعداد المحتملة فلو قال اعلم اني
تركت صبحا مثلا في بعض الأشهر وصليتها في عشره أيام فنهاية المتروك عشرون فيجب قضاء عشرين ولعل مراده بانحصار العدد المجهول بين حاضرين انحصاره في عدد محصور عرفا والا فكل فرض
يوجد يكون المتروك محصورا بين حاضرين واعلم أن الحكم المذكور من وجوب القضاء حتى يحصل الظن والاكتفاء بذلك مشهور في كلام الأصحاب ولم يرد به نص كما اعترف به بعض الأصحاب
وهو الظاهر من كلامهم واحتمل المصنف في التذكرة الاكتفاء بقضاء ما يحصل اليقين بفواته واستوجهه بعض
المتأخرين نظرا إلى أصالة البراءة من التكليف بالقضاء مع عدم تيقن الفوات
ويؤيده قوله (ع) في حسنة زرارة والفضيل متى ما استيقنت أو شككت في وقت صلاة انك لم تصلها صليت وان شككت بعد ما خرج وقت الفوات فقد دخل حائل فلا
إعادة عليك من شك حتى يستيقن وان استيقنت فعليك ان تصليها في اي حال كنت وهو متجه احتج الشيخ على اعتبار الظن بان قضاء الفرائض واجب ولم يمكن التخلص من ذلك الا
بالاستكثار فيجب ذلك وبالاخبار الدالة على ثبوت هذا الحكم في النوافل فيكون في الفرائض أولي ويرد على علة الأول ان الواجب قضاء الفرائض التي يتيقن فواتها لا مطلقا وعلى الثاني
ان ثبوت استحباب القضاء في النوافل لا يقتضي أولوية ثبوت ايجاب القضاء في الفرائض لان الحكم الاستحبابي أهون ولو كان مقصود الشيخ الاستدلال بهذا على ايجاب القضاء بمقدار الظن
والاكتفاء بذلك كما هو ظاهر العبارة يرد عليه ان الاكتفاء بذلك في النوافل لا يقتضي أولوية ذلك في الفرائض لان أمر الفريضة أشد
ولو نسى الكمية والتعين بان فاته صلوات لا
يعلم عددها ولا عينها صلى أياما متوالية حتى يعلم دخول الواجب في الجملة التي صلاها وجه اعتبار العلم هنا والاكتفاء بالظن في المسئلتين السابقتين غير معلوم ولا يمكن
تصحيحه الا بحمل العلم على ما يتناول الظن والكلام في تحقيق هذه المسألة كما في السابق ولو نسى ترتيب الفوائت كرر حتى يحصله. لا خلاف بين علماء الاسلام في ترتب الحواضر بعضها
على بعض على ما حكى عنهم واما الفوائت فالمشهور بين الأصحاب وجوب الترتيب بينها بحسب الفوات إذا علم الترتيب ونقل المحقق في المعتبر ان الأصحاب متفقون على ذلك وفي المنتهى انه ذهب إليه
384

علماؤنا وحكى الشهيد في الذكرى عن بعض الأصحاب ممن صنف في المضايقة والمواسعة القول بالاستحباب احتجوا على الأول بقول النبي صلى الله عليه وآله من فاتته فريضة فليقضها كما فاتته،
وجه
الاستدلال انه يجب الترتيب في الأداء فكذا في القضاء وبما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال إذا نسيت صلاة أو صليتها بغير وضوء وكان عليك صلوات
فابدأ بأولاهن فأذن لها وأقم ثم صلها ثم صل ما بعدها بإقامة إقامة لكل صلاة ويرد على الأول ان صحة الرواية غير ثابتة والظاهر أنها من طريق العامة سلمنا لكن اقتضاء التشبيه
المماثلة من جميع الجهات بحيث يشمل مثل هذه الأوصاف الاعتبارية غير واضح سلمنا لكن المراد اعتبار كل وصف معتبر في ماهية الصلاة لا مطلقا والترتيب ليس بمعتبر في مهية الصلاة
فإنه لو صلى على غير الترتيب سهوا صحت صلاته سلمنا لكن لا يجب الترتيب في الأداء إذا فاته السابق سهوا بناء على ما اخترناه من القول بالمواسعة فلا ينهض هذه الدليل
حجة على عموم الدعوى سلمنا لكن المعتبر في الأداء تأخر بعض الصلوات عن صلاة أخرى حاضرة وقضاء غيرها فرعاية المماثلة في قضاء اللاحقة لا يقتضي تأخرها عن قضاء
الصلاة السابقة ويرد على الثاني ان الامر في اخبارنا غير واضح الدلالة على الوجوب سيما مع معارضته بالاخبار المطلقة الا ان يستعان في ذلك بالشهرة بين الأصحاب
وبالجملة للتوقف في هذه المسألة طريق وطريق الاحتياط رعاية الترتيب ولو جهل ترتيب الفوائت فالأصح سقوطه وبه قطع المصنف في التحرير وولده في الشرح واليه ذهب جماعة
من المتأخرين منهم الشهيدان وهو ظاهر المصنف في القواعد وقيل بالوجوب واختاره المصنف هنا واستقرب الشهيد في الذكرى وجوب تقديم ما ظن سبقه وأوجب في الدروس التقديم بحسب
الظن والوهم فان انتفينا صلى كيف شاء لنا اطلاق الأدلة وصدق الامتثال وأصالة البراءة من الزائد ويؤيده حصول العسر والضيق في كثير من الصور فينسحب الحكم في الجميع إذ الظاهر
عدم القائل بالفصل وقد يستدل عليه أيضا بوجوه ضعيفة منها قوله (ع) رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وقوله (ع) الناس في سعة ما لم يعلموا ومنها ان التكليف مع عدم العلم تكليف
(بالمح) احتج القائل بوجوب الترتيب بقوله (ع) فليقضها كما فاتته ويرد عليه ما مر مع أن اعتبار المماثلة يقتضي عدم الزيادة في القضاء لاعتبار ذلك في الأداء فيلزم منه عدم الترتيب
مع أنه لو سلم فهم الترتيب منها كان شمولها لغير صورة العلم بالترتيب غير واضح واما ما دل على الترتيب من الاخبار المنقولة من طرقنا فمخصوص بصورة العلم فلا يدل على غيرها
وعلى القول بالترتيب يكرر حتى يحصل الترتيب فيصلي الظهر قبل العصر وبعدها وبالعكس لو فاتتا اي الظهر والعصر من يومين ولم يعلم السابق لان زيادة الواحدة طريق إلى
تحصيل اليقين بالبرائة من التكليف بالترتيب ولو فاته مغرب يوم ثالث واشتبه أيضا صلى تلك الثلاث قبل المغرب وبعدها فيحصل غرض الترتيب بسبع فرائض وينطق على الاحتمالات
الستة الممكنة في الفرض المذكور ولو فاته مع ذلك عشاء من يوم رابع صلى تلك السبعة قبل العشاء وبعدها فيحصل الترتيب بخمس عشرة فريضة وينطبق على جميع الاحتمالات
الممكنة وهي أربعة وعشرون ولو أضيف إلى ذلك صبح صلى الخمسة عشر قبل الصبح وبعدها فيحصل الترتيب بإحدى وثلاثين فريضة وينطبق على الاحتمالات الممكنة وهي مائة وعشرون
وعلى هذا القياس ويمكن حصول الترتيب بوجه أخصر وأسهل وهو ان يصلي الفوائت المذكورة بأي ترتيب أراد ويكررها كذلك ناقصة عن عدد ما فاته من الصلاة بواحدة ثم يختم بما بدأ
به فيصلي في الفرض الأول الظهر والعصر ثم الظهر أو بالعكس وفي الثاني الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم يكرره مرة أخرى ثم يصلي الظهر وفي هذين لافرق بين الضابطتين من حيث العدد
وفي الثالث يصلي الظهر ثم العصر ثم المغرب ثم (العصر) ثم يكررها مرتين ثم يصلي الظهر فيحصل الترتيب بثلاث عشرة فريضة ومقتضى الضابطة السابقة حصول الترتيب بخمس عشرة
وعلى هذا القياس في غيرها من الصور ولو فاته صلوات قصر واتمام كخمس فرائض مثلا فيها قصر وتمام لا يعلم عينه وجب عليه ان يصلي مع كل رباعية صلاة سفر لو نسى ترتيبه اي ترتيب
الفائتة سواء علم اتحاد أحدهما أو تعدده لتوقف البراءة على ذلك وهذا مبني على القول بوجوب الترتيب ويستحب قضاء النوافل الموقتة ولا يتأكد فائت المرض المستند في ذلك
اخبار منها ما رواه الكليني والشيخ عن مرازم في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سأل إسماعيل بن جابر أبا عبد الله (ع) فقال أصلحك الله ان علي نوافل كثيرة فكيف اصنع فقال له اقضها فقال
له انها أكثر من ذلك قال اقضها قال لا أحصيها قال نوح وقال مرازم وكنت مرضت أربعة أشهر لم أتنفل فيها فقلت أصلحك الله أو جعلت فداك اني مرضت أربعة أشهر لم أصل فيها
نافلة فقال ليس عليك قضاء ان المريض (ليس) كالصحيح كلما غلب الله عليه فالله أولي بالعذر فيه وقوله (ع) ليس عليك قضاء محمول على نفي تأكد الاستحباب لما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم
في الحسن قال قلت له رجل مرض فترك النافلة فقال يا محمد ليست بفريضة ان قضاها فهو خير يفعله وان لم يفعل فلا شئ عليه ويتصدق عن كل ركعتين بمد فان عجز فعن
كل يوم استحبابا لما رواه ابن بابويه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال قلت اخبرني عن رجل عليه من صلاة النوافل مالا يدري ما هو من كثرتها كيف يصنع قال فليصل حتى
لا يدري كم صلى من كثرتها فيكون قد قضى بقدر علمه بذلك ثم قال قلت له فإنه لا يقدر على القضاء فقال إن كان شغله في طلب معيشة لابد منها أو حاجة لأخ مؤمن فلا شئ
عليه وإن كان شغله لجمع الدنيا والتشاغل بها عن الصلاة فعليه القضاء والا لقى الله وهو مستخف متهاون مضيع لحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله قلت فإنه لا يقدر على القضاء فهل يجزي
ان يتصدق فسكت مليا ثم قال فليتصدق بصدقه قلت فما يتصدق قال بقدر طوله وادنى ذلك مد لكل مسكين مكان كل صلاة قلت وكم الصلاة التي يجب فيها مد لكل مسكين
قال لكل ركعتين من صلاة الليل ولكل ركعتين من صلاة النهار مد فقلت لا يقدر فقال مد اذن لكل أربع ركعات من صلاة النهار فقلت لا يقدر قال فمد اذن لصلاة الليل ومد
لصلاة النهار والصلاة أفضل والصلاة أفضل والصلاة أفضل وقريب منه روى الشيخ عن إبراهيم بن عبد الله بن سام عن أبي عبد الله (ع) والتفصيل المذكور في الرواية غير منطبق
على ما ذكره المصنف والصق العمل بمدلول الرواية
وينبغي لنا ان نلحق بهذا المقام ما يتعلق بقضاء الصلاة عن الميت ولنورد أولا الاخبار المتعلقة بذلك ثم نشتغل بالبحث
وانما تقتصر على ما اورده السيد الجليل (رضي الدين) نصر الدين علي بن طاوس الحسيني (ره) في كتابه المسمى غياث سلطان الورى لسكان الثرى وقصد به بيان قضاء الصلاة عن الأموات وانه قد
بلغ الغاية في ذلك وقد نقلها الشهيد في الذكرى عن الكتاب المذكور الحديث الأول رواه الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه ان الصادق (ع) سأل عمر بن يزيد أيصلى عن الميت فقال نعم
حتى أنه ليكون في ضيق فيوسع عليه ذلك الضيق ثم يأتي فيقال له خفف عنك ذلك الضيق لصلاة فلان أخيك
عنك الثاني ما رواه علي بن جعفر في مسائله عن أخيه موسى (ع) قال حدثني أخي موسى بن جعفر (ع) قال سالت أبي جعفر بن محمد (ع) عن الرجل هل يصلح له ان يصلي أو يصوم عن بعض موتاه
فقال نعم فيصلي ما أحب ويجعل تلك للميت فهو للميت إذا جعل ذلك له الثالث من مسائله أيضا عن أخيه موسى (ع) وسأله عن الرجل هل يصلح ان يصلي أو يصوم عن بعض أهله بعد موته
فقال نعم يصلي ما أحب ويجعل ذلك للميت فهو للميت إذا جعله له الرابع ما رواه الشيخ أبو جعفر الطوسي باسناد إلى محمد بن عمر بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) يصلي عن الميت فقال نعم حتى أنه
ليكون في ضيق فيوسع عليه ذلك ثم يؤتى فيقال له خفف عنك هذا الضيق لصلاة فلان أخيك الخامس ما رواه باسناده إلى عمار بن موسى الساباطي من كتاب أصله المروي
عن الصادق (ع) وعن الرجل يكون عليه صلاة أو يكون عليه (صو) هل يجوز له ان يقضيه رجل غير عارف قال لا يقضيه الا رجل مسلم عارف السادس ما رواه الشيخ أيضا باسناده
إلى محمد بن أبي عمير عن رجاله عن الصادق ع) في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام قال يقضيه أولي الناس السابع ما رواه الشيخ محمد بن يعقوب الكليني في الكافي باسناده إلى ابن أبي عمير عن
حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يموت وعليه صلاة أو صيام قال يقضي عنه أولي الناس به الثامن هذا الحديث بعينه عن حفص بطريق اخر إلى كتابه هو الذي من الأصول
التاسع ما روى في أصل هشام بن سالم عن رجال الصادق (ع) والكاظم (ع) ويروى عنه عن ابن أبي عمير قال هشام في كتابه وعنه (ع) قال قلت يصل إلى الميت الدعاء والصدقة والصلاة ونحو هذا
قال نعم لو يعلم من صنع ذلك به قال نعم ثم قال يكون مسخوطا عليه فيرضى عنه العاشر ما رواه علي بن أبي حمزة في أصله وهو من رجال الصادق (ع) والكاظم (ع) أيضا قال وسالت عن الرجل
385

يحج ويعتمر ويصلي ويصوم ويتصدق عن والديه وذوي قرابته قال لا باس به يؤجر فيما يصنع وله اجر اخر بصلته قرابته قلت وإن كان لا يرى ما ارى وهو ناصب قال يحذف عنه بعض
ما هو فيه قال الشهيد وهذا أيضا ذكره ابن بابويه في كتابه
الحادي عشر ما رواه الحسين بن الحسن العلوي الكوكبي في كتاب المنسك باسناده إلى علي بن أبي حمزة قال قلت لأبي إبراهيم (ع) أحج
وأصلي وأتصدق عن الاحياء والأموات من قرابتي وأصحابي قال نعم صدق عنه وصل عنه ولك اجر اخر بصلتك قال ابن طاوس (ره) يحمل في الحي على ما يصح فيه النيابة من الصلاة ويبقى الميت على عمومه
الثاني عشر ما رواه الحسن بن محبوب في كتاب المشيخة عن الصادق (ع) أنه قال يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر والدعاء قال ويكتب اجره للذي يفعله والميت وهذا
الحسن بن محبوب يروي عن ستين رجلا من أصحاب أبي عبد الله (ع) وروى عن الرضا (ع) وقد دعى له والرضا (ع) وأثنى عليه وفيما كتبه ان الله قد أيدك بحكمة وانطقها على لسانك قد أحسنت
وأصبت أصاب الله بك الرشاد ويسرك للخير ووفقك لطاعته الثالث عشر ما رواه محمد بن أبي عمير بطريق اخر عن الإمام (ع) يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة
والبر والدعاء قال ويكتب اجره للذي يفعله وللميت قال السيد هذا عمن أدركه محمد بن أبي عمير من الأئمة ولعله عن مولانا الرضا (ع) الرابع عشر ما رواه إسحاق بن عمار قال سمعت
أبا عبد الله (ع) يقول يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والبر والدعاء قال ويكتب اجره للذي يفعله وللميت الخامس عشر روى ابن بابويه عن الصادق (ع)
يدخل على الميت في قبره الصلاة والصوم والحج والصدقة والعتق السادس عشر ما رواه عمر بن محمد بن يزيد قال قال أبو عبد الله (ع) ان الصلاة والصوم والصدقة والحج والعمرة وكل عمل
صالح ينفع الميت حتى أن الميت (ليكون) في ضيق فيوسع عليه ويقال ان هذا العمل ابنك فلان ولعمل أخيك فلان اخوة في الدين السابع عشر ما رواه علي بن يقطين وكان عظيم
القدر عند أبي الحسن موسى (ع) له كتاب المسائل عنه قال وعن الرجل يتصدق على (عن) الميت ويصوم ويعتق ويصلي قال كل ذلك حسن يدخل منفعته على الميت الثامن عشر ما رواه علي بن
إسماعيل الميثمي في أصل كتابه قال حدثني كردين قال قلت لأبي عبد الله (ع) الصدقة والحج والصوم يلحق بالميت فقال نعم قال فقال هذا القاضي خلفي وهو لا يرى ذلك قال قلت وما
انا وذا فوالله لو أمرتني ان اضرب عنقه لضربت عنقه قال فضحك قال وسألت أبا الحسن (ع) عن الصلاة عن الميت أيلحق به قال نعم قال وسألت أبا عبد الله (ع) فقلت اني لم أتصدق بصدقة منذ ماتت
أمي الا عنها قال نعم قلت افترى غير ذلك قال نعم نصف عنك ونصف عنها قال أيلحق بها قال نعم قال السيد قوله الصلاة عن الميت اي التي كانت على الميت أيام حياته ولو كانت ندبا كان
الذي يلحقه ثوابها دون الصلاة نفسها وفيه تأمل لان لحوق الصلاة نفسها لا يستقيم الا مجازا إذ الظاهر أن نفس هذا الفعل لا يلحق بالميت بل انما يلحق به اثر من اثاره فلا يدل الخبر على
ما ذكره التاسع عشر ما رواه حماد بن عثمان في كتابه قال قال أبو عبد الله (ع) ان الصلاة والصوم والصدقة والحج والعمرة وكل عمل صالح ينفع الميت حتى أن الميت ليكون في ضيق فيتوسع
عليه ويقال هذا لعمل ابنيك فلان أو لعمل أخيك فلان اخوة في الدين العشرون ما رواه عبد الله بن جندب قال كتبت إلى أبي الحسن (ع) أسأله عن الرجل يريد ان يجعل أعماله من الصلاة
والبر والخير ثلثا ثلثا له وثلثين لأبويه أو يفردهما من أعماله بشئ مما يتطوع به وإن كان أحدهما حيا والاخر ميتا فكتب إلى إما الميت فحسن جائز واما الحي فلا الا البر والصلة قال السيد
لا يراد بهذه الصلاة المندوبة لأن الظاهر جوازها عن الاحياء في الزيارات والحج وغيرهما قلت الظاهر أن المراد بالصلاة أعم من المندوب والواجب ونفيه عن الحي مبني على الأعم الأغلب الحادي
والعشرون ما رواه محمد بن عبد الله بن جعفر الحميري انه كتب إلى الكاظم (ع) مثله وأجاب به بمثله الثاني والعشرون ما رواه أبان بن عثمان عن علي بن مسمع قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان أمي هلكت
ولم أتصدق بصدقة كما تقدم إلى قوله أفيلحق ذلك بها قال نعم قلت والحج قال نعم قلت والصلاة قال نعم قال ثم سألت أبا الحسن (ع) بعد ذلك أيضا عن الصوم فقال نعم الثالث والعشرون ما رواه الكليني
باسناده إلى محمد بن مروان قال قال أبو عبد الله (ع) ما يمنع الرجل منكم ان يبر والديه حيين وميتين فيصلى عنهما ويتصدق عنهما ويحج عنهما ويصوم عنهما فيكون للذي صنع لهما وله مثل
ذلك فيزيد الله ببره وصلاته خيرا كثيرا الرابع والعشرون عن عبد الله بن سنان عن الصادق (ع) قال الصلاة التي حصل وقتها قبل ان يموت الميت يقضي عنه أولي الناس به ثم ذكر (ره) عشرة
أحاديث تدل بطريق العموم الأول ما رواه عبد الله بن أبي يعفور عن الصادق (ع) قال يقضي عن الميت الحج والصوم والعتق وفعاله الحسن الثاني ما رواه صفوان بن يحيى وكان من خواص الرضا (ع)
والجواد (ع) وروى عن أربعين رجلا من أصحاب الصادق (ع) قال يقضى عن الميت الحج والصوم والعتق وفعاله الحسن. الثالث ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال يقضى عن الميت الحج والصوم
والعتق وفعاله الحسن. الرابع ما رواه العلا بن رزين في كتابه وهو أحد رجال الصادق (ع) قال يقضى عن الميت الحج والصوم (والعتق) وفعاله الحسن. الخامس ما رواه البزنطي (ره) وكان من رجال
الرضا (ع) قال يقضى عن الميت الحج والصوم والعتق وفعاله الحسن. السادس ما ذكره صاحب الفاخر مما أجمع عليه وصح من قول الأئمة (ع) قال ويقضى عن الميت أعماله الحسنة كلها. السابع ما رواه ابن بابويه
(ره) عن الصادق (ع) قال من عمل من المسلمين عملا صالحا عن ميت ضعف الله اجره ونفع الله به الميت الثامن ما رواه عمر بن يزيد قال قال أبو عبد الله (ع) من عمل من المؤمنين عن ميت عملا صالحا
أضعف (ضاعف) الله اجره وينعم بذلك الميت التاسع ما رواه العلا بن رزين عن محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) قال يقضي عن الميت الحج والصوم والعتق وفعاله الحسن العاشر ما رواه حماد بن عثمان
في كتابه قال قال أبو عبد الله (ع) من عمل من المؤمنين عن ميت عملا صالحا أضعف الله اجره وينعم بذلك الميت قال الشهيد وروى يونس عن العلا بن رزين عن عبد الله بن أبي يعفور
عن الصادق (ع) قال يقضي عن الميت الحج والصوم والعتق والفعل الحسن
ومما يصلح هنا ما اورده في التهذيب باسناده عن عمر بن يزيد قال كان يصلي أبو عبد الله (ع) عن ولده في كل ليلة
ركعتين وعن والديه في كل يوم ركعتين قلت جعلت فداك كيف صار للولد الليل قال لان الفراش للولد (قال) وكان يقرء فيهما القدر والكوثر قال فان هذا الحديث يدل على وقوع
الصلاة عن الميت من غير الولد كالأب وهو حجة على من ينفى الوقوع أصلا أو ينفيه الا من الولد قلت يفهم من هذا الكلام وقوع الخلاف في وقوع الصلاة عن الميت ثم في عدم اختصاصه
بقضاء الولد عن الوالد وسيجئ ما يدل على اتفاق الامامية على وقوع الصلاة عن الميت وعدم اختصاصه بالولد نقلا عن كلام الشهيد ولعل الخلاف الذي يفهم ههنا
مخصوص بالعامة أو مستند إلى بعض الأصحاب المعاصرين للشهيد أو السيد أو غيرهم ممن لا يرون مخالفته قادحا في الاجماع ثم ذكر السيد (ره) ان الصلاة دين وكل دين يقضى
عن الميت إما ان الصلاة يسمى دينا ففيه أربعة أحاديث الأول ما رواه حماد عن أبي عبد الله الصادق (ع) في اخباره عن لقمان (ع) وإذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ صلها واسترح منها
فإنها دين الثاني ما ذكره ابن بابويه في باب آداب المسافر إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ فصلها واسترح منها فإنها دين الثالث ما رواه ابن بابويه في كتاب معاني الأخبار باسناده
إلى محمد بن الحنفية في حديث الاذان لما اسرى بالنبي صلى الله عليه وآله إلى قوله ثم قال حي على الصلاة قال الله جل جلاله فرضتها على عبادي وجعلتها لي دينا إذ روى بفتح الدال الرابع ما رواه حريز بن عبد الله
عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال قلت له رجل عليه دين من صلاة قام نقيضيه فخاف ان يدركه الصبح ولم يصل صلاة ليلته تلك قال يؤخر القضاء ويصلي صلاة ليلته تلك واما قضاء الدين
عن الميت فلقضية الخثعمية لما سألت رسول الله صلى الله عليه وآله فقالت يا رسول الله ان أبي أدركته فريضة الحج شيخا زمنا لا يستطيع ان يحج ان حججت عنه أينفعه ذلك فقال لها أرأيت لو كان على أبيك
دين فقضيته كان ينفعه ذلك قالت نعم قال فدين الله أحق بالقضاء قال السيد ويدل على أن (الصلاة على) الميت أمر مشروع تعاقد صفوان بن يحيى وعبد الله بن جندب وعلي بن نعمان في بيت الله
الحرام ان من مات منهم يصلي من بقى صلاته ويصوم عنه ويحج عنه ما دام حيا فمات صاحباه وبقى صفوان فكان يفي لهما بذلك فيصلي كل يوم وليلة خمسين ومائة ركعة وهؤلاء من أعيان مشايخ
الأصحاب والرواة عن الأئمة (ع) قال السيد انك إذا اعتبرت كثيرا من الأحكام الشرعية وجدت الاخبار فيها مختلفة حتى صنف لأجلها كتب ولم يستوعب الخلاف والصلاة على الأموات
قد ورد فيها مجموع هذه الأخبار ولم نجد خبرا واحدا يخالفها ومن المعلوم ان هذا المهم في الدين لا يخلو عن شرع بقضاء أو بترك فإذا وجد المقتضى ولم يوجد المانع علم موافقة ذلك
للحكمة الإلهية انتهى كلامه وإذا سمعت ذلك فاعلم أن تنقيح هذا المقام يتم ببيان أمور الأول المستفاد من غير واحد من الأخبار المذكورة جواز الصلاة عن الميت بان يصلى صلاة ويجعلها
386

للميت وان لم يكن عليه قضاء ولم يكن المصلي ولده لكن الذي ظهر لي ان الفتوى بذلك لم يكن مشهور (في كتب القدماء) وانما أحدث واشتهر بين أصحابنا المتأخرين والمشهور من (في) كتب السابقين قضاء الولي عن الميت
حسب وهل ينسحب هذا الحكم في كل صلاة حتى جاز ان يصلي المكلف صلاة الظهر مثلا وينويه عن الميت وان لم يكن عليه قضاء أم يختص ذلك بالصلوات المستحبة التي يجوز للمكلف الاتيان
بها لنفسه بان يصليها ويجعل ثوابها للميت دون مثل الظهر مما لا يجوز للمكلف الاتيان بها لنفسه الا مرة واحدة فيه اشكال نظرا إلى أن شرعية العبادات تحتاج إلى توقيف
الشرع وليس ههنا أمر دال على ذلك بحيث ينسد به باب التوقف والاشكال فان الأخبار المذكورة غير واضحة الدلالة على العموم ولو سلم لا يبعد ان يكون المراد بالصلاة فيها
الصلاة المشروعة بالنسبة إلى المكلف بناء على أن لفظة الصلاة موضوعة للصحيحة الشرعية ولا طبيعة الأركان مطلقا وإذا كان الامر كذلك كان محصل النص ان كل صلاة
يصح شرعا ان يفعله المكلف فله ان يجعله للميت فلا يستفاد منه الجواز واما قضية صفوان فقد ذكرها النجاشي بلفظ روى والشيخ اطلق ذكرها ولم يذكر لها سندا وطريقا
والمسامحة في نقل أمثال هذه الحكايات التي لم يكن الغرض الأصلي من ايرادها تأسيس حكم شرعي شائع غالب فهذا الاعتبار يحصل نوع شك في صحة الاستناد إلى الامر المذكور فيحصل
الشك في المسألة حتى يفتح الله ويسهل طريق معرفتها الثاني انه يجوز للمكلف ان يقضي عن الميت إذا علم أن عليه قضاء وان لم يكن ولدا له لرواية عمار وقضية الخثعمية السابقتين ويؤيده
اطلاق الأخبار السابقة وهل يجوز ذلك باحتمال ان عليه قضاء أو توهمه أو تخيله فيه نظر وشك لعدم الدليل وتوقف العبادات على التوقيف الثالث قال السيد في الرسالة
المذكورة لو أوصى الميت بالصلاة عنه وجب العمل بوصيته لعموم قوله تعالى فمن بدله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه ولأنه لو أوصى ليهودي أو نصراني لوجب انفاذ وصيته فكيف
الصلاة المشروعة لرواية الحسين بن سعيد بسنده إلى محمد بن سليم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أوصى بماله في سبيل الله قال اعطه لمن أوصى به وإن كان يهوديا أو نصرانيا ان الله
عز وجل يقول فمن بدله بعدما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه وذكر الحسين بن سعيد في حديث اخر عن الصادق (ع) لو أن رجلا أوصى إلي ان أضع في يهودي ونصارى لوضعت فيهم
ان الله يقول فمن بدله بعدما سمعه الآية وهو حسن
الرابع هل يجوز الاستيجار على فعل الصلاة الواجبة بعد الوفاة لم أجد تصريحا به في كلام القدماء ولم يكن ذلك مشهورا بينهم قولا
وفعلا وانما اشتهر بين المتأخرين نعم قال السيد في الكتاب المذكور وقد حكى ابن حمزة في كتابه في قضاء الصلاة عن الشيخ أبي جعفر محمد بن حسين الشوهاني انه كان يجوز الاستيجار عن الميت
واستدل ابن زهرة على وجوب قضاء الولي الصلاة بالاجماع على انها تجري مجرى الصوم والحج وقد سبقه ابن الجنيد بهذا الكلام حيث قال والعليل إذا وجبت عليه الصلاة واخرها عن وقتها
إلى أن فاتت قضاها عنه وليه كما يقضي حجة الاسلام والصيام قال وكذلك روى ابن يحيى عن إبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) فقد سويا بين الصلاة وبين الحج ولا ريب في جواز
الاستيجار على الحج قال الشهيد في الذكرى الاستيجار على فعل الصلاة الواجبة بعد الصلاة مبنية على مقدمتين أحدهما جواز الصلاة عن الميت وهذه اجماعية والأخبار الصحيحة ناطقة
بها كما تلوناه والثانية انه كلما جازت الصلاة عن الميت جاز الاستيجار عنه وهذه المقدمة داخلة في عموم الاستيجار على الأعمال المباحة التي يمكن ان يقع للمستأجر ولا يخالف فيها
أحد من الامامية بل ولامن غيرهم لان المخالف من العامة انما منع لزعمه انه لا يمكن وقوعها للمستأجر عنه إما من يقول بامكان وقوعها له وهم جمع الامامية فلا يمكنه القول بمنع الاستيجار
الا ان يخرق الاجماع في إحدى المقدمتين على أن هذا النوع قد انعقد عليه الاجماع من الامامية الخلف والسلف من عهد المصنف وما قبله إلى زماننا هذا وقد تقرر ان اجماعهم حجة
قطعية ثم قال فان قلت فهلا اشتهر الاستيجار على ذلك والعمل به عن النبي والأئمة (ع) كما اشتهر الاستيجار على الحج حتى علم من المذهب ضرورة قلت ليس كل واقع يجب اشتهاره ولاكل
مشهور يجب الجزم بصحته فرب مشهور لا أصل له ورب متأصل لم يشتهر إما لعدم الحاجة في بعض الأحيان لندور وقوعه والامر في الصلاة كذلك فان سلف الشيعة كانوا على ملازمة الفريضة
والنافلة على حد لا يقع من أحد منهم اخلال بها الا لعذر يعتد كمرض موت أو غيره فإذا اتفق فوات فريضة بادروا إلى فعلها لان أكثر قدمائهم على المضائقة المختصة فلم يفتقروا
إلى هذه المسألة واكتفوا بذكر قضاء الولي لما فات الميت من ذلك على طريق الندور يعرف هذه الدعاوي من طالع كتب الحديث والفقه وسير السلف معرفة لا يرتاب فيها فخلف من
بعدهم قوم تطرق إليهم التقصير واستولى عليهم فتورا الهمم حتى آل الحال إلى أنه لا يوجد من يقوم بكمال السنن الا اوحديهم ولا يبادر بقضاء الفائت الا أقلهم فاحتاجوا إلى
استدراك ذلك بعد الموت لظنهم عجز الولي عن القيام به فوجب رد ذلك إلى الأصول المقررة والقواعد الممهدة وفيما ذكرناه كفاية على أن قضاء الصلاة عن الميت غير متروك ذكره بين
أرباب المذاهب المباينة للشيعة على طرف النقيض ولا مهمل نقل روايته عند نقله حديثهم ثم اخذ في نقل بعض عباراتهم ورواياتهم الدالة على ذلك قلت يتلخص مما ذكره الشهيد (ره) ان الحكم
بجواز الاستيجار للميت مبني على الاجماع على أن كل أمر مباح يمكن ان يقع للمستأجر يجوز الاستيجار فيه وقد نبهت مرارا بان اثبات الاجماع في زمن الغيبة في غاية الاشكال خصوصا في مثل
هذه المسألة التي لم يشتهر في سالف الاعصار وخلت عنه مصنفات القدماء والعظماء ممنوع قوله على أن هذا النوع قد انعقد عليه الاجماع يدل على أنه زعم انعقاد الاجماع عليه في زمان السيد
وما قاربه ولا يخفى ان دعوى انعقاد الاجماع بالمعنى المعروف بين الشيعة في مثل تلك الأزمان بين التعسف واضح الجزاف ثم ذكره في تعليل عدم اشتهار هذا الحكم بين السلف لا يخلو
عن تكلف فان ما ذكره من ملازمة الشيعة على مداومة الصلوات وحفظ حدودها والاستباق والمسارعة إلى قضاء فوائتها على تقدير تمامها انما يجري في العلماء وأهل التقوى
منهم لا عوامهم وأدانيهم وعموم السفلة والجهلة منهم ويكفي ذلك داعيا للافتقار إلى هذه المسألة والفتوى بها واشتهار العمل بها لو كان لها أصل وبالجملة للنظر في هذه المسألة وجه
فتدبر
الخامس هل يجب القضاء عن الميت المشهور نعم ولعل مستنده غير واحد من الروايات السابقة الدالة على أن الولي يقضي ما فات الميت وفي دلالتها على الوجوب نظر لعدم وضوح دلالة
الامر وما في معناها في اخبارنا على الوجوب وفي اشتهار الحكم بحيث ويجبرهن الدلالة نوع تأمل فان بعض الأصحاب لم يذكروه وبعضهم لم يقولوا بعمومه ولا بتعينه بل خير بينه وبين التصدق
وتحرير الأقوال ان القول بوجوب جميع ما فات الميت مستند إلى ظاهر الشيخين وابن أبي عقيل وابن البراج وابن حمزة والمصنف في أكثر كتبه وقال ابن الجنيد (ره) والعليل إذا وجبت عليه صلاة فاخرها
عن وقتها إلى أن مات قضاها عنه وليه كما يقضي عنه حجة الاسلام والصيام ببدنة وان جعل بدل كل ركعتين مدا أجزأه فإن لم يقدر فلكل أربع وان لم يقدر فمدا لصلاة النهار ومدا لصلاة
الليل والصلاة أفضل وكذا المرتضى فاعتبرا مع التخيير بين القضاء والتصدق التخصيص بما فات عن العليل وقال ابن زهرة ومن مات وعليه صلاة وجب على وليه قضاؤها وان تصدق
عن كل ركعتين بمد أجزأ إلى اخر ما قاله ابن الجنيد فاعتبر التخيير دون التخصيص السابق واحتج بالاجماع وطريقة الاحتياط وقال ابن إدريس بوجوب القضاء على وليه الأكبر من الذكران
عما وجب على العليل فاخره عن أوقاته حتى مات ولا يقضي عنه الا الصلاة الفائتة في حال مرض موته فحسب وتبعه يحيى بن سعيد والشهيد في اللمعة فقال المحقق في بعض مصنفاته الذي ظهر
ان الولد يلزمه قضاء ما فات الميت من صلاة وصيام لعذر كالمرض والسفر والحيض لا ما تركه الميت عمدا مع قدرته عليه وهو قول السيد عميد الدين وفي الذكرى لا باس به فان الروايات تحمل
على الغالب من الترك وهو انما يكون على هذا الوجه إما تعمد ترك الصلاة فإنه نادر قال نعم قد يتفق فعلها لاعلى الوجه المبرئ للذمة والظاهر أنه يلحق بالتعمد التفريط والظاهر عندي انه لو
قلنا بان الاخبار ظاهرة في الوجوب كان القول بعموم المقتضي وتعين القضاء متعينا والا كما هو الظاهر كان ثبوت الحكم منوطا باتفاق متقدرا بقدره فالاشكال ثابت فيه ثم اعلم أن
السيد ابن زهرة بعد ذهابه إلى ما حكينا عنه اورد على نفسه قوله تعالى وان ليس للانسان الا ما سعى وما روى من قول النبي صلى الله عليه وآله إذا مات المؤمن انقطع عمله الا من ثلاث وأجاب بان
الثواب للفاعل لا للميت لان الله تعالى تعبد الولي بذلك وسماه قضاء عنه لحصوله عند تفريطه واحتج بعض العامة المانعة من لحوق ما عدا الدعاء والصدقة والحج إلى الميت بالآية والخبر
المذكورين وعلى هذين اعتمد النووي وغيره وأجيب بأنهما (عامان) مخصوصان بمحل الوفاق فمهما أجيب عنه فهو جوابنا وأيضا الأعمال الواقعة نيابة عنه بعد موته نتيجة سعيه في تحصيل الايمان
387

وأصول العقايد المسوغة للنيابة عنه فهي مستندة إليه ولا يبعد ان يقال بعض اعمال الخير الصادرة عن الميت في أيام حياته غير الايمان يمكن ان يكون مستتبعا بالخاصية الغائية عن
مداركنا لاشفاق بعض المؤمنين إليه فيفعل الأعمال نيابة عنه فيكون ذلك اثر سعيه ويمكن ان يقال معنى الآية انه ليس للانسان الا ما سعى على سبيل الاستحقاق والاستيجاب ولا ينافي
ذلك وصول اثر بعض الأعمال الذي لم يسع في تحصيله إليه على سبيل التطول والتفضل ومن هذا القبيل العفو واثار الشفاعة وغيرهما وقد أجيب عن الخبر أيضا بأنه دال على انقطاع
عمله وهذا يصل إليه من عمل غيره وعلى تقدير التنزل عن ذلك كله قلنا الآية والخبر معدولان عن الظاهر اتفاقا ونحن نخصصهما بما خصصناهما به لدليل معارض فيرتكب التخصيص له
والحمل على المبالغة للداعي إليه السادس الأكثر على أن القاضي هو الولد الأكبر قال في الذكرى وكأنهم جعلوه بإزاء حبوته وأطلق ابن الجنيد وابن زهرة وليس في الاخبار تخصيص لكن إذ قد عرفت
ان الاخبار قاصرة عن الدلالة على الوجوب لم يثبت سوى ما وقع الاتفاق عليه قال في الذكرى القول بعموم كل ولى ذكر أولي جسما تضمنته الروايات السابع قال في الذكرى ظاهرهم
ان المقضى عنه الرجل لذكرهم إياه في معرض الحبوة وكلام المحقق مؤذن بالقضاء عن المرأة ولا يخفى ان في أكثر الروايات لفظ الرجل وفي بعضها الميت وليس فيه دلالة على عموم المقضى ولا
يبعد القول بالتعميم بناء على أن التخصيص بالرجل في الروايات انما هو في السؤال ولا يقتضي تقييد المطلق الواقع في غيرها ولكن ضعف أدلة الوجوب يقتضي الاقتصار على
المتيقن الثامن هل يشترط كمال الولي حال الوفاة قرب الشهيد ذلك نظرا إلى رفع القلم عن الصبي والمجنون والتعليل ضعيف واحتمل الحاق الامر به عند البلوغ نظرا إلى أنه يحبى وانها
تلازم القضاء والأولى التعليل بعموم الرواية قال في الذكرى إما السفية وفاسد الرأي فعند الشيخ لا يحبى فيمكن انتفاء القضاء عنه ووجوبه أقرب اخذا بالعموم ومن لم يثبت عنده
منع السفيه والفاسد من الحبوة كالمحقق فهو أولي بالحكم بوجوب القضاء عليهما التاسع لا يشترط خلو ذمته من صلاة واجبة فتلزمان معا وقرب في الذكرى وجوب الترتيب بينهما عملا
بظاهر الاخبار وفحاويها وما ذكره لم يثبت عندي بل الظاهر عندي عدم وجوب الترتيب للأصل واطلاق الأدلة ولو فاته صلاته بعد التحمل احتمل في الذكرى تقديم الفائت واحتمل تقديم
المحتمل ولم يثبت شئ من الاحتمالين بل الظاهر التخيير ولو علم ترتيب الفوائت فهل يجب الترتيب في القضاء فيه وجهان القول بوجوب الترتيب هنا أضعف مستندا من القول بوجوب
الترتيب في قضاء الحي واضعف منه القول بوجوب الترتيب عند عدم العلم به وكذا الكلام في قضاء غير الولي تبرعا أو للاستيجار العاشر قال في الذكرى الأقرب انه ليس له الاستيجار لمخاطبته
بها والصلاة لا تقبل التحمل عن الحي واحتمل الجواز معللا بان الغرض فعلها عن الميت ويمكن تعليله بان الروايات عامة لان القضاء عنه أعم من المباشرة ويمكن ان يقال المتبادر المباشرة
فان قلنا بالجواز وتبرع متبرع أجزأت أيضا عنه الحادي عشر لو مات هذا الولي قال في الذكرى الأقرب ان وليه لا يتحملها لقضية الأصل والاقتصار على المتيقن سواء تركها عمدا أو لعذر
وهو حسن وإن كان عموم الروايات يدل على التحمل ان قلنا بدلالتها على الوجوب الثاني عشر لو أوصى الميت بقضاءها عنه بأجرة من ماله أو اسندها إلى أحد أوليائه أو إلى أجنبي فهل
يسقط عن الولي فيه وجهان أقربهما السقوط كما اختاره الشهيد في الذكرى عملا بوجوب العمل بما رسمه الموصي واقتصارا في الوجوب على الولي بالمتيقن الثالث عشر لو قلنا بعدم قضاء الولي
ما تركه الميت عمدا أو كان الميت لا ولي له ولم يوص الميت فالمنقول عن ظاهر المتأخرين من الأصحاب عدم الاخراج من ماله للأصل وعن بعض الأصحاب القول بوجوب اخراجها كالحج وصب
الاخبار التي لا ولي فيها عليه واحتج أيضا بخبر زرارة قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان أباك قال لي من قربها (من الزكاة) فعليه ان يؤديها قال صدق أبي ان عليه ان يؤدي ما وجب عليه وما لم يجب عليه فلا
شئ عليه ثم قال أرأيت لو أن رجلا أغمي عليه يوما ثم مات فذهبت صلاته أكان عليه وقد مات ان يؤديها فقلت لا الا ان يكون افاق من يومه فظاهره انه يؤدها بعد موته وهو انما
يكون لوليه أو ماله فحيث لا ولي يحمل على المال وهو شامل لحالة الايصاء وغيره الرابع عشر لو أوصى بفعلها من ماله (فان قلنا بوجوبه من ماله) مطلقا كان من الأصل كساير الواجبات المالية والا توقف على الخروج
من الثلث أو إجازة الوارث والكافر الأصلي يجب عليه في حال كفره جميع فروع الاسلام من الصلاة والصيام والزكاة والحج وغيرها لكن لا يصح منه في حال كفره وان أوقعها على الوجه
المستجمع لجميع الشرائط والأركان غير الاسلام فان مات على كفره عوقب عليها فان أسلم سقطت عنه وجوب جميع فروع الاسلام على الكافر في حال كفره وعدم صحتها عنه ما دام كافرا
متفق عليه بين الأصحاب وذهب بعض العامة إلى أنه غير مكلف بالفروع مطلقا وبعضهم إلى أنه مكلف بالنهي دون الامر والبحث عنه متعلق بفن الأصول والفائدة فيه قليلة وسقوط الفروع
بعد الاسلام متفق عليه ويدل عليه الخبر وقوله تعالى قل للذين كفروا ان ينتهوا يغفر لهم انما يدل على غفران الذنوب وعدم المؤاخذة بما فعل الكافر أو ترك في حال كفره لا سقوط
الأحكام المترتبة عليه مطلقا وحقوق الآدميين مستثنى من ذلك اتفاقا وكذلك حكم الحدث فإنه لا يسقط عنه باسلامه
{المقصد الثاني} في صلاة الجماعة وفضلها عظيم
قال الله تعالى واركعوا مع الراكعين والأخبار الدالة على فضلها وذم تاركها كثيرة فعن النبي صلى الله عليه وآله صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة وروى بخمس وعشرين والفذ
بالفاء والذال المعجمة هو الفرد روى الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح قال قال أبو عبد الله (ع) الصلاة في جماعة تفضل على صلاة الفذ بأربع وعشرين درجة يكون خمسة
وعشرين صلاة وعن زرارة في الحسن قال قلت لأبي عبد الله (ع) ما يروى الناس ان الصلاة في جماعة أفضل من صلاة الرجل وحده بخمسة وعشرين صلاة فقال صدقوا
فقلت الرجلان يكونان جماعة فقال نعم ويقوم الرجل عن يمين الامام وعن محمد بن عمارة قال أرسلت إلى أبي الحسن الرضا (ع) أسأله عن الرجل يصلي المكتوبة وحده في مسجد
الكوفة أفضل أو صلاته في جماعة (فقال الصلاة في جماعة أفضل ويستفاد من هذه الرواية ان الصلاة جماعة) أفضل من الف صلاة لان صلاة في مسجد الكوفة أفضل من الف صلاة على ما دل عليه بعض الروايات وروى الشيخ عن عبد الله بن أبي يعفور
بسند معتبر عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله (ص) لا صلاة لمن لا يصلى في المسجد (مع المسلمين) الا من علة وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لا غيبة الا لمن صلى في بيته ورغب عن جماعتنا ومن رغب عن جماعة
المسلمين وجب على المسلمين غيبته وسقطت بينهم عدالته ووجب هجرانه وإذا رفع إلى امام المسلمين انذره وحذره فان حضر جماعة المسلمين والا أحرق عليه بيته وعن عبد الله بن
أبي يعفور أيضا عن أبي عبد الله (ع) قال هم رسول الله صلى الله عليه وآله باحراق قوم كانوا يصلون في منازلهم ولا يصلون الجماعة فاتاه رجل أعمى فقال يا رسول الله اني ضرير البصر وربما
اسمع النداء ولا أجد من يعودني إلى الجماعة والصلاة معك فقال له النبي شد من منزلك إلى المسجد حبلا واحضر الجماعة وعن زرارة والفضيل في الحسن بإبراهيم بن هاشم قالا
قلنا له الصلاة في جماعة فريضة هي فقال الصلاة فريضة وليس الاجتماع بمفروض في الصلاة كلها ولكنه سنة من تركها رغبة عنها وعن جماعة المؤمنين من غير علة فلا صلاة له وروى
الكليني والشيخ عنه وعن زرارة باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم قال كنت جالسا عند أبي جعفر (ع) ذات يوم إذ جاءه رجل فدخل عليه فقال له جعلت فداك اني رجل
جار مسجد لقومي فإذا انا لم أصل معهم وقعوا في وقالوا هو كذا وكذا فقال إما لئن قلت ذلك لقد قال أمير المؤمنين (ع) من سمع (النداء) الدعاء فلم يجبه من غير علة فلا صلاة له فخرج الرجل فقال
له لا تدع الصلاة معهم وخلف كل امام فلما خرج قلت له جعلت فداك كبر على قولك لهذا الرجل حين استفتاك فإن لم يكونوا مؤمنين فقال فضحك (ع) وقال ما أراك بعد الا ههنا يا زرارة
فأي علة تريد أعظم من أنه لا يأتم به ثم قال يا زرارة ما تراني قلت صلوا في مساجدكم وصلوا مع أئمتكم وروى الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول صلى رسول الله صلى الله عليه وآله
الفجر فاقبل بوجهه على أصحابه فسأل عن أناس يسميهم بأسمائهم فقال هل حضروا الصلاة فقالوا لا يا رسول الله صلى الله عليه وآله فقال أغياب هم فقالوا لا فقال إما انه ليس من صلاة أشد على المنافقين
من هذه الصلاة والعشاء ولو علموا اي فضل فيهما لأتوهما حبوا وعن ابن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول إن أناسا كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله ابطؤا عن الصلاة
في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ليوشك قوم يدعون الصلاة في المسجد ان نأمر بحطب فيوضع
على أبوابهم فيوقد عليهم نار فيحرق عليهم بيوتهم وروى الصدوق في الفقيه باسناده عن محمد بن مسلم
عن أبي جعفر أنه قال لا صلاة لمن لا يشهد الصلاة من جيران المسجد الا مريض أو مشغول وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لتحضرن المسجد أو لأحرقن عليكم منازلكم وقال (ع) من صلى الصلوات الخمس جماعة فظنوا
388

به كل خير وقال الصادق عليه السلام من صلى الغداة والعشاء الآخرة في جماعة فهو في ذمه الله عز وجل ومن ظلمه فإنما يظلم الله ومن حقره قائما يحقر الله عز وجل وروى عن النبي صلى الله عليه وآله مامن
ثلاثة في قرية ولا بلد ولا يقام فيهم الجماعة الا استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية وعنه (ع) ملعون ملعون ثلاثا من رغب عن جماعة المسلمين ونقل
الشارح الفاضل انه روى الشيخ أبو محمد جعفر محمد بن أحمد القمي نزيل الري في كتاب الإمام والمأموم باسناده المتصل إلى أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله اتاني
جبرئيل مع سبعين الف ملك بعد صلاة الظهر فقال يا محمد ان ربك يقرئك السلام واهدى إليك هديتين قلت وما تلك الهديتان قال الوتر ثلاث ركعات والصلاة
الخمس في جماعة قلت يا جبرئيل وما لامتي في الجماعة قال يا محمد إذا كانا اثنين كتب الله لكل واحد بكل ركعة مأة وخمسين صلاة وإذا كانوا ثلاثة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ست
مائة صلاة وإذا كانوا أربعة كتب الله لكل واحد بكل ركعة ألفا ومأتي صلاة وإذا كانوا خمسة كتب الله لكل واحد بكل ركعة الفين وأربعمائة صلاة وإذا كانوا ستة
كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة أربعة آلاف وثمانمأة صلاه وإذا كانوا سبعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة تسعة آلاف وستمأة صلاة وإذا كانوا ثمانية كتب الله
لكل واحد منهم بكل ركعه تسعة عشر ألفا ومائتي صلاة وإذا كانوا تسعة كتب الله لكل واحد منهم بكل ركعة ستة وثلاثين ألفا وأربعمائة صلاة وإذا كانوا عشرة كتب الله
لكل واحد بكل ركعة سبعين ألفا وألفين وثمانمأة صلاة فان زادوا على العشرة فلو صارت السماوات كلها مدادا والأشجار أقلاما والثقلان مع الملائكة كتابا لم يقدروا ان
يكتبوا ثواب ركعة واحدة يا محمد تكبيرة يدركها المؤمن مع الامام خير من ستين الف حجة وعمرة خير من الدنيا وما فيها سبعين الف مرة وركعة يصليها المؤمن مع الامام خير من
مأة ألف دينار يتصدق بها على المساكين وسجدة يسجدها المؤمن مع الامام في جماعة خير من مائة عتق رقبة والاخبار في هذا الباب كثيرة جدا وفيما ذكرناه كفاية لطالب الحق
الراغب في الآخرة ويستحب حضور جماعة أهل الخلاف استحبابا مؤكدا روى ابن بابويه عن زيد الشحام في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال له يا زيد خالقوا الناس بأخلاقهم
صلوا في مساجدهم وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم وان استطعتم ان تكونوا الأئمة والمؤذنين فافعلوا فإنكم إذا فعلتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفرية رحمه الله جعفرا
ما كان أحسن ما يؤدب أصحابه وإذا تركتم ذلك قالوا هؤلاء الجعفرية فعل الله بجعفر ما كان أسوء ما يؤدب أصحابه وعن حماد بن عثمان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال من صلى معهم في
الصف الأول كان كمن صلى مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الصف الأول ويستحب صلاة المكتوبة في المنزل ثم حضور جماعتهم روى ابن بابويه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال مامن عبد
يصلي في الوقت ويفرغ ثم يأتيهم ويصلي معهم وهو على وضوء الا كتب الله له خمسا وعشرين درجة وعن عمر بن يزيد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال ما منكم أحد يصلي صلاة فريضة في وقتها
ثم يصلي معهم صلاة تقية وهو متوض الا كتب الله له خمسا وعشرين درجة فارغبوا في ذلك
وتجب الجماعة في الجمعة والعيدين خاصة دون غيرهما من الصلوات ووجوبها فيهما
انما يكون بالشرائط المعتبرة في وجوبهما إما وجوبها فيهما فقد مر واما عدم وجوبها في غيرهما فالظاهر أنها متفق عليه بين الأصحاب وخالف فيه أكثر العامة فقال بعضهم فرض
على الكفاية في الصلوات الخمس وقال آخرون انها فرض على الأعيان وقال بعضهم انها شرط في الصلاة تبطل بفواتها والغرض انها غير واجب في غيرهما بالأصالة فلا ينافي الوجوب
لعارض كالنذر وشبهه وكما في جاهل القراءة العاجز عن التعلم القادر على الايتمام ويستحب في باقي الفرائض خصوصا الفرائض اليومية إما استحباب الجماعة في الفرائض كلها
فقال المصنف في المنتهى انه مذهب علمائنا أجمع ويظهر ذلك من الذكرى ويندرج في الفرائض اليومية وغيرهما المؤداة والمقضية حتى المنذورة وصلاة الاحتياط وركعتا الطواف
قال بعض أصحابنا المتأخرين وفي استفادة هذا التعميم من الاخبار نظر والامر كما ذكره واما تأكد استحباب الجماعة في الصلاة اليومية فاجماعي والأخبار السابقة دالة عليه
ولا يصح
في النوافل الا الاستسقاء والعيدين مع عدم الشرائط قال المصنف في المنتهى ولا جماعة في النوافل الا ما استثنى ذهب إليه علماؤنا أجمع ويظهر من بعض عبارات المحقق ان في المسألة
قولا بجواز الافتداء في النوافل مطلقا وقال الشهيد في الذكرى لو صلى مفترض خلف متنفل نافلة مبتدأ أو قضاء النافلة أو صلى متنقل بالراتبة خلف المفترض أو متنفل راتبة
خلف راتبة أو غيرها من النوافل فظاهر المتأخرين المنع وفيه اشعار بعدم تحقق الاجماع في المسألة استدل المصنف في المنتهى على المنع بما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم والفضيل في
الصحيح عن الصادقين (ع) ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن الصلاة بالليل في شهر رمضان النافلة في جماعة بدعة وعن إسحاق بن عمار عن أبي الحسن (ع) وسماعة بن مهران عن أبي عبد الله (ع) ان النبي صلى الله عليه وآله قال في نافلة
رمضان أيها الناس ان هذه الصلاة نافلة ولن يجمع للنافلة فليصل كل رجل منكم وحده وليقل ما علمه الله في كتابه واعلموا انه لا جماعة في نافلة ولا دلالة للرواية الأولى على المدعا بوجه وفي
سند الثانية ضعف مع معارضتها باخبار متعددة دالة على جواز الجماعة في النافلة منها ما رواه الشيخ عن هشام بن سالم في الصحيح انه سأل أبا عبد الله (ع) عن المرأة تؤم النساء فقال
تؤمهن في النافلة فاما في المكتوبة فلا ونحوه روى عن سليمان بن خالد في الصحيح وعن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال صل باهلك في رمضان
الفريضة والنافلة فاني افعله وبالجملة المسألة محل توقف واما استثناء الاستسقاء والعيدين فقد مر واستثنى أيضا إعادة الامام كما سيأتي واستحب أبو الصلاح الجماعة في صلاة الغدير
والمصنف في التذكرة نقل عن أبي الصلاح انه روى استحباب الجماعة فيها ولم اطلع على الرواية وتنعقد الجماعة باثنتين فصاعدا يدل على ذلك حسنة زرارة السابقة في فضل الجماعة
وقال الصدوق في الفقيه قال (ع) الاثنان جماعة وسأل الحسن الصيقل أبا عبد الله (ع) عن أقل ما يكون جماعة قال رجل وامرأة وإذا لم يحضر المسجد أحد فالمؤمن وحده جماعة لأنه متى اذن
وأقام صلى خلفه صفان من الملائكة ومتى أقام ولم يؤذن صلى خلفه صف واحد وقال رسول الله صلى الله عليه وآله المؤمن وحده حجة والمؤمن وحده جماعة وروى الكليني في الصحيح عن محمد بن يوسف
الثقة عن أبيه وهو مجهول قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول إن الجهني اتى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله اني أكون في البادية ومعي أهلي وولدي وغلمتي فأؤذن وأقيم وأصلي بهم الجماعة نحن فقال
نعم إلى أن قال فابقى انا وأهلي فأؤذن وأقيم وأصلي بهم أفجماعة نحن (فقال نعم) فقال يا رسول الله صلى الله عليه وآله ان المرأة تذهب في مصلحتها فابقى انا وحدي فأؤذن وأقيم الجماعة انا فقال نعم المؤمن وحده يكون
جماعة ولعل المراد انه يحصل له وحده فضلة الجماعة إذا طلبها ولم يتمكن منها لحسن نيته والظاهر حصول الجماعة بالصبي المميز الذي كلف بالصلاة تمرينا لعموم الدليل ويؤيده ما روى الشيخ في
الضعيف عن جعفر (ع) قال إن عليا (ع) قال الصبي عن يمين الرجل في الصلاة إذا ضبط الصف جماعة والمريض القاعد عن يمين الصبي جماعة
ويجب في الامام التكليف فلا تصح إمامة الصبي غير
المميز ولا المجنون المطبق اتفاقا واما الصبي المميز فالأكثر على أنه لا يصح إمامته خلافا للشيخ في الخلاف والمبسوط حيث ذهب إلى جواز امامة المراهق المميز العاقل احتج الأولون بان غير المكلف لا
يؤمن اخلاله بواجب أو فعله لمبطل لعلمه بارتفاع المؤاخذة عنه ولعدم شرعية عبادته ولما رواه الشيخ عن إسحاق بن عمار عن جعفر عن أبيه ان عليا (ع) كان يقو ل لا بأس ان يؤذن الغلام
قبل ان يحتلم ولا يؤم حتى يحتلم فان أم جازت صلاته وفسدت صلاة من خلفه احتج الشيخ في الخلاف بما رواه عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي (ع) قال لا بأس ان يؤذن الغلام الذي لم يحتلم
وان يأم وأجاب عنها الشيخ في كتابي الاخبار بالحمل على الغلام الذي بلغ بالسن أو الانبات فإنه يجوز إمامته وان لم يحتلم قال المحقق وهذا التأويل ليس بجيد لتوارد الروايتين
على صفة واحدة مع تنافي الحكم لكن الأولى العمل برواية اسحق لعدالته وضعف رواية طلحة ولان ذلك أظهر في الفتوى بين الأصحاب وهو نوع من رجحان واستحسن ذلك بعض الأصحاب وفي
الأدلة من الجانبين نظر إما التعليلين للقول الأول فظاهر واما خبر اسحق فلانه فطحي وفي طريقه غياث بن كلوب وهو عامي غير موثق مع معارضته بأقوى منه كما ستعلم وبالعمومات الدالة على
فضل الصلاة في جماعة الشاملة لمحل البحث ويمكن ان يقال إن ما دل على فضل الصلوات في جماعة مختص بالافراد الشايعة الغالبة فلا يشمل محل البحث واما رواية طلحة فلضعفها لأنه عامي أو
تبري مع معارضتها بما دل على وجوب القراءة في الصلاة خرج عنه ما ثبت عنه صحة الاكتفاء بقرائة الامام فيبقى غيره مندرجا تحت العام ويمكن ترجيح القول الأول نظرا إلى الشهرة وعدم حصول
389

اليقين بالبرائة بامامة الصبي ويمكن ترجيح الثاني لما رواه الكليني في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن عبد الله بن المغيرة وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن غياث بن إبراهيم
وقد وثقه النجاشي (وذكره الشيخ في أصحاب الباقر (ع) وذكر انه تبرى ولم يذكر ذلك حين ذكره في أصحاب الصادق (ع) ولا في الفهرست ولا
النجاشي) عن أبي عبد الله (ع) قال لا باس بالغلام الذي لم يبلغ الحلم ان يؤم القوم وان يؤذن والتأويل الذي ذكره الشيخ لا يجري ههنا والترجيح بحسب الروايات للقول
الأخير وحينئذ يحمل خبر اسحق على الكراهية جمعا بين الأدلة وذكر الشارح الفاضل ان امتناع إمامتهم مخصوص بالبالغ إما بمثله فيجوز لتساويهم في المرتبة واستقرب في الذكرى جواز إمامتهم
للبالغين في النافلة التي يجوز الجماعة فيها ووجه الفرق غير واضح ومن اعتوره الجنون أدوارا فالظاهر جواز إمامته حال افاقته لعموم الأدلة ومن الأصحاب من كره ذلك لجواز فجاة
الجنون في أثناء الصلاة وامكان عروض الاحتلام له حال الجنون بل روى أنه يستحب له الغسل لذلك والايمان والعدالة لا خلاف بين الأصحاب في اشتراطهما في امام الجماعة وطهارة
المولد لا أعلم في اشتراط ذلك خلافا بين الأصحاب وقد مر الكلام في تحقيق المسائل الثلاث في مبحث الجمعة
وان لا يكون قاعدا بقائم هذا قول علمائنا أجمع حكاه المصنف في التذكرة
ويدل عليه ما رواه ابن بابويه مرسلا عن أبي جعفر (ع) قال إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى بأصحابه جالسا فلما فرغ قال لا يؤمن أحد بعدي جالسا ويؤيده ما رواه الشيخ عن السكوني في الضعيف
عن أبي عبد الله (ع) قال قال أمير المؤمنين (ع) لا يؤمن المقيد المطلقين ولاصاحب الفالج الأصحاء وكذا الكلام في باقي المراتب لا يؤم الناقص الكامل فلا يجوز اقتداء الجالس بالمضطجع
هكذا اشتهر بين الأصحاب وأطلق الشيخ في الخلاف جواز امامة العاري للمكتسي وقال المصنف في التذكرة ان اقتدي بالعاري مكتسي عاجز عن الركوع والسجود جاز لمساواته له في الافعال
قيل هذا يتم إذا قلنا إن المانع من الاقتداء بالعاري عجزه عن الأركان وأما إذا علل بنقصه من حيث السر فلا ولو عجز في الأثناء انفرد المأمومون ان لم يمكنهم استخلاف بعضهم ويجوز
للعاجز امامة مساويه لعموم الأدلة وقد نقل بعضهم الاجماع عليه وهل يجوز امامة المفتقر إلى الاعتماد بمن لا يفتقر إليه فيه قولان ويشترط أيضا ان لا يكون الامام أميا بقارئ
والمراد بالأمي من لا يحسن القراءة الواجبة ووجه عدم جواز إمامته بالقاري عدم صحة الصلاة بدون القراءة الصحيحة إما من المصلي أو امامه نقل بعضهم الاجماع عليه واحترز
بالقاري عما لو أم بمثله فإنه جائز مع تساويهما في الأمية ومقدارها وعجزهما عن التعلم والايتمام بقارئ أو أقل منهما لحنا والظاهر أنه يجب على الأمي الايتمام بالقاري المرضي
عند عجزه عن التعلم وبه صرح جماعة من الأصحاب ولو تمكن من التعلم والايتمام خير بينهما ولو أحسن أحد الأميين الفاتحة والاخر السورة جاز امامة من يحسن الفاتحة بالآخر لا العكس
إما على القول باستحباب السورة كما هو المختار فظاهر واما على القول بوجوبها فعلل بالاجماع على وجوب الحمد في الصلاة دون السورة للاختلاف في وجوبها وفيه تأمل ولو علل بما دل على
اشتراط الفاتحة في الصلاة كان أولي ولو أحسن كل منهما بعض الفاتحة جاز ايتمام كل منهما بالآخر مع الاتحاد والا ففيه وجهان ولو صلى أمي بقارئ قال الشيخ في المبسوط بطلت صلوه
القاري خاصة وقيده المصنف بكون القاري غير صالح للإمامة والا وجب على الأمي الاقتداء به فبدونه تبطل صلاته وهو حسن والأخرس في معنى الأمي فيجوز ان يؤم مثله
عند العجز عن الايتمام بالقاري وفي جواز ان يأم بالأمي وجهان ناشيان من قدرة الأمي بالنطق بالتكبير والأخرس عاجز عنه ومن أن التكبير لا يتحمله الامام وهما في القراءة سواء ولا
يجوز امامة الآخر في قرأته سواء كان لحنه مغير للمعنى كضم تاء أنعمت أم لا كفتح دال الحمد وكذا لا يجوز امامة المبدل حرفا بغيره بالمتقن لقرائة الخالي عن اللحن والتبديل على
المشهور بين الأصحاب وأطلق الشيخ كراهة امامة من يلحن في قرائة أحال المعنى أم لم يحل في الحمد والسورة إذا لم يقدر على الاصلاح ويفهم من كلام ابن إدريس اختصاص المنع بمن يحيل المعنى ويمكن
ترجيح الأول لأصالة عدم سقوط القراءة عند عدم العلم بالمسقط كما هو الواقع ههنا وفيه اشكال والمبدل هو الألثغ بالثاء المثلثة وهو الذي يبدل حرفا بغيره وربما خص
بمن يبدل الراء لاما والارت هو الذي يجعل اللام تاء وفي حكمه الأليغ بالياء المعجمة من تحتها نقطتين وهو الذي لا يبين الكلام ولا يأتي بالحروف على الصحة فلا تصح (إمامتهم) الا بأمثالهم وكذا
التمتام والفافا أعني من لا يحسن تأدية التاء والفاء أو يبدلهما بغيرهما وفى المبسوط الأرت الذي يلحقه في كلامه رتح فتغدر عليه فإذا تكلم انطلق لسانه فعلى هذا يجوز إمامته مطلقا وقد
يفسر التمتام والفافا بمن لا يتيسر لهما التاء والفاء الا بترديدهما مرتين فصاعدا والظاهر جواز إمامتهما مطلقا على ما صرح به غير واحد من الأصحاب لأن هذه زيادة غير مخرجة عن صحة
القراءة
وكرهه بعض الأصحاب وفي المبسوط فسر التمتام والفافا بأنه الذي لا يحسن ان يؤدي التاء والفاء ويحكم بكراهة إمامته لصحة صلاته باعتبار عجزه ومنعه جماعة من الأصحاب
وهو حسن ولو كان به لثغة خفيفة تمنع من تخليص الحرف ولكن لا يبدله بغيره قال المصنف في التذكرة والنهاية انه يجوز إمامته بالقاري ونحوه قال الشهيد في الذكرى واستشكل
ذلك بعض الأصحاب بان من لم يخلص الحرف لا يكون آتيا بالقراءة على الوجه المعتبر فلا يكون قرائته كافية
عن قرائة المأموم ولعل مرادهم باللثغة الخفيفة ما لا يبلغ اخراج الحرف
عن حقيقته وان نقص عن كماله والتقييد بالمتقن احتراز عما لو أم بمثله فإنه يجوز إذا عجز عن التعلم أو ضاق وكذا يجوز للمأموم العاجز الاقتداء بمثله إذا لم يجد المتقن وهل يجب عليه
الايتمام بالمتقن إذا تمكن من ذلك الظاهر نعم لتوقف الواجب على الايتمام به وتوقف في ذلك بعض أصحابنا المتأخرين نظرا إلى اطلاق قوله (ع) الاجتماع ليس بمفروض في الصلوات (كلها) وفيه
انه يجوز ان يكون المراد بالخبر سلب العموم لا عموم السلب ولا يجوز ان تأم المرأة برجل والظاهر أنه لا خلاف فيه بين العلماء ذكر ذلك غير واحد منهم لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله لا تؤم امرأة رجلا
وعنه صلى الله عليه وآله أخروهن من حيث أخرهن الله ويؤيده ان المراة مأمورة بالستر والحياء والإمامة للرجل تقتضي خلافه ولا خنثى لاحتمال ان يكون رجلا والا خنثى بمثله لاحتمال عدم
المماثلة وصاحب المنزل في منزله وصاحب المسجد وهو الامام الراتب فيه وصاحب الامارة من قبل العادل في امارته والهاشمي مع اجتماع الشرائط المعتبرة في الامام والامام
الأصل مع حضوره أولي بالإمامة من غيرهم لو اجتمعوا مع من يصح إمامته تنقيح هذا المقام يتم ببيان أمور الأول لا ريب (في) ان الامام الأعظم مع حضوره أولي من غيره وإن كان
أحد الأربعة المذكورة لان له الرياسة العامة في الدين والدنيا والتقدم عليه قبيح بلا شك فان منعه مانع فاستناب فنائبه أولي من الغير لان الامام لا يستنيب الا الراجح أو المساوي
وعلى الأول كان له مرجحان وعلى الثاني مرجح واحد فيكون له الترجيح وبالجملة رياسة الإمام (ع) في أمر الدارين تقتضي الرجوع إلى قوله. الثاني صاحب المنزول والمسجد والامارة
أولي من غيره مع استجماع الشرائط وإن كان الغير أفضل منه الا السلطان العادل قال المصنف في المنتهى لا يعرف فيه مخالفا ان امام صاحب المنزل والامارة يتقدم فلما روى الجمهور عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال
لا يؤمن الرجل في بيته ولا في سلطانه ومن طريق الخاصة قول الصادق في رواية أبي عبيدة الآتية ولا يتقدمن أحد كم الرجل في منزله ولاصاحب سلطان في سلطانه واما تقدم صاحب
المسجد فعلل بان المسجد يجري مجرى منزله ولان تقدم غير صاحب المسجد عليه يوجب وحشة وتنافرا وفي التعليلين تأمل الثالث قال المصنف في المنتهى لو اذن المستحق من هؤلاء لغيره
في التقديم جاز وكان أولي من غيره إذا اجتمع الشرائط ولا نعرف فيه خلافا لأنه حق له فله نقله إلى من شاء وقد جزم الشهيدان بانتفاء كراهة تقدم الغير باذنهم معلا بان أولويتهم ليست
مستنده إلى فضيلة ذاتية بل إلى سياسة أدبية واستشكل ذلك بأنه اجتهاد في مقابلة النص وهل الأفضل لهم الاذن للأكمل منهم والمباشرة بنفسه فيه وجهان نظر إلى ظاهر الرواية السابقة
وما دل على كراهة تقديم غير الأعلم كما سيجئ وعلى الأول كان الأفضل للمأذون له رد الاذن ليستقر الحق على أصله وذكر جماعة من الأصحاب ان أولوية الراتب في المسجد لا يتوقف على
حضوره فلو تأخر عن الحضور أرسلوا ليحضر أو يستنيب فان اخر الجواب وخيف فوت وقت الفضيلة قدم المصلون من يختارونه ومع الاختلاف فالعمل بالترجيحات الآتية
الرابع قال الشارح الفاضل
لو اجتمع صاحب المنزل أو المسجد مع صاحب الامارة كانا أولي منه وفيه تأمل لعدم ما يصلح دليلا لذلك الخامس لافرق في صاحب المنزل بين مالك العين والمنفعة والمستعير ولو اجتمع مالك
رقته (رقعة) الدار ومالك المنفعة فمالك المنفعة أولي ولو اجتمع المالك مع المستعير قال الشارح الفاضل الظاهر أن المالك أولي وفيه تأمل بل الظاهر أن المراد بصاحب المنزل الساكن فيه فالمستعير
الساكن فيه راجح السادس قال الشيخ في المبسوط إذا حضر رجل من بني هاشم فهو أولي بالتقديم إذا كان ممن يحسن القراءة قال في الذكرى والظاهر أنه أراد به على غير الأمير وصاحب المنزل والمسجد وجعل
390

الاشراف بعد الأفقه الذي هو بعد الأقراء والظاهر أنه الأشرف نسبا وتبعه ابن البراج في تقديم الهاشمي وجعل أبو الصلاح بعد الأفقه القرشي وابن زهرة جعل الهاشمي بعد الأفقه
وابن حمزة جعل الأشرف بعد الأفقه اطلق الفاضلان ترجيح الهاشمي وكثير من أصحابنا لم يذكروا الشرف واستدل المصنف في المنتهى على اعتباره بان الهاشمي أفضل من غيره وتقديم
المفضول قبيح عقلا قال الشهيد في الذكرى ونحن لم نره مذكورا في الاخبار الا ما روى مرسلا أو مسندا بطريق غير معلوم من قول النبي صلى الله عليه وآله قدموا قريشا ولا تقدموها وهو على تقدير
تسليمه غير صريح في المدعى نعم هو مشهور في التقديم في صلاة الجنازة كما سبق من غير رواية يدل عليه نعم فيه اكرام لرسول الله صلى الله عليه وآله إذ تقديمه لأجله نوع اكرام واكرام رسول الله (ص) وتبجيله
مما لاخفاء بأولويته ويقدم الأقرأ مع التشاح قالوا إذا تشاح الأئمة فلا يخلو إما ان يتفق المأمومون على امامة بعض الأئمة واما ان يكرهوا جميعا امامة بعضهم واما ان يختلفوا
فان اتفقوا جميعا على امامة واحد فهو أولي لما فيه من اجتماع القلوب وايتلاف النفوس وفيه اشكال وان كرهوا جميعا امامة واحد لم يؤم بهم لقوله (ع) ثلاثة لا يقبل الله لهم صلاة
أحدهم من تقدم قوما وهم له كارهون وقال المصنف في التذكرة والأقرب انه إن كان ذا دين فكرهه القوم لذلك لم تكره إمامته والاثم على من كرهه وان اختلف المأمومون فقد اطلق
أكثر الأصحاب الترجيح بالقراءة والفقه وغيرهما من المرجحات وفي التذكرة انه يقدم اختيار الأكثر وان تساووا طلب الترجيح ورواية أبي عبيدة يدل على الأول وذكر غير واحد
من الأصحاب انه ليس للمأمومين ان يقتسموا الأئمة فيصلي كل قوم خلف من يختارونه لما فيه من الاختلاف المثير للاخر واعلم أن أكثر الأصحاب على أن الأقرأ أولي من الأفقه وذهب
بعضهم إلى أن الأفقه أولي وذهب بعضهم إلى التخيير حجة الأول ما روى من طريق العامة عن النبي صلى الله عليه وآله يؤم القوم اقراءهم بكتاب الله فان كانوا في القراءة سواء فاعلمهم بالسنة فان كانوا
في السنة سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في الهجرة سواء فأقدمهم سنا ومن طريق الخاصة ما روى عن الصادق (ع) باسناد ضعيف ان النبي صلى الله عليه وآله قال يتقدم القوم أقرأهم للقران فان كانوا
في القراءة سواء فأقدمهم هجرة فان كانوا في هجرة سواء فأكبرهم سنا فان كانوا في السن سواء فليؤمهم اعلمهم بالسنة وأفقههم في الدين ولا يتقدمن أحد كم الرجل في منزله ولاصاحب
سلطان في سلطانه وحجة الثاني ما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من طريق الخاصة من أم قوما وفيهم من هو اعلم منه لم يزل أمرهم إلى سفال إلى يوم القيامة وأيد بان الحاجة إلى الفقه في
تمام الصلاة بخلاف القراءة وقد يجاب عن حجة الأول بان المراد بالأقراء الأفقه لان المتعارف كان في زمانه صلى الله عليه وآله انهم إذا تعلموا القران تعلموا احكامه قال ابن مسعود كنا لا نجاوز
عشر آيات حتى نعرف أمرها ونهيها واطلاق القاري على العالم باحكام الشريعة غير عزيز في الصدر الأول واعترض عليه بان جعل الأعلم بالسنة مرتبة بعد الأقراء صريح في امكان
انفكاك القراءة عن العلم بالسنة وتعلم احكام القران غير كاف في الفقه إذ معظمه ثبت بالسنة وبان فيه عدولا عن ظاهر اللفظ وقد يقال لابد من الحمل على هذا المعنى جمعا بين
الروايات وفيه انه لا يمكن حمل الأقرأ على الأفقه لذكر الأعلم بالسنة والأفقه في الدين مرتبا بعده ولا يبعد ان يقال إنه يجوز ان يكون المراد بالأقرأ الأعرف بمعاني القران
واحكامه واطلاق القاري على العارف باحكام القران كان معروفا ويؤيده ما دل من النصوص على أنه لا خير في قرائة ليس فيها تدبر والترجيح بالأفقهية بعد التساوي في الأقرأية
بهذا المعنى باعتبار العلم بالسنن وغيرها بل حمل الأقرأ في الخبر الأول عن غير هذا المعنى مستبعد إذ يستلزم النظر إلى الترجيح باعتبار الأعلمية بالسنة وعدم ملاحظة ترجيح
العلم بفرائض القران واحكامه أصلا فلا يبعد ان يكون هذا الخبر عند اعتباره قرينة على إرادة هذا المعنى في
الخبر الثاني أيضا ثم لا يخفى ان الروايتين ضعيفتان والأولى
منهما عامي لا يصلح للاستناد إليه والثانية داله على تقديم الاسن على الأفقه والقول به غير معروف بين الأصحاب نسبه في البيان إلى بعض الأصحاب فالتعويل عليه مشكل
والمتجه ترجيح
الأعلم باحكام الدين للخبر السابق وما رواه الأصحاب عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال امام القوم وافدهم فقدموا أفضلكم ويؤيده قوله (ع) ان سركم ان تزكوا صلاتكم فقدموا خياركم مضافا إلى
الآيات والأخبار الدالة على كمال فضل العلماء وجلالة اقدارهم وكونهم بمنزلة أنبياء بني إسرائيل وكونهم ورثة الأنبياء وكون عالم أفضل من سبعين الف عابد
وكون فضله على غيره كفضل النبي صلى الله عليه وآله وكونهم أفضل من الزهاد والعباد والشهداء قال الله تعالى هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون ففيه تصريح بترجيح العلماء وتفضيلهم
والظاهر أن الفضل يتفاضل بازدياد العلم وقال الله تعالى يرفع الله الذين امنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات وقا ل تعالى أفمن يهدى إلى الحق أحق ان يتبع امن لا يهدي الا ان يهدى فمالكم
كيف تحكمون ويقويه قوله تعالى ان الله اصطفيه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم واحتجاج الله تعالى على الملائكة في تفضيله (ع) ادم على الملائكة وجعله خليفة بكونه اعلم منهم وقول
علي بن الحسين (ع) ان الله تعالى اوحى إلى دانيال ان أمقت عبيدي إلي الجاهل المستخف باهل العلم التارك للاقتداء بهم وان أحب عبيدي إلي التقي الطالب الثواب الجزيل اللازم
للعلماء التابع للحلماء القائل عن الحكماء مع اعتضاد ذلك بحكم العقل يعد تقديم المفضول قبيحا ولا يزال؟ استهجان الشيعة قديما وحديثا قول المخالفين بجواز تقديم المفضول على
الفاضل فاذن يتجه القول بترجيح الأفقه كما مال إليه غير واحد من أصحابنا المتأخرين واعلم أن المراد بالأقرأ على ما فسره جماعة من الأصحاب هو الأجود قراءة واتقانا للحروف وأشد اخراجا
لها عن مخارجها وضم بعضهم إلى الأمور المذكورة الأعرف بالأصول والقواعد المقررة بين القراء ويفسر أيضا بالأعرف بمرجحات القراءة لفظا ومعنى ويجوز ان يكون المراد أكثر قرانا
ونسبه في البيان إلى الرواية فيحتمل ان يكون المراد أكثر قرائة للقران ويحتمل ان يكون المراد أكثر حفظا للقران ويجوز ان يكون المراد الأجود بحسب طلاقة اللسان وحسن الصوت وجودة التنطق
الا ان هذين الاحتمالين غير مذكور في كلامهم وذكر غير واحد من الأصحاب انهما لو تساويا في جودة القراءة قدم أكثرهما حفظا للقران فالأفقه هذا هو المشهور بين الأصحاب وذهب
بعضهم إلى تقديم الأقدم هجرة فالأسن فالأفقه كما هو مدلول الرواية المنقولة عن الصادق (ع) وذهب بعضهم إلى تقديم الأقدم هجرة فالأفقه وذكر غير واحد منهم ان المراد الأفقه باحكام
الصلاة فان تساويا فيه واحدهما زاد بفقه في غير الصلاة قيل بترجيحه وقيل بنفي الترجيح والأول أولي فالاقدم هجرة هذا هو المشهور بين المتأخرين واليه ذهب الشيخ في النهاية وقدم
الشيخ بعد الأفقه الأشرف ثم الأقدم هجرة وقدم المرتضى الاسن بعد الأفقه ولم يذكر الهجرة والمراد بالهجرة السبق من دار الحرب إلى دار الاسلام وقال المصنف في التذكرة المراد بالأقدم
هجرة سبق الاسلام أو من كان أسبق هجرة من دار الحرب إلى دار الاسلام أو يكون من أولاد من تقدمت هجرته ونقل في الذكرى عن الشيخ نجيب الدين يحيى بن سعيد ان المراد التقدم
في العلم قبل الأخر وفي الذكرى وربما جعلت الهجرة في زماننا سكنى الأمصار لأنها تقابل البادية مسكن الاعراب لان أهل الأمصار أقرب إلى تحصيل شرائط الإمامة والكمال فيها
ولا يخفى ان المفهوم من النص المعنى الأول
فالأسن اي الأكبر بحسب السن وفي الذكرى وغيره ان المراد علو السن في الاسلام ونقل عن الشيخ في المبسوط وهو خلاف المتبادر من النص فالأصبح ذكر
ذلك ابنا بابويه والشيخان وجماعة منهم سلار وابن البراج والمحقق في الشرايع والمصنف في عدة من كتبه وقال المرتضى وابن إدريس وقد روى إذا تساووا فأصبحهم وجها وقال في المعتبر لا أرى لهذا
اثر في الأولوية ولا وجها في شرف الرجال وعلل المصنف في المختلف ما اختاره بان في حسن الوجه دلالة على عناية الله به ونقل المصنف في التذكرة عن العامة تفسيرين أحدهما انه الأحسن
صورة لان ذلك فضيلة كالنسب والثاني انه الأحسن ذكرا بين الناس قال والأخير أحسن قال في الذكرى ويمكن ان يحتج عليه بقول أمير المؤمنين عليه السلام
في عهد الأشتر رضي الله عنه وانما يستدل على الصالحين بما يجري على السن عباده قال المصنف في التذكرة فان استووا في ذلك كله قدم أشرفهم اي أعلاهم نسبا وأفضلهم في نفسه
وأعلاهم قدرا فان استووا في هذه الخصال قدم اتقاهم وأورعهم لأنه أشرف في الدين وأفضل وأقرب إلى الإجابة ثم قال والأقوى عندي تقديم هذا على الأشرف لان شرف الدين
خير من شرف الدنيا فان استووا في ذلك كله فالأقرب القرعة لانهم اقرعوا في الاذان في عهد الصحابة فالامام أولي قال في الذكرى ولو علل بالاخبار العامة في القرعة كان
حسنا واحتمل الشهيد في الذكرى تقديم الأورع على المراتب التي بعد القراءة والفقه وهو غير بعيد والمراد بالورع الفقه وحسن السيرة وهو مرتبة وراء العدالة تبعث على ترك المكروهات
391

والتجنب عن الشبهات والرخص وقيل إن التقوى هو التجنب عن الشبهات لئلا يقع في المحرمات والورع هو التجنب عن المباحات لئلا يقع في الشبهات والظاهر أن الاكثار من الأمور المقربة إلى الله تعالى
مثل الامرين المذكورين والاشتغال بالعبادات الشاقة وارتكاب الأعمال الصالحات الشديدة على الأنفس والابدان يوجب المزية والرجحان المستلزم لأولوية التقدم في جميع
المراتب واحتمل الشهيد أيضا في الذكرى تقديم المطلبي على غيره ان قلنا بترجيح الهاشمي لكن الهاشمي أولي منه واحتمل ترجيح انجاد بني هاشم بحسب شرف الاباء كالطالبي والعباسي
والحارثي واللهبي ثم العلوي والحسنى والحسيني ثم الصادقي والموسوي والرضوي والهادي واحتمل أيضا ترجيح العربي على العجمي والقرشي على باقي العرب واحتمل الترجيح بحسب الاباء
الراجحين بعلم أو تقوى قال ومن غير من الأصحاب بالأشرف يدخل في كلامهم جميع هذا قال ولا بأس به ومن ثم يرجح أولاد المهاجرين على غير هم لشرف ابائهم واعلم أن الترجيحات المذكورة
في المراتب السابقة كله تقديم استحباب لا تقديم اشتراط وايجاب فلو قدم المفضول جاز قال المصنف في التذكرة لا نعلم فيه خلافا
ويجوز ان تؤم المراة النساء ذهب أكثر الأصحاب
إلى استحباب الجماعة للنساء وان لم يكن معهن رجل بل قال المصنف في التذكرة انه قول علماءنا أجمع وذهب السيد المرتضى إلى المنع وهو المنقول عن الجعفي ونفى عنه البأس المصنف في المختلف
وعن ابن الجنيد انه منع في الفرائض وجوز في النوافل ومنشأ الخلاف اختلاف الاخبار فمما يدل على القول الأول ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه (ع) قال سألته
عن المرأة تأم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة أو التكبير قال قدر ما تسمع وعن سماعة بن مهران في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المراة تؤم النساء قال لا باس به وعن
عبد الله بن بكير في الموثق وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) انه سأله عن المرأة تؤم النساء قال نعم تقوم وسطا بينهن ولا تتقدمهن
وعن علي بن يقطين باسناد فيه محمد بن عيسى اليقطيني وفيه كلام عن أبي الحسن الماضي (ع) قال سألته (عن المرأة) تؤم النساء ما حد رفع صوتها بالقراءة أو التكبير فقال بقدر ما تسمع وبإزائها
روايات تدل على المنع منها ما رواه الشيخ وابن بابويه عن هشام بن سالم في الصحيح انه سال أبا عبد الله (ع)
عن المراة هل تؤم النساء قال تؤمهن في النافلة فاما في المكتوبة فلا ولا تتقدمهن
ولكن تقوم وسطهن ومنها ما رواه الشيخ والكليني عن سليمان بن خالد في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المرأة تؤم النساء فقال إذا كن جميعا امتهن في النافلة فاما المكتوبة فلا ولا
تتقدمهن ولكن (تقوم) وسطا منهن وما رواه الصدوق عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له المرأة تؤم النساء قال لا الا على الميت إذا لم يكن أحد أولي منها تقوم وسطهن
معهن في الصف فتكبر ويكبرن ورواه الشيخ عن زرارة باسناد فيه اشتباه واختلاف ومنهما ما رواه الشيخ عن الحلبي في القوي عن أبي عبد الله (ع) قال تؤم المرأة النساء في الصلاة وتقوم وسطا منهن
ويقمن عن يمينها وشمالها تؤمهن في النافلة ولا تؤمهن في المكتوبة وأجاب المحقق في المعتبر عن روايتي سليمان بن خالد والحلبي بأنهما نادرتان لاعمل عليهما واعترض عليه بوجود
القائل بمضمونهما وموافقتها لصحيحة هشام مع أن الصدوق اوردها في كتابه ومقتضى كلامه في أوله الافتاء بمضمونها والأقرب في الجمع بين الاخبار ان يقال إمامتهن في الفرائض جائز
لكن الأفضل تركها والشهيد في الذكرى جمع بين الروايات بحمل اخبار المنع على نفى الاستحباب المؤكد لا مطلق الاستحباب ولا يخلو عن بعد
ويستنيب المأمومون لو مات الامام أو أغمي
عليه إذا مات الامام أو أغمي عليه استحب للمأمومين استنابة من يتم بهم الصلاة والظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين الأصحاب وقد حكى اتفاقهم على ذلك جماعة منهم ولو عرض للامام ضرورة
جاز ان يستنيب ولو لم يستنيب جاز للمأمومين الاستنابة ولم يجب شئ من ذلك بل يجوز للمأمومين ان يتموا الصلاة منفردا أو التبعيض بان ينوى بعضهم الايتمام ببعض وبعضهم الايتمام
بغيره والظاهر أنه لا خلاف في شئ من ذلك بين الأصحاب ويدل على استنابة المأمومين لو مات الامام أو أغمي عليه اخبار منها ما رواه الشيخ عن عبيد الله الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في رجل
أم قوما فصلى بهم ركعة ثم مات قال يقدمون رجل ويعتدون بالركعة ويطرحون الميت خلفهم ويغتسل من مسه والظاهر جواز استنابه المؤتم وغيره نظرا إلى اطلاق الدليل
وبه صرح المصنف في المنتهى ويدل عليه ما رواه الكليني عن زرارة في الضعيف قال سألت أحدهما (ع) عن امام أم قوما فذكر انه لم يكن على وضوء فانصرف واخذ بيد رجل وادخله
فقدمه ولم يعلم الذي قدم ما صلى القوم قال يصلي بهم فان أخطأ سبح القوم به وبنى على صلاة الذي كان قبله ويدل على جواز استنابة الامام في صورة الضرورة ما رواه الشيخ
عن طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه (ع) قال سألته عن رجل أم قوما فأصابه رعاف بعدما صلى ركعة أو ركعتين فقدم رجل ممن قد فاتته ركعة أو ركعتان قال يتم بهم الصلاة ثم
يقدم رجلا فيسلم بهم ويقوم هو فيتم بقية صلاته وغيرها من الاخبار وفيه دلالة على استحباب استنابة شخص اخر ليسلم به ويجوز ان يتموا جالسين حتى يفرغ الامام ويسلم بهم كما في صلاة
الخوف على ما قاله المصنف في المنتهى ويدل على رجحان استنابة المأمومين لو لم يستنب الامام في صورة عروض الضرورة للامام ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع)
انه سأله عن امام أحدث فانصرف ولم يقدم أحدا ما حال القوم قال لا صلاة لهم الا بامام فليقدم بعضهم فليتم بهم ما بقى منها وقد تمت صلاتهم وظاهر الرواية وجوب الاستنابة
الا ان المصنف في التذكرة نقل اجماع علماءنا على انتفاء الوجوب وسيجئ ما يدل على جواز الانفراد في الأثناء فههنا أولي فتحمل النفي في الرواية على نفي الفضيلة والكمال والظاهر
وجوب الاتمام من موضع القطع سواء كان قبل القراءة أو بعدها أو في أثنائها عملا باطلاق الأدلة وقيل يجب الابتداء من أول السورة التي وقع القطع في أثنائها وفي المنتهى
يستحب استخلاف من شهد الإقامة لرواية معاوية بن شريح قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا أحدث الامام وهو في الصلاة لم ينبغ ان يتقدم الا من شهدا الإمامة ويكره ان
يأتم حاضر بمسافر هذا هو المشهور بين الأصحاب بل ظاهر المحقق في المعتبر والمصنف في عدة من كتبه حيث أسند الخلاف إلى العامة انه موضع وفاق ونقل عن علي بن بابويه أنه قال لا يجوز
امامة المتم للمقصر ولا العكس والأقرب الأول لما رواه الشيخ عن الفضل بن عبد الملك في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال لا تؤم الحضري المسافر ولا المسافر الحضري فان ابتلى بشئ من
ذلك فأم قوما حاضرين فإذا أتم الركعتين سلم ثم اخذ بيد بعضم فقدمه فامهم فإذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأوليين
الظهر والأخيرتين العصر ولم يذكر المصنف ههنا كراهة ائتمام المسافر بالحاضر وقد ذكره في غيره محتجا عليه برواية الفضل المذكورة وبان مفارقة المأموم للامام مكروه اختيار ويدل
عليه أيضا ما رواه الشيخ عن أبي بصير في الصحيح على الظاهر قال قال أبو عبد الله (ع) يصلي المسافر مع المقيم فان صلى فلينصرف في الركعتين وقد ورد بجواز ائتمام المسافر بالحاضر روايات
فلعله لا ينافي الكراهة فمنها ما رواه الشيخ عن حماد بن عثمان في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المسافر يصلي خلف المقيم قال يصلي ركعتين ويمضي حيث شاء وعن عبد الله بن مسكان ومحمد بن
النعمان الأحول عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخل المسافر مع أقوام حاضرين في صلاتهم فإن كانت الأولى فليجعل الفريضة في الركعتين الأوليين وإن كانت العصر فليجعل الأوليين نافلة
والأخيرتين فريضة ولعل السر في ذلك كراهة النافلة بعد العصر ومنها ما رواه هكذا في النسخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم
صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأوليين الظهر والأخيرتين العصر وفي الموثق عن محمد بن علي والظاهر أنه الحلبي انه سال أبا عبد الله (ع) عن الرجل المسافر إذا دخل في الصلاة
مع المقيمين قال فليصل صلاته ثم يسلم وليجعل الأخيرتين متجة إلى غير ذلك من الاخبار فروع الأول قال المصنف في المنتهى لو كان الامام حاضرا والمأموم مسافرا استحب للامام ان يؤمي برأسه
إلى التسليم ليسلم المأموم ثم يقوم الامام فيتم صلاته ويجوز للمأموم ان يصلي معه فريضة أخرى لحديث الفضل الثاني قال فيه أيضا لو كان الامام مسافرا سلم ولا يتبعه المأموم فيه فإذا
سلم قام المأموم فأتم صلاته ويستحب للامام ان يقدم من يتم الصلاة بهم فإن لم يفعل قدم المأمومون وهل يجوز ان يصلي الامام فريضة أخرى وينوى المأموم الايتمام به في التتمة الذي يلوح
من كلام الشيخ في الخلاف الجواز الثالث هل يكره ائتمام المسافر بالمقيم وعكسه عند تساوى الفرضين أو تختص الكراهة بصورة الاختلاف الذي صرح به المحقق في المعتبر الثاني قربه المصنف
في المنتهى نظرا إلى انتفاء المفارقة المقتضية للكراهة ولى فيه اشكال ويكره أيضا استنابة المسبوق اي استنابة من لم يلحق الامام في الركعة الأولى إذا عرض للامام مانع من الاتمام لصحيحة سليمان بن
392

خالد ورواية معاوية بن شريح السابقتين في مسألة استنابة المأمومين ويدل على الجواز اخبار كثيرة منها ما رواه الشيخ عن معاوية بن عمار في الصحيح قال سأل أبا عبد الله (ع) عن الرجل
يأتي المسجد وهم في الصلاة وقد سبقه الامام بركعة أو أكثر فيفتل (فيعتل) الامام فيأخذ بيده ويكون أدنى القوم إليه فيقدمه فقال يتم الصلاة بالقوم ثم يجلس حتى إذا فرغوا من التشهد
اومى إليهم بيده عن اليمين والشمال فكان الذي أومأ إليهم بيده التسليم وانقضاء صلاتهم وأتم هو ما كان فاته أو بقى عليه
ويكره أيضا امامة الأبرص والأجذم والمحدود بعد توبته
وقد مر شرح ذلك في مبحث صلاة الجمعة ويكره أيضا امامة الأغلف اطلق بعض الأصحاب كراهة امامة الأغلف ومنع منه جماعة كالشيخ والمرتضى وعلم الهدى والظاهر أنه ان تمكن
من الختان ولم يفعل فإنه لا يجوز الاتمام به لكونه فاسقا لاصراره على المعصية ويلزم منه بطلان الصلاة لاستلزام الامر بالشئ قبح ضده المستلزم لعدم صحة التعبد وان لم يتمكن منه
لمانع أمكن القول بالكراهة لكن لم اطلع على دليل عليه قال المحقق في المعتبر الوجه ان المنع مشروط بالفسوق وهو التفريط في الاختتان مع التمكن لامع العجز وبالجملة ليس الغلفة مانعة
باعتبارها ما لم ينضم إليها الفسوق بالاهمال ونطالب المانعين بالعلة فان احتجوا بما رواه أبو الجوزا عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن ابائه عن علي عليه السلام
قال الأغلف لا يؤم القوم وإن كان أقرأهم لأنه منع من السنة اعظمها ولا يقبل له شهادة ولا يصلي عليه الا ان يكون منع ذلك خوفا على نفسه فالجواب من وجهين أحدها الطعن في سند
الرواية فإنهم بأجمعهم زيدية مجهولوا الحال والثاني ان نسلم الخبر ونقول بموجبه فإنه تضمن ما يدل على اهمال الاختتان مع وجوبه فلا يكون المنع معلقا على الغلفة فان
ادعى مدعى الاجماع فذاك يلزم من يعلم ما ادعاه وهو حسن وكذا يكره امامة من يكرهه المأموم لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله ثلاثة لا يقبل لهم صلاة أحدهم من تقدم قوما وهم له كارهون
وروى أن عليا (ع) قال لرجل أم قوما وهم له كارهون انك لحروظ وهو الذي يتهور في الأمور ويركب رأسه في كل ما يريد بالجهل وقلة المعرفة بالأمور قال المصنف في التذكرة والأقرب
انه إذا كان ذا دين فكرهه القوم لذلك لم يكره إمامته والاثم على من كرهه ويكره أيضا امامة الأعرابي بالمهاجرين المراد بالاعراب سكان البادية وبالمهاجر في زماننا سكان
الأمصار المتمكنين من تحصيل شرائط الإمامة ومعرفة الاحكام واختلف الأصحاب في امامة الأعرابي بالمهاجرين فذهب الشيخ وجماعة من الأصحاب إلى التحريم وذهب آخرون
إلى الكراهة واختاره المصنف وفصل المحقق في المعتبر فقال والذي نختاره انه إن كان ممن لا يعرف محاسن الاسلام ولاوصفها فالامر كما ذكروه وإن كان وصل إليه ما يكفيه اعتماده
ويدين به ولم يكن ممن يلزمه المهاجرة وجوبا جاز ان يؤم لقوله (ع) يؤمكم اقرأكم وقول الصادق (ع) لا يتقدمن أحدكم الرجل في منزله ولا في سلطانه انتهى والأصل في هذا الباب
الأخبار الدالة على المنع منه منها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن أبي بصير في الصحيح على الظاهر عن أبي عبد الله (ع) أنه قال خمسة لا يؤمون الناس (على كل حال المجذوم والأبرص
والمجنون وولد الزنا والأعرابي وروى ابن بابويه عن محمد بن مسلم في الصحيح على الظاهر عن أبي جعفر (ع) أنه قال خمسة لا يؤمون الناس) ولا يصلون بهم فريضة في جماعة الأبرص والمجذوم
وولد الزنا والأعرابي حتى يهاجر والمحدود وروى الكليني عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي جعفر (ع) عن أمير المؤمنين في جملة ما نقل عنه (ع) والأعرابي لا يؤم المهاجرين
وعلى هذا التقييد يحمل الخبران السابقان وما ذكره المحقق من التفصيل غير بعيد حملا للأخبار المذكورة على الغالب من عدم استجماع شرائط الإمامة للأعراب واخلالهم
بما يجب عنهم معرفتها من الاحكام ويكره أيضا امامة المتيمم بالمتوضئين قال المصنف في المنتهى انه لا نعرف فيه خلافا الا ما حكى عن محمد بن الحسن الشيباني من المنع من ذلك حجة الكراهة
ما رواه الشيخ عن الحسن بن محبوب الثقة الامامي وقيل إنه ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن عباد بن صهيب وقد وثقه النجاشي وذكر الشيخ انه عامي ونقل الكشي بعض الروايات
الدالة على ذمه قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول لا يصلي المتيمم بقوم متوضين وعن السكوني عن جعفر عن أبيه قال لا يؤم صاحب المتيمم المتوضئين ولا يؤم صاحب الفالج الأصحاء
ولولا الشهرة العظيمة بين الأصحاب قلنا بانتفاء الكراهة استضعافا للخبرين السابقين واستنادا إلى ما رواه الشيخ عن محمد بن حمران وجميل بن دراج في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع)
امام قوم اصابته جنابة في السفر وليس معه من الماء ما يكفيه للغسل أيتوضأ بعضهم ويصلي بهم فقال لا ولكن يتيمم الجنب ويصلي بهم فان الله عز وجل جعل التراب طهورا وجه
الدلالة انه (ع) رجح امامه المتيمم على المتوضي حيث كان امامهم الراتب وروى هذا الخبر ابن بابويه عن جميل في الصحيح والظاهر أنه عامل به ويؤيده ما رواه الشيخ عن عبد الله بن بكير في الموثق
به قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أجنب ثم تيمم فأمنا ونحن طهور فقال لا بأس به وعن عبد الله بن المغيرة في الحسن عن عبد الله بن بكير عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له رجل أم قوما وهو جنب وقد
تيمم وهو طهور فقال لا باس ولو علم المأموم فسق الامام أو كفره أو حدثه بعد الصلاة لم يعد هذا هو المشهور بين الأصحاب وحكى عن المرتضى وابن الجنيد انهما أوجبا الإعادة وحكى الصدوق
في الفقيه عن جماعة من مشايخه انه سمعهم يقولون ليس عليهم إعادة شئ مما جهر فيه وعليهم إعادة ما صلى بهم مما لم (لا) يجهر فيه والأقرب الأول لنا انه اتى بالمأمور به فيكون مجزيا لان
الاتيان بالمأمور به يوجب الأجزاء ولنا أيضا اخبار كثيرة منها ما رواه الكليني والشيخ عنه عن ابن أبي عمير في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) في قوم خرجوا من خراسان
أو بعض الجبال وكان يأمهم رجل فلما صاروا إلى الكوفة علموا انه يهودي قال لا يعيدون قال الصدوق في الفقيه وفي كتاب زياد بن مروان القندي وفي نوادر محمد بن أبي عمير ان الصادق (ع)
قال في رجل صلى بقوم من حين خرجوا من خراسان حتى قدموا مكة فإذا هو يهودي أو نصراني قال ليس عليهم إعادة ومنها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال
سألته عن الرجل يام القوم وهو على غير طهر فلا تعلم حتى تنقضي صلاته فقال يعيد ولا يعيد من خلفه وان اعلمهم انه على غير طهر وعن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال سألته عن جماعة
صلى بهم امامهم وهو غير طاهر أيجوز صلاتهم أم يعيدونها فقال لا إعادة عليهم تمت صلاتهم وعليه هو الإعادة وليس عليه ان يعلمهم هذا عنه موضوع وعن عبد الله بن بكير في الموثق
به قال سأل حمزة بن حمران أبا عبد الله (ع) عن رجل أمنا في السفر وهو جنب وقد علم ونحن لا نعلم قال لا باس وعن عبد الله بن أبي يعفور باسناد لا يبعد ان يعد موثقا قال سئل أبو عبد الله (ع)
عن رجل أم قوما وهو على غير وضوء فقال ليس عليهم إعادة وعليه هو ان يعيد وعن عبد الله بن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال في رجل يصلي بالقوم ثم يعلم أنه صلى بهم إلى غير القبلة
فقال ليس عليهم إعادة شئ واما ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن العزرمي عن أبيه عن أبي عبد الله (ع) قال صلى علي (ع) بالناس على غير طهر وكانت الظهر ثم دخل فخرج مناديه ان أمير المؤمنين (ع)
صلى على غير طهر فأعيدوا وليبلغ الشاهد الغايب فقد أجيب عنه بالطعن في السند لان رواية مجهول وقال الشيخ فهذا خبر شاذ مخالف للأحاديث كلها وما هذا حكمه لا يجوز العمل به
على أن فيه ما يبطله وهو ان أمير المؤمنين (ع) أدي فريضة على غير طهور ساهيا غير ذاكر وقد أبينا من ذلك بدلالة عصمته (ع) احتج السيد فيما حكى عنه بأنها صلاة تبين فسادها
لاختلال بعض شرائطها فيجب اعادتها وبأنها صلاة منهى عنها فتكون فاسدة
ولو ظهر الأمور المذكورة في الأثناء يعدل إلى الانفراد بناء على القول بعدم وجوب الإعادة في المسألة
السابقة وعلى القول بوجوب الإعادة هناك يجب الإعادة ههنا ويحتمل الاستيناف على القولين ان قلنا بتحريم المفارقة في أثناء الصلاة قال في الذكرى لو صلى بهم بعض الصلاة ثم علموا
أتم القوم في رواية جميل وفي رواية حماد عن الحلبي تسقبلون صلاتهم وفي الابتداء يعيد صلاته لعدم الامتثال المأمور به المقتضي لعدم الأجزاء ويدرك الركعة بادراك الامام راكعا
على المشهور بين الأصحاب وذهب الشيخ إلى أنه انما يدرك الركعة بادراك تكبير الركوع وقد مر تحقيق المسألة في مبحث الجمعة ولا يصح الائتمام مع وجود جسم حائل بين الإمام والمأموم للرجل
يمنع المشاهدة الظاهر أن هذا الحكم متفق عليه بين الأصحاب كما نقله جماعة منهم والأصل فيه ما رواه الشيخ
في الحسن وابن بابويه في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال إن صلى قوم
وبينهم وبين الامام ما لا يتخطى فليس ذلك الامام لهم بامام وأي صف كان أهله يصلون بصلاة امام وبينهم وبين الصف الذي يتقدمهم قدر ما لا يتخطى فليس تلك لهم بصلاة فإن كان بينهم سترة أو
جدار فليس تلك لهم بصلاة الامن كان بحيال الباب قال وهذه المقاصير لم يكن في زمن أحد من الناس وانما أحدثها الجبارون وليس لمن صلى خلفها مقتديا بصلاة من فيها قال وقال
أبو جعفر (ع) ينبغي ان يكون الصفوف تامة متواصلة بعضها إلى بعض لا يكون بين صفين مالا يتخطى يكون قدر ذلك مسقط جسد الانسان واحترز بقوله يمنع المشاهدة عما (يمنعه كالشبابيك) التي لا يمنع الاستطراق
393

دون المشاهدة فان المشهور بين الأصحاب عدم المنع هناك ووافقهم الشيخ في المبسوط وخالف في الخلاف فقال من صلى وراء الشبابيك لا يصح صلاته مقتديا بصلاة الامام الذي يصلي داخلها
واستدل بصحيحة زرارة ولعل موضع الاستدلال النهي عن الصلاة خلف المقاصير فان الغالب فيها أن تكون مشبكة وأجاب المصنف بأنه يجوز ان يكون المقاصير المشار إليها غير مخرمة
وربما يقال وجه الدلالة اطلاق قوله إن صلى قوم وبينهم وبين الامام ما لا يتخطي فليس ذلك الامام (لهم بامام) وفيه تأمل لأن الظاهر أن المراد بعدم التخطي عدم التخطي باعتبار البعد بقرينة ذكر
الحائل بعده وهذه المسألة محل تردد والظاهر أنه لا باس في الحائل القصير الذي لا يمنع المشاهدة ولو كان مانعا من المشاهدة في بعض الأحوال دون بعض فالأقرب انه ليس بمانع لعموم
أدلة الجماعة وعدم ظهور الخبر السابق في المعنى الشامل له ولو لم يشاهد المأموم الامام وشاهد بعض المأمومين صحت صلاته والا بطلت صلاة الصف الثاني واما بعده إذا لم يشاهد
الامام وبطلان ذلك معلوم وقال في المنتهى انه لا يعرف فيه خلافا وذكر جماعة من الأصحاب انه لو وقف المأموم خارج المسجد بحذاء الباب وهو مفتوح بحيث يشاهد الامام أو بعض المأمومين
صحت صلاته وصلاة من على يمينه وشماله وورائه لانهم يرون من يرى الامام ولو وقف بين يدي هذا الصف صف اخر عن يمين الباب أو عن يساره بحيث لا يشاهدون من في المساجد
بطلت صلاتهم والحكم الثاني صحيح واما الحكم الأول فقد ذكره غير واحد من الأصحاب كالشيخ ومن تبعه وهو متجه ان ثبت الاجماع على أن مشاهدة بعض المأمومين يكفي مطلقا والا
كان في الحكم المذكور اشكال نظرا إلى قوله (ع). الا من كان بحيال الباب فان ظاهره قصر الصحة على صلاة من كان بحيال الباب وجعل بعضهم هذا الحصر اضافيا بالنسبة إلى الصف
الذي يتقدمه عن يمين الباب ويساره وفيه عدول عن الظاهر يحتاج إلى دليل والمشهور بين الأصحاب عدم المنع من حيلولة النهر وخالف فيه أبو الصلاح وابن زهرة فان خصا ذلك بما لا يمكن
تخطيه كان وجها مع تأمل فيه وان عما الحكم طولبا بالدليل والتقييد بالرجل احترازا عما لو كان الامام رجلا والمأموم امرأة فإنه يجوز ائتمامها به مع وجود الحائل على المشهور بين
الأصحاب وخالف فيه ابن إدريس حيث قال وقد وردت رخصة للنساء ان يصلين وبينهن وبين الامام حائط والأول أظهر وأصح وعنى به مساواة الرجال والأول أقرب لما رواه الشيخ
عن عمار الساباطي في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلى بالقوم وخلفه دار فيها نساء هل يجوز لهن ان يصلين خلفه قال نعم إن كان الامام أسفل منهن قلت فإن كان
بينهن وبينه حائطا أو طريقا قال لا بأس
وكذا لا يصلح الائتمام مع علو الامام على المأموم وكذا لا يصح الائتمام مع تباعده بغير صفوف بالمعتد فيهما وتنقيح هذا المقام يتم
برسم مسائل الأول المشهور بين الأصحاب انه لا يجوز علو الامام على المأموم في مثل الأبنية دون الأرض المنحدرة وربما ينقل فيه الاجماع وذهب الشيخ في الخلاف إلى الكراهة ورجحه بعض
المتأخرين وتردد فيه المحقق في المعتبر ومستند الأول ما رواه الشيخ وابن بابويه والكليني عن عمار الساباطي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن الرجل يصلي بقوم وهم في موضع أسفل
من موضعه الذي يصلى فيه فقال إن كان الامام على شبه الدكان أو على موضع ارفع من موضعهم لم يجز صلاتهم وإن كان ارفع منهم بقدر إصبع أو أكثر أو أقل إذا كان الارتفاع
بقدر (شبر) يسير فإن كان أرضا مبسوطه وكان في موضع منها ارتفاع فقام الامام في الموضع المرتفع وقام من خلفه أسفل منه والأرض مبسوطه الا انهم في موضع منحدر قال لا بأس
و (قال) إن كان رجل فوق بيت مسطح أو غير ذلك دكانا أو غيره وكان الامام يصلى على الأرض أسفل منه جاز للرجل ان يصلى خلفه ويقتدى بصلاته وإن كان ارفع منه بشئ كثير
وفى الكافي بدل قوله إذا كان الارتفاع بقدر شبر إذا كان الارتفاع ببطن مسيل ففي الخبر اختلاف واضطراب مع عدم صحة سندها ولهذا تردد في الحكم المذكور المحقق
ويجوز علو المأموم على الامام عند الأصحاب وكلام المصنف في المنتهى يشعر بكون ذلك اجماعيا عندنا ويدل عليه مضافا إلى اطلاق الأوامر موثقه عمار السابقة واما ما رواه
الشيخ عن محمد بن أحمد بن يحيى عن محمد بن عيسى عن صفوان وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن محمد بن عبد الله وهو مجهول عن الرضا (ع) قال سألته عن الامام يصلى في موضع
والذين يصلون خلفه في موضع ارفع منه فقال يكون مكانهم مستويا فينبغي حملها على الاستحباب جمعا بين الأدلة الثانية اختلف في مقدار العلو المانع فقيل إنه القدر
المعتد به واختاره المصنف هنا وقيل قدر شبر وقيل ما لا يتخطأه الانسان وقربه المصنف في التذكرة ولعله نظر إلى رواية زرارة السابقة في المسألة المتقدمة وقال في التذكرة لو كان العلو
يسيرا جاز اجماعا الثالثة ان قلنا بالمنع فهل يختص البطلان بصلاة المأمومين أم يعم صلاة الامام الذي ذكره الأصحاب الأول وذهب بعض العامة إلى الثاني الرابعة اتفق علماؤنا
على أنه لا يجوز التباعد بين الإمام والمأموم الا مع اتصال الصفوف واليه ذهب العامة واختلف الأصحاب في تحديده فذهب الأكثر إلى أن المرجع فيه إلى العادة وقال الشيخ في الخلاف حده
بما يمنع من مشاهدته والاقتداء بافعاله ويظهر من المبسوط جواز البعد بثلثمائة ذراع وقال أبو الصلاح وابن زهره لا يجوز ان يكون بين الصفين (ما لا يتخطى) ويدل على هذا القول صحيحة زرارة
المتقدمة في المسألة المتقدمة السابقة وأجاب عنها المحقق في المعتبر بان اشتراط ذلك مستبعد فيحمل على الأفضل وفيه تأمل وأجاب المصنف باحتمال ان يكون المراد ما لا يتخطى من
الحائل لا المسافة وفيه ان الظاهر المسافة بقرينة التصريح بحكم الحائل بعده كما سبق مع أن هذا الحمل لا يوافق قول المصنف من تجويز الصلاة خلف الشبابيك والحائل القصير الذي
لا يمنع المشاهدة ويمنع الاستطراق الخامسة لو خرجت الصفوف المتخللة بين الإمام والمأموم عن الاقتداء إما لانتهاء صلاتهم واما لعدولهم إلى الانفراد وحصل البعد المانع من
الاقتداء تنفسخ القدوه ولا تعود بانتقاله إلى محل الصحة ويحتمل جواز تجديد القدوة مع القرب إذا لم يفعل فعلا كثيرا وذكر بعض المتأخرين ان الأصح ان عدم التباعد انما
يعتبر في ابتداء الصلاة خاصه كالجماعة والعدد في الجمعة تمسكا بمقتضى الأصل السالم من المعارض وهو حسن
وكذا لا يصح الائتمام مع وقوفه اي المأموم قدام الامام هذا قول
علمائنا أجمع على ما حكى عنهم وهو المحكي عن أكثر العامة لان المنقول عن فعل النبي والأئمة (ع) إما تقدم الامام أو تساوي الموقفين فيكون خلافه خلاف المشروع ولان المأموم يحتاج إلى
معرفة حال الامام لغرض المتابعة والتقدم يحوجه إلى استعلام حاله بالالتفات إلى ما ورائه وذلك مبطل وفي الوجهين تأمل وظاهر كلام المصنف جواز المساواة بينهما وهو المشهور
بين الأصحاب وحكى عن ظاهر ابن إدريس المنع من ذلك واعتبار تأخر المأموم ولعل الأول أقرب لاطلاق الأدلة الدالة على شرعية الجماعة وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن
أحدهما (ع) قال الرجلان يؤم أحدهما صاحبه يقوم عن يمينه فان كانوا أكثر من ذلك قاموا خلفه ونحوه روى زرارة عن الصادق (ع) إذ القيام عن اليمين أعم من المحاذاة بل فرده
المتبادر المحاذاة فلو كان التأخر واجبا كان بيانه والاشعار به في مثل هذا القيام لازما حذرا عن تأخير البيان عن وقت الحاجة بل الاغراء بالجهل ويؤيده ما رواه الشيخ عن سعيد
الأعرج باسناد لا يبعد ان يعد موثقا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصف مقاما أيقوم وحده حتى يفرغ من حسابه قال نعم لا باس يقوم بحذاء الامام
وعن أمير المؤمنين (ع) فإن لم يمكن الدخول في الصف قام حذاء الامام أجزأه ويؤيده الرواية الدالة على صحة الصلاة بما إذا قصد كل منهما الإمامة ولعل حجة ابن إدريس التأسي بالنبي صلى الله عليه وآله
والأئمة (ع) وقوله (ع) في صحيحة محمد بن مسلم فان كانوا أكثر قاموا خلفه وما في الاخبار من الصلاة خلفه وتقديم الافراد في الاستنابة بعدم من يصلي بهم والجواب ان مداومة النبي
والأئمة (ع) على ذلك (مم) سلمنا لكنه أعم من الوجوب والامر بالقيام خلفه في صحيحة محمد غير واضح الدلالة على الوجوب مع أن قرينه هو الامر بالقيام عن يمينه محمول على الاستحباب عند
الأكثر وكذا التقدم في باقي الاخبار غير متعين للوجوب بل الدليل الدال على الاستحباب في أكثرها موجود واعلم أن الظاهر أن المعتبر في التقدم والتساوي النظر إلى العرف وقد ذكر جماعة
من الأصحاب ان المعتبر التساوي بالأعقاب فلو تساوى العقبان لم يضر تقدم أصابع رجل المأموم أو رأسه وصدره ولو تقدم عقبة على عقب الامام لم ينفعه تأخر أصابعه ورأسه
واستقرب المصنف في النهاية اعتبار التقديم بالأصابع والعقب معا وصرح بأنه لا يقدح في التساوي تقدم رأس المأموم في حالتي الركوع والسجود ومقاديم الركبتين والاعجاز في
حال التشهد وهذه التفاصيل ليس في شئ من النصوص واعلم أنه اختلف الأصحاب في جواز استدارة المأمومين في المسجد الحرام حول الكعبة فجوزه ابن الجنيد بشرط ان لا يكون
394

المأموم أقرب إلى الكعبة من الامام وبه قطع في الذكرى وأوجب المصنف وقوف المأموم خلف الامام أو إلى أحد جانبيه كما في غير المسجد الحرام ولم اطلع في الجانبين على حجة يعتد
بها والنصوص خالية عن حكمه فالمسألة محل تردد
ويستحب للمأموم الواحد ان يقف على يمين الامام إذا كان رجلا على المشهور بين الأصحاب حتى قال المصنف في المنتهى وهذا الموقف سنة
فلو خالف بان وقف الواحد على يسار الامام أو خلفه لم تبطل صلاته عند علمائنا أجمع وحكى في المختلف عن ابن الجنيد القول بالبطلان مع المخالفة والأصل في هذا الباب
الروايتان السابقتان في المسألة المتقدمة وما رواه الكليني والشيخ عن الحسين بن بشار المدايني انه سمع من يسأل الرضا (ع) عن رجل صلى إلى جانب رجل فقام عن يساره وهو لا يعلم
كيف يضع ثم علم وهو في الصلاة قال يحوله عن يمينه والروايات غير ناهضة بالدلالة على الوجوب فالقول بالاستحباب متجه عملا باطلاق الأدلة الدالة على جواز المخالفة
وإن كان المأموم الواحد امرأة وجب التأخر ان قلنا بتحريم المحاذاة والا استحب كما هو الراجح ويدل على الاستحباب روايات منها ما رواه الشيخ عن أبي العباس قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن الرجل يؤم المرأة في بيته قال نعم تقوم وراءه وعن عبد الله بن بكير عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يؤم المرأة قال نعم تكون خلفه وعن
المرأة تؤم النساء قال نعم تقوم وسطا منهن ولا تتقدمهن ويستحب للمرأة الواحدة مع التأخر ان تقف عن يمين الامام لما رواه ابن بابويه عن هشام بن سالم (في الصحيح) عن أبي عبد الله (ع)
قال الرجل إذا أم المرأة كانت خلفه عن يمينه سجودها مع ركبتيه وما رواه الشيخ عن الفضيل بن يسار قال قلت لأبي عبد الله (ع) أصلي المكتوبة بأم علي قال نعم تكون عن يمينك يكون سجودها
بحذاء قدميك وإن كان مع المأموم الرجل الواحد امرأة وقف الرجل عن يمين الامام والنساء خلفه لما رواه القسم بن الوليد قال سألته عن الرجل يصلي مع الرجل الواحد
معهما النساء قال يقوم الرجل إلى جنب الرجل ويتخلفن النساء خلفهن ويستحب ان يقف العراة المؤتمون بالعاري والنساء المؤتمات بامرأة في صفه اي الامام إما النساء فقد مر
اخبار متعددة دالة على حكمها عند شرح قول المصنف ويجوز ان تؤم المرأة النساء واما العاري فيدل عليه ما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن قوم
صلوا جماعة وهم عراة قال يتقدمهم الامام بركبتيه ويصلي بهم جلوسا وهو جالس والمشهور بين الأصحاب تعين الجلوس عليهم وقيل بوجوب القيام مع امن المطلع ويدفعه اطلاق الرواية المذكورة
وغيرها كحسنة زرارة قال قلت لأبي جعفر (ع) رجل خرج من سفينة عريانا أو سلب ثيابه ولم يجد شيئا يصلي فيه فقال يصلي ايماء وإن كانت امرأة جعلت يدها على فرجها
وإن كان رجلا وضع يده على سوأته ثم يجلسان فيؤميان ايماء ولا يركعان ولا يسجدان فيبدو ما خلفهما ما يكون صلاتهما ايماء برؤسهما الحديث والأكثر على أنه يجب على الجميع الايماء للركوع
والسجود وادعى ابن إدريس الاجماع عليه وقال الشيخ في النهاية يؤمي الامام ويركع من خلفه ويسجد ويدل على الأول اطلاق الامر بالايماء في الأخبار الصحيحة وعلى الثاني قول أبي
الحسن (ع) في موثقة اسحق به عمار في العراة يتقدمهم امامهم فيجلس ويجلسون خلفه فيؤمي ايماء بالركوع والسجود وهم يركعون ويسجدون خلفه على وجوهم ويظهر من المحقق في المعتبر الميل
إلى العمل بهذه الرواية حيث قال وهذه حسنة لا يلتفت إلى من يدعى الاجماع على خلافها وهو غير بعيد والجمع بين الاخبار بالقول بالتخير في المأمومين أيضا ممكن
ويستحب ان تقف الجماعة خلفه لصحيحة محمد بن مسلم ورواية زرارة السابقتين ويستحب ان يكون في الصف الأول أهل الفضل أعني من له مزية وكمال من علم أو عمل أو عقل وقد نقل اتفاق
العلماء على ذلك ويدل عليه ما رواه الكليني وابن بابويه والشيخ عن جابر عن أبي جعفر (ع) قال ليكن الذين يلون الامام أولو الأحلام منكم والنهي فان نسى الامام أو تعايا قوموه أفضل الصفوف
أولها ما دنى من الامام والأحلام جمع حلم بالكسر وهو العقل ومنه قوله تعالى أم يأمرهم أحلامهم بهذا والنهى بالضم أيضا العقل وتعايا اي لم يهتد بوجه مراده أو عجز عنه ولم يطق
احكامه ومما يدل على فضيلة الصف الأول ما روى الصدوق عن أبي الحسن موسى بن جعفر (ع) ان الصلاة في الصف الأول كالجهاد في سبيل الله قيل ولو احتيج إلى أزيد من صف (استحب) اختصاص أهل
الفضل بالصف الأول والثاني بمن دونهم وهكذا لما روى عن النبي صلى الله عليه وآله من طرق العامة ليليني أولوا الأحلام ثم الذين يلونهم ثم الصبيان ثم النساء قال في الذكرى وليكن يمين الصف لا
فاضل الصف الأول (لما روى) ان الرحمة تنتقل من الامام إليهم ثم إلى يسار الصف الأول ثم إلى لثاني والأفضل للأفضل وروى الكليني عن سهل بن زياد باسناده قال قال فضل ميامن الصفوف على مياسرها
كفضل الجماعة على صلاة الفرد قال في المنتهى ويستحب ان يكون النسبة إليه من الطرفين على السواء وروى عنه صلى الله عليه وآله من طريق العامة أنه قال وسطوا الامام وسدوا الخلل وفي بعض الروايات
ما يدل على خلافه وروى الكليني عن علي بن إبراهيم الهاشمي رفعه قال رأيت أبا عبد الله (ع) يصلي بقوم وهو إلى زاوية في بيته بقرب الحائط وكلهم على يمينه وليس على يساره أحد مع أن فضيلة
اليمين تقتضي استحباب توسيعها ويستحب إعادة المنفرد صلاته مع الجماعة سواء كان معهم إماما أو مأموما هذا الحكم متفق عليه بين الأصحاب ويدل عليه روايات منها ما رواه الشيخ
عن محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح قال كتبت إلى أبي الحسن (ع) اني أحضر المساجد مع جيراني وغيرهم فيأمرونني بالصلاة بهم وقد صليت قبل ان اتيهم فربما صلى خلفي من يقتدي بصلوتي
والمستضعف والجاهل وأكره ان أتقدم وقد صليت لحال من يصلي بصلوتي ممن سميت لك فأمرني في ذلك بامرك انتهى إليه واعمل به إن شاء الله فكتب صل بهم وعن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
قال إذا صليت صلاة وأنت في المسجد وأقيمت الصلاة فان شئت فاخرج وان شئت فصل معهم واجعلها تسبيحا وعن عمار الساباطي في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصلي
الفريضة ثم يجد قوما يصلون جماعة أيجوز له ان يعيد الصلاة معهم قال نعم فهو أفضل قلت فإن لم يفعل قال ليس به بأس وعن أبي بصير في الضعيف قال قلت لأبي عبد الله (ع) أصلي ثم ادخل المسجد
فيقام الصلاة وقد صليت فقال صل معهم يختار الله أحبها إليه قال الصدوق في الفقيه قال له رجل أصلي في أهلي ثم اخرج إلى المسجد فيقدموني قال تقدم لا عليك وصل بهم واما ما رواه
الكليني والشيخ عنه عن حفص البختري باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يصلي الصلاة وحده ثم يجد جماعة قال يصلي معهم ويجعلها الفريضة فقال الشيخ
المغني في هذا الحديث ان من صلى ولم يفرغ بعد من صلاته ووجد جماعة فليجعلها نافلة ثم يصلي في جماعة وليس ذلك لمن فرغ من صلاته بنية الفرض لان من صلى الفرض بنية الفرض
فلا يمكن ان يجعلها غير فرض قال والذي يدل على ما ذكرناه ونقل موثقة سماعة قال سألته عن رجل كان يصلي فخرج الامام وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة قال إن كان إماما عادلا فليصل
أخرى وينصرف ويجعلها تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته فإن لم يكن امام عدل فليبن على صلاته كما هو ويصلي ركعة أخرى معه ويجلس قدر ما يقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك له
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة وليس شئ من التقية الا وصاحبها مأجور عليها انشاء الله وعلى هذا المعنى ذكره الشيخ لم يكن الخبر والا محل البحث
واستبعد هذا المعنى بعض المتأخرين وقال الظاهر أن معنى قوله (ع) ويجعلها الفريضة انه يجعلها الصلاة التي صلاها أولا لاغيرها من الصلاة وعندي هذا المعنى محتمل الا ان المعنى الذي
ذكره الشيخ أيضا غير بعيد قال الشيخ ويحتمل أيضا ان يكون أراد بقوله ويجعلها فريضة قضاء لما فاته من الفرائض واستدل بما رواه عن ابن أبي عمير في الصحيح عن سلمة صاحب السابري عن إسحاق بن عمار
قال قلت لأبي عبد الله (ع) يقام الصلاة وقد صليت فقال صل واجعلها لما فات وقد روى الصدوق في الفقيه عن هشام بن سالم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) نحوا من رواية حفص قال وقد
روى أنه يحسب له أفضلهما وأتمهما واعلم أن المستفاد من كلام المصنف حيث خص الحكم بالمنفرد ان من صلى الفريضة في جماعة ثم وجد جماعة أخرى لا يستحب له الإعادة ورجحه بعض أفاضل المتأخرين
وتردد فيه المصنف في المنتهى وحكم الشهيد في الذكرى باستحباب الإعادة للمنفرد والجامع ولا يبعد هذا القول نظرا إلى عدم الاستفعال في صحيحة محمد بن إسماعيل والأحوط الأول لعدم
ما يدل عليه صريحا وتوقف الصلاة على توقيف الشارع وقد روى عنه (ع) لا تصل صلاة في يوم مرتين ولو صلى اثنان فرادى ففي (استحباب) إعادة الصلاة لهما جماعة وجهان أقربهما المنع لعدم
عموم الروايات التي هي الأصل في هذا الباب بالنسبة إلى محل البحث وإذا أعاد المنفرد صلاته جماعة وقصد التعرض للوجه في النية نوى الاستحباب لخروجه عن عهدة الصلاة الواجبة الأول فلا
يكون الثانية واجبة وجوز الشهيد في الذكرى والدروس ايقاعها على وجه الوجوب استنادا إلى رواية هشام بن سالم وهو ضعيف جدا
ويكره وقوف المأموم الرجل وحده مع سعة
395

الصفوف على المشهور بين الأصحاب ونقل بعضهم الاجماع عليه نقله المصنف وغيره وحكى عن ابن الجنيد انه منع عن ذلك والأول أقرب لنا على رجحان تركها ما رواه الشيخ عن الفضيل بن
يسار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال أتموا الصفوف إذا وجدتم خللا ولا يضرك ان تتأخر إذا وجدت ضيقا في الصف ونمشي منحرفا حتى يتم الصف وعن السكوني عن جعفر عن أبيه (ع) قال قال أمير
المؤمنين (ع) قال رسول الله (ص) لا تكونن في العيكل قلت وما العيكل قال إن يصلي خلف الصفوف وحدك وعنه عن أبيه عن ابائه (ع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله سواق بين صفوفكم وما زاد (وحاذوا)
بين مناكبكم لا يستحوذ عليكم الشيطان ويؤيده ما دل على أنه يكبر ويمشي حتى يلحق بالصفوف إذ الظاهر أن اللحوق بالصفوف الدخول فيها روى الشيخ عن معاوية بن وهب في الصحيح قال
رأيت أبا عبد الله (ع) يوما وقد دخل المسجد الحرام لصلاة العصر فلما كان دون الصفوف ركعوا فركع ثم سجد السجدتين ثم قام فمضى حتى لحق بالصفوف وعلى الجواز ما رواه الشيخ عن
أبي الصباح باسناد فيه اشتراك قال سألنا أبا عبد الله (ع) عن الرجل يقوم في الصف وحده قال لا باس انما يبدو واحد بعد واحد احتج ابن الجنيد برواية السكوني السابقة وبما روى
من طريق العامة ان النبي صلى الله عليه وآله أبصر رجلا خلف الصفوف وحده فأمره ان يعيد الصلاة والجواب بعد التنزل عن استضعاف السند انهما محمولان على الكراهة جمعا بين الأدلة ولا كراهة في القيام
وحده إذا كان الصف متضايقا لما رواه الشيخ عن سعيد بن عبد الله الأعرج في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يدخل المسجد ليصلي مع الامام فيجد الصف متضايقا باهله فيقوم
وحده حتى يفرغ الامام من الصلاة أيجوز ذلك له فقال نعم لا باس به والأولى وقوفه بحذاء الامام لرواية سعيد الأعرج قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يأتي الصلاة فلا يجد في الصف
مقاما أيقوم وحده حتى يفرغ من صلاته قال نعم لا باس يقوم بحذاء الامام ولو وجد المصلي خللا في صف فله السعي إليه ولا كراهة في خرق الصفوف لانهم قصروا حيث تركوا تلك
الخلل نعم لو أمكن الوصول إليه بدون خرق الصف لا يبعد ان يكون أولي ولا كراهة في وقوف المراة وحدها إذا لم يكن لها نساء بل يستحب لها ذلك ويكره أيضا تمكين الصبيان من الصف
الأول بل يكره تقديم غير أولي الفضل من الصف الأول ويكره لهم أيضا ويكره أيضا التنقل بعد قد قامت الصلاة على المشهور بين الأصحاب ونقل عن الشيخ في النهاية وابن حمزة انهما
منعا من ذلك قال في الذكرى وقد يحمل على ما لو كانت الجماعة واجبة وكان ذلك يؤدي إلى فواتها والأول أقرب لما رواه الشيخ وابن بابويه عن عمر بن يزيد في الصحيح انه سأل أبا عبد الله (ع)
عن الرواية التي يروون انه لا ينبغي ان يتطوع في وقت فريضة ما حد هذا الوقت قال إذا اخذ المقيم في الإقامة فقال له ان الناس يختلفون في الإقامة قال الإقامة التي تصلي معهم ويؤيد
الامر بالقيام إلى الصلاة عند سماع قد قامت وقد تعلل الكراهة المذكورة بان فيه تشاغل بالمرجوح عن الراجح وفيه تأمل ويكره أيضا القراءة خلف المرضى إذا لم يسمع صوت الامام
ولا همهمته فيستحب له القراءة حينئذ على رأى اختلف الأصحاب في هذه المسألة اختلافا كثيرا حتى قال الشارح الفاضل انه لم يقف في الفقه على خلاف في مسألة يبلغ في هذه المسألة من
الأقوال ولنذكر نبذة من الأقوال الذي وصل إلى في هذه المسألة قال أبو جعفر بن بابويه في المقنع واعلم أن على القوم في الركعتين الأوليين ان يستمعا إلى قرائة الامام وإذا كان
في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة سبحوا وعليهم في الركعتين الافرادين ان يسبحوا وقال المرتضى لا يقرأ المأموم خلف الموثوق به في الأوليين في جميع الصلوات من ذوات الجهر والاخفات
الا ان يكون صلاة جهر لم يسمع فيها المأموم قراءة الإمام فيقرء كل واحد لنفسه وهذا أشهر الروايات وروى أنه لا يقرأ فيما جهر فيه الامام ويلزمه القراءة فيما يخافت فيه الامام وروى أنه
بالخيار فيما يخافت فيه واما الأخيرتان فالأولى ان يقرء المأموم أو يسبح فيهما وروى أنه ليس عليه ذلك وقال الشيخ في النهاية إذا تقدم من هو بشرائط الإمامة فلا تقرأ ان خلفه جهرة
أو اخفاتية بل تسبح مع نفسك وتحمد الله وإن كانت جهرية فانصت للقراءة فان خفى عليك قراءة الإمام قرأت لنفسك وان سمعت مثل الهمهمة من قراءة الإمام جاز لك ان لا
تقرأ وأنت مخير في القراءة ويستحب ان يقرء الحمد وحدها فيما لا يجهر الامام بالقراءة فيهما وان لم تقرأها فليس عليك شئ وقال ابن البراج ومتى أم من يصح تقدمه بغيره في صلاة
جهر وقرء فلا يقرا المأموم بل يسمع قراءته وإن كان لا يستمع قراءته كان مخيرا بين القراءة وتركها وإن كانت صلاة اخفات استحب للمأموم ان يقرء فاتحة الكتاب وحدها وبعدها ويجوز
ان يسبح الله ويحمده وقال أبو الصلاح ولا تقرأ خلفه في الأوليين من كل صلاة ولا في الغداة الا ان يكون بحيث لا تسمع قرأته ولا صوته فيما يجهر فيه فيقرء وهو في الأخيرتين من الرباعيات
وثالثة المغرب بالخيار بين قراءة الحمد والتسبيح والقراءة أفضل وقال ابن حمزة فالواجب أربعة أشياء وعد منها الانصات لقراءته ثم قال وإذا اقتدى بالامام لم يقرء في الأوليين فان
جهر الامام وسمع انصت وان خفى عليه قرا وان سمع مثل الهمهمة فهو مخير ان خافت الامام سبح في نفسه وفي الأخيرتين ان قرء كان أفضل من السكوت وقال سلار في قسم المندوب ولا
يقرأ المأموم خلف الامام وروى أن ترك القراءة في صلاة الجهر خلف الامام واجب والا ثبت الأول وقال ابن زهرة ويلزم المؤتم ان يقتدي بالامام عرفا وفعلا فلا يقرء في الأوليين
من كل صلاة ولا في الغداة الا ان يكون صلاة جهر وهو لا يسمع قراءة واما الأخريان وثالثة المغرب فحكمه فيها حكم المنفرد قال في الذكرى وهذه العبارة وعبارة أبي الصلاح
يعطي وجوب القراءة أو التسبيح على المؤتم في الأخيرتين وكأنهما اخذاه عن كلام المرتضى وقال ابن إدريس اختلف الرواية في القراءة خلف الإمام الموثوق به فروى أنه لا قراءة
على المأموم في الأوليين في جميع الركعات والصلاة سواء كانت جهرية أو اخفاتية في أظهر الروايات والذي يقتضي أصول المذهب ان الامام ضامن للقراءة بلا خلاف
وروى أنه لا قراءة على المأموم في الأوليين في جميع الصلوات الجهرية والاخفاتية الا ان يكون صلاة جهر لم يسمع فيها المؤتم قراءة الإمام فيقرء لنفسه وروى أنه ينصت
فيما جهر فيه الامام بالقراءة ولا يقرء هو شيئا ويلزمه القراءة فيما خافت وروى أنه بالاخبار فيما خافت فيه الامام فاما الركعتان الأخيرتان فقد روى أنه لا قراءة فيهما ولا تسبيح
وروى أنه يقرء فيهما أو يسبح والأول أظهر وقال المحقق ويكره القراءة خلف الإمام في الاخفاتية على الأشهر وفي الجهر لو سمع ولو همهمة ولو لم يسمع قرء وقال يسقط القراءة
عن المأموم وعليه اتفاق العلماء ونقل عن الشيخين انهما قالا لا يجوز ان يقرء المأموم والجهرية إذا سمع قرائة الامام ولو همهمة وقا ل ابن عمه نجيب الدين رواه لا يقرأ المأموم
في صلاة جهر بل يصغي فإن لم يسمع وسمع كالهمهمة اجزاءه وجاز ان يقرء وكان في صلاة اخفات سبح مع نفسه وحمد الله وندب إلى قراءة الحمد فيما لا يجهر فيه وقال المصنف في المختلف
ولنورد هيهنا أجود ما بلغنا من الأحاديث وأوضحها طريقا ثم نقل عده من الروايات الآتية ثم قال والأقرب في الجمع بين الاخبار استحباب القراءة في الجهرية إذا لم يسمع ولا
همهمة لا الوجوب وتحريم القراءة فيها مع السماع القراءة والتخيير بين القراءة والتسبيح في الأخيرتين من الاخفاتية وقال في التذكرة لا يجب على المأموم القراءة سواء كانت الصلاة
جهرية أو اخفاتية وسواء سمع قراءة الإمام أم لا ولا يستحب في الجهرية مع السماع عند علمائنا أجمع ثم نقل عن الشيخين انه لا يجوز القراءة في الجهرية مع السماع ولو همهمة
ثم قال ويحتمل الكراهة وقال ولو لم يسمع للقراءة في الجهرية ولا همهمة فالأفضل القراءة ونقل عن الشيخ استحباب قراءة الحمد خاصة في صلاة السر والذي اطلعت عليه في هذا
الباب روايات
الأول ما رواه ابن بابويه عن الحلبي في الصحيح ورواه الكليني والشيخ عنه في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا صليت خلف امام مؤتم به فلا
تقرأ خلفه سمعت قراءته أم لم تسمع الا ان يكون صلاة يجهر فيها بالقراءة ولم تسمع فاقرء الثانية وما رواه الكليني والشيخ عنه عن عبد الرحمن بن الحجاج في الصحيح قال سألت أبا عبد
الله (ع) عن الصلاة خلف الامام اقرأ خلفه فقال إما الصلاة التي لا يجهر فيها بالقراءة فان ذلك جعل إليه فلا تقرأ خلفه واما الصلاة التي يجهر فيها فإنما أمر بالجهر لينصت من خلفه
فان سمع فانصت وان تسمع فاقرا هكذا في الكافي ونقله في التهذيب بتفاوت في المتن الثالثة ما رواه الشيخ وابن بابويه والكليني عن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح
قالا عن أبي جعفر (ع) انه كان قال أبو جعفر (ع) كان أمير المؤمنين (ع) يقول عن قرء خلف امام يأتم به فمات بعث على غير الفطرة فطرة. الرابعة ما رواه ابن بابويه عن زرارة في الصحيح
عن أبي جعفر (ع) أنه قال وان كنت خلف امام فلا تقران شيئا في الأوليين وانصت لقراءته ولا تقرأن شيئا في الأخيرتين فان الله عز وجل يقول للمؤمنين
396

وإذا قرئ القران يعني في الفريضة خلف الامام فاستمعوا له وانصتوا لعلكم ترحمون والأخريان (والأخيرتان) تبعا لأوليين الخامسة ما رواه الشيخ عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله عليه السلام
قال إذا صليت خلف امام يأتم به فلا تقرأ خلفه سمعت قرائته أو لم تسمع السادسة ما رواه الشيخ عن سليمان بن خالد في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) أيقرأ الرجل في الأولى والعصر
خلف الامام وهو لا يعلم أنه يقرء قال لا ينبغي له ان يقرأ يكله إلى الامام السابعة ما رواه الكليني والشيخ عنه عن زرارة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أحدهما (ع) قال إذا كنت خلف امام
تأتم به فانصت وسبح في نفسك الثامنة ما رواه الكليني والشيخ عنه عن قتيبة في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت خلف امام ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة
فلم تسمع قرأته فاقرا أنت لنفسك وان كنت تسمع الهمهمة فلا تقرأ التاسعة ما رواه عن الحسن بن علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن الأول (ع) عن الرجل يصلي خلف امام يقتدي
به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فلا يسمع القراءة قال لا باس ان صمت وان قرأ العاشرة ما رواه عن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها
بالقراءة حتى يفرغ وكان الرجل مأمونا على القران فلا تقرأ خلفه في الأوليين وقال يجزيك التسبيح في الأخيرتين قلت اي شئ تقول أنت قال اقرأ فاتحة الكتاب الحادية عشر ما رواه
الشيخ وغيره عن عمر بن يزيد في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن امام لا باس به في جميع امره عارف غير أنه يسمع أبويه الكلام الغليظ الذي يغضبهما اقرأ خلفه (قال لا تقرأ خلفه) ما لم يكن عاقا
قاطعا الثانية عشر ما رواه الشيخ عن يونس بن يعقوب في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) (عن الصلاة) خلف من ارتضى به اقرأ خلفه فقال من رضيت به فلا تقرأ خلفه الثالثة عشر ما رواه
الشيخ عن سماعة في الموثق قال سألته عن الرجل يام الناس فيستمعون صوته ولا يفقهون ما يقول فقال إذا سمع صوته فهو يجزيه وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه الرابعة عشر ما رواه
ابن بابويه والشيخ عن بكر بن محمد الأزدي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إني أكره للمؤمن ان يصلي خلف الامام في صلاة لا يجهر فيها بالقراءة فيقوم كأنه حمار قال قلت جعلت فداك فيصنع
ماذا قال (يسبح) الخامسة عشر ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن علي المرافقي وأبي احمد عمرو بن الربيع البصري عن جعفر بن محمد (ع) انه سئل عن القراءة خلف الإمام فقال إذا كنت خلف الامام
تولاه وتثق به فإنه يجزيك قرائته وان أحببت ان تقرأ فاقرأ فيما يخافت فيه فإذا جهر فانصت قال الله تعالى وانصتوا لعلكم ترحمون السادسة عشر ما رواه الشيخ عن سالم
أبي خديجة عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كنت امام قوم فعليك ان تقرأ في الركعتين الأوليين وعلى الذين خلفك ان يقولوا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهم قيام
فإذا كان في الركعتين الأخيرتين فعلى الذين خلفك ان يقرؤا فاتحة الكتاب وعلى الامام التسبيح مثل ما يسبح القوم في الركعتين الأخيرتين (الأوليين خ ل) السابعة عشر ما رواه الشيخ عن الحسين بن
بشير عن أبي عبد الله (ع) انه سأله رجل عن القراءة خلف الإمام فقال لا ان الامام ضامن للقراءة وليس يضمن الامام صلاة الذين خلفه وانما يضمن القراءة الثامنة عشر قال
الصدوق في الفقيه وفي رواية عبيد بن زرارة انه ان سمع الهمهمة فلا يقرأ التاسعة عشر ما رواه الشيخ عن عبد الرحيم القصير قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول إذا كان الرجل تعرفه
يام الناس فقرأ القران فلا تقرؤا عند قراءته العشرون ما نقل المحقق في المعتبر عن ابن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال إذا كان مأمونا على القراءة فلا تقرأ خلفه في الأخيرتين الحادية والعشرون
ما نقله المحقق أيضا عن أبي حذيفة عنه (ع) قال إذا كنت في الأخيرتين فقل للذين خلفك يقرؤن فاتحة الكتاب إذا عرفت هذا فاعلم أن الذي ترجح عندي بالنظر إلى هذه الأخبار
تحريم القراءة في الاخفاتية مطلقا سواء كان في الأوليين أم في الأخيرتين وكذا تحريم القراءة في الجهرية عند سماع قرائة الامام ولو كانت همهمة وانه يستحب القراءة إذا كانت الصلاة جهرية
ولم يسمع القراءة ولا همهمة إما تحريم القراءة إذا كانت الصلاة جهرية وسمع قرائة الامام فللامر بالانصات في الآية وللرواية الأولى والثانية والثالثة والرابعة والخامسة
والسادسة والسابعة والثامنة والحادية عشر والثانية عشر والرابعة عشر والسادسة عشر والسابعة عشر والامر في هذه الأخبار وان لم يكن صريحا في وجوب عدم القراءة
الا انه يفهم ذلك منه بقرينة الآية والخبر الثالث ولا يعارض ما ذكرناه عموم رواية أبي خديجة الدال على رجحان القراءة للمأموم في الركعتين الأخيرتين لأنها رواية ضعيفة
لا يصلح معارضا لما ذكرنا من الاخبار واما الحاق استماع الهمهمة بالاستماع التام فلعموم الآية وصدق السماع وعموم الرواية الثالثة والرابعة والخامسة والسابعة والحادية
عشر والرابعة عشر والسادسة عشر وللتصريح به في الرواية الثامنة والسابعة عشر واما تحريم القراءة في الاخفاتية مطلقا فللرواية الأولى والثانية والثالثة والخامسة والسابعة
والحادية عشر والسادسة عشر فان قلت ظاهر الرواية السادسة الكراهة حيث قال (ع) لا ينبغي وأيضا ظاهر صحيحة عبد الله بن سنان رجحان القراءة للمأموم في الركعتين الأخيرتين حيث خص
النهى عن القراءة بالأوليين وقال يجزيك التسبيح في الأخيرتين فإنه يدل على اجزاء القراءة أو رجحانه وقوله (ع) اقرأ فاتحة الكتاب أيضا يدل على رجحان القراءة فيهما وأيضا قوله (ع) في
موثقة سماعة وإذا لم يسمع صوته قرأ لنفسه شامل للإخفاتية وأيضا يعارض ما ذكرتم الرواية الرابعة عشر والخامسة عشر قلت الجواب عن الأول انه لفظة لا ينبغي كثيرا ما يستعمل في
المعنى الشامل للتحريم وليس له ظهور واضح في الكراهة بحيث يصلح للاحتجاج سلمنا لكنها تحمل على ما ذكرنا جمعا بين الأدلة إذ ظاهر ان هذا التأويل أقرب من ارتكاب التأويل
في الأخبار الكثيرة وعن الثاني ان التخصيص بالأوليين خرج مخرج الأغلب حيث تكون الأوليان محل القراءة غالبا فلا يعتبر المفهوم وقوله يجزيك التسبيح في الأخيرتين ليس له دلالة
واضحة على اجزاء غيره فكأنه لرفع توهم ان التسبيح كيف يكون مجزئا مع أن الصلاة لا يتم الا بالقراءة فدفعه (ع) بالتنصيص على الأجزاء وليس الغرض متعلقا باجزاء غيره أو رجحانه
وقوله يجزيك التسبيح يحتمل ان يكون المراد به تسبيح الامام ويحتمل ان يكون المراد به تسبيح المأموم
وقوله (ع) اقرأ فاتحة الكتاب لا يدل على ما ذكر لان الائتمام بالنسبة إليه (ع) لا يتحقق
الا خلف غير المرضى وهناك لا يسقط القراءة فلا يدل على رجحان القراءة خلف المرضى على أن قوله (ع) قال يجزئك التسبيح في الأخيرتين إلى اخره يحتمل ان يكون خبرا اخر منقطعا
عن الخبر الأول ذكره الراوي بعد نقل الأول لا ان يكون تتمة للرواية الأولى ويؤيد ذلك بعد فرض الائتمام بالنسبة إليه (ع) وحينئذ لا يدل الخبر على رجحان القراءة بالنسبة
إلى المأموم والجواب عن الثالث ان المتبادر من الرواية ان الكلام في الصلاة الجهرية وعن الرابع ان الروايتين ضعيفتان لا يصلحان لمعارضة ما ذكرنا من الأدلة واما
رجحان القراءة إذا لم يسمع القراءة في الجهرية فللرواية الأولى والثانية والثامنة والثانية والتاسعة عشر ولا يدفعه الرواية الخامسة لأنه مطلق والمقيد حاكم عليه مع أن
الحلبي راوي هذا الحديث قد نقل الاستثناء السابق الدال على ما ذكرنا فيجوز ان يكون الراوي ههنا قد أسقط بعض الرواية واما عدم وجوب القراءة في الصورة المذكورة
فللرواية التاسعة واعلم أنه ذكر جماعة من الأصحاب انه يستحب للمأموم التسبيح في الاخفاتية وهو حسن للرواية الثالثة عشر ويحتمل ان يقال بعموم استحباب
التسبيح عملا بظاهر حسنة زرارة لكن فيه عدول عن ظاهر الآية إذا الظاهر أن الانصات الذي هو السكوت ينافيه وبالجملة الجمع بينها وبين الآية يكون بوجهين إما بان يقال التسبيح الخفي بحيث
لا يظهر ولا يفهم لا ينافي صدق الانصات والسكوت العرفي أو يقال المراد بالتسبيح في الخبر التسبيح والذكر القلبي ويشعر به قوله (ع) في نفسك وانما قيد المصنف بالمرضى لوجوب القراءة
خلف غير المرضى وقال في المنتهى لا نعرف فيه خلافا ويدل عليه انتفاء القدوة وكونه منفردا في نفس الامر وان تابعه ظاهرا فلا يسقط القراءة الواجبة ويدل عليه ما رواه الكليني
والشيخ عنه عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال إذا صليت خلف امام لا تقتدي به فاقرأ خلفه، سمعت قرائته أو لم تسمع وما رواه الشيخ عن علي بن أسباط في الحسن عن بعض
أصحابه عن أبي عبد الله (ع) وأبي جعفر (ع) في الرجل يكون خلف الامام لا يقتدي به فيسبقه الامام بالقراءة قال إذا كان قد قرء أم الكتاب أجزأه يقطع ويركع قوله (ع) يقطع يعني السورة
ومفهومه عدم الأجزاء عند عدم قرائة الحمد لا يقال قد روى الشيخ عن عبد الله بن بكير في الموثق وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه عن أبيه بكير بن أعين وهو ممدوح قال سألت أبا
عبد الله (ع) عن الناصب يؤمنا ما تقول في الصلاة معه فقال إما إذا جهر فانصت للقران واسمع ثم اركع واسجد أنت لنفسك وهذا الخبر دال على عدم وجوب القراءة لأنا نقول قد
397

أجيب عنه بوجهين أحدهما انه لا يلزم من الانصات عدم القراءة لجواز الانصات عند قراءة الإمام والقراءة عند سكوته كما روى الشيخ عن معاوية بن وهب في الصحيح عن أبي عبد الله (ع)
قال سألته عن الرجل يأم القوم وأنت لا ترضى به في صلاة يجهر فيها بالقراءة فقال سمعت كتاب الله يتلى فانصت له قلت فإنه يشهد علي بالشرك قال إن عصى الله قاطع الله فرددت
عليه فابى ان يرخص لي قال فقلت له اصلى اذن في بيتي ثم اخرج إليه فقال أنت وذاك وقال إن عليا (ع) كان في صلاة الصبح فقرا ابن الكوا وهو خلفه ولقد اوحى إليك والى
الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين فانصت علي تعظيما للقران حتى فرغ من الآية ثم عاد في قرائته ثم عاد ابن الكوا الآية فانصت علي أيضا ثم قرأ
فأعاد ابن الكوا فانصت علي أيضا ثم قرأ فأعاد ابن الكوا فانصت علي ثم قال فاصبر ان وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ثم أتم السورة ثم ركع وهذا الجواب لا يخلو عن بعد
وثانيهما ان يكون المراد حال التقية فحينئذ ينصت ويقرأ فيما بينه وبين نفسه سر ا ولا يجب الجهر بالقراءة في الجهرية لما رواه الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن (ع)
عن الرجل يصلى خلف من لا يقتدي بصلاته والامام يجهر بالقراءة قال اقرأ لنفسك وان لم تسمع نفسك فلا بأس
وعن محمد بن أبي عمير في الصحيح عن محمد بن إسحاق ومحمد بن أبي حمزة وهو
ثقة عمن ذكره عن أبي عبد الله (ع) قال يجزيك إذا كنت معهم من القراءة مثل حديث النفس ويجزيه الفاتحة وحدها مع تعذر قرائة السورة وان قلنا بوجوب السورة والظاهر أنه لا
خلاف فيه بين الأصحاب ونقل بعضهم الاجماع عليه ويدل عليه رواية علي بن أسباط السابقة وغيرها ولو ركع الامام قبل اكمال الفاتحة فقيل إنه يقرأ في ركعه وقيل يسقط
القراءة للضرورة وبه قطع الشيخ في التهذيب حتى قال إن الانسان إذا لم يلحق القراءة معهم جاز له ترك القراءة والاعتداد بتلك الصلاة بعد أن يكون قد أدرك الركوع واستدل
بما رواه عن إسحاق بن عمار في الضعيف قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني ادخل المسجد فأجد الامام قد ركع وقد ركع القوم فلا يمكنني ان أؤذن وأقيم وأكبر فقال لي فإذا كان كذلك فادخل
معهم في الركعة واعتد بها فإنها من أفضل ركعاتك قال إسحاق فلما سمعت اذان المغرب وانا على بابي قاعد قلت للغلام انظر أقيمت الصلاة فجاءني فقال نعم فقمت مبادرا فدخلت المسجد
فوجدت الناس قد ركعوا فركعت مع أول صف أدركت واعتددت بها ثم صليت بعد الانصراف أربع ركعات ثم انصرفت فإذا خمسة أو ستة من جيراني قد قاموا إلي من المخزوميين
والأمويين فاقعدوني ثم قالوا يا أبا هاشم جزاك الله عن نفسك خيرا فقد والله رأينا خلاف ما ظننا بك وما قيل فيك فقلت وأي شئ ذاك فقالا تبعناك حتى قمت إلى
الصلاة ونحن نرى أنك لا تقتدي بالصلاة معنا فقد وجدناك قد اعتددت بالصلاة معنا وصليت بصلاتنا فرضى الله عنك وجزاك خيرا قال فقلت لهم سبحان الله المثلي يقال
هذا فعلمت ان أبا عبد الله (ع) لم يأمرني الا وهو يخاف علي هذا وشبهه ويدل عليه أيضا ما رواه الشيخ عن أحمد بن عائذ في الضعيف قال قلت لأبي الحسن (ع) اني ادخل مع هؤلاء
في صلاة المغرب فيعجلوني إلى ما ان أؤذن وأقيم ولا اقرأ شيئا حتى إذا ركعوا ركعت معهم أفيجزئني ذلك قال نعم والروايتان ضعيفتان يشكل التعويل عليهما والاتمام والإعادة
عند عدم التمكن من قرائة الفاتحة طريقة الاحتياط
وتجب التبعية لا خلاف في ذلك بين الأصحاب بل قال المحقق في المعتبر تجب متابعة الامام في أفعال الصلاة وعليه اتفاق العلماء
وفي المنتهى متابعة الامام واجبة وهو قول أهل العلم واستدل عليه ببعض الروايات الواردة من طريق العامة ويدل عليه الرواية الآتية وعدم صدق الجماعة بدونه فلا يسقط عنه
القراءة الواجبة وفسرت المتابعة هنا بعدم تقدم المأموم على الامام فلو قدم بطلت صلاته ولو اخر صحت وفي المساواة تردد والأقرب الجواز لأصالة عدم وجوب التأخر وصدق
الجماعة عند المقارنة نعم التأخر أفضل قال ابن بابويه ان من المأمومين من لا صلاة له وهو الذي يسبق الامام في ركوعه وسجوده ورفعه ومنهم من له صلاة واحدة وهو المقارن له في
ذلك ومنهم من له أربع وعشرون ركعة وهو الذي يتبع الامام في كل شئ ويركع بعده ويسجد بعده ويرفع منهما بعده هذا في الافعال واما الأقوال فالظاهر أنه لا خلاف في وجوب المتابعة
في تكبيرة الاحرام وهل يجوز المقارنة فيه قولان أجودهما المنع للشك في تحقق الجماعة والائتمام حينئذ فلا يحصل اليقين بالبرائة من التكليف الثابت واستدل عليه أيضا بقول النبي صلى الله عليه وآله
إذا كبر فكبروا فان الفاء في التعقيب وبان الظاهر من الاقتداء بامام صدق المصلى عليه حال النية وإرادة الاقتداء ولا يتحقق ذلك الا بالشروع فيها بالتلبس بالتكبيرة واما
باقي الأقوال ففي وجوب المتابعة فيها قولان أحدهما عدم الوجوب واختاره المصنف وثانيهما الوجوب واختاره الشهيد في جملة من كتبه والأول أقرب لحصول الامتثال بالتكليف المقتضى
للاجزاء إذا المكلف به الاتيان بالأقوال لاطلاق التكليف وعدم ما يصلح للتقييد فمن أوجب قيدا احتاج إلى دليل ولأنه لو وجب المتابعة فيها لوجب على الامام الجهر بها
ليتمكن المأموم من متابعته والتالي باطل اجماعا فيلزم بطلان المقدم وتكليف المأموم بتأخير الذكر إلى أن يعلم وقوعه من الامام أو يظن ذلك لا يخلو عن بعد والاستدلال على عدم وجوب
المتابعة بجواز تقديم التسليم ضعيف فإن لم يتابع المأموم في الافعال وقدم على الامام في الركوع أو السجود أو القيام عامدا استمر حتى يلحقه الامام والا اي وان لم يكن التقديم
عامدا رجع وأعاد مع الامام تقديم المأموم لا يخلوا ما ان يكون في رفع الرأس من الركوع أو السجود (أولا)
فإن كان التقديم في رفع الرأس من الركوع أو السجود فلا يخلو إما ان
يكون عمدا أو سهوا فإن كان عمدا فالمشهور بين الأصحاب انه يستمر ونسبه في الذكرى إلى المتأخرين وظاهر الشيخ في المبسوط البطلان حيث قال من فارق الامام لغير عذر بطلت صلاته وقال المفيد
في المقنعة ومن صلى مع امام يأتم به فرفع رأسه قبل الامام فليعد إلى الركوع حتى يرفع رأسه (معه وكذلك إذا رفع رأسه) من السجود قبل الامام فليعد إلى سجوده ليكون ارتفاعه عنه مع الامام وعموم هذه
العبارة يشمل العامد أيضا حجة القول باستمراره ما رواه الشيخ عن عبد الله بن المغيرة في الصحيح وهو من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن غياث بن إبراهيم الثقة وقد ذكره الشيخ
في بعض المواضع انه (بتري) قال سئل أبو عبد الله (ع) عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام أيعود فيركع إذا ابطأ الامام ويرفع رأسه قال لا وانه لو عاد إلى الركوع أو السجود بعد
الرفع منه يكون قد زاد ما ليس من الصلاة من غير عذر مسوغ للزيادة وهو مبطل واستشكل بضعف الرواية من حيث السند وعدم دلالتها على أن الرفع وقع على سبيل العمد وبان الفعل
المتقدم على فعل الامام وقع منهيا عنه كما هو المفروض لترتب الاثم عليه اجماعا فلا يكون مبرئا للذمة ولا مخرجا عن العهدة واعادته تستلزم زيادة في أفعال الصلاة وهو مبطل
عندهم فيحتمل بطلان الصلاة لذلك وفي الحجتين والاشكال نظر إما حجة الأولى وهي الرواية فلانها معارضة بالأخبار الآتية الدالة على العود ولا قرينة على اختصاص هذه الرواية
بالعامد واختصاص تلك الروايات بالساهي ففي التخصيص المذكور تحكم واضح واما الحجة الثانية فلانا لا نسلم ان الزيادة في الصلاة مبطلة مطلقا لابد لذلك من دليل واما في الاشكالات
فلما أشرنا إليه مرارا من أن الراجح عندي العمل بالاخبار الموثقة مع أن غياث بن إبراهيم وثقة النجاشي ولم يذكر انه تبري وكذلك الشيخ لم يذكر ذلك في الفهرست ولا حين ذكره من
أصحاب الصادق والكاظم (ع) انما ذكر ذلك حين ذكره في رجال الباقر (ع) مع أن في صحة الرواية إلى عبد الله بن المغيرة اشعار واضح بحسنها والرواية وان لم تكن صريحة في العمد الا ان عمومها
يشمله فيمكن (الاستدلال) بظاهرها وكون الفعل المتقدم على فعل الامام وقع منهيا عنه مسلم لكن لا نسلم ان الرفع واجب بالأصالة حتى يلزم من عدم مشروعيته وجوب الإعادة على أن استلزام اعادته
بطلان الصلاة بناء على أنه زيادة في الواجب ممنوع والتحقيق ان مقتضى الجمع بين الخبر السابق وبين الاخبار الآتية التخيير بين الاستمرار والعود لكن يشكل الحكم في الرفع من السجود لاختصاص
الرواية الدالة على الاستمرار بالركوع واثبات عدم القائل بالفصل في غاية الاشكال والاحتياط في الجمع بين العود وإعادة الصلاة ولا يبعد اختصاص الروايات بغير العمد لكونه
الاكثري المحتاج إلى السؤال المتبادر إلى الذهن وإن كان التقديم في رفع الرأس من الركوع أو السجود سهوا فالمشهور بين الأصحاب انه يعيد وجوبا وذهب المصنف في التذكرة والنهاية
إلى أنه يعيد استحبابا والأصل في هذا الباب روايات متعددة منها ما رواه الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن (ع) عن الرجل يركع مع امام يقتدى به ثم يرفع رأسه قبل الامام
فقال يعيد ركوعه معه وعن ربعي بن عبد الله والفضيل بن يسار في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قالا سألناه
عن رجل صلى مع امام يأتم به فرفع رأسه من السجود قبل ان يرفع الامام رأسه من السجود قال فليسجد
398

ورواه الصدوق عن الفضيل بن يسار في الصحيح وما رواه الشيخ عن محمد بن سهل في الحسن عن أبيه عن أبي الحسن (ع) قال سألته عمن ركع مع امام يقتدى به ثم رفع رأسه قبل الإمام قال يعيد
ركوعه ودلالة هذه الأخبار على الوجوب غير واضح مع أن الجمع بينها وبين موثقة غياث يقتضي حملها على الاستحباب
لكن يشكل الحكم في تقديم رفع الرأس من السجود لان الحكم
بالعود هناك سالم عن المعارض واثبات عدم القائل بالفرق في غاية الاشكال والامر وان لم يكن واضح الدلالة على الوجوب الا ان البراءة اليقينية من التكليف الثابت
يتوقف على العود اذلا دليل على حصول امتثال التكليف بدونه فيكون العود واجبا وبالجملة لا ريب في أن الاحتياط في العود ولو ترك الناسي الرجوع على القول بالوجوب
ففي بطلان صلاته وجهان أحدهما نعم لعدم صدق الامتثال بناء على أنه كان مأمورا بالإعادة فلم يفعل فيبقى تحت العهدة والثاني لا لان الرجوع لقضاء حق المتابعة لا
لكونه جزأ من الصلاة فيكون تاركا لواجب خارج عن حقيقة الصلاة والمنع متوجه على الوجهين والظاهر وجوب إعادة الصلاة في الوقت للشك في حصول الامتثال المقتضي
لوجوب الإعادة وفي القضاء نظر للشك في الفوات المترتب عليه وجوب القضاء وإن كان تقديم المأموم في الركوع أو السجود بان دخل في شئ منهما قبل الامام فإن كان
لم يفرغ الامام من القراءة وتعمد المأموم الركوع ولما يقرأ أو قرأ وقلنا بعدم اجتزائه بها إذ الندب لا يجزي عن الفرض فالظاهر بطلان صلاته كما صرح به الشهيد وغيره وإن كان
بعد قرائة الامام اثم وفي بطلان الصلاة قولان أحدهما ذلك وظاهر الشيخ في المبسوط البطلان وقال المتأخرون لا يبطل الصلاة ولا الاقتداء وان اثم للأصل وفيه تأمل
ويمكن الاستدلال على البطلان بان الفعل وقع منهيا عنه فيكون فاسدا غير مبرء للذمة والرجوع إليه ثانيا يستلزم تكرارا الركن أو الواجب عمدا وهو مبطل للصلاة ويتوجه (ويتوجب)
عليه منع كون التكرار مبطلا والمسألة محل تردد والقول بوجوب الإعادة في الوقت متجه وفي القضاء نظر أشرنا إليه ولو كان ذلك سهوا فالمشهور بين المتأخرين انه يرجع واستوجه
المصنف في المنتهى أولا الاستمرار هنا مطلقا حذرا من وقوع الزيادة المبطلة ثم قوى الرجوع ولا يبعد ترجيح القول بالرجوع لما رواه الشيخ عن الحسن بن علي بن فضال قال كتبت
إلى أبي الحسن الرضا (ع) في رجل كان خلف امام يأتم به فيركع قبل ان يركع الامام وهو يظن أن الامام قد ركع فلما رآه لم يركع رفع رأسه ثم أعاد الركوع مع الامام أيفسد ذلك عليه
صلاته أم يجوز تلك الركعة فكتب يتم صلاته ولا يفسد لما صنع صلاته وليس في طريق هذه الرواية من يتوقف فيه الا الحسن وهو وإن كان فطحيا لكنه من الجلالة والثقة
والزهد والورع وعظيم المنزلة بمكان لا يخفى على العالم بأحوال الرجال حتى أن بعض من لا يعمل بالاخبار الموثقة رجح العمل بهذا الخبر وقال إنه لا يقصر عن الصحاح لكن الاشكال
ثابت ههنا من حيث اختصاص الرواية بالركوع واختصاصه بمن ظن ركوع الامام لا الساهي ففي تعميم الحكم اشكال ولا يجوز للمأموم المسافر المتابعة للحاضر بل يسلم إذا فرغ قبل
الامام لان فرضه القصر فيجب عليه القطع ويفسد صلاته بالزيادة وقد مر ما يدل عليه من الاخبار عند شرح قول المصنف
ويكره ان يأتم حاضر بمسافر وقد مر هناك ما يدل
على جواز ان يجعل الأوليين الظهر والأخيرتين العصر إذا كان في صلاة الظهر وانه إذا
كان في صلاة العصر جعل الأوليين نافلة والأخيرتين العصر قال الشارح الفاضل ولو تشهد معه ثم انتظره إلى أن يكمل صلاته ويسلم معه كان أفضل قال ولو انعكس الفرض تخير
الحاضر عند انتهاء الفعل المشترك بين المفارقة في الحالة والصبر حتى يسلم الامام فيقوم اي الاتمام وهو أفضل والأفضل للامام ان ينتظر بالسلام فراغ المأموم ليسلم به فان علم المأموم
بذلك قام بعد تشهد الامام وما ذكره من الأفضلية في هذه المواضع فدليله غير واضح والمشهور بين الأصحاب عدم وجوب بقاء الامام المسافر في مجلسه إلى أن يتم المأموم المقيم خلافا
للمرتضى وظاهر ابن الجنيد فإنهما أوجبا ذلك وحجتهما ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن عبد الخالق في الصحيح قال سمعته يقول لا ينبغي للامام ان يقوم إذا صلى حتى يقضي كل من خلفه ما فاته من
الصلاة ولا دلالة فيها على الوجوب فظاهر الرواية حكم المسبوق ويدل على عدم وجوب الجلوس لاتمام المسبوق ماروا ه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع)
عن الرجل يصلى بقوم فيدخل قوم في صلاته بعد ما قد صلى ركعة أو أكثر من ذلك فإذا فرغ من صلاته وسلم أيجوز له وهو امام ان يقم من موضعه قبل ان يفرغ من دخل في صلاته
قال الشارح الفاضل وما ذكرنا من التفصيلات في الصلاتين المختلفتين عددا وصلاة المسبوق وان لم يختلفا سفرا وحضرا فلو اقتدى مصلى الصبح بالظهر فحكمه حكم اقتداء المسافر
بالحاضر ومثله اقتداء مصلى المغرب بالعشاء فإنه يجلس بعد الثالثة للتشهد والتسليم والأفضل له انتظاره وربما قيل بالمنع هنا لاحداثه تشهدا مانعا من القدوة وبخلاف مصلى
الصبح مع الظهر والمسافر مع الحاضر فإنه تشهد مع الامام ويضعف بان ذلك ليس مانعا من الاقتداء ومن ثم يتأخر المأموم المسبوق للتشهد مع بقاء القدوه ويجب نية الائتمام
للمعين إما نية الائتمام فلانه بدون ذلك منفرد فيجب عليه ما يجب على المنفرد والظاهر أنه لا خلاف في ذلك بين الأصحاب نقله بعضهم وقال المصنف في المنتهى انه قول كل من يحفظ
عنه العلم فان ترك نية الاقتداء واتى بجميع ما يجب عليه مع المتابعة صورة صحت صلاته والا فلا واما قصد التعيين فالظاهر أنه لا خلاف فيه ويدل عليه عدم الدليل على سقوط القراءة
بدون ذلك فيكون العمومات الدالة على وجوب القراءة باقية على عمومها بالنسبة إليه ولابد من التعيين بالاسم أو بالصفة أو بكونه هذا الحاضر وان لم يعلم اسمه ولا صفته مع علمه
باستجماعه شرائط الإمامة ولو نوى الاقتداء بالحاضر على أنه زيد فبان عمر وفي صحة صلاته وعدمها وجهان أقربهما الصحة مع استجماع الحاضر شرائط الإمامة ولا يجب نية
الإمامة قال المصنف في التذكرة ولو صلى بنية الانفراد مع علمه بان من خلفه يأتم به صح عند علمائنا لان أفعال الامام مساوية لأفعال المنفرد في الكيفية والاحكام فلاوجه
لاعتبار تميز أحدهما عن الأخر وهل يتوقف ادراك الثواب على نية الإمامة في الجماعة الواجبة قال الشهيدان نعم لوجوب نية الواجب وهو ممنوع وقيل لا يجب إذ المعتبر فيها تحقق القدرة
في نفس الامر وهو حسن ولو نوى كل منهما الإمامة صحت صلاتهما وتبطل لو نوى كل منهما انه مأموم إما الحكم الأول فواضح لاتيان كل منهما بجميع الأفعال الواجبة من
القراءة وغيرها ونية الإمامة ليست منافية للصلاة حتى يلزم بطلان صلاته واما الثاني فعلل بوجهين أحدهما انه أخل بالقراءة الواجبة وثانيهما ما رواه الشيخ عن السكوني عن
عن أبي عبد الله (ع) عن أبيه عن آبائه عن علي (ع) أنه قال في رجلين اختلفا فقال أحدهما كنت امامك وقال الآخر كنت امامك (ع) ان صلاتهما تامة قال قلت فان قال كل واحد منهما كنت
أئتم بك قال فصلاتهما فاسدة ليستأنفا وقد نقله ابن بابويه أيضا في الفقيه مرسلا عن علي (ع) ويرد على الأول ان المستفاد من هذا الدليل بطلان الصلاة في صورة ترك القراءة
لا مطلقا لا يقال قد فات عنه القراءة بنية الوجوب وذلك يستلزم بطلان الصلاة لأنا نقول لا يعتبر النية في كل
فعل على أنه لم يثبت وجوب نية الوجه ويرد عليه أيضا ان المعتبر في صحة الائتمام
ظن المأموم بقيام الامام بوظائف الصلاة وحينئذ يسقط وتصح صلاته للامتثال المقتضي للاجزاء وعدم اخلاله بشئ مما يجب عليه (وحينئذ لم يجب عليه) قبول قول اخباره كما لو أخبر بالفساد وعلى هذا لا يلزم
من ترك القراءة بطلان الصلاة ويرد على الثاني ضعف السند ويمكن ان يقال ضعف السند منجبر بعمل الأصحاب والاشتهار بينهم فعلى هذا يندفع استشكال المدقق الشيخ علي على أصل
الحكم بان اخبار كل منهما بالائتمام بالآخر يتضمن الاقرار على الغير فلا يقبل كما لو أخبر الامام بعد الصلاة بفسادها وللتأمل في المسألة طريق أو الائتمام بغير المعين اي يبطل الصلاة بذلك
وقد مر الكلام فيه ولا يشترط نية الإمامة وقد مر بيانه
ويجوز اقتداء المفترض بمثله وان اختلفا كالظهر والعصر وإن كان الاختلاف في الكمية كالظهر والصبح وهذا هو المعروف
من مذهب الأصحاب بل قال المصنف في المنتهى انه قول علمائنا أجمع ونقل عن الصدوق أنه قال لا بأس ان يصلي الرجل الظهر خلف من يصلى العصر ولا يصلي العصر خلف من يصلى الظهر الا ان يتوهمها
العصر فيصلى معه العصر ثم يعلم أنها كانت الظهر فيجزي عنه وحكى عنه الشارح الفاضل اشتراط اتحاد الكمية مع أنه صرح في الفقيه بجواز اقتداء المسافر بالحاضر وبالعكس والأقرب الأول
لعموم أدلة الجماعة ويدل على جواز الاقتداء في العصر بمن يصلي الظهر ما رواه الشيخ عن حماد بن عثمان في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل امام قوم يصلى العصر وهي لهم الظهر قال
399

أجزأت عنه وأجزأت عنهم وموثقة الفضل بن عبد الملك السابقة عند شرح قول المصنف
ويكره ان يأتم حاضر بمسافر وما رواه ابن بابويه عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع)
قال إذا صلى المسافر خلف قوم حضور فليتم صلاته ركعتين ويسلم وان صلى معهم الظهر فليجعل الأوليين الظهر والأخيرتين العصر ويؤيده ما رواه الشيخ عن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم عن
أبي عبد الله (ع) قال وسألته عن رجل أم قوما في العصر فذكر وهو يصلي بهم انه لم يكن صلى الأولى قال فليجعلها الأولى التي فاتته ويستأنف بعد صلاة العصر وقد قضى القوم صلاتهم
واستدل عليه أيضا بان المباينة بين صلاة الفرض والنفل مع الاتحاد كالظهر إذا صلاها مرة ثانية أكثر من المباينة بين الظهر والعصر الواجبين وقد صح الائتمام في الأول فيصح
في الثاني وهو استدلال ضعيف واما ما حكى عن ابن بابويه من القول بالمنع عن الائتمام في الظهر فقال في الذكرى لا يعلم ماخذه الا ان يكون نظر إلى أن العصر لا يصح الا
بعد الظهر فإذا صلاها خلف من يصلى الظهر فكأنه قد صلى العصر مع الظهر مع أنها بعدها وهو ضعيف لان عصر المصلي مرتب على ظهر نفسه لاعلى ظهر امامه واما الاستدلال
بصحيحة علي بن جعفر انه سأل أخاه موسى (ع) عن امام كان في الظهر فقامت امرأة بحياله يصلى معه وهي تحسب انها العصر هل تفسد ذلك على القوم ومال حال المرأة في صلاتها
معهم وقد كانت صلت الظهر قال لا يفسد ذلك على القوم وتعيد المراة صلاتها وهو ضعيف لمنافاتها لما ذكره الصدوق (ره) حيث جوز الائتمام إذا توهمها عصرا مع أنه يجوز
ان يكون الامر بالإعادة لاعتقاد المرأة خلاف الواقع أو يكون مستندا إلى المحاذاة أو يكون الامر بالإعادة على سبيل الاستحباب واستحباب الإعادة لايقاع الصلاة على الوجه
الأكمل واقع في مواضع كاستحباب إعادة الجمعة بمن صلاها بغير الجمعة والمنافقين واستحباب إعادة الاحرام لناسي الغسل والصلاة قبله واما ما نقل من ابن بابويه من المنع من الاقتداء
عند الاختلاف في الكمية فلا شاهد له وقد سبق عند شرح قول المصنف ويكره ان يأتم حاضر بمسافر اخبار داله على خلاف قوله واستثنى الشهيد في الدروس صلاة الاحتياط فمنع من
الاقتداء فيها وبها الا في الشك المشترك بين الإمام والمأموم قيل وكانه لاحتمال كونها نافلة والأحوط المنع مطلقا والحكم المذكور ثابت في كل فريضة الا مع تغير الهيئة كاليومية
والكسوف ويجوز اقتداء المفترض بالمتنفل كائتمام من لم يصل بمعيد الصلاة ويجوز اقتداء المتنفل بالمفترض كاقتداء الصبي بالبالغ ومعيد صلاته بمن لم يصل ويجوز اقتداء المتنفل
بالمتنفل في الاستسقاء والعيد مع عدم شرائط الوجوب وفي الغدير على الخلاف وفي صلاة الصبيان جماعة وفي اقتداء معيد الصلاة بمثله وقد قيل بجواز الاقتداء في النافلة مطلقا
وكذا يجوز علو المأموم وقد مر الكلام في هذه المسألة سابقا وان يكبر الداخل إلى موضع الجماعة الخائف فوت الركوع ان ترك تكبيرة الاحرام إلى أن يصل النصف ويركع
ويمشي
راكعا حتى يلتحق بالصف قال المصنف في المنتهى ذهب إليه علماؤنا أجمع ويدل عليه ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) انه سئل عن الرجل يدخل المسجد فيخاف ان يفوته
لركعة فقال يركع قبل ان يبلغ إلى القوم ويمشي وهو راكع حتى يبلغهم وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا دخلت المسجد والامام راكع فظننت
انك ان مشيت إليه رفع رأسه قبل ان تدركه فكبر واركع فإذا رفع رأسه فاسجد مكانك فإذا قام فالحق بالصف وان جلس فاجلس مكانك فإذا قام فالحق بالصف وعن معاوية بن وهب
في الصحيح قال رأيت أبا عبد الله (ع) يوما وقد دخل المسجد الحرام لصلاة العصر فلما كان دون الصفوف ركعوا فركع وحده وسجد السجدتين ثم قام فمضى حتى لحق بالصفوف ويتحقق الدخول
بالوصول إلى مسجد يقام فيه الجماعة وشبهه ولو كان فلاة فالظاهر أنه يتحقق بالوصول إلى موضع لا يكون بعيدا عن الجماعة جدا بحيث يمكن الاقتداء ولابد من أن لا يأتي بالمنافيات
سوى المشي ولا ينحرف عن القبلة بل يرجع القهقرى وقيد الشارح الفاضل المشي بغير حالة الذكر الواجب وظاهر النص يقتضي الجواز مطلقا ويستحب ان يجر رجليه لما قال في الفقيه وروى أنه
يمشي في الصلاة يجر رجليه ولا يتخطى وقال المصنف في المنتهى لو فعل ذلك من غير ضرورة وخوف فوت فالظاهر الجواز خلافا لبعض العامة لان للمأموم ان يصلي في صف منفردا وان
يتقدم بين يديه ويدل عليه ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت له الرجل يتأخر وهو في الصلاة قال لا قلت فيتقدم قال نعم ما شاء إلى القبلة والظاهر أن النهى عن
التأخر محمول على الكراهة روى الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) قال فإذا قعدت فضاق المكان فتقدم أو تأخر فلا بأس وفي معناها غيرها من الروايات والمأموم
المسبوق من الامام بركعة فصاعدا يجعل ما يدركه مع الامام من الصلاة أول صلاته فإذا سلم الامام قام وأتم قال الفاضلان في المعتبر والمنتهى انه مذهب علماؤنا أجمع ويدل
عليه ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قال إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف امام يحتسب بالصلاة خلفه جعل أول ما أدرك أول صلاته ان
أدرك من الظهر أو العصر أو العشاء ركعتين وفاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف الامام في نفسه بام الكتاب وسورة فإن لم يدرك السورة تامة أجزأه أم الكتاب فإذا سلم
الامام قام فصلى ركعتين لا يقرأ فيهما لان الصلاة انما يقرأ فيها في الأوليين في كل ركعة بام الكتاب وسورة وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما انما هو تسبيح وتكبير وتهليل ودعاء ليس فيهما قرائة
وان أدرك ركعة قرأ فيها خلف الامام فإذا سلم الامام قام فقرأ بام الكتاب وسورة ثم قعد فتشهد ثم قام فصلى ركعتين ليس فيهما قرائة وما رواه الكليني والشيخ عنه عن عبد الرحمن بن
الحجاج في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام وهي له الأولى كيف يصنع إذا جلس الإمام قال يتجافى ولا يتمكن من القعود فإذا كانت
الثالثة للامام وهي له الثانية فليلبث قليلا إذا قام الامام بقدر ما يتشهد ثم يلحق بالامام قال وسألته عن الرجل الذي يدرك الركعتين الأخيرتين من الصلاة كيف يصنع
بالقراءة قال اقرا فيهما فإنهما لك الأوليان فلا تجعل أول صلاتك اخرها وما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يدرك اخر صلاة الامام
وهي أول صلاة الرجل فلا يمهله حتى يقرأ فيقضي القراءة في اخر صلاته قال نعم وما رواه ابن بابويه عن الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) أنه قال إذا فاتك شئ مع الامام فاجعل أول
صلاتك ما استقبلت منها ولا تجعل أول صلاتك اخرها وينبغي التنبيه على أمور
الأول لم يتعرض أكثر الأصحاب لقرائة المأموم إذا أدرك الامام في الركعتين الأخيرتين وقال المصنف في
المنتهى الأقرب عندي ان القراءة مستحبة ونقل عن بعض فقهائنا القول بالوجوب لئلا تخلو الصلاة عن قرائة إذ هو مخير في التسبيح في الأخيرتين وليس بشئ فان احتج بحديث زرارة
وعبد الرحمن حملنا الامر فيهما على الندب لما ثبت من عدم وجوب القراءة على المأموم انتهى ولا يخفى ان مستند عدم وجوب القراءة على المأموم إن كان هو الاجماع فلا يتم في موضع
النزاع وإن كان النصوص الواردة بالنهي عنه فلابد من الجمع بينها وبين هذين الخبرين والجمع بحمل المطلق على المقيد أقرب ما يمكن في هذا المقام فيكون قراءة المأموم في الصورة المذكورة
مستثنى من العمومات السابقة بمقتضى الخبرين المذكورين لكن دلالتهما على الوجوب غير واضح لما عرفت مرارا من عدم وضوح دلالة الامر في اخبارنا في الوجوب مع أن النهي في الرواية
الأولى عن القراءة في الأخيرتين للكراهة قطعا وكذا الامر بالتجافي وعدم التمكن من القعود في الرواية الثانية محمول على الاستحباب ومع استعمال الامر في الندب والنهي في الكراهة
في نفس الرواية يضعف الاستدلال بالأوامر والنواهي فيها على الوجوب والتحريم على أن الأدلة الدالة على استحباب السورة كما مر في محله يقتضي حمل الامر ههنا على الاستحباب أو الرجحان
المطلق مع أن معنى القراءة في النفس في الرواية الأولى لا يخلو عن خفاء إذ يجوز ان يكون المراد القراءة بدون التلفظ وبالجملة اثبات الوجوب بمجرد الرواية لا يخلو عن اشكال نعم لقائل
أن يقول قد ثبت بالروايتين رجحان القراءة فيصح الصلاة معها وبدونها لم تثبت صحتها إذ لا دليل عليه لاختصاص الأدلة الدالة بسقوط القراءة عن المأموم وتحريمها أو كراهتها له بغير
محل البحث كما ذكرنا فحينئذ يتوقف التعيين بالبرائة من التكليف الثابت على القراءة فاذن القول بالوجوب قوى واما قوله (ع) لا صلاة الا بفاتحة الكتاب فلا يقتضي الا اشتراط قرائة
الفاتحة مطلقا واما كونها في هاتين الركعتين خلف الامام فلا يستفاد منه بل إذا قرأ في ركعة من الركعتين الأخيرتين حصل الموافقة لمدلوله وعلى كل تقدير فالظاهر أن الاحتياط في
القراءة في الصلاة المفروضة الثاني المشهور بين الأصحاب ان التخيير بين قرائة الحمد وبين التسبيح ثابت للمسبوق في الركعتين الأخيرتين وان اختار الامام التسبيح في الركعتين الأخيرتين ولم يقرأ وهو يظهر
400

من المنتهى كون ذلك اتفاقيا بين الأصحاب ونقل عن بعض الأصحاب القول بوجوب القراءة في ركعة لئلا يخلو الصلاة عن القراءة ولعل الأول أقرب لعموم أدلة التسبيح الشاملة
لمحل البحث وحينئذ لنا ان نجيب عن دليل الخصم بان قوله (ع) لا صلاة الا بفاتحة الكتاب معناه لا صلاة الا بقرائة الفاتحة إما من المصلى أو امامة للاتفاق على عدم تعين القراءة
على المصلي مطلقا وحينئذ حصلت الموافقة لمدلوله بحصول القراءة من الامام سابقا والأحوط القراءة ويؤيده ما رواه الشيخ عن أحمد بن النضر عن رجل عن أبي جعفر (ع) قال قال لي اي شئ
يقول هؤلاء في الرجل إذا فاتته مع الامام ركعتان قال يقولون يقرأ في الركعتين بالحمد وسورة فقال هذا يقلب صلاته فيجعل أولها آخرها فقلت فكيف يصنع قال
يقرأ بفاتحة الكتاب في كل ركعة الثالث ان قنت الامام ينبغي ان يقنت معه المسبوق للمتابعة ولأنه دعاء وذكر الله حسن على كل حال وما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن أبي عبد الله
في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يدخل الركعة الأخيرة من الغداة مع الامام فقنت الامام أيقنت معه قال نعم وكذا ينبغي المتابعة في التشهد قال المصنف في المنتهى ويدل
عليه ما رواه الشيخ عن الحسين بن المختار وداود بن الحصين في الموثق قال سئل عن رجل فاتته ركعة من المغرب مع الامام فأدرك الثنتين فهي الأولى له والثانية للقوم
يتشهد فيها قال نعم قلت والثانية أيضا (قال نعم) قلت كلهن قال نعم وانما هي بركة وعن إسحاق بن يزيد قال قلت لأبي عبد الله (ع) جعلت فداك يسبقني الامام بركعة فيكون لي واحدة
وله ثنتان أفأتشهد كلما قعدت فقال نعم انما التشهد بركة ومنه يعلم أنه قد يوجد خمس تشهدات في الرباعية والأربعة في الثلاثية والثلاثة في الثنائية الرابع الأولى
القيام إلى ادراك الفائت بعد تسليم الامام ويجوز قبله بعد التشهد على القول باستحباب التسليم واما على القول بوجوبه فلا يبعد أيضا ذلك بل يجوز المفارقة بعد رفع
الرأس من السجدة أيضا قبل التشهد بناء على القول بعدم وجوب المتابعة في الأقوال وعلى تقدير الجواز هل يجب نية الانفراد فيه وجهان ولعل الأقرب العدم ولو دخل الامام في الصلاة
وهواي المأموم في نافلة قطعها ان خشى الفوات تحصيلا للعبادة التي هي أهم في نظر الشارع لان الجماعة في نظر الشرع أهم من النافلة وان لم يخش الفوات أتمها جمعا بين
الوظيفتين والظاهر أنه لافرق بين فوات كل الصلاة وفوات الركعة للاشتراك في العلة وإن كانت في الأول أقوى ولو دخل الإمام والمأموم في الفريضة نقل إلى النفل ويتمها
نافلة ويدخل معه والمراد بالدخول في الصلاة الاشتغال بشئ من واجبات الصلاة على ما قاله جماعة من الأصحاب ان الحكم يتعلق بالمأموم متى أقيمت الصلاة فيكون المراد حينئذ الاشتغال
بشئ من مقدمات الصلاة والتاهب لها والنص يوافق الثاني وهذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب وكلام المصنف في التذكرة مؤذن بدعوى الاجماع عليه ونقل عن ظاهر ابن إدريس
المنع من النفل لأنه في قوة الأبطال والأول أقرب والأصل فيه ما رواه الكليني والشيخ عن سليمان بن خالد في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل (دخل) المسجد فافتتح الصلاة فبينما هو قائم يصلى
(إذ) اذن المؤذن وأقام الصلاة قال فليصل ركعتين ثم ليستأنف الصلاة مع الامام وليكن الركعتان تطوعا وعن سماعة في الموثق قال سألته عن رجل كان يصلى فخرج الامام
وقد صلى الرجل ركعة من صلاة فريضة فقال إن كان إماما عدلا فليصل أخرى وينصرف ويجعلهما تطوعا وليدخل مع الامام في صلاته كما هو وان لم يكن امام عدل فليبن على صلاته
كما هو ويصلى ركعة أخرى معه يجلس قدر ما يقول اشهد ان لا إله إلا الله وحده لا شريك (له) وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله ثم ليتم صلاته معه على ما استطاع فان التقية واسعة وليس
شئ من التقية والا صاحبها مأجور عليها ونقل عن ظاهر الشيخ في المبسوط انه جوز قطع الفريضة من غير احتياج إلى النقل إذا خاف الفوات مع النفل وقواه الشهيد في الذكرى
استدراكا لفضيلة الجماعة ولان العدول إلى النقل قطع لها أيضا أو مستلزم لجوازه وهو حسن واعلم أن اتمام الركعتين انما يكون إذا لم يستلزم فوات الجمعة والا لم يبعد قطعها
والدخول مع الامام على ما ذكره بعض الأصحاب واعلم أيضا ان ظاهر الأصحاب انه يعتبران ينوى أولا النقل إلى النافلة ثم يتم الركعتين حيت قيل انما وجب العدل إلى النفل حذرا من
ابطال العمل الواجب فإنه منهى عنه وذلك غير مفهوم من الرواية بل المفهوم منها انه يجعلهما نافلة ولو بالقصد بعد الفراغ لكن الظاهر أنه لا ينفك عن هذه النية أولا والامر فيه هين
ولو كان المأموم قد تجاوز ركعتين من الفريضة ففي الاستمرار لتحريم قطع الفريضة والاقتصار في ذلك على
مورد النص أو العدول إلى النفل للاشتراك في العلة وهي تحصيل
فريضة الجماعة أو يهدم الركعة ويسلم أو يقطعها استدراكا لفضيلة الجماعة وعدم دليل تام يدل على عموم تحريم قطع الفريضة بحيث يشمل محل البحث أوجه واستقرب المصنف في التذكرة
والنهاية
الأول ولو كان امام الأصل قطع الفريضة ودخل قاله الشيخ وتبعه جماعة من الأصحاب وعلل بان له المزية الموجبة لشدة الاهتمام وتردد فيه المحقق في المعتبر وساوى المصنف في
المنتهى والمختلف بينه وبين غيره لقوله تعالى لا تبطلوا أعمالكم وللحديثين السابقين وفي الأول تأمل لما أشرنا إليه سابقا واعترض على المصنف بان العدول إلى النفل إن كان
في الظاهر ليس ابطالا بل عدول من فرض إلى تطوع لكنه في قوة القطع ومستلزم له لجواز قطع النافلة وبان الفريضة تقطع لما دون ذلك وفيه تأمل لان القطع على وجه خاص
لدليل شرعي لا يستلزم جوازه على اي وجه كان وكذا جواز قطعه لأمر خاص كالاذان وادراك سورة الجمعة والمنافقين لا يستلزم جوازه في الصورة المذكورة لكن قد عرفت ان في أدلة
تحريم قطع الصلاة نوع تأمل والاجماع لا يجري في محل النزاع فالقول بالجواز متجه لكن لا يختص بمحل البحث بل يجري في المسألة السابقة والنص المقتضي لرجحان العدول إلى النافلة
مشترك فينسحب ههنا والفارق غير واضح فاذن القول بالتسوية قوى ولو أدرك المأموم الامام بعد رفعه من الركوع الأخير كبر وتابعه في السجدتين والتشهد فإذا سلم الامام قام المأموم
واستأنف التكبير مع النية والفائدة ادراك فضيلة الجماعة
ولو أدرك بعد رفعه من السجدة الأخيرة كبر وتابعه فإذا سلم الامام أتم اعلم أن المأموم بالنظر إلى ادراك الامام أحوال
الحالة الأولى ان يدركه قبل الركوع وحكمه ان يدخل معه في الصلاة ويحتسب بتلك الركعة والظاهر أنه اتفاقي بين الأصحاب وقد مر ما يدل عليه من الاخبار في مبحث الجمعة الثانية
ان يدركه في حال ركوعه وفي ادراك الركعة بذلك خلاف بين الأصحاب والأصح انه يدرك الركعة بذلك فقد مر تحقيقه أيضا في مبحث الجمعة وحينئذ يكبر المأموم تكبيرة للافتتاح وتكبيرة للركوع
مستحبا ويدخل معه ولو خاف الفوات أجزأه تكبيرة الافتتاح وفي المنتهى نقل الاتفاق عليه الحالة الثالثة ان يدركه بعد رفع رأسه من الركوع ولا خلاف بين الأصحاب في فوات الركعة
حينئذ واستحب أكثر علمائنا التكبير للمأموم والمتابعة في السجدتين وان لم يعتد بهما تحصيلا لادراك الفضيلة ويظهر من المصنف في المختلف التوقف في هذا الحكم للنهي عن الدخول في الركعة عن
فوات تكبيرها في صحيحة محمد بن مسلم عن الباقر (ع) وقد سبقت الرواية في مبحث الجمعة وأورد عليه ان النهى فيها محمول على الكراهية جمعا بين الأدلة وفيه ان الكراهة كاف لنفى الاستحباب وبالجملة
استحباب الدخول معه حكم شرعي يحتاج إلى دليل وليس ههنا ما يصلح لذلك فان قلت قد روى الشيخ عن صفوان في الصحيح وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن أبي عثمان عن معلى بن
خنيس عن أبي عبد الله (ع) قال إذا سبقت الامام بركعة فأدركت وقد رفع رأسه فاسجد معه ولا تعتد بها يدل على استحباب الدخول معه في الصلاة قلت
الذي يستفاد من الرواية صريحا مجرد المتابعة لا انه ينوى ويكبر ويدخل معه في الصلاة ثم إن قلنا بالاستحباب المذكور فهل يحب استيناف النية وتكبيرة الاحرام بعد ذلك اختلف الأصحاب في ذلك
فذهب الأكثر إلى الوجوب وقال الشيخ لا يجب حجة الأولين ان زيادة السجدتين مبطلة للصلاة ولروايته المعلى وفيه منع ان زيادة السجدتين مبطلة مطلقا وعدم الاعتداد المفهوم من رواية المعلى
غير دال على الاستيناف بل يمكن ان يقال عدم ذكر استيناف التكبير في الرواية مع الاحتياج إليه في مقام البيان مما يشعر بنفيه وحجة الشيخ ان زيادة الركن مغتفرة في الأثناء وفيه منع ثم إن قلنا بوجوب
الاستيناف كان المأتي بها أولا مستحبا الرابعة ان يدركه وقد سجد سجدة واحدة وحكمه كالسابق فعلى المشهور يكبر ويسجد معه ولا يعتد به وفي وجوب الاستيناف الخلاف السابق وعدم الاستيناف
هنا أولي لان المزيد ليس ركنا والظاهر أنه لم يفرق الأصحاب بينه وبين ما لو أدرك الامام في السجدة لكن قول الصادق (ع) في صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله إذا وجدت الامام ساجدا فأثبت مكانك حتى
رفع رأسه وإن كان قاعدا قعدت وإن كان قائما قمت فيه الخامسة ان يدركه بعد رفع رأسه من السجدة الأخيرة وقد حكم الفاضلان وغيرهما بأنه يكبر ويجلس معه فإذا سلم الامام قام وأتم صلاته
401

ولا يحتاج إلى استيناف التكبير وقد صرح المحقق بأنه مخير بين الاتيان بالتشهد وعدمه واستدل عليه بما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يدرك
الامام وهو قاعد يتشهد وليس خلفه الا رجل واحد عن يمينه قال لا يتقدم الامام ولا يتأخر الرجل ولكن يقعد الذي يدخل معه خلف الامام فإذا سلم الامام قام الرجل فأتم صلاته ويدل
عليه أيضا صحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله السابقة ويعارضه ما رواه الشيخ عن عمار أيضا في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل أدرك الامام وهو جالس بعد الركعتين قال
يفتتح الصلاة ولا يقعد مع الامام حتى يقوم وما رواه عن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت له متى يكون يدرك الصلاة مع الامام (قال إذا أدرك الامام) وهو في السجدة الأخيرة من صلاته واعلم أن الظاهر من
جواز الدخول معه في التشهد ادراك فضيلة الجماعة وقد صرح به بعض الأصحاب لكن صرح المصنف في التذكرة بخلافه فقال بعد حكمه بجواز الدخول مع الامام بعد رفع رأسه من السجدة
الأخيرة والأقرب انه لا يحصل فضيلة الجماعة فيما إذا أدركه بعد رفع رأسه من الركوع الأخير ويحتمل الادراك لصحيحه محمد بن مسلم السابقة ويجوز الانفراد مع نية الظاهر أنه لا يجوز
للمأموم مفارقة الامام بدون نية الانفراد لغير عذر عند الأصحاب واستدل عليه بالتأسي وبما روى عن النبي صلى الله عليه وآله انما جعل الامام إماما ليؤتم به وفي الوجهين نظر نعم يمكن ان
يقال الصلاة عبادة تحتاج إلى توقيف الشرع وليس هناك ما يدل على شرعيتها بهذا الوجه ولا ريب في جواز مفارقته عن الامام لعذر واما بدون العذر مع نية الانفراد فالمشهور
بين الأصحاب جوازه ونقل المصنف في النهاية الاجماع عليه وهو ظاهر المنتهى وقال الشيخ في (المبسوط) من فارق الامام لغير عذر بطلت صلاته وان فارقه لعذر وتمم صحت صلاته اجتح الأولون
بان النبي صلى الله عليه وآله صلى بطائفة يوم ذات الرقاع ركعة ثم خرجت من صلاته وأتمت منفردة وبان الجماعة ليست واجبة ابتداء فكذا استدامة وبان العرض من الائتمام تحصيل الفضيلة
فيكون تركها مفوتا (لها) دون الصحة وبما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) قال سألته عن الرجل يكون خلف الامام فيطول في التشهد فيأخذه البول أو يخاف على شئ
ان يفوت أو يعرض له وجع كيف يصنع قال يسلم وينصرف ويدع الامام وبما سيجئ من الأخبار الدالة على جواز التسليم قبل الامام ويرد على الأول انه مختص بصورة العذر ولا
نزاع فيه وعلى الثاني ان الحاق حكم الاستدامة بحكم الابتداء قياس لا نقول به وعلى الثالث انه يجوز ان يكون ترك الائتمام في الابتداء مفوتا للفضيلة وفي الأثناء مفوتا للصحة
وبالجملة انما نسلم كونه (مفوتا) مقيدا للفضيلة فقط في الابتداء لا مطلقا وعلى (عن) الروايات بالقول بالموجب وقصر الحكم على مورد النص احتج الشيخ على ما نقل عنه بقوله تعالى ولا تبطلوا أعمالكم
وقوله (ع) انما جعل الامام إماما ليؤتم به وفيهما تأمل وقال بعض المتأخرين ويمكن ان يحتج له بأصالة عدم سقوط القراءة الا مع العلم بالمسقط وانما يعلم مع استمرار القدوة لامع
المفارقة فيجب قصر الحكم عليه إلى أن يقوم على السقوط مع المفارقة دليل وفيه نظر لان غاية ما يستفاد من الأدلة الدالة على وجوب القراءة وجوب الاتيان بها إما من المصلى أو امامه
وهو حاصل ههنا والتمسك بالأصل في وحوب القراءة ضعيف نعم يمكن ان يقال لا دليل على صحة الصلاة على هذا الوجه فيكون حصول الامتثال بها مشكوكا فيجب استدامة الايتمام
تحصيلا للبرائة اليقينية من التكليف الثابت فظهر ان قول الشيخ له قوة ويؤيده ما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه موسى (ع) انه سأل عن امام أحدث فانصرف ولم يقدم أحدا ما حال
القوم قال لا صلاة لهم الا بامام والمسألة محل تردد والاحتياط في قول الشيخ والقول بجواز الانفراد يختص بالجماعة المستحبة إما في الجماعة الواجبة فلا يجوز الانفراد وهل يجوز عدول
المنفرد إلى الائتمام في أثناء الصلاة فيه قولان أقربهما العدم لعدم ثبوت التعبد بمثله وجوزه الشيخ في الخلاف مدعيا عليه الاجماع ونفى عنه البأس المصنف في التذكرة ولو كان يصلي
مع جماعة فحضرت طائفة أخرى يصلون جماعة فهل يجوز له ان يخرج نفسه من متابعة امامه ويوصل صلاته بصلاة الامام الأخر فيه وجهان أقربهما العدم لما ذكر واستوجه المصنف في التذكرة
الجواز ولو زادت صلاة المأموم على صلاة الامام لم يبعد جواز اقتدائه في التتمة باخر من المؤتمين وفي جوازه بامام اخر أو منفرد وجهان واعلم أنه ان قلنا بجواز الانفراد فحينئذ يجب عليه الاتمام
فان فارقه قبل النية (القراءة خ ل) قرأ لنفسه وإن كان بعدها اجتزء بقرائة الامام وركع وإن كان في أثنائها قرأ من موضع القطع وقيل من أول السورة التي وقع القطع في أثنائها ويحتمل استيناف
القراءة واستوجه الشهيد في الذكرى الاستيناف مطلقا لأنه في محل القراءة وقد نوى الانفراد والمسألة محل اشكال
ويجوز التسليم قبل الامام هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب
حتى في كلام القائلين بوجوب التسليم ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي المعزا في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يصلى خلف امام فيسلم قبل الإمام قال ليس عليه بذلك بأس وعن
الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يكون خلف الامام فيبطل الامام التشهد فقال يسلم من خلفه ويمضى في حاجته ان أحب ويدل على صورة العذر صحيحة علي بن جعفر السابقة
في المسألة المتقدمة والظاهر أنه لا يجب عليه نية الانفراد حينئذ خصوصا على القول بعدم وجوب المتابعة في الأقوال لاطلاق الاخبار وهو ظاهر الأصحاب لذكرهم له بعد المسألة السابقة
من غير تقييد ويستحب للامام ان لا يصلى في مقامه ركعتين بعد الانصراف حتى ينحرف من مكانة ذلك روى ذلك الشيخ عن هشام بن سالم عن سليمان بن خالد في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) وعن هشام
عنه (ع) فلا يصلي في مقامه حتى ينحرف وهو أعم من السابق لاختصاصه بالركعتين ويستحب ان لا ينحرف عن مكانه حتى يتم من خلفه مسبوقا كان أو غيره لبعض الأخبار الصحيحة الدالة عليه
ويستحب له ان يسمع من خلفه كلما يقول ولا ينبغي لمن خلفه ان يسمعه شيئا مما يقول رواه الشيخ عن أبي بصير في الصحيح عندي عن أبي عبد الله (ع) ويستحب للامام إذا فرغ من صلاته ان يرفع
يديه فوق رأسه تبركا قاله المصنف في المنتهى ومستنده ما رواه الشيخ عن صفوان بن مهران الجمال في الصحيح قال رأيت أبا عبد الله (ع) إذا صلى وفرغ من صلاته رفع يديه جميعا فوق
رأسه وظاهر كلامه في المنتهى يقتضي اختصاص الحكم بالامام ولا دلالة في الرواية على هذا التخصيص وروى كراهة التوشح للامام وصلاته بغير رداء وقد مر ذلك
المقصد الثالث في صلاة
الخوف وصلاة الخوف أنواع أشهرها صلاة ذات الرقاع صلاها النبي صلى الله عليه وآله وقيل إن الآية نزلت بها وقيل إن الحكم في حالة الخوف كان قبل نزول الآية تأخير الصلاة إلى أن يحصل
الامن ثم يقضي (فنسخ) بصلاة الخوف ولهذا اخر النبي صلى الله عليه وآله يوم الخندق أربع صلوات ثم قضاها وقد اختلف في تسمية صلاة ذات الرقاع بها فقيل لان القتال كان في سفح جبل
فيه جددا حمر وصفر وسود كالرقاع وقيل كانت الصحابة حفاة فلفوا على أرجلهم الجلود والخرق لشدة الحر وقيل سميت بذلك لرقاع كانت في ألويتهم وقيل مر بذلك الموضع
ثمانية نفر حفاة فنقبت أرجلهم وتساقطت اظفارهم وكان يلفون عليها الخرق وقيل الرقاع اسم شجرة في موضع الغزوة وهي على ثلاثة أميال من المدينة عند بئر اروما نقلها
الشهيد (ره) عن صاحب المعجم قال قال وبين الهجرة وبين هذه الغزوة أربع سنين وثمانية أيام وشروط صلاة ذات الرقاع أربعة أحدها كون الخصم في خلاف جهة القبلة بحيث لا
يمكنهم مقابلته وهم يصلون الا بالانحراف عن القبلة وحينئذ لو كان العدو في جبهة القبلة وأمكنهم ان يصلوا جميعا ويحمى بعضهم بعضا صلاة عسفان وهذا الاشتراط هو المشهور بين الأصحاب
واستوجه المصنف في التذكرة عدم اعتباره ورجحه الشهيد (ره) واستحسنه الشارح الفاضل حجة الأول ان النبي صلى الله عليه وآله انما صلاها والعدو في خلاف جهة القبلة وان صلاة عسفان ليس فيها تفريق
ولا مخالفة شديدة لباقي الصلوات كما هو موجود في صلاة ذات الرقاع ويرد على الأول ان فعل النبي صلى الله عليه وآله يجوز ان يكون اتفاقا لا لكون ذلك شرطا واما الوجه الثاني فيبنى على تحقيق ان
فيه مخالفة لباقي الصلوات أم لا وسيجئ تحقيقه وعلى الأول اتجه المشهور دون الثاني وثانيها ان يكون الخصم ذا قوة يخاف هجومه على المسلمين فلو ضعف بحيث يؤمن معهم الهجوم
انتفى الخوف المسوغ لهذا الصلاة وثالثها ان يكون في المسلمين كثرة يمكنهم الافتراق طائفتين فيقاوم كل فرقة منهما العدو حالة صلاة الأخرى إما مستقلا أو بانضمام
طائفة من الكفار يقاتلون معهم كالمؤلفة فلو لم يمكن لم يتحقق هذه الصلاة ورابعها عدم احتياجهم إلى زيادة على الفرقتين وهذا الاشتراط في الثنائية واضح لتعذر التوزيع
بدونه واما في الثلاثية فهل يجوز تفريقهم ثلاث فرق وتخصيص كل ركعة بفرقة قولان واختار الشهيدان الجواز وهو مبني على جواز الانفراد اختيارا وان لم نقل بذلك اتجه المنع وهي
اي صلاة الخوف مقصورة سفرا إذا كانت رباعية وحضرا جماعة وفرادى لا خلاف بين الأصحاب في وجوب التقصير في صلاة الخوف في السفر وانما اختلفوا في وجوب تقصيرها إذا وقعت في
402

الحضر فذهب الأكثر منهم المرتضى والشيخ في الخلاف وابن الجنيد وابن إدريس إلى وجوب التقصير سفرا وحضرا جماعة وفرادى وقال الشيخ في المبسوط انها انما تقصر في الحضر بشرط الجماعة
وبه صرح ابن إدريس ونسبه الشهيد إلى ظاهر جماعة من الأصحاب وحكى الشيخ والمحقق عن بعض الأصحاب قولا بأنها انما تقصر في السفر خاصة واستدل الأولون بقوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض
فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم والظاهر أنه ليس المراد بالضرب سفر القصر والا لم يكن في التقييد بالخوف فائدة وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة فليقم طائفة منهم
معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك فإنها مطلقة في الاقتصار على الركعتين وبما رواه ابن بابويه عن
زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال قلت له صلاة الخوف وصلاة السفر يقصران جميعا قال نعم وصلاة الخوف أحق ان تقصر من صلاة السفر الذي لاخوف فيه وفي الاستدلال بالآيتين
نظر إما الأولى فلان في حمل الضرب في الأرض على غير سفر القصر عدول عن الظاهر مع أنه غير نافع فان مجرد الخوف كان للقصر على قولهم من غير التوقف على الضرب في الأرض والظاهر أن
المراد بالضرب سفر القصر والتقييد بالخوف إما لوجود الخوف في السفر حين نزول الآية أو يكون قد خرج مخرج الأعم الأغلب في أسفارهم فإنهم كانوا يخافون الأعداء
في عامتها وربما يدعى لزوم الخوف في السفر غالبا وبالجملة المفهوم انما يعتبر إذا لم يكن للتقييد فائدة أخرى وههنا ليس كذلك ويؤيد ما ذكرناه القراءة بترك ان خفتم وعلى قول
من يقول إن التقصير في الخوف ليس كالتقصير في السفر كما سيجئ فاثر التقييد واضح وكذا على القول بان
المراد بالقصر في الآية القصر من حدود الصلاة كما يصلى في شدة الخوف واما
الثانية فإنها تتمة الآية السابقة والظاهر أن معناها وإذا كنت يا محمد فيهم يعني في أصحابك الضاربين في الأرض الخائفين عدوهم كما قاله الطبرسي في مجمع البيان وهو يقتضي اتصالها
بما قبلها وسياقها مع شأن نزولها فلا عموم لها مع أنه لا دلالة فيها على القصر فرادى واما الرواية فيمكن المناقشة فيها بأنه يجوز ان يكون المراد بالتقصير القصر في حدود الصلاة
لافي ركعاتها كما قيل في الآية لكنه بعيد فالقول المشهور متجه والمشهور بين الأصحاب ان هذا التقصير كتقصير المسافر يرد الرباعية إلى ركعتين ويبقى الثلاثية والثنائية على حالهما
ويدل عليه الأخبار المستفيضة المتضمنة لكيفية صلاة الخوف واما ما رواه الشيخ عن جريز في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل ليس عليكم جناح ان تقصروا
من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا قال في الركعتين ينقص منهما واحدة فمحمول على التقية أو على أن كل طائفة انما يصلي مع الامام ركعة فكان صلاته ردت إليها
ويحكى عن ابن الجنيد انه عمل بمضمون هذه الرواية وهو المحكي عن جماعة من الصحابة والتابعين في تفسير التقصير المذكور في الآية وقال ابن بابويه في كتابه سمعت شيخنا محمد بن الحسن يقول
رويت انه سئل الصادق (ع) عن قول الله عز وجل وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم ان يفتنكم الذين كفروا فقال هذا تقصير ثان وهو
ان يرد الرجل الركعتين إلى الركعة
وكيفية صلاة ذات الرقاع ان يصلي الامام بالطائفة الأولى ركعة والثانية تحرسهم عن العدو ثم يقوم الامام والطائفة إلى الثانية
فينفرد الجماعة ويقرؤن لأنفسهم ويطول الامام القراءة فيتم الجماعة صلاتهم وهو قائم ويمضون إلى موقف أصحابهم وتجئ الطائفة الثانية فيكبرون للافتتاح ثم يركع
الامام بهم ويسجد وتقوم الجماعة فيصلي ركعة أخرى ويطيل الامام تشهده ويتمون ويسلم الامام بهم المستند لهذه الكيفية روايات منها ما رواه الشيخ عن عبد
الرحمن بن أبي عبد الله عن أبي عبد الله (ع) قال صلى رسول الله صلى الله عليه وآله بأصحابه في غزاة ذات الرقاع صلاة الخوف ففرق أصحابه فرقتين أقام فرقة بإزاء العدو وفرقة خلفه فكبر وكبروا فقرأ وانصتوا
فركع وركعوا فسجد وسجدوا ثم استتم رسول الله صلى الله عليه وآله قائما فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلم بعضهم على بعض ثم خرجوا إلى أصحابهم وأقاموا بإزاء العدو وجاء أصحابهم فقاموا خلف
رسول الله صلى الله عليه وآله فصلى بهم ركعة ثم تشهد وسلم عليهم فقاموا فصلوا لأنفسهم ركعه ثم سلم بعضهم على بعض وعن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سألت أبا عبد الله (ع) عن صلاة الخوف
قال يقوم الامام وتجئ طائفة من أصحابه فيقومون خلفه وطائفة بإزاء العدو فيصلي بهم الامام ركعة ثم يقوم ويقومون معه فيمثل قائما ويصلون هم الركعة الثانية ثم يسلم
بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون مقام أصحابهم ويجئ الآخرون فيقومون خلف الامام فيصلى بهم الركعة الثانية ثم يجلس الامام ويقومون هم فيصلون ركعة أخرى ثم يسلم عليهم
فينصرفون بتسليمه قال وفي المغرب مثل ذلك يقوم الامام ويجئ طائفة فيقومون خلفه ويصلى بهم ركعة ثم يقوم ويقومون فيمثل الامام قائما ويصلون الركعتين ويتشهدون
ويسلم بعضهم على بعض ثم ينصرفون فيقومون في موقف أصحابهم خلف الامام فيصلى بهم ركعة يقرأ فيهما ثم يجلس ويتشهد ويقوم ويقومون معه فيصلى بهم ركعة أخرى ثم يسلم
عليهم وينبغي التنبيه على أمور (الأول هل يجب على الفرقة) الأولى نية الانفراد عند مخالفة الامام قيل نعم وهو خيرة الشهيد في الدروس وقيل لا وقواه الشهيد في الذكرى حجة الأول وجوب الانفراد ووجوب نية
كل واجب وما تقدم من عدم جواز مفارقة المأموم الامام بدون النية ويرد على الأول منع وجوب نية كل واجب وعلى الوجهين انهما انما يتمان مع اطلاق الاقتداء إما
إذا تعلقت بالركعة الأولى خاصة فلا وحجة الثاني (الأصل) وانقضاء ما تعلق به نية الائتمام والمسألة محل تردد الثاني ظاهر أكثر الأصحاب بفاء اقتداء الفرقة الثانية في الركعة الثانية حكما
وان استقلوا بالافعال فيحصل لهم ثواب الائتمام ويرجعون إلى الامام في السهو وحينئذ لا ينوون الانفراد عند القيام إلى الثانية وقد صرح به المصنف في المختلف وصرح ابن حمزة في الوسيلة
والواسطة بان الثانية ينوى الانفراد في الركعة الثانية وهو ظاهر الشيخ في المبسوط واختاره بعض المتأخرين لقوله (ع) في صحيحة عبد الرحمن المتقدمة ثم يتشهد ويسلم عليهم فقاموا فصلوا لأنفسهم
ركعة وسلم بعضهم على بعض ويؤيده انه لا معنى لثبوت القدوة الا ترتب اثارها كالثواب وتحمل الامام سهوهم ولا يمكن القول بذلك الا بدليل يدل عليه مع انتفائه ههنا احتج المصنف
للأول بقوله (ع) في صحيحة زرارة فصار للأولين التكبير وافتتاح الصلاة وللآخرين التسليم وفيه انه يستفاد من تلك الرواية ان الامام يوقع السلام بعد الفراع من التشهد من غير انتظارهم
ولعل معنى قوله (ع) وللآخرين التسليم انهم حضروه مع الامام الثالث الظاهر أن ما ذكره المصنف وغيره من أن الامام يطيل تشهده ويتمون ويسلم بهم على سبيل الاستحباب لدلالة صحيحة
عبد الرحمن على جواز تسليمه قبل اتمامهم الركعة الرابع ذكر جماعة من الأصحاب انه يحصل المخالفة في هذه الصلوات في ثلاثة أشياء انفراد المؤتم وتوقع الامام للمأموم حتى يتم وامامة
القاعد بالقائم ولا يخفى ان انفراد المؤتم لا يحصل به المخالفة على المشهور بينهم من جوازه اختيارا وانما يتم على قول الشيخ حيث منع من ذلك الا ان يقال بوجوب الانفراد هنا فيحصل
المخالفة بهذا الاعتبار واما توقع الامام المؤتم حتى يتم فإنه غير لازم هنا على ما ذكرنا مع أنه جائز اختيارا واما امامة القاعد بالقائم فإنما يتحقق إذا قلنا ببقاء اقتداء الفرقة
الثانية في الركعة الثانية وقد عرفت ان الامر ليس كذلك الخامس قال في الذكرى يستحب تطويل الامام القراءة في انتظار الثانية ولو انتظرهم بالقراءة ليحضروها كان جائزا فحينئذ يشتغل
بذكر الله تعالى إلى حين حضورهم والأول أجود لان فيه تخفيفا للصلاة وقرائته كافية في اقتدائهم وان لم يحضروها كغيرهم من المؤتمين وإذا انتظرهم لفراغ ما بقى عليهم في تشهده طوله
بالاذكار والدعوات حتى يفرغوا ولو سكت أيضا فالأقرب جوازه
وفي الصلاة الثلاثية وهي المغرب يتخير الامام بين ان يصلي بالأولى ركعة وبالثانية ركعتين وبالعكس لما فيه
من الجميع بين حسنة الحلبي السابقة وبين ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح عن أبي جعفر (ع) أنه قال إذا كان صلاة المغرب في الخوف فرقهم فرقتين فيصلى بفرقة ركعتين ثم جلس بهم
ثم أشار إليهم بيده فقام كل انسان منهم فيصلى ركعة ثم سلموا وقاموا مقام أصحابهم وجاءت طائفة أخرى فكبروا ودخلوا في الصلاة وقام الامام فصلى بهم ركعة ثم سلم ثم قام كل رجل
منهم فيصلى ركعة فشفعها بالتي صلى مع الامام ثم قام فصلى ركعة ليس فيها قرائة فتمت للامام ثلاث ركعات وللأوليين ركعتان في جماعه وللآخرين واحدة فصار للأولين التكبير
وافتتاح الصلاة وللآخرين التسليم وروى الشيخ عن زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) مثل ذلك واختلف الأصحاب في الأفضلية فقيل إن الأول أفضل لكونه مرويا
عن علي (ع) فيترجح للتأسي به ولأنه يستلزم فوز الفرقة الثانية بالقراءة وبالزيادة لتوازي فضيلة تكبيرة الافتتاح والتقدم ولتقارب الفرقتين في ادراك الأركان ونسب هذا القول
403

إلى الأكثر واختاره المصنف في التذكرة وقيل إن الثاني أفضل لئلا يكلف الثانية زيادة جلوس في التشهد وهي مبنية على التخفيف وفي الترجيح عندي اشكال
ويجب على المصلين
اخذ السلاح على المشهور بين الأصحاب وقال ابن الجنيد يستحب وتردد المحقق في المعتبر والنافع حجة الأول قوله تعالى وليأخذوا أسلحتهم والأصل في الامر الوجوب وحمله ابن الحنيد على الارشاد
وفيه عدول عن الظاهر من غير دليل وهل يختص الوجوب بالمصلين فيه قولان وروى عن ابن عباس ان المأمور بأخذ السلاح هم المقاتلة وهو خلاف ظاهر الآية وعلى
القول بوجوب اخذ السلاح واجب مطلقا الا ان يمنع اخذ السلاح شيئا من الواجبات المعتبرة في الصلاة كالجوشن الثقيل والمغفر المانع من السجود على الجبهة فيجوز مع الضرورة
لا بدونها والنجاسة الكائنة على السلاح غير مانعة من اخذه على المشهور وقيل لم يجز والأول أقرب عملا باطلاق النص وثبوت العفو عن نجاسة ما لا يتم الصلاة فيه منفردا وانتفاء
الدليل على اعتبار طهارة المحمول ولو تعدت نجاسته إلى الثوب وجب تطهيره الا مع الضرورة ومن أقسام (صلاة الخوف) صلاة بطن النخل وقد ورد ان النبي صلى الله عليه وآله
(صليها (صلاها) بأصحابه قال الشيخ روى الحسن عن أبي بكر عن فعل النبي صلى الله عليه وآله) وصفتها ان يصلي الامام بالفرقة
الأولى مجموع الصلاة والاخرى تحرسهم ثم يسلم بهم ثم يمضوا إلى موقف أصحابهم ثم يصلي بالطائفة الأخرى نفلا له وفرضا لهم وشرطها كون العدو في قوة يخاف هجومه وامكان
افتراق المسلمين فرقتين وكونه في خلاف جهة القبلة قال في الذكرى ويتخير بين هذه الصلاة وبين ذات الرقاع وترجح هذه إذا كان في المسلمين قوة ممانعة بحيث لا تبالي الفرقة
الحارسة بطول لبث المصلية ويختار ذات الرقاع إذا كان الامر بالعكس ولا يخفى ان الرواية الواردة بهذه الصلاة عامية يشكل التعويل عليها فيبنى الحكم بالجواز على أنه هل يجوز إعادة
الجامع صلاته أم لا وقد مر الكلام فيه قال في الذكرى لا يجوز صلاة الجمعة على هذه الهيئة لأنها لا تنعقد ندبا ولا تشرع في مكان مرتين وينعقد على هيئة ذات الرقاع إذا
صليت حضرا ومن أقسام صلاة الخوف صلاة عسفان وقد نقلها الشيخ في المبسوط بهذه العبارة ومتى كان العدو في جهة القبلة ويكونون في مستوى الأرض لا يسترهم شئ ولا يمكنهم
أمر يخافون منه ويكون في المسلمين كثرة لا يلزمهم صلاة الخوف ولا صلاة شدة الخوف وصلوا كما صلى النبي صلى الله عليه وآله بعسفان جاز فإنه قام (ع) مستقبل القبلة والمشركون امامه فصف خلف
رسول الله صلى الله عليه وآله صف وصف بعد ذلك الصف صف اخر فركع رسول الله صلى الله عليه وآله وركعوا جميعا ثم سجد عليه الصلاة والسلام وسجد الصف الذين يلونه وقام الآخرون يحرسونه فلما سجد الأولون
السجدتين وقاموا سجد الآخرون الذين كانوا خلفهم ثم تأخر الصف الذي يلونه إلى مقام الآخرين وتقدم الصف الأخر إلى مقام الصف الأول ثم ركع رسول الله صلى الله عليه وآله وركعوا
جميعا في حالة ثم سجد وسجد الصف الذي يليه وقام الآخرون يحرسونه فلما جلس رسول الله صلى الله عليه وآله والصف الذي يليه سجد الآخرون ثم جلسوا جميعا وسلم بهم جميعا وصلى بهم عليه الصلاة
والسلام أيضا هذه الصلاة يوم بنى سليم قال المصنف لها ثلث شرائط ان يكون العدو في جهة القبلة لأنه لا يمكن حراستهم في الصلاة الا كذلك وأن يكون في المسلمين كثرة يمكنهم معهم الافتراق
فرقتين وان يكونوا على قلة جبل أو مستوى من الأرض لا يحول بينهم وبين ابصار المسلمين حائل من حبل وغيره ليتوقوا كيدهم (بئسهم) والحمل عليهم ولا يخاف كمين لهم وتوقف الفاضلان في
العمل بها لأنه لم يثبت نقلها من طرق أهل البيت (ع) قال في الذكرى هذا صلاة مشهورة في النقل كسائر المشهورات الثابتة وان لم تنقل بأسانيد صحيحة وقد ذكرها الشيخ مرسلا لها
غير مستند ولا يحيل على سند فلو لم يصح عنده لم يتعرض حتى يتنبه على ضعفها فلا يقصر فتواه عن روايته ثم ليس فيها مخالفة لأفعال الصلاة غير التقدم والتأخر والتخلف بركن
وكل ذلك غير قادح في صحة الصلاة اختيارا فكيف عند الضرورة وفيه تأمل إما أولا ففي تصحيحه الرواية بمجرد نقل الشيخ واما ثانيا ففي حكمه عدم قدح التخلف عن ركن في صحة الصلاة
اختيارا فتدبر
واما صلاة شدة الخوف فان انتهى الحال إلى المسايفة أو المعانقة والضابط ان لا يتمكنوا من الصلاة على الوجوه المقررة في أنواع صلاة الخوف فيصلون
فرادى كيف ما أمكنهم واقفا أو ماشيا أو راكبا ويركعون ويسجدون مع الامكان والا فبالإيماء ويستقبلون القبلة مع المكنة والا فبحسب الامكان في بعض الصلاة على ما ذكره جماعة
من الأصحاب والا فبالتكبيرة والا سقط استقبال القبلة ويجوز راكبا مع الضرورة ويسجد على قربوس سرجه والا فبالإيماء وهذه الأحكام مجمع عليه بين الأصحاب ويدل عليها
اخبار كثيرة منها ما رواه الشيخ عن زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم في الصحيح عن أبي جعفر (ع) قال في صلاة الخوف عند المطاردة والمناوشة وتلاحم القتال فإنه يصلى كل انسان منهم بالايماء
حيث كان وجهه فإذا كانت المسايفة والمعانقة وتلاحم القتال فان أمير المؤمنين عليه السلام ليلة صفين وهي ليلة الهرير لم يكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء عند وقت
كل صلاة الا بالتكبير والتهليل والتسبيح والتمجيد والدعاء فكانت تلك صلاتهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة وعن عبيد الله بن علي الحلبي في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال صلاة الزحف على
الظهر ايماء برأسك وتكبير والمسايفة تكبير بغير ايماء والمطاردة ايماء يصلى كل رجل على حياله وعن زرارة في الصحيح قال قال أبو جعفر (ع) الذي يخاف اللصوص والسبع يصلي صلاة المواقفة
ايماء على دابته قال قلت أرأيت ان لم يكن المواقف على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على النزول قال يتيمم من لبد سرجه أو دابته أو من معرفة دابته فان فيها غبار أو يصلى ويجعل السجود
اخفض من الركوع ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما رادت دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه وعن عبد الرحمن بن أبي عبد الله في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
قول الله عز وجل فان خفتم فرجالا أو ركبانا كيف يصلى وما يقول إن خاف من سبع أو لص كيف يصلى قال يكبر ويؤمى برأسه وعن أبي بصير في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول إذا التقوا
فاقتتلوا فإنما الصلاة حينئذ بالتكبير وان كانوا وقوفا الصلاة ايماء ولو عجز صلى بالتسبيح عوض كل ركعة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر وهو يجزى عن جميع الأفعال
والاذكار المراد على ما صرح به في المنتهى وبه صرح المحقق في المعتبر ان من لم يتمكن من الايماء حال المسايفة يسقط عنه ذلك وينتقل فرضه إلى التسبيح والظاهر أن هذا الحكم مجمع عليه بين
الأصحاب على ما نقله جماعة منهم ويدل عليه مضافا إلى بعض الأخبار السابقة ما رواه ابن بابويه عن عبد الرحمن بن (عن) أبي عبد الله في الصحيح عن الصادق (ع) في صلاه الزحف قال يكبر ويهلل
يقول الله عز وجل وان خفتم فرجالا أو ركبانا ثم قال وفي كتاب عبد الله بن المغيرة ان الصادق (ع) قال أقل ما يجزى في حد المسايفة من التكبير تكبيرتان لكل صلاة الا المغرب فان لها ثلاثا
وهذه الرواية قد نقلها الشيخ عن عبد الله بن المغيرة في الصحيح عن بعض أصحابنا عن الصادق (ع) وما رواه الشيخ عن محمد بن عذافر في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا جاءت الخيل تضطرب
بالسيوف أجزأه تكبيرتان فهذا تقصير اخر واعلم أن ما ذكره الأصحاب في كيفية التسبيح غير مستفاد من الروايات التي اطلعت عليها بل المستفاد من بعضها اجزاء مجرد التكبير ومن بعضها
التخيير في ترتيب التسبيحات كيف شاء واستجود في الذكرى حينئذ وجوب التسبيحات الأربع على الترتيب المذكور للاجماع على اجزائها وعدم تيقن الخروج عن العهدة بدون
الاتيان بها والاحتياط فيما ذكره والأولى ان يضاف إليها شئ من الدعاء وقوفا على مدلول صحيحة الفضلاء وقد صرح جماعة من المتأخرين منهم المصنف انه لابد مع التسبيح من النية
وتكبيرة الاحرام والتشهد والتسليم وايجاب غير النية من الأمور المذكورة محل اشكال لعدم دلالة شئ من الروايات عليه بل ظاهرها خلافه كما لا يخفى على المتدبر ولو امن
في الأثناء أو خاف فيه انتقل في الحالين فيما بقى من الصلاة ولا يستأنف وقال الشيخ في المبسوط ما لم يستدبر القبلة في أثناء صلاته وفي المسألة تأمل ولو صلى لظن العدو فظهر
الكذب أو الحائل اجزاه للاتيان بالمأمور به المقتضى للاجزاء نعم لو استند الخوف إلى تقصير في الفحص والاطلاع لم يبعد وجوب الإعادة كما صرح به الشهيد في الذكرى
وخائف السبع
أو السيل يصلى صلاة الشدة المستند في ذلك اخبار كثيرة كصحيحة زرارة وعبد الرحمن السابقتين وما رواه الشيخ عن علي بن جعفر في الصحيح عن أخيه أبي الحسن (ع) قال سألته عن الرحل يلتقى
السبع وقد حضرت الصلاة ولا يستطيع المشي مخافة السبع فان قام يصلى خاف في ركوعه وفي سجوده السبع والسبع امامه على غير القبلة فان توجه إلى القبلة خاف ان يثب عليه الأسد كيف يصنع
قال فقال يستقبل الأسد ويصلى ويؤمى برأسه ايماء وهو قائم وإن كان الأسد على غير القبلة وعن إسحاق بن عمار عمن حدثه عن أبي عبد الله (ع) في الذي يخاف السبع أو يخاف العدو يثب عليه أو
يخاف اللصوص يصلي على دابته ايماء الفريضة وظاهر المصنف ان خائف السبع والسيل يصلى صلاة الخوف كمية وكيفية وهو المشهور بين الأصحاب حتى قال المحقق في المعتبر كل أسباب الخوف يجوز معها القصر
404

والانتقال إلى الايماء مع الضيق والاقتصار على التسبيح ان خشى مع الايماء وإن كان الخوف من لص أو سبع أو غرق وعلى ذلك فتوى علمائنا وتردد في ذلك المصنف في المنتهى ونقل عن
بعض علمائنا قولا بان التقصير في عدد الركعات انما يكون في صلاة الخوف من العدو خاصة حجة الأول قوله تعالى وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة ان خفتم
ان يفتنكم الذين كفروا قالوا هو دال بمنطوقه على خوف العدو وبفحواه على ما عداه من المخوفات والروايات السابقة كصحيحة زرارة وصحيحة عبد الرحمن وصحيحة علي بن جعفر وفي
دلالة الآية على ما ذكروه بالفحوى نظر وكذا في دلالتها على خوف العدو بالمنطوق كما مر واما الروايات فالمستفاد منها المساواة بين صلاة خائف (الأسد وخائف) العدو في الكيفية لا في الكمية
فاذن الاقتصار على قصر الكيفية متجه والمذكور في الرواية العدو واللص والسبع والحاق غيرها بها يحتاج إلى دليل قال الشارح والحق بمن ذكر الأسير في أيدي المشركين إذا خاف من
اظهار الصلاة والمديون المعسر لو عجز عن إقامة البينة بالاعسار وخاف الحبس فهرب والمدافع عن ماله لاشتراك الجميع في الخوف انتهى وغاية ما يمكن ان يتكلف في الحكم بالتعميم ان
يقال يجب الصلاة على جميع المكلفين لعموم الأدلة الدالة عليه والصلاة بالايماء والتكبير مع العجز صلاة شرعية في بعض الأحيان فحيث تعذر الأول يثبت الثاني والا يلزم التخصيص
فيما دل على وجوب الصلاة على كل مكلف
والموتحل والغريق يصليان بحسب الامكان ويجوز لهما الصلاة بالايماء مع العجز عن استيفاء الافعال ولا يقصران العدد الا في
سفر أو خوف إما الأول أعني الصلاة بالايماء فعلل بان غير الممكن ليس بواجب والمستفاد من ذلك عدم وجوب استيفاء الافعال واما وجوب الايماء بدله فيحتاج إلى دليل
اخر وكانه اجماعي والتوصل إلى اليقين بالبراءة من التكليف الثابت انما يحصل به واما عدم القصر بدون السفر أو الخوف المسوغ له فلان مقتضي العمومات الدالة على وجوب
الاتمام انسحاب هذا الحكم فيما لم يخرجه دليل عن العام كما في محل البحث وذكر الشهيد في الذكرى انه لو خاف من اتمام الصلاة استيلاء الغرق ورجى عند قصر العدد سلامته وضاق
الوقت فالظاهر أنه يقصر العدد أيضا واستحسنه الشارح الفاضل نظرا إلى أنه يجوز له الترك فقصر العدد أولي قال لكن في سقوط القضاء بذلك نظر لعدم النص على جواز القصر ههنا ووجه
السقوط حصول الخوف في الجملة كما مر قال والحاصل ان غلبة مطلق الخوف توجب تطرق القصر إلى كل خائف قال ووجهه غير واضح إذ لا دليل عليه والوقوف على المنصوص عليه بالقصر
أوضح ولا يخفى ان الحكم بوجوب القصر ينافي الحكم بوجوب القضاء لان الاتيان بالمأمور به يقتضي الأجزاء والحكم بوجوب القضاء انما يكون عند عدم الأداء وأيضا الحكم بوجوب
القصر محل تأمل وما علل به ضعيف إذ لا يلزم من جواز الترك للعجز جواز فعلها مقصورة وبالجملة عدم الدليل على القصر يقتضي مساواة حكم الركعتين للركعة فتأمل
المقصد الرابع
في صلاة السفر يجب التقصير في الرباعية خاصة والظاهر أنه لا خلاف فيه روى ابن بابويه فيمن لا يحضر الفقيه عن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح انهما قالا قلنا لأبي جعفر (ع) ما تقول في الصلاة
في السفر كيف هي وكم هي فقال إن الله عز وجل يقول وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح ان تقصروا من الصلاة فصار التقصير في السفر واجبا كوجوب التمام في الحضر قالا قلنا انما
قال الله عز وجل ليس عليكم جناح ولم يقل افعلوا فكيف أوجب ذلك كما أوجب التمام في الحضر فقال (ع) أو ليس قد قال الله عز وجل ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو
اعتمر فلا جناح عليه ان يطوف بهما الا ترون ان الطواف بهما واجب مفروض لان الله عز وجل ذكره في كتابه وصنعه نبيه (ع) وكذلك التقصير شئ صنعه النبي صلى الله عليه وآله وذكره الله تعالى ذكره في كتابه
قالا قلنا فمن صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا قال إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسرت له فصلى أربعا أعاد وان لم يكن قرأت عليه ولم يعلمها فلا إعادة عليه والصلوات كلها في السفر
الفريضة ركعتان الا المغرب فإنها ثلاث ليس فيها تقصير تركها رسول الله صلى الله عليه وآله في السفر والحضر ثلاث ركعات وقد سافر رسول الله صلى الله عليه وآله إلى ذي خشب وهي مسيرة يوم إلى المدينة يكون
إليها بريدان أربعة وعشرون ميلا فقصر وأفطر فصارت سنة وقد سمى رسول الله صلى الله عليه وآله قوما صاموا حين أفطر العصاة قال فهم العصاة إلى يوم القيمة وانا لنعرف أبنائهم وأبناء
ابائهم إلى يومنا هذا وانما يجب التقصير بستة شروط الأول المسافة وهي ثمانية فراسخ أو أربعة لمن رجع من يومه أجمع العلماء كافة على أن المسافة شرط في القصر وانما اختلفوا في تقديرها
فذهب علماؤنا أجمع إلى أن القصر يجب في مسيرة يوم تام بريدان ثمانية فراسخ أربعة وعشرون ميلا حكى ذلك عنهم جماعة من الأصحاب ويدل عليه روايات منها صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم السابقتان
ومنها ما رواه الشيخ عن أبي أيوب في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن التقصير فقال في بريدان أو بياض يوم وعن علي بن يقطين في الصحيح قال سألت أبا الحسن الأول عن الرجل يخرج في سفر وهو
مسيره يوم قال يجب عليه التقصير إن كان مسيرة يوم وإن كان يدور في عمله وروى ابن بابويه بسند معتبر عن الفضل بن شاذان عن الرضا (ع) أنه قال وانما وجب التقصير في ثمانية
فراسخ لا أقل من ذلك ولا أكثر لان ثمانية فراسخ مسير يوم للعامة (للعلة كذا) وللقوافل والأثقال فوجب التقصير في مسير يوم (قال ولو لم يجب في مسير يوم) لما وجب في مسير سنه لان كل يوم يكون بعد هذا اليوم فإنما
هو نظير هذا اليوم فلو لم يجب هذا اليوم لما وجب في نظيره ومنها ما رواه الشيخ عن أبي بصير في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) في كم يقصر الرجل قال في بياض يوم أو بريدين وعن عبد الله
ابن يحيى الكاهلي قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في التقصير في الصلاة قال بريد في بريد أربع وعشرون ميلا وعن سماعة في الموثق على الظاهر قال سألته عن المسافر في كم يقصر الصلاة فقال
في مسيرة يوم وذلك بريدان وهما ثمانية فراسخ ومن سافر قصر الصلاة وأفطر الا ان يكون رجلا مسعيا السلطان جائر أو خرج إلى صيد أو إلى قرية له يكون مسيرة يوم يبيت إليها
لا يقصر ويفطر وعن عيص بن القسم في الحسن أو الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال في التقصير حده أربعة وعشرون ميلا وروى ابن بابويه عن زكريا بن ادم في الصحيح انه سأل أبا الحسن الرضا (ع) عن التقصير في
كم يقصر الرجل إذا كان في ضياع أهل بيته وأمره جائر فيها يسير في الضياع يومين وليلتين وثلاثة أيام ولياليهن فكتب التقصير في مسيرة يوم وليلة ولعل المراد ان التقصير في المسافة التي يسار
فيها في يوم وليلة بحسب التعارف وان حصل بعض التوقف في الأثناء أو الواو بمعنى أو
واختلف الأصحاب في مسيرة أربعة فراسخ فذهب جمع من الأصحاب منهم المرتضى وابن إدريس وكثير من المتأخرين
إلى أنه يجب عليه التقصير إذا أراد الرجوع والمنع من التقصير ان لم يرد الرجوع ليومه واختاره المصنف وقال الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه وإن كان سفره أربعة فراسخ وأراد الرجوع من يومه
فالتقصير عليه واجب وإن كان سفره أربعة فراسخ ولم يرد الرجوع من يومه فهو بالخيار انشاء أتم وانشاء قصر ونحوه قال المفيد والشيخ في النهاية الا انه منع من التقصير في الصوم وقال الشيخ في
كتابي الاخبار ان المسافر إذا أراد الرجوع من يومه فقد وجب عليه التقصير في أربعة فراسخ ثم قال على أن الذي نقوله في ذلك أنه انما يجب التقصير إذا كان مقدار المسافة ثمانية فراسخ وإذا
كان أربعة فراسخ كان بالخيار في ذلك انشاء أتم وانشاء قصر وظاهر هذا الكلام العدول إلى القول بالتخيير وان أراد الرجوع ليومه ولهذا نقل الشهيد في الذكرى عن الشيخ في التهذيب القول
بالتخيير إذا كان المسافة أربعة فراسخ وأراد الرجوع ليومه ونقل ذلك عن المبسوط وابن بابويه في كتابه التكبير وقواه وقال ابن أبي عقيل كل سفر كان مبلغه بريدين وهما ثمانية فراسخ أو
بريد ذاهبا وبريد جائيا وهو أربعة فراسخ في يوم واحد أو ما دون عشرة أيام فعلى من سافره عند آل الرسول (ع) إذا خلف حيطان مصره أو قريته وراء ظهره وغاب عنه منهما صوت الاذان
ان يصلي صلاة السفر ركعتين ونقل في المختلف عن سلار انه إن كانت المسافة أربعة فراسخ وكان راجعا من يومه قصر واجبا وإن كان من غده فهو مخير بين القصر والاتمام ونقله عن
ابني بابويه ومرادهم بالغد إن كان معناها الحقيقي كان قولا مخالفا للأقوال السابقة وإن كان المراد به ما عدا اليوم كان بعينه قول المفيد وحد المسافة ابن الجنيد بمسير يوم للماشي
وراكب السفينة ومنشأ هذا الاختلاف اختلاف الاخبار ففي كثير منها إناطة التقصير بالثمانية فراسخ وما في معناها كما مر وفي كثير منها علق بالأربعة فراسخ ومنها ما رواه الشيخ عن أبي
أسامة زيد الشحام في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول يقصر الرجل الصلاة في مسيرة اثنى عشر ميلا وعن إسماعيل بن الفضل في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التقصير فقال في أربع
فراسخ وعن زرارة في الصحيح والحسن بإبراهيم بن هاشم ورواه الكليني أيضا عن زرارة في الحسن عن أبي جعفر (ع) قال التقصير في بريد والبريد أربعة فراسخ وعن أبي أيوب في الحسن بإبراهيم قال
قلت لأبي عبد الله (ع) أدنى ما يقصر فيه المسافر فقال بريد وعن عبد الله بن بكير في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القادسية اخرج إليها أتم أو اقصر وكم هي قلت هي التي رأيت قال قصر
405

وعن معاوية بن عمار في الموثق قال قلت لأبي عبد الله (ع) في كم اقصر الصلاة فقال في بريد الا ترى في أهل مكة إذا خرجوا إلى عرفة كان عليهم التقصير وروى الشيخ عن معاوية بن عمار
في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إن أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم ورجعوا إلى منى تموا الصلاة وان لم يدخلوا منازلهم قصروا وروى الكليني في كتاب الحج عن معاوية بن عمار
باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال أهل مكة إذا زاروا البيت ودخلوا منازلهم أتموا وإذا لم يدخلوا منازلهم قصروا وعن الحلبي في الحسن بإبراهيم بن
هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال إن أهل مكة إذا خرجوا حجاجا قصروا وإذا زاروا ورجعوا إلى منازلهم أتموا وروى الصدوق عن معاوية بن عمار في الصحيح ورواه الشيخ أيضا عنه بأسانيد
متعددة صحيحة ورواه الكليني باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان أهل مكة يتمون الصلاة بعرفات قال ويلهم أو ويحهم وأي سفر أشد
منه لا يتم وروى الشيخ عن أبي ولاد في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني كنت خرجت من الكوفة في سفينة إلى قصر ابن هبيرة وهو من الكوفة على نحو من عشرين فرسخا في الماء فسرت
يومي ذلك اقصر الصلاة ثم بدا لي في الليل الرجوع إلى الكوفة فلم أدر اصلى في رجوعي بقصر أو بتمام وكيف كان ينبغي ان اصنع فقال إن كنت سرت في يومك الذي خرجت فيه
بريدا فكان عليك حين رجعت ان تصلي بالتقصير لأنك كنت مسافرا إلى أن تصل إلى منزلك قال وان كنت لم تسر في يومك الذي خرجت فيه بريدا فان عليك ان تقضى كل صلاه
صليتها في يومك ذلك بالتقصير في تمام من قبل ان تؤم من مكانك ذلك لأنك لم تبلغ الموضع الذي يجوز فيه التقصير حتى رجعت فوجب عليك قضاء ما قصرت وعليك إذا رجعت
ان تتم الصلاة حتى يصير إلى منزلك وعن إسحاق بن عمار باسناد فيه جهالة قال قلت لأبي عبد الله (ع) في كم التقصير فقال في بريد ويحهم كأنهم لم يحجوا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فقصروا
وفي الضعيف عن أبي الجارود قال قلت لأبي جعفر (ع) في كم التقصير فقال في بريد واختلف الأصحاب في وجه الجمع بين هذه الأخبار وبين الروايات السابقة الدالة على التحديد بثمانية
فراسخ فحمل الشيخ في أحد وجهيه وجماعة من الأصحاب منهم المصنف هب الاخبار على ما إذا أراد المسافر الرجوع ليومه واحتجوا لهذا الحمل بما رواه ابن بابويه عن زرارة بن أعين في
الصحيح قال سألت أبا جعفر (ع) عن التقصير فقال بريد ذاهب وبريد جاء وكان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا اتى ذبابا قصر وذباب على بريد وانما فعل ذلك لأنه إذا رجع كان سفره بريدين
ثمانية فراسخ وما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) (كم ظاهرا) أدنى ما يقصر فيه المسافر الصلاة قال بريد ذاهبا وبريد جائيا وعن محمد بن مسلم في الموثق عن أبي
جعفر (ع) قال سألته عن التقصير قال في بريد قلت بريد قال إنه إذا ذهب بريد أو رجع بريد اشغل يومه واعترض عليه بوجوه صحيحة منها ان اطلاق الامر بالتقصير في الأربعة
فراسخ في هذه الروايات الكثيرة مع كونه مشروطا بشرط لا يفهم من اللفظ ولا يكون غالبا (أكثريا) بعيد جدا بل ربما كان قبيحا فيمتنع صدوره من الحكيم لكونه مخلا لغرض التفهيم
والتعليم موجبا لفهم خلاف اطلاق الغرض ومنها ان ما استدل به على هذا الجمع غير واضحة الدلالة عليه إما روايتا زرارة ومعاوية بن وهب فان غاية ما يستفاد منهما ثبوت التقصير
إذا كانت المسافة بريدا ذهبا وجائيا وليس فيهما دلالة على اعتبار كون الذهاب والعود في يوم واحد واما رواية ابن مسلم فإنها وإن كانت مشعرة بذلك الا انه غير صريحة فيه بل ربما
لاح منها ان التعليل بكونه إذا ذهب بريدا ورجع بريدا شغل يومه انما وقع على سبيل التقريب إلى الافهام كما يشعر به اطلاق البريد أولا ومنها ان الظاهر من رواية معاوية بن عمار
المتضمنة لتوبيخ أهل مكة على الاتمام بعرفات كون الخروج للحج وقد وقع التصريح بذلك في روايتي حسنة الحلبي وإسحاق بن عمار السابقتين والخروج للحج لا يتحقق معه الرجوع ليومه
وجمع الشيخ في كتابي الاخبار بين هذه الروايات بوجه آخر وهو تنزيل اخبار الثمانية على الوجوب واخبار الأربعة على الجواز وهو المحكي عن الشارح الفاضل في فتاويه ولو حمل اخبار
الأربعة على الأفضلية كما مال إليه الشارح ههنا كان أحسن فان اخبار الأربعة يتضمن رجحان التقصير والتوبيخ على تركه وهذا الجمع أحسن من الجمع السابق وعلى هذا يحمل رواية معاوية
ابن عمار المتضمنة لنهي أهل مكة عن الاتمام بعرفات بالحمل على الكراهة والنهى عن الاتمام على وجه اللزوم لكن لا يناسب هذا الجمع الروايات الثلاثة المذكورة في توجيه الجمع الأول ويمكن
الجمع بين الاخبار بوجه آخر وهو ان يقال المعتبر في السفر الموجب للتقصير ان يكون المسافة التي أراد المسافر طيها ثمانية فراسخ وإن كان بحسب الذهاب والعود فلو أراد السفر في أربعة فراسخ
وأراد الرجوع إلى المحل الذي سافر ومنه وان لم يكن إرادة الذهاب والعود في يوم واحد كان عليه التقصير لصدق المسافة التي هي ثمانية فراسخ ويوافق هذا الجمع الاخبار الثلاثة
المذكورة وما دل على توبيخ من يتم بعرفات والامر بالتقصير فيه ويؤيد هذا الوجه ما رواه الشيخ عن إبراهيم بن هاشم في الحسن به عن رجل عن صفوان قال سألت الرضا (ع) عن رجل
خرج من بغداد بريدان يلحق رجلا على رأس ميل فلم يزل يتبعه حتى بلغ النهروان وهي أربعة فراسخ من بغداد يفطر إذا أراد الرجوع ويقصر قال لا يقصر ولا يفطر لأنه خرج من
منزله وليس يريد السفر ثمانية فراسخ انما خرج يريد ان يلحق صاحبه في بعض الطريق فتمادى به المسير إلى الموضع الذي بلغه ولو أنه خرج من منزله يريد النهروان ذاهبا وجائيا لكان
عليه ان ينوي من الليل سفر أو الافطار فان هو أصبح ولم ينو السفر فبدا له من بعد أن يصبح في السفر قصر ولم يفطر يومه ذلك ويعتبر فيه ان يكون الذهاب والعود فيما دون عشرة
أيام بناء على أن المعتبر في المسافة ان لا ينوى إقامة العشرة في أثنائها كما سيجئ وعلى هذا ينطبق هذا الوجه من الجمع على قول ابن أبي عقيل ولعله أرجح الوجوه وبالجملة الاحتياط في القصر
في أربعة فراسخ إذا رجع في عشرة أيام واما فيما بعد العشرة فالاحتياط في الاتمام وينبغي التنبيه على أمور
الأول اتفق العلماء كافة على أن الفرسخ ثلاثة أميال نقله جماعة من الأصحاب
وهو مروى في الاخبار أيضا إما الميل فلم اطلع على تحديده في روايات الأصحاب سوى ما رواه ابن بابويه مرسلا عن الصادق (ع) انه الف وخمسمائة ذراع وهو متروك بين الأصحاب وفي الكافي
روى أنه ثلاثة آلاف وخمسمائة وفي المعتبر نسبه إلى بعض اخبار أهل البيت (ع) وقد قطع الأصحاب بان قدره أربعة آلاف ذراع وفي القاموس دلالة عليه حيث قال الميل قدر مد البصر ومنار
يبنى المسافر أو مسافة من الأرض متراخية بلا حد أو مئة الف إصبع الا أربعة آلاف إصبع وقال المحقق في الشرايع الميل أربعة آلاف ذراع بذراع اليد الذي طوله أربعة وعشرون إصبعا
تعويلا على المشهور بين الناس أو مد البصر من الأرض وفيه اشعار بان له نوع تردد في التفسير الأول وأسنده في المنتهى إلى المشهور واستدل عليه في المعتبر بان المسافة تعتبر بمسير اليوم وهو مناسب
لذلك وكذا الوضع اللغوي وهو مد البصر من الأرض وقال ابن إدريس في السرائر الميل أربعة آلاف ذراع بذراع الأسود وهو الذراع الذي وضعه المأمون لذرع الثياب ومساحة البناء
وقسمة المنازل والذراع أربعة وعشرون إصبعا واسند ذلك إلى المسعودي في كتاب مروج الذهب وبالجملة المذكور في كلام أهل اللغة انه مد البصر من الأرض والتفسير الأخر مشهور
بين الفقهاء وقد ذكره بعض أهل اللغة أيضا واما تقدير الذراع بالأصابع فالتعويل فيه على الأغلب وقدرت الأصابع بسبع شعيرات عرضا وقيل بوضع بطن كل واحدة على ظهر
الأخرى وقيل متلاصقات بالسطح الأكبر وكان المراد الأول والشعيرة سبع شعرات من شعر البرذون وضبط مد البصر في الأرض بأنها ما يتميز به الفارس من الراجل للمبصر المتوسط في الأرض
المستوية حتى يعلم المسافة بالامرين الأذرع ومسير اليوم والمراد باليوم على ما فسره جماعة من الأصحاب يوم الصوم وفيه تأمل ويدل عليه قول الصادق (ع) في صحيحة أبي أيوب أو بياض يوم واعتبر
الفاضلان مسير الإبل السير العام وهو حسن لان ذلك هو الغالب فيحمل عليه المطلق ولقول الصادق (ع) في حسنة الكاهلي كان أبي يقول لم يوضع التقصير على البغلة السفو والدابة
الناجية وانما وضع على سير القطار يقال بغلة سفوا بالسين المهملة حفيفة والناجية الناقة السريعة بنحو بمن ركبها قاله الجوهري وغيره ونقل في المنتهى عن عبد الرحمن بن الحجاج
قلت له في كم أدنى ما يقعر فيه الصلاة فقال جرت السنة ببياض يوم فقلت له ان بياض اليوم يختلف فيسير الرجل خمسة عشر فرسخا في يوم ويسر الأخر أربعة فراسخ وخمسة فراسخ في يوم
فقال إما انه ليس إلى ذلك ينظر إما رأيت سير هذه البغال بين مكة والمدينة ثم أومأ بيده أربعة وعشرون ميلا تكون ثمانية فراسخ وفي رواية الفضل بن شاذان السابقة عن
الرضا (ع) لان ثمانية فراسخ مسير يوم للعامة والقوافل والأثقال واعتبر الشهيدان اعتدال الوقت والسير والمكان ويحتمل عدم اعتبار اعتدال الوقت نظرا إلى عموم اطلاق الدليل
406

ويحتمل قويا عدم اعتبار اعتدال المكان لاطلاق النصوص وان اختلف كمية المسافة بالسهولة والخزونة
الثالث يجوز العمل بالسير والتقدير ولو اعتبر المسافة بهما فاختلفا فالظاهر جواز
الاكتفاء في لزوم القصر بكل واحد منهما واحتمل الشارح الفاضل في بعض كتبه تقديم السير لأنه اضبط ويلوح من كلام الشهيد في الذكرى تقديم التأخير وكانه بناء على أنه تحقيق لا
تقريب وعندي ان العمل بالسير أولي بناء على وجوده صريحا في الاخبار وعدم تفسير الفراسخ في خبر معتمد الرابع ذكر غير واحد من الأصحاب ان مبدأ التقدير من اخر خطة البلد
المعتدل واخر محلته في المتسع عرفا ولم اطلع على دليله ولا يبعد ان يكون مبدأ التقدير مبدأ سيره لقصد السفر الخامس لافرق مع اعتبار الأذرع بين قطع المسافة في يوم واحد
وأقل أو أكثر نعم لو قطع المسافة في زمان طويل جدا بحيث يخرج عن اسم المسافر عرفا كالسنة مثلا اتجه عدم الترخيص قال الشهيد وغيره قال ومن هذا الباب لو قارب المسافر بلده
فتعمد ترك الدخول إليه للترخص ولبث في قرى تقاربه مدة يخرج عن اسم المسافر ولم اقف في هذين الموضعين على كلام للأصحاب وظاهر النظر يقتضي عدم الترخيص وقد نوقش فيه
بان السفر بعد استمراره إلى انتهاء المسافة قائما ينقطع بإحدى القواطع المقررة ومع عدمه يجب البقاء على حكم القصر السادس البحر كالبر وان قطع المسافة في ساعة واحدة لان التقدير
بالأذرع كاف في ثبوت الترخيص وقال في المنتهى لا نعرف في ذلك خلافا السابع لو تردد يوما في ثلاثة فراسخ ذاهبا وجائيا فان بلغ في الرجوع إلى موضع سماع الاذان ومشاهدة
الجدران فالظاهر أنه لا خلاف في عدم القصر وان لم يبلغ فالمقطوع به في كلام أكثر الأصحاب انه لم يجز القطع وخالف فيه المصنف في التحرير واستدل على الأول بوجهين
أحدهما ان من هذا شانه ينقطع سفره بالرجوع وإن كان في رجوعه لم ينته الحد المذكور والا لزم القصر لو تردد في فرسخ واحد
ثماني مرات وبان مقتضى الأصل لزوم الاتمام خرج منه قاصد الثمانية أو الأربعة التي لا يكون ملفقة من الذهاب والإياب لأنه المتبادر من اللفظ فيبقى
الباقي على الأصل وللتأمل في الوجهين طريق الثامن لو كان لبلد طريقان أحدهما يبلغ المسافة فان سلك الابعد لا لعلة الترخص قصر اجماعا وإن كان للترخص لاغير فالظاهر أنه
يقصر لاطلاق الأدلة وهو المشهور بين الأصحاب وقال ابن البراج يتم لأنه كاللاهي بصيده وهو ضعيف ولو سلك الابعد في الرجوع كان الحكم فيه كما في الذهاب ولو سلك الأقرب
وقصد الرجوع بالأبعد فالذي ذكره غير واحد من الأصحاب انه لم يتم لأنه لم يقصد أولا مسافة والقصد الثاني لا حكم له قبل الشروع فيه ولي فيه تأمل فإنه مبني على المسافة
ولا يتلفق من الذهاب والعود وهو محل التأمل ولو جهل البلوغ اي بلوغ المسافة القدر المعتبر في القصر ولا بنية أتم هذا الحكم مقطوع به في كلام الأصحاب ولم اطلع على خلافه
في كلامهم وعلل بأصالة عدم البلوغ وأصالة الاتمام وفيهما ضعف ويمكن ان يستدل عليه بقول أبي جعفر (ع)
في صحيحة زرارة ولا ينقض اليقين ابدا بالشك بناء على أن حكم
الاتمام كان ثابتا مستمرا وانما عرض الشك في حصول السبب الموجب للقصر وبالآية فان حكم التقصير علق فيها على شرط الضرب في الأرض فيتوقف حكم المشروط على العلم بالشرط لان
التكليف انما يتحقق عند تحقق الشرط فالشك في تحقق الشرط يستلزم الشك في التكليف فينتفي لأصالة العدم وفيه ان غاية ما يستفاد من ذلك عدم استفادة تكليف التقصير بالنسبة
إليه من الآية لا انه يفهم منها انتفاء تكليف التقصير أو ثبوت تكليف الاتمام والاستدلال بالخبر أيضا لا يخلو يصفو عن المنازعة بالكلية ولكن لا يعبد الاستناد إليه وحينئذ فلو علم بالبلوغ
في الأثناء فإن كان الباقي مسافة وجب التقصير بلا ريب والا فالظاهر وجوب التقصير واحتمل بعضهم عدمه وهو ضعيف وهل يجب الاعتبار مع الجهل بالبلوغ فيه وجهان نظرا إلى
براءة الذمة وتوقف الواجب عليه ولعل الترجيح للعدم لان الواجب عليه التقصير بشرط العلم مطلق فيكون الواجب عليه واجبا مشروطا ومقدمة الواجب المشروط ليس بواجب ولو
ظهر كون المسافة تامة لم يجب الإعادة للاتيان بالمأمور به المقتضي للاجزاء والتقييد بالنية بناء على أنه لو شهد عدلان على بلوغ المسافة وجب العمل به على ما صرح به الأصحاب
ولم أجد أحدا خالف فيه الا ان اثبات الحجة عليه اشكال إذ لا أعلم نصا يدل على أن شهادة العدلين متبعة كلية والحق به الشياع وهو متجه ان اعتبرنا في الشياع ان يحصل به
العلم العادي والا كان محل التأمل ثم ما قيل ههنا من حكم تعارض البينتين لا يرجع إلى أمر يصلح للتعويل عليه لفقد النص وضعف الاعتماد على الترجيحات الاعتبارية
الثاني
من شروط وجوب التقصير القصد إليها اي المسافة في مبدأ السير فلو قصد أقل من المسافة ثم إذا بلغه قصد أقل من المسافة أيضا لم يجب التقصير وان بلغ المجموع المسافة والظاهر أن هذا الحكم
اجماعي بين الأصحاب بل العلماء كافة كما حكى عنهم واستدل على اعتبار هذا الشرط بان المسافة معتبرة اجماعا وحينئذ فالمعتبر إما ان يكون قطعها أجمع أو القصد إلى ذلك (والأول) خلاف النص
والاجماع فيثبت الثاني وبرواية صفوان المتقدمة في الشرط الأول ولا يضر الارسال في طريق الرواية بعد كونها مقبولا عند الأصحاب معمولا عندهم واشترط الأصحاب أيضا استمرار
القصد إلى انتهاء المسافة وحجتهم عندي غير واضحة وعلى ما ذكروا فلو قصد المسافة ثم رجع عن عزمه أو تردد قبل بلوغ المسافة أتم فلو توقع رفعه علق سفره عليهم فإن كان التوقع
في محل رؤية الجدار وسماع الاذان أتم وان جزم بالسفر دونها وإن كان بعد بلوغ المسافة قصر ما لم ينو المقام عشرة أو يمضي ثلاثون يوما وإن كان قبل بلوغ المسافة بعد محل
رؤية الجدار وسماع الاذان يتم الا مع الجزم وفي النهاية ان توقع على أربعة فراسخ قصر ودونها يتم ولو رجع المسافر عن التردد الحاصل قبل بلوغ المسافة قصر وفي احتساب ما مضى من
المسافة حينئذ نظر واستقرب الشهيد في البيان الاحتساب والعبد والزوجة والخادم والأسير تابعون يقصرون ان علموا جزم المتبوع وقد صرح جماعة من الأصحاب بأنهم يقصرون وان
قصدوا الرجوع عند زوال اليد عنهم بل كلام المنتهى يشعر بكون ذلك اتفاقيا في العبد والمرأة وعند الفرقة في الأسير حيث نسب الاختلاف إلى بعض العامة وهذه عبارته ولو
خرج مكرها إلى المسافة كالأسير قصر لأنه مسافر سفرا بعيدا غير محرم فأبيح له التقصير كالمختار والعبد مع السيد والمراة مع الزوج إذا عزما على الرجوع مع زوال اليد عنهما خلافا
للشافعي قال لأنه غير ناو للسفر ولا جازم به لان نيته انه متى خلى رجع والجواب النقض بالعبد والمراة وقال في النهاية لو عزم العبد على الرجوع متى أعتقه مولاه والزوجة متى طلقها
أو على الرجوع وإن كان على سبيل التحريم كالإباق والنشوز لم يرخصوا لعدم القصد واستقربه الشهيد بشرط حصول امارة لذلك وعندي فيه تردد ولو صلى قصرا ثم عرض الرجوع
أو التردد فالأظهر انه لا يعيد مطلقا وذهب الشيخ في الاستبصار إلى أنه يعيد مع بقاء الوقت حجة الأول الاتيان بالمأمور به المقتضي للاجزاء وما رواه ابن بابويه عن زرارة في
الصحيح ورواه الشيخ باسناد فيه ضعف انه سأل أبا جعفر ع عن الرجل يخرج مع القوم في السفر يريده فدخل عليه الوقت وقد خرج من القرية على فرسخين فصلوا وانصرف بعضهم في حاجة
فلم يقض الخروج ما يصنع بالصلاة التي كان صلاها ركعتين قال تمت صلاته ولا يعيد حجة الشيخ ما رواه في الصحيح عن محمد بن عيسى عن سليمان بن حفص المروزي قال قال الفقيه
التقصير في الصلاة بريدين أو بريدا ذاهبا وجائيا والبريد ستة أميال وهو فرسخان فالتقصير في أربعة فراسخ فإذا خرج الرجل من منزله يريد اثنى عشر ميلا وذلك أربعة فراسخ
ثم بلغ فرسخين ونيته الرجوع أو فرسخين آخرين قصر وان رجع عما نوى فرسخين وأراد المقام فعليه التمام وإن كان قصر ثم رجع عن نيته أعاد الصلاة وراويها مجهول وفيها مالا
يوافق معمول الأصحاب وهي غير صريحة في خلاف ما ذكرنا مع أن الجمع بالحمل على الاستحباب متجه وحيث كان القصد إلى المسافة شرطا في التقصير كما عرفت فالهائم وطالب الاباق لا يقصران
وان زاد سفرهما عن المسافة ويقصران في الرجوع مع البلوغ للمسافة لوجود المقتضى وكذا لو تجدد قصد المسافة في الأثناء
الثالث من شروط وجوب التقصير عدم قطع السفر
بنية الإقامة عشرة أيام فما زاد في الأثناء سواء وقع ذلك قبل بلوغ المسافة أو بعده والعبارة يحتمل وجهين أحدهما ان يكون المراد من سافر ثم قطع سفره بان يصل إلى موضع
قد نوى فيه الإقامة عشرا أتم في ذلك الموضع فيكون الشرط المذكور شرطا لاستمرار التقصير لا لأصل وجوب التقصير وهذا الحكم اجماعي بين الأصحاب ويدل عليه الأخبار المستفيضة سيجئ
عن قريب وثانيهما وهو الظاهر من العبارة بقرائن متعددة ان من شرط وجوب القصر ان ينوي مسافة لا يعزم على إقامة العشرة في أثنائها فلو نوى مثلا قطع ثمانية فراسخ لكنه يعزم على أن يقيم
407

عشرة في أثنائها لم يجب التقصير لافي موضع الإقامة ولا في طريقه وقد صرح الأصحاب كالمصنف وغيره بهذا الحكم ولا اعرف فيه خلافا لكن إقامة حجة واضحة عليها لا يخلو عن اشكال فان
النصوص مختصة بالحكم الأول ولافرق بين كون المقام في بلد أو قرية أو بادية ولا بين العازم على استمرار السفر بعد المقام وغيره والظاهر أن بعض اليوم لا يحسب بيوم كامل بل يلفق فلو
نوى المقام عند الزوال كان منتهاه زوال اليوم الحادي عشر وهل يشترط عشر غير يومي الدخول والخروج فلا يكفي التلفيق فيه وجهان واستشكل المصنف في النهاية والتذكرة احتسابهما من
العدد من حيث إنهما من نهاية السفر وبدايته لاشتغاله في الأول بأسباب الإقامة وفي الأخير بالسفر
ومن صدق الإقامة في اليومين واحتمل التلفيق أو بوصوله بلدا له فيه ملك استوطنه
ستة أشهر فيتم حينئذ وإن كان جازما على السفر قبل انقضاء العشرة ولافرق في الملك بين المنزل وغيره عند المصنف وجماعة من المتأخرين حتى صرحوا بالاكتفاء في ذلك بالشجرة الواحدة
وبعضهم اعتبر المنزل خاصة وقال الشيخ في النهاية ومن خرج إلى ضيعة له وكان له فيها موضع ينزله ويستوطنه وجب عليه التمام فإن لم يكن له فيها مسكن فإنه يجب عليه التقصير وظاهره
اعتبار المنزل وعدم اعتبار ستة أشهر بل الاستيطان وقريب منه عبارة ابن البراج فإنه قال في كتابه المسمى بالكامل من كانت له قرية له فيها موضع يستوطنه وينزل به وخرج إليها
وكانت عدة فراسخ سفره على ما قدمناه فعليه التمام وان لم يكن له فيها مسكن ينزل به ولا يستوطنه كان له التقصير وقال أبو الصلاح وان دخل مصرا له فيه وظن فنزل فيه فعليه التمام
ولو صلاة واحدة وظاهر العبارتين الأوليين اعتبار المسكن والأخيرة الوطن ولعل المراد بالجميع واحد إذ هو الموضع الذي يسكن فيه وليس فيها دلالة على كون ذلك الموضع
ملكا له وليس فيها اعتبار الستة أشهر وقال ابن البراج أيضا من مر في طريقه على مال له أو ضيعة يملكها أو كان له في طريقه أهل أو من جرى مجريهم وينزل عليهم ولم ينوى الإقامة
عندهم عشرة أيام كان عليه التقصير وفيه نفى للقول المشهور بين المتأخرين من اعتبار الملك الذي استوطنه ستة أشهر في وجوب الاتمام وقال الشيخ في المبسوط إذا سافر فمر في طريقه بضيعة
له أو على مال له وكانت له اصهارا وزوجة فنزل عليهم ولم ينو المقام عشرة أيام قصر وقد روى أنه عليه التمام وقد بينا الجمع بينهما وهو ان ما روى أنه إن كان منزله أو ضيعته مما قد استوطنه
ستة أشهر فصاعدا تمم وان لم يكن استوطن ذلك قصر واجري ابن الجنيد منزل الزوجة والأب والابن والأخ مع كونهم لا يزعجونه مجرى منزله ظاهر ابن بابويه انه يعتبر ان يقيم في ذلك
الموضع في كل سنة ستة أشهر وحكى عن ظاهر ابن البراج ان السفر لا ينقطع بالوصول إلى المنزل المستوطن الا بنية المقام عشرة وبالجملة أقوال الأصحاب في هذه المسألة مختلفة جدا وكذا
الروايات والذي وصل إلينا في هذه المسألة روايات الأولى ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن الفضل في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل سافر من ارض إلى ارض وانما ينزل قرأه
وضيعته قال إذا نزلت قراك وضيعتك فأتم الصلاة وإذا كنت في غير أرضك فقصر الثاني ما رواه الشيخ وابن بابويه عن محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح عن أبي الحسن (ع) قال سألته عن الرجل
يقصر في ضيعته فقال لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيام الا ان يكون له فيها منزل يستوطنه فقلت ما الاستيطان فقال إن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر الثالث ما رواه الشيخ
عن حماد بن عثمان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) في رجل يسافر فيمر بالمنزل له في الطريق أيتم الصلاة أم يقصر قال يقصر انما هو المنزل الذي يوطنه الرابعة ما رواه عن علي بن يقطين في
الصحيح قال قلت لأبي الحسن الأول (ع) الرجل يتخذ المنزل فيمر به أيتم أم يقصر قال كل منزل لا تستوطنه فليس لك بمنزل وليس لك ان تتم فيه الخامسة ما رواه عن سعد بن أبي خلف في الصحيح
قال سال علي بن يقطين أبا الحسن الأول (ع) عن الدار يكون للرجل بمصر أو الضيعة ويمر بها قال إذا كان ممن سكنه أتم فيه الصلاة وإن كان لم يسكنه فليقصر السادسة (ما رواه) علي بن يقطين في الصحيح
قال قلت لأبي الحسن الأول (ع) ان لي ضياعا ومنازل بين القرية والقريتين الفرسخين والثلاثة فقال كل منزل من منازلك لا تستوطنه فعليك فيه التقصير) السابعة ما رواه عن الحسين بن علي في الصحيح قال سألت أبا الحسن الأول (ع) عن
رجل يمر ببعض الأمصار وله بالمصر دار وليس المصر وطنه أيتم الصلاة أم يقصر قال يقصر الصلاة والضياع مثل ذلك إذا مر بها الثامنة ما رواه عن عمران بن محمد وكانه حسن قال قلت لأبي جعفر
الثاني (ع) جعلت فداك ان لي ضيعة على خمسة عشر ميلا خمسة فراسخ فربما خرجت إليها فأقيم فيها ثلاثة أيام أو خمسة أيام أو سبعة أيام فأتم الصلاة أم قصر فقال قصر في الطريق وأتم في
الضيعة التاسعة ما رواه عن عمار بن موسى في الموثق عن أبي عبد الله (ع) في الرجل يخرج في سفر فيمر بقرية له أو دار فينزل فيها قال يتم الصلاة ولو لم يكن له الا نخلة واحدة ولا يقصر
وليصم إذا حضره الصوم وهو فيها العاشر عما رواه عن عبد الله بن بكير في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يكون بالبصرة وهو من أهل الكوفة له بها دار ومنزل فيمر بالكوفة
وانما هو مختار لا يريد المقام عشرة أيام الا بقدر ما يتجهز يوما أو يومين قال يقيم في جانب المصر ويقصر قلت فان دخل أهله قال عليه التمام الحادية عشرة ما رواه عن موسى بن
حمزة بن بزيع وهو مجهول قال قلت لأبي الحسن (ع) جعلت فداك ان لي ضيعة دون بغداد فاخرج من الكوفة أريد بغداد فأقيم في تلك الضيعة فاقصر أم أتم فقال إن لم تنوي المقام
عشر فقصر الثانية عشرة ما رواه عن عبد الله بن سنان في القوى والضعيف عن أبي عبد الله (ع) قال من اتى ضيعته ثم لم يرد المقام عشرة أيام قصر وان أراد المقام عشرة أيام أتم
الصلاة وفي بعض الروايات الضعيفة يتم الصلاة كلما اتى ضيعة من ضياعه وعن موسى بن الخروج قال قلت لأبي الحسن (ع) اخرج إلى ضيعتي ومن منزلي إليها اثنى عشر فرسخا
أتم الصلاة أم اقصر قال أتم إذا عرفت هذا فاعلم أن المتأخرين استدلوا على اعتبار مطلق الملك بالرواية التاسعة وعلى اعتبار الاستيطان ستة أشهر بالرواية الثانية ويرد
على الأول ان الرواية معارضة باخبار متعددة صحيحة دالة على أن المعتبر في الاتمام ان يكون له منزل يستوطنه لا مطلق الملك وعلى الثاني ان المتبادر من الرواية اعتبار إقامة ستة أشهر
في كل ستة وبهذا المعنى صرح ابن بابويه حيث قال بعد أن اورد قوله (ع) في صحيحة إسماعيل بن الفضل إذا نزلت قراك وأرضك فأتم الصلاة قال مصنف هذا الكتاب يعني بذلك إذا أراد
المقام في قراه وارضه عشرة أيام ومن لم يرد المقام بها عشرة أيام قصر الا ان يكون له بها منزل يكون فيه في السنة ستة أشهر فإن كان كذلك أتم متى دخلها وتصديق ذلك
ما رواه محمد بن إسماعيل بن بزيع وأورد الرواية المتقدمة والمسألة مشكلة جدا ويمكن الجمع بين هذه الأخبار بوجهين أحدهما ان يقال إذا نزل في منزل استيطانه يجب الاتمام وان نزل
في ملك له أو دار لم يستوطنه فهو مخير بين الاتمام والتقصير لكن القائل بهذا التفصيل غير معلوم وثانيهما ان يحمل المطلق على المقيد فيحمل الأخبار المطلقة الدالة على الاتمام في الملك
والضيعة على دار الاستيطان ويحمل حديث الستة أشهر في صحيحة ابن بزيع على التمثيل ويحتمل تطبيقه على قول المتأخرين وعلى كل تقدير فالظاهر أن الوصول إلى بلد له فيه منزل
استوطنه بحيث يصدق الاستيطان عرفا كاف في الاتمام ثم إن جماعة من القائلين بالملك كالشهيدين وغيرهما اعتبروا سبق الملك على الاستيطان وبقاء الملك واشترط جماعة
منهم في السنة ان يكون مقيما فيها وأن يكون الصلاة فيها بنية الإقامة فلا يكفي مطلق الإقامة كما لو أقام ثلاثين ثم أتم من غير نية الإقامة ولا الاتمام بسبب كثرة السفر أو المعصية أو
شرف البقعة نعم لا يضر مجامعتها لها والظاهر أنه لا يشترط التوالي ولا السكنى في ملكه كما صرح به جماعة من الأصحاب بل يكفي الاستيطان في البلد أو القرية ولا يبعد ان يكفي في ذلك
عدم الخروج عن حد الخفاء ولا يكفي استيطان الوقوف العامة كالمدارس ولا يبعد الاكتفاء بالخاص كما قاله جماعة من الأصحاب واشترط الشهيد ملك الرقبة فلا يجزي الإجارة وفيه تأمل
والحق المصنف ومن تأخر عنه بالملك اتخاذ البلد دار مقامه على الدوام ولا يأمن به وهل يشترط هنا استيطان الستة أشهر قال في الذكرى الأقرب ذلك ليتحقق الاستيطان الشرعي
مضافا إلى عرفي وهو غير بعيد فلو كان بين مخرجه وموطنه وما أي الموضع الذي نوى الإقامة فيه مسافة قصر في الطريق خاصة دون الموطن وموضع الإقامة فإنه يتم فيهما والا
اي وان لم يكن بين موطنه ومخرجه أو ما نوى الإقامة فيه مسافة أتم فيه اي في الطريق أيضا كما أنه يتم في الموطن وموضع الإقامة ولو كانت له عدة مواطن في طريقه أو نوى الإقامة
في عدة مواضع في طريقه أتم فيها اي في المواطن وكذا في المواضع التي قصد الإقامة فيها واعتبرت المسافة فيما بين كل موطنين فيقصر مع بلوغ المسافة التي بين كل موطنين الحد
المعتبر شرعا في مسافة التقصير وانما يكون التقصير في طريقه خاصة دون الموطن ومحل الإقامة والطريق التي لا تبلغ الحد وكما تعتبر المسافة بين كل موطنين كذلك تعتبر بين الأخير ومنتهى
408

المقصد فإن لم يبلغها أتم من الأخير إلى منتهى المقصد وان بلغها ذاهبا وعائدا بتلك الطريق أو طريق اخر أبعد منه قال الشارح الفاضل يتم أيضا ولي فيه اشكال واعلم أن منتهى السفر بين الموطنين
على تقدير بلوغ الطريق المسافة حدود الوطن ويتحقق بالوصول إلى موضع سماع الاذان وظهور الجدران على المشهور بين المتأخرين وكذا مبدأ السفر عند الخروج منه واما موضع نية الإقامة عند
تقدم النية على الوصول إليه فهل يلحق بالوطن فيتم إذا تعدى موضع الخفاء فيه وجهان نظرا إلى أنه في حكم الوطن في كثير من الاحكام وحدود الوطن في حكم الوطن والى انه لو رجع عن نية
الإقامة قبل الصلاة تماما يرجع إلى القصر وان بقى فيها أياما فلا يكون له حكم البلد من كل وجه والظاهر أنه يقصر إلى أن يصل إلى البلد وينوي الإقامة فيه لصدق المسافر عليه وترتب حكم
الاتمام في الاخبار على دخول البلد ونية الإقامة ومفهوم انتفاؤه بدونه ولو أقام فيها ثم أراد الخروج فالظاهر أنه بحكم البلد في اعتبار الخفاء في مبدأ التقصير لعموم ما دل على اعتبار
الامر المذكور كما سيجيئ
الشرط الرابع من شروط التقصير كون السفر سائغا فلا يرخص العاصي بسفره لا خلاف بين الأصحاب في أن جواز السفر شرط في جواز التقصير سواء كان السفر
واجبا كحجة الاسلام أو مندوبا كزيارة النبي والأئمة (ع) أو مباحا كأسفار التجارات ولو كان معصية لم يقصر كاتباع الجائر وصيد اللهو والسفر في ضرر المسلمين والفساد في الأرض
وقد حكى اتفاق الأصحاب على ذلك جماعة من الأصحاب منهم الفاضلان ويدل عليه ما رواه ابن بابويه عن عمار بن مروان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع قال سمعته يقول من سافر
قصر وأفطر الا ان يكون رجلا سفره إلى صيد أو في معصية الله تعالى أو رسولا لمن يعصى الله عز وجل أو طلب عدو وشحناء أو سعاية أو ضرر على قوم من المسلمين وما رواه الشيخ
عن عبيد بن زرارة في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصر أم يتم قال يتم لأنه ليس بمسير حق وعن أبي سعيد الخراساني قال دخل رجلان على أبي
الحسن (ع) بخراسان فسألاه عن التقصير فقال لأحدهما وجب عليك التقصير لأنك قصدتني وقال للاخر وجب عليك التمام لأنك قصدت السلطان وعن إسماعيل بن أبي زياد في الضعيف
عن جعفر عن أبيه عليهما السلام قال سبعة لا يقصرون الصلاة الجابي يدور في جبايته والأمير الذي يدور في امارته والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق والراعي والبدوي
الذي يطلب مواضع القطر ومنبت الشجر والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا والمحارب الذي يقطع السبيل وعن ابن بكير في الضعيف قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يتصيد
اليوم واليومين والثلاثة أيقصر الصلاة قال لا الا ان يشيع الرجل أخاه من الدين وان التصييد مسير باطل لا يقصر الصلاة فيه وقال يقصر إذا شيع أخاه وعن ابن بكير باسناد فيه ارسال
نحوه وعن عمران بن محمد العمران القمي في الصحيح عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال قلت له الرجل يخرج إلى الصيد مسيرة يوم أو يومين يقصر أو يتم قال إن خرج لقوته وقوت عياله
فليفطر ويقصر وان خرج لطلب الفضول فلا ولا كرامة وعن زرارة باسناد ظاهره انه صحيح عن أبي جعفر (ع) قال سألته عمن يخرج من أهله بالصقور والبزاة والكلاب مسيرة الليلة
والليلتين والثلاثة هل يقصر من صلاته أم لا يقصر قال انما خرج في لهو لا يقصر قلت الرجل يشيع أخاه اليوم واليومين في شهر رمضان قال يفطر ويقصر فان ذلك حق عليه وعن حماد بن عثمان
باسناد فيه محمد بن يحيى الخثعمي ولم يوثق في كتب الرجال لكن له كتاب يرويه محمد بن أبي عمير وهذا يدل على حسن حاله عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل فمن اضطر غير باغ ولاعاد قال الباغي باغ
الصيد والعادي السارق ليس لهما ان يأكلا الميتة إذا اضطرا إليها هي حرام عليهما ليس هي عليهما كما هي على المسلمين وليس لهما ان يقصرا في الصلاة وعن حماد بن عثمان بطريق اخر نحوه وعن
عبيد بن زرارة في الموثق قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصر أم يتم قال يتم لأنه ليس بمسير حق وعن عبد العظيم بن عبد الله الحسنى عن أبي جعفر محمد بن علي
الرضا (ع) في جملة حديث قال عبد العظيم فقلت له يا ابن رسول الله فما معنى قوله تعالى فمن اضطر غير باغ ولاعاد قال العادي السارق والباغي الذي يبغي الصيد بطرا ولهوا
الا ليعود به على عياله ليس لهما ان يأكلا الميتة إذا اضطرا هي حرام عليهما في حال الاضطرار كما هي حرام عليهما في حال الاختيار وليس لهما ان يقصرا في صوم ولا صلاة في سفر واعلم أن
المستفاد من عموم صحيحة عمار وظاهر التعليل المذكور في موثقة عبيد عموم الحكم بالنسبة إلى كل سفر حرام سواء كانت غايته معصية كقاصد قطع الطريق أو قتل مسلم أو
اضرار بقوم مسلمين
وكالمراة والعبد القاصدين بسفرهما النشوز والاباق أو كان سفره معصية وان لم يكن غايته معصية كالفار من الزحف وتارك الجمعة بعد وجوبها والسالك
طريقا يغلب على الظن الهلاك فيه وإن كان لغاية حسنة في نفسها كالحج والزيارات ونحو ذلك وكذا اطلاقات كلام الأصحاب يقتضي التعميم المذكور وقال الشارح الفاضل ان الأصحاب
عدوا هذه الافراد ثم قال وادخال هذه الافراد يقتضي المنع من ترخص كل تارك للواجب من سفره لاشتراكهما في العلة الموجبة لعدم الترخص إذ الغاية مباحة فإنه المفروض
وانما عرض العصيان بسبب ترك الواجب فلا فرق حينئذ بين استلزام سفر التجارة ترك صلاة الجمعة ونحوها وبين استلزامه ترك غيرها كتعلم العلم الواجب عينا أو كفاية بل الامر في هذه
الوجوب أقوى وهذا يقتضي عدم الترخص الا لاوحدي الناس لكن الموجود من النصوص في ذلك لا يدل على ادخال هذا القسم ولا على مطلق العاصي وانما دل على السفر الذي غايته
المعصية وفيه نظر لما عرفت من دلالة بعض النصوص على تعميم الحكم وعدم اختصاصها بما ذكره وإن كان بعضها يختص به مع أن ما ذكره من لزوم اختصاص الرخصة المذكورة
بالأوحدي من الناس في معرض المنع لان العلوم التي يجب تعلمها على الجمهور قليل تحصل لكثير من الناس في كثير من الاعصار فان معرفته دقائق العلوم والتفاريع الفقهية والمسائل التي
قد يقع الاحتياج إليها ليس بواجب على جمهور العوام والخواص ومعرفة القدر القليل ولو بالتقليد غير نادر وكثيرا ما تنتفي المضارة بين السفر والتعلم مع أن ما ذكره انما يتوقف على القول
باستلزام الامر بالشئ النهى عن ضده الخاص كما هو التحقيق لكنه (ره) لا يقول بذلك مع استبعاد اختصاص التقصير بالأوحدي ليس أكثر من استبعاد اختصاص عدم الفسق بالأوحدي وهو لازم
عليه فيما يقول واعلم أنه لو رجع المسافر العاصي عن المعصية في أثناء السفر يقصر إن كان الباقي مسافة والظاهر أنه لا خلاف فيه بين الأصحاب ولو قصد المعصية في أثناء السفر المباح انقطع ترخصه
ولا اعلم فيه خلافا بين الأصحاب ولو عاد إلى الطاعة قصر وهل يعتبر كون الباقي مسافة قيل نعم وبه حكم المصنف في القواعد لبطلان المسافة الأولى بقصد المعصية وقيل لا وهو ظاهر المصنف
في المنتهى والمحقق في المعتبر وبه قطع الشهيد في الذكرى وهو حسن لان المانع من التقصير انما كان المعصية وقد زالت ويدل عليه ما رواه الشيخ عن بعض أهل العسكر قال خرج
عن أبي الحسن (ع) ان صاحب الصيد يقصر ما دام على الجادة فإذا عدل عن الجادة أتم فإذا رجع إليها قصر والصائد لتجارة يقصر في صلاته وصومه على رأى لا خلاف بين الأصحاب في أن
الصائد لقوته وقوت عياله يقصر وقد مر بعض الأخبار الدالة عليه مضافا إلى أدلة حكم التقصير وعدم المانع والمعارض واما الصائد للتجارة فقد اختلف الأصحاب فيه فذهب
المرتضى وجماعة من الأصحاب منهم الفاضلان إلى أنه يقصر وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ في النهاية والمبسوط إلى أنه يتم صلاته دون صومه ونقل ابن إدريس الاجماع على أنه يتم الصلاة قال في
المعتبر بعد نقل قول الشيخ ونحن نطالبه بدلالة الفرق ونقول إن كان مباحا قصر فيهما والأقرب الأول نظرا إلى
عموم أدلة التقصير وانتفاء المانع وما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب
في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت
الشرط الخامس من شروط وجوب التقصير عدم زيادة السفر على الحضر كالمكاري والملاح وطالب القطر
والنبت كالبدوي وطالب الأسواق وهو التاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق ومثله الذي يتكرر إلى السوق الواحد من غير إقامة والبريد وهو الرسول المعد للرسالة
المشهور بين الأصحاب وجوب على المسافر الذي كان سفره أكثر من حضره كالمكاري والملاح وهذا التعبير شائع في السنة الفقهاء ولعل المراد من كان عمله وصناعته في السفر والمحقق
في المعتبر عبر عن هذا الشرط بقوله وان لا يكون ممن يلزمه الاتمام سفرا ونقل التعبير السابق عن المفيد واتباعه ورجح ما ذكره على هذا وقد وقع في كلام المتأخرين البحث عن الترجيح
أحد التعبيرين على الأخر وليس في ذلك فائدة يعتد بها وظاهر ابن أبي عقيل القول بوجوب التقصير على كل مسافر والأول أقرب لما رواه الكليني عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال ليس على
الملاحين في سفينتهم تقصير وعلى المكاري والجمال ورواه الشيخ باسناد فيه توقف وعن هشام بن الحكم باسنادين أحدهما من الحسان بإبراهيم بن هاشم عن أبي عبد الله (ع) قال المكاري والجمال الذي
409

يختلف وليس له مقام يتم الصلاة ويصوم شهر رمضان وعن زرارة بأسانيد ثلاثة فيها الصحيح والحسن ورواه الشيخ والصدوق في الصحيح قال قال أبو جعفر أربعة قد يجب عليهم
التمام في السفر كانوا أو الحضر المكاري والكرى والراعي والاشتقان لأنه عملهم والكري يطلق على المكاري والمكتري والثاني أولي حذرا عن التكرار والاشتقان قيل إنه البريد
وقيل إنه امين البيدر ويستفاد من التعليل المذكور في هذه الرواية ان كل من كان السفر عمله يجب عليه الاتمام وعن محمد بن جزك في الصحيح قال كتبت إلى أبي الحسن الثالث (ع)
ان لي جمالا ولي قواما عليها ولست اخرج فيها إلى (الا) في طريق مكة لرغبتي في الحج أوفي الندرة إلى بعض المواضع فما يجب علي إذا انا خرجت معهم ان اعمل أيجب علي التقصير في الصلاة
والصيام في السفر أو التمام فوقع (ع) إذا كنت لا تلزمها ولا تخرج معها في كل سفرا لا في طريق مكة فعليك القصر والافطار وعن إسحاق بن عمار قال سألته عن الملاحين والاعراب هل عليهم
تقصير قال لا بيوتهم معهم ويدل عليه أيضا رواية إسماعيل بن أبي زياد المذكورة في الشرط الرابع وما ورد بخلاف ما ذكرناه أول والظاهر أن المرجع في هذا الباب إلى صدق اسم المكاري
والملاح وأمثالهم عرفا وكذا صدق كون السفر عمله كاف في وجوب الاتمام وبهذا قطع المصنف والشهيد لكنه قال في الذكرى وذلك انما يحصل غالبا بالسفرة الثالثة التي لم يتخلل
قبلها إقامة تلك العشرة واعتبر ذلك جماعة من الأصحاب واعتبر ابن إدريس في غير صاحب الصنعة ثلاث دفعات وقال إن صاحب الصنعة من المكارين والملاحين يجب عليهم الاتمام
بنفس خروجهم إلى السفر لان صنعتهم تقوم مقام تكرر من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره واستقرب المصنف في المختلف الاتمام في الثانية إذا لم يقيموا بعد الأول مطلقا وليس لهذه
التحديدات مستند يصح التعويل عليه غير ادعاء دلالة العرف عليه وإذ قد عرفت ان الحكم في الاخبار ليس معلقا على الكثرة بل على مثل المكاري والجمال ومن اتخذ السفر عمله وجب
ان يراعي صدق هذا الاسم عرفا فلو فرض عدم صدق الاسم بالعشر لم يتعلق حكم الاتمام
والضابط ان لا يقيم في بلدة عشرة أيام فان أقام أحدهم عشرة قصر هذا بمنزلة الشرط
ذكره الشيخ ومن تبعه قال المحقق وظاهر هذه الروايات لزوم الاتمام للمذكورين يعني المكاري ومن شاركه في الحكم كيف كان لكن الشيخ (ره) شرط ان لا يقيموا في بلدهم عشرة أيام واحتمل
المحقق في المعتبر اختصاص هذا الحكم بالمكاري ونقل في الشرائع قولا بذلك وهو مجهول القائل وقال بعض شراح النافع ولعل المصنف سمعه من معاصر له في غير كتاب مصنف واستدل
الأصحاب على هذا الشرط بما رواه الشيخ عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (ع) قال المكاري ان لم يستقر في منزله الا خمسة أيام وأقل قصر في سفره بالنهار وأتم بالليل وعليه صوم شهر رمضان
وإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام وأكثر قصر في سفره وأفطره وهذه الرواية غير نقي السند لان في سندها إسماعيل بن مرار وهو غير موثق وما تضمن من
الاكتفاء بالتقصير نهارا بأقل من خمسة أيام متروك بين الأصحاب ومقتضاها اعتبار إقامة العشرة في البلد الذي يذهب إليه وهو غير ما اعتبروه من الإقامة في بلدهم ومع ذلك
ما يحكم فيه مختص بالمكاري وعبارة الحديث يحتمل احتمالا اخر وهو ان يكون المراد إن كان له إرادة المقام في البلد الذي يذهب إليه قصر في سفره إلى ذلك البلد وهو خلاف
مقصودهم وهذه الرواية اوردها الصدوق بطريق صحيح عن عبد الله بن سنان ومتنه مغاير لما اورده الشيخ فإنه قال المكاري إذا لم يستقر في منزله الا خمسه أيام أو أقل قصر في سفره
بالنهار وأتم صلاه الليل وعليه صوم شهر رمضان فإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشره أيام أو أكثر وينصرف إلى منزله ويكون له مقام عشرة أيام أو أكثر قصر في سفره وأفطر
ولا يبعد ان يكون في رواية الشيخ اسقاط للزيادة الواقعة في هذه الرواية ومقتضى هذه الرواية اعتبار إقامة العشرة في المنزل والمكان الذي يذهب إليه والقول به غير معروف
بين الأصحاب الا ان العمل بمقتضى هذه الرواية الصحيحة غير بعيد واستوجه ذلك بعض أفاضل المتأخرين ولم يعتبر بمخالفة المشهور وقال إن اعتبار مثل هذه الشهرة لاوجه له وما تضمن من
حكم إقامة الخمسة أيضا خلاف المشهور لكن لا يبعد العمل به أيضا كما سيجيئ ويمكن الاستدلال على ما ذهب إليه الأصحاب من اشتراط عدم إقامة العشرة في الاتمام بما رواه الشيخ عن يونس بن
عبد الرحمن عن بعض رجاله عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن حد المكاري الذي يصوم ويتم قال أيما مكاري أقام في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام وجب عليه القيام (الصيام)
والتمام ابدا وإن كان مقامه في منزله أو في البلد الذي يدخله أكثر من عشرة أيام فعليه التقصير والافطار وهذه الرواية ضعيف السند بالارسال وفي طريقها إسماعيل بن مرار
وهو مجهول ولا يبعد ان يقال ضعفه منجبر بعمل الأصحاب وبالجملة ظاهر الأصحاب ان إقامة العشرة أيام في البلد قاطعة لكثرة السفر والمسألة محل اشكال نظرا إلى عموم الأخبار الصحيحة الدالة
على الاتمام على المكاري وأمثاله فان مقتضاها ثبوت الحكم ما دام الاسم باقيا والظاهر أنه لا يزول الاسم الا بتركه العمل أو قلة اشتغاله به بحيث لو قطع النظر عن السابق لم يصدق
عليه الاسم ومجرد إقامة العشرة لا يكفي في ذلك والى رواية يونس المعمولة بين الأصحاب والحق الفاضلان ومن تأخر عنهما بإقامة العشرة في البلد العشرة المنوية في غير بلده وهو حسن
نظرا إلى رواية يونس والرواية وإن كانت مقتضية بعمومها لانسحاب الحكم في العشرة في غير بلده وان لم يكن منوية الا ان الأصحاب لم يقولوا به ونقل الشارح الفاضل الاجماع على
نفيه فيختص الحكم بما عداها والحق الشهيد العشرة الحاصلة بعد التردد ثلاثين (وفي التردد ثلاثين) خلاف فالحقه بالعشرة المنوية ابن فهد في المهذب بل جعله المشهور وقواه المدقق الشيخ علي وذهب
جماعة من الأصحاب منهم الشهيدان إلى عدم الالحاق ولعله الأقرب عملا بعموم ما يقتضي حكم الاتمام إلى أن يثبت المزيل وذكر جمع من المتأخرين انه لا يشترط في العشرة القاطعة لحكم
التمام التوالي بل يكفي عدم تخلل الخروج إلى مسافة في الأثناء ويحتمل اشتراط عدم الخروج إلى حد الترخص نظرا إلى اعتبار صدق الإقامة عرفا ومنهم من ذكر انه لا يعتبر التوالي
في الإقامة في بلده واما في العشرة المنوية في غيره فيبنى على أن الخروج فيما دون المسافة بعد الصلاة تماما هل يؤثر في القصر إذا لم يكن من نيته إقامة العشرة بعد الرجوع أم لا وعلى
الثاني لا يعتبر الثاني دون الأول ومتى وجب القصر على كثير السفر بإقامة العشرة فهل يعود حكم الاتمام بالمرتين من غير تخلل الإقامة عشرة أم بثلاثة لم يتخلل بينها عشرة ذهب جماعة
من الأصحاب منهم ابن إدريس إلى الأول وهو حسن ان بقى الاسم وذهب الشهيد في الذكرى إلى الثاني استنادا إلى أن الاسم قد زال بالإقامة فيكون كالمبتدأ وفيه تأمل
والا اي وان
لم يقم أحدهم عشرة أتم ليلا ونهارا على رأى ما ذكره المصنف هو المعروف بين المتأخرين وذهب جماعة من الأصحاب منهم الشيخ وابن البراج وابن حمزة إلى أنه يتم في الليل خاصة حجة الأول
الروايات المتضمنة لان كثير السفر يجب عليه الاتمام خرج عنه من أقام عشرة بالنص والاجماع فيبقى غيره داخلا في اطلاق النصوص وحجة الثاني صحيحة ابن سنان السابقة في المسألة المتقدمة
وأورد عليه انه متروك الظاهر لأنه يتضمن المساواة بين الخمسة والأقل منها والأقل يصدق على يوم أو بعض يوم ولا قائل به مع أنها معارضة بقوله (ع) في صحيحة معاوية بن وهب هما واحد
إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت ولا يبعد ان يقال ظاهر الإقامة يقتضى قدرا يعتد به فلا يصدق على يوم واحد وبعضه وبالجملة القدر المتيقن من هذا الحديث المساواة بين الخمسة وما قاربها
والعمل به غير بعيد مع أنه يمكن ان يقال المراد اثبات الحكم المذكور لمن أقام خمسة أحيانا وأقل منه أحيانا فان اندفع الايراد على كل تقدير وبالجملة فالمتجه عندي العمل بمضمون الخبر
المذكور كما قاله بعض أفاضل المتأخرين وانما يستقيم ذلك بناء على عدم قاعدة الالتفات إلى الشهرة بين المتأخرين فان مخالفة من تقدم على الشيخ بمضمون الرواية المذكورة غير واضح بل ايراد
الصدوق لها مع قرب العهد بما قرره في أول كتابه يقتضى عمله بها وكونها من الاخبار المعمولة بين القدماء فيمكن الجمع بينه وبين ما دل على وجوب الاتمام مطلقا إما بحمل المطلق على المقيد واما بالتخيير في
صلاة النهار والأول طريقة الجمع بين هذه الرواية وبين صحيحة معاوية بن وهب واعلم أن المستفاد من الروايات السابقة وجوب الاتمام على المكارى والجمال مطلقا وقد ورد بعض الأخبار بخلافه فروى
الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح عن أحدهما (ع) قال المكارى والجمال إذا جد بهما السير فليقصرا وعن الفضيل عن عبد الملك في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن المكارين الذين يختلفون فقال إذا جدوا
السفر فليقصروا والظاهر أن المراد بالجد في السير زيادة السير عن القدر المعتاد في أسفارهما غالبا والحكمة في هذا التخفيف واضحة وعلى هذا فلابد من تخصيص الأخبار السابقة بهذين الخبرين حملا للعام على الخاص
والمطلق على المقيد ويمكن الجمع بالتخيير والترخيص في صورة الجد أيضا ولعل الأول الأقرب واختلف كلام الأصحاب في تنزيل هاتين الروايتين فقال الشيخ في التهذيب الوجه في هذين الخبرين ما ذكره محمد بن يعقوب الكليني (ره)
410

قال هذا محمول على من لم يجعل المنزلين منزلا فيقصر في الطريق خاصة ويتم في المنزل واستدل بما رواه عن عمران الأشعري عن بعض أصحابنا يرفعه إلى أبي عبد الله (ع) قال الجمال والمكاري إذا
جد بهما السير فليقصرا فيما بين المنزلين وليتما في المنزل وهذه الرواية مع عدم نقاء سندها غير دال على ما ذكره لجواز ان يكون المراد بما بين المنزلين المنزل الذي يخرج منه والمنزل الذي يذهب إليه وقال
المصنف في المختلف الأقرب عندي عمل الحديثين على أنهما إذا قاما عشرة أيام قصرا وهو (ضعيف) بعيد جدا وحملها الشهيد في الذكرى على ما إذا نشأ المكارى والحمال سفرا غير صنعتهما قال ويكون المراد
بجد السير ان يكون مسيرهما مسيرا متصلا والحج والاسفار التي لاتصدق عليها صنعة وهو غير بعيد الا ان المفهوم من ظاهر النص ما ذكرنا أولا والوقوف عليه أحسن واحتمل في الذكرى ان يكون المراد ان يكون
المكارين يتمون ما داموا يترددون في أقل من المسافة أو في مسافة غير مقصودة فإذا قصدوا مسافة قصروا قال ولكن هذا لا يختص المكارى والجمال به بل كل مسافر وبالجملة هذا المعنى أيضا بعيد لا ينساق الذهن
إليه ويرده قوله (ع) في صحيحة زرارة أربعة يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر فان المتبادر من السفر المقابل للحضر ههنا السفر الموجب لتقصير وتخصيص الحكم بالأربعة يرشد إليه وحملها
الشارح الفاضل على ما إذا قصد المكارى والجمال المساقة قبل تحقيق الكثرة وهو بعيدا أيضا
الشرط السادس من وجوب شروط التقصير خفاء الجدران والاذان فلا يرخص المسافر قبل
ذلك ما ذكره المصنف من أن المعتبر مجموع الامرين من خفاء الجدران والاذان قول المرتضى والشيخ في الخلاف ونسبه الشارح ان المشهور بين المتأخرين وذهب أكثر الأصحاب إلى أن المعتبر أحد الامرين
المذكورين ونسبه الشارح الفاضل إلى أكثر المتقدمين وقال الشيخ علي بن بابويه إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه واعتبر المفيد الاذان وكذا سلار وقال ابن إدريس الاعتماد
عندي الاذان المتوسط والصدوق في المقنع اعتبر خفاء الحيطان والذي وصل إلى في هذا الباب من الاخبار ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل يريد السفر فيخرج حتى يقصر
قال إذا توارى من البيوت وعن عبد الله بن سنان في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) انه سأله عن التقصير فقال إذا كنت في الموضع الذي لا تسمع الاذان فقصر وإذا قدمت من سفرك مثل ذلك فالمصنف ومن
وافقه في القول بأنه يعتبر المجموع جمعوا بين الروايتين باعتبار الامرين معا فيلزم ارتكاب التخصيص في الخبرين معا واما القائلون بالتخيير فجمعوا بينهما بان كل واحد من الامرين كاف في وجوب التقصير وهذا
أقرب من ارتكاب التخصيص المذكور في الخبرين فإنه في قوة تأخير البيان عن وقت الحاجة مع أن غاية ما يلزم من هذا الجمع ارتكاب التخصيص في مفهوم كل واحد من الخبرين ولا ريب ان ارتكاب التخصيص
في المفهوم أولي من ارتكابه في المنطوق على أن العموم في مفهومها غير واضح لكن لا يخفى ان مقتضى المعنى الأول توارى المسافر من البيوت لا خفاء البيوت عنه ولا يبعد العمل بمضمون الخبر وحينئذ فالظاهر أنه يتحقق التواري
بالحائل وانه لا تضر الرؤية بعد ذلك لصدق التواري أولا والعمل لاعتبار الاذان أولي واما حجة علي بن بابويه فلعلها الرواية المرسلة التي نقلها الصدوق في الفقيه حيث قال وقد روى عن الصادق (ع)
قال إذا خرجت من منزلك فقصر إلى أن تعود إليه ولو صحت كان الجمع بالتخيير قبل الوصول إلى حد الخفاء متجها لكن صحتها غير معلومة ومما ذكر ظهر ان القول الثاني أقوى وذكر الشهيد ان البلد لو كانت
في علو مفرط أو وهدة اعتبر فيها الاستواء تقديرا ويحتمل قويا الاكتفاء بالتواري في المنخفضة كيف كان لاطلاق الخبر والظاهر أنه لا عبرة باعلام البلد كالمنارة والقلاع والقباب قالوا ولا
عبرة بسماع الاذان المفرط في العلو كما أنه لا عبرة بخفاء الاذان في المفرط في الانخفاض فيكون الرواية مبنية على الغالب قالوا المراد جدران اخر البلد الصغير والقرية والا فالمحلة وكذا اذان مسجد
البلد والمحلة ويحتمل البيت ونهاية البلد فظاهر الرواية خفاء جميع بيوت البلد وأذانه ويحتمل البيوت المتقاربة من بيته كذا اذانها وذكر بعضهم ان المعتبر في رؤية الجدار صورته لا شبحه
وهو اي خفاء الامرين
نهاية التقصير فيقصر إلى أن ينتهى إلى ظهور أحد الامرين وذهب بعض الأصحاب إلى اعتبار الاذان ههنا وذهب المرتضى وعلي بن بابويه وابن الجنيد إلى أن المسافر يجب عليه التقصير في العود حتى يبلغ منزله
ويدل على القول الثاني صحيحة عبد الله بن سنان السابقة وعلى القول الثالث ما رواه الشيخ عن العيص بن القسم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال لا يزال المسافر مقصرا حتى يدخل بيته وعن العيص بن القسم في الصحيح
أيضا قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر ثم يدخل بيته قبل ان يصليها قال يصليها أربعا وقال لا يزال يقصر حتى يدخل بيته وعن إسحاق بن عمار في الموثق عن أبي إبراهيم (ع)
قال سألته عن الرجل يكون مسافرا ثم يقدم فيدخل بيوت الكوفة أيتم الصلاة أم يكون مقصرا حتى يدخل أهله قال بل يكون مقصرا حتى يدخل أهله وأجاب المصنف في
المختلف بان المراد الوصول إلى موضع يسمع الاذان أو يرى الجدران فان من وصل إلى هذه المواضع يخرج عن حكم المسافر فيكون بمنزلة من دخل منزله وهو تأويل بعيد والأقرب في الجمع بين هذه الأخبار وخبر
عبد الله بن سنان القول بالتخيير بعد الوصول إلى موضع يسمع فيه الاذان وبين القصر والاتمام فلو قيل بذلك لم يكن بعيدا من الصواب وان لم يختر ذلك بناء على عدم ظهور القائل به فالوقوف على ظواهر هذه الأخبار
411

وارتكاب التأويل في خبر ابن سنان أولي بان يقال الغرض متعلق بمنطوقه دون مفهومه فالمراد ان المسافر يقصر إلى هذه الغاية وان قصر بعدها أيضا ومنتظر الرفقة يقصر مع الخفاء اي خفاء الجدران والاذان والحزم
اي الجزم بالسفر إلى المسافة سواء وصلت الرفقة أم لا وبلوغ المسافة يعنى انه مع كون انتظاره بعد بلوغ المسافة قاصدا سواء جزم على السفر بعد ذلك أم لا والا اي وان لم يصل إلى محل الخفاء أو وصل ولم يبلغ المسافة
ولم يجزم بالسفر إما لتوقف سفر على الرفقة ولم يعلم بمجيئهم أو علم بمجيئهم ولكنه رجع عن إرادة السفر أتم وهل يلحق الظن به سلم ههنا حتى لو ظن مجئ الرفقة وعزم على السفر عند مجيئها كان عليه التقصير فيه نظر
وألحقه الشهيد في الذكرى بالعلم ولو نوى المقصر الإقامة في بلد عشرة أيام أتم هذا الحكم جمع عليه بين الأصحاب كما نقله جماعة منهم ويدل عليه الأخبار الكثيرة منها ما رواه الشيخ عن زرارة في الصحيح والكليني أيضا بأسانيد
ثلاثة فيها الصحيح والحسن عن أبي جعفر (ع) قال قلت له أرأيت من قدم بلدة إلى متى ينبغي له ان يكون مقصرا ومتى ينبغي له ان يتم فقال إذا دخلت أرضا فأيقنت ان لك بها مقاما عشرة أيام فأتم الصلاة وان لم تدر ما
مقامك بها تقول غدا اخرج أو بعد غد فقصر ما بينك وبين ان يمضى شهر فإذا تم لك شهر فأتم الصلاة وان أردت ان تخرج من ساعتك وعن منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سمعته يقول إذا أتيت بلدة فان (فازمعت) مضت
المقام عشرة أيام فأتم الصلاة فان تركه جاهلا فليس عليه شئ ويدل عليه أيضا بعض الأخبار الآتية وينبغي التنبيه على أمور الأول المشهور بين الأصحاب انه لا يقصر بنية الإقامة دون العشرة بل قال في المنتهى انه قول علمائنا أجمع ونقل في الفقيه
عن ابن الجنيد انه اكتفى في وجوب الاتمام بنية خمسة أيام ويدل على الأول مضافا إلى عموم أدلة التقصير وبعض الأخبار السابقة ما رواه ابن بابويه عن معاوية بن وهب في الصحيح ورواه الشيخ أيضا في الصحيح عنه بتفاوت في المتن عن أبي عبد الله (ع)
أنه قال إذا دخلت بلدا وأنت تريد المقام عشرة أيام فأتم الصلاة حين تقدم وان أردت المقام دون العشرة فقصر وان أقمت تقول غدا اخرج وبعد غد ولم تجمع على عشرة فقصر ما بينك وبين شهر فإذا تم الشهر فأتم الصلاة
قال قلت إن دخلت بلد ا أول يوم من شهر رمضان ولست أريد قال قصر وأفطر قلت فان مكثت كذلك أقول غدا أو بعد غد فأفطر الشهر كله وأقصر قال نعم هذا واحد إذا قصرت أفطرت وإذا أفطرت قصرت ولعل مستند ابن الجنيد ما رواه الشيخ
عن أبي أيوب في الحسن بإبراهيم بن هاشم قال سال محمد بن مسلم أبا جعفر (ع) وانا اسمع عن المسافر ان حدث نفسه بإقامة عشرة أيام قال فليتم الصلاة فإن لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعد ثلاثين يوما ثم ليتم وان أقام يوما أو صلاة واحدة فقال له محمد بن
مسلم بلغني انك قلت خمسا قال قد قلت ذلك قال أبو أيوب فقلت انا جعلت فداك يكون أقل من خمسة أيام قال لا وقد أجيب عنه بأنه غير دال على الاكتفاء بنية إقامة الخمسة صريحا لاحتمال عود الإشارة إلى الكلام السابق وهو الاتمام مع
العشرة وفيه وتأمل لبعد هذا الاحتمال واباء اخر الرواية عنه وأول الشيخ هذا الخبر بوجهين آخرين وهما استحباب الاتمام لنأوي المقام خمسة أيام والمناقشة بان القصر عند الشيخ عزيمة فكيف يصير رخصة ضعيف وفيه سد لباب القول
بالتخيير بين الاتمام والقصر مطلقا مع ثبوت ذلك في مواضع لا يمكن انكارها والقول بالتخيير متجه الا انه خلاف المشهور بين الأصحاب والأحوط ان يكون العمل على القصر وقوفا على ظاهر الأخبار الصحيحة المعمولة المؤيدة بنقل الاجماع وثاني التأويلين
اللذين ذكرهما الشيخ الحمل على ما كان بمكة والمدينة وهو حمل بعيد الثاني هل يشترط في العشرة التوالي بحيث لا يخرج بنيتها إلى محل الترخص أم لا فيه وجهان وقطع بالاشتراط الشهيد في البيان والشارح الفاضل في جملة من كتبه وحكى عنه
أنه قال في بعض فوائده بعد أن صرح باعتبار ذلك وما يوجد في بعض القيود من الخروج إلى خارج الحدود مع العود إلى موضع الإقامة ليومه أو ليلة لا يؤثر في نية الإقامة وان لم ينو إقامة عشرة مستأنفة لا حقيقة له ولم
نقف عليه مسندا إلى أحد من المعتبرين الذين نعتبر فتواهم فيجب الحكم (باخراجه) حتى لو كان ذلك في نيته من أول الإقامة بحيث صاحب هذه النية نية إقامة العشرة لم يعتد بنية الإقامة وكان باقيا على القصر لعدم الجزم
بإقامة العشرة فان الخروج إلى ما يوجب الخفاء يقطعها ونيته في ابتدأها يبطلها انتهى كلامه ولا يخفى ان المعتبر صدق إقامة العشرة في البلد عرفا والظاهر أن عدم التوالي في أكثر الأحيان يقدح في صدق المعنى المذكور عرفا ولا يقدح
فيه أحيانا كما إذا خرج يوما أو بعض يوم إلى بعض البساتين والمزارع المقاربة من البلد وإن كان في حد الخفاء وينبغي ان لا يترك الاحتياط في أمثال هذه المواضع الثالث يجب الاتمام بنية إقامة عشرة أيام تامة فلو نقصت
لم يكف وفي الملفق وجهان وقد مر ذكره سابقا الرابع لافرق في وجوب الاتمام بنية الإقامة بين ان يكون ذلك (في بلد) أو قرية أو بادية لعموم قوله (ع) في صحيحة زرارة إذا دخلت أرضا فأيقنت ان لك بها مقاما والظاهر أنه لا خلاف فيه
411

الخامس لو عزم على إقامة طويلة في رستاق ينتقل فيه من قرية إلى قرية ولم يعزم على إقامة العشرة في واحدة منها لم يبطل حكم سفره لأنه لم ينو الإقامة في بلد بعينه فكان كالمنتقل في سفره من منزل
إلى منزل قاله المصنف في المنتهى وغيره السادس قد ثبت بما ذكرنا ان نية الإقامة تبطل السفر المتقدم وتزيل الحكم المترتب عليه وجوب التقصير عليه ثانيا يحتاج إلى تحقق السبب المسوغ للتقصير وهو
قصد المسافة والخروج إلى حد الخفاء على ما ثبت بالأدلة السابقة فلو رجع بعد ذلك إلى محل الإقامة لغرض مع بقاء نية السفر فالظاهر بقاؤه على حكم التقصير بخلاف ما لو كان الرجوع (إلى بلده ولو رجع)
عن نية السفر أتم في الموضعين لانتفاء شرط التقصير وهو العزم على السفر أو الوصول إلى حد المسافة كما مر السابع هل حكم زوال التقصير يرتبط بالوصول إلى حد الخفاء أو دخول البلد إذا كانت
نية الإقامة سابقة عليه فيه وجهان (وقد مر) بيانه الثامن لو صلى بتقصير ثم ينوى الإقامة في أثنائها يتم روى ذلك الشيخ عن علي بن يقطين في الصحيح عن أبي الحسن (ع) وعن محمد بن سهل عن أبيه عن
أبي الحسن وهو اتفاقي بين الأصحاب على ما نقله في التذكرة
وان تردد في الإقامة قصر إلى ثلاثين يوما ثم يتم ولو صلاة واحدة لا أعلم خلافا في هذا الحكم بين الأصحاب ونقل بعض المتأخرين
الاجماع عليه ويدل عليه اخبار متعددة منها قول الصادق (ع) في صحيحة معاوية بن وهب السابقة في المسألة المتقدمة وان أردت دون العشرة فقصر ما بينك وبين شهر فإذا تم الشهر فأتم الصلاة
وفي حسنة أيوب السابقة في المسألة المتقدمة فإن لم يدر ما يقيم يوما أو أكثر فليعد ثلاثين يوما ثم ليتم وفي صحيحة أبي ولاد الآتية فإن لم تنو المقام فقصر ما بينك وبين شهر فإذا مضى لك
شهر فأتم الصلاة وهل يجوز الاكتفاء بالشهر الهلالي إذا حصل التردد في أوله يحتمل ذلك لصدق الشهر عليه وهو مقتضى اطلاق كلام أكثر الأصحاب وحينئذ فالثلاثين المذكورة في حسنة أبي أيوب
محمول على (الغالب) من عدم كون مبدأ التردد مبدأ الشهر واعتبر المصنف في التذكرة الثلاثين ولم يعتبر
الشهر الهلالي قال لان لفظ الشهر كالمجمل ولفظ الثلاثين كالمبين وفي كونهما كالمجمل والمبين
تأمل بل الظاهر كون الشهر حقيقة في المعنى المشترك بين المعنيين وحينئذ فالمتجه ان يقال يحمل على الثلاثين كما يحمل المطلق على المقيد والعام على الخاص ولو نوى المقصر الإقامة عشرا ثم بدا له
وعزم على السفر قصر بمجرد تجديد نية السفر من غير توقف على انشاء سفر جديد ما لم يكن قد صلى ولو فريضة واحدة على التمام فإنه يستمر عليه حينئذ إلى أن يخرج إلى المسافة ولا اعلم في هذا الحكم
خلافا بين الأصحاب وقد نقل بعض المتأخرين الاجماع عليه ويدل عليه ما رواه الشيخ عن أبي ولاد الحناط في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) اني كنت نويت حين دخلت المدينة ان أقيم بها عشرة أيام
فأتم الصلاة ثم بدا لي بعد أن أقيم بها فما ترى لي أتم أم أقصر فقال إن كنت دخلت المدينة وصليت بها صلاة فريضة واحدة بتمام فليس لك ان تقصر حتى تخرج منها وان كنت حين دخلتها على
نيتك المقام فلم تصل فيها صلاة فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك ان لا تقيم فأنت في تلك الحال بالخيار ان شئت فأنوي المقام عشرا وأتم وان تنو المقام فقصر ما بينك وبين شهر فإذا
مضى لك شهر فأتم الصلاة وظاهر الأصحاب الا يشترط في الرجوع إلى القصر في صورة العدول عن نية الإقامة من غير صلاة كون الباقي مسافة نظرا إلى ظاهر الرواية وقواه الشارح الفاضل واحتمل
الاشتراط ويمكن المنازعة في دلالة الرواية على عدم الاشتراط بان الراوي كوفي والظاهر من حاله ان عدوله عن الإقامة انما يكون بالسفر إلى الكوفة فلا ينتهض حجة في صورة عدم كون الباقي مسافة وينبغي
التنبيه على أمور الأول هل يلحق بالصلاة الفريضة الصوم الواجب فيثبت حكم الإقامة بالشروع فيه مطلقا أو إذا زالت الشمس قبل الرجوع عن نية الإقامة أم لا فيه أوجه واختار أولها المصنف وثانيها الشارح
الفاضل وثالثها جماعة من الأصحاب منهم الشهيد والشيخ علي وصاحب المدارك وغيرهم وهو أقرب لنا ان الحكم معلق بالصلاة الفريضة وتعديته إلى غيره بدون دليل شرعي كما هو الواقع ههنا قياس مخض لا نقول
به وبالجملة مقتضى النص السابق رجوع حكم التقصير عند العدول عن نية الإقامة قبل الصلاة وهو شامل لمن صام أو لم يصم فيكون الحكم ثابتا في الصورتين احتج المفصل بأنه لو فرض ان هذا الصائم سافر
بعد الزوال فلا يخلو إما ان يجب عليه الافطار أو اتمام الصلاة لا سبيل إلى الأول للأخبار الصحيحة الشاملة باطلاقها وعمومها هذا الفرد الدال على وجوب المضي على الصوم كصحيحة الحلبي عن أبي عبد الله (ع)
انه سأل عن الرجل يخرج من بيته ويريد السفر وهو صائم قال إن خرج قبل ان ينتصف النهار فليفطر وان خرج بعد الزوال فليتم يومه وصحيحة محمد بن مسلم عنه (ع) إذا سافر الرجل في شهر رمضان
فخرج بعد نصف النهار عليه صيام ذلك اليوم فقد تعين وجوب اتمام الصوم وحينئذ فلا يخلو إما ان نحكم بانقطاع حكم الإقامة بالرجوع عنها بعد الزوال وقبل الخروج أم لا لا سبيل إلى الأول لاستلزامه
412

وقوع الصوم الواجب سفرا بقرينة الإقامة وصحته وهو غير جائز اجماعا الا ما استثنى من الصوم المنذور على وجه وما يماثله وليس هذا منه فثبت الأخير وهو عدم انقطاع الإقامة بالرجوع عنها
بعد الزوال سواء سافر حينئذ بالفعل أم لم يسافر إذ لا مدخل للسفر في صحة الصوم وتحقق الإقامة بل حقه ان تحقق عدمها وقد عرفت عدم تأثيرها فيها فإذا لم يسافر بقى على التمام إلى أن يخرج إلى
المسافة وهو المطلق ويرد عليه انا لا نسلم وجوب اتمام الصوم والحال هذه فان المتبادر من الأخبار المذكورة الخروج من بلده أو غيره مما يجب عليه الاتمام بان يكون خروجه مبدأ انشاء السفر وذلك في محل
النزاع ممنوع بل هو أول البحث ولو سلم وجوب الاتمام فلا يلزم منه عدم انقطاع نية الإقامة ولا محذور في وقوع الصوم الواجب في السفر إذا كان بعضه في حال الإقامة إذ لا دليل على امتناع ذلك فان قيل لو
سلم وجوب اتمام الصوم يلزم وجوب اتمام الصلاة لقول الصادق (ع) في صحيحة معاوية بن وهب إذا قصرت أفطرت ويعلم منه بحكم عكس النقيض ان عدم جواز الافطار يقتضي عدم جواز التقصير لأنا
نقول عموم الرواية المذكورة غير واضح كما يظهر من التدبر في سياق الخبر وعلى تقدير التسليم فدلالة صحيحة أبي ولاد على عموم الحكم أوضح فارتكابه التخصيص في صحيحة معاوية أقرب ولو سلم عدم
الا وضحية فلا خفاء في أن النسبة بين مدلول صحيحة أبي ولاد وما يفهم من صحيحة معاوية بن وهب بطريق عكس النقيض عموم من وجه وكل منهما (قد؟) للتخصيص فالترجيح يحتاج إلى دليل وقد
يفهم من كلام بعضهم ترجيح رواية أبي ولاد ترجيحا للمنطوق على المفهوم وفيه تأمل لان دلالة صحيحة معاوية على ما ذكر ليس من باب المفهوم وابقاء صحيحة أبي ولاد على عمومها يستلزم التخصيص في منطوق
صحيحة معاوية بن وهب كما لا يخفى على المتدبر الثاني الأظهر انه لا يلحق بالصلاة الفريضة الصوم المندوب لما مر في الصوم الواجب بل الحكم ههنا أولي وقوى الشارح الفاضل اللحوق ان منعنا الصوم المندوب في السفر
لأنه أمر لا يتم الا بدون الإقامة وهو ضعيف الثالث الظاهر أنه لا يعتبر في الصلاة القاطعة لحكم السفر ان يكون فريضة فلو رجع عن نية الإقامة بعد صلاة نافلة فإن كانت ثابتة في السفر فلا ريب
في عدم تأثيرها كنافلة المغرب والا ففيه قولان أظهرهما عدم التأثير كما هو مختار جماعة من الأصحاب منهم الشهيد في الذكرى عملا بمدلول الرواية وذهب المصنف في النهاية إلى الاجتزاء بها وقواه الشارح
الفاضل الرابع لو لم يكن صلى الفريضة ثم رجع عن نية الإقامة عاد إلى القصر سواء دخل وقت الصلاة أم لا وسواء فاته وقت الصلاة أم لا سواء كان الترك عمدا أو سهوا التعليق الحكم بالصلاة
الفريضة ولم يتحقق وقطع المصنف في التذكرة بكون الترك كالصلاة نظرا إلى استقرارها في الذمة تماما وتبعه المدقق الشيخ علي واستشكله المصنف في النهاية والشهيد في الذكرى ولو كان الترك لعذر مسقط
للقضاء كالجنون والحيض فالظاهر أنه كمن لم يصل قولا واحدا الخامس تعبير كون الصلاة تماما فلا يكفي المقصورة قطعا وهل يشترط كون التمام بنية الإقامة فلا يكفي التمام سهوا الا قبل نية الإقامة
فيه وجهان ولعل الترجيح للاشتراط عملا بظاهر صحيحة أبي ولاد ولو نوى الإقامة ثم صلى تماما لشرف البقعة ذاهلا عن نية الإقامة ثم رجع عن الإقامة فالظاهر أنه يكفي في قطع السفر لعموم الرواية
ولو نوى الإقامة عشرا في أثناء الصلاة (الصورة) فأتمها ففي الاجتزاء بها وجهان السادس ظاهر الرواية ان المعتبر اتمام الصلاة فلو شرع في الصلاة بنية الإقامة ثم رجع عن الإقامة في أثنائها لم يكف وإن كان
بعد ركوع الثالثة وهو ظاهر المصنف في المنتهى وتردد فيه المحقق في المعتبر ونقل المصنف في التذكرة والخلاف بمجاوزة محل القصر وعدمه وحكى عن المصنف وغيره الاكتفاء بها إذا كان الرجوع بعد ركوع الثالثة وانهم
اختلفوا إذا كان الرجوع بعد القيام إلى الثالثة ولو خرج قاصد المسافة إلى موضع يحصل فيه الخفاء المعهود ولم يكن قد بلغ المسافة وصلى مقصرا ثم رجع عن السفر فقطع سفره بمجرد الرجوع
لم يعد ما صلى قصرا وقد مر بيان ذلك في تحقيق الشرط الثالث ولو كان الرجوع والتردد بعد بلوغ المسافة بقى على القصر إلى أن يقصد إقامة عشرة أيام أو يمضى عليه ثلاثون يوما ترددا
قال الشارح وهل يحتسب من الثلاثين ما تردد إلى دون المسافة أو يسلكه من غير قصدها وان بلغها فيه نظر من وجود حقيقة السفر فلا يضر التردد ومن اخلال القصد وتوقف في الذكرى
ومع اجتماع الشرائط
الستة المبينة يجب التقصير وجوبا متعينا وهذا معنى قول الأصحاب ان التقصير عزيمة لا رخصة وهذا الحكم ثابت في جميع الأزمنة الا في حرم الله تعالى وحرم رسوله ومسجد الكوفة والحائر فان الاتمام فيها أفضل
من التقصير اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب الأكثر إلى ثبوت التخيير في المواضع الأربعة بين القصر والاتمام وان الاتمام أفضل ونسبه المحقق إلى الثلاثة واتباعهم وقال ابن بابويه يقصر ما لم ينو المقام عشرة
412

والأفضل ان ينوي المقام بها فيوقع صلاته تماما وقال السيد المرتضى لا يقصر في مكة ومسجد النبي صلى الله عليه وآله ومشاهد الأئمة القائمين مقامه (ع) وهذه العبارة تفيد منع التقصير وعموم الحكم في مشاهد
الأئمة (ع) والأقرب الأول لنا على ثبوت التخيير في الحرمين الأخبار الدالة على التخيير والجمع بين ما يدل
على الاتمام وما يدل على التقصير فما يدل على الاتمام ما رواه الشيخ عن عبد الرحمن بن الحجاج في
الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن التمام بمكة والمدينة قال أتم وان لم تصل فيهما الا صلاة واحدة وعنه في الصحيح أيضا قال قلت لأبي الحسن (ع) ان هشاما روى عنك انه امرته بالتمام في الحرمين
وذلك من أجل الناس قال لا كنت انا ومن مضى من آبائي إذا وردنا مكة أتممنا الصلاة واستترنا من الناس وما رواه الكليني عن علي بن مهزيار في الصحيح قال كتبت إلى أبي جعفر (ع) ان
الرواية قد اختلف عن ابائك (ع) في الاتمام والتقصير في الحرمين فمنها ان يتم الصلاة ولو صلاة واحدة ومنها ان يقصر ما لم ينو مقام عشرة أيام ولم أزل على الاتمام فيها إلى أن صدرنا من حجنا
في عامنا هذا فان فقهاء أصحابنا أشاروا علي بالتقصير إذا كنت لا أنوي مقام عشرة أيام فصرت إلى التقصير وقد ضقت بذلك حتى اعرف رأيك فكتب إلي بخطه قد علمت يرحمك الله فضل
الصلاة في الحرمين على غيرهما فإنما أحب لك إذا دخلتهما ان لا تقصر وتكثر فيهما الصلاة فقلت له بعد ذلك بسنتين مشافهة اني كتبت إليك بكذا وأجبتني بكذا فقال نعم فقلت اي شئ تعني
بالحرمين فقال مكة والمدينة وروى الشيخ في الكتابين هذا الحديث باسناده الصحيح عن علي بن مهزيار بتفاوت في مواضع فيها انه زاد في اخره ما هذه صورته فقال مكة والمدينة ومنى
إذا توجهت من منى فقصر الصلاة وإذا انصرفت من عرفات إلى منى وزرت البيت ورجعت إلى منى فأتم الصلاة تلك الثلاثة أيام وقال بإصبعه ثلاثا وما رواه الشيخ في الصحيح عن ابان
والظاهر أنه ابن عثمان وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم من مسمع وهو ممدوح وقد وثقه الحسن بن علي بن فضال عن أبي إبراهيم (ع) قال كان أبي يرى لهذين الحرمين مالا يراه لغيرهما
ويقول إن الاتمام فيهما من الامر المذخور وعن صفوان في الصحيح وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم عن مسمع عن أبي عبد الله (ع) قال قال لي إذا دخلت مكة فأتم يوم تدخل وعن
صفوان في الصحيح عن عمر بن رياح وهو ضعيف قال قلت لأبي الحسن (ع) أقدم مكة أتم أو أقصر قال أتم قلت وامر على المدينة فأتم الصلاة أو أقصر قال أتم وما رواه الكليني والشيخ عنه عن ابن أبي
نصر في الصحيح وهو ممن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه عن إبراهيم بن شيبه وهو غير موثق قال كتبت إلى أبي جعفر (ع) أسأله عن اتمام الصلاة في الحرمين فكتب إليه كان رسول الله صلى الله عليه وآله
يحب اكثار الصلاة في الحرمين فأكثر فيهما وأتم وعن عثمان بن عيسى ولا يبعد ان يعد من الموثقات قال سألت أبا الحسن (ع) عن اتمام الصلاة والقيام في الحرمين فقال أتمها ولو صلاة واحدة
وما رواه الشيخ عن زياد بن مروان وهو واقفي وفي الطريق إسماعيل بن مرار وهو غير موثق قال سألت أبا إبراهيم (ع) عن اتمام الصلاة في الحرمين فقال أحب لك ما حب لنفسي أتم الصلاة
وعن معاوية باسناد فيه إسماعيل بن مرار عن أبي عبد الله (ع) ان من المذخور الاتمام في الحرمين إلى غير ذلك من الاخبار ويدل على التقصير ما رواه الشيخ والصدوق عن محمد بن إسماعيل بن بزيع في الصحيح قال سألت الرضا
(ع) عن الصلاة بمكة والمدينة تقصير أو تمام فقال قصر ما لم تعزم على مقام عشرة أيام ونحوه روى علي بن حديد عن الرضا (ع) وما رواه الشيخ عن معاوية بن وهب في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن
التقصير في الحرمين والتمام فقال لا يتم حتى يجمع على مقام عشرة أيام فقلت ان أصحابنا رووا عنك انك امرتهم بالتمام فقال إن أصحابك كانوا يدخلون المسجد فيصلون ويأخذون فعالهم ويخرجون
والناس يستقبلونهم يدخلون المسجد للصلاة فأمرتهم بالتمام وعن معاوية بن عمار في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل قدم مكة فأقام على احرامه قال فليقصر الصلاة ما دام محرما وعن محمد بن إبراهيم
(الحسيني) ولا يبعد ان تعد الرواية حسنة قال استأمرت أبا جعفر (ع) في الاتمام والتقصير قال إذا دخلت الحرمين فانو عشرة أيام وأتم الصلاة والذي يتحصل من هذه الأخبار ثبوت التخيير بين الاتمام
والتقصير وكون الاتمام أفضل وما تضمن حديث معاوية من النهى عن الاتمام محمول على رفع توهم لزومه أو تعينه وحديث ابن بزيع مصروف إلى نحو هذا المجمل وتوجيهه غير خفى على المتأمل ورواية
محمد بن إبراهيم محمولة على أفضلية نية الإقامة والاتمام ومما يدل على التخيير ما رواه الشيخ عن علي بن يقطين (في الصحيح عن أبي الحسن (ع) عن الصلاة بمكة قال من شاء أتم ومن شاء قصر
ويؤيده ما رواه عن علي بن يقطين) باسناد فيه إسماعيل بن مرار وهو غير موثق قالت سألت أبا إبراهيم (ع) عن التقصير بمكة قال أتم
وليس بواجب الا اني أحببت لك مثل الذي أحب لنفسي وفي الصحيح عن الحسين من المختار وهو واقفي غير موثق عن أبي إبراهيم (ع) قال قلت له انا إذا دخلنا مكة والمدينة نتم أو نقصر قال إن
413

قصرت فذاك وان أتممت فهو خير تزداد وعن حمران باسناد فيه جهالة قال قلت لأبي الحسن (ع) أقصر في المسجد الحرام أو أتم قال إن قصرت فذاك وان أتممت فهو خير وزيادة الخير خير ولنا على
ثبوت التخيير في حرم الكوفة والحائر على ساكنهما السلام ما رواه الشيخ عن حماد بن عيسى باسناد لا يبعد ان يكون صحيحا عن أبي عبد الله (ع) أنه قال من مخزون علم الله الاتمام في أربع مواطن حرم الله وحرم رسوله
وحرم أمير المؤمنين (ع) وحرم الحسين بن علي (ع) والمراد مشروعية الاتمام في هذه المواطن أو رجحانه لثبوت التخيير في الحرمين بالأدلة السابقة وعن زياد القندي قال قال أبو الحسن (ع) يا زياد أحب لك ما أحبه لنفسي (وأكره لك ما أكرهه لنفسي)
أتم الصلاة في الحرمين وبالكوفة وعند قبر الحسين (ع) وعن زياد أيضا عن أبي الحسين نحوه وعن أبي شبل قال قلت لأبي عبد الله (ع) أزور قبر الحسين (ع) قال زر الطيب وأتم الصلاة عنده قلت أتم الصلاة عنده قال نعم
قلت بعض أصحابنا يرى التقصير قال انما يفعل ذلك الضعفة وعن عبد الحميد قال تتم الصلاة في أربع مواطن في المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة وحائر (حرم) الحسين (ع) وعن حذيفة بن
منصور قال حدثني من سمع أبا عبد الله (ع) يقول تتم الصلاة في المسجد الحرام ومسجد الرسول صلى الله عليه وآله ومسجد الكوفة وقبر الحسين (ع) ونحوه عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) وضعف السند في هذه الروايات غير قادح بعد وجود
الخبر المعتمد عليه وتكثر الروايات واعتضادها بعمل الأصحاب وعدم المعارض وينبغي التنبيه على أمور الأول المستفاد من الأخبار الكثيرة جواز الاتمام في مكة والمدينة وان وقعت الصلاة خارج المسجدين
وهو المشهور بين الأصحاب قاله الشيخ والفاضلان وأكثر الأصحاب وخص ابن إدريس الحكم بالمسجدين اخذا بالمتيقن المجمع عليه ولعل الأول أقرب
الثاني ذكر الشيخ انه إذا ثبت الحكم في الحرمين من غير اختصاص بالمسجد
يكون الحكم كذلك بالكوفة لعدم القائل بالفصل وخص الحكم ابن إدريس بالمسجد اخذا بالمتيقن والروايات بعضها ورد بلفظ حرم أمير المؤمنين (ع) وحرم الحسين وبعضها بلفظ مسجد الكوفة (وبعضها بالكوفة) والصحيح
منها الأول وفيه اجمال وقال المحقق في المعتبر ينبغي تنزيل حرم أمير المؤمنين على مسجد الكوفة خاصة اخذا بالمتيقن ولم يتعرض لذكر حرم الحسين (ع) والتعليل الذي ذكره يقتضي اختصاصه بالحائر
وهو المذكور في كثير من عبارات الأصحاب ويؤيده الأخبار الواردة بلفظ الحائر وقد مر بعضها ومنها ما رواه ابن بابويه مرسلا عن الصادق (ع) أنه قال من الامر المذخور اتمام الصلاة في أربعة مواطن
بمكة والمدينة ومسجد الكفة وحائر الحسين (ع) وحكى الشهيد في الذكرى عن المحقق انه ذكر حكم في كتاب له في السفر بالتخيير في البلدان الأربعة حتى في الحائر المقدس لورود الحديث بحرم الحسين (ع)
وقدر بخمسة فراسخ وهو مبنى على اطلاق الحرم على ما ذكره ولما اطلع على نص يدل عليه وقال ابن إدريس المراد بالحائر ما دار سور المشهد والمسجد ما دار سور البلد عليه
لان ذلك هو الحائر حقيقة لان الحائر في لسان العرب الموضع المطمئن الذي يحار فيه وقد ذكر ذلك شيخنا المفيد في الارشاد في مقتل الحسين (ع) لما ذكر من قتل معه من أهله فقال والحائر
محيط بهم الا العباس رحمة الله عليه فإنه قتل على المسناة واحتج عليه بالاحتياط لكونه المجمع عليه وهو حسن وذكر الشهيد ان في هذا الموضع حار الماء لما أمر المتوكل باطلاقه على قبر الحسين (ع) ليخفيه فكان
لا يبلغه. الثالث الحكم بالتخيير للمسافر انما وقع في الصلاة خاصة في النصوص وفتاوي الأصحاب واما الصوم فلا يشرع في هذه الأماكن للأدلة على وجوب الافطار على المسافر السالمة عن مدافعة المعارض
الرابع صرح المحقق في المعتبر لا يعتبر في الصلاة الواقعة في هذه الأماكن التعرض لنية القصر أو الاتمام وانه لا يتعين أحدهما بالنية فجوز لمن نوى الاتمام القصر ولمن نوى التقصير الاتمام وهو حسن الخامس
الأظهر جواز فعل النافلة الساقطة في السفر في هذه الأماكن كما صرح به في الذكرى للتحريض والترغيب على كثرة الصلاة فيها ولما في بعض الأخبار السابقة ان زيادة الصلاة خير وزيادة الخير خير وفي
بعض الأخبار صل النافلة ما شئت والظاهر عدم الفرق بين اختياره القصر أو الاتمام السادس الأظهر جواز الاتمام في هذه الأماكن وإن كانت الذمة مشغولة بواجب ونقل عن والده المنع وهو ضعيف
السابع الظاهر بقاء التخيير في قضاء ما فاتته في هذه الأمكنة وان لم يقض فيها لعموم قوله (ع) من فاتته صلاة فليقضها كما فاتته ويحتمل تعيين القصر والظاهر عدم التخيير في القضاء فيها إذا فاتته في غيرها
الثامن لو ضاق الوقت الا عن أربع فالأظهر وجوب القصر فيهما ليقع الصلاتان في الوقت ويحتمل جواز الاتمام في القصر لعموم من أدرك ركعة من الصلاة وفيه ضعف لأنه يجوز تعمد ذلك اختيارا لاستلزامه
جواز التأخير عن الوقت المقدر شرعا ومن الأصحاب من جوز الاتيان بالعصر تماما في الوقت وقضاء الظهر وهو ضعيف التاسع الحق ابن الجنيد والمرتضى بهذه الأماكن جميع مشاهد الأئمة (ع) قال الشهيد في الذكرى
413

ولم نقف لهما على مأخذ والقياس عندنا باطل
ولو أتم المقصر عالما بوجوب التقصير عامدا أعاد مطلقا سواء كان في الوقت أو خارجه والظاهر أنه متفق عليه بين الأصحاب ونقل اتفاقهم عليه
المصنف في التذكرة ويدل عليه ما رواه الشيخ عن زرارة ومحمد بن مسلم في الصحيح قالا قلنا لأبي جعفر (ع) رجل صلى في السفر أربعا أيعيد أم لا قال إن كان قرئت عليه آية التقصير وفسرت
فصلى أربعا أعاد وان لم يكن قرئت ولم يعلمها فلا إعادة عليه وقد مضى هذا في صحيحة زرارة ومحمد بن مسلم السابقة في أوائل احكام المسافر ولا يبعد ان يقال عدم الصراحة في هذا الخبر غير
قادح بعد الانضمام إلى عمل الأصحاب وعدم ظهور الخلاف بينهم واستدل عليه أيضا بما رواه الشيخ عن عبيد الله الحلبي في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) صليت الظهر أربع ركعات وانا في سفر قال أعد و
لا يخفى ان حمل هذا الخبر على العمد بعيد لبعد تعمد ذلك عن الحلبي والظاهر صدور ذلك عنه سهوا وحيث حكم فيه بالإعادة بعد خروج الوقت على ما هو ظاهر الحال صلح الخبر لان يحتج به القائل بوجوب
الإعادة على الساهي مطلقا لكن الجمع بينها وبين ما سيجئ في حكم الساهي مع عدم صراحة دلالة الامر في اخبارنا على الوجوب يقتضي الحمل على الاستحباب ولو أتم المقصر ناسيا يعيد في الوقت
خاصة على المشهور بين الأصحاب وذهب علي بن بابويه والشيخ في المبسوط إلى أنه يعيد مطلقا وذهب الصدوق في المقنع إلى أنه يعيد ان ذكر في يومه وان مضى اليوم فلا إعادة فمراده باليوم إن كان بياض النهار فقد
وافق المشهور في الظهرين وأهمل أمر العشاء وإن كان مراده ذلك والليلة الماضية كان مخالفا في العشاء للمشهور لاقتضاء قضاءه العشاء في النهار وإن كان مراده ذلك والليلة المستقبلة خالف المشهور في الظهرين
وفي العشاء أيضا الا على القول ببقاء وقتها إلى طلوع الصبح والأول أقرب لما رواه الشيخ عن أبي بصير في الصحيح على التحقيق قال سألته عن الرجل ينسى فيصلى في السفر أربع ركعات قال إن
ذكر في ذلك اليوم فليعد وان لم يذكر حتى يمضى اليوم فلا إعادة عليه والظاهر أن المراد باليوم بياض النهار وان حكم العشاء غير مستفاد من الرواية انما المستفاد منها حكم الظهرين وينسحب
الحكم في العشاء بمعونة دعوى عدم القائل بالفصل لكن في اثباته اشكال وقد قررت سابقا ان اخبار أبي بصير معتمدة يصلح للتعويل والإضمار في مثل هذه الأخبار غير قادح فاندفع الاعتراض
على هذه الرواية باستضعاف السند واجمال المتن لاهمال ذكر العشاء إن كان المراد باليوم بياض النهار ومخالفته للمشهور إن كان المراد به بياض النهار والليلة المستقبلة ولما رواه الشيخ عن العيص بن
القسم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن رجل صلى وهو مسافر فأتم الصلاة قال إن كان في وقت فليعد وإن كان الوقت قد مضى فلا والحكم فيه غير مختص بالناسي بل يشمل العامد
والجاهل لكنهما خرجا عنه بدليل منفصل فيبقى الحكم في الناسي سالما عن المعارض قال الشهيد في الذكرى ويتخرج على القول بان من زاد خامسة في الصلاة وكان قد فعل مقدار التشهد
يسلم له الصلاة وصحة الصلاة هنا لان التشهد حائل بين ذلك وبين الزيادة وذكر الشارح الفاضل ان الزيادة من افراد تلك المسألة الا انه لا قائل بالصحة هنا مطلقا وكان ينبغي لمثبت تلك
المسألة القول بها هنا ولا سبيل إلى التخلص من ذلك الا بأحد أمور إما القاء ذلك الحكم كما ذهب إليه أكثر الأصحاب أو القول باختصاصه بالزيادة على الرابعة كما هو مورد النص ولا يتعدى
إلى الثنائية والثلاثية فلا يتحقق المعارضة هنا أو اختصاصه بزيادة ركعة لاغير كما ورد به النص هناك ولا يتعدى إلى الأزيد كما عداه بعض الأصحاب أو القول بان ذلك في غير المسافر
جمعا بين الاخبار لكن يبقى سؤال الفرق مع اتحاد المحل وفي الحقيقة اتفاق الأصحاب هنا على الإعادة في الوقت يؤيد ما عليه الأكثر هناك من البطلان مطلقا انتهى كلامه وبعض أصحابنا المتأخرين
ممن اختار تعميم الحكم هناك استضعف هذه الطرق في التخلص عن الاشكال وقال الذي يقتضيه النظر ان النسيان والزيادة ان حصلا بعد الفراغ من التشهد كانت هذه المسألة جزئية من
جزئيات من زاد في صلاته ركعة فصاعدا بعد التشهد نسيانا وقد بينا ان الأصح ان ذلك غير مبطل للصلاة مطلقا لاستحباب التسليم وان حصل النسيان قبل ذلك بحيث أوقع الصلاة أو بعضها
على وجه التمام اتجه القول بالإعادة في الوقت دون خارجه وعلى هذا التفصيل لابد من حمل النص الوارد هنا بالإعادة على القسم الثاني لكن اللفظ عام وإن كان أظهر افراده هذا فالحكم بالتخصيص
لا يخلو عن اشكال مع أن اليقين بالبرائة من التكليف الثابت يقتضي الإعادة على أن في القول بعموم الحكم في تلك المسألة تأملا قد مر في محله
ولو أتم المقصر جاهلا بحكم وجوب التقصير لا يعيد مطلقا
سواء كان في الوقت أو خارجه على المشهور بين الأصحاب وحكى عن ابن الجنيد وأبي الصلاح انهما أوجبا الإعادة في الوقت وعن ظاهر ابن أبي عقيل الإعادة مطلقا والأول أقرب لقوله (ع) في صحيحة زرارة ومحمد بن
مسلم السابقة وان لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها فلا إعادة ولعل مستند القائل بوجوب الإعادة في الوقت صحيحة العيص السابقة في المسألة المتقدمة والجواب ان حملها على الناسي يتعين عملا
باعتبار قاعدة الجمع بين الاخبار واعلم أن الشهيد في الذكرى حكى ان السيد الرضي سال أخاه المرتضى رضي الله عنهما عن هذه المسألة فقال الاجماع ينعقد على أن من صلى صلاة لا يعلم أحكامها
فهي غير مجزية والجهل بأعداد الركعات جهل بأحكامها فلا تكون مجزية وأجاب المرتضى بجواز تغير الحكم الشرعي بسبب الجهل وإن كان الجاهل غير معذور والظاهر أن مراده ان الأحكام الشرعية يختلف
بحسب الأحوال والاعتبارات فيجوز ان يكون الحكم في حق الجاهل بوجوب التقصير في السفر وجوب الاتمام عليه نظرا إلى زعمه حيث يعتقد وجوب الاتمام وإن كان مقصرا غير معذور في تحصيل العلم
بالمسألة والحكم وحينئذ فهو آت بالمأمور به في هذه الحالة فيكون مجزيا وهل الحكم مختص بالجاهل بوجوب
التقصير من أصله أو ينسحب في الجاهل ببعض احكام السفر ككثير السفر المنقطع كثرة سفره بالإقامة
إذا لم يعلم انقطاع الكثرة بذلك فصلى تماما والمصلي تماما في الموضع الذي يعتقده من الأماكن الأربعة ليس منها ونحو ذلك فيه وجهان نظرا إلى اختصاص النص بالأول والاشتراك في العذر وتوقف المصنف
في النهاية والأوفق بالقواعد الأول ولو صلى من فرضه التمام قصرا جاهلا ففي الصحة وجهان فقيل بالبطلان لعدم تحقق الامتثال وقيل بالصحة وهو اختيار الشيخ نجيب الدين يحيى صاحب الجامع بناء
على استحباب قصر الواجب وخفاء المسألة على العامة وروى الشيخ عن منصور بن حازم في الصحيح عن أبي عبد الله (ع) قال إذا أتيت بلدا وأزمعت المقام عشرة أيام فأتم الصلاة فان تركه جاهلا
فليس عليه الإعادة وهو دال على الصحة في بعض صور وجوب الاتمام والعمل به حسن لصحته وخلوه عن المعارض لكن ينبغي الاقتصار على مدلول النص وعدم التعدي عنه إلى صور أخرى والقول بالبطلان
فيها لعدم حصول الامتثال المقتضي لذلك والحق بعضهم بالجاهل ناسي الإقامة فحكم بأنه لا إعادة عليه أيضا وفيه خروج عن النصوص واعلم أنه قال بعض الأصحاب لو قصر المسافر اتفاقا أعاد
قصرا قال في الذكرى فيه تفسيرات أحدها ان يكون غير عالم بوجوب القصر فإنه لو صلى صلاة يعتقد فسادها فيجب اعادتها قصرا وهكذا ذكره في المبسوط الثاني ان يعلم وجوب التقصير ولكن جهل
بلوغ المسافة فقصر فاتفق بلوغ المسافة فإنه يعيد لأنه صلى قصرا مع أن فرضه التمام فيكون منهيا عنه فيعيد في الوقت قصرا إما إذا خرج الوقت فيحتمل قويا القضاء تماما لأنه قد كان فرضه التمام
فليقضها كما فاتته ويحتمل القضاء قصرا لأنه مسافر في الحقيقة وانما منعه من القصر جهل المسافة وقد علمها وهذا مطرد فيما لو ترك المسافر الصلاة أو نسيها ولم يكن عالما بالمسافة ثم تبين المسافة
بعد خروج الوقت كان في قضائها قصرا أو تماما الوجهين الثالث يعلم وجوب القصر وبلوغ المسافة ولكنه نوى الصلاة تماما نسيانا ثم سلم على ركعتين ناسيا ثم ذكر فإنه يعيد لمخالفته ما يجب
عليه من ترك نية التمام وتكون الإعادة قصرا سواء كان الوقت باقيا أم لا لان فرضه القصر ظاهرا وباطنا ويحتمل قويا هنا أجزء الصلاة لان نية التمام لغو فالناسي غير مخاطب والتسليم
وقع في محله انتهى كلام الذكرى
ولو سافر بعد دخول الوقت قبل ان يصلى أتم اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب ابن أبي عقيل والصدوق إلى أنه يجب عليه الاتمام واختاره المصنف وذهب
المفيد إلى أنه يجب عليه التقصير واختاره ابن إدريس ونقله عن السيد المرتضى في المصباح وهو اختيار علي بن بابويه وجماعة من الأصحاب منهم المحقق وذهب الشيخ في الخلاف إلى أنه يجوز له التقصير
والأفضل الاتمام فهو قائل بالتخيير وقال الشيخ في النهاية يجب عليه الاتمام ان بقى من الوقت مقدار ما يصلى فيه على التمام فان تضيق الوقت قصر وبه قال في موضع من المبسوط وبه قال
ابن البراج وهو اختيار الصدوق فيمن لا يحضره الفقيه ومنشأ الخلاف اختلاف الاخبار والذي وصل إلي في هذا الباب روايات الأولى ما رواه الشيخ عن إسماعيل بن جابر في الصحيح قال قلت لأبي
عبد الله (ع) يدخل علي وقت الصلاة وانا في السفر فلا أصلي حتى ادخل أهلي فقال صل فأتم الصلاة قلت فدخل علي وقت الصلاة وانا في أهلي أريد السفر فلا أصلي حتى اخرج فقال فصل وقصر
فإن لم تفعل فقد خالفت الله ورسول الله (ع) الثانية ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن رجل يدخل من سفره وقد دخل وقت الصلاة وهو في الطريق فقال
يصلى ركعتين وان خرج إلى سفره وقد دخل وقت الصلاة فليصل أربعا الثالثة ما رواه الكليني والشيخ بأسانيد متعددة عن محمد بن مسلم في الصحيح قال قلت لأبي عبد الله (ع) رجل يريد السفر متى يقصر
414

قال إذا توارى من البيوت قال قلت الرجل يريد السفر فيخرج حين تزول الشمس فقال إذا خرجت فصل ركعتين الرابعة ما رواه الشيخ عن عمار الساباطي في الموثق عن أبي عبد الله (ع) قال
سئل عن الرجل إذا زالت الشمس وهو في منزله ثم يخرج في سفر قال يبدأ بالزوال فيصليها ثم يصلي الأولى بتقصير ركعتين لأنه خرج من منزله قبل ان تحضر الأولى وسئل فان خرج بعدما
حضرت الأولى قال يصلى الأولى أربع ركعات ثم يصلى بعد النوافل ثمان ركعات لأنه خرج من منزله بعدما حضرت الأولى الخامسة ما رواه الشيخ عن الوشا باسناد ضعيف قال سمعت
الرضا (ع) يقول إذا زالت الشمس وأنت في المصر وأنت تريد السفر فأتم فإذا خرجت بعد الزوال قصر العصر السادسة ما رواه الشيخ في الصحيح إلى بشير النبال وهو غير موثق قال خرجت
مع أبي عبد الله (ع) حتى آتينا الشجرة فقال لي أبو عبد الله (ع) يا نبال فقلت لبيك قال إنه لم يجب على أحد من أهل هذا العسكر ان يصلي أربعا غيري وغيرك وذلك أنه دخل وقت الصلاة
قبل ان نخرج احتج المصنف بوجوه ضعيفة أقواها الرواية الثانية ويرد على أنه معارض بصحيحة إسماعيل المذكورة مع أنه اقبل للتأويل فيجوز ان يكون المراد ان الركعتين يفعل في السفر والأربع
في الحضر بان يكون المراد من قوله يدخل من سفره قرب الدخول (والمشارفة) عليه وكان في الايراد بصيغة المضارع إعانة على هذا المعنى وكذا المراد من قوله خرج من سفره قرب الخروج
وأراد به المقاربة من فعله لا الخروج حقيقة وأيضا الجمع بين الخبرين بالتخيير ممكن فلا يتعين ما ذكره واستدل أيضا برواية بشير النبال ويرد عليه انها غير سليم السند فلا يصلح معارضا
الخبر السابق احتج القائل بوجوب التقصير بعمومات الدالة على أن المسافر يقصر وبأنه إذا وصل إلى حد الخفاء يقصر وبصحيحة إسماعيل قال المحقق في المعتبر وهذه الرواية أشهر وأظهر في العمل وفيه
تأمل من حيث وجود المعارض ووقوع التردد في وجه الجمع بينها كما ستعرف حجة القائل بالتخيير الجمع بين الروايات بذلك ويرد عليه عدم انحصار الجمع فيه حجة القائل بالاتمام
عند السعة والقصر عند الضيق أيضا الجمع بين الاخبار ويرد عليه أيضا عدم انحصار الجمع فيه مع أنه لا اشعار في الاخبار بذلك والقول بذلك من غير شاهد عليه تحكم واستدل الشيخ في الكتابين على هذا الجمع برواية إسحاق بن عمار الآتية وفيه انه دال على
هذا التفصيل في صورة القدوم من السفر واعلم أنه قيل في الجمع بين صحيحة إسماعيل وصحيحة محمد وما في معناهما وجوه أحسنها ما مر في الايراد على المصنف ويأبى عنه موثقة عمار ورواية بشير الا
ان يقال باطراحهما نظرا إلى عدم صحتهما ويحتمل الجمع بالتخيير وبحمل الوجوب في رواية بشير على التخييري ويمكن الجمع بوجه آخر وهوان يقال إذا خرج بعد دخول وقت الفضيلة يعنى إذا صار الفئ قدمين
أو انقضاء مقدار النافلة للمتنفل يتم الصلاة وعلى هذا يحمل روايتي محمد بن مسلم وبشير وإذا خرج قبل دخول وقت الفضيلة وإن كان بعد دخول وقت الأجزاء يقصر وعلى هذا يحمل صحيحة
إسماعيل فالمراد بالوقت في أحد الخبرين وقت الفضيلة وبالاخر وقت الأجزاء وتشهد بهذا التأويل موثقة عمار المذكورة لكني لا أعرف أحدا من الأصحاب ذكر هذا التفصيل والمسألة عندي
محل اشكال وكذا يجب الاتمام لو حضر إلى منزله أو ما في حكمه وهو حدود البلد مما يسمع فيه الاذان في الوقت اختلف الأصحاب في هذه المسألة فذهب المفيد وعلي بن بابويه وابن إدريس والفاضلان
إلى أنه يتم وهو المشهور بين المتأخرين ونقل عن ابن الجنيد والشيخ القول بالتخيير واحتمله الشيخ في كتابي الاخبار إلى القول بالتفصيل بين سعة الوقت وضيقه وحكى الشهيدان في المسألة قولا
بوجوب التقصير مطلقا ويدل على الأول العمومات الدالة على أن الحاضر يتم وعلى ان المسافر إذا دخل أهله وخصوص صحيحة إسماعيل السابقة في المسألة المتقدمة وما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم
في الصحيح عن أحدهما (ع) في الرجل يقدم من الغيبة فيدخل عليه وقت الصلاة فقال إن كان لا يخاف ان يخرج الوقت فليدخل فليتم وإن كان يخاف ان يخرج الوقت قبل ان يدخل فليقصر
وما رواه الشيخ عن العيص بن القسم في الصحيح قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر ثم يدخل بيته قبل ان يصليها قال يصليها أربعا وقال لا يزال يقصر حتى يدخل
بيته ودلالة الامر وما في معناها على الوجوب غير واضح الا ان اليقين بالبرائة من التكليف الثابت يقتضيه ولعل حجة القائل بالتخيير ما رواه الشيخ عن منصور بن حازم في الصحيح قال سمعت أبا عبد الله (ع)
يقول إذا كان في سفره فدخل عليه وقت الصلاة قبل ان يدخل أهله فسار حتى يدخل أهله فان شاء قصر وان شاء أتم والاتمام أحب إلي والجواب ان هذه الرواية غير نقي السند لان في طريقها محمد بن عبد الحميد
وهو غير موثق في كتب الرجال مع أنه يحتمل على بعد أن يكون المراد بقوله فسار حتى يدخل إرادة السير ومعنى قوله فان شاء قصر انشاء قصر بان لا يدخل أهله إلا بعد الصلاة وان شاء أتم بان يكون الدخول (على أهله الا بعد
الصلاة وان شاء أتم بان يكون الدخول) على أهله قبل الصلاة احتج الشيخ على التفصيل الذي ذكره بما رواه عن إسحاق بن عمار في الموثق
قال سمعت أبا عبد الله (ع) يقول في الرجل يقدم من سفره في وقت الصلاة فقال إن كان لا يخاف الفوت فليتم وإن كان
يخاف خروج الوقت فليقصر وعن الحكم بن مسكين عن رجل عن أبي عبد الله (ع) نحوا منه والجواب ان المراد بقوله يقدم قرب القدوم وقوله إن كان لا يخاف الفوات عدم خوف الفوات إذا اخر الصلاة إلى (الدخول)
فلا ينافي ما ذكرناه وانما ارتكبنا هذا التأويل جمعا بين الأدلة وكذا القضاء يعني لو فاتته الصلاة في الموضعين يتم وهذا مبني على أن الاعتبار في القضاء بحال فوات الصلاة وحيث اختار المصنف
الاتمام في الموضعين يلزم عليه القول بذلك القضاء ومن قال بالتقصير يلزم عليه القول بالتقصير بناء على هذا الأصل وذهب المرتضى وابن الجنيد إلى أنه يقضي بحسب حالها في أول وقتها
ويدل على الأول قوله (ع) في صحيحة زرارة يقضي كما فاتته وعلى الثاني ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر (ع) انه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة وهو في السفر فاخر الصلاة (حتى قدم فنسي) حين قدم إلى أهله
ان يصليها حتى ذهب وقتها قال يصليها ركعتين صلاة المسافر لان الوقت دخل وهو مسافر كان ينبغي ان يصليها عند ذلك وفي طريق الرواية موسى بن بكر وذكر الشيخ انه واقفي وهو غير موثوق في
كتب الرجال الا ان له كتابا يرويه جماعة من أجلاء ثقات الأصحاب فيهم من أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنهم كابن أبي عمير وصفوان وفي ذلك دلالة على حسن روايته وبالجملة عندي في هذه المسألة تردد وأجاب
في المعتبر عن هذه الرواية باحتمال ان يكون دخل مع ضيق الوقت عن أداء الصلاة أربعا فيقضي على وقت امكان الداء ولو نوى المسافر في غير بلده إقامة عشرة أيام أتم إذا صلى صلاة تماما كما
مر فلو خرج إلى أقل من مسافة بعد أن صلى تماما عازما للعود إلى موضع الإقامة والإقامة فيه عشرا مستأنفة لم يقصر لانقطاع التقصير بسبب عزم الإقامة عشر ا مع صلاة تماما وعدم حصول أمر موجب
للتقصير وان عزم العود دون الإقامة عشرا قيل يقصر بمجرد خروجه وقد أطلق الحكم به المصنف وفيه ان رجوع حكم التقصير يقتضي حدوث سفر جديد لانقطاع حكم السابق بالإقامة عشرا والمفروض
ان الخروج إلى ما دون المسافة كيف يكون موجبا للتقصير واقتصر جماعة من الأصحاب منهم الشهيد إلى أنه يقصر في الرجوع خاصة واختلف كلامه في حكم الموضع الذي خرج إليه وهذا الحكم لا يستقيم على
اطلاقه بل لابد من تقييده بما إذا حصل مع العود وقصد المسافة فلو عاد إلى موضع الإقامة ذاهلا عن السفر أو مترددا فيه وفي الإقامة بنى على التمام وذكر جماعة من الأصحاب منهم الشارح الفاضل (ره)
ضابطة يرجع محصله إلى أنه يقصر في الرجوع إذا كان من نيته قطع المسافة ولا يقصر في الذهاب إما الحكم الأول فواضح لحصول السفر المقتضي للتقصير واما الحكم الثاني فادعى الشارح الفاضل
الاجماع عليه ولو لم يكن من نيته قطع المسافة لم يقصر لانتفاء السفر الموجب للتقصير وانقطاع السفر السابق بالإقامة وما ذكره متجه ان ثبت الاجماع المنقول في الحكم الثاني المذكور لكن في ثبوته تأمل
وبدونه لا يتجه الحكم المذكور فان مقتضى النظر وجوب التقصير في الذهاب أيضا لصدق السفر والضرب في الأرض وقد صنف الشارح الفاضل في هذه المسألة رسالة قد بسط الكلام فيها ومحصله
يرجع إلى ما نقلنا فتدبر
ويستحب أن يقول عقيب كل فريضة ثلاثين مرة سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر لما رواه الشيخ عن سليمان بن حفص المروزي قال قال الفقيه العسكري (ع)
يجب على المسافر أن يقول في دبر كل صلاة يقصر فيها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ثلاثين مرة لتمام الصلاة وعمل الأصحاب بمضمون الرواية مع المسامحة في أدلة السنن للعلة التي
أشير إليها في بعض المباحث السابقة يجبر وهن سند الرواية واطلاق الوجوب في الرواية محمول على المبالغة في تأكد الاستحباب إذ الظاهر أنه لم يقل أحد بالوجوب صورة خط المصنف رحمه الله
انتهى الجزء الثاني من كتاب ذخيرة المعاد في شرح الارشاد على يد مؤلف الفقير إلى رحمة الباري محمد باقر بن محمد مؤمن السبزواري في شهر جمادي الثانية
من شهور سنة ثلاث وخمسين وألف من الهجرة النبوية المصطفوية حامدا مصليا مسلما والحمد لله رب
العالمين ويتلوه الجزء الثالث كتاب الزكاة انشاء الله تعالى وحرره بعبد علي رضا ابن عباس علي الخوانساري سنة 1273 در كارخانه عاليمنزلت آقا محمد رضا انطباع يافت
415