قوله (عليه السلام): " تغسل من ثوبك... " إلى قوله (عليه السلام): " حتى تكون على يقين من
طهارتك " دالا على التوسعة في مسألة التعذير فقط.
ويؤيد ما ذكرنا: أن الاستصحاب حجيته ارتكازية خفية، وهي تناسب ما
أبدعناه، بخلاف الحجج العقلائية الواضحة، وعلى هذا لا حكومة للاستصحاب على
مثل قاعدة الطهارة وحديث الرفع، كي يكون منجزا ومضيقا على المكلفين.
أقول: يمكن أن يقال: إنه فرق بين أن يقال: " لا ينبغي شرب ماء الرمان "
و " لا ينبغي ترك الاحتياط " وبين أن يقال: " لا ينبغي لك أن تصوم يوم عاشوراء "
أو " أن تشرب ماء الورد " فإنه في الفرض الثاني أدب في التعبير عن أمر لازم، فلو
قال المولى لعبده: " لا ينبغي لك أن تلبس القلنسوة والحذاء " فكلمة " ينبغي " و " لا
ينبغي " وإن لم تدل على أمر لازم، ولا تكون حجة في حد ذاتها، إلا أنه ربما تكون
حجة، لوجود بعض القرائن الحافة.
أو يقال: إن الأوامر والنواهي الكثيرة المتراكمة كالمطلقات المتعاضدة في
مقابل القرينة الواحدة على جواز استعمال " لا ينبغي " في المحرمات من غير كونه
مجازا، أي يجوز أن يقال: " لا ينبغي لك شرب الخمر " فلا تثبت قرينة الرواية
المذكورة، لأن الأمر والنهي ظاهران عقلائيان في اللزوم، وكلمة " لا ينبغي " ظاهرة
في عدم اللزوم، وليست موضوعة لذلك كي تكون دلالتها تنجزية.
نعم، هذه أوضح، وذاك أكثر، فيصح أن تصير تلك الكثرة قرينة على أن كلمة
" لا ينبغي " مدخولها أمر لازم ومنجز، كما هو معذر.
أو يقال: في الصحيحة الآتية تأكيدات متعاقبة، وفي ذيلها: " ولا يعتد بالشك
في حال من الحالات " بعد مفروغية كونه مسبوقا باليقين، وليس المراد الشك
البدوي فتأمل، فيدور الأمر بين عموم هذه الجملة، والظهور المذكور.
اللهم إلا أن يقال: بأنها محل إشكال دلالة. مع أن العمومات عندنا تحتاج إلى
364