الكتاب: زبدة الأصول
المؤلف: الشيخ البهائي
الجزء:
الوفاة: ١٠٣١
المجموعة: أصول الفقه عند الشيعة
تحقيق: فارس حسون كريم
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٣ - ١٣٨١ ش
المطبعة: زيتون
الناشر: مرصاد
ردمك: ٩٦٤-٩٠٦٢٧-٩-٣
ملاحظات: مدرسة ولي العصر (ع) العلمية - قسم الدراسات والبحوث

زبدة الأصول
1

زبدة الأصول
تأليف
الشيخ بهاء الدين محمد بن الحسين بن عبد الصمد
الحارثي الهمداني العاملي الجبعي
المشتهر ب‍ " البهائي " (قدس سره)
953 - 1030 ه‍. ق
تحقيق
فارس حسون كريم
3

إلى الشيخ عز الدنيا والدين الحسين بن
عبد الصمد ذي الهمة الباهرة، والأخلاق
الزاهرة...
وولده بهاء الدنيا والدين محمد بن
الحسين الماهر المتبحر...
البهائيين العامليين اللذين روى
الشريعة بمداد سنائهما، وأزاحا الدجى بنور
ضيائهما، فأمتع الله بذكرهما الأسماع،
ونقشت أسماؤهما في كل البقاع، فلله
درهما من عالمين علمين...
فارس
6

ترجمة المؤلف (1)
اسمه ونسبه الشريف:
الشيخ بهاء الدين أبو الفضائل محمد بن الحسين بن عبد الصمد بن محمد بن
علي بن الحسن (الحسين) بن محمد بن صالح الحارثي الهمداني العاملي
الجبعي... ينتهي نسبه إلى الحارث بن عبد الله الأعور الهمداني الذي كان من

(1) تجد ترجمته أيضا في: نقد الرجال: 303 رقم 260، كشف الظنون: 1 / 720، ريحانة
الألباء: 1 / 207 رقم 32، روضة المتقين: 14 / 433 - 436، أمل الآمل: 1 / 155 رقم
158، جامع الرواة: 2 / 100، رياض العلماء: 2 / 110، و ج 5 / 88 - 97، لؤلؤة
البحرين: 16 رقم 5، روضات الجنات: 7 / 56 رقم 599، تكملة أمل الآمل: 447 رقم
440، سلافة العصر: 289، الكنى والألقاب: 2 / 89، الفوائد الرضوية: 502، هدية
الأحباب: 109، مراقد المعارف: 1 / 204 رقم 69، هدية العارفين: 2 / 273، أعيان
الشيعة: 9 / 234، خلاصة الأثر: 3 / 440، ريحانة الأدب: 3 / 320، تنقيح المقال:
3 / 107، مصفى المقال: 403، الغدير: 11 / 321 رقم 81، الذريعة: 1 / 85 و 110
و 113 و 425، الأعلام للزركلي: 6 / 102، فلاسفة الشيعة: 446 - 465، معجم المؤلفين:
9 / 242، قصص العلماء: 233، معجم رجال الحديث: 16 / 10 رقم 10570.
انظر أيضا ما كتبه المحققون الأفاضل: " أكبر الإيراني القمي، أبو جعفر الكعبي، علي
الخراساني، علي المرواريد، ماجد الغرباوي، محمد بحر العلوم، محمد الحسون، مهدي
الخرسان، مهدي الرجائي، هادي القبيسي " في مقدمات الكتب التي حققوها للمؤلف (رحمه الله).
7

أصحاب أمير المؤمنين علي (عليه السلام) المخلصين له.
ويلتقي نسبه الشريف مع نسب الشيخ تقي الدين إبراهيم بن علي الكفعمي
صاحب: " المصباح " و " البلد الأمين " و " محاسبة النفس " وغيرها، وذلك أن
الشيخ البهائي حفيد أخ الشيخ الكفعمي.
ولادته:
ولد ببعلبك في لبنان يوم الأربعاء 27 ذي الحجة من سنة 953 ه‍ / 1547 م.
وقد قيل في ولادته (رضي الله عنه) أقوالا أخرى، منها: انه ولد بقزوين في إيران،
وفي يوم الخميس 17 محرم سنة 948 أو 949 أو 951 ه‍، إلا أن المرجح هو
ما أثبتناه أولا.
والده:
الشيخ عز الدين الحسين بن عبد الصمد الحارثي الهمداني العاملي، كان
عالما، ماهرا، محققا، مدققا، متبحرا، جامعا، أديبا، منشئا، شاعرا، عظيم
الشأن، جليل القدر، من تلاميذ الشهيد الثاني، له مؤلفات، منها: كتاب الأربعين
حديثا، رسالة في الرد على أهل الوسواس، حاشية الارشاد، مناظرة مع بعض
فضلاء حلب في الإمامة سنة 951، وغيرها.
زوجته:
الشيخة بنت الشيخ علي المنشار العاملي، كانت عالمة، فاضلة، فقيهة، كان
في جهازها يوم زفت للشيخ البهائي عدة كتب تامة في فنون العلوم، وكان أبوها
شيخ الاسلام بأصفهان أيام السلطان شاه طهماسب الصفوي، وكان قد جاء
8

من الهند في سفره الذي سافر بكتب كثيرة ولم يكن له غير هذه البنت، ولما مات
انتقل كل ما كان عنده من الكتب والأملاك والعقار إليها.
عقبه:
قيل: أعقب بنتا واحدة فقط، وقيل: إنه كان عقيما.
قبس من حياته العلمية:
قال الشيخ عبد الله نعمة في كتابه " فلاسفة الشيعة ": امتاز بشخصية علمية،
ومكانة رائعة في جميع ميادين العلم، وبلغ من شأنه العلمي لدى الناس حدا
يكاد يلحقه في عداد الشخصيات الأسطورية، وقد نسب الناس إليه غرائب
وعجائب وأساطير كثيرة تعبر تعبيرا واضحا عن أثر البهائي العلمي ونفوذه
البالغ على أفكار الناس.
من أسفاره:
لقد سافر إلى العديد من البلدان نذكر ذلك بصورة مجملة:
1 - سافر إلى الحرمين الشريفين لأداء الحج.
2 - سافر إلى مصر والتقى بالشيخ البكري.
3 - سافر إلى القدس الشريف والتقى بالشيخ المقدسي الشافعي.
4 - سافر إلى دمشق والتقى بالحافظ حسين الكربلائي القزويني، والتقى أيضا
بالحسن البوريني.
5 - سافر إلى حلب والتقى بالشيخ عمر الفرضي.
6 - سافر إلى كرك نوح واجتمع بالشيخ حسن بن الشهيد الثاني.
9

7 - سافر إلى العراق لزيارة العتبات المقدسة.
إضافة إلى تنقله بين مدن إيران التي كان مقيما فيها، فتنقل بين أصفهان
ومشهد وهرات وقزوين وتبريز.
أقوال العلماء في حقه:
1 - المجلسي الأول: كان شيخ الطائفة في زمانه، جليل القدر، عظيم
الشأن، كثير الحفظ، ما رأيت بكثرة علومه، ووفور فضله، وعلو مرتبته أحدا.
2 - الحر العاملي: حاله في الفقه والعلم والفضل، والتحقيق والتدقيق،
وجلالة القدر، وعظم الشأن، وحسن التصنيف، ورشاقة العبارة، وجمع المحاسن
من أن يذكر، وفضائله أكثر من أن تحصر، وكان ماهرا متبحرا، جامعا
كاملا، شاعرا أديبا منشئا، عديم النظير في زمانه في الفقه والحديث والمعاني
والبيان والرياضيات.
3 - مصطفى التفريشي: جليل القدر، عظيم المنزلة، رفيع الشأن، كثير
الحفظ، ما رأيت بكثرة علومه، ووفرة فضله، وعلو رتبته في كل فنون الاسلام
كمن له فن واحد.
4 - الأميني: بهاء الملة والدين، وأستاذ الأساتذة والمجتهدين، وفي شهرته
الطائلة صيته الطائر في التضلع من العلوم، ومكانته الراسية من الفضل والدين،
غنى عن تسطير ألفاظ الثناء عليه، وسرد جمل الإطراء له، فقد عرفه من عرفه،
ذلك الفقيه المحقق، والحكيم المتأله، والعارف البارع، والمؤلف المبدع،
والبحاثة المكثر المجيد، والأديب الشاعر، والضليع من الفنون بأسرها، فهو أحد
نوابغ الأمة الاسلامية، والأوحدي من عباقرتها الأماثل.
10

شيوخه:
1 - الشيخ أحمد الكجائي الگيلاني المعروف ب‍ " پير أحمد ".
2 - القاضي المولى أفضل القايني.
3 - الشيخ حسين بن عبد الصمد - والده -، المتوفى سنة 984 ه‍.
4 - المولى عبد الله بن الحسين اليزدي الشهابادي، المتوفى سنة 981 ه‍.
5 - الشيخ عبد العالي الكركي، المتوفى سنة 993 ه‍.
6 - المولى علي المذهب المدرس.
7 - الشيخ عمر العرضي.
8 - محمد باقر بن زين العابدين اليزدي، المتوفى حدود سنة 1056 ه‍.
9 - محمد بن محمد بن أبي الحسن علي بن محمد البكري، المتوفى سنة 993 ه‍.
10 - الشيخ محمد بن محمد بن محمد بن أبي اللطيف المقدسي الشافعي، المتوفى
سنة 993 ه‍.
11 - عماد الدين محمود النطاسي الشيرازي.
وغيرهم.
تلاميذه:
1 - إبراهيم بن فخر الدين العاملي البازوري.
2 - ظهير الدين إبراهيم الهمداني، المتوفى سنة 1025 ه‍.
3 - الشيخ جواد بن سعد، المعروف بالفاضل الجواد البغدادي.
4 - الشيخ حسن علي بن مولانا عبد الله الشوشتري.
5 - السيد حسين بن السيد حيدر بن قمر الحسيني الكركي، المتوفى
سنة 1076 ه‍.
11

6 - المولى خليل بن الغازي القزويني.
7 - السيد الميرزا رفيع الدين النائيني.
8 - الشيخ زين الدين بن الشيخ محمد بن الشيخ حسن بن الشهيد الثاني.
9 - سلطان العلماء، المتوفى سنة 1064 ه‍.
10 - صدر المتألهين الشيرازي.
11 - الشيخ زين الدين علي بن سليمان بن درويش بن حاتم القدمي
البحراني.
12 - المولى مظفر الدين علي.
13 - السيد ماجد البحراني.
14 - المولى محسن الفيض الكاشاني، المتوفى سنة 1091 ه‍.
15 - المولى محمد تقي المجلسي الأول، المتوفى سنة 1070 ه‍.
16 - المولى شريف الدين محمد الروي دشتي.
17 - المولى محمد صالح بن أحمد المازندراني.
18 - الشيخ محمد بن علي العاملي التبنيني.
19 - الشيخ محمد القرشي صاحب " نظام الأقوال ".
20 - الشيخ محمود بن حسام الدين الجزائري.
وغيرهم.
مؤلفاته:
1 - إثبات الأنوار الإلهية.
2 - الاثنا عشرية، في الحج.
12

3 - الاثنا عشرية، في الزكاة.
4 - الاثنا عشرية، في الصلاة اليومية، فرغ منه سنة 1012 ه‍، طبع بتحقيق
الشيخ محمد الحسون في مجلة تراثنا العدد 12 أولا، ثم طبع ثانيا مستقلا
وصدر عن مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي سنة 1409 ه‍ في قم.
5 - الاثنا عشرية، في الصوم، فرغ منه سنة 1019 ه‍، طبع بتحقيق الشيخ
علي المرواريد في مجلة تراثنا العدد 11.
6 - الاثنا عشرية، في الطهارة.
7 - الأربعون حديثا، طبع بتحقيق الأستاذ أبي جعفر الكعبي، وصدر عن
جماعة المدرسين في قم.
8 - أسرار البلاغة.
9 - بحر الحساب.
10 - التحفة الحاتمية، في الأسطرلاب.
11 - تشريح الأفلاك، في الهيئة.
12 - تضاريس الأرض.
13 - تهذيب البيان.
14 - تهذيب النحو.
15 - توضيح المقاصد، فيما اتفق في أيام السنة.
16 - جهة القبلة، طبع بتحقيق الشيخ هادي القبيسي في مجلة تراثنا العدد
43 - 44 سنة 1416 ه‍.
17 - جوابات بعض الناس.
18 - جوابات المسائل الجزائرية البحرانية.
13

19 - الجوهر الفرد.
20 - حاشية إرشاد الأذهان للعلامة الحلي.
21 - حاشية تفسير البيضاوي.
22 - حاشية تفسير الكشاف للزمخشري.
23 - حاشية خلاصة الأقوال للعلامة الحلي.
24 - حاشية الذكرى للشهيد الأول.
25 - حاشية رجال النجاشي.
26 - حاشية فهرست الشيخ منتجب الدين.
27 - حاشية الكافي للكليني.
28 - حاشية مختلف الشيعة للعلامة الحلي.
29 - حاشية المطول للتفتازاني.
30 - حاشية معالم العلماء لابن شهرآشوب.
31 - حاشية من لا يحضره الفقيه للصدوق - طبع بتحقيقنا -.
32 - الحبل المتين في إحكام أحكام الدين.
33 - حديقة السالكين.
34 - الحديقة الهلالية، وهي شرح دعاء الهلال من الصحيفة السجادية، طبع
بتحقيق السيد علي الخراساني، وصدر عن مؤسسة آل البيت (عليهم السلام)
لإحياء التراث - قم سنة 1410 ه‍ -.
35 - حل الحروف القرآنية.
36 - حواشي الزبدة.
37 - خلاصة الحساب، مختصر كتابه (رضي الله عنه) " بحر الحساب " المتقدم.
14

38 - دراية الحديث.
39 - رسالة في تحريم ذبائح أهل الكتاب.
40 - رسالة في مقتل الإمام الحسين (عليه السلام).
41 - رسالة في المواريث، تعرف بالفرائض البهائية.
42 - رسالة وجيزة في الجبر والمقابلة.
43 - رياض الأرواح، منظومة.
44 - زبدة الأصول - هذا الكتاب -.
45 - سفر الحجاز.
46 - شرح الجغميني، في الهيئة.
47 - شرح دعاء الصباح.
48 - شرح الشافية.
49 - شرح الفرائض النصيرية.
50 - الصراط المستقيم.
51 - العروة الوثقى، تفسير سورة الحمد، طبع بتحقيق أكبر الإيراني
القمي، نشر دار القرآن الكريم - قم 1412 ه‍ -.
52 - عين الحياة، في التفسير.
53 - الفوائد الرجالية.
54 - الفوائد الصمدية، في النحو.
55 - الفوز والأمان في مدح صاحب الزمان (عليه السلام).
56 - الكشكول.
57 - لغز الزبدة.
58 - المخلاة.
15

59 - مشرق الشمسين وإكسير السعادتين، طبع بتحقيق السيد مهدي
الرجائي، وصدر عن مجمع البحوث الإسلامية - مشهد 1414 ه‍ -.
60 - مفتاح الفلاح، طبع مرارا.
61 - الملخص، في الهيئة.
62 - هداية العوام، رسالة عملية في الفقه.
63 - الوجيز في الدراية، طبع بتحقيق الشيخ ماجد الغرباوي في مجلة تراثنا
العدد 32 - 33، سنة 1413 ه‍.
64 - وحدة الوجود.
وغيرها.
إضافة إلى مؤلفات عديدة أخرى بالفارسية، مثل: جوابات الشاه عباس
الصفوي " الجامع العباسي "، خال دار نامه، جهان نما، شير وشكر " مثنوي "،
موش وگربه " مثنوي "، نان وحلوا " مثنوي "، نان وخرما " مثنوي ".
والمثنوي في الأدب الفارسي عبارة عن أرجوزة شعرية.
وفاته ومرقده:
توفي بأصفهان في 12 أو 18 شوال من سنة 1030 ه‍ / 1621 م أو 1031 ه‍ /
1622 م، ثم نقل جسده الشريف إلى مشهد الإمام علي بن موسى الرضا (عليه السلام) عملا
بوصيته، ودفن بها في داره قريبا من الحضرة المشرفة.
قال المجلسي الأول: تشرفت بالصلاة عليه في جميع الطلبة والفضلاء وكثير
من الناس يقربون خمسين ألفا.
وقال أيضا: كان عمره بضعا وثمانين سنة إما واحدا أو اثنين، فإني سألته عن
عمره (رضي الله عنه)، فقال: ثمانون أو أنقص بواحدة، ثم توفي بعده بسنتين.
16

حول الكتاب
أثر ثمين يعتبر - على إيجازه - من الكتب المهمة في بابه، إذ امتاز بلطافة
نظمه، واحتوى على جل قواعد أصول الفقه المهمة، وذكر فيه الشبهات الواردة
على كل مسألة وأجاب عنها في نهاية الايجاز والاختصار، فرغ منه (رحمه الله) في الثاني
عشر من شهر محرم الحرام في سنة 1012 ه‍، ورتبه في خمسة مناهج ذات مطالب،
وكالتالي:
المنهج الأول: في المقدمات.
المنهج الثاني: في الأدلة الشرعية.
المنهج الثالث: في مشتركات الكتاب والسنة.
المنهج الرابع: في الاجتهاد والتقليد.
المنهج الخامس: في الترجيحات.
ذكره السيد إعجاز حسين الكنتوري في كشف الحجب والأستار: 303 رقم
1622، والآقا بزرگ الطهراني في الذريعة: 12 / 19 رقم 115، وفي ج 13 / 297.
17

شروحه والحواشي عليه:
لأهمية الكتاب الفائقة عكف عليه العلماء الأعلام - منذ عصر مؤلفه (رحمه الله) وفيما
بعد - بالشرح والتعليق والتدريس، نذكر ما وقفنا عليه من تلك الشروح والحواشي:
1 - التبيان: للمولى مرتضى بن محمد مؤمن (1).
2 - التحفة الرضوية: لبعض تلاميذ العلامة الأنصاري (2).
3 - الحاشية: للمحقق القمي صاحب القوانين الميرزا أبي القاسم بن المولى
حسن الگيلاني القمي، المتوفى سنة 1231 ه‍ (3).
4 - الحاشية: لسلطان العلماء الميرزا علاء الدين حسين بن رفيع الدين محمد
المرعشي الآملي، المتوفي سنة 1064 ه‍ (4).
5 - الحاشية: للسيد علي محمد بن السيد محمد بن السيد دلدار علي، المتوفى
سنة 1312 ه‍ (5).
6 - الحاشية: للسيد علي نقي بن السيد جواد بن السيد مرتضى الذي هو والد
بحر العلوم بن السيد محمد الطباطبائي البروجردي، المتوفى سنة 1249 ه‍ (6).
7 - الحاشية: للبهائي نفسه، وردت كاملة على إحدى نسخ الزبدة (7).

(1) الذريعة: 13 / 301 رقم 1108.
(2) الذريعة: 3 / 434 رقم 1576، و ج 13 / 299 ذيل رقم 1096.
(3) الذريعة: 6 / 102 رقم 550.
(4) الذريعة: 6 / 102 رقم 551.
(5) الذريعة: 6 / 102 رقم 553.
(6) الذريعة: 6 / 103 رقم 554.
(7) الذريعة: 6 / 103 رقم 555.
18

8 - الحاشية: للسيد مصطفى ابن السيد هادي النقوي، المتوفى سنة
1323 ه‍ (1).
9 - الحاشية: للحكيم السبزواري المولى مهدي، المتوفى سنة 1289 ه‍ (2).
10 - خلاصة الوصول في شرح زبدة الأصول: للأمير محمد باقر بن أحمد
الحسيني الأسترآبادي المعروف ب‍ " طالبان " أو " طالقاني "، من أعلام القرن
الحادي عشر، فرغ منه سنة 1066 ه‍ (3).
11 - شرح زبدة الأصول: للسيد صدر الدين علي بن أحمد المدني
الشيرازي، المتوفى سنة 1121 ه‍ (4).
12 - شرح زبدة الأصول: لحسام الدين محمد صالح بن المولى أحمد بن شمس
الدين المازندراني، المتوفى سنة 1081 ه‍ (5).
13 - شرح زبدة الأصول: لأحد تلامذة المؤلف (6).
14 - شرح زبدة الأصول: للمحقق السبزواري المولى محمد باقر بن محمد
مؤمن الخراساني، المجاز من المؤلف، المتوفى سنة 1090 ه‍ (7).

(1) الذريعة: 6 / 103 رقم 557.
(2) الذريعة: 6 / 103 رقم 558.
(3) كشف الحجب والأستار: 337 رقم 1857، الذريعة: 13 / 298 رقم 1087، التراث العربي
في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي: 2 / 464.
(4) التراث العربي في خزانة مخطوطات مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي: 3 / 323.
(5) كشف الحجب والأستار: 336 رقم 1853، الذريعة: 13 / 300 رقم 1099، التراث العربي:
3 / 324.
(6) الذريعة: 13 / 299 رقم 1094، التراث العربي: 3 / 324.
(7) الذريعة: 13 / 298 رقم 1088.
19

15 - شرح زبدة الأصول: للسيد بدر الدين بن أحمد الحسيني العاملي،
تلميذ المؤلف (1).
16 - شرح زبدة الأصول: للآقا محمد تقي بن الآقا محمد جعفر بن الآقا محمد
علي الكرمانشاهي، المتوفى سنة 1299 ه‍ (2).
17 - شرح زبدة الأصول: للميرزا جمال الدين المحلاتي الذي كان من
مراجع بلده (3).
18 - شرح زبدة الأصول: للسيد محمد جواد بن العلامة السيد هاشم
البحراني التوبلي (4).
19 - شرح زبدة الأصول: للشيخ حبيب بن الشيخ محمد حسن بن الشيخ
محمد علي محبوبة النجفي، المتوفى سنة 1336 ه‍ (5).
20 - شرح زبدة الأصول: للسيد محمد حسين بن السيد بنده حسين النقوي
اللكنهوي، المتوفى سنة 1325 ه‍ (6).
21 - شرح زبدة الأصول: للفاضل المولوي حمد الله بن فضل الله بن شكر الله
السنديلوي (7).

(1) الذريعة: 13 / 298 رقم 1089.
(2) الذريعة: 13 / 298 رقم 1090.
(3) الذريعة: 13 / 298 رقم 1091.
(4) الذريعة: 13 / 299 رقم 1092.
(5) الذريعة: 13 / 299 رقم 1093.
(6) الذريعة: 6 / 102 رقم 552، و ج 13 / 299 رقم 1095.
(7) كشف الحجب والأستار: 336 رقم 1854، الذريعة: 13 / 299 رقم 1096.
20

22 - شرح زبدة الأصول: للمولى محمد زمان بن المولى كلب علي التبريزي (1).
23 - شرح زبدة الأصول: للسيد الميرزا زين العابدين بن السيد أبي القاسم
جعفر الموسوي الخوانساري الأصفهاني، والد صاحب روضات الجنات (2).
24 - شرح زبدة الأصول: للشيخ عبد علي بن محمد حسين (3).
25 - شرح زبدة الأصول: للمولى علي الآراني الكاشاني، من المعاصرين
للشيخ مرتضى الأنصاري (4).
26 - شرح زبدة الأصول: للشيخ علي الجزائري (5).
27 - شرح زبدة الأصول: للشيخ محمد علي الكربلائي، فارسي، فرغ منه
سنة 1196 ه‍ (6).
28 - شرح زبدة الأصول: للشيخ محمد بن خلف الستري البلادي البحراني (7).
29 - شرح زبدة الأصول: لسلطان العلماء السيد محمد بن السيد دلدار علي
النقوي النصير آبادي، المولود سنة 1199 ه‍، والمتوفى سنة 1284 ه‍ (8).
30 - شرح زبدة الأصول: للمولى محمد بن محمود بن علي الطبسي، تلميذ

(1) الذريعة: 13 / 300 رقم 1097.
(2) الذريعة: 13 / 300 رقم 1098.
(3) الذريعة: 13 / 300 رقم 1100.
(4) الذريعة: 13 / 300 رقم 1101.
(5) كشف الحجب والأستار: 336 رقم 1852، الذريعة: 13 / 301 رقم 1102.
(6) كشف الحجب والأستار: 337 رقم 1858، الذريعة: 13 / 301 رقم 1103.
(7) الذريعة: 6 / 103 رقم 556، و ج 13 / 301 رقم 1104.
(8) الذريعة: 13 / 301 رقم 1105.
21

المؤلف، فرغ منه سنة 1054 ه‍ (1).
31 - شرح زبدة الأصول: للشيخ مهدي بن الحسين بن محمد ملا كتاب
النجفي (2).
32 - شرح زبدة الأصول: للمولى المحدث الفقيه يعقوب بن إبراهيم البختياري
الحويزي، تلميذ السيد نعمة الله الجزائري، المتوفى سنة 1150 ه‍ (3).
33 - عمدة الوصول إلى زبدة الأصول: للشيخ محمد بن علي بن أحمد
الحرفوشي الحريري العاملي، المتوفى سنة 1051 ه‍ (4).
34 - غاية المأمول في شرح زبدة الأصول: للفاضل الجواد بن سعد الله بن
جواد الكاظمي، تلميذ المؤلف (5).
35 - الكواكب الضيائية في شرح الزبدة البهائية: للسيد يوسف بن محمد
الحسيني القائني، المتوفى نحو سنة 1260 ه‍ (6).
36 - ملين الحديد في شرح الزبدة للشيخ الفريد: للسيد علي بن محمد باقر
الموسوي الخوانساري، من أعلام القرن الثالث عشر (7).

(1) الذريعة: 13 / 301 رقم 1107.
(2) الذريعة: 13 / 302 رقم 1109.
(3) الذريعة: 13 / 302 رقم 1110.
(4) كشف الحجب والأستار: 337 رقم 1856، الذريعة: 13 / 301 رقم 1106، التراث العربي:
4 / 89.
(5) كشف الحجب والأستار: 337 رقم 1855 وص 391 رقم 2162، الذريعة: 13 / 298 ذيل
رقم 1091، التراث العربي: 4 / 118.
(6) الذريعة: 13 / 302، التراث العربي: 4 / 373.
(7) الذريعة: 13 / 300 ذيل رقم 1101، التراث العربي: 5 / 219.
22

37 - منتهى الوصول في شرح زبدة الأصول: للشيخ لطف الله بن عطاء الله
الحويزي، من أعلام القرن الثاني عشر (1).
38 - ودائع الفحول في شرح زبدة الأصول: للسيد محمد باقر بن المرتضى
الطباطبائي اليزدي، المتوفى سنة 1298 ه‍ (2).
النسخ المعتمدة في التحقيق:
1 - المصورة عن النسخة الخطية المحفوظة في مركز إحياء التراث الاسلامي
بقم، في المجموعة رقم 265 - الكتاب الأول -، والمذكورة في فهرس المركز:
1 / 363، مكتوبة بخط النستعليق، كاتبها ابن أكبر محمد هاشم، بتاريخ شعبان سنة
1293 ه‍، كتبت في 69 صفحة بقياس 8 × 14 سم، وحوت كل صفحة 8 سطور.
ورمزت لها بالحرف " ف ".
2 - المصورة المحفوظة في مركز إحياء التراث الاسلامي بقم، في الرقم 421 -
رقم الفيلم: 2342 - مكتوبة بخط النسخ، نسخت من نسختين مصححتين،
إحداهما نسخت من نسخة قد نسخت برسم خزانة مؤلفها، كاتبها علي بن عبد
الفتاح الطبسي الكيلكي - المولود سنة 1020، والمتوفى بعد سنة 1083 ه‍ -، بتاريخ
ليلة الجمعة 24 ذي الحجة الحرام سنة 1061 ه‍، كتبت في 199 صفحة بقياس 6 × 12
سم، وحوت كل صفحة 5 سطور، وعليها حواشي للمؤلف وغيره، وقرأها كاتبها
عند مولانا فضل الله الأقدائي - أو العقدائي -.
ورمزت لها بالحرف " أ ".

(1) التراث العربي: 5 / 268.
(2) التراث العربي: 5 / 452.
23

3 - المصورة المحفوظة في مركز إحياء التراث الاسلامي بقم، في الرقم 632 -
رقم الفيلم: 2354 -، مكتوبة بخط النستعليق، بتاريخ 28 رجب المرجب سنة
1117 ه‍، كتبت في 147 صفحة بقياس 5 / 6 × 12 سم، وحوت كل صفحة
7 سطور.
ورمزت لها بالحرف " ر ".
4 - المصورة المحفوظة في مركز إحياء التراث الاسلامي بقم، في الرقم 723 -
رقم الفيلم: 2353 -، مكتوبة بخط النسخ في 189 صفحة بقياس 5 / 5 × 13 سم،
وحوت كل صفحة 6 سطور، وعليها حواشي للمؤلف وغيره، ولم يتسن لي معرفة
كاتبها وتاريخ استنساخها.
ورمزت لها بالحرف " س ".
5 - المصورة المحفوظة في مكتبة جماعة المدرسين بقم، في الرقم 5، مكتوبة
بخط النسخ، كاتبها محمد صادق بن محمد رضا التويسركاني، بتاريخ سنة 1319 ه‍،
كتبت في 128 صفحة بقياس 7 / 4 × 9 سم، وحوت كل صفحة 9 سطور، وعليها
حواشي للمؤلف والعضدي.
منهجية التحقيق:
لقد عارضت النسخ الخطية مع بعضها وأثبت نصا متقنا قدر الوسع والإمكان
متبعا أسلوب التلفيق، وأما سائر عملي فيتمثل فيما يلي:
1 - الآيات القرآنية عرضتها على القرآن وأشرت لمحال وجودها في الكتاب
الكريم.
2 - الاختلافات الموجودة بين النسخ أشرت إلى المهم منها فقط.
24

3 - ما كان موجودا في نسخة أو نسختين أو أكثر دون سائر النسخ جعلته
بين [] من غير إشارة.
4 - الأحاديث الشريفة الواردة في الكتاب أرجعتها إلى المصادر الحديثية.
5 - الأقوال التي أشار لها المؤلف (رحمه الله) أرجعتها إلى مصادرها.
6 - دونت قسما كبيرا من الشروح التي ثبتها المؤلف (رحمه الله) على كتابه، إضافة
إلى شروح غيره.
7 - صنعت عدة فهارس للكتاب تيسيرا لبلوغ القارئ الكريم مرامه.
وأخيرا أحمد الله وأشكره على توفيقه إياي لتحقيق هذا الأثر الثمين الذي
لا أدعي فيه الكمال آملا منه تعالى أن يمن علي بإخراجه ثانية بصورة أكمل مع
حاشيته، إنه نعم المولى وخير معين.
فارس حسون كريم
قم المقدسة
1 شوال 1422 ه‍. ق
عيد الفطر السعيد
25

صورة الصفحة الأولى من النسخة الخطية " ف "
27

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الخطية " ف "
28

صورة الصفحة الأولى من النسخة الخطية " أ "
29

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الخطية " أ "
30

صورة الصفحة الأولى من النسخة الخطية " ر "
31

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الخطية " ر "
32

صورة الصفحة الأولى من النسخة الخطية " س "
33

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الخطية " س "
34

صورة الصفحة الأولى من النسخة الخطية " ج "
35

صورة الصفحة الأخيرة من النسخة الخطية " ج "
36

[وبه نستعين]
أبهى (1) أصل يبتني عليه (2) الخطاب، وأولى قول فصل (3) ينتمي إليه
أولو الألباب، حمد من تنزه عن وصمة التحديد والقياس (4)، وتقدس عن
إدراك العقول والحواس.
والصلاة على [أفضل] من أرسله (5) لتبليغ الأوامر والنواهي، وأشرف من
عرفه أسرار الحقائق (6) كما هي. وآله الذين من أنوارهم (7) تقتبس الأحكام (8)،

(1) في " أ ": إن أبهى.
(2) بأن يكون كالأساس له.
(3) أي فاصل بين الحق والباطل، أو مفصول ظاهر الدلالة.
(4) أي مساواة الغير في شئ من الصفات.
(5) أي أرسله هدى.
(6) أي الله عرفه أسرار الحقائق التي لا تهتدي إليها العقول.
(7) أي: علومهم.
(8) المراد بها الأحكام الخمسة.
37

وبآثارهم تعرف مسائل الحلال والحرام، صلوات الله عليهم ما دامت الفروع
مترتبة على الأصول، والأجناس منقسمة بالفصول.
وبعد:
فيقول راجي عفو ربه الغني محمد المشتهر ب‍ " بهاء الدين العاملي " تجاوز الله
عنه: هذا - يا إخوان الدين - ما توفرت عليه دواعيكم، وتكثرت إليه مساعيكم،
من متن متين محرر الفصول، يتضمن خلاصة علم الأصول، فخذوا إليكم زبدة
وجيزة موصلة إلى كنوزه (1)، ونخبة عزيزة مطلعة على رموزه، وألتمس منكم
أن لا تبذلوها إلا إلى طالب (2) يعرف قدرها، ولا تزفوها إلا إلى خاطب
يغلي مهرها (3)، وإذا عثرتم بخلل (4) فاضح، أو وقفتم على زلل واضح،
فمنوا علينا (5) بإصلاح الفساد، وترويج الكساد، وأجركم على الله، ولا قوة
إلا بالله، ورتبتها على خمسة مناهج:

(1) أي الأصول.
(2) في " ف ": إلا لطالب.
(3) أي يبذل لها مهرا غاليا، والمراد كثرة مطالعتها ومباحثتها والعثور على ما تضمنته مما لا يوجد
في غيرها مع إيجاز المباني وجميع المعاني.
(4) في " ر ": على خلل.
(5) في " ج ": علي.
38

المنهج الأول
في المقدمات (1)
وفيه مطالب:
[المطلب] الأول: في نبذ من أحواله (2) ومبادئه المنطقية
علم هذا العلم في الأصل مركب إضافي.
فالأصول: ما يبتني عليها شئ.
والفقه: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية عن أدلتها التفصيلية (3)، فعلا أو قوة

(1) المراد بها مقدمات الكتاب لا مقدمات العلم.
(2) كحده وثمرته ومرتبته.
(3) عرف العلامة في النهاية والتهذيب، والرازي في المحصول بأن العلم بالأحكام الشرعية
النوعية المستدل على أعيانها بحيث لا يعلم كونها من الدين ضرورة، وقيد المستدل لإخراج
علم المقلد فإنه لا يستدل على الأعيان، والقيد الآخر لإخراج العلم بوجوب الصلاة والصوم
مثلا لأنه ليس فقها، ولا يخفى أن في خروج علم المقلد نظرا وقد يتكلف له بالعدول
عن الظاهر من حمل المستدل مبنيا للمفعول صفة للأحكام أو بحسبه مبنيا للفاعل نعتا للعالم
المدلول عليه بالعلم، وأما على التعريف الذي أخرناه - وهو تعريف الحاجبي من خروج
المقلد والضروريات - غير محتاج إلى التكليف والتطويل.
39

قريبة وعلميتها عنها مع ظنيتها على التصويب ظاهرة، وبدونه خفية، إلا أن
يراد [بها] الظاهرية أو ظنها، أو القطع بتعين العمل (1)، والإفتاء بها، وخير
الثلاثة أوسطها، والقطعيات ليست فقها، ومن ثم لا اجتهاد فيها كما ينطق
به حده، ويراد بالأحكام المسائل، ولامها جنسية لا استغراقية، إذ التهيؤ
القريب للإحاطة بالكل متعذر أو متعسر، والتردد (2) في البعض ثابت فدخل
علم المتجزي وصح لا أدري (3).
أما علم المقلد وجبرئيل مثلا فخرج بحرف المجاوزة، ولا حاجة إلى ضم:
بالاستدلال بعده، كالحاجبي (4)، ويراد بالأدلة الأربعة المعروفة (5).

(1) هذا هو المشهور في تفسير قولهم ظنية الطريق لا ينافي علمية الحكم، وفيه من البعد ما
لا يخفى، إذ الفقه ليس العلم بتعين العمل، وربما قيل: إن تلك العبارة من كلام المصوبة أوردوها في
كتبهم الأصولية، والمخطئة أوردوها غافلين عن مواردها، وهذا أبعد.
(2) أي تردد المجتهدين في كثير من المسائل.
(3) لو قيل: إن أكثر المجتهدين متجزؤن والمجتهد في الكل نادر لم يكن بعيدا، غاية ما في الباب
ان المتجزي مقول بالتشكيك، فبعض المجتهدين متجزئ في ألف مسألة، وبعضهم في
أكثر، ولعل من لم يجوز التجزي وعرف الفقه بالعلم بأكثر الأحكام أراد بالمجتهد في الكل
المجتهد في كل الأكثر.
(4) عبارة الحاجبي هكذا: وأما حده مضافا كالأصول الأدلة، والفقه العلم بالأحكام الشرعية الفرعية
عن أدلتها التفصيلية بالاستدلال، انتهى.
ونحن عدلنا عن تفسيره الأصول بالأدلة لما ذكرناه في الحاشية وزدنا فعلا أو قوة ليتضح
صحة لا أدري وليعلم أنه ليس المراد ما يتبادر إلى الذهن من العلم بالأحكام، ونقصنا قوله:
بالاستدلال، لعدم الحاجة إليه - كما سيجئ -.
(5) الكتاب، والسنة، والإجماع، ودليل العقل.
40

أما القياس فليس من مذهبنا (1)، وستسمع إبطاله [إن شاء الله].
فصل
وحده علما (2) العلم بالقواعد (3) الممهدة (4) لاستنباط الأحكام الشرعية
الفرعية (5)، والصفة مشعرة (6) بالاختصاص، فسلم الطرد (7) من دخول العربية،
والمنطق (8) ومبادئه من المنطق والكلام والعربية والأحكام ومرتبته بعد الثلاثة
الأول، وموضوعه (9) دلائل الفقه من حيث الاستنباط، وثمرته الفوز بالسعادة
الدينية، والترقي عن حضيض التقليد إذا استعمل فيما وضع لأجله (10)، ووجوبه
كفائي، والقائل بالعينية شاذ (11)، ولزوم الحرج ظاهر.

(1) انظر: الذريعة إلى أصول الشريعة: 656 - 697.
(2) أي باعتبار كون هذين اللفظين علما على هذا المعنى.
(3) وهي الأمور الكلية التي يبنى عليها غيرها.
(4) أي الممهدة للاستنباط المذكور لا التي ليست ممهدة لذلك.
(5) خرج منها القواعد التي يستنبط منها الأحكام العقلية.
(6) سواء حصل الاستنباط أم لا.
(7) أي كونه مانعا.
(8) المستفاد من كلام الحاجبي انه جعل المنطق من المبادئ الكلامية، كما فهمه الشارح العضدي
مع أن نسبته إلى الأصول والكلام واحدة، وقد يوجه بأن الكلام لما كان رئيس العلوم الشريفة
وكان محتاجا إلى المنطق نسب إليه تفخيما لشأنه، وهو كما ترى فل‍.. عدلنا عن كلام الحاجبي.
(9) موضوع كل علم يبحث في ذلك العلم عن عوارضه الذاتية وهو اللاحقة له لذاته أو لجزئه أو
لغرض يساوي ذاته كالتعجب والحركة بالإرادة والضحك للإنسان.
(10) وهو استنباط الفروع من الأصول، وإنما قيد بذلك لأن معرفته من دون استعماله لا يرفع عن
حضيض التقليد.
(11) نقل القول بالعينية بعض شراح المنهاج، ونقل شيخنا الشهيد في الذكرى: 1 / 41 عن
فقهائنا الحلبيين القول بوجوب الاجتهاد على العوام، ومعلوم توقفه على الأصول، وكلام
العلامة ليس مع هؤلاء وإلا لكان مصادرة، فتدبر.
41

واستدل العلامة طاب ثراه بتوقف الاجتهاد الواجب كفاية عليه (1)،
ويقدح في كلية كبراه المعارف الخمس (2)، اللهم إلا أن يضمر في الأوسط
وتحصيله له (3) فيلغو الباقي.
فصل
الدليل عندنا: ما يمكن التوصل بصحيح النظر فيه (4) إلى مطلوب (5) خبري (6)
والإمكان لإدراج المغفول (7)، والخبري لإخراج الحد. وعند غيرنا (8): قولان

(1) أي علم الأصحاب.
(2) لتوقف الإجتهاد عليها مع أن وجوبها عيني.
فإن قلت: مراد العلامة ان كل ما توقف عليه الواجب الكفائي فهو واجب كفائي من حيث
توقف الواجب الكفائي عليه لا مطلقا، والمعارف الخمس كذلك.
قلت: فيصير المدعى ان وجوب علم الأصول كفائي من حيث توقف الإجتهاد الكفائي
عليه، ولا نزاع لأحد في هذا، والأصوب أن يقال: ليس غرض العلامة إبطال كلام الخصم، بل
بيان حقيقة الحال لئلا يتوهم انه غير واجب أصلا، وسوق كلامه طاب ثراه في النهاية يشعر
بهذا، لكن ظاهر كلامه في التهذيب يأباه لما تقرر من رجوع كل من الإثبات والنفي إلى القيد،
فتدبر.
(3) أي لأجل تحصيل الواجب الكفائي.
(4) أي في وضعه وحاله.
(5) لم يقل: إلى العلم بمطلوب خبري ليدخل الدلائل الشرعية بأجمعها أو أكثرها امارات.
(6) فلو أطلقنا المطلوب لشمل التعريف القول الشارح والحجة معا، وإذ قيدنا بالخبري أي
التصديقي اختص بالحجة كما لو قيدنا بالتصوري لاختص القول الشارح.
(7) أي لإدراج الدليل الذي غفل عنه فإنه دليل وإن لم يخطر ببال.
(8) أي المنطقيين.
42

فصاعدا يكون عنه آخر، فدخلت الأمارة (1)، أو يستلزم لذاته، فخرجت.
والأشعري لا يفرق بينهما في عدم الاستلزام (2). والنظر تأمل معقول لكسب
مجهول، والعلم (3) صورة حاصلة عند المدرك (4)، أو حصولها عنده، أو صفة
توجب لمحلها تمييزا لا يحتمل النقيض، فدخل الإحساس، أو صفة (5) ينجلي بها
أمر معنوي لمن قامت به [فخرج]، ومعلوميته (6) مما علم به، وعلم كل أحد
بوجوده لا يوجب دورا (7) ولا بداهة، إذ حصول الشئ غير تصوره (8)،
وامتناع النقيض لعادة أو حس لا ينفيه الإمكان، نظرا إلى قدرة الله سبحانه، وقد
يظن منافاة مطلق التجويز الجزم (9)، وفيه ما فيه. ثم إن كان إذعانا للنسبة (10)

(1) أي على التعريفين.
(2) هي عنده ليس شئ مستلزما لشئ أصلا، بل الله سبحانه يوجد بعض الأشياء عقيب بعض من
غير استلزامه.
(3) عرف العلم أولا بتعريف الحكماء لمناسبته مبادئ المنطقية، ثم عرفه بمصطلح أصحاب
الفن للتنبيه على تخالف الاصطلاحين.
(4) هذا التعريف وثانيه يصدقان على الظن والجهل المركب والشك وللوهم وإطلاق العلم على
ذلك مخالف لاستعمال أهل اللغة وال‍... فإنهم لا يطلقون العلم على شئ من ذلك.
(5) قوله: " أو صفة " يتناول السواد والبياض والشجاعة وغيرها، وخرجت بقوله: " توجب
لمحلها تمييزا " فإنها توجب تميزا لا تمييزا. وقولنا: " لا يحتمل النقيض " لإخراج الظن
والجهل المركب، وعلى هذا التعريف اعتراض مشهور، وهو لزوم عدم كون شئ من التصور
والتصديق علما، بل الصفة الموجب لهما، فإما أن يلتزموا ذلك أو يغيروا التعريف بأن
يقولوا: هو تمييز لا يحتمل النقيض شيئا.
(6) أي معلومية العلم بالأمور التي ذكرت في تعريف العلم.
(7) وفي هذا الكلام تعريض بالحاجبي بأنه كان يتبنى جعل الجوابين جوابا واحدا.
(8) أي غير تصور الشئ بكنه حقيقته، ويجوز أن يحصل الشئ بوجه ما ولم يتصور بكنه حقيقته.
(9) فيه تعريض بالعلامة حيث قال في النهاية: إن التجوز مناف للجزم.
(10) في " أ ": بنسبة.
43

فتصديق، وإلا فتصور، وكل من كل غير بديهي للكسبي (1)، ولا كسبي
للبديهي (2)، ولزوم طلب المجهول المطلق وليس بديهي التصور ما زعمه
الحاجبي (3)، وتعليله عليل، ويجوز طلب البسيط بالرسم واستغناء المركب (4) عن
الطلب (5) والذكر النفسي إن امتنع نقيضه (6) مطلقا، فكما مر [علم] أو عند الذاكر
فاعتقاد أو لا ولا، فالراجح ظن، والمرجوح وهم، والمتساوي شك.
فصل
ممتنع الصدق (7) على كثرة جزئي، وجائزه كلي، فإن فارق آخر (8) بلا مصادقة
فمتباينان (9)، وبالعكس (10) متساويان كنقيضيهما (11) ومعها (12) من واحد

(1) أي لوجود الكسبي.
(2) أي لوجود البديهي كتصور الحرارة وإثباتها للنار.
(3) كلامه هكذا: التصور الضروري ما لا يتقدمه تصور يتوقف عليه لانتفاء التركيب في متعلقه،
انتهى. ولا يخفى أن تعليله هذا يعطي ان البسيط لا يتوقف تصوره على تصور آخر،
وان المركب يتوقف عليه.
(4) فتطالب مفرداته لتعرف مميزه، وذلك حده.
(5) أي اللفظ.
(6) في " ر ": نقيضيه. والمراد: في نفس الأمر وعند الذاكر.
(7) المراد بامتناع الصدق على كثرة بالذات لا بالعرض فلا يلزم أن يكون اللا شئ واجتماع
النقيضين مثلا جزئيا، لأن امتناع صدق كل منهما على الكثرة إنما هو بالعرض والممتنع
بالذات هو وجود كل منهما.
(8) فإذا قيس إلى آخر فإنه فارق.
(9) مرجعهما إلى سالبتين كليتين، ومثالهما: الإنسان والعرش.
(10) أي إن صادق آخر بلا مفارقة والمرجع هنا إلى موجبتين كليتين. ومثالهما: الإنسان والناطق.
(11) في " ف، ر ": نقيضهما. وكذا في الموضعين الآتيين.
(12) أي مع المصادقة من جانب واحد.
44

أعم وأخص (1) مطلقا بعكس نقيضيهما، ومنهما (2) من وجه وتباين نقيضيهما
جزئي (3) كالأولين.
فصل
ذاتي الماهية: ما لا يمكن فهمها قبله (4)، أو ما ثبت لها بلا علة (5)، أو ما تقدمها
تعقلا (6).
والعرضي بخلافه، وجزؤها المشترك بين مختلفي الحقيقة جنس.
والمميز فصل، والمركب منهما نوع إضافي، ومتفق الآحاد في الحقيقة حقيقي،
والجنس الوسط نوع بالأول (7)، والبسيط بالثاني (8)، والخارج عنها كالأخير
خاصة، وكالأول عرض عام وكل إن امتنع فراقه فلازم لها (9)،
أو لوجودها (10)، وإلا فمفارق.

(1) المرجع فيه إلى موجبة كلية وسالبة جزئية، ومثالهما: الإنسان والحيوان.
(2) أي من الطرفين.
(3) المراد بالتباين الجزئي المتفارق في الجملة، وهو معنى شامل للعموم من وجه، والمباينة
كاللا أبيض، واللا إنسان، واللا حيوان، والإنسان إن بين الأولين عموم من وجه، وبين
الأخيرين تباين.
(4) كاللونية للسواد، والجسمية للإنسان، بخلاف الضحك للإنسان، والزوجية للأربعة.
(5) كالناطقية للإنسان، أي لا تثبت الذات بعلة لتقدمها عليه.
(6) في " أ ": عقلا.
(7) أي بالإضافي لاندراجه تحت جنس.
(8) هو للمميز مقوم، وللمميز عنه مقسم ويتعاكسان نزولا وعلوا.
(9) كالأسود للزنجي، والأبيض للرومي.
(10) أي سواء كان وجودا خارجيا كالتحيز للجسم، أو ذهنيا كالكلية للإنسان، والأول لازم.
45

فصل
الحد عندنا (1): ما يميز الشئ عن (2) غيره مطردا ومنعكسا (3)، فإن أنبأ
عنه بذاتياته فحقيقي (4)، أو بلازمه فرسمي (5)، أو بمرادف أجلي فلفظي.
وعند غيرنا (6): ما يميزه بفصله مع جنسه القريبين، أو خاصته معه حد
أو رسم تامان، وبدونه ناقصان، وصورة الحقيقي جنس قريب ثم فصل
ولا يكتسب ببرهان وإلا دارا (7) وحصل الحاصل، أما في التصديق فيراد [به]
حال النسبة لا تعقلها.
فصل
القضية: قول يصدق، أو يكذب، أو كلام لنسبة خارج (8)، فإن حكم فيها

(1) أي عند الأصوليين.
(2) في " ف، س، ج ": من.
(3) معنى الاطراد والانعكاس التلازم بين الحد والمحدود في الوجود والعدم، والاطراد استلزام
الحد للمحدود كليا، والانعكاس استلزام المحدود للحد كذلك.
(4) ظاهر الجمع المضاف العموم أي جميع ذاتياته، وحينئذ يكون المراد بالحقيقي الحقيقي التام،
وأما المبني ببعضها فهو حقيقي ناقص، ويمكن جعله داخلا في الرسمي بأن يراد باللازم ما
يعم الداخل والخارج ولا يرد جميع الذاتيات فإنه ليس لازما لعدم المغايرة.
والحاصل: انا لم نظفر للأصوليين بتصريح في ذلك، فالحكم بأحد الأمرين بعينه تحكم،
ولعله خال عن الاسم.
(5) المراد خاصة المشارط بقرينة قوله: " مطردا ومنعكسا ".
(6) أي من المنطقيين.
(7) لأنه لابد في الدليل من تعقل المعرف لوجوب تعقل ما يستدل عليه قبل إقامة الدليل، فلو
حصل تعقل حقيقة بالدليل لتأخر عنه فلزم الدور.
(8) أراد أن يبين كما أن الخبر يعرف بالصدق والكذب لكونهما من الأغراض الذاتية فله
أيضا غرض ذاتي آخر يمكن أن يعرف به وهو قوله: " أو كلام لنسبة خارج ".
46

بإثبات أمر لآخر (1)، أو نفيه [عنه] فحملية، وإلا فشرطية، وموضوع الحملية
إما مشخص فشخصية (2)، أو نفس الحقيقة فطبيعية، أو مبين كلا أو بعضا
فمحصورة، وإلا فمهملة (3).
وإن صرح بكيفية النسبة فموجهة (4) بسيطة، أو مركبة.
وأول جزئي الشرطية مقدم، وثانيهما تال، فإن حكم فيها بتعليق نسبة على
أخرى فمتصلة لزومية (5)، أو اتفاقية (6)، أو بتنافيهما، أو عدمه (7) فمنفصلة
حقيقية (8)، أو مانعة جمع أو خلو (9).

(1) بأن أحدهما هو الآخر كما في حمل المواطاة، أو أحدهما عارض للآخر كما في حمل
الاشتقاق.
(2) سواء كان شخصية بحسب الوضع أو بحسب الاستعمال، ك‍ " أنا زيد وهذا عمرو ".
(3) أي مهملة السور لا متروكة الذكر في الأحكام، فللحكم الجزئي طريقان ذكر السور وفهم
مطابقته وتركه فيعلم تحققه عقلا.
(4) القضية الموجهة إن اشتملت على حكمين مختلفين بالإيجاب والسلب فهي مركبة، كقولنا: كل
إنسان ضاحك لا دائما، فإن معناه إيجاب الضحك للإنسان وسلبه عنه بالفعل وإلا فبسيط،
نحو: كل إنسان حيوان بالضرورة.
(5) نحو: إن كانت الشمس طالعة فالنهار موجود.
(6) نحو: إن كان الإنسان ناطقا فالحمار ناهق.
(7) أي عدم التنافي كما في السالبة.
(8) وهي التي حكم فيها بالتنافي بين جزئيها صدقا وكذبا معا، كقولنا: إما أن يكون هذا العدد زوجا
أو فردا.
(9) هي التي حكم فيها بالتنافي بين جزئيها صدقا فقط، كقولنا: إما أن يكون هذا الشئ حجرا أو
شجرا.
أو مانعة الخلو هي التي حكم فيها بالتنافي بين جزئيها كذبا فقط، كقولنا: إما أن يكون زيد
في البحر وان لا يغرق.
47

فصل
البرهان: إن خلا عن ذكر لازمه (1) ونقيضه (2) فاقتراني حملي، أو شرطي،
وإلا فاستثنائي، ومبتدأ المطلوب في الحملي موضوع وأصغر، وذاته صغرى (3)،
وخبره محمول وأكبر، وذاته كبرى (4)، والمكرر وسط (5).
وقد يستدل على المطلوب بإبطال نقيضه، أو بتحقق ملزوم حقيقته،
[وهو عكسه]. فالنقيضان (6) قضيتان أيتهما صدقت كذبت أختها (7)،
وبالعكس، فالشخصية شرطها الوحدات الثمانية (8) وغيرها معها التخالف كما

(1) أي ما يلزم منه وهو النتيجة.
(2) أي نقيض لازمه.
(3) المقدمة المشتملة على الأصغر يقال لها صغرى، أي صاحبة الأصغر.
(4) لمفردي مقدمتي البرهان الحملي عند كل قوم اسم، فالمنطقيون يسمونها موضوعا
ومحمولا، والمتكلمون ذاتا وصفة، والفقهاء محكوما به ومحكوما عليه، والنحاة مبتدءا
وخبرا، ولا يرد على المتكلمين: الكاتب إنسان، لأن المراد بالمحكوم عليه ما صدق عليه،
وبالمحكوم به المفهوم.
نعم، كلام النحاة غير شامل لنحو: ما قام زيد، فلذلك عبر بعضهم بالمسند إليه
والمسند.
وما يقال من أن المبتدأ والمسند إليه قد يكون سورا عند المنطقيين فمندفع بأن المحكوم
عليه في الحقيقة ما أضيف إليه السور.
(5) في " أ ": أوسط.
(6) أحسن ما يقال في تعريف المتناقض انه اختلاف قضيتين كيفما مستلزم لذاته صدق أحدهما
كذب الأخرى.
(7) المراد بالأختية انتفاء التغاير بينهما إلا بتبديل الإثبات نفيا وبالعكس، وأما التغاير كما
فلا عبرة به وإنما المعتبر الوصف العنواني كما قالوه.
(8) هي: وحدة الموضوع، ووحدة المحمول، ووحدة الشرط، ووحدة الكل والجزء، ووحدة
الزمان، ووحدة المكان، ووحدة الإضافة، ووحدة القوة والفعل. هذا ما ذكره العلماء،
وزاد بعض المتأخرين وحدات اخر، كوحدة الآلة وغيرها، وبعضهم أرجع جميع الوحدات
إلى وحدة الموضوع والمحمول، والكلام فيه مشهور.
48

وكيفا (1) [فيهما]، فنقيض الموجبة كلية سالبة جزئية، وجزئية سالبة كلية،
وعكس القضية تبديل طرفيها (2) مع بقاء الصدق والكيف (3)، فعكس الموجبتين
جزئية (4)، وعكس السالبة الكلية مثلها (5) ولا عكس لجزئيتها، وعكس النقيض
تبديل نقيضي طرفيها مع بقائهما، والسوالب كالموجبات في العكس،
وبالعكس (6).
فصل
هيئة وقوع الوسط عند الحدين شكل، فما هو محمول صغراه موضوع كبراه (7).

(1) هذا في غير الموجهات، والقرينة عدم التعرض لمباحثها في هذا الفن.
(2) كما إذا أردنا عكس قولنا: كل إنسان حيوان بدلنا جزئيه، وقلنا: بعض الحيوان إنسان،
أو عكس قولنا: لا شئ من الإنسان بحجر، قلنا: لا شئ من الحجر بإنسان.
(3) يعني إن كان الأصل موجبة كان العكس موجبة، وإن كان سالبة كان سالبة.
(4) سواء كانت كلية أو جزئية تنعكس إلى الموجبة الجزئية.
(5) لأن قرن لا شئ من الإنسان بفرس وليس البتة إن كانت الشمس طالعة فالليل موجود ولم
يصدق عكسها سالبة كلية لصدق نقيضه الذي هو موجبة جزئية فتضمها إلى الأصل يلزم سلب
الشئ عن نفسه.
(6) أي حكم الموجبات في عكس النقيض حكم السوالب في عكس المستوي، فكما ان عكس
السالبة الكلية في المستوي كنفسها ولا عكس للجزئية، كذلك الموجبة في عكس النقيض
تنعكس كنفسها، والموجبة الجزئية لا تنعكس أصلا لصدق " بعض الحيوان لا إنسان " وكذب
" بعض الإنسان لا حيوان ".
(7) إنما رتب الأشكال على هذا النسق لأن الأول نظم طبيعي ينتقل الذهن فيه من المحكوم عليه
إلى الأوسط، ومنه إلى المحكوم به فلا كلفة فيه فلا يحتاج قياسه إلى بيان.
والثاني يشاركه في أشرف مقدمتيه أعني الصغرى المشتملة على موضوع النتيجة الذي
هو الذات.
والثالث يشاركه في المقدمة الأخرى.
والرابع بخلافه فيهما فصار بعيدا.
49

الأول: وشرطه إيجابها (1) وكلية كبراه (2)، وينتج المحصورات الأربع (3)،
فموجبتاه (4) مع موجبة موجبتيها (5)، ومع سالبة سالبتيها (6)، وما هو محمولهما.
الثاني: وشرطه اختلافهما كيفا وكلية كبراه (7)، ولا ينتج إلا سالبة، فكليتاه

(1) ليتوافق الأوسط في المقدمتين فيحصل أمر مكرر جامع بين طرفي المطلوب، لكن الحكم في
الكبرى على ما هو أوسط إيجابا، فلو كان المعلوم ثبوته في الأصغر هو الأوسط سلبا يعني أن
الصغرى سالبة فيتعدد الأوسط فلا يتلاقيان فلم يحصل الإنتاج.
فإن قلت: كيف يتحد الأوسط في المقدمتين والأوسط في الصغرى يراد به مفهومه لكونه
محمولا، وفي الكبرى ما صدق عليه لكونه موضوعا.
قلت: المراد بالاتحاد ان المفهوم الذي جعل محمولا هو بعينه يجعل وصفا عنوانيا لأن
المقصود اندراج الأصغر للحكم في الأوسط إذ الحكم على ما هو أوسط إيجابا.
(2) ليتعدى الحكم من الأكبر إلى الأصغر.
(3) يختص بإنتاج أولاها، وأما الثلاثة الباقية فلا تتعدى الثلاثة الباقية.
(4) الكلية والجزئية الصغريان.
(5) هذا إشارة إلى الضرب الأول والثالث، نحو: " كل مسكر مزيل للعقل " و " كل مزيل
للعقل ناقض للوضوء "، ونحو: " بعض الدجاج جلال " و " كل جلال حرام " فبعض الدجاج
حرام.
(6) هذا إشارة إلى الضرب الثاني والرابع، نحو: " كل صلاة حقيقية مشروطة بالطهارة " و " لا شئ
من المشروطة بالطهارة بصلاة أموات " فلا شئ من الصلاة الحقيقية بصلاة أموات، ونحو:
" بعض البالغين العاقلين حيض " و " لا شئ من الحيض بمكلف بالصلاة " فبعض البالغين
العاقلين ليس بمكلف بالصلاة.
(7) لأنه لا يصح إلا برده إلى الأول ومخالفته للأول إنما هي في الكبرى فوجب في رده إليه ان
يعكس إحدى المقدمتين وتجعل كبرى، فإن كانتا موجبتين فباطل، لأن عكس ما يعكس
منهما جزئية وهي لا تصلح كبرى للأول، وإن كانتا سالبتين أمكن فيه ذلك ولا ينتج لأن
الصغرى في الأول سالبة فلم يتلاقيا كما مر في الأول.
50

كلية (1)، ومختلفتاه جزئية (2)، وما هو موضوعهما.
الثالث: وشرطه إيجاب صغراه (3) وكلية إحداهما، ولا ينتج إلا جزئية،
فموجبتاه مع موجبة كلية، وبالعكس (4) موجبة، ومع سالبة (5) [مطلقا] سالبة،
وعكس الأول.
الرابع: وشرطه إيجابهما مع كلية صغراه، أو اختلافهما مع كلية إحداهما، وينتج
سوى أولى الأربع، فموجبة (6) الكلية معها موجبتيها وسالبتيها (7)، وسالبة (8)

(1) الموجبة مع السالبة والسالبة مع الموجبة، وهذا إشارة إلى الضرب الأول والثاني، نحو " كل
مسكر مزيل للعقل " و " لا شئ من الحلال مزيل للعقل " فلا شئ من المسكر حلال،
ونحو: " لا شئ من صلاة الأموات مشروطة بالطهارة " و " كل صلاة حقيقية مشروطة
بالطهارة " فلا شئ من صلاة الأموات صلاة حقيقية.
(2) الموجبة الجزئية مع السالبة الكلية، والسالبة الجزئية مع الموجبة الكلية، فمنتج ضروبه أربعة
كالأول، وهذا إشارة إلى الضرب الثالث والرابع، نحو: " بعض الدجاج جلال " و " لا شئ من
المحلل جلال " فبعض الدجاج ليس محللا، ونحو: " بعض النساء ليس طاهرا من الحيض "
و " كل مكلف بالصلاة طاهر من الحيض " فبعض النساء ليس مكلفا بالصلاة.
(3) في " ف ": الصغرى.
(4) أي الموجبة الكلية مع موجبتين كلية وجزئية، لكن الكليتان قد ذكرتا، فتعين أن يراد من
العكس الشق الأخير، أعني الكلية مع الجزئية، فظهر من العبارة ضروب ثلاثة أخرى نتائجها
موجبات.
(5) أي موجبتاه مع السالبة، ولم يقيدها بكلية ولا جزئية لأنها مع جزئية الأولى كلية لا محالة،
ومع كليتها جزئية أو كلية كما يقتضيه ثاني الشرطين، فظهر من العبارة ضروب ثلاثة أخرى
نتائجها سالبات.
(6) في " أ، س ": فموجبته.
(7) في " أ، ر ": موجبتها وسالبتها.
وبهذا حصلت الإشارة إلى أربعة ضروب.
(8) في " أ ": وسالبته.
51

الكلية مع أولييها (1) سالبة كلية [أو] جزئية (2) كجزئيتيه مع خلافيهما كليا (3).
فصل
الاستثنائي: إما متصل فيلزم استثناء مقدمه تاليه، وأكثره ب‍ " إن "،
ونقيضه نقيضه (4)، وأكثره ب‍ " لو ".
وإما منفصل ويلزمه التنافي إما إثباتا ونفيا، فمن إثبات كل نقيض الآخر (5)
ومن نقيضه عينه (6)، أو إثباتا فالأولان (7)، أو نفيا فالآخران (8)،
ويرد الاقتراني إلى الاستثنائي، وبالعكس.

(1) أي الأوليين للأربع وهما الموجبتان، وهذا إشارة إلى الضرب الثالث والثامن.
(2) إن كانت الكبرى جزئية.
(3) أي في الكم والكيف معا، وبهذين الضربين تتم الضروب الثمانية.
(4) ولا يلزم استثناء نقيض المقدم نقيض التالي، ولا من استثناء عين التالي عين المقدم، لجواز
أعمية اللازم، نحو: إن كان هذا إنسانا فهو حيوان.
(5) أي من إثبات عين كل من الطرفين نقيض الآخر.
(6) كقولنا: إما أن يكون هذا العدد زوجا أو فردا لكنه زوج فليس بفرد، لكنه فرد فليس بزوج،
لكنه ليس بزوج فهو فرد، لكنه ليس بفرد فهو زوج، فهو أربع نتائج.
(7) أو يكون التنافي بينهما إثباتا فقط.
(8) في " ف، أ، ر، س ": فالأخيران.
52

المطلب الثاني: في المبادئ اللغوية
اللغة: لفظ وضع لمعنى (1)، وطريقها تواتر (2) وآحاد (3)، ولا تثبت
قياسا (4)، والدوران منقلب (5)، والوضع لنقيضين يدفع المناسبة الذاتية، وإرادة
الواضع مخصصة، وهو إما الله سبحانه (6) بدليل (وعلم آدم الأسماء كلها) (7)
(واختلاف ألسنتكم) (8)، أو البشر (9) بدليل (إلا بلسان قومه) (10)، أو منه
تعالى الضروري ومنا الباقي (11)، وإلا دار أو تسلسل.

(1) سواء كان مفردا أو مركبا، وسواء كان الوضع نوعيا أو شخصيا.
(2) هذا رد على من أنكر ثبوت شئ من اللغات بالتواتر، إذ إنكار تواتر نحو السماء والأرض
والحر والبرد وأمثالها مكابرة في الضروريات.
(3) كالألفاظ الغير المشهورة المحتاج في معرفة معانيها إلى الرجوع إلى كتب اللغة.
(4) كما تقول سمي ماء العنب المغطي للعقل خمرا لأنه يخمر العقل فيسمى النبيذ أيضا خمرا
قياسا عليه لأنه يخمر العقل أيضا.
(5) استدلوا بأن التسمية بالخمر دائرة مع التخمير وجودا وعدما، فقبله يسمى عصيرا، وبعده
يسمى خلا، ومعه يسمى خمرا، والدوران يفيد ظن الغلبة فأيما وجدت ظنت التسمية،
فالنبيذ يسمى خمرا، ورد بأن التسمية دارت مع المحل وهو كونه ماء العنب فالعلة مركبة،
وفي النبيذ أحد جزئيها وهو التخمير.
(6) كما ذهب إليه الأشعري وجمع من الفقهاء.
(7) سورة البقرة: 31.
(8) سورة الروم: 22.
(9) كما ذهب إليه البهشمية وجماعة من المتكلمين.
(10) سورة إبراهيم: 4.
(11) كما ذهب إليه القاضي أبو إسحاق الأسفراييني، والمراد بالضروري القدر المحتاج إليه في
تعريف بعضا بعضا، إن هذا موضوع لذاته، هذا ما نقله العلامة وغيره من مذهبه،
ونقل الحاجبي ان مذهبه ان الباقي محتمل لأن يكون منه تعالى أو منا، والاعتماد على نقل
العلامة (رحمه الله) وغيره من علماء الأصول.
53

ولا قطع في شئ منها، لجواز إلهام الوضع وإرادة الحقائق (1)، والتوقيف على
سابق (2)، والإقدار (3) وتعليم آدم (4) والتعريف كما في الأطفال.
فصل
دلالة اللفظ على معناه مطابقة، و [على] جزئه الضمني (5) تضمن، وخارجه
اللازم (6) ولو عرفا التزام.
ثم إن [كان] قصد بجزئه (7) جزءه (8) فمركب، وإلا فمفرد، فإن استقل ولم يدل
بهيئته على زمان فاسم، أو دل ففعل، وإلا (9) فحرف، وإن اتحد معناه متساويا في
كثرة فمتواطئ، أو متفاوتا فمشكك، وإن كثر فمشترك إن وضع لكل، وإلا فمنقول إن

(1) هذا جوابان عن الاستدلال بالآية الأولى.
(2) أي على اصطلاح سابق، وهذا جواب عن الاستدلال بقوله تعالى: (واختلاف ألسنتكم)
- الروم: 22 -.
(3) أي إقدار الخلق على وضعها.
(4) أي لا يلزم من سبق اللغات على الإرسال كونها اصطلاحية لجواز أن تكون توقيفية وعلم الله
تعالى آدم اللغات كلها بالوحي إليه ولا إرسال له إلى قوم تقدمهم وبعد أن وجده وعلمه اللغات.
(5) إنما قيد بالضمني إشارة إلى أن الدلالة التضمنية دلالة على الجزء في ضمن الكل، فالذهن
ينتقل إلى الجزء في ضمن انتقاله إلى الكل، فالانتقال واحد والتغاير اعتباري.
(6) المراد من اللزوم كون الأمر الخارج بحيث يستعمل تصور الموضوع له بدونه... كان هذا
اللزوم الذهني عقلا كالبصر بالنسبة إلى العمى، أو عرفا كالجود بالنسبة إلى حاتم.
(7) أي اللفظ.
(8) أي جزء المعنى.
(9) أي وإن لم يستقل.
54

اشتهر في الثاني، وإلا فحقيقة ومجاز، وإن (1) كثرا (2) فمتباينة، أو اللفظ
فقط فمترادفة.
فصل
اللفظ: إن لم يحتمل غير ما يفهم منه لغة فنص (3)، وإلا فالراجح ظاهر (4)،
والمرجوح مأول، والمساوي مجمل (5)، والمشترك بين الأولين (6) محكم (7)،
وبين الأخيرين (8) متشابه، وإن دل على الطلب من مستعل فأمر (9)، ومن مساو
فالتماس، ومن سافل فسؤال ودعاء.

(1) في " أ، ر، س، ج ": وإذا.
(2) أي اللفظ والمعنى.
(3) أي بحسب متفاهم اللغة نحو: (له ما في السماوات وما في الأرض) - سورة: النساء: 171 -
فقوله: " لغة " قيد لقوله: " لم يحتمل "، ويجوز أن يكون قيدا للفعلين أي يفهم ويحتمل معا،
اما جعله قيدا للأخير أعني يفهم دون الأول فلا، لقيام الاحتمال العقلي في أكثر النصوص
نحو: (وأنزلنا من السماء ماء) - سورة لقمان: 10 -.
(4) كما في قوله تعالى: (وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم) - سورة المائدة: 6 - فإن حمل المسح
في المتعاطفين على حقيقته ظاهر، وحمل الوارد على الرجلين على الغسل الخفيف المشابه
للمسح كما قاله صاحب الكشاف: 1 / 611 مأول.
(5) كالقرء يحتمل الحيض والطهر.
(6) في " ج ": الأوليين.
(7) وهو مطلق الرجحان سواء منع النقيض أم لا.
(8) أي بين المأول والمجمل، وما به اشتراكهما هو نفي الرجحان.
(9) ليست لفظة من صلة للطلب، بل المراد أن اللفظ إن دل على الطلب حال كونه صادرا عن
مستعل فأمر، ولا يشترط العلو في نفس الأمر لقوله تعالى حكاية عن قول فرعون لأصحابه:
(فماذا تأمرون) - سورة الأعراف: 110، سورة الشعراء: 35 -، ويمكن جعله في هذه الآية
للعلو الحقيقي، وربما يفهم ذلك من كلام الكشاف: 3 / 310.
55

فصل
المشترك واقع [في اللغة] لثبوت العين وأمثالها (1)، لا لخلو الأكثر عن الاسم
لولاه، واشتراك الموجود بين الحادث والقديم، ولا اختلال مع القرينة (2)،
والإجمال قد يقصد (3)، وفي القرآن كقوله تعالى: (ثلاثة قروء) (4) والاستعداد
للامتثال فائدة.
والترادف واقع ك‍ " أسد " و " سبع "، ويجوز تبادلهما، ولا يرد
خداي أكبر (5)، ويفيد التوسعة (6) والتزيين وتثنية العلامة (7)، وليس منه (8)
الحد والتابع.

(1) وقد يعرف بأنه اللفظ الموضوع لمعنيين معا على البدل من غير ترجيح، وهذا يظهر من كلام
الحاجبي، وجعل العضدي لفظة معا احترازا عن المنفرد، وعلى البدل عن المتواطئ، لأنه
القدر المشترك، وعن الموضوع للجمع كالم‍... من غير ترجيح عن الحقيقة والمجاز، وان
المنفرد والمتواطئ خرجا بالوضع.
(2) جواب عن استدلال من نفى الاشتراك باختلاله بالتفاهم.
(3) بدليل أسماء الأجناس.
(4) سورة البقرة: 228.
(5) هذا جواب عن منع صحة وقوع كل من المترادفين مكان الآخر، قالوا: لو صح لصح خداي
أكبر كما يصح الله أكبر، والتالي يطعن فالمقدم مثله، والملازمة ظاهرة، فأجاب بأن المانع
شرعي لا لغوي، وبأن الكلام في لغة واحدة.
(6) في القافية والوزن.
(7) جواب عن قولهم: يلزم تعريف المعرف.
(8) هذا رد على من زعم أن الحد مرادف للمحدود، والتابع مرادف للمتبوع، إذ الحد تبديل لفظ
بآخر أجلى منه، وليس بمستقيم، إذ الحد يدل على المفردات بأوضاع متعددة، بخلاف
المحدود.
وأما التابع فإنه ليس بمرادف لمتبوعه، إذ التابع لا يجوز إفراده عن متبوعه، فإنا لو أفردنا
بطشان - مثلا - عن عطشان، لم يدل على شئ أصلا، وليس كذلك الألفاظ المترادفة.
56

فصل
الحقيقة (1): لفظ مستعمل في وضع (2) أول، والمجاز في غيره لعلاقة،
ولا شئ منهما قبله (3)، وحصرت في خمسة وعشرين، وتكفي عن نقله،
وقد يعرف بالسلب (4) ولا دور، وبعدم اطراده ولا عكس (5)، وفي القرآن
كثير، وأسماؤه تعالى توقيفية (6)، وهو أولى من الاشتراك، وأغلبيته
تغلب مزاياه (7) مع معارضتها بمثلها (8)، ولا يستلزم الحقيقة ك‍ " الرحمن "،
والفائدة صحته (9)، وفي [نحو]: " أنبت الربيع البقل " وجوه أربعة مشهورة،
والحقيقة الشرعية (10) للمتشرعة شائعة، وللشارع محل كلام (11)،

(1) انظر: كفاية الأصول: 21.
(2) المراد بالوضع الأول ما لا يكون ملحوظا فيه وضع سابق لا ما لا يتقدمه وضع فدخلت الحقائق
الشرعية والعرفية وخرجت المجازاة.
(3) أي قبل الاستعمال، فاللفظ قبله وبعد الوضع لا حقيقة ولا مجازا لعدم صدق أحدهما عليه.
(4) كما إذا كان كل من الحقيقي والمجازي معلوما واشتبه ما أراده القائل، كقول من لا إزار له: أنا
مشدود الإزار، ويصح سلبه بأن يقال: لا إزار له.
(5) أي لا نعرف الحقيقة بالاطراد، فإن المجاز قد يطرد كالأسد للرجل الشجاع.
(6) أي موقوفة على إذن الشارع، فلا يصح إطلاق لفظ التجوز عليه لتجوزه في القرآن.
(7) أي أغلبية وقوع المجاز في اللغة تغلب مزايا الاشتراك.
(8) في " ف ": عليها - خ ل -. وقوله: مع معارضتها بمثلها، نحو: حمار ثرثار، واتخذت للأشهب
أدهم، ورأيت سبع سباع، وغير ذلك.
(9) جواب عما يقال إذا لم يكن للفظ حقيقة فلا فائدة في وضعه للمعنى، والجواب فائدته صحة
التجوز.
(10) الحقيقة الشرعية هي اللفظة التي استفيد من الشرع وضعها للمعنى، سواء كان المعنى واللفظ
مجهولين عند أهل اللغة، أو كانا معلومين، لكنهم لم يضعوا ذلك الاسم لذلك المعنى، أو كان
أحدهما مجهولا والآخر معلوما، واتفقوا على إمكانه، واختلفوا في وقوعه.
(11) لاحتمال استعمال الشارع في تلك المعاني لمناسبة معانيها اللغوية.
57

والظاهر ثبوتها للتبادر، وفيه ما فيه، ولا يلزم عدم عربية القرآن (1)، وفيه
المعرب ك‍ " مشكاة " و " سجيل " دون " إبراهيم " فإنه علم.
فصل
الواو العاطفة لمطلق الجمع (2) لنص اللغويين، وقولهم: إنها في المختلفة
كالمتفقة (3)، وورودها في التفاعل (4) ومع القبلية والبعدية (5)، وصدقها مع [إرادة]
المعية، وسؤالهم النبي (صلى الله عليه وآله): بأيهما نبدأ؟ واستفادة الجمع من جوهر اللفظ مدفوع
باحتمال الاضراب، وإنكارهم على ابن عباس (رحمه الله) (6) تقديم العمرة (7) معارض
بأمره به (8)، وهذا أدل (9).

(1) جواب عن استدلال من أنكر الحقيقة الشرعية بأن العرب لم تضعها لتلك المعاني، بل لم
ينقلوها أصلا، والقرآن مشتمل عليها، كالصلاة والصوم والحج وغيرها، فلا يكون القرآن
عربيا. وتقرير الجواب: ان المجازات الحادثة عربية لوجود العلاقة، إذ النقل في آحادها غير
شرط... لكن اللفظ العجمي النادر في الكلام الطويل لا يخرجه عن العربية، كالشعيرات
النادرة البيض في الفرس الأسود، والكلمات القليلة العربية في القصيدة الفارسية.
(2) سواء كان معه ترتيب أم لا.
(3) يعني إذا جاء زيد وعمرو بالاتفاق يقولون: جاء زيد وعمرو، وإن لم يجيئا بالاتفاق أيضا
يقولون هكذا، فثبت انه ليس للترتيب.
(4) نحو: تقاتل زيد وعمرو، ولو كانت للترتيب لما صح ذلك.
(5) نحو: جاء زيد وعمرو قبله من دون تناقض، وجاء زيد وعمرو بعده من دون تكرار.
(6) مجمع البيان: 2 / 37، كنز العرفان: 274، الدر المنثور: 1 / 209.
(7) روي أن الصحابة قالوا لابن عباس: لم تأمرنا بالعمرة قبل الحج وقد قال الله تعالى: (وأتموا
الحج والعمرة) - سورة البقرة: 196 -؟
(8) أي تقديم العمرة.
(9) يعني أن أمره بذلك أدل على عدم كون الواو للترتيب من دلالة إنكارهم عليه على كونها له،
لأن إنكارهم يحتمل أن يكون لفهمهم الجمع المطلق فأنكروا عليه التخصيص بأحد فرديه.
58

والفاء لمعان، منها التعقيب (1)، وهو في كل شئ بحسبه، ك‍ " تزوجت
فولدت ".
وأما قوله تعالى: (فيسحتكم بعذاب) (2) فللمبالغة في القرب. وقوله سبحانه:
(أهلكناها فجاءها بأسنا) (3) أي أردناه، أو التعقيب ذكري.
والباء لمعان، منها التبعيض، كما ورد [به] النص الصحيح (4) عن الباقر (عليه السلام) في
[تفسير] قوله تعالى: (وامسحوا برؤوسكم) (5) فلا عبرة بإنكار سيبويه ذلك
في سبعة عشر موضعا من (6) كتابه، وقد بسطنا الكلام فيه في مشرق الشمسين (7).
فصل
المشتق: فرع وافق (8) الأصل بأصول حروفه، وأنواعه خمسة عشر (9)،
ولا يلزم بقاء المعنى في صدقه [حقيقة]، إذ هو لمن حصل له (10)، ولصدق المخبر

(1) لاجتماع أهل اللغة عليه. وفي " ر ": والفاء للتعقيب.
(2) سورة طه: 61.
(3) سورة الأعراف: 4.
(4) تهذيب الأحكام: 1 / 63 ح 26، مجمع البيان: 3 / 285، وسائل الشيعة: 1 / 419 ح 1090.
(5) سورة المائدة: 6.
(6) في " ج ": في.
(7) ص 122 - 138.
(8) المراد الموافقة الجوهرية والترتيبية معا، فخرج المشتق بالاشتقاق الصغير وغيره.
(9) إذ لابد فيه من تغيير لفظي إما زيادة أو نقص بحرف أو حركة. والحاصل في كل مشتق إما
واحد أو اثنان أو ثلاثة أو أربعة، فالأحادي أربعة، والثنائي ستة، والثلاثي أربعة، والرباعي
واحد، وأمثلتها مشهورة.
(10) أي الظاهر أن المشتق موضوع لمن حصل له المعنى مطلقا في الحال أو في الماضي، ولا يخفى
تطرق المنع إلى هذه الدعوى.
59

والمتكلم، ولزوم (1) مجازية المؤمن (2) للنائم والغافل، واستعماله (3) في
الثلاثة (4)، والأصل الحقيقة خرج الاستقبال بالاتفاق، والنفي الحالي لا يفيد،
ومنع (5) الكافر على من آمن شرعي (6). وقيل بخروجه عن محل النزاع، إذ هو
ما لم يطرأ على المحل وصف وجودي ينافي الأول (7)، كما [قيل:] في المحصول (8)
وغيره، فإطلاق النائم والقائم على اليقظان والقاعد مجاز اتفاقا (9) لا: " السارق
والزاني " (10) بعدهما، فتفريع بقاء كراهة الطهارة بالمسخن بالشمس (11) بعد برده
على هذا الأصل، كما ترى (12).

(1) قد التزمه محققو الأشاعرة، كالحاجبي والفخري والعضدي وسائر قدمائهم، دون بعض
المتأخرين، كالبدخشي، وهؤلاء قائلون ببقاء التصديق في خزانة الحس على مذاق
الحكماء، كما ترى.
(2) والحال إن إطلاق المؤمن للنائم حقيقة، وكذا الغافل.
(3) أي المشتق.
(4) أي في الأزمنة الثلاثة: الماضي والحال والاستقبال.
(5) جواب عن استدلال الخصم عنه.
(6) فلا ينافي الإطلاق اللغوي، ومنع إطلاقه عليه لغة أول البحث.
(7) كما إذا طرأ السواد وزال البياض لا يقال للمحل أبيض إلا مجازا لزوال ما كان عليه لإطلاقه
عليه.
(8) نسبة هذا الكلام إلى المحصول موجودة في كتب بعض المخالفين، وأورده شيخنا الشهيد
الثاني في قواعده بعلاقة، ونحن لم نجده في المحصول، ولا في كلام علماء الأصول، فلذلك
صدرناه بلفظة قيل.
(9) لأنهما اتصفا بصفة النوم والقيام أي اليقظة والقعود.
وفي " ف ": فإطلاق النائم والقاعد على اليقظان مجاز اتفاقا.
(10) لأنهما لم يتصفا بصفة وجودية بعد الزنا والسرقة.
(11) في " أ ": بقاء الكراهة بالمسخن بالشمس. انظر: تهذيب الأحكام: 1 / 366 ح 1113،
الاستبصار: 1 / 30 ح 79، وسائل الشيعة: 1 / 207 ب 6 ح 1.
(12) يعني لا يكون حسنا لأنه اتصف الماء بالضد الذي هو البرودة، فهو ليس مما نحن فيه.
60

فصل
لا يشترط الاتصاف بالمبدأ في المشتق وإن غلب (1)، واستدل بصدق المؤلم
والضارب مع قيام الألم والضرب بغيره.
وفيه: إن المبدأ هو التأثير لا الأثر (2)، ويمكن (3) الاستدلال بصدق العالم
والقادر والخالق عليه سبحانه، والعينية ثابتة (4)، ولا قيام للخلق به [سبحانه]،
وتشبثوا بالاستقراء (5)، ويلزمهم منع إطلاق الموجود والصائت على الشئ (6)
والواجب (7) على الصلاة مثلا لعينية الوجود بزعمهم، وقيام الصوت بالهواء،
وجعلهم الوجوب من الكلام النفسي.
والحق أن للبحث (8) [من الطرفين] مجالا، ودعواهم الاستقراء لم تثبت (9).

(1) سواء كان المشتق اسم فاعل أو اسم مفعول، أو صفة مشبهة، وسواء كان المبدأ قائما بغير
المحل أو لا، والحاجبي خصص باسم الفاعل وبما إذا كان المبدأ قائما بغيره، واعتذر له بأن
عمدة البحث وصفه سبحانه بالمتكلم مع قيام الكلام بالشجرة، وهو عذر ضعيف، والأولى
التعميم، كما فعل العلامة والآمدي.
(2) أي هو الذي قائم بالمفعول.
(3) على عدم اشتراط الاتصاف بالمبدأ.
(4) أي قد ثبتت في الكلام، ان صفاته تعالى عين ذاته، فليس هناك اتصاف بالعلم والقدرة.
(5) أي تتبع الكلمات المشتقة وعدم الظفر بكلمة منها صادقة... والمعنى المشتق منه قائم بغيرها.
(6) أي يلزم الأشاعرة القائلين بأنه لابد من إطلاق المشتق على شئ من اتصافه بمبدأ الاشتقاق.
(7) لأن الوجوب صفة الحكم لا صفة الصلاة بمذهب الأشعري.
(8) أي في هذه الأدلة والالتزامات، كأن يقال: اللغة غير مبنية على أمثال هذه التدقيقات، بل
مبناها على الظواهر، واللغويون لم يتفطنوا بعينية الصفات وعينية الوجود للماهية، ولا لقيام
الصوت بالهواء، وغير ذلك، وكلامنا إنما هو على عرفهم لا على ما هو الواقع في نفس الأمر.
(9) لوجود الصور المذكورة.
61

المطلب الثالث: في المبادئ الأحكامية
الحكم الشرعي: طلب الشارع من المكلف الفعل (1)، أو تركه (2) مع
استحقاق الذم (3) بمخالفته (4) وبدونه (5)، أو تسويته بينهما لوصف مقتض
لذلك (6)، فعلمت الأحكام الخمسة (7) بحدودها، والوضعي (8) ليس
حكما (9)، بل مستلزم له (10)، ولا مانع من طلب الترك، وأثر القدرة الاستمرار
عليه (11)، والطلب في التمريني راجع إلى الولي (12)، ومكروه العبادة (13)

(1) في الواجب.
(2) في الحرام.
(3) إشارة إلى الوجوب والحرمة.
(4) هذا الضمير إما راجع إلى المكلف، أو إلى الشارع، أو إلى الطلب.
(5) عطف على طلب الشارع إشارة إلى الإباحة.
(6) ليس هذا القيد للإخراج والإدراج.
(7) أي: الواجب والحرام والندب والمكروه والمباح.
(8) أي الخطاب الوضعي مثيل علامة دلوك الشمس لأجل وجوب الصلاة.
(9) كما عليه جماعة من الأصوليين.
(10) أي للحكم الشرعي.
(11) أي على التردد، والاستمرار ممكن، فإن شاء أبقاه مستمرا، وإن شاء قطعه، فالترك مقدور
لا باعتبار نفسه، بل باعتبار وصف وهو الاستمرار، ويكون مطلوبا بهذا الاعتبار.
(12) فإنه هو المأمور بتمرين الطفل فلا ينتقض طرد الحد به.
(13) أي بإرجاع كراهة العبادة إلى وصف خارج عن العبادة كما في الصلاة في الحمام فإن الكراهة
فيها إنما هي باعتبار الوصف الخارج عنها وهو كونها في الحمام من حيث وقوعها فيه. فالصلاة
في الحمام وإن كانت من حيث نفسها واجبة لكنها من حيث وقوعها في الحمام مكروهة،
بمعنى أن الصلاة على هذا الوصف الخارج أقل ثوابا، وكذا القول في صوم المسافر.
62

من المندوب لا منه لرجحانه (1). أو منه بإرجاعها إلى وصف خارج (2)، [وتسميته
به مجاز] وتسديس القسمة به تعسف (3).
فصل
الغزالي: الحكم (4) خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين، وقد ينقض (5) عكسه
بالخواص (6) من جهتين (7)، وطرده بقوله تعالى (8): (والله خلقكم وما
تعملون) (9)، بل انطباق الحد عليها أظهر لمشاركتها [له] في الإشعار الظاهري (10)
بالعمومين (11)، ولذلك استدلوا بها على خلق الأعمال، وقد يذب عن العكس

(1) أي رجحان مكروه العبادة من المكروه الذي هو أحد الأقسام الخمسة.
(2) كالمكان والزمان.
(3) أي بمكروه العبادة ليدخل في التقسيم بأن يقال: ما كان الطلب متعلقا بتركه ولا يستحق الذم
بفعله، فإما أن يكون فعله أقل ثوابا من تركه فهو المكروه منها، وإما أن لا يكون لفعله ثواب
أصلا وهو المكروه من غيرها.
(4) الخطاب نصه توجيه الكلام نحو الغير للأفهام، وقد صرح الآمدي وغيره من علماء الأصول
بنقله إلى الكلام الموجه، فقول الأبهري لا حاجة إلى النقل لا وجه له، وإهمال بعض
المتأخرين كلامه مع فساده والرد على المحقق الشريف عجيب.
(5) في " ر ": ينتقض.
(6) بل بغير الخواص أيضا كالصلاة والصوم والحج، إذ لم يتعلق فيها لكل الأفعال كما هو مدلول
الجمع المضاف، لكن النقض هنا من جهة واحدة لا من جهتين.
(7) كوجوب صلاة الليل عليه (صلى الله عليه وآله)، والجهتان وحدة الفعل ووحدة المكلف.
(8) لنا في هذه الآية كلام طويل أوردناه في حواشي شرح العضدي فليطلب من هناك.
(9) سورة الصافات: 96. فإنه خطاب الله تعالى المتعلق بأفعال المكلفين وليس من الحكم
في شئ.
(10) إنما قال: " الظاهري " لأن إشعار ضمير الجمع بالعموم إنما هو بحسب الظاهر.
(11) أي عموم المخاطبين، وعموم الموصول.
63

بأن التعلق بالغير في التخصيص ملحوظ، والجنسية من الجمعين (1) مقصودة،
وعن الطرد (2) بأن حيثية التكليف معتبرة، ويخدشه (3) التعدد (4) والتجوز (5)،
واعتبارها في الآية (6) [أيضا] لتضمنها الإنكار عليهم في عبادة ما ينحتون (7)،
ثم سوقها ظاهر (8) في إرادة خلقه سبحانه جوهر الصنم، وهو المعمول فلا يتم
استدلالهم بها على خلق العمل (9).
ودعوى البيضاوي (10) الأولوية (11) غير مسموعة، والتوقف لا يوجبها،

(1) كما قالوه في نحو: زيد يركب الخيل، وفي قوله تعالى: (وإذ قالت الملائكة يا مريم)
- سورة آل عمران: 42 -، والمراد جبرئيل (عليه السلام)، فاندفع النقض بالخاصة من الجهة الأخرى.
(2) أي: وقد يذب عن الطرد.
(3) أي يخدش الذب عن العكس والطرد.
(4) أي تعدد الحكم في الخواص، ففي اختصاصه (صلى الله عليه وآله) بالزيادة على الأربع حكمان: إباحة بالنسبة
إليه، وتحريم بالنسبة إلى الأمة، فعاد نقض العكس بها.
(5) أي تعريف الجمع بالاستغراق وحمله على الجنس تجوز.
(6) هذا خدش الذب عن الطرد، والأولان خدشة عن العكس.
(7) في " ج ": ما ينحتون أيضا. حكاية عن قول إبراهيم (عليه السلام) لقومه بعد كسر أصنامهم، والآية
هكذا: (قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون) - سورة الصافات: 95 - 96 -.
(8) هذا الكلام مذكور بالعرض.
(9) مجمع البيان: 8 / 318.
(10) قال في تفسير قوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون) - سورة الصافات: 96 - أي وما
تعملونه فإن جوهرها بخلقه وشكلها وإن كان بفعلهم، ولذلك جعل من أفعالهم فبإقداره إياهم
عليه وخلقه ما يتوقف عليه فعلهم من الدواعي والتعدد، أو عملكم بمعنى معمولكم ليطابق ما
تنحتون، أو انه بمعنى الحدث فإن فعلهم إذا كان بخلق الله فيهم كان مفعولهم المتوقف على
فعلهم أولى بذلك، وبهذا المعنى تمسك أصحابنا على خلق الأعمال، ولهم أن يرجحوه على
الأولين لما فيهما من حذف أو مجاز. انتهى كلامه - تفسير البيضاوي: 5 / 19 -، ومن تدبره
ظهر عليه.
(11) وهي انه إذا كان فعلهم مخلوقا له تعالى يكون ما يتوقف على فعلهم مخلوقا له تعالى
بطريق أولى، فيكون إبراهيم (عليه السلام) أراد أن يبين لقومه مخلوقية الصنم لله تعالى بطريق
الأولوية، وقد طول صاحب الكشاف - ج 4 / 51 - 52 - في التشنيع على الأشاعرة في
استدلالهم بهذه الآية على خلق الأعمال. وغرض البيضاوي الرد عليه وعلى الفخري أيضا
حيث قال: الأولى ترك الاستدلال بهذه الآية.
64

كما في القدرة والمقدور.
تتمة: لو نقض طرد الحد بعد تحييثه (1) بأخيرتي الزلزال (2) لكان أظهر لصراحة
الوعد والوعيد، وإرادة المكلفين بذلك الخطاب، إن أصلحت الطرد أفسدت
العكس (3) بالإباحة، كزيادة الاقتضاء والتخيير (4) إن حكم بحكمية الوضعي (5)
فيضاف، أو الوضع، ومن أرجعه إليهما (6) أسقطه، ولم يخص الأول بالصريح، بل
عمم بما يشمل الضمني (7) فيرد عليه النقض بكثير من الآيات (8)، كما يرد على

(1) في " ف، ج ": الحيثية.
(2) أي بالآيتين الأخيرتين من سورة الزلزال: 7 - 8 -، وهما قوله تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة
خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره).
(3) أي تخرج الآيتان، وإنما عبر بلفظة ان لأنه يمكن أن يقال: إن فيهما تكليفا لعمل الخير
واجتناب الشر فلم تخرجانه قوله بالإباحة، ولا تكليف بخطابها.
(4) أي كما أن زيادة الاقتضاء والتخيير في التعريف يفسده بعكسه بخروج الحكم الوضعي فيحتاج
إلى قولنا أو الوضع، وإنما قال: ان لأن مذهب الأصوليين إنما هو في باب الوضع ليس أحكاما،
بل علامات، كما مر في المبادئ الأحكامية.
(5) حكم الوضعي مثل كون الشئ سببا وشرطا ومانعا كما يقول: الدلوك سبب للصلاة، والطهارة
شرط لها، والنجاسة مانعة منها، فإن الحكم المذكور غير متناول لها ويصادق عليها مع كونها
أحكاما شرعية.
(6) أي ارجع الوضع إلى الاقتضاء والتخيير، إذ معنى جعل الدلوك دليلا على وجوب الصلاة
اقتضاء فعلها عنده، ومعنى جعل طهارة المبيع شرطا لصحة بيعه جواز الانتفاع به عندها.
(7) أي أعم من أن يكون الاقتضاء صريحا أو ضمنا، ففي الحكم الوضعي مثل: (أقم الصلاة
لدلوك الشمس) - سورة الإسراء: 78 - وإن لم يكن اقتضاء صريحا، لكن الاقتضاء ضمنا.
(8) أي التي فيها اقتضاء ضمني وليس بخطاب.
65

المخصص (1) النقض بآية: (ومن يقتل مؤمنا) (2) لصراحتها في التحريم (3)،
والحق إدراجها في الحكم (4)، والإجماع على خلافه لم يثبت.
فصل
استحقاق المدح على العدل والإحسان (5)، والذم على الظلم والعدوان،
ضروري (6) يشهد به الوجدان، ويحكم به نفاة الأديان، ومن قصر الحسن
والقبح على صفة الكمال وموافقة الغرض (7) ونقيضيهما وأنكرهما في المذكورات
بالمعنى المتنازع (8) فقد كابر مقتضى عقله، والتخالف (9) ينفي ذاتيتهما (10)،

(1) أي من كان يقول في التعريف اقتضاء صريحا أي خصص الاقتضاء على الصريح ولا يبقى على
عمومه.
(2) سورة النساء: 93.
(3) مجمع البيان: 3 / 159 - 162.
(4) لدلالتها على الطلب وإن لم تكن موضوعة له.
(5) الحسن والقبح بهذا المعنى هو المتنازع فيه بيننا وبين الأشاعرة، والمعنيان الأخيران
فلا خلاف لهم في عقليتهما، ومتى ثبت الحسن والقبح في هذه الصورة الجزئية - أعني العدل
والظلم بالمعنى المتنازع - لزمهم الاعتراف ببطلان مذهبهم، إذ نحن وهم متفقون على
عدم التبعيض.
(6) أي من غير نظر إلى ورود الشرع.
(7) ليس المراد غرض الفاعل وحده، بل غرضه وغرض غيره، كما في المواقف وغيره، وكلام
العضدي في الشرح يخالف كلامه في المواقف حيث خصه بغرض الفاعل اتباعا لما يعطيه
كلام الحاجبي.
(8) في " أ ": المتنازع فيه.
(9) أي في الفعل الواحد بأن يكون حسنا تارة وقبيحا أخرى.
(10) أي ينفي كون الحسن والقبح ذاتيين للفعل، سواء استند إلى نفس الذات أو إلى صفة
لازمة لها.
66

كجمع النقيضين، وارتكاب أقل القبيحين مدخول، وشرعيتهما (1) تنفي الوثوق
بالوعد والوعيد، وتفحم النبي (صلى الله عليه وآله) بعد رؤية معجزته بتجويز تمكين الكاذب منها،
والحوالة على العادة باطلة، ولو تم الاضطراري (2) لجرى في الواجب (3) [تعالى]،
ولو قدمت القدرة فالتعلق حادث ولا ينافي الوجوب بالإرادة الاختيار (4)، ونفي
التعذيب قبل البعثة للعفو، وامتناع القبيح لصارف لا ينفي القدرة عليه.
مسألتان: [الأولى:] وجوب شكر المنعم عقلي لأمن العقاب، أو زوال النعمة
بتركه وهو الفائدة، أو استحقاق المدح، أو الزيادة (5)، أو هو لنفسه، ونقطع بعدم

(1) لأنه إذا انحصر القبح في الشرعي لم يجزم بعدم صدور الكذب وتمكين الكاذب من المعجزة،
لأنه إذا لم يقبح منه تعالى شئ جاز صدورهما عنه جل شأنه، فيلزم المحذوران.
فإن قالوا: صدورهما نقص فيمتنع اتصافه به. قلنا: هو فعل لا صفة، وقد اعترف محققوكم
بأن النقص في الأفعال يرجع إلى القبح العقلي، كما في المواقف وغيره، فلا تغفل.
(2) في " أ، ر، س ": الاضطرار.
(3) جواب عن قولهم: إن العبد مضطر في فعله فلا يكون حسنا ولا قبيحا، لأنه إن تعلق علم الله
بوقوعه وجب، أو عدمه امتنع. أو نقول: إن لم يتمكن من الترك فالفعل اضطراري، وإن جاز
وجوده وعدمه احتاج إلى مرجح، ومعه يقال: إن كان الفعل المحال للزم التسلسل، وإن لم
يحتج إلى مرجح فهو اتفاقي صادر بلا سبب يقتضيه، فلا يكون اختياريا، إذ لابد في
الاختياري من إرادة مرجحة، والجواب التفصيلي عن هذين الدليلين مذكور في حواشينا على
الشرح العضدي بما لا مزيد عليه فليطلب من هناك.
(4) إشارة إلى ما أجاب به العلامة (رحمه الله) في النهاية عن دليلهم الثاني على الاضطرار، وتقريره: إنا
نختار انه لا يتمكن من الترك قولكم يلزم الاضطرار. قلنا: نعم، فإنه إنما يلزم إذا لم يكن له
اختيار. أما إذا كان صدور الفعل عن الاختيار فلا اضطرار، إذ لا منافاة له بين وجوب الفعل
حالة الاختيار وإمكانه قبله فإن القدرة والإرادة إذا اجتمعا وجب الفعل.
(5) في ذكر هذه الفوائد رد لقولهم: لا فائدة في الشكر، فيكون عبثا، لأنها إما أن يعود إلى الله
تعالى، وهو ظاهر البطلان، أو إلى العبد، فأما في الدنيا، وهو أيضا باطل، إذ ليس في الشكر
إلا المشقة والتعب الحاضر، أو في الآخرة، وهو باطل أيضا، لأن الأمور الأخروية من
المغيبات التي لا مجال للعقل فيها.
67

العقاب (1) على شكر النعمة، بل على كفرانها، والقياس على اللقمة باطل (2)
لحقارتها بالنسبة إليهما معا فتطرق الاستهزاء. أما نعمه سبحانه فهي وإن حقرت
عنده تعالى لكنها عظيمة عندنا، فترك شكرها كفران، فبطل كلام الحاجبي (3).
الثانية: الأشياء الغير الضرورية (4) مما لا يدرك العقل قبحها كشم الورد قبل
الشرع (5) غير محرمة عقلا (6)، إذ هي منافع بلا مفسدة (7)، والإذن في التصرف
معلوم عقلا كالاستظلال بجدار الغير، وللعلم باستحقاق من اقتصر من
التنفس (8) على أقل ما تحصل به الحياة ذما.

(1) جواب عن قولهم في أداء الشكر خوف العقاب، لأنه تصرف في ملك الغير عن نفس الشاكر،
لأنه ملك الله تعالى، ولم يرخص جل شأنه في هذا التصرف.
(2) جواب عن قولهم: إن شكر نعمة الله تعالى من قبيل الاستهزاء كفقير حضر مائدة سلطان عظيم
الشأن فتصدق عليه بلقمة، فشرع ذلك الفقير بالثناء على ذلك السلطان والسجود له، وإشاعة
مدحه في المجامع لأجل إنعامه بتلك اللقمة، ولا شك أن ذلك يعد استهزاء بذلك الملك،
وان ذلك الفقير يستحق العقاب على ذلك الفعل.
(3) من أن نعم الله تعالى كاللقمة في الحقارة.
(4) أي التي لا يضطر إليها المكلف في معاشه، كتناول الفاكهة، واستعمال الطيب، وما شابههما،
وأما الضرورية وهي التي يضطر إليها المكلف في معاشه بحيث لا يمكن حياته بدونه،
كالتنفس في الهواء، وتناول الماء عند العطش العظيم، وأمثال ذلك، والثاني يجب القطع
بعدم تحريمه، والأول فيه الكلام المذكور.
(5) أما بعد ورود الشرع فكلما فيه نفع ولم يقم على الحرمة دليل فلا ريب في إباحته لقوله تعالى:
(خلق لكم ما في الأرض جميعا) - سورة البقرة: 29 -.
(6) هذا مذهب جماعة من الإمامية، كالسيد المرتضى رضي الله عنه، وذهب بعضهم - كالشيخ
المفيد - إلى التوقف، وبعضهم إلى التحريم، فأصحابنا الإمامية في هذه المسألة على ثلاثة
أقوال، كما صرح به شيخ الطائفة في العدة، أما بعد وروده فكلما فيه نفع ولم يقم على تحريمه
دليل فلا ريب في إباحته لقوله تعالى: (خلق لكم ما في الأرض جميعا).
(7) ولا ضرر على المالك فيه، فوجب القطع بكونه حسنا.
(8) في " س ": النفس.
68

فصل
الواجب: ما يستحق تاركه لا إلى بدل ذما، ولا نقض بأخيرتي الأربع (1)
في الأربع (2) لاعتبارها في الأوليين إذا تركتا (3)، وقس عليه (4) الزائد على
إحدى الثلاث في المسح والتسبيح (5)، ويرادفه الفرض (6)، فإن فعل في وقته
المقدر أولا فأداء (7)، وثانيا لتدارك نقص فإعادة، أو بعده بأمر جديد فقضاء،
أو قبله بإذن فتقديم، وكذا المستحب (8)، وقد علم بذلك حدودها، ولا نقض
بأداء مدرك الواحدة، وإعادة المنفرد في جماعة (9)، وقضاء مفسد الحج للوقتية
بالنص والنقض به (10)، والتضييق بالإفساد (11).

(1) أي الركعات الأربع.
(2) أي في البقاع الأربع المشهورة، إذ يجوز تركها فيها، ولا بدل لها في الظاهر.
(3) أي لأن البداية معتبرة في الركعتين الأوليين إذا تركت الأخيرتان، بمعنى أنهما ينويان عنهما
في حصول براءة الذمة من الصلاة، فلم يكن تركهما لا إلى بدل فلا ينتقض عكس الحد بهما.
(4) أي قس على ترك الأخيرتين في الأربع ترك الزائد على إحدى الثلاث.
(5) أي التسبيح في الأخيرتين وفي الركوع والسجود.
(6) خلافا للحنفية حيث خصوا الفرض بما ثبت بدليل قطعي، والواجب بما ثبت بظني.
(7) متعلق بقوله: " فعل " فخرجت الإعادة لأنها قسيمة للأداء، كما عليه الأكثر لا قسم منه كما ظنه
العضدي.
(8) كصلاة الليل وغسل الجمعة، فإن لكل منهما أوقات ثلاثة: أداء وتقديما وقضاء، كما هو
مذكور في كتب الفروع.
(9) أي لا ينتقض حد الإعادة عكسا بإعادة المنفرد جماعة.
(10) أي بالنص، فقد روينا أن صلاة الجماعة تفضل على صلاة الفرد بأربع وعشرين درجة، رواه
عبد الله بن سنان في الصحيح، عن الصادق (عليه السلام) - ثواب الأعمال: 59 ح 1، تهذيب الأحكام:
3 / 25 ح 85، وسائل الشيعة: 8 / 285 ح 1 -. وروى العامة عن أبي سعيد الخدري، قال:
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة. رواه في صحيح
مسلم: 1 / 450 ح 249 عن ابن عمر.
(11) فلما وجب عليه إتمام الحج من دون تأخير انقلبت سعته إلى الضيق، فصار المأتي به في
القابل قضاء، هذا إن لم نقل بأن إطلاق القضاء عليه مجاز.
69

فصل
الموسع (1): ما فضل وقته عنه (2)، والمضيق ما ساواه أو نقص عنه، ك‍ " قدر
الركعة بعد غسل الحيض " و " الكل وقت للأول (3) لا أوله (4) " و " بعده قضاء "
كبعض الشافعية (5)، و " لا آخره (6) وقبله نفل (7) " كبعض الحنفية (8)، و " لا هو
مراعى (9) " كالكرخي (10)، بل (11) الواجب أحد الأشخاص المتماثلة

(1) انظر: الغنية لابن زهرة: 466، الوافية للفاضل التوني: 223، نهاية الأصول للبروجردي:
234.
(2) أي عن الواجب.
(3) أي الموسع.
(4) أي لا أوله فقط.
(5) فإنهم زعموا أن وقته أوله، وبعده يصير قضاء. انظر: الام: 1 / 70، المجموع: 3 / 66،
الخلاف للطوسي: 1 / 271.
(6) أي لا آخره فقط.
(7) لكنه مسقط للفرض.
(8) انظر: الشرح الكبير: 1 / 464، المجموع: 3 / 47، فتح العزيز: 3 / 41، المغني: 1 / 415.
(9) بمعنى أنه راعى في الفعل بقاء فاعله على صفة التكليف وعدمه، فإن بقي علم أن ما فعله كان
نفلا وإلا علم أنه واجب.
(10) اختلف في نقل مذهب الكرخي على وجوه ثلاثة:
فقيل: إن مذهبه ان الصلاة الواقعة في أول الوقت موقوفة، فإن أدرك المصلي آخره وهو
على صفة التكليف كان ما فعله واجبا، وإن لم يبق عليها كان نفلا. وقيل: بل مذهبه انه إن أدرك
آخر الوقت وهو مكلف كان ما فعله نفلا مسقطا للفرض وإلا كان فرضا. وقيل: بل مذهبه ان
الصلاة يعلم وجوبها بأحد شيئين: إما أن تفعل، أو بأن يضيق وقتها.
وهذه الاختلافات أوردها العلامة (رحمه الله) في النهاية، واقتصر الفخري والحاجبي على الأول.
وقولنا: " مراعى " يمكن تنزيله على كل من الوجوه الثلاثة.
(11) في " أ ": و.
70

المتمايزة (1) بالوقت لإطلاق الأمر به من غير تقييد (2) وعدم الإثم في التأخير (3)،
وبطلان الصلاة قبل الوقت (4).
تتمة (5): الشيخ (6) والمرتضى (7) رضي الله عنهما على التخيير (8) إلى الضيق بين
الفعل (9) والعزم عليه، ووافقهما ابن زهرة (10) وابن البراج (11)، وهو قوي، خلافا
للمحقق (12) والعلامة (13) رحمهما الله وأتباعهما (14).

(1) فهو كالواجب المخير، إلا أن التخيير هناك بين الجزئيات المختلفة الحقائق، وهنا بين المتفقة.
(2) بأول الوقت أو آخره.
(3) رد على بعض الشافعية، إذ لو كان بعد الأول قضاء لأثم من أخره عنه كسائر المؤقتات.
(4) رد على بعض الحنفية، ولهم أن يجعلوه وقت تقديم كما نقوله نحن في غسل الجمعة وصلاة الليل.
(5) في " أ ": تذنيب.
(6) المبسوط: 1 / 77. انظر: كشف اللثام: 3 / 23.
(7) الذريعة إلى أصول الشيعة: 1 / 146 - 147.
(8) أي في الموسع.
(9) وهو مذهب القاضي الباقلاني من العامة.
(10) غنية النزوع: 69 - 72.
(11) المهذب: 1 / 284.
وحاصل كلام المرتضى (رحمه الله) في الذريعة: ان للعلماء في هذه المسألة ثلاثة أقوال: الأول:
الوجوب في أول الوقت. الثاني: الوجوب في آخره. الثالث: الوجوب في كل الوقت مخيرا بين
الفعل والعزم إلى أن يبقى مقدار الفعل فيتعين، وجعل (رحمه الله) القول بالمراعاة مندرجا تحت
القول الثاني، وأهمل القول الرابع الذي ذهب إليه بعض المتأخرين كالحاجبي والعلامة
والمحقق، وإهماله رأسا يشعر بأنه لم يكن معروفا في عصره، وكذا حصره أقوال العلماء في
الثلاثة، وقوله بعد ذلك: " لا يجوز عندنا تأخير الصلاة عن أول الوقت إلا ببدل هو العزم "
صريح في أن القول الثالث هو مذهب أصحابنا الإمامية رحمهم الله، وإلا لبطل حصره أقوال
العلماء في تلك الثلاثة، فتأمل في هذا المقام، فإنه من مزال الأقدام.
(12) الرسائل التسع للمحقق: 101 - 111.
(13) مختلف الشيعة: 2 / 4، تذكرة الفقهاء: 2 / 299 - 300، قواعد الأحكام: 1 / 249.
(14) الدروس الشرعية: 1 / 138.
71

لنا: خلو تركه عن بدل في الفجأة (1) ولا إثم، فيخرج عن الوجوب، ولزوم
تساويه قبل الوقت (2) وفيه، وأوردوا (3) اقتضاء البدلية السقوط رأسا، وخلو
الأمر عنها (4) فتنتفي (5)، والقطع (6) بامتثال المصلي لا من جهتها.
والجواب: انها عن فعله في كل جزء قبل الضيق لا مطلقا (7)، وخلوه عنها
لا يمنع ثبوتها لدليل، والبدل هنا تابع مسبب عن ترك مبدله الواجب أصالة،
كتحصيل الظن بوقوع الكفائي (8) عند تركه (9).
ولا مشاحة في إطلاق البدل على مثله، وكون العزم (10) من أحكام الإيمان

(1) كما إذا مات فجأة في أثناء الوقت ولم يصل.
(2) فإنه قبل الوقت جائز الترك لا إلى بدل، وإذا لم يجب العزم فهو في الوقت كما إذا كان قبله.
(3) هذه أدلة ثلاثة على بطلان التخيير.
(4) أي عن البدلية، فإن الشارع إنما أمر بصلاة الظهر مثلا ولم يأمر بالعزم المذكور.
(5) أي البدلية.
(6) أي نقطع بأن من أتى بالظهر مثلا في أثناء الوقت فهو ممتثل للأمر، لا من حيث إن الظهر بدل
عن العزم عليها أو مبدل.
(7) فما دام في الوقت موسعا والعزم على الإتيان بالصلاة في الجزء اللاحق بدل عن الإتيان بها في
سابقه، وإذا لم يبق منه إلا مقدار أدائها تضيقت وزال التخيير.
(8) فالشارع كأنه قال: أوجبت عليك الصلاة فيما بين الدلوك والغروب وجوبا موسعا إلى وقت
الضيق، فإن تركها قبله في أي جزء فقد أوجبت عليك العزم كالتخيير بين خصال الكفارة، بل
الواجب ابتداء هو الصلاة، لكن إن تركها المكلف وجب بسبب تركها الذم المذكور.
(9) فالصلاة على الميت واجب أصالة، لكن إن تركها لم يخرج من عهدة التكليف إلا إذا حصل له
الظن بقيام الغير بها، وليس هنا تخيير ابتدائي بين الصلاة وتحصيل الظن المذكور، بل
وجوب تحصيله مسبب عن تركها.
(10) هذا جواب عن قولهم: هو من أحكام الإيمان، لا بدل له. وقال العلامة في المختلف: 1 / 45
بعد ذكر ما ذهب إليه المرتضى: الحق عندي، إن وجوب الفعل الموسع لا يستلزم وجوب
العزم، وإنما وجوب العزم مستفاد من أحكام الإيمان لا من وجوب الموسع. انتهى كلامه،
ولا يخفى ما فيه، فإن السيد لم يقل بأن وجوب العزم مستفاد من وجوب الموسع،
وإنما استفاد وجوب العزم من لزوم خروج الواجب عن كونه واجبا.
72

لا ينافي بدليته في وقت (1).
فصل (2)
ظان الموت (3) في جزء من الوقت (4) يعصي بتركه قبله إن مات، وإن بقيا (5)
ففي العصيان (6) نظر، وهو أداء (7)، والقاضي قضاء، وما وقته العمر كذلك،
وظان السلامة إن مات فجأة فغير عاص فيهما (8) وفرق الحاجبي تحكم.
فصل
الواجب الكفائي: ما يسقط (9) عن الكل بفعل البعض قطعا، أو ظنا

(1) وهو وقت ترك الواجب، إذ يجوز أن يكون الشئ واجبا في نفسه، ومع هذا يصير بدلا عن
واجب آخر في بعض الأوقات، كمن نذر الاعتكاف فدخل شهر رمضان فينوب صوم الواجب
أصالة عن صوم الاعتكاف، كما قاله بعضهم.
(2) في " ف، أ، ر، س ": تتمة.
(3) يعني إذا غلب على ظن المكلف في الواجب الموسع أنه لو أخره عن أول وقته ولم يفعله فيه
فات فعله في وقته أجمع عصى بالتأخير لأنه متعبد بظنه، ومقتضاه تعين أول الوقت للإتيان
به، فلو أخره وعاش إلى وسط الوقت وأخره وأتى به فيه هل يكون أداء أو قضاء؟
قال المصنف: يكون أداء، وقال القاضي: يكون قضاء.
(4) أي وقت الواجب الموسع.
(5) في " ف، ر، ج ": بقي. والمراد الوقت والظان معا.
(6) والأصح العصيان، كما هو مختار العلامة في النهاية، ومن هذا القبيل من جامع امرأة بظن أنها
أجنبية فظهرت أنها زوجته، أو قتل رجلا بظن أنه برئ فظهر أنه قاتل أبيه.
(7) أي الفعل حال بقائهما، أو لدخوله في حده.
(8) أي فيما وقته العمر وغيره، والسيد المرتضى والشيخ يجعلانه عاصيا إن ترك العزم على
الفعل، وإلا فلا، وهو الحق.
(9) في هذا التعريف إشعار بأن وجوبه على الكل لا على البعض.
73

شرعيا (1)، ووجوبه على البعض (2) كبعض الشافعية ينفيه الإجماع على تأثيم الكل
بتركه، وتأثيم غير المعين لا يعقل بخلاف التأثيم بغيره (3)، ويراد بآية النفر (4)
- والله أعلم - سقوط (5) الوجوب به عن الكل.
فصل
الواجب (6) المخير: ما عين له الشارع بدلا من غير نوعه اختيارا، فخرج
بالتعيين احتراق الميت (7)، وبالثاني (8) صوم المسافر (9) والموسع والكفائي،

(1) فلو أخبرنا واحد بوقوع الصلاة على الميت لم يسقط عنا، لعدم حصول الظن الشرعي، بل
لابد من العدلين أو الشياع أو الخبر المحفوف بالقرائن ونحوه، أما لو صلى عليه واحد
بحضورنا فهل يسقط بذلك عنا مطلقا أو بشرط عدالته يحصل الظن بإيقاعه أفعال الصلاة
اشكال، وقس عليه ما فوق الواحد دون الشياع.
(2) انظر: كفاية الأصول: 143، نهاية الأصول للبروجردي: 228 - 231.
(3) أي غير المعين.
(4) المراد قوله تعالى في سورة التوبة: 122: (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في
الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم) فإن تنكير الطائفة يدل على وجوب النفر على بعض منهم.
(5) هذا جواب عن احتجاج بعض الشافعية على الوجوب على بعض لا على الكل.
(6) يرد على عكسه التخيير في الأربع لوحدة النوع، فإن جعلنا التغاير في القصر والإتمام تغايرا
نوعيا انتقض طرده بصوم المسافر، إذ مغايرة الأداء القضاء لا تقصر عن مغايرة القصر
الإتمام، وفي هذا التعريف كلام يطلب من حواشينا على الشرح العضدي. انظر: معالم الدين
وملاذ المجتهدين: 200، الإحكام للآمدي: 1 / 88، كفاية الأصول: 140 - 143.
(7) فإنه وإن كان مسقطا لتغسيله، وقائما مقامه في براءة الذمة من الإتيان به إلا أنه ليس معينا من
الشارع، وهو وارد على من عرف المخير بما يسقط الواجب بفعله اندفع الاحتراق وبقي
القضاء، فتدبر.
(8) وهو قولنا: اختيارا، فإن التيمم الذي هو بدل عن الوضوء لا يجوز مع الاختيار.
(9) فإن له بدلا معينا كما قال الله تعالى: (ومن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) -
سورة البقرة: 184 - لكن بدله من نوعه.
74

وبالأخير الوضوء ونحوه، ووجوب الكل مسقطا بالبعض (1)، أو واحد معين (2)
عند الله تعالى ينفي التخيير المجمع عليه، والمحال (3) إيقاعه غير معين، والواجب
أحد الأبدال الصادق على أيها شاء، أو تحصيل الكلي كالكفارة فيما يشاء من
جزئياته، والإجماع (4) على تأثيم الكل بترك الكفائي فارق.
مسألتان: [الأولى:] المندوب (5) غير مأمور به حقيقة (6)، وفاقا (7)
للعلامة (8) والكرخي والرازي (9) والفخري.
لنا: إن الأمر (10) للوجوب كما سيجئ (11)، والحاجبي وموافقوه خالفونا

(1) كما يقوله بعض المعتزلة.
(2) كما يقوله بعض آخر منهم.
(3) جواب عن قولهم: غير المعين يستحيل وقوعه، وما هو كذلك لا تكليف به.
(4) جواب عن قول الخصم: هو كالواجب الكفائي، وفي الوجوب على الكل والسقوط بفعل
البعض، إذ لا فارق بينهما، فيجب الكل ويسقط بالبعض.
(5) في " ف ": المأمور.
(6) وقيل: إنه يتفرع على هذه المسألة ما لو نذر أن يأتي بصلاة مأمور بها، فهل تبرأ ذمته بالنافلة أم لا؟
(7) الإحكام للآمدي: 1 / 104 - 105.
(8) الخلاف في هذه المسألة مبني على أن لفظة " أ م ر " هل هي حقيقة في الوجوب أم للقدر
المشترك بين الواجب والندب، والذي يأتي في المنهج الثالث هو ان صيغة افعل هل هي حقيقة
في الوجوب أم لا؟
(9) المستصفى من علم الأصول للغزالي: 1 / 248، ونقل فيه قول الكرخي والرازي الجصاص -
راجع: أصول السرخسي: 1 / 14، فواتح الرحموت: 1 / 111، تيسير التحرير: 2 / 222،
الإحكام للآمدي: 1 / 91، شرح العضدي على ابن الحاجب: 1 / 5 -.
(10) لا صيغة افعل، أي حقيقة فيه مجاز - أي لفظ " أم ر " في غيره -، وبهذا استدل العلامة في
التهذيب والفخري في المحصول.
(11) في الفصل الأول من المنهج الثالث، ومن جملة تلك الدلائل قوله (صلى الله عليه وآله): لولا أن أشق على
أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة - المحاسن: 561 ح 946 و 949، الكافي: 3 / 22
ح 1، من لا يحضره الفقيه: 1 / 34 ح 123، وسائل الشيعة: 2 / 17 ح 4 وص 19 ح 3 -،
مع أن السواك مندوب، والقول بأن التقدير لأمرتهم أمر إيجاب خلاف الظاهر، ولو كان
قصده (صلى الله عليه وآله) ذلك لقال: أوجبت عليهم.
75

في الدعوى (1)، ووافقونا في الدليل (2)، واستدلوا بأنه طاعة (3) وهي فعل
المأمور به، وبأنه أحد الأقسام (4)، فإن أرادوا الحقيقة منعنا كلية الكبرى (5)،
أو الأعم لم ينفعهم (6).
الثانية: قيل: المباح (7) ليس جنسا لما عدا الحرام (8) [من الأحكام]،
كما قد يظن.

(1) أي في دعوانا أن المندوب غير مأمور به.
(2) أي في الأدلة على أن الأمر حقيقة في الوجوب، فإنها دالة على أن المندوب غير مأمور به،
كقوله تعالى: (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) - الأعراف: 12 -، وقوله تعالى: (أفعصيت
أمري) - طه: 93 -، وقوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) - النور: 63 -.
(3) أي بالإجماع.
(4) أي الندب أحد أقسام الأمر فإنهم قسموه إلى إيجاب وندب، وهذان الدليلان استدل بهما
الحاجبي على هذا المطلب، ثم أورد دليلين من جانب الخصم، أحدهما: انه لو كان مأمورا به
لكان تركه معصية لأنها مخالفة الأمر، والثاني: قوله (صلى الله عليه وآله): لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم
بالسواك. وأجاب عنهما بأن المراد أمر الإيجاب فيهما، والعجب منه بعد هذا استدل على
مختاره من أن الأمر حقيقة في الوجوب لا غير بأن تارك المأمور به عاص بدليل (أفعصيت
أمري) فكأنه غفل عما قدمه! والعجب من العضدي كيف لم يتنبه لذلك!؟
وفي " ج ": الأقسام الثلاثة.
(5) وهي في الدليل الأول قولهم: وكل طاعة مأمور بها، وفي الدليل الثاني قولهم: وكل مقسم
حقيقة في أقسامه.
(6) سيما في الدليل الثاني، لأنهم قسموا الأمر إلى التهديد والإباحة أيضا وهو فيها مجاز. وفي " ف
": أو الأعم لا ينفعها.
(7) راجع: الإحكام للآمدي: 1 / 106 - 107، البرهان: 1 / 313، نهاية السؤول: 1 / 80،
تيسير التحرير: 2 / 225، المحصول: 1 / 128.
(8) بل كل من الأحكام الخمسة نوع برأسه، والكل مندرج في الجنس الذي هو الحكم.
76

لنا: لزوم (1) خلو النوع عما هو من حقيقة الجنس، وهو التساوي (2)،
وقولهم: هو المأذون (3) فيه غفلة عن فصله (4).
فصل
المتكلمون (5): صحيح العبادات (6) ما وافق الشرع، ونقض طرده بالختان،
وفيه ما فيه.
والفقهاء: ما أسقط القضاء (7)، ونقض عكسه بصحيحة العيد (8) إن أبقى
على ظاهره (9)، وطرده بفاسدته إن أول (10). وثمرة الخلاف في الصلاة بظن الطهارة
إذا ظهر خلافه.

(1) في " ف، أ، ر، س ": " للزوم " بدل " لنا: لزوم ".
(2) بين الفعل والترك.
(3) والإذن حاصل فيما عدا الحرام - أعني الواجب والمكروه والمندوب -.
(4) أي فصل المباح، وهو المأذون في تركه. انظر: المستصفى من علم الأصول: 1 / 214.
(5) انظر: الإحكام للآمدي: 1 / 81 - 84.
(6) في " أ ": العبادة - خ ل -.
(7) في " أ ": القضاء به.
(8) أي بصلاة العيد الصحيحة لخروجها عن الحد، إذ لا حد لها.
(9) إذ الظاهر من قولنا: " ما أسقط القضاء " أن يكون له قضاء.
(10) بأن المراد أنه يدفع وجوب القضاء، أو بأن يقال: معنى أسقط أي سقط وجوب القضاء، كما
يقال: الإضافة المعنوية شرطها تجريد المضاف عن التعريف، وهذا بظاهره يدل على أن
المضاف معرفة وقد تجردت عنه، وليس شاملا للمضاف إذا كان نكرة، وقد أول في موضعه
بالتجرد والخلو عن التعريف، وهذا المعنى عام شامل للمضاف نكرة كان أو معرفة وقد
جردت عنه.
77

وصحيح العقود والإيقاعات ما ترتب (1) عليه الأثر الشرعي، ولو عرف
مطلقه (2) به لجاز.
والباطل مطلقا (3) ما قابل الصحيح، ويرادفه الفاسد خلافا للحنفية (4).
فصل
ما يتوقف (5) الواجب عليه مقدورا واجب (6)، وقيل (7): إن كان شرطا شرعيا
وإلا فلا (8).

(1) أي يحصل منه غايته والغرض المقصود منه، كالبيع مثلا فإن غايته انتقال المبيع إلى المشتري
والثمن إلى البائع، فما أفاد ذلك فهو الصحيح. وفي " أ ": يترتب.
(2) أي مطلق الصحيح سواء كان في العبادات أو غيرها.
(3) أي سواء كان في العبادات أو المعاملات.
(4) حيث خصوا الباطل بغير المشروع من أصله كبيع الملاقيح، والفاسد بالمشروع في أصله دون
وصفه كالربا.
(5) سواء كان سببا أو شرطا، والمراد بالسبب ما يلزم من وجوده وجود المسبب، ومن عدمه
عدمه، ومن الشرط ما يلزم من عدمه عدم المشروط، ولا يلزم من وجوده ولا عدمه، فلو أمر
السيد عبده بالكون على السطح، فقطع المسافة إليه سبب، ونصب السلم شرط.
(6) انظر: المستصفى من علم الأصول: 1 / 232، الإحكام للآمدي: 1 / 97.
(7) انظر: الإحكام للآمدي: 1 / 97.
(8) يتفرع على وجوب مقدمة الواجب فروع كثيرة، كغسل جزء من الرأس في غسل الوجه في
الوضوء، وقضاء من فاته إحدى الخمس حاضرا ثلاثا، ومسافرا اثنتين، ووجوب الغسل مع
الوضوء إذا اشتبه الخارج من المني والبول، ووجوب إحياء العشر الأواخر على من نذر إحياء
ليلة القدر، ووجوب تغسيله الكل عند اشتباه المسلمين بالكفار إن لم يعمل برواية التميز
بكيس الذكر، ووجوب التوجه إلى الأربع عند اشتباه القبلة.
وقد يجعل من فروع هذا الأصل وجوب تتميم المطلق بالمضاف للوضوء مثلا، وفيه
كلام.
78

لنا: ذم السيد (1) العبد المأمور بالكتابة القادر على تحصيل القلم المعتذر بفقده
على عدم تحصيله، وإنكاره مكابرة، واستدلال العلامة بلزوم التكليف بالمحال (2)
لولاه (3) محل بحث، وتقييدهم الواجب بالمطلق (4) لإخراج الاستطاعة، وتحصيل
النصاب مستغنى عنه، إذ الكلام بعد الوجوب لا قبله (5)، وعلمنا بما يلزم أفعالنا
غير لازم (6) مع أنه فيما نحن فيه (7) حاصل.
والطلب غير منحصر في الصريح، وصحة التصريح بعدم وجوبه كالاستثناء،
وعدم العصيان بتركه أول البحث، وشبهة الكعبي (8) مدفوعة بما يأتي، وتكفي

(1) فلو قال العبد: إنك لم تأمرني بتحصيل القلم، وإنما أمرتني بالكتابة، صح للمولى أن يقول: إن
أمري بالكتابة كان متضمنا للأمر بتحصيل القلم. وفي " أ، ر، ج ": العقلاء.
(2) قال في تهذيب الوصول: 110: لو لم يجب لزم تكليف ما لا يطاق، أو خروج الواجب عن
كونه واجبا والتالي بقسميه باطل، والمقدم مثله.
بيان الشرطية: أنه على تقدير ترك الشرط إن وجب الفعل لزم الأول، وإلا الثاني، انتهى.
واعترض عليه ان الممتنع هو التكليف بالشئ بعدم مقدمته لا مع عدم التكليف لها، وقد
يجاب عنه: بأن غرضه طاب ثراه انه لما لم تجب المقدمة جاز تركها، وفيه ما لا يخفى.
(3) أي لولا وجوب ما يتوقف عليه الواجب.
(4) في قولهم: ما لا يتم الواجب المطلق إلا به فهو واجب، قالوا: إنما قيدنا بالمطلق ليخرج
الواجب المشروط، فإن مقدمته غير واجبة. انظر: الإحكام للآمدي: 1 / 97.
(5) فإن المراد بالواجب في قولهم: " مقدمة الواجب واجبة " الواجب بالفعل لا ما يجب فيما بعد.
(6) فإنه قد يستنبط من أمرنا شئ أمرنا بآخر وإن لم نقصده، وسيجئ في بحث المنطوق
والمفهوم ما يرشد إلى ذلك. وفي " أ ": بما يلزم من أفعالنا - خ ل -.
(7) أي في البحث عن حكم الله تعالى لعلمه سبحانه بما يتوقف عليه ما يأمرنا بفعله.
(8) جواب عن قولهم: يلزم صحة شبهة الكعبي في نفي المباح بأن ترك الحرام لا يتم إلا به. انظر:
الإحكام للآمدي: 1 / 107. والكعبي هو: أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود الكعبي
البلخي، من أعلام المعتزلة وأعيانها، أصله من بلخ، عاش ببغداد وتتلمذ بها على الخياط مدة
طويلة، ثم عاد إلى مسقط رأسه، وتوفي سنة 317 أو 319 ه‍، وعرف أتباعه ب‍ " الكعبية "، له
كتاب " المقالات " و " قبول الأخبار ومعرفة الرجال " انظر ترجمته في: الكنى والألقاب:
3 / 95، الأعلام للزركلي: 4 / 65.
79

نية الواجب (1) عن نية لازمه.
فصل
المباح موجود إجماعا، واستدلال الكعبي (2) على وجوبه بأن ترك الحرام لا يتم
إلا به (3)، أو هو [هو] (4) مع مصادمته للإجماع (5) مدخول، لا لعدم
التعيين (6) لثبوت مطلوبه (7) بالتخيير (8)، ولا للزوم [وجوب] المحرم (9)
لالتزامه باعتبارين (10)، ولا لمنع وجوب (11) غير الشرعية (12) لثبوته كما مر،

(1) جواب عن قولهم: لو وجب ما يتوقف عليه الواجب لافتقر إلى نية على حدة، وليس
فليس.
(2) انظر: الإحكام للآمدي: 1 / 107، العدة: 70.
(3) أي بفعل المباح، كترك شرب الخمر مثلا فإنه لا يتم بإطباق الفم والكلام ونحوهما.
(4) هو الأولى: المباح. هو الثانية: ترك الحرام كإطباق الفم فإنه ترك القذف.
(5) أي الإجماع واقع بوقوع المباح، وشبهة الكعبي مصادمة مع معارضته للإجماع. انظر الإحكام
للآمدي: 1 / 108.
(6) أي تعيين المباح لكونه مقدمة لما مر.
(7) أي مطلب الكعبي بالتخيير، لأن الواجب المخير أحد أفراد الواجب. وفي " ف، أ، ر، س ":
مطلب.
(8) فإن الكعبي يقول: ترك شرب الخمر يتم إما بإطباق الفم أو الكلام أو غيره، وتارك شرب
الخمر مخير في إتمام الترك بين المذكورات.
(9) هذا دفع لجواب ثان عن استدلاله بأنه يلزمه وجوب شرب الخمر إذا ترك به القذف مثلا.
(10) فإنه يقول: شرب الخمر واجب باعتبار ترك القذف، وحرام باعتبار آخر وهو نهي الشارع.
(11) هذا دفع للجواب الذي هو مختار الحاجبي حيث قال: ولا مخلص إلا بأن ما لا يتم الواجب إلا
به من عقلي أو عادي فليس بواجب.
(12) أي غير المقدمة الشرعية. وفي " ج ": الشرطية.
80

بل لعدم كون المباح مقدمة لترك الحرام ولا فردا منه، إذ هو (1) الكف (2).
والمباح كإخوته الثلاثة (3) مقارنات لا غير، فحصل المخلص وبطل كلام
الحاجبي.

(1) أي ترك الحرام.
(2) لأنه المقدور. وفي " ر ": الكف عنه.
(3) أي الفعل الواجب، والمندوب، والمكروه، أمور مقارنة للكف.
81

المنهج الثاني
في الأدلة الشرعية
وهي عندنا أربعة (1): الكتاب، والسنة، والإجماع، ودليل العقل.
أما القياس فليس من مذهبنا (2)، كما مر، [وسنبطله،]. وهنا مطالب:
[المطلب] الأول: [في الكتاب]
قيل: القرآن كلام منزل (3) للإعجاز بسورة منه، والتعليل (4) لإخراج بقية

(1) وجه الحصر: أن الدليل على الحكم الشرعي إما وحي، أو لا، والأول إما نوع لفظه معجز،
أو لا. الأول: الكتاب، والثاني: السنة، وغير الوحي إما كاشف عن تحقق وحي، أو لا، الأول:
الإجماع، والثاني: دليل العقل.
(2) انظر: الذريعة إلى أصول الشريعة: 2 / 675، العدة 2 / 652، السرائر: 1 / 48.
(3) انظر: المستصفى من علم الأصول: 2 / 9، الإحكام للآمدي: 1 / 137.
(4) أي قولنا: للإعجاز ذكر فائدة التعليل ولم يذكر فائدة قوله: " بسورة منه " إشارة إلى
عدم الاحتياج إليه، بل تركه أولى، لما سيجئ.
إن قلت: فيخرج البعض كالآية والآيتين، إذ المعجز هو السورة.
قلت: يصدق على ذلك أنه منزل للإعجاز، أو هو جزء المعجزة.
83

الكتب والحديث القدسي (1).
وقيل (2): ما نقل بين دفتي المصحف تواترا، وهما دوريان (3) مع خروج
البعض (4) عن ظاهر الأول، وهو لا يلائم الغرض، ودخول تراجم السور في
الثاني.
[وقيل: ما لا تصح الصلاة بدون تلاوة بعضه، وهو كالأول في الثاني] مع
دخول التشهد ونحوه (5)، فإن أخرجا بقيد التلاوة فكالأولين (6) في الأول،
ولو قيل: كلام بعض نوعه معجز، أو كلام يحرم مس خطه محدثا لكان أولى (7).

(1) ويخرج به السنة بمعنى الحديث لا بالمعنيين الأخيرين لخروجهما بالكلام. انظر: الإحكام
للآمدي: 1 / 137.
(2) انظر: المستصفى من علم الأصول: 2 / 9، الإحكام للآمدي: 1 / 137.
(3) أما الأول فلأن القرآن مأخوذ في تعريف السورة، كما يأتي، وأما الثاني فلذكر المصحف،
وفي دفعه كلام يطلب من حواشينا على شرح العضدي.
(4) أي بعض الكتاب، مع أن الأصولي إذا قال: وليس المسألة الفلانية الكتاب والسنة، إنما يريد
من الكتاب والسنة بعضه لا كله.
(5) كذكر الركوع.
(6) إذ لا يطلق على التلفظ بشئ منها، وإنما يختص بالقرآن.
(7) والأولى من ذلك أن يقال: هو كلام الله المنزل للإعجاز، وإنما كان أولى من التعريف الأخير
لانتقاض طرده بنحو: محمد نبيي وعلي إمامي.
فإن قيل: المحرم مس بعض من كل من هذين الكلامين - أعني اسم المعصوم - لا مس كل
بعض فاستقام الطرد.
قلنا: ينتقض بنحو: الله رحمن، لتحريم مس كل بعض منه.
ولو قيل: المراد كلام يحرم مس خط نوعه محدثا لم يكن ذاك أولى.
84

والسورة طائفة من القرآن مصدرة فيه (1) بالبسملة، أو براءة (2)، ونقض
طرده بصدور السور (3) فزيد متصل آخرها فيه (4) بإحداهما (5) فنقض عكسه
بالأخيرة (6) فزيد، أو غير متصل فيه (7) بشئ منه، وظن حينئذ استقامته،
وهو عنها بمعزل، لانتقاض طرده ببعض سورة النمل (8) وبسورتين فصاعدا (9).
وقيل: طائفة منه ذات ترجمة (10) ونقض طرده بآية الكرسي (11)،
ورد (12) بإرادة الاسم (13)، وهي إضافة محضة، وتعسفه ظاهر (14)، ولو أريد
المكتوب (15) في العنوان لاستقام.

(1) أي في القرآن، فلا يدخل فيه البعض منها المصدر في غيره.
(2) سورة التوبة.
(3) لصدق الحد على الآية التي بعد البسملة أو براءة.
(4) إنما زادوا قولهم فيه لئلا يخرج السورة المنفردة بالكتابة، فتأمل.
(5) أي بالبسملة أو براءة.
(6) أي بسورة الناس.
(7) أي في القرآن - أعني ما بين دفتيه -.
(8) أعني أوائلها المتصل بالبسملة أو أواخرها المتصلة بها أوائلها.
(9) إذ مجموعهما ليس بسورة.
(10) أي لها لفظة مأخوذة من الشرع يدل عليها بخصوصها، وهذا التعريف منقول في بعض شروح
المنهاج.
(11) فإن لها اسما مأخوذا من الشرع.
(12) هذا الرد مذكور في حاشية المحقق الشريف على الكشاف.
(13) أي أردنا بالترجمة الاسم العلمي، لا مطلق ما دل على الشئ.
(14) إذ دعوى أن سورة الكهف والعنكبوت - مثلا - بلغا حد التسمية دون آية الكرسي لا يخفى
تعسفها.
(15) ومنه ترجمة الكتاب لما يكتب على عنوانها من اسم المرسل إليه، فترجمة السورة ما يكتب
على عنوانها من عدد آياتها ونسبتها إلى مكة أو المدينة، ولا يرد خروج السور قبل اعتبار كتابة
ذلك، كما ذكرناه في حواشينا على تفسير البيضاوي.
85

فصل
القرآن متواتر، لتوفر الدواعي على نقله، والبسملات في محالها أجزاء
منه لإجماعنا (1)، وتظافر النصوص عن أئمتنا (عليهم السلام) [به] (2)، وللروايتين عن
ابن عباس (3)، ولاتفاق الكل على إثباتها بلون خطه (4)، ك‍ " ويل " و " فبأي "
مع مبالغة السلف في تجريده (5)، والسبع متواترة إن كانت جوهرية ك‍ " ملك "
و " مالك " (6)، أما الأدائية كالمد (7) والإمالة فلا، ولا عمل بالشواذ (8).
وقيل (9): هي كأخبار الآحاد، ولا بحث للمجتهدين (10) عن غير أحكامي
الآيات، وهي خمسمائة تقريبا، وقد بسطنا الكلام [فيها] في مشرق الشمسين.

(1) انظر: الخلاف للطوسي: 1 / 330.
(2) انظر: الكافي: 3 / 312 ح 1، تهذيب الأحكام: 2 / 69 ح 251، وسائل الشيعة: 6 / 57 ح 1 - 12.
(3) انظر: السنن الكبرى للبيهقي: 2 / 45 و 47، التفسير الكبير للفخر الرازي: 1 / 205.
أما المقصود من الروايتين فهما: الأولى: ما روي أنه إنما ترك الناس قراءة البسملة في
أوائل السور.
قال ابن عباس: سرق الشيطان من الناس آية. الدر المنثور: 1 / 20.
والثانية: ما روي عنه أيضا أنه قال: من تركها فقد ترك مائة وأربع عشرة آية من كتاب الله.
الكشاف: 1 / 1.
(4) أي خط القرآن. انظر: المستصفى في علم الأصول: 2 / 9.
(5) أي عن كل ما يوهم أنه منه، حتى أنهم غايروا لون التراجم لئلا يتوهم أنها منه، وتواتر البسملة
في أوائل السورة عند قوم دون آخرين جابر لكثير من المتواترات، فجزم الحاجبي بعدمه
محتجا بالاختلاف فيها مع الاختلاف في النمل غير جيد.
(6) أي القراءة داخلة في جوهر الكلمة، كقراءة " ملك " و " مالك " في سورة الحمد.
(7) أي مطلق، أو المد المتصل.
(8) أي لا عمل بقراءته ولا بأحكامه لو ترتب عليه حكم.
(9) القائل: أبو حنيفة. انظر: الإحكام للآمدي: 1 / 259، المستصفى من علم الأصول: 2 / 13 - 23.
(10) أي لا يجب عليه البحث.
86

المطلب الثاني: في السنة
وهي قول النبي (صلى الله عليه وآله)، أو فعله، أو تقريره، غير قرآن ولا عادي (1)،
وما يحكي أحدها حديث نبوي، وقد يحد مطلقه (2) بكلام يحكي قول المعصوم،
أو فعله، أو تقريره، وينتقض طرده ببعض عبارات الفقهاء لنقل الحديث (3)
بالمعنى إلا بأخذ الحيثية (4)، وعكسه بالمسموع من المعصوم غير محكي عن
مثله (5)، والتزام خروجه (6) يقتضي عدم سماع أحد منه (7) حديثا [أصلا]
إلا ما حكاه عن مثله، فالأولى (8) هو قول المعصوم (9)، أو حكاية قوله،

(1) هكذا عرف السنة بعض الأصوليين، وأورد عليه انتقاض طرده بالقرآن، وأجيب: بأنه قول الله
والنبي (صلى الله عليه وآله) قد حكاه، وليس قولا له، ولا يخفى انتقاض عكسه حينئذ بالحديث القدسي،
ومما حكاه (صلى الله عليه وآله) من كلام الأنبياء (عليه السلام) مثلا، وبعضهم عرفها بما صدر عن النبي (صلى الله عليه وآله) غير
القرآن من قول أو فعل أو تقرير، ويرد على طرده الأقوال والأفعال، والتقريرات العادية كطلب
الماء والغذاء، والقيام والقعود، والتقرير عليها وأمثالها، فينبغي أن يقال: غير قرآن ولا عادي
- كما قلنا -.
(2) أي مطلق الحديث.
(3) أي لجواز نقل الحديث.
(4) أي في الحكاية، فتلك العبارات إن اعتبرت من حيث كونها حكاية قول المعصوم (عليه السلام) فهي
داخلة، وإن اعتبرت من حيث كونها مؤدى اجتهادهم فهي خارجة. انظر: مشرق الشمسين: 22.
(5) أي عن معصوم آخر.
(6) أي ذلك المسموع عن الحد.
(7) أي من المعصوم.
(8) انظر: مشرق الشمسين: 23.
(9) نبيا كان أو وصيا.
87

أو فعله، أو تقريره، وما لا ينتهي إلى المعصوم ليس حديثا عندنا (1).
فصل
الخبر: يطلق تارة على ما يرادف الحديث، وأخرى على ما يقابل الإنشاء
ويرسم حينئذ (2) بكلام لنسبته خارج (3) - كما مر -، وصدقه وكذبه مطابقته للواقع
وعدمها (4)، لا لاعتقاد المخبر وعدمها (5) كالنظام (6)، ولا لهما (7) وعدمها (8)

(1) أما عند المخالفين فكلما ينتهي إلى النبي (صلى الله عليه وآله) أو الصحابي أو التابعي فهو حديث.
(2) لما صدق هذا التعريف على الخبر مطلقا فرع عليه بعض الفقهاء: لو قال لزوجاته: من أخبرتني
بقدوم زيد فهي علي كظهر أمي، فأخبرته إحداهن بذلك كاذبة، فإنه قد يقع الظهار لحصول
الشرط. وفيه: أن هذا إنما يستقيم إذا كان غرضه مطلق الإخبار، لا الإخبار الصادق، كما هو
الظاهر. انظر: مشرق الشمسين: 22.
(3) نحو: زيد قائم، فإنه كما كان بينهما نسبة واقعة في الذهن كذلك كان بينهما نسبة في الخارج إما
ثبوتية أو سلبية، ومقصود الكلام إعلام هذه النسبة الخارجية. انظر: مشرق الشمسين: 23.
(4) أم لا أن المدعي لو قال بعد إقامة البينة: كذب شهودي فإن دعواه تسقط على الأول والثالث، أما
على المذهب الثاني فلا تسقط، بل له أن يقيم بينة أخرى. انظر: الإحكام للآمدي: 2 / 253.
(5) سواء طابق الواقع أم لا.
(6) هو: أبو إسحاق إبراهيم بن سيار بن هانئ البصري، تربى بالبصرة ثم رحل إلى بغداد وأسس
مدرسة لمحاربة الدهريين، كما حارب في بغداد المرجئة والجبرية والمحدثين والفقهاء،
وكان يذهب إلى خلق العالم، كان متعلما، فقيها، جدليا، فيلسوفا، شاعرا، كما اهتم بدراسة
أصول الفقه، وكان يذهب إلى بطلان الرأي والقياس والإجماع، توفي ببغداد ما بين سنتي
220 - 230. انظر: التبصرة في أصول الفقه: 1 / 29، المستصفى: 1 / 136، المنخول:
239، المعتمد في أصول الفقه: 2 / 92 - 93، شرح اللمع: 2 / 580، الذريعة: 2 / 517.
(7) أي للواقع واعتقاد المخبر معا، ولا يخفى أن مفاد هذه العبارة بحسب العرف أن للمخبر
اعتقادا ولكن لا يطابقه الخبر، كما يقال: زيد ليس حسن الغلام، فإن مفاد هذا الكلام أن له
غلاما ولكنه غير حسن.
(8) في " أ، ر، ج ": عدمها.
88

كالجاحظ (1)، وتكذيب المنافقين (2) في زعمهم (3)، أو في الشهادة (4)،
أو تسميتها (5)، أو استمرارها (6)، أو في لازم الفائدة (7)، أو في حلفهم على عدم
النهي (8) عن الإنفاق (9)، أو المعنى (10) هم قوم كاذبون، فلا تغتر (11) بصدقهم
في (12) هذا الخبر (13) فقد يصدق الكذوب، وترديد الكفار خبره (صلى الله عليه وآله) (14) إنما
هو بين الافتراء (15) وعدمه، فلم تثبت الواسطة (16).

(1) مذهب الجاحظ هو إقرار، كما هو مذكور في كتب الفروع، لأنه لو لم يكن الحق ثابتا لم يكن
صادقا إن شهد، وأما على مذهب النظام فليس إقرار. انظر: الإحكام للآمدي: 2 / 253.
(2) جواب عن استدلال النظام في مذهبه بقوله تعالى: (إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول
الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون) - سورة المنافقون: 1 -.
(3) الجواب الأول.
(4) الجواب الثاني.
(5) الجواب الثالث.
(6) الجواب الرابع.
(7) الجواب الخامس.
(8) في نزول هذه الآية: (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا)
- المنافقون: 7 -. وقالوا: (لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) - المنافقون: 8 -،
فلما جاءوا إليه (صلى الله عليه وآله) حلفوا أنهم ما قالوا هذا الكلام وما نهوا عن الإنفاق، فنزلت هذه الآية.
(9) الجواب السادس.
(10) الجواب السابع. فصارت الأجوبة عن استدلال النظام سبعة، ولم تجتمع هذه السبعة في غير
هذا الكتاب.
(11) أيها النبي بصدقهم.
(12) في " أ ": في صدق.
(13) لأن صدقهم فيه لا يخرجهم من زمرة الكاذبين.
(14) قولهم عن النبي (صلى الله عليه وآله): افترى على الله كذبا أم به جنة.
(15) لا يخفى أن للنظام تنزيل هذه الآية على مذهبه، وكأنهم قالوا: إن لم يعتقد ذلك فهو كاذب،
وإن اعتقده فهو مجنون.
(16) فيه إشارة إلى أن دليل الجاحظ إن تم فإنما يدل على ثبوت الواسطة، لا على ما هو المدعى أن الصدق مطابقة الواقع مع اعتقادها، والكذب عدم مطابقته له مع اعتقاد عدمها، فلا تغفل.
89

فصل
المتواتر: خبر جماعة (1) يفيد بنفسه القطع [بصدقه]، وشبهة (2) السمنية (3)
واهية، وشرطه بلوغ رواته (4) في كل طبقة حدا يؤمن معه تواطؤهم، واستنادهم
إلى الحس (5)، وحصر (6) أقلهم في عدد مجازفة، وقول المخالفين باشتراطنا
دخول المعصوم افتراء (7).
نعم، شرط المرتضى رضي الله عنه (8) عدم سبق شبهة تؤدي إلى اعتقاد نفيه
ليندفع كلام الكفار في تواتر بعض معجزات النبي (صلى الله عليه وآله)، وكلام المخالفين في تواتر
النص على الوصي صلوات الله عليه، وما لم يتواتر آحاد ولا يفيد بنفسه إلا ظنا،
ومدعي القطع مكابر، وقد يفيده إن حف بالقرائن (9)، والمنازع مباهت (10).

(1) يعني مع قطع النظر عن القائلين وغيره. انظر: المستصفى: 2 / 162.
(2) في " ف، س ": شبه.
(3) قوم من الهند ينسبون إلى سومنات، وهم عبدة الأصنام قائلون بالتناسخ.
(4) في " ف، ج ": رواية.
(5) انظر: المستصفى من علم الأصول: 2 / 156.
(6) قيل: خمسة، وقيل: عشرون، وقيل: أربعون، وقيل: سبعون، وأدلتهم في غاية الضعف.
(7) انظر: المستصفى: 2 / 160، ومعارج الأصول: 140.
(8) انظر: الذريعة: 2 / 491. ووافقه البيضاوي في المنهاج للفائدة الأولى.
(9) سواء كان المخبر عدلا أو فاسقا، وتقييد الحاجبي بالعدل غير محتاج إليه، بل غير مستقيم إلا
بالتكلف الذي أورده العضدي.
(10) أي المنازع في أن الخبر الواحد المحفوف بالقرائن مفيد للعلم، وهذا النزاع على نوعين:
الأول: أن المفيد للعلم هو تلك القرائن مع الخبر، لا الخبر. والثاني: أنه لا يحصل من مجموع
الخبر والقرائن أصلا، والمباهت إنما هو المنازع بهذا المعنى، وأما المنازع بالمعنى الأول
فنزاعه غير بعيد، وأما الاستدلال المشهور من إخبار الملك بموت ولده مع صراخ المخدرات
فظني أنه لا يحسم مادة هذا النزاع، كما ذكرته في حواشي شرح العضدي.
90

فصل
يجوز التعبد بخبر الواحد (1) عقلا إجماعا منا (2)، واختلف في وقوعه (3).
فمنعه المرتضى وابن زهرة وابن البراج وابن إدريس (4) وفاقا لكثير من
قدمائنا (5).
وقال به (6) المتأخرون، وهو الأظهر، لظواهر قوله تعالى: (إن جاءكم فاسق
بنبأ فتبينوا) (7)، (فلولا نفر من كل فرقة) (8)، (إن الذين يكتمون) (9)،

(1) أي غير المتواتر، بمعنى إيجاب الشارع العمل بمدلوله.
(2) إنما قيد بقوله: إجماعا منا، لأن بعض المخالفين كأبي علي الجبائي قال بعدم جواز التعبد به
عقلا. انظر: معالم الدين: 337، الغنية: 475 - الطبعة الحجرية -.
(3) أي وقوع التعبد به، بمعنى إيجاب الشارع بمقتضاه.
(4) ووافقهم العامة، كابن داود، والقاساني - بالقاف والسين المهملة -، منسوب إلى قاسان بلدة
من بلاد الترك، وليست التي في بلاد العجم. انظر: الذريعة: 2 / 528، غنية النزوع: 475،
معالم الدين: 343، السرائر: 1 / 51.
(5) وهذا هو الباعث على نسبة المخالفين المنع من العمل به إلى فرقة الإمامية رضوان الله عليهم،
كما فعله الحاجبي وغيره، حيث قالوا: يجب العمل بخبر الواحد خلافا للرافضة، فكأنهم
توهموا أننا متفقون على عدم العمل به. وقال المحقق الحلي في معارج الأصول: 142 - 147:
ذهب شيخنا أبو جعفر - في العدة في أصول الفقه: 1 / 100 - إلى العمل بخبر العدل من رواة
أصحابنا، لكن لفظه وإن كان مطلقا تبين أنه لا يعمل بالخبر مطلقا، بل بهذه الأخبار التي
رويت عن الأئمة (عليهم السلام) ودونها الأصحاب، لا أن كل خبر يرويه الإمامي يجب العمل به. وفي
" أ ": علمائنا، قدمائنا - خ ل -.
(6) أي بوقوعه وإن كان مخالفة عمل الأكثر، أو مخالفة مذهب الراوي. انظر: تهذيب الأصول:
76، معالم الدين: 343.
(7) سورة الحجرات: 6.
(8) سورة التوبة: 122.
(9) سورة البقرة: 159.
ووجه الاستدلال بهذه الآية: أن التوعد على الكتمان لقصد الإظهار، ولولا وجوب
العمل بعده لما كان له فائدة، واعترض عليه: بأن المراد بما أنزلنا القرآن كما هو الظاهر سلمناه
لكن وجوب الإظهار لا يقتضي العمل، غايته جوازه، ألا ترى أن الفاسق يجب عليه الإظهار
بمقتضى الآية ولا يجب العمل بقوله؟ وأيضا لم لا يجوز أن تكون الفائدة وجوب الإظهار على
كل أحد ليحصل من المجموع خبر متواتر؟
91

ولما شاع وذاع عن أصحاب أئمتنا (عليهم السلام) ومن يليهم (1) من [شدة] الاهتمام
بأخبار الآحاد وتدوينها والاعتناء بشأنها نقلا وتصحيحا، والبحث عن حال
رواتها ذما ومدحا، وتعديلا وجرحا (2)، وما ذاك إلا للعمل، والنهي عن اتباع
الظن (3) إنما هو في الأصول لحكايته عن الكفار، وأصالة البراءة ضعيفة بعده،
وتجويز المعارض (4) لا يمنع العمل قبل ظهوره والتوقف بعد خبر ذي اليدين،
لانفراده بينهم (5)، مع أنه لنا لا علينا إن صح.
فصل
يشترط في العمل (6) بخبر الآحاد: بلوغهم وعقلهم (7) وعدالتهم وضبطهم
وإيمانهم (8).

(1) من التابعين أو أصحاب الرسول (صلى الله عليه وآله).
(2) يظهر ذلك بالملاحظة في الآثار، وفيما يعرف به أحوال الرجال.
(3) الظاهر أن يكون الجواب على التسليم، لاحتمال أن يقال: لا نسلم أن كل ظن منهي عن اتباعه،
بل ما لا يستفاد من أمارة شرعية، ولعل ذم الكفار لأجل أنهم اتبعوا الظن الذي لم يحصل من
أمارة شرعية، ولو سلم فالنهي عن اتباع الظن.
(4) كما في الشهادات والفتاوى ونحوهما.
(5) أي انفراد ذي اليدين بين الصحابة بهذه الأخبار يعطي أنه ساه أو كاذب.
(6) في " ف، أ، س، ج ": للعمل.
(7) فإن المجنون عاجز عن الضبط والاحتراز عن الخلل فلا يحصل الظن بخبره.
(8) انظر: الوافية: 166.
92

واكتفى الشيخ عن الإيمان بالعدالة (1)، محتجا بعمل الطائفة بخبر ابن بكير (2)
وسماعة (3) وبني فضال (4) وأضرابهم (5)، وليس في آية التثبت حجة عليه (6)،
لمنع صدق الفاسق على المخطئ في بعض الأصول بعد بذل مجهوده، ونص
الأصحاب على توثيقه، ولو جامع التوثيق التفسيق (7) لارتفع الوثوق بعدالة
أكثر الموثقين من أصحابنا (8).
وأما ما ينقل عن بعض المحققين (9) من تفسيق أبان بن عثمان مع توثيق
الأصحاب له، فلو ثبت لم ينهض حجة على الشيخ طاب ثراه.
وأما الضبط فيراد به غلبة الذكر على السهو، و [قد] ظن إغناء العدالة عن

(1) اعلم: أن المستفاد من كلام الشيخ (رحمه الله) في كتاب العدة: 1 / 152:
أن العدالة المشترطة في الرواية مغايرة للعدالة المشترطة في الشهادة، فإنه قال: إن من كان
مخطئا في بعض الأقوال، أو فاسقا في أفعال الجوارح، وكان ثقة في روايته متحرزا فيها، فإن
ذلك لا يوجب رد خبره، ويجوز العمل به، لأن العدالة المطلوبة في الرواية حاصلة فيه،
وإنما الفسق بأفعال الجوارح يمنع من قبول شهادته، وليس بمانع من قبول خبره. انتهى
كلامه، وهو غير بعيد.
انظر الوافية: 158، ومعارج الأصول: 147، مشرق الشمسين: 34.
(2) الكافي: 2 / 222 ح 4.
(3) المحاسن للبرقي: 213، الكافي: 1 / 57 ح 13.
(4) الكافي: 1 / 52 ح 10.
(5) أي أمثالهم، عد الشيخ (رحمه الله) في كتاب العدة: 1 / 150 ممن عملت الطائفة بأخبارهم:
علي بن أبي حمزة، وعثمان بن عيسى، والطاطريون من البيوتات الشيعية المعروفة في القرن
الثاني.
(6) أي على الشيخ.
(7) في " ف، أ ": " وإلا " بدل " ولو جامع التوثيق التفسيق ".
(8) فإنهم أيضا مخطئون في بعض الأصول.
(9) هو العلامة طاب ثراه، كما نقله عنه ولده فخر المحققين (قدس سره).
93

شرطه (1)، لمنعها عن نقل ما لم يضبطه (2).
ورد (3) بعدم منعها عن نقله ساهيا [فضلا] عن أنه غير مضبوط، أو غير
ضابط.
فصل
تزكية العدل الواحد الإمامي (4) كافية في الرواية، وفاقا للشيخ (5) والعلامة (6)
وسائر المتأخرين (7)، وخلافا للمحقق (8) وأتباعه، وإلا زاد الاحتياط (9) في
الفرع على الأصل، ولدلالة آية التثبت (10) على عموم قبول
خبر الواحد إلا ما خرج بدليل ك‍ " الشهادة " قالوا (11): كل خبر شهادة
فلا يكفي الواحد.

(1) أي الضبط، ولذلك لم يذكره جماعة من المتأخرين.
(2) انظر: مشرق الشمسين: 36 - 37، ففيه: أن الشهيد الثاني اعتذر عن عدم تعرضهم لذكره بأن
قيد العدالة مغن عنه، لأنها تمنعه أن يروي من الأحاديث ما ليس مضبوطا عنده على الوجه
المعتبر.
(3) فيه ما يقارب الاستخدام لرجوع ضمير أنه تارة إلى الحديث، وتارة إلى المحدث.
(4) هذا دليل إقناعي، وفيه بحث، لأن في الرواية بقول واحد حصل الإجماع، وفي تزكية العدل
الواحد لا يحصل الإجماع، فإن أزاد الاحتياط في الفرع على الأصل ليس له قصور.
(5) العدة في أصول الفقه: 1 / 147، 148. انظر: معارج الأصول: 147.
(6) نهاية الأصول: 267. انظر: المحصول للفخر الرازي: 2 / 188.
(7) تهذيب الأصول: 76، معالم الدين: 337، 343.
(8) معارج الأصول: 151، رسائل السيد المرتضى: 1 / 24، الذريعة: 142.
(9) في الدعاوى، فإن في الشهادة لا يكفي عدل واحد، بل محتاج إلى عدلين.
(10) سورة الحجرات: 6.
(11) أي القائلون بالمذهب الثاني.
94

قلنا: ممنوع، بل أكثرها (1) غيرها (2)، كالرواية (3) ونقل الإجماع (4)
وتفسير المترجم وإخبار الطبيب بإضرار الصوم (5)، والأجير بإيقاع الحج،
إلى غير ذلك، وقد بسطنا الكلام فيه في مشرق الشمسين (6). وإذا تعارض الجارح
والمعدل ولم ينحصر نفيه رجح الجارح (7)، ومعه الأكثر الأورع، والقول
بالإطلاق متجه (8).
فصل
رجال السند: إما إماميون ممدوحون بالتوثيق فالحديث صحيح (9)، أو بدونه
كلا أو بعضا (10) مع توثيق الباقين فحسن (11)، أو غير إماميين كذلك مع توثيق

(1) أي أكثر أخبار الآحاد.
(2) أي غير الشهادة.
(3) انظر: معالم الدين: 356 و 364 - 365، معارج الأصول: 149 - 150.
(4) انظر: معالم الدين: 331.
(5) بالمرض.
(6) مشرق الشمسين: 46.
(7) اختلفوا في أنه هل يكفي في الجرح والتعديل إطلاق الفسق والعدالة بدون ذكر سببهما أو لا؟
فذهب البعض إلى أن المعدل والجارح إن كانا عالمين بسبب الفسق والعدالة كفى الإطلاق
فيهما، وهذا هو المتجه.
انظر: النهاية: 279، معالم الدين: 359، مشرق الشمسين: 50.
(8) يعني سواء كان محصورا أو غير محصور رجح الأكثر الأورع، لأن المعدل أثبت له ملكة مانعة
من الفسق.
(9) انظر: معالم الدين: 366.
(10) أي كلهم ممدوحون بدون التوثيق، أو بعضهم ممدوح بدون التوثيق، لكن يشترط توثيق
الباقين ليخرج ما إذا كان الباقون مسكوتا عنهم أو مضعفين.
(11) انظر: معالم الدين: 367، ومشرق الشمسين: 25.
95

الكل فموثق (1)، وتترتب الثلاثة في القوة وسواها (2)، أو سوى الأولين
ضعيف (3).
وأنحاء التحمل في هذا الزمان ستة (4): السماع من الشيخ، والقراءة عليه،
والسماع بقراءة الغير (5)، والإجازة، والمناولة، والمكاتبة (6). وأولها (7)
أولاها، ومع تالييه (8) أقواها، والبواقي (9) أدناها، والكل (10) مرتبة (11).
وقد يزاد سابع، وهو الوجادة، ولا عمل بالمرسل إلا مع ظن عدم إرساله
عن غير الثقة، كابن أبي عمير (12)، ولا يقدح روايته عنه (13) أحيانا كما
ظن، إذ المنقول عدم إرساله عنه، لا عدم روايته عنه.

(1) انظر: معالم الدين: 367، ومشرق الشمسين: 25.
(2) أي سوى الأولين، إشارة إلى الاصطلاحين في إطلاق الضعيف.
(3) انظر: معالم الدين: 367، ومشرق الشمسين: 25.
(4) انظر: نهاية الأصول: 290 - 291، والمستصفى في علم الأصول: 2 / 262.
(5) على الشيخ.
(6) أي الكتب للاستناد بأني قد أجزت لفلان بأن يروي الكتاب الفلاني.
(7) أي أول الستة، وهو السماع من الشيخ.
(8) وهما القراءة على الشيخ، والسماع بقراءة الغير أقوى الأنحاء الستة.
(9) في " أ ": والباقي.
(10) أي كل الثلاثة الباقية.
(11) أي في القوة، فمراتبها ست، والأقوى هو الأول فالأول. وفي " ف، س ": مرتب.
(12) وكذا صفوان بن يحيى وأحمد بن محمد بن أبي نصر البزنطي، كما قاله الشيخ في العدة في
أصول الفقه: 1 / 154. انظر: نهاية الأصول: 286، معالم الدين: 364.
(13) أي عن غير الثقة.
96

المطلب الثالث: في الإجماع
قيل (1): هو اجتماع (2) المجتهدين من هذه الأمة في عصر على أمر، والأنسب
بمذهبنا من عدم قول المعصوم عن الاجتهاد تبديل المجتهدين برؤساء الدين،
وحجيته عندنا (3) لكشفه عن دخوله (4).
وعندهم (5): للإجماع على القطع بتخطئة المخالف، ولا دور (6).
وللوعيد على اتباع غير سبيل المؤمنين (7) وجعلهم وسطا.
ولقوله (صلى الله عليه وآله): " لا تجتمع أمتي على الخطأ " (8)، ونحوه مما تواتر معنى.

(1) انظر: الإحكام للآمدي: 1 / 167 - 168، المستصفى: 2 / 294.
(2) في " أ ": إجماع، اجتماع - خ ل -.
(3) انظر: الذريعة: 2 / 605، نهاية الأصول: 218، معالم الدين: 331، معارج الأصول:
131 - 132.
(4) في " س ": دخول المعصوم.
(5) انظر: المستصفى: 2 / 301 - 302.
(6) دفع لما قد يظن من أن هذا الدليل إثبات للإجماع بالإجماع، ووجه الدفع أن العادة قاضية بأن
هؤلاء العلماء الكثيرين لو لم يجدوا نصا قاطعا على تخطئة مخالف الإجماع لما قطعوا
بتخطئته، فنحن لم نستدل على حجية الإجماع بحجيته، بل لقضاء العادة بوجود نص قاطع
يدل على حجيته، ووجود ذلك النص إنما يتوقف على الإجماع لا على حجيته، فلا تغفل.
(7) انظر: نهاية الأصول: 221.
(8) المنقذ من التقليد للرازي: 2 / 275. وروي بلفظ: " لا تجتمع أمتي على الضلالة " أيضا وألفاظ
أخرى، انظر: سنن الترمذي: 4 / 446، سنن الدارمي: 1 / 32، المستدرك على الصحيحين:
1 / 115، سنن ابن ماجة: 2 / 1303 ح 3950، سنن أبي داود: 4 / 98، الإحكام للآمدي:
1 / 227.
97

وليس السكوتي حجة (1)، لاحتمال التصويب (2) والتوقف والتمهل للنظر،
وخوف الفتنة بالإنكار، وخرق المركب باطل عندنا مطلقا، لمخالفته (3) المعصوم قطعا،
وعندهم (4) إن رفع متفقا عليه كرد البكر مجانا (5) وإلا جاز كالفسخ ببعض الخمسة (6).
فصل (7)
موت أحد الشطرين المختلفين كاشف عن خطئهم وإصابة الباقين (8)،

(1) الإجماع السكوتي: هو إذا أفتى بعض الصحابة بفتوى وسكت الآخرون لم ينعقد الإجماع،
ولا ينسب إلى ساكت قول قائل، ولا عمل عامل، وإنما ينسب إلى قوله وعمله، وهذه العبارة
للشافعي في كتاب اختلاف الحديث: 507 - وفي طبعة أخرى: 88. وقال قوم: هو حجة وليس
بإجماع، وهو رأي أبي هاشم الجبائي، انظر: المعتمد: 2 / 533، إرشاد الفحول: 84، الإحكام
للآمدي: 1 / 188. وقال قوم: ليس بحجة ولا إجماع. والغزالي قال: ليس بإجماع ولا حجة
إلا إذا دلت قرائن على أنهم سكتوا مضمرين الرضا، انظر: المستصفى: 2 / 366، الذريعة:
2 / 651، نهاية الأصول: 238.
(2) أي القول بأن كل مجتهد مصيب، كما سيجئ البحث فيه إن شاء الله تعالى.
(3) في " ف، ر، ج ": مخالفة.
(4) أي عند محققيهم، وإلا فقد ذهب شرذمة قليلة منهم إلى الجواز مطلقا، وإنما لم يتعرض في
المتن لذكر هذين المذهبين لندرة الثاني، وكون الأول عين مذهبنا وإن خالفه في الدليل. هذا
ولا يخفى أن القول بالتفصيل إحداث قول ثالث، وهو من الصور المجوزة عند المفصل إن
تأخر عن الأولين، وإن قارنهما فلا كلام في صحته. انظر: المستصفى: 2 / 382، نهاية
الأصول: 198، معالم الدين: 334 - 335.
(5) أي من غير أرش، والمراد أن المشتري إذا وطئ الجارية البكر، ثم وجد لها عيبا فالأمة على
قولين: أحدهما: لا يجوز لأجل الوطء له الرد. والثاني: يردها مع الأرش، فالقول بردها مجانا
قول ثالث يرفع ما اتفقت عليه الأمة.
(6) انظر: معالم الدين: 335.
(7) في " ج ": تتمة.
(8) انظر: الذريعة: 2 / 634، المستصفى: 2 / 387، نهاية الأصول: 236.
98

ودخول المعصوم يمنع التعاكس (1)، كنفي الاجتماع على الخطأ (2) لجنسية لامه
فلا يلزم اتحاد محله (3). وبهذا يمكن الاحتجاج على عدم خلو العصر من مصيب
في كل أحكامه، لصدق الاجتماع على جنس الخطأ لولاه (4).
ويؤيده قوله (صلى الله عليه وآله): " لا تزال طائفة من أمتي على الحق حتى تقوم الساعة " (5).
فصل
إجماع أهل البيت (عليهم السلام) حجة (6)، لآية التطهير (7) ونزولها في شأنهم مما شاع وذاع.

(1) بأن يرجع كل من الشطرين عن قوله ويقول بما قال به الآخر، وهذا جائز عند بعض
المخالفين، وعندنا ممتنع، لامتناع الرجوع من المعصوم.
(2) كما أن دخول المعصوم يمنع التعاكس كذا ينفي الاجتماع على الخطأ. انظر: الذريعة: 2 / 622.
(3) أي محل الخطأ، فإذا رجع كل شطر عن قوله وقال بما يقول الآخر اجتمعت الأمة على
الخطأ، وهو باطل.
(4) انظر: الذريعة: 2 / 623 و 629.
(5) هذا الحديث رواه مخالفونا في أصولهم، وهو يعطي أن نفيه (صلى الله عليه وآله) الخطأ عن الأمة إنما هو
بسبب دخول الفرقة المحقة فيهم، فإجماعهم كاشف عن دخولها، فحجيته لذلك، وهذا كما
يقوله أصحابنا من أن حجية الإجماع إنما هو لدخول المعصوم، فتشنيع المخالفين علينا بأنه
يلزمنا أن لا يكون نفس الإجماع عندنا حجة، بل الحجة في الحقيقة قول المعصوم وارد عليهم
وهم عنه غافلون.
انظر الحديث في: مسند أحمد: 5 / 34 و 269 و 274 و 278، صحيح البخاري:
4 / 263، سنن أبي داود: 4 / 98، سنن ابن ماجة: 1 / 5.
(6) بحثنا في هذه المسألة مع المخالفين إنما هو على سبيل المماشاة معهم في أن أقوال أهل البيت
(عليهم السلام) عن الاجتهاد، وإلا فإنهم معصومون عن الخطأ ولا يقولون عن اجتهاد، كما سيجئ في
بحث الاجتهاد. انظر: نهاية الأصول: 236.
(7) سورة الأحزاب: 33.
قال الشهيد في الذكرى: إن فيه من المؤكدات واللطائف ما يعلم من علم المعاني والبيان،
وذهاب الرجس ووقوع التطهير يستلزم عدم العصيان والمخالفة لأوامر الله تعالى ونواهيه.
99

روى الثعلبي (1) [وغيره] (2)، عن أبي سعيد الخدري، قال: قال
رسول الله (صلى الله عليه وآله): " نزلت هذه الآية في خمسة: في، و [في] علي، وحسن، وحسين،
وفاطمة: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم
تطهيرا) (3).
ولام الرجس للجنس (4)، ونفي الماهية نفي لكل جزئياتها (5) من الخطأ وغيره.
وهذه الرواية، وتذكير الضميرين (6) في الآية، وإشارته (صلى الله عليه وآله) [إليهم] (7) بقوله:
" اللهم هؤلاء (8) أهل بيتي (9) " وإخراجه لام سلمة رضي الله عنها عنهم شواهد
صدق على أنهم هم المراد من أهل البيت (عليهم السلام) [في الآية]، فلا عبرة بإيهام

(1) أخرجه عنه في تفسير البرهان: 4 / 465 ح 43.
(2) انظر: المعجم الأوسط: 4 / 272 ح 3480، العمدة لابن البطريق: 38 ح 21، الطرائف لابن
طاووس: 127 ح 195.
(3) انظر: تفسير الماوردي: 4 / 401.
(4) إذ لا عهد، ويحتمل الاستغراق أيضا، ويفيد مطلوبنا كالجنس، فنفيه يقتضي نفي جميع
أفراده على تقدير عدم كونها للجنس، ثبت المطلوب أيضا لما تقرر في محله أن اللام تحمل
على الاستغراق إذا لم يكن ثمة عهد خارجي، كيف ومقام المدح أعدل شاهد على إرادة نفي
جميع أفراد الرجس.
(5) في " ف ": نفي لجزئيتها.
(6) أي في " عنكم " و " يطهركم ".
(7) في " ف ": عليهم.
(8) في " ف ": اللهم إن هؤلاء.
(9) قال العضدي في شرح المنهاج: إن قوله (صلى الله عليه وآله): " هؤلاء أهل بيتي " وزان أنا كفيتك سهمك، في
أن التقديم يفيد الحصر، فالمعنى أن هؤلاء أهل بيتي دون غيرهم، ردا لمن يظن دخول
الأزواج فيهم. انتهى. وكما سيجئ في رواية أحمد بن حنبل.
انظر الحديث في: سنن الترمذي: 5 / 351 ح 3205 وص 352 ح 3206 وص 663
ح 3787 وص 699 ح 3871.
100

سوق الكلام أن المراد بهم النساء (1).
وروى البخاري (2) ومسلم (3)، عن عائشة، قالت: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله)
ذات غداة وعليه مرط مرجل (4) من شعر أسود، فجاء الحسن (عليه السلام) فأدخله،
ثم جاء الحسين (عليه السلام) فأدخله، ثم جاءت فاطمة عليها السلام فأدخلها، ثم جاء
علي (عليه السلام) فأدخله، ثم قال (صلى الله عليه وآله): (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت
ويطهركم تطهيرا) (5).
وروى أحمد بن حنبل (6)، عن أم سلمة رضي الله عنها: أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان
في بيتها فأتته فاطمة (عليها السلام) ببرمة (7) فيها حريرة (8)، فقال [لها]: ادعي لي
زوجك وابنيك، فجاء علي وحسن وحسين (عليهم السلام) فجلسوا يأكلون من تلك
الحريرة، فأنزل الله تعالى هذه الآية: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس
أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (9)، فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله) فضل الكساء (10)
فكساهم به، ثم أخرج (11) يده فألوى بها (12) إلى السماء، وقال: " اللهم هؤلاء

(1) انظر: تفسير الماوردي: 4 / 401، المستدرك على الصحيحين: 3 / 147.
(2) التاريخ الكبير: 1 / 69 ح 1719.
(3) صحيح مسلم: 4 / 1882 ح 2424.
(4) المرط: كساء من صوف أو خز. والمرجل - على صيغة اسم المفعول -: ما نقش فيه صورة الرجال.
(5) سورة الأحزاب: 33.
(6) مسند أحمد بن حنبل: 6 / 292.
(7) البرمة: قدر مصنوع من الحجر.
(8) الحريرة: طعام يطبخ من الطحين واللبن والدسم.
(9) سورة الأحزاب: 33.
(10) أي ما فضل عنه (صلى الله عليه وآله).
(11) في " ج ": فأخرج.
(12) أي رفعها.
101

أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا "، قالت [أم سلمة]:
فأدخلت رأسي البيت، وقلت: أنا معكم، يا رسول الله؟
فقال (صلى الله عليه وآله): " إنك إلى خير، إنك إلى (1) خير ".
تتمة (2): ومما ينادي بحجية (3) إجماعهم (عليهم السلام): قول النبي (صلى الله عليه وآله): " إني تارك
فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا [أبدا]: كتاب الله، وعترتي أهل بيتي، وإنهما
لن يفترقا حتى يردا علي الحوض ".
رواه أحمد بن حنبل (4) وغيره (5) بطرق عديدة مع اختلاف يسير في اللفظ.
وفي صحيح مسلم (6): عن زيد بن أرقم، مثله، وفي آخره: قال حصين: ومن
أهل بيته - يا زيد - أليس نساؤه من أهل بيته؟ فقال: نساؤه من أهل بيته (7)،

(1) في " أ، ج ": على. في الموضعين.
(2) في " ر ": فصل.
(3) في " س ": على حجية.
(4) مسند أحمد بن حنبل: 3 / 14، 17، 26، 59، و ج 4 / 366، 371، و ج 5 / 181 -
182، 189.
(5) إن حديث الثقلين متواتر مشهور، صدر منه (صلى الله عليه وآله) في أربع مناسبات كانت الفترة الزمنية لها
أقل من تسعين يوما، ورواه الحفاظ والمحدثون عن بضع وعشرين صحابيا، وللحافظ
ابن القيسراني (448 - 507 ه‍) كتابا في طرق هذا الحديث.
وروي في: سنن الترمذي: 5 / 662 ح 3786، و 3788، سنن الدارمي: 2 / 431،
ومسند عبد بن حميد - على ما في المنتخب منه -: 107 ح 240، مصابيح السنة للبغوي:
4 / 185 ح 4800 وص 189 ح 4815 وص 190 ح 4816، الطبقات الكبرى: 2 / 194،
الذرية الطاهرة للدولابي: 168 ح 228، مشكل الآثار: 2 / 307، و ج 4 / 368، صحيفة
الإمام الرضا (عليه السلام): 135 - 150.
(6) صحيح مسلم: 4 / 1873 ح 36 و 37.
(7) أي هم أهل بيته بحسب اللغة، ولكن أهل بيته المذكورون في هذا الحديث هم الذين
حرموا من الصدقة بعده.
102

[ولكن أهل بيته] من حرم (1) الصدقة بعده (2).
ومما يؤيد ذلك أيضا: أنهم (عليهم السلام) مهبط الوحي الإلهي، وفيهم باب مدينة
علم النبي (صلى الله عليه وآله) (3)، وهم أخص الخلق به، وأقربهم إليه، وأفضلهم لديه، كما
تنبئ عنه (4) آية المباهلة (5)، فهم (عليهم السلام) أبعد عن الخطأ ممن سواهم، وأحق
باقتفاء (6) أثرهم والاهتداء بهداهم، ولقد خرجنا بهذا التطويل عن شرط
الاختصار، ولكن الحق أحق بالحماية والانتصار.
فصل
الإجماع المنقول بخبر الواحد حجة (7)، خلافا للغزالي (8) وبعض الحنفية (9).

(1) في " ج ": حرم عليه.
(2) أي من حرم من أخذ الصدقة، أي الزكاة الواجبة، لا صدقة بعضهم على بعض، أو مع
قصور الخمس.
(3) انظر: مناقب ابن شهرآشوب: 2 / 42، 313، و ج 3 / 293.
(4) في " ف ": إليه.
(5) سورة آل عمران: 61.
(6) في " ج ": باحتفاء.
(7) صرح الشهيد في الذكرى: 1 / 50 - 51: بأنه يثبت الإجماع بخبر الواحد ما لم يعلم خلافه،
لأنه أمارة قوية كروايته، وقد اشتمل كتاب الخلاف والانتصار والسرائر والغنية على أكثر هذا
الباب مع ظهور المخالف في بعضها حتى من الناقل نفسه.
والعذر: إما بعدم اعتبار المخالف المعلوم المعين، كما سلف. وإما تسميتهم لما اشتهر
إجماعا. وإما بعدم ظفره حين ادعى الإجماع بالمخالف، وإما بتأويل الخلاف على وجه
يمكن مجامعته لدعوى الإجماع وإن بعد. انظر: نهاية الأصول: 236، الوافية: 155.
(8) انظر: المستصفى: 2 / 402، المعتمد: 2 / 534، الإحكام: 1 / 238، أصول السرخسي:
1 / 302، تيسير التحرير: 3 / 261، العضدي على ابن الحاجب: 2 / 44.
(9) فإنهم قالوا: إن المنقول بالتواتر حجة دون المنقول بالآحاد، ومحققو الأصوليين على أن
كلا منهما حجة وإن كان المتواتر أقوى، لأنه قطع، ولي في هذا المقام مع القوم بحث، وهو
أنهم مطبقون على أنه لا يثبت بالتواتر إلا ما كان محسوبا، والإجماع يطابق آراء رؤساء
المحدثين على حكم وإذعانهم عن آخرهم به، وهذا الإذعان غير محسوس، وإنما المحسوس
قول كل واحد منهم: أنا مذعن بهذا الأمر، وتواتر هذا القول عن كل منهم لا يفيد القطع بأنه
مذعن في الواقع لاحتمال التقية أو الكذب من بعضهم. نعم، يفيد الظن بذلك لأصالة عدمهما
وسيما الثاني مع مصادمته للعدالة، فقد ظهر مما تلوناه عليك أن تقسيم الأصوليين الإجماع إلى
قطعي ثابت بالتواتر، وظني ثابت بغيره بعيد عن السداد، وكذا قول بعض المتكلمين: إن
القطع بحدوث العالم حاصل من الإجماع المتواتر على حدوثه، فتأمل وتدبر. انظر: الإحكام:
1 / 238، نهاية الأصول: 236، قوانين الأصول للميرزا القمي: 390 - 391.
103

لنا: اشتراك الدليل بينهما (1)، واستدل الحاجبي بالأولوية (2) لقطعية دلالته
دون الخبر، وفيه نظر (3)، وبقوله (صلى الله عليه وآله): " نحن نحكم بالظاهر " (4)، أي بما يفيد
الظن، وإفادته له ظاهرة.
وفيه: أنها معارضة ببعد الاطلاع عليه وعلى بقائه (5).
قالوا (6): إثبات أصل (7) بظاهر.

(1) أي بين خبر الواحد والإجماع المنقول به، ففي العبارة نوع استخدام، فلا تغفل.
(2) أي أولوية إجماع المنقول بخبر الواحد عن خبر الواحد. انظر: الإحكام: 1 / 238، نهاية
الأصول: 236.
(3) وجه النظر: أما أولا: فلأنا لا نسلم قطعية دلالة كل إجماع منقول عنهم، فقد ينقل ألفاظهم في
المسألة، وقطعية دلالتها على آرائهم ممنوعة، فإن احتمال التجوز والتخصيص ونحوهما قائم.
وأما ثانيا: فلأن بعد الاطلاع عليه وعلى نفاته تصادم الحكم بالأولوية، كما قلنا على دليله
الثاني.
(4) انظر: الفوائد المجموعة للشوكاني: 200، الإحكام للآمدي: 1 / 238.
(5) أي النافين للإجماع بخبر الواحد.
(6) لأن احتمال رجوع أحدهم عن رأيه قائم، كما هو شائع بين المجتهدين.
انظر: نهاية الأصول: 236.
(7) الذي هو الإجماع بظاهر، أي بما يفيد الظن - يعني بخبر الواحد -.
104

قلنا: كثبوت السنة (1)، وهي أعظم الأصول، وقد يتجوز في تسمية المشهور
إجماعا، وربما الحق به، وقربه الشهيد في الذكرى (2).

(1) أي ثبوته بما ذكرناه من الأدلة كثبوت السنة، وهي أعظم من الأصول.
(2) قال الشهيد في الذكرى: 1 / 51: ألحق بعضهم المشهور بالمجمع عليه، فإن أراد في الإجماع
فهو ممنوع، وإن أراد في الحجة فقريب.
105

المطلب الرابع: في الاستصحاب
وهو إثبات الحكم (1) في الزمن الثاني تعويلا على ثبوته في الأول، والأظهر
أنه حجة، وفاقا لأكثر أصحابنا (2)، وخلافا للمرتضى (رحمه الله) (3)، وأغلب
الحنفية (4)، وأكثر المتكلمين (5).
لنا (6): ثبوت الحكم أولا وعدم تحقق ما يزيله فيظن بقاؤه، ولولاه لم تتقرر
المعجزة (7)، كما قاله البيضاوي (8)، وفيه ما فيه (9)، ولعد إرسال
المكاتيب والهدايا من البعد سفها، ولكان الشك في الزوجية كالشك في بقائها.
قالوا: [حكم] من غاب عن زيد ببقائه في الدار سفه، وبينة النافي مع

(1) كصحة صلاة التيمم إذا وجد الماء في الأثناء، فنقول: طهارته معلومة، والأصل عدم
الطارئ، أو صلاته صحيحة قبل الوجدان فكذا بعده.
(2) هذا إذا لم يعارضه استصحاب آخر، كما قلنا في عتق الآبق في الكفارة، وكما إذا سقطت ذبابة
على نجاسة رطبة ثم على الثوب وشك في جفافها بعد تعارض استصحاب الرطوبة
واستصحاب طهارة الثوب، فيتوقف في الحكم لجواز الصلاة فيه. انظر: نهاية الأصول: 389.
(3) انظر: معالم الدين: 377، معارج الأصول: 206.
(4) انظر: المستصفى: 2 / 409 - 411، نهاية الأصول: 389.
(5) انظر: الإحكام للآمدي: 3 / 367، وذكر منهم أبا الحسين البصري.
(6) أي لنا وجوه، منها: ثبوت الحكم.
(7) لتوقفها على استصحاب العادة واستمرارها من غير تغيير، إذ لولا ظن استمرارها لم تكن
المعجزة خارقة لها.
(8) انظر: نهاية السؤول في شرح منهاج الأصول: 4 / 358.
(9) إذ قبل صدور المعجزة كان لنا علم عادي بعدم وقوعها، وكلامه يعطي أنا كنا ظانين، وقد تقدم
في أول الكتاب ما ينفعك تذكره هنا.
106

اعتضادها به مطروحة.
قلنا (1): العادة بالخروج قاضية، وغلط المثبت أبعد من النافي.
تذنيب (2): القياس: مساواة فرع لأصل في علة حكمه، أو إجراء حكم
الأصل في الفرع بجامع (3)، وقد علمت بذلك أركانه الأربعة (4)، وليس حجة عندنا
إلا طريق الأولوية، ومنصوص العلة (5) إن جعلا منه (6).
لنا: قوله تعالى: (ولا تقف ما ليس لك به علم) (7) [الآية] (وأن تقولوا
على الله ما لا تعلمون) (8) (إن الظن لا يغني من الحق شيئا) (9) خرج
ما خرج (10) بدليل فبقي (11) الباقي، وقوله (صلى الله عليه وآله): فإذا فعلوا ذلك فقد ضلوا (12)،

(1) إشارة إلى الجواب عن أدلة المخالفين.
(2) في " ر ": فصل.
(3) هذا التعريف ناظر إلى أن القياس فعل من أفعال المجتهد، والأول ناظر إلى أنه أمر ثابت في
نفسه. وفي " أ ": لجامع. انظر: نهاية السؤول في شرح منهاج الأصول للبيضاوي: 4 / 2.
(4) يعني: الأصل والفرع وحكم الأصل والعلة الجامعة. انظر: معارج الأصول: 182.
(5) كما روي أن النبي (صلى الله عليه وآله) سئل عن بيع الرطب بالتمر، فقال: " أينقص إذا جف "؟
فقيل: نعم. فقال: " لا إذن ". عوالي الآلي: 2 / 254 ح 28، مستدرك الوسائل: 13 / 342
ح 2. انظر: رسائل الشريف المرتضى: 1 / 203، نهاية الأصول: 296 و 297 و 320.
(6) أي من القياس، وإلا فهو من قبيل الدليل العقلي.
(7) سورة الإسراء: 36.
(8) سورة البقرة: 169.
(9) سورة يونس: 36.
(10) أي الأمور التي تفيد الظن، والحال أنها حجة، كالسنة، والاستصحاب، وخبر الواحد،
والحكم بالشاهدين، وغيره.
(11) في " ر، ج ": فيبقى.
(12) الحديث هكذا: " تعمل هذه الأمة برهة بالكتاب، وبرهة بالسنة، وبرهة بالقياس، فإذا فعلوا
ذلك فقد ضلوا وأضلوا "، وورد بألفاظ متفاوتة. انظر: جامع بيان العلم وفضله: 2 / 134،
الفقيه والمتفقه: 1 / 179، مجمع الزوائد: 1 / 179، المطالب العالية: 3 / 121، كنز
العمال: 1 / 180 ح 915.
وهذا الحديث نقله أيضا البيضاوي في المنهاج، وغيره من المخالفين، وأجابوا عنه بأن
المراد قياس لم يجتمع فيه الشرائط، ولا يخفى ما فيه من التعسف.
107

أعظمهم فتنة قوم يقيسون الأمور برأيهم (1)، وإجماع العترة (عليهم السلام) على رده (2)،
فقد تواتر عندنا إنكارهم له، ومنع شيعتهم عن (3) العمل [به].
وأما قول أمير المؤمنين (عليه السلام): " أتوجبون عليه الحد والرجم ولا توجبون عليه
صاعا من ماء " (4)؟
فمن طريق الأولوية (5) وكثرة اختلاف الأحكام مع التماثل كالفرق بين العدتين (6)
والعبد وجاريه (7) والغاصب والسارق (8) وتماثلها مع التخالف، كقتل الصيد (9)

(1) الحديث هكذا: " ستفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة، أعظمهم فتنة قوم يقيسون الأمور
برأيهم، فيحرمون الحلال ويحللون الحرام ". المعجم الكبير: 18 / 51 ح 90، المستدرك
على الصحيحين: 4 / 430، تاريخ بغداد: 13 / 309.
وهذه الرواية أوردها الفخري في المحصول وغيره من المخالفين، وأجابوا عنها بما أجابوا
عن سابقها، وتمحله ظاهر.
(2) انظر: معارج الأصول: 188، عوالم العلوم - الإمام الصادق (عليه السلام) -: 1 / 487 - 520.
(3) في " ف، أ، ج ": من.
(4) انظر: تهذيب الأحكام: 1 / 119 ح 314، مناقب ابن شهرآشوب: 2 / 368، السرائر:
1 / 108 - 109، وسائل الشيعة: 2 / 184 ح 5، بحار الأنوار: 40 / 234.
(5) فإنه جعل الحكم في الفرع أولى منه في الأصل.
(6) ففي الطلاق ثلاثة قروء مع الدخول، وفي الموت أربعة أشهر وعشرة أيام وإن لم يدخل.
(7) أي جاري العبد، وهما يوم سابقه ولاحقه في وجوب الصوم في سابقه، وتحريمه فيه،
واستحبابه في لاحقه.
(8) فإن غاصب الكثير لا يقطع، وسارق القليل يقطع، ومن هذا القبيل الجلد بنسبته إلى الزنا
لا الكفر والقتل بشاهدين.
(9) في الإحرام.
108

عمدا، وخطأ، والكفارة (1) في [القتل خطأ، و] الصوم، والظهار، والقتل
في الردة، والزنا، فكيف يحكم من مجرد تشابه المحال بتشابه الأحكام (2)؟
قالوا: قال سبحانه: (فاعتبروا يا اولي الأبصار) (3) (إن أنتم إلا بشر
مثلنا) (4)، وقرر [رسول الله] (5) (صلى الله عليه وآله) معاذا على قوله: " أجتهد رأيي " (6)،
ولقوله: " أرأيت لو (7) تمضمضت " (8) وخبر الخثعمية (9)، والشركة في

(1) وهي مرتبة العتق، ثم الشهران، ثم الإطعام.
(2) إشارة إلى رد المخالفين حجية القياس.
(3) سورة الحشر: 2.
(4) سورة إبراهيم: 10.
(5) في " ف، أ ": النبي.
(6) لما بعثه رسول الله (صلى الله عليه وآله) قاضيا على اليمن قال (صلى الله عليه وآله): " بم تحكم "؟
قال: بكتاب الله. قال: " فإن لم تجد "؟ قال: بسنة رسول الله (صلى الله عليه وآله). قال: " فإن لم تجد "؟ قال:
أجتهد رأيي. فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): " الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يحبه الله
ورسوله ".
وفي بعض النسخ: لاجتهاد الرأي. المصنف لابن أبي شيبة: 10 / 177 ح 9149، مسند
أحمد بن حنبل: 5 / 230 و 236 و 242، سنن أبي داود: 3 / 303 ح 3592 و 3593،
الجامع الصحيح للترمذي: 3 / 616 ح 1327، شرح السنة للبغوي: 10 / 116، نصب
الراية: 4 / 63، تلخيص الحبير: 4 / 182 ح 2076، إتحاف السادة المتقين: 1 / 172.
(7) في " ف ": إن.
(8) روي أن عمر سأل النبي (صلى الله عليه وآله) عن قبلة الصائم هل توجب الإفطار؟
فقال: " أرأيت لو تمضمضت بماء ثم مججته أكنت شاربه "؟
فقد قاس القبلة على المضمضة، والجامع حصول المقدمة دون الثمرة. انظر: مسند
أحمد بن حنبل: 1 / 21 و 52، المصنف لابن أبي شيبة: 3 / 61، المستدرك على الصحيحين:
1 / 431، الذريعة: 2 / 713، معارج الأصول: 190 - 191، ميزان الاعتدال: 2 / 655
ح 5211، كنز العمال: 8 / 615 ح 24401.
(9) لما سألت النبي (صلى الله عليه وآله): إن أبي أدركته فريضة الحج شيخا زمنا لا يستطيع أن يحج إن
حججت عنه أينفعه ذلك؟ فقال (صلى الله عليه وآله): " أرأيت لو كان على أبيك دين فقضيتيه أكان ينفع ذلك "؟
قالت: نعم. فقال: " فدين الله أحق بالقضاء ". فهو (صلى الله عليه وآله) قاس الحج على الدين.
انظر: مسند أحمد بن حنبل: 4 / 5، التمهيد لابن عبد البر: 9 / 132، المعجم الكبير:
11 / 149 ح 11323، سنن النسائي بشرح السيوطي: 5 / 118 - 119، كنز العمال: 5 / 123 -
124 ح 12331 - 12334 وص 270 ح 12851 وص 271 ح 12856 وص 273 ح 12864
و 12865.
109

السرقة (1)، وعمل الصحابة [به] شائعا ذائعا (2) بلا نكير فيكون إجماعا.
قلنا: المراد الاتعاظ (3)، كما قال (4) سبحانه: (إن في ذلك لعبرة) (5) وسوق
الآية مانع من حملها على القياس (6)، وجعل الشرعيات (7) كالعقليات قياس
مع تضمن الآية إنكاره (8)، وخبر معاذ ضعيف دلالة وسندا (9)، وقد روي

(1) رووا أن عمر شك في قتل الجماعة بالواحد، فقال له (عليه السلام): " أرأيت لو اشترك نفر في سرقة
أكنت تقطعهم "؟
فقال: نعم.
قال: " فكذا فيها ". فرجع إلى قوله (عليه السلام). الإحكام للآمدي: 4 / 302 - وفي طبعة أخرى:
4 / 43 -، النص والاجتهاد: 273. وروي نحوه في: المصنف لعبد الرزاق: 9 / 477 ح 18077،
أعلام الموقعين: 1 / 213، فجر الإسلام: 285.
(2) انظر: الذريعة: 2 / 712، معارج الأصول: 190.
(3) فإنه هو الظاهر، كما اعترف به الحاجبي وغيره من المخالفين. وفي " س - خ ل - ": الإيقاظ.
(4) في " س ": قاله.
(5) سورة آل عمران: 13.
(6) بل هي ظاهرة في العبرة، لأنها هكذا: (يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين فاعتبروا
يا اولي الأبصار) - سورة الحشر: 2 -.
(7) جواب عن الاستدلال بآية: (إن أنتم إلا بشر مثلنا) - سورة إبراهيم: 10 -.
(8) لأن الآية وردت للإنكار عليهم في هذا القياس، ولهذا ذكر سبحانه جواب الرسل لهم، وهو
قولهم: (إن نحن إلا بشر مثلكم ولكن الله يمن على من يشاء من عباده) - سورة إبراهيم: 11 -.
(9) أما دلالة فلاحتمال إرادة معاذ العمل بالبراءة الأصلية والاستصحاب والقياس على منصوص
العلة أو طريق الأولوية.
وأما سندا فلأن هذا الخبر مرسل باتفاق المحدثين، فلا يثبت به مثل هذا الأصل العظيم.
انظر: الذريعة: 2 / 709 و 773، معارج الأصول: 193.
110

أمره بالمكاتبة (1)، وخبر المضمضة تمثيل (2)، وكذا (3) [الخثعمية و] السرقة (4)،
وقوله (صلى الله عليه وآله): " دين الله أحق بالقضاء " (5) يعطي الأولوية، وإنكار كثير من
الصحابة، كابن عباس (6)، وشيخيكم (7)، وغيرهم له (8) مشهور، فأين
الإجماع؟ وحيث إن القياس عندنا باطل من أصله فلا ثمرة في ذكر شروطه
[وتفاصيله] عندهم.

(1) أي لم يقرره على قوله: أجتهد رأيي، بل قال له: اكتب إلي، وأكتب إليك. الذريعة: 2 / 773.
(2) تقريب إلى الأفهام لا للقياس عليها سلمنا أنه أراد القياس، لكنه (عليه السلام) بين العلة فيها، ونحن
نقول بمنصوص العلة.
(3) في " ج ": وكذلك.
(4) انظر: الذريعة: 2 / 790، معارج الأصول: 193.
(5) انظر: صحيح البخاري: 3 / 46، الذريعة: 2 / 713 و 790 و 791، تفسير القرطبي (الجامع
لأحكام القرآن): 4 / 151.
(6) روي أنه قال: إن الله قال لنبيه: (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) - سورة المائدة: 49 - ولم
يقل: بما رأيت، وروي عنه أيضا أنه قال: ولو جعل لأحد أن يحكم برأيه - أو بما يراه - لجعل
ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله).
وقال: إياكم والمقاييس، فإنما عبدت الشمس والقمر بالقياس.
وقال: إن الله لم يجعل لأحد أن يحكم في دينه برأيه. انظر: الذريعة: 2 / 737.
(7) إشارة إلى ما نقلوه من قول أبي بكر: أي سماء تظلني، وأي أرض تقلني، إن قلت في كتاب الله
برأيي؟
ومن قول عمر: إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها
فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا. انظر: الذريعة: 2 / 735 - 736، أعلام الموقعين: 1 / 54 و 82.
(8) أي للقياس. انظر: الذريعة: 2 / 736 - 737.
111

المنهج الثالث
في مشتركات الكتاب والسنة (1)
وفيه مطالب:
المطلب الأول: في الأمر والنهي (2)
الأمر (3): طلب فعل بالقول استعلاء (4)، وصيغته افعل، وما بمعناه حقيقة في

(1) كالأمر والنهي والعموم والخصوص والإجمال والبيان.
(2) في " س ": الأوامر والنواهي.
(3) لا يخفى أن المراد بهذا الأمر غير الأمر عند النحاة، فإن الأمر عندهم فعل الأمر مطلقا سواء
صدر عن المستعلي أو غيره، وسواء كان طلبا، أو لا، وهذا التعريف إنما هو للأمر بحسب
عرف أهل اللغة، فهم الذين قسموا الطلب إلى الأقسام الثلاثة - أعني: الأمر والالتماس والدعاء -،
وظاهر تعريفهم هذا يشمل ما يراد به الوجوب والندب، ولما لم تشتد حاجتهم إلى تحقيق أن
الأمر في أيهما حقيقة؟ لم يبحثوا عن ذلك. وأما الأصوليون فحاجتهم إلى تحقيق ذلك
شديدة، ليحملوا أمر الشارع بقوله: افعل، أو ليفعل مثلا، على ما هو حقيقة فيه عنده،
أو بحسب اللغة إن لم نقل بالحقيقة الشرعية، فلا تغفل.
(4) أي على وجه الاستعلاء، فخرج الالتماس والدعاء. انظر: الذريعة: 1 / 38، معارج
الأصول: 62 - 63.
113

الإيجاب (1) لا في الندب (2)، ولا فيهما لفظيا (3) ولا معنويا (4)، ولا مع
الإباحة (5)، ولا في الكل مع التهديد (6)، لشيوع احتجاج (7) السلف بمطلقها عليه
بلا نكير، ولقوله تعالى: (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) (8) (فليحذر الذين
يخالفون عن أمره) (9) (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) (10)، وقوله (صلى الله عليه وآله): " إنما
أنا شافع " (11) " لولا أن أشق " (12)، ولعد العقلاء ترك العبد الامتثال بعد قول سيده:

(1) انظر: الذريعة: 1 / 51، معارج الأصول: 64.
(2) انظر: الذريعة: 1 / 51، المعتمد: 1 / 57 - 58، التبصرة: 27، معارج الأصول: 64،
المستصفى: 3 / 132، المحصول للرازي: 1 / 66.
(3) انظر: الذريعة: 1 / 52 - 53، معارج الأصول: 65، معالم الدين: 118.
(4) انظر: معالم الدين: 118.
(5) انظر: معالم الدين: 118.
(6) انظر: معالم الدين: 118.
(7) في " ف ": اجتماع.
(8) سورة الأعراف: 12.
(9) سورة النور: 63.
(10) سورة المرسلات: 48.
(11) إشارة إلى ما روي أن بريرة أعتقت وزوجها عبد، فلما علمت التخيير فارقته، فاشتكى فراقها
إلى النبي (صلى الله عليه وآله).
فقال (صلى الله عليه وآله): " راجعيه ".
فقالت: أتأمرني بذلك، يا رسول الله؟
فقال (صلى الله عليه وآله): " لا، إنما أنا شافع ".
فقالت: لا حاجة لي فيه.
انظر: مسند أحمد بن حنبل: 1 / 215، التمهيد: 3 / 53، الذريعة: 1 / 58، كنز العمال:
16 / 547 ح 45838.
(12) إشارة إلى قوله (صلى الله عليه وآله): " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ". انظر: جامع
الأصول: 6 / 105 - 106 ح 5172 و 5173، الذريعة: 1 / 58 و 69، تهذيب الوصول:
97، كنز العمال: 7 / 399 ح 19485، و ج 9 / 315 ح 26190 - 26195 وص 316
ح 26199 و 26202 و 26204 و 6205 و ص 318 ح 26212.
114

" إفعل " عصيانا (1)، والرد إلى الاستطاعة لا إلى (2) المشيئة (3)، والمجاز أولى من
الاشتراك (4)، ودليل التقييد قد ذكر (5)، والوارد بعد الحظر للإباحة غالبا.
فصل
لا إشعار في صيغة الأمر مجردة بوحدة ولا تكرار (6)، وهو مرتضى
المرتضى (رحمه الله) (7)، وقيل به (8)، وقيل بها (9).
لنا: خروجهما عن حقيقة الفعل كالزمان والمكان، والقياس على النهي باطل،
والفارق قائم من وجهين (10)، والتكرار في الصلاة والصوم من خارج، واقتضاء

(1) انظر: معالم الدين: 119.
(2) في " ف ": على.
(3) جواب عن استدلال أهل الندب بقوله (صلى الله عليه وآله): " إذا أمرتكم بشئ فأتوا منه بما استطعتم - مسند
أحمد بن حنبل: 2 / 258، السنن الكبرى للبيهقي: 1 / 388 -. حيث حملوا الاستطاعة على
المشية.
(4) جواب عن استدلال أهل الاشتراك بين الوجوب والندب، حيث قالوا: استعمل فيهما، فيكون
مشتركا، والأصل في الاستعمال الحقيقة، فيكون مشتركا.
(5) جواب عن استدلال أهل الاشتراك بين الوجوب والندب، حيث قالوا: دلالة الأمر على مطلق
رجحان الفعل ظاهرة، والقيد بالوجوب لا دليل عليه.
(6) انظر: معالم الدين: 141، معارج الأصول: 66.
(7) انظر: الذريعة: 1 / 100.
(8) انظر: شرح اللمع للشيرازي: 1 / 219 - 220، الإحكام للآمدي: 2 / 378، عدة الأصول:
1 / 199 - 200، المنخول للغزالي: 108.
(9) انظر: عدة الأصول: 1 / 199، التذكرة للمفيد: 30، الإحكام للآمدي: 2 / 378.
(10) أولهما: اقتضاء النهي انتفاء الحقيقة، فلا بد من انتفائها في كل الأوقات. بخلاف إيجادها، وثانيهما: منع التكرار في الأمر من فعل غيره بخلاف التكرار في النهي.
115

الأمر بالشئ النهي عن تركه (1) مسلم، لكنه بحسب الأمر والامتثال بالمرة (2)
لا يوجب ظهوره فيها، والمعلق على علة ثابتة (3) يتكرر بتكررها لا غيرها.
فصل
الأمر لطلب نفس الفعل (4) من غير دلالة على فور أو تراخ (5)، وعليه المحقق (6)
والعلامة (7)، وهو الحق، والشيخ (8) على الفورية.
لنا: خروجهما كما مر، والعصيان بتأخير السقي للعادة (9)، والقياس باطل،

(1) لم يقل: عن ضده، لئلا يظن أن المراد ضده الخاص لا العام.
(2) جواب عن استدلال أهل الوحدة بحصول الامتثال بها، وتقريره: إن حصول الامتثال بحصول
الحقيقة في ضمن المرة لا لظهوره فيها.
(3) المراد بالعلة الثانية ما ثبت عليتها بالدليل، نحو: إن زنى فاجلدوه، وإن سرق فاقطعوا يده،
لا نحو: إن دخلت السوق فاشتر لي عبدا، وهذا هو المراد بقوله: " لا غيرها " أي لا غير الثابتة.
(4) في " ف ": الأمر.
(5) المذاهب أربعة: الفور والتراخي والاشتراك والوقف، فالقائلون بأن الأمر للتكرار قائلون بأنه
للفور. وأما القائلون بأنه للوحدة والقائلون بالاشتراك بعضهم على الفورية وبعضهم على
الاشتراك. وأما القول بأن الأمر للتراخي بحيث لو أتى المكلف بالفعل على الفور لم يكن
ممتثلا فهو قول نادر، والقائل به الجبائيان وبعض الأشاعرة، كما ذكره البدخشي في شرح
المنهاج، وغيره. وأما القول بالوقف نسبه العلامة في النهاية إلى المرتضى رضي الله عنه. انظر:
التذكرة: 30، الذريعة: 1 / 130 - 131.
(6) معارج الأصول: 65.
(7) نهاية الأصول: 59 و 61.
(8) العدة في أصول الفقه: 1 / 227.
(9) من قال لغلامه: اسقني الماء، فلم يسقه فإن العقلاء يذمون العبد المخالف. انظر: العدة في
أصول الفقه: 1 / 174، معالم الدين: 152.
116

وذم إبليس للتعيين (1) بالتسوية (2)، والتأخير غير متعين (3)، فلا تكليف بالمحال
[ولو تعين فكما وقته العمر] والمسارعة والاستباق للفضل (4).
فصل
اقتضاء الأمر [بالشئ] النهي عن ضده العام - أعني تركه مما لا ينبغي الريب
فيه (5) -، أما الخاص (6) فللمثبتين توقف الواجب على تركه فيجب، واستلزام فعله
ترك الواجب فيحرم، وفيهما كلام، وللنافين (7) تحقق الذهول حال الأمر عن
الأضداد الوجودية فأين النهي عنها؟
وفيه: أنه مستنبط منه كدليل الإشارة (8) فلا يضر الذهول مع انتفائه فيما أصل

(1) أي تعيين وقت الفعل - أعني السجود -. انظر: العدة في أصول الفقه: 1 / 174، معالم الدين:
152.
(2) حيث قال سبحانه: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين) - سورة الحجر:
29، سورة ص: 72. وأيضا فلعل الذم لعلمه سبحانه بعدم عزمه على السجود في المستقبل،
كما قال سبحانه: (أبى واستكبر) - سورة البقرة: 34 -.
(3) انظر: معالم الدين: 153.
(4) في قوله جل شأنه: (فاستبقوا الخيرات) - سورة البقرة: 148 -. انظر: معالم الدين: 154.
(5) انظر: العدة في أصول الفقه: 1 / 196 - 198، نهاية الأصول: 76.
(6) هو الأفعال المضادة له.
(7) انظر: العدة في أصول الفقه: 1 / 196، الإحكام للآمدي: 2 / 252، المعتمد: 1 / 97،
شرح اللمع: 1 / 261، المنخول: 114، المستصفى: 1 / 52، الإبهاج: 2 / 76، التبصرة:
90، ميزان الأصول: 1 / 258 - 264، التذكرة للمفيد: 31، الذريعة: 1 / 85 - 86.
(8) مثل قوله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) - سورة الأحقاف: 15 -، وقوله تعالى:
(وفصاله في عامين) - سورة لقمان: 14 - فإنه يستنبط من هاتين الآيتين أن أقل مدة الحمل ستة
أشهر.
117

هذا الأصل له (1)، وللبحث من الجانبين مجال واسع، ولو ابدل (2) النهي عن الضد
الخاص بعدم الأمر به فيبطل لكان أقرب.
فصل
الشيخ (3) والأكثر (4) على أن الأمر بالمؤقت (5) لا يكفي في وجوب قضائه
لو فات، لعدم دلالة " صم الخميس " على صوم غيره (6) بوجه، واحتمال اختصاص
جهة الحسن به (7)، والاستدلال بالأداء (8) إلى الأداء والتسوية (9) ضعيف.
قالوا: أمرنا بالصوم وبتخصيصه، وبفوت الثاني لا يفوت الأول،

(1) حيث إن الآمر هو الله تعالى، فلا يتأتى هنا القول بأن الآمر ذاهل.
(2) بأن يصير المدعى أن الأمر بالشئ يستلزم عدم الأمر بضده، وهذه الدعوى أقرب إلى الإثبات
من تلك، فإن أدلة إثبات تلك مدخولة كما يظهر حينئذ إلا في العبادات، فتدبر.
(3) انظر: العدة في أصول الفقه: 1 / 210.
(4) انظر: التبصرة: 64، شرح اللمع: 1 / 250، الإحكام للآمدي: 2 / 166، المستصفى:
2 / 10، المنخول: 120، أصول السرخسي: 1 / 46، المغني للقاضي عبد الجبار: 17 / 121،
ميزان الأصول: 1 / 340، روضة الناظر: 180، المعتمد: 1 / 134 - 135، الذريعة: 1 / 116.
(5) سواء كان موسعا أو مضيقا كصلاة الظهر وصوم رمضان لو لم يؤمر بقضائه، أما ما ليس مؤقتا
كصلاة الزلزلة فلا يقضيه المخاطب.
(6) لم يقل: على صوم الجمعة، كما قاله الحاجبي وقرره العضدي، لأنه لم يقل أحد باقتضاء الأمر
بالشئ تخصيص قضائه لوقت، وظني أن ذكر الجمعة في كلام الحاجبي على سبيل التمثيل،
ومراده صوم الجمعة، ودعوى بعضهم لزوم المصادرة غير مسموعة. انظر: العدة في أصول
الفقه: 1 / 211.
(7) انظر: المستصفى: 3 / 167.
(8) أي على المذهب المختار بأنه لو اقتضى القضاء لكان الإتيان الثانوي أداء، فكأن الشارع قال:
صم يوم الجمعة أو غيره.
(9) التسوية بين الأداء والقضاء فلا يعصي بالتأخير عن الوقت.
118

والوقت (1) كأجل الدين (2) ويلزم أداؤه (3). قلنا: التعدد خارجا ممنوع (4)،
واشتغال الذمة (5) فارق، واستدراك الفائت مانع (6).
فصل
قيل (7): المطلوب بالأمر فعل جزئي مطابق للماهية الكلية لا هي لاستحالتها
خارجا. وقيل (8): بل هي لتقييده (9)، والمطلوب مطلق، ومنشأ النزاع الاختلاف
في وجودها لا بشرط (10)، والحق وجودها بوجود أفرادها فتطلب، ومطلقها
لا ينافي مقيدها، بل يشمله، والقول بأن منشأ النزاع عدم التفرقة بينهما بشرط لا،
وبلا شرط بعيد.

(1) أسقطنا الاستدلال لظرفية الوقت لإغناء الدليل الأول عنه.
(2) وهو لا يسقط بالتأخير عن أجله، فكذا المأمور به.
(3) أي لو وجب القضاء بأمر جديد لكان أداء، لأنه أمر بالشئ بعد الوقت فيكون مأتيا به في وقته
لا بعده. انظر: المستصفى: 3 / 176، التبصرة: 64، أصول السرخسي: 1 / 46، البرهان:
1 / 265، المعتمد: 1 / 146، نشر البنود: 1 / 154.
(4) إذ المطلوب بالأمر الوجودي الخارجي ومفهوم صوم يوم الخميس، وإن كان مركبا إلا أن
نركب ما صدق عليه هذا المفهوم في الخارج ممنوع، بل هو واحد، كما هو الحق في المركب
من الجنس والفصل.
(5) بالدين في أيام الأجل وبعدها.
(6) إذ ليس في الأداء استدراك فائت.
(7) انظر: معالم الدين: 249.
(8) أي الماهية، لأن المطلوب غير مقيد، والجزئي مقيد، ولا يكون المطلوب هو الجزئي،
فيكون هو المشترك، إذ لا مخرج عنها.
(9) أي الفعل الجزئي بقيد زائد على الماهية.
(10) فمن قال بوجودها في الخارج لا بشرط قال: إنها المطلوب بالأمر، ومن قال بامتناع وجودها
الخارجي قال: إن المطلوب بالأمر هو الجزئي المطابق لها، لامتناع التكليف باتحاد الممتنع.
119

فصل
النهي للتحريم للتبادر ولذم العبد على الفعل بعد قول السيد: " لا تفعل "،
ولفحوى (1) قوله تعالى: (وما نهاكم عنه فانتهوا) (2)، وهل المطلوب به
كف النفس، أو عدم الفعل (3)، قولان [حتى للعلامة في الكتابين (4)]، فللأول
عدم تأثير القدرة في الثاني، وللثاني أغلبية الغفلة عن الأول (5)، وهذا
أظهر، وتأثير القدرة في الاستمرار، كما مر.
فصل
النهي للدوام عند الأكثر (6)، والمرتضى (7) وأتباعه كالأمر، وللعلامة قولان (8).
لنا: استدلال السلف به على دوامه من غير نكير، والمستدل (9)

(1) فإنه سبحانه أمر بالانتهاء عند النهي والأمر للوجوب - كما مر -، فيجب الانتهاء، وهو معنى
التحريم. انظر: معارج الأصول: 77.
(2) سورة الحشر: 7.
(3) وإن لم يخطر كف النفس بباله.
(4) في التهذيب: كف النفس، وفي النهاية: عدم الفعل. ونقل قوله الأول في معالم الدين: 243.
انظر: تهذيب الوصول: 121.
(5) أي كف النفس، فإن تارك السرقة - مثلا - قد لا يخطر بباله في مدة عمره كف نفسه عنها مع أنه
مكلف بتركها.
(6) لم يذكر البحث في أن النهي هل هو للفور أم لا، لأن هذا البحث مغن عنه، لظهور أن الدوام
يقتضي الفورية، والقائلون بعدم الدوام لا يقولون باقتضائه الفورية، نص عليه العلامة في
النهاية، وكلام الفخري في المحصول يدل عليه أيضا. انظر: معالم الدين: 243 و 245.
(7) الذريعة: 1 / 174 - 175.
(8) ففي التهذيب: 111: لا يدل على الدوام، وفي النهاية: يدل.
(9) أي المستدل على المذهب المختار.
120

بالمنع (1) من إدخال الماهية في الوجود إن عنى دائما فمصادرة (2)، وإلا لم ينفعه (3).
قالوا: ورد لهما (4) كقوله تعالى: (ولا تقربوا) (5)، ونهي الطبيب عن أكل
اللحم فيشترك (6) ويقيد بالدوام، ونقيضه بلا تكرار ولا نقض (7).
قلنا: قرينة التوقيت قائمة (8)، والتصريح بما علم ضمنا شائع (9).
فصل
النهي (10) في العبادة (11) بعينها (12)، أو جزئها، أو شرطها (13)، يدل (14) على
فسادها، لكشفه عن قبح المأتي به، فهو غير المأمور به، فلا امتثال، ولامتناعه مع
تساوي الحكمتين (15)، أو مرجوحية حكمته وامتناع الصحة مع رجحانها.

(1) أي باقتضاء النهي المنع.
(2) لأن اقتضاء النهي المنع من المنهي عنه دائما بعينه هو المدعي، وقد أخذه في الدليل.
(3) أي وإن لم يعن بالمنع دائما لم ينفعه، لأنه لا نزاع في أنه يدل على المنع في بعض الأوقات.
(4) أي ورد النهي للدوام وغير الدوام.
(5) سورة النساء: 43، سورة الأنعام: 151 و 152، سورة الإسراء: 32 و 34.
(6) قد تقرر هذا الدليل هكذا: قد ورد النهي للدوام وغيره، وللاشتراك والمجاز على خلاف
الأصل، فيكون للقدر المشترك، ويجاب بأن المجاز يصار إليه للدليل.
(7) انظر: معالم الدين: 244.
(8) فكأنه قال: إلى وقت الصحة، والبحث في النهي المجرد عن قرائن الدوام وعدمه.
(9) لم يذكر الجواب عن حكاية النقض لإشعار جواب الأول به.
(10) كالصلاة في المكان المغصوب - مثلا -.
(11) في " أ ": العبادات.
(12) في " ف، أ، ر، ج ": لعينها.
(13) فالنظر إلى الأجنبية حال الصلاة غير مفسد لها، إذ ليس من أحد الثلاثة.
(14) هذه الدلالة شرعية لا لغوية، قاله المرتضى (رضي الله عنه) في الذريعة: 1 / 174 وما بعدها.
(15) أي امتناع النهي عن الشئ مع تساوي حكمتي ثبوته ونفيه.
121

والشيخ ساوى العبادة (1) بغيرها (2)، والدليل (3) مع تمامه جار فيه، والمباحث
مستظهر (4).
أبو حنيفة (5) والشيباني (6): يدل على صحة المنهي عنه، وإلا لامتنع
فلا يمنع (7)، ولكان غير الشرعي (8) كالإمساك في العيدين (9) لا الصوم الشرعي.
قلنا (10): امتناعه بهذا المنع والشرعي ذو الصورة المعينة (11) وإن فسد مع
النقض بصلاة الحائض (12) وبيع الملاقيح (13).

(1) في " ف ": العبادات.
(2) انظر: العدة في أصول الفقه: 1 / 262. والحاجبي موافق للشيخ في دلالة النهي على الفساد في
العبادة وغيرها.
(3) المذكور على أن النهي في العبادة يدل على فساد العبادة.
(4) أي منتصر ليس لأحد أن يسكته.
(5) انظر: المستصفى: 3 / 199.
(6) انظر: المحصول: 1 / 486، المستصفى: 204، أصول السرخسي: 1 / 85، كشف الأسرار:
1 / 265، شرح التلويح: 1 / 216 - 219، تيسير التحرير: 1 / 381.
(7) أي المنهي عنه عن المكلف بمعنى أنه لا يتصور له وجود شرعي، وهو معنى الصحة فلا يمنع
المكلف عنه.
(8) أي لكان المنهي عنه غير الأمر الشرعي، لأن الصحيح هو الشرعي لا الفاسد.
(9) أي لكان نهي الشارع عن صوم العيدين نهيا عن الإمساك اللغوي لا الشرعي.
(10) أي قلنا في الجواب: إن امتناعه بهذا المنع، وتقريره: إن الامتناع لأجل النهي لا لذات المنهي
عنه، فإن النهي تعلق به فصار ممتنعا، والممتنع إنما لم يمنع إذا لم يكن امتناعه بسبب المنع.
(11) أي ما يسميه الشارع - مثلا - صلاة.
(12) المنهي عنها لقوله (صلى الله عليه وآله): " دعي الصلاة أيام أقرائك "، مع أنها لو صلت لم تكن صحيحة اتفاقا.
- وهو مضمون حديث فاطمة بنت أبي حبيش، انظر: جامع الأصول: 6 / 268 - 271
ح 5410 و 5411، المحصول: 2 / 301، تهذيب الوصول: 122 -.
(13) أي الأجنة في البطون.
122

المطلب الثاني: في العام والخاص
قيل: العام هو اللفظ (1) المستغرق لما يصلح له (2)، ونقض عكسا
بالمسلمين والرجال (3) إن أريد بالموصول الجزئيات، وبالرجل ولا رجل إن
أريد الأجزاء، فتعين الأعم، فانتقض طردا بزيدين وزيدين والجمل (4)
وعشرة، وقد يسدد بتمحلات.
وزاد الفخري (5) بوضع واحد لئلا يختل طردا بالمشترك، وقد يقال:
وعكسا أيضا (6).

(1) اللفظ: جنس يشمل المحدود وغيره، والمستغرق بجميع ما يصلح له كالفصل يخرج به،
نحو: رجل، لأنه لم يستغرق جميع ما يصلح له من أفراد الرجال، بل إنما يدل على واحد غير
معين من أفراد الرجال، وكذلك رجال.
(2) انظر: العدة في أصول الفقه: 1 / 273، المستصفى: 3 / 215، الإحكام للآمدي: 2 / 413.
(3) لأن عموم كل منهما باعتبار شموله كل واحد، كما هو الحق، لا باعتبار شموله كل
جمع.
(4) ك‍: ضرب زيد عمروا، فإن الفعل المتعدي إلى مفعول واحد أو إلى مفعولين فصاعدا إذا ذكر
معه جميع ما يقتضيه من الفاعل والمفعول يصدق انه اللفظ المستغرق لما يصلح له وليس
بعام.
(5) واختاره العلامة في التهذيب: 127.
(6) فطردا باعتبار موضوعاته، وعكسا باعتبار أفراد أحدها، إذ ليس مستغرقا لجميع ما يصلح
له، فإنا أردنا بلفظ العين جميع العيون النابعة مثلا، فهو عام مستغرق لجميع ما يصلح له بهذا
الوضع الواحد، ولو لم يقيد بالوضع الواحد خرج، لأنه يصلح للبصر والذهب
والشمس، وغيرها، وليس مستغرقا لها في هذا الحال، وهو حال إرادة جميع العيون
النابعة.
123

الغزالي: اللفظ الواحد (1) الدال من جهة واحدة على شيئين فصاعدا،
ونقض عكسا بالموصول (2) والمستحيل (3)، وطردا بالمثنى (4) والجمع المجرد، وقد
يصلح بتكلفات.
الحاجبي: ما دل (5) على مسميات باعتبار أمر اشتركت فيه مطلقا (6)
[ضربة] (7)، وقال: يخرج ب‍ " اشتركت " عشرة (8)، و " بمطلقا " المعهود (9)،
وب‍ " ضربة " رجل (10)، ويتطرق إليه البحث من جهات كانتقاض طرده
بمسميات (11)، وقد يذب عنه بتعسفات.

(1) لإخراج الجمل. انظر: المستصفى: 3 / 212، والإحكام للآمدي: 2 / 413.
(2) نحو: الذي يأتيني فله درهم، إذ الصلة داخلة وإلا لم تحصل فائدة، فالمفيد للعموم ليس لفظا
واحدا.
(3) أي لفظ المستحيل، فإنه عام شامل لكل مستحيل، مع أن المستحيل لا يدل على شئ
لمساوقة الوجود والشيئية مع أنه عام.
(4) لأن كل مثنى يدخل في الحد مع أنه ليس بعام.
(5) العضدي لم يمعن نظره في تعريفات العام، ولم يتعب باله في التفتيش عما يرد عليها،
والفحص عما يذب به عنها، وليس من عادته في شرحه أن يضرب عن أمثال ذلك صفحا،
ويطوي عن الخوض فيه كشحا، ولا أعلم ما الذي بعثه على ذلك، وأي شئ شد عليه تلك
المسائل.
(6) أي اشتراكها فيه مطلق غير مقيد بخصوصية.
(7) أي دفعه.
(8) فإن أجزاءها وهي المسميات بالواحد والاثنين إلى العشرة تدل عليها، لكن لا باعتبار أمر
اشتركت تلك الأجزاء فيه، لأن المعنى الكلي للعشرة لا يصدق على كل واحد من أجزائها.
(9) نحو: جاءني زيد وعمرو وبكر فأكرمت الرجال.
(10) فإنه يدل على كل واحد على البدل لا دفعة.
(11) أي بهذا اللفظ وما شابهه من الجموع المجردة عن اللام والإضافة، وأيضا فما يخرج المعهود
يخرج الجموع المضافة، ك‍ " علماء البلد " للتقييد بالخصوصية، وأيضا لا يخرج العشرة
لاشتراك أجزائها في جزئيتها.
124

العلامة (1): هو اللفظ الواحد المتناول بالفعل لما هو صالح [له] بالقوة مع
تعدد موارده (2)، ويرد سبق الصلوح (3) العموم (4) مع انتقاض عكسه
بالأطفال (5) وعلماء البلد والموصولات (6) كالذي يأتي (7)، وبأسماء الشرط
ك‍ " مهما تأكل " لتناولها قوة ما لا يتناوله فعلا، ويمكن توجيهه بتكلف.
ولا يبعد أن يقال: هو اللفظ الموضوع للدلالة على استغراق أجزائه
أو جزئياته (8).
فصل
صيغ العموم (9) حقائق فيه لا في الخصوص، كاسم الشرط والاستفهام

(1) انظر: نهاية الأصول: 101.
(2) هذا القيد لإخراج ماله في واحد لا غير، ك‍ " الشمس " و " العالم " إذا أريد به ما سوى الله تعالى،
إذ يصدق عليه انه متناول بالفعل لما هو صالح له بالقوة.
(3) أي سبق الصلوح طردا، حيث إنه لم يشمل ما يكون صلوحيته له بالفعل حيث إنه قيده بقوله:
" بالقوة ".
(4) في " ف، ر، ج ": للعموم.
(5) فإنه عام شامل بالفعل لكل الأطفال، وليس شاملا بالفعل للشيوخ مع أنه صالح لتناولهم
بالقوة، فلا يصدق عليه التعريف.
(6) إذ المضاف والموصول قبل الإضافة وإجراء الصلة متناولان قوة كل ما صدق عليه، سواء كان
مضافا إليه أو صلة أو لا، وبعد الإضافة والصلة يتناولان المضاف إليه والصلة لا غيرهما،
فيتناولان قوة ما لا يتناولانه فعلا.
(7) فإنه بدون الصلة متناول بالقوة لمن يأتي ولمن لا يأتي، وبعد ذكر الصلة اختص تناوله
بمن يأتي.
(8) ولا يرد " مهما تأكل " لأن جزئياته تظهر من مدخوله، فإذا ظهرت استغرقها.
(9) انظر: نهاية الأصول: 102 - 105، معالم الدين: 259.
125

والموصول واسم الجنس معرفا ب‍ " لامه " (1) أو مضافا، والجمع كذلك، والنكرة
المنفية، وقيل: حقائق في الخصوص لا فيه (2).
لنا: استدلال السلف بها عليه من غير نكير، والاتفاق في كلمة التوحيد
والجعالة (3). و [الحنث] في " لا أضرب أحدا (4) "، والكذب في " ما ضربت "،
وقصة ابن الزبعرى (5)، وتيقن الخصوص غير ناهض، والمجاز خير من
الاشتراك، والمثل المشهور (6) لا يفيد.

(1) أي " لام الجنس "، احترازا عن المعرف ب‍ " لام العهد "، ويمكن إرجاع الضمير إلى العموم في
قوله: " صيغ العموم "، وهذا هو الأولى، والعلامة منع في الكتابين من عموم المفرد المعرف
محتجا بجواز " أكلت الخبز " و " شربت الماء " وعدم جواز " جاء الرجل كلهم أو العلماء "
وأجيب بقيام القرينة في الأولين، وعدم التناسب اللفظي في الأخيرين.
(2) انظر: الإحكام للآمدي: 2 / 415 و 417، نهاية الأصول: 102، معالم الدين: 258 و 260.
(3) وكذا الاتفاق في الجعالة: من رد عبدي فله كذا، على أنها تفيد العموم، فلو رده مسلم أو كافر
حر أو عبد رجل أو امرأة استحق المشروط.
(4) في " س ": واحدا.
(5) لما نزل قوله تعالى: (انكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم) - سورة الأنبياء: 98 - قال
ابن الزبعرى: لأخصمن محمدا، ثم جاء إلى النبي (صلى الله عليه وآله) وقال: يا محمد، أليس قد
عبدت الملائكة والمسيح؟
فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): ما أجهلك بلسان قومك؟! أما علمت أن ما لما لا يعقل؟ ثم نزل قوله
تعالى: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون) - سورة الأنبياء: 101 - ووجه
الاستدلال ظاهر.
والزبعرى - بكسر الزاي وفتح الباء والراء -: الرجل السيئ الخلق، وقد يطلق على الرجل
الكثير شعر الوجه والحاجبين واللحيين، وقد يقال: ابن الزبعرى - بفتح الزاي وإسكان الباء
وفتح العين وآخره ياء مشددة -.
انظر: مجمع البيان: 7 / 116، الإحكام في الأصول: 2 / 417 - 418 و 424 - 425،
نهاية الأصول: 108، الدر المنثور: 5 / 679، الكنى والألقاب: 1 / 283.
(6) ما من عام إلا وقد خص.
126

فصل
أقل مراتب [صيغ] الجمع ثلاثة لا اثنان لتبادر الزائد عليهما (1)، وحجب
الأخوين للإجماع (2) لا للآية، وقوله تعالى: (إنا معكم) (3) لهما مع فرعون (4)،
وظاهر قوله (صلى الله عليه وآله): " الاثنان فما فوقهما جماعة " لانعقادها (5) لا لتعليم اللغة،
مع أن البحث في صيغ الجمع (6) لا في لفظه.
فصل
التخصيص: قصر العام على بعض مسمياته (7)، ويطلق على قصر غيره
كعشرة (8)، وهو إما بمتصل هو الشرط والصفة والغاية (9) وبدل البعض والاستثناء
المتصل (10)، أو بمنفصل وهو بغيرها.

(1) إطلاق صيغة الجمع على الاثنين مما لا ينبغي النزاع في وروده في كلامهم، بل النزاع الذي
يعتد به هو ان تلك الصيغة هل هي حقيقة في الاثنين أم مجاز؟ والأصح الثاني. انظر: العدة في
أصول الفقه: 1 / 298، معالم الدين: 267.
(2) هذا جواب لمن قال: إنه صحيح للاثنين مستدلا بقوله تعالى: (فإن كان له إخوة) - سورة
النساء: 11 - فأطلق الإخوة والمراد أخوان فما فوقهما إجماعا. انظر: معالم الدين: 268.
(3) سورة الشعراء: 15.
(4) في " ج ": لهما وفرعون. والمراد من " لهما " أي لموسى وهارون.
(5) أي لانعقاد صلاة الجماعة بالاثنين. انظر: كنز العمال: 7 / 555 رقم 20224.
(6) أي في أن صيغة زيدون مثلا يطلق على الزيدين أم لا، لا في لفظه - أعني ج م ع -.
(7) انظر: معالم الدين: 276 - 277.
(8) فإنها ليست عامة بالنظر إلى آحادها في نحو: له عشرة إلا ثلاثة، والمسلمين المعهودين، نحو:
جاءني المسلمون إلا زيدا، والضابطة ان كلما يصح تأكيده بكل يصح تخصيصه، وما لا فلا.
(9) نحو: أكرم العلماء إلى أن يخالطوا الملوك، فقد قصر العلماء المكرمين على غير مخالطي الملوك.
(10) لا المنقطع، والمراد بالمخصص المتصل ما لا يستقل بنفسه، كالاستثناء وأخواته،
وبالمنفصل ما يستقل بنفسه، كقولنا: أكرم العلماء، ثم تقول: لا تكرم زيدا.
127

ويجوز في الأخيرين (1) إلى واحد، و [في] غيرهما بمتصل أو منفصل في
محصور (2) قليل إلى اثنين، وفي غيره (3) إن بقي جمع يقرب من مدلوله (4).
لنا: لغو رأيت (5) كل من في البلد ولم ير إلا واحدا [أو اثنين] أو
ثلاثة (6)، وليس للمخالف ما يعول عليه (7).
فصل
العام المخصص بمبين حجة في الباقي (8)، وللمخالف خمسة أقوال أمثلها
في أقل الجمع (9).

(1) التخصيص في البدل والاستثناء المتصل، نحو: شريت العبيد أحدهم وله عشرة إلا تسعة.
(2) قيد للمنفصل، نحو: أكرمت كل عالم، وهم خمسة مثلا.
(3) أي غير المحصور أو غير القليل، نحو: أكرمت التجار، أو أكرمت عبيدي وهم ثلاثون مثلا.
(4) أي إن بقي بعد التخصيص جمع يقرب من مدلوله، بأن يكون فوق النصف، وهذا فيما يعلم
فيه عدد أفراد العالم ظاهرا. وأما فيما لا يعلم ذلك فمعلوميته كون الباقي فوق النصف
بالقرائن، كقولنا: كل أهل مصر جهال إلا خمسين، فمعلوم كون الباقي أزيد من النصف،
فلا يصح أن يقال: من دخل داري فأكرمه، ثم يفسر اسم الشرط بثلاثة أو أربعة مثلا.
(5) هذا الدليل لإثبات الكلام الأخير من التفصيل، ويبطل المذهب الثاني والثالث والرابع لا الأول.
(6) لا يخفى أنه كما يعد رأيت كل من في البلد ولم ير إلا واحدا أو ثلاثة لغو، فكذلك يعد رأيت
كل العلماء إذا كان اللام للعهد وهم عشرون مثلا ولم ير إلا واحدا أو ثلاثة لغوا.
والحاصل: إن البحث غير مختص بتخصيص العام بالإطلاق الأول.
(7) انظر: الإحكام: 2 / 443 - 444.
(8) أصحابنا الإمامية متفقون على ذلك. وفي قوله: " وللمخالف خمسة أقوال " نوع إشعار بذلك،
فتدبر. انظر: معالم الدين: 280.
(9) أي أجود تلك الأقوال انه حجة في أقل الجمع لا أزيد، فإذا قال السيد لعبده: أكرم العلماء إلا
زيدا وعمروا، أجاز له الترك إكرام الجميع إلا ثلاثة، فيجب عليه إكرامهم. انظر: الإحكام
للآمدي: 2 / 439 و 444 و 446، معالم الدين: 281.
128

لنا: بقاء ما كان (1)، واحتجاج السلف [به] (2) فيه بلا نكير وعصيان
العبد بإهمال الكل لا للزوم الدور (3) أو التحكم لأنه دور معية.
قالوا (4): تعددت مجازاته (5) فتردد (6)، والمتحقق (7) أقل الجمع.
قلنا: تعين بالدليل (8) وتحقق.
فصل
السبب لا يخصص العام جوابا أو غيره كبئر بضاعة (9) وشاة

(1) أي قبل التخصيص من التناول، وبعبارة أخرى: المقتضي في غير محل التخصيص ثابت،
ورفع الحكم عن محله لا يصلح للمانعية.
(2) أي بالعام المخصص.
(3) تقريره: إنه لو لم يكن حجة في الباقي لكانت إفادته للباقي موقوفة على إفادته للآخر، فإن
توقفت إفادته للآخر على إفادته له دار، وإلا كان تحكما، أي ترجيحا بلا مرجح، وجوابه: إنه
ليس دور توقف، بل دور معية، كما في النصاب والساعة، ولا امتناع فيه.
(4) الضمير في قالوا إن رجع إلى القائلين بالحجية في أقل الجمع، كما هو الظاهر فالجملتان
المتعاطفتان بالواو دليل واحد، وإن رجع إلى المخالفين بإرادة أولئك مع القائلين بأنه ليس
بحجة أصلا فهما دليلان لكل دليل.
(5) أي مجازات اللفظ العام.
(6) بينهما من غير تعيين.
(7) في " أ ": والمحقق.
(8) أي المجاز الذي هو المراد، وهو جميع ما بقي، ولم يردد بين الأبعاض. انظر: معالم الدين:
281 - 282.
(9) وهو بئر في المدينة المشرفة، وباء بضاعة مضمومة، وقد تكسر - قاله في القاموس المحيط:
909، مراصد الاطلاع: 1 / 140 - فإنه (صلى الله عليه وآله) لما سئل عن ماء بئر بضاعة قال: خلق الله الماء
طهورا لا ينجسه إلا ما غير طعمه أو لونه أو ريحه، فهذا لا يختص بماء بئر بضاعة، بل
يعم كل ماء. انظر: المستصفى: 3 / 264، الإحكام للآمدي: 2 / 449، عوالي اللآلي:
2 / 15 ح 29، مستدرك الوسائل: 1 / 190 ح 11.
129

ميمونة (1) لقيام المقتضي مع عدم المنافي، واحتجاج الأمة بآية
السرقة (2) والظهار (3) واللعان (4).
قالوا: لو عم لجاز إخراج السبب بالاجتهاد كغيره، ولكان نقله بلا ثمرة (5)،
ولفاتت المطابقة (6)، ولحنث من حلف: " لا تغديت " (7) بكل (8) تغد
بعد: " تغد عندي ".
قلنا: القطع بإرادة دخوله (9) مانع، وهذا المنع [أولى] (10) مع معرفة

(1) روى العامة أنه (صلى الله عليه وآله) مر بشاة ليمونة وهي ميتة فقال: أيما إهاب دبغ فقد طهر.
وهذا الحديث لم يثبت عندنا، لكنه يصح للتمثيل، والإهاب - بكسر أوله على وزن
كتاب -: هو الجلد مطلقا، وقيل: إذا لم يدبغ. مسند أحمد بن حنبل: 1 / 219، 270، 343،
سنن ابن ماجة: 2 / 1193 ح 3609، الجامع الصحيح للترمذي: 4 / 221 ح 1728، السنن
الكبرى للبيهقي: 1 / 16، تاريخ بغداد: 2 / 295 و ج 10 / 338 و ج 12 / 477.
(2) سورة المائدة: 38. فإنها وردت في سرقة المجن، أو رداء صفوان، على اختلاف
الروايتين.
انظر: المستصفى: 3 / 265 و 266، تفسير الطبري: 5 / 169، صحيح سنن ابن ماجة
للألباني: 2 / 88.
(3) فإنها وردت في واقعة سلمة بن صخر. انظر: صحيح سنن ابن ماجة: 1 / 351.
(4) فإنها وردت في هلال بن أمية، وقيل في غيره. انظر: البخاري مع السندي: 3 / 279، ومسلم
مع النووي: 10 / 119 - 128.
(5) فلأي شئ نقلوه واهتموا بتدوينه؟
(6) أي مطابقة الجواب السؤال.
(7) أي بأن قال: والله لا تغديت.
(8) الجار يتعلق بقوله: " ولحنث "، والظرف متعلق ب‍ " حلف " بعد قول شخص له: تغد عندي.
(9) أي السبب.
(10) جواب عن الثاني.
130

السبب ثمرة، والمطابقة بالزيادة (1) حاصلة، وسبب الحنث (2) عرف خاص.
فصل
تخصص (3) السنة بمثلها (4)، والإجماع (5)، والكتاب، [به] (6) وبنفسه (7)،
وبالمتواتر (8) لا بخبر الواحد عند الشيخ وأتباعه (9)، وجوزه العلامة وجماعة (10)،

(1) جواب عن الثالث.
(2) جواب عن الرابع.
(3) في " ف، ر، ج ": تخصيص.
(4) الاحتمالات العقلية في تخصيص كل من هذه الثلاثة بنفسه وبكل من أخويه تسعة، وبعض من
هذه التسعة واقع كتخصيص الكتاب بمثله وبالسنة والإجماع، وبعضها لم يقع كتخصيص
الإجماع بمثله وبالكتاب وبالسنة، وكتخصيص السنة بالكتاب، ونحن ذكرنا الواقع وهو
خمسة.
(5) كتخصيص آية الإرث بأن العبد لا يرث. وفي " ف، أ، ر ": وبالإجماع.
(6) أي بالإجماع، لتخصيص ما أوجبته آية القذف من الثمانين بالحر بالإجماع على التنصيف
في العبد.
(7) أي بالكتاب، كقوله تعالى: (وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) - سورة الطلاق: 4 -
فقد خص بقوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر
وعشرا) - سورة البقرة: 234 -.
(8) كتخصيص قوله تعالى: (يوصيكم الله في أولادكم) - سورة النساء: 11 - بقوله (صلى الله عليه وآله): القاتل
لا يرث.
انظر: الذريعة: 1 / 279، العدة في أصول الفقه: 1 / 341، نهاية الأصول: 132 - 133،
معارج الأصول: 95 - 96.
(9) انظر: الذريعة: 1 / 280، العدة في أصول الفقه: 1 / 344.
(10) وبه قال الحاجبي والأربعة وغيرهم، كتخصيص (وأحل لكم ما وراء ذلكم) - سورة النساء:
24 - بحديث: " لا تنكح المرأة على عمتها وخالتها "، والشيخ يدعي تواتر ذلك. انظر: نهاية
الأصول: 133.
131

وقيل (1): إن خص قبله بقاطع، وقيل: بالوقف (2)، ومال إليه المحقق (3)،
وهو أسلم.
المانعون: لا يعارض ظني (4) قطعيا، ولو خصص لنسخ، إذ هو تخصيص
في الأزمان.
المفصلون: إنما يعارض [به] (5) إذا ضعف العموم بالمجازية.
المجوزون (6): اعمال الدليلين أولى من طرح الواحد، وقطعي

(1) القائل ابن أبان من المخالفين.
(2) القائل بذلك القاضي أبو بكر.
(3) انظر: معارج الأصول: 96.
(4) بل يمكن أن يقال: إنه لا يفيد الظن، وقد ورد في حديث: " إذا جاءكم عنا حديث، إلى آخره
"، والاتفاق عليه.
(5) أي الكتاب به، أي بخبر الواحد إذا ضعف العموم بالمجازية، إذ به يرتفع شناعة تغيير القرآن
المجيد عن حقيقته إلى مجازه بخبر الواحد، فإن المغير حينئذ إنما هو القاطع، وهو يقوى
على التغيير المذكور بخلاف خبر الآحاد.
(6) لم يتعرض لدليلهم المشهور الذي قدمه الحاجبي على سائر الأدلة، لأنه ضعيف. وتقريره: إن
الصحابة خصوا الكتاب بخبر الواحد، كتخصيصهم قوله تعالى: (وأحل لكم ما وراء ذلكم)
- النساء: 24 - بقوله (صلى الله عليه وآله): " لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها " - مسالك الأفهام:
7 / 292، 312 -، وبيان ضعفه تطرق المنع إلى كونه خبر آحاد، فإن أكثر الأخبار في الصدر
السابق بالمجازية كانت متواترة فكيف علم بأنهم خصوا الآية بخبر الواحد؟ وأما تخصيص أبي
بكر آية (يوصيكم الله في أولادكم) - النساء: 11 - بالخبر الذي زعم أنه سمعه من النبي (صلى الله عليه وآله)،
وهو: " نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة " - مسند أحمد بن حنبل: 2 / 463،
التمهيد لابن عبد البر: 8 / 175، التعجب: 129، شرح نهج البلاغة: 16 / 357 و 364، البداية
والنهاية: 2 / 154 و ج 4 / 203، فتح الباري: 12 / 8 -. فلا ينتهض حجة كما لا يخفى، وفيه
كلام أوردناه في كتابنا الموسوم بالكشكول: 1 / 315، وأيضا فتخصيص العمومات أمر أغلبي
شائع حتى قيل: ما من عام إلا وقد خص، فالإقدام عليه أهون من الإقدام على تكذيب العدل
الإمامي، كذا قيل، وفيه: إن تكذيبه غير لازم، لأن توهمه ممكن كثير الوقوع جدا.
132

المتن (1) ظني الدلالة يعارضه معاكسه فجمعنا بينهما، وعدم النسخ للإجماع
والضعف بالمجازية غير لازم (2).
فصل
إذا تنافى العام والخاص وتقارنا بني عليه (3)، وإن تقدم فبعد حضور العمل به
منسوخ وقبله مخصص، وإن تأخر (4) فكالمقارن عند المحقق (5) والعلامة (6)،
وناسخ عند المرتضى (7).
لنا: تقديم (8) العام [على الخاص] يوجب إلغاؤه (9)، أو نسخه وتقديمه التجوز
لا غير، فهو أولى (10)، وليست النصوصية كالعموم والمتأخر وصف البيانية،

(1) جواب عن أول دليلي المانعين، ولا يخفى أنه قد اختلف في أن دلالة العام على الخاص هل هي
قطعية كدلالة الخاص على الخصوص أم ظنية، ونسب الأسنوي في شرح المنهاج القول بأن
دلالة العام قطعية كدلالة الخاص على الخصوص إلى المعتزلة والشافعي، وذكر ذلك في المسألة
الثانية من بحث العموم، وعلى هذا لا يستقيم الاستدلال بهذا الدليل عند المعتزلة، فتدبر.
(2) هذا جواب عن كلام المفصلين، وفيه ما فيه، فإنهم يقولون: إن خبر الواحد لا يقوى على جعل
حقيقة القرآن مجازا.
(3) أي على العام، وإن تقدم أي على العام فبعد حضور العمل به أي بالعام المنسوخ، أي إن كان
قد ورد الخاص بعد حضور وقت العمل بالعام فالعام منسوخ والخاص ناسخه.
(4) أي العام عن الخاص فكالمقارن.
(5) معارج الأصول: 98.
(6) نهاية الأصول: 134 - 135.
(7) الذريعة: 1 / 316 - 319.
(8) في هذا دلالة على اختيار كونه مخصصا.
(9) أي الخاص إن ورد قبل حضور وقت العمل، أو نسخه إن ورد بعد حضوره.
(10) من هنا طمست صفحة واحدة في نسخة " س "، إلى قوله: لنا: شيوع المثل...
133

وإن جهل التاريخ فكالأول (1)، واحتمال النسخ معلق (2) على ما [هو] الأصل
عدمه (3)، فلا يصلح للمعارضة.
فصل
لا يبادر (4) إلى العمل بالعموم قبل ظن عدم المخصص (5) بالفحص عنه (6)،
لا بأصالة عدمه (7).
لنا: شيوع المثل (8) المشهور فحصل الشك فوجب (9).
قالوا: فيجب عن التجوز (10) لمساواته، وليس فليس.
قلنا: الفرق قائم للمثل (11)، وما قيل من أن أكثر اللغة مجازات (12)

(1) ولا يخفى أن جهل التاريخ لا يتمشى في العام والخاص الواردين في الكتاب العزيز،
لأن تاريخ نزول العام والخاص منه مضبوط عند المفسرين، وإنما يتمشى في الأحاديث،
وإن احتمال النسخ إنما يتمشى في الأحاديث النبوية فيما بعد عن الأئمة (عليهم السلام).
(2) في " أ ": متعلق، معلق - خ ل -.
(3) أي الورود بعد حضور العمل بالعام.
(4) العلامة فرعه على تجويز العمل بالعام قبل انقضاء البحث. وفي " ج ": لا يتبادر. انظر:
الذريعة: 1 / 237 - 240، تهذيب الوصول: 138.
(5) وكذا البحث في المعارض، لكن الحجة في المخصص أقوى، لشيوع المثل وشهادة
الممارسة، والتتبع يصدقه إلا نادرا.
(6) الباء للسببية، والجار متعلق بالظن.
(7) فالظن الحاصل بأصالة العدم غير كاف على الأقوى.
(8) وهو قولهم: ما من عام إلا وقد خص.
(9) أي الفحص.
(10) أي لو وجب الفحص عن المخصص لوجب عن التجوز، فلا يحمل اللفظ على حقيقته قبله.
(11) فأما الألفاظ فأكثرها حقائق.
(12) انظر: الذريعة: 1 / 241.
134

يكذبه التتبع كما يصدق المثل.
القاضي: يشترط القطع بعدم المخصص والمعارض.
قلنا: فيبطل العمل بأكثر الأدلة (1)، وإفادة كثرة البحث (2) أو فحص
المجتهد له (3) ممنوع، والسند رجوعه بالأقوى.
فصل
الاستثناء في المنقطع مجاز لا مشترك لفظي ولا معنوي (4)، ومن ثم لم يحملوه
عليه إلا مع تعذر المتصل، وقوله تعالى: (إلا اتباع الظن) (5) و (إلا قيلا سلاما
سلاما) (6) [ونحوهما] (7) غير دال على الحقيقة، وفيه نظر (8)، ويشترط

(1) إذ القطع بعدمها في أكثرها غير حاصل، بل الحاصل الظن لا غير، فإن عدم الوجدان لا يدل
على عدم الوجود.
(2) أي بحث المجتهدين السابقين مع عدم وجدانهم له.
(3) أي للقطع، وسند المنع ان المجتهد كثيرا ما يرجع عن العمل بالعموم أو بالدليل بعد بحث
المجتهدين وفحصه بسبب ظفره على الأقوى - أعني المجوز المعارض -. وفي " س ":
المجتهدين.
(4) فيعرف مطلق الاستثناء بالدال على مخالفة باللا غير صفة وأخواتها، والمستثنى بالمذكور بعد
اللا غير الصفة وأخواتها. انظر: الذريعة: 1 / 245، نهاية الأصول: 123.
(5) سورة النساء: 157.
(6) سورة الواقعة: 26.
(7) نحو قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن
تراض) - سورة النساء: 29 -، وقوله تعالى: (فسجد الملائكة كلهم أجمعون إلا إبليس)
- سورة الحجر: 30 - 31، سورة ص: 73 - 74 - وليس منهم لقوله تعالى: (كان من الجن)
- سورة الكهف: 50 -.
(8) لوجوب حمل اللفظ على حقيقته إلى أن يقوم المانع. وأما ما يقال من أن أرجحية المجاز
على الاشتراك مانع ففيه: انه يؤدي إلى عدم الوثوق باشتراك شئ من الألفاظ من مجرد
استعمالهم لها في أكثر من شئ واحد بلا قرينة إلى أن يتصور على اشتراكها، وهو كما ترى.
135

الاتصال ولو حكما (1) للزوم (2) جهالة قدر المبيع والمؤجر ونحوهما (3)،
ولإلغائهم استثناء المقر بعشرة درهما بعد مدة، لا لما روي من تعيين التكفير (4)
مع أسهلية الاستثناء، إذ لم تثبت الرواية عندنا.
قالوا: جوزه ابن عباس إلى شهر (5).
قلنا: لم يثبت، أو أراد إظهار ما نوى أولا (6).
فصل
الاستثناء المستغرق لغو اتفاقا (7)، والأكثر على جواز الأكثر من

(1) كالفصل بنفس أو سعال فإنه لا يعد في العرف فصلا.
(2) وكذا يلزم عدم استقراء شئ من الإيقاعات.
(3) كالمهر.
(4) روى العامة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: " من حلف على شئ ثم رأى غيره خيرا منه فليعمل
وليكفر عن يمينه " - الموطأ: 2 / 478 ح 11، مسند أحمد بن حنبل: 4 / 258، 259،
صحيح مسلم: 3 / 1272 - 1273 ح 11 - 18، شرح السنة: 10 / 17 ح 2438 -، واستدل
بعضهم بهذه الرواية على وجوب الاتصال، وإلا لقال (صلى الله عليه وآله): فليستثني، فإنه أسهل، ومبنى
الدين على التخفيف، أو يخير بين الاستثناء والكفارة ولم يقتصر عليها، وقد يخدش لجواز
إرشاده إلى ما هو أكثر ثوابا بحمل الأمر الثاني على الاستحباب، وفيه ما فيه.
(5) انظر: المستصفى: 3 / 379، المستدرك على الصحيحين: 4 / 313، البرهان: 1 / 386،
الإحكام للآمدي: 2 / 494، الذريعة: 1 / 244، نهاية الأصول: 124، الاستغناء في أحكام
الاستثناء للقرافي: 531.
(6) بأن يكون وقت التلفظ قاصدا للاستثناء، فهو متصل بحسب النية فيما بينه وبين الله تعالى،
فيجوز الاستثناء التلفظي إلى شهر.
(7) انظر: الذريعة: 1 / 247، الإحكام في أصول الأحكام: 2 / 501.
136

الباقي (1) فضلا عن مساويه (2)، وقيل: بالمنع مطلقا في العدد خاصة (3)، وقيل:
مطلقا (4).
لنا: قوله تعالى: (إلا من اتبعك من الغاوين) (5)، وفي الحديث القدسي: " إلا
من أطعمته " (6)، واتفاق الفقهاء على الواحد بعد [له علي] عشرة إلا تسعة (7)،
والكلام جملة واحدة (8) فلا إنكار بعد إقرار، واستهجان (9) المثال المصنوع (10)
كاستهجان له [واحد] وواحد (11) إلى عشرة.

(1) نحو: له عشرة إلا سبعة، وبهذا مذهب رابع نسبه العلامة في النهاية إلى ابن درستويه، وهو
منع ما فوق النصف. انظر: الإحكام للآمدي: 2 / 502، المستصفى: 3 / 385.
(2) في " ر ": مساواته.
(3) أي في الأكثر، والمروي في العدد خاصة، فلا يجوز: له علي عشرة إلا ستة وإلا خمسة، ويجوز
في غير العدد، نحو: أكرم الشعراء إلا الطوال مع زيادتهم على القصار، فضلا عن مساواتهم.
(4) أي في العدد وغيره، فلا يجوز استثناء الأقل من الباقي، وهذا قول الحنابلة، ووافقهم القاضي
أبو بكر. انظر: المستصفى: 3 / 386، الإحكام للآمدي: 2 / 502.
(5) سورة الحجر: 42. والغاوون أكثر، لقوله تعالى: (وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين)
- سورة يوسف: 103 - فلا حاجة إلى جعل " من " في الآية بيانية، كما ظنه العضدي.
(6) الحديث هكذا: " كلكم جائع إلا من أطعمته ".
(7) ولو كان مثل هذا الاستثناء لغوا لزمه عشرة، انظر: الإحكام للآمدي: 2 / 502.
(8) جواب عن شبهة القائلين بأنه لا يجوز استثناء الأكثر والمساوي.
وحاصله: إن ظاهر الاستثناء إنكار بعد إقرار، فلا يسمع إلا في الأقل، لأنه لقلته قد يبين
في أول الكلام بخلاف المساوي والأكثر.
وتقرير الجواب: إن الكلام جملة واحدة وليس فيه حكمان، فإن إسناد الحكم بعد
الإخراج كما ستسمعه في الفصل الآتي، فتدبر.
(9) جواب عن استدلال آخر للمانع من استثناء الأكثر.
(10) نحو: عندي ألف درهم إلا تسعمائة وتسعة وتسعين.
(11) جواب عن شبهة أخرى لهم، وتقريرها: إنه لو قال: له علي عشرة دراهم إلا تسعة ونصف وثلث
ونصف سدس درهم فكان مستهجنا لاستثنائه الأكثر.
والجواب: إن استهجانه ليس لذلك، بل للتطويل مع إمكان الأخصر، نحو: له علي نصف
سدس درهم، ولهذا يستهجن لو قال: له واحد وواحد وواحد، وهكذا إلى عشر مرات، أو
قال: إلا دانقا ودانقا ودانقا إلى ست مرات مع أنه استثناء للأقل - أعني درهما واحدا -، والحق
إن شبهتهم هذه في غاية الضعف.
137

فصل
قيل: المراد بعشرة (1) في [نحو] " له عشرة " إلا ثلاثة معناها، وقيل: سبعة وإلا
قرينة التجوز، وقيل لها: اسمان مفرد ومركب (2).
للأول لزوم الاستغراق، أو التسلسل في " شريت الجارية إلا نصفها (3) "،
والقطع بإرادة نصف كلها، فبطل الثاني، ولزوم الخروج عن قانون اللغة (4)،
وعود الضمير إلى جزء الاسم فبطل الثالث، ولا رابع فتعين الأول.
وللثاني (5) لزوم كذب ما هو صدق قطعا، ولا مناص عن إرادة أحدهما،
لكن الإقرار بسبعة.

(1) لما كان في هذا الكلام وأمثاله تناقض لتضمنه إثبات الثلاثة في ضمن العشرة ثم نفيها أرادوا
رفع التناقض فاختلفوا على ثلاثة أقوال، وهذا القول مختار العلامة والحاجبي. انظر: نهاية
الأصول: 125.
(2) هذا مذهب القاضي أبي بكر لها، أي للسبعة اسمان: مفرد، وهو سبعة، ومركب، وهو عشرة،
وإلا ثلاثة للأول، أي للقول الأول لا للقائل الأول، فلا سماجة في قوله، فبطل الباقي،
ولا في قوله فتعين الأول. انظر: نهاية الأصول: 125.
(3) لأنه إن أراد بالجارية نصفها لزم الاستغراق إن أراد نصف الجارية، وإن أراد إلا نصف ما وقع
عليه الشراء لزم التسلسل، وقد نمنع لزوم التسلسل ويكون المشترى ربعها، وفيه ما فيه.
(4) إذ ليس في كلام العرب اسم مركب من ثلاث كلمات من غير إضافة، والجزء الأول منه معرب
بحسب العوامل. نعم، يوجد ذلك في الإضافة نحو التسمية بأبي عبد الله فيعرب الأول، وفي
غيرها ك‍ " بعلبك " فلا يتغير الأول، وكذا: تأبط شرا.
(5) بأن المراد السبعة لزوم كذب ما هو صدق قطعا، كقوله: (فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين
عاما) - سورة العنكبوت: 14 - فلا بد أن يراد بالألف تسعمائة وخمسون، إذ هو الواقع.
138

وللثالث بطلان الأولين بما مر، فتعين ويدفع بسبق الإخراج الإسناد،
وفيه كلام [طويل الذيل] (1).
فصل
الاستثناء (2) بعد جمل بالواو.
الشيخ (3) والشافعية (4): للكل. الحنفية (5): للأخيرة. المرتضى (6): بالاشتراك.
الغزالي: بالوقف (7)، وإليه مرجع الحاجبي، للأول صيرورتها (8) كالمفرد،

(1) وهو ان هذا يقتضي عدم لزوم شئ على من قال: له علي شئ إلا خمسة، وهو ينافي ما هو
الحق من أن الاستثناء من النفي إثبات، ويلزم عدم إفادة كلمة التوحيد لتضمنها إخراجه
سبحانه من الإلهية أولا، ثم إسناد النفي إلى الباقي، فلا يستفاد منها إلا نفي ما سواه تعالى من
الإلهية لا ثبوت الإلهية له جل شأنه، إذ ليس في الكلام حكمان، كما مر في الحاشية.
(2) انظر: التبصرة: 172 - 173، الإحكام للآمدي: 2 / 278، الاحكام: 4 / 430، الأبهاج:
2 / 95، روضة الناظر: 226 - 227، ميزان الأصول: 1 / 460، المستصفى: 2 / 174، المنخول:
160، أصول السرخسي: 2 / 44 - 45، المعتمد: 1 / 245، الذريعة: 1 / 249، شرح
اللمع: 1 / 407، العدة في أصول الفقه: 1 / 320 - 321.
(3) العدة في أصول الفقه: 1 / 321.
(4) لا خلاف لأحد في جواز الرجوع إلى الكل وإلى الأخيرة، لكن اختلف الشافعية والحنفية في أن
أي الأمرين أظهر ليحمل الكلام عند عدم القرينة عليه فهما قائلان بأظهرية أحدهما،
والمرتضى والغزالي قائلان بتساويهما، فهما يوافقان الحنفية في الثبوت للأخيرة، لكن لعدم
ظهور شمول غيرها وهم لظهور عدمه. انظر: الذريعة: 1 / 249، العدة في أصول الفقه: 1 / 320.
(5) انظر: الذريعة: 1 / 249، العدة في أصول الفقه: 1 / 321.
(6) الذريعة: 1 / 249 و 250.
(7) بمعنى أنا لا ندري انه حقيقة في الكل أو في الأخيرة. وفي " أ ": بالتوقف. انظر: المستصفى:
3 / 391.
(8) أي صيرورة الجمل المتعاطفة في حكم المفرد.
139

واستهجان التكرير، ودفع بالمنع، والهجنة للتطويل (1) مع إمكان إلا كذا
في الجميع، وللثاني لم يرجع إلى الجلد في آية القذف (2)، والثانية كالسكوت (3)،
ودفع بصرف الدليل والكل (4) كالواحدة، وللثالث حسن الاستفهام وأصالة
الحقيقة، ودفع برفع الاحتمال (5) ومرجوحية الاشتراك.
فصل
الاستثناء من الإثبات نفي (6) وبالعكس. الحنفية (7): المستثنى مسكوت عن
نفيه وإثباته (8).

(1) أي ليست مع وجود ما زعمتم أنه المندوحة، بل له مع وجود هذه المندوحة.
(2) سورة النور: 4 و 5: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين
جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا وأولئك هم الفاسقون إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله
غفور رحيم).
(3) أي الجملة الثانية في حكم السكوت عن الأول.
(4) جواب عن ثاني دليلي الثاني، أي لا نمنع انه كالسكوت، بل الكل كالجملة الواحدة.
(5) في " أ ": الاحتمالات.
(6) مما يتفرع على هذا الأصل ما لو حلف أن لا يأكل إلا هذا الرغيف مثلا فهل عليه أكله أم لا؟
(7) انظر: الإحكام للآمدي: 2 / 512، العدة في أصول الفقه: 1 / 324، الذريعة: 1 258، نهاية
الأصول: 126.
(8) احتج في التنقيح على ذلك بقوله تعالى: (وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطأ) - سورة
النساء: 92 -، إذ لو كان من النفي إثباتا لكان المعنى له أن يقتل خطأ، وكيف يأذن الشارع في
قتل الخطأ، والجواب تارة بمنع اتصال الاستثناء، وأخرى بأن معنى له أن يقتله خطأ رفع
الحرج، وهو أعم من الإذن، كما في المكروه مثلا سلمنا، لكن عدم جواز الإذن في الصورة
المحمول عليها الآية محال، لأن تقديره كما ذكره العلامة في النهاية ما كان لمؤمن أن يقتل
مؤمنا إلا إذا أخطأ، وظن أنه ليس مؤمنا إما باختلاطه بالكفار فيظنه منهم، أو برؤيته من بعيد
فيظنه صيدا، وهذا جواب آخر وهو: إن ما كان لمؤمن ليس معناه ما جاز له كما ظننتم
لا يجوز أن يكون المعنى ما وجد، أو ما نبت، أو ما تحقق لمؤمن، ولا يلزم ما ذكرتم.
140

لنا: النقل وكلمة التوحيد (1)، ودعوى (2) أن إفادتها له شرعية لا لغوية
باطلة، وإخراج الطهور ليس من الصلاة، وللتقدير وجهان (3)، وكذا في المنفي
الأعم والتخصيص بالشرط والصفة والغاية، كالاستثناء في كثير من الأحكام،
وبالعقل شائع (4)، وحجة المانع واهية (5).
فصل
قيل (6): الضمير في مثل قوله تعالى: (وبعولتهن) (7) مخصص (8)،
ومنعه الشيخ (9) والحاجبي (10).

(1) فإنها إنما تفيد التوحيد إذا أثبت الإلهية له تعالى بعد نفيها عن غيره.
(2) انظر: نهاية الأصول: 126.
(3) أحدهما في جانب المستثنى، أي لا صلاة صحيحة إلا صلاة متلبسة بطهور.
والثاني في جانب المستثنى منه، أي لا صلاة صحيحة بوجه إلا بطهور، فإنها صحيحة
حال اقترانها به.
(4) ومنه قوله تعالى: (خالق كل شئ) - سورة الأنعام: 102، سورة الرعد: 16، سورة الزمر:
62، سورة غافر: 62 - والعقل خصصه عند المعتزلة وعند الكل بغير القديم تعالى.
وفي " أ "، سائغ.
(5) في " س ": وافية.
(6) المراد كل عام يرجع ضميره إلى بعض ما تناوله.
(7) سورة البقرة: 228. والآية هكذا: * (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء ولا يحل لهن أن
يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر وبعولتهن أحق بردهن) *.
(8) فوجب تخصيص التربص بالرجعيات.
(9) العدة في أصول الفقه: 1 / 385.
(10) والآمدي في الإحكام: 1 / 466، والبيضاوي في المنهاج على المنع أيضا - نهاية السؤول:
2 / 489 -، وفاقا للقاضي عبد الجبار - المعتمد: 1 / 283 - 285، المحصول: 3 / 140 -.
141

وللعلامة قولان (1).
والمرتضى (2) والمحقق (3) بالوقف (4)، وهو أسلم.
للأول: مخالفة الضمير (5) مرجعه.
وللثاني: مجازية لفظ [لا يستلزم] مجازية آخر.
لنا: تعارض المجازين بلا مرجح، والاستخدام شائع.

(1) انظر: نهاية الأصول: 148، تهذيب الوصول: 153.
(2) الذريعة: 1 / 299 - 305.
(3) معارج الأصول: 100.
(4) القائل بالوقف قائل يلزمه تخصيص الظاهر، أو المضمر دفعا للمخالفة، وكلاهما تحكم لعدم
المرجح، فوجب التوقف.
(5) أي ان عدم التخصيص يوجب المخالفة المذكورة، ومع التخصيص لا مخالفة، لأن المراد
بالمطلقات الرجعيات لا ما يشمل البائنات.
142

المطلب الثالث: في المطلق والمقيد (1)
المطلق: ما دل على شائع في جنسه، والمقيد بخلافه (2)، فإن اختلف حكمهما
فلا حمل مطلقا (3) إجماعا إلا مع التوقف (4)، وإلا فإن اتحد) موجبهما (5) مثبتين
حمل إجماعا بيانا لا نسخا (6)، وقيل به إن تأخر المقيد (7).
لنا (8): الجمع أولى ويقين البراءة، ويرجع إلى التخصيص، ومنفيين (9) يعمل
بهما إجماعا، وإن اختلف (10) فهم مختلفون (11) في الحمل، ونحن متفقون على منعه.

(1) معنى ذلك كونه حصة محتملة لحصص كثيرة مما يندرج تحت أمر مشترك من غير تعيين.
(2) انظر: معالم الدين: 312.
(3) سواء كان الحكمان أمرين أو نهيين أو مختلفين، وسواء اختلف الموجب أو اتحد، وهذا
التعميم والإجماع مذكوران في أكثر كتب الأصول، لكن في بعضها ان أكثر الشافعية قائلون
بالحمل إن اتحد الموجب، فحملوا اليد في التيمم على ما آخرها المرفق لتقييدها به في
الوضوء واتحاد الموجب وهو الحدث. انظر: معالم الدين: 312.
(4) انظر: معالم الدين: 313.
(5) مثل قوله في الظهار: أعتق رقبة، ثم يقول فيه: أعتق رقبة مؤمنة.
(6) انظر: معالم الدين: 313.
(7) انظر: معالم الدين: 313.
(8) أي في الاستدلال على مطلبين: أولهما: ان الحمل بيان لا نسخ. وثانيهما: ان الواجب حمل
المطلق على المقيد لا العكس.
(9) انظر: معالم الدين: 314.
(10) أي اختلف موجبهما، نحو: أعتق في الظهار رقبة، أعتق في القتل رقبة. انظر: معالم الدين:
314.
(11) فبعضهم على الحمل عملا بالقياس إن اجتمعت شرائطه، وهو قول الشافعية - انظر: الرسالة:
476 - 486 -، وبعضهم على الحمل مطلقا، لأن القرآن بمنزلة كلمة واحدة، وبعضهم
يوافقوننا في عدم الحمل، وهم الحنفية - انظر: الذريعة: 1 / 275 - 276، العدة في
أصول الفقه: 1 / 329 - 335، تهذيب الوصول: 154 - 155 -.
143

المطلب الرابع: في المجمل [والمبين]
المجمل (1): ما دلالته غير واضحة، وهو إما فعل أو لفظ مفرد أو مركب (2)،
ولا إجمال (3) في نحو قوله تعالى: (حرمت عليكم الميتة) (4) لظهور المراد، ولا في
نحو قوله جل وعلا: (وامسحوا برؤوسكم) (5) إذ الباء للتبعيض، كما مر (6)، أما
نحو قوله سبحانه: (السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) (7) فالمرتضى (8) مجمل في
اليد لإطلاقها على كل العضو وبعضه (9)، قيل: وفي القطع أيضا لإطلاقه على الإبانة
والجرح (10)، والعلامة (11) والفخري والحاجبي: لا إجمال فيها (12) لأنها حقيقة في

(1) انظر: معالم الدين: 315.
(2) نحو: (أو يعفوا الذي بيده عقدة النكاح) - سورة البقرة: 237 - لتردده بين الزوج والولي.
(3) انظر: مجمع البيان: 6 / 270، المستصفى: 3 / 39، نهاية الأصول: 155.
(4) سورة المائدة: 3.
(5) سورة المائدة: 6.
(6) انظر: نهاية الأصول: 156، معارج الأصول: 108.
(7) سورة المائدة: 38.
(8) الذريعة: 1 / 326.
(9) لفظ اليد موضوع لها من المنكب وعلى الابعاض إنما هو على سبيل المجاز. انظر: معالم
الدين: 316.
(10) انظر: معالم الدين: 316.
(11) نهاية الأصول: 158.
(12) في " أ، ر، س ": فيهما.
144

العضو إلى المنكب، وفهم البعض بالقرينة، والقطع ظاهر في الإبانة، وما له
محمل لغوي وشرعي كقوله (صلى الله عليه وآله): " الطواف بالبيت صلاة " (1) " الاثنان فما
فوقهما (2) جماعة (3) " ليس بمجمل فيحمل على الشرعي بقرينة بعثته (صلى الله عليه وآله) لتبليغ
الأحكام لا لتعليم اللغة.
فصل
المبين: نقيض المجمل (4)، والبيان بالقول إجماعي، وبالفعل عند
الأكثر (5)، وتأخيره عن وقت الحاجة ممتنع [إجماعا] (6)، وإليه جائز
الغزالي (7)، ممتنع المرتضى (8) فيما يراد به غير ظاهره، كالعام (9)،
أما المجمل [كالقرء] فيجوز.

(1) فإنه يحتمل أن يسمى صلاة في اللغة، كالصلاة في اشتراط الطهارة. انظر: كنز العمال:
5 / ح 12002 و 12003.
(2) في " ف، س، ج ": فوقها.
(3) فإنه يحتمل أن يسمى جماعة حقيقة، وانه يحصل لما فضل الجماعة. انظر: المستصفى:
3 / 51، كنز العمال: 7 / ح 20224.
(4) انظر: معارج الأصول: 109، معالم الدين: 318.
(5) لأنه أدل من القول كما قيل: ليس الخبر كالعيان، وأطوليته غير مضرة مع أنه يمكن أقصريته،
كبيان أفعال الصلاة بالنسبة إلى فعلها. انظر: المستصفى: 3 / 62، معالم الدين: 319.
(6) منا ومن العدلية، أما الأشاعرة فكلام بعضهم يشعر بوقوع التكليف بما لا يطاق، وهذا من
ذاك. انظر: العدة في أصول الفقه: 2 / 448 - 449، معالم الدين: 319.
(7) المستصفى: 3 / 65.
(8) انظر: الذريعة: 1 / 361 و 363.
(9) إذا أريد به الخاص، وكالأسماء الشرعية فإن ظاهرها المعاني اللغوية، وكالنكرة إذا أريد بها
معين فإن ظاهرها العموم.
145

لنا: تأخير البيان (1) في كثير كالصلاة (2) والحج. للغزالي (3) [للأول] هو
كخطاب العربي بالتركي في عدم الفهم. للمرتضى (4): لزوم الإغراء بالجهل، وهو في
الأول لا الثاني (5).
قلنا: فرق (6) بين عدم الفهم أصلا والترديد وتجويز التخصيص مقرر (7)،
والنسخ وارد.

(1) انظر: المستصفى: 3 / 67 و 72.
(2) ثم بين جبرئيل، ثم بين الرسول (صلى الله عليه وآله) بتدريج، وكذلك دال (وآتوا الزكاة) - سورة البقرة:
43، و 83، و 110، سورة النساء: 77، سورة الحج: 78، سورة النور: 56، سورة
المجادلة: 13، سورة المزمل: 20 - وأوجب الزكاة، ثم بين تفاصيل الجنس والنصاب
بتدريج.
(3) انظر: المستصفى: 3 / 70 - 71.
(4) انظر: الذريعة: 1 / 375 و 380 و 384. وفي " ر ": للغزالي.
(5) في " ر ": للمرتضى: وهو في الثاني لا الأول.
(6) بأن في المجمل يعلم أن المراد أحد مدلولاته فيطيع ويعصي بالعزم على فعله إذا بين بخلاف
المهمل، فإنه لا يفهم منه شئ.
(7) أي متقرر مركوز في الأذهان فيفهم المخاطب من العام ظاهره مع تجويزه التخصيص عند
الحاجة، فلا يلزم الإغراء بالجهل.
146

المطلب الخامس: في الظاهر والمأول
الظاهر (1): ما دلالته مظنونة لرجحانها، والمأول المحمول على المرجوح
لمقتض، والتأويل منه قريب، كحمل آية (إنما الصدقات) (2) على بيان
المصرف (3) وبعيد كتأويل إطعام الستين (4) بإطعام طعامهم (5)، وإمساك
الأربع بابتداء النكاح (6)، أو الأول وأبعد كتأويل خبر فيروز بذلك (7)

(1) في اللغة: هو الواضح، ومنه الظهر.
وفي الاصطلاح: ما دل على معنى دلالة ظنية. وعلى هذا فالنص وهو ما دل دلالة قطعية
قسم له ثم دلالته الظنية إما بالوضع كالأسد للحيوان المفترس، وإما بعرف الاستعمال كالغائط
للخارج المستقذر إذ غلب بعد أن كان في الأصل المكان المطمئن من الأرض. انظر: الإحكام
للآمدي: 3 / 48 - 51، نهاية الأصول: 173.
(2) سورة التوبة: 60.
(3) انظر: نهاية الأصول: 175.
(4) انظر: نهاية الأصول: 176.
(5) لواحد في ستين يوما، لأن المقصود دفع الحاجة، وحاجة ستين شخصا كحاجة واحد في
ستين يوما، لا فرق بينهما عقلا. وفي " س ": بإطعامهم.
(6) في قصة غيلان بن سلمة الثقفي وقد أسلم على عشر نسوة، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): أمسك أربعا
وفارق سائرهن.
والحنفية أولوا الأمر بتجديد العقد إن تزوجهن دفعة، وبإبقاء الأربعة الأول إن ترتبن.
انظر: مسند الإمام الشافعي: 274 و 292، سنن ابن ماجة: 1 / 628 ح 1953، الجامع
الصحيح للترمذي: 3 / 435 ح 1128، السنن الكبرى للبيهقي: 7 / 181، شرح السنة:
9 / 89، موارد الظمآن: 311 ح 1278، المستصفى: 1 / 293، تهذيب الوصول: 133
و 168، نهاية الأصول: 174، كنز العمال: 16 / 330 ح 44762 و 44763 و 33765.
(7) وهو فيروز الديلمي، قد أسلم على أختين، فقال له النبي (صلى الله عليه وآله): أمسك أيتهما شئت
أصول الفقه: 1 / 329 - 335، تهذيب الوصول: 154 - 155 -.
147

وتأويل المسح في آية الوضوء بالغسل (1)، وقد بسطنا الكلام عليه في مشرق
الشمسين (2).

(1) كما فعله صاحب الكشاف: 1 / 610، حيث جعل المسح الوارد في الآية الكريمة غسلا شبيها
بالمسح.
(2) مشرق الشمسين: 122 - 124.
148

المطلب السادس: في المنطوق والمفهوم:
المنطوق (1): ما دل عليه اللفظ في محل النطق (2)، وصريحه (3) مطابقي
وتضمني، وغيره (4) التزامي، فإن قصد (5) وتوقف عليه صدق أو صحة عقلا
أو شرعا (6) فدلالة اقتضاء، وبدونه (7) مع اقترانه (8) بما لولا التعليل لبعد (9)

(1) انظر الإحكام للآمدي: 3 / 63، نهاية الأصول: 177.
(2) الظرف حال من الموصول، ويعبر عن المذكور بمحل النطق، وعن المسكوت عنه بغير محل
النطق.
(3) أي صريح المنطوق، والمراد بالمنطوق الصريح ما وضع له اللفظ فيدل عليه بالمطابقة أو
التضمن، وهذا مبني على أن الدلالة التضمنية لفظية - كما هو مذهب الحاجبي - لا عقلية.
(4) أي غير الصريح، وهو بخلافه، وهو لم يوضع اللفظ له، بل يلزم مما وضع له فيدل عليه
بالالتزام.
(5) هذا شروع في تقسيم غير الصريح من المنطوق إلى أقسامه الثلاثة، أعني: الاقتضاء والإيماء
والإشارة. والمستتر عائد إلى غير الصريح، أي إن قصده المتكلم وتوقف عليه صدق الكلام، نحو
قوله (صلى الله عليه وآله): " رفع عن أمتي الخطأ والنسيان " - روي بألفاظ مختلفة، انظر: سنن ابن ماجة:
1 / 659 ح 2045، الخصال: 417 ح 9، غريب الحديث للخطابي: 3 / 231، إصلاح غلط
المحدثين: 16 ح 34، تلخيص الحبير: 1 / 281 ح 450، كنز العمال: 4 / 233 ح 10307،
وسائل الشيعة: 4 / 373 -، فإن المقصود رفع المؤاخذة عليهما، وليست مصرحا بها، وصدق
الكلام موقوف على إضمارها.
(6) توقف الصحة العقلية، نحو قوله تعالى: (واسأل القرية) - سورة يوسف: 82 - إذ لولا
إضمار الأهل لم يستقم. وتوقف الصحة الشرعية، نحو: أعتق عبدك عني على ألف. ولولا
تقدير مملكا لي على ألف لم يستقم، إذ لا عتق إلا في ملك.
(7) أي بدون التوقف.
(8) أي اقتران الملفوظ المقصود.
(9) أي كان صدوره عن الشارع بعيدا.
149

تنبيه وإيماء، [وإلا] (1) فدلالة إشارة.
والمفهوم: ما دل لا في محله (2)، فإن كان مفهوم موافقة ففحوى الخطاب
ولحن الخطاب (3)، أو مخالفة فدليل الخطاب (4)، وهو مفهوم الشرط والصفة
والغاية واللقب والحصر.
فصل
مفهوم الشرط حجة عند الأكثر (5)، وعليه المحقق (6) والعلامة، خلافا

(1) أي إن لم يكن غير الصريح مقصودا للمتكلم سمي المنطوق دلالة إشارة، كقوله تعالى:
(وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) - سورة الأحقاف: 15 - مع قوله سبحانه: (وفصاله في
عامين) - سورة لقمان: 14 - إذ يلزم منه كون أقل الحمل ستة أشهر. والمقصود في الآيتين
أمر آخر، ففي الأولى إظهار تعب الام في مدة الحمل والفصال، وفي الثانية بيان مدة الفصال.
وإنما قلنا: المقصود في الآيتين، ولم نقل: من الآيتين، لنكتة تركنا التصريح بها امتحانا
لأذهان الأذكياء، فتدبر.
(2) فإن التأفيف محل النطق في قوله تعالى: (فلا تقل لهما أف) - سورة الإسراء: 23 - ويفهم منه
حال الضرب، وهو غير محل النطق.
(3) انظر: نهاية الأصول: 178.
(4) وهو أن يكون المسكوت عنه مخالفا للمذكور في الحكم إثباتا ونفيا، ويسمى دليل الخطاب.
(5) مما يتفرع على ذلك قوله (صلى الله عليه وآله): " إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل خبثا "، فعلى حجية مفهوم
الشرط ينجس القليل بالملاقاة، ويندفع كلام ابن أبي عقيل. انظر: سنن الدارقطني: 1 / 21
ح 15، تلخيص الحبير: 1 / 16، معالم الدين: 212.
(6) قال الشيخ الشهيد في الذكرى: 1 / 53: - بعد ذكر مفهوم الوصف والشرط -: هما حجتان عند
بعض الأصحاب، ولا بأس به، خصوصا الشرطي والعددي. انتهى.
وأيضا قد ذكر في مقطوعة الحسن بن راشد في بحث عدم جواز الحرير للكفن: ج 1 / 355
قال: لأنه نفى البأس إذا كان القطن أكثر من القز، فيثبت البأس عند عدمه. انظر: الكافي: 3 / 149
ح 12، تهذيب الأحكام: 1 / 435 ح 1396، الاستبصار: 1 / 211 ح 744، معالم الدين: 212.
150

للمرتضى وموافقيه (1).
لنا: التبادر والسؤال عن سبب القصر مع الأمن، وقوله (صلى الله عليه وآله): " لأزيدن على
السبعين " (2).
قالوا: قد يكون للشرط بدل، وقال [الله] تعالى: (إن أردن تحصنا) (3).
قلنا: هو أحدهما، وانتفاء التحريم لامتناع المنهي عنه، أو الغرض المبالغة، أو
الإجماع عارض الظاهر (4).
فصل
مفهوم الصفة حجة (5) عند الشيخ والشهيد في الذكرى، ونفاه الأكثر
كالمرتضى (6) والمحقق والعلامة.
للأول: لولاه للغى [أعني] الوصف: كالإنسان الأبيض حيوان، وقول
أبي عبيدة (7) في قوله (صلى الله عليه وآله): لي الواجد يحل عقوبته، وعرضه (8).

(1) ك‍: القاضي أبي بكر، والقاضي عبد الجبار.
(2) انظر: تفسير الطبري: 10 / 138، الإحكام للآمدي: 3 / 71، الدر المنثور: 4 / 264، و ج 6 / 224.
(3) سورة النور: 33. فلو ثبت مفهوم الشرط لثبت جواز الإكراه عند عدم إرادة التحصن، والإكراه
عليه غير جائز بحال من الأحوال.
(4) يعني أن المفهوم اقتضى ذلك.
(5) فينتفي الحكم بانتفائها، نحو: في الغنم السائمة زكاة، فإنه يدل على أنه لا زكاة في المعلوفة.
انظر: العدة في أصول الفقه: 2 / 467 - 474، معالم الدين: 216.
(6) الذريعة: 1 / 392 - 494.
(7) انظر: جامع الأصول: 3 / 684 ح 2537، الإحكام للآمدي: 3 / 70، تهذيب الوصول: 102.
(8) قال: هذا الحديث يدل على أن لي غير الواجد لا يحل عقوبته ولا عرضه، وأيضا لما
سمع قائلا يقول في قول النبي (صلى الله عليه وآله): " لأن يمتلئ بطن الرجل قيحا خير من أن يمتلئ شعرا "
- مسند أحمد بن حنبل: 1 / 175، صحيح البخاري: 8 / 45، سنن أبي داود: 4 / 302
ح 5009، سنن ابن ماجة: 2 / 1236 ح 3759 وص 1237 ح 3760، الجامع الصحيح للترمذي:
5 / 140 ح 2851 وص 141 ح 2852، مجمع الزوائد: 8 / 120 و 121 -، لأن المراد بالشعر
هنا الهجاء مطلقا، أو هجاء النبي (صلى الله عليه وآله) رد على ذلك القائل بأنه لو كان المراد ما قلته لم يكن
لذكر الامتلاء معنى، لأن قليل الهجاء وكثيره سواء، فقد جعل الامتلاء من الشعر في قوة أن
يقال الشعر الكثير، وإذا كان مفهوم ما هو صفة بالقوة حجة فكيف ما هو صفة بالفعل؟
151

للثاني: انتفاء الثلاث (1)، والوصف قد يكون للاهتمام، أو للسؤال عن محله،
أو سبق حكم غيره، أو خطوره (2)، ونحوها، ووجوب (3) ما لا يحتمل شيئا
[منها] ممنوع، ولعل قوله (4) عن اجتهاد.
فصل
مفهوم الغاية (5) حجة عند الأكثر (6)، إلا المرتضى (7) وبعض العامة.

(1) أي انتفاء الدلالات الثلاث، فإن إثبات الزكاة في السائمة لا يدل على نفيها عن غير السائمة
بشئ من الدلالات الثلاث، أما المطابقة والتضمن فلأن نفيها في المعلوفة ليس عين إثباتها
للسائمة، ولا جزؤه، وأما الالتزام فلعدم اللزوم عقلا وعرفا.
(2) أي سبق خطوره محل الوصف إلى ذهن القائل على خطور غيره. وفي " أ ": حضوره،
خطوره - خ ل -.
(3) في " أ ": ووجوب. وفي " ج ": ونحوهما ووجوب.
والمراد من نحوها: كأن يكون المخاطب غير مالك لسوى السائمة، أو يكون غرض القائل
إعلام حكم محل الوصف بالنص وحكم غيره بالفحص والبحث لمصلحة رآها.
(4) أي قول أبي عبيدة.
(5) مثل قوله تعالى: (ولا تقربوهن حتى يطهرن) - سورة البقرة: 222 - فإن هذا الحكم المقيد
بالغاية هل ينتفي فيما بعد الغاية أم لا؟ اختار العلامة وولده رحمهما الله الأول.
(6) انظر: معالم الدين: 221.
(7) الذريعة: 1 / 392 - 409.
152

لنا: إن المتبادر من نحو: " صوموا إلى الليل " بيان آخر وجوبه.
قالوا: ما مر في الصفة (1).
قلنا: الصوم المقيد بكون آخره الليل يعدم فيه البتة بخلافها، ومفهوم
اللقب ليس حجة (2)، والمخالف نادر، واختلف في " إنما " (3) ونحو: " العالم زيد "
والأظهر حجيتهما.

(1) أي انتفاء الدلالات الثلاث.
(2) المراد: ان تعليق الحكم على الاسم لا يقتضي نفيه عما عداه، مثل: الصلاة واجبة، فإنه
لا يقتضي نفي الوجوب عن غير الصلاة، وهو اختيار جمهور الأصوليين من أصحابنا والمعتزلة
والأشاعرة، وخالف في ذلك أبو بكر الوراق من الأشاعرة.
وقال الشهيد في الذكرى: 1 / 54: أما اللقب فليس حجة لانتفاء الدلالات الثلاث،
واستفادة وجوب التعزير من قوله: أنا لست بزان، من قرينة الحال لا من المقال. انظر:
الإحكام للآمدي: 3 / 90.
(3) أعني مفهوم الحصر، فذهب جماعة من الفقهاء إلى كونه حجة، واختاره العلامة، واحتج عليه
بأن الصديق في قولنا: صديقي زيد، لو لم ينحصر فيه لكان أعم منه، فيكون الإخبار عن
الصديق بزيد إخبارا بالأخص عن الأعم، وذلك كذب، كما لو قيل: الحيوان إنسان، واللون
سواد. انظر: الإحكام للآمدي: 3 / 92 - 93.
153

المطلب السابع: في النسخ
وهو رفع الحكم الشرعي بدليل شرعي (1) متأخر، ووقوعه إجماعي، ونفاه
الأصفهاني (2)، سيما في القرآن، وآية القبلة (3) والعدة (4) والصدقة (5) والثبات (6)
تكذبه (7)، وقوله سبحانه وتعالى: (لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من
خلفه) (8) لا يصدقه (9)، وما في التوراة من أمر آدم بتزويج بناته ببنيه يكذب

(1) في " أ ": فرعي، شرعي - خ ل -. انظر: معارج الأصول: 161.
(2) أي نفى وقوعه وإن جوزه عقلا، وأما اليهود فنفوا جوازه، واسم الأصفهاني: أبو مسلم ابن
يحيي - كما في التبصرة: 251 - أو مسلم بن بحر -، وليس هو أبو مسلم المروزي المشهور.
انظر: العدة في أصول الفقه: 2 / 506.
(3) قوله تعالى: (فول وجهك شطر المسجد الحرام) - سورة البقرة: 144 - فإنه (صلى الله عليه وآله) كان مأمورا
بالتوجه إلى بيت المقدس. وقد نسخ التوجه إلى بيت المقدس باستقبال الكعبة. انظر: العدة في
أصول الفقه: 2 / 513، معارج الأصول: 162.
(4) نسخت العدة للمتوفى عنها زوجها من الحول إلى أربعة أشهر وعشرا. انظر: العدة في أصول
الفقه: 2 / 513، معارج الأصول: 162 و 170.
(5) آية الصدقة في سورة المجادلة: 58: (يا أيها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي
نجواكم صدقة). انظر: العدة في أصول الفقه: 2 / 525.
(6) وهي قوله تعالى: (إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مائتين) - سورة الأنفال: 65 - ثم
نسخ ذلك بقوله تعالى: (الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن مائة صابرة يغلبوا
مائتين) - سورة الأنفال: 66 -. انظر: العدة في أصول الفقه: 1 / 513، معارج الأصول: 162.
(7) أي الآيات المذكورة تكذب الأصفهاني.
(8) سورة فصلت: 42.
(9) إذ ليس المراد إبطال حكمه، بل المراد أنه ليس فيه ما لا يطابق الواقع، لا في الماضي ولا في
المستقبل ولا في الحال، كما روي عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام).
154

اليهود (1)، وما نقلوه عن موسى (عليه السلام) (2) فرية، أو يراد طول الزمان كما تضمنته
التوراة في عتق العبد (3)، والمصلحة تختلف باختلاف الأزمان (4)، وسائر شبههم
ظاهرة الدفع.
فصل
هل يجوز نسخ الشئ قبل حضور وقته؟
المرتضى (5) والشيخ (6) والعلامة والمعتزلة (7): لا، والمفيد (8) (رحمه الله) والحاجبي
وأكثر الأشاعرة (9): نعم.
للأول: لزوم البداء وتعلق الأمر بمتعلق النهي (10)، وإن حسن قبح النهي

(1) لأنهم قائلون بتحريمه، والمراد بهم ما سوى العيسوية.
(2) من أنه قال: " تمسكوا بالسبت أبدا ". وقال أيضا: " هذه الشريعة مؤيدة ما دامت السماوات
والأرض ".
(3) قد ورد في التوراة: يستخدم العبد ست سنين ثم يعرض عليه العتق فإن أباه فليثقب اذنه
ويستخدم أبدا.
وورد فيها في موضع آخر: يستخدم خمسين سنة ثم يعتق، فعلم أن التأبيد في الكلام
الأول بمعنى طول الزمان.
(4) جواب عن قولهم: نسخ الحكم إما لحكمة لم تكن ظاهرة، أو لا. وكلاهما باطل، وقولهم: إن
كان الفعل حسنا قبح النهي، أو قبيحا قبح الأمر.
(5) الذريعة: 1 / 430 - 431.
(6) العدة في أصول الفقه: 2 / 518 - 519.
(7) التبصرة: 260، المستصفى: 1 / 112، اللمع: 56، شرح اللمع: 1 / 485.
(8) انظر: معالم الدين: 368.
(9) انظر: البحر المحيط للزركشي: 4 / 90 - 91.
(10) قيل: نمنع اتحاد المتعلق لتناول الأمر الاعتقاد والنهي الفعل، بمعنى أن غرض المكلف أن
يعتقد أنه مأمور بفعل شاق فيوطن نفسه بالمشقة، وليس الغرض الإتيان بالفعل، كما إذا
قال السيد لعبده: اذهب راجلا إلى قرية كذا، والمقصود توطين العبد نفسه على المشقة،
وليس في غرضه إلا أن يرفع التكليف عنه غدا.
155

أو قبح قبح الأمر.
وللثاني: قوله تعالى: (يمحو الله ما يشاء ويثبت) (1) وعود الخمسين إلى
الخمس (2)، ونسخ تقديم الصدقة (3)، وذبح إسماعيل (عليه السلام) (4)، ومساواة الرفع
بالموت (5)، وكل نسخ كذلك (6).
والحق ان المعترض على كل من الفريقين مستظهر.
فصل
ينسخ الكتاب والسنة متواترة وآحادا بالمثل (7)، والكتاب بالمتواترة،

(1) سورة الرعد: 39.
(2) وهو أن الله تعالى كلف أمة محمد (صلى الله عليه وآله) أول الأمر بخمسين صلاة، ثم نسخها قبل وقتها وقرر
عليهم خمس صلوات. انظر: العدة في أصول الفقه: 2 / 522، نهاية الأصول: 200، معالم
الدين: 368.
(3) وفيه: أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قد عمل بها ثم نسخ، فهو ليس من محل النزاع في شئ. انظر:
العدة في أصول الفقه: 2 / 525.
(4) فإن الله تعالى أمر إبراهيم (عليه السلام) بذبح ولده إسماعيل، ثم نسخ ذلك قبل وقت الذبح. انظر: العدة
في أصول الفقه: 2 / 522 - 523، نهاية الأصول: 200، معالم الدين: 369.
(5) أي موت المكلف قبل حضور الوقت. وفيه: أن التكليف مقيد بعدم الموت عقلا، فلا رفع.
(6) في " ر ": يكون.
(7) بمعنى: يجوز نسخ القرآن بالقرآن، كالعدتين، وهما: الاعتداد بالحول، وبأربعة أشهر
وعشرا، وكذا نسخ الخبر المتواتر بالمتواتر، والآحاد بالآحاد. انظر: العدة في أصول الفقه:
2 / 537، معارج الأصول: 171 - 172.
156

وهي به، لا أحدهما (1) بآحادها، والإجماع [لا ينسخ] ولا ينسخ (2) إلا أن
تحقق قبل انقطاع الوحي، وقد ينسخ التلاوة لا الحكم وبالعكس (3)،
وهما معا (4)، ويجوز بالأشق (5)، كعاشوراء برمضان (6)، وبلا بدل
كآية الصدقة (7)، ومع قيد التأبيد (8)، ولا تناقض كالتخصيص، وليس للمخالفين
ما يعتد به.

(1) أي الكتاب والسنة المتواترة بآحاد السنة، واستدلوا على ذلك بأن المتواتر قاطع والآحاد
مظنون، فلا تعارض القاطع.
وفيه نظر أورده الفاضل التستري في شرح المختصر، ونسبه بعض المتأخرين إلى نفسه،
وهو تكلف عجيب، وحاصله: أن المتواتر وإن كان قطعي المتن، لكن دلالته على الدوام
والاستمرار ظنية، ودلالة الآحاد على انقطاع ذلك قطعية، فالتعارض في الحقيقة إنما هو بين
الدلالتين، فينبغي ترجيح الدلالة القطعية.
وتوضيح ذلك: أن قطعية المتواتر من حيث وجوده وحدوثه والآحاد لا ترفعه من هذه
الجهة، بل رفع حدوثه محال، وإنما يرفع استمرار المظنون لا غير. والحق أن دليلهم على
جواز تخصيص المتواتر بخبر الآحاد جار في نسخه به، إلا في شئ واحد هو بقاء العمل
بالعام في بعض الأفراد ورفع العمل بالمنسوخ بالكلية، فتدبر.
(2) انظر: العدة في أصول الفقه: 2 / 538، نهاية الأصول: 204، معارج الأصول: 174.
(3) انظر: الذريعة: 1 / 428، نهاية الأصول: 202، معارج الأصول: 170.
(4) أي يجوز نسخهما تلاوة وحكما، لما روت عائشة أنه كان فيما أنزله عشر رضعات محررات،
وقد نسخ حكمه وتلاوته.
(5) في " أ ": بالأثقل - خ ل -.
(6) انظر: العدة في أصول الفقه: 2 / 536، معارج الأصول: 161.
(7) انظر: معارج الأصول: 167، نهاية الأصول: 201.
(8) أي يجوز نسخ المقيد بالتأبيد، كما لو قال لنا: افعلوا هذا الفعل أبدا، لأن لفظ التأبيد يقتضي
استغراق الأزمنة المستقبلة، كما يقتضي لفظ العموم استغراق الأشخاص المندرجة تحته،
وكما جاز إخراج بعض الأشخاص بلفظ يقتضي التخصيص، وكذا جاز إخراج بعض الأزمنة
بلفظ يقتضي النسخ، والجامع هو الحكمة الداعية إلى جواز التخصيص، انظر: معارج
الأصول: 167.
157

المنهج الرابع
في الاجتهاد والتقليد
الإجتهاد: ملكة (1) يقتدر بها على استنباط الحكم الشرعي الفرعي من الأصل
فعلا أو قوة قريبة.
العلامة (2) في النهاية: استفراغ الوسع (3) في طلب الظن (4) بشئ من الأحكام
الشرعية بحيث ينتفي (5) اللوم عليه (6) بسبب التقصير.

(1) أي كيفية واضحة في النفس.
(2) نهاية الأصول: 411.
(3) معناه بذل تمام الطاقة بحيث يحس في نفسه العجز عن المزيد عليه.
(4) إذ لا اجتهاد في القطعيات.
(5) ذكر هذه الحيثية لإخراج العام إذا استفرغ وسعه في تحصيل الظن بحكم شرعي سواء حصل له
الظن أو لم يحصل لأنه لا ينتفي عنه اللوم بسبب تقصيره في تحصيل الشرائط التي لا يجوز
العمل بالظن إلا بعد حصولها.
(6) في " ر ": عنه.
159

الحاجبي: استفراغ الفقيه الوسع في تحصيل الظن بحكم شرعي، ووافقه
العلامة في التهذيب.
ويراد بالفقيه من مارس الفن (1)، إذ الأجنبي بعيد عن الاستنباط،
وينتقضان طردا بالمستفرغ العاجز (2) عن الاستنباط (3)، والتجزي (4) جائز
لرواية أبي خديجة عن الصادق (عليه السلام) (5)، ولفرض المساواة (6) في الاطلاع على
دلائل الحكم، فلا فرق، والنقص عن المطلق غير قادح، كالعالم والأعلم (7)،

(1) كما قال بعض شراح المنهاج، وليس المراد منه المجتهد، كما قد يظن.
(2) مع أنه لم يقصر في تحصيل العلوم التي يتوقف عليها الإجتهاد، ولكن ليس له قوة رد الفروع
إلى الأصول، وهي المسماة بالقوة القدسية، ولا يخفى أنه يمكن دفع انتقاض تعريف العلامة
في النهاية: 413 بذلك، كما لا يخفى على المتأمل، فتأمل.
(3) فالمنطقي المحض في غاية البعد عن الحكم الشرعي، كما إنه في غاية البعد عن استنباط
مسألة نحوية أو طبية مثلا، فقد رأينا لمن لم يمارس الفقه استنباطات غريبة واهية تضحك
الثكلى عند سماعها.
(4) وتصوير من المجتهد قد يحصل له في بعض المسائل ما هو مناط الإجتهاد من الأدلة دون
غيرها، فإذا حصل له ذلك فهل له أن يجتهد فيها أو لا؟ بل لابد أن يكون مجتهدا مطلقا عنده ما
يحتاج إليه في جميع المسائل والأدلة. انظر: نهاية الأصول: 416.
(5) قال الصادق (عليه السلام): انظروا إلى رجل منكم يعلم شيئا من قضايانا، فاجعلوه بينكم فإني قد
جعلته قاضيا. انظر: الكافي: 7 / 412 ح 4، من لا يحضره الفقيه: 3 / 2 ح 1، تهذيب
الأحكام: 6 / 219 ح 516، ذكرى الشيعة: 1 / 43، وسائل الشيعة: 27 / 13 ح 5. انظر:
ترجمة أبي خديجة سالم بن مكرم بن عبد الله في: معجم رجال الحديث: 8 / 202 رقم
4956، و ج 21 / 143 رقم 14218.
(6) يعني أن المتجزي إذا اطلع على دليل مسألة على الاستقصاء واستوى هو والعالم بكل المسائل
في العلم بتلك المسألة، وجاز للثاني الإفتاء، فكذا الأول، فلا فرق في أن كلا منهما مجتهد
فإن الإجتهاد له مراتب.
(7) فإن المجتهد العالم لا يجب عليه العمل بقول من هو أعلم منه، بل يعمل بقول نفسه ولا يقدح
في اجتهاد العالم نقصه عن الأعلم.
160

وتوهم الدور باطل (1)، إذ الإجتهاد المختلف في تجزيه هو الإجتهاد في
الفروع (2).
فصل
أحكام النبي (صلى الله عليه وآله) ليست عن اجتهاد بإجماعنا (3)، (وما ينطق عن الهوى إن
هو إلا وحي يوحى) (4)، والوحي إليه أن يجتهد لا يجعل ما ينطق به وحيا،
كاجتهادنا (5) بقوله تعالى: (فاعتبروا) (6) ولعلمه (صلى الله عليه وآله) بعصمته عن الخطأ (7)،
فأحكامه قطعية لا اجتهادية (8)، وهذا يعم سائر المعصومين سلام الله عليهم أجمعين،

(1) هذا تعريض ببعض المعاصرين، حيث ظن أن التجزي في هذه المسألة موقوف على صحة
القول بجواز التجزي.
(2) في " ر ": إذ الإجتهاد في هذه المسألة موقوفة على صحة اجتهاده في الفروع.
(3) المراد أحكامه المتعلقة بأمر الدين لا الدنيوية، كأمر المتخاصمين بالصلح مثلا، وقال
المخالفون: إنه (صلى الله عليه وآله) كان متعبدا بالاجتهاد فيما لا نص فيه، ثم اختلفوا، فقال بعضهم: إنه (صلى الله عليه وآله)
لا يخطئ في اجتهاده البتة، وقال بعضهم: يخطئ ولكن ينبه على خطأه فيرجع عنه. انظر:
العدة في أصول الفقه: 2 / 734 - 735، المستصفى: 4 / 22، نهاية الأصول: 412، وذكر
الآمدي في الإحكام: 4 / 440 مذهب العامة في جواز الإجتهاد.
(4) سورة النجم: 3 و 4.
وهو ظاهر في العموم، وان كل ما نطق به فهو وحي، وهو ينفي الإجتهاد.
(5) أي كاستناد اجتهادنا إلى قوله تعالى: (فاعتبروا) كما قالوه، فيلزم أن يكون اجتهاد جميع
المجتهدين وحيا.
(6) سورة الحشر: 2.
(7) فكما انه (صلى الله عليه وآله) إذا أخبرنا بحكم من أحكام الشرع نكون قاطعين بأنه حكم الله تعالى، لعلمنا
بعصمته، فهو أيضا قاطع في كل أحكامه لعلمه بأنه معصوم.
(8) لأن المجتهد يجوز على نفسه الخطأ، لأنه ظان للحكم، بخلافه (صلى الله عليه وآله) لعلمه بأنه يعصم عن
الخطأ.
161

وآية العفو (1) تلطف كرحمك الله، [وهي] وآية المشاورة (2) في غير
المسائل الدينية، وإلا كان مقلدا لهم، [ونمنع (3) كون الإذن حكما شرعيا، و]
التخيير أولا في سوق الهدي، ثم [إيحاء] فضل التمتع ممكن (4)، وكذا سرعة
الوحي باستثناء الإذخر (5)، وليس أبعد من سرعة الإجتهاد، وسبق سماع
العباس استثناءه منه (صلى الله عليه وآله) محتمل (6)، ورب فضيلة (7) تترك (8) لما فوقها، أو لغرض

(1) قوله تعالى في سورة التوبة: 43: (عفا الله عنك لم أذنت لهم) وجه الاستدلال بهذه الآية أنه
تعالى عاتب الرسول (صلى الله عليه وآله) على الإذن، ولا تستقيم المعاتبة في الإذن الذي كان بالوحي،
فلو كان الإذن بالوحي ما عاتبه، فتعين أن يكون عن اجتهاد. انظر: نهاية الأصول: 415.
(2) قوله تعالى في سورة آل عمران: 159: (وشاورهم في الأمر). استدلوا بأن المشاورة إنما تكون
فيما يحكم فيه بطريق الإجتهاد، لا فيما يحكم فيه بطريق الوحي. انظر: نهاية الأصول: 414.
(3) أي الآيتان واردتان في غير المسائل الدينية، فإن الإذن لهم من المصالح الدنيوية.
(4) جواب عن استدلالهم بقوله (صلى الله عليه وآله) - حين أمر الصحابة بالتمتع لتخلفه عنهم -: لو استقبلت من
أمري ما استدبرت لما سقت الهدي - صحيح البخاري: 2 / 196، و ج 3 / 5، و ج 9 / 103،
138، صحيح مسلم: 2 / 884 ح 141، سنن أبي داود: 2 / 154 ح 1784، سنن النسائي:
5 / 143، المستدرك على الصحيحين: 1 / 474، السنن الكبرى للبيهقي: 4 / 338 -،
أي لو علمت أولا ما علمت آخرا لما سقته، ومثل هذا لا يكون إلا عن اجتهاد. انظر:
نهاية الأصول: 415.
(5) جواب عن استدلالهم بما روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه قال في مكة: لا يختلي خلاها، ولا يعضد شجرها.
فقال العباس: إلا الإذخر. فقال (صلى الله عليه وآله): إلا الإذخر. الكافي: 4 / 225 ح 4، من لا يحضره الفقيه:
2 / 159 ح 689، الذريعة: 2 / 667، وسائل الشيعة: 12 / 557 ح 1 وص 558 ح 4.
ومعلوم أن الوحي ينزل في ذلك الآن، فاستثناؤه كان بالاجتهاد. وتقرير الجواب من
وجهين. انظر: نهاية الأصول: 415.
(6) بأن يكون قد أوحي إليه (صلى الله عليه وآله) استثناء الإذخر، ويكون العباس قد سمع منه (صلى الله عليه وآله) ذلك، فلما
أراد (صلى الله عليه وآله) استثناءه سبقه العباس إلى استثنائه، فأعاد (صلى الله عليه وآله) الاستثناء.
(7) هذا جواب عن قولهم: الإجتهاد أكثر ثوابا لما فيه من المشقة، وأفضل الأعمال أحمزها. فينبغي
أن لا يكون (صلى الله عليه وآله) محروما من ذلك الثواب.
(8) كمن يحرم ثواب كونه شاهدا لكونه حاكما، وثواب التقليد لكونه مجتهدا.
162

كحسم قولهم: لو كان [وحي] لما اجتهد، كما حسم بالأمية طعنهم بالنقل من الكتب.
فصل
المشهور عدم التصويب (1) لشيوع تخطئة السلف بعضهم بعضا بلا نكير، ولما
روي أن للمصيب أجرين وللمخطئ واحد، وللزوم اجتماع النقيضين (2)،
وليس (3) مشتركا لاختلاف المتعلق، ولاستلزام اعتقاد كل منهما رجحان أمارته
تخطئة أحدهما فيه (4).
وللبحث في الكل مجال، ويلزم معتزلة المخطئة عند تغير الرأي (5) سبق أمر

(1) مذهب المصوبة هو ان الله سبحانه ليس له حكم معين في مسألة، بل حكمه تابع لظن
المجتهد، فلو اختلفت ظنون المجتهدين فقال أحدهم بإباحة شئ، والآخر بتحريمه،
والآخر بوجوبه - مثلا -، فكل من أحكام الثلاثة حكم الله تعالى، لا ان حكمه تعالى واحد
معين منها فمن أداه اجتهاد إليه فهو المصيب، ومن عداه فهو المخطئ، كما هو مذهب
المخطئة.
ومما يتفرع على هذا الأصل الخلاف في جواز اقتداء من يعتقد وجوب السورة - مثلا -
لمن يعتقد استحبابها، وجواز إمضاء المجتهد حكم آخر مع مخالفته لمعتقده.
انظر: نهاية الأصول: 219، معالم الدين: 385.
(2) لأنه إذا أداه اجتهادا إلى ظن تحريم لحم الطاووس - مثلا - حصل له الجزم بأن تحريمه حكم
الله تعالى، وجزمه هذا مشروط ببقاء ظنه الحرمة، إذ لو صار ظانا للإباحة لزم القطع بأنها هي
حكم الله، فيكون جازما ظانا لشئ واحد في وقت واحد، فقد اجتمع القطع وعدم القطع معا،
فتأمل.
(3) دفع لما يقال من أن اجتماع النقيضين لازم على المخطئة أيضا للإجماع على وجوب اتباع
الظن، فإذا ظن الوجوب أو الحرمة قطع به، فاجتمع الظن والقطع، ووجه الدفع أن الظن
متعلق بأنه الحكم والقطع متعلق بتحريم مخالفته، لأنه مظنون.
(4) أي في اعتقاد رجحان أمارته، فأحد الاجتهادين خطأ البتة، فلا يكون كل مجتهد مصيبا.
(5) أي عند تغيير رأي المجتهد بأن يرجع عن قوله الأول، ويعتقد خلافه فيكون قوله الأول
خطأ جريا على قاعدتكم، وأنتم قائلون بأن المقلد مأمور باتباع المجتهد، وهو مأمور باتباع
قوله، فيلزمكم أن نكون مأمورين باتباع الخطأ، وهو قبيح عقلا.
163

المقلد، والمقلد باتباع الخطأ، وهو قبيح عقلا، وفيه تأمل (1).
فصل
لا بد (2) لمن يجتهد في مسألة من تحصيل ما يتوقف عليه الإجتهاد فيها من علوم
العربية (3) والمنطق والأصول (4) والتفسير (5) والحديث (6) والرجال (7) وظن عدم
الإجماع على خلافها، ولا بد مع ذلك من انس بلسان الفقهاء (8)، وقوة (9) على رد
الفرع (10) إلى الأصل، وهي العمدة في هذا الباب، ولا يجب تكرر (11) النظر بتكرر

(1) وجه التأمل أن مثل هذا لازم على المصوبة أيضا فيما إذا ظهر كذب الشاهدين، فإن الحاكم
يرجع عن حكمه، مع أنه مأمور به، فتأمل.
(2) انظر: نهاية الأصول: 411 - 412، معالم الأصول: 383.
(3) يدخل فيها: اللغة والصرف والنحو والمعاني والبيان.
أما علم البديع فالظاهر أنه لا دخل له في الإجتهاد، وقد ظن بعضهم أن علم المعاني والبيان
أيضا من هذا القبيل، وهو خطأ لما يجئ في الترجيحات من ترجيح الفصيح على غير
الفصيح عند التعارض، بل ذهب العلامة (رحمه الله) في النهاية إلى ترجيح الأفصح على الفصيح.
(4) المراد بها أصول الدين وأصول الفقه معا.
(5) المراد تفسير آيات الأحكام لا بقية الآيات.
(6) لا لجميعه، بل لما يتعلق بالأحكام.
(7) أي النقلة لأحاديث الأحكام.
(8) وربما قيل: إن هذا هو الباعث على إدراج الفقيه في تعريف الإجتهاد، كما فعله ابن الحاجب
وغيره.
(9) فصارت الشروط أربعة عشر، لأن المراد بالأصول علمان.
(10) في " أ ": الفروع - خ ل -.
(11) في " أ، ج ": تكرار. انظر: معالم الأصول: 389، الإحكام للآمدي: 4 / 454.
164

القضية، بل يستصحب الحكم (1)، والتفصيل بمضي زمان زادت فيه القوة بكثرة
الممارسة والاطلاع غير بعيد، واجتهاد الفاسق نافع له لا لغيره،
والمتجزي (2) يقلد فيما لم يتجز فيه إذا ضاق وقته، وتقليد الأفضل متعين
عندنا (3)، وهم مختلفون (4)، ويتخير (5) مع التساوي كالمجتهد مع التعارض
والتكافؤ.
فصل
هل يكفي التقليد في الأصول، أم يجب النظر، أم يحرم (6)؟
للأول والثالث: لزوم الدور (7) إن وجب، واكتفاؤه (صلى الله عليه وآله) من الكفار بكلمتي

(1) قال المحقق (رحمه الله) في معارج الأصول: 202:
إذا أفتى المجتهد عن نظر في واقعة، ثم وقعت بعينها في وقت آخر، فإن كان ذاكرا لدلائلها
جاز له الفتوى، وإن نسيه افتقر إلى استئناف النظر. هذا كلامه رحمه الله، ولا ريب أنه أحوط.
(2) انظر: نهاية الأصول: 426.
(3) لأن الظن في جانبه أقوى، واتباع أقوى الظنين واجب عقلا. انظر: معالم الأصول: 388 - 389.
(4) انظر: الذريعة: 2 / 801، الإحكام للآمدي: 4 / 430.
(5) أو يتوقف، ذكره الشهيد في قواعده، ثم قال: وقيل: بل الدليلان يتساقطان ويرجع إلى البراءة
الأصلية. وفي " ر ": ويتجز. انظر: الذريعة: 2 / 801.
(6) لا يخفى أن البحث في هذه المسألة مأول عند التحقيق إلى أن الأصول هل يجب فيها القطع أم
يكفي الظن؟ وهذه المسألة من المشكلات، فإن أوجبنا القطع منعنا التقليد لعدم حصوله به،
وإن اكتفينا بالظن فلا ريب في حصوله بتقليد من يوثق به، وإلى هذا أشرنا بقولنا في آخر هذا
الفصل، وإلى اشتراط القطع، فيرجع الكلام.
انظر: الإحكام للآمدي: 4 / 446، نهاية الأصول: 431، معالم الأصول: 386 - 387.
(7) يعني أن النظر لو كان واجبا لزم الدور، وذلك لأن وجوب النظر نظري متوقف على وجوب
النظر، فيلزم الدور. انظر: الإحكام للآمدي: 4 / 448.
165

الشهادة بلا تكليف استدلال (1)، وقوله (صلى الله عليه وآله): " عليكم بدين العجائز " (2)،
ونهيه الصحابة عن الكلام في مسألة القدر (3)، وعدم نقل الاستدلال (4) عن
أحد منهم، وعدم أمر أحدهم أحدا به، وإن الأصول أغمض أدلة من
الفروع (5)، فهي أولى بالتقليد، وإن الشبهات كثيرة، والنظر مظنة الوقوع
في الضلالة (6)، والتقليد أسلم.
وإن قول من يوثق به كالنبي والإمام، بل العدل العارف، أوقع في النفس مما
تفيده هذه الدلائل المدونة (7)، وان قوله تعالى: (فاسألوا أهل الذكر إن كنتم
لا تعلمون) (8) مطلق غير مقيد بالفروع.

(1) انظر: نهاية الأصول: 432.
(2) انظر: الإحكام للآمدي: 4 / 448، نهاية الأصول: 432.
(3) روي أن الصحابة كانوا يتكلمون في القدر، فقال النبي (صلى الله عليه وآله): إنما هلك من كان قبلكم لخوضهم
في هذا - الجامع الصحيح للترمذي: 4 / 443 ح 2133، المجروحين لابن حبان: 1 / 372،
الكامل في الضعفاء: 4 / 1380، إتحاف السادة المتقين: 8 / 457 -، عزمت عليكم أن
لا تخوضوا فيه أبدا. وروي أنه (صلى الله عليه وآله) قال: إذا ذكر القدر فأمسكوا. انظر: الإحكام للآمدي:
4 / 448، نهاية الأصول: 432.
(4) ولو وجد ذلك منهم لنقل كما نقل عنهم النظر في المسائل الفقهية، ولو كان النظر واجبا لكان
أولى بالمحافظة عليه. وفي " س ": الاستدراك. انظر: الإحكام للآمدي: 4 / 448، نهاية
الأصول: 432.
(5) انظر: الذريعة: 2 / 801، الإحكام للآمدي: 4 / 448، نهاية الأصول: 432.
(6) انظر: الإحكام للآمدي: 4 / 448، نهاية الأصول: 432.
(7) انظر: معالم الدين: 387 - 388، وفيه: قال المحقق (رحمه الله) - في معارج الأصول: 201 -:
لا يكتفي العامي بمشاهدة المفتي متصدرا ولا داعيا إلى نفسه ولا مدعيا، ولا بإقبال العامة عليه
ولا اتصافه بالزهد والورع، فإنه قد يكون غالطا في نفسه أو مغالطا، بل لابد أن يعلم منه
الاتصاف بالشرائط المعتبرة.
(8) سورة النحل: 43، سورة الأنبياء: 7.
166

وللثاني: ذم التقليد في الكتاب (1) المجيد (2)، خرجت الفروع بالإجماع (3)
فبقيت الأصول، وإيجاب النظر (4) على النبي (صلى الله عليه وآله) لقوله تعالى: (فاعلم أنه لا إله
إلا الله) (5) فالأمة أولى، أو للتأسي (6)، والإجماع (7) على وجوب العلم
بأصول الدين، والتقليد لا يحصله (8) لجواز الكذب، واجتماع النقيضين (9)،
والخروج عن التقليد (10).
ووجوب النظر (11) عندنا عقلي، والاكتفاء بالشهادتين اعتمادا على ما
تشهد به عقولهم، ودين العجائز من كلام سفيان (12)، والنهي للصحابة

(1) في " ف ": الكلام.
(2) انظر: نهاية الأصول: 432.
(3) نظرا إلى عدم الاعتداد بخلاف معلوم النسب، وإلا فالحلبيون من أصحابنا على عدم جواز
التقليد مطلقا، سواء الأصول والفروع.
(4) انظر: نهاية الأصول: 432.
(5) سورة محمد (صلى الله عليه وآله): 19.
(6) يعني إن منعت الأولوية فالتأسي به (صلى الله عليه وآله) واجب على الأمة.
(7) لأن الإجماع واقع على تحريم تقليد غير المحق لما لا يؤمن من ارتكابه الخطأ، وإنما يعلم
المحق من غيره بالنظر والاستدلال، وإذا صار مستدلا امتنع كونه مقلدا.
(8) أي لا يحصل العلم، واستدل عليه بثلاثة وجوه.
(9) أي لو حصل العلم بالتقييد لحصل العلم بحدوث العالم، وقدمه مثلا لمقلد الطائفتين. انظر:
نهاية الأصول: 432.
(10) لأنه إنما يحصل العلم إذا علمنا صدق المقلد بالبناء على المفعول، وعلمنا بصدقه لا يكون إلا
عن دليل، وإذا علم صدقه بالدليل لم يكن العمل بقوله تقليدا، وقد يرى أي جريان مثل هذا
الدليل في التقليد في الفروع بأن يقال: إنما يحصل الظن إذا ظن صدق المقلد وظن صدقه
لا يكون إلا عن دليل. انتهى، فلا تغفل.
(11) هذا شروع في الجواب عن أدلة الخصم، وهذا عما قالوه من لزوم الدور. انظر: نهاية الأصول:
432.
(12) أي ليس حديثا، فلا اعتماد عليه، ولا يخفى أن ما صدر عن تلك العجوز نوع استدلال، فلا حاجة إلى جعله من كلام سفيان، وحكاية دولابها مشهورة.
167

عن (1) الجدال، وعدم النقل والإلزام لوضوح الأمر عندهم (2)، مع قلة
الشبه (3)، وأغمضية ما تطمئن به النفس ممنوعة، بل إنما هي فيما ترد به
الشبهة، والمظنة تجري في المقلد فيتسلسل (4)، أو ينتهي إلى ناظر (5)،
ويلزم المحذور مع زيادة احتمال كذبه، والرجوع إلى المعصوم ليس تقليدا،
والأوقعية (6) في غيره ممنوعة، والسؤال عن بشرية الأنبياء السابقين.
هذه خلاصة أدلة الطرفين، وللبحث في أكثرها مجال، وإلى اشتراط القطع
يرجع الكلام، وإثباته مشكل، وبالله الاعتصام.

(1) في " ج ": من.
(2) لأن العقليات طرقها واضحة، وأذهانهم صافية بخلاف مسائل الفروع فإن طرقها نفسية ظنية
متفاوتة.
(3) في " ج ": الشبهة. وكذا في الموضع الآتي.
(4) لأن المظنة تجري في المقلد الآخر، وهلم جرا.
(5) أي إلى عارف بالنظر والاستدلال.
(6) في " س ": والأفقهية.
168

المنهج الخامس
في الترجيحات
الترجيح: تقديم أمارة على أخرى في العمل بمؤداها (1).
الحاجبي: اقتران الأمارة (2) بما تقوى به على معارضها.
ولا تعارض (3) في قطعيين (4) لاجتماع النقيضين، ولا قطعي وظني (5)،
والترجيح في النقليين (6) إما بالسند أو المتن أو المدلول أو الخارج (7).

(1) انظر: الإحكام للآمدي: 4 / 460، معالم الأصول: 391، نهاية الأصول: 435.
(2) هذا التعريف نقيض النقل عن المعنى اللغوي، وتعريفنا لا يقتضي سوى التخصيص، وهو
أولى من النقل.
(3) المتعارضان دليلان قطعيان متنافيان.
(4) انظر: الإحكام للآمدي: 4 / 462، نهاية الأصول: 436.
(5) فيتعين العمل باليقيني ضرورة استلزامه العلم بكذب الظن المقابل اليقيني اللازم للدليل،
فلا يعتد به.
(6) و (7) انظر: الإحكام للآمدي: 4 / 463.
169

فالسند: بالعلو (1)، وكثرة الرواة (2)، وزيادة الثقة، والفقاهة،
[والعربية،] (3) والفطنة، والورع، والضبط، وكثرة المزكين وأعدليتهم
وأعلميتهم بالرجال، وبالمباشرة، والمشافهة (4)، والقرب (5)، والجزم،
والحفظ (6)، ومخالطة العلماء (7)، والتحمل بالغا (8)، وعدم التباس الاسم
بضعيف (9) [أو مجهول].

(1) أي بكون أحدهما أعلى إسنادا من الآخر، أي أقل مراتب رواة. انظر: الإحكام للآمدي:
4 / 463، نهاية الأصول: 439.
(2) بأن يكون رواة أحدهما أكثر عددا من رواة الآخر، فما رواته أكثر يكون مقدما لقوة الظن، لأن
العدد الأكثر أبعد عن الخطأ من العدد الأقل، لأن كل واحد يفيد ظنا فإذا انضم إلى غيره قوى
حتى ينتهي إلى التواتر المفيد لليقين، وخالف فيه الكرخي كما في الشهادة.
(3) أي زيادة الإحاطة بالعلوم العربية من اللغة والنحو وعلم المعاني.
وقد خص الحاجبي النحو بالذكر من بين العلوم العربية، لأنه أدخل من غيره في الإحاطة
بمعاني الكلام العربي.
وجعل الشارح العضدي زيادة علم الراوي بالنحو من الأوصاف التي يغلب معها ظن
صدقه، وعد منها زيادة الفطنة والضبط أيضا، وفيه انه لا دخل لهذه الأمور في ظن الصدق،
ويمكن الذب عنه بنوع من العناية، فلا تغفل.
(4) فيقدم رواية من باشر القضية على غيره، كما قدموا رواية أبي رافع أن النبي (صلى الله عليه وآله) نكح
ميمونة وهو محل - سنن ابن ماجة: 1 / 632 ب 45 ح 1964، الجامع الصحيح للترمذي:
3 / 200 ح 841 -، على رواية ابن عباس أنه (صلى الله عليه وآله) نكحها وهو محرم - السنن الكبرى للبيهقي:
5 / 66 -.
(5) أي القرب من المعصوم حال تلفظه بالرواية، فالاعتماد على سماعه أكثر.
(6) فالحافظ للحديث عن ظهر القلب مقدم على نقله من الكتاب الذي نقله.
(7) لأن مجالستهم تفيد استعدادا للتفطن والفهم فيكون الظن الحاصل بخبره أقوى من الظن
الحاصل بخبر غيره.
(8) أما الترجيح بالحرية والذكورة فالأكثر لم يعتبروه قياسا على الشهادة، والعلامة في النهاية
يميل إلى اعتباره، وهو غير بعيد.
(9) في " أ ": وعدم الالتباس بضعيف.
170

[فصل]
وأما المتن: فالمسند (1) على المرسل (2)، والمقروء (3) على المسموع، والمسموع
من الأصل (4) على المشتبه، والمؤكد على العاري، والحقيقة على المجاز (5)،
وأقربه (6) على أبعده، وأقله على أكثره، وهو على المشترك، والخاص على العام،
وغير المخصص عليه، والفصيح (7) على غيره لا الأفصح عليه (8)، والمنطوق على
المفهوم، والموافقة (9) على المخالفة، والاقتضاء على الإشارة، ومتضمن التعليل

(1) وقال بعضهم بالعكس أو الثقة، لا لسند القول إلى المعصوم، ويشهد به إلا مع القطع بصدوره
عنه، وأجاب عنه العلامة بأن قول الراوي: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذا، إن كان عن قطع دل على
الحمل، فإن خبر الواحد لا يفيد القطع، فلابد من حمله على معنى سمعت أو رويت،
وأمثالهما. ولا يخفى أن هذا الجواب لا يتمشى إلا فيما علم أنه خبر آحاد لا غير. انظر:
الإحكام للآمدي: 4 / 470، معالم الدين: 392 - 395.
(2) المرسل على نوعين، أحدهما أن يقول راويه: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذا. والثاني أن يقول: عن
رسول الله (صلى الله عليه وآله) كذا، والخلاف في ترجيح المسند على أول نوعي المرسل، أما النوع الثاني
فلم يقل أحد ترجيحه على المسند.
(3) أي بكون روايته بقراءة الشيخ عليه.
(4) أي من المعصوم، كما إذا قال: سمعته (عليه السلام) يقول كذا، وقال الآخر: عنه كذا، أو: قال كذا، فإنه
لا يعلم أنه سمعه من المعصوم.
(5) أي يقدم المتن الذي يفيد الحكم بحقيقته على ما يفيده بمجازه.
(6) أي المجاز الذي هو أقرب إلى الحقيقة.
(7) لا يخفى أن المراد بالفصاحة هنا البلاغة، أعني مطابقة الكلام لمقتضى المقام مع فصاحته،
وإطلاق الفصاحة على البلاغة شائع ذائع، وهو المراد من قولنا: إن القرآن المجيد في أعلى
مراتب الفصاحة، وكتب القوم مشحونة بهذا الإطلاق، وهذا من جملة ما يدل على احتياج
المجتهد إلى علم المعاني.
(8) أي على الفصيح، لأن المتكلم الفصيح لا يحب أن يكون كل كلامه أفصح، بل كثيرا ما
تختلف مراتب فصاحة كلامه، والعلامة في التهذيب رجح الأفصح على الفصيح.
(9) لأن مفهوم الموافقة أقوى.
171

على عديمه، والمنقول بلفظه على ما بمعناه (1)، والعام المخصص على الخاص
المأول.
فصل
وأما المدلول (2) فالتحريم على الإباحة، والإثبات على النفي، وما تضمن درء
الحد على الموجب (3)، والعتق على عدمه (4). وأما الخارج فالمعتضد بغيره (5) على
عديمه، وما عاضده أظهر، ومذكور سبب الورود (6)، وما عمل به الأعلمون (7)،

(1) قال الشيخ - في العدة في أصول الفقه: 1 / 152، باختلاف -: إن كان راوي المعنى معروفا
بالضبط والمعرفة فلا ترجيح. والمحقق - في معارج الأصول: 155 - ارتضى كلام الشيخ،
بخلاف العلامة.
وقال بعض الفضلاء المعاصرين رحمهم الله: العجب من المحقق كيف رضي من الشيخ
بهذا التفصيل، مع أن صحة الرواية مشروطة بالضبط والمعرفة. انتهى.
وظني أن كلامه هذا غير وارد على الشيخ والمحقق، فإن الضبط الذي هو شرط صحة
الرواية معناه أن لا يكون كثير السهو والنسيان، وأما الضبط المشترط في راوي المعنى فمعناه
أن يكون الراوي ضابطا لأحوال ألفاظ العرب التي تختلف باختلافها تأدية المعاني المقصودة،
عارفا بما لابد منه من علم العربية ليعرف ما قصده المعصوم بكلامه، فلا يعبر عنه بما يخل
بتأدية مرامه.
(2) لم يتعرض لترجيح الناقل عن الأصل المقرر، كما ذهب إليه الأكثر، لتعارض أدلة الجانبين،
فالتوقف أسلم، والعلامة وافق الأكثر، والشيخ رجح المقرر. انظر: العدة في أصول الفقه:
1 / 153، نهاية الأصول: 443 - 444.
(3) انظر: نهاية الأصول: 445.
(4) لأنه مؤيد بالأصل، إذ الأصل عدم الرقية.
(5) أي الموافق لدليل آخر. انظر: نهاية الأصول: 445.
(6) على غيره مما عمل به غير الأعلم.
(7) أي ما ذكر فيه سبب ورود النص مرجح على غيره، لأنه يدل على زيادة اهتمامه. انظر: نهاية
الأصول: 446.
172

وما دليل تأويله أرجح، وتتركب المرجحات مثنى (1) وثلاث ورباع فصاعدا،
فاتبع منها (2) الأقوى، والزم ما هو أقرب إلى التقوى (3).
والحمد لله على نعمائه، والصلاة على سيد أنبيائه وأشرف أوليائه (4)
[، محمد خاتم النبيين، صلوات الله وسلامه على خير خلقه وآله أجمعين].
[وفرغ من نقله إلى البياض مؤلفه أقل العباد عملا، وأكثرهم رجاء،]
وأملاه محمد المشتهر ببهاء الدين العاملي، عامله الله [العالي] بلطفه الخفي
والجلي، في ثاني عشر أول شهور السنة الثانية (5) من العشر الثاني بعد الألف.
والحمد لله أولا وآخرا، وظاهرا وباطنا [، وسلم تسليما كثيرا كثيرا].

(1) لم يتعرض لترجيح ما خالف مضمونه العامة على ما وافقهم، كما قال الشيخ - في العدة في
أصول الفقه: 1 / 147، باختلاف، انظر: المحكم في أصول الفقه لمحمد سعيد الحكيم:
6 / 189 -: إذا تساوت الروايتان في العدالة والعدد يعمل بأبعدهما من قول العامة، لأن
الترجيح بمجرد ذلك مشكل.
وقال المحقق - في معارج الأصول: 156 - 157 -: الظاهر أن حجة الشيخ في ذلك رواية
رويت عن الصادق (عليه السلام)، وهو إثبات لمسألة عملية بخبر الواحد، وما يخفى عليك ما فيه. مع
أن المفيد وغيره قد طعنوا في تلك الرواية.
ثم قال: فإن احتج بأن المخالف للعامة لا يحتمل إلا الفتوى، والموافق يحتمل التقية،
قلنا: يجوز الفتوى بما يحتمل التأويل لمصلحة يعلمها الإمام.
فإن قال: فيسد باب العمل بالأحاديث.
قلنا: إنما يصار إلى ذلك عند التعارض لا مطلقا. هذا خلاصة كلام المحقق، وهو بالتأمل
حقيق، والرواية قد ذكرها وإن كانت غير صحيحة السند إلا انها مشهورة بين الأصحاب،
فيمكن الاحتجاج بها إن لم نشترط القطع فيها، كما هو الأظهر.
(2) في " س ": فيها.
(3) في " ف ": أقرب للتقوى.
(4) إلى هنا انتهت نسخة " س ".
(5) في " ج ": الثامنة.
173