الكتاب: تعليقة على معالم الأصول
المؤلف: السيد علي الموسوي القزويني
الجزء: ٣
الوفاة: ١٢٩٨
المجموعة: أصول الفقه عند الشيعة
تحقيق: السيد علي العلوي القزويني
الطبعة: الأولى
سنة الطبع: ١٤٢٢
المطبعة: مؤسسة النشر الإسلامي
الناشر: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
ردمك: ٩٦٤-٤٧٠-٣١٣-٨
ملاحظات:

1043
تعليقة
على
معالم الأصول
تأليف
الفقيه المحقق والأصولي المدقق
العلامة السيد علي الموسوي القزويني قدس سره
تحقيق حفيده
السيد علي العلوي القزويني
الجزء الثالث
- * * * -
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
1

شابك 8 - 313 - 470 - 964
ISBN 964 - 470 - 313 - 8
تعليقة على معالم الأصول
(ج 3)
تأليف: العلامة السيد علي الموسوي القزويني قدس سره
الموضوع: الأصول
تحقيق: السيد علي العلوي القزويني
طبع ونشر: مؤسسة النشر الإسلامي
عدد صفحات: 784
الطبعة: الأولى
المطبوع: 500 نسخة
التاريخ: 1422 ه‍. ق
السعر: 2500 تومانا
مؤسسة النشر الإسلامي
التابعة لجماعة المدرسين بقم المشرفة
2

بسم الله الرحمن الرحيم
المطلب الثاني
في الأوامر والنواهي *
وفيه بحثان:

(1) موضع من عنق الفرس، يضع عليه الفارس يده (منه).
3

البحث الأول
في الأوامر *
4



(1) هود: 97.
(2) القمر: 50.
6



(1) يس: 82.
7



(1) البقرة: 223.
(2) فإن قلت: كيف تدعي الإجماع على عدم كونه أمرا مع أنهم لا يزالون يستدلون به وبنظائره على
استفادة الأمر.
قلت: مفاده أمر ونحن نسلمه، والكلام في أن لفظه لا يسمى أمرا عندهم والمفروض أن الحد يشمله،
فيخرج غير مطرد. (منه).
9



(1) وهو السيد إبراهيم القزويني صاحب ضوابط الأصول (المتوفى 1262 ه‍. ق).
13



(1) الشعراء: 35.
16



(1) ومحصل ذلك الكلام: أن هذا الاستعمال على فرض صحته عند الكل إنما هو لتنزيل المستعلي منزلة
العالي بعد ادعائه العلو فيطلق على طلبه ما هو من خواص المشبه به مجازا، وكذلك إذا أطلق المستعلي
لفظ " الأمر " على طلبه وهو غير عال على فرض صحته، فإن اعتبار تلك العلاقة في النفس أقوى شاهد
على أنه مأخوذ في الموضوع له، فلذا يعتبر في خلافه ليصح الاستعمال.
و يمكن أن يقال أيضا: إن صدق " الأمر " على طلب المستعلي ولو على سبيل الحقيقة مع الغض عما
ذكر لا ينافي ما ذكره المستدل من اعتبار العلو في صدق " الأمر " نظرا إلى دعوى أن العلو أعم من
الحقيقي والادعائي. كما صرح به بعض الفضلاء الموافق لنا في المذهب.
وقد ذكرنا في المتن أن مرجع الاستعلاء إلى دعوى العلو سواء كان من العالي أو غيره، إلا أن
المدعى في الأول مصادف للواقع وفي الثاني غير مصادف له، فلا يثبت بما ذكر مذهب المجيب من نفي
اعتبار العلو في الأمر (منه عفى عنه).
18



(1) الوسائل 1: 355 ب 5 من أبواب السواك، ح 3.
(2) الكافي 5: 485.
21



(1) الفصول: 63.
22



(1) الصواب: المقدمة الاولى، لأن بيان مفهوم " الداعي " قد تقدم في ضمن المعنى الثالث من معاني الإرادة
في تلك المقدمة.
26



(1) ومحصله: أن العلم في تعلقه بمعلومه تابع لوقوع المعلوم أو كونه في معرض الوقوع لا أنه مؤثر فيه، و
شبهة استحالة الإيمان نشأت من فرض تعلق علمه تعالى بعدم الايمان كما أنها أيضا تنشأ من فرض
وقوع نقيضه وهو عدم الإيمان في المحل، إذ لا فرق في الاستحالة بين تعلق علمه تعالى بعدم الإيمان
وبين المعلوم وهو نفس عدم الإيمان، فإن الإيمان مستحيل على كلا الفرضين.
لكن لما كان العلم تابعا للمعلوم تبين عدم دخل لعلمه تعالى في تلك الاستحالة، لاستنادها حينئذ
إلى وقوع نفس المعلوم، بناء على التمانع بين الأضداد الوجودية أو [لعدم قابلية المحل باشتماله على
الشاغل].
وهذا كما ترى لا يجدي نفعا في حسم مادة الاستدلال لبقاء مجال السؤال بنحو ما تقدم.
نعم لو قدر التوجيه بأنه لما كان العلم تابعا للمعلوم وهو تابع للإرادة الاختيارية تبين عدم دخل
علمه تعالى في تلك الاستحالة، وعدم كونها مانعة عن تعلق الإرادة ولا عن صحة التكليف، لاندفع
السؤال أيضا لكن لا خفاء في قصور العبارة عن إفادة ذلك.
28



(1) إشارة إلى القياس الذي يرتب لإثبات ما رامه المستدل من استحالة وقوع الإيمان من الكافر، وهو أن
يقال: إن الإيمان من الكافر ما علم الله تعالى بعدم وقوعه، وكلما كان كذلك يستحيل وقوعه، فالإيمان من
الكافر مستحيل وقوعه (منه عفي عنه).
(2) والمراد بالشرطية ما يستفاد من قولنا: " القادر من لو شاء فعل ولو شاء ترك " وهذه القضية صادقة على
الكافر وإن كذبت مقدمها لأنه لا يشاء الإيمان فلا يكون قادرا على إيقاعه (منه عفي عنه).
(3) هداية المسترشدين 1: 584.
31



(1) الأنعام: 72.
(2) فصلت: 40.
37



(1) ووجه ذلك يظهر فيما لو قال المتكلم بعد قوله: " رأيت أسدا " - مثلا - بأنى أردت من " الأسد " الحيوان
المفترس، أو يقول: " يفترس " قيدا للأسد، فإن هذا اللفظ أيضا موضوع بإزاء معناه والمفروض أن دلالته
على هذا المعنى موقوفة على العلم بالإرادة في الواقع ونفس الأمر، فهذا العلم أيضا إن كان من دلالة هذا
اللفظ لزم الدور وإلا فالتسلسل أو الدور أيضا وهكذا (منه عفي عنه).
(2) كذا في الأصل.
(3) هداية المسترشدين 1: 590.
39



(1) في الأصل: " ونفسها " والصواب ما أثبتناه.
41



(1) الواقعة: 79.
(2) البقرة: 233.
(3) البقرة: 228.
43



(1) النور: 63.
(2) الأعراف: 12.
(3) إشارات الأصول للكلباسي: ص 40.
44

أصل
صيغة «افعل» *
46

وما في معناها *

(1) آل عمران: 97.
(2) البقرة: 228.
48



(1) آل عمران: 97.
49



(1) إبراهيم: 4.
50

حقيقة في الوجوب فقط بحسب اللغة على الأقوى *

(1) وهما الشيخ محمد تقي صاحب هداية المسترشدين وأخيه الشيخ محمد حسين الإصفهاني
صاحب الفصول رحمهما الله تعالى، راجع هداية المسترشدين 1: 603 والفصول الغروية: 69.
51



(1) واعلم أن الوجوب في اللغة - على ما في النهاية - هو السقوط، يقال: " وجبت الشمس والحائط " أي
سقطا، والثبوت والاستقرار، وأما في العرف الشرعي فعند المعتزلة أن الواجب: " ما يستحق تاركه الذم،
أو ما يكون على صفة باعتبارها يستحق فاعله المدح وتاركه الذم، أو ما يكون تركه في جميع وقته سببا
للذم " وأما الأشاعرة فقد رسمه القاضي أبو بكر بأنه: " ما يذم تاركه شرعا على بعض الوجوه " فقولنا:
" يذم " خير من قولنا: " يعاقب " لأن الله تعالى قد يعفو عن العقاب ولا يقدح ذلك في وجوب الفعل ومن
قولنا: " يتوعد بالعقاب على تركه " لأن الخلف في خبر الله تعالى محال فكان ينتفي العفو، ومن قولنا:
" ما يخاف العقاب على تركه " فإن المشكوك في وجوبه وحرمته يخاف من العقاب على تركه مع أنه غير
واجب، وقولنا: " شرعا " ليخرج منه الواجب على مذهب من يوجب الأحكام عقلا وقولنا: " على بعض
الوجوه " ليدخل فيه المخير فإنه يلام على تركه إذا ترك معه بدله، والموسع لأ نه يذم إذا أخل به في جميع
الوقت، والواجب على الكفاية لأ نه يذم إذا أخل به الجميع (منه).
52



(1) كذا في الأصل، ولكن ينبغي أن تكون العبارة هكذا: " كون المراد هاهنا هو المعنى الأول دون الثاني "
نظرا إلى السياق.
(2) الإسراء: 64.
(3) فصلت: 40.
(4) المائدة: 2.
(5) الجمعة: 10.
55

وفاقا لجمهور الأصوليين *

(1) البقرة: 237.
(2) البقرة: 197.
58

وقال قوم: إنها حقيقة في الندب فقط *. وقيل: في الطلب، وهو قدر المشترك بين الوجوب والندب * *

(1) البقرة: 282.
59



(1) النساء: 59.
(2) آل عمران: 102.
(3) آل عمران: 31.
(4) الحجر: 99.
61

وقال علم الهدى (رضي الله عنه): إنها مشتركة بين الوجوب والندب اشتراكا لفظيا * في
اللغة، وأما في العرف الشرعي فهي حقيقة في الوجوب فقط. وتوقف في ذلك
قوم فلم يدروا، للوجوب هي أم للندب * *. وقيل: هي مشتركة بين ثلاثة أشياء:
الوجوب، والندب، والإباحة * * *. وقيل: هي للقدر المشترك بين هذه

(1) الذريعة إلى أصول الشريعة 1: 38.
(2) البقرة: 43.
(3) المائدة: 2.
(4) الجمعة: 10.
62

الثلاثة وهو الإذن. وزعم قوم: أنها مشتركة بين أربعة أمور *، وهي الثلاثة
السابقة، والتهديد وقيل فيها أشياء أخر * *، لكنها شديدة الشذوذ، بينة الوهن،
فلا جدوى في التعرض لنقلها.

(1) وهي على ما ضبطها السيد في المنية خمسة عشر معان:
الأول: الإيجاب كقوله تعالى: (أقيموا الصلاة).
الثاني: الندب كقوله: (وكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا).
الثالث: الارشاد كقوله تعالى: (وأشهدوا إذا تبايعتم). وهذه الثلاثة مشتركة في طلب تحصيل
المنفعة إلا أن المصلحة في الأولين أخروية وفي الثالث دنيوية، إذ الثواب لا ينقص ولا يزداد بالإشهاد
ولا بعدمه.
الرابع: التهديد كقوله تعالى: (اعملوا ما شئتم).
الخامس: الإهانة كقوله تعالى: (ذق إنك أنت العزيز الكريم).
السادس: الدعاء مثل (رب اغفر).
السابع: الإباحة كقوله تعالى: (وإذا حللتم فاصطادوا).
الثامن: الامتنان كقوله تعالى: (كلوا مما رزقكم).
التاسع: الإكرام كقوله تعالى: (فادخلوها بسلام آمنين).
العاشر: التسخير كقوله: (كونوا قردة خاسئين).
الحادي عشر: التعجيز كقوله تعالى: (فأتوا بسورة من مثله).
الثاني عشر: التسوية نحو (فاصبر أو لا تصبر).
الثالث عشر: التمني نحو " ألا يا أيها الليل الطويل ألا انجلي ".
الرابع عشر: الاحتقار نحو (بل ألقوا ما أنتم ملقون).
الخامس عشر: التكوين نحو (كن فيكون) (منه عفى عنه).
63

(لنا وجوه، الأول: أنا نقطع بأن السيد إذا قال لعبده: " افعل كذا " فلم
يفعل عد عاصيا وذمه العقلاء) *
64

معللين حسن ذمه بمجرد ترك الامتثال *، وهو معنى الوجوب.
لا يقال: القرائن على إرادة الوجوب في مثله موجودة غالبا * *، فلعله إنما
يفهم منها، لا من مجرد الأمر.

(1) هداية المسترشدين 1: 610.
67

لأنا نقول: المفروض فيما ذكرناه انتفاء القرائن، فليقدر كذلك، لو كانت
في الواقع موجودة. فالوجدان يشهد ببقاء الذم حينئذ عرفا. وبضميمة
أصالة عدم النقل إلى ذلك يتم المطلوب *.
70

(الثاني: قوله تعالى مخاطبا لإبليس (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) (1)) *.

(1) الأعراف: 12.
72

(والمراد بالأمر " اسجدوا " في قوله تعالى: (وإذ قلنا للملائكة اسجدوا لآدم فسجدوا إلا إبليس) (1))؛ *

(1) الأعراف: 11.
73



(1) وهو المدقق الشيرواني (رحمه الله) في حاشيته المتعلقة بالمقام - المعالم: 40.
74

فان هذا الاستفهام ليس على حقيقته *، لعلمه سبحانه بالمانع، وإنما هو في
معرض الانكار والاعتراض، ولولا أن صيغة " اسجدوا " للوجوب لما كان
متوجها.

(1) الأعراف: 12.
75



(1) ص: 75.
76



(1) البقرة: 34.
77



(1 و 3) ص: 75.
(2) الأعراف: 13.
78



(1) الكهف: 50.
(2) الأعراف: 12.
(3) الأعراف: 13.
(4) الحجر: 33.
(5) الحجر: 34 - 35.
(6) ص: 75.
(7) ص: 76 - 77.
(8) البقرة: 34.
(9) ومن الآيات الشاهدة ببعض ما ذكر قوله تعالى في سورة بنى إسرائيل) وإذ قلنا للملائكة اسجدوا
لآدم فسجدوا إلا إبليس قال أأسجد لمن خلقت طينا ((منه).
79



(1) وجهه: أن ما يقتضيه حكمة الحكيم إنما هو نقل المطلب بعبارة وافية بتمامه، سواء وقع التعبير بلفظ
حقيقي أو مجازي، وسواء حصلت الموافقة بين المعبر والمعبر عنه أو لم يحصل. (منه).
80



(1) الحجر: 33.
82

(الثالث: قوله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم
فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) (1)) *،

(1) النور: 63.
(2) في الأصل: " استفادة " والصواب ما أثبتناه في المتن.
83

(حيث هدد سبحانه مخالف الأمر، والتهديد دليل الوجوب) *.

(1) النساء: 59.
84



(1) كذا في الأصل.
85

فان قيل: الآية إنما دلت على أن مخالف الأمر مأمور بالحذر *، ولا دلالة
في ذلك على وجوبه إلا بتقدير كون الأمر للوجوب، وهو عين المتنازع فيه.

(1) البقرة: 23.
(2) ولا يخفى أن الأجوبة المشار إليها مذكورة في كلام سلطان العلماء، كما أن أصل المناقشة مذكورة في
كلامه وكلام ابن المصنف، مع الأول من الأجوبة ورده (منه).
86

(قلنا: هذا الأمر للإيجاب والإلزام قطعا إذ لا معنى لندب الحذر وإباحته) *.
87

ومع التنزل، فلا أقل من دلالته على حسن الحذر حينئذ ولا ريب أنه إنما
يحسن عند قيام المقتضى للعذاب; إذ لو لم يوجد المقتضي، لكان الحذر عنه
سفها وعبثا. وذلك محال على الله سبحانه. وإذا ثبت وجود المقتضي، ثبت أن
الامر للوجوب، لأن المقتضي للعذاب هو مخالفة الواجب، لا المندوب.
88



(1) أي ولا يجب الحذر لو كان عدم المقتضي للحذر مظنونا.
(2) مستدرك الوسائل 1: 402، الباب 36 من أبواب آداب الحمام، ح 2.
89

فان قيل: هذا الاستدلال مبني * على أن المراد بمخالفة الأمر ترك المأمور به،
وليس كذلك. بل المراد بها حمله على ما يخالفه بأن يكون للوجوب أو
الندب، فيحمل على غيره.
90

قلنا: المتبادر إلى الفهم من المخالفة هو ترك الامتثال والاتيان بالمأمور
به. وأما المعنى الذي ذكرتموه فبعيد عن الفهم، غير متبادر عند إطلاق
اللفظ; فلا يصار إليه إلا بدليل. وكأنها في الآية اعتبرت متضمنة معنى
الإعراض، فعديت ب‍ " عن " *.

(1) النور: 63.
91



(1) النساء: 2.
92

فان قيل: قوله في الآية: " عن أمره "، مطلق فلا يعم *، والمدعى إفادته
الوجوب في جميع الأوامر بطريق العموم.
93

قلنا: إضافة المصدر عند عدم العهد للعموم، مثل " ضرب زيد " و " أكل
عمرو ". وآية ذلك جواز الاستثناء منه، فإنه يصح أن يقال في الآية: فليحذر
الذين يخالفون عن أمره إلا الأمر الفلاني. على أن الاطلاق كاف في
المطلوب; إذ لو كان حقيقة في غير الوجوب أيضا، لم يحسن الذم والوعيد
والتهديد على مخالفة مطلق الأمر.
الرابع: قوله تعالى: " وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون " (1); فإنه سبحانه ذمهم
على مخالفتهم للأمر، ولولا أنه للوجوب لم يتوجه الذم *.

(1) المرسلات: 48.
[2] أضفناه لاستقامة العبارة.
96



(1) فلابد من ذكر القرينة معها في الآية ليفيدهم أنها حين توجهها إلى المذمومين كانت مقرونة بتلك
القرينة لينقطع به جميع طرق الاعتذار والتشبث بما يأخذونه من الأعذار. (منه عفي عنه).
(2) المدثر: 42.
(3) المدثر: 43.
98



(1) المدثر: 44. أي لم نكن نرد الحقوق الواجبة علينا من أصل الشرع (منه).
(2) المدثر: 45. أي كنا نسرع إلى الباطل ونغوي مع الغاوين، والخوض أصله دخول القدم في مايع كالماء
(3) المدثر: 46.
99

وقد اعترض أولا بمنع كون الذم على ترك المأمور به *، بل على تكذيب
الرسل في التبليغ، بدليل قوله تعالى: " ويل يومئذ للمكذبين ".
وثانيا: بأن الصيغة تفيد الوجوب عند انضمام القرينة إليها إجماعا، فلعل
الأمر بالركوع كان مقترنا بما يقتضي كونه للوجوب.
وأجيب عن الأول: بأن المكذبين إما أن يكونوا هم الذين لم يركعوا عقيب
أمرهم به * *، أو غيرهم. فان كان الأول، جاز أن يستحقوا الذم بترك الركوع،

(1) المرسلات: 49.
100

والويل بواسطة التكذيب، فان الكفار عندنا معاقبون على الفروع كعقابهم على
الأصول; وإن كانوا غيرهم لم يكن اثبات الويل لقوم بسبب تكذيبهم منافيا
لذم قوم بتركهم ما أمروا به.
وعن الثاني: بأنه تعالى رتب الذم على مجرد مخالفة الأمر *، فدل على أن
الاعتبار به، لا بالقرينة.

(1) وفي كلام القوم استناد الصغرى إلى مجرد الآيات وإنما أعرضنا عن تلك الطريقة لتوجه المنع إلى كون
مطلق ترك المأمور به عصيانا، على أن الآيات المذكورة في المتن لا يقضي بأزيد من الاستعمال وهو
جنس عام فلا يلازم الحقيقة كما لا يخفى. (منه عفي عنه).
(2) طه: 92.
(3) الكهف: 69.
(4) التحريم: 6.
(5) الجن: 23.
101



(1) الأنفال: 24.
104



(1) وجه التأمل: أن الفحص الذي يوجبه القوم في العمل بالتبادر ونحوه، إنما هو لتحقيق وصف التبادر
على طريق العلم أو الظن لا لتحقيق أصله، فلعل الظن بالتبادر كاف عندهم وفيه إشكال واضح (منه عفى
عنه).
105



(1) أي ولو سلم العموم في محل الخلاف بجعله أعم من الوجوب الظاهري والواقعي. (منه).
107

واحتج القائلون بأنه للندب بوجهين:
أحدهما قوله (صلى الله عليه وآله): " إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " *. وجه
الدلالة: أنه يرد الإتيان بالمأمور به إلى مشيتنا وهو معنى الندب * *.
109



(1) ولا يخفى أن في قوله: " فإذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم " احتمالات كثيرة جدا متجاوزة عن
ألف وخمسمائة، إذ الأمر في قوله: " أمرتكم " يحتمل أن يراد منه الطلب الحتمي أو الندبي أو الطلب
المطلق أو الصيغة الدالة على الطلب الحتمي أو الندبي أو المطلق، وعلى جميع التقادير فالمراد ب‍ " إذا " إما
العموم أو الإهمال، وعلى جميع التقادير فالمراد ب‍ " الشيء " إما كلي له أفراد أو كل له أجزاء أو أعم منهما،
و على جميع التقادير فالمراد بقوله: " فأتوا " إما الوجوب أو الندب أو الإرشاد أو الإباحة، وعلى جميع
التقادير فالجار إما ابتدائية أو تبعيضية، وعلى جميع التقادير فلفظة " ما " إما مصدرية أو موصولة أو
موصوفة، وعلى جميع التقادير فالمراد " بالاستطاعة " إما القدرة أو المشية، وأنت بعد التأمل واستخراج
الصور تعرف مفاد كل احتمال وصحته وسقمه (منه عفي عنه).
110



(1) وجهه: أن هذا الأمر لا يكون للندب إلا على تقدير كون مطلق الأمر للندب، فلو توقف ذلك على كون
ذلك للندب كما هو مناط الاستدلال لزم الدور. (منه).
111

وأجيب بالمنع من رده إلى مشيتنا *، وإنما رده إلى استطاعتنا، وهو معنى
الوجوب * *.
112

وثانيهما: أن أهل اللغة قالوا: لا فارق بين السؤال والأمر إلا بالرتبة *; فان رتبة
الآمر أعلى من رتبة السائل; والسؤال إنما يدل على الندب; فكذلك الأمر، إذ
لو دل الأمر على الايجاب لكان بينهما فرق آخر. وهو خلاف ما نقلوه.
وأجيب: بأن القائل بكون الأمر للإيجاب يقول: بأن السؤال يدل عليه
أيضا * *؛ لأن صيغة " افعل " عنده موضوعة لطلب الفعل مع المنع من
113

الترك *، وقد استعملها السائل فيه. لكنه لا يلزم منه الوجوب; إذ الوجوب إنما
يثبت بالشرع * *، ولذلك لا يلزم المسؤول القبول. وفيه نظر * * *.
114

والتحقيق: أن النقل المذكور عن أهل اللغة غير ثابت *، بل صرح بعضهم بعدم
صحته.
117

حجة القائلين بأنه للقدر المشترك: أن الصيغة * استعملت تارة في
الوجوب، كقوله تعالى: " أقيموا الصلاة "، وأخرى في الندب، كقوله:
" فكاتبوهم "، فان كانت موضوعة لكل منهما لزم الاشتراك. أو لأحدهما فقط
لزم المجاز; فيكون حقيقة في القدر المشترك بينهما، وهو طلب الفعل، دفعا
للاشتراك والمجاز.
والجواب: أن المجاز، وإن كان مخالفا للأصل، لكن يجب المصير إليه
إذا دل الدليل عليه * *. وقد بينا بالأدلة السابقة أنه حقيقة في الوجوب
بخصوصه; فلابد من كونه مجازا فيما عداه، وإلا لزم الاشتراك المخالف
للأصل المرجوح
118

بالنسبة إلى المجاز، إذا تعارضا، على أن المجاز لازم
بتقدير وضعه للقدر المشترك أيضا; لأن استعماله في كل واحد من
المعنيين بخصوصه مجاز، حيث لم يوضع له اللفظ بقيد الخصوصية * *،
فيكون استعماله فيه معها استعمالا في غير ما وضع له. فالمجاز لازم في غير
صورة الاشتراك، سواء جعل حقيقة ومجازا، أو للقدر المشترك. ومع ذلك
فالتجوز اللازم بتقدير الحقيقة والمجاز أقل منه بتقدير القدر المشترك; لأنه
في الأول مختص بأحد المعنيين، وفي الثاني حاصل فيهما.

(1) أضفناه لاستقامة العبارة.
119



(1) وفي عبارة بعض الأفاضل: أن المصنف ذكر ذلك الوجه جوابا عن إشكال أورده على المجازية على
هذا التقدير، وهو أن الفرد المراد من اللفظ حينئذ عين الطبيعة الموضوع لها، فكيف يصير الاستعمال فيه
مجازا، فأجاب عنه بما ذكر في المتن، وأما ما نقلناه في المتن من تضمنه للإشكال المذكور فهو على ما
حكاه عنه ابنه كما أشرنا إليه (منه عفي عنه).
120



(1) المورد هو الفاضل المدقق الشيرواني.
(2) نعم يصير الاتحاد على القول بنفي الكلي الطبيعي بين الفرد والماهية مجازيا، كما في سائر العرضيات
وهو لا يستلزم كون الاستعمال في الفرد مجازا، لما عرفت أن استعمال اللفظ الموضوع بإزاء الماهية في
الفرد من حيث اتحاد معناه تعليق الحكم على الكلي، بحيث يسري إلى الفرد ويكون المقصود في
الضمير هو إثبات الحكم للفرد لا أن المقصود من اللفظ وما استعمل فيه هو الخاص، ولا مجال للمنازعة
في سراية الحكم المعلق بالطبيعة إلى الأفراد لو كان اتحادهما مجازيا انتهى.
هذه عبارته نقلناها بعد ما عثرنا عليها (منه). - لاحظ حاشية المدقق الشيرواني - المعالم: 45.
121



(1) والحاصل: أن الواضع فإما أن يتصور الطلب الحتمي عنوانا، فخصوصياته المندرجة تحته الطلبات
الحتمية الصادرة عن آحاد المتكلمين الموضوع لها على القول بكونها للوجوب، أو يتصور الطلب الغير
الحتمي فخصوصياته حينئذ المندرجة تحته الطلبات الغير الحتمية الصادرة عن آحاد المتكلمين فيكون
هي الموضوع لها على القول بالندب، أو يتصور الطلب بدون ملاحظة القيدين فخصوصياته حينئذ هو
الطلبات المطلقة المضافة إلى المتكلمين لا الطلبات الحتمية وغيرها. (منه).
123

وربما توهم تساويهما *، باعتبار أن استعماله في القدر المشترك على الأول
مجاز، فيكون مقابلا لاستعماله في المعنى الآخر على الثاني، فيتساويان.

(1) إشارة إلى اندفاع الإيراد المذكور بما حققناه، كاندفاع التنافي المتوهم عن كلامه والتدافع الموهوم عن
كلام المستدل على تقديريه. (منه).
124

وليس كما توهم، لأن الاستعمال في القدر المشترك، إن وقع، فعلى غاية
الندرة والشذوذ، فأين هو من اشتهار الاستعمال في كل من المعنيين وانتشاره.
وإذا ثبت أن التجوز اللازم على التقدير الأول أقل، كان بالترجيح - لو لم
يقم عليه الدليل - أحق.
125

احتج السيد المرتضى (رضي الله عنه) على أنها مشتركة لغة بأنه لا شبهة في استعمال
صيغة الأمر في الايجاب والندب معا في اللغة، والتعارف، والقرآن، والسنة،
وظاهر الاستعمال يقتضي الحقيقة *، وإنما يعدل عنها بدليل.
قال: " وما استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين أو الأشياء إلا كاستعمالها
في الشيء الواحد في الدلالة على الحقيقة ".
واحتج على كونها حقيقة في الوجوب بالنسبة إلى العرف الشرعي * *:
126

بحمل الصحابة كل أمر ورد في القرآن أو السنة على الوجوب، وكان يناظر
بعضهم بعضا في مسائل مختلفة، ومتى أورد أحدهم على صاحبه أمرا من
الله سبحانه أو من رسوله (صلى الله عليه وآله)، لم يقل صاحبه هذا أمر، والأمر يقتضي
الندب، أو الوقف بين الوجوب والندب، بل اكتفوا في اللزوم والوجوب
بالظاهر. وهذا معلوم ضرورة من عاداتهم ومعلوم أيضا: أن ذلك من شأن
التابعين لهم، وتابعي التابعين. فطال ما اختلفوا وتناظروا، فلم يخرجوا عن
القانون الذي ذكرناه. وهذا يدل على قيام الحجة عليهم بذلك حتى
جرت عادتهم، وخرجوا عما يقتضيه مجرد وضع اللغة في هذا الباب.
قال (رحمه الله): " وأما أصحابنا، معشر الإمامية، فلا يختلفون في هذا الحكم
الذي ذكرناه، وإن اختلفوا في أحكام هذه الألفاظ في موضوع اللغة، ولم
يحملوا قط ظواهر هذه الألفاظ إلا على ما بيناه، ولم يتوقفوا على الأدلة. وقد
بينا في مواضع من كتبنا: أن إجماع أصحابنا حجة ".
127

والجواب عن احتجاجه الأول: أنا قد بينا أن الوجوب هو المتبادر من
إطلاق الأمر عرفا، ثم إن مجرد استعمالها في الندب لا يقتضي كونه حقيقة
أيضا، بل يكون مجازا; لوجود أماراته، وكونه خيرا من الاشتراك، وقوله: " إن
استعمال اللفظة الواحدة في الشيئين أو الأشياء كاستعمالها في الشيء
الواحد في الدلالة على الحقيقة "، إنما يصح إذا تساوت نسبة اللفظة إلى
الشيئين أو الأشياء في الاستعمال، أما مع التفاوت بالتبادر وعدمه أو بما
أشبه هذا من علامات الحقيقة والمجاز، فلا. وقد بينا ثبوت التفاوت.
128

وأما احتجاجه على أنه في العرف الشرعي للوجوب، فيحقق ما ادعيناه،
إذ الظاهر أن حملهم له على الوجوب إنما هو لكونه له لغة، ولأن
تخصيص ذلك بعرفهم يستدعي تغيير اللفظ عن موضوعه اللغوي، وهو
مخالف للأصل. هذا، ولا يذهب عليك أن ما ادعاه في أول الحجة،] من [
استعمال الصيغة للوجوب والندب في القرآن والسنة، مناف لما ذكره من
حمل الصحابة كل امر ورد في القرآن أو السنة على الوجوب، فتأمل!.
احتج الذاهبون إلى التوقف: بأنه لو ثبت كونه موضوعا لشيء من
المعاني، لثبت بدليل، واللازم منتف; لأن الدليل إما العقل، ولا مدخل له،
وإما النقل، وهو إما الآحاد، ولا يفيد العلم، أو التواتر، والعادة تقتضي
بامتناع عدم الاطلاع على التواتر ممن يبحث ويجتهد في الطلب. فكان
الواجب أن لا يختلف فيه.
129

والجواب: منع الحصر *; فان ههنا قسما آخر، وهو ثبوته بالأدلة التي
قدمناها، ومرجعها إلى تتبع مظان استعمال اللفظ والأمارات الدالة على
المقصود به عند الاطلاق.
حجة من قال بالاشتراك بين ثلاثة أشياء: استعماله فيها، على حذو ما
سبق في احتجاج السيد (رحمه الله) على الاشتراك بين الشيئين. والجواب، الجواب.
وحجة القائل بأنه للقدر المشترك بين الثلاثة وهو الإذن، كحجة من قال
بأنه لمطلق الطلب: وهو القدر المشترك بين الوجوب والندب. وجوابها
كجوابها.
واحتج من زعم أنها مشتركة بين الأمور الأربعة بنحو ما تقدم في
احتجاج من قال بالاشتراك، وجوابه مثل جوابه.
فائدة
يستفاد من تضاعيف أحاديثنا المروية عن الأئمة (عليهم السلام) * *: أن استعمال

(1) المجيب هو السلطان (منه).
130

صيغة الأمر في الندب كان شايعا في عرفهم، بحيث صار من المجازات الراجحة
المساوي احتمالها من اللفظ لاحتمال الحقيقة عند انتفاء المرجح الخارجي؛
فيشكل التعلق في إثبات وجوب أمر بمجرد ورود الأمر به منهم (عليهم السلام).

(1) هذا مستفاد من كلام الشيرواني.
(2) والظاهر وقوع سقط في هذه العبارة فلابد من النظر في نسخة أخرى من نسخ هداية المسترشدين.
(منه).
أقول: الساقط من نسخة المؤلف (قدس سره) ما يلي: لا يقضي بمساواة المجاز للحقيقة أو ترجيحه عليها ولو
بملاحظة تلك الشهرة، فكيف يحصل المجاز المشهور أو النقل على الوجه المذكور؟
131



(1) أي عن دعوى المصنف (رحمه الله).
(2) هكذا عقيب تلك العبارة في هداية المسترشدين: " بل لم نجد ذلك في كلام أحد ممن تقدم على
المصنف، ولو تحققت الغلبة المذكورة لكان أولئك أولى بمعرفتها. فاتفاقهم على حملها على الوجوب
كاشف عن فساد تلك الدعوى، بل في بعض الأخبار الواردة عنهم (عليهم السلام) دلالة على خلاف ذلك حسب ما
مرت الإشارة إليه " ولعل المصنف (رحمه الله) أسقطها تلخيصا والله العالم.
132



(1) البقرة: 228.
134



(1) التوبة: 5.
(2) المائدة: 2.
137



(1) والتقييد بذلك إشارة إلى كونه مبنيا على القول بكون العام المخصص مجازا في الباقي، فتأمل. (منه).
138



(1) الوسائل، الباب 3 من أبواب الماء المطلق، ح 4 (مع اختلاف يسير في العبارة).
139



(1) التوبة: 5.
(2) المائدة: 2.
(3) البقرة: 222.
(4) الجمعة: 10.
144



(1) والمراد بأول الثانيين بعض الأعاظم، وبثانيهما ثاني الاحتمالات، وهو احتمال كون المراد بالنهي مجرد
رفع الوجوب اعتمادا على القرينة المذكورة.
والمراد بأول الأولين البحث المتقدم في الأمر المتعقب للحظر، حيث اختار فيه القول
بإرادة رفع الحظر في الأمر المتعقب له، وبثانيهما صاحب الهداية لأنه لم يصرح بأن له مختارا في ذلك
(منه عفي عنه).
148



(1) في الأصل: كما في كبضه.
150



(1) وربما يقرر الدليل: بأنه لو كان كذلك لزم تكليف الصبيان والتالي باطل إجماعا ولقوله (صلى الله عليه وآله): " رفع القلم
عن ثلاثة، عن الصبي حتى يبلغ، وعن النائم حتى يستيقظ وعن المجنون حتى يفيق " فالمقدم مثله.
بيان الملازمة: إن النبي (صلى الله عليه وآله) أمر البالغين أن يأمروا الصبيان بالصلاة بقوله: " مروهم بالصلاة وهم أبناء
سبع ".
وأجاب عنه بعض الأجلة: بأن الممتنع هو تعلق التكليف على سبيل الوجوب بالصبيان لا مطلقا، بل
يمكن كونهم مأمورين بشئ على سبيل الاستحباب، وما نحن فيه من هذا القبيل، فإن الأمر المتوجه إلى البالغين هو الأمر الاستحبابي لا الوجوبي ولا محذور في تعلقه بالصبيان، بل التحقيق أنه ليس بتكليف حقيقة.
فمحصل الجواب: منع الملازمة إن أريد من التكليف الوجوبي، ومنع بطلان التالي إن أريد الأعم،
سلمنا الامتناع مطلقا لكن عدم البلوغ هنا مانع من التعلق، ومن عدم تعلقه بالمأمور الثاني في محل
خاص لسبب المانع لا يلزم عدم تعلقه مطلقا وإن لم يكن هناك مانع.
واستدلوا أيضا: بأنه يلزم على هذا التقدير صحة كون الشخص آمرا لنفسه إذا أمر غيره أن يأمره
بفعل، والتالي باطل والملازمة ظاهرة.
وأجاب عنه بعض الأجلة: بأن المقصود - بعد تسليم الاستحالة - التذكر لا الأمر غالبا، والإرشاد إلى
بعض المصالح المتعلقة بالمأمور توطئة أحيانا، على أن عدم التعلق في محل لمانع - وهو هنا استحالة
كون الشخص آمرا لنفسه - لا يقدح في إثبات القاعدة كما مر (منه).
152



(1) المائدة: 67.
(2) هكذا كانت العبارة في الإشارات: " فلذا نقول في أوامر النبي والأئمة (عليهم السلام) والأولياء ونحوه.... الخ ".
154



(1) المائدة: 67.
155

أصل
الحق أن صيغة الأمر بمجردها، لا إشعار فيها بوحدة ولا تكرار *،
157

وإنما تدل على طلب الماهية *.
158

وخالف في ذلك قوم فقالوا: بإفادتها التكرار *، ونزلوها منزلة
أن يقال: " إفعل أبدا "، وآخرون فجعلوها للمرة من غير زيادة عليها * *،
159

وتوقف في ذلك جماعة فلم يدروا لأيهما هي *.
161



(1) المستظهر هو سلطان العلماء (منه).
162



(1) والمورد بعض الفضلاء (منه) - وهو صاحب الفصول رحمة الله عليه.
(2) المورد هو الشيخ محمد تقي (منه) - صاحب هداية المسترشدين.
169



(1) والمراد منه هو صاحب الضوابط (قدس سره).
170



(1) عطف على قوله: " لكنه يبعد الأول " الخ.
171



(1) واعلم أن الصور المتصورة في المقام يرتقي إلى ثمانية وسبعين، إذ المرة لها احتمالات خمس كما
تقدم، وعلى جميع التقادير فالمراد بها إما الفرد أو الدفعة، والحاصل من ضرب الاثنين في الخمسة
عشرة، والتكرار له احتمالان فيحصل بانضمامهما إلى العشرة مع انضمام الماهية إليها ثلاثة عشرة،
ومضروب كل منها في آخر بعد اسقاط المكررات ما ذكر من العدد. وطريقه ملاحظة الماهية مع الاثني
عشر الباقي، ثم أحد احتمالي التكرار بعد إسقاط الماهية مع الأحد عشر الباقي، ثم الاحتمال الآخر بعد
إسقاط الاحتمال الأول مع العشرة الباقي، وهكذا إلى آخر المراتب، وضابطه جمع الآحاد المترتبة من
الواحد إلى اثني عشر فيرتقي المجموع إلى ما ذكر كما لا يخفى. (منه عفي عنه).
178

لنا: أن المتبادر من الأمر طلب إيجاد حقيقة الفعل *،

(1) القائل هو المدقق الشيرواني (منه).
182

والمرة والتكرار خارجان عن حقيقته، كالزمان والمكان ونحوهما *. فكما أن
قول القائل: " اضرب " غير متناول لمكان ولا زمان ولا آلة يقع بها الضرب،
كذلك غير متناول للعدد في كثرة ولا قلة.

(1) حاشية ملا ميرزا الشيرواني (منه).
183

نعم لما كان أقل ما يمتثل به الأمر هو المرة، لم يكن بد من كونها مرادة *،
ويحصل بها الامتثال، لصدق الحقيقة التي هي المطلوبة بالأمر بها.
185

وبتقرير آخر *: وهو أنا نقطع بأن المرة والتكرار من صفات الفعل * *،
186

أعني المصدر، كالقليل والكثير؛ لأنك تقول: اضرب ضربا قليلا، أو كثيرا، أو مكررا،
أو غير مكرر، فتقيده بالصفات المختلفة *. ومن المعلوم أن الموصوف بالصفات
المتقابلة لا دلالة له على خصوصية شيء منها * *.
187

ثم إنه لا خفاء في أنه ليس المفهوم من الأمر إلا طلب إيجاد الفعل * أعني

(1) في الأصل: " عنها " والصواب ما أثبتناه كما يقتضيه السياق.
188

المعنى المصدري؛ فيكون معنى " اضرب " مثلا طلب ضرب ما *، فلا يدل
على صفة الضرب، من تكرار أو مرة أو نحو ذلك.
وما يقال: من أن هذا إنما يدل على عدم إفادة الأمر الوحدة أو التكرار
بالمادة، فلم لا يدل عليهما بالصيغة؟ * *
189

فجوابه: أنا قد بينا انحصار مدلول الصيغة بمقتضى حكم التبادر في طلب
إيجاد الفعل. وأين هذا عن الدلالة على الوحدة أو التكرار؟
190



(1) كما في الهداية. (منه).
191



(1) كذا في الأصل، والظاهر أن ما بين الشارحتين زيادة.
192



(1) صاحب الكواكب الضيائية. (منه).
194

احتج الأولون بوجوه:
أحدها: أنه لو لم تكن للتكرار، لما تكرر الصوم والصلاة *. وقد تكررا قطعا.
والثاني: أن النهي يقتضي التكرار، فكذلك الأمر * *، قياسا عليه، يجامع
اشتراكهما في الدلالة على الطلب.
والثالث: أن الأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي يمنع عن المنهي عنه
دائما؛ فيلزم التكرار في المأمور به * * *
195

والجواب عن الأول: المنع من الملازمة؛ إذ لعل التكرار إنما فهم من دليل
آخر *. سلمنا، لكنه معارض بالحج * *؛ فإنه قد أمر به، ولا تكرار.

(1) المعترض سلطان العلماء (منه).
196

وعن الثاني من وجهين: أحدهما - أنه قياس في اللغة، وهو باطل، وإن قلنا
بجوازه في الأحكام. وثانيهما - بيان الفارق، فإن النهي يقتضي انتفاء الحقيقة،
وهو إنما يكون بانتفائها في جميع الأوقات *، والأمر يقتضي إثباتها

(1) مشكل الآثار - للطحاوي - 2: 202.
197

وهو يحصل بمرة، وأيضا التكرار في الأمر مانع من فعل غير المأمور به *.
بخلافه في النهي، إذ التروك تجتمع وتجامع كل فعل.

(1) المعترض هو السلطان.
198

وعن الثالث: بعد تسليم كون الأمر بالشيء نهيا عن ضده، أو تخصيصه
بالضد العام * وإرادة الترك منه، منع كون النهي الذي في ضمن الأمر مانعا عن
المنهي
199

عنه دائما، بل يتفرع على الأمر الذي هو في ضمنه؛ فإن كان ذلك دائما
فدائما، وإن كان في وقت، ففي وقت. مثلا الأمر بالحركة دائما يقتضي المنع من
السكون دائما، والأمر بالحركة في ساعة يقتضي المنع من السكون فيها، لا دائما.
واحتج من قال بالمرة بأنه إذا قال السيد لعبده: أدخل الدار،
فدخلها مرة عد ممتثلا عرفا، ولو كان للتكرار لما عد.

(1) التوبة: 5.
203

والجواب: أنه إنما صار ممتثلا، لأن المأمور به - وهو الحقيقة - حصل
بالمرة، لا لأن الأمر ظاهر في المرة بخصوصها، إذ لو كان كذلك لم يصدق
الامتثال فيما بعدها *.

(1) عمدة وجوه الفرق: أن الانشائية في المقيس عليه إنما نشأت عن وضع جديد شرعي، فلذا يعتبر فيها
من الشرائط ما لا يعتبر في المقيس أصلا، ولعل اعتبار الوحدة فيها نشأ عن ذلك الوضع باعتبار الشارع
وهو ليس من المتنازع فيه في شيء كما لا يخفى. (منه عفي عنه).
204

ولا ريب في شهادة العرف * بأنه لو أتى بالفعل مرة ثانية
وثالثة لعد ممتثلا وآتيا بالمأمور به. وما ذاك إلا لكونه موضوعا للقدر المشترك
بين الوحدة والتكرار، وهو طلب إيجاد الحقيقة، وذلك يحصل بأيهما وقع.
205

واحتج المتوقفون: بمثل ما مر، من أنه لو ثبت، لثبت بدليل، والعقل لا
مدخل له، والآحاد لا تفيد، والتواتر يمنع الخلاف.
والجواب: على سنن ما سبق بمنع حصر الدليل فيما ذكر؛ فإن سبق المعنى
إلى الفهم من اللفظ أمارة وضعه له، وعدمه دليل على عدمه. وقد بينا أنه لا
يتبادر من الأمر إلا طلب إيجاد الفعل، وذلك كاف في إثبات مثله.

(1) و (2) المائدة: 6.
(3) النور: 2.
(4) المائدة: 38.
206



(1) وجه الفساد ما في آخر كلامه من التعليل بوجود المقتضي وانتفاء المانع، فإن ذلك لا ينطبق على ما
ذكرناه بل مناف له. (منه).
208



(1) كما في الكواكب الضيائية (منه).
209



(1) في الأصل: " فإن قوله الخ " والصواب ما أثبتناه في المتن.
(2 - 4) المائدة: 6.
(5) النور: 2.
(6) المائدة: 38.
212



(1) وفي الأصل: " والجواب عن الثاني " والظاهر أنه سهو من قلمه الشريف، ولذا صححناه بما في المتن.
213

أصل
ذهب الشيخ (رحمه الله) وجماعة إلى أن الأمر المطلق يقتضي الفور والتعجيل *؛ فلو
أخر المكلف عصى، وقال السيد - رضي الله - هو مشترك بين الفور والتراخي؛
فيتوقف في تعيين المراد منه على دلالة تدل على ذلك.
215



(1) الكواكب الضيائية في شرح زبدة البهائية - للسيد يوسف بن محمد الحسيني الجنابذي القائني
الخراساني الاصفهاني (الذريعة إلى تصانيف الشيعة 18: 180).
(2) وللزبدة البهائية شروح وحواش كثيرة، ذكر بعضها في الذريعة (13: 298).
217



(1) منهم السيد والعلامة في التهذيب والمنية وبعض الأعلام وبعض الأعاظم والسيد الخراساني وابن عمنا
السيد القزويني والمرحوم الشيخ محمد حسين مؤلف الفصول (منه).
218



(1) كذا في الأصل.
220



(1) أول الاحتمالين: أن يكون المراد بالأمر المطلق ما تجرد عن القرائن الخارجة القاضية بإرادة الفور أو
التراخي أو غيرهما.
وثانيهما: أن يكون المراد ما لم يكن موقتا بأحد قسميه ثابتا توقيته من الخارج. (منه).
221



(1) ويظهر عن بعض الأعاظم القطع بذلك، حيث قال: المراد بالفور عند القائلين به ما يعد في العرف فورا وهو يختلف بحسب اختلاف الآمر والمأمور به، كأن يكون الآمر شخصا
وقورا وأمر بما يتعلق بركوبه أو خروجه، بخلاف من كان عجولا أو يكون المأمور ضعيفا أو قويا أو ذاحشمة أو يكون المأمور به سقيا أو سفرا بعيدا أو قريبا أو غير ذلك وهو ظاهر، ويتفرع عليه جواز التأخير في رد السلام باتمام آية أو نحوها إذا لم يوجب فصلا طويلا، سواء كان في الصلاة أو غيرها (منه).
222



(1) كما في كلام بعض الأفاضل. (منه).
(2) متعلق بقوله: " لا لما قيل الخ ".
223



(1) قوله: (لأنها تقع حكاية في تلك الأزمنة... الخ) ومحصل ذلك: أنه لولا الأزمنة قيودا للنسبة
الواقعة حكاية عما هو في الواقع لما اعتبرت المطابقة والعدم فيها باعتبار الزمان.
وقد عرفت أن المطابقة والعدم يعتبران فيها باعتبار الزمان أيضا، فإن جهات المطابقة على ما عرفت
متعددة، فقد يتفق المطابقة بالنسبة إلى الجميع، وقد يتفق المطابقة بالنسبة إلى الزمان دون الحدث
والذات، وقد تتفق بالنسبة إلى الزمان والحدث دون الذات، وقد تتفق بالنسبة إلى الزمان والذات دون
الحدث، وقد تتفق بالنسبة إلى الحدث دون الزمان والذات، وقد تتفق بالنسبة إلى الذات دون الحدث
والزمان، والكل موجبة للكذب لأن النتيجة تابعة لأخس مقدماتها، ومعنى كون الزمان قيدا للنسبة أن
انتساب الحدث إلى الذات في الفعل الماضي إنما هو في زمان الماضي، بمعنى أن زمان الانتساب زمان
الماضي، وأما الحدث فهو مطلق من جميع الجهات فيمكن عدم كونه صادرا عن الذات عن أصله،
ويمكن صدوره في ذلك الزمان فيكون الكلام صدقا، ويمكن صدوره عنه في الحال أو الاستقبال فيكون
كذبا كالصورة الأولى، ومن هذا الباب النسبة الإنشائية الطلبية فإن زمن الحال قيد لها، وبهذا الاعتبار
يكون قيدا للطلب لأن قيد المقيد قيد لقيده كما لا يخفى.
وأما الحدث المطلوب فهو بالنسبة إلى الزمان مطلق فيمكن وقوعه في الحال كما يمكن وقوعه في
الاستقبال.
وظني أن كل ذلك واضح لمن له أدنى تأمل في المطالب الدقيقة. (منه عفي عنه).
224



(1) وجهه: عدم منافاة التأخير لحصول البراءة، إذ المفروض كون الفور مما يجزي معه الإتيان مؤخرا،
غايته ترتب الإثم على نفس التأخير، فقضية لزوم القطع بالبراءة بعد اليقين بالاشتغال هو الإتيان
مؤخرا، إذ مع التقديم لا يحصل ذلك القطع كما لا يخفى (منه).
227



(1) حكاه في الهداية (منه).
228

وذهب جماعة، منهم المحقق أبو القاسم ابن سعيد، والعلامة - رحمهما الله
تعالى - إلى أنه لا يدل على الفور، ولا على التراخي، بل على مطلق الفعل،
وأيهما حصل كان مجزيا. وهذا هو الأقوى.
لنا: نظير ما تقدم في التكرار *، من أن مدلول الأمر طلب حقيقة الفعل،
230



(1) كما في كلام بعض الفضلاء (منه).
231

والفور والتراخي خارجان عنها، وأن الفور والتراخي من صفات الفعل، فلا
دلالة له عليهما.
حجة القول بالفور أمور ستة *:
232



(1) والمراد به قول النحاة: " بأن الأمر للحال ".
(2) أي قوله: " والاحتياط لخوف عروض التعذر أو التعسر ".
233



(1) أي قوله: " ووجوب اعتقاد وجوب الفعل على الفور بالإجماع الخ ".
(2) أي قوله: " والنبوي: إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ".
(3) أي قوله: " وكأنه لو جاز التأخير لجاز إلى بدل أو لا إلى بدل الخ ".
(4) أي قوله: " ولخرج الواجب عن كونه واجبا ".
(5) أي قوله: " ولجاز إلى بدل الخ ".
234

الأول: أن السيد إذا قال لعبده: اسقني *؛ فأخر العبد السقي من غير عذر، عد
عاصيا، وذلك معلوم من العرف. ولولا إفادته الفور، لم يعد عاصيا.
وأجيب عنه: بأن ذلك إنما يفهم بالقرينة؛ لأن العادة قاضية بأن
طلب السقي إنما يكون عند الحاجة إليه عاجلا * *، ومحل النزاع ما
تكون الصيغة فيه مجردة.
الثاني: أنه تعالى ذم إبليس لعنه الله، على ترك السجود لآدم (عليه السلام)، بقوله
235

سبحانه: (ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك) ولو لم يكن الأمر للفور لم يتوجه عليه
الذم، ولكان له أن يقول: إنك لم تأمرني بالبدار، وسوف أسجد.
والجواب: أن الذم باعتبار كون الأمر مقيدا بوقت معين *. ولم يأت بالفعل
فيه. والدليل على التقييد قوله تعالى: (فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا
له ساجدين).

(1) الأعراف: 12.
236

الثالث: أنه لو شرع التأخير لوجب أن يكون إلى وقت معين، واللازم منتف.
أما الملازمة، فلأنه لولاه لكان إلى آخر أزمنة الإمكان اتفاقا، ولا يستقيم؛ لأنه
غير معلوم، والجهل به يستلزم التكليف بالمحال؛ إذ يجب على المكلف حينئذ
أن لا يؤخر الفعل عن وفته، مع أنه لا يعلم ذلك الوقت الذي كلف بالمنع عن
التأخير * عنه. وأما انتفاء اللازم فلأنه ليس في الأمر إشعار بتعيين الوقت، ولا عليه
دليل من خارج.

(1) الأعراف: 12.
(2) البقرة: 34.
(3) الأعراف: 12.
237

والجواب: من وجهين: أحدهما - النقض بما لو صرح * بجواز التأخير؛ إذ لا
نزاع في إمكانه. وثانيهما - أنه إنما يلزم تكليف المحال لو كان التأخير متعينا * *،

(1) وكأنه أخذه عن التهذيب والمنية. (منه).
238

إذ يجب حينئذ تعريف الوقت الذي يؤخر إليه. وأما إذا كان ذلك جائزا فلا، لتمكنه
من الامتثال بالمبادرة، فلا يلزم التكليف بالمحال.
239



(1) متعلق بقوله: " فلا وجه لما قد يورد على عبارة المصنف الخ ".
(2) وفي بعض النسخ هكذا: " وإن لم يوفق له أصلا أثم الخ ".
241



(1) وجهه: إمكان القلب مع كون الإجماع تقييديا من جهة أن الفورية في غير العالم حينئذ غيرية وفي
العالم نفسية كذا قيل فتأمل. (منه عفي عنه).
242

الرابع: قوله تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم) فإن المراد بالمغفرة
سببها، وهو فعل المأمور به *، لا حقيقتها، لأنها فعل الله سبحانه،
فيستحيل مسارعة العبد إليها * *،
243

وحينئذ فتجب المسارعة إلى فعل المأمور به.
244



(1) هود: 114.
(2) الوسائل: كتاب الطهارة - باب 28 من أبواب الجنابة - ح 4.
(3) الزلزلة: 7 و 8.
(4) الوسائل 1: 41، الباب 7 من أبواب مقدمة العبادات، ح 1.
245



(1) مجمع البحرين: مادة (حبط).
(2) المائدة: 12.
(3) البقرة: 271.
(4) النساء: 31.
247



(1) الوسائل 13: 83، الباب 4 من أبواب الدين والقرض، ح 1.
(2) الزلزلة: 6 و 7.
(3) الحديد: 21.
(4) الأنعام: 38.
248



(1) النساء: 59.
249

وقوله تعالى: (فاستبقوا الخيرات) فإن فعل المأمور به من الخيرات؛ فيجب
الاستباق إليه. وإنما يتحقق المسارعة والاستباق بأن يفعل بالفور.
250

وأجيب: بأن ذلك محمول على أفضلية المسارعة والاستباق، لا على
وجوبهما، وإلا لوجب الفور، فلا يتحقق المسارعة والاستباق؛ لأنهما إنما
يتصوران في الموسع دون المضيق، ألا ترى أنه لا يقال لمن قيل له " صم غدا "
فصام: " إنه سارع إليه واستبق ". والحاصل: أن العرف قاض بأن الإتيان بالمأمور
به في الوقت الذي لا يجوز تأخيره عنه لا يسمى مسارعة واستباقا؛ فلابد من
حمل الأمر في الآيتين على الندب، وإلا لكان مفاد الصيغة فيهما منافيا لما
تقتضيه المادة *.

(1) أضفناه من هداية المسترشدين.
251

وذلك ليس بجائز فتأمل! *.
الخامس: أن كل مخبر كالقائل: " زيد قائم، وعمرو عالم " وكل منشئ
كالقائل: " هي طالق، وأنت حر " إنما يقصد الزمان الحاضر. فكذلك الأمر، إلحاقا
له بالأعم الأغلب.
252

وجوابه: أما أولا فبأنه قياس في اللغة، لأنك قست الأمر في إفادته
253

الفور على غيره من الخبر والإنشاء، وبطلانه بخصوصه ظاهر. وأما ثانيا فبالفرق بينهما
بأن الأمر لا يمكن توجهه إلى الحال، إذ الحاصل لا يطلب، بل الاستقبال، إما
مطلقا، وإما الأقرب إلى الحال الذي هو عبارة عن الفور، وكلاهما محتمل؛ فلا
يصار إلى الحمل على الثاني إلا لدليل.
السادس: أن النهي يفيد الفور، فيفيده الأمر؛ لأنه طلب مثله. وأيضا الأمر
بالشيء نهي عن أضداده، وهو يقتضي الفور بنحو ما مر في التكرار آنفا.
وجوابه: يعلم من الجواب السابق *؛ فلا يحتاج إلى تقريره.
احتج السيد (رحمه الله) بأن الأمر قد يرد في القرآن واستعمال أهل اللغة ويراد به
الفور، وقد يرد ويراد به التراخي. وظاهر استعمال اللفظة في شيئين يقتضي أنها
حقيقة فيهما ومشتركة بينهما. وأيضا فإنه يحسن بلا شبهة أن يستفهم المأمور -
مع فقد العادات والأمارات -: هل أريد منه التعجيل أو التأخير؟ والاستفهام لا
يحسن إلا مع الاحتمال في اللفظ.
256

والجواب: أن الذي يتبادر من إطلاق الأمر ليس إلا طلب الفعل. وأما
257

الفور والتراخي فإنهما يفهمان من لفظه بالقرينة. ويكفي في حسن الاستفهام كونه
موضوعا للمعنى الأعم، إذ قد يستفهم عن أفراد المتواطي * لشيوع

(1) أي ويبعد السليقة أن تكون محصل مراد المجيب هكذا: الخ، ولا يخفى أن ما ذكره بقوله: " وحاصلها أن
الاستعمال الخ " مأخوذ أيضا من كلام المدقق الشيرواني في الحاشية فلا تغفل.
258

التجوز به عن أحدها، فيقصد بالاستفهام رفع الاحتمال. ولهذا يحسن فيما
نحن فيه أن يجاب بالتخيير بين الأمرين، حيث يراد المفهوم من حيث هو، من
دون أن يكون فيه خروج عن مدلول اللفظ. ولو كان موضوعا لكل واحد
منهما بخصوصه، لكان في إرادة التخيير بينهما منه خروج عن ظاهر اللفظ
وارتكاب للتجوز، ومن المعلوم خلافه.
259



(1) والظاهر أنه مذهب الفاضل التوني. (منه عفي عنه).
261

فائدة *
إذا قلنا: بأن الأمر للفور، ولم يأت المكلف بالمأمور به في أول أوقات
الإمكان؛ فهل يجب عليه الإتيان به في الثاني أم لا؟ ذهب إلى كل فريق.
احتجوا للأول: بأن الأمر يقتضي كون المأمور فاعلا على الإطلاق *، وذلك

(1) لأن أصحاب القول به يدعون أن الأمر يقتضي كون المأمور فاعلا على سبيل الفور لا على سبيل
الإطلاق، فيكون الدليل منافيا لمذهب المستدل كما تنبه عليه بعض الأفاضل. (منه عفي عنه).
262

يوجب استمرار الأمر. وللثاني: بأن قوله: إفعل يجري مجرى قوله: إفعل في الآن
الثاني من الأمر *، ولو صرح بذلك، لما وجب الإتيان به فيما بعد. هكذا نقل
المحقق والعلامة الاحتجاج، ولم يرجحا شيئا.
263



(1) الأنعام: 72.
264

وبنى العلامة الخلاف على أن قول القائل: إفعل، هل معناه: إفعل في الوقت
الثاني، فإن عصيت ففي الثالث؟، وهكذا. أو معناه: إفعل في الزمن

(1) المورد المحقق الشيرواني (منه).
265

الثاني، من غير بيان حال الزمن الثالث وما بعده؟. فإن قلنا بالأول اقتضى الأمر الفعل في
جميع الأزمان، وإن قلنا بالثاني لم يقتضه، فالمسألة لغوية. وقد سبقه إلى مثل
هذا الكلام بعض العامة *.
وهو وإن كان صحيحا، إلا أنه قليل الجدوى * *، إذ الإشكال إنما هو في مدرك
الوجهين * * * اللذين بنى عليهما الحكم، لا فيهما. فكان الواجب أن يبحث عنه.
266

والتحقيق في ذلك: أن الأدلة التي استدلوا بها على أن الأمر للفور
ليس مفادها، على تقدير تسليمها، متحدا. بل منها ما يدل على أن الصيغة بنفسها
تقتضيه، وهو أكثرها. ومنها ما لا يدل على ذلك، وإنما يدل على وجوب
المبادرة إلى امتثال الأمر، وهو الآيات المأمور فيها بالمسارعة والاستباق.
فمن اعتمد في استدلاله على الأولى، ليس له عن القول بسقوط الوجوب
حيث يمضي أول أوقات الإمكان مفر، لأن إرادة الوقت الأول على ذلك التقدير
بعض مدلول صيغة الأمر *، فكان بمنزلة أن يقول: " أوجبت عليك الأمر الفلاني
في أول أوقات الإمكان " ويصير من قبيل الموقت. ولا ريب في فواته بفوات
وقته.

(1) الفصول: 78.
267

ومن اعتمد على الأخيرة، فله أن يقول بوجوب الإتيان بالفعل في الثاني؛
لأن الأمر اقتضى بإطلاقه وجوب الإتيان بالمأمور به في أي وقت كان *، وإيجاب
المسارعة والاستباق لم يصيره موقتا * * وإنما اقتضى وجوب المبادرة، فحيث
يعصي المكلف بمخالفته، يبقى مفاد الأمر الأول بحاله. هذا.
والذي يظهر من مساق كلامهم: إرادة المعنى الأول؛ فينبغي حينئذ القول
بسقوط الوجوب.

(1) المجيب المحقق السلطان (منه).
268



(1) لكن يرد على الوجه المذكور: أن المقتضي للدلالتين إنما هو الإطلاق الذي هو عبارة عن ترك بيان
الوقت، فإن العقل بملاحظته إنما حكم بثبوت الرخصة في التأخير الملزومة للصحة في الزمان المتأخر
لئلا يلزم الاغراء بالجهل المنافي لحكمة الحكيم، فإذا جاء من الخارج بيان إرادة الفور ينتفي ذلك
الإطلاق ومعه لا يبقى لبقاء الصحة في الزمان المتأخر مقتض وكون القدر المتيقن مما خرج عن
الإطلاق هو الإثم دون غيره غير كاف في ثبوت الإطلاق بالنسبة إلى الصحة، لأن عدم البيان حينئذ
بالنسبة إليها غير معلوم، على أنها كانت فرعا على ثبوت الرخصة في التأخير
بحكم العقل من جهة منافاة عدمها مع الرخصة في التأخير وعدم كونه معقولا معها، فإذا انتفى الأصل لا يبقى إلى
الحكم ببقاء الفرع داع، فانحصر دليل المقام في بناء العرف مع الاستصحاب وهو غاية ما يمكن أن يقال به (منه).
(2) إن هذا هو ثاني الأمرين، تقدم أولهما في ص 327.
271



(1) أي نمنع كلية الكبرى إن كان المراد الخ.
274



(1) أثبتناه من الفصول: 106.
285



(1) وهو مما صرح به بعض الأعلام حيث قال: " ومما يتفرع على توسيع الوقت والتخيير فيه التخيير في
لوازمه بدلالة الإشارة، فلا يمكن التمسك باستصحاب ما يلزم المكلف في أول الوقت في جزء آخر،
فالمكلف في أول الظهر إنما هو مكلف بمطلق صلاة الظهر فعلى القول باعتبار حال الوجوب في مسألة
القصر في السفر لا يمكن التمسك باستصحاب وجوب التمام أول الوقت، لأن المكلف مخير في أول
الوقت بأداء مطلق الصلاة في أي جزء من الأجزاء ويمكن المخالفة في الأجزاء في نفس الأمر بالقصر
والإتمام والصلاة بالتيمم والغسل والوضوء وصلاة الخوف وصلاة المريض وغير ذلك فتخيير المكلف
في إيقاعها في هذه الأجزاء تخيير في لوازمها، فافهم ". (منه).
294



(1) والمقصود منه هو الاحتمال الثاني من الاحتمالات الأربعة التي ذكرها (قدس سره) بقوله: " أو كل واحدة منها
ماهية على حده... الخ ".
297



(1) وإن شئت تصوير هذه الأقسام فقسها على مفهوم لفظة " قائم " مثلا فإن هنا وصفا وذاتا، والذات قد
تلاحظ مجردة عن عروض ذلك الوصف وقد تلاحظ معروضة لذلك الوصف بحيث يكون التقيد داخلا و
القيد خارجا (منه).
(2) حكاه ابنه والمدقق الشيرواني (منه).
(3) وبعبارة أخرى: قضاء الحس والعيان بوجود حصة من الماهية الكلية في ضمن الشخص الذي لو قطع
النظر عن جميع مشخصاته لكانت تلك الحصة مطابقة لتلك الماهية ولا نعني من وجود الكلي الطبيعي
إلا هذا (منه عفى عنه).
303



(1) والظاهر كون معنى هذا الكلام أن الشيء باعتبار وجوده الذهني يسمى كليا وباعتبار وجوده الخارجي
يسمى جزئيا.
ويشكل أن الموجود في الذهن أيضا جزئي ذهني والموجود في الخارج أيضا يوجد في الذهن مع
أنه ليس بكلي جدا. (منه عفي عنه).
306



(1) ذكرها بعض الأعاظم تبعا لبعض الأعلام، والوجه في وهن الأول: أن لزوم المحذور على إرادة احتماله
الثاني إن كان من جهة عدم تعيين الفرد، فيدفعه: أنه يلزم إذ اعتبر عدم التعيين قيدا في الامتثال لعدم
تحققه إلا في المعين الذي ينشأ تعيينه عن اختيار المكلف.
وأما إذا اعتبر قيدا في الطلب فلا.
وفي وهن الثاني: اندفاعه بإرادة الفرد من باب إطلاق الكلي على الفرد، بأن يراد من اللفظ نفس
الطبيعة وأحيل فهم الخصوصية التي تعلق بها الطلب إلى الخارج، وهو الطلب الذي لا يتعلق إلا
بالممكن.
وأما ما يقال في دفع ذلك - كما في كلام بعض الفضلاء - من أن هذا إنما يتم على القول بوجود الطبايع
في الخارج، وأما على القول بعدمه كما يراه الخصم فلا، إذ لا تحقق للطبيعة حينئذ في ضمن الأفراد حتى
يطلق عليه اللفظ باعتباره.
فيدفعه: أن مبنى كلام الخصم على أن التكليف لا يتعلق إلا بالمقدور ولا قدرة إلا مع الوجود
ولا وجود إلا للفرد، ومن البين أن القدرة من شرايط التكليف فيلزمه اشتراط الوجود في المكلف به لا
من شرايط مطلق الإطلاق والاستعمال، إذ لم يقل أحد بأن الاستعمال في معنى مشروط بوجود ذلك
المعنى، فلذا لا يجري الخلاف في الكليات الواقعة في غير مقام الطلب، فلا ضير في أن يتعلق
الاستعمال بغير الموجود وأريد معه تعلق الطلب بالموجود ولا يستلزم ذلك إرادة ذلك الموجود من
اللفظ بالخصوص كما لا يخفى (منه عفي عنه).
308



(1) الفصول: 108.
310



(1) البقرة: 275.
(2) الحج: 78.
314



(1) وحاصل هذا الكلام: أن القدرة إنما تقيد الطلب لا المطلوب، فلذا تعد من شرائط التكليف لا المكلف
به، فهو باق على إطلاقه، وقضية الإطلاق حصول الامتثال بالفعل بأي نحو اتفق، غاية الأمر أن ما لم
يقصد بشيء من العنوانات كالصادر عن الغافل خرج عن موضوع الامتثال بالدليل فيبقى الباقي تحت
الإطلاق لعدم ثبوت دليل آخر. (منه عفي عنه).
320



(1) البينة: 5.
(2) الزمر: 2.
(3) كذا في الأصل، والآية المباركة هكذا: (ومالي لا أعبد الذي فطرني) (يس: 36).
(4) الأنعام: 71.
(5) الأحزاب: 33، وقوله أيضا: (يريد الله ليبين لكم) (منه). (النساء: 4).
330



(1) البينة: 5.
331



(1) العنكبوت: 45.
(2) الزمر: 2.
(3) الأعراف: 29.
(4) الزمر: 14.
(5) الزمر: 15.
(6) الكافرون: 1 - 3.
332



(1) البقرة: 83.
333



(1 و 2 و 3) البينة: 5.
334



(2) المائدة: 1.
(3) النساء: 59.
335



(1) كذا في الأصل، وينبغي أن تكون العبارة هكذا: " والقطع بإرادة... إلخ " - والله العالم -.
336



(1) راجع الوسائل 1: 33، الباب 5 من أبواب مقدمة العبادات.
339



(1) منها: لزوم الكذب لو حمل النفي على نفي الحقيقة و " النية " على أحد المعنين.
ومنها: لزوم تخصيص الأكثر لو حمل النفي على نفي الآثار و " النية " على معناها الخاص، ضرورة
خروج المحرمات والمكروهات والمباحات بل سائر العقود والإيقاعات، لعدم اشتراط شيء من ذلك
بنية التقرب وليست الواجبات والمندوبات بالنسبة إليها إلا كشعرة بيضاء في بقرة سوداء، ولزوم التجوز
في لفظ " العمل " لو حمل على مصطلح المتشرعة مع التجوز في " النية " أيضا على بعض التقادير كما
عرفت، فيترجح ما ذكرنا من جهة عدم استلزامه شيئا من ذلك، ولزوم التجوز في كلمة " لا " لا بأس به بعد
قيام القرينة
الدالة على ذلك، وهو صون كلام الحكيم عن الكذب واشتماله على ما لا شبهة في مرجوحيته ولو في مقابلة
المجاز النادر فضلا عن المجاز الشائع. (منه عفي عنه).
340



(1) المؤمن: 36.
342



(1 و 2) النجم: 38 و 39.
343



(1) البحار ج 82 باب 14 ص 62.
(2) مفتاح الكرامة 7: 559.
344



(1) والمراد بما لو كان بينهما تضاد ما لم يمكن الإتيان بهما معا لا بالجمع ولا بالتفريق، كما في موضع العلم
بوحدة التكليف والمكلف به، فلا يتوهم أحد عدم الفرق بينه وبين ما ذكرناه أخيرا من فرض عدم إمكان
الجمع بينهما الموجب لتعين التفريق. (منه).
346



(1) كذا في الأصل، والصواب " الصوم " بدل " الوضوء " تطرأ إلى السياق والله العالم.
347



(1) في الأصل: " التأكيد " بدل " التأسيس " والظاهر أنه سهو من قلمه الشريف، والصواب ما أثبتناه في
المتن.
353

أصل
الأكثرون على أن الأمر بالشيء *

(1) ولعله: الفاضل التوني على ما حكي. (منه).
(2) صرح بذلك الأستاذ في مجلس الدرس. (منه عفي عنه).
357



(1) والمقصود أن الكلام في تحرير محل الكلام في ثلاث الكلمة الأولى في نفس المقدمة وبيان أنواعها و
الكلمة الثانية في الواجب الذي يضاف إليه المقدمة في قول مقدمة الواجب، والكلمة الثالثة في
الوجوب الذي يثبت للمقدمة.
وبالجملة محل النزاع يحرر بالتكلم في كلمات ثلاث، وهي مبتدأ القضية وما أضيف إليه المبتدأ
فخبر ذلك المبتدأ. (منه عفي عنه).
(2) الحجرات: 1.
360



(1) والظاهر أن مراده بالأسباب الإعدادية أجزاء مرتبة في الوجود يلتئم منها السبب كتحريكات المدية
لقطع الأوداج الأربعة في القتل الذي هو من الأفعال التوليدية فإن المعتبر في كل إنما هو الوجود والعدم
معا مع عدم بقاء الاختيار على الفعل لصيرورته واجبا كما أن المراد بالمعد ما أيكون كذلك بالنسبة إلى
الشرط إذا كان من المبادئ السيالة كالمشي في قطع مسافة الحج فإن كل قدم وتخطي منه معد لاعتبار
ووجوده وعدمه معا مع بقاء الاختيار على الفعل المشروط ولو بعد تمامها فإنه لا يجب معه وإلا انقلب
الشرط سببا وهو خلاف الفرض. (منه).
(2) الفصول: 83.
362



(1) وجهه: لو صح ذلك لكان عليهم أن لا يذكروا السبب أيضا في ذلك المقام لجريان العلة المذكورة فيه
أيضا. (منه).
(2) ويطلق السبب عند الأصوليين أيضا على العلامة كالدلوك والغروب والفجر التي هي علامات لوجوب
الصلاة عندها إذ الضرورة قاضية بأن نفس الدلوك وغيره ليست مقتضية لوجوب الصلاة بل المقتضي
لوجوبها شيء آخر من المصالح الكامنة المؤثرة في تلك الأوقات، وإنما الأمور المذكورة علامات
لعروض الوجوب وحدوثه، بتحقق سببه والسبب حقيقة في اصطلاح المتكلمين في العلة التامة خاصة
وفي عرف الأصوليين مجاز فيها جزما وهل هو بين المقتضي والعلاقة حقيقة ومجازا أو مشترك لفظا أو
معنى وجوه وربما يرجح كما في الضوابط الاحتمال الأخير وليس ببعيد. (منه عفي عنه).
363



(1) هذا جواب نقض (منه).
(2) هذا جواب حلي (منه).
367



(1) واعلم أن المراد بالسبب التام على مصطلح الأصحاب إنما هو المقتضي التام، ومن البين أنه يجامع
وجود المانع عن التأثير من انتفاء شرط من شروطهما ووجود مانع من موانعه كما لا يخفى. (منه عفي
عنه).
370



(1) كذا، والظاهر: السلس.
371



(1) والظاهر أن فائدة قوله: " مع عدم قيام البدل " الاحتراز عن تخلف شرط لشرط آخر فيما لو كان له
شروط متعددة، من جهة أن عدم الشرط الأول لم يستلزم العدم. (منه).
373



(1) ومثله غسل جزء من الرأس لحصول العلم بغسل الوجه، وتكرار الصلاة في الثوبين المشتبهين ونحو
ذلك مما لا يكاد يحصى. (منه).
376



(1) النساء: 59.
377



(1) أي أريد بالوجوب مجرد الإلزام واللابدية.
378



(1) وبعبارة أخرى: أن ذا المقدمة هنا دفع الضرر المترتب على ترك المأمور به، ومقدمته تكرير الصلاة في
الجهات الأربع ومن المفهوم أن إلزام العقل على دفع الضرر عين إلزامه على تكرير الصلاة إذ لا تغاير
بينهما بحسب الوجود الخارج أصلا ولو فرضت متغايرة فهي بحسب العنوان والحيثية كما لا يخفى.
(منه).
379



(1) الحج: 26.
381



(1) البقرة: 237.
384



(1) وقال في الحاشية مفصلا لما ذكره في المتن إجمالا النسبة بين المطلقين عموم من وجه لاجتماعهما
في المعرفة في واجد الشرط وافتراق الأول عن الثاني في الحج بعد الاستطاعة وافتراق الثاني عن
الأول في المعرفة قبل البلوغ، وكذلك النسبة بين المشروطين فإنه يصدق الأول بدون الثاني في الحج
بعد الاستطاعة ويصدق الثاني بدون الأول في المعرفة قبل البلوغ ويتصادقان في الحج قبل الاستطاعة
وكذلك النسبة بين المطلق بالمعنى الأول والمشروط بالمعنى الثاني لتصادقهما في المعرفة قبل
استكمال الشروط وصدق الأول بدون الثاني في المعرفة بقدر الشروط وصدق الثاني بدون الأول في
الحج قبل الاستطاعة وكذلك النسبة بين المطلق بالمعنى الثاني والمشروط بالمعنى الأول لتصادقهما في
الحج بعد الاستطاعة وصدق الأول بدون الثاني في المعرفة بعد الشرائط وصدق الثاني بدون الأول في
الحج قبل الاستطاعة. (منه عفي عنه).
386



(1) هذا محصل ما استفدناه عن الأستاذ مع تحقيق منا في بيانه، ولكنه عند التحقيق محل نظر، لأن
الاعتراض المذكور إنما يتوجه لو أرجعنا الحيثية إلى جنس الحدين وهو الموصول، وأما لو أرجعناها
إلى النفي والإثبات المعتبرين في الصلة التي هي بمنزلة الفصل فلا، إذ يكون مفاد التعريفين حينئذ أن
المطلق ما لا يتوقف وجوبه على مقدمة وجوده من حيث عدم توقف وجوبه عليها، والمقيد ما يتوقف
وجوبه على مقدمة وجوده من حيث توقف وجوبه عليها، فيكون فائدة القيد في الحد، الأول عدم
انتقاضه بالحج بالنسبة إلى الاستطاعة في طرده، لانه وإن كان مطلقا لكن لا من حيث عدم توقف
وجوبه عليها بل من حيث عدم توقف وجوبه على شراء الزاد والراحلة وفائدته في الحد الثاني عدم
انتقاضه طردا بالحج بالنسبة إلى شراء الزاد والراحلة، فإنه وإن كان مقيدا لكن لا من حيث توقف
وجوبه عليه بل من حيث توقف وجوبه على الاستطاعة، فيقال: الحج بالنسبة إلى الشراء مطلق من
حيث عدم توقف وجوبه، وبالنسبة إلى الاستطاعة مقيد من حيث توقف وجوبه، فالقيد مما لابد منه
ومفاده في الحدين ليس إلا ما هو مفاده في حدود الدلالات من غير فرق وإيراد الأستاد غير وارد.
(منه).
389



(1) وفيه نظر من جهة كون العقل والبلوغ كالعلم والقدرة مما يتوقف عليه وجود الواجب من غير فرق.
وبيان ذلك: أن الواجب قد يتوقف وجوده على شيء مع قطع النظر عن وصفه العنواني وباعتبار ذاته
مع قطع النظر عن الأمر به كما في العلم والقدرة وكذلك الإرادة والسعي في تحصيله إلا أنهما ليسا
كالأولين من جهة عدم توقف الوجوب عليهما، وقد يتوقف على شيء باعتبار وصفه العنواني وكونه
متعلقا للأمر إما من جهة أنه لا أمر بدونه أصلا ورأسا كما في العقل والبلوغ أو من جهة أن ما خلا عنه
ليس موردا للأمر ومتعلقا له كما في الطهارة وغيرها مما يعد عندهم من شرائط الصحة فيكون العقل
والبلوغ أيضا مما يتوقف عليه وجود الواجب من حيث إنه واجب، إذ بدونهما لا وجوب فما يصدر عن
الصبي والمجنون ليس بواجب لامتناع صدوره عنهما باعتبار فقدهما لوصف الوجوب الذي هو وصف
عنواني في الواجب فعلى هذا القول أن الصلاة بالنسبة إلى العقل والبلوغ واجب مقيد كما أنها بالنسبة
إلى القدرة والعلم واجب مقيد لتوقف وجوبها بالنسبة اليهما على ما يتوقف عليه وجودها متصفة بوصف
الوجوب فالإشكال مندفع بذلك جزما ولا حاجة إلى شيء من التكلفات المذكورة في المتن. (منه).
390



(1) وفيه نظر واضح يظهر وجهه مما تقدم في الحاشية السابقة، فإن ما يتوقف عليه الوجوب على ما
قررناه لا يكون إلا ما يتوقف عليه الوجود كائنا ما كان، وليس مما يتوقف عليه الوجوب ما لا يكون مما
يتوقف عليه الوجود، فالاستطاعة أيضا ما يتوقف عليه وجود الواجب باعتبار وصفه العنواني.
غاية الأمر أن توقف الوجوب مع توقف الوجود بالنسبة إليها متلازمان، ضرورة أن فرض التوقف
للوجوب عليها يستلزم كونها مما يتوقف عليها الوجود أيضا بعنوان الوجوب فيسلم حد المقيد طردا و
عكسا، وكذلك حد المطلق أيضا إذ يصدق على الصلاة بالنسبة إلى حركة اليد مثلا أنها ما لا يتوقف
وجوبه على ما يتوقف عليه وجوده، ضرورة أن توقف وجوبها عليها فرضا يستلزم كونها مما يتوقف
عليه وجودها، فهي ما يتوقف عليه وجود الصلاة على تقدير كون وجوبها متوقف عليها.
وبالجملة: المراد بما يتوقف عليه الوجود في تعريف المطلق أعم مما كان كذلك محققا كالطهارة
للمصلي أو مقدرا كحركة اليد فيها، فإنها على تقدير توقف الوجوب عليها كان ما يتوقف عليه الوجود
فيصدق على الصلاة إنما مطلق بالنسبة إليها أي لا يتوقف وجوبها على الحركة التي هي مقدمة لوجودها
بعنوان أنها واجبة على تقدير توقف وجوبها عليها، فليتدبر فإنه دقيق هدانا الله سبحانه إلى التفطن به.
(منه عفي عنه).
392



(1) ولنا في تحقيق هذا المطلب كلام أوضح مما ذكر هنا أوردنا في البحث في حكم الواجب بالنسبة إلى
النفسي والغيري وإن شئت فارجع إليه، لتنتقل إلى ما حقيقة المقصود ولقد ذكرناه بعد ما أجبنا عن دليل
من يخاصمنا ثمة في دعوى كون الواجب مطلقا مجازا في الغير أيضا. (منه عفي عنه).
396



(1) المائدة: 6.
409



(1) والأصل إنما يصير مثبتا إذا لم يدل على ما يترتب عليه من الحكم دليل لا تفصيلا ولا إجمالا كما لو خرج المذي عن المكلف فيشك في كونه موجبا للغسل أو الوضوء، فإنه إذا حكم بعدم وجوب شيء منهما عليه للأصل لا يجوز له
الحكم بأن المذي ليس بناقض للطهارة شرعا، ولا أنه ليس من موجبات الغسل كالجنابة ونحوها لأنه حكم لم يكن
الأصل مسوقا لبيانه ولا أنه ثابت بدليل وراءه ولو إجمالا فإثباته حينئذ وجه له إلا من باب العمل بالأصل المثبت
. (منه عفي عنه).
415



(1) وهو قضاؤه بالاشتراط حتى في مثل غسل الثوب وإزالة النجاسة عنه وعن البدن للصلاة. (منه عفي
عنه).
417



(1) المائدة: 6.
420



(1) وقد يقرر بأن المقدمة ليست مطلوبة لذاتها بل هي مطلوبة لأجل كونها موصلة إلى ذيها فالمطلوب
الحقيقي هو الإيصال فيكون الواجب في الحقيقة هو المقدمة الموصلة والمقدمة التي لا يوجد معها
ذوها لم يكن من المقدمة الواجبة. (منه).
427



(1) الجن: 23.
(2) التوبة: 120.
(3) النحل: 121.
434



(1) الكهف: 110.
437



(1) الإسراء: 23.
439



(1) وجهه أنه أدرج ما لو كان مستقلا من جهة المستفاد فقط في التبعي وهو خلاف ما يظهر من
اصصلاحهم. (منه عفي عنه).
440



(1) تقدم المبحث الثاني في ص 381.
442

مطلقا يقتضي إيجاب ما لا يتم إلا به شرطا كان أو مسببا أو غيرهما *
444

مع كونه مقدورا *، وفصل بعضهم فوافق في السبب وخالف في غيره، فقال:

(1) وفي الأصل " مع كونها مقدمة للوجوب " وهو سهو، ولذا صححناه بما في المتن.
448

بعدم وجوبه. واشتهرت حكاية هذا القول عن المرتضى (رضي الله عنه) وكلامه في
الذريعة والشافي غير مطابق للحكاية. ولكنه يوهم ذلك في بادئ الرأي،
حيث حكى فيهما عن بعض العامة إطلاق القول بأن الأمر بالشيء أمر بما لا
يتم إلا به. وقال: " إن الصحيح في ذلك التفصيل بأنه إن كان الذي لا يتم الشيء
إلا به سببا، فالأمر بالمسبب يجب أن يكون أمرا به. وإن كان غير سبب، وإنما
هو مقدمة للفعل وشرط فيه، لم يجب أن يعقل من مجرد الأمر أنه أمر به ".
450



(1) قوله: (كما توهمه بعض الأعلام... الخ)
واعلم أن من الأعلام من يستفاد منه كون النزاع في الوجوب النفسي الأصلي دون الغيري التبعي، بل
هو صريح كلامه حيث قال: " وأما القائل بوجوب المقدمة فلابد أن يقول بوجوب آخر غير الوجوب
التوصلي، ويقول بكونه مستفادا من الخطاب الأصلي، وإلا فلا معنى للثمرات التي أخذوها لمحل النزاع،
فلابد لهم من القول بأنها واجبة في حد ذاتها أيضا كما أنها واجبة للوصول إلى الغير، ليترتب عليه عدم
الاجتماع مع الحرام، وأن يكون الخطاب الأصلي ليترتب العقاب عليه، وأنى لهم بإثباتها انتهى ".
ويستفاد ذلك منه أيضا في مواضع أخر مما سبق على تلك العبارة وما لحقها كما لا يخفى على
الخبير.
بل يستفاد من بعض الأعاظم أيضا، وربما يعزى إلى المحقق السبزواري، وجعله المحقق
الخوانساري من جملة المحتملات الجارية في محل النزاع، ولعل ذلك التوهم لكل من صار إليه نشأ عن
ظهور الوجوب حيثما أطلق في النفسي الأصلي، فلا ينصرف إلى الغير التبعي، أو أن ذلك ا لوجوب التبعي
لا يعد وجوبا في الاصطلاح ولا يصدق عليه مصطلحهم في الوجوب.
أو أن الثمرات التي ذكروها لمحل النزاع من عدم اجتماع ا لمقدمة مع الحرام واستحقاق العقاب
عليها لا يصلح لها إلا الوجوب النفسي الأصلي، إذ الواجب التوصلي مما يجتمع مع الحرام كما صرحوا به
والواجب التبعي لا يستحق على تركه العقاب وهذا هو الذي أوجب ذلك التوهم في بعض الأعلام، كما
يشهد به عبارته المتقدمة. أو أن محط نظر الأصولي في تلك المسألة وغيرها من المسائل الأصولية إنما
هو الخطاب الصادر من الشارع والوجوب التبعي بالمعنى المذكور في المتن لا يلائمه من جهة كونه
حكيما عالما شاعرا، لابتنائه على الغفلة والذهول وعدم الالتفات إلى المقدمة وكونها مما لابد منها، نعم
في خطابات غيره يتعقل ذلك بل يكثر وقوعه ولكنه خارج عن موضوع بحث الأصولي.
أو أن الوجوب التبعي لشدة بداهة ثبوته مما لا يقبل الخلاف ولا يصير إليه أيادي الإنكار، فلا ينبغي
تنزيل المسألة التي صارت معركة للآراء ومطرحا للأقوال على إثبات ذلك المعنى ونفيه، فلابد وأن
يكون معقدها معنى آخر وراء ذلك زائدا عليه، وليس ذلك إلا الوجوب الأصلي الذي يقصد من الخطاب
مستقلا.
وأنت خبير بوهن تلك الوجوه، وعدم قضاء شيء منها بصحة ما ذكر من التوهم.
أما الأول: فلأن قضية الظهور إنما يؤخذ بها مع عدم قيام صارف عنها، وقد ثبت الصارف في المقام
من جهات شتى، فإن دعوى الضرورة كما عن غير واحد من أصحاب القول بوجوب المقدمة لا يمكن
صرفها إلا إلى إرادة الوجوب التبعي مع ملاحظة عدم اعتراض أحد عليهم بكونه خروجا عن محل النزاع
وقولا بما لا خلاف في ثبوته، وكذلك نفي الخلاف عن الوجوب كما عن بعضهم، ودعوى الوفاق على
الوجوب كما عن آخر لا يناسبه الوجوب النفسي الأصلي، لعدم كون شيء منهما مظنة للوفاق ولا مظنة
المصير إليه عن أحد، وكذلك ضعف القول بالنفي وعدم قائل به مطلقا على سبيل التحقيق وانحصار القول
به في الواقفية كما في معزى العلامة على ما سيجيء حكايته عنه في نقل الأقوال لا يلائم إلا الوجوب
التبعي، إذ الوجوب الأصلي قابل لأن ينكره الجل ومعظم المحققين فينافيه المصير منهم ومن جمهور
أهل العلم إلى ثبوته كما لا يخفى.
وأيضا قد اتفقت كلمتهم في العنوان على التصريح بثبوت الوجوب أو نفيه أو الترديد بينهما على نحو
الإطلاق، فلا يناسبه كون المراد بالوجوب نفيا وإثباتا هو النفسي الأصلي مع الاعتراف بثبوت الغيري
التبعي، بل اللازم حينئذ أن يقال في العنوانات هل يعقل في المقدمة زيادة على ما فيها من الوجوب
الغيري التبعي وجوب آخر، وهو كونها مطلوبة بالذات ومتعلقة للخطاب بالأصالة أو لا يعقل ذلك؟
وهذا كما ترى معنى ينافيه النفي والإثبات المطلقين، ولا يلائمه الأدلة التي أقاموها على إطلاقي
النفي والإثبات كما لا يخفى.
ويؤيد جميع ما ذكرناه أيضا فهم جماعة من فحول العلماء [1] وتصريحهم بما ذكرناه وإطباقهم على
تخطئة المتوهم، وما قيل أيضا من أن غرض المجتهد إنما يتعلق بكون الشيء واجبا سواء تعلق الخطاب
به أصالة أم لا، لأن مقصوده استنباط حكم الوجوب ولا تختلف الحكم بكونه أصليا أو تبعيا لوجوب
الإتيان على التقديرين.
وأما الثاني: فلما سيأتي في المتن من عدم الفرق في الوجوب اصطلاحا بين الأصلي والتبعي وصدق
المصطلح على التبعي صدقه على الأصلي وأنه يترتب عليه بالنسبة إلى المقدمة جميع ما يترتب على
الأصلي.
وأما الثالث: فلأن الواجب ما دام واجبا لا يجتمع مع الحرام ولو كان توصليا وقد سبق الكلام في
تحقيقه، فلا ملازمة بين تلك الثمرة على فرض صحته والوجوب النفسي، والواجب الغيري لا يترتب
على تركه من حيث هو استحقاق عقاب ولو كان أصليا كما تقدم تفصيل القول في ذلك.
ومع الغض عن ذلك وتسليم صحة تلك الثمرة فهي من لوازم الوجوب ولو كان تبعا، لما سيجيء
تحقيقه من أن الواجبات التبعية يعامل معها معاملة الواجبات الأصلية سواء بسواء عقلا وعرفا، فلا منافاة
بين تلك الثمرة - على فرض استقامتها - والوجوب التبعي لئلا يكون للقائل بوجوب المقدمة بد من القول
بالوجوب الأصلي حيث لا ملازمة بينهما.
وأما الرابع: فلأن الوجوب التبعي ترجع حقيقته هنا - على ما مر مرارا ويجييء أيضا - إلى شأنية
الطلب المجامعة لعدم فعلية الإرادة، وعدم فرضه طلب المقدمة عند طلب ذيها فعلا وهو لا ينافي حكمة
الحكيم، ولا أن علمه بوجوب المقدمة بمعنى التصديق به أو تصور ذاتها عند تصور ذيها لإرادة الطلب
يلازم طلبها فعلا أو قصد إيجابها تفصيلا، كما أن الشعور بكونها مقدمة وأنها لابد منها لوجود ذيها يقتضي
قصد إيجابها في الخطاب المتعلق بذيها اكتفاءا بما يدركه العقل بملاحظة ذلك الخطاب من كون وجوبها
لازما لما قصد به من إيجاب ذيها، وتعويلا على ما عليه بناء العرف والعادة من أن ما من شأنه الإيجاب
في حكم ما أوجب فعلا في جميع الآثار المترتبة عليه، كيف ولولا ذلك لما كان لدلالة الإشارة مورد في
الخطاب الشرعي، وهو كما ترى ينافي اتفاقهم على جوازها ووقوعها في آيتي الحمل الدالتين على أن
أقله ستة أشهر، وفي قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) - في النساء -: " أنها ناقصات عقل ودين، قيل ما نقصان عقلهن؟ فقال:
تمكث إحداهن شطر دهرها لا تصلي أي نصف دهرها الدال على أن
أكثر الحيض خمسة عشر يوما، وكذا أقل الطهر، إذ لا شك أن بيان ذلك غير مقصود ولكن لزم من
حيث إنه قصد به المبالغة في نقصان دينهن ومبالغة يقتضي أكثر ما يتعلق به الغرض هكذا قيل، وإن شئت
تفصيل الكلام في هذه المراتب فانتظر، فإن له محل مناسب سيجيء في المتن.
وأما الخامس: فلأن ضعف القول بالنفي وندرة القائل به بل وعدمه كما نفاه بعضهم أو عدم تعينه
وعدم الاعتناء بشأن ما تعين في المقام في كلام العلامة دليل واضح على أن الوجوب التبعي هو المقصود
بالعنوان وأنه محل البحث فإن الضروري لشدة بداهته قد يصير نظريا لضعفاء العقول ويلحقه الإنكار
منهم لشبهة عرضت لهم فلولا ذلك هو محل البحث لكان ينبغي أن يكون النفي مذهبا للجمهور و
المحققين، فكيف يجامعه مصيرهم إلى خلافه، فلاوجه لما أفاده المحقق الخوانساري عند تحريره لمحل
الخلاف بقوله: " وإنما النزاع في تعلق الخطاب الشرعي بها حتى يكون الخطاب بالكون على السطح مثلا
خطابا بأمرين، أحدهما: الكون على السطح والآخر: سببه أو شرطه أم لا؟ أو في ترتب استحقاق الذم
على تركهما حين تركها دون ترك مشروطها هو ترتب استحقاق ذمين على تركهما معا أو تعلق الإرادة
الحتمية أو الطلب بايجادها أو اشتمال تركهما على مفسدة ".
أما في الأول فلما عرفت مفصلا، وأما في الثاني والثالث فلأنه خلاف في الثمرة لا في أصل المسألة
كما نبه عليه بعض الفضلاء.
وأما في الرابع: فلأن المراد بالإرادة الحتمية أو الطلب بإيجاد المقدمة إن كان الإرادة والطلب شأنا لا
فعلا فهو وإلا رجع إلى الأول، فليس احتمالا آخر مقابلا له.
وأما في الخامس: فلأن المفسدة المترتبة على ترك المقدمة إن أريد بها إداءه إلى ترك ذي المقدمة
فهو مما لا يقبل النزاع فيه أصلا، فلا وجه لتنزيل الخلاف الكذائي الذي صار من مهمات مسائل الأصول
إلى هذا المعنى، وإن أريد بها استحقاق الذم والعقاب على ترك المقدمة فهو راجع إلى الثاني والثالث وكأن
محل النزاع [صار] مشتبها له (رحمه الله) وغيره. (منه عفى عنه).
[1] منهم الفاضل النراقي ومصنفي الهداية والفصول وحكاه النراقي عن أبيه والفاضل الباغنوي والمحقق
الخوانساري وغيرهم وصرح به في الضوابط وغيره (منه).
459

هامش
460



(1) ذكره بعض الفضلاء (منه).
469

ثم أخذ في الاحتجاج لما صار إليه، وقال في جملته: " إن الأمر ورد في
الشريعة على ضربين: أحدهما يقتضي إيجاب الفعل دون مقدماته *، كالزكاة
والحج، فإنه لا يجب علينا أن نكتسب المال، ونحصل النصاب، ونتمكن من
الزاد والراحلة. والضرب الآخر يجب فيه مقدمات الفعل * * كما يجب هو في
نفسه، وهو الصلاة وما جرى مجراها بالنسبة إلى الوضوء.
481

فإذا انقسم الأمر في الشرع إلى قسمين، فكيف نجعلهما قسما واحدا "؟ *
482

وفرق في ذلك بين السبب وغيره، بأنه محال أن يوجب علينا المسبب
بشرط اتفاق وجود السبب؛ إذ مع وجود السبب لابد من وجود المسبب، إلا أن
يمنع مانع *. ومحال أن يكلفنا الفعل بشرط وجود الفعل، بخلاف مقدمات
483

الأفعال. فإنه يجوز أن يكلفنا الصلاة بشرط أن يكون قد تكلفنا الطهارة، كما في
الزكاة والحج *.
484

وبنى على هذا في الشافي نقض استدلال المعتزلة لوجوب نصب الإمام على
الرعية، بأن إقامة الحدود واجبة، ولا يتم إلا به *.

(1) لا توجد العبارة في المصحف الشريف، وهو (قدس سره) اتكأ على الذهن.
(2) البقرة: 229.
485

وهذا كما تراه، ينادي بالمغايرة للمعنى المعروف في كتب الأصول
المشهورة لهذا الأصل *. وما اختاره السيد فيه محل تأمل، وليس التعرض
لتحقيق حاله هنا بمهم.
486

فلنعد إلى البحث في المعنى المعروف، والحجة لحكم السبب فيه: أنه
ليس محل خلاف يعرف *، بل ادعى بعضهم فيه الإجماع، وأن القدرة غير
حاصلة مع المسببات فيبعد تعلق التكليف بها وحدها.
487

بل قد قيل إن الوجوب في الحقيقة لا يتعلق بالمسببات *، لعدم تعلق القدرة
بها. أما بدون الأسباب فلامتناعها، وأما معها فلكونها حينئذ لازمة لا يمكن
تركها * *. فحيث ما يرد أمر متعلق ظاهرا بمسبب فهو بحسب الحقيقة متعلق
بالسبب * * *؛ فالواجب حقيقة هو، وإن كان في الظاهر وسيلة له.
وهذا الكلام عندي منظور فيه؛ لأن المسببات وإن كانت القدرة لا تتعلق بها
ابتداء، لكنها تتعلق بها بتوسط الأسباب، وهذا القدر كاف في جواز التكليف بها.
491

ثم إن انضمام الأسباب إليها في التكليف يرفع ذلك الاستبعاد المدعى في حال
الانفراد.
ومن ثم حكى بعض الأصوليين القول بعدم الوجوب فيه أيضا عن
بعض. ولكنه غير معروف.
وعلى كل حال، فالذي أراه: أن البحث في السبب قليل الجدوى، لأن تعلق
الأمر بالمسبب نادر *، وأثر الشك في وجوبه هين.
492

وأما غير السبب، فالأقرب عندي فيه قول المفصل. لنا: أنه ليس لصيغة
الأمر دلالة على إيجابه بواحدة من الثلاث، وهو ظاهر.
495

ولا يمتنع عند العقل تصريح الآمر بأنه غير واجب *، والاعتبار الصحيح بذلك
شاهد. ولو كان الأمر مقتضيا لوجوبه لامتنع التصريح بنفيه.

(1) قوله " يدعى كونه مدلولا التزاميا بهذا المعنى الخ ":
والوجه في ذلك أن إثبات الملازمة بين إيجاب الشيء وإيجاب مقدماته يحتاج إلى وسط وكل ما كان كذلك
فالملازمة عقلية غير بينة وذلك كما يقال في إثبات لزوم الحدوث للعالم: بأن العالم مستلزم للحدوث لأنه متغير
، وكل متغير حادث، فيقال في محل الكلام: إن إيجاب الشيء يستلزم إيجاب مقدماته لأنها بحيث بينها وبين الآمر
نسبة لو التفت إليها لطلبها حتما، وأنها بحيث لا يرضى الآمر بتركها، ولا يجوز له التصريح بعدم وجوبها، وكل ما كان
كذلك فهو واجب (منه).
496



(1) لأن الآمر بعد ما أراد فعل المقدمة حتما حصل له العلم بوجوبها فهو موقوف على تحقق الإرادة فعلا
وبدونه لا علم (منه).
501



(1) وهو المحقق السبزواري (منه).
502



(1) وملخص الاستدلال: أنه استدلال بالقياس الاقتراني على طريقة الشكل الأول، وصورته: أن المقدمة
ليست بمتعلقة الخطاب وكلما كان كذلك فليس بواجب، فالمقدمة ليست بواجبة.
أما الصغرى: فلما ذكره بقوله: " ضرورة أن الأمر الوارد لوجوب الفعل ليس له تعلق بمقدمته ".
وأما الكبرى: فلأنها عكس قوله: " فكل واجب متعلق الخطاب على طريقة عكس النقيض " ودليل
الأصل ما أشار إليه في أن تعلق الخطاب داخل في حقيقة الواجب لأنه أحد أقسام الحكم ومستند هذه
الدعوى ما ذكروه في تعريف الحكم المنقسم إلى الخمس المعروفة من أنه خطاب الله المتعلق بأفعال
المكلفين من حيث الاقتضاء والتخيير فيرتب قياس آخر بتلك الصورة الواجب قسم من الأحكام وكل
قسم منها ما كان تعلق الخطاب داخلا في حقيقته فالواجب ما كان تعلق الخطاب داخلا في حقيقته، أما
الصغرى فواضح، وأما الكبرى فلما ذكر في تعريف الحكم. (منه عفي عنه).
503



(1) كذا في الأصل.
508

احتجوا *: بأنه لو لم يقتض الوجوب في غير السبب أيضا، للزم أما تكليف ما
لا يطاق أو خروج الواجب عن كونه واجبا. والتالي بقسميه باطل. بيان
509

الملازمة: أنه مع انتفاء الوجوب - كما هو المفروض - يجوز تركه. وحينئذ فإن
بقي ذلك الواجب واجبا لزم تكليف ما لا يطاق؛ إذ حصوله حال عدم ما
يتوقف عليه ممتنع. وإن لم يبق واجبا خرج الواجب المطلق عن كونه واجبا
مطلقا. وبيان بطلان كل من قسمي اللازم ظاهر.
510

وأيضا، فإن العقلاء لا يرتابون في ذم تارك المقدمة مطلقا. وهو دليل الوجوب *.
والجواب عن الأول، بعد القطع ببقاء الوجوب: أن المقدور كيف يكون
ممتنعا * *؟ والبحث إنما هو في المقدور، وتأثير الايجاب في القدرة غير معقول.
والحكم بجواز الترك هنا عقلي لا شرعي؛ لأن الخطاب به عبث، فلا يقع من
الحكيم. وإطلاق القول فيه يوهم إرادة المعنى الشرعي فينكر. وجواز تحقق
الحكم العقلي هنا دون الشرعي يظهر بالتأمل.
وعن الثاني: منع كون الذم على ترك المقدمة، وإنما هو على ترك الفعل
المأمور به، حيث لا ينفك عن تركها.
522



(1) سلطان العلماء.
524



(1) فإن الأول لا يصح فرضه إلا بالقياس إلى ثاني زمان الامتناع لئلا يلزم اجتماع النقيضين، كما أن الثاني
لا يمكن فرضه إلا بالنسبة إلى حال الامتناع لئلا يلزم خلاف الفرض، لعدم عروض الامتناع لما بعد تلك
الحال بعد والمقصود من المعنى كون الفعل بحيث يتصف بالاختيار والامتناع في آن واحد باعتبار
اختلاف الجهتين. (منه عفي عنه).
527



(1) البقرة: 21.
(2) آل عمران: 97.
(3) فصلت: 7، 9.
531



(1) البينة: 5.
(2) آل عمران: 19.
(3) المدثر: 42 - 46.
(4) الفرقان: 68، 69.
532



(1) القيامة: 31، 32.
(2) الأنعام: 23.
(3) النحل: 28.
(4) و (4) المجادلة: 18.
533



(1) إلا أن يتشبث بعدم القول بالفصل بين القضايا الوضعية والتكليفية ولكنه غير ثابت كيف ولم يظهر من
أصحاب القول بنفي تكليف الكفار إنكار تعلق الوضعيات بهم. (منه عفي عنه).
535



(1) وجهه: أن هذا المنع بالنسبة إلى الكافر في مواضع ثبوت القضاء لغيره غير وجيه لكفاية ما ورد فيه من
العموم في إثبات القضاء في حقه، فإنكم كما تتمسكون في إثبات تكليفهم بالأداء بعمومات الأداء
فتمسكوا في إثبات تكليفهم بالقضاء أيضا بعمومات القضاء والفرق تحكم. (منه عفي عنه).
536



(1) تحققه. (خ ل).
537



(1) وهو الوجه الخامس الذي قدمنا تقريره. (منه).
556



(1) والوجه في ذلك أن ذلك مفهوم من الشرطية الثابتة له لا أنه أمر زائد ثابت بدليل خارج، فإن شرط الشيء ما يكون
قيدا له، ومن البين أنه ليس عبارة عن بعض أجزائه ليعتبر المقارنة لذلك البعض، بل هو عبارة عن المجموع فلابد
وأن يكون القيد ثابتا للمجموع وهو معنى المقارنة وليس كذلك الجزء على ما هو من مقتضي الجزئية لأن الجزء
عبارة عن بعض الشيء فلا يجري فيه اعتبار المقارنة كما لا يخفى. (منه عفي عنه).
562



(1) إيراد على ما أفاده الشيخ.
563



(1) والظاهر أن الترديد بين الوجهين من جهة احتمال ضمير " نفسه " في كلام المستدل بهما، لجواز رجوعه إلى الوجوب
أو إلى الغير، فإن كلا منهما مذكور في كلامه وما استظهرناه هو الذي تنبه عليه شارح المختصر في بيان المختصر
وصرح به. (منه عفي عنه).
568



(1) قيل الكون جزء الحركة والسكون، لأن الحركة كون الشيء في مكان عقيب حصوله في مكان، بمعنى:
أنه عبارة عن مجموع الكونين والسكون عبارة عن كونه في مكان بعد كونه في ذلك المكان، فيكون
هذا الكون مأمورا به لكونه جزءا للمأمور به. (منه عفي عنه).
575



(1) مع أنا نقول: إن وجه مناط وجوب المقدمة إنما هو كون تركها مفضيا إلى ترك ذيها كما تبين عما قدمناه
من تقرير الاستدلال، وهذا معنى يشمل المقدمات الغير الموصلة في حد ذاتها بحسب الوجود إليه
كالشروط وما هو بحكمها والمقدمات الموصلة كالعلل والجزء الأخير منها. (منه عفي عنه).
582



(1) البقرة: 185.
(2) الإسراء: 78.
(3) آل عمران: 97.
590



(1) المائدة: 6.
593



(1) جواب لقوله: وأما ما يعترض عليه الخ.
595



(1) وجهه وضوح الفرق بين سائر المقدمات المترتبة في الوجود وبين الإرادة المستمرة عن زمان طويل
المنحلة إلى أجزاء متعددة مقدمية. وجه الفرق: إن كل مقدمة في الأول لها
مدخلية في وجود الواجب بحيث لو ترك بعض منها لأدى إلى ترك الواجب سواء كان ذلك البعض
مقرونة بالواجب أو مقدمة عليه بوسائط، بخلاف ترك الإرادة فإن الذي يفضي تركه منه إلى ترك الواجب
هو ترك الحرام إنما هو القصد الأخيرة منه، وقضية ذلك أن يكون المحرم من [جايز] الإرادة هو الحصة
الأخيرة منها دون ما تقدم عليها كائنا ما كان إذ الذي يحصل به فعل الحرام إنما هو الحصة الأخيرة لأنها
لو تركت ترك وإلا ففعل، بخلاف الحصص المتقدمة عليها فتركها لا يستلزم ترك الحرام لجواز حدوث
الحصة الأخيرة ولا وجودها يستلزم وجود الحرام لجواز حصول الحصة الأخيرة الذي يستند إليه ترك
الحرام. (منه عفي عنه).
604



(1) النساء: 170.
(2) البقرة: 284.
605



(1) الأنعام: 151.
(2) الأعراف: 33.
606



(1) الإسراء: 36.
(2) القصص: 83.
(3) النور: 19.
607



(1) النور: 19.
(2) الإسراء: 84.
608



(1) البقرة: 91.
609



(1) البقرة: 91.
611



(1) ومن المؤسف عليه ضياع أوراق هاهنا من نسخة الأصل طيلة الأيام، التي كانت تشتمل على قليل
من أواخر مبحث المقدمة وقليل من أوائل مبحث الضد، ونحن مع كثرة فحصنا عنها لم نعثر عليها، ولعل
الله يحدث بعد ذلك أمرا.
وسيأتي بعد ذلك مسألة الضد بقوله: " مما سبق أيضا " الخ.
613



(1) ولا يخفى أن ما ذكرناه من العبارة حسبما في النسخة الحاضرة عندنا وظني اشتمالها على غلط في
بعض الكلمات، ولكن لا يضر في المعنى المراد وليرجع لحقيقة الحال إلى نسخة أخرى فليصحح
العبارة هاهنا طلبا لمرضاة الله. (منه عفي عنه).
634

أصل
الحق أن الأمر بالشيء على وجه الإيجاب لا يقتضي النهي عن ضده
الخاص لفظا ولا معنى.
وأما العام *؛ فقد يطلق ويراد به أحد الأضداد الوجودية لا بعينه، وهو
646

راجع إلى الخاص، بل هو عينه في الحقيقة *، فلا يقتضي النهي عنه أيضا.
647



(1) أي الضد العام بذلك المعنى مفهوم كلي لا يوجد إلا في ضمن الضد الخاص. (منه عفي عنه).
651

وقد يطلق ويراد به الترك *. وهذا يدل الأمر على النهي عنه بالتضمن.
وقد كثر الخلاف في هذا الأصل، واضطرب كلامهم في بيان محله من
المعاني المذكورة للضد؛ فمنهم: من جعل النزاع في الضد العام بمعناه
المشهور - أعني الترك - وسكت عن الخاص. ومنهم: من أطلق لفظ الضد ولم
يبين المراد منه. ومنهم: من قال: إن النزاع إنما هو في الضد الخاص. وأما العام
بمعنى الترك فلا خلاف فيه، إذ لو لم يدل الأمر بالشيء على النهي عنه، لخرج
الواجب عن كونه واجبا.
652

وعندي في هذا نظر؛ لأن النزاع ليس بمنحصر في إثبات الاقتضاء ونفيه *،
ليرتفع في الضد العام باعتبار استلزام نفي الاقتضاء فيه خروج الواجب عن
كونه واجبا، بل الخلاف واقع على القول بالاقتضاء في أنه
هل هو عينه أو مستلزمه كما ستسمعه. وهذا النزاع ليس ببعيد عن
الضد العام، بل هو إليه أقرب.
ثم إن محصل الخلاف هنا * *: أنه ذهب قوم إلى أن الأمر بالشيء عين
655

النهي عن ضده في المعنى. وآخرون إلى أنه يستلزمه، وهم: بين مطلق
للاستلزام، ومصرح بثبوته لفظا. وفصل بعضهم، فنفى الدلالة لفظا وأثبت
اللزوم معنى، مع تخصيصه لمحل النزاع بالضد الخاص.
656



(1) والوجوه على ما حكاه بعضهم ثلاث:
أحدها: أن الجاهل له في الواقع بالنسبة إلى القصر والإتمام والجهر والإخفات حكمان أحدهما
مطلق والآخر مشروط.
أما الأول فهو القصر في السفر والإتمام في الحضر.
وأما الثاني فهو الإتمام في الموضعين، فإنه مشروط بالمخالفة في الأول، وكذا الكلام في الجهر
والإخفات.
وثانيهما: ما نسب إلى السيد المرتضى من أن الجاهل المقصر بنفسه موضوع من الموضوعات جعل
الشارع له بخصوصه أحكاما كما أنه جعل لسائر الموضوعات أحكاما، فحكمه في نفس الأمر بالنسبة
إلى المسألتين التخيير بين الجهر والإخفات والقصر والاتمام.
ثالثها: أن ما جعله الشارع له في الواقع هو الذي جعله للعالم، غير أن الفرق بينه وبين العالم أنه إذا
أتى بما يخالف الواقع يسقط عنه الإعادة بخلاف الجاهل لأنه الذي دل عليه الأدلة دون المخالفة في
الواقع. (منه).
669



(1) هكذا في الضوابط
673



(1) هكذا في الضوابط
(2) والإيراد ما أشار إليه بقوله: فإن قلت: في الصورة الثانية يحكم بفساد الموسع إذا لم يكن مرجح لأحد
الطرفين إذ بعد التوقف يرجع إلى الأصل وهو عدم صحة الصلاة فيتم الثمرة.
فأجاب: عنه بقوله: قلنا ذلك مسلم إن سلمنا بعد التعارض بقاء الأمر بالضد الآخر وشك في الفورية
ولكن نحن نقول بعد التوقف يحتمل ارتفاع الأمرين معا فلا يتم مطلوب فتأمل.
وحاصل الجواب: أن قوله تعالى (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل) إلى آخر ما
قال. (منه عفي عنه).
(3) الإسراء: 78.
(4) هكذا في الضوابط
674



(1) وحاصل كلامنا في هذا الجواب: أن القطع والظن مرآتان للواقع، ومحل الثمرة ما لو اجتمع الأمر
المضيق مع الأمر الموسع في الواقع مع قطع النظر عن مرآتي القطع والظن، فمدعيها يقول بكون الأول
لدلالته على النهي عن الضد مقيدا للثاني بغير مورد الاجتماع، فلا يفرق حينئذ بين كونهما بحسب
الدليل قطعيين كما لو قام إجماع على وجوب الإزالة فورا ووجوب الصلاة من الدلوك إلى غسق الليل،
فإن الأول بزعم مدعي الثمرة كاشف عن كون المجمع عليه مقيدا بغير صورة المزاحمة.
أو ظنيين كما لو ورد رواية ظني السند على وجوب الإزالة وأخرى كذلك على وجوب الصلاة كما
ذكر فإنه يزعم كون الأولى كاشفة عن كون الثانية مقيدة بغير صورة المزاحمة.
أو الأول قطعيا والثاني ظنيا كما لو قام إجماع على وجوب الإزالة فورا ورواية على وجوب الصلاة
كما ذكر، فإن الإجماع كاشف عن كون الرواية مقيدة بغير صورة المزاحمة.
أو الأول ظنيا والثاني قطعيا كعكس المذكورة، فإن الرواية حينئذ تكشف عن كون المجمع عليه
مقيدا بغير صورة المزاحمة، وليس لأحد أن يقول: إن الدليل الظني لا مجال له في محل وجود الدليل
العملي، لجواز أن يكون مذهب مدعي الثمرة في الظن كونه في درجة العلم في الحجية من غير فرق
بينهما، كما يستفاد ذلك عن بعض الأعلام.
وإن شئت بيانا أوضح من ذلك فافرض الكلام فيما لو قال السيد لعبده: " اسقني ماء " ثم قال: " اشتر
اللحم " أو عكس الأمر، نظرا إلى فورية الأول وتوسعة الثاني بحسب العرف والعادة، فإن الأول يكشف
عن كون الثاني مقيدا بغير صورة المزاحمة، بمعنى عدم شمول الأمر بشراء اللحم للجزء من الزمان الذي
يقع فيه السقي، ومثله ما لو صدر الأمر بالشراء من السيد وبلغ أمره بالسقي بواسطة من لا يفيد قوله إلا
الظن ممن جعل السيد قوله حجة عليه، فإن مدعي الثمرة يجعله كاشفا ظنيا عن المراد بالأول، غاية
الأمر كون الفساد الذي يقول به ظنيا لا قطعيا.
و مثل ما ذكر ما لو سمع المشافهة من المعصوم يقول: " يجب إزالة النجاسة من المسجد " و " يجب
الصلاة من الزوال إلى المغرب " فإن الأمر بالإزالة المضيق لكونه نهيا عن الصلاة يكشف عن عدم شمول
الأمر بها للزمان الذي يقع فيها الإزالة، بمعنى أن المعصوم إنما أراد من هذا الأمر غير ذلك الزمان لئلا
ينافي الحكمة ولا يلزم اللغو (منه عفي عنه).
675

لنا على عدم الاقتضاء في الخاص لفظا: أنه لو دل لكانت واحدة من
الثلاث، وكلها منتفية *.
687

أما المطابقة، فلأن مفاد الأمر لغة وعرفا هو الوجوب *، على ما سبق تحقيقه.
688

وحقيقة الوجوب ليست إلا رجحان الفعل مع المنع من الترك *. وليس هذا
معنى النهي عن الضد الخاص ضرورة * *.
وأما التضمن، فلأن جزءه هو المنع من الترك. ولا ريب في مغايرته
للأضداد الوجودية المعبر عنها بالخاص.
وأما الالتزام، فلأن شرطها اللزوم العقلي أو العرفي. ونحن نقطع بأن تصور
معنى صيغة الأمر لا يحصل منه الانتقال إلى تصور الضد الخاص، فضلا عن
النهي عنه.
ولنا على انتفائه معنى: ما سنبينه، من ضعف متمسك مثبتيه * * *، وعدم قيام
دليل صالح سواه عليه.

(1) وفي النسخة المطبوعة هكذا: " وليس هذا معنى النهي عن الضد الخاص ".
689

ولنا على الاقتضاء في العام بمعنى الترك: ما علم من أن ماهية الوجوب
مركبة من أمرين *، أحدهما المنع من الترك. فصيغة الأمر الدالة على الوجوب
دالة على النهي عن الترك بالتضمن، وذلك واضح.
690



(1) أضفناه لاستقامة العبارة.
692



(1) بدعوى: أن الطلب المتعلق بالفعل فعلا يؤكده الطلب الشأني المتعلق به الذي يستفاد عن النهي عن
الترك المدلول عليه بالالتزام. (منه عفي عنه).
(2) وفي المصدر: " في القوة والطلب " والظاهر أنه سهو، فلذا صححناه بما في المتن.
698



(1) جواب لقوله: " وما يقال " الخ.
699



(1) الأحجية بتقديم " الحاء " على الجيم وتشديد الياء المثناة من تحت، بمعنى اللغز، نحو أنت وابن أخت
خالتك.
702



(1) أي المقابل.
704

احتج الذاهب إلى أنه عين النهي عن الضد *:
705

بأنه لو لم يكن نفسه، لكان إما مثله، أو ضده، أو خلافه *، واللازم بأقسامه
باطل.
بيان الملازمة: أن كل متغايرين إما أن يكونا متساويين في الصفات
النفسية، أو لا - والمراد بالصفات النفسية: ما لا يفتقر اتصاف الذات بها إلى
تعقل أمر زائد، كالإنسانية للإنسان. وتقابلها المعنوية المفتقرة إلى تعقل أمر
زائد، كالحدوث والتحيز له - فإن تساويا فيها؛ فمثلان، كسوادين وبياضين. وإلا،
فإما أن يتنافيا بأنفسهما، بأن يمتنع اجتماعهما في محل واحد بالنظر إلى

(1) قيل الصفات النفسانية ما لا يفتقر اتصاف الذات بها إلى تعقل أمر زائد عليها كالإنسانية للإنسان،
ويقابلها المعنوية وهي ما يفتقر اتصاف الذات بها إلى تعقل أمر زائد عليها كالحدوث والتحيز والشرط.
(منه عفي عنه).
706

ذاتيهما، أو لا. فإن تنافيا كذلك، فضدان، كالسواد والبياض. وإلا، فخلافان،
كالسواد والحلاوة.
ووجه انتفاء اللازم بأقسامه: أنهما لو كانا ضدين أو مثلين لم يجتمعا في
محل واحد، وهما مجتمعان؛ ضرورة أنه يتحقق في الحركة الأمر بها والنهي
عن السكون الذي هو ضدها. ولو كانا خلافين لجاز اجتماع كل منهما مع ضد
الآخر، لأن ذلك حكم الخلافين، كاجتماع السواد - وهو خلاف الحلاوة - مع
الحموضة، فكان يجوز أن يجتمع الأمر بالشيء مع ضد النهي عن ضده، وهو
الأمر بضده. لكن ذلك محال، إما لأنهما نقيضان، إذ يعد " إفعل هذا " و " إفعل

(1) كالأمر بالقعود مع الأمر بالقيام.
707

ضده " أمرا متناقضا، كما يعد " فعله " و " فعل ضده " خبرا متناقضا؛ وإما لأنه
تكليف بغير الممكن، وأنه محال.
والجواب: إن كان المراد بقولهم: " الأمر بالشيء طلب لترك ضده " على ما
هو حاصل المعنى: أنه طلب لفعل ضد ضده، الذي هو نفس الفعل المأمور به،
فالنزاع لفظي، لرجوعه إلى تسمية فعل المأمور به تركا لضده، وتسمية طلبه نهيا
عنه. وطريق ثبوته النقل لغة، ولم يثبت. ولو ثبت فمحصله: أن الأمر

(1) وهذا كما في النسخة التي عندنا وظني وقوعه في مكان " فيلزم اجتماع... إلى آخره " سهوا من الناسخ
وإلا لما استقامت العبارة. (منه عفي عنه).
(2) أي ثاني الوجهين اللذين تمسك بهما القاضي. (منه عفي عنه).
708

بالشيء، له عبارة أخرى، كالأحجية، نحو: " أنت وابن أخت خالتك ". ومثله
لا يليق أن يدون في الكتب العلمية.
وإن كان المراد: أنه طلب للكف عن ضده، منعنا ما زعموا: أنه لازم
للخلافين - وهو اجتماع كل مع ضد الآخر - لأن الخلافين: قد
يكونان متلازمين؛ فيستحيل فيهما ذلك؛ إذ اجتماع أحد المتلازمين مع الشيء
يوجب اجتماع الآخر معه؛ فيلزم اجتماع كل مع ضده، وهو محال. وقد يكونان
ضدين لأمر واحد، كالنوم للعلم والقدرة، فاجتماع كل مع ضد الآخر يستلزم
اجتماع الضدين.
حجة القائلين بالاستلزام وجهان *:
الأول - أن حرمة النقيض جزء من ماهية الوجوب. فاللفظ الدال على
الوجوب يدل على حرمة النقيض بالتضمن * *.
709

واعتذر بعضهم - عن أخذ المدعى الاستلزام، واقتضاء الدليل التضمن - بأن
الكل يستلزم الجزء *. وهو كما ترى.
وأجيب: بأنهم إن أرادوا بالنقيض - الذي هو جزء من ماهية الوجوب -
الترك؛ فليس من محل النزاع في شيء؛ إذ لا خلاف في أن الدال على الوجوب
دال على المنع من الترك، وإلا، خرج الواجب عن كونه واجبا. وإن أرادوا أحد
الأضداد الوجودية، فليس بصحيح، إذ مفهوم الوجوب ليس بزائد على رجحان
الفعل مع المنع من الترك، وأين هو من ذاك؟
وأنت إذا أحطت خبرا بما حكيناه في بيان محل النزاع، علمت أن هذا
الجواب لا يخلو عن نظر؛ لجواز كون الاحتجاج لاثبات كون الاقتضاء على
سبيل الاستلزام في مقابلة من ادعى أنه عين النهي، لا على أصل الاقتضاء. وما
ذكر في الجواب إنما يتم على التقدير الثاني.
710

فالتحقيق: أن يردد في الجواب بين الاحتمالين؛ فيتلقى بالقبول على الأول،
مع حمل الاستلزام على التضمن، ويرد بما ذكر في هذا الجواب على الثاني *.
711

الوجه الثاني - أن أمر الايجاب طلب يذم تركه اتفاقا *،
712

ولا ذم إلا على فعل؛ لأنه المقدور *، وما هو هاهنا إلا الكف عنه، أو فعل ضده،
وكلاهما ضد للفعل. والذم بأيهما كان، يستلزم النهي عنه، إذ لا ذم بما لم ينه
عنه، لأنه معناه.
والجواب: المنع من أنه لا ذم إلا على فعل، بل يذم على أنه لم يفعل.
سلمنا، لكنا نمنع تعلق الذم بفعل الضد،
714

بل نقول: هو متعلق بالكف، ولا نزاع لنا في النهي عنه *.
واعلم: أن بعض أهل العصر حاول * * جعل القول بالاستلزام منحصرا في
المعنوي؛ فقال: التحقيق أن من قال بأن الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضده لا
يقول بأنه لازم عقلي له، بمعنى أنه لابد عند الأمر من تعقله وتصوره. بل المراد
باللزوم: العقلي مقابل الشرعي، يعني: أن العقل يحكم بذلك اللزوم، لا الشرع.
قال: " والحاصل: أنه إذا أمر الآمر بفعل، فبصدور ذلك الأمر منه يلزم أن يحرم
ضده، والقاضي بذلك هو العقل. فالنهي عن الضد لازم له بهذا المعنى. وهذا
النهي ليس خطابا أصليا حتى يلزم تعقله، بل إنما هو خطاب تبعي، كالأمر
بمقدمة الواجب اللازم من الأمر بالواجب؛ إذ لا يلزم أن يتصوره الآمر ".
هذا كلامه. وأنت إذا تأملت كلام القوم رأيت أن هذا التوجيه إنما يتمشى
في قليل من العبارات التي أطلق فيها الاستلزام. وأما الأكثرون فكلامهم صريح
في إرادة اللزوم باعتبار الدلالة اللفظية. فحكمه على الكل بإرادة المعنى الذي
ذكره تعسف بحت، بل فرية بينة.
واحتج المفصلون على انتفاء الاقتضاء لفظا، بمثل ما ذكرناه في برهان ما
اخترناه، وعلى ثبوته معنى بوجهين:
أحدهما: أن فعل الواجب الذي هو المأمور به لا يتم إلا بترك ضده،
716

وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب *، وحينئذ فيجب ترك فعل الضد
الخاص. وهو معنى النهي عنه.
وجوابه يعلم مما سبق آنفا؛ فإنا نمنع وجوب ما لا يتم الواجب إلا به مطلق،
بل يختص ذلك بالسبب، وقد تقدم.
717

والثاني: أن فعل الضد الخاص مستلزم لترك المأمور به، وهو محرم قطعا؛
فيحرم الضد أيضا؛ لأن مستلزم المحرم محرم *.
والجواب: إن أردتم بالاستلزام: الاقتضاء والعلية، منعنا المقدمة الأولى،
وإن أردتم به مجرد عدم الانفكاك في الوجود الخارجي على سبيل التجوز،
منعنا الأخيرة.
وتنقيح المبحث: أن الملزوم إذا كان علة للازم لم يبعد كون تحريم اللازم
مقتضيا لتحريم الملزوم * *، لنحو ما ذكر في توجيه اقتضاء إيجاب المسبب
718

إيجاب السبب، فإن العقل يستبعد تحريم المعلول من دون تحريم العلة. وكذا
إذا كانا معلولين لعلة واحدة؛ فإن انتفاء التحريم في أحد المعلولين يستدعي
انتفاءه في العلة *، فيختص المعلول الآخر الذي هو المحرم بالتحريم من دون
علته. وأما إذا انتفت العلية بينهما والاشتراك في العلة، فلا وجه حينئذ لاقتضاء
تحريم اللازم تحريم الملزوم؛ إذ لا ينكر العقل تحريم أحد أمرين متلازمين
اتفاقا، مع عدم تحريم الآخر.
وقصارى ما يتخيل: أن تضاد الأحكام بأسرها يمنع من اجتماع حكمين
منها في أمرين متلازمين.
729

ويدفعه: أن المستحيل إنما هو اجتماع الضدين في موضوع واحد *. على أن
ذلك لو أثر * *،

(1) القائل هو المدقق الشيرواني (رحمه الله). (منه).
730

لثبت قول الكعبي بانتفاء المباح *،
731

لما هو مقرر من أن ترك الحرام لابد وأن يتحقق في ضمن فعل من الأفعال *،
732

ولا ريب في وجوب ذلك الترك، فلا يجوز أن يكون الفعل المتحقق في ضمنه
مباحا؛ لأنه لازم للترك ويمتنع اختلاف المتلازمين في الحكم.
وبشاعة هذا القول غير خفية *. ولهم في رده وجوه * *
733

في بعضها تكلف *، حيث ضايقهم القول بوجوب ما لا يتم الواجب إلا به
مطلقا * *؛ لظنهم أن الترك الواجب لا يتم إلا في ضمن فعل من الأفعال؛ فيكون
واجبا تخييريا.
735

والتحقيق في رده: أنه مع وجود الصارف عن الحرام، لا يحتاج الترك إلى
شيء من الأفعال *،
736



(1) لأن فعل الضد مسبوق بإرادته أبدا وهى مضادة لإرادة الحرام فيكون وجود الصارف من لوازم إرادة
الفعل على مذهبنا، ومن مقدمات الفعل على مذهب المصنف وغيره، ففعل الضد أبدا مسبوق بوجود
الصارف الذي فرض كونه سببا لترك الحرام، فالترك دائما مستند إلى وجود الصارف فيبقى فعل المباح
على إباحته.
نعم قد يستند وجود الصارف إلى فعل المباح ويتوقف عليه في بعض الأحيان فيجب هذا الفعل
حينئذ من هذه الجهة ولا يلزم منه وجوبه فيما لو لم يتوقف عليه ترك الحرام ولا سببه الذي هو الصارف
فليتأمل. (منه عفي عنه).
738

وإنما هي من لوازم الوجود *، حيث نقول بعدم بقاء الأكوان واحتياج الباقي
إلى المؤثر * *.
740

وإن قلنا بالبقاء والاستغناء، جاز خلو المكلف من كل فعل؛ فلا يكون هناك إلا الترك *.
743

وأما مع انتفاء الصارف وتوقف الامتثال * على فعل منها - للعلم بأنه لا يتحقق
الترك ولا يحصل إلا مع فعله - فمن يقول بوجوب ما لا يتم الواجب إلا به

(1) المورد هو المدقق الشيرواني (منه).
744

مطلقا، يلتزم بالوجوب في هذا الفرض، ولا ضير فيه، كما أشار إليه بعضهم.
ومن لا يقول به فهو في سعة من هذا وغيره.
745

إذا تمهد هذا فاعلم: أنه إن كان المراد باستلزام الضد الخاص لترك المأمور
به، أنه لا ينفك عنه، وليس بينهما علية ولا مشاركة في علة، فقد عرفت: أن
القول بتحريم الملزوم حينئذ لتحريم اللازم، لا وجه له *. وإن كان المراد أنه علة
فيه ومقتض له، فهو ممنوع، لما هو بين، من أن العلة في الترك المذكور إنما هي
وجود الصارف عن فعل المأمور به وعدم الداعي إليه * *، وذلك مستمر مع فعل
الأضداد الخاصة؛
747

فلا يتصور صدورها ممن جمع شرائط التكليف مع انتفاء الصارف *،
748

إلا على سبيل الإلجاء، والتكليف معه ساقط *. وهكذا القول بتقدير أن يراد
بالاستلزام اشتراكهما في العلة، فإنه ممنوع أيضا * *؛
749

لظهور أن الصارف الذي هو العلة في الترك ليس علة لفعل الضد *. نعم هو مع
إرادة الضد من جملة ما يتوقف عليه فعل الضد * *، فإذا كان واجبا كانا مما لا
يتم الواجب إلا به.
وإذ قد أثبتنا سابقا عدم وجوب غير السبب من مقدمة الواجب، فلا حكم فيهما
بواسطة ما هما مقدمة له * * *
751

لكن الصارف باعتبار اقتضائه ترك المأمور به، يكون منهيا عنه، كما قد عرفت *.
752

فإذا أتى به المكلف عوقب عليه من تلك الجهة *. وذلك لا ينافي التوصل به
إلى الواجب، فيحصل، ويصح الإتيان بالواجب الذي هو أحد الأضداد
الخاصة * *. ويكون النهي متعلقا بتلك المقدمة ومعلولها، لا بالضد المصاحب
للمعلول.
753

وحيث رجع حاصل البحث هاهنا إلى البناء على وجوب ما لا يتم الواجب
إلا به وعدمه *، فلو رام الخصم التعلق بما نبهنا عليه، بعد تقريبه بنوع من التوجيه،
كأن يقول: " لو لم يكن الضد منهيا عنه، لصح فعله وإن كان واجبا موسعا. لكنه لا
يصح في الواجب الموسع * *؛ لأن فعل الضد يتوقف على وجود الصارف عن
الفعل المأمور به، وهو محرم قطعا. فلو صح مع ذلك فعل الواجب الموسع،
لكان هذا الصارف واجبا باعتبار كونه مما لا يتم الواجب إلا به.
755

فيلزم اجتماع الوجوب والتحريم في أمر واحد شخصي *، ولا ريب في بطلانه " * *
لدفعناه، بأن صحة البناء على وجوب ما لا يتم الواجب إلا به، تقتضي
تمامية الوجه الأول من الحجة، فلا يحتاج إلى هذا الوجه الطويل * * *.

(1) قوله: " فتأمل " إشارة إلى أن ما ذكره المصنف في توجيه الاستدلال عن قبل الخصم فإنما ذكره بعد
إلزامه الخصم في استدلاله بعدم جواز اختلاف المتلازمين في الحكم، فيكون حاصل التوجيه: أن
الخصم لو رام - بعد ما صار ملزما - التمسك بطريق آخر لإثبات مطلوبه من باب أن الغريق يتشبث بكل
حشيش لنلزمه بما سيأتي ذكره من منع بطلان اجتماع الوجوب والحرمة في خصوص المقام فليتدبر.
(منه عفي عنه).
757

على أن الذي يقتضيه التدبر، في وجوب ما لا يتم الواجب إلا به مطلقا،
على القول به، أنه ليس على حد غيره من الواجبات *. وإلا لكان اللازم - في نحو
ما إذا وجب الحج على النائي فقطع المسافة أو بعضها على وجه منهي عنه - أن
لا يحصل الامتثال حينئذ؛ فيجب عليه إعادة السعي بوجه سائغ، لعدم صلاحية
الفعل المنهي عنه للامتثال، كما
سيأتي بيانه. وهم لا يقولون بوجوب الإعادة قطعا؛ فعلم أن الوجوب
فيها إنما هو للتوصل بها إلى الواجب. ولا ريب أنه بعد الإتيان بالفعل
المنهي عنه يحصل التوصل؛ فيسقط الوجوب، لانتفاء غايته.
إذا عرفت ذلك، فنقول: الواجب الموسع كالصلاة مثلا يتوقف
حصوله - بحيث يتحقق به الامتثال - على إرادته وكراهة ضده؛ فإذا قلنا بوجوب
ما يتوقف عليه الواجب كانت تلك الإرادة وهاتيك الكراهة واجبتين، فلا يجوز
تعلق الكراهة بالضد الواجب؛ لأن كراهته محرمة، فيجتمع حينئذ الوجوب
والتحريم في شيء واحد شخصي. وهو باطل، كما سيجيء.
758

لكن قد عرفت: أن الوجوب في مثله إنما هو للتوصل إلى ما لا يتم الواجب
إلا به. فإذا فرض أن المكلف عصى وكره ضدا واجبا، حصل له التوصل إلى
المطلوب؛ فيسقط ذلك الوجوب؛ لفوات الغرض منه، كما علم من مثال الحج.
759

ومن هنا يتجه أن يقال بعدم اقتضاء الأمر للنهي عن الضد الخاص، وإن قلنا
بوجوب ما لا يتم الواجب إلا به؛ إذ كونه وجوبه للتوصل يقتضي اختصاصه
بحالة إمكانه، ولا ريب أنه، مع وجود الصارف عن الفعل الواجب وعدم
الداعي، لا يمكن التوصل؛ فلا معنى لوجوب المقدمة حينئذ. وقد علمت أن
وجود الصارف وعدم الداعي مستمران مع الأضداد الخاصة.
760



(1) كذا في الأصل.
761



(1) عطف على قوله: وإما متعلق بنفي الإسقاط ".
(2) سقط من هنا بعض المطالب، ومن المظنون أنها كانت أوراقا معدودة.
762

وأيضا: فحجة القول بوجوب المقدمة - على تقدير تسليمها - إنما ينهض
دليلا على الوجوب في حال كون المكلف مريدا للفعل المتوقف عليها، كما لا
يخفى على من أعطاها حق النظر. وحينئذ فاللازم عدم وجوب ترك الضد
الخاص في حال عدم إرادة الفعل المتوقف عليه من حيث كونه مقدمة * له؛
فلا يتم الاستناد في الحكم بالاقتضاء إليه. وعليك بامعان النظر في هذه
المباحث؛ فإني لا أعلم أحدا حام حولها.
763