الكتاب: أصول البحث
المؤلف: الدكتور عبد الهادي الفضلي
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: أصول الفقه عند الشيعة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر: مؤسسة دار الكتاب الإسلامي - قم - ايران
ردمك:
ملاحظات:

أصول البحث الدكتور الشيخ عبد الهادي الفضلي
1

أصول البحث
الدكتور عبد الهادي الفضلي
مؤسسة
دار الكتاب الإسلامي
قم - إيران
3

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى.
وبعد:
فقد كنت منذ أمد غير قليل أفكر في إعداد مؤلف في (أصول البحث)
يأتي متمما لما أعددته من مؤلفات كمقدمات للدرس الشرعي، والتي تمثلت
في:
- مختصر الصرف.
- مختصر النحو.
- تلخيص البلاغة.
- تلخيص العروض.
- خلاصة المنطق.
- خلاصة علم الكلام.
- مبادئ أصول الفقه.
- تحقيق التراث.
والتي أخضعت جميعها للتجربة التعليمية في أكثر من جامعة وكلية وحوزة
علمية - عربية وغير عربية -.
إلا أن انشغالي في إعداد كتاب فقهي يمهد لحضور البحث الخارج
الحوزوي والدرس العالي الجامعي قد أخرني عن ذلك.
5

لولا انتسابي لهيئة التعليم في (الجامعة العالمية للعلوم الاسلامية)،
حيث كان العامل الحافز لإعداد هذا الكتاب، ليكون المقرر الدراسي لمادة
(أصول البحث) في (كلية الشريعة) من كليات هذه الجامعة العامرة.
ولأن التخصص في هذه الكلية يقتصر على الفقه الإمامي وأصوله،
اقتصرت في الكتاب على دراسة (منهج البحث الفقهي) و (منهج البحث
الأصولي) مستخلصين من واقع الدرس الفقهي الإمامي وواقع الدرس
الأصولي الإمامي في الحوزات العلمية الإمامية والمقررات التعليمية فيها
والمراجع المعتمدة في أوساط أساتذتها وعلمائها.
وإذا كان لي أن أذكر ما مررت به من صعوبة في إعداد هذا المقرر،
فهي عدم وجود تجارب سابقة في هذا المجال أتخذ منها العضد المساعد،
فكل ما كتب في (منهج البحث العلمي) - مما اطلعت عليه - يقتصر ويركز
على (المنهج التجريبي)، مغفلا (المنهج العقلي) و (المنهج النقلي)
وهما عماد الدراسات الإسلامية في علمي الفقه وأصوله.
ولكن سلوكي طريق استخلاص المنهجين من واقع الدراسات الفقهية
والدراسات الأصولية يسر لي الوصول إلى الغاية فيما أخال.
ولذا لا يعدو عملي هذا عن أن يكون محاولة متواضعة رادت المجال،
والرائد قد يخطأ، ولي كل الأمل في الأساتذة المعنيين أن يصوبوا الخطأ
ويصححوا الغلط، والله تعالى وحده ولي التوفيق وهو الغاية.
عبد الهادي الفضلي
15 / 7 / 1410 ه‍
11 / 2 / 1990 م
6

التمهيد
تعريف أصول البحث
تاريخ أصول البحث
7

تعريف أصول البحث
بغية أن نتعرف تعريف هذا العلم، ونعرف ماذا يعنى ب‍ (أصول البحث)
لا بد من أن نمهد لذلك ببيان معنى كلمة (أصول) ثم معنى كلمة (بحث)
في هذا السياق.
الأصول:
أما الأصول فهي جمع (أصل).
والأصل - كما يعرفه المعجم اللغوي العربي -:
(ما يبنى عليه الشئ، أو ما يتوقف عليه) (1).
و (أصل الشئ أساسه الذي يقوم عليه) (2).
و (هو ما يبتني عليه غيره) (3).
وقد مرت كلمة (أصل) شأنها شأن الكثير من الكلمات العربية بمراحل
تطورت فيها دلالتها من معنى إلى آخر، حيث وضعت أول ما وضعت لأسفل
الشئ (فيقال: أصل الجبل، وأصل الحائط، وأصل الشجرة)، ويراد به
أسفل الجبل أي قاعدته، وأسفل الحائط أي أساسه، وأسفل الشجرة أي
جذرها.

(1) الصحاح: مادة (أصل).
(2) المعجم الوسيط: مادة (أصل).
(3) التعريفات: مادة (أصل).
9

(ثم توسع المعنى حتى تناول كل ما يستند وجود الشئ إليه، فالأب
أصل الولد، والنهر أصل للجدول)، وهكذا (1).
وبعد ذلك تطورت دلالة الكلمة من الاستعمال في المعاني المادية
المحسوسة التي ذكرت في أعلاه إلى التوسع في دائرة الاستعمال لما يشمل
الأفكار والأمور المعنوية، فأصبحت تطلق الكلمة في لغة العلوم، ويراد بها:
القاعدة التي يبنى عليها الحكم.
فعندما يقال: (أصول العلم) فإنه يراد بها قواعد العلم التي تبنى عليها
أحكامه.
وهو المعنى المراد هنا.
فأصول البحث - في ضوء هذا - تعني قواعد البحث.
ويقابل (الأصول) - الكلمة العربية - في اللغة الإنجليزية كلمة (Rules) أو كلمة (Regulations).
البحث:
قال ابن فارس في تعريف (البحث) لغويا: (الباء والحاء والثاء، أصل
واحد، يدل على إثارة الشئ.
قال الخليل: البحث: طلبك شيئا في التراب.
والبحث: أن تسأل عن شئ وتستخبر.
تقول: استبحث عن هذا الأمر.
وأنا استبحث عنه.
وبحثت عن فلان بحثا.
وأنا أبحث عنه.
والعرب تقول: (كالباحث عن مدية) يضرب لمن يكون حتفه بيده،

(1) انظر: معجم لاروس: مادة (أصل).
10

وأصله في الثور تدفن له المدية في التراب فيستثيرها وهو لا يعلم فتذبحه،
قال (أبو ذؤيب الهذلي):
ولا تك كالثور الذي دفنت له حديدة حتف ثم ظل يثيرها
قال: والبحث لا يكون إلا باليد - وهو بالرجل الفحص -، قال
الشيباني: البحوث من الإبل التي إذا سارت بحثت التراب بيدها أخرا
أخرا (1)، ترمي به وراءها، قال:
يبحثن بحثا كمضلات الخدم
ويقال: (بحث عن الخبر أي طلب علمه) (2).
ويستخلص (المعجم الكبير) للبحث معنيين، هما:
1 - الحفر.
2 - طلب الشئ.
ثم توسع في دلالة الكلمة من المادي إلى المعنوي، ومن مجال الحس
إلى مجال الفكر، فأصبحت تطلق على (بذل الجهد في موضوع ما، وجمع
المسائل التي تصل به).
وهو ما نعنيه هنا.
ويقابله في الإنجليزية investigation.
وقد عرف علميا بأكثر من تعريف، منها:
1 - تعريف فان دالين، بأنه (محاولة دقيقة ومنظمة وناقدة، للتوصل إلى
حلول لمختلف المشكلات التي تواجهها الإنسانية، وتثير قلق وحيرة
الإنسان).
2 - تعريف وينتي Whitncy: (البحث: استقصاء دقيق يهدف إلى
اكتشاف حقائق وقواعد عامة يمكن التأكد من صحتها مستقبلا).

(1) الأخر: ضد القدم، يقال: رجع أخرا، كما يقال: ذهب قدما.
(2) مقاييس اللغة: مادة (بحث).
11

3 - تعريف بعضهم بأنه: جهد علمي يهدف إلى اكتشاف الحقائق
الجديدة والتأكد من صحتها، وتحليل العلاقات بين الحقائق المختلفة.
4 - تعريف بولنسكي Polansky: (البحث: استقصاء منظم يهدف إلى
اكتشاف معارف والتأكد من صحتها عن طريق الإختبار العلمي).
5 - البحث: وسيلة للدراسة يمكن بواسطتها الوصول إلى حل لمشكلة
محددة، وذلك عن طريق التقصي الشامل والدقيق لجميع الشواهد والأدلة
التي يمكن التحقق منها، والتي تتصل بهذه المشكلة المحددة (1).
ويلاحظ على بعض هذه التعريفات المذكورة أنها وضعت لبيان معنى
البحث العلمي التجريبي، وذلك لمرادفتها البحث ل‍ (الاستقصاء) و (التقصي الشامل) الذي يراد به - هنا - الاستقراء induction الذي يعتمد
الملاحظة والتجربة، ويقوم على التعميم لأنه ينتقل من الواقعة إلى القانون،
ومما عرف في زمان أو مكان معين إلى ما هو صادق دائما وفي كل مكان (2).
وعليه يكون مثل هذه التعريفات غير شامل للبحوث التي تقوم على أساس
من المنهج العقلي أو المنهج النقلي أو المنهج التكاملي أو غيرها.
ويرجع هذا إلى أن هذه التعريفات وأمثالها هي لعلماء غربيين انطلقوا من
خلفياتهم الثقافية المتأثرة بأجواء الثورة الثقافية التي ألغت اعتبار المناهج
القديمة، ولمتأثرين بهم من العلماء العرب.
ولأن المناهج القديمة كالمنهج العقلي والمنهج النقلي لا تزال تستخدم
في ثقافتنا الإسلامية كمناهج أصيلة لا نستطيع الركون إلى شئ من هذه
التعريفات.

(1) انظر: البحث العلمي، د. عبيدات ورفيقيه ط 4 ص 41، وأصول البحث العلمي
ومناهجه، د. بدر، ط 5 ص 16.
(2) انظر: المعجم الفلسفي (مجمع): مادة (استقراء).
12

وعليه ليس أمامنا إلا التماس تعريف آخر يعم مختلف البحوث بمختلف
مناهجها.
وأقرب تعريف إلى طبيعة معنى البحث أن يقال:
البحث: هو استخدام الوسائل العلمية من أفكار وأدوات وفق قواعد
المنهج لمعرفة مجهول ما.
ويأتي - فيما بعده - مزيد توضيح له.
وفي ضوء ما تقدم، فإن أصول البحث تعني قواعد البحث.
وعلم أصول البحث يعني دراسة قواعد البحث.
ولما كانت قواعد البحث يطلق عليها المناهج، تكون دراستنا هنا لمناهج
البحث.
تأريخ أصول البحث
يرتبط تاريخ المنهج بتاريخ التفكير، ذلك أن البحث يعني التفكير والمنهج يعني الطريقة، وكل تفكير - بدائيا كان أو غير بدائي، أصيلا أو غير
أصيل - لا بد من اعتماده على طريقة تساعده في الوصول إلى النتيجة.
ومن هذا نستطيع أن نقول: إن المنهج كان توأم التفكير في الولادة، فإذن هو قديم قدم التفكير.
وفي ضوئه يأتي التأريخ لنشوء وتطور الفكر البشري تأريخا لنشوء وتطور
المنهج.
وسأعرض هنا لما ألمح إليه علماء المنهج من مراحل تطورية مر بها الفكر
الإنساني أولا، ثم أحاول المقارنة ثانيا بينها وبين ما أشار إليه القرآن الكريم
وهو يؤرخ للظاهرة الدينية، ومنها الفكر الديني، وذلك لما لمسته من مفارقة
وقع فيها بعض علماء المنهج المسلمين متأثرين بالجو الثقافي الغربي المعاصر
الذي يلغي اعتبار الدين وحيا إليها - كما سنتبين هذا.
يذهب علماء المنهج متأثرين بما انتهى إليه علماء الإنسانيات من نتائج
13

في دراستهم لنشوء وتطور الفكر الإنساني إلى أن الفكر البشري مر بثلاث
مراحل، وفي كل مرحلة منها كان للإنسان منهجه الذي يلتقي وطبيعة المرحلة.
وهذه المراحل هي:
1 - مرحلة الأسطورة.
2 - مرحلة الفلسفة.
3 - مرحلة العلم.
مرحلة الأسطورة Myth:
ولكي نتفهم واقع هذه المرحلة لابد من تحديد المراد بالأسطورة، وبيان
مدى علاقة الدين بها، ومن ثم ننتقل إلى تعرف المنهج الذي كان يعتمده
الإنسان الأسطوري في تفكيره.
يعرف ابن منظور الأساطير بأنها الأباطيل، وبأنها أحاديث لا نظام
لها (1).
وحديثا يعرفها (المعجم الوسيط) بالأباطيل أيضا وبالأحاديث
العجيبة (2).
وهي من الكلم المعرب عن (أسطوريا istoreya) السريانية، التي هي
بدورها مأخوذة من اليونانية، وهي فيها (هستريا)، فحولها نظام التقارض
اللغوي إلى (أسطوريا) في السريانية، وحول (أسطوريا) إلى (أسطورة)
في العربية.
وجاء في بيان أسباب نزول الآية الكريمة: (وإن يروا كل آية لا يؤمنوا
بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير
الأولين) (3)، أن النضر بن الحارث الذي تعلم أحاديث ملوك فارس في

(1) لسان العرب: مادة (سطر).
(2) مادة (سطر).
(3) سورة الأنعام: 25.
14

الحيرة، كان يجلس في موضع مجلس رسول الله (ص) إذا غادره، ويحكي
للناس أحاديث رستم واسفنديار (1)، وهما من أبطال الفرس الأسطوريين
ليشكك الناس في أن قصص القرآن وأحاديثه من هذا.
وعلميا عرفت الأسطورة بأنها حكاية تقليدية تروي أحداثا خارقة للعادة أو
تتحدث عن أعمال الآلهة والأبطال (2).
وتنتقل بوساطة الرواية (3).
(وبدأ التفسير الحديث للأسطورة في القرن التاسع عشر مع المستشرق
والعالم اللغوي البريطاني ماكس مولر Max Muller الذي صنف الأساطير وفقا
للغرض الذي هدفت إليه) و (اعتبرها تحريفات لغوية) (4).
(ثم جاء العالم الأنثربولوجي والباحث الفولكلوري البريطاني السير
جيمس جورج فريزر Frazer فربط الأسطورة في كتابه الشهير: الغصن
الذهبي: دراسة في السحر والدين The Golden Bough: study in Magic and Religion
بفكرة الخصب في الطبيعة) (5).

(1) رستم دستان: من أبطال الفرس، شخصية أسطورية، قالوا: إنه عاش نحو 300 ق. م، وقام بأعمال عجيبة، تزوج بامرأة تركية طورانية، وقتل في الحرب، وتغنى الفردوسي في
(الشاهنامه) بمغامراته، وزين الفنانون الفرس مخطوطاتهم بمشاهد أخباره... (المنجد في
الأعلام: رستم دستان).
واسفنديار: اسم فارسي، ورد في سيرة ابن هشام أن النضر بن الحارث كان إذا جلس
رسول الله (ص) مجلسا فدعا فيه إلى الله تعالى، وتلا فيه القرآن وحذر فيه قريشا ما أصاب
الأمم الخالية، خلفه في مجلسه إذا قام، فحدثهم عن رستم السنديد وعن اسفنديار وملوك
فارس... (وهو) من أبطال الفرس، وأخباره في (الشاهنامه)... (المفصل في الألفاظ
الفارسية المعربة ص 9).
وفي (الفهرست): (أسماء الكتب التي ألفها الفرس في السير والأسماء الصحيحة التي
لملوكهم: كتاب رستم واسفنديار، ترجمه جبلة بن سالم. ص 424 ط بيروت.
(2) موسوعة المورد 7 / 93 مادة Myth.
(3) الموسوعة العربية الميسرة 148.
(4) موسوعة المورد والموسوعة العربية الميسرة أيضا.
(5) موسوعة المورد أيضا.
15

(وثمت تفسير يرى أن الأسطورة ابتكرت للإبانة عن الحقيقة في لغة
مجازية ثم نسي المجاز وفسرت حرفيا...
ولا يسلم علماء الإنسان القديم الآن بنظرية واحدة تطبق على كل
الأساطير، والأصح عندهم التفسير الخاص بأساطير كل أمة) (1).
ولأن الأسطورة حكاية تروى أو تنقل بوساطة الرواية - كما رأينا - يكون
منهجها هو النقل.
وهذا - بدوره - يكشف لنا أن المنهج النقلي أقدم المناهج وأسبقها من
ناحية تاريخية.
أما عن علاقة الدين بالأسطورة فتقول (الموسوعة العربية الميسرة ط 2 -
1972 م - ص 148): (وبين الأسطورة والدين علاقة، وكثيرا ما تحكي
الشعائر أحداث أسطورة) (2).
وهي تشير بهذا إلى معجزات الأنبياء وكرامات الأولياء أمثال: عمر نوح،
وفوران التنور بطوفانه، وتحول نار النمرود مع إبراهيم إلى برد وسلام، وقصة
قصر بلقيس، وعصا موسى، وكذلك خلق الكون والخ...
فإن جميع هذه وأمثالها كانت قبل التاريخ المدون، لم نعثر على ما
يشير إلى شئ منها من آثار، وإنما تعرفناها من الكتب الدينية والحكايات الأسطورية، وهي بهذا تدخل إطار الغيبيات، والعلم الحديث لا يؤمن إلا
بالمشاهد والمحسوس، أو ما يمكن أن يخضع للملاحظة أو التجربة، كما
سنتبين هذا في المرحلة الثالثة.
يقول (هيوم Hume) - متأثرا بالمنهج التجريبي -: (لقد رأينا الساعات
وهي تصنع في المصانع، ولكننا لم نر الكون وهو يصنع، فكيف نسلم بأن له
صانعا) (3).

(1) الموسوعة العربية الميسرة أيضا.
(2) هكذا في المطبوعة وأخال أنها خطأ مطبعي، صوابه: أحداثا أسطورية.
(3) الإسلام يتحدى ط 6 ص 27.
16

(ولذلك رأى العناية الإلهية وخلود النفس وسائر صفات الله وكل قصة
الخلق كما تؤمن بها المسيحية وكل الأخرويات هي - في رأيه - مجرد
خرافات) (1).
ويقول (جوليان سوريل هكسلي): (تعتبر التطورات العلمية التي
حدثت في القرن الماضي انفجارا معرفيا Knowledge Explosion في وجه
جميع الأساطير الإنسانية عن الآلهة والدين كما تفجرت الأفكار القديمة عن
المادة ونسفت بمجرد تفجير الذرة) (2).
ولا أريد أن أطيل حيث سيأتي - فيما بعد - مزيد بيان لهذا، ووقفة نقد
مع هؤلاء وأمثالهم، وإنما أريد - فقط - أن أشير هنا إلى أن الدين في جانب
كبير من أفكاره يعتمد المنهج النقلي أيضا.
فإذن أول ما وجد من المناهج قرينا للتفكير الإنساني - في ضوء هذا - هو
المنهج النقلي.
غير أننا سنجد - فيما بعد - أن المناهج الثلاثة: النقلي والعقلي
والتجريبي، ولدت في أحضان الدين، إلا أنها لم تأخذ شكلها الفني وطابعها
العلمي إلا بعد نضج الفلسفة القديمة حيث ترسم المنهج العقلي طريقه
بوضوح، وبعد استقلال العلم عن الفلسفة حيث شق المنهج التجريبي مجراه
في التفكير البشري بعمق، وبعد تقعيد القواعد وتأصيل الأصول في العلوم
الإسلامية حيث تأكد وتعمق المنهج النقلي مفهوما، واستخداما.
مرحلة الفلسفة Philosophy:
تعنى الفلسفة بدراسة المبادئ الأولى للأشياء وحقائقها وعلاقة بعضها
ببعض.

(1) موسوعة الفلسفة 2 / 618 ط 1 1984 م.
(2) الإسلام يتحدى ط 6 ص 25 نقلا عن:. 1961, Sept 24, Sunday Magasine, HindstanTimes
17

(وكانت تشمل العلوم جميعا) (1).
ثم انفصلت عنها العلوم الرياضية فسائر العلوم الأخرى، واقتصرت في
دراساتها على الموضوعات التالية:
- المعرفة.
- الوجود.
- القيم الثلاث (الحق والخير والجمال).
والعلم الذي اختص بدراسة الحق هو علم المنطق، والذي اختص
بدراسة الخير هو علم الأخلاق، وبالجمال هو علم الجمال أو الفن.
وكان علم المنطق يمثل منهج التفكير حيث يعنى بدراسة قواعد التعريف
وقواعد الاستدلال وقواعد تنظيم العلوم، التي استقلت - هذه الأخيرة - فيما
بعد باسم (مناهج البحث).
فمناهج البحث التي ولدت في أحضان الفلسفة كانت فرعا من المنطق.
ولأن الفلسفة تقوم على أساس من التفكير العقلي، ويتوصل إلى نظرياتها
وآرائها عن طريقه كان منهجها المنطقي عقليا أيضا.
فكانت الفكر المرحلي الذي تمخض عن المنهج العقلي.
وأخيرا، استقل علم المنطق عن الدرس الفلسفي، وكذلك استقل علم
الأخلاق عنها، وتبعهما في ذلك علم الجمال، فأصبح كل واحد من هؤلاء
الثلاثة علما مستقلا بذاته.
واختصت الفلسفة بدراسة (المعرفة) و (الوجود).
ثم وبعد ذلك انفصلت الدراسات المتأخرة بما يعرف بنظرية المعرفة.
واقتصرت الفلسفة على دراسة (ما بعد الطبيعة) أو ما يعرف
ب‍ (الميتافيزيقا Metaphysics).

(1) المعجم الوسيط: فلسفة.
18

(وقد بدأ التفكير الفلسفي المنظم أول ما بدأ في بلاد اليونان في القرنين
السادس والخامس قبل الميلاد، فظهرت (المدرسة الأيونية Ionian
school). وبعدها ظهرت (المدرسة الإيلية Eleatic school)، ثم كان
عصر الفلسفة الإغريقية الذهبي مع سقراط وأفلاطون وأرسطو.
وبعد أرسطو ظهرت (الرواقية Stoicism) و (الإبيقورية Epicureanism)
ف‍ (الأفلاطونية المحدثة Neoplatonis).
مرحلة العلم Science:
يراد بالعلم هنا: (المعرفة النظامية المنسقة المبنية على الملاحظة
والاختبار) (1)، وهو ما يعرف ب‍ (العلم التجريبي) في مقابل العلم بمعناه
العام.
وتقتصر عناية العلم التجريبي على دراسة العناصر التي تتألف منها الأشياء
وظواهرها على اختلاف أنماطها العلمية.
وقد مهد له ولإلغاء الاعتماد على المنهج العقلي حلول عصر الفلسفة
الحديثة Philosophy modern الذي (يمكن القول: إنها بدأت مع الفلاسفة
العقليين الذين جعلوا الفرد القول الفصل في الحكم على الأشياء،
وأبرز هؤلاء: ديكارت Descartes، وسبينوزا Spinoza، ولايبتز
Leibnitz) (2)، حيث جاء بعد هؤلاء الفلاسفة العقليين (الفلاسفة التجريبيون
الذين قالوا: إن أصل المعرفة التجربة لا العقل.
وفي طليعة هؤلاء: جون لوك Lock ودايفيد هيوم Hume (3).
(وفي القرن السادس عشر، ومع غاليلو Galileo على وجه التحديد بدأ
عصر العلم التجريبي Experimental Science ومنذ ذلك الحين طبق الإنسان

(1) موسوعة المورد: مادة Science.
(2) موسوعة المورد 8 / 25.
(3) م. ن.
19

الطرائق العلمية Scientific method في البحث.
(وتقضي الطريقة العلمية الحديثة بدراسة الوقائع المشاهدة، ثم تفسير
هذه الوقائع أو الظواهر بفرضية hypothesis تتخذ منطلقا لمزيد من البحث.
فإذا أيد الإختبار المكثف هذه الفرضية على نحو يخلو من جميع الثغرات الهامة أصبحت الفرضية نظرية theory.
حتى إذا قام الدليل القطعي على صحة النظرية بحيث يتعذر وضع أية
نظرية أخرى قادرة على تعليل نفس المعطيات أصبحت (النظرية) قانونا
Law.
ولكنها تبقى مع ذلك مجرد تعميم لبينة تجريبية، لا تقريرا لحقيقة
سرمدية) (1).
وكان هذا هو النضج الفكري الذي تبلور في جوه وبوضوح المنهج
التجريبي.
الدين Religion:
وبعد هذه الرفقة العلمية لتاريخ مسيرة التفكير الإنساني الذي تمخض عن
المناهج الثلاثة النقلي والعقلي والتجريبي، نكون برفقة العنصر الأساسي
المفقود في حلقات هذه الدراسات، والذي حشر بغير حق في مجال
الأسطورة، وهو الفكر الديني الإلهي.
إن من الصعوبة بمكان أن يأتي الباحث بتعريف للدين عام يشمل في
عمومه جميع أنواعه.
ومرجع هذا هو اختلافها في المنشأ والوجهة.
ومن هنا رأيت أن أقسم الدين إلى أنواعه، ثم أعرف كل نوع على
حدة.

(1) موسوعة المورد: مادة Science.
20

وبهذا اللون من السير في البحث نستطيع أن ندرك سبب المفارقة التي
وقع فيها الباحثون الذين اعتدوا الدين من نوع الأسطورة أو السحر أو ما
إليهما.
فمن خلال الواقع الذي عاشه الإنسان، ويعيشه على هذا الكوكب، بما
خامر ذهنه من اعتقاد، وما ملأ وجدانه من إيمان نقف على الأنواع التالية
للدين:
1 - الدين الإلهي:
ويتمثل هذا في الشرائع الإلهية التي بعث الله تعالى بها الأنبياء كشريعة
نوح وشريعة إبراهيم وشريعة موسى وشريعة عيسى وشريعة نبينا
محمد (ص).
ومصدره: الوحي الإلهي.
2 - الدين البدائي:
ويتمثل هذا في معتقدات الشعوب البدائية من عبادة المخلوقات كالإنسان
والحيوان والكواكب والأوثان وما إليها.
ومصدره: الوهم البشري.
3 - الدين الطبيعي (الربوبية deism):
وتعرفه موسوعة المورد (1)، بعامة ب‍ (الإيمان بالله من غير اعتقاد بديانات
منزلة).
وبخاصة: مذهب فكري يدعو إلى الإيمان بدين طبيعي مبني على العقل
لا على الوحي، ويؤكد على المناقبية أو الأخلاقية منكرا تدخل الله في نواميس الكون.
وقد ظهرت الربوبية أول ما ظهرت في القرن السابع عشر.

(1) 3 / 169 مادة deism.
21

ويعتبر مونتيسكيو Montesquieu وفولتير Voltaire وروسو Rousseau من
أبرز الداعين إليها).
ومصدره: العقل الفردي.
وقد أشار القرآن الكريم إلى الدين البدائي، وإلى مناقضته وموازاته للدين
الإلهي في (سورة الكافرون)، قال تعالى:
(بسم الله الرحمن الرحيم * قل يا أيها الكافرون * لا أعبد ما
تعبدون * ولا أنتم عابدون ما أعبد * ولا أنا عابد ما عبدتم * ولا أنتم
عابدون ما أعبد * لكم دينكم ولي دين).
كما أنه سماه دينا
والخطأ في اعتداد الدين مطلقا من الأساطير جاء من عدم التفرقة بين
الأديان الإلهية والأديان البدائية للتشابه بين النوعين في ذكر الحوادث الخارقة
للعادة أو لنواميس الطبيعة.
ومتى أدركنا الفرق في أن الأسطورة حادثة غير موثقة، أو على أقل تقدير
أنها لم توثق، وأن المعجزة في الدين الإلهي حادثة موثقة، ندرك وجه
المفارقة.
وهو أن مجئ المعجزة مشابهة للأسطورة إنما هو من باب المجاراة
لمتطلبات الذهنية البشرية المعاصرة لها.
ولنأخذ مثالا لذلك عصا موسى (ع) حيث جعلت السحرة يؤمنون بأن
فعلها ليس من السحر في شئ لأنهم سحرة يدركون معنى السحر ويدركون
الفرق بينه وبين ما سواه من أفعال، كما أنه ليس من فعل البشر - موسى أو
غيره -، وإنما هو من فعل قوة عليا قدرتها فوق قدرة البشر.
فالخبرة التي أفادها السحرة من تجاربهم في القدرة على التمييز بين ما هو
سحر وما هو ليس بسحر، وتحكيم العقل قادتهم إلى الإيمان برب موسى
والاستجابة لدعوته.
22

فالإيمان منهم جاء عن إخضاع الحادثة لتقييم الخبرة لها واختبارها في
ضوء ما مروا به من التجارب.
(وهو معنى التوثيق للمعجزة الذي أشرت إليه.
(فألقى السحرة سجدا قالوا آمنا برب هارون وموسى * قال آمنتم له
قبل أن أأذن لكم إنه لكبيركم الذين علمكم السحر فلأقطعن أيديكم وأرجلكم
من خلاف ولأصلبنكم في جذوع النخل ولتعلمن أينا أشد عذابا وأبقى * قالوا
لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات والذي فطرنا فاقض ما أنت قاض إنما
تقضي هذه الحياة الدنيا * إنا آمنا بربنا ليغفر لنا خطايانا وما أكرهتنا عليه من
السحر والله خير وأبقى) (1).
فقولهم: (لن نؤثرك على ما جاءنا من البينات) هو التوثيق للحادثة الذي
وصل بها إلى درجة الإيمان اليقيني بها، والإرتفاع بها عن مستوى الأسطورة.
فالباحثون في المنهج إنما وقعوا في هذه المفارقة لانهم اعتمدوا ما انتهى
إليه (علم الإجتماع الديني) - وهو يدرس نشأة الدين - من أن الدين هو من
وضع الشعوب البدائية تحت ضغط أوضاع طبيعية أو اجتماعية معينة، فرضتها
الظروف الراهنة آنذاك من غير أن يفرق بين البدائي منه والإلهي، فكان الخطأ
المشار إليه.
ويكفينا هنا أن نذكر ما سجله (الكسيس كاريل) في كتابه (الإنسان ذلك
المجهول) من ملاحظة علمية دقيقة على النتيجة التي أشرت إليها وأمثالها،
قال: (يجب أن يفهم بوضوح أن قوانين العلاقات البشرية ما زالت غير
معروفة، فإن علوم الإجتماع والإقتصاديات علوم تخمينية افتراضية) (2).
ولا أعتقد أننا بعد أن نقرأ أمثال هذه الملاحظة يسوغ لنا أن نركن أو
نتحاكم في تقييم أو تفسير أو تعليل قضايانا الدينية والفكرية إلى التخمين
والإفتراض.

(1) سورة طه 70 - 73.
(2) الإنسان ذلك المجهول، تعريب شفيق أسعد فريد ط 3 ص 40.
23

وأخيرا:
إننا نؤمن بأن معتقدات اتباع الأديان البدائية هي أساطير غير موثقة،
وأباطيل مرفوضة.
أما بالنسبة إلى الأديان الإلهية فنفترق في إيماننا بها عن أولئكم الباحثين
الغربيين الذين لم يؤمنوا بالدين مطلقا.
ومن هنا نؤمن بأن عندنا بالإضافة إلى المنهج التجريبي المنهج النقلي
والمنهج العقلي لأن الدين الإسلامي يؤمن بها جميعا، كلا في مجاله - كما
سيأتي.
وبعد:
فهي إلمامة سريعة لتعريف أصول البحث دلالة وتاريخا، بغية التمهيد بها
لما يأتي من بحوث الكتاب.
24

مدخل إلى المنهج
(المعرفة)
- تعريف المعرفة
- مصادر المعرفة
- أنواع المعرفة
25

تعريف المعرفة
رادف بعض أرباب المعاجم العربية بين المعرفة والعلم (1).
وفارق بينهما آخرون بأن قالوا:
العلم هو إدراك الكلي والمركب...
والمعرفة هي إدراك الجزئي والبسيط...
والمعرفة تستعمل في التصورات...
والعلم يستعمل في التصديقات...
ولذا يقال: عرفت الله، ولا يقال: علمته (2).
والمعرفة هي الإدراك المسبوق بنسيان حاصل بعد العلم...
بخلاف العلم...
ولذلك يسمى الحق (تعالى) بالعالم دون العارف (3).
وقصر (المعجم الوسيط) المعرفة على ما يدرك بإحدى الحواس، فقد
جاء فيه: (وعرف الشئ عرفانا وعرفانا ومعرفة، أدركه بحاسة من حواسه،
فهو عارف وعريف، وهو وهي عروف، وهو عروفة، والتاء للمبالغة) (4).

(1) انظر: المعجم الوسيط: مادة (علم).
(2) انظر: محيط المحيط: مادة (عرف).
(3) م. ن.
(4) مادة (عرف).
27

وعرفها البستاني في (محيطه): (إدراك الشئ على ما هو عليه) (1).
وفي (صحاح اللغة والعلوم): (معرفة (ج) معارف Knowledge: هي ثمرة التقابل والاتصال بين ذات مدركة وموضوع مدرك.
وتتميز من باقي معطيات الشعور من حيث إنها تقوم في آن واحد على
التقابل والاتحاد الوثيق بين هذين الطرفين) (2).
وحديثا:
رادفوا بينها وبين الفكر...
كما رادفوا بين العلم والفكر...
وفرقوا بينهما بأن قالوا:
المعرفة: فكر غير منظم.
والعلم: فكر منظم، أو معرفة منظمة.
ونستطيع أن نخلص من هذا كله إلى أن المعرفة هي: مطلق الإدراك
تصورا كان أو تصديقا، منظما أو غير منظم.
مصادر المعرفة
دأب دارسو نظرية المعرفة - فلسفيا أو علميا - على حصر مصادرها في
مصدرين، هما:
- الحس.
- والعقل.
كما دأبوا على استعراض الصراع الفكري والجدلي بينهم في أن المصدر
هو الحس فقط أو هو العقل فقط أو هما معا.
وكان هذا لأنهم استبعدوا الفكر الديني أو المعرفة الدينية من مجال

(1) مادة (عرف).
(2) مادة (عرف).
28

دراساتهم للسبب الذي ذكرته آنفا.
ولأنا نؤمن بالدين الإلهي - كما تقدم - تتربع المصادر لدينا وكالتالي:
1 - الوحي.
2 - الإلهام.
3 - العقل.
4 - الحس.
الوحي Revelation:
قال ابن فارس: (الواو والحاء والحرف المعتل: أصل يدل على إلقاء
علم في إخفاء إلى غيرك) (1).
وفي (معجم لاروس): (الوحي: كل ما ألقيته إلى غيرك ليعلمه، ثم
غلب في ما يلقيه الله إلى أنبيائه) (2).
وقال الشيخ المفيد: (وأصل الوحي هو الكلام الخفي، ثم قد يطلق
على كل شئ قصد به إفهام المخاطب على السر له عن غيره،
والتخصيص به دون من سواه، وإذا أضيف إلى الله تعالى كان فيما يخص
به الرسل - صلى الله عليهم - خاصة دون من سواهم على عرف الإسلام
وشريعة النبي (ص) (3).
وفي (مفردات الراغب) (4): ويقال للكلمة الإلهية التي تلقى إلى
أنبيائه وأوليائه وحي).
وذلك أضرب حسبما دل عليه قوله تعالى: (وما كان لبشر أن يكلمه الله
إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي

(1) مقاييس اللغة 6 / 93.
(2) مادة (وحى).
(3) تصحيح الإعتقاد 56.
(4) ص 515.
29

حكيم (1)...).
ذكرت الآية الكريمة ثلاثة طرق لتكليم الله تعالى البشر، وهي:
1 - الإلهام، الذي عبرت عنه بالوحي، وهي لغة القرآن في هذا، لأن
كلمة الوحي تشمله من حيث اللغة لأنه إلقاء علم إلى الغير في السر
والإخفاء، ومنه قوله تعالى: (وأوحينا إلى أم موسى أن أرضعيه (2)،
وقوله تعالى: (وأوحى ربك إلى النحل (3).
2 - من وراء حجاب، كما في حديث موسى، قال تعالى: (وهل أتاك
حديث موسى * إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم
منها بقبس أو أجد على النار هدى * فلما أتاها نودي يا موسى * إني أنا ربك
فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى * وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى *
إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري (4).
3 - إرسال الملك المكلف بوظيفة التبليغ للأنبياء، وهو جبريل أو
جبرائيل، وهو أقرب ملائكة الله المقربين لديه، ويعرف ب‍ (روح القدس) (5)
لطهارته، و (الروح الأمين) لإتمانه على التبليغ إلى الرسل والأنبياء.
وإليه يشير أيضا قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي
إليه (6).
وعرفه علميا (المعجم الفلسفي - مجمع) بما نصه:
(1 - فكرة دينية وفلسفية، معناها: كشف الحقيقة كشفا مباشرا مجاوزا
للحس ومقصورا على من اختارته العناية الإلهية.

(1) سورة الشورى 51.
(2) سورة القصص 7.
(3) سورة النحل 68.
(4) سورة طه 9، 10، 11، 12، 13، 14.
(5) كلمة (القدس) من المعرب عن العبرية وتعني: الطهر.
(6) سورة الأنبياء 25.
30

ويتخذ هذا الكشف صورا شتى نظمها المتكلمون في مراتب مختلفة
كالرؤيا الصادقة، والاتصال بجبريل في صورة رجل عادي.
2 - يذهب فلاسفة الإسلام إلى أن الوحي اتصال النفس الإنسانية
بالنفوس الفلكية اتصالا روحيا فترتسم فيها صور الحوادث وتطلع على عالم
الغيب.
وللأنبياء استعداد خاص لهذا الاتصال.
وقد يدركه الولي والعارف في درجات أدنى، وهذا ما يسمى بالإلهام.
3 - فسر محمد عبده الوحي تفسيرا قريبا من هذا، وقرر أنه عرفان يجده
الشخص من نفسه مع اليقين بأنه عند الله بواسطة أو بغير واسطة) (1).
وأخيرا استقرت كلمة (الوحي) مصطلحا علميا شرعيا يراد به:
أ - جبرائيل وسيطا في نقل ما يؤمر بنقله من الله تعالى إلى الأنبياء.
ب - ما يتلقاه الأنبياء من علم من عالم الغيب، ويتمثل في شريعتنا في
القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
فالوحي - على هذا - مصدر من مصادر المعرفة، وبخاصة فيما يتعلق
بالغيبيات وعالم الغيب.
الإلهام Inspiration:
قال الراغب الأصفهاني: (الإلهام: إلقاء الشئ في الروع.
ويختص ذلك بما كان من جهة الله تعالى وجهة الملأ الأعلى، قال
تعالى: (فألهمها فجورها وتقواها (2)...) (3).
والروع - لغة -: القلب والذهن والعقل.

(1) مادة: الوحي.
(2) سورة الشمس 8.
(3) المفردات 455.
31

وفي (المعجم الوسيط) (1): (الإلهام: إيقاع شئ في القلب يطمئن له
الصدر، يختص الله به بعض أصفيائه.
والإلهام: ما يلقى في القلب من معان وأفكار).
وعرفه (صليبا) في (المعجم الفلسفي) (2) بقوله: (الإلهام: مصدر
ألهم، وهو أن يلقي الله في نفس الإنسان أمرا يبعثه على فعل الشئ أو
تركه، وذلك بلا اكتساب أو فكر، ولا استفاضة، وهو وارد غيبي).
وعده بعضهم - كما رأينا فيما سبقه - من أنواع الوحي.
وعد في رأي آخرين رافدا معرفيا مستقلا.
وكيف ما كان الامر، فالإلهام مصدر آخر من مصادر المعرفة كالوحي.
العقل Reason:
قال ابن فارس: (العين والقاف واللام أصل واحد منقاس مطرد، يدل
عظمه على حبسة في الشئ أو ما يقارب الحبسة. من ذلك العقل، وهو
الحابس عن ذميم القول والفعل.
قال الخليل: العقل: نقيض الجهل، يقال: عقل يعقل عقلا، إذا
عرف ما كان يجهله قبل، أو انزجر عما كان يفعله، وجمعه عقول.
ورجل عاقل، وقوم عقلاء وعاقلون، ورجل عقول إذا كان حسن الفهم
وافر العقل، وما له معقول أي عقل) (3).
وقال الدكتور صليبا: (العقل - في اللغة -: هو الحجر والنهي، وقد
سمي بذلك تشبيها بعقل الناقة، لأنه يمنع صاحبه من العدول عن سواء
السبيل، كما يمنع العقال الناقة من الشرود) (4).

(1) مادة (لهم).
(2) 1 / 130.
(3) مقاييس اللغة 4 / 69.
(4) المعجم الفلسفي 2 / 84.
32

هذا من حيث اللغة.
وعلميا للعقل أكثر من معنى نستطيع أن نوجزها مدرجة تحت العناوين
التالية:
1 - العقل الشرعي:
وهو ما يميز به بين الحق والباطل، والصواب من الخطأ، والنافع من
الضار.
وسميته شرعيا لأنه هو الذي يعتبر شرطا في التكليف والخطابات
الشرعية، وترتب الأحكام القانونية عليه في التشريعات الوضعية.
وهو الذي ورد ذكره في الحديث، ففي الصحيح عن أبي جعفر
الباقر (ع): (لما خلق الله العقل استنطقه، ثم قال له: أقبل فأقبل، ثم
قال له: أدبر فأدبر، ثم قال: وعزتي وجلالي، ما خلقت خلقا هو أحب إلي
منك، ولا أكملتك إلا فيمن أحب، أما إني إياك آمر، وإياك أنهى، وإياك أعاقب، وإياك أثيب) (1).
2 - العقل الفلسفي:
وأعني به المبادئ العقلية (الفلسفية) التي يلتقي عندها العقلاء جميعا،
وهي: مبدأ العلية، ومبدأ استحالة التناقض، واستحالة الدور، واستحالة
التسلسل.
وسميته فلسفيا لأنه هو الذي يقول ببداهة وضرورة هذه المبادئ، وهي
مما يدرس ويؤكد عليه في الفلسفة، وعليه يقوم المنهج العقلي الذي يتخذ
من الدرس الفلسفي مجالا له.
3 - العقل الإجتماعي:
وأريد منه المبادئ العقلية التي تطابقت واتفقت عليها آراء الناس العقلاء

(1) صحيح الكافي 1 / 1.
33

جميعا في مختلف مجتمعاتهم وشتى أزمانهم وأماكنهم، كقبح الظلم،
وحسن العدل، ووجوب ما لا يتم الواجب إلا به، واقتضاء الأمر بالشئ
النهي عن ضده، وهو ما يعرف في لغة أصول الفقه بسيرة العقلاء
وتعريفه يعرب عن وجه تسميته بالإجتماعي.
4 - العقل الخلقي:
نسبة إلى الأخلاق، حيث تقسمه الفلسفة الأخلاقية إلى قسمين: نظري
وعملي.
أ - العقل النظري:
وهو الذي يتجه إلى ما ينبغي أن يعلم، فينصب على الإدراك والمعرفة.
ب - العقل العملي:
وهو الذي يتجه إلى ما ينبغي أن يعمل، فينصب على الأخلاق
والسلوك.
وفي الفلسفة الحديثة (يحدد برونشفيك Brunschvigg في (كتابات
فلسفية ج 2 ص 84 وما يليها، باريس سنة 1954) ثلاث وظائف للعقل،
هي:
أ - التجريد والتصنيف.
ب - التفسير.
ج - التنظيم) (1).
ويذهب (كنت Kant) في كتابه (نقد العقل المحض ط 1 ص 298،
ط 2 ص 355) إلى أن (كل معرفتنا تبدأ من الحواس، ومن ثم تنتقل إلى
الذهن، وتنتهي في العقل.
وليس فينا ما هو أسمى من العقل لمعالجة مادة العيان وردها إلى الوحدة

(1) موسوعة الفلسفة 2 / 71.
34

العليا للفكر) (1).
وهي نظرية الفلاسفة الإسلاميين بصورة عامة، والتي أطلق عليها أستاذنا
الشهيد الصدر عنوان (نظرية الانتزاع) في كتابه (فلسفتنا) (2) وأعطى عنها
بقولة: (وتتلخص هذه النظرية في تقسيم التصورات الذهنية إلى قسمين:
أ - تصورات أولية.
ب - وتصورات ثانوية.
فالتصورات الأولية هي الأساس التصوري للذهن البشري، وتتولد هذه
التصورات من الإحساس بمحتوياتها بصورة مباشرة، فنحن نتصور الحرارة
لأننا أدركناها باللمس، ونتصور اللون لأننا أدركناه بالبصر، ونتصور الحلاوة
لأننا أدركناها بالذوق، ونتصور الرائحة لأننا أدركناها بالشم. وهكذا جميع
المعاني التي ندركها بحواسنا، فإن الإحساس بكل واحد منها السبب في
تصوره ووجود فكرة عنه في الذهن البشري.
وتتشكل من هذه المعاني القاعدة الأولية للتصور وينشئ الذهن بناء على
هذه القاعدة التصورات الثانوية، فيبدأ بذلك دور الإبتكار والإنشاء، وهو
الذي تصطلح عليه هذه النظرية بلفظ (الانتزاع) فيولد الذهن مفاهيم جديدة
من تلك المعاني الأولية.
وهذه المعاني الجديدة خارجة عن طاقة الحس، وإن كانت مستنبطة
ومستخرجة من المعاني التي يقدمها الحس إلى الذهن والفكر.
وهذه النظرية تتسق مع البرهان والتجربة، ويمكنها أن تفسر جميع
المفردات التصورية تفسيرا متماسكا.
فعلى ضوء هذه النظرية نستطيع أن نفهم كيف انبثقت مفاهيم العلة
والمعلول، والجوهر والعرض، والوجود، والوحدة، في الذهن البشري.

(1) موسوعة الفلسفة 2 / 74.
(2) انظر: ص 61 - 62 من ط 13 لسنة 1402 ه‍ - 1982 م.
35

إن كلها مفاهيم انتزاعية يبتكرها الذهن على ضوء المعاني المحسوسة.
فنحن نحس - مثلا - بغليان الماء حين تبلغ درجة حرارته مائة، وقد
يتكرر إحساسنا بهاتين الظاهرتين - ظاهرتي الغليان والحرارة - آلاف المرات
ولا نحس بعلية الحرارة للغليان مطلقا، وإنما الذهن هو الذي ينتزع مفهوم
العلية من الظاهرتين اللتين يقدمهما الحس إلى مجال التصور) (1).
هذا النظرية - في واقعها - جاءت لتبيان مدى علاقة العقل بالحس، وأن
الأمر ليس كما يذهب إليه الحسيون من الفلاسفة القدامى والتجريبيون من
الفلاسفة المحدثين من أن الحس هو المصدر الوحيد للمعرفة البشرية، وإنما
هناك الأفكار الفطرية والبسيطة التي يولد العقل مزودا بها، وهناك الأفكار
الغيبية التي تأتي عن طريق الوحي أو الإلهام.
وتفسير ما يعنيه (كنت) وتعنيه النظرية الإنتزاعية فسلجيا: هو أن
الحواس تقوم بوظيفة نقل المعلومات إلى الذهن، ويقوم الذهن بوظيفة جمعها
وتخزينها، ثم يأتي دور العقل فيقوم بوظيفة التجريد والتصنيف والتحليل
والتنظيم والتقعيد.
ومن جميع ما تقدم ندرك انتظام العقل في سلسلة مصادر المعرفة ومدى
أهميته في مصافها.
الحس Sense:
لم يك الإدراك بإحدى الحواس من المعاني التي أدرجها المعجم العربي
القديم في قائمة الحس.
ففي (لسان العرب) (2): (حس الشئ يحس حسا وحسا وحسيسا،
وأحس به وأحسه: شعر به.
ويقال: حست الشئ إذا علمته وعرفته).

(1) م. ن.
(2) مادة (حسس).
36

وهو أقرب المعاني التي ذكرها ابن منظور إلى معنى الحس العلمي الذي
نريد أن نتحدث عنه هنا.
ولعل أول أشير إليه عربيا هو فيما جاء في مثل الحديث الذي ذكره ابن
الأثير في (النهاية) (2)، وما قام به من تعريف للإحساس، قال: ((إنه قال
لرجل: متى أحسست أم ملدم) أي متى وجدت مس الحمى.
والإحساس: العلم بالحواس.
وهي (يعني الحواس): مشاعر الإنسان كالعين والأذن والأنف واللسان
واليد).
ولأن المعنى دخل المعجم العربي في العصر العباسي، كما رأينا الإلماح
إليه من قبل ابن الأثير المتوفى سنة (606 ه‍) عدة (المعجم الوسيط) من
المولد، قال: (الحس: الإدراك بإحدى الحواس الخمس (مو) أي
مولد).
وقد ركز الفلاسفة على الحواس الخمس كمصدر للمعرفة، وتوسع علماء
وظائف الأعضاء (الفسيولوجيون) باستقصاء جميع أعضاء الحس وبيان دورها
في تحصيل المعرفة، فقسموا (الحواس الخمس إلى مجموعتين:
أ - المجموعة الأولى: وتتألف من حاستي اللمس والذوق، وتقوم بدور
نقل الإنطباعات البيئية أو الإحساسات المختلفة عن طريق الإحتكاك المباشر
بالأشياء المادية المحيطة بالإنسان.
ب - المجموعة الثانية: وتتألف من حاسة البصر وحاسة السمع وحاسة
الشم، وتقوم بدور نقل انطباعات الأشياء المادية دون أن تحتك احتكاكا
مباشرا بتلك الأشياء المادية، بل عن طريق الأشعة الضوئية الصادرة عن
الأشياء المرئية بالنسبة لحاسة البصر، وعن طريق الأمواج الصوتية المنبعثة من
الأشياء المسموعة الصوت بالنسبة لحاسة السمع، وعن طريق الروائح المنبعثة

(1) 1 / 284 تحقيق الزاوي والطناحي.
37

من الأشياء ذات الرائحة بالنسبة لحاسة الشم) (1).
وقالوا: (بالإضافة إلى أعضاء الحس الخمسة التي تعرف بالحواس
الظاهرة - والتي مر ذكرها - (هناك) حواس أخرى كثيرة (تشاركها في تحصيل
المعرفة) وتعرف بالحواس الباطنة، ومنها:
- عضو الإحساس بالإتزان الموجود في الأذن الداخلية الذي عن طريقه
يشعر الشخص بتوازن جسمه أو انحرافه أثناء الوقوف أو الحركة أو ركوب
الدراجة، ويشعر أيضا بتوازن رأسه مع أعضاء جسمه الأخرى، وكذلك من
ناحية مواقع أعضاء جسمه بالنسبة لبعضها.
- أعضاء الحس الداخلية كالقلب والمعدة والرئتين التي تجعل مخ
الإنسان يشعر بالجوع والعطش وألم المعدة مثلا وما يجري مجراها.
وقد ثبت - أيضا - في الوقت الحاضر أن في سطح الجلد خلايا عصبية
حسية أخرى بالإضافة إلى الخلايا الحسية الجلدية المختصة بالإحساس
باللمس: فهناك الخلايا الحسية الجلدية المتخصصة بالإحساس بالحرارة،
وهي منتشرة في جميع أرجاء الجسم على هيئة بقع لا ترى بالعين المجردة
يتجاوز مجموعها (000, 30) بقعة.
وتوجد على سطح الجلد كذلك خلايا حسية متخصصة بالشعور بالألم،
وأخرى بالشعور بالضغط، وجميعها تنتشر في مختلف مناطق الجسم على
هيئة مجاميع تختلف كثافتها باختلاف تلك المناطق.
كما ثبت أيضا أن حاسة الذوق مؤلفة بدورها من أربع مجموعات من
الخلايا الحسية الذوقية المنتشرة على سطح اللسان يختص بعضها بالإحساس
بالحلاوة، وبعض آخر بالمرارة، وثالث بالحموضة، ورابع بالملوحة،
فطرف اللسان مثلا أكثر تخصصا بالإحساس بالحلاوة، وحافته بالحموضة،

(1) الفكر: طبيعته وتطوره. د. نوري جعفر ظ 1 ص 204 بتصرف.
38

وقاعدته بالمرارة) (1).
والحس - كما رأينا - ذو دور مهم في تحصيل المعرفة.
أنواع المعرفة
بعد أن تبينا تعريف المعرفة وتعرفنا مصادرها ننتقل - هنا - إلى استعراض
أنواعها الرئيسية التي تتحدث عن الكون والإنسان والحياة لنتعرف مجالاتها
العامة، ومن ثم مناهجها العامة، وهي:
1 - الدين.
2 - الفلسفة.
3 - العلم.
4 - الفن.
الدين:
وأريد به - هنا - الدين الإلهي المتمثل الآن في الشريعة الخاتمة
(والإسلام).
وحقيقته منتزعة من واقعه، وهي أنه: عقيدة إلهية يقوم على أساس منها
نظام كامل وشامل لجميع شؤون الحياة.
والدين بهذا التعريف يأتي أوسع مجالا من الفلسفة والعلم، ومعارفه -
وهي ما يعرف بالعلوم الشرعية أو العلوم الإسلامية - تعرب عن هذا وتؤكده،
ففيه:
1 - ما يدخل في مجال العلم من الإشارة أو العرض لبعض النظريات
والقوانين العلمية التي يمكن أن تبحث في ضوء المنهج التجريبي فتخضع
للملاحظة أو التجربة، أمثال:

(1) م. س 203.
39

أ - حركة الفلك:
المشار إليها في مثل قوله تعالى: (والشمس تجري لمستقر لها ذلك
تقدير العزيز العليم * والقمر قدرناه منازل حتى عاد كالعرجون القديم * لا
الشمس ينبغي لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك
يسبحون (1).
حيث تفند هذه الآي الشريفة النظرية الفلكية القديمة القائلة بأن الفلك
جرم شفاف ثبتت فيه الكواكب تثبيتا فلا حركة لها ولا فيها، وإنما الحركة
للفلك التي هي فيه فقط.
وتفيد أن لكل كوكب - مما ذكر - حركة في نفسه وحركة في مداره
الفلكي.
وهذا مما يدخل في مجال الملاحظة.
ب - دور الرياح في توزيع سقوط المطر:
المشار إليه في قوله تعالى: (الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه
في السماء كيف يشاء ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب
به من يشاء من عباده إذا هم يستبشرون (2).
فقد ثبت - علميا - أن من العوامل التي تسيطر على توزيع سقوط المطر:
مقدار الرياح المحملة بالرطوبة (3).
ج - نزول الحديد:
المشار إليه في الآية الكريمة: (وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع
للناس (4).

(1) سورة يس 38 و 39 و 40.
(2) سورة الروم 48.
(3) انظر: الموسوعة العربية الميسرة 1712.
(4) سورة الحديد 25.
40

فقد ثبت - علميا - أن الرجم meteorite وهو شهاب أو نيزك يبلغ سطح
الأرض من غير أن يتبدد تبددا كاملا، إنه يتكون (من حديد حينا ومن حجارة
حينا ومن مزيج من الحديد والحجارة في بعض الأحيان) (1).
فهذه وأمثالها كثير في القرآن الكريم والحديث الشريف مما يدخل في
مجال البحث العلمي وتفاد نتائجه من الملاحظة الإستقرائية.
2 - ما يدخل في مجال الفلسفة من الإلماح أو الإستعراض لبعض
النظريات أو القوانين الفلسفية مما يمكن دخوله مجال البحث الفلسفي
وفق المنهج العقلي، أمثال:
أ - الاستدلال بمبدأ العلية:
كما ورد في القرآن الكريم في قصة إبراهيم (ع)، قال تعالى:
(وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين *
فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين *
فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن
من القوم الضالين * فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت
قال يا قوم إني برئ مما تشركون * إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات
والأرض حنيفا وما أنا من المشركين (2).
حيث تفيد الآي الشريفة هذه أن النبي إبراهيم (ع) استدل من الأفول
باعتباره أثرا حادثا أن لهذه الكواكب مؤثرا محدثا، وهو الله تعالى.
وكما ورد في (نهج البلاغة) - الخطبة 185 - من قول الإمام أمير
المؤمنين (ع): (الحمد لله الذي لا تدركه الشواهد ولا تحويه المشاهد ولا
تراه النواظر ولا يحجبه السواتر، الدال على قدمه بحدوث خلقه، وبحدوث
خلقه على وجوده).

(1) موسوعة المورد 7 / 21.
(2) سورة الأنعام 75 - 79.
41

ب - الاستدلال بدليل التمانع:
كما في قوله تعالى: (لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا (1)...
وقوله تعالى: (ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل
إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض (2).
وهذا وأمثاله مما ورد في القرآن الكريم أو الحديث الشريف أو المأثور
عن أئمة وعلماء المسلمين مما يندرج في قائمة الاستدلال الفلسفي الذي يسير
في تطبيقاته على ضوء المنهج العقلي.
3 - ما هو من الغيبيات:
وهو كثير في القرآن والحديث والمنقول التاريخي أمثال:
أ - الإيمان بوجود الجن.
ب - الإيمان بوجود الملائكة.
ج - الإيمان بيوم القيامة.
د - الإيمان بالجنة.
ه‍ - الإيمان بالنار.
و - الإيمان بالإسراء والمعراج.
ز - الإيمان بعمر نوح وطوفانه.
ح - الإيمان بانفلاق اليم لموسى.
ط - الإيمان بخلق آدم من تراب.
ي - الإيمان بولادة عيسى من غير أب.
وأمثال هذه مما لا مسرح للعقل فيها لأنه لا يستطيع أن يثبت - هنا - أكثر
من إمكانها وجواز وقوعها.
كما أنه لا مجال للملاحظة والتجربة فيها - كما هو واضح.
فلا محيص لإثباتها إذن من الرجوع إلى المنقولات والنصوص الدينية في

(1) سورة الأنبياء 22.
(2) سورة المؤمنون 91.
42

ضوء معطيات المنهج النقلي.
وهذا الغيب أو الغيبيات مما انفرد به الدين.
وفي ضوء جميع ما تقدم تدخل أفكار الدين جميع مجالات البحث،
فبعض في مجال الغيب، وهو مما استقل به، وبعض في مجال ما وراء
الطبيعة، وبعض في مجال الطبيعة والإنسان.
ومن البين أن اختلاف المجال أو الموضوع يتطلب اختلاف المنهج الذي
يتبع في دراسته وبحثه.
ومن هنا نقول:
- يرجع في دراسة الأفكار الغيبية إلى المنهج النقلي.
- وفي دراسة الأفكار الميتافيزيقية إلى المنهج العقلي.
- وفي دراسة الأفكار التي ترتبط بالطبيعة والإنسان تكوينا ومجتمعا إلى
المنهج التجريبي.
- وفي دراسة التشريعات الدينية - لأن مصدرها النصوص النقلية - يرجع
إلى المنهج النقلي.
وهكذا...
الفلسفة:
ولان مجال الفلسفة انحصر الآن في دراسة ما يعرف ب‍ (ما بعد الطبيعة
Metaphysics)، وهو مما لا يمكن اخضاعه للملاحظة أو التجربة، لابد من
الإلتزام في بحث أفكاره بالمنهج العقلي.
ولكن، قد يقال: إن الفلسفة الحديثة بعد الإنتفاضة العلمية التي أحدثها
رينيه ديكارت حيث (بدأ بتحطيم كل إتصالية بالفلسفة القديمة وعفى على كل
ما فعل قبله في هذا العلم وشرع بإعادة تحديده بتمامه منذ البداية وكأن أحدا
ما تفلسف قبله قط) - كما يقول شلينگ (1)، و (وضع المبدأ الشهير: لا

(1) انظر: معجم الفلاسفة 275.
43

يجوز للإنسان أن يصدق سوى الأشياء التي يقرها العقل، وتؤكدها
التجربة) (1).
ومهد به لهيمنة المنهج التجريبي على أبحاث الفلسفة وانهزام المنهج
العقلي أمامه، كيف نلزم بالتزام المنهج العقلاني في الدرس الفلسفي؟!.
نقول في جواب عن هذا: إننا إذا أدركنا أن الثورة الثقافية في أوروبا
التي أتت على الموروث الفلسفي فبددته، وربما حطمت الكثير منه إن لم
نقل كله، لم تمس شيئا منه مما هو موجود لدينا في مدونات الدراسات
الإسلامية.
ذلك أن الفلسفة الإسلامية، وكذلك التراث الفلسفي الإغريقي الموجود
عندنا، ومثلهما علم الكلام، لا تزال جميعها عقلانية الفكر وعقلانية
المنهج، وتدرس وتبحث على هذا الأساس.
فمن هنا ليس الآن لنا ونحن نريد دراسة الفكر الفلسفي الإسلامي أو
الإغريقي إلا اتباع المنهج العقلي.
وقد نضيف إليه وبخاصة في علم الكلام المنهج النقلي أيضا.
العلم:
وأعني بالعلم - هنا - ما يعرف ب‍ (العلوم الطبيعية) كالفيزياء والكيمياء
والجيولوجيا والفلك والخ، و (العلوم الإنسانية) كالتربية وعلم الإجتماع
وعلم النفس وعلم الإقتصاد وعلم الإدارة والخ.
ولأن مجالها الطبيعة والإنسان بدراسة ما فيهما من ظواهر، وهي مما
يدخل في إطار الملاحظة أو التجربة يأتي استخدام المنهج التجريبي فيها أمرا
طبيعيا.

(1) م. ن.
44

الفن Art:
ومجاله التعبير عما يحدث في النفس، ولذا عرفه (المعجم الفلسفي)
بأنه (تعبير خارجي عما يحدث في النفس من بواعث وتأثرات بواسطة
الخطوط أو الألوان أو الحركات أو الأصوات أو الألفاظ، ويشمل الفنون
المختلفة كالنحت والتصوير) (1).
ولأن مجاله التعبير عما يحدث في نفس الإنسان فهو بالعلوم الإنسانية
ألصق، وإليها أقرب، فيأتي - لهذا - منهجه المنهج التجريبي.
ملحوظة:
وبعد هذا المرور السريع في التعريف لمجالات المعرفة وما يلتقي
وطبيعتها من منهج لا بد من الإشارة إلى التالي:
1 - أن المناهج المذكورة هي المناهج العامة، وعنها تنبثق المناهج
الخاصة - كما سيأتي هذا.
2 - إن هذه المناهج العامة قد تتداخل فيشترك أكثر من منهج في دراسة
مسألة ما إذا كانت المسألة ذات جوانب متعددة ومختلفة.
ولنأخذ مثالا لهذا - بغية الإيضاح - فكرة وجود عوالم أخرى غير عالمنا
هذا.
فالبحث الفلسفي في ضوء المنهج العقلي يسلمنا إلى النتيجة القائلة
بإمكان وجود عوالم أخرى غير عالمنا هذا، لأن القول بالفكرة لا يلزم منه
الوقوع في غائلة الدور أو التسلسل أو التناقض.
والبحث الديني يوصلنا إلى وقوع أو تحقق وجود عوالم أخرى غير عالمنا
هذا، لما ورد في حديث جابر الجعفي عن الإمام محمد الباقر (ع):
(لعلك ترى أن الله إنما خلق هذا العالم الواحد، وترى أن الله لم يخلق بشرا

(1) المعجم الفلسفي (مجمع) مادة: الفن.
45

غيركم، بلى - والله - لقد خلق الله ألف ألف عالم، وألف ألف آدم، أنت
في آخر تلك العوالم وأولئك الآدميين) (1).
والبحث العلمي يدلنا على حقيقة تلكم العوالم، أو يكشف لنا على
الأقل عن جانب من حقيقة تلكم العوالم، فقد عثرت الكشوف العلمية
الحديثة على (هياكل بشرية مشابهة لهيكل هذا الإنسان الحالي، كانت تعيش
على الأرض قبل ملايين السنين) (2).
3 - إن أكثر الدراسات المعاصرة لموضوع مناهج البحث أكدت على
المنهج التجريبي متجاهلة أو ناسية المنهج العقلي والمنهج النقلي وهما عماد
دراساتنا للفكر الإسلامي، متأثرة عن قصد أو غير قصد بالدراسات الغربية في
الموضوع.
4 - كان هذا الحديث عن المعرفة مدخلا للحديث عن المنهج: تعريفه
وأقسامه.

(1) التوحيد، الصدوق 277.
(2) عقيدتنا، عبد الله نعمة 58.
46

المنهج
- تعريف المنهج
- أقسام المنهج
47

تعريف المنهج
المنهج Method
يقال: منهج - بفتح الميم، ومنهج - بكسرها.
ويقال أيضا: منهاج - بكسر الميم، والألف بعد الهاء.
وهو في اللغة العربية: الطريق الواضح.
وأضاف إليه المعجم اللغوي العربي الحديث معنى آخر، هو: (الخطة
المرسومة) (1).
ولعله أفاد هذا من التعريف العلمي له أو من الترجمة العربية لكلمة
Method الإنجليزية بسبب اشتهارها في الحوار العلمي العربي، وهي تعني،
الطريقة، والمنهج، والنظام.
وعرف المنهج علميا بأكثر من تعريف، منها.
1 - ما جاء في معجم (الصحاح في اللغة والعلوم) (2): (المنهج: هو
خطوات منظمة يتخذها الباحث لمعالجة مسألة أو أكثر ويتتبعها للوصول إلى
نتيجة).
2 - وفي (المعجم الفلسفي - مجمع -) و (معجم المصطلحات العربية

(1) انظر: المعجم الوسيط: مادة (نهج).
(2) مادة (نهج).
49

في اللغة والأدب) (1): (وسيلة محددة توصل إلى غاية معينة).
3 - وعرفه عناية في كتابه (مناهج البحث) (2): (المنهج: طائفة من
القواعد العامة المصوغة من أجل الوصول إلى الحقيقة في العلم).
وعرفه عبد الرحمن بدوي في كتابه (مناهج البحث العلمي) (3) بالتعريفين التاليين:
4 - البرنامج الذي يحدد لنا السبيل للوصول إلى الحقيقة.
5 - الطريق المؤدي إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم.
6 - وفي كتاب (البحث العلمي) للدكتور محمد زيان عمر (4): (وقد
حد العلماء المنهج بأنه فن التنظيم الصحيح لسلسلة من الأفكار العديدة إما
من أجل الكشف عن حقيقة مجهولة لدينا، أو من أجل البرهنة على حقيقة لا
يعرفها الآخرون).
7 - وعرفه النشار في كتابه (نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام) (5)
ب‍ (طريق البحث عن الحقيقة في أي علم من العلوم أو في أي نطاق من
نطاقات المعرفة الإنسانية).
8 - وأشهر تعريف للمنهج هو التعريف القائل: بأنه (الطريق المؤدي
إلى الكشف عن الحقيقة في العلوم بواسطة طائفة من القواعد العامة تهيمن
على سير العقل وتحدد عملياته حتى يصل إلى نتيجة معلومة) (6).
ونخلص من هذه التعريفات إلى أن:

(1) مادة (منهج).
(2) ص 76.
(3) ص 6 ط 3 في 1977.
(4) ص 48.
(5) 1 / 36.
(6) مناهج البحث العلمي ص 5.
50

9 - المنهج: مجموعة من القواعد العامة يعتمدها الباحث في تنظيم ما
لديه من أفكار أو معلومات من أجل أن توصله إلى النتيجة المطلوبة.
وباختصار:
المنهج: طريقة البحث.
أقسام المنهج
يقسم المنهج تقسيما أوليا إلى قسمين، هما:
أ - المنهج التلقائي:
ويراد به ما يزاوله عامة الناس في تفكيرهم وأعمالهم من دون أن يكون
هناك التفات منهم إليه، أو خطة واضحة ثابتة في أذهانهم له، وإنما يأتيهم
عفوا ووفق ما يمليه الظرف.
وقد أشار إلى هذا مناطقة بورت رويال بقولهم: إن عقلا سليما يستطيع
أن يصل إلى الحقيقة في نطاق البحث الذي يقوم به، بدون أن يعرف قواعد
الاستدلال) (1).
ب - المنهج التأملي:
وهو ما نسميه ونصطلح عليه بالمنهج - وهو موضوع دراستنا هذه - وسمي
بالتأملي لأنه جاء نتيجة التأمل الفكري الذي أدى إلى وضع قواعده وأصوله.
وهو ينقسم إلى قسمين رئيسين، هما:
أ - المناهج العامة:
وتعرف بالمناهج المنطقية أيضا.
ب - المناهج الخاصة:
وتسمى المناهج الفنية أيضا.

(1) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام 1 / 35 نقلا عن:
Logique de Port Royal Introbuction
51

المناهج العامة
تعريفها:
المناهج العامة: هي تلكم القواعد المنهجية العامة التي يرجع إليها عند
البحث في أي حقل من حقول نوع عام من أنواع المعرفة التي تقدم تعريفها
فيما سبق.
تقسيمها:
تنقسم المناهج العامة إلى الأقسام التالية:
1 - المنهج النقلي.
2 - المنهج العقلي.
3 - المنهج التجريبي.
4 - المنهج الوجداني.
المنهج النقلي:
المنهج النقلي: هو طريقة دراسة النصوص المنقولة.
ويقوم على العناصر العامة التالية:
1 - توثيق إسناد النص إلى قائله:
بمعنى التأكد من صحة صدور النص من قائله.
ويتأتى هذا بالرجوع إلى المنهج الخاص في المجال المعرفي الخاص
به، كعلم الرجال في دراسة أسانيد أحاديث الأحكام الفقهية، وتاريخ الرواة
العاربة والحاضرة في دراسة اللغة والأدب.
2 - التحقق من سلامة النص:
بمعنى التأكد من أن النص لم يدخله التحريف أو التصحيف أو الزيد أو
النقص أو ما إلى هذه، أي أنه سليم من هذه وكما قاله قائله.
3 - فهم مدلول النص:
ويتأتى هذا بالرجوع إلى الوسائل والأدوات العلمية المقرر استخدامها
52

لذلك، وتعرف في ضوء المنهج الخاص بحقله المعرفي كعلم أصول الفقه
بالنسبة إلى معرفة مداليل النصوص الفقهية من آيات وروايات.
ومجال استخدام هذا المنهج: كل معرفة مصدرها النقل.
المنهج العقلي:
المنهج العقلي: هو طريقة دراسة الأفكار والمبادئ العقلية.
ويقوم على قواعد علم المنطق الأرسطي، فيلتزم الحدود والرسوم في
التعرف، والقياس والاستقراء في الاستدلال.
وقد عدل فيه المناطقة المسلمون، فالتزموا في التعريف ما سموه
ب‍ (شرح الاسم)، وابتعدوا عن وجوب الأخذ بالحد والرسم، وعللوا هذا
بعدم وجود فصول لحقائق الأشياء يمكن الوصول إليها ومعرفتها، وعليه يكتفى
ب‍ (الخاصة) وهي تعني ما يطلق عليه في البحوث العلمية التجريبية
ب‍ (الظاهرة).
كما أضافوا إلى مادة الاستقراء في كثير من مؤلفات المنطق الحديثة
الطرق الخمس التي وضعها (جون استيوارت مل)، والتي تسمى (طرق
الاستقراء) و (قوانين الاستقراء)، وموضوعات أخرى رأوا من اللازم
أضافتها (1).
أما خطوات البحث، والتي يسميها هذا المنطق ب‍ (حركة العقل بين
المعلوم والمجهول)، وقد يطلقون عليها اسم (النظر) واسم (الفكر)،
فيلخصها أستاذنا الشيخ المظفر في كتابه (المنطق) (2) بقوله: (أن النظر - أو
الفكر - المقصود منه: إجراء عملية عقلية في المعلومات الحاضرة لأجل
الوصول إلى المطلوب.
والمطلوب: هو العلم بالمجهول الغائب.

(1) يرجع إلى: مذكرة المنطق: المقدمة - مبحث التبويب، لمعرفة شئ من هذا.
(2) ط 2 ح 1 ص 17.
53

وبتعبير آخر أدق: إن الفكر هو: حركة العقل بين المعلوم والمجهول.
وتحليل ذلك: أن الإنسان إذا واجه بعقله المشكل (المجهول) وعرف
أنه من أي أنواع المجهولات هو، فزع عقله إلى المعلومات الحاضرة عنده،
المناسبة لنوع المشكل، وعندئذ يبحث فيها، ويتردد بينها، بتوجيه النظر
إليها، ويسعى إلى تنظيمها في الذهن، حتى يؤلف المعلومات التي تصلح
لحل المشكل، فإذا استطاع ذلك، ووجد ما يؤلفه لتحصيل غرضه، تحرك
عقله حينئذ منها إلى المطلوب، أعني معرفة المجهول وحل المشكل.
فتمر على العقل - إذن - بهذا التحليل خمسة أدوار:
1 - مواجهة المشكل (المجهول).
2 - معرفة نوع المشكل، فقد يواجه المشكل ولا يعرف نوعه.
3 - حركة العقل من المشكل إلى المعلومات المخزونة عنده.
4 - حركة العقل - ثانيا - بين المعلومات للفحص فيها، وتأليف ما يناسب
المشكل ويصلح لحله.
5 - حركة العقل - ثالثا - من المعلوم الذي استطاع تأليفه مما عنده إلى
المطلوب.
ومنذ أن ترجم هذا المنطق من اليونانية إلى العربية عن طريق السريانية
والفارسية، كان ولا يزال هو المنهج المعتمد في الدراسات الإسلامية،
وبخاصة الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام وأصول الفقه.
ومد رواقه أيضا على الدراسات اللغوية العربية فاعتمد إلى حد بعيد في
علم النحو وعلوم البلاغة.
وهو المنهج المتبع والمعتمد حاليا في الدرس الفلسفي والدرس الكلامي
والدرس الأصولي في الحوزات العلمية (مراكز الدراسات الدينية) عند الشيعة
الإمامية.
وكذلك في الحوزات العلمية السنية في مثل أفغانستان وباكستان
وهندستان واليمن ومصر ودول المغرب العربي.
54

المنهج التجريبي:
المنهج التجريبي: هو طريقة دراسة الظواهر العلمية في العلوم الطبيعية
والعلوم الإنسانية.
ويعتبر المنهج التجريبي المنهج العلمي الحديث، وأهم ما تمخضت عنه
النهضة العلمية الحديثة في أوروبا من معطيات فكرية.
وكانت نشأة هذا المنهج العلمية قد تمت في القرن السابع عشر على يد
(فرانسيس بيكون Francis Bacon) بتأليفه كتابه المعروف ب‍ (الأورگانون
الجديد Novel Organum) الذي (بدأ العمل فيه منذ سنة 1608، ثم
عدل فيه 12 مرة، ونشره نشرة نهائية في سنة 1620 م) (1).
(وكان هذا الكتاب نقطة التحول في تاريخ أوروبا العلمي، وسيطر
(بسببه) المنهج الإستقرائي سيطرة كاملة على مناهج العلماء في العلوم
الطبيعية... ثم طبق - مع تعليلات خاصة - في العلوم الإنسانية) (2).
وقد ركز وأكد بيكون على (ضرورة تخليص العلم من شوائبه الدينية
(كذا)، وضرورة إخضاعه بكلياته وجزئياته للملاحظة العلمية.
وبمعنى آخر: يجب أن يقوم العلم على أساس وضعي بعيد كل البعد
عن كل تأثير ديني أو ميتافيزيقي) (3).
ثم رست قواعد هذا المنهج رسوا وثيقا ومكينا في القرن التاسع عشر
عندما أصدر (جون استيوارت مل John Stuart Mill) كتابه (مذهب المنطق
A system of logic).
وتم - من بعد - بسببه فصل العلم عن الفلسفة والدين، وقصر اعتماده

(1) موسوعة الفلسفة 1 / 394.
(2) نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام 1 / 37.
(3) أصول البحث العلمي ومناهجه ص 58 عن محمد طلعت عيسى: البحث الإجتماعي
مبادؤه ومناهجه، القاهرة: مكتبة القاهرة الحديثة 1963 ص 27 - 28.
55

على المنهج التجريبي فقط.
ويقوم هذا المنهج على الاستقراء عن طريق الملاحظة والتجربة.
ومجاله: المعرفة التي مصدرها الحس.
أما خطواته فكالتالي:
1 - تحديد المشكلة موضوع البحث.
2 - صياغة الفرضية، وهي مقولة مؤقتة عن صلة بين حادثتين أو أكثر، أو
متحولين أو أكثر.
3 - إجراء الملاحظة أو التجربة.
4 - النتيجة.
وقوانين الاستقراء التي وضعها جون استيوارت مل لضبط عمليات البحث
التجريبي لتؤدي إلى نتائج سليمة ومعرفة علمية صحيحة هي - كما جاءت
في موسوعة الفلسفة 2 / 470 - 471 ط 1 1984 م) -:
1 - منهج الإتفاق method of agreement:
ومفاده: أن ننظر في مجموع الأحوال المولدة لظاهرة ما نريد دراسة أسبابها.
فإذا وجدنا أن هناك عاملا واحدا يظل موجودا باستمرار على الرغم من
تغير بقية العناصر أو المقومات، فيجب أن نعد هذا الشئ الثابت الواحد هو
علة حدوث هذه الظاهرة.
ويضرب لهذا مثالا: (ظاهرة الندى)، فإن هذه الظاهرة تحدث أولا
حينما ينفخ الإنسان بفيه على جسم متبرد مثل لوح من الزجاج في يوم بارد.
ونجد هذه الظاهرة أيضا على السطوح الخارجية لزجاجات تستخرج من
بئر.
كما نجدها ثالثا حين نأتي بإناء فيه ماء بارد ونضعه في مكان دافئ.
ففي كل هذه الأحوال نجد أنه على الرغم من اختلاف العناصر التي
56

تتركب منها الظاهرة، من نفخ على جسم بارد، أو سطح قارورة بها ماء
يستخرج من بئر، أو سطح زجاجة مملوءة ثلجا أدخلت في مكان دافئ، فإن
ثمت عاملا واحدا موجودا باستمرار هو اختلاف درجة الحرارة بين الجسم وبين
الوسط الخارجي أو الشئ المماس.
فنستنتج من هذا أن السبب في حدوث ظاهرة الندى هو الإختلاف في
درجة الحرارة بين الجسم والوسط المماس له.
2 - منهج الافتراق Method of difference:
ولكي نتأكد من صحة الإستنتاج وفقا للمنهج السابق - منهج الإتفاق -
لا بد أن نأتي بمنهج مضاد في الصورة، لكنه مؤيد في النتيجة، فنجري ما
يسمى بالبرهان العكسي.
هذا المنهج يسمى منهج الافتراق:
ويقول: إذا اتفقت مجموعتان من الأحداث من جميع الوجوه إلا وجها
واحدا، فتغيرت النتيجة من مجرد اختلال هذا الوجه الواحد، فإن ثمت صلة
علية بين هذا الوجه وبين الظاهرة الناتجة.
ونسوق مثالا لذلك تجربة أجراها (پاستير) لمعرفة سبب الاختمار، فقد
أخذ پاستير قنينتين ووضعهما في برميل واحد في درجة حرارة واحدة، وكان في
كلتا القنينتين نفس السائل، وأغلق فوهة إحداهما، بينما ترك فوهة الأخرى
مفتوحة، فتبين له بعد مدة من الزمن أن السائل في القنينة المفتوحة تغير
وحدث فيه اختمار، بينما نفس السائل في القنينة المغلقة الفوهة لم يتغير ولم
يحدث فيه اختمار.
فاستنتج من هذا أن كون فوهة إحدى القنينتين قد تركت مفتوحة، بينما
بقيت الأخرى محكمة الإغلاق هو السبب في حدوث الاختمار.
ومعنى هذا أن الهواء هو السبب في حدوث الاختمار، وذلك لأنه يحتوي
على جراثيم دخلت السائل فأحدثت هذا الاختمار.
3 - منهج التغيرات المساوقة Method of concomitant variations:
57

ويمكن أن يسمى أيضا باسم (منهج المتغيرات المتضايفة) أو (التغيرات
المساوقة النسبية).
يقول هذا المنهج: إننا لو أتينا بسلسلتين من الظواهر فيها مقدمات
ونتائج، وكان التغير في المقدمات في كلتا السلسلتين من الظواهر ينتج تغيرا
في النتائج في كلتا السلسلتين كذلك، وبنسبة معينة، فلا بد أن تكون ثمت
صلة علية بين المقدمات وبين النتائج.
مثال ذلك: ما فعله پاستير أيضا حين أتى بعشرين زجاجة مملوءة بسائل
في درجة الغليان، فوجد في الريف أن ثماني زجاجات فقط هي التي تغيرت
لما أن فتح أفواهها.
وفي المرتفعات الدنيا تبين له أن خمسا منها تغيرت بعد فتحها.
وفي أعلى قمة جبل لم يتغير منها غير زجاجة واحدة.
ولما أتى بالزجاجات العشرين إلى غرفة مقفلة أثير غبارها وفتح فوهاتها
تغيرت الزجاجات العشرون كلها.
فاستنتج من هذا أن تغير الجو قد أحدث تغيرا في حدوث الاختمار إذ
الجراثيم أكثر في غرفة أثير غبارها، وأقل من ذلك في الريف، وأقل من هذا
في سفح جبل، وأقل جدا في قمة جبل عال.
4 - المنهج المشترك (للاتفاق والإفتراق)
The joint Method of agreement and difference
ويصوغه (مل) هكذا: (إذا كان شاهدان أو أكثر من الشواهد التي
تتجلى فيها الظاهرة تشترك في ظرف واحد، بينما شاهدان أو أكثر من الشواهد
التي لا تتجلى فيها الظاهرة ليس فيها شئ مشترك غير الخلو من هذا
الظرف، فإن هذا الظرف الذي فيه وحده تختلف مجموعتا الشواهد هو
المعلول أو العلة أو جزء لا غنى عنه من الظاهرة).
5 - منهج البواقي Method of residues:
58

وهو منهج للتكهن بالعلة استنتاجا من فحص موقف يحتوي على ظاهرة
واحدة بقي علينا أن نفسرها.
وهذا المنهج يتضمن تطبيقا لمبدأ الافتراق ابتداء من المعلول لنكتشف
العلة.
فمثلا: إذا كان معلوما أن المعلول A يفسره X، وأن X لها مفعول كامل
في A، فإنه إذا حدثت A مصحوبة ب‍ B فإنه ينتج عن مبدأ الافتراق أن شيئا
آخر غير X هو علة B.
ومن الأمثلة المشهورة على هذا المنهج التجربة التي قام بها الفيزيائي
الفرنسي الشهير (أراجو Arago) حين جاء بإبرة ممغطسة وعلقها في خيط من
الحرير، وحرك الإبرة، فإنه وجد أنها تصل إلى حالة السكون على نحو
أسرع لو وضعنا تحتها لوحة من النحاس، مما لو لم نضع مثل هذه اللوحة.
فتساءل: ربما كانت ظاهرة زيادة الإسراع إلى السكون راجعة إلى مقاومة
الهواء، أو طبيعة مادة الخيط، لكن تأثير هذين العاملين: الهواء ونوع
الخيط، كان معروفا بالدقة مع عدم وجود لوحة النحاس، فالعنصر الباقي وهو
لوحة النحاس هو - إذن - العلة في زيادة الإسراع إلى السكون).
ونستخلص من هذا:
1 - أن استيوارت مل اعتمد في وضع قوانينه الخمسة المذكورة على
(مبدأ العلية) و (مبدأ الإطراد في الحوادث).
2 - يريد بمنهج الإتفاق: التلازم في الوجود بين العلة والمعلول، بمعنى
أنه إذا وجدت العلة وجد المعلول.
3 - يريد بمنهج الافتراق: التلازم في العدم بين العلة والمعلول، بمعنى
أنه إذا عدمت عدم المعلول.
وبتعبير آخر: إذا لم توجد العلة لم يوجد المعلول.
59

4 - يريد بالمنهج المشترك: أن العلة إذا وجدت وجد المعلول، وإذا
عدمت عدم المعلول.
5 - يريد بمنهج التغيرات المتساوقة: أن أي تغير يحدث في العلة لا بد
أن يحدث في المعلول.
6 - يريد بمنهج البواقي: أن علة الشئ لا تكون علة - في الوقت نفسه -
علة لشئ آخر مختلف عنه.
ولمزيد من الاطلاع في تعرف معنى هذه الطرق الخمس أو القوانين الخمسة
أكثر، يرجع إلى الكتب التالية:
- خلاصة المنطق.
- مذكرة المنطق.
- المعجم الفلسفي، للدكتور جميل صليبا.
المنهج الوجداني:
المنهج الوجداني: هو طريقة الوصول إلى معارف التصوف والأفكار
العرفانية.
والوجدان - هنا - يوازي الحصول، ذلك أن الحصول على المعرفة يعني
إعمال الفكر والروية، بينما الوجدان يعني وجود المعرفة من غير إعمال لفكر
أو روية.
وهو نوع من الإلهام معتضدا بالنصوص المنقولة في إطار ما تؤول به على
اعتبار أن دلالتها من نوع الإشارة لا من نوع العبارة.
ويعتمد فيه على الرياضة الروحية بغية أن تسمو النفس فترتفع إلى مستوى
الأهلية والاستعداد الكافي لأن تلهم ما تهدف إليه.
قال الغزالي: (والقلب مثل الحوض، والعلم مثل الماء، وتكون
الحواس الخمس مثل الأنهار، وقد يمكن أن تساق العلوم إلى القلب بواسطة
أنهار الحواس والاعتبار والمشاهدات حتى يمتلئ علما.
60

ويمكن أن تسد هذه الأنهار بالخلوة والعزلة وغض البصر، ويعمد إلى
عمق القلب بتطهيره، ورفع طبقات الحجب عنه حتى تتفجر ينابيع العلم من
داخله) (1).
ويستخدم هذا المنهج في علم العرفان وعلم التصوف.
مناهج عامة أخرى
وهي:
1 - المنهج التكاملي.
2 - المنهج المقارن.
3 - المنهج الجدلي.
المنهج التكاملي:
المنهج التكاملي: هو استخدام أكثر من منهج في البحث بحيث تتكامل
ما بينها في وضع وتطبيق مستلزمات البحث.
ويقسم المنهج التكاملي إلى قسمين، هما:
1 - المنهج التكاملي العام.
2 - المنهج التكاملي الخاص.
ويفرق بينهما في:
- أن المنهج التكاملي العام هو الذي يستخدم في علم من العلوم.
- والمنهج التكاملي الخاص هو الذي يستخدم في بحث مسألة أو قضية
من علم ما.
وأسوق هنا بعض الأمثلة للمنهج التكاملي العام مرجئا التفصيل وذكر أمثلة
المنهج التكاملي الخاص إلى مواضعها من الكتاب، وهي:
- في علم الكلام الذي يعتمد فيه - عادة - على المنهج العقلي،
قد تعتمد بعض المدارس الكلامية أو الباحثين الكلاميين المنهج التكاملي المؤلف

(1) المعجم الفلسفي (صليبا) 2 / 589 - 590 نقلا عن: إحياء علوم الدين 3 / 19.
61

من المنهج العقلي والمنهج النقلي.
ومن تطبيقات هذا، ما صنعته في كتابي (خلاصة علم الكلام).
- في علمي التصوف والعرفان حيث يعتمد فيه على منهج تكاملي مؤلف
من المنهج الوجداني والمنهج النقلي.
- في الفقه السني عدا الظاهري، فإنه يقوم أيضا على منهج تكاملي
مؤلف من المنهج النقلي والمنهج العقلي.
- في علم النحو العربي القديم، فقد استند علماؤه في بحثهم مسائله
على منهج تكاملي مؤلف من المنهج النقلي والمنهج العقلي.
- ومثل علم النحو العربي علوم البلاغة العربية وغيرها.
المنهج المقارن:
يعرفه (المعجم الفلسفي - مجمع) ب‍ (مقابلة الأحداث والآراء بعضها
ببعض لكشف ما بينها من وجوه شبه أو علاقة).
والمقارنة والموازنة من العلوم الإنسانية بمثابة الملاحظة والتجربة من
العلوم الطبيعية، يقول ابن خلدون: (إن الباحث يحتاج إلى العلم باختلاف
الأمم والبقاع والأمصار في السير والأخلاق والعوائد والنحل والمذاهب وسائر
الأحوال، والإحاطة بالحاضر من ذلك، ومماثلة ما بينه وبين الغائب من
الوفاق والخلاف، ويعلل المتفق منها والمختلف) - المقدمة -) (1).
ويعرفه معجم (الصحاح في اللغة والعلوم): (المنهج المقارن: منهج
يسلك سبيل المقارنة بين صور مختلفة من الأحداث والظواهر) (2).
وهو مأخوذ مما أضافه المعجم العربي الحديث لمعاني الكلمة، ففي
(المعجم الوسيط): (قارن الشئ بالشئ وازنه به (محدثة)، وبين
الشيئين أو الأشياء وازن بينها) (3).

(1) انظر: مادة (منهج).
(2) مادة: (نهج).
(3) مادة: (قرن).
62

فالمقارنة - إذن - تعني الموازنة بين الأشياء.
المنهج المقارن: الطريقة التي يتبعها الباحث في الموازنة بين الأشياء.
المنهج الجدلي:
نسبة إلى الجدل، وهو - في اللغة -: مقابلة الحجة بالحجة.
ومنه المجادلة، ومعناها: المناظرة والمخاصمة (1).
ويمكننا أن نعرفه بالطريقة المستخدمة في المناقشات العلمية أو لمعرفة
الصراعات الطبيعية والاجتماعية.
وينقسم هذا المنهج إلى قسمين:
1 - المنهج الجدلي القديم.
2 - المنهج الجدلي الحديث.
(المنهج الجدلي القديم):
هو الذي يعرف في المنطق اليوناني ب‍ (صناعة الجدل) وب‍ (آداب
المناظرة) كما عنونت به بعض الكتب العربية التي صنفت فيه.
ويعرفه الجرجاني بقوله: (الجدل: هو القياس المؤلف من المشهورات
والمسلمات.
والغرض منه: إلزام الخصم وإفحام من هو قاصر عن إدراك مقدمات
البرهان) (2).
ويتقوم بالعناصر التالية:
1 - تتألف شخوصه من طرفي الحوار والنقاش، وهما:
أ - الطرف المجيب: وهو الذي يقف موقف المدافع والمحامي عن
أفكاره وآرائه أثناء الهجوم عليه من الطرف الثاني.

(1) لسان العرب: مادة (جدل).
(2) التعريفات 78.
63

ب - الطرف السائل: وهو الذي يقف موقف المهاجم والناقد لأفكار وآراء
الطرف الأول.
2 - تتألف مادته العلمية التي تعتمد في المناقشة والمحاورة من:
أ - القضايا المشهورات: وهي التي اشتهرت بين الناس واشتهر التصديق
بها عند العقلاء.
وتستخدم هنا كمبادئ مشتركة بالنسبة للسائل والمجيب.
ب - القضايا المسلمات: وهي التي قام التسالم بين الطرفين على
صدقها.
ويختص استخدامها هنا بالسائل.
3 - تتألف أدوات الجدل - وهي الأوصاف التي ينبغي أن تتوافر في
المجيب - من التالي:
أ - معرفته واستحضاره لمختلف القضايا المشهورات التي تتطلبها المجادلة.
ب - تمييزه بين معاني الألفاظ المشتركة والمنقولة والمشككة والمتواطئة
والمتباينة والمترادفة، وما إليها من أحوال الألفاظ المذكورة في علم المنطق.
ج - تمييزه بين المتشابهات بما يرفع الإشتباه بينها.
د - القدرة على معرفة الفروق بين الأشياء المختلفة.
4 - تتألف التعليمات للسائل بما ينبغي أن يتحلى به من أوصاف من
التالي:
أ - أن يكون على علم بالموضع أو المواضع التي منها يستخرج المقدمة
المشهورة اللازمة له.
والموضع - هنا - مصطلح منطقي يراد به: الأصل أو القاعدة الكلية التي
تتفرع منها قضايا مشهورة.
ب - أن يهيئ في نفسه الطريقة التي يتوسل بها لتسليم المجيب
بالمقدمة.
64

ج - أن لا يصرح بهدفه من إثارة النقاش إلا بعد اعتراف وتسليم المجيب
بما يريد والتأكد من عدم بقاء أي مجال عنده للإنكار.
هذه أهم العناصر الرئيسية للجدل، نقلتها باختصار وتصرف من كتاب
(المنطق) - ج 3: صناعة الجدل - لأستاذنا الشيخ المظفر.
ولمن يريد المزيد والتفصيل يرجع إليه أو إلى الكتب الأخرى المؤلفة في
الجدل أو المناظرة.
(المنهج الجدلي الحديث):
ويعرف ب‍ (المنطق الديالكتيكي نسبة إلى (dialectic) الكلمة الإنجليزية
التي تعني الجدل الذي هو المناقشة بطريقة الحوار (1).
وذلك لأن المادية الجدلية dialectical materialism - في المذهب
الماركسي - (تذهب إلى القول بأن الأشياء كلها تنطوي على جوانب أو مظاهر
متناقضة، وبأن التوترات والصراعات هي القوة الدافعة التي تحدث
التغير) (2).
وهو - كما هو معلوم - منطق الفلسفة الماركسية.
يقول الدكتور صفوت حامد مبارك في كتابه (الفكر الماركسي) (3):
(والماركسيون يرون أن هذا المنهج يختلف عن مناهج العلوم المختلفة إذ
ييسر الطريق إلى فهم كل الميادين: الطبيعة والمجتمع والفكر، خلافا
لمناهج العلوم المفردة التي لا تعين إلا على فهم مجال واحد من مجالات
العلم والعمل).
ويقول أيضا: (والماركسيون يرون أن منهجهم هذا هو المنهج العلمي
الوحيد إذا أنه يستند إلى أحدث إنجازات العلم والخبرة الإنسانية، فهو يرى

(1) انظر: المورد: مادة dialectic.
(2) موسوعة المورد 3 / 187.
(3) ط 1 1400 ه‍ - 1980 م ص 23.
65

أن العالم في حركة دائمة وفي تجدد مستمر، وليس هناك شئ مطلق، كل
ما في الكون يتطور باستمرار، ويتجه في حركته من أدنى إلى أعلى.
وحركة الكون وتطوره الدائمان نابعان من التناقضات الكامنة في جميع
أجزائه، هذه التناقضات التي تؤدي إلى صراع بين الجديد والقديم، صراع
ينتهي بالإنتصار الحتمي للجديد).
(فالديالكتيك هو - إذن في نظر ماركس -: علم القوانين العامة للحركة سواء في العالم الخارجي أم الفكر البشري) (1).
ويعرف لينين الديالكتيك بقوله: (الديالكتيك بمعناه الدقيق: هو دراسة
التناقض في صميم جوهر الأشياء) (2).
ويوضحه ستالين بقوله: (إن نقطة الابتداء في الديالكتيك خلافا
للميتافيزية هي وجهة النظر القائمة على أن كل أشياء الطبيعة وحوادثها تحوي
تناقضات داخلية، لأن لها جميعا جانبا سلبيا وجانبا إيجابيا، ماضيا وحاضرا،
وفيها جميعا عناصر تضمحل أو تتطور، فنضال هذه المتضادات هو المحتوى
الداخلي لتحول التغيرات الكمية إلى تغيرات كيفية) (3).
ولمعرفة تفاصيل هذا المنهج يرجع إلى الكتب الماركسية المؤلفة فيه.
المناهج الخاصة
تعريفها:
المنهج الخاص: مجموعة من القواعد وضعت لتستخدم في حقل خاص من حقول المعرفة، أو علم خاص من العلوم.

(1) فلسفتنا ط 13 ص 207 نقلا عن ماركس - أنجلز والماركسية ص 24.
(2) فلسفتنا 220 نقلا عن: حول التناقض ص 4.
(3) م. ن نقلا عن: المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية ص 12.
66

أنواعها
وتتنوع هذه المناهج متعددة بعدد الحقول المعرفية وأنواع العلوم.
وسأستعرض منها - هنا - المنهجين التاليين:
1 - منهج أصول الفقه الإمامي.
2 - منهج الفقه الإمامي.
لأن الفقه وأصوله المادتان اللتان تركز عليهما الدراسة في هذه الكلية
(كلية الشريعة في الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية)، ليأتي الكتاب وفق
البرنامج الدراسي المقرر لأصول البحث.
67

منهج
علم أصول الفقه
69

منهج علم أصول الفقه
يعتبر علم أصول الفقه من أهم العلوم الشرعية التي وضعها العلماء
المسلمون دون أن يتأثروا بتجارب مماثلة سابقة، ودون أن يحذوا حذو
محاولات متقدمة.
ومن هنا كان علم أصول الفقه علما إسلاميا خالصا.
وكان عامل وضعه هو حاجة المسلمين إلى استفادة الأحكام الشرعية
العملية (أو الفرعية) من أدلتها عن طريق وسيلة الإجتهاد.
وقد حاولت جهدي أن أطلع على منهج خاص به مدون فيما لدي من
مراجع في الدراسات الأصولية، وما لدي من مؤلفات في المناهج وطرق
البحث، فلم أوفق لذلك.
فرأيتني - والحالة هذه - لا طريق أمامي للوصول إلى وضع منهج للبحث
الأصولي إلا محاولة استخلاصه من عموميات الدرس الأصولي في ضوء
الخطوط العامة للمناهج الخاصة التي تكفلت بعرضها ودراستها مدونات علم
المناهج.
وتمهيدا للوصول إلى هذا لا بد من وضع هيكل عام أو تصور شامل لواقع
البحث الأصولي في هدفه ومادته وخطواته وما اعتمده في تجاربه العلمية على
أيدي الباحثين فيه من مناهج عامة.
71

الهيكل العام لعلم أصول الفقه
والهيكل العام لعلم أصول الفقه المستخلص من واقع التجارب العلمية
فيما كتب فيه، هو كالتالي:
1 - الهدف من البحث في أصول الفقه:
هو استخلاص القواعد الأصولية من مصادرها النقلية أو العقلية بغية
الاستفادة منها في مجال الإجتهاد الفقهي.
2 - مادة البحث الأصولي:
وتتمثل في مصادر التشريع الإسلامي (أو أدلة الأحكام الفقهية).
3 - خطوات البحث الأصولي:
وتتلخص في التالي:
أ - تعيين المصدر (الدليل).
ب - تعريف المصدر (الدليل).
ج - إقامة البرهان على حجية المصدر (الدليل) لإثبات شرعيته.
د - تحديد مدى حجية المصدر (الدليل).
ه‍ - استخلاص القاعدة الأصولية من المصدر (الدليل).
و - بيان دلالة القاعدة.
ز - بيان كيفية تطبيق القاعدة لإستفادة الحكم الفقهي.
4 - المنهج العام للبحث الأصولي:
سنتبين من خلال التطبيق الآتي أن البحث الأصولي يسير وفق المناهج
العامة التالية:
أ - المنهج النقلي في جملة من مسائله.
ب - المنهج العقلي في جملة أخرى من مسائله.
ج - المنهج التكاملي (من النقلي والعقلي) في جملة ثالثة من مسائله.
72

وسأحاول - هنا - توضيح العناصر المذكورة من خلال التطبيق على بعض
القواعد الأصولية.
ولتكن القواعد التالية:
- قاعدة الظهور.
- قاعدة تعارض الخبرين.
- قاعدة الاستصحاب.
قاعدة الظهور
سوف نتحدث عن قاعدة الظهور ضمن النقاط التالية:
1 - الهدف من دراسة ظاهرة الظهور.
2 - الموضوع الذي تبحث فيه هذه الظاهرة أصوليا.
3 - تعريف الظهور.
4 - مدى دلالة الظهور.
5 - الدليل على حجية الظهور.
6 - أنموذج تطبيقي.
1 - يهدف الباحث الأصولي من دراسة ظاهرة الظهور إلى استخلاص
قاعدة عامة تطبق على ظواهر الكتاب والسنة فقهيا لإستنباط الحكم الشرعي
في ضوئها.
وإذا أردنا أن نستخدم لغة هذا العلم نقول: إن الغاية إثبات حجية
الظهور، هي: تنقيح كبرى تصدق على صغرياتها من ظواهر الألفاظ،
وسيتضح هذا أكثر في عرضنا للانموذج التطبيقي.
وإليه يشير أستاذنا الشهيد الصدر بقوله: (معنى حجية الظهور اتخاذه
أساسا لتفسير الدليل اللفظي على ضوئه) (1).
وتسمى - كما رأينا - قاعدة الظهور، وحجية الظهور.

(1) المعالم الجديدة 141.
73

وتعرف أيضا ب‍ (أصالة الظهور)، (لأنها تجعل الظهور هو الأصل
لتفسير الدليل اللفظي) (1).
2 - ومحلها من موضوعات علم أصول الفقه هو موضوع دلالة ظواهر
الكتاب الكريم وموضوع دلالة ظواهر السنة الشريفة.
يقول أستاذنا الشيخ المظفر: (إن البحث عن حجية الظواهر من توابع
البحث عن الكتاب والسنة، أعني أن الظواهر ليست دليلا قائما بنفسه في
مقابل الكتاب والسنة، بل إنما نحتاج إلى إثبات حجيتها لغرض الأخذ
بالكتاب والسنة، فهي من متممات حجيتهما، إذ من الواضح أنه لا مجال
للأخذ بهما من دون أن تكون ظواهرهما حجة) (2).
3 - لكي نتعرف معنى الظهور لا بد لنا من تعرف مدى دلالة اللفظ على
معناه، وهذا يقتضينا أن نقسم الدلالة - هنا - إلى الأقسام الثلاثة التالية:
أ - الدلالة العلمية (القطعية).
ب - الدلالة الظنية.
ج - الدلالة الإحتمالية.
ذلك أن اللفظ بحسب دلالته لغويا أو اجتماعيا على معناه ينقسم إلى
قسمين:
أ - ما يدل على معنى واحد فقط.
واصطلح عليه الأصوليون بأن سموه ب‍ (النص).
وعرف (المعجم الوسيط) (3) النص ب‍ (ما لا يحتمل إلا معنى واحدا،
أو لا يحتمل التأويل).
ومن الطبيعي أن دلالة مثل هذا اللفظ هي دلالة علمية قطعية.

(1) م. س 142.
(2) أصول الفقه 2 / 137.
(3) مادة (نصص).
74

ولأنها تفيد القطع، والقطع حجيته ذاتية - كما يعبر الأصولين - لا نحتاج
إلى إقامة الدليل على حجيتها.
ب - ما يدل على أكثر من معنى.
ويقسم باعتبار تنوع المعنى المدلول عليه إلى قسمين:
1 - فقد يكون المعنى المدلول عليه واضحا بينا لا يحتاج في حمل اللفظ
عليه إلى تأويل.
وسماه الأصوليون ب‍ (الظاهر)، لأنه المعنى الواضح البين من إطلاق
اللفظ.
ولكن، لأن اللفظ كما يدل عليه يدل على معنى آخر محتمل إرادته من
قبل المتكلم تكون دلالته ظنية، لأنها الراجحة بالنسبة إلى الدلالة على
المعنى الآخر المحتمل.
2 - وقد يكون المعنى المدلول عليه غير واضح ولا بين، وإنما يحتاج في
صرف اللفظ إليه إلى مؤنة تأويل.
وسمي في بعض الكتب الأصولية ب‍ (المؤول) لإفتقاره في فهمه من
إطلاق اللفظ إلى التأويل.
ولأن صرف اللفظ في الدلالة عليه يفتقر إلى التأويل يكون مرجوحا بالنسبة
إلى المعنى الظاهر الراجح، فتكون دلالته - على هذا - احتمالية.
الخلاصة:
للفظ
يدل على معنى واحد (النص)
يدل على أكثر من معنى
يدل على معنى راجح (الظاهر) يدل على معنى مرجوح (المؤول)
75

ونخلص من هذا إلى أن الظهور: يعني دلالة اللفظ على المعنى الراجح
من المعاني المشمولة بدلالته.
4 - وعرفنا من تقسيمنا الدلالة إلى الأقسام الثلاثة المذكورة في أعلاه،
ومن تعريفنا لمعنى الظهور أن دلالة ما يعرف ب‍ (الظاهر) دلالة ظنية لأن معناه
المعنى الراجح، والرجحان يعني الظن - كما هو معلوم -.
5 - أما الدليل لإثبات حجية الظهور واعتباره شرعا، فيتلخص بالتالي:
أ - أن الأخذ بالظهور اللفظي من الظواهر الإجتماعية العامة التي دأبت
جميع المجتمعات البشرية على الإعتماد عليها في ترتيب كافة الآثار
الإجتماعية والقانونية وغيرها.
ب - لم يثبت أن الشرع الإسلامي حظر الأخذ بها والاعتماد عليها، بل
الثابت أنه سار على ما سارت عليه المجتمعات البشرية من الأخذ بها
والاعتماد عليها.
وقد علم هذا بالوجدان.
وهذا يعني أن الظهور كما هو حجة عند الناس أقاموا عليه سيرتهم
المعروفة ب‍ (سيرة العقلاء)، هو حجة في الشرع الإسلامي أيضا.
فالدليل على حجية الظهور - باختصار - هو سيرة العقلاء وبناؤهم، أو ما
أطلقت عليه (العقل الإجتماعي).
6 - ولنأخذ المثال التالي كنموذج تطبيقي:
أ - أن (أقيموا) في قوله تعالى: (أقيموا الصلاة (1) أمر مجرد من
القرينة الصارفة له عن الدلالة على الوجوب، فهو ظاهر في الوجوب.
ب - ولأن (أقيموا) ظاهر في الوجوب نطبق عليه قاعدة الظهور، لتأتي
النتيجة هي وجوب الصلاة، أخذا بظاهر هذه الآية الكريمة واعتمادا عليه.

(1) سورة البقرة: 43.
76

ومتى أردنا نصوغ هذا صياغة علمية في هدي تعليمات الشكل الأول
من القياس المنطقي الذي يعتمد تطبيق الكبرى على صغرياتها للوصول إلى
النتيجة المطلوبة، نقول:
الصغرى الكبرى النتيجة
(أقيموا) ظاهر قرآني + وكل ظاهر قرآني حجة = فأقيموا حجة.
7 - والنتيجة التي ننتهي إليها من هذا البحث: إن ظاهرة الظهور الإجتماعية دليل شرعي يستند إليه في استفادة الحكم الفقهي من ظواهر القرآن
الكريم والسنة الشريفة.
قاعدة تعارض الخبرين
سنختصر الحديث عن هذه القاعدة في النقطتين التاليتين:
- بيان معنى التعارض.
- حل التعارض شرعا.
1 - يعني الأصوليون بالتعارض - هنا - التكاذب بمعنى أن كلا من الخبرين
إذا توفر على جميع شروط ومقومات الحجية يبطل الخبر الآخر، ويكذبه.
2 - واستدلوا لحل هذا التعارض بما ورد في (مقبولة عمر بن حنظلة) (1)
من قوله: (قلت: فإن كان كل رجل اختار رجلا من أصحابنا، فرضيا أن
يكونا الناظرين في حقهما، واختلفا فيما حكما، وكلاهما، اختلفا في
حديثكم؟

(1) المقبولة: هي الرواية التي يتلقاها العلماء بالقبول من حيث السند، ويعملون بمضمونها.
وعمر بن حنظلة: هو عمر بن حنظلة العجلي البكري الكوفي، قال فيه الشهيد الثاني: (لم
ينص الأصحاب فيه بجرح ولا تعديل، لكن أمره عندي سهل، لأني حققت توثيقه في محل
آخر) ص 44 من الدراية.
وقال ابنه الشيخ حسن العاملي: (قال - يعني الشهيد - في بعض فوائده: الأقوى عندي
أنه ثقة لقول الصادق (ع) في حديث الوقت: إذا لا يكذب علينا) ص 103 من إتقان
المقال - انظر: مبادئ أصول الفقه ص 69 ط 3.
77

قال: الحكم ما حكم به أعدلهما وأفقههما وأصدقهما في الحديث،
وأورعهما، ولا يلتفت إلى ما يحكم به الآخر.
قلت: فإنهما عدلان مرضيان عند أصحابنا، لا يفضل واحد منهما على
الآخر؟
قال: ينظر إلى ما كان من روايتهم عنا في ذلك الذي به حكما،
المجمع عليه من أصحابك فيؤخذ به من حكمنا، ويترك الشاذ الذي ليس
بمشهور عند أصحابك، فإن المجمع عليه لا ريب فيه، وإنما الأمور ثلاثة:
أمر بين رشده فيتبع، وأمر بين غيه فيجتنب، وأمر مشكل يرد علمه إلى الله
ورسوله. قال رسول الله (ص): (حلال بين، وحرام بين، وشبهات بين
ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب
المحرمات وهلك من حيث لا يعلم).
قلت: فإن كان الخبران عنكما (1) مشهورين قد رواهما الثقات عنكم؟
قال: ينظر، فما وافق حكمه حكم الكتاب والسنة، وخالف العامة
فيؤخذ به، ويترك ما خالف حكمه حكم الكتاب والسنة ووافق العامة.
قلت: جعلت فداك، أرأيت إن كان الفقيهان عرفا حكمه من الكتاب
والسنة، ووجدنا أحد الخبرين موافقا للعامة والاخر مخالفا لهم، بأي الخبرين
يؤخذ؟
قال: ما خالف العامة ففيه الرشاد.
قلت: جعلت فداك، فإن وافقهم الخبران جميعا؟
قال: تنظر إلى ما هم إليه أميل - حكامهم وقضاتهم - فيترك، يؤخذ
بالآخر.
قلت: فإن وافق حكامهم الخبرين جميعا؟
قال: إذا كان ذلك فأرجه (وفي بعض النسخ: فأرجئه حتى تلقى

(1) يقصد الإمامين الباقر والصادق (ع).
78

إمامك، فإن الوقوف عند الشبهات خير من الإقتحام في الهلكات) (1).
حيث استفيد من هذه المقبولة: أن حل التعارض يتم بالتالي:
- إذا كان أحد الخبرين مشهور الرواية، والآخر شاذ الرواية، يؤخذ
بالمشهور ويطرح الشاذ.
- وإذا كان أحد الخبرين موافقا في حكمه لحكم الكتاب والسنة،
والآخر مخالفا في حكمه لحكم الكتاب والسنة يؤخذ بالموافق ويطرح
المخالف.
- وإن كان أحد الخبرين موافقا في حكمه لحكم قضاة وحكام العامة،
والآخر مخالفا لحكم قضاة وحكام العامة، يؤخذ بالمخالف، ويطرح
الموافق.
والمراد بالعامة - في هذا السياق -: (أولئك الرعاع وقادتهم من الفقهاء
الذين كانوا يسيرون بركاب الحكام ويبررون لهم جملة تصرفاتهم بما يضعون
لهم من حديث حتى انتشر الوضع على عهدهم انتشارا فظيعا).
وتسمى هذه المرجحات، وتختصر كالتالي:
1 - الشهرة في الرواية.
2 - موافقة الكتاب والسنة.
3 - مخالفة العامة (2).
قاعدة الاستصحاب
ويأتي الحديث عن هذه القاعدة في النقاط التالية:
1 - تعريف الاستصحاب.
2 - بيان أركان الاستصحاب.
3 - الاستدلال لحجية الاستصحاب.

(1) مبادئ أصول الفقه 69 - 71 نقلا عن أصول الفقه للمظفر 3 / 250.
(2) انظر: مبادئ أصول الفقه 65 - 72.
79

وسأقتصر - هنا - لأجل الإختصار على ما ذكرته في كتابي (مبادئ أصول
الفقه) (1)، وهو:
1 - عرف الاستصحاب بأنه (حكم الشارع ببقاء اليقين في ظرف الشك
من حيث الجري العملي).
وسوف يتضح معنى هذا التعريف أكثر عند استعراض أركان الاستصحاب
فيما يأتي.
ولأجل توضيحه بالمثال تقريبا إلى الأذهان نقول:
إذا كان المكلف على حالة معينة وكان متيقنا منها ثم شك في ارتفاعها، فإن الشارع المقدس يحكم - هنا - بالغاء الشك، وعدم ترتيب أي أثر عليه،
وبالقيام بترتيب آثار اليقين السابق في مجال العمل والامتثال.
كما إذا كان المكلف على وضوء وكان متيقنا من ذلك، ثم شك في
انتقاض وضوئه هذا بنوم أو غيره، فإنه - هنا - يبني على وضوئه السابق،
ويرتب عليه آثاره الشرعية من جواز الصلاة به، وغيره، ويلغي الشك
الطارئ عليه، بمعنى أنه لا يرتب عليه أي أثر.
2 - ويشترط في جريان الاستصحاب لينهي إلى الحكم المطلوب أن يتوفر
الموضع الذي يجري فيه على الأركان التالية:
أ - اليقين:
وهو العلم - وجدانا أو تعبدا - بالحالة السابقة على الشك.
ب - الشك:
وهو كل ما لم يصل إلى مرحلة اليقين (العلم الوجداني أو التعبدي).
ج - وحدة المتعلق في اليقين والشك.
أي أن ما يتعلق به اليقين هو نفسه يقع متعلقا للشك.

(1) ص 104 - 107.
80

د - فعلية الشك واليقين فيه.
(فلا عبرة بالشك التقديري لعدم صدق النقض به، ولا اليقين كذلك
لعدم صدق نقضه بالشك).
ه‍ - وحدة القضية المتيقنة والقضية المشكوكة في جميع الجهات.
(أي أن يتحد الموضوع والمحمول والنسبة والحمل والرتبة، وهكذا.
ويستثنى من ذلك الزمان فقط رفعا للتناقض).
و - اتصال زمان الشك بزمان اليقين.
(بمعنى أن لا يتخلل بينهما فاصل من يقين آخر).
ز - سبق اليقين على الشك.
3 - واستدل على حجية الاستصحاب بعدة أدلة أهمها ما يلي:
أ - سيرة العقلاء:
وقد استدل بها على حجية الاستصحاب على غرار الاستدلال بها على
(حجية الظهور).
وملخص الاستدلال:
هو (أن الاستصحاب من الظواهر الإجتماعية العامة التي ولدت مع
المجتمعات، ودرجت معها، وستبقى - ما دامت المجتمعات - ضمانة لحفظ
نظامها واستقامتها، ولو قدر للمجتمعات أن ترفع يدها عن الاستصحاب لما
استقام نظامها بحال، فالشخص الذي يسافر - مثلا - ويترك بلده وأهله وكل ما
يتصل به، لو ترك للشكوك سبيلها إليه - وما أكثرها لدى المسافرين - ولم
يدفعها بالاستصحاب، لما أمكن له أن يسافر عن بلده، بل أن يترك عتبات
بيته أصلا، ولشلت حركتهم الإجتماعية وفسد نظام حياتهم فيها).
و (عصر النبي (ص) ما كان بدعا من العصور، ولا مجتمعه بدعا من
المجتمعات، ليبتعد عن تمثل وشيوع هذه الظاهرة، فهي بمرأى من
النبي (ص) - حتما -، ولو ردع عنها لكان ذلك موضع حديث المحدثين،
81

وهو ما لم يحدث عنه التاريخ، فعدم ردع النبي (ص) عنها يدل على رضاه
وإقراره لها، وبخاصة وهو قادر على الردع عن مثلها، وليس هناك ما يمنعه
عنه).
ب - السنة:
وقد استدل على حجية الاستصحاب بأحاديث، منها:
موثقة عمار عن أبي الحسن (ع): (قال: إذا شككت فابن على
اليقين.
قلت: هذا أصل؟
قال (ع): نعم).
والرواية من الوضوح في غنى عن الشرح.
النتائج
1 - وكما رأينا أن البحث في ظاهرة الظهور انتهج - من المناهج العامة -
المنهج العقلي حيث ارتكز في ما توصل إليه من النتيجة على العقل
الإجتماعي (سيرة العقلاء).
2 - وأن البحث في ظاهرة تعارض الخبرين انتهج المنهج النقلي حيث
اعتمد في الوصول إلى النتيجة المطلوبة على مقبولة عمر بن حنظلة المنقولة
عن الإمام (ع).
3 - وفي ظاهرة الاستصحاب تكامل المنهج فكان في الاستدلال بسيرة
العقلاء عقلانيا وفي الاستدلال بموثقة عمار نقليا.
وهذه النتائج تعزز ما ذكرته آنفا من أن البحث الأصولي قد ينتهج المنهج
العقلي، وقد يسلك المنهج النقلي، وقد يجمع بينهما فيكون منهجه تكامليا.
وعلى أساس هذا:
1 - يسير المنهج الأصولي في هدي المنهج النقلي العام الخطوات
التالية:
82

1 - تعيين موضوع البحث.
2 - تعريف الموضوع.
3 - جمع النصوص التي لها علاقة بالموضوع دلالة أو ملابسة، شريطة
أن تكون مصادرها موثقة ومعتمدة.
4 - تقييم أسانيد النصوص في ضوء قواعد علمي الحديث والرجال.
5 - تقويم متن النص وفق قواعد تحقيق التراث.
6 - تعرف دلالة النص من خلال معطيات الوسائل والأساليب العلمية
الخاصة بذلك من لغوية وغيرها.
7 - استخلاص القاعدة من النص، وصياغتها صياغة علمية تعتمد فيها
اللغة العلمية لأصول الفقه.
8 - بيان كيفية تطبيق القاعدة.
9 - عرض بعض الأمثلة لتطبيق القاعدة.
2 - ويسير المنهج الأصولي في هدي المنهج العقلي العام الخطوات
الآتية: 1 - تعيين موضوع البحث.
2 - تحديد الموضوع.
3 - التماس الدليل العقلي الدال عليه المعتمد شرعا وتوضيح دلالته
عليه.
4 - استخلاص القاعدة وصياغتها صياغة علمية تعتمد فيها لغة أصول
الفقه.
5 - بيان كيفية تطبيق القاعدة.
6 - عرض بعض الأمثلة لتطبيق القاعدة.
مراجع أصول الفقه
ألف علماء أصول الفقه الإماميون الوفير من الكتب والرسائل في علم
أصول الفقه.
83

واتبعوا في إعدادها الاشكال التالية:
1 - المتن، مثل:
- أصول الفقه، الشيخ المفيد.
- أصول الفقه، الأمير السيد أبو الفتح الشريفي الحسيني.
2 - الكتاب المفصل، مثل:
- معالم الدين، الشيخ حسن العاملي.
- قوانين الأصول، الميرزا القمي.
- كفاية الأصول، المولى الخراساني.
3 - الشرح، وهو على أشكال:
أ - مزجي، مثل:
- شرح كفاية الأصول، الشيخ الرشتي.
ب - هامشي، مثل:
- شرح الكفاية، الشيخ الخالصي.
ج - تفصيلي، مثل:
- شرح الكفاية، السيد المروج.
4 - الحاشية، مثل:
- حاشية المعالم، الشيخ الأصفهاني.
- حاشية الكفاية، الشيخ المشكيني.
5 - التقريرات:
وهي محاضرات الأستاذ يكتبها تلميذه.
ومن أمثلتها:
- تقريرات العراقي.
- تقريرات النائيني.
6 - المنظومة، مثل:
- سبيكة الذهب، المازندراني الحائري.
7 - الموضوعات الخاصة، مثل:
84

- الإجماع، السيد الصدر.
- الاستصحاب، السيد اليزدي.
وقد رأيت أن اقتصر - هنا - على ذكر المطبوع منها - في حدود ما اطلعت
عليه -، وهي:
1 - أصول الفقه، الشيخ المفيد (ت 413 ه‍).
(ذكره النجاشي، ورواه عنه العلامة الكراجكي، وأدرجه مختصرا في
كتابه (كنز الفوائد) المطبوع، وهو مشتمل على تمام مباحث الأصول على
الإختصار) (1).
ونشره مستقلا مركز الدراسات والبحوث العلمية العالية في بيروت سنة
1408 ه‍ - 1988 م.
2 - الذريعة إلى أصول الشريعة، الشريف المرتضى (ت 436 ه‍)، ط
بإيران.
3 - عدة الأصول، شيخ الطائفة الطوسي (ت 460 ه‍) طبع في بمبئ سنة
1312 ه‍ وفي إيران مع الحواشي الخليلية عليه سنة 1314 ه‍، وأعادت
نشره مؤسسة آل البيت سنة 1403 ه‍ بتحقيق محمد مهدي نجف.
4 - معارج الأصول، المحقق الحلي (ت 676 ه‍)، طبع بطهران سنة
1310 ه‍، وأعيد طبعه حديثا بإعداد محمد حسين الرضوي.
5 - مبادئ الوصول إلى علم الأصول، العلامة الحلي (ت 726 ه‍) طبع
في طهران سنة 1310 ه‍ مع سابقه، وأعيد نشره في النجف الأشرف
سنة 1390 ه‍ بتحقيق عبد الحسين محمد علي البقال، ثم في بيروت
سنة 1406 ه‍ مصورا عن نشرة النجف.
6 - طريق استنباط الأحكام، المحقق الكركي (ت 940 ه‍)، طبع في

(1) الذريعة 2 / 209.
85

النجف الأشرف سنة 1391 ه‍ بتحقيق عبد الهادي الفضلي.
7 - معالم الدين وملاذ المجتهدين، الشيخ حسن العاملي (ت 1011 ه‍)،
ويعرف ب‍ (معالم الأصول)، طبع حجريا بإيران عدة مرات، ونشر
حروفيا في النجف الأشرف بتحقيق عبد الحسين محمد علي البقال.
8 - الأصول الأصيلة، الفيض الكاشاني (ت 1091 ه‍)، طبع في النجف
الأشرف.
9 - القوانين المحكمة في الأصول، الميرزا القمي (ت 1231 ه‍) طبع
على الحجر بإيران.
10 - مهذب القوانين، السيد محمد صالح الداماد، ط سنة 1303 ه‍.
11 - هداية المسترشدين في شرح معالم الدين، الشيخ محمد تقي
الأصفهاني (ت 1248 ه‍)، ويعرف ب‍ (حاشية المعالم)، طبع على
الحجر بإيران.
12 - غنائم المحصلين: حاشية على معالم الدين، الشيخ محمد طه نجف
ط طهران 1315 ه‍.
13 - الفصول الغروية في الأصول الفقهية، المشتهر باسم (الفصول)،
الشيخ محمد حسين الحائري (ت 1250 ه‍)، ط على الحجر
بإيران.
14 - ملخص كتاب الفصول، السيد صدر الدين الصدر، ط حجريا
بطهران.
15 - العناوين، السيد عبد الفتاح المراغي، ط سنة 1274 ه‍ و 1297 ه‍.
16 - ضوابط الأصول، السيد إبراهيم القزويني الحائري (ت 1262 ه‍) ط
بإيران سنة 1271 ه‍.
17 - نتائج الأفكار، السيد إبراهيم القزويني الحائري، ط مع الضوابط،
86

ومستقلا في بمبئ سنة 1258 ه‍.
18 - المقالات الغرية، الميرزا محمد صادق التبريزي.
19 - فرائد الأصول، المشهور ب‍ (الرسائل)، الشيخ مرتضى الأنصاري (ت 1281 ه‍).
يشتمل على خمس رسائل في القطع والظن والبراءة والاستصحاب
والتعادل والترجيح، ط على الحجر في طهران سنة 1295 ه‍ و 1323 ه‍.
ثم تجاوزت طبعاته العشرين.
20 - بحر الفوائد في شرح الفرائد، الميرزا محمد حسن الآشتياني
(ت 1319 ه‍) ط في طهران على الحجر في مجلد كبير سنة
1350 ه‍.
21 - حاشية على الرسائل، الشيخ آغا رضا الهمداني، ط إيران
1318 ه‍.
22 - عمدة الوسائل في الحاشية على الرسائل، السيد عبد الله الشيرازي ط
النجف سنة 1365 ه‍ - 1383 ه‍ بأربعة أجزاء.
23 - مختصر الرسائل، الشيخ مهدي الخالصي، ط في خراسان سنة
1343 ه‍.
24 - كفاية الأصول، الملا محمد كاظم الخراساني (ت 1329 ه‍)، في
جزئين، أولهما في مباحث الألفاظ، والثاني في الأدلة العقلية، ط
مكررا.
- شروح الكفاية:
25 - حاشية الكفاية، الشيخ علي القوچاني (ت 1333 ه‍).
26 - الهداية في شرح الكفاية، الشيخ عبد الحسين أسد الله الكاظمي
(ت 1336 ه‍).
27 - حاشية على كفاية الأصول، الشيخ مهدي الخالصي (ت 1343 ه‍)
87

ط بغداد سنة 1328 ه‍.
28 - نهاية المأمول، الميرزا حسن الرضوي القمي (ت 1352 ه‍).
29 - شرح الكفاية، الشيخ محمد علي القمي (ت 1354 ه‍).
30 - حاشية الكفاية، الميرزا أبو الحسن المشكيني (ت 1358 ه‍).
31 - شرح الكفاية، السيد حسن الإسكذري اليزدي (ت 1359 ه‍).
32 - نهاية النهاية، الميرزا علي الإيرواني.
33 - شرح الكفاية، الشيخ محمد الشهير بسلطان العراقي.
34 - مصباح العقول في شرح كفاية الأصول، محمد بن محمد حسين
الأشكوري ط في النجف سنة 1353 ه‍.
35 - حاشية الكفاية، أبو القاسم الأصفهاني.
36 - شرح الكفاية، السيد جمال الدين الاسترآبادي.
37 - نهاية الدراية، الشيخ محمد حسين الأصفهاني (ت 1361 ه‍).
38 - شرح كفاية الأصول، الشيخ عبد الحسين الرشتي (ت 1373 ه‍) ط
في النجف 1370 ه‍ بجزئين.
39 - حقائق الأصول، السيد محسن الحكيم (ت 1390 ه‍) ط في النجف
سنة 1372 ه‍ بجزئين.
40 - منتهى الدراية، السيد محمد جعفر الجزائري المروج، ط في النجف
سنة 1388 ه‍. بعدة أجزاء.
41 - معالم الوصول، السيد عبد الكريم علي خان، ط في بيروت سنة
1401 ه‍ - 1981 م.
42 - الوصول إلى كفاية الأصول، السيد محمد بن مهدي الشيرازي، ط في
النجف بخمسة أجزاء.
43 - شرح الكفاية، الشيخ محمد الكرمي الحويزي.
44 - عناية الأصول، السيد مرتضى الفيروز آبادي، ط بالنجف سنة
1965 م بأربعة أجزاء.
45 - العناوين في الأصول، الشيخ مهدي الخالصي، ط في بغداد
1342 ه‍ بجزئين.
88

46 - فصل الخصومة في الورود والحكومة، ميرزا محمد باقر، ط في
النجف سنة 1354 ه‍.
47 - الفوائد الأصولية له أيضا، ط مع سابقه.
48 - مقالات الأصول، آغا ضياء الدين العراقي.
49 - أصول الفقه، الشيخ محمد رضا المظفر، ط في النجف سنة 1959 -
1962 م بثلاثة أجزاء.
50 - أصول الاستنباط، السيد علي نقي الحيدري، ط ببغداد سنة
1959 م.
51 - الأصول العامة للفقه المقارن، السيد محمد تقي الحكيم، ط في
بيروت سنة 1963 م.
52 - المعالم الجديدة، السيد محمد باقر الصدر، الطبعة الثالثة في بيروت
سنة 1401 ه‍.
53 - دروس في علم الأصول، له أيضا، ط ببيروت سنة 1978 م بثلاث
حلقات.
54 - قواعد استنباط الأحكام، السيد حسين مكي العاملي، ط سنة
1391 ه‍.
55 - منتهى الأصول، السيد ميرزا حسن البجنوردي، ط في النجف، ثم
في قم.
56 - تهذيب الأصول، السيد عبد الأعلى السبزواري، ط ببيروت سنة
1406 ه‍.
57 - الأصول على المنهج الحديث، الشيخ محمد حسين الأصفهاني، ط في
النجف سنة 1957 م.
58 - الإجماع في التشريع الإسلامي، السيد محمد صادق الصدر، ط
ببيروت سنة 1968 م.
59 - الترتب، السيد جمال الدين الكلبايكاني (ت 1377 ه‍).
60 - رسائل في الأصول، له أيضا، ط في النجف.
89

61 - المحصول من فن الأصول، السيد جمال الدين الاسترآبادي.
62 - التحقيقات الحقيقية في الأصول العملية، الشيخ حسن الخاقاني
(ت 1381 ه‍) ط سنة 1368 ه‍.
63 - دراسات في أصول الفقه، السيد محمد كلانتر.
64 - القياس: حقيقته وحجيته، الدكتور مصطفى جمال الدين.
65 - مبادئ أصول الفقه، عبد الهادي الفضلي، ط في النجف سنة
1967 م.
- التقريرات:
66 - فوائد الأصول (تقريرات النائيني)، الشيخ محمد علي الكاظمي ط في
النجف سنة 1351 ه‍.
67 - أجود التقريرات (تقريرات النائيني)، السيد أبو القاسم الخوئي، ط
في صيدا سنة 1348 ه‍ - 1354 ه‍ بجزئين.
68 - نهاية الأفكار (تقريرات العراقي)، الشيخ محمد تقي البروجردي ط
في النجف سنة 1371 ه‍.
69 - تنقيح الأصول (تقريرات العراقي)، السيد محمد رضا اليزدي، ط في
النجف سنة 1371 ه‍.
70 - منهاج الأصول (تقريرات العراقي والسيد الأصفهاني)، الشيخ إبراهيم
الكرباسي، ط في النجف بخمسة أجزاء.
71 - مصابيح الأصول (تقريرات الخوئي)، السيد علاء الدين بحر العلوم.
72 - مصباح الأصول (تقريرات الخوئي)، الشيخ محمد سرور الواعظ.
73 - محاضرات في أصول الفقه (تقريرات الخوئي)، الشيخ إسحاق فياض
ط في النجف سنة 1962 م بثلاثة أجزاء.
74 - دراسات (تقريرات الخوئي)، السيد علي الشاهرودي، ط في النجف
سنة 1952 م.
75 - التقريرات في مباحث الألفاظ، الشيخ محمد علي القابچي، ط في
النجف سنة 1349 - 1351 ه‍ بثلاثة أجزاء.
76 - تحرير الأصول (تقريرات الشيخ محمد باقر الزنجاني)، السيد محمد
90

الشاهرودي، ط في النجف سنة 1384 ه‍ بأربعة أجزاء.
77 - مباحث الدليل اللفظي (تقريرات الشهيد الصدر)، السيد محمود
الهاشمي، ط في النجف سنة 1977 م.
78 - تعارض الأدلة الشرعية (تقريرات الشهيد الصدر)، السيد محمود
الهاشمي، ط ببيروت سنة 1975 م.
- الأراجيز:
79 - سبيكة الذهب، الشيخ محمد صالح المازندراني الحائري.
80 - الدرة البهية، الميرزا محمد بن سليمان التنكابني، ط بإيران.
81 - أرجوزة في أصول الفقه، الشيخ مهدي الأزري البغدادي ط في بغداد
سنة 1327 ه‍.
82 - أرجوزة في أصول الفقه، السيد ميرزا محمد هاشم الخوانساري
المعروف بچهار سوقي (ت 1318 ه‍) ط مع مجموعة رسائله سنة
1317 ه‍.
- وغيرها.
91

منهج علم الفقه
93

منهج علم الفقه
يعتد علم الفقه - هو الآخر - علما إسلاميا خالصا، حيث لم يؤثر أنه تأثر
بتجارب علمية سابقة، أو أعمال مماثلة تقدمته.
وهنا، وكما صنعت في التوسل بالهيكل العام لعلم أصول الفقه إلى
الوصول إلى منهج البحث الأصولي، لابد من هذا التوسل، للسبب المتقدم
نفسه.
ويتمثل الهيكل العام لعلم الفقه في وضع التصور الشامل للتالي:
- هدف علم الفقه.
- وسيلة علم الفقه في الوصول إلى الحكم الشرعي.
- مصادر علم الفقه الشرعية التي يستخلص الحكم الشرعي منها.
- دور علم أصول الفقه في تغطية الجانب الكبير من منهج البحث
الفقهي.
- مادة علم الفقه التي يعتمدها في البحث.
1 - يهدف علم الفقه في أبحاثه إلى استفادة الأحكام الشرعية الفرعية
(العملية) من مصادرها (أدلتها) الشرعية.
2 - ويتوسل إلى ذلك بوسيلة الإجتهاد بتطبيق القواعد اللغوية والأصولية
والفقهية والقرائن المساعدة على النص الشرعي أو موضوع البحث
لإستخلاص الحكم.
95

3 - ومصادر الحكم الشرعي - كما تقدم - هي: الكتاب والسنة والإجماع
والعقل.
ويراد بالكتاب: القرآن الكريم (آيات الأحكام).
وبالسنة: قول المعصوم وفعله وتقريره، مقطوعة كانت أو مظنونة في
ضوء ما تقره قواعد علم الحديث وعلم الرجال وعلم أصول الفقه...
(أحاديث الأحكام).
وبالإجماع: ما كان كاشفا عن رأي المعصوم.
وبالعقل: سيرة العقلاء الكاشفة عن اعتمادها من الشارع المقدس،
بعدم ردعه عنها، أو بأخذه بها.
4 - ويغطي علم أصول الفقه الجانب الكبير من منهج البحث الفقهي
بتزويده الفقهاء بالقواعد الأصولية، وتعريفهم كيفية تطبيقها لإستفادة الحكم
الشرعي من مصدره. 5 - ولأن القواعد الأصولية ليست هي المادة الفقهية وحدها في مجال
البحث، وإنما هناك إلى جانبها القواعد اللغوية والقواعد الفقهية وقواعد
علمي الحديث والرجال، ومعطيات التفسير القرآني في تبيان مؤديات آيات
الأحكام، وما يقدمه تاريخ التشريع الإسلامي وعصر النصوص الشرعية من
قرائن مساعدة لفهم مداليل الأحاديث الفقهية، وليس أمامنا إلا أن نلتمس
المنهج الفقهي من تجارب الفقهاء المجتهدين في أبحاثهم الفقهية
الاستدلالية، تماما كما صنعت في استفادة منهج أصول الفقه - كما ألمحت
في أعلاه - وللسبب نفسه حيث لم يقدر لي أن أقف على منهج مدون للفقه
فيما اطلعت عليه من مصادر ومراجع.
ولنأخذ لهذا الدراسات التالية:
1 - موضوع (الكر) من كتاب (دروس في فقه الإمامية)، عبد الهادي
الفضلي.
96

2 - موضوع (أرض الصلح) من كتاب (الأراضي)، بقلم: محمد
إسحاق فياض.
3 - مسائل مختلفة يستعرض فيها تطبيق القواعد التالية:
أ - القاعدة اللغوية.
ب - القاعدة الأصولية.
ج - القاعدة الفقهية.
د - القاعدة الرجالية.
ه‍ - القرائن التاريخية.
و - القرائن التفسيرية.
الكر
سنتناول الموضوع من خلال النقاط التالية:
- تعريف الكر.
- تقدير الكر.
- تقدير الكر عند فقهائنا وأدلتهم.
أ - التقدير بالوزن: الأقوال، أدلة الأقوال.
ب - التقدير بالحجم: الأقوال، أدلة الأقوال.
- الموازنة بين الأقوال وأدلتها.
- النتيجة.
- نتائج أخرى.
ومبحث الكر - كما هو معلوم - من مباحث كتاب الطهارة في الفقه
الإسلامي.
والذي سأعرضه هنا هو فصل من كتابي الموسوم ب‍ (دروس في فقه
الإمامية):
97

تعريف الكر:
الكر: من وحدات الكيل المألوفة في العراق عصر صدور
النصوص التي تضمنته لتحديد كمية الماء الكثير من حيث الوزن والحجم.
فقد جاء في (لسان العرب): (والكر مكيال لأهل العراق).
وورد في معرض التقدير على لسان الفقيه البصري ابن سيرين حيث
قال: (إذا كان الماء قدر كر لم يحمل القذر)، وفي رواية: (إذا بلغ الماء
كرا لم يحمل نجسا).
وفسره ابن الأثير في (النهاية 4 / 162) بعد ذكره حديث ابن سيرين
بقوله: (الكر بالبصرة ستة أوقار).
وهو دليل استخدامه عند أهل البصرة.
إلا أنه لم يكن مألوفا ولا معروفا عند الكثيرين من أهل الحجاز مصدر
النصوص الشرعية.
ويدل على هذا إقرانه - في الغالب - عندما يذكرونه بتحديده بوحدات
الكيل الأخرى أو بوحدات الوزن أو وحدات المساحة.
وفي أمثال سؤال إسماعيل بن جابر ما يشير إلى هذا، قال: (سألت أبا
عبد الله (ع) عن الماء الذي لا ينجسه شئ؟
قال: كر.
قلت: وما الكر؟
قال: ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار).
تقدير الكر:
1 - قدر بستة أوقار - كما قرأنا في نص (النهاية) المذكور في أعلاه.
والوقر - بكسر الواو - الحمل، (وأكثر ما يستعمل في حمل البغل
والحمار) (1).

(1) النهاية لابن الأثير 5 / 213.
98

ولعله على أساس منه قال في (لسان العرب): (والكر ستة أوقار
الحمار).
2 - وقدر بوحدة كيل أخرى، هي (القفيز)، قال في (لسان العرب):
(وهو (يعني الكر) عند أهل العراق: ستون قفيزا، والقفيز ثمانية مكاكيك،
والمكوك صاع ونصف، وهو ثلاث كيلجات).
3 - وقدر ب‍ (الوسق) - وهو وحدة كيلية أيضا - قال الأزهري:
(الكر ستون قفيزا، والقفيز ثمانية مكاكيك، والمكوك صاع ونصف.
فهو - على هذا الحساب - اثنا عشر وسقا، ولكل وسق ستون صاعا).
4 - وقدر ب‍ (الإردب) قال في (المعجم الوسيط): (الكر: مكيال
لأهل العراق، أو ستون قفيزا، أو أربعون إردبا).
5 - وقدر ب‍ (الرطل)، وهو من وحدات الوزن.
6 - وقدر من وحدات المساحة ب‍ (الشبر) و (الذراع).
وهذا ما سنراه فيما يليه.
تقديره عند فقهائنا:
سلك فقهاؤنا في تحديد كميته - تبعا للنصوص الشرعية - تقديرين،
هما:
أ - التقدير بالوزن.
ب - التقدير بالحجم.
- التقدير بالوزن:
ووحدة التقدير التي قالوا بها هنا هي (الرطل)، وذهبوا فيه مذهبين،
هما:
1 - مذهب الصدوقين - على ما حكي عنهما - والسيد المرتضى، وهو:
(1200) ألف ومائتا رطل مدني.
قال السيد في (جمل العلم والعمل ص 49): (وحد الكر: ما قدره
99

ألف ومائتا رطل بالمدني).
وحكى هذا عن (ناصرياته) أيضا.
2 - مذهب المشهور، وهو: (1200) ألف ومائتا رطل عراقي.
الدليل:
1 - لم أعثر فيما بين يدي من مراجع على دليل المذهب الأول، إلا ما
ألمح إليه أستاذنا السيد الحكيم مما يصلح لأن يكون دليلا عليه، وخلاصته:
إنه يمكن الاستدلال له بمرسلة ابن أبي عمير عن الإمام الصادق (ع):
(قال: الكر من الماء الذي لا ينجسه شئ ألف ومائتا رطل).
بتقريب أن المراد بالرطل في هذه المرسلة الرطل المدني بقرينة رواية
علي بن جعفر عن أخيه الإمام الكاظم (ع) قال: (سألته عن جرة ماء فيها
ألف رطل وقع فيه أوقية بول، هل يصلح شربه؟ أو الوضوء منه؟
قال: لا يصلح)، وذلك بحمل الرطل في نص ابن جعفر على الرطل
المدني لأن السائل والمسؤول مدنيان.
والسبب في ذلك أنه لو حمل الرطل في هذا النص على العراقي وكذلك
في نص ابن أبي عمير لتنافيا، لأن مفهوم نص ابن أبي عمير ظاهر في عدم
تنجس ما هو أقل من ألف ومائتي رطل، ومنطوق نص ابن جعفر ظاهر في
تنجسه.
وعليه: يحمل الرطل في نص ابن أبي عمير على المدني لدفع التنافي، وبذلك يتم الاستدلال على تقدير الكر - وزنا - بألف ومائتي رطل مدني.
2 - واستدل للمشهور ب‍:
- مرسلة ابن أبي عمير المقدم ذكرها.
- صحيحة محمد بن مسلم عن الإمام الصادق (ع): (قال: قلت له:
الغدير فيه ماء مجتمع تبول فيه الدواب وتلغ فيه الكلاب ويغتسل في الجنب؟
قال: إذا كان قدر كر لم ينجسه شئ، والكر ستمائة رطل).
100

ووجه الاستدلال:
1 - من حيث السند:
الروايتان معتبرتان في رأي المشهور لإرتفاع اعتبار نص ابن مسلم إلى
مستوى الصحيح، ولأن المرسل في نص ابن أبي عمير هو ابن أبي عمير
الذي ترقى مراسيله في رأي المشهور إلى مستوى الإعتبار وصحة الإحتجاج
بها.
2 - من حيث الدلالة:
أ - كل من النصين نص في تحديد الكمية من حيث عدد الوحدات
الوزنية.
ب - إلا أنهما مجملان من حيث المراد من الرطل.
والإجمال فيهما آت من أن لفظ (رطل) فيهما مشترك لفظي، له ثلاثة
معان كان يستعمل فيها في عهد النصوص ويطلق عليها، وهي الرطل العراقي
والرطل المكي والرطل المدني.
وعليه: يكون كل معنى من هذه المعاني الثلاثة يحتمل أنه مراد المتكلم
ومقصوده.
وبتعبير آخر: إن كلا من كلمتي (رطل) في النصين تدل على معنى
واحد من المعاني الثلاثة، ولكن على نحو البدل، أي أنها تدل على العراقي
أو المكي أو المدني (1).
وعلى أساس منه: لا بد من التماس القرينة المعينة التي تعين المعنى
المراد للمتكلم من هذه المعاني.
وهناك أكثر من وجه لبيان القرينة المعينة، منها:
1 - ما ذكره أستاذنا السيد الحكيم في (المستمسك 1 / 125) حيث

(1) الرطل العراقي = 130 درهما شرعيا / المدني = 195 درهما شرعيا / المكي = 260 درهما
شرعيا.
101

أوضح أن كلا من النصين يكون قرينة على تعيين المراد من الآخر.
ويتم هذا: بحمل الرطل في المرسلة على العراقي بقرينة الصحيحة،
وبحمله في الصحيحة على المدني بقرينة المرسلة.
وذلك لأنه (لو حملت المرسلة على غير الرطل العراقي كانت الصحيحة
منافية لها على أي معنى حمل الرطل فيها، فيتعين حمل الرطل فيها على
العراقي.
وكذا القول في الصحيحة فإنها لو حملت على غير المكي لنافتها المرسلة
على أي معنى حمل الرطل فيها، فيتعين حمل الرطل فيها على المكي).
2 - ما ذكره أستاذنا السيد الخوئي، فقد جاء في (التنقيح 1 / 191): (إن كل واحدة منهما (يعني الروايتين) معينة لما أريد منه في الأخرى حيث
إن لكل منهما دلالتين: إيجابية وسلبية، وهي مجملة بالإضافة إلى إحدى
الدلالتين، وصريحة بالإضافة إلى الأخرى.
وصراحة كل منهما ترفع الإجمال عن الأخرى، وتكون مبينة لها لا
محالة.
فصحيحة محمد بن مسلم لها دلالة:
أ - على عقد إيجابي وهو أن الكر ستمائة رطل.
ب - وعلى عقد سلبي وهو عدم كون الكر زائدا على ذلك المقدار.
وهي بالإضافة إلى عقدها السلبي ناصة لصراحتها في عدم زيادة الكر عن
ستمائة رطل ولو بأكثر محتملاته الذي هو الرطل المكي فهو لا يزيد على ألف
ومائتي رطل بالأرطال العراقية.
إلا أنها بالنسبة إلى عقدها الإيجابي مجملة إذ لم يظهر المراد بالرطل
بعد.
هذا حال الصحيحة.
وأما المرسلة فلها أيضا عقدان:
102

أ - إيجابي، وهو أن الكر ألف ومائتا رطل.
ب - وسلبي، وهو عدم كون الكر أقل من ذلك المقدار.
وهي صريحة في عقدها السلبي لدلالتها على أن الكر ليس بأقل من ألف
ومائتي رطل قطعا ولو بأقل محتملاته الذي هو الرطل العراقي.
ومجملة بالإضافة إلى عقدها الإيجابي لإجمال المراد من الرطل ولم يظهر
أنه بمعنى العراقي أو المدني أو المكي.
وحيث أن الصحيحة صريحة في عقدها السلبي لدلالتها على عدم زيادة
الكر على ألف ومائتي رطل بالعراقي، فتكون مبينة لإجمال المرسلة في
عقدها الإيجابي، وتدل على أن الرطل في المرسلة ليس بمعنى المدني أو
المكي، وإلا لزاد الكر عن ستمائة رطل حتى بناء على إرادة المكي منه،
لوضوح أن ألفا ومائتي رطل مدنيا كان أم مكيا يزيد عن ستمائة رطل ولو كان
مكيا.
فهذا يدلنا على أن المراد من ألف ومائتي رطل في المرسلة هو الأرطال
العراقية لئلا يزيد الكر عن ستمائة رطل كما هو صريح الصحيحة، بل قد
استعمل الرطل بهذا المعنى في بعض الأخبار (1) من دون تقييده بشئ، ولما

(1) هو رواية الكلبي النسابة: (أنه سأل أبا عبد الله (ع) عن النبيذ؟
فقال: حلال.
فقال: إنا ننبذه فنطرح فيه العكر وما سوى ذلك؟!
فقال: شه شه، تلك الخمرة المنتنة.
قلت - جعلت فداك - فأي نبيذ تعني؟
فقال: إن أهل المدينة شكوا إلى رسول الله (ص) تغير الماء وفساد طبائعهم فأمرهم أن
ينبذوا، فكان الرجل يأمر خادمه أن ينبذ له فيعمد إلى كف من تمر فيقذف به (فيلقيه) في
الشن فمنه شربه ومنه طهوره.
فقلت: وكم كان عدد التمر الذي في الكف؟
قال: ما حمل الكف؟
فقلت: واحدة أو اثنتين.
فقال: ربما كانت واحدة وربما كانت اثنتين.
فقلت: وكم كان يسع الشن ماء؟
فقال: ما بين الأربعين إلى الثمانين إلى ما فوق ذلك.
فقلت: بأي الأرطال؟
فقال: أرطال مكيال العراق).
103

سئل (الإمام) عما قصده بين (ع) أن مراده منه هو الرطل العراقي.
بل ربما يظهر منها أن الشائع في استعمالات العرب الرطل العراقي
حتى في غير العراق من غير أن يتوقف ذلك على نصب قرينة عليه.
كما أن المرسلة لما كانت صريحة في عدم كون الكر أقل من ألف ومائتي
رطل على جميع محتملاته كانت مبينة لإجمال الصحيحة في عقدها
الإيجابي، وبيانا على أن المراد بالرطل فيها خصوص الأرطال المكية، إذ لو
حملناه على المدني أو العراقي لنقص الكر عن ألف ومائتي رطل بالأرطال
العراقية، وهذا من الوضوح بمكان.
وبالجملة: إن النص من كل منهما يفسر الإجمال من الأخرى.
وهذا جمع عرفي مقدم على الطرح بالضرورة).
- التقديم بالحجم:
وقرر التقدير التكعيبي - هنا - على أساس أن شكل الحجم للكر مكعب أو
أسطواني أو متوازي المستطيلات، ولعله ليسر وسهولة تقدير الأشكال الأخرى
على ضوء تقديرها.
وأخذ الشبر والذراع وحدتي قياس لإعتبارهما آنذاك ولتيسرهما لدى كل
مكلف وفي كل وقت ولسهولة تقديرهما حتى بالنظر.
الأقوال:
وأهم الأقوال في المسألة، هي:
1 - تحديد الحجم ب‍ 8 / 7 42 شبرا مكعبا.
وهو قول المشهور، والرأي الأشهر من بين الآراء في المسألة.
104

وقال به من القدامى أمثال: الشيخ الطوسي في (النهاية)
و (الإقتصاد)، والمحقق الحلي في (الشرائع)، والعلامة الحلي في
(التبصرة) و (الإرشاد)، والشهيد الثاني في (الروضة).
ومن المتأخرين: السيد صاحب الرياض في (الرياض)، والشيخ
صاحب الجواهر في (الجواهر).
ومن متأخري المتأخرين والمعاصرين: السيد اليزدي في (العروة)
والسيد الحائري القمي والسيد الشاهرودي والسيد الخونساري والسيد الخميني
والسيد الكلبايكاني والسيد المرعشي في (حواشي العروة)، والشيخ المبارك
القطيفي في (الهداية).
2 - تحديده ب‍ 36 شبرا مكعبا.
وبه قال أمثال: السيد صاحب المدارك من المتأخرين، ومن متأخريهم
والمعاصرين: الشيخ البروجردي في (نهج الهدى) والشيخ الخاقاني في
(أنوار الوسائل) والسيد الميلاني والسيد الرفيعي والسيد شريعتمداري في
(حواشي العروة) والشيخ زين الدين في (كلمة التقوى).
3 - تحديده ب‍ 27 شبرا مكعبا.
ويأتي من حيث الشهرة بعد القول الأول.
وإليه ذهب من المتأخرين أمثال: الشهيد الأول - كما عن الروضة -، والمحقق الكركي - كما حكاه عنه في التنقيح 1 / 197 -، والشيخ الأردبيلي
في (مجمع الفائدة والبرهان).
ومن متأخريهم والمعاصرين أمثال: الشيخ آل شبير - كما حكاه حفيده في
أنوار الوسائل -، والشيخ الستري البحراني في (معتمد السائل)، والشيخ آل
صاحب الجواهر والسيد الحكيم والسيد الطباطبائي القمي والسيد الخوئي في
(حواشي العروة)، وسيدي الوالد الشيخ الفضلي كما أفاد ذلك شفهيا.
وعرف هذا القول - في كتب الفقه - بقول القميين، لإفتاء أكثر الفقهاء
القميين به.
105

الدليل:
1 - وعمدة ما استدل به للقول الأول: هو ما روي عن أبي بصير، قال:
(سألت أبا عبد الله (ع) عن الكر من الماء: كم يكون قدره؟
قال: إذا كان الماء ثلاثة أشبار ونصفا في مثله أشبار ونصف في
عمقه في الأرض فذلك الكر من الماء).
أ - بتوثيق سند الرواية:
وذلك لأن فيه ما يدعو إلى التوثيق بسبب الإشتباه في بعض رجال السند،
والاختلاف في وثاقة بعضهم.
والسند - كما في (الإستبصار 1 / 10) - هو: (وأخبرني الشيخ - رحمه
الله - عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن محمد بن يعقوب عن محمد بن
يحيى عن أحمد بن محمد بن عثمان بن عيسى عن ابن مسكان عن أبي
بصير).
فقالوا:
- إن أحمد بن محمد هو أحمد بن محمد بن عيسى بقرينة رواية
محمد بن يحيى العطار عنه وروايته عن عثمان بن عيسى.
- إن عثمان بن عيسى - وإن كان واقفيا - ثقة.
- إن ابن مسكان هو عبد الله.
- إن أبا بصير هو ليث المرادي بقرينة رواية عبد الله بن مسكان عنه.
وبهذا تكون الرواية موثقة.
ب - بتوجيه دلالتها على المطلوب.
لأن في الدلالة ما يستدعي التوجيه وهو اقتصارها على ذكر بعدين فقط من
أبعاد الحجم الثلاثة.
فقالوا:
إن اقتصار الرواية على ذكر بعدين فقط هو المألوف والمعروف، وفي
106

هديهما يستنتج البعد الثالث، ومساويا لهما لأن ذلك هو المتعارف.
وعلى هذا:
تكون الرواية من حيث السند موثقة - كما تقدم.
ولا أقل من أنها منجبرة بعمل الأصحاب.
ومن حيث الدلالة تفيد أن حجم الكر هو حاصل ضرب 2 / 1 3 ×
2 / 1 3 × 2 / 1 3 = 8 / 7 42 شبرا مكعبا كما نص عليه غير واحد.
وعلى وجه الدقة 42. 785 شبرا مكعبا.
2 - واستدل للقول الثاني بصحيحة إسماعيل بن جابر، قال: (قلت
لأبي عبد الله (ع): الماء الذي لا ينجسه شئ؟
قال: ذراعان عمقه في ذراع وشبر سعته).
بالتقريب التالي:
أ - الذراع تساوي شبرين، فذراعان تساويان أربعة أشبار، وذراع وشبر
تساويان ثلاثة أشبار.
ب - المراد من (السعة) في الصحيحة: مساحة القاعدة.
ج - والمراد بذراع وشبر في الصحيحة طول ضلع القاعدة.
د - إن الشكل الهندسي المقصود هنا هو متوازي المستطيلات.
ه‍ - ومن المعلوم هندسيا أن حجم متوازي المستطيلات يساوي: مساحة
القاعدة × الارتفاع (العمق).
و - وعليه:
فمساحة القاعدة تستخرج بضرب: 3 × 3 = 9 شبر مربع.
ثم لإستخراج الحجم يضرب 9 × 4 = 36 شبرا مكعبا.
3 - واستدل للقول الثالث ب‍:
- صحيحة إسماعيل بن جابر المتقدمة، ولكن بالتقريب التالي:
أ - الذراع يقدر بشبرين - كما تقدم.
107

ب - المقصود ب‍ (السعة) في الصحيحة: مساحة القاعدة - مثلما تقدم.
ج - الذراع والشبر في الصحيحة واللذان يساويان ثلاثة أشبار، هما طول
قطر القاعدة.
د - والشكل الهندسي المقصود هنا هو الأسطواني، بقرينة رواية السبعة
والعشرين الآتية، وموافقة كمية الحجم الأسطواني لمدلول رواية الوزن - كما
ستأتي الإشارة إليه.
ه‍ - حجم الشكل الأسطواني - هندسيا - يساوي: مساحة القاعدة ×
الارتفاع (العمق).
و - مساحة القاعدة للشكل الأسطواني هي مساحة الدائرة، وتستخرج
بضرب نصف القطر × نصف المحيط.
والمحيط يساوي ثلاثة أضعاف القطر.
ولأن القطر - هنا - يساوي: ثلاثة أشبار.
فنصفه يساوي: 1. 5 شبرا ونصف الشبر.
والمحيط - هنا - يساوي: 3 × 3 = 9 شبر.
ونصف المحيط يساوي: 5، 4 أربعة أشبار ونصف الشبر.
ولإستخراج مساحة القاعدة - هنا - نضرب نصف القطر في نصف
المحيط، أي: 5. 1 × 5. 4 = 75. 6 شبر.
ثم نضرب مساحة القاعدة المذكورة في الارتفاع (العمق) لإستخراج
حجم الكر، أي: 75. 6 × 4 = 27 شبرا مكعبا.
- وصحيحة إسماعيل بن جابر الأخرى، قال: (سألت أبا عبد الله (ع)
عن الماء الذي لا ينجسه شئ؟
قال: كر.
قلت: وما الكر؟
قال: ثلاثة أشبار في ثلاثة أشبار).
108

بتقريب:
أ - أن الشكل الهندسي المقصود - هنا - هو المكعب، بقرينة تساوي
البعدين المذكورين في الصحيحة والبعد الثالث المفهوم منهما - كما سيأتي
فيما يليه.
ب - إن الصحيحة (وإن لم تشتمل على ذكر شئ من الطول والعرض
والعمق إلا أن السائل كغيره يعلم أن الماء من الأجسام، وكل جسم مكعب
يشتمل على أبعاد ثلاثة لا محالة.
فإذا قيل: ثلاثة في ثلاثة، مع عدم ذكر البعد الثالث علم أنه أيضا
ثلاثة.
كما يظهر هذا بمراجعة أمثال هذه الاستعمالات عند العرف فإنهم يكتفون
بذكر مقدار بعدين من أبعاد الجسم إذا كانت أبعاده الثلاثة متساوية) (1).
وعليه:
يكون حاصل ضرب 3 × 3 × 3 هو مقدار الكر، وهو 27 شبرا مكعبا.
الموازنة:
والموازنة - هنا - تقوم بين صحيحة ابن جابر الأولى ورواية أبي بصير.
ثم بين الإستظهارين لصحيحة ابن جابر الأولى.
فنقول:
1 - إن رواية أبي بصير لا تنهض إلى مستوى معارضة الصحيحة، وذلك
لضعف سندها الناشئ من تردد (أبي بصير) بين الموثق والضعيف.
وما ذكر لتطبيق الاسم على أبي بصير الموثق، وهو أن أكثر روايات ابن
مسكان هي عن أبي بصير الموثق أقصى ما يفيدنا الظن بذلك، ومن بعد
الظن بالصدور ظنا لا يرقى في مستواه إلى مستوى الظن المطمئن بالصدور كما
هو في الصحيحة.

(1) التنقيح 1 / 202.
109

يضاف إليه:
مطابقة كمية الماء تبلغ سبعة وعشرين شبرا مكعبا للوزن بشهادة أكثر
من فقيه قام بالتجربة.
ففي (المستمسك 1 / 131): (ووزن ماء النجف في هذه الأزمنة
جماعة فكان وزنه يساوي ثمانية وعشرين شبرا تقريبا، وبعض الأفاضل منهم
ذكر أنه يساوي سبعة وعشرين شبرا).
وفي (التنقيح 1 / 202): (إنا وزنا الكر ثلاث مرات ووجدناه موافقا
لسبعة وعشرين).
وفي (نهج الهدى 1 / 30): (وكفاية بلوغ المجموع سبعة وعشرين كما
هو مذهب القميين قريب جدا لكونه أقرب إلى ما اعتبروه من الوزن الخاص
الذي هو ألف ومائتا رطل بالعراقي.
وقد قدرناه في النجف الأشرف مع جمع من الأفاضل فكان يساوي ثمانية
وعشرين شبرا ونصفا تقريبا).
واختلاف الشبر ونصف الشبر بين التجارب المذكورة، ربما كان من
الاختلاف في طول الشبر، أو من الاختلاف في كثافة الماء، وهو أمر
طبيعي.
وإطلاق الشبر في لسان الدليل ليحمل على المتعارف، وكذلك إطلاق
الماء ليشمل جميع مصاديق الماء على اختلاف كثافاتها، إنما هو لغفران مثل
هذه الفروق اليسيرة.
2 - إن استظهار إرادة متوازي المستطيلات من صحيحة ابن جابر،
والذي يساوي حجمه ستة وثلاثين شبرا مكعبا، يقابله استظهار إرادة الشكل
الأسطواني منها، الذي يساوي حجمه سبعة وعشرين شبرا مكعبا.
ولأنا نعتقد أن الإمام يعلم بدلالة الرقم المذكور في الرواية على الشكلين
المذكورين، يفرض علينا أن نتخذ من هذا قرينة على صحة التقدير بسبعة
110

وعشرين شبرا مكعبا، لأن هذا لو لم يكن مقصودا ومرادا للإمام لنبه عليه،
وقيد الرواية بما يدل على إرادة الستة والثلاثين كحد أدنى لحجم الكر، ولم
يطلق.
ولأنه أطلق بما يشمل التقديرين يكون هذا قرينة على أن الحد الأدنى
للكر هو سبعة وعشرون شبرا مكعبا.
النتيجة:
هي أن الكر من حيث الحجم هو ما بلغ سبعة وعشرين شبرا مكعبا.
نتائج أخرى:
ومما يستخلص من الروايات أيضا النتائج التالية:
1 - إن الأشكال الهندسية التي أشارت إليها الروايات هي:
- المكعب، كما في رواية أبي بصير، وصحيحة ابن جابر الثانية.
- بالأسطواني، كما في صحيحة ابن جابر الأولى على رأي القائلين
بالسبعة والعشرين.
- متوازي المستطيلات، كما في صحيحة ابن جابر الأولى على رأي
القائلين بالستة والثلاثين.
2 - إن الإختلاف في الحجم بين الشكلين الأسطواني ومتوازي
المستطيلات في صحيحة ابن جابر الأولى أمر طبيعي يأتي من اختلاف
الشكل.
3 - إن الأشكال التي ذكرت في الروايات هي الأشكال الغالبة على أوعية
الماء أنذاك طبيعية وصناعية.
أما الآن فالأشكال الهندسية الغالبة على أوعية الماء المستخدمة حاليا -
طبيعية وصناعية - هي:
- المكعب.
- الأسطواني.
111

- متوازي المستطيلات.
- الكروي.
- نصف الكروي.
والرسم التالي يبين لنا أشكالها وكيفية استخراج حجم الكر في كل منها:
- 1 -
الأسطواني (الأسطوانة الدائرية Ciyculay Cylinder)
الشكل
الحجم = مساحة القاعدة × الارتفاع.
- 2 -
المكعب Cube
الشكل
الحجم = الطول × العرض × الارتفاع.
- 3 -
متوازي المستطيلات Cuboid
" صندوق box "
112

الشكل
الشكل
الحجم = الطول × العرض × الارتفاع.
- 4 -
نصف الكرة hemisphere
الشكل
الحجم = نصف حجم الكرة
= 2 / 1 (3 / 4 ط نق 3) = 3 / 2 ط نق 3
الحجم = 3 / 2 ط نق 3
حيث: (ط = 7 / 22، نق = نصف القطر).
3 / 2 ط نق 3 / 3 = 27
نق 3 = (2 × ط) / (27 × 3) = 892، 12 - نق = 345، 2 شبر
113

- 5 -
الكرة Sphere
الشكل
الحجم = 3 / 4 ط نق 3
الحجم = 3 / 4 ط نق 3 = 27
نق 3 = (4 × ط) / (3 × 27) = نق = 861، 1 شبر
4 - ولأن الكر في عصر صدور النصوص كان مما تعم به البلوى وكثرة
حاجة الناس إليه يأتي التقدير بالحجم هو التكليف الملائم لطبيعة يسر الشريعة
الإسلامية.
ذلك أن الوزن لا يتيسر إلا في حالات وظروف خاصة، بينما القياس
ب‍ (الشبر) متيسر لكل أحد، وبخاصة أن النصوص لم تنص على الحجم
وأناطت التكليف بالتقدير بالذراع والشبر.
ويتجلى هذا واضحا في مثل الغدران والحفر التي تتجمع فيها المياه،
وكانت - آنذاك - مما يبتلي بها الناس بكثرة حيث كان قطع الطرق في الأسفار
يأخذ الأيام والشهور من وقت الإنسان، وليس أمامه في الكثير من مدة السفر
إلا مياه الغدران والحفر والمصانع.
ومن هنا يكون الوزن إمارة على التقدير بالحجم.
والتفاوت اليسير مغتفر - كما أسلفت لما ذكرته من سبب.
5 - ولأن في التقدير بالأشبار يسرا لا يوجد في التقدير بالمقاييس المعروفة
114

الآن أمثال (اللتر) و (المتر) و (الغرام)، يأتي الإقتصار على الأشبار أمرا
مرغوبا فيه.
6 - وإذا أردنا المقارنة أو تحويل الشبر إلى المقاييس المتعارفة حاليا،
فإن الشبر المتعارف الذي هو مقياس التقدير الشرعي يتراوح بين 22 سنتيمترا
إلى 24 سنتيمترا.
والرطل العراقي يتراوح بين 315 غراما و 330 غراما، مراعى فيه تفاوت
المثقال الشرعي الذي هو واسطة تحويل الرطل إلى الغرام، واختلاف كثافة
المياه.
ومن المعلوم: أن الكيلو غرام الواحد من الماء النقي يسع لترا واحدا.
وعلى هذا يقاس في عمليات التحويل.
أرض الصلح
فصل من فصول كتاب (الأراضي: مجموعة دراسات وبحوث فقهية)
بقلم: محمد إسحاق فياض، (النجف الأشرف 1981 م) ص 324 -
328:
تناول الباحث فيه موضوع (أرض الصلح) من خلال النقطتين التاليتين:
1 - تعريف أرض الصلح.
2 - الروايات في الموضوع ومؤدياتها الدلالية.
قال:
البحث فيها يقع في مرحلتين:
الأولى: فيما هو مقتضى عقد الصلح.
الثانية: فيما هو مقتضى مجموعة من النصوص التشريعية.
أما المرحلة الأولى: فأرض الصلح هي الأرض التي فتحت من قبل
المسلمين من دون أن يسلم أهلها، ولا قاوموا الدعوة الإسلامية بشكل
115

مسلح، بل ظلوا على دينهم في ذمة الإسلام بعقد الصلح فتصبح الأرض
أرض الصلح.
وعليه فإن اللازم هو تطبيق بنود عقد الصلح عليها فإن نص فيها على
أن الأرض لأهلها اعتبرت ملكا لهم، غاية الأمر إن كانت الأرض داخلة في
نطاق ملكيتهم قبل هذا العقد، كما إذا كانوا قائمين بإحيائها قبل تاريخ تشريع
ملكية الأنفال للإمام (ع) أو انتقلت إليهم ممن يكون مالكا لها ففي مثل ذلك
لا يؤثر عقد الصلح إلا في إبقائها في ملكهم باعتبار أن لولي الأمر استملاك
الأرض منهم على حساب الدولة أو الأمة.
وأما إذا لم تكن الأرض ملكا لهم، كما إذا كان قيامهم بإحيائها بعد
تاريخ التشريع المزبور، فعندئذ يؤثر عقد الصلح في منحهم ملكية الأرض،
ولا مانع من ذلك إذا رأى ولي الأمر مصلحة فيه.
وأما إذا نص في بنود عقد الصلح على استملاك الدولة للأرض أو الأمة
فحينئذ تصبح الأرض خاضعة لمبدأ ملكية الإمام (ع) أو المسلمين، ولكن
ظلت في أيديهم مع وضع الخراج والطسق عليها، هذا إذا كانت الأرض ملكا
لهم، ولكن بعقد الصلح انتقلت إلى الدولة أو الأمة. وأما إذا كانت ملكا
للدولة فعقد الصلح إنما يؤثر في مشروعية إبقائها في أيديهم، ويؤخذ منهم
الجزية والخراج على حسب ما هو مقتضى عقد الصلح.
وأما الأراضي الموات حين عقد الصلح، أو الغابات التي لا رب لها،
فإنها ملك للإمام (ع) وله أن يتصرف فيها بما يرى من المصلحة. نعم إذا
أدرجها في عقد الصلح لزم أن يطبق عليها ما هو مقتضى هذا العقد، ولا
يجوز الخروج عن مقرراته ومقتضياته.
فالنتيجة أن مقتضيات عقد الصلح تختلف باختلاف الموارد والمصالح
على أساس أن أمره بيد ولي الأمر فله أن يعقد الصلح معهم على حسب ما
يراه من المصلحة للدولة أو الأمة وهي بطبيعة الحال تختلف باختلاف
المقامات.
116

وأما المرحلة الثانية: فقد وردت في المسألة مجموعة من الروايات.
منها: صحيحة حفص بن البختري عن أبي عبد الله (ع) قال: (الأنفال
ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب، أو قوم صالحوا، أو قوم أعطوا بأيديهم
وكل أرض خربة، وبطون الأودية) الحديث (1).
ومنها: مرسلة حماد بن عيسى عن بعض أصحابنا عن العبد
الصالح (ع) في حديث إلى أن قال: (والأنفال كل أرض خربة باد أهلها،
وكل أرض لم يوجف عليها بخيل ولا ركاب، ولكن صالحوا صلحا وأعطوا
بأيديهم على غير قتال) الحديث (2).
ومنها: معتبرة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله (ع) أنه سمعه يقول:
(إن الأنفال ما كان من أرض لم يكن فيها هراقة دم، أو قوم صولحوا وأعطوا
بأيديهم، وما كان من أرض خربة، وبطون أودية) الحديث (3).
ثم إن المستفاد من معتبرة محمد بن مسلم، وكذا من مرسلة حماد بن
عيسى أن عقد الصلح فيهما كان مقتضيا لإعطاء الأرض وتسليمها، وقد عرفت
أن ما تم عليه عقد الصلح بشأن الأرض قد يكون مقتضاه تسليم الأرض لولي
الأمر وإعطائها له على أساس أنها بمقتضى هذا العقد تصبح ملكا للدولة.
ولكن مع ذلك لولي الأمر إبقاء الأرض في أيديهم وتحت تصرفهم مقابل أخذ
الخراج والطسق منهم.
وعلى الجملة فالكفار قد يسلمون الأرض إلى ولي الأمة تسليما ابتدائيا
وبدون شرط مسبق، وقد يسلمون الأرض من جهة شرط مسبق كعقد
الصلح.
وأما صحيحة حفص بن البختري فقد جعلت عنوان الصلح في مقابل
عنوان الإعطاء، ولكن من الطبيعي أن جعل الأرض التي تم بشأنها الصلح

(1)، (2) الوسائل ج 6 الباب 1 من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام الحديث 1، 4.
(3) الوسائل ج 6 الباب 1 من أبواب الأنفال وما يختص بالإمام الحديث 10.
117

من الأنفال قرينة واضحة على أن مقتضاه ملكية الأرض للإمام (ع) والمراد
من الإعطاء فيها هو إعطاء الأرض وتسليمها للإمام (ع) تسليما ابتدائيا وبدون
أي شرط مسبق بقرينة جعله في مقابل الصلح.
ولكن هذه المجموعة من الروايات ليست في مقام بيان تمام أنواع الصلح
وأقسامه، وإنما هي في مقام بيان ما هو من الأنفال، ومن الطبيعي أن أرض
الصلح التي تكون من الأنفال هي الأرض التي اقتضى الصلح ملكيتها
للإمام (ع).
وأما أراضي أهل الذمة التي هي في أيديهم فالظاهر أن علاقتهم بها تكون
على مستوى الملك، ومن الطبيعي أن إبقاء تلك الأراضي في أيديهم من قبل
ولي الأمر إنما هو بموجب ما تم بينهم وبين ولي المسلمين بشأنها في عقد
الصلح، وتدل على الملك مجموعة عن الروايات:
منها: صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع) قال: سألته عن شراء
أرض أهل الذمة فقال: (لا بأس بها فتكون إذا كان ذلك بمنزلتهم تؤدي عنها
كما يؤدون) الحديث (1).
ومنها: مضمرة زرارة قال: قال: (لا بأس بأن يشتري أرض أهل الذمة
إذا عملوها وأحيوها فهي لهم) (2).
وتؤكد ذلك رواية أبي الربيع الشامي عن أبي عبد الله (ع) قال: (لا
تشتر من أرض السواد شيئا إلا من كانت له ذمة) الحديث (3).
فإن الظاهر من هذه المجموعة هو شراء رقبة الأرض، وحملها على شراء
الحق المتعلق بها كما كان الأمر كذلك في شراء الأرض المفتوحة عنوة وإن
كان بمكان من الإمكان إلا أنه خلاف الظاهر فيكون بحاجة إلى قرينة.
فالنتيجة أن أرض الصلح تختلف باختلاف ما تم عليه عقد الصلح
بشأنها، وليس لها ضابط كلي في جميع الموارد.

(1)، (2)، (3) الوسائل ج 12 الباب 21 من أبواب عقد البيع الحديث 8، 2، 5.
118

نموذج تطبيق ز القواعد النحوية
وأوضح مثال يطرح هنا هو (آية الوضوء) وما روي فيها من قراءات
قرآنية، وما جاء فيها من إعراب نحوي لبيان دلالتها، ومن ثم محاولة استفادة
الحكم الشرعي في ضوء ما ينتهي إليه البحث النحوي من خلال تطبيق
القواعد النحوية على الآية الكريمة موضوع البحث:
1 - الآية الكريمة:
(يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى
المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) - المائدة: 6 -.
وسينصب البحث في الآية الكريمة على إعراب كلمة (أرجل)، ويقوم
على أساس مما ورد فيها من قراءة قرآنية لأجل توثيق شكل الكلمة الإعرابي.
2 - القراءة:
قال أبو عمرو الداني في كتابه (التيسير) (1): " نافع وابن عامر والكسائي
وحفص (وأرجلكم) بنصب اللام، والباقون بجرها ".
ويعني بهذا: أن ثلاثة من القراء السبعة وهم: نافع وابن عامر والكسائي
قرأوا بالنصب، وثلاثة منهم، وهم: ابن كثير وأبو عمرو وحمزة قرأوا بالجر.
وقرأ عاصم بالنصب في رواية حفص عنه، وبالجر في رواية شعبة.
فالقراءتان متواترتان، ومتعادلتان من حيث العدد.
ومن هنا ذهب بعضهم إلى التخيير بين المسح والغسل، وذهب بعض
آخر إلى الجمع بين الغسل والمسح، كما نقل السياغي في (الروض
النضير) (2) عن النووي في (شرح مسلم) أنه قال: " قال محمد بن جرير
والجبائي - رأس المعتزلة - يخير بين المسح والغسل، وقال بعض أهل

(1) ص 98.
(2) 1 / 217.
119

الظاهر: يجب الجمع بين المسح والغسل ".
وواضح أن مستند التخيير هو الأخذ بظاهر القراءتين، والجمع للجمع
بينهما احتياطا.
3 - الإعراب:
أما توجيه إعراب القراءتين فاختلف فيه على النحو التالي:
قراءة النصب:
أ - بالعطف على المنصوب وهو (وجوهكم وأيديكم) على اعتبار أن
العامل فيه هو (اغسلوا) فيكون المعنى (اغسلوا وجوهكم وأيديكم
وأرجلكم).
ب - بالعطف على محل الجار والمجرور وهو (برؤوسكم) لأنه في محل
نصب بالفعل (امسحوا) فيكون المعنى (امسحوا رؤوسكم وأرجلكم).
الموازنة:
والموازنة بين الإعرابين تقتضي ترجيح العطف على الأقراب إلى المعطوف
في سياق الكلام وهو (رؤوسكم)، لأن العطف على الأبعد يتطلب وجود
قرينة سياقية تصرف المعطوف عن العطف على الأقرب إلى العطف على
الأبعد، وهي غير موجودة في الآية الكريمة.
قراءة الجر:
أ - بالعطف على المجرور، وهو (برؤوسكم) بمعنى (وامسحوا
برؤوسكم وبأرجلكم).
ب - بالحمل على الجوار، وفحواه: أن الأرجل لأنها مجاورة للمجرور
وهو (برؤوسكم) حملت عليه في الإعراب فقط.
الموازنة:
والموازنة بين الإعرابين تقتضي ترجيح العطف على لفظ (برؤوسكم)،
لا الحمل على الجوار، لأن الشاهد الذي اتخذ مقياسا للجوار، وهو قول
120

بعض العرب: (هذا حجر ضب خرب) بجر (خرب) حملا على جواره
للمجرور وهو (ضب)، لا يصلح لأن تقاس عليه الآية الكريمة، وذلك
للأسباب التالية:
أ - أن الشاهد نعت والآية عطف، ولا قياس مع الفارق.
ب - إن الجر على الجوار لا يحسن في المعطوف ولا يصح، لأن حرف
العطف حاجز بين الاسمين ومبطل للمجاورة، كما يقول ابن هشام في (شرح
شذور الذهب) ص 332 - 333.
وقال في (مغني اللبيب) (1): " ولا يكون في النسق لأن العاطف يمنع
من التجاور ".
ج - اعتبار الحمل على الجوار شذوذا من قبل جمع من أعلام محققي
النحاة لا يجوز حمل شئ من كتاب الله تعالى عليه، منهم:
- أبو الفتح ابن جني، في (الخصائص 1 / 191 - 192).
- أبو حيان الأندلسي، في تفسير (البحر المحيط 2 / 145).
- أبو البركات ابن الأنباري، في (الإنصاف 2 / 615).
- أبو سعيد السيرافي، انظر: (خزانة الأدب 2 / 323).
- أبو جعفر النحاس في (إعراب القرآن 1 / 258) قال: " لا يجوز أن
يعرب شئ على الجوار في كتاب الله عز وجل ولا في شئ من الكلام،
وإنما الجوار غلط، وإنما وقع في شئ شاذ، وهو قولهم: (هذا حجر ضب
خرب)، والدليل على أنه غلط قول العرب في التثنية: (هذان جحرا ضب
خربان)، وإنما هذا بمنزلة الإقواء، ولا يحمل شئ من كتاب الله عز وجل
على هذا ".
- أبو إسحاق الزجاج، في (معاني القرآن وإعرابه 2 / 167)، قال:
" وقال بعض أهل اللغة هو جر على الجوار، فأما الخفض على الجوار فلا
يكون في كلمات الله ".

(1) ص 895.
121

- مكي بن أبي طالب القيسي في (مشكل إعراب القرآن 1 / 221).
- وغير هؤلاء.
4 - النتيجة:
وفي ضوء ما تقدم تكون النتيجة:
أ - إن قراءة الجر تعني عطف الأرجل على الرؤوس ومشاركتها لها في
المسح.
ب - وعليه تكون قراءة الجر قرينة مفسرة لقراءة النصب بأن المتعين في
إعرابها ومعناها هو عطف الأرجل على محل الرؤوس.
ج - وعلى أساسه يتعين ظهور الآية في الدلالة على المسح.
د - ومن ثم تطبق قاعدة الظهور، فتأتي النتيجة الأخيرة: وجوب
المسح.
نموذج تطبيق القواعد البلاغية
سنتناول هنا (حديث الولاء) ونتعامل معه وفق الخطوات التالية:
- ذكر نص الحديث.
- تخريج الحديث.
- بيان معنى الحديث.
- بيان أسلوب الحديث.
- استخلاص النتيجة.
1 - نص الحديث:
(الولاء لحمة كلحمة النسب).
وفي رواية أخرى:
(الولاء لحمة كلحمة الثوب).
وفي ثالثة:
(الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا توهب).
122

2 - تخريج الحديث:
رواه الشيخ الطوسي في (الإستبصار) (1) عن محمد بن أحمد بن يحيى
عن إبراهيم بن هاشم عن النوفلي عن السكوني عن الإمام الصادق عن أبيه عن
النبي (ص).
والرواية معتبرة، كما هو الظاهر من سندها المذكور.
3 - معنى الحديث:
قال النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الحديث لبيان أن الولاء سبب آخر من أسباب
التوارث، فكما أن النسب من أسباب الميراث، كذلك الولاء، فهو مثله في
تسبيب التوارث، ذلك أن للميراث أسبابا توجبه قسمها الفقهاء إلى نسب
وسبب، وقسموا السبب إلى الزوجية والولاء، وقسموا الولاء إلى ثلاثة
أقسام، وهي - كما يبخصها الشيخ مغنية في (فقه الإمام جعفر الصادق) (2):
" الأول: العتق: وهو أن يرث السيد عبده بشرط أن يعتقه تبرعا، لا في
كفارة أو نذر، وأن لا يتبرأ من ضمان جريرته وأن لا يكون للعبد وارث.
الثاني: ضمان الجريرة، والمراد بها الجناية، ومعنى ضمانها أن يتفق
اثنان على أن يضمن كل منهما جناية الآخر، أو يضمن أحدهما ما يجنيه
الآخر دون العكس، ويصح ذلك بشرط أن لا يكون للمضمون وارث قريب،
ولا مولى معتق، فإذا كان الضمان من جانب واحد، قال المضمون
للضامن: عاقدتك على أن تنصرني وتدفع عني وتعقل عني وترثني، فيقول
الآخر: قبلت.
وإذا كان الضمان من الجانبين قال أحدهما: عاقدتك على أن تنصرني
وأنصرك وتعقل عني وأعقل عنك وترثني وأرثك، فيقول الآخر: قبلت.
ومتى تم ذلك كان على الضامن بدل الجناية وله الميراث مع فقد

(1) 4 / 23.
(2) ط 5 ج 6 ص 194 - 195.
123

القريب، والمعتق، مقدما على الإمام في الميراث.
الثالث: ولاء الإمام، إذا مات إنسان وترك مالا ولا وارث له من أرحامه
ولا ضامن جريرة ولا مولى معتق، كان ميراثه للإمام، إلا إذا كان الميت
زوجة، فإن الزوج يأخذ النصف بالفرض والنصف الآخر بالرد، وإذا كان زوجا أخذت الزوجة الربع والباقي للإمام ".
وقال ابن الأثير في (النهاية) (1): " ومعنى الحديث: المخالطة في
الولاء، وأنها تجري مجرى النسب في الميراث، كما تخالط اللحمة سدى
الثوب حتى يصيرا كالشئ الواحد لما بينهما من المداخلة الشديدة ".
وشرحه الشيخ الطوسي على روايته له والتي نصها: (الولاء لحمة
كلحمة النسب لا تباع ولا توهب) باحتمال دلالته على أحد المعنين التاليين:
أحدهما: أن يكون المراد بذلك: المنع من جواز بيعه كما لا يجوز بيع
النسب، وقد بين ذلك بقوله (لا تباع ولا توهب).
ويؤكد ذلك أيضا ما رواه محمد بن أحمد بن يحيى عن بنان عن محمد
عن موسى بن القاسم عن علي بن جعفر عن أخيه موسى بن جعفر -
عليهما السلام - قال: سألته عن بيع الولاء يحل؟ قال: لا يحل.
والوجه الآخر: أن نخصه بأن نقول: إنه مثل النسب في أن يرثه الأولاد
الذكور منهم دون الإناث، بدلالة الأخبار الأولة " التي ذكرها قبل هذا
الحديث من كتابه المذكور.
4 - الأسلوب البلاغي للحديث:
قال الشريف الرضي في (المجازات النبوية) (2) بعد ذكره الحديث:
" وهذه استعارة لأنه - عليه الصلاة والسلام - جعل التحام الولي بوليه كالتحام

(1) 4 / 240.
(2) تحقيق الزيني ص 172.
124

النسيب بنسيبه في استحقاق الميراث، وفي كثير من الأحكام، وذلك مأخوذ
من لحمة الثواب وسداه، لأنهما يصيران كالشئ الواحد بما بينهما من
المداخلة الشديدة والمشابكة الوكيدة ".
ويمكننا أن نقول أيضا: إن كلمة (لحمة) إذا لحظت بمعنى (القرابة) -
كما هو أحد معانيها وقد يكون مأخوذا في الأصل من لحمة الثوب - يأتي
أسلوب الحديث من نوع التشبيه البلاغي، وقد يسمى تشبيها مجملا لحذف
وجه الشبه منه وهو المداخلة.
أما إذا لحظت بمعنى لحمة الثوب، يأتي التشبيه - هنا - وليدا عن تشبيه
قبله، وتقديره: (النسب لحمة كلحمة الثوب في المداخلة).
وفي كلتا الحالتين هو تشبيه مجمل.
هذا على رواية (الولاء لحمة كلحمة النسب).
وعلى رواية (الولاء لحمة كلحمة الثوب) يكون الأسلوب تشبيها أيضا
ومجملا لحذف وجه الشبه منه كسابقه.
وعلى رواية (الولاء لحمة كلحمة النسب لا تباع ولا توهب) يكون
التشبيه مفصلا للتصريح بوجه الشبه.
5 - النتيجة:
وننتهي من كل ما تقدم إلى أن الولاء سبب من أسباب الإرث لتشبيهه
بالنسب.
نموذج تطبيق القواعد الدلالية
سأستعرض - هنا - دلالة كلمة (صعيد) الواردة في آية التيمم، في ضوء
الخطوات التالية:
- ذكر نص الآية.
- ذكر أقوال الفقهاء.
- ذكر أدلة الأقوال.
125

- التعقيب على منهج الفقهاء في الاستدلال.
- الإنتهاء إلى النتيجة.
1 - الآية الكريمة:
(فتيمموا صعيدا طيبا) - النساء: 43 والمائدة: 6 -.
2 - المستفاد من مراجعتي لعدد كبير من كتب الفقه الإمامي الفتوائية
والإستدلالية أن لهم في المسألة قولين، هما:
أ - المراد بالصعيد في الآية الكريمة: وجه الأرض.
ب - المراد بالصعيد في الآية الكريمة: التراب.
وفي عدد غير قليل من الكتب الاستدلالية أن مستند القول هو المعجم
اللغوي العربي.
يقول الشيخ البحراني في (الحدائق) (1): " المطلب الثاني: فيما يجوز
به التيمم وما لا يجوز، وقد اختلف الأصحاب (رضوان الله عليهم) في هذا
المقام في مواضع: الأول: هل يكفي مجرد ما صدق عليه اسم الأرض أو
يشترط خصوص التراب؟ قولان.
فقال الشيخ: لا يجوز إلا بما يقع عليه اسم الأرض اطلاقا، سواء كان
عليه تراب أو كان حجرا أو حصى أو غير ذلك.
وبذلك صرح في (المبسوط) و (الجمل) و (الخلاف)، كذا نقله عنه
في (المعتبر).
وهو مذهب ابن الجنيد، والمرتضى في (المصباح)، واختاره المحقق
والعلامة، وهو المشهور بين المتأخرين.
وعن المرتضى في (شرح الرسالة) أنه قال: لا يجزئ في التيمم إلا
التراب الخالص، أي الصافي من مخالطة ما لا يقع عليه اسم الأرض

(1) 4 / 293.
126

كالزرنيخ والكحل وأنواع المعادن، كذا نقله عنه في (المعتبر) أيضا...
ونقل هذا القول عن أبي الصلاح وظاهر المفيد ".
3 - ثم قال: " ومنشأ الخلاف في هذا المقام هو الخلاف بين أهل اللغة
في تفسير الصعيد في الآية...
فالمرتضى (رضي الله عنه) ومن قال بمقالته تمسكوا بأحد القولين.
والآخرون تمسكوا بالقول الآخر ".
وقال الشيخ صاحب الجواهر (1) في معرض الإشكال على القول بالاجتزاء
في التيمم بالحجر ونحوه: " لكن قد يشكل الجميع (2) بظهور أن منشأ
الإختلاف في التيمم بالحجر ونحوه الإختلاف في معنى الصعيد، فلا
يجتزئ به مطلقا، بناء على أن الصعيد هو التراب خاصة كما في
(الصحاح) و (المقنعة)، وعن (الجمل) (3) و (المفصل) و (المقاييس)
و (الديوان) و (شمس العلوم) و (نظام الغريب) و (الزينة) لأبي حاتم،
بل ربما استظهر من (القاموس) و (الكنز)، كما أنه حكي عن الأصمعي،
وكذا عن أبي عبيدة لكن بزيادة وصفه بالخالص الذي لا يخالطه سبخ ورمل،
وبني الأعرابي (4) وعباس (5) والفارس (6)، بل عن المرتضى (رحمه الله) نقله
عن أهل اللغة ".
4 - وكما رأينا مما ذكره صاحب الحدائق، وما استعرضه صاحب الجواهر
من استدلال: أن أكثر الفقهاء رجعوا في تحديد معنى الصعيد في الآية
الكريمة إلى المعاجم اللغوية العربية.

(1) الجواهر 5 / 120.
(2) كذا في المطبوعة، وصوابه: على الجميع.
(3) هكذا في المطبوعة، وصوابه (المجمل) وهو كتاب مجمل اللغة لابن فارس.
(4) كذا في المطبوعة، وصوابه: ابن الأعرابي.
(5) كذا في المطبوعة، وصوابه: أبي العباس وهو ثعلب.
(6) كذا في المطبوعة، وصوابه: ابن فارس.
127

غير أن الملاحظ على منهجهم:
أ - عدم التفرقة بين عالم اللغة (أو اللغوي الدلالي)، وعالم المعجم
(أو المؤلف المعجمي).
ب - عدم الموازنة بين القولين في ضوء أصول اللغة وترجيح ما ترجحه.
ومن هنا رأيت بحث المسألة في هدي هاتين الملاحظتين ليتضح أمامنا
وبجلوة تامة كيفية الاستدلال باللغة في مجالي (المعجم) و (الدلالة).
وستأتي خطوات البحث كالتالي:
- عرض معاني كلمة (صعيد) المعجمية.
- استبعاد ما لا يلتقي وطبيعة التيمم من المعاني.
- إحصائية بعدد المعاجم لكل معنى.
- استبعاد المعاجم لمؤلفين معجميين غير دلاليين، التي لم توثق المعنى
بنسبته لعالم لغوي دلالي، أو بدعمه بشاهد لغوي.
- تصنيف المنتقى ضمن قوائم إحصائية.
- ثم الموازنة بين القوائم.
- فالإنتهاء إلى النتيجة.
1 - المعاجم التي رجعت إليها مباشرة، هي:
1 - العين، الخليل.
2 - مجاز القرآن، أبو عبيدة.
3 - الصحاح، الجوهري.
4 - ديوان الأدب، الفارابي.
5 - مجمل اللغة، ابن فارس.
6 - القاموس المحيط، الفيروز آبادي.
7 - تاج العروس، الزبيدي.
8 - لسان العرب، ابن منظور.
9 - المفردات، الراغب الأصفهاني.
10 - مجمع البحرين، الطريحي.
128

11 - المغرب، المطرزي.
12 - المصباح المنير، الفيومي.
13 - معجم ألفاظ القرآن الكريم، مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
14 - المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية بالقاهرة.
والمعاجم غير المباشرة، وهي التي اطلعت على ما ذكرته عن طريق
المعاجم المباشرة، وهي:
15 - جمهرة اللغة، ابن دريد.
16 - تهذيب اللغة، الأزهري.
والمعاني التي ذكرتها المعاجم المذكورة، هي:
1 - وجه الأرض:
العين، المصباح، المغرب، الصحاح، القاموس، التاج، الوسيط،
المجمع، المجاز، المفردات، معجم ألفاظ القرآن الكريم.
2 - التراب:
الديوان، المصباح، التهذيب، الصحاح، المجمل، القاموس،
التاج، الوسيط، المجمع.
3 - الطريق:
المصباح، المجمع، معجم ألفاظ القرآن الكريم.
4 - الأرض بعينها:
التاج، اللسان، معجم ألفاظ القرآن الكريم.
5 - الأرض الطيبة:
التاج، اللسان.
6 - التراب الطيب:
التاج، اللسان.
7 - الأرض المستوية:
التاج، اللسان.
8 - المرتفع من الأرض:
129

التاج، اللسان، الوسيط.
9 - الأرض المرتفعة من الأرض المنخفضة:
التاج، اللسان.
10 - التراب الذي لم يخالطه سبخ ولا رمل:
التاج، واللسان، الجمهرة، المجمع.
11 - التراب ذو الغبار:
التاج، اللسان.
12 - الموضع الواسع:
الوسيط.
13 - الغبار:
المفردات.
2 - والمعاني التي تلتقي وطبيعة التيمم، ويحتمل أن تكون مدلولا
لكلمة (صعيد) في الآية الكريمة، هي:
1 - وجه الأرض.
2 - التراب.
3 - الأرض بعينها.
4 - الأرض الطيبة.
5 - التراب الطيب.
6 - التراب الذي لم يخالطه سبخ ولا رمل.
7 - التراب ذو الغبار.
8 - المرتفع من الأرض.
وبملاحظة أن القائل بأن معنى الصعيد هو الأرض بعينها أن مراده من
القيد (بعينها) في مقابل (التراب) بخصوصه، يمكننا أن نذهب إلى أنه
يريد به وجه الأرض.
وبملاحظة أن المقصود من طيب الأرض وطيب التراب هو أن تكون
الأرض قد أخصبت وأكلأت، وكذلك التراب، يمكننا أن ندخل هذين تحت
130

عنوان التراب الذي لم يخالطه سبخ ولا رمل.
وبملاحظة أن المراد من تقييد التراب بأنه ذو غبار أن لا يكون قد تحجر
أو تمدر يدرج هذا القول تحت عنوان التراب.
وبعد هذه الملاحظات تكون المعاني لكلمة (صعيد) المحتمل إرادتها
منه هنا هي:
1 - وجه الأرض.
2 - التراب مطلقا.
3 - التراب الذي لم يخالطه سبخ ولا رمل.
4 - المرتفع من الأرض.
وبعد هذا الذي تقدم لا بد لنا من فرز أسماء العلماء اللغويين الدلاليين
الذين نسبت إليهم أقوال في المسألة، وهم:
1 - الخليل.
2 - أبو عبيدة.
3 - ابن الأعرابي.
4 - الفراء.
5 - ثعلب.
6 - الزجاج.
لنفرز أقوالهم في المسألة أيضا، وهي كالتالي:
1 - ذهب كل من الخليل وأبي عبيدة وثعلب والزجاج إلى أن المعنى في
الآية: وجه الأرض.
وذهب ابن الأعرابي إلى أن المعنى هو الأرض بعينها... وأخذا
بالملاحظة المذكورة في أعلاه يصبح هو الآخر قائلا بأن المعنى هو وجه
الأرض.
2 - وذهب الفراء إلى أن المعنى - هنا - هو التراب.
وعليه يصبح عندنا معنيان للصعيد - هنا - هما: (وجه الأرض)
131

و (التراب)، وذلك لأن المعاني الأخرى قد استبعدنا بعضها لأنها لا يحتمل
إرادتها، وأدخلنا بعضها تحت عناوين بعض، ثم استخلصنا منها ما نسب
لعالم دلالي.
أما الشواهد اللغوية فقد استشهد هنا بالتالي:
1 - الآية الكريمة: (فتصبح صعيدا زلقا) (1):
استشهد بها أبو إسحاق على أن المراد بالصعيد وجه الأرض (2).
2 - قوله تعالى: (صعيدا جرزا) (3):
استشهد به الفراء على أن المراد بالصعيد التراب (4).
3 - قول جرير:
إذا تيم ثوت بصعيد أرض * بكت من خبث لؤمهم الصعيد
ذكره الزبيدي (5) وابن منظور (6) شاهدا على أن المراد بالصعيد وجه
الأرض.
4 - قول جرير أيضا:
والأطيبين من التراب صعيدا
ذكره ابن منظور (7) شاهدا على أن المراد بالصعيد وجه الأرض.
5 - قول ذي الرمة:
قد استحلوا قسمة السجود
والمسح بالأيدي من الصعيد

(1) سورة الكهف 40.
(2) انظر: التاج: مادة (صعد).
(3) سورة الكهف 8.
(4) انظر: التاج: مادة (صعد).
(6) اللسان: مادة (صعد).
(7) م. ن.
132

استشهد به الخليل (1) على أن المراد بالصعيد وجه الأرض.
5 - وكما رأينا أن خمسة من العلماء اللغويين من مجموع ستة ذهبوا إلى
أن الصعيد هو وجه الأرض، أي بنسبة 6، 93 %.
وأن أربعة من الشواهد من مجموع خمسة هي لإثبات أن معنى الصعيد
هو وجه الأرض، أي بنسبة 80 %
فإذا ضممنا هذه إلى تلك تأتي النتيجة بأن معنى الصعيد المقصود في
الآية الكريمة هو وجه الأرض.
ولذا وجدنا جل متأخري المتأخرين من فقهائنا الإمامية يذهبون إلى
ذلك.
فمن محشي (العروة الوثقى) - ممن لدي حواشيهم، وهي خمسة عشرة
حاشية - ذهب إلى القول به اثنا عشر فقيها وهم: الجواهري والحكيم
والشاهرودي والميلاني والشريعتمداري والخوانساري والشيخ البروجردي
والخميني والخوئي والكلبايكاني والطباطبائي القمي وزين الدين.
ومن قبلهم صاحب العروة السيد اليزدي، قال: " يجوز التيمم على
مطلق وجه الأرض على الأقوى، سواء كان ترابا أو رملا أو حجرا أو مدرا أو
غير ذلك " (2).
وقوله: (على الأقوى) يشير به إلى أقوائية دليل القول بالنسبة إلى دليل
القول الآخر أو الأقوال الأخرى.
نموذج تطبيق القواعد الأصولية
ولنأخذ - هنا - قاعدة الاستصحاب، ونتبع في تطبيقها الخطوات التالية:
1 - ذكر الموضوع أو المسألة.

(1) العين: مادة (صعد).
(2) العروة الوثقى: فصل في بيان ما يصح التيمم به.
133

2 - ذكر الحكم.
3 - تطبيق القاعدة.
1 - من المسائل الفقهية التي تذكر أحكام المياه مسألة الشك في
إطلاق الماء، وفحواها:
إذا كان الماء مطلقا ثم شك زوال إطلاقه، ما هي وظيفة المكلف من
حيث الجري العملي أيحكم باطلاقه؟ أم يحكم بعدم إطلاقه؟.
2 - الجواب: وظيفته أن يحكم باطلاقه.
3 - والدليل على ذلك هو الاستصحاب، لأن المكلف كان على يقين من
إطلاق الماء، ثم شك في زوال الإطلاق، فليس له أن ينقض اليقين بالشك.
يقول السيد اليزدي في (العروة الوثقى) (1): " والمشكوك اطلاقه لا
يجري عليه حكم المطلق إلا مع سبق اطلاقه ".
ويقول السيد الحكيم معلقا عليه: " فحينئذ يستصحب اطلاقه كسائر
العوارض المشكوكة الارتفاع فيجري عليه حكم المطلق " (2).
ويعلق السيد السبزواري على المسألة بقوله: " لأصالة بقاء الحدث أو
الخبث بعد استعماله فيهما، ومع سبق الإطلاق يستصحب فيرتفع الحدث
والخبث حينئذ " (3).
4 - فالنتيجة هي أن يحكم المكلف في مثل هذه المسألة باطلاق الماء
ببركة تطبيق قاعدة الاستصحاب.
نموذج تطبيق القواعد الفقهية
ولتكن معاملتنا هنا مع (قاعدة الفراغ) و (قاعدة الفراش) سائرين

(1) 1 / 49 ط 2 " ذات التعليقات العشر ".
(2) المستمسك 1 / 206 ط 2.
(3) مهذب الأحكام 1 / 281.
134

الخطوات التالية:
1 - ذكر الموضوع أو المسألة، بعد التأكد من أنها من موارد انطباق
القاعدة حسبما هو محرر في موضعه من البحث في القاعدة.
2 - تطبيق القاعدة.
3 - بيان النتيجة.
قاعدة الفراغ:
1 - المسألة:
من الموارد التي تطبق فيها قاعدة الفراغ ما لو تيقن المكلف من إتيانه
بالواجب المكلف به، ثم وبعد الفراغ من أداء الواجب شك في أن عمله
الذي قام به جامعا للأجزاء والشرائط وفاقدا للموانع أو لا؟
مثل ما لو توضأ وصلى، وبعد أن فرغ من صلاته شك في صحة
وضوئه.
2 - هنا يقوم المكلف بتطبيق قاعدة الفراغ التي تقول له ابن علي صحة
وضوئك، ولا تعتن بشكك، حيث أن لسان دليل القاعدة ينهي إلى هذا،
ففي صحيح محمد بن مسلم قال: " قلت لأبي عبد الله (ع): رجل شك
في الوضوء بعد فرغ من الصلاة؟
قال: يمضي على صلاته ولا يعيد " (1).
3 - وتكون النتيجة لديه: الحكم بصحة وضوئه.
قاعدة الفراش:
1 - الموضوع:
وأيضا هي من القواعد التي يرجع إليها في حالة الشك، وذلك كما لو
كانت امرأة قد تزوجت زواجا شرعيا من رجل ما، وحصل منها وهي في

(1) انظر: قواعد الفقيه 277 - 299.
135

عصمة زوجها اتصال جنسي غير شرعي مع رجل آخر، وحملت ووضعت
حملها في مدة يمكن نسبة المولود لزوجها الشرعي، وشك في أمر الولد
هل هو من زوجها الشرعي أو من الرجل الآخر.
2 - في مثل هذه الحالة تطبق قاعدة الفراش التي تقول: (الولد للفراش
وللعاهر الحجر)، فينسب الولد استنادا لهذه القاعدة إلى صاحب الفراش وهو
الزوج الشرعي، وترجم المرأة حدا لأنها محصنة، حيث أريد ب‍ (العاهر) -
كما هو ظاهر لسان الحديث - المرأة، لأن كلمة (عاهر) تطلق - في اللغة -
على الرجل وعلى المرأة، فيقال: رجل عاهر، وامرأة عاهر وعاهرة (1).
3 - فتكون النتيجة: الحكم بإلحاق الولد بالزوج الشرعي.
ومن تطبيقاتها:
أ - ما رواه سعيد الأعرج عن الإمام الصادق (ع)، قال: " سألته عن
رجلين وقعا على جارية في طهر واحد، لمن يكون الولد؟
قال: للذي عنده الجارية لقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم): الولد للفراش وللعاهر
الحجر " (2).
نموذج تطبيق القواعد الرجالية
وستكون قاعدتنا - هنا - (عمل الأصحاب)، ووفق الخطوات التالية:
1 - ذكر الراوي وروايته.
2 - ذكر الإشكال على سند الرواية.
3 - رد الإشكال بتطبيق القاعدة.
4 - بيان النتيجة.
1 - الرواية: سندا ونصا:
محمد بن الحسن عن المفيد عن أحمد بن محمد عن أبيه محمد بن

(1) انظر: المعجم الوسيط: مادة: (عهر).
(2) القواعد الفقهية 4 / 22.
136

يحيى عن محمد بن علي بن محبوب عن أحمد بن الحسين عن فضالة عن
السكوني عن جعفر عن أبيه عن علي (ع): أنه سئل عن التيمم بالجص؟
فقال: نعم.
فقيل: بالنورة؟
فقال: نعم.
فقيل: بالرماد؟
فقال: لا، إنه ليس يخرج من الأرض، إنما يخرج من الشجر " (1).
2 - نوقش في سند هذه الرواية بتضعيف السكوني لتصريح العلامة الحلي
في (الخلاصة) بعاميته. 3 - وفي (نهج الهدى) (2) حيث استدل مؤلفه الشيخ البروجردي بهذه
الرواية على جواز التيمم بالجص، ورد الإشكال المذكور بتطبيقه القاعدة، قال: " لا بأس بالعمل برواية برواية السكوني، فإنه وإن صرح العلامة في الخلاصة
بكون الرجل عاميا، إلا أنه يظهر من الشيخ والنجاشي من عدم التعرض
لمذهبه كونه إماميا شديد التقية لإشتهاره بين العامة واختلاطه بهم وكونه من
قضاتهم، كما لعل ذلك هو المنشأ لرميه بكونه عاميا، مع أنه على فرض كونه
عاميا، يكفيه بناؤهم على العمل بروايته، بل وترجيح روايته على رواية من
هو من أجلة أهل العدل، ويكفيك في ذلك دعوى الشيخ (قدس سره)
إجماع الشيعة على العمل بروايته كما نص عليه في غير موضوع من كتبه،
فيظهر حينئذ كون الرجل موثقا، لا يقدح في العمل بروايته ما نسب إليه من
كونه عاميا ".
وفي (الوسائل) (3): " إسماعيل بن أبي زياد السكوني الشعيري، -
واسم أبي زياد مسلم - قال العلامة: كان عاميا، وقال الشيخ والنجاشي: له

(1) الوسائل 1 / 971 ط 5.
(2) 1 / 387 - 388.
(3) الخاتمة 20 / 138.
137

كتاب، ووثقه الشيخ في (العدة)، ونقل الإجماع على العمل بروايته - كما
- مر نقله -، ووثقه المحقق في المسائل العزية ".
4 - والنتيجة التي ننتهي إليها من هذا هي: وثاقة السكوني وجواز العمل
بروايته.
نموذج تطبيق القرائن التاريخية
ولنأخذ - هنا - الظاهرة الدينية في معنى كلمة (الطهارة) شرعا قرينة على
أنها من الحقائق الشرعية في مجتمع نزول القرآن الكريم ومجئ الشريعة
الإسلامية المطهرة.
ونعالج المسألة على هدي الخطوات التالية:
1 - تعريف الطهارة فقهيا.
2 - مداليل النصوص الشرعية بكلمة (طهارة).
3 - الظاهرة الدينية لكلمة (طهارة).
4 - النتيجة.
وضمن هذه المقتطفة من كتاب (دروس في فقه الإمامية):
1 - اختلف الفقهاء في تعريف الطهارة على طوائف ثلاث، هي:
- الطائفة الأولى:
تلكم التعاريف الشاملة والعامة للطهارة بقسميها الحدثية والخبثية، وهي
جل تعرفات فقهاء السنة، مثل:
التعريف المذكور في (زاد المستقنع): " الطهارة هي: ارتفاع الحدث
وما في معناه، وزوال الخبث ".
والتعريف الوارد في (ترشيح المستفيدين): " وشرعا: رفع المنع
المترتب على الحدث أو النجس ".
وذهب إليه من فقهاء الإمامية الشيخ أبو علي، فقد نقل في (الجواهر)
138

أنه عرفها في (شرح النهاية) ب‍ " أنها التطهير من النجاسات ورفع
الأحداث ".
- الطائفة الثانية:
هي التعريفات التي قصرت مفهوم الطهارة على الطهارة التعبدية دون أن
تفرق بين المبيح منها وغير المبيح، كتعريف الشهيد الأول في (اللمعة):
" وشرعا: استعمال طهور مشروط بالنية ".
- الطائفة الثالثة:
التعريفات التي ضيقت مفهوم الطهارة بقصره على الطهارة التعبدية
المبيحة للدخول في الصلاة... نحو تعريف الشيخ الطوسي في (النهاية):
" الطهارة في الشريعة: اسم لما يستباح به الدخول في الصلاة ".
وتعريف المحقق في (الشرائع): " الطهارة: اسم للوضوء أو الغسل أو
التيمم على وجه له تأثير في استباحة الصلاة ".
وعلى هذه التعريفات (الطائفة الثالثة) لا يصح اطلاق الطهارة حقيقة
على وضوء الحائض للذكر، ووضوء الجنب للنوم، ووضوء المحتلم
للجماع، لأنها غير رافعة للأحداث المذكورة، فهي غير مبيحة للدخول في
الصلاة، أي لا تصح الصلاة بها.
وعلى التعريف في الطائفة الثانية لا يصح إطلاق الطهارة حقيقة على
الطهارة الخبثية.
والمعروف والمشهور بين الفقهاء الإمامية هو التعريف الأخير القاصر
للطهارة على التعبدية المبيحة.
وذهب بعضهم إلى التعريف الثاني - كما قرأته عن الشهيد الأول في
(اللمعة).
قال الشهيد الأول في (غاية المراد في نكت الإرشاد): " إن إدخال إزالة
الخبث فيها ليس من اصطلاحنا " - كما نقل عنه هذا في (الجواهر) -.
139

2 - إلا أننا إذا ألقينا على استعمال النصوص الشرعية لألفاظ الطهارة
نرى أنها أطلقتها على الطهارة مطلقا، أي بما يعم قسميها، ومن غير
استخدام ما يدل أو يشير على التجوز في الاستعمال، ومن أمثلة هذا:
- (حتى يطهرن فإذا تطهرن).
- (لا يمسه إلا المطهرون).
- (وثيابك فطهر).
- (وقد جعلت الماء طهورا لأمتك من جميع الأنجاس).
- (وكلما غلب كثرة الماء فهو طاهر).
- (كل شئ يراه ماء المطر فقد طهر).
3 - يضاف إليه:
إن مفهوم الطهارة الشرعي من المفاهيم التي كانت معروفة لدى أبناء
مجتمع التنزيل، لأنها من المفاهيم التي كانت تسود مجتمعات المتعبدين
بالموسوية والمسيحية.
فلا تحتاج إلى وضع جديد، وكل ما تحتاجه هو التهذيب بالحذف أو
الإضافة وفق التشريع الإسلامي الجديد، وهو ما تم بالفعل، وفهمه أبناء
مجتمع التنزيل بيسر.
ويسري هذا في عموم الألفاظ الشرعية لاستمرار الظاهرة الدينية، ومن
عهد أول نبي، واستمرار ظاهرة الكتاب الإلهي منذ صحف إبراهيم، ومعرفة
عموم الناس لذلك.
وتاريخ الأديان المقارن، وكذلك تاريخ التشريع الإسلامي يؤيد هذا.
4 - إن هذه الظاهرة الدينية تأتي قرينة واضحة لتدعيم أن كلمة (طهارة)
من الحقائق الشرعية.
فالطهارة في الشريعة الإسلامية تعني ما تعنيه في الشرائع الأخرى مع
فارق ما غير في أطراف مفهومها.
140

نموذج تطبيق القرائن التفسيرية
سنكون - هنا - مع الآية الكريمة: (إنما المشركون نجس فلا يقربوا
المسجد الحرام بعد عامهم هذا) (1)، لنرى ما يمكن أن يتخذ من معطيات
تفسيرها قرينة في الاستدلال على نجاسة الكتابيين، وما تنهي إليه المعطيات
التفسيرية من نتائج للمسألة.
وسنسير معها الخطوات التالية:
1 - ذكر نص الآية الكريمة.
2 - عرض الاستدلال بها على نجاسة الكتابيين.
3 - مناقشة الاستدلال.
4 - النتيجة.
وهو الآخر مقتطف من كتاب (دروس في فقه الإمامية).
1 - نص الآية:
(إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم
هذا) (2).
2 - استدل بهذه الآية الكريمة على نجاسة الكتابيين بتقريب:
أن كلمة (نجس) في الآية الكريمة تعني النجاسة العينية.
ولأن أهل الكتاب أو اليهود والنصارى طائفتان من طوائف المشركين لقوله
تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله - إلى
قوله - عما يشركون) (3)، يشملهم الحكم بنجاسة المشركين المذكور في
الآية الكريمة.
ويلحق بهما المجوس لأنهم كذلك لاعتقادهم - كما يقال - بإلهين: إله
النور وإله الظلمة.

(1) سورة التوبة 28.
(2) سورة التوبة 28.
(3) سورة التوبة 30 و 31.
141

3 - تناقش دلالة الآية الكريمة على نجاسة أهل الكتاب من وجهين:
الأول: إن كلمة (نجس) - في الآية الكريمة - غير ظاهرة الدلالة على
المدعى - وهي النجاسة العينية التي تستلزم اجتناب مماسة المشركين
بالرطوبة - لأن هذا لو كان مدلولا للآية وتشريعا لهذا الحكم لبان أثره علما
وعملا عند الجيل المعاصر لنزول الآية الكريمة.
فلم ينقل شئ من هذا، إلا ما نسبه بعض المفسرين إلى ابن عباس من
أنه قال في تفسير الآية: " أعيانهم نجسة كالكلاب والخنازير "، ومن بعده
في أجيال التابعين نقل هذا عن الحسن البصري وعمر بن عبد العزيز.
يضاف إليه: اختلاف المفسرين في التردد بين ثلاثة أنواع من النجاسة،
هي:
أ - النجاسة العينية المستلزمة للتطهير عند المماسة برطوبة، وهو المعنى
المدعى.
ب - النجاسة العرضية، بسبب عدم اجتنابهم وعدم تطهرهم عما يراه
المسلمون نجسا.
ج - النجاسة المعنوية، وهي استقذارهم من قبل المسلمين، أي
اعتبارهم قذرا لخبث باطنهم باعتقادهم الشرك، وهو ما تدل عليه كلمة
(نجس) لغويا، وعليه نصت جل كتب (غريب القرآن)، وما فهمه
المسلمون منها حين النزول.
وممن أشار إليه السيد الطباطبائي في (الميزان) - 9 / 229 - بقوله:
" والنهي عن دخول المشركين لمسجد الحرام بحسب اعتقادهم العرفي يفيد
أمر المؤمنين بمنعهم عن دخول المسجد الحرام.
وفي تعليله تعالى منع دخولهم المسجد بكونهم نجسا اعتبار نوع من
القذارة لهم كاعتبار نوع من الطهارة والنزاهة للمسجد الحرام.
142

وهي - كيف كانت - أمر آخر وراء الحكم باجتناب ملاقاتهم بالرطوبة،
وغير ذلك ".
هذا الإختلاف في فهم المقصود من كلمة (نجس) في الآية الكريمة لا
يسمح لنا - من ناحية منهجية - أن نفسر الآية بواحد من هذه المعاني إلا
بالاعتماد على القرينة.
والقرينة التاريخية تؤيد الحمل على المعنى الأخير.
وهي (أعني القرينة) ما أشرت إليه من موقف جيل التنزيل من حمل الآية
على غير النجاسة العينية أو العرضية.
وما نسب إلى ابن عباس من تفسيرها بالنجاسة العينية - إن صحت
النسبة - لا يشكل ظاهرة دينية اجتماعية فلا يصلح للقرينية.
الثاني: إن القرآن الكريم فرق بين المشركين وأهل الكتاب، وجاء هذا
منه في أكثر من آية، وبالقدر الذي يرتفع به إلى الأسلوب المتميز... والآي
هي:
- (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم
من خير من ربكم) - البقرة 105 -.
- (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى
كثيرا) - آل عمران 186 -.
- (لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا)
- المائدة 85 -.
(إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والمجوس والذين أشركوا
إن الله يفصل بينهم يوم القيامة) - الحج 17 -.
- (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى
تأتيهم البينة) - البينة 1 -.
143

- (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم) البينة 6 -.
وأما ما استفاده المستدلون بالآية الكريمة من أن أهل الكتاب مشركون من
قوله تعالى: (سبحانه عما يشركون) في الآية 31 من سورة التوبة التي
تلت الآية 30 التي أخبر بها عن اعتقاد اليهود بأن عزير ابن الله واعتقاد
النصارى بأن المسيح ابن الله -، فإنه لا نظر فيه إلى ما في الآية 30، وإنما
هو ناظر إلى ما في الآية 31، قال تعالى: (وقالت اليهود عزير ابن الله
وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين
كفروا من قبل قاتلهم الله أنى يؤفكون) - التوبة
30 -.
وقال تعالى: (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أربابا من دون الله
والمسيح بن مريم وما أمروا إلا ليعبدوا إلها واحدا لا إله إلا هو سبحانه عما
يشركون) التوبة 31 -.
ففي الآية الثلاثين وصفهم بالمضاهئة (المشابهة) للكفار الذين كانوا
ينسبون لله أبناء.
وفي الآية الحادية والثلاثين وصفهم بالشرك لاتخاذهم الأحبار والرهبان
والمسيح أربابا من دون الله.
والقول بأن لله ابنا إذا لم يعتقد في الابن الألوهية لا يسمى شركا، - وإن
كان هو في درجة الشرك من حيث الانحراف - لأن الشرك هو الاعتقاد بأن لله
شريكا في الألوهية.
ولذا لم يذكر عزير في الآية 31 لأن اليهود لم يعتقدوا فيه الألوهية.
وذكر المسيح لأن النصارى اعتقدوا فيه الألوهية.
ووصف النصارى بالشرك في الآية لا لاعتقادهم بأن المسيح ابن الله -
وإن كان هذا كفرا في حد الشرك بالله - وإنما لاعتقادهم ألوهيته وألوهية
الرهبان.
144

وكذلك وصف اليهود بالشرك في الآية لاتخاذهم أحبارهم أربابا.
وتعبير القرآن الكريم - هنا - عن اعتقادهم هذا بالشرك، إشارة منه إلى
واقع انحرافي موجود لديهم، لا لإدراجهم في قائمة المشركين.
وإلا تنافى هذا والظاهرة الأسلوبية القرآنية التي أشرت إليها.
ومن هنا كانت لهم أحكام خاصة يفترقون بها عن المشركين.
4 - وفي ضوئه: لا دلالة في الآية على النجاسة العينية، ولا شمول فيها
لأهل الكتاب لتمييزهم في الأسلوب القرآني من المشركين.
خطوات المنهج الفقهي
والآن - بعد عرض جملة من البحوث الفقهية على اختلاف ألوانها -
نستطيع أن نستلخص خطوات منهج البحث الفقهي التي على الباحث الفقهي
أن يأخذ بها.
وقبل عرضها لا بد من الإشارة إلى مادة البحث الفقهي التي تعامل معها
الباحثون الفقهيون في النماذج المتقدمة وأمثالها، لأنها الإشارة المساعدة في
فتح الضوء الأخضر أمامنا.
مادة البحث الفقهي:
1 - النصوص الشرعية من الكتاب والسنة.
2 - القواعد:
أ - اللغوية:
- الصرفية.
- النحوية.
- البلاغية.
- الدلالية.
- المعجمية.
ب - الأصولية:
145

- الاجتهادية التي تنهي إلى الحكم الشرعي.
- الفقاهية التي تعين الوظيفة العملية للمكلف في حالة الشك في
الحكم بديلا عنه.
ج - الفقهية.
د - الرجالية.
3 - القرائن.
أ - التاريخية الإجتماعية.
ب - التفسيرية.
وبعد هذه التوطئة المقتضبة، التي تفصل - عادة - تفصيلا وافيا في
حقولها المعرفية الخاصة بها من: علوم اللغة العربية، وعلم أصول الفقه،
ومباحث القواعد الفقهية، وعلم رجال الحديث، وتاريخ التشريع الإسلامي،
وعلم الأديان المقارن، وكتب التفسير، وما يلابس هذه، ننتقل إلى بيان
خطوات المنهج:
خطوات منهج البحث الفقهي:
1 - تعيين موضوع البحث.
ولا بد في عنوان الموضوع من أن يكون واضحا غير غائم أو عائم أو
مطاطي.
2 - تحديد موضوع الحكم.
ويرجع في تحديد وتعريف الموضوعات إلى التالي:
أ - النصوص الشرعية.
فإن كان في البين نصوص شرعية تحد موضوع وتحدده تكون هي
المرجع المتعين الذي يرجع إليه في هذا.
وإذا لم تكن هناك نصوص شرعية يتعرف تعريف وحدود الموضوع من
خلالها، يلاحظ:
ب - إن كان الموضوع من الموضوعات العلمية أو المهنية أمثال:
146

التشريح الطبي والتلقيح الصناعي ومعاملات المصارف (البنوك)، ومعاملات
الشركات كالتأمين... والخ، يرجع فيه إلى ذوي التخصص، ويصطلح
عليهم في علم الفقه ب‍ (العرف الخاص).
ج - وإن لم يكن الموضوع علميا أو مهنيا، وإنما كان من الموضوعات
الاجتماعية، فيرجع في تعرف واقعه ومعرفة تحديده إلى أبناء المجتمع،
ويصطلح عليهم في علم الفقه ب‍ (العرف العام).
3 - جمع النصوص المرتبطة بالحكم والملابسة لها.
4 - دراسة النصوص من خلال النقاط التالية:
أ - تقييم السند إذا كان النص رواية لا آية، في ضوء قواعد ونتائج علم
رجال الحديث.
ب - تقويم المتن - سواء كان النص آية أو رواية - في ضوء قواعد ونتائج
علم تحقيق التراث.
ج - استفادة دلالة النص على الحكم في ضوء القواعد اللغوية والأصولية
والفقهية معززة بالقرائن التاريخية الاجتماعية والقرائن التفسيرية.
د - استخلاص الحكم.
ه‍ - صياغة الحكم.
5 - وفي حالة فقدان النص أو إجماله أو تعارضه مع نص آخر تعارضا
محكما يؤدي إلى سلب كل منهما حجية الآخر، يرجع إلى:
أ - الأصول العملية.
ب - القواعد الفقهية اللاتي يرجع إليهن في موضع الشك.
مراجع البحث الفقهي
وهنا لا بد لنا من ذكر أهم المراجع التي على الباحث الفقهي أن يرجع إليها
عند إعداد بحثه، وهي - في هدي ما تقدم من بحث عن المنهج الفقهي:
1 - كتب الصرف.
147

2 - كتب النحو.
3 - كتب البلاغة.
4 - المعاجم:
أ - المعاجم اللغوية العامة.
ب - معاجم المعاني اللغوية.
ج - معاجم ألفاظ القرآن الكريم.
ه‍ - كتب القراءات القرآنية.
و - كتب التجويد.
ز - معاجم غريب الحديث.
5 - كتب المنطق.
6 - كتب أصول الفقه.
7 - كتب القواعد الفقهية.
8 - كتب التفسير.
9 - كتب الرجال.
10 - مصادر تاريخ التشريع الإسلامي.
11 - كتب تحقيق التراث.
12 - كتب الفقه الإمامي.
13 - كتب فقه المذاهب الإسلامية الأخرى.
14 - كتب الفقه المقارن.
15 - المعاجم الفقهية.
وسأقتصر على ذكر المطبوع منها فقط ليسر تناوله وسهولة الوصول إليه.
1 - مراجع الصرف
1 - التصريف أبو عثمان المازني البصري
2 - المنصف (شرح تصريف المازني) ابن جني الموصلي
148

3 - التصريف الملوكي ابن جني الموصلي
4 - شرح التصريف الملوكي ابن يعيش الحلبي
5 - الممتع ابن عصفور الأشبيلي
6 - المبدع أبو حيان الغرناطي
7 - الشافية ابن الحاجب المصري
8 - شرح الشافية الرضي الاسترآبادي
9 - شرح الشافية الچارپردي التبريزي
10 - شرح الشافية نقره كار النيسابوري
11 - شرح الشافية النظام القمي
12 - شرح التصريف العزي الشريف الجرجاني
13 - مفتاح العلوم السكاكي
14 - مراح الأرواح أحمد بن علي
15 - شذا العرف الحملاوي المصري
16 - في علم الصرف أمين السيد
17 - مختصر الصرف عبد الهادي الفضلي
2 - مراجع النحو
1 - كتاب سيبويه
2 - شرح كتاب سيبويه السيرافي
3 - المقتضب المبرد
4 - الأصول ابن السراج
5 - الإيضاح أبو علي الفارسي
6 - المقتصد في شرح الإيضاح الجرجاني
7 - المقرب ابن عصفور
8 - تذكرة النحاة أبو حيان الأندلسي
9 - ارتشاف الضرب أبو حيان الأندلسي
10 - الجمل الزجاجي
149

11 - شرح الجمل ابن عصفور
12 - شرح الجمل ابن هشام
13 - الكافية ابن الحاجب
14 - شرح الكافية ابن الحاجب
15 - شرح الكافية الرضي الاسترآبادي
16 - الفوائد الضيائية (شرح الكافية) الملا جامي
17 - شرح العصام على كافية ابن الحاجب
18 - تسهيل الفوائد ابن مالك
19 - شرح التسهيل ابن مالك
20 - المساعد على تسهيل الفوائد ابن عقيل
21 - الألفية = الخلاصة ابن مالك
22 - شرح ألفية ابن مالك ابن الناظم
23 - شرح ألفية ابن مالك ابن عقيل
24 - توضيح المقاصد والمسالك ابن أم قاسم المرادي
25 - أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك ابن هشام
26 - البهجة المرضية في شرح الألفية السيوطي
27 - شرح ألفية ابن مالك المكودي
28 - منهج السالك إلى ألفية ابن مالك الأشموني
29 - الأزهار الزينية في شرح متن الألفية زيني دحلان
30 - التصريح بمضمون التوضيح (حاشية على أوضح المسالك) الأزهري
31 - حاشية ابن حمدون على شرح المكودي
32 - حاشية الخضري على شرح ابن عقيل
33 - حاشية السجاعي على شرح ابن عقيل
34 - حاشية الصبان على شرح الأشموني
35 - زواهر الكواكب (حاشية على شرح الأشموني) التونسي
150

36 - شرح الكافية الشافية ابن مالك
37 - المفصل الزمخشري
38 - شرح المفصل ابن يعيش
39 - الإيضاح في شرح المفصل ابن الحاجب
40 - تمهيد القواعد الأصولية والعربية الشهيد الثاني
41 - مغني اللبيب ابن هشام
42 - حاشية الأمير على المغني
43 - حاشية الدسوقي على المغني
44 - الكوكب الدري فيما يتخرج على الأصول النحوية من الفروع الفقهية جمال الدين الأسنوي
45 - همع الهوامع السيوطي
46 - الفوائد الصمدية = الصمدية بهاء الدين العاملي
47 - الحدائق الندية في شرح الفوائد الصمدية ابن معصوم
48 - مفتاح العلوم السكاكي
49 - دراسات في قواعد اللغة العربية عبد المهدي مطر
50 - دراسات لأسلوب القرآن الكريم محمد عبد الخالق عضيمة
51 - النحو الوافي عباس حسن
52 - مختصر النحو عبد الهادي الفضلي
3 - مراجع البلاغة
1 - مجازات القرآن الشريف الرضي
2 - المجازات النبوية الشريف الرضي
3 - دلائل الإعجاز الجرجاني
4 - أسرار البلاغة الجرجاني
5 - مفتاح العلوم السكاكي
6 - التبيان في علم البيان ابن الزملكاني
7 - الصناعتين العسكري
151

8 - التلخيص = تلخيص المفتاح الخطيب القزويني
9 - الإيضاح (شرح التلخيص) الخطيب القزويني
10 - المختصر (شرح التلخيص) التفتازاني
11 - المطول (شرح التلخيص) التفتازاني
12 - سر الفصاحة ابن سنان الخفاجي
13 - الطراز العلوي اليمني
14 - أصول البلاغة ميثم البحراني
15 - علوم البلاغة المراغي
16 - جواهر البلاغة الهاشمي
17 - تلخيص البلاغة الفضلي
18 - تهذيب البلاغة الفضلي
4 - المعاجم اللغوية العربية
أ - المعاجم العامة:
1 - العين الخليل الفراهيدي
2 - جمهرة اللغة ابن دريد
3 - البارع أبو علي القالي
4 - التهذيب الأزهري
5 - الصحاح الجوهري
6 - ديوان الأدب الفارابي
7 - مجمل اللغة ابن فارس
8 - معجم مقاييس اللغة ابن فارس
9 - أساس البلاغة الزمخشري
10 - المحكم والمحيط الأعظم ابن سيده
11 - المحيط الصاحب بن عباد
12 - شمس العلوم نشوان الحميري
13 - التكملة والذيل والصلة الصغاني
152

14 - مختار الصحاح الرازي
15 - لسان العرب ابن منظور
16 - القاموس المحيط الفيروزآبادي
17 - تاج العروس الزبيدي
18 - الجيم الشيباني
19 - المغرب المطرزي
20 - المصباح المنير الفيومي
21 - معجم لاروس خليل الجر
22 - الصحاح في العلوم واللغة المرعشليان
23 - معيار اللغة الشيرازي
24 - البستان البستاني
25 - المرجع العلائلي
26 - محيط المحيط البستاني
27 - أقرب الموارد الشرتوني
28 - المعجم الكبير مجمع اللغة العربية بالقاهرة
29 - المعجم الوسيط مجمع اللغة العربية بالقاهرة
30 - متن اللغة أحمد الرضا
31 - المنجد اليسوعي
32 - الرائد جبران مسعود
ب - معاجم المعاني:
1 - الصاحبي ابن فارس
2 - متخير الألفاظ ابن فارس
3 - فقه اللغة الثعالبي
4 - المخصص ابن سيده
5 - تهذيب الألفاظ ابن السكيت
6 - جواهر الألفاظ قدامة بن جعفر
153

7 - الفروق اللغوية أبو هلال العسكري
8 - المعجم في بقية الأشياء أبو هلال العسكري
9 - نظام الغريب الربعي
10 - كفاية المتحفظ ابن الأجدابي
11 - شرح كفاية المتحفظ محمد الفاسي
12 - الألفاظ الكتابية الهمداني
13 - الإفصاح في فقه اللغة (تهذيب المخصص) الصعيدي وزميله
ج - معاجم ألفاظ القرآن الكريم:
1 - مجاز القرآن أبو عبيدة
2 - معجم القرآن عبد الرؤوف المصري
3 - كلمات القرآن مخلوف
4 - معجم ألفاظ القرآن الكريم مجمع اللغة العربية بالقاهرة
5 - تفسير مفردات القرآن الكريم سميح الزين
د - معاجم غريب القرآن الكريم:
1 - الغريبين: غريب القرآن والحديث الهروي
2 - القرطين (أو كتاب مشكل القرآن وغريبه) ابن قتيبة
3 - تفسير غريب القرآن ابن قتيبة
4 - غريب القرآن وتفسيره اليزيدي
5 - العمدة في غريب القرآن مكي القيسي
6 - المفردات في غريب القرآن الزمخشري
7 - المفردات في غريب القرآن الراغب الأصفهاني
8 - تحفة الأريب لما في القرآن من الغريب أبو حيان الأندلسي
9 - غريب القرآن ابن الخطيب
10 - نزهة القلوب السجستاني
154

11 - تفسير غريب القرآن الطريحي
12 - مجمع البحرين ومطلع النيرين في غريب الحديث والقرآن الطريحي
ه‍ - كتب أسباب النزول:
1 - لباب النقول في أسباب النزول السيوطي
2 - أسباب النزول الواحدي
و - كتب القراءات:
1 - السبعة ابن مجاهد
2 - التيسير في القراءات السبع الداني
3 - النشر في القراءات العشر ابن الجزري
4 - اتحاف فضلاء البشر بالقراءات الأربعة عشر الدمياطي البناء
5 - معجم القراءات القرآنية سالم مكرم وزميله
ز - كتب التجويد:
1 - الرعاية لتجويد القراءة وتحقيق التلاوة مكي القيسي
2 - التمهيد في علم التجويد ابن الجزري
3 - منجد المقرئين ابن الجزري
4 - قواعد التجويد العاملي
5 - بداية الهداية اللويمي
ح - معاجم غريب الحديث:
1 - الغريبين: غريب القرآن والحديث الهروي
2 - مجمع البحرين ومطلع النيرين في غريب الحديث والقرآن الطريحي
3 - غريب الحديث الحربي
155

4 - غريب الحديث القاسم بن سلام
5 - الفائق في غريب الحديث الزمخشري
6 - النهاية في غريب الحديث والأثر ابن الأثير
7 - غريب الحديث الهروي
5 - مراجع المنطق
يرجع إليها الباحث لمعرفة طرق التعريف وطرق الاستدلال، ومنها:
1 - النجاة في الحكمة المنطقية والطبيعية والإلهية ابن سينا
2 - منطق التجريد نصير الدين الطوسي
3 - الجوهر النضيد في شرح منطق التجريد العلامة الحلي
4 - اللئالئ المنتظمة في علم المنطق والميزان (أرجوزة مع شرحها) الملا السبزواري
5 - شرح الرسالة الشمسية القزويني
6 - حاشية ملا عبد الله (على تهذيب التفتازاني)
7 - المنطق المظفر
8 - مذكرة المنطق الفضلي
9 - خلاصة المنطق الفضلي
6 - مراجع أصول الفقه تقدم ذكرها في فصل (منهج علم أصول الفقه: مراجع أصول الفقه)
فراجع.
7 - مراجع القواعد الفقهية
1 - الفوائد والقواعد الشهيد الأول
2 - القواعد الفقهية السيد البجنوردي
3 - قواعد الفقه الشيخ الفقيه
4 - القواعد الفقهية الشيخ الخالصي
156

5 - القواعد الثلاث السيد الروحاني
8 - مراجع التفسير
1 - تفسير القرآن الكريم علي بن إبراهيم القمي
2 - تفسير العياشي محمد بن مسعود السمرقندي
3 - تفسير فرات الكوفي
4 - التبيان الشيخ الطوسي
5 - مجمع البيان الشيخ الطبرسي
6 - الصافي الفيض الكاشاني
7 - البرهان السيد التوبلي
8 - آلاء الرحمن الشيخ البلاغي
9 - البيان السيد الخوئي
10 - الميزان السيد الطباطبائي
11 - مواهب الرحمن السيد السبزواري
12 - المحرر الوجيز ابن عطية
13 - البحر المحيط أبو حيان الأندلسي
14 - الكشاف الزمخشري
15 - جامع البيان الطبري
16 - جامع أحكام القرآن القرطبي
17 - التفسير الكبير فخر الدين الرازي
18 - فتح القدير الشوكاني
9 - مراجع الرجال
1 - الرجال أبو العباس النجاشي
2 - رجال الكشي
3 - رجال الطوسي
157

4 - الفهرست الطوسي
5 - فهرست منتجب الدين القمي
6 - معالم العلماء ابن شهرآشوب
7 - التحرير الطاووسي العاملي
8 - رجال أبي داود الحلي
9 - رجال العلامة الحلي (كشف المقال في معرفة الرجال)
10 - خلاصة الأقوال العلامة الحلي
11 - شعب المقال الميرزا النراقي
12 - جامع الرواة الأردبيلي
13 - الفوائد الرجالية السيد بحر العلوم
14 - منهج المقال (الرجال الكبير) الميرزا محمد الاسترآبادي
15 - منتهى المقال (مختصر منهج المقال) أبو علي الحائري
16 - الوجيزة محمد باقر المجلسي
17 - جامع المقال الطريحي
18 - إتقان المقال محمد طه نجف
19 - الوسائل (الخاتمة) الحر العاملي
20 - مستدرك الوسائل (الخاتمة) الميرزا النوري
21 - تنقيح المقال المامقاني
22 - رجال الخاقاني
23 - عيون الرجال السيد حسن الصدر
24 - نتيجة المقال البارفروشي
25 - نقد الرجال التفريشي
26 - رجال الكلباسي أبو الهدى الكلباسي
27 - منتخب الرجال الشاه عبد العظيمي
28 - مجمع الرجال القهبائي
29 - ثقات الرواة هبة الدين الشهرستاني
158

30 - معجم رجال الحديث السيد الخوئي
10 - مراجع تحقيق التراث
1 - أصول نقد النصوص ونشر الكتب برجستراسر
2 - تحقيق النصوص ونشرها عبد السلام هارون
3 - أصول تحقيق النصوص مصطفى جواد
4 - قواعد تحقيق المخطوطات صلاح الدين المنجد
5 - تحقيق التراث عبد الهادي الفضلي
11 - مراجع الفقه الإمامي
تصنف مراجع الفقه الإمامي كالتالي:
1 - المراجع في آيات الأحكام (فقه القرآن).
2 - المراجع في أحادث الأحكام (فقه الحديث).
3 - المراجع في الفتوى (المتون والرسائل العملية).
4 - المراجع في الفقه الإستدلالي (الموسوعات الفقهية).
5 - المراجع في الفقه الخلافي (الموسوعات الخلافية).
(كتب آيات الأحكام)
1 - فقه القرآن، الراوندي (سعيد بن عبد الله ت 573 ه‍) نشر في النجف
سنة 1398 ه‍.
2 - كنز العرفان في فقه القرآن، الفاضل المقداد (المقداد بن عبد الله
السيوري الحلي ت 826 ه‍)، طبع في طهران سنة 1311 ه‍ مستقلا،
ثم بهامش تفسير محمد بن القاسم الاسترآبادي المنسوب إلى الإمام
الحسن العسكري (ع)، ثم أعيد طبعه في النجف الأشرف سنة
1964 م بثلاثة أجزاء، وفي إيران سنة 1384 ه‍ بجزئين، وكرر نشره
ببيروت سنة 1408 ه‍ مصورا على طبعة إيران الأخيرة.
3 - زبدة البيان في شرح آيات أحكام القرآن، المولى الأردبيلي (أحمد بن
159

محمد ت 993 ه‍)، طبع على الحجر بإيران في مجلد كبير، ثم في
إيران أيضا على الحروف بعدة مجلدات.
4 - قلائد الدرر في بيان آيات الأحكام بالأثر، الجزائري (أحمد بن
إسماعيل النجفي ت حدود 1150 ه‍)، طبع في النجف سنة 1963 م
بثلاثة مجلدات.
(كتب أحاديث الأحكام):
1 - الكافي، الكليني (محمد بن يعقوب ت 329 ه‍)، طبع على الحجر
بإيران سنة 1312 - 1315 ه‍، ثم على الحروف وبإيران سنة
1375 ه‍.
2 - من لا يحضره الفقيه، الصدوق (محمد بن علي بن بابويه
ت 381 ه‍)، طبع ببيروت عام 1401 ه‍ تصويرا على طبعة النجف
الأشرف الحروفية.
3 - تهذيب الأحكام، الطوسي (محمد بن الحسن ت 460 ه‍)، طبع
حجريا بإيران سنة 1318 ه‍ في مجلدين، ثم أعيد طبعه في النجف سنة
1378 ه‍ في عشر مجلدات.
4 - الإستبصار فيما اختلف من الأخبار، الطوسي، طبع بلكهنو في مجلدين
سنة 1307 ه‍، وأعيد طبعه في النجف بأربع مجلدات، وأعيد طبعه
مصورا عليه ببيروت سنة 1406 ه‍.
5 - الوافي، الكاشاني (محمد محسن ت 1019 ه‍) طبع حجريا بإيران
سنة 1324 ه‍ بثلاثة أجزاء.
6 - وسائل الشيعة إلي أحكام الشريعة، الحر العاملي (محمد بن الحسن
المشغري ت 1104 ه‍)، طبع حجريا في طهران سنة 1288 ه‍، وفي
تبريز سنة 1313 ه‍، وأعيد طبعه حروفيا في طهران 1375 ه‍ وأعيد
مصورا عليه في بيروت عام 1403 ه‍ ب‍ (20) مجلدا.
160

وله فهرست من صنع مؤلفه، سماه (من لا يحضره الإمام) طبع بإيران،
ومعه في الطبعة الحروفية.
وله شروح، منها: (أنوار الوسائل) للخاقاني (محمد طاهر آل شبير
ت 1406 ه‍)، طبع منه جزآن.
7 - بحار الأنوار، المجلسي (محمد باقر ت 1111 ه‍) طبع بإيران حجريا
في خمس وعشرين مجلدة سنة 1315 ه‍، وأعيد طبعه بإيران أيضا
حروفيا بأكثر من مئة مجلد.
8 - مستدرك الوسائل ومستنبط المسائل، الميرزا النوري (حسين بن محمد
تقي الطبرسي ت 1320 ه‍) طبع في إيران حجريا سنة 1321 ه‍، ثم
أعيد طبعه في طهران سنة 1382 ه‍.
9 - جامع أحاديث الشيعة، لجنة من العلماء، يطبع في إيران، وبعد لما
يتم طبعه كاملا.
(كتب الفتوى):
1 - رسالتان مجموعتان من فتاوى العلمين: علي بن موسى بن بابويه القمي
ت 329 ه‍ والحسن بن أبي عقيل من أعلام القرن الرابع.
2 - المقنع، الصدوق (محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي
ت 381 ه‍)، طبع مع (الهداية) بعنوان (المقنع والهداية) في طهران
سنة 1377 ه‍، وكانا قد طبعا قبل هذا في طهران أيضا سنة 1276 ه‍
ضمن (الجوامع الفقهية لكبار الشيعة الإمامية).
3 - الهداية، الصدوق (انظر: المقنع).
4 - المقنعة، المفيد (محمد بن النعمان الحارثي البغدادي ت 413 ه‍)،
طبع في تبريز سنة 1274 ه‍ وسنة 1294 ه‍، وطبع مع كتاب (تهذيب
الأحكام) للطوسي - الذي هو شرح استدلالي له - (راجعه).
5 - المسائل الصاغانية، المفيد، طبع في النجف 1370 ه‍.
161

6 - الأعلام فيما اتفقت عليه الإمامية من الأحكام، المفيد. طبع في النجف
1951 م.
7 - جمل العلم والعمل، الشريف المرتضى (علي بن الحسين الموسوي
ت 436 ه‍) طبع في النجف سنة 1967 م وسنة 1968 م.
وله شرح مطبوع، هو لابن البراج بعنوان (شرح جمل العلم والعمل)
نشرته جامعة مشهد بإيران سنة 1974 م.
8 - الإنتصار، الشريف المرتضى، طبع ضمن (الجوامع الفقهية) في
طهران سنة 1276 ه‍، وفي النجف سنة 1391 ه‍ منفردا.
9 - المسائل الناصريات، الشريف المرتضى، طبع ضمن (الجوامع
الفقهية).
10 - الكافي، أبو الصلاح (تقي الدين بن نجم الدين عبد الله الحلبي
ت 447 ه‍)، طبع في قم سنة 1403 ه‍.
11 - النهاية في مجرد الفقه والفتاوى، الطوسي (محمد بن الحسن
ت 460 ه‍)، طبع في بيروت سنة 1970 م، وسنة 1980 م.
وعليه شرح للمحقق الحلي بعنوان (نكت النهاية = حل مشكلات
النهاية)، منشور ضمن (الجوامع الفقهية).
12 - الجمل والعقود، الطوسي، طبع ضمن (رسائل الشيخ الطوسي) في
بيروت سنة 1408 ه‍).
13 - المراسم = المراسم العلوية، سلار (حمزة بن عبد العزيز الديلمي
ت 463 ه‍) نشر ضمن (الجوامع الفقهية) ثم طبع مستقلا في النجف
الأشرف سنة 1400 ه‍.
14 - إصباح الشيعة بمصباح الشريعة، الصهرشتي (سليمان بن الحسن،
كان حيا قبل 460 ه‍).
15 - الجواهر = جواهر الفقه، ابن البراج (القاضي عبد العزيز بن نحرير
162

الطرابلسي ت 481 ه‍) نشر ضمن (الجوامع الفقهية).
16 - المهذب، ابن البراج (القاضي عبد العزيز الطرابلسي) وقد يطلق عليه
(المهذب القديم) تفرقة بينه وبين مهذب ابن فهد.
17 - الغنية = غنية النزوع إلى علمي الأصول والفروع، ابن زهرة (أبو
المكارم حمزة بن علي الحسيني الحلبي ت 585 ه‍)، نشر ضمن
(الجوامع الفقهية).
18 - إشارة السبق إلى المعرفة الحق، ابن أبي الفضل (أبو الحسن علي بن
أبي الفضل الحسن بن أبي المجد الحلبي)، نشر ضمن (الجوامع
الفقهية).
19 - الوسيلة إلى نيل الفضيلة، ابن حمزة (محمد بن علي بن حمزة
المشهدي من فقهاء القرن السادس الهجري) نشر ضمن (الجوامع
الفقهية)، ومستقلا في النجف الأشرف سنة 1399 ه‍.
20 - شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام، المحقق الحلي (جعفر بن
الحسن الهذلي ت 676 ه‍)، نشر مرارا مطبوعا على الحجر في
إيران، منها نشرة سنة 1377 ه‍، وطبع على الحروف في بيروت،
وفي النجف الأشرف سنة 1389 ه‍ بأربعة مجلدات، وفي بيروت أيضا
سنة 1978 م في مجلدين.
وترجم إلى اللغة الفارسية واللغة الروسية واللغة الفرنسية.
وشرح بعدة شروح قاربت التسعين شرحا، طبع منها:
1 - مسالك الأفهام للشهيد الثاني.
2 - مدارك الأحكام للسيد العاملي.
3 - جواهر الكلام للنجفي.
4 - هداية الأنام للكاظمي.
5 - ذرائع الأحلام للمامقاني.
6 - مصباح الفقيه للهمداني.
163

7 - دلائل الأحكام للخنيزي.
8 - شرح الشرائع للفاني.
21 - المختصر النافع = النافع = النافع في اختصار الشرائع، المحقق
الحلي، اختصر به كتابه (شرائع الإسلام) المار الذكر، نشرته وزارة
الأوقاف المصرية سنة 1956 م وسنة 1958 م ثم أعيد طبعه في النجف
الأشرف سنة 1964 م، وفي بيروت سنة 1987 م.
وعليه أكثر من شرح، والمطبوع منها:
1 - المعتبر في شرح المختصر، للمؤلف نفسه، طبع على الحجر
بطهران 1318 ه‍.
2 - التنقيح الرائع لمختصر الشرائع، للمقداد السيوري طبع بأربعة
أجزاء.
3 - الرياض، للسيد الطباطبائي، طبع حجريا بمجلدين كبيرين.
4 - المهذب البارع، ابن فهد الحلي.
22 - الجامع للشرائع، يحيى بن سعيد (أبو زكريا يحيى بن أحمد بن
يحيى بن الحسن بن سعيد الهذلي الحلي ت 690 ه‍).
23 - قواعد الأحكام في معرفة الحلال والحرام، العلامة الحلي (أبو منصور
الحسن بن يوسف ت 726 ه‍)، طبع مستقلا وطبع متنا مع شروحه
المطبوعة، ومنها:
1 - إيضاح الفوائد في شرح القواعد، لفخر المحققين ابن المؤلف.
2 - جامع المقاصد في شرح القواعد، للمحقق الكركي.
3 - مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة، للسيد العاملي.
4 - شرح القواعد، للشيخ المظفر (طبع منه كتاب الحج).
24 - تبصرة المتعلمين في أحكام الدين، العلامة الحلي، طبع في طهران
سنة 1324 ه‍ وسنة 1329 ه‍، وبغداد سنة 1338 ه‍ ودمشق سنة
1342 ه‍ والنجف سنة 1380 ه‍ وبيروت سنة 1404 ه‍.
164

وعليه أكثر من حاشية وأكثر من طرح، وطبع منها:
1 - حاشية الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء بهامش طبعة بغداد
لسنة 1338 ه‍.
حاشية السيد محسن الأمين العاملي، طبع مع المتن سنة
1342 ه‍.
3 - حاشية جعفر البديري بهامش طبعة النجف 1340 ه‍.
4 - شرح التبصرة، الآقا ضياء العراقي.
5 - كفاية المحصلين في شرح تبصرة المتعلمين، الميرزا محمد
علي بن محمد طاهر (آقا بالا) التبريزي الخياباني، طبع سنة
1353 ه‍، وهو شرح مزجي.
6 - التكملة في شرح التبصرة، الشيخ إسماعيل التبريزي، طبع مجلد
منه من البيع إلى آخر الديات سنة 1337 ه‍.
7 - اللمعات النيرة في شرح تكملة التبصرة، الشيخ محمد كاظم
الخراساني (ت 1329 ه‍)، طبع مع (الشذرات).
8 - صراط ليقين في شرح تبصرة المتعلمين، الشيخ أحمد بن
زين الدين الإحسائي (ت 1241 ه‍)، مدرج في (جوامع الكلم)
مطبوع سنة 1274 ه‍.
9 - شرح التبصرة، السيد عبد الكريم آل السيد علي خان - وهو شرح
استدلالي - طبع منه كتاب الخمس.
10 - فقه الصادق، السيد صادق الروحاني القمي - وهو شرح استدلالي
أيضا -.
25 - تحرير الأحكام الشرعية على مذهب الإمامية = تحرير الفتاوى
والأحكام، العلامة الحلي، نشر في طهران مطبوعا على الحجر سنة
1314 ه‍.
26 - إرشاد الأذهان إلى أحكام الإيمان، العلامة الحلي، نشر مع شرحه
الموسوم ب‍ (مجمع الفائدة والبرهان) سنة 1272 ه‍ ومزجا مع (روض
165

الجنان) سنة 1307 ه‍.
وعليه شروح، طبع منها:
1 - غاية المراد نكت الإرشاد، الشهيد الأول، ط في إيران
مكررا، منها طبعة عام 1302 ه‍.
2 - روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان، الشهيد الثاني، ط في
إيران سنة 1307 ه‍.
3 - مجمع الفائدة والبرهان في شرح إرشاد الأذهان، المولى
الأردبيلي.
4 - الطهارة (شرح طهارة إرشاد الأذهان)، الشيخ مرتضى الأنصاري.
5 - الخميس (شرح لخمس إرشاد الأذهان) للأنصاري أيضا طبع
بعنوان (ملحقات المكاسب).
27 - نهاية الإحكام في معرفة الأحكام، العلامة الحلي.
28 - اللمعة الدمشقية في فقه الإمامية، الشهيد الأول. (محمد بن مكي
العاملي ت 786 ه‍) نشر مستقلا في إيران أكثر من مرة، آخرها سنة
1406 ه‍.
ومن شروحه المطبوعة:
1 - الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، الشهيد الثاني.
2 - الخيارات مع بعض مسائل البيوع (شرح استدلالي على اللمعة)،
الشيخ علي بن الشيخ جعفر آل كاشف الغطاء (ت 1303 ه‍) طبع
بطهران مجلده الأول المنتهي إلى خيار التفليس سنة 1319 ه‍.
29 - الدروس الشرعية في فقه الإمامية، الشهيد الأول، ونشر في إيران سنة
1269 ه‍.
30 - البيان، الشهيد الأول، طبع في إيران سنة 1329 ه‍.
31 - ذكرى الشيعة في أحكام الشريعة، الشهيد الأول، طبع في طهران سنة
1271 ه‍.
166

32 - معالم الدين (الطهارة)، الشيخ حسن بن زين الدين العاملي
(ت 1011 ه‍)، طبع بإيران مكررا منها سنة 1322 ه‍.
33 - المفاتيح = مفاتيح الشرائع، الكاشاني (محمد بن مرتضى المدعو
بمحسن ت 1091 ه‍) في مجلدين: أولهما في العبادات والسياسات
والثاني في العادات والمعاملات.
34 - النخبة في الحكمة العملية والأحكام الشرعية، له أيضا، طبع بإيران
سنة 1330 ه‍.
35 - الدرة المنظومة، السيد محمد المهدي بحر العلوم (ت 1212 ه‍) -
في الطهارة والصلاة - طبعت عدة مرات، مستهلها:
أفتتح المقال بعد البسملة * بحمد خير منهم والشكر له
وقال في تسميتها وتاريخ نظمها:
غراء قد وسميتها بالدرة * تاريخها عام الشروع (غره) 1205
- وعليها شرح مطبوع لآغا بن عابد الشيرواني الدربندي (ت 1286 ه‍)
سماه (خزائن الأحكام في شرح الدرة المنظومة).
36 - نجاة العباد في يوم المعاد، صاحب الجواهر (الشيخ محمد حسن
النجفي ت 1266 ه‍).
- وله شروح مطبوعة منها:
1 - وسيلة المعاد في شرح نجاة العباد، إسماعيل بن أحمد العقيلي
النوري (ت 1321 ه‍)، طبع منه الطهارة والصلاة في ثلاثة مجلدات
سنة 1311 ه‍ - 1324 ه‍.
2 - فوز المعاد وسلامة المرصاد (حاشية)، السيد أبو تراب الخوانساري
(ت 1346 ه‍) طبع في النجف سنة 1341 ه‍.
3 - سبيل الرشاد في شرح نجاة العباد، له أيضا، طبع منه في النجف
مجلد الصوم والميراث.
- وله مختصر بعنوان (ذريعة الوداد في مختصر نجاة العباد)، والميرزا
167

حسين الخليلي (ت 1326 ه‍)، طبع بالهند ثم بإيران.
37 - معتمد السائل، الشيخ عبد الله بن عباس الستري البحراني (ت حدود
1270 ه‍) ط سنة 1400 ه‍.
38 - منجية العباد في يوم المعاد، الشيخ محمد حسين الكاظمي
(ت 1308 ه‍) ط سنة 1297 ه‍.
- وعليه حاشية للسيد مهدي بن أحمد آل حيدر الكاظمي ط سنة
1305 ه‍.
39 - بغية الخاص والعام، للشيخ الكاظمي أيضا، ط في بمبئ سنة
1297 ه‍.
40 - كلمة التقوى، الشيخ محمد رضا آل أسد الله الدزفولي ط في بمبئ
حجرا سنة 1339 ه‍.
41 - وسيلة النجاة، الشيخ محمد هادي بن محمد أمين الطهراني النجفي
(ت 1321 ه‍) ط سنة 1301 ه‍.
42 - نعم الزاد ليوم المعاد، نجف: (محمد طه بن مهدي التبريزي
ت 1323 ه‍) طبع في لكهنؤ سنة 1309 ه‍ وفي النجف سنة
1315 ه‍ وفي بمبئ سنة 1323 ه‍ ثم مع حواشي السيد كاظم اليزدي
عليها في سنة 1327 ه‍.
43 - القطرات والشذرات، الشيخ محمد كاظم الخراساني (ت 1329 ه‍)
ط في بغداد.
44 - العروة الوثقى فيما تعم به البلوى، اليزدي (محمد كاظم بن
عبد العظيم الطباطبائي ت 1337 ه‍)، طبع طبعات متعددة ومتنوعة،
مستقلا ومحشى، وأولى طبعاته كانت سنة 1330 ه‍ في بغداد
وبجزئين، ثم في صيدا سنة 1348 ه‍.
ولأنه تميز وامتاز بكثرة فروعه كثرت الحواشي عليه، فقد طبع في بمبئ
168

(الهند) سنة 1339 ه‍ وبهامشه حاشية الشيخ علي آل صاحب الجواهر
(ت 1340 ه‍)، وفي أعلى صفحة العنوان من هذه الطبعة بيتان من
الشعر، هما:
فقيه بيت الوحي ما خاب في * عروته الوثقى من استمسكا
فإن أهل البيت أدرى بما * في البيت من أحكامه مدركا
وفي أسفل الصفحة ثلاثة أبيات هي:
كاظم أهل البيت بالعروة ال‍ * وثقى فاستوجب الشكرا
والناس في الأشياء قد تستوي * وما استوت علما ولا خبرا
والشرع بيت للهدى قائم * والبيت أهلوه به أدرى
وطبعت في النجف عام 1349 ه‍ وبهامشها حاشية الميرزا محمد حسين
النائيني (ت 1355 ه‍).
وطبع كثير من حواشيها مستقلا مجدولا، ومنه:
1 - حاشية الحاج آقا حسين القمي الحائري، طبعت على الحجر في النجف
الأشرف سنة 1356 ه‍ بخط أحمد الزنجاني.
2 - حاشية الميرزا محمد حسين النائيني.
3 - حاشية الشيخ عبد الكريم اليزدي، ط بإيران سنة 1347 ه‍.
4 - حاشية السيد محمد الفيروزآبادي، ط بالنجف.
5 - حاشية السيد أبو الحسن الأصفهاني.
6 - حاشية الشيخ محمد رضا آل ياسين.
7 - حاشية الميرزا عبد الهادي الشيرازي.
8 - حاشية السيد روح الله الخميني.
وطبع كتاب (العروة الوثقى مذيلا بأربع حواش هي:
1 - حاشية آغا ضياء العراقي.
2 - حاشية السيد أبو الحسن الأصفهاني.
3 - حاشية السيد آغا حسين القمي.
169

4 - حاشية السيد آغا حسين البروجردي.
وطبعت (العروة الوثقى) في طهران (د. ت) بمجلد واحد كبير مذيلة
بخمس حواش هي:
1 - حاشية السيد محمد رضا الموسوي الكلبايكاني.
2 - حاشية السيد محسن الطباطبائي الحكيم.
3 - حاشية السيد محمود الحسيني الشاهرودي.
4 - حاشية محمد كاظم الشريعتمداري.
5 - حاشية السيد أبو القاسم الخوئي.
وطبعت في بيروت 1404 ه‍ (ط 2) بمجلدين مذيلة بعشر
حواش، هي:
1 - حاشية السيد روح الله الخميني.
2 - حاشية السيد أبو القاسم الخوئي.
3 - حاشية السيد أحمد الخونساري.
4 - حاشية السيد محمد كاظم الشريعتمداري.
5 - حاشية السيد حسن الطباطبائي القمي.
6 - حاشية السيد محمد رضا الكلبايكاني.
7 - حاشية السيد شهاب الدين المرعشي النجفي.
8 - حاشية السيد أبو الحسن الرفيعي.
9 - حاشية السيد محمود الشاهرودي.
10 - حاشية السيد محمد الهادي الميلاني.
ولها حواش أخرى مطبوعة أيضا، مثل:
1 - حاشية السيد عدنان الغريفي.
2 - حاشية الشيخ أحمد كاشف الغطاء.
3 - حاشية الشيخ عبد الله المامقاني ط سنة 1342 ه‍.
4 - حاشية السيد محمد زين العابدين النقوي ط سنة 1343 ه‍.
5 - حاشية الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء.
170

6 - حاشية السيد الميرزا آغا الأصطهباناتي.
7 - حاشية الشيخ محمد حسن المظفر.
8 - حاشية السيد حسين البروجردي.
9 - حاشية السيد يونس الأردبيلي.
10 - حاشية السيد محمد تقي الخوانساري.
11 - حاشية السيد محمد الرضوي.
12 - حاشية الشيخ عبد الكريم الزنجاني.
13 - حاشية الشيخ محمد كاظم الحاج حيدر الشيرازي.
14 - حاشية السيد صدر الدين الصدر.
15 - حاشية السيد محمد جعفر المروج الجزائري.
16 - حاشية السيد محمد الحسني البغدادي.
17 - حاشية الميرزا حسن البجنوردي.
18 - حاشية السيد عبد الله الشيرازي.
19 - حاشية الشيخ محمد أمين زين الدين.
وعلى الكتاب شروح استدلالية، والمطبوع منها:
1 - مستمسك العروة الوثقى، السيد الحكيم 13 مج.
2 - مصباح الهدى، الشيخ الآملي 10 مج.
3 - مهذب الأحكام، السيد السبزواري.
4 - تقريرات السيد الخوئي بأقلام تلامذته، منها:
- التنقيح، - والمعتمد.
5 - كفاية الفقه المتعلقة بالعروة الوثقى من تقريرات الملا محمد كاظم بن
حسين الخراساني وتحرير السيد محمد كاظم الطباطبائي الكوه كمري،
طبع جزآن منه.
6 - دليل العروة الوثقى، الشيخ الحلي.
7 - مباني العروة الوثقى، الشيخ الفقيه العاملي.
8 - سبيل الرشاد، السيد حسين مكي العاملي.
171

9 - العمل الأبقى، السيد علي شبر.
10 - نهج الهدى، الشيخ البروجردي.
11 - الفقه، السيد محمد الشيرازي.
12 - مدارك العروة الوثقى، الشيخ يوسف الخراساني الحائري.
13 - الفقه الأرقى في شرح العروة الوثقى، الشيخ عبد الكريم الزنجاني.
14 - بحوث في شرح العروة الوثقى، السيد محمد باقر الصدر.
15 - الحجة العظمى في شرح العروة الوثقى (تقريرا لبحث السيد
عبد الأعلى السبزواري)، السيد جمال الدين الحسيني الاسترآبادي.
16 - مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى، السيد علي بن السيد
مصطفى بن علي أكبر أسيري الغالي.
- وترجم كتاب العروة الوثقى إلى الأردو السيد سرور حسين اللأمر
وهو الهندي، وسماها (شريعة الهدى في ترجمة العروة الوثقى).
45 - هدية المتقين، الشيخ هادي آل كاشف الغطاء، طبع سنة 1342 ه‍ -
وهو تلخيص لكتابه الإستدلالي الموسع: هداية الأنام في معرفة
الأحكام -.
46 - سفينة النجاة، آل كاشف الغطاء (الشيخ أحمد بن علي ت 1345 ه‍)
طبع في النجف سنة 1338 ه‍ وسنة 1355 ه‍ وسنة 1356 ه‍.
وعليه حاشية موسعة لأخي المؤلف الشيخ محمد الحسين آل كاشف
الغطاء، طبعت مع الأصل سنة 1364 ه‍.
47 - ذخيرة العباد ليوم المعاد، الميرزا محمد تقي الشيرازي
(ت 1338 ه‍).
48 - نعم الزاد ليوم المعاد، الشيخ حبيب بن صالح آل قرين البصري
الأحسائي (ت 1364 ه‍).
49 - خير الزاد ليوم المعاد، الشيخ عبد المحسن بن الشيخ حسين الخاقاني
ط في النجف سنة 1357 ه‍.
172

50 - وسيلة النجاة، الأصفهاني (السيد أبو الحسن ت 1365 ه‍)، طبع
في النجف سنة 1341 ه‍ و 43 و 46 و 1355 ه‍.
ومن حواشيه المطبوعة:
1 - حاشية الشيخ محمد رضا آل ياسين، ط النجف 1367 ه‍.
2 - حاشية السيد حسين الحمامي، ط النجف 1369 ه‍.
3 - تحرير الوسيلة، السيد روح الله الخميني، ط بإيران 1404 ه‍.
4 - حاشية السيد عبد الأعلى السبزواري.
ومن شروحه المطبوعة:
1 - بغية الهداة في شرح وسيلة النجاة، السيد محمد جواد الطباطبائي
التبريزي.
51 - المسائل المهمة، السيد حسن الصدر، ط 1337 ه‍.
52 - الدر الثمين في أهم ما يجب معرفته على المسلمين، السيد محسن
الأمين العاملي، ط بجزئين الأول في الأصول والثاني في الفروع.
53 - بلغة الراغبين في فقه آل ياسين، الشيخ محمد رضا آل ياسين الكاظمي
(ت 1370 ه‍) ط في النجف سنة 1356 ه‍.
54 - منهاج الصالحين، الحكيم (السيد محسن الطباطبائي ت 1390 ه‍)
طبع طبعته الأولى بجزئين في النجف سنة 1366 ه‍ وأيضا في المكان
والزمان المذكورين طبع (منهاج الناسكين) الخاص بالحج والذي يعد
مكملا له.
وله حاشيتان مطبوعتان، هما:
1 - حاشية السيد أبو القاسم الخوئي، وهي حاشية مزجية.
2 - حاشية السيد محمد باقر الصدر، وهي حاشية ذيلية.
55 - نخبة المسائل، السيد هادي الميلاني (ت 1395 ه‍) ط في النجف
سنة 1370 ه‍.
173

56 - الفتاوي الواضحة، السيد محمد باقر الصدر، ط في النجف.
57 - كلمة التقوى، الشيخ محمد أمين زين الدين، ط في البحرين بعدة
أجزاء.
(كتب الاستدلال):
1 - من لا يحضره الفقيه، الصدوق.
عليه شرح بعنوان (روضة المتقين في شرح من لا يحضره الفقيه)
للمجلسي الأول (محمد تقي مقصود ت 1070 ه‍) طبع بأربعة عشر
مجلدا.
2 - تهذيب الأحكام في شرح المقنعة، الطوسي.
3 - الإستبصار فيما اختلف من الأخبار، الطوسي أيضا. وقد نهج المؤلفان
فيها طريقة مدرسة الفقهاء المحدثين.
4 - المبسوط، الطوسي، طبع في طهران بمجلد كبير، وأعيد طبعه سنة
1387 ه‍.
5 - السرائر = السرائر الحاوي لتحرير الفتاوي، الحلي (محمد بن أحمد بن
إدريس العجلي ت 598 ه‍)، طبع على الحجر بإيران سنة 1270 ه‍،
ومعه مستطرفاته.
6 - المعتبر = المعتبر في شرح المختصر (المختصر النافع)، المحقق
الحلي.
7 - إيضاح الفوائد في شرح القواعد، فخر المحققين (محمد بن الحسن
الحلي ت 771 ه‍)، طبع في قم (إيران) سنة 1387 ه‍.
8 - غاية المراد في شرح نكت الإرشاد (إرشاد الأذهان)، الشهيد الأول.
9 - جامع المقاصد في شرح القواعد (قواعد الأحكام)، المحقق الكركي
(علي بن عبد العالي ت 940 ه‍)، طبع على الحجر بإيران بست
174

مجلدات، وصل إلى فيه إلى تفويض البضع من كتاب النكاح، وتممه
الفاضل الهندي بكتابه (كشف اللثام عن وجه قواعد الأحكام).
10 - المسالك = مسالك الأفهام (شرح شرائع الإسلام) الشهيد الثاني،
طبع حجريا بإيران في مجلدين كبيرين.
11 - الروض = روض الجنان في شرح إرشاد الأذهان، الشهيد الثاني.
12 - مجمع الفائدة والبرهان، الأردبيلي (أحمد بن محمد ت 993 ه‍)،
طبع حروفيا بسبعة مجلدات، وقبلها حجريا سنة 1202 ه‍.
13 - مدارك الأحكام (شرح شرائع الإسلام)، العاملي (محمد بن علي
الموسوي ت 1009 ه‍).
14 - معالم الدين في ملاذ المجتهدين، الشيخ حسن بن زين الدين العاملي
(ت 1011 ه‍)، ط (طهارته) في إيران سنة 1322 ه‍.
15 - ذخير العباد في شرح الإرشاد، المولى محمد باقر السبزواري
(ت 1090 ه‍) طبع بإيران سنة 1274 ه‍.
16 - كفاية المقتصد، له أيضا، طبع بإيران سنة 1269 ه‍ و 1270 ه‍.
17 - الحدائق = الحدائق الناضرة في فقه العترة الطاهرة، البحراني
(يوسف بن أحمد آل عصفور ت 1186 ه‍)، طبع حجريا بتبريز سنة
1318 ه‍ بست مجلدات ثم حروفيا باثنتين وعشرين مجلدة، وعليها
تعليقة ذيلية لأستاذنا الشيخ محمد تقي الإيرواني.
18 - تتمة الحدائق (عيون الحقائق الناظرة في تتميم الحدائق الناضرة)، آل
عصفور (حسين بن محمد ت 1216 ه‍)، طبع في النجف سنة
1342 ه‍.
19 - مفتاح الكرامة في شرح قواعد العلامة، العاملي (محمد جواد
ت 1226 ه‍)، طبع حروفيا بأحد عشر مجلدا كبيرا في القاهرة سنة
1323 ه‍.
175

20 - وسائل الشيعة إلى أحكام الشريعة، السيد محسن الأعرجي الكاظمي
(ت 1227 ه‍) ط بإيران سنة 1320 ه‍.
21 - كشف الغطاء = كشف الغطاء عن خفيات مبهمات الشريعة الغراء،
الشيخ جعفر الكبير (جعفر بن خضر الجناجي النجفي ت 1228 ه‍)
ط حجريا بإيران.
22 - غنائم الأيام في مسائل الحلال والحرام، القمي (الميرزا أبو القاسم بن
محمد ت 1231 ه‍) ط حجريا بإيران سنة 1319 ه‍ ومعه رسائل
عديدة له.
23 - مناهج الأحكام، له أيضا، طبع منه مجلد الصلاة بطهران سنة
1371 ه‍.
24 - معتمد الشيعة في أحكام الشريعة، المولى مهدي بن أبي ذر النراقي
ت 1209 ه‍.
25 - الرياض = رياض المسائل في بيان أحكام الشرع بالدلائل، الطباطبائي
(علي بن محمد ت 1231 ه‍) ط على الحجر بمجلدين كبيرين سنة
1272 ه‍.
وعليه شرح بعنوان:
- وثيقة الوسائل في شرح رياض المسائل، السيد أحمد علي
الحسيني الرشتي، ط سنة 1320 ه‍.
26 - مقابس الأنوار ونفائس الأسرار في أحكام النبي المختار وعترته الأطهار،
التستري (أسد الله ت 1234 ه‍) ط على الحجر بإيران سنة
1322 ه‍.
27 - المناهل، الطباطبائي الحائري (السيد محمد بن علي ت 1242 ه‍)
ط بإيران.
28 - مستند الشيعة إلى أحكام الشريعة، النراقي (أحمد بن محمد مهدي
176

ت 1245 ه‍) ط بإيران على الحجر بمجلدين كبيرين.
29 - الجواهر = جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، النجفي (محمد
حسن بن محمد باقر ت 1266 ه‍) ط على الحجر بست مجلدات
كبار، ثم على الحروف في ثلاثة وأربعين مجلدا.
قالوا فيه: " لم يكتب مثله جامع في استنباط الحلال والحرام، ولم
يوفق لنظيره أحد من الأعلام، لأنه محيط بالفقه من أوله إلى آخره،
محتو على وجوه الاستدلال، مع دقة النظر ونقل الأقوال، قد صرف
مؤلفه عمره الشريف وبذل وسعه في تأليفه فيما يزيد على ثلاثين
سنة ".
30 - ذخائر النبوة، الشيخ هادي بن محمد أمين الطهراني (ت 1321 ه‍)
طبع منه مجلد الخيارات سنة 1325 ه‍.
31 - المكاسب = المتاجر، الأنصاري (مرتضى بن محمد أمين التستري
ت 1281 ه‍) طبع حجرا عدة طبعات، ثم حروفا بأحد عشر مجلدا.
وعليه عدة شروح، منها:
1 - حاشية المكاسب، لليزدي.
2 - حاشية المكاسب، للخراساني.
3 - حاشية المكاسب، للأصفهاني الكمپاني.
4 - منية الطالب في حاشية المكاسب، للخونساري.
5 - غنية الطالب في شرح المكاسب، للأوردكاني.
6 - هداية الطالب إلى شرح المكاسب، الشيخ فتاح الشهيدي.
7 - حاشية ميرزا علي الأيرواني.
8 - نهج الطالب في حاشية المكاسب، للحجة الكوه كمري.
9 - نهج الفقاهة، للسيد الحكيم.
10 - مصباح الفقاهة، للسيد الخوئي بقلم تلميذه الشيخ محمد علي
التوحيدي.
177

11 - محاضرات في الفقه الجعفري، للسيد الخوئي أيضا بقلم تلميذه
السيد علي الحسيني الشاهرودي.
12 - بلغة الطالب في شرح المكاسب، للسيد عبد المحسن
فضل الله.
32 - الطهارة، للأنصاري أيضا.
33 - البرهان القاطع، بحر العلوم (السيد علي بن رضا ت 1298 ه‍) طبع
بإيران بثلاثة مجلدات.
34 - هداية الأنام في شرح شرائع الإسلام، الكاظمي (محمد حسين
ت 1308 ه‍) عدة مجلدات.
35 - مصباح الفقيه (شرح شرائع الإسلام)، الهمداني (رضا بن محمد
ت 1322 ه‍) ط حجريا بثلاثة مجلدات كبار، في الطهارة والصلاة
والصوم والزكاة.
36 - ذرائع الأحلام في شرح شرائع الإسلام، المامقاني (محمد حسن
ت 1323 ه‍) ط على الحجر بعدة مجلدات سنة 1319 - 1349 ه‍.
37 - دلائل الأحكام في شرح شرائع الإسلام، الخنيزي (أبو الحسن
علي بن حسن القطيفي ت 1363 ه‍) ط في النجف الأشرف سنة
1395 ه‍ بثمانية مجلدات.
38 - كتاب الزكاة، الشيخ مرتضى الأنصاري، ط في ملحقات المكاسب.
39 - فقه الإمامية، آغا نجفي (محمد تقي بن محمد باقر الأصفهاني)
ط منه مجلد الطهارة سنة 1299 ه‍ ومجلد البيع سنة 1294 ه‍.
40 - السؤال والجواب، للسيد محمد كاظم اليزدي، من جمع تلميذه الشيخ
علي أكبر الخوانساري، طبع مجلده الأول من الطهارة إلى النكاح سنة
1340 ه‍.
41 - تحرير المجلة (مجلة الأحكام العثمانية للأحوال الشخصية) آل كاشف
178

الغطاء (محمد الحسين ت 1374 ه‍)، طبع في النجف سنة
1359 ه‍ بخمس مجلدات.
42 - شرح القواعد (قواعد الأحكام)، المظفر (محمد حسن
ت 1375 ه‍)، طبع منه كتاب الحج بمجلد واحد.
43 - بغية الهداة في شرح وسيلة النجاة، الطباطبائي (محمد الجواد
التبريزي 1387 ه‍) طبع منه مجلدان.
44 - مستمسك العروة الوثقى، الحكيم (محسن الطباطبائي
ت 1390 ه‍)، طبع في طبعته الثانية بثلاثة عشر مجلدا.
وعلى نسختي - وهي مصورة عن الطبعة الثانية - كتبت الأبيات التالية
بخط اليد وبتوقيع (عبد الحميد) وهو الخطيب الشيخ عبد الحميد
المرهون القطيفي:
لم أر مثل الحكيم في حكمه * جل إله أولاه من نعمه
إن شئت نهج الهدى فمنهجه * منهاجه والإعجاز في كلمه
أو شئت بالعروة التمسك فالمستمسك * الفذ صيغ من قلمه
أو شئت مصداق حكمة الحسن * السبط جليا فانظر إلى عظمه
تهابه العين أن تراه ويخشاه * الفؤاد الجسور في هممه
تلك ثمار التقوى لغارسها * من يزرع الكرم يجن من كرمه
والأبيات التالية مكتوبا أعلاها (للأقل حسين) وهو العلامة الشيخ
حسين القديحي القطيفي:
مستمسك العروة ما مثله * في كتب الفقه ولا من نظير
جاد به المولى حليف التقى * السيد المحسن نعم الخبير
بفقه أهل البيت من شرفوا * من ربهم بالفضل يوم الغدير
صلى عليهم ربنا دائما * ودام مولانا بخير كثير
45 - دليل الناسكين (شرح مناسك الحج للنائيني)، الحكيم.
179

46 - مصباح الهدى (شرح العروة الوثقى)، الآملي (محمد تقي
ت 1391 ه‍) طبع بعشر مجلدات.
47 - دليل العروة الوثقى، الشيخ حسين الحلي، طبع منه مجلد واحد في
الطهارة.
48 - بحوث فقهية، الحلي أيضا، بقلم تلميذه السيد عز الدين بحر
العلوم.
49 - سبيل الرشاد (في شرح الإجارة من كتاب العروة الوثقى) العاملي
(حسين بن يوسف مكي العاملي) طبع بمجلد واحد.
50 - العمل الأبقى في شرح العروة الوثقى، شبر (علي بن محمد الحسيني
ت 1393 ه‍) طبع منه أربعة مجلدات.
51 - نهج الهدى في التعليق على العروة الوثقى، الشيخ محمد تقي
البروجردي، طبع منه جزآن في الطهارة والصلاة.
52 - أنوار الوسائل، الخاقاني (محمد طاهر بن عبد الحميد آل شبير
ت 1406 ه‍) طبع منه مجلدان في الطهارة.
53 - كتاب الخمس (شرح مبحث الخمس في تبصرة العلامة الحلي)،
السيد عبد الكريم علي خان.
54 - مباني العروة الوثقى، الفقيه (محمد تقي العاملي) طبع منه جزء
الخمس.
55 - التنقيح (شرح العروة الوثقى)، الخوئي، بقلم تلميذه علي الغروي،
عدة مجلدات.
56 - مباني تكملة المنهاج، الخوئي أيضا، ط بمجلدين.
57 - دروس في فقه الشيعة، الخوئي أيضا بقلم تلميذه السيد مهدي
الخلخالي، ط منه جزءان.
180

58 - المكاسب المحرمة، السيد روح الله الخميني، ط بطهران في
مجلدين.
59 - كشف الحقائق عن الفقه الجعفري في المكاسب، تقريرات بحث
الميرزا هاشم الآملي، بقلم تلميذه السيد حسين الطبري، ط في
النجف سنة 1380 ه‍.
60 - القطرة في زكاة الفطرة، تقريرات بحث السيد عبد الله الطاهري
الشيرازي، بقلم تلميذه الشيخ علي محمد المازندراني، ط في النجف
سنة 1380 ه‍.
61 - مصباح الفقيه في المواريث، الشيخ يوسف الفقيه العاملي، ط سنة
1352 ه‍.
62 - مهذب الأحكام في بيان الحلال والحرام، السبزواري (عبد الأعلى
الموسوي) طبع في النجف الأشرف بثلاثين مجلدا.
63 - الفقه، الشيرازي (محمد بن مهدي الحسيني) طبع منه حتى الآن
سبعون جزءا.
وغيرها.
ومما هو لا يزال مخطوطا يقف الباحث والدارس على ذكر شئ غير قليل
منه في الموسوعات الكبرى كالجواهر ومفتاح الكرامة، وباستعراض واف في
كتاب (الذريعة إلى تصانيف الشيعة) لآقا بزرك الطهراني.
(كتب بين بين):
ومما يأتي العرض والاستدلال:
1 - الروضة البهية في شرح اللمعة الدمشقية، الشهيد الثاني (زين الدين بن
علي العاملي ت 966 ه‍) طبع حجرا في إيران بمجلدين كبيرين،
وحروفا ببيروت بمجلدين أيضا وفي النجف بعشر مجلدات.
وعلى نشرته الحجرية أكثر من حاشية كتبت بالأشكال الزخرفية، ومن
181

أهمها حاشية سلطان العلماء (السيد علاء الدين الحسين الحسيني
المرعشي ت 1064 ه‍).
وطبع من شروحه:
- سراج الأمة في شرح شرح اللمعة، الشيخ حسن بن صفر علي
البارفروشي، ط سنة 1324 ه‍.
2 - السداد = سداد العباد ورشاد العباد، آل عصفور (الشيخ حسين بن
محمد الدرازي البحراني ت 1216 ه‍) - وهو في العبادات والمتاجر -
طبع أكثر من مرة، منها في بمبئ سنة 1339 ه‍ وفي سنة 1408 ه‍
مصورا على نشرة النجف الأشرف التي كانت سنة 1381 ه‍.
وله من الشروح:
أ - توضيح المفاد، للشهابي (الشيخ عبد المحسن الدرازي).
ب - مفتاح الرشاد، للعصفور (الشيخ ناصر بن الشيخ أحمد).
ج - فقه الإمام جعفر الصادق، مغنية (محمد جواد العاملي)، طبع
ببيروت في ست مجلدات.
(كتب الخلاف):
1 - الخلاف، الطوسي، طبع في طهران سنة 1377 ه‍.
2 - المنتهى = منتهى المطلب في تحقيق المذهب العلامة الحلي (ذكر فيه
خلاف علمائنا خاصة ومستند كل قائل مع الترجيح لما صار إليه) طبع
بتبريز.
3 - التذكرة = تذكرة الفقهاء، العلامة الحلي (ذكر فيه خلاف علماء الإسلام
في كل مسألة مع تأييد قول الشيعة) طبع في طهران.
4 - المختلف = مختلف الشيعة في أحكام الشريعة، العلامة الحلي، طبع
في إيران سنة 1323 ه‍.
5 - الإنصاف في تحقيق مسائل الخلاف (من كتاب جواهر الكلام في شرح
182

شرائع الإسلام)، الشيخ محمد طه نجف (ت 1323 ه‍)، طبع مع
بعض رسائله الفقهية الأخرى سنة 1324 ه‍.
12 - فهارس كتب الشيعة
1 - الفهرست الشيخ الطوسي
2 - الفهرست منتجب الدين القمي
3 - معالم العلماء ابن شهرآشوب
4 - كشف الحجب والأستار عن أحوال الكتب والأسفار السيد إعجاز الكنتوري
5 - الذريعة إلى تصانيف الشيعة الشيخ آغا بزرك الطهراني
13 - مراجع فقه المذاهب الإسلامية غير الإمامية
1 - مذهب الأباضية (1):
1 - فقه الإمام جابر بن زيد جمع يحيى محمد بكوش
2 - الإيضاح أبو ساكن عامر الشماخي
3 - منهج الطالبين وبلاغ الراغبين خميس بن سعيد الشقصي الرستاقي (من فقهاء القرن العاشر الهجري)
4 - النيل وشفاء الغليل (مختصر) عبد العزيز الثميني (ت 1223 ه‍)
5 - شرح النيل محمد بن يوسف أطفيش (ت 1332 ه‍)

(1) رتبت ذكر المذاهب وفق تاريخ ظهورها في المجتمع الإسلامي.
183

2 - مذهب الحنفية:
1 - المبسوط محمد بن الحسن الشيباني (ت 189 ه‍)
2 - المبسوط محمد بن أحمد السرخسي (ت 483 ه‍)
3 - مختصر القدوري أحمد بن محمد القدوري البغدادي (ت 428 ه‍
4 - بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع أبو بكر بن مسعود الكاساني (ت 587 ه‍)
5 - الهداية شرح البداية (علي بن أبي بكر المرغيناني (ت 593 ه‍
6 - وقاية الرواية في مسائل الهداية برهان الشريعة محمود بن أحمد المحبوبي (ت نحو 673 ه‍
7 - حاشية رد المحتار على الدر المختار شرح
تنوير الأبصار المعروفة بحاشية ابن عابدين أحمد بن عبد الغني (ت 1307 ه‍)
3 - مذهب المالكية:
1 - المدونة الكبرى عن الإمام مالك بن أنس
2 - مختصر خليل خليل بن إسحاق (ت 767 ه‍)
3 - الشرح الكبير على مختصر سيدي خليل أحمد بن محمد العدوي الخلوتي الشهير بالدردير (ت 1201 ه‍)
4 - مذهب الشافعية:
1 - الأم الإمام الشافعي
184

2 - مختصر المزني إسماعيل بن يحيى المزني (ت 264 ه‍)
3 - المهذب إبراهيم بن علي الشيرازي (ت 476 ه‍)
4 - الوسيط أبو حامد الغزالي (ت 505 ه‍)
5 - مذهب الحنبلية:
1 - مختصر الخرقي عمر بن الحسين الخرقي (ت 334 ه‍)
2 - شرح الخرقي محمد بن الحسين الفراء (ت 458 ه‍)
3 - المقنع تبن قدامة المقدسي (ت 620 ه‍
4 - الشافي (شرح المقنع) عبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن قدامة (ت 682 ه‍)
6 - مذهب الظاهرية
1 - المحلى أبو محمد علي بن أحمد الشهير بابن حزم الأندلسي (ت 456 ه‍)
7 - مذهب الزيدية:
1 - مجموع الفقه المروي عن الإمام زيد بن علي
والمعروف بمسند الإمام زيد جمع ورواية تلميذه أبي خالد عمرو بن خالد وتصنيف أبي القاسم
185

عبد العزيز بن إسحاق البغدادي (ت 343 ه‍)
2 - الروض النضير شرح مجموع الفقه الكبير الحسين بن أحمد السياغي اليمني (ت 1221 ه‍)
3 - الأزهار في فقه الأئمة الأطهار (مختصر) أحمد بن يحيى بن المرتضى الحسني اليماني (ت 840 ه‍)
4 - التاج المذهب لأحكام المذهب (شرح متن الأزهار) أحمد بن قاسم العنسي اليماني
8 - مذهب السلفية:
1 - مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية
2 - مؤلفات الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب.
14 - مراجع الفقه المقارن
1 - تذكرة الفقهاء العلامة الحلي
2 - البحر الزخار ابن المرتضى
3 - المغني ابن قدامة
4 - الفقه على المذاهب الأربعة الجزيري
5 - الفقه على المذاهب الخمسة مغنية
6 - مقارنة المذاهب في الفقه شلتوت وزميله
7 - معجم فقه السلف الكتاني
15 - المعاجم الفقهية
1 - معجم لغة الفقهاء (عربي - إنجليزي) قلعه چي وزميله
2 - القاموس الفقهي أبو جيب
3 - المغرب في ترتيب المعرب (شرح غريب
186

ألفاظ الفقه الحنبلي) المطرزي
4 - المصباح المنير (في غريب الشرح الكبير للرافعي في الفقه الشافعي) الفيومي
5 - تهذيب الأسماء واللغات النووي
6 - أنيس الفقهاء القونوي
7 - معجم الفقه المالكي بن عبد الله
8 - شرح غريب ألفاظ المدونة الجبي
9 - معجم الفقه الحنبلي قلعه چي
10 - معجم فقه ابن حزم الظاهري جامعة دمشق
11 - طلبة الطلبة في اللغة على ألفاظ كتب أصحاب أبي حنيفة النسفي
187

أنواع البحث
- البحث النظري
- البحث العملي
- البحث المعياري
- البحث الوصفي
189

أنواع البحث
1 - ينوع البحث تنويعا أساسيا إلى بحث نظري وبحث عملي.
البحث النظري:
سمي نظريا نسبة إلى النظر Speculation.
والنظر - هنا - " هو الفكر الذي تطلب فيه المعرفة لذاتها لا الفكر الذي
يطلب به العمل أو الفعل " (1).
أو هو: " نشاط ذهني هدفه العلم والمعرفة ويقابل العمل " (2).
وفي (المعجم الوسيط): " يقال: أمر نظري: وسائل بحثه الفكر
والتخيل، وعلوم نظرية: قل أن تعتمد على التجارب العلمية ووسائلها " (3).
ويقصر الفيلسوف (كانت Kant) البحث النظري " على كل بحث لا
يخضع للتجربة كخلود الروح ووجود الله " (4).
ومما ذكرنا يمكننا الخلوص إلى أن البحث النظري هو الذي يعتمد
المنهج العقلي أو المنهج النقلي.

(1) المعجم الفلسفي (صليبا): مادة (نظر).
(2) المعجم الفلسفي (مجمع): مادة (نظر).
(3) مادة (نظر).
(4) المعجم الفلسفي (مجمع): مادة (نظر).
191

فيأتي بهذا مقابلا للبحث العملي الذي يعتمد المنهج التجريبي.
البحث العملي:
وكما رأينا: إن البحث العملي هو الذي يعتمد المنهج التجريبي، ومن
أهم وسائله المعمل أو المختبر Factory.
وينقسم البحث العملي إلى قسمين: معملي وميداني.
1 - البحث المعملي:
وهو الذي تجري تجاربه داخل المختبر أو المكتبة أو العيادة.
ويعتمد فيه على التجربة.
2 - البحث الميداني:
هو دراسة الكائنات الحية في بيئاتها المعتادة.
أو ما تجمع بياناته خارج المختبر والمكتبة والعيادة.
ويعتمد فيه على الملاحظة.
2 - وينوع البحث تنويعا أساسيا آخر إلى: بحث معياري وبحث
وصفي.
البحث المعياري:
في (معجم الفلسفي - مجمع -): " معياري Normative نسبة إلى
المعيار.
والعلوم المعيارية: هي العلوم التي تتجاوز دراستها وصف ما هو كائن
إلى دراسة ما ينبغي أن يكون.
فهي تتضمن دراسة القيم من حق وخير وجمال، ومن هنا كان علم
المنطق والأخلاق والجمال من حيث تنتهي إلى أحكام تقييمية دون أن تصدر
أوامر أو تعليمات (علوما معيارية).
وهي تقابل العلوم الوضعية Positif أو الوصفية Descriptif وهي التي
192

تدرس ما هو كائن " (1).
" وهي عند (ووندت): العلوم التي تهدف إلى صوغ القواعد والنماذج
الضرورية لتحديد القيم كالمنطق والأخلاق وعلم الجمال.
وهي مقابلة للعلوم المسماة بالعلوم التفسيرية أو التقريرية Sciences
explicatives التي تقوم على ملاحظة الأشياء وتفسيرها كما هي عليه في
الطبيعة " (2).
وفي ضوء ما تقدم نقوى أن نعطي معنى البحث المعياري بأنه الذي
يتعدى في دراسة الفكرة أو الظاهرة الوصف لواقع الفكرة أو لواقع الظاهرة،
إلى التقويم وفق المعايير العقلية، وإعطاء أحكام تقييمية على أساس منها.
البحث الوصفي:
ومن الواضح أننا من تعرفنا معنى البحث المعياري تعرفنا معنى البحث
الوصفي بأنه الذي لا يتعدى وصف الفكرة أو الظاهرة، بل يقتصر على تفسير
واقعها، دونما تقويم أو تقييم وفق المقاييس الفكرية والمعايير العقلية.

(1) مادة (معيار).
(2) المعجم الفلسفي (صليبا): مادة (معياري).
193

مجالات البحث
- الدراسة
- التحليل
- النقد
- المناقشة
- الرد
- المقارنة
- الموازنة
- الاستدلال
195

مجالات البحث
لأن هناك أكثر من مجال من مجالات المعرفة والفكر يلزم أن تطبق عليه
أثناء معالجة فكرية أصول البحث العلمي... رأيت أن أتوفر على
ذكر المهم منها هنا لأزيل ما قد يتوهم من اقتصار البحث على مجال ما يعرف
حديثا بالدراسة.
وهذه المجالات هي:
1 - الدراسة:
ترادف معاجم المصطلحات الأدبية العربية بين الدراسة والبحث، ففي
(معجم مصطلحات الأدب) (1): " الدراسة، البحث: المقال النثري الذي
يعالج موضوعا علميا معينا بالفحص والاستقراء " (2).
وفي (المعجم الأدبي) (3): " دراسة: راجع مادة بحث "، وفي مادة
بحث (3) يعرف البحث بأنه: " دراسة تتناول موضوعا معنيا من جميع وجوهه
أو من جانب محدود، ويكون عادة على شئ من الاتساع ".
وهذا المعنى المذكور في أعلاه، والمشهور في الأوساط الثقافية - جامعية

(1) ص 541.
(2) وانظر أيضا: معجم المصطلحات العربية في اللغة والأدب ص 94.
(3) ص 108.
(4) ص 47.
197

وغيرها - لكلمة (دراسة) العربية من المعاني المحدثة.
والغريب أن المعنى مع شهرته وتركزه ووضحه ولم يدخل المعاجم اللغوية
الحديثة كالمعجم الوسيط ومعجم لاروس وأمثالهما.
والدراسة بهذا المعنى المذكور والمعروف أهم مجال من مجالات البحث
الذي يجب أن تطبق فيها أصوله وتتوفر فيها عناصره وأوصافه.
ولعله لهذا رادفت المعاجم المشار إليها بين لفظة الدراسة ولفظة البحث.
وأيضا قد يكون من هنا جاء الوهم بأن مجال البحث هو الدراسة فقط.
2 - التحليل:
أريد بالتحليل - هنا - بحث الفكرة أو الظاهرة بحثا شاملا يستوعب كل
الأطراف والشؤون، وعميقا ينفذ إلى كل الزوايا ليكتشف الخبايا العلمية التي
فيها.
هذا اللون من المعالجة لا بد أن يخضع - هو الآخر - لأصول البحث،
وأن يترسم تعليماته في الوصول إلى الهدف.
3 - النقد:
النقد العلمي هو عملية علمية يستهدف من ورائها تقويم الأثر العلمي -
دارسة كان أو تحليلا أو غيرها -، ومن ثم تقييمه تقييما يبرز مدى التزامه
بأصول البحث وقدرته على الوصول إلى النتائج المطلوبة.
هذا النمط من التفكير هو أيضا مجال من مجالات البحث لا بد لمن يقوم
به من الأخذ بأصول البحث والالتزام بتطبيقها.
4 - المناقشة:
أعني بالمناقشة - هنا - المناظرة الفكرية التي تعتمد طريقة الجدل، فإنها
هي - أيضا - مجال من مجالات البحث يلزمه الالتزام بأصوله.
وأكثر ما يكون هذا في البحوث الفلسفية والأصولية (أصول الفقه) حيث
198

تناقش الآراء: قولا ودليلا، إيجابا أو سلبا، قبولا أو رفضا.
5 - الرد:
والمراد بالرد - هنا - الجواب لإشكال علمي أشكل به على فكرة ما، أو
اتهام علمي وجه لمعتقد ما.
فهو كذلك ميدان أو مجال من مجالات البحث، عليه أن يترسم خطواته
ويلتزم أصوله.
وأكثر ما يكون هذا في البحوث الكلامية (علم الكلام)، ودراسات العقائد في الأديان والمذاهب.
6 - المقارنة:
هي أن يقرن الباحث بين فكرتين أو ظاهرتين بغية أن يتعرف ما بينهما من
نقاط التقاء ووجوه افتراق، وقد يمتد به البحث إلى تعرف عوامل الالتقاء
وأسباب الافتراق.
والمقارنة لأنها معالجة علمية تسجل مجالا آخر من مجالات البحث يقوم
على أصوله، ويسير في هدي تعليماته.
7 - الموازنة:
أعني بالموازنة - هنا - محاكمة الأدلة بإخضاعها لمعايير النقد العلمي
وتقديم ما رجحت كفته في الميزان النقدي.
وأكثر ما يكون هذا في الدراسات الاستدلالية كالفقه الاستدلالي الذي
يقوم الباحث فيه بعرض الأقوال في المسألة ثم باستعراض أدلتها، ثم
بموازنتها، فالانتهاء إلى النتيجة المطلوبة.
ولأن الموازنة هي أيضا مما يتسم بالمعالجة العلمية تأتي - وبوضوح -
مجالا من مجالات البحث يأخذ بأصوله ويسير وفق هديه.
199

8 - الاستدلال:
ومن الواضح أن المراد بالاستدلال - في هذا السياق - هو إقامة الدليل
لإثبات المطلوب.
وهو بهذا ميدان آخر من مجالات البحث، عليه أن يلتزم أصوله ويأخذ
بتعليماته.
إلى غيرها من معالجات علمية أخرى.
200

أسلوب البحث
- تعريف الأسلوب
- تقسيم الأسلوب
201

أسلوب البحث
لا بد لتعرف الأسلوب - هنا - وهو أسلوب البحث العلمي، أو الأسلوب
العلمي Scientific Style من تقدمة تتضمن تعريف الأسلوب عل نحو
الإطلاق، ثم تقسيمه، فالانتهاء إلى معرفة الأسلوب العلمي.
تعريف الأسلوب:
لغويا ذكر للأسلوب أكثر من معنى هي:
" الأسلوب: الطريق.
ويقال: سلكت أسلوب فلان في كذا: طريقته ومذهبه.
والأسلوب: طريقة الكاتب في كتابته.
والأسلوب: الفن، يقال: أخذنا في أساليب من القول: فنون متنوعة.
والأسلوب: الصف من النخيل ونحوه. (ج) أساليب " (1) " ويطلق
الأسلوب عند الفلاسفة.
- على كيفية تعبير المرء عن أفكاره.
- وعلى نوع الحركة التي يجعلها في هذه الأفكار، ولذلك قال
(بوفون): إن الأسلوب هو الإنسان " (2).

(1) المعجم الوسيط: مادة (سلب).
(2) المعجم الفلسفي (صليبا): مادة (أسلوب).
203

ولعله لهذا عرفه بعضهم ب‍ " طريقة الإنسان في التعبير عن نفسه
كتابة " (1).
وذلك لأن الأسلوب من الفروق الفردية التي تميز الفرد عن الآخر، ولذا
قالوا: لكل كاتب أسلوبه، ولكل عصر أسلوبه.
وتسلمنا هذه التعاريف منطلقين من واقع معرفتنا للأسلوب إلى أنه -
باختصار - طريقة التعبير.
تقسيم الأسلوب:
يقسم الأسلوب - كطريقة تعبير - إلى ثلاثة أقسام: الأسلوب الخطابي
والأسلوب الأدبي والأسلوب العلمي.
1 - الأسلوب الخطابي:
نسبة إلى الخطابة، وهي " فن أدبي يعتمد علي القول الشفوي في
الاتصال بالناس لإبلاغهم رأيا من الآراء حول مشكلة ذات طابع
جماعي " (2).
وأوضح عبد النور في (المعجم الأدبي) (3) معنى الخطابة إيضاحا وافيا
بإلقاء الضوء على خصائص هذا الفن وعناصر أسلوبه ومؤهلات صاحبه،
قال: " خطابة art aratoire:
1 - فن التعبير عن الأشياء بحيث أن السامعين يصغون إلى ما يقوله
المتكلم في موقف رسمي مختلف عن المجالس المألوفة في الحياة اليومية.
وهي تشد - عادة - الرابط بين أذهان السامعين وقلوبهم من جهة،
والأفكار التي تتناهى إليهم من جهة أخرى.

(1) معجم مصطلحات الأدب 542.
(2) المعجم الأدبي ص 103 عن: المفيد في البلاغة لأبي حاقة ص 227.
(3) المعجم الأدبي 104.
204

وهذا يفرض على المتكلم أن يكون ذا ثقافة واسعة ليتوصل إلى تنسيق
خطبته، وتوضيح الأفكار التي يعالجها، وطريقة عرضها لتتوافق مع
المحرضات النفسية والعقلية في الجمهور.
2 - من المفروض في الخطيب أن يكون مفيدا جذابا مؤثرا.
وكل هذا يقضي بتمتعه بعدد من الميزات الذهنية والجسمية والأخلاقية
الضرورية.
وأول ما يطلب منه أن يكون بين الذكاء، سريع الخاطر، نافذ الحجة،
قادرا على تقليب الأفكار على مختلف وجوهها.
وأن تكون أحكامه صادقة، مفصحة عن الحقيقة، متينة المقدمات
والنتائج.
وأن يكون مطلعا على علم النفس لدى الجماهير فيشعر برهافة حسه ما
يجب أن يقال، وما يتحتم أن يهمل.
وأن يدرك حجج الخصم وموقف الجمهور، فيهيئ لكل موقف ما يتطلب
من حجج وبراهين.
وأن يقدم على الهجوم عند الحاجة، وينكفئ للانقضاض عند المناسبة
المؤاتية.
وأن يغلف أفكاره بأقوال دقيقة المدلول، فكهة حينا، ساخرة أحيانا،
آسرة لانتباه الجمهور.
كما يفرض عليه فن الخطابة أن تكون ذاكرته أمينة، زاخرة بالمعلومات
والمعارف والشواهد.
وأن يكون خياله حادا قادرا على تجسيد الأفكار والمواقف.
وأن يتفرد باحساس رهيف لإثارة العواطف وتحويلها من حالة إلى أخرى،
فإذا شاء أشجى جمهوره، وإذا أراد أثار مرحه وضحكه.
وكل هذه الصفات مجتمعة هي التي تكون الخطيب البارع.
205

3 - لا حدود لمضمون الخطبة، لأن موضوعها شامل، يعنى بجميع
النشاطات الإنسانية التي يتيسر التعبير عنها بالكلام، فليس ثمت موضوع عام
أو خاص، مادي أو فكري، أو أخلاقي، أو ديني، أو اقتصادي، أو
اجتماعي، أو سياسي، أو أدبي، أو فني، أو علمي، أو قضائي، لم يعبر
عنه بخطبة من الخطب ".
- نموذج للأسلوب الخطابي:
وأروع نموذج يذكر هنا مثالا للأسلوب الخطابي هو خطبة الإمام أمير
المؤمنين (ع) في الجهاد.
وهي من خطب (نهج البلاغة) رقم 27.
قال عليه السلام:
" أما بعد:
فإن الجهاد باب من أبواب الجنة، فتحه الله لخاصة أوليائه، وهو لباس
التقوى، ودرع الله الحصينة، وجنته الوثيقة، فمن تركه رغبة عنه ألبسه الله
ثوب الذل، وشمله البلاء، وديث بالصغار والقماء، وضرب على قلبه
بالإسداد، وأديل الحق منه بتضييع الجهاد، وسيم الخسف، ومنع النصف.
ألا وإني قد دعوتكم إلى قتال هؤلاء القوم ليلا ونهارا، وسرا وإعلانا،
وقلت لكم: اغزوهم قبل أن يغزوكم، فوالله ما غزي قوم قط في عقر دارهم
إلا ذلوا، فتواكلتم وتخاذلتم، حتى شنت عليكم الغارات، وملكت عليكم
الأوطان.
وهذا أخو غامد وقد وردت خيله الأنبار، وقد قتل حسان بن حسان
البكري، وأزال خيلكم عن مسالحها.
ولقد بلغني أن الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة، والأخرى
المعاهدة، فينتزع حجلها وقلبها وقلائدها ورعاثها، ما تمتنع منه إلا
بالاسترجاع والاسترحام.
ثم انصرفوا وافرين، ما نال رجلا منهم كلم، ولا أريق لهم دم، فلو أن
206

امرءا مسلما مات من بعد هذا أسفا، ما كان به ملوما، بل كان به جديرا.
فيا عجبا، عجبا، والله، يميت القلب، ويجلب الهم، من اجتماع
هؤلاء القوم على باطلهم، وتفرقكم على حقكم.
فقبحا لكم وترحا، حين صرتم غرضا يرمى، يغار عليكم ولا تغيرون،
وتغزون ولا تغزون، ويعصى الله وترضون.
فإذا أمرتكم بالسير إليهم في أيام الصيف قلتم: هذه حمارة القيظ،
أمهلنا يسبخ عنا الحر، وإذا أمرتكم بالسير إليهم في الشتاء قلتم: هذه صبارة
القر، أمهلنا ينسلخ عنا البرد، كل هذا فرارا من الحر والقر، فإذا كنتم من
الحر والقر تفرون، فأنتم والله من السيف أفر.
يا أشباه الرجال، ولا رجال، حلوم الأطفال، وعقول ربات الحجال،
لوددت أني لم أركم، ولم أعرفكم معرفة والله جرت ندما، وأعقبت سدما،
قاتلكم الله، لقد ملأتم قلبي قيحا، وشحنتم صدري غيظا، وجرعتموني
نغب التهمام أنفاسا، وأفسدتم علي رأيي بالعصيان والخذلان حتى قالت
قريش: إن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا علم له بالحرب.
لله أبوهم، وهل أحد منهم أشد لها مراسا، وأقدم فيها مقاما مني، لقد
نهضت فيها وما بلغت العشرين، وها أنا ذا قد ذرفت على الستين، ولكن لا
رأي لمن لا يطاع ".
إن من يقرأ هذه الخطبة الشريفة قراءة نقدية سيخلص إلى أن الإمام (ع)
قد اعتمد في أسلوبها على العناصر التالية:
1 - انتقاء المفردات انتقاء يتناسب وموضوع الخطابة ويلتقي وجو
الخطبة.
2 - قوة التعبير المعرب عن مدى التأثر والتأثير.
3 - استخدام الصيغ الانشائية كالتعجب والاستفهام استخداما يضع
207

الصيغة في موضعها السياقي الفني اندفاعا ودفعا.
وهذه العناصر من أهم مكونات الأسلوب ومقوماته.
إلى غيرها من عناصر أخرى أشار إليها دارسو بلاغة الإمام (ع) (1).
ويرجع هذا إلى أن " التعبير: هو القالب اللفظي الذي ينقل العاطفة
ويرسم الخيال ويبرز المعنى ".
كما أنه " عنصر أصيل ذو قيمة عظيمة في النص الأدبي " (2).
وإلى هنا، أترك للطالب العزيز تعيين مواضع هذه العناصر المذكورة من
الخطبة الشريفة.
2 - الأسلوب الأدبي:
نسبة إلى الأدب الذي يراد به - هنا - " الكلام الانشائي البليغ الذي يقصد
به التأثير في عواطف القراء والسامعين " (3).
وهو ما يعرف قديما ب‍ (صناعة الأدب).
أو كما يعرفه (المورد - مادة literature - الأدب: مجموع الآثار النثرية
والشعرية المتميزة بجمال الشكل أو الصياغة، والمعبرة عن فكرات ذات قيمة
باقية ".
ومن قبله عرفه الزيات بقوله: " أدب اللغة: ما أثر عن شعرائها وكتابها
من بدائع القول المشتمل على تصوير الأخيلة الدقيقة وتصوير المعاني الرقيقة
مما يهذب النفس ويرقق الحس ويشف اللسان " (4).
ويتحدث عنه عبد النور فيقول: " الأدب في معناه الحديث هو علم
يشمل أصول فن الكتابة، ويعنى بالآثار الخطية، النثرية والشعرية.

(1) انظر - على سبيل المثال -: (بلاغة الإمام علي) للدكتور الحوفي - فصل: التعبير.
(2) بلاغة الإمام علي ص 236.
(3) معجم مصطلحات الأدب ص 5.
(4) تاريخ الأدب العربي ص 3 ط 26.
208

وهو المعبر عن حالة المجتمع البشري، والمبين بدقة وأمانة عن
العواطف التي تعتمل في نفوس شعب أو جيل من الناس، أو أهل حضارة من
الحضارات.
موضوعه:
وصف الطبيعة في جميع مظاهرها، وفي معناها المطلق، في أعماق
الإنسان، وخارج نفسه، بحيث أنه يكشف عن المشاعر من أفراح وآلام،
ويصور الأخيلة والأحلام، وكل ما يمر في الأذهان من الخواطر.
من غاياته:
أن يكون مصدرا من مصادر المتعة المرتبطة بمصير الإنسان وقضاياه
الاجتماعية الكبرى، فيؤثر فيها ويغنيها بعناصره الفنية.
وبذلك يكون أداة في صقل الشخصية البشرية وإسعادها، ويتيح لها
التبلور والكشف عن مكنوناتها.
وهو يؤدي من خلال فنونه المتطورة، المعاني المتراكمة خلال الأزمنة،
والمستحدثات المعاصرة في شموليتها الإنسانية أو حصريتها الفردية.
ويبرز في نصوصه المتوارثة إسهام الشعوب كبيرة وصغيرة، قديمة
ومعاصرة، في بناء الحضارة، متوخيا المزاوجة بين المضمون والشكل ليجعل
منهما وحدة فنية.
يستوعب الأدب معظم الفنون الأخرى ويتجاوزها.
باستعماله الأصوات والجرس وتناغم المقاطع هو موسيقى.
وبالتأليف والتركيب واللون وبراعة الأسلوب هو هندسة معمارية ورسم
ونحت.
وهو يحلق بجناحي الفكر متخطيا الزمان والمكان.
ولذلك يعتبر الأدب أكمل الفنون وأسماها.
وهو أقلها تعرضا للفناء، لأن عوامل الزمان والمكان تعجز عن تدميره
209

والقضاء عليه، لا سيما بعد اهتداء الإنسان إلى عملية النساخة والطباعة.
ففي حين أن لوحة الرسام قد تتعرض للفساد أو للحريق، وأن التمثال قد
يتحطم، فإن الأثر الأدبي لتعدد نسخه، وانتشاره في أماكن مختلفة ينجو في
معظم الأحيان من الضياع ".
- نموذج الأسلوب الأدبي:
(من النثر):
نص رسالة من عبد الحميد بن يحيى بعث بها إلى أهله وهو منهزم مع
مروان إثر سقوط الدولة الأموية:
" أما بعد: فإن الله تعالى جعل الدنيا محفوظة بالكره والسرور، فمن
ساعده الحظ فيها سكن إليها، ومن عضته بنابها ذمها ساخطا عليها، وشكاها
مستزيدا لها، وقد كانت أذاقتنا أفاويق استحليناها، ثم جمحت بنا نافرة،
ورمحتنا مولية، فملح عذبها، وخشن لينها، فأبعدتنا عن الأوطان، وفرقتنا
عن الإخوان، فالدار نازحة، والطير بارحة.
وقد كتبت والأيام تزيدنا منكم بعدا، وإليكم وجدا، فإن تتم البلية إلى
أقصى مدتها يكن آخر العهد بكم وبنا، وإن يلحقنا ظفر جارح من أظفار
عدونا نرجع إليكم بذل الإسار، والذل شر جار.
نسأل الله تعالى الذي يعز من يشاء ويذل من يشاء، أن يهب لنا ولكم
ألفة جامعة في دار آمنة، تجمع سلامة الأبدان والأديان، فإنه رب العالمين
وأرحم الراحمين " (1).
(من الشعر):
مقتطفة من قصيدة لأبي تمام:
ديمة سمحة القياد سكوب * مستغيث بها الثرى المكروب

(1) تاريخ الأدب العربي للزيات 199.
210

لوسعت بقعة لإعظام نعمى * لسعى نحوها المكان الخصيب
لذ شؤبوبها وطاب ولو تستطيع * قامت فعانقتها القلوب
هي ماء يجري وماء يليه * وعزال تهمي وأخرى تذوب
كشف الروض رأسه واستسر المحل * منها كما استسر المريب
فإذا الري بعد محل وجرجان * لديها يبرين أو ملحوب
أيها الغيث حي هلا بمغداك * وعندي السرى وحين تؤوب
والأسلوب الأدبي - كما رأينا في هذين الأنموذجين - " يمتاز بالخيال
الرائع، والتصوير الدقيق، وتلمس أوجه الشبه البعيدة بين الأشياء، وإلباس
المعنى ثوب المحسوس، وإظهار المحسوس في صورة المعنوي " (1).
وعلى الطالب الكريم استخراج السمات المشار إليها من النصين الأدبيين
المذكورين.
3 - الأسلوب العلمي:
نسبة إلى العلم، والعلم - كما مر - هو المعرفة المنظمة.
والأسلوب العلمي: هو الشكل أو الصورة اللفظية التي تصاغ فيها المادة
العلمية أو المضمون الفكري.
(عناصره):
وأهم مقومات الأسلوب العلمي:
1 - الإلتزام باللغة العلمية شكلا، والفكر المنطقي مضمونا.
2 - الدقة في صوغ العبارة صياغة تعتمد الألفاظ الحقائق، وتبتعد عن
استخدام الألفاظ المجازية والمحسنات الكلامية.
3 - الوضوح في الأداء، والابتعاد عن الغموض.
4 - الإقتراب من ذهن المخاطب بالأسلوب - قارئا كان أو سامعا - ما
أمكن ذلك.

(1) معجم مصطلحات الأدب 542 عن: البلاغة الواضحة للجارم وأمين.
211

5 - وضع العبائر في خط سياقها مترابطة لفظا ومعنى، بحيث تمهد
السابقة للاحقة، وتأخذ التالية بعناق المتقدمة.
- نموذج للأسلوب العلمي:
بحث (المصالح المرسلة).
وهو القسم السابع من الباب الأول من كتاب (الأصول العامة للفقه
المقارن) لأستاذنا السيد محمد تقي الحكيم.
212

نموذج للأسلوب العلمي
بحث المصالح المرسلة
تحديدها، تقسيم الأحكام المترتبة عليها: الضروري،
الحاجي، التحسيني، الإختلاف في حجيتها، أدلة الحجية من
العقل، الاستدلال بسيرة الصحابة، الاستدلال بحديث لا ضرر،
غلو الطوفي في المصالح المرسلة، نفاة الاستصلاح وأدلتهم،
تلخيص وتعقيب.
213

تحديدها:
ولتحديد معنى المصالح المرسلة لا بد من تحديد معنى المصلحة أولا ثم
تحديد معنى الإرسال فيها ليتضح معنى هذا التركيب الخاص.
يقول الغزالي: المصلحة هي: " عبارة في الأصل عن جلب منفعة أو
دفع مضرة "، وقال: " ولسنا نعني به ذلك، فإن جلب المنفعة ودفع المضرة
مقاصد الخلق وصلاح الخلق في تحصيل مقاصدهم، لكنا نعني بالمصلحة
المحافظة على مقصود الشرع ".
" ومقصود الشرع من الخلق خمسة: وهو أن يحفظ عليهم دينهم،
ونفسهم، وعقلهم، ونسلهم، ومالهم، فكل ما يتضمن هذه الأصول
الخمسة فهو مصلحة، وكل ما يفوت هذه الأصول فهو مفسدة ودفعها
مصلحة " (1).
وعرفها الطوفي بقوله: هي " السبب المؤدي إلى مقصود الشرع عبادة
وعادة " (2) وأراد بالعبادة " ما يقصده الشارع لحقه " (3) والعادة " ما يقصده

(1) المستصفى، ج 1 ص 140.
(2)، (3) رسالة الطوفي المنشورة في مصادر التشريع، ص 93.
215

الشارع لنفع العبادة وانتظام معايشهم وأحوالهم " (1).
أما تعريفهم للإرسال فقد وقع موقع الإختلاف لديهم، فالذي يبدو من
بعضهم أن معناه عدم الإعتماد على أي نص شرعي، وإنما يترك للعقل حق
اكتشافها، بينما يذهب البعض الآخر إلى أن معناها هو عدم الإعتماد على
نص خاص وإنما تدخل ضمن ما ورد في الشريعة من نصوص عامة، واستنادا
إلى هذا التفاوت في معنى الإرسال، تفاوتت تعاريف المصلحة المرسلة.
فابن برهان يعرفها بقوله هي: " ما لا تستند إلى أصل كلي أو جزئي " (2)
وربما رجع إلى هذا التعريف ما ورد على لسان بعض الأصوليين المحدثين من
" أنها الوصف المناسب الملائم لتشريع الحكم الذي يترتب على ربط الحكم
به جلب نفع أو دفع ضرر، ولم يدل شاهد من الشرع على اعتباره أو
إلغائه " (3).
بينما يذهب الأستاذ معروف الدواليبي إلى إدخالها ضمن ما شهد له أصل
كلي من الشريعة يقول - وهو يتحدث عن الاستصلاح -: " الاستصلاح في
حقيقته هو نوع من الحكم بالرأي المبني على المصلحة، وذلك في كل
مسألة لم يرد في الشريعة نص عليها، ولم يكن لها في الشريعة أمثال تقاس
بها، وإنما بني الحكم فيها على ما في الشريعة من قواعد عامة برهنت على أن
كل مسألة خرجت عن المصلحة ليست من الشريعة بشئ، وتلك القواعد هي
مثل قوله تعالى: (إن الله يأمر بالعدل والإحسان)، وقوله عليه الصلاة
والسلام: " لا ضرر ولا ضرار " (4).
وقد رادف بعضهم بينها وبين الاستصلاح (5)، كما رادف آخر بينها وبين

(1) المصدر السابق.
(2) إرشاد الفحول، ص 242.
(3) سلم الوصول، ص 309.
(4) المدخل إلى أصول الفقه، ص 284.
(5) أصول الفقه للخضري، ص 302.
216

الاستدلال (1).
وهو ما لم يتضح له وجه لبعده عما لهذه الألفاظ من مداليل لديهم،
فالإستصلاح، كما هو صريح كلامهم، هو بناء الحكم على المصلحة
المرسلة لا أنه عينها، كما أن الاستدلال إنما يكون بها لا أنها عين
الاستدلال.
وبما أن هذه التعاريف التي نقلنا نموذجين منها لا تحكي عن واقع واحد
ليلتمس تعريفه الجامع المانع من بينها، وربما اختلف الحكم فيها لديهم
باختلاف مفاهيمها فلا جدوى بمحاكمتها.
والأنسب أن تعرض أحكامها وتحاكم على أساس ما ينتظمها من الأدلة
نفيا أو إثباتا على أسس من تعدد المفاهيم.
تقسيم الأحكام المترتبة على المصلحة:
وقد قسموا أحكامها المترتبة عليها بلحاظ ما لمصالحها من رتب إلى
أقسام ثلاثة:
1 - الضروري: " وهو المتضمن لحفظ مقصود من المقاصد الخمس
التي لم تختلف فيها الشرائع بل هي مطبقة على حفظها " (2). يقول الغزالي:
" وهذه الأصول الخمسة حفظها واقع في رتبة الضرورات فهي أقوى المراتب
في المصالح، ومثاله قضاء الشرع بقتل الكافر المضل، وعقوبة المبتدع
الداعي إلى بدعته فإن هذا يفوت على الخلق دينهم، وقضاؤه بإيجاب
القصاص إذ به حفظ النفوس، وإيجاب حد الشرب إذ به حفظ العقول التي
هي ملاك التكليف، وإيجاب حد الزنا إذ به حفظ النسل والأنساب، وإيجاب

(1) إرشاد الفحول، ص 242.
(2) إرشاد الفحول، ص 216.
217

زجر الغصاب والسراق إذ به يحصل حفظ الأموال التي هي معاش الخلق وهم
مضطرون إليها " (1)، ثم يقول: " وتحريم تفويت هذه الأصول الخمسة
والزجر عنها يستحيل أن لا تشتمل عليها ملة من الملل، وشريعة من الشرائع
التي أريد بها إصلاح الخلق، ولذلك لم تختلف الشرائع في تحريم الكفر،
والقتل، والزنا، والسرقة، وشرب المسكر " (2).
2 - الحاجي: وأرادوا به " ما يقع في محل الحاجة لا الضرورة " (3)
كتشريع أحكام البيع، والإجارة، والنكاح لغير المضطر إليها من المكلفين.
3 - التحسيني: وأرادوا به ما يقع ضمن نطاق الأمور الذوقية كالمنع عن
أكل الحشرات، واستعمال النجس فيما يجب التطهر فيه، أو ضمن ما تقتضيه
آداب السلوك كالحث على مكارم الأخلاق، ورعاية أحسن المناهج في
العادات والمعاملات، وقد عرفه الغزالي بقوله هو: " ما لا يرجع إلى ضرورة
ولا حاجة، ولكن يقع موقع التحسين والتزيين والتيسير للمزايا والمزايد " (4).
ولهذا التقسيم ثمرات أهمها تقديم بعضها على بعض في مجالات
التزاحم فهي مرتبة من حيث الأهمية، فالأول منها مقدم على الأخيرين والثاني
على الثالث، ولعل قسما من الأقوال القادمة يبتنى في حجيته على الأخذ
ببعض هذه الأقسام دون بعض.
الإختلاف في حجيتها:
ذهب مالك وأحمد ومن تابعهما " إلى أن الاستصلاح طريق شرعي
لإستنباط الحكم فيها لا نص فيه ولا إجماع، وأن المصلحة المطلقة التي لا
يوجد من الشرع ما يدل على اعتبارها ولا على إلغائها مصلحة صالحة لئن
يبنى عليها الاستنباط " (5).

(1)، (2) المستصفى، ج 1 ص 140.
(3) إرشاد الفحول، ص 216.
(4) المستصفى، ج 1 ص 140.
(5) مصادر التشريع، ص 73.
218

وغالى فيها الطوفي، وهو من علماء الحنابلة (1)، فاعتبرها الدليل
الشرعي الأساس في السياسات الدنيوية والمعاملات، وقدمها على ما
يعارضها من النصوص عند تعذر الجمع بينها (2).
بينما ذهب الشافعي ومن تابعه: " إلى أنه لا استنباط بالإستصلاح، ومن
استصلح فقد شرع كمن استحسن، والإستصلاح كالإستحسان متابعة
للهوى " (3).
وللغزالي وهو من الشافعية تفصيل فيها فهو يرى أن " الواقع في الرتبتين
الأخيرتين لا يجوز الحكم بمجرده إن لم يعتضد بشهادة أصل إلا أنه يجري
مجرى وضع الضرورات، فلا بعد في أن يؤدي إليه اجتهاد مجتهد، وإن لم
يشهد الشرع بالرأي فهو كالإستحسان، فإن اعتضد بأصل فذلك قياس. أما
الواقع في رتبة الضرورات فلا بعد في أن يؤدي إليه اجتهاد مجتهد، وإن لم
يشهد له أصل معين، ومثاله أن الكفار إذا تترسوا بجماعة من أسارى
المسلمين، فلو كففنا عنهم لصدمونا وغلبوا على دار الإسلام وقتلوا كافة
المسلمين، ولو رمينا الترس لقتلنا مسلما معصوما لم يذنب ذنبا، وهذا لا
عهد به في الشرع، ولو كففنا لسلطنا الكفار على جميع المسلمين
فيقتلونهم، ثم يقتلون الأسارى أيضا، فيجوز أن يقول قائل: هذا الأسير
مقتول بكل حال، فحفظ جميع المسلمين أقرب إلى مقصود الشرع، لأنا
نعلم أن مقصود الشرع تقليل القتل كما يقصد حسم سبيله عند الإمكان فإن لم
نقدر على الحسم قدرنا على التقليل، وكان هذا التفاتا إلى مصلحة علم
بالضرورة كونها مقصودة لا بدليل واحد وأصل معين، بل بأدلة خارجة عن
الحصر، ولكن تحصيل هذا المقصود بهذا الطريق وهو قتل من لم يذنب
غريب لم يشهد له أصل معين، فهذا مثال مصلحة غير مأخوذة بطريق القياس

(1) مصادر التشريع، ص 80.
(2) مصادر التشريع، ص 81 وما بعدها.
(3) مصادر التشريع، ص 74.
219

على أصل معين " (1).
وخلاصة ما انتهى إليه في ذلك اعتبار أمور ثلاثة إن توفرت شئ ما
كشفت عن وجود الحكم فيه وهي:
1 - كون المصلحة ضرورية.
2 - كونها قطعية.
3 - كونها كلية (2).
هذا كله إذا وقعت في مرتبة الضروري " وإن وقعت في مرتبة الحاجي
فقد رأى في المستصفى ردها، وفي شفاء الغليل قبولها " (3).
أما الأحناف فالمنسوب إليهم أنهم لا يقولون بالمصالح المرسلة، ولا
يعتبرونها دليلا، وقد تنظر الأستاذ خلاف في هذه النسبة، واستظهر من عدة
وجوه خلاف ذلك (4).
وقد نسب الأستاذ الخفيف إلى الشيعة وأهل الظاهر " العمل بالمصالح
المرسلة لكونهم لا يرون العمل بالقياس " (5)، وسيتضح الحال فيها.
ولعل الفصل في هذه الأقوال نفيا أو إثباتا يتضح مما عرضوه للحجية من
أدلة، وقد آثرنا تحريرها على ترتيب ما ذكروه في التقديم والتأخير.
أدلة الحجية من العقل:
وخلاصة ما استدل به للإستصلاح منها بعد إكمال نواقص بعضها ببعض هو:
1 - إن الأحكام الشرعية إنما شرعت لتحقيق مصالح العباد، وإن هذه

(1)، (2) المستصفى، ج 1 ص 141.
(3) محاضرات في أسباب الاختلاف للخفيف، ص 244.
(4) مصادر التشريع، ص 74.
(5) محاضرات في أسباب الاختلاف، ص 244.
220

المصالح التي بنيت عليها أحكام الشريعة معقولة، أي مما يدرك العقل
حسنها، كما أنه يدرك قبح ما نهى عنه، فإذا حدثت واقعة لا نص فيها
" وبنى المجتهد حكمه فيها على ما أدركه عقله من نفع أو ضرر، كان حكمه
على أساس صحيح معتبر من الشارع، ولذلك لم يفتح باب الاستصلاح إلا
في المعاملات ونحوها مما تعقل معاني أحكامها فلا تشريع فيها
بالإستصلاح " (1).
وهذا الاستدلال لا يتم إلا على مبنى من يؤمن بالتحسين والتقبيح
العقليين، والدليل كما ترون قائم على الإعتراف بإمكان إدراك العقل لذلك.
وقد سبق أن قلنا: إن العقل قابل للإدراك، ولو أدرك على سبيل الجزم
كان حجة قطعا لكشفه عن حكم الشارع، ولكن الإشكال، كل الإشكال،
في جزمه بذلك لما مر من أن أكثر الأفعال الصادرة عن المكلفين، إما أن
يكون فيها اقتضاء التأثير أو ليس فيها حتى الإقتضاء، وما كان منها من قبيل
الحسن والقبح الذاتيين فهو نادر جدا، وأمثلته قد لا تتجاوز العدل والظلم
وقليلا من نظائرهما.
وما فيه الإقتضاء يحتاج إلى إحراز تحقق شرائطه وانعدام موانعه، أي
إحراز تأثير المقتضى وهو مما لا يحصل به الجزم غالبا لقصور العقل عن
إدراك مختلف مجالاته، وبما كان بعضها مما لا يناله إدراك العقول كما مر
عرض ذلك مفصلا.
2 - قولهم: " إن الوقائع تحدث والحوادث تتجدد، فلو لم يفتح
للمجتهدين باب التشريع بالإستصلاح ضاقت الشريعة الإسلامية عن مصالح
العباد وقصرت عن حاجاتهم، ولم تصلح لمسايرة مختلف الأزمنة والأمكنة
والبيئات والأحوال مع أنها الشريعة العامة لكافة الناس، وخاتمة الشرائع
السماوية كلها " (2).

(1)، (2) مصادر التشريع، ص 75.
221

وقد أجبنا على نظير هذا الاستدلال في مبحث القياس، وبينا أن أحكام
الشريعة بمفاهيمها الكلية، لا تضيق عن مصالح العباد ولا تقصر عن
حاجاتهم، وهي بذلك مسايرة لمختلف الأزمنة والأمكنة والبيئات والأحوال
وبخاصة إذا لوحظت مختلف المفاهيم بعناوينها الأولية والثانوية وأحسن
تطبيقها والاستفادة منها.
والحقيقة أن تأثير الزمان والمكان والأحوال إنما هو في تبدل مصاديق هذه
المفاهيم.
فالآية الآمرة بالإستعداد بما يستطيعون له من قوة لإرهاب أعداء الله قد لا
نجد لها مصداقا في ذلك الزمن إلا بإعداد السيوف والرماح والتروس والخيول
وأمثالها، لأن القوة السائدة هي من هذا النوع، ولكن تبدل الزمان وتغير
وسائل الحرب حول الاستعداد إلى إعداد مختلف الوسائل السائدة في الأمم
المتحضرة للحروب كالقنابل النووية وغيرها، فالمفهوم هو وجوب الاستعداد
بما يستطاع لهم من قوة لم يتغير في الآية، وإنما مصاديقه وهكذا...
فالتبدل في الحقيقة، لم يقع في المفاهيم الكلية، وإنما وقع في أفرادها
ومصاديقها، فما كان مصداقا لمفهوم ما ربما تحول إلى مصداق لمفهوم
آخر.
ولقد وسع لنا الشارع المقدس بما شرحه لنا من العناوين الثانوية من
جهة، وبفتحه لنا أبواب الإجتهاد سواء في التعرف على أحكامه الكلية أم
التماس مصاديقها بما سد حاجاتنا الأساسية إلى تطوير أنفسنا، ومسايرة
عصورنا ضمن إطار ما جاء به من أحكام، ولكن لا على أن نفسح المجال
أمام أوهامنا وظنوننا لنتحكم في مصائر العباد كيفما نشاء، وما دام مقياس
الحجية بأيدينا - وهو ما سبق أن عرضناه - فلا مجال لاعتماد ما يخالف هذا
المقياس، والأساس فيه هو تحصيل العلم بالحكم أو العلمي، ولا أقل من
تحصيل الوظيفة التي يأمن الإنسان من غائلة العقاب.
222

الاستدلال بسيرة الصحابة:
وكما استدلوا بالعقل فقد استدلوا عليها بسيرة الصحابة، ومما جاء في
دليلهم: " أن أصحاب رسول الله لما طرأت لهم بعد وفاته حوادث وجدت
لهم طوارئ شرعوا لها ما رأوا أن فيه تحقيق المصلحة، وما وقفوا عن
التشريع لأن المصلحة ما قام دليل من الشارع على اعتبارها، بل اعتبروا أن
ما يجلب النفع أو يدفع الضرر حسبما أدركته عقولهم هو المصلحة، واعتبروه
كافيا لأن يبنوا عليه التشريع والأحكام، فأبو بكر جمع القرآن في مجموعة
واحدة، وحارب مانعي الزكاة، ودرأ القصاص عن خالد بن الوليد، وعمر
أوقع الطلاق الثلاث بكلمة واحدة ووقف تنفيذ حد السرقة في عام المجاعة،
وقتل الجماعة في الواحد، وعثمان جدد أذانا ثانيا لصلاة الجمعة (1)...
الخ ".
والغريب أن تنزل هذه التصرفات وأمثالها على القياس تارة والاستحسان
أخرى والمصالح ثالثة، وتعتبر على ألسنة البعض أدلة عليها، وما أدري هل
تتسع الواقعة الواحدة لمختلف هذه الأدلة مع تباينها مفهوما أم ماذا؟!
ومهما يكن فإن النقاش في هذا النوع من الاستدلال واقع صغرى
وكبرى.
أما الصغرى فلعدم إمكان تكوين سيرة لهم من مجرد نقل أحداث عن
أفراد منهم يمكن أن تنزل على هذا الدليل أو ذاك، ومن شرائط السيرة أن
يصدر المجموع عنها في سلوكها الخاص، وكذلك لو أريد من هذا الدليل
إجماعهم السكوتي على ذلك بالتقريب الذي ذكروه بالقياس، والذي عرفت -
فيما سبق - مناقشته.
أما إذا أريد الاستدلال بتصرفاتهم الفردية فهي لا تصلح للدليلية على أي
حال لعدم الإيمان بعصمتهم أولا، واجتهادهم لا يتجاوز في حجيته أنفسهم

(1) مصادر التشريع، ص 75.
223

ومن يرجع إليهم بالتقليد.
وأما المناقشة في الكبرى فلعدم حجية مثل هذه السيرة أو الإجماع على
أمثال هذه الأدلة، لأن هذه التصرفات غير معللة على ألسنتهم، وما يدرينا أن
الباعث على صدورها هو إدراك المصالح من قبلهم، والسيرة مجملة لا لسان
لها لنتمسك به، وغاية ما يمكن أن تدل عليه هو حجية نفس ما قامت عليه من
أفعال لو كانت مثل هذا السيرة من الحجج التي يركن إليها لا حجية مصادرها
المتخيلة، على أن هذه التصرفات - كما سبقت الإشارة إليها - جار أكثرها
على مخالفة النصوص لأمور اجتهادية لا نعرف اليوم عواملها وبواعثها
الحقيقية، وفيما سبق عرضه في مبحث القياس ما يغني عن إطالة الحديث.
الاستدلال بحديث لا ضرر:
وقد تبناه الطوفي وقرب دلالته - بعد أن أطال الحديث في سنده - بقوله:
" وأما معناه فهو ما أشرنا إليه من نفي الضرر والمفاسد شرعا، وهو نفي عام
إلا ما خصصه الدليل، وهذا يقتضي تقديم مقتضى هذا الحديث على جميع
أدلة الشرع، وتخصيصها به في نفي الضرر وتحصيل المصلحة لأنا لو فرضنا
أن بعض أدلة الشرع تضمن ضررا، فإن نفيناه بهذا الحديث كان عملا
بالدليلين، وإن لم ننفه به كان تعطيلا لأحدهما وهو هذا الحديث، ولا شك
أن الجمع بين النصوص في العمل بها أولى من تعطيل بعضها " (1). ويقول:
" ثم إن قول النبي (صلى الله عليه وسلم): لا ضرر ولا ضرار يقتضي رعاية المصالح إثباتا
والمفاسد نفيا إذ الضرر هو المفسدة فإذا نفاها الشرع لزم إثبات النفع الذي هو
المصلحة لأنهما نقيضان لا واسطة بينهما " (2).
والذي يرد على هذا الاستدلال:
1 - اعتقاده أن نسبة هذا الحديث إلى الأدلة الأولية هي نسبة المخصص
مع أن شرائط المخصص أن يكون أخص مطلقا من العام ليصح تقديمه

(1) رسالة الطوفي، ص 90.
(2) رسالة الطوفي، ص 91.
224

عليه، وقد سبق بيان السر في ذلك في بحوث التمهيد وغيرها.
والنسبة هنا بين حديث لا ضرر وأي دليل من الأدلة الأولية، هي نسبة
العموم من وجه، فوجوب الوضوء مثلا، بمقتضى إطلاقه شامل لما كان
ضرريا وغير ضرري، وأدلة لا ضرر شاملة للوضوء الضرري وغير الوضوء،
فالوضوء الضرري مجمع للحكمين معا، ومقتضى القاعدة التعارض بينهما
والتساقط، ولا وجه لتقديم أحدهما على الآخر لأن نسبة العامين إلى موضع
الالتقاء من حيث الظهور نسبة واحدة.
والظاهر أن الطوفي - بحاسته الفقهية - أدرك تقديم هذا الدليل على الأدلة
الأولية وإن لم يدرك السر في ذلك.
والسر هو ما سبق أن ذكرناه من حكمة هذا النوع من الأدلة على الأدلة
الأولية لما فيه من شرح وبيان لها، فكأنه يقول بلسانه إن ما شرع لكم من
الأحكام هو مرفوع عنكم إذا كان ضرريا، فهو ناظر إليها ومضيق لها.
وما دام لسانه لسان شرح وبيان فلا معنى لملاحظة النسبة بينه وبين غيره
من الأدلة.
2 - اعتقاده أن بين الضرر والمصلحة نسبة التناقض، ولذلك رتب على
انتفاء أحدهما ثبوت الآخر لإستحالة ارتفاع النقيضين مع أن الضرر معناه لا
يتجاوز النقص في المال أو العرض أو البدن وبينه وبين المصلحة واسطة،
فالتاجر الذي لم يربح في تجارته ولم يخسر فيها لا يتحقق بالنسبة إليه ضرر
ولا منفعة فهما إذن من قبيل الضدين اللذين لهما ثالث، ومتى حصلت واسطة
بينهما فانتفاء أحدهما لا يستلزم ثبوت الآخر، وعلى هذا المعنى يبتنى ثبوت
المباح، وهو الذي لا ضرر ولا مصلحة فيه.
وإذن فانتفاء الضرر هنا لا يستلزم ثبوت المصلحة، ومن هنا قلنا: إن
حديث لا ضرر رافع للتكليف لا مشرع، فهو لا يتعرض إلى أكثر من ارتفاع
الأحكام الضرورية عن موضوعاتها، أما إثبات أحكام أخر فلا يتعرض لها،
وإنما المرجع فيها إلى أدلتها الأخرى.
225

وإذا اتضح هذا لم يبق أمام الطوفي ما يصلح للاستدلال به على المصالح
المرسلة فضلا عن الغلو فيها.
غلو الطوفي في المصالح المرسلة:
وكان من مظاهر غلو الطوفي فيها تقديمه رعاية المصلحة على النصوص
والإجماع، واستدل على ذلك بوجوه:
" أحدها أن منكري الإجماع قالوا برعاية المصالح، فهو إذن محل
وفاق، والإجماع محل خلاف، والتمسك بما اتفق عليه أولى من التمسك بما
اختلف فيه " (1).
ويرد على هذا الاستدلال عدم التفرقة بين رعاية المصلحة وبين
الاستصلاح كدليل، فالأمة، وإن اتفقت على أن أحكام الشريعة مما تراعى
فيها المصالح، ولكن دليل الاستصلاح موضع خلاف كبير لعدم إيمان الكثير
منهم بإمكان إدراك هذه المصالح مجتمعة من غير طرق الشرع، وقد سبق
إيضاح ذلك في مبحث العقل.
فدليل الاستصلاح إذن ليس موضع وفاق ليقدم على الإجماع.
" الوجه الثاني: أن النصوص مختلفة متعارضة فهي سبب الخلاف في
الأحكام المذموم شرعا، ورعاية المصالح أمر حقيقي في نفسه لا يختلف
فيه، فهو سبب الإتفاق المطلوب شرطا فكان اتباعه أولى، وقد قال
عز وجل: (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) (1)، (إن الذين فرقوا
دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شئ) (2)، وقال عليه السلام: " لا تختلفوا
فتختلف قلوبكم "، وقد قال عز وجل في مدح الإجتماع: (وألف بين
قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف

(1) رسالة الطوفي، ص 109.
(2) آل عمران / 103.
(3) الأنعام / 159.
226

بينهم) (1)، وقال عليه السلام: " كونوا عباد الله إخوانا ".
ومن تأمل ما حدث بين أئمة المذاهب من التشاجر والتنافر، علم صحة
ما قلنا، حتى أن المالكية استقلوا بالمغرب، والحنفية بالمشرق، فلا يقار
أحد المذهبين أحدا من غيره في بلاده إلا على وجه ما، وحتى بلغنا أن أهل
جيلان من الحنابلة إذا دخل إليهم حنفي قتلوه، وجعلوا ماله فيئا حكمهم في
الكافر، وحتى بلغنا أن بعض بلاد ما وراء النهر من بلاد الحنفية، كان فيه
مسجد واحد للشافعية وكان والي البل يخرج كل يوم لصلاة الصبح فيرى ذلك
المسجد فيقول: أما آن لهذه الكنيسة أن تغلق؟ فلم يزل كذلك، حتى
أصبح يوما وقد سد باب ذلك المسجد بالطين واللبن فأعجب الوالي ذلك ".
" ثم إن كلا من أتباع الأئمة، يفضل إمامه على غيره في تصانيفهم
ومحاوراتهم حتى رأيت حنفيا صفف مناقب أبي حنيفة، فافتخر فيها بأتباعه،
كأبي يوسف ومحمد وابن المبارك ونحوهم، ثم قال: يعرض بباقي
المذاهب:
أولئك آبائي فجئني بمثلهم * إذا جمعتنا يا جرير المجامع
وهذا شبيه بدعوى الجاهلية وغيره كثير، وحتى أن المالكية يقولون:
الشافعي غلام مالك، والشافعية يقولون: أحمد بن حنبل غلام الشافعي،
والحنابلة يقولون: الشافعي غلام أحمد بن حنبل.
" وقد ذكره أبو الحسن القرافي في الطبقات من أتباع أحمد ".
" والحنفية يقولون: إن الشافعي غلام أبي حنيفة لأنه غلام محمد بن
الحسن، ومحمد غلام أبي حنيفة "، قالوا لولا أن الشافعي من أتباع أبي
حنيفة لما رضينا أن ننصب معه الخلاف. وحتى أن الشافعية يطعنون بأن أبا
حنيفة من الموالي، وأنه ليس من أئمة الحديث، وأحوج ذلك الحنفية إلى
الطعن في نسب الشافعي وأنه ليس قرشيا بل من موالي قريش، ولا إماما في

(1) الأنفال / 63.
227

الحديث لأن البخاري ومسلما أدركاه ولم يرويا عنه، مع أنهما لم يدركا إماما
إلا رويا عنه، حتى احتاج الإمام فخر الدين والتميمي في تصنيفيهما مناقب
الشافعي إلى الاستدلال على هاشميته، وحتى جعل كل فريق يروي السنة في
تفضيل إمامه، فالمالكية رووا: " يوشك أن تضرب أكباد الإبل ولا يوجد
أعلم من عالم المدينة ". قالوا: وهو مالك، والشافعية رووا: " الأئمة من
قريش، تعلموا من قريش ولا تعالموها "، أو " عالم قريش ملأ الأرض
علما "، قالوا: ولم يظهر من قريش بهذه الصفة إلا الشافعي والحنفية،
رووا: " يكون في أمتي رجل يقال له النعمان هو سراج أمتي، ويكون فيهم
رجل يقال له محمد بن إدريس هو أضر على أمتي من إبليس ". والحنابلة
رووا: " يكون في أمتي رجل يقال له أحمد بن حنبل يسير على سنتي سير
الأنبياء " أو كما قال فقد ذهب عني لفظه ".
" وقد ذكر أبو الفرج الشيرازي في أول كتابه المنهاج " واعلم أن هذه
الأحاديث ما بين صحيح لا يدل، ودال لا يصح. أما الرواية في مالك
والشافعي فجيدة لكنها لا تدل على مقصودهم لأن عالم المدينة إن كان اسم
جنس فعلماء المدينة كثير ولا اختصاص لمالك دونهم، وإن كان اسم شخص
فمن علماء المدينة الفقهاء السبعة وغيرهم من مشايخ مالك الذين أخذ عنهم
وكانوا حينئذ أشهر منه، فلا وجه لتخصيصه بذلك وإنما حمل أصحابه على
حمل الحديث عليه كثرة أتباعه وانتشار مذهبه في الأقطار، وذلك إمارة على ما
قالوا، وكذلك الأئمة من قريش لا اختصاص للشافعي به، ثم هو محمول
على الخلفاء في ذلك، وقد احتج به أبو بكر يوم السقيفة، وكذلك تعلموا من
قريش لا اختصاص لأحد به ".
" أما قوله: " عالم قريش يملأ الأرض علما " فابن عباس يزاحم الشافعي
فيه، فهو أحق به لسبقه وصحبته ودعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) في قوله: " اللهم فقهه في
الدين وعلمه التأويل " فكان يسمى بحر العلم وحبر العرب، وإنما حمل
الشافعية الحديث على الشافعي لإشتهار مذهبه وكثرة أتباعه، على أن مذهب
ابن عباس مشهور بين العلماء لا ينكر ".
228

" وأما الرواية في أبي حنيفة وأحمد بن حنبل فموضوعة باطلة لا أصل
لها، أما حديث " هو سراج أمتي " فأورده ابن الجوزي في الموضوعات،
وذكر أن مذهب الشافعي لما اشتهر أراد الحنفية إخماله، فتحدثوا مع
مأمون بن أحمد السلمي وأحمد بن عبد الله الخوشاري وكانا كذابين
وضاعين، فوضعا هذا الحديث في مدح أبي حنيفة وذم الشافعي، ويأبى الله
إلا أن يتم نوره ".
" وأما الرواية في أحمد بن حنبل فموضوعة قطعا لأنا قدمنا أن أحمد كان
أحفظ الناس للسنة وأشدهم بها إحاطة حتى ثبت أنه كان يذاكر تأليف ألف
حديث وأنه قال: خرجت مسندي من سبعمائة ألف حديث وخمسين ألف
حديث، وجعلته حجة بيني وبين الله عز وجل، فما لم تجدوه فيه فليس
بشئ ".
" ثم إن هذا الحديث الذي أورده الشيرازي في مناقب أحمد ليس في
مسنده، فلو كان صحيحا لكان هو أولى الناس بإخراجه والاحتجاج به في
محنته التي ضيق الأرض ذكرها ".
فانظر بالله أمرا يحمل الأتباع على وضع الأحاديث في تفضيل أئمتهم وذم
بعضهم، وما مبعثه إلا تنافس المذاهب في تفضيل الظواهر ونحوها على
رعاية المصالح الواضح بيانها الساطع برهانها، فلو اتفقت كلمتهم بطريق ما
لما كان شئ مما ذكرنا عنهم ".
" واعلم أن من أسباب الخلاف الواقع بين العلماء تعارض الروايات
والنصوص، وبعض الناس يزعم أن السبب في ذلك عمر بن الخطاب، وذلك
أن أصحابه استأذنوه في تدوين السنة في ذلك الزمان فمنعهم من ذلك وقال:
(لا أكتب من القرآن غيره) مع علمه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: " اكتبوا لأبي شاه
خطبة الوداع " وقال: " قيدوا العلم بالكتابة " قالوا: فلو ترك الصحابة يدون
كل واحد منهم ما روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم)، لانضبطت السنة، ولم يبق بين أحد
من الأمة وبين النبي (صلى الله عليه وسلم)، في كل حديث إلا الصحابي الذي دون روايته،
229

لأن تلك الدواوين تتواتر إلينا كما تواتر البخاري ومسلم ونحوهما " (1).
ثم أورد بعد ذلك على نفسه بقوله: " فإن قيل خلاف الأمة في مسائل
الأحكام رحمة وسعة، فلا يحويه حصرهم من جهة واحدة لئلا يضيق مجال
الإتساع، قلنا هذا الكلام ليس منصوصا عليه من جهة الشرع حتى يمتثل،
ولو كان لكان مصلحة الوفاق أرجح من مصلحة الخلاف فتقدم ".
" ثم ما ذكرتموه من مصلحة الخلاف بالتوسعة على المكلفين معارض
بمفسدة تعرض منه، وهو أن الآراء إذا اختلفت وتعددت اتبع بعض رخص
بعض المذاهب فأفضى إلى الإنحلال والفجور كما قال بعضهم:
فاشرب ولط وازن وقامر واحتج * في كل مسألة بقول إمام
يعني بذلك شرب النبيذ وعدم الحد في اللواط على رأي أبي حنيفة،
والوطأ في الدبر على ما يعزى إلى مالك، ولعب الشطرنج على رأي
الشافعي ".
" وأيضا فإن بعض أهل الذمة ربما أراد الإسلام فيمنعه كثرة الخلاف
وتعدد الآراء ظنا منه أنهم يخطئون، لأن الخلاف مبعود عنه بالطبع، ولهذا
قال الله تعالى: (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها) (2) أي يشبه بعضه
بعضا ويصدق بعضه بعضا، لا يختلف إلا بما فيه من المتشابهات وهي ترجع
إلى المحكمات بطريقها، ولو اعتمدت رعاية المصالح المستفادة من
قوله (ع): " لا ضرر ولا ضرار " على ما تقرر، لاتحد طريق الحكم وانتهى
الخلاف، فلم يكن ذلك شبهة في امتناع من أراد الإسلام من أهل الذمة
وغيرهم " (3).
ومع الغض عما في نصه هذا من خطابية وتطويل قد لا تكون له حاجة،

(1) رسالة الطوفي، ص 109 إلى ص 113.
(2) الزمر / 23.
(3) رسالة الطوفي، ص 116.
230

إن الإختلاف ضرورة لا يمكن دفعها عن البشر، وهو لا يستدعي الصراع
والخصام المذهبي ما دام أصحابه يسيرون ضمن نطاق الإجتهاد بموضوعية
تامة، وما دامت الأهواء السياسية وغيرها بعيدة عنه.
وهذا النوع من الصراع بين أتباع المذاهب كانت من ورائه دائما عوامل لا
ترتبط بالدين.
وكانت السياسية من وراء أكثرها وكثير من هؤلاء المصطرعين لم يكونوا من
العلماء المجتهدين، وإنما كانوا مرتزقة باسم الدين لإنسداد أبواب الإجتهاد
في هذه الفترات التي أرخ لها، وحيث يوجد الغرض والهوى والجهل،
ومحاولات الإستغلال من تجار الضمائر والمبادئ توجد التفرقة والصراع،
وأمثال هؤلاء المفرقين من العلماء إنما هم دمى بيد السلطة تحركها كيفما
تشاء.
وإلا فإن العالم الصحيح لا يضره الإختلاف معه في مجالات استنباطه
وربما سر لعلمه بقيمة ما يأتي به الصراع من تلاقح فكري، وإنماء وتطور
للأفكار التي يؤمن بها.
والعلماء في مختلف المجالات العلمية يختلفون، وما سمعنا خلافا
أوجب الصراع فيما بينهم باسم العلم فضلا عن أن يدب الصراع إلى أبناء
شعوبهم فيقتتلون، اللهم إلا إذا كانت السلطات من ورائه كما هو الشأن في
موقف سلطة الكنيسة من بعض العلماء المكتشفين أمثال غاليلو.
والشيعة أنفسهم رأوا طوائف من علمائهم وهم بحكم فتح أبواب الإجتهاد
على أنفسهم كانوا يختلفون، وينقد بعضهم آراء البعض الآخر، ومع ذلك
كله نرى تقديسهم لعلمائهم يكاد يكون منقطع النظير.
وما استشهد به من الآيات والروايات على المنع من الإختلاف أجنبي عن
هذا النوع من الإختلاف الذي يقتضيه البحث الموضوعي، لأن المنع عن هذا
النوع منه تعبير آخر عن الدعوة إلى الجمود وإماتة الفكر والنظر في شؤون
الدين، وهو ما ينافي الدعوة إلى تدبر ما في القرآن والنظر إلى آياته، بل
231

ينافي الدعوة إلى تدبر ما في الكون والحث على استعمال العقل، وهو ما
طفحت به كثير من الآيات والأحاديث، لأن طبيعة التدبر واستعمال الفكر تدعو
إلى اختلاف الرأي.
فالإختلاف المنهي عنه هو الإختلاف الذي يدعو إلى التفرقة وتشتيت
كلمة الأمة، أي الإختلاف الذي يستغل عاطفيا لتفرقة الشعوب لا الإختلاف
الذي يدعو إليه البحث الموضوعي وهو من أسباب الألفة والتعاطف بين
أربابه، ففي الاستدلال خلط بين نوعي الإختلاف.
ومع التغافل عن هذه الناحية فإن دعواه بأن رعاية المصالح أمر حقيقي في
نفسه لا يختلف فيه فهو سبب الإتفاق - لا أعرف لها وجها، لأن المصالح
الحقيقية التي يتطابق عليها العقلاء محدودة جدا، وما عداها كلها موضع
خلاف بل هي نفسها موضع لخلاف كبير في مواقع تطبيقها كما سبق بيانه في
مبحث العقل فكيف يكون النظر فيها موضعا لاتفاق الكلمة وبخاصة إذا وسعنا
الأمر إلى عوالم الظنون بها والأوهام، وهل تكفي مواضع الإتفاق منها لإقامة
شريعة إذا تجردنا عن النصوص.
وبهذا يتضح الجواب على ما أورده على نفسه من إشكال وأجاب عليه،
فكون الإختلاف رحمة وسعة مما لا إشكال فيه أصلا إذا كان في حدود البحث
الموضوعي، والذي يدل عليه كل ما يدل على وجوب المعرفة المستلزمة حتما
للاختلاف من آيات وأحاديث، ومعارضتها بمفسدة الأخذ بالرخص لا تعتمد
على أساس.
فالآخذون بالرخص إما أن يكونوا معتمدين على حجية كأن يكون هناك
مرجع مستوف لشرائط التقليد يسيغ لهم ذلك، فالأخذ بها لا يشكل مفسدة
وأصحابها معذورون، وإما أن لا يكونوا على حجة، وهؤلاء لا حساب لنا
معهم لتمردهم على أصل الشريعة في عدم الركون في تصرفاتهم على
أساس، وكونهم يستغلون الرخص لتبرير أعمالهم أمام الرأي العام فإنما هو
من قبيل الخداع والتمويه، ولو لم تكن هناك رخص لارتكبوا هذه الأعمال
والتمسوا لها مبررات غير هذه.
232

وكون الإختلاف مانعا من دخول أهل الذمة إلى الإسلام هو الآخر لا
يخلو من غرابة، فإن هؤلاء إن كانوا على درجة من الثقافة عرفوا أن هذا
المقدار من الإختلاف مبرر في جميع الشرائع، بل هو مما تقتضيه الطبيعة
البشرية لإستحالة اتفاق الناس في فهم جميع ما يتصل بشؤون شرائعهم، بل
جميع ما يتصل بشؤونهم الحياتية وغيرها، ومتى منع الإختلاف أحدا من
الدخول في الإسلام؟!
وهناك أدلة أخرى له لا تستحق أن تعرض ويطال فيها الحديث وأجوبتها
تعرف مما سبق أن عرضناه في مبحث القياس.
فغلو الطوفي في استعمال المصالح المرسلة وتقديمها على النصوص
والإجماع لا يستقيم أمره بحال.
نفاة الاستصلاح وأدلتهم:
أما نفاة الاستصلاح وفي مقدمتهم الشافعي فأهم ما استدلوا به:
1 - إيمانهم بكمال الشريعة واستيفائها لحاجات الناس " ولو كانت مصالح
الناس تحتاج إلى أكثر مما شرعه ومما أرشد إلى الإهتداء به لبينه ولم يتركه
لأنه سبحانه قال على سبيل الإستنكار: " أيحسب الإنسان أن يترك سدى " (1).
والجواب على هذا الاستدلال أن مثبتي الاستصلاح لا ينكرون وفاء
الشريعة بحاجات الناس وإن أنكروا وفاء النصوص بها، فهم يعتبرون العقول
من وسائل إدراكها كالنصوص على حد سواء، واهتداء العقول إليها إنما هو
بهداية الله عز وجل لها، فالعقول إذن كاشفة وليس بمشرعة.
2 - ما يستفاد من قول الغزالي وهو يرد على من يريد اعتبار الاستصلاح
أصلا خامسا " من ظن أنه أصل خامس فقد أخطأ لأنا رددنا المصلحة إلى
حفظ مقاصد الشرع، ومقاصد الشرع تعرف بالكتاب والسنة والإجماع، فكل

(1) مصادر التشريع، ص 78.
233

مصلحة لا ترجع إلى حفظ مقصود فهم من الكتاب والسنة والإجماع، وكانت
من المصالح الغريبة التي لا تلائم تصرفات الشرع، فهي باطلة مطروحة،
ومن صار إليها فقد شرع، كما أن من استحسن فقد شرع، وكل مصلحة
رجعت إلى حفظ مقصود شرعي علم كونه مقصودا بالكتاب والسنة والإجماع
فليس خارجا من هذه الأصول، لكنه لا يسمى قياسا بل مصلحة مرسلة إذ
القياس أصل معين، وكون هذه المعاني مقصودة عرفت لا بدليل واحد، بل
بأدلة كثيرة لا حصر لها من الكتاب والسنة وقرائن الأحوال وتفاريق الإمارات
تسمى لذلك مصلحة مرسلة، وإذا فسرنا المصلحة بالمحافظة على مقصود
الشرع فلا وجه للخلاف في اتباعها، بل يجب القطع بكونها حجة " (1).
والجواب الذي يصلح - لمثبتي الاستصلاح - التمسك به. إن حصر
معرفة المصلحة التي تحفظ مقاصد الشرع بالكتاب والسنة والإجماع لا دليل
عليه لما سبق من إثبات كاشفية العقل وإدراكه للمصالح والمفاسد المستلزم
لإدراك حكم الشارع بها.
ومع إمكان الإدراك فليس هناك ما يمنع من وقوعه أحيانا، وعلى أي حال
فالمسألة مبنائية.
3 - ما ذكره الآمدي في كتابه الأحكام من أن " المصالح على ما بينا،
منقسمة إلى ما عهد من الشارع اعتبارها، وإلى ما عهد منه إلغاؤها،
والمرسلة مترددة بين ذينك القسمين، وليس إلحاقها بأحدهما أولى من إلحاقها
بالآخر، فامتنع الإحتجاج بالمرسل دون شاهد بالاعتبار يبين أنه من قبيل
المعتبر دون الملغى " (2).
وموضع الفجوة في هذا الاستدلال اعتبار المصلحة مترددة بين القسمين
إذا أريد من ترددها ترددها بين ما دل على الإعتبار من النصوص، وما دل على
الإلغاء لإفتراض القائلين بالإستصلاح أن النصوص غير متعرضة لها اعتبارا أو

(1) المستصفى، ج 1 ص 143 وما بعدها.
(2) مصادر التشريع، ص 79 نقلا عنه.
234

إلغاء، وإنما اكتشفوا اعتبارها من قبل الشارع بدليل العقل، فهي إذن معتبرة
من الشارع ولكن من غير ما عهد منه، فهي قسم ثالث في عرض ذينك
القسمين، وإن شئت أن تقول أن الإعتبار على قسمين: معهود من الشرع
بطريق النصوص، ومعهود منه بطريق العقل، وهذه من القسم الثاني وليست
بأحد القسمين اللذين ذكرهما الآمدي ليقال: " وليس إلحاقها بأحدهما أولى
من إلحاقهما بالآخر ".
تلخيص وتعقيب:
وخلاصة ما انتهينا إليه أن تعاريف المصالح المرسلة مختلفة، فبعضها
ينص على استفادة المصلحة من النصوص والقواعد العامة، كما هو مقتضى
استفادة الدواليبي والطوفي.
ومقتضى هذا النوع من التعاريف إلحاقها بالسنة، والاجتهاد فيها إنما
يكون من قبيل تحقيق المناط بقسمه الأول، أي تطبيق الكبرى على صغراها
بعد التماسها - أعني الصغرى - بالطرق المجعولة من الشارع ذلك، ولا يضر
في ذلك كونها غير منصوص عليها بالذات، إذا يكفي في إلحاقها بالسنة
دخولها تحت مفاهيمها العامة، ومتى اشترطنا في السنة أن تكون خاصة لتكون
مصدرا من مصادر التشريع، فعدها - بناء على هذه التعاريف - في مقابل
السنة لا يعرف له وجه.
وأما على تعاريفها الأخر فينحصر إدراكها بالعقل. والذي ينبغي أن يقال
عنها أنها تختلف من حيث الحجية باختلاف ذلك الإدراك، فإن كان ذلك
الإدراك كاملا - أي إدراكا للمصلحة بجميع ما يتعلق بها في عوالم تأثيرها في
مقام جعل الحكم لها من قبل المشرع - فهي حجة، إذ ليس وراء القطع،
كما سبق تكراره، مجال لتساؤل أو استفهام، يقول المحقق القمي:
" والمصالح إما معتبرة في الشارع وبالحكم القطعي من العقل من جهة إدراك
مصلحة خالية من المفسدة كحفظ الدين والنفس والعقل والمال والنسل، فقد
235

اعتبر الشارع صيانتها وترك ما يؤدي إلى فسادها (1)... الخ ".
ولكن القول بحجيتها هنا لا يجعلها دليلا مستقلا في مقابل العقل، بل
هي نفس ما عرضناه سابقا في مبحث حجيته.
وإن لم يكن إدراكه لها كاملا بأن كان قد أدرك المصلحة، واحتمل وجود
مزاحم لها يمنع من جعل الحكم، أو احتمل أنها فاقدة لبعض شرائط الجعل
كما هو الغالب فيها، بل لا يتوفر الإدراك الكامل إلا في حالات نادرة وهي
التي تكون المصلحة ذاتية - كما سبق - فإن القول بحجيتها - أعني هذا النوع
من المصالح المرسلة - مما يحتاج إلى دليل، وليس لدينا من الأدلة ما يصلح
لإثبات ذلك، لما قلناه من أن الإدراك الناقص - وهو الذي لا يشكل الرؤية
الكاملة - ليست حجيته ذاتية، بل هي محتاجة إلى الجعل والأدلة غير وافية
بإثباته.
والشك في الحجية كاف للقطع بعدمها لتقومها بالعلم، وقد مر إيضاح
ذلك كله.
وبهذا يتضح أن الشيعة لا يقولون بالمصالح المرسلة إلا ما رجع منها إلى
العقل على سبيل الجزم، كما هو مقتضى مبناهم الذي عرضناه في دليل
العقل وما عداه فهو ليس بحجة، فنسبة الأستاذ الخفيف القول بها إلى الشيعة
ليس بصحيح على إطلاقه ".
ومرة ثالثة أكون مع الطالب العزيز راجيا منه أن يشير إلى مواضع عناصر
الأسلوب العلمي في هذا البحث.

(1) القوانين المحكمة، ج 2 ص 92.
236

صفات الباحث
- الموهبة
- الذهنية العلمية
- المنهجية
- المعرفة العلمية
- الأمانة في النقل
- الصدق في القول
- الصراحة في الرأي
- الموضوعية
- الوضوح
- الأسلوبية
- الأخلاقية
237

صفات الباحث
من أهم الصفات التي ينبغي أن يتحلى بها الباحث، أو الشروط - كما
يعبر عنها بعضهم - والتي يراد بها المؤهلات المكونة لشخصية الباحث:
1 - الموهبة:
ويراد بها الاستعداد الفطري لدى المرء للبراعة فيما يريد القيام به من
سلوك فكريا كان أو عمليا.
ومعنى هذا أن العنصر الأساسي في تكوين شخصية الباحث أن يكون لديه
الاستعداد الفطري والقابلية للبحث.
والاختبار - عادة - هو الذي يكشف عن مدى استعداد الشخص للبحث أو
عدم استعداده.
فمتى ما وجد المرء نفسه موهوبا في هذا المجال، كان هذا هو الخطوة
الأولى للانطلاق في تنمية القدرة على البحث لديه.
2 - الذهنية العلمية:
ويعنى بها - في هذا السياق - القدرة على التفكير تفكيرا علميا.
والعامل الذي يساعد على تكوين وصياغة الذهنية العملية لدى الفرد هو
ممارسة عملية النقد العلمي، وباستمرار.
فمتى ما كان هذا، وكان المرء ذا قابلية لأن تكون لديه الذهنية العلمية،
239

وفق لأن تصوغ هذه الممارسات العلمية وأمثالها ذهنيته صياغة علمية قادرة
على التفكير طبق قوانينه العلمية.
والاختبار - أيضا - هو الذي يكشف عن وجود الذهنية العلمية أو عدم وجودها.
ومتى كان الإنسان ذا ذهنية علمية، كانت هذه الخطوة الثانية له للانطلاق
في تنمية القدرة على البحث لديه.
3 - المنهجية:
ويراد بها - هنا - أن يكون المرء عارفا بأصول المنهج العلمي العام،
وقواعد المنهج العلمي الخاص، اللذين يناسبان موضوع بحثه.
مع وجود القدرة لديه على هندسة بحثه وفق قوانين المنهجين ليصل إلى
نتائج سليمة في بحثه.
4 - المعرفة العلمية:
وهي أن يكون الباحث متخصصا في موضوع بحثه أو - على أقل تقدير -
ملما إلماما وافيا كافيا بموضوع بحثه.
وكذلك فيما يلابس موضوعه من معارف علمية أخرى يفتقر إليها في
البحث.
5 - الأمانة في النقل:
وهي أن يكون أمينا فيما ينقله من النصوص أو الآراء أو غيرهما، فلا
يقدم على الزيد فيها أو النقص منها، أو التغيير بشكل أو آخر، أو الانتحال،
والسرقة.
وأن يتوثق من نسبة النص إلى مصدره والرأي إلى قائله.
6 - الصدق في القول:
وأن يكون صادقا في كل ما يقوله في بحثه صدقا يحمله مسؤولية المخالفة
240

أو التزوير أو ما إليهما.
7 - الصراحة في الرأي:
وأن يكون صريحا في إبداء ما يتوصل إليه من رأي، لأن الباحث ناشد
حقيقة، والحقيقة لا تقبل التضبيب أو التظليم.
8 - الموضوعية Objectivity:
وهي أن يكون الباحث مع موضوع بحثه فقط، فلا يقحم في مبادئه أو
مطالبه أي اعتبار شخصي، وإنما ينظر الأشياء ويتصورها على ما هي عليه،
أي من غير أن يشوبها بنظرة ضيقة أو بتحيز خاص.
وبتعبير آخر:
أن يتجرد الباحث من اعتباراته الذاتية الشخصية، ويدخل الموضوع
بذهنية علمية لا تأثير للعواطف عليها، وينتهي منه إلى ما ينهيه إليه.
ويقابل الموضوعية: الذاتية Subjectivity، وهي تعني تأثر الباحث
باعتباراته الذاتية ونوازعه الشخصية، ولذا عبر عنها بعضهم بالإتجاه التأثري.
9 - الوضوح:
ويراد به أن يكون الباحث واضحا في:
- الهدف من البحث
- خطوات البحث
- نتائج البحث.
فيبتعد عن الغموض، ويتجنب الإنغلاق.
10 - الأسلوبية:
وهي أن يلتزم الباحث الأسلوب العلمي في بحثه.
11 - الأخلاقية:
وهي أن يتحلى ب‍:
241

أ - الصبر، لأن البحث مسؤولية، والمسؤولية لا بد لها من تحمل،
والتحمل بطبيعته يتطلب الصبر.
ب - والمثابرة على مواصلة البحث فلا تثنيه العوائق والصعوبات، بل
يعمل على تذليلها وتسهيلها.
ج - الاحترام لآراء الآخرين مهما ضؤلت أو هزلت، ومهما عظمت أو
خطرت.
ذلك أن الاحترام من أجل وأجمل سمات العالم، فلا ينبغي للباحث أن
يسقط من شخصيته هذه السمة الجليلة الجميلة.
د - التواضع، فلا يأخذن الباحث الغرور بما قد يصل إليه من نتائج ذات
قيمة علمية، لأن الغرور مطية الهلاك.
وقال حاجي خليفة في بيان صفات الباحث وشروط بحثه:
" وشرط في التأليف:
1 - إتمام الغرض الذي وضع الكتاب لأجله من غير زيادة ولا نقص.
2 - وهجر اللفظ الغريب وأنواع المجاز، اللهم إلا في الرمز.
3 - والاحتراز عن إدخال علم في علم آخر.
4 - وعن الإحتجاج بما يتوقف بيانه على المحتج به عليه لئلا يلزم
الدور.
وزاد المتأخرون:
5 - اشتراط حسن الترتيب.
6 - ووجازة اللفظ.
7 - ووضوح الدلالة.
وينبغي أن يكون مسوقا على حسب إدارك أهل الزمان، وبمقتضى ما
تدعوهم إليه الحاجة، فمتى كانت الخواطر ثاقبة، والأفهام للمراد من الكتب
242

متناولة، قام الإختصار لها مقام الإكثار، وأغنت بالتلويح عن التصريح، وإلا
فلا بد من كشف وبيان وإيضاح وبرهان ينبه الذاهل، ويوقظ الغافل " (1).

(1) كشف الظنون 1 / 35 - 36.
243

شروط البحث
- إمكانية البحث
- توفر المدة الكافية للبحث
- أهمية البحث
- فائدة البحث
- التجديد في البحث
- توفر مصادر البحث
245

شروط البحث
من أهم الشروط التي ينبغي أن يتوفر عليها البحث لكي يكون بحثا حيا
وذا فائدة، الشروط التالية:
1 - إمكانية البحث:
وأعني بذلك أن لا يكون البحث في موضوع تستحيل معالجته لعدم قدرة
الإنسان على ذلك كمعرفة حقيقة الذات الإلهية، فإنها من الأمور التي يمتنع
على الإنسان إخضاعها للبحث لإستحالة الوصول فيها إلى النتيجة المطلوبة،
لأنها فوق مستوى الإدراك العقلي للإنسان.
ويلحق بالمستحيل الموضوعات المتعسر معالجتها، إما لعدم قدرة
الإنسان على الوصول إلى ذلك، أو لأن كلفة البحث بدنيا وماليا أكثر بكثير
مما قد يحصل عليه الباحث من نتائج، كمحاولة معرفة ما وراء المجموعة
الشمسية مثلا.
2 - توفر المدة الكافية للبحث:
ذلك أن المدة الزمنية التي يستطيع أن يوفرها الباحث لبحثه إذا كانت غير
كافية لإعداد بحثه أو إجرائه فلا فائدة من دخوله في البحث لأنه يعلم مسبقا أنه
لن يصل في مدته المقدورة له إلى النتيجة المطلوبة.
247

3 - أهمية البحث:
وأريد بها أن يكون البحث ذا قمية علمية تعطيه أهميته المبررة للدخول
فيه.
4 - فائدة البحث:
وأقصد من هذا أن يكون البحث في نتائجه ذا فائدة للبشرية، دنيوية
كانت تلكم الفائدة أو أخروية.
ذلك أن البحث إذا لم يكن له فائدة هكذا يكون مضيعة لوقت الباحث
وجهده اللذين يمكن أن يفيد منهما في مجال آخر ذي فائدة.
5 - التجديد في البحث:
وهو أن يأتي الباحث في بحثه بجديد مبتكر، أو جديد يضيفه إلى تجارب
من سبقه في مثل بحثه ليكملها أو يتكامل معها.
والجديد قد يكون في الفكرة، وقد يكون في العرض، وقد يكون في
غيرهما.
وأفاد حاجي خليفة في هذا بقوله: " ثم إن التأليف على سبعة أقسام لا
يؤلف عالم عاقل إلا فيها، وهي:
1 - إما شئ لم يسبق إليه فيخترعه.
2 - أو شئ ناقص يتممه.
3 - أو شئ مغلق يشرحه.
4 - أو شئ طويل يختصره دون أن يخل بشئ من معانيه.
5 - أو شئ متفرق يجمعه.
6 - أو شئ مختلط يرتبه.
7 - أو شئ أخطأ فيه مصنفه فيصلحه.
وينبغي لكل مؤلف كتاب في فن قد سبق إليه أن لا يخلو كتابه من خمس
فوائد:
248

1 - استنباط شئ كان معضلا.
2 - أو جمعه إن كان مفرقا.
3 - أو شرحه إن كان غامضا.
4 - أو حسن نظم وتأليف.
5 - أو إسقاط حشو وتطويل " (1).
ذلك أن الباحث إذا لم يضف جديدا يكون قد أضاع وقتا كان بإمكانه أن
يستفيد منه في مجال آخر يحقق فيه الجديد المطلوب.
6 - توفر مصادر البحث:
وهذا مما لا بد منه لنجاح البحث في مسيرته، وفي وصوله إلى نتيجة
المطلوبة.
لأن عدم توفر المصادر يعني عدم توفر مادة البحث، والبحث بلا مادة لا
يكون بحثا.
إن هذه الشروط المذكورة، وما إليها من شروط أخرى يراها الباحث
أساسية في بحثه، لا بد من التأكد منها قبل القدوم على إعداد أو إجراء
البحث، ليضمن الباحث لبحثه النجاح في تطبيق خطواته وتحقيق نتيجته.
249

مقدمات البحث
- تعيين موضوع البحث
- وضع قائمة بعناوين مصادر البحث
- قراءة المصادر
- تصنيف المصادر
- وضع خطة البحث
- تعيين منهج البحث
251

مقدمات البحث
لا بد للباحث قبل البدء بإعداد البحث - تحضيرا أو كتابة - من التمهيد
لذلك بالمعدات أو المقدمات التالية:
1 - تعيين موضوع البحث:
وهي أن يقوم الباحث بتعيين موضوع بحثه تعيينا واضحا يجسده أمامه
تجسيدا كاملا فيضعه نصب عينيه شكلا ومضمونا.
وذلك لأن كل ما هو آت من مقدمات متوقف على هذه المقدمة.
2 - وضع قائمة بعناوين مصادر الموضوع:
وبعد أن يعين الباحث موضوع بحثه ينتقل إلى إعداد المقدمة الثانية من
مقدمات بحثه، وهي:
1 - مراجعة المكتبات، عامة وخاصة، ومتخصصة وغير متخصصة.
2 - قراءة فهارس الكتب، العامة، والمتخصصة.
3 - فحص الدوريات العلمية، العامة، والمتخصصة.
4 - مسألة الأساتذة المعنيين بمثل بحثه، متخصصين وهاوين.
5 - ثم جمع جميع ما يقف عليه من عناوين الكتب والأبحاث التي لها
ارتباط بموضوع بحثه، وعمل قائمة فهرسية بها، تحتوي البيانات التالية:
1 - عنوان الكتاب.
253

- اسم المؤلف.
- مكان وزمان الطبع (أو اسم المكتبة التي تحتفظ به إن كان مخطوطا
مع ذكر رقمه فيها).
- عدد الطبعة.
- ملحوظة، تتضمن مدى علاقة الكتاب بموضوع البحث.
2 - عنوان البحث.
- اسم الكاتب.
- اسم الدورية.
- تاريخ وعدد الإصدار.
- ملحوظة، تتضمن مدى علاقة البحث بموضوع بحثه.
3 - قراءة المصادر:
ثم يقوم الباحث بقراءة المصادر التي أدرجها في القائمة قراءة متأنية وفاحصة، يهدف منها إلى:
أ - التمييز بين المصدر الأساسي بالنسبة إلى موضوع بحثه، والآخر غير
الأساسي.
ب - معرفة ما في محتوياتها من مادة علمية ترتبط بموضوع بحثه معرفة
تفصيلية تيسر له الرجوع إليها والاستفادة منها.
4 - تصنيف المصادر:
وفي هدي قراءة الباحث للمصادر وتعرفه الأساسي منها وغير الأساسي،
يصنف المصادر المذكورة في القائمة الأولى إلى قائمتين هما:
أ - قائمة المصادر الأساسية:
ويضمنها عناوين المصادر الأساسية بالنسبة لموضوع بحثه.
ب - قائمة المراجع الثانوية:
ويضمنها عناوين المراجع الثانوية بالنسبة لموضوع بحثه.
254

لتكون القائمة الأولى المنهل لمادة موضوع بحثه يرده ويصدر عنه بما
يحتاجه منها.
وتكون القائمة الثانية الموئل الذي يأنس إليه ويستأنس به في إلقاء شئ
من الضوء على مادة موضوع بحثه المذكورة في المصادر الأساسية.
وتبقى هاتان القائمتان مفتوحتين ليضيف إليهما كل ما يعثر عليه بعد
إعدادهما مما يدخل فيهما من مصادر أو مراجع.
5 - وضع خطة البحث:
وبعد أن ينتهي الباحث من تصنيف المصادر مستهديا إلى ذلك بقراءتها،
عليه أن ينتقل إلى إعداد مقدمة أخرى مهمة جدا في مساعدته على البحث،
ودلالته على مسالك طريقه، هي (خطة البحث)، مستهديا إليها من قراءته
المصادر أيضا.
ويشترط فيها أن تنظم بتبويب نقاط البحث فيها وخطواته تنظيما عضويا
يرابط بينها، ووضع كل نقطة في موضعها من حيث التقديم والتأخير والأهمية
العلمية.
ذلك أن الخطة ترسم للباحث نفسه وأمام قارئه " الخطوط العريضة
الأساسية التي يسير عليها الباحث في بحثه، أو هي الصورة الصغيرة لما
سيكون عليه البحث " (1).
وتحتوي الخطة ذكر التالي:
1 - عنوان البحث:
وينبغي أن يكون واضحا معربا وحاكيا عن حقيقة البحث وواقعه.
2 - المقدمة:
وتشتمل على النقاط التالية:

(1) أيسر الوسائل في كتابة البحوث والرسائل ص 14 ط 2.
255

أ - ذكر سبب اختيار الموضوع.
ب - بيان مختصر لمحتويات أبواب البحث.
3 - التمهيد:
وقد يطلق عليه (الباب التمهيدي)، وربما سماه بعضهم
ب‍ (المدخل)، وآخر ب‍ (التوطئة).
وهو من المدخولات الحديثة في التأليف العربي تأثرا بالتأليف الغربي.
كما أن التعبير عنه ب‍ (باب) تعبير تجوزي إذ ليس هو من جوهر موضوع
البحث، وإنما هو تمهيد ومدخل له.
وكلمة (تمهيد) - في واقعها - ترجمة للكلمة الإنجليزية Introduction.
وفيه يذكر الباحث النقاط التي سيستعرضها من:
- ملابسات موضوع بحثه.
- أو ما يلقي عليه الضوء من قريب.
- والمنهج الذي سيتبعه في بحثه.
- وما إلى هذه من تعريف لمصادر بحثه.
- وأشياء أخرى يراها ممهدة لإنطلاقه في البحث.
4 - بيانات تبويب البحث بذكر عناوين أبوابه وفصوله، أو عناوين
مواضيعه التفصيلية.
5 - الخاتمة:
وتتضمن عادة:
- خلاصة البحث.
- ونتائج البحث.
ولأن هذا لا يتأتى إلا بعد الإنتهاء من البحث، تذكر في الخطة مجردة
من ذلك.
وكذلك ما يليها من خطوة، هي:
256

6 - الفهارس:
وتنقسم الخطة إلى: مجملة ومفصلة.
أ - المجملة:
وهي التي يقتصر فيها الباحث على ذكر النقاط المذكورة في أعلاه دونما
تفصيل لها أو شرح.
ب - المفصلة:
وهي التي يفصل ويشرح فيها الباحث ما يحتويه التمهيد والأبواب تفصيلا
وافيا يأتي وكأنه في شكله اختصار للبحث.
6 - تعيين منهج البحث:
وأعني به هنا (منهج البحث العام)، ذلك أن خطة البحث نهائية كانت
أو ابتدائية، تسلمنا - بطبيعة الحال - إلى تحديد المنهج العام الذي ينبغي أن نسير عليه، ونأخذ بتعليماته في البحث، وقد تفرض علينا ذلك فرضا.
فعلى ضوء الخطة نتعرف إن كان الموضوع عقليا أو نقليا أو غيرهما،
وهل يتطلب منهجا منفردا أو منهجا متكاملا.
في هدي هذا نعين المنهج العام لموضوع البحث.
257

طريقة أداء البحث
- المحاضرة
- الكتابة
259

طريقة أداء البحث
وللبحث أكثر من طريقة يؤدى بها، ويقدم من خلالها للمستمع أو
القارئ، وأهمها: طريقة المحاضرة وطريقة الكتابة.
1 - المحاضرة:
المحاضرة - بالمعنى المعروف لدينا اليوم - من الكلم المحدثة.
ومن غير شك أنها أخذت من (حاضر القوم) إذا جالسهم وحادثهم بما
يحضره، ترجمة للكلمة الإنجليزية Lecture.
فالباحث قد يعد بحثه ويستظهره أو يستحضره في ذهنه، ثم يلقيه على
مستمعيه ارتجالا.
ونستطيع أن نعبر عنه في هذه الحالة ب‍ (البحث الشفوي).
2 - الكتابة:
وقد يقوم الباحث بتدوين وكتابة بحثه بشكل ما يعرف حديثا ب‍ (البحث)
عندما ينشر في إحدى الدوريات، أو على هيئة كتاب، فيمكن أن يعبر عنه
في هذه الحالة ب‍ (البحث التحريري).
ويشترك البحثان في طريقة الإعداد مع اختلاف يسير - كما سيأتي.
261

طريقة إعداد البحث
- جمع مادة البحث
- صياغة البحث
263

طريقة اعداد البحث
لا بد لنا - بعد أن عرفنا مقدمات البحث وكيفية أدائه من معرفة كيفية
إعداده.
ولبيان هذا نقول: إننا نمر في عملية إعداد البحث بمرحلتين هما:
جمع مادة البحث، وصياغة البحث.
1 - جمع مادة البحث:
ولجمع المادة العلمية الخاصة للبحث يقوم الباحث بعملين متتابعين،
هما:
أ - إعداد أوراق الجمع، وهي على نوعين:
- البطاقات.
- الملف.
وللباحث أن يختار أيهما أيسر وأسهل له.
أما البطاقات:
وتسمى أيضا بالجذاذة والجزازة والرقعة، وهي ترجمات للكلمة
الإنجليزية Card، وللكلمة الفرنسية Fiche.
وقد نستعمل الكلمتان الإنجليزية والفرنسية معربتين، فيقال (كارت)
و (فيشه).
265

فمنها ما هو معد لهذا يباع في المكتبات السوقية.
وقد يعدها الباحث نفسه كما يرغب ويتطلبه بحثه.
يسجل عليها الباحث كل ما يراه مرتبطا ببحثه من مقروآته في المصادر من
كتب ودوريات وغيرهما، أو من مسموعاته من المعنيين من ذوي الإختصاص
أو ذوي الخبرة.
ثم يقوم بتصنيفها حسب الموضوعات ضمن حزم، كل حزمة تحمل
عنوان موضوعها.
يعدها هكذا تسهيلا للرجوع إليها أثناء صياغة البحث.
والملف - وهو النوع الثاني - هو دفتر أو مجموعة أوراق بين دفتين
تلفهما، فهو الآخر مما يستعمل في جمع المادة العلمية للبحث.
يقسمه الباحث وفق موضوعات بحثه المذكورة في خطة البحث ويدرج
تحت كل عنوان ما يراه من مادته.
ويشترط في جمع المادة العلمية للبحث - سواء كانت في بطاقات أو
ضمن ملف - ما يلي:
1 - ذكر عنوان المصدر:
فإن كان كتابا: ذكر اسمه واسم مؤلفه - ومحققه أو مترجمه إن كانا -،
وبيانات طبعه، ورقم جزئه إن كان، ورقم الصفحة أو الصفحات.
وإن كان دورية، ذكر عنوان الموضوع المنقول منه، واسم الكاتب -
والمترجم إن كان -، واسم الدورية وعنوانها، وتاريخ إصدارها، ورقم
العدد، ورقم الصفحة أو الصفحات.
وإن كان شخصا من المعنيين: ذكر اسمه كاملا ولقبه العلمي ومجال
تخصصه، وعنوانه الكامل.
2 - الأمانة في النقل:
بأن ينقل الباحث المادة من المصدر كما هي من غير زيد فيها أو نقص
266

منها، أو تغيير لها، أو إصلاح لخطئها.
وإذا كانت لديه ملاحظة على شئ فيها يريد تسجيلها حتى لا ينسى،
يذكرها أسفلها بعد عبارة (ملاحظة من الباحث).
2 - صياغة البحث:
ويراد بها كتابة البحث.
وبها يفترق البحث عن المحاضرة كطريقتين لأداء البحث، ففي
المحاضرة يدون الباحث خلاصات بحثه أمام كل نقطة من نقط خطته ليفيد
منها كمذكرات له أثناء إلقاء محاضرته ارتجالا.
ويسير الباحث في كتابه بحثه الخطوات التالية:
- كتابة المسودة. - كتابة المبيضة
- كتابه التعليق. - صنع الفهرس.
- المراجعة الأولية. - المراجعة الأخيرة.
1 - (المسودة Rough copy):
المسودة - كما تعرف معجميا -: " الصحيفة أو الصحائف تكتب أول
كتابة، ثم تنقح وتحرر وتبيض " (1).
وهي أول ما يبدأ الباحث به.
وأول ما يبدأ كتابته فيها أبواب بحثه وفصوله، أو موضوعاته، أعني أنه
يرجئ كتابة المقدمة والخاتمة حتى الإنتهاء من كتابة الأبواب.
وأول ما يبدأ به من الأبواب الباب التمهيدي.
وبعد أن ينتهي من كتابة موضوعات البحث تمهيدا وجوهرا ينتقل إلى كتابة
الخاتمة فالمقدمة.
2 - (التعليق Annotate):
وهو كتابة التعليقات، وهي - كما هو واضح - جمع تعليقة.

(1) المعجم الوسيط: مادة (سود).
267

والتعليقة - كما تعرف معجميا -: " ما يذكر في حاشية الكتاب من شرح
لبعض نصه، وما يجري هذا المجرى " (1).
ويراد بالحاشية - هنا - أسفل صفحة الكتاب أخذا من حاشية الثوب.
ويتضمن التعليق النقاط التالية:
1 - تخريج الآيات القرآنية:
أ - بذكر رقم السورة فرقم الآية، بينهما خط مائل: 1 / 4.
ب - أو بذكر اسم السورة فرقم الآية: بينهما نقطتان: البقرة: 25.
2 - تخريج الأحاديث:
أ - بذكر مصادرها الأصول.
ب - أو بذكر مصادرها الناقلة لها عن مصادرها الأصول إن لم يستطع
الباحث لأسباب قاهرة ومانعة من الوقوف عليها.
3 - تخريج النصوص الأخرى المنقولة، سواء كانت مأثورات أو أمثالا أو
أشعارا أو غيرها:
أ - بذكر مصدرها المباشر.
ب - أو بذكر المصدر غير المباشر الناقل عن المباشر، وهكذا، إن لم
يعثر على المصدر المباشر لسبب قاهر.
4 - توضيح معاني المفردات مستقاة من المعاجم اللغوية الموثقة.
5 - ترجمة الأعلام ترجمة مختصرة جدا، سواء كانت تلكم الأعلام
لأناسي أو لمواضع جغرافية أو لغيرهما.
6 - الملاحظات الاستطرادية التي يتطلبها سياق البحث.
7 - شرح المصطلحات التي يرى الباحث ضرورة شرحها، ولم يكن
شرحها من جواهر البحث وصلب موضوعه، لأنها إن كانت كذلك تشرح في
متن الكتاب.

(1) المعجم الوسيط: مادة (علق).
268

8 - وكذلك الشأن في توضيح القواعد والنظريات وما إليها.
3 - (المراجعة الأولية):
وبعد أن ينتهي الباحث من تسويد مادة بحثه والتعليق عليها يقوم
بمراجعتها المراجعة الأولى للتأكد من:
- سلامة تعبيره ووضوحه.
- سلامة منقولاته.
- صحة تعليقاته.
فيصوب ما يرى ضرورة تصويبه وتصحيحه.
4 - (المبيضة Clean Copy):
وهي الصورة النهائية أو الشكل الأخير لكتابة البحث.
وفيها ينتهي الباحث من كل مستلزمات البحث من:
1 - تنظيم وتبويب محتويات البحث وفق الخطة الأخيرة له، التي استقر
عليها رأي الباحث واستند إليها في صياغة بحثه الصياغة الأخيرة.
2 - ضبط المفردات التي تحتاج إلى ضبط بشكلها بالسكون والحركة
والمدة والشدة.
3 - الترقيم، بالقيام بالتالي:
- وضع العناوين الأصول في وسط أعلى الصفحة، والعناوين الفروع في الجانب بين قوسين: ()، أو فوق خط -.
- تقويس الآية بقوسين موردين: ()، والحديث بقوسين عاديين:
()، والنصوص الأخرى بقوسين مزدوجين: " ".
- وضع الفاصلة:، في نهاية كل جملة، أو فقرة تامة.
- وضع النقطة. في نهاية كل فصل تام من الكلام.
- وضع الجملة المعترضة والكلام المعترض بين خطين أفقيين: - -.
- وضع الزيادة التي يقتضيها سياق البحث بين خطين عموديين.
269

- وضع علامة الاستفهام؟ بعد الجملة الإستفهامية.
- وضع علامة التعجب! بعد جملة التعجب.
- وضع علامة التعليل، قبل التعليل.
- وضع النقطتين الشارحتين: قبل الشرح.
- وضع النقطتين المقسمتين مع الخط الأفقي: - قبل التقسيم.
- وضع أرقام الهوامش بين قوسين صغيرين بعد موضع التعليق (3).
5 - (الفهرس):
وبعد أن ينتهي الباحث من كل ما تقدم يقوم بوضع الفهارس التالية:
1 - فهرست المراجع التي رجع إليها، وتدون كالتالي:
أ - عنوان الكتاب، اسم المؤلف، اسم المحقق أو المترجم إن كانا،
بيانات النشر إن كان الكتاب مطبوعا أو بيانات الخط إن كان مخطوطا.
ب - أو لقب المؤلف فاسمه، عنوان الكتاب، بيانات النشر أو الخط.
ج - عنوان البحث، اسم الكاتب، عنوان الدورية المنشورة فيها،
بيانات الدورية.
2 - فهرست محتويات الكتاب:
أ - فهرست إجمالي، تذكر فيه عناوين الموضوعات الرئيسة.
ب - أو فهرس تفصيلي، تذكر فيه عناوين الموضوعات الرئيسة
والموضوعات الفرعية.
وقد يكون هذا مع شئ من الشرح.
6 - (المراجعة الأخيرة):
وبعد هذا كله يقوم الباحث بمراجعة ما كتبه من أوله إلى آخره ليصحح ما قد
أخطأ فيه من تدوين الكلمة أو تشكيلها، وما إلى هذا، ليخرج البحث
سليما ونظيفا في شكله النهائي وصورته الأخيرة.
- والحمد لله رب العالمين -
270