الكتاب: بدائع الدرر في قاعدة نفي الضرر
المؤلف: الإمام الخميني
الجزء:
الوفاة: ١٤١٠
المجموعة: أصول الفقه عند الشيعة
تحقيق: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قده) - قم
الطبعة: الثانية
سنة الطبع: صفر الخير ١٤١٤
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الناشر: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الامام الخميني (قده)
ردمك:
ملاحظات:

بدائع الدرر
1

بدائع الدرر
في
قاعدة نفى الضرر
تأليف
الإمام الخميني قدس سره
تحقيق
مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدس سره
3

مؤسسة تنظيم ونشر آثار إمام خميني
اسم الكتاب: بدائع الدرر في قاعدة نفى الضرر
المؤلف: الإمام الخميني (قدس سره)
تحقيق ونشر: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس سره)
المطبعة: مكتب الإعلام الإسلامي
الطبعة: الثانية
تاريخ الطبع: صفر الخير 1414 ه‍ ق
الكمية: 5000 نسخة
السعر: 220 تومانا
جميع الحقوق محفوظة ومسجلة
مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني قدس سره
4

بسم الله الرحمن الرحيم
5

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على أشرف
النبيين والمرسلين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
وبعد فهذه لمحة موجزة من حياة الإمام الخميني - قدس سره الشريف - ونبذة
مختصرة حول رسالته المباركة الموسومة ب‍ (بدائع الدرر في قاعدة نفي الضرر)
التي نقدمها بكل فخر واعتزاز إلى علماء الامة ومفكريها، وطلاب المعرفة
والثقافة.
7

شذرات من حياة الإمام الخميني
ولادته الشريفة:
في العشرين من جمادى الآخرة وفي ذكرى ميلاد جدته ام الأئمة
الأطهار وسيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء كانت ولادة زعيم الأحرار
الإمام الهمام الخميني الكبير عام 1320 ه‍ ق في مدينة " خمين " الطيبة،
وسط عائلة علمية شريفة عريقة، استمدت أنوارها من صاحب الرسالة
المحمدية، وبسقت أغصانها من الدوحة البيضاء العلوية... ففي ذلك البيت
الهاشمي الرفيع، وأركان فضله وسؤدده المعلى، بزغ روح الله.
إمام ولولا " لا " لقلنا بأنه * نبي تلقى الحكم من خير حاكم
نشأته:
توفرت في الإمام الراحل - قدس سره - مواهب فذة، وملكات فاضلة من
حدة الفهم وقوة الحاضرة وسلامة الفطرة. فدرس مقدمات العلوم على عدة
أساتذة منهم: الميرزا محمود، والشيخ جعفر، والشيخ حمزة المحلاتي، فنبغ
9

فيها وحاز على معلومات تعدت ذهنية أقرانه، حتى ذكر أ نه أنهى
دراساته الفارسية قبل أن يكمل الخامسة عشرة من عمره المبارك.
وتطلع إلى التوسع في طلب المعرفة، فشرع بالدراسة عند أخيه الأكبر
سماحة آية الله السيد بسنديده - حفظه الله تعالى - فبقي عنده حتى أنهى
مرحلة اخرى من مراحل سيره العلمي، كل ذلك يخطو خطوة خطوة
باستعداده، ويتدرج في مدارج الكمال والمثل الأعلى.
سافر إلى مدينة أراك لاكتساب العلوم على أيدي المشاهير من أعلام
عصره المتواجدين هناك منهم:
أقا عباس الأراكي، والشيخ محمد الگلپايگاني، والشيخ محمد علي
البروجردي.
وبعد ذلك هاجر الإمام الخميني قدس سره إلى مدينة قم المقدسة
معقل الجد والاجتهاد لانتهال العلم والمعرفة، والتوسع في دراسات الفقه
والاصول، والتوغل في باقي الفنون الإسلامية المختلفة الاخرى، فاختلف
إلى حلقات علمائها، وحضر عند مشاهيرها، مواصلا العمل دون ملل
أو كلل.
ففي علوم الفقه وأصوله استفاد كثيرا من محضر دروس آية الله العظمى
الشيخ عبد الكريم الحائري مؤسس الحوزة العلمية المباركة بقم، وآية الله
الشيخ محمد الرضا النجفي الأصفهاني، ووقف في علمي الرياضيات
والفلسفة على السيد أبو الحسن الرفيعي القزويني، والشيخ الميرزا علي أكبر
الحكمي اليزدي، واختص بالشيخ الميرزا جواد الملكي التبريزي فدرس عنده
علم الأخلاق. وإلى غير هؤلاء الأجلاء مما لاتسع هذه العجالة استقصاؤهم.
10

وفاته:
في يوم 14 خرداد 1368 ه‍. ش في مدينة طهران فارقت نفس السيد
الشريفة هذه الحياة الفانية لتلتحق بالرفيق الأعلى، فضج العالم الإسلامي
وصار في وحشة عظيمة لهول المصاب، فلا ترى الناس إلا باكيا ونادبا،
وكان يوما مشهودا عظيما لم ير مثله أبدا، يكل عنه الوصف، ويضيق دونه
البيان، فحمل النعش الزكي على الأعناق إلى مقبرة جنة الزهراء.
من آثار الإمام العلمية:
1 - كتاب البيع.
2 - المكاسب المحرمة.
3 - كتاب الطهارة.
4 - الخيارات.
5 - الدماء الثلاثة.
6 - شرح أربعين حديثا.
7 - مصباح الهداية إلى الخلافة والولاية.
8 - تهذيب الاصول.
9 - آداب الصلاة.
10 - تحرير الوسيلة.
11 - توضيح المسائل.
12 - حاشية على كتاب الأسفار الأربعة.
11

13 - رسالة في التعادل والترجيح.
14 - رسالة في الاجتهاد والتقليد.
15 - بدائع الدرر في قاعدة نفي الضرر. وغيرها
12

حول قاعدة لا ضرر
إن حديث (لا ضرر ولا ضرار) من الأحاديث المشهورة بين علماء الامة
الإسلامية، وقد طفحت الموسوعات والمعاجم والمصنفات الحديثية
بذكره وتخريجه، والإشارة إلى رواته وأسانيده، حتى ادعى بعضهم تواتره
بين المسلمين (1).
ولا بأس بالإشارة هنا - في هذه العجالة - إلى بعض أهم مصادره
وموارد تخريجه في كتب أبناء العامة:
1 - فقد رواه ابن ماجة في سننه في الجزء الثاني، صفحة: 784، برقم:
2340 و 2341 بطريقين: أولهما عن عبادة بن الصامت، والثاني عن ابن
عباس.
2 - ورواه أيضا الحاكم في المستدرك على الصحيحين في الجزء الثاني،
صفحة: 57، عن أبي سعيد الخدري، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد

(1) إيضاح الفوائد 2: 48.
13

على شرط مسلم.
3 - وأخرجه مالك في الموطأ، في الجزء الثاني، صفحة: 745، برقم:
31، عن المازني.
4 - وأورده أيضا أحمد في مسنده في الجزء الأول، صفحة: 313 وفي
الجزء الخامس، صفحة: 327.
5 - وأيضا البيهقي في سننه في الجزء السادس، صفحة: 69 - 70 عن
أبي سعيد الخدري، وفي صفحة: 157 عن عبادة بن الصامت، وأبي جعفر
محمد بن علي.
وفي الجزء العاشر، صفحة: 133 عن عبادة بن الصامت، والمازني.
6 - وأيضا الدارقطني في سننه في الجزء الثالث، صفحة: 77، برقم:
288 عن أبي سعيد الهندي.
وفي الجزء الرابع، صفحة: 227، برقم: 83 عن عائشة.
وفي صفحة: 228، برقم: 84 - 85، عن ابن عباس، وأبي سعيد.
7 - والمتقي الهندي في كنز العمال، في الجزء الثالث، صفحة: 919،
برقم: 9167 عن ثعلبة بن أبي مالك.
وفي الجزء الرابع، صفحة: 9 5، برقم: 98 94 عن ابن عباس.
وفي الجزء الخامس، صفحة: 843، برقم: 14534 عن أبي جعفر.
8 - والهيثمي في مجمع الزوائد، في الجزء الرابع، صفحة: 110 عن
جابر بن عبد الله، وعائشة.
9 - والسيوطي في الجامع الكبير، في الجزء الأول، صفحة: 913.
وفي الجامع الصغير، في الجزء الثاني، صفحة 5850، برقم: 9899.
14

10 - والطبراني في المعجم الكبير، في الجزء الثاني، صفحة: 80،
برقم: 1387.
11 - وابن عبد الهادي في المحرر في الفقه، في الجزء الثاني، في
صفحة: 514، برقم: 935.
12 - وفي تهذيب تاريخ دمشق، في الجزء السادس، صفحة: 325.
13 - وفي تمييز الطيب من الخبيث، في صفحة: 214، برقم: 1626.
14 - والذهبي في تلخيص المستدرك، في الجزء الثاني، صفحة 57 - 58.
15 - والعجلوني في كشف الخفاء في الجزء الثاني، صفحة: 491،
برقم: 3075.
16 - والزيلعي في نصب الراية في الجزء الرابع، صفحة: 384.
17 - وأبو داود في المراسيل، صفحة: 294، برقم: 407.
18 - وأبو نعيم في حلية الأولياء، في الجزء التاسع، صفحة: 76.
19 - والسخاوي في المقاصد الحسنة، صفحة: 462، برقم: 1310.
20 - والحوت في أسنى المطالب، في صفحة: 351، برقم: 1714.
وأما أصحابنا - رضوان الله عليهم - فقد خرجوا تلك الرواية في مسانيدهم
ومصنفاتهم المعتبرة، وعلى رأسهم الإمام الكليني - قدس سره - في كتاب
الكافي، وسيأتي بيان ذلك مفصلا في غضون هذه الرسالة الشريفة.
وعلى ذلك فقد بنى الفقهاء الكرام أساسا رصينا، وقاعدة محكمة،
استنبطوها من تلك الروايات والأحاديث، التي هي بمنزلة كبرى كلية،
وطبقوها في موارد عديدة، وأفردوا لها بحوثا ورسائل عديدة نذكر منها:
1 - رسالة في قاعدة لا ضرر، للإمام الكبير المجدد الشيخ المرتضى
15

الأنصاري، المتوفى سنة 1281 ه‍.
2 - كشف الستار عن قاعدة لا ضرر ولا إضرار، للسيد محمد جعفر
الحسيني الشيرازي الحائري، وهو من أجزاء كتابه (مرآة الفقاهة) المطبوع
سنة 1347 ه‍.
3 - رسالة في قاعدة لا ضرر، للميرزا أبو طالب بن الميرزا أبو القاسم
الموسوي الزنجاني، المتوفى بطهران سنة 1329 ه‍.
4 - قاعدة الضرر المنفي، للميرزا أبو القاسم بن الميرزا زين العابدين
إمام الجمعة بطهران المتوفى سنة 1346 ه‍.
5 - رسالة في قاعدة لا ضرر، للسيد أسد الله بن السيد عباس بن عبد
الله الحسيني الرانكوي الأشكوري النجفي، المتوفى سنة 1333 ه‍.
6 - رسالة في قاعدة لا ضرر، للسيد حسن المدرس بأصفهان.
7 - رسالة في قاعدة لا ضرر، للسيد محمد صادق الحجة الطباطبائي، وهو
من تقريرات المرحوم الإمام الشيخ محمد كاظم الخراساني رضوان الله عليه.
8 - رسالة في قاعدة لا ضرر، للشيخ عبد الرحيم الزنجاني، طبعت في
مطبعة رستمخاني بزنجان.
9 - رسالة في قاعدة لا ضرر، للشيخ عبد النبي بن محمد علي الوفسي
العراقي.
10 - رسالة في قاعدة لا ضرر، لآية الله الشيخ فتح الله المشهور بشيخ
الشريعة الأصفهاني المتوفى سنة 1331 ه‍ وهي آخر تصانيفه.
11 - رسالة في قاعدة لا ضرر، للسيد مصطفى بن حسين الكاشاني
النجفي، المتوفى بالكاظمية الشريفة في 29 رمضان المبارك سنة 1336 ه‍.
16

12 - قاعدة لا ضرر، للأستاذ محمود بن عبد السلام الشهابي التربتي،
طبع ضمن منشورات جامعة طهران سنة 1330 ه‍ ش.
13 - رسالة في قاعدة لا ضرر، للشيخ موسى بن الشيخ محمد
الخونساري، وهو من أجلاء تلامذة الإمام النائيني - قدس سره - وهي
مطبوعة ضمن كتابه (منية الطالب).
14 - قاعدة لا ضرر ولا ضرار، لآية الله السيد حسن الموسوي البجنوردي،
وهي مطبوعة ضمن كتابه الحافل الموسوم ب‍ (القواعد الفقهية).
15 - الغرر في نفي الضرار والضرر، لأية الله السيد حسن الصدر
المتوفى سنة 1354 ه‍.
16 - قاعدة لا ضرر، بقلم السيد أبو الفضل مير محمدي الزرندي،
وهي من تقريرات درس المغفور له آية الله السيد محمد المحقق الداماد.
17 - رسالة في قاعدة لا ضرر ولا ضرار، وهي من تقريرات درس
السيد حسين الإمامي الكاشاني.
18 - غالية الدرر في مصب قاعدة الضرر، للسيد أبو الفضل الحسيني
النبوي القمي، طبع في مطبعة قم.
19 - القواعد، للسيد محمد كاظم المصطفوي.
20 - العائدة الرابعة من كتاب عوائد الأيام، للفقيه الأكبر المولى أحمد
النراقي، المتوفى سنة 1245 ه‍ (1).
وغيرها.

(1) انظر الذريعة للشيخ الأكبر أقا بزرگ الطهراني قدس سره.
17

عملنا في التحقيق
1 - مقابلة النص مع الأصل، وتقويمه وضبطه وتقطيعه.
2 - تخريج الآيات القرآنية الشريفة.
3 - تخريج الأحاديث المباركة من مظانها.
4 - تخريج الأقوال والنصوص من منابعها الأصلية.
5 - ترجمة الأعلام.
6 - وضع عدة فهارس فنية ملحقة بآخر الرسالة.
وهنا لابد لنا أن ننوه بالجهود الكبيرة والمساعي المباركة التي بذلت من
قبل سماحة آية الله الشيخ مجتبى الطهراني - دام مجده - بنشر رسائل
الإمام الخميني - قدس سره - وبضمنها هذه الرسالة الشريفة، فحياه الله
وبياه، وكثر أمثاله من المخلصين العاملين بمحمد وآله الطاهرين.
وفي الختام لا يسعنا إلا تقديم آيات الشكر والامتنان لجميع الإخوة العاملين
في مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني - قدس سره - فرع قم المشرفة
سائلين الله تعالى أن يوفقهم ويرعاهم، ويسدد خطاهم لما فيه خير الدنيا
19

والآخرة إنه سميع مجيب، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني
فرع قم المشرفة
قسم التحقيق
20

نموذج من الرسالة بخط
السيد الإمام الخميني (قده)
21

صورة الصفحة الأولى من الأصل
23

صورة الصفحة الأخيرة من الأصل
24

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
محمد وآله الطيبين الطاهرين، ولعنة الله على أعدائهم أجمعين
إلى يوم الدين.
وبعد: فيقول العبد المفتاق إلى ربه روح الله ابن المرحوم السيد مصطفى
الموسوي الخميني نزيل قم حرم أهل البيت:
إني لما انتهيت في الدورة الاصولية إلى ما جرى على قلم المحقق الخراساني
- قدس سره - استجرارا واستطرادا في قاعدة نفي الضرر والضرار; تبعا لشيخه
العلامة الأنصاري - رحمة الله عليه - أحببت أن أفرد رسالة مستقلة فيها، مفرزة
عن تعليقتي على الكفاية; لطول المباحث المتعلقة بها، وخروج استيفاء البحث
عن جميعها عن طور التعليقة ورسم التحشية، فحررت مبانيها
25

ومطالبها حسب ما أدى إليه نظري القاصر، ورتبتها على: مقدمة، وفصول،
وتنبيهات:
26

مقدمة
في ذكر الأحاديث المربوطة بالمقام
وهي كثيرة:
منها: ما رواه في الكافي: عن عدة من أصحابنا (1)، عن أحمد بن محمد بن
خالد (2)، عن أبيه (3)، عن عبد الله بن بكير (4)، عن زرارة (5)، عن أبي جعفر

(1) المراد من قوله (عدة) هم: أ - علي بن إبراهيم بن هاشم القمي أبو الحسن.
ب - علي بن محمد بن عبد الله القمي. ج - أحمد بن عبد الله. د - علي بن الحسن. انظر الوسائل
20: 33 الفائدة الثالثة، رجال العلامة: 272.
(2) هو أبو جعفر البرقي، أصله من الكوفة، من أصحاب الإمامين الجواد والهادي عليهما السلام،
له عدة كتب أشهرها (المحاسن) نوفي سنة 274 ه‍ وقيل 280 ه‍. انظر رجال النجاشي: 76،
تنقيح المقال 1: 82، معجم رجال الحديث 2: 261.
(3) هو أبو عبد الله البرقي، مولى أبي موسى الأشعري، من أصحاب الإمامين الرضا والجواد
عليهما السلام، كان أديبا عارفا بالأخبار، له عدة كتب منها: (النوادر). انظر
رجال النجاشي: 335، نقد الرجال: 305، جامع الرواة 2: 108.
(4) هو أبو علي الشيباني، من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام. انظر رجال
الطوسي: 224 و 226، معجم رجال الحديث 10: 122، تنقيح المقال 2: 171.
(5) اسمه عبد ربه، وكنيته أبو الحسن، وزرارة لقبه، الفقيه، المتكلم، الأديب، القارئ، شيخ
أصحابنا في زمانه، ومن أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام، له تصانيف كثيرة،
توفي سنة 150 ه‍. انظر مجمع الرجال 3: 25، الفهرست للطوسي: 74.
27

- عليه السلام - قال: (إن سمرة بن جندب (1) كان له عذق (2) في حائط لرجل من
الأنصار، وكان منزل الأنصاري بباب البستان، فكان يمر به إلى نخلته
ولا يستأذن، فكلمه الأنصاري أن يستأذن إذا جاء، فأبى سمرة.
فلما تابى جاء الأنصاري إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - فشكا إليه،
وخبره الخبر.
فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وآله - وخبره بقول الأنصاري وما
شكا، وقال: إذا (3) أردت الدخول فاستأذن، فأبى، فلما أبى ساومه حتى بلغ به
من الثمن ما شاء الله، فأبى أن يبيع، فقال: لك بها عذق يمد لك في الجنة، فأبى
أن يقبل.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله - للأنصاري: اذهب فاقلعها وارم بها
إليه; فإنه لا ضرر ولا ضرار) (4).
قال في الوسائل: ورواه الصدوق (5) بإسناده عن ابن بكير نحوه، ورواه

(1) ابن هلال الفزاري، كان خبيث السيرة سئ السريرة، مسرفا في القتل فلا يحصى من قتل من
عباد الله، استخلفه زياد على البصرة فقتل منهم ثمانية آلاف وقال: لو قتلت مثلهم معهم ما خشيت،
أراح الله العباد منه سنة 58 ه‍ حيث سقط في قدر مملوءة ماء حارا. انظر تاريخ الطبري 4: 176،
الاستيعاب 2: 77، قاموس الرجال 5: 9.
(2) العذق: كفلس، النخلة بحملها.] منه قدس سره [
والعذق: بالكسر، الكباسة، وهو جامع الشماريخ، والجمع أعذاق. انظر الصحاح 4: 1522،
المصباح المنير 1: 474 مادة " عذق ".
(3) نسخة بدل: إن...] منه قدس سره [وهي موافقة لرواية الكافي.
(4) الكافي 5: 292 / 2 باب الضرار من كتاب المعيشة.
(5) الفقيه 3: 147 / 18 باب 70 في المضاربة.
الصدوق: هو رئيس المحدثين الشيخ محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، أبو جعفر، نزيل
الري، كان ورد بغداد سنة 355 ه‍ وسمع منه الشيوخ وهو حدث السن، له كتب كثيرة
أشهرها (من لا يحضره الفقيه)، (علل الشرائع)، (عيون أخبار الرضا)، (الأمالي)، توفي سنة
381 ه‍. انظر رجال العلامة الحلي: 147، بلغة المحدثين: 410، رجال ابن داود: 179.
28

الشيخ (1) باسناده عن أحمد بن محمد بن خالد مثله (2).
وعن علي بن محمد بن بندار (3)، عن أحمد بن أبي عبد الله (4)، عن أبيه، عن
بعض أصحابنا، عن عبد الله بن مسكان (5)، عن زرارة، عن أبي جعفر - عليه
السلام - قال: (إن سمرة بن جندب كان له عذق، وكان طريقه إليه في
جوف منزل رجل من الأنصار، فكان يجيء ويدخل إلى عذقه بغير إذن من
الأنصاري.
فقال الأنصاري: يا سمرة لا تزال تفجأنا (6) على حال لا نحب أن تفجأنا (7)

(1) التهذيب 7: 146 - 147 / 36 باب 10 في بيع الماء....
والشيخ: هو شيخ الطائفة الإمام الفقيه الشيخ أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي الطوسي، ولد
عام 385 ه‍، هاجر إلى بغداد في عام 408 ه‍ فحضر درس الشيخ المفيد ثم السيد المرتضى،
توفي سنة 460 ه‍ ودفن في النجف الأشرف، خلف آثارا جليلة في مختلف العلوم منها:
(التبيان)، (التهذيب)، (الاستبصار)، (عدة الاصول) وغيرها. انظر أعيان الشيعة 9: 159،
تنقيح المقال 3: 104، رجال العلامة: 148.
(2) الوسائل 17: 341 ذيل الحديث: 3 باب 12 من أبواب إحياء الموات.
(3) وهذا الرجل من جملة مشايخ ثقة الإسلام الكليني قدس سره. انظر معجم رجال الحديث
12: 127، تنقيح المقال 2: 303، جامع الرواة 1: 596.
(4) هو أحمد بن محمد بن خالد البرقي، وقد تقدمت ترجمته.
(5) كوفي من موالي عنزة بن أسد بن ربيعة، من فقهاء أصحابنا، وعد ممن أجمعت العصابة علي
تصحيح ما يصح عنهم وتصديقهم، روى عن الباقر والصادق والكاظم عليهم السلام، له عدة
كتب منها: (كتاب في الإمامة)، و (كتاب في الحلال والحرام). انظر رجال الكشي 2: 673،
تنقيح المقال 2: 6 21، روضة المتقين 14: 174.
(6 - 7) في المصدر: تفاجئنا.
29

عليها، فإذا دخلت فاستأذن.
فقال: لا أستأذن في طريق وهو طريقي إلى عذقي.
قال: فشكاه (1) الأنصاري إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - فأرسل
إليه رسول الله - صلى الله عليه وآله - فأتاه فقال له: إن فلانا قد شكاك، وزعم
أنك تمر عليه وعلى أهله بغير إذنه، فاستأذن عليه إذا أردت أن تدخل.
فقال: يا رسول الله أستأذن في طريقي إلى عذقي؟!
فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله -: خل عنه ولك مكانه عذق في
مكان كذا وكذا.
فقال: لا.
قال: فلك اثنان.
قال: لا اريد.
فلم يزل يزيده حتى بلغ عشرة أعذاق.
فقال: لا.
قال: فلك عشرة في مكان كذا وكذا، فأبى.
فقال: خل عنه ولك مكانه عذق في الجنة.
قال: لا اريد.
فقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله -: إنك رجل مضار، ولا ضرر

(1) في المصدر: فشكا.
30

ولا ضرار على مؤمن.
قال: ثم أمر بها رسول الله - صلى الله عليه وآله - فقلعت، ثم رمى بها
إليه، وقال له رسول الله - صلى الله عليه وآله -: انطلق فاغرسها حيث
شئت) (1).
ومنها: ما في الوسائل: عن محمد بن علي بن الحسين، بإسناده عن الحسن
ابن زياد الصيقل (2)، عن أبي عبيدة الحذاء (3)، قال: قال أبو جعفر - عليه
السلام -: (كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان، فكان إذا جاء إلى
نخلته ينظر إلى شيء من أهل الرجل يكرهه الرجل.
قال: فذهب الرجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - فشكاه، فقال: يا
رسول الله إن سمرة يدخل علي بغير إذني، فلو أرسلت إليه، فأمرته أن
يستأذن; حتى تأخذ أهلي حذرها منه.
فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وآله - فدعاه، فقال: يا سمرة ما شأن
فلان يشكوك، ويقول: يدخل بغير إذني، فترى من أهله ما يكره ذلك، يا سمرة

(1) الكافي 5: 294 / 8 باب الضرار من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 341 / 4 باب 12 من أبواب
إحياء الموات.
(2) الكوفي، كنيته أبو الوليد، عده الشيخ في أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام، له
كتاب معتمد عند الأصحاب. انظر رجال الطوسي: 5 11 و 166، تنقيح المقال 1: 279، جامع
الرواة 1: 199.
(3) زياد بن عيسى ثقة.] منه قدس سره [
وقد عد هذا من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام، وكان حسن المنزلة عند أهل
البيت، مات في حياة الصادق عليه السلام. انظر رجال الكشي 2: 665، تنقيح المقال 1: 456،
نقد الرجال: 141.
31

استأذن إذا أنت دخلت.
ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: يسرك أن يكون لك عذق في
الجنة بنخلتك؟
قال: لا.
قال: لك ثلاثة.
قال: لا.
قال: ما أراك يا سمرة إلا مضارا، اذهب يا فلان فاقطعها، واضرب بها
وجهه) (1).
ومنها: ما في الكافي: عن محمد بن يحيى (2)، عن محمد بن
الحسين (3) عن محمد بن عبد الله بن هلال (4)، عن عقبة بن خالد (5)، عن

(1) الفقيه 3: 9 5 / 9 باب 44 في حكم الحريم، الوسائل 17: 340 / 1 باب 12 من أبواب
إحياء الموات.
(2) هو أبو جعفر العطار القمي، من مشايخ ثقة الإسلام الكليني، وقال عنه النجاشي: شيخ أصحابنا في
زمانه، ثقة عين. انظر رجال النجاشي: 353، رجال الطوسي: 495، بهجة الآمال 6: 686.
(3) هو محمد بن الحسين بن أبي الخطاب، أبو جعفر الزيات الهمداني، من أجلاء أصحابنا، عظيم
القدر، حسن التصانيف، له عدة كتب منها: (التوحيد)، (اللؤلؤة)، (النوادر) مات سنة
262 ه‍. انظر رجال النجاشي: 334، الفهرست للطوسي: 140، معجم رجال الحديث
15 - 291.
(4) وقع بهذا العنوان في سند زبارة حمزة عم النبي صلى الله عليه وآله من كتاب (كامل الزيارات)
فروى عن عقبة، وروى عنه محمد بن الحسين. انظر كامل الزيارات: 23، معجم رجال
الحديث 16: 250.
(5) في هامش الأصل: لا يخلو من مدح.] منه قدس سره [
وعقبة بن خالد هذا كوفي أسدي، من أصحاب الإمام الصادق عليه السلام. انظر
رجال النجاشي: 299، رجال الكشي 2: 634، رجال الطوسي: 261.
32

أبي عبد الله - عليه السلام - قال: (قضى رسول الله - صلى الله عليه وآله -
بين أهل المدينة في مشارب النخل أ نه لا يمنع نفع الشيء (1)، وقضى
- صلى الله عليه وآله - بين أهل البادية أ نه لا يمنع فضل ماء ليمنع به فضل كلاء.
وقال: (2) لا ضرر ولا ضرار) (3).
ومنها: ما في الوسائل: عن محمد بن يعقوب (4) - بالسند المتقدم - عن أبي
عبد الله قال: (قضى رسول الله - صلى الله عليه وآله - بالشفعة بين الشركاء في
الأرضين والمساكن، وقال: لا ضرر ولا ضرار.

(1) هكذا في النسخ الموجودة عندي، وفي رواية عبادة بن الصامت الآتية: (وقضى بين أهل المدينة
في النخل لا يمنع نقع بئر، وقضى بين أهل البادية...) إلخ، وهي أظهر، ولا يبعد تصحيف " نقع
البئر " بذلك، لقربهما في الكتب العربي.
وقوله: (لا يمنع...) إلخ معناه - كما في التذكرة (أ)، وعن الشهيد (ب) -: أن الماشية إنما ترعى
بقرب الماء، فإذا منع من الماء فقد منع من الكلأ، وحازه لنفسه.
ونقع البئر: أي فضل البئر كما في المجمع (ج).] منه قدس سره [
(2) في الوسائل: فقال.] منه قدس سره [
(3) الكافي 5: 293 - 294 / 6 باب الضرار من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 333 / 2 باب 7 من أبواب
إحياء الموات.
(4) هو ثقة الإسلام الإمام الكبير الشيخ أبو جعفر محمد بن يعقوب بن إسحاق الكليني الرازي، كان
أوثق الناس في الحديث وأثبتهم، صنف الكتاب الكبير الحافل الموسوم ب‍ (الكافي) الذي هو في
طليعة الكتب الإسلامية، وأجل المصنفات الإمامية، توفي سنة 329 ه‍ وقبره مزار معروف.
انظر رجال النجاشي: 377، الفهرست للطوسي: 135، تنقيح المقال 3: 201.
(أ) تذكرة الفقهاء 2: 409 سطر 7.
(ب) انظر مسالك الإفهام 2: 237 سطر 43، ولم نعثر عليه في مصنفات الشهيد الأول فلاحظ.
(ج) مجمع البحرين 4: 398 مادة " نقع ".
33

وقال: إذا أرفت الأرف (1) وحدت الحدود فلا شفعة) (2).
قال: ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يحيى مثله (3).
ورواه الصدوق بإسناده عن عقبة بن خالد، وزاد: (ولا شفعة إلا لشريك غير مقاسم) (4).
ومنها: ما في المستدرك: عن دعائم الإسلام روينا عن أبي عبد الله: (أ نه
سئل عن جدار الرجل - وهو سترة بينه وبين جاره - سقط، فامتنع من بنيانه؟
قال: ليس يجبر على ذلك، إلا أن يكون وجب ذلك لصاحب الدار الاخرى
بحق أو بشرط في أصل الملك، ولكن يقال لصاحب المنزل: استر على نفسك
في حقك إن شئت.
قيل له: فإن كان الجدار لم يسقط، ولكنه هدمه أو أراد هدمه; إضرارا
بجاره لغير حاجة منه إلى هدمه.
قال: لا يترك، وذلك أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال: لا ضرر
ولا ضرار (5) وإن هدمه كلف أن يبنيه) (6).

(1) في هامش الأصل: أي حددت الحدود.] منه قدس سره [
الأرفة: الحد وفصل ما بين الدور والضياع،. وأرف الدار والأرض: قسمها وحدها، وجمع
الأرفة: الأرف، وهي الحدود والمعالم. لسان العرب 9: 4 مادة " أرف ".
(2) الكافي 5: 280 / 4 باب الشفعة من كتاب المعيشة، وفيه (رفت) بدل (أرفت)، الوسائل
17: 319 / 1 باب 5 من أبواب الشفعة.
(3) التهذيب 7: 164 / 4 باب 14 في الشفعة.
(4) الفقيه 3: 45 / 2 باب 36 في الشفعة.
(5) نسخة بدل: إضرار.] منه قدس سره [
(6) دعائم الإسلام 2: 504 / 1805 كتاب القسمة والبنيان، مستدرك الوسائل 3: 150 / 1 باب 9 من
كتاب إحياء الموات.
34

وعنه قال: روينا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن آبائه، عن أمير المؤمنين
- عليه السلام - أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال: (لا ضرر
ولا ضرار) (1).
ومنها: ما في أول مواريث الوسائل: قال: قال الصدوق: وقال
النبي - صلى الله عليه وآله -: (الإسلام يزبد ولا ينقص).
قال: وقال: (لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، فالإسلام يزيد المسلم خيرا
ولا يزيده شرا) (2).
وقال الشيخ في الخلاف في باب خيار الغبن: دليلنا ما روي عن النبي
- صلى الله عليه وآله - أ نه قال: (لا ضرر ولا ضرار) (3).
وقال ابن زهرة في باب خيار العيب: ويحتج على المخالف بقوله: (لا ضرر
ولا ضرار) (4).

(1) دعائم الإسلام 2: 499 / 1781 كتاب القسمة والبنيان، وفيه (إضرار) بدل (ضرار)، مستدرك
الوسائل 3: 150 / 2 باب 9 من كتاب إحياء الموات.
(2) الفقيه 4: 243 / 1 - 2 باب 171 في ميراث أهل الملل وفيه (إضرار) بدل (ضرار)، الوسائل
17: 376 / 9 - 10 باب 1 من أبواب موانع الإرث.
(3) الخلاف 3: 42 مسألة 60 كتاب البيوع.
(4) الغنية - الجوامع الفقهية -: 526 سطر 20 - 21.
ابن زهرة: هو الفقيه الكبير السيد عز الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحلبي الحسيني، له
كتب ورسائل في الفقه والكلام والاصول منها (غنية النزوع في علمي الاصول والفروع)
و (المسائل البغدادية) وغيرها، روى عنه الحلي والشيخ شاذان وابن أخيه الفاضل محيي الدين
أبو حامد محمد وغيرهم. انظر تنقيح المقال 1: 376، روضات الجنات 2: 374، معجم رجال
الحديث 6: 273.
35

وعن التذكرة مرسلا عن النبي - صلى الله عليه وآله -: (لا ضرر ولا ضرار
في الإسلام) (1).
وعن نهاية ابن الأثير: فيه - أي في الحديث -: (لا ضرر ولا ضرار في
الإسلام) (2).
وفي مجمع البحرين: وفي حديث الشفعة: (قضى رسول الله بالشفعة بين
الشركاء في الأرضين والمساكن، وقال: لا ضرر ولا ضرار في الإسلام).
قال: وفي بعض النسخ: (ولا إضرار)، ولعله غلط (3).
ومنها: ما عن مسند أحمد بن حنبل: برواية عبادة بن الصامت (4) في ضمن
نقل قضايا كثيرة عن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال: (وقضى أن لا ضرر
ولا ضرار) (5).
ومنها: ما في الكافي: عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن

(1) تذكرة الفقهاء 1: 522 سطر 40 - 41.
(2) النهاية في غريب الحديث والأثر 3: 81 مادة " ضرر ".
ابن الأثير: هو العلامة الكبير المبارك بن محمد الشيباني الموصلي الشافعي، ولد سنة 544 ه‍ في
الجزيرة، ثم انتقل إلى الموصل، وتوفي سنة 606 ه‍. انظر شذرات الذهب 5: 22، وفيات
الأعيان 3: 289.
(3) مجمع البحرين 3: 373 مادة " ضرر "، وانظر الفقيه 3: 45 / 2 باب 36 في الشفعة.
(4) الأنصاري الخزرجي المدني، صحابي جليل، شهد بدرا واحدا والخندق والمشاهد كلها مع
رسول الله - صلى الله عليه وآله - تولى قضاء فلسطين، ومات ببيت المقدس سنة 34 ه‍. انظر
الطبقات الكبرى لابن سعد 3: 546، تنقيح المقال 2: 125.
(5) مسند أحمد بن حنبل 5: 327.
أحمد بن حنبل: هو الإمام أبو عبد الله الشيباني المروزي البغدادي، مؤسس المذهب الحنبلي،
ولد سنة 164 ه‍ ببغداد ونشأ بها، وسافر في طلب العلم أسفارا كثيرة، ثم رجع إلى بغداد
وتوفي بها سنة 241 ه‍. انظر وفيات الأعيان 1: 63، شذرات الذهب 2: 96.
36

يزيد بن إسحاق شعر (1)، عن هارون بن حمزة الغنوي (2)، عن أبي عبد الله
- عليه السلام -: (في رجل شهد بعيرا مريضا وهو يباع، فاشتراه رجل بعشرة
دراهم، فجاء وأشرك فيه رجلا بدرهمين بالرأس والجلد، فقضى أن البعير
برىء، فبلغ ثمنه دنانير.
قال: فقال: لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ، فإن قال: أريد الرأس
والجلد فليس له ذلك هذا الضرار، وقد أعطي حقه إذا أعطى الخمس) (3).
ومنها: ما فيه عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن
عبد الله بن هلال، عن عقبة بن خالد، عن أبي عبد الله: (في رجل أتى جبلا،
فشق فيه قناة، فذهبت قناة الآخر بماء قناة الأول.
قال: فقال: يتقاسمان (4) بحقائب (5) البئر ليلة ليلة، فينظر أيتها أضرت
بصاحبتها، فإن رئيت الأخيرة أضرت بالأولى فلتعور) (6).

(1) في هامش الأصل: لا يبعد وثاقته. نسخة بدل: شغر.] منه قدس سره [
وهو يزيد بن إسحاق بن أبي السخف (السحف) الغنوي، أبو إسحاق، وشعر لقبه أي كثير
الشعر. انظر مجمع الرجال 6: 267، رجال النجاشي: 53 4، رجال الكشي 2: 4 86.
(2) الصيرفي، كوفي ثقة عين، عده الشيخ الطوسي في أصحاب الإمامين الباقر والصادق
عليهما السلام. انظر رجال النجاشي: 437، رجال الطوسي: 139 و 328، معجم رجال
الحديث 19: 222.
(3) الكافي 5: 293 / 4 باب الضرار من كتاب المعيشة.
(4) في هامش الأصل: نسخة بدل: يتقايسان.] منه قدس سره [، كما في الوسائل.
(5) حقائب: جمع حقيبة، وهي منتهى البئر. انظر مرآة العقول 19: 398 - 399، ملاذ الأخيار
11: 231.
(6) الكافي 5: 294 / 7 باب الضرار من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 344 / 1 باب 16 من أبواب
إحياء الموات.
37

قال في الوسائل: ورواه الصدوق بإسناده عن عقبة بن خالد نحوه، وزاد:
(وقضى رسول الله - صلى الله عليه وآله - بذلك وقال: إن كانت الأولى
أخذت ماء الأخيرة لم يكن لصاحب الأخيرة على الأول سبيل) (1).
وعن محمد بن الحسن بإسناده عن أبي عبد الله - عليه السلام - قريب
منه.
ومنها: ما فيه عن محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، قال: (كتبت إلى
أبي محمد - عليه السلام -: رجل كانت له قناة في قرية، فأراد رجل أن يحفر
قناة أخرى إلى قرية له، كم يكون بينهما في البعد; حتى لا يضر بالأخرى في
الأرض إذا كانت صلبة أو رخوة؟
فوقع - عليه السلام -: على حسب أن لا يضر إحداهما بالأخرى إن شاء الله.
قال: وكتبت إليه: رجل كان له رحى على نهر قرية، والقرية لرجل، فأراد
صاحب القرية أن يسوق إلى قريته الماء في غير هذا النهر، ويعطل هذه الرحى،
أله ذلك، أم لا؟
فوقع - عليه السلام -: يتقي الله، ويعمل في ذلك بالمعروف، ولا يضر أخاه
المؤمن) (3).

(1) الفقيه 3: 58 / 6 باب 44 في حكم الحريم، وفيه (يقايسان) بدل (يتقايسان) و (فليتغور) بدل
(فلتعور)، الوسائل 17: 344 / 2 باب 16 من أبواب إحياء الموات.
(2) التهذيب 7: 145 / 29 باب 10 في بيع الماء والمنع منه، الوسائل 17: 344 / 3 باب 16 من أبواب
إحياء الموات.
(3) الكافي 5: 293 / 5 باب الضرار من كتاب المعيشة.
38

ومنها: ما فيه عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن محمد بن
يحيى الخزاز (1)، عن طلحة بن زيد (2)، عن أبي عبد الله، عن أبيه - عليهما
السلام -: قال: (قرأت في كتاب لعلي - عليه السلام -: أن رسول الله - صلى
الله عليه وآله - كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار ومن لحق بهم من أهل
يثرب: أن كل غازية غزت بما يعقب بعضها بعضا بالمعروف والقسط بين
المسلمين، فإنه لا يجوز حرب إلا بإذن أهلها، وإن الجار كالنفس غير مضار
ولا آثم، وحرمة الجار على الجار كحرمة أمه وأبيه، لا يسالم مؤمن دون مؤمن
في قتال في سبيل الله إلا على عدل وسواء) (3).
والظاهر زيادة لفظة (بما) بعد قوله: (غزت)، وعن التهذيب: (غزت
معنا)، وفي بعض النسخ: (لا تجار حرمة) بدل (لا يجوز حرب)، كما عن أكثر
نسخ التهذيب (4).
ومنها: ما في الوسائل في كتاب الخلع: عن محمد بن علي بن الحسين في
عقاب الأعمال عن النبي - صلى الله عليه وآله - في حديث قال: (ومن أضر

(1) الخزاز: صيغة مبالغة من الخز لبيعه له، وهو كوفي روى عن حفص بن غياث، وحماد بن
عثمان، وغياث بن إبراهيم، وروى عنه علي بن مهزيار، ومحمد البرقي وغيرهما. انظر رجال
النجاشي: 254، رجال العلامة: 158، رجال ابن داود: 186.
(2) وهذا أبو الخزرج النهدي الشامي ويقال الخزري، وهو عامي المذهب إلا أن كتابه معتمد، عد
من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام. انظر مجمع الرجال 3: 230، الفهرست
للطوسي: 86، معجم رجال الحديث 9: 163.
(3) الكافي 5: 31 / 5 باب إعطاء الأمان من كتاب الجهاد، الوسائل 11: 50 / 5 باب 20 من أبواب
جهاد العدو وما يناسبه.
(4) انظر مرآة العقول 18: 358 - 359.
39

بامرأته حتى تفتدي منه نفسها لم يرض الله له بعقوبة دون النار.. - إلى أن
قال -: ومن ضار مسلما فليس منا ولسنا منه في الدنيا والآخرة) (1).
هذه جملة ما عثرنا عليه من الروايات المربوطة بالمقام، وقد نقل عن الفخر
في الإيضاح (2) دعوى تواتر حديث نفي الضرر والضرار.

(1) الوسائل 15: 489 - 90 4 / 1 باب 2 من كتاب الخلع والمباراة، عقاب الأعمال: 336 / 1 باب
يجمع عقوبات الأعمال.
(2) إيضاح الفوائد 2: 48 سطر 14، ونقل ذلك الشيخ الأعظم في فرائد الاصول: 13 3
السطر الأخير.
الفخر: هو فخر الإسلام والمحققين الشيخ أبو طالب محمد بن الشيخ الإمام العلامة الحلي،
وحيد عصره، وفريد دهره، ولد سنة 682 ه‍ واشتغل عند أبيه وقرأ عليه كتبا كثيرة في مختلف
العلوم، توفي سنة 771 ه‍ وخلف آثارا جليلة منها: (الرسالة الفخرية في النية)، (الكافية الوافية
في الكلام)، (حاشية الإرشاد) وغيرها. انظر مقابس الأنوار: 13، أمل الآمل 2: 260.
40

فصل
في حال ورود (لا ضرر)
في ضمن القضايا ومستقلا
لا ينبغي الإشكال في صدور قوله: (لا ضرر ولا ضرار); لاشتهاره بين
الفريقين وورود الروايات المستفيضة المتضمنة له، كما أن وروده في ضمن
قضية سمرة بن جندب مما لا إشكال فيه; فقد ورد من طرقنا بتوسط الكافي
والفقيه والتهذيب بأسانيد مختلفة، مع اختلاف في المتون اختلافا غير
جوهري، يطمئن الناظر فيها بأن هذا الاختلاف إنما وقع لأجل النقل بالمعنى
واختلاف دواعي الناقلين في نقل تمام القضية واسقاط بعضها.
فمرسلة زرارة (1) مشتملة على خصوصيات أكثر من موثقته (2) ومن رواية

(1) الكافي 5: 294 / 8 باب الضرار من كتاب المعيشة.
(2) الكافي 5: 292 / 2 باب الضرار من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 341 / 3 باب 12 من أبواب
إحياء الموات.
41

الحذاء (1); فإنها - مع اشتمالها على غالب خصوصيات القضية - جمعت في
نقل قول رسول الله - صلى الله عليه وآله - بين قوله: (إنك رجل مضار)،
وقوله: (لا ضرر ولا ضرار)، وكلمة (على مؤمن)، وقوله: (انطلق فاغرسها
حيث شئت) مما قد أهملت الموثقة ورواية الحذاء كذلك بعض فقراتها، وسيأتي
التعرض لذلك، (2) وقد ورد في ضمن ثلاث قضايا أخرى:
إحداها: في ضمن قضية الشفعة (3).
وثانيتها: في ضمن قضية عدم منع فضل الكلاء (4).
ونرجع إلى البحث فيهما (5).
وثالثتها: في ضمن قضية هدم الجدار لإضرار الجار، كما في رواية الدعائم
المتقدمة (6).
ويمكن أن يقال: إن ما في الدعائم ظاهر في استقلال ورود (لا ضرر) عن
رسول الله، لكنه احتمال لا يعول عليه، وليس ظهورا لفظيا، واستشهاده بقوله

(1) الفقيه 3: 59 / 9 باب 44 في حكم الحريم، الوسائل 17: 340 / 1 باب 12 من أبواب
إحياء الموات.
(2) انظر صفحة رقم: 55.
(3) الكافي 5: 280 / 4 باب الشفعة من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 319 / 1 باب 5 من أبواب
الشفعة.
(4) الكافي 5: 293 - 294 / 6 باب الضرار من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 333 / 3 باب 7 من
أبواب إحياء الموات.
(5) انظر صفحة رقم: 45.
(6) دعائم الإسلام 2: 504 / 1805 كتاب القسمة والبنيان، مستدرك الوسائل 3: 150 / 1 باب 9 من
كتاب إحياء الموات.
42

- صلى الله عليه وآله - لا يدل على كونه قضية مستقلة من قضايا رسول الله
- صلى الله عليه وآله -.
هذا حال وروده في ضمن القضايا.
وقد ورد في موارد مستقلا:
منها: مرسلة دعائم الإسلام الثانية (1)، ومراسيل الصدوق (2)،
والشيخ (3)، وابن زهرة (4)، والعلامة (5)، وابن الأثير (6).
ومنها: ما في مسند أحمد بن حنبل (7).
هذا ما وقفنا عليه من نقله مستقلا.
لكن إثبات استقلاله بها مشكل; لعدم حجية تلك المراسيل، وعدم ظهورها
في كونه صادرا مستقلا، ولعل استشهادهم إنما يكون بما في ذيل قضية سمرة
ابن جندب، واحتمال أخذ بعضهم من بعض، ولا تكون إلا مرسلة واحدة،

(1) دعائم الإسلام 2: 499 / 1781 كتاب القسمة والبنيان.
(2) الفقيه 3: 45 / 2 باب 36 في الشفعة و 4: 243 / 2 باب 171 في ميراث أهل الملل.
(3) الخلاف 3: 42 مسألة 60 كتاب البيوع.
(4) الغنية - الجوامع الفقهية -: 526 سطر 19.
(5) تذكرة الفقهاء 1: 522 سطر 19.
العلامة: هو الفقيه المحقق الإمام الشيخ جمال الدين أبو منصور الحسن بن يوسف بن علي بن
المطهر الحلي، الملقب بالعلامة وبآية الله، ولد سنة 648 ه‍ وقرأ على جم غفير من مشايخ
الفريقين، وتلمذ عليه كثير من الفضلاء، له مصنفات كثيرة فائقة في علوم متشعبة نافعة، توفي
سنة 726 ه‍. انظر رجال ابن داود: 78، تنقيح المقال 1: 314 - 315، مقابس الأنوار: 13.
(6) النهاية في غريب الحديث والأثر 3: 81 مادة " ضرر ".
(7) مسند أحمد بن حنبل 5: 327.
43

وكتاب المسند لا يجوز الاستناد إليه عندنا. وبالجملة: لا طريق لنا إلى إثبات
كونه قضية مستقلة.
فما ادعى بعض أعاظم العصر - رحمه الله - في رسالته المعمولة في قاعدة
لا ضرر من قوله: وعلى أي حال وروده مستقلا على الظاهر مما لا إشكال فيه (1)
إن كان مراده من الورود هو الأعم من الحجة، فهو كذلك; لوروده في مسند
أحمد وغيره كذلك، وإن كان مراده ثبوت الورود فلا دليل عليه يمكن الاستناد
إليه.

(1) منية الطالب للعلامة النائيني 2: 193 سطر 16 - 17.
والعلامة النائيني: هو المحقق الفقيه الشيخ الميرزا محمد حسين بن الميرزا عبد الرحيم النائيني، ولد
في مدينة (نائين) عام 1277 ه‍ ونشأ بها، هاجر إلى العراق عام 1303 ه‍ فحضر درس السيد
الفشاركي والسيد المجدد الشيرازي والمحقق الخراساني، كتب كثير من طلابه الأعلام تقارير بحوثه
وأشهرها: (فوائد الاصول) و (أجود التقريرات) توفي سنة 1355 ه‍. انظر طبقات أعلام
الشيعة 2: 593، معارف الرجال 1: 284.
44

فصل
في الإشكالات الواردة على
وروده في ذيل الشفعة ومنع فضول الماء
قد عرفت ورود (لا ضرر ولا ضرار) في ذيل قضية الشفعة وقضية عدم منع
فضل الماء، (1) والظاهر منهما أنه من تتمتهما، وبمنزلة كبرى كلية يندرج فيها
الموردان كاندراج قضية سمرة فيها.
فيلزم منه إشكالات:
منها: أنه لو كان بمنزلة العلة للحكم لزم كونها معممة ومخصصة، واللازم
منه في باب الشفعة أن يخصص حق الشفعة بموارد لزم] فيها [من الشركة
الثانية ضرر دون غيرها; ضرورة أن الضرر لم يكن لازما لمطلق الشركة مع غير
الشريك الأول، فربما تكون الشركة مع الثاني أنفع له من الأول، وربما لا يكون

(1) انظر صفحة رقم: 33.
45

ضرر أصلا مع عدم التزامهم بذلك، وأيضا يلزم منه ثبوت الشفعة في غير البيع من
سائر المعاوضات إذا لزم منها الضرر. وبالجملة: قضية العلية دوران الحكم مدارها.
ومنها: أنه يلزم أن يكون (لا ضرر) مشرعا للحكم الثبوتي; فإن جواز أخذ
الشفعة حكم ثبوتي زائد على نفي اللزوم في البيع بالغير اللازم منه الضرر.
ومنها: أنه يلزم أن ترفع بالضرر الأحكام التي يلزم منها عدم النفع، فإن في
منع فضل الماء عدم وصول النفع إلى الماشية، مضافا إلى أن المشهور (1) - على
ما قيل - على كراهة منع فضل الماء، فيلزم منه سد باب الاستدلال ب‍ (لا ضرر)
إلى غير ذلك مما لا يمكن الالتزام به.
ولقد أصر العلامة شيخ الشريعة الأصفهاني (2) - قدس سره - في رسالة
" لا ضرر "] على [أن الحديثين لم يكونا حال صدورهما عن النبي - صلى الله
عليه وآله -: مذيلين بحديث الضرر، وأن الجمع بينهما وبينه وقع من الراوي بعد
صدور كل في وقت خاص به.
وعمدة ما استدل به لهذه الدعوى: هو أنه يظهر بعد التروي والتأمل التام في

(1) انظر مسالك الافهام 2: 238 سطر 2 - 3، رياض المسائل 2: 322 سطر 15، مفتاح الكرامة 7:
51 سطر 29، إيضاح الفوائد 2: 239 - 240.
(2) شيخ الشريعة: هو الفقيه المحقق الشيخ فتح الله بن محمد جواد الشيرازي النمازي، ولد في سنة
1266 ه‍، هاجر إلى النجف الأشرف فحضر بحوث فقهاء عصره كالمحقق الميرزا حبيب الله
الرشتي، والشيخ محمد حسين الكاظمي، حتى صار استاذا بارعا استقطب حوله فضلاء
الأعلام، كما كان قائدا محنكا خلف الميرزا التقي الشيرازي في قيادة جحافل الجهاد
ضد المستعمر الإنگليزي، وافاه الأجل في النجف الأشرف عام 1339 ه‍. انظر أعيان الشيعة
8: 391، معارف الرجال 2: 154، الأعلام 5: 135.
46

الروايات: أن الحديث الجامع لأقضية رسول الله - صلى الله عليه وآله - في
مواضع مختلفة وموارد متشتتة كان معروفا بين الفريقين: أما من طرقنا:
فبرواية عقبة بن خالد عن الصادق (1) - عليه السلام - ومن طرق أهل السنة
برواية عبادة بن الصامت، ثم روى قضايا رسول الله - صلى الله عليه وآله - عن
مسند أحمد برواية عبادة (2) وبرواياتنا عن أبي عبد الله عليه السلام.
ثم قال: قد عرفت بما نقلنا مطابقة ما روي من طرقنا لما روي من طرق القوم
من رواية عبادة من غير زيادة ونقيصة، بل بعين تلك الألفاظ غالبا، إلا
الحديثين الأخيرين المرويين عندنا من زيادة قوله: (لا ضرر ولا ضرار)، وتلك
المطابقة بين الفقرات مما يؤكد الوثوق بأن الأخيرين - أيضا - كانا مطابقين لما
رواه عبادة من عدم التذييل بحديث الضرر.
وقال أيضا: والذي أعتقده أنها كانت مجتمعة في رواية عقبة بن خالد عن
أبي عبد الله - عليه السلام - كما في رواية عبادة بن الصامت، إلا أن أئمة
الحديث فرقوها على الأبواب (3).
أقول: أنه - قدس سره - قد نقل من قضايا رسول الله - صلى الله عليه وآله
- من طرق القوم برواية عبادة عشرين قضية تقريبا، ونقل من طرقنا برواية عقبة
بن خالد ست أو سبع قضايا، اثنتان منها قضية الشفعة (4) وعدم منع فضول

(1) تقدم تخريجها في صفحة: 37.
(2) تقدم تخريجها أيضا في صفحة: 36.
(3) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 19 و 23.
(4) الكافي 5: 280 / 4 باب الشفعة من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 319 / 1 باب 5 من أبواب الشفعة.
47

الماء (1) قد تفحصت في الأخبار الحاكية لقضايا رسول الله - صلى الله عليه
وآله - من طرقنا، فوجدت أن غالبها غير منقولة برواية عقبة بن خالد، وهو
- أيضا - غير متفرد - غالبا - فيما نقله، فكيف يمكن مع ذلك دعوى الوثوق بأن
قضاياه كانت مجتمعة في رواية عقبة بن خالد، ففرقها أئمة الحديث على
الأبواب؟! فمن راجع الأخبار الحاكية لقضايا رسول الله، ورأى أن عقبة بن
خالد لم ينقل إلا نادرا من قضاياه، ولم يكن في نقل تلك النوادر متفردا غالبا،
يطمئن بخلاف ما ادعى ذلك المتبحر، فلو كان لنا مجال واسع لسردت الروايات
المتضمنة لقضايا رسول الله; حتى تجد صدق ما ادعيناه.
هذا مع أنه بناء على أن تكون التجزئة على الأبواب من فعل أئمة الحديث
لا معنى لتكرار " لا ضرر " في ذيل قضيتين، فإن عقبة بن خالد لم يذكر - حينئذ -
تلك القضية إلا مرة واحدة.
وأما ما قيل في تأييد قوله بأن سند الكليني إلى عقبة في جميع القضايا
المنقولة منه واحد (2)، ففي غاية السقوط; لأن الطريق إلى أرباب الكتب
والأصول من أصحاب الجوامع قد يكون واحدا، وقد يكون متعددا، فوحدة
طريقهم إلى كتب الرواة لا تدل على اجتماع رواياتهم، كما هو واضح.
فحينئذ بقيت الروايتان المذيلتان بحديث (لا ضرر) في قالب الإشكال.

(1) الكافي 5: 293 - 294 / 6 باب الضرار من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 333 / 2 باب 7 من
أبواب إحياء الموات.
(2) منية الطالب 2: 194 سطر 21 - 23.
48

فصل
في تأييد عدم وروده في ذيل القضيتين
قد عرفت أن ما تشبث به المتبحر المتقدم للوثوق بكون الحديثين غير مذيلين
ب‍ (لا ضرر) لا يمكن الاعتماد عليه (1)، فالظهور السياقي يقتضي كونه من
تتمتهما، ولا يرفع اليد عن هذا الظهور ولو كان ضعيفا إلا بدليل موجب له.
نعم لو امتنع جعله كبرى كلية وعلة للحكم وكذا علة للتشريع، فلابد من
رفع اليد عنه، فلا بد من التعرض لذلك; حتى يتضح الحال.
فنقول: أما امتناع كونه كبرى كلية يندرج فيها الموردان فواضح; ضرورة
عدم اندراج الموردين فيه اندراج الصغرى في الكبرى، فإن معنى اندراجها فيها
كون الأصغر من مصاديق الأوسط، ويحمل هو عليه حملا شائعا حتى يسري

(1) تقدم ذلك في صفحة: 46.
49

الحكم الثابت عليه في الكبرى إلى الأصغر، فينتج النتيجة المطلوبة، كقوله:
" كل خمر مسكر، وكل مسكر حرام، فكل خمر حرام "، فحرمة الخمر ليست
بعنوانه الذاتي، بل بعنوان كونه مسكرا، ولأجل اندراجه في كبرى كلية، هي
" كل مسكر حرام "، وأخذ مال الشريك شفعة ومنع فضول الماء لا يندرجان في
قوله: (لا ضرر ولا ضرار)، وكذا حكمهما، وأيضا لا يكون نفي الضرر
علة موجبة لأخذ الشفعة ومنع فضل الماء أو لحكمهما; لعدم التناسب بينهما.
وأما امتناع كونه علة للتشريع، فلأن الميزان في كون شيء علة للتشريع
- على ما يعلم من تصفح مواردها - هو أن يكون الموضوع مندرجا في كلي،
لا على نحو الكلية، أو يترتب على متعلق الحكم أو موضوعه لا بنحو الترتب
الكلي والعلي، ولا يمكن تشخيص الموارد المترتبة عن غيرها وتعريفه
للمكلف بحيث لا يقع بخلاف الواقع.
وبالجملة: لابد وأن يكون ما لأجله التشريع مما يترتب على مورد التشريع
لا كليا، كتشريع العدة لعدم اختلاط المياه (1)، وتشريع الحج للتفقه في
الدين (2)، وبسط أمر الولاية وتشريع الصلاة لعدم نسيان ذكر النبي - صلى الله
عليه وآله - والتطهير من الذنوب (3)، وتشريع الصوم لحصول التساوي بين

(1) علل الشرائع 2: 507 - 508 / 1 باب 277.
(2) عيون أخبار الرضا عليه السلام 2: 119 / 1 باب 34 في علل بعض الأحكام، الوسائل 8: 7 - 8 /
15 باب 1 من أبواب وجوب الحج وشرائطه.
(3) علل الشرائع 2: 317 / 1 باب 2، الوسائل 3: 4 - 5 / 8 باب 1 من أبواب أعداد الفرائض
ونوافلها.
50

الفقراء والأغنياء ومس الأغنياء ألم الجوع (1)، وتشريع الزكاة لاختبار الأغنياء
وتحصين أموالهم (2)، وتشريع الصدقة لازدياد المال ودفع الأمراض (3)،
وتشريع غسل الجمعة لإزالة أرياح الآباط (4)، وتشريع طهارة الحديد لدفع
الحرج. (5) إلى غير ذلك من مواردها التي ترى أنها مشتركة في ترتب الفوائد
على ذيها جزئية.
ومعلوم أن الموردين ليسا بهذه المثابة، فإن أخذ ملك الشريك شفعة
لا يترتب عليه دفع الضرر في مورد من الموارد، فإنه على فرض تحقق الضرر
يكون هو دائما مرفوعا بأمر متقدم طبعا على الأخذ بالشفعة، وهو عدم لزوم بيع
الشريك، ومنع فضل الماء لا يكون موجبا للضرر، بل لعدم النفع، تأمل. اللهم
إلا أن يقال: يكفي في نكتة التشريع أدنى مناسبة، وهو كما ترى (6).

(1) علل الشرائع 2: 378 / 1 - 2 باب 108، الوسائل 7: 2 - 4 باب 1 من أبواب وجوب الصوم
ونيته.
(2) الفقيه 2: 4 / 6 - 7 في علة وجوب الزكاة، الوسائل 6: 4 - 7 / 5 - 7 و 11 و 14 و 16 باب 1 من
أبواب ما تجب فيه الزكاة وما تستحب فيه.
(3) الكافي 4: 2 - 4 / 2 و 5 و 9 باب فضل الصدقة و 4: 9 - 10 باب أن الصدقة تزيد في المال من
كتاب الزكاة، قرب الإسناد: 55، الوسائل 6: 255 - 259 / 1 و 3 - 4 و 8 - 10 و 16 و 18 و 20
باب من أبواب الصدقة.
(4) الفقيه 1: 62 / 6 باب 22 في غسل يوم الجمعة ودخول الحمام...، علل الشرائع 1: 285 / 3 باب
203، الوسائل 2: 945 / 15 باب 6 من أبواب الأغسال المسنونة.
(5) منية الطالب 2: 195 سطر 12.
(6) لكن يمكن أن يقال: إن نكتة التشريع ليست سلب الضرر عن الشريك فقط; حتى يقال ما ذكر،
بل هو وسلب الضرر عن صاحب المال، فإنه لو جعل الخيار للشريك بفسخ المعاملة بقي ملك
صاحب المال الشريك له بلا مشتر، فربما يقع في ضرر أو ضرار وضيق، فجعل الشفعة بالشرائط
التي فيها إنما هو لملاحظة حال كليهما.] منه قدس سره [
51

وبعد ما عرفت من عدم تناسب هذا الذيل مع صدر روايتي ثبوت الشفعة (1)
وكراهة منع فضل الماء (2) فلا يبعد الالتزام بعدم كونهما مذيلين به، خصوصا مع
عدم هذا الذيل في سائر الروايات في البابين:
فعن محمد بن علي بن الحسين، قال: (قضى رسول الله في أهل البوادي أن
لا يمنعوا فضل ماء ولا يبيعوا فضل كلاء) (3).
وعن ابن أبي جمهور في درر اللألي عن النبي - صلى الله عليه وآله -
قال: (من منع فضل الماء ليمنع به الكلاء منعه الله فضل رحمته يوم
القيامة) (4).
وعن مسند أحمد بن حنبل برواية عبادة بن الصامت، قال في ضمن قضايا
رسول الله - صلى الله عليه وآله -: (وقضى بالشفعة بين الشركاء في الأرضين
والدور..) ثم بعد ذكر عدة من قضاياه، قال: (وقضى أن لا ضرر ولا ضرار،

(1) تقدم تخريجها في صفحة: 33.
(2) تقدم تخريجها أيضا في صفحة: 33.
(3) الفقيه 3: 150 / 12 باب 71 في بيع الكلأ والزرع، الوسائل 17: 333 / 3 باب 7 من
أبواب إحياء الموات.
(4) درر اللآلي 2: 96 (مخطوط) بمكتبة آية الله العظمى السيد المرعشي النجفي قدس سره برقم
267، وعنه مستدرك الوسائل 3: 150 / 5 باب 6 من كتاب إحياء الموات.
ابن أبي جمهور: هو الشيخ أبو جعفر محمد بن الشيخ زين الدين أبي الحسن علي بن حسام الدين
إبراهيم بن أبي جمهور الهجري الإحسائي، كان محدثا متكلما مجتهدا عارفا متألها، من
آثاره: (عوالي اللآلي العزيزية)، (المجلى)، (التعليقة على اصول الكافي) وغيرها، توفي بعد
عام 941 ه‍. انظر لؤلؤة البحرين: 166، أمل الآمل 2: 253، الذريعة إلى تصانيف الشيعة
8: 133 - 134.
52

وقضى أنه ليس لعرق ظالم (1) حق، وقضى بين أهل المدينة في النخل لا يمنع
نقع بئر، وقضى بين أهل البادية أنه لا يمنع فضل ماء; ليمنع به فضل
الكلاء) (2).
وفي رواياتنا في كتاب الشفعة ليس عين ولا أثر من هذا الذيل.
فما أفاد العلامة شيخ الشريعة - قدس سره - من دعوى الوثوق باجتماع
قضايا رسول الله في رواية عقبة كرواية عبادة (3) وإن كان خلاف التحقيق - كما
عرفت - لكن دعوى - عدم تذييل الحديثين بهذا الذيل بمثابة ارتباط علة الحكم
أو التشريع بمعلولها (4) - قريبة، فلا يبعد أن يدعى: أن عقبة بن خالد قد سمع
عدة من قضايا رسول الله - صلى الله عليه وآله - في موارد مختلفة عن أبي عبد
الله - عليه السلام - وحين نقله روايتي الشفعة ومنع فضل الماء، كان في ذهنه
قضاء رسول الله - صلى الله عليه وآله - أنه (لا ضرر ولا ضرار)، فالحقه بهما
وذيلهما به; زعما منه أنه سمع من أبي عبد الله - عليه السلام - كذلك.
وبالجملة: بعد ما عرفت من عدم الارتباط بينه وبينهما، وورود إشكالات
غير منحلة عليه، وخلو الروايات الأخر من هذا الذيل، وافتراق (لا ضرر) عن

(1) قال ابن الأثير: وفي حديث إحياء الموات: (وليس لعرق ظالم حق) هو أن يجيء الرجل إلى
أرض قد أحياها رجل قبله، فيغرس فيها غرسا غصبا ليستوجب به الأرض، والرواية " لعرق "
بالتنوين، وهو على حذف المضاف، أي لذي عرق... وهو أحد عروق الشجرة. النهاية في
غريب الحديث والأثر 3: 219 مادة " عرق ".
(2) مسند أحمد بن حنبل 5: 326 - 327.
(3) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 22.
(4) منية الطالب 2: 195 سطر 7 - 14.
53

الحكمين في حديث عبادة بن الصامت، لا يبعد دعوى (1) الوثوق بعدم تذييلهما
بهذا الذيل، ولا أقل من صيرورة هذه الجهات موجبة لرفع اليد عن هذا الظهور
السياقي الضعيف.
مضافا إلى إمكان دعوى (2) ظهور الروايتين في كون (لا ضرر ولا ضرار)
قضية مستقلة حيث تخلل بين الصدر والذيل لفظة (وقال) (3)، وفي
الوسائل (4) وإن ذكر بدل الواو الفاء، لكن لا يبعد كونه تصحيفا; فإن في بعض
نسخ الكافي (5) الذي عندي - يكون بالواو.
وقال المتبحر المتقدم: إن ما في النسخ من عطف قوله: (لا ضرر ولا ضرار)
بالفاء تصحيف قطعا، والنسخ الصحيحة المعتمدة من الكافي متفقة على
الواو (6).
هذا كله مضافا إلى ضعف الروايتين بمحمد بن عبد الله بن هلال المجهول
وعقبة بن خالد الذي لم يرد فيه توثيق، فلا تصلحان لإثبات حكم.

(1) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 19 و 22 و 23.
(2) نفس المصدر السابق.
(3) الكافي 5: 293 - 294 / 6 باب الضرار و 280 / 4 باب الشفعة من كتاب المعيشة، الوسائل
17: 319 / 1 باب 5 من أبواب الشفعة.
(4) الوسائل 17: 333 / 2 باب 7 من أبواب إحياء الموات.
(5) انظر الهامش رقم 3 من هذه الصفحة.
(6) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 16.
54

فصل
في حال كلمتي
(في الإسلام) و (على مؤمن) في الحديث
لم نجد في شيء من الروايات المعتمدة كلمة " في الإسلام " في ذيل حديث
(لا ضرر)، فإن ما نقل مذيلا بها إنما هي مرسلة الصدوق (1)، والعلامة (2)،
ومرسلة ابن الأثير (3)، ولا يبعد أخذ العلامة من الصدوق، وهي: (قال النبي:
الإسلام يزيد ولا ينقص. قال: وقال: لا ضرر ولا ضرار في الإسلام، فالإسلام
يزيد المسلم خيرا ولا يزيده شرا)، ومن المحتمل أن تكون تلك الزيادة من بعض
النساخ، ومنشأ الاشتباه كلمة (فالإسلام)، فإن كثيرا ما يتفق للكاتب أن يقع
نظره على كلمة، فيكتبها مرتين ثم بعد هذا الاشتباه والتكرار صحح النسخة

(1) تقدم تخريجها في صفحة: 35.
(2) تقدم التخريج أيضا في صفحة: 36.
(3) تقدم التخريج أيضا في صفحة: 36.
55

بعض من تأخر عنه بظنه، فبدل الفاء ب‍ " في "، ولم يتوجه إلى كون الغلط في
التكرار، والعجب من الطريحي (1) حيث أضاف تلك الكلمة في ذيل حديث
الشفعة، ونقل عين الحديث الموجود في الكافي بلا هذه الزيادة معها، وإنما
سبق قلمه إليها لما ارتكزت في ذهنه، ولعل غيره - كابن الأثير - مثله.
فإن العلامة شيخ الشريعة قال: قد تفحصت في كتبهم - أي العامة -
وتتبعت في صحاحهم ومسانيدهم ومعاجمهم وغيرها فحصا أكيدا، فلم أجد
روايته في طرقهم إلا عن ابن عباس (2) وعن عبادة بن الصامت، وكلاهما رويا
من غير هذه الزيادة، ولا أدري من أين جاء ابن الأثير - في النهاية - بهذه
الزيادة (3)؟!
أقول: ولعله جاء بها مما جاء بها صاحب مجمع البحرين في حديث
الشفعة، وبعد اللتيا والتي لا تكون مرسلة ابن الأثير منهم كمرسلة الشيخ

(1) تقدم التخريج في صفحة: 36.
والطريحي: هو العالم الفاضل المحدث الفقيه اللغوي الشيخ فخر الدين بن محمد الرماحي
النجفي، ولد سنة 979 ه‍ وتوفي سنة 1087 ه‍ له عدة كتب منها: (مجمع البحرين)، (شرح
المختصر النافع) وغيرها. انظر رياض العلماء 4: 332 - 335، لؤلؤة البحرين: 66 - 68، أمل
الآمل 2: 214 - 215.
(2) مسند أحمد بن حنبل 1: 313.
ابن عباس: هو الصحابي الجليل عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، المعروف بحبر الامة، ولد
قبل الهجرة بثلاث سنين، وسمع من الرسول صلى الله عليه وآله وأخذ عنه، صحب
أمير المؤمنين علي عليه السلام وأخذ منه الكثير، وتولى من قبله البصرة، توفي سنة 68 ه‍
بالطائف. انظر حلية الأولياء 1: 314، تنقيح المقال 2: 191.
(3) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 12.
56

الصدوق منا مما يجوز الاعتماد عليها، ولم تثبت الزيادة حتى تقدم أصالة عدمها
على أصالة عدم النقيصة في مقام الدوران.
وأما كلمة (على مؤمن) فلم يشتمل عليها - أيضا - إلا مرسلة أبي عبد الله
عن ابن مسكان عن زرارة في قضية سمرة بن جندب، وهذه وإن كانت مرسلة،
لكن مضمونها ومطابقتها لموثقة زرارة ورواية أبي عبيدة الحذاء في جوهر
القضية مما يورث الوثوق بصدقها وصدورها; وأن أبا جعفر الباقر - عليه السلام -
قد نقل هذه القضية لزرارة وأبي عبيدة، وهما أو سائر الرواة نقلوا بالمعنى،
فصارت مختلفة اختلافا غير جوهري، وهذه المرسلة أجمع من غيرها في نقل
خصوصياتها، فكان رواتها أرادوا نقل تمام خصوصياتها، فلا يبعد دعوى
الوثوق بوجود كلمة " على مؤمن "، وقوله: (انطلق فاغرسها حيث شئت) فيها
المتفردة بنقلهما، فتركهما الرواة اختصارا، كما تركوا تفصيلها، ففي رواية
الحذاء سقط (لا ضرر ولا ضرار)، وفي موثقة زرارة سقط (أنت رجل مضار)،
وهذه المرسلة شاهدة على اشتمالها عليهما.
هذا مع أن بناء العقلاء في دوران الأمر بين الزيادة والنقيصة على تقديم أصالة
عدم الزيادة على أصالة عدم النقيصة.
لا يقال: إن تقديمها عليها من باب بناء العقلاء وأبعدية الغفلة بالنسبة إلى
الزيادة عنها بالنسبة إلى النقيصة، وهذا البناء لا يجري فيما إذا تعدد الراوي من
جانب مع وحدة الآخر كما في المقام; لأن غفلة المتعدد عن سماع كلمة (على
مؤمن) في غاية البعد، مع احتمال وقوع الزيادة من الراوي لمناسبة الحكم
57

والموضوع، وأن المؤمن هو الذي تشمله العناية الإلهية، ويستحق أن ينفى عنه
الضرر امتنانا (1).
فإنه يقال: أما أولا: فإن تقديم أصالة عدم الزيادة على أصالة عدم النقيصة
ليس من جهة الدوران بين الغفلتين فقط وأبعدية إحداهما; حتى ينعكس الأمر
في صورة تعدد طرف النقيصة، بل لأن الزيادة لا تقع إلا غفلة أو كذبا وافتراء،
وأما النقيصة فهي مشاركة معها في ذلك وتختص بدواع اخر: من قبيل
الاختصار، أو عدم كونه في مقام بيان تمام القضية، أو توهمه أن وجود الكلمة
وعدمها سواء في إفادة المقصود، إلى غير ذلك، ولا إشكال في تقديم أصالة
عدم الزيادة في الدوران.
وثانيا: إن ترجيح جانب المتعدد إنما يتعين إذا كان المتعدد متوافقين في
النقل، وأما مع اختلافه فلا، ولو مع التوافق من هذه الجهة، وما نحن فيه
كذلك، فإن موثقة زرارة ورواية الحذاء وإن توافقتا في عدم زيادة كلمة (على
مؤمن)، لكنهما مختلفتان في جهات اخرى، فالموثقة مشتملة على قوله: (فإنه
لا ضرر ولا ضرار)، متعقبا بالأمر بالقلع، دون رواية الحذاء، وهي مشتملة
على قوله: (ما أراك يا سمرة إلا مضارا)، مقدما على الأمر بالقلع، والمرسلة
مشتملة على الفقرتين، ومن ذلك - بل ومن التفصيل الذي فيها في مقاولة كل
من الأنصاري وسمرة مع الآخر، وهما مع رسول الله - يظهر أن رواة المرسلة

(1) منية الطالب 2: 192.
58

كانوا بصدد بيان تفصيل القضية، دون رواة الروايتين الأخريين، وذلك يؤكد
سقوط كلمة (على مؤمن) منهما، ويؤيد تقديم أصالة عدم الزيادة.
وثالثا: إن ما ذكر من مناسبة الحكم والموضوع (1) ليس بشيء، فإن المدعى:
إن كان أن الازدياد وقع عمدا للمناسبة بينهما، فهو بمكان من البطلان، كما
لا يخفى.
وإن كان أن المناسبة المذكورة صارت موجبة لسبق لسان الراوي إلى تلك
الكلمة، ففيه: أن سبق اللسان إنما يكون فيما إذا ارتكزت المناسبة في الذهن
كاللازم البين; بحيث تحضر الكلمة في الذهن عند تصور المزيد عليه، وما نحن
فيه ليس كذلك; ضرورة أنه عند ذكر (لا ضرر ولا ضرار) لا تسبق كلمة (على
مؤمن) إلى الذهن حتى يتبعه اللسان.
نعم لأحد أن يقول: إن مرسلة زرارة لا تصلح لإثبات هذه الكلمة لو كانت
مثبتة لحكم شرعي على فرض وجودها، لكن قد عرفت أنه لا يبعد دعوى
الوثوق بصدورها; لموافقة مضمونها مع الروايتين الأخريين وأن نفس مضمونها
مما يشهد بصدقها.

(1) نفس المصدر السابق سطر 18 - 19.
59

فصل
في ذكر معنى مفردات الحديث
أما معنى " الضرر " فهو معروف لدى العرف، ولعل معناه العرفي هو النقص
في الأموال والأنفس، كما أن النفع الذي مقابله كذلك، يقال: ضره البيع
الكذائي وأضر به، والبيع ضرري، ونفعه كذا، وضره الغذاء الكذائي
وأضربه، وهو ضار، ونفعه الغذاء، وهو نافع، ولا يقال لمن هتك حرمته أو
وردت الإهانة عليه: إنه ورد عليه ضرر أو أضربه فلان إذا هتكه، أو نظر إلى
أهله، كما لا يقال لمن بجله وجلله ووقره: إنه نفعه، وهو نافع. وهذا واضح
لدى العرف.
نعم جاء الضرر لغة بمعان، وهي: الضيق، والشدة، وسوء الحال، والمكروه.
قال في الصحاح: مكان ذو ضرر (1); أي ضيق، ويقال: لا ضرر عليك

(1) في المصدر: ذو ضرار...
61

ولا ضارورة ولا تضرة (1).
وظاهره: أن في هذه الاستعمالات يكون الضرر بمعنى الضيق.
وقال في القاموس: الضرر الضيق (2).
وفي المنجد: الضر والضر والضرر ضد النفع، الشدة والضيق وسوء الحال،
النقصان يدخل في الشيء (3).
أقول: ولعل منه الضراء في مقابل السراء، بمعنى الشدة والقحط.
وعن المصباح: الضر بمعنى فعل المكروه، وضره فعل به مكروها (4).
ومما ذكرنا يعلم: أن استعمال " الضرر " و " الضرار " و " المضار " في حديث
الضرر ليس باعتبار أن الضرر أعم من الضرر] في [العرض كما شاع في
الألسن (5)، فإن استعماله بمعنى الهتك والانتقاص في العرض مما لم يعهد في
لغة ولا عرف، وإنما استعماله في قضية سمرة بمعنى الضيق والشدة وإيصال
الحرج والمكروه، فقوله: (ما أراك يا سمرة إلا مضارا); أي مضيقا ومورثا للشدة
والحرج والمكروه على أخيك; أي لا تريد إلا التشديد والتضييق على
الأنصاري، وليس معنى كونه مضارا; أي هاتكا للحرمة بدخوله منزل
الأنصاري ونظره إلى أهله، (6) ولعل الناظر إلى ألفاظ الرواية والمتدبر في

(1) الصحاح 2: 720 مادة " ضرر ".
(2) القاموس المحيط 2: 77 مادة " ضرر ".
(3) المنجد في اللغة: 447 مادة " ضرر ".
(4) المصباح المنير 2: 425 مادة " ضرر ".
(5) انظر كفاية الاصول 2: 266 سطر 10 - 11، نهاية الدراية 2: 317 سطر 11 - 12، منية الطالب 2: 198.
(6) منية الطالب 2: 198 سطر 16.
62

كلمات أهل اللغة وأئمة اللسان يصدق بما ادعيناه، وإن كنت في شك مما
تلونا عليك فانتظر ما سنقرئك في معنى الضرار، ثم راجع موارد استعمال
" الضرر " و " الضرار " في اللغة والكتاب والحديث، وانظر هل ترى
موردا استعملا] فيه [مكان هتك الحرمة والإهانة في العرض؟!
وأما الضرار وسائر تصاريفه من بابه: فلم أجد بعد الفحص موردا
استعمل بمعنى باب المفاعلة أو المجازاة على الضرر، وكثير من المتبحرين من
أهل اللغة (1) قد صرحوا بكونه بمعنى الضرر، وقد ورد في القرآن الكريم
من هذا الباب في ستة موارد كلها بمعنى الإضرار، وهي:
قوله تعالى: (لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده) (2).
وقوله تعالى: (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) (3).
وقوله تعالى: (ولا يضار كاتب ولا شهيد) (4).
وقوله تعالى: (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) (5).
وقوله تعالى: (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا) (6).
وقوله تعالى: (من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار) (7).

(1) انظر المصباح المنير 2: 425، لسان العرب 8: 45، تاج العروس 3: 348، مجمع البحرين 3:
373 مادة " ضرر "، مجمع البيان 2: 587 في تفسير الآية: 233 من سورة البقرة.
(2) البقرة: 233.
(3) الطلاق: 6.
(4) البقرة: 282.
(5) البقرة: 231.
(6) التوبة: 107.
(7) النساء: 12.
63

وما رأيت في الأحاديث إلا كذلك:
كقوله في مرسلة زرارة: (إنك رجل مضار).
وفي رواية الحذاء: (ما أراك يا سمرة إلا مضارا).
وفي رواية هارون بن حمزة في البعير: (فليس له ذلك; هذا الضرار).
وفي رواية طلحة بن زيد في باب إعطاء الأمان: (إن الجار كالنفس غير
مضار ولا آثم) (1).
وفي باب كراهة الرجعة بغير قصد الإمساك روى الصدوق بإسناده عن أبي
عبد الله - عليه السلام - قال: (لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته، ثم يراجعها وليس
له فيها حاجة، ثم يطلقها، فهذا الضرار الذي نهى الله - عزوجل - عنه) (2).
وفي باب ولاية الجد في النكاح قال: (الجد أولى بذلك ما لم يكن
مضارا) (3).
وفي الرواية المتقدمة عن عقاب الأعمال: (من ضار مسلما فليس منا) (4).
وفي كتاب الوصية في رواية قال علي - عليه السلام -: (من أوصى ولم
يحف (5) ولم يضار كان كمن تصدق في حياته) (6). إلى غير ذلك من

(1) تقدم تخريج هذه الروايات فراجع.
(2) الفقيه 3: 323 - 324 / 2 باب 155 في طلاق العدة، الوسائل 15: 402 / 1 باب 34 من أبواب العدد.
(3) الكافي 5: 395 / 1 باب الرجل يريد أن يزوج ابنته... من كتاب النكاح، الوسائل 14: 8 21 / 2
باب 11 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد.
(4) تقدم تخريجها في صفحة: 39.
(5) يقال حفا فلان فلانا: إذا منعه وأجهده. انظر لسان العرب 3: 250 - 251 مادة " حفا ".
(6) الكافي 7: 62 / 18 باب النوادر من كتاب الوصايا، الوسائل 13: 356 / 2 باب 5 في أحكام الوصايا.
64

الروايات التي سيمر بعضها عليك.
في الفرق بين الضرر والضرار
ثم اعلم أن غالب استعمالات الضرر والضر والإضرار وسائر تصاريفهما
هي في الضرر المالي والنفسي، بخلاف الضرار وتصاريفه، فإن استعمالها في
التضييق وإيصال الحرج والمكروه والكلفة شائع، بل الظاهر غلبته فيها،
والظاهر أن غالب استعمال هذا الباب في القرآن الكريم إنما يكون بهذه المعاني
لا بمعنى الضرر المالي أو النفسي، فإن قوله تعالى: (لا تضار والدة بولدها
ولا مولود له بولده) (1) قد فسر بذلك، فعن أبي عبد الله، قال: (لا ينبغي
للرجل أن يمتنع من جماع المرأة، فيضار بها إذا كان لها ولد مرضع، ويقول لها:
لا أقربك، فإني أخاف عليك الحبل، فتقتلي ولدي، وكذلك المرأة لا يحل لها
أن تمنع (2) على الرجل، فتقول: إني أخاف أن أحبل، فأقتل ولدي وهذه
المضارة في الجماع على الرجل والمرأة) (3)، وبهذا المضمون غيره (4) أيضا.
وفي رواية اخرى عن أبي عبد الله فسر المضارة بالأم ينزع الولد عنها، قال
في مجمع البحرين في الآية: أي لا تضار بنزع الرجل الولد عنها، ولا تضار الام

(1) البقرة: 233.
(2) في المصدر: تمتنع.
(3) تفسير القمي: 66 - 67 في تفسير الآية، الوسائل 15: 180 / 2 باب 72 من أبواب أحكام الأولاد.
(4) الكافي 6: 41 / 6 باب الرضاع من كتاب العقيقة، تفسير العياشي 1: 120 / 382، الوسائل
15: 180 / 1 باب 72 من أبواب أحكام الأولاد.
65

الأب، فلاترضعه (1).
وعن أبي عبد الله - عليه السلام -: (المطلقة الحبلى ينفق عليها حتى تضع
حملها، وهي أحق بولدها أن ترضعه بما تقبله امرأة اخرى، يقول الله - عز
وجل -: (لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده وعلى الوارث مثل ذلك)
لا يضار بالصبي، ولا يضار بأمه في رضاعه) (2) الخبر.
فعلى التفسيرين - خصوصا أولهما - تكون المضارة بمعنى التضييق وإيصال
الحرج والمكروه، لا الضرر المالي أو النفسي، وكذا قوله تعالى:
(ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا)، (3) يكون بمعنى ذلك، فعن محمد بن علي
ابن الحسين بإسناده عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: (سألته عن قول الله
- عز وجل -: (ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا) قال: الرجل يطلق حتى إذا
كادت أن يخلو أجلها راجعها، ثم طلقها، يفعل ذلك ثلاث مرات، فنهى
الله - عز وجل - عن ذلك) (4).
وفي مجمع البيان: (لا تمسكوهن ضرارا) أي لا تراجعوهن لا لرغبة
فيهن، بل لطلب الإضرار بهن; إما بتطويل العدة، أو بتضييق النفقة في

(1) مجمع البحرين 3: 371 مادة " ضرر ".
(2) الكافي 6: 103 / 3 باب نفقة الحبلى المطلقة من كتاب الطلاق، الوسائل 15: 178 / 7 باب 70
من أبواب أحكام الأولاد.
(3) البقرة: 231.
(4) الفقيه 3: 323 / 1 باب 155 في طلاق العدة، الوسائل 15: 402 / 2 باب 34 من أبواب أقسام
الطلاق وأحكامه.
66

العدة (1).
والظاهر أن الضرار في قوله تعالى: (والذين اتخذوا مسجدا ضرارا) (2)
هو بمعنى إيصال المكروه] إلى [المؤمنين بإيقاع الشك في قلوبهم وتفريق
جمعيتهم واضطرابهم في دينهم، كما روي: أن بني عمرو بن عوف بنوا
مسجد قبا، وصلى فيه رسول الله - صلى الله عليه وآله - فحسدهم إخوتهم
بنو غنم بن عوف، فبنوا مسجد الضرار، وأرادوا أن يحتالوا بذلك، فيفرقوا
المؤمنين، ويوقعوا الشك في قلوبهم; بان يدعوا أبا عامر الراهب (3) من
الشام; ليعظهم ويذكر وهن دين الإسلام; ليشك المسلمون ويضطربوا في
دينهم، فأخبر الله نبيه بذلك، فأمر بإحراقه وهدمه بعد الرجوع من تبوك (4).
وفي مجمع البيان: ضرارا أي مضارة; يعني الضرر باهل مسجد قبا أو
مسجد الرسول; ليقل الجمع فيه (5).
ويظهر من القضية أن الضرار هاهنا بمعنى إيصال المكروه والحرج، والتضييق
على المؤمنين بتقليل جمعيتهم وتفرقتهم، وإيقاع الاضطراب في قلوبهم

(1) مجمع البيان 2: 582.
(2) التوبة: 107.
(3) أبو عامر الراهب: والد حنظلة غسيل الملائكة، وكان قد تنصر في الجاهلية وترهب، فلما خرج
رسول الله صلى الله عليه وآله عاداه، لأنه زالت رئاسته وقال: لا أجد قوما يقاتلونك إلا قاتلتك
معهم. توفي سنة 10 من الهجرة. انظر تاريخ الطبري 3: 140، التفسير الكبير للرازي
16: 193 - 194.
(4) انظر مجمع البيان 5: 109.
(5) نفس المصدر السابق.
67

والشك في دينهم، لا الضرر المالي والنفسي.
وفي قوله تعالى: (و لا يضار كاتب ولا شهيد) (1) احتمالان:
أحدهما: أنه بالبناء للفاعل، فيكون النهي متوجها إلى الكاتب والشهيد.
وثانيهما: بالبناء للمفعول، فيكون المعنى لا يفعل بالكاتب والشهيد ضرر.
قال في مجمع البحرين: قوله: (ولا يضار كاتب ولا شهيد) فيه قراءتان:
إحداهما: (لا يضارر) بالإظهار والكسر والبناء للفاعل على
قراءة أبي عمرو، فعلى هذا يكون المعنى: لا يجوز وقوع المضارة
من الكاتب; بأن يمتنع من الإجابة، أو يحرف بالزيادة والنقصان، وكذا
الشهيد.
وثانيتهما: قراءة الباقين: " لا يضار " بالادغام والفتح والبناء للمفعول، فعلى
هذا يكون المعنى: لا يفعل بالكاتب والشهيد ضرر; بأن يكلفا قطع مسافة بمشقة
من غير تكلف بمؤنتهما أو غير ذلك (2).
وفي مجمع البيان: نقل عن ابن مسعود (3) ومجاهد (4): أن الأصل فيه

(1) البقرة: 282.
(2) مجمع البحرين 3: 371 مادة " ضرر ".
(3) ابن مسعود: هو عبد الله بن مسعود بن غافل، أبو عبد الرحمن الهذلي، وهو حليف بني زهرة بن
كلاب، أسلم في مكة، وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة، وشهد بعض حروب
رسول الله صلى الله عليه وآله، توفي سنة 32 ه‍. انظر الطبقات الكبرى لابن سعد 3: 150،
حلية الأولياء 1: 124، شذرات الذهب 1: 38.
(4) مجاهد: بن جبر، أبو الحجاج المكي، مولى بني مخزوم، تابعي، مفسر، توفي سنة
103 ه‍ في مكة المكرمة. انظر الأعلام 5: 278، حلية الأولياء 3: 279، شذرات
الذهب 1: 125.
68

" لا يضارر " بفتح الراء الأولى، فيكون معناه لا يكلف الكاتب الكتابة في حال
عذر لا يتفرغ إليها، ولا يضيق الأمر على الشاهد بان يدعى إلى إثبات الشهادة
وإقامتها في حال عذر، ولا يعنف عليهما (1).
ولا يبعد أن يكون المضارة في قوله تعالى: (ولا تضاروهن لتضيقوا
عليهن) (2) هي عدم إسكانهن في بيوت مناسبة لحالهن ليقعن في الضيقة،
وهو - أيضا - يرجع إلى ما ذكرنا.
قال في مجمع البيان: (ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن) أي لا تدخلوا
الضرر عليهن بالتقصير في السكنى والنفقة والكسوة طالبين بالإضرار التضييق
عليهن ليخرجن.
وقيل: المعنى أعطوهن من المسكن ما يكفيهن لجلوسهن ومبيتهن
وطهارتهن، ولا تضايقوهن حتى يتعذر عليهن السكنى. عن أبي مسلم (3).
انتهى.
نعم الظاهر أن " المضار " في آية الوصية (4) بمعنى الإضرار المالي بالورثة.
والمقصود من التطويل الممل: هو إثبات شيوع استعمال الضرار وتصاريفه في
التضييق وإيصال المكروه والحرج والتكلف وأمثالها، كما أن الشائع في الضرر
والضر والإضرار هو استعمالها في المال والنفس، كما هو واضح.

(1) مجمع البيان 2: 684.
(2) الطلاق: 6.
(3) مجمع البيان 9: 64 4.
(4) النساء: 12.
69

فاتضح مما ذكرنا: أن الضرر في الحديث هو النقص في الأموال والأنفس،
والضرار فيه هو التضييق والتشديد وإيصال المكروه والحرج، وقضية سمرة بن
جندب إنما تكون ضرارا على الأنصاري وتشديدا وتضييقا وإيصالا للمكروه
] إليه [بدخوله في منزله بلا استئذان، والنظر إلى شيء من أهله يكرهه الرجل.
وليس الضرار بمعنى الضرر في الحديث (1); لكونه تكرارا باردا، ولا بمعنى
الإصرار على الضرر (2)، ولا مباشرة الضرر، ولا المجازاة عليه، ولا اعتبر فيه
كونه بين الاثنين كما قيل (3).
ولا أظنك بعد التأمل والتدبر فيما ذكرنا - والفحص في موارد استعمال
الكلمتين في القرآن والحديث، والتدبر في قضية سمرة وإطلاق خصوص
المضار عليه - أن تتأمل في تصديق ما ذكرناه.
نعم هنا أمر لابد من التعرض له والتفصي عنه، وهو أن أئمة اللغة ومهرة
اللسان صرحوا: بأن الضرار في الحديث بمعنى المجازاة، وبمعنى باب
المفاعلة:
فعن النهاية الأثيرية: معنى قوله: (لا ضرر); أي لا يضر الرجل أخاه،
فينقصه شيئا من حقه، والضرار فعال من الضر; أي لا يجازيه على إضراره
بإدخال الضر عليه، والضرر فعل الواحد، والضرار فعل الاثنين، والضرر ابتداء

(1) الكفاية 2: 266 سطر 12 - 13.
(2) منية الطالب 2: 199 سطر 12 - 14.
(3) النهاية في غريب الحديث والأثر 3: 81 مادة " ضرر ".
70

الفعل، والضرار الجزاء عليه.
وقيل: الضرر ما تضر صاحبك، وتنتفع أنت به، والضرار أن تضره من غير
أن تنتفع أنت به.
وقيل: هما بمعنى واحد، والتكرار للتأكيد (1).
وعن لسان العرب: معنى قوله: (لا ضرر) أي لا يضر الرجل أخاه، وهو ضد
النفع، وقوله: (لا ضرار) أي لا يضار كل منهما صاحبه (2).
وعن السيوطي: (لا ضرر) أي لا يضر الرجل أخاه، فينقصه شيئا من حقه،
و (لا ضرار) أي لا يجازيه على إضراره بادخال الضرر عليه (3).
وعن تاج العروس، مثل ما عن السيوطي بعينه (4).
والمجمع عبر بعين ألفاظ ابن الأثير (5).
هذا، ولكن التأمل في كلامهم يوجب الوثوق بأن المعنى الذي ذكروه إنما
هو على قاعدة باب المفاعلة، وأن الضرار فعال من الضر، وهو فعل الاثنين،
والمظنون أن ابن الأثير ذكر هذا المعنى بارتكازه من باب المفاعلة، والبقية

(1) نفس المصدر السابق.
(2) لسا ن العرب 8: 44 مادة " ضرر ".
(3) الدر النثير 3: 17.
السيوطي: هو العلامة أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشافعي، ولد
سنة 849 ه‍، أخذ من العلم حظا وافرا، وكان مؤلفا مكثرا في مختلف الفنون، توفي سنة 911 ه‍.
انظر الكنى والألقاب 2: 309، الأعلام 3: 310.
(4) تاج العروس 3: 8 34 مادة " ضرر ".
(5) مجمع البحرين 3: 373 مادة " ضرر ".
71

نسجوا على منواله، فترى أن السيوطي وصاحب تاج العروس (1) قد أخذا
العبارة منه بعينها، واقتصرا على بعض كلامه، والطريحي قد عبر بعين ألفاظه
من غير زيادة ونقيصة.
وبالجملة: الظاهر أن هذا الكلام قد صدر منهم لقاعدة باب المفاعلة، وتبعا
لابن الأثير من غير تدقيق وفحص في موارد استعمالات الضرار.
هذا، مضافا إلى أن إطلاق " المضار " في رواياتنا على سمرة بن جندب مما
يوجب القطع بأن الضرار الواقع في هذه القضية ليس بمعنى المجازاة على الضرر
أو بمعنى إضرار كل بصاحبه، وأن قوله: (إنك رجل مضار) بمنزلة الصغرى
لقوله: (ولا ضرر ولا ضرار).
وقد عرفت (2) عدم ثبوت ورود (لا ضرر ولا ضرار) مستقلا من رسول الله
- صلى الله عليه وآله - بل لم يثبت عندنا إلا في ذيل قضية سمرة، مع أنه قد
أشرنا سالفا إلى أنه بعد الفحص الأكيد لم أر موردا استعمل الضرار وتصاريفه
بالمعنى الذي ذكره ابن الأثير وتبعه غيره.
فقد تبين من جميع ما ذكرنا: أن الضرار تأسيس، لا تأكيد وتكرار للضرر،
ولا يكون إلا بمعنى التضييق وإيصال المكروه والحرج] إلى [الغير، فتدبر.

(1) هو محمد بن محمد بن عبد الرزاق الحسيني الزبيدي، المكنى بابي الفيض، والملقب بالمرتضى،
عالم باللغة والرجال والأنساب، أصله من مدينة واسط، له عدة مصنفات أشهرها:
(تاج العروس في شرح القاموس)، (شرح إحياء العلوم) وغيرهما، توفي بالطاعون سنة 1205 ه‍
في مصر. انظر الكنى والألقاب 3: 146، الأعلام 7: 70.
(2) انظر صفحة رقم: 43 و 70 - 72.
72

فصل
في مفاد الجملة التركيبية
في البحث عن مفاد الجملة التركيبية في الحديث، فنقول: إنه محتمل
لمعان:
أحدها: ما احتمله الشيخ الأنصاري (1) - قدس سره - من إبقاء النفي على
حاله، ويراد به نفي الحكم الشرعي الذي هو ضرر على العباد، وأنه ليس في
الإسلام مجعول ضرري، وبعبارة اخرى: حكم يلزم من العمل به الضرر على
العباد، كلزوم البيع مع الغبن، ووجوب الوضوء مع إضرار مالي، وإباحة

(1) الشيخ الأنصاري: هو الفقيه الكبير المحقق الإمام الشيخ مرتضى بن الشيخ محمد أمين الأنصاري
التستري، ينتهي نسبه إلى الصحابي الشهير جابر بن عبد الله الأنصاري، ولد سنة 1214 ه‍ في
مدينة دزفول، درس عند السيد المجاهد، وشريف العلماء، والشيخ موسى كاشف الغطاء، والشيخ
النراقي، وبعد وفاة الشيخ صاحب (الجواهر) استقل بالمرجعية الكبرى وزعامة الطائفة، توفي سنة
1281 ه‍. انظر معارف الرجال 2: 399، أعيان الشيعة 10: 117.
73

الإضرار بالغير، فإن كلها أحكام ضررية منتفية في الشريعة.
هذا كله إذا كان الحديث (لا ضرر ولا ضرار) من غير تقييد، أو مع التقييد
بقوله: (في الإسلام).
وأما قوله: (لا ضرر ولا ضرار على مؤمن) فهو مختص بالحكم الضرري
بالنسبة إلى الغير، فلا يشمل نفي وجوب الوضوء والحج مع الضرر.
قال - رحمه الله -: هذا الاحتمال هو الأرجح في معنى الرواية، بل المتعين;
بعد تعذر حمله على حقيقته لوجود الحقيقة في الخارج بديهة (1).
أقول: كلامه هذا صريح في أمرين، ومحتمل لوجوه:
فأول ما صرح به: هو أن حمل هذا الكلام على الحقيقة متعذر; ضرورة
وجودها في الخارج، فتقوية بعض أعاظم العصر قول الشيخ، وتوجيهه مع
تطويلات مملة، والذهاب إلى كون هذا المعنى مما لا يلزم منه المجاز (2)، توجيه
لا يرضى به صاحبه، مع أن في كلامه مواقع للنظر ربما نشير إلى بعض منها.
والثاني: أن المنفي هو الحكم الشرعي الذي لزم منه الضرر على العباد.
في محتملات كلام الشيخ قدس سره
وأما الوجوه المحتملة:
فمنها: أن يراد من قوله: (لا ضرر) لا حكم ضرري بنحو المجاز في الحذف.

(1) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 سطر 21 - 27 و 373 سطر 5 - 6.
(2) منية الطالب 2: 201 - 208.
74

ومنها: أن يراد منه المجاز في الكلمة; بمعنى استعمال الضرر المسبب من
الحكم وإرادة سببه.
ومنها: كونه حقيقة ادعائية، ومصحح الادعاء هو علاقة السببية والمسببية،
كما هو التحقيق في سائر أبواب المجازات، فلما كانت الأحكام الشرعية
بإطلاقها سببا للضرر - لكونها باعثة للمكلف إلى الوقوع فيه - ادعى المتكلم أن
الأحكام هي نفس الضرر فنفاها بنفيه.
وهذه الحقيقة الادعائية غير التي ادعاها المحقق الخراساني (1); لأن
المصحح فيها هو السببية والمسببية، وفيما ذكره أمر آخر، كقوله: (يا أشباه
الرجال ولا رجال) (2); فإن المصحح فيه ليس علاقة السببية، بل هو كون
الشجاعة أو المروة تمام حقيقة الرجولية; لأنها من أظهر خواص الرجل
وأعظمها، كأنها هي لا غيرها.
وبالجملة: مصحح الادعاء في الحقائق الادعائية مختلف باختلاف
المقامات، حتى أن قوله تعالى: (اسأل القرية التي كنا فيها) (3) يكون من قبيل

(1) كفاية الاصول 2: 268 سطر 2 - 6.
المحقق الخراساني: هو الفقيه المحقق الإمام الشيخ محمد كاظم الخراساني الهروي، ولد سنة
1255 ه‍. في مدينة مشهد المقدسة، ثم هاجر إلى النجف الأشرف فحضر عند الشيخ
الأنصاري، والسيد محمد حسن الشيرازي، له تصانيف رائقة جمة وأكثرها في الفقه
والاصول، وله في الحكمة حاشيتان على الأسفار ومنظومة السبزواري، توفي في العشرين من
ذي الحجة عام 1329 ه‍. انظر أعيان الشيعة 9: 5، معارف الرجال 2: 323، الذريعة 2: 111
و 4: 367 وغير ها.
(2) نهج البلاغة: 4 12 خطبة رقم 27.
(3) يوسف: 82.
75

الحقيقة الادعائية; بدعوى أن القرية - أيضا - مطلعة] على [القضية; لغاية
اشتهارها وكمال ظهورها، كقول الفرزدق:
هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم (1)
وكون أمثاله من قبيل حذف المضاف وقيام المضاف إليه مقامه مما يخرج
الكلام عن الحسن والحلاوة، ويجعله مبتذلا باردا خارجا عن فنون البلاغة.
ولعل الشيخ - رحمه الله - لم يكن في مقام بيان كيفية المجازية، وكان
بصدد بيان أن النفي إنما بقي على حاله في مقابل القول بأن المستفاد منه النهي،
كقوله: (لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج) (2) وفي مقابل القول بأن المنفي
هو الضرر الغير المتدارك (3) وغرضه بيان ما يستفاد من الحديث بنحو نتيجة
البرهان، لا كيفية استعمال (لا ضرر ولا ضرار) وبيان العلاقة المحققة في البين
بنحو مبدأ البرهان.
نعم يوهم ظاهر تعبيراته إرادته المعنى الأول; أي المجاز في الحذف، لكن
التأمل في كلامه وفيما ذكرنا يرفعه.

(1) هذا البيت مطلع للقصيدة المشهورة التي أنشدها الفرزدق في محضر هشام بن عبد الملك، يمدح فيها
الإمام علي بن الحسين السجاد عليه السلام، والتي يقول في آخرها:
من يعرف الله يعرف أولوية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الأمم
والفرزدق: هو همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية التميمي البصري، يكنى بأبي فراس، وكان
من أشعر الناس، وأخباره كثيره لا يسعها المقام، توفي بالبصرة سنة 110 ه‍. انظر وفيات الأعيان
6: 86، شرح شواهد المغني للسيوطي 1: 14، الكنى والألقاب 3: 2 2.
(2) البقرة: 197.
(3) انظر رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 - 373.
76

وليعلم أن الاحتمال المذكور - أي إرادة نفي الأحكام الضررية - إنما هو في
مقابل إرادة النهي، وفي مقابل كونه كناية عن لزوم التدارك، وأما كيفية
استفادة هذا المعنى من الحديث - أي كونه بنحو المجاز في الحذف أو الكلمة أو
الحقيقة الادعائية - فليست في عرض الاحتمالات الثلاثة، بل في طولها، ومن
متفرعات الاحتمال الأول وبيان استفادته وبيان ترجيحه على سائر
الاحتمالات، فالقائل بالمجاز في الحذف كالقائل بالمجاز في الكلمة، والقائل
بالحقيقة الادعائية من أصحاب هذا الاحتمال في مقابل الاحتمالين الآخرين.
في وجوه الحقيقة الادعائية
ثم إن في بيان الحقيقة الادعائية وجوها:
منها: ما أفاده المحقق الخراساني - قدس سره - في الكفاية من أنها من قبيل
نفي الموضوع ادعاء كناية عن نفي الآثار، كقوله: (يا أشباه الرجال ولا رجال)،
ومراده من الآثار هي الأحكام الثابتة للأفعال بعناوينها الأولية، كوجوب الوفاء
بالعقد الضرري، ووجوب الوضوء الضرري، كما صرح به في الكفاية (1)،
وهذا يرجع إلى ما أفاده الشيخ - قدس سره - بالنتيجة ظاهرا وإن يوهم كلامه
خلافه; حيث عبر عن (لا ضرر) في الرسائل: بأن الشارع لم يشرع حكما يلزم
منه ضرر على أحد (2) لكن الظاهر من لزوم الضرر ليس لزومه ولو بالوسائط،

(1) انظر كفاية الاصول 2: 268 - 9 26.
(2) فرائد الاصول: 314 سطر 18 - 19.
77

كما يشهد به ما أفاده في رسالته المعمولة في قاعدة الضرر، حيث قال:
الثالث: أن يراد به نفي الحكم الشرعي الذي هو ضرر على العباد، وأنه ليس
في الإسلام مجعول ضرري. وبعبارة أخرى: حكم يلزم من العمل به الضرر
على العباد (1).
حيث جعل نفى حكم يلزم من العمل به الضرر عبارة أخرى من نفي الحكم
الشرعي الذي هو ضرر على العباد، فما جعله المحقق الخراساني (2) - قدس
سره - فارقا بين احتماله واحتمال الشيخ مما لا طريق إلى إثباته.
ومنها: ما جعلنا من وجوه احتمال كلام الشيخ - قدس سره - وهو ادعاء نفي
حقيقة الضرر لأجل نفي أسبابه، فإن سبب تحقق الضرر: إما الأحكام الشرعية
الموجبة بإطلاقها وقوع العباد في الضرر، وإما المكلفون الذين بإضرارهم يقع
العباد فيه، فإذا نفى الشارع الأحكام الضررية، ونهى المكلفين عن إضرار
بعضهم بعضا، يصح له دعوى نفي الضرر لحسم مادته وقطع أسبابه، فلذلك
ادعى أن أسباب الضرر هي الضرر، فنفى تلك الأسباب بنفي الضرر على سبيل
الحقيقة الادعائية، ومصححها علاقة السببية والمسببية.
ومنها: ما أفاده المحقق الخراساني - قدس سره - في تعليقته على الرسائل
من نفي الحكم بلسان نفي الموضوع بنحو الحقيقة الادعائية، مثل (لا رفث
ولا فسوق ولا جدال في الحج); بمعنى أن الشارع لم يشرع جواز الإضرار

(1) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 سطر 25 - 26.
(2) كفاية الاصول 2: 268 سطر 3 - 10.
78

بالغير أو وجوب تحمل الضرر عنه (1) والفرق بينه وبين ما ذكره في الكفاية
واضح، كالفرق بينهما وبين ما ذكرنا آنفا.
ومنها: ما أفاده شيخنا العلامة (2) - رحمه الله - على ما ببالي من أن نفي
الضرر والضرار إنما هو في لحاظ التشريع وحومة سلطان الشريعة، فمن قلع
أسباب تحقق الضرر في صفحة سلطانه بنفي الأحكام الضررية والمنع عن
إضرار الناس بعضهم بعضا، وحكم بتداركه على فرض تحققه، يصح له أن يقول:
لا ضرر في مملكتي وحوزة سلطاني وحمى قدرتي.
وهو - رحمه الله - كان يقول: إنه بناء على هذا يكون نفي الضرر والضرار
محمولا على الحقيقة، لا الحقيقة الادعائية.
ولكنك خبير بأن الحمل على الحقيقة غير ممكن لتحقق الضرر في حمى
سلطانه وحوزة حكومته - صلى الله عليه وآله - ومجرد النهي عن إضرار
بعضهم بعضا لا يوجب قلع الضرر والحمل على الحقيقة، بل لو خص نفي
الضرر بالأحكام الضررية; حتى يكون المعنى: أنه لاحكم ضرري في الإسلام

(1) درر الفوائد في الحاشية على الفرائد: 282.
(2) ربما أفاد ذلك في مجلس بحثه، إذ لم نعثر عليه في مصنفاته المتوفرة عندنا.
العلامة: هو الفقيه الكبير المحقق الشيخ عبد الكريم بن محمد جعفر الحائري مؤسس الحوزة العلمية
في مدينة قم المقدسة، ولد في عام 1276 ه‍ في قرية مهرجرد التابعة لمدينة يزد، بدا دراسته في
يزد وأردكان، ثم هاجر إلى سامراء، ثم إلى النجف الأشرف، وعاد بعدها إلى إيران حيث أقام
في أراك برهة من الزمن ثم انتقل بعدها إلى قم المقدسة فالتف حوله طلاب العلم والمعرفة
ينتهلون من نمير فيوضاته، وكان من بينهم الإمام الخميني قدس سره، له عدة مصنفات منها:
(درر الفوائد)، (كتاب الصلاة) وغيرها، توفي سنة 1355 ه‍. انظر أعيان الشيعة 8: 42،
نقباء البشر 3: 1158.
79

لا يكون على نحو الحقيقة; لوجود الأحكام الضررية في الإسلام كالزكاة
والخمس والكفارات وغيرها.
بل لو أغمض عن ذلك - أيضا - لا يمكن الحمل على الحقيقة; لأن المراد من
نفي الضرر نفي الأحكام، ولهذا يكون دليله حاكما على أدلة الأحكام،
وإطلاق لفظ (لا ضرر ولا ضرار) وإرادة نفي الأحكام الضررية مع كون
الاستعمال على وجه الحقيقة، مما لا يجتمعان، فإذن يكون ذلك من الحقيقة
الادعائية.
والفرق بينه وبين ما ذكرنا في ضمن احتمالات كلام الشيخ: أنه بناء على ما
ذكرنا ترجع دعوى المتكلم إلى أن الأحكام المؤدية إلى الضرر هي عين حقيقة
الضرر، ومصحح الادعاء هي علاقة السببية والمسببية، وعلى ما ذكره
- رحمه الله - ترجع إلى أن ما هو موجود بمنزلة المعدوم لقلع مادته وقطع
أسبابه، فما ذكرنا من قبيل تنزيل السبب منزلة المسبب وتطبيق عنوان المسبب
عليه بعد الادعاء، وما ذكره من قبيل تنزيل الموجود منزلة المعدوم لقلع
موجباته وقطع أسبابه.
ومنها: أن يقال: إن الحقيقة الادعائية بمعنى تنزيل الموجود منزلة المعدوم،
لكن لا باعتبار ما ذكرنا آنفا، بل باعتبار أن الضرر الواقع قليل طفيف; بحيث
ينزل منزلة المعدوم، ويدعى أنه لا ضرر في الإسلام، ويجعل هذه الدعوى كناية
عن نفي الأحكام الضررية.
80

في كلام بعض الأعاظم ونقده
ثم إن بعض أعاظم العصر - رحمه الله - قد أتعب نفسه الشريفة، وأطال
البحث حول كلام الشيخ وحديث نفي الضرر، وزعم أن ما ذكره موافق لكلامه -
قدس سره - وادعى أن قوله: (لا ضرر ولا ضرار) - بناء على تحقيقاته - محمول
على الحقيقة (1) وبعد اللتيا والتي لم يأت بشيء، ولو بنينا على التعرض لتمام
كلامه ونقده لانجر إلى التطويل الممل بلا طائل فيه، ولهذا لم نتعرض إلا للب
كلامه ومرمى هدفه، وهو أن (لا ضرر) محمول على نفي الأحكام الضررية،
ولا يلزم منه مجاز أصلا; لأنها بشراشر هويتها (2) وتمام حقيقتها مما تنالها
يد الجعل، فإن تشريعها عين تكوينها، ونفيها بسيطا عين إعدامها، فنفي
الأحكام الضررية نفي حقيقتها من صفحة التكوين، وأما متعلقات الأحكام أو
موضوعاتها فليس نفيها تحت جعل الشارع، بل هي أمور تكوينية مع قطع النظر
عن الجعل، فهي مما لا تنالها يد الجعل، فلا يكون نفيها - نفيا بسيطا - عين
إعدامها، بل نفي تركيبي، ولا تصل النوبة فيما إذا دار الأمر بين الحمل على نفي
الأحكام أو نفي الموضوعات إلى الثاني مع إمكان الأول.
ثم نسج على هذا المنوال ورتب أمورا بعنوان المقدمات مما لا دخل لها فيما
نحن بصدده، مع كون كثير منها موردا للخدشة والمناقشة، فراجع كلامه.

(1) منية الطالب 2: 201 - 208.
(2) شراشر هويتها: أي نفس هويتها. انظر الصحاح 2: 96 6.
81

أقول: إن الكلام الموجود الملقى من المتكلم هو قوله: (لا ضرر ولا ضرار)،
والأحكام أمور ضررية بالمبنى الذي سنشير إليه (1) لاهي نفس الضرر، فإطلاق
لفظ موضوع للضرر وإرادة الأحكام التي هي ضررية مما لا مسرح له إلا
المجازية ولو سود في أطرافه ألف طومار.
وما أفاد - من أن الأحكام تشريعها عين تكوينها ونفيها عين إعدامها - مما لا
ربط له بما نحن فيه، ولا يوجب صيرورة المجاز حقيقة.
وما ذكر - من أن قوله: (رفع) (2)، أو (لا ضرر)، ليس إخبارا; حتى يلزم
تجوز أو إضمار حتى لا يلزم الكذب، فإذا لم يكن (لا ضرر) إلا إنشاءا ونفيا له
في عالم التشريع فيختلف نتيجته.. - كقوله في خلال كلماته: إنه لا إشكال أن
الإنشاء والإخبار من المداليل السياقية، لا مما وضع له اللفظ (3) - مما لا يرجع
إلى محصل; ضرورة أن الجملة المصدرة ب‍ " لا " التي لنفي الجنس جملة
إخبارية موضوعة للحكاية عن الواقع، واستعمالها وإرادة إنشاء السلب منها
مجاز بلا إشكال.
وأهون منه قوله الآخر; ضرورة أن هيئة الجملة الخبرية موضوعة دالة على
الحكاية التصديقية عن الواقع بحكم التبادر بل البداهة، فالالتزام بعدم الوضع:

(1) انظر صفحة رقم: 84.
(2) الكافي 2: 335 / 1 - 2 باب ما رفع عن الامة من كتاب الإيمان والكفر، الخصال: 417 / 9 باب
التسعة، الوسائل 11: 295 - 296 / 3 باب 56 من أبواب جهاد النفس.
(3) منية الطالب 2: 201 سطر 23 - 24 و 204 سطر 17 - 18.
82

إما لازمه الالتزام بكون الهيئة مهملة فهو خلاف الوجدان، واما الالتزام
بوضعها لأمر آخر غير الإنشاء والإخبار، والأمر الآخر: إما أجنبي عنهما، وهو
كما ترى، أو جامع بينهما، ولا جامع بين الإخبار والإنشاء، بل قد حقق في
محله عدم تعقل الجامع بين المعاني الحرفية إلا الجامع الاسمي العرضي، ولو
وضعت له صارت اسما، وهو خلاف الواقع.
وما ذكره - من أن الضرر عنوان ثانوي للحكم، ونفي العنوان الثانوي وإرادة
العنوان الأولي ليس من باب المجاز، وإنما يستلزم المجاز لو كان الحكم من
قبيل المعد للضرر أو إذا كان سببا له وكانا وجودين مستقلين أحدهما مسبب عن
الآخر، وأما مثل القتل أو الإيلام المترتب على الضرب فإطلاق أحدهما على
الآخر شائع متعارف.
وبالجملة: نفس ورود القضية في مقام التشريع وإنشاء نفي الضرر حقيقة
يقتضي أن يكون المنفي هو الحكم الضرري، لا أنه استعمل الضرر وأريد منه
الحكم الذي هو سببه (1) انتهى. من غرائب الكلام:
أما أولا: فلأن إطلاق اللفظ الموضوع للعنوان الثانوي وإرادة العنوان
الأولي كإطلاق القتل على الضرب مجاز بلا إشكال، ومجرد تعارفه وشيوعه
لا يوجب أن يكون حقيقة، مع أن دعوى الشيوع - أيضا - في محل المنع. نعم
إطلاق القاتل على الضارب المنتهي ضربه إلى القتل شائع، لا إطلاق القتل

(1) منية الطالب 2: 208 سطر 20 - 24.
83

على الضرب، وبينهما فرق.
وثانيا: أن الأحكام لا تكون سببا للضرر وعلة له، فوجوب الوضوء ليس سببا
للضرر، وإنما السبب هو نفس الوضوء، بل الوجوب لا يكون سببا لانبعاث
المكلف وعلة لتحركه نحو المكلف به، وإنما التكليف والبعث محقق موضوع
الطاعة في صورة الموافقة، وكاشف لمطلوبية المكلف به، والباعث المحرك مباد
أخر في نفس المكلف بعد تحقق الأمر، مثل الخوف من مخالفة المولى، والطمع
في طاعته، وحبه، ووجدان أهليته لها، وأمثال ذلك من المبادئ التي في نفوس
العباد بحسب اختلاف مراتبهم، فالأمر الوجوبي المتعلق بالموضوع يكون
دخيلا في انبعاث العبد بنحو من الدخالة، لا بنحو السببية والمسببية، فليست
نسبة الأحكام إلى الضرر كنسبة الضرب إلى القتل والإيلام، بل ولا كنسبة
حركة اليد وحركة المفتاح، فالأحكام لها وجودات من غير أن يترتب عليها
الضرر، ثم يتعلق علم المكلف بها، فيرى أن إتيان متعلقاتها موضوع طاعة
المولى، وتركها موضوع مخالفته، ويرى أن في طاعته ثوابا ودرجات، وفي
مخالفته عقابا ودركات، فيرجح الطاعة على المعصية، فينبعث نحوها ويأتي
بالمتعلق، فيترتب على إتيانه ضرر أحيانا، وما كان هذا حاله كيف يمكن أن
يقال: إن إطلاق اللفظ الموضوع لأحدهما على الآخر ليس مجازا، وورود
القضية في مقام التشريع قرينة على كون المراد من الضرر الحكم الضرري، لا أنه
موجب لكون الاستعمال على نحو الحقيقة؟! وهو واضح.
هذا فيما يمكن أن يقال في (لا ضرر ولا ضرار) إذا أريد منه نفي الحكم
84

الضرري، وان شئت قلت: في محتملات كلام العلامة الأنصاري.
والاحتمال الثاني: ما نقل عن بعض الفحول من أن المنفي هو الضرر الغير
المتدارك، فيكون لا ضرر كناية عن لزوم تداركه، ومصحح دعوى نفي الحقيقة
هو حكم الشارع بلزوم التدارك، فينزل الضرر المحكوم بلزوم تداركه منزلة
العدم، ويقال: (لا ضرر ولا ضرار).
وأجاب عنه الشيخ وجعله أردأ الاحتمالات (1)، وسيأتي التعرض لكلامه
- قدس سره - (2) حتى يتضح أنه رديفه وزميله في ورود الإشكال عليه.
والاحتمال الثالث: هو الحمل على النهي كقوله: ((لا رفث ولا فسوق
ولا جدال في الحج) إما باستعمال النفي في النهي، وإما ببقاء النفي على حاله
والتعبير بالجملة الخبرية في مقام الإنشاء لإفهام شدة التنفر عنه والمبالغة في
عدم الرضا بتحققه; لينتقل السامع إلى الزجر الأكيد، كما أن المطلوب إذا أريد
المبالغة في طلبه، وأنه لا يرضى بتركه، ينزل منزلة الموجود، ويعبر عنه بما
يدل على وقوعه; لينتقل السامع إلى الأمر الأكيد.
وهذان الاحتمالان كلاهما تجوز، وإن كان الثاني راجحا، بل متعينا على
فرض كونه بمعنى النهي.
فقد رجح الاحتمال الثالث فريد عصره شيخ الشريعة الأصفهاني

(1) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 سطر 22 - 25 و 28 - 33، وانظر الوافية
للتوني: 194.
(2) انظر صفحة رقم: 93.
85

- رحمه الله - وارتضاه، مدعيا أنه موافق لكلمات أئمة اللغة ومهرة أهل اللسان،
ونقله عن نهاية ابن الأثير، ولسان العرب، والدر النثير للسيوطي، وتاج
العروس، ومجمع البحرين (1).
وهاهنا احتمال رابع: يكون راجحا في نظري القاصر - وإن لم أعثر عليه في
كلام القوم - وهو كونه نهيا لا بمعنى النهي الإلهي حتى يكون حكما إلهيا،
كحرمة شرب الخمر وحرمة القمار، بل بمعنى النهي السلطاني الذي صدر عن
رسول الله - صلى الله عليه وآله - بما أنه سلطان الملة وسائس الدولة، لا بما
أنه مبلغ أحكام الشرع، وسنرجع إلى توضيحه وتشييده (2)، فانتظر.
وأما ما احتمله المحقق الخراساني - رحمه الله - في تعليقته على الرسائل،
وجعله أظهر الاحتمالات: من أن المعنى أن الشارع لم يشرع جواز الإضرار
بالغير أو وجوب تحمل الضرر عنه (3) فإن كان المراد عدم وجوب التحمل عن
الشارع برجوع ضمير " عنه " إلى الشارع، أو إلى الغير والمراد منه الشارع، فهو
يرجع إلى احتمال الشيخ (4) والاختلاف بينهما في التعبير، وان كان المراد عدم
تشريع وجوب تحمل الضرر عن الغير; أي الناس; بمعنى جواز] دفع [، الضرر
المتوجه إليه، وجواز تداركه مع وقوعه بالتقاص والقصاص مثلا، فهو احتمال
ضعيف ربما يكون أردأ الاحتمالات.

(1) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 24 و 25 - 27.
(2) انظر صفحة رقم: 105 وما بعدها.
(3) درر الفوائد في الحاشية على الفرائد: 282.
(4) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 سطر 25 - 27 و 373 سطر 5.
86

فصل
البحث في محتملات كلام الشيخ
المهم في المقام التعرض لما ورد على وجوه احتمالات كلام العلامة
الأنصاري (1); حتى يتضح حقيقة الحال في المقام، لا لمجرد إيراد الإشكال
على الأعلام:
فنقول: إن الإشكال فيها على ضربين: أحدهما ما يكون واردا على الجميع،
وثانيهما ما يختص ببعضها.
في الإشكالات المشتركة
فمن الأول: لزوم كثرة التخصيص المستهجن: وتوضيحه: أن الأحكام - كما
عرفت - لم تكن عللا تامة ولا أسبابا توليدية للضرر، كما هو واضح، بل

(1) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 سطر 22 - 27.
87

تكون ضرريتها باعتبار كونها منتهية إلى الضرر ولو بواسطة أو وسائط، فإنها
- كما أشرنا إليه (1) - محققة لموضوع الطاعة وحصول بعض المبادئ في نفس
المكلف - كالخوف، والطمع، وغيرهما - موجبة لانبعاثه بعد تحقق مقدمات
الانبعاث: من التصور، والتصديق بالفائدة، والشوق، والإرادة، ثم الانبعاث
والإيجاد خارجا، وإنما يكون وجود المتعلق في الخارج ضرريا، فحينئذ قد
يكون المتعلق علة وسببا توليديا للضرر، وقد يكون معدا أو منتهيا إليه ولو
بوسائط.
مثلا: قد يكون نفس الصوم ضرريا، وقد يكون موجبا لليبوسة، وهي
ضررية، وكذا الكلام في لزوم البيع، فإن نفس اللزوم لا يكون ضرريا، بل البيع
نفسه ضرري، فحينئذ قد يكون البيع ضرريا بذاته، وقد يترتب عليه الضرر
ترتبا ثانويا، أو ترتبا مع الوسائط، بل قد يكون بيع متاع بقيمة رخيصة موجبا
لتنزل المتاع والضرر الفاحش على واجديه، وقد يكون موجبا للغلاء والقحط
وحصول الضرر على فاقديه، وقد يكون بيع الدار المحبوبة موجبا للضرر على
الأهل والأولاد، وقد يكون موجبا للإضرار بالجار والشريك.
إذا عرفت ذلك نقول: لو كانت الأحكام قد توجب الضرر بنحو العلية
والسببية التوليدية، وقد توجب بنحو الإعداد، وقد تلزمه لزوما أوليا، وقد تلزمه
لزوما ثانويا، يمكن أن يدعى أن المنفي بقوله: (لا ضرر) هو الأحكام

(1) انظر صفحة رقم: 84.
88

الموجبة للضرر إيجابا عليا أو أوليا، وأما بعد ما عرفت من عدم ترتب الضرر
على الأحكام كذلك، بل الترتب عليها بنحو من الدخالة وبنحو من الإعداد، فلا
ترجيح لاختصاص نفي الضرر بحكم دون حكم، وضرر دون ضرر، ومعد دون
معد.
ودعوى اختصاص نفي الضرر بأحكام تكون متعلقاتها ضررية بنحو
السببية، لا بنحو الإعداد (1) كما ترى، فاتضح لزوم تخصيصات كثيرة عليه،
وإلا لزم تأسيس فقه جديد، ولا محيص عن هذا الإشكال بما أفاده
الشيخ - رحمه الله - من أن الخارج إنما خرج بعنوان واحد، ولا استهجان
فيه (2) فإن الواقع خلافه; لأن موارد التخصيصات مما لا جامع لها ظاهرا، ولو
فرض أن يكون لها جامع واقعي مجهول لدى المخاطب، ووقع التخصيص
بحسب مقام التخاطب بغير ذلك الجامع، لا يخرج عن الاستهجان.
هذا، مع أن الخروج بعنوان واحد - أيضا - لا يخرج الكلام عن الاستهجان
إذا كان المخصص منفصلا، فلو قال: أكرم كل إنسان، ثم قال بدليل منفصل:
لا تكرم من له رأس واحد، وأراد بإلقاء الكبرى إكرام من له رأسان، كان قبيحا
مستهجنا.
ومن الإشكالات المشتركة: أن (لا ضرر) - بما أنه حكم امتناني على العباد،
وأن مفاده أنه تعالى لعنايته بالعباد لم يوقعهم في الضرر، ولم يشرع الأحكام

(1) منية الطالب 2: 207 - 208.
(2) فرائد الاصول: 316 سطر 10 - 13.
89

للإضرار بهم - آب عن التخصيص مطلقا، فهو كقوله تعالى: (ما جعل عليكم
في الدين من حرج) (1) ولسانه كلسانه، ويكون آبيا عن التخصيص، مع أن
كثيرا من الأحكام الإلهية ضررية، كتشريع الزكاة، والخمس، والحج،
والجهاد، والكفارات، والحدود، والاسترقاق، وغير ذلك، كسلب مالية
الخمر والخنزير وآلات القمار وآلات الطرب وسائر الأعيان النجسة، وما يلزم
منه الفساد على مذاق الشرع، بل لو لم يكن التخصيص أكثريا، ولا يكون
(لا ضرر) في مقام الامتنان، لكان نفس خروج تلك المعظمات التي هي
اصول الأحكام الإلهية ومهماتها من قوله: (لا ضرر ولا ضرار) مستهجنا،
فمن أخبر بعدم الضرر في الأحكام، سواء كان إخباره في مقام الإنشاء أم
لا، ثم يكون معظم أحكامه وأصولها ضرريا لم يخرج كلامه عن الاستهجان.
وما قيل: إن (لا ضرر) إنما هو ناظر إلى الأحكام التي نشأ من إطلاقها
الضرر، دون ما يكون طبعه ضرريا، كالأمثلة المتقدمة (2) كما ترى، فإن قوله:
(لا ضرر) إذا كان معناه أنه تعالى لم يشرع حكما ضرريا على العباد، فلا معنى
لإخراج الأمثلة إلا بنحو التخصيص، فإن ما يكون بتمام هويته ضرريا أولى
بالدخول فيه مما هو بإطلاقه كذلك، كما أن ما يقال من أن الزكاة والخمس حق
للفقراء وإخراج مال الفقراء وتأدية حقوقهم ليس بضرر عرفا (3) كلام شعري،

(1) الحج: 78.
(2) منية الطالب 2: 11 2 سطر 19 - 23.
(3) نفس المصدر السابق: 212 سطر 2 - 8.
90

فإن الإشكال إنما هو أن جعل عشر المال الزكوي وخمس المال الذي تعلق به
الخمس ملكا لغير مالكه العرفي ضرر على العباد، وهذا الجعل حكم شرعي
ضرري.
نعم، يمكن أن يدعى: أن دليل نفي الضرر منصرف عن مثل تلك الأحكام
المعروفة المتداولة بين المسلمين، فلا يكون خروجها تخصيصا، وهو ليس
ببعيد.
لكن هذا لا يدفع أصل الإشكال; لورود تخصيصات غيرها عليه خصوصا
على ما قررناه.
في الإشكالات الغير المشتركة
وأما الإشكالات الغير المشتركة بين الاحتمالات: أما كونه مجازا في
الحذف أو في الكلمة بإطلاق اللفظ الموضوع للمسبب على السبب، فهما
احتمالان ضعيفان لايصار إليهما، بل التحقيق أن جل المجازات -] لو لم يكن
كلها [- حقائق ادعائية، كما حقق في محله، وقد عرفت في قوله
تعالى: (واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها) (1) أنه حقيقة
ادعائية، كما أن قوله: " جرى الميزاب " ليس بإطلاق اللفظ الموضوع للميزاب
على الماء بعلاقة المجاورة، فإنه مستهجن مبتذل، بل ادعى المتكلم أن الميزاب

(1) يوسف: 82.
91

بنفسه جرى، ومصحح هذه الدعوى: إما كثرة المطر وغزارته، أو علاقة
المجاورة مثلا.
وأما كونه حقيقة ادعائية، كما أفاد المحقق الخراساني في الكفاية (1) من نفي
ا لآثار - أي الأحكام - بنفي الموضوع.
ففيه: أن الأحكام ليست من آثار الضرر، ولا يكون الضرر موضوعا لها;
حتى يصحح كونها كذلك ذلك الادعاء، ففي قوله: (يا أشباه الرجال ولا
رجال) (2) يدعي القائل: أن تمام حقيقة الرجولية عبارة عن الشجاعة والإقدام
في] ساحات [القتال والجدال، فمن تقاعد عنها خوفا وجبنا فلا يكون رجلا،
فيسلب الرجولية لسلب آثارها البارزة، التي يمكن دعوى كونها تمام حقيقة
الرجولية، وأما الأحكام فليست من آثار الضرر حتى يصح فيها هذه الدعوى.
نعم لو فرض أن للضرر أثرا بارزا غير مرتب عليه، أو كان الضرر لقلة وجوده
مما يعد معدوما، يمكن دعوى عدمه.
فقياس المقام بقوله: (يا أشباه الرجال ولا رجال) مع الفارق.
وقد عرفت الإشكال فيما ذكره - رحمه الله - في تعليقته على الرسائل (3).
وأما الحقيقة الادعائية بالأنحاء الأخر كنفي الضرر لنفي أسبابه وقلعها (4)،
فالمصحح لدعوى: أنه لا ضرر في دائرة سلطاني وحمى حكومتي، هو قلع مادة

(1) كفاية الاصول 2: 268 سطر 2 - 4.
(2) تقدم تخريجه في صفحه: 75.
(3) درر الفوائد في الحاشية على الفرائد: 282.
(4) نسب ذلك إلى العلامة الحائري في الصفحة: 79.
92

أسبابه وقطع أصول علله برفع الأحكام الشرعية الموجبة للضرر، والنهي عن
إضرار الرعية بعضهم بعضا، فالشارع قد قطع علل الضرر بما هو وظيفته،
فيمكن أن يدعي أنه لا ضرر ولا ضرار.
فيرد على ذلك بجميع تقريراته المتقدمة أن دعوى نفي الحقيقة بتمام هويتها
مع وجودها في الخارج إنما تستحسن وتصح إذا صح تنزيل الموجود منزلة
المعدوم إما لقلة وجوده، أو قطع علله وأسبابه; بحيث يقل وجوده، ومع كون
الأحكام البارزة المهمة في الإسلام - التي هي أصول الأحكام الفرعية كالزكاة،
والخمس، والحج، والجهاد، والكفارات، والحدود، بل والاسترقاق، وأخذ
الغنائم، وغيرها - ضررية في نظر العقلاء، لا مصحح لهذه الدعوى ولا حسن
لها، فهل هذه الدعوى إلا كدعوى السلطان عدم السارق في حومة سلطانه مع
كون غالب أعاظم مملكته ومقربي حضرته من السارقين.
ثم إن نهي الشارع عن الإضرار لا يوجب قلع مادة الإضرار حتى تصح تلك
الدعوى، كما أن حكم الشارع بلزوم التدارك لا يوجب نفي الضرر، بل الانتهاء
الواقعي يوجبه، فهذا الوجه والوجه الذي جعله الشيخ العلامة (1) - قدس
سره - أردأ الاحتمالات شقيقان في ورود الإشكال عليهما، مع ورود إشكالات
أخر عليه.
وبالجملة: لا مصحح لدعوى نفي الضرر والضرار لا مطلقا ولا في الإسلام

(1) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 سطر 27 - 28.
93

وفي صفحة التشريع.
ودعوى أن الأمثلة المذكورة ليست ضررية (1)، كدعوى أن الحديث ليس
ناظرا إليها، وأنه حاكم على الأدلة التي بإطلاقها موجبة للضرر، كالوضوء
والصوم الضرريين، لا التي بتمام هويتها ضررية، وأن ما يكون الضرر يقتضيه
لا يمكن أن ينفيه (2) كما ترى، فإن الكلام في مصحح دعوى نفي الحقيقة،
فهل يجوز دعوى نفي حقيقة الضرر عن صفحة الكون أو عن صفحة التشريع
مع شيوعه في الخارج وكثرة الأحكام الضررية في صفحة الشريعة؟!
فمن كانت صفحة تشريعه مملوة من الأحكام الضررية; مما هو أساس
أحكامه وقوام شريعته، كيف يدعي عدم حقيقة الضرر والضرار؟! وكيف ينزل
الأحكام التي هي كالأصول منزلة العدم؟!
وعندي: أن هذا الوجه أردأ الوجوه، وأن هذه الدعوى من أبرد الدعاوى
وأقبحها; مما لا يمكن حمل الكلام العادي عليه، فكيف بكلام صدر ممن هو
أفصح من نطق بالضاد؟! وما ذكرنا من إمكان دعوى الانصراف - مع عدم
سلامته من المناقشة - لا يخرج الكلام من البرودة، والدعوى من القبح، مع أن
إضرار الناس بعضهم بعضا - مع هذا الشيوع والكثرة - يكفي في فساد هذا الوجه
وبرودة هذه الدعوى.
هذا حال الاحتمال الأول الذي اختاره العلامة الأنصاري وجل من تأخر عنه

(1) منية الطالب 2: 122 سطر 2 - 8.
(2) نفس المصدر السابق 2: 211 سطر 19 - 23.
94

- رحمهم الله - باختلاف تعبيراتهم (1).
وأما الاحتمال الثاني الذي نسبه الشيخ إلى بعض الفحول (2) فقد اتضح
ضعفه بما ذكرنا وما أورد عليه الآخرون.
وأما الاحتمال الثالث الذي اختاره شيخ الشريعة (3) - رحمه الله - فهو أقرب
الاحتمالات الثلاثة، وسليم عن الإشكالات المتقدمة، لكن الشأن في ظهور
الكلام فيه كما ادعى.

(1) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 سطر 25 - 27، القواعد الفقهية للبجنوردي
1: 182.
(2) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 سطر 22 - 25.
(3) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 24 - 25.
95

فصل
في حال الاحتمال الثالث
قال العلامة شيخ الشريعة في رسالته المعمولة في حديث الضرر ما ملخصه:
إن حديث الضرر محتمل عند القوم لمعان:
أحدها: أن يراد به النهي عن الضرر، فيكون نظير قوله تعالى: (لا رفث
ولا فسوق ولا جدال في الحج) (1).
وقوله تعالى: (فإن لك في الحياة أن تقول لامساس) (2); أي لا تقربني
ولا تمسني.
ومثل قوله - صلى الله عليه وآله -: (لا جلب، (3) ولا جنب، ولا شغار في

(1) البقرة: 197.
(2) طه: 97.
(3) قوله: (لا جلب...): الجلب في الرهان: هو أن يركب فرسه رجلا، فإذا قرب من الغاية تبع
فرسه فجلب عليه - أي صاح به - ليكون هو السابق، وهو ضرب من الخديعة، وقيل غير ذلك.
والجنب: أن يجعل الرجل بجانبه مع فرسه عند الرهان فرسا آخر، لكي يتحول عليه إن خاف أن
يسبق على الأول، وقيل غير ذلك.
والشغار: تزويج الأخت أو البنت في مقابل الآخر بضعا ببضع.] منه قدس سره [
97

الإسلام) (1).
وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا جلب، ولا جنب، ولا اعتراض) (2).
وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا إخصاء في الإسلام، ولا بنيان
كنيسة) (3).
وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا حمى في الإسلام ولا مناجشة) (4).
وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا حمى في الأراك) (5).
وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا حمى إلا ما حمى الله ورسوله) (6).

(1) الكافي 5: 361 / 2 باب نكاح الشغار من كتاب النكاح، الوسائل 14: 9 2 2 / 2 باب 27 من
أبواب عقد النكاح وأولياء العقد.
(2) الجامع الكبير 1: 909، النهاية في غريب الحديث والأثر 3: 211، نثر الدر 1: 233.
الاعتراض: أن يعترض رجل بفرسه في السباق فيدخل مع الخيل. النهاية 3: 211 مادة " عرض ".
(3) الجامع الصغير 2: 725 / 9697، فيض القدير للمناوي 6: 380.
(4) الجامع الصغير 2: 746 / 9878.
لا حمى في الإسلام: هو رد لما كان يصنع في الجاهلية، وذلك أن الشريف منهم كان إذا نزل أرضا
حماها ورعاها من غير أن يشرك فيها غيره، وهو يشارك القوم في سائر ما يرعون فيه، فجاء النهي
عن ذلك. مجمع البحرين 1: 108 مادة " حما ".
المناجشة: مدح الطعام.] منه قدس سره [
(5) سنن أبي داود 2: 191 / 3066، سنن الدارمي 2: 9 26، النهاية في غريب الحديث
والأثر 1: 447.
الأراك: نوع من الشجر معروف.
(6) سنن أبي داود 2: 196 - 197 / 3083، الجامع الصغير 2: 746 / 9877، فيض القدير للمناوي
6: 425، النهاية في غريب الحديث والأثر 1: 447.
98

وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا سبق إلا في خف أو حافر أو نصل) (1).
وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا صمات يوم إلى الليل) (2).
وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا صرورة في الإسلام) (3).
وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) (4).
وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا هجر بين المسلمين فوق ثلاثة أيام) (5).
وقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا غش بين المسلمين) (6).
هذا كله مما في الكتاب والسنة، ولو ذهبنا لنستقصي ما وقع من نظائرها في
الروايات واستعمالات الفصحاء نظما ونثرا، لطال المقال وأدى إلى الملال،
وفيما ذكرنا كفاية في إثبات شيوع هذا المعنى في هذا التركيب; أعني تركيب
" لا " التي لنفي الجنس، وفي رد من قال - في إبطال احتمال النهي -: إن النفي
بمعنى النهي وان كان ليس بعزيز، إلا أنه لم يعهد من مثل هذا التركيب (7).

(1) الكافي 5: 50 / 14 باب فضل ارتباط الخيل... من كتاب الجهاد، الوسائل 13: 348 / 1 باب 3
من أحكام السبق والرماية.
النصل: حديدة السهم والرمح والسكين والسيف ما لم يكن له مقبض. مجمع البحرين 5: 484
مادة " نصل ".
(2) الخصال: 621 حديث الأربعمائة، الوسائل 16: 157 / 4 باب 11 من أبواب الأيمان.
الصمات - مصدر صمت - وهو السكوت.
(3) سنن أبي داود 1: 540 / 1729، مسند أحمد بن حنبل 1: 312.
الصرورة: أي الإصرار على ترك التزويج.] منه قدس سره [
(4) نهج البلاغة: 701 / 165، الوسائل 11: 422 / 7 باب 11 من أبواب الأمر والنهي وما يناسبهما.
(5) موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف 7: 293.
(6) سنن الدارمي 2: 248.
(7) كفاية الاصول 2: 268 سطر 13 - 14.
99

ثم نقل سائر الاحتمالات فقال: والظاهر الراجح عندي بين المعاني الأربعة
هو الأول، وهو الذي لا تسبق الأذهان الفارغة عن الشبهات العلمية إلا إليه.
ثم أيد ما ذكره بقوله في قضية سمرة: (إنك رجل مضار، ولا ضرر ولا ضرار
على مؤمن)، وقال: إنه بمنزلة صغرى وكبرى، فلو أريد التحريم كان معناه أنك
رجل مضار، والمضارة حرام، وهو المناسب لتلك الصغرى، لكن لو أريد غيره
مما يقولون صار معناه: أنك رجل مضار، والحكم الموجب للضرر منفي أو
الحكم المجعول منفي في صورة الضرر، ولا أظن بالأذهان المستقيمة ارتضاءه.
ثم أيد مدعاه بقول أئمة اللغة ومهرة أهل اللسان، كما تقدم.
ثم قال: وليعلم أن المدعى: أن حديث الضرر يراد به إفادة النهي عنه، سواء
كان هذا باستعمال التركيب في النهي ابتداء، أو أنه استعمل في معناه الحقيقي،
وهو النفي، ولكن لينتقل منه إلى إرادة النهي.. إلى أن قال: فالمدعى أن
الحديث يراد به إفادة النهي، لا نفي الحكم الضرري، ولا نفي الحكم المجعول
للموضوعات عنها، ولا يتفاوت في هذا المدعى أن استعمال النفي في النهي
بأي وجه، وربما كانت دعوى الاستعمال في معنى النفي - مقدمة للانتقال إلى
طلب الترك - أدخل في إثبات المدعى حيث لا يتجه - حينئذ - ما يستشكل في
المعنى الأول من أنه تجوز لايصار إليه (1). انتهت الموارد الحساسة من كلامه
رحمه الله.

(1) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 24 - 27.
100

والإنصاف: أن في دوران الأمر بين محتملات القوم الترجيح فيما أفاده
وبالغ في تحقيقه، لكن لا يتم ما ذكره إلا بمساعدة ما ذكرنا من وجوه إبطال
محتملات القوم، وإلا فمجرد كثرة استعمال النفي في النهي لا يوجب ظهوره
فيه مع كونه مجازا، سواء أريد منه النهي، أو النفي وجعل كناية عن النهي،
فإن ذلك لا يوجب كونه حقيقة، كما لا يخفى.
ولو كان نظره إلى أن كثره الاستعمال في هذا المعنى، صيرته من المجازات
الراجحة التي يحمل عليها اللفظ مع تعذر المعنى الحقيقي.
ففيه: أن استعمال هذا التركيب في هذا المعنى وإن كان شائعا، ولكن
استعماله في غيره أكثر شيوعا، وها أنا أسرد قليلا من كثير مما ورد] فيه [
هذا التركيب من الروايات وأريد غير ما ذكره.
وهو قوله: (لا سهو لمن أقر على نفسه بسهو) (1).
وقوله: (لا سهو في سهو) (2).
وقوله: (لا سهو في نافلة) (3).
وقوله: (لا نذر في معصية الله) (4).

(1) مستطرفات السرائر: 110 / 66 من كتاب النوادر للأشعري القمي، الوسائل 5: 330 / 8 باب 16
من أبواب الخلل.
(2) الكافي 3: 358 - 359 / 5 باب من شك في صلاته... من كتاب الصلاة، الوسائل 5: 341 / 2 باب
25 من أبواب الخلل.
(3) المقنع - الجوامع الفقهية -: 9 سطر 23 باب السهو في الصلاة، مستدرك الوسائل 1: 482 / 2 باب
16 من أبواب الخلل.
(4) الفقيه 3: 227 - 228 / 1 باب 98 في الأيمان والنذور والكفارات، الوسائل 16: 156 / 1 باب
11 من أبواب الأيمان و 16: 239 / 2 باب 17 من أبواب النذر والعهد.
101

وقوله: (لا يمين لمكره) (1).
وقوله: (لا يمين في قطيعة) (2).
وقوله: (لا يمين في معصية الله) (3).
وقوله: (لا يمين فيما لا يبذل) (4).
وقوله: (لا يمين في استكراه، ولا على سكر، ولا على
معصية) (5).
وقوله: (لا يمين إلا بالله) (6).
وقوله: (لا نذر فيما لا يملكه ابن آدم) (7).
وقوله: (لارضاع بعد فطام) (8).

(1) دعائم الإسلام 2: 95 / 97 2 كتاب الأيمان والنذور، مستدرك الوسائل 3: 51 / 1 باب 12 من
كتاب الأيمان.
(2) الفقيه 3: 227 - 228 / 1 باب 98 في الأيمان والنذور والكفارات، الوسائل 16: 156 / 1 باب
11 من أبواب الأيمان و 16: 239 / 2 باب 17 من أبواب النذر والعهد.
(3) التهذيب 8: 288 / 52 باب 4 في الأيمان والأقسام و 311 / 31 باب 5 في النذور، الوسائل 16:
160 / 13 باب 11 من كتاب الأيمان.
(4) الجعفريات: 113، مستدرك الوسائل 3: 50 / 1 باب 7 من كتاب الأيمان.
(5) الفقه المنسوب للإمام الرضا عليه السلام: 305، مستدرك الوسائل 3: 50 / 17 باب 7 من كتاب
الأيمان.
(6) دعائم الإسلام 2: 521 / 1860 كتاب الدعوى والبينات، مستدرك الوسائل 3: 54 / 11 باب 24
لا يجوز الحلف ولا ينعقد إلا بالله.
(7) سنن ابن ماجة: 1: 686 / 2124، تفسير أبي الفتوح الرازي 1: 8، مستدرك الوسائل 3: 57 / 11
باب 1 من أبواب النذر والعهد.
(8) الفقيه 3: 227 / 1 باب 98 في الأيمان والنذور والكفارات، الجعفريات: 113، الوسائل 16:
156 / 1 باب 11 من أبواب الأيمان.
102

وقوله: (لا يتم بعد احتلام) (1).
وقوله: (لاطلاق قبل النكاح) (2).
وقوله: (لا عتق قبل الملك) (3).
وقوله: (لا يمين للولد مع والده، ولا للمملوك مع مولاه، ولا للمرأة مع
زوجها) (4).
وقوله: (لا نكاح للعبد ولاطلاق إلا باذن مولاه) (5).
وقوله: (لاطلاق إلا على طهر) (6).
وقوله: (لاطلاق إلا بخمس: شهادة شاهدين..) الخ (7).
وقوله: (لاطلاق فيما لا تملك، ولا عتق فيما لا تملك، ولا بيع فيما لا تملك) (8).
وقوله: (... لاطلاق السكران الذي لا يعقل) (9).

(1) نفس المصدر السابق.
(2) نفس المصدر السابق.
(3) نفس المصدر السابق.
(4) نفس المصدر السابق.
(5) دعائم الإسلام 2: 9 9 2 / 1125 فصل ذكر طلاق المماليك، المستدرك 3: 10 / 1 باب 33 من
أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه.
(6) الوسائل 15: 280 / 3 باب 9 من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه.
(7) المناقب لابن شهر آشوب 4: 383، مستدرك الوسائل 3: 5 / 5 باب 11 من أبواب مقدمات الطلاق
وشرائطه.
(8) عوالي اللآلي 1: 233 / 136، مستدرك الوسائل 3: 5 / 5 باب 12 من أبواب مقدمات الطلاق
وشرائطه.
(9) دعائم الإسلام 2: 268 / 1010 كتاب الطلاق، مستدرك الوسائل 3: 8 / 2 باب 28 من أبواب
مقدمات الطلاق وشرائطه.
103

وقوله: (لا ظهار إلا في طهر) (1).
وقوله: (لاطلاق إلا ما اريد به الطلاق، ولا ظهار إلا ما أريد به الظهار) (2).
وقوله: (لا إيلاء حتى يدخل بها) (3)،.. إلى غير ذلك (4) من الموارد التي
يطلع عليها المتتبع.
والمقصود من الإطالة إثبات أن هذا التركيب وإن كان استعماله وإرادة النهي
به بأي معنى كان ليس بعزيز، لكن شيوعه ليس] إلى [حد يكون ظاهرا فيه
ابتداء أو مع تعذر الحقيقة، ولو فرض المناقشة في بعض الأمثلة المتقدمة، لكن
بعد الإشكالات الواردة على الاحتمالين الآخرين لو دار الأمر بين الاحتمالات
الثلاثة يكون هذا الاحتمال أرجحها.

(1) دعائم الإسلام 2: 276 / 1043 كتاب الطلاق، مستدرك الوسائل 3: 27 / 4 باب 2 من كتاب
الظهار.
(2) الكافي 6: 153 / 2 باب الظهار من كتاب الطلاق، الوسائل 15: 510 / 1 باب 3 من كتاب
الظهار.
(3) الكافي 6: 134 / 4 باب أنه لا يقع الإيلاء... من كتاب الطلاق، الوسائل 15: 538 - 539 / 3
باب 6 من أبواب الإيلاء.
(4) انظر على سبيل المثال الكافي 6: 62 / 1 - 3 باب الطلاق لا يقع... من كتاب الطلاق، الوسائل
15: 288 / 6 - 7 باب 12 من أبواب مقدمات الطلاق وشرائطه.
104

فصل
حول المذهب المختار في معنى الرواية
اعلم أن هاهنا احتمالا آخر قد أشرنا إليه (1) والآن نرجع إلى توضيحه
وتشييده، ربما كان أقرب الاحتمالات بملاحظة شأن صدور الرواية من طرقنا،
وبملاحظة لفظها الوارد من طرق الناس، ولابد لبيانه من ذكر مقدمات:
الأ ولى: أن لرسول الله - صلى الله عليه وآله - في الأمة شؤونا:
أحدها: النبوة والرسالة; أي تبليغ الأحكام الإلهية من الأحكام الوضعية
والتكليفية حتى أرش الخدش.
وثانيها: مقام السلطنة والرئاسة والسياسة; لأنه - صلى الله عليه وآله -
سلطان من قبل الله تعالى، والأمة رعيته، وهو سائس البلاد ورئيس العباد،
وهذا المقام غير مقام الرسالة والتبليغ، فإنه بما أنه مبلغ ورسول من الله ليس له

(1) انظر صفحة رقم: 86.
105

أمر ولا نهي، ولو أمر أو نهى في أحكام الله تعالى لا يكون ذلك إلا إرشادا إلى
أمر الله ونهيه، ولو خالف المكلف لم يكن مخالفته مخالفة رسول الله، بل
مخالفته الله تعالى; لأن رسول الله - صلى الله عليه وآله - ليس بالنسبة إلى
أوامر الله ونواهيه ذا أمر ونهي، بل هو مبلغ ورسول ومخبر عنه تعالى، كما أن
أوامر الأئمة - عليهم السلام - ونواهيهم في أحكام الله كذلك، وليست أوامر
النبي والأئمة - عليه وعليهم الصلاة والسلام - من هذه الجهة إلا كأوامر الفقهاء
مقلديهم، فقول الفقيه لمقلده: اغسل ثوبك عن أبوال مالا يؤكل لحمه، كقول
النبي والأئمة من حيث إنه إرشاد إلى الحكم الإلهي، وليس مخالفة هذا الأمر
إلا مخالفة الله، لا مخالفة الرسول - صلى الله عليه وآله - والأئمة
- عليهم السلام - والفقيه.
وأما إذا أمر رسول الله أو نهى بما أنه سلطان وسائس يجب إطاعة أمره بما
أنه أمره، فلو أمر سرية أن يذهبوا إلى قطر من الأقطار تجب طاعته عليهم بما
أنه سلطان وحاكم، فإن أوامره من هذه الجهة كأوامر الله واجبة الإطاعة،
وليس مثل هذه الأوامر الصادرة عنه أو عن الأئمة إرشادا إلى حكم الله، بل
أوامر مستقلة منهم تجب طاعتها، وقوله تعالى: (أطيعوا الله و أطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم) (1) ناظر إلى تلك الأوامر والنواهي الصادرة عن الرسول
وأولي الأمر، بما أنهم سلاطين وأولياء على الناس، وبما أنهم ساسة العباد،

(1) النساء: 59.
106

قال تعالى: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله أمرا أن يكون لهم الخيرة
من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) (1).
ثالثها: مقام القضاء والحكومة الشرعية، وذلك عند تنازع الناس في حق
أو مال، فإذا رفع الأمر إليه وقضى بميزان القضاء يكون حكمه نافذا لا يجوز
التخلف عنه، لا بما أنه رئيس وسلطان، بل بما أنه قاض وحاكم شرعي، وقد
يجعل السلطان الإمارة لشخص، فينصبه لها، والقضاء لآخر، فيجب على
الناس إطاعة الأمير في إمارته، لا في قضائه، وإطاعة القاضي في قضائه، لا
في أوامره، وقد يجعل كلا المقامين لشخص أو لأشخاص.
وبالجملة: إن لرسول الله - مضافا إلى المقامين الأولين - مقام فصل
الخصومة والقضاء بين الناس. قال تعالى: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك
فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما) (2).
الثانية: كل ما ورد من رسول الله وأمير المؤمنين بلفظ " قضى " أو " حكم " أو
" أمر " وأمثالها ليس المراد منه بيان الحكم الشرعي، ولو أريد منه ذلك لا يكون
إلا مجازا أو إرشادا إلى حكم الله، فإن الظاهر من تلك الألفاظ: هو أنه قضى
أو أمر أو حكم من حيث إنه سلطان وأمير، أو من حيث إنه قاض وحاكم
شرعي، لامن حيث إنه مبلغ للحرام والحلال; لما عرفت] من [أن الأحكام

(1) الأحزاب: 36.
(2) النساء: 65.
107

الإلهية ليست أحكام رسول الله، وأنه - صلى الله عليه وآله - لا يكون ذا أمر
ونهي وحكم وقضاء بالنسبة إليها حقيقة، بل هو مبين ومبلغ.
وأما بالنسبة إلى الأحكام الصادرة عنه في مقام القضاء أو في مقام السلطنة
والرئاسة، فيكون قاضيا وحاكما وآمرا وناهيا حقيقة، وان كان فرق بين هذين
المقامين.
وما ذكرنا - مضافا إلى كونه موافقا للتحقيق والظهور اللفظي - يتضح بالتتبع
والتدبر في موارد استعمال تلك الكلمات في الروايات الناقلة لقضايا رسول الله
وأمير المؤمنين وأوامرهم السلطانية.
ولذا قلما ترى ورود تلك التعبيرات بالنسبة إلى سائر الأئمة - عليهم السلام -
حيث لم تكن لهم الرئاسة والسلطنة الظاهرية، ولا القضاء والحكم بحسب
الظاهر وإن أطلق نادرا يكون باعتبار كونهم حكاما وقضاة بحسب الواقع.
وربما يقال: أمر رسول الله - صلى الله عليه وآله - أو أحد الأئمة - عليهم
السلام - بكذا في الأحكام الإلهية، فيكون الحكم أو الأمر إرشادا إلى حكم الله
تعالى، والمدعى أن الظاهر من " أمر فلان بكذا، أو قضى بكذا " هو الأمر
المولوي والقضاء والحكومة، لا الإرشاد إلى أمر آخر أو حكم إلهي.
الثالثة: قد يعبر في مقام الأوامر الصادرة عنه - صلى الله عليه وآله - أو عن
أمير المؤمنين - عليه السلام - بما أنهما السلطان والحاكم بغير الألفاظ المتقدمة،
فيقال: قال رسول الله أو قال أمير المؤمنين، لكن قرينة الحال والمقام تقتضى
الحمل على الأمر المولوي أو القضاء وفصل الخصومة.
108

فلو ورد: أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قال لفلان: أنت رئيس
الجيش، فاذهب إلى كذا، يكون بقرينة المقام ظاهرا في أن هذا الأمر صدر
مولويا من حيث إنه سلطان، ولو ورد: أن رجلين تخاصما عنده في كذا، وأقام
أحدهما البينة، فقال - صلى الله عليه وآله -: إن المال لصاحب البينة، يكون
ظاهرا بحسب المقام في أنه قضى بذلك، ويكون قوله ذلك هو القضاء بالحمل الشائع.
وبالجملة: الألفاظ المتقدمة مع قطع النظر عن القرائن ظاهرة في الحكم
والأمر منه، ويمكن أن يقال: إن قوله: " أمر بكذا " ظاهر في الأمر المولوي
السلطاني، و " قضى بكذا " ظاهر في فصل الخصومة، و " حكم " مردد بينهما
يحتاج إلى قرينة معينة، وأما ما هو من قبيل " قال " فدلالته على القضاء أو الأمر
المولوي تحتاج إلى قرينة حال أو مقال، نعم صيغ الأمر في حد نفسها ظاهرة
في الأمر المولوي، وكونها إرشادية يحتاج إلى القرينة.
الرابعة: لا بأس لتأييد ما ذكرنا بنقل بعض الروايات الواردة بالألفاظ المتقدمة
وبعض ما يكون بقرينة المقام دالا على أن الأمر الصادر أمر مولوي سلطاني أو
حكم وقضاء، وإن لم يرد بلفظ " قضى أو أمر أو حكم " فنقول: أما ما ورد بلفظ
" قضى وحكم " فأكثر من أن يحصى، فمن ذلك:
ما في الكافي عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: (قال رسول الله - صلى
الله عليه وآله -: إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان) (1).

(1) الكافي 7: 414 / 1 باب أن القضاء بالبينات والأيمان، الوسائل 18: 169 / 1 باب 2 من أبواب
كيفية الحكم وأحكام الدعوى.
109

وعن تفسير الإمام، عن أمير المؤمنين - عليه السلام - قال: (كان رسول الله
- صلى الله عليه وآله - يحكم بين الناس بالبينات والأيمان) (1) الخبر.
وعن الكافي عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: (كان رسول الله - صلى
الله عليه وآله - يقضي بشاهد واحد مع يمين صاحب الحق) (2).
وعنه حدثني أبي: (أن رسول الله - صلى الله عليه وآله - قد قضى بشاهد
ويمين) (3) إلى غير ذلك.
وقضايا أمير المؤمنين مشهورة (4)، وفي بعض الروايات: (أجاز رسول الله
- صلى الله عليه وآله - شهادة شاهد مع يمين طالب الحق) (5).
وعن أبي جعفر - عليه السلام - قال: (لو كان الأمر إلينا أجزنا
شهادة الرجل الواحد إذا علم منه خير مع يمين الخصم في حقوق
الناس، فأما ما كان من حقوق الله - عز وجل - أو رؤية الهلال، فلا) (6). هذه

(1) التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام: 673 / 375، الوسائل 18: 169 - 170 / 3 باب
2 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.
(2) الكافي 7: 385 / 4 باب شهادة الواحد... من كتاب الشهادات، الوسائل 18: 193 / 2 باب 14
من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.
(3) الكافي 7: 385 / 2 باب شهادة الواحد... من كتاب الشهادات، الوسائل 18: 193 / 4 باب 14
من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.
(4) الوسائل 18: 206 - 212 باب 21 من أبواب كيفية الحكم وأحكام الدعوى.
(5) التهذيب 6: 273 / 149 باب 91 في البينات، الوسائل 18: 195 / 9 باب 14 من أبواب كيفية
الحكم وأحكام الدعوى.
(6) التهذيب 6: 273 / 151 باب 91 في البينات، الوسائل 18: 195 - 196 / 12 باب 14 من أبواب
الحكم وأحكام الدعوى.
110

الرواية تدل على أن هذا التنفيذ وهذه الإجازة هو تنفيذ ولي الأمر والسلطان.
ومما ورد من قضايا رسول الله - صلى الله عليه وآله - بما أنه سلطان وسائس:
ما في الكافي عن عقبة بن خالد: (أن النبي - صلى الله عليه وآله - قضى في
هوائر النخل (1) أن يكون النخلة والنخلتان للرجل في حائط الآخر، فيختلفون
في حقوق تلك، فقضى فيها أن لكل نخلة من أولئك من الأرض مبلغ جريدة
من جرائدها حين بعدها) (2).
وعن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: (قضى النبي - صلى الله عليه وآله -
في رجل باع نخلا، واستثنى عليه نخلة، فقضى له رسول الله - صلى الله
عليه وآله - بالمدخل إليها والمخرج منها ومدى جرائدها) (3).
وعن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: سمعته يقول: (قضى رسول الله
- صلى الله عليه وآله - في سيل وادي مهزور للزرع إلى الشراك وللنخل إلى
الكعب، ثم يرسل الماء إلى أسفل من ذلك. قال ابن أبي عمير: ومهزور
موضع واد) (4) إلى غيرها من الروايات.
وأما ما ورد بلفظ " قال " أو " يقول " وأمثال ذلك، وكان المستفاد منه هو القضاء

(1) هوائر النخل: مسقط ثمرتها.] منه قدس سره [
(2) الكافي 5: 295 / 4 باب جامع في حريم الحقوق من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 337 / 1 باب
10 من أبواب إحياء الموات.
(3) الكافي 5: 295 / 1 باب جامع في حريم الحقوق من كتاب المعيشة، الوسائل 12: 406 / 2 باب
30 من أبواب أحكام العقود.
(4) الكافي 5: 278 / 3 باب بيع الماء ومنع فضول الماء... من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 334 / 1
باب 8 من أبواب إحياء الموات.
111

أو الأمر المولوي السلطاني، فكثير - أيضا - يطلع عليه المتتبع، من ذلك:
رواية عقبة بن خالد المتقدمة في المقدمة برواية الصدوق الراجعة إلى شق
القناة بجنب قناة الآخر، وفيها (قضى رسول الله بذلك، وقال: إن كانت
الأولى أخذت ماء الأخيرة لم يكن لصاحب الأخيرة على الأول سبيل) (1).
ومنه ما عن الشيخ بإسناده عن أبي جعفر - عليه السلام - عن أبيه عن آبائه:
(أن النبي - صلى الله عليه وآله - قال: اقتلوا المشركين واستحيوا شيوخهم
وصبيانهم) (2).
والظاهر أن هذا أمر سلطاني متوجه] إلى [الجيوش.
ومنه ما عن الكافي بإسناده عن أبي عبد الله - عليه السلام - قال: (كان رسول
الله إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم، فأجلسهم بين يديه، ثم يقول: سيروا بسم
الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله - صلى الله عليه وآله -
لا تغلوا، ولا تمثلوا، ولا تغدروا، ولا تقتلوا شيخا فانيا ولا صبيا ولا امرأة،
ولا تقطعوا شجرا إلا أن تضطروا إليها) (3).
وعنه، عن عبد الرحمن (4) بن جندب، عن أبيه: (أن أمير المؤمنين - عليه

(1) الفقيه 3: 58 / 6 باب 44 في حكم الحريم، الوسائل 17: 344 / 1 باب 16 من أبواب إحياء
الموات.
(2) التهذيب 6: 2 14 / 1 باب 63 في كيفية قتال المشركين ومن خالف الإسلام، الوسائل 11: 48 /
2 باب 18 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه.
(3) الكافي 5: 27 / 1 باب وصية رسول الله صلى الله عليه وآله... من كتاب الجهاد، الوسائل 11:
43 / 2 باب 15 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه.
(4) جاء في الأصل (إبراهيم) بدل (عبد الرحمن)، وما أثبتناه من المصدر.
وعبد الرحمن هذا ذكره الشيخ في رجاله وعده من أصحاب الإمام علي عليه السلام. انظر رجال
الطوسي: 50، معجم رجال الحديث 9: 315.
112

السلام - كان يأمر في كل موطن لقينا فيه عدونا، فيقول: لا تقتلوا القوم حتى
يبدؤوكم، فإنكم - بحمد الله - على حجة، وترككم إياهم حتى يبدؤوكم حجة
أخرى لكم، فإذا هزمتموهم فلا تقتلوا مدبرا، ولا تجهزوا على جريح،
ولا تكشفوا عورة، ولا تمثلوا بقتيل) (1).
نتيجة ما أصلناه:
إذا عرفت ما ذكرنا فاعلم: أن حديث نفي الضرر والضرار قد نقل عن مسند
أحمد بن حنبل برواية عبادة بن الصامت في ضمن قضايا رسول الله - صلى الله
عليه وآله - ولفظه: (وقضى أن لا ضرر ولا ضرار) (2) وقد اتضح أن لفظة
" قضى " أو " حكم " أو " أمر " ظاهرة في كون المقضي به من أحكام رسول الله بما
أنه سلطان أو قاض; وليس من قبيل تبليغ أحكام الله وكشف مراده تعالى.
والمقام ليس من قبيل القضاء وفصل الخصومة، كما هو واضح، فيكون قوله:
(قضى أن لا ضرر ولا ضرار) ظاهرا في أنه من أحكامه بما أنه سلطان، وأنه
نهى عن الضرر والضرار بما أنه سائس الأمة ورئيس الملة وسلطانهم وأميرهم;
فيكون مفاده أنه حكم رسول الله وأمر بأن لا يضر أحد أحدا، ولا يجعله في

(1) الكافي 5: 38 / 3 باب ما كان يوصي أمير المؤمنين عليه السلام به... من كتاب الجهاد، الوسائل
11: 69 / 1 باب 33 من أبواب جهاد العدو وما يناسبه.
(2) مسند أحمد بن حنبل 5: 327.
113

ضيق وحرج ومشقة، فيجب على الأمة طاعة هذا النهي المولوي السلطاني بما
أنها طاعة السلطان المفترض الطاعة.
فالحمل على النهي الإلهي وكونه نهيا من قبل الله وإنما أخبر به رسول الله
- صلى الله عليه وآله - كما اختاره العلامة شيخ الشريعة (1) تبعا لشراح الحديث
خلاف الظاهر، مع أن شراح الحديث - كابن الأثير (2) والسيوطي (3) وغيرهما (4) -
لم يظهر من عبارتهم المنقولة إلا كون لا ضرر بمعنى لا يضر أخاه، وأما كون
النهي من قبل الله، أو من قبل رسول الله بما أنه سلطان وحاكم، فلم يظهر منهم
اختيار فيه، ولعل المتبحر المتقدم ذكره - أيضا - لم يكن بصدد ذلك، بل مقصوده
- أيضا - كون (لا ضرر) نهيا في مقابل الأقوال الأ خر وإن كان المتبادر منه هو
كون النهي إلهيا.
وبالجملة: كون النهي إلهيا خلاف ظاهر قوله: (قضى بذلك)، كما أن نفي
الحكم الشرعي الضرري بقوله: (قضى أنه لا ضرر ولا ضرار) خلاف الظاهر;
لعدم التناسب بين قضائه وبين نفي الحكم الضرري. هذا حال ما ورد من
طرقهم.
وأما ما ثبت وروده من طرقنا فهو قضية سمرة بن جندب، وورود الحديث

(1) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 18 و 4 2 - 27.
(2) النهاية في غريب الحديث والأثر 3: 81 مادة " ضرر ".
(3) الدر النثير 3: 17.
(4) انظر مجمع البحرين 3: 373 مادة " ضرر ".
114

في ذيلها من غير تصديره بلفظ " قضى " أو " أمر " أو " حكم "، بل ورد بلفظ
" قال " (1) لكن التأمل في صدر القضية وذيلها وشأن صدور الحديث، مما يكاد
أن يشرف بالفقيه على القطع بان (لا ضرر ولا ضرار) حكم صادر منه - صلى
الله عليه وآله - بنحو الآمرية والحاكمية بما أنه سلطان ودافع للظلم عن الرعية،
فإن الأنصاري لما ظلم ووقع في الحرج والضيقة بورود سمرة بن جندب - هذا
الفاسق الفاجر - على أهله من غير استئذان منه، وفي حالة يكره وروده عليه
وهو فيها، شكا إلى رسول الله - صلى الله عليه وآله - بما أنه سلطان ورئيس
على الملة; حتى يدفع الظلم عنه، فأرسل رسول الله إليه فأحضره، وكلمه بما
هو في الأخبار، فلما تابى حكم بالقلع ودفع الفساد، وحكم بأنه لا يضر أحد
أخاه في حمى سلطاني وحوزة حكومتي، فليس المقام بيان حكم الله، وأن
الأحكام الواقعية مما لا ضرر فيها، وأنه - تعالى - لم يشرع حكما ضرريا، أو
أخبر أنه - تعالى - نهى عن الضرر، فإن كل ذلك أجنبي عن المقام، فليس فيهما
شبهة حكمية ولا موضوعية، بل لم يكن شيء إلا تعدي ظالم على مظلوم
وتخلف طاغ عن حكم السلطان بعد أمره بالاستئذان، فلما تخلف حكم بقلع
الشجرة، وأمر بأنه لا ضرر ولا ضرار - أي الرعية ممنوعون عن الضرر
والضرار - دفاعا عن المظلوم وسياسة لحوزة سلطانه وحمى حكومته.

(1) تقدم تخريجها في أول هذه الرسالة مفصلا فراجع.
115

فيكون ما في أحاديثنا موافقا للمنقول عن العامة بطريق عبادة بن الصامت
الذي صرحوا بإتقانه وضبطه، وأنه من أجلاء الشيعة (1)، وعن الكشي (2) عن
الفضل بن شاذان (3): أنه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين - عليه
السلام - كحذيفة (4)، وخزيمة بن ثابت (5)، وابن التيهان (6)، وجابر بن

(1) انظر رجال الطوسي: 47، رجال العلامة الحلي: 9 12، رجال ابن داود: 126.
(2) هو الشيخ الجليل العظيم القدر محمد بن عمر بن عبد العزيز، أبو عمرو الكشي، كان ثقة بصيرا
بالاخبار والرجال، حسن الاعتقاد، له كتاب الرجال المعروف. انظر رجال النجاشي: 372،
الفهرست للطوسي: 141، تنقيح المقال 3: 165.
(3) الفضل: هو الشيخ أبو محمد الفضل بن شاذان بن الخليل الأزدي النيشابوري، الفقيه المتكلم، صنف
في مختلف العلوم والفنون، وبلغ عدد مصنفاته 180 كتابا، عذ في أصحاب الإمامين
الهادي والعسكري عليهما السلام. انظر رجال النجاشي: 306، معجم رجال الحديث 13: 289.
(4) حذيفة: هو ابن اليمان، واسم اليمان: حسل - ويقال حسيل - ابن جابر بن ربيعة العبسي اليماني،
أبو عبد الله، حليف الأنصار، من أعيان المهاجرين، ومن نجباء أصحاب محمد صلى الله عليه وآله،
مات بالمدائن بعد بيعة أمير المؤمنين علي عليه السلام بأربعين يوما.
انظر الطبقات الكبرى لابن سعد 6: 15 و 7: 317، معجم رجال الحديث 4: 245، غاية النهاية
لابن الجزري 1: 203.
(5): ابن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن غياث، أبو عمارة الأنصاري الأوسي الخطمي
المدني، الصحابي المعروف بذي الشهادتين، من السابقين الأولين، شهد بدرا وما بعدها، وقيل
أول مشاهده احد، قتل مع علي عليه السلام بصفين. انظر التاريخ الكبير للبخاري 3: 205،
الإصابة 1: 425، سير أعلام النبلاء 2: 485.
(6) هو مالك بن التيهان بن مالك بن عبيد بن عمرو بن عبد الأعلم الأنصاري حليف بني عبد الأشهل،
أبو الهيثم، شهد بيعة العقبة الأولى والثانية، وحضر بدرا واحدا والمشاهد كلها، آخى رسول الله
صلى الله عليه وآله بينه وبين عثمان بن مظعون، تو في بالمدينة سنة 20 ه‍. انظر الاستيعاب 3:
368، شذرات الذهب 1: 31، اسد الغابة 4: 274.
116

عبد الله (1)، وأبي سعيد الخدري (2)، وهو ممن شهد العقبة الأولى والثانية،
وشهد بدرا وأحدا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه
وآله (3).
ويؤيد إتقانه وضبطه: أن القضايا التي نقلها عن رسول الله - على ما في
مسند أحمد (4) - وجمعها في حديث واحد، تكون غالبا بألفاظها أو قريبا منها
في أحاديثنا متفرقة في الموارد المحتاج إليها، منقولة عن الصادقين عليهما
السلام.
المختار وآراء الأعلام
وأنت إذا تأملت فيما ذكرنا من المقدمات، وتدبرت الأخبار الحاكية لقضية
الأنصاري وسمرة بن جندب، وراجعت الإشكالات الواردة على احتمالات

(1) ابن عمرو بن حرام بن ثعلبة بن حرام بن كعب، صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله،
أبو عبد الله الأنصاري الخزرجي السلمي المدني، من أهل بيعة الرضوان، شهد بدرا وثماني
عشرة غزوة مع النبي صلى الله عليه وآله، وعلو مرتبته، وكثرة مناقبه وفضائله في غنى عن
البيان. انظر تهذيب التهذيب 2: 42، رجال الكشي 1: 205، تهذيب الأسماء واللغات
1: 142.
(2) هو سعد بن مالك بن سنان بن عبيد بن ثعلبة بن الأبجر الأنصاري الخزرجي، المشهور بابي سعيد
الخدري، صحابي جليل من فقهاء الصحابة ونجبائهم وفضلائهم، روى عن الرسول صلى الله عليه
وآله فأكثر وأطاب، ومناقبه كثيرة جدا، توفي بالمدينة سنة 74 ه‍ ودفن بالبقيع. انظر تهذيب
الأسماء واللغات 1: 237، البداية والنهاية 9: 7، معجم رجال الحديث 8: 47.
(3) رجال الكشي 1: 185.
(4) مسند أحمد بن حنبل 5: 327.
117

القوم، لا أظنك تشك في ترجيح ما ذكرنا:
أما على احتمال الشيخ (1) - قدس سره - بالوجوه المتقدمة (2) فواضح; لما
ذكرنا (3) من الإشكالات الغير المنحلة، مضافا إلى عدم التناسب بين
صدر القضية وذيلها على هذا الاحتمال، وعدم تناسب تعليل قلع الشجرة
بقوله: (فإنه لا ضرر ولا ضرار)، ومخالفته لكون هذه القضية - أي لا ضرر
ولا ضرار - من قضايا رسول الله - صلى الله عليه وآله - بل قيل: إنها من أشهر
قضاياه (4) وعدم معهودية استعمال هذا التركيب وإرادة هذا المعنى، كما يظهر
من التدبر فيما تقدم من موارد استعماله وفي غيره; مما هو متفرق في الأخبار
والآثار وكلمات الفصحاء، فإن غالبها يكون من قبيل نفي الأثر والحكم بنفي
الموضوع، وكثير منها من قبيل النهي بلسان النفي.
وأما نفي عنوان وإرادة نفي الحكم الذي يكون منشئا لهذا العنوان، لا بنحو
السببية والعلية، بل بنحو من الدخالة في بعث المكلف نحو الموضوع الذي هو
سبب للضرر، فلم أجد استعمال هذا التركيب فيه، وقد عرفت (5) أن نفي
الحكم بلسان نفي الموضوع الذي يكون هذا التركيب شائع الاستعمال فيه مما
لا وجه له في حديث (لا ضرر); فإن الأحكام الشرعية ليست من آثار الضرر

(1) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 سطر 25 - 27 و 373 سطر 5.
(2) انظر صفحة رقم: 73 وما بعدها.
(3) انظر صفحة رقم: 87 وما بعدها.
(4) منية الطالب 2: 195 سطرا - 2.
(5) انظر صفحة رقم: 92.
118

وأحكامه، ولا الضرر موضوعها.
نعم لو كان الحكم الضرري في الإسلام نادرا جدا - بحيث ينزل منزلة المعدوم
- يمكن نفي الضرر وإرادة نفي الحكم الضرري بنحو تنزيل الموجود منزلة
المعدوم، لكنه - أيضا - يحتاج إلى دعويين: إحداهما دعوى كون المسبب عين
السبب، وثانيتهما كون النادر معدوما.
وإن شئت قلت: لابد في هذا المجاز من استعمال اللفظ الموضوع للمسبب
في السبب على المشهور، وبعد هذا المعنى المجازي لابد من تنزيل الموجود
منزلة المعدوم.
ولا يخفى ما في هذا المجاز الوحشي الغريب عن ارتكاز العرف والعقلاء،
مضافا إلى عدم معهوديته أصلا، فلا يمكن أن يصار إليه.
وأما إرادة النهي من النفي - كما عن ابن الأثير، والسيوطي، وغيرهما من
مهرة أهل اللسان - فهو ليس ببعيد، بل الظاهر منه ذلك، والاختلاف بين
ما رجحناه وبين ما ذكره هؤلاء إنما هو في كون النهي من نواهي الله - تعالى -
كالنهي عن شرب الخمر والقمار، فطبق رسول الله - صلى الله عليه وآله -
الكبرى الكلية على المورد، واتكل في ردع سمرة بن جندب فقط أو في أمره
بقلع الشجرة - أيضا - على قوله تعالى: (لا ضرر ولا ضرار)، كما يظهر من
شيخ الشريعة (1)، ولعله الظاهر - أيضا - منهم، أو أن النهي مولوي صدر منه

(1) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 26.
119

- صلى الله عليه وآله - بما أنه سلطان في الرعية وسائس في الملة كما هو
أرجح عندي، وعرفت وجهه مستقصى، فإن رجح ذلك في نظرك فالشكر لله
تعالى وله المنة، وإلا فاجعله أحد المحتملات في قبال سائرها، ولعل الله
يحدث بعد ذلك أمرا.
إشكال ودفع:
لعلك تقول: إن الظاهر من صحيحة زرارة: أنه - صلى الله عليه وآله - اتكل
في حكمه بقلع الشجرة والرمي بها إلى سمرة على قاعدة شرعية وحكم إلهي;
حيث قال للأنصاري: (اذهب فاقلعها وارم بها إليه; فإنه لا ضرر ولا ضرار) (1)
فإن ظاهر التعليل أنه اتكل على القاعدة الشرعية والحكم الإلهي، لا] على [
حكم نفسه، فإن تعليل عمله بحكم نفسه غير مناسب كما لا يخفى، فلابد أن
يحمل (لا ضرر) إما على النهي الإلهي، أو نفي التشريع الضرري.
لكنك غفلت عن ممنوعية هذا الظهور، وأن الظاهر خلافه; لأن المقام لما
كان مقام عرض] أحد [الرعية شكواه] على [السلطان، لا السؤال عن الحكم
الشرعي، كان قوله: (فاقلعها وارم بها إليه)، حكما سياسيا تأديبيا صادرا منه بما
أنه سلطان، علل بالحكم السياسي الكلي; أي أن الضرر والضرار لابد وأن لا
يكون في حمى سلطاني وحوزة حكومتي، ولما كان سمرة مضارا، ومتخلفا

(1) الكافي 5: 92 2 / 2 باب الضرار من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 341 / 3 باب 12 من أبواب
إحياء الموات.
120

عن حكم السلطان، فاقلع نخلته وارم بها إليه، وهذا أنسب من تعليل القلع
بالنهي الشرعي أو رفع الحكم الضرري; لعدم التناسب - حينئذ - بين العلة
والمعلول أبدا، فهذا التعليل مما يؤيد ما ذكرنا، ويبعد محتملات القوم، فإن
تعليل حكمه بالقلع بان الشارع لم يشرع حكما ضرريا، أو أنه - تعالى - نهى
عن الضرر والضرار، مع أن نفس القلع ضرر، والحكم به ضرري، تعليل باطل،
يحتاج إلى التأويل، ونرجع إلى توضيح ذلك عن قريب (1).
ومما يؤيد ما ذكرنا: قوله - في رواية ابن مسكان عن زرارة -: (إنك رجل
مضار، ولا ضرر ولا ضرار على مؤمن) (2) فإن التقييد بقوله: (على مؤمن) مما
يوجب الظهور في النهي، وهي وإن كانت مرسلة، لكن ملاحظة مضمونها
وموافقتها لموثقة زرارة ربما توجب الوثوق بصدورها، ولا أقل من صلاحيتها
للتأييد لما قلنا في مقابل قول الشيخ وبعض الفحول، وبضميمة قرينة الصدر
والمورد يؤكد كون النهي مولويا سلطانيا.

(1) انظر صفحة رقم: 123 وما بعدها.
(2) الكافي 5: 94 2 / 8 باب الضرار من كتاب المعيشة، الوسائل 17: 341 / 4 باب 12 من أبواب
إحياء الموات.
121

تنبيهات
التنبيه الأول
في الإشكال على القاعدة
بقي التنبيه على أمور:
قال الشيخ الأنصاري - في رسالة لا ضرر -: في هذه القصة إشكال من حيث
] حكم [النبي - صلى الله عليه وآله - بقلع العذق، مع أن القواعد لا تقتضيه،
ونفي الضرر لا يوجب ذلك، لكن لا يخل با لاستدلال (1).
أقول: أما عدم إخلاله بالاستدلال، فهو كما ترى.
وأما الإشكال فلا يرد على ما ذكرنا; ضرورة أن المورد مندرج تحت الحكم
السلطاني الكلي، فيكون الأمر بالقلع لقطع مادة الفساد المتوقع في مثل المقام.
وأما على غيره فالإشكال وارد; لأن عدم تشريع الحكم الضرري ونهي الله
تعالى عن الإضرار بالغير، لا يقتضيان الإضرار بالغير بقطع شجرته.

(1) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 372 سطر 9 - 10.
123

ويؤكد الإشكال ظهور موثقة زرارة في كون المستند للقلع هو قوله:
(لا ضرر ولا ضرار); لوقوعه تعليلا لقوله: (فاقلع الشجرة)، ولهذا وقعوا
] عند [الجواب عنه في حيص بيص.
وأحسن الأجوبة ما يقال: إن أمره بالقلع يكون لحكومته وسلطنته الإلهية،
مع أنه مخالف للتعليل في الموثقة، فيبقى الإشكال بحاله.
في جواب بعض الأعاظم عن الإشكال
ولقد تصدى للجواب عنه بعض أعاظم العصر بما حاصله:
أنه أولا: أن (لا ضرر) ليس علة للقلع، بل علة لوجوب الاستئذان، وإنما أمر
بالقلع لسقوط احترام ماله بإصراره على الإضرار، فأمر به من باب الولاية
العامة حسما للفساد.
وثانيا: لو سلمنا عليته للقلع إلا أنه لا ينافي القواعد; لحكومة " لا ضرر "
على قاعدة السلطنة التي من فروعها احترام مال المسلم الذي هو عبارة عن
سلطنة المالك على منع غيره من التصرف في ماله، وقاعدة السلطنة وإن كانت
مركبة من أمر وجودي هو كون المالك مسلطا على التصرف في ماله، وأمر
سلبي هو سلطنته على منع غيره منه، والضرر يرد على الأنصاري من تصرف
سمرة في ماله بما يشاء، لامن منع الأنصاري عن قلع عذقه، ولابد أن يرفع
بدليل الضرر الجزء الأخير من علة الضرر، وليس إلا دخوله بلا استئذان، لا
كون ماله محترما، لكن هذا التركيب انحلالي عقلي، لا أنها مركبة من حكمين،
124

فلا معنى لحكومة (لا ضرر) على أحد الجزءين، والدخول بلا استئذان وإن كان
هو الجزء الأخير من العلة، لكنه متفرع على إبقاء النخلة، فالضرر نشا من علة
العلل، فينفى حق الإبقاء; لأن سمرة لم يكن مالكا إلا للنخلة، وله حق إبقائها
في البستان، وهذا علة لجواز الدخول بلا استئذان، فلو كان المعلول مستلزما
للضرر، فدليل الضرر رافع لعلته; لأن الضرر في الحقيقة نشأ من استحقاق
سمرة لإبقاء عذقه، فقاعدة الضرر ترفع هذا الاستحقاق، والنقض برفع دليل
الضرر اللزوم في العقد الغبني دون الصحة، غير وارد; لأن الصحة واللزوم
حكمان مستقلان ملاكا ودليلا، ولا ربط بينهما ولا علية بينهما، وأما جواز
الدخول بلا استئذان مع كونه مترتبا على استحقاق إبقاء العذق يكون من آثاره،
فالضرر معلول الاستحقاق، كما أن الضرر في الوضوء معلول الإيجاب
الشرعي وإن نشأ من اختيار المكلف (1) انتهى ملخصا.
مناقشة الجواب المتقدم
وفيه مواقع للنظر:
الأول: أن الظاهر من موثقة زرارة هو كون (لا ضرر) علة للأمر بالقلع،
وهذا لفظها، قال - بعد إحضار سمرة وإخباره بقول الأنصاري وما شكا -: (إذا
أردت الدخول فاستأذن، فأبى، فلما أبى ساومه، حتى بلغ به من الثمن ما شاء

(1) منية الطالب 2: 209 - 210.
125

الله، فأبى أن يبيع، فقال: لك بها عذق يمد لك في الجنة، فأبى أن يقبل.
فقال رسول الله - صلى الله عليه وآله - للأنصاري: اذهب فاقلعها، وارم
بها إليه; فإنه لا ضرر ولا ضرار).
وهذا - كما ترى - ظاهر غاية الظهور في كونه علة للأمر بالقلع، ولا يجوز
حمله على كونه علة لوجوب الاستئذان; لأن وجوبه المستفاد من قوله:
(فاستأذن)، إنما يكون في ضمن مقاولته - صلى الله عليه وآله - سمرة، ثم بعد
ما ساومه بكلام طويل، أعرض عنه وأقبل إلى الأنصاري، وقال له مستأنفا:
(اذهب فاقلعها، وارم بها إليه; فإنه لا ضرر ولا ضرار)، فكيف يمكن أن يكون
هذا الكلام المستقل مع الأنصاري تعليلا للوجوب المستفاد من كلام مستقل مع
سمرة مع هذا الفصل الطويل؟! وهل هذا إلا خروج عن طريق المحاورة وقانون
التكلم؟!
الثاني: أن الإصرار على الإضرار بالغير لا يوجب سقوط احترام مال المضر،
فأية قاعدة عقلية أو شرعية تقتضي ذلك؟! نعم للسلطان أن يأمر بالقلع حسما
لمادة الفساد، لكن حمل (لا ضرر) على ما ذكر القوم لا يناسب كونه تعليلا للأمر
بالقلع، وأما بناء على ما ذكرنا فالمناسبة بين العلة والمعلول - مع حفظ ظهور
الموثقة - واضحة.
الثالث: أن عد قاعدة " احترام مال المسلم " من فروع قاعدة السلطنة
وتفسير الاحترام بأنه عبارة عن سلطنة المالك على منع غيره من التصرف في
ماله مما لا ينبغي أن يصغى إليه، فإنهما قاعدتان مستقلتان عند العقلاء وفي
126

الشريعة - دليلا وملاكا - فإن قاعدة السلطنة قاعدة عقلائية هي من أحكام
المالكية عند العقلاء، فإن المالك للشيء مسلط عليه بأنحاء التسلط عندهم،
وقد أمضاها الشارع وأنفذها بقوله في النبوي المشهور: (الناس مسلطون على
أموالهم) (1) وقاعدة حرمة المال عبارة عن كونه في حريم المملوكية ومحترما،
لا يجوز لأحد التصرف فيه بلا إذن من مالكه، ومع الإتلاف كان ضامنا.
وهذا غير سلطنة المالك على ماله وجواز دفع الغير عن التصرف فيه، وهذه
- أيضا - قاعدة عقلائية أمضاها الشارع، والدليل عليها كثير:
منه قوله - صلى الله عليه وآله - في حجة الوداع: (فإن دماءكم وأموالكم
عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، إلى يوم
يلقونه) (2).
وكمرسلة الصدوق قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وآله -: (سباب
المؤمن فسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه من معصية الله، وحرمة ماله كحرمة دمه (3).
وفي موثقة أبي بصير عن أبي جعفر نحوها (4)

(1) عوالي اللآلي 3: 208 / 49، تذكرة الفقهاء 1: 489 السطر الأخير.
(2) دعائم الإسلام 2: 59 / 160 كتاب البيوع و 484 / 1729 من كتاب الغصب والتعدي، مستدرك
الوسائل 3: 145 / 1 باب 1 من كتاب الغصب.
(3) الفقيه 4: 300 / 89 باب 176 في النوادر وهو آخر أبواب الكتاب، الوسائل 8: 10 6 / 3 باب
158 من أبواب أحكام العشرة.
(4) الكافي 2: 359 - 360 / 2 باب السباب من كتاب الإيمان والكفر، الوسائل 8: 10 6 / 3 باب
158 من أبواب أحكام العشرة.
أبو بصير: وهو يحيى بن القاسم الأسدي من ثقات أصحابنا ووجهائهم، روى عن الباقر
والصادق والكاظم عليهم السلام توفي سنة 150 ه‍. انظر رجال النجاشي: 141، مجمع
الرجال 6: 250.
127

وما عن صاحب الزمان - روحي له الفداء -: (لا يحل لأحد أن يتصرف في
مال غيره بغير إذنه) (1). إلى غير ذلك.
فعد أحدهما من فروع الآخر في غير محله، ومما ذكرنا يعلم أن تفسير
احترام مال المسلم بما ذكر - أيضا - في غير محله، فحكومة دليل نفي الضرر
على قاعدة السلطنة غير مربوطة بقاعدة حرمة مال المسلم.
الرابع: أن القول - بأن قاعدة السلطنة مركبة من أمر وجودي هو كون المالك
مسلطا على التصرف في ماله، وأمر سلبي هو سلطنته على منع غيره من
التصرف في ماله، أو انحلالها إلى أمر وجودي وسلبي عقلا - غريب، فإن
السلطنة على منع الغير من أن أنحاء تسلط المالك على ماله، والكثرة إنما هي
في المتعلق، مع أن السلطنة على منع الغير ليست أمرا سلبيا ولو كان متعلقها -
أي منع الغير ودفعه - سلبيا، والحال أن متعلقها - أيضا - ليس بسلبي، كما هو
واضح.
الخامس: أنه لو سلم كون القاعدة مركبة من أمر وجودي هو السلطنة على
تصرفه في ماله بما يشاء، وأمر سلبي هو السلطنة على منع الغير عن التصرف

(1) كمال الدين وتمام النعمة 2: 521، الاحتجاج: 480 في جواب مسائل أبي الحسن
محمد بن جعفر الأسدي، الوسائل 6: 377 / 6 باب 3 من أبواب الأنفال... و 17: 309 / 4
باب 1 من أبواب الغصب.
128

فيه، لكن دخول سمرة بلا استئذان في منزل الأنصاري ليس من أنحاء سلطنته
على التصرف في عذقه، بل من المقدمات الوجودية للتصرف فيه، ولا يعقل أن
نكون القاعدة منحلة إلى السلطنة على الشيء ومقدمته الوجودية بما أنها
مقدمته.
هذا، مضافا إلى أن السلطنة على العذق لا توجب السلطنة على مال
الأنصاري وجواز الدخول في بيته بلا استئذان منه، ولو كان الدخول مقدمة
للتصرف في عذقه، فلا محالة كان له حق الجواز إلى عذقه ما دام موجودا في
بستانه، ودليل نفي الضرار، ينفي السلطنة على دخوله بلا استئذان، وأما
الدخول مع الاستئذان، وأنحاء التصرف في عذقه، وحرمة ماله، كلها باقية
على حالها من غير دليل حاكم عليها.
التنبيه الثاني
في حكومة القاعدة على أدلة الأحكام الأولية
بناء على ما ذهبنا إليه في حديث نفي الضرر لا يكون دليله حاكما على أدلة
الأحكام الأولية سوى قاعدة السلطنة، فإن دليل نفي الضرر ورد لكسر سورة
تلك القاعدة الموجبة للضرر والضرار على الناس، وهو - صلى الله عليه وآله -
بأمره الصادر منه - بما أنه سلطان على الأمة، وبما أن حكمه على الأولين حكمه
على الآخرين - منع الرعية عن الإضرار والضرار، فدخول سمرة بن جندب في
129

دار الأنصاري فجأة، وا لاشراف على أهله ضرار وإيصال مكروه وحرج] إلى [
المؤمن، فهو ممنوع.
وأما نفي اللزوم في المعاملة الغبنية، ونفي وجوب الوضوء الضرري،
وأمثالهما، فأجنبي عن مفاد الحديث، ولا يلزم منه فقدان الدليل في كثير من
الفروع المسلمة الفقهية، كخيار الغبن; لأنه لم تجد - ظاهرا - موردا يكون الدليل
منحصرا به; بحيث يلزم من عدم التمسك به فقدان الدليل فيه، وهذا خيار الغبن
، وهو من أوضح موارد النقض لا يكون ثبوته متقوما بدليل الضرر; بإمكان
دعوى كون خيار الغبن عرفيا عقلائيا، لا لأجل الشرط الضمني على مساواة
الثمن والمثمن، كما قيل (1); حتى يكون خيار الغبن من قبيل خيار تخلف
الشرط، فإن ذلك ممنوع، بل لأن خيار الغبن بعنوانه عرفي عقلائي، فإن العقلاء
يرجع بعضهم إلى بعض في صورة الغبن بعنوان المغبونية، لا بعنوان تخلف
الشرط، كما أن الرجوع في العيب إنما يكون بعنوانه، لا بعنوان تخلف الشرط
الضمني، كما قيل به أيضا (2).
نعم حكم العقلاء في باب العيب هو الخيار; أي السلطنة على حل العقد،
وأما في الغبن فالظاهر أن حكمهم بالخيار معلق على عدم بذل الغابن التفاوت،
واستفادة أمر زائد على ذلك من دليل الضرر مشكل، كما اعترف به بعض

(1) منية الطالب 2: 57 سطر 18 - 21.
(2) انظر المكاسب: 252 سطر 31، حاشية المكاسب للآخوند: 209، حاشية المكاسب للأصفهاني
2: 95 سطر 15 - 18.
130

الأعاظم منهم العلامة الأنصاري، ومنهم شيخنا العلامة الحائري - قدس
سرهما - ونقل عن العلامة - أيضا - حيث استشكل في التذكرة في ثبوت الخيار
مع بذل التفاوت (1)، ويظهر من ابن زهرة في الغنية (2) عدم اعتماده على دليل
الضرر في الخيار; حيث استدل لثبوته بالاجماع، وقال: ويحتج على المخالف
بقوله - صلى الله عليه وآله -: (لا ضرر ولا ضرار) تأمل.
ويظهر من الجواهر - أيضا - عدم اعتماده] عليه [في خيار الغبن، بل اعتمد
على الإجماع المحقق عنده (3).
نعم استدل الشيخ في الخلاف لثبوت خيار الغبن بقول النبي: (لا ضرر
ولا ضرار) (4)، وهو لا يدل على انحصار الدليل به.
وبالجملة: كون دليل الضرر مثبتا لحكم لولاه لبقي بلا دليل محل منع، مع
أن بقاء مسألة أو مسائل بلا دليل لا يوجب انعقاد ظهور لدليل الضرر أو أن
الحكم بخلاف ظاهره، اللهم إلا أن يكون المنظور الاستدلال بفهم الفقهاء،
وهو - أيضا - غير تام.

(1) المكاسب: 235 سطر 14 - 24، تذكرة الفقهاء 1: 523 سطر 11 - 12.
(2) الغنية - الجوامع الفقهية -: 526 سطر 18 - 21.
(3) انظر جواهر الكلام 23: 41.
(4) الخلاف 3: 42 مسألة 60 كتاب البيوع.
131

التنبيه الثالث
في تحمل الضرر والإكراه على الإضرار
إن مقتضى ما ذكرنا في معنى الحديث هو ممنوعية الضرر والضرار على
الناس، أو على المؤمن، وأما لزوم تحمل الضرر عن الغير أو دفعه عنه فأجنبي
عن مفاده، فلو توجه ضرر إلى الغير لا يجب دفعه عنه، ولا يجب تحمل الضرر
لئلا يتوجه إلى غيره، فلو توجه السيل إلى دار الغير لا يجب عليه دفعه
ولا توجيهه إلى داره لئلا يتضرر جاره، ولو توجه إلى داره يجوز دفعه عنها وإن
توجه بنفسه إلى دار الغير، ولا يجوز دفعه إلى دار الغير وتوجيهه إليها; لكونه
إضرارا عليه. كل ذلك واضح; لأن الممنوع هو الإضرار بالغير مباشرة أو
تسبيبا، لا تحمل الضرر عنه أو وجوب الدفع عنه.
في الاكراه على الإضرار:
وإذا أكره على الإضرار بالغير، فهل يجوز له ذلك، أولا؟
مقتضى حديث الرفع الجواز وعدم وجوب التقاعد عنه وتحمل الضرر من
المكره: إما لحكومة حديث الرفع (1) على دليله بناء على كونه نهيا شرعيا (2)،

(1) الكافي 2: 335 / 1 - 2 باب ما رفع عن الأمة من كتاب الإيمان والكفر، التوحيد للصدوق: 353 /
24 باب 56 في الاستطاعة، الوسائل 11: 295 - 296 / 3 باب 56 من أبواب الجهاد.
(2) قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 26 - 27.
132

بل وبناء على ما ذكرنا (1) من كونه نهيا سلطانيا لحكومته عليه أو على دليل
وجوب اتباع السلطان، وهو قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول
وأولي الأمر منكم) (2).
وإما لدعوى انصراف دليل منع الإضرار عن مثل المقام مما توجه الضرر إلى
الغير من قبل المكره - بالكسر - ويكون المكره - بالفتح - غير ضار عرفا،
كالمتولي عن الجائر.
لكن يجب أن يعلم أن حديث الرفع وغيره - مما له حكومة على الأدلة
الأولية - لا يمكن أن يعمل على حكومته والجمود عليها في جميع الموارد،
فرب مورد يتحقق الإكراه بأول وجوده; بحيث لو أوجد معه طلاقا أو عتاقا
يحكم بالبطلان، ولكن لا يمكن رفع اليد معه عن الأدلة الأولية فيما إذا أحرز
المقتضي فيه مع أهميته، كما لو أكره على هدم الكعبة وقبر النبي والأئمة - عليه
وعليهم الصلاة والسلام - أو على إحراق المصحف، أو على رد القرآن، أو تأويله
بما يقع الناس به في الضلالة، أو على إبطال حجج الله، أو على بعض القبائح
العقلية والموبقات الشرعية، ولو أوعده بما لو أوعده به في ترك طلاق امرأته، أو
عتق عبده، أو بيع داره، فأوقعها تقع باطلة، كالإيعاد على الشتم والهتك
والضرب وأخذ عشرة دنانير، فإن الإيعاد بما ذكر مما يدخل الطلاق ومثله في
موضوع الإكراه، ويرفع حكمه، فهل يمكن الالتزام بمجرد هذا الإيعاد بجواز

(1) انظر صفحة رقم: 113.
(2) النساء: 59.
133

ما ذكر من المهمات والموبقات؟! بل في بعض الموارد لا يمكن الالتزام بالجواز
مع الإيعاد بالقتل - أيضا - وإن ورد: أن (التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم،
فقد أحله الله) (1) فلو أمر الوالي المتولي من قبله بهتك حرمات الناس وضربهم
وشتمهم وسبي نسائهم وهدم بيوتهم ونهب أموالهم، وأوعده بما يتحقق به أول
مصداق من الاكراه، فلا يمكن أن يلتزم بجوازه لدليل الرفع، فلا يبعد الالتزام
بالفرق بين الأحكام الوضعية، فيقال برفعها بمجرد الإكراه، وبين الأحكام
التكليفية، فيفصل بين مهماتها وغيرها.
التنبيه الرابع
في ما يكون التصرف في ملكه موجبا لتضرر الغير
لو استلزم التصرف في ملكه الضرر على غيره، فالمشهور - على
ما قيل - على الجواز (2)، ونقل عن الشيخ (3) والحلي (4)

(1) الكافي 2: 175 / 18 باب التقية من كتاب الإيمان والكفر، الوسائل 11: 468 / 2 باب 25 من
أبواب الأمر والنهي وما يناسبهما.
(2) رسالة نفي الضرر - المطبوعة ضمن المكاسب -: 375 سطر 4 - 7.
(3) المبسوط للطوسي 3: 272 - 273.
(4) السرائر 2: 382 - 383.
الحلي: هو الفقيه الكبير الشيخ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن إدريس العجلي الربعي الحلي،
أحد كبار المشايخ المحققين وتلمذ بالحلة، صاحب المصنف الموسوم ب‍ (السرائر الحاوي لتحرير
الفتاوى) روى عنه جماعة من الأكابر منهم: الشيخ نجيب الدين محمد بن نما الحلي، والسيد
شمس الدين فخار الموسوي، والسيد محمد بن عبد الله بن زهرة الحسيني الحلبي وغيرهم، توفي
سنة 598 ه‍. انظر رياض العلماء 5: 31، تنقيح المقال 2: 77، أمل الآمل 2: 243.
134

وابن زهرة (1): أن له التصرف بلا خلاف، فهاهنا صور لا بأس بذكرها وذكر
ما تقتضي القاعدة فيها:
الأولى: أن يكون في تصرفه ضرر على الجار، وفي تركه ضرر عليه.
الثانية: أن يكون في تركه حرج ومشقة عليه، وفي التصرف ضرر على
الجار.
الثالثة: أن يكون في تصرفه حرج ومشقة على الجار، وفي تركه ضرر عليه.
الرابعة: أن يكون في ترك تصرفه حرج عليه، وفي تصرفه على الجار.
الخامسة: أن يكون في تصرفه ضرر أو حرج على الجار، وفي تركه فقدان
منفعة له.
السادسة: أن يكون في تصرفه ضرر أو حرج على الجار، ولا يكون في تركه
شيء عليه ولا فقدان نفع منه، فحينئذ قد يكون تصرفه لغوا، وقد يكون
للإضرار أو إيصال الحرج بالجار.
فبناء على ما ذكرنا في معنى حديث نفي الضرر (2) لا يبعد انصرافه عما إذا
كان ترك تصرفه في ملكه موجبا لتضرره أو وقوع الحرج عليه; لأن النهي عن
الإضرار بالغير لا يقتضي تحمل التضرر أو الحرج والمشقة، فلا يجب على المالك
تحملهما بترك التصرف في ملكه لأجل وقوع الضرر على جاره.

(1) الغنية - الجوامع الفقهية -: 540 سطر 27 - 30.
(2) انظر صفحة رقم: 113 وما بعدها.
135

نعم لا يجوز إيقاع الضرر ابتداء على الغير ولو لزم من تركه الضرر عليه،
وهذا غير لزوم الضرر عليه من التصرف في ملكه، كما هو ظاهر.
هذا إذا لزم من ترك التصرف في ملكه ضرر أو حرج عليه، ومنه ما إذا لزم
من تركه فقدان المنفعة المعتد بها، فإن حبس المالك عن الانتفاع بملكه حرج
عليه. وأما مع عدم لزومهما فلا يجوز له التصرف الموجب لهما.
وكذا على مسلك القوم (1) في معنى الحديث يمكن دعوى ذلك الانصراف;
لأنه قاعدة امتنانية، ومقتضى الامتنان ذلك.
وبالجملة: دليل الضرر منصرف عما يلزم من رفعه إثبات الضرر، وأما إذا
لم يلزم ذلك - كما لو حفر بئرا لمجرد الإضرار بالجار ولغوا - فلا يجوز.
وقد يقال فيما يلزم الضرر: إن جواز حفر البئر ضرري; لتضرر الجار به،
ومنع تصرف المالك في ملكه ضرري لتضرر المالك به، فيتعارض الضرران،
فيرجع إلى قاعدة السلطنة أو إلى الأ صول العقلية والشرعية.
ولو لزم من الحفر وتركه الحرج لتعارض الحرجان، ولو كان أحدهما
حرجيا والآخر ضرريا تعارضا، إلا أن يقال: دليل الحرج حاكم على دليل
الضرر، فيختلف حكم صور المسألة:
ففي صورة تعارض الضررين أو الحرجين يقدم حق المالك لقاعدة السلطنة
أو الأصول.

(1) تقدم ذلك مرارا فراجع.
136

وفي صورة حرجية أحدهما يقدم جانب الحرج لو قلنا بالحكومة، وإلا
فيرجع إلى قاعدة السلطنة أو الأ صول.
وقد يقال: إن منع المالك عن التصرف في ملكه بنفسه حرج، ففي جميع
الصور يقدم جانب المالك; لحكومة دليل الحرج، أو للتعارض والرجوع إلى
قاعدة السلطنة أو الأ صول (1).
أقول: أما دعوى: كون منع المالك عن التصرف في ملكه هو بنفسه حرج
منفي بدليل الحرج. ممنوعة; فإن الحرج هو الضيق والكلفة والمشقة، ومطلق
المنع ليس كذلك. نعم قد يلزم منه الحرج.
في تقرير تعارض الضررين وجوابه
وأما حديث تعارض الضررين فتقريره: أن جواز حفر البئر ضرري منفي
بدليل نفي الضرر، ودليل الضرر الرافع للجواز ضرري على المالك، فينفى هذا
المصداق بدليل نفي الضرر، فيتعارض دليل الضرر في مصداقين من نفسه،
وذلك لأن القضية حقيقة منحلة إلى قضايا متكثرة.
وفيه أولا: أنه لا يعقل أن يتكفل دليل نفي نفسه أو مصاديقه، فقوله: (لا ضرر
ولا ضرار) إنشاء لنفي الأحكام الضررية على مسلكهم، فهذا الانشاء لا يمكن أن
ينفي نفس (لا ضرر) فيكون الدليل النافي نافيا لنفسه أو معدما لذاته أو

(1) انظر فرائد الاصول: 316 - 317.
137

مصاديقه التي هي هو.
لا يقال: حكومة مصداق من (لا تنقض اليقين بالشك) (1) على مصداق آخر
في الشك السببي والمسببي من هذا القبيل.
والحل: أن حكومة مصداق من الدليل على مصداق آخر لا يلزم منه إعدام
الشيء نفسه، بل إعدام مصداق للشيء مصداقا آخر، وذلك غير ممنوع.
فإنه يقال: قضية الشك السببي والمسببي ليست من قبيل ما نحن فيه، بل
الاستصحاب الجاري في السبب يرفع الشك الذي هو موضوع الأصل المسببي،
فلا يجري لعدم الموضوع، وهذا مما لا مانع منه.
وأما لو فرض في مورد نفى (لا تنقض) نفسه - أي] تكفل [إنشاء عدم نقض
اليقين بالشك إعدام عدم النقض - فهو - أيضا - محال، وما نحن فيه من هذا
القبيل.
ومما ذكرنا: يظهر حال الحل، فإن انحلال القضية إلى قضايا لا يوجب إمكان
إعدام الشيء نفسه، وليس معنى الانحلال إنشاء قضايا متكثرة، بل ليس في
البين إلا إنشاء واحد، ولا يمكن أن تنحل قضية إلى مصداق ومعدم لمصداق
آخر.
وثانيا: على فرض صحة تلك الحكومة لا معنى للتعارض بين المصداقين;
لأن أحدهما الرافع للآخر حاكم عليه، وبعد الحكومة تصير النتيجة عدم جواز

(1) الكافي 3: 352 / 3 باب السهو في الثلاث والأربع من كتاب الصلاة، الوسائل 1: 175 / 1 باب 1
من أبواب نواقض الوضوء و 5: 321 / 3 باب 10 من أبواب الخلل الواقع في الصلاة.
138

تصرف المالك.
تقرير آخر للتعارض وجوابه
وهاهنا تقرير آخر لبيان التعارض: وهو أن جواز التصرف منفي
ب‍ (لا ضرر)، ومنع التصرف الناشئ من (لا ضرر) - أيضا - منفي ب‍ (لا ضرر)،
فيتعارضان.
وفيه: أن مفاد (لا ضرر) هو نفي الجواز لا المنع من التصرف بمعنى إثبات
الحكم، ونفي الحكم ليس حكما حتى ينفى ب‍ (لا ضرر).
وقد يقال: إن الحكم الناشئ من قبل (لا ضرر) لا يمكن أن ينفى
ب‍ (لا ضرر); لأن المحكوم لابد أن يكون في الرتبة المتقدمة] على [الحاكم;
حتى يكون شارحا له وناظرا إليه (1).
وفيه: أن الحكومة لا تتقوم بالنظر والشرح، مع أن النظر إلى المتأخر رتبة
وشرحه مما لا يمتنع، فإذا تحقق بدليل نفي الضرر حكم ضرري لا مانع من نفيه
بدليل الضرر; فإنه قضية حقيقية تنفي كل حكم ضرري محقق الوجود أو
مقدره في ظرف تحققه، مثل قوله: " صدق العادل " بالنسبة إلى الأخبار مع
الواسطة.
ومما ذكرنا: يتضح حال تعارض دليل الحرجين، فإن الكلام فيه كالكلام في

(1) منية الطالب 2: 225 سطر 11 - 12.
139

الضرر، وكذا الحال في تعارض الضرر والحرج.
وأما حديث حكومة دليل نفي الحرج على نفي الضرر فهو - أيضا - مما لا
أصل له بناء على مسلك القوم.
أما إذا كان دليل نفي الحرج (لاضرار) - الذي قد عرفت أنه بمعنى نفي
الحرج - فواضح.
وأما إذا كان دليله قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (1)
فلأن لسانه كلسان (لا ضرر) بناء على كون (لا ضرر) بمعنى نفي تشريع الأحكام
الضررية، فإن لسانهما نفي تشريع الأحكام الحرجية أو الضررية، فلاوجه
لحكومة أحدهما على الآخر.
هذا آخر ما أردنا إيراده، فلنختم الكلام بحمد الله تعالى والصلاة على
رسوله وآله الطاهرين.
وقد وقع الفراغ من تسويده يوم الأربعاء، غرة جمادى الأولى، سنة ألف
وثلاثمائة وثمان وستين قمرية من الهجرة النبوية، على مهاجرها الصلاة
والسلام والتحية.

(1) الحج: 78.
140

الفهارس العامة
1 - فهرس الآيات الكريمة
2 - فهرس الأحاديث الشريفة
3 - فهرس أسماء النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام
4 - فهرس الأعلام
5 - فهرس الأشعار
6 - فهرس أسماء الكتب الواردة في متن الكتاب
7 - فهرس الأماكن والبلدان والبقاع
8 - فهرس الجماعات والطوائف والقبائل
9 - فهرس الكلمات المشروحة في الهامش
10 - فهرس الوقائع والأحداث
11 - فهرس مصادر التحقيق
12 - فهرس الموضوعات
141

- 1 -
فهرس الآيات الكريمة
السورة الآية الصفحة
اسأل القرية التي كنا فيها يوسف 8275، 91
أطيعوا الله وأطيعوا الرسول واولي الأمر منكم النساء 59106، 133
فإن لك في الحياة أن تقول لامساس طه 9797
فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر النساء 65107
لا تضار والدة بولدها ولا مولود له بولده البقرة 23363، 65، 66
لا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج البقرة 19776، 97
ما جعل عليكم في الدين من حرج الحج 7890، 140
من بعد وصية يوصى بها أو دين غير مضار النساء 1263
والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا التوبة 10763، 67
ولا تضاروهن لتضيقوا عليهن الطلاق 663، 69
ولا تمسكوهن ضرارا لتعتدوا البقرة 23163، 66
ولا يضار كاتب ولا شهيد البقرة 28263، 68
وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله الأحزاب 36107
143

- 2 -
فهرس الأحاديث الشريفة
أجاز رسول الله صلى الله عليه وآله شهادة شاهد 110
إذا أرفت الأرف وحدت الحدود فلا شفعة 34
إذا أردت الدخول فاستأذن 125
إذهب فاقلعها وارم بها اليه 120، 126
الإسلام يزيد ولا ينقص 55
أنت رجل مضار 57
انطلق فاغرسها حيث شئت 42، 57
إن كانت الاولى أخذت ماء الأخيرة 38
إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد قضى 110
إن سمرة بن جندب كان له عذق في حائط 28
إن سمرة بن جندب كان له عذق وكان طريقه 29
إنك رجل مضار... ولا ضرر ولا ضرار... على مؤمن 42، 64، 72، 100،
121
إنما أقضي بينكم بالبينات والأيمان 109
إن الجار كالنفس غير مضار ولا آثم 64
144

إن النبي صلى الله عليه وآله قال: اقتلوا المشركين 112
إن النبي صلى الله عليه وآله قضى في هوائر 111
إنه من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين عليه السلام 116
التقية في كل شيء يضطر إليه ابن آدم 134
الجد أولى بذلك ما لم يكن مضارا 64
الرجل يطلق حتى إذا كادت أن يخلو أجلها 66
سئل عن جدار... قال ليس يجبر عليه 34
سباب المؤمن فسوق وقتاله كفر وأكل 127
على حسب أن لا يضر إحداهما بالاخرى 38
فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة 127
فإنه لا ضرر ولا ضرار 58، 118
فليس له ذلك، هذا الضرار 64
فوقع عليه السلام: على حسب أن لا يضر إحداهما 38
فوقع عليه السلام: يتقي الله ويعمل في ذلك بالمعروف 38
قرأت في كتاب لعلي عليه السلام: أن رسول الله 39
قضى أن لا ضرر ولا ضرار 113
قضى أنه لا ضرر ولا ضرار 114
قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بذلك وقال: إن كانت 112
قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بالشفعة بين 33، 36
قضى رسول الله صلى الله عليه وآله بين أهل المدينة 33
قضى رسول الله صلى الله عليه وآله في أهل البوادي 52
قضى النبي صلى الله عليه وآله في رجل باع 111
قضى رسول الله صلى الله عليه وآله في سيل وادي مهزور 111
كان رسول الله صلى الله عليه وآله إذا أراد أن يبعث سرية دعاهم 112
كان رسول الله صلى الله عليه وآله يحكم بين الناس 110
145

كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقضي بشاهد 110
كان لسمرة بن جندب نخلة في حائط بني فلان 31
لا إخصاء في الإسلام، ولا بنيان كنيسة 98
لا إيلاء حتى يدخل بها 104
لا تقتلوا القوم حتى يبدؤوكم فإنكم 113
لا تنقض اليقين بالشك 138
لا جلب ولا جنب ولا اعتراض 98
لا جلب ولا جنب ولا شغار في الإسلام 97
لا حمى إلا ما حمى الله ورسوله 98
لا حمى في الأراك 98
لا حمى في الإسلام ولا مناجشة 98
لارضاع بعد فطام 102
لاسبق إلا في خف أو حافر أو نصل 99
لا سهو في سهو 101
لا سهو في نافلة 101
لا سهو لمن أقر على نفسه بسهو 101
لا صرورة في الإسلام 99
لا صمات يوم إلى الليل 99
لا ضرر ولا ضرار... على مؤمن... في الإسلام 35، 36، 41، 45، 47، 50،
53، 54، 57، 59، 72، 74، 5 11، 9 11، 4 12، 131، 138
لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق 99
لاطلاق إلا بخمس: شهادة شاهدين 103
لاطلاق إلا على طهر 103
لاطلاق إلا ما اريد به الطلاق 104
لاطلاق السكران الذي لا يعقل 103
146

لاطلاق فيما لا تملك 103
لاطلاق قبل نكاح 103
لاظهار إلا في طهر 104
لاظهار إلا ما اريد به الظهار 104
لا عتق قبل الملك 103
لا غش بين المسلمين 99
لا نذر فيما لا يملكه ابن آدم 102
لا نذر في معصية الله 101
لا نكاح للعبد ولاطلاق إلا بإذن مولاه 103
لا هجر بين المسلمين فوق ثلاثة أيام 99
لا يتم بعد احتلام 103
لا يحل لأحد أن يتصرف في مال غيره بغير إذنه 128
لا يمين إلا بالله 102
لا يمين في استكراه، ولاعلى سكر، ولاعلى معصية 102
لا يمين في قطيعة 102
لا يمين فيما لا يبذل 102
لا يمين في معصية الله 102
لا يمين للولد مع والده ولا للمملوك مع مولاه ولا للمرأة مع زوجها 103
لا يمين لمكره 102
لا ينبغي للرجل أن يطلق امرأته 64
لا ينبغي للرجل أن يمتنع من جماع 65
لصاحب الدرهمين خمس ما بلغ 37
لو كان الامر إلينا أجزنا شهادة الرجل 110
ليس يجبر على ذلك ألا أن يكون 34
ما أراك يا سمرة إلا مضارا 58، 62، 64
147

المطلقة الحبلى ينفق عليها حتى تضع حملها 66
من أوصى ولم يحف 64
من ضار مسلما فليس منا 64
من منع فضل الماء ليمنع به الكلاء 52
الناس مسلطون على أموالهم 127
وقضى أن لا ضرر ولا ضرار 36، 52، 113
وقضى بالشفعة بين الشركاء 52
ولا شفعة إلا لشريك غير مقاسم 34
ومن أضر بامرأته حتى تفتدي منه 39
ومن ضار مسلما فليس منا 40
يا أشباه الرجال ولا رجال 75، 92، 77
يتقاسمان بحقائب البئر ليلة ليلة 37
يتقي الله ويعمل في ذلك بالمعروف 38
148

- 3 -
فهرس أسماء النبي صلى الله عليه وآله والأئمة عليهم السلام
محمد صلى الله عليه وآله = النبي = رسول الله = الرسول الأعظم: 25، 28،
30، 36، 38، 39، 2 4، 43، 46 - 48، 50، 52، 53، 55، 56، 58،
67، 68، 72، 76، 97 - 99، 105 - 120، 123، 126، 127، 129،
131، 133، 140
علي عليه السلام = أمير المؤمنين = المرتضى: 35، 39، 56، 64، 107، 108،
110، 112، 113، 116
السجاد عليه السلام: 76، 112
أبو عبد الله = الصادق عليه السلام: 27، 29، 31 - 35، 37 - 39، 47، 53،
57، 64 - 66، 109 - 112، 128
أبو جعفر = الباقر عليه السلام: 27، 29، 31، 35، 39، 57، 110، 112،
127، 128
الصادقين عليهما السلام: 117
الكاظم عليه السلام: 29، 128
الرضا عليه السلام: 27، 29، 50، 102
الجواد عليه السلام: 27
149

الهادي عليه السلام: 27، 116
أبو محمد = العسكري عليه السلام: 38، 110، 116
الحجة عجل الله فرجه = صاحب الزمان: 128
150

- 4 -
فهرس الأعلام
ابن أبي جمهور: 52
ابن أبي عمير: 111
ابن الأثير: 36، 43، 52، 53، 55، 56، 70 - 72، 86، 114، 119
ابن التيهان: 116
ابن الجزري: 116
ابن داود: 9 2، 39، 43، 6 11
ابن زهرة: 35، 43، 131، 135
ابن سعد: 36، 68، 6 11
ابن عباس: 56، 67
ابن ماجة (صاحب السنن): 102
ابن مسعود: 68
ابن مسكان = عبد الله بن مسكان: 29، 57، 121
أبو بصير: 127، 128
أبو داود (صاحب السنن): 98، 99
أبو سعيد الخدري: 117
151

أبو عامر الراهب: 67
أبو عبيدة الحذاء = الحذاء: 31، 2 4، 57، 58، 64
أبو عمرو: 68
أبو الفتوح الرازي: 102
أبو مسلم: 69
أحمد بن حنبل: 36، 43، 44، 47، 52، 53، 56، 99، 113، 117
أحمد بن عبد الله: 27
أحمد بن محمد بن خالد = البرقي = أحمد بن أبي عبد الله: 27، 9 2، 39
أحمد بن محمد بن عيسى الأشعري القمي: 101
الأنصاري = الشيخ الأعظم = الشيخ العلامة: 25، 40، 73 - 78، 80، 81، 85
- 87، 89، 93، 94، 8 11، 121، 123، 131
البجنوردي: 95
البخاري: 116
التقي الشيرازي: 46
التوني: 85
جابر بن عبد الله الأنصاري: 73، 116
الحائري = شيخنا العلامة = العلامة الحائري: 79، 92، 131
حذيفة بن اليمان: 116
الحسن بن زياد الصيقل: 31
حفص بن غياث: 39
حماد بن عثمان: 39
حمزة (عم النبي صلى الله عليه وآله): 32
حنظلة غسيل الملائكة: 67
الحلي: 35، 134
خزيمة بن ثابت: 116
152

الدارمي (صاحب السنن): 98، 99
الرازي (صاحب التفسير الكبير): 67
الرشتي = حبيب الله: 46
روح الله الخميني: 25، 79
زرارة بن أعين: 27، 9 2، 41، 57 - 59، 64، 120، 121، 4 12، 125
زياد ابن أبيه: 28
السبزواري: 75
سمرة بن جندب: 28، 29، 31، 32، 41، 43، 45، 57، 58، 62، 64،
70، 72، 100، 114، 115، 117، 119، 120، 124 - 126، 129
السيوطي: 71، 72، 76، 86، 114، 119
الشيخ شاذان: 35
شريف العلماء المازندراني: 73
الشهيد الأول: 33
الشهيد الثاني: 33
شيخ الشريعة الأصفهاني: 6 4، 53، 54، 56، 85، 86، 95، 97، 100، 114،
119، 132
صاحب تاج العروس: 72
صاحب الجواهر: 73
الصدوق = محمد بن علي بن الحسين: 28، 29، 31، 34، 35، 38، 39، 43،
52، 55، 57، 64، 66، 112، 127، 132
الطبري = محمد جرير: 28، 67
الطريحي: 56، 72
طلحة بن زيد النهدي: 39، 64
الطوسي = الشيخ = محمد بن الحسن: 27، 29، 31 - 35، 37 - 39، 43،
112، 113، 6 11، 131، 134
153

عبادة بن الصامت: 33، 36، 47، 52 - 54، 56، 113، 116
عبد الرحمن بن جندب: 112، 113
عبد الله بن بكير: 27، 28
عثمان بن مظعون: 116
عقبة بن خالد الأسدي: 32، 34، 37، 38، 47، 48، 53، 54، 111، 112،
العلامة = الحسن بن يوسف الحلي: 27، 29، 39، 40، 43، 55، 116، 131
علي بن إبراهيم بن هاشم القمي: 27، 65
علي بن الحسن: 27
علي بن محمد بن بندار: 29
علي بن محمد بن عبد الله القمي: 27
علي بن مهزيار: 39
عنزة بن أسد: 29
العياشي: 65
غياث بن إبراهيم: 39
فخار الموسوي: 135
الفخر = الشيخ محمد ابن العلامة الحلي: 40
الفرزدق: 76
الفشاركي: 44
الفضل بن شاذان: 116
الكشي: 29، 32، 37، 116، 117
الكليني: 29، 31 - 33، 48
السيد المجاهد: 73
مجاهد بن جبر: 68
المجدد الشيرازي = السيد الميرزا محمد حسن: 44، 75
154

المحقق الخراساني = الآخوند = محمد كاظم: 25، 44، 75، 77، 78، 86، 92،
130
محمد بن جعفر الأسدي: 128
محمد بن الحسين: 32، 36 - 38
محمد حسين الأصفهاني: 130
محمد حسين الكاظمي: 46
محمد بن خالد البرقي: 27، 29، 39
محمد بن عبد الله بن زهرة: 135.
محمد بن عبد الله بن هلال: 32، 37، 54
محمد بن نما: 135
محمد بن يحيى: 32، 34، 36 - 39
محمد بن يحيى الخزاز: 39
السيد المرتضى: 29
السيد المرعشي النجفي: 52
المفيد: 29
المناوي: 98
النائيني: 44
النجاشي: 27، 32، 33، 37، 39، 6 11، 128
النراقي: 73
هارون بن حمزة الغنوي: 37، 64
هشام بن عبد الملك: 76
يزيد بن إسحاق: 37
155

- 5 -
فهرس الأشعار
- هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم
- من يعرف الله يعرف أولوية ذا * فالدين من بيت هذا ناله الأمم
الفرزدق: 76
156

- 6 -
فهرس أسماء الكتب الواردة في متن الكتاب
إيضاح الفوائد: 40
تاج العروس: 71، 72، 86
تذكرة الفقهاء: 36، 131
التعليقة على الكفاية: 25
التفسير المنسوب للإمام العسكري عليه السلام: 110
تهذيب الأحكام: 39، 41
جواهر الكلام: 131
الخلاف: 35، 131
درر الفوائد في الحاشية على الفرائد: 78، 86، 92
درر اللآلي: 52
الدر النثير: 86
دعائم الإسلام: 34، 2 4، 43
الصحاح: 61
عقاب الأعمال: 39، 64
غنية النزوع: 131
157

فرائد الاصول = الرسائل: 77، 78، 86، 92
قاعدة لا ضرر للشيخ الأنصاري: 78، 123
قاعدة لا ضرر لشيخ الشريعة: 46، 97
قاعدة لا ضرر للعلامة النائيني: 44
القاموس المحيط: 62
الكافي للكليني: 27، 32، 36، 41، 54، 56، 109، 112
كفاية الاصول: 25، 77، 79، 92
لسان العرب: 71، 86
مجمع البحرين: 36، 56، 65، 68، 71، 86
مجمع البيان: 66، 69
مستدرك وسائل الشيعة: 34
مسند أحمد بن حنبل: 36، 43، 44، 47، 52، 113، 117
المصباح المنير: 62
المنجد في اللغة: 62
من لا يحضره الفقيه: 41
النهاية في غريب الحديث والأثر: 36، 56، 70، 86
وسائل الشيعة: 28، 31، 33، 35، 38، 39، 54
158

- 7 -
فهرس الأماكن والبلدان والبقاع
احد: 116، 117
أراك: 79
أردكان: 79
إيران: 79
بدر: 116، 117
البصرة: 28، 56، 76
البطحاء: 76
بغداد: 29، 36
البقيع: 117
بيت المقدس: 36
تبوك: 67
الجزيرة: 36
الحبشة: 68
الحرم: 76
الحلة: 135
159

الخندق: 117
دزفول: 73
ري: 29
سامراء: 79
الشام: 67
الطائف: 56
العراق: 44
العقبة: 116، 117
فلسطين: 36
قبر النبي صلى الله عليه وآله: 133
قم: 25، 79
الكعبة = البيت: 76، 133
الكوفة: 27
المدائن: 116
المدينة: 33، 39، 53، 68، 6 11، 117
مسجد ضرار: 67
مسجد قبا: 67
مشهد المقدسة: 75
مصر: 72
مكة المكرمة: 68
الموصل: 36
مهرجرد: 79
نائين: 44
النجف الأشرف: 29، 46، 75، 79
وادي مهزور: 111
160

واسط: 72
يزد: 79
161

- 8 -
فهرس الجماعات والطوائف والقبائل
أئمة الحديث: 47، 48
أصحاب الجوامع: 48
أصحابنا: 27، 29، 32، 128
الإمامية: 33
الأنصار: 28، 29، 39، 6 11
أهل البادية: 33، 52، 53
أهل السنة: 47
أهل اللغة: 63، 70، 86، 100، 119
أهل المدينة: 33، 39، 53
بنو زهرة: 68
بنو عبد الأشهل: 116
بنو عمرو بن عوف: 67
بنو غنم بن عوف: 67
بنو مخزوم: 68
الشيعة: 116
162

العامة: 39، 56، 116
الفقهاء: 29، 46، 106، 117، 131
المذهب الحنبلي: 36
المسلمون: 39، 67، 91، 99
المشركون: 112
المهاجرون: 39، 116
163

- 9 -
فهرس الكلمات المشروحة في الهامش
الأراك: 98
الأرفة: 34
الاعتراض: 8
الجلب: 97
الجنب: 98
حفا: 64
حقائب: 37
شراشر: 81
الشغار: 98
الصرورة: 99
الصمات: 99
العذق: 28
العذق: 28
المضارة: 65
المناجشة: 98
164

النصل: 99
نقع البئر: 18
هوائر النخل: 111
165

- 10 -
فهرس الوقائع والأحداث
بيعة الرضوان: 117
بيعة العقبة: 116
حجة الوداع: 127
وقعة احد: 36، 116، 117
وقعة بدر: 36، 116، 117
وقعة الخندق: 36، 117
وقعة صفين: 116
الهجرة: 56
166

- 11 -
فهرس مصادر التحقيق
1 - الاستيعاب: لابن عبد البر - مطبعة النهضة - مصر
2 - الأعلام: لخير الدين الزركلي - نشر دار العلم للملايين - بيروت (1986 م)
3 - أعيان الشيعة: للسيد محسن الأمين - نشر دار التعارف للمطبوعات - بيروت
(1403 ه‍)
4 - أمل الآمل: للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي - نشر مكتبة الأندلس - بغداد
(1385 ه‍).
5 - إيضاح الفوائد في شرح القواعد: للشيخ محمد بن الحسن فخر المحققين -
المطبعة العلمية - قم (1387 ه‍)
6 - بلغة المحدثين: للعلامة الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي - طبع مطبعة
سيد الشهداء عليه السلام - قم (1412 ه‍)
7 - بهجة الآمال في شرح زبدة المقال: للشيخ ملا علي العلياري - المطبعة العلمية - قم
(1408 ه‍).
8 - تاج العروس من جواهر القاموس: لمحمد مرتضى الزبيدي - نشر دار مكتبة الحياة -
بيروت.
9 - تأريخ الطبري: لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري - نشر مؤسسة الأعلمي
167

للمطبوعات - بيروت (1403 ه‍)
10 - تذكرة الفقهاء: للعلامة جمال الدين الحسن بن يوسف الحلي -
نشر المكتبة المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية - طهران
11 - تفسير العسكري: المنسوب للإمام العسكري عليه السلام - نشر
مدرسة الإمام المهدي عليه السلام - قم (1409 ه‍)
12 - تفسير العياشي: للمحدث أبي النصر محمد بن مسعود العياشي - نشر المكتبة
العلمية الإسلامية - طهران (1380 ه‍)
13 - تنقيح المقال في علم الرجال: للشيخ عبد الله المامقاني - نشر المرتضوية -
النجف الأشرف (1352 ه‍)
14 - تهذيب الأحكام: للشيخ محمد بن الحسن الطوسي - دارالكتب الإسلامية -
طهران (1390 ه‍)
15 - ثواب الأعمال: للشيخ محمد بن علي الصدوق - نشر مكتبة الصدوق - طهران
(1391 ه‍)
16 - جامع الرواة: للشيخ محمد بن علي الأردبيلي - نشر مكتبة المرعشي - قم
(1403 ه‍)
17 - الجامع الصغير: للحافظ عبد الرحمن السيوطي - نشر دارالفكر - بيروت
(1401 ه‍)
18 - الجامع الكبير: للحافظ عبد الرحمن السيوطي - نشر دارالكتب المصرية -
القاهرة - مصر
19 - جواهر الكلام: للشيخ محمد حسن النجفي - نشر دارالكتب الإسلامية - طهران
(1367 ش)
20 - حلية الأولياء: للحافظ أبي نعيم أحمد بن عبد الله الإصبهاني - نشر
دارالكتاب العربي - بيروت (1407 ه‍)
21 - الخصال: للشيخ محمد بن علي الصدوق - نشر مؤسسة جماعة المدرسين - قم
(1403 ه‍)
168

22 - الخلاف: لشيخ الطائفة محمد بن الحسن الطوسي - نشر مؤسسة جماعة
المدرسين - قم (1407 ه‍)
23 - درر الفوائد: للشيخ عبد الكريم الحائري - نشر منشورات مكتبة 22 بهمن - قم
24 - درر الفوائد في الحاشية على الفرائد: للمحقق الشيخ محمد كاظم الخراساني -
نشر مؤسسة الطبع التابعة لوزارة الثقافة - (1410 ه‍)
25 - درر اللآلي: للشيخ محمد بن علي الأحسائي - مخطوط في المكتبة المرعشية
في قم تحت رقم - 267
26 - الدر النثير: للحافظ عبد الرحمن السيوطي - نشر دار المعارف القاهرة - (1383 ه‍)
27 - دعائم الإسلام: للقاضي أبي حنيفة المغربي - نشر مؤسسة آل البيت - قم
28 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة: للشيخ آغا بزرگ الطهراني - نشر دارالأضواء -
بيروت (1403 ه‍)
29 - رجال ابن داود: لتقي الدين الحسن بن علي الحلي - نشر المطبعة الحيدرية -
النجف الأشرف - (1392 ه‍)
30 - رجال العلامة الحلي: للشيخ الحسن بن يوسف - نشر منشورات الرضي - قم
(1402 ه‍)
31 - رجال الكشي: للشيخ محمد بن عمر الكشي - نشر مؤسسة أهل البيت - قم
(1404 ه‍)
32 - رجال النجاشي: للشيخ أحمد بن علي النجاشي - نشر مؤسسة جماعة
المدرسين - قم (1407 ه‍)
33 - رسالة لا ضرر للشيخ الأنصاري - في آخر المكاسب -: للشيخ مرتضى
الأنصاري - انتشارات تقي علامة - قم (1367 ش)
34 - روضات الجنات: للميرزا محمد باقر الخوانساري نشر مكتبة إسماعيليان - قم
(1390 ه‍)
35 - روضة المتقين: للمولى محمد تقي المجلسي - نشر بنياد فرهنگ إسلامي - طهران
169

(1399 ه‍)
36 - رياض العلماء: للشيخ عبد الله أفندي الأصبهاني - نشر مكتبة المرعشي - قم
(1401 ه‍)
37 - رياض المسائل: للسيد علي الطباطبائي - نشر مؤسسة آل البيت - قم
38 - السرائر: للشيخ ابن إدريس الحلي - نشر مؤسسة جماعة المدرسين - قم
39 - سنن أبي داود: للحافظ سليمان بن الأشعث السجستاني - نشر دار الجنان -
بيروت (1409 ه‍)
40 - شذرات الذهب: للمؤرخ أبي الفلاح ابن عماد الحنبلي - نشر دار إحياء التراث
العربي - بيروت
41 - شرح شواهد المغني: لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي - نشر أدب الحوزة - قم
42 - الصحاح: لإسماعيل بن حماد الجوهري - نشر دار العلم للملايين - بيروت
(1407 ه‍)
43 - طبقات أعلام الشيعة: للعلامة آغا بزرگ الطهراني - نشر دار المرتضى - مشهد
(1404 ه‍)
44 - الطبقات الكبرى: لمحمد بن سعد - نشر دار بيروت للطباعة والنشر - لبنان
(1405 ه‍)
45 - علل الشرائع: للشيخ محمد بن علي الصدوق - نشر دار إحياء التراث العربي -
بيروت
46 - عوالي اللآلي: للشيخ محمد بن علي الأحسائي - نشر مكتبة المرعشي - قم
(1403 ه‍)
47 - عيون أخبار الرضا عليه السلام: للشيخ محمد بن علي الصدوق - منشورات
المطبعة الحيدرية - النجف (1390 ه‍)
48 - غنية النزوع - ضمن الجوامع الفقهية -: للسيد أبي المكارم ابن زهرة - نشر مكتبة
المرعشي - قم (1404 ه‍)
49 - فرائد الاصول: للعلامة الشيخ مرتضى الأنصاري منشورات مكتبة مصطفوي -
170

قم (1374 ه‍)
50 - فهرست ابن النديم: للشيخ محمد بن إسحاق النديم - طبع إيران
51 - الفهرست: للشيخ محمد بن الحسن الطوسي - نشر مكتبة الشريف الرضي - قم
52 - فيض القدير: لعبد الرؤوف المناوي - نشر دارالفكر - بيروت (1391 ه‍)
53 - قاعدة لا ضرر: للشيخ فتح الله الشهير بشيخ الشريعة - نشر جماعة المدرسين -
قم
54 - قاعدة لا ضرر: للشيخ موسى الزنجاني تقريرات النائيني - نشر المطبعة
المرتضوية - النجف الأشرف (1358 ه‍)
55 - قاموس الرجال: للشيخ محمد تقي التستري - نشر مركز نشر الكتاب -
طهران (1379 ه‍)
56 - القاموس المحيط: لمجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزآبادي - نشر دارالجيل
- بيروت
57 - القواعد الفقهية: للسيد حسن الموسوي البجنوردي - مطبعة الآداب - النجف
الأشرف (1389 ه‍)
58 - الكافي: للشيخ محمد بن يعقوب الكليني - نشر دارالكتب الإسلامية - طهران
(1391 ه‍)
59 - كامل الزيارات: للشيخ جعفر بن قولويه - المطبعة المرتضوية - النجف الأشرف
60 - كفاية الاصول: للشيخ محمد كاظم الخراساني - نشر كتاب فروشي إسلامي -
طهران
61 - كمال الدين وتمام النعمة: للشيخ محمد بن علي الصدوق - نشر مكتبة الصدوق
- طهران (1390 ه‍)
62 - الكنى والألقاب: للشيخ عباس القمي - نشر انتشارات بيدار - قم
63 - لؤلؤة البحرين: للشيخ يوسف بن أحمد البحراني - نشر مؤسسة آل البيت - قم
64 - لسان العرب: لأبي الفضل جمال الدين محمد بن منظور - نشر أدب الحوزة -
171

قم (1405 ه‍)
65 - المبسوط: للشيخ محمد بن الحسن الطوسي - نشر المكتبة المرتضوية لإحياء
الآثار الجعفرية
66 - مجمع البحرين: للعالم المحدث فخر الدين الطريحي - نشر دار ومكتبة الهلال -
(1985 م)
67 - مجمع البيان: للشيخ أبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي - نشر دارالمعرفة -
بيروت
68 - مجمع الرجال: للشيخ عناية الله القهبائي - نشر مؤسسة إسماعيليان - قم
69 - مرآة العقول: للشيخ محمد باقر المجلسي - دار الكتب الإسلامية - طهران
70 - مسالك الأفهام: للشهيد الثاني زين الدين العاملي - نشر دار الهدى للطباعة
والنشر - قم
71 - مستدرك الوسائل: للميرزا حسين النوري - نشر المكتبة الإسلامية طهران -
(1382 ه‍)
72 - مسند أحمد بن حنبل: دارالفكر - بيروت
73 - المصباح المنير: لأحمد بن محمد المقرئ الفيومي - نشر دارالكتب العلمية -
بيروت (1398 ه‍)
74 - معارف الرجال: للشيخ محمد حرز الدين النجفي - نشر مكتبة المرعشي - قم
(1405 ه‍)
75 - معجم البلدان: لشهاب الدين ياقوت الحموي - نشر دار إحياء التراث العربي -
بيروت - (1399 ه‍)
76 - معجم رجال الحديث: للسيد أبي القاسم الخوئي - نشر دار الزهراء للطباعة
والنشر - بيروت (1403 ه‍)
77 - مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة: للسيد جواد العاملي - نشر مؤسسة
آل البيت - قم
78 - مقابس الأنوار: للشيخ أسد الله الدزفولي الكاظمي - مؤسسة آل البيت
172

79 - المقنع - الجوامع الفقهية -: للشيخ محمد بن علي الصدوق - نشر مكتبة
المرعشي - قم (1404 ه‍)
80 - ملاذ الأخيار: للشيخ محمد باقر المجلسي - مكتبة آية الله المرعشي -
قم (1406 ه‍)
81 - المنجد في اللغة والأعلام: لفردينان توتل اليسوعي - نشر دار المشرق -
بيروت (1986 م)
82 - من لا يحضره الفقيه: للشيخ محمد بن علي الصدوق - نشر دار الكتب الإسلامية
- طهران (1390 ه‍)
83 - نقباء البشر: للشيخ آغا بزرگ الطهراني - نشر دار المرتضى - مشهد (1404 ه‍)
84 - نقد الرجال: للسيد مصطفى التفريشي الحسيني - انتشارات الرسول المصطفى
(صلى الله عليه وآله) - قم
85 - نهاية الدراية: للشيخ محمد حسين الإصفهاني - نشر انتشارات مهدوي -
أصفهان
86 - النهاية في غريب الحديث: لمجد الدين المبارك الجزري - نشر مؤسسة
مطبوعاتي إسماعيليان - قم (1364 ه‍ ش)
87 - نهج البلاغة: جمع الشريف محمد بن الحسين الرضي - نشر دار التعارف
للمطبوعات - بيروت (1402 ه‍)
88 - الوافية في اصول الفقه: للفاضل عبد الله التوني - نشر مجمع الفكر الإسلامي
- قم (1412 ه‍)
89 - وسائل الشيعة: للشيخ محمد بن الحسن الحر العاملي - نشر المكتبة الإسلامية -
طهران (1363 ش)
90 - وفيات الأعيان: لأبي العباس أحمد بن محمد بن خلكان - نشر منشورات
الرضي - قم (1364 ه‍ ش)
173