الكتاب: رسالة في المشتق
المؤلف: الشيخ ميرزا أبو القاسم الكلانتر النوري
الجزء:
الوفاة: معاصر
المجموعة: أصول الفقه عند الشيعة
تحقيق:
الطبعة:
سنة الطبع:
المطبعة:
الناشر:
ردمك:
ملاحظات:

رسالة في المشتق للشيخ الميرزا أبو القاسم الكلانتر النوري
131

بسم الله الرحمن الرحيم
القول في المشتق
وهو - كما ذكره جماعة - اللفظ المأخوذ من لفظ ويسمى الأول أصلا
والثاني فرعا ولا بد بينهما من مناسبة في المعنى ليصح الاخذ و
الاشتقاق وفي الزبدة: (انه فرع وافق الأصل بأصول حروفه) إلى غير
ذلك من التعاريف لكنها مع عدم سلامة كلها أو جلها عن
المناقشات غير محتاج إليها في المقام لان الغرض من تحديد الشئ،
هو التوصل إلى معرفة حال جزئياته وجعله مرآة في تميزها عن
غيرها بواسطة انطباق الحد عليها وأقسام المشتق من الأسماء و
الافعال مما لم يقع الخلاف فيها من أحد فلا حاجة إلى التعريف و
النقض
والابرام فينبغي صرف الهمة إلى ما هو الغرض الأصلي في المقام
فنقول:
ان تحقيق المرام يتوقف على
تقديم أمور:
الأول: المقصود بالبحث في المقام ليس تحقيق معاني مبادئ
المشتقات وموادها
فان الكافل له انما هو كتب اللغة ولا معرفة كيفية اشتقاقها فان المرجع
فيها انما هو فن الصرف بل الغرض انما هو معرفة معانيها من
حيث أوضاعها
133

النوعية وهي معاني هي آتها الكلية الطارية على موادها الجزئية
الموضوعة لمعانيها بالأوضاع الشخصية.
الثاني: النزاع في المقام ليس في مطلق المشتقات بل في غير الافعال
أما هي فلا خلاف في أن الماضي منها لقيام المبدأ بفاعله في الماضي
وان إطلاقه على غيره انما هو بتجويز أو تأويل كإطلاقه على
المستقبل تنزيلا له منزلة الماضي لتحقق وقوعه وان المضارع منها
لقيامه في الحال أو الاستقبال على سبيل الاشتراك، وأما الامر و
النهي فتحقيق الحال فيهما محول إلى مباحثهما المتفردة لهما.
الثالث: الظاهر عموم الخلاف لاسمي الفاعل والمفعول والصفة
المشبهة واسم الفعل والأوصاف المشتقة
كالأصفر والأبيض والأحمر ونحوها والمشتقات من أسماء الأعيان
كلابن وتامر وعطار وحائض بناء على كونه مشتقا من الحيض
بمعنى الدم لا بمعنى السيلان وإلا لدخل في اسم الفاعل المشتق من
الاحداث واسم المكان والآلة وصيغ المبالغة وأما اسم الزمان فهو
خارج عن محل النزاع قطعا فلنا هنا دعويان:
الأولى عموم النزاع لغير الأخير، والثانية خروج الأخير عنه.
لنا على الأولى عموم إطلاق الأدلة والعنوانات لاقتضاء أدلتهم عموم
الدعوى وعدم تقييدهم للعناوين ببعض من الأقسام هذا مضافا إلى
تصريح جماعة منهم بذلك التعميم وربما يقال بخروج اسم المفعول
والصفة المشبهة واسم الفعل عن محل البحث لظهور الوضع للأعم
في الأول وخصوص الحال في الأخيرين ويدفعه المحكي عن بعض
الأفاضل من ابتناء كراهة الوضوء بالماء المسخن بالشمس بعد زوال
السخونة على النزاع في المسألة مع أنه من اسم المفعول وذهب
التفتازاني إلى اختصاص النزاع باسم الفاعل الذي بمعنى الحدوث
134

وأما الذي بمعنى الثبوت كالمؤمن والكافر والنائم واليقظان والحلو و
الحامض والحر والعبد ونحوها فهو خارج عنه لاعتبار
الاتصاف بالمبدأ فيه في الحال في بعض الموارد جدا كالأولين و
الأخيرين من أمثلته واعتبار الاتصاف به في البعض الاخر مع عدم
طرو المنافي على المحل كالبواقي من أمثلته وعن ثاني الشهيدين و
جماعة من المتأخرين اختصاصه بما إذا لم يطرأ على المحل ضد
وجودي للوصف الزائل.
وأما مع طريانه، فلا كلام في عدم صدق المشتق عليه حقيقة وعن
السبزواري في المحصول دعوى الاتفاق على المجازية حينئذ و
حكى
ارتضائه عن بعض فاضل المتأخرين المقارب عصره بعصرنا وعن
ثاني الشهيدين أيضا والغزالي والاشنوي اختصاصه بما إذا كان
المشتق محكوما به وأما إذا كان محكوما عليه فلا كلام في صدقه مع
الزوال هذا وقد عرفت ان هذا كله خلاف التحقيق مع أن الاستدلال
بعموم آيتي الزنا والسرقة على عدم اشتراط للمبدأ صريح في عموم
النزاع للأخير.
وعلى الثانية ان الذات المعتبر تلبسها بالمبدأ في صدق المشتق حقيقة
في اسم الزمان ونفس الزمان المعلوم عدم قابلية البقاء حتى يقع
النزاع في صدق الاسم عليه حقيقة بعد انقضائه حسبما هو الشأن في
سائر المشتقات وحينئذ فان أريد إطلاق اسم الزمان على زمان وقع
فيه الفعل فهو حقيقة دائما ولو بعد انقضائه وان أريد إطلاقه على
الزمان الاخر فلا شبهة في مغايرته لتلك الزمان فلا معنى لاحتمال
كون الاطلاق على وجه الحقيقة وهذا ظاهر إلى ما لا مزيد عليه.
وكيف كان فتعميم محل النزاع من هذه الحيثية ليس بمهم لنا انما
المهم
135

تحقيق الحال في المقام في كل من الحالات والأقسام حسبما اقتضاه
الدليل وسيأتي التعرض لكل منها عن قريب إن شاء الله.
الرابع: المراد بالحال في عنوان كلامهم الآتي في تقابل الماضي و
الاستقبال
ولا يخفى انه لمقابلته أمر إضافي فهو كلام المطلقين يحتمل وجهين:
أحدهما حال النطق أعني زمان التكلم كما هو الظاهر منه عند الاطلاق
فمفهوم المشتق على القول بكونه حقيقة في خصوص ذلك هو
المتلبس بالمبدأ حال الاطلاق بمعنى اتصافه به حينئذ على الوجه
الآتي.
ثانيهما زمان اتصاف الذات بالمبدأ على وجه كان مصححا للاشتقاق و
موجبا لزوال الاطلاق في ساير الصيغ المشتقة منه كالماضي و
المضارع حقيقة أو مجازا فمفهوم المشتق على القول بكونه حقيقة في
ذلك هو المتلبس بالمبدأ في الجملة مع قطع النظر عن حصوله في
أحد الأزمنة وبهذا الاعتبار يصح تقييده بكل واحد منها فيقال زيد
ضارب في الحال أو الأمس أو الغد لان النسبة بين الحال بهذا المعنى و
بين كل واحد من الحال والماضي والاستقبال بالمعنى الأول كنسبة
كل من مقابليه مع كل واحد من تلك هي العموم من وجه.
فمعنى القول بكون المشتق حقيقة في خصوص الحال بهذا المعنى ان
إطلاقه انما يكون حقيقة إذا أريد به صدقه على المتصفة بالمبدأ
باعتبار الحال الذي يطلق عليه اللفظ بحسبه سوأ كان ذلك الحال
ماضيا أو حالا أو مستقبلا بالمعنى الأول فمدار الحقيقة على هذا انما
هو على اتحاد حال قيام المبدأ بما يطلق عليه المشتق مع حال إرادة
صدقه عليه فقولك زيد ضارب أمس أو سيصير ضاربا حقيقة إذا كان
زيد متصفا بالضرب في الأمس أو بعد زمان النطق ومجازا ان لم
يتصف به في المثال الأول بعد أو انقضى عنه قبل الأمس وكذا ان لم
136

يتصف به بعد زمان النطق في الثاني سوأ اتصف به في زمان النطق أو
قبله أولا.
وكيف كان فالمحكي عن ظاهر أكثر العبارات وعن صريح بعض
مضافا إلى ظهور لفظ الحال كما مر ان المراد هو حال النطق وربما
يشعر به ما يأتي به من الاحتجاج بقول بعض النحاة بصحة قولنا
ضارب أمس على كون المشتق حقيقة في الماضي وما حكى عن
جماعة
من كون ضارب في قولنا ضارب غدا مجازا، بل المحكي عن العضدي
حكاية الاتفاق عليه فان هذا كله لا يتم إلا على إرادة حال النطق إذ
الاحتجاج المذكور وكذا حكمهم بالمجازية لا ينطبقان إلا عليه إذ
إطلاق الضارب في المثالين ليس إلا باعتبار حال التلبس، فلا يصح
جعله من إطلاق المشتق على الماضي بالنسبة إلى حال التلبس في
المثال الأول ولا يجتمع الحكم بمجازيته في الثاني مع إرادة حال
التلبس من لفظ الحال المذكور في عنوان المسألة لما سيأتي من
الاتفاق على كون إطلاق المشتق حقيقة في الحال مع إمكان دفع الثاني
باحتمال كون المراد إرادة الزمان من نفس اللفظ وجعل لفظ الغير قرينة
عليه لما سيجئ من الاتفاق على المجازية حينئذ أو باحتمال
كون المراد المجازية فيه من حيث وضعه التركيبي لا الافرادي نظرا إلى أن
القضية الحملية المجردة عن الرابط الزماني ظاهر في ثبوت
المحمول للموضوع أو نفيه عنه في حال النطق فإرادة ثبوته له في
المستقبل في قولنا زيد ضارب غدا مجاز بالنسبة إلى وضع الكلام و
إن كان المفرد مستعملا في معناه الحقيقي والأول أقرب للتوجيه فان
الحكم بمجازية ضارب في المثال ودعوى الاتفاق عليها كالصريح
بل صريح في مجازيته بالنظر إلى الوضع الافرادي إذ المجازية من جهة
التراكيب انما هي بالنسبة إلى المركب من الطرفين فلذا لا
تسري إلى أحد من الطرفين هذا.
137

والتحقيق ان المراد انما هو حال التلبس أعني زمان اتصاف الذات
بالمبدأ وفاقا لجمع من المحققين من متأخري المتأخرين والمحكي
عن جماعة من السابقين لنا على ذلك بعد تصريح جماعة به عدم
الخلاف ظاهرا في كون المشتق حقيقة في حال التلبس أعم من أن
يكون
في حال النطق بل المحكي عن جماعة من الأصوليين دعوى الاتفاق
عليه فيكون هذا قرينة على ما قلنا إذ لا ريب ان إطلاق المشتق في غير
الحال محل الخلاف كما سنتلوا عليك وحمله على خصوص حال
النطق لا يكاد يجتمع مع عدم ظهور الخلاف في كون المشتق حقيقة
في
المتلبس في غيره أيضا فكيف بالاتفاق عليه وقول جماعة منهم بأن
إطلاق المشتق باعتبار الاستقبال مجاز وإن كان يوهمه خلاف ما
ذكرنا الا انه بعد التأمل في كلماتهم بملاحظة ما قلنا يظهر ان مرادهم
غير ما يتوهم.
وكيف كان فلا بد حينئذ من حمل ما صدر عن بعضهم مما يوهم ذلك
على ما لا ينافي ما قلنا.
ومما يمكن حمل القول المذكور عليه هو صورة إرادة الزمان من نفس
اللفظ ومنه حمله على المجازية في الهيئة التركيبية لكن يبعد
الأول انه لا يختص مجازيته حينئذ بالاستقبال بل حال النطق أيضا
كذلك إذ لا شبهة في أن إطلاق المشتق على المتلبس في حال النطق
مع إرادة الزمان من نفس اللفظ مجاز واما الثاني وإن كان محتملا الا انه
ضعيف في نفسه جدا لان الهيئة موضوعة لمجرد نسبة
المحمول إلى الموضوع وظهور ثبوت الأول للثاني في حال النطق من
الهيئة انما هو لظهور الحمل في ذلك إذا خلت القضية عن الرابط
الزماني لا لظهور القضية وهي الهيئة المركبة.
ولو سلمنا ذلك فنقول ان المجازية في الهيئة في قولنا زيد ضارب غدا
انما هي فيما إذا جعل غدا قيدا للنسبة الحكمية واما إذا كان قيدا
للمحمول أي
138

المادة العارضة عليها الهيئة بان يلاحظ الربط بعد القيد فلا إشكال في
كون الاطلاق حقيقة على تقدير وضع الهيئة بإزاء المتلبس بالمبدأ
في حال النطق فافهم جيدا.
ومما حققنا ظهر أيضا ان محمل الاحتجاج المتقدم الدال على كون
المراد الحال هو حال النطق انما هو اشتباه الامر على المستدل نظر
إلى ظهور لفظ الحال وظهور بعض العبارات مع الغفلة عما ذكرنا من
القرينة الصارفة عنه المعينة للمراد فيما قلناه.
الخامس لا إشكال في عدم دلالة الاسم المشتق على واحد من الأزمنة
والا لا تنقض حد الاسم والفعل طردا وعكسا كما هو ظاهر.
مضافا إلى اتفاق أهل العربية وعلماء الأصول عليه وإن كان ربما
يتوهم من قولهم المشتق حقيقة في حال النطق أو الماضي وقوع
الخلاف فيه من علماء الأصول لكنه فاسد لان مورد الخلاف غير
صورة إرادة الزمان من نفس اللفظ كما حكى التصريح به عن جمع من
المحققين.
نعم قد يشكل بما يظهر من عبارات النحاة من أن اسمي الفاعل و
المفعول يعملان إذا كانا بمعنى الحال والاستقبال ولا يعملان إذا كانا
بمعنى الماضي وربما يدفع بوجوه مخدوشة كلها.
والأولى في دفعه أيضا ما مر من الحمل على غير إرادة الزمان من نفس
اللفظ.
وكيف كان فحال اسم المشتق بالنسبة إلى الزمان كحاله بالنسبة إلى
المكان في عدم الدلالة عليه، فيكون الحال فيه نظير الحال في
الأسماء الجوامد فكما انها لا تدل الا على الذوات المتصفة بأوصافها
العنوانية باعتبار حال إرادة صدقها على تلك الذوات من غير دلالة
على الزمان كعدم دلالتها على المكان فكذلك هذا فإنه كما سيأتي لا
يدل الا على الذات المتصفة بالمبدأ باعتبار الحال المذكور
139

فبذلك تبين عدم وقوع الخلاف في المشتق المتنازع فيه من جهة
اعتبار الزمان في مفهومه وعدمه.
السادس لا خلاف في المشتق المتنازع فيه في المقام من جهة كونه
حقيقة في قيام المبدأ بنفس الذات أو الأعم
فان هذا النزاع لا يختص بخصوص المقام بل انما هو في مطلق
المشتقات بحيث يدخل فيه الافعال أيضا ومرجع هذا الخلاف إلى أنه
هل
يعتبر في إطلاق المشتق مطلقا حقيقة قيام المبدأ حقيقة بالذات
المحكوم عليها بالمشتق أو لا؟ بل يكفي قيامه بها تسامحا بمعنى ان
يكون
المورد مما يتسامح فيه عرفا في الحكم بقيام المبدأ بها أو يجوز ان
يتسامح فيه كذلك فيكون قولنا زيد أحرق الخشب أو يحرقه أو
محرقة مجازا على الأول لقيام المبدأ الذي هو الاحراق بالنار حقيقة و
حقيقة على الثاني لصحة الحكم بقيامه بالذات المحكوم عليها
تسامحا في المثال والأشاعرة لما بنوا على القول الأول فالتزموا
بالكلام النفسي لله تبارك وتعالى حيث إن كلامه اللفظي ليس قائما
بذاته المقدسة بل حاصل في غيره كالشجرة وأمثالها مع إطلاق الصيغ
المشتقة منه عليه تعالى في القرآن وغيره من الأدعية المأثورة و
الأخبار المتواترة كقوله تعالى وكلم الله تكليما وكلفظ التكلم في
الأدعية ومقتضى أصالة الحقيقة في تلك الاطلاقات كون المراد
بالكلام غير اللفظي وهو ما قام بذاته المقدسة فيثبت الكلام النفسي.
وتحقيق الكلام في هذا النزاع وإن كان له مقام اخر الا ان الحق هو
القول الثاني لعدم صحة السلب في المثال المتقدم وكفى بها حجة و
دليلا واما بطلان الكلام النفسي فموضع تحقيقه انما هو علم الكلام
فراجع مع أنه بديهي البطلان بين الامامية مضاف إلى اتفاق المعتزلة
من العامة عليه أيضا فحينئذ لو بنينا على القول
140

الأول في الخلاف المذكور فيكون هذا قرينة على التجوز في
الاطلاقات المذكورة.
وكيف كان فتارة يلاحظه الحقيقية والمجازية في المشتق باعتبار
اعتبار التلبس المأخوذة في مفهومه وضعا وأخرى من جهة اعتبار
حصول هذا التلبس وفعليته كما يطلق عليه باعتبار حال إرادة صدقه
عليه كذلك ومرجع الخلاف المذكور انما هو إلى الأول وحاصله
ان المعتبر في المشتق وضعا هل هو تلبس الذات المحكوم عليها
بالمبدأ بالدقة العقلية بأن يكون عبارة عن قيامه بنفسها أو الأعم من
ذلك كما مر.
والذي نحن بصدده في المقام هو الثاني إذ الكلام في الأول لا يختص
بخصوص الاسم المشتق بل في مطلق المشتقات بخلاف الثاني لعدم
الخلاف في اعتبار التلبس في الافعال باعتبار حال إرادة صدق النسبة
الحكمية فإطلاقها في غير صورة اتحاد حال صدق النسبة مع حال
إرادة ذلك الصدق لا يكون الا بتجوز أو تأويل.
وكيف كان فلما كانت الحيثيات المذكورتين مختلفتين فتحقق كل
واحد من صفتي الحقيقية والمجازية من إحداهما لا يستلزم تحقق
مثل هذه الصفة أو ضدها من الأخرى فيجوز تحقق إحداهما من
كلتيهما أو تحقق أحدهما من إحداهما وأخرى من الأخرى فالمجازية
في
الاسم المشتق من الأولى لا يستلزمها من الثانية التي هي محط النظر
في المقام فافهم.
إيقاظ كما يعتبر تلبس الذات المحكوم عليها بالاسم المشتق بالمبدأ
باعتبار حال إرادة صدقه عليها على الأقوى كما يأتي تحقيقه كذلك
يعتبر اتصافها به حال إرادة صدق النسبة الحكمية في الافعال بلا
خلاف كما مرت الإشارة إليه.
ثم إن الزمان المأخوذ في الافعال من الماضي والحال والاستقبال هل
هو
141

بالنظر إلى حال النطق أو إلى الأعم منه الشامل لغيره من الحالات؟
وجهان بل قولان: أولهما: لبعض على ما حكى عنه بعض المحققين
من
المتأخرين، وثانيهما: على ما علم لهذا المحقق ولبعض آخر منهم.
والذي يمكن الاحتجاج به للأول ظهور هذه الأفعال في الماضي أو
الحال أو الاستقبال من حيث حال النطق وتبادرها منها كذلك عند
إطلاقها وتجردها عن القرينة.
والذي يمكن أن يقال للثاني دعوى تبادر القدر المشترك منها مع قطع
النظر عن الخصوصيات اللاحقة لها ومنع كون التبادر المذكور
وضعيا بل يدعي كونه إطلاقيا مسببا عن إطلاقها وتجريدها عن القيد
كما أدعاه المحقق المذكور وغيره ممن تبعه والأظهر الأول فان
التبادر المذكور موجود كما اعترف به المحقق المذكور ومن تبعه أيضا
والظاهر كونه مستندا إلى جوهر اللفظ لا إلى شئ آخر
فيكشف عن الوضع لخصوص أحد الأزمنة باعتبار حال النطق و
دعوى تبادر القدر المشترك منها كدعوى كون التبادر المذكور
إطلاقيا في غاية السقوط.
أما الأول: فواضح وأما الثاني: فلان منشأ الانصراف أما غلبة
الاستعمال أو الوجود أو الكمال على ضعف في الأخير فتأمل في
الثاني.
وأما مجرد تجريد اللفظ عن القيد لا معنى لدعوى الثاني والثالث وأما
الأول فلم يعلم بلوغه إلى هذه المثابة مع إمكان منع أصله وأما
الأخير، فهو انما يكون منشأ لانصراف اللفظ إلى بعض الافراد إذا كان
فصل ذلك البعض ومميزه عما عداه من الافراد أمرا عدميا بخلاف
الفرد الآخر بأن يكون مميزه أمرا وجوديا زائد على ما كان عليه الفرد
الأول وأما إذا كان المميز في كل منهما أمرا وجوديا مضادا لما
كان في الاخر فلا معنى لانصراف المطلق إلى أحدهما
142

خاصة لعدم انطباقه حينئذ على أحدهما بتمام قيوده المعتبرة فيه
حتى ينصرف إليه لذلك.
وكيف كان فالمتبادر من تلك الأفعال عند إطلاقها وتجريدها عن كافة
القرائن هو ما ذكرنا وأما إذا قيدت بما لا يمكن معه إرادة
الزمان بملاحظة حال النطق كقولنا جاء زيد وهو يتكلم أو سيجئ
عمرو وقد أكرم إياك فينقلب ظهورها في حال النطق إلى الظهور
في حال آخر غيره كما يظهر من المثال الأول ان المراد بقوله يتكلم انما
هو حال المجئ وبقوله قد أكرم الماضي بالنسبة إلى مجئ
عمرو الذي لم يتحقق بعد وهذا الظهور انما هو مستند إلى القرينة و
هو قوله جاء في الأول وقوله سيجئ في الثاني هذا.
لكن هذا النزاع لا أرى له من ثمرة فان ظهورها في الزمان الملحوظ
حال النطق عند تجردها مسلم على القولين، الا انا ندعي استناده إلى
وضع اللفظ وهم يدعون استناده إلى القرينة وكذا ظهورها في غير
حال النطق مع التقليد كما في المثالين الا أن نقول إن القيد المذكور
من قبيل قرينة المجاز وهم يقولون إنه من قرينة تعين الفرد للمعنى
الحقيقي الأعم.
السابع: لا خلاف في المقام من جهة اعتبار قيام المبدأ بمعناه الحقيقي
بالذات أو كفاية قيامه
ولو بمعناه المجازي وعلى فرضه فهو كسابقه ليس مقصورا ومختصا
بالاسم المشتق بل جاز في مطلق المشتقات بحيث يدخل فيه
الافعال.
وحاصله انه هل يكفي في صحة الاشتقاق اشتمال المشتق على
مبدئه لمطلق معناه ولو مجازيا ليكون هذا المقدار من المناسبة بين
الأصل
والفرع مصححا للاشتقاق أو يعتبر اشتماله عليه بمعناها الحقيقي فقط
فلو أريد به غيره لم يصح؟ وكيف كان فالكلام في المقام بعد
الفراغ عنه وعن سابقه أو بعد الغض عنهما فانا نتكلم في أن مفاد هيئة
المشتق المتنازع فيه ما ذا من حيث حصول
143

التلبس وفعليته ولو مع غلطية استعماله أو المجازية فيه من حيث
التلبس لكن الاستعمال على وجه الغلط لما لم يكن محلا للغرض فلا
بد
من فرضه صحيحا.
والحاصل ان تعمد فرض استعمال المشتق على قانون الاشتقاق بأن
يكون المراد بالمبدأ فيه معنى مناسبا لمعنى المبدأ مجردا ولو
مجازيا بالنسبة إليه على القول بكفايته أو خصوص معناه الحقيقي على
القول باعتباره وبعد فرض تلبس الذات المحكوم عليها بالمشتق
ولو مع توسع في التلبس إذ غايته لزوم المجازية من تلك الجهة لا من
جهة ما نحن فيه.
نتكلم في أنه هل يشترط بقاء المبدأ في الذات المطلق عليها المشتق
بالنسبة إلى حال إرادة صدقه عليها أي تلبسها به حينئذ بمعناه الذي
اعتبر ثبوته للذات في الافعال وبالتلبس الذي اعتبر هناك وإلى هذا
أشرنا فيما تقدم على وجه كان مصححا للاشتقاق وموجبا لجواز
الاطلاق في سائر الصيغ.
ثم إن تحقيق الحال في الخلاف المذكور على طريقة فرضه أيضا وإن كان
له مقام آخر الا ان الحق كفاية قيام المبدأ بالذات بمعناه
المجازي في صحة الاشتقاق لان أدل الدليل على جواز الشئ وقوعه
وقد وقع ذلك في موارد لا يحصى مضافا إلى عدم ظهور الخلاف
فيه من أحد.
منها الأوصاف الموضوعة للحرفة والصنائع كالخياط والنساج و
الصائغ وغيرهما إذ لا يثبت ان أصل المبدأ فيها موضوع لفعل النسج و
الخياطة مع أن المراد به في ضمن تلك الصيغ صفتها.
ومنها الأوصاف الموضوعة للملكات كالفقيه والمتكلم ونحوهما فان
المبدأ فيهما لنفس العلم الفعلي أو التكلم كذلك مع أن المراد به في
ضمنها هو ملكتها لا غير. هذا تمام الكلام في تحرير محل النزاع في
المقام.
144

فإذا عرفت ذلك، فاعلم: انهم اختلفوا في كون المشتقات من الصفات
حقيقة في خصوص الحال أو في الأعم منه الشامل للماضي أيضا على
أقوال يأتي تفصيلها بعد اتفاقهم - ظاهرا - على مجازيته في الاستقبال
عدا ما حكى عن ظاهر الكوكب الدري من احتمال كونها حقيقة
في الاستقبال أيضا لذكره - على ما حكى عنه - ان إطلاق النحاة
يقتضي انه إطلاق حقيقي ولا ريب في ضعفه بعد صدق هذه النسبة
إليه
لأنه ان أراد أن حكمهم بمجئ المشتق للاشتقاق كبقيتهم بمجيئه
للماضي والحال ظاهرا في كونه حقيقة فيه ففيه:
أولا: ان بنائهم على بيان موارد الاطلاقات لا الموضوع له كما يشهد به
تتبع كلماتهم في بيان معاني غير المشتق المتنازع فيه من الافعال
والأسماء والحروف لوضوح ان بعض هذه المعاني ليس مما وضع له
اللفظ فلا ظهور في حكمهم بما ذكر.
وثانيا: انه يحتمل أن يكون المراد إطلاقه على المتلبس في الاستقبال
باعتبار تلبسه فيه بأن يكون المراد بالاستقبال هو بالنظر إلى
حال النطق إذ قد عرفت انه لا منافاة بينه وبين الحال بالمعنى المتنازع
فيه، فيدخل حينئذ في المورد المتفق عليه من كون المشتق حقيقة
فيه وان أراد الاستناد إلى إطلاقهم اسم الفاعل على ضارب غدا كما
قد يحكى عنه ففيه ان هذا الاطلاق يتصور على وجوه.
الأول: ان يراد به كون الذات المحكوم عليها بضارب كونه كذلك في
الغد باعتبار حصول هذا العنوان له بعد الغد أما العلاقة الأول أو
بعنوان مجاز المشارفة.
الثاني: ان يراد به كونه كذلك في الغد باعتبار حصول العنوان له في
الغد.
الثالث: ان يراد به كونه كذلك حال النطق لكن يحتمل الغد قيدا
للمحمول لا ظرفا للنسبة، فيكون المراد زيد الان هو الضارب في الغد.
الرابع: ان يراد به كونه كذلك حال النطق باعتبار حصول العنوان له في
145

الغد وجعل الغد قرينة على تعيين زمان صدق النسبة له لا قيدا
للمحمول ولا ظرفا للنسبة الحكمية، فنقول حينئذ ان إطلاقهم بعد
تسليم
كونه حجة انما ينهض دليلا له لو علم أن إطلاقهم المذكور مبني على
الوجه الأول أو الأخير واما الثاني والثالث، فلا ريب في كونهما
حقيقيين لدخولهما في مورد الاتفاق حيث إن الاطلاق فيهما انما هو
بالنظر إلى حال التلبس اما الثاني فواضح واما الثالث فلانه لا ريب
ان الضارب في الغد يقينا يصدق عليه الان حقيقة انه الضارب في الغد
لكونه متلبسا الان بهذا العنوان المقيد وسيأتي لذلك مزيد تحقيق
إن شاء الله.
وكيف كان فمخالفته على فرض صدقها لا تضرنا في المقام لشذوذه
فيكفي اتفاق الباقين للكشف عن مجازية المشتق في الاستقبال
بالنظر إلى حال التلبس لغة مضافا إلى ما سنقيمها من الأدلة المحكمة
عليه فانتظر.
وبالجملة فاعتبار التلبس في الجملة في المقام المردد بين خصوص
حال إرادة صدق المشتق وبين الأعم منه الشامل للماضي بالنسبة
إلى هذا الحال متفق عليه بين الأقوام وانما اختلفوا في المعتبر منه هل
هو حصوله في خصوص حال إرادة صدق المشتق بحيث لا يكفي
حصوله قبله مع انقضائه حينئذ أو حصوله في الجملة من غير
خصوصية للحال المذكور بحيث يكفي حصوله بالنسبة إلى الماضي
بالنسبة
إليه مع انقضائه حينئذ؟ فمن يقول بكون المشتق حقيقة في خصوص
الحال يعتبر الأول ومن يقول بكونه حقيقة في الماضي أيضا يكتفي
بالثاني.
وكيف كان فهم بعد اتفاقهم على اعتبار التلبس بالمبدأ في الجملة و
كون الاطلاق على المستقبل بالنظر إلى حال إرادة الصدق مجازا
باتفاقهم على كون إطلاقه حقيقة في الحال أي إطلاقه على من تلبس
بالمبدأ باعتبار حال
146

الصدق اختلفوا في كونه حقيقة في خصوص الحال بمعنى اعتبار
تلبس الذات المطلق عليه المشتق بالمبدأ باعتبار حال إرادة الصدق
من
دون كفاية حصوله لها قبله أو في الأعم منه ومن الماضي بالاشتراك
المعنوي بمعنى كفاية حصوله لها في قطعة من الزمان آخره حال
إرادة صدق المشتق عليهما على أقوال:
ثالثها كونه حقيقة في الماضي أيضا إن كان المبدأ فيه مما لا يمكن بقائه
كالمصادر السيالة الغير القارة والا فجاز حكى عن جماعة
حكايته وعن العلامة في النهاية نسبته إلى القوم الا أنه قال علي ما
حكى عنه في أثناء احتجاجه ان الفرق بين ممكن الثبوت وغيره منفي
بالاجماع وهو يؤمي إلى حدوث هذا القول.
رابعها انه حقيقة فيه إن كان الاتصاف أكثريا بحيث يكون عدم
الاتصاف في جنب الاتصاف مضمحلا ولم يكن الذات معترضة عن
المبدأ
وراغبا عنه سوأ كان المشتق محكوما عليه أو به وسواء طر الضد
الوجودي على المحل أولا اختاره الفاضل التوني في محكي الوافية.
خامسها التفصيل بين المشتقات المأخوذة على سبيل التعدية ولو
بواسطة الحروف والمأخوذة على سبيل الملزوم فالأولى للأعم و
الثانية لخصوص الحال نسب إلى غير واحد وحكى القول به أيضا عن
بعض الأفاضل في تعليقاته على المعالم.
وسادسها إيكال الحال في كل لفظ من ألفاظ المشتقات أعني جزئياتها
المتشخصة بالمواد المختلفة إلى العرف فلا ضابطة حينئذ في
تميز ما هو حقيقة في الأعم عن غيره بل كل لفظ حقيقة فيما يتبادر منه
عرفا فان تبادر منه الأعم فهو له أو خصوص الحال فهو له خاصة
فيقال في نحو القاتل والضارب والاكل والشارب والبائع والمشتري
انها حقيقة في الأعم وفي نحو النائم والمستيقظ والقائم و
القاعد والحاضر والمسافر انها حقيقة في خصوص الحال حكى هذا
147

عن بعض مع عدم التصريح باسمه وعن الحاجبي والأعدمي التوقف
في المسألة وحكى أيضا بعض الأقوال في المقام غير ما تقدم من
غير تعيين لكيفية القول ولا لقائله ولا فائدة في التفتيش عن حاله.
وكيف كان فالمعروف بين الأصوليين هما القولان الأولان:
أحدهما عدم اشتراط بقاء المبدأ في صدق المشتق ووضعه للقدر
المشترك بين الحال والماضي مطلقا وهو المعروف بين الأصوليين و
قد حكى نص جماعة عليه من المحققين منهم العلامة في عدة من
كتبه وعن شرح الوافية للسيد صدر الدين انه المشهور بين المعتزلة و
الامامية وعن المبادئ انه مذهب أكثر المحققين بل حكي عن ظاهر
السيد العميدي وغيره دعوى الاجماع حكى قده أنه قال في شرح
كلام المصنف (هذه المسألة من المسائل الأربع وهي انه لا يشترط في
صدق لفظ المشتق بقاء المعنى المشتق منه وهو مذهب أصحابنا و
المعتزلة وأبي علي سينا خلافا لجمهور الأشاعرة).
و ثانيهما اشتراط البقاء ومجازيته إطلاق المشتق على الماضي مطلقا
وعزي هذا عن البرازي والبيضاوي والحنفية وجمهور الأشاعرة
وإليه ذهب أكثر أفاضل من تأخر هذا.
والظاهر انحصار القول بين المتقدمين في هذين وان الأقوال الأخر
محدثة ممن تأخر عنهم من ألجأ كل واحد من الطرفين في مقام
العجز عن رد شبهة خصمه وسيأتي توضيح فساده مفصلا.
وكيف كان فالذي ينبغي اختياره ويساعد عليه الدليل انما هو القول
الثاني من الأولين أعني حصول بقاء المبدأ ومجازية المشتق فيما
انقضى عنه المبدأ مطلقا.
لنا تبادر التلبس بالمبدأ من هيئات المشتقات مع قطع النظر عن
خصوصيات
148

المواد المعروضة لها بمعنى انه متى لوحظت تلك الهيئات في حد
أنفسها ولو ضمن مادة لا نعلم معناها يتبادر منها المتلبس بتلك المادة
نجد ذلك من أنفسنا بعد تخلية الأذهان ومن العرف العارفين باللسان
فإنه إذا أطلق نحو ضارب وقائم وعالم مع قطع النظر عن
الأمور الخارجية يتبادر عندهم منها جميعا ما يعبر عنه بالفارسية
(بزننده وايستاده ودانا).
ولا ريب ان هذه العناوين لا يصدق حقيقة الا على المتلبس بموادها و
مباديها حال إرادة صدقها عليه إذ الصدق حقيقة لا يتحقق الا بكون
ما تحمل هي عليه من أفرادها حقيقة ومندرجا في تحتها ولا ريب ان
من انقضى عنه المبدأ بالنسبة إلى حال النسبة وإرادة صدقها عليه
ليس من أفرادها حينئذ حقيقة فان مفاهيمها هي المتلبس بالمبدأ فمن
انقضى عنه المبدأ لا يكون متلبسا به حال النسبة لارتفاع الوصف
العنواني عنه حينئذ فليس من افراد المتلبس به حينئذ.
وبالجملة الحال في الأسماء المشتقة كالحال في الأسماء الجوامد من
حيث وضع كل واحدة منهما للمتصف بالوصف العنواني الا ان
الوصف العنواني في الأولى هو المبادي والمصادر المأخوذة منها هذه
وفي الثانية هي وجوده الذوات الموضوعة لها تلك باعتبار ذلك
الوجود كالانسانية لذات الانسان والكلبية لذات الكلب والفرسية
لذات الفرس.
وهكذا فإنها لم توضح لنفس تلك الذوات لا بشرط بل باعتبار اتصافها
بهذه الأوصاف فلذا ينتفي الأسماء عند انتفائها مع نقاء جوهر
الذوات كالكلب المستحيل ملحا أو ترابا وهذا هو السر في تبادر
المتلبس والمتصف بالمبدأ من الأولى فحينئذ لا يصح إطلاقها حقيقة
الا
باعتبار حال التلبس ليكون ما أطلقت هي عليه داخلا ومندرجا في
مفاهيمها كما لا يصح إطلاق الجوامد حقيقة
149

أيضا الا باعتبار حال متلبس الذوات بالأوصاف العنوانية.
وكيف كان فلا فرق بينهما من الحيثية المذكورة فإنه كما لا يتبادر من
الكلب والفرس والبقر الا (سگ واسب وگاو) وليست هي الا
عبارة عن المتصف بالوصف العنواني فلا يجوز إطلاقها على ما انقضى
عنه هذا الوصف حقيقة فكذلك لا يتبادر من الضارب والعالم و
القائم الا (زننده ودانا وايستاده) وهي لا يكون الا عبارة عن المتصف
بالضرب أو العلم أو القيام فلا يصح إطلاقها حقيقة على المنقضي
عنه المبدأ إذ نحن ادعينا التبادر المذكور من الهيئات المذكورة مع قطع
النظر عن الخصوصيات الخارجة اللاحقة لبعض الموارد فلا يرد
النقض علينا بتبادر الأعم في بعض الأمثلة كما ورد على من أدعاه في
خصوص أمثلة خاصة وسيجئ دفع تبادر الأعم في بعض الأمثلة
أيضا من نفس الهيئة بل بواسطة خصوصية لا حقة للمادة أو لمورد
خاص من موارد استعمالها.
وكيف كان فبعد حصول التبادر المذكور من نفس الهيئة ثبت وضعها
لخصوص الحال في جميع الموارد وفي جميع حالاتها لاتفاقهم
ظاهرا على اتحاد الوضع فيها كما أدعاه شيخنا الأستاذ وسيدنا
الأستاذ دام ظلهما فيكون المسألة من دوران الامر بين الحقيقة و
المجاز
وبين الاشتراك ومع التنزل عنه فلا ريب في إنفاقهم على اتحاد جهة
الوضع في جميع الموارد على ما يظهر من كلماتهم فراجع وهو
يكفينا فيما نطلبه نعم ربما يتوهم تعدد جهة الوضع من التفاصيل
المتقدمة بالنظر إلى الألفاظ والحالات لكنه مدفوع.
أولا بما أشرنا إليه من أنها محدثة من المتأخرين عن إلجاء كل واحد من
الطرفين في مقام العجز عن رد شبهة خصمه.
وثانيا بانحصار القول بين المتقدمين بين اثنين كل منهما نقيض الاخر
مطلقا.
150

وثالثا بحصول التبادر المذكور منها في جميع الموارد على نحو سوأ
مع قطع النظر عن الخصوصيات الخارجة اللاحقة للمورد.
ورابعا بان تعدد جهة الوضع بالنسبة إلى الموارد المختلفة لا يعقل مع
اتحاد نفس الوضع وقد عرفت الاتفاق على اتحاده هذا.
وثانيا صحة سلب تلك الأوصاف عمن انقضى عنه المبدأ بالنسبة إلى
زمان انقضائها عنه فإنه يصح ان يقال لمن كان ضاربا أمس انه
ليس بضارب الان بمعنى سلب مطلق هذا الوصف عنه في الان بجعل
الان ظرفا للنفي لا قيدا للمنفي حتى يقال إن سلب المقيد لا يستلزم
سلب المطلق والا أمكن التعكيس فيما إذا كان ضاربا الان مع عدم
اتصافه به قبل فيقال انه يصح ان يقال إنه ليس الان ضاربا بضرب
الأمس وهو مقيد فإنه يستلزم نفي المطلق فهو ليس ضاربا الان بقول
مطلق مع أنه صدق الضارب عليه باعتبار الأمس حقيقة إجماعا
لكونه مطلقا عليه باعتبار حال التلبس.
وقد يورد على ما قلنا من صدق السلب المذكور مع جعل الان في
المثال ظرفا للنسبة أعني سلب المحمول لا قيدا للمحمول بمنع
الصدق و
انه أول الدعوى إذ القائل بعدم اشتراط بقاء المبدأ يقول بصدق
الضارب عليه الان مع تلبسه في الماضي وفيه ما لا يخفى من الركاكة
فان القائل بعدم اشتراط المبدأ يلزمه ذلك حيث إن الموضوع له عنده
هو القدر المشترك بين المتلبس بالمبدأ وبين من انقضى عنه
المبدأ وهو من برز عنه المبدأ في قطعة من الزمان آخرها حال التلبس
به ونحن لما علمنا من وجداننا ومن العرف أيضا جواز سلب
الضارب عمن انقضى عنه الضرب بعد انقضائه عنه نخطئ هذا القائل
لعلمنا حينئذ باشتباه الامر عليه وان لم نقدر على إلزامه بما وجدنا
حيث إنه يدعى انى وجدت عدم جواز السلب المذكور.
151

وكيف كان فلا يليق ان يتفوه بهذا الايراد فانا لم ندع الاتفاق على
صدق هذا السلب حتى من هذا القائل حتى يقال ذلك.
وقد يجاب أيضا بعد تسليم صدق النفي على الوجه المذكور بان
قضية ذلك صدق السلب في الوقت الخاص وأقصى ما يلزم من ذلك
صدق السلب على سبيل الاطلاق العام وهو غير مناف لصدق
الايجاب كذلك ضرورة عدم تناقض المطلقين المختلفين في الكيف و
انما
يناقض المطلقة العام الدائمة المطلقة المخالفة لها في الكيف.
ويدفعه ان المطلقتين لا يتناقضان في حكم العقل لا في حكم العرف
ضرورة وجدان التناقض بين قولك زيد ضارب وزيد ليس
بضارب وهو الحكم في المقام.
أقول المطلقتان العامتان لا تناقض بينهما عقلا إذا لم تقيد كلتاهما
بوقت خاص بان يكون كل واحدة منهما مقيدة وموقتة بعين ما وقت
به الأخرى ولم تكن الجهة فيهما أيضا واحدة واما إذا وقتتا بوقت و
كانت الجهة والحيثية فيهما واحدة مع اتحاد الموضوع والمحمول
فيهما كما في قولك زيد ضارب الان وليس بضارب الان ويكون وجه
السلب وجهته هي كون زيد مصداقا للمعنى الحقيقي للضارب
بأن يكون المراد انه فرد من المعنى الحقيقي للضارب وليس بفرد منه
فلا ريب في تناقضهما حينئذ في نظر العقل إذ ليس نقيض الشئ
إلا رفعه.
ولا ريب ان كل واحدة من القضيتين في المثال على الوجه المذكور
دافعة للأخرى قطعا وقول أهل الميزان ان نقيض المطلقة العامة هي
الدائمة المطلقة لا تنافي ما ذكرنا فان غرضهم بيان نقيضها بالقضية
المتعارفة عندهم لا انحصار النقيض فيها فإنهم كثيرا ما أعرضوا
عن ذكر بعض القضايا في مباحث القضايا والعكوس والأقيسة لعدم
كون ذلك البعض من القضايا المعروفة المنضبطة في تلك
152

المباحث عندهم والحاصل انه لما كان المتناقض للمطلقة العامة من
القضايا المعروفة المنضبطة عندهم في المبحث التناقض هي المطلقة
الدائمة لا غير فذكروا ان نقيضها هذه أي نقيضيها من بين تلك القضايا
المعروفة.
فان قيل إن حاصل ما ذكرت مناقضة المطلقة العامة لمثلها واعترفت
ان أهل الميزان بنائهم على ذكر القضايا المعتبرة المتعارفة فلم لم
يذكروا ان نقيض المطلقة العامة قد يكون مثلها مع أنها من القضايا
المعروفة.
قلت إن هذه مغالطة ظاهرة فان مرادنا ان بنائهم في كل مبحث ذكر ما
هو المتعارف المنضبط في هذا المبحث والمطلقة العامة من
القضايا المعروفة في مبحث تعدد القضايا.
وأما في مبحث التناقض فهي ليست من النقائض المنضبطة لمثلها فان
مناقضتها لمثلها في بعض الصور بخلاف الدائمة المطلقة لكونها
مناقضة لها دائما فلذا تركوا هذه وذكروا تلك فإذا ثبت ذلك فقد ظهر
فساد الجواب المذكور فانا قد وجدنا صحة نفي قولك زيد ليس
بضارب الان مع جعل الان ظرفا للنسبة إذا أردت النفي من جهة كونه
من مصاديق ما وضع له هذا اللفظ فيمتنع حينئذ عقلا صدق قولك
زيد ضارب الان على الوجه المذكور هذا.
ثم إنه قد يذكر بعض الوجوه الأخر للقول المختار أعرضنا عنه حذرا
من إطالة الكلام مع عدم الحاجة إليه في المقام لكفاية ما مر في
إثبات المرام من الوجهين وبأولهما ظهر أيضا كون المشتق حقيقة
فيمن تلبس بالمبدأ بعد حال النطق أو تلبس به قبله إذا كان إطلاقه
عليه باعتبار حال التلبس مضافا إلى قيام الاجماع ظاهرا على كونه
حقيقة في حال التلبس الشامل لهما وإلى عدم صحة سلبه عنه في
مثل زيد كان ضاربا أمس أو انه ضارب غدا إذا أريد به إطلاقه عليه
بالنسبة إلى حال التلبس بأن يكون هو الغد والأمس.
153

وربما يقال حينئذ ان اللازم عدم صحة سلب المطلق لا المقيد والذي
هنا هو الثاني وهو لا يدل على المدعي الا ترى انه لا يصح السلب عن
المعنى المجازي مع اقتران اللفظ بالقرينة كما في أسد يرمي حيث إنه
لا يصح سلبه عن الرجل الشجاع وهو، مدفوع بنحو ما مر في
الجواب عن الايراد على التمسك بصحة السلب عمن ينقضي عنه
المبدأ.
وتوضيحه ان ما ذكر مسلم إذا كان الغد والأمس في المثال قيدا
للمسلوب كما في المنقوض به وهو قوله أسد يرمي واما إذا كانا
قيدين
للسلب كما هو المراد فلا يتم المطلوب لا طلاق المسلوب فبهذا كله
ظهر ضعف توهم كون المشتق حقيقة في حال النطق بتوهم ان معقد
الاجماع على كونه حقيقة في الحال ذلك كظهور ضعف توهم كونه
حقيقة في المستقبل بالنسبة إلى حال التلبس كما مر.
وكيف كان فمدار حقيقة الاطلاق ومجازيته على ما حققنا على
ملاحظة حال التلبس وعدمها سوأ وافق حال النطق أو خالفه فربما
يكون الاطلاق مجازيا بالنسبة إلى حال النطق كما إذا أطلق باعتباره مع
انقضاء المبدأ أو قبل حصوله كما يختلف الحال أيضا في
الماضي والمستقبل بالنسبة إليه وان شئت توضيح ذلك فنقول
إطلاق المشتق باعتبار حال النطق يتصور على وجوه:
أحدها ان يطلق ويراد به المتلبس بالمبدأ في حال النطق على وجه
يكون الزمان مأخوذا في مفهوم اللفظ على وجه الشرطية أو الشطرية
وهذا لا شبهة في مجازيته فإنه وان أطلق باعتبار حال التلبس إذ
المفروض اتحاده مع حال النطق الا انك عرفت خروج الزمان عن
مفهوم المشتق فاعتباره في مفهوم اللفظ موجب لمجازيته.
ثانيها ان يطلق ويراد به المتلبس به في حال النطق مع اتحاده مع حال
154

التلبس من غير أن يؤخذ الزمان قيدا في مفهوم اللفظ بأحد الوجهين
المذكورين والفرق بين حال التلبس بقول مطلق وهذا الاطلاق
واضح إذ المعتبر في الأول مجرد المتلبس وفي الثاني التلبس
المخصوص الحاصل في حال السلب ولا ملازمة بين هذا وأخذ
الزمان في
مفهوم اللفظ فان المدلول هو التلبس الحاصل في حال النطق مع قطع
النظر عن حصوله فيه نظير اسم الجنس المنكر حيث إنه موضوع
للماهية الحاصل في الذهن مع قطع النظر عن حضورها فيه بخلاف
علم الجنس فإنه موضوع لها بلحاظ حضورها فيه.
وكيف كان فهذا الاطلاق لا شبهة في كونه حقيقة لكونه إطلاقا في حال
التلبس.
ثالثها ان يراد به المتلبس بالمبدأ في حال النطق على وجه يراد
بالمشتق مجرد المتلبس بالمبدأ وأريد خصوص الحال من الخارج
على
حسب إطلاق الكلي على الفرد ولا شبهة في كون ذلك أيضا حقيقة
لكنه حقيقة خارج عن إطلاق المشتق على حال النطق.
وكيف كان فبهذا التشقيق والتفصيل ظهر ان حال النطق لم يقع مورد
للوفاق حيثما عرفت ان مدار الحقيقة في بعض هذه الأقسام وهو
الثاني والثالث على كون الاطلاق واقعا على حال التلبس وظهر
ضعف ما ذكره بعض المحققين في تعليقاته على المعالم من أن إطلاق
المشتق باعتبار حال النطق حقيقة في الجملة فإنه اما نفس الموضوع له
أو مندرج فيه واما إطلاق المشتق باعتبار الماضي بالنسبة إلى
حال النطق فهو أيضا يتصور على وجوه.
أحدها ان يطلق ويراد به المتلبس بالمبدأ في الماضي المنقضى في
الحال على أن يكون الزمان مأخوذا في مفهوم اللفظ بأحد الوجهين
المتقدمين ولا إشكال في مجازيته لما مر من خروج الزمان عن مفهوم
المشتق باعتباره فيه
155

مستلزم للمجازية ولكن في محكي شرح الوافية وقوع الخلاف فيه ولا
ينبغي ان يصغى إليه.
ثانيها ان يطلق و يراد به المتلبس بالمبدأ في الماضي مع انقضائه عنه
في الحال بعلاقة ما كان ولا ريب في كونه مجازا على جميع
الأقوال الا على القول بكون المشتق حقيقة في خصوص الماضي لا
غير لو ثبت كما يظهر احتماله من كلمات بعض وينبغي ان يقطع
بعدمه
ويمكن اعتبار الاطلاق على وجه لا يكون مجازا في اللغة بادعاء بقاء
المبدأ واندراج ما ينقضي عنه المبدأ في المتلبس به في الحال
فيكون التجوز عقليا.
ثالثها ان يطلق ويراد به المتلبس به في الماضي بملاحظة تلبسه به فيه
من غير أن يؤخذ الزمان قيدا في مفهومه نظير الوجه الثاني من
وجوه الحال ولا ريب في كونه حقيقة حيث إنه باعتبار حال التلبس.
رابعها ان يطلق ويراد به المتلبس بالمبدأ مع تقييد المبدأ بالماضي
كقولك زيد ضارب في الأمس بجعل في الأمس قيدا للضرب المأخوذ
في الضارب ولا خلاف في كونه حقيقة إذ التصرف وقع في المادة لا
الهيئة لكن هذا يخرج عن صورة إطلاق المشتق على الماضي بل هو
إطلاق له باعتبار الحال إذ يصير ضارب في الأمس بمنزلة محمول
مفرد فيكون مفادا لقضية اتصاف الموضوع بهذا المحمول المقيد الان
لخلوها عن الرابطة الزمانية لان الأمس حينئذ قيد للمحمول لا ظرف
للنسبة.
واما إطلاقه بالنسبة إلى الاستقبال بالنسبة إلى حال النطق فيتصور أيضا
على وجوه أربعة كما في الماضي مع تبديل علاقة ما كان
هناك بعلاقة الأول هنا ولا كلام ظاهرا في مجازيته غير الأخير عن
الوجوه وإطلاق نقل الاجماع في المستقبل يعم الجميع واما الأخير
فلا ينبغي الشك في كونه حقيقة وهنا
156

اخر من الاطلاق مختص به وهو إطلاقه على المتلبس في المستقبل
بعلاقة المشارفة ولا ريب في مجازيته أيضا والفرق بينه وبين
الاطلاق على المتلبس في المستقبل باعتبار اتصافه فيه واضح.
ثم انا وان مثلنا في الوجهين المتقدمين أعني التبادر وصحة السلب
بأمثلة هي من أسماء الفاعلين لكنها انما هي من باب مجرد التمثيل و
الا فهما جاريان في جميع ما هو المتنازع فيه في المقام كاسمي الآلة و
المكان والصفات المشبهة والصيغ المبالغة لتبادر المتلبس
بالمبدأ فيها أيضا جدا وصحة سلبها عمن انقضى عنه المبدأ كصحته
عما لم يتلبس به بعد الا ان الاتصاف فيها مختلف فإنه في الأول
بعنوان الظرفية كالمنام والمأمن والملجأ والمسكن والمسجد فان
معانيها المتبادرة منها ما يعبر عنه بالفارسية (خوابگاه وآسودكاه
وپناهگاه ونشيمنگاه وسجده گاه) وفي الثاني بعنوان الالية كالميزان و
المقراض والمنشار وغير ذلك من الأمثلة الموازنة لها أو
المخالفة لها في الزنة لمجئ اسم الآلة على غير وزن مفعال كمثقب
على زنة مفعل فان معانيها المتبادرة منها هي ما يقع بها هذه الأفعال.
فان قيل: إن هذا التعبير يوهم أخذ الذات في مفاهيمها وسيجئ
بطلانه.
قلنا لنا عبارة أخرى مؤدية للمقصود على ما هو عليه لا في لغة العرب
ولا الفرس إذ التعبير منها بتراز وأره ليس عن المقصود بوجهه
فإنهما في الفارسية من الأسماء الجامدة لا الأوصاف لكن بحسب
اللب يظهر للمشهور انها بسيطة جدا وان شئت عبرت عنها بالفارسية
آلة (كشش) وآلة (پراكنده) وآلة (جدائي) فإنها أيضا أوصاف و
عنوانات بسيطة يعبر عن الذوات بها لاتحادها معها في الوجود وفي
الثالثة بلحاظ قيام المبدأ بالذات كما في أسماء الفاعلين فان معانيها
المتبادرة منها هكذا كما في الحسن والشجاع والقبيح فان
المتبادر
157

منها هو ما يعبر عنها بالفارسية (بخوب ودلير وبد) فأنها أوصاف و
عناوين للذات منتزعة عن قيام المبدأ بالذات على نحو الثبوت
كما أن مفاهيم أسماء الفاعلين وجوه منتزعة من قيام المبدأ بالذات
على وجه الصدور مقابل مفاهيم أسماء المفعولين فإنها وجوه منتزعة
عن قيام المبدأ بالذات على وجه الوقوع.
وأما الرابعة: فالمعتبر فيها انما هو كثرة الاتصاف بالمبادئ على نحو
قيامها بالذات صدورا أو ثبوتا فإنها تبنى من الافعال اللازمة و
المتعدية كليتهما وانما لم نكتف فيها بمجرد التلبس بل جعلنا المدار
على كثرته لان معنى القتال والضراب ما يعبر عنه بالفارسية
(بزياد كشنده وزياد زننده) لا الاتصاف بنفس المبادئ حال النسبة فإنه
ربما يتحقق التلبس بها حينئذ من كون الاطلاق مجازيا وهذا
فيما سلب صفة كثرة الاتصاف عما أطلقت عليه حينئذ وانقضت عنه
أو لم يتحقق فيه هذه الصفة بعد.
وكيف كان فالمدار في حقيقة إطلاقها ومجازيته انما هو على تحقق
الصفة المذكورة حال النسبة وإن كان يلزمها الاتصاف بالمبدأ
حينئذ أيضا فان المعنى الإضافي لا يتحقق بدون تحقق ما أضيفت
إليه.
ثم إن المعتبر في أسماء التفضيل انما هو أكثرية الاتصاف بالمبدأ
بالنسبة إلى اتصاف الغير به حال النسبة ولازم ذلك أيضا كصيغ
المبالغة الاتصاف بنفس المبدأ أيضا بتقريب ما مر.
توضيحه ان أفضلية شئ من شئ وصف يلزمه تحقق ذلك الوصف
في المفضل والمفصل عليه حال النسبة والا لم يبق موضوع للأفضلية
وعدم كفاية مجرد تحقق المبدأ في الحال المذكور في صدقها حقيقة.
وأما المعتبر في أسماء الآلة فهو اتصاف الذات بالمبدأ بعنوان كونها آلة
لايجاده بالنسبة إلى حال النسبة.
158

وخلاصة الكلام في المرام ان مدار حقيقة إطلاق المشتق إذا كان من
أسماء الفاعلين والمفعولين والصفات المشبهة على تلبس ما أطلق
عليه بنفس المبدأ حال النسبة سوأ حصلت له كثرة الاتصاف به أولا و
إذا كان من صيغ المبالغة فالمدار على اتصاف الذات بكثرة
الاتصاف بالمبدأ بالنسبة إلى الحال المذكور وان خلى من المبدأ وإذا
كان من أسماء المكان كما إذا كان من أسماء الزمان فالمدار على
الاشتغال بالمبدأ حال النسبة فلا يكفي حصوله قبله مع انقضائه أو
بعده وإذا كان من أسماء الآلة فالمدار على ما عرفت.
حجة القول بعدم اشتراط بقاء المبدأ مطلقا وجوه:
الأول: ثبوت الاستعمال في كل من الماضي والاستقبال والأصل فيه
بعد بطلان احتمال الاشتراك اللفظي أما لأنه خلاف الأصل أو
للاتفاق على عدمه في المقام ودوران الامر بين المعنوي والحقيقة و
المجاز هو وضعها أي المشتقات للقدر المشترك بينهما.
وفيه ان الأصل المتصور لهذا القول في المقام ليس الا أصالة عدم
ملاحظة الواضع للخصوصية وهي معارضة بأصالة عدم ملاحظة
العموم
وأصالة عدم سراية الوضع إلى غير المتلبس.
والانصاف ان الأصل غير مساعد لشئ من القولين فلا يتوهم أيضا ان
مقتضاه ثبوت الوضع لخصوص المتلبس بتوهم ان أحد الأصلين
المذكورين يعارض ما تمسك به للقول الأخير ويبقى الاخر سليما
فينهض على إثبات القول المختار فان عدم سراية الوضع لغير
المتلبس لازم لعدم ملاحظة العموم ومن المعلوم ان اللازم والملزوم
لا يكون كلاهما مجريين للأصل بل هو جار في الملزوم فقط و
المفروض تساقطه في المقام لمعارضته بأصالة عدم ملاحظة
الخصوصية وتخيل انه بعد منع مانع من جريان الأصل في الملزوم،
فهو
يجري في اللازم
159

فيتم المطلوب لسلامته عن المعارض، مدفوع بان ذلك في الأصول
المبنية على التعبد وأما في التي يكون اعتبارها من باب الظن كما
في المقام فلا إذ لا يعقل الشك في الملزوم مع الظن باللازم مع أنه
تابعه فتأمل.
والتحقيق ان التعويل على هذه الأصول على فرض سلامتها في غاية
الضعف والسقوط.
أما أولا فلمنع كونها مفيدة للظن الذي هو مناط اعتبارها و لو نوعا.
وأما ثانيا فلمنع قيام دليل على اعتبارها مع تسليم إفادتها للظن فان
الدليل عليه ليس الأبناء العقلا فيما بينهم ولا ريب ان القدر المتيقن
منه انما هو في أصالة عدم النقل ولا يبعد كون أصالة عدم الاشتراك
أيضا كذلك أما غيرهما فلا بل المظنون تركهم العمل عليها.
هذا إذا أريد بالأصل استصحاب العدم وإن كان المراد به القاعدة
المستفادة من الامارات كما يقال أو قيل إن مقتضاها كون الوضع
للأعم وهي غلبة الوضع للأعم فيما إذا ثبت الاستعمال في كل من
المعينين بينهما جامع قريب أو بعيد مع ثبوت الاستعمال في نفس
الجامع أو بدونه أيضا على اختلاف الآراء كما اشتهرت في السنة
متأخري المتأخرين ففيه أولا منع أصل الغلبة وثانيا منع نهوض دليل
على اعتبارها في المقام.
ثم إنه قد حكى عن بعض الأفاضل التمسك بالقاعدة المذكورة على
إثبات الوضع للمتلبس قال - في مقام الاستدلال على ما صار إليه -
بوجوه الأول ان الأصل فيما إذا أطلق اللفظ على أمرين أو أمور كان
بينهما جامع قريب قد استعمل فيه موضع اللفظ بإزاء القدر الجامع
دفعا للمجاز والاشتراك إلى أن قال: ومن الواضح إطلاق المشتق
باعتبار الماضي والحال والاستقبال فيجب وضعه للمفهوم العرضي
البسيط انتهى مراده بالمفهوم البسيط هو مفهوم المتلبس
160

وأنت خبير باشتباه الامر عليه لان مقتضى دليله ثبوت الوضع للأعم
من المتلبس في الحال الشامل له بالنسبة إلى الماضي والاستقبال
اللهم الا ان يقال باشتباه الحاكي بان كلام المستدل في مقام الاستدلال
على نفي أخذ شئ من الأزمنة في مفهوم المشتق وان مراده
بقوله وهو المفهوم البسيط هو البسيط من هذه الحيثية فيتم كونه قدرا
مشتركا بين الثلاثة لكن مع ملاحظة الماضي والحال والاستقبال
بالنسبة إلى حال النطق بقرينة قوله هو المتلبس إذ لا ريب ان مصداق
المتلبس منحصر في الحال بالنسبة إلى التلبس والصدق فيكون
حاصل مراده انه بعد الفراغ عن إثبات كون المشتق حقيقة فيمن تلبس
بالمبدأ باعتبار حال التلبس ماضيا كان أو حالا أو مستقبلا
بالنسبة إلى حال النطق استدل على خروج الزمان وعدم أخذ شئ
من الأزمنة في مفهومه ولا يبعد ذلك.
لكن يرد عليه منع الدليل المذكور صغرى وكبرى كما مر.
ثم إنه قد يقال أو قيل بان مقتضى القاعدة المذكورة أعني الغلبة وضع
المشتق لخصوص حال النطق لغلبة الوجود والمجاز على
الاشتراك المعنوي عند الدوران وفيه أيضا ما مر صغرى وكبرى.
هذا ما عرفت من حال الأصول الاجتهادية المبنية على الظن واما
الأصول التعبدية فلا موافقة لها كلية في مقام العمل لاحد من القولين و
ان أمكن دعوى غلبة موافقتها للمذهب المختار.
الثاني تبادر الأعم.
الثالث عدم صحة سلب المشتق عمن انقضى عنه المبدأ وقد سبق ما
يغنى عن الجواب عنهما.
الرابع: انه لو كانت في الحال خاصة لكان إطلاق المؤمن على النائم و
الغافل مجازا ومن المعلوم خلافه بالاجماع وضرورة العرف.
161

وفيه ان الايمان هو التصديق بالجنان وهو لا يزول بالنوم ونحوه لبقائه
في الخزانة قطعا غاية الأمر عدم الالتفات إليه وهذا واضح.
وقد أجيب عنه ببعض الوجوه أيضا لا طائل تحته في ذكره.
الخامس انه لو لم يكن موضوعا للأعم لما صح الاستدلال ب آيتي
السرقة والزنا على وجوب الحد على الزاني والسارق وان انقضى
عنهما المبدأ والملازمة ظاهرة وبطلان التالي أظهر.
وفيه ان غاية ما ذكره انما هو ملزوم إرادة الأعم بل خصوص إرادة من
انقضى عنه المبدأ وهو لا يقتضي ثبوت الوضع للأعم وسيجئ
ما يتضح به الجواب عن الدليل مستقصى فانتظر.
حجة مشترطي البقاء فيما إذا كان المبدأ مما يمكن بقاءه دون غيره انه
لو اعتبر البقاء مطلقا لما كان للمتكلم والمخبر والماشي و
المتحرك ونحوها حقيقة والتالي باطل بالضرورة فكذا المقدم.
بيان الملازمة ان مبادئها مركبة من أجزأ يمتنع اجتماعها في الوجود.
وفيه ان البقاء يختلف باختلاف الموارد فإنه في مبادئ الملكة البقاء
عبارة عن بقاء نفس المبدأ بالدقة العقلية وفي غيرها يصدق حقيقة
عند العرف على مجرد التشاغل بالمبدأ مع عدم الفرغ منه وكيف كان
فالتلبس المعتبر في الأسماء المشتقة هو المعتبر في الافعال
فالتلبس في كل اسم مشتق انما بنحو ما اعتبر في الفعل المتحد معه
في المادة فكما أن يضرب زيد لا يصدق حقيقة الا فيما إذا كان
مشتغلا ومتلبسا بالضرب حقيقة لا تسامحا فكذلك زيد ضارب وكما
أن يتكلم أو يمشي يصدقان حقيقة على من لم يفرغ ولم يعرض
عن التكلم والمشي
162

فكذلك متكلم وماش.
حجة القول بأنه حقيقة في الماضي إذا كان الاتصاف أكثريا ويعتبر
البقاء في غيره انهم يطلقون المشتقات على المعنى المذكور من غير
قرينة كما في لفظ الكاتب والخياط والقاري والمتعلم وغيرها.
وفيه ان الملحوظ في الأمثلة المذكور وأمثالها انما هو التلبس بملكات
مبادئها لا نفس المبادئ حتى يدفع بما ذكر ولا ريب انها لا
تصدق على من انقضى عنه ذلك الملكات جدا.
وكيف كان فالتصرف في تلك الأمثلة وقع في المادة لا الهيئة ومحل
البحث هو الثانية هذا.
مع أن دليله يقتضي نقيض مدعاه إذ لا ريب انه على تقدير الوضع
للقدر المشترك لا بد من نصب قرينة مفهمة لإرادة خصوص من
انقضى
عنه المبدأ كما فرض التجرد عن القرينة في تلك الحال فعدم نصب
القرينة حينئذ على ما قرره يقتضي الوضع لخصوص الماضي وهو
كما ترى.
حجة القول باعتبار البقاء في المشتقات المأخوذة على سبيل اللزوم
دون غيرها التبادر الحاصل بملاحظة استقرأ موارد استعمالات
المجازية بين العرف فان المتبادر من مثل الحسن والقبيح والأبيض و
الأسود وأمثالها كالنائم والمستيقظ هو المتلبس بتلك المبادئ
في حال النسبة فيكون إطلاقها على غيره مجازا بخلاف مثل القاتل و
الضارب والمضروب والمهدي إليه والممدود به وأمثال تلك فان
المتبادر منها الأعم الشامل للماضي أيضا فهذان التبادران يكشفان عن أن
هذه الهيئات لها وضعان نوعيان بالنسبة إلى تينك الطائفتين
من الموارد وإن كانت الصفة واحدة والموضوع له في أحدهما هو
الأول وفي الثاني هو الثاني.
163

وجوابه قد علم مما حققنا سابقا من تبادر المتلبس بالمبدأ حال النسبة
مطلقا مع قطع النظر عن الخصوصيات الخارجة وصحة سلب
المشتق عمن انقضى عنه المبدأ كذلك ولعل منشأ اشتباه الامر على
المستدل انه كثيرا يطلقون المشتقات على الذوات في الحال بمعنى
ان
ظرف النسبة حال النطق مع مضي المبدأ عنه حينئذ كما في موارد
النداء بتلك العناوين كأن تدعوا زيدا بقولك يا ضارب عمرو ويا
مضروب بشر ويا قاتل بكر ومنه قولك في مقام السؤال عن أحد
المعصومين عليهم السلام كنداء علي عليه السلام بقولك يا قالع الباب
و
يا هازم الأحزاب ويا بائتا على فراش رسول الله صلى الله عليه وآله و
منه قولك في مقام ندأ الحسين عليه السلام تندبا يا قتيلا
بكربلا ويا مسلوب العمامة والرداء وهكذا وسيجئ دفع هذا
التوهم وبيان ان المستعمل فيه اللفظ في كافة تلك الأمثلة انما هو
الذات
باعتبار حال التلبس.
وأما القول السادس: أعني إيكال كل لفظ من الألفاظ إلى فهم العرف و
المتبادر منه عندهم فلم ينقل فيما رأيت حجته ولازمه التزام
شخصية أوضاع المشتقات بأن يكون كل هيئة من هي آتها مع كل مادة
لها وضع مستقل والا لم يعقل إيكال كل لفظ ولعله قائل بهذا وقد
عرفت ظهور الاتفاق بل الاتفاق على عدمه.
تنبيهات الأول: قد حققنا وضع المشتق للمتلبس بالمبدأ وان إطلاقه
انما يكون حقيقة إذا كان باعتبار حال التلبس به فيكون إطلاقه
على من انقضى عنه المبدأ كإطلاقه على من يتلبس بعد مجازا.
لكن ربما يستشكل بإطلاقه على من انقضى عنه المبدأ كثيرا غاية
الكثرة بحيث يبعد كون تلك الاطلاقات بأسرها مجازية كما في موارد
النداء أي موارد وقوع المشتق منادى وفي موارد وقوعه معرفا للذات
كقولك هذا قاتل عمرو
164

ضارب زيد وأنت معطي المال وأمثال ذلك وفي موارد الاستفهام
كقولك أنت ضارب زيد أو معطي عمرو درهما ونحوهما إذ لا
يخفى ان حال النسبة في تلك الأمثلة انما هو حال النطق مع أن حال
التلبس قبل ذلك لانقضاء المبدأ عن الذوات المطلق عليها المشتق في
تلك الموارد غالبا لم يطلق الا على المتلبس لان المنقضي عنه المبدأ
أما في موارد النداء فلا يخفى ان المقصود بالنداء هو الشخص
المتلبس بالمبدأ لا المجرد عنه وان اللفظ قد أطلق عليه باعتبار حال
التلبس الا انه لما علم من الخارج اتحاد هذا الشخص المجرد الان
عن المبدأ للمتلبس به من قبل الذي هو المقصود بالنداء فيصير هذا
منشأ لتوهم إطلاقه على هذا الشخص الموجود الان فيقال انه أطلق
على من انقضى عنه المبدأ مثلا قولنا يا قالع الباب ويا هازم الأحزاب
مريدين به أمير المؤمنين عليه السلام بمنزلة قولك أدعوك أيها
الذي هو قالع الباب في ذلك الزمان وهازم الأحزاب كذلك جعل
الزمان المذكور ظرفا للنسبة، فيكون من قبيل ضارب أمس فان
الأوصاف الواقعة مناداة تنحل إلى مفاد موصول صلته هذا الوصف و
يكون ذلك محمولا على العائد لا الموصول.
نعم لما كان المعتبر حضور المنادي إذ النداء من مقولة الخطاب مع
الحاضر فلا بد في تلك الموارد من التصرف بوجه آخر ليصح وقوع
ذلك الشخص المتلبس بالمبدأ من قبل المتحد للموجود الان منادى
بأن يفرض حاضر المعنى بتنزيل في وقت التلبس بمنزلة حال النطق
فيلزمه حضور المتلبس حينئذ حكما أو أن يفرض المنادي بالكسر
نفسه حاضرا في ذلك الزمان ومن هنا يكون إطلاقه في موارد النداء
مع عدم تلبس الذات بالمبدأ بعد حقيقة أيضا فيما إذا تلبسها به كان
بعد مقطوعا به كقولنا يا قائما بالقسط ويا حاكما بين العباد ويا
شديد العقاب وأمثال ذلك مريدين منها الله تعالى مع أنه تعالى ليس
165

الان متلبسا بتلك المبادئ مع أن إطلاقه على من لم يتلبس به بعد
مجاز اتفاقا فان الوجه في ذلك أيضا ان نفرض سبحانه تعالى باعتبار
اتصافه بتلك الأوصاف في يوم القيامة مغايرا له سبحانه تعالى باعتبار
عدم اتصافه بها بعد فندعوه تعالى بالاعتبار الأول فيكون
المقصود بالنداء والمراد من اللفظ هو القائم بالقسط في ذلك الزمان لا
الان فيكون إطلاقه باعتبار حال التلبس ولأجل ذلك يطلق
الأسماء الجوامد في موارد النداء وغيرها مع أن الشخص لا يصدق
عليه الان هذا الاسم حقيقة كقولك هذه زوجة زيد أو زوجة عمرو بعد
طلاقها مع أن الأسماء الجوامد لا خلاف فيها ظاهرا في اعتبار حصول
الوصف العنواني لما تطلق عليه بالنسبة إلى حال النطق ظاهر
النسبة.
وأما في موارد وقوعه معرفا فالامر فيها أوضح فإنه باعتبار قيامه
بالذات الحاضرة بالنسبة إلى الماضي جعل معرفا لها الان باعتبار
اتحاد هذه الذات الان لها في الماضي فقولك هذا ضارب زيدا بمنزلة
هذا ضارب زيد أمس بجعل أمس ظرفا للنسبة فأنت فرضت هذه
الذات المشار إليها ذاتين مغايرتين بالاعتبار إحداهما محمولة على
الأخرى فان المحمول هي الذات المتلبسة بالمبدأ أمس والموضوع
هي الحاضرة حملت الأولى على الثانية لاتحادها معها فصارت معرفة
لها لذلك فيكون معنى المثال المذكور بالفارسية (أين آنست كمه
زننده زيد بود) وأما في موارد الاستفهام فالامر أجلى من سابقه فان
السائل بعد ما فرض شخصا متلبسا بالمبدأ في الزمان الماضي
يسأل عن اتحاد هذه الذات الحاضرة مع تلك فقولك أنت ضارب زيد
معناه بالفارسية (آيا تو آن كسيكه زننده زيد بود پيش).
وكيف كان فالمشتق في موارد التعريف والاستفهام مع انقضاء المبدأ
حال الاطلاق لم يطلق الا على المتلبس الا انه جعل المتلبس معرفا
للمجرد عن
166

المبدأ في الأولى ومسئولا عن اتحاده معه في الثانية فلذا قد يقع معرفا
له أو مسؤولا عن الاتحاد معه فيما إذا لم يتلبس به بعد إذا كان
تلبس هذا الذات بعد مقطوعا به في الأول وتلبس ذات مرددة بين
هذه الذات وغيرها في الثانية مع أن إطلاقه على من يتلبس بعد مجاز
اتفاقا كما عرفت وسمعت مرارا.
وأما في موارد النداء فالغالب إطلاقه على المتلبس على الوجه الذي
قررناه ولا ضير في إطلاقه في بعض الموارد على غير المتلبس
بعلاقة ما كان فيما إذا كان قد انقضى عنه المبدأ أو بعلاقة الأول و
المشارفة فيما إذا لم يتلبس بعد لقلة مورده فلا يلزم منه الاستبعاد
المذكور.
مع أنه يمكن أيضا تصوير إطلاقه على غير المتلبس على وجه الحقيقة
بنحو اخر بحيث لا يلزم المجازية في اللغة وهو ان يدعي كون
المنقضي عنه المبدأ أو الذي يتلبس به بعد متلبسا به الان فيطلق عليه
المشتق بعد هذا التصرف فيكون التجوز حينئذ عقليا وهذا هو معنى
المجازية في التلبس فقط وبالجملة نحن لا ندعي كون الاطلاق على
الوجوه المذكورة موافقا للظاهر بل نسلم كونه مخالفا له من الوجوه الأخر
فان فرض ذات واحدة اثنتين وادعاء فردية ما ليس بفرد مخالف
للظاهر يقينا وان لم يكن مخالفا لظاهر المشتق الا ان القرنية
قائمة في الموارد المذكورة في بعضها غالبا كما في موارد النداء وفي
بعضها دائما كما في الأخيرتين على ارتكاب نوع من وجوه خلاف
الظاهر موجب لحقيقة إطلاق المشتق بعده فافهم.
الثاني بعد ما ثبت كون المشتق حقيقة في المتلبس بالمبدأ حال تلبسه
به بالتقريب الذي تقدم فلا بد من حمله عليه في كل مورد لم يقم
قرينة لفظية أو عقلية على خلافه كما في الحكم بوجوب قتل القاتل أو
إقامة الحد على السارق والزاني ونحوهما مما لا يمكن ترتب
الحكم عليه حال قيام المبدأ
167

بالذات من جهة عدم استقرار المبدأ بها بقدر فعل القتل أو الحد قطعا
فان القاتل قبل تحقق القتل منه ولو كان مشتغلا بالجز الأخير من
مقدماته لا يكون قاتلا قطعا وبعد تحقق الجز الأخير فلا ريب في
تحققه معه ولا ريب في انقضائه حينئذ بمجرد تحققه فلا يبقى
لموضوع الحد أو القتل لو علقا على قيام المبدأ بالقاتل والسارق
وجود فلا يمكن امتثال هذا الحكم فحينئذ فالعقل حاكم بكون المراد
خلاف الظاهر يقينا وإلا لغي الحكم ولذا يتمسكون ب آيتي السرقة و
الزنا على وجوب الحد على من انقضى عنه السرقة والزنا.
وكيف كان فهذا مما لا إشكال فيه وانما الكلام في كيفية الاستعمال و
انه هل وقع التصرف في هذه الموارد في المادة أو في الهيئة و
هذا وان لم يكن فيه فائدة مهمة الا انه لا بأس به والتعرض له في
الجملة فنقول:
قد قيل أو يقال إن التصرف فيها في المادة لا الهيئة بمعنى انها عارضة
عليها بعد تقييدها بالزمان الماضي فيقال ان المراد بالقاتل مثلا
إذا أطلق على من انقضى عنه المبدأ كما في الآية هو المتلبس الان
بالقتل الواقع أمس فلا يلزم مجاز في الهيئة.
لكن فيه ما لا يخفى من الركاكة كما أشرنا إليه آنفا.
ويمكن أن يقال إن إرادة المعنى من اللفظ شئ والحكم على هذا
شئ آخر فيمكن ان يراد من الزاني والقاتل مثلا معناهما الحقيقي و
هو الموصوف بهما ويحكم عليه بوجوب الحد أو القتل مع تقييد
ظرف الامتثال بحال انقضاء المبدأ لكن فيه انه مستلزم للتكليف بغير
المقدور وموجبا لإعادة المحذور ضرورة عدم إمكان هذا المعنى بعد
انقضاء المبدأ إذ المفروض قوامه بقيام المبدأ فكيف يعقل بقائه
بعد انقضائه.
168

والذي يقتضيه التحقيق ان يوجه إطلاق المشتق في المفروض بحيث
لا يستلزم المحذور المذكور بأنه مستعمل في المتلبس بالمبدأ حال
تلبسه به لكن الحكم لم يتعلق بالذات المطلق هو عليها بهذا العنوان
حتى يكون الموضوع حقيقة هو هذا العنوان فيعود المحذور بل علق
على الذات بشرط حصول الاتصاف بها بالعنوان المذكور مع عدم بقاء
الاتصاف، فيكون موضوع الحكم هو الذات لا العنوان وهي مقيدة
به ويكون النكتة في تعليق الحكم على العنوان المذكور في الظاهر مع أن
موضوعه هي الذات واقعا تعريف الذات التي هي موضوع لهذا
الحكم بهذا العنوان مع التنبيه على مدخلية هذا العنوان في ثبوت
الحكم المذكور ولو بنحو السببية في الوجود فان تعليق الحكم على
الوصف مشعر بسببية هذا الوصف وجودا لا محالة وانما الخلاف في أنه
يفيد السببية في جانب العدم بان يفيد انتفاء هذا الحكم بانتفاء
الوصف أولا وإيراد ما هو شرط للحكم واقعا بصورة موضوع الحكم و
عنوانه شايع كشويع عكسه وهو إيراد ما هو موضوع وعنوان
للحكم واقعا بصورة الشرط وهذا هو الشرط الذي يقال إنه لتحقق
الموضوع فيحكمون بعدم المفهوم له لذلك فعلى هذا فيصير معنى
قوله الزانية والزاني فاجلدوا إلخ والله أعلم ان زنت امرأة أو ان زنى
رجل فاجلدوهما ولا ريب ان هذين الموضوعين أعني الرجل و
المرأة باقيان بعد انقضاء المبدأ عنهما هذا.
لكن لا يخفى ان هذا التوجيه كسابقيه انما يوجب إطلاق المشتق على
الحقيقة وعدم خلاف الظاهر في الهيئة لكن لا بد من التزام خلاف
الظاهر بوجه آخر فان ظاهر تعليق الحكم على شئ كون ذلك الشئ
هو الموضوع لهذا الحكم على ما هو عليه من الاطلاق والتقييد
فإرادة تعليقه على غيره واقعا كما
169

في التوجيه الأخير أو تقييده واقعا مع أنه مطلق في الظاهر كما في
الأول أو تقييد الحكم في الواقع مع أنه مطلق في الظاهر كلها خلاف
الظاهر فلذا نفينا الفائدة من التعرض له.
ثم إنه ربما يتصرف في الموارد المذكورة في الهيئة كما في مجاز
المشارفة فيقال زيد غريق مع أنه بعد لم يغرق فيستعمل اللفظ ويراد
به غير المتلبس لاشرافه على التلبس وكما في صورة استعماله فيمن
لم يتلبس بعد بالمبدأ بعلاقة الأول مع التلبس والفرق بينهما ان
العلاقة في الثاني انما هو بحسب قرب الزمان وفي الأول بملاحظة
الذات نفسها بمعنى أن يلاحظ الذات اثنتين باعتبار حالتين فيستعمل
اللفظ في إحداهما لمشابهتها بالأخرى كما في قوله تعالى إني أراني
أعصر خمرا كما إذا استعمل في غير المتلبس بعلاقة ما كان و
العلاقة فيه أيضا انما هو بملاحظة الذات على نحو ما عرفت هذا كله
إذا لم يكن على وجه الادعاء والتنزيل والا فلا يكون مجازا في الكلمة
كما لا يخفى.
والظاهر أن أكثر الاستعمالات العرفية الغير المنطبقة على المشتقات
من حيث أوضاعها النوعية في الظاهر اما لانقضاء المبدأ عما أطلقت
عليه وعدم تلبسه بعد بالنسبة إلى حال النسبة عليه اما على وجه
حمل المشتق معرفا لهذه الذات المجردة عن المبدأ باعتبار ثبوته لها
من
قبل أو بعد ذلك مع تيقن ثبوته لها مع إطلاقه على الذات المتلبسة
حال النسبة وحمله لا لاتحادها مع هذه الذات معرفا لتلك وهذا على
قسمين بحسب الموارد:
أحدهما ان يراد به تعريف الذات من حيث هي من غير اعتبار كونها
محكوما عليها بحكم كما مر أمثلته في التنبيه السابق كقولك هذا
ضارب زيدا وهو قاتل عمرو.
170

وثانيهما ان يراد به تعريف الذات باعتبار كونها محكوما عليها بحكم
كما تقول جاءني ضارب زيد مريدا به المتلبس بالضرب قبل
المتحد لهذا الجائي من حيث الذات فتجعله بذلك الاعتبار معرفا
لهذه الذات المحكوم عليها بالمجئ أو تقول اضرب قاتل عمرو
قاصدا
ضرب الذات الموجودة الان المنقضى عنها الضرب لكن أطلقت
الحكم على هذا العنوان في الظاهر مريدا المتلبس به حال تلبسه به
لنكتة
التعريف أي تعريف الذات المحكوم عليها ان بالضرب أو لنكتة
الاشعار بمدخلية هذا العنوان لوجوب الضرب أيضا إذا كان سبب
أمرك
بضربه كونه قاتلا لعمرو وكما وجهنا الآية المتقدمة به كما عرفت و
مثل ذلك يجري في المنادي أيضا سيما في موارد التندب كقوله
يا معطي الفقراء مريدا به حقيقة هذا الشخص المنقضي عنه الاعطاء
حال النداء وانما ناديته بهذا العنوان تبينها على أنه هو الذي كان
يعطي الفقراء والآن صار فقيرا مثلا مع إرادة الذات المتلبس بالاعطاء
في ذلك الزمان من هذا الوصف وجعله بهذا الاعتبار معرفا لمن
تدعوه لاتحاده مع تلك الذات المتلبس بما ذكر في ذلك الزمان اما
على التنزيل والادعاء واما على تصرف في المادة كما في موارد
استعمالها في ملكات مباديها كالكاتب والفقيه والشاعر وأمثالها مما
يراد بها التلبس بملكة المبدأ لا بنفسه أو فيمن أخذ مباديها حرفة
وصنعة كالبناء والنساج والكاتب وأمثالها إذا أطلقت على هذا الوجه
وكذا في استعمال البقال والتمار وأمثالهما من المشتقات
المأخوذة من أسماء الذوات في مزاولة بيع البقل والتمر إلى غير ذلك
مما يعرف وجوه التصرف فيها حسب موارد استعمالاتها فان
أسماء الآلة إذا أطلقت ولم يرد بها المتلبس بالالية حال النسبة
كالمقراض لغير المتلبس ب آلية القرض حال النسبة فلا بد ان يكون
التصرف فيها بنحو آخر
171

كأن يقال إنها مستعملة فيما له شأنية الالية مع إعداده لذلك أو بدونه.
وقد جعل بعض المتأخرين للمدار في صدق أسماء الآلة حقيقة على
شأنية الالية مع الاعداد لها بمعنى انه جعل معناها المتلبس بشأنية
كونه
آلة لإيجاد المبدأ مع كونه معدا للالية فيعتبر في صدقها حقيقة على ما
أطلقت عليه من تحقق هذين الشأنية والاعداد فيه حال النسبة وعلى
هذا فإطلاقها على هذا الوجه ليس من وجوه التصرف فيها وانما يكون
من ذلك بناء على ما اخترنا من أن المعتبر فيها التلبس بالالية
فعلا.
لكن هذا القول ليس بجيد كما لا يخفى إذا ليس المتبادر من نفس تلك
الهيئات عرفا مع قطع النظر عن خصوص بعض الموارد الا
المتلبس ب آلية إيجاد المبدأ حال النسبة، فيكشف ذلك ان المعتبر في
وضعها لغة ذلك فحينئذ لو كان مفاد تلك الهيئات في بعض الموارد
غير منطبق على ذلك، فهو أما لأجل قرينة متحققة في خصوص
الموارد وأما لأجل حدوث نقل ووضع طار بسبب غلبة استعمال
العرف
لها في الموارد الخاص في المعنى المخالف لما ذكرنا كما هو ليس
ببعيد فيها بالنسبة إلى حالة الوزن والثقل والثقب والنشر كالميزان
والمثقال والمثقب والمنشار فان المتبادر منها عرفا هو ما يصلح لالية
إيجاد هذه المبادئ مع كونه معدا لذلك وان لم يتلبس بالالية
فعلا والكاشف عن كون هذا التبادر من نفس اللفظ عدم صحة سلب
تلك الألفاظ عما له شأنية الالية مع إعداده لها وان لم يكن متلبسا
بها حال النسبة وصحة سلبها عما له شأنية ذلك مع عدم إعداده له بل
الظاهر منها كما يظهر للمتأمل هي الذوات المعدة لما ذكر من
دون التفات إلى عنوان كونها آلات فان المتبادر منها ما يعبر عنه
بالفارسية (بترازو ومته وأره) فمن على هذا كالأسماء الجوامد
الموضوعة للذوات فيخرج عن كونها أوصافا بالمرة فان الدال حينئذ
هو أمر واحد و
172

المركب من الهيئة والمادة المخصوصة فيكون وضعها حينئذ شخصيا
ولعل منشأ تخيل البعض ملاحظة بعض الأمثلة الخاصة المقرونة
بالقرائن المفيدة لما زعم أو المنقولة إليه.
وكيف كان فقد عرفت وجه التصرف في أسماء الآلة بناء على مذهب
المختار فيها.
ويقرب منه وجه التصرف في أسماء المكان فإنه أيضا إطلاقها على
غير المتلبس بظرفية المبدأ حال النسبة باعتبار صلاحية الظرفية
لذلك.
وكيف ما كان فان شئت توضيح الكلام فيما ذكرنا فنقول:
لا ريب ان مبادئ المشتقات مختلفة فقد يكون المبدأ فيها وصفا
كالأبيض والأسود ونحوهما وقد يكون قولا كالمتكلم والمخبر وقد
يكون فعلا صدوريا متعديا إلى الغير كالضارب والناصر والقاتل و
نحوها وقد يكون ثبوتيا غير متعد إلى الغير كالقائم والقاعد و
المضطجع والمستلقي ونحوها ويعبر عن الجميع بالحال وقد يكون
ملكة كالعادل والمجتهد ونحوها إذا أريد التلبس بملكة الاقتدار
على مباديها وقد يكون حرفة وصنعة على أنحاء خاصة كالبناء و
الكاتب والنساج ونحوها من المشتقات المأخوذة من المصادر من
أسماء الفاعلين وصيغ المبالغة إذا أريد بالأولى التلبس بمبادئها
بعنوان أخذها حرفة والثانية التلبس بمبادئها بعنوان كثرة أخذها
حرفة لا مجرد التلبس بأخذها حرفة لا بشرط وإلا فيلزم التصرف في
الهيئة المفيدة لكثرة التلبس لكونها حينئذ لمجرد الوصف كما هو
الغالب في استعمال أسماء الحرف التي على هذا الوزن عرفا سوأ
كانت مأخوذة من المصادر كالنساج والبناء حيث إن الغالب
استعمالها فيمن تلبس بأخذ مباديها حرفة من دون اعتبار الكثرة أو من
أسماء الذوات كالبقال والعطار والتراب والزبال حيث إن
الغالب عرفا في استعمالها أيضا
173

إرادة التلبس بأخذ بيع تلك الذوات أو نقلها حرفة بل الظاهر هجر تلك
الهيئة أعني زنة فعال عرفا عن معناها الأصلي ونقلها إلى مجرد
المعنى الوصفي المجرد عن الكثرة فيما إذا أريد بالمبدأ الحرفة مصدرا
كان أو اسم ذات كما لا يبعد دعوى طريان الوضع عليها عرفا
بواسطة غلبة الاستعمال للمتلبس بأخذ المبدأ حرفة فيما إذا كان
المبدأ من أسماء الذوات بحيث يكون استعمالها حينئذ في التلبس
على
وجه الحال، بأن يراد التلبس ببيع هذه الذوات مجازا محتاجا في
الانفهام إلى القرينة الصارفة ولا يبعد دعوى كون ذلك أيضا في بعض
أمثلتها المأخوذة من المصادر كالنساج والبناء والخراط والغسال.
وكيف كان فكلامنا الان مع الغض عن ذلك كله فتأمل، أو من أسماء
الذوات للابن والتامر ونحوهما من أسماء الفاعلين المأخوذة منها
وكالبقال والعطار ونحوهما مما مر من صيغ المبالغة المأخوذة منها إذا
أريد بها كلها التلبس بأخذ بيع تلك الأعيان حرفة.
وقد عرفت ما في الثانية، وأما الأولى أعني أسماء الفاعلين المأخوذة
من أسماء الذوات فلا تصرف من العرف في هيئتها أصلا والغالب
استعمالها في التلبس بأخذ بيع تلك الأعيان حرفة.
وقد عرفت ما في الثانية، وأما الأولى أعني أسماء الفاعلين المأخوذة
من أسماء الذوات فلا تصرف من العرف في هيئتها أصلا والغالب
استعمالها في التلبس الحالي أعني إرادة مجرد التلبس ببيع تلك
الأعيان وهذا هو الظاهر المتبادر منها عرفا، فيكون أخذ مباديها
حرفة خلاف الظاهر المحتاج إلى القرينة الصارفة عما ذكر لكنه لا
يوجب التصرف في الهيئة فإنها لمجرد التلبس بالمبدأ بمعناه و لو
مجازيا وهذا باق على جميع التقادير.
وقد يجتمع في المبدأ الواحد الوجوه الثلاثة أعني الحال والملكة و
الحرفة بمعنى انه يصلح لإرادة التلبس بكل واحد من تلك الوجوه كما
في الكاتب والقاري والمدرس وأمثالها أو الاثنان منها كما في الفقيه و
العالم والمجتهد ونحوها لصلاحيتها لإرادة التلبس الحالي و
التلبس بملكة الاقتدار على مباديها
174

ومن المعلوم عدم التصرف في الهيئة من جهة أحد الوجوه الثلاثة في
جميع الصور اما في صورة إرادة التلبس الحالي فواضح إذا كان
المبدأ من المصادر وأما إذا كان المبدأ من أسماء الذوات فالتصرف
انما وقع في المبدأ من حيث إخراجه عن معناه الأصلي وهو الذات
إلى غيره وهو الفعل المتعلق بالذات المناسب لتعلقه بها كالبيع بل
يمكن عدم التزام التصرف في المادة أيضا بتقريب ما يقال في مثل
قوله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم فان الام فيها في معناه الأصلي و
كذا الحرمة الا انه تجوز في أمر عقلي وهو نسبة الحرمة إلى الام
التي هي من الذوات فلا مجاز في الكلمة أصلا واما تفهيم المقصود
الواقعي وهو حرمة وطي الأمهات فالتعويل فيها على القرينة العقلية
الدالة على امتناع إرادة حرمة الذوات نفسها بضميمة ظهور الوطء من
بين الافعال المتعلقة بها ويكون الأولى صارفة والثانية معينة
فأريد من كل واحد من الطرفين معناه الأصلي وأريد الدلالة على
المقصود بالقرينة فعلي هذا يقال فيما نحن فيه أيضا ان الهيئة لإفادة
التلبس بمعروضها وأريد بها هذا المعني والمبدأ للذات وأريد به هذه
لكن التعويل في تفهيم المقصود وهو التلبس بالفعل المتعلق
بالذات على العقل حيث إنه لا يصح الاتصاف بنفس الذات بمعنى انه
مستحيل عقلا فيكشف ذلك عن التجوز في النسبة الضمنية بين الهيئة
والمادة وان المراد غير إرادة التلبس بنفس الذات، فيكون هذا
بضميمة ظهور البيع لكونه متعلقا لمفاد الهيئة بالنسبة إلى ساير الافعال
والا على المراد فلا مجاز لغة في شئ من المادة والهيئة أصلا بل هو
عقلي فحسب كما في الآية الا ان الفرق بينهما ان التجوز ثمة انما
وقع في النسبة التامة بين الموضوع والمحمول وهنا وقع في النسبة
الناقصة الضمنية الحاصلة بين الهيئة والمادة هذا كله إذا أريد
بالمشتق
175

المتلبس الحالي واما إذا أريد به التلبس بالمبدأ باعتبار الملكة أو
الحرفة ولا يلزم أيضا في الهيئة تصرف أصلا وإن كان فهو في المادة
فإنه ان أريد بها الملكة فالهيئة لإفادة التلبس بها أو الحرفة فكذلك فلم
تخرج عما يقتضيه وضعها الأصلي.
ثم إن المبدأ إذا أريد به الحال فقد عرفت انه لا مجازية حينئذ فيه
مطلقا من حيث اللغة وإن كان يلزم التجوز العقلي في بعض الموارد و
هو ما إذا كان من أسماء الذوات وأما إذا كان للملكة أو الحرفة فلا
إشكال في مجازيته لغة بالنظر إلى معناه الأصلي لكنه قد يدعي
طريان الوضع من العرف عليه بواسطة غلبة الاستعمالات بالنسبة إلى
الحرفة أيضا مع بقاء معناه الأصلي فيكون في العرف مشتركا
لفظيا بينهما بل قد يدعي هجره عن المعنى الأصلي إلى خصوص
الحرفة في أسماء الحرف التي على وزن فعال كنساج وتمار وبقال و
غيرها.
والحق عدم عروض الوضع الجديد له مطلقا فيما إذا كان المبدأ في
ضمن غير فعال من هيئات المشتق نعم لا يبعد في الأمثلة دعوى
إجماله حينئذ عرفا لغلبة استعماله في غير الحال الموجبة للتوقف و
الاجمال فيكون مجازا مشهورا وأما إذا كان في ضمن هيئة فعال
فالظاهر هجره عرفا عن المعنى الأصلي إلى الحرفة بحيث يظهر منه
هذه عند الاطلاق ويحتاج انفهام معناه الأصلي وهو الحال إلى
القرينة الصارفة عن ذلك مطلقا بالنسبة إلى المصادر وأسماء الذوات
لكن لا مطلقا بل فيما يطلق على الحرفة غالبا كالنساج والبناء و
البقال والعطار لا مثل القتال والاكال والسيار ونحوها لعدم غلبة
استعمالها فيما ذكر بل الغالب إرادة المعنى الحالي ومن المعلوم
أيضا عدم تصرف في هيئة فعال الموضوعة للمبالغة في تلك الأمثلة و
كما في الصيغ المبالغة المأخوذة من أسماء الذوات مطلقا فان
الغالب إرادة الحرفة منها مع ما عرفت بالنسبة إلى الهيئة فيها أيضا، و
الدليل على ذلك التبادر من تلك الموارد عند الاطلاق وصحة سلب
تلك
176

الصيغ حينئذ عمن تلبس بالمبدأ بالمعنى الحالي فإنه يصح ان يقال
لمن تلبس بفعل النسج مثلا أو بيع التمر من دون أخذهما حرفة انه
ليس بنساج أو تمار ولا يصح ان يقال إنه ليس بناسج وتامر.
واما عدم ثبوت طريان الوضع عرفا لغير ما ذكر بالنسبة إلى غير الحال
من الملكة والحرفة فلانه لو ثبت فهو اما بطريق الهجر والنقل
واما بطريق الاشتراك اللفظي كما قيل والأول مفقود في المقام فإنه
لازمه تبادر غير الحال بحيث يتوقف انفهام الحال إلى القرينة و
ليس كذلك في المقام فإنه اما مجمل بالنسبة إلى الحال وغيره كما هو
كذلك في كثير من الأمثلة واما ظاهر في الحال كما في بعض
أمثلة الأخرى فانتفاء اللازم يكشف عن انتفاء الملزوم والتالي باطل
في نفسه لما حققنا في محل في مسألة المجاز المشهور انه يمكن
الاشتراك بواسطة غلبة الاستعمال فان اللفظ ما لم يهجر عن معناه
الأصلي بغلبة الاستعمال لا يعقل اختصاصه بالمعنى الثاني أيضا
فراجع.
هذا مضافا إلى تبادر الحال في بعض الأمثلة نعم لا يبعد دعوى النقل
في مثل العادل والمجتهد في عرف المتشرعة إلى الملكة لكن الكلام
في ثبوته بالنظر إلى العرف العام.
احتج مدعى الاشتراك
بأنه إذا قيل رأيت كاتبا ولقيت قارئا يتوقف العرف في المراد وينظرون
القرنية لتعيين المراد من الحال والحرفة فيكشف ذلك عن
اشتراك المبدأ فيهما وفي أمثالهما عرفا بين الحال و الحرفة.
وفيه مضافا إلى ما عرفت ان التوقف والاجمال لا يصح لان يكون
علامة الاشتراك لكونه أعم منه لوجوده في المجاز المشهور أيضا و
العلامة لا بد أن تكون مساوية للمدلول والأخص فلذا لم يعده أحد
من علائم الاشتراك نعم لو استدل بتبادر كل من المعينين من اللفظ
تصورهما من نفس اللفظ عند الاطلاق مع التوقف في أن أيهما المراد
حيث إنه يجوز إرادة أكثر من معنى لاتجه الاستدلال
177

لكن الواقع ليس كذلك هذا.
ثم إن الظاهر أنه لم يقع الخلاف من أحد في مجازية المبدأ الصالح
لإرادة الملكة فيها في العرف أيضا وانما اختلفوا في ثبوت الوضع
بالنسبة إلى الحرفة فيما يصلح لارادتها وعدمه اشتراكا أو نقلا فيكون
إطلاق المبدأ على الملكة في نحو الكاتب والقاري مجازا قطعا
إذا أريدت الملكة من نفس اللفظ لعدم ثبوت الوضع لها بوجه مضافا
إلى تبادر الغير، لكن الظاهر بناء الاطلاق في صورة حصول الملكة
دون الحال على تنزيل من له ملكة التلبس بالمبدأ منزل المتلبس به
فعلا وإرادة الحال من المبدأ بهذا الاعتبار فيلزم التجوز بحسب
العقل دون اللغة.
وكيف كان فالنسبة بين الحال وبين كل من الملكة والحرفة كالنسبة
بين الأخيرتين هي العموم من وجه والامر واضح بالنسبة إلى
الحال وغيرها واما الأخيرتان فمحل الافتراق فيهما من جانب الملكة
الاجتهاد والعدالة ومن جانب الحرفة ما لا يحتاج في حصوله إلى
تحصيل ملكه مثل التمر والخبز ونحوهما ومورد الاجماع فيهما
الحرفة التي يحتاج تحصيلها إلى صرف العمر في مدة طويلة لتحصيل
قوة يقدر بها على الفعل كالخياطة والحياكة والصياغة ونحوها.
ثم إن مورد الخلاف في المسألة يعم جميع الأقسام كما أشرنا إليه في
تحرير النزاع كما صرح به غير واحد منهم لاطلاق العنوانات و
عموم الأدلة وتمثيلهم بالألفاظ الموضوعة بإزاء الملكات والحرف
كما عرفت سابقا وبيان الثمرة على حسب اختلاف المبادي كما
ستعرف فما ذكره بعض الاعلام من اختصاص النزاع بما يكون المبدأ
فيه حالا استنادا إلى حصرهم الخلاف فيما تلبس بالمبدأ وانقضى
عنه ذلك نظرا إلى عدم تحقق الزوال الا في الحال لعدم
178

زوال الملكة والحرفة، ليس بجيد ويرد مستنده بأنه لا ريب في إمكان
زوال كل من الملكة والحرفة بعد حصولهما إذ الأولى قد تزول
بالنسيان الحاصل من ترك الاشتغال بالفعل في مدة طويلة كما تزول
الثانية أيضا بالاعراض وترك الاشتغال مع عدم قصد العود و
الاشتغال بما يضادها من الحرف والصنائع بل بدونه أيضا مع قصد
الاعراض وترك الاشتغال فان زوال كل شئ بحسبه فالنزاع يعم
الجميع الا ان التلبس بالمبدأ يختلف باختلاف المبادي ولا كلام لنا
باعتبار ذلك فافهم واغتنم.
الثالثة الذوات الخارجية أعني الجزئيات الحقيقة التي تكون موضوعة
للمبادئ في الخارج غير داخلة في مفهوم المشتق بلا خلاف أجده و
لا بد من خروجها والا لزم ان يكون المشتقات موضوعة
للخصوصيات على سبيل عموم الوضع وخصوص الموضوع له ولا
قائل به، بل
الظاهر اتفاقهم على كون المفهوم فيها كليا ولذا وقعت موضوعات
للقضايا المعتبرة في المحاورات الدالة على ثبوت المحمولات لكل
فرد من افراد الموضوع ولولاه للزم استعمالها في أكثر في معنى واحد
حيث يراد بها جميع الخصوصيات وهذا باطل وأيضا لو ثبت
ذلك لزم حمل الذات على الذات وتوصيفها بها في قولك زيد ضارب
وزيد العالم ولا ريب في فساده وحمل المشتق في المثالين على
المجرد عن الذات بقرينة الحمل والتوصيف مستلزم للتجوز في
الاستعمالات الغير المتناهية الشائعة في المحاورات ولا يلتزم به أحد
جدا هذا مضافا إلى كفاية الأدلة الآتية في مورد الخلاف عن التكلم
هنا.
وكيف كان فكما لا ينبغي الريب في عدم أخذ الذوات الخارجية في
مفاهيم المشتقات كذلك لا ينبغي في عدم دلالتها على شئ من
خصوصيات الذوات مثل كون المعروض جسما في نحو الأبيض و
الأسود وإنسانا في نحو
179

الضاحك والكاتب وهكذا لعدم حصول الانتقال إلى نحو ذلك من
خصوص الألفاظ المشتقة قطعا وإلا لزم ان لا يصح قولك الجسم
الأسود والأبيض لكونه حينئذ من باب توصيف الأعم بالأخص
كقولك الحيوان الانسان ولا ريب في بطلان التالي ضرورة صحة
التوصيف في المثال ونحوه مع أن المعتبر في المفهوم إن كان هو
العنوان الخاص من حيث وجوده في الخارج فيلزم حمل الذات على
الذات وتوصيفها بها على حسب ما مر بيانه في رد دخول الجزئيات
الحقيقية في مفهوم المشتق وان اعتبر لا بشرط فلا يصح لان
المبادي غير جارية على تلك العنوانات في الذهن بل هو من عوارض
الماهيات الخارجية فكيف يعتبر في المشتق تلبسها بالمبدأ إذ على
هذا يصير قولك الأسود معناه مفهوم الجسم المتصور في الذهن
المتلبس بالسواد وهذا مما يضحك به الثكلى ضرورة عدم إمكان
عروض المبدأ الذي هو السواد بالمفهوم الذهني وانما هو عارض
لجزئيات الحقيقة المتحققة في الخارج وهكذا في ساير أمثلة
المشتقات.
وكيف كان فهذا بديهي لا حاجة فيه إلى تجسم الاستدلال فلنأخذ
بالكلام فيما هو محل للخلاف في المقام.
فنقول انهم بعد اتفاقهم ظاهرا على خروج الذوات الخارجية عن
مفهوم المشتقات كما عرفت اختلفوا في اعتبار الذات المبهمة
المفسرة
بالشئ في بعض العبارات في مفهوم المشتقات على أقوال:
أحدها: الدخول مطلق وهو المحكي عن العلامة قده في التهذيب و
ابن الحاجب في المختصر والعضدي في شرحيه.
ثانيها: الخروج مطلقا وهو المحكي عن جماعة من المحققين وعن
المحقق السيد الشريف والعلامة الدواني واختاره بعض المحققين من
المتأخرين أيضا في تعليقاته على المعالم.
180

ثالثها: التفصيل بين الأسماء الآلات وغيرها فقيل بالأول في الأولى و
بالثاني في الثانية وخير الثلاثة أوسطها وفاقا لشيخنا الأستاذ و
لسيدنا الأستاذ دام ظلهما أيضا.
لنا على ذلك وجوه:
أولها:
التبادر
فان المتبادر من نفس الألفاظ المشتقة هي العنوانات العرضية الجارية
على الذوات على أنحاء الجريان بحسب اختلاف المشتقات لا ذات
ما مع تلك العنوانات فانا لا نفهم من الضارب والقاتل والراكب و
الكاتب مثلا الا ما يعبر عنه بالفارسية (بزننده وكشنده وسواره و
نويسنده) كما مر ولا ريب ان هذه المعاني مفاهيم عرفية تجري على
الذوات على سبيل الحمل والتوصيف لكونها من وجوه الذوات
الصادقة عليها ومن مزاياها الحاكية عنها فان لكل شئ عنوانات و
وجوها صادقة عليه يعبر عنه بكل واحد من تلك الوجوه لاتحاده معه
في الوجود كما يعبر عن زيد تارة بكاتب وأخرى بقارئ وثالثة بضارب
ورابعة بعالم وخامسته بأنه ابن فلان أو أبوه أو صاحبه أو
عدوه وسادسة بإنسان أو حيوان أو ضاحك إلى غير ذلك من الوجوه
الصادقة عليه من الوجوه العرضية كما هو مفاد المشتقات ومفاد
بعض الجوامد كالابن والأب والزوج والزوجة وأمثالها أو الذاتية كما
هو مفاد الغالب منها كما في الحيوان والانسان والحجر و
الشجر والماء والتراب وغير ذلك مما لا يكون الموضوع له فيها هو
نفس الذات بما هي بحيث لا يختلف باختلاف بعض الوجوه
الصادقة عليها المتحققة لها في حال وتبدلها إلى وجه آخر بل باعتبار
وجه خاص من تلك الوجوه بمعنى ان الموضوع له في هذا القسم
أيضا هو نفس الوجه الخاص الصادق على الذات لا هي معه أو بشرطه
فتكون الحال فيها من هذه الجهة هو ما اخترنا في المشتقات من
خروج نفس الذوات عن حقيقة اللفظ وانما الموضوع له
181

اللفظ هو الوجه لا غير الا ان الوجه المعتبر في المشتقات من الأمور
العرضية نظير بعض الجوامد كما مر في هذه من الأمور الذاتية فإنها
هي الصور النوعية التي يختلف الشئ باختلافها فيتبعه الاختلاف في
صدق الاسم ولذا لا يصدق الكلب مثلا على المستحيل منه ملحا و
ترابا وكذا في أمثالها.
وبالجملة فالحال في الجوامد بكلا قسميه إذا لم يكن من الاعلام
الشخصية هو ما حققنا في المشتق من جهة كون الموضوع له هو
الوجه.
وأما الاعلام فالظاهر أن الغالب اعتبار عنوان خاص فيها أيضا ووضع
الاسم لذلك العنوان المتحد مع ذات الشخص.
نعم يمكن أن يضع أحد لفظ زيد مثلا لذات ابنه الذي سيولد من غير
ملاحظة عنوان شطرا أو شرطا أو وضع اللفظ لنفس هذا العنوان
فيدل اللفظ حينئذ على الذات أصالة كما انها دال عليها في المشتقات
وأمثالها من الجوامد مما يكون الموضوع فيها هو نفس الوجه تبعا
من باب الالتزام نظرا إلى عدم إمكان انفكاك تلك الوجوه عن ذات ما
واتحادها معها كما عرفت.
وكيف كان فلما كانت الذات معروضة لتلك الوجوه العرضية
المستفادة من المشتقات ككونها معروضة لغير تلك الوجوه في غير
المشتقات والارتباط التام حاصل بين العارض والمعروض فيحصل
الانتقال إلى ذات ما من الانتقال إلى المفهوم العرضي على سبيل
الالتزام كما في غيره من لوازم المعاني وهذا هو المنشأ لتوهم الدخول
وتعبير بعضهم عن معنى اسم الفاعل بمن قام به المبدأ وعن اسم
المفعول بمن وقع عليه انما هو لتسهيل البيان وتفهيم المعنى وتعريفه
على الوجه الأوضح لضيق مجال البيان بالنسبة إلى نفس المعنى لا
انه تفسير لمعنى اللفظ ويكفي في مقام التعريف انطباق المعرف
بالكسر على المعرف وصدقه عليه وان كانا متغايرين في الحقيقة
فان الصدق يحصل بمجرد اتحاد كلا الامرين
182

في الوجود وان كانا في الواقع موجودين بوجود واحد فلذا يجوز
تعريف الضاحك بأنه الانسان أو حيوان الناطق مثلا ويجوز العكس
أيضا فيقال الانسان هو الضاحك، فنقول فيما نحن فيه انه لما كان
تحقق الوجوه المذكورة مستلزما لتحقق الذات معها لكونها من
عوارضها والمفروض انهما موجودان بوجود واحد فكلما صدقت
هي صدقت الذات فيصح تعريف المصداق الخارج بكل منهما لكونه
متحدا مع كل أحد منهما فعلى هذا فلا يكشف تعريف شئ بأمر عن
اعتبار جميع ما ينحل إليه هذا الامر في المعرف بل هو أعم.
هذا مع أن انحلال معنى إلى أجزأ بالدقائق الحكمية لا يوجب اعتبار
تركيب المعنى المذكور من تلك الأجزاء عند الواضع ليكون كل جز
جز من الموضوع له من حيث إنه الموضوع له بل ربما يضع الواضع
لفظ لمعنى لا يدري حقيقته ما ذا وانما يلاحظ هذا المعنى بوجه من
وجوهه لكونه معنى اللفظ الفلاني في اللغة الفلانية كان يضع لفظ
الذئب مثلا لما يعبر عنه بالفارسية (بگرك) مع ملاحظته بهذه الوجه
أي ما يعبر عنه (بگرك) بل الغالب في الأوضاع البشرية ذلك فإنهم
كثيرا ما يضعون لفظا لمعنى لا يعرفون حقيقته وانما يعرفها
الحكيم والعرف أيضا لا يفهمون تلك المعاني إلا على وجه لاحظه
الواضع.
وكيف كان فالمدار في بساطة معنى اللفظ وتركيبه على ملاحظة
الواضع لا على انحلال المعنى في نظر العقل فلذا لم يقل أحد بكون
دلالة الانسان على الحيوان أو على الناطق تضمنيا مع أن معناه في نظر
العقل ينحل إليهما.
وعلى فرض تسليم ان المدار فيما ذكر على التركيب للبساطة في نظر
العقل مع أنه لم يقل به أحد فلا رد علينا في المقام بشي لما قد
عرفت من خروج الذات عن حقيقة معاني تلك الألفاظ وانما هي
معروضة لما لا ينفك عنها.
183

الثاني: ان الذات لو دخلت في مفهوم المشتقات فالدال عليها أما
المادة أو الهيئة أو هما معا
والكل باطل.
أما الأول: فلان المادة لو دلت عليها بالوضع للزم أن تكون داخلة في
مفهوم المصادر أيضا لان معاني الموارد في ضمن المشتقات عين
معاني المصادر بالاتفاق كيف وقد ذهب جماعة إلى أن المواد في
ضمنها غير موضوعة بوضع على حدة؟ بل وضعها وضع المصادر ولا
يعقل معه المغايرة في المفهوم باعتبار اختلاف الهيئة واللازم باطل
بالاتفاق على عدم دخول الذات في مفهوم المصادر بأنها لو دلت
عليها لدلت على النسبة أيضا فلم يكن فرق بينها وبين المشتقات.
وأما الثاني: فللاتفاق على أن الهيئة في المشتقات لا تفيد أريد من
الربط بين الحدث والذات.
مضافا إلى قضاء التتبع في سائر الهيئات الموضوعة بعدم وضع هيئة
بإزاء معنى مستقل وقد صرحوا بان معان الهيئات معاني حرفية
فتأمل.
وأما الثالث: فلان مدلول المشتقات مورخ عن الهيئة والمادة فمدلول
المادة هو الحدث ومدلول الهيئة الربط والنسبة والتفكيك بهذا
النحو ثابت بضرورة اللغة سوأ قلنا بان وضع المواد في ضمن
المشتقات وضع المصادر أو انها موضوعة بوضع اخر.
الثالث: ان مفهوم المشتق على هذا التقدير أما الذات المبهمة من
حيث اتصافها بالمبدأ
بان يكون التقييد بالاتصاف داخلا والقيد خارجا أو مجموع ذات ما و
المبدأ والنسبة فيكون مركبا من الأمور الثلاثة وكلاهما باطل.
اما الأول: فلاستلزام خروج المبدأ عن مفهوم المشتق وهو باطل
بالضرورة والاتفاق.
واما الثاني: فلان قضيته في مقام الحمل في نحو قولك زيد ضارب ان
184

يلاحظه إطلاق كل جز من الاجزاء الثلاثة على أمر من الأمور
الخارجية فيطلق ذات ما في المثال على خصوص زيد والمبدأ الكلي
على
المبدأ الخاص اللاحق به والنسبة الكلية على الربط الحاصل بين
المبدأ والذات لان قضية الحمل اتحاد المحمول مع الموضوع في
الوجود
الخارجي ومن البين ان هذا المفهوم المركب غير متحد مع ذات زيد
التي هي موضوع القضية بل كل جز منه متحد مع شئ في الخارج
على حسبما ذكر.
لا يقال إن هذا اللازم على القول بعدم الدخول أيضا بالنسبة إلى المبدأ
والربط فان المفهوم حينئذ أمر بسيط منتزع من الأمر الخارجي
بملاحظة اتصافه بالمبدأ واتحاده مع الموضوع بالاعتبار لعدم وجود
متأصل لهذا المعنى العرضي في الخارج على حسب الذاتيات حتى
يعتبر اتحاده على سبيل الحقيقة ولا يندفع بذلك ما يلزم من المحذور
على فرض تركيب المفهوم لأنه لازم للاطلاق الدال على الاتحاد
في الجملة ومع فرض بساطة المفهوم لا يكون الا باعتبار واحد
بخلاف صورة التركيب فان الاطلاق حينئذ بالاعتبارات الثلاثة.
الرابع:
استفدنا عن السيد الشريف في حاشيته على شرح المطالع على قول
الشارح في شرح كلام المصنف في تعريف النظر (بأنه ترتيب أمور
حاصلة في الذهن يتوسل بها إلى تحصيل غير الحاصل.
قال الشارح: وانما قال أمور لان الترتيب لا يتصور في أمر واحد و
المراد بها ما فوق الواحد ثم قال: والاشكال الذي استصعبه قوم بأنه
لا يتناول التعريف بالفصل وحده ولا بالخاصة وحدها مع أنه التعريف
بأحدهما على رأي المتأخرين حتى عبر والتعريف إلى تحصيل
أمر أو ترتيب أمور فليس من تلك الصعوبة في شئ.
اما أولا: فلان التعريف بالمفردات انما يكون بالمشتقات كالناطق و
الضاحك
185

والمشتق وإن كان في اللفظ مفردا الا ان معناه شئ له المشتق فيكون
من حيث المعنى مركبا فأورد السيد على هذا الجواب بان مفهوم
الشئ لا يعتبر في معنى الناطق والا لكان العرض العام داخلا في
الفصل ولو اعتبر في المشتق ما صدق عليه الشئ انقلب مادة
الامكان
الخاص ضرورية فان الشئ الذي له الضحك هو الانسان وثبوت
الشئ لنفسه ضروري انتهى.
وحاصل الوجه المستفاد من كلام السيد انه لو اعتبر الشئ والذات
في مفهوم المشتق فهو اما مفهوم أحدهما أو مصداقه الخارجي و
كلاهما باطل.
اما الأول: فلان من المشتقات الناطق ولازمه أخذ مفهوم أحد الامرين
في مفهوم الناطق ولا ريب ان مفهوم الشئ أو الذات من الاعراض
العامة فيلزم دخول العرض العام في الفصل وهو الناطق للاتفاق على
كونه فصلا للانسان واللازم باطل بالاتفاق وبديهة العقل إذ فصل
كل شئ هو المقوم لذلك الشئ ويستحيل كون الامر العرضي مقوما
لمحله.
وما يقال من أن المراد بالناطق الذي يعد ذاتيا هو النطق، ليس بشي
فان الذاتي تحمل على ما تحته من غير تأويل ولا يصح حمل النطق
كذلك.
وربما قيل بان المصطلح عند أهل الميزان في نحو الناطق ما تجرد عن
الذات وهذا هو الذي حكموا بكونه ذاتيا لما تحته.
وفيه ما لا يخفى ضرورة بقاء الناطق على المعنى الأصلي في ألسنتهم
وعدم ثبوت اصطلاح جديد فيه منهم بوجه وانما يقولون بكونه
فصلا بمعناه اللغوي.
واما الثاني: فلانه مستلزم لانقلاب كل قضيته ممكنة بالامكان الخاص
إلى الضرورة كما في قولك زيد ضارب أو كاتب أو ضاحك فان
الشئ والذات الذي له الضحك على هذا هو عين زيد ونفسه و
ثبوت الشئ لنفسه ضروري واللازم باطل بالاتفاق.
186

على أن ثبوت تلك المحمولات لتلك الموضوعات ممكن بالامكان
الخاص بمعنى ان شيئا من وجوده وعدمه ليس بضروري فتأمل.
الخامس:
ان الذات المبهمة لو كانت داخلة في مفهوم المشتقات للزم توصيف
الأعم بالأخص في نحو قولك ذات أسود أو شئ أبيض فيلزم ان لا
يصح لعدم صحة التوصيف على الوجه المذكور كما في قولك
الحيوان الانسان واللازم باطل لصحة التوصيف في نحو المثالين
بالاتفاق
بل الضرورة لا يقال إن توصيف الأعم بالأخص شايع في المحاورات
كما في قولك حيوان ناطق فكيف يقال بعدم جوازه لأنا نقول
الممنوع منه هو الأعم والأخص بحسب المفهوم لا المصداق كما في
قولك الحيوان الانسان حيث إن مفهوم الحيوان جز لمفهوم الانسان
بخلاف حيوان الناطق فان مفهوم الحيوان يباين مفهوم الناطق بمعنى
انه ليس أحدهما جز للاخر وانما يتصادقان في أمر واحد وهو
الانسان فلا نقض.
السادس:
انه لو كانت الذات داخلة في مفهوم المشتق لزم تكرار الذات في حمل
المشتق في قولك زيد ضارب مثلا ولازمه حمل الذات على الذات
مع أن
القائم بزيد ليس الا الوصف لاستحالة قيام الذات به كما هو واضح
أو تجريد المشتق عن الذات فيكون مجازا وهو ضروري البطلان
وهذا بخلاف ما لو قلنا بخروج الذات وعدم اعتبارها شطرا حتى
تكون دلالة اللفظ عليها بالتضمن أو شرطا فيدل عليها بالالتزام
البين وهذا واضح. هذه جملة وجوه القول المختار ملتقي بعضها من
الاعلام الأخيار لكن المعتمد على الأول وكفى به حجة ودليلا و
ينبغي الاعتماد على الثالث أيضا وبعده على الخامس أيضا ثم
السادس وأما الثاني والرابع وان كانا لا بأس بهما في مقام المخاصمة
و
الالزام على الخصم الا ان الانصاف يأباهما.
أما الأول منهما: فلان المتبادر من هيئات المشتقات ليس الا المفاهيم
187

المنتزعة من قيام المبدأ بالذات على أنحاء القيام باختلاف الهيئات و
المبادئ لا ربط المبادئ إلى الذوات فيكون معانيها حرفية فان
المتبادر من هيئة اسم الفاعل مطلقا من المجرد والمزيد فيه وكذا
هيئات الصفات المشبهة هو كلي المفهوم المنتزع من قيام المبدأ نفسه
بالذات على نحو الصدور في الأولى وعلى نحو الثبوت في الثانية و
هو المتلبس على أحد الوجهين بالمبدأ المطلق الشامل لجميع
المبادئ
ويكون كل واحد من المبادئ قرينة معينة للفرد الذي أطلقت عليها
تلك الهيئات من باب إطلاق الكلي على المفرد وتعيين الفرد بدال
آخر وهو المبدأ الخاص فيكون استفادة الفرد من خصوص الأمثلة من
دالين فالهيئة في الضارب مطلقة على المفهوم الكلي وعينت
الخصوصية وهو (زننده) من مادة الضرب وهكذا في سائر الأمثلة و
المتبادر من هيئة اسم المفعول من المجرد والمزيد فيه أيضا انما
هو المفهوم الكلي المنتزع من قيام المبدأ بالذات على نحو الوقوع و
هو المتلبس بالمبدأ المطلق على هذا النحو ويفهم خصوصية الافراد
من خصوص الموارد كما ذكر والمتبادر من الصيغ المبالغة هو كلي
المفهوم المنتزع من قيام الذات بالمبدأ على نحو الكثرة وهكذا إلى
آخر الهيئات.
وبعبارة أوضح ان الذوات الخارجية قد تتلبس بمبدأ الضرب على نحو
الصدور وقد تتصف بمبدأ القتل كذلك وقد تتصف بمبدأ الاكل
كذلك وهكذا إلى آخر المبادئ وأنت إذا لاحظت تلبسها بواحد من
تلك المبادئ الخاصة على الوجه المذكور تنتزع من قيام هذا المبدأ
الخاص بها على النحو المبدأ المذكور عنوانا بسيطا عاما مصادقا على
ذات أخرى غير هذه إذا تلبست بهذا المبدأ على هذا النحو وهو ما
يعبر عنه بالفارسية (بزننده) إذا تلبست الذات بالضرب على النحو
المذكور (وبكشنده) إذا تلبست بالقتل على النحو
188

وهكذا فتنتزع بملاحظة تلك التلبسات عناوين خاصة ثم إذا لاحظت
تلك العناوين ترى بينهما قدرا جامعا جدا ولو طالبتنا بالتعبير
عنه فالعذر ضيق مجال التعبير والحوالة على الوجدان.
فنقول ان هيئات أسماء الفاعلين والصفات المشبهة موضوعة لهذا
القدر الجامع بين العنوانات المذكورة المنتزعة من قيام المبادئ
الخاصة بالذوات وقس عليه الحال في مفهوم الصفات المشبهة فإنها
أيضا منتزع من قيام المبدأ بالذوات على نحو الثبوت فيجري فيها
الكلام إلى آخره.
ثم إن الذوات قد تتلبس بمبدأ الضرب على نحو الوقوع وقد تتلبس
بمبدأ القتل على نحو الوقوع وقد تتلبس بمبدأ الجرح على هذا
النحو وهكذا إلى آخر المبادئ المجردة وأنت بعد ما لاحظت قيام
الضرب بها على النحو المذكور تنتزع منه عنوانا بسيطا صادقا على
غير تلك الذات إذا تلبست به على هذا النحو وهو ما يعبر عنه
بالفارسية (بزده شده) أو قيام الضرب بها على النحو المذكور فتنتزع
عنوانا كذلك يعبر عنه بالفارسية (بكشته شده) أو قيام الجرح بها
فتنتزع عنوانا يعبر عنه بالفارسية (بزخم خورده) وهكذا إلى آخر
المبادئ المجردة وأنت ترى عنوانا جامعا بين تلك العناوين بالوجدان
فنقول ان هيئة مفعول موضوعة لهذا العنوان الجامع وقس على
الحال هيئة اسم المفعول من المزيد فيه وأنت بعد هذا البيان تعرف
الحال بمقايسة ما ذكرنا في الصيغ المبالغة وأسماء المكان و
التفضيل والآلة فلا نطيل الكلام.
فخلاصة الكلام ان كل واحد من هيئات المشتقات موضوعة للقدر
الجامع بين تلك العنوانات المنتزعة الخاصة بالنسبة إلى هذا القدر
الجامع والعامة بالنسبة إلى ما تحتها قطعا لقضاء التبادر ومعه لا يصغى
إلى دعوى عدم وضع الهيئات مطلقا لمعنى مستقل وتصريح
جماعة بذلك أما محمول على
189

هيئات الافعال فقط أو على خلاف التحقيق هذا.
وأما الوجه الثاني من الوجهين الذي هو رابع الوجوه المتقدمة فوجه
الضعف فيه ان الضروري انما هو ثبوت نفس الذات لنفسها.
وأما ثبوتها مقيدة بوصف فهو ممكن بالامكان الخاص هذا مع أنه على
تسليمه يرد على من اعتبر خصوصية ذات من الذوات الخارجة و
المدعي للاعتبار لا يدعيها بل الذي يدعيه انما هو اعتبار ذات مبهمة
مرددة بين الذوات الخارجية نظير المذكورة لا مفهوم الذات ليرد
شق الأول من الدليل ولا خصوصية من خصوصيات الذوات ليرد شق
الأخير إذ لا ريب ان الذات المبهمة إلى هذا القول في ضارب في
قولك زيد ضارب ليست ضرورية الثبوت لزيد بمعنى أن يكون
اتحادها معه ضروريا بل يمكن الاتحاد وعدمه بالامكان الخاص
فكيف
يوصف هذه الذات المبهمة فافهم.
فكيف كان فالتبادر يغنينا عن تكلف بعض الوجوه مضافا إلى كفاية
غيره من الوجوه المتقدمة غير ذلك الوجهين فحينئذ فلا ينبغي
الارتياب عن خروج الذات عن مفهوم المشتقات.
لا يقال فعلى هذا ما الفرق بين المصادر والمشتقات إذا المتصور في
المقام انما هو الحدث والذات فإذا خرجت الثانية عن مفهومها فلا
يبقى فرق بينها وبين المصادر فما الفارق حينئذ في صحة إطلاقها
على الذوات الخارجية وحملها عليها دون المصادر؟ فإن كان مناط
صحة الاطلاق والحمل فيها هو عدم انفكاكها عن الذات وهو موجود
في المصادر أيضا وإن كان غيره فبينه.
لأنا نقول الفارق ان مفاهيمها معا كما عرفت هي الأوصاف الجارية
على الذوات القائمة فيها قيام الحال بالمحل بخلاف المصادر فإنها
موضوعة لنفس الحدث المغاير في الوجود مع الذات وإن كان له قيام
بالذات الا انه لم يلاحظ
190

في وضعها مضافا إلى أن هذا القيام يغاير قيام الحال بالمحل الذي هو
المعتبر في المشتق فإنه من قيام الأثر بذي الأثر ومن هنا لا يصح
حمل المصادر على الذات الا بطريق المبالغة فيكون حمل هو هو و
يصح حمل المشتقات عليها بالحمل المتعارف دائما.
والحاصل ان مفهوم المشتقات عبارة عن الوصف على مصطلح
النحويين ومفهوم المصادر هو الوصف المقابل للذات والأول لما كان
من وجوه الذات وعناوينه فالمصحح لحمل المشتقات على الذوات
هذا بخلاف المصادر حيث إن معناها الحدث المغاير للذات في
الوجود
وخارج عنها غير منطبق عليها بوجه ولذا لا يصح حملها عليها
ضرورة ان قضية الحمل الاتحاد في الوجود وقيام المحمول
بالموضوع
بنحو من القيام وان اعتبر التغاير بينهما حقيقة واعتبارا بحسب
المفهوم حتى يصح الحمل.
وكيف كان فالمراد بصحة الحمل في المقام انما هو صحته بالحمل
المتعارف المعبر عنه بحمل ذو هو المقابل لحمل هو هو لا ما سبق الا
بعض الأوهام من أن حمل ذو هو هو ان يقدر ذو في طرف المحمول
بان يكون مأخوذا في مفهومه حتى يكون معنى ضارب ذو ضرب و
الا لعاد المحذور من أخذ الذات في مفهوم المشتق المانع من الحمل
فبهذا كله تصح الفرق والفارق ومناط صحة الحمل في المشتقات
دون المصادر وهذا الذي ذكرنا يجري في الافعال أيضا فان الذات
خارجة عنها ولذا يصح حملها على الذوات بل يجري في غير
الأسماء
الموضوعة للذات الخارجية وهي الاعلام الشخصية أيضا كما مرت
الإشارة إليه آنفا كالحيوان والانسان والرجل والمرأة ونحوها فان
الموضوع في جميعها نفس عنوانات الذوات الخارجية وجوهها لا هي
من حيث هي ولا باعتبار العنوان شرطا أو شطر أو من هنا يكون
حملها على الذوات من الحمل المتعارف.
191

وتوضيح ذلك ان الامر في وضع غير المصادر من الأسماء لا يخلو عن
أمرين:
أحدهما ان يلاحظ الواضع نفس الذات ويوضع اللفظ لها من حيث
هي هي مجردة عن جميع العنوانات وهذا لا يكون الا في الاعلام
الشخصية كزيد وعمرو مثلا وأما الزيدية والعمرية فليستا مما تقبلان
اعتبار هما في الوضع فإنهما وصفان منتزعان بعد التسمية و
الوضع.
ثانيهما ان يلاحظ وجها من وجوه الذات وعنوانا من عناوينه المتكثرة
الصادقة عليها ويوضع اللفظ له لرفع الحاجة عند إرادة تعريف
الذات والإشارة إليها بوجهها كما في غير الاعلام من الأسماء
المشتقات وغيرها وإن كان بينهما فرق من جهة أخرى وهي ان المبدأ
في المشتقات أمر متأصل متقدم على المشتق وتعتبر المشتق بعد
ملاحظة انتسابه إلى الذات ولذا سميت المشتقات بها وفي الجوامد
أمر
منتزع من نفس العنوان الذي وضع له اللفظ كالانسانية في الانسان و
الحيوانية في الحيوان وهكذا فالامر فيها بعكس المشتقات فلا
يكون لها مبدأ حقيقة ولذا سميت جوامد وحكم بكون الاشتقاق في
مثل الرجولية والانسانية ونحوه جعليا هذا بالنسبة إلى غير
أوصاف الله تعالى واما حملها فيكون من حمل هو هو وإن كان
المحمول بصورة المشتق فيقال الله تعالى قادر أو عالم ونحو ذلك من
أوصاف الذات وانما لم يعبروا بقول الله علم أو قدرة حفظا على
القاعدة النحوية بحسب الصورة حيث إن بنائهم على عدم صحة
حمل زنة
المصدر على الذات.
ثم إن بما حققنا ظهر مزيد توضيح لاندفاع ما يقال من أن المشتق
مشتمل على نسبة ناقصة تقييدية كما ظهر ضعف ما قيل من أن
المشتق
وإن كان بسيطا الا انه في ظرف التحليل مركب من الذات والصفة
ضرورة عدم قضاء تحليل المعنى
192

بخروجه عما عليه مع ما عرفت من خروجها حقيقة في ظرف التحليل
وانها معروضة لتلك العنوانات متحدة معها لا مأخوذة في مفهوم
المشتقات أو في حقائقها فافهم واغتنم.
احتج القائلون بالدخول أيضا بوجوه:
الأول للتبادر فان المتبادر من لفظ المشتق عند الاطلاق هو ذات ثبت
له المبدأ.
وجوابه ان ذاتا ما تفهم من نفس مفهوم المشتق من جهة كونها
معروضة له لا من حاق اللفظ فالدلالة التزامية لا تضمنية.
الثاني إجماع النحاة حيث فسروا اسم الفاعل بمن قام به المبدأ واسم
المفعول بمن وقع عليه المبدأ.
وجوابه علم سابقا.
وتوضيحه ان التعبير بذلك لتسهيل البيان والا فظاهر قولهم المذكور
كون المدلول في الاسمين هو ذات ما من حيث قيام المبدأ به أو
وقوعه عليه على وجه يكون التقييد داخلا والقيد خارجا ولا يقول به
أحد من الفرقين.
هذا مع أن إجماعهم لا يعبأ به بعد قيام الأدلة القاطعة على خلافه
الثالث انه لو لم يكن الذات داخلة في مفهوم المشتق للزم كونه مجازا
في
نحو قولك جاءني العالم أو الأبيض أو الأسود أو نحو ذلك مما يراد به
الذات قطعا والتالي باطل اتفاق فكذا المقدم.
وفيه ان المشتق في الأمثلة المذكورة وأمثالها انما يراد به المفهوم
المجرد عن الذات ويطلق على الذات الخارجية من باب إطلاق الكلي
على الفرد كما عرفت.
الرابع انه لما كان مفهوم المشتق هو المفهوم العرضي المجرد عن
الذات
193

لما صح تعلق الاحكام به لعدم مقدوريته.
وفيه انه إذا أريد بالمشتق الحكم عليه بشي يطلق على الذوات
الخارجية من باب إطلاق الكلي على الفرد ويكون المتعلق للحكم هي
تلك
الذوات لا المفهوم كما في الجوامد الموضوعة للمعاني الكلية مع أن
عدم صحة الحكم بنفس تلك المفاهيم مسلم إذا كان بشرط عدم
الذوات الخارجية وأما لا بشرط فلا شبهة في مقدوريته بامتثال ذات
من الذوات التي هي من أفرادها وإلا لجرى ذلك في غير
المشتقات من الأسماء الموضوعة للمفاهيم الكلية.
الخامس انه لو لم يؤخذ ذات ما في مفهومها للزم أن لا يصح استعمالها
بدون ذكر المتعلقات من الذوات ومفهوم المشتق حينئذ هو مجرد
المبدأ والرابط ومن البين ان الربط بين الشيئين أمر إضافي لا يمكن
تعلقه بدون تعقل الشيئين فكان بمثابة المعاني الحرفية والثاني
باطل قطعا إذ كثيرا ما يستعمل المشتق في المحاورات بدون ذكر
الذات كما في قولك جاءني العالم أو الأبيض أو الأسود ورأيت
الأبيض ومررت بالأحمر وهكذا.
وجوابه قد مر في طي أدلة المختار من أن مفهوم المشتق أمر بسيط
عرضي ينتزع من قيام المبدأ بالذات في الخارج ليعبر عنه
بالفارسية في لفظ ضارب مثلا (بزننده).
وهذا المعنى أمر مستقل بالمفهومية كسائر معاني الأسماء ولا يتوقف
تعقله على تعقل الغير حتى يكون من المعاني الحرفية بل انما
يتوقف تحققه في الخارج على وجود غيره كما في مطلق الاعراض
فعدم الاستقلال باعتبار الوجود الخارج لا باعتبار المفهومية وليس
ما شأنه من المعاني الحرفية والا لدخل كل اسم لا يتحصل معناه في
الخارج الا بتحصل الغير كالاضافيات والأسماء الموضوعة للاعراض
في الحروف وهي باطلة نعم يلزم ذلك لو كان مفهوم المشتق مجرد
194

النسبة والربط كما لو كان هو المبدأ من حيث قيامه بالذات يلزم تضمنه
للمعاني الحرفية كالمبهمات ولا نقول نحن بشي منهما لظهور
المغايرة بين هذين وبين ما اخترناه فان مرجع المفهوم على ما ذكرنا
إلى المبدأ بملاحظة قيام المبدأ بالذات لا من حيث كونه كذلك و
بينهما فرق بين لاعتبار الحيثية في الوضع على الوجه الثاني دون الأول
نظير الحضور الذهني بالنسبة إلى الجنس المنكر والمعروف
فافهم.
حجة التفصيل
على الدلالة بالنسبة إلى أسماء الآلات تبادر الذات المبهمة منها وعلى
عدمها في غيرها ببعض ما مر من الأدلة المختار.
وفيه ما مر من أن تبادر الذات انما هو لشدة الارتباط بين العارض و
المعروض لا من نفس اللفظ مضافا إلى كثرة الاطلاق على الذات و
ندرة إرادة المفهوم العرضي اللا بشرط فيها أي الأسماء الآلات فإنه
أيضا قد يوجب التبادر ويحتمل القول بحصول النقل عرفا من جهة
شيوع الاطلاق في خصوص أسماء الآلات فتدبر.
تذنيبان
الأول:
قد فرع على المسألة أعني اشتراط بقاء المبدأ فيما أطلق عليه المشتق
حقيقة وعدمه كراهة الوضوء بالماء المسخن بالشمس بعد الزوال
السخونة عنه على القول بعدم اشتراط البقاء وزوالها على القول
بالاشتراط وكذا كراهة التخلي تحت الأشجار المثمرة بعد ارتفاع
الثمرة وكراهة سؤر آكل الجيف بعد ترك الأكل وكذا الحال في
الموقوف والوصايا والنذور المتعلقة بالعناوين المشتقة على ما ذكره
بعض المتأخرين من مقاربي عصرنا كالطلبة والمشتغل والعالم و
المدرس وغير ذلك من المشتقات لكن التأمل التام يقضي بظهور
الثمرة على بعض الوجوه لا مطلقا.
195

وتحقيقه ان الوصف العنواني الذي هو مدلول المشتقات ويجري
على الذوات ويعبر عنها بها وتعلق الحكم عليه أما أن يعلم بعدم
مدخليته للحكم بل يكون عنوانا وقع لمجرد تعريف الذات التي هي
الموضوع حقيقة كما في قول القائل اقتل جالس الدار إذا كان
الجالس فيها من أعدائه وأما ان يعلم بمدخليته في الجملة وعلى
الثاني أما أن يكون العنوان علة لثبوت الحكم حدوثا أو بقاء أيضا
فيكون
واسطة في الثبوت كما في السارق والزاني في الآيتين وغيرهما أو
لم يكن علة بل انما هو أخذ قيدا لموضوع الحكم فيكون واسطة
للعروض كما في قولنا العادل مقبول الشهادة والمجتهد ينفذ حكمه و
أما ان يشتبه الحال بحيث لا يعلم بمدخليته في الحكم على أحد
الوجهين وعدمها فيقع فيه الاشكال.
أما الصورة الأولى فالحكم فيها باق بعد زوال العنوان على جميع
الأقوال إذ متعلقه هي الذات وهي لا تختلف ببقاء العنوان وزواله فلا
تظهر فيها فائدة الخلاف.
وأما الثانية وهي أن يعلم بكونه علة لثبوت الحكم وان الموضوع نفس
الذات فان علم فيها بكونه علة لثبوت فقط دون البقاء فالحكم ما
ذكر في الصورة الأولى وان علم أنه علة للحدوث والبقاء كليهما
كالتغيير الموجب لنجاسة الماء الراكد الكر حيث إن بقاء النجاسة يدور
مدار بقائه على الأظهر فلا إشكال في زوال الحكم بعد زواله على
جميع الأقوال أيضا وان اشتبه الحال في كونه علة للبقاء أيضا فالحكم
ببقاء الحكم حينئذ يدور مدار ما اختاره الفقيه في مسألة الاستصحاب
فان يرى اعتباره في مثل المقام يحكم بالبقاء والا فلا سوأ كان
من القائلين باشتراط بقاء المبدأ أم من غيرهم فلا ثمرة هنا أيضا بين
القولين.
وأما الثالثة: وهو أن يعلم بكونه قيدا للموضوع فقط فهذه هي
196

مورد ظهور الثمرة فعلى القول بوضع المشتق لخصوص حال النطق
يلزم اختصاص الحكم بمن كان متلبسا بالمبدأ في هذا الحال وعلى
القول المختار من وضعه لحال التلبس يعم الخطاب لمن تلبس به في
الماضي أو الحال أو الاستقبال مع اختصاص الحكم بحال التلبس لا
مطلقا ويتفرع على هذين القولين زوال الحكم بزوال المبدأ لانتفاء
موضوعه حينئذ وعلى القول بوضعه للقدر المشترك بين الماضي و
الحال يلزم بقاء الحكم لصدق العنوان حقيقة بعد زوال المبدأ
فالموضوع باق.
وأما الرابعة وهي ان لا يعلم بمدخليته العنوان في الحكم ولا في
الموضوع فتظهر الفائدة فيه أيضا إذ اللازم على القول باشتراط بقاء
المبدأ حينئذ زوال الحكم بعد زوال العنوان للشك في بقاء الموضوع و
لا يمكن استصحابه لاشتراط بقاء الموضوع فيه على الأقوى وهو
غير معلوم لتردده بين الذات المطلقة والمقيدة فافهم.
اللهم الا ان يكون لا يعتبر ذلك الكلام في الثمرة بين القول مع قطع
النظر عن الأدلة الخارجية ولا ريب في ظهوره كما عرفت مع قطع
النظر عن الاستصحاب وعلى القول بعدم اشتراط البقاء كان الحكم
باقيا لبقاء الموضوع على التقديرين على حسب ما مر فبهذا كله
عرفت ان تفريع الحكم بتلك العناوين على المسألة بقول مطلق ليس
بجيد.
ثم إنه لا يخفى عليك تطرق الاشكال فيما فرعوا على المسألة من بقاء
كراهة الوضوء بالماء المسخن بالشمس بعد زوال سخونته وبقاء
كراهة البول تحت الشجرة المثمرة المرتفعة عنها الثمرة.
اما الأول فلان المبدأ في المشتق المذكور ليس قابلا للبقاء قطعا بل هو
نظير القتل قبل وجوده لا وجود له وبمجرد وجوده منعدم نعم
الأثر الحاصل
197

من التسخين والتسخن قابل للبقاء لكنه ليس من محل النزاع في شئ
نعم لو دل دليل على كراهة الوضوء بالماء المسخن السخين جرى
النزاع فيه ويظهر الثمرة فيه وبالجملة التسخين والتسخن والسخونة
نظير التمليك والتملك والملكية فهل ترى أحدا يقول بقابلية بقاء
الأولين والمفروض ان المسخن من التسخين الذي هو فعل الشمس
في محل الكلام المنعدم بمجرد وجوده فلو دل دليل على كراهة
الوضوء بالماء المسخن علم أن المراد ما انقضى عنه المبدأ بحكم
العقل فلا يمكن جعله من ثمرات النزاع في المسألة مع أنه لم يرد في
شئ
من الاخبار كراهة الوضوء بالماء المسخن.
واما اختلاف العلماء فهو مبنى على اختلافهم في فهم الاخبار ولا
يستلزم ذلك كونه من هذه الجهة.
واما الثاني فلان الظاهر من تعلق الكراهة بالبول تحت الشجرة المثمرة
هي التي تكون مثمرة حال البول.
توضيح ذلك ان الشجرة المثمرة.
قد تطلق على ما تكون مثمرة بحسب جنسه أي ما يكون لها شأنية
الأثمار في مقابل ما لا يقبل جنسها لذلك كالتاجر مثلا.
وقد تطلق على ما تكون شجرة بحسب نوعه في مقابل ما لا يقبل
نوعه لذلك كالنخل الفحل مثلا.
وقد تطلق على ما تكون مثمرة بحسب صنفه على حسب اختلاف
الأصناف في القرب والبعد.
وقد تطلق على ما تكون مثمرة فعلا.
والأخبار الواردة في كراهة البول تحت الشجرة المثمرة على ضربين:
أحدهما ما يمنع من البول تحت الشجرة المثمرة.
198

وثانيهما ما دل على كراهة البول تحت الشجرة التي عليها ثمرة وحمل
المطلق على المقيد وان لم يكن ثابتا في المكروهات و
المندوبات والمباحات الا ان الظاهر بعد التأمل في الاخبار كون النهي
عن البول تحت الشجرة المثمرة من جهة تنفر الطباع عن أخذ
الثمرة فعلى القولين في المشتق لا كراهة إذا لم تكن عليها ثمرة فلا
معنى لجعل الفرع المذكور من ثمرات الخلاف في المسألة والله
العالم.
الثاني
حكى بعض الاعلام عن بعض جريان الخلاف المتقدم في المشتقات
في الجوامد أيضا ولعل نظره في ذلك إلى الذوات التي تتصف ببعض
الأوصاف في بعض الأحوال ويختلف التسمية باعتباره مثل كون هند
زوجة زيد باعتبار حصول علقة النكاح بينهما وكون المائع خمرا
باعتبار إسكاره ونحو ذلك.
واما غير ذلك من الذوات فلا يتصور فيها زوال الوصف مع بقاء
الذوات بوجه اللهم الا ان يريد بذلك تغير صورها النوعية كما إذا وقع
الكلب في الملحة فصار ملحا أو صارت العذرة ترابا أو دودا ونحو
ذلك ولكنه حينئذ في غاية السقوط ضرورة عدم صدق الكلب و
العذرة مع انتفاء الصورة النوعية إذ التسمية تدور مدارها وجودا و
عدما.
نعم ربما يتوهم ذلك في نحو الزوجة والخمر مما تكون التسمية فيه
دائرة مدار ثبوت حالة أو وصف لكنه ليس بشي أيضا إذ الظاهر
عدم الخلاف في كون الجوامد حقيقة في حال التلبس لا حال النطق و
كذا لزم كون الاطلاق في نحو قولك هذا كان خمرا في الأمس و
يكون خلا في الحال وهند كانت زوجة زيدا والآن مطلقة مجاز أو هو
باطل بضرورة اللغة والعرف.
واما احتمال كونها حقيقة باعتبار التلبس في الماضي بالنسبة إلى حال
النسبة فبعيد جدا غاية البعد.
مضافا إلى قضاء التبادر عرفا بخلافه ولذا خصوا النزاع في كلماتهم
199

بالمشتقات وما قد يرى من نحو قولهم هند زوجة زيد بعد طلاقها بائنا
بل بعد تزويجها بغير زيد ونحو ذلك مبنى على ما ذكرنا في
طي التنبيه الأول والثاني من أن المراد تعريف هذه الذوات الموجودة.
لان باعتبار اتحادها لما كانت معروضة للوصف العنواني قبل ذلك
فلفظ زوجة زيد قد أطلق على تلك الذات التي كانت لها هذه الصفة
في ذلك الزمان فجعلت تلك باعتبار اتحادها لهذه الذات معرفة لها
كما في قولك هذا ضارب عمرو في المشتق وفي الجوامد نحو قولك
هذه حقيقة عمرو أو دار زيد أو كتابه بعد خروجها عن ملكه إلى ملك
الغير فليس لهذا الاطلاق دلالة على كون الجوامد حقيقة باعتبار
التلبس في الماضي بالنسبة إلى حال النسبة. والحمد لله رب العالمين
والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين ولعنة الله على
أعدائهم أجمعين إلى يوم الدين آمين آمين يا رب العالمين.
قد تم بحمد الله وحسن توفيقه في سلخ شعبان المعظم من شهور
سنة خمس وثلاثمائة بعد الألف من الهجرة النبوية في دار الخلافة
الباهرة الناصرية بحسن الاهتمام من الجناب المستطاب الفاضل
الكامل الموفق بتوفيقات الله الشيخ موسى النوري دام فضله والعالي
الجاه الميرزا حسن الكجوري.
زيد عزه مع كمال المواظبة ونهاية الدقة في التصحيح والطبع و
المرجو من الناظرين ان وجدوا فيه سهوا أو نسيانا ان يغمضوا بكرمهم
العميم فان الانسان يساوق السهو والنسيان وحرر ذلك سنة 1305.
وقد تمت الطبعة الثانية المحققة في 17 من شهر ربيع الأول سنة
1404 من الهجرة النبوية على صاحبها آلاف التحية والثناء والحمد
لله
أولا وآخرا.
200