الكتاب: الإثنا عشرية
المؤلف: البهائي العاملي
الجزء:
الوفاة: ١٠٣١
المجموعة: فقه الشيعة من القرن الثامن
تحقيق: تحقيق : الشيخ محمد الحسون / إشراف : السيد محمود المرعشي
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: جمادي الآخرة ١٤٠٩
المطبعة: بهمن - قم
الناشر: منشورات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي
ردمك:
ملاحظات:

الاثنا عشرية
في الصلاة اليومية
1

مخطوطات
مكتبة آية الله المرعشي العامة
(29)
الاثنا عشرية
في الصلاة اليومية
تأليف
الشيخ البهائي
محمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي
المتوفى سنة 1030 ق
تحقيق
الشيخ محمد الحسون
إشراف
السيد محمود المرعشي
3

مستل من نشرة
تراثنا
الكتاب: الاثنا عشرية في الصلاة اليومية
المؤلف: الشيخ البهائي، محمد بن الحسين الحارثي الهمداني (1031 ه‍)
تحقيق: الشيخ محمد الحسون
نشر: مكتبة آية الله المرعشي النجفي - قم المشرفة
الطبعة: الأولى - جمادى الآخرة 1409 ه‍. ق.
المطبعة: بهمن - قم.
الكمية: 1000 نسخة.
السعر:
4

الإهداء: إلى بضعة رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى الممتحنة الشهيدة المظلومة
إلى الحورية الإنسية
إلى سيدة نساء العالمين
أهدي هذا الجهد المتواضع
راجيا القبول
محمد الحسون
5

بسم الله الرحمن الرحيم
6

بسم الله الرحمن الرحيم
تقديم:
الحمد لله الذي أوضح وجوه الشك بكشف النقاب عن وجه اليقين، وشيد
أعلام الدين بكتابه المبين، وبين أصوله ومنهج شريعته بمحكم التبيين.
والصلاة والسلام على خير خلقه وأشرف بريته، الذي لا ينطق عن الهوى إن
هو إلا وحي يوحى، وعلى آله الأطهار الأئمة المنتجبين واللعنة الدائمة على أعدائهم
أعداء الله إلى قيام يوم الدين.
التراث: هو المرآة التي ترى الأمة من خلالها ذاتها وحضارتها، وتطلع على
تأريخها، وبه تتعرف على تجاربها عبر القرون الماضية، لكني تستفيد منها في أيامها
الحاضرة.
وهو العدسة التي ينظر العالم من خلالها إلى أي أمة، فيقيم حضارتها جذورا
وأصولا وأسسا.
ومما لا يشك فيه أحد أن تراثنا الإسلامي مخزون هائل، مودع بين طيات المخطوطات والوثائق، وفي زوايا وأطراف بقاع العالم. فلا تكاد تخلو من تراثنا قارة
من القارات، ولا مكتبة من مكتبات العالم. هذا التراث المقدس الذي يضم عددا
كبيرا من المصاحف المخطوطة، وكتب السنة الشريفة، ومؤلفات سلفنا الصالح
التي أورثونا إياها بسخاء منقطع النظير.
7

لكن، ومن المؤسف جدا أن نجد إهمالا كبيرا لهذا التراث القيم، هذا
الإهمال الذي أدى إلى اخراج الآلاف من النسخ الخطية إلى بلاد الغرب، ففي
الفاتيكان - مثلا - توجد 75 مكتبة تحتوي على الكثير من مخطوطاتنا الإسلامية،
أما بريطانيا - التي استعمرت البلدان الإسلامية ردحا من الزمن - ففيها من
المخطوطات النفيسة ما يدهش العقل.
هذا الإهمال هو الذي أدى إلى ابتعاد الجيل الناشئ عن مطالعة الكتب
الإسلامية، لرداءة خطها وطبعها، وتوجه - هذا الجيل - إلى الكتب الإلحادية التي
تتصف بجودة الطبع وجمال الإخراج.
والذي يبعث في القلب الأمل هو اهتمام جمع من الفضلاء والأساتذة في
الوقت الحاضر بتحقيق هذا التراث، ومن ثم طبعه ونشره بالشكل اللائق به، فنشأت
عدة مؤسسات ومراكز تحقيقية لأجل ذلك.
وإيمانا منا بأن العمل لإحياء التراث الضخم المجهول سيكون بعين الله التي
لا تنام، ورضاه، ومن الدوافع الأساسية لبعث روح العزة والسمو في جسد الأمة
الإسلامية التي انقضى على سباتها أمد طويل، وآن لها أن تفيق لتبني نهضتها
المرتقبة على أسس حضارية علمية رصينة.
ومساهمة مع الآخرين الذين سبقونا في هذا الطريق النبيل، الذي ينم عن
وعي المسؤولية الشرعية، والدور الحضاري المطلوب، قمنا بتحقيق هذه الرسالة
الصغيرة، التي ألفها الشيخ البهائي رحمه الله، حيث جمع بين سهولة العبارة
ومتانتها، وضم بين دفتيها أبحاثا لا يستغنى عنها.
وقد قامت مؤسسة آل البيت - عليهم السلام - لإحياء التراث بنشر هذه
الرسالة سابقا في العدد الثاني عشر من نشرتها الفصلية " تراثنا " وتعميما للفائدة
ارتأينا نشرها مستقلة.
وفي الختام أقدم جزيل شكري وتقديري لإدارة مؤسسة آل البيت
- عليهم السلام - لإحياء التراث، كما وأشكر إدارة مكتبة آية الله العظمى السيد
المرعشي النجفي على طبعهم لهذه الرسالة مستقلة، وبهذه الحلة القشيبة، سائلا
8

المولى الكريم أن يوفقنا وإياهم لإحياء تراث أهل البيت عليهم السلام، وآخر دعوانا
أن الحمد لله رب العالمين.
محمد الحسون
13 جمادى الأولى 1409 ه‍
عش آل محمد (صلى الله عليه وآله) بلدة قم
9

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين،
محمد المصطفى وعلى عترته الميامين، واللعن الدائم المؤبد على أعدائهم أجمعين، من
الآن إلى قيام يوم الدين.
وبعد،
بين يديك عزيزي القارئ رسالة وجيزة، صغيرة في حجمها، كبيرة في
محتواها، خطها يراع أحد علمائنا البارزين، وهي الرسالة الثانية من الاثني
عشريات الخمس للشيخ البهائي.
قسم المصنف فيها ما يتعلق بالصلاة إلى: أفعال وتروك، وكل منهما إلى:
واجبة ومستحبة، وكل منهما إلى: لسانية أو جنانية أو أركانية، فتكون اثني عشر
نوعا، ثم حصر كل نوع باثني عشر مصداقا فيكون لدينا 144 مصداقا، وبهذا يكون
المؤلف قد جمع كل ما يتعلق بالصلاة بمقالة ظريفة يسهل حفظها، مجتنبا الإطالة
والإيجاز.
وقد انتهى من تأليفها في 17 ربيع الأول سنة 1012 ه‍.
10

المصنف:
لست بصدد ترجمة حياة مؤلف هذه الرسالة الشيخ البهائي، بل إن ذلك
منوط بكبار العلماء والمطلعين في هذا المجال، ولا يمكن لهذه الأسطر أن تستوعب
مثل هذه الشخصية الفذة ذاع صيتها في الآفاق، وأشرق نورها في الأماكن
والبقاع.
وما هي إلا لمحة عن حياته المباركة، بل كلمة تعريف جرت العادة
كتابتها في مقدمة كل رسالة أو كتاب محقق.
فهو الشيخ الجليل بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد الحارثي
الهمداني الجبعي، ينسب إلى الحارث الهمداني، ولد في بعلبك - وقال أبو المعالي
الطالوي: إنه ولد بقزوين، وقيل غير ذلك - سنة ثلاث وخمسين وتسعمائة،
وانتقل به والده وهو صغير إلى الديار الإيرانية فنشأ فيها وتتلمذ على يد والده
وغيره في الفقه والأصول والعقائد والتفسير والنحو وغير ذلك من العلوم، حيث
لم يدع علما إلا وطرق بابه وارتشف من منهله العذب، حتى ذاع صيته وعلا،
وعرف بالفضل والكمال، وأصبحت كلمته مسموعة.
فعند ذلك رغب في الفقر والسياحة، واستهب من مهاب التوفيق
رياحه، فترك تلك المناصب، ومال لما هو بحاله مناسب، فساح في البلدان ثلاثين
عاما من أصفهان إلى الحجاز، ثم مصر والقدس وحلب، ثم رجع إلى أصفهان
- مركز تحصيله وتعلمه -، وهناك هما غيث فضله وانسجم، وألف وكتب، فانتهت
إليه رئاسة المذهب، وبه قامت قواطع البراهين والأدلة، جمع فنون العلم، وانعقد
عليه الاجماع، وتفرد بصنوف الفضل، فبهر النواظر والأسماع، فما من فن إلا وله
القدح المعلى، والمورد العذب المحلى، إن قال لم يدع قولا لقائل، أو طال لم يأت
غيره بطائل.
فحاله في الفقه والعلم، والفضل والتحقيق والتدقيق، وجلالة القدر،
وعظم الشأن، وحسن التصنيف، ورشاقة العبارة، وجمع المحاسن أظهر من أن
11

يذكر، وفضائله أكثر من أن تحصى، كان ماهرا
متبحرا، جامعا، كاملا، شاعرا،
أديبا، فقيها، أصوليا، حسابيا، عديم النظير في زمانه.
فخلال جولاته اجتمع بكثير من أرباب الفضل والكمال، ونال من فيض
حججهم ما تعذر على غيره واستحال.
توفي رضوان الله تعالى عليه في أصفهان في شهر شوال سنة ألف وثلاثين
- وقيل إحدى وثلاثين، وقيل خمس وثلاثين - ونقل إلى مشهد الرضا عليه السلام
ودفن هناك، وقبره الآن مشهور تزوره الخاصة والعامة.
أساتذته وتلاميذه:
تتلمذ البهائي على أساطين العلم وكبار شيوخ عصره، ولا شك أن أباه
كان أول معلم له، وهو الذي دفعه إلى أنداده من علماء إيران ليثقفوا ابنه ويوجهوه
نحو حب العلم. ولم يكتف العاملي بأساتذة إيران حيث أمضى شطرا من حياته
فيها قبل رحيله، بل إن أساتذته الآخرين تعددت مشاربهم بتعدد بلادهم
وعلومهم. فرحلاته التي دامت ثلاثين سنة، والتي كان نهل العلوم سبيلها الأول جعلته
يجتمع في هذه الحواضر الإسلامية بأساطين الدين وعباقرة المذاهب.
فالذي عثرت عليه أثناء مطالعتي القاصرة أن أساتذته وشيوخه الذين قرأ
عليهم هم:
1 - والده الشيخ حسين بن عبد الصمد.
2 - الشيخ عبد العالي الكركي، المتوفى سنة 993 ه‍، وهو ابن المحقق
الكركي المتوفى سنة 940 ه‍.
3 - الشيخ محمد بن محمد بن أبي اللطيف المقدسي الشافعي، فقد روى
عنه ونال منه إجازة مؤرخة سنة 993 ه‍، وهو مذكور في رحلاته.
4 - الشيخ عبد الله اليزدي.
5 - علي المذهب المدرس، أستاذه في العلوم العقلية والرياضية.
6 - الشيخ أحمد الكجائي المعروف ببير أحمد، قرأ عليه في قزوين.
12

7 - عماد الدين محمود النطاسي، قرأ عليه في الطب.
8 - الشيخ عمر العرضي، والد المؤلف أبي الوفاء، أفاد منه في حلب.
9 - الأستاذ محمد بن أبي الحسن البكري، اجتمع به في مصر وحضر
دروسه في الأزهر. وقد تتلمذ على يده الكثير من الفضلاء، وتخرج من مدرسته المباركة
فطاحل العلماء، نذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: الفاضل الجواد البغدادي،
والسيد الماجد البحراني، والمولى محمد حسن - المشتهر بالفيض الكاشاني -، والسيد
الميرزا رفيع الدين النائيني، والمولى شريف الدين محمد الروي دشتي، والمولى خليل
ابن الغازي القزويني، والمولى محمد صالح بن أحمد المازندراني، والمولى مظفر الدين
علي، والشيخ محمود بن حسام الدين الجزائري، وغيرهم.
مصنفاته:
لم يدع الشيخ البهائي - رضوان الله تعالى عليه - علما إلا وكتب فيه مفصلا
أو مجملا، حتى بلغت مؤلفاته ثمانية وثمانين، نذكر بعضها:
ففي مجال الفقه له: الحبل المتين، الاثنا عشريات الخمس: الطهارة،
والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج. والجامع العباسي، ورسالة في قصر الصلاة في الأماكن الأربعة، شرح على اثني عشرية الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني،
حواشي على كتاب " مختلف الشيعة "، وأخرى على القواعد الشهيدية، رسالة في
مباحث الكر، وأخرى في المواريث، وأخرى في ذبائح أهل الكتاب.
وفي الأصول له: الزبدة، لغز الزبدة، حواشي الزبدة.
وفي الحديث له: شرح الأربعين حديثا، حاشية الفقيه، مشرق الشمسين.
وفي الرجال له: حاشية على خلاصة العلامة، فوائد في الرجال.
وفي التفسير له: العروة الوثقى، الصراط المستقيم، عين الحياة، الحبل
المتين في مزايا القرآن المبين، تفسير وجيز، حاشية على تفسير القاضي البيضاوي.
وفي اللغة له: الفوائد الصمدية في علم العربية، أسرار البلاغة، تهذيب
13

النحو، المخلاة. وفي الرياضيات له: خلاصة الحساب، بحر الحساب، رسالة وجيزة في
الجبر والمقابلة، تشريح الأفلاك، الرسالة الحاتمية في الأسطرلاب، رسالة الصفيحة (أو الصفحة)، رسالة (جهان نما)، رسالة في تحقيق جهة القبلة، الملخص في الهيئة،
رسالة كرية.
وفي مجال الدعاء له: شرح دعاء الصباح، شرح دعاء رؤية الهلال،
مفتاح الفلاح.
إضافة إلى مؤلفات أخرى كالكشكول، وكتاب في سوانح سفر الحجاز.
النسخ الخطية المعتبرة
اعتمدت في تحقيق هذه الرسالة على نسختين معتبرتين
: الأولى: نسخة المكتبة الرضوية، في مشهد المقدسة، تحت رقم 2683،
كاتبها الشيخ زين الدين علي النباطي، وهي مقروءة على المؤلف، وعليها إجازة
المصنف للكاتب في شهر جمادى الأولى سنة 1012 ه‍، أي بعد شهرين تقريبا من
انتهاء المصنف من تأليف هذه الرسالة. تقع هذه النسخة في 23 ورقة، كل ورقة
تحتوي على 16 سطرا، وقد جعلنا الحرف (ض) رمزا لها.
الثانية: نسخة مكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي - دام ظله -،
في قم، تحت رقم 75، مذكورة في فهرسها 1: 87، كتبها السيد سليمان بن السيد
شمس الدين محمد بن شدقم الحسيني المدني سنة 1013 ه‍، وعليها إجازة الشيخ
البهائي للكاتب بتاريخ 1016 ه‍. تقع هذه النسخة في 53 ورقة، كل ورقة تحتوي
على 19 سطرا، وقد جعلنا الحرف (ش) رمزا لها.
وفي حواشي النسختين عبارات توضيحية من المصنف ختمت ب‍ " منه مد
ظله " أو " منه مد ظله العالي ".
14

منهجية التحقيق
- بما أن النسختين الخطيتين اللتين مر وصفهما معتبرتان ولا تفضيل
لإحداهما على الأخرى فقد اعتمدتهما أصلا، حيث لم أجد عند المقابلة اختلافا بينهما
سوى سبعة مواضع لا تخل بالمعنى، فثبت الأرجح في المتن وأشرت للراجح في
الهامش، فكان عملي في الرسالة كما يلي:
1 - تقطيع النص إلى عدة مقاطع، وكل مقطع إلى عدة فقرات حسبما
تقتضيه الجنبة الفنية.
2 - مقابلة النسختين الخطيتين إحداهما على الأخرى، والإشارة إلى
الاختلافات - وإن كانت قليلة - في الهامش.
3 - استخراج الآيات الكريمة وضبطها.
4 - استخراج الأقوال الفقهية التي ذكرها المصنف، والروايات التي
استدل بها من المصادر الرئيسية، سواء الواردة في المتن أو الهامش.
5 - لأهمية الحواشي التوضيحية الواردة في النسختين، والتي معظمها من
المصنف - رحمه الله - فقد أثبتناها في هامش الرسالة معطيا كل منها رقما مستقلا.
6 - لوجود نقيصة في بعض الروايات الواردة في الرسالة عما في المصدر
المخرج فقد وضعنا النقيصة بين معقوفتين [] تمييزا لها.
هذا، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقنا لما فيه خير الدنيا والآخرة،
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
محمد الحسون
1 ذو القعدة 1407 ه‍
بلدة قم الطيبة
15

صورة الورقة الأولى من مخطوطة مكتبة الإمام الرضا - عليه السلام - في مشهد.
16

صورة الورقة الأخيرة من مخطوطة مكتبة الإمام الرضا - عليه السلام - في مشهد.
17

صورة إجازة الشيخ البهائي بخطه
لكاتب النسخة المحفوظة في مكتبة الإمام الرضا - عليه السلام - في مشهد.
18

صورة الورقة الأولى من مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي - قم.
19

صورة الورقة الأخيرة من مخطوطة مكتبة آية الله المرعشي - قم.
20

صورة الورقة الأولى من إجازة الشيخ البهائي بخطه
لكاتب النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله المرعشي - قم.
21

صورة الورقة الثانية من إجازة الشيخ البهائي بخطه
لكاتب النسخة المحفوظة في مكتبة آية الله المرعشي - قم.
22

[الاثنا عشرية في الصلاة اليومية]
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
الحمد لله الذي وفقنا للاهتداء بشريعة أشرف المرسلين، وسيد الأولين
والآخرين، وهدانا لاقتفاء آثار أهل بيته الأئمة الطاهرين صلوات الله وسلامه
عليه وعليهم أجمعين.
وبعد: فيقول أقل العباد محمد، المشتهر ببهاء الدين العاملي عفى الله عنه: هذه
مقالة لطيفة في واجبات الصلاة اليومية ومستحباتها، مرتبة الفصول (1) على نهج
قريب يسهل تناوله على الطلاب، وأسلوب غريب يهش إليه أولوا الألباب، وضعتها
راجيا عظيم الثواب، وجزيل الأجر يوم يقوم الحساب.
فأقول: إن الأمور (2) المعتبرة في الصلوات الخمس اثنا عشر نوعا، لأنها:
إما أفعال، أو تروك.
وكل منها: إما واجبة، أو مستحبة.
وكل منها: إما لسانية، أو جنانية، أو أركانية. فصارت مسائل هذه المقالة
الاثني عشرية منحصرة في اثني عشر فصلا، وهذا تفصيلها:
الأول: الأفعال الواجبة اللسانية.
الثاني: الأفعال الواجبة الجنانية.
الثالث: الأفعال الواجبة الأركانية.
الرابع: الأفعال المستحبة اللسانية.

(1) في " ش ": الفصول والأبواب.
(2) في هامش " ش ": سواء كانت مقدمة عليها كالآذان والإقامة، أو أجزاء منها كالقراءة والركوع، أو
أمورا مقارنة لها وجودية كالخشوع والإقبال بالقلب، أو عدمية كترك القهقهة والتأمين، أو متأخرة عنها
كالتعقيب " منه دام ظله العالي ".
23

الخامس: الأفعال المستحبة الجنانية.
السادس: الأفعال المستحبة الأركانية.
السابع: التروك الواجبة اللسانية.
الثامن: التروك الواجبة الجنانية.
التاسع: التروك الواجبة الأركانية.
العاشر: التروك المستحبة اللسانية.
الحادي عشر: التروك المستحبة الجنانية.
الثاني عشر: التروك المستحبة الأركانية.
24

الفصل الأول
في الأفعال الواجبة اللسانية
وهي اثنا عشر:
الأول: تكبيرة الإحرام، وهي ركن (3) بالنص والإجماع، وصحيحة
الحلبي (4) بمضي ناسيها في صلاته متأولة، وصحيحة البزنطي (5): بإجزاء تكبيرة
الركوع عنها محمولة على من أدرك الإمام راكعا فكبر للافتتاح والركوع معا (6).

(3) في هامش " ش ": قد يعرف الركن بما تبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا، واعترض عليه بدخول
الطهارة، فزيد عليه: جزء تبطل الصلاة بتركه.... إلى آخره، فاعترض عليه بخروج النية عند جماعة
كالعلامة في المنتهى، فغير إلى قولنا: جزء أو كالجزء تبطل الصلاة بتركه عمدا وسهوا فاستقام، والمراد
بكونه كالجزء: اشتراطه بما يشترط في الصلاة من الطهارة، والستر، والاستقبال، ونحوها " منه دام
ظله ".
أنظر المنتهى 1: 266.
(4) في هامش " ض " و " ش ": وهي ما رواه عبد الله بن علي الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
سألته عن رجل نسي أن يكبر حتى دخل في الصلاة، فقال: " أليس كان من نيته أن يكبر؟ " قلت:
نعم، قال: " فلميض في صلاته ". وتأويلها: إن قوله عليه السلام: " أليس كان من نيته أن يكبر؟ "
كناية عن أنه إذا كان وقت النية قاصدا إيلائها التكبير فالظاهر وقوعه بعدها، وأنه لم يدخل في
الصلاة بدونها، فهي من المواضع التي يرجح فيها الظاهر على الأصل " منه دام ظله ".
أنظر: الفقيه 1: 226 حديث 999، التهذيب 2: 144 حديث 565، الاستبصار 1: 352 حديث
1330.
(5) في هامش " ض " و " ش ": وهي ما رواه أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبي الحسن الرضا
عليه السلام، قال: قلت له: رجل نسي أن يكبر تكبيرة الافتتاح حتى كبر للركوع، فقال: " أجزأه ".
فهي محمولة على من دخل والإمام يصلي، فنسي أن يكبر حتى ركع الإمام، ولا استبعاد في نية
الوجوب والندب في الفعل الواحد من حيثيتين، كما ذكروه في الصلاة على من فوق الست ودونها.
والشيخ حمل هذه الرواية على أن المراد بالنسيان فيها: الشك، وقول الراوي حتى كبر للركوع
لا يساعده، وكذا قول الإمام عليه السلام " أجزأه ". " منه مد ظله ".
رواها الصدوق في الفقيه 1: 226 حديث 1000، والشيخ في التهذيب 2: 144 حديث 566،
والاستبصار 1: 353 حديث 1334.
(6) في هامش " ش ": الشيخ رحمه الله نقل في الخلاف الاجماع على إجزاء التكبيرة الواحدة بقصد
الافتتاح وتكبير الركوع معا للمأموم المسبوق، ورواية معاوية بن شريح ناطقة به " منه مد ظله ".
أنظر: الخلاف 1: 314 مسألة 63 كتاب الصلاة، الفقيه 1: 265 حديث 124، التهذيب
3: 45 حديث 157.
25

وهي جزء من الصلاة وفاقا لشيخنا في البيان (7)، وسائر المتأخرين.
وقال المرتضى رضي الله عنه: إنه لم يجد لأصحابنا نصا على جزئيتها (8)،
والإجماع على الركنية لا يستلزم الجزئية كالنية، والاستدلال (9) على خروجها عنها
بعدم الدخول فيها (10) قبل الفراغ منها محل كلام، لجواز كون آخرها كاشفا عن
الدخول بأولها.
ويجب النطق بها على الوجه المنقول، قاطعا همزتي الجلالة وأكبر، مقارنا
بها للنية القلبية، أما اللفظية فيشكل مقارنتها لها، لفوت قطع همزة الجلالة إن
قارنت، وفوت المقارنة إن قطعت (11).
الثاني: قراءة الحمد في الثنائية وأوليي غيرها، ويتخير في الثالثة والرابعة
بين الحمد والتسبيحات الأربع، ويضم إليها الاستغفار (12) كما في صحيحة عبيد

(7) في هامش " ش ": التخصيص بالبيان لنكتة، وهي: أن فيه إيماء إلى وقوع التردد في جزئيتها " منه
مد ظله ".
أنظر: البيان: 81.
(8) في هامش " ش ": لكنه رضي الله عنه قائل بالجزئية " منه مد ظله ".
أنظر: الناصريات (الجوامع الفقهية): 231.
(9) في هامش " ش ": ذكر هذا الاستدلال المرتضى رضي الله عنه، وأجاب عنه بما ذكرناه " منه
مد ظله ".
أنظر: الناصريات (الجوامع الفقهية): 231.
(10) في هامش " ش ": ولذا حكموا بأن المتيمم إذا وجد الماء في أثناء تكبيرة الافتتاح انتقض تيممه،
لعدم دخوله في الصلاة قبل إكمالها " منه دام ظله ".
(11) في هامش نسخة " ش ": لأن القطع لا يكون إلا بعد الوقوف على ما قبل الهمزة المقطوعة، ومع
المقارنة لا وقف على ما قبل همزة الجلالة " منه دام ظله ".
(12) في هامش " ش " و " ض ": قال العلامة في المنتهى - بعد نقل صحيحة عبيد بن زرارة -: إن ما
تضمنته هذه الرواية من الاستغفار الأقرب أنه غير واجب، ولا يخفى أن كلامه هذا يعطي عدم انعقاد
الاجماع على عدم وجوبه، فالقائل بذلك غير متفرد به " منه مد ظله ".
أنظر المنتهى 1: 275.
26

ابن زرارة (13)، ولا تتعين الحمد فيهما لناسيها في الأوليين، خلافا للخلاف (14)،
وقوله عليه السلام: " لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " (15) محمول على غير الناسي،
جمعا بينه وبين صحيحة معاوية بن عمار (16).
الثالث: قراءة سورة كاملة بعد الحمد، ومقدمها ساهيا يكتفي بإعادتها،
وعامدا (17) مبطل مع احتمال مساواته للساهي.
الرابع: مطابقة القراءة لإحدى القراءات السبع وإن تخالفت في اسقاط
بعض الكلمات، كلفظة (من) في قوله تعالى: (تجري من تحتها الأنهار) (18).
ويجب أن يستثنى من ذلك ترك البسملة في قراءة نصف السبعة (19)،
فإنه غير مجوز بإجماعنا، فقول علمائنا رحمهم الله: تجوز القراءة بكل ما وافق إحدى
السبع ليس على عمومه.

(13) في هامش " ض " و " ش ": قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الركعتين الأخيرتين من
الظهر، قال: " تسبيح وتحميد وتستغفر لذنبك، وإن شئت فاتحه الكتاب فإنها تحميد ودعاء ". ولا
يخفى أن التسبيح يطلق على ما يشمل التكبير، والتهليل، فليس في الرواية إخلال بهما، ويؤيد هذه
الرواية ما في صحيحة زرارة من قول الباقر عليه السلام: " وفي الأخيرتين لا تقرأ فيهما، إنما هو تسبيح
وتكبير وتهليل ودعاء ". فقوله عليه السلام: " ودعاء " يراد به ما سوى التحميد فإنه لا يسمى دعاء،
فالظاهر أن المراد به الاستغفار كما في صحيحة عبيد " منه مد ظله ".
رواية عبيد رواها الشيخ في التهذيب 2: 98 حديث 368، والاستبصار 1: 321 حديث 1199
وصحيحة زرارة رواها الكليني في الكافي 3: 273 حديث 7 باب فرض الصلاة.
(14) الخلاف 1: 341 مسألة 93 من الصلاة.
(15) رواه أبو الفتوح الرازي في تفسيره 1: 23.
(16) في هامش " ض " و " ش ": عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: رجل يسهو عن القراءة في
الركعتين الأوليين فيذكر في الركعتين الأخريين أنه لم يقرأ قال: " أتم الركوع والسجود؟ " قلت: نعم،
قال: " إني أكره أن أجعل آخر صلاتي أولها " " منه مد ظله ".
رواها الشيخ في التهذيب 2: 146 حديث 571.
(17) في هامش " ش ": الأقرب أن يقال: إن متعمد التقديم إن كان في عزمه إعادتها بعد الفاتحة لم
تبطل صلاته بمجرد التقديم، وإن لم يكن في عزمه إعادتها بعدها بطلت، لأنه قصد المنافي " منه
مد ظله ".
(18) المائدة: 119.
(19) في هامش " ض " و " ش ": وهم: حمزة، وأبو عمرو، وابن عامر، وورش عن نافع، وأما الذين
لم يتركوها فهم: ابن كثير، وعاصم، والكسائي، وقالون عن نافع، والكلام إنما هو في بسملة السورة
بعد الفاتحة، وأما في الفاتحة فلا " منه مد ظله ".
27

الخامس: الجهر للرجل، والخنثى مع عدم سماع الأجنبي، في الصبح
وأوليي العشاءين، والإخفات في البواقي. وجاهل الحكم (20) معذور. والمرتضى
رضي الله عنه على عدم وجوبه (21)، وصحيحة علي بن جعفر (22) شاهدة له.
وتتخير المرأة مع عدم سماع الأجنبي، فلو أسمعته عالمة به احتمل بطلان
صلاتها، وبه قطع بعض المتأخرين، وللبحث فيه مجال (23).
ثم تحريم سماعه مشروط بخوف الفتنة لا مطلقا وفاقا للتذكرة (24)، فلا
يبعد اشتراط تحريم إسماعه بذلك منها أو منه، وكلام القوم خال عنه.
السادس: ذكر الركوع والسجود، والأصح عدم تعين (25) لفظ فيهما،
وقد دلت على ذلك صحيحتا الهشامين، مع حسنة مسمع (26)، ولا معارض لها
عند التحقيق.
السابع: التشهد في الثنائية مرة، وفي الثلاثية والرباعية مرتين، آتيا

(20) في " ض ": كالأصل معذور.
(21) قاله في المصباح كما نقله عنه العلامة في المختلف: 93، وفي نسخة " ض ": الوجوب.
(22) في هامش " ض " و " ش ": عن أخيه موسى عليه السلام قال: سألته عن الرجل يصلي الفريضة ما
يجهر فيه بالقراءة هل له أن لا يجهر؟ قال: " إن شاء جهر وإن شاء لم يفعل "، والشيخ رحمه الله حمل
هذه الرواية على التقية لموافقة مذهب العامة، ومعارضة باقي الروايات " منه مد ظله ".
أنظر: التهذيب 2: 162 حديث 636، الاستبصار 1: 313 حديث 160.
(23) في هامش " ض " و " ش ": لأن النهي إنما هو للإسماع، فالمنهي عنه ليس جزءا ولا شرطا فتأمل
" منه مد ظله ".
(24) التذكرة 1: 117.
(25) في " ض ": تعيين.
(26) في هامش " ض " و " ش ": المراد بهما: هشام بن الحكم، وهشام بن سالم، فقد روى كل منهما
عن الصادق عليه السلام قال: قلت له: يجزئ أن أقول مكان التسبيح في الركوع والسجود: لا إله إلا
الله والحمد لله والله أكبر، فقال: " نعم، كل هذا ذكر الله ". وأما مسمع فقد روى عنه عليه السلام
أنه قال: " لا يجزئ الرجل في صلاته أقل من ثلاث تسبيحات أو قدرهن ". ولا يخفى أن قوله
عليه السلام: " أو قدرهن " صريح في أن الذكر المجزئ لا بد أن يكون بقدر التسبيحات الثلاث لا
أقل، فينبغي عدم إغفال ذلك " منه مد ظله ".
صحيحتا الهشامين رواهما الكليني في الكافي 3: 321 حديث 8 باب الركوع وما يقال فيه،
و 329 حديث 5 باب أدنى ما يجزئ من التسبيح، والشيخ في التهذيب 2: 302 حديث 1217 و 1218.
أما رواية مسمع فقد رواها الشيخ في التهذيب 2: 77 حديث 286.
28

بالشهادتين على الوجه المنقول.
الثامن: الصلاة على النبي وآله صلوات الله عليه وعليهم بعد الشهادتين،
ووجوبها إجماعي، وصحيحتا زرارة ومحمد بن مسلم (27) المشعرتان بخلافه
متأولتان (28). وليست ركنا خلافا للخلاف (29)، وتجب في كلا الشهادتين،
وقول ابن الجنيد بوجوبها في أحدهما فقط (30)، والصدوق بعدم وجوبها في
الأول (31) شاذان.
التاسع: التسليم، وصيغته: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والأصح
وجوبه (32) كما نطقت به الروايات المعتبرة المتكثرة.

(27) في هامش " ض " و " ش ": قال: قلت لأبي جعفر عليه السلام: ما يجزئ من القول في التشهد في
الركعتين الأوليين؟ فقال: " أن تقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له " قلت: فما يجزئ
من تشهد الركعتين الأخيرتين؟ قال: " الشهادتان ". وأما رواية محمد بن مسلم فهي ما رواه عن
الصادق عليه السلام قال: قلت له: التشهد في الصلاة؟ قال: " مرتين " قلت: كيف مرتين؟ قال: "
إذا استويت جالسا فقل: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده
ورسوله، ثم تنصرف " " منه مد ظله ".
رواهما الشيخ في التهذيب 2: 100 - 101 حديث 374 - 379، والاستبصار 1: 341 - 342 حديث
1284 - 1289.
(28) في هامش " ض " و " ش ": وجه التأول: أن زرارة وابن مسلم إنما سألا عن نفس التشهد، وهو
تفعل من الشهادة، وهي الخبر القاطع، وهي هنا التلفظ بالشهادتين، فأجابهما الإمامان عليهما السلام
عما سألا عنه. وإطلاق التشهد على المجموع المشتمل على الصلاة عرف جديد، فليس في الروايتين ما
يدل على عدم وجوبها، وسكوته عليه السلام عن الشهادة بالرسالة في التشهد الأول في رواية زرارة لعله
لظهور الحال من التلازم العادي بين الشهادتين، فاستغنى بذكرهما عن الآخر، وذكره لهما في التشهد
الثاني لا ينافي ذلك إن لم يؤيده " منه مد ظله ".
(29) الخلاف 1: 369 مسألة 128 كتاب الصلاة.
(30) نقله عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 461.
(31) كذلك نقله عنه السيد العاملي في مفتاح الكرامة 2: 461.
(32) في هامش نسخه " ش ": القائلون بوجوب التسليم من علمائنا المشهورين هم: السيد المرتضى،
والشيخ في المبسوط، وابن أبي عقيل، والقطب الراوندي، والسيد جمال الدين بن طاووس، وسلار،
وأبو الصلاح، وابن زهرة، والمحقق في كتبه الثلاثة، ويحيى بن سعيد صاحب الجامع، والعلامة في
المنتهى، وولده فخر المحققين، وشيخنا الشهيد. والقائلون باستحبابه: المقيد، والشيخ فيما عدا المبسوط،
وابن البراج، وابن إدريس، والعلامة فيما عدا المنتهى، وبعض المتأخرين عن عصر شيخنا الشهيد
" منه مد ظله ".
أنظر: الناصريات (الجوامع الفقهية): 234، المبسوط 1: 115، المختلف: 97، المراسم: 72،
الكافي في الفقه: 119، الغنية (الجوامع الفقهية): 496، المعتبر 2: 233، الشرائع 1: 89، الجامع
للشرائع: 84، المنتهى: 295، إيضاح الفوائد 1: 115، البيان: 92، المقنعة: 17، النهاية: 72، المهذب
1: 98، السرائر: 48، قواعد الأحكام: 35.
أما الروايات المعتبرة المتكثرة فمنها ما رواه الكليني في الكافي 3: 69 حديث 2 باب النوادر والشيخ في
التهذيب 2: 93 حديث 349 والاستبصار 1: 347 حديث 1307، ولمزيد الاطلاع راجع الوسائل
4: 1003 باب وجوب التسليم في آخر الصلاة.
29

وشيخنا الشهيد في قواعده على وجوبه، وخروجه عن الصلاة كالنية،
وقال رحمه الله: إن صحيحة زرارة في أن المحدث قبل التسليم " قد تمت
صلاته " (33)، وصحيحته الأخرى فيمن صلى خمسا " إن كان جلس في الرابعة
بقدر التشهد فقد تمت صلاته " (34) لا يدل شئ منهما على عدم وجوبه، فبقيت
أدلة الوجوب خالية عن المعارض (35)، وأنا بسطت الكلام في هذا المقام في الحبل
المتين (36).
العاشر: اخراج حروف جميع ما يجب التلفظ به من الأذكار، وغيرها من
المخارج المقررة، وفيما يستحب احتمال قوي
الحادي عشر: عربية جميع ما يتلفظ به واجبا أو مستحبا حتى القنوت
وفاقا لبعض قدمائنا، إذ هو المعهود من الشارع، وظاهر التعميم في صحيحة علي بن
مهزيار (37) شمول المطالب الدينية والدنيوية، لا الاختلافات اللغوية.
الثاني عشر: التلفظ بما يجب التلفظ به عن ظهر القلب مع القدرة على
الأقرب، إذ هو المعهود، قراءة كان أو ذكرا، وفي المستحب احتمال، ورواية

(33) التهذيب 2: 320 حديث 1306، الاستبصار 1: 345 حديث 1301.
(34) التهذيب 2: 194 حديث 766، الاستبصار 1: 377 حديث 1431.
(35) القواعد والفوائد 2: 306 - 307 قاعدة رقم 290.
(36) الحبل المتين: 251.
(37) في هامش " ض " و " ش ": وهي ما رواه الشيخ في التهذيب قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن
الرجل يتكلم في الصلاة بكل شئ يناجي ربه، قال: " نعم "، وقد عمل أكثر المتأخرين بهذه الرواية،
وحملوا " كل شئ " على ما يشمل كل لغة " منه دام ظله ".
أنظر: التهذيب 2: 326 حديث 1337.
30

الصيقل (38) ضعيفة ومحمولة على عدم الحفظ.
الفصل الثاني
في الأفعال الواجبة الجنانية
وهي اثنا عشر:
الأول: تحصيل المعارف الخمس التي يتحقق بها الإيمان، على وجه تطمئن
به نفس المكلف، بحيث يخرج عن التقليد المحض. أما معرفة الدلائل على وجه يقدر
به على دفع الشبه فمن الواجبات الكفائية.
الثاني: تحصيل العلم الشرعي بوجوب ما يجب في الصلاة من الأقوال،
والأفعال، والشروط، بالاجتهاد إن كان من أهله، وبتقليد المجتهد الحي العدل ولو
متجزئا إن لم يكن.
الثالث: العلم الشرعي (39) بكونه طاهرا من الحدثين الأكبر والأصغر،
ومن الأخباث العشرة ثوبا وبدنا، سوى ما لا يرقى من الدم ودون الدرهم منه غير
الأربعة، وثوب المربية بالشرطين (40)، وما تعذر تطهيره، وما لا تتم فيه الصلاة
إلا قطنة المستحاضة (41).

(38) في هامش " ض " و " ش ": وهي ما رواه الحسن بن زياد الصيقل عن أبي عبد الله عليه السلام،
قال: قلت له: ما تقول في الرجل يصلي وهو ينظر في المصحف يقرأ فيه يضع السراج قريبا منه، قال:
" لا بأس [بذلك] ". وقد عمل بهذه الرواية جماعة من الأصحاب " منه مد ظله ".
رواها الشيخ في التهذيب 2: 294 حديث 1184.
(39) في هامش " ض " و " ش ": المراد ما يشمل الظن، ليدخل من تيقن الطهارة وشك في الحدث،
ومن شك في وقوع النجاسة في القليل " منه مد ظله ".
(40) في هامش " ش ": المراد بالشرطين: أن لا يكون لها إلا ثوب واحد، وأن تغسله كل يوم مرة، وزاد
جماعة شرطا ثالثا وهو: أن لا تكون نجاسته بغير الصبي، وقد يزاد هنا شرط رابع وهو: أن تكون
نجاسته بما يعتاد منه كبول وغائط لا بما لا يعتاد كدمه، وخامس وهو: عدم تعدد المربية. أما تعدده
مع اتحادها فأولى بالعفو " منه مد ظله ".
(41) في هامش " ش ": استثناء قطنة المستحاضة غير مذكور في كتب فقهائنا قدس الله أرواحهم، إلا
أن حكمهم عليها بوجوب تغيير القطنة يعطي ذلك، وهو إجماعي " منه مد ظله ".
31

الرابع: العلم اليقيني (42) بدخول الوقت للقادر، وهو دخول الفجر
الصادق للصبح.
والزوال للظهر المعلوم بزيادة الظل بعد نقصه، أو حدوثه بعد عدمه، كما
يتفق في الخط الاستواء، وما نقص عرضه عن الميل الكلي أو ساواه (جنوبا وشمالا) (43)
لا في مكة وصنعاء في يوم واحد (44).
والفراغ منها ولو تقديرا للعصر.
وذهاب حمرة المشرق للمغرب، ووقتها الشيخ في المبسوط (45)
والصدوق (46) باستتار القرص، والروايات كالمتعارضة، والجمع بينها بالعمل
بالأول أولى.
والفراغ منها ولو تقديرا للعشاء، ووقتها الشيخان بغيبوبة الشفق
الأحمر (47)، أما الأصفر فلا عبرة به عندنا. ويمتد الصبح إلى طلوعها، والظهران
إلى غروبها، والعشاء أن إلى الانتصاف.
الخامس: العلم بحال الساتر من كونه مباحا لا حريرا ولا ذهبا، رجلا
كان أو خنثى (48)، ولا من غير مأكول إلا ما استثني، ولا تجوز في حرير لا تتم
فيه كالتكة والقلنسوة، لمكاتبة ابن عبد الجبار الصحيحة (49)، ورواية الحلبي (50)

(42) في هامش " ض " و " ش ": فلا يجوز التعويل على الظن إلا إذا عجز عن تحصيل العلم، كما هو
المشهور بين الأصحاب " منه دام ظله ".
(43) لم ترد في " ش ".
(44) في " ش ": واحد كما ظن (خ).
(45) المبسوط 1: 74.
(46) الهداية: 30.
(47) المفيد في المقنعة: 14، والطوسي في النهاية: 59.
(48) في هامش " ض " و " ش: أما جواز صلاة المرأة في الحرير فمحل إشكال، ومنع منه ابن بابويه،
وتوقف فيه العلامة في المنتهى، وقد ذكرت دلائل الجانبين في الحبل المتين " منه دام ظله ".
أنظر: الفقيه 1: 171، المنتهى 1: 228، الحبل المتين: 183.
(49) الكافي 3: 399 حديث 10 باب اللباس الذي تكره الصلاة فيه، التهذيب 2: 207 حديث 812،
الاستبصار 1: 385 حديث 1462.
(50) التهذيب 2: 357 حديث 1478.
32

ضعيفة بأحمد بن هلال وإن رواها عن ابن أبي عمير، إذ الاعتماد على ما يرويه
من كتاب نوادره، وكونها منه غير معلوم.
السادس: العلم بحال المكان من إباحته ولو بشاهد الحال، والمرتضى
رضي الله عنه على استصحابه وإن طرأ غصب (51)، وعدم تعدي نجاسة منه إلى
الثوب أو البدن في الأثناء وإن كانت دون الدرهم من الدم، لنقل فخر المحققين
عن والده الاجماع عليه (52).
وطهارة محل الجبهة وهو إجماعي، وأبو الصلاح يشترط طهارة مساقط
السبعة (53)، وفي صحيحة الحسن بن محبوب في السجود على الجص (54) إشعار ما
بالأول إن حملنا السجود فيها على وضع الجبهة فقط، وبالثاني إن حملناه على وضع
المساجد أجمع.
السابع: الاجتهاد في تحصيل القبلة للقادر عليه، وهي: عين الكعبة
للقريب إجماعا، وجهتها للبعيد كما اشتهر بين المتأخرين، وقد حققنا معنى الجهة في
رسالة مفردة. والشيخان (55) وجمهور القدماء (56) على أن الكعبة قبلة من في
المسجد، وهو قبلة من في الحرم، وهو قبلة من خرج عنه، وقد نقل الشيخ إجماع
الفرقة على ذلك (57)، ودلت عليه بعض الأخبار (58)، والقول به قريب، وما

(51) الناصريات (الجوامع الفقهية): 231.
(52) إيضاح الفوائد 1: 90.
(53) الكافي في الفقه: 141.
(54) في هامش " ض ": أنه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الجص توقد عليه العذرة وعظام الموتى ثم
يجصص به المسجد، أيسجد عليه؟ فكتب بخطه: " إن الماء والنار قد طهراه " وفي هذا الحديث كلام
أوردناه في الحبل المتين " منه دام ظله ".
أنظر: الكافي 3: 330 حديث 3 باب ما يسجد عليه وما يكره، الفقيه 1: 175 حديث 829،
التهذيب 2: 235 حديث 928، الحبل المتين: 167.
(55) المفيد في المقنعة: 14، والطوسي في المبسوط 1: 77.
(56) منهم سلار في المراسم: 60، وابن حمزه في الوسيلة: 82، وأن البراج في المهذب 1: 84، وابن زهرة
في الغنية (الجوامع الفقهية): 494.
(57) الخلاف 1: 295 مسألة 41 كتاب لصلاة.
(58) كروايتي عبد الله بن محمد الحجال، وبشر بن جعفر الجعفي كما في التهذيب 2: 44 حديث 139
و 140.
33

أورده عليه المتأخرون مدفوع (59).
ويجوز التعويل على قواعد الهيئة وفاقا لشيخنا في الذكري، وأكثر
العلامات الدائرة على ألسنة الفقهاء مأخوذة منها، كما قاله رحمه الله، وقد حكم
بأنها تفيد الظن الغالب بالعين (60). وهو منه عجيب في بادئ النظر، لكنه بعد
التأمل حقيق بالقبول، فإن البعيد كلما ازداد بعدا ازداد محاذاة، والحقيقة غير لازمة.
الثامن: العلم بما هو مكلف به من القصر أو الإتمام (61)، وإن لم يجب
التعرض لشئ منهما في النية، أما العلم بالتخيير في مواضعه فلا (62).
التاسع: النية، وهي شرط في الصلاة لا شطر وفاقا للمنتهى (63)، ولا
ينافي ذلك ركنيتها (64)، ويجزئ فيها قصد أداء الصلاة الواجبة أو قضائها امتثالا
لأمر الله تعالى، ونضيف نية الجماعة فيما تجب فيه ولو بنذر وشبهه، وقصد إمام
معين لو تعددوا.
العاشر: الاستدامة الحكمية، وهي البقاء على حكم النية، والعزم على
مقتضاها بمعنى استصحاب ما عقد به قلبه من الإتيان بأفعال الصلاة على ما أمر به
ما دام التلبس بها بباله (65).

(59) أنظر المختلف: 76.
(60) الذكرى: 164.
(61) في " ش ": والتمام، وفي هامش " ض " و " ش ": فلو خرج من بلده إلى قرية وشك في كونها
مسافة، وأمكن تحصيل العلم بالسؤال مثلا وجب على الأقرب، أما لو كان الموضع الذي خرج إليه
أحد مواضع التخيير، وشك في بلوغه المسافة لم يجب تحصيل العلم بالسؤال مثلا بل له أن يصلي تماما
من دون سؤال، لكن ليس له أن يصلي قصرا بدونه " منه مد ظله العالي ".
(62) في هامش " ض " و " ش ": فلو علم المسافر ثبوت التخيير في أربعة مواضع، ولم يعلمها بعينها،
ووصل إلى موضع شك في أنه أحدها لم يجب عليه تحصيل العلم بالسؤال مثلا، بل له أن يصلي قصرا
من دون سؤال لكن ليس له أن يصلي تماما بدونه " منه دام ظله العالي ".
(63) المنتهى 1: 266.
(64) في هامش " ش " و " ض ": إذ الركن في التحقيق جزء، أو شبيه بالجزء في اشتراطه بأغلب ما
يشترط في الصلاة، وتبطل بتركه عمدا وسهوا، وإنما لم نكتف بقولنا: الركن ما تبطل الصلاة بتركه
عمدا وسهوا، لصدق التعريف حينئذ على الطهارة " منه مد ظله ".
(65) في هامش " ش " و " ض ": أما إذا ذهل عن كونه متلبسا بالصلاة فلا يقدح عدم استصحاب النية
في تلك الحال في صحة الصلاة، كما أن الذهول عن العقائد الإيمانية في بعض الأوقات لا يقدح في
الاتصاف في ذلك الوقت بالإيمان " منه مد ظله ".
34

وقد تفسر بأمر عدمي هو: أن لا يأتي بنية تنافي الأولى، وشيخنا الشهيد
بنى التفسير الأول على القول باحتياج الباقي إلى المؤثر، والثاني على استغنائه
عنه (66)، وحكم المتأخرون عنه بأن بناءه هذا غير مستقيم (67)، وظني أنه
مستقيم.
الحادي عشر: إجراء المريض الأفعال على باله شيئا فشيئا، كلا في محله
إذا عجز عن الإتيان بأبدالها، وكذا القول في الأقوال. والبدل كالمبدل في الركنية
وغيرها، وله أن ينوي البدلية عن الأصل والبدل، والأولى التفصيل بالانتقال
الدفعي والتدريجي، ففي الأول لا دخل للثاني قطعا، وفي الثاني لا دخل للأول على
الظاهر، ولو لم ينو البدلية عن شئ جاز.
الثاني عشر: عقد الأخرس قلبه بمعنى التحريمة، والقراءة، والأذكار
الواجبة حال تحريك لسانه عندها، لا بمعنى إحضاره معانيها بالبال كما يظهر من
الذكرى (68)، بل قصده كون هذا التحريك تحريما، وذاك قراءة، وذاك ذكرا،
أو الأقرب عدم وجوب الاقتداء عليه وعلى أخيه.

(66) الذكرى: 178.
(67) في هامش " ض " و " ش ": حتى قال بعضهم: إنه لا مناسبة بين شئ من التفسيرين، وشئ
من ذينك القولين أصلا، ويخطر بالبال في توجيه كلام شيخنا الشهيد قدس الله روحه أن يقال: إذا
نوى المصلي الإتيان بالظهر للقربة مثلا وتلبس بالصلاة، فهل النية باقية غير محتاجة إلى تأثير المصلي في
إبقائها، كما احتاجت إليه في حدوثها، أو أنها كما لم تحدث إلا باحداثه لا تبقى إلا بإبقائه؟ فإن قلنا
بالأول فهو غير مكلف بإبقائها، لأنها باقية فالاستدامة الحكمية التي هو مكلف بها هي عدم إعدام النية
بنية منافية لها، وإن قلنا بالثاني فهو مكلف باستصحابها واستمرارها بالعزم المذكور، فالاستدامة
الحكمية على هذا فعل، وعلى الأول ترك. فمن جعلها فعلا فهو ناظر إلى القول باحتياج الباقي في البقاء
إلى المؤثر، ومن جعلها تركا فهو ناظر إلى القول باستغنائه فيه عنه " منه دام ظله ".
(68) الذكرى: 178.
35

الفصل الثالث
في الأفعال الواجبة الأركانية
وهي اثنا عشر:
الأول: الطهارة بالوضوء لذي الحدث الأصغر، وبالغسل للجنب، وبهما
للحائض، والنفساء، والمستحاضة الغير القليلة، وماس الميت نجسا، وبالتيمم
لذي العذر بضربتين مطلقا على الأحوط، وإخلال الثانية بالموالاة توهم.
الثاني: القيام ناويا، ومكبرا، وقارئا. والركن منه ما يركع عنه، فلو ركع
عن قيام القنوت انسلخ آخره عن الاستحباب وتمحض في الوجوب، واعتبار
الحيثيتين كالتكبير للإحرام والركوع، والصلاة على من فوق الست ودونها ممكن.
الثالث: الاستقلال في القيام والقعود وغيرهما، بمعنى إلقاء الثقل على
الأرض من غير تشريك بينها وبين غيرها من عصا أو حائط ونحوه، بحيث لو زال
لسقط، وجوز أبو الصلاح الاعتماد على المجاور من الأبنية (69)، وصحيحة علي
ابن جعفر (70)، وموثقة ابن بكير (71) تشهدان له، وحملتا على استناد واتكاء لا
اعتماد معه.
الرابع: الهوي للركوع غير قاصد به غيره، كتناول شئ فيرجع إلى
الانتصاب ويركع، إلا إذا بلغ حد الراكع فيحتمل حينئذ: الرجوع، والبطلان،
وجعله ركوعا، وقطع في الذكرى بالأول (72).
الخامس: الركوع، وهو ركن في كل ركعة، وحده في مستوي الخلقة محاذاة
كفيه ركبتيه منحنيا غير منخنس (73)، وغيره يحال عليه. وتجب فيه الطمأنينة

(69) الكافي في الفقه: 125.
(70) رواها الصدوق في الفقيه 1: 237 حديث 1045، والشيخ في التهذيب 2: 326 حديث 1339.
(71) رواها الشيخ في التهذيب 2: 327 حديث 1341.
(72) الذكرى: 197.
(73) خنس: تأخر، الصحاح 3: 925 " خنس "، القاموس المحيط 2: 212 " خنس "، والمراد به هنا:
تقويس الركبتين والتراجع إلى الوراء.
36

بقدر واجب الذكر
، فلو هوى قبلها سهوا ولما يسجد احتمل الاستمرار، لاستلزام
تداركها زيادة الركن، والعود لعدم وقوع الركن على وجهه.
السادس: رفع الرأس منه مطمئنا بعده بما يزيد على السكون الضروري
بين المختلفتين ولو يسيرا، وليست ركنا خلافا للخلاف (74).
السابع: الهوي لكل من السجدتين غير قاصد به غيرها فيرجع، إلا إذا بلغ
حد الساجد فتقوم الاحتمالات الثلاثة، واقتصر في الذكرى هنا على الثاني مع
قطعه هناك بالأول (75).
الثامن: السجود، ويتحقق بوضع مجموع الأعضاء السبعة على الأرض غير
متفاوتة المحال بأزيد من لبنة، ولو ترك وضع البعض سهوا كفى عنه وضع الجبهة
من غير عكس، ولا بعد في إجزاء بعض الأجزاء عن الكل في بعض الحالات، فلو
جعل الركن كلا السجدتين، أو ما أقامه الشارع مقامهما كالواحدة حال نسيان
الأخرى لم يكن بعيدا
وتجب الطمأنينة فيه (76) كالركوع، ووضع الجبهة على الأرض، أو غير
المستحيل من أجزائها، أو نباتها غير مأكول أو ملبوس عادة، وقد أشعرت صحيحة
ابن محبوب بجواز السجود على الجص (77)، ولا أعلم بها عاملا، ونطقت صحيحة
صفوان بجوازه على القرطاس (78)، ولا أعلم لها مخالفا، نعم كلام الذكرى يعطي
التردد (79).
التاسع: رفع الرأس من كل من السجدتين مطمئنا بعد أول الرفعين،
وأوجبها المرتضى رضي الله عنه بعد ثانيهما في أولى الركعتين، والثالثة من

(74) الخلاف 1: 348 مسألة 98 كتاب الصلاة.
(75) الذكرى: 201.
(76) لم ترد في " ش ".
(77) الكافي 3: 330 حديث 3 باب ما يسجد عليه وما يكره، الفقيه 1: 175 حديث 829، التهذيب
2: 235 حديث 928.
(78) التهذيب 2: 309 حديث 1251، الاستبصار 1: 334 حديث 1258.
(79) الذكرى: 160.
37

الرباعية. وهي جلسة الاستراحة، وينبغي عدم تركها لنقله رضي الله عنه الاجماع
على وجوبها (80).
العاشر: النهوض بعد ثاني الرفعين، أو التشهد إلى الأخرى.
الحادي عشر: الجلوس للتشهد، والتسليم مطمئنا بقدرهما.
الثاني عشر: الاستقرار من غير تمايل، ولا تعال، ولا تسافل. فتبطل في
العاصفة المحركة، وعلى ما يربو أو يتلبد لغير ضرورة، أما في السفينة السائرة
فصححها بعضهم مطلقا لصحاح ابن سنان (81)، وابن عمار (82)، وجميل (83)،
وحسنة حماد (84). وقيد بعضهم بالضرورة، وبه أخبار غير نقية، لكنه قريب، فإن
في غير الثالثة ما يشعر بالضرورة، وهي غير صريحة في وقت السير.
وأما على الدابة السائرة فقد أجمعوا على المنع إلا لضرورة، وفي الواقفة
المأمونة الحركة بالربط أو التعليم اختيارا احتمال.
الفصل الرابع
في الأفعال المستحبة اللسانية
وهي اثنا عشر:
الأول والثاني: الأذان والإقامة، وفصول الأذان ثمانية عشر، كلها مثنى
سوى التكبير أوله فهو أربعة، وفي صحيحة ابن سنان ما يعطي تثنيته (85)، وحملها
الشيخ على محمل بعيد (86)، والحمل على إجزائها ممكن.
وفصول الإقامة سبعة عشر، كلها مثنى سوى التهليل آخرها فهو مرة.
ويختصان باليومية، ويتأكدان في الجهرية سيما الصبح والمغرب، والمرتضى

(80) الناصريات (الجوامع الفقهية): 234.
(81) التهذيب 3: 295 حديث 893.
(82) التهذيب 3: 295 حديث 895.
(83) الفقيه 1: 291 حديث 1323، التهذيب 3: 295 حديث 894.
(84) الكافي 3: 441 حديث 2 باب الصلاة في السفينة، التهذيب 3: 297 حديث 903.
(85) التهذيب 2: 59 حديث 209، الاستبصار 1: 305 حديث 1133.
(86) التهذيب 2: 61.
38

على وجوبهما فيهما على الرجال (87)، ووافقه ابن أبي عقيل وزاد عليه بطلان
الصلاتين بتعمد تركهما (88).
الثالث: التكبيرات الست قبل تكبيرة الإحرام أو بعدها أو بالتفريق،
ولا خلاف في هذا التخيير، لكن الشيخ رحمه الله على أولوية القبلية (89) وتبعه
المتأخرون، ولا أعرف لذلك مستندا، والمستفاد من صحيحة زرارة في افتتاح
النبي صلى الله عليه وآله الصلاة بالتكبير، ومتابعة الحسين عليه السلام له (90)
أولوية البعدية ولم ينبه على ذلك أحد، وصحيحة هشام في حكاية المعراج (91) لا
تعطي القبلية (كما قد يظن) (92)، بل ربما دلت على البعدية، فإن الصلاة معراج
العبد.
الرابع: الاستعاذة قبل القراءة، للأمر بها في حسنة الحلبي (93)، وقول أبي

(87) الناصريات (الجوامع الفقهية): 227.
(88) نقله عنه العلامة في المختلف: 87.
(89) المبسوط 1: 104.
(90) في هامش " ض " و " ش ": عن الباقر عليه السلام أنه قال: " خرج رسول الله صلى الله عليه وآله
إلى الصلاة، وقد كان الحسين عليه السلام أبطأ عن الكلام حتى تخوفوا أن لا يتكلم أو يكون به
خرس، فخرج به عليه السلام حامله على عاتقه، وصف الناس خلفه، فأقامه على يمينه، فافتتح رسول
الله صلى الله عليه وآله الصلاة فكبر الحسين عليه السلام، فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وآله
تكبيره عاد فكبر [وكبر] الحسين عليه السلام حتى كبر رسول الله صلى الله عليه وآله سبع تكبيرات وكبر الحسين عليه السلام فجرت السنة بذلك " " منه دام ظله العالي ".
رواها الصدوق في الفقيه 1: 199 حديث 918.
(91) في هامش " ض " و " ش ": وهو هشام بن الحكم عن الكاظم عليه السلام، في سبب التكبيرات
السبع: " أن النبي صلى الله عليه وآله لما أسري به إلى السماء قطع سبعة حجب، فكبر عند كل
حجاب تكبيرة حتى وصل إلى منتهى الكرامة " فهذه الرواية لا تدل على تأخير تكبيرة الإحرام عن
الست، بل يمكن أن يدعى دلالتها على تقدمها عليها، فإن قطع النبي صلى الله عليه وآله الحجب
السبعة كان في أثناء المعراج، فالتكبيرات وقعت في أثنائه، فينبغي أن تقع في أثناء الصلاة التي هي
معراج العبد، والحاصل أنه لا دلالة في شئ من الأحاديث التي تضمنتها أصولنا على تأخير تكبيرة
الإحرام عن الست " منه دام ظله ".
أنظر: الفقيه 1: 199 حديث 919.
(92) لم ترد في " ش ".
(93) الكافي 3: 310 حديث 7 باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير، التهذيب 2: 67 حديث 244.
39

علي بن الشيخ طاب ثراه بوجوبها شاذ (94)، ومحلها عندنا الركعة الأولى لا غير،
وهي سرية ولو في الجهرية، وجهر الصادق عليه السلام بها محمول على تعليم
الجواز (95).
الخامس: الجهر ببسملتي الحمد والسورة في السرية، ولا فرق بين الإمام
والمأموم والمنفرد، وتخصيص ابن الجنيد بالإمام (96) يرده إطلاق صحيحة محمد بن
مسلم (97)، ولا بين الأوليين وغيرهما، وتخصيص ابن إدريس بهما (98) يرده
إطلاق صحيحة صفوان (99).
السادس: ترتيل القراءة، وهو: حفظ الوقوف، وبيان الحروف كما روي
عن أمير المؤمنين عليه السلام (100)، وفسر الأول بالوقف التام (101) والحسن (102)،
والثاني بالإتيان بصفاتها المعتبرة من الهمس والجهر والاستعلاء والإطباق
وغيرها. والوقوف التامة في الفاتحة أربعة (103)، والحسنة عشرة (104)، والظاهر

(94) نقله عنه السيد الحسيني العاملي في مفتاح الكرامة 2: 399.
(95) التهذيب 2: 289 حديث 1157.
(96) نقله عنه العلامة في المختلف: 93.
(97) رواها الكليني في الكافي 3: 317 حديث 28 باب قراءة القرآن.
(98) السرائر: 45.
(99) في هامش " ش ": قال: صليت خلف أبي عبد الله عليه السلام أياما، فكان يقرأ في فاتحة الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم، فإذا كانت صلاة لا يجهر فيها بالقراءة جهر ببسم الله الرحمن الرحيم، وأخفى
ما سوى ذلك " منه مد ظله العالي ".
رواها الكليني في الكافي 3: 315 حديث 20 باب قراءة القرآن.
(100) الكافي 2: 449 حديث 1 باب ترتيل القرآن بالصوت الحسن.
(101) في هامش " ض " و " ش ": وهو الوقف على كلام لا تعلق له بما بعده لا لفظا ولا معنى
كالوقف على البسملة، وعلى يوم الدين " منه دام ظله ".
(102) في هامش " ض " و " ش ": وهو الوقف على كلام له تعلق بما بعده لفظا لا معنى كالوقف في
الفاتحة على الحمد لله، فإن ما بعده نعت متعلق بما قبله، ولكن الكلام قد تم بدونه " منه مد ظله
العالي ".
(103) في هامش " ش " و " ض ": على البسملة، والدين، ونستعين، والضالين " منه دام ظله ".
(104) في البسملة اثنان: على الله، وعلى الرحمن، وفي الباقي ثمانية: على الله، وعلى العالمين، وعلى
الرحيم، وعلى الرحمن، وعلى نعبد، وعلى المستقيم، وعلى عليهم الأولى، والثانية " منه مد ظله ". هكذا
ورد في هامش نسختي " ش " و " ض ".
40

انسحاب استحباب الترتيل إلى تسبيحات الركوع والسجود (105)، بل إلى جميع
الأذكار والأدعية.
السابع: سؤال الجنة، والتعوذ من النار عند قراءة آيتيهما، لكن بحيث لا
يكثر فيخل بنظم القرآن فيبطل.
الثامن: تكرار تسبيحات الركوع والسجود ثلاثا وخمسا وسبعا، وفي
صحيحة أبان بن تغلب: أنه عد للصادق عليه السلام في الركوع والسجود ستين
تسبيحة (106).
التاسع: القنوت في كل ثانية بعد القراءة قبل الركوع، وأوجبه ابن أبي
عقيل في الجهرية (107)، والصدوق في الخمس وأبطل الصلاة بتركه عمدا (108)،
وفي الأخبار المعتبرة ما يشعر بوجوبه (109)، وقد أنهينا البحث في ذلك في الحبل
المتين (110).
ويأتي به الناسي بعد الركوع، فإن لم يذكره فبعد الصلاة جالسا، وفي

(105) في هامش " ض " و " ش ": المستفاد من خبر حماد استحباب الترتيل في تسبيح الركوع، وأما
تسبيح السجود فترتيله غير مذكور فيه، فقول شيخنا في الذكري: إن خبر حماد يتضمن الترتيل في تسبيح
الركوع والسجود عجيب، وأعجب من ذلك موافقة شيخنا الشهيد الثاني له في ذلك " منه مد ظله
العالي ".
أنظر: الكافي 3: 311 حديث 8 باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير، الفقيه 1: 196 حديث 916،
التهذيب 2: 81 حديث 301، الذكرى: 199.
(106) في هامش " ض " و " ش ": في هذه الرواية احتمالان:
الأول: أن يكون عليه السلام سبح في كل ركوع وكل سجود ستين ستين.
الثاني: أن يكون مجموع التسبيحات فيهما معا ستين، إما على التساوي، أو على التفاضل " منه مد
ظله ".
أقول: رواها الكليني في الكافي 3: 329 حديث 2 باب أدنى من يجزئ من التسبيح في الركوع
والسجود، والشيخ في التهذيب 2: 299 حديث 1205.
(107) نقله عنه العلامة في المختلف: 96.
(108) الفقيه 1: 209.
(109) أنظر وسائل الشيعة 4: 895 باب 1 من القنوت.
(110) الحبل المتين: 233.
41

صحيحة زرارة: " إذا ذكره وهو في الطريق استقبل القبلة وأتى به " (111)،
وينوي به في هذه الأحوال القضاء على الأظهر، وتردد فيه في المنتهى (112).
وفي كلام جماعة أن أفضل ما يقال فيه كلمات الفرج، ولم أجد بذلك
خبرا (113)، والذي في صحيحة الحلبي: " أثن على ربك، وصل على نبيك،
واستغفر لذنبك " (114)، وفي حسنة سعد بن أبي خلف: " يجزئك في القنوت:
اللهم اغفر لنا وارحمنا وعافنا واعف عنا في الدنيا والآخرة إنك على كل شئ قدير "
(115).
وهو جهر ولو في السرية، لصحيحة زرارة (116)، إلا للمأموم، وجعله
المرتضى رضي الله عنه تابعا للصلاة في الجهر والإخفات (117).
العاشر: التكبيرات الزائدة على الست الافتتاحية سوى التحريمة، وهي في
الخمس مع خمس القنوت خمس وتسعون: في كل من الظهرين والعشاء إحدى
وعشرون، وفي المغرب ست عشرة، وفي الفجر إحدى عشرة. ولا تكبير للرفع من
الركوع، بل يقول: سمع الله لمن حمده، ولا للقيام من التشهد بل يقول: بحول الله
وقوته أقوم وأقعد، وأثبته المفيد رحمه الله في الثاني (118)، وقال الشيخ: لست
أعرف بقوله هذا حديثا أصلا، ثم استدل على سقوطه بكلام اقناعي (119).

(111) الكافي 3: 340 حديث 10 باب القنوت في الفريضة والنافلة، التهذيب 2: 315 حديث 1283.
(112) المنتهى 1: 300.
(113) في هامش " ش ": نعم، قال ابن إدريس: روي أن كلمات الفرج أفضل من القنوت، والظاهر
أن نقل مثل هذا الشيخ كاف في حصول ثواب الأفضل، لاندراجه في قوله عليه السلام: " من بلغه من
الله ثواب على عمل " الحديث " منه مد ظله ".
أنظر: السرائر: 48.
(114) الفقيه 1: 207 حديث 933.
(115) الكافي 3: 340 حديث 12 باب القنوت في الفريضة، التهذيب 2: 87 حديث 322.
(116) في هامش " ض " و " ش ": عن أبي جعفر عليه السلام: " القنوت كله جهار " " منه مد ظله ".
الفقيه 1: 209 حديث 944.
(117) جمل العلم والعمل (رسائل الشريف المرتضى) 3: 32.
(118) المقنعة: 16.
(119) التهذيب 2: 82.
42

الحادي عشر: الدعاء في مواضعه بالمأثور، فعند القيام إلى الصلاة ما
تضمنته صحيحة معاوية بن وهب: " اللهم إني أقدم إليك محمدا صلى الله عليه
وآله بين يدي حاجتي، وأتوجه به إليك، فاجعلني به وجيها عندك في الدنيا
والآخرة، ومن المقربين، اجعل صلواتي به مقبولة، وذنبي به مغفورا، ودعائي به
مستجابا، إنك أنت الغفور الرحيم " (120).
وبين الأذان والإقامة جالسا: اللهم اجعل قلبي بارا (121)، وعيشي قارا،
ورزقي دارا (122)، واجعل لي عند قبر رسولك صلى الله عليه وآله مستقرا وقرارا.
وتجزئ الحمدلة، والسجدة كما في موثقة الساباطي (123).
وفي التكبيرات السبع الافتتاحية: الأدعية الثلاثة التي تضمنتها حسنة
الحلبي: فالأول بعد الثالثة: " اللهم أنت الملك الحق لا إله إلا أنت سبحانك إني
ظلمت نفسي فاغفر لي ذنبي، إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت ".

(120) الكافي 3: 309 حديث 3 باب القول عند دخول المسجد، الفقيه 1: 197 حديث 917، التهذيب
2: 287 حديث 1449.
(121) في هامش " ض " و " ش ": أي مطيعا محسنا، وعيشي قارا فيه تفسيرات ثلاث: الأول: أن
يكون المراد عيشا قارا، أي: غير محتاج إلى السفر والتردد في تحصيله. الثاني: أن يراد بالقار: المستمر
غير المنقطع. الثالث: أن يراد عيشا قارا لعين، أي: يكون فيه قرة العين، أي: الفرح والسرور، وأصل
قرة العين مأخوذ من القر وهو البرودة، فإن العرب تزعم أن دمع الباكي من السرور بارد، ودمع
الباكي؟ من الغم والهم حار، فالدعاء مستند بقولهم: أقر الله عينك، بمعنى: سرك الله وأوجب ذلك
الفرع " منه دام ظله ".
(122) في هامش " ض " و " ش ": الدار: الكثير الذي يزيد ويتجدد شيئا فشيئا، من قولهم: در اللبن
إذا زاد وكثر جريانه من الضرع، والمستقر والقرار قيل: هما مترادفان، والأولى أن يراد بالمستقر المكان
والمنزل، وبالقرار المكث فيه، ونقل عن شيخنا الشهيد قدس الله روحه أن المستقر في الدنيا والقرار
في الآخرة، واختص المستقر بالدنيا لقوله تعالى: (ولكم في الأرض مستقر) والقرار بالآخرة لقوله
تعالى: (وإن الآخرة هي دار القرار)، واعترض عليه بأن القبر لا يكون في الآخرة، وأجيب بأن
المراد بالآخرة ليس ما بعد القيامة بل ما قبلها، أعني أيام الموت. والمراد: أن يكون مسكنه في الحياة
ومدفنه بعد الممات في المدينة المقدسة، وفي بعض الروايات: " واجعل لي عند رسولك " من دون
ذكر القبر، والظاهر أن كلام شيخنا الشهيد مبني على ما في هذه الرواية، فلا حاجة إلى ذلك الجواب
" منه مد ظله ".
(123) الفقيه 1: 185 حديث 877.
43

والثاني بعد الخامسة: " لبيك وسعديك، والخير في يديك، والشر ليس
إليك، والمهدي من هديت، لا ملجأ منك إلا إليك، سبحانك
وحنانيك (124)، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت ".
والثالث بعد السابعة إحرامية كانت أو غيرها: " وجهت وجهي للذي
فطر السماوات والأرض، عالم الغيب والشهادة، حنيفا (125) مسلما، وما أنا من
المشركين، إن صلواتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له،
وبذلك أمرت وأنا من المسلمين " (126).
وفي الركوع ما تضمنته صحيحة زرارة: " اللهم لك ركعت، ولك
أسلمت، وبك آمنت، وعليك توكلت، وأنت ربي، خشع لك سمعي وبصري
وشعري وبشري ولحمي ودمي ومخي وعصبي وعظامي وما أقلته قدماي (127)،
غير مستنكف ولا مستكبر، ولا مستحسر، ثم يقول: سبحان ربي العظيم وبحمده
ثلاثا " (128).
وفي السجود ما تضمنته حسنة الحلبي: " اللهم لك سجدت، وبك
آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكلت وأنت ربي، سجد وجهي للذي خلقه
وشق سمعه وبصره، الحمد لله رب العالمين، ثم يقول: سبحان ربي الأعلى وبحمده

(124) في هامش " ض " و " ش ": الحنان بتخفيف النون: الرحمة، وبتشديدها: ذو الرحمة، ومعنى
سبحانك وحنانيك: أنزهك عما لا يليق بك تنزيها، وأنا أسألك رحمة بعد رحمة فالواو للحال "
منه مد ظله العالي ".
(125) في هامش " ض " و " ش ": الحنيف: المائل عن الباطل إلى الحق " منه مد ظله ".
(126) الكافي 3: 310 حديث 7 باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير....، التهذيب 2: 67 حديث
244.
(127) في هامش " ض " و " ش ": وما أقلته قدماي: من قبيل عطف العام على الخاص، معناه: ما
حملته قدماي، والاستنكاف هو المعبر عنه بالفارسية بقولهم: ننگ داشتن، وبالعربية: بالأنفة،
والاستكبار: طلب الكبر من غير استحقاق، والاستحسار بالحاء والسين المهملتين: الإعياء والتعب،
والمراد: إني لا أجد من الركوع والخشوع تعبا، ولا كلالا، ولا مشقة، بل أجد لذة وراحة " منه دام
ظله ".
(128) الكافي 3: 319 حديث 1 باب الركوع وما يقال فيه، التهذيب 2: 77 حديث 289.
44

ثلاثا " (129).
وفيما بين السجدتين ما تضمنته حسنة الحلبي أيضا: " اللهم اغفر لي
وارحمني وادفع عني، إني لما أنزلت إلي من خير فقير، تبارك الله رب
العالمين " (130)، ويجزئ: " أستغفر الله ربي وأتوب إليه " وهو في صحيحة
حماد (131).
وإن شاء دعا في السجود بما تضمنته صحيحة أبي عبيدة الحذاء، ففي
السجدة الأولى: " أسألك بحق حبيبك محمد صلى الله عليه وآله إلا بدلت سيئاتي
حسنات، وحاسبتني حسابا يسيرا ".
وفي الثانية " أسألك بحق حبيبك محمد صلى الله عليه وآله إلا كفيتني
مؤنة الدنيا، وكل هول دون الجنة ".
وفي الثالثة: " أسألك بحق حبيبك محمد صلى الله عليه وآله لما غفرت
لي الكثير من الذنوب والقليل، وقبلت من عملي اليسير ".
وفي الرابعة: " أسألك بحق حبيبك محمد صلى الله عليه وآله لما أدخلتني
الجنة، وجعلتني من سكانها، ولما نجيتني من سفعات النار برحمتك وصلى الله على
محمد وآله " (132). ويضيف إلى التشهد الأول والثاني ما تضمنته موثقة أبي
بصير (133)، وهو مشهور.
الثاني عشر: التعقيب، وهو بعد الفريضة أفضل من الصلاة تنفلا، كما في
حسنة زرارة (134)، وأفضله تسبيح الزهراء عليها السلام، ففي صحيحة أبي خالد
القماط: " أنه في كل يوم، دبر كل صلاة أفضل من صلاة ألف ركعة في كل

(129) الكافي 1: 321 حديث 1 باب السجود والتسبيح والدعاء، التهذيب 2: 79 حديث 295.
(130) المصدر السابق.
(131) الكافي 3: 310 حديث 8 باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير، الفقيه 1: 196، حديث 916،
التهذيب 2: 81 حديث 301.
(132) الكافي 3: 322 حديث 4 باب السجود والتسبيح والدعاء فيه.
(133) الفقيه 1: 216 حديث 962.
(134) التهذيب 2: 99 حديث 373.
45

يوم " (135).
والظاهر أن الجلوس غير شرط في حصول حقيقته الشرعية، بل في كماله
وإن فسره بعض اللغويين بالجلوس بعد الصلاة لدعاء أو مسألة، وقد فسره بعض
علمائنا بالاشتغال بعد الصلاة بدعاء أو ذكر أو ما أشبهه، ولعل المراد بما أشبهه:
البكاء من خشية الله تعالى، والشكر على جزيل آلائه، والتفكر في عجائب أرضه
وسمائه وما هو من هذا القبيل. وهل يعد الاشتغال بعد الصلاة بقراءة القرآن
تعقيبا فيبرأ ناذر التعقيب به؟ الظاهر نعم، وفيه تأمل، ولم أظفر في كلام
الأصحاب بشئ في هذا الباب.
الفصل الخامس
في الأفعال المستحبة الجنانية
وهي اثنا عشر:
الأول: استشعار الخوف عند القيام إلى الصلاة كما نقل عن سيد العابدين
عليه السلام (136)
الثاني: إحضار القلب، والإقبال على جميع أفعالها به، ففي صحيحة محمد
ابن مسلم: أنه لا يرفع له منها إلا ما أقبل عليه بقلبه (137).
الثالث: أن يخطر بباله لعلها تكون آخر صلواتي، فقد قال الصادق
عليه السلام: " إذا صليت فريضة فصلها لوقتها صلاة مودع يخاف أن لا يعود إليها "
رواه الصدوق (138).
الرابع: إحضار فصول الأذان والإقامة بباله إذا كان مريضا لا يقدر على

(135) الكافي 3: 343 حديث 15 باب التعقيب بعد الصلاة والدعاء، التهذيب 2: 105 حديث 399.
(136) الكافي 3: 300 حديث 4 و 5 باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث، التهذيب 2: 286
حديث 1145.
(137) الكافي 3: 363 حديث 2 باب ما يقبل من صلاة الساهي، التهذيب 2: 341 حديث 1413.
(138) أمالي الصدوق: 211 حديث 10 المجلس الرابع والأربعون
46

التلفظ بها، كما في موثقة الساباطي (139). ولو قيل بجريان ذلك في كل الأذكار
المندوبة لم يكن بعيدا، غير أني لم أظفر في غير الأذان والإقامة بنص صريح.
الخامس: الخشوع في الصلاة فقد قال سبحانه: (الذين هم في صلاتهم
خاشعون) (140). وقال صلى الله عليه وآله لما رأى العابث في الصلاة، " لو خشع
قبله لخشعت جوارحه " (141).
السادس: نية الإمام كونه جامعا في غير ما تجب فيه الجماعة ليفوز بثوابها
فإن " لكل امرئ ما نوى " (142).
السابع: استشعار عظمة الله سبحانه وكبريائه، واستصغار ما سواه حال
التكبير كما روي عن الصادق عليه السلام (143)، وإرادة كونه أكبر من كل
شئ، أو من أن يوصف، وكلاهما مروي في معنى التكبير (144).
الثامن: أن يحضر بباله حال الركوع: آمنت بك ولو ضربت عنقي.
التاسع: أن يحضر بباله في السجدة الأولى: " اللهم إنك منها خلقتنا "،
أي: من الأرض، وفي رفعها: " ومنها أخرجتنا "، وفي الثانية: و " إليها تعيدنا "،
وفي رفعها: " ومنها تخرجنا تارة أخرى "، كما روي عن أمير المؤمنين
عليه السلام (145).
العاشر: أن يحضر بباله حال التورك في التشهد حين يرفع اليمنى ويخفض

(139) التهذيب 2: 282 حديث 1123، الاستبصار 1: 300 حديث 1109.
(140) المؤمنون: 2.
(141) نقله الهندي عن أبي هريرة في كنز العمال 3: 144 حديث 5891، وأورده ابن أبي جمهور في
العوالي 2: 23 حديث 51 نقلا عن الطبرسي في تفسيره.
(142) أمالي الصدوق 2: 231، التهذيب 1: 83 حديث 218، صحيح البخاري 1: 2، صحيح مسلم
3: 1515 حديث 1970، سنن ابن ماجة 2: 1413 حديث 4227، سنن النسائي 1: 59، سنن أبي
داود 2: 262 حديث 2201.
(143) أنظر الوسائل 4: 684 باب 2 من أبواب أفعال الصلاة.
(144) أنظر: الكافي 1: 117 حديث 8 و 9، التوحيد: 313 حديث 1 و 2، معاني الأخبار: 11، تفسير
نور الثقلين 3: 240.
(145) الفقيه 1: 206 حديث 931.
47

اليسرى: " اللهم أمت الباطل وأقم الحق " كما روي عنه عليه السلام أيضا (146).
الحادي عشر: ملاحظة معاني ما يقرأه في الصلاة، بل معاني جميع ما يتلفظ
به فيها من الأدعية والأذكار، لقول الصادق عليه السلام: " من صلى ركعتين يعلم
ما يقول فيهما انصرف وليس بينه وبين الله عز وجل ذنب إلا غفر له " رواه
الصدوق (147).
الثاني عشر: أن يقصد الإمام بصيغة الخطاب في التسليم الأنبياء والأئمة
والحفظة والمأمومين، وأنه يترجم عن الله تعالى للمأمومين بالسلامة والأمن من
عذاب يوم القيامة، كما روي عن أمير المؤمنين عليه السلام (148)، ويقصد المأموم
بأوليي التسليمتين الرد على الإمام، لأنه قد حياه، ولم يجب لعدم قصده محض
التحية، والصدوق على أن المأموم يرد على الإمام بتسليمة، ثم يسلم عن جنبيه
بتسليمتين (149)، وقدم الرد لأنه حق آدمي مضيق، ويقصد المنفرد ما يقصده
الإمام سوى الأخيرين.
الفصل السادس
في الأفعال المستحبة الأركانية
وهي اثنا عشر نوعا، موزعة على اثني عشر عضوا:
الأول: وظيفة الجبهة، وهي السجود عليها كلها، ثم على قدر الدرهم منها
لا أنقص، ووضعها على التراب وأفضله التربة الحسينية على مشرفها السلام،
واستحب بعض علمائنا السجود على ما يتخذ من خشب ضرائحهم سلام الله
عليهم.
الثاني: وظيفة العين وهي شغلها حال القيام بالنظر إلى موضع السجود،

(146) الفقيه 1: 210 حديث 945.
(147) ثواب الأعمال: 67 حديث 1.
(148) الفقيه 1: 210 حديث 945.
(149) المقنع: 29.
48

وحال الركوع إلى ما بين القدمين، وهما في صحيحة زرارة المشهورة (150). لكن في
صحيحة حماد: أن الصادق عليه السلام غمض عينيه في ركوعه (151)، والحمل
على الاستحباب التخييري طريق الجمع، وما في رواية مسمع من نهي النبي
صلى الله عليه وآله عن تغميض الرجل عينيه في الصلاة (152) محمول على ما عدا
ذلك. وفي حال السجود إلى طرف الأنف، وفيما بين السجدتين وقعودي التشهد
والتسليم إلى حجره، وفي حال القنوت إلى باطن كفيه، ويومئ المنفرد حال
التسليم بمؤخر عينيه إلى يمينه.
الثالث: وظيفة الأنف، وهي السجود عليه كباقي الأعضاء، كما في
صحيحة حماد (153)، والارغام به كما في صحيحة زرارة (154)، بمعنى إلصاقه حال
السجود بالرغام - بالفتح - وهو التراب، واعتبر المرتضى طرفه الذي يلي
الحاجبين (155)، وابن الجنيد طرفه وحدبته معا (156)، وفي الذكرى تفسير الإرغام
بالسجود على الأنف (157)، والظاهر أنه أخص منه كما قلنا.
ولا يقوم غير التراب مما يصح السجود عليه مقامه في تأدية سنة الإرغام،
خلافا لشيخنا الشهيد الثاني رحمه الله، واستدلاله بما في موثقة عمار الساباطي من
قول أمير المؤمنين عليه السلام: " لا تجزئ صلاة لا يصيب الأنف (158) فيها ما

(150) الكافي 3: 334 حديث 1 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 83 حديث 308.
(151) الكافي 3: 310 حديث 8 باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير، الفقيه 1: 196 حديث 916،
التهذيب 2: 81 حديث 301.
(152) التهذيب 2: 314 حديث 1280.
(153) الكافي 3: 310 حديث 8 باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير، الفقيه 1: 196 حديث 916،
التهذيب 2: 81 حديث 301.
(154) التهذيب 2: 299 حديث 1204، الاستبصار 1: 327 حديث 1224.
(155)
(156)
(157) الذكرى: 202
(158) في هامش " ض " و " ش ": يجوز نصب الأنف والجبين معا بالمفعولية، ورفعهما بالفاعلية،
ونصب الأول ورفع الثاني وعكسه " منه مد ظله ".
49

يصيب الجبين " (159) لا ينهض بمدعاه.
الرابع: وظيفة الرقبة، وهي مدها حال الركوع كما في صحيحة
حماد (160)، وليس فيها كون المد موازيا للظهر كما ظنه شيخنا الشهيد الثاني رحمه
الله (161)، ويمكن الاعتذار له بشمول الظهر ظهر الرقبة.
الخامس: وظيفة المنكبين، وهي إسدالهما كما تضمنته صحيحة زرارة
المشهورة: بأن لا يرفعهما إلى فوق (162).
السادس: وظيفة اليدين، وهي رفعهما بالتكبيرات كلها، وأوجبه
المرتضى رضي الله عنه (163)، وإرسالهما على الفخذين حال القيام، والتجنيح بهما حال
السجود كما في صحيحة حماد (164)، ورفعهما فوق الرأس عند الفراغ من -
كما في صحيحة صفوان (165).
السابع: وظيفة الكفين، وهي استقبال القبلة بباطنهما عند رفعهما بالتكبير
مبتدئا بابتدائه، منتهيا بانتهائه، غير متجاوز به أذنيه، ووضعهما حال الركوع على
الركبتين، وتقديم وضع اليمنى على اليمنى واليسرى على اليسرى، وتمكينهما من
الركبتين وهما في صحيحة زرارة المشهورة (166)، ورفعهما حيال الوجه حال
القنوت (167) متلقيا بباطنهما السماء، ووضعهما على الأرض قبل الركبتين حال

(159) روض الجنان: 277، وانظر: التهذيب 2: 298 حديث 1202، الاستبصار 1: 327 حديث
1223.
(160) الكافي 3: 310 حديث 7 باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير، الفقيه 1: 196 حديث 916،
التهذيب 2: 81 حديث 301.
(161) روض الجنان: 273.
(162) الكافي 3: 334 حديث 1 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 83 حديث 308.
(163) الإنتصار: 44.
(164) الكافي 3: 310 حديث 8 باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير، الفقيه 1: 196 حديث 916.
التهذيب 2: 81 حديث 301.
(165) الفقيه 1: 213 حديث 952، التهذيب 2: 106 حديث 403.
(166) الكافي 3: 334 حديث 1 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 83 حديث 308.
(167) في هامش " ض " و " ش ": ولا يستحب رفعهما أثناء الصلاة لشئ من الأدعية سوى القنوت.
أما لو وقع شئ من الأدعية الثلاثة الافتتاحية خارج الصلاة فهل فيه رفع؟ المنقول عن ابن الجنيد
لا، ولم أظفر في الأخبار بمستنده " مند مد ظله العالي ".
50

الهوي إلى السجود كما في صحيحة زرارة المشهورة (168).
والمرأة بالعكس، وتضع كفيها على ثدييها حال القيام، وعلى أسفل
الفخذين فوق الركبتين حال الركوع، وفي صحيحة زرارة تعليله بأن لا تطأطئ
كثيرا (169)، وهو يعطي أن انحنائها دون انحناء الرجل كما قاله بعض مشائخنا.
الثامن: وظيفة أصابع اليدين، وهي وضع الإصبعين في الأذنين حال
الأذان (170)، وضمها جميعا حال القيام، وحال السجود، وحال التشهد،
وتفريجها على الركبتين حال الركوع كما في صحيحة زرارة المشهورة (171)، وضم ما
عدا الإبهام حال القنوت، أما عند الرفع بالتكبيرات فكالقيام عند جماعة،
وكالقنوت عند آخرين، واختاره المفيد (172)، وتبعه شيخنا الشهيد (173).
التاسع: وظيفة الظهر، وهي تسويته حال الركوع بحيث لو صب عليه قطرة
من ماء أو دهن لم تزل، كما هو منطوق صحيحة حماد (174).
العاشر: وظيفة الركبتين، وهي ردهما إلى خلف حال الركوع كما في
صحيحة حماد (175)، ورفعهما قبل اليدين عند النهوض إلى الركعة الأخرى،
وإلصاقهما بالأرض حال التشهد، وترك فرجة بينهما فيه، وهما في صحيحة زرارة
المشهورة (176).

(168) الكافي 3: 334 حديث 1 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 83 حديث 308.
(169) الكافي 3: 335 حديث 2 باب القيام والقعود في الصلاة.
(170) في هامش " ش ": أما وضعهما في الأذنين حال الإقامة فالظاهر أنه تشريع، لعدم وروده في
الشريعة المطهرة " منه مد ظله العالي ". وفي هامش " ض ": ولا يستحب ذلك حال الإقامة لعدم
النقل، قاله في المنتهى " منه دام ظله ".
المنتهى. 1: 259.
(171) الكافي 3: 334 حديث 1 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 83 حديث 308.
(172) المقنعة: 16.
(173) روض الجنان: 260.
(174) الكافي 3: 310 حديث 8 باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير، الفقيه 1: 196 حديث 916،
التهذيب 2: 81 حديث 301.
(175) المصدر السابق.
(176) الكافي 3: 334 حديث 1 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 83 حديث 308.
51

الحادي عشر: وظيفة القدمين، وهي أن يكون الانفراج بينهما حال
القيام قدر إصبع إلى شبر، كما في صحيحة زرارة المشهورة (177)، ولعل المراد طول
الإصبع. وفي صحيحة حماد قدر ثلاث أصابع منفرجات (178)، ولا منافاة، لأن
هذا أحد جزئيات ذاك، فإن حمادا إنما روى فعل الإمام عليه السلام، وزرارة
قوله. وأن يجعل بينهما حال الركوع قدر شبر، وأن يجعل ظهر اليسرى على الأرض،
وظهر اليمنى على باطنها حال التشهد، كما في صحيحة زرارة المشهورة.
الثاني عشر: وظيفة أصابع القدمين، وهي أن يستقبل بها جميعا القبلة
حال القيام، كما في صحيحة حماد (179)، وأن يجعل طرف إبهام اليمنى على الأرض
حال التورك في التشهد كما في صحيحة زرارة المشهورة.
الفصل السابع
في التروك الواجبة اللسانية
وهي اثنا عشر:
الأول: ترك التثويب في الأذان فإنه بدعة، والقول بكراهته ضعيف،
وصحيحة ابن مسلم (180) محمولة على التقية.
الثاني: ترك المد بين حروف التكبير، كمد همزة الجلالة بحيث تصير
استفهاما، ومد أكبر بحيث تصير جمعا، وفي حكمه الفصل بين كلمتيها ولو بثناء
على الله سبحانه نحو: الله تعالى أكبر، وكذا تعقيبها بشئ من الأذكار بحيث تصير
معه كلاما واحدا نحو: الله أكبر جل شأنه، وإن كان مقصودا بحسب المعنى نحو:

(177) المصدر السابق.
(178) الكافي 3: 310 حديث 8 باب افتتاح الصلاة والحد في التكبير.
(179) المصدر السابق.
(180) في هامش " ض " و " ش ": وهي ما رواه عن الباقر عليه السلام، قال: " كان أبي ينادي في بيته
بالصلاة خير من النوم، ولو رددت ذلك لم يكن به بأس " وبعض الأصحاب لم يحملها على التقية بل
على قول ذلك في غير الأذان كقصد تنبيه مثلا " منه مد ظله ".
التهذيب 2: 63 حديث 222، الاستبصار 1: 308 حديث 1146.
52

الله أكبر من كل شئ، أو من أن يوصف.
الثالث: عدم قراءة البسملة قبل تعيين السورة لغير الملتزم بواحدة،
ومعتادها، ومن لا يحفظ سواها، ومن جرى لسانه عليها غير قاصد بالبسملة
سواها، والقاصد (181) يرجع إلى المقصودة لا غير إن كانت الجحد أو التوحيد، إلا
إلى الجمعتين في الجمعتين، وفي غيرهما (182) إليها، أو غيرها قبل التصنيف
وبعده (183)، ويعيد البسملة في الجميع.
الرابع: ترك الترجيع المطرب في القراءة، فتبطل الصلاة به على الأظهر،
وكذا في الأذكار الواجبة، أما المستحبة ففي البطلان وجهان، أقربهما ذلك. وهل
يحرم رفع الصوت في الجهرية زيادة على المعتاد كرفعه في الأذان مثلا؟ نظر، ولو
قيل بتحريمه لم يكن بعيدا، وقد نبه بعضهم عليه، وفي بعض الروايات ما يدل
على المنع منه.
الخامس: ترك التأمين لغير تقية، والمحقق في المعتبر على كراهته (184)،
محتجا بصحيحة جميل (185). ولا دلالة فيها على ذلك، مع أن التقية تلوح من
عبارتها، كما تلوح من صحيحة معاوية بن وهب (186)، والأصح التحريم كما قلنا،
أما بطلان الصلاة به فأنكره بعضهم، وأثبته آخرون ومنهم الشيخ مدعيا عليه في

(181) في هامش " ض " و " ش ": أي: الذي قرأ البسملة بقصد سورة وجرى لسانه على غيرها " منه
دام ظله ".
(182) في هامش " ش ": أي: غير الجحد والتوحيد " منه مد ظله ".
(183) إنما جاز له العدول عن غير المقروءة التي جرى لسانه عليها سواء نصفها أو لم ينصفها، لأن قراءتها
بغير بسملة لا عبرة لها، لعدم إجزائها في الصلاة وإن استمر وقرأ الباقي " منه دام ظله ". هكذا ورد
في هامش " ش ".
(184) المعتبر 2: 185.
(185) في هامش " ض " و " ش ": وهي ما رواه ابن أبي عمير عنه، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام
عن قول الناس في الصلاة جماعة حين يقرأ الإمام فاتحة الكتاب: آمين، قال: " ما أحسنها، واخفض
الصوت بها " " منه مد ظله ".
رواها الشيخ في التهذيب 2: 75 حديث 277، والاستبصار 1: 318 حديث 1187.
(186) في هامش " ض " و " ش ": وهي ما رواه حماد بن عيسى عنه أنه قال: قلت لأبي عبد الله
عليه السلام: أقول: آمين إذا قال الإمام: غير المغضوب عليهم ولا الضالين، قال: " هم اليهود
والنصارى ". ولم يجب في هذا، فإن عدوله عليه السلام عن جواب السؤال إلى تفسير الآية ينادي
بالتقية، وهنا وجه آخر ذكرته في الحبل المتين " منه مد ظله العالي ".
أنظر: التهذيب 2: 75 حديث 278، الاستبصار 1: 319 حديث 1188، الحبل المتين: 223.
53

الخلاف الوفاق (187).
السادس: ترك قراءة السورة في الثالثة والرابعة، وادعى بعضهم عليه
الاجماع.
السابع: ترك قراءة سورة يفوت بقرائتها الوقت وإن أدرك من أوله ركعة
تامة، وكذا الثاني في القراءة، والتشهد الأخير، بل في التسليم.
الثامن: ترك القراءة في أثناء الحمد والسورة من غيرها بحيث يخل
بالنظم، وكذا منها إن أخل وإن كان لزيادة الوثوق بالإصلاح.
التاسع: ترك قراءة العزيمة على الأظهر عملا بالأشهر، ووفاقا للأكثر، بل
كاد يكون إجماعا. وضعف الروايات منجبر بذلك، وخلاف ابن الجنيد (188)
غير معبوء به، مع أن كلامه غير صريح في الجواز، والروايات بذلك محمولة على النافلة.
العاشر: ترك الدعاء بالمحرم فتبطل الصلاة به، للإجماع المنقول في
التذكرة (189)، ولولاه لكان للبحث في البطلان مجال (190)، وهل يعذر جاهل
التحريم؟ وجهان.
الحادي عشر: ترك الكلام بحرفين (191) مطلقا، أو بحرف مفهم غير قرآن،
ولا دعاء، ولا ذكر فتبطل إن تعمده، واستثنى بعض الأصحاب حاءات

(187) الخلاف 1: 332 مسألة 84 كتاب الصلاة.
(188) أنظر المختلف: 96.
(189) تذكرة الفقهاء 1: 132.
(190) في هامش " ض " و " ش ": لأن النهي ليس متعلقا بجزء الصلاة ولا بشرطها، فيكون كالنظر
إلى الأجنبية في أثناء الصلاة " منه مد ظله ".
(191) في هامش " ش ": في قوله: بحرفين إشارة إلى أنه ليس مراد الفقهاء بالكلام معناه اللغوي ولا الاصطلاح
النحوي، بل المراد به النطق ولو بحرف واحد، وقد يطلقون الكلام على ما يركب من حرفين فصاعدا
وإن كان مهملا، فبين كلامهم هذا، وكل من الكلام اللغوي والنحوي عموم مطلق " منه مد ظله
العالي ".
54

التنحنح، وهو غير بعيد. وهل تقوم إشارة الأخرس مقام التكلم؟ إشكال، أقربه
ذلك، فتبطل بالواحدة وإن لم تكن مفهمة، لقيامها في حقه مقام كلمة. وهل
الكلام الواجب كتحذير (192) المشرف على التردي، والمكره عليه مبطل؟ الأظهر
نعم، ولو تركه مشتغلا بالقراءة احتمل البطلان (193).
الثاني عشر: ترك العدول عن السورة بعد بلوغ نصفها، لغير غلط أو ضيق
وقت، أو عن الإخلاص والجحد وإن لم ينصفهما، إلا إلى الجمعة والمنافقين في
الجمعة وظهرها فيجوز فيهما إليهما لغير العامد ما لم يبلغ نصفهما. وتالي العزيمة سهوا
يعدل إلى غيرها وجوبا وإن تجاوزه ما لم يقرأ السجدة، وبعدها يحتمل الاستمرار
لزوال المانع، والعدول ما لم يركع لعدم الاعتداد بما نهي عنه.
الفصل الثامن
في التروك الواجبة الجنانية
وهي اثنا عشر:
الأول: ترك قصد الافتتاح بسوى تكبيرة الإحرام، فلو قصده بعدها
بغيرها بطلت وصحت الثالثة، وهكذا يصح كل فرد ويبطل كل زوج، إلا أن
يقصد الخروج فيصح ما بعده.
الثاني: ترك نية الوجوب في الفعل المندوب كالقنوت مثلا، فتبطل
الصلاة لو نواه على قول قوي، وشيخنا في البيان على الصحة، لتأكد العزم (194)،
لكن في إمكان قصد العاقل وجوب ما يشك في وجوبه تأمل، فكيف وجوب ما

(192) في هامش " ض " و " ش ": لكن يجب التحذير بالقرآن نحو: (اتقوا النار) أو الذكر نحو: لا إله إلا
الله، فإن عرف أنه لا يتنبه إلا بالكلام الصريح وجب التكلم، أما لو عدل إلى التكلم مع علمه
بحصول التنبيه بالقرآن أو الذكر فينبغي عدم التوقف في البطلان " منه مد ظله ".
(193) في هامش " ش ": بناء على أن الأمر بالشئ يستلزم عدم الأمر بضده، وهو كاف في البطلان،
ولا يحتاج إلى إثبات استلزامه النهي عن ضده، أما لو كان حال الترك ساكتا فقد يحكم بعدم
البطلان، لعدم اشتغاله بشئ، وفيه: أن الاستدامة الحكمية والتلبس بالصلاة فعلان حاصلان منه
وهو غير مأمور بهما بل مأمور بتركهما فتدبر " منه مد ظله ".
(194) البيان: 79.
55

يعتقد استحبابه.
الثالث: ترك نية الندب في الفعل الواجب فتبطل قولا واحدا، ولو تردد
في الوجوب والندب - لتعارض الأدلة إن كان مجتهدا، أو فقد المجتهد الحي العدل
إن كان مقلدا - احتمل التخيير، فينوي ما شاء، والترديد كنية زكاة مال شك في
بقائه، ونية ما تشاركا فيه وهو مطلق الرجحان، ونية الوجوب كمختار
البيان (195).
الرابع: ترك الاستدامة الحكمية بالعدول عن اللاحقة إلى السابقة لذاكرها
في الأثناء مع عدم فوت المحل.
الخامس: تركها بالعدول عن السابقة إلى اللاحقة إذا ظهر إيقاعها في
المختص بأختها.
السادس: ترك قصد كون الآية المشتركة بين السورتين من غير المقروءة،
وقاصده عمدا يعيدها بدونه (196) إن لم نقل بإخلالها بالنظم، ومعه تبطل صلاته.
السابع: ترك قصد إتمام الصلاة ابتداء، أو عدولا في مواضع التخيير إذا
ظن ضيق الوقت عنها تامة، أو عن الأخرى مقصورة.
الثامن: ترك قصد الإقامة أثناء التلبس بالمقصورة، أو قبله في الوقت لا
قبله (197) مع ظن ما سبق (198).
التاسع: ترك قصد قطع الصلاة، أو قصد فعل يستلزم قطعها كالقهقهة،

(195) البيان: 79.
(196) في هامش " ش ": أي: يكفيه إعادتها بدون القصد المذكور، ولا يجب قصد كونها من المقروءة
" منه دام ظله العالي ".
(197) في هامش " ش ": المراد بقوله: لا قبله: التنبه على أنه لا يحرم قبل الوقت قصد الإقامة لمن ظن
ضيقه عن الإتمام، كفاقد شرط يستغرق السعي في تحصيله كل الوقت، إلا قدر المقصورة " منه مد
ظله العالي ".
(198) في هامش " ش ": وهو ضيق الوقت " منه دام ظله ".
56

والبكاء (199) لأمور الدنيا، فتبطل وإن لم يقطع أو يفعل (200)، ويلحق به التردد
في أنه هل يقطعها أو يفعل ما يقطعها، فتبطل بمجرد التردد على تردد.
العاشر: ترك تعليق قطعها، أو فعل ما يقطعها على أمر متوقع الحصول
كنزول مطر وهو مربع، أو غير متوقع كنزوله وهو مصيف فتبطل، أما لو علقة على
ممتنع عادي كانقلاب الحجر ذهبا فلا على الأظهر.
الحادي عشر: ترك قصد غير الصلاة ببعض أفعالها الواجبة، كقصد القيام
لداخل بالنهوض إلى الثانية فتبطل (201)، وانسحاب الحكم إلى الأفعال المندوبة
كرفع اليد للتكبير بقصد اباء (202) أمر بعيد، إلا إذا كثرت. ومثله الاستمرار في
فعل بعد أداء الواجب منه، إذا لم تترجح الزيادة عليه، كتطويل طمأنينة الرفع.
وما يتوهم من عدم تحقق كثرة الفعل هنا على القول باستغناء الباقي عن المؤثر،
لكونه غير فاعل مردود بأنه فاعل عرفا، وهو المحكم شرعا.
الثاني عشر: ترك قصد الرياء بواجب أو مستحب، كزيادة تسبيحات
الركوع، أو ترتيل القراءة فتبطل فيهما على الأظهر، مع احتمال جعله في المستحب
كالسابق، فيتوقف البطلان على الكثرة كما جزم به بعض الأصحاب.

(119) في هامش " ش ": البكا بلا مد: هو خروج الدمع بلا صوت، والبكاء بالمد: هو خروجه مع
الصوت والمنهي عنه في الرواية مشتبه بين المقصور والممدود، ومال بعض علمائنا إلى أن المبطل هو
الممدود: لاستصحاب صحة الصلاة إلى أن يعلم حصول المبطل، وهو جيد " منه مد ظله العالي ".
(200) في هامش " ش ": قال في المعتبر: لو عزم على فعل ما ينافي الصلاة من حديث، أو كلام، أو فعل
خارج عنها ثم لم يفعل لم تبطل صلاته، لأن ذلك ليس رافعا للنية الأولى، انتهى كلامه، والحق أنه
رافع لها فتبطل كما قلنا " منه مد ظله ".
أنظر المعتبر 2: 150.
(201) في هامش " ض " و " ش ": بأن يقصد بالنصوص مجرد تعظيمه، لا نصوص الصلاة أيضا، أما لو
قصدهما معا ففي البطلان خلاف " منه دام ظله ".
(202) في هامش " ش ": أي: لمجرد هذا القصد من دون قصد الرفع للتكبير " منه دام ظله ".
57

الفصل التاسع في التروك الواجبة الأركانية
وهي اثنا عشر:
الأول: ترك الانحناء الممتد أماما ولو إلى دون حد الراكع، ويمينا،
وشمالا، وخلفا للقادر عليه في القيام الواجب، كقيام القراءة. أما المندوب كقيام
القنوت فلا، مع احتمال مساواته له في الكل، وفيما سوى الأول فحسب.
الثاني: ترك الوقوف المتطاول على رجل واحدة، أما رفعها آنا ثم وضعها
فلا، إلا إذا كثر، وكذا الانحناء (203).
الثالث: ترك تباعد الرجلين بما يخرج به عن حد القيام، ولو دار الأمر
بين تباعدهما والانحناء كما لو حبس في بيت منخفض السقف ففي الترجيح
توقف، وبعضهم رجح التباعد، لبقاء الفرق به بين القيام والركوع، بخلاف
الانحناء، وهو جيد إن كان إماما وبلغه، وإلا فالفرق باق، فيبقى التوقف، والمصير إلى
التخيير متجه. ولو دار بين الانحناءات الأربعة فالظاهر ترجيح الأول إن قصر عن
الركوع، وإلا فالترجيح للثلاثة (204) من غير ترجيح.
الرابع: ترك استدبار القبلة بالبدن كله، أو الوجه خاصة للقادر عليه،
والتيامن والتياسر بالأول لا بالثاني على المشهور، وبتساويهما في المنع قول، يشهد له
قول الصادق عليه السلام في صحيحة زرارة: " ولا تقلب وجهك عن القبلة
فتفسد (205) صلاتك " (206).

(203) في هامش " ش ": أي: إذا انحنى تارة، وانتصب أخرى، ولم يطل انحناؤه فإنه لا يحرم إلا إذا كثر
" منه دام ظله العالي ".
(204) في هامش " ش ": ويمكن أن يقال بترجيح الثاني والثالث على الرابع، لفوت الاستقبال فيه في
الجملة " منه دام ظله ".
(205) في هامش " ض " و " ش ": أما من الإفساد فصلاتك مفعول، أو من الفساد ففاعل، وكيف
كان فهو منصوب لوجود الشرطين " منه مد ظله العالي ".
(206) الكافي 3: 300 حديث 6 باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث، الفقيه 1: 180 حديث 856،
التهذيب 2: 286 حديث 1146.
58

الخامس: ترك التكفير، وهو وضع اليمين على الشمال لغير تقية، وتبطل الصلاة به وفاقا للأكثر، بل نقل المرتضى رضي الله عنه الاجماع عليه (207)،
وكرهه أبو الصلاح (208)، ووافقه المحقق في المعتبر (209). ولو تركه في موضع التقية
ففي البطلان نظر (210).
السادس: ترك الفعل الكثير عادة، فتبطل مع العمد لا مع السهو، إلا مع
انمحاء صورة الصلاة فمطلقا (211)، ولو تفرق في الركعات وانتفت الكثرة بدون
الاجتماع فلا تحريم ولا إبطال (212).
السابع: ترك الأكل والشرب وإن لم يعدا فعلا كثيرا، وقيدهما العلامة
به (213)، والشيخ أطلق محتجا بالإجماع (214)، ولا يضر ابتلاع ما تخلف بين
الأسنان إن لم يكثر.
الثامن: ترك الدخول في فعل قبل إكمال الواجب قبله، كالإنحناء
للركوع قبل إكمال القراءة، والرفع منه، ومن السجود قبل إكمال أقل الواجب
من الذكر والطمأنينة.
التاسع: ترك التحامل عن الأعضاء السبعة (215)، أو بعضها حال
السجود.

(207) الإنتصار: 41.
(208) الكافي في الفقه: 125.
(209) المعتبر 2: 255.
(210) في هامش " ش ": منشأ النظر: أن الإخلال في هذه الصورة هل هو بجزء أم خارج، وأيضا فوضع
اليدين على غير صورة التكفير هل هو جزء أم لا " منه مد ظله العالي ".
(211) في هامش " ش ": أي: فتبطل مطلقا سواء وقع عمدا أو سهوا " منه مد ظله العالي ".
(212) في هامش " ش ": استدلوا على ذلك بما شاع من أن النبي صلى الله عليه وآله كان يحمل أمامة
بنت أبي العاص في الصلاة، وكان يضعها إذا سجد ويرفعها إذا قام، ومثل ذلك غير معدود من
خواصه صلى الله عليه وآله " منه مد ظله العالي ".
أنظر: صحيح البخاري 1: 137 باب 106 كتاب الصلاة.
(213) المنتهى 1: 312.
(214) الخلاف 1: 413 مسألة 159 كتاب الصلاة.
(215) في هامش " ض " و " ش ": كما إذا شد وسطه إلى السقف بحبل مثلا " منه مد ظله العالي ".
59

العاشر: ترك المريض الحالة العليا من القيام، ثم القعود، ثم الاضطجاع
على الأيمن، ثم الأيسر مع التضرر بها، وإن قدر عليها إلى (216) تلوها حتى يستلقي.
الحادي عشر: تركه كلا من هذه الأربعة إذا لم يتمكن من الاستقرار معها
إلى تلوها معه، إما إلى غيره كالثالثة (217) من الأولى فمشكل (218).
الثاني عشر: تركه الحالة الدنيا إذا قدر على العليا من غير تضرر، ويقرأ
حال الانتقال هناك لا هنا، وقيل: يسكت فيهما حتى يسكن، وهو جيد إذا لم
يطل سكوته في انتظار سكونه. ويقوم القاعد لو خف بعد انتهاء ركوعه لرفعه
وطمأنينته، وبعده لها، وبعدها لهوي السجود. ولا تجب الطمأنينة له، بل في
جوازها نظر، فلو ثقل حينئذ فهوى لضعف وقصده السجود ففي احتسابه بهويه نظر،
فإن جوزناه وصله به، وإلا قعد ثم سجد.
الفصل العاشر
في التروك المستحبة اللسانية
وهي اثنا عشر:
ولا بأس في إطلاق المستحب على ترك المكروه، فإنه متعارف عندهم.
الأول: ترك الكلام في أثناء الأذان والإقامة، سوى الصلاة على النبي
صلى الله عليه وآله عند ذكره (219)، وحرمه المفيد والمرتضى رضي الله عنهما

(216) في هامش " ض " و " ش ": ضمن الترك معنى العدول فعداه بلفظ إلى، والمراد: ترك الحالة
العليا عادلا إلى تلوها، ومن هذا القبيل ما وقع في الحديث من قوله عليه السلام: " دع ما يريبك إلى
ما لا يريبك " " منه مد ظله ".
(217) في هامش " ش ": أي: كالانتقال إلى الحالة الثالثة من الحالة الأولى " منه مد ظله العالي ".
(218) في هامش " ش ": الذي يقوى جواز الانتقال إليها " منه مد ظله العالي ".
(219) في هامش " ض " و " ش ": لما رواه في الفقيه صحيحا، وفي الكافي حسنا عن زرارة، عن الباقر.
عليه السلام أنه قال: " صل على النبي صلى الله عليه وآله كلما ذكرته، أو ذكره ذاكر عندك في أذان
أو غيره "، وقد عمل بعضهم بظاهر هذه الرواية فأوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله كلما
ذكره، وهو مذهب ابن بابويه كما نقل عنه، ووافقه صاحب كنز العرفان، وفيه قوة إذ لم نظفر لهذه
الرواية بمعارض لنحمل الأمر فيها على الاستحباب، فيبقى على حقيقته " منه مد ظله ".
أنظر: الكافي 3: 303 حديث 7 باب بدء الأذان والإقامة، الفقيه 1: 184 حديث 875، كنز
العرفان: 132.
60

في - الإقامة (220)، ووافقهما الشيخ طاب ثراه فيما بعد قد قامت (221)، وصحيحة
ابن أبي عمير (222)، وموثقة سماعة (223) شاهدتان (224) لهم، فإنهما صريحتان في
تحريمه بعد ذلك على أهل المسجد، إلا في تقديم إمام، وحملتا على تأكد الكراهة
جمعا بينهما وبين صحيحة حماد بن عثمان المتضمنة جواز تكلم الرجل بعدما
يقيم (225). وللمنتصر (226) لهؤلاء المشايخ الجمع بينها بحمل الأوليين على الإقامة
الواجبة عندهم، - أعني الإقامة للجماعة - والثالثة على المستحبة، وهي إقامة
المنفرد.

(220) المقنعة: 15.
(221) المبسوط 1: 96، وانظر: جمل العلم والعمل (المطبوع مع شرح القاضي ابن البراج): 79.
(222) في هامش " ض " و " ش ": وهي ما رواه من أنه سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يتكلم في
الإقامة قال: " نعم، فإذا قال المؤذن: قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام على أهل المسجد، إلا أن
يكونوا قد اجتمعوا من شتى وليس لهم إمام فلا بأس أن يقول بعضهم لبعض: تقدم يا فلان " منه مد
ظله ".
رواها الشيخ في التهذيب 2: 55 حديث 189 والاستبصار 1: 301 حديث 1116.
(223) في هامش " ض " و " ش ": وهي ما رواه عن الصادق عليه السلام، أنه قال: " إذا قال المؤذن
: قد قامت الصلاة فقد حرم الكلام، إلا أن يكون القوم ليس يعرف لهم إمام " منه مد ظله ".
التهذيب 2: 55 حديث 190، الاستبصار 1: 301 حديث 1114.
(224) في هامش " ض " و " ش ": لا يخفى أن شهادتهما للشيخ أتم من شهادتهما للمفيد والمرتضى،
ويشهد لهما شهادة تامة إن حملنا النهي على التحريم، كما في صحيحة عمرو بن أبي نصر، قال: قلت
لأبي عبد الله عليه السلام: أيتكلم الرجل في الأذان؟ قال: " لا بأس " قلت: في الإقامة؟ قال: " لا "
" منه مد ظله ".
أنظر: الكافي 3: 304 حديث 10 باب بدء الأذان والإقامة، التهذيب 2: 54 حديث 184،
الاستبصار 1: 300 حديث 1110.
(225) في هامش " ض " و " ش ": وهي ما رواه الشيخ عنه قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن
الرجل أيتكلم بعد ما يقيم الصلاة؟ قال: " نعم " " منه مد ظله ".
أنظر: التهذيب 2: 54 حديث 187، الاستبصار 1: 301 حديث 1114.
(226) في هامش " ض " و " ش ": هذا الانتصار ذكره بعضهم، لكني لم أطلع في كلام هؤلاء رحمهم الله
على الفرق بين الواجبة والمستحبة في تحريم الكلام في أثنائها، غير أن الواجبة أولى بتحريمه من المستحبة
" منه مد ظله ".
61

الثاني: ترك الإعراب في أواخر فصولهما (227).
الثالث: ترك الترجيع فيهما وفسر بتكرار الشهادتين مرتين أخريين، ولا
بأس به بقصد الإشعار.
الرابع: ترك الكلام بعد الفراغ من الإقامة، إلا (228) ما يتعلق بالصلاة
من الواجبات كعدم تقدم المأموم، أو المستحبات كتسوية الصفوف. أما التلفظ
بالنية فليس مما يتعلق بالصلاة (229) فيكره، اللهم إلا أن يتوقف استحضارها عليه
فيجب، والاستناد في استحبابه إلى أن فيه شغلا للقلب واللسان معا فهو أحمز
مدفوع بأنه فرع كون التلفظ عبادة، وهو أول البحث.
الخامس: ترك القراءة لمريد التقدم خطوة أو اثنتين في أثناء
التخطي (230).
السادس: ترك التأوه بحرف، وكذا الأنين به.
السابع: السكوت بعد قراءة الفاتحة، وبعد السورة بقدر نفس، وطرده
بعضهم في الركعتين الأخيرتين، بل بعد التسبيح أيضا.
الثامن: ترك المأموم القراءة خلف المرضي في السرية، وفي الجهرية إذا

(227) في هامش " ض ": لما روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " الأذان والإقامة مجزومان " " منه
مد ظله ".
أنظر: الفقيه 1: 184 حديث 874.
(228) في هامش " ض " و " ش ": هذا الاستثناء مذهب الكل حتى القائلين بتحريم الكلام بعد قد
قامت " منه مد ظله ".
(229) في " ش ": فليس من الصلاة.
(230) في هامش " ش ": وذهب بعض علمائنا إلى وجوب تركها حينئذ، وهو مختار شيخنا في الذكرى،
مستدلا بظاهر رواية السكوني عن الصادق عليه السلام، أنه قال في الرجل يصلي في موضع يريد أن
يتقدم قال: " يكف عن القراءة في مشيه حتى يتقدم إلى الموضع الذي يريد، ثم يقرأ "، واستدل أيضا
بأن القراءة شرط في القيام، الذي هو شرط في القراءة ويمكن حدس الدليل الأول بعد الإغماض عن
ضعف سنده بأن إطلاق اسم المشي على الخطوة والخطوتين محل نظر، والثاني: بأن فوت القراءة
العرفي بهذا القدر ممنوع، ولو تم لاقتضى بطلان الصلاة، وأنتم لا تقولون به " منه مد ظله العالي ".
أنظر: الذكرى: 196، الكافي 3: 316 حديث 24 باب قراءة القرآن، التهذيب 2: 290 حديث
1165.
62

سمع ولو همهمة (231)، وحرمها الشيخ في الثاني (232).
التاسع: ترك المأموم القارئ - لعدم سماع الهمهمة - قراءة الآية الأخيرة
إن نقصت قراءته عن قراءة إمامه ليركع عنها وليمجد (233) الله سبحانه مكانها.
العاشر: ترك الادغام الكبير، فإن الحرف الواحد في الصلاة قائما بمائة
حسنة، وقاعدا بخمسين كما في الخبر (234).
الحادي عشر: ترك إشباع الحركات بحيث تقارب الحروف.
الثاني عشر: ترك القرآن بين السورتين وفاقا لأكثر المتأخرين، والروايات
المشعرة بتحريمه (235) محمولة على الكراهة، جمعا بينها وبين الدالة على
جوازه (236)، والشيخ حملها على ظاهرها، فحرمه في النهاية (237)، والمبسوط (238)،
بل أبطل الصلاة به وفاقا للمرتضى (239). وكيف كان فهو مستثنى بين الضحى
والانشراح، والفيل والإيلاف، فقد أوجبه الأكثر، بل ادعوا وحدة السورتين، حتى

(231) في هامش " ش ": أما لو لم يسمع الهمهمة أيضا فالمشهور استحباب القراءة له، وقد ذكروا أنه
يخافت بها، واستدلوا على ذلك برواية أبي بصير عن الصادق عليه السلام أنه قال: " ينبغي للإمام أن
يسمع من خلفه كل ما يقول: ولا ينبغي لمن خلفه أن يسمعه شيئا مما يقول ". ولا يخفى ما في هذا
الاستدلال، فإن عدم الإسماع لا يستلزم المخافتة، لتحققه في الصف البعيد، وأيضا الإسماع ما كان
عن قصد فالدليل أخص من المدعى فتدبر " منه مد ظله العالي ".
أنظر: تفسير العياشي 2: 318.
(232) في " ش ": الشيخان، أنظر: المبسوط 1: 158، النهاية: 113.
(233) في هامش " ض " و " ش ": مجزوم بلام الأمر، لا معطوف على قوله: يركع، ليكون منصوبا بلام
كي " منه دام ظله ".
(234) ثواب الأعمال: 126 حديث 1 باب ثواب من قرأ القرآن قائما في صلاته.
(235) منها ما رواه الشيخ عن محمد بن مسلم عن أحدهما عليهما السلام في التهذيب 2: 70 حديث 254،
والاستبصار 1: 314 حديث 1168، ولمزيد الاطلاع راجع الوسائل 4: 740 باب 8 من أبواب
القراءة.
(236) منها ما رواه الشيخ عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام في التهذيب 2: 70 حديث 258،
والاستبصار 1: 317 حديث 1180.
(237) النهاية: 75.
(238) المبسوط 1: 107.
(239) الإنتصار: 44.
63

نفى الشيخ في التبيان وجوب البسملة في البين (240)، ولم أظفر في الأخبار بما يدل
على الوجوب (241)، ولا على الوحدة، بل رواية المفضل (242) صريحة في التعدد.
الفصل الحادي عشر
في التروك المستحبة الجنانية
وهي اثنا عشر:
الأول والثاني: ترك قصد حصول الثواب، أو الخلاص من العقاب، كما
تضمنه بعض الأخبار، حتى أبطل كثير من علمائنا الصلاة وغيرها من واجب
العبادات بقصد أحد الأمرين (243).
الثالث والرابع: ترك ضم أحد القصدين إلى التقرب.
الخامس: ترك نية القصر في الأربعة، فإن الإتمام فيها أفضل.
السادس: ترك العدول في أثناء المنوي إتمامها في أحد الأربعة إلى القصر
قبل ركوع الثالثة، أما بعده فمبطل وإن قلنا باستحباب التسليم (244).
السابع: ترك الاستدامة الحكمية بالعدول عن نية الحاضرة إلى الفائتة، وإن

(240) التبيان 10: 371.
(241) في هامش " ض " و " ش ": أي: وجوب القرآن بمعنى أنه إذا قرأ الضحى وجب قرانها
بالانشراح، وكذا الفيل والإيلاف " منه مد ظله ".
(242) في هامش " ض " و " ش ": قال: سمعت أبا عبد الله عليه السلام يقول: " لا تجمع بين سورتين في
ركعة واحدة، إلا الضحى وألم نشرح، وسورة الفيل ولإيلاف قريش " ولا يخفى أن الحمل على
الاستثناء المنقطع في غاية البعد " منه مد ظله. ".
رواها الطبرسي في مجمع البيان 5: 544.
(243) في هامش " ض " و " ش ": قد بسطنا الكلام في هذا المقام بما لا مزيد عليه في شرح الحديث
السابع والثلاثين من كتاب الأربعين " منه مد ظله ".
(244) في هامش " ش ": هذا إيماء إلى دفع ما يتراءى من أنا إذا قلنا بعدم وجوب التسليم فقد برئت
ذمته، وخرج من الصلاة بالتشهد الأول، فما أوقعه بعد ذلك أمور زائدة خارجة عن الصلاة، فلا أثر
للعدول في بطلان ما قد فرغ منه وانقضى، بل لا معنى له، ووجه الدفع ظاهر، فإن الخروج إنما يحصل
لو لم يصل الثانية بالثالثة المندوبة فالاتصال بها كاشف عن عدم الخروج قبلها، وقد اغتفر له الخروج
في أثنائها ما دام لم يدخل في ركن، أما بعده فلا " منه دام ظله العالي ".
64

تخالفا سرا وجهرا، إذا ذكرها في الأثناء مع السعة قبل ركوع الزائدة، وأوجبه
المرتضى (245) وأكثر القدماء، بناء على تضيق القضاء، فيعدل قبلا ويستأنف
بعدا.
الثامن: ترك الوسواس في النية وغيرها من الأفعال، كما في صحيحة ابن
سنان (246).
التاسع: ترك إحضار غير المعبود بالبال.
العاشر: ترك حديث النفس كما في صحيحة زرارة (247).
الحادي عشر: ترك قاصد القربة بالفعل ملاحظة ما يلزمه من الأمور
الخارجة، كالراحة في جلوس التشهد، والتحرز عن مواجهة الشمس في الركوع
والسجود، إن جوزنا قصد اللازم في ضمن الملزوم كالتبرد في الوضوء، أما الداخلة
في مصلحة الصلاة كتطويل الإمام الركوع ليدركه الداخل فلا (248).
الثاني عشر: ترك الاستدامة الحكمية بالرجوع في الأثناء لتدارك الأذان
والإقامة لناسيهما (249) لا العامد، والشيخ عكس في النهاية (250)، وأطلق في

(245)
(246)
(247) الكافي 3: 299 حديث 1 باب الخشوع في الصلاة وكراهية البعث.
(248) في هامش " ش ": بل يستحب له تطويله إذا أحس بداخل، وقد نقل الشيخ الاجماع عليه، وحد
التطويل مقدار ركوعين كما تضمنته الرواية ولو أحس بعده بداخل ثان فهل يستحب التطويل له
أيضا؟ وجهان، وقد حكم بعض علمائنا بعدم الاستحباب هنا، معللا باحتمال كراهة بعض
المأمومين التطويل، وأورد عليه جريان هذا الاحتمال في الأول، إذ الحق أن مطلق استحباب التطويل
مشروط بظن عدم كراهتهم " منه دام ظله العالي ".
(249) في هامش " ش ": تخصيص الرجوع لتدارك الأذان والإقامة بالناسي هو مذهب أكثر علمائنا
رحمهم الله تعالى، وهو الأصح، روى الحلبي في التصحيح عن الصادق عليه السلام أنه قال: " إذا
افتتحت الصلاة، ونسيت أن تؤذن وتقيم، وذكرت قبل أن تركع فانصرف وأذن وأقم واستفتح
الصلاة، وإن كنت قد ركعت فأتم صلاتك "، وما ذهب إليه الشيخ في النهاية والمبسوط لم نجد به
خبرا.
أنظر: التهذيب 2: 278 حديث 1103، الاستبصار 1: 304 حديث 1127.
(250) النهاية: 65.
65

المبسوط (251)، والعلامة فرق في المختلف بما فيه كلام (252) و (253). وكيف كان
فشرط الرجوع قبلية الركوع، واتساع الوقت، وعدم فوت شرط كإنقضاء مدة إباحة
ساتر، وانتفاء التأدية إلى سقوط الأداء كما في تمكنه من الماء بعد التكبير متيمما،
وفقده مع بدله قبل القطع إن لم نوجبه عنده - لوجود الأذن - (254) وقلنا
كالشيخ (255) بالنقص به في حق غير المتلبس بها.
الفصل الثاني عشر
في التروك المستحبة الأركانية
وهي اثنا عشر نوعا موزعة على اثني عشر عضوا:
الأول: ما للعين، وهو ترك النظر إلى السماء، وترك تحديده في شئ من

(251) المبسوط 1: 95.
(252) المختلف: 88.
(253) في هامش " ش ": فخص الرجوع بالناسي لا العامد، وقال: إن الأذان والإقامة من وكيد
السنن، والمحافظة عليهما يقتضي تداركهما مع النسيان، لأن النسيان محل العذر، أما متعمد الترك فقد
دخل في الصلاة غير مريد للفضيلة، فلا يجوز إبطال العمل، ثم قال: وبهذا يظهر الفرق بين العامد
والناسي، هذا ملخص كلامه طاب ثراه، واعترض عليه بأن كونهما من وكيد السنن أمر مشترك بين
العامد والناسي، وهو يقتضي رجحان تداركهما لهما، والنهي عن إبطال العمل كذلك أيضا، وهو
يقتضي مرجوحية التدارك لهما، فهما متساويان فيما يقتضي رجحان التدارك ومرجوحيته، بل يمكن أن
يقال: إن خطاب العامد بالتدارك أنسب، لأن متعمد الترك حقيق بمشقة التدارك، وأما الناسي
فمعذور.
وغاية ما يقال: إن الناسي لما كان معذورا لم يجعله الشارع محروما من تدارك هذه السنة المؤكدة
والفوز بثوابها العظيم، وأما العامد فحيث أنه دخل في الصلاة معرضا عن تلك السنة الأكيدة ومتهاونا بها
فهو حقيق بالمحرومية من تداركها وجدير بعدم الفوز بثوابها، وهذا هو مراد العلامة طاب ثراه " منه مد
ظله العالي ".
(254) في هامش " ض " و " ش ": قوله: لوجود الأذن علة لوجوب القطع في هذه الصورة، والذي يقوى
عندي وجوبه، لأنه متمكن من استعمال الماء عقلا وشرعا، فلا مجال للتوقف في انتقاض تيممه، ولا
يحضرني في هذا الباب كلام لأحد الأصحاب " منه مد ظله ".
(255) في هامش " ش ": مذهب الشيخ: أن المتيمم إذا وجد الماء، وتمكن من استعماله في أثناء
الصلاة لم ينتقض تيممه بالنسبة إلى الصلاة التي هو متلبس بها، فلا يجوز قطعها لعموم: " لا تبطلوا
أعمالكم " نعم ينتقض تيممه بالنسبة إلى الصلاة التي يأتي بها بعد تلك الصلاة " منه مد ظله
العالي ".
66

الأشياء.
الثاني: ما للأنف، وهو ترك الامتخاط كما في صحيحة زرارة (256)،
إلا إذا كثر فشغل القلب فإن الأولى حينئذ فعله.
الثالث: ما للفم، وهو ترك التثاؤب كما في صحيحة زرارة، والتنخم،
والتلثم الغير المخل بالقراءة وواجب الأذكار، وفي صحيحة محمد بن مسلم: نفي
البأس عنه للراكب (257). وترك نفخ موضع السجود بدون حرفين، وترك
البصاق إلى القبلة وإلى اليمين، فإن غلب فإلى اليسار، أو تحت القدم اليسرى.
وترك التبسم وإن كان منشؤه السرور والابتهاج الكامل بتذكر العفو الشامل،
والرحمة التي وسعت كل شئ.
الرابع: ما لشعر الرأس، وهو ترك عقصه للرجل، والقول بتحريمه
ضعيف، وبإبطاله أضعف. وترك الفصل به بين شئ من الجبهة والأرض إذا
وقع بعضها عليها، كما تضمنته صحيحة علي بن جعفر (258) من منع المرأة منه،
والظاهر عدم الفرق بينها وبين الرجل، وقد يحمل المنع على التحريم، - لصدق
السجود على الشعر وإن تحقق على غيره أيضا، وهو محتمل، فلا فرق حينئذ (259)
بين حيلولة الشعر وغيره مما لا يسجد عليه.

(256) الكافي 3: 299 حديث 1 باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث.
(257) في هامش " ش ": فلو صلى راكبا لم يكره له التلثم " منه مد ظله ".
أنظر: الكافي 3: 299 حديث 1 باب الخشوع وكراهية العبث، و 408 حديث 1 باب
الرجل يصلي وهو متلثم أو...
(258) في هامش " ض " و " ش ": ما رواه عن أخيه الكاظم عليه السلام، قال: سألته عن المرأة تطول
قصتها فإذا سجدت وقع بعض جبهتها على الأرض وبعض يغطيه الشعر هل يجوز ذلك؟ قال: " لا، حتى
تضع جبهتها على الأرض " ولا يخفى أن حمل منعه عليه السلام على كراهية السجود على بعض الجبهة،
واستحبابه على كلها كما مر في صدر الفصل السادس بعيد، إذ نفي الجواز كالصريح في التحريم،
فيمكن الحمل على ما إذا كان الواقع من جبهتها على الأرض شيئا يسيرا جدا بحيث لا يصدق السجود
عليه عرفا، فتأمل " منه مد ظله العالي ".
أنظر: قرب الإسناد: 92.
(259) لم ترد في " ش ".
67

الخامس: ما للوجه، وهو ترك الانحراف اليسير به عن سمت القبلة، أما
ما فوقه فقد مر حكمه.
السادس: ما لليدين، وهو ترك افتراش الذراعين حال السجود كما في
صحيحة زرارة المشهورة (260)، والمرأة تفترشهما. وترك العبث بهما كما في صحيحته
الأخرى (261)، والحق به ترك العبث بسائر الأعضاء، وترك العجن بهما أو
بإحداهما حال النهوض من السجود، كما في حسنة زرارة (262)، وترك التمطي.
السابع: ما للكفين، وهو ترك التطبيق، وهو وضع إحدى الراحتين على
الأخرى راكعا بين ركبتيه، وترك التصفيق للإعلام إلا لضرورة (263)، وترك
جعلهما حال السجود بإزاء الركبتين، بل يحرفهما عنهما يسيرا، كما في صحيحة زرارة
المشهورة (264).
الثامن: ما للأصابع، وهو ترك تشبيكها كما في صحيحة زرارة
المشهورة (265)، وترك فرقعتها كما في صحيحته الأخرى (266).
التاسع: ما للظهر، وهو ترك التبازخ في الركوع، بالتاء المثناة الفوقانية،
والباء الموحدة، والزاء والخاء المعجمة: تقويس الظهر إلى فوق مع اخراج الصدر.
وترك التدبيخ فيه أيضا، بالتاء المثناة الفوقانية، والدال المهملة، والباء الموحدة،

(260) الكافي 3: 334 حديث 1 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 83 حديث 308.
(261) الكافي 3: 335 حديث 2 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 94 حديث 350.
(262) الكافي 3: 299 حديث 1 باب الخشوع في الصلاة وكراهية العبث.
(263) في هامش " ش ": بحيث لا يكثر، فإن كثر أبطل وإن لم يعد من تصفيق اللهو، وقد حكم بعض
الأصحاب بأن إبطاله للصلاة لأنه لعب ولهو، وفي هذا التعليل نظر، والحق أن إبطاله من جهة أنه
كثير لا من حيث كونه حراما في نفسه، إذ ليس كل فعل محرم مبطلا للصلاة كلمس الأجنبية مثلا،
ودلالة السارق بالإشارة، ونحو ذلك. واعلم أن بعض علمائنا خص التصفيق المجوز في الصلاة بما
كان ببطن أحد الكفين على ظهر الأخرى، أما البطن على البطن فحكم بتحريمه مطلقا، وعلله بما
سبق. وفيه: أن صدق اللهو على الصفقة الواحدة أو الاثنين محل نظر، وأيضا فصدق اسم التصفيق
على ضرب بطن إحدى الكفين على ظهر الأخرى موضع كلام، فتدبر " منه مد ظله العالي ".
(264) الكافي 3: 334 حديث 1 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 83 حديث 308.
(265) المصدر السابق.
68

والياء المثناة التحتانية، والخاء المعجمة، ويروى بالحاء أيضا: تقويس الظهر مع
طأطأة الرأس.
العاشر: ما للخصر، وهو ترك التخصر، أعني: قبض الخصر باليدين أو
إحداهما كما يفعله المترفون.
الحادي عشر: ما للرجلين، وهو ترك التورك، والمراد به هنا: الاعتماد
على إحدى الرجلين تارة، والأخرى أخرى من غير رفع، ولو كثر فالظاهر بطلان
الصلاة به، أما مع الرفع فلا تردد في البطلان.
الثاني عشر: ما للقدمين، وهو ترك تلاصقهما حال القيام كما في صحيحة
زرارة المشهورة (267)، بخلاف المرأة، وترك الإقعاء بين السجدتين، وفي جلسة
الاستراحة، والتشهد، وهو أن يعتمد بصدور قدميه على الأرض، ويجلس على
عقبيه، وقد يفسر بأن يجلس على أليتيه ناصبا فخذيه، وفي بعض الأخبار إيماء
إليه، وربما فسر بأن يجلس على قدميه، ويصيب الأرض بيديه.
وترك الجلوس عليهما حال التشهد، وهو من التروك المؤكدة، لنهي أبي
جعفر الباقر عليه السلام عنه في صحيحة زرارة المشهورة بقوله: " وإياك والقعود
على قدميك فتتأذى بذلك، ولا تكون قاعدا على الأرض، فتكون إنما قعد
بعضك على بعض فلا تصبر للتشهد والدعاء " (268).
ورد في نهاية نسخة " ض ": صورة خط المصنف دام ظله: اتفق فراغي
من تأليف هذه الرسالة الاثني عشرية في يوم مولد من ختمت به الرسالة إلى البرية،
سنة ألف واثني عشر هجرية على صاحبها ألف ألف صلاة وسلام وتحية، وأنا
أحوج الخلق إلى رحمة الله الغني محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي، وفقه الله للعمل
في يومه لغده قبل أن يخرج الأمر من يده، والحمد لله رب العالمين.
تمت بقلم أحقر عباد الله العبد الخاطئ علي بن أحمد النباطي.

(267) الكافي 3: 334 حديث 1 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 83 حديث 308.
(268) الكافي 3: 334 حديث 1 باب القيام والقعود في الصلاة، التهذيب 2: 83 حديث 308.
69

بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد الحمد والصلاة: فقد قرأ علي سيدنا الأجل الأمجد الأعظم، قدوة
السادات العظام، وخلاصة الأماجد الكرام، شمس سماء السيادة والنقابة والمجد
والكمال، غرة سيماء النجابة والفضل والعزة والإقبال، المستغني عن الإطالة
والاطناب، في نشر المحامد والألقاب، سيدنا سيد سليمان أدام الله تعالى معاليه
، وحرسه في أيامه ولياليه، وقدس الله روح والده الأجل، افتخار أعاظم السادات
في زمانه، مرجع أفاخم أصحاب السعادات في أوانه، السيد شمس الدين محمد بن
شدقم الحسيني المدني طاب ثراه، هذه الرسالة الاثني عشرية، وقد أجزت له أن
يرويها عني لمن شاء وأحب، والله سبحانه ولي التوفيق والإعانة، وكتب هذه
الأحرف بيده الجانية الفانية، أقل العباد، مؤلف الرسالة محمد المشتهر ببهاء الدين
العاملي عفى الله عن سيئاته، سائلا من سيدنا ومخدومنا سلمه الله الإجراء على
صفحة خاطره الشريف بسوانح الدعوات، في مظان الإجابات، ووقع تحرير هذه
الأحرف في العشر الثالث من الشهر الثاني من السنة السادسة عشر من الهجرة
والحمد لله أولا وآخرا.
70

هو
قرأ علي الولد الأعز الفاضل التقي، الورع الألمعي المتقي اللوذعي، خلاصة
الأفاضل والمتورعين، الشيخ زين الدين علي النباطي أدام الله فضله، وكثر في
علماء الفرقة الناجية مثله، جميع هذه الرسالة الاثني عشرية، قراءة فهم واتقان،
وتحقيق وإمعان، واستكشاف عن المبهمات، واستيضاح للعويصات، وقد أجزت
له وفقه الله لارتقاء معارج الكمال أن يرويها عني لمن شاء وأحب، وكتب ذلك
ببنانه، وقاله بلسانه مؤلفها أقل الأنام محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي، في أواسط
جمادى الأولى عام ألف واثني عشر حامدا مصليا مسلما.
وورد في نهاية نسخة " ش ": وقد وقع الفراغ من تسويد هذه الرسالة
الشريفة نفعنا الله بها في غرة شهر صفر ختم بالخير والظفر، من شهور سنة ثلاثة
عشر وألف من الهجرة النبوية عليه وآله أفضل الصلاة والتحية.
71